المستقيم ليهلك من هلك عن بينة و يحيى من حي عن بينة} وقال شيخ الإسلام في منهاج السنة النبوية: {إذا ظهر مبتدع يقدح فيهم بالباطل فلا بد من الذب عنهم وذكر ما يبطل حجته بعلم وعدل} وليس قصدي الاستيعاب فقد كتب في الذب عنه كتب عظيمة لعلماء أفاضل أجلاء. كالشيخ الفرهاوي الهندي في الناهية عن طعن أمير المؤمنين معاوية والشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله تعالى وغيرهما.ولا حول ولا قوة إلا بالله.
معاوية بن أبي سفيان t صحابي جليل ممن أسلم يوم الفتح و قيل قبل ذلك و هو من الذين قال الله فيهم: {وكلا وعد الله الحسنى} (الحديد /10) وقال تعالى: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} (الأنبياء/100) ذكره ابن حزم رحمه الله في جملة المعدودين من أهل الفتوى , وكان معروفا بالحلم و العقل حتى قال فيه الإمام أحمد رحمه الله: {السيد الحليم} و هو أول ملك في الإسلام قال فيه ابن الذهبي رحمه الله في السير (3/ 120): (أمير المؤمنين ملك الإسلام) و قال فيه (3/ 159): (و معاوية من خيار الملوك الذين غلب عدلهم على ظلمهم وما هو ببريء من الهنات والله يعفو عنه) وقال ابن كثير رحمه الله: (أول ملوك الإسلام و خيارهم) و قال فيه الإمام ابن أبي العز الحنفي رحمه الله: (هو خير ملوك المسلمين) و وصفه رضي الله عنه بالملك هو مقتضى الإنصاف و العدل فقد ذكر ابن الذهبي رحمه الله في السير (3/ 140) أنه قيل له: أنت تنازع عليا أم أنت مثله؟ فقال: {لا و الله إني لأعلم أنه أفضل مني وأحق بالأمر مني ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما و أنا ابن عمه و الطالب بدمه فأتوه و قولوا له فليدفع إلي قتلة عثمان و أسلم له} و هذا خلاف ما يروج في أوساط إخواننا في العدل و الإحسان من أنه كان يريد الحكم أصالة , وقد كان معاوية قد تولى الملك بعدما تنازل له الإمام الحسن بن علي رضي الله عنهما حقنا للدماء كما قال بعضهم:
ثم تولى الحسن الإمامه فمنحت بيمنه السلامه
و حقن الله به الدماء و أذهب المحنة و اللأواء
و سلم الأمر إلى معاويه حياته و صار عنها ناحيه
فسار فيها بن أبي سفيانْ بسيرة للعدل و الإحسانْ
وفي تاريخ البخاري (7/ 326) عن معمر عن همام بن منبه قال: قال ابن عباس: {ما رأيت أحدا أخلق من معاوية}
فائدة:
ذكر شيخنا أبو أويس حفظه الله في نقل النديم قال:
{نقل المرتضى الزبيدي في شرحه للإحياء (إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين) عن محيي (الطين) ابن العربي الحاتمي الصوفي قوله: معاوية كاتب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و صهره و خال المؤمنين فالظن بهم جميل رضي الله عنهم أجمعين و لا سبيل إلى تجريحهم و ليس لنا الخوض فيما شجر بينهم و هم مأجورون في كل ما صدر عنهم عن اجتهاد سواء أخطأوا أو أصابوا , قال مرتضى تعليقا على هذا الكلام: و هو كلام نفيس يفتح باب حسن الإعتقاد في سلفنا و يتعين على كل طالب للحق معرفة ذلك}
قلت: و مثل هذا قوله في محاضرة الأبرار:
{سكت في كتابي هذا عما شجر بين الصحابة رضي الله تعالى عنهم لما يتطرق للنفوس الضعيفة وأهل الأهواء من الترجيع حتى لا أذكر الغيبة ولا أفوه بما فيه ريبة}
روى الخلال رحمه الله في السنة (2/ 4343) عن أبي الحارث بإسناد صحيح قال: وجهنا رقعة إلى أبي عبد الله ما تقول رحمك الله فيمن قال لا أقول إن معاوية كاتب الوحي ولا أقول أنه خال المؤمنين فإنه أخذها بالسيف غصبا قال أبو عبدالله هذا قولسوء رديء يجانبون هؤلاء القوم ولا يجالسون ونبين أمرهم للناس.وقال شيخ الإسلام رحمه الله: {و معاوية لم يدع الخلافة و لم يبايع له بها حين قاتل عليا و لم يقاتل على أنه خليفة و لا أنه يستحق الخلافة} قال ابن حزم رحمه الله: {فلم يطلب معاوية من ذلك إلا ما كان له من الحق أن يطلبه و إنما أخطأ في تقديمه ذلك على البيعة} وقال ابن خلدون: {لم يكونوا في محاربتهم لغرض دنيوي أو لإيثار باطل أو لاستشعار حقد كما قد يتوهمه متوهم وينزع إليه ملحد} و قال شيخ الإسلام رحمه الله: {و نعلم مع ذلك أن علي بن إبي طالب كان أفضل و أقرب إلى الحق ممن قاتله مع معاوية} وقال: {من لم يربع بعلي في الخلافة فهو أضل من حمار أهله} وقال ابن الذهبي رحمه الله (8/ 210): {لا نرتاب أن عليا أفضل ممن حاربه و
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/149)
أنه كان أولى بالحق} ومع هذا فلا ينبغي الوقيعة في أحد ممن قاتله {فكثير من السابقين الأولين لم يتبعوه ولم يبايعوه وكثير من الصحابة والتابعين قاتلوه} قاله ابن تيمية، و قال ابن خلدون المؤرخ المحقق رحمه الله في المقدمة أيضا: {و إن كان المصيب عليا فلم يكن معاوية قائما فيها بقصد الباطل إنما قصده الحق و أخطأ} بل نجزم أنه كان يحبه رضي الله عنه وقد روى البيهقي في المحاسن والمساوئ (ص70) أن ابن عباس وصف عليا لمعاوية فبكى وبكى من معه.
لطيفة:
روى ابن أبي الدنيا (124) ـ وذكره الإمام ابن القيم رحمه الله في الروح ـ بسند صالح عن سعيد بن أبي عروبة عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: {رأيت رسول الله ص و أبو بكر و عمر جالسان عنده فسلمت و جلست فبينما أنا جالس إذ أتي بعلي و معاوية فأدخلا بيتا و أجيف عليهما الباب و أنا أنظر فما كان بأسرع من خرج علي و هو يقول: قضي لي و رب الكعبة و ما كان بأسرع من أن خرج معاوية على أثره و هو يقول غفر لي و رب الكعبة}
قاسية:
ذكر المقري في نفح الطيب أن بعضهم قال:
وكل من يقدح في معاويه فهو كلب من كلاب عاويه
حكم سبه
وأما حكم سبه فهو نفسه حكم سب أي صحابي آخر فقد قال الإمام أبو زرعة الرازي إمام أهل الحديث رحمه الله كما في الكفاية (ص97): {إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله فاعلم أنه زنديق} و روى اللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/ 169/تحقيق أحمد سعد حمدان) عن علي بن المديني رحمه الله: {من تنقص أحدا من أصحاب رسول الله أو ذكر مساوئه فهو مبتدع} وقال علي القاري رحمه الله: (من سب أحدا من الصحابة فهو فاسق و مبتدع بالإجماع) و روى أيضا (رقم 1266) وأسد بن موسى كما في الاستيعاب (3/ 1422) عن إبراهيم بن ميسرة رحمه الله قال: {ما رأيت عمر بن عبد العزيز ضرب إنسانا قط إلا إنسانا شتم معاوية فضربه أسواطا} فليت عمر كان معنا ليضرب عبد اللسلام ياسين أسواطا ويشفي غليلنا من حاقد على كاتب الوحي. و قيل للإمام أحمد رحمه الله: {لي خال ينتقص معاوية و ربما أكلت معه فقال: لا تأكل معه} فإن كان لا يجوز مؤاكلته فكيف بمن اتخذه وليا مضلا. و قال: {لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساوئهم و لا يطعن على أحد منهم فمن فعل ذلك فقد وجب تأديبه و عقوبته} و سئل عن الذي يشتم معاوية يصلى خلفه قال: {لا ولا كرامة} فبهذا تسقط أهلية ياسين لإمامة الصلاة فكيف بإماة السياسة. لا يصلح لها, لا ولا كرامة. وقال ابن حجر الهيتمي في الصواعق المرسلة (2/ 629): (وأما ما يستبيحه بعض المبتدعة في سبه ولعنه (يقصد معوية) فله (أي معاوية) فيه أسوة بالشيخين وأكثر الصحابة, فلا يلتفت لذلك, ولا يعول عليه ,فإنه لم يصدر إلا عن قوم حمقى جهلاء أغبياء طغم لا يبالي الله بهم في أي واد هلكوا ,عنهم الله وخذلهم أقبح اللعنة والخذلان) وعبد السلام ياسنين ممن يسب ويرمي معاوية بالنفاق والكذب وهذا من أعظم السب!! و أقول لك كما قال الإمام الأوزاعي رحمه الله: {لا تذكر أحدا من أصحاب نبيك إلا بخير}
و في الزيادات و النوادر لابن أبي زيد القيرواني رحمه الله أن الإمام مالكا رحمه الله قال: {من شتم أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر أو عمر أو عثمان أو معاوية أو عمرو بن العاص فأما إن قال إنهم كانوا على ضلال وكفر فإنه يقتل و لو شتمهم بغير ذلك من مشاتمة الناس فلينكل نكالا شديدا} يا ليت مالكا هنا ليأمر بهذا الطاعن الحاقد فينكل به نكالا شديدا شديدا.
وقال ابن عبد البر في الاستيعاب:
{روى أسد بن موسى قال حدثنا أبو هلال قال حدثنا قتادة قال قلت للحسن يا أبا سعيد إن ها هنا ناسا يشهدون على معاوية أنه من أهل النار قال لعنهم الله وما يدريهم من فى النار}
و أخيرا أقول لعبد السلام ياسين كما قال حسان بن ثابت ض:
أتهجوه و لست له بكفئ فشركما لخيركما الفداء
من التاريخ
قال الكتبي في فوات الوفيات: {قال ابن عرفة: أمر المأمون مناديا ينادي في الناس ببراءة الذمة ممن يترحم على معاوية أو ذكره بخير فكثر المنكر لذلك وكاد البلد يفتتن ولم يلتئم له ما أراد}
ملك ورحمة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/150)
من الشبه التي يوردها عبد السلام ياسين غفر الله لنا وله استدلاله بحديث: تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم ترفع ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فيكم ما شاء الله ثم ترفع ثم تكون ملك عاض …الحديث على خلاف وجهه فيستدل بقوله صلى الله عليه وآله وسلم {ثم يكون ملك عاض} بعد ذكره للخلافة على أن معاوية أول ملك ظالم, لكنه أتي من قلة اطلاعه وسوء أدبه والذي يهدم استدلاله ما رواه الطبراني بسند جيد عن ابن عباس مرفوعا وقال الهيثمي: {رجاله ثقات}: {أول هذا الأمر نبوة ورحمة ثم يكون خلافة ورحمة ثم يكون ملكا ورحمة ثم يكون إمارة ورحمة ثم يتكادمون عليه تكادم الحمر} والحديث صححه الألباني في الصحيحة (رقم: 3270)
ويشهد له ما رواه الدارمي في السنن من حديث مكحول أبي ثعلبة عن أبي عبيدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أول دينكم نبوة ورحمة ثم ملك ورحمة ثم ملك وجبروت يستحل فيها الخمر والحرير) ومكحول لم يلق أبا ثعلبة
وما رواه أبو نعيم في حلية الأولياء من حديث كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا قال: (أول هذه الأمة نبوة ورحمة ثم خلافة ورحمة ثم سلطان ورحمة ثم ملك وجبرية فإذا كان ذلك كذلك فبطن الأرض يومئذ خير من ظهرها) وقد يقول قائل: أليس هذا معارضا للفظ حديث أبي عبيدة المذكور قبل قليل؟ والجواب أنه ليس ثمت معارضة فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: {ثم} و هي كما عند علماء النحو تفيد العطف مع التراخي و إلى ذلك يشير قول ابن مالك في الخلاصة:
و الفاء للترتيب باتصال وثم للترتيب بانفصال
فيكون قوله (ثم) دالا على كون الملك العاض بعد الخلافة لكن مع فاصل زمني غير محدد و قوله في حديث ابن عباس (ثم يكون ملكا ورحمة) دالل على أن في الفترة التي بين الخلافة والملك العاض ملكا ورحمة وعدلا، قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى: (كان ملك معاوية ملكا ورحمة) وقال في المنهاج: (كانت سيرة معاوية مع رعيته من خيار سيرة الولاة وكان رعيته يحبونه وقد ثبت في الصحيحين عن النبي e أنه قال: (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم)) فتنبه!
وروى أحمد مرسلا ووصله أبو يعلى في مسنده عن سعيد بن عمرو بن العاص عن معاوية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (يا معاوية إن وليت أمرا فاتق الله واعدل قال فما زلت أظن أني مبتلى بعمل لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وليت) قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: ولهذا طرق مقاربة.
وهذا إقرار من النبي صلى الله عليه وسلم لملكه فكيف يقره النبي صلى الله عليه وسلم وينكر عليه غيره. نعم أخطأ في مقاتلة علي وكان علي أولى بالخلافة منه. أما ملكه فقد كان بإجماع المسلمين بل سمي عام توليه الملك عام الجماعة بعدما تنازل له الحسن بن علي رضي الله عنهما وهو عين الإصلاح وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه: (إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين طائفتين عظيمتين من المسلمين).
وقد يقول قائل: قد سبه النبي صلى الله عليه وسلم , فقال فيه: (لا أشبع الله بطنه)
والجواب أنه قد روى البخاري ومسلم واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (اللهم فأيما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة إليك يوم القيامة) ولأجل هذه النكتة ذكره مسلم عقب حديث (لا أشبع الله بطنه)!!
فائدة:
قال شيخنا أبو أويس محمد بوخبزة حفظه الله تعالى الساكن حاليا في شارع معاوية بن أبي سفيان في نقل النديم:
ثبت بأسانيد متعددة أن النبي صلى الله عليه وآله و سلم دعا لمعاوية: {اللهم اجعله هاديا مهديا} وحكى السرهندي في (مكتوباته) أن الإمام مالكا حكم بقتل شاتم معاوية و روى الرازي في مناقب الشافعي و أبو نعيم في الحلية و ابن عبد البر في جامع بيان العلم و فضله أن الشافعي رضي الله عنه كان إذا سئل عما جرى بين الصحابة يردد قول عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه (تلك فتنة قد طهر الله منها أيدينا أفلا نطهر منها ألسنتنا) و هو مذهب أبي حنيفة كما في الفقه الأكبر و أحمد بن حنبل كما في طبقات الحنابلة و ألف الفرهاروي الهندي كتابا بعنوان (الناهية عن طعن أمير المؤمنين معاوية) و هي مطبوع عند مكتبة الحقيقة بإصطنبول.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/151)
قلت: قول شيخنا: (ثبت) هو الذي خلص إليه الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة برقم 1969 فراجعه لزاما
عاصمة:
ذكر الحافظ في فتح الباري عن زياد بن الحارث قال: {كنت إلى جنب عمار فقال رجل كفر أهل الشام فقال عمار لا تقولوا ذلك نبينا واحد ولكنهم قوم حادوا عن الحق فحق علينا أن نقاتلهم حتى يرجعوا}
طريفة:
ذكر ابن مفلح رحمه الله في الآداب الشرعية (2/ 204و205) أنه دخل رجل من العامة على شيخ من شيوخ العلم فقال: أصلح الله الشيخ قد سمعت في السوق الساعة شيئا منكرا و لا ينكره أحد قال: و ما سمعت قال: سمعتهم يسبون الأنبياء قال الشيخ و من المشتوم من الأنبياء قال سمعتهم يشتمون معاوية قال: يا أخي ليس معاوية بنبي قال: فهبه نصف نبي لم يشتم؟} قلت: بل هبه ربع نبي أو عشر نبي أو أقل من ذلك لم يشتم؟
قلت: صدق الرجل. لم يشتم؟
فضله
و يكفي في بيان فضله كونه من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم و لا تستساغ مقارنته بمن جاء بعده و لو بعمر ابن عبد العزيز فقد ذكر أن المعافى بن عمران رحمه الله سئل أيهما أفضل فغضب و قال: {أتجعل رجلا من الصحابة مثل رجل من التابعين معاوية صاحبه و صهره و كاتبه} وفي رواية: {كان معاوية أفضل من ستمائة مثل عمر بن عبد العزيز} وروى عنه القاضي عياض في الغنية (ص100) من طريق أبي ذر الهروي أنه قال: (لا يعدل بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحد). وقيل للإمام أحمد معاوية أفضل من عمر بن عبد العزيز؟ فقال: {إي لعمري} و قال إبراهيم بن سعيد الجوهري رحمه الله: سألت أبا أسامة أيما أفضل فقال: {لا تعدل بأصحاب محمد ص أحدا} رواه ابن عبد البر رحمه الله في الجامع والخلال وعياض في الغنية بلفظ نحوه, قال الحافظ ابن حجر في الإصابة: {كانوا يعتقدون أن شأن الصحبة لا يعدله شيء} و أنشد بعضهم:
كل من صاحب النبي و لو طر فة عين فحقه مرعي
ورحم الله المسور بن مخرمة رضي الله عنه فقد ذكر عنه ابن عبد البر في الاستيعاب (3/ 1422) أنه كان إذا ذكر معاوية دعا له بخير. وعبد السلام إذا ذكره شتمه.
لطيفة
من اللطائف ما ذكره المعلمي رحمه الله في كتابه الأنوار الكاشفة (ص93) في عدم صحة حديث في فضل معاوية ـ مع أنه كان يمكنه ان يأمر بوضع ولو حديث واحد في أحقيته بالأمر فقال: {و من تدبر هذا علم أن عدم صحة حديث في فضل معاوية أدل على فضله من أن تصح عندهم ـ أي أهل الحديث ـ عدة أحاديث} و الأصل في هذا ما نقله أهل العلم من أئمة الحديث كإسحاق بن راهويه و النسائي أنهم قالوا: {لا يصح حديث في فضائل معاوية بن أبي سفيان عن النبي ص شيء} قال ابن القيم رحمه الله: {و مراد من قال ذلك من أهل الحديث أنه لم يصح حديث في مناقبه بخصوصه و إلا فما صح عندي في مناقب الصحابة عموما ومناقب قريش فمعاوية رضي الله عنه داخل فيه}
قلت: هذا ما ذكره المعلمي رحمه الله و كذلك ابن القيم رحمه الله و غيرهما و قد علمت تصحيح الألباني رحمه الله لحديث: {اللهم اجعله هاديا مهديا} و مثل تصحيح الشيخ الألباني رحمه الله يحسب له ألف حساب
وقفة:
قلت في معاوية ض:
من بعد حمد الله حمدا أبتدي ثم الصلاة على النبي الأحمد
هذي مقالة ناصح ومحذر ذكرى لكل سليم قلب مهتدي
أو قل مقالة ناصر ومدافع يبغي بها نصح الظلوم المعتدي
وتيمما إكرام صهر فاضل وبيان فضله للعدو الأبعد
صحب النبي و كان كاتب وحيه صهر الرسول و خال كل موحد
علم الخليل بفضله فدعا له و دعاؤه حتما أجيب و قد هدي
ولاه ثاني خير بعد النبي وأقره عثمان نعم المقتدي
كفوا ولا تبغوا المساوئ إنه لا يطلب العثرات غير الملحد
لا تذكروا صفين بعد مضيها واستغفروا للصحب آل محمد
عشر من الأبيات ما وفيت فيـ ـها كاملا حق الحليم السيد
طريفة:
ذكر ابن الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء أن رجلا سعى برجل إلى الحجاج وقال أعز الله الأمير هذا رجل خارجي يشتم علي بن أبي سفيان و يقع في معاوية بن أبي طالب فقل الحجاج: لا أدري بأيهما أنت أعلم بالأنساب أو بالأديان
ما لهم و لمعاوية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/152)
هذه مقولة للإمام أحمد رحمه الله رواها عنه الخلال في السنة (رقم654). و تحت الأكمة ما تحتها فإن المتنقص لمعاوية إنما يريد الوصول إلى الطعن فيمن هو أجل منه و لذلك قال أحمد رحمه الله في من سبه و عمرو بن العاص: {إنه لم يجترئ عليهما إلا وله خبيئة سوء} وهذا ما أظنه في عبد السلام ياسين. وقد أحسن الإمام الربيع بن نافع رحمه الله إذ قال: {معاوية ستر لأصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم فإذا كشف الرجل الستر اجترأ على ما وراءه} رواها الخطيب رحمه الله في التاريخ, وقد هتك عبد السلام الستر فلا حول ولا قوة إلا بالله. و قال ابن العماد الحنبلي رحمه الله في شذرات الذهب: {هو الميزان في حب الصحابة و مفتاح الصحابة} فأين بغض ياسين لمعاوية رضي الله عنه في الميزان. و ذكر الحافظ المزي في التهذيب (1/ 339) عن الحافظ أبي القاسم أن الإمام النسائي سئل عن معاوية بن أبي سفيان صاحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: {إنما الإسلام دار لها باب فباب الإسلام الصحابة فمن آذى الصحابة إنما أراد الإسلام كمن نقر الباب إنما يريد دخول الدار فمن أراد معاوية فإنما أراد الصحابة} فتأمل هذا وتأمل ما يقوله عبد السلام ياسين ولا تتردد في الحكم عليه. بل قد يكون غرضه الطعن في النبي صلى الله عليه وآله و سلم كما قال الإمام الحسن بن علي البربهاري شيخ الحنابلة في زمانه رحمه الله: {إعلم أن من تنقص أحدا من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله و سلم فاعلم أنه إنما أراد محمدا صلى الله عليه وآله و سلم و قد آذاه في قبره} فلا حول ولا قوة إلا بالله. و اعلم أخي أن ما يذكر في معاوية رضي الله عنه من سكر و فسق و ظلم إنما هو من وضع الروافض و أهل البدع فإن كتب التاريخ طافحة بذلك حتى إن كثيرا من الناس صدقوها فصاروا يطعنون فيه بموجبها فالله الله في معاوية, و كما قال الإمام ابن الوزير الصنعاني رحمه الله في كتابه العواصم: {فيا غوثاه ممن يقبل مجاهيل الرواة في انتقاص خير أمة بنص كتاب الله و خير القرون بنص رسول الله فحسبنا الله و لا حول و لا قوة إلا بالله}
قلت: كمثل لوط بن يحيى المشهور بأبي مخنف و هو الذي روى قصة خطبة معاوية السيفية التي يتناقلها الكتاب و الأخباريون على أنها من مثالب معاوية و غيرها مما فيه ما يقدح به في دينه مثل ما يذكر عن معاوية أنه كان يأمر بلعن علي على المنابر والمعروف أن هذا فعل بني أمية بعده و لوط هذا كما قال الدارقطني رحمه الله: أخباري ضعيف و قال ابن أبي حاتم: متروك الحديث و أصل قصة الخطبة السيفية عند الطبري رحمه الله في تاريخه من طريق هذا المتشيع. قال صاحب الحجة في بيان المحجة (2/ 526): (أما ما رواه أبو مخنف وغيره من الروافض فلا اعتماد بروايتهم) فالحرص الحرص على التثبت في الأخبار و الروايات و كذلك ما يروى من حديث في مثالبه فقد ظهر فيها عبث الشيعة لذلك قال ابن القيم رحمه الله: {كل حديث في ذمه فهو كذب و كل حديث في ذم عمرو بن العاص فهو كذب} فاحذر التعرض لجانبه فإنه جليل
قال ابن خلدون رحمه الله في المقدمة (ص27/دار الكتب العلمية): {لما كان الكذب متطرقا للخبر بطبيعته و له أسباب تقتضيه فمنها التبعيات للآراء و المذاهب فإن النفس إذا كانت على حال الإعتدال في قبول الخبر أعطته حقه من التمحيص و النظر حتى تتبين صدقه من كذبه و إذا خامرها تشيع لرأي أو نحلة قبلت ما يوافقها من الأخبار لأول وهلة و كان ذلك الميل و التشيع غطاءا على عين بصيرتها عن الإنتقاد والتمحيص فتقع في قبول الكذب و نقله} لذلك كان مذهب أهل العلم كما قال شيخ الإسلام رحمه الله أنهم: {يقولون إن هذه الآثار المروية في مساوئهم منها ما هو كذب و منها ما قد زيد فيه و نقص و غير عن وجهه و الصحيح منه هم فيه معذورون} و قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله في الصواعق المرسلة (2/ 621): {الواجب على كل من سمع شيئا من ذلك أن يتثبت فيه و لا ينسبه إلى أحدهم بمجرد رؤيته في كتاب أو سماعه من شخص بل لا بدأن يبحث عنه حتى يصح عنده نسبته إلى أمرهم .. } قال الشيخ محمود شكري الآلوسي في صب العذاب (ص421): {لأن المؤرخين ينقلون ما خبث وطاب لا يميزون بين الصحيح والموضوع والضعيف وأكثرهم حاطب ليل لا يدري ما يجمع فالإعتماد على مثل ذلك في مثل هذا المقام الخطر و الطريق الوعر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/153)
والمهمة الذي تضل فيه القطا و تقصر دونه الخطا مما لا يليق بشأن عاقل فضلا عن فاضل} لذلك أنكر الله تعالى:
{على من يبادر إلى الأمور قبل تحققها فيخبر بها ويفشيها وينشرها وقد لا يكون لها صحة} قاله ابن كثير في تفسيره (1/ 530) وقال الحافظ ابن حجر في من يتصدى لكتابة التاريخ: {يلزمه التحري في النقل فلا يجزم إلا بما يتحققه ولا يكتفي بالنقل الشائع ولا سيما إن ترتب على ذلك مفسدة من الطعن في حق أحد} اهـ من جزء للحافظ السخاوي رحمه الله في التأريخ. وقال ابن الذهبي رحمه الله في ما يتناقله الأخباريون من تلك الروايات والأخبار في السير (10/ 92):
{أكثر ذلك منقطع وضعيف وبعضه كذب وهذا فيما بأيدينا وبين علمائنا فينبغي طيه وإخفاؤه بل إعدامه لتصفو القلوب وتتوفر على حب الصحابة والترضي عنهم وكتمان ذلك متعين عن العامة وآحاد العلماء وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوة للعالم المنصف العري من الهوى بشرط أن يستغفر لهم كما علمنا الله تعالى} قلت: و قل أن يكون هناك إنصاف من أحد و هو يحدث بكل ما قرأ و سمع و كفى بذلك كذبا كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال المقري في النفح: {من كانت بضاعته مزجاة فهو عن الإنصاف بمنجاة} فالواجب كما قال الهيثمي في الصواعق (2/ 261): {الإضراب عن أخبار المؤرخين و جهلة الرواة وضلال الشيعة و المبتدعين القادحة في أحد منهم}.والعجيب المضحك أن تجد عبد السلام ياسين يقول في الشورى والديمقراطية (ص241): إنما قصدي أن أضع أصبع الفاضل الذي يجهل تاريخ المسلمين ... ) ويقول في (ص253): ( ... الجهل بما ابتلي به المسلمون ثم تحريف المؤرخين). أليس يحق لمن يقرأ هذا وقد اطلع على سذاجة ياسين في قراءاته للتاريخ أن يعجب من هذا الرجل. وإذا لم تستح فاصنع ما شئت!.
و الحديث أيها الأخ في مثل هذا يطول و لكني أنهيه معك أيها الفاضل ـ على أمل العودة معك إلى موضوع آخر نتحادث معا في حدائق السنة تحت شجرة الأخوة ـ و أدعك مع الإمام معاوية رضي الله عنه نفسه و هو يقول لك:
{أنا على دين يقبل الله فيه العمل و يجزي فيه بالحسنات و يجزي فيه بالسيئات إلا أن يعفو عمن يشاء فأنا أحتسب كل حسنة عملتها بأضعافها و أوازي أمورا عظاما ما لا أحصيها و لا تحصيها من عمل الله في إقامة صلوات المسلمين والجهاد في سبيل الله عز و جل و الحكم بما أنزل الله و الأمور التي لست تحصيها و إن عددتها لك فتفكر في ذلك} و اعلم أيها الأخ أن من مذهب أهل الحديث الكف عن الخوض في ما وقع بين الصحابة ووجوب الترضي عليهم أجمعين بدون استثناء قال شيخ الإسلام رحمه الله: {الخوض فيما شجر يوقع في نفوس كثير من الناس بغضا و ذما و يكون هو في ذلك مخطئا بل عاصيا فيضر نفسه و من خاض معه في ذلك كما جرى لأكثر من تكلم في ذلك فإنهم تكلموا بكلام لا يحبه الله و رسوله} وقال الإمام القدوة شهاب بن خراش رحمه الله: {أدركت من أدركت من صدر هذه الأمة و هم يقولون: لا تذكروا الذي شجر بينهم فتحرشوا عليهم الناس}
وقال القرطبي رحمه الله في الجامع:
{سئل بعضهم عن الدماء التي أريقت فيما بينهم فقال تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون، وسئل بعضهم عنها أيضا فقال تلك دماء قد طهر الله منها يدي فلا أخضب بها لساني يعني التحرز من الوقوع في خطأ والحكم على بعضهم بما لا يملكون مصيبا فيه، قال ابن فورك ومن أصحابنا من قال إن سبيل ما جرت بين الصحابة من المنازعات كسبيل ما جرى بين إخوة يوسف مع يوسف ثم إنهم لم يخرجوا بذلك عن حد الولاية والنبوة فكذلك الأمر فيما جرى بين الصحابة، وقال المحاسبي: فأما الدماء فقد أشكل علينا القول فيها باختلافهم وقد سئل الحسن البصري عن قتالهم فقال شهده أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وغبنا وعلموا وجهلنا واجتمعوا فاتبعنا واختلفوا فوقفنا قال المحاسبي فنحن نقول كما قال الحسن ونعلم أن القوم كانوا أعلم بما دخلوا فيه منا ونتبع ما اجتمعوا عليه ونقف عندما اختلفوا فيه ولا نبتدع رأيا منا ونعلم أنهم اجتهدوا وأرادوا الله عز وجل إذ كانوا غير متهمين في الدين ونسأل الله التوفيق} وقد روى البستي في كتاب العزلة (ص136) أنه قيل لعمر بن عبد العزيز: ما تقول في أهل صفين؟ فقال: تلك دماء طهر الله يدي منها فلا أحب أن أخضب لساني بها).
و في خصوص معاوية أقول لك كما قال ابن عباس رضي الله عنه: {دعه فإنه قد صحب رسول الله} وفي سير أعلام النبلاء قال أبو عمرو بن العلاء: {لما احتضر معاوية قيل له ألا توصي فقال اللهم أقل العثرة واعف عن الزلة وتجاوز بحلمك عن جهل من لم يرج غيرك فما وراءك مذهب} فرحم الله أخا أو أختا يقرأ ما سطرته له بقلم المحبة فيعرف للحق حقه فيلتزمه و يدعو إليه برفق و حلم و صبر رافعا راية حب أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنه كما قال ابن الذهبي رحمه الله: {لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذو الفضل}.
اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا واجعل اللهم لي بكل حرف كتبته دفاعا عمن صحب النبي ص و رضيت عنه حسنة وضاعفها لي فأنت أهل ذلك بلا مشارك والحمد لله رب العالمين
كتبه أبو عبد الله طارق بن عبد الرحمن الحمودي الأثري
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/154)
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[31 - 03 - 07, 05:51 م]ـ
جزاك الله خيراً يا شيخ طارق
ـ[أبو محمد التطواني]ــــــــ[03 - 04 - 07, 01:31 م]ـ
دمت نجما ساطعا في سماء تطوان يا أخي طارق بورك فيك نلتقي قريبا
ـ[ابو عدنان]ــــــــ[12 - 04 - 08, 02:12 ص]ـ
جزاك الله خيرا الشيخ طارق انها من القواصم لظهور الياسينيين المتصوفة ...
ـ[رشيد]ــــــــ[12 - 04 - 08, 03:10 ص]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[ابو عبد الله الرباطي]ــــــــ[12 - 04 - 08, 03:16 ص]ـ
جزاكم الله و خيرا و بارك فيكم
و نتمى أن تكثروا من مثل هذه البحوث التي تكشف أباطيل أهل البدع المنحرفين عن المنهج الحق.
ـ[عبد العزيز ابن سليمان]ــــــــ[12 - 04 - 08, 05:12 ص]ـ
بارك الله فيك أخي طارق
الله المستعان
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[12 - 04 - 08, 12:44 م]ـ
بارك الله فيك أخي طارق ..
ورضي الله عن الصحابة أجمعين.
ـ[ابن الحسيني]ــــــــ[12 - 04 - 08, 02:54 م]ـ
بارك الله فيكم ورضى الله عن الصحابة العدول وآل بيت النبى الأطهار(39/155)
حوار علمي مع مثبتي نبوة العدل والإحسان
ـ[طارق الحمودي]ــــــــ[31 - 03 - 07, 02:39 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد فإنه لا يخفى على إخواننا أن جماعة العدل والإحسان الصوفية كانت زعمت أنها موعودة بقيام خلافة على منهاج النبوة سنة 2006 ونحن الآن في 2007 فكان ما كان من الفضيحة ولكن كثيرا من أتباع الجماعة لم ينصفوا وساروا على درب المكابرة والعناد ومنهم ولد كتب في ذلك يرد على بعض الفضلاء في ذلك بعدما أنكر عليهم ذلك في رسالة طبعت ونشرت. فانتصرت له وللحق الذي معه فكتبت:
ـ[طارق الحمودي]ــــــــ[31 - 03 - 07, 02:40 م]ـ
وهذا هو المرفق
حوار علمي
مع مصدقي نبوءة العدل والإحسان
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على قدوتنا وأسوتنا بحق رسول الله, والرضا على أولياء الله بحق الذين يتبعون النبي ويقتدون بأصحابه وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:فقد وقع بيدي وريقات مستخرجة من الإنترنت لولد سمى نفسه (ابن الأزرق) يعتبر من منظري جماعة العدل والإحسان الصوفية بالمغرب فيها رد على الدكتور الفاضل أبي جميل حسن العلمي السجلماسي حفظه الله تعالى في ما يثيره الإخوان في جماعة العدل والإحسان من تواتر الرؤى عند أفراد جماعتهم دالةً على قرب قيام خلافتهم , سماها (حوار علمي مع منكري نبوءة العدل والإحسان) فعزمت على الإنصاف فقلت:
قال ابن الأزرق غفر الله لنا وله:
الوسيلة الأولى: إرسال بعض الرسل إلى الأولياء والصالحين
الشاهد الأول
قال علمني الله وإياه: (عن علي رضي الله عنه في قصة هاجر ... أخرجه الطبري في تفسيره ... وحسنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري)
ثم قال غفر الله لي وله: (وفي صحيح البخاري وذكر الرواية ثم قال. في رواية: (فإذا هي بصوت ... ثم قال: (في رواية عند الفاكهي في تاريخ مكة ... زاد في حديث أبي جهيم ... )
قلت:قوله هداني الله وإياه: (عن علي في قصة) يوهم القارئ أن الخبر مرفوع إلى النبي e, والحقيقة أنه موقوف على علي, ومثل هذا قد لا يكون له حكم الرفع. وعلى فرض كونه مرفوعا حكما ولا يبعد فالخبر ضعيف لأنه من رواية أبي إسحاق السبيعي عن حارثة بن مصرف عن علي. وأبو إسحاق مدلس وقد عنعن. والله أعلم.
وقد وقع لابن الأزرق غلط شديد سببه عدم استيعابه التلازم الكائن بين أن يكون الإنسان نبيا وبين أن يوحى إليه , فكل نبي أوحي إليه بوجه من الوجوه أو أكثر, وكل من يوحى إليه فهو نبي, ومخاطبة الملائكة لأحد بشرع أو غيب دليل على نبوته, ولا يمكن أن تخاطب الملائكة غير نبي بذلك.
أما مريم فهي نبية دون شك, فقد خاطبها ملك, والملك لا يخاطب إلا نبيا, وسارة أم إسحاق زوجة إبراهيم أيضا نبية فقد خاطبتها الملائكة بغيب, وهاجر أم إسماعيل نبية أيضا فقد خاطبها جبريل عليه السلام بغيب. ومن ادعى جواز مخاطبة الملائكة غير نبي أو نبية بذلك فقد هدم أصلا متفقا عليه بين المسلمين. ولا يقال إن الله تعالى قال: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي) (يوسف: من الآية109) فإن هذا نفي لجواز كون المرأة رسولة, ونفي الأخص وهي الرسلية لا يستلزم نفي الأعم وهي النبوة. وهذا شيء يفهمه طلبة العلم النجباء.
قال ابن حزم الظاهري في الفصل عند حديثه عن نبوة النساء في قوله تعالى: (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ) (هود:71): (هذا خطاب الملائكة لأم إسحاق عن الله عز وجل بالبشارة لها بإسحاق, ثم يعقوب ثم بقولهم: أتعجبين من أمر الله؟ ولا يمكن البتة أن يكون هذا الخطاب من ملك لغير نبي بوجه من الوجوه.)
وقال في قوله تعالى لمريم (قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً) (مريم:19): (هذه نبوة صحيحة بوحي صحيح ورسالة من الله تعالى إليها. وأكد ذلك بقوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ) (مريم: من الآية58) فقال: (وهذا عموم لها معهم , لا يجوز تخصيصها من جملتهم, وليس قوله عز وجل (وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ) (المائدة: من الآية75) بمانع من أن تكون نبية, فقد قال تعالى (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ) (يوسف: من الآية46) وهو مع ذلك نبي.)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/156)
قلت: هذا حق لا شك فيه, فإثبات الأخص الذي هو النبوة يستلزم إثبات الأعم وهو الصديقية. ولا يلزم من إثبات الأخص نفي الأعم, فلا تعارض, فتأمله.
وأما قصة الأقرع والأبرص فليس فيها أنهم علموا أن الذي يخاطبهم ملك, ولا أنه أتاهم في صورة ملك, أو أخبرهم أنه كذلك, ويجوز لأي أحد منا أن يقول لمن ابتلاه وامتحنه الله بنعمة فكفرها فرفعها عنه: (ابتلاك الله) و (قد سخط الله عليك) , ويقول لمن شكر النعمة: (قد رضي الله عنك).
نتيجة:
ظهر بهذا أن قوله: (فهؤلاء جماعة من غير الأنبياء ... ) خطأ للأسف. ولست أستدل بكلام ابن حزم لأنه من ابن حزم, بل أستدل بما فيه من دليل عقلي وشرعي سليم إن شاء الله.
وعجب من بعض من ادعى من جماعة العدل والإحسان أنه رأى جبريل وقد غطا جمعا منهم بجناحيه, فجبريل أعظم من ذلك وله ستمائة جناح, ولو نشر جناحا واحدا لغطى الأفق لا جماعة من الناس, هذا ولم ينكر عليها أحد من جماعتها, أفليس فيهم رجل رشيد أو امرأة؟!.
أما دعاوى أفراد الجماعة الرؤى والمنامات فتحتاج إلى إثبات. فليس كل من رأى شيئا كان حقا, هذا إن كانوا صادقين في ذلك, وإلا فقد قال النبي e : ( إن من أفرى الفرى أن يُرِيَ الرجل عينه في المنام ما لم تر) رواه أحمد عن ابن عمر (صحيح الجامع رقم:2211)
الوسيلة الثانية: الإلهام والتحديث.
عرفه ابن الأزرق بصرني الله وإياه بعيوبنا بقوله: (هو أن يقذف الله في قلب عبد من عباده معلومة لا يتردد في صدقها. فالله تعالى يزرع في فؤاده يقينا لا يخالطه أدنى شك.)
قلت: هذا تعريف تجاوز صاحبه الحد. ومن أحسن تعاريف الإلهام المقبولة ما عرفه به صاحب الحدود الأنيقة فقال: (هو إلقاء معنى في القلب يطمئن له الصدر يخص الله به بعض أصفيائه وليس بحجة معصوم) ولسنا ننكر الإلهام إنما ننكر الجزم به وتصديقه وكأنه حجة دون عرضه على الحس والشرع, فإن كان إخبارا بغيب لم يصدق حتى يثبته الحس والواقع, بخلاف الأنبياء فإن إلهامهم وحي وحق, وإن كان إلهاما بحكم شرعي لم يثبت إلا بشاهدين عدلين كتاب الله وسنة رسوله.
قال الحافظ في الفتح في شرح حديث (لو كان في أمتي محدث ... ) في فضائل عمر: (إن المحدث منهم إذا تحقق وجوده لا يحكم بما وقع له بل لابد له من عرضه على القرآن, فإن وافقه أو وافق السنة عمل به, وإلا تركه, وهذا وإن جاز أن يقع , لكنه نادر ممن يكون أمره منهم مبنيا على اتباع الكتاب والسنة).
والذي نص عليه أهل العلم أن (الإلهام دعوى مجردة من الدليل ولو أعطي كل امرىء بدعواه المعراة لما ثبت حق ولا بطل باطل ولا استقر ملك أحد على مال ولا انتصف من الظالم ولا صحت ديانة أحد أبدا لأنه لا يعجز أحد عن أن يقول ألهمت أن دم فلان حلال وأن ماله مباح لي أخذه وأن زوجه مباح لي وطؤها وهذا لا ينفك منه وقد يقع في النفس وساوس كثيرة لا يجوز أن تكون حقا وأشياء متضادة يكذب بعضها بعضا فلا بد من حاكم يميز الحق منها من الباطل وليس ذلك إلا العقل الذي لا تتعارض دلائله) قاله ابن حزم رحمه الله في الإحكام (1/ 20).
وقال المناوي في فيض القدير (4/ 507): (ليس لأحد من الأولياء العمل بالوارد حتى يزنه بالميزان فإن وافق انتفع به هو ومن كاشفه به ممن يعتقد صدقه وزادهم إيمانا) وقال هناك أيضا: (ولهذا كان عمر يزن الوارد بميزان الشرع فإن وافق وإلا لم يلتفت إليه)
وقال الشاطبي المالكي في الموافقات: (هذه الأمور لا يصح أن تراعى وتعتبر إلا بشرط أن لا تخرم حكما شرعيا ولا قاعدة دينية فإن ما يخرم قاعدة شرعية أو حكما شرعيا ليس بحق في نفسه بل هو إما خيال أو وهم وإما من إلقاء الشيطان وقد يخالطه ما هو حق وقد لا يخالطه وجميع ذلك لا يصح اعتباره من جهة معارضته لما هو ثابت مشروع وذلك أن التشريع الذي أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم عام لا خاص كما تقدم في المسألة قبل هذا وأصله لا ينخرم ولا ينكسر له اطراد ولا يحاشى من الدخول تحت حكمه مكلف وإذا كان كذلك فكل ما جاء من هذا القبيل الذي نحن بصدده مضادا لما تمهد في الشريعة فهو فاسد باطل).وقد قال السرخسي الحنفي في المبسوط (16/ 133): (من يعتقد أن الإلهام حجة موجبة للعلم لا تقبل شهادته)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/157)
وقال صاحب بدائع الصنائع وهو حنفي (6/ 269): (لا عدالة لأهل الإلهام لأنهم يحكمون بالإلهام فيشهدون لمن يقع في قلوبهم أنه صادق في دعواه ومعلوم أن ذلك لا يخلو عن الكذب)
وقال ابن بدران الحنبلي في مدخله (ص297): (لو فتح بابه لأدى إلى مفاسد كثيرة ولكان للمتدلسين مدخل لإفساد أكثر الشرع فالصواب أن لا يلتفت إليه وإلا لادعى كثير منهم إثبات ما يلذ لهم بالإلهام والكشف)
قال ابن الأزرق: (ويجمع أئمة الإسلام على أن الإلهام من أقسام الوحي, وعلى أنه ليس خاصا بالأنبياء)
قلت: كونه من أقسام الوحي صحيح, كما أن الرؤيا من أقسام الوحي أيضا, وهما حق يعمل بهما إن كانا للأنبياء, وأما غيرهم فلا. وقد بينت الحق في ذلك في ردي على ابن الأزرق في دعواه حجية العمل بالرؤى في بحث مستقل نشر بموقع (الخرافة) المبارك. وكونه يقع لغير الأنبياء صحيح أيضا.قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (هو للأنبياء بالنسبة للوحي كالرؤيا ويقع لغير الأنبياء) ولسنا نختلف في هذا , إنما نختلف في كونه حقا مجردا عن الدليل الحسي أو الشرعي.
الشاهد الأول
قلت: استشهاده بقصة أم موسى خطأ, والصواب أن إلهام الله لأم موسى إلهام نبوة. قال ابن حزم رحمه الله في الفصل في أم موسى: (هذه نبوة صحيحة لا شك فيها, وبضرورة العقل يدري كل ذي تمييز صحيح أنها لو لم تكن واثقة بنبوة الله عز وجل لها لكانت بإلقائها ولدها في اليم برؤيا تراها أو بما يقع في نفسها أو قام في هاجسها في غاية الجنون والمرار الهائج, ولو فعل ذلك أحدنا لكان في غاية الفسق, أو في غاية الجنون , مستحقا لمعافاة دماغه في المارستان لا يشك في هذا أحد.) وهذا كلام متين جدا.
قال السمعاني رحمه الله تعالى في قواطع الأدلة (1/ 828) وهو من أئمة أهل الحديث: (قال جمهور العلماء: إنه خيال لا يجوز العمل به إلا عند فقد الحجج كلها في باب ما أبيح , وقال بعض الجهمية إنه حجة بمنزلة الوحي المسموع عن رسول الله e.) فظهر بهذا أن الاحتجاج بالإلهام دون شاهد من الحس أو الشرع قول لبعض الجهمية.
وإن كنا نسلم بوجوده, فإننا نعلم أنه نادر وخاص ببعض الكبار والمصطفين من عباد الله الصالحين, ولذلك قال المناوي في فيض القدير (3/ 576): الإلهام نادر وخاص.) وأصحاب عبد السلام ياسين ينسبونه لمن هب ودب منهم.
ويحتجون به , وما يحتجون به إلا لوقوعه لواحد من جماعتهم, فلعله لو ألهم أحد مخالفيهم بنقيض ما ألهموا به لردوه. فليست العبرة عندهم بحجية الإلهام, إنما العبرة عندهم بأن يصدر من أحد أعضاء جماعتهم.!!
الشاهد الثاني
قلت: ليس في الخبر ذكر للإلهام, إنما قال أبو بكر: (أراها) بضم الهمزة على البناء للمفعول, وهي صيغة تردد لا جزم, وقد تفطن ابن الأزرق لهذا فأشار إلى روايتين تصرحان بكون ذلك إلهاما وفيهما (ألقي في روعي). إحداهما عند ابن الجوزي في الصفوة والأخرى عند الطبري في الرياض.
أما ابن الجوزي فلم يرو القصة بإسناد , إنما قال عقب ذكره لرواية (أظنها): (وفي رواية ألقي في روعي) ولم يحل إلى مصدره, وأما المحب الطبري فإنه قال: ذكره الهروي. والقاعدة عند العلماء (إن كنت ناقلا فالصحة, وإن كنت مدعيا فالدليل).
والذي صح في الخبر أنه قال: (أراها جارية) , وفي رواية عند ابن سعد في الطبقات (3/ 194) واللالكائي في كرامات الأولياء (رقم62) بإسناد صحيح: (أظنها جارية) , وهي موافقة لما في الرواية المشهورة (أراها جارية).
قال الشاطبي في الموافقات (3/ 62): (لذلك قال أبو بكر (أراها جارية) فأتى بعبارة الظن التي لا تفيد حكما)
وقال السرخسي في المبسوط (12/ 50): (لا بأس للإنسان أن يتكلم بمثل هذا بطريق الفراسة فإن أبا بكر رضي الله عنه قال ذلك بفراسته ولم يكن ذلك منه رجما بالغيب فإن ما في الرحم لا يعلم حقيقته إلا الله تعالى كما قال الله تعالى: (ويعلم ما في الأرحام) ولهذا قيل: أفرس الناس أبو بكر رضي الله عنه حيث تفرس في حبل امرأته أنها جارية فكان كما تفرس) وللفراسة: (سببان ,أحدهما جودة ذهن المتفرس وحدة قلبه وحسن فطنته, والثاني ظهور العلامات والأدلة على المتفرس فيه فإذا اجتمع السببان لم تكد تخطىء للعبد فراسة وإذا انتفيا لم تكد تصح له فراسة وإذا قوي أحدهما وضعف الآخر كانت فراسته بين بين) قاله ابن القيم في المدارج. وكثير من الناس قد يستدل بأمارات تظهر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/158)
على المرأة الحامل قد يعرف بها جنس الجنين. وهي عين الفراسة.
الشاهد الثالث
قلت: ليس في قصة عمر مع الأشتر ذكر للإلهام, إنما هو تفرس من عمر في الرجل ألم تر أنه قال: (أحسب) وهو من أفعال الظن لا العلم. فليس هذا من باب الإلهام بل من باب الفراسة كما هو معروف عند أهل العلم.
الوسيلة الثالثة الرؤيا الصادقة
الشاهد الأول
قلت: أعجب ما يتعجب منه أن ترى الرجل يستدل على نفسه بما يظنه دليلا له, وهذا ما حصل لابن الأزرق ردني الله وإياه إلى الحق, فإنه ذكر قصة رؤيا عائشة للأقمار الثلاثة وفيها أن أبا بكر قال لها: (إن صدقت رؤياك دفن في بيتك خير أهل الأرض) فلم يجزم أبو بكر بوقوع ما ورد في الرؤيا من غيب, إنما علق ذلك على صدقها. وجماعة عبد السلام ياسين يجزمون ولا يعلقون على صدق الرؤيا, بل يجزمون بصدقها حتى وإن كانت رؤية النبي e في المنام مقطعة رأسه الشريفة عياذا بالله من سوء الأدب ووسوسة الشياطين وتخبيطاتهم.
الشاهد الثاني
استشهد برؤيا عمر أن ديكا ينقره, ولم ينتبه لعبارة عمر رضي الله عنه وهي (لا أراه إلا حضور أجلي) فعبر بصيغة ظن لا جزم, فتنبه.
الشاهد الثالث
والقول في هذا الشاهد كالقول في الشاهد الذي مضى. فقد قال عثمان (لا أراني إلا مقتولا)
الشاهد الرابع
ذكر قصة رؤيا عمر بن عبد العزيز , وقال: (إسناد نعيم بن حماد على شرط الصحيح)
قلت: نعيم بن حماد ضعيف, وقد أخطأ ابن الأزرق خطأ فاحشا في نسبته هذه الرواية بلفظ (ستلي هذه الأمة) لابن سعد وابن نقطة , إنما رويا الخبر بلفظ (يا عمر إن وليت من أمر الناس شيئا فخذ بسيرة هذين) , وبأدنى تأمل يعرف الفرق بينهما. وأنبه على مسألة أخرى وهي أن الخبر من رواية ابن أبي عروبة عن عمر , وفيها عند ابن سعد: (بلغني أن عمر ... ) والبلاغ من أنواع المنقطع. وعند ابن نقطة (سعيد بن أبي عروبة عن عمر) وسعيد مدلس وقد عنعن, فلو صح سماعه فإنه ممن اختلط بأخرة. فالخبر ضعيف والله أعلم.
الشاهد الخامس
وفيه أن سفيان قال للرجل: إن صدقت رؤياك مات الأوزاعي. وهذا غريب من ابن الأزرق وما قلته في الشاهد الأول يقال هنا. من كونه علق على صدقها ولم يجزم بذلك.
فصل
ذكر ابن الأزرق وفقني الله وإياه الصواب عن ابن تيمية صورا من فراسته رحمه الله مستدلا بها على جواز علم غير الأنبياء بالغيب من طرق أخرى غير الوحي, ونقل تلك الصور عن ابن القيم والبزار , والحق أن كل ذلك من قبيل فراسته رحمه الله تعالى, لا اطلاعه على الغيب.
وأول ما ذكره الأخ ابن الأزرق حكاية جَزْمِه رحمه الله بنصر الله لهم على التتار, وكنت كتبت ردا على شيخه عبد السلام ياسين إذ قد سبقه إلى ذلك فقال: (وابن تيمية يقرأ في اللوح المحفوظ وينبئ بعلم المستقبل …كيف …لوح محفوظ وعلم غيب وابن تيمية إي نعم لا أذكر لك ـ يخاطب الأخوات ـ الصفحة والجزء لكي تقرئي كتاب مدارج السالكين لتلميذ ابن تيمية الذكي الزكي الذي قص كيف راجع شيخه حين أخبره أن المسلمين ينتصرون في معركة مع التتار وأخبره شيخه أنه رأى ذلك في اللوح المحفوظ …) (تنوير المؤمنات 1/ 290)
قلت: الذي في المدارج أن شيخ الإسلام قال: (فلما أكثروا علي قلت: لا تكثروا كتب الله تعالى في اللوحالمحفوظ أنهم مهزومون في هذه الكرة وأن النصر لجيوش الإسلام).وليس فيه أن ابن القيم راجعه, إنما الذي راجعه الأمراء, وقوله (كتب) لا يعني أنه (رأى) , فالرؤيا أخص من العلم, وثبوت الأعم لا يستلزم ثبوت الأخص. قال تلميذه ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية: (كان يتأول في ذلك أشياء من كتاب الله منها قوله: (ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله إن الله لعفو غفور)) ثم ذكر أنه مثل لهم ذلك ببغي الخوارج على علي ومعاوية, وذكر أنه أهل العلم تفطنوا لمقصوده بكلامه ذاك, فالمسألة واضحة وضوح الشمس، فهذه الآية من القرآن، والقرآن في اللوح المحفوظ، فقد يكون إطلاق شيخ الإسلام لكلمة اللوح المحفوظ من باب إطلاق اللفظ وإرادة بعض ما تضمنه من معنى, وهو دلالة التضمن, بقرينة إنكاره قدرة أحد على الاطلاع عليه. واستدلاله بالقرآن. وهذا ما عناه شيخ الإسلام لفقهه والله أعلم, وكان ذلك من فراسته رحمه الله حيث رأى القرائن دالة على النصر ـ لذلك أورد ابن القيم القصة عند حديثه عن الفراسة لا (علم الغيب) وقال في
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/159)
الروح عن الفراسة: (وليس هذا من علم الغيب) تأمل! وما قصد أنه اطلع عليه, كيف يقول ذلك وهو منكر لجواز اطلاع أحد على اللوح, قال رحمه الله في بغية المرتاد (ص 326): (الأصل الثاني من الأصلين الفاسدين كون روح العبد تطالع اللوح المحفوظ فإن هذا هو قول هؤلاء من المتفلسفة القرامطة) وقال (ص327): (ولم يقل أحد من علماء المسلمين أن أرواح كل من رأى مناما تطلع على اللوح المحفوظ بل قد جاء في الحديث أنه لا ينظر فيه غير الله عز وجل في حديث أبي الدرداء) وقال في درء تعارض العقل والنقل (9/ 398): (المتصوفة يذكرون اللوح المحفوظ ومرادهم به النفس الفلكية ويدعون أن العارف قد يقرأ ما في اللوح المحفوظ ويعلم ما فيه ومن علم دين الإسلام الذي بعث الله به رسله علم أن هذا من أبعد الأمور عن دين الإسلام كما قد بسط في موضع آخر)
ومثل هذا يقال في باقي ما نقله ابن الأزرق عن ابن تيمية من صور الفراسة. والغريب أن شيخ الإسلام ينكر أشد الإنكار دعوى علم الغيب لأحد بأي وجه من الوجوه, قال في الجواب الصحيح (3/ 159): (العلم بعواقب الأمور على وجه التفصيل مما استأثر الله بعلمه فلا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل). وقال ابن القيم رحمه الله: (الطواغيت كثيرون رؤوسهم خمسة إبليس لعنه الله ومن عبد وهو راض ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه ومن ادعى شيئا من علم الغيب ومن حكم بغير ما أنزل الله
ولكن عبد السلام ياسين يأبى ذلك وينكر على ابن تيمية المنع من الاطلاع على اللوح المحفوظ ويقول في نفس الموضع من التنوير (كبار الصوفية ينظرون في اللوح المحفوظ) نسأل الله العافية. هذا رد في عجالة, قصدي به النصح للإخوان , فمن رأى خطأ فليصلحه بإحسان, ومن رأى حقا فليتبعه بعدل, والله من وراء القصد والحمد لله رب العالمين.
كتبه أبو عبد الله طارق بن عبد الرحمن الأثري التطواني
ـ[أبو محمد التطواني]ــــــــ[03 - 04 - 07, 04:27 م]ـ
اللهم سدد رميه فاثبت على سبيل الرشاد يا شهاب الدين(39/160)
أريد توضيح لقول ابن تيمية (فإن العبادة لغير الله أعظم كفراً من الاستعانة بغير الله)
ـ[أبو حزم الشاوي]ــــــــ[31 - 03 - 07, 03:18 م]ـ
أبو حزم الشاوي
أريد توضيح لقول ابن تيمية (فإن العبادة لغير الله أعظم كفراً من الاستعانة بغير الله) فتح المجيد (186/ 1)
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[31 - 03 - 07, 04:31 م]ـ
سأضع لك صفحة من موقع الشيخ إبن العثيمين رحمه الله ستجد الإجابة في الشريط التاسع عشر الوجه الأول إن شاء الله مع العلم انني حاولت رفع الشريط فلم أستطعرفعه، حمله على جهازك واسمع الإجابة غير مأمور
هنا الرابط تفضل ( http://www.ibnothaimeen.com/publish/cat_index_77.shtml)(39/161)
شم العوارض في ذم ابن الفارض
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[31 - 03 - 07, 08:33 م]ـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه
أما بعد:
فقد اطلعت أثناء تصفحي لأحد المنتديات الصوفية على الإنترنت
موضوعاً لأحد الصوفية يهنيء فيه إخوانه المتصوفة بمولد ابن الفارض
فشمرت ساعد الجد
ونويت جمع أقوال العلماء في هذا (الولي) المزعوم
لينكشف الغبار وتقوم الحجة
أقوال العلماء في عمر بن الفارض:-
قال الذهبي في تاريخ الإسلام (الورقة 123_124) (أيا صوفيا 3012) ((عمر بن علي بن مرشد بن علي. الأديب البليغ، شرف الدين، أبو القاسم، الحموي الأصل، المصري المولد والدار، ابن الشيخ أبي الحسن الفارض.
سيد شعراء العصر، وشيخ الاتحادية.
ولد في رابع ذي القعدة سنة ست وسبعين وخمسمائة بالقاهرة.
وسمع بها من بهاء الدين القاسم بن عساكر شيئاً قليلاً.
وذكره الحافظ زكي الدين عبد العظيم في "معجمه" وقال: سمعت منه من شعره.
وقال في "الوفيات": كان قد جمع في شعره بين الجزالة والحلاوة.
قلت: وديوان شعره مشهورٌ، وهو في غاية الحسن، واللطافة، والبراعة، والبلاغة، لولا ما شانه بالتصريح بالاتحاد الملعون في ألذ عبارة وأرق استعارةٍ كالفالوذج سمه سم الأفاعي، وهاأنا أذكر لك منه أبياتاً لتشهد بصدق دعواي، فإنه قال-تعالى الله عما يقول-:
وكل الجهات السِّتِّ نحوي مشيرةٌ == بما تم من نسكٍ وحجٍّ وعمرة
لها صلواتي بالمقام أقيمها == وأشهد فيها أنَّها لي صلَّت
كلانا مصلٍّ واحدٌ ساجدٌ إلى == حقيقته بالجمع في كلّ سجدة
إلى كم أواخي السِّتر ها قد هتكته == وحلُّ أواخي الحجب في عقد بيعتي
وها أنا أبدي في اتِّحادي مبدئي == وأنهي انتهائي فيتواضع رفعتي
فإن لم يجوِّز رؤية اثنين واحداً == حجاك ولم يثبت لبعد تثبُّت
فبي موقفي، لا بل إليَّ توجُّهي == ولكن صلاتي لي، ومنِّي كعبتي
فلا تك مفتوناً بحسِّك معجباً == بنفسك موقوفاً على لبس غرَّة
وفارق ضلال الفرق فالجمع منتجٌ == هدى فرقةٍ بالاتّحاد تحدَّت
وصرِّح بإطلاق الجمال ولا تقل == بتقييده ميلاً لزخرف زينة
فكلُّ مليحٍ حسنه من جمالها == معارٌ له أو حسن كلِّ مليحة
بها قيس لبنى هام بل عاشقٍ == كمجنون ليلى أو كثيِّر عزَّة
قلت والإحالة السابقة مستفادة من تحقيق سير أعلام النبلاء
وقال أيضاً في سير أعلام النبلاء (23/ 368) ((شاعر الوقت شرف الدين عمر بن علي بن مرشد الحموي ثم المصري صاحب الاتحاد الذي قد ملأ به التائية.
توفي سنة اثنتين وثلاثين، وله ست وخمسون سنة.
روى عن القاسم بن عساكر.
حدث عنه المنذري. فإن لم يكن في تلك القصيدة صريح الاتحاد الذي لا حيلة في وجوده، فما في العالم زندقة ولا ضلال، اللهم ألهمنا التقوى، وأعذنا من الهوى فيا أئمة الدين ألا تغضبون الله؟! فلا حول ولا قوة إلا بالله.
توفي في جمادى الأولى، وقد حج وجاور، وكان بزنق الفقر. وشعره في الذروة لا يلحق شأوه))
وقال في الميزان (3/ 214_215) طبعة البجاوي ((عمر بن علي المعروف بابن الفارض: حدث عن القاسم بن عساكر ينعق بالاتحاد الصريح في شعره وهذه بلية عظيمة فتدبر نظمه ولا تستعجل ولكنك حسن الظن بالصوفية وما ثم إلا زي الصوفية وإشارات مجملة وتحت الزي والعبارة فلسفة وأفاعي فقد نصحتك والله الموعد مات بن الفارض سنة اثنتين وثلاثين وست مائة))
وقال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان (5/ 418) طبعة دار المؤيد ((وابن الفارض المذكور له صورة كبيرة عند الناس لما كان فيه من الزهد والانقطاع وقد عمل له سبطة ترجمة حكى فيها أشياء عجيبة من أموره وكان أبو يتلى الفروض بالقاهرة وهو على بن مرشد بن علي ذكره المنذري وقال الذهبي في تاريخ الإسلام: كان سيد شعراء عصره وشيخ الاتحادية ولد في ذي القعدة سنة ست وسبعين وخمس مائة بالقاهرة قال المنذري سمعت منه من شعره وقال في التكلمة كان قد جمع في شعره بين الحوالة والحلاوة قال الذهبي إلا انه شابه بالاتحاد في ألذ عباره وأرق استعارة كفالوذج مسموم ثم أنشد من التائية التي سماها نظم الملوك أبياتاً منها:
لها صلواتي بالمقام أقيمها == وأشهد فيها أنها لي صلت
كلانا مصل واحد ساجد إلى == حقيقته بالجمع في كل سجدة
ومنها:
وها أنا أبدي في اتحادي مبدأي == وأنهى انتهائي في مواضع رفعتي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/162)
وفي موقفي لا بل إلى توجهي == ولكن صلاتي لي ومني كعبتي
ومنها:
ولا تك ممن طيشة دروسه == بحيث استقلت عقله واستفزت
فثم وراء العقل علم يدق عن == مدارك غايات العقول السلمية
تلقيته عني ومني أخذته == ونفسي كانت من خطائي محيدتي
ومنها:
وما عقد الزنار حكما سوى يدي == وان حل بالإقرار فهي أحلت
وإن خر للأحجار في الله عاكف == فلا بعد بالإنكار بالعصبية
وإن عبد النار المجوس وما أنطفت == فما قصدوا غيري لأنوارعزتي
قلت: ومن هذه القصيدة:
وجد في فنون الاتحاد ولا تحد == إلى فئة في غرة العمر أصبت
ومنها:
إلي رسولاً كنت مني مرسلاً == وذاتي اماني علي استقلت
وفي قصائده من هذا النمط فيما يتعلق بالاتحاد شيء كثير وقد كنت سألت شيخنا الإمام سراح الدين البلقيني عن ابن العربي فبادر الجواب بأنه كافر فسألته عن ابن الفارض فقال: لا أحب أن أتكلم فيه قلت: فما الفرق بينهما والموضع واحد وأنشدته من التائية فقطع على بعد إنشاد عدة أبيات بقوله: هذا كفر هذا كفر قلت: وقد اعتنى الشيخ شهاب الدين بن أبي حجلة الشاعر المشهور بنظم قصائد مدح بها النبي صلى الله عليه وسلم على أوزان قصائد بن الفارض وكان بعض من يتعصب لابن الفارض من القضاة أهانه بسبب وقيعته في ابن الفارض فأقبل على نظم تلك القصائد والله المستعان ورأيت في كتاب التوحيد للشيخ عبد القادر القوصي قال: حكى لي الشيخ عبد العزيز بن عبد الغني المنوفي قال: كنت بجامع مصر وابن الفارض في الجامع وعليه حلقة فقام شاب من عنده وجاء إلى عندي وقال: جرى لي مع هذا الشيخ حكاية عجيبة يعني بن الفارض قال دفع الي دراهم وقال: اشتر لنا بها شيئاً للأكل فاشتريت ومشينا إلى الساحل فنزلنا في مركب حتى طلع البهنسا فطرق بابا فنزل شخص فقال: بسم الله وطلع الشيخ فطلعت معه وإذا بنسوة بأيديهن الدفوف والشبابات وهم يغنون له فرقص الشيخ إلى أن انتهى وفرغ ونزلنا وسافرنا حتى جئنا إلى مصر فبقي في نفسي فلما كان في هذه الساعة جاءه الشخص الذي فتح له الباب فقال له يا سيدي فلانة ماتت وذكر واحدة من أولئك الجواري فقال: اطلبوا الدلال وقال اشتر لي جارية تغني بدلها ثم امسك أذني فقال: لا تنكر على الفقراء))
وقال أبو حيان الأندلسي صاحب التفسير, في تفسير سورة المائدة عند قوله تعالى: {لقدكفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم} (صفحة: 14 - 143): ((ومن بعض اعتقادالنصارى استنبط من أقر بالإسلام ظاهراً , وانتمى إلى الصوفية حلولَ الله في الصورالجميلة , وذهب من ذهب من ملاحدتهم إلى القول بالاتحاد والوحدة كالحلاج, والشوذي , وابن أحلى , وابن عربي المقيم بدمشق , وابن الفارض , وأتباع هؤلاء كابن سبعين))
وقال الشيخ محمد بن علي النقاش في وحدة الوجود: ((وهو مذهب الملحدين كابن عربي وابنسبعين وابن الفارض)). (تنبيه الغبي: 417)
وقد أفتى ابن خلدون الحضرمي المالكي بحرق كتب ابن عربي وأشعار ابن الفارض المتضمنة للإتحاد (جزء فيه عقيدة ابن عربي وحياته:40)
فإن قال قائل لم لا نتأول لابن الفارض؟
فالجواب على هذا الإيراد من وجوه
الأول أنه تقدم في أشعار ابن الفارض التصريح بالوحدة في عدة صور وتكرار المتكلم للفكرة الواحدة في عدة صور يدل على أنه يريد الحقيقة ولا بد
الثاني ما قاله أبو العلاء القونوي ((إنما يتأول قول المعصوم)) ((جزء فيه عقيدة ابن عربي وحياته: 63)
فالمعصوم لا يجوز عليه الكفر أو التناقض وأما غيره فيجوز عليه ذلك
الثالث أننا لو فتحنا باب التأويل لما أقمنا حد الردة على أحد فكل قول كفري يمكن تأويله والأصل في الكلام أنه محمول على ظاهره
الرابع أن هؤلاء القوم متناقضون فهم يبحثون عن مثالب ابن تيمية ولا يتأولون شيئاً من كلامه بينما نجدهم يفتحون باب التأويل على مصراعيه لدعاة وحدة الوجود
الخامس أن الشارع حث على ترك الألفاظ الموهمة للباطل
قال رسول الله عليه وسلم ((لا تقولوا: ما شاء الله و شاء فلان , و لكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان))
قال الألباني في السلسلة الصحيحة (1/ 214):
رواه أبو داود (4980) و الطحاوي في " مشكل الآثار " (1/ 90) و البيهقي
(3/ 216) و أحمد (5/ 384 و 394 و 398) من طرق عن شعبة عن منصور بن
المعتمر سمعت عبد الله بن يسار عن حذيفة به
قلت: و هذا سند صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن يسار
و هو الجهني الكوفي و هو ثقة , وثقه النسائي و ابن حبان و قال الذهبي في
" مختصر البيهقي " (1/ 140 / 2): و إسناده صالح)
قلت فتكرار أصحاب الوحدة للألفاظ الكفرية دليلٌ على جهلهم وبعدهم عن منهاج النبوة _ هذا إذا تنزلنا وأقررنا بأنهم لا يقصدون ظاهر كلامهم _
وأما الإحتفال بمولده فلو كان رجلاً صالحاً لما جاز ذلك
فما بالك والحالة هذه
راجع ما كتبه العلماء في التحذير من بدعة الإحتفال بالمولد النبوي ثم نزله عن طريق قياس الأولى على الإحتفال بمولد ابن الفارض
هذا وصلي اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/163)
ـ[المقدادي]ــــــــ[31 - 03 - 07, 09:04 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبو داوود القاهري]ــــــــ[01 - 04 - 07, 12:00 ص]ـ
أستاذنا الكريم, جزاكم الله خيراً, وزادكم علماً وهمة.
واسمحوا لي أن أستدرك عليكم ما قد يكون قد سبق به قلمكم. وهو قولكم:
الثالث أننا لو فتحنا باب التأويل لما أقمنا حد الردة على أحد فكل قول كفري يمكن تأويله والأصل في الكلام أنه محمول على ظاهره
فهذا كلام لا يخلوا من نظر -والكلام على التأصيل لا على المتكلم عنه-. فالكلام إن كان يحتمل الكفر ويحتمل غيره لزم حمله على المحمل الآخر حتى يُتيقن من قصد قائله. فما ثبت بيقين لا يرتفع بشك. وقولكم "الأصل في الكلام أنه محمول على ظاهره" فهذا تأصيل ليس موضعه هنا, وإلا فلا معنى لإقامة الحجة. والتأول من الأعذار المعتبرة عند أهل السنة, ولا تخفى عليك قصة استحلال قدامة بن مظعون 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وأصحابه شرب الخمر. ونظرة سريعة في بابي "عوارض الأهلية" وقواعد تكفير المعين فيها البيان.
وكما قدمتُ, فهذا التعقيب على التأصيل المذكور. ولا أروم تطبيقه على ابن الفارض.
وجزاكم الله خيراً وأدام بكم النفع.
ـ[أسامة عباس]ــــــــ[01 - 04 - 07, 01:05 ص]ـ
الثالث أننا لو فتحنا باب التأويل لما أقمنا حد الردة على أحد فكل قول كفري يمكن تأويله والأصل في الكلام أنه محمول على ظاهره
فهذا كلام لا يخلوا من نظر -والكلام على التأصيل لا على المتكلم عنه-. فالكلام إن كان يحتمل الكفر ويحتمل غيره لزم حمله على المحمل الآخر حتى يُتيقن من قصد قائله. فما ثبت بيقين لا يرتفع بشك. وقولكم "الأصل في الكلام أنه محمول على ظاهره" فهذا تأصيل ليس موضعه هنا, وإلا فلا معنى لإقامة الحجة. والتأول من الأعذار المعتبرة عند أهل السنة, ولا تخفى عليك قصة استحلال قدامة بن مظعون 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وأصحابه شرب الخمر. ونظرة سريعة في بابي "عوارض الأهلية" وقواعد تكفير المعين فيها البيان.
وكما قدمتُ, فهذا التعقيب على التأصيل المذكور. ولا أروم تطبيقه على ابن الفارض.
وجزاكم الله خيراً وأدام بكم النفع.
وهناك نظرٌ من ناحية أخرى، وهي أنه ليس كل قول كفريٍّ يُمكن تأويله!
بارك الله فيكم أستاذنا الحبيب عبد الله الخليفي ونفع بكم
ـ[أبو داوود القاهري]ــــــــ[01 - 04 - 07, 03:28 ص]ـ
وهناك نظرٌ من ناحية أخرى، وهي أنه ليس كل قول كفريٍّ يُمكن تأويله!
صحيح, ولكن الكلام على إغلاق باب التأويل من أساسه. لاحظ أنني قلتُ: " ... إن كان يحتمل الكفر ويحتمل غيره ... "
بارك الله فيكم أستاذنا الحبيب عبد الله الخليفي ونفع بكم
أمين, أمين
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[01 - 04 - 07, 11:25 م]ـ
الله المستعان
أنا أتكلم عن وحدة الوجود
وعن الألفاظ التي قرر العلماء في كتب الردة أنها كفرٌ وردة _ ولا تحتمل معنىً آخر_
ولم أتكلم عن الألفاظ الموهمة لمعنيين
وأما ما فهمه اسامة
فانا قلت هذا تنزلاً فإننا إذا أولنا كفر اصحاب وحدة الوجود
فإنه لن يصعب علينا تأويل أي كفر آخر
وتأمل قولي ((الأصل في كلام المتكلم انه على ظاهره))
مفهوم هذا أنه يمكننا الخروج عن الأصل بقرينة معتبرة
وأود التنبيه على شيء آخر
وهو أن الصوفية المردود عليهم ينكرون ان يكون ابن الفارض ممن يقول بوحدة الوجود على المعنى المذموم
والكلام السابق ردٌ عليهم
ولم أتعرض لتحرير لمسالة ((حكم معتقد عقيدة وحدة الوجود هل هو مسلم أو كافر))
ـ[حامد تميم]ــــــــ[04 - 04 - 07, 12:09 ص]ـ
مولد البدوي ومولد الحسين ومولد ابن الفارض ........................... كلها ما أنزل الله بها من سلطان.
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[09 - 04 - 07, 10:14 ص]ـ
راجع ما كتبه العلماء في التحذير من بدعة الإحتفال بالمولد النبوي ثم نزله عن طريق قياس الأولى على الإحتفال بمولد ابن الفارض
هذا ما قلته سابقاً
والمسألة هنا تطرد ولا تعكس
وأعني بذلك أن جل الأدلة التي يستدل بها مجوزوا الإحتفال بالمولد النبوي إن لم يكن كلها لا تنطبق على مولد ابن الفارض
فلا يمكن الإحتجاج على مولد ابن الفارض بأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد أرسل رحمةً للعالمين
ولا بقصة اعتاق ثويبة
ولا بصيام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليوم الإثنين
وهكذا(39/164)
طالب العلم بين متابعة الرسول وإهدار أقوال العلماء
ـ[الضبيطي]ــــــــ[31 - 03 - 07, 08:51 م]ـ
ذكر الشيخ خالد الهويسين يحفظه الله هذا الفصل الآتي من كتاب الروح لابن القيم مرارا؛ ولأهميته وكثرة ذكر الشيخ له وتوصيته به أحببت أن أثبته هنا لعل أحدا من أمة محمد ينتفع به في الدفاع والمنافحة عن سنة المصطفى وأكون شريكا له في الأجر؛ لحديث أبي هريرة " من دعا إلى هدى؛ كان له من الأجر مثل أجور من تبعه؛ لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ... " رواه مسلم رحمه الله.
فقال ابن القيم رحمه الله:
" الفرق بين تجريد متابعة المعصوم وإهدار أقوال العلماء وإلغاؤها، أن تجريد المتابعة أن لا تقدم على ما جاء به قول أحد ولا رأيه كائنا من كان، بل تنظر في صحة الحديث أولا؛ فإذا صح لك نظرت في معناه ثانيا، فإذا تبين لك لم تعدل عنه ولو خالفك من بين المشرق والمغرب.
ومعاذ الله أن تتفق الأمة على مخالفة ما جاء به نبيها، بل لا بد أن يكون في الأمة من قال به ولو لم تعلمه، فلا تجعل جهلك بالقائل به حجة على الله ورسوله، بل اذهب إلى النص ولا تضعف، واعلم أنه قد قال به قائل قطعا ولكن لم يصل إليك، هذا مع حفظ مراتب العلماء وموالاتهم واعتقاد حرمتهم وأمانتهم واجتهادهم في حفظ الدين وضبطه، فهم دائرون بين الأجر والأجرين والمغفرة، ولكن لا يوجب هذا إهدار النصوص وتقديم قول الواحد منهم عليها بشبهة أنه أعلم بها منك، فإن كان كذلك فمن ذهب إلى النص أعلم به منك فهلا وافقته إن كنت صادقا.
فمن عرض أقوال العلماء على النصوص، ووزنها بها وخالف ما خالف النص، لم يهدر أقوالهم ولم يهضم جانبهم، بل اقتدى بهم، فإنهم كلهم أمروا بذلك؛ فمتبعهم حقا من امتثل ما أوصوا به لا من خالفهم، فخلافهم في القول الذي جاء النص بخلافه؛ أسهل من مخالفتهم في القاعدة الكلية التي أمروا ودعوا إليها من تقديم النص على أقوالهم.
ومن هنا يتبين الفرق بين تقليد العالم في كل ما قال وبين الاستعانة بفهمه والاستضاءة بنور علمه، فالأول يأخذ قوله من غير نظر فيه ولا طلب لدليله من الكتاب والسنة، بل يجعل ذلك كالحبل الذي يلقيه في عنقه يقلده به ولذلك سمي تقليدا، بخلاف من استعان بفهمه واستضاء بنور علمه في الوصول إلى الرسول صلوات الله وسلامه عليه؛ فإنه يجعلهم بمنزلة الدليل إلى الدليل الأول، فإذا وصل إليه استغنى بدلالته عن الاستدلال بغيره، فمن استدل بالنجم على القبلة فإنه إذا شاهدها لم يبق لاستدلاله بالنجم معنى، قال الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ أجمع الناس على أن من استبانت له سنة رسول الله لم يكن له أن يدعها لقول أحد.
نقلته بنصه من كتاب الروح لابن القيم رحمه الله ص 582.
قال الشيخ خالد الهويسين حفظه الله: ينبغي قراءتها وتكرارها؛ لأن فيها الطريقة المثلى في هداية ورد من قدم آراء الرجال على كلام الله و كلام رسوله والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله و أصحابه وسلم تسليما كثيرا.
آخر مرة سمعتها من الشيخ خالد يوم الثلاثاء 1/ 3/1428ه
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[31 - 03 - 07, 09:13 م]ـ
أخي الضبيطي
جزاك الله خيراً، ورحم الإمام ابن القيم، بمثل هذه الأفهام صاروا أئمة.
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
ـ[غيث أحمد]ــــــــ[02 - 04 - 07, 11:43 م]ـ
أخي الضبيطي
جزاك الله خيراً، ورحم الإمام ابن القيم، بمثل هذه الأفهام صاروا أئمة.
.
أصبت كبد الحقيقة, ورحمهم الله من مخلصين كما نحسبهم!.
ـ[الضبيطي]ــــــــ[20 - 05 - 08, 01:48 ص]ـ
غفر الله لكما غيث وخالد
ونفعنا بما نقول ونسمع
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[20 - 05 - 08, 05:13 م]ـ
أخي الحبيب جزاك الله خيراً وبارك فيك وجعل لك لسان صدق في الآخرين ... وهذا هو الواقع الأليم تعصب يصل كما وصل إليه دجاجلة الصوفية وعباد الأحبار والرهبان وطواغيت الروافض لكن باسم الشيوخ وأشباههم
رحم الله الإمام ابن القيم ومن نقل عنه وهدانا إلى اتباع الكتاب والسنة واحترام لا عبادة أئمة السنة
ـ[الضبيطي]ــــــــ[20 - 05 - 08, 07:33 م]ـ
شكرا إخوتي
خالد وغيث وأحمد على المرور اللطيف
نفعنا الله وإياكم بما نقول ونسمع
ـ[محمد سفر العتيبي]ــــــــ[20 - 05 - 08, 10:32 م]ـ
جزاك الله خيراً, وقمة عقل الإنسان أن يصل الى هذه الخلاصة, والتي يفترض ان تكون من أوليات العقل, كاعتقادنا ان الشمس تخرج كل صباح, من الشرقفقال ابن القيم رحمه الله:
" الفرق بين تجريد متابعة المعصوم وإهدار أقوال العلماء وإلغاؤها، أن تجريد المتابعة أن لا تقدم على ما جاء به قول أحد ولا رأيه كائنا من كان، بل تنظر في صحة الحديث أولا؛ فإذا صح لك نظرت في معناه ثانيا، فإذا تبين لك لم تعدل عنه ولو خالفك من بين المشرق والمغرب.
ومع هذا ستجد من يحاول الالتفاف, بزعم اللجوء الى التأويل!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/165)
ـ[الضبيطي]ــــــــ[21 - 05 - 08, 06:31 م]ـ
شكرا أخي محمد على مرورك الحسن(39/166)
أحتاج ضبط حائية ابن أبى داوود كتابة اوصوتاً ...
ـ[أبو عبدالله الطحاوى]ــــــــ[31 - 03 - 07, 11:09 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحتاج ضبط حائية ابن أبى داوود كتابة أوصوتاً حتى أستطيع حفظها حفظا صحيحاً ويا حبذا لو اتحفتمونى بشرح مفصل لها مع الزيادات
بارك الله لكم
ـ[نايف أبو محمد]ــــــــ[09 - 04 - 07, 12:41 ص]ـ
الحائية لها عدة شروح
شرح السفاريني وهو العمدة في مجلدين
وشرح الشيخ عبدالرزاق العباد وهو شرح لطيف
ولها شروح صوتية كثيرة لك الرجوع الى موقع البث الاسلامي
ـ[أبو أنس السندي]ــــــــ[09 - 04 - 07, 01:35 ص]ـ
هذه المنظومة مضبوطة نقلتها
سلسلة بحوث وتحقيقات مختارة من مجلة الحكمة (5)
المَنظُومَةُ الحَائِيَّة في السُّنَّة
لِأَبِي بَكْر بْنِ أَبِي دَاوُد السِّجِسْتَانِيِّ
(230 ـ 316 هـ)
قرأها وقدم لها وعلّق عليها
هانئ بن عبد الله بن جبير
قام بنشرها
أبو مهند النجدي (شفاه الله عافاه)
Almodhe1405@hotmail.com
almodhe@yahoo.com
وقد اقتصرت على المنظومة هنا وفي المرفقات المنظومة مع شرحين لها للشاملة، وبصيغة الوورد
نصّ المنظومة
[عدد أبياتها: 36]
تَمسَّكْ بحَبْلِ اللهِ واتَّبِع الهُدَى
(1)
ولا تَكُ بِدْعِيَّاً لَعلَّكَ تُفْلِحُ
وَدِنْ بِكِتَابِ اللهِ والسُّنَنِ التِي
(2)
أَتَتْ عَن رَسُولِ اللهِ تَنْجُ (10) وَتَرْبَحُ
وَقُلْ غَيْرُ مَخْلِوقٍ كَلامُ مَليكِنا
(3)
بِذَلكَ دَانَ الأتْقِياءُ وأَفْصحُوا
وَلا تَكُ فِي القُرْآنِ بالوَقْفِ قَائِلاً
(4)
كَمَا قَالَ أتْبَاعٌ لِجَهْمٍ (11) وَأَسْجَحُوا (12)
ج
ولا تَقُلِ القُرآنُ خَلقاً (13) قرأتَهُ
(5)
فإنَّ كَلامَ اللهِ باللفْظِ يُوضَحُ (14)
وَقُلْ يَتَجلَّى اللهُ للخَلْقِ جَهْرةً
(6)
كَمَا البدْرُ لا يَخْفى وَرَبُّكَ أَوْضَحُ
وَلَيْسَ بمْولُودٍ وليسَ بِوَالِدٍ
(7)
وَلَيسَ لهُ شِبْهٌ تَعَالَى المسَبَّحُ
وَقَدْ يُنكِرُ الجَهْميُّ هَذَا وعِنْدَنَا
(8)
بِمِصْدَاقِ ما قُلْنَا حَدِيثٌ مُصَرِّحُ (15)
رَوَاهُ جَرِيرٌ (16) عن مَقَالِ مُحمَّدٍ
(9)
فقُلْ مِثْلَ ما قَدْ قَالَ في ذَاكَ تَنْجَحُ
وَقَدْ يُنكِرُ الجَهْمِيُّ أَيضًا يَمِيْنَهُ
(10)
وَكِلْتَا يَدَيْهِ بالفواضِلِ (17) تَنْفَحُ (18)
وَقُلْ يَنْزِلُ الجَبَّارُ في كُلِّ لَيْلَةٍ
(11)
بِلا كَيْف (19) جَلَّ الواحدُ المتَمَدِّحُ (20)
إلى طَبَقِ الدُّنيا يَمُنُّ بِفَضْلِهِ
(12)
فَتُفْرَجُ أَبْوابُ السَّماءِ وتُفْتحُ
يَقولُ: ألا مُسْتغفِرٌ يَلْقَ (21) غَافِرًا
(13)
ومُسْتَمنِحٌ خَيْرًا ورِزقًا فأمْنَحُ (22)
رَوَى ذَاكَ قَومٌ لا يُرَدُّ حَدِيثَهم (23)
(14)
ألا خَابَ قَوْمٌ كذَّبوهُم وقُبِّحُوا
وَقُلْ إنَّ خَيْرَ النَّاسِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ
(15)
وَزِيراهُ قُدْمًا , ثُمَّ عُثْمَانُ أرْجَحُ (24)
وَرابِعُهُم خَيْرُ البريَّةِ بَعْدَهُم
(16)
عَلِيٌّ حَليفُ الخَيرِ , بالخَيرِ مُنْجِحُ (25)
وإنَّهمُ و الرَّهْطُ (26) لا رَيْبَ فِيْهِمُ
(17)
عَلَى نُجُبِ الفِرْدَوْسِ في الخُلْدِ (27) تَسْرَحُ
سَعِيدٌ وسَعْدٌ وابنُ عَوْفٍ وطَلْحةٌ
(18)
وعَامِرُ فِهْرٍ والزُّبَيْرُ المُمَدَّحُ (28)
(وَعَائِشُ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَخَالُنا (29)
(19)
مُعَاوِيَة أَكْرِمْ بِهِ فَهْوَ مُصلحُ
وَأَنْصارُه وَالهَاجِرونَ دِيارَهم
(20)
بنصرهُمُ (30) عَنْ ظلمةِ (31) النَّارِ زحزحُوا
وَمَنْ بعدَهُم وَالتابِعُون بِحُسنِ مَا
(21)
حَذو حَذوهم قَولاً وَفِعلاً فَأفْلحوا) (32)
وَقُلْ خَيْرَ قولٍ في الصَّحَابةِ كُلِّهِمْ
(22)
ولا تَكُ طَعَّاناً تَعِيْبُ وَتَجْرَحُ
فَقَدْ نَطَقَ الوَحْيُ المُبينُ بِفَضْلِهِمْ
(23)
وفي الفَتْحِ (33) آيٌ في الصَّحابةِ (34) تَمْدَحُ
وبِالقَدَرِ المقْدُورِ أيْقِنْ فإنَّهُ
(24)
دِعَامَةُ (35) عقْدِ الدِّينِ والدِّينُ أفْيَحُ (36)
وَلا تُنْكِرَنْ جَهلاً (37) نَكِيرًا ومُنْكَراً (38)
(25)
وَلا الحْوضَ والِميزانَ إنَّكَ تُنْصَحُ
وقُلْ يُخْرِجُ اللهُ العَظيمُ بِفَضلِهِ
(26)
مِن النارِ أجْسادًا مِن الفَحْمِ (39) تُطْرَحُ
عَلَى النَّهرِ في الفِردوسِ تَحْيا بِمَائِهِ
(27)
كَحَبِّ (40) حَميلِ السَّيْلِ إذْ جَاءَ يَطْفَحُ
فإنَّ رَسُولَ اللهِ للخَلقِ شَافعٌ (41)
(28)
وقُلْ فِي عَذابِ القَبرِ حقٌّ مُوَضَّحُ
ولا تُكْفِّرَنَّ أهْلَ الصَّلاةِ وإِنْ عَصَوا
(29)
فكلُّهُمُ يَعْصِي وذُو العَرشِ يَصْفَحُ
(ولا تَعتقِدْ رَأيَ الخَوارجِ إنَّهُ
(30)
مَقَالٌ لِمَنْ يهواهُ يُرْدِي ويَفْضَحُ
ولا تَكُ مُرْجِيًّا لَعُوبًا بِدِينِهِ
(31)
ألا إنَّمَا المُرْجيُّ بالدِّينِ يَمْزَحُ (42))
وقُلْ إنَّما الإيمانُ قَوْلٌ ونيَّةٌ
(32)
وِفعْلٌ عَلَى قَولِ النبيِّ مُصَرَّحُ
ويَنْقُصُ طَوْرًا بالمعَاصِي وَتَارةً
(33)
بطَاعَتِهِ يَنْمِي وفي الوَزنِ يَرْجَحُ
وَدَعْ عنكَ آراءَ الرِّجالِ وَقولَهُم
(34)
فَقْولُ رَسُولِ اللهِ أَزكى وَأَشْرَحُ
وَلا تَكُ مِن قوْمٍ تَلَهَّوْ بِدِينِهِم
(35)
فَتَطْعنَ في أَهَلِ الحَدَيثِ وتَقْدَحُ
إذا مَا اعتقدْتَ الدَّهْرَ يا صَاحِ هذِه
(36)
فَأَنْتَ عَلى خَيْرٍ تَبِيتُ وتُصْبِحُ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/167)
ـ[احمد بن الحنبلي]ــــــــ[12 - 04 - 07, 06:57 ص]ـ
وهناك شرح للعلامة عبدالرحمن البراك حفظهُ الله ورعاه والعلامة عبدالكريم الخضير حفظه الله ورعاه
وقد يفيدك هذا الرابط بإذن الله
http://www.liveislam.net/archive.php?sid=&action=title&tid=24&bookid=145
وهنا شرح العلامة عبدالرحمن البراك
http://www.taimiah.org/detailes.asp?id=22
ونفع الله بالجميع
ـ[أبو عبدالله الطحاوى]ــــــــ[12 - 04 - 07, 07:13 ص]ـ
جزاكما الله عنى كل خير
ـ[فواز الحربي]ــــــــ[12 - 04 - 07, 07:45 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
تجد في هذا الرابط شرح حائية ابن أبي داود للشيخ سعود الشريم حفظه الله
http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=series&series_id=2928
ـ[أبوأحمد الحتاوي]ــــــــ[12 - 04 - 07, 11:47 م]ـ
يوجد شرح للشيخ صالح الفوزان، طبعة دار العاصمة،الطبعة الأولى 2007م، اعتنى بها عادل الرفاعي + عصام المري
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[14 - 05 - 07, 08:07 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم أبو عبد الله الطحاوي إليك حائية ابن أبي داود (بالصوت) على هذا الرابط:
http://up.9q9q.net/up/index.php?f=RsOvSrSTr
وكذلك متن العقيدة الطحاوية (بالصوت) على هذا الرابط:
http://up.9q9q.net/up/index.php?f=781hEdyXw
دعواتك(39/168)
أريد منظومة في العقيدة
ـ[أبو محمد الشافعي]ــــــــ[02 - 04 - 07, 12:13 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخوتاه: أريد منظومة في العقيدة اسمها "الكافية في العقيدة والفرق والمذاهب"، هل هي مطبوعة،
أم موجودة على الموقع
الأمر هام
وجزاكم الله خيرا
ـ[ابو الحسن الأكاديري]ــــــــ[02 - 04 - 07, 01:24 ص]ـ
لعلك تقصد الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية المشهورة بـ (نونية ابن القيم).
ـ[نايف أبو محمد]ــــــــ[02 - 04 - 07, 01:36 ص]ـ
المقصد غير واضح
ـ[أبو محمد الشافعي]ــــــــ[03 - 04 - 07, 02:48 ص]ـ
بل أقصد المنظومة المذكورة
وقد أشار اليها الأخ/ أبي العالية فخر الدين الزبير، في كتابه المستطاب (التوضيحات الأثرية على التدمرية) ص 103، الطبعة الأولى في الحاشية
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[03 - 04 - 07, 10:29 ص]ـ
تقصد الكفاية للشيخ عبد العزيز الحربي وله عليها تعليق يسمى الهداية
وتسمى كفاية السرسور في العقيدة ومذاهب الدهور أو نحوها
وقد لخص فيها التدمرية والحموية ونبذا من المذاهب المنحرفة.
وهي مطبوعة ومتداولة , وجدتها قبل سنين في مكتبة الرشد.
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[03 - 04 - 07, 10:34 ص]ـ
تقصد الكفاية للشيخ عبد العزيز الحربي وله عليها تعليق يسمى الهداية
وتسمى كفاية السرسور في العقيدة ومذاهب الدهور أو نحوها
وقد لخص فيها التدمرية والحموية ونبذا من المذاهب المنحرفة.
وهي مطبوعة ومتداولة , وجدتها قبل سنين في مكتبة الرشد.
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[06 - 04 - 07, 02:12 م]ـ
المنظومة موجودة عندي يا أخ أبا محمد
ـ[أبو عبد الرحيم الجزائري]ــــــــ[25 - 03 - 09, 11:54 م]ـ
إخواني أريد هته المنظومة عاجلا
الكافية في العقيدة والفرق والمذاهب للشيخ عبد العزيز الحربي(39/169)
هل الشيخ يوسف الرفاعي بهذه السطحية أم هي العقيدة الباطنية؟؟
ـ[أبو عثمان_1]ــــــــ[03 - 04 - 07, 12:45 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعد، أما بعد
أحييكم بتحية الاسلام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد طلعت على نصيحة الشيخ يوسف الرفاعي التي أسماها: ((نصيحة لإخواننا علماء نجد))، وهي في الحقيقة في غاية الافتراء وعدم معرفة حقيقة من نصحهم، ولما قرأتها فكأني استمع لأحد عوام الصوفية الذين لم يلتقوا بسلفية واحد فضلا أن اطلعوا على كتبهم وعقائدهم ومنهجهم، فإذا كان هذا شيخ الرفاعية بهذا المستوى من التحري والعلم، فماذا هو مستوى وعقلية الأتباع.
ولن أرد في هذا الموضوع على التهم التي ألقاها الشيخ يوسف الرفاعي ووافقه عليها الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي هداهم الله تعالى حيث قال: ((واستعرضت نصائح الأخ السيد يوسف الرفاعى لهؤلاء الإخوة من أولها إلى آخرها , وعدت بها إلى ما أعلمه من ميزان الشرع ودلائله ومصادره , فوجدته محقاً فى كل ما ينصحهم به ويحذرهم منه. بل إنه ليتكلم فى ذلك باسم سائر علماء المسلمين الذين يهتدون بهداية القرآن والسنة وينهجون منهج السلف الصالح ,أياًكانوا وأينما كانوا))، بل سأعلق على أحد عقائد الصوفية الباطنية وهي أن نورانية النبي صلى الله عليه وسلم، أي أن النبي صلى الله عليه وسلم خلق من نور أو هو أول التعينات ومن هذا النور خلقت باقي الأكوان!!!
ولن أطيل بالكلام فهاك ما قاله الشيخ يوسف الرفاعي، ووافقه عليه الشيخ البوطي، بل نسبه إلى سائر علماء المسلمين الذين ينهجون منهج السلف الصالح قال الشيخ يوسف الرافاعي:
((26 – سميتم المصحف الشريف الذى أمر بطبعه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد جزاه الله خيراً, ب: (مصحف المدينة النبوية) وكأنكم لاتقرون أن هذه المدينة المباركة قد استنارت بل استنارت الدنيا كلها ببعثة ورسالة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ,وقديماًهتفت جوارى الأنصار عند هجرته الشريفة مرحبات:
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع ** وجب الشكر علينا ما دعا لله داع
فهو البدر والقمر والنور ,قال تعالى:" يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16) "
وارجعوا إلى كتب التفسير وهي كثيرة لتروا أنهم فسروا النور في الآية الشريفة بأن المصطفى عليه الصلاة والسلام، وهنا لا نحادلكم في نور ذاته الشريفة بل نقول: إنه عليه الصلى والسلام كان نوراً ورحمة بما جاء به من كتابه وسنة وهدية، قال تعالى: " .. وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16) "))
http://members.lycos.co.uk/almrsal595/up_ar/ar/rifaieonline_001.gif
http://www.rifaieonline.com/najed.html
وبعد هذا الكلام يتبادر إلى الذهن هذا السؤال ((هل كان الشيخان الرفاعي والبوطي بهذه السطحية من التفكير بأن يوجه رسالة يطبعها ويبيعها بالمكتبات لأن علماء نجد أطلقوا على اسم المصحف الذي يطبعه مجمع الملك فهد " مصحف المدينة النبوية "))؟؟؟
الجواب المنطقي: لا.
فنقول كما قيل من قبل وراء الأكمة ما وراءها، فالقوم يعتقدون بنورانية النبي صلى الله عليه وسلم، فعندما تنسب المدينة النبوة، فتكون خالفت عقيدتهم بالنبي صلى الله عليه وسلم بل تكون تعرض بالنبي صلى الله عليه وسلم حيث نسبت مدينة إلى الرتبة الأقل!!
فلسان حالهم يقول: نقول لكم هو النور الأول أو العقل الأول أو التعين الأول الذي خلقت منه باقي الأكوان، فتقول هو نبي فقط!!!
وما حالهم هذا يذكرني بالنصارى عندما تقول لهم أننا نعتقد أن عيسى عليه السلام كان بشرا نبيا فيغتاظ من هذه المقال فيقول: نقول لكم هو الله أو هو ابن الله، وهو ثالث ثلاثة، فتقول هو بشر نبي!!! فتكون عندهم أنزلة من مرتبة الالوهية إلى مرتبة البشرية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/170)
فهؤلاء الناصحون لسان حالهم يقول تنسبون المدينة والمصحف إلى رتبة النبوة، وهو النور الأول أو التعين الأول الذي خلقت منه الأكوان!! فتكون عندهم أنزلت النسبة من النور الذي خلقت منه الأكوان إلى نسبة النبوة التي شاركه بها الأنبياء!!
وقد يقول قائل: إن الشيخ لا يعتقد بذلك، وهذا ظن منك، فأقول: كتب الصوفية تطفح بهذه العقيدة، وهي عقيدة نورانية النبي صلى الله عليه وسلم، فلا ينكر إلا من ليس لديه إطلاع على كتب الصوفية، ولن اذهب بكم بعيدا فهذا ما جاء بموقع الشيخ يوسف الرفاعي نفسه تحت عنوان ((الحزب السابع عشر من أوراده رضي الله تعالى عنه))
وهذا نص الورد
((بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل وسلم وبارك على نورك الاسبق. وصراطك المحقق. الذي ابرزته رحمة شاملة لوجودك. وأكرمته بشهودك. واصطفيه لنبوتك ورسالتك. وأرسلته بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله إذنه وسراجا منيرا. مركز الباء الذائرة الاولية.وسر اسرار الألف القطبانية الذي فتقت به رتق الوجود. وخصصته بأشرف المقامات بمواهب الامتنان والمقام المحمود. وأقسمت بحياته في كتابك المشهود لأهل الكشف والشهود. فهو سرك القديم الساري. وماء جوهر الجوهرية الجاري. الذي احييت به الموجودات. من معدن وحيوان ونبات. قلب القلوب. وروح الارواح. واعلام الكلمات الطيبات. القلم الاعلى والعرش المحيط.روح جسد الكونين. وبرزخ البحرين. وثاني اثنين. وفجر الكونين. ابي القاسم ابي الطيب سيدنا محمد ابن عبداللهبن عبد المطلب عبدك ونبيك وحبيبك ورسولك النبي الامي. وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. بقدر عظمة ذاتك. في كل وقت وحين. سبحان ربك رب العزة عما يصفون. وسلام على المرسلين والحمد الله رب العالمين))
http://www.rifaieonline.com/adhkhar.html# الحزب%20السابع
http://members.lycos.co.uk/almrsal595/up_ar/ar/refa3i_000.jpg
والشاهد هو قوله: ((مركز الباء الذائرة الاولية.وسر اسرار الألف القطبانية الذي فتقت به رتق الوجود)).
ومن تعلم لماذا اغتاظ الشيخ يوسف الرفاعي ووافقه الشيخ البوطي عندما علم أنهم أطلقوا على المصحف ((مصحف المدينة النبوية)).
وهذا وصلى الله على نبيا محمد وعلى آله وأزواجه وصحبه وسلم.
===========
أبو عثمان
ـ[أبو أنس السندي]ــــــــ[03 - 04 - 07, 02:13 م]ـ
هذا رد الشيخ العباد على الرفاعي والبوطي
حمله من المرفقات (بصيغة الشاملة)
ـ[حامد تميم]ــــــــ[04 - 04 - 07, 12:18 ص]ـ
هناك ردود كثيرة على هذه الرسالة رد الشيخ الفوزان والجزائري وشيخ آخر.
ـ[أبو عثمان_1]ــــــــ[04 - 04 - 07, 12:23 ص]ـ
بارك الله فيك
نعم هناك ردود على هذه النصحية، ولكن الهدف هو اظهار عقائدهم الباطنية
===========
أبو عثمان
ـ[أبو عثمان_1]ــــــــ[13 - 08 - 07, 03:47 م]ـ
هذا رد الشيخ العباد على الرفاعي والبوطي
حمله من المرفقات (بصيغة الشاملة)
جزاكم الله خيرا
==========
أبو عثمان
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[13 - 08 - 07, 04:04 م]ـ
الرجل ليس من أهل العلم، وقد ظهر ذلك في مناظرته مع الشيخ عبدالخالق، إذ تعلَّق بمعركة الجهراء!
ـ[أبو عثمان_1]ــــــــ[13 - 08 - 07, 04:11 م]ـ
الرجل ليس من أهل العلم، وقد ظهر ذلك في مناظرته مع الشيخ عبدالخالق، إذ تعلَّق بمعركة الجهراء!
نعم هو غريق، والله المستعان
كان تصوره أن الشيخ عبد الرحمن يترك المناظرة ويناقش فيما أثاره عنه، ولكن الشيخ سفهه واستمر في الموضوع المناظرة فاسقط بيده
============
أبو عثمان
ـ[شتا العربي]ــــــــ[15 - 08 - 07, 12:13 ص]ـ
جزاكم الله خير الجزاء وبارك فيكم
هل اقتصرت المناظرة على الجزء الأول فقط (وهو الذي رأيته)؟
أم حصل لها أجزاء أخرى؟
أرجو الإفادة وجزاكم الله خير الجزاء وبارك فيكم(39/171)
تنبيه هام على قصيدة بعنوان (الزيارة) للعلامة ابن باز - رحمه الله -
ـ[العوضي]ــــــــ[03 - 04 - 07, 05:15 م]ـ
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نشرت صحيفة الشرق الأوسط في عددها 3261 في11/ 3/ 1408هـ، قصيدة بعنوان "زيارة" بقلم: خالد محمد محمد سليم هذا نصها:
عشت كل العمر .. أحلى العمر في هذا المساء
عندما صاح البشير وراح يصدح بالغناء
وأهلت بالسنا مشكاة نور الأنبياء
أي ريحان وروح .. أي سحب من بهاء
ورياض من نعيم .. وضفاف من سناء
ها هنا التاريخ قد أغفى على ساح الولاء
ألقت الأيام والأعوام ثوب الكبرياء
نور عيني يا رسول الله يا عين الرجاء
أنا بالباب مقيم. غاب في الدمع ندائي
بأبي أنت وأمي .. يا حبيب الضعفاء
آه من لهفة حبي .. وحنيني وحيائي
هي ذي الأمة قد جاءتك من باد ونائي
أقبلت مهتاجة للأشواق في عهد الوفاء
من لنا في عاصف الأنواء .. في ليل العناء
يا رحيما بالبرايا .. يا وفي الأوفياء
عند بابك يا رسول الله عز العظماء
غمر الفردوس أفراحا قلوب السعداء
وبكينا وبكينا .. وغرقنا في البكاء
ونسيت الأهل والأحباب والدنيا ورائي
ومن تأمل هذه القصيدة من أهل البصيرة علم أن نشرها غير جائز، لما اشتملت عليه من اللجاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، والاستنجاد به وطلب الغوث منه، مما أصاب الشاعر وأصاب الأمة، ولا شك أن ذلك شرك بالله عز وجل، والواجب على كل من ينوبه حاجة أو ضائقة أن يرفع شكواه إلى الله سبحانه لا إلى الأنبياء، ولا غيرهم من سائر الخلق من الأموات والأصنام والكواكب ولا الجن وغيرهم؛ لأن الله سبحانه الذي بيده الضر والنفع والعطاء والمنع وكشف الكروب وإجابة المضطر.
ولا مانع من استعانة المخلوق بالمخلوق الحي الحاضر القادر فيما يستطيع مشافهة أو مكاتبة أو مكالمة هاتفية أو نحو ذلك من وسائل الاتصال الجديدة، أما الأموات من الأنبياء وغيرهم فلا يجوز الاستعانة بهم ولا الشكوى إليهم؛ لأن الميت قد انقطع عمله إلا من ثلاث كما جاء الحديث عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)) رواه مسلم.
ومعلوم أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق وأشرفهم أحياءً وأمواتاً، ومع ذلك لا تجوز عبادته لا في حياته ولا بعد وفاته؛ لأن العبادة تختص بالله وحده دون غيره، كما أمر الله بذلك بقوله سبحانه: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} [1] ونهى عن دعاء غيره، كما قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [2]، وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تتقون} [3]، وقال عز وجل: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [4] الآية، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وفي الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً))، وفي الصحيحين أيضاً عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله (أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك) الحديث، والأحاديث في هذا الباب كثيرة.
فالواجب على جميع المسلمين أن يحذروا الشرك بالله عز وجل وأن يتواصوا بتركه مع بيانه للناس والتحذير منه، والواجب على جميع القائمين على الصحف من أهل الإسلام ألا ينشروا ما يخالف شرع الله عز وجل وأن يتحروا فيما ينشرونه ما ينفع الأمة ولا يضرهم في دينهم ولا دنياهم، وأعظم ذلك خطراً ما يوقع في الشرك وأنواع الكفر والضلال.
أصلح الله أحوال المسلمين ووفقهم وجميع القائمين على وسائل الإعلام لكل ما فيه صلاح العباد ونجاتهم، وسلامة أمر دينهم ودنياهم، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
------------------
[1] سورة الزمر الآية 2.
[2] سورة الجن الآية 18.
[3] سورة البقرة الآية 21.
[4] سورة البينة الآية 5.
http://www.binbaz.org.sa/index.php?pg=mat&type=article&id=510
ـ[أبو حفص السلفي]ــــــــ[03 - 04 - 07, 05:23 م]ـ
جزاك الله خيراً.
ـ[العوضي]ــــــــ[04 - 05 - 08, 12:53 ص]ـ
وإياك أخي الكريم ...
ـ[أبو العباس السالمي الأثري]ــــــــ[04 - 05 - 08, 02:46 ص]ـ
رحم الله العلامة ابن باز وجزاكم الله خيرا أخانا العوضي على هذا النقل الطيب، ونفعنا وإياك به.
ـ[الصريحة]ــــــــ[04 - 05 - 08, 08:15 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[العوضي]ــــــــ[17 - 07 - 08, 06:53 م]ـ
رحم الله العلامة ابن باز وجزاكم الله خيرا أخانا العوضي على هذا النقل الطيب، ونفعنا وإياك به.
آمين آمين ...
وإياك أخي الكريمة (صريحة)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/172)
ـ[صالح العقل]ــــــــ[18 - 07 - 08, 12:38 ص]ـ
بارك الله فيكم(39/173)
هل ورد في السنة إثبات صفة المس لله؟
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[03 - 04 - 07, 06:35 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أما بعد:
أولا: إن أسماء الله وصفاته توقيفية فلا نثبت لله إلا ما ورد فيه النص
ثانيا:وردت بعض الأحاديث والآثار التي تثبت صفة المس لله ,
أ- عن ابن عباس قال لما نزلت آية الدين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أول من جحد آدم إن الله تعالى لما خلقه مسح ظهره؛ فأخرج منه ما هو من ذراري إلى يوم القيامة فعرضهم عليه
أحمد في"مسنده " (1|251) , وإسناده حسن لغيره
كما ذكر شيخنا الألباني في كتاب" السنة" لابن أبي عاصم (90)
على خلاف بين العلماء بين تصحيحه وتضعيفه.
ب-عن حكيم بن جابر قال: أخبرت أن ربكم عز وجل لم يمس بيده إلا ثلاثة أشياء غرس الجنة بيده , وخلق آدم بيده , وكتب التوراة بيده.
وإسناده صحيح كما ذكر الذهبي في كتابه "إثبات اليد" (21) و شيخنا في "مختصر العلو" (130)
ج-عن خالد بن معدان قال: إن الله عز وجل لم يمس بيده إلا آدم صلوات الله عليه خلقه بيده , والجنة , والتوراة كتبها بيده.
"السنة" (1|297) لعبد الله بن أحمد
وصح كذلك عن ميسرة والآثار في ذلك كثيرة
انظر كتاب إثبات اليد للإمام الذهبي
وهذه الصفة ليست بأعجب من باقي الصفات لأن أهل السنة يثبتون لله صفات الكمال على ما يليق بجلاله من غير تشبيه أو تكييف
قال شيخ الإسلام:
والله سبحانه منزه عن الأكل بخلاف اللمس؛ فإنه بمنزلة الرؤية.
وأكثر أهل الحديث يصفونه باللمس , وكذلك كثير من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم ولا يصفونه بالذوق.
وذلك أن نفاة الصفات من المعتزلة قالوا للمثبتة: إذا قلتم أنه يُرى فقولوا إنه يتعلق به سائر أنواع الحس , وإذا قلتم إنه سميع بصير؛ فصفوه بالإدراكات الخمسة.
فقال أهل الإثبات قاطبة: نحن نصفه بأنه يُرى وأنه يُسمع كلامه كما جاءت بذلك النصوص , وكذلك نصفه بأنه يسمع ويرى.
وقال جمهور أهل الحديث والسنة نصفه أيضا بإدراك اللمس لأن ذلك كمال لا نقص فيه , وقد دلت عليها النصوص بخلاف إدراك الذوق؛ فإنه مستلزم للأكل, وذلك مستلزم للنقص كما تقدم.
مجموع الرسائل والمسائل " (2/ 237) والله أعلم
ـ[أبو نسيبة السلفي]ــــــــ[05 - 05 - 10, 07:09 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخ عبد الباسط.
كت قد سألت سؤالا فتم حذفه. أضعه هنا وإن كنت مطلعا على المسألة فارجو الاجابة بارك الله فيكم.
القول أن الله يمس أحدا من خلقه من الممتنعات أم الممكنات عند الاشاعرة؟
بسم الله
القول أن الله يمس أحدا من خلقه: من الممتنعات أم الممكنات عند الاشاعرة؟
إن كان من الممتنعات فما هو الدليل؟
---
دعونا نطرح السؤال بصورة اخرى على الاشاعرة:
هل (يستطيع) الله تعالى ان يمس شيئا من خلقه؟
ـ[أبو نسيبة السلفي]ــــــــ[05 - 05 - 10, 07:16 م]ـ
قال شيخ الإسلام:
والله سبحانه منزه عن الأكل بخلاف اللمس؛ فإنه بمنزلة الرؤية.
لعل هذا له علاقة!!!
إشكال في مسألة الرؤية عند الاشاعرة؟ ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=209823)
وكان عنوان الموضوع:
هل يرى الله كله أم بعضه عند الاشاعرة؟
ـ[ابو ربا]ــــــــ[09 - 05 - 10, 07:16 ص]ـ
بارك الله فيكم(39/174)
إثبات صفة العينين للباري ـ جلّ جلاله ـ
ـ[محمد جميل حمامي]ــــــــ[04 - 04 - 07, 03:14 ص]ـ
إثبات صفة العينين للباري ـ جلّ جلاله ـ
إعداد: أسامة بن عبد الله الطيبي
بيت المقدس
الحمد لله المتصف بصفات الجلال والكمال، والصلاة والسلام على خير الرجال، نبيّنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإن من منهج أهل السنة والجماعة ـ السلفيين ـ إثبات ما أثبته الله لنفسه، وما أثبته له نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تشبيه ولا تعطيل، وقد وصف الله ـ عزّ وجلّ ـ نفسه بصفات الجلال، والجمال، والكمال، ومن هذه الصفات التي أثبتها الله لنفسه، وأثبتها له نبيّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ صفة العينين على ما يليق بجلاله، وعظمته، وسلطانه.
ومن الأدلة التي استدل بها أهل السنة لإثبات هذه الصفة العظيمة ـ ولا يستدلون في هذا المقام إلا بنصوص الوحيين الشريفين ـ.
أولاً: الأدلة من كتاب الله ـ عزّ وجلّ ـ:
قال الله ـ تعالى ـ: "وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي" [طه:39]، وقال ـ جلّ ثناؤه ـ: "وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا" [الطور:48]، وقال ـ سبحانه ـ: "تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا" [القمر:14].
ففي هذه الآيات الكريمات ـ وغيرها كثير ـ إضافة صفة العين لله ـ عزّ وجلّ ـ مفردة ومجموعة؛ ففهم أهل السنة السنيّة من هذه الآيات وما شابهها أن لله ـ تعالى ـ عينين اثنتين، ولم يقل أحد من السلف أن لله ـ سبحانه ـ عيناً واحدة، أو عدة أعين؛ فـ"ذكر العين مفردة لا يدل على أنها عين واحدة فقط؛ لأن المفرد المضاف يراد به أكثر من واحد؛ مثل قوله ـ تعالى ـ: "وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا"، فالمراد نعم الله المتنوعة التي لا تدخل تحت الحصر والعدّ. وقوله ـ تعالى ـ: "أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ" فالمراد بها جميع ليالي رمضان. ولو قال قائل: نظرت بعيني، أو وضعت المنظار على عيني. لا يكاد يخطر ببال أحد ممن سمع هذا الكلام أن هذا القائل ليست له إلا عين واحدة. هذا ما لا يخطر ببال أحد أبداً. قال الإمام ابن القيم: إذا أضيفت العين إلى اسم الجمع ظاهراً، أو مضمراً فالأحسن جمعها مشاكلة للفظ؛ كقوله تعالى: "تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا"، و"فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا"، وهذا نظير المشاكلة في لفظ اليد المضافة إلى المفرد؛ كقوله ـ تعالى ـ: "بِيَدِكَ الْخَيْرُ"، و"بِيَدِهِ الْمُلْكُ". وإن أضيفت إلى جمع جمعت كقوله تعالى: "مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا"."الصفات الإلهية في الكتاب والسنة النبوية" (ص317 ـ 318).
ومما يجدر التنبيه عليه في هذا الصدد ما وقع فيه ابن حزم ـ رحمه الله ـ من الخطأ الجسيم في هذا الباب؛ إذ يقول في كتابه "المحلى" (1/ 33): "وأن لله ـ عزّ وجلّ ـ عزاً وعزة، وجلالاً وإكراماً، ويداً ويدين وأيدياً، ووجهاً، وعيناً وأعيناً".
فهذه زلة عظيمة من مثل هذا العالم، لا يتابع عليها، وما حمله على هذا إلا أنه من نفاة الصفات، مع تعظيمه ـ غفر الله له ـ للحديث والسنة، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة النبوية" (2/ 584).
ثانياً: الأدلة من السنة النبوية:
أخرج البخاري في "صحيحه" (7407) من حديث عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: ذُكر الدجال عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: " إن الله لا يخفى عليكم، إن الله ليس بأعور ـ وأشار بيده إلى عينه ـ وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية". ( http://**********<b></b>:HadithTak('Hits5085.htm'))
فهذا الحديث وما جاء في معناه حجة لأهل الحق ـ أهل السنة ـ في إثبات العينين لله ـ تبارك وتعالى ـ وقد نصص على هذه العقيدة العلماء المتقدمين منهم والمتأخرين لا خلاف بينهم في ذلك؛ مثل: عثمان بن سعيد الدارمي، وإمام الإئمة أبو بكر بن خزيمة، وأبو إسماعيل الهروي، وابن قتيبة الدينوري، وأبو الحسن الأشعري، واللالكائي, وأبو عمرو الداني, وشيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن قيم الجوزية، وغيرهم كثير.
قال الإمام ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ وقد سئل عن إثبات العينين لله ـ تعالى ـ، ودليل ذلك؟
فأجاب بقوله: الجواب على ذلك يتحرر في مقامين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/175)
المقام الأول: أن لله تعالى عينين، فهذا هو المعروف عن أهل السنة والجماعة، ولم يصرح أحد منهم بخلافه فيما أعلم. وقد نقل ذلك عنهم أبو الحسن الأشعري في كتابه: "اختلاف المصلين ومقالات الإسلاميين". قال: "مقالة أهل السنة وأصحاب الحديث" فذكر أشياء ثم قال: "وأن له عينين بلا كيف كما قال: "تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا" [القمر:14] ". نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتوى الحموية (ص 90/ 5) من مجموع الفتاوى لابن قاسم، ونقل عنه أيضاً مثله في (ص92) عن كتابه: "اختلاف أهل القبلة في العرش". ونقل عنه أيضاً مثله في (ص94) عن كتابه: "الإبانة في أصول الديانة". وذكر له في هذا الكتاب ترجمة باب بلفظ: "باب الكلام في الوجه، والعينين، والبصر، واليدين". ونقل شيخ الإسلام في هذه الفتوى (ص99) عن الباقلاني في كتابه: "الإبانة". قوله: "صفات ذاته التي لم يزل ولا يزال متصفاً بها هي الحياة والعلم"، إلى أن قال: "والعينان واليدان".
ونقل ابن القيم (ص 118، 119، 120) في كتابه: "اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية" عن أبي الحسن الأشعري، وعن الباقلاني في كتابيه: "الإبانة" و"التمهيد" مثل ما نقل عنه شيخ الإسلام، ونقل قبل ذلك في (ص114) عن الأشعري في كتابه: "الإبانة" أنه ذكر ما خَالفتْ به المعتزلة كتاب الله ـ تعالى ـ، وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وإجماع الصحابة إلى أن قال: "وأنكروا أن يكون لله عينان مع قوله ـ تعالى ـ: "تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا" [القمر:14].
وقال الحافظ ابن خزيمة في "كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب" (ص30): "بيان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي جعله الله مبيناً عنه في قوله ـ عزّ وجلّ ـ: "وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ" [النحل:44] فبين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن لله عينين، فكان بيانه موافقاً لبيان محكم التنزيل، ثم ذكر الأدلة، ثم قال في (ص35): "نحن نقول: لربنا الخالق عينان يبصر بهما ما تحت الثرى".
وقال في (ص 55، 56): "فتدبروا يا أولي الألباب ما نقوله في هذا الباب في ذكر اليدين؛ ليجري قولنا في ذكر الوجه والعينين تستيقنوا بهداية الله إياكم، وشرحه ـ جلّ وعلا ـ صدوركم للإيمان بما قصه الله ـ عزّ وجلّ ـ في محكم تنزيله، وبينه على لسان نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ من صفات خالقنا ـ عزّ وجلّ ـ وتعلموا بتوفيق الله إياكم أن الحق والصواب والعدل في هذا الجنس مذهباً مذهب أهل الآثار ومتبعي السنن، وتقفوا على جهل من يسميهم مشبهة" ا. هـ.
فتبين بما نقلناه أن مقالة أهل السنة والحديث أن لله تعالى عينين تليقان بجلاله وعظمته لا تُكيّفان، ولا تشبهان أعين المخلوقين، لقوله ـ تعالى ـ: " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ" [الشورى:11].
روى عثمان بن سعيد الدارمي (ص47) من رده على المريسي بسنده عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قرأ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً". فوضع إصبعه الدعاء على عينيه، وإبهامه على أذنيه.
المقام الثاني: في ذكر الأدلة على إثبات العينين:
قال البخاري ـ رحمه الله تعالى ـ: باب قول الله ـ تعالى ـ: "وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي" [طه:39]. وقوله ـ جل ذكره ـ: "تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا" [القمر:14] ثم ساق بسنده حديث عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: ذكر الدجال عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: "إنه لا يخفى عليكم أن الله ليس بأعور ـ وأشار بيده إلى عينه ـ وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية ".
وقد استدل بحديث الدجال على أن لله تعالى عينين عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه: "الرد على بشر المريسي" الذي أثنى عليه شيخ الإسلام ابن تيمية. وقال: "إن فيهما من تقرير التوحيد والأسماء والصفات بالعقل والنقل ما ليس في غيرهما" ـ يعني ـ هذا الكتاب وكتابه الثاني: "الرد على الجهمية".
قال الدارمي في الكتاب المذكور (ص 43 ـ ط: أنصار السنة المحمدية)، بعد أن ساق آيتي صفة العينين: "ثم ذكر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الدجال فقال: إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور. قال: والعور عند الناس ضد البصر، والأعور عندهم ضد البصير بالعينين".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/176)
وقال في (ص 48): "ففي تأويل قول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "إن الله ليس بأعور" بيان أنه بصير ذو عينين خلاف الأعور".
واستدل به أيضاً الحافظ ابن خزيمة في "كتاب التوحيد" كما في (ص31) وما بعدها.
ووجه الاستدلال به ظاهر جداً؛ فإن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أراد أن يبين لأمته شيئاً مما ينتفي به الاشتباه عليهم في شأن الدجال في أمر محسوس، يتبين لذوي التفكير العالمين بالطرق العقلية وغيرهم، بذكر أن الدجال أعور العين، والرب ـ سبحانه ـ ليس بأعور، ولو كان لله ـ تعالى ـ أكثر من عينين لكان البيان به أولى لظهوره، وزيادة الثناء به على الله ـ تعالى ـ؛ فإن العين صفة كمال، فلو كان لله أكثر من اثنتين كان الثناء بذلك على الله أبلغ.
وتقرير ذلك أن يقال: ما زاد على العينين فإما أن يكون كمالاً في حق الله ـ تعالى ـ أو نقصاً، فإن كان نقصاً فهو ممتنع على الله ـ تعالى ـ لامتناع صفات النقص في حقه، وإن كان كمالاً فكيف يهمله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع كونه أبلغ في الثناء على الله تعالى!! فلما لم يذكره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ علم أنه ليس بثابت لله ـ عزّ وجلّ ـ وهذا هو المطلوب.
فإن قيل: ترك ذكره من أجل بيان نقص الدجال بكونه أعور.
قلنا: يمكن أن يذكر مع بيان نقص الدجال فيجمع بين الأمرين حتى لا يفوت ذكر كمال صفة الله ـ عزّ وجلّ ـ.
واعلم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذكر هذه العلامة الحسية ليبين نقص الدجال، وأنه ليس بصالح لأن يكون رباً، ولظهورها لجميع الناس لكونها علامة حسية بخلاف العلامات العقلية، فإنها قد تحتاج إلى مقدمات تخفى على كثير من الناس، لا سيما عند قوة الفتنة، واشتداد المحنة، كما في هذه الفتنة فتنة الدجال، وكان هذا من حسن تعليمه ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث يعدل في بيانه إلى ما هو أظهر وأجلى مع وجود علامات أخرى.
وقد ذكر ابن خزيمة ـ رحمه الله ـ في "كتاب التوحيد" (ص31) حديثاً ساقه في ضمن الأدلة على أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين أن لله ـ تعالى عينين ـ، فساقه بسنده إلى أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه يقرأ قوله ـ تعالى ـ:"إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا" إلى قوله: "سَمِيعاً بَصِيراً" فيضع إبهامه على أذنه، والتي تليها على عينه. ويقول: هكذا سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقرؤها ويضع أصبعيه.
وقد سبقت رواية الدارمي له بلفظ التثنية، وذكر الحافظ ابن حجر في الفتح (ص373/ 13 ـ ط: خطيب) أن البيهقي ذكر له شاهداً من حديث عقبة بن عامر ـ رضي الله عنه ـ سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول على المنبر: "إن ربنا سميع بصير، وأشار إلى عينيه" وسنده حسن ا. هـ.
وقد ذكر صاحب مختصر الصواعق (ص359 ـ ط: الإمام)، قبيل المثال السادس حديثاً عن أبي هريرة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "إن العبد إذا قام إلى الصلاة فإنه بين عيني الرحمن". الحديث لكنه لم يعزه، فلينظر في صحته.
وبهذا تبين وجوب اعتقاد أن لله ـ تعالى ـ عينين؛ لأنه مقتضى النص، وهو المنقول عن أهل السنة والحديث.
فإن قيل: ما تصنعون بقوله تعالى: "أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا". وقوله: "تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا" حيث ذكر الله ـ تعالى ـ العين بلفظ الجمع؟
قلنا: نتلقاها بالقبول والتسليم، ونقول: إن كان أقل الجمع اثنين ـ كما قيل به إما مطلقاً أو مع الدليل ـ فلا إشكال لأن الجمع هنا قد دل الدليل على أن المراد به اثنتان فيكون المراد به ذلك، وإن كان أقل الجمع ثلاثة فإننا نقول جمع العين هنا كجمع اليد في قوله تعالى: "أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً". يراد به التعظيم والمطابقة بين المضاف والمضاف إليه، وهو ـ نا ـ المفيد للتعظيم دون حقيقة العدد، وحينئذ لا يصادم التثنية.
فإن قيل: فما تصنعون بقوله تعالى يخاطب موسى: "وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي". حيث جاءت بالإفراد؟
قلنا: لا مصادمة بينها وبين التثنية، لأن المفرد المضاف لا يمنع التعدد فيما كان متعدداً، ألا ترى إلى قوله تعالى: "وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا". وقوله تعالى: "وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ". فإن النعمة اسم مفرد، ومع ذلك فأَفرادها لا تحصى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/177)
وبهذا تبين ائتلاف النصوص واتفاقها وتلاؤمها، وأنها ـ ولله الحمد ـ كلها حق، وجاءت بالحق، لكنها تحتاج في بعض الأحيان إلى تأمل وتفكير بقصد حسن، وأداة تامة، بحيث يكون عند العبد صدق نية بطلب الحق، واستعداد تام لقبوله، وعلم بمدلولات الألفاظ، ومصادر الشرع وموارده، قال الله تعالى: "أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً" [النساء:82].
فحث على تدبر القرآن الكريم، وأشار إلى أنه بتدبره يزول عن العبد ما يجد في قلبه من الشبهات، حتى يتبين له أن القرآن حق يصدق بعضه بعضاً. والله المستعان. "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (1/ 146 ـ 153).
قلت: الحديث الذي طلب الشيخ التحقق من صحته: "إن العبد إذا قام إلى الصلاة فإنه بين عيني الرحمن"، لا يصح، ولا تقوم به حجة؛ فانظر غير مأمور "السلسلة الضعيفة" (1024) و (4399).
وقال الإمام ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ: "ونؤمن بأن لله تعالى عينين اثنتين حقيقيتين؛ لقوله ـ تعالى ـ: "وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا" [هود:37]. وقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه".
وأجمع أهل السنة على أن العينين اثنتان؛ ويؤيده قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الدجال: "إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور". "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (3/ 234 ـ 235).
وقال الإمام ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ: "مذهب أهل السنة والجماعة أن لله عينين اثنتين، ينظر بهما حقيقة على الوجه اللائق به. وهما من الصفات الذاتية الثابتة بالكتاب، والسنة.
فمن أدلة الكتاب قوله تعالى: "تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا" [القمر:14]. ومن أدلة السنة قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " إن ربكم ليس بأعور "، " ينظر إليكم أزلين قنطين"، "حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه". فهما عينان حقيقيتان لا تشبهان أعين المخلوقين. "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (4/ 58).
وقال الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ: "المنقول في كتب التوحيد، وكتب العقائد أن له عينين، وبعض العلماء القدامى يستدلون بحديث الدجال: "أنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، وإن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت". ليس عندنا نص صريح بأن له أكثر من عينين، والمتوارث عن عقيدة السلف هو إثبات العينين على ظاهر حديث الدجال على كثرة طرقه، فالذي يتبادر من هذا الحديث، ولا يخطر في البال سواه أن الدجال إحدى عينيه طافية, وهو أعور، وإن ربكم ليس بأعور؛ معنى ذلك: أن الله موصوف بالعينين، وليس بالثلاثة أو أكثر؛ لأنه ما عندنا نص بالأكثر، وكما نقول دائماً وأبداً: الأمور الغيبية ـ وبخاصة ـ ما يتعلق بغيب الغيوب؛ وهو رب العالمين ـ تبارك وتعالى ـ لا ينبغي أن نصفه بالأقيسة والعمومات وما شابه ذلك؛ وإنما بالشيء الذي جاءنا عن سلفنا الصالح، وجاءت به الأحاديث. "سلسلة الهدى والنور" شريط رقم (183).
قلت: ومن يَنقل عن الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ خلاف هذه العقيدة السلفية إما مخطئ أو كاذب؛ فقد قال له قائل كما في شريط رقم (189) من "سلسلة الهدى والنور": "بلغنا أنك تقول أن لله عيناً واحدة".
فقال الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ بعد أن كان قد فصل عقيدة السلف في إثبات العينين الاثنتين لله ـ سبحانه ـ: "ظهرت الكذبة، لا، هذا كذب".
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[04 - 04 - 07, 03:04 م]ـ
جزاك الله خيرا وهنا أنبه عما ورد عن بعض السلف من ذكر معنى الآية {تجري بأعيننا} أي بحفظنا ورعايتنا فهو تفسير باللازم مع إثبات الأصل.
فالعرب لا تطلب الحفظ والرعاية على شيء إلا ممن يبصر ويرى.والله أعلم
ـ[أبو رُزين]ــــــــ[01 - 05 - 07, 02:41 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبو تامر المصري]ــــــــ[02 - 05 - 07, 01:52 ص]ـ
الأخ الفاضل/محمد جميل
كلامي ليس بالضرورة يعني المخالفة،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/178)
(فهذا الحديث وما جاء في معناه حجة لأهل الحق ـ أهل السنة ـ في إثبات العينين لله ـ تبارك وتعالى ـ وقد نصص على هذه العقيدة العلماء المتقدمين منهم والمتأخرين لا خلاف بينهم في ذلك؛ مثل: عثمان بن سعيد الدارمي، وإمام الإئمة أبو بكر بن خزيمة، وأبو إسماعيل الهروي، وابن قتيبة الدينوري، وأبو الحسن الأشعري، واللالكائي, وأبو عمرو الداني, وشيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن قيم الجوزية، وغيرهم كثير.
قال الإمام ابن عثيمين)
هؤلاء العلماء يقابلهم علماء آخرين لم ينقل عنهم أنهم نصوا على اثبات العينين،وآخرين خالفوا ..
فهل أتيت لنا أخي الفاضل، بأسماء مثل سفيان الثوري وعبد الرحمن المهدي وشعبة ومالك
وأحمد وأبو حنيفة والشافعي،؟
فمثل هؤلاء لا ينبغي مخالفتهم،
وسأدعو لك ان شاء الله ما استطعت من دعاء بالخير.
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[05 - 05 - 07, 11:59 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته:
أخي الكريم بارك الله فيك ...
إن كان الكلام يتعلق بالمفاهيم كما هو الحال في حديث:
" إن الله لا يخفى عليكم، إن الله ليس بأعور ـ وأشار بيده إلى عينه ـ وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية".
فإن كانت صفة " الأعور " لا تطلق الا على من فقد عيناً من عينين فكلامك صحيح و لكن إن كان العوار يطلق على من فقد من بصره عيناً بغض النظر عن عدد أعينه فالحديث ليس حجة قاطعة لا يجوز الخلاف فيها لأن الحديث لم ينف فيه صلى الله عليه و سلم عدداً أو يثبته و إنما نفى " صفة العوار " و هذا واضح.
يعني أنت بحاجة لأن تثبت أن صفة العوار لا تطلق الا على من فقد عيناً من عينين أما إن كانت صفة العوار تطلق على " النقص " بحد ذاته أي على مجرد فقد العين بغض النظر عن ما بقي من أعين فكلامك كله مردود من ناحية الاستشهاد بمفهوم هذا الحديث.
يدل على هذا نسبته صلى الله عليه و سلم العوار للعين اليمنى و ليس لخلقة البصر كاملة حيث قال " أعور العين اليمنى " أي أن العوار يتعلق بالعين هي التي تسمى " عين عوراء " و ليس يعني أنه من ذهبت له عين و بقيت أخرى.
قال في لسان العرب:
" ومنه قول الشاعر:
فجاء إليها كاسرا جفن عينه فقلت له من عار عينك عنتره؟
يقول من أصابها بعوار؟. "
فالدجال أعور أي أنه " مشاب بنقص العور " و إن ربكم ليس بأعور. ولكن المعروف عن خلقة الآدمي أنه اذا ذهبت له عين بقيت له عين و من اعورت عينه صار أعور و من ذهبت عيناه صار أعمى.
فمثلا صفة " الأبتر " تطلق على كل من فقد شيئا بارز الخلقة من جسده من مجموع أشياء هي في اصل خلقته فيقال ابتر الإصبع و أبتر القدم مع أن له في جسده عشرون إصبعاً و قدمان؟!
لو كان هناك رجل له ثلاثة أعين مثل هذا
http://www.phreeque.com/billdurks.jpg
فلو فقأت عينه اليسرى هل يكون أعور؟
إن قلت: لا , خالفت اللغة فعين من أعينه عوراء!
إن قلت: نعم أثبت بأن صفة " العوار " لا ترتبط بذهاب عين و بقاء واحدة فهو الآن أعور العين اليسرى و لكن له عين يمنى و وسطى!
و لو أخذنا مفهوم العدد من صفة خلقة الدجال للزم أن نأخذ من خلقته ما شئنا من الصفات!.
ما الذي يقصرنا على العينين فقط؟؟؟
أقول هذا فقط لأني أرى شدة النكير على من يخالف في ذلك!.
فأين الدليل القاطع أو الاجماع؟؟
فمن قال باثبات صفة البصر لله و العين أي " جنس العين " من غير عدد فما هي طامته التي قد جاء بها؟
لا عطل و لا حرف و لا شبه و لا رد نصا قاطع الدلالة و لا خالف اجماع!.
ثم في الصحيحين من حديث ابن مسعود (أن حبراً من أحبار اليهود أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد! إن الله يضع السماوات على أصبع، والأراضين على أصبع، والشجر على أصبع، والجبال على أصبع، وسائر الخلق على أصبع ثم يهزهن ويقول: أنا الملك، أين ملوك الدنيا! فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجده تصديقاً لما قال، وقرأ: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ.)
الذي أعرفه - حسب قاصر علمي - أنه ليس من عقيدة أهل السنة و الجماعة قصر الناس على الايمان بأن لله خمسة أصابع في كل يد كما هو واضح في مفهوم هذا الحديث و لكن يثبتون بأن لله اصبع كما يليق به سبحانه بلا عدد و لا تشبيه و لا تمثيل و لا تعطيل و لا تأويل و لا تحريف.
فما الذي لم يجعل هذه كتلك؟
و الله أعلم.
ـ[أبو تامر المصري]ــــــــ[05 - 05 - 07, 04:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
---
ترجم الامام البخاري في صحيحه في هذه المسألة بقوله
باب قوله الله تعالى (ولتصنع على عيني) (تجري بأعيينا)
ثم من بعده بقرون،
اللالكائي في اعتقاد أهل السنة (من صفات الله عز وجل العينين)
ثم من بعده بقرون،
الشيخ ابن العثيمين في العقيدة (عينين اثنتين)
---
وأخشى أن يطول الزمن فيأتي آت بما لا يحمد عاقبته.
والأولى أن تتمسك بمذهب السلف في عدم تفسير النص، ويكفي ذكر النص
لاثبات الصفة، ولاينبغي أن يسوقنا ناف أو معطل للتفوه بألفاظ من عند أنفسنا فنزل،
والعياذ بالله.
---
وعن الامام أحمد قال:
امض الحديث على ما روي بلا كيف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/179)
ـ[نايف الحميدي]ــــــــ[05 - 05 - 07, 11:35 م]ـ
قال سماحة الشيخ العلاّمة المحقق عبد الرحمن بن ناصر البرّاك - حفظه الله ورعاه -:
«وقوله: ? وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ? في موسى يربى في بيت فرعون على عين الله والله -تعالى- يرعاه ويحفظه ويحرسه -سبحانه وتعالى- من كيد الكائدين ? وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي? ? وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي ? والله -تعالى- يحبه وحببه إلى من شاء من عباده هذه الآية على إثبات العين لله لكن لا يصح أن يقال: إنها تدل على أنه ليس لله إلا عين هذا فهم خاطئ لا يخطر إلا للجاهل بدلالات الكلام جاهل فكما أن قوله -تعالى- بِيَدِهِ الْمُلْكُ هل تدل على أنه ليس لله إلا يد واحدة كما يقوله المخالفون والغالطون والمتخلفون ليس لله إلا يد واحدة بيده لا مَن كان له يدان.
يقال: هذا بيده أخذ هذا بيده ولا يدل على أفراد اليد إذن قوله: ? وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ? لا يدل على أنه ليس لله إلا عين يعني لا يفهم كل من كان على الفطرة وفطرته على عيني لا يدل على أنه ليس لله إلا عين يعني لا يفهم كل من كان على الفطرة وفطرته نقية سليمة من الشبهات وسليمة من الخلجات ووساوس الشيطان أبدًا ما يتبادر إلى ذهن العامي الذي على الفطرة لا يفهم أنه ليس لله إلا عين حاشا.
وهكذا قوله -تعالى-: ? تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ? هذا الأسلوب لا يدل على أن لله أعين كما أن قوله -تعالى-: ? مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا ? لا يدل على أن لله أيدي كثيرة والحقيقة أنه يعني لولا وجود بعض الأفكار والوساوس والتساؤلات لما كان يعني هناك داعٍ لهذا التوقف لكن هناك إلقاءات شيطانية تكلم بها من تكلم بها من أهل البدع وتكلم بها من تكلم من جهال الناس مما عملت أيدينا هذا الأسلوب لا يدل على أن لله أيدي.
إذن ? تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ? لا يدل على أن لله أعين؛ لأن من قواعد اللسان العربي أن المثنى إذا أضيف إلى الجمع أو صيغة الجمع يذكر بلفظ الجمع قال: أهل العلم كقوله -تعالى-: ? وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ? والسارق والسارقة تقطع أربع أيدي لهما؟ يدان من السارق ويدان من السارقة وهكذا قوله -تعالى-: ? فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ? للمرأتين قلوب أم قلبان هذه قصة عائشة وحفصة ? إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ? إذن الجمع لا يدل عدد كبير من القلوب إذن هذه الآيات استدل بها أهل السنة على إثبات العينين لله -سبحانه وتعالى- ولا يجوز التوقف في هذا البتة لا يتوقف بهذا إلا جاهل بما عليه السلف الصالح وجاهل بما عليه السلف الصالح وجاهل بدلالات الكلام فيجب الإيمان بكل هذه الصفات على ما يليق به سبحانه لا تشبه صفة من صفاته صفات المخلوقين ? لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ? لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ولا يعلم العباد كيفية شيء من هذه الصفات.
فلا يجوز أن نتخيل وجهه أو كيفيته أو كيفية العينين له -تعالى- لا تفكر فيما لا سبيل إليه فهذا من العبث ومن الهوس ومن التشاغل، ومن فتح أسباب الأفكار فلا تفكر في ذلك نؤمن بأنه -تعالى- ذو سمع وذو بصر فهو سميع وسمعه واسع لجميع أسراره وذو بصر كما تقدم واسع بصره نافذ لجميع المخلوقات وأن له -تعالى- عينين يرى بهما كيف يشاء وله عينينا تلقيا به حقيقة كما أن له يدين حقيقية كما أن له علمًا وقدرة وحياة حقيقة كل ذلك للرب -تعالى- على ما يليق به ويختص به لا يماثله شيء من صفاته». اهـ.
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[06 - 05 - 07, 12:25 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته:
كل ما ذكره الشيخ البراك في فتواه هذه لا يخالفه مما قيل سابقاً شيء غير أنه يقول في فتوى أخرى له باثبات العينين و الرد السابق كان يخالفه في هذه النقطة و قد بينت في ذلك الرد وجه الخلاف و مدى " السعة " فيه.
فتواه حفظه الله و نصر به دينه و سنة نبيه هنا:
http://www.muslm.net/vb/showthread.php?t=162443
و مما قال فيها حفظه الله:
" الحمد لله قال الله تعالى: "تجري بأعيننا" (القمر) وقال سبحانه: "فاصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا" (الطور) وقال: "ولتصنع على عيني" (طه)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/180)
ففي هذه الآيات إضافة العين إلى الله مفردة ومجموعة، ففهم أهل السنة من هذه الآيات أن لله عينين، ولم يقل أحد منهم بأنه ليس لله إلا عين واحدة أو له أعين. "
قوله حفظه الله:
(ففي هذه الآيات إضافة العين إلى الله مفردة ومجموعة، ففهم أهل السنة من هذه الآيات أن لله عينين)
ما أدري بأي شيء فهم من الآيات ذلك؟ و كيف تم توجيه ما فهم من ذلك إلى القول بأن لله عينين؟
ذكر تعالى العين و الأعين فعلى أي أساس أقول كآخذ بهذه الفتوى أن هذا يدل على أن لله عينين؟
لأن الشيخ حفظه الله قال " ففهم أهل السنة من هذه الآيات أن لله عينين ".
لا يمكن ذلك الا بربط الآيات بالحديث المعروف الذي ذكره حفظه الله في آخر الفتوى " إن ربكم ليس بأعور " والكلام على هذا الحديث قد سبق.
ثم قال الشيخ الجليل حفظه الله:
" فالمنكر على أهل السنة إثبات العينين لله يلزمه واحد من أربعة أمور:
الأول: أن لله عيناً واحدة.
الثاني: أو له أعين كثيرة.
الثالث: أو تجويز الأمرين.
وكل هذا لم يقل به أحد من أهل السنة.
والرابع:- مما يلزم المعترض- أن ينفي العين لله مطلقاً، وهذا سبيل الجهمية ومن وافقهم من المعتزلة والأشاعرة, الذين لايثبتون لله عينين ولا وجهاً ولا يدين. "
و أنا اذكر ما لم يذكره الشيخ حفظه الله و هو القول الخامس:
خامساً: أن لله عين كما له أصبع لا نقول واحدة و لا نقول أكثر إنما نثبت له " صفة العين " كما يليق بجلالة سبحانه بلا تحريف و لا تمثيل و لا تعطيل و لا تشبيه و لا تأويل.
جاز ذلك في الاصبع فلماذا لا يجوز في العين؟
إن قيل بأن العين ثبت فيها نص تكلم عن " العدد " و اثبته؟
يقال: أين النص؟
فإن كان ما سبق " إن ربكم ليس بأعور ".
فالحمد لله الذي نزه نفسه عن كل نقص و لكن اين العدد؟
إن قيل: "نفي العور اثبات لضده "
يقال: و ما ضده؟
إن قيل: ضد الأعور من له عينان.
أجيب عليه بما في ردي ا لأول.
ثم الخلاف في هذا إن شاء الله ليس مما يخرج المخالف من أهل السنة.
و قال ابن تيمية رحمه الله في الجواب الصحيح (4\ 413):
ولا يعرف عالم مشهور من علماء المسلمين ولا طائفة مشهورة من طوائفهم يطلقون العبارة التي حكوها عن المسلمين حيث قالوا عنهم إنهم يقولون إن لله عينين يبصر بهما ويدين يبسطهما وساقا ووجها يوليه إلى كل مكان وجنبا
ولكن هؤلاء ركبوا من ألفاظ القرآن بسوء تصرفهم وفهمهم تركيبا زعموا أن المسلمين يطلقونه
وليس في القرآن ما يدل ظاهره على ما ذكروه فإن الله تعالى قال في كتابه
وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء
واليهود أرادوا بقولهم يد الله مغلولة أنه بخيل فكذبهم الله في ذلك وبين أنه جواد لا يبخل فأخبر أن يديه مبسوطتان كما قال
ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا
فبسط اليدين المراد به الجواد والعطاء ليس المراد ما توهموه من بسط مجرد
ولما كان العطاء باليد يكون ببسطها صار من المعروف في اللغة التعبير ببسط اليد عن العطاء
فلما قالت اليهود يد الله مغلولة وأرادوا بذلك أنه بخيل كذبهم الله في ذلك وبين أنه جواد ماجد
وإثبات اليدين له موجود في التوراة وسائر النبوات كما هو موجود في القرآن
فلم يكن في هذا شيء يخالف ما جاءت به الرسل ولا ما يناقض العقل وقد قال تعالى لإبليس
ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي
فأخبر أنه خلق آدم بيديه وجاءت الأحاديث الصحيحة توافق ذلك
وأما لفظ العينين فليس هو في القرآن ولكن جاء في حديث
وذكر الأشعري عن أهل السنة والحديث أنهم يقولون إن لله عينين
ولكن الذي جاء في القرآن
ولتصنع على عيني
واصنع الفلك بأعيننا ووحينا
وحملناه على ذات ألواح ودسر تجري بأعيننا
"
فذكر ذلك و جعله نقل و قول بل و قال:
" ولكن الذي جاء في القرآن
ولتصنع على عيني
واصنع الفلك بأعيننا ووحينا
وحملناه على ذات ألواح ودسر تجري بأعيننا "
و معلوم ما هي دلالة " لكن " في اللغة.
وفق الله الجميع
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[06 - 05 - 07, 07:35 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته:
شيء أخير أود أن أنبه عليه
لماذا نثبت لله عز وجل صفة اليدين مع العدد أي أن لله يدان و نتحرج من ذلك في صفة العين؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/181)
كما ذكر الشيخ حفظه الله بأن الآيات في صفة العين جاءت مفردة و مجموعة " عيني " " أعيننا "
كذلك اليد في القران " يد الله فوق ايديهم " و قال " أيدينا "
المفرد في اللغة يأتي و له معنى " العدد " أو " الجنس "
الجنس كقولك: رأيته بعين رأسي. أي ببصري و نظري و هذا لا يعني أن لك عين واحدة.
العدد كقوله تعالى: " العين بالعين " أي كل عين يقابلها عين.
و قد يحتمل الإفراد هذه أو تلك.
الجمع له معنى التعظيم أو الشدة والقوة كقوله تعالى " و السماء بنيناها بأيد ٍ "
و قد تأتي بمعنى الجمع: كقولك " الاياس مما في أيدي الناس ".
و قد يحمل على هذه و تلك.
تبقى التثنية؟
كقوله تعالى " بل يداه مبسوطتان "
التثنية لا أعرف - حسب قاصر علمي - أن لها في اللغة معناً غير " العدد "
هل تقصد تثنية الشيء لغاية غير العدد؟
لا أعلم ذلك.
قد تستخدم في الشعر على غير حقيقة واقعها ولكن دون أن يكون لها معناً متعلق بالتثنية.
و إنما إذا ثني الشي علم أن التثنية مقصودة على الحقيقة أي إثنان من هذا الشيء.
فإن كان من أهل اللغة من يعرف خلاف هذا فلينفعنا بارك الله فيه.
وردت تثنية اليدين في القران فكان هذا كافياً لإثبات صفة اليدين لله عز وجل بل وجاءت صريحة في السنة في حديث ابي هريرة عند الترمذي و ابن خزيمة و صححه الأئمة:
" لما خلق الله آدم ونفخ فيه الروح عطس فقال الحمد لله فحمد الله بإذنه فقال له ربه يرحمك الله يا آدم اذهب إلى أولئك الملائكة إلى ملأ منهم جلوس فقل السلام عليكم قالوا وعليك السلام ورحمة الله ثم رجع إلى ربه قال إن هذه تحيتك وتحية بنيك بينهم فقال الله له ويداه مقبوضتان اختر أيهما شئت قال اخترت يمين ربي وكلتا يدي ربي يمين مباركة , الحديث ".
فهذا نص قاطع الدلالة لا مرية فيه و من طعن فيه فقد طعن في السنة.
و لكن اين هذا بالنسبة لصفة العين؟
لم ترد مثناة في القران و لم ترد في السنة في غير حديث " إن ربكم ليس بأعور "
فعلام يجعل القول بأن لله عينان قول ثابت قاطع الثبوت حداً يجعل من يخالف في ذلك خارجاً عن أهل السنة!.
توقف ابن عثيمين رحمه الله في تلخيص الحموية عن صفة الجسم لم ينفها و لم يثبتها و صرح بتوقفه فيها نفيا و اثباتا و قد أثبت بعض السلف " صفة الجسم لله " مع أن الأدلة التي " مفهومها " يثبت هذه الصفة أكثر مما ورد في اثبات صفة العينين لله و مع هذا توقف الشيخ رحمه الله.
أفلا يسعنا أن نتوقف هنا؟
أليس ذلك أقرب للتقوى؟
هذا ما كنت أعنيه لأن لا يقال " يثبت العين الواحدة " أو " ينفي صفة العين ".
و الله حسبنا و نعم الوكيل
ـ[البتيري]ــــــــ[06 - 05 - 07, 09:26 م]ـ
جزاكم الله خيرا
اخي الشمالي،
اود ان استفسر منك (كما علمنا من قبل ان نسال السؤال التالي)
من سبقك بقولك هذا؟؟
أنا اذكر ما لم يذكره الشيخ حفظه الله و هو القول الخامس:
خامساً: أن لله عين كما له أصبع لا نقول واحدة و لا نقول أكثر إنما نثبت له " صفة العين " كما يليق بجلالة سبحانه بلا تحريف و لا تمثيل و لا تعطيل و لا تشبيه و لا تأويل.
جاز ذلك في الاصبع فلماذا لا يجوز في العين؟
لست في ذلك مضعفا لقولك ولكني مستفسر ..
وجزاك الله خيرا ..
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[07 - 05 - 07, 01:13 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته:
أخي الكريم:
أستطيع و لله الحمد أن أقول و أنا مطمئن القلب: " قال بذلك كل من لم يثبت عنه القول بالعينين " لأن الأصل هو اثبات الصفة على الاجمال و لا ينتقل عنه الا بدليل فلو استصحبنا الاجماع السكوتي - كما يسمى - لكان الأولى أن يستصحب على حال الصحابة وحالهم كان الاجمال في اثبات الصفة بحيث لا نقول عين و عينان حتى يثبت نص في ذلك واضح لا يخفى معناه لأن " العدد " الدلالة عليه لا ينبغي لها أن تخفى حتى يتم استنباطها و تكلف التأويلات لإثباتها فالواحد واحد و الاثنان اثنان و هذا ما قلته فلم أقل ببدع من القول ولله الحمد.
المسألة إذا كان لها " منهج مطرد " اجتمع عليه الناس لا يخالفون فيه فهذا هو الأصل الذي لا يشذ عنه الا مخالف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/182)
و المنهج عند أهل السنة والجماعة اثبات ما اثبت الله لنفسه من الصفات في الكتاب و السنة بلا تأويل و لا تعطيل و لا تمثيل و لا تشبيه و لا تحريف بإجمال لا يخصص الا بدليل فأثبتوا لله صفة اليد مجملة فلما ورد النص باليدين قالوا بذلك و اشتهر عنهم.
هذا لا يخالف فيه أحد و هذا ما قال به كل من تكلم في شأن العقيدة من أهل السنة لا يختلفون فيه. و قد ورد في كتاب الله عز وجل صفة العين فقرأها الصحابة فإما أن تقول بأنهم سكتوا وهم يعتقدون نفيها و هذا باطل و إما أن تقول سكتوا وهم يثبتون لله ما أثبته لنفسه من الصفات في كتابه و سنة نبيه و هذا هو الحق. و قد أثبت الله تعالى في كتابه صفة العين له فأثبتها الصحابة رضوان الله عليهم و هذا اثبات مجمل في شيء لا يحل النزاع فيه و هو اثبات صفة العين لله ثم جاء من بعدهم فقال بالعينين و لم يثبت عن الصحابة أنهم قالوا بذلك فإذا قيل بأنهم سكتوا و هم يعتقدون بأن لله عينين قيل هذا تخصيص عموم يحتاج إلى دليل فالمعروف عنهم الاثبات المجمل حتى يرد ما يفصل ذلك الاثبات فقد ثبت لله عز وجل صفة اليد فأثبتوها ثم خصصت الصفة بأنهما اثنتين فقالوا بذلك و كانت نصوص التخصيص واضحة صريحة كما ذكرت سابقا ً و ثبت عن الصحابة القول باليدين و نقل عنهم و اشتهر فيهم و على من يقول بأن الصحابة تجاوزوا عموم اجمال صفة العين إلى العينين فعليه أن يأتي بالدليل و الا فقولهم الذي عرف عنهم أنهم يجملون الصفة حتى يرد ما يخصصها فإن قلت خصصها حديث " إن ربكم ليس بأعور " قيل لك و هل تجزم بأنهم كلهم فهموا أن " نفي العور إثبات للعينين "؟؟ و قد بينت سابقا ً أن اللغة تخالف هذا الفهم و الصحابة هم أولى الناس بفهمها على وجهها فلو كان ذلك الفهم لا يخالف فيه أحد لنقل عن الصحابة تصريحهم به و الذي أعرفه أن أول من صرح بذلك هو ابن خزيمة رحمه الله في القرن الرابع ثم تبعه اللالكائي في الخامس ثم نقل أبو الحسن الأشعري ذلك عن أهل السنة وأهل الحديث و نقله يحتاج إلى اثبات عنه ثم أن فهمه نفسه لمن هم أهل السنة والجماعة؟ و من أهل الحديث؟ يحتاج لنظر فهو نفسه رحمه الله لم يكن على منهج واضح في فهمه لهذه المعاني بل إن من المتأخرين من يصف الأشعرية والماتريدية بأنهم من أهل السنة والجماعة في باب العقيدة كما قال بذلك السفاريني حتى بعد انتهاء المعركة و انكشاف غبار الشبهة!.
و المعروف عن ابن خزيمة رحمه الله الشدة في هذا الباب أي في محاربة أهل التأويل و التعطيل و في مخالفتهم حتى نقل عنه الذهبي أنه أقام وليمة في بستانه عندما نقل اليه موت أحد أكابر أهل التأويل في زمانه فأسقى و أطعم فعاب عليه الذهبي ذلك أي أنه لا يبلغ الأمر أن يفرح بموت مسلم و أيضاً لا يبلغ الأمر أن نثبت تخصيص صفة لله بحديث دلالته ليست بذلك الوضوح و لا يسعك تأنيب المخالف فيها فيفتح باب الاختلاف في صفات الله لأن القائل بالعينين لا يسعفه لا النقل عن الصدر الأول و لا اللغة و لا الاجماع على لجم مخالفه فإما أن تسلم له و تجيز له الخلاف و إما أن تعود معه إلى الأصل الأول الذي ذكرته في صدر هذا الرد و هو: " اثبات ما اثبت الله لنفسه من الصفات في الكتاب و السنة بلا تأويل و لا تعطيل و لا تمثيل و لا تشبيه و لا تحريف بإجمال لا يخصص الا بدليل ". و الدليل إنما يسمى دليل إذا كان مرشداً إلى الهدى الذي ليس بعده إلا الضلال و قد أنكر ابن القيم رحمه الله حديث القلتين بأنه لم يكن واضح التحديد في كمية القلتين و كيف نعرفها في شأن تعم به البلوى فكيف يتركه رسول الله صلى الله عليه و سلم دون تحديد واضح إن كان يريد أن يعبد الناس بمفهوم ذلك الحديث؟ فقال لا يعمل به و القول بأن الماء طاهر لا ينجسه شيء؟!. أقول نقبل مثل هذا التعليل في الماء فنرد به مفهوم الحديث و لا نقبله في صفة من صفات الله؟ حديث استنبط منه على ما يخالف اللغة بمفهوم الضد قاله النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع في آخر عمره؟ وهو الذي أنفق عشر سنين يدعو إلى العقيدة في مكة و يقررها لا يتجاوز إلى ما سواها ثم يسكت عن صفة من صفات الله لا يتكلم فيها بشيء يثبت عنه الا قبل وفاته بعام ثم نقول: الآن جاء الحق " إن لله عينين! ".
والله اعلم
ـ[البتيري]ــــــــ[07 - 05 - 07, 06:47 م]ـ
اخي ابو حمزة الشمالي
جزاك الله خيرا
اعيد عليك سؤالي: من سبقك الى ما تقول؟
"قال بذلك كل من لم يثبت عنه القول بالعينين "
وهذا جواب صحيح ولكنه عام جدا،،
لانني بصراحة اقرا مثل هذا القول لاول مرة (واعذرني على قلة اطلاعي) ..
فمعظم كتب العقيدة - بل وجلها - كتبت:
اثبات ان لله سبحانه وتعالى عينين دون تحريف او تعطيل او تشبيه او تمثيل ..
الا يعد ذلك اجماعا؟؟؟
وبالنسبة لمعنى اعور فاليك ما كتبه صاحب لسان العرب:
""" (عور) العَوَرُ ذهابُ حِسِّ إِحدى العينين"""
وسؤالي هو: هل عرف العرب كائنا باكثر او اقل من عينين حتى تاخذ لفظة "الاعور" معنى غير معنى من فقد بصر احدى عينيه؟ ..
قد يكون كلامك صحيحا في: عدم ثبات صفة العينين الاثنتين لله سبحانه وتعالى بالنص الصريح القاطع كنص اليدين له جل وعلا ..
ولكن ما فهمه العقديون ان اقرب شئ لمقلوب كلمة اعور هو صحيح العينين ..
ارجو الا اكون متكلفا متعديا في قولي،، وانا لست بذلك الذي يرجح النصوص ويؤولها ..
ولكني هذا ما اراه
والله اعلم
------------------------------------------
اللهم اني اعوذ بك من ان اشرك بك وانا اعلم
واستغفرك لما لا اعلم ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/183)
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[08 - 05 - 07, 08:56 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته:
قال به الشافعي كما نقل عنه ابن تيمية في الفتاوى: (182\ 4)
" وذكر الشافعي المعتقد بالدلائل فقال لله أسماء وصفات جاء بها كتابه وأخبر بها نبيه أمته لا يسع أحدا من خلق الله قامت عليه الحجة ردها إلى أن قال نحو إخبار الله سبحانه إيانا أنه سميع بصير وأن له يدين لقوله بل يداه مبسوطتان وأن له يمينا بقوله والسموات مطويات بيمينه وأن له وجها لقوله كل شيء هالك إلا وجهه وقوله ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام وأن له قدما لقوله حتى يضع الرب فيها قدمه يعني جهنم وأنه يضحك من عبده المؤمن لقوله صلى الله عليه و سلم للذي قتل في سبيل الله إنه لقي الله وهو يضحك إليه وأنه يهبط كل ليلة إلى سماء الدنيا لخبر رسول الله بذلك وأنه ليس بأعور لقول رسول الله إذ ذكر الدجال فقال إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور وأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة بأبصارهم كما يرون القمر ليلة البدر وأن له إصبعا لقوله ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن قال وسوى ما نقله الشافعي أحاديث جاءت في الصحاح والمسانيد وتلقتها الأمة بالقبول والتصديق "
فهذا ابن تيمية رحمه الله ينقل أن الشافعي فصل معتقده بالدلائل في صفات الله فذكر السمع والبصر ثم ذكر صفة اليد وخصصها بأنهما اثنتين ثم خصص التثنية بأن له يمين و هذا تفصيل دقيق ثم ذكر الوجه والقدم ثم ذكر الضحك والنزول و عندما جاء إلى صفة العين " أجمل " كما كنت أقول في مذهب السلف فأثبت صفة العين مجملة و نفى ما نفى الله عن نفسه فقال " وأنه ليس بأعور " ولم يتجاوزالى التفصيل كما تجاوز في صفة اليدين ثم ذكر صفة الاصبع كما كنت دعوت الى ذكرها " مجملة " و مع هذا يقول اخي البتيري:
من سبقك بقولك: " أن لله عين كما له أصبع لا نقول واحدة و لا نقول أكثر إنما نثبت له " صفة العين " كما يليق بجلالة سبحانه بلا تحريف و لا تمثيل و لا تعطيل و لا تشبيه و لا تأويل ".
أقول سبقني الشافعي رحمه الله حيث قال: " وأنه ليس بأعور لقول رسول الله إذ ذكر الدجال فقال إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور وأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة بأبصارهم كما يرون القمر ليلة البدر وأن له إصبعا".
و سبقني ابو القاسم السهيلي
الروض الأنف: (1\ 166)
"باب إضافة العين إلى الله
وفيه: قومهم أعلى بهم عينا أي: أبصر بهم أي: عينهم وإبصارهم فوق عين غيرهم في أمرهم فالعين ها هنا بمعنى الرؤية والإبصار لا بمعنى العين التي هي الجارحة وما سميت الجارحة عينا إلا مجازا؛ لأنها موضع العيان وقد قالوا: عانه يعينه عينا إذا رآه وإن كان الأشهر في هذا أن يقال: عاينه معاينة والأشهر في عنت أن يكون بمعنى الإصابة بالعين وإنما أوردنا هذا الكلام لتعلم أن العين في أصل وضع اللغة صفة لا جارحة وأنها إذا أضيفت إلى الباري سبحانه فإنها حقيقة نحو قول أم سلمة لعائشة: بعين الله مهواك وعلى رسول الله تردين؟ وفي التنزيل: " ولتصنع على عيني " وقد أملينا في المسائل المفردات: مسألة في هذا المعنى وفيها الرد على من أجاز التثنية في العين مع إضافتها إلى الله تعالى وقاسها على اليدين وفيها الرد على من احتج بقول النبي عليه السلام: إن ربكم ليس بأعور وأوردنا في ذلك ما فيه شفاء وأتبعناه بمعان بديعة في معنى عور الدجال فلينظر هنالك"
صاحب الروض الأنف هو ابو القاسم السهيلي متوفى: سنة 581، إحدى وثمانين وخمسمائة و قال في الرسالة المستطرفة: كتاب (الروض الأنف) بالفاء كعنق في شرح غريب ألفاظها وإعراب غامضها وكشف مستغلقها في أربع مجلدات ذكر فيه أنه استخرجه من مائة وعشرين مصنفا فأجاد فيه وأفاد.
وكان من أعلم الناس باللغة قال عنه ابن القيم بعد أن ذكر إحدى الفوائد التي خطرت بباله بمكه في بدائعه:
" وكان قد وقع لي هذا بعينه أمام المقام بمكة وكان يجول في نفسي فأضرب عنه صفحا لأني لم أره في مباحث القوم ثم رأيته بعد لفاضلين من النحاة أحدهما حام حوله وما ورد ولا أعرف اسمه والثاني أبو القاسم السهيلي رحمه الله فإنه كشفه وصرح به وإذا لاحت الحقائق فكن أسعد الناس بها وإن جفاها الأغمار والله الموفق للصواب " البدائع (1\ 214).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/184)
وقال في موضع آخر: (ثم رأيت هذا المعنى بعينه قد ذكره السهيلي فوافق فيه الخاطر الخاطر) البدائع (2\ 255)
أقول: وهذا ما نفعله نحن الآن .. !.
و قد انكر عليه ابن القيم في البدائع قوله لا يعطي الإبصار معنى البصر والرؤية قال ابن القيم: مجرد كلام لا حاصل تحته ولا تحقيق فإنه قد تقرر عقلا ونقلا أن لله تعالى صفة البصر ثابتة كصفة السمع فإن كان لفظ الإبصار لا يعطى الرؤية مجردة فكذلك لفظ السمع وإن أعطى السمع إدراك المسموعات مجردا فكذلك البصر فالتفريق بينهما تحكم محض و قال ابن القيم: إن خصائص صفات المخلوقين لا تلزم الصفة مضافة إلى الرب تعالى كما لا يلزم خصائص وجودهم وذاتهم وهذا مقرر في موضعه.
ثم سكت ابن القيم عن نفيه لصفة التثنية لصفة العين ولم يناقشها!.
ومع هذا فالسهيلي اثبت صفة العين على الحقيقة حيث قال:" وأنها إذا أضيفت إلى الباري سبحانه فإنها حقيقة ".
و ينقل عنه شيخ الاسلام و يستشهد بمقولاته منها قول ابن تيمية في معية ابي بكر في الغار:
" وقال طائفة من أهل العلم كأبي القاسم السهيلي وغيره هذه المعية الخاصة لم تثبت لغير أبي بكر " المنهاج (8\ 382)
وقال مرة: " و كما قال السهيلي: أعوذ بالله من قياس فلسفي وخيال صوفي " درء التعارض (2\ 80)
و كذلك ابن القيم يعظم أقواله في اللغة و يستشهد بها فله عن السهيلي في بدائع الفوائد فقط ما يزيد على خمسين فائدة و يلاحظ ذلك كل من قرأ البدائع له و قال في موضع منها بعد أن فند قول من قال بأن " لن " تفيد النفي على التأبيد قال:
"فهكذا ينبغي أن يفهم كلام الله لا كفهم المحرفين له عن مواضعه قال أبو القاسم السهيلي على أني أقول إن العرب إنما تنفي بـ"لن " ما كان ممكنا عند المخاطب مظنونا أنه سيكون فتقول له إن لن تكون لما ظن أنه يكون لأن لن فيها معنى أن وإذا كان الأمر عندهم على الشك لا على الظن كأنه يقول أيكون أم لا قلت في النفي لن يكون وهذا كله مقول لتركيبها من لا وإن وتبين لك وجه اختصاصها في القرآن الكريم بالمواضع التي وقعت فيها دون لا فائدة إذا الظرفية الشرطية " البدائع (1\ 103).
وقال مستشهدا بكلامه للرد على المعتزلة: (قال أبو القاسم السهيلي اعلم أن ما إذا كانت موصولة بالفعل الذي لفظه عمل أو صنع أو فعل وذلك الفعل مضاف إلى فاعل غير الباري سبحانه فلا يصح وقوعها إلا على مصدر لإجماع العقلاء من الأنام في الجاهلية والإسلام على أن أفعال الآدميين لا تتعلق بالجواهر والأجسام لا تقول عملت جملا ولا صنعت جبلا ولا حديدا ولا حجرا ولا ترابا فإذا قلت أعجبني ما عملت وما فعل زيد فإنما يعني الحدث.
فعلى هذا لا يصح في تأويل قوله تعالى والله خلقكم وما تعملون إلا قول أهل السنة أن المعنى والله خلقكم وأعمالكم ولا يصح قول المعتزلة من جهة المنقول ولا من جهة المعقول). البدائع (1\ 154).
و ممن قال بنفي صفة التثنية ايضاً البيهقي فيما وافق فيه أهل السنة والجماعة من الصفات و رحم الله ابن تيمية حيث قال متحدثا ً عن الأخذ ممن مثل البيهقي رحمه الله:
" أن هذا الضرب الذي قلت أنه لا يتحاشى من الحشو والتشبيه والتجسيم إما ان تدخل فيه مثبتة الصفات الخبرية التي دل عليها الكتاب والسنة أو لا تدخلهم فإن أدخلتهم كنت ذاما لكل من أثبت الصفات الخبرية ومعلوم أن هذا مذهب عامة السلف ومذهب أئمة الدين بل أئمة المتكلين يثبتون الصفات الخبرية في الجملة وإن كان لهم فيها طرق كأبي سعيد ابن كلاب وأبي الحسن الأشعري وأئمة أصحابه كأبي عبدالله ابن مجاهد وأبي الحسن الباهلي والقاضي أبي بكر بن الباقلاني وأبي إسحق الاسفرائيني وأبي بكر بن فورك وأبي محمد بن اللبان وأبي علي بن شاذان وأبي القاسم القشيري وأبي بكر البيهقي وغير هؤلاء فما من هؤلاء إلا من اثبت من الصفات الخبرية ما شاء الله تعالى وعماد المذهب عنهم إثبات كل صفة في القرآن وأما الصفات التي في الحديث فمنهم من يثبتها ومنهم من لا يثبتها فإذا كنت تذم جميع أهل الإثبات من سلفك وغيرهم لم يبق معك إلا الجهمية من المعتزلة " الفتاوى (4\ 174).
قال البيهقي في الأسماء والصفات:
باب ما جاء في إثبات العين صفة لا من حيث الحدقة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/185)
قال الله عز وجل ولتصنع على عيني وقال تعالى فإنك بأعيننا تبارك وتعالى وقال واصنع الفلك بأعيننا وقال تبارك وتعالى تجري بأعيننا.
و قال ابن جبرين حفظه الله - مع أنه يثبت صفة العينين لله - في شرح لمعة الاعتقاد:
تحت عنوان اثبات صفة العين لله تعالى
من الصفات الذاتية أيضا صفة العين وردت بالجمع وبالمفرد ذكرت في قول الله تعالى: وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي أثبت الله لنفسه صفة العين وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ووردت بلفظ الجمع "تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا" "وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا " المعنى: أمام أعيننا, فهذا وصف صريح؛ أن الله تعالى أثبت لنفسه العين, ولما جمع الضمير جمع الأعين الضمير لله تعالى " فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا" " تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا " ولم يقل بأعيني ولم يقل بعيننا لما جمع الأعين جمع الضمير, قد عرفنا أن الجمع للتعظيم؛ يعظم الله نفسه ويمجد نفسه بلفظ الجمع؛ فهو دليل على إثبات هذه الصفة؛ صفة العين.
ثم انتقل إلى صفة السمع ولم يذكر التثنية و أهل العلم يقولون تأخير البيان عن وقت الحاجة اليه لا يجوز فكيف بمن هو في مقام تعليم و شرح لمتن متخصص في العقيدة؟. و لكن وإن كان الشيخ يثبت صفة العينين الا أن عمله هنا يدل على أنه يرى على الأقل أن في الأمر سعة بحيث لا يذكر ذلك ولا يخوض فيه. وهذا الذي نقلت موجود على موقعه في الانترنت.
و ممن أنكر ذلك ايضا ابن حزم حيث قال:" ولا يجوز لأحد أن يصف الله عز وجل بأن له عينين لأن النص لم يأت بذلك " الفصل (2\ 128)
و إن كان ابن حزم مضطرب في باب العقيدة ولكننا هنا لا نأخذ من فهمه و إنما نأخذ من حفظه و سعة معرفته بالسنة فقد قال بأن النص لم يرد بذلك وهو الذي تعلم من هو في حفظه و تمسكه بكل نص يثبت.
و إليك هذا الاستقراء الإلكتروني:
" يدي الله " وردت في ما يقارب ألف موضع في اصدار الشاملة الأول.
أما " عين الله " فوردت في ما يزيد على ثلاثمائة و اربعين موضعاً!
ثم " عيني الله " لم ترد و لا في موضع واحد في نحو ألف كتاب من كتب جلها إن لم تكن كلها لأهل السنة والجماعة!!!.
واليك نماذج:
عن ابن عباس: {واصنع الفلك بأعيننا ووحينا} قال: بعين الله. تفسير الطبري
} تجري بأعيننا} أي: بمرأى منا وقال مقاتل بن حيان: بحفظنا ومنه قولهم للمودع: عين الله عليك. تفسير البغوي
أخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله قد يعلم ما أنتم عليه الآية
قال: ما كان قوم قط على أمر ولا على حال إلا كانوا بعين الله. الدر المنثور
وأصل استعمال لفظ العين في مثله تمثيل بحال الناظر إلى الشيء المحروس مثل الراعين كما يقال للمسافر " عين الله عليك " ثم شاع ذلك حتى ساوى الحقيقة فجمع بذلك الاعتبار. التحرير و التنوير.
الحال التي تجمع لك الحالات المحمودة كلها في حالة واحدة هي المراقبة فالزم نفسك وقلبك دوام العلم بنظر الله إليك في حركتك وسكونك وجميع أحوالك فإنك بعين الله عز وجل في جميع تقلباتك وإنك في قبضته حيث كنت وإن عين الله على قلبك وناظر إلى سرك وعلانيتك. تفسير الثعالبي
قيل لحاتم الأصم: على ما بنيت أمرك هذا من التوكل؟ قال: على أربع خلال: علمت أن رزقي لا يأكله غيري فلست أهتم له و علمت أن علمي لا و يعمله غيري فأنا مشغول به و علمت أن الموت يأتيني بغتة فأنا أبادره و علمت أني بعين الله في كل حال فأنا أستحيي منه. شعب الايمان
للبيهقي
قال: لما فتحت مدائن قبرص وقع الناس يقتسمون السبي ويفرقون بينهم ويبكي بعضهم على بعض فتنحى أبو الدرداء ثم إحتبى بحمائل سيفه فجعل يبكي فأتاه جبير بن نفير فقال: ما يبكيك يا أبا الدرداء؟ أتبكي في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله؟ وأذل فيه الكفر وأهله فضرب على منكبيه ثم قال: ثكلتك أمك يا جبير بن نفير ما أهون الخلق على الله إذا تركوا أمره بينا هي أمة قاهرة ظاهرة على الناس لهم الملك حتى تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى وإنه إذا سلط السباء على قوم فقد خرجوا من عين الله ليس لله بهم حاجة. سعيد بن منصور
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/186)
عن مالك بن دينار قال: قال داود نبي الله عليه السلام يا معاشر الأتقياء تعالوا أعلمكم خشية الله أيما عبد منكم أحب أن يحيا ويرى الأعمال الصالحة فليحفظ عينيه أن ينظر إلى السوء 1 ولسانه أن ينطق بالإفك عين الله إلى الصديقين وهو يسمع لهم. الحلية
قال ابو نعيم: سمعت أبا عبدالرحمن السلمي يقول سمعت جدي أبا عمرو بن نجيد يقول كان شاه الكرماني بن شجاع حاد الفراسة وقلما أخطأت فراسته وكان يقول من شخص بصره عن المحارم وأمسك عن الشهوات وعمر باطنه بدوام المراقبة وظاهره باتباع السنة وعود نفسه أكل الحلال لم تخطئ فراسته قال وكان يقول من نظر إلى الخلق بعينه طالت خصومته معهم ومن نظر إليهم بعين الله عذرهم فيما هم فيه وقل اشتغاله بهم. الحلية
وقال سمعت أبا بكر محمد بن أحمد يقول سمعت الجنيد يقول ما من شيء أسقط للعلماء من عين الله من مساكنة الطمع مع العلم في قلوبهم قال وسمعت الجنيد يقول فتح كل باب وكل علم نفيس بذل المجهود. الحلية
حدثنا الحسين قال حدثنا عبد لله قال حدثنا على بن الحسن بن موسى قال قال رجل لأمتحنن أهل البلاء قال فدخلت على رجل بطرسوس وقد أكلت الآكلة أطرافه فقلت له كيف أصبحت قال أصبحت والله وكل عرق وعضو يألم على حدته من الوجع لو أن الروم في كفرها وشركها اطلعت على لرحمتنى مما أنا فيه وان ذلك لبعين الله أحبه إلى أحبه إلى الله. الحلية
قال محمد بن عبد الوهاب الفراء عن علي بن الحسن بن موسى هو عندي ثقة صدوق وقال مسلم بن الحجاج قال الطيب بن الطيب وقال أبو أحمد الحافظ سمعت مشائخنا يذكرون أنه أكله الذئب في قرية برستاق أرغيان في شهر رمضان سنة سبع وستين ومائتين وقيل غير ذلك في سبب موته قلت وقال الحاكم كان من علماء نيسابور وابن عالمهم قال وثنا محمد بن يعقوب ثنا علي بن الحسن الهلالي وما رأيت أفضل منه قال وقرأت بخط أبي عمرو المستملى قال قال لي علي بن الحسن الهلالي صليت على سفيان بن عيينة بمكة
عن مغراء الضبي قال لما قدم عبد الله بن عامر الشام أتاه من شاء الله أن يأتيه من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) وغيرهم إلا أبو الدرداء فإنه لم يأته فقال لا أرى أبا الدرداء أتاني فيمن أتى فلآتينه ولأقضين من حقه فأتاه فسلم عليه وقال له أتاني أصحابك ولم تأتني فأحببت أن آتيك وأقضي من حقك فقال له أبو الدرداء ما كنت قط أصغر في عين الله ولا في عيني منك اليوم. تاريخ دمشق
عن أبن عباس قال عقم النساء أن يأتين بمثل أمير المؤمن علي بن أبي طالب والله ما رأيت ولا سمعت رئيسا يوزن به لرأيته يوم صفين وعلى رأسه عمامة قد أرخى طرفيها كأن عينيه سراجا سليط وهو يقف على شرذمة شرذمة يحضهم حتى انتهى إلي وأنا في كنف من الناس فقال معاشر المسلمين استشعروا الخشية وغضوا الأصوات وتجلببوا السكينة واعملوا الأسنة وأقلقوا السيوف قبل السلة واطعنوا الرخر ونافحوا بالظبا وصلوا السيوف بالخطا والنبال بالرماح فإنكم بعين الله ومع ابن عم نبيه. تاريخ دمشق
قال سري: من تزين للناس بما ليس فيه سقط من عين الله. تاريخ دمشق
قال سفيان بن عيينة: دخلت على هارون أمير المؤمنين فقال: أي شيء خبرك يا سفيان؟ فقلت:
بعين الله ما تخفي البيوت ... فقد طال التحمل والسكوت
فقال: يا فلان مئة ألف لابن عيينة تغنيه وتغني عقبه ولا ينقص بيت مال المسلمين من ذلك. تاريخ دمشق
عن عائشة بنت أبي عثمان سعيد بن إسماعيل الحيري النيسابوري
أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي قال كانت عائشة بنت أبي عثمان من أزهد أولاد أبي عثمان وأورعهم وأحسنهم حالا ووقتا وكانت مجابة الدعوة سمعت ابنتها أم أحمد بنت عائشة تقول قالت لي أمي لا تفرحي بفان و لا تجزعي من ذاهب و افرحي بالله عزوجل و اجزعي من سقوطك من عين الله عزوجل. صفوة الصفوة
تمثل السري يوما:
فها سوأتا والله راء وسامع ... لعبد بعين الله يغشى المعاصيا
ذم الهوى لابن الجوزي
أما ذكر العينين في آثار السلف فأنا الآن أطلبه منك و لا أقول أريد ألف أثر بعدد ما ورد في صفة اليدين و لا نصف ذلك و لا ربع ذلك و لا عشر ذلك و لكن عشر عشر ذلك فإن أتيتني بعشرة آثار عن السلف ممن قبل القرن الرابع يصرحون بذكر العينين في معرض كلامهم أيا ً كان فستكون قد زودتني ببحث نفيس و قول أنيس.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/187)
لن تجده الا في كتاب ابن خزيمة و اللالكائي والدارمي و ابن القيم وابن تيمية وابن عثيمين رحم الله الجميع و نفعنا بعلمهم و لن تجده بلفظ " عيني الله " أو " عينيه تعالى " ولكن ستجده بلفظ " إن لله عينين " فقط على أغلب الأحوال لأنه لا يذكر فيها آثار السلف التي تتحدث عن تلك الصفة و إنما يذكر فيها " التقرير " وحسب " إن لله عينين ".
أما آثار السلف فلا أظنك ستظفر بشيء الا ما شاء الله , والله على كل شيء قدير.
والله يوفقني واياك.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[10 - 07 - 07, 10:50 ص]ـ
الأخ أبو حمزة الشمالي
لو أعدت النظر في كلامك فسيتضح لك إن شاء الله ما فيه من خطأ، وذلك من أوجه:
أولا: شيخ الإسلام ابن تيمية أيضا نقل إجماع السلف على إثبات صفة العينين، فإن سلمنا جدلا أن الإجماع الذي نقله أبو الحسن الأشعري خطأ؛ لأنه لم يكن خبيرا بأقوال السلف، فهل ترى أن هذا وارد على شيخ الإسلام أيضا؟
ثانيا: أنت تطلب منا أن نذكر لك قائلا قبل ابن خزيمة واللالكائي والدارمي ... إلخ
فنقول: مِن قبل هؤلاء نص على ذلك ابن قتيبة الملقب بخطيب أهل السنة، ومحمد بن نصر المروزي أحد أكابر أئمة أهل السنة أيضا، ونص عليها أيضا الإمام أبو إسماعيل الهروي حامل لواء الدفاع عن السنة في عصره.
ثم إني أتعجب من سؤالك حقيقة، فإذا كان هؤلاء الأئمة جميعا قد نقلوا ذلك وبعضهم نقل الإجماع عليه، فهل يُقبل التشكيك في هذه العقيدة لمجرد احتمال خطر على القلب؟
المتوقع منك إذا أردت أن تخالف هؤلاء أن تأتي بنص صريح عن أحد ممن سبقهم قد خالفهم، وهذا ما لم تفعله، وأما ما ذكرته عن الشافعي والبيهقي فليس في كلامهم أدنى إشارة لفهمك، بل غايته أن يكون كلاما محتملا فلا يعارض به تصريح هؤلاء، ولو كان استدلالك بكلام الشافعي والبيهقي صحيحا فقد كان يغنيك الاستدلال بنصوص القرآن فهم لم يزيدوا عليها.
ثالثا: كلامك في التخريج اللغوي لكلمة (العور) غير صحيح بالمرة، ولو نظرت في جميع كتب اللغة فلن تجد شاهدا لما تقول، فأهل اللغة اتفقوا على أن العور هو إصابة إحدى العينين، ولا يمكن أن يطلق ذلك على من ليس له إلا عين واحدة أو أعين كثيرة، وأصل اشتقاق العور من الاعتوار وهو التداول أو التناوب، وذلك لا يكون إلا في شيئين.
رابعا: القسمة العقلية الحاصرة تقتضي أن يكون المراد بصفة العين: (عينا واحدة) أو (عينين) أو (ثلاثة أعين فأكثر)، ومن الباطل المقطوع ببطلانه أن يكون الأول هو المقصود؛ لأن العين الواحدة عور ظاهر عند جميع العقلاء، والرسول عليه الصلاة والسلام ذكر أن الله ليس بأعور، ومن الباطل المقطوع ببطلانه أيضا أن يكون لله أعينا كثيرة؛ لأن ذلك لم يقله أحد على الإطلاق لا من السلف ولا من الخلف إلا ابن حزم فيما شذ فيه مما لم يوافقه عليه أحد، وقوله في ذلك نظير قوله في صفة اليد وأن الواجب إثبات يد ويدين وأيديا، فهو يتكلم من أصل واحد بنى عليه اعتقاده؛ فإن صح أصله وجب قبول كلامه في البابين، وإن فسد أصله بطل كلامه في البابين، فتأمل.
خامسا: أنت طعنت في الاستدلال بظواهر النصوص مثل (إن ربكم ليس بأعور) وغيره بأنها ليست نصا في محل النزاع، فنقول: يحتمل أن يكون هذا صحيحا، فليست نصا في محل النزاع، ولكنها ظاهرة في محل النزاع، وتأيد هذا الظاهر في عدة أحاديث، فلو كان هذا الظاهر غير مراد لوُجد في النصوص الشرعية بيان ذلك، ولو كان هذا الظاهر غير مراد لوجد في السلف من يبين ذلك، ولو كان هذا الظاهر غير مراد لما نقل غير واحد اتفاق السلف عليه، فتأمل هذا أخي الكريم، فإن الحجية تثبت بما هو دون ذلك.
ـ[أبو عبد الرحمن السعدي]ــــــــ[10 - 07 - 07, 02:53 م]ـ
الأخ أبو حمزة الشمالي
لو أعدت النظر في كلامك فسيتضح لك إن شاء الله ما فيه من خطأ، وذلك من أوجه:
وفقك الله أبا مالك
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[11 - 07 - 07, 07:57 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته:
أخي الكريم العوضي بارك الله فيك ...
العجب كل العجب أن يرد اجماع في صفة من صفات الله التي إنما هي أس العقيدة و منتهى غايتها ثم لا يرد فيه أثر لا عن صحابي و لا عن تابعي و قد ورد في نظائر تلك الصفة مثل صفة اليدين ما نعلم من آثار عن " أهل الاجماع " من سلف الأمة من الصحابة والتابعين فكيف لا يرد في ذلك شيء حتى في معرض الكلام ولا أقول في معرض النقاش لكي لا يقول قائل بأن هذه الامور لم تكن مطروقة للنقاش زمن الصحابة والتابعين أفلا يرد أثر يقول فيه صحابي أو تابعي شيئا فيه صراحة وصف الله بأن له عينين؟؟
كأن يقول مضيت بعيني الله؟
حرستك عيني الإله؟
أو شيء كهذا!!!.
واجماع على أمر " ليس من حوادث الأمور " في ذاته لم يرد في المجمعين أثر عن صحابي أو تابعي ناهيك عتهم كلهم اجماع فيه من الصورية والتجوز ما فيه و لو نقله من نقله.
ومذهب الصحابة والتابعين كان كمذهب الشافعي الاجمال حتى يصرف النص بالتفصيل.
نرفض " مفهوم المخالفة " في كثير من مسائل الفقه ثم نبني عليه عقيدة في صفة " ذاتية " لله؟!
بل ونجعل ذلك مسلما لا يحل خلافه؟
واللغة أخي الفاضل لو أعدت النظر و أنت خير مني فيها فأنت من أهلها لا تقول بما تجزم أنت به فالتناوب و التداول يحدث بين أكثر من اثنين و إنما سميت الدولة دولة لأنه يتداولها الناس بعد الناس.
فإن أثبت لي في اللغة أن العور لا يطلق الا على من فقد عينا من عينين سلمت لك بما تقول.
و إن أثبت أن الذي فقد عينا من عدة أعين لا يسمى أعور العين سلمت لك بما تقول.
بارك الله فيك و وفقني واياك لما يحب و يرضى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/188)
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[11 - 07 - 07, 08:27 م]ـ
أخي الكريم
إنما لم يرد ذلك عنهم تصريحا لأنهم ما كانوا يستشكلون التعبير عن العينين بالأعين ولا بالعين، كما لم يرد عن أحد منهم أنه استشكل الإفراد في اليد، ولا الجمع فيها.
وقد تكلم الإمام أحمد بأشياء كثيرة في الرد على الجهمية لم يتكلم فيها أحد من الصحابة لأنهم لم يكونوا يستشكلونها أصلا حتى يصرحوا بها، فأين في كلام الصحابة أن (القرآن غير مخلوق)، وأن (الله في السماء بذاته) وأن (كلام الله قديم النوع حادث الآحاد) ... إلى آخر ذلك.
وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية أن الله عز وجل ييسر من أهل العلم من يرد على المبتدعة في كل عصر بما يرد شبههم ويبين الحق من الباطل؛ لأن كل عصر له شبهه، وكل مبتدع له رد.
وأما مسألة اللغة العربية، فأنا ما قلت قولي إلا بعد النظر في كتب اللغة، وهذا ما وجدتُه فيها، فإن كنت تعتقد خلاف ذلك فأنت المطالب بالإثبات لا أنا؛ لأنك تدعي معنى في العور لم يقله أحد، فإن كان قاله أحد فتفضل بذكره، وإن كان لم يقله أحد ثبت أنه معنى باطل لا يصح حمل كلام الله ورسوله عليه، وإن أردت أن أنقل لك من كتب اللغة شيئا من ذلك فأبشر.
وإذا كنت تعجب من إجماع في مسألة من العقيدة وليس فيها أثر عن الصحابة، فإن العجب من قولك أكبر وأكبر؛ لأن قولك هذا لم يرد فيه أيضا أثر عن أحد من الصحابة ولا من التابعين، ولا من الأئمة المعتبرين، ولم يذكره أحد من المتقدمين، ولم ينسبه أحد إلى عالم من علماء السلف، بل ولا حتى إلى أحد من النظار المتكلمين، فضلا عن أن يحكى عليه الإجماع من جمع كبير من أهل العلم المؤتمنين على عقائد المسلمين.
وأما قولك (إن مذهب الصحابة والتابعين كان كمذهب الشافعي الإجمال حتى يصرف النص بالتفصيل) فهذا مصادرة على المطلوب؛ لأننا ذكرنا لك جمعا من أهل العلم حكى إجماع السلف على ضد ذلك، ولم تأت بما يخالف ذلك صريحا عن أحد من أهل العلم، وأتيت بكلام مبهم محتمل مجمل، ومن الباطل المتيقن بطلانه أن يكون الكلام المبهم حجة على الكلام الواضح الصريح.
ولو كان عن أحد من السلف في ذلك خلاف فعلي لنقل ذلك حتى لو لم يكن من المشهورين، فضلا عن أن يكون من الأئمة المتبوعين كالشافعي رحمه الله، ولا أظنك تجهل سعة علم هؤلاء العلماء الذين حكوا إجماع السلف في ذلك أو حكوا بعض أقوالهم، وقد عرف كثير منهم بالموسوعية في النقل ومعرفة الأقوال، مثل محمد بن نصر المروزي من المتقدمين، وابن تيمية من المتأخرين، ولا أظنك تحسب هذه الأقوال التي حكيتها عن الشافعي والبيهقي تخفى على أمثال ابن تيمية.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[11 - 07 - 07, 08:58 م]ـ
من باب الفائدة انظر هنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=85843
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[13 - 07 - 07, 06:53 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله و بركاته:
حياك الله أخي الفاضل:
قولك " لأنهم ما كانوا يستشكلون التعبير عن العينين بالأعين ولا بالعين، كما لم يرد عن أحد منهم أنه استشكل الإفراد في اليد، ولا الجمع فيها."
سبق لي و أن علقت على هذه النقطة فقلت في ردي رقم 9
" المفرد في اللغة يأتي و له معنى " العدد " أو " الجنس "
الجنس كقولك: رأيته بعين رأسي. أي ببصري و نظري و هذا لا يعني أن لك عين واحدة.
العدد كقوله تعالى: " العين بالعين " أي كل عين يقابلها عين.
و قد يحتمل الإفراد هذه أو تلك.
الجمع له معنى التعظيم أو الشدة والقوة كقوله تعالى " و السماء بنيناها بأيد ٍ "
و قد تأتي بمعنى الجمع: كقولك " الاياس مما في أيدي الناس ".
و قد يحمل على هذه و تلك.
تبقى التثنية؟
كقوله تعالى " بل يداه مبسوطتان "
التثنية لا أعرف - حسب قاصر علمي - أن لها في اللغة معناً غير " العدد " "
لهذا لم يستشكل ذلك أحد في حال الافراد والجمع أما التثنية فليست كذلك.
أما قولك أن الامام احمد تحدث في شيء لم يتحدث به الصحابة فقد نوهت عن هذه النقطة في ردي عليك حيث قلت " واجماع على أمر " ليس من حوادث الأمور " في ذاته لم يرد في المجمعين أثر عن صحابي أو تابعي ناهيك عتهم كلهم ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/189)
فالقول بأن لله يدين ظاهر المعنى لا يحتاج إلى استقصاء ولهذا صرح الصحابة والتابعون بذكر اليدين في معرض كلامهم و مواعظهم دون أن يروا بأن ذلك تكلف في الاستنباط مما لا يدركه عوام الناس وكذلك الحال بالنسبة لصفة العينين فلو كانوا يعتقدون ثبوتها لصرحوا بالتثنية في معرض كلامهم دون أن يروا بأن في ذلك تعمق و تكلف على فهوم العامة لأن أمر تثنية الصفة ظاهر واضح فإذا ثبت تكلم به العامي و العالم و صرح به وهذا هو الفرق بين صفة تثنية العينين و بين ما تكلم فيه أحمد في رده على الجهمية.
و بالنسبة لمسألة اللغة فكذلك اطلعت ايضا قبل أن أتكلم كما اطلعت أنت و قد وجدت أن كلمة عور و عوار تطلق على معانٍ كثيرة حتى قال بعض أهل اللغة أنها تطلق على الأحول و على الغراب و على الرجل الناقص الأخلاق و على البئر المطمورة و تجد هذا في المعاجم و سبق أن سقت ما يكفى للاستشهاد على ما عنيث وهو قول صاحب لسان العرب:
ومنه قول الشاعر:
فجاء إليها كاسرا جفن عينه فقلت له من عار عينك عنتره؟
يقول من أصابها بعوار؟. انتهى
ففي هذا دليل واضح أن صفة " العور " تطلق على " مفرد العين " أي أن كل عين طافية هي عين عوراء و لو كانت صفة العوار تطلق على البصر كافة للزم اطلاق صفة العور على البصر أو العينين فلا يقال " عين عوراء " و نظير ذلك قوله " رجل أعرج " و " قدم عرجاء " فكذلك يطلق على البعير بأنه أعرج مع أن له أكثر من رجلين اثنتين لأن صفة " العرجه " تطلق على العضو نفسه وليس على مجمل منفعته وهي المشي على قدمين.
وكتب اللغة طافحة بمعانٍ كثيرة لكلمة " عور " أنقل بعضها من اللسان (4/ 612):
" (عور) العور ذهاب حس إحدى العينين وقد عور عورا وعار يعار واعور وهو أعور صحت العين في عور لأنه في معنى ما لا بد من صحته وهو أعور بين العور والجمع عور وعوران وأعور الله عين فلان وعورها وربما قالوا عرت عينه وعورت عينه واعورت إذا ذهب بصرها "
" الأزهري رأيت في البادية امرأة عوراء يقال لها حولاء قال والعرب تقول للأحول العين أعور وللمرأة الحولاء هي عوراء ويسمى الغراب عويرا على ترخيم التصغير قال سمي الغراب أعور ويصاح به فيقال عوير عوير وأنشد وصحاح العيون يدعون عورا وقوله أنشده ثعلب ومنهل أعور إحدى العينين بصير أخرى وأصم الأذنين فسره فقال معنى أعور إحدى العينين أي فيه بئران فذهبت واحدة فذلك معنى قوله أعور إحدى العينين وبقيت واحدة فذلك معنى قوله بصير أخرى وقوله أصم الأذنين أي ليس يسمع فيه صدى قال شمر عورت عيون المياه إذا دفنتها وسددتها وعورت الركية إذا كبستها بالتراب حتى تنسد عيونها وفلاة عوراء لا ماء بها وعور عين الراكية أفسدها حتى نضب الماء وفي حديث عمر وذكر امرأ القيس فقال افتقر عن معان عور العور جمع أعور وعوراء وأراد به المعاني الغامضة الدقيقة وهو من عورت الركية وأعرتها وعرتها إذا طممتها وسددت أعينها التي ينبع منها الماء "
وفي قوله " عورت عيون المياه إذا دفنتها وسددتها وعورت الركية إذا كبستها بالتراب حتى تنسد عيونها " دليل على أن صفة العوار تطلق على الشيء الذي له أكثر من عين عند ذهاب أكثر أعينه أو كلها حيث قال " حتى تنسد عيونها " ولو كانت صفة العوار في اللغة لا تطلق الا على الذي فقد عينا من عينين سواء كانت حقيقية أو مجازية لما جاز قولهم هذا.
وفي نفس المصدر قال:
" وعائر العين ما يملؤها من المال حتى يكاد يعورها وعليه من المال عائرة عينين وعيرة عينين كلاهما عن اللحياني أي ما يكاد من كثرته يفقأ عينيه وقال مرة يريد الكثرة كأنه يملأ بصره قال أبو عبيد يقال للرجل إذا كثر ماله ترد على فلان عائرة عين وعائرة عينين أي ترد عليه إبل كثيرة كأنها من كثرتها تملأ العينين حتى تكاد تعورهما أي تفقؤهما "
ففي هذا دليل على أن العرب تطلق لفظ عار بمعنى فقأ عين عوراء أي مفقوءة حيث قال كما في النقل السابق " حتى تكاد تعورهما أي تفقؤهما "
فيجوز وصف العينين المفقوئتين بأنهما عوراوين فإن جاز ذلك مع ذهاب كل البصر جاز ذلك مع ذهاب بعضه و بقاء بعض لمن كان له أكثر من عين كما نقلت في اطلاق العور على الطمر للبئر.
و في المصدر نفسه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/190)
" والعوار الرمد والعوار الرمص الذي في الحدقة والعوار اللحم الذي ينزع من العين بعدما يذر عليه الذرور وهو من ذلك والعوراء الكلمة القبيحة أو الفعلة القبيحة "
و فيه:
" لما اعترض أبو لهب على النبي صلى الله عليه و سلم عند إظهار الدعوة قال له أبو طالب يا أعور ما أنت وهذا؟ لم يكن أبو لهب أعور ولكن العرب تقول الذي ليس له أخ من أمه وأبيه أعور وقيل إنهم يقولون للرديء من كل شيء من الأمور والأخلاق أعور وللمؤنث منه عوراء والأعور الضعيف الجبان البليد الذي لا يدل ولا يندل ولا خير فيه "
" والعوار بفتح العين وضمها خرق أو شق في الثوب وقيل هو عيب فيه فلم يعين ذلك قال ذو الرمة تبين نسبة المزني لؤما كما بينت في الأدم العوارا وفي حديث الزكاة لا تؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عوار قال ابن الأثير العوار بالفتح العيب وقد يضم والعورة الخلل في الثغر وغيره "
و أما قولك " وإذا كنت تعجب من إجماع في مسألة من العقيدة وليس فيها أثر عن الصحابة، فإن العجب من قولك أكبر وأكبر؛ لأن قولك هذا لم يرد فيه أيضا أثر عن أحد من الصحابة ولا من التابعين، ولا من الأئمة المعتبرين، ولم يذكره أحد من المتقدمين، ولم ينسبه أحد إلى عالم من علماء السلف، "
أنا لم أزعم الاجماع ولكني قلت بأن هذا هو مذهب الصحابة في الصفات عموما لا يفصلون حتى يرد الدليل و الا فيجملون الصفة و قد قال بما قلت به الشافعي حيث أجمل في صفة الاصبع ثم نفى عن الله ما نفى عن نفسه فقال وربنا ليس بأعور مع أنه قبلها فصل في صفة اليدين حيث قال بأن لله يدين ثم زاد ذلك تفصيلا فقال وله يمين فلو كان يقول بتثنية صفة العين لفصل ولكنه لم يثبت في فهمه أن نفي صفة العوار اثبات للتثنية والشافعي هو سيد الاستنباط.
فأنا على الأصل و من ترك الأصل هو الذي يطالب بالدليل فالأصل أنه لا تفصيل لمجمل حتى يرد ما يفصله من آية أو أثر ولو كان حديث الدجال مفصلا لورد ولو عن صحابي أو تابعي القول بمقتضاه على الأقل وليس التصريح به ولكن ذلك لم يرد فمن ترك الأصل هو الذي يأتي بالدليل فأنا أقول لا دليل على التثنية و أنت تقول بلا فأنت من يطالب باثبات أن الصحابة كانوا يقولون بذلك مع أنه لم يثبت عنهم ذلك وهم الذين رووا دليلك الذي أنت تبني عليه معتقدا هم لم يعتقدوه مع أنهم نقلوا دليله الذي تتمسك أنت به فلم يقل أحد منهم لا معرضا و لا حاكيا و لا مناقشا و لا مقررا بأن لله عينين.
وقولك:
" ولا أظنك تحسب هذه الأقوال التي حكيتها عن الشافعي والبيهقي تخفى على أمثال ابن تيمية."
لست أنا ولا من هو خير مني بشسع نعال من ذكرت أنت ممن نقل الاجماع ولكن للعلم أصول نمشي عليها كما مشوا هم قبلنا وكما قال ابن تيمية رحمه الله بفناء النار لأن الأثر الذي قال فيه عمر: " لو لبث أهل النار في النار قدر رمل عالج لكان لهم يوم يخرجون منها" أو أثر نحوه رواه الحسن عن ثابت البناني عن حماد أو نحو ذلك فقال الشيخ هذا أثر رواه أئمة الاسلام وهم الذين ينكرون البدعة ولم ينكروه بل نقلوه و سكتوا عنه فجعل ذلك قرينة على أن القول بفناء النار أمر مشتهر في زمانهم وليس بمحدث أحدثه هو أو المتأخرين و تجد كلامه في الفتاوى.
و أنا الآن أطالب بمثل هذا!
أقول إن كان مشتهرا أن لله عينين فأريد نصا صريحا في ذلك منقول عن صحابي واحد - كأضعف الايمان - تناقله الأئمة ليثبت لي شهرة هذا القول - دع عنك الاجماع عليه - في زمن الصحابة والتابعين.
كيف يرد الاجماع وتنتفى الآثار نفيا مطلقا تماما بكل معنى الكلمة؟؟؟
أترك دواوين الاسلام كلها و ألغي كل أصول الطلب و الاستشهاد و أقول ذكر فلان الاجماع فهو الدين و لا غيره؟؟؟
كيف يجمع الصحابة على أن لله عينين ثم لا يرد عن أحد منهم وصف الله بذلك؟؟؟
أم أنه سر دفين و علم لا ينبغي اظهاره للعامة؟
إن كان الصحابة تكلموا في أحاديث و نقلوها ذكر فيها الكرسي و العرش و اليد و القدم و الصوت ثم يسكتون عن هذه الصفة الظاهرة الغير مشكلة على فهوم الناس صمتا مطلقا مطبقا لا ينبسون بها ببنت شفه؟؟؟
سبحان الله!
وفقني الله و إياك لما يحب و يرضى
والله أعلم
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[13 - 07 - 07, 08:27 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/191)
أما قولك أن الامام احمد تحدث في شيء لم يتحدث به الصحابة فقد نوهت عن هذه النقطة في ردي عليك حيث قلت " واجماع على أمر " ليس من حوادث الأمور " في ذاته لم يرد في المجمعين
الحمد لله وحده ...
هذا الموضع من كلام الأخ أبي حمزة فيه إشباه، فهو يحتمل معنيين (أحدهما باطل)، فيجب أن يتحدد المعنى المراد.
وأنا أقطع إن شاء الله أن الأخ أبا حمزة يريد المعنى الحق، ولكن عدم النص عليه ربما يجعل الذهن يسبق إلى الآخر في ثنايا الحوار، فلزم التنبيه.
فالمعنى الأول: أن الإمام أحمد حين تكلّم بما لم يتكلّم به الصحابة كان ما تكلّم به على غير ما يعتقدون، أو زائدًا أو ناقصًا عليه.
والمعنى الثاني: أن الإمام أحمد إنما تكلّم بعين العقيدة التي اعتقدها الصحابة والتابعون، لم يزد ولم ينقص، وليس الأمر إلا في الألفاظ والتعبيرات فقط.
** وأن الإمام ما تكلّم إلا بعقيدة أهل السنّة التي اعتقدها الصحابة والتابعون وتابعوهم.
** وأن هذه العقيدة مجمعٌ على معناها (دون لفظها) بين الصحابة وسائر السّلف لا يختلفون فيها.
** وأن أهل العلم من أهل السنّة على مر العصور لا يعتقدون خلاف هذه العقيدة.
** ولكن اضطُّر أئمّة أهل السنّة والجماعة إلى التكلّم بألفاظ لم ترد عن السّلف بما يتناسب مع تشقيقات وتفريعات المبتدعة.
** أو بالحدّ الذي يرفع الجهل، ويكشف معاني عقائد الصحابة والسّلف بعد أن أسلم أقوام كُثر لا يفهمون لسان العرب.
** وقد كانت هذه العقيدة مفهومة لكلّ عربي موحّد سليم الفطرة قبل ذلك، ولم يكن للمبتدعة فيها كلام ولا جدال؛ فلم يتكلّم أحدٌ من السّلف بهذه الألفاظ المخصوصة؛ بل لم يخطر ببالهم الكلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقول: أما المعنى الأوّل فهو الضلال المبين، ولا أرى أن أحدًا ينتسب إلى لسنّة يجرؤ على القول به.
فإن كان الحق هو المعنى الثاني فحسب علمنا يقينًا:
== أن الإمام أحمد وغيره من أهل السنّة والجماعة الذين تكلموا بهذه الألفاظ لم يزيدوا على حكاية المعاني التي اعتقدها السّلف بشيءٍ من التفصيل، وألفاظ يفهمها من قصر عن إدراك لسان العرب.
== أنّ أهل السنّة والجماعة ممن جاء بعد عصر السلف حين أجمعوا على هذه (الألفاظ) غير المعهودة لم يخالفوا من قبلهم، ولا جاءوا بما لم يعتقده الأوائل من المُحدثات، وحاشاهم.
بل؛ أجمعوا على (لفظٍ) كان السّلف قد أجمعوا على (معناه).
_______________
مثال:
الإجماع على أنّ: (الله فوق العرش بذاته)
وأنّ: (يد الله يد حقيقية)، ونحوها من الصفات.
وأنّ: (القرآن كلام الله غير مخلوق).
وأنّ: (الله عز وجل في كل مكان بعلمه).
وأنّ: (الله تعالى بائن من خلقه).
فهذه خمس ألفاظ لم ترد واحدة منها عن واحد من السّلف، ومع ذلك فقد أجمع عليها أهل السنّة،
وحين أجمعوا على (الألفاظ) إنما أجمعوا على نفس (المعنى) الذي أجمع عليه السّلف.
ولكنهم تكلموا بالألفاظ المخصوصة لا لخلل في اختيار السلف للفظ الدال على المعنى، أو لعدم كفاية ألفاظ الكتاب و السنّة؛ ولكن ردًّا على تشقيقات وتفريعات المبتدعة، وحتى يفهم من دخلتْ عليه الشبهة معاني عقائد السلف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
فالمقصود: أنه ليس في كلام أهل السنّة في العقائد ما يقال عنه (من حوادث الأمور)، خاصّة باب صفات الرب تبارك وتعالى وعزّ وجلّ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأختم بأن أقول: كما سلّمنا بهذه الألفاظ وصحّحنا إجماع أهل السنّة عليها (وهو اللازم)، فيجب على كلّ سنّي أن يصحح إجماع أهل السنّة على غيرها.
وهذا نحن رجعنا إلى مدلولات العور أو الاعتوار في اللغة، وهل هو التداول بين شيئين فحسب أم أكثر؟
وقد كان لنا في التزام الإجماع غنية، فهو كافينا إن شاء الله.
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[13 - 07 - 07, 08:53 م]ـ
الحمد لله وحده ...
وأما أنه لم يرد عن بعض المجمعين ذلك (اللفظ المخصوص) الذي حُكي الإجماع به فلا أدري هل يشترط أخونا ذلك لصحة الإجماع أم ماذا؟
وبماذا يجيب لو قال له قائل: (كذلك لم يرد عن واحد من السلف أنه قال: اليد حقيقية) فلا أسلّم بالإجماع حتى يرد عن أحدهم؟
أترك دواوين الاسلام كلها و ألغي كل أصول الطلب و الاستشهاد و أقول ذكر فلان الاجماع فهو الدين و لا غيره؟؟؟
الإجماع أصل أصيل من أصول الاحتجاج والاستشهاد والطلب والدين والملّة، ولا يكون سنيّا إلا من يقول بالإجماع مع الكتاب والسنّة.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[13 - 07 - 07, 10:31 م]ـ
أخي الشمالي
نحن الآن اختلفنا في هذه المسألة، فهل هذا الخلاف قديم أو معاصر؟
إن قلت: إنه قديم، فأتني بواحد من أهل العلم قديما ذكر أن العلماء اختلفوا في هذه المسألة، وإن قلت: بل الخلاف معاصر، فقد كفيتنا المئونة.
وظاهر كلامك - الذي أتمنى أنك لا تقصده - أن الصحابة والتابعين أجمعوا على قول، ثم جاء ابن قتيبة وابن نصر والدارمي والأشعري واللالكائي والهروي وابن تيمية وغيرهم فجهلوا هذا الإجماع، بل أجمعوا على عكس قولهم!!
وتصوُّر هذا الأمر فقط كاف في بيان فساده عن إفساده.
وأنا أحلتُك على رابط لبيان أن الجمع يطلق على التثنية كثيرا عند العرب، وخاصة في مثل (اليدين) و (العينين)، فلذلك لم يستشكلها أحد من الصحابة أو التابعين أصلا حتى يصرحوا بها، ولو كان عندهم فرق بين الصفتين - كما تفرق أنت - لظهر ذلك ونقل عنهم وبينوه بيانا شافيا؛ لأن وجود الفرق مظنة البيان والتوضيح، أما عدم وجود الفرق فليس مظنة لذلك، فتأمل!
ولقد نصحتُك من قبل أن لا تعزو قولك هذا للشافعي وغيره؛ لأنهم لم يقولوا بقولك، ولكن هذا فهمك أنت لقولهم، ونحن نخالفك في هذا الفهم.
وأريدك أن تعيد النظر في قواعدك التي تبني عليها كلامك، فهي قواعد خطيرة جدا تقلب عقيدة أهل السنة رأسا على عقب!!
فبناء على قولك أيضا يكفينا الإيمان الإجمالي بأن القرآن كلام الله، ولا نصرح بأنه مخلوق أو غير مخلوق، وقد صرح أئمة السلف - ومنهم الإمام أحمد - بأن من يقول ذلك فهو جهمي!
والمفوضة المعاصرون أيضا يبنون كلامهم على قواعد شبيهة بقواعدك، فتنبه!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/192)
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[14 - 07 - 07, 01:22 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته:
أخي الفاضل:
لا داعي لكل هذا التشتيت و كيل التهم فنحن نناقش جزئيات معينه نرجو الالتزام بها و الا فلنترك النقاش فهو خير لنا.
كلامي عن كلام الامام أحمد واضح لا يحتاج إلى كل تلك التعقيدات و التقسيمات التي توردها فالمعنى ببساطة شديدة هو:
أن أحمد تكلم في أمور " الكلام فيها حادث " لأنها كانت من التعمق و التكلف بحيث لا يناقشها الناس و إن كانوا لا يجهلون معناها - على الأقل الصحابة - ولهذا لم يشتهر القول بها ولا بمصطلحاتها كالعلو و خلق القران و غير ذلك ولكن في صفة العينين المسألة متعلقة بـ " عدد " عين أو عينان أو أعين و هذه لا تحتاج إلى تكلف و ليس فيها تعمق لكي نقول لم تشتهر على ألسنة الصحابة والتابعين لأجل ذلك فحتى صبية الكتاب إذا قيل لهم بأن لله عينين قالوا بذلك وتحدثوا بمقتضاه و اشتهر بينهم و جاء على ألسنتهم مثل " الله ناظر بعينيه الينا " و " لا تعص الله وهو يراك بعينيه " ونحو ذلك و لكن هذا لم يرد على ألسنة الصحابة ولا التابعين على الرغم من بساطته و سهولته فلو ثبت الاعتقاد به عندهم فلماذا تركوه و تركوا التحدث به؟؟؟.
وضربت مثالا لذلك " صفة اليدين " ثبتت فانتشر القول بها بينهم.
هذا هو المعنى ببساطة بلا أولا و بلا ثانيا.
و ألخص كلامي في أن الاجماع على المعنى في الشيء الذي لا يكون في التصريح بمعناه تعمق و لا تكلف يلزم منه اشتهار التصريح بذلك المعنى المجمع عليه.
فما التعمق في قولنا أن لله عينين؟؟؟ لكي يجمع الصحابة و التابعون عليه اجماعا معنويا لا يرد له تصريح به؟؟
أجمعوا ثم سكتوا!!!
ما الذي سيحدث لعوام المسلمين لو قال الصحابة والتابعون " إن لله عينين "؟؟؟
قالوا بأن له ساق و قدم و صوت ينادي به يوم القيامة و كرسي يجلس عليه يوم القضاء! ثم يكتمون العينين؟؟؟
والذين نقلوا لنا الاجماع لماذا لم ينقلوا لنا ولو نصا واحدا عن صحابي أو تابعي؟؟
سبحان الله!.
كل من ذكرت ممن نقل الاجماع هم على أم راسي و لكن اجماعهم " ممحوق المعالم " لا أثر له حيث نقلوه عن عشرات الالوف من الصحابة و اضعافهم من التابعين ثم لم يرد عن كل تلك الجموع أثر واحد يصدق ذلك الاجماع السري!.
وقولك يا أخي " وأنا أحلتُك على رابط لبيان أن الجمع يطلق على التثنية كثيرا عند العرب، وخاصة في مثل (اليدين) و (العينين)، فلذلك لم يستشكلها أحد من الصحابة أو التابعين أصلا حتى يصرحوا بها، "
هذا يشهد عليك وليس لك فإن لم يستشكلها الصحابة والتابعون فلماذا لم يتكلموا بهذه الصفة و لماذا لا نجدها تجري على ألسنتهم كما جرت صفة اليدين فإن كانت سهلة واضحة بينة لا اشكال ولا تعمق فيها لماذا لم ترد في معرض كلامهم على شتى صروفه حكاية و وعظا و تعليما؟؟؟
أم أن التكلم بها محرم و الايمان بها واجب؟؟؟
هذا ما كنت أعنيه.
و قولك: " فبناء على قولك أيضا يكفينا الإيمان الإجمالي بأن القرآن كلام الله، ولا نصرح بأنه مخلوق أو غير مخلوق، وقد صرح أئمة السلف - ومنهم الإمام أحمد - بأن من يقول ذلك فهو جهمي! "
هذه شبهة قاطع طريق يريد بها قطع الطلريق على المناظر والا فقد قلت سابقا بأن الاجمال لا نتجاوزه الا بدليل يفصل وفي مسألة خلق القران رد أحمد وغيره بنصوص تخصص حيث قال " تدمر كل شيء " هل دمرت كل شئ؟
واستشهدوا بقوله عليه السلام " أعوذ بكلمات الله التامات " فهل يستعاذ بمخلوق؟؟؟ ونحو ذلك من النصوص التي تخصص قوله " خالق كل شيء "
وقولهم مجعول رد عليه بقوله " فجعلهم كعصف مأكول " هل خلقهم كذلك؟؟؟ ونحو ذلك.
فهم خصصوا بالأدلة و فصلوا بها وليس بالمفاهيم التي يقبل مخالفة القول بها جمع من أهل العلم في مسائل الاستنجاء والاستجمار فكيف بالعقيدة بل أن الأحناف لا يرون القول بمفهوم المخالفة مطلقا ً!.
فلا ينبغي أن نكون أهل حدة و جفاء في الأخذ والرد فالأمر ألين مما هو عليه في عقول كثير من الناس.
والله ولي التوفيق
.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[16 - 07 - 07, 04:08 ص]ـ
موضوع مشابه
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=13981
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[16 - 07 - 07, 03:05 م]ـ
الحمد لله وحده ...
أخي الحبيب الشيخ عبد الرحمن السديس زاده الله عزًّا.
أحسنتَ بالإحاالة على مليء، وأسأل الله لي ولك دوام التوفيق والإعانة.
جزاك الله خيرًا.
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[24 - 07 - 07, 01:01 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته:
إن كان فيها مليء فليأت ينثر ما بين أضلعه ها هنا و الناس يرون و يحكمون! ...
أو فأت أنت بما ملأ عينك من قوله ها هنا , إن كنت تعرف الغث من السمين فلا تكتمنا علما وجدته ..
فإني لم أجد فيما أحيل اليه شيئا جديدا ترجح به كفة الميزان ... يا أزهري!.
وفقنا الله واياك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/193)
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[24 - 07 - 07, 04:04 م]ـ
الحمد لله وحده ...
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته.
يا شمالي!
المليء عندي هو الشيخ البراك لا أنّ الكلام هناك فيه كثير زيادة على ما هنا ..
ولك الحق أن تظنّ أنني عنيت بالمليء الكلام هناك، لا المتكلم ..
ولم لا وأنت تعلم أن كل أهل العلم الأقحاح من المعاصرين على القول الذي تنكره ..
وتعلم أن الإجماع قد نقله كبار أهل السنّة والجماعة ..
ومنهم ابن تيمية ـ (على ما قال أبو مالك) ـ، وهو الذي لم يجرؤ أحد قطّ أن يقدح في عزوه وحفظه لأقوال الفرق ومذاهب الناس، الموالف منهم والمخالف، اللهم إلا بعض الرعاع الفجرة المعاصرين ..
فكيف بنقله الإجماع؟؟!!
ومع علمك بذلك فأنت لا تستحيي من المخالفة!
وتقول بكل براءة:
أترك دواوين الاسلام كلها و ألغي كل أصول الطلب و الاستشهاد و أقول ذكر فلان الاجماع فهو الدين و لا غيره؟؟؟
وهذا يُوهم القارئ أنك وجدتَ في دواوين الإسلام أن الله بعين واحدة أو بأكثر من عين!!
أو أن أصول الطلب اضطرتك إلى ذلك!
أي أصول طلب يا صاحبي تلك التي لا تتقيّد بالإجماع؟
عندما تكون مستعدّا للإجابة عن لازم قولك في الإجماع وغيره تعال ربما أجد وقتًا، وقد سبق شيءٌ من ذلك في هذه الصفحة فراجعه بهدوء.
بهدوء لأن الحوار حينها سيكون على المُشاحّة ..
ولن يسمح لك حينها بتفسير آية من القرآن برأيك الخاص كما في موضوع تلقّي القرآن ..
ولن يسمح لك حينها أن تقول بما سمّيته الوجود الاصطلاحي .. أو غير ذلك مما لستَ فيه متبِّعا ولا متَّبعا.
وقولي إن الحوار حينها سيكون على المشاحة، يعني أنه لن يسمح لك بمثل ما وقع في هذه الصفحة أيضًا ..
تذكّر:
ما الذي يقصرنا على العينين فقط؟؟؟
أقول هذا فقط لأني أرى شدة النكير على من يخالف في ذلك!.
فأين الدليل القاطع أو الاجماع؟؟
فمن قال باثبات صفة البصر لله و العين أي " جنس العين " من غير عدد فما هي طامته التي قد جاء بها؟
لا عطل و لا حرف و لا شبه و لا رد نصا قاطع الدلالة و لا خالف اجماع!.
ثم لمّا ذكر لك الإخوة الإجماع المنقول جئتَ تقول:
أترك دواوين الاسلام كلها و ألغي كل أصول الطلب و الاستشهاد و أقول ذكر فلان الاجماع فهو الدين و لا غيره؟؟؟
وهذا القول الأخير تلزم منه لوازم لعلها ما خطرت في بالك ..
ـ[مجاهد الحسين]ــــــــ[24 - 07 - 07, 04:08 م]ـ
عفواً على التطفل!
هذه أول مشاركة لي في هذا المنتدى،،
ظهر لي ظهوراً جلياً أن الأخ أبا حمزة الشمالي ـ وفقه الله ـ لا يقصد مخالفة المعتقد، وحاشاه من ذلك. لكن هذا المسألة بالذات ليست من قطعيات المعتقد،، فأهل السنة والأشاعرة أثبتوا صفة العين لله عز وجل.
أما الأشاعرة فصرفوا اللفظ عن ظاهره وسلطوا عليه سلاح التأويل، وأخطؤوا في ذلك.
وأما أهل السنة فأثبتوا لله صفة العين إثباتاً حقيقياً تليق بجلال الله وعظمته.
ومن أهل السنة من لم يتكلم في العدد ـ تعظيماً للنصوص ـ للفرق بين صفتي اليدين والعين.
فاليدان قد تكلمت بها النصوص في مواطن لا تحتمل غير التثنية.
أما العين فالنصوص ذكرت الجمع الدال على التعظيم، والإفراد الذي لا يلزم منه الافراد!
فالحمد لله أننا جميعاً أثبتنا لله هذه الصفة الدالة على كمال الله عز وجل وعظمته.
ثم أيها الإخوة الأفاضل: لا تلزمون أحداً أثبت لله هذه الصفة أن ينطق بالتثنية؛ فهذا نوع من الامتحان (والامتحان في الاعتقاد بدعة)!
فقد يكون عنده من قبيل المتشابه.
ثم الاستدلال بمفهوم حديث الدجال ليس قطعياً؛ لأنه وإن سلم بصحة المعنى، فهو من باب القياس بين المخلوقين، وهو من باب النفي عن الله، فقول الله: (لا تأخذه سنة ولا نوم) ليس لأحد أن يتجرأ ويقول: لعين الله أجفان ورمش ـ تعالى الله ـ؛ لأن السِنة تكون مع الأجفان، ونحو ذلك ...
والمسألة محل تأمل، وقد قال الشيخ المحقق يوسف بن محمد الغفيص ـ عضو هيئة كبار العلماء ـ: النصوص نطقت بإثبات العين، ولم تنطق بالعدد ونحن نقف حيث وقفت.
وقال بذلك الشيخ عبد الله بن يوسف الجديع.
وقد رد عليه أحد طلاب العلم ... ولا أدري أردَّ عليه لنصرة الحق أم لأنه الجديع!!
فالله أعلم بالنيات.
هذا، وليُعلم أنني لم أكتب هذا لأقول إن لله عيناً واحدة فقط!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/194)
لكن لأقول إن المسألة محتملة، والنزاع فيها وارد .. وجميعنا ـ ولله الحمد ـ خالف المبتدعة في طرق التعامل مع هذه المسائل،،
إن كان لأحد من الفضلاء من تعليق يبين به الخطأ، ويعالج الموقف، فليبين ذلك بعيداً عن (العنف)، فما أردنا إلاّ الحق والحق نريد.
والله تعالى أعلم، وأجل وأكرم.
ـ[مجاهد الحسين]ــــــــ[24 - 07 - 07, 04:12 م]ـ
الأخوان الفاضلان: الشمالي، والأزهري.
أنتما ـ والله ـ أكبر من أن ينادي كل منكما الآخر: ياشمالي .. يا أزهري!!
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[25 - 07 - 07, 01:02 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته:
البلاء عندما يأتيك جاهل بحجته و يطلب منك أن تؤمن بجهله و تجعل منه دليلا ..
الاجماع في " اصله و جنسه " شيء و نقل الاجماع شيء آخر و الذي ينفي حجية الاجماع غير الذي ينفي حجية النقل.
و نقل الاجماع يحتاج إلى شواهد تؤيد ذلك النقل.
ابن تيمية رحمه الله هل كان يعلم الغيب؟؟؟
إن قلت نعم كفرت و إن قلت لا قلت لك فمن اين له معرفة اجماع الصحابة و التابعين؟
سيقول قائل عرفه بالأثر عنهم فسأقول لمن قال ذلك: كذبت!
لأنه لم يثبت عنهم أثر مسند إلى أحد منهم في ذلك.
إن قلت بنقل من سبقه للاجماع فسأقول لك إذن فهو مقلد في نقل الاجماع لا مستقرئ!
الاجماع بالاستقراء هو أن تعرف أقوال المجمعين بالنقل عنهم فتسبره و تجمعه فتعلم من قال و من خالف ثم تقول أجمع الناس على كذا و كذا مستقرءا مجتهدا في اثبات ذلك.
ولم يثبت عن الصحابة والتابعين نقل في ذلك فلا يكون نقل الاجماع بالاستقراء ولا يعلم ابن تيمية رحمه الله الغيب ليعلم من قال بذلك منهم بلا اثر و لا نقل فمن أين جاء بنقل الاجماع؟؟
لا بد أنه " قلد " في ذلك ناقلا له قد سبقه بنقله فهو إذن ناقل للاجماع عن ناقل وليس مثبت له بالاجتهاد والاستقراء وهذا لا يخفى على بليد.
فمن كان معه علم فليتحدث به و الا فليترك الكلام لمن يعرف صروف الخطاب العلمي بلا هيشات أسواق و لا سوقية , و القفز و التصفيق للسلف على طريقة الصبيان و رمي الخصوم بالحجارة لأجلهم هذا ليس دليل على سلفية بقدر ما هو دليل على الافلاس فالسلف يُعظمون بفهم ما نقل عنهم و ليس بجعلهم أداة بتر يقطع بها دابر كل مسألة يجهل كنهها سقيم الفهم مهترئ الطريقة!.
والله الهادي إلى سواء السبيل
ـ[مجاهد الحسين]ــــــــ[25 - 07 - 07, 02:51 م]ـ
(وراك يابو حمزة زعلان؟!)
ـ[أبو محمد الموحد]ــــــــ[25 - 07 - 07, 06:46 م]ـ
جزاكم الله خيرًا.
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[26 - 07 - 07, 01:20 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته:
أخي المشرف:
هذا والله تدخل كريم منك أرجو أن يكون على الجميع فهناك ردود يترك فيها بعضهم صلب الموضوع ثم يعمل السخرية والقدح في الآخرين لمجرد أنه لا يستطيع الرد عليهم و هناك اساليب ملتوية لا تخفى على أحد فعندما يرد رجل لمجرد أن يصفك بشبيه الفجرة المعاصرين في أفعالهم و بالذي لا يستحي و بالمفلس و يشكر غيره على أن أحال القارئ على مليء فهذا أمر فيه من قلة الأدب ما ترى و قد كيل لي من الصفات الكثير و لم أرد عليها ونحن نتحاور هنا كطلبة علم تحترم ما معي و احترم ما معك فإن زهدت بما عندي تركتني و إن زهدت بما عندك تركتك و لسنا هنا لنقول هذا جدير بأن يرد على هذا و هذا خير من هذا و إنما نحن هنا لنتناقش و نتحاور و يري كل منا ما لديه من فهم و حجة فلا تقصرني و لا أقصرك على غير ما تتعبد الله به ديانة و صدقا و إنني والله لا أرى خصلة في المحاور شرا من " دسيسة الشتم " حيث يدس لك العبارات السمجة في طيات كلامه ليجرحك دون أن يسيل دمك.
كل من في هذا المنتدى أجلهم و أقدرهم غير أن الرجل إذا أهانني و كرر الإهانة فسكت عليه المشرف قلت في نفسي أرد بالمثل لا أزيد و لا أنقص.
و أنا أحرص الناس على أن لا يفسد موضوع كتبت فيه.
والله يغفر لي و لكم و جزاكم الله كل خير
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[26 - 07 - 07, 04:06 م]ـ
الحمد لله وحده ...
لقد قهرتُ نفسي أن أردّ أمس، وقلتُ في نفسي إن من الأيام يومًا ما جعله الله إلا للفصل بين العباد، فموعدنا هناك أيها الفاضل ..
وحقّي الشخصي قد تركتُه الآن، وأحلتُه كما أخبرتُك إلى يوم الدين ..
أما المسألة العلمية فلا بأس أن نستمر فيها، حتى يرى القارئ ما معك وما معي على حد قولك ..
وقبل ذلك أحب أن أنبهك ـ ولعلك في قرارة نفسك تعلم ـ أنني ما وجّهتُ إساءة إلى شخصك قط، وما ذكرتُ غير أقوالٍ أنت تقولها، ولكن يبدو أنّك غضبتَ فلم تتمالك نفسك، وما هكذا يكون الحزم ..
لمجرد أن يصفك بشبيه الفجرة المعاصرين في أفعالهم و بالذي لا يستحي و بالمفلس و يشكر غيره على أن أحال القارئ على مليء فهذا أمر فيه من قلة الأدب ما ترى
لم أشبهك بأحدٍ، قد حكيتُ ما يعلمه كل واحدٍ، ويمكنك أيها الفاضل أن تنقض كلامي بأن تأتي بعالم واحد من المخالفين أو الموافقين غلّط شيخ الإسلام في نقله لإجماعٍ أو في حكايته لمذهب أو قول لأهل السنة أو لغيرهم.
أما أن تأتي لتقول: (أنت تشبهني بالفجرة المعاصرين) فماذا أفعل وهذا الفعل لم يفعل غير أمثال الأفاك الأثيم صاحب الكاشف؟؟
وهو مع ذلك لم يفعله عن دليل ينقض به كلام شيخ الإسلام، لا والله ودونه وغيره خرط القتاد إن شاء الله!
ولكن مجرد أن يأتي فيقول أين وكيف ولماذا ..
أمّا أنك لا تستحيي من مخالفة العلماء، فهذا ما كان منك، فإن كان يسوؤك أن تفعل فلا تفعل ..
أما أنني وصفتُك بالمُفلس فهذه من كيسك، ولن أقول كذبتَ!
فضمّها إلى ما سنتحاكم عليه يوم الدّين.
وأمّا أنني أشكر غيري، فهذه عجيبة!
وما يضيرك يا صاحبي أن أفرح بكلام علماء أهل السنّة إذا وافق بعضُهم بعضًا، ألا يرضيك إلا أن أخالف كل أهل العلم مثلك؟؟
سبحان الله العظيم!
ولعل هذا هو الذي أغضبكَ فجئت تسيء في مشاركتك بعدها ولم أكن قد تناولتك ..
فراجع ما كتبته ثم أنصف نفسك من نفسك لترى أنك من أساء يا هداك الله.
وأما أني قليل الأدب، فلنا موعدٌ لن تتخلّف عنه ولن أتخلّف ..
===
... قلت في نفسي أرد بالمثل لا أزيد و لا أنقص.
!!
====
على كل حال ..
فلنرجع إلى المسألة .. فانتظرني
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/195)
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[26 - 07 - 07, 06:19 م]ـ
الأمر معك انتهى هنا.
حياك الله
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[26 - 07 - 07, 06:26 م]ـ
الحمد لله وحده ...
كما يحلو لك، ولا جديد، فقد شاركتُ قبل ذلك فنبّهتُ على بعض ما يتعلّق بالإجماع، على المفهوم من كلامك، ولم تردّ ..
وأرجو أن أنبّه على المزيد إن شاء الله مما ورد في مشاركةٍ تليها حول الإجماع أيضًا، ففيها كلام عجيب، واللازم منه خطير.
ولا أطالبك بالرد.
===
فمن كان معه علم فليتحدث به و الا فليترك الكلام لمن يعرف صروف الخطاب العلمي بلا هيشات أسواق و لا سوقية , و القفز و التصفيق للسلف على طريقة الصبيان و رمي الخصوم بالحجارة لأجلهم هذا ليس دليل على سلفية بقدر ما هو دليل على الافلاس فالسلف يُعظمون بفهم ما نقل عنهم و ليس بجعلهم أداة بتر يقطع بها دابر كل مسألة يجهل كنهها سقيم الفهم مهترئ الطريقة!
ونسيت أن أنبهك، أنك أنت الذي رماني بالإفلاس (لا أنا كما تقول)!!
وزد عليه ما قلتَه من ألفاظ ها هي أمامك، فكيف تظنّ أنك فعلتَ مثلي لم تزد ولم تُنقص؟؟
===
ونشكر المشرف الفاضل على تركه الموضع مفتوحًا ..
فهناك الكثير ينبغي قوله، حول طريقة تناول مسائل الدين، ليس حول المسألة المخصوصة ..
لكنني مضطر للغياب يومًا أو يومين، فالله المستعان.
وعن نفسي فلن أردّ إساءة عن نفسي، والله الموعد ..
ـ[مجاهد الحسين]ــــــــ[26 - 07 - 07, 06:50 م]ـ
أُقيم هذا الملتقى ليكون سبباً لظل العرش!!
فيبدو أنه سيكون سبباً لفصل الخصومات!!
ـ[المقدادي]ــــــــ[28 - 07 - 07, 05:13 ص]ـ
للفائدة:
قال العلامة السفاريني رحمه الله في لوامع الأنوار البهية:
" (فسائر الصفات) الذاتية من الحياة والقدرة والإرادة والسمع والبصر والعلم والكلام وغيرها وسائر الصفات الخبرية من الوجه واليدين والقدم، والعينين ونحوها "
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[28 - 07 - 07, 01:26 م]ـ
نعم العالم إن شاء الله ولكن:
لو قال عمر بن الخطاب بأن الأنبياء أجمعوا على أن لله عينين لقيل هذا خبر مرفوع لأنه لا يقال بالرأي و عمر لم يشهد الأنبياء!!!.
أفنثبت لغير عمر ما لا نجيزه لعمر؟؟؟
أين الأثر عن الصحابة؟
" ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم ان كنتم صادقين "؟؟؟
ـ[أحمد ممدوح الهلالي]ــــــــ[29 - 07 - 07, 05:09 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
فقط
تسجيل موافقة لأبي حمزة الشمالي
===
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[02 - 08 - 07, 04:27 ص]ـ
إن كان فيها مليء فليأت ينثر ما بين أضلعه ها هنا و الناس يرون و يحكمون! ...
أو فأت أنت بما ملأ عينك من قوله ها هنا , إن كنت تعرف الغث من السمين فلا تكتمنا علما وجدته ..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جرت العادة في هذا الموقع ووغيره أن يضاف إلى المواضيع روابط متعلقة بها من مواضيع أخر لتتم الفائدة.
وقد ذكرت مجمل ما عندي في تلك المشاركة، وقد ذكر الإخوة الفضلاء هنا ما فيه كفاية.
والناس رأوا بما فيهم علماؤهم: أن إثبات العينين= مذهب أهل السنة، ودرجوا عليه من أكثر من عشرة قرون حتى ظهرت هذه الأقوال الشاذة المبتدعة قريبا.
وطريقة وأسلوب الشيخ الفاضل أبي حمزة الشمالي= لا تشجع على النقاش، وفيما سطر هنا عبرة.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[02 - 08 - 07, 05:47 ص]ـ
وطريقة وأسلوب الشيخ الفاضل أبي حمزة الشمالي= لا تشجع على النقاش، وفيما سطر هنا عبرة.
وهذا ما أُشير به على أخي وحبيبي الأزهري السلفي =أعني ترك الحوار مع الأخ أبي حمزة الشمالي ...
ويعلم أخي الأزهري أني خضت من قبل حوارات مطولة مع أناس ممن يستعملون طريقة أبي حمزة الشمالي ...
فأُحب أن أفيدك أخي الأزهري بفائدة أفادني بها أبو محمد عصام البشير في غضون تلك المحاورات ...
فقد راسلني يومها قائلاً مامعناه:
إن المحاورة مع من يستعمل هذه الطريقة (واحفتفظ بوصف الطريقة كي لا أغضب أبا حمزة) لا تسمن ولاتغني من جوع ...
فعقيدة أهل السنة في هذه القضية ثابتة راسخة لم نر من يجادل فيها مع توفر الدواعي وانتفاء الموانع ... وهذا منهم إجماع تقريري ينقله الخالف عن السالف نقضاً لشبه مادار بذهن الصحابة أن سيقول بها (عربي سوي) أو عاقل أو مؤمن ...
فلنربأ بأنفسنا عن كل جدال في الثوابت يتعدى حد المذاكرة والتمرين ...
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[02 - 08 - 07, 04:49 م]ـ
الحمد لله وحده ...
أخي الحبيب أبا فهر، جزاك الله خيرًا.
ومَن يتحمَّل توابع هذا اللغط في المسائل العقدية الرّاسخة؟
وهل يُسكت على خرق الإجماع في هذه الأعصار المتأخرة وفي هذه المسائل الخطيرة بدعوى الاجتهاد والتجديد؟
بل بدعوى أن أصول الطلب تقتضي ذلك؟
خاصّة وأننا لا نعدم كل حين أن نرى زائرًا جديدًا سجّل في الملتقى منذ شهور طويلة، وبعد تسجيل صاحبنا بشهرين ..
وكتم ومنع نفسه من المشاركة في أي موضوع كل هذه الشهور الطويلة.
حتى يكتشف فجأة أن هذا الموضوع على وجه التحديد يعجبه فيقرر أن يدخل مؤيّدًا ..
المشاركة الأولى بعد شهور طويلة من الصوم ليس فيه إلا التأييد وكأننا في مباراة للكرة!
على كل حال هذا المؤيّد مثله مثل الأخ الشمالي الذي شارك في الملتقى بعد أن سجل بشهور طويلة!
والخلل أخي أبا فهر ـ كما تعلم وسبق أن تحدثنا سويًّا ـ ليس في مسألة خالف فيها أبو حمزة الشمالي أمّة محمّد.
لا!
بل في المنهج المبتدع الذي ساقه إلى هذه النتيجة، وساق غيره من الإخوة (المجتهدين!) وسوف يسوق غيره.
وهذا المنهج هو الذي يحتاج إلى متصدّ يحتسب لله.
وهو من الجهاد الواجب.
وإن أردتَ طرفًا من ذلك، وحتى لا أتهم بالمبالغة يمكنك أن تراجع الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=528802&postcount=8
وقد أخبرتك قريبًا أخي الحبيب أبا فهر أن كل خلل يعود إلى عدم ضبط الإجماع ومتعلقاته على طريقة أهل السنّة.
وصدق حدسي حين رأيت الرابط اليوم والحمد لله على التوفيق.
على كل حال ليس لدي وقت الآن، وأرجو أن يوجد قريبًا إن شاء الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/196)
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[02 - 08 - 07, 10:49 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته:
لن أتكلم عن شخوصكم الكريمة فهي لا تعنيني من حيث الكتابة هنا و إنما الذي يعنيني هو توضيح صريح لمحل النزاع الذي نحن بصدده و للتأكيد على أن طريقة التحدث بلسان علماء الاسلام كقول القائل أجمع أهل العلم أو استقر لدى أهل العلم أو اجتمع أهل السنة على كذا وكذا , هذه كلها عبارات عجز كثير ممن قالها إثبات ما هو دونها في الشمول! ناهيك عن التحدث بلسان أهل الاسلام على وجه الجزم.
الأخوة الكرام بلا تحديد:
دعكم من شخصي الضعيف و عيوبه الشخصية و ركزوا معي على ما نحن بصدده من " طرح علمي "
الكلام ببساطة يتركز فيما يلي:
تم نقل الاجماع عن الصحابة والتابعين بأنهم يقولون قاطبة بأن لله عينين و على هذا النقل يترتب عدة أشياء:
منها , أنه لا بد من الحصول ولو على أثر واحد عن صحابي أو تابعي يصرح فيه - حتى و لو كان عرضا - بأن لله عينين و هذا لم يثبت!!.
لماذا لم يثبت ذلك؟ و كيف لم يثبت والصحابة أولوف و التابعون اضعافهم؟ و قد نقل لنا في صفات أعمق و أدق و أقل تداولا من هذه الصفة نصوص في الصحيح مرفوعة كصفة الساق مثلا؟
تجد تكملة هذه التقطة في الرد 23 فراجعها حيث تم ذكر الأسباب التي لأجلها لا يقول مدرك بأن الاجماع ثابت عن الصحابة والتابعين ثم يقبل بأن لا يرد عن أي أحد منهم أثر في ذلك.
نناقش الآن عدم الثبوت هل هو مخل بنقل الاجماع أم لا؟؟؟؟
أنا على حد علمي الضعيف القاصر أنه لم يثبت في أي مسألة من مسائل العلم التي أعرفها غير هذه المسألة مسألة ذكر فيها الاجماع حتى في الفقه و فروعه مع أن كل من نقل عنهم الاجماع في تلك المسألة لم ينقل عن واحد منهم قول يؤيد صراحة ما ذكر أنه أجمع مع غيره عليه؟ كما أنه لم يثبت اشتهار القول بذلك الشيء بين جماعة المجمعين و لا عن رجل من معاصريهم!.
أريد مسألة واحدة ممن يعلم و تلقاها العلماء بالقبول دون نزاع في نقل الاجماع فيها كي أتلقى هذه بمثل ما تلقى العلماء تلك!.
من كان لديه علم فليتحفنا " هنا يتحدث اهل العلم و يسكت من يحب الكلام!! ".
و قبل ذلك اعترض بأدب جم و صدق في الأخذ و الرد الأخ أبو مالك العوضي على مسألة العور فأوردت كلام أهل اللغة من كتبهم المعتمدة يذكرون فيها المعاني الكثيرة لاستخدام تلك الصفة و أنها تأتي بمنعى مفقوء و أن العور يطلق على الشيء الذي له أكثر من عين أو حتى على من فقد كلتا عينيه و تجد ذلك في الرد رقم 19 فراجعه
من كان لديه إجابة على هذه النقاط و تكون إجابة علمية بعيدا عن " نزعة التبديع و براق البديع " فليتفضل وليقل لماذا لم ينقل عن الصحابة و التابعين شيء في ذلك كما نقل عن ماهو دون هذه الصفة في الشيوع؟ فيقول لنا لأجل كذا و كذا و نظير ذلك في الصفات وفي الشريعة كذا و كذا.
هذا ما أطلبه بلا مراء و بلا خبط عشواء و بلا مداخلات شخصية يعبر فيها كل فرد عن مشاعره و يأطر الناس على ميل قلبه!.
الأصل في نقل الاجماع أنه لا يثبت الا باشتهار ذلك و استفاضته عن المجمعين كنقل اجماع الصحابة على قتال تارك الزكاة فالمشتهر أنهم قاتلوا مع أبي بكر تاركيها ولم يثبت نقل عن أكثر آحادهم أو يثبت الاجماع بثبوت الأثر عن معاصر لهم ينقل عنهم الاجماع.
أما أن يأتي رجال - ونعم الرجال هم - في القرن الرابع والخامس ينقلون الاجماع عن الصحابة والتابعين فيما لم يشتهر بل لم يثبت مجرد وروده على ألسنتهم كما لم يثبت عن معاصر لهم يصرح بنسبة الاجماع اليهم ثم يقال هذا اجماع معتبر لا يحل مخالفته!!!.
و إن قال قائل - معميا على الناس - لم يخالف في هذا منذ عشرة قرون!!
قيل له: أثبت استقرار هذا الذي تزعم أنه مذهب أهل السنة فقط في الثلاثة القرون الأولى دع عنك العشر منها! و أنا أترك لك كل من جاء بعد ذلك إلى قيام الساعة!.
الأصل في مذهب الصحابة هو الاجمال حتى يأتي التفصيل و من نسب اليهم ترك الأصل فعليه بالدليل الثابت عنهم إن كان من الصادقين , بلا جفاء و بلا غلظة أو على اقل الأحوال نقل الاجماع عنهم على لسان رجل منهم أو ممن عاصرهم.
هذا ما يعتقده العبد الفقير لله فمن كان معه كلام " يحل لي أن أعبد الله به " فليقله و الا فليترك أبا حمزة و شأنه له غنمه و عليه غرمه!.
والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/197)
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[03 - 08 - 07, 12:04 ص]ـ
أخي الكريم
أنا كنتُ عقدتُ العزم ألا أكمل النقاش في الموضوع، ولكن رأيتك ذكرتني في المشاركة الأخيرة فرأيت الأصلح غير ذلك، وأرجو أن تنظر في كلامي السابق والآتي بمزيد تأمل.
أخي الفاضل، أسأل الله لي ولك التوفيق والسداد
= إذا افترضنا أن الإجماع لم يتحقق، فهل يلزم من ذلك صحة كلامك؟
= وإذا افترضنا أننا أتيناك بآثار عن بعض الصحابة والتابعين، فهل يلزم من ذلك ثبوت الإجماع؟
وأنا قد ذكرتُ لك في كلامي سابقا عددا من الأمور الملزمة التي لا محيد عنها، ولكنك تركت الجواب عنها وركزت كلامك على مسألة الإجماع، ولا يخفى عليك يا أخي الكريم أن مباحث الإجماع قد وقع فيها خلط كبير عند الأصوليين، بل عند كثير من أهل العلم.
أخي الكريم
نحن بين أمرين لا ثالث لهما (وقد قلت لك هذا سابقا فلم تجب عنه)
إما أن هذه المسألة اختلف فيها السلف وإما أنها مما لم يختلف فيه السلف، وهذا تقسيم عقلي حاصر لا محيد عنه.
فإن كان السلف اختلفوا فيها فإنه يمتنع في العادات أن تمر القرون الطويلة ولا ينقل لنا شيء من هذا الخلاف مطلقا، وحتى لو افترضنا أن هذا الخلاف قد وقع، فإنه يمتنع في العادات أن ينقل القول الباطل ولا ينقل القول الصحيح.
فإن القول بقولك لم ينقل عن أحد مطلقا لا من الصحابة ولا من التابعين ولا ممن بعدهم، بخلاف قولنا.
وإن كانوا اتفقوا فإما أن يكونوا اتفقوا على قولك وإما أن يكونوا اتفقوا على قولنا.
فإن كانوا اتفقوا على قولك فيلزم من ذلك أن يكون كل من تكلم في هذه المسألة مثل ابن قتيبة ومحمد بن نصر المروزي وعثمان بن سعيد الدارمي وأبو بكر بن خزيمة وأبو الحسن الأشعري ومن تبعهم ممن جاء بعدهم كابن تيمية وابن القيم خالفوا هذا الإجماع، بل يلزم على قولك أنهم لم يعلموا بهذا الإجماع أصلا؛ لأنهم لو علموه لحكوه.
فما بقي من القسمة العقلية الحاصرة إلا أن يكونوا قد اتفقوا على قولنا نحن، وهذا برهان واضح لا لبس فيه؛ لأنه مبني على مقدمات عقلية برهانية.
ولكن يَرِدُ على هذا الكلام ما تفضلتَ أنت بإيراده سابقا، وهو أنه إن كان قد وقع إجماعهم فكيف لم ينقل لنا ولو أثر واحد عن الصحابة والتابعين فيه تصريح بهذا الأمر؟!!
والجواب من وجهين: مجمل ومفصل:
فأما الجواب المجمل، فهو أن أن مثل هذا الإيراد مجرد استشكال ظني، لا يفيد الطعن في الأدلة العقلية البرهانية، فغايته أن يكون إشكالا يحتاج إلى جواب مع القطع بأنه باطل، ولا يلزم من عدم معرفتي الجواب بطلان حجتي؛ لأن دليلي أظهر في العقل وأبين من هذه الشبهة.
وأما الجواب المفصل، فهو أنهم لم يحتاجوا إلى ذكر ذلك أصلا، كما لم يُحتج إلى ذكره القرآن، فالقرآن لم يصرح بالتثنية في العينين، ولم يكن هذا دليلا على نفي العينين، فلو كان ترك تصريح الصحابة والتابعين حجة على كلامك، لكان ترك تصريح القرآن بذلك حجة أبلغ منها، وأنت لم تحتج بها لأنها باطلة، فإذا كانت باطلة بطل ما هو دونها بقياس جلي.
وعند استقراء صنيع أهل العلم في حكاية الإجماع تجدهم أحيانا يكتفون بنقله عن إيراد الآثار المؤيدة له لعدم وجود الخلاف أصلا، ولذلك تجدهم يكثرون من إيراد الآثار الدالة على المسائل التي وقع فيها الخلاف، ولا يكثرون من إيراد الآثار الدالة على المسائل التي لم يقع فيها خلاف، وأظنك لو تتبعت الكتب التي تُعنى بآثار السلف لوجدت هذا جليا واضحا.
وقد أحلتُك على رابط ذكرتُ فيه كثيرا من الشواهد أن العرب تطلق الجمع وتريد به التثنية، ونقلت فيه عن أهل العلم أن هذا هو الأكثر في كلام العرب في أشباه المثال الذي معنا، فهم يطلقون الجمع ويريدون التثنية أصلا، فلم يحتاجوا إلى التصريح؛ لأنها مفهومة من الكلام، وإنما احتاج إليها من جاء من بعدهم من أهل القرن الثالث وما بعده لأنهم أعاجم على اللغة لا يفهمون من الجمع إلى قسيم التثنية.
وكذلك لم يحتاجوا إلى التصريح بذلك لأنه ليس له داعٍ؛ فإن أسماء الله الحسنى وصفاته العليا التي يدعوه الناس بها كثيرة وهي متفاضلة كما عليه أهل السنة، وقد جرى الناس قديما وحديثا على الدعاء بأحسنها وأليقها بالمقام، كالدعاء بالجبار إذا كان في مقام الاستنصار، وبالغفار إذا كان في مقام الاستغفار، وبالرزاق إذا كان في مقام الاستمطار، ونحو ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/198)
وإذا ثبت لله عز وجل صفة في الكتاب أو في السنة فلا نحتاج بعد ذلك أن يستعملها الصحابة والتابعون في دعائهم، ونحن نقول: إن حديث (إن الله ليس بأعور) واضح الدلالة في هذه الصفة، وهذا ما فهمه أهل العلم الذين وقفنا على أقوالهم.
فإما أن يكون هؤلاء أصابوا وإما أن يكونوا أخطئوا، فإن كانوا أصابوا فالحمد لله، وإن كانوا أخطئوا فيمتنع في العادات أن ينتشر قولهم ويعرف عند المؤالف والمخالف ويسير مسار الشمس بين أهل العلم بل يحكون عليه الإجماع، أقول: يمتنع أن يحصل كل هذا ولا يوجد في الأمة كلها رجل واحد يعرف الحق يقول لهم: يا جماعة الخير أنتم افتريتم على الله عز وجل، ووصفتموه بما لم يصف به نفسه، وأتيتم بأشياء من كيسكم، وتزيّدتم على نصوص كتاب ربكم وسنة نبيكم.
هذه أمور كلها ممتنعة في العادة، وامتناعها أوضح بكثير مما ألزمتنا به من نقل الدعاء بلفظ التثنية عن الصحابة والتابعين، فإذا كنت ترى امتناع ثبوت الصفة مع عدم ورود ذلك عنهم، فامتناع اشتهار القول بذلك مع عدم إنكار أحد أعظم وأوضح في العقل.
وأنت نازعت في دلالة حديث (إن الله ليس بأعور) وقلتَ: إنه ليس نصا في المسألة، وأنا تنزلتُ معك وقلت: افترض أنه ليس نصا، فهو ظاهر، ودلالته على قولنا أوضح من دلالته على قولك، وأنت لا تنازع في ذلك، ولكنك تنازع في أنه ليس قاطعا في الدلالة على المراد.
ونحن نقول: سلمنا أنه ليس قاطعا، ولكنه ظاهر، فما المانع من القول به إذا كان ظاهرا ولم يوجد له معارض من النصوص، ولا مخالف من أهل العلم؟!
وقد ذكرتُ لك أيضا من قبل قسمة عقلية حاصرة في مسألة صفة العين ولم تجب عنها:
فإما أن تثبت عينا واحدة
وإما أن تثبت عينين
وإما أن تثبت عيونا كثيرة
وهذه قسمة عقلية حاصرة لا محيد عنها، والأقسام كلها باطلة عدا الثاني، فلزم القول به ببرهان واضح.
وأستغفر الله مما طغى به القلم، وأعتذر إليك إن بدر مني شيء.
والحمد لله رب العالمين.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[03 - 08 - 07, 04:16 ص]ـ
بارك الله فيك يا أبا مالك .... ووفقك الله وأعانك ..
ـ[حمد بن صالح المري]ــــــــ[03 - 08 - 07, 06:29 ص]ـ
فتح اللهُ عليك يا أبا مالك ... وزادك الله من فضله ... ووفقنا الله وأخانا الفاضل أبا حمزة لما فيه الخير والصلاح ... اللهم وجميع المسلمين ... آمين.
المسألة واضحة جداً ... يبقى الدعاء منا: (اللهم أرنا الحقَّ حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه).
فهذا الدعاء -والله- مفتاح من مفاتيح العلوم.
وفق الله الجميع ... وجمع الشمل على الخير والتقوى.
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[05 - 08 - 07, 02:36 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته:
حياك الله أخي الفاضل و أجيب على سؤالاتك مختصرا قدر الامكان كي لا يتشتت موضوع النقاش:
\\ = إذا افترضنا أن الإجماع لم يتحقق، فهل يلزم من ذلك صحة كلامك؟ \\
نعم يلزم من ذلك الرجوع إلى الأصل وهو الاجمال في الصفة حتى يأتي التفصيل وهو الأصل الذي تركه من قال بصفة العينين دون دليل صريح ننتقل به من يقين إلى يقين جديد و لا ينبغي لنا ترك اليقين إلى أمر " غير منضبط تأصيلا " و لا " عقلا " خصوصا في العقيدة.
فلا نقل الاجماع عن الصدر الأول يساعد على القول بأنهم تركوا الأصل في اجمال الصفة الى القول بالعينين ولا الأدلة " حديث إن ربكم ليس بأعور " ترتقي إلى درجة القطع بصحة الاستنباط فحتى لو قيل بأن العور لا يطلق الا على من فقد عينا من عينين - مع أني أثبت في الرد بالنقل عن أهل اللغة غير ذلك في الرد 19 - فمن أين لك بأن نفي ذلك اثبات له في صفة الله؟ فلا يخفى على عامة طلبة العلم ما ورد من خلاف في " مفهوم المخالفة " في فروع الشريعة فكيف بأسماء الله و صفاته؟ لهذا أكرر بأن المعتمد على نقل الاجماع و الا فالحديث دلالته ضعيفة و كل من قال به ردد ما قاله من كان قبله و الا فالأولى في تفسير الحديث أن يقال بأن النبي صلى الله عليه و سلم أراد بذلك أن يذكر الصحابة بكمال صفة الله و أنه لا تشوبه شائبة و الدجال مشوب بالعور فكيف يكون لكم ربا ً؟ وهذا تفسير ظاهر واضح جلي وهكذا فسر الشافعي الحديث كما نقلت في ردي 13 حيث قال " و أن الله ليس باعور لقول رسول الله إن الدجال أعور و إن ربكم ليس بأعور " فأخذ منه نفي النقص ولم يأخذ منه تثنية صفة العين يؤيد هذا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/199)
التفسير للحديث العبارة التي بدأ بها النبي صلى الله عليه و سلم كلامه حيث قال " إن الله لا يخفى عليكم " يريد بذلك أنه سيذكر لهم شيئا هم على علم به لم يكن خافيا ً عليهم وهو " كمال صفات الله " و لو كان يريد اخبارهم بعلم جديد وهو " أن لله عينين " لما قال " إن الله لا يخفى عليكم " ولكن كان سيقول " إن الله لن يخفى عليكم " لأنه سيخبرهم بأمارة جديدة يميزون بها ربهم لأن لن تفيد الاستقبال ومحنة الدجال مستقبلة كما أن العلم الذي سيخبرهم به كان مستقبلا حال نطقه بهذه العبارة فكان الصحيح أن يقول " لن " و نظير ذلك قوله لعمر كما في الصحيح " أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده " ولكنه قال في الحديث " لا يخفى عليكم " فهذا يدل على أن سبب عدم اختلاط أمر الدجال عليهم كان أمراً معلوماً عندهم و هو " كمال الله في صفاته " مثال ذلك لو قلت لك " إن المسلم لا يخفى عليك فالكافر يسجد للصنم والمسلم لا يسجد له " فمعناه أنك لا يخفى عليك أنه لن يكون المسلم مسلماً حتى يكون موحدا والموحد من آحاد صفاته التي يقتضيها التوحيد أن لا يسجد لصنم فأنت تعلم أن المسلم يجب أن يكون موحداً و الجديد لديك أن صفة الكافر أنه يسجد لغير الله فكذلك الحديث فمعناه أنه لا يخفى عليكم أن الكمال لله و مما لا يدخل على الله صفة النقص و الدجال أعور ناقص الخلقة فالكمال معلوم والجديد هو تحديد صفة النقص في الدجال و ليس المقصود أن لله عينين!. و هو واضح ولو قيل بأن نفي العور هنا جعل في حد ذاته " أي من حيث أنه ذهاب عين وبقاء عين " علامة وحيدة للتمييز بين الله تعالى و الدجال للزم من ذلك اثبات أن لله فم و وحاجب و لسان و أنه على هيئة البشر طالما اننا لا نستطيع تمييز ربنا الا بهذه الخصلة فهو مماثل فيما عداها للدجال و إن قيل بأن هذا ليس بلازم فيقال فمالذي جعل نفي العور اثبات للعينين أمراً لازماً إذن إن كان لا يقصد بتلك الصفة فصل التمييز بين الدجال و ربه؟؟؟ فإن كان لا يقصد بها فصل التمييز بين الدجال و ربه لم يكن لمفهوم العدد في العينين قيمة و عندها تعلم أن العور انما قصد به التذكير بكمال صفات الله و أنه لا يشوبه نقص و من قال بأن ذكر العور أريد به أن المسلم يميز ربه عن الدجال بأن الدجال له عين و أن لله عينين يلزم من قال بذلك القول بأن الله مماثل للدجال في كل ما عدى ذلك لأن التمييز لا يكون الا بالأمر المختلف بين الاشياء التي نقارن بينها وعندما حصر الاختلاف في عدد الأعين و جعلت هي الأمارة التي لا تخفى علينا علمنا أن الله مماثل للدجال فيما سوى عدد الأعين وهذا لا يقول به مسلم و من قال بأن هذا ليس بمقصود في الحديث قيل له: فلماذا تجعل العدد غاية في سوق الحديث و الاخبار به و تتكلف التأويلات من أجل اثبات ذلك؟؟؟!.
و قد خالف في دلالة الحديث اللغوية رجل يعد من كبار أهل اللغة بل وجمع معها العلم الشرعي وهو ابو القاسم السهيلي في القرن السادس حيث يستشهد بترجيحاته ابن تيمية و ابن القيم وراجع كتبهم تجد ذلك , بل إنه صنف رسالة مستقلة في حديث " ربكم ليس بأعور " و أنه ليس دليل على أن لله عينيبن و قد ذكرت ذلك عنه في الرد رقم 13 فلا يقال أنه لم يخالف في هذا أحد كما تقول يا أبا مالك حفظك الله حيث قلت " ونحن نقول: سلمنا أنه ليس قاطعا، ولكنه ظاهر، فما المانع من القول به إذا كان ظاهرا ولم يوجد له معارض من النصوص، ولا مخالف من أهل العلم؟ "!
بل خالف السهيلي و قد ذكرت لك من جلالته ما ذكرت وغيره مثل ابن حزم في القرن الخامس الذي قال عنه ابن تيمية بأن له إحاطة بفنون الاسلام لا ينكرها الا مكابر و من أبرز ما اثبت له النبوغ في اللغة و هو الذي نفى ثبوت الأثر بذلك مع إحاطة حفظه و لم يتمكن احد من الرد عليه الا بحديث " ربكم ليس بأعور " و يهمنا كما قلت سابقا من نفي ابن حزم أنه نفى الثبوت و لم يتمكن أحد من رد نفيه الا بذلك الحديث الوحيد الذكر فنحن لا نستشهد بفهم ابن حزم للصفات وانما نستشهد بفهمه للغة العرب و سعة حفظه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/200)
هذا مع تأكيدي على التمسك بالأصل و لا يخرج عنه الا بنص ينقل من يقين الى يقين و الأصل هو الاجمال حتى يرد التفصيل لا ينكر ذلك أحد يعبد الله بما يقول و بسبب هذا الأصل لم يشتهر الخلاف في السلف في شأن هذه الصفة لأن من سكت سكت على الأصل و من تكلم في القرن الرابع والخامس تكلم متأولا حديث " ربكم ليس بأعور " كما تكلم متأولا من السلف من قال بأن الله جسم و من أثبت الحد و كلهم في مقابل اناس نفوا ذلك كله أو سكتوا عنه فما أنكر أحد على أحد بعينه و شنع عليه و لكنهم كانوا يتركون كل هذا الخلاف إلى الاصل وهو الاجمال بحيث نقول بأن الله " شيء " لا نقول جسم و لا نقول ليس بجسم فكل من لم ينقل عنه قول في صفة الجسم كان على هذا المعتقد و مثله ما نحن بصدده في صفة العين و هذا هو مذهب أحمد كما جاء في درء التعارض حيث قال ابن تيمية رحمه الله: " وأما ذكر التجسيم وذم المجسمة فهو لا يعرف في كلام أحد من السلف والأئمة كما لا يعرف في كلامهم أيضا القول بأن الله جسم أو ليس بجسم بل ذكروا في كلامهم الذي أنكروه على الجهمية نفي الجسم كما ذكره أحمد في كتاب الرد على الجهمية: ولما ناظر برغوث وألزمه بأنه جسم امتنع أحمد من موافقته على النفي والإثبات وقال: هو أحد صمد لم يلد ولم يولد لم يكن له كفوا أحد ". أهـ فأثبت أحمد مجمل ما أثبته الله لنفسه وهو أنه " شيء " اي موجود ليس بمعدوم ثم لم يفصل ذلك الشيء هل هو جسم أم لا حيث قال تعالى " قل أي شيء أكبر شهادة قل الله " وقال عليه السلام كما في الصحيحين " كان الله و لا شيء غير الله " و بمثل ما قال احمد في صفة الجسم قال الشافعي في صفة العين حيث قال " وأنه ليس بأعور لقول رسول الله إذ ذكر الدجال فقال إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور" و لم يتجاوز ذلك بتفصيل من عنده بل نفى عن الله ما نفاه نبيه عنه و لو فهم الشافعي من الحديث أنه اثبات للعينين و ليس الغاية منه " نفي النقص " لقال و لله عينين لقوله و إن ربكم ليس بأعور و لكنه تطرق الى " جانب دفع النقص " حيث قال " و أنه ليس بأعور لقول رسول الله ... " و هذا واضح من كلام الشافعي لا يحتاج إلى حيلة مجادل.
.
ثم ذكرت يا أخي أبا مالك مسألة أن الجمع يأتي بمعنى التثنية وذلك صحيح و قد ناقشة شراح الطحاوية في مسألة اليدين و قد ذكروا قوله تعالى " فقد صغت قلوبكما " و ورد في الصحيح " فيخرا على وجوههما " عن الراعيين من مزينة اللذين هما آخر من يصعق و العين تجمع على أعين و عيون قال تعالى " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين " وقال صلى الله عليه و سلم كما في مسلم لجابر " فإن في عيون الأنصار شيئا " فلا يقال لو أراد الله بقوله " أعيننا " الجمع لقال " تجري في عيوننا " لأن أعين و عيون كلها جمع فصيح صحيح مثل ايدي و أيادي غير أن الثانية تستعمل في ذكر المنة أكثر و في قوله " تجري بأعيننا " أضيف جمع إلى جمع فلا يراد بها التثنية و إنما يفهم من الجمع التثنية اذا أضيف إلى ضمير تثنية مثل قوله " قلوبكما " و " وجوههما " فعلم أن للمرأتين قلبين و أن للرجلين وجهين مع أنه قال قلوب و وجوه أما في قوله تعالى " تجري بأعيننا " فجمع أضيف إلى جمع و إنما أريد به التعظيم لا الكثرة.
و أذكر بما نقلت سابقا عن ابن تيمية رحمه الله حيث قال نافياً لوجود صفة العينين في القران:
" وأما لفظ العينين فليس هو في القرآن ولكن جاء في حديث "
فمع أنه ممن يثبت صفة العينين الا أنه لم يبلغ به الأمر أن يتكلف اثباتها في القران و قوله " لفظ العينين " دليل على أنه يشير إلى حديث " فإنه يقوم بين عيني الله " وهو حديث ضعيف لأنه كان يتكلم عن " اللفظ " و ليس في حديث " إن ربكم ليس بأعور " لفظ للعينين!.
و تقول:
\\ وإذا افترضنا أننا أتيناك بآثار عن بعض الصحابة والتابعين، فهل يلزم من ذلك ثبوت الإجماع؟ \\
ت: لا يلزم ثبوت الاجماع و لكن على الأقل نستأنس به على أن هذا القول معروف عنهم فيكون لمن تمسك بالاجماع مستند يحتج به وكلما زاد عدد من نقل عنهم ذلك قويت حجة من تمسك بالاجماع ثم اذا ثبت ذلك عن صحابي ولم يعلم له مخالف من الصحابة أو من نصوص الوحيين فلا يحل لأحد المخالفة في ذلك لأنهم هم الأدرى بالله و قولهم خير من قول غيرهم.
و قولك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/201)
" فأما الجواب المجمل، فهو أن أن مثل هذا الإيراد مجرد استشكال ظني، لا يفيد الطعن في الأدلة العقلية البرهانية، فغايته أن يكون إشكالا يحتاج إلى جواب مع القطع بأنه باطل، ولا يلزم من عدم معرفتي الجواب بطلان حجتي؛ لأن دليلي أظهر في العقل وأبين من هذه الشبهة."
ت: عدم ثبوت النقل ليس استشكال ظني لأن اليقين على خلاف ما ذكرت وهو الاجمال حتى يرد التفصيل و إنما الظن هو اثبات ما لم يثبت بكلام من لم يعاصر فكيف يرد التفصيل عن قرنين من المسلمين وهما القرنان اللذان أخذ عن أهلهما كل الدين ثم لا يثبت في ذلك التفصيل اثر والعقل و براهينه التي تنادي بها يا أخي الكريم لا يمكنه أن يقبل عدم ثبوت النقل في تفصيل صفة من صفات الله أجمع صدر الامة على تفصيلها بأن لله عينين - كما هو الزعم - ثم يقبل أن يرد تفصيل ما هو دون ذلك في الصفات و في فروع الشريعة و قد تكلمت على مسألة أن اثبات صفة العينين لله ليس فيه تكلف و لا تعمق لكي يكون الايمان به مضمرا و مبهما في كلام الصحابة والتابعين إلى حد العدم!.
و قولك:
" وأما الجواب المفصل، فهو أنهم لم يحتاجوا إلى ذكر ذلك أصلا، كما لم يُحتج إلى ذكره القرآن، فالقرآن لم يصرح بالتثنية في العينين، ولم يكن هذا دليلا على نفي العينين، فلو كان ترك تصريح الصحابة والتابعين حجة على كلامك، لكان ترك تصريح القرآن بذلك حجة أبلغ منها، وأنت لم تحتج بها لأنها باطلة، فإذا كانت باطلة بطل ما هو دونها بقياس جلي "
وقولك " فهو أنهم لم يحتاجوا إلى ذكر ذلك أصلا " هذا قول غريب لأني سبق و قلت أنني لا افترض حال ثبوت هذه الصفة عند الصحابة أن يتكلموا عنها لتقريرها لأنها ستكون واضحة جلية ليس فيها مزيد تعمق تماما كصفة اليدين و لكن لماذا لم يثبت عن الصحابة في كلامهم و خطبهم و مواعظهم القول - عرضا لا تقريرا - بأن لله عينين و ثبت ذلك في كل نظائرها مثل اليد و الوجه وغير ذلك؟
ابن عباس يفسر قول الله تعالى {واصنع الفلك بأعيننا ووحينا} قال: بعين الله. تفسير الطبري
قتادة في قوله "قد يعلم ما أنتم عليه .. الآية
قال: ما كان قوم قط على أمر ولا على حال إلا كانوا بعين الله. الدر المنثور
هذه نماذج و كتب أهل السنة طافحة بمثل هذا الاجمال لصفة العين و قد ذكرت في آخر الرد رقم 13 جملة من الآثار عن جمع من الصحابة والتابعين!
لماذا لم يقل ابن عباس " عيني الله " و كذلك قتادة؟؟؟
لماذا لا يثبت عنهم الا الاجمال و يتجنبون التفصيل و ذكر التثنية في صفة العين؟؟؟
أليس ذلك من العلم؟ أليس ذلك من التفسير؟
ثم يقال " لم يحتاجوا إلى ذكر ذلك "!
بل احتاجوا ولكنهم ما وجدوا دليلا على ما تذهب اليه فلم يذهبوا اليه!.
وسكوت القران عن بعض الصفات ليس دليلا على نفيها فلم ترد صفة الإصبع في القران و لا الضحك و غير ذلك و لكنها ثبتت في السنة.
و أنا أوافقك فيما قلت عن الاجماع و أنه دخل عليه اعتراض كثير من حيث ثبوته عند نقله و لكنه في مسألتنا هذه هو المعول الوحيد و الا فالأصل أولى بقطع الخلاف و هو بقاء الصفة على أصل ثبوتها بلا تفصيل لم يرد النص الصريح فيه و قولك يا أخي الفاضل:
"وقد ذكرتُ لك أيضا من قبل قسمة عقلية حاصرة في مسألة صفة العين ولم تجب عنها:
فإما أن تثبت عينا واحدة
وإما أن تثبت عينين
وإما أن تثبت عيونا كثيرة"
ت: هذا قول غير صحيح و قسمة ليست حاصرة و إنما هي " قاصرة " لأنها تركت الأصل و جمعت الظنون فالأصل الذي ثبت باجماع أهل السنة لا يخالف فيه أحد أن لله صفة العين ثابتة على الحقيقة كما يليق بجلالة فهذا هو الأصل الذي اجتمع عليه الناس أما مسألة العدد فهي ظنون لم يثبت بها دليل فلا يلزمني القول بشيء منها ومن يلزمني بذلك فعليه أن يلزم السلف قاطبة بتحديد اصابع الله بعدد معين لأنهم كلهم يثبتون صفة الإصبع على الاجمال بلا عدد فلماذا لم يلزمهم القول بعدد معين مع ثبوت أن لله اصابع عدة؟؟.
فالصحيح أن تجعل في حصرك الذي ذكرت الافتراض الأول:
- الايمان بأن لله صفة العين ثابتة كما يليق به سبحانه بلا كيف و لا كم كما هو الحال في صفة الإصبع.
فهذا الزام لعلك نسيت أن تذكره فهو قد ساغ في غير واحدة من صفات الله فيسوغ في هذه إن شاء الله.
و أمثل ما قلته يا أخي في ردك هو قولك أن عدم نقل الخلاف في ذلك دليل على ثبوت عكسه.
وقد رددت على ذلك و أضيف إلى ما سبق قوله أنه مع قلة وجود نقل الخلاف - ولا أقول عدمها لأنه غير صحيح حيث ثبت نقل الخلاف وعن رجال هم من كبار أهل اللغة والحفظ - فإنه رافق ذلك أيضا " قلة النقل عن الموافق بعينه " و إنما ذكرت اجماعات في نقلها من المقال ما قد قيل و لو أسندت الأقوال إلى شخوص السلف المثبتين للتثنية لعلمت غربتهم وسط من سكت أو أجمل.
و أختم بقولي أني أعلم أن سكوتك من قبل ليس لقصور حجتك أو علمك فأنت من أنت في هذا المنتدى من الفضل والعلم و دماثة الخلق - نحسبك و لا نزكي على الله أحد - حفظك الله و بارك فيك و بقائي على ما اقول ليس حبا في الجحود و الجدل و إنما لأني أكره ترك اليقين إلى ما لا يعدله.
والله أعلم بالصواب عليه توكلت و إليه أنيب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/202)
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[08 - 08 - 07, 11:21 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته:
يؤيد هذا التفسير للحديث العبارة التي بدأ بها النبي صلى الله عليه و سلم كلامه حيث قال " إن الله لا يخفى عليكم " يريد بذلك أنه سيذكر لهم شيئا هم على علم به لم يكن خافيا ً عليهم وهو " كمال صفات الله " و لو كان يريد اخبارهم بعلم جديد وهو " أن لله عينين " لما قال " إن الله لا يخفى عليكم " ولكن كان سيقول " إن الله لن يخفى عليكم " لأنه سيخبرهم بأمارة جديدة يميزون بها ربهم لأن لن تفيد الاستقبال ومحنة الدجال مستقبلة كما أن العلم الذي سيخبرهم به كان مستقبلا حال نطقه بهذه العبارة فكان الصحيح أن يقول " لن " و نظير ذلك قوله لعمر كما في الصحيح " أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده " ولكنه قال في الحديث " لا يخفى عليكم " فهذا يدل على أن سبب عدم اختلاط أمر الدجال عليهم كان أمراً معلوماً عندهم و هو " كمال الله في صفاته "
والله أعلم بالصواب عليه توكلت و إليه أنيب.
و أزيد تعقيبا على هذا فقد ورد في لفظ زوائد مسند الحارث وقال الهيثمي فيه شهر بن حوشب مرفوعا: " واعلموا أن الله عز وجل صحيح ليس بأعور وأن الدجال أعور ممسوح العين "
قلت والذي اختاره شيخنا عبد الكريم الخضير أن حديث شهر حسن و قال الشيخ الأثيوبي أن شهر بن حوشب ثقة و سبقهم إلى توثيقه البخاري و ابن معين و أحمد بن حنبل و ابن مهدي و الترمذي و نقل عن البخاري قوله: إنما تكلم فيه ابن عون. و قد ضعفه غيره مثل شعبة والنسائي.
فهذا تصريح بعلة سوق الحديث " واعلموا أن الله عز وجل صحيح ليس بأعور " ولم يقل واعلموا أن لله عينين و لم ينسب الصحة لبصر الله فيقول صحيح العينين و إنما نسب الصحة لذات الله فقال " واعلموا أن الله عز وجل صحيح " و هذا ما قلته سابقا أي التذكير بكمال الله و أنه لا يشوبه نقص.
و في لفظ للبخاري:
" فما خفي عليكم من شأنه فليس يخفى عليكم: (((أن ربكم ليس على ما يخفى عليكم))) - ثلاثا - إن ربكم ليس بأعور، وإنه أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية "
والله أعلم
ـ[فايز طعمة]ــــــــ[09 - 08 - 07, 12:29 ص]ـ
أخي الكريم
أنا كنتُ عقدتُ العزم ألا أكمل النقاش في الموضوع، ولكن رأيتك ذكرتني في المشاركة الأخيرة فرأيت الأصلح غير ذلك، وأرجو أن تنظر في كلامي السابق والآتي بمزيد تأمل.
أخي الفاضل، أسأل الله لي ولك التوفيق والسداد
= إذا افترضنا أن الإجماع لم يتحقق، فهل يلزم من ذلك صحة كلامك؟
= وإذا افترضنا أننا أتيناك بآثار عن بعض الصحابة والتابعين، فهل يلزم من ذلك ثبوت الإجماع؟
وأنا قد ذكرتُ لك في كلامي سابقا عددا من الأمور الملزمة التي لا محيد عنها، ولكنك تركت الجواب عنها وركزت كلامك على مسألة الإجماع، ولا يخفى عليك يا أخي الكريم أن مباحث الإجماع قد وقع فيها خلط كبير عند الأصوليين، بل عند كثير من أهل العلم.
أخي الكريم
نحن بين أمرين لا ثالث لهما (وقد قلت لك هذا سابقا فلم تجب عنه)
إما أن هذه المسألة اختلف فيها السلف وإما أنها مما لم يختلف فيه السلف، وهذا تقسيم عقلي حاصر لا محيد عنه.
فإن كان السلف اختلفوا فيها فإنه يمتنع في العادات أن تمر القرون الطويلة ولا ينقل لنا شيء من هذا الخلاف مطلقا، وحتى لو افترضنا أن هذا الخلاف قد وقع، فإنه يمتنع في العادات أن ينقل القول الباطل ولا ينقل القول الصحيح.
فإن القول بقولك لم ينقل عن أحد مطلقا لا من الصحابة ولا من التابعين ولا ممن بعدهم، بخلاف قولنا.
وإن كانوا اتفقوا فإما أن يكونوا اتفقوا على قولك وإما أن يكونوا اتفقوا على قولنا.
فإن كانوا اتفقوا على قولك فيلزم من ذلك أن يكون كل من تكلم في هذه المسألة مثل ابن قتيبة ومحمد بن نصر المروزي وعثمان بن سعيد الدارمي وأبو بكر بن خزيمة وأبو الحسن الأشعري ومن تبعهم ممن جاء بعدهم كابن تيمية وابن القيم خالفوا هذا الإجماع، بل يلزم على قولك أنهم لم يعلموا بهذا الإجماع أصلا؛ لأنهم لو علموه لحكوه.
فما بقي من القسمة العقلية الحاصرة إلا أن يكونوا قد اتفقوا على قولنا نحن، وهذا برهان واضح لا لبس فيه؛ لأنه مبني على مقدمات عقلية برهانية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/203)
ولكن يَرِدُ على هذا الكلام ما تفضلتَ أنت بإيراده سابقا، وهو أنه إن كان قد وقع إجماعهم فكيف لم ينقل لنا ولو أثر واحد عن الصحابة والتابعين فيه تصريح بهذا الأمر؟!!
والجواب من وجهين: مجمل ومفصل:
فأما الجواب المجمل، فهو أن أن مثل هذا الإيراد مجرد استشكال ظني، لا يفيد الطعن في الأدلة العقلية البرهانية، فغايته أن يكون إشكالا يحتاج إلى جواب مع القطع بأنه باطل، ولا يلزم من عدم معرفتي الجواب بطلان حجتي؛ لأن دليلي أظهر في العقل وأبين من هذه الشبهة.
وأما الجواب المفصل، فهو أنهم لم يحتاجوا إلى ذكر ذلك أصلا، كما لم يُحتج إلى ذكره القرآن، فالقرآن لم يصرح بالتثنية في العينين، ولم يكن هذا دليلا على نفي العينين، فلو كان ترك تصريح الصحابة والتابعين حجة على كلامك، لكان ترك تصريح القرآن بذلك حجة أبلغ منها، وأنت لم تحتج بها لأنها باطلة، فإذا كانت باطلة بطل ما هو دونها بقياس جلي.
وعند استقراء صنيع أهل العلم في حكاية الإجماع تجدهم أحيانا يكتفون بنقله عن إيراد الآثار المؤيدة له لعدم وجود الخلاف أصلا، ولذلك تجدهم يكثرون من إيراد الآثار الدالة على المسائل التي وقع فيها الخلاف، ولا يكثرون من إيراد الآثار الدالة على المسائل التي لم يقع فيها خلاف، وأظنك لو تتبعت الكتب التي تُعنى بآثار السلف لوجدت هذا جليا واضحا.
وقد أحلتُك على رابط ذكرتُ فيه كثيرا من الشواهد أن العرب تطلق الجمع وتريد به التثنية، ونقلت فيه عن أهل العلم أن هذا هو الأكثر في كلام العرب في أشباه المثال الذي معنا، فهم يطلقون الجمع ويريدون التثنية أصلا، فلم يحتاجوا إلى التصريح؛ لأنها مفهومة من الكلام، وإنما احتاج إليها من جاء من بعدهم من أهل القرن الثالث وما بعده لأنهم أعاجم على اللغة لا يفهمون من الجمع إلى قسيم التثنية.
وكذلك لم يحتاجوا إلى التصريح بذلك لأنه ليس له داعٍ؛ فإن أسماء الله الحسنى وصفاته العليا التي يدعوه الناس بها كثيرة وهي متفاضلة كما عليه أهل السنة، وقد جرى الناس قديما وحديثا على الدعاء بأحسنها وأليقها بالمقام، كالدعاء بالجبار إذا كان في مقام الاستنصار، وبالغفار إذا كان في مقام الاستغفار، وبالرزاق إذا كان في مقام الاستمطار، ونحو ذلك.
وإذا ثبت لله عز وجل صفة في الكتاب أو في السنة فلا نحتاج بعد ذلك أن يستعملها الصحابة والتابعون في دعائهم، ونحن نقول: إن حديث (إن الله ليس بأعور) واضح الدلالة في هذه الصفة، وهذا ما فهمه أهل العلم الذين وقفنا على أقوالهم.
فإما أن يكون هؤلاء أصابوا وإما أن يكونوا أخطئوا، فإن كانوا أصابوا فالحمد لله، وإن كانوا أخطئوا فيمتنع في العادات أن ينتشر قولهم ويعرف عند المؤالف والمخالف ويسير مسار الشمس بين أهل العلم بل يحكون عليه الإجماع، أقول: يمتنع أن يحصل كل هذا ولا يوجد في الأمة كلها رجل واحد يعرف الحق يقول لهم: يا جماعة الخير أنتم افتريتم على الله عز وجل، ووصفتموه بما لم يصف به نفسه، وأتيتم بأشياء من كيسكم، وتزيّدتم على نصوص كتاب ربكم وسنة نبيكم.
هذه أمور كلها ممتنعة في العادة، وامتناعها أوضح بكثير مما ألزمتنا به من نقل الدعاء بلفظ التثنية عن الصحابة والتابعين، فإذا كنت ترى امتناع ثبوت الصفة مع عدم ورود ذلك عنهم، فامتناع اشتهار القول بذلك مع عدم إنكار أحد أعظم وأوضح في العقل.
وأنت نازعت في دلالة حديث (إن الله ليس بأعور) وقلتَ: إنه ليس نصا في المسألة، وأنا تنزلتُ معك وقلت: افترض أنه ليس نصا، فهو ظاهر، ودلالته على قولنا أوضح من دلالته على قولك، وأنت لا تنازع في ذلك، ولكنك تنازع في أنه ليس قاطعا في الدلالة على المراد.
ونحن نقول: سلمنا أنه ليس قاطعا، ولكنه ظاهر، فما المانع من القول به إذا كان ظاهرا ولم يوجد له معارض من النصوص، ولا مخالف من أهل العلم؟!
وقد ذكرتُ لك أيضا من قبل قسمة عقلية حاصرة في مسألة صفة العين ولم تجب عنها:
فإما أن تثبت عينا واحدة
وإما أن تثبت عينين
وإما أن تثبت عيونا كثيرة
وهذه قسمة عقلية حاصرة لا محيد عنها، والأقسام كلها باطلة عدا الثاني، فلزم القول به ببرهان واضح.
وأستغفر الله مما طغى به القلم، وأعتذر إليك إن بدر مني شيء.
والحمد لله رب العالمين.
بارك الله بكم يا أخانا
ـ[عبد المتين]ــــــــ[08 - 12 - 07, 09:33 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/204)
و ممن قال بإثبات الأعين لله من المتأخرين الشيخ الطريفي حفظه الله فهل هذا القول قال به من له شأن من السلف.
قضية للطرح بارك الله فيكم.
ـ[ابو محمد المصرى الأثرى]ــــــــ[13 - 12 - 07, 10:59 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المنزه من كل عيب، المبرأ من كل نقص،الذي له الأسماء الحسني و الصفات العلي، و الصلاة و السلام علي نبيه محمد، الذي عرف ربه حق المعرفة؛ فكان أتقي خلق الله لله ...
وبعد؛ فقد وردت كلمة من الأخ أبي حمزة، عند نقله عن الشافعي الإمام، لم أسمعها_في معتقد أهل السنة و الجماعة_من قبل!!!
ألا و هي زعمه بأن (الله يهبط كل ليلة إلي السماء الدنيا) ... فهل تعدل هذه الكلمة (يهبط) كلمة (ينزل) التي وردت في الحديث؟!!! وما دليله؟!!
أهي رواية للحديث، لم اطلع عليها؛ لعيٌ؟! أم هي فهم منه، كفهمه لإثبات صفة العين الواحدة لله؟!!
أما بخصوص الموضوع الأصل، فأقول_و بالله التوفيق_:
زعم الأخ الكريم أن الأصل إثبات صفة العين الواحدة لله (عز وجل)،أعوذ بالله أن أقول عليه غير الحق الذي بعث به محمدا (صلي الله عليه وسلم)،ونقل عن ابن عباس- رضي الله عنهما-،وعن قتادة_رحمه الله_عينا واحدة.
قال العثيمين-رحمه الله- (في عقيدة أهل السنة والجماعة):ونؤمن بأن لله-تعالي-عينين اثنتين حقيقيتين؛ لقوله-تعالي-:واصتع الفلك بأعينناو وحينا، وقوله-صلي الله عليه وسلم-:حجابه النور، لو كشفه؛ لأحرقت سبحات وجهه ما انتهي إليه يصره من خلقه.
وأجمع أهل السنة والجماعة علي أن العينين اثنتان، ويؤيده قول النبي-صلي الله عليه وسلم-في الدجال: إنه أعور، و إن ربكم ليس بأعور.
وقال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان (في شرح العقيدة الواسطية، الطبعة السابعة1422ه/2002م، الباب12 إثبات العينين لله تعالي):
الشاهد من الآيات: أن فيهاإثبات العينين لله-تعالي-حقيقة علي ما يليق به سبحانه؛ فقد نطق القرآن بلفظ العين مضافة إليه مفردة و مجموعة، ونطقت السنة بإضافتها إليه مثناة، و قال النبي-صلي الله عليه وسلم-:إن ربكم ليس بأعور)،وذلك صريح بأنه ليس المراد إثبات عين واحدة؛ فإن ذلك عور ظاهر، تعالي الله عنه.
قلت: لئن ألقي الله-عز وجل-بمثل معتقد هؤلاء_و لاأزكيهم علي الله، هو حسبهم، يعلم علانيتهم وسرهم، أرجو منه، وهو الكريم، أن أكون من الناجين الذين زحزحوا عن النار.
و السلام عليكم و رحمة الله وبركاته.
ـ[الخزرجي]ــــــــ[21 - 12 - 07, 12:55 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , وبعد:
كنت أمس عند أحد المشايخ ووجدت عنده مجموعة منظومات له في العقيدة قرأت منها نظم الواسطية فلما وصلت عند باب إثبات صفة العين لله تعالى توقفت وقلت له: هل هناك دليلا يستفاد منه إثبات العينين _ بالتثنية_ لله غير حديث الدجال.
فقال: أنا لا أعرف إلا هذا الدليل.
فقلت له: لو كان هناك حيوان له أكثر من عينين فعيبت أحد أعينه. أتقول العرب فيه:" أعور" أم تقول شيئا آخر لا أعرفه؟
فقال: هل هناك حيوان له أكثر من عينين؟
فجعلنا نبحث فيما رأيناه فلم نجد.
فقال لو كان هناك حيوان له أكثر من عينين فعيبت أحد أعينه فلا أدري هل يطلقون عليه " أعور " أم لا.
وكان _ حفظه الله _ لا يشك أن لله عينين. ومع ذلك قال لي بتواظع جم إذا استفدت شيئا في هذه المسألة فأخبرني.
فقلت له كأني رأيت في ملتقى الحديث نقاشا في هذا الموضوع فسأنظر غدا وأخبرك.
فاليوم في ثاني أيام العيد تركت ضيفي لأرى الموضوع , ولكن بكل أسف أقول: أنني لم أجد إلا ما أحزنني.
وبناء على ما وجدت أقول:
1 - أن المناقش إذا رفع صوته على مناقشه أو استزأ به , فإنه إما أن يكون فعل ذلك للغيرة الشديدة على هذا الدين , أو أنه اعتقد أن مناقشه ناشر بدعة أو أنه فعل ذلك لشيئ لا أعلمه بل أسأل الله أن يزيدني جهلا به.
فإن كانت الغيرة فإنها لا تزيد إلا التبغاض إن لم تنضبط. وإن كان الاعتقاد السيء فمن الحماقة أن تناقشه وتضيع وقتك معه.
2 - كون القول في المسألة العقدية قال به أحد السلف أو ممن عرف بالاعتقاد الصحيح لا يكفي دليلا تقنع به المخالف.
3_ أن العقيدة ليست أمرا هينا حتى تريد أن تقنعني بها بدليل ظني.
4_ أن من حق خالي الذهن إذا أردت أن تفيده بعلم أن يطالبك بالدليل بل يناقشك فيه.
وكل عام وأنتم بخير ..
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[21 - 12 - 07, 02:29 ص]ـ
الشيخ أبا حمزة وفقكم الله؛
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/205)
أرجوا أن يتسع صدرك لهذا التعليق الوجيز:
1 - الأصل في إثبات العين الكاملة للحي هو إثبات عينين، شأنه شأن إثبات اليد والأذن. ولا أحسب أن في لغة العرب عرف غير ذلك.
فليس الأصل إذن إثبات عين واحد فقط، ولا إثبات أعين كثيرة تزيد عن كمال الاثنين، ولا إثبات عين مطلقة من غير تصوّر لتثنيتها. فلا نظن أن المخاطبين بالقرآن والحديث يعرفون غير ذلك، وإلا لما تأخروا عن بيانه ولو تلميحا. فالبصير كامل البصر - في عرفهم وعرف غيرهم من الأمم كما أشار إلى ذلك الإمام الدارمي - هو الذي يبصر بالعينين، لا أقل ولا أكثر. وهذا هوا الأصل، وغيره - إن كان ثم - هو الذي يحتاج إلى بيان مفصل.
2 - كون الشافعي وأمثاله رحمهم الله لم يصرح بإثبات العينين الاثنين لا يدل على أنه توقف في هذا الأمر؛ لوجوه: منها، أنه لو توقف الشافعي في هذا الأمر، لبيّن توقفه ذلك أو تحفظاته فيه - كما بين التوقف في إطلاق أن الاسم هو المسمى أو إطلاق أن الاسم غير المسمى؛ ومنها، أن القائلين بأن لله عين واحد فقط أو أعين كثيرة زائدة عن الاثنين لم يولد ولم يشتهر أمره بعد حتى يحتاج ذلك إلى إنكار خاص. ومنها:
3 - أن قول القائل: "لله عين" أو "لله عينان" ليس وصفا كاملا ولا ثناء تاما، بل هي إلى تحصيل الحاصل أقرب. ومثله قول القائل: "لله يد" أو "لله يدان". لماذا. .؟ لأن الإنسان المخلوق الضعيف أيضا له عينان وله يدان، فمجرد أن نقول إن لربنا عينان وله يدان ليس فيه كبير حمد وثناء. وإنما المفروض في الوصف والثناء أن نقول: "يد الله غير مغلولة" (فبهذا قد أثبتنا كمال تلك الصفة ونفينا عنها العلة)، أو نقول كما قال الله تعالى نفسه: (يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء)، وكما قال رسوله صلى الله عليه وسلم: (وكلتا يديه يمين). وهذا هو الوصف الكامل والثناء التام. فلا تجد في القرآن مثلا: (لله وجه)، بل فيه: (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام). وليس فيه مثلا: (الله إلهنا ثابت موجود)، بل فيه: (الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنه ولا نوم). فليُفهم هذا فإنه مهم جدا، وقد أغفله المقصّرون.
4 - فيقال مثل ذلك في صفة العين لله تعالى. لا نقتصر مثلا على قول "لله عين" ولا "لله عينان"، لأن ذلك تحصيل حاصل وليس فيه الثناء الكامل. وإنما نقول مثلا: (عين الله أحسن العيون)؛ أو نقول: (كلتا عينى الرحمن كاملة لا نقص فيها بحال)، أو نقول كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن ربك ليس بأعور). فبهذا قد أثبتنا له كمال الصفة ونفينا أدنى نقص وقع فيها. فلا يظن أن أمثال الشافعي رحمه الله يعدل عن مثل هذا البيان الحكيم إلى صنيع من عادته توضيح الواضحات وتجلية الجليّات.
والله أعلى وأعلم.
ثم إن حديث الدجال هو بحق نصٌ لفصل النزاع في الموضوع. فقد قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يخفى عليكم، إن الله ليس بأعور ـ وأشار بيده إلى عينه ـ وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية). فلو كان لله عين واحد فقط لقال مثلا: (إن الله لا عين له إلا واحدة). ولو كان له تعالى أكثر من عينين لقال مثلا: (إن الله لا يخفى عليكم، إن الله له أعين كثيرة حسنى، وهذا الدجال إنما له عينان يمناهما عليلة عوراء). والله أعلم.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[21 - 12 - 07, 03:16 ص]ـ
2 - كون القول في المسألة العقدية قال به أحد السلف أو ممن عرف بالاعتقاد الصحيح لا يكفي دليلا تقنع به المخالف.
هذا يقال عند اختلاف السلف، أما عند الاتفاق فلا يقال مثل هذا الكلام.
فالسلف اعتقادهم صحيح، وما دمنا نقلنا عن أهل الاعتقاد الصحيح من السلف فهذا يكفي عند أهل العلم، أما غير أهل العلم فهذا لا يكفي عندهم.
3_ أن العقيدة ليست أمرا هينا حتى تريد أن تقنعني بها بدليل ظني.
وهذا هو الباب الذي ضل بسببه الجهمية، وهو بعينه الباب الذي ضل بسببه الأشاعرة وهو بعينه الذي ضل بسببه المعتزلة، وما زال الصحابة والتابعون والأئمة المتبوعون يحتجون على العقيدة وغير العقيدة بالأدلة الظنية الراجحة.
وأنا لا أريد أن أقنعك، فمن الناس من لا يقتنع بالدليل القطعي، ويظن أن عدم اقتناعه حجة يرد بها الأدلة.
4_ أن من حق خالي الذهن إذا أردت أن تفيده بعلم أن يطالبك بالدليل بل يناقشك فيه.
خالي الذهن هذا حقه أن يجالس أهل العلم ويزاحمهم بالركب، ليتعلم العلم الصحيح من أهله.
أما أن يأتي بذهنه الخالي ليعترض على الذين أفنوا أعمارهم في خدمة هذا الدين، ويقول: كلامكم ظني، وليس فيه دليل، وليس لي أن أقبله حتى أقتنع بعقلي!! فهذا لا يلقى له بال.
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[21 - 12 - 07, 09:01 م]ـ
سؤال: هل يجوز أن نطلق إضافة (الأعين) إلى الله تعالى - لفظ الجلالة أو أحد الأسماء الحسنى أو الضمير المفرد؟
يعنى مثل قول أحد القواد بفلسطين: "ارفضوا الحصار وأنتم في أعين الله إن شاء الله، أنتم في أعين الله، وأنا واثق من هذا"
وهل ورد مثل هذا في أثر سلفي؟
وجزاكم الله خيرا؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/206)
ـ[الخزرجي]ــــــــ[22 - 12 - 07, 12:42 ص]ـ
هذا يقال عند اختلاف السلف، أما عند الاتفاق فلا يقال مثل هذا الكلام.
فالسلف اعتقادهم صحيح، وما دمنا نقلنا عن أهل الاعتقاد الصحيح من السلف فهذا يكفي عند أهل العلم، أما غير أهل العلم فهذا لا يكفي عندهم.
هذه المسألة تتعلق بموضوع حجية الاجماع وهي مسألة طويلة.
وإن كنت تقول أن الحق لا يخرج عن المذاهب الاربعة فالمسافة بين وبينك بعيدة جدا فلذلك أترك هذا الامر خشية الاطالة وتضييع الاوقات.
وهذا هو الباب الذي ضل بسببه الجهمية، وهو بعينه الباب الذي ضل بسببه الأشاعرة وهو بعينه الذي ضل بسببه المعتزلة، وما زال الصحابة والتابعون والأئمة المتبوعون يحتجون على العقيدة وغير العقيدة بالأدلة الظنية الراجحة.
وأنا لا أريد أن أقنعك، فمن الناس من لا يقتنع بالدليل القطعي، ويظن أن عدم اقتناعه حجة يرد بها الأدلة.
أقول: أن هناك أمورا في العقيدة لا يقبل فيها النزاع لقطعيتها.
كالاستدلال بأن الله سميع بقوله تعالى: ((سميع عليم)).
وهناك أمورا قد يفهم منها المجتهد الحكم فهما قاطعا لكن لا يستطيع أن يلزم غيره به لعدم الصراحة في الدليل ولا يستطيع مع هذا أن يقول أن الغير هذا متبعا لهواه أو مبتدع.
كالاستدلال لإثبات صفة الشم لله تعالى بحديث خلوف الصائم.
والاستدلال على أن لله سبحانه عينين اثنتين بحديث الدجال هو كذلك.
وأما قولك: وأنا لا أريد أن أقنعك، فمن الناس من لا يقتنع بالدليل القطعي، ويظن أن عدم اقتناعه حجة يرد بها الأدلة.
وقولك قبله: أما غير أهل العلم فهذا لا يكفي عندهم.
فليتني لم أقرأه.
خالي الذهن هذا حقه أن يجالس أهل العلم ويزاحمهم بالركب، ليتعلم العلم الصحيح من أهله.
أما أن يأتي بذهنه الخالي ليعترض على الذين أفنوا أعمارهم في خدمة هذا الدين، ويقول: كلامكم ظني، وليس فيه دليل، وليس لي أن أقبله حتى أقتنع بعقلي!! فهذا لا يلقى له بال.
خالي الذهن ليس له أن يعترض عليكم خدمةَ هذا الدين , ولكن له أن يستفسر ويطالب بالدليل ثم إن عرف أنه حقا قبله أورده بغض النظر عن قائله مالم يكن نصاً.
وأما بقية كلامكم فلا أدري ما مناسبته.
ـ[الخزرجي]ــــــــ[22 - 12 - 07, 02:32 ص]ـ
الخطأ: ثم إن عرف أنه حقا.
الصواب: ثم إن عرف أنه حق.
حتى لا تصاب بالقشعريرة (ابتسامة محب)
ـ[سالم عدود]ــــــــ[22 - 12 - 07, 03:09 م]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[24 - 12 - 07, 04:30 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله:
الأخ الكريم: أبو محمد المصري
قولك:
أما بخصوص الموضوع الأصل، فأقول_و بالله التوفيق_:
زعم الأخ الكريم أن الأصل إثبات صفة العين الواحدة لله (عز وجل)،أعوذ بالله أن أقول عليه غير الحق الذي بعث به محمدا (صلي الله عليه وسلم)،ونقل عن ابن عباس- رضي الله عنهما-،وعن قتادة_رحمه الله_عينا واحدة.
--------
أنا لم اقل الأصل اثبات صفة العين الواحدة ولكن قلت الأصل الاجمال حتى يرد التفصيل و اثبات أن لله عين يقصد به اثبات أن لله " جنس صفة العين " على الحقيقة من غير عدد و قد كررت هذا حتى اهترأ لساني و لن أعيد!
و أرجو منك يا أخي عدم الافتراء علي ما لم أقل و إن أردت أن ترد على شيء من كلامي فقصه بحروفه ثم ضعه ثم رد عليه!!.
و ليس لدي جديد لأدخل في النقاش من جديد فكل ما لدي بخصوص هذا الموضوع قلته.
وفقني الله و إياك
ـ[محمد اقبال]ــــــــ[24 - 12 - 07, 07:22 م]ـ
هل لي ان اعترض على هذا الكلام ام لا؟؟
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[24 - 12 - 07, 11:58 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله:
الأخ الكريم: أبو محمد المصري
قولك:
أما بخصوص الموضوع الأصل، فأقول_و بالله التوفيق_:
زعم الأخ الكريم أن الأصل إثبات صفة العين الواحدة لله (عز وجل)،أعوذ بالله أن أقول عليه غير الحق الذي بعث به محمدا (صلي الله عليه وسلم)،ونقل عن ابن عباس- رضي الله عنهما-،وعن قتادة_رحمه الله_عينا واحدة.
--------
أنا لم اقل الأصل اثبات صفة العين الواحدة ولكن قلت الأصل الاجمال حتى يرد التفصيل و اثبات أن لله عين يقصد به اثبات أن لله " جنس صفة العين " على الحقيقة من غير عدد و قد كررت هذا حتى اهترأ لساني و لن أعيد!
و أرجو منك يا أخي عدم الافتراء علي ما لم أقل و إن أردت أن ترد على شيء من كلامي فقصه بحروفه ثم ضعه ثم رد عليه!!.
و ليس لدي جديد لأدخل في النقاش من جديد فكل ما لدي بخصوص هذا الموضوع قلته.
وفقني الله و إياك
الأخ أبا حمزة. . . أنت أنكرت على من أطلق التثنية لعين الله تعالى،
فأنت مطالب إذن بالإتيان بالأدلة على هذا الإنكار منك الذي أنكره القوم.
وإلا، فمجرد وقوفك على العموم والإطلاق ليس فيه تسويغ على هذا الإنكار منك، فتأمل. .
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[25 - 12 - 07, 08:19 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته:
الأخ الكريم نضال مشهود
أثبت لي بأن الاجمال في الصفة حتى يرد التفصيل ليس بمذهب الصحابة والسلف عندها ساقول لك بأنني كنت أنا من يخالف الأصل وليس بمن قال باثبات العينين أما وقد استقر في منهج فهم صفات الله في العقيدة و في استقراء النصوص أن الأصل الاجمال حتى يرد التفصيل فمن خالف الأصل هو الذي يطالب بالدليل و ليس بمن يرفض الانتقال عنه الا ببينة يعبد الله بمثلها.
و ما قلت يا أخي الا بعد ما تأملت و الله يعلم ذلك و قد رددت عليك كي لا يكون في صدرك شيء تجاه عدم الرد على تعليقاتك و إلا فلا جديد لدي.
وفقني الله و إياك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/207)
ـ[عبدالرحمن الحجري]ــــــــ[26 - 12 - 07, 02:59 ص]ـ
/المشاركة الأصلية بواسطة (أبو مالك العوضي)
أولا: شيخ الإسلام ابن تيمية أيضا نقل إجماع السلف على إثبات صفة العينين، فإن سلمنا جدلا أن الإجماع الذي نقله أبو الحسن الأشعري خطأ؛ لأنه لم يكن خبيرا بأقوال السلف، فهل ترى أن هذا وارد على شيخ الإسلام أيضا؟ /
أين نقل شيخ الإسلام هذا الإجماع؟
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[26 - 12 - 07, 04:07 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته:
الأخ الكريم نضال مشهود
أثبت لي بأن الاجمال في الصفة حتى يرد التفصيل ليس بمذهب الصحابة والسلف عندها ساقول لك بأنني كنت أنا من يخالف الأصل وليس بمن قال باثبات العينين أما وقد استقر في منهج فهم صفات الله في العقيدة و في استقراء النصوص أن الأصل الاجمال حتى يرد التفصيل فمن خالف الأصل هو الذي يطالب بالدليل و ليس بمن يرفض الانتقال عنه الا ببينة يعبد الله بمثلها.
و ما قلت يا أخي الا بعد ما تأملت و الله يعلم ذلك و قد رددت عليك كي لا يكون في صدرك شيء تجاه عدم الرد على تعليقاتك و إلا فلا جديد لدي.
وفقني الله و إياك
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الله جل وعلا وصف القرآن بأنه كلامه،
ولم يفصل هل هو مخلوق أو غير مخلوق.
فماذا كان مذهب ابن عباس رضي الله عنه؟
وماذا كان مذهب ابن حنبل؟ وماذا كان إنكاره لمن توقف في هذا استنادا على (بلكفة)؟
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[26 - 12 - 07, 08:53 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أخي الكريم: نضال مشهود
سبقك بهذا الأخ أبو مالك العوضي حفظه الله في الرد رقم 21 فأورد مثل ما أوردت فرددت عليه هناك فلم يكن هناك حاجة لاعادة الكلام من جديد وتجد الرد مفردا على هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=632417&postcount=23
ـ[ابو محمد المصرى الأثرى]ــــــــ[27 - 12 - 07, 01:42 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله:
الأخ الكريم: أبو محمد المصري
قولك:
أما بخصوص الموضوع الأصل، فأقول_و بالله التوفيق_:
زعم الأخ الكريم أن الأصل إثبات صفة العين الواحدة لله (عز وجل)،أعوذ بالله أن أقول عليه غير الحق الذي بعث به محمدا (صلي الله عليه وسلم)،ونقل عن ابن عباس- رضي الله عنهما-،وعن قتادة_رحمه الله_عينا واحدة.
--------
أنا لم اقل الأصل اثبات صفة العين الواحدة ولكن قلت الأصل الاجمال حتى يرد التفصيل و اثبات أن لله عين يقصد به اثبات أن لله " جنس صفة العين " على الحقيقة من غير عدد و قد كررت هذا حتى اهترأ لساني و لن أعيد!
و أرجو منك يا أخي عدم الافتراء علي ما لم أقل و إن أردت أن ترد على شيء من كلامي فقصه بحروفه ثم ضعه ثم رد عليه!!.
و ليس لدي جديد لأدخل في النقاش من جديد فكل ما لدي بخصوص هذا الموضوع قلته.
وفقني الله و إياك
أولا: يقال: الأخ الكريم، أبا محمد المصري
ثانيا: أعتذر إليك طالبا الصفح إن كنت افتريت عليك شيئا.
ثالثا: أسأل الله السداد و الهدي لي ولك وللمسلمين جميعا.
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[27 - 12 - 07, 04:02 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أخي الكريم: نضال مشهود
سبقك بهذا الأخ أبو مالك العوضي حفظه الله في الرد رقم 21 فأورد مثل ما أوردت فرددت عليه هناك فلم يكن هناك حاجة لاعادة الكلام من جديد وتجد الرد مفردا على هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=632417&postcount=23
وعليكم السلام أبا حمزة ورحمة الله وبركاته.
وأنا قد أشرت إلى الإجابة على تعليقك ذاك في أول مشاركة لي بما هو جديد لك. فأين الجديد منك. .؟
ثم لماذا أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى عينه عندما قال (إن الله لا يخفى عليكم، إن الله ليس بأعور)؟ هل له - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلا عينان؟ فماذا ترى من فهم الصحابة لذلك البيان؟
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[27 - 12 - 07, 05:22 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/208)
عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة: دخلت المسجد فإذا عبدالله بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة. والناس مجتمعون عليه. فأتيتهم. فجلست إليه. فقال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر. فنزلنا منزلا. فمنا من يصلح خباءه. ومنا من ينتضل، ومنا من هو في جشره. إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة جامعة. فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال (إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم. وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها. وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها. وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضها. وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي. ثم تنكشف. وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه. فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر. وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه. ومن بايع إماما، فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع. فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر). فدنوت منه فقلت: أنشدك الله! آنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه. وقال: سمعته أذناي ووعاه قلبي. فقلت له: هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل. ونقتل أنفسنا. والله يقول: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} [4 / النساء / 29]. قال: فسكت ساعة ثم قال: أطعه في طاعة الله. واعصه في معصية الله. رواه مسلم
لماذا أشار رضي الله عنه إلى أذنيه.
لكي يخبر القوم أنهما اثنتين؟؟
أم للتأكيد على صفة " السمع " التي باشرت ذلك الكلام؟
ثم إن بنينا عقائدنا على مثل هذا فماذا سنقول في حديث أبي هريرة: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} إلى قوله تعالى: {سميعا بصيرا} قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع إبهامه على أذنه، والتي تليها على عينه. قال أبو هريرة: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقرؤها ويضع إصبعيه. قال ابن يونس: قال المقرئ: [يعني (إن الله سميع بصير) يعني: أن لله سمعا وبصرا. رواه أبو داود وقال الألباني إسناده صحيح.
فهل سنقول بصفة الأذنين لله عز و جل؟؟؟
أم نقول كما قال المقرئ: يعني: أن لله سمعا وبصرا؟؟
هذا فهم السلف مسندا ً فأين الاسناد لفهمك الذي تزعم؟؟؟
و الله يوفقني و إياك
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[27 - 12 - 07, 11:29 م]ـ
قبل الرد:
http://www.salafyoun.org/showthread.php?p=9153
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[27 - 12 - 07, 11:58 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله:
عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة: دخلت المسجد فإذا عبدالله بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة. والناس مجتمعون عليه. فأتيتهم. فجلست إليه. فقال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر. فنزلنا منزلا. فمنا من يصلح خباءه. ومنا من ينتضل، ومنا من هو في جشره. إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة جامعة. فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال (إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم. وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها. وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها. وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضها. وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي. ثم تنكشف. وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه. فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر. وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه. ومن بايع إماما، فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع. فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر). فدنوت منه فقلت: أنشدك الله! آنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه. وقال: سمعته أذناي ووعاه قلبي. فقلت له: هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل. ونقتل أنفسنا. والله يقول: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} [4 / النساء / 29]. قال: فسكت ساعة ثم قال: أطعه في طاعة الله. واعصه في معصية الله. رواه مسلم
لماذا أشار رضي الله عنه إلى أذنيه.
لكي يخبر القوم أنهما اثنتين؟؟
أم للتأكيد على صفة " السمع " التي باشرت ذلك الكلام؟
وفقك الله. . . ما هذا السؤال يا أخي؟
جوابه موجود في النص: (وقال: سمعته أذناي) - وقد علمته بالحمرة.
فالإشارة إلى الأذنين إشارة إلى فاعل السمع، كما أن الإشارة إلى القلب إشارة إلى فاعل الوعي.
ثم إن بنينا عقائدنا على مثل هذا فماذا سنقول في حديث أبي هريرة: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} إلى قوله تعالى: {سميعا بصيرا} قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع إبهامه على أذنه، والتي تليها على عينه. قال أبو هريرة: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقرؤها ويضع إصبعيه. قال ابن يونس: قال المقرئ: [يعني (إن الله سميع بصير) يعني: أن لله سمعا وبصرا. رواه أبو داود وقال الألباني إسناده صحيح.
فهل سنقول بصفة الأذنين لله عز و جل؟؟؟
أم نقول كما قال المقرئ: يعني: أن لله سمعا وبصرا؟؟
هذا فهم السلف مسندا ً
و الله يوفقني و إياك
يا أخي، أين في الحديث سند لفهمك؟
نص الآية يقول: (إن الله كان سميعا بصيرا)، والنبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى سمعه الذي هو أذنه وبصره الذي هو عينه. وهذا مناسب جدا.
وأما حديث الدجال، فالذي فيه: (إن الله ليس بأعور) و: (وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية). فالكلام هنا يدور حول العين والعينين والعور، بخلاف الآية التي يدور الكلام فيها حول السمع والبصر. فإشارة النبي صلى الله عليه وسلم إشارة إلى ما كان منه مما يتعلق بالكلام، لا إشارة إلى أشياء خارجية. فتأمل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/209)
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[28 - 12 - 07, 12:30 ص]ـ
فأين الاسناد لفهمك الذي تزعم؟؟؟
و الله يوفقني و إياك
وفقك الله وإيانا للرشد والسداد.
سألت هذا وكأنك لم تقرأ المشاركة الأولى من صاحب الموضوع.
قال محمد بن نصر المروزي رحمه الله في (تعظيم قدر الصلاة): حدثنا أبو قدامة، ثنا إسحاق بن سليمان، قال: سمعت إبراهيم أبا إسماعيل الخوزي، عن عطاء بن أبي رباح، قال: سمعت أبا هريرة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن العبد إذا قام في الصلاة فإنما هو بين عيني الرحمن، فإذا التفت قال له الرب تبارك وتعالى: يا ابن آدم أقبل إلي، فإن التفت الثانية قال له الرب: يا ابن آدم أقبل إلي، فإن التفت الثالثة أو الرابعة قال له الرب: يا ابن آدم لا حاجة لي فيك»
ومعلوم أن الحديث ضعيف السند. لكن أين من العلماء من أنكر تثنية عين الرحمن الواردة بهذه الرواية؟
قال الإمام الدارمي في نقضه للمريسى الجهمي: (ثم ذكر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الدجال فقال: إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور. قال: والعور عند الناس ضد البصر، والأعور عندهم ضد البصير بالعينين").
وقال: ("ففي تأويل قول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "إن الله ليس بأعور" بيان أنه بصير ذو عينين خلاف الأعور").
وهذا فهم وحكاية معا.
وقال إمام الأئمة ابن خزيمة في كتاب "التوحيد": (بيان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي جعله الله مبيناً عنه في قوله ـ عزّ وجلّ ـ: "وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ"، فبين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن لله عينين، فكان بيانه موافقاً لبيان محكم التنزيل ................... نحن نقول: لربنا الخالق عينان يبصر بهما ما تحت الثرى").
وهكذا فهم الأئمة بيان الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
زيادة: وذكر الحافظ ابن حجر في الفتح (ص373/ 13 ـ ط: خطيب) أن البيهقي ذكر له شاهداً من حديث عقبة بن عامر ـ رضي الله عنه ـ سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول على المنبر: "إن ربنا سميع بصير، وأشار إلى عينيه" وسنده حسن ا. هـ.
وقال الشيخ الألباني رحمه الله: (المنقول في كتب التوحيد، وكتب العقائد أن له عينين، وبعض العلماء القدامى يستدلون بحديث الدجال: "أنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، وإن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت". ليس عندنا نص صريح بأن له أكثر من عينين، والمتوارث عن عقيدة السلف هو إثبات العينين على ظاهر حديث الدجال على كثرة طرقه، فالذي يتبادر من هذا الحديث، ولا يخطر في البال سواه أن الدجال إحدى عينيه طافية, وهو أعور، وإن ربكم ليس بأعور؛ معنى ذلك: أن الله موصوف بالعينين، وليس بالثلاثة أو أكثر؛ لأنه ما عندنا نص بالأكثر، وكما نقول دائماً وأبداً: الأمور الغيبية ـ وبخاصة ـ ما يتعلق بغيب الغيوب؛ وهو رب العالمين ـ تبارك وتعالى ـ لا ينبغي أن نصفه بالأقيسة والعمومات وما شابه ذلك؛ وإنما بالشيء الذي جاءنا عن سلفنا الصالح، وجاءت به الأحاديث).
وللشيخ العثيمين رحمه الله:
http://www.alathar.net/esound/index.php?page=liit&co=8087
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[28 - 12 - 07, 01:58 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته:
حياك الله أخي الفاضل ...
يبدو أنه ليس ثمة جديد لدي و لديك فهذا ايضا تم طرحه
ثم هناك قاعدة ذهبية في المناظرة ملخصها: " لا تحتج بما قد يكون لغيرك حجة عليك "
فقد روي عن جمع من السلف فيهم صحابة كأبي الدرداء أنه وصف الله مفردا صفة العين و لم يعارض ذلك أحد أيضاً فهل نقول باثبات صفة العين الواحدة؟
و قد نقلت جملة من ذلك و بعضها أسانيده ثابته وليس كهذا الحديث " بين عيني الرحمن " المروي من طريق المتروكين و الذين ليسوا بشيء! و لكني لم أحتج بذلك ولم أجعله حجة لي لأني أعلم سقم هذه الطريقة و الا فقد ذكرت سابقا مثل ذلك في آخر هذا الرد عن جمع من السلف يذكرون صفة العين مفردة لا ينكر ذلك عليهم أحد
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=592301&postcount=13
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/210)
و لكن طريقة اثبات الشهرة بأسانيد الموضوعات و الاثار الساقطة طريقة سقيمة حتى و إن اتخذها ابن تيمية رحمه الله ذريعة لاثبات اشتهار فناء النار بين التابعين حيث قال كما في ص 9 , 10 من تحقيق كشف الأستار:
" قال شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن تيمية - رحمه الله تعالى - في رسالة في الرد على من قال بفناء الجنة والنار ما نصه:.
(وأما القول بفناء النار ففيها قولان معروفان عن السلف والخلف والنزاع في ذلك معروف عن التابعين ومن بعدهم وهذا أحد المأخذين في دوام عذاب من يدخلها.
فإن الذين يقولون: أن عذابهم له حد ينتهي إليه ليس بدائم كدوام نعيم الجنة قد يقولون: إنها قد تفنى وقد يقولون: إنهم يخرجون منها فلا يبقى فيها أحد.
لكن قد يقال: إنهم لم يريدوا بذلك أنهم يخرجون مع بقاء العذاب فيها على غير أحد.
وقد نقل هذا القول عن عمر وابن مسعود وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وغيرهم رضي الله عنهم.
وروى عبد بن حميد - وهو من أجل علماء الحديث - في تفسيره المشهور قال:.
(أخبرنا سليمان بن حرب أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت عن الحسن البصري قال: قال عمر: (لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج (1) لكان لهم على ذلك يوم يخرجون فيه).
وقال: أخبرنا حجاج بن منهال عن حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن: أن عمر بن الخطاب قال: (لو لبث أهل النار في النار عدد رمل عالج لكان لهم يوم يخرجون فيه). ذكر ذلك في تفسير قوله تعالى: {لابثين فيها} (2).
هؤلاء الأئمة في الحديث والسنة مثل سليمان بن حرب الذي هو من أجل علماء السنة والحديث ومثل حجاج بن منهال كلاهما عن حماد بن سلمة - مع جلالته في العلم والسنة والدين - يروي من وجهين من طريق ثابت ومن طريق حميد هذا عن الحسن البصري - الذي يقال: أنه أعلم من بقي من التابعين في زمانه - يروى عن عمر بن الخطاب وإنما سمعه الحسن من بعض التابعين سواء كان هذا قد حفظ هذا عن عمر أو لم يحفظه كان مثل هذا الحديث متداولا بين هؤلاء العلماء الأئمة لا ينكرونه وهؤلاء كانوا ينكرون على من خرج عن السنة من الخوارج والمعتزلة والمرجئة والجهمية وكان أحمد بن حنبل يقول: أحاديث حماد بن سلمة هي الشجا (1) في حلوق المبتدعة.
فهؤلاء من أعظم أعلام أهل السنة الذي ينكرون من البدع ما هو دون هذا لو كان هذا القول عندهم من البدع المخالفة للكتاب والسنة والإجماع كما يظنه طائفة من الناس وعبد بن حميد ذكر هذا في تفسير قوله تعالى: {لابثين فيها أحقابا} (2) ليبين قول من قال: أن الأحقاب لها أمد تنفد ليست كالرزق الذي ما له من نفاد. "
و تجد بقية كلامه رحمه الله هناك.
فهذا الكلام لا تثبت به العقيدة و الا فقد روى مسلم في صحيحة من طريق الثقات: " رجل تصدق بصدقة فاخفاها حتى لا تعلم يمينه ماتنفق شماله " مع أن الشيطان يعطي بشماله و يأخذ بشماله!! ولو أنكر مسلم ذلك أو من نقل عنه ذلك لما رواه و لكنه تحقق من صحة السند فروى ذلك فهل نقول هذا هو قول مسلم و من سبقه في سند الحديث , جواز الأخذ و الاعطاء بالشمال؟؟ هذا غير حديث ابي هريرة المقلوب الذي فيه أن النار يفضل فيها مكان فيخلق الله خلقا يجعلهم فيه!! فكلها رويت في كتب معتمدة ولو كان أصحابها يرون أهل زمانهم يبدعون من يقول بذلك لما أثبتوها في كتب هم أخرجوها للناس ليعبد الله بها بل أن مسلم اشترط في كتابه الصحة!.
كذلك تفسير ابن جرير فإن ما يقارب من ثلاثة أرباعه من طريق رجل كذاب أظن اسمه ابن حميد كذبه أبو زرعة الرازي و قد رواه ابن جرير و لم يعلق على مافيه من طوام و لم يتكلم العلماء عن كثير منها و يكتفون بنقد السند فمن أسند فقد برأت ذمته و الأثر المروي عن عمر منقطع بينه و بين الحسن و الحسن رحمه الله يأخذ من كل مقبل و مدبر كما قيل و إن قال ابن مفلح في الفروع في كتاب الحج بأن أحمد قال مراسيل الحسن لا نجدها الا صحيحة و اختار ذلك بن مفلح فالمستقر عند أهل الحديث غير ذلك.
المعنى من كل هذا أن الحجة في النصوص و ليس في " عراقيب النصوص " التي تقوم عليها ,هذا ما تعلمناه و ما وجدنا عليه أهل العلم.
ليس لدي جديد بعد هذا بارك الله فيك و أظني أطلت و أمللت.
وفقني الله و إياك
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[28 - 12 - 07, 05:09 م]ـ
أخي الكريم. . . صدقت في أنك قد أطلت وأمللت، فالله حسبك وحسيبك.
لكنه مع الأسف الشديد: إطالة في غير ما طائل.
نحن أبدا لا نطالبك بإيجاد أثر عن الصحابة والتابعين فيه إضافة العين المطلق لله، فمثل هذا موجود في التنزيل، فليس وروده عن الصحابة بأولى من وروده عن ربهم سبحانه. وليس لنا في هذا أدنى خلاف. وإنما الخلاف في "إنكار من أطلق التثنية"
فهذا الإمام الدارمي أطلق التثنية، بل حكى فهمه هذا عن (الناس) عامة، ولا منكر له من الأئمة؛
وهذا ابن خزيمة قد أطلق التثنية، ولا منكر له من الأئمة - مع إنكارهم له في تأويله صفة الصورة؛
وهذا الأشعرى، وهذا اللالكائي، وهذا أبو عمرو الداني، وهذا الهروي، وهذا ابن قتيبة. . .
بل هذا شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه النجيب ابن القيم لا ينكران على إطلاق التثنية مع كثرة بحوثهما في دقائق العقائد.
فأين سلفك في "الإنكار" من الأئمة؟
لا تقل لنا: ابن حزم والسهيلي، فليس كلامهما في أساس هذا الأمر بمستقيم.
يعنى: أننا كلنا متفقون على إقرار من قال إن لله عينا - بهذا الكلام المطلق.
ومتفقون على إنكار من قال إن لله تعالى عينا واحدة لا أكثر،
ومتفقون على إنكار من قال إن لله أعينا كثيرة تزيد عن الاثنين،
وإنما الخلاف بيننا وبينك:
أننا أقررنا كذالك أو وافقنا أو سوّغنا من أطلق التثنية على عين الله تعالى،
في حين أنك - وفقك الله - تنكرهم. فأين سلف لإنكارك هذا وأين سنده من النقل والعقل واللغة؟
ولو بقيت في مجرد التوقف والتورع من غير إنكار للأئمة لما كان بيننا وبينك كبير خلاف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/211)
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[29 - 12 - 07, 08:54 ص]ـ
مستندي ليس السهيلي و لا ابن حزم و لا حتى الشافعي
مستندي هو أن الأصل في الصفة الاجمال حتى يرد التفصيل و إنما ذكرت لك من ذكرت من المخالفين لتعلم أن من أهل الاحاطة بالأثر مثل ابن حزم و أهل اللغة و العلم مثل السهيلي الذي لا يفوقه ابن القيم رحمه الله و غيره فيها قد أنكروا تجويز كون هذا الحديث في الدجال حجة لإثبات صفة العينين و الأصل في انكاري هو أن الأصل الاجمال حتى يرد التفصيل فقد أجمل ابن عباس و أجمل أبو الدرداء و أجمل قتادة ثم تأتيني و تقول نقل الاجماع فلان و فلان ثم أبحث فلا أجد أثرا لا عن صحابي و لا عن تابعي في كل ذلك؟؟؟
و إلى ذلك الحين لن أترك الأصل لأجل فهم أثر عن الدارمي و ابن خزيمة ففهم من قبله أولى بالاتباع و من قبله أجملوا و سكتوا و أنا على ما هم عليه و إن قلت بل كلام الدارمي و ابن خزيمة " إجماع مأثور " و ليس فهما ً قلت لك: أين الأثر عن واحد ممن ذكرت الاجماع عنهم.
حج مع النبي صلى الله عليه و سلم مائة ألف صحابي - على قول - و تجد لهم من التابعين عشرة أضعافهم ...
أريد أثراً يتيما ً عن واحد من هذه الأمة العظيمة التي قيل أنها أجمعت على ما نقله الدارمي و ابن خزيمة و ابن تيمية رحمهم الله.
أحترم رأيك فأنت تبني قناعاتك الشرعية على مستويات من التوثيق أنت تقبل بها و تراها لك حجة عند الله فهذا شأنك و لك في ذلك سلف.
و فقني الله و إياك
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[03 - 01 - 08, 06:02 م]ـ
مستندي ليس السهيلي و لا ابن حزم و لا حتى الشافعي
مستندي هو أن الأصل في الصفة الاجمال حتى يرد التفصيل و إنما ذكرت لك من ذكرت من المخالفين لتعلم أن من أهل الاحاطة بالأثر مثل ابن حزم و أهل اللغة و العلم مثل السهيلي الذي لا يفوقه ابن القيم رحمه الله و غيره فيها قد أنكروا تجويز كون هذا الحديث في الدجال حجة لإثبات صفة العينين و الأصل في انكاري هو أن الأصل الاجمال حتى يرد التفصيل فقد أجمل ابن عباس و أجمل أبو الدرداء و أجمل قتادة ثم تأتيني و تقول نقل الاجماع فلان و فلان ثم أبحث فلا أجد أثرا لا عن صحابي و لا عن تابعي في كل ذلك؟؟؟
و إلى ذلك الحين لن أترك الأصل لأجل فهم أثر عن الدارمي و ابن خزيمة ففهم من قبله أولى بالاتباع و من قبله أجملوا و سكتوا و أنا على ما هم عليه و إن قلت بل كلام الدارمي و ابن خزيمة " إجماع مأثور " و ليس فهما ً قلت لك: أين الأثر عن واحد ممن ذكرت الاجماع عنهم.
حج مع النبي صلى الله عليه و سلم مائة ألف صحابي - على قول - و تجد لهم من التابعين عشرة أضعافهم ...
أريد أثراً يتيما ً عن واحد من هذه الأمة العظيمة التي قيل أنها أجمعت على ما نقله الدارمي و ابن خزيمة و ابن تيمية رحمهم الله.
أحترم رأيك فأنت تبني قناعاتك الشرعية على مستويات من التوثيق أنت تقبل بها و تراها لك حجة عند الله فهذا شأنك و لك في ذلك سلف.
و فقني الله و إياك
نعم يا أخي. . . كم كنت أود أن لا تذكر السهيلي وابن حزم عفا الله عنهما ضمن ما تستند إليه رأيكم من المرجحات؛
فإن الأول أوّل صفة العين وجعله بمعنى (المعاينة)، وهذا تحريف الكلم عن مواضعه،
وأما الثانى فقد أثبت اللفظ الظاهر من غير معنى ولا مفهوم، وهذا إلحاد ظاهر والعياذ بالله.
وقبل أن أعلق على موقفك هذا، أود أن تجيبنى على سؤال واحد حتى فهمت منهجك أكثر:
هل تقول: (إن لله عينا)؟
وجزاك الله خيرا ووفقنا الله وإياك للسداد. . .
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[04 - 01 - 08, 02:11 م]ـ
تجده في الردود السابقه
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[05 - 01 - 08, 03:37 ص]ـ
إنما أردت التأكد.
وما دليل ذلك القول من النصوص؟
وهل أخذ بالمنطوق الصريح أم المفهوم اللزومي؟
ـ[ابو حمزة الشمالي]ــــــــ[05 - 01 - 08, 11:18 ص]ـ
كل ذلك سبق يا أخي الكريم
كله سبق
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[05 - 01 - 08, 02:59 م]ـ
هكذا انتهت المباحثة، والسلام.
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[05 - 01 - 08, 08:22 م]ـ
الحمد لله وحده ...
بارك الله فيك يا شيخ نضال، وكتب أجرك كاملاً غير منقوص ..
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[26 - 10 - 08, 10:25 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته:
قال به الشافعي كما نقل عنه ابن تيمية في الفتاوى: (182\ 4)
" وذكر الشافعي المعتقد بالدلائل فقال لله أسماء وصفات جاء بها كتابه وأخبر بها نبيه أمته لا يسع أحدا من خلق الله قامت عليه الحجة ردها إلى أن قال نحو إخبار الله سبحانه إيانا أنه سميع بصير وأن له يدين لقوله بل يداه مبسوطتان وأن له يمينا بقوله والسموات مطويات بيمينه وأن له وجها لقوله كل شيء هالك إلا وجهه وقوله ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام وأن له قدما لقوله حتى يضع الرب فيها قدمه يعني جهنم وأنه يضحك من عبده المؤمن لقوله صلى الله عليه و سلم للذي قتل في سبيل الله إنه لقي الله وهو يضحك إليه وأنه يهبط كل ليلة إلى سماء الدنيا لخبر رسول الله بذلك وأنه ليس بأعور لقول رسول الله إذ ذكر الدجال فقال إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور وأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة بأبصارهم كما يرون القمر ليلة البدر وأن له إصبعا لقوله ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن قال وسوى ما نقله الشافعي أحاديث جاءت في الصحاح والمسانيد وتلقتها الأمة بالقبول والتصديق "
لا أريد أن أحيي النقاش وإنما أريد أن أستفسر عن قول الشافعي الآنف. فلقد أعياني البحث عن قول للشافعي في الصفات الخبرية فلم أجد له غير هذا القول الذي ينقله ابن تيمية عن كتاب أبي الحسن الكرجي الغير مطبوع ولا يذكر سنده
فإن كان هذا القول ورد عن الشافعي في كتاب آخر مسندا فالرجاء من الأخوة وضعه هنا
وإن كان للشافعي أقوال أخرى في الصفات الخبرية فليسعفني بها الأخوة
وبارك الله بكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/212)
ـ[المقدادي]ــــــــ[26 - 10 - 08, 10:35 م]ـ
لا أريد أن أحيي النقاش وإنما أريد أن أستفسر عن قول الشافعي الآنف. فلقد أعياني البحث عن قول للشافعي في الصفات الخبرية فلم أجد له غير هذا القول الذي ينقله ابن تيمية عن كتاب أبي الحسن الكرجي الغير مطبوع ولا يذكر سنده
فإن كان هذا القول ورد عن الشافعي في كتاب آخر مسندا فالرجاء من الأخوة وضعه هنا
وإن كان للشافعي أقوال أخرى في الصفات الخبرية فليسعفني بها الأخوة
وبارك الله بكم
بارك الله فيك
عقيدة الإمام الشافعي رحمه الله – ت 204 هـ - نقلها ابن أبي حاتم الرازي عن يونس بن عبدالأعلى عنه رحمه الله حيث قال:
قال يونس ابن عبد الأعلى المصري: سمعت أبا عبد الله محمد بن إدريس الشافعي يقول وقد سئل عن صفات الله وما ينبغي أن يؤمن به فقال: لله تبارك وتعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه وأخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم أمته لا يسع أحداً من خلق الله قامت عليه الحجة إلا الإيمان بها إذا القرآن نزل به وصح عنده بقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عنه العدل فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو بالله كافر فأما قبل ثبوت الحجة عليه من جهة الخبر فمعذور بالجهل لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا بالروية والفكر ونحو ذلك بإخبار الله سبحانه وتعالى إيانا أنه سميع بصير وأن له يدين بقوله " بل يداه مبسوطتان " وأن له يميناً بقوله " والسموات مطويات بيمينه " وأن له وجهاً بقوله " كل شيء هالك إلا وجهه " وقوله " ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام " وأن له قدماً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " حتى يضع الرب فيها قدمه " يعني جهنم وأنه يضحك من عبده المؤمن بقول النبي صلى الله عليه وسلم للذي قتل في سبيل الله " إنه لقي الله وهو يضحك " إليه وأنه يهبط كل ليلة إلى سماء الدنيا بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وأنه ليس بأعور بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذ ذكر الدجال فقال: إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور " وأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة بأبصارهم كما يرون القمر ليلة البدر وأن له إصبعاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل " فإن هذه المعاني التي وصف الله بها نفسه ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم مما لا يدرك حقيقته بالفكر والروية فلا يكفر بالجهل بها أحد إلا بعد انتهاء الخبر إليه بها فإن كان الوارد بذلك خبراً يقوم في الفهم مقام المشاهدة في السماع وجبت الدينونة على سامعها بحقيقته والشهادة عليه كما عاين وسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم و نحن نثبت هذه الصفات و ننفي التشبيه كما نفى ذلك عن نفسه تعالى ذكره فقال: " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " اهـ
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (و أَخْرَجَ اِبْنُ أَبِي حَاتِم فِي مَنَاقِب الشَّافِعِيّ عَنْ يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى سَمِعْت الشَّافِعِيّ يَقُول: ..... ) , فساق جملة من كلامه أعلاه , و رواها الإمام ابن أبي يعلى بسنده الى الإمام الشافعي في طبقات الحنابلة حيث قال: (قرأت على المبارك قلت: له أخبرك محمد بن علي بن الفتح قال: أخبرنا علي بن مردك قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: حدثنا يونس ابن عبد الأعلى المصري .. فساق المعتقد بأعلاه
و روى هذه العقيدة الشيخ ابراهيم بن حسن الكوراني الشافعي رحمه الله - ت 1101هـ - في ثبته إيقاظ الهمم ص 20 - 21 من طريق الحافظ عبدالغني المقدسي رحمه الله - ت 600 هـ - حيث ان الحافظ عبدالغني صنّف كتابا فيه معتقد الإمام الشافعي و نقل كلامه أعلاه مستفتتحا ذلك بقوله: " باب إتباعه – أي الإمام الشافعي - صالح سلف الأمة و مجانبة التأويل و ترك التشبيه و التعطيل "
ثم قال الحافظ عبدالغني رحمه الله بعد ان ساق عقيدة الإمام الشافعي المذكورة أعلاه: " و هذا من الإمام الشافعي دليل على ان كل ما جاء عن الله و رسوله مما نطق به الكتاب العزيز و صح النقل عن الرسول المصطفى الأمين انه قائل به معتقد له غير راد له " اهـ عن إيقاظ الهمم للكوراني
و قال الحافظ ابن كثير في " البداية و النهاية " في ترجمة هذا الإمام الجليل:
((قال-يعني الشافعي-: لو علم الناس ما في الكلام من الاهواء لفروا منه كما يفرون من الاسد.
وقال: حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد، ويطاف بهم في القبائل وينادى عليهم هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام.
وقال البويطي: سمعت الشافعي يقول: عليكم بأصحاب الحديث فإنهم أكثر الناس صوابا.
وقال: إذا رأيت رجلا من أصحاب الحديث فكأنما رأيت رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، جزاهم الله خيرا، حفظوا لنا الاصل، فلهم علينا الفضل.
ومن شعره في هذا المعنى قوله: كل العلوم سوى القرآن مشغلة * إلا الحديث وإلا الفقه في الدين العلم ما كان فيه قال: حدثنا * وما سوى ذاك وسواس الشياطين وكان يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق، ومن قال مخلوق فهو كافر.
وقد روى عن الربيع وغير واحد من رؤوس أصحابه ما يدل على أنه كان يمر بآيات الصفات وأحاديثها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تحريف، على طريق السلف) اهـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/213)
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[27 - 10 - 08, 06:34 ص]ـ
عقيدة الإمام الشافعي رحمه الله – ت 204 هـ - نقلها ابن أبي حاتم الرازي عن يونس بن عبدالأعلى عنه رحمه الله حيث قال:
قال يونس ابن عبد الأعلى المصري: سمعت أبا عبد الله محمد بن إدريس الشافعي يقول وقد سئل عن صفات الله وما ينبغي أن يؤمن به فقال: لله تبارك وتعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه وأخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم أمته لا يسع أحداً من خلق الله قامت عليه الحجة إلا الإيمان بها إذا القرآن نزل به وصح عنده بقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عنه العدل فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو بالله كافر فأما قبل ثبوت الحجة عليه من جهة الخبر فمعذور بالجهل لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا بالروية والفكر ونحو ذلك بإخبار الله سبحانه وتعالى إيانا أنه سميع بصير وأن له يدين بقوله " بل يداه مبسوطتان " وأن له يميناً بقوله " والسموات مطويات بيمينه " وأن له وجهاً بقوله " كل شيء هالك إلا وجهه " وقوله " ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام " وأن له قدماً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " حتى يضع الرب فيها قدمه " يعني جهنم وأنه يضحك من عبده المؤمن بقول النبي صلى الله عليه وسلم للذي قتل في سبيل الله " إنه لقي الله وهو يضحك " إليه وأنه يهبط كل ليلة إلى سماء الدنيا بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وأنه ليس بأعور بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذ ذكر الدجال فقال: إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور " وأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة بأبصارهم كما يرون القمر ليلة البدر وأن له إصبعاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل " فإن هذه المعاني التي وصف الله بها نفسه ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم مما لا يدرك حقيقته بالفكر والروية فلا يكفر بالجهل بها أحد إلا بعد انتهاء الخبر إليه بها فإن كان الوارد بذلك خبراً يقوم في الفهم مقام المشاهدة في السماع وجبت الدينونة على سامعها بحقيقته والشهادة عليه كما عاين وسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم و نحن نثبت هذه الصفات و ننفي التشبيه كما نفى ذلك عن نفسه تعالى ذكره فقال: " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " اهـ
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (و أَخْرَجَ اِبْنُ أَبِي حَاتِم فِي مَنَاقِب الشَّافِعِيّ عَنْ يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى سَمِعْت الشَّافِعِيّ يَقُول: ..... ) , فساق جملة من كلامه أعلاه , و رواها الإمام ابن أبي يعلى بسنده الى الإمام الشافعي في طبقات الحنابلة حيث قال: (قرأت على المبارك قلت: له أخبرك محمد بن علي بن الفتح قال: أخبرنا علي بن مردك قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: حدثنا يونس ابن عبد الأعلى المصري .. فساق المعتقد بأعلاه
[/ u][/color]) اهـ
بارك الله بكم أخي المقدادي وجزاكم كل خير
هل النص المذكور رواه ابن أبي حاتم في كتابه "مناقب الشافعي"؟ وهل هذا الكتاب مطبوع؟
لأن ما نقله ابن حجر عن ابن أبي حاتم مختصر وليس فيه ذكر الصفات الخبرية ...
آسف لإزعاجكم أخي الفاضل بأسئلتي لكن هدفي الوصول إلى أصح وأعلى سند لهذا القول عن الشافعي ...
ـ[المقدادي]ــــــــ[27 - 10 - 08, 09:01 ص]ـ
بارك الله بكم أخي المقدادي وجزاكم كل خير
هل النص المذكور رواه ابن أبي حاتم في كتابه "مناقب الشافعي"؟ وهل هذا الكتاب مطبوع؟
لأن ما نقله ابن حجر عن ابن أبي حاتم مختصر وليس فيه ذكر الصفات الخبرية ...
آسف لإزعاجكم أخي الفاضل بأسئلتي لكن هدفي الوصول إلى أصح وأعلى سند لهذا القول عن الشافعي ...
و فيك بارك الله
مناقب الشافعي لابن أبي حاتم غير مطبوع و لا أعرف هل هو مخطوط أم مفقود؟
و هذا النص محفوظ من رواية من ذكرت و الله أعلم
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[27 - 10 - 08, 01:42 م]ـ
الحمد لله وحده ..
لم أقرأ غير مشاركة الشيخ المقدادي الأخيرة مع الاقتباس وأتسائل: أليس مناقب الشافعي هو هو المطبوع باسم: (آداب الشافعي ومناقبه) لابن أبي حاتم؟
ظنّي والذي يخطر على بالي أنه هو.
ـ[المقدادي]ــــــــ[27 - 10 - 08, 01:49 م]ـ
و فيك بارك الله
مناقب الشافعي لابن أبي حاتم غير مطبوع و لا أعرف هل هو مخطوط أم مفقود؟
نبهي بعض الأفاضل ان الكتاب مطبوع , فليحرر
ـ[المقدادي]ــــــــ[27 - 10 - 08, 01:51 م]ـ
الحمد لله وحده ..
لم أقرأ غير مشاركة الشيخ المقدادي الأخيرة مع الاقتباس وأتسائل: أليس مناقب الشافعي هو هو المطبوع باسم: (آداب الشافعي ومناقبه) لابن أبي حاتم؟
ظنّي والذي يخطر على بالي أنه هو.
سبحان الله شيخنا الكريم لم أنتبه لردكم لأني اقتبست الكلام قبل قليل , و عدت لأكتب فوجدت ردكم
جزاكم الله خيرا نعم هو هو , و لم أطلع عليه
و جزى الله خيرا من نبهني على ذلك
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[27 - 10 - 08, 02:07 م]ـ
الحمد لله وحده ...
هذا رابط الكتاب فيمكنكم الاطلاع عليه والبحث عن مقصودكم، أعانكم الله وسددكم:
http://majles.alukah.net/showthread.php?p=17200
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/214)
ـ[المقدادي]ــــــــ[28 - 10 - 08, 01:38 م]ـ
الحمد لله وحده ...
هذا رابط الكتاب فيمكنكم الاطلاع عليه والبحث عن مقصودكم، أعانكم الله وسددكم:
http://majles.alukah.net/showthread.php?p=17200
جزاكم الله خيرا و نفع بكم
ـ[محمد جاسم]ــــــــ[04 - 11 - 08, 04:38 ص]ـ
بارك الله فيك يا شمالي.(39/215)
ما الحكم في هذا يااهل العقيدة؟
ـ[صالح عبدربه]ــــــــ[04 - 04 - 07, 09:58 ص]ـ
ماحكم قول الكثير من الدعاة الى الله عندالقاء الخطب والمحاضرات:
- يصور الله الموقف من خلال هذه الايات ....
- يعبر الله عن هؤلاء .........
- يبسط الله الحديث في شأن ...
الى اخره من هذه الالفاظ ..
ـ[احمد بن فهمى المصرى]ــــــــ[05 - 04 - 07, 03:54 م]ـ
هذا سؤال جيد يحتاج من الذين عندهم علم ان يجيب من لهذا السؤال يا شباب الصحوه .....
ـ[ابن عبد الغنى]ــــــــ[09 - 04 - 07, 03:28 ص]ـ
اما الحكم فحتى يدلى اهل العلم بدلوهم فلست لها
ولكن اقول ينبغى للمتحدث ان يتجنب هذا فى كلامه ويمكن ان يقول تصور لنا الايات كذا او تعبر السوره عن كذا او تفرد او تبسط السوره الموضوع هكذا فقد سمع معظمنا العلماء الاثبات يذكرون ذلك بل فى كتب بعض الاعلام اما ان يضاف هذا لله تعالى ففى النفس شىء ولننتظر اهل العلم
ـ[صالح عبدربه]ــــــــ[11 - 04 - 07, 10:29 ص]ـ
ارجو ممن له اتصال باهل العلم ان ينبههم الى هذا الامر حتى نقف من هذا الامر على بينة وجزى الله خيرا الجميع
ـ[عبدالله آل أبو راجح]ــــــــ[25 - 04 - 07, 07:07 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
و الصلاة و السلام الأتمان الأكملان على خاتم النبيين و على آله و صحبه أجمعين
أخي المبارك /
يغلط بعض من يتصدى للدعوة الى الله عندما يظن أن التجوز في الألفاظ و الإغراق في التلاعب باللغة مدعاة الى جذب الناس الى دين الله ..
و الأصل في هذا الأمر الذي عليه علماء السلف الصالح و من تبعهم الإلتزام بالمصطلحات الشرعية إتباعا للوحيين و تفاديا للوقوع فيما وقع فيه أهل البدع من تجاوز في الألفاظ أدى في كثير من الحالات الى أن يساء فهم المقصود و من ثم الإبتداع في الدين ..
أسأل الله أن يرزقني و أياكم العلم النافع و العمل الصالح.
ـ[حسن عبد الحي]ــــــــ[25 - 04 - 07, 12:58 م]ـ
هذا من باب الإخبار، وباب الإخبار واسع إذا لم يخالف معنى .. والله أعلم.(39/216)
من يقول لي من العلماء المتاخرين اجاز الاستغاثة الشركيية
ـ[احمد محمد علي]ــــــــ[04 - 04 - 07, 06:54 م]ـ
من العلماء المتاخرين اجاز الاستغاثة الشركيية وهل النووي منهم او ابن حجر وان لم يكن النووي منهم فهل له كلام يدل على انها استغاة شركية او لابن حجر
ـ[نزيه حرفوش]ــــــــ[04 - 04 - 07, 07:37 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
عذرا أيها الأخ الفاضل هلا تكرمت علينا بتبيان مقصدك من عبارة استغاثة شركية ولك من الله الأجر والمثوبة والغفران
ـ[احمد محمد علي]ــــــــ[04 - 04 - 07, 07:54 م]ـ
اقصد الاستغاثة بلاموات لجلب الضر والنفع
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[05 - 04 - 07, 02:23 ص]ـ
غفر الله لك وهل يقول عالم بالله ورسوله وبما أنزل الله على رسوله بجواز الشرك
فإن كان من علماء السوء
فأحمد الله إليك لسنا ننتبع أقوالهم بعد مخالفتهم التوحيد الذي هو حق الله على العبيد إلا للرد عليها وقد تقدم من رد من علمائنا عليهم فمن أطل برأسه من أهل الدعوة إلى الشرك قصمنا ظهره عقلا و نقلا وهذا مما جعله الله لأهل الحديث الطائفة المنصورة والفرقة الناجية من الظهور إما بالبيان وإما بالسنان والحمدلله الذي جمعها لنا في هذا العصر
جعلنا الله على هذه العقيدة حتى نلقاه
ـ[مصطفى جعفر]ــــــــ[05 - 04 - 07, 07:31 ص]ـ
أحسنت أبا الحسن بارك الله فيك
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[05 - 04 - 07, 08:25 ص]ـ
نعم يقول به جماعة من المتأخرين ويجعلون ذلك من التبرك المشروع، لا من الشرك الممنوع!
ولهم في ذلك فتاوى مشهورة، وأقوالهم معتمدة عند كثير من الناس!
ولا أريد أن أسمي أحدا، ونسأل الله السلامة والعافية من هذه الأقوال
والله المستعان
ـ[نزيه حرفوش]ــــــــ[05 - 04 - 07, 10:20 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأخ الفاضل الذي يقول بجواز الإستغاثة بالأموات وطلب المعونة منهم إما أن يكون جاهلا وإما ألا يكون عالما حقا لأن الأموات لا يملكون لأنفسهم من الله ضرا ولا نفعا فكيف بإمكانهم ان ينفعواغيرهم
ـ[حامد الاندلسي]ــــــــ[06 - 04 - 07, 12:02 ص]ـ
الكثير والكثير ممن يقول بهذا الشيء.
ـ[احمد محمد علي]ــــــــ[06 - 04 - 07, 11:39 م]ـ
يا اخوة هل النووي منهم او ابن حجر وانا سمعت ان السبكي الاب يقول عن هذا النوع من الاستغاثة شرك هل هذا صحيح ولو ممكن تذكروا لي الناس من التاخرين الذين قالوا بجواز هذا النوع من الشرك
ـ[يحيى بن زكريا]ــــــــ[07 - 04 - 07, 09:42 ص]ـ
لا حول ولا قوة إلاّ بالله
ـ[ابو هبة]ــــــــ[07 - 04 - 07, 11:28 ص]ـ
يا اخوة هل النووي منهم او ابن حجر وانا سمعت ان السبكي الاب يقول عن هذا النوع من الاستغاثة شرك هل هذا صحيح ولو ممكن تذكروا لي الناس من التاخرين الذين قالوا بجواز هذا النوع من الشرك
أولاً: الحافظين الجليلين, ابن حجر العسقلاني وأبوزكريا النووي من كبار أئمة الإسلام, ولا يظن بهما إلا خيراً و ندعو لهما و نترضى عليهما, نعم, تعقبا في مسائل من الأسماء و الصفات و هذا لا ينفي عنهما فضلهما و علو شأنهما. و هما على (أصل السلامة) من كل سوء, كما هو الحال في عامة المسلمين بله علمائهم, و من أراد إثبات زلة في التوحيد عليهما فاليأت بنقل من كتبهما المعتمدة فينظر فيه و يجاب عنه, لا بالأسئلة الموحية و الإلحاح المشبوه!!
ثانياً: للمحدث الدويش بحثاً بعنوان (التعليق على فتح الباري) أبتدأ فيه من الجزء الرابع, مكملاً عمل الشيخ ابن باز على الأجزاء الثلاثة الأول, ولم يكمله إذ توفي رحمه الله. و خلاصة ما فيه تعقبات في الأسماء و الصفات و مسألة التبرك غير المشروع (وهو للعلم شركاً أصغراً على تفصيل في المسألة) و لا ذكر اليتة لمسألة الاستغاثة على أني لم أجد كتاب الشيخ ابن باز. رحم الله الجميع.
ثالثاً: لم الحرص على التنقيب عن المتأخرين ممن أباح الشرك بالله؟؟؟
و أنت تثبت سلفاً أنها استغاثة شركية؟ وهب أن من العلماء من زل في هذا الموضع ما تراك فاعلاً؟؟
يا شيخ, أرحمونا من تتبع زلات العلماء و انتقاص الكبار فشؤم ذلك معروف مجرب ..
ـ[ابو هبة]ــــــــ[07 - 04 - 07, 01:12 م]ـ
و الموضوع قُتِلَ بحثاً من قبل:
هنا ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=22437&highlight=%C7%E1%DA%D3%DE%E1%C7%E4%EC), وهنا ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=31365&highlight=%22%DA%DE%ED%CF%C9+%C7%E1%DA%D3%DE%E1%C7 %E4%EC%22) , وهنا ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=28023&highlight=%22%DA%DE%ED%CF%C9+%C7%E1%DA%D3%DE%E1%C7 %E4%EC%22) .. و قُتِلنَا غَمَّاً: هنا ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=82090)
و من خارج منتدانا: هنا ( http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?p=36750#post36750)
وهذا أدبُ الشيخ ابن باز مع الأئمة: هنا. ( http://www.binbaz.org.sa/index.php?pg=mat&type=fatawa&id=4087)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/217)
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[07 - 04 - 07, 08:28 م]ـ
رحم الله الشيخ ابن باز، له منهج متميز وفريد في الأدب مع أهل العلم ومعرفة مالهم من الفضل، وعدم تتبع عثراتهم.
ـ[احمد محمد علي]ــــــــ[07 - 04 - 07, 10:54 م]ـ
يا اخوة انا ما قصدي ازدري احد من العلماء ولكن قصدي ان اسال هل كان النووي وابن حجر يجيزان الاستغاثة الشركية لانوا بعض المتصوفة من (الاحباش) يقولون انهما كانا يجيزان الاستغاثة الشركية وهل الاستشفاع بلاولياء بعد الموت شرك
ـ[أبو عثمان_1]ــــــــ[08 - 04 - 07, 12:06 ص]ـ
بارك الله فيك أخ أحمد محمد
فقط اطلب الدليل منهم وسوف تعرف الحقيقة
ـ[حامد تميم]ــــــــ[10 - 04 - 07, 11:29 م]ـ
عمدة الذين يجزون التوسل هو حديث عثمان بن حنيف، أو حديث توسل الضرير، وقد تكلم فيه علماء الجرح والتعديل من حيث سنده، والآيات والأحاديث ملئية بالتحذير من هذه الشركيات والله المستعان.
ـ[ابو هبة]ــــــــ[11 - 04 - 07, 12:54 ص]ـ
عمدة الذين يجزون التوسل هو حديث عثمان بن حنيف، أو حديث توسل الضرير، وقد تكلم فيه علماء الجرح والتعديل من حيث سنده، والآيات والأحاديث ملئية بالتحذير من هذه الشركيات والله المستعان.
عفواً السؤال عن الاستغاثة و ليس التوسل, انظر:
اقصد الاستغاثة بلاموات لجلب الضر والنفع
ـ[سل بابكر]ــــــــ[11 - 04 - 07, 01:18 ص]ـ
سل بابكر
أيها الإخوة فلا بد من تميز بين من قال بهذا الشرك وهو مخطئ في دعواه فلا يعتقد أنه يقع في الشرك بهذا (التبرك) على حد قولهم وهم لايعلمون حقيقة الأمر فيحتاج ويفتقر إلى تعليم ونصح وبيان لأنه شبه, وبين من لايرفع إلى ذلك رأسا
ـ[نزيه حرفوش]ــــــــ[11 - 04 - 07, 01:37 ص]ـ
بسم اللهاتق الله أيها الأخ الكريم فمن أفتى بغير علم فقد ضل وأضل فالحديث الذي تقول أنه متكلم فيه هو حديث صحيح وهذا تخريجه عند الشيخ الألباني رحمه الله والشيخ شعيب أرناؤوط (حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان بن عمر انا شعبة عن أبي جعفر قال سمعت عمارة بن خزيمة يحدث عن عثمان بن حنيف ان رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال: ادع الله ان يعافيني قال ان شئت دعوت لك وان شئت أخرت ذاك فهو خير فقال ادعه فأمره ان يتوضأ فيحسن وضوءه فيصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء اللهم اني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد اني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضى لي اللهم شفعه في تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح رجاله ثقاتالحديث تخريج الألباني (5) حديث الأعمى رواه أحمد (4/ 138) والترمذي (3649) وابن ماجه (1385) والحاكم (1/ 313) من طريق عثمان بن عمر أنا شعبة عن أبي جعفر المدني قال: سمعت عمارة بن غزية يحدث عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضريرا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله أن يعافيني فقال: «إن شئت أخرت ذلك وهو خير لك وإن شئت دعوت» قال: فادعه قال: فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء فيقول: «اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضى لي اللهم شفعه فيّ [وشفعني فيه: الحاكم] وأخرجه الحاكم أيضا من طريق محمد بن جعفر ثنا شعبة به (1/ 519) وكما أخرجه الطبراني وذُكر فيه قصَّة منكرة (9/ 17 - 18). صحة الحديث: قال الترمذي:» حسن صحيح غريب «وقال أبو إسحاق:» هذا حديث صحيح «وقال الحاكم:» صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه «ووافقه الذهبي. تنبيه: جاء في» التوصل إلى حقيقة التوسل «(ص 158) عزو زيادة» وشفعني فيه «للترمذي أيضا ولم أره في الطبعة السلفية ولا في طبعة أحمد شاكر (3578) والله أعلم. والحديث تُكُلِّم فيه لأجل قول الترمذي:» لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر وليس الخطمي «. فقال بعض أهل العلم إذا هو الرازي وهو» صدوق سيئ الحفظ «وقال الشيخ الألباني في» التوسل أنواعه وأحكامه «(ص 68):» ولكن هذا مدفوع بأن الصواب أنه الخطمي وهكذا نسبه أحمد في رواية له (4/ 138) وسماه في أخرى (أبو جعفر المدني) وكذلك سماه الحاكم، والخطمي هذا لا الرازي هو المدني. وقد ورد هكذا في (المعجم الصغير) للطبراني وفي طبعة بولاق من سنن الترمذي أيضا، ويؤكد ذلك بشكل قاطع أن الخطمي هذا هو الذي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/218)
يروي عن عمارة بن غُزَيَّة ويروي عنه شعبة كما في إسناده هنا، وهو صدوق. وعلى هذا فالإسناد جيد لا شبهة فيه.) وهذه رواية القصة التي حصلت في عهد عثمان رضي الله عنهورواه البيهقي من هذه الطريق، وفيه قصة قد يحتج بها من توسل به بعد موته - إن كانت صحيحة - رواه من حديث إسماعيل ابن شبيب بن سعيد الحبطي، عن شبيب بن سعيد، عن روح بن القاسم، عن أبي جعفر المدني، عن أبي أمامة [بن] سهل بن حنيف، أن رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان في حاجة له، وكان عثمان لا يلتفت إليه، ولا ينظر في حاجته، فلقي الرجل عثمان بن حنيف، فشكا إليه ذلك، فقال له عثمان بن حنيف: إئت الميضأة، فتوضأ، ثم إئت المسجد، فصل ركعتين، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة، يا محمد، إني أتوجه بك إلى ربي، فيقضي لي حاجتي. ثم اذكر حاجتك ثم رح حتى أروح (486). قال فانطلق الرجل، فصنع ذلك، ثم أتى بعدُ عثمان بن عفان، فجاء البواب، فأخذ بيده، فأدخله على عثمان، فأجلسه معه على الطنفسة وقال: انظر ما كانت لك من حاجة، فذكر حاجته، فقضاها له، ثم إن الرجل خرج من عنده، فلقي عثمان بن حنيف، فقال له: جزاك الله خيراً ما كان ينظر في حاجتي، ولا يلتفت إليَّ حتى كلمته في. فقال عثمان بن حنيف: ما كلمته، ولكن سمعت رسول الله ? يقول، وجاءه ضرير، فشكا إليه ذهاب بصره، فقال له النبي ?: "أو تصبر؟ ". فقال له: يارسول الله ليس لي قائد وقد شق عليّ، فقال: إئت الميضأة فتوضأ وصل ركعتين ثم قل: "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يامحمد إني أتوجه بك إلى ربي فيجلي لي عن بصري، اللهم فشفعه في، وشفعني في نفسي". قال عثمان بن حنيف: فوالله ما تفرقنا، وما طال بنا الحديث، حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر قط (487).537 - قال البيهقي: ورواه أحمد بن شبيب بن سعيد عن أبيه بطوله، وساقه من رواية يعقوب بن سفيان، عن أحمد بن شبيب بن سعيد، قال: ورواه أيضا هشام الدستوائي، عن أبي جعفر، عن (488) أبي أمامة بن سهل، عن عمه - وهو عثمان بن حنيف - ولم يذكر إسناد هذه الطريق (489).
ـ[زياد الطائي]ــــــــ[04 - 10 - 10, 12:01 ص]ـ
أخي وهل يبقى على السنة والجماعة وطريق السلف من قال من يسمي نفسه عالما بجواز الاستغاثة؟؟ وانت بسؤالك تقول انه شرك فإذا كان شركا فالأمر مفروغ منه من قوله تعالى ((انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة .. الآية)) ...
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[05 - 10 - 10, 09:41 م]ـ
دعاء الأموات -ومنه الاستغاثة؛ ?نها دعاءٌ خاص- كفرٌ بالإجماع؛ وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أنه إجماع معلوم من الدين بالضرورة؛ وكذا ذكره العلامة ابن سعدي في القول السديد؛ وذكره غيرهما.
فمن أجازه من دعاة الشرك فلا يُعبأ بكلامه.(39/219)
التَّصَوُّفُ المنْشَأ وَالمَصَادِر للشيخ: إحسان إلهي ظهير (رحمه الله)
ـ[أسيرة طلب العلم]ــــــــ[04 - 04 - 07, 09:46 م]ـ
التَّصَوُّفُ المنْشَأ وَالمَصَادِر
تأليف الأستاذ
إحسان إلهي ظهير (رحمه الله)
1941م ـــ 1987 م
شبكة الدفاع عن السنة
http://www.d-sunnah.net
إدارة ترجمان السُّنة
لاهور – باكستان
إهداء ..
إلى شيخي الذي لا يرتضي أن يُذكرَ اسْمُه كَيلا يضيع أجْرُه يقاسمني همُومي وآلامي , ويقفُ وَرَائي في نوائِب الزّمان والحقِّ وَقفَةَ شَرِيفٍ وكريم.
إنْ لَمْ تُعِنِي خيْلُه وسِلاحُهُ
فمتى أقُودُ إلى الأعَادِي عسْكَراً؟
أهدي إليه هَذَا الكتابَ إحتراماً لشخصه , وحُبّاً لشمائِله ِ , وتقْديراً لمواقفه وَوَفَاءً لإخلاصه وإعتزازاً به.
المؤلف
مقدمة:
حمداً لله على النعمة الظاهرة والباطنة كما يليق بجلاله وجنابه , وصلاة وسلاما على رسوله خير النبيين وأشرف المرسلين , ومن تمسك بسنته , وعض عليها بالنواجذ , واهتدى بهديه من أصحاب من أصحابه وأهل بيته وأتباعه إلى يوم الدين. وبعد:
فإنني قد إشتغلت بكتابي هذا منذ زمن غير قصير , أقدم عليه تاره وأتأخر عنه أخرى , متردداً بين الإحجام والإقدام.
ولكننا لما رأينا احتياج الناس إلى معرفة هذه الفئة من الناس وأفكارها و آرائها ومعتقداتها , وكونهم مترددين متذبذبين في تقييمها ووضعها في مكانها اللائق الصحيح , خرجنا من ترددنا وتذبذبنا خائفين من وعيد الله وتهديده:
{وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون}. و {ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه} وقوله: {لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون}.
ويعلم الله أنه لم يكن هذا التحفظ للحفاظ على نفسي وعرضي ومالي لكونها مهددة من قبل الضالين, الغالين , والمبطلين المنتحلين , الذين اكتشفنا أمرهم وكشفناه للناس واهتدينا إلى خباياهم وخفاياهم فأظهرناها أمام الآخرين , وعرضنا صورتهم الحقيقية بإزالة نقاب التقية والتستر عن وجوههم , وإماطة اللثام عن أسرارهم وعقائدهم وتعاليمهم الأصلية الحقيقية , لأن نفسي وجسمي ومالي وعرضي جعلتها فداء لوجه ربي وابتغاء مرضاته:
{إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين}.
فنفسي وعرضي ومالي فداء شريعته تعالى وسنة نبيه وصفيه , خير البرية:
فإن أبي ووالدتي وعرضي لعرض محمد منكم وقاء
وكان ذلك مسلك أحبائه ورفاقه وتلامذته , أصحابه الراشدين وآله الطاهرين والمتبعين لهم بإحسان:
فدت نفسي وما ملكت يميني فوارس صدقوا فيهم ظنوني
وإن التحفظ لم يكن حرصا على نفس وعرض ومال , فإن لكل شيء قدرا , وأن أجل الله لآت {ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} {وكان أمر الله قدراً مقدوراً} و {كل نفس بما كسبت رهينة}.
كنت أظن أول الأمر أن بعض الغلاة هم الذين أساءوا إلى التصوف والصوفية , وأن الغلو والتطرف هو الذي جلب عليهم الطعن وأوقعهم في التشابه مع التشيع والشيعة , ولكنني وجدت كلما تعمقت في الموضوع , وتأملت في القوم ورسائلهم , وتوغلت في جماعتهم وطرقهم , وحققت في سيرهم وتراجمهم – أنه لا إعتدال عندهم كالشيعة تماما , فإن الإعتدال عندهم كالعنقاء في الطيور , والشيعي لا يكون شيعيا إلا حين يكون مغاليا متطرفاً , وكذلك الصوفي تماما , فمن لا يعتقد إتصاف الخلق بأوصاف الخالق , لا يمكن ان يكون صوفيا ووليا من أولياء الله.
ومن الطرائف أن ظني ذلك كان يجعلني ويحثني على أن أسمي مجموعة الكتابة عن المتصوفة (التصوف بين الإعتدال والتطرف) ولكنني لما كتبت وجدت أن هذا الاسم لا يمكن أن يناسب تلك المجموعة من الناس لعدم وجود الاعتدال مع محاولتي أن أجده لأدافع عنهم وأجادل , وأبرر بعض مواقفهم , وأجد المعاذير للبعض الأخرى , ولكني بعد قراءتي الطويلة العميقة العريضة لكتب الصوفية ومؤلفات التصوف , وجدت نفسي , إما أن أجادل بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير , وأتبع كل شيطان مريد – ولا جعلني الله منهم – وإما أن أقول الحق ولا أخاف في الله لومة لائم , وأتقي الله وأكون مع الصادقين , جعلني الله منهم ورزقني الاستقامة والثبات عليه ,.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/220)
أما بعد: فهذا كتاب جديد نقدمه إلى القراء في موضوع جديد وقديم , جديد حيث أنه يبحث عن التصوف والصوفية , وقديم لأنه من نفس السلسلة التي كتبنا عنها وعاهدنا الله عز وجل أن نكتب ونتحدث عنها , ونتكلم فيها , ونزنها بميزان الكتاب والسنة , ونضعها في معيار النقد والتجزئة والتحليل ما دمنا أحياء نستطيع الكتابة والخطابة , وما دام في أنا ملنا قدرة في إمساك القلم , وفي اللسان رمق للتفوه والتكلم , لنؤيد الحق وندعمه , ونعلي كلمته ونرفع علمه , ولنبطل الباطل ونرد عليه , ولندحض شبهاته ونفند مزاعمه.
وإننا كنا نقصد أول ما بدأنا في الكتابة عن التصوف أن نقدم دراستنا فيه بصورة كتاب متوسط الحجم لا يزيد على ثلاثمائة صفحة , ويشتمل على تاريخ التصوف , بدايته , منشأه ومولده , مصادره وتعاليمه , عقائده ونظامه , سلاسله وزعمائه وقادته , ولكننا رأينا بعد المضي في الكتابة أن الأمر يتطلب أكثر من كتاب , وعلى الأقل كتابين.
الأول يشتمل على نشأة التصوف ومصادره , وقلّ من تطرق إليها بتفصيل , وكل الكتاب الذين بحثوا التصوف مروا عليها كعابر سبيل مع أن أهمية المصادر والمآخذ لطائفة وجماعة لا تقل عن أهمية تلك الجماعة وأفكارها , بل قد تزيد عليها بفارق كبير حيث إن المصادر والمآخذ كثيرا ما تحسم النزاع في معتقدات وعقائد , وتجعل تلك المعتقدات والعقائد تابعة لتلك المصادر.
وعلى هذا فقد فصلنا القول في ذلك , في كتاب مستقل نضعه اليوم بين أيدي الباحثين والقراء راجين أن ينال رضاهم , ولعلنا سددنا بذلك ثغرة كانت في احتياج لأن تسد ولو أنها تتطلب المزيد , كما أننا نظن أننا في بحثنا عن مصادر التصوف استطعنا أن نضع النقاط على الحروف , وخاصة بمقارنة النصوص والعبارات عند الأخذ بالنصوص والعبارات عند المأخوذ عنه , ومقارنة المقتبس بالمقتبس منه , من الكتب المعتمدة والمصادر الموثوق بها لدى الأطراف المعنية كلها , وخاصة في الباب الثالث عن التصوف والتشيع.
ومع إعترافنا بأننا قد سُبقنا إلى هذا البحث من قبل بعض الباحثين الذين كتبوا في هذا الموضوع سيجد القارئ ويلاحظ الباحث أننا أضفنا إليه أشياء واستدركنا عليهم أشياء كثيرة في مختصرنا هذا لم يتطرق واحد منهم إليها , مع المقارنة الواضحة , والمشابهة الصريحة , والموافقات الجليلة , والنصوص الكثيرة من كلا الطرفين بدون تصنع وتكلف واستنتاج بعيد واستشهاد شارد غريب , وأعرضنا عن الأشياء التي كان يمكن إيداعها وإيرادها في هذا المبحث , ولكن بالكلفة والإستنباط فاخترنا ما لا يسع أحد إنكاره.
فنحن إستدركنا على السابقين مباحث هي أكثر أهمية وأكبر وزنا وأعظم شأنا مما اشتركنا في إيرادها , ولم يذكروها البتة , من إشتراك الشيعة والصوفية في إجراء النبوة بعد محمد صلوات الله وسلامه عليه , ونزول الوحي , وإتيان الملائكة , وتكليم الله إياهم , وعدم خلو الأرض من شخص به ثبات الأرض ووجودها , وعدم قبول العبادة بدونه , وتفضيل الوصي على النبي و ونسخ الشريعة , ورفع التكاليف , وإباحة المحظورات وإتيان المنكرات وغيرها من المواضيع الهامة العديدة , فالحمد لله على ذلك.
وكذلك يجد القارئ في الباب الثاني من هذا الكتاب عند بحثنا عن المسيحية باعتبارها أحد المصادر الهامة للتصوف أننا قد انفردنا بإيراد نصوص مسيحية أصلية لمقارنتها بالنصوص الصوفية شهادة على الآخذ والمأخوذ عنه.
وقد إخترنا في هذا المبحث مسلكا ذا أبعاد ثلاثة:
أولا: لا نكتفي بإيراد النص الصوفي بل نورد معه النص الذي يشابهه من الديانات الأخرى على خلاف ما تعوده الكتّاب الثقة منهم بأن القارئ والباحث يعرف ذلك , فليس بضروري أن يكون القارئ متخصصا في هذا الموضوع حتى يكون له إلمامة بنصوص تلك الديانات.
ثانيا: أوردنا تأييدات من قبل الباحثين والكتاب من المسلمين والمستشرقين الذين إشتغلوا في دراسة التصوف بإعتبارها شهادات خارجية بعد الشهادات الداخلية الناتجة من مقارنة النصوص نفسها.
وثالثا: جمع النصوص من المتصوفة المتقدمين والمتأخرين المشهورين بالأعتدال والموثوق لدى العامة , وكذلك نصوص الآخرين من المتصوفة غير المعتدلين وغير الغلاة أيضا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/221)
وحاولنا أن تكون هذه النصوص من الكتب المختلفة والمتفاوتة زمنا ومنهجا كي يكون الموضوع شاملا وكاملا , وافيا شافيا قدر الإستطاعة , وعلة لم يجتمع هذا العدد من النصوص في مختصر آخر مثل مختصرنا هذا.
فالحمد لله الذي بتوفيقه ومدده وتأييده تتم الأعمال وهو ولي الهداية والرشاد.
ويجدر بنا أن نذكر ههنا أن الكتاب الثاني سيشمل على عقائد وتعاليم صوفية كما يشمل هذا الكتاب على أصلها ومنشأها ومصادرها و وليس معنى هذا أن هذا الكتاب خال عن معتقداتهم , بل ان أعظم قسط منه يشمل على العقائد والمعتقدات وإننا لم نبحث عن مصادر التصوف ومآخذه تاريخيا وسردنا لذلك شهادات وتوثيقات , بل أوردنا فيما أوردنا عقائد القوم , الخاصة بهم , وتعاليمهم التي إمتازوا بها عن غيرهم , ثم ذكرنا عمن أخذوا هذه المعتقدات , وأقتبسوا هذه التعاليم , واحدة بعد واحدة على أنها شهادات داخلية , فعلى ذلك هذا الكتاب مع عنوانه (المنشأ والمصادر) لم يبحث في الحقيقة والأصل إلا العقائد والمعتقدات , بهذا لا يكون هذا الكتاب موضوعيا صرف , بل يؤدي رسالته لبيان حقيقة هذه العصابة من الناس وكنهها ولإرجاع الأمور إلى نصابها , ووضع الأشياء في محلها ومقاديرها , وذلك هو العدل.
والنقطة الأخرى التي أشرنا إليها قبل قليل , ونريد أن نركز عليها هي أننا ما بنينا حكمنا , ولا وضعنا احتجاجنا واستدلالنا إلا على المتصوفة المشهورين المعروفين , والموثوق بهم المعتدلين لدى الجميع , وذلك أيضا استشهادا , لا استدلالا , كما يلاحظ الباحث أننا لم نورد في كل هذا القسم من الحلاج , ولا من طائفته وجماعته رواية واحدة , لا استدلالا ولا استشهادا , كي لا يتهمنا متهم أننا اخترنا الغلاة ورواياتهم للحكم على التصوف , لأنه في رأينا كما قلنا آنفا لا إعتدال في التصوف ولدى المتصوفة , اللهم إلا الزهاد الأوائل فإنهم ليسوا منهم , ولا هؤلاء من أولئك.
فإن التصوف امر زائد وطارئ على الزهد , وله كيانه وهيئته , ونظامه وأصوله , قواعده وأسسه , كتبه ومؤلفاته ورسائله ومصنفاته , كما أن له رجالا وسدنة وزعماء وأعيانا.
فإن الزهد عبارة من ترجيح الآخرة على الدنيا , والتصوف اسم لترك الدنيا تماما.
والزهد هو تجنب الحرام , والاقتصاد في الحلال , والتمتع بنعم الله بالكفاف , وإشراك الآخرين في آلاء الله ونعمه وخدمة الأهل والأخوان والخلان.
والتصوف تحريم الحلال , وترك الطيبات , والتهرب من الزواج ومعاشرة الأهل والإخوان , وتعذيب النفس بالتجوع والتعري والسهر.
فالزهد منهج وسلوك مبني على الكتاب و السنة , وليس التصوف كذلك , لذلك إحتيج لبيانه إلى (التعرف لمذهب أهل التصوف) و (قواعد التصوف) و (الرسالة القشيرية) و (اللمع) و (قوت القلوب) و (قواعد التصوف) و (عوارف المعارف) وغيرها من الكتب , وسيأتي تفصيل ذلك في الكتاب القادم إن شاء الله.
فعندما نكتب نكتب عن هذا المذهب أي مذهب التصوف لا عن الزهد , لأن الزهد كما ورد في حديث الترمذي (ليس الزهد بتحريم الحلال , ولا إضاعة المال ولكن الزهد أن تكون بما في يد الله أوثق بما في يدك , وأن تكون في ثواب المصيبة إذا أصبت أرغب منك فيها لو أنها بقيت لك) لأن الله تعالى يقول: {لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم}.
وهذا الأمر أي عدم وجود الاعتدال في التصوف ينطبق على التشيع , وهذا هو القدر الآخر المشترك بينهما لأننا في بحثنا الطويل في التشيع لم نجد طائفة يمكن أن توصف بالاعتدال , فالغلو والتطرف من لوازم مذهب التشيع كما قاله الرجالي الشيعي المشهور , المامقاني في تنقيحه , فكذلك التصوف لا يعرف إلا الغلو والتطرف.
فالله أسأل أن يجعلنا أمة وسطا حقا ومن الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه , يتمسكون بكتاب ربهم وسنة نبيهم , ويعضون عليها بالنواجذ , ويدافعون عن حرمات الله وحرمات رسوله , وأعراض أصحاب محمد وأهل بيته , ويذبون عن المسلك القويم المستقيم ومنهج السلف الصالحين , ويردون كيد الضالين المنحرفين , ومكر المبطلين المنتحلين , لا يهابون جموعهم المتكاثرة , وأحزابهم المتكالبة , وفرقهم المعاضد بعضها بعضا , ويقولون للغاضبين الناقمين الحاسدين ما قاله أصفياء الله وأخياره {قُلِ ادْعُواْ شُرَكَاءكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ 195
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/222)
إِنَّ وَلِيِّيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ 196} وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
إحسان إلهي ظهير
ابتسام كاتيج – شادمان – لا هور
فبراير 1986 الموافق
جمادى الآخرة 1406هـ
الباب الأول
التّصَوّفُ نشأته , تَاِريخُه وَتَطَوّرَاته
الفصل الأول
إن الإسلام دين البساطة ودين الفطرة التي فطر الناس عليها , أنزله الله على قلب سيد الخلق لهداية البشر.
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ 33}.
وأمر سبحانه جل وعلا أن يتمسك به , ويقدمه إلى الناس ليعرفوه ويتمسكوا به بدورهم.
وأنه عبارة عن الإقرار بوحدانية الله عز وجل لا شريك له , والشهادة بأن محمدا عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه , وإقامة الصلوات الخمس , وإيتاء الزكاة بعد مرور عام على ملاك النصاب , وكذلك صوم شهر رمضان من اثني عشر شهرا , وحج البيت إن إستطاع إليه سبيلا , كما ورد في حديث جبريل عليه الصلاة والسلام أنه جاء يوما من الأيام يسأل النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام , فقال:
(الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله , وتقيم الصلاة , وتؤتي الزكاة , وتصوم رمضان , وتحج البيت إن إستطعت إليه سبيلا).
أو كما ورد في حديث أعرابي جاء صلوات الله وسلامه عليه فقال له: (دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة).
قال: (تعبد الله ولا تشرك به شيئا , وتقيم الصلاة المكتوبة , وتؤتي الزكاة المفروضة , وتصوم رمضان) , قال: (والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا شيئا ولا أنقص منه) , فلما ولّى , قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا).
أو بتعبير آخر أن الإسلام يعبّر عن التمسك بأوامر الله وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم , واجتناب ما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم ,وقضاء حياة مثل ما قضاها رسول الله , واختيار الطرق والسنن التي اختارها أصحاب رسول الله صلوات الله وسلامه عليه كما أمر به الرب تبارك وتعالى في كلامه المحكم:
{َأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ 132}
و {أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ 20}
و {َمَن يُشَاقِقِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ 13}
و {أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ 63}
و {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}
{وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا 71}
و {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا 21}
و {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ 15}.
وأوامر الله ورسوله , وكذلك نواهي الله ونواهي رسوله موجودة محفوظة في الكتاب والسنة , والكتاب المنزل على سيد البشر وخاتم الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليه , المعبر عنه بالذكر الحكيم والفرقان الحميد والقرآن المجيد , الذي جعله الله شفاء وهدى ورحمة للمؤمنين , وسنة رسول الله المعبر عنها بالحكمة في قوله جل وعلا: {ويعلمكم الكتاب والحكمة} وبالحديث النبوي الشريف , ما ثبت عنه وصح من أقواله وأفعاله وتقريراته , الكتاب والسنة اللذين ذكرهما الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله حيث حرّض أمته , وحثهم على التمسك والتشبث بهما قائلا: (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة رسوله).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/223)
ثم ربّى أصحابه وتلامذته في ظلهما وضوئهما تربية نموذجية لكي يكونوا قدوة لمن يأتي بعدهم إلى يوم القيامة , ومثلا عليا لمن أراد أن يهتدي بهدي الله جل وعلا وهدى رسوله صلى الله عليه وسلم. فكانوا صورة حية لتعاليم الرب تبارك وتعالى وإرشادات رسوله صلى الله عليه وسلم متبعين مقتدين , غير مبتدعين محدثين , متقدمين بين يدي الله ورسوله , مبتغين مرضات الله , ومقتفين آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم مهتدين بهديه , سالكين بمسلكه , منتهجين منهجه , غير باغين ولا عادين , ولا مفرطين ولا مفرّطين في أمور دينهم ودنياهم: {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده}.
وكان خيار هؤلاء كلهم - وكلهم خيار الخلق أجمعين – أصحاب بيعة الرضوان الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت وهم في الحديبية , فأنزل الله لهم البشرى برضوانه وجعل يده فوق أيديهم: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة}.
و {إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم}.
وفاقهم في المنزلة والشأن أهل بدر , الذين اطلع الله عليهم فقال: (اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة).
وزاد على هؤلاء فضلا ومنقبة ومكانة من رفعهم الله بتبشيره إياهم بالجنة واحدا واحدا بالاسم والمسمى على لسان نبيهم الناطق بالوحي , الذي لا ينطق عن الهوى إن هو ألا وحي يوحى , الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه , العشرة المبشرة {لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله , وذلك هو الفوز العظيم}.
ولو أنه زادهم رفعة وعظمة من قال في حقهما سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (خير الخلائق بعد نبي الله أبو بكر ثم عمر).
فمن أراد أن يرى الإسلام المتجسد في شخصهم , وذواتهم , وخلقهم , وعاداتهم , وأقوالهم , وأفعالهم , فلينظر إلى هؤلاء , فإنهم كانوا ممثلي الإسلام الصحيح , الكامل , غير المشوب بشوائب البدع والمحدثات , والخرافات والضلالاات التي لحقت الإسلام بعد أدوار وأطوار , فإنهم كانوا تلامذة المدرسة الإسلامية الأولى التي كان أستاذها والمعلم فيها سيد ولد آدم , المحفوظ بحفظ الله , والمعصوم بعصمة الله , والمؤيد بوحي الله , والهادي إلى الصراط المستقيم صلى الله عليه وسلم.
ولأجل ذلك حصر الله رضاه والدخول في الجنة لمتبعيهم بإحسان لكل من يأتي بعدهم , {والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه}.
فهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون لأنهم هم الذين حبب إليهم الإيمان وكرَه إليهم الكفر والفسوق والعصيان وأولئك هم الراشدون.
وهم القدوة الحسنة والمحك والمعيار لمعرفة الحق من الباطل , والهدى من الزيغ والضلال.
فكل عمل يخالف عملهم وكل قول يعارض قولهم , وكل طريق في الحياة يناهض طريقهم مردود مرفوض مطرود , لأنهم شاهدوا من رسول الله ما لم يشاهده غيرهم , وسمعوا من نبي الله ما لم يسمعه الآخرون , ورباهم من لم يرب هؤلاء , وتتلمذوا على من لم يتتلمذ عليه أولئك , فهم أشبه الناس في أقوالهم وأفعالهم , وأخلاقهم وعاداتهم , وعباداتهم ومعاملاتهم , ومعاشرتهم ومعاشهم برسول الله صلوات الله وسلامه عليه من غيرهم , فلذلك أُمر المؤمنون باتباعهم , وإلى ذلك أشار نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم في قوله (ما أنا عليه وأصحابي) حيث جعلهم معه على طريقة واحدة ومنهج واحد , ولم يُدخل في هذا الاختصاص أحد غيرهم ولم يخصهم بهذه المزية والفضيلة إلا بأمر من الله وإيعازه حيث أنزل عليه في محكم كتابه أن يقول: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني}.
ولم يرد من قوله (ومن اتبعني) آنذاك إلا صحابه ورفاقه , تلامذته الراشدين و أوفيائه الصادقين , الهادين المهديين رضي الله عنهم أجمعين.
ففي ضوء الكتاب والسنة , وأسوة الرسول وسيرته , وعمل أصحابه وحياتهم توضع وتوزن أعمال المسلمين المتخلفين وأقوال من جاء بعدهم , فما وجد لها سند ودليل يحكم عليها بالصحة والصواب , قطع النظر عمن صدرت عنه , وممن وردت.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/224)
وما لم يعاضدها الكتاب ولم تناصرها السنة , ولم يوجد لها أثر في حياة الصحابة وأفعالهم يحكم عليها بالفساد والبطلان , سواء وردت من صغير أو كبير , تقي أو شقي , لأن (أحسن الكتاب كتاب الله , وخير الأمور أوسطها , وشر الأمور محدثاتها , وكل محدثة بدعة , وكل بدعة ضلالة , وكل ضلالة في النار).
وقال عليه الصلاة والسلام: (من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد).
وإن المسلمين لملزمون أن يؤمنوا بأن الله لم يترك خيرا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم إلا وقد بينه لرسوله صلى الله عليه وسلم , ولا شرا إلا وقد نبهه عليه , ثم رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكتم بيانه , ولم يقصّر في تبليغه إلى الناس , فأخبر الخلق بكل ما أخبر عن الله عز وجل لصلاحهم وفلاحهم , ولم يخصّ شخصا دون شخص {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ}.
وكان مأمورا من الله بأن يبلغ كل ما نزل إليه , قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}.
وكما أن المسلمين مطالبون أيضا أن يؤمنوا بأن الدين قد كمل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولم يتوفه الله إلا بعد إتمام الإسلام {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}.
ومن يعتقد أن شيئا من الدين لو صغيرا بقي ولم ينزله الله على نبيه , أو لم يبينه صلوات الله وسلامه عليه فإنه لا يؤمن بكمال الدين على رسوله صلى الله عليه وسلم , ولا تمام الإسلام في حياته , لأنه بدون هذا ينقص الدين ولا يكمل , وهذا معارض لقول الله عز وجل , ومناف لختم نبوة محمد صلوات الله عليه وسلامه عليه.
ويتضح بذلك جليا أنه لا بد من الأعتقاد أن كل شيء لا يوجد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فليس من الدين - وهو محدث وبدعة وضلالة , وهذا هو الصحيح الثابت عن الله وعن رسوله – أما اعتقاد أنه من الدين وأن الدين لم يكمل بعج , فهذا هو عين الكفر والضلالة , وقائله ليس من المؤمنين والمسلمين بالإتفاق , فلا بد من أحد الأمرين , إما هذا أو ذلك , ولا يمكن الجمع بينهما {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ}. و {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.
ومن هذا المنظور والرؤية نرى التصوف , وننظر في الصوفية , ونبحث في وقواعده وأصوله ونحقق أسسه ومبادئه , ومناهجه ومشاربه , هل لها أصل في القرآن والسنة , أو سند في خيار خلق الله أصحاب رسول الله الذين هم أولياء الله الحقيقيون الأولون من أمة محمد , الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون.
{وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}
و {الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ 20 يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ 21 خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ 22}
و {فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
فإن كان كذلك فعلى المؤمنين كافة الإقرار والتسليم , والتمسك والإلتزام , وليس لهم الخيار في الترك أو القبول , {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/225)
وأيضا {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}.
وشمل قول الله عز وجل في الآية القرآنية الأخرى أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم لكونهم قدوة متبعون بعد الله ورسوله حيث قال:
{ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً}.
وما لم يكن كذلك فتركه واجب , والألتفاف إليه حرام , يقطع النظر عمن قاله وعمل به.
وبمثل ذلك قال الإمام أبو إسحاق الشاطبي في إعتصامه:
(والثاني: إن الشريعة جاءت كاملة لا تحتمل الزيادة ولا النقصان , لن الله تعالى قال فيها: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}.
وفي حديث العرباض بن سارية: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها الأعين ووجلت منها القلوب , فقلنا: يا رسول الله , إن هذه موعظة مودع فما تعهد إلينا؟ قال: (تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها , ولا يزيغ عنها إلا هالك , ومن يعش منكم فسيرى إختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي و سنة الخلفاء الراشدين من بعدي) الحديث.
وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى أتى ببيان جميع ما يحتاج إليه في أمر الدين والدنيا وهذا لا مخالف عليه من أهل السنة.
فإذا كان كذلك , فالمبتدع إنما محصول قوله بلسان حاله أو مقاله: إن الشريعة لم تتم , وأنه بقي منها أشياء يجب أو يستحب استدراكها , لأنه لو كان معتقدا لكمالها وتمامها من كل وجه , لم يبتدع ولا استدرك عليها. وقائل هذا ضال عن الصراط المستقيم.
قال ابن الماجشون: سمعت مالكا يقول: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمد صلى الله عليه وسلم خان الرسالة , لأن الله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} فما لم يكن يومئذ دينا , فلا يكون اليوم دينا.
والثالث: إن المبتدع معاند للشرع ومشاقٌ له , لأن الشارع قد عين المطلب العبد طرقاً خاصة على وجوه خاصة , وقصر الخلق عليها بالأمر والنهي والوعد والوعيد وأخبر أن الخير فيها , وأن الشر في تعدِّيها – إلى غير ذلك , لأن الله يعلم ونحن لا نعلم , وأنه إنما أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين. فالمبتدع رادٌ لهذا كله , فإنه يزعم أن ثمَّ طرقا أخر , ليس ما حصره الشارع بمحصور , ولا ماعينه بمتعين , كأن الشارع يعلم , ونحن أيضا نعلم. بل ربما يفهم من استدراكه الطرق على الشارع , أنه علم ما لم يعلمه الشارع.
وهذا إن كان مقصودا للمبتدع فهو كفر بالشريعة والشارع , وإن كان غير مقصود , فهو ضلال مبين.
وإلى هذا المعنى أشار عمر بن عبد العبد العزيز رضي الله عنه, إذ كتب له عديُّ بن أرطاه يستشيره في بعض القدرية , فكتب إليه.
(أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله والاقتصاد في أمره واتِّباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم , وترك ما أحدث المحدثون فيما قد جرت سنته وكفوا مؤنته , فعليك بلزوم السنة , فإن السنة إنما سنّها من قد عرف ما في خلافها من الخطأ والزلل والحمق والتعمق , فارض لنفسك بما رضي به القوم لأنفسهم , فإنهم على علم وقفوا , وببصر نافذ , قد كفوا وهم كانوا على كشف الأمور أقوى , وبفضل كانوا فيه أحرى. فلئن قلتم: أمر حدث بعدهم , ما أحدثه بعدهم إلا من اتبع غير سننهم , ورغب بنفسه عنهم , إنهم لهم السابقون , فقد تكلموا منه ما يكفي , ووصفوا منه ما يشفي , فما دونهم مقصر , وما فوقهم محسر , لقد قصر عنهم آخرون فقلوا وأنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم).
ثم ختم الكتاب بحكم مسئلته.
فقوله: (فإن السنة إنما سنها من قد عرف مافي خلافها) فهو مقصود الأستشهاد.
والرابع: إن المبتدع قد نزل نفسه منزلة المضاهي للشارع , لأن الشارع وضع الشرائع وألزم الخلق الجري على سنتها , وصار هو المنفرد بذلك , لأنه حكم بين الخلق فيما كانوا فيه يختلفون. وإلا فلو كان التشريع من مدركات الخلق لم تنزل الشرائع , ولم يبق الخلاف بين الناس. ولا احتيج إلى بعث الرسل عليهم السلام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/226)
هذا الذي ابتدع في دين الله قد صير نفسه نظيرا ومضاهيا , حيث شرع مع الشارع , وفتح للاختلاف باباً , ورد قصد الشارع في الانفراد بالتشريع وكفى بذلك).
وبعد هذه التوطئة المختصرة والمهمة أيضا ننتقل إلى المقصود والمطلوب , وهو معرفة التصوف والصوفية , وجعل الشرع حاكما عليهما , وعرض آرائهما وأفكارهما عليه. وبالله التوفيق.
الفصل الثاني
أصْلُ التّصَوّفِ وَاشْتقاقهِ
قبل أن بحث في التصوف ونشأته وتاريخه نريد أن نذكر أصل اشتقاقه, من أين اشتق؟ وكيف كان اشتقاقه؟ واختلاف الباحثين فيه والصوفية أنفسهم أيضا , ولقد سئل الشبلي: لم سميت بهذا الاسم؟.
فقال: (هذا الاسم الذي أطلق عليهم اختلف في أصله وفي مصدر اشتقاقه).
ولا زالوا مختلفين فيه حتى اليوم.
فلقد نقل الطوسي أبو نصر السراج في كتابه الذي يعد أقدم مرجع صوفي , عن صوفي أنه قال:
(كان في الأصل صفوي , فاستثقل ذلك , فقيل: صوفي – وبمثل ذلك نقل عن أبي الحسن الكناد: هو مأخوذ من الصفاء).
وينقل الكلاباذي أبو بكر محمد الصوفي المشهور عن الصوفية أقوالا عديدة في أصل هذه الكلمة واشتقاقها , فقال:
قالت طائفة: إنما سميت الصوفية صوفية لصفاء أسرارها , ونقاء آثارها. وقال بشر بن الحارث: الصوفي من صفت لله معاملته , فصفت له من الله عز وجل كرامته.
وقال قوم: إنما سموا صوفية لأنهم في الصف الأول بين يدي الله عز وجل بارتفاع هممهم إليه , وإقبالهم عليه , ووقوفهم بسائرهم بين يديه.
وقال قوم: إنما سموا صوفية لقرب أوصافهم من أوصاف أهل الصفة , الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال قوم: إنما سموا صوفية للبسهم الصوف.
وأما من نسبهم إلى الصفة والصوف فإنه عبّر عن ظاهر أحوالهم , وذلك أنهم قوم قد تركوا الدنيا , فخرجوا عن الأوطان , وهجروا الأخدان , وساحوا في البلاد , وأجاعوا الأكباد , وأعروا الأجساد , لم يأخذوا من الدنيا إلا من الدنيا إلا ما لا يجوز تركه , من ستر عورة , وسد جوعة.
فلخروجهم عن الأوطان سموا غرباء. ولكثرة أسفارهم سموا سياحين.
ومن سياحتهم في البراري وإيوائهم إلى الكهوف عند الضرورات سماهم بعض أهل الديار (شكفتية) والشكفت بلغتهم: الغار والكهف.
وأهل الشام سموهم (جوعية) لأنهم إنما ينالون من الطعام قدر ما يقيم الصلب للضرورة , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه).
وقال السري السقطي , ووصفهم فقال: أكلهم أكل المرضى , ونومهم نوم الغرقى , وكلامهم كلام الخرقى.
ومن تخيلهم عن الأملاك سموا فقراء.
قيل لبعضهم: من الصوفي؟ قال: الذي لا يَملك و لا يُملك. يعني لا يسترقه الطمع.
وقال آخر: هو الذي لا يملك شيئا , وإن ملكه بذله.
ومن لبسهم وزيّهم سموا صوفية , لأنهم لم يلبسوا لحظوظ النفس ما لان مسه , وحسن منظره , وإنما لبسوا لستر العورة , فتجزَّوا بالخشن من الشعر , والغليظ من الصوف.
ثم هذه كلها أحوال أهل الصفة , الذين كانوا غرباء فقراء مهاجرين , أخرجوا من ديارهم وأموالهم , ووصفهم أبو هريرة و فضالة بن عبيد فقالا: يخرون من الجوع حتى تحسبهم الأعراب مجانين. وكان لباسهم الصوف , حتى إن كان بعضهم يعرق فيه فيوجد منه رائحة الضأن إذا أصابه المطر.
هذا وصف بعضهم لهم , حتى قال عيينة بن حصن للنبي صلى الله عليه وسلم: إنه ليؤذيني هؤلاء أما يؤذيك ريحهم؟.
ثم الصوف لباس الأنبياء , وزي الأولياء.
وقال أبو موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إنه مرَّ بالصخرة من الروحاء سبعون نبيا حفاة عليهم العباء يؤمون البيت العتيق).
وقال الحسن البصري: كان عيسى عليه السلام يلبس الشعر , ويأكل من الشجرة , ويبيت حيث أمسى.
وقال أبو موسى: كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس الصوف , ويركب الحمار , ويأتي مدعاة الضعيف.
وقال الحسن البصري: لقد أدركت سبعين بدرياً ما كان لباسهم إلا الصوف.
فلما كانت هذه الطائفة بصفة أهل الصفة فيما ذكرنا , ولبسهم وزيهم زي أهلها , سموا صُفية وصوفية.
ومن نسبهم إلى إلى الصفة والصف الأول فإنه عبر عن أسرارهم وبواطنهم , وذلك أن من ترك الدنيا وزهد فيها وأعرض عنها , صفَّى الله سره , ونور قلبه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/227)
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل النور في القلب انشرح وانفسح) , قيل: وما علامة ذلك يا رسول الله؟ قال: (التجافي عن دار الغرور , و الإنابة إلى دار الخلود , والاستعداد للموت قبل نزوله).
فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من تجافى عن الدنيا نور الله قلبه.
وقال حارثة حين سأله النبي صلى الله عليه وسلم: ما حقيقة إيمانك؟ قال: عزفت بنفسي عن الدنيا , فأظمأت نهاري , وأسهرت ليلي , وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزا , وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون , وإلى أهل النار يتعادون.
فأخبر أنه لما عزف عن الدنيا نور الله قلبه , فكان ما غاب عنه بمنزلة ما يشاهده. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن ينظر إلى عبد نور الله قلبه فلينظر إلى حارثة , فأخبر أنه منوّر القلب.
وسميت هذه الطائفة نورية لهذه الأوصاف.
وهذا أيضا من أوصاف أهل الصفة , قال الله تعالى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}.
والتطهر بالظواهر عن الأنجاس , وبالبواطن عن الأهجاس.
وقال الله تعالى: {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله}. ثم لصفاء أسرارهم تصدق فراستهم.
قال أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله).
وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: ألقى في روعي أن ذا بطن بنت خارجة , فكان كما قال.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الحق لينطق على لسان عمر).
وقال أبو أويس القرني لهرم بن حيان حين سلم عليه: وعليك السلام يا هرم بن حيان , ولم يكن رآه قبل ذلك , ثم قال له: عرف روحي روحك.
وقال أبو عبد الله الأنطاكي: إذا جالستم أهل الصدق فجالسوهم بالصدق فإنهم جواسيس القلوب يدخلون في أسراركم ويخرجون من هممكم.
ثم من كان بهذه الصفة من صفوة سره وطهارة قلبه ونور صدره فهو في الصف الأول , لأن هذه أوصاف السابقين.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب) ثم وصفهم وقال: (الذين لا يرقون و لا يسترقون , ولا يكوون ولا يكتوون , وعلى ربهم يتوكلون).
فلصفاء أسرارهم , وشرح صدورهم , وضياء قلوبهم: صحت معارفهم بالله , فلم يرجعوا إلى الأسباب ثقة بالله عز وجل , وتوكلا عليه , ورضا بقضائه.
فقد إجتمعت هذه الأوصاف كلها , ومعاني هذه الأسماء كلها في أسامي القوم وألقابهم , وصحت هذه العبارات وقربت هذه المآخذ.
وإن كانت هذه الألفاظ متغيرة في الظاهر , فإن المعاني متفقة لأنها إن أخذت من الصفاء والصفوة كانت صوفية.
وإن أضيفت إلى الصف أو الصفة كانت صَفيّة أو صُفيّة , ويجوز أن يكون تقديم الواو على الفاء في لفظ الصفية أو الصُّفية إنما كانت من تداول الألسن.
وإن جعل مأخذه من الصوف: استقام اللفظ , وصحت العبارة من حيث اللغة.
وجميع المعاني كلها من التخلي عن الدنيا وعزوف النفس عنها وترك الأوطان ولزوم الأسفار , ومنع النفوس حظوظها , وصفاء المعاملات , وصفوة الأسرار , وانشراح الصدور وصفة للسباق.
وقال بندار بن الحسين: الصوفي من اختاره الحق لنفسه فصافاه , وعن نفسه برأه , ولم يرده إلى تعمّل وتكلف بدعوى.
وصوفي على زنة عوفي , أي عافاه الله فعوفي وكوفي , أي كافاه الله فكوفي , وجوزي , أي جازاه الله , ففعل الله به ظاهر في اسمه والله المتفرد به).
هذا ما تخبط به الكلاباذي من الخلط والغلط قطع النظر عن ضعف أكثر الروايات التي ساقها وسردها.
ويكتب من الصوفية المتقدمين أبو العباس أحمد بن زروق في كتابه قواعد التصوف: وقد كثرت الأقوال في اشتقاق التصوف , وأمسى ذلك بالحقيقة خمسة.
الأول: قول من قال: من الصوفة , لأنه مع الله كالصوفة المطروحة لا تدبير له.
الثاني: أنه من صوفة القفا , للينها , فالصوفي هيّن ليّن كهي.
الثالث: أنه من الصفة , إذ جعلته اتصاف بالمحاسن وترك الأوصاف المذمومة.
الرابع: أنه من الصفاء , وصحح هذا القول حتى قال أبو الفتح البستي رحمه الله:
تنازع الناس في الصوفي واختلفوا وظنه البعض مشتقا من الصوف
ولست أمنح هذا الاسم غير فتى صافي فصوفي حتى سمى الصوفي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/228)
الخامس: أنه منقول من الصفة لأن صاحبه تابع لأهلها فيما أثبت الله لهم من الوصف حيث قال تعالى: {يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}. وهذا هو الأصل الذي يرجع إليه كل قول فيه).
وقال أبو نعيم الأصبهاني المتوفى 430هـ في حليته:
أبو نعيم الأصبهاني المتوفى 430هـ في حليته:
واشتقاقة من حيث الحقائق التي أوجبت اللغة فإنه تفعل من أحد أربعة أشياء , من الصوفانة , وهي بقلة رعناء قصيرة , أو من صوفة وهي قبيلة كانت في الدهر الأول تجيز الحاج وتخدم الكعبة , أو من صوفة القفاء وهي الشعرات النابتة في متأخره , أو من الصوف المعروف على ظهور الضأن).
وقال مرجحا كونه مأخوذا من الصفاء:
(اشتقاقه عند أهل الإشارات والمنبئين عنه بالعبارات من الصفاء والوفاء).
وذهب إلى هذا الرأي فريد الدين العطار المتوفى 586 هـ تقريبا نقلا عن بشر الحافي.
وكذلك الصوفي الهندي الملقب بكنج شكر المتوفى 669 هـ.
ولكن السهروردي الذي فصل القول في هذا يرى رأيا آخر , وهو أنه مشتق من الصوف ولبسه , فإليكم ما قاله في كتاب (عوارف المعارف) في الباب السادس تحت عنوان: ذكر تسميتهم بهذا الاسم:
(أخبرنا الشيخ أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر , وقال أخبرني والدي , قال أخبرنا أبو علي الشافعي بمكة حرسها الله تعالى , قال أخبرنا أحمد بن إبراهيم , قال أخبرنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم , قال: أخبرنا أبو عبد الله المخزومي , قال حدثنا سفيان عن مسلم عن أنس بن مالك , قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجيب دعوة العبد ويركب الحمار ويلبس الصوف , فمن هذا الوجه ذهب قوم إلى أنهم سموا صوفية نسبة لهم إلى ظاهر اللبسة , لأنهم اختاروا لبس الصوف لكونه أرفق ولكونه كان لباس الأنبياء عليهم السلام.
وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مر بالصخرة من الروحاء سبعون نبيا حفاة عليهم العباء يؤمون البيت الحرام).
وقيل: إن عيسى عليه السلام كان يلبس الصوف والشعر , ويأكل من الشجر ويبيت حيث أمسى.
وقال الحسن البصري رضي الله عنه: لقد أدركت سبعين بدريا كان لباسهم الصوف , ووصفهم أبو هريرة وفضالة بن عبيد فقالا: كانوا يخرون من الجوع حتى يحسبهم الأعراب مجانين , وكان لباسهم الصوف حتى إن بعضهم كان يعرق في ثوبه فيوجد منه رائحة الضأن إذا أصابه الغيث. وقال بعضهم: إنه ليؤذيني ريح هؤلاء , أما يؤذيك ريحهم يا رسول الله صلى عليه وسلم بذلك , فكان اختيارهم للبس الصوف لتركهم زينة الدنيا , وقناعتهم بسد الجوعة وستر العورة , واستغراقهم في أمر الآخرة , فلم يتفرغوا لملاذ النفوس وراحاتها , لشدة شغلهم بخدمة مولاهم , وانصراف هممهم إلى أمر الآخرة , وهذا الاختيار يلائم ويناسب من حيث الاشتقاق , لأنه يقال (تصوف) إذا لبس الصوف , كما يقال (تقمص) إذا لبس القميص.
ولما كان حالهم بين سير وطير لتقلبهم في الأحوال وارتقائهم من عال إلى أعلى منه , لا يفيدهم وصف ولا يحسبهم نعت , وأبواب المزيد علماً وحالاً عليهم مفتوحة , وبواطنهم معدن الحقائق ومجمع العلوم , فلما تعذر تقيدهم لتنوع وجدانهم وتجنس مزيدهم , نسبوا إلى ظاهر اللبسة. وكان ذلك أبين في الأشارة إليهم , وأدعى إلى حصر وصفهم , لأن لبس الصوف كان غالبا على المتقدمين من سلفهم , وأيضا لأن حالهم حال المقربين كما سبق ذكره , ولما كان الإعتزاء إلى القرب وعظم الإشارة إلى قرب الله تعالى أمر صعب يعز كشفه والإشارة إليه .. وقعت الإشارة إلى زيهم سترا لحالهم وغيرة على عزيز مقامهم أن تكثر الإشارة إليه وتتداوله الألسنة , فكان هذا أقرب إلى الأدب , والأدب في الظاهر والباطن والقول والفعل عماد أهل الصوفية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/229)
وفيه معنى آخر: وهو أن نسبتهم إلى اللبسة تنبئ عن تقللهم من الدنيا وزهدهم فيما تدعو النفس إليه بالهوى من الملبوس الناعم , حتى إن المبتدئ المريد الذي يؤثر طريقهم ويحب الدخول في أمرهم يوطن نفسه على التقشف والتقلل , ويعلم أن المأكول أيضا من جنس الملبوس فيدخل في طريقهم على بصيرة , وهذا أمر مفهوم معلوم عند المبتدئ , والإشارة إلى شيء من حالهم في تسميتهم بهذا أنفع وأولى , وأيضا غير هذا المعنى مما يقال إنهم سموا صوفية لذلك يتضمن دعوى وإذا قيل سموا صوفية للبسهم الصوف كان أبعد من الدعوى , وكل ما كان أبعد من الدعوى كان أليق بحالهم , وأيضا لأن لبس الصوف حكم ظاهر على الظاهر من أمرهم , ونسبتهم من أمر آخر من حال أو مقام أمر باطن , والحكم بالظاهر أوفق وأولى , فالقول بأنهم سموا صوفية للبسهم الصوف أليق وأقرب إلى التواضع , ويقرب أن يقال: لما أثاروا الذبول والخمول والتواضع والإنكار والتخفي والتواري , كانوا كالخرقة الملقاة والصوفية المرمية التي لا يرغب فيها ولا يلتفت إليها , فيقال (صوفي) نسبة إلى الصوفة , كما يقال (كوفي) نسبة إلى الكوفة , وهذا ما ذكره بعض أهل العلم , والمعنى المقصود به قريب ويلائم الإشتقاق , ولم يزل لبس الصوف اختيار الصالحين والزهاد والمنشقين والعباد.
أخبرنا أبو زرعة طاهر عن أبيه , قال أخبرنا عبد الرزاق بن عبد الكريم , قال أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد , قال حدثنا أبو علي بن إسماعيل بن محمد , قال حدثنا الحسن بن عرفة , قال حدثنا خلف بن خليفة عن حميد بن الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن عبد الله بن مسعود رضي الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوم كلم الله تعالى موسى عليه السلام كان عليه جبة صوف وسراويل صوف وكمه من صوف ونعلاه من جلد حمار غير مذكى.
وقيل: سموا صوفية لأنهم في الصف الأول بين يدي الله عز وجل بارتفاع هممهم وإقبالهم على الله تعالى بقلوبهم ووقوفهم بسرائرهم بين يديه. وقيل: كان هذا الاسم في الأصل صفوي , فاستثقل ذلك وجعل صوفيا. وقيل سموا صوفية نسبة إلى الصفة التي كانت لفقراء المهاجرين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , الذين قال الله تعالى فيهم {للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض} الآية , وهذا وإن كان لا يستقيم من حيث الاشتقاق اللغوي ولكنه صحيح من حيث المعنى , لأن الصوفية يشاكل حالهم حال أولئك لكونهم مجتمعين متآلفين متصاحبين لله وفي الله , كأصحاب الصفة , وكانوا نحوا من أربعمائة رجل لم تكن لهم مساكن بالمدينة ولا عشائر , جمعوا أنفسهم في المسجد كاجتماع الصوفية قديما وحديثا في الزوايا والربط , وكانوا لا يرجعون إلى زرع ولا ضرع ولا إلى تجارة , كانوا يحتطبون ويرضخون النوى بالنهار , وبالليل يشتغلون بالعبادة وتعلم القرآن (تلاوته) وكان رسول الله صلى اله عليه وسلم يواسيهم ويحث الناس على مواساتهم ويجلس معهم ويأكل معهم , وفيهم نزل قوله تعالى: {وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} وقوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} ونزل في ابن مكتوم قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَن جَاءهُ الْأَعْمَى} وكان من أهل الصفة , فعوقب النبي صلى الله عليه وسلم لأجلة , وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صافحهم لا ينزع يده من أيدهم , وكان يفرقهم على أهل الجدة والسعة يبعث مع كل واحد ثلاثة ومع الآخر أربعة , وكان سعد بن معاذ يحمل إلى بيته منهم ثمانين يطعمهم.
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: لقد رأيت سبعين من أهل الصفة يصلون في ثوب واحد , منهم من لايبلغ ركبتيه , فإذا ركع أحدهم قبض بيديه مخافة أن تبدو عورته. وقال بعض أهل الصفة: جئنا جماعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلنا يا رسول الله أحرق بطوننا التمر فسمع بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر ثم قال: ما بال أقوام يقولون أحرق بطوننا التمر , أما علمتم أن هذا التمر هو طعام أهل المدينة وقد واسونا به وواسيناكم مما واسونا به , والذي نفس محمد بيده إن منذ شهرين لم يرتفع من بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دخان للخبز , وليس لهم إلا الأسودان الماء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/230)
والتمر.
أخبرنا الشيخ أبو الفتوح محمد بن عبد الباقي في كتابه , قال: أخبرنا الشيخ أبو بكر بن زكريا الطريثيثي قال أخبرنا الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي , قال حدثنا محمد بن محمد ابن سعيد الأنماطي , قال حدثنا الحسن بن يحى بن سلام , قال حدثنا محمد ابن علي الترمذي , قال حدثني سعيد بن حاتم البلخي , قال حدثنا سهل بن أسلم عن خلاد بن محمد عن أبي عبد الرحمن السكري عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهم قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً على أهل الصفة فرأى فقرهم وجهدهم وطيب قلوبهم فقال (أبشروا يا أصحاب الصفة فمن بقي منكم على النعت الذي أنتم عليه اليوم راضيا بما هو فيه فإنه من رفقائي يوم القيامة).
وقيل: كان منهم طائفة بخراسان يأوون إلى الكهوف والمغارات ولا يسكنون القرى والمدى , ويسمونهم في خراسان شكفتية , (لأن شكفت) اسم الغار , ينسبونهم إلى المأوى والمستقر وأهل الشام يسمونهم جوعية , والله تعالى ذكر في القرآن طوائف الخير والصلاح فسمى قوما أبرارا وآخرين مقربين , ومنهم الصابرون والصادقون , والذاكرون , والمحبون , واسم الصوفي مشتمل على جميع المتفرق في هذه الأسماء المذكورة , وهذا الاسم لم يكن في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم , وقيل كان في زمن التابعين.
ونقل عن الحسن البصري رحمة الل عليه أنه قال: رأيت صوفيا في الطواف فأعطيته شيئا فلم يأخذه وقال معي أربع دوانيق يكفيني ما معي ويشيد هذا ما روى عن سفيان أنه قال لولا أبو هاشم الصوفي ما عرفت دقيق الرياء. وهذا يدل على أن هذا الاسم كان يعرف قديما وقيل لم يعرف هذا الاسم إلى المائتين من الهجرة العربية).
فهل هناك تعارض وتناقض أكثر من ذلك؟.
ورجح الرأي الأخير أبو المفاخر يحيى الباخرزي.
ونجم الدين كبرى رجح كون كلمة التصوف مشتقة من الصوف , وأضاف (بأن أول من لبس الصوف آدم وحواء , لأنهما أول ما نزلا في الدنيا كانا عريانين , فنزل جبريل بالخروف فأخذا منه الصوف , فغزلت حواء ونسجه آدم ولبساه , وكذلك موسى عليه السلام لبس الصوف , وأن يحيى وزكريا ونبينا محمدا صلى الله عليه وسلم أيضا كانوا يلبسون الصوف.
ونسبة الصوفي إلى الصوف , وإذا ألبس الصوف طلب من نفسه حقه , لأن الصوف مركب من الأحرف الثلاثة: الصاد , والواو , والفاء , فيطلب من الصاد العبر والصلابة والصدق والصلاة , ويطلب من الواو الوفاء والوجد , وبالفاء الفرج والفرح).
ومن الطرائف أن نجم الدين كبرى هذا زاد على الآخرين حيث بين ألوان الصوف الذي يلبسه الصوفية على اختلاف أوصافهم وأحوالهم فقال:
(إن الذي قهر نفسه وقتلها بسيف المجاهدة والمكابدة , وجلس في مآتم النفس , عليه أن يلبس الصوف الأسود , وإن كان تائبا عن المخالفات وغسل ملبوس عمره بصابون الإنابة والرياضة. ونقى صحيفة قلبه عن ذكر الغير فعليه الصوف الأبيض , وإن كان من الذين اجتازوا العالم السفلي , ووصل العالم العلوي بهمته فعليه أن يلبس الصوف الأزرق , لأنه لون السماء).
ويترشح أيضا من كلام أبي طالب المكي في قوته بأنه أيضا من الذين يرحجون اشتقاقه من الصوف , حيث يورد رواية مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(البسوا الصوف , وشمروا , وكلوا في أنصاف البطون تدخلوا في ملكوت السماء).
ولكن القشيري أبا القاسم عبد الكريم رد على هذا الرأي وذاك , حيث قال في رسالته:
(فأما قول من قال: إنه من الصوف , ولهذا يقال: تصوّف إذا لبس الصوف كما يقال: تقمص إذا لبس القميص , فذلك وجه. ولكن القوم لم يختصوا بلبس الصوف.
ومن قال: أنهم منسوبون إلى صفة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم , فالنسبة إلى الصفة لا تجيء على نحو الصوفي.
ومن قال: أنه مشتق من الصفاء , فاشتقاق الصوفي من الصفاء بعيد في مقتضى اللغة.
ومن قال: أنه مشتق من الصف , فكأنهم في الصف الأول بقلوبهم فالمعنى صحيح , ولكن اللغة لا تقتضي هذه النسبة إلى الصف).
وأما الصوفي الفارسي عبد الرحمن الجامي المتوفى 898 هـ فلقد ذكر في نفحاته أنه مأخوذ من الأستصفاء , مستدلا بكلام الصوفي المشهور عبد الله بن خفيف أنه قال: الصوفي من استصفاه الحق لنفسه توددا).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/231)
وقريبا من ذلك قال قبله صوفي فارسي آخر , وهو عبد العزيز بن محمد النسفي: إن التصوف مأخوذ من الصفوة.
ولقد ذكر في أصل التصوف واشتقاقه أقوال أخرى , منها ما ذكرها الإمام أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي , والإمام ابن تيمية , عند ذكرهما التصوف والصوفية , واللفظ الأول:
(قد ذهب قوم إلى أن التصوف منسوب إلى أهل الصفة. وإنما ذهبوا إلى هذا لأنهم رأوا أهل الصفة على ما ذكرنا من صفة صوفة في الإنقطاع إلى الله عز وجل وملازمة الفقر فإن أهل الصفة كانوا فقراء يقدمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومالهم أهل ولا مال فبنيت لهم صفة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل أهل الصفة. والحديث بإسناد عن الحسن. قال بنيت صفة لضعفاء المسلمين فجعل المسلمون يوصلون إليها ما استطاعوا من خير. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيهم فيقول: السلام عليكم يا أهل الصفة. فيقولون: وعليك السلام يا رسول الله. فيقول كيف أصبحتم. فيقولون بخير يا رسول الله. وبإسناد عن نعيم بن المجمر عن أبيه عن أبي ذر قال كنت من أهل الصفة وكنا إذا أمسينا حضرنا باب رسول الله صلى الله عليه وسلم , فيأمر كل رجل فينصرف برجل فيبقى من بقى من أهل الصفة عشرة أو أقل فيؤثرنا النبي صلى الله عليه وسلم بعشائه فنتعشى فإذا فرغنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. ناموا في المسجد.
قال المصنف: وهؤلاء القوم إنما قعدوا في المسجد ضرورة. وإنما أكلوا الصدقة ضرورة. فلما فتح الله على المسلمين استغنوا عن تلك الحال وخرجوا , ونسبة الصوفي إلى أهل الصفة غلط لأنه لو كان كذلك لقيل صفي , وقد ذهب إلى أنه من الصوفانة وهي بقلة رعناء قصيرة. فنسبوا إليها لاجتزائهم بنبات الصحراء وهذه أيضا غلط لأنه لو نسبوا أليها لقيل صوفاني. وقال آخرون هو منسوب إلى صوفة القفا. وهي الشهرات النابتة في مؤخرة كأن الصوفي عطف به إلى الحق وصرفه عن الخلق).
وقيل: أن أصل التصوف منسوب إلى صوفة , فيقول ابن الجوزي:
قال أبو محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ: قال: سألت وليد بن القاسم: إلى أي شيء ينسب الصوفي.
فقال: كان قوم في الجاهلية يقال لهم صوفة , انقطعوا إلى الله عز وجل , وقنطوا الكعبة , فمن تشبه بهم فهم الصوفية , قال عبد الغني: فهؤلاء المعروفون بصوفة ولد الغوث بن مر بن أخي تميم بن مر).
وبمثل ذلك ذكره أهل اللغة والمعاجم.
وهناك البعض الآخرون من المتقدمين والحديثين أدلوا بدلوهم , وأبدوا رأيهم في هذا , فمن المتقدمين البيروني أبو الريحان المتوفى سنة 440 هـ , الذي نسب التصوف إلى سوفيا اليونانية , معناها الحكمة , فلقد لخص كلامه صادق نشأت نقلا عن كتابه (ذكر ما للهند من مقولة مقبولة أو مرذولة) , وهذا نصه:
(إن قدماء اليونان أي الحكماء السبعة مثل سولن الأثيني وطاليس المالطي كانوا يعتقدون قبل تهذيب الفلسفة بعقيدة الهنود , بأن الأشياء إنما هي شيء واحد وكانوا يقولون ليس للأنسان فضل على الجماد والنبات إلا بسبب القرب إلى العلة الأولية في الرتبة , وكان بعضهم يعتقد أن الوجود الحقيقي هو العلة الأولى نفسها لأنها غنية بذاتها وما سواها محتاج في الوجود إلى الغير فوجودها في حكم الخيال والحق هو الواحد الأول فقط , ويقول في أعقاب هذا التفصيل. وهذا رأي السوفية وهم الحكماء , فإن (سوف) باليونانية (الحكمة) وبها سمي الفيلسوف (بيلا سوبا) أي محب الحكمة , ولما ذهب في الإسلام قوم إلى قريب من رأيهم سموا باسمهم , ولم يعرف بعضهم اللقب فنسبهم للتوكل إلى الصفة وأنهم أصحابها في عصر النبي صلى الله عليه وسلم , ثم صحف بعد ذلك فصير في صوف التيوس وعدل أبو الفتح البستي عن ذلك أحسن عدول في قوله:
تنازع الناس في الصوفي واختلوا قدما وظنوه مشتقا من الصوفي
ولست أنحل هذا الاسم غير فتى صافي فصوفي حتى لقب الصوفي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/232)
وكذلك ذهبوا إلى أن الموجود شيء واحد وأن العلة الأولى تتراءى فيه بصور مختلفة وتحل قوتها في أبعاضه بأحوال متباينة توجب التغاير مع الاتحاد , فكان فيهم من يقول أن المنصرف بكليته إلى العلة الأولى متشبها بها على غاية إمكانه يتحد بها عند ترك الوسائل وخلع العلائق والعوائق وهذه أراء يذهب إليها الصوفية لتشابه الموضوع وكانوا في ألأنفس والأرواح أنها قائمة بذواتها قبل التجسد بالأبدان معدودة مجندة تتعارف وتتناكر).
وبهذا القول قال فون هامر المستشرق الألماني , وعبد العزيز إسلامبولي , ومحمد لطفي جمعه من الحديثين.
بسبب المشابهة الصوتية بين كلمة (صوفي) والكلمة اليونانية (صوفيا) , وكذلك لوجه الشبه الموجود بين كلمة (تصوف) , (تيوصوفيا) , وأن كلمتي صوفي وتصوف أخذتا من الكلمتين اليونانيتين (سوفيا) و (وتيوسوفيا) إلا أن نولدكه أثبت خطأ هذا الزعم كما كما أيده في ذلك نيكلسون , وما سينيون , وبالاضافة إلى البراهين القوية الأخرى التي أقامها نولدكه , فإنه يدلل على أن (س) اليونانية نقلت إلى العربية كما هي سينا , لا صادا كما أنه لا يوجد في اللغة الآرامية كلمة تعد واسطة لانتقال سوفيا إلى الصوفي).
فهذا هو الاختلاف الواقع في أصل لفظة التصوف واشتقاقها , ولذلك اضطر الصوفي القديم علىّ الهجويري المتوفى سنة 465 هـ إلى أن يقول:
(إن اشتقاق هذا الاسم لا يصح من مقتضى اللغة في أي معنى , لأن هذا الاسم أعظم من أن يكون له جنس ليشتق منه).
وبمثل ذلك قال القشيري في رسالته:
(ليس يشهد لهذا الاسم من حيث العربية قياس ولا اشتقاق).
كما أنه مما لاشك فيه أنه لا يصح ولا يستقيم اشتقاقه من حيث اللغة إلا من الصوف , ولو أنه هو اختيار الكثيرين من الصوفية وغيرهم كالطوسي , وأبي طالب المكي , والسهروردي وأبي المفاخر يحيى باخرزي , وابن تيمية , وابن خلدون من المتقدمين.
والاستاذ مصطفى عبد الرزاق , والدكتور زكي مبارك , والدكتور عبد الحليم محمود , والدكتور قاسم غني , ومن المستشرقين مرجليوس , ونيكلسون , وماسينيون , ونولدكه وغيرهم من المتأخرين , مع انكار ذلك من أعلام الصوفية وأقطابها كما مر سابقا.
ومن الطرائف أن الدكتور زكي مبارك استشهد القشيرية على ردّ من جعل اشتقاق التصوف من الصفاء بالقشيري , واستند إلى قوله قائلا:
(وقد استبعد ذلك القشيري وهو من أقطاب الصوفية).
مع أنه هو نفسه يورد بعد أسطر من هذا الإستشهاد والاستناد رأيه في الموضوع بأن التصوف مأخوذ من الصوف , مع أن القشيري ردّ على هذا كما ردّ على ذلك.
وأطرف من ذلك أن السراج الطوسي من متقدمي الصوفية هو الآخر من يرجح نسبة التصوف إلى الصوف كما مر سابقا , ولكنه نفسه يرد كلامه حيث يذكر عن يحيى بن معاذ الرازي أنه كان يلبس الصوف والخلقان في ابتداء أمره , ثم كان في آخر عمره يلبس الخز اللين ... وأن أبا حفص النيسابوري كان يلبس قميصا خزا وثيابا فاخره , ثم ذكر: وآداب الفقراء في اللباس أن يكونوا مع الوقت إذا وجدوا الصوف أو اللبدة أو المرقعة لبسوا , وإذا وجدوا غير ذلك لبسوا).
هذا ومثل هذا كثير في كتب الآخرين من الصوفية المتقدمين منهم والمتأخرين. ولا بأس بنقل عبارات مختصرة عن مصطفى عبد الرزاق حيث يقول:
أما أصل هذا التعبير فالأقاويل فيه كثيرة:
فمن مرجح أنه لفظ جامد غير مشتق كالقشيري.
ومن قائل: أنه مشتق من الصفاء أو الصفو.
ومن قائل: أن اللفظ مأخوذ من الصوف لأن لباس الصوف كان يكثر في الزهاد.
وقال قائلون: إن الصوفية نسبة إلى الصفة التي ينسب إليها كثير من الصحابة .... لكن النسبة إلى الصفة لا تجيء على الصوفي , بل على الصفي.
وثم أقوال ضعيفة أخرى , كالقول بأن الصوفي نسبة إلى الصف الأول , لأنهم في الصف الأول بقلوبهم من حيث المحاضرة والمناجاة.
وكالقول بأنهم منسوبون إلى صوفة القفا.
أو منسوبون إلى صوفة بن مروان.
وأرجح الأقوال وأقربها إلى العقل مذهب القائلين بأن الصوفي نسبة إلى الصوف , وأن المتصوف مأخوذ منه أيضا , فيقال: تصوف إذا لبس الصوف).
وأظن أن هذا الذي أوقع أحد الكتاب في التصوف في بحار الحيرة , وجعله مضطرا إلى أن يردد بعد ملاحظة هذه الاختلافات الكثيرة في أصل كلمة التصوف واشتقاقها , ونقل أقوالهم فيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/233)
(هذا معناه أن الصوفية يوصدون الباب حتى أمام من يسألهم عن معنى اسمهم .. وهذا دليل على أمر من أمور ثلاثة , وأما أن التصوف سر , وأما أنه أمر خلافي بحت , وأما أنه متعدد الجوانب كالفن الغني , وسوف نترك للقارئ أن يجد الجواب بنفسه).
الفصل الثالث
تعْرِيفُ التصَوّفِ
ولا يقل اختلاف الصوفية في اختلاف تعريف التصوف عن اختلافهم في أصله واشتقاقه , بل ازدادوا تعارضا وتناقضا فيه كثيرا , ولقد ذكر صوفي فارسي قطب الدين أبو المظفر منصور بن أردشير السنجي المروزي المتوفى سنة 491 هـ أكثر من عشرين تعريفا.
وكذلك السراج الطوسي.
والكلاباذي.
والسهروردي.
وابن عجيبة الحسني.
وأما القشيري فلقد ذكر في رسالته أكثر من خمسين تعريفا من الصوفية المتقدمين. كما ذكر المستشرق نيكلسون ثمانية وسبعين تعريفا.
وليس معنى ذلك أن هذا العدد هو الأخير في تعريف التصوف , بل ذكر السراج في لمعة أن تعريفاته تتجاوز مائة تعريف.
وقال السهر وردي: (وأقوال المشائخ في ماهية التصوف تزيد على ألف قول).
وقال الحامدي: (الأقوال المأثورة في التصوف قيل: أنها زهاء ألفين).
ونختار من هذه التعريفات الكثيرة بعضها نموذجا للقراء والباحثين , فينقل السراج الطوسي أن الجنيد سئل عن التصوف , فقال: (أن تكون مع الله تعالى بلا علاقه).
وقال سمنون في جواب سائل سأله: أن لا تملك شيئا ولا يمكلك شيء.
وقيل لأبي الحسين أحمد بن محمد النوري: من الصوفي؟ , فقال: من سمع السماع وآثر بالأسباب.
وينقل القشيري عن الجنيد أنه قال: (التصوف عقدة لا صلح فيها).
وأيضا: هم أهل بيت واحد لا يدخل فيه غيرهم.
وعن أبي حمزة البغدادي أنه قال: علامة الصوفي الصادق أن يفتقر بعد الغنى , ويذل بعد العز , ويخفى بعد الشهرة.
وعن الشبلي أنه قال: التصوف برقة محرقة.
وعنه أنه قال: التصوف هو العصمة عن رؤية الكون.
ونقل منصور بن أردشير عن الحسين بن منصور أنه قال في جواب من سأله عن الصوفي: هو وحداني الذات لا يقبله أحد , ولا يقبل أحدا).
ونقل محمد بن إبراهيم النفزي الرندي عن أحد الصوفية: (أن الصوفي من كان دمه هدرا , وملكه مباحا). وذكر السلمي عن أبي محمد المرتعش النيسابوري أنه سئل عن التصوف , فقال الاشكال والتلبيس والكتمان.
وذكر عن أبي الحسين النوري أنه قال: (التصوف ترك كل حظ النفس).
ونقل الكلاباذي وعبد السلام الأسمر الفيتوري عن الجنيد أنه سئل عن التصوف , فقال: تصفية القلب من موافقة البرية , ومفارقة الأخلاق الطبيعية , وإخماد الصفات البشرية , ومجانبة الدواعي النفسانية , ومنازلة الصفات الروحانية , والتعلق بالعلوم الحقيقية.
وذكر عن سهل بن عبد الله التستري أنه سأله رجل: من أصحب من طوائف الناس؟.
فقال: عليك بالصوفية , فإنهم لا يستكثرون , ولا يستنكرون شيئا , ولكل فعل عندهم تأويل , فهم يعذرونك على كل حال.
وعن يوسف بن الحسين أنه قال:
سألت ذا النون: من أصحب؟ فقال: من لا يملك , ولا ينكر عليك حالا من أحوالك , ولا يتغير بتغيرك وإن كان عظيما , فانك أحوج ما تكون إليه أشد ما كنت تغيرا).
وذكر الهجويري أن الصوفي هو الفاني عن نفسه , والباقي بالحق قد تحرر من قبضة الطبائع , واتصل بحقيقة الحقائق.
ونقل عن الجنيد أنه قال: التصوف نعت أقيم العبد فيه , قيل: نعت للعبد أو نعت للحق؟.
فقال نعت الحق حقيقة , ونعت العبد رسما.
وعن الشبلي أنه قال: التصوف شرك لأنه صيانة القلب عن الغير , ولا غير).
وذكر عبد الرحمن الجامي أن الصوفي هو الخارج عن النعوت والرسوم. ونقل عن أبي العباس النهاوندي أنه قال: التصوف بدايته الفقر).
وذكر العطار عن أبي الحسن الخرقاني أنه قال: (أن التصوف عبارة عن الجسم الميت والقلب المعدوم والروح المحرقة.
وأنه قال: إن الخلق كله مخلوق , والصوفي غير مخلوق , لأنه معدوم و, أو أن الصوفي من عالم الأمر , لا من عالم الخلق).
ونقل العطار أيضا عن الجنيد أنه قال:
(الصوفي هو الذي سلم قلبه كقلب إبراهيم من حب الدنيا , وصار بمنزلة الحامل لأوامر الله , وتسليمه تسليم إسماعيل , وحزنه حزن داوود , وفقره فقر عيسى , وصبره صبر أيوب , وشوقه شوق موسى وقت المناجاه , وإخلاصه إخلاص محمد).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/234)
وقال الصوفي الهندي فريد الدين الملقب بكنج شكر: (إن التصوف أن لا يبقى في ملكك شيء , ولا يبقى وجودك في مكان.
وقال: إن أهل التصوف يقيمون صلواتهم على العرش يوميا.
وقال: إن الصوفي من لا يخفى على قلبه شيء).
فهذه هي تعريفات التصوف والصوفية لدى أعلام الصوفية وأقطابهم أنفسهم , ونقلناهم من كتبهم , تضاربت فيها أراء القوم , وتعارضت فيها أقوالهم , لا جمع بينهما ولا وفاق رغم ما ادعاه بعض المتأخرين , وحاولوا التوفيق ولكن دونه خرط القتاد , لأن كل تعريف مستقل عن التعريف الآخر , وحتى التعريفات العديدة التي صدرت عن شخص واحد تباعد بعضها عن بعض كل البعد وهذا التباعد ظاهر جليّ لكل من نظر فيها وقرأها تأمل وتدبر , وتحقق وتعمق.
ويجدر الإشارة ههنا إلى أن تعريفات التصوف المتعددة التي ذكرناها واخترناها من تعريفات كثيرة جدا تنبئ صراحة عن حقيقة إدعاء علاقة التصوف بالإسلام , وكونه روحه وعصارته.
الأمر الذي سوف يفصل الكلام فيه , في الأبواب القادمة إن شاء الله تعالى.
الفصل الرابع
بَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره
إن الناس اختلفوا في بدء ظهور هذه الكلمة واستعمالها كاختلافهم في أصله وتعريفه , فذكر ابن تيمية وسبقه ابن الجوزي وابن خلدون في هذا أن لفظ الصوفية لم يكن مشهورا في القرون الثلاثة الأولى , وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك , وقد نقل التكلم به عن غير واحد من الأئمة والشيوخ كالإمام أحمد بن حنبل , وأبي سليمان الداراني وغيرهما , وقد روى عن سفيان الثوري أنه تكلم به , وبعضهم يذكر ذلك عن الحسن البصري.
وقال السراج الطوسي في الباب الذي خصصه للرد على من قال: لم نسمع بذكر الصوفية في القديم وهو إسم مستحدث: يقول في هذا الباب:
(إن سأل سائل فقال: لم نسمع بذكر الصوفية في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم أجمعين , ولا فيمن كان بعدهم , ولا نعرف إلا العبّاد والزُّهاد والسيَّاحين والفقراء , وما قيل لأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: صوفي , فنقول وبالله التوفيق.
الصحبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لها حرمة , وتخصيص من شمله ذلك , فلا يجوز أن يعلق عليه اسم على أنه أشرف من الصحبة , وذلك لشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرمته , ألا ترى أنهم أئمة الزهاد والعباد والمتوكلين والفقراء والراضين والصابرين والمختبين , وغير ذلك , وما نالوا جميع ما نالوا إلا ببركة الصحبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم , فلما نسبوا إلى الصحبة والتي هي أجل الأحوال استحال أن يفضلوا بفضيلة غير الصحبة التي هي أجل الأحوال وبالله التوفيق.
وأما قول القائل: إنه اسم محدث أحدثه البغداديون , فمحال , لأن في وقت الحسن البصري رحمه الله كان يعرف هذا الاسم , وكان الحسن قد أدرك جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم , وقد رُوي عنه أنه قال: رأيت صوفيا في الطواف فأعطيته شيئا فلم يأخذه وقال: معي أربعة دوانيق يكفيني ما معي.
وروي عن سفيان الثوري رحمه الله أنه قال: لولا أبو هاشم الصوفي ما عرفت دقيق الرياء , وقد ذكر الكتاب الذي جُمع فيه أخبار مكة عن محمد بن إسحاق بن يسار , وعن غيره يذكر فيه حديثاً: أنه قبل الإسلام قد خلت مكة في وقت من الأوقات , حتى كان لا يطوف بالبيت أحد , وكان يجيء من بلد بعيد رجل صوفي فيطوف بالبيت وينصرف , فإن صح ذلك فإنه يدل على أنه قبل الإسلام كان يعرف هذا الاسم , وكان يُنسب إليه أهل الفضل والصلاح , والله أعلم).
وبمثل ذلك قال السهروردي: (وهذا الاسم لم يكن في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم , وقيل: كان في زمن التابعين – ثم نقل عن الحسن البصري وما نقلناه عن الطوسي أيضا – ثم قال: وقيل: لم يعرف هذا الاسم إلى المائتين من الهجرة العربية).
وصرح عبد الرحمن الجامي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/235)
(أن أبا هاشم الكوفي أول من دعى بالصوفي , ولم يسم أحد قبله بهذا الاسم , كما أن أول خانقاه بني للصوفية هو ذلك الذي في رملة الشام , والسبب في ذلك أن الأمير النصراني كان قد ذهب للقنص فشاهد فشاهد شخصين من هذه الطائفة الصوفية سنح له لقاؤهما وقد احتضن أحدهما الآخر وجلسا هناك , وتناولا معا كل ما كان معهما من طعام , ثم سارا لشأنهما , فسرّ الأمير النصراني من معاملتهما وأخلاقهما , فاستدعى أحدهما , وقال له: من هو ذاك؟
قال: لا أعرفه , قال: وما صلتك به؟.
قال: لا شيء. قال: فمن كان؟.
قال: لا أدري , فقال الأمير: فما هذه الألفة التي كانت بينكما؟.
فقال الدرويش: إن هذه طريقتنا , قال: هل لكم من مكان تأوون إليه؟.
قال: لا , قال: فإني أقيم لكما محلا تأويان إليه , فبنى لهما هذه الخانقاه في الرملة).
وأما القشيري فقال: اشتهر هذا الاسم لهؤلاء الأكابر قبل المائتين من الهجرة).
وأما الهجويري فلقد ذكر أن التصوف كان موجودا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم , وباسمه , واستدل بحديث موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من سمع صوت أهل التصوف فلا يؤمن على دعائهم كتب عند الله من الغافلين).
مع أنه نفسه كتب في نفس الباب في آخره شارحا كلام أبي الحسن البوشنجي (التصوف اليوم اسم بلا حقيقة , وقد كان من قبل حقيقة بلا اسم) فكتب تحته موضحا:
(يعني أن هذا الاسم لم يكن موجودا وقت الصحابة والسلف , وكان المعنى موجودا في كل منهم , والآن يوجد الاسم , ولا يوجد المعنى).
وأما المستشرقون الذين كتبوا عن التصوف , ويعدون من موالي الصوفية وأنصارهم , فمنهم نيكلسون فإنه يرى مثل ما يراه الجامي أن لفظة التصوف أطلقت أول ما أطلقت على أبي هاشم الكوفي المتوفى سنة 150 ه.
ولكن المستشرق الفرنسي المشهور ما سينيون يرى غير ذلك , فيقول:
ورد لفظ الصوفي لأول مرة في التاريخ في النصف الثاني من القرن الثامن الميلادي إذ نعت به جابر بن حيان , وهو صاحب كيمياء شيعي من أهل الكوفة , له في الزهد مذهب خاص , وأبو هاشم الكوفي الصوفي المشهور.
أما صيغة الجمع (الصوفية) التي ظهرت عام 189 هـ (814 م) في خبر فتنة قامت بالأسكندرية فكانت تدل قرابة ذلك العهد على مذهب من مذاهب التصوف الإسلامي يكاد يكون شيعيا نشأ في الكوفة , وكان عبدك الصوفي آخر أئمته , وهو من القائلين بأن الإمامة بالإرث والتعيين , وكان لا يأكل اللحم , وتوفى ببغداد حوالي عام 210 هـ.
وإذن فكلمة صوفي كانت أول أمرها مقصورة على الكوفة).
وقال أيضا:
صاحب عزلة بغدادي , وهو أول من لقب بالصوفي , وكان هذا اللفظ يومئذ يدل على بعض زهاد الشيعة بالكوفة , وعلى رهط من الثائرين بالأسكندرية , وقد يعدّ من الزنادقة بسبب إمتناعه عن أكل اللحم , ويريد الأستاذ أول من لقب بالصوفي في بغداد كما يؤخذ مما نقله عن الهمذاني , ونصه:
(ولم يكن السالكون لطرق الله في الأعصار السالفة والقرون الأولى يعرفون باسم المتصوفة , وإنما الصوفي لفظ أشتهر في القرن الثالث , وأول من سمي ببغداد بهذا الاسم عبدك الصوفي , وهو من كبار المشائخ وقدمائهم , وكان قبل بشر بن الحارث الحافي والسري بن المفلس السقطي).
والجدير بالذكر أن هؤلاء الثلاثة الذين يقال عنهم بأنهم أول من سمّو بهذا الاسم , وتلقبوا بهذا اللقب مطعونون في مذاهبهم وعقائدهم , ورمى كل واحد منهم بالفسق والفجور وحتى الزندقة , وخاصة جابر بن حيان , وعبدك كما سيأتي ذلك مفصلا في محله من الكتاب إن شاء الله.
وقد سبق كلام شيخ الاسلام ابن تيمية حيث قال: (إن لفظ الصوفية لم يكن مشهورا في القرون الثلاثة , وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك).
وبمثل ذلك قال ابن خلدون.
فخلاصة الكلام أن الجميع متفقون على حداثة هذا الاسم , وعدم وجوده في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالحين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/236)
نعم, كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهد خلق الله في الدنيا وزخارفها , وأصحابه على سيرته وطريقته , يعدّون الدنيا وما فيها لهوا ولعبا , زائلة فانية , والأموال والأولاد فتنة ابتلي المؤمنون بها , فلم يكونوا يجعلون أكبر همهم إلا ابتغاء مرضاة الله , يرجون لقاءه وثوابه , ويخافون غضبه وعقابه , آخذين من الدنيا ما أباح الله لهم أخذه , ومجتنبين عنها ما نهى الله عنه , سالكين مسلك الاعتدال , منتهجين منهج المقتصد , غير باغين ولا عادين , مفرطين ولا متطرفين , وعلى رأسهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلفاء الراشدون , وبقية العشرة المبشرة , ثم البدريون , ثم أصحاب بيعة الرضوان , ثم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار , ثم عامة الأصحاب , على ترتيب الأفضلية كما مرّ سابقا في الفصل الأول من هذا الباب.
وتبعهم في ذلك التابعون لهم بإحسان , واتباع التابعين , أصحاب خير القرون , المشهود لهم بالخير والفضيلة , ولم يكن لهؤلاء كلهم في غير رسول الله أسوة ولا قدوة , الذي قال فيه جل وعلا:
{أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى 6 وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى 7 وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى 8 فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ 9 وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ 10 وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ 11}
والذي إذا وجد طعاما فأكل وشكر , وإذا لم يجد فرضي وصبر , وأحب لبس الثياب البيض , واكتسب جبّة رومية , ونهى عن التصدق بأكثر من ثلث المال , وأمر بحفظ حقوق النفس والأهل والولد , ونهى عن تعذيب النفس و اتعاب الجسد والبدن , وحرّص متبعيه على طلب الحلال , وطلب الحسنات في الدنيا والآخرة , ومنع الله تعالى من التعنت والتطرف في ترك الدنيا وطيباتها في آيات كثيرة في القرآن الكريم , سنوردها في موضعها من الكلام إن شاء الله.
ثم خلف من بعدهم خلف فتطرفوا , وذهبوا بعيدا في نعيم الدنيا وزخارفها , وفتحت عليهم أبواب الترف والرخاء , ودرّت عليهم الأرض والسماء , وأقبلت عليهم الدنيا بكنوزها وخزائنها , وفتحت عليهم الآفاق فانغمسوا في زخارفها وملذاتها , وبخاصة العرب الفاتحون الغزاة , والغالبون الظاهرون , فحصل ردّ الفعل , وفي نفوس المغلوبين المغزوين والمقهورين , من الموالي والفرس والمفلسين وأصحاب النفوس الضعيفة المتوانية خاصة , فهربوا عن الحياة ومناضلتها , وجدّها وكدّها , ولجأوا إلى الخانقاوات والتكايا والزوايا والرباطات , فرارا من المبارزة والمناضلة , وصبغوا هذا الفرار والانهزام وردّ الفعل صبغة دينية , ولون قداسة وطهارة , وتنزه وقرابة , كما كان هنالك أسباب ودوافع ومؤثرات أخرى , وكذلك أيدي خفية دفعتهم إلى تكوين فلسفة جديدة للحياة , وطراز آخر من المشرب والمسلك , وأسلوب جديد للعيش والمعاش , فظهر التصوف بصورة مذهب مخصوص , وبطائفة مخصوصة اعتنقه قوم , وسلكه أشخاص ساذجون بدون تفكير كثير , وتدبر عميق كمسلك الزهد , ووسيلة التقرب إلى الله , غير عارفين بالأسس التي قام عليها هذا المشرب , والقواعد التي أسس عليها هذا المذهب , بسذاجة فطرية , وطيبة طبيعية , كما تستر بقناعه , وتنقب بنقابه بعض آخرون لهدم الإسلام وكيانه , وإدخال اليهودية والمسيحية في الإسلام , وأفكارهما من جانب , والزرادشتية والمجوسية والشعوبية من جانب آخر , وكذلك الهندوكية والبوذية والفلسفة اليونانية الأفلاطونية من ناحية أخرى , وتقويض أركان الإسلام وإلغاء تعاليم سيد الرسل صلى الله عليه وسلم , ونسخ الإسلام وإبطال شريعته بنعرة وحدة الوجود , ووحدة الأديان , وإجراء النبوة , وترجيح من يسمى بالولي على أنبياء الله ورسله , ومخالفة العلم , والتفريق بين الشريعة والحقيقة , وترويج الحكايات والأباطيل والأساطير , باسم الكرامات والخوارق وغير ذلك من الخلافات والترهات.
فلم يظهر التصوف مذهبا ومشربا , ولم يرج مصطلحاته الخاصة به , وكتبه , ومواجيده وأناشيده , تعاليمه وضوابطه , أصوله وقواعده , وفلسفته , ورجاله وأصحابه إلا في القرن الثالث من الهجرة وما بعده.
وبذلك يقول ابن الجوزي في كتابه تلبيس إبليس:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/237)
(كانت النسبة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأيمان والإسلام. فيقال: مسلم ومؤمن , ثم حدث اسم زاهد وعابد , ثم نشأ أقوام تعلقوا بالزهد والتعبد , فتخلوا عن الدنيا , وانقطعوا إلى العبادة , واتخذوا في ذلك طريقة تفردوا بها , وأخلاقا تخلقوا بها , ثم قال: وهذا الاسم ظهر للقوم قبل سنة مائتين , ولما أظهره أوائلهم تكلموا فيه , وعبروا عن صفته بعبارات كثيرة , وحاصلها أن التصوف عندهم رياضة النفس , ومجاهدة الطبع بردّه عن الأخلاق الرذيلة , وجعله على الأخلاق الجميلة من الزهد والحلم والصبر والإخلاص والصدق إلى غير ذلك من الخصال الحسنة التي تكسب المدائح في الدنيا والثواب في الأخرى ... وعلى هذا كان أوائل القوم , فلبّس عليهم إبليس في أشياء , ثم لبس على بعدهم من تابعيهم فكلما مضى قرن زاد طمعه في القرن التالي فزاد تلبيسه عليهم إلى أن تمكن من المتأخرين غاية التمكن.
وكان أصل تلبيسه عليهم أنه صدهم عن العلم وأراهم أن المقصود العمل فلما أطفأ مصباح العلم عندهم تخبطوا في الظلمات. فمنهم من أراه أن المقصود من ذلك ترك الدنيا في الجملة فرفضوا مايصلح أبدانهم. وشبهوا المال بالعقارب , ونسوا أنه خلق للمصالح وبالغوا في الحمل على النفوس حتى أنه كان فيهم من لا يضطجع وهؤلاء كانت مقاصدهم حسنة غير أنهم على غير الجادة. وفيهم من كان لقلة علمه يعمل بما يقع إليه من الأحاديث الموضوعة وهو لا يدري.
ثم جاء أقوام فتكلموا لهم في الجوع والفقر والوسواس والخطرات وصنفوا في ذلك مثل الحارث المحاسبي. وجاء آخرون فهذبوا مذهب التصوف وأفردوه بصفات ميزوه بها من الاختصاص بالمرقعة والسماع والوجد والرقص والتصفيق وتميزوا بزيادة النظافة والطهارة. ثم مازال الأمر ينمى والأشياخ يضعون لهم أوضاعا ويتكلمون بواقعاتهم. ويتفق بعدهم عن العلماء لا بل رؤيتهم ما هم فيه أوفى العلوم حتى سموه العلم الباطن وجعلوا علم الشريعة العلم الظاهر. ومنهم من خرج به الجوع إلى الخيالات الفاسدة فادعى عشق الحق والهيمان فيه فكأنهم تخايلوا شخصا مستحسن الصورة فهاموا به. وهؤلاء بين الكفر والبدعة ثم تشعبت بأقوام منهم الطرق. ففسدت عقائدهم. فمن هؤلاء من قال بالحلول ومنهم من قال بالإتحاد. وما زال إبليس يخبطهم بفنون البدع حتى جعلوا لأنفسهم سننا وجاء أبو عبد الرحمن السلمي فصنف لهم كتاب السنن وجمع لهم حقائق التفسير فذكر عنهم فيه العجب في تفسيرهم القرآن بما يقع لهم من غير إسناد ذلك إلى أصل من أصول العلم. وإنما حملوه على مذاهبهم. والعجب من ورعهم في الطعام وانبساطهم في القرآن. وقد أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن القزاز , قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: قال لي محمد بن يوسف القطان النيسابوري قال كان أبو عبد الرحمن السلمي غير ثقة ولم يكن سمع من الأصم إلا شيئا يسيراً فلما مات الحاكم أبو عبد الله بن البيع حدث عن الأصم بتاريخ يحيى بن معين وبأشياء كثيرة سواه. وكان يضع للصوفية الأحاديث.
وصنف لهم أبو نصر السراج كتابا سماه لمع الصوفية ذكر فيه من الاعتقاد القبيح والكلام المرذول ما سنذكر منه جملة إن شاء الله تعالى. وصنف لهم أبو طالب المكي قوت القلوب فذكر فيه الأحاديث الباطلة ومالا يستند فيه من أصل من صلوات الأيام والليالي وغير ذلك من الموضوع وذكر فيه الاعتقاد الفاسد. وردد فيه قول – قال بعض الكاشفين – وهذا كلام فارغ وذكر فيه عن بعض الصوفية إن الله عز وجل يتجلى في الدنيا لأوليائه. أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: قال أبو طاهر محمد بن العلاف , قال: دخل أبو طالب المكي إلى البصرة بعد وفاة أبي الحسين بن سالم فانتمى إلى مقالته وقدم بغداد فاجتمع الناس عليه في مجلس الوعظ فخلط في كلامه فحفظ عنه أنه قال: ليس على المخلوق أضر من الخالق. فبدعة الناس وهجروه فامتنع من الكلام على الناس بعد ذلك قال الخطيب: وصنف أبو طالب المكي كتابا سماه قوت القلوب على لسان الصوفية وذكر فيه أشياء منكرة مستبشعة في الصفات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/238)
وجاء أبو نعيم الأصبهاني فصنف لهم كتاب الحلية. وذكر في حدود التصوف أشياء منكرة قبيحة ولم يستح أن يذكر في الصوفية أبابكر وعمر وعثمان وعلياً وسادات الصحابة رضي الله عنهم. فذكر عنهم فيه العجب وذكر منهم شريحاً القاضي والحسن البصري وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل وكذلك ذكر السلمي في طبقات الصوفية الفضيل وإبراهيم وإبراهيم بن أدهم ومعروفاً الكرخي وجعلهم من الصوفية بأن أشار إلى أنهم من الزهاد.
فالتصوف مذهب معروف يزيد على الزهد ويدل على الفرق بينهما. أن الزهد لم يذمه أحد وقد ذموا التصوف على ما سيأتي ذكره وصنف لهم عبد الكريم بن هوازن القشيري كتاب الرسالة فذكر فيها العجائب من الكلام في الفناء والبقاء , والقبض , والبسط , والوقت , والحال , والوجد والوجود , والجمع و والتفرقة , والصحو والسكر , والذوق , والشرب , والمحو , والإثبات , والتجلي , والمحاضرة والمكاشفة , واللوائح والطوالع , واللوامع , والتكوين , والتمكين والشريعة , والحقيقة. إلى غير ذلك من التخليط الذي ليس بشيء وتفسيره وأعجب منه , وجاء محمد بن طاهر المقدسي فصنف لهم صفوة التصوف فذكر فيه أشياء يستحي العاقل من ذكرها سنذكر منها ما يصلح ذكره في مواضعه إن شاء الله تعالى.
وكان شيخنا أبو الفضل بن ناصر الحافظ يقول: كان ابن طاهر يذهب مذهب الإباحة: قال وصنف كتاباً في جواز النظر إلى المراد أورد فيه حكاية عن يحيى بن معين قال: رأيت جارية بمصر مليحة صلى الله عليها. فقيل له تصلي عليها فقال صلى الله عليها وعلى كل مليح. قال شيخنا ابن ناصر , وليس ابن طاهر بمن يحتج به , وجاء أبو حامد الغزالي فصنف لهم كتاب الإحياء على طريقة القوم وملأه بالأحاديث الباطلة وهو لا يعلم بطلانها وتكلم في علم المكاشفة وخرج عن قانون الفقه , وقال أن المراد بالكوكب والشمس والقمر اللواتي رآهن إبراهيم صلوات الله عليه أنوار هي حجب الله عز وجل ولم يرد هذه المعروفات. وهذا من جنس كلام الباطنية. وقال في كتابه المفصح بالأحوال. إن الصوفية في يقظتهم يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء ويسمعون منهم أصواتا ويقتبسون منهم فوائد ثم يترقى الحال من مشاهدة الصورة إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق).
فهكذا كوّن هذا المذهب , وصار مستقلا بمبادئه وآرائه , وله مصادره ومراجعه , وتعاليمه ورسومه.
وإلى هنا نأتي إلى آخر هذا الباب.
البَابُ الثاني
مَصَادِرُ التّصوُّفِ وَمَآخِذُهُ
إن أمر التصوف كله مختلف فيه , فكما أختلف في أصله واشتقاقه , وحده وتعريفه , بدئه وظهوره , وفي أول من تسمى به وتلقب به , كذلك اختلف في منبعه ومأخذه , ومصدره ومرجعه , فتشعبت الآراء وتنوعت الأقوال , وتعددت الأفكار , فقال قائل: إنه إسلامي بحت في أشكاله وصوره , ومبادئه ومناهجه , وأصوله وقواعده , وأغراضه ومقاصده , حتى في ألفاظه وعباراته , وفلسفته وتعاليمه , ومواجيده وأناشيده , ومصطلحاته ومدلولاته , وهذا هو إدعاء الصوفية ومن والاهم , وناصرهم , ودافع عنهم.
وقال قوم: لا علاقه له بالإسلام إطلاقا , قريبة ولا بعيدة في اليوم الذي نشأ فيه , ولابعد ماتطور , وهو أجنبي عنه كاسمه , فلذلك لا يفتش عن مصادره ومآخذه في القرآن والسنة وإرشاداتهما , بل يبحث عنها في الفكر الأجنبي , وهو رأي أكثر السلفيين ومن نهج منهجهم وسلك مسلكهم وكذلك الفقهاء والمتكلمين من أهل السنة من المتقدمين , والأكثرية الساحقه من المستشرقين , والكثير من الباحثين والمفكرين المتحررين من الجمود وعصبية التقليد , من المتأخرين.
وقالت طائفة: إنه اسم للزهد المتطور بعد القرون المشهود لها بالخير كردّ فعل لزخرفة المدينة وزينتها التي انفتحت أبوابها على المسلمين بعد الغزوات والفتوحات وانغماسهم في ترف الدنيا ونعيمها , ثم حصلت فيه التطورات , ودخلت أفكار أجنبية والفلسفات غير الإسلامية وذهب إلى هذا الرأي ابن تيمية والشوكاني من السلفيين وغيرهم من بعض أعلام أهل السنة , حتى الصوفية أنفسهم وبعض المستشرقين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/239)
وقال الآخرون: إن التصوف وليد الأفكار المختلطة من الإسلام واليهودية والمسيحية ومن المانوية والمجوسية والمزدكية , وكذلك الهندوكية والبوذية , وقبل كل ذلك من الفلسفة اليونانية وآراء الأفلاطونية الحديثية , وتمسك بهذا الرأي بعض الكتّاب في الصوفية من المسلمين وغير المسلمين.
فهذه هي خلاصة الاختلاف والآراء المختلفة في أصل التصوف ومأخذه , ننقاشها في هذا الباب , وندعم رأينا الذي نراه من بين هذه الآراء المتعددة , بالأدلة والشواهد , الخارجية منها والداخلية , فنقول: إن أفضل طريق للحكم على طائفة معينة وفئة خاصة من الناس هو الحكم المبني على آرائه وأفكاره التي نقلوها في كتبهم المتعمدة والرسائل الموثوق بها لديهم بذكر النصوص والعبارات التي يبني عليها الحكم , ويؤسس عليها الرأي ولا يعتمد على أقوال الآخرين ونقول الناقلين , اللهم إلا للاستشهاد على صحة استنباط الحكم وإستنتاج النتيجة.
وهذه الطريقة ولو أنها طريقة وعرة شائكة , صعبة مستعصبة , وقل من يختارها ويسلكها , ولكنها هي الطريقة الصحيحة المستقيمة التي يقتضيها العدل والإنصاف.
وعلى ذلك عندما نتعمق في تعاليم الصوفية الأوائل والأواخر , وأقاويلهم المنقولة منهم , والمأثورة في كتب الصوفية , القديمة والحديثة نفسها , نرى بونا شاسعا بينهما وبين تعاليم القرآن والسنة , وكذلك لا نرى جذورها وبذورها في سيرة سيد الخلق محمد صلوات الله وسلامه عليه وأصحابه الكرام البررة خيار خلق الله وصفوة الكون , بل بعكس ذلك نراها مأخوذة مقتبسة من الرهبنة المسيحية , والبرهمة الهندوكية , وتنسك اليهودية , وزهد البوذية , والفكر الشعوبي الإيراني المجوسي عند الأوائل , والغنوصية اليونانية والأفلاطونية الحديثة لدى الذين جاءوا من بعدهم , وتدل على ذلك تعريفات القوم للتصوف , التي نقلناها عن كبارهم فيما سبق.
وكما تنطق وتشهد تعاليمهم التي هي بمثابة الأسس للتصوف , والضوابط لمن يدخل في طريقتهم.
فنبدأ أولا بإبراهيم بن أدهم , وهو من الطبقة الأولى وأئمة التصوف الأوائل , وكثيراً ما تبدأ كتب طبقات الصوفية بذكره واسمه , ولا يخلوا كتاب من كتب التصوف وسيرته.
ومما يذكر بيانا لشأنه الرفيع ومكانته السامية أنه كان من أبناء الملوك وملكا لبلخ , وتزوج من امرأته جميلة , وله ولد , ولكنه ترك الملك والزوجة والأولاد , وكل من كان يملكه , للنداء الغيبي , أو للقاء الخضر الذي لقنه ذلك , مثل ما ترك بوذا ملكه وزوجته , وأبنه وملاذ الدنيا وزخارفها طبقا بطبق , وحذو القذة بالقذة , خلافا لتعاليم الإسلام وأسوة الرسول وسيرة الصحابة , ولا يوجد له أي مثال في الكتاب ولا في السنة , ولا من السلف الصالح ومع ذلك يبجّل الصوفية ذكره , ولذلك يجعلونه قدوة يقتدى , ومثالا يحتذى , ويفتخرون بذكره وأحواله , مع أن أحواله تلك ليست إلا ناطقة بالبوذية المنسوخة الممسوخة التي لم ينزل الله بها من سلطان.
فنود أن نورد تلك الحكاية الصوفية الباطلة , من التصوف القديم الأصيل , ومن الصوفي الذي يعدّ من الأعلام والأقطاب مقارنة بقصة بوذا , المنقولة من الكتب البوذية , ولبيان أنها تشتمل على ترهات وأكاذيب فاحشة مكشوفة تنطق بكونها مختلفة موضوعة مكذوبة , وننقل هذه القصة من تذكرة صوفية قديمة (تذكرة الأولياء) لفريد اليدن العطار , مقتبسين ترجمتها العربية من صادق نشأت:
(إن إبراهيم بن أدهم كان ملكا لبلخ , وتحت إمرته عالم , وكانوا يحملون أربعين سيفا من الذهب وأربعين عمودا من الذهب من أمامه ومن خلفه , وكان نائما ذات ليلة على السرير , فتحرك سقف البيت ليلا , كأنما يمشي أحد على السطح , فنادى: من هذا .. ؟ فقال: صديق فقدت بعيرا أبحث عنه على هذا السقف , فقال: أيها الجاهل , أتبحث عن البعير فوق السطح ... ؟ فقال له: وأنت أيها الغافل تطلب الوصول إلى الله في ثياب حريرية وأنت نائم على سرير من ذهب ... ؟ فوقعت الهيبة في نفسه من هذا الكلام , واندلعت في قلبه نار , فلم يستطع النوم حتى الصباح , وعندما أشرق الصبح ذهب إلى الإيوان وجلس على السرير متحيرا مفكرا حزينا , ووقف أركان الدولة كل في مكانه واصطف الغلمان وأذنوا إذنا عاما , فدخل رجل مهيب من الباب بحيث لم يكن لأي أحد من الخدم أو الحشم الجرأة على أن يقول له من أنت , ولم ينبسوا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/240)
ببنت شفه , وتقدم الرجل حتى واجه سرير إبراهيم , فقال له: ماذا تريد .. ؟ قال: أنزل في هذا الرباط , قال: ليس هذا برباط , إنما هو قصري , وإنك لمجنون , فقال: لمن كان هذا القصر قبل هذا؟ قال: كان لأبي , قال وقبل ذلك , قال: كان ملكا لجدي ... وقبل ذلك؟ قال: ملكا لفلان , قال: أو ليس الرباط هو ما يحل به أحد و يغادره الآخر .. ؟ قال هذا و اختفى , وكان هو الخضر عليه السلام , فازدادت حرقة روح إبراهيم ولوعته , وازداد ألمه حدة نتيجة لهذه الحال , وازدادت هذه الحال من واحد إلى مائة ضعف , إذ أنه رأى أنه قد اجتمع ما شاهده نهارا مع ما وقع ليلا ولم يعرف مما سمع , ولم يعلم ماذا رأى اليوم , فقال: أسرجوا الجواد لأني أريد الذهاب للصيد , فقد حدث لي اليوم شيء لست أدري ما هو , فيا إلهي إلى أين تنتهي هذه الحال ... ؟ فأسرجوا له جوادا , وتوجه للصيد , فكان يتجول في البرية دهشا بحيث لم يعرف ماذا يفعل , فأنفصل عن جيشه وهو في تلك الحال من الدهش , فسمع صوتا في الطريق يقول له: انتبه , فانتبه , ولم يصغ إليه , وذهب وجاءه هذا النداء للمرة ثانية , فلم يعره سمعا للمرة الثالثة نفس ذلك النداء , فأبعد نفسه عنه , وسمع للمرة الرابعة من يقول: (انتبه قبل أن تنبه) ففقد صوابه تماما وفجأة ظهرت غزالة فشغل نفسه بها , فأخذت الغزالة تخاطبه قائلة: إنهم بعثوني لصيدك , وإنك لن تستطيع صيدي , ألهذا خلقت؟ أو بهذا أمرت؟ إنك خلقت للذي للذي تعمله وليس لك عمل آخر , فقال إبراهيم: ترى ما هذه الحال .... ؟ وأشاح بوجهه عن الغزالة , فأرتفع نفس ذلك الصوت الذي قد سمعه من الغزالة من قربوس السرج , فوقر في نفسه الخوف والفزع وأزداد كشفا , وحيث أن الحق تعالى أراد أن يتم الأمر ارتفع ذلك الصوت ثلاث مرات أخر من حلقة جيبه , وبلغ ذلك الكشف هنا حد الكمال , وأنفتح عليه الملكوت ونزل , وحصل له اليقين , فابتلت الملابس والجواد من ماء عينيه , وتاب توبة نصوحا , وانتحى ناحية من الطريق , فرأى راعيا يرتدي لبادا , وقد وضع قلنسوة من اللباد على رأسه , وأمامه الأغنام وأخذ منه اللباد ولبسه ووضع قلنسوة اللباد على رأسه وطفق يسير راجلا في الجبال والبراري هائما على وجهه ينوح من ذنوبه , ثم غادر المكان إلى أن بلغ نيسابور , فأخذ يبحث عن زاوية خالية يتعبد فيها حتى وصل إلى ذلك الغار المعروف واعتكف فيه تسعة أعوام.
ومن ذا الذي يعلم ما كان يفعله هناك في الليل والنهار , إنه ينبغي أن يكون رجلا عظيما ذا مادة واسعة حتى يستطيع الإقامة في مثل ذلك المكان , وصعد إبراهيم يوم خميس إلى ظاهر الغار وجمع حزمة حطب واتجه في الصباح إلى نيسابور حيث باعها , وصلى الجمعة واشترى بثمن الحطب خبزا , وأعطى نصفه لفقير وتناول النصف الآخر , وأتخذ منه إفطاره وداوم صيامه حتى الأسبوع التالي , وبعد أن وقف الناس على شأنه هرب من الغار وتوجه إلى مكة , وقيل أنه بقي أربعة عشر عاما يطوي البادية حيث كان يصلي ويتضرع طوال الطريق حتى أشرف على مكة , وروي أنه كان له طفل رضيع عند مغادرته بلخ , ولما أيفع طلب من أمه أباه , فقصت له الأم الحال قائلة: إن أباك قد تاه , ونقل عنه أنه قال: عندما كنت أسير في البادية متوكلا , ولم أتناول شيئا مدة ثلاثة أيام جاءني إبليس وقال: أنت ملك , وتركت هذه النعمة لتذهب جائعا إلى الحج ... ؟ لقد كان بمقدورك الحج بعز وجلال حتى لا يصيبك كل هذا الأذى , قال: عندما سمعت هذا الكلام منه رفعت صوتي وقلت: إلهي !! سلطت العدو على الصديق حتى يحرقني فأغثني حتى أستطيع قطع هذه البادية بعونك , فسمعت صوتا يقول: يا إبراهيم ! ألق ما في جيبك حتى تكشف ما هو في الغيب فمددت يدي إلى جيبي فوجدت أربعة دوانيق فضية كانت قد بقيت منسية , ولما رميتها جفل إبليس مني وظهرت قوة من الغيب).
وورد ذكره وحكايته أيضا في (طبقات الصوفية) للسلمي.
وفي (حلية الأولياء) للأصبهاني.
وفي (الرسالة) للقشيري.
وفي (جمهرة الأولياء) للمنوفي الحسيني.
وفي (نفحات الأنس) للجامي.
وفي (طبقات الأولياء) لابن الملقن المتوفى 804 هـ.
وفي (الطبقات الكبرى) للشعراني.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/241)
فهذه هي قصة إبراهيم بن أدهم , وفيها ما فيها من ترك الأهل والزوج والولد بدون جريمة إرتكبوها , وإثم اقترفوه , خلافا لأوامر القرآن وإرشادات الرسول صلى الله عليه وسلم , المشهورة المعروفة شبها ببوذا , وهاهي خلاصة قصته:
(وكانت قبيلة ساكياس تقطن في شمال بنارس , وهي التي ولد فيها أواسط القرن السادس قبل الميلاد , وقد مات في سنة 478 قبل الميلاد بعد أن عمر ثمانين عاما. وتزوج بوذا في سن التاسعة عشرة ابنة عمه , وكان في رغد وسعادة. وبينما كان يسير يوما إلى الصيد وهو في التاسعة والعشرين شاهد رجلا قد بلغ من كبر سنه منتهى الضعف والعجز , ورأى في وقت آخر شخصا مبتلى بمرض استعصى علاجه ويحتمل الآلام وبعد مدة أخرى تأثر واشمأز لرؤية منظرا كريها لجثة في حالة من الفساد , وكان خادمه وصاحبه الوفي المسمى (جانا) يذكره وينبهه في كل هذه الحالات ويقول له: (هذا هو مصير حياة البشر) وشاهد بوذا أحد النساك يمر عليه وهو في منتهى الراحة والأبهة والكرامة فسأل جانا ما حال هذا الرجل .. ؟ فحكى له جانا تفصيلا عن أخلاق الزهاد الذين أعرضوا عن كل شيء وعن أحوالهم , وقال له: إن هؤلاء الجماعة في سير وأرتحال دائم وهم يعلمون الناس أثناء سياحتهم ورحلاتهم تعاليم هامة بالقول والعمل.
والخلاصة أنه برغم إختلاف الروايات لا شك في أن ذهن هذا الأمير الشاب قد أخذ يضطرب تدريجيا وينفر من الحياة وضوضائها.
ووفد عليه رسول يوما في أثناء أزماعه العودة من النزهة وبشره بميلاد ولد هو أول مولود له , فقال بوذا لنفسه في تلك الحالة النفسية المضطربه دون أن يشعر: (ما هي ذي رابطة جديدة تربطني بالدنيا). والخلاصة أنه عاد إلى المدينة بينما كان المطربون يلتفون حوله. فطرب ورقص في تلك الليلة أقاربه وذوو رحمه فرحا بالمولود الجديد. لكن بوذا كان من الامتعاض والاضطراب بحيث لم يكترث بتلك الأوضاع أبدا. وأخيرا نهض من فراشه في آخر الليل كمن التهمت النار داره وأوعز إلى جانا أن يحضر له الفرس ومد رأسه في هذه الأثناء إلى غرفة زوجته وولده الوحيد من غير أن يوقظهما وعلى العتبة أخذ على نفسه عهدا ألا يعود إلى داره ما لم يصبح (بوذا) أي (حكيما مستنيرا) وقال:
(أذهب لأعود إليكم معلما وهاديا لا زوجا ووالدا) والخلاصة أنه خرج مع جانا وهام في البراري , وفي هذه اللحظة ظهر في السماء (مارا) أي الوسواس الكبير (إبليس أو النفس الأمارة) ووعده بالملك والعز في الدنيا بأسرها لكي يرجع عن عزمه لكنه لم يقع في شرك الوسوسة. فسار بوذا قليلا في تلك الليلة على شاطئ النهر ثم وهب لجانا جوهره وملابسه الفاخره وأعاده ومكث سبعة أيام بلياليها في غابة ثم التحق إلتحق بخدمة برهمي يدعى (الارا) كان في تلك البقعة وأختار بعد ذلك صحبة برهمي آخر يسمى (أودراكا) وتعلم من هذين الرجلين حكمة وعلوم الهند كلها , ولكن قلبه لم يستقر بعد فذهب إلى غابة كانت في أحد الجبال , وهناك صحب خمسة من التلاميذ الذين كانوا يحيطون به ومارس التوبة والرياضات الشاقة ست سنين حتى اشتهر في تلك الناحية , فاعتزم لهذا أن يهجر ذلك المكان ولما قام ليذهب سقط على الأرض لشدة ضعفه وعجزه , وغاب عن وعيه بحيث ظن تلاميذه أنه فارق الحياة , ولكنه عاد إلى رشده فترك الرياضات الشاقة منذ ذلك الحين وأخذ يأكل طعامه بانتظام , ولما رأى التلاميذ الخمسة الذين كانوا في صحبته أنه مل من الرياضة نفضوا أيديهم من إحترامه وتركوه وذهبوا بنارس.
أما بوذا فإنه ترك ملذات الدنيا وثروتها والمقام فيها حتى ينال الضمير والطمأنينة عن طريق التعلم والفلسفة وحكمة الآخرين فلم يستطع أن ينال بتلك الرياضة والتوبة طمأنينة القلب التي كان يصبوا إليها والحاصل أنه بقي حيران في أمره ذاهلا وفي نفس ذلك اليوم الذي تفرق فيه عن تلامذته مكث بوذا تحت شجرة يتأمل ويفكر في نفسه , ماذا يعمل ... ؟ وأي طريق يتبع .. ؟ وهاجمته وساوس كثيرة وتاقت نفسه إلى الزوجة والولد والجاه والثروة والترف والنعيم , واستمر هذا الكفاح والجهاد مع النفس حتى غروب الشمس. ونتيجة لهذا الكفاح اتصل (بنير فانا) وتأكد لديه أنه أصبح (بوذا) أي أنه نال الإشراق واستنار , وحينئذ نال بوذا ما كان يصبو إليه من الراحة والطمأنينة. لذلك عزم أن يمارس الإرشاد. وأن يعرض رغبته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/242)
على الآخرين , وكان بوذا وقتئذ في الخامسة والثلاثين من عمره فقصد في بادئ الأمر أستاذيه (الارا) و (أودراكا) ولكنه علم بعد , بأنهما قد توفيا , فذهب إلى تلامذته الخمسة من بنارس وأرشدهم وجعلهم من أتباعه , وآمن به أبوه وأمه وزوجته كذلك , ثم أمر زمرة من خواص مريديه أن يقوموا بإرشاد الناس).
فهذه هي خلاصة قصة بوذا , وهي عين ما ذكره الصوفية عن إبراهيم بن أدهم ابن الأمير البلخي الذي طلق الدنيا وتزيّا بزيّ الدراويش , وبلغ درجة أكابر الصوفية برياضته الطويلة , وتلك صورة طبق لأصل لما كانوا قد سمعوه عن حياة بوذا.
ثم علّق عليه الدكتور قاسم غني الباحث الإيراني بقوله:
(وحدس (جولدزيهر) يمكن أن يكون صحيحا وهو من الأحتمالات القريبة من الواقع , وقد شوهدت لها نظائر كثيرة – إلى أن قال -: وإذا ما قارن أحد بين قصة بوذا كما وردت في مدونات البوذيين بقصة إبراهيم بن أدهم ذات الطابع الأسطوري , الواردة في كتب تراجم العارفين مثل (حلية الأولياء) للأصفهاني , و (تذكرة الأولياء) للشيخ العطار وجد شبها عجيبا بين تلك القصتين يستلف نظرة).
هذا وهناك أقوال لإبراهيم بن أدهم وغيره من كبار الصوفية وأقطابهم في الزواج والأولاد تخبر بجلاء عن مواردها ومنابعها , فها هي تلك الأقوال من أهم كتب الصوفية:
ينقل الطوسي والعطار عن إبراهيم بن أدهم أنه قال:
(إذا تزوج الفقير فمثله مثل رجل قد ركب السفينة , فإذا ولد له ولد قد غرق).
ونقل السهروردي عنه أنه قال: (من تعود أفخاذ النساء لا يفلح).
ونقل أبو طالب المكي - وهو من أعلام الصوفية البارزين وأئمتهم المتوفى سنة 386 هـ – عن قطب من أقطاب الصوفية الأوائل عن أبي سليمان الداراني المتوفى سنة 215 هـ:
(من تزوج فقد ركن إلى الدنيا).
ونقل السهروردي في (عوارفه) الذي هو أشهر كتاب في التصوف عن أبي سليمان الداراني أيضا أنه قال: (ما رأيت أحدا من أصحابنا تزوج فثبت على مرتبته).
ونقل المكي عن سيد الطائفة الجنيد البغدادي أنه قال: (أحب للمريد المبتدي أن لا يشغل قلبه بالتزوج).
كما نقل عن بشر بن الحارث أنه قيل له: (إن الناس يتكلمون فيك , فقال: وما عسى يقولون؟ قيل: يقولون: إنك تارك السنة يعنون النكاح.
فقال: قل لهم: إني مشغول بالفرض عن السنة , وقال مرة: ما يمنعني من ذلك إلا آية في كتاب الله تعالى قوله: {ولهن مثل الذي عليهن} , و لعسى أن لا أقوم بذلك , وكان يقول: لو كنت أعول دجاجة لخفت أن أكون جلاداً على الجسر هذا. يقوله في سنة عشرين ومائتين والحلال والنساء أحمد عاقبة , فكيف بوقتنا هذا؟
فالأفضل للمريد في مثل زماننا هذا ترك التزويج).
ويقول السهروردي:
(التزوج انحطاط من العزيمة إلى الرخص , وجوع من الترمح إلى النقص , وتقيدا بالأولاد والأزواج , ودوران حول مظان الاعوجاج , والتفاف إلى الدينا بعد الزهادة , وانعطاف على الهوى بمقتضى الطبيعة والعادة).
ثم نقل حديثا مكذوبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(خيركم بعد المائتين رجل خفيف الحاذ , قيل: يا رسول الله وما خفيف الحاذ؟. قال: الذي لا أهل له ولا ولد. وقال بعض الفقراء - لما قيل له: تزوج -: أنا إلى أن أطلق نفسي أحوج مني إلى التزوج).
وصوفي آخر محمد بن إبراهيم النفزي الرندي المتوفى سنة 792 هـ ينقل عن صوفي قديم آخر , وهو سهل بن عبد الله التستري أنه قال:
(إياكم والاستمتاع بالنساء , والميل إليهن , فإن النساء مبعّدات من الحكمة , قريبات من الشيطان , وهي مصايده وحظه من بني آدم , فمن عطف إليهن بكليته فقد عطف على حظ الشيطان , ومن حاد عنهن يئس منه , وما مال الشيطان إلى أحد كميله إلى من استرق بالنساء , وإن الشر معهن حيث كنّ , فإذا رأيتم في وقتكم من قدركن إليهن فايأسوا منه.
قيل له: فحديث النبي صلى الله عليه وسلم: حبّب إليّ من دنياكم ثلاث , فذكر النساء؟.
فقال: النبي صلى الله عليه وسلم معصوم , وقد بلّغكم ما كان فيه معهن , هي عدوّة الرجل ظاهرا وباطنا , إن ظهرت له لمحبة أهلكته , وإن أضمر تهاله , وإن الله عز وجل جعلهن فتنة , فنعوذ بالله من فتنتهن).
ونقل عن صوفي آخر حذيفة المرعشي المتوفى 207 هـ أنه قال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/243)
(كان ينبغي للرجل لو خيّر بين أن يضرب عنقه , وبين أن يتزوج امرأة في الفتنة لاختار ضرب العنق على تزويج امرأة في الفتنة).
ونقل ابن الملقن سراج الدين أبو حفص عمر علي المصري المتوفى 804 هـ في كتابه عن أحد كبار الصوفية:
(ما تزوج أحد من أصحابنا إلا تغير).
ونقل الشعراني عن رباح بن عمرو القيسي - من الصوفية الأوائل - أنه قال: لا يبلغ الرجل إلى منازل الصديقين حتى يترك زوجته كأنها أرملة , وأولاده كأنهم أيتام , ويأوي إلى منازل الكلاب.
وكتب صوفي قديم آخر , وهو أبو الحسن علي الهجويري المتوفى قريبا سنة 465 هـ قصة غريبة في العزلة والتجرد نقلا عن إبراهيم الخواص أنه قال:
(وصلت إلى قرية بقصد زيارة عظيم كان هنالك , ولما ذهبت إلى داره رأيت بيتا نظيفا مثل معبد الأولياء , وقد جعل في زاويتين من البيت محرابين , وجلس في أحدهما شيخ , وفي الآخر عجوز نظيفة وضيئة , وقد ضعف كلاهما من كثرة العبادة , فأظهر السرور بقدومي , وبقيت هنالك ثلاثة أيام , ولما أردت العودة سألت الشيخ: من تكون لك تلك العفيفة؟ قال: هي من ناحية ابنه عمي , ومن ناحية أخرى زوجي , فقلت: رأيتكما خلال هذه الأيام الثلاثة كالغربيين تماما في الصحبة , قال: نعم , منذ خمسة وستين عاما ونحن كذلك فسألته عن سبب ذلك , فقال: إعلم إننا كنا عاشقين لأحدنا الآخر في الصغر , ولم يكن أبوها يعطيها لي لأن محبتنا صارت معروفة , فتحملت ذلك حتى توفى أبوها , وكان والدي عمها , فزوجها لي , فلما كانت الليلة الأولى من تلاقينا قالت لي: أنت تعلم أية نعمة أنعمها الله علينا إذ أوصل كلامنا إلى الآخر , وأفرغ قلبينا من القيود والآفات السيئة , فقلت: نعم , قالت: فلنمنع أنفسنا الليلة عن هوى النفس , وندس على مرادنا , ونعبد الله شكراً على هذه النعمة , فقلت: هذا صواب , وقالت هذا نفسه في الليلة التالية. وقلت أنا في الليلة الثالثة: لقد أدينا الشكر ليلتين من أجلك , فلنقض ليلتين أيضا في العبادة من أجلي. وقد تمت الآن خمسة وستون عاما لم يمس أحدنا الآخر , ونحن نقضي كل العمر في شكر النعمة).
وقال بعد نقلها ونقل أشياء أخرى:
(وفي الجملة: إن أول فتنة قدرت على آدم في الجنة كان أصلها امرأة. وأول فتنة ظهرت في الدنيا - أي فتنة هابيل وقابيل - كانت أيضا بسبب امرأة. وحين أراد الله تبارك وتعالى أن يعذب إثنين من الملائكة جعل سبب ذلك امرأة. وهن جميعا إلى يومنا هذا سبب جميع الفتن الدينية والدنيوية , لقوله عليه السلام: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) , فإذا كانت فتنتهن بهذا القدر في الظاهر , فكيف تكون في الباطن؟
وأنا علي بن عثمان الجلابي , من بعد أن حفظني الحق تعالى من آفة الزواج أحد عشر عاما , قدر أن وقعت في الفتنة , وصار ظاهري وباطني أسير الصفة التي كانوا عليها معي , دون أن تكون هنالك رؤية , وقد استغرقت في ذلك عاما , بحيث كان يفسد على ديني , إلى أن بعث الحق تعالى بكمال فضله وتمام لطفه عصمته لاستقبال قلبي المسكين , ومنَّ عليّ بالخلاص برحمته , والحمد لله على جزيل نعمائه.
وفي الجملة فإن قاعدة هذا الطريق وضعت على التجريد , وعندما جاء التزويج اختلف أمرهم , ولا يوجد أي عساكر الشهوة إلا ويمكن إخماد ناره بالاجتهاد , لأن الآفة التي تنشأ منك تكون آلة دفعها معك أيضا , ولا يلزم الغير حتى تزول عنك تلك الصفة.
وزوال الشهوة يكون بشيئين: واحد يدخل تحت دائرة التكلف , وواحد يخرج عن دائرة الكسب والمجاهدة , فما يدخل في تكلف الآدمي ومقدوره هو الجوع , وأما ما يخرج من التكلف الهمم , وتنشر المحبة سلطانها في أجزاء الجسد , وتعزل كل الحواس عن أوصافهم , وتجذب كل العبد , وتغني عنه الهزل.
وإن الحمد بن حماد السرخسي , الذي كان رفيقي في ما وراء النهر , رجلا محتشما , قيل له: أبك حاجة إلى التزويج , قال: لا , قالوا: لم؟ قال: إنني في حالي إما أن أكون غائبا عن نفسي , وإما أن أكون حاضرا بنفسي. وحين أكون غائبا لا أفكر في الكونين , وحين أكون حاضرا فإنني أجعل نفسي بحيث إذا وجدت رغيفا تعتبر أنها وجدت ألفا من الحور. فانشغال القلب بكل ما تريده يكون عظيما , فتنبه).
وذكر السراج الطوسي أيضا قصة صوفي تزوج من امرأة فبقيت عنده ثلاثين سنة وهي بكر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/244)
وذكر العطار عن عبد الله بن خفيف الصوفي المشهور أنه تزوج أربعمائة امرأة ولكنه لم يجامع واحدة منهن.
وهل لسائل أن يسأل: ما الغرض الذي كان من نكاحه إياهن؟.
والشعراني أيضا عن صوفي آخر ياقوت العرشي أنه تزوج ابنة شيخه أبي العباس المرسي فمكثت عنده ثماني عشرة سنة لا يقربها حياء من والدها ومنها , وفارقها بالموت وهي بكر.
ونقل عن الشعراني أيضا عن أحد المتقدمين من الصوفية مطرف بن عبد الله الشغير المتوفى سنة 207 هـ أنه قال:
(من ترك النساء والطعام فلابد له من ظهور كرامة).
ونقل أيضا في كتابه (تنبيه المغتربين) من أحد الصوفية أنه قال:
من تزوج فقد أدخل الدنيا بيته ... فاحذروا من التزويج.
وينقل ابن الجوزي عن أبي حامد الغزالي أنه قال:
(ينبغي أن لا يشغل المريد نفسه بالتزويج , فإنه يشغله عن السلوك ويأنس بالزوجة , ومن أنس بغير الله شغل عن الله تعالى).
هذا ومثل هذا كثير.
ولقد بوب الصوفية في كتبهم أبوابا مستقلة في مدح العزوبة وذم التزويج , وهذا الأمر لا يحتاج إلى بيان أنه لم يأخذه المتصوفة إلا من رهبان النصارى ونساك المسيحية الذين ألزموا أنفسهم التبتل , خلافا لفطرة الله التي فطر الناس عليها.
تقليدا لهم واتباعا لسنتهم , واقتداء لمسالكهم ومشاربهم , مخالفبن أوامر الله وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم الناسخ لجميع الشرائع والأديان , المبعوث بمكارم الأخلاق وفضائل العادات , فالله يأمر المؤمنين في محكم كتابه بنكاح النساء مثنى وثلاث ورباع وعند الخوف من عدم العدل بواحدة , فيقول جل من قائل:
{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ}.
وقال {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.
وجعل الزواج سببا لحصول السكون والطمأنينة حيث قال عز وجل:
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}
ورسوله صلوات الله وسلامه عليه يحذر المعرضين عنه في حديث طويل أورده البخاري ومسلم من حديث أنس من حديث أنس رضي الله عنه أنه قال:
(إن نفراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي عليه السلام عن عمله في السر فأخبرهم فقال بعضهم: لا آكل اللحم , وقال بعضهم: لا أتزوج النساء , وقال بعضهم: لا أنام على فراش , وقال بعضهم: أصوم ولا أفطر , فحمد الله النبي عليه الصلاة والسلام وأثنى عليه , ثم قال: ما بال أقوام قالوا كذا وكذا , لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء. فمن رغب عن سنتي فليس مني).
وقال: (تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة).
وقال عليه الصلاة والسلام: (حبب إلى من الدنيا الطيب والنساء , وجعلت قرة عيني في الصلاة).
وعن أبي ذر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(وفي بضع أحدكم صدقة , قالوا: يأتي أحدنا شهوته ويكون فيها له أجر؟. قال: أفرأيتم لو وضعه في حرام , هل عليه وزر؟ قالوا: نعم. قال: فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر).
وما أحسن ما قال إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل رحمة الله عليه:
(ليس العزوبة من أمر الإسلام في شيء , النبي عليه الصلاة والسلام تزوج أربع عشرة امرأة ومات عن تسع , ثم قال: لو كان بشر بن الحارث تزوج قد تم أمره كله , لو ترك الناس النكاح لم يغزوا ولم يحجوا ولم يكن كذا , وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يصبح وما عنده شيء , وكان يختار النكاح ويحث عليه , وينهى عن التبتل , فمن رغب عن عمل النبي عليه الصلاة والسلام فهو على غير الحق. ويعقوب عليه السلام في حزنه قد تزوج وولد له. والنبي عليه الصلاة والسلام قال: (حبب إلى النساء)).
فهذه هي تعاليم شريعة الإسلام المستقاة من أصلين أساسيين لشرع الله الكتاب والسنة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/245)
وتلك هي أقوال الصوفية , التي لم يأخذوها من هذا المورد العذب , والمنهل الصافي , بل أخذوها من الكهنة والبوذية كما مر ذلك , ونساك الجينية , ورهبان المسيحية. وأمر أولئك في هذا الباب مشهور ومعروف لا يحتاج إلى كثير من البيان , ولكن لإقامة البرهان ننقل بعض آيات من إنجيل , فقال المسيح:
(ويوجد خصيان خصوا أنفسهم لأجل ملكوت السماوات , من استطاع أن يقبل فليقبل).
ويقول رسول المسيحيين في رسالته إلى أهل كورنتوس:
(وأما من جهة الأمور التي كتبتم عنها فحسن للرجل أن لا يمس امرأة).
وكذلك يقول:
(أقول لغير المتزوجين والأرامل: إنه حسن لهم إذا لبثوا كما أنا).
ويقول: (فأريد أن تكونوا بلاهم. يهتم فيما للرب كيف يرضى الرب. وأما المتزوج فيهتم في ما للعالم كيف يرضى امرأته. إن بين الزوجة والعذراء فرقا. غير المتزوجة تهتم في ما للرب لتكون مقدمة جدا وروحا. وأما المتزوجة فتهتم في ما للعالم كيف ترضى رجلها.
هذا أقوله لخيركم ليس لكي ألقى عليكم وهقا , بل لأجل اللياقة والمثابرة للرب من دون ارتباك. ولكن إن كان يظن أنه يعمل بدون لياقه نحو عذرائه إذا تجاوزت الوقت , وهكذا لزم أن يصبر فليفعل ما يريد. إنه لا يخطئ فيتزوجا. وأما من أقام راسخا في قلبه وليس له سلطان على إرادته , وقد عزم على هذا في قلبه أن يحفظ عذراء فحسنا يفعل. إذن من زوج فحسنا يفعل. ومن لا يزوج يفعل أحسن).
هذا ومثل هذا كثير.
هذه هي تعاليم المسيحية , المنقولة منهم تجاه الزواج , ومن هذه التعاليم تأثر وليّ من أولياء المسيحية اوريغن ( ORIGEN ) الذي يعدونه أحد القديسين , العائش ما بين 185 و 254 , وجبَّ ذكره.
والجدير بالذكر أن أحد المتصوفة أتى بمثل هذا العمل , وفعل فعلته فيه كما ذكر الشعراني أن عبد الرحمن المجذوب:
(كان رضي الله عنه من الأولياء الأكابر , وكان سيدي على الخواص رضي الله عنه يقول: ما رأيت قط أحدا من أرباب الأحوال دخل مصر إلا ونقص حاله إلا الشيخ عبد الرحمن المجذوب , وكان مقطوع الذكر قطعه بنفسه أوائل جذبه).
وصوفي هندي آخر أيضا فعل ذلك.
وكتب هينس ( HANS ) ( أن المسيحيين القدامى كانوا يعدون ترك الزواج من الأمور الواجبة والمحببة إلى الله , والمقربة إلى ملكوته).
ومن خصائص المسيحية وتعاليمها ترك الدنيا , والتجرد عن المال , والتجوع , وتعري الأجساد والأعراض عن زينة الحياة , المباحة , وتحريم الطيبات باسم الانقطاع إلى الآخرة , ورهبانية ابتدعوها , وتعذيب النفس.
فلقد ورد في الأناجيل عن المسيح أنه قال:
(لا تكنزوا كنوزا على الأرض , حيث يفسد السوس والصدأ , وحيث ينقب السارقون ويسرقون. بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدأ , وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون. لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضا).
ونقل عنه أيضا أنه قال:
(لا يقدر أحد أن يخدم سيدين. لأنه إما أن يبغض الواحد ويجب الآخر , أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر. لا تقدرون أن تخدموا الله والمال. لذلك أقول لكم: لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون. ولا لأجسامكم بما تلبسون. أليست الحياة أفضل من الطعام , والجسد أفضل من اللباس. أنظروا إلى طيور السماء أنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن , وأبوكم السماوي يقوتها. ألستم أنتم بالحري أفضل منها ومن منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد على قامته ذراعا واحدة , ولماذا تهتمون باللباس , تأملوا زنابق الحقل كيف تنمو لا تتعب ولا تغزل , ولكن أقول لكم: إنه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها , فإن كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم ويطرح غدا في التنور يلبسه الله هكذا , أفليس بالحري جدا يلبسكم أنتم قليلي الإيمان , فلا تهتموا قائلين: ماذا نأكل , أو ماذا نلبس , فإن هذه كلها تطلبها الأمم.
لأن أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها , لكن اطلبوا أولا ملكوت الله وبره , وهذه كلها تزداد لكم.
فلا تهتموا للغد , لأن الغد يهتم بما لنفسه. يكفي اليوم شره).
وورد في هذا الإنجيل أيضا (أن شابا تقدم إلى المسيح وقال له: أيها المعلم الصالح أي صلاح أعمل به لتكون لي الحياة الأبدية؟.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/246)
فأجابه المسيح ببعض الأجوبة ثم قال له: إن أردت أن تكون كاملا فأذهب وبع أملاكك , وأعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني. فلما سمع الشاب الكلمة مضى حزينا , لأنه كان ذا أموال كثيرة.
فقال يسوع لتلاميذه: الحق أقول لكم , إنه يعسر أن يدخل غني إلى ملكوت السماوات , وأقول لكم أيضا: إن مرور جمل من ثقب إبره أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله).
وقال أيضا:
(وكل من ترك بيوتا أو اخوة أو أخوات أو أبا أو أما أو امرأة أو أولاداً أو حقولا من أجل اسمي يأخذ مائة ضعف , ويرث الحياة الأبدية).
ونقل عنه أيضا أنه قال:
(لا تكنزوا ذهبا ولا فضة ولا نحاسا في مناطقكم , ولا مزودا للطريق , ولا ثوبين , ولا أحذية , ولا عصا).
وليس هذا فحسب , بل نقل عنه لوقا في إنجيله أنه جاءه جموع كثيرة سائرين معه , فالتفت إليهم وقال:
(إن كان أحد يأتي إلي ولا يبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده واخوته وإخوانه حتى نفسه أيضا فلا يقدر أن يكون لي تلميذا).
وقال أيضا:
(فكذلك كل واحد منكم لا يترك جميع أمواله لا يقدر أن يكون لي تلميذا).
وبمثل ذلك نقل متى في إنجيله:
(لما رأى يسوع جموعا كثيرة حوله أمر بالذهاب إلى العبر , فتقدم كاتب وقال له: يا معلم , أتبعك أينما تمضي. فقال له يسوع: للثعالب أوجرة , ولطيور السماء أوكار. وأما ابن الإنسان فليس له أين يسند رأسه. وقال له آخر من تلاميذه: يا سيد , ائذن لي أمضي أولا وأدفن أبي. فقال له يسوع: اتبعني , ودع الموتى يدفنون موتاهم).
هذا ومثل هذا كثير في الأناجيل وأعمال الرسل وغيرها من الكتب المسيحية , وعلى هذه التعاليم أسسوا نظام الرهبنة , أي التجرد عن علائق الدنيا ومتطلباتها وحاجاتها.
وزادوا عليها تعذيب النفس , وتحمل المشاق والآلام , تعمقا في التجرد , ومغالاة في تجنب الدنيا , واحتقارا لزخارفها , كما أن هنالك أسبابا أخرى لاختيار الرهبنة , فقد ذكر علماء المسيحية الكثيرون وكتابها وباحثوها.
وجمع هذه الأقاويل والمقولات ول ديورانت في موسوعته الكبرى (قصة الحضارة) , فيقول: (لما أن أصبحت الكنيسة منظمة تحكم الملايين من بني الإنسان , ولم تعد كما كانت جماعة من المتعبدين الخاشعين , أخذت تنظر إلى الإنسان وما فيه من ضعف نظرة أكثر عطفا من نظرتها السابقة , ولا ترى ضيراً من أن يستمتع الناس بملاذ الحياة الدنيا , وأن تشاركهم أحيانا في هذا الاستمتاع , غير أن أقلية من المسيحيين كانت ترى في النزول إلى هذا الدرك خيانة للمسيح , واعتزمت أن تجد مكانها في السماء عن طرق الفقر , والعفة , والصلاة , فاعتزلت العالم اعتزالا تاماً. ولربما كان مبشرو أشوكا Ashoka ( حوالي 250 ق م) قد جاءوا إليه بنظرية البوذية وقوانينها الأخلاقية , ولربما كان النساك الذين وجدوا في العالم قبل المسيحية أمثال سرابيس Serapis في مصر أو جماعات الإسنيين في بلاد اليهود قد نقلوا إلى أنطونيوس وباخوم المثل العليا للحياة الدينية الصارمة وأساليب هذه الحياة. وكان الكثيرون من الناس يرون في الرهبنة ملاذاً من الفوضى والحرب اللذين أعقبا غارات المتبربرين , فلم يكن في الدير ولا في الصومعة الصحراوية ضرائب , أو خدمة عسكرية , أو منازعات حربية , أو كدح ممل. ولم يكن يطلب إلى الراهب ما يطلب إلى القسيس من مراسم قبل رسامته , وكان يوقن أنه سوف يحظى بالسعادة الأبدية بعد سنين قليلة من حياة السلام.
ويكاد مناخ مصر أن يغري الناس بحياة الأديرة , ولهذا غصت بالبرهان النساك الفرادى والمتجمعين في الأديرة يعيشون في عزلة كما كان يعيش أنطونيوس , أو جماعات كما كان يعيش باخوم في تابن Tabenne وأنشئت الأديرة للرجال والنساء على طول ضفتي النيل , وكان بعضها يحتوي نحو ثلاثمئة من الرهبان والراهبات. وكان أنطونيوس (251 – 356) أشهر النساك الفرادى , وقد أخذ ينتقل من عزلة حتى استقر به المقام على جبل القلزم القريب من شاطئ البحر الأحمر. وعرف مكانه المعجبون به فحذوا حذوه في تعبده ونسكه , وبنوا صوامعهم في أقرب مكان منه سمح لهم به , حتى امتلأت الصحراء قبل موته بأبنائه الروحيين. وقلما كان يغتسل , وطالت حياته حتى بلغ مائة وخمساً من السنين , ورفض دعوة وجهها إليه قسطنطين ولكنه سافر إلى الإسكندرية في سن التسعين ليؤيد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/247)
أثناسيوس ضد اتباع أريوس , وكان يليه في شهرته باخوم الذي أنشأ في عام 325 تسعة أديرة للرجال وديراً واحداً للنساء. وكان سبعة آلاف من أتباعه الرهبان يجتمعون أحيانا ليحتفلوا بيوم من الأيام المقدسة , وكان أولئك الرهبان المجتمعون يعملون ويصلون , ويركبون القوارب في النيل من حين إلى حين ليذهبوا إلى الإسكندرية حيث يبيعون ما لديهم من البضائع ويشترون حاجياتهم ويشتركون في المعارك الكنسية – السياسية.
ونشأت بين النساك الفرادى منافسة قوية في بطولة النسك يتحدث عنها دوشين Abbe Duchesne بقوله إن مكاريوس الإسكندري (لم يكن يسمع بعمل من أعمال الزهد إلا حاول أن يأتي بأعظم منه) , فإذا امتنع غيره من الرهبان عن أكل الطعام المطبوخ في الصوم الكبير امتنع هو عن أكله سبع سنين , وإذا عاقب بعضهم أنفسهم بالامتناع عن النوم شوهد مكاريوس وهو (يبذل جهد المستميت لكي يظل مستيقظاً عشرين ليلة متتابعة) وحدث مرة في صوم كبير أن ظل واقفا طوال هذا الصوم ليلا ونهارا لا يذوق الطعام إلا مرة واحدة في الأسبوع , ولم يكن طعامه هذا أكثر من بعض أوراق الكرنب , ولم ينقطع خلال هذه المدة عن ممارسة صناعته التي اختص بها وهي صناعة السلال. ولبث ستة أشهر ينام في مستنقع , ويعرض جسمه العريان للذباب السام. ومن الرهبان من أوفوا على الغاية في أعمال العزلة , من ذلك سرابيون Serapion الذي كان يعيش في كهف في قاع هاوية لم يجرؤ على النزول إليها إلا عدد قليل من الحجاج. ولما وصل جيروم وبولا إلى صومعته هذه وجدوا فيها رجلا لا يكاد يزيد جسمه على بضعة عظام وليس عليه إلا خرقة تستر حقويه , ويغطي الشعر وجهه وكتفيه , ولا تكاد صومعته تتسع لفراشه المكون من لوح من الخشب وبعض أوراق الشجر. ومع هذا فإن هذا الرجل قد عاش من قبل بين أشراف رومة , ومن النساك من كانوا لا يرقدون قط أثناء نومهم ومنهم من كان يداوم على ذلك أربعين عاما مثل بساريون Bessarion أو خمسين عاما مثل باخوم. ومنهم من تخصصوا في الصمت وظلوا عددا كبيرا من السنين لا تنفرج شفاههم عن كلمة واحدة. ومنهم من كانوا يحملون معهم أوزانا ثقالا أينما ذهبوا. ومنهم من كانوا يشدون أعضاءهم بأطواق أو قيود أو سلاسل , ومنهم من كانوا يفخرون بعدد السنين التي لم ينظروا فيها إلى وجه امرأة. وكان النساك المنفردون جميعهم تقريبا يعيشون على قدر قليل من الطعام. ومنهم من عمروا طويلا. ويحدثنا جيروم عن رهبان لم يطعموا شيئا غير التين وخبز الشعير , ولما مرض مكاريوس جاءه بعضهم بعنب فلم تطاوعه نفسه على التمتع بهذا الترف , وبعث به إلى ناسك آخر , وأرسله هذا إلى ثالث حتى طاف العنب جميع الصحراء (كما يؤكد لنا روفينس) , وعاد مرة أخرى كاملا إلى مكاريوس. وكان الحجاج , الذين جاءوا من جميع أنحاء العالم المسيحي لشاهدوا رهبان الشرق , يعزون إلى أولئك الرهبان معجزات لا تقل في غرابتها عن معجزات المسيح , فكانوا – كما يقولون - يشفون الأمراض ويطردون الشياطين باللمس أو بالنطق بكلمة , وكانوا يروضون الأفاعي أو الآساد بنظرة أو دعوة , ويعبرون النيل على ظهور التماسيح , وقد أصبحت مخلفات النساك أثمن ما تملكه الكنائس المسيحية , ولا تزال مدخرة فيها حتى اليوم.
وكان رئيس الدير يطلب إلى الرهبان أن يطيعوه طاعة عمياء , ويمتحن الرهبان الجدد بأوامر مستحيلة التنفيذ يلقيها عليهم , وتقول إحدى القصص إن واحداً من أولئك الرؤساء أمر راهباً جديداً أن يقفز في نار مضطرمة فصدع الراهب الجديد بالأمر , فانشقت النار حتى خرج منها بسلام. وأمر راهب جديد آخر أن يغرس عصا رئيسه في الأرض ويسقيها حتى تخرج أزهراً , فلبث الراهب عدة سنين يذهب إلى نهر النيل على بعد ميلين من الدير يحمل منه الماء ليصبه على العصا , حتى رحمه الله في السنة الثالثة فأزهرت. ويقول جيروم إن الرهبان كانوا يأمرون بالعمل (لئلا تضلهم الأوهام الخطرة). فمنهم من كان يحرث الأرض , ومنهم من كان يعني بالحدائق أو ينسج الحصر أو السلاسل , أو يصنع أحذية من الخشب , أو ينسخ المخطوطات. وقد حفظت لنا أقلامهم كثيرا من الكتب القديمة. على أن كثيرين من الرهبان المصريين كانوا أميين يحتقرون العلوم الدنيوية ويرون أنها غرور وباطل. ومنهم من كان يرى أن النظافة لا تتفق مع الإيمان , وقد أبت
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/248)
العذراء سلفيا أن تغسل أي جزء من جسدها عدا أصابعها , وكان في أحد الأديرة النسائية 130 راهبة لم تستحم واحدة منهن قط أو تغسل قدميها , ولكن الرهبان أنسوا إلى الماء حوّالي آخر القرن الرابع , وسخر الأب إسكندر من هذا الانحطاط فأخذ يحن إلى تلك الأيام التي لم يكن فيها الرهبان (يغسلون وجوههم قط).
وكان الشرق الأدنى ينافس مصر في عدد رهبانها وراهباتها وعجائب فعالهم. فكانت أنطاكية وبيت المقدس خليتين مليئتين بالصوامع والرهبان والراهبات , وكانت صحراء سوريا غاصة بالنساك , منهم من كان يشد نفسه بالسلاسل إلى صخرة ثابتة لا تتحرك كما يفعل فقراء الهنود , ومنهم من كان يحتقر هذا النوع المستقر من المساكن , فيقضي حياته في الطواف فوق الجبال يطعم العشب البري. ويروي لنا المؤرخون أن سمعان العمودي Simeon Stylites ( 390؟ - 459 ) كان لا يذوق الطعام طوال الصوم الكبير الذي يدوم أربعين يوماً. وقد أصر في عام من الأعوام أثناء هذا الصوم كله على أن يوضع في حظيرة وليس معه إلا القليل من الخبز والماء. وأخرج من بين الجدران في يوم عيد الفصح فوجد أنه لم يمس الخبز أو الماء. وبني سمعان لنفسه في عام 422 عموداً عند قلعة سمعان في شمالي سوريا وعاش فوقه. ثم رأى أن هذا اعتدال في الحياة يجلله العار فأخذ يزيد من ارتفاع العمد التي يعيش فوقها حتى جعل مسكنه الدائم فوق عمود يبلغ ارتفاعه ستين قدماً ولم يكن محيطه في أعلاه يزيد على ثلاثة أقدام , وكان حول قمته سور يمنع القديس من السقوط على الأرض حين ينام.
وعاش سمعان على هذه البقعة الصغيرة ثلاثين عاماً متوالية معرضاً للمطر والشمس والبرد. وكان أتباعه يصعدون إليه بالطعام وينقلون فضلاته على سلم يصل إلى أعلى العمود , وقد شد نفسه على هذا العمود بحبل حز في جسمه , فتعفن حوله , ونتن وكثرت فيه الديدان , فكان يلتقط الدود الذي يتساقط من جروحه ويعيده إليها ويقول: (كلي مما أعطاك الله!). وكان يلقى من منبره العالي مواعظ على الجماهير التي تحضر لمشاهدته , وكثيراً ما هدى المتبربرين , وعالج المرضى , واشترك في السياسة الكنسية , وجعل المرابين يستحون فينقصون فوائد ما يقرضون من المال إلى ستة في المائة بدل اثني عشر. وكانت تقواه سبباً في إيجاد طريقة النسك فوق الأعمدة , وهي الطريقة التي دامت اثني عشر قرناً , ولا تزال باقية حتى اليوم بصورة دنيوية خالصة).
ومثل ذلك ذكر هرلبت في كتابه.
ودي سي سيندرول.
وستر زي غواسكي.
وبروكوبيوس.
وونكل مين.
فجاء الإسلام فهذب هذه التعاليم ونقحها , وحذف منها الغلو والتطرف , ومنع الناس عن التشدد في الدين , وتعذيب النفس , وعرفهم الحنيفية السمحة البيضاء , النزيهة عن الانغماس في الدنيا والجري وراء ملذاتها وشهواتها , كما راعى جانب الطبيعة والفطرة , وأباح الطيبات من الرزق والحلال من المال , والتمتع بالجائز من الدنيا , فوضع عن الناس إصرهم والأغلال التي كانت عليهم , وأمرهم بالقصد والاعتدال بين التجرد المحض والتزهد الصرف , وبين الإسراف المطلق والتقتير الفاحش , فقال جل وعلا في كتابه الذي أنزله على سيد البشر صلوات الله وسلامه عليه:
{يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ 31 قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}
وقال: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}
وقال: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً}
وقال: {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/249)
وقال: {وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ 80 وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ 81}
وقال: {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ 5 وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ 6 وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ 7}
وقال: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
وجعل المال قواماً للإنسان حيث قال:
{وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً}.
وقال: {وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}.
و {وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ}.
وأمر المؤمنين أن يتوجهوا إليه بطلب الدنيا وحسناتها مع الآخرة وحسناتها قائلين:
{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
كما أمر من إجتمع عنده مال الدنيا ورزقها أن يخرج منها حقا للسائل والمحروم وزكاة وصدقة , وأن يعمروا مساجد الله , وينفقوا على ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل فقال تعالى:
{وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}
وقال: {كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}.
وقال: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ}.
وقال مع ذلك: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا}.
كما قال: {وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}.
فهذا ما قد ورد في كتاب الله , وما أكثره في هذا المعنى.
وأما سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم , الأصل الثاني للشريعة الإسلامية فلم يرد فيها أن صاحبها صلى الله عليه وسلم قال لمن أراده أن يتبعه: بع واتبعني , بل قال لمن كان يريد أن يتصدق بأكثر ماله – وهو سعد بن أبي وقاص – وكان مريضا في حجة الوداع فعاوده الرسول صلى الله عليه وسلم وكان عازما على الصدقة بثلثي ماله , وفي رواية أخرى: بماله كله , فسأله الرسول صلى الله عليه وسلم عما ترك لولده – وفي رواية أنه لم يكن له إلا بنت - , فقال: الثلث , والثلث كثير , إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس.
وكذلك نهى كعب بن مالك عن التصدق بجميع ماله كما ورد في الصحيحين أن عبيد الله بن كعب بن مالك قال:
(سمعت كعب بن مالك يحدث بحديث توبته , قال فقلت: يا رسول الله , إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله عز وجل وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم فقال: أمسك بعض مالك فهو خير لك).
وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال:
(نعم المال الصالح للرجل الصالح).
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق , ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها).
وفي الصحيحين أيضا عن أم سليم أنها قالت: (يا رسول الله , خادمك أنس ادع له – فدعا له رسول الله عليه الصلاة والسلام – وفيما دعا له أن يكثر ماله , وإليك النص: اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيهما).
وكان صلى الله عليه وسلم يردد كثيرا: (ما نفعني مال كمال أبي بكر).
و (إن من أمنَّ الناس علي في ماله وصحبته أبو بكر).
كما أمر أم هانئ باتخاذ الغنم حيث قال: (اتخذي غنما , فإن فيها بركة).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/250)
وادخر رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهله قوت سنة كما ورد في الصحاح , واللفظ لمسلم عن عمر أنه قال:
(كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب , فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة , فكان ينفق على أهله نفقة سنة , وما بقي يجعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله – وفي رواية – كان يحبس منه قوت أهله لسنة).
وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أحكام الزكاة والصدقات والإنفاق في سبيل الله , ولم تكن هذه الأحكام إلا لمن يملكه , ولو لم يكن ما كان لبيانها غرض ولا فائدة.
فهذه هي تعاليم الكتاب والسنة , وفي ضوء هذه نرى الصوفية والمتقدمين منهم بالأخص والمتأخرين أيضا بأيتهما يتمسكون؟
لكي يتضح الأمر عن مرجع تصوفهم ومعول أمرهم.
فذكر المحاسبي المتوفى 243 ه عن صوفي قديم آخر إبراهيم بن أدهم أنه قال:
إن كنت تحب أن تكون لله وليا , وهو لك محبا فدع الدنيا والآخرة , ولا ترغبن فيهما.
ونقل السهر وردي والسراج الطوسي والقشيري عن السري السقطي المتوفى سنة 251 هـ أنه قال:
(لا يكن معك شيء تعطي منه أحد).
وذكر القشيري عن واحد آخر من الصوفية الأوائل داود الطائي المتوفى 165 هـ أنه قال: (صم عن الدنيا , واجعل فطرك الموت , وفر من الناس كفرارك من السبع).
وسيد الطائفة الجنيد البغدادي يقول:
(أحب للمريد المبتدئ أن لا يشغل قلبه بالتكسب , وإلا تغير حاله).
ويقول أيضا:
(ما أخذنا التصوف عن القيل والقال , لكن عن الجوع وترك الدنيا وقطع المألوفات والمستحسنات).
ويبين ابن عجيبة الحسني حالة أهل التصوف في كتابه (إيقاظ الهمم):
(وكان بعضهم إذا أصبح عنده شيء أصبح حزينا , وإذا لم يصبح عنده سيء أصبح فرحا مسرورا).
وقال أيضا:
(الفقر أساس التصوف , وبه قوامه).
وروى مثل ذلك عن أبي محمد رويم المتوفى 303 هـ أنه قال:
(مبنى التصوف على الفقر).
نعم , الفقر الذي تعوذ منه سيد الخلائق المدعم بالوحي , والمعصوم بعصمة الله وقال: (اللهم إني أعوذ بك من الفقر).
فجعلوا ذلك الفقر أساس التصوف وقوامه , وأقاموا بناءه عليه.
ونقل الطوسي عن الجنيد أنه سئل عن الزهد فقال:
(الزهد هو تخلي الأيدي من الأملاك).
وبمثل ذلك قال رويم بن أحمد الصوفي المتوفى 303 هـ حينما سئل عن الزهد ما هو؟. فقال: (هو ترك حظوظ النفس من جميع ما في الدنيا).
وذكر الشعراني عن ابن عربي أنه قال:
(من أراد فهم المعاني الغامضة من كلام الله عز وجل وكلام رسوله وأوليائه فليزهد في الدنيا حتى يصير ينقبض خاطره من دخولها , ويفرح لزوالها).
وينقل أيضا عن إبراهيم المتبولي أنه قال:
(كل فقير لا يحصل له جوع ولا عري فهو من أبناء الدنيا).
وذكر الصوفي عماد الدين الأموي في كتابه (حياة القلوب) أن رجلا دخل على بعض الصوفية يتكلم في الزهد وعنده قميص معلق وعليه آخر , فقال:
يا شيخ , أما تستحي أن تتكلم في الزهد ولك قميصان.
وزجر السري السقطي رجلا كان يملك عشرة دراهم وقال:
أنت تقعد مع الفقراء ومعك عشرة دراهم.
وذكر الكلاباذي عن أحمد بن السمين أنه قال:
كنت أمشي في طريق مكة , فإذا أنا برجل يصيح: أغثني يا رجل , الله , الله. قلت مالك , مالك؟
خذ مني هذه الدراهم , فإني ما أقدر أن أذكر الله وهي معي , فأخذتها منه فصاح: لبيك اللهم لبيك , وكانت أربعة عشر درهما.
وقال سهل بن عبد الله التستري:
اجتمع الخير كله في هذه الأربع خصال , وبها صار الأبدال أبدالا: أخماص البطون , والصمت والخلوة , والسهر.
وينقل الهجويري عن أبي بكر الشبلي أن واحدا من علماء الظاهر سأله على سبيل التجربة عن الزكاة قائلا: (ما الذي يجب أن يعطى من الزكاة؟.
قال: حين يكون البخل موجودا ويحصل المال فيجب أن يعطى خمسة دراهم عن كل مائتي درهم , ونصف دينار عن كل عشرين دينارا , هذا في مذهبك.
أما في مذهبي فيجب أن لا تملك شيئا حتى تتخلص من مشغلة الزكاة).
وقال الهجويري:
(السكون إلى مألوفات الطبع يقطع صاحبها عن بلوغ درجات الحقائق).
وينقلون عن الرفاعي أحمد بن أحمد بن أبي الحسين صاحب الطريقة الرفاعية أنه كان يقول:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/251)
(أكره للفقراء دخول الحمام , وأحب لجميع أصحابي الجوع والعري والفقر والذل والمسكنة , وأفرح لهم إذا نزل بهم ذلك).
ونقل أبو المظفر أن أبا بكر الوراق قال:
(الزهد مركب من الحروف الثلاثة: الزاء , والهاء , والدال , فالزاي ترك الزينة , والهاء ترك الهوى , والدال ترك الدنيا).
ونقل أبو طالب المكي عن سفيان أنه قال: (الصائم إذا اهتم في أول النهار بعشائه كتب عليه خطيئة , وكان سهل (التستري) يقول: إن ذلك ينقص من صومه).
ونقل عن حذيفة المرعشي أنه قال:
(منذ أربعين سنة لم أملك إلا قميصا واحدا).
وذكر الكلاباذي في تعرفة عن أبي الحسن محمد بن أحمد الفارسي أنه قال: (من أركان التصوف ترك الاكتساب وتحريم الادخار).
ونقل نجم الدين الكبري المتوفى 618 هـ: التصوف هو نبذ الدنيا كلها.
ويقول الهروي عبد الله الأنصاري المتوفي 481 هـ:
(الزهد أصله تعذيب الظاهر بترك الدنيا).
وينقل ابن الملقن عن أستاذ الجنيد أنه قال:
(علامة الفقير الصادق أن يفتقر بعد الغنى , وينحط بعد الشهرة).
وينقل السلمي عن سمنون المحب – وهو من أصحاب السري السقطي – أنه سئل عن الفقير الصادق فقال: (الذي يأنس بالعدم كما يأنس الجاهل بالغنى , ويستوحش من الغنى كما يستوحش الجاهل من الفقر).
وذكروا عن أبي يزيد البسطامي أنه سئل: بأي شيء نلت هذه المعرفة؟ فقال: (ببطن جائع وبدن عار).
وأخيرا ذكر الكلاباذي عن الصوفية فقال:
(أنهم قوم تركوا الدنيا فخرجوا عن الأوطان , وهجروا الأخدان , وساحوا في البلاد , وأجاعوا الأكباد , وأعروا الأجساد).
مع اعترافهم بأن هذه هي المسيحية كما نص على ذلك أبو طالب المكي حيث قال:
(روينا عن عيسى عليه السلام أنه قال: (أجيعوا أكبادكم , وأعروا أجسادكم لعل قلوبكم ترى الله عز وجل).
فالنصوص في هذا المعنى أكثر من أن تعد وتحصى , وأن يسعها كتاب فهيهات هيهات أن يسعها باب أو جزء من الباب , وكل هذه النصوص تنطق صراحة عن مصدرها الأصلي ومرجعها الحقيقي , ولا علاقة لها بتعاليم الإسلام وإرشاداته , بل أنها مخالفة تماما لتلك , ولكي يسهل على القراء والباحثين المقارنة ذكرنا ما ورد في القرآن والسنة في هذا الخصوص , كما أوردنا قبل ذلك توجيهات مسيحية وتعاليم رهبانية وعلى ذلك قال C.H. BEC
قال الشيخ الألباني :
ER وآسين بلاثيوس , ونيكلسون بأن ترك الدنيا , ومعنى التوكل جاء في التصوف من المسيحية.
ونص فون كريمر على أن الزهد الصوفي نشأ بتأثير من الزهد المسيحي.
وقال جولد زيهر:
(إن مدح الفقر وإيثاره على الغنى كان من العناصر النصرانية).
وأقر بذلك الكاتب الإيراني الكبير الدكتور قاسم غني في كتابه (تاريخ التصوف في الإسلام).
الزّاويَةُ وَ الملْبَسُ
وأما التزام الصوفية لبس الصوف لكونه شعارا وعلامة لهم فأيضا مأخوذ من رهبنة المسيحية لأنه كان زيهم الخاص بهم كما أقر بذلك الصوفي المشهور في طبقاته عن أبي العالية أنه كان (يكره للرجل زي الرهبان من الصوف , ويقول: زينة المسلمين التجمل بلباسهم) ز
ومثل ذلك نقل ابن عبد ربه في (العقد الفريد) عن حماد بن سلمة أنه قال لفرقد السنجي حينما رآه لابسا الصوف:
(دع عنك هذه النصرانية).
وأورد ابن الجوزي مثل هذه الرواية بسنده حيث قال:
(أخبرنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد , حدثنا حمد بن أحمد الحداد , حدثنا أبو نعيم الحافظ , حدثنا أبو حامد بن جبلة , حدثنا حمد بن إسحاق , حدثنا إسماعيل بن أبي الحارث , حدثنا هارون بن معروف , عن ضمرة , قال:
سمعت رجلا يقول: قدم حماد بن سلمة البصرة , فجاءه فرقد السنجي وعليه ثوب صوف , فقال له حماد: ضع عنك نصرانيتك هذه , فلقد رأيتنا ننتظر إبراهيم – يعني النخعي – فيخرج علينا وعليه معصفرة).
وأورد أيضا رواية أخرى مسندة بطريق البخاري رحمة الله عليه قال:
أخبرنا محمد بن ناصر وعمر بن ظفر , قالا: حدثنا محمد بن الحسن الباقلاوي , حدثنا القاضي أبو العلاء الواسطي , حدثنا أبو نصر أحمد بن محمد السازكي , حدثنا أبو الخير أحمد بن حمد البزار , حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري , حدثنا علي بن حجر , حدثنا صالح بن عمر الواسطي عن أبي خالد , قال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/252)
جاء عبد الكريم أبو أمية إلى أبي العالية وعليه ثياب صوف , فقال له أبو العالية: (إنما هذه ثياب الرهبان , إن المسلمين إذا تزوروا تجملوا).
ونقل الشعراني عن سهل التستري حكاية باطلة غريبة تدل على أن الصوف كان لباس أصحاب المسيح , وهذا هو نصها: أن سهل بن عبد الله التستري كان يقول:
(اجتمعت بشخص من أصحاب المسيح عليه السلام في ديار قوم عاد فسلمت عليه , فرد علي السلام , فرأيت عليه جبة من صوف فيها طراوة , فقال لي: إن لها علي من أيام المسيح , فتعجبت من ذلك.
فقال: يا سهل إن الأبدان لا تخلق الثياب , إنما يخلقها رائحة الذنوب , ومطاعم السحت , فقلت له: فكم لهذه الجبة عليك؟
فقال: لها سبعمائة سنة).
وذكر السهر وردي أيضا أنه كان الصوف لباس عيسى عليه السلام فقال:
(كان عيسى عليه السلام يلبس الصوف , ويأكل من الشجرة , ويبيت حيث أمسى).
ومثل ذلك ذكر الكلاباذي.
(وعلى ذلك قال نولدكة ونيكلسون وماسينيون إن التصوف الإسلامي أخذ لبسة الصوف من الرهبان النصارى).
وزاد نيكلسون أشياء في مقالاته العديدة التي نشرت في دوائر المعارف , وجمعت بعضها باسم (الدراسات في التصوف الإسلامي وتاريخه) منها ما قاله تحت عنوان: الزهد في الإسلام:
(كان عرب الجاهلية على حظ قليل من التفكير الديني , وكان تفكيرهم في هذه الناحية مضطرباً وغامضاً. وقد شغلهم انهماكهم في متع الحياة ومتاعبها عن التفكير في حياة أخروية , ولم يخطر ببالهم أن يعدوا أنفسهم لحياة روحية وراء حدود القبر. وقد غرست المسيحية – لا الكنيسة المسيحية , بل المسيحية غير التقليدية وغير المنظمة – بذور الزهد في بلاد العرب قبل البعثة المحمدية , وظل أثرها يعمل عمله في تطور الزهد في الإمبراطورية الإسلامية في عصورها الأولى. ونحن نعلم أن المسيحية كانت منتشرة قبل الإسلام بين قبائل شمالي الجزيرة العربية , وأن كثيراً من العرب كانوا على شيء من العلم – مهما كان قليلا وسطحيا – بعقائد الديانة المسيحية وطقوسها. بل إن الإشارات التي وردت في الشعر الجاهلي عن رهبان المسيحيين لتدل على أن عرب البادية كانوا يجلون هؤلاء الرهبان ويعظمونهم , وكانوا يهتدون بأنوارهم المنبعثة من صوامعهم في ظلام الليل وهم يسيرون في الصحراء فضرب هؤلاء الرهبان وغيرهم من الزهاد الهائمين على وجوههم , مثلا للعرب الوثنيين في الزهد , وحركوا في نفوس بعضهم , وهم المعروفون بالحنفاء , ميلاً إلى النفور من الأوثان ورفض عبادتها. فدان هؤلاء بعقيدة التوحيد , واصطنع بعضهم الزهد ومجاهدة النفس , ولبسوا الصوف وحرموا على أنفسهم بعض أنواع الطعام).
وقال أيضا:
(كانت الثياب المصنوعة من خشن الصوف علامة على الزهد قبل الإسلام , وفي هذا حاكى العرب رهبان المسيحيين. وقد شاع استعمال هذا النوع من الثياب بين زهاد المسلمين الأوائل , ومنه اشتق اسم الصوفية الذي استعمل قبل نهاية القرن الثاني الهجري. على أن اسما آخر أطلق على هؤلاء الزهاد وإن كان أقل شيوعا من اسم الصوفي وهو (مسوحي) نسبة إلى مسوح جمع مسح وهو اللباس من الشعر.
وقد جرت العادة بأن يلبس الزهاد , رجالا كانوا أو نساء , جبة مدرعة من الصوف وأن تلبس المرأة أحيانا غطاء على الرأس من القماش نفسه , وهذا الغطاء هو المعروف بالخمار.
وقد استنكر سفيان الثوري المتوفى سنة 161 هـ لبس الصوف , وعده بدعة , واستنكر كذلك غيره من المسلمين لأنهم اعتبروه رمزا للمسيحية وعلامة على الرياء).
وقال أيضا تحت عنوان التصوف باحثا عن كلمة الصوفي نقلا عن نولدكه:
(إن المسلمين في القرنين الأولين للإسلام كانوا يلبسون الصوف , وبخاصة من سلك منهم طريق الزهد , وأنهم كانوا يقولون: لبس فلان الصوف: بمعنى تزهد ورغب عن الدنيا.
فلما انتقل الزهد إلى التصوف قالوا: لبس فلان الصوف بمعنى: أصبح صوفيا. وكذلك الحال في اللغة الفارسية: فإن قولهم (بشمينا بوش) معناه: يلبس لباس الصوف.
وقد أخذ زهاد المسلمين الأوائل عادة لبس الصوف عن رهبان المسيحيين ونساكهم , يدل على ذلك أن حماد بن أبي سليمان قدم البصرة , فجاءه فرقد السنجي وعليه ثياب صوف فقال له حماد ضع عنك نصرانيتك هذه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/253)
وقد أطلقوا على هذه الثياب (زي الرهبان) , واستشهدوا بحديث معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن عيسى كان يلبس ثياب الصوف).
وقال جولدزيهر:
(وقد حاكى هؤلاء الزهاد المسلمون وعبادهم نساك النصارى ورهبانهم , فارتدوا الصوف الخشن).
هذا وبمثل هذا قال الدكتور قاسم غني:
(إن ارتداء الملابس الصوفية أو التصوف الذي نشأ عنه كلمة الصوفية كما تقدم كان من عادات الرهبان المسيحيين , ثم صار فيما بعد شعارا للزهد عند الصوفية. والدلق الذي ورد ذكره في أشعار الصوفية وكتبهم استعمل في معنى لباس الصوفية في كل مكان. أي الخرقة التي كانوا يرتدونها فوق جميع الملابس والظاهر أنها كانت من صوف. والدلق إما أن يكون من قطعة واحدة أو مرقعا , ويسمى بالدلق المرقع في هذه الحال , وإذا كان من ألوان مختلفة يسمى حينئذ (الدلق الملمع) والدلق عند صوفية الإسلام سواء كان لونه أزرق أو كان أسود يسمى دائما: (بالدلق الأزرق) وخرقة الرهبان التي كانت على ما يظهر بيضاء في بادئ الأمر صارت بعد ذلك سوداء وزمرة (السوكواران) أي المفجوعون , الذين يتكلم عنهم الفردوسي في الشاهنامة ليسوا إلا أساقفة المناظرة المسيحيين ممن لجأوا إلى إيران في القرن الثالث الميلادي وهم الذين كانوا يلبسون ملابس الصوف الخشنة على أجسامهم كي يكون ذلك نوعا من التقشف والأخششان , فكان إصطلاح (صوفي) و (وصوفية) الذي هو بالفارسية (بشمينه بوش) أي لابس الصوف وكان يطلق على رجال المسيحيين ونسائهم).
ولا بأس من إيراد تعليقة ذكرت تحت هذه العبارة:
(ويقول ياقوت في كتاب (معجم البلدان) في حواشي (دير العذارى): وقال أبو الفرج:ودير العذارى بسر من رأى إلى الآن موجود يسكنه الرواهب. وحدث الجاحظ في كتاب (المعلمين) قال: حدثني ابن الفرج الثعلبي: أن فتيانا من بني ملاص من ثعلبة أرادوا القطع على مال يمر بهم قرب دير العذارى فجاءهم من أخبرهم أن السلطان قد علم بهم وأن الخيل قد أقبلت تريدهم , فاستخفوا في دير العذارى , فلما صاروا فيه سمعوا وقع حوافر الخيل التي تطلبهم راجعة , فأمنوا ثم قال بعضهم لبعض: ما لذي يمنعكم أن تأخذوا بالقس فتشدوا وثاقه ثم يخلوا كل واحد منكم بهذه الأبكار , فإذا طلع الفجر تفرقنا في البلاد , وكنا جماعة بعدد الأبكار اللواتي كن أبكارا في حسابنا. ففعلنا ما اجتمعنا عليه , فوجدناهن جميعا ثيبات قد فرغ منهن القس قبلنا .. فقال بعضنا:
ودير العذارى فضوح لهن وعند القسوس حديث عجيب
خلونا بعشرين صوفية نيك الرواهب أمر غريب
إذا هن يرهزن رهز الظراف وباب المدينة فج رحيب
ويبدو من تعبير (الصوفية) في هذا الشعر أن المقصود منه الراهبات المسيحيات).
ولذلك خالف علماء الأمة وفقهاؤها لبسه.
فلقد نقل الإمام ابن تيمية عن أبي الشيخ الأصبهاني عن إسناده أن ابن سيرين بلغه أن قوما يفضلون لباس الصوف فقال:
(إن قوما يتخيرون الصوف يقولون إنهم متشبهون بعيسى بن مريم , وهدي نبينا أحب إلينا , وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس القطن وغيره).
كما نقل ابن الجوزي عن أحمد بن أبي الجواري أنه قال: قال لي سليمان بن أبي سليمان: (أي شيء أرادوا بلباس الصوف؟
قلت: التواضع.
قال: ما يتكبر أحد إلا إذا لبس الصوف.
ونقل عن سفيان الثوري أنه قال لرجل عليه صوف: لباسك هذا بدعة.
كما روى عن الحسن بن الربيع أنه قال:
سمعت عبد الله بن المبارك يقول لرجل رأى عليه صوفا مشهورا: أكره هذا , أكره هذا.
وروي عن بشر بن الحارث أنه سئل عن لبس الصوف.
فشق عليه , وتبين الكراهة في وجهه , ثم قال: لبس الخز والمعصفر أحب إلي من لبس الصوف في الأمصار.
وروي عن أبي سليمان الداراني أنه قال لرجل لبس الصوف: إنك قد أظهرت آلة الزاهدين , فماذا أورثك هذا الصوف.
كما رو يعن النضر بن شميل أنه قال لبعض الصوفية:
تبيع جبتك الصوف؟
فقال: إذا باع الصياد شبكته بأي شيء يصطاد).
هذا ونقل عن غيره مثل هذا.
هذا من ناحية الملابس.
وأما اتخاذهم الخانقاوات والتكايا والزوايا , وانعزالهم عن الدنيا فلم تكن إلا مأخوذة من الرهبنة المسيحية أيضا كما ذكرنا فيما مر نقلا عن الجامي في نفحاته أن أول خانقاه بنيت هي التي بناها أمير مسيحي من الرملة في الشام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/254)
وهي تشبه تماما أديرة الرهبان النصارى ذات الأسوار العالية البعيدة عن عالم الناس والعمران , نتيجة للهروب من عالم الترف المادي إلى عالم الترف الروحي , ومن هذه الأديرة تطورت كثير من الأفكار الإيجابية , خرج بها رهبان لفتح حقول جديدة على مبادئ من الطهارة والفقر والخضوع.
(أما الطهارة فكان معناها ليس تطهير الجسد بالصوم , بل كانت تعني فوق ذلك قطع علاقات محبة الأب أو الأم أو الابن أو الأخت حتى يكون الراهب أقدر على خدمة البشر , وتصبح المحبة هنا ديانة إنسانية شاملة ز
أما الفقر فكان يعني التحرر المطلق من قيود الأشياء , ورفض المصالح المادية من أجل خدمة الإنسان , وكان الخضوع يعني الاستسلام الكامل لإرادة الله للقيام بالواجبات).
ولقد صرح الكتور قاسم غني أن المسيحية: (استطاعت أن تعلم صوفية المسلمين آدابا وعادات كثيرة عن طريق زمرة المتقشفين وفرق الرهبان المتجولين , ولا سيما الجماعات السورية المتجولة في كل مكان ممن كانوا على الأغلب من فرق النصارى النسطوريين , في حين أن تأثير كنائس المسيحية في المسلمين كان في نطاق محدود جدا.
وأن الحياة في الصوامع والخانقاوات كانت أيضا مقتبسة من المسيحية إلى حد كبير).
وبمثل ذلك قال نيلكسون , المستشرق الإنجليزي الكبير الذي عرف باختصاصه في الدراسات عن التصوف , حيث يذكر تحت تطور الزهد في العصور الوسطى:
(لم يخرج الصوفية كثيرا على الحديث القائل: لا رهبانية في الإسلام إلا بعد مضي عدة قرون – إلى أن يقول -: وإننا لا نعلم إلا القليل عن نظام الزهد الرهباني ونشأته في العصور الإسلامية الأولى , ويقال: أن أول خانقاه أسست لمتصوفة المسلمين كانت برملة في فلسطين قبل نهاية المائة الثامنة الميلادية على ما يظهر , وأن مؤسسها كان راهبا مسيحيا ... وقد الصوفية بعض الأحاديث المدخولة على النبي , التي تشير لإباحة العزوبة لجميع المسلمين بعد المائتين من الهجرة فقد ظهر نظام الرهبنة في الإسلام حوالي هذا التاريخ تقريبا. نعم لم يعم الزهد في العالم الإسلامي , ولم تظهر فيه الربط والزوايا المنظمة إلا في عصر متأخر , لأن القارئ للكتب التي ألفت في التصوف حتى منتصف القرن الخامس الهجري , مثل قوت القلوب لأبي طالب المكي , وحلية الأولياء لأبي نعيم , والرسالة للقشيري , قلما يجد فيها إشارة إلى هذا الربط والزوايا , ومع ذلك نجد أن كبار الصوفية من رجال القرنين الثالث والرابع قد اجتمع حولهم المريدون ليأخذوا عنهم الطريق ويتأدبوا بآدابه. ومن الطبيعي أن هؤلاء المريدين أقاموا في بيوت دينية من نوع ما , كلما وجدوا إلى ذلك سبيلا. ويذكر المقريزي أن الخانقاوات وجدت في الإسلام في القرن الخامس الهجري المقابل للقرن الحادي عشر الميلادي. وإذا سلمنا بقول المقريزي فعلى معنى أن خانقاوات الصوفية التي كان يجتمع فيها المريدون تحت إشراف مشايخهم , لم تكثر وتنتشر في بلاد المملكة الإسلامية إلا في هذا التاريخ , وهذا يتفق مع ما ورد في كتاب آثار البلاد للقزويني حيث يقول إن أبا سعيد بن أبي الخير (المتوفى 1049 م لا حوالي 815 كما يقول دي ساسي خطأ – ولا كما يقول دوزي وفون كريمر نقلا عن دي ساسي) يذكر عنه أنه مؤسس نظام الرهبنة في التصوف الإسلامي وأول واضع لقواعده وقوانينه. وبعد ذلك بمائتي سنة – أي بين 450 , 650 – زيد في نظام الرهبنة وانتشر هذا النظام على أيدي رجال الطرق , كالعدوية والقادرية والرفاعية وغير ذلك من الطرق التي توالى ظهورها سريعا).
هذا بالنظر إلى أنه لا يوجد في تعاليم القرآن والسنة رسم ولا أثر لهذه التكايا والزوايا والخانقاوات والربط , بل أمر المسلمين ببناء المسجد للعبادة كما أمروا بتعمير بيوتهم بقراءة القرآن فيها والعبادة.
وأما بناء الأمكنة الخاصة للتعبد والذكر والأوراد فليس إلا تقليلا لشأن المساجد , وصرف الناس عنها , وإعطاء التكايا والزوايا والربط مكانتها وشأنها , وفي هذا مخالفة لأوامر الله وتعاليم رسوله صلوات الله وسلامه عليه. وعلى ذلك قال ابن الجوزي:
(أما بناء الأربطة فإن قوما من المتعبدين الماضين اتخذوها للانفراد بالتعبد , وهؤلاء إذا صح قصدهم فهم على الخطأ من ستة أوجه:
أحدها: أنهم ابتدعوا هذا البناء وإنما بنيان أهل الإسلام المساجد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/255)
والثاني: أنهم جعلوا للمساجد نظيرا يقلل جمعها.
والثالث: أنهم أفاتوا أنفسهم نقل الخطى إلى المساجد.
والرابع: أنهم تشبهوا بالنصارى بانفرادهم في الأديرة.
والخامس: أنهم تعزبوا وهم شباب وأكثرهم محتاج إلى النكاح.
والسادس: أنهم جعلوا لأنفسهم علما ينطق بأنهم زهاد فيوجب ذلك زيارتهم والتبرك بهم. وإن كان قصدهم غير صحيح فإنهم قد بنوا دكاكين للكوبة ومناخا للبطالة وأعلاما لإظهار الزهد.
وقد رأينا جمهور المتأخرين منهم مستريحين في الأربطة من كد المعاش متشاغلين بالأكل والشرب والغناء والرقص يطلبون الدنيا من كل ظالم ولا يتورعون من عطاء ماكس. وأكثر أربطتهم قد بناها الظلمة , ووقفوا عليها الأموال الخبيثة. وقد لبس عليهم إبليس أن ما يصل إليكم رزقكم فاسقطوا عن أنفسكم كلفة الورع. فهمتهم دوران المطبخ والطعام والماء البارد. فأين جوع بشر , وأين ورع سري , وأين جد الجنيد. وهؤلاء أكثر زمانهم ينقضي في التفكه بالحديث أو زيارة أبناء الدنيا , فإذا أفلح أحدهم أدخل رأسه في زرمانقته فغلبت عليه السوداء , فيقول: حدثنا قلبي عن ربي. ولقد بلغني أن رجلا قرأ القرآن في رباط فمنعوه , وأن قوما قرأوا الحديث في رباط , فقالوا لهم: ليس هذا موضعه).
هذا وقد أورد ابن الجوزي حديثا بسنده إلى الرسول صلى الله عليه وسلم عن أبي عمامة أنه قال:
خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية من سراياه , قال: فمر رجل بغار فيه شيء من ماء , قال: فحدث نفسه بأن يقيم في ذلك الغار فيقوته ما كان فيه , وفيه شيء من ماء , ويصيب ما حوله من البقل , ويتخلى عن الدنيا. ثم قال: لو أني أتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له , فإن أذن لي فعلت , وإلا لم افعل , فأتاه فقال: يا نبي الله , إني مررت بغار فيه ما يقوتني من الماء والبقل فحدثتني نفسي بأن أقيم فيه وأتخلى من الدنيا.
قال: فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم:
(إني لم أبعث باليهودية ولا بالنصرانية ولكنني بعثت بالحنيفية السمحة , والذي نفس محمد بيده , لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها).
وأما استماعهم إلى نصائح الرهبان ودروسهم ومواعظهم , وإنصاتهم لهم وتلمذهم عليهم , وتمجيدهم إياهم , والثناء عليهم فمنقول عنهم بكثرة , فإن إبراهيم بن أدهم – وهو من أوائل الصوفية – صرح بذلك حيث قال:
(تعلمت المعرفة من راهب يقال له: سمعان , دخلت عليه في صومعته فقلت له: يا سمعان , منذ كم وأنت في صومعتك هذه؟.
قال: منذ سبعين سنة.
قلت: ما طعامك؟
قال: يا حنيفي وما دعاك إلى هذا؟
قلت: أحببت أن أعلم.
قال: في ليلة حمصة. قلت: فمن الذي يهيج من قلبك حتى تكفيك هذه الحمصة؟
قال: ترى الذين بحذائك؟ قلت: نعم , قال إنهم يأتونني في كل سنة يوما واحدا فيزنون صومعتي , ويطوفون حولها , يعظمونني بذلك , وكلما تثاقلت نفسي عن العبادة ذكرتها تلك الساعة , فأنا أحتمل جهد سنة لعزّ ساعة , فاحتمل يا حنيفي جهد ساعة لعزّ الأبد , فوقر في قلبي المعرفة , فقال: أزيدك؟
قلت: نعم , قال: أنزل عن الصومعة , فنزلت فأدلى إليّ ركوة فيها عشرون حمصة.
فقال لي: أدخل الدير فقد رأوا ما أدليت إليك , فلما دخلت الدير اجتمعت النصارى , فقالوا: يا حنيفي , ما الذي أدلى إليك الشيخ؟
قلت: من قوته , قالوا: وما تصنع به؟ نحن أحق به. ساوم , قلت: عشرين دينارا , فأعطوني عشرين دينارا , فرجعت إلى الشيخ , فقال: أخطأت لو ساومتهم عشرين ألفا لأعطوك , هذا عز من لايعبده , فانظر كيف تكون بعز من تعبده يا حنيفي , أقبل على ربك).
ونقل الهجويري عن صوفي قديم آخر , وهو: إبراهيم الخواص أنه قال:
(سمعت ذات مرة أن ببلاد الروم راهبا مقيما بالدير منذ سبعين سنة بحكم الرهبانية , فقلت: واعجبا ! شرط الرهبانية أربعون سنة. بأي شرف أخلد هذا الرجل إلى الدير سبعين سنة؟ وقصدته , فلما اقتربت من ديره فتح كوة وقال لي: يا إبراهيم! عرفت لأي أمر جئت. أنا لم أقم هنا رهبانية في هذه السبعين عاما , بل لأن لي كلبا هائجا , فأقمت هنا أحرسه وأكفي الخلق شره , وإلا فلست أنا هذا (الذي تظن). فلما سمعت منه هذا الكلام قلت: يا إلهي تعاليت! أنت قادر على أن تهدي العبد طريق الصواب في عين الضلالة , وتكرمه بالصراط
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/256)
المستقيم. فقال لي: يا إبراهيم! إلام تطلب الناس؟ إمض واطلب نفسك , وإذا وجدتها فاحرسها , لأن الهوى يرتدي ثوب الإلهية كل يوم على ثلثمائة وستين لونا , ويدعو العبد إلى الضلالة).
وذكر الشعراني أن بعض أسلاف الصوفية حاولوا تقرير مذهب رهبان النصارى , وكونهم على الحق والصواب , ومن قبل رسول الله الناطق بالوحي صلوات الله وسلامه عليه – كذبا وزورا -: (أن قوله صلى الله عليه وسلم: دعوا الرهبان وما انقطعوا إليه , تقرير لهم على ما هم عليه من حيث عموم رسالته صلى الله عليه وسلم كما قرر أهل الكتاب على سكنى دار الإسلام بالجزية.
قالوا: وهي مسألة خفية جليلة في عموم رسالته صلى الله عليه وسلم. لا ينتبه لها إلا الغواصون على الدقائق).
هذا ولقد ذكر في طبقاته عن صوفي آخر – وهو إبراهيم بن عصفير – الذي يقول عنه: (كان كثير الكشف , وله وقائع مشهورة , وظهرت له الكرامات وهو صغير , وكان يأتي البلد وهو راكب الذئب أو الضبع , وكان يمشي على الماء لا يحتاج إلى مركب , وكان بوله كاللبن الحليب أبيض , ... وما ضبطت عليه كشفا أخرم فيه. يكتب عن هذا الصوفي الذي بلغ أقصى درجات الولاية:
(كان أكثر نومه في الكنيسة , ويقول: النصارى لا يسرقون النعال في الكنيسة بخلاف المسلمين , وكان رضي الله عنه يقول: أنا ما عندي من صوم حقيقة إلا من لا يأكل لحم الضأن أيام الصوم كالنصارى , وأما المسلمون الذين يأكلون لحم الضأن والدجاج أيام الصوم فصومهم عندي باطل).
وكذلك وجد مدح الرهبان النصارى في كتب صوفية كثيرة مثل ما ذكر الأصبهاني في حليته عن عبد الله بن الفرج أنه قال له رجل:
(يا أبا محمد , هؤلاء الرهبان يتكلمون بالحكمة وهم أهل كفر وضلالة , فمم ذلك؟
قال: ميراث الجوع , متعت بك).
وأيضا ذكر عن إبراهيم بن الجنيد أنه قال:
وجدت هذه الأبيات على ظهر كتاب لمحمد بن الحسين البرجلاني:
(مواعظ رهبان وذكر فعالهم وأخبار صدق عن نفوس كوافر
مواعظ تشفينا فنحن نحوزها وإن كانت الأنباء عن كل كافر
مواعظ بر تورث النفس عبرة وتتركها ولهاء حول المقابر
مواعظ أنَّى تسأم النفس ذكرها تهيج أحزانا من القلب ثائر).
ومثل ذلك ما نقله أبو طالب المكي عن عيسى عليه السلام أنه قال:
(المحب لله يحب النصب. وروى عنه أنه مر على طائفة من العباد قد احترقوا من العبادة كأنهم الشنان البالية , فقال: ما أنتم؟
فقالوا: نحن عباد. قال: لأي شيء تعبدتم؟
قالوا: خوفنا الله من النار فخفنا منها , فقال: حق على الله أن يؤمنكم ما خفتم.
ثم جاوزهم فمر بآخرين أشد عبادة منهم , فقال: لأي شيء تعبدتم؟
قالوا: شوقنا الله إلى الجنان وما أعد فيها لأوليائه , فنحن نرجو ذلك , فقال: حق على الله أن يعطيكم ما رجوتم.
ثم جاوزهم , فمر بآخرين يتعبدون , فقال: ما أنتم؟
قالوا: نحن المحبون لله لم نعبده خوفا من نار , ولا شوقا إلى جنة ولكن حبا له وتعظيما لجلاله , فقال: أنتم أولياء الله حقا , معكم أمرت أن أقيم , فأقام بين أظهرهم وفي لفظ آخر قال للأولين: مخلوقا خفتم , ومخلوقا أحببتم. وقال لهؤلاء: أنتم المقربون).
(ويستخلص من هذا أن الصوفية المسلمين لم يجدوا حرجا في الإستماع إلى مواعظ الرهبان وأخبار رياضاتهم الروحية والإستفادة منها , رغم أنها صادرة عن نصارى , ونحن نجد فعلا كثيرا من أخبار رياضات الرهبان وأقوالهم في ثنايا كتب الصوفية وطبقات الصوفية).
وقبل هذا كتب الدكتور البدوي في هذا الكتاب الذي اقتبسنا منه الأسطر الأخيرة , والذي دافع فيه عن التصوف دفاعا شديدا , وحاول فيه محاولة فاشلة لإثبات أصول التصوف ومصادره في الإسلام , ومن تعاليمه , كتب فيه:
(الاختلاط بين المسلمين والنصارى العرب في الحيرة والكوفة ودمشق ونجران وخصوصا في مضارب القبائل العربية التي انتشرت فيها المسيحية قبل الإسلام وبعده: بنو تغلب , قضاعة , تنوخ , وتتحدث بعض الأحبار عن أن بعض الصوفية المسلمين الأوائل كانوا يستشيرون بعض الرهبان النصارى في أمور الدين: كما يروي عبد الواحد بن زيد , والعتابي , وأبي سليمان الداراني).
وهذه هي الأشياء التي جعلت نيلكسون الإنجليزي , وفون كريمر الألماني , وجولد زيهر النمساوي يضطرون إلى أن يقولوا , واللفظ للأول:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/257)
(ويجب ألا ننسى في هذا المقام أثر المسيحية في الزهد الإسلامي في العصر المبكر فإن الأمر لم يقتصر على اللباس وعهود الصمت وكثير من آداب طريق الزهد التي يمكن ردها إلى أصل مسيحي , بل إننا نجد في أقدم كتب تراجم الصوفية – إلى جانبي الحكايات العديدة التي تمثل الراهب المسيحي يلقي المواعظ في صومعته أو عموده على زهاد المسلمين السائحين في الصحراء – أدلة قاطعة على أن مذاهب هؤلاء الزهاد كانت إلى حد كبير مستندة إلى تعاليم وتقاليد يهودية ومسيحية. ومن ذلك آيات كثيرة من التوراة والإنجيل مذكورة بين الأقوال المنسوبة إلى أولياء المسلمين , وأن القصص الإنجيلية التي كان يقصها رهبان المسيحيين على طريقتهم الخاصة كان يتلهف على قراءتها المسلمون: مثال ذلك المجموعة المعروفة باسم الإسرائيليات التي يقال إن وهب بن منبه (المتوفى سنة 628 م) قد جمعها , وكتاب قصص الأنبياء الذي كتبه الثعالبي (المتوفى سنة 1036 م) , وهذا الأخير لا يزال موجوداً).
وأما قضية المصطلحات التي روجوها بين الناس , واستعملوها فيما بينهم فلا يشك أحد في كونها أجنبية في الإسلام ولغة الإسلام العربية , ومقتبسة مأخوذة من المسيحية بحروفها وألفاظها , معانيها ومدلولاتها مثل: (ناموس , رحموت , رهبوت , لا هوت , جبروت , رباني , روحاني , نفساني , جثماني , شعشعاني , وجدانية , فردانية , رهبانية , عبودية , ربوبية , , ألوهية , كيفوية).
والجدير بالذكر , ومن الأشياء اللافتة للأنظار أن كل من حاول تبرئة التصوف عن كونه مأخوذا ومقتبسا من الرهبنة المسيحية لم يسعه الإنكار عن كون المسيحية إحدى مصادر التصوف , وأنه استفاد منها , ولو أنهم أصروا مع ذلك كونه إسلاميا بحتا , معارضين مع ما قالوه , ومناقضين مع ما أثبتوه , مقرين عليهم بالتعارض الفكري , والتضارب القولي , وإنكار ما هو ثابت لا يمكن رده ولا إنكاره , فيقول واحد من هؤلاء – ولا حظ الزحزحة الفكرية , والتناقض الشديد , والتعارض الغريب , والعجز الظاهر عن الدفاع , وضعف القوة وقلة الحيلة , مع الإنكار والإقرار في وقت واحد , لاحظ واقرأ واستمع – فيقول أحد الكتاب - وهو دكتور في العلوم – ردا على من يجعل النصرانية إحدى مصادر التصوف:
(لم يقتصر الكلام في المصادر الصوفية على المصدر الفارسي أو الهندي بل ذهب فريق آخر من الباحثين إلى أن ثمة عناصر أخرى روحية يمكن أن ترد أصولها إلى أصول نصرانية.
ويؤيد هذا الفريق مذهبه بما كان يوجد من صلات بين العرب والنصارى سواء في الجاهلية أو في الإسلام , وبما يلاحظ من أوجه الشبه الكثيرة بين حياة الزهاد والصوفية وتعاليمهم وفنونهم في الرياضة والخلوة والتعبد. وبين ما يقابل هذا كله في حياة المسيح وأقواله وأحوال الرهبان والقسيسين وطرقهم في العبادة واللباس.
ومن الباحثين والمؤيدين: لهذا الاتجاه (فون كريمر , وجولدزيهر , ونيكولسون وفلسنك وآسين وبلاسيوس , وأندريه وأوليري.
ويرى: (فون كريمر): أن التصوف الإسلامي والأقوال المأثورة عن الصوفية على أنهما ثمرات نمت وترعرعت ونضجت في بلاد العرب تحت تأثير جاهلي , حيث كان كثير من العرب الجاهلين نصارى , وكان كثير من هؤلاء النصارى قسيسين ورهباناً.
وجولد زيهر: يستند إلى ما تقرره النصرانية من إيثار الفقر والفقراء على الغنى والأغنياء , فيزعم أن ما ورد في الحديث النبوي من هذا المعنى مستمد من النصرانية , ويعني هذا أن يترتب عليه أن الفقر والتخشن في الحياة إنما يرجع إلى أصل نصراني , ويضيف عليه نيكولسون أيضاً. ما يصطنعه الصوفية من صمت وذكر فيزعم أنه مأخوذ من النصرانية.
هذا من حيث: أن التصوف زهد وطريقة في العبادة والرياضة واللباس.
أما فيما يتعلق بها من حيث هي مذاهب تصور منازع أصحابها الفلسفية واتجاهاتهم الروحية والفلسفية معاً: فإن هناك طائفة من القصص والأقوال التي تروي عن المسيح مما ورد في كتب الصوفية أنفسهم , ويمكن أن يؤخذ على أنه مصدر لبعض المذاهب الصوفية الإسلامية ....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/258)
على أننا لا ننكر ولا أحد يستطيع أن ينكر ما يوجد من أوجه الشبه بين حياة الزهاد ولباسهم وبعض تعاليم الصوفية وطرقهم في العبادة ومذاهبهم في الحب الإلهي , وبين حياة الرهبان ولباسهم , وبعض ما اثر عن المسيح وحوارييه من أقوال في المحبة وغيرها من شئون الحياة الروحية.
فإننا لا نستطيع مع ذلك أن نجزم بأن مصدر التصوف والحياة الروحية في الإسلام إنما هو نصراني صرف.
فصحيح أيضا أنه كان ممن مال إلى الرهبنة من العرب من يبني الأديرة – فقد روى عن حنظلة الطائي أنه فارق قومه وتنسك , وبنى ديراً بالقرب من شاطئ الفرات حيث ترهب فيه حتى مات , وكذلك قيل عن قس بن ساعدة كان يتقفر القفار , ولا تكنه دار , يتحسس بعض الطعام , ويأنس بالوحوش والهوام.
وصحيح أنه يروي عن أمية بن أبي الصلت أنه ليس بالمنسوخ تعبداً وأن لكل من قس وأمية نثرا وشعراً وطبعاً بطابع ديني , وأصطبغا بصبغة الزهد في الدنيا والنظر في الكون , وصحيح بعد هذا كله , وفوق هذا كله , أن القسس والرهبان كانوا ينبثون منا وهناك في أسواق العرب ويبشرون ويتحدثون عن العبث والحساب والجنة والنار كما يدل على ذلك كثير من آيات القرآن الكريم التي تتحدث عنهم وتحكي أقوالهم وتفند مذاهبهم.
وتصور إلى أي حد كانت تعاليمهم بين العرب , فهذا كله صحيح لا شبهة فيه ولا غبار عليه ولكن الذي ليس بصحيح هو أن نجعل منه أساساً يبني عليه القول بأن وحدة مصدر التصوف الإسلامي.
ولكن هناك تساءلاً وهو لماذا يقصر الباحثون أنظارهم على حياة المسيح وأقواله والرهبان وأحوالهم حين يحاولون ربط الصوفية بالمصادر النصرانية ولم لا يجوز أن يكون هذا التصوف أيضاً كان مسايرة لطبيعة الحياة العربية الجاهلية.
وقد كانت وقتئذ حياة خشنة لا حظ لها من ترف , ولا أثر فيها لنعومة بحيث يمكن أن يقال: إن حياة الزهاد والصوفية في الإسلام إنما هي استمرار لهذه الحياة الخشنة البعيدة عن الزخرف والنعيم , والتي كان يحياها العرب الجاهليون بصفة عامة , والتي تصطبغ عند بعضهم بصبغة الخلوة والانقطاع عن الناس , إلى التفكر والتقرب من الآلهة يلتمسون عندهم الخير والحكمة؟
بل وما الذي يمنع أيضاً من أن يكون مرجع الحياة الروحية الإسلامية هو مذهب الحياة التي كان يحياها قوم في الجاهلية يعرفون ببني صوفة , الذين انفردوا لخدمة الله عند بيته الحرام؟
ومع هذا لا أحد ينكر ما للمسيحية والرهبان من تأثير بالغ في الحياة الجاهلية السابقة.
وبالإضافة إلى ما نلتقي به في ثنايا بعض النظريات الصوفية في الحب الإلهي ببعض الألفاظ والعبارات والعقائد التي هي من أصل نصراني مثل القول: (باللاهوت والناسوت) أو (حلول اللاهوت في الناسوت) أي حلول الإله (اللاهوت) في المسيح الإنسان (الناسوت) أو حلول الأول في الثاني إذا بلغ هذا درجة معينة من الصفاء الروحي.
ومثل القول (بالكلمة) التي هي في النصرانية واسطة بين الله والخلق , والتي اصطنعها بعض الصوفية في التعبير عن نظرياتهم في الحقيقة المحمدية , باعتبارها أول مخلوق خلقه الله , أو: أول تعين للذات الإلهية فاضت منه بقية التعيينات الأخرى من روحية ومادية , ولم تظهر هذه العناصر النصرانية وأشباهها إلا بعد أن كان المسلمون قد اختلطوا بالنصارى وأخذوا يحاورونهم ويجادلونهم في العقائد , فكان طبيعيا أن ينتشر بعض هذه العقائد النصرانية , وأن يعمل عمله في البيئة الإسلامية , ويتردد صداه في أقاويل الصوفية ومذاهبهم في الحب الإلهي وفيما يتصل به , من اتحاد بين الرب والعبد , ومن حلول الرب في العبد.
وهذا أمر طبعي ملازم لسنة الحياة وتطورها: إذ لا يمكن وقد تطور التصوف وقد استحال إلى علم له مناهجه ومذاهبه ومنازعه الروحية المصطبغة بصبغة فلسفية , أن يظل الصوفية بمعزل عن هذا الجو الذي امتلأ بالأفكار والعقائد النصرانية وما يدور حولها وجدل بين المسلمين والنصارى دون أن يكون له أثر فيما صدر عنهم من أقوال , وما ذهبوا إليه من مذاهب , لا سيما إذا كانت هذه الأقوال والمذاهب تدور حول مسائل تتصل من قريب أو بعيد بالعقائد).
ويقول الدكتور التفتازاني بعد الرد على المستشرقين القائلين بأن كثيرا من أمور التصوف مأخوذة من النصرانية , يقول بعد الرد عليهم:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/259)
(ومع هذا لا ننكر تأثر بعض الصوفية المتفلسفين بالمسيحية , على نحو ما نجد عند الحلاج الذي استخدم في تصوفه اصطلاحات مسيحية كالكلمة واللاهوت والناسوت وما إليها , ولكن هذا لم يظهر إلا في وقت متأخر (أواخر القرن الثالث الهجري) بعد أن كان زهد الزهاد قد استقر في القرنين: الأول والثاني الهجريين , واصبح دعامة لكل تصوف لاحق.
ولذلك فإن من الإنصاف العلمي القول بأن مذاهب الصوفية في العلم , ورياضاتهم العلمية , ترد إلى مصدر إسلامي , إلا أنه بمرور الوقت وبحكم التقاء الأمم واحتكاك الحضارات , تسرب إليها شيء من المؤثرات المسيحية أو غير المسيحية , فظن بعض المستشرقين خطأ أن الصوفية أخذوا أول ما أخذوا عن المسيحية).
فهذه هي خلاصة الكلام في ذلك , نكتفي بها ظانين بأنها كافية لجلاء الموضوع , وتنوير الطريق لمن أراد أن يتقدم إليه ويسلك فيه.
المذاهبُ الهنْديّة وَ الفَارسيَّة
وأما كون التصوف وتعاليمه وفلسفته , أوراده وأذكاره , وطرق الوصول إلى المعرفة , والمؤدية إلى الفناء , مأخوذة مستقاة من المذاهب الهندية والمانوية , والزرادشتية أيضا فلا ينكرها منكر , ولا يردها أحد , ولا يشك فيها شاك , بل إن كبار الكتاب عن التصوف والباحثين فيه من المستشرقين والمسلمين , وحتى الصوفية أقروا بذلك حيث لم يسعهم إلا الاعتراف بهذه الحقيقة الظاهرة الجلية التي لا يمكن تجاهلها ولا إغفالها البتة.
فإن الأستاذ أبا العلاء العفيفي كتب في ثنايا بحثه عن المشتغلين من المستشرقين في الدراسة عن التصوف:
(وأما ريتشورد هارتمان , وماركس هورتين فنزعتهما واحدة: وهي أن التصوف يستمد أصوله من الفكر الهندي , وإن كان هورتين قد بذل من المجهود في إثبات هذه النظرية ما لم يبذله أي كاتب آخر. فقد كتب في سنتي 1927 , 1928 مقالتين حاول أن يثبت في إحداهما , بعد تحليل تصوف الحلاج والبسطامي والجنيد , أن التصوف الإسلامي في القرن الثالث الهجري كان مشبعا بالأفكار الهندية , وأن الأثر الهندي أظهر ما يكون في حالة الحلاج. وفي المقالة الثانية يؤيد النظرية نفسها عن طريق بحث المصطلحات الصوفية الفارسية بحثا فيلولوجيا , وينتهي إلى أن التصوف الإسلامي هو بعينه مذهب الفيدانتا الهندية.
ويستند هارتمان في إثبات نفس الدعوى إلى النظر في الصوفية أنفسهم وفي مراكز الثقافة القديمة التي كانت منتشرة في بلادهم , لا إلى المصطلحات الصوفية كما فعل هورتن. وقد نشر في مسألة أصل التصوف مقالا هاماً سنة 1916 في مجلة Der Islam وخلاصة بحثه أن التصوف الإسلامي مدين للفلسفة الهندية التي وصلت إليه عن طريق مترا وماني من جهة , وللقبّالة اليهودية والرهبنة المسيحية والغنوصية والأفلاطونية الحديثة من جهة أخرى. وهو يرى أن الذي جمع هذه العناصر كلها ومزجها مزجا تاما في التصوف هو أبو القاسم الجنيد البغدادي (المتوفى سنة 297 هـ) , فإليه يجب أن تتجه عناية الباحثين. أما حججه في تأييد الأصل الهندي فهي:
أولا: أن معظم أوائل الصوفية من أصل غير عربي كإبراهيم بن أدهم وشقيق البلخي وأبي يزيد البسطامي ويحيى بن معاذ الرازي.
ثانيا:أن التصوف ظهر أولا وأنتشر في خراسان.
ثالثا: أن تركستان كانت قبل الإسلام مركز تلاقي الديانات والثقافات الشرقية والغربية , فلما دخل أهلها في الإسلام صبغوه بصبغتهم الصوفية القديمة. وهذا كلام أشبه ما يكون بماذكره كل من ثولك وفون كريمر في هذا الموضوع.
رابعا: أن المسلمين أنفسهم يعترفون بوجود الأثر الهندي.
خامسا: أن الزهد الإسلامي الأول هندي في نزعته وأساليبه. فالرضا فكرة هندية الأصل , واستعمال الزهاد للمخلاة في سياحتهم , واستعمالهم للسبح , عادتان هنديتان).
ثم علق الأستاذ عفيفي على كلام هورتمان بقوله:
(ولكن المسألة أعقد من ذلك بكثير , فقد تبين لي من البحث في تصوف مشايخ خراسان وتصوف مدرسة نيسابور خاصة , أنه وإن كانت له صبغة محلية إلى حد ما , متأثر بتيارات غير محلية وصلت إليه من مراكز التصوف الأخرى في العراق والشام , وأنه كانت لبعض الحركات غير الدينية – كحركة الفتوة التي كانت في بدء أمرها اجتماعية بحتة – شأن كبير في تشكيل بعض تعاليم هؤلاء الصوفية).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/260)
ثم إن الأستاذ عفيفي في مقاله هذا لم يذكر واحدا من المستشرقين الذين كتبوا عن التصوف إلا وقد ذكروا رأيا يشبه رأي هاتمان , وهورتن.
وقد سبق هؤلاء المستشرقين والقائلين بهذا الرأي من الباحثين , سبقهم جميعا البيروني , حيث قارن بين العقائد الهندية والعقائد الصوفية في كتابه المشهور (تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة).
وأوجه الشبه التي ذكرها البيروني بين العقائد الهندية والعقائد الصوفية هي تتلخص في أمور ثلاثة:
أولا: الأرواح.
ثانيا: في طريق الخلاص.
ثالثا: الغاء التمايز ومحو الأشارة.
هذا والقارئ لأقوال الصوفية , والعارف بأحوالهم ورياضاتهم ومجاهداتهم يلاحظ بنفسه تشابها كبيرا بين هؤلاء وأولئك , وخاصة في تعذيب النفس , وتحمل المشاق , والتجوع , وحبس النفس , وإماتة الشهوات , والهروب من الأهل والأولاد , والجلوس في الخلوات , مراقبة صورة الشيخ , طرق الذكر , وكثير من العادات والتقاليد والرسوم , حيث لا يرى فيها إلا مشابهة تامة بتلك المذاهب وأصحابها , كمالا يرى فيها أي أثر للإسلام وتعاليمه , ولا ثبوت من حاملي رايته , ومتمسكي سبيله , متبعي طريقه.
ولوضع النقاط على الحروف لا نرضى مقولات الناس , بل نورد شهادات داخلية , واعترافات ذاتية , وعبارات ناطقة عن منابعها ومصادرها.
فنبدأ بسيد الطائفة الذي قال فيه أبو العباس عطاء:
(إمامنا في هذا العلم و مرجعنا المقتدى به).
والذي قيل فيه:
(إن الرجال من هذه الطائفة ثلاثة لا رابع لهم: الجنيد ببغداد. وأبو عبد الله بالشام , وأبو عثمان بنيسابور).
ونقل نيكلسون عن الجامي أنه قال:
(أن الجنيد أول من صاغ المعاني الصوفية , وشرحها كتابة , وأنه كان يعلّم التصوف في بيوت خاصة وفي السراديب).
ويكفي لبيان مقامه ومكانته عند القوم تلقيبهم إياه بسيد الطائفة , فنبدأ به فيقول:
(ما أخذنا التصوف عن القيل والقال , لكن عن الجوع , وترك الدنيا , وقطع المألوفات والمستحسنات).
وسئل أبو يزيد البسطامي:
(بأي شيء وجدت هذه المعرفة؟
فقال: ببطن جائع وبدن عار).
ونقل الطوسي عن يحيى بن معاذ أنه قال:
(لو علمت أن الجوع يباع في السوق ما كان ينبغي لطلاب الآخرة إذا دخلوا السوق أن يشتروا غيره).
ونقل النفزي الرندي المتوفى 792 هـ عن حاتم الأصم أنه قال:
(من دخل في مذهبنا هذا فليجعل في نفسه أربع خصال من الموت: موت أحمر , وموت أسود , وموت أبيض , وموت أخضر.
فالموت الأبيض الجوع , والموت الأسود احتمال أذى الناس , , والموت الأحمر مخالفة النفس , والموت الأخضر طرح الرقاع بعضها على بعض).
والسلمي أيضا نقل عنه أنه قال:
(ما من صباح إلا والشيطان يقول لي: ما تأكل؟ وما تلبس؟ وأين تسكن؟.
فأقول: آكل الموت , وألبس الكفن , وأسكن القبر).
والشعراني نقل في طبقاته عن أبي محمد عبد الله الخراز أنه قال: (الجوع طعام الزاهدين).
ونقل الغزالي عن سهل بن عبد الله التستري أنه قال:
(ما صار الإبدال إلا بإخماص البطون , والسهر , والصمت , والخلوة).
ثم , وروى الغزالي في إحيائه روايات كثيرة مكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم في فضل الجوع.
ومما يجدر ذكره أن المحقق كتب في تعليقاته عن جميع تلك الروايات في فضل الجوع أنه لم يجد لها أصلا.
هذا , ونقل عماد الدين الأموي عن عيسى عليه السلام أنه قال:
(طوبى للجياع العطاش فإنهم هم الذين يرون الله).
وقال السهر وردي:
(قد اتفق المشائخ على أن بناء أمرهم على أربعة أشياء: قلة الطعام , وقلة المنام , وقلة الكلام , والاعتزال على الناس).
ثم بيّن طريق التدرّب على الجوع , وهي تشبه تماما طريقة يوجا الهندية حذو القذة بالقذة , وطبق النعل , فيقول:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/261)
(وقد اتفق مشايخ الصوفية على أن بناء أمرهم على أربعة أشياء: قلة الطعام وقلة المنام وقلة الكلام والاعتزال عن الناس , وقد جعل للجوع وقتان , أحدهما: آخر الأربع والعشرين ساعة فيكون من الرطل لكل ساعتين أوقية بأكلة واحدة يجعلها بعد العشاء الآخرة أو يقسمها أكلتين , كما ذكرنا , والوقت الآخر: على رأس اثنتين وسبعين ساعة , فيكون الطي ليلتين والإفطار في الليلة الثالثة , ويكون لكل يوم ثلث رطل , وبين هذين الوقتين وقت وهو أن يفطر من كل ليلتين ليلة , ويكون لكل يوم وليلة نصف رطل , وهذا ينبغي أن يفعله إذا لم ينتج عليه سآمة وضجراً وقلة انشراح في الذكر والمعاملة , فإذا وجد شيئا من ذلك فليفطر كل ليلة ويأكل الرطل في الوقتين أو في الوقت الواحد , فالنفس إذا أخذت بالإفطار من كل ليلتين ليلة , ثم ردت إلى الإفطار كل ليلة تقنع , وإن سومحت بالإفطار كل ليلة لا تقنع بالرطل وتطلب الإدام والشهوات , وقس على هذا , فهي إن أطمعت طمعت , وإن أقنعت قنعت , وقد كان بعضهم ينقص كل ليلة بقدر نشاف العود , ومنهم من كان ينقص كل ليلة ربع سبع الرغيف حتى يفنى الرغيف في شهر , ومنهم من كان يؤخر الأكل ولا يعمل في تقليل القوت ولكن يعمل في تأخيره بالتدريج حتى تندرج ليلة في ليلة , وقد فعل ذلك طائفة حتى انتهى طيّهم إلى سبعة أيام وعشرة أيام وخمسة عشر يوما إلى الأربعين.
وقد قيل لسهل بن عبد الله: هذا الذي يأكل في كل أربعين وأكثر أكله أين يذهب لهب الجوع عنه؟.
قال: يطفئه النور).
وكذلك التعري لم يأخذه الصوفية إلا من البوذية والجينية.
وجلّ تماثيل البوذا وصور رجال الديانات الهندوكية كلها ناطقة منبئة عمن أخذها القوم هذه القباحة والوقاحة. حتى إن طائفة من طوائف الجينية تسمى ويجامبرة أي أصحاب الزي السماوي , الذين لم يتخذوا كساء لهم غير السماء , وهم الذين يقولون: (إن العرفاء الكاملين لا يقتاتون بشيء , وإن من يملك شيئا من متع الدنيا ولو كان ثوبا واحدا يستر به عورته لا ينجو).
وإننا لنجد كثيراً من الصوفية , ويسمون المجاذيب , يتجردون عن الثياب البتة , ويمشون في الأسواق , ويجلسون في الخانقاوات كما خلقهم الله.
ولقد ذكر أصحاب الطبقات الصوفية , الكثيرين من هؤلاء. ونورد ههنا واحدا ممن ذكرهم الشعراني (قطب زمانه وإمام عصره) في طبقاته , فيقول:
(الشيخ إبراهيم العريان: كان رضي الله عنه إذا دخل بلدا سلّم على أهلها كبارا وصغارا بأسمائهم , حتى كأنه تربى بينهم (يعني كان يعلم الغيب) , وكان رضي الله عنه يطلع المنبر ويخطب عريانا).
وأما هجر الأهل والأولاد , والخروج إلى الغارات والجبال , والجلوس في البراري والحفرات والسراديب , والمكوث مع الحيات والثعابين فليست منقولة إلا من الديانات الهندية التي عرفت واشتهرت بمثل هذه الأمور.
فلقد أوردنا في أول المقال قصة إبراهيم بن أدهم الصوفي القديم , وتركه للأهل والأولاد , مقارنة بقصة بوذا وحياته , وأنها مطابقة تماما لها.
وهناك أقوال ونصوص كثيرة في هذا المعنى , ذكرنا بعضا منها فيما مرّ , وسنذكر البعض الآخر إن شاء الله في الجزء الثاني من هذا الكتاب.
وإننا ننقل ههنا بعض الآراء والوقائع التي لها علاقة مباشرة ووطيدة بالمذاهب والفلسفات الهندية.
فمنها ترك المال والخروج منه, وحتى القوت الذي يحتاج إليه لإبقاء الحياة, ثم التسول أمام الناس , والاستجداء منهم. كما ذكر أبو طالب المكي عن أحد الصوفية أنه دفع إليه كيس فيه مئون دراهم في أول النهار ففرقه كله , ثم سأل قوتا في يده بعد عشاء الآخرة.
وأورد الطوسي مثله عن أبي حفص الحداد أنه كان أكثر من عشرين سنة يعمل كل يوم بدينار وينفقه على الصوفية , ثم يخرج بين العشائين فيتصدق من الأبواب.
والمعروف أن التسول والاستجداء والوقوف على أبواب الناس , وحمل المخلاة والكشكول من لوازم الديانة البوذية , ومن نصائح بوذا الثمانية المشهورة التي نصح بها دراويشه ورهبانه , كما أنه ألزمهم سير البراري , وقطع الصحاري , أو المكوث في الخانقاوات , والانشغال فيها بالذكر.
ولقد أخذت الصوفية هذا النظام بكامله من البوذية , وألزموا أنفسهم به , كأنهم هم الذين نصحهم بوذا بذلك فيقول الطوسي:
(الأكل بالسؤال أجمل من الأكل بالتقوى).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/262)
وقال: (كان بعض الصوفية ببغداد لا يكاد يأكل شيئا إلا بِذُلّ السؤال).
ويروي الهجويري عن ذي النون المصري أنه قال:
(كان لي رفيق موافق دعاه عز وجل إليه , وأنتقل من محنة الدنيا إلى نعمة العقبى , ورأيته في النوم فقلت له: ما فعل الله بك؟.
قال: غفر لي.
قلت: بأي خصلة؟.
قال: أوقفني وقال: يا عبدي , لقد تحملت كثيرا من الذّل والمشقة من السفلة والبخلاء ومددت إليهم يدك , وصبرت في ذلك , وقد غفرت لك بذلك).
ونقل السهروردي عن إبراهيم بن أدهم أنه كان معتكفا بجامع البصرة مدة , وكان يفطر في كل ثلاث ليال ليلا , وليلة إفطاره يطلب من الأبواب.
كما نقل عن أبي جعفر الحداد وكان أستاذ الجنيد أنه كان يخرج بين العشائين , ويسال من باب أو بابين.
وذكر عن النوري أنه كان يمدّ يده ويسأل الناس.
وذكر النفزي الرندي عن أبي سعيد الخراز أنه كان يمدّ يده ويقول: (ثمّ شيء لله).
وذكر الشعراني أشياء طريفة عن فقراء الزاوية التي بناها يوسف العجمي , الذي قال عنه: هو أول من أحيا طريقة الشيخ الجنيد بمصر بعد إندراسها , يقول الشعراني عن هذا الصوفي وتلاميذه:
(كانت طريقة التجريد , وأن يخرج كل يوم من الزاوية فقيرا يسأل الناس إلى آخر النهار فمهما أتى به يكون قوت الفقراء ذلك النهار كائنا من كان.
وكان الفقراء يأتي أحدهم بالحمار محملا خبزا وبصلا وخيارا وفجلا ولحما , ويوم سيدي يوسف يأتي ببعض كسيرات يابسة يأكلها فقير واحد , فسألوه عن ذلك , فقال:
أنتم بشريتكم باقية , وبينكم وبين الناس ارتباط فيعطونكم , وأنا بشريتي فنيت حتى لا تكاد ترى فليس بيني وبين التجّار والسوقة وأبناء الدنيا كبير مجانسة.
وكان صورة سؤاله أن يقف على الحانوت أو الباب ويقول: الله , ويمدّها حتى يغيب , ويكاد يسقط على الأرض , فيقول من لا يعرفه: هذا العجمي راح في الزقزية.
وكان رضى الله عنه يغلق باب الزاوية طول النهار لأحد إلا للصلاة.
وكان إذا دقّ داق الباب يقول للنقيب:
اذهب فانظر من شقوق الباب , فإن كان معه شيء من الفتوح للفقراء فافتح له , وإلا فهي زيارات فشارات).
فلاحظ ما فيه من الطرائف و الأضحوكات.
وابن عجيبة الحسني ذكر عن التجيبي ابن ليون أنه بين أصل السؤال ومسألة الزنبيل , فيقول:
(كيفيته: أن يتوضأ الرجل ويصلي ركعتين , ويأخذ الزنبيل (يعني وعاء) بيده اليمنى , ويخرج إلى السوق ومعه رجل آخر يذكر الله ويذكر الناس , والناس يعطونه في ذلك الزنبيل حتى يجمع ما تيسر من الطعام , ويعبّه بين الفقراء فيأكلون طعاما حلالا بلا تكلف ولا كلفة , هذا ما تيسر لنا في حكم السؤال).
وأما من عاش في الصحارى , وتجوّل في البراري فكثيرون جداً , وقد نقل السهروردي عن بشر بن الحارث أنه قال:
(يا معشر القراء , سيحوا تطيبوا).
وقال:
أو من جملة المقاصد في السفر: رؤية الآثار والعبر , وتسريح النظر في مسارح الفكر , ومطالعة أجزاء الأرض والجبال ومواطئ أقدام الرجال , واستماع التسبيح من ذوات الجمادات , والفهم من لسان حال القطع المتجاورات , فقد تتجدد اليقظة بتجدد ومستودع العبر والآيات , وتتوفر بمطالعة المشاهد والمواقف الشواهد والدلالات. قال الله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}.
وقد كان السري يقول للصوفية: إذا خرج الشتاء ودخل آذار وأورقت الأشجار طاب الانتشار.
ومن جملة المقاصد للسفر: إيثار الخمول وإطراح حظ القبول).
وكان قسم منهم يسافر دوما , ولذلك سمو بالسياحيين كما قال الكلاباذي:
(ولكثرة أسفار سمّوا: سياحين , ومن سياحتهم في البراري وإيوائهم إلى الكهوف عند الضرورات سماهم بعض أهل الديار شكفتية. والشكفت بلغتهم الغار والكهف).
وقد ذكر أصحاب الطبقات وكتب الصوفية أحوال الكثيرين منهم.
فيذكر أحد الصوفية القدامى الهجويري عن أبي عثمان المغربي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/263)
(أنه في بداية حالة أعتزل عشرين سنة في البوادي بحيث لم يكن يسمع آدميا , حتى ذابت بنيته من المشقة , وصارت عيناه كسّم الخياط , وتحول عن صورة الآدميين , وجاءه الأمر بالصحب بعد عشرين عاما , وقيل له: أصحب الخلق. فقال لنفسه: فلأبدأ بصحبة أهل الله ومجاوري بيته , ليكون ذلك أكثر بركة , فقصد مكة , وأطلع المشائخ على مجيئة بقلوبهم , خرجوا لاستقباله , فوجدوه وقد تبدلت صورته , وفي حال لم يكن قد بقي عليه فيها شيء سوى رق الخلقة).
وقال أبو طالب المكي:
قد كان الخواص لا يقيم في بلد أكثر مت أربعين يوما , ويرى أن ذلك علّة في توكله , فيعمل في إختبار نفسه وكشف حاله.
وحدثنا عن بعض الشيوخ قال: (لبثت في البرية أحد عشر يوما لم أطعم شيئا).
كما يقول: (خرجت طائفة الأبدال إلى الكهوف تخلّيا من أبناء الدنيا).
ونقل السهروردي عن إبراهيم الخواص أنه ما كان يقيم في بلد أكثر من أربعين يوما , وكان يرى: إن أقام أكثر من أربعين يوما يفسد عليه توكله , فكان علم الناس ومعرفتهم إياه سببا ومعلوما.
وحكى عنه أنه قال: مكثت في البادية أحد عشر يوما لم آكل , وتطلعت نفسي أن آكل من حشيش البر , فرأيت الخضر مقبلا نحوي فهربت منه , ثم التفت فإذا هو رجع عني , فقيل: لم هربت منه؟.
قال: تشوفت نفسي أن يغيثني , فهؤلاء الفرارون بدينهم).
ونقل الشعراني عن عدي بن مسافر الأموي الذي قال فيه: هو أحد أركان الطريقة وأعلى العلماء بها , والذي نقل فيه عن الشيخ عبد القادر أنه قال:
لو كانت النبوة تنال بالمجاهدة لنالها عدي بن مسافر , يقول عنه الشعراني: أنه أقام أول أمره زمانا في المغارات والجبال والصحاري مجردا سائحا يأخذ نفسه بأنواع المجاهدات , وكانت الحيات والهوام والسباع تألفه فيها.
وكذلك ينقل الشعراني عن شيخه أمين الدين أنه قال:
(كان شخص من أرباب الأحوال بناحية شان شلمون بالشرقية جالسا في البرية , وقد حلّق على نفسه بزرب شوك , وعنده داخل هذه الحلقة الحيات والثعالب والثعابين والقطط والذئاب والخرفان والأوز والدجاج).
هذا ومثل هذا كثير في كتب الطبقات العربية والفارسية والأردية , وكتب اللغات الأخرى التي ألفت تراجم الصوفية.
وأما الجلوس في الخانقاوات , وملازمة الربط والتكايا والزوايا فهو من لوازم التصوف , فإن الصوفية خصصوا أبوابا مستقلة في كتبهم لبيان فضائل ملازمتها , والمكوث فيها , كما أنهم بيّنوا فيها آداب الخلوة والدخول إليها والمكوث فيها.
كما قال السهروردي: (إعلم أن تأسيس هذه الربط من زينة هذه الملة الهادية المهدية , ولسكان الربط أحوال تميزوا بها عن غيرهم من الطوائف , وهم على هدى من ربهم).
وذكر الصوفي المشهور الكمشخانوي في كتابه (جامع الأصول في الأولياء) آداب الخلوة , فيقول:
(للدخول في الخلوة آداب وشروط , منها:
1. أن يستأذن الشيخ في دخول الخلوة.
2. أن يدخل الشيخ الخلوة ويصلي فيها ركعتين قبل دخول المريد.
3. أن يدخلها كما يدخل المسجد مقدّما رجله اليمنى , مبسملا متعوذا.
4. أن تكون الخلوة مظلمة لا يدخلها شعاع الشمس ولا ضوء النهار.
5. أن لا يستند إلى جدار الخلوة.
6. الصوم.
7. أن يعتقد في نفسه أنه إنما يدخل الخلوة لكي يستريح الناس من شره.
8. أن لا يتكلم مع أحد في الخلوة أو خارجها إلا مع شيخه.
9. إذا خرج إلى الصلاة أو الوضوء فليغطِّ رأسه ورقبته بشيء مطرقا إلى الأرض غير ناظر إلى أحد.
10. دوام تخيل صورة شيخه , وهو الرابطة بينه وبين خالقه ... فإنه إذا همّ بمعصية يتمثل له الشيخ فينزجر عن فعلها - إلى آخر الكلام).
وأما التشابه بين الذكر الصوفي وذكر الطوائف الهندية فهو كما ذكر القشيري:
(المبتدئ في الأحوال يجب أن يسكن حواسه ولا يتحرك أنفاسه ولا يحرك بدنه , ولا يحرك جزء منه ولا يردد طرفه ولا شيئا , ويكون مراعيا لهمته , ولا يحرك البتة جزء من نفسه ولا من بدنه ولا من باطنه حتى تبدو الأحوال له بعد طول المراعاة.
ثم يجب ألا ينظر إليها ولا إلى ما يبدو له البتة لئلا يحجب عنها , فلا يزال في المزيد منها إن شاء الله تعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/264)
قال: وهذا الطريق الذي هو طريق الله تعالى لا بدّ فيه من طول المجاهدة ومقاساة ما يحتمله الأسماع والقلوب من الشدائد لو حلّت بها ... وكنت أحيانا في بدو المجاهدة وأحوال الذكر لو استتر مني في السماء لكان الستر على أهون من أن أقوم للأكل , وأتحرك للوضوء والفرض لأنه كان يعيب عني الذكر).
وذكر الشعراني عن سيده البدوي أنه لازم الصمت , وما كان يكلم الناس إلا بالإشارة.
وملازمة الصمت من العادات البوذية كما يظهر من تماثيل بوذا.
وكذلك ذكر الشعراني أيضا عن سيده عبد الرحمن المجذوب أنه كان ثلاثة أشهر يتكلم , ثلاثة أشهر يسكت.
وهناك عقيدة بوذية تسمى سمادهي ( SAMADHI ) وهذه آخر درجات الذاكر يفنى فيها ذاته في الذات الإلهي.
يذكر نفس هذا الشيء صوفي مشهور بحرق الحضرمي في رسالته (ترتيب السلوك) , فيقول: من لم يتيسر له شيخ , وأراد دخول الخلوة فليقدم الاغتسال , وغسل ثيابه ومصلاه , ويهيئ أسبابه بحيث لا يحتاج إلى الخروج , ويرتب لحوائجه من قوت وغيره ... ثم ليلازم الجوع فيكون صائما مقتصرا على قدر معلوم من الطعام والماء مقتصدا لا يزيد عليه أبدا , وليلازم السهر فلا ينام إلا في وقت معلوم , وليلازم الذكر فيقتصر على ملازمة ذكر واحد.
ينطق بذلك الذكر بعينه بحيث يظن من يسمعه أن معه في خلوته ألف ذاكر لله , ثم يغلب عليه حال الذكر فلا ينظر في الوجود شيئا يقع عليه نظره إلا معلنا بذلك الذكر بعينه بحيث لو كان عنده ألف شخص , كل منهم يذكر بذكر مخالف للآخر لم يسمعهم ينتطقون إلا بذكره الذي غلب عليه , وحينئذ يبقى منتظرا لما يفتح الله به على قلبه من رحمته وعلم غيبه , وأول ما يظهر غالبا أنوار إلهية كأنها البرق الخاطف تلمع بسرعة , ويختفي وهي لذيذة جدا يحصل بوجودها الوجد , وباختفائها الحنين إليها , وبما غشيته أنوارها.
ثم يصير قلبه كالمرآة المجلوه فيكون مقابلا للجناب القدس , فيصير كل شيء كأنه مشاهد للحق سبحانه علما وحالا فانيا عن نفسه , فضلا عن خيرها , فحينئذ يعبد الله كأنه يراه ويشهده.
وأما الفناء في الشيخ فيذكر الشعراني في كتابه (الأنوار القدسية):
(اعمل أيها المريد على أن تتحد بشيخك , فيكون ما عنده من المعارف عندك على حدّ سواء ويكون تميزه عليك إنما هو بالإضافة لا غير , قال: وقد قال لي الشيخ أبو الحسن الشاذلي يوما: يا أبا العباس , ما صحبتك إلا لتكون أنت أنا وأنا أنت).
وأما تعذيب النفس , وحبس الدم , والرياضات الشاقة فمنها ما ذكرناها أثناء الوقائع التي سردناها آنفا.
ومن ذلك ما ذكره الشعراني في طبقاته عن البدوي انه:
(كان طول نهاره وليله قائما شاخصا ببصره إلى السماء وقد انقلب سواد عينيه بجمرة تتوقد كالجمر. وكان يمكث الأربعين يوما وأكثر لا يأكل ولا يشرب ولا ينام).
ويقول المنوفي , وأبو الهدى الرفاعي أن مكوثه هذا امتدّ إلى اثنتي عشرة سنة حيث يقولان: (ومكث على السطوح حوالي اثنتي عشرة سنة).
ويذكر الطوسي والقشيري والعطار والهجويري والغزالي والشعراني وغيرهم
(أن الشبلي كان يكتحل بالملح ليعتاد السهر ولا يأخذه النوم , وأحيانا كان يحمي الميل فيكتحل به).
وينقل القشيري في رسالته (ترتيب السلوك):
(كنت أريد أن لا أنام لئلا أغيب عن الذكر لحظة , فكنت أقعد على حجر ناتئ من جدران بيتنا من الحجر قدر ما أضع عليه قدمي , وتحتي واد , وفوقي شاهق حتى لا يأخذني النوم).
وكتب الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الجامع الأزهر سابقا , وصوفي مشهور , عن أحمد الدردير أنه ردد الذكر ستة أشهر حتى أحرق الذكر جسمه , وأذهب لحمه ودمه حتى صار مجرد الجلد على العظم).
وذكر الدريني عبد العزيز الصوفي المتوفى 697هـ عن داود بن أبي هند أنه
(صام أربعين سنة لم يعد الناس عنه ولا أهل بيته , وكان يؤتى بالإناء ناقصاً فيتمه بالدموع).
ويذكر الطوسي عن أبي عبد الله الصبيحي أنه:
(لم يخرج ثلاثين سنة من بيت من تحت الأرض).
ويذكر فريد الدين العطار عن الصوفي المشهور أبي بكر الشبلي أنه (كانت في يده قضيب يضرب به فخذه وساقه حتى تبدد لحمه وتناثر).
وحكى عبد العزيز الدباغ عن صوفي أنه (رمى بنفسه في بداية مجاهدته من حلقة داره إلى أسفل تسعين مرة).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/265)
ويحكي عماد الدين الأموي قصة صوفي هندي دمعت إحدى عينية ولم تبك الأخرى , فقال لعينه التي لم تدمع:
(لأحرمنك النظر إلى الدنيا , وغمض عينه , فلم يفتح عينه أكثر من ستين سنة).
وذكر عن صوفي هندي خضر سيوستاني القادري أنه (كان يسكن في المقابر , ولا يلبس إلا رداء واحدا , وكان يأكل العشب وأوراق الأشجار , كان له تنور يحميه ويتعبد فيه , وكانت حيوانات البادية تجالسه وتأوي إليه , وكان يتعبد في فصل الصيف على حجر حارّ خصّه لنفسه).
ويذكر الميرزه محمد أختر الدهلوي عن الصوفي فخر الدين رازي أنه (كان يسكن ليل نهار في الغابات).
وحكى عن صوفي هندي مشهور ميان أمير أنه (كان يسكن الجبال بعيدا عن الناس).
وهناك صوفي مشهور فريد الدين الملقب بكنج شكر فيحكي عنه أنه (علّق نفسه معكوسة في بئر , ولم يزل على هذه الحال أربعين سنة لم يأكل ولم يشرب شيئا).
وصوفي هندي آخر أحمد عبد الحق (حفر لنفسه قبرا , واشتغل فيه بالعبادة ستة أشهر).
وأما حبس الدم فيذكر القشيري:
(المبتدئ في الأحوال يجب أن يسكن حواسه , ولا يتحرك أنفاسه).
ويذكر الصوفي الهندي الدكتور ظهور حسن شارب أن الصوفي الهندي المشهور ميان مير (كان يقضي الليل كله في نفس واحدة).
ويذكر عن صوفي آخر ملا شاه أنه كان (يقضي الليل كله في نفسين فقط).
وهذا كله عملا بقول الصوفية:
(مقام المريد المجاهدات والمكابدات , وتحمل المشاق , وتجرع المرارات).
وأيضا بقولهم: (إن الصوفية يلزمون أنفسهم بالأغلظ والأشق من أقوال العلماء).
هذا ومثل هذه الأمور كثيرة جدا , التي لم تؤخذ ولم تقتبس إلا من الديانات الهندية ولا وجود لها في تعاليم الإسلام , ولم تنقل إلى الصوفية إلا منها.
وقبل أن ننتقل إلى فكرة أخرى نريد أن نبين أمرا آخر , وهو أن الصوفية بمختلف مشاربهم وطرقهم يتباهون بحبهم للجميع , وعدم الاعتراض على مذهب دون مذهب ومسلك دون مسلك. وإنهم لا يفرّقون بين ديانة وديانة , ولا يميّزون بين طائفة وطائفة وجماعة وجماعة , بل يحترمون جميع الآراء والمعتقدات وأصحابها , وقد نقلوا فيها أقوالا عديدة.
مع أنها لا أساس لها في شريعة الإسلام وتعاليمها , حيث أن هذا الأمر أصل من أصول فلسفة اليوجا التي ترى في كل الديانات وفي كل الفلسفات حقا , ولا يعترض على دين وفلسفة مهما اختلفوا وتباعدوا في المشرب والمسلك , ويسع مذهبه لمعتقدات الجميع , ويأبى أن يتقيد بقيود أيّ منها.
والجدير بالذكر أن هناك كتابا ترجم إلى اللغة العربية باسم (فلسفة راجايوجا) بطبع عبد الغني أحمد , وترجمة حسن حسين , فيه فصل خاص لمقارنة هذه الفلسفة الهندية بالفلسفة الصوفية و كما أن الكتاب كله يشتمل على الرياضات والمجاهدات وطرق الأوراد والذكر , التي نقلناها آنفا من المتصوفة الكبار وأقطاب هذه الطائفة وأعلامها.
وأما قضية وحدة الوجود والحلول والاتحاد , المقائد التي نادى بها الحلاج وابن عربي وجلال الدين الرومي وغيرهم ممن سلك مسلكهم , ونهج منهجهم. فلم يشك أحد في كونها مأخوذة مقتبسة بتمامها من (فيدانتا) الهندية.
ومن قرأ آراء شري شنكر أجاريا في فلسفة (فدانتا) عرف جيدا أنها عين ما قاله الحلوليون والاتحاديون وأصحاب وحدة الوجود , وأن ما بيّنه شنكر , وفصّل القول فيه في شرح فلسفة وحدة الوجود أو فيدنتا هي التي توجد في كتب الوجوديون بكلياتها وجزئياتها.
وأكثر من ذلك تعرض تعاليم شنكر أجاريا وتقرأ مكتوباته على من قرأ كتب ابن عربي , وشارحه ابن الفارض , ومفسره في العجم جلال الدين الرومي , لم يستطع التفريق في مقولاتهم ومكتوباتهم , وحتى الأسلوب والمنهج والتعبير وبيان الطرق الموصلة إلى حصول المعرفة والإدراك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/266)
وبذلك اعترف صوفي كبير من شبه القارة الهندية الباكستانية , وكاتب شهير في تعاليم التصوف وتاريخه أن مسلك وحدة الوجود بمعنى أنه لا موجود في الحقيقة إلا الله , وأن وجود الممكنات وهميّ مثل الشعلة التي تظهر بتحريكها سريعة دائرة وهمية , يظنها الناظر دائرة حيث لا يكون لها وجود حقيقة , بل حركة الشعلة بسرعة هي التي أوهمت الناظر بوجودها , فكذلك الكون والممكنات. فهذا مسلك شري شنكر أجاريا , الذي أسسه وأوضحه في شروحه لأوينشد , وأخذ منه هذه الفلسفة من المسلمين (حضرة الأقداس إمام العرفاء محي الدين ابن عربي , والمعروف بالشيخ الأكبر).
كما أنه تأثر بفلسفة حكماء المغرب مثل اسنبوزا , لائبنز , فخته , هيجل , شوين هاور , باذنكويت , وبردليه , كما أن الشهوديين من المسلمين أخذوا فلسفة وحدة الشهود أيضا من العرفاء الهندوكيين. وهذا المسلك مأخوذ من رام نوج أجاريا أحد شراح اوبنشاد الأربعة المعروفين.
فالديانات الهندية هي المصدر الآخر للتصوف الذي راح بين المسلمين , وأختاره طائفة من الناس الذين أرادوا أن يكونوا عرفاء من بين المسلمين , واختاروا نفس المناهج التي وضعها أصحاب الديانات الهندية لحصول (نروان) أي المعرفة , وجعلوا غورديسيا (أي تعذيب النفس) وجب وكيان دهيان (أي الصمت والتفكير والذكر) وسيلة للوصول إليها , وكان هذا ظاهرا جليا واضحا إلى حدّ اضطر المراعون للتصوف , والمداهنون للصوفية , والمدافعون عنهم أن يقرّوا به على ملأ من الناس:
(فالتصوف الإسلامي الحقيقي مبناه على الكتاب والسنة وعلى أحوال الرسول النبي العربي صلى الله عليه وسلم وإن تعرجت مؤخرا تعاليم التصوف وتلونت بعض فروعه ألوانا عدة واتجهت تلك الفروع اتجاهات مختلفة بسبب المذاهب الموروثة للداخلين المحدثين في الإسلام من هنود وفرس وإسرائليين ومسحيين ولا سيما في عصر الترجمة الذي شجع عليه المأمون ومن بعده من الخلفاء العباسيين فترجم المسلمون كتباً كثيرة من التصوف الهندي واليوناني والفارسي وطمعت بعض فروع التصوف الإسلامي الخالص بما دخل عليها من النزعات الأفلاطونية الحديثة أو القديمة وبعض المذاهب الهندية والفارسية في التصوف كنظرية الحلول والاتحاد والتقمص والتناسخ وما إلى ذلك (ولكل دين تصوفه وطبعا).
ومع ذلك ظل التصوف الإسلامي الصميم والذي مصدرة الكتاب والسنة قائما على حاله في صدور رجاله وفي الكتب الإسلامية كتواليف الحسن البصري والقشيري وأبي طالب المكي والسراج والغزالي).
(وشذ عن ذلك أمثال الحلاج الذي قال بالحلول والقائل (أنا الحق وما في الجبة سوى الله) ومحي الدين القائل (خضنا بحراً وقف الأنبياء بسالحله) وبرأه من فكره الحلول قوله بالسكر وغلبة الحال. وأكثر الصوفية الأعاجم خلطوا بين الفلسفة الفارسية القديمة أو الهندية وما قبسوه عن اليونانية والأفلاطونية الحديثة وبين تصوفهم الخاص).
وقد تأثر أمثال ببراهمة الهند والغرس في أزيائهم وطقوسهم , واعتنقوا من أفكارهم).
ويقول صوفي متقدم لسان الدين بن الخطيب:
(ومن الهنود الذي وضع لهم الحكمة المصلحية , الشلم , والمهندم , والبرهمان , والصولية , والبردة , والزهاد , والعباد , ورجال الرماد , وأصحاب الفطرة , وهم يهجرون اللذات الطبيعية جملة , ويكثرون الجوع والرياضة , عشاق فيما ولّوا وجوههم شطره).
وقال الآخر ما خلاصته:
(وشك أن ابن عربي في مدرسة وحدة الوجود وسوابق بذورها في مدرسة الحلاج ولواحقها حتى عبد الكريم الجيلي وما بعده قد تأثر بالمصدر الهندي الذي أنطق مذهب الانبثاق الرواقي والفيوضات والصدور عند الأفلاطونية).
وقال ماسينيون:
(ونجد من ناحية أخرى أن بحث المراحل التي أدّت إلى إدخال الذكر في طرق الصوفية المحدثين تدلنا على تسرب بعض طرائف الهنود إلى التصوف الإسلامي).
زبمثل ذلك قال أوليري المستشرق الآخر:
(وثمة شبيه هندي للفناء , ولكن ليس في البوذية , وإنما فيما تقول به الفيدانتا من وحدة الوجود).
ونيلكسون كذلك , فيقول في إحدى مقالاته وهو يتكلم في الفناء الصوفي:
(أما في شرق فارس حيث ظهرت فكرة الفناء لأول مرة ظهورا واضحا , فلا بدّ أنها كانت متأثرة إلى حد كبير بأفكار هندية وفارسية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/267)
ويدل تعريف الصوفية للفناء من الناحية الخلقية بأنه محو الصفات الذميمة , والتخلق بكل خلق حميد , ووصفهم لوسائل قمع الهوى والشهوات , على وجود أثر للفلسفة البوذية فيهم مما لا يدع مجالا للشك , لأن تعريفهم هذا تمام الاتفاق مع تعريف النرفانا.
أما الفناء في عرف أصحاب وحدة الوجود فربما كان أشد اتصالا بفكرة الفيدانتا وما يماثلها من الأفكار الهندية ... مثال ذلك أن أبا يزيد البسطامي كان من أهل خراسان , وكان جده زرادشتيا وشيخه في التصوف كرديا. ويقال: أنه أخذ عقيدة الفناء الصوفي عن أبي علي السندي الذي علّمه الطريقة الهندية التي يسمونها مراقبة الأنفاس , والتي وصفها هو بأنها عبادة العارف بالله.
وإنك لتلمح نزعة أبي يزيد إلى وحدة الوجود مائلة في الأقوال المعزوة إليه.
مثال ذلك ك
خرجت من الحق إلى الحق حتى صاحوا مني فيّ (يا من أنا أنت).
إني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني: سبحاني ما أعظم شأني.
للخلق أحوال , ولا حال للعارف , لأنه محيت رسومه , وفنيت هويته بهوية غيره , وغيبت آثاره بآثار غيره).
وقد كرر هذا القول في مواضع كثيرة مختلفة في مقالاته من التصوف والصوفية.
وكتب الدكتور أبو العلاء عفيفي البحاثة المصري الكبير معلقا على إحدى عباراته , ومصدقا كلامه , ما نصه:
(لا شك أن التصوف الإسلامي في ناحيته العلمية كان إلى حد ما على التصوف البوذي. يدل على ذلك ما ذكر الجاحظ في كتاب الحيوان عن رهبان الزنادقة الذين كانوا يخرجون للسياحة أزواجا , ولا يقيمون في مكان واحد أكثر من ليلتين. وكانوا يأخذون أنفسهم بتطهير القلب والعفة والصدق والفقر. ويذكر الجاحظ قصة رجلين منهم دخلا مدينة الأهواز).
ويقول جولد زيهر:
(إن نظرية الصوفيين في فناء الشخصية هي التي تقرب وحدها من فكرة الجوهر الذاتي (اتمان) , إذا لم تكن تتفق معها تماما , ويطلق الصوفيين على هذه الحالة لفظ الفناء أو المحور و الاستهلاك).
وقال أحد الكتّاب:
(أما زيهر فقد ذهب إلى أن الربط بين الفناء والنرفانا دعوى لا تحتاج إلى برهان , معتمدا في ذلك على قول لأبي يزيد جاء فيه:
صحبت أبا علي السندي فكنت ألقّنه ما يقيم به فرضا , وكان يعلمني التوحيد والحقائق صرفا.
فالنص – في نظره – لا يفهم منه سوى أن أبا يزيد كان يعلّم السندي الفروض الدينية , باعتباره حديث عهد بالإسلام , مقابل تلقيه عنه علم الحقيقة والفناء , الذي لم يكن على علم به).
ونريد أن نثبت ههنا أيضا نص ما ذكره الباحث الإيراني المشهور الدكتور قاسم غني , فيقول:
(إذا كان رأي أولئك الذين يعتقدون أن التصوف وليد المعتقدات البوذية والهندية مبالغا فيه , فينبغي أن يقال في الأقل أن من جملة ما كان له تأثير في التصوف الإسلامي أفكار البوذية والهندية ونزعاتهما وعاداتهما.
والإسلام الذي خرج من حدود الجزيرة العربية بسرعة البرق بعد ظهوره بفترة قصيرة سرعان ما أخذ يتقدم في كل ناحية , ولم تطل المدة حتى بلغ تخوم الصين وفتحت بلاد السند في عهد بني أمية , وتوثقت علاقات تجارية واقتصادية بين المسلمين والشعوب والقبائل التي كانت تختلف من ناحية الفكر والحضارة والأخلاق عن أقوام البلاد الأخرى.
ومنذ القرن الثاني وما بعده وحين بدأ المسلمون بنقل كتب الشعوب الأخرى واتسعت دائرة العلوم , ترجم مقدار من آثار البوذية والهندية مما يدخل في باب التصوف العملي أي الزهد وترك الدنيا ووصف العبادات والتقاليد الهندية والبوذية في هذا الباب , ناهيك بنقل كتب هندية وبوذية في القرن الثاني للهجرة والصلات التجارية والاقتصادية القائمة بين المسلمين والهنود في أوائل الخلافة العباسية وقد انتشرت طائفة من تاركي الدنيا والسائحين من الهنود والمانويين في العراق وسائر البلاد الإسلامية الأخرى وكما كانوا يتحدثون في القرن الأول عن الرهبان والسائحين مع المسيحيين كذلك أخذوا يتحدثون في القرن الثاني عن رهبان وسياح ممن لم يكونوا مسلمين ولا نصارى وهم الذين سماهم الجاحظ (رهبان الزنادقة) واعتبرهم من زهاد المانوية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/268)
قال الجاحظ: (إن هؤلاء سياح والسياحة بالنسبة لهم في حكم التوقف واعتزال الساطرة في الصوامع والأديرة , وتلك الجماعة يسافرون دائما اثنين اثنين ويسيحون بحيث إذا رأى الإنسان واحدا منهم يتيقن أن الثاني ليس ببعيد عنه إلى حد ما , وسيظهر قريبا. ومن عاداتهم أنهم لا ينامون ليلتين في مكان واحد , ولهؤلاء السياح خصال أربع: القدس والطهر والصدق والمسكنة).
وهؤلاء السياح تركوا بدورهم أثرا في صوفية المسلمين كما أثر فيهم أيضا السياح والمتجولون والمرتاضون من البوذيين الذين أذاعوا قصة بوذا وقدموه مثالا للزهد والإعراض عن الدنيا , بحيث أن المرتاضين كانوا يعرفونه في كتاباتهم بالمثال الكامل للزهد. وهو الأمير القوي الشكيمة الذي رمى الدنيا ظهريا وحرر نفسه. أو يقولون أنه أسير جدير بالثناء خليق بالاحترام متزييا بزي الفقراء. وهذا الموضوع أوجد قصصا ذات صور مختلفة والنقطة الهامة التي يجب ألا تنسى هي أن الديانة البوذية كانت قد انتشرت في شرق إيران أي بلخ وبخارى وفي ما وراء النهر كذلك قبل الإسلام بأكثر من ألف سنة , وكانت لها صوامع ومعابد مشهورة وكانت معابد بلخ البوذية أكثر شهرة بنوع خاص , وصارت بلخ ونواحيها من أهم المراكز الصوفية في القرون الإسلامية الأولى , وكان صوفيو خراسان يعدون في الرعيل الأول من الصوفية في الشجاعة الفكرية والحرية الشخصية , والعقيدة المعروفة (بالفناء في الله) المقتبسة من الأفكار الهندية إلى حد ما والتي انتشرت على الأكثر بواسطة صوفية خراسان. مثل أبي يزيد البسطامي وأبي سعيد الخير).
وقبل أن ننتقل إلى فكرة أخرى نريد أن نلفت الأنظار إلى أن معتنقي البوذية والجينية والديانات الهندية الأخرى كان لهم أن يترهبوا , ويتجردوا عن الدنيا وما فيها , ويختاروا العزلة والخلوة , ويتيهوا في المفاوز والخلوات , ويعيشوا في المغارات والخانقاوات , ويعذبوا أنفسهم , ويأتوا بالمجاهدات والرياضات , ويتحملوا المشاق , ويتعمقوا في المراقبات والمكاشفات وغير ذلك من الأمور , لأن قادتهم وزعماءهم , هداتهم ومرشديهم فعلوا مثل ذلك لحصول المعرفة , واكتشاف الحق , والوصول إلى طمأنينة الروح والقلب , والاتصال بالخالق والاتحاد به – حسب زعمهم – تشبها لهم واقتداء بهم , وتمسكا بأسوتهم , واقتفاء آثارهم ومناهجهم.
فعلى المتبعين أن يسلكوا جميع تلك المراحل التي سلكها سادتهم وكبراؤهم , وأن يكابدوا في هذا السبيل تلك الآلام التي تكبدها أولئك.
وكذلك النصارى.
أولا: لأنه نقل عن مسيحهم ما يشجعهم على التبتل والعزلة.
ثانيا: أن حواريي المسيح , وقدّيسي المسيحية الأوائل تحملوا أنواعا من العذاب في سبيل التمسك بمذهبهم , فأوذوا وأجبروا على ترك المساكن والمواطن وعاشوا في الصحارى والمغارات فرارا بدينهم , وحفاظا على إيمانهم , فحبس منهم وقتّل منهم كثيرون , وعذّب الآخرون.
فتأسيا بهم وتقديرا لهم حرموا أنفسهم من ملذات الدنيا ونعيمها , وألزموا عليهم العزبة والجوع والمشاق , وهجروا العيش بين الأهل والأولاد.
وأما المسلمون فلا نبيّهم أمرهم بذلك , ولا أصحابه ورفاقه الأبرار خيرة خلق الله , وأبرار هذه الأمة عملوا به , ودينهم دين الاعتدال والدين الوسط , الناسخ لجميع الشرائع السماوية منها والأرضية , الإلهامية وغير الإلهامية.
{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
والذي كمل قبل انتقال محمد صلى الله عليه وسلم إلى الملأ الأعلى.
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}
وما لم يكن فيهما فهو ابتداع وإحداث فيه , وليس منه , ولا له علاقة به.
ولا ندري ممن أخذ متصوفة المسلمين ونساكهم من المسلمين هذا المنهج والمسلك الذي بنوا عليه تصوفهم وزهدهم. اللهم إلا ممن ذكرناهم من المسيحية , وأصحاب الديانات الهندية , وهذه أحوال معتدلي الصوفية ومتقدميهم.
وأما المتطرفون والمتأخرون فقد زادوا على هذين المصدرين مصدرا آخر استقوا منه فلسفتهم ومشربهم , وتشبثوا بآرائه ومقولاته. وهو الأفلاطونية الحديثة.
الأفلاَطونيّة الحَدِيثَة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/269)
ولقد ذكر جمع من الكتّاب والباحثين في التصوف ممن اشتغلوا بالتصوف من المسلمين وغير المسلمين. وقل من شذ عنهم أن الأفلاطونية الحديثة هي أحد المصادر الأساسية للتصوف , بل إنها هي المصدر الأول بالنسبة للقائلين بوحدة الوجود والحلول بدءاً من أبي اليزيد البسطامي , وسهل التستري , والترمذي الملقب بالحكيم , ابن عطاء الله الأسكندري , وابن سبعين , وابن الفارض , والحلاج , ولسان الدين بن الخطيب , وابن عربي , والرومي , والجيلي , والعراقي , والجامي , والسهروردي المقتول , وبايزيد الأنصاري وغيرهم.
وأن هؤلاء أخذوا نظرية الفيض والمحبة والمعرفة والإشراق مع الآراء الأخرى التي تمسكوا بها عن الأفلاطونية المحدثة.
وعبارات الصوفية أنفسهم ناطقة بها وشاهدة عليها ولو أنهم اختلطت عليهم آراء الأفلاطونية الحديثة وآراء أفلاطون وأرسطو وغيرهم من حكماء اليونان الآخرين , حيث نسبوا ذلك إلى هذا , وهذا إلى تلك.
فيقول صوفي معاصر:
وأما وحدة الوجود الحلولية التي تجعل من الله كائنا يحل في مخلوقاته أو الاتحادية بالمعنى المفهوم خطا تلك التي تجعل من الكائن الفاني شخصية تتحد بالموجود الدائم الباقي المنزه عن سائر النسب والإضافات والأحياز الزمانية والمكانية المحدثة أو يتحد به شيء منها فإنها مذهب هندي أو مسيحي وليس بإسلامي ولا يعرفه الإسلام , استمده أهل الشذوذ في التصوف الإسلامي من الفلسفة البائدة , وغذوا به مذهبهم الشاذ بفكر أفلاطونية وآراء بوذية وفارسية عن طريق الفارابي وابن سينا , حاله أن المتتبع لحياة الحلاج ومؤلفات السهروردي وابن عربي يرى أنهم تأثروا بالمتفلسفة المسلمين الذين أخذوا عن الفلسفة الأفلاطونية الحديثة والأرسطو طاليسية.
وكتب قبله بقليل:
(فكان يعلن بعضهم أنه اطلع على الغيب وأن في مقدوره الإتيان بخوارق العادات ثم يذهب إلى ما هو أبعد من هذا مثل قولة الحلاج المشهورة: ما في الجبة غير الله – وغيره: أنا الحق وبمثل هذا وذاك ثار على الحلاج معاصروه ورموه بالسحر تارة والجنون أخرى وعذب عذابا أليما إلى أن مات في أوائل القرن الرابع , والله أعلم بحاله وكان من أمثال الحلاج من بالغوا مبالغة قلت أم كثرت كشهاب الدين عمر السهروردي المقتول رئيس جماعة الإشراقيين ومحيي الدين بن عربي الأندلسي. وابن سبعين الصقلي , وهم من رجال القرنين السادس والسابع وتابعهم جماعة من شعراء الفرس أمثال جلال الدين الرومي وفريد الدين العطار وكلهم يرمي إلى أن يقيم التصوف الإسلامي على دعائم فلسفية أو فارسية وهندية أو يونانية).
ويقول الدكتور عبد القادر محمود:
(فإذا عدنا إلى تاريخ الاتصالات الأولى نجد أن الثقافة اليونانية كانت هي الثقافة المسيطرة على العقول في الشرق منذ عهد الإسكندر بالإضافة إلى ثقافات الشرق نفسه , حتى إذا أقبل المسلمون على حضارات غيرهم من الأمم القديمة كان إقبالهم على الثقافة الهللينية بمعونة نساطرة الحيرة وبمعاقبة غسّان , والسريان في الشام وغيرها , والصابئة من أتباع زرادشت , واليهود والنصارى. لكن الذي نؤكده أن باب الاتصال المباشر كان الأفلوطينية المحدثة ولو أن المسلمين حسبوها لأرسطو حين اعتقدوا خطأ أن كتاب الربوبية له , وهو في الواقع لأفلوطين الذي عرفوا من ورائه أفلاطون والثقافة اليونانية القديمة.
إننا نلاحظ أن الأستاذ نسلكسون يرى أن الأثر كان في القرن السادس الهجري , ويختلف معه ماسينيون , فيرى على وجه أصح أنه كان في القرن الرابع , والواقع أنه في القرن الثالث , بدليل أن الربوبية ظهرت عربية في الوسط الإسلامي في القرن الثالث الهجري وكان لها أثرها المباشر في نظريات الاتصال الفارابية , ونظريات البسطامي والحلاج. فإذا اعتمدنا على جهد اصطفان بن صُدَّيللي الغنوصي السرياني الذي كان أستاذاً في مجمع (أريو باجوس) الذي تخرج منه ديونيسيوس Dionysius الأريوباجي , والذي كان معاصرا ليعقوب السروجي الأديب السرياني المشهور (ت 521 م) أقول – إذا عدنا إلى اصطفان بن صُدَّيللي , وجهوده في النصف الثاني من القرن الخامس الميلادي وفي (الرُّها) بالذات فإننا نجد من جهوده الخطيرة أنه نقل بعد رحلاته في مصر وغيرها مذاهب وحدة الوجود وعاد ونشرها في (الرُّها) و كما اشتغل بشرح الإنجيل , وأنكر أبدية عذاب جهنم ,
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/270)
وأكد أن المذنبين سيعودون إلى الجنة بعد تطهير. وكان لهذا أثره في سخط أهل الرّها فطردوه ورموه بالإلحاد , فرحل إلى دير في بيت المقدس , ووجد لآرائه هناك أرضا خصبة , وجمع آراءه , ونسبها إلى ديونيسيوس لشهرته. من هنا لا نجد غرابة مطلقاً في الدوائر الصوفية في الإسلام انتشار مثل هذه الأقوال التي شاعت مع جهم بن صفوان , ثن اندفعت في أفق الفكر الإسلامي , حيث شكلت مذاهب الفيض والإشراق والمعرفة والجذب والحلول والاتحاد ووحدة الشهود ووحدة الوجود , وكل مركبات (الثيوصوفية) بتأثير الأمشاج المختلطة مع الغنوص الشرقي القديم. فإذا نظرنا في مذاهب الفيض الأفلوطيني - نجد أن الله والعقل الأول والنفس الكلية والمادة غير المصورة والنفوس الجزئية – كل أولئك عبارة عن مراتب الوجود الأفلوطينية , وهذا ما نجده في مدرسة ابن عربي في الحقيقة المحمدية أول فيض من الذات الإلهية , ثم بقية الفيوضات في جميع الموجودات , وعند ابن الفارض في وحدة الشهودية وفي مذهبه القطبية والحقيقة المحمدية , وعند الإشراقية السهروردية والشيرازية التي تجعل الله نور الأنوار فياضاً بالأنوار القاهرة وهي النفوس والعقول , وبالجواهر الغاسقة الناشئة عن الأنوار , وهي الأجسام , حتى المصطلحات في المثل أو المعاني الأزلية , والحقيقة , وحقيقة الحقائق , والعلة والمعلول , والوحدة والكثرة , وتحقق الذات في الموضوع وشيوع الموضوع في الذات.
كل هذا يعود إلى أصوله الأفلوطينية التي تعود هي الأخرى إلى الغنوص الشرقي والغربي المؤول في الفلسفات اليهودية والمسيحية اللاهوتية. لقد أخذت النظريات الصوفية لدى الصوفية الفلاسفة أو الفلاسفة الخلص لدى المشائية الإسلامية وجوهرها من الأفلوطينية , وخاصة في المعرفة الإشراقية , التي تُلقى إلقاء في النفس عند تَطَهُّرها وتحررها , ويكفينا دليلا التاسوع الخامس لأفلوطين الذي يقول: (النفس التي لا تضاء بضوئه تظل بغير رؤية) , فإذا أضيئت فإنها تحتوي على كل ما تنشده فترى الأسمى بالأسمى – ترى الأسمى الذي هو في الوقت نفسه وسيلة الرؤية لأن ما يضيء النفس هو نفسه الذي تريد رؤيته , كما أننا نرى الشمس بضوء الشمس. لقد مارس أفلوطين (ت 205 م) هذه التجربة , وأعطى الاتجاه للفارابي وابن سينا , والحلاج والسهروردي , وابن عربي وابن الفارض , وابن سبعين وبقية الركب المشائي أو الصوفي. يقول أفلوطين (وقد حدث مرات عدة أن ارتفعت خارج جسدي بحيث دخلتُ في نفسي , كنت حينئذ أحيا , وأظفر باتحاد مع الإلهي). (يجب على أن أدخل في نفسي , ومن هنا أستيقظ. وبهذه اليقظة أتحد بالله). (يجب عليَّ أن أحجب عن نفسي النور الخارجي لكي أحيا وحدي في النور الباطن)).
ويقر هذا الأمر الدكتور عبد الرحمن بدوي – ولو أنه يختلف مع الدكتور عبد القادر في طرق وصولها إلى الصوفية – حيث أنه يقول تحت عنوان التأثير اليوناني في التصوف:
(وأهم نص في هذا الباب هو كتاب (أثولوجيا أرسطو طاليس) وهو كما نعلم فصول ومقتطفات , منتزعة من التساعات الأفلاطونية , وفيه نظريات الفيض والواحد التي ستلعب دورا خطيرا في التصوف الإسلامي , خصوصا عند السهروردي المقتول وابن عربي , وفيه نظرية (الكلمة) أو اللوغوس.
ولا شك في تأثر الصوفية المسلمين ابتداء من القرن الخامس الهجري بما في (أثولوجيا) من آراء. وإنما الخلاف هنا هو في هل وصل تأثيره إلى التصوف الإسلامي مباشرة , أو عن طريق كتب الإسماعيلية , وكلها حافلة بالتأثر به.
ويتلوه في الأهمية الكتب المنسوبة إلى هرمس .. وشخصية بارزة التأثير عند السهروردي المقتول , وابن عربي. الأول خصوصا في فكرة الطباع التام , التي تأثر بهل كل الإشراقيين بعد السهروردي , والطباع التام هو (النوس). ويسمى أيضا الروجانية و الطبيعة الكريمة.
ويتصل به ما يرد من علم الصنعة سواء عند الصنوعيين (الكيماويين) وعند الصوفية المسلمين.
ومن النصوص المهمة المنسوبة إلى هرمس: رسالة هرمس في معاذلة النفس , التي نشرناها في كتابنا: الأفلاطونية المحدثة عند العرب , فهي مناجيات للنفس وتحليل لها , وتأنيب للنفس الأمارة , ودعوة للنفس من أجل التطهر والتقديس.
ومن السهل أن نجد أصداء لها ومشابه في مناجيات الصوفية المسلمين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/271)
ثم إن هناك فصولا منحولة لأفلاطون وسقراط وغيرهما من الفلاسفة اليونانيين معظمها آداب وأقوال .... وكلها تتشابه في بعض آرائها مع الأقوال المنسوبة إلى كبار الصوفية المسلمين في كتب طبقات الصوفية المختلفة (القشيري , السلمي , الشعراني , الهروي , العطار , الجامي الخ الخ).
ولقد أقر الدكتور أبو العلاء العفيفي أيضا بتأثر ابن عربي ومن نهج منهجه في الأمور الكثيرة وفي نظرية الفيض بأفلاطونية المحدثة.
وكتب الدكتور التفتازاني كلاما يشبه هؤلاء حيث قال ك
(ونحن لا ننكر الأثر اليوناني على التصوف الإسلامي , فقد وصلت الفلسفة اليونانية عامة , والأفلاطونية المحدثة خاصة , إلى صوفية الإسلام عن طريق الترجمة والنقل , أو الاختلاط مع رهبان النصارى في الرها وحران. وقد خضع المسلمون لسلطان أرسطو , وإن كانوا قد عرفوا فلسفة أرسطو على أنها فلسفة إشراقية , لأن عبد المسيح بن ناعمة الحمصي حينما ترجم الكتاب المعروف بـ (أثولوجيا أرسطو طاليس) قدمه إلى المسلمين على أن لأرسطو على حين أنه مقتطفات من تاسوعات أفلوطين.
وليس من شك في أن فلسفة أفلوطين السكندري التي تعتبر أن المعرفة مدركة بالمشاهدة في حال الغيبة عن النفس وعن العالم المحسوس , كان لها أثرها في التصوف الإسلامي فيما نجده من كلام متفلسفي الصوفية عن المعرفة. وكذلك , كان لنظرية أفلوطين السكندري في الفيض وترتيب الموجودات عن الواحد أو الأول. أثرها على الصوفية المتفلسفين من أصحاب الوحدة كالسهروردي المقتول , ومحي الدين بن عربي , وابن الفارض , وعبد الخالق بن سبعين , وعبد الكريم الجيلي , ومن نحا نحوهم.
ونلاحظ بعد ذلك أن أولئك المتفلسفة من الصوفية نتيجة اطلاعهم على الفلسفة اليونانية قد اصطنعوا كثيرا من مصطلحات هذه الفلسفة مثل: الكلمة – العقل الأول - العقل الكلي – العلة والمعلول ز الكلي .... إلخ).
وبمثل ذلك قال الدكتور محمد كمال جعفر.
والدكتور مصطفى حلمي.
والدكتور زكي مبارك.
والدكتور محمد جلال شرف.
والدكتور هلال إبراهيم هلال.
وأما الدكتور قاسم غني الفارسي فكتب:
(وأن طريق الوصول إلى المبدأ والحصول على التمتع الأبدي هو تطهير النفس السفلية عن طريق التجرد من الشهوات الجسمانية والميول الحسية وممارسة الفضائل الأربع , وهي: العفة , والعدل , والشجاعة , والحكمة. هذه نماذج من آراء الفلسفة الأفلاطونية الحديثة التي وفق المسلمون بينها وبين الشرع الإسلامي. ولهذا الغرض حذفوا منها أشياء وزادوا عليها أشياء وسموها (حكمة الإشراق).
وقد أثر في التصوف والعرفان ذيوع آراء أفلاطون وظهور الفلسفة الأفلاطونية الحديثة بين المسلمين أكثر من أي شيء. وبعبارة أخرى , أحرز التصوف الذي كان إلى ذلك الحين زهدا عمليا أساسا نظريا وعمليا.
وإذا دققنا في آراء الأفلاطونية الحديثة وجدنا أن الصوفي الزاهد الذي غض الطرف عن الدنيا وما فيها بحكم أنها فانية , وتعلق خاطره بما هو خالد. يشعر بلذة الرضا في فلسفة أفلوطين. بل يحصل على منتهى غايته في تلك الآراء , وموضوع وحدة الوجود في الفلسفة الأفلاطونية الحديثة جذب أنظار الصوفية أكثر من أي شيء آخر لأن الذين يؤمنون بهذه العقيدة يرون أن العالم كله مرآة لقدرة الحق تعالى وكل موجود بمثابة مرآة تتجلى ذات الله فيها إلا أن المرايا كلها ظاهرة , والوجود المطلق والموجود الحقيقي هو الله. ينبغي على الإنسان أن يسعى حتى يمزق الحجب ويجعل نفسه محلا لتجلي جمال الحق الكامل ويبلغ السعادة الأبدية.
على السالك أن يطير بجناح العشق نحو الله تعالى ويحرر نفسه من قيد وجوده الذي ليس إلا مظهرا فحسب. وينمحي ويفنى في ذات الله أي الموجود الحقيقي).
هذا وبمثل ذلك قال الآخرون من الفرس الذين اشتهروا باشتغالهم في التصوف , مثل الدكتور عبد الحسين زرين كوب.
والأستاذ مهدي توحيدي بور.
وقبلهم الأردبيلي أحمد بن محمد.
وغيرهم الكثيرون الكثيرون.
وأما صوفية الهند وكتاب شبه القارة عن التصوف فأيضا أقروا بتلك الحقيقة الناصعة التي لا يمكن التهرب والأعراض عنها.
فلقد قال البروفيسور يوسف سليم جشتي في كتابه الكبير عن التصوف , بعد ما استعرض آراء الأفلاطونية الحديثة ونظريتها مفصلة , قال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/272)
(إن التصوف لم يقتبس , ولم يؤخذ إلا من المنابع الصافية والمصادر الطاهرة , وعلى رأسها الأفلاطونية المحدثة , وتبني الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي نفس الأفكار التي نشرها أفلوطين الأسكندري , المبنية على الفكر الفلسفي والمشاهدة الذاتية , والذي بين أن تزكيه النفس لا يمكن إلا بالتبتل عن العلائق الدنيوية والعالم المادي , ولها مراتب ثلاث:
تصفية النفس , وتجلية النفس , وتحلية النفس.
ولا يمكن الوصول إليها إلا بالمراحل الثلاث:
أولا: بالفن والآداب , والمراد منها طلب الحقيقة وجمالها. وأن هذين الشيئين أي ( Truth and Beauty ) اسمان لشيء واحد في الحقيقة.
ثانيا: بالعشق.
ثالثا: بالحكمة.
وأهم الأشياء في فلسفة أن طريق تهذيب النفس وتكميل الروح ليس ببرهاني ولا عقلي , بل هو وجداني وكشفي , كما أن فلسفته في الإلهيات تدور على وحدة الوجود , وهذا عين ما كان يؤمن به الشيخ الأكبر ابن عربي وغيره , كما أومن به أنا أيضا).
وبمثل ذلك قال الآخر:
ولا يبعد أن التصوف الإسلامي قد تأثر إلى حد كبير بالفلسفة اليونانية والتصوف الهندي والأديان الأخرى المجاورة للعرب كالمسيحية في الشام واليهودية في اليمن والزرادشتية في العراق وبلاد الفرس وغيرها إذ تم الاختلاط بين العرب وبين معتنقي هذه الديانات في القرن الثاني والثالث الهجري , وترجمت الفلسفة اليونانية كما ترجمت الثقافات الأخرى التي كانت موجودة عند أهل هذه البلاد المفتوحة قبل دخولهم في الدين الإسلامي.
لذلك رأى بعض العلماء أن التصوف الإسلامي هو إيجاد الفلسفة اليونانية.
بينما قال البعض الآخر: أنه نواة الدين المسيحي , في حين أن فريقا من المحققين يميلون إلى التصوف الإسلامي قد أخذته العرب من الهنود كما أخذت العرب الفلسفة من اليونان إذ كان التصوف شائعا رائجا بين الهنود قبل الإسلام بقرون , ولم يظهر عند العرب في صورة مذهب مستقل إلا بعد فتح البلاد الهندية واختلاطهم بأهل تلك البلاد).
فهذه هي عبارات ونصوص الباحثين من المسلمين الذين عرفوا بالبحث والكتابة عن التصوف والصوفية , والأكثر منهم عرفوا بالولاء للصوفية والدفاع عنهم وعن معتقداتهم , والبعض منهم يُعَدّ من الصوفية ويحسب على التصوف.
هذا ولأجل ذلك ذهب معظم المستشرقين إلى أن الأفلاطونية الحديثة من أهم مصادر التصوف , وخاصة للتصوف المتأخر من القرون الأولى , ولقد بحث المستشرق الأنجليزي نيكلسون هذا الأمر في مقالاته عن التصوف بمواضع عديدة , فأرجع نشأته إلى عوامل خارجة عن الإسلام عملت عملها ابتداء من القرن الثالث الهجري. وأهم هذه العوامل وأبرزها في نظره هو الأفلاطونية الحديثة المتأخرة التي كانت شائعة في مصر والشام إلى عهد ذي النون المصري ومعروف الكرخي , ولهذا يتخذ من ذي النون المصري محورا لبحثه في هذه المقالة , فيأتي بكثير من الأسانيد التاريخية عن حياة ذي النون ونشأته , ويستدل بها على أن ذا النون كان على علم بالحكمة اليونانية الشائعة في عصره. ويتتبع حركة الثقافة اليونانية المتأخرة وطرق وصولها إلى المسلمين.
وينتهي إلى أن التصوف في ناحيته النظرية مأخوذة من الأفلاطونية الحديثة موافقا في ذلك رأي ميركس الذي شرح هذه النظرية في كتابه (التاريخ العام للتصوف ومعالمه) هيد لبرج سنة 1893 م.
ويقول نيكلسون:
(ولا حاجة بنا إلى الإطناب في الكلام عن انتشار الثقافة الهلينية بين المسلمين في ذلك العصر , فإن كل من له إلمام بتاريخ العرب الأدبي يعلم كيف طغت موجة العلوم اليونانية – وقد بلغت ذروتها آنئذ - على العراق من مراكز ثلاثة: من الأديرة المسيحية في الشام , ومن مدرسة جنديسابور الفارسية في خوزستان , ومن وثني حران أو الصابئة في الجزيرة. وقد نقل إلى العرب كتب لا حصر لعددها في الفلسفة والطب وسائر العلوم اليونانية الأخرى , وعكف على دراستها المسلمون وأتخذوها أساسا قامت عليه اتجاهاتهم الجديدة في البحث , حتى لتكاد العلوم والفلسفة الإسلامية تكون مؤسسة على حكمة اليونان وحدها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/273)
وأبرز شخصية يونانية في الفلسفة الإسلامية هي أرسطو طاليس لا أفلاطون , ولكن العرب استمدوا أول علمهم بفلسفة أرسطو طاليس من شراح الأفلاطونية الحديثة , وكان المذهب الذي غلب عليهم هو مذهب أفلوطين وفور فوريوس وأبرقلس. وليس كتاب (أثولوجيا أرسطو طاليس) الذي نقل إلى العربية حوالي 840 م حسب تقدير دتريصي إلا ملخصاً لمذهب الأفلاطونية الحديثة. ومعنى هذا أن الأفكار الأفلاطونية الحديثة قد انتشرت بين المسلمين انتشارا واسعاً ... ولا داعي الآن إلى الاسترسال في هذا الموضوع بأكثر من هذا القدر , ويكفي القول بأن المسلمين قد وجدوا المذهب الأفلاطوني الحديث أينما حلوا وفي أي مكان اتصلوا فيه بالحضارة اليونانية.
وقد كان لمصر والشام دائما الصدارة بين الأمم التي انتشرت فيها الحضارة اليونانية , وهما البلدان اللذان ظهر التصوف فيهما لأول مرة بمعناه الدقيق وتطور كما أسلفنا. والرجل الذي اضطلع بأكبر قسط في تطور هذا النوع من التصوف , هو ذو النون المصري الذي وصف بأنه حكيم كيميائي , أو بأنه – بعبارة أخرى – أحد أولئك الذين نهلوا من منهل الثقافة اليونانية. فإذا أضفنا إلى هذا أن المعاني التي تكلم فيها ذو النون هي _ في جوهرها – المعاني التي نجدها في كتابات يونانية مثل كتابات ديونيسيون ........
وليس عندي من شك في أن المذهب الغنوصي بعد ما أصابه من التغيير والتحوير على أيدي مفكري المسيحية واليهودية , وبعد امتزاجه بالنظريات اليونانية كان من المصادر الهامة التي أخذ عنها رجال التصوف الإسلامي , وأن بين التصوف والغنوصية مواضع اتفاق كثيرة هامة. ولا شك عندي أيضاً في أن دراسة هذه المسألة دراسة دقيقة وافية لما يأتي بأطيب الثمرات , ولكنني على يقين من أننا إذا نظرنا إلى الظروف التاريخية التي أحاطت بنشأة التصوف بمعناه الدقيق , استحال علينا أن نرد أصله إلى عامل هندي أو فارسي , ولزم أن نعتبره وليداً لاتحاد الفكر اليوناني والديانات الشرقية: أو بمعنى أدق وليد اتحاد الفلسفة الأفلاطونية الحديثة والديانة المسيحية والمذهب الغنوصي) ز
ويقول في مقال آخر:
(ومما يحملنا على الجزم بوجود أثر للفلسفة اليونانية في التصوف الإسلامي أن نظرية المعرفة فيه ظهرت في غربي آسيا ومصر في بلاد تأصلت فيها الثقافة اليونانية أحقابا طويلة , وكان بعض المبرزين في الكلام فيها من أصل غير عربي).
وفي مقال آخر صرح بأن التصوف الفلسفي الإلهي هو أثر من آثار النظر اليوناني , ولا يمكن الإنكار من امتزاج الفكر اليوناني والدين الإسلامي في التصوف وخاصة الأفلاطونية المحدثة.
وبمثل ذلك قال براون في كتابه 0 تاريخ فارس الأدبي) , والمستشرق الأوليري في كتابه (الفكر العربي ومكانته في التاريخ).
ومير كس في كتابه.
ويقول ماسينيون المستشرق الفرنساوي:
(وتسربت الفلسفة اليونانية إلى العالم الإسلامي , وأخذ يزداد باطراد منذ أيام الأذرية القرامطة القدامى , والرازي الطبيب إلى عهد ابن سينا , وكان من نتيجة ذلك أن استحدثت في القرن الرابع الهجري مصطلحات ميتافيزيقة أدق من سابقتها يفهم منها أن الروح والنفوس جواهر غير مادية , وأن ثمة معاني عامة وسلسلة من العلل الثانية وغير ذلك , وأن هذه المصطلحات اختلطت بالإلهيات المنحولة لأرسطو , وبمثل أفلاطون , وفيوضات أفلوطين , وقد كان لهذا كله أثر بالغ في تطور التصوف).
فهذه هي آراء المستشرقين , تشبه تماما آراء من ذكرناهم قبل ذلك من المسلمين.
وهناك في كتب بعض الصوفية المتقدمين ما يدل على ارتباطهم بالفلسفة اليونانية وأخذهم عنها , وتأثرهم بها , حيث مجدوها وبالغوا في الثناء عليها , وعلى من أوجدها وطرحها ونشرها بين الناس , ولو حصل الخطأ في نسبة بعض الآراء والأفكار إلى البعض دون البعض , وإلى الواحد دون الآخر كما مرت الإشارات إلى ذلك أثناء نقل العبارات السابقة عنهم.
فيقول الجيلي في كتابه (الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل) في الجزء الثاني منه ما يدل على حبه العميق لموجدي الفلسفة اليونانية والربط الشديد لموجديها , فيقول:
(ولقد اجتمعت بأفلاطون الذي يعدونه أهل الظاهر كافرا , فرأيته وقد ملأ العالم الغيبي نورا وبهجة , ورأيت له مكانة لم أرها إلا لآحاد من الأولياء , فقلت له: من أنت؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/274)
قال: قطب الزمان وواحد الأوان , ولكم رأينا من عجائب وغرائب مثل هذا ليس من شرطها أن تفشي , وقد رمزنا لك في هذا الباب أسراراً كثيرة ما كان يسعنا أن نتكلم فيها بغير هذا اللسان , فألق القشر من الخطاب وخذ اللب إن كنت من أولي الألباب).
وفي مقام آخر من كتابه كتب أن أرسطو تلميذ أفلاطون لزم خدمة الخضر واستفاد منه علوما جمة , وكان من تلامذته.
وهذا غير ما ذكر من آرائه وآراء أفلاطون وفلسفتهما , والتعلق والتمسك بها ومصطلحاتها التي استعملها واعتنقها وآمن بها.
وبمثل ذلك كتب لسان الدين بن الخطيب في كتابه الصوفي الكبير (روضة التعريف بالحب الشريف) حيث يلقب أفلاطون كلما يذكره بمعلم الخير , وأرسطو بحكيم متأله , وسقراط وهرمس وغيرهم من أهل الأنوار.
وحكى عن أرسطو (خطأ) أنه حصل له الاتحاد بالذات الإلهية. فيقول نقلا عن أرسطو أنه قال:
(إني ربما خلوت بنفسي كثيراً , وجعلت بدني جانبا , وصرت كأني مجردا بلا بدن , عري من الملابس الطبيعية , فأكون داخلا في ذاتي , خارجا من سائر الأشياء. فأرى في ذاتي من الحسن والسناء , والبهاء والضياء والمحاسن العجيبة , والمناظر الأنيقة , ما أبقى له متعجبا متحيراً باهتاً , فأعلم أني جزء من أجزاء العالم الأعلى الشريف. فلما أيقنت بذلك , رقيت بذهني إلى العلة الإلهية المحيطة بالكل , فصرت كأني موضوع متعلق بها. فأكون فوق العالم كله , فأراني كأني واقف في ذلك الموقف الشريف المقدس الإلهي فأرى هنالك من النور والبهاء , والبهجة والسناء , وملا تقدر الألسن على صفته , ولا الأسماع على نعته , ولا الأوهام أن تحيط به , فإذا استغرقني ذلك النور والبهاء , لم أطق على احتماله , ولا الصبر عليه فارتددت عاجزاً عن النظر إليه , وهبطت من العقل إلى الفكر والروية , فإذا صرت في عالم الفكر والروية , حجبت الفكرة عني ذلك النور والبهاء , وحالت بيني وبينه الأوهام , فأبقى متعجباً كيف انحدرت من ذلك الموضع الشاهق العالي الإلهي , وصرت سفلا في موضع الفكر والضيقة , بعد أن قويت نفسي على التخلف عن بدنها , والرجوع إلى ذاتها , والترقي إلى العالم العقلي , ثم العالم الإلهي , مع العقول فوق العوالم كلها , حتى صارت في موضع البهاء والنور والسناء مجتلية الذي هو علة كل نور وبهاء , وسبب كل دواء وبقاء.
ومن العجب. أني كنت رأيت نفسي ممتلئة نوراً , وهي في البدن كهيئتها , والبدن معها , وهي خارجة عنه , على أني لما أطلت الفكرة , ومحضت الروية , وأجلت الرأي , وصرت كالمتحير المبهوت , تذكرت الفلنطوس , فإنه أمر بالطلب والبحث عن جوهر النفس الشريفة , والحرص على الصعود إلى ذلك العالم الشريف الأعلى. وقال: إنه من حرص على ذلك , وارتقى إلى العالم الأعلى , ولحق بالجواهر الإلهية , والأسباب الكلية , يجزي أحسن الجزاء اضطرارا. فلا ينبغي لأحد أن يفتر عن الطلب والحرص , والجد في الارتقاء إلى ذلك العالم , وإن تعب وكد ونصب , فإن أمامه الراحة التي لا تعب بعدها , في حياة دائمة , وعيشة راضية , ولذات باقية لا يتناهى أمدها , ولا يقطع مددها , مخلوقة للإنسان كلها , والإنسان مخلوق لها , أليس عجزا أن تمر ساعة من عمره في غير ما خلق له من ذلك؟ أليس من فرط في السعي لذلك ظالما لنفسه , ومهلكا ذاته , وفاعلا بجوهرته النفيسة ما لم يفعل به أعدى عدو له , فيندم حين لا ينفعه الندم).
ثم علق عليه بقوله:
(وبيان هذه السعادة: من تعرض له , فقد تعاطى ما لا يستقل به نفس , ولا تطمع فيه قوة ... وسبيل السعادة عندهم الرياضة , وعلاج الأخلاق , حتى يصير شيبها بالخير المحض وهو المبدأ , وتلطيف السر , وأن يصرف عن النفس شواغل الجسم , ويترقى في معارج المحبة والشوق إلى ذلك الكمال بالفكرة , حتى تحس النفس بانجذابها إلى عالمها , وتفيض عليها عجائبه. وقد أخبر هؤلاء الإلهيون عن أنفسهم عن أنفسهم بما ذكرناه آنفا , من أنهم نزعوا جلابيب الجسمانية في هذا العالم , وترقوا إلى العالم العلوي , فأبصروا من نوره ولذاته أموراً مذهلة , ثم عادوا إلى عالم الحس , ورمزوا ذلك في كتبهم , حسبما نقل سقراط الدنان , ومعلم الخير أفلاطون وإمام المشائين أرسطو).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/275)
وهذه العبارات منثورة مبعثرة في كتب القوم كثيرا , ناطقة عن كنههم وحقيقة مشربهم الذي اختاروه منهجا ومسلكا من التصوف والصوفية كشهادات داخلية واعترافات ذاتية.
وعلى ذلك قال الصوفي المشهور عبد الوهاب الشعراني عن شيخه:
(وكان سيدي أفضل الدين رحمه الله يقول:
كثير من كلام الصوفية لا يتمشى ظاهره إلا على قواعد المعتزلة والفلاسفة فالعاقل لا يبادر إلى الإنكار بمجرد عزو الكلام إليهم , بل ينظر ويتأمل في أدلتهم التي استندوا إليها , فما كل ما قاله الفلاسفة والمعتزلة في كتبهم يكون باطلا).
وبعد هذه الشهادات والاعترافات لا نرى الاحتياج إلى ذكر عبارات الصوفية , ومقارنتها بآراء الفلاسفة والأفلاطونية المحدثة كي لا يطول بنا الحديث ولو أننا سوف نتكلم في هذا الخصوص ونضطر إلى سرد تلك النصوص في محل آخر من الكتاب عند الاحتياج والضرورة.
فهذه هي مصادر التصوف , التي استقى منها شجرته حتى نمت وازدهرت , فأينعت وأثمرت , ولا يمكن رده إلى مصدر واحد (فإن أثر المسيحية والأفلاطونية الحديثة والفلسفة البوذية عامل لا سبيل لنا إلى إنكاره في التصوف الإسلامي. وقد كانت هذه المذاهب والفلسفات متغلغلة في الأوساط التي عاش فيها الصوفية , فلم يكن بدّ من أن تترك طابعها في مذاهبهم , ولدينا أدلة كافية توضح أثرها في التصوف ومكانتها منه , ولو أن المادة التي بين أيدينا لا تمكننا من تتبع أثرها بالتفصيل. وبالجملة يمكن القول بأن التصوف في القرن الثالث – شأنه في ذلك شأن التصوف في عصر من عصوره – ظهر نتيجة لعوامل مختلفة أحدثت أثرها في مجتمعه. أعني بهذه العوامل البحوث النظرية في معنى التوحيد الإسلامي , والزهد والتصوف المسيحيين , ومذهب الغنوصية , والفلسفة اليونانية والهندية).
وكان هناك مصدر هام له تأثير قوي في تكوين التصوف وتشكيله , وتحوير منهجه وتطويره , وترويج الأفكار الأجنبية البعيدة عن الإسلام وتعاليمه فيه , غير هذه المصادر التي ذكرناها , وهو: التشيع الذي وضع نواته اليهود , وساهمت في تنشئته وتنميته الديانات الفارسية.
ولكن لما لهذا المصدر من أهمية كبيرة وتأثير كبير لتغيير وجهة التصوف ومجراه , وتخليق أفكار غريبة فوق الغرابة التي وجدت فيه من المصادر الأخرى ربما تصطدم بنصوص صريحة للقرآن والسنة لا تحمل التأويل وتقضي على تعاليمها.
ولفارق آخر وهو أن مصادر التصوف الأخرى أخذ منها التصوف أفكارها , واقتبس منها آراءها دون أن يكون لتلك المصادر قصد ورغبة , وهدف وغرض , ولتلقين المتصوفة تعاليمها وفلسفاتها , ونشرها بينهم , غير أن التشيع بثّ أفكاره ودسّ معتقداته , وروجّ نظرياته بين الصوفية عن قصد وعمد لتشويش المسلمين في عقائدهم ومعتقداتهم وتبكيت أهل السنة عن الاعتراض على التشيع وزيغه وضلاله , وإلزامهم السكوت بإبراز طائفة تنتمي إليهم , وتحسب عليهم , وتحمل نفس المعتقدات التي تشتمل عليها هي , وهذا أمر خطير في تاريخ الطوائف والفرق , والملل والنحل.
ولذلك نخصص لبيانه بابا مستقلا ليكون الباحث والقارئ على إطلاع كامل على ما يحتاجه هذا البحث , وتتطلبه هذه القضية.
البَابُ الثالث
التّشَيُّع وَ التّصَوُّف
إن التشيع أوجده اليهود , وأسسوا أسسه , وأصلوا أصوله , وأرسو قواعده , ووضعوا عقائده ومعتقداته , بواسطة إبنهم البار عبد الله بن سبأ , المتزيّ بزيّ الإسلام , واللابس ثوبه ولباسه , تقية وخداعا , الذي أرسل إلى عاصمة الخلافة الإسلامية أيام الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه من قبل يهود صنعاء اليمن لتقويض دعائم الإسلام , وفناء دولته , ومسخ شريعته السماوية البيضاء , وهدم قوائمها وأركانها , وترويج عقائد اليهودية بين المسلمين , وإيجاد الفرقة والاختلاف بينهم , وإسعار نار الحقد والبغضاء , وفتح باب المطاعن والتلاعن , والسباب والشتائم , بدل الأخوة الصادقة والتوادّ والتعاطف والتراحم:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/276)
(إن عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم , ووالى عليا عليه السلام , وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصيّ موسى بالغلو , فقال في إسلامه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله في عليّ مثل ذلك , وكان أول من أشهر القول بفرض إمامة علىّ , وأظهر البراءة من أعدائه , وكاشف مخالفيه , وكفرهم. ومن هنا قال من خالف الشيعة: إن التشيع والرفض مأخوذ من اليهودية).
فاجتمع حوله وتحت لواء التشيع كثر من أبناء اليهودية البغيضة , والفرس المهزومين , والبابليين المكسورين , والموالي المقهورين , والكارهين للعرب حكامهم , والفاتحين بلادهم , والآخذين زمام أمورهم , بعد فشلهم في محاربة الإسلام وجيوشه المظفرة المنصورة وجها لوجه , واندحار قوتهم , وانكسار شوكتهم , فغيّروا أسلوبهم في مزاحمة الإسلام جهرا , فتستّروا بستار الإسلام , ودخلوا في صفوفه , واندمجوا في بيئته , وروّجوا بين المسلمين أفكارا يهودية ومجوسية ونصرانية , وعقائد مدخولة مدسوسة , نقمة على الإسلام والمسلمين , من حلول الإله أو الجزء الإلهي في الخلق , وإجراء النبوة بعد خاتم النبيين صلوات الله وسلامه عليه , ونزول الوحي وإتيان الملائكة , وحصول العصمة , ووجود شخص في كل عصر وزمان به قيام الأرض وثباتها , وعقيدة الوصاية والولاية , والإخفاء والكتمان , والتأويل , و انقسام العلم إلى الظاهر والباطن , وتقسيم الناس إلى العامة والخاصة , وتعطيل الشريعة ومسخها , ومسخ تعاليمها , ورفع التكليف وغير ذلك من الخرافات والترهات مما لا علاقة لها بالإسلام , قريبة ولا بعيدة , ولم يقصد من بثّها ودسها إلا ضرب الإسلام ومحوه من الوجود وتفريق كلمته , وتشتيت قوته , ودرء هيمنته , وخرق هيبته.
فكان هذا هو المقصود من تكوين التشيع وإنشائه , فأدى التشيع في سبيل ذلك خدمات جليلة , وكان أول ضحيته سيدنا الإمام المظلوم عثمان بن عفان الخليفة الراشد الثالث وصهر رسول الله , كما كان أول ثمرته التفرق والتمزق , والتشتت والتحزب في الأمة الإسلامية الواحدة , المتفقة العقائد , المتحدة الآراء والأفكار , فولدت الفرق , ونشأت الطوائف العديدة وبرزت الآراء الجديدة , وراجت بين المسلمين مذاهب لم تكن موجودة ولا معروفة من قبل , وكثير من المذاهب المنحرفة والعقائد الزائفة غذّيت من قبل التشيع , ونمّيت وربّيت , وأمدّت ودعّمت , ولو أنه بعد حين صار هذا الزيغ والضلال من لوازم تلك النحلة , وعلائم تلك الطائفة , حيث أنسى تقادم العهد المصدر الأصلي , والمنبع الحقيقي , والموجد الأول , والمنشئ الأصلي , وكان الهدف من هذا أن تعمّ الفتنة , ويكثر البلوى , وتبعد أمة محمد صلى الله عليه وسلم من محمد عليه الصلاة والسلام وإرشاداته وتوجيهاته , وعن الكتاب الذي أنزل على قلبه الطاهر , وعن أحكامه وضوابطه , وأن تضعف كذلك , ويضعف سلطانها , وينكمش حكمها , سلطتها و اختيارها.
فكان إحدى هذه الفرق والنحل والمشارب والمذاهب , الصوفية والتصوف , كما يظهر لمن درس كتب التاريخ والعقائد والمسالك , وتعمق في منشأ ومولد الطوائف والنحل أن كل فتنة ظهرت في تاريخ الإسلام , وكل ديانة طلعت من العدم إلى الوجود كان رأسها ومديرها , أو منشئها ومدبرها واحد من الشيعة.
وكذلك كان أمر الصوفية. فإن الثلاثة الذين اشتهروا في التاريخ الإسلامي باسم الصوفي ولقبه بادئ ذي بدء كان اثنان منهم من الشيعة أو متهمين بالتشيع , كما أن هؤلاء الثلاثة كلهم كانوا من موطن الشيعة آنذاك , وهو الكوفة.
فأبو هاشم الكوفي الذي فصلنا فيه القول فيما مر لم يرم بالتشيع ولكنه كان من الكوفة الشيعية , ومتهما بالزندقة والدهرية.
أما جابر بن حيان فيذكره ماسينيون بقوله:
(وورد لفظ الصوفي لقبا مفردا لأول مرة في التاريخ في النصف الثاني من القرن الثامن الميلادي إذ نعت به جابر بن حيان وهو صاحب كيمياء شيعي من أهل الكوفة , له في الزهد مذهب خاص).
وذكره نيكلسون بقوله:
(جابر بن حيان الكيميائي المعروف كان يدعي جابر الصوفي , وأنه تقلد كما تقلد ذو النون المصري علم الباطن الذي يطلق عليه القفطي مذهب المتصوفين من أهل الإسلام).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/277)
ويذكر المستشرق التشيكوسلاوي بي كراؤس P.
قال الشيخ الألباني :
RAUS وم بلسنر M. PLESSNER أن (جابر بن حيان كان من الشيعة الغلاة , ولعله كان من القرامطة أو الإسماعيلية , وكان يرجح مثل النصيرية سلمان على محمد , كما كان يعتقد مثل الغلاة والنصيرية عقيدة تناسخ الأرواح).
وهذان المستشرقان ينقلان عن جابر بن حيان نفسه أنه يقول:
(إنه أخذ جميع علومه عن جعفر الصادق معدن الحكمة , وأنه ليس إلا الناقل المحض والمرتب).
وبمثل ذلك قال هولميارد الإنجليزي الذي نشر عديدا من كتب جابر بن حيان.
وأما الشيعة فيعدونه من أعيانهم.
فلقد كتب السيد محسن الأمين الشيعي المشهور في ترجمته أكثر من ثلاثين صفحة في كتابه (أعيان الشيعة) فيقول:
(أبو عبد الله , ويقال: أبو موسى جابر بن حيان بن عبد الله الطرطوسي الكوفي المعروف بالصوفي .... كان حكيما رياضيا فيلسوفا عالما بالنجوم طبيبا منطقيا رصديا مؤلفا مكثرا في جميع هذه العلوم وغيرها: كالزهد والمواعظ , من أصحاب الإمام جعفر الصادق عليه السلام , وأحد أبوابه , ومن كبار الشيعة , ومايأتي عند تعداد مؤلفاته يدل على أنه كان من عجائب الدنيا ونوادر الدهر , وأن عالما يؤلف ما يزيد على 3900 كتاب في علوم جهلها عقلية وفلسفية لهو حقا من عجائب الكون , فبينا هو فيلسوف حكيم ومؤلف مكثر في الحيل والنرنجيات والعزائم ومؤلف في الصنائع وآلات الحرب , إذا هو زاهد واعظ مؤلف كتبا في الزهد والمواعظ).
ثم نقل عن عديد من الشيعة أنهم ذكروا في كتبهم الرجالية , وعدّوه من تلامذة جعفر بن الباقر , ثم قال:
(يستفاد مما سلف أمور , وهي: تشيعه , وعلمه بصناعة الكيمياء , وتصوفه , وفلسفته , وتلمذته على الصادق عليه السلام , واشتهاره عند أكابر العلماء , واشتهار كتبه بينهم اشتهارا لا مزيد عليه).
ثم كتب تحت عنوان (أما تشيعه):
(فيدل عليه عدّ ابن طاوس له في منجمي الشيعة , ورواية ابني بسطام عنه عن الصادق عليه السلام , وروايته خمسمائة رسالة للصادق عليه السلام كما ذكره اليافعي , ونقل ابن النديم عن الشيعة أنه من كبارهم وأحد الأبواب , وأنه إنما كان يعني بسيده جعفر هو الصادق , لا جعفر البرمكي , ولا ينافيه زعم الفلاسفة أنه منهم , فإنه لا تنافي بين كونه فيلسوفا وشيعيا , إذ المراد الفلسفة الإسلامية , لا فلسفة الحكماء القدماء التي قد تنافي الشريعة , وقول ابن النديم: أن له كتبا في مذاهب الشيعة كما تقدم ذلك كله).
ونقل أيضا عن الدكتور أحمد فؤاد الأهواني أن (والد جابر بن حيان قتل في خراسان لاتهامه بالتشيع).
ونضيف إلى ذلك أن الرجالي الشيعي المشهور الطهراني أيضا عده من رجال الشيعة حيث ذكر في موسوعته كتابين له: (كتاب الرحمة الصغير , وكتاب الرحمة الكبير لجابر بن حيان الصوفي الطوسي الكوفي المتوفى سنة مائتين من الهجرة).
وأما من متقدمي الشيعة فيذكره ابن النديم بقوله:
(وهو أبو عبد الله جابر بن حيان بن عبد الله الكوفي المعروف بالصوفي , واختلف الناس في أمره.
فقالت الشيعة: أنه كان من كبارهم وأحد الأبواب , وزعموا أنه كان صاحب جعفر الصادق رضي الله عنه , وكان من أهل الكوفة.
وزعم قوم من الفلاسفة أنه كان منهم , وله في المنطق والفلسفة مصنفات.
وزعم أهل صناعة الذهب والفضة أن الرياسة انتهت إليه في عصره , وأن أمره كان مكتوم. وزعموا أنه كان يتنقل في البلدان لا يستقر به بلد خوفا من السلطان على نفسه.
وقيل: إنه كان في جملة البرامكة ومنقطعا إليها , ومتحققا بجعفر بن يحيى. فمن زعم هذا قال: أنه عنى بسيده جعفر هو البرمكي.
وقالت الشيعة: إنما عنى جعفر الصادق).
ثم أصدر رأيه في معتقداته بقوله:
(ولهذا الرجل كتب في مذاهب الشيعة).
ونقل عنه أنه (كان تلميذا لجعفر بن محمد الباقر , أو عبده).
ومما يدل على تشيعه وكونه من الحلوليين والمغالين في التشيع ما نقله في رسائله التي تنسب إليه أنه قال:
(بعد ما سمعت كلام الصادق في الكيمياء والطلسم فخررت ساجدا , فقال (أي جعفر): لو كان سجودك لي وحدك لكنت من الفائزين , قد سجد لي آبائك الأولون , وسجودك لي سجودك لنفسك).
وأما كونه تلميذا لجعفر فيقره الحاج خليفة في (كشف الظنون) , وابن خلكان في وفياته.
وغيرهما.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/278)
ولقد فات الدكتور الشيبي عندما أنكر على جابر بن حيان التصوف حيث قال:
(أن صلة جابر بالتصوف اسمية لأنه لم يكن صاحب مجاهدة أو خوف , أو نطاقا بأقوال زهدية , وإنما نقل عنه اشتغاله بالكيمياء).
قد فاته ما ذكره ابن النديم في فهرسته نقلا عن جابر بن حيان نفسه أنه قال:
(ألفت كتبا في الزهد والمواعظ).
وكذلك ما نقله هو نفسه عن (أخبار الحكماء) أن (جابر بن حيان كان مشرفا على كثير من علوم الفلسفة ومتقلدا للعلم المعروف بعلم الباطن , وهو مذهب المتصوفين من أهل الإسلام , كالحارث المحاسبي , وسهل بن عبد الله التستري ونظرائهم).
وكذلك ما نقله فيليب حتى حيث قال:
(أنه ادعى مذهبا خاصا في الزهد).
فهذا هو أول الثلاثة الذين لقبوا بالصوفية , والذي توفي بين 160 إلى 200 هجرية على اختلاف في الأقوال.
عَبْدك
و أما الثاني فهو عبد الله الصوفي فأيضا ذكره كل من المستشرق ماسينيون والباحث الإيراني الشيعي الدكتور قاسم غني , والشيعي العراقي دكتور مصطفى الشيبي وغيرهم , شاهدين بأنه كان شيعيا مغاليا.
فيقول ما سينيون:
(أما صيغة الجمع (الصوفية) التي ظهرت عام 199هـ (814 م) في خبر فتنة قامت بالإسكندرية فكانت تدل – قرابة ذلك العهد فيما يراه المحاسبي والجاحظ – على مذهب من مذاهب التصوف الإسلامي يكون شيعيا نشأ في الكوفة , وكان عبدك الصوفي آخر أئمته , وهو من القائلين بأن الإمامة بالتعيين , وكان لا يأكل اللحم , وتوفي ببغداد حوالي عام 210هـ (825 م).
وإذن فكلمة (صوفي) كانت أول أمرها مقصورة على الكوفة).
وكتب دكتور (قاسم غني) عنه:
(كان رجلا معتزلا الناس , زاهدا , وكان أول من لقب بلقب الصوفي – وأضاف الدكتور قاسم غني: وهذا اللفظ كان يطلق في تلك الأيام على بعض زهاد الشريعة من الكوفيين , وقد أطلقت هذه الكلمة أيضا في سنة 199هـ على بعض الناس مثل ثوار الإسكندرية , ولأن عبدك كان لا يأكل اللحم , عده بعض المعاصرين من الزنادقة. وكذلك يقول ماسينيون: لم يكن السالكون في القرون الأولى يعرفون باسم الصوفية , وقد عرف الصوفي في القرن الثالث , وأول من اشتهر في بغداد بهذا الاسم هو عبدك الصوفي الذي كان من كبار شيوخهم وأقطابهم , وهو سابق على بشر بن الحارث الحافي المتوفى سنة مائتين وسبع وعشرين , وأيضا قبل السري السقطي المتوفى في سنة مائتين وخمس وعشرين.
وبناء على ذلك نالت كلمة الصوفي شهرة في بادئ الأمر في الكوفة , ثم أصبحت أهميتها كبيرة بعد نصف قرن في بغداد , وصار المقصود من كلمة الصوفية جماعة عرفاء العراق بازاء جماعة الملامتية الذين كانوا من عرفاء خراسان , وتجاوز الإطلاق حده منذ القرن الرابع وما بعده. وأصبح المقصود من إطلاق كلمة الصوفية , جميع عرفاء المسلمين. وارتداء الصوف أي الجبة البيضاء الصوفية الذي كان حوالي أواخر القرن الأول من عادة الخوارج والمسيحيين).
هذا ونقل الشيبي عن السمعاني أنه قال:
(إن اسم عبدك هو عبد الكريم , وأن حفيده محمد بن علي بن عبدك الشيعي كان مقدم الشيعة).
ثم قال:
(وهكذا يبدو عبدك جامعا لاتجاهات عديدة مختلفة نابعة من التشيع , الممتزجة بالزهد المتأثر بظروف الكوفة التي انتقل منها كثير من سكانها إلى بغداد , بعد أن صارت عاصمة للدولة الجديدة , والمهم في شأن عبدك أنه أول كوفي يطلق عليه اسم صوفي بعد انتقاله إلى بغداد ... وقد رأينا أن لبس الصوف قد نبع من بيئة الكوفة التي عرفت بتمسكها بالتشيع ومعارضتها وحربها بالسيف أو بالقول أو بالقلب لمن نكل بالأئمة العلويين , وذلك – إذا صح – يقطع بأن التصوف في أصوله الأولى كان متصلا بالتشيع).
هذا ولقد ذكره أيضا من المتقدمين الملطي بقوله:
(إن عبدك كان رأس فرقة من الزنادقة الذين زعموا أن الدنيا كلها حرام محرم لا يحل الأخذ منها إلا القوت من حيث ذهب أئمة العدل , ولا تحل الدنيا إلا بإمام عادل وإلا فهي حرام , ومعاملة أهلها حرام , فحل لك أن تأخذ القوت من الحرام من حيث كان).
فهذا هو الرجل الثاني الذي لقب بلقب الصوفي بداية الأمر.
وأما الثالث فلقد ذكرناه فيما مر , وهو كوفي أيضا , ولكنه من العجائب فهو وإن لم يكن متهما بالتشيع متهم بالزندقة والدهرية كما ذكر الحاج معصوم علي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/279)
كان يلبس لباسا طويلا من الصوف كفعل الرهبان , ويرى أنه كان يقول بالحلول والإتحاد مثل النصارى , غير أن النصارى أضافوا الحلول والاتحاد إلى عيسى عليه السلام وأضافهما هو إلى نفسه , وكان مترددا بين هاتين الدعوتين , ولم يعلم على أيهما استقر في النهاية – ونقل عن كتاب أصول الديانات أنه -: كان أمويا وجبريا في الظاهر وباطنيا ودهريا في الباطن , وكان مراده من وضع هذا المذهب أن يثير الاضطراب في الإسلام).
ومن الغرائب أن شخصا آخر وهو ذو النون المصري الذي يقال عنه: (أنه أول من عرف التوحيد بالمعنى الصوفي).
وهو: (رأس هذه الطائفة , فالكل قد أخذ عنه وأنتسب إليه , وقد كان المشائخ قبله ولكنه أول من فسر الإرشادات الصوفية وتكلم في هذا الطريق).
وأنه: (هو أول من تكلم في بلده في ترتيب الأحوال ومقامات أهل الولاية).
كما أثر عنه بأنه (أول من وضع تعريفات للوجد والسماع).
وعلى ذلك قال بحق , الكاتب الإنجليزي المشهور عن الصوفية:
(هو أحق رجال الصوفية على الإطلاق بأن يطلق عليه اسم واضع التصوف , وقد اعترف له بالفضل في هذا الميدان كتّاب التراجم المؤرخون من المسلمين).
فهذا هو الشخص الآخر من واضعي التصوف , وكان أيضا متهما بالزندقة والاشتغال بالسحر والطلسمات كما نقل الإمام الذهبي عن يوسف بن أحمد البغدادي أنه قال:
(كان أهل ناحيته يسمونه بالزنديق).
ونقل أيضا عن السلمي أنه قال:
(ذو النون أول من تكلم ببلدته في ترتيب الأحوال , ومقامات الأولياء , فأنكر عليه عبد الله بن عبد الحكم , وهجره علماء مصر. وشاع أنه أحدث علما لم يتكلم فيه السلف , وهجروه حتى رموه بالزندقة. فقال أخوه: أنهم يقولون: إنك زنديق. فقال:
ومالي سوى الإطراق والصمت حيلة ووضعي كفى تحت خدي وتذكاري).
وقال الإمام الذهبي:
(وقل ما روى الحديث ولا كان يتقنه , وقال الدارقطني: روى عن مالك أحاديث فيها نظر).
والصوفي المشهور فريد الدين العطار يكتب في ترجمته أنه (كان من الملامتية لأنه أخفى تقواه بظهوره في الناس بالاستخفاف بأمور الشرع , ولذلك عده المصريون زنديقا , ولو أنهم اعترفوا له بالولاية بعد موته).
وقد ذكره ابن النديم من الملمين بعلم الكيمياء , والعارفين به والكاتبين فيه.
ويذكره القفطي بقوله:
(ذو النون بن إبراهيم الإخميمي المصري , من طبقة جابر بن حيان في انتحال صناعة الكيمياء , وتقلد علم الباطن والإشراف على كثير من علوم الفلسفة. وكان كثير الملازمة لبر با بلدة إخميم , فإنها بيت من بيوت الحكمة القديمة , وفيها التصاوير العجيبة والمثالات الغريبة التي تزيد المؤمن إيمانا , والكافر طغيانا. ويقال: أنه فتح عليه علم ما فيها بطريق الولاية. وكانت له كرامات).
وكذلك المسعودي يذكر أنه (جمع معلوماته عن ذي النون من أهل إخميم عندما زار هذا البلد. وهو يروي عنهم أن أبا الفيض ذا النون المصري الإخميمي الزاهد كان حكيما سلك طريقا خاصا , وأتخذ في الدين سيرة خاصة , وكان من المعنيين بحل رموز البرابي في إخميم , كثير التطواف بها. وأنه وفق إلى حل كثير من الصور والنقوش المرسومة عليها , ثم يذكر المسعودي ترجمة لطائفة من هذه النقوش التي ادعى ذو النون أنه قرأها وحلها).
ثم وبعد ذكر هذه العبارات كتب نيكلسون ما خلاصته: (أن ذا النون كان كثير العكوف على دراسة النقوش البصرية المكتوبة على المعابد وحل رموزها , كما كانت مصر القديمة في نظر المسلمين مهد علوم الكيمياء والسحر وعلوم الأسرار , وكان هو من أصحاب الكيمياء والسحر مع أن الإسلام حرم السحر , ولذلك ستره بلباس الكرامات , ومن هنا بدا تأثير السحر في التصوف , ويؤيد ذلك استخدام ذي النون الأدعية السحرية واستعماله البخور لذلك كما ذكره القشيري في رسالته).
فهذا هو الرجل الآخر من الثلاثة الأول الذين يقال عنهم بأنهم أول من لقبوا بهذا اللقب , ووصفوا بهذا الوصف , وعرفوا بهذا الرسم أو عرّفوا هذا الطريق إلى الناس بادئ ذي بدء.
سَلاَسِلُ التّصَوّف
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/280)
ومن شواهد تأثر التصوف بالتشيع وعلمائها أن سلاسل التصوف كلها ما عدا النادر القليل منها تنتهي إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه دون سائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , وفي طرق إسنادها إلى علي أسماء أئمة الشيعة المعصومين حسب زعمهم من أولاد علي رضي الله عنه دون غيرهم , وأن رؤساء هذه العصابة يذكر لهم اتصال وثيق , وصلات وطيدة مع أئمة القوم كما يذكر في تراجمهم وسيرهم وأحوالهم , إضافة إلى ذلك أن الخرقة الصوفية لا يبدأ ذكرها أيضا إلا من علي رضي الله عنه أيضا.
فإن علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع كونه من سادة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشرافهم , ومن العشرة المبشرين بالجنة , ورابع الأربعة من الخلفاء الراشدين الذين خلفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته لقيادة هذه الأمة وتسيير أمورها ولكنه لم يكن أزهد من أبي بكر الصديق رضي الله عنه , ولا من عمر الفاروق رضي الله عنه (أبي بكر الصديق السابق بالتصديق الملقب بالعتيق , المؤيد من الله بالتوفيق , صاحب النبي صلى الله عليه وسلم في الحضر والأسفار , ورفيقه الشفيق في جميع الأطوار , وضجيعه بعد الموت في الروضة المحفوفة بالأنوار , المخصوص في الذكر الحكيم بمفخر فاق به كافة الأخيار , وعامة الأبرار , وبقي له شرفه على كرور الأعصار , ولم يسم إلى ذروته همم أولي الأيدي والأبصار , حيث يقول علم الأسرار: ثاني اثنين إذ هما في الغار , إلى غير ذلك من الآيات والآثار , ومشهور النصوص الواردة فيه والأخبار , التي غدت كالشمس في الانتشار , وفضل كل من فاضل , وفاق كل من جادل وناضل , ونزل فيه: لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل , توحد الصديق , في الأحوال بالتحقيق , واختار الاختيار من الله دعاه إلى الطريق , فتجرد من الأموال , والأغراض , وانتصب في قيام التوحيد للتهدف والأغراض , صار للمحن هدفا , وللبلاء غرضا , وزهد فيما عزله جوهرا كان أو عرضا).
(ومات ولم يترك دينارا ولا درهما).
(وكفن في ثوبين مستعملين قديمين).
وقال في آخر لحظاته من الحياة موصيا أهله وورثته:
(أما إنّا منذ ولينا أمر المسلمين لم نأكل لهم دينارا ولا درهما ولكنا قد أكلنا من جريش طعامهم في بطوننا , ولبسنا من خشن ثيابهم على ظهورنا وليس عندنا من فيء المسلمين قليل ولا كثير إلا هذا العبد الحبشي , وهذا البعير الناضح , وجرد هذه القطيفة , فإذا مت فابعثي بهن إلى عمر وأبرئي منهن. ففعلت.
فلما جاء الرسول بكى عمر حتى جعلت دموعه تسيل في الأرض ويقول: رحم الله أبا بكر لقد أتعب من بعده).
وعمر الفاروق رضي الله عنه (ذو المقام الثابت المأنوق , أعلن الله تعالى به دعوة الصادق المصدوق , وفرق به بين الفصل والهزل , وأيد بما قواه به من لوامع الطول , ومهد له من منائح الفضل شواهد التوحيد , وبدد به مواد التنديد , فظهرت الدعوة , ورسخت الكلمة , فجمع الله تعالى بما منحه من الصولة , ما نشأت لهم من الدولة , فعلت بالتوحيد أصواتهم بعد تخافت , وتثبتوا في أحوالهم بعد تهافت , غلب كيد المشركين بما ألزم قلبه من حق اليقين , لا يلتفت إلى كثرتهم وتواطيهم , ولا يكترث لممانعتهم وتعاطيهم , إتكالا , اتكالا على من هو منشئهم وكافيهم , واستنصارا بمن هو قاصمهم وشافيهم , محتملا لما احتمل الرسول , ومصطبرا على المكاره لما يؤمل من الوصول , ومفارقا لمن اختار التنعم والترفيه , ومعانقا لما كلف من التشمر والتوجيه , المخصوص من بين الصحابة بالمعارضة للمبطلين , والموافقة في الأحكام لرب العالمين , السكينة تنطق على لسانه , والحق يجري الحكمة عن بيانه , كان للحق مائلا , وبالحق صائلا , وللأثقال حاملا , ولم يخف دون الله طائلا).
و (كان بين كتفيه أربع رقاع , وإزاره مرقوع بأدم , وخطب على المنبر وعليه إزار فيه اثني عشر رقعة , وأنفق في حجته ستة عشر دينارا , وقال لابنه: قد أسرفنا.
وكان لا يستظل بشيء غير أنه كان يلقى كساءه على الشجر ويستظل تحته , وليس له خيمة ولا فسطاط).
وقال في وصيته التي وصى بها ابنه في آخر لحظة من عمره , وقد استسلف مالا من بيت مال المسلمين:
(بع فيها أموال عمر , فإن وفت وإلا فسل بني عدي , وإن وفت وإلا فسل قريشا و لا تعدهم).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/281)
وإلى ذلك أشار شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاجه ردّا على الشيعة الذين قالوا: إن عليا كان أزهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال:
(أزهد الناس بعد رسول الله الزهد الشرعي أبو بكر وعمر , وذلك أن أبا بكر كان له مال يكسبه فأنفقه مله في سبيل الله ... ولقد تلا أبا بكر عمر في هذا الزهد , وكان فوق علي في ذلك يعني في إعراضه عن المال واللذات.
وأما علي رضي الله عنه فتوسع في هذا المال من حله , ومات عن أربع زوجات وتسعة عشر أم ولداً سوى الخدم , وتوفي عن أربعة وعشرين ولدا من ذكر وأنثى , وترك لهم من العقار والضياع ما كانوا به أغنياء قومهم ومياسيرهم , هذا أمر مشهور لا يقدر على إنكاره من له أقل علم بالأخبار ... فصح بالبرهان الضروري أن أبا بكر رضي الله عنه أزهد من جميع الصحابة رضي الله عنهم , ثم عمر).
هذا وكان في أصحاب رسول الله زهاد آخرون ولكن المتصوفة لم ينهوا سلسلة سندهم إلا إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه مثل الشيعة الذين يجعلونه أول إمام لهم. كما نقل الهجويري عن الجنيد أنه قال:
(شيخنا في الأصول والبلاء على المرتضى , أي أن علي بن أبي طالب هو إمام هذه الطريقة في العلم والمعاملة , فأهل الطريقة يطلقون على علم الطريقة اسم الأصول , ويسمون تحمل البلاء فيها بالمعاملات).
وهو الذي نقل عنه العطار أنه قال:
(ولقد وهبه الله تعالى من العلم والحكمة والكرامة , وماذا كنا نصنع لو لم ينطق المرتضى بهذا القول على سبيل الكرامة).
ويقول الطوسي أبو نصر السراج:
(ولأمير المؤمنين علي رضي الله عنه خصوصية من بين جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعاني جليلة , وإشارات لطيفة , وألفاظ مفردة , وعبارة وبيان للتوحيد والمعرفة والإيمان والعلم , وغير ذلك , وخصال شريفة تعلق وتخلق به أهل الحقائق من الصوفية).
(وأما علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فذاك مدينة العلم , وأول آخذ لبيعة الطريق – طريق الأولياء – وأول ملقن بالذكر والسر من الرسول صلى الله عليه وسلم).
لأن جبريل عليه السلام نزل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أولا بالشريعة , فلما تقررت ظواهر الشريعة واستقرت نزل إليه بالحقيقة المقصودة والحكمة المرجوه من أعمال الشريعة وهي الإيمان والإحسان فخص رسول الله صلى الله عليه وسلم بباطن الشريعة بعض أصحابه دون البعض.
وكان أول من أظهر علم القوم وتكلم فيه سيدنا على كرم الله وجهه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم).
فإن عليا رضي الله عنه حسب كلام المتصوفة: (من أصحاب العلم وممن يعلمون من الله ما لم يعلمه غيره).
ولا جبرائيل وميكائيل لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم (لما لقن علي بن أبي طالب رضي الله عنه , وخلع عليه ذلك صار يقول:
عندي من العلم الذي أسرّه إلىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس عند جبريل ولا ميكائيل).
وعلى ذلك نقل الطوسي عن الوجيهي أنه قال:
سمعت أبا علي الروذباري يقول: سمعت جنيدا رحمه الله يقول:
(رضوان الله على أمير المؤمنين علي , رضي الله عنه , لولا أنه اشتغل بالحروب لأفادنا من علمنا هذا معاني كثيرة , ذاك امرؤ أعطى علم اللّدني , والعلم اللّدني هو العلم الذي خصّ به الخضر عليه السلام , قال تعالى: {وعلمناه من لدنّا علما}).
ورسول الله صلى الله عليه وسلم جعله بمنزله هارون من موسى مع الفضل العظيم لأبي بكر (ولم يشرك الحبيب الرسول المقرب الخليل في مقام الخلّة كما صلح أن يشرك معه في مقام الأخوة عليا كرم الله وجهه فقال: علي مني بمنزلة هارون من موسى).
وكان له مقام ومنزلة عند الصوفية إلى أن نقل الشعراني عن أحد المتصوفين أنه قال:
(إن علي بن أبي طالب رضي الله عنه رفع كما رفع عيسى عليه السلام , وسينزل كما ينزل عيسى عليه السلام – ثم يقول الشعراني: قلت: وبذلك قال سيدي على الخواص رضي الله عنه فسمعته يقول:
إن نوحا عليه السلام أبقى من السفينة لوحا على اسم علي بن أبي طالب رضي الله عنه يرفع عليه إلى السماء فلم يزل محفوظا في صيانة القدرة حتى رفع علي بن أبي طالب رضي الله عنه).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/282)
فهذا هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومكانته , ومنزلته , وشأنه , وقد نقل باحث شيعي عن جلال الدين الرومي الصوفي الفارسي المشهور أنه قال في أبياته ما تدلّ على رؤيتهم إلى علي وعقيدتهم فيه , فيقول:
(منذ كانت صورة تركيب العالم كان عليّ
منذ نقشت الأرض وكان الزمان كان عليّ
ذلك الفاتح الذي انتزع باب خيبر بحملة واحدة كان عليّ
كلما تأملت في الآفاق ونظرت
أيقنت بأنه في الموجودات كان عليّ
إن من كان هو الوجود , ولولاه
لسرى العدم في العالم الموجود (إياه) كان عليّ
إن سر العالمين الظاهر والباطن
الذي بدا في شمس تبريز كان عليّ).
وهذا الغلو في علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما يقارن بالغلو الشيعي فيه , ليس بأقلّ منه في صورة من الصور.
وإليه تنتسب سلاسل التصوف كلها كما قال محمد معصوم شيرازي الملقب بمعصوم علي شاه:
(ولابد لكل سلسلة من سلاسل التصوف من الأزل إلى الأبد , ومن آدم إلى انقراض الدنيا أن تكون متصلة بسيد العالمين وأمير المؤمنين).
لأنه (أزهد الصحابة عند المتصوفة).
كما هو (رأس الفتوة وقطبها).
فأول وليّ عند المتصوفة هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه , ومنه إنتقل الولاية إلى غيره من الأولياء كما أنه أول إمام عند الشيعة , وتسلسلت منه فورثها غيره , وكذلك الفتوة والقطبية , وهو الذي ألبس خرقته الحسن البصري , وهذه الخرقة التي يلبسها المتصوفة خلفاءهم وورثتهم.
وينصّ على تشيع هذا ابن خلدون في مقدمته حيث يقول عند ذكر الصوفية:
(إنهم لما أسندوا لباس خرقة التصوف ليجعلوه أصلا لطريقتهم وتخيّلهم رفعوه إلى عليّ رضي الله عنه وهو من هذا المعنى أيضا , وإلا فعليّ رضي الله عنه لم يختصّ من بين الصحابة بتخليه ولا طريقة في اللباس ولا الحال , بل كان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما أزهد الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثرهم عبادة , ولم يختصّ أحد منهم في الدين بشيء يؤثر عنه في الخصوص , بل كان الصحابة كلهم أسوة في الدين والزهد والمجاهدة , يشهد لذلك من كلام هؤلاء المتصوفة في أمر الفاطمي وما شحنوا كتبهم في ذلك مما ليس لسلف المتصوفة فيه كلام بنفي أو إثبات , وإنما هو مأخوذ من كلام الشيعة والرافضة ومذاهبهم في كتبهم والله يهدي إلى الحق).
وهذا إضافة إلى أن هذه الخرقة ونسبتها إلى عليّ , ورواية لبس الحسن البصري كلها باطل , لا أصل له , لأنه (لم يثبت لقاء الحسن مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه على القول الصحيح , لأن عليا رضي الله عنه انتقل من المدينة إلى الكوفة والحسن صغيرا).
وعلى كل فإن الصوفية ينهون سند لبس الخرقة إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه , كما ينهون إليه سلاسلهم.
ولا يقتصرون على عليّ بن أبي طالب وحده , بل يقولون مثل ما يقوله الشيعة تماما: (وثامن الفتيان بعد النبوة والرسالة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه حيث أسلم صبيا , وجاهد في سبيل الله مراهقا , وبوأه الله قطبانية الأولياء رجلا وكهلا.
وعنه أخذ الفتوة ابناه الحسن والحسين وهي أعلى مقامات الولاية عد القطبانية التي هي منها والصديقة التي هي كمالها.
ومن دلائل فتوة الحسن رضي الله عنه أن آثر الخلافة الباطنة على الخلافة الظاهرة , وتنازل عن الظاهرة حقنا لدماء المسلمين.
ومن دلائل فتوة الحسين أن الشهيد الأعظم في سبيل الله وفي سبيل الأمانة.
ومن الخصائص التي خصّ الله تعالى بها عليا كرم الله وجهه أنه إذا كان الرسول مدينة العلم فعليّ بابها , وإن كان للفروسية أو الولاية فتيان فهو فتاهما الأول.
فعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه أول فتيان هذه الأمة وفتى أوليائها , وحسبه في ذلك أن أراد إفتداء الرسول بنفسه).
ويقول أيضا:
(إن علي بن أبي طالب أخذ البيعة الخاصة بطريق الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولقن بها ابنه الحسن , ثم الحسين).
وكان الصوفي المشهور أبو العباس المرسي تلميذ الشاذلي يقول:
(طريقنا هذه لا تنسب للمشارقة ولا للمغاربة , بل واحد عن واحد إلى الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه , وهو أول الأقطاب).
وقالوا:
(وكان من أوائل أهل طريق الله بعد الصحابة علي بن الحسين زين العابدين , وابنه محمد بن علي الباقر , وابنه جعفر بن محمد الصادق , وذلك بعد علي والحسن والحسين رضي الله عنهم جميعا).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/283)
ويقول الكلاباذي في الباب الثاني من تعرفة:
(ممن نطق بعلومهم , وعبر عن مواجيدهم , ونشر مقاماتهم , ووصف أحوالهم قولا وفعلا بعد الصحابة رضوان الله عليهم: علي بن الحسين زين العابدين. وابنه محمد الباقر. وابنه جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنهم).
فانظر الترتيب , وهذا نفس ترتيب الشيعة لأئمتهم , حيث يعدّون الإمام الأول والثاني والثالث عليه وابنه الحسن والحسين , والرابع والخامس و السادس: زين العابدين , ومحمد الباقر , وجعفر بن محمد الباقر.
ثم الإمام السابع والثامن عندهم: موسى بن جعفر الملقب بالكاظم , وعلي بن موسى الكاظم الملقب بالرضا , من الأئمة الإثني عشر.
وهاهو الشعراني أيضا يعدهم أئمة , واثني عشر أيضا , عندما يذكر من بين الصوفية وأولياء الله موسى بن جعفر , فيقول:
(ومنهم موسى الكاظم رضي الله عنه أحد الأئمة الإثني عشر , وهو موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ... وكان يكنّى بالعبد الصالح لكثرة عبادته واجتهاده وقيامه بالليل , وكان إذا بلغه عن أحد يؤذيه يبعث إليه بالمال).
وأما علي بن موسى الرضا فيقولون عنه: (أن شيخ مشائخ الصوفية معروف الكرخي أسلم على يديه).
ويكتب القشيري عنه: (أبو محفوظ معروف بن فيروز الكرخي كان من المشائخ الكبار , مجاب الدعوة , يستشفى بقبره , يقول البغداديون: قبر معروف ترياق مجرب , وهو من موالي علي بن موسى الرضا رضي الله عنه).
وزاد السلمي في طبقاته , والجامي في نفحاته أنه كان من حجبه , فيقول:
(معروف بن فيروز , ويقال: معروف بن علي , ويلقب بالزاهد , وهو من أجلة المشائخ وقدمائهم , والمعروفين بالورع والفتوة. كان أستاذ سري السقطي , وصحب داؤد الطائي.
وكان معروف أسلم على يد علي بن موسى الرضا , وكان بعد إسلامه يحجبه , فازدحم الشيعة يوما على باب علي بن موسى , فكسروا أضلع معروف , فمات , ودفن ببغداد , وقبره ظاهر , ويتبرك الناس بزيارته).
والجدير بالذكر أن معروف الكرخي أستاذ السري السقطي , وخال وأستاذ لسيد الطائفة جنيد البغدادي , ولذلك (يروي الجنيد عن السري السقطي , وهو عن معروف الكرخي , وهو عن علي بن موسى الرضا , عن أبيه موسى الكاظم , عن أبيه محمد الباقر , عن أبيه زين العابدين , عن أبيه الحسين بن علي بن أبي طالب , عن علي بن أبي طالب).
وكتب عنه شيخ الأزهر السابق والصوفي المعاصر الدكتور عبد الحليم محمود عن الرضا:
(له كرامات كثيرة: منها أنه قال لرجل صحيح سليم: استعد لما لا بدّ منه , فمات بعد ثلاثة أيام , وروى الحاكم أن أبا حبيب قال:
رأيت المصطفى عليه الصلاة والسلام في النوم , في المنزل الذي ينزله الحاج ببلدنا , فوجدت عنده طبقا من خوص فيه تمر , فناولني ثماني عشرة تمرة , وبعد عشرين يوما قدم علي الرضا من المدينة ونزل ذلك المنزل , وفزع الناس للسلام عليه , ومضيت نحوه فإذا هو جالس بالموضع الذي رأيت المصطفى جالسا فيه , وبين يديه طبق فيه تمر صيحاني , فناولني قبضة فإذا عدتها بعدد ما ناولني المصطفى , فقلت: زدني. فقال: لو زادك رسول الله لزدناك).
ومن الطرائف أن ذكر الثمانية هؤلاء من أئمة الشيعة الإثني عشر بالتسلسل الشيعي في كتب المتصوفة الكثيرين مثل ما يذكرون عن الرفاعي أحمد الكبير أنه (أخذ العهد والطريق من يد خاله شيخ الشيوخ صاحب الفتح الصمداني سيدنا منصور البطائحي الرباني وهو لبسها من خاله سيدنا الشيخ أبي المنصور الطيب وهو لبسها من ابن عمه الشيخ أبي سعيد يحيى البخاري الأنصاري وهو لبسها من الشيخ أبي الترمذي وهو لبسها من الشيخ أبي القاسم السندوسي الكبير وهو لبسها من الشيخ أبي محمد دويم البغدادي وهو لبسها من خاله الشيخ سري السقطي وهو لبسها من الشيخ معروف الكرخي وهو لبسها من إمام الزمان وحجة أهل العرفان الإمام ابن الإمام علي الرضي وهو لبسها من أبيه نور حدقة العناية والإمامة ونور حديقة الولاية والكرامة ملجأ الأولياء الأعاظم أبي الحسن موسى الكاظم وهو لبسها من أبيه صاحب القدم السابق الإمام جعفر الصادق وهو لبسها من أبيه صاحب السر الطاهر الإمام محمد الباقر وهو لبسها من أبيه كهف المحتاجين وإمام الأفراد أبي محمد الإمام زين العابدين علي السجاد وهو لبسها من أبيه أحد سبطي رسول الله شهيد كربلاء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/284)
الإمام الحسين أبي عبد الله وهو لبسها من أبيه إمام الأئمة ومجن هذه الأمة صاحب القدر العظيم والشرف الجلي أمير المؤمنين الإمام أبي الحسن علي رضي الله عنه وعنهم أجمعين).
وذكر الرفاعي نفسه بصورة أخرى , ويقول:
(أكمل التوبة الفورية في مقام البضعية , من حيث التحلي بحلوة الطينة الذاتيةالأحمدية , إنما هي توبة السيدة البتول العذراء , سيدتنا وقرة أعيننا فاطمة أم السبطين الزهراء سلام الله ورضوانه عليها , وقام عنها بنوبة الجزء الأزهري بعلها المأمون المنوه على جلالة قدره وعظيم مكانته بطالعه (علي مني بمنزلة هارون من موسى) الحديث. فأدرع بدرع الخلافة البضعية متحكما في مشهد الخلافة الأمرية , إصالة في مشهد الخلافة البضعية وكالة حتى لقي الله , فأدرع بمطرها النوراني السبطان السعيدان الشهيدان الحسن والحسين سلام الله وتحياته عليهما , ودارت هذه التوبة الجامعة المحمدية في الأسباط الطاهرين سبطاً بعد سبط إلى أن صينت في مقام الكنزية المضمرة إلى ولي الله المهدي الخلق الصالح سلام الله عليه , فتلقاها عنه من مقام الألباس النواب الجامعون المحمدون , فهم إلى عهدنا هذا من بني الإمام الحسين السبط شهيد كربلاء عليه وعليهم نوافح السلام والرضوان).
ولذلك كتب محمد معصوم شيرازي:
أن علي بن أبي طالب خاتم الولاية المحمدية , فكميل بن زياد النخعي , والحسن البصري , وأويس القرني أخذوا عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
والشقيق البلخي أخذ عن الكاظم عليه السلام.
والشيخ أبو زيد أخذ عن جعفر الصادق.
والشيخ معروف أخذ عن الرضا , والشيخ سري أخذ عنه , والشيخ جنيد أخذ عن السري ,
وهو ومن الغرائب أن المتصوفة يعتقدون للحسن العسكري ابنا , كالشيعة الإثني عشرية , مع إتفاق أهل السنة والمؤرخين , وشهادة الشيعة ونقيب الأشراف وأخوه العسكري وأمه بأنه لم يولد له ولد , وأثبت رواية فيه وأقوم حجة ما رواه الكليني بنفسه , والآخرين من مؤرخي الشيعة وأعلامهم أن الحسن العسكري لما دفن (أخذ السلطان والناس في طلب ولده , وكثر التفتيش في المنازل والدور , وتوقفوا عن قسمة ميراثه , ولم يزل الذين وكلوا بحفظ الجارية التي توهم عليها الحمل ملازمين حتى تبيّن بطلان الحمل , فلما بطل الحمل قسم ميراثه بين أمه وأخيه جعفر , وادعت أمه وصيته وثبت ذلك عند القاضي).
وذكر هذا الخبر جميع مؤرخي الشيعة ومؤلفيهم ومحدثيهم من المفيد في الإرشاد.
والطبرسي في إعلام الورى.
والأربلي في كشف الغمة.
والملا باقر المجلسي في جلاء العيون.
وصاحب الفصول في الفصول المهمة.
والعباس القمي في منتهى الآمال.
وقال النوبختي الشيعي المشهور في فرقه:
(أن الحسن توفى ولم يوله أثر , ولم يعرف له ولد ظاهر , فاقتسم ميراثه أخوه جعفر وأمه).
لكن المتصوفة يقولون أنه ولد للحسن العسكري ولد , وهو الذي سيخرج مهديا , كعقيدة الشيعة تماما بدون أدنى تغيير , فاسمع ماذا يقولون:
(فهناك بترقب خروج المهدي عليه السلام , وهو من أولاد حسن العسكري , ومولده عليه السلام ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين وهو باق إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم عليه السلام , فيكون عمره إلى وقتنا هذا , وهو سنة ثمان وخمسين و تسعمائه سبعمائة سنة وست سنين. هكذا أخبرني الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كوم الرئيس المطل على بركة الرطل بمصر المحروسة على الإمام المهدي حين اجتمع به.
ووافقه على ذلك شيخنا سيدي علي الخواص رحمهما الله تعالى.
وعبارة الشيخ محيي الدين في الباب السادس والستين وثلاثمائة من الفتوحات ك
وأعلموا أنه لابد من خروج المهدي عليه السلام لكن لا يخرج حتى تمتلئ الأرض جورا وظلما فيملؤها قسطا وعدلا ولو لم يكن من الدنيا إلا يوم واحد طوّل الله تعالى ذلك اليوم حتى يلي ذلك الخليفة وهو من عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم من ولد فاطمة رضي الله عنها جده الحسين بن علي بن أبي طالب , ووالده حسن العسكري بن الإمام النقي بالنون ابن محمد التقي بالتاء ابن الإمام على الرضا ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر ابن الإمام زين العابدين علي بن الإمام الحسين ابن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/285)
وكذلك الرفاعيون , حيث يعدّون الرفاعي الإمام الثالث عشر بعد الثاني عشر الموهوم الذي لم يولد.
فهذه هي عقائد المتصوفة في علي بن أبي طالب رضي الله عنه , وأئمة الشيعة من أولاده , فإليهم ينتسبون , وبمسلكهم يسلكون , وبخرافاتهم يتمسكون.
وهذا وحده كاف لبيان تأثر التشيع في التصوف.
ونختم كلامنا في هذا على مقولة صوفي كبير وهو أبو الظفر ظهير الدين القادري حيث يقول: القطبية كانت للأئمة الإثني عشر بطريق الاستقلال , ولمن بعدهم بطريق النيابة.
نُزُولُ الْوَحيِ وإتْيَان المَلاَئِكَة
وبعد هذا نرجع إلى أفكار الصوفية الأخرى ومعتقداتهم الخاصة بهم , لنرى التشيع المتستر الظاهر فيها , وتأثيره خفيا جليا ليرى الباحث والقارئ منهل التصوف ومنبعه , مصدره ومأخذه.
فإن الشيعة يرون بأن النبوة لم تختم على محمد صلوات الله وسلامه عليه , حيث لم يكن وحده في زمانه الذي كان ينزل عليه الوحي , ويأتي إليه الملك , ويكلمه الله من وراء حجاب , بل كان هناك شخص آخر في زمانه وبعده , كان له تلك الأوصاف كلها , بل وأكثر منها.
حيث أن رسول الله محمد صلوات الله وسلامه عليه لم يكن يكلمه الله إلا وحيا , أو من وراء حجاب , أو بإرسال رسول , فيوحي بإذنه ما يشاء.
وأما الإمام فكان ينزل عليه الوحي , ويرسل إليه رسول , ويكلمه الله ويناجيه بلا حجاب , وقد أعطى خصالا لم يسبقه إليها أحد , ثم توارث هذه الأوصاف من خلفه بعده إلى خاتم الأئمة.
ولقد ورد في كتب الشيعة الإثني عشرية – لا في كتب الإسماعيلية والغلاة - وفي أصحها عندهم ما ينصّ على ذلك مثل ما ذكر الكليني – وهو كالبخاري عند أهل السنة – في كافيّه عن جعفر الصادق – الإمام المعصوم السادس لدى القوم – أنه قال:
(ما جاء به عليُّ عليه السلام آخذ به وما نهى عنه انتهى عنه , جرى له من الفضل مثل ما جرى لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ولمحمد صلى الله عليه وآله وسلم الفضل على جميع من خلق الله عز وجل , المتعقّب عليه في شيء من أحكامه كالمتعقب على الله وعلى رسوله والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حدّ الشرك بالله , كان أمير المؤمنين عليه السلام باب الله الذي لا يؤتى إلا منه , وسبيله الذي من سلك بغيره هلك , وكذلك يجري لأئمة الهدى واحداً بعد واحد , جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بأهلها وحجته البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى , وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه كثيراً ما يقول: أنا قسيم الله بين الجنة والنار وأنا الفاروق الأكبر وأنا صاحب العصا والميسم ولقد أقرّت لي جميع الملائكة والروح والرسل بمثل ما أقرّوا به لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ولقد حملت على مثل حمولته وهي حمولة الربّ وإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدعى فيكسى , وادعى فأكسى ويستنطق واستنطق فأنطق على حد منطقه , ولقد أعطيت خصالا ما سبقني إليها أحد قبلي علمت المنايا والبلايا , والأنساب وفصل الخطاب , فلم يفتني ما سبقني , ولم يعزب ما غاب عني).
ونقل محمد بن حسن الصفار شيخ الكليني وأستاذه , الذي يعدّونه من أصحاب إمامهم الحادي عشر – حسب زعمهم – روايات كثيرة في صحيحه لإثبات نزول الوحي على أئمتهم , ونزول الملائكة عليهم تحت عناوين كثيرة في أبواب شتى , منها ما رواها عن حمران بن أعين أنه قال:
(قلت لأبي عبد الله (جعفر) عليه السلام: جعلت فداك , بلغني أن الله تعالى قد ناجى عليا عليه السلام؟
قال: أجل , قد كان بينهما مناجاة بالطائف نزل بينهما جبريل).
لما دعا رسول الله صلى الله عليه وآله عليا يوم خيبر , فتفل في عينيه وقال له: إذا أنت فتحتها فقف بين الناس , فإن الله أمرني بذلك , قال أبو رافع: فمضى عليّ عليه السلام وأنا معه , فلما أصبح افتتح خيبر ووقف بين الناس و أطال الوقوف , فقال الناس:
إن عليا عليه السلام يناجي ربه , فلما مكث ساعة أمر بانتهاب المدينة التي فتحها , قال أبو رافع: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله , فقلت: إن عليا عليه السلام وقف بين الناس كما أمرته , قال قوم منهم:
(إن الله ناجاه , فقال: نعم يا رافع , إن الله ناجاه يوم الطائف ويوم عقبة ويوم حنين , ويوم غسل رسول الله).
ومثل هذه الروايات كثيرة لا تعدّ ولا تحصى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/286)
هذا من ناحية , ومن ناحية أخرى يرى الشيعة أن أئمتهم أولئك أفضل من الأنبياء كما صرح بذلك الكليني أن الإمامة فوق النبوة والرسالة والخلة حيث نقل رواية عن جعفر بن محمد الباقر أنه قال:
(إن الله اتخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتخذه نبيا , وإن الله اتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا , وإن الله اتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا , وإن الله اتخذه خليلا قبل أن يتخذه إماما).
وروى أيضا عن يوسف التمار أنه سمع جعفر بن الباقر أنه قال:
(ورب الكعبة , ورب البنية –ثلاث مرات – لو كنت بين موسى والخضر عليهما السلام لأخبرتهما أني أعلم منهما , و لأنبئتهما بما ليس في أيديهما لأن موسى والخضر عليهما السلام أعطيا علم ما كان , ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة).
وعنه أنه قال:
(إني لأعلم ما في السموات وما في الأرض , وأعلم ما في الجنة وما في النار , وأعلم ما كان وما يكون).
وقد بوب الحر العاملي صاحب موسوعة حديثية شيعية كبيرة بابا مستقلا بعنوان (الأئمة الإثني عشر أفضل من سائر المخلوقات من الأنبياء والأوصياء السابقين والملائكة وغيرهم , وأن الأنبياء أفضل من الملائكة).
ثم أورد تحته روايات عديدة , منها ما رواها عن جعفر أنه قال:
(إن الله خلق أولي العزم من الرسل , وفضلهم بالعلم , وأورثنا علمهم , وفضلنا عليهم في علمهم , وعلم رسول الله (ص) ما لم يعلمهم , وعلمنا علم الرسول وعلمهم).
وعلى ذلك قال الخميني زعيم شيعة إيران اليوم في كتابه (ولاية الفقيه) ما نصّه:
(إن من ضروريات مذهبنا أنه لا ينال أحد المقامات المعنوية الروحية للأئمة حتى ملك مقرب ولا نبي مرسل , كما روي عندنا بأن الأئمة كانوا أنوارا تحت ظل العرش قبل تكوين هذا العالم .... وأنهم قالوا: إن لنا مع الله أحوالا لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل , وهذه المعتقدات من الأسس والأصول التي قام عليها مذهبنا).
فهذه هي عقائد الشيعة الإثني عشرية في أئمتهم بأنه يأتي إليهم جبريل , وينزل عليهم الوحي , ويكلمهم الله من وراء حجاب , ويناجيهم من دون حجاب , وأن النبوة لم تنقطع ولم تختم بمحمد صلوات الله وسلامه عليه , وأن الولاية أعظم وأفضل من النبوة والرسالة , وعلمهم بدون واسطة فصاروا يعلمون علم ما كان وما يكون , وفضلهم على الخلائق من الأنبياء والرسل.
والنصوص والروايات في هذا الخصوص جاوزت المئات , وعليها أسست وبنيت الديانة الشيعية نتيجة مؤامرة يهودية للقضاء على الإسلام ودعوة خاتم النبيين الناطق بالوحي صلى الله عليه وسلم.
هذا , وبعد هذا عندما نرجع إلى آراء الصوفية , وأفكارهم , عقائدهم ومعتقداتهم , كتبهم ورسائلهم , رواياتهم ومقولاتهم , تصريحاتهم وعباراتهم , نجد معظم هذه الأفكار وطابعها واضحا جليا , بل إنها عين هذه الترهات والخزعبلات , مبثوثة منشورة في كتب الأولين منهم والآخرين. وهاهي النصوص:
فيقول الصوفي الكبير عبد القادر الحلبي المعروف بابن قضيب البان:
(كل ما خصّت به الأنبياء , خصّت به الأولياء).
وما هي اختصاصات الأنبياء غير الوحي , ونزول الملائكة , وكلام الربّ معهم , وإخبارهم عن الغيب , وكونهم معصومين عن الخطأ والزلل في تبليغ رسالات الله , التي يريد ابن البان إشراك غيرهم معهم من الصوفية؟
وهل لسائل أن يسأل: أو بعد مشاركة الغير يبقى الاختصاص اختصاصا؟
وقبل أن نتعمق في هذا نريد أن نضع النقاط على الحروف , كي لا يتوهم المتوهم أننا نلزم القوم على ما لا يتقولونه ويعتقدونه. فنثبت من كتبهم أنفسهم , وبعباراتهم هم ما يبرهن قولنا , فيقول الشيخ الأكبر للصوفية رادّا على الغزالي:
إن الغزالي غلط في التفريق بين نزول الملك على النبي والوليّ , مع أن النبي والوليّ كلاهما ينزل عليه الملك.
وقد ذكر الشعراني أيضا بقوله:
(فإن قلت: قد ذكر الغزالي في بعض كتبه: إن الفرق بين تنزّل الوحي على قلب الأنبياء وتنزله على قلوب الأولياء نزول الملك , فإن الوليّ يلهم ولا ينزل عليه ملك قط , والنبي لا بد له في الوحي من نزول الملك به , فهل هذا صحيح؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/287)
فالجواب كما قاله الشيخ في الباب الرابع والستين وثلاثمائة: أن ذلك غلط ... قال الشيخ: وسبب غلط الغزالي وغيره في منع تنزل الملك على الوليّ عدم الذوق , وظنهم أنهم قد علموا بسلوكهم جميع المقامات و فلما ظنوا ذلك بأنفسهم ولم يروا ملك الإلهام نزل عليهم أنكروه , وقالوا: ذلك خاص بالأنبياء , فذوقهم صحيح وحكمهم باطل , مع أن هؤلاء الذين منعوا قائلون بأن زيادة الثقة مقبولة , وأهل الله كلهم ثقات.
قال: ولو أن أبا حامد وغيره اجتمعوا في زمانهم بكامل من أهل الله وأخبرهم بتنزل الملك على الوليّ لقبلوا ذلك ولم ينكروه.
قال: وقد نزل علينا ملك فلله الحمد).
ولا ندري كيف يرد على الغزالي وهو القائل:
(ومن أول الطريق تبتدئ المكاشفات والمشاهدات , حتى أنهم في يقظتهم يشاهدون الملائكة , وأرواح الأنبياء , ويسمعون منهم أصواتا , ويقتبسون منهم فوائد.
ثم يرتقي الحال من مشاهدة الصور والأمثال إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق).
هذا ويقول ابن عربي في كتابه (الجواب المستقيم عما سأل عنه الترمذي الحكيم) زيادة على نزول الملك على الولي ّ:
(وليس الأمر كذلك , فقد رآه الأولياء في حال حديثه لهم , فكل قال ما شاهد ... ومشهده صحيح , وهذا كله إذا كان الحديث من الملك والروح).
يعني أن الوليّ ينزل عليه الملك ويحدثه ويشاهده الوليّ ويراه وقت نزوله عليه , وكلامه به.
وبمثل ذلك يقول صوفي قديم آخر نجم الدين الكبري المتوفى 618 هـ أن الملائكة تنزل على الصوفية.
و بمثل ذلك قال الدباغ , وبعبارة أكثر وضوحا من هذه العبارات:
(وأما ما ذكروه في الفرق بين النبي والوليّ من نزول الملك وعدمه فليس بصحيح , لأن المفتوح عليه سواء كان وليا أو نبيا لا بد له أن يشاهد الملائكة بذواتهم على ما هم عليه , ويخاطبهم ويخاطبونه , وكل من قال: إن الوليّ لا يشاهد الملك و لا يكلمه فذاك دليل على أنه غير مفتوح عليه).
ونقل النفزي الرندي عن بعض المشائخ أنه قال:
(إن الملائكة تزورني فآنس بها , وتسلم عليّ فأسمع تسليمها).
وليس عامة الملائكة فحسب , بل جبريل أيضا كما ينص على ذلك الشعراني ناقلا عن الشيخ عبد الغفار القوصي أنه قال في كتابه المسمّى بالوحيد:
(أنّ الشيخ تاج الدين بن شعبان كان إذا سأله إنسان في حاجة يقول له: اصبر حتى يجيء جبريل).
وبذلك يقول ابن عربي أن القطب ينزل على قلبه الروح الأمين حيث يذكر في كتابه (مواقع النجوم):
(وهذا المقام (أي مقام القطب) وهذه أسراره رفع الحجاب وأشرقت أنواره
وبدا هلال التمّ يسطع نوره للناظرين وزال عنه أسراره
وتنزل الروح الأمين لقلبه يوم العروبة وأنقضت أو طاره).
وينزل عليه بالأمر والنهي كما نص على ذلك الدباغ بقوله:
(ينزل الملك على الوليّ بالأمر والنهي).
(وتصير قلوبهم مهبطا للوحي).
ويسمعون كلام الله (فإذا تحقق الصوفي بهذا الوصف صار وقته سرمدا , وشهوده مؤبدا , وسماعه متواليا متجددا يسمع كلام الله تعالى).
و (يتلقاهم ملائكة الله مشرقين , يحيونهم بتحايا الملكوت , ويصبون عليهم ماء النبع من ينبوع البهاء ... ويقومون في هياكل القربات , يناجون مع أصحاب حجرات العزة ويسمعون صوتا كصوت رعد أو دويّ في الدماغ).
ويقول السهروردي المقتول سنة 587 هـ هذا أيضا أن الأولياء , ويسميهم إخوان التجريد (يتعلمون العلم من روح القدس بلا تعلم بشرى , وتطيعهم مادة العالم العنصري , وينذرون الكون ويخبرونه بالجزئيات الواقعة في الماضي والمستقبل).
ويكتب الحكيم الترمذي في قضية مكالمة الله مع الوليّ:
(الولاية لمن ولى الله حديثه على طريق أخرى فأوصله إليه , فله الحديث , وينفصل ذلك الحديث ذلك الحديث من الله عز وجل على لسان الحق معه السكينة تتلقاه السكينة التي في قلب المحدّث , فيقلبه ويسكن إليه).
ونختم هذا على ما قاله ابن عربي في هذا الخصوص:
(اعلم يا بنيّ أن العبد المحقق الصوفي إذا صفا وتحقق صار كعبة لجميع الأسرار الإلهية من كل حضرة وموقف , ويرد عليه في كل يوم جمعة ما دام في ذلك المقام ستمائة ألف سرّ ملكوتي , واحد منها إلهي , وخمسة أسرار ربانية , ليس لها في حضرة الكون مدخل).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/288)
وليس هذا فحسب , بل يقولون بعروج المتصوفة إلى السماء , ووقوفهم بين يدي الربّ , ومناجاتهم به , وتكليمه إياهم , فيحكي ابن البان عن نفسه:
(أوقفني الحق على بساط الأسرار ... وارتقيت إلى السماء الأولى .. . ثم ارتقينا إلى السماء الثانية ... ثم انتهينا إلى السماء السابعة ... وفيها ملك على كرسي من نور ... وفي هذه السماء رضوان خازن الجنان , وأجمل الملائكة من جنده , وفيها إسرافيل رئيس عالم الجبروت , وهو الذي بشرني بالقرب والمنزلة الكريمة عند ربي , وبالسعادة في الآخرة والشفاعة في أمة محمد (ص) , وفي هذه السماء رأينا إبراهيم الخليل مسندا إلى البيت المعمور ... ثم انتهينا إلى سبعين حجابا آخر ... حتى انتهيت إلى آخر حجاب هناك , وإذا بكرسي من اللؤلؤ منصبة قوائمه من الجوهر والياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر , فأخذ آخذ بيدي وأجلسني عليه , ثم نزّل علىّ شيء ودخل جوفي من حيث لا أعلم , فقال لي شيئا في قلبي. ها قد أكرمك مولاك بالسكينة الربانية. فلما أحسّ باطني بها سكن كل جارحة فيّ. فكأني لم أر أشياء ولم يهلني شيء.
ثم نوديت من مكان قريب. وذلك من جهاتي الستّ: يا حبيبي و مطلوبي , السلام عليك , فغمضت عينيّ , وكنت أسمع بقلبي ذلك الصوت حتى أظنه من جوارحي لقربه مني , ثم نوديت: انظر عليّ , ففتحت عينيّ فصرت كلي أعينا , وكأن في باطني ما أراه في ظاهري , وصرت كأني برزخ بين كونين وقاب , كما يرى الرائي عند النظر في المرآة ما بخارجها. ثم سمعت بقارئ يقرأ قوله: آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله , لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير.
وإذا بذلك الحجاب قد رفع وأذن لي بالدخول. ولما دخلته رأيت الأنبياء صفوفا صفوفا ودونهم الملائكة , ورأيت أقربهم للحق أربعة أنبياء , ورأيت أولياء أمة محمد أقرب الناس إلى محمد وهو أقرب الخلق إلى الله تعالى وأقرب إليه أربعة أولياء , فعرفت منهم السيد محيى الدين عبد القادر , وهو الذي تلقاني إلى باب الحجاب , وأخذ بعضدي حتى دنوت من سيدنا محمد صلى الله عليه وآله , فناولني يمينه فأخذته بكلتا يديّ , فلا زال يجذبني ويدنيني حتى ما بقي بيني وبين ربي أحد , فلما حققت النظر في ربي ورأيته على صورة النبي , إلا أنه كالثلج أشبه شيء أعرفه في الوجود من غير رداء ولا ثياب. ولما وضعت شفتي على محل منه لأقبله أحسست ببرد الثلج سبحانه وتعالى , فأردت أخر صعقا , فمسكني سيدنا محمد صلى الله عليه وآله).
وأما ابن عربي فيجعل لعروجه محاكيا المعراج النبوي الشريف ويقول:
(بينما أنا نائم وسر وجودي متهجد قائم جاءني رسول التوفيق , ليهديني سواء الطريق , ومعه براق الإخلاص , عليه لبد الفوز ولجام الإخلاص , فكشف عن سقف محلىّ , وأخذ في نقضى وحلىّ , وشق صدري بسكين السكينة , وقيل لي: تأهب لارتقاء الرتبة المكينة , وأخرج قلبي في منديل , لآمن من التبديل , وألقى في طست الرضا , بموارد القضا , ورمى منه حظ الشيطان , وغسل بماء: إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ... ثم أتيت بالخمر واللبن , فشربت ميراث تمام اللبن , وتركت الخمر حذرا أن أكشف السر بالسكر ... استفتح لي سماء الأجسام فرأيت سر روحانية آدم عليه السلام ... فاستفتح الرسول الوضاح , سماء الأرواح ... قال لي: مرحبا وأهلا – إلى آخر الخرافات والمختلقات).
ويقول أحد من المتقدمين من الصوفية نجم الدين كبري المقتول 618 هـ:
(أنه أيضا ممن عرج به إلى السماء).
كما نقل عن أبي الحسن الخرقاني أنه قال:
(صعدت ظهيرة إلى العرش لأطوف به فطفت عليه ألف طوفة أو كما قال , ورأيت حواليه قوما ساكنين مطمئنين فتعجبوا من سرعة طوافي وما أعجبني طوافهم , فقلت: من أنتم , وما هذه البرودة في الطواف؟
فقالوا: نحن ملائكة , ونحن أنوار , وهذا طبعنا لا نقدر أن نجاوزه , فقالوا: ومن أنت وما هذه السرعة في الطواف؟
فقلت: بل أنا آدميّ , وفيّ نور , ونار هذه السرعة من نتائج نار الشوق).
والجيلي كذلك ذكر عروجه ومعراجه , ورؤيته لسدرة المنتهى وتجليات الربّ تبارك وتعالى.
وكذلك يذكر النفزي الرندي المتوفى 792 هـ في تفسير قوله تعالى: وملكا كبيرا:
(أنه يرسل الله تعالى الملك إلى وليه , ويقول له:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/289)
استأذن على عبدي , فإن أذن لك فادخل , وإلا فارجع , فيستأذن عليه من سبعين حجابا , ثم يدخل عليه ومعه كتاب من الله عز وجل عنوانه:
من الحيّ الذي لا يموت إلى الحيّ الذي لا يموت , فإذا فتح الكتاب وجد مكتوبا فيه عبدي , اشتقت إليك فزرني , فيقول: هل جئت بالبراق؟
فيقول: نعم , فيركب البراق , فيغلب الشوق على قلبه , فيحمله شوقه , ويبقى البراق إلى أن يصل إلى بساط اللقاء).
وهناك آخرون كثيرون ادعوا عروجهم إلى السماء , ومعراجهم أو مكالمتهم الرب , ومخاطبتهم إياه , ومنهم صالح بن بان النقا السوداني.
ودفع الله بن محمد الكاهلي الهذلي السوداني.
وفتح الله بوراس القيرواني.
ومحمد بن قائد اللواني العراقي.
وأبو العباس المرسي.
ومثل هؤلاء كثيرون لا يعدون ولا يحصون.
ويذكر الصوفي القديم المشهور عزيز الدين النسفي عن عروج المتصوفة إلى السماء:
(إن بعض الصوفية يعرجون إلى السماء الأولى ويطوفون حولها , وبعضهم يتجاوزون من السماء الأولى ... وبعضهم يصلون إلى العرش إذا أمكن لهم).
هذا بالنسبة للعروج , وأما من ناحية مكالمة الربّ لهؤلاء المتصوفة فللأهمية ننقل عبارة الجيلي كاملة , فيقول تحت عنوان (تجليّ الصفات):
(ومن المكلمين من يذهب به الحق من عالم الأجسام إلى عالم الأرواح وهؤلاء أعلى مراتب. فمنهم من يخاطب في قلبه , ومنهم من يصعد بروحه إلى سماء الدنيا , ومنهم إلى الثانية والثالثة كل على حسب ما قسم له , ومنهم من يصعد به إلى سدرة المنتهى فيكلمه الله هناك , وكل من المكلمين على قدر دخوله في الحقائق تكون مخاطبات الحق له و لنه سبحانه وتعالى لا يضع الأشياء إلا في مواضعها. ومنهم من يضرب له عند عند تكليمه إياه نور له سرادق من الأنوار. ومنهم من ينصب له منبرا من نور. ومنهم من يرى نورا في باطنه فيسمع الخطاب من تلك الجهة النورية , وقد يرى النور كثيرا وأكثر مستديرا ومتطاولا. ومنهم من يرى صورة روحانية تناجيه , كلّ ذلك لا يسمى خطابا , إلا إنْ أعلمه الله أنه هو المتكلم , وهذا لا يحتاج فيه إلى دليل , بل هو على سبيل الوهلة فإن خاصية كلام الله لا تخفى , وأن يعلم أن كل ما سمعه كلام الله فلا يحتاج هناك إلى دليل ولا بيان , بل بمجرد سماع الخطيب يعلم العبد أنه كلام الله , وممن صعد به إلى سدرة المنتهى من قيل له حبيبي إنيتك هي هويتي وأنت عين هو وما هو إلا أنا , حبيبي بساطتك تركيبي وكثرتك واحديتي , بل تركيبك بساطتي وجهلك درايتي , أنا المراد بك أنا لك لا لي , أنت المراد بي أنت لي لا لك , حبيبي أنت نقطة عليها دائرة الوجود فكنت أنت العابد فيها والمعبود , أنت النور أنت الظهور أنت الحسن و الزين كالعين للإنسان والإنسان للعين:
أيا روح روح الروح والآية الكبرى ويا سلوة الأحزان للكبد الحرّى
ويا منتهى الآمال يا غاية المنى حديثك ما أحلاه عندي وما أمرا
ويا كعبة التحقيق يا قبلة الصفا ويا عرفان الغيب يا طلعة الغرا
أتيناك أخلفناك في ملك ذاتنا تصرف لك الدنيا جميعا مع الأخرى
فلولاك ما كنا ولولاي لم تكن فكنت وكنا والحقيقة لا تدرى
فإياك نعني بالمعزة والغنى وإياك نعني بالفقير ولا فقرا)
فلينظر الباحث , وليتعمق و هل بقي هناك شيء خفي بعد هذا كله؟
ولكننا لتوثيق ما هو موثق نورد نصوصا أخرى من أكابر القوم الآخرين , وأعاظمهم.
منها ما نقل المتصوفة عن أبي يزيد البسطامي أنه كثيرا ما كان يقول للفقهاء:
(أخذتم علمكم ميتا عن ميت , ونحن أخذنا علمنا عن الحيّ الذي لا يموت).
وهو الذي يذكرون عنه أنه ذكر معراجه ومكالمته الرب – تعالى الله عما يقولون به علوا كبيرا – فيقول:
(أدخلني في الفلك الأسفل , فدوّرني في الملكوت السفلي , فأراني الأرضين وما تحتها إلى الثرى , ثم أدخلني في الفلك العلوي فطوّف بي في السموات وأراني ما فيها من الجنان إلى العرش.
ثم أوقفني بين يديه فقال لي: سلني أيّ رأيت حتى أهبه لك , فقلت:
يا سيدي ما رأيت شيئا استحسنته فأسألك إياه , فقال: أنت عبدي حقا تعبدني لأجلي صدقا لأفعلن بك).
ونقل الآخرون الكثيرون عنه أيضا أنه قال:
(رفعني مرة فأقامني بين يديه , وقال لي:
يا أبا يزيد , إن خلقي يحبون أن يروك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/290)
فقلت: زيّني بوحدانيتك , وألبسني أنانيتك , وارفعني إلى أحديتك , حتى إذا رآني خلقك قالوا: رأيناك , فتكون أنت ذاك , ولا أكون أنا هنا).
ونقلوا مثل ذلك عن السري السقطي رواية عن الجنيد أنه قال:
بتّ عند سري ليلة , فقال لي: أنائم أنت؟
فقلت: لا.
فقال: أوقفني الحق بين يديه , فقال: أتدري لم خلقت الخلق؟
قلت: لا. قال: خلقتهم فادّعوا محبتي , فخلقت الدنيا , فاشتغل بها من عشرة آلاف تسعة آلاف , وبقي ألف , فخلقت الجنة فاشتغل بها تسعمائة , وبقي مائة , فسلطت عليهم شيئا من بلائي , فاشتغل تسعون , وبقي عشرة , فقلت لهم: لا الدنيا أردتم , ولا في الجنة رغبتم , ولا من البلاء هربتم , فماذا تريدون؟
قالوا: إنك تعلم ما نريد.
فقال: سأنزل عليكم من البلاء ما لا تطيقه الجبال , أفتثبتون؟
قالوا: ألست أنت الفاعل؟ قد رضينا بذلك. نحمد ذلك بك وفيك ولك.
فقال: أنتم عبادي حقا.
ورووا عن الجنيد أنه قال:
(لي ثلاثون سنة أتكلم مع الله تعالى).
وعن صوفي قديم آخر سهل بن عبد الله التستري أنه قال:
(أنا منذ ثلاثين سنة أكلم الله والناس يتوهمون أني أكلمهم).
والشعراني نقل عن علي الخواص أنه قال:
(قد سمعت سيدي إبراهيم المتبولي يقول كثيرا:
لي ثلاثون سنة وأنا مقيم في حضرة الله لم أخرج , وجميع ما أتكلم به إنما أكلم به الحق سبحانه وتعالى).
والرفاعية أيضا لا يريدون أن يقل شأن مرشدهم وهاديهم , وتنحط مكانته في أعين مريديه ومقلديه , فنقلوا عنه أنه كان كثيرا بينه وبين الربّ مناجاة ومخاطبات فنقلوا عن ابن جلال في جلاء الصد وا نصه:
(نقل عن السيد إبراهيم الأعزب أنه قال: كنت جالسا في الغرفة مع السيد أحمد الرفاعي رضي الله تعالى عنهما , ورأسه على ركبتيه , فرفع رأسه وضحك بأعلى صوته فضحكت أنا أيضا ثم ألححت عليه ليخبرني عن سبب ضحكه , فقال:
أي إبراهيم , ناداني العزيز سبحانه: أني أريد أن أخسف الأرض , وأرمي السماء على الأرض.
فلما سمعت هذا النداء تعجبت , وقلت: إلهي , من ذا الذي يعارضك في ملكك وإرادتك؟
قال سيدي إبراهيم: فأخذته الرعدة ووقع على الأرض وبقي في ذلك الحال زمانا طويلا).
وحينما رأى الشاذلية هذه المكانة العالية , والمنزلة الرفيعة لمرشد الرفاعية , الرفاعي , لم يرضوا أن يتخلفوا عنهم , فقالوا: إن ما لشاذلينا لم تكن مخاطبات فحسب , بل إن الله جل مجده هو الذي سماه بهذا الاسم , فيذكر الإمام الأكبر السابق للأزهر , الدكتور عبد الحليم محمود نقلا عن أبي الحسن الشاذلي كيفية نزوله من جبل زغوان , ومغادرته خلوته , فيقول:
(قيل لي: يا علي: اهبط إلى الناس ينتفعوا بك.
فقلت: يا ربّ أقلني من الناس فلا طاقة لي بمخالطتهم.
فقيل لي: انزل فقد أصحبناك السلامة , ودفعنا عنك الملامة.
فقلت: تكلني إلى الناس آكل من دريهماتهم.
فقيل لي: أنفق يا علي , وأنا الملي , إن شئت من الجيب , وإن شئت من الغيب.
ونزل الشاذلي رضي الله عنه من على الجبل ليغادر شاذلة , ويستقبل مرحلة جديدة , فقد انتهت المرحلة الأولى التي رسمها له شيخه.
وقبل أن نغادر معه شاذلة إلى رحلته الجديدة نذكر ما حكاه رضي الله عنه فيما يتعلق بنسبته إلى شاذلة , قال:
قلت ك يا ربّ لم سميتني بالشاذلي؟ ولست بشاذلي؟
فقيل لي: يا علي , ما سميتك بالشاذلي وإنما أنت الشّاذّ لي. بتشديد الذال المعجمة يعني: المنفرد لخدمتي ومحبتي).
هذا ولقد نقلوا مثل هذه المكالمات والمناجاة بين ذي النون المصري والربّ تبارك وتعالى أيضا.
وقلما يوجد صوفي أو متصوف إلا وقد ادّعى مثل هذه الدعوى , وكتب التراجم وطبقات الصوفية مليئة بمثل هذه الأكاذيب والشناعات , والجرأة على الله , والإنتقاص من شأن نبينا صلوات الله وسلامه عليه خاتم النبيين وسيد المرسلين , حيث ينسبون إلى أنفسهم , أو إلى مرشديهم ومتصوفيهم ما لم يكن لبشر أن يحصل عليه , حتى سيد الخلائق وأفضل النبيين والمرسلين مثل ما أوردنا عنهم , ومثل مارووا عن فتح الله بوراس القيرواني أنه كان يقول:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/291)
(أشهدني الله تعالى ما في السموات السبع وما في الكرسي وما في اللوح المحفوظ وجميع ما في الحجب , وفككت طلاسم السموات السبع والفلك الثامن الذي فيه جميع الكواكب وجميع الفلك الثامن , وهم بنات نعش والجدي والقطب , ووصلت إلى الفلك التاسع الذي يسمونه الأطلس , ورصدت جداوله وأنا عند ذلك طفل صغير لم أبلغ الحلم).
وكان يقول:
(وفي السماء السابعة شاهدت ربي وكلّمته
وفوق العرش والكرسي قد ناداني وخاطبته
وما في اللوح المحفوظ من الآي والأمر والنهي قد حفظته
وبيدي باب الجنان قد فتحته ودخلته
وما فيه من الحور العين قد رأيته وحصيته
ومن رآني ورأي من رآني وحضر مجلسي
في جنة عدن وبستانها قد أسكنته).
ومثل ذلك ذكر الشعراني عن الدسوقي المتوفى 776هـ حيث قال:
(أنا كل وليّ في الأرض خلعته بيدي. ألبس منهم من شئت , أنا في السماء شاهدت ربي , وعلى الكرسي خاطبته , أنا بيدي أبواب النار أغلقتها , وبيدي جنة الفردوس فتحتها. من زارني أسكنته جنة الفردوس).
نعوذ بالله من مثل هذه الخرافات , ولا يؤاخذنا الله على نقل ما اقترفته الأيدي الأثيمة والألسن الخبيثة , ربنا لا تهلكنا بما فعل السفهاء منا إنْ هي إلا فتنتك تضلّ بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا و ارحمنا وأنت خير الغافرين.
ثم إن الصوفية أصّلوا قاعدة وحكما عاما , وقالوا:
(ما كان وليّ متصل بالله تعالى إلا وهو يناجي ربه كما كان موسى عليه السلام يناجي ربه).
(وإذا صفا قلب الفقير صار مهبط الوحي).
والدباغ يقول:
(وكلام الحق سبحانه يسمعه المفتوح عليه إذا رحمه الله عز وجل سماعا خارقا للعادة فيسمعه من غير حرفه ولا صوت ولا إدراك لكيفية , ولا يختص بجهة دون جهة , بل يسمعه من سائر الجهات , بل ومن سائر جواهر ذاته , وكما لا يخص السماع له جهة دون أخرى , كذلك لا يخص جارحة دون أخرى يعني أنه يسمعه بجميع جواهره وسائر أجزاء ذاته فلا جزء ولا جوهر ولا سنّ ولا ضرس ولا شعرة منه إلا وهو يسمع به , حتى تكون ذاته بأسرها كأذن سامعة , , ثم ذكر اختلاف أهل الفتح في قدر السماع وبيّنه بما لا يذكر).
(وأن معراج الصوفية , وخرقهم السموات , ومكالمتهم الربّ , ومخاطبته إياهم جائز شرعا ونقلا , وهو المنقول عن الشاذلي , وابن عطاء الله في (لطائف المنن) , ومحمد السنوسي في كبراه , والشيخ عبد الباقي وغيرهم).
وقد نقل الشعراني عن الشاذلي قوله:
(لا إنكار على من قال: كلّمني الله كما كلّم موسى).
وأما ابن عربي القائل دوما: (حدثني قلبي عن ربي , في كتبه ورسائله , و: ما صنفت كتابا عن تدبير واختيار إلا بأمر من الله وإرشاده).
يقول في سماع الصوفي كلام الربّ عندما يبلغ الدرجة العليا , ويتحقق في مقامه , يقول:
(إنما يسمع الصوفي في هذا المقام ويمتثل ما يسمع – كما أنا ما زلت أسمع متحققا في مقامي من الحق).
وأما إطلاعهم على الغيب , وإحاطتهم بعلم ما كان وما يكون , وإخبارهم بكل ما ظهر وما بطن فكتب القوم مليئة بهذه المختلقات , بل يمكن لقارئ كتب الصوفية والباحث في تراجمهم وطبقاتهم أن يقول: إن شخصا ما ينسب إلى هؤلاء الناس ويعدّ منهم إلا أن يكون حاملا لذلك العلم الذي هو من خاصة رب السموات والأرض , حيث أخبر عن ذاته سبحانه تبارك وتعالى:
{وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}.
وقال: {وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ}.
وقال: {إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}.
وأخبر عن نفسه بنفسه:
{عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ}
و: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.
والآية التي هي نصّ في المسألة حيث أمر نبيّه صلى الله عليه وسلم أن يقول:
{قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ}.
كما أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن ينفي عن نفسه الغيب:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/292)
{قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ}.
ونقل عن مصطفاه عليه الصلاة والسلام أنه قال:
{وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ}.
وقال نبيه مخاطبا إياه:
{تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي و َلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ}.
والآيات في هذا المعنى كثيرة جدا , والأحاديث النبوية كذلك.
ولكن القوم يقولون عكس ذلك متأثرين بالتشيع , وآخذين أفكارهم ومعتقداتهم , فيقول القشيري في بيان درجات السلوك:
(ثم في خلال هذه الأحوال قبل وصوله إلى هذا المقام الذي هو نهاية كان يرى جملة الكون يضيء بنور كان له حتى لم يخف من الكون عليه شيء وكان يرى جميع الكون من السماء والأرض رؤية عيان ولكن بقلبه , وكان لا يرى في هذا الوقت بعين لأنه شيء ولكن لم يكن هذه رؤية علم , بل لو تحرك في الكون ذرة أو نملة).
ونقل الكلاباذي عن أبي عبد الله الأنطاكي أنه قال:
(إذا جالستم أهل الصدق فجالسوهم بالصدق , فإنهم جواسيس القلوب , يدخلون في أسراركم , ويخرجون من هممكم).
ويقول ابن عجيبة الحسني:
(إن الحق سبحانه قسّم الخلق قسمين وفرقهم فرقتين: قسم اختصهم بمحبته , وجعلهم من أهل ولايته , ففتح لهم الباب , وكشف لهم الحجاب , فأشهدهم أسرار ذاته , ولم يحجبهم عنه بآثار قدرته).
فإذا كشف الحجاب , وفتح لهم الباب (علم العوالم بأجمعها على ما هي عليه من تفاريعها من المبدأ إلى المعاد وعلم كل شيء , كيف كان؟ وكيف هو كائن؟ وكيف يكون؟ وعلم ما لم يكن , ولم لا يكون ما لم يكن؟ ولو كان ما لم يكن كيف كان يكون؟ كل ذلك علماً أصليا حكيما كشفيا ذوقيا من ذاته لسريانه في المعلومات علما إجماليا تفصيلاً كليا جزئيا مفصلا في إجماله ... ومنهم من تجلى الله عليه بصفة السمع فيسمع نطق الجمادات والنباتات والحيوانات , وكلام الملائكة واختلاف اللغات , وكان البعيد عنه كالقريب).
وقال عماد الدين الأموي:
(إذا انكشفت الحجب عن القلب تجلى فيه شيء مما هو مستور في اللوح المحفوظ , ولمع في القلب من وراء ستر الغيب شيء من غرائب العلم).
وأيضا: (يشرف على الملكوت الأعظم , ويرى عجائبه , ويشاهد غرائبه , مثل اللوح , والقلم , واليمين الكاتبة , وملائكة الله تعالى يطوفون , حول العرش يسبحون بحمد ربهم , وبالبيت المعمور , ويسبحونه ويقدسونه , ويفهم كلام المخلوقين من الحيوانات والجمادات , ثم يتخطى منها إلى معرفة الخالق للكل والمالك للكل فتغشاهم الأنوار , وتتجلى لقلوبهم الحقائق).
ويقول الدباغ وهو يذكر بعض ما يشاهده المفتوح عليه وهو الولي عنده , فيقول:
(أما في المقام الأول فإنه يكاشف فيه بأمور , منها: أفعال العباد في خلواتهم.
ومنها: مشاهدة الأرضين السبع والسموات السبع , ومنها مشاهدة النار التي في الأرض الخامسة , وغير ذلك مما في الأرض والسماء ... ومن الأشياء التي يشاهدونها: اشتباك الأرضين بعضها ببعض , وكيف تخرج من أرض إلى أرض أخرى , وما تمتاز به أرض عن أرض أخرى , والمخلوقات التي في كل أرض.
ومنها: مشاهدة اشتباك الأفلاك بعضها ببعض , ما نسبتها من السموات وكيف وضع النجوم التي فيها.
ومنها: مشاهدة الشياطين وكيف توالدها.
ومنها: مشاهدة الجن وأين يسكنون؟
ومنها: مشاهدة سير الشمس والقمر والنجوم ... وأما ما يشاهده في المقام الثاني فإنه يكاشف بالأنوار الباقية كما كوشف في المقام الأول بالأمور الظلمانية الفانية , فيشاهد في المقام الملائكة والحفظة والديوان والأولياء الذين يعمرونه ... وأما المقام الثالث فإنه يشاهد فيه أسرار القدر في تلك الأنوار المتقدمة.
وأما المقام الرابع فإنه يشاهد فيه النور الذي ينبسط عليه الفعل , وينحل فيه كانحلال السمّ في الماء , فالفعل كالسم والنور كالماء ... وفي المقام الخامس يشاهد انعزال الفعل عن ذلك النور , فيرى النور نورا , والفعل فعلا ... والمفتوح عليه لا يغيب عليه ما في أرحام الأنثى فضلا عن غيره).
وكان الدباغ هذا يرى أيضا أن المتصوفة لا يعرفون الغيب فحسب , بل يعرفون الغيوب الخمسة التي ذكرها الله تعالى في محكم كتابه أنه لا يعلمها أحد غيره بقوله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/293)
{إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}
ولكنه ابن المبارك ينقل عنه قائلا:
(قلت للشيخ: (أي عبد العزيز الدباغ) رضي الله عنه: إن علماء الظاهر من المحدثين وغيرهم اختلفوا في النبي صلى الله عليه وسلم , هل كان يعلم الخمس المذكورات في قوله: {إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} , فقال رضي الله عنه وعن سادتنا العلماء:
كيف يخفى أمر الخمس عليه والواحد من أهل التصوف من أمته الشريفة لا يمكنه التصرف إلا بمعرفة هذه الخمس).
والجدير بالذكر أن هذا هو القائل:
(ما السموات والأرضون السبع في نظر العبد المؤمن إلا كحلقة ملقاة في فلاة).
وأيضا: (إن الجنين إذا سقط من بطن أمه يراه العارف في تلك الحالة إلى آخر عمره).
أما الرفاعي أحمد فنقلوا عنه أنه قال:
(إن العبد ما يزال يرتقي من سماء إلى سماء حتى يصل إلى محل الغوث , ثم ترتفع صفته إلى أن تصير صفة من صفات الحق , فيطلعه على غيبه حتى لا تنبت شجرة , ولا تحضر ورقة إلا بنظره , ويتكلم هناك عن الله بكلام لا تسعه عقول الخلائق ... وكان يقول: إن القلب إذا انجلى من حبّ الدنيا وشهوتها صار كالبلّور , وأخبر صاحبه بما مضى وبما هو آت من أحوال الناس).
ونقل ذلك الشعراني أيضا منه في طبقاته.
ونقلوا عن الشبلي أنه قال:
(لو دبت نملة سوداء على صخرة صماء في ليلة ظلماء ولم أشعر بها أو لم أعلم بها لقلت أنه ممكور بي).
وهذا قول الله الجليّ الصريح الواضح البيّن:
{وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}
ومع أمر الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول:
{وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ}
وقول الله عز وجل:
{تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ}
ولكن القوم عكس ذلك يقولون ما ألقى الشيطان إليهم من عقائد شيعية , ومعتقدات يهودية , وكان السحرة والكهان.
ولقد أدّب الله تبارك وتعالى نبيه ونجيه وصفيه سيد البشر قائد النبيين والمرسلين صلى الله عليه وسلم على جوابه لمن سأله عن أصحاب الكهف وعددهم , رجاء بأن ينزل عليه الوحي , ويخبر الله عز وجل عنهم , والوحي كان ينزل , وجبريل كان يأتي , واتصاله كان قائما بالسماء فقال مرسله ومنزل الوحي عليه:
{وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا}.
وقبله أقرت الملائكة بقصور علمهم , واعترافهم بعدم إحاطتهم بملكوت السماء يوم قالوا: {قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}
فأقرهم الله عز وجل على القصور وعدم المعرفة بالغيب بقوله:
{قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ}
هذا وأما المنوفي الحسيني فينقل عن إبراهيم الدسوقي أنه كان يقول:
(إن للأولياء الإطلاع على ما هو مكتوب على أوراق الشجر والماء والهواء وما في البر والبحر وما هو مكتوب على صفحة قبة خيمة السماء , وما في جباه الإنس والجان مما يقع لهم في الدنيا والآخرة).
وأما الشاذلي فنقلوا عنه:
(من عبد الله باسمه الحيّ المحيي وأكثر منه , ولا حد لأكثره , شاهد حياة كل شيء ومحييه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/294)
ومن ذكر بهم جميعا صعدت روحه إلى الملأ الأعلى , وصعدت روحه إلى العرش , ليكتب عند الله من الكاملين الصديقين).
وقال أفضل الدين:
(لا يعطى أحد القطبية حتى يعرف جميع عوالم هذه العروش والكراسي والسموات والأرضين بأسمائهم وأنسابهم وأعمارهم وأعمالهم).
ونقل الشعراني عن إبراهيم المتبولي أنه قال:
(يرتسم الوجود كله في قلب الفقير (أي الصوفي) فيراه من قلبه. وإيضاح ذلك أن القلب إذا انجلى صار كالمرآة الكبيرة , فإذا قابلها بالعالم العلوي والسفلي ارتسم كله فيها).
وروى أيضا عن علي الخواص أنه قال:
(لا يكمل إيمان عبد حتى يصير الغيب عنده كالشهادة في عدم الريب).
ويقول محمد ضيف الله الجعلي السوداني:
(كشف الأولياء على قسمين: منهم من ينظر في اللوح فإنه لا يتغير ولا يتبدّل كسيدي علي الخواص. ومنهم من ينظر في ألواح المحور والإثبات , وعدتها ثلاثمائة وستون لوحا فإنها تتغير وتتبدّل , فإذا أخبر الوليّ بكلام ولم يقع فلا ينكر عليه بأن يقال: كذب , بل يحمل على أنه نظر في ألواح المحور والإثبات).
فانظر هذه الخرافة المختلقة ما أشنعها وأقبح بها.
وأما ابن عربي ومدرسته فقد تكلموا في مثل هذا كثيرا , ولا يخلو كتاب من كتبهم عن مثل هذه الخرافات والموبقات , فيقول ابن عربي:
(فأما العلم اللدني , فمتعلقه الإلهيات وما يؤدي إلى تحصيلها من الرحمة الخاصة. وأما علم النور فظهر سلطانه في الملأ الأعلى قبل وجود آدم بآلاف السنين من أيام الرب.
وأما علم الجمع والتفرقة فهو البحر المحيط , الذي اللوح المحفوظ جزء منه , ومنه يستفيد العقل الأول , وجميع الملأ الأعلى منه يستمدون. وما ناله أحد من الأمم سوى أولياء هذه الأمة. وتتنوع تجلياته في صدورهم على ستة آلاف ومائتين.
فمن الأولياء من حصّل جميع هذه الأنواع , كأبي يزيد البسطامي , وسهل بن عبد الله , ومنهم من حصّل بعضها).
ويقول في إحدى رسائله:
(للأرواح الإنسانية إذا صفت وزكت معارج في العالم العلوي المفارق وغير المفارق فينظر مناظر الروحانيات المفارقة , فترى مواقع نظرهم في أرواح الأفلاك ودورانها بها , فينزل مع حكم الأدوار وترسل طرفها في رقائق التنزيلات حتى ترى مساقط نجومها في قلوب العباد , فتعرف ما تحويه صدورهم وما تنطوي عليه ضمائرهم , وما تدل عليه حركاتهم ... وإذا توجهت الأسرار نحو قارئها بفناء وبقاء , وجمع وفرق سقطت عليها أنوار الحضرة الإلهية من حيثها , لا من حيث الذات , فأشرقت أرض النفوس بين يديه فالتفت فعلم ما أدركه بصره وأخبر بالغيب وبالسرائر وبما تكنه الضمائر وما يجري في الليل والنهار).
ويقول:
(من يكن الحق سمعه وبصره فكيف يخفى عليه شيء).
وقال:
(يرتقي الوليّ إلى عالم الغيب فيشاهد اليمين ماسكة قلمها وهي تخطط في اللوح).
و: (من الصوفية من لا يزال عاكفا على اللوح , ومنهم من يشهده تارة تارة).
ونقل ابن عربي في كتابه عن الجنيد أنه قال:
(العارف هو الذي ينطق عن سرّك وأنت ساكت).
ولقد بيّن في إحدى كتبه طريق إطلاع الصوفية على الغيب فقال:
(الكشف والإطلاع على الغيب يكون بطريق التجلي , إما بالتنزل أو بالعروج).
ويقول أيضا:
(تتجلى صورة العقل في ذات الخليقة , فتلوح له أسرار والعلم المنقوشة فيه).
فهذه هي آراء ابن عربي وأقواله , صريحة في معناها , جلية في مغزاها , واضحة في مرادها , لا غموض فيها ولا تعقيد , ولا تحتاج إلى التبيين والتوضيح.
وأما تلميذه محمد بن إسحاق القونوي المتوفى 673 هـ فيقول:
(إن الكمل ومن شاء الله من الأفراد أهل الإطلاع على اللوح المحفوظ , بل وعلى المقام القلمي , بل وعلى حضرة العلم الإلهي , فيشعرون بالمقدر كونه لشبق العلم بوقوعه).
ويقول شهاب الدين السهروردي المقتول:
(الأنبياء والفضلاء المتألهون يتيسر لهم الإطلاع على المغيبات , لأن نفوسهم إما قوية بالفطرة أو تتقوى بطرائقهم وعلومهم , فينتقشون بالمغيبات , لأن نفوسهم كالمرايا المصقولة تتجلى فيها نقوش من الملكوت. فقد يسري شبح إلى الحس المشترك , يخاطبهم ألدّ مخاطبة وهو في أشرف صورة , وربما يرون الغيب بالحس المشترك مشاهدة , وربما يسمعون صوت هاتف , أو يقرؤن من مسطور).
وقال لسان الدين بن الخطيب في روضته:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/295)
(النفوس عند صفائها تتشبه بالملأ الأعلى , وتنتقش فيها أمثلة الكائنات المتعشقة فيه بنوع ما , وتشاهد المحجوبات , وتؤثر في العوالم السفلية).
وبمثل ذلك يقول داود بن محمود القيصري:
(إذا خلص الرجل , وصفا وقته , وطاب عيشه بالإلتذاذ بما يجده في طريق المحبوب , بصر باطنه , فيظهر له لوامع أنوار الغيب , وينفتح له باب الملكوت , ويلوح منه لوايح).
والترمذي الملقب بالحكيم يقول: (إن الأولياء لهم علامات وعلوم , وأما ما يعرفونه من العلوم فهي (علم البدء , وعلم الميثاق , وعلم المقادير , وعلم الحروف , فهذه أصول الحكمة , وهي الحكمة العلمية , وإنما يظهر هذا العلم عن كبراء الأولياء ويقبله من له حظ في الولاية).
ويقول الجيلي عبد الكريم:
(كل واحد من الأفراد والأقطاب له التصرف في جميع الممكلة الوجودية , ويعلم كل واحد منهم ما اختلج في الليل والنهار فضلا عن لغات الطيور.
وقد قال الشبلي رحمه الله تعالى: لو دبّت نملة سوداء على صخرة صماء في ليلة ظلماء ولم أسمعها لقلت: أني مخدوع أو ممكور بي.
وقال غيره: لا أقول: ولم أشعر بها لأنه لا يتهيأ لها أن تدبّ إلا بقوتي وأنا محركها).
هذا ومثل هذا أكثر من أن يسعه كتاب , أو تشمله رسالة , ولقد تأتي حكايات المتصوفة المتضمنة إخبارهم بالغيب , وإحاطتهم بجميع علوم الكون وأحواله , وإطلاعهم على ما كان وما يكون في محله وفي باب مستقل إن شاء الله.
المسَاوَاة بَيْنَ النَّبِيِّ وَ الوَليّ
وأما تسوية الصوفية بين الولاية والنبوة , بل وتفضيلهم الولاية على النبوة والرسالة , والأولياء على أنبياء الله ورسله , مثل الشيعة , فتدل عليه عبارات القوم وتصريحاتهم , فيقول لسان الدين ابن الخطيب:
(الولاية: أن يتولى الله الواصل على حضر قدسه , بكثير مما تولى به النبي , من حفظ وتوفيق , وتمكين واستخلاف وتصريف.
فالولي يساوي النبي في أمور , منها: العلم من غير طريق العلم الكسبي , والفعل بمجرد الهمة , فيما لم تجر به العادة أن يفعل إلا بالجوارح والجسوم , مما لا قدرة عليه لعالم الجسوم.
كان الفضيل بن عياض , على جبل من جبال منى , فقال: لو أن وليا من أولياء الله أمر هذا الجبل أن يميد لماد , فتحرك الجبل , فقال: اسكن. لم أردك بهذا , فسكن الجبل.
ويفعل بالهمة في عالم الخيال وفي الحس , فإنه يسمع ويرى , ما لا يرى ولا يسمع وهو بين الناس.
ويفارق الولي النبي في المخاطبة الإلهية , والمعارج , فإنهما يجتمعان في الأصول وهي المقامات , إلا أن النبي يعرج بالنور الأصلي , والولي يعرج بما يفيض من ذلك النور الأصلي , وإن جمعهما مقام اختلفا بالوحدة في كل مقام , من فناء وبقاء , وجمع وفرق. والولي يأخذ المواهب بواسطة روحانية نبيه , ومن مقامه يشهد , إلا ما كان من الأولياء المحمديين , فإنه لما كان نبيهم صلوات الله وسلامه عليه جامعا لمقامات الأنبياء (أورثهم الله مقامات الأنبياء) وأوصل إليهم أنوارهم , من نور نبيهم الوارث , وبوساطته , فإنه هو الذي أعطى جميع الأنبياء والرسل مقاماتهم في عالم الأرواح.
ثم شاركت الأولياء الأنبياء في الأخذ عنه , وإليه الإشارة بقوله (أولياء أمتي أنبياء من دونهم) فقد يرث ولي من الأولياء آدم , أو إدريس , أو إسحاق , أو إسماعيل , أو يوسف , أو موسى , أو عيسى , لكن لا يتوصل إلى نوره ولا حاله إلا من محمد صلوات الله وعليهم وسلامه , إلا القطب وحده , فإنه على قلب محمد صلى الله عليه وسلم (ولمثل هذا المقام الكريم فليعمل العاملون))
و (أن الأولياء لهم أربعة مقامات: الأول مقام خلافة النبوة , والثاني مقام خلافة الرسالة , والثالث مقام خلافة أولي العزم , والرابع خلافة مقام أولي الاصطفاء.
فمقام خلافة النبوة للعلماء.
ومقام خلافة الرسالة للأبدال.
ومقام خلافة أولي العزم للأوتاد.
ومقام خلافة الاصطفاء للأقطاب.
فمن الأولياء من يقوم في عالم مقام الأنبياء , ومنهم من يقوم في عالم مقام الرسل , ومنهم من يقوم في عالم مقام أولي العزم , ومنهم من يقوم في عالم مقام أولي الاصطفاء).
وعلى ذلك قالوا:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/296)
(الولاية ظل النبوة , والنبوة ظل الإلهية .... فالأنبياء عليهم السلام مصادر الحق , والأولياء مظاهر الصدق ... والأولياء خصوا بإشارات نبوية , و إطلاعات حقيقة , وأرواح نورية , وأسرار قدسية , وأنفاس روحانية , ومشاهدات أزلية).
وبمثل هذا قال الكمشخانوي في كتابه جامع أصول الأولياء.
وآخر قال بوضوح أكثر:
(ما قيل في النبي يقال في الوليّ).
وكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حكى عن الله عز وجل أنه قال:
(أولئك كلامهم كلام الأنبياء).
تَفْضِيلُ الوَليّ عَلَى النَّبِيِّ
ولم يقتصر القوم على مثل هذه السخافات والأباطيل , بل زادوا في غلوائهم حيث فضلوا الولاية على النبوة والرسالة , والأولياء على الأنبياء والمرسلين , فقالوا:
(خضنا بحورا وقفت الأنبياء بسواحلها).
و (معاشر الأنبياء , أو تيتم اللقب , وأوتينا ما لم تؤتوه).
ونقلوا عن البسطامي أنه قال:
(تالله أن لوائي أعظم من لواء محمد صلى الله عليه وسلم , لوائي من نور تحته الجان والجن والإنس , كلهم من النبيين).
وهذا ما صرّح به بعضهم:
(مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الوليّ).
لأن (الولاية: هي الفلك الأقصى , من سبح فيه اطلع , ومن اطلع علم , ومن علم تحول في صورة ما علم. فذلك الوليّ المجهول الذي لا يعرف , والنكرة التي لا تتعرّف , لا يتقيد بصورة , ولا تعرف له سريرة , يلبس لكل حالة لبوسها , أما نعيمها وإمّا بؤسها.
يوماً يمان إذا لاقيت ذا يمن وإن لاقيت معديا فعدنان
إمعة , لما في فلكه من السعة).
و (إن الولاية هي المحيطة العامة , وهي الدائرة الكبرى , فمن حكمها أن يتولى الله من شاء من عباده بنبوة وهي من أحكام الولاية , وقد يتولاه بالرسالة وهي من أحكام الولاية أيضا. فكل رسول لابد أن يكون نبيا , وكل نبيّ لابد أن يكون وليا , فكل رسول لابد أن يكون وليا. فالرسالة بخصوص مقام في الولاية , والرسالة في الملائكة دنيا و آخرة , لأنهم سفراء الحق لبعضهم ... والرسالة في البشر لا تكون إلا في الدنيا , وينقطع حكمها في الآخرة , وكذلك تنقطع في الآخرة بعد دخول الجنة والنار نبوة التشريع , لا نبوة العامة.
وأصل الرسالة في الأسماء الإلهية. وحقيقة الرسالة إبلاغ كلام من متكلم إلى سامع. فهي حال لا مقام , ولا بقاء لها بعد انقضاء التبليغ , وهي تتجدد).
بخلاف الولاية فإنها لا تنقطع أبدا , ولا تحدّ , لا بالزمان ولا بالمكان , ولها الإنباء العام (والله لم يتسمّ بنبي ولا برسول , وتسمّى بالوليّ , واتصف بهذا الاسم , فقال: الله ولي الذين آمنوا , وقال: هو الوليّ الحميد , وهذا الاسم باق جار على عباد الله دنيا وآخرة).
وأن الولي يعلم علمين: علم الشريعة , وعلم الحقيقة , أي الظاهر والباطن , والتنزيل والتأويل , حيث أن الرسول من حيث هو رسول ليس له علم إلا بالظاهر والتنزيل والشريعة (فإذا رأيت النبي يتكلم بكلام خارج عن التشريع فمن حيث هو وليّ عارف , ولهذا مقامه من حيث هو عارف أتمّ وأكمل من حيث هو رسول أو ذو تشريع وشرع).
وأن النبي والرسول يستمدّ بالعلم والمعرفة من الملك الذي يبلغه الوحي الإلهي بواسطته , ولا يمكنه الأخذ من الله مباشرة , والوليّ يستمد المعرفة من حيث يأخذها الملك الذي يؤدي بدوره إلى الأنبياء والرسل (فمرجع الرسول والنبي المشرع إلى الولاية والعلم).
فلذلك قال ابن عربي بصراحة لا تحتمل التأويل:
(وما يراه أحد من الأنبياء والرسل إلا من مشكاة الرسول الخاتم , ولا يراه أحد من الأولياء إلا من مشكاة الوليّ الخاتم , حتى أن الرسل لا يرونه – متى رأوه – إلا من مشكاة خاتم الأولياء: فإن الرسالة والنبوة – أعني نبوة التشريع ورسالته – تنقطعان , والولاية لا تنقطع أبداً. فالمرسلون , من كونهم أولياء , لا يرون ما ذكرناه إلا من مشكاة خاتم الأولياء , فكيف من دونهم من الأولياء؟ وإن كان خاتم الأولياء تابعا في الحكم لما جاء به خاتم الرسل من التشريع , فذلك لا يقدح في مقامه ولا يناقض ما ذهبنا إليه , فإنه من وجه يكون أنزل كما أنه من وجه يكون أعلى ... لما مثل النبي صلى الله عليه وسلم النبوة بالحائط من اللبّن وقد كَمُلَ سوى موضع لبِنَة , فكان صلى الله عليه وسلم تلك اللبنة. غير أنه صلى الله عليه وسلم لا يراها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/297)
كما قال لبِنَة واحدة. وأما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا , فيرى ما مثله به رسول الله صلى الله عليه وسلم , ويرى في الحائط موضع لبِنَتين , واللبن من ذهب وفضة. فيرى اللبنتين اللتين تنقص الحائط عنهما وتكمل بهما , لبنة ذهب ولبنة فضة , فلا بد أن يرى نفسه تنطبع في موضع تينك اللبنتين , فيكون خاتم الأولياء تينك اللبنتين. فيكمل الحائط. والسبب الموجب لكونه رآها لبنتين أنه تابع لشرع خاتم الرسل في الظاهر وهو موضع اللبنة الفضة , وهو ظاهره وما يتبعه فيه من الأحكام , كما هو آخذ عن الله في السر ما هو موضع اللبنة الذهبية في الباطن , فإنه أخذ من المعدن الذي يأخذ من الملك الذي يوحى به إلى الرسول .. فإن فهمت ما أشرت به فقد حصل لك العلم النافع بكل شيء. فكل نبي من لدن آدم إلى آخر نبي ما منهم أحد يأخذ إلا من مشكاة خاتم النبيين , وإن تأخر وجود طينته , فإنه بحقيقته موجود , وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (كنت نبياً وآدم بين الماء والطين). وغيره من الأنبياء ما كان نبيا إلا حين بُعثَ , وكذلك خاتم الأولياء كان وليا وآدم بين الماء والطين , وغيره من الأولياء ما كان ولياً إلا بعد تحصيله شرائط الولاية من الأخلاق الإلهية في الاتصاف بها من كون الله تعالى تسمى (بالولي الحميد). خاتم الرسل من حيث ولايته , نسبته مع الخاتم للولاية نسبة الأنبياء والرسل معه , فإنه الولي الرسول النبي. وخاتم الأولياء الولي الوارث الآخذ عن ألأصل المشاهد للمراتب).
ولا أدري كيف يدافع من يدافع عن ابن عربي بأنه لا يفضل الولي على النبي , وبعد هذه التصريحات كلها؟ حيث يجعل خاتم الأولياء منبع العلوم , ومصدر الفيض لجميع الأنبياء والرسل , وأنهم لا يستمدون إلا منه , و لا يستقون إلا من ذلك المنهل والمورد , ولا يستضيئون إلا من مشكاته , وهذا الفيض الشيثي والعزيري نص في القضية.
ولذلك ردّ شيخ الإسلام ابن تيمية في رسائله بشدّة عليه , وعلى من نهج منهجه وسلك مسلكه , في رسائله وكتبه , ونسب كلامه إلى الكفر الذي تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدّا.
وقال شيخ الإسلام في فتاواه:
(وكذا لفظ (خاتم الأولياء) لفظ باطل لا أصل له , وأول من ذكره محمد بن علي الحكيم الترمذي , وقد انتحله طائفة كل منهم يدعي أنه خاتم الأولياء: كابن حمويه وابن عربي وبعض الشيوخ الضالين بدمشق وغيرها , وكل منهم يدعي أنه أفضل من النبي عليه السلام من بعض الوجوه , إلى غير ذلك من الكفر والبهتان , وكل ذلك طمعاً في رياسة خاتم الأولياء لما فاتتهم رياسة خاتم الأنبياء , وقد غلطوا , فإن خاتم الأنبياء إنما كان أفضلهم للأدلة الدالة على ذلك , وليس كذلك خاتم الأولياء. فإن أفضل أولياء هذه الأمة السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار , وخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر رضي الله عنه , ثم عمر رضي الله عنه و ثم عثمان رضي الله عنه , ثم علي رضي الله عنه , وخير قرونها القرن الذي بعث فيه النبي صلى الله عليه وسلم , ثم الذين يلونهم , ثم الذين يلونهم , وخاتم الأولياء في الحقيقة آخر مؤمن تقي يكون في الناس , وليس ذلك بخير الأولياء , ولا أفضلهم بل خيرهم وأفضلهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه تعالى عنه , ثم عمر: اللذان ما طلعت شمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل منهما).
وقبل أن نورد نصوصا أخرى من القوم ممن خلف ابن عربي في مثل هذه المقولات وسبقوه نودّ أن نلفت أنظار القراء والباحثين إلى أن خاتم الأولياء الذي صعد وارتقى تلك المنزلة الكبرى , وحاز ذلك المنصب العظيم حتى ازداد على أنبياء الله ورسله , لم يكن عند ابن عربي إلا هو نفسه كما يقول في فتوحاته:
(أنا ختم الولاية دون شك
لورثي الهاشمي مع المسيح
كما أني أبو بكر عتيق
أجاهل كلّ ذي جسم وروح
بأرواح مثقفة طوال
وترجمة بقرآن فصيح
أشدّ على كتيبة كل عقل
تنازعني على الوحي الصريح
لي الورع الذي يسمو اعتلاء
على الأحوال بالنبأ الصحيح
وساعدني عليه رجال صدق
من الورعين من أهل الفتوح
يوالون الوجوب وكلّ ندب
ويستثنون سلطنة المبيح).
وهناك تصريحات أخرى منه ومن أتباعه , نذكرها في ترجمته في باب مستقل في الجزء الثاني من هذا الكتاب , تحت تراجم كبراء المتصوفين – إن شاء الرحمن -.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/298)
وأما الحكيم الترمذي الذي منه أخذ ابن عربي تلك الفكرة في أخذ النبي العلم والمعرفة من الملك , وأخذ الوليّ بدون واسطة , فيقول في جواب سؤال: ما الفرق بين النبوة والولاية؟:
(الفرق بين النبوة والولاية أن النبوة كلام ينفصل من الله وحيا , ومعه روح من الله فيقضي الوحي ويختم بالروح ... والولاية لمن ولى الله حديثه على طريق أخرى , فأوصله إليه فله الحديث , وينفصل ذلك الحديث من الله عز وجل , على لسان الحق معه السكينة , تتلقاه السكينة في قلب المحدّث , فيقبله ويسكن إليه).
ثم يذكر خاتم الأولياء فيقول:
(لما قبض الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم صيّر في أمته أربعين صديقا بهم تقوم الأرض , وهم آل بيته , فكلما مات واحد منهم خلفه من يقوم مقامه , حتى إذا انقرض عددهم وأتى وقت زوال الدنيا إبتعث الله وليا اصطفاه واجتباه , وقرّبه وأدناه , وأعطاه ما أعطى الأولياء , وخصّه بخاتم الولاية , فيكون حجة الله يوم القيامة على سائر الأولياء فيوجد عنده بذلك الختم صدق الولاية على سبيل ما وجد عند محمد صلى الله عليه وسلم من صدق النبوة فلم ينله العدو , ولا وجدت النفس إليه سبيلا إلى الأخذ بحظها من الولاية.
فإذا برز الأولياء يوم القيامة و اقتضوا صدق الولاية والعبودية وجد الوفاء عند هذا الذي ختم الولاية تماما , فكان حجة الله عليهم وعلى سائر الموحدين من بعدهم , وكان شفيعهم يوم القيامة , فهو سيدهم , ساد الأولياء , كما ساد الأنبياء , فينصب له مقام الشفاعة , ويثني على الله تعالى ثناء ويحمده بمحامد يقرّ الأولياء بفضله عليهم في العلم بالله تعالى.
فلم يزل هذا الولي مذكورا في البدء , أولا في الذكر , وأولا في العلم , ثم هو الأول في المشيئة , ثم هو الأول في اللوح المحفوظ , ثم الأول في الميثاق , ثم الأول في المحشر , ثم الأول في الجوار , ثم الأول في الخطاب , ثم الأول في الوفادة , ثم الأول في الشفاعة , ثم الأول في دخول الدار , ثم الأول في الزيارة , فهو في كل مكان أول الأولياء).
وقد سئل: أين مقامه؟ فقال:
(في أعلى منازل الأولياء , في ملك الفردانية , وقد انفرد في وحدانيته , ومناجاته كفاحا في مجالس الملك , وهداياه من خزائن السعي.
قال: وما خزائن السعي؟
قال: إنما هي ثلاث خزائن: المنن للأولياء , وخزائن السعي لهذا الإمام القائد , وخزائن القرب للأنبياء عليهم السلام , فهذا (خاتم الأولياء) مقامه من خزائن المنن , ومتناوله من خزائن القرب , فهو في السعي أبدا , فمرتبته هنا , ومتناوله من خزائن الأنبياء عليهم السلام , قد انكشفت له الغطاء عن مقام الأنبياء ومراتبهم وتحفهم).
ويقول أيضا:
(وقد يكون في الأولياء من هو أرفع درجة , وذاك عبد قد ولى الله استعماله , فهو في قبضته يتقلب , به ينطق , وبه يسمع , وبه يبصر , وبه يبطش , وبه يعقل , شهره في أرضه , وجعله إمام خلقه و وصاحب لواء الأولياء , وأمان أهل الأرض , ومنظر أهل السماء , وريحانة الجنان , وخاصة الله , وموضع نظره , ومعدن سره , وسوطه في أرضه , يؤدب به خلقه , ويحيي القلوب الميتة برؤيته , ويرد الخلق إلى طريقه , وينعش به حقوقه , مفتاح الهدى , وسراج الأرض , وأمين صحيفة الأولياء , و قائدهم , والقائم بالثناء على ربه , بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم! , يباهي به الرسول في ذلك الموقف , وينوه الله باسمه في ذلك المقام , ويقر عين رسول الله صلى الله عليه وسلم! , قد أخذ الله بقلبه أيام الدنيا , ونحله حكمته العليا , وأهدى إليه توحيده , ونزه طريقه عن رؤية النفس , وظل الهوى , وأئتمنه على صحيفة الأولياء , وعرّفه مقاماتهم , وأطلعه على منازلهم. فهو سيد النجباء , وصالح الحكماء , وشفاء الأدواء , وإمام الأطباء. كلامه قيد القلوب , ورؤيته شفاء النفوس , وإقباله قهر الأهواء , وقربه طهر الأدناس , فهو ربيع يزهر نوره أبداً , وخريف يجنى ثماره دأبا , وكهف يلجأ إليه , ومعدن يؤمل ما لديه , وفصل بين الحق والباطل. وهو الصديق والفاروق والولي والعارف والمحدّث. هو واحد الله في أرضه).
وأما ما قاله المتأخرون فهو أظهر وأصرح , فيقول داود القيصري:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/299)
(فالنبوة دائرة تامة مشتملة على دوائر متباينة متفاوتة في الحيطة , وقد علمت أن الظاهر لا يأخذ التأييد والقوة والتصرف والعلوم , وجميع ما يفيض من الحق تعالى عليه إلا بالباطن: وهو مقام الولاية , المأخوذ من الولي , وهو القرب , والوليّ بمعنى الحبيب أيضا منه.
فباطن النبوة الولاية , وهي تنقسم بالعامة والخاصة. فلأولى تشتمل على كل من آمن بالله وعمل صالحا , على حسب مراتبهم كما قال الله تعالى: {الله وليّ الذين آمنوا}.
والثانية تشتمل على الواصلين من السالكين فقط , عند فنائهم فيه وبقائهم به في الولاية الخاصة , عبارة عن فناء العبد في الحق. فالوليّ هو الفاني فيه الباقي به.
.... وهذا الفناء موجب لأن يتعين العبد بتعيّنات حقانية وصفات ربانية مرة أخرى , وهو البقاء بالحق , فلا يرتفع التعين منه مطلقا , وهذا المقام دايرة أتمّ وأكبر من دايرة النبوة , لذلك انختمت النبوة , والولاية دائمة , وجعل الوليّ , اسما من أسماء الله تعالى دون النبي , ولما كانت الولاية أكبر حيطة من النبوة وباطنا لها , شملت الأنبياء والأولياء. فالأنبياء هم أولياء فانون بالحق , باقون به , منبئون عن الغيب وأسراره .... ولا نهاية لكمال الولاية , فمراتب الأولياء غير متناهية).
هذا ومثل هذا كثير عنده.
وهناك تلميذ آخر لابن عربي شيعي , فقال مثل ما قاله القيصري:
(وفي الحقيقة: الولاية هي باطن النبوة , والفرق بين النبي والرسول والوليّ أن النبي والرسول لهما التصرف في الخلق بحسب الظاهر والشريعة , والولي له التصرف فيهم بحسب الباطن والحقيقة ومن هذا قالوا: النبوة تنقطع , والولاية لا تنقطع أبدا).
وقال النسفي عزيز الدين بن محمد المتوفى 671 هـ في كتابه (زبدة الحقائق):
(إن طائفة من الصوفية ذهبت إلى تفضيل الولاية على النبوة , وقالوا: أن النبوة باطنها الولاية , وأما الولاية فباطنها عالم الإله).
هذا ما ذكره في كتابه (زبدة الحقائق) , وبمثل ذلك ذكر في كتابه (الإنسان الكامل).
وأما ما قاله في كتابه (كشف الحقائق) فهو:
(أيها العارف , إن العارفين عند أهل الوحدة ثلاثة طوائف: حكماء وأنبياء وأولياء , فالحكيم من يكون عارفا بطبائع الأشياء , والنبي من يكون عارفا بطبائع الأشياء وخواصّها , والولي من يكون عارفا بطبائع الأشياء وخواصّها وحقائقها , فظهر أنه لا يوجد في العالم أحد يضاهي الوليّ في العلم والقدرة , لأن الله له تجليّان: تجلي عام , تجلي خاص.
فالتجلي العام عبارة عن أفراد الموجودات , والتجلي الخاص عبارة عن الوليّ , وهذا هو معنى قول الله عز وجل: {فالله هو الوليّ وهو يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما}).
ويقول في موضع آخر من كتابه:
(المعرفة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول معرفة طبيعة كل شيء , وهذه رتبة الحكماء , والثاني معرفة خاصية كل شيء , وهذه رتبة الأنبياء , والثالث معرفة حقيقة كل شيء , وهذه رتبة الأولياء , وأعلم أن أهل الوحدة فضّلوا النبي على الحكيم , والوليّ على النبيّ , فإن كل نبي حكيم , وكل وليّ نبيّ , وليس كل نبي وليّ).
وأما الصوفي آخر سعد الدين حمويه فيقول في مثنويّه:
(واو الولاية أقرب إلى الحضرة الإلهية من نون النبوة , فلأجل هذا التقرب تعتبر الولاية أفضل من النبوة , ثم يبيّن ذلك في أبياته قائلا:
الحرف الأول من كلمة الولاية هو الواو
والواو في وسطها ألف أيها المريد
والحرف الأول من كلمة النبوة هو النون
والنون في وسطها حرف الواو
فإذن الوليّ قلب النبي وروحه
وروح الوليّ هو ذات الله ونفسه).
فهذه هي عقيدة المتصوفة في الأولياء , والولاية , عين تلك العقيدة الشيعية الشنيعة التي ذكرناها من قبل , وهي تتضمن تفضيل الأولياء على أنبياء الله ورسله , والبعض الآخر كتموها عملا بالتقية التي لم يأخذوها أيضا إلا من الشيعة كما سنذكرها.
فإن الوليّ عندهم فوق الرسول والنبي , ودون الله قليلا , وأحيانا يحذفون هذا الفرق البسيط أيضا بينه وبين الله , ويجعلونه ذات الله وعينه , سواء اتحد به , أو ذلك اتحد به , وعلى ذلك قالوا:
(لو كشف عن حقيقة الوليّ لعبد).
إجْرَاءُ النُّبُوة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/300)
وبهذه المناسبة نريد أن نذكر ههنا عقيدة صوفية خبيثة أخرى , أخذوها من بعض فرق الشيعة , من الخطابية , والخرمية , والمنصورية وغيرها بأن رسالة الله لا تنقطع أبدا , وأن النبوة جارية , ويأتي نبيّ حينا بعد حين.
وهم بدورهم أخذوها من اليهودية مثل العقائد الأخرى كما ذكره ولهوزن: (أن النبي الصادق واحد يعود أبدا).
ومعلوم أن هذه العقيدة لم تعتنقها فرق الشيعة إلا للقضاء على الإسلام وهدم كيانه , وفتح الأبواب على الدجالين والكذابين لترويج نبواتهم الباطلة ودعاويهم الكاذبة , وإخراج المسلمين عن حظيرة الإسلام , وإدخالهم في بؤرة الكفر والإرتداد , وإبعادهم عن محمد الصادق المصدوق الأمين عليه الصلاة والسلام وعن شريعته السماوية السمحاء , ونشر الفتن والقلاقل بينهم , وفكّ جمعيتهم , وتشتيت شملهم , وتفريق كلمتهم , وتمزيق جماعتهم , والقضاء على شأنهم وشوكتهم , وسدّ سيل النور كي لا يعمّ المعمورة , ويشمل الكون , ووضع العراقيل في طريقه , مخالفين النصوص الصريحة المعارضة في كلام الله المحكم , وحديث رسول الله الثابت عنه عليه الصلاة والسىلام مثل قوله جل وعلا:
{مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}.
وقوله تبارك وتعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}.
وقوله جلّ من قائل: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.
وقوله: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}.
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا خاتم النبيين لا نبيّ بعدي).
وقوله عليه الصلاة والسلام: إني آخر الأنبياء ومسجدي آخر المساجد).
وقوله صلى الله عليه وسلم: (مثلي ومثل الأنبياء كمثل قصر أحسن بنيانه , ترك منه موضع لبنة , فطاف به النظار يتعجبون من حسن بنيانه إلا موضع تلك اللبنة , فكنت أنا سددت موضع اللبنة , ختم بي البنيان , ختم بي الرسل).
وغيرها من الأحاديث الكثيرة الكثيرة في هذا المعنى ولكن القوم يقولون عكس ذلك , معرضين عن كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم , متبعين غير سبيل المؤمنين , فيقول شيخهم الأكبر متفوها الكفر الصريح:
(ويجمع النبوة كلها أم الكتاب , ومفتاحها: بسم الله الرحمن الرحيم. فالنبوة سارية إلى يوم القيامة في الخلق. وإن كان التشريع قد انقطع , فالتشريع جزء من أجزاء النبوة , فإنه يستحيل أن ينقطع خبر الله وأخباره من العالم , إذ لو انقطع لم يبق للعالم غذاء يتغذى به في بقاء وجوده: قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا ,: ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله , وقد أخبر الله أنه ما من شيء يريد إيجاده إلا يقول له: كن , فهذه كلمات الله لا تنقطع , وهي النداء العام لجميع الموجودات. فهذا جزء واحد من أجزاء النبوة لا ينفد , فأين أنت من باقي الأجزاء التي لها).
فهذه هي عقيدة القوم بلسان قدّيسهم , وفي فتوحاته التي يقولون فيها , وفيه:
فتوحات شيخي غادة مدنية كستها نفيسات العلوم ملابسا
فلا عجب لو تشتهيها نفوسنا وأبحاثها أبدت إلينا نفائسا
فلله دّر الشيخ أكبر عصره بأنفاسه لا زال يحيى المجالسا
وهذه العقيدة هي التي شجعت الكثيرين من المتنبئين والكذابين على الله أن يدّعو النبوة بعد محمد صلوات الله وسلامه عليه , مثل الغلام القادياني الذي استشهد على تنبئه بكلام ابن عربي هذا , وغيره من الدجاجلة الآخرين , مع تصريح رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون دجالون , كلهم يزعم أنه رسول الله , وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي).
ولكن ابن عربي يقول معاكسا لذلك في فتوحاته:
(ويتضمن هذا الباب المسائل التي لا يعلمها إلا الأكابر من عباد الله , الذين هم في زمانهم بمنزلة الأنبياء في زمان النبوة , وهي النبوة العامة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/301)
فإن النبوة التي انقطعت بوجود رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هي نبوة التشريع لا مقامها فلا شرع يكون ناسخا لشرعه صلى الله عليه وسلم , ولا يزيد في حكمه شرعا آخر , وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: إن الرسالة والنبوة انقطعت , فلا رسول بعدي ولا نبي , أي لا نبيّ بعدي يكون على شرع يكون مخالفا لشرعي , بل إذا كان , يكون تحت حكم شريعتي ... فهذا هو الذي انقطع وسدّ بابه , لا مقام النبوة).
فهل يقول المتنبئون الدجالون الكذابون غير هذا؟
فإنهم لا يلتقطون إلا من موائد الصوفية وخوانها , ولا يستوحون إلا من أمثال شيخهم الأكبر.
ويقول ابن عربي كذلك مجيبا على سؤال الترمذي الملقب بالحكيم: أين مقام الأنبياء من مقام الأولياء؟ يجيب على هذا ويقول:
(وإن كان سؤاله عن مقام الأنبياء من الأولياء , أي أنبياء الأولياء – وهي النبوة التي قلنا أنها لم تنقطع , فإنها ليست نبوة الشرائع – وكذلك في السؤال عن مقام الرسل , الذين هم أنبياء فلنقل في جوابه: أن أنبياء الأولياء , مقامهم من الحضرات الإلهية الفردانية , والاسم الإلهي الذي تعبدهم (هو) الفرد , وهم المسمون الأفراد.
فهذا هو مقام نبوة الولاية , لا نبوة الشرائع. وأما مقام الرسل , الذين هم أنبياء فهم الذين لهم خصائص على ما تعبدوا به أتباعهم. كمحمد صلى الله عليه وسلم , فيما قيل له: (خالصة لك من دون المؤمنين) في النكاح بدون الهبة. فمن الرسل من لهم خصائص على أمتهم ومنهم من لا يختصه الله بشيء دون أمته.
وكذلك الأولياء: فيهم أنبياء , أي خصوا بعلم لا يحصل إلا لنبي , من العلم الإلهي. ويكون حكمهم من الله , فيما أخبرهم به , حكم الملائكة. ولهذا قال (تعالى) في نبي الشرائع: (ما لم تحط به خبرا) , أي ما هو ذوقك , يا موسى! مع كونه كليم الله. فخرق (الخضر) السفينة , وقتل الغلام حكماً , وأقام الجدار - مكارم خلق – عن حكم أمر الإلهي , (هذا كله) كخسف البلاد على يدي جبريل ومن كان من الملائكة. ولهذا كان الأفراد من البشر بمنزلة المهيمن من الملائكة , وأنبياؤهم منهم بمنزلة الرسل من الأنبياء).
هذا ويقول الآخرون مثل ما قاله ابن عربي , فيقول الفرغاني:
(أما الولاية فهي التصرف في الخلق بالحق , وليست في الحقيقة إلا باطن النبوة , لأن النبوة ظاهرة الأنباء , وباطنها التصرف في النفوس بإجراء الأحكام عليها.
والنبوة مختومة من حيث الأنباء , إذ لا نبيّ بعد محمد صلى الله عليه وسلم , دائمة من حيث الولاية والتصرف).
وأما السهروردي المقتول فيقول:
(إن اتفق في الوقت متوغل في التأله والبحث فله الرياسة , وإن لم يتفق فالمتوغل في التأله المتوسط في البحث. وإن لم يتفق فالحكيم المتوغل في التأله عديم البحث , وهو خليفة الله.
ولا تخلو الأرض من متوغل في التأله أبدا).
فهذه هي عقيدة أخرى منافية للإسلام ومخالفة له , ومعارضة لأسسه وقواعده , مناقضة لشرعته وتعاليمه , متبطنة الكفر أشد الكفر , ومتضمنة الارتداد كل الارتداد , مأخوذة من الشيعة واليهودية.
ومعروف أنهم لم يخترعوا هذه العقيدة ولم يختلقوها ليوصلوا المتصوفة إلى مقام النبوة ومكانتها كما وصّل الشيعة إليها أئمتهم , فوصفوهم بجميع أوصاف النبوة , واختصاصاتها , ومن أهمها العصمة.
العِصْمَة
فالعصمة في تبليغ رسالات الله ضرورية للأنبياء والرسل كي لا يقع الخطأ والغلط في أداء أوامر الله ونواهيه , وأحكام الله وإرشاداته , فيدعمون ويسددون بالوحي ونزول الملائكة عليهم , فما ينطقون عن الهوى , ويجب اتباعهم في كل ما يقولونه ويأمرون به , لسلامتهم من الخطأ , والزلل بخلاف غيرهم , فإنه يمكن عليهم الخطأ والنسيان , والزلل والغلط , فلا يؤمن جانبهم من هذه الأمور كلها.
ولكن الشيعة الذين جعلوا أئمتهم كالأنبياء أو المشاركين في النبوة والمضاهين لها , اختلقوا لهم هذه المكانة , وادعوا لهم هذه المنزلة , فقالوا:
(إن الإمام يجب أن يكون معصوما).
وقال ابن بابويه القمي الملقب بالصدوق عند الشيعة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/302)
(اعتقادنا في الأنبياء والرسل والأئمة والملائكة عليهم السلام أنهم معصومون مطهرون من كل دنس , وأنهم لا يذنبون ذنبا صغيرا ولا كبيرا , و لا يعصون ما أمرهم , ويفعلون ما يؤمرون , ومن نفى عنهم العصمة في شيء من أحوالهم فقد جهلهم , ومن جهلهم فهو كافر.
واعتقادنا فيهم أنهم معصومون موصوفون بالكمال والتمام والعلم من أوائل أمورهم وأواخرها , لا يوصفون في شيء من أحوالهم بنقص ولا عصيان ولا جهل).
وقال خاتمة محدثي الشيعة ملاّ باقر المجلسي:
(الشرط الثاني في الإمام أن يكون معصوما , وإجماع الإمامية منعقد على أن الإمام مثل النبيّ صلى الله عليه وآله معصوم من أول عمره إلى آخر عمره من جميع الذنوب الصغائر والكبائر والأحاديث المتواترة على هذا المضمون واردة).
ورووا في هذا الخصوص روايات مكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم , وعلى عليّ رضي الله عنه وأولاده.
منها ما رواها ابن بابويه القمي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهرون معصومون).
وروى المفيد في أماليه عن جعفر بن محمد أنه قال:
(إن الله فرض ولايتنا وأوجب مودتنا ,والله , ما نقول بأهوائنا , ولا نعمل بآرائنا , ولا نقول إلا ما قال ربنا عز وجل).
وقال ابن بابويه القمي في كتاب الخصال مفسرا قول الله عز وجل: لا ينال عهدي الظالمين , يقول في تفسير: (فإذن لا يكون الإمام إلا معصوما , ولا تعلم عصمته إلا بنصّ الله عز وجل عليه).
وبمثل ذلك قال المتصوفة في كبرائهم وأوليائهم.
وقبل أن نذكر النصوص في هذا الخصوص نورد ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا الباب عن الشيعة ومن تبعهم في ذلك من المتصوفين:
(وكذلك الرافضة موصوفون بالغلو عند الأمة فإن فيهم من ادّعى الإلهية في علي وهؤلاء شر من النصارى وفيهم من ادعى النبوة فيه ومن أثبت نبيا بعد محمد فهو شبيه بأتباع مسيلمة الكذاب وأمثاله من المتنبئين إلا أن عليا رضي الله عنه بريء من هذه الدعوة بخلاف من ادعى النبوة لنفسه كمسيلمة وأمثاله وهؤلاء الإمامية يدعون ثبوت إمامته بالنص وأنه كان معصوما هو وكثير من ذريته وأن القوم ظلموه وغصبوه ودعوى العصمة تضاهي المشاركة في النبوة فإن المعصوم يجب إتباعه في كل ما يقول لا يجوز أن يخالف في شيء وهذه خاصة الأنبياء ولهذا أمرنا أن نؤمن بما أنزل إليهم فقال تعالى {قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} فأمرنا أن نقول آمنا بما أوتى النبيون وقال تعالى {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} وقال تعالى {ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين} فالإيمان بما جاء به النبيون مما أمرنا أن نقوله ونؤمن به وهذا مما اتفق عليه المسلمون أنه يجب الإيمان بكل نبي ومن كفر بنبي واحد فهو كافر ومن سبه وجب قتله باتفاق العلماء وليس كذلك من سوى الأنبياء سواء سموا أولياء أو أئمة أو حكماء أو علماء أو غير ذلك فمن جعل بعد الرسول معصوما يجب الإيمان بكل ما يقول فقد أعطاه معنى النبوة و إن لم يعطه لفظها ويقال لهذا ما الفرق بين هذا وبين أنبياء بني إسرائيل الذين كانوا مأمورين باتباع شريعة التوراة وكثير من الغلاة في المشايخ يعتقد أحدهم في شيخه نحو ذلك ويقولون الشيخ محفوظ ويأمرون باتباع الشيخ في كل ما يفعل لا يخالف في شيء أصلا وهذا من جنس غلو الرافضة والنصارى والإسماعيلية تدعي في أئمتها أنهم كانوا معصومين وأصحاب ابن تومرت الذي ادعى أنه المهدي يقولون أنه معصوم ويقولون في خطبة الجمعة الإمام المعصوم والمهدي المعلوم ويقال أنهم قتلوا بعض من أنكر أن يكون معصوماً ومعلوم أن كل هذه الأقوال مخالفة لدين الإسلام للكتاب والسنة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/303)
وإجماع سلف الأمة وأئمتها فإن الله تعالى يقول {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول} الآية فلم يأمرنا بالرد عند التنازع إلا إلى الله والرسول فمن أثبت شخصا معصوما غير الرسول أوجب رد ما تنازعوا فيه إليه لأنه لا يقول عنده إلا الحق كالرسول وهذا خلاف القرآن وأيضا فإن المعصوم تجب طاعته مطلقا بلا قيد ومخالفه يستحق الوعيد والقرآن إنما أثبت هذا في حق الرسول خاصة قال تعالى {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم اله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا} وقال {ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا}. فدل القرآن في غير موضع على أن من أطاع الرسول كان من أهل السعادة ولم يشترط في ذلك طاعة معصوم آخر ومن عصى الرسول كان من أهل الوعيد وإن قدر أنه أطاع من ظن أنه معصوم فالرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي فرق الله به بين أهل الجنة وأهل النار وبين الأبرار والفجار وبين الحق والباطل وبين الغي والرشاد والهدى والضلال وجعله القسيم الذي قسم به عباده إلى شقي وسعيد فمن اتبعه فهو السعيد ومن خالفه فهو الشقي وليست هذه المرتبة لغيره ولهذا اتفق أهل العلم أهل الكتاب والسنة على أن كل شخص سوى الرسول فإنه يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يجب تصديقه في كل ما أخبر وطاعته في كل ما أمر فإنه المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى).
وهو كما قال شيخ الإسلام أن الصوفية يعتقدون في أوليائهم ما يعتقد الشيعة في أئمتهم من تأليههم , وجعلهم أنبياء أو كالأنبياء , معصومين , ولو أنهم كثيرا ما يتجنبون عن استعمال هذه اللفظة , ويستبدلونها بالحفظ , ولا يقصدون من ورائها إلا العصمة التي يستعملها الشيعة توقيا وتحفظا من طعن الطاعنين واعتراض المعترضين , وسترا لتك الصلة الوثيقة التي تربطهم مع الشيعة , لو أن بعض المتهورين منهم لم يراعوا هذا الكتمان والإخفاء , وباحوا بهذا السر جهرا وعلنا , عارفين بأن تقيتهم هذه لا تسمن ولا تغني من جوع , لأن المراد من كلتا اللفظتين واحد , لا اختلاف بينهما من حيث المدلول , فقال قائلهم:
(وأما صور تلقيات الموحدين الخطابية فهو أن تنبعث اللطفية الإنسانية مجردة عن الفكر طالبة ما لا تعلم منه إلا نسبة الوجود إليه بتقييدها به فإذا نزل هذا العقل بحضرة من الحضرات نزل إليه بحكم التدلي أو برز له أو ظهر له اسم من الأسماء الحسنى بما فيه من الأسرار فيهبه بحسب تجريده وصحة قصده وعصمته في طريقه فيرجع إلى عالم كونه عالما بما ألقي إليه من علم ربه بربه أو من علم ربه بضرب من كونه ثم ينزل نزولا آخر هكذا أبدا (ما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي) وهو خير البشر وأكثرهم عقلا وأصحهم فكرة وروية فأين الفكر هنا هيهات تلف أصحاب الأفكار والقائلون باكتساب النبوة والولاية كيف لهم ذلك والنبوة والولاية مقامان وراء طور العقل ليس للعقل فيهما كسب بل هما اختصاصان من الله تعالى لمن شاء).
فاستعمل الشيخ الأكبر للصوفية العصمة للأنبياء والأولياء , وسوّى بينهما , ولم ير الفرق في كونهما مصطفين مختارين من قبل الله عز وجل , ومزلتهما ومكانتهما لا تدركان بالعقل , ومنصبهما لا يكتسب.
وقال في مقام آخر:
(إن من شرط الإمام الباطن (يعني الولي) أن يكون معصوما , وليس الظاهر إن كان غيره مقام العصمة).
وبمثل ذلك قال أبو الحسن الشاذلي:
(إن من خواص القطب إمداد الله له بالرحمة والعصمة والخلافة والنيابة).
وروى صوفي قديم أبو عبد الرحمن السلمي في (طبقات الصوفية) عن أبي بكر محمد الدينوري أنه سئل عن علامة الصوفي ما هي؟
فقال: (أن يكون مشغولا بكل ما هو أولى به من غيره , ويكون معصوما عن المذمومات).
ونقل الدكتور عبد الحليم محمود عن صوفي متقدم أبي بكر الواسطي المتوفى 320هـ أنه قسّم المتصوفة على ثلاثة أقسام , فقال:
(الناس على ثلاث طبقات , الطبقة الأولى: منّ الله عليهم بأنوار الهداية , فهم معصومون من الكفر والشرك والنفاق.
والطبقة الثانية: منّ الله عليهم بأنوار العناية فهم معصومون من الصغائر والكبائر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/304)
والطبقة الثالثة: منّ الله عليهم بالكفاية فهم معصومون عن الخواطر الفاسدة وحركات أهل الفضيلة).
ويزيل السهروردي عبد القاهر في عوارفه بعض الحجاب عن ذلك السرّ الذي طالما أخفاه على تشيّعهم , ومصدر تصوفهم , ومنبع أفكارهم , فيقول:
(الشيخ للمريدين أمين الإلهام , كما أن جبريل أمين الوحي , فكما لا يخون جبريل في الوحي , لا يخون الشيخ في الإلهام , وكما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى فالشيخ مقتد برسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا , لا يتكلم بهوى النفس).
لأن الشيخ (والعرف معدن علم الله , مرضع أرواح الطالبين بنفسه , صحف أسرار ربّ العالمين بروحه , العارف وأن كان بدويا وحشيا فهو معدن العقل والعلم).
وهم معصومون (لأنهم أطفال في حجر الحق).
(كالأب الشفيق).
أو (كولد اللبوة في حجرها).
و (أنهم قائمون بالله , قد تولى الله أمرهم , فإذا ظهرت منهم طاعة , لم يرجوا عليها ثوابا , لأنهم لم يرو أنفسهم محلا لها , وإن ظهرت منهم زلّة فالدية على العاقلة , لم يشاهدوا غيره في الشدة والرخاء , قيامهم بالله , ونظرهم إليه , وخوفهم هيبته , ورجاؤهم الأنس به).
و (أنهم لا يعرفون إبليس والشيطان).
(وأما خلق الله أهون عليهم من إبليس , ولولا أن الله أمرهم أن يتعوذوا منه ما تعوذوا منه).
ولربما استعملوا الحفظ على أوليائهم ومتصوفيهم , بدل العصمة الشيعية لأئمتهم , لكن في نفس المعنى والمقصود , فقالوا:
(ومن شرط الوليّ أن يكون محفوظا , كما أن من شرط النبي أن يكون معصوما).
لأن الحق يتولى تصريفه (فيصرّفه في وظائفه وموافقاته , فيكون محفوظا فيما لله عليه , مأخوذا عما له وعن جميع المخالفات , فلا يكون له إليها سبيل وهو العصمة).
و (أن تصير الأشياء كلها له واحدة , فتكون كل حركاته في موافقات الحق دون مخالفاته).
و (لطائف الله في عصمة أنبيائه وحفظ أوليائه أكثر من أن تقع تحت الإحصاء والعدّ).
وبمثل ذلك قال القشيري:
(الوليّ له معنيان: أحدهما: فعيل بمعنى مفعول , وهو من يتولى الله سبحانه وتعالى أمره , قال تعالى ك {وهو يتولى الصالحين} , فلا يكله إلى نفسه لحظة , بل يتولى الحق سبحانه رعايته.
والثاني: فعيل مبالغة من الفاعل , وهو الذي يتولى عبادة الله وطاعته , فعبادته تجري على التوالي , من غير أن يتخللها عصيان.
وكلا الوصفين واجب حتى يكون الوليّ وليا: يجب قيامه بحقوق الله تعالى على الاستقصاء والاستيفاء , ودوام حفظ الله تعالى إياه في السراء والضراء).
وقال أيضا:
(فإن قيل: ما معنى الوليّ؟
قيل: يحتمل أمرين: أحدهما أن يكون فعيلا مبالغة من الفاعل , كالعليم والقدير وغيره فيكون معناه: من توالت طاعاته من غير تخلل معصية.
ويجوز أن يكون فعيلا بمعنى مفعول , كقتيل بمعنى مقتول , وجريح بمعنى مجروح , وهو الذي يتولى الحق سبحانه , حفظه وحراسته على الادامة والتوالي , فلا يخلق له الخذلان الذي هو قدرة العصيان , وإنما يديم توفيقه الذي هو قدرة الطاعة , قال الله تعالى: {وهو يتولى الصالحين}).
وبمثل ذلك قال الحكيم الترمذي تحت عنوان (وليّ حق الله ووليّ الله):
(فهؤلاء كلهم أولياء حقوق الله , وهم أولياء الله يصيرون إلى الله تعالى في مراتبهم , فيحلون بها ويتنسمون روح القرب , ويعيشون في فسحة التوحيد والخروج عن رقّ النفس , قد لزموا المراتب , فلا يشتغلون بشيء إلا بما أذن لهم فيه من الأعمال. فإذا صرفهم الله من المرتبة إلى عمل أبدانهم حرسهم , فيمضون مع الحرس في تلك الأعمال , ثم ينقلبون إلى مراتبهم , هذا دأبهم).
وعلق ابن عجيبة على قول الشبلي: (الصوفية أطفال في حجر الحق تعالى) , علق عليه بقوله:
(يعني أنه يتولى حفظهم وتدبيرهم على ما فيه صلاحهم ولا يكلهم إلى أنفسهم).
وظاهر أن من يكون هذا شأنه لا يكون إلا معصوما محضا , لذلك أن الصوفية حينما يستعملون الحفظ , لا يريدون من وراء ذلك إلا العصمة , ولذلك ذكر الهجويري كلتا اللفظتين في معنى واحد , بصورة الألفاظ المترادفة حيث حكى عن الجنيد أنه قال ك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/305)
(تمنيت وقتا ما أن أرى إبليس - عليه اللعنة – وذات يوم كنت واقفا بباب المسجد , فإذا بشيخ يقبل من بعيد متجها إلى , فلما رأيته أحسست وحشة في قلبي , فلما اقترب مني قلت: من أنت أيها الشيخ , إذ لا طاقة لعيني برؤية وجهك من الوحشة , لا طاقة لقلبي بالتفكير فيك من الهيبة؟ قال: أنا الذي تتمنى مشاهدتي. قلت: يا ملعون! ما منعك أن تسجد لآدم؟ قال: يا جنيد كيف تصور أني أسجد لغيره؟ قال الجنيد: فتحيرت في كلامه , فنوديت في سري أن: (قل له: كذبت , لو كنت خرجت عن أمره ونهيه. فسمع النداء من قلبي , فصاح وقال: أحرقتني بالله! وغاب).
ثمّ علق عليها بقوله:
(وفي هذه الحكاية دليل على حفظه وعصمته , لأن الله سبحانه وتعالى يحفظ أولياءه في كل الأحوال من كيد الشيطان).
وتؤيد وتدعم أنهم يدّعون أولياءهم ومتصوفيهم معصومين , مقولاتهم في كتبهم أنه لا يجوز الاعتراض على وليّ من أوليائهم أو على أحد من متصوفيهم , لو كان عمله يعارض الشرع , أو يظهر بصورة منكرة , فيقول الشعراني:
(من دخل في صحبة شيخ , ثم اعترض عليه بعد ذلك فقد نقض عهد الصحبة).
ثم نقل حكايتان خبيثتين تدلان على عقيدة القوم في مشائخهم وكونهم معصومين , فيقول:
(كان أبو سهل الصعلوكي رحمه الله يقول:
كان لبعض الأشياخ مجلس يفسر فيه القرآن العظيم فأبدله بمجلس قوال , فقال مريد بقلبه: كيف يبدل مجلس القرآن بمجلس قوال؟
فناداه الشيخ: يا فلان , من قال لشيخه: لم , لم يفلح.
فقال المريد: التوبة ... وزار أبو تراب النخشبي وشقيق البلخي أبا يزيد البسطامي , فلما قدّم خادمه السفرة قلا له: كل معنا يا فتى , فقال: لا , إني صائم.
فقال له أبو تراب: كل , ولك أجر صوم شهر.
فقال: لا , فقال له شقيق: كل , ولك أجر صوم سنة , فقال: لا , فقال أبو يزيد: دعوا من سقط من عين رعاية الله عز وجل , فسرق ذلك الشاب بعد سنة , فقطعت يده عقوبة له على سوء أدبه مع الأشياخ , ثم نقل عن الشيخ برهان الدين أنه قال:
من لم ير خطأ الشيخ أحسن من صوابه لم ينتفع به).
وبمثل ذلك قال شيخ الأزهر السابق نقلا عن سيده أحمد الدردير أنه قال:
(فالآداب التي تطلب من المريد في حق شيخه أوجبها تعظيمه وتوقيره ظاهرا وباطنا , وعدم الاعتراض عليه في أيّ شيء فعله , ولو كان ظاهره أنه الحرام , ويؤول ما انبهم عليه , وتقديمه على غيره , وعدم الالتجاء لغيره من الصالحين , فلا يزور وليا من أهل العصر , ولا صالحا إلا بإذنه , ولا يحضر مجلس غيره إلا بإذنه , ولا يسمع من سواه حتى يتمّ سقيه من ماء سرّ شيخه).
فهل هناك ضلال بعد هذا الضلال , وتسفيه للعقول بعد هذا كله؟
ومن رجل جعل شيخا لأكبر جامعة إسلامية وأقدمها في العالم؟
{رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ}.
ولطرافة كلام الشيخ ننقل ههنا ما كتبه في آداب المريد , فيقول:
(ومن آداب المريد للشيخ: أن لا يكثر الكلام بحضرته ولو باسطه , ولا يجلس على سجادته , ولا يسبح بسبحته , ولا يجلس في المكان المعدّ له , ولا يلح عليه في أمر , ولا يسافر , ولا يتزوج , ولا يفعل فعلا من الأمور المهمة إلا بإذنه , ولا يمسك يده للسلام مثلا ويده مشغولة بشيء كقلم أو أكل أو شرب , بل سلم بلسانه , وينتظر بعد ذلك ما يأمر به , وأن لا يمشي أمامه ولا يساويه في مشي إلا بليل مظلم ليكون مشيه أمامه صونا له من مصادفة ضرر ... وأن يرى كل بركة حصلت له من بركات الدنيا والآخرة فببركته ... وأن يصبر على جفوته وإعراضه عنه , ولا يقول: لم فعل بفلان كذا ولم يفعل بي كذا , وإلا لم يكن مسلما له قيادة: إذ من أعظم الشروط تسليم قيادة له ظاهرا وباطنا ... وأن يجعل كلامه على ظاهره فيمتثله إلا القرينة صارفة عن إردادة الظاهر , فإذا قال له: اقرأ كذا , أو صلّ كذا , أو صم كذا وجب عليه المبادرة , وكذا إذا قال له وهو صائم: أفطر وجب عليه الفطر , أو قال: لا تصلّ كذا إلى غير ذلك ... وأن لا يدخل عليه في خلوة إلا بإذنه , وأن لا يرفع الستارة التي فيها الشيخ إلا بإذنه وإلا هلك كما وقع لكثير).
فلنرجع إلى موضوعنا ونقول: إن القوم يجعلون متصوفيهم معصومين حيث لا يجيزون الاعتراض عليهم , ويقولون:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/306)
(من قال لأستاذه: لِمَ لا يفلح).
لأن (الشيخ في أهله كالنبي في أمته).
وعلى ذلك قال القشيري:
(من شرط المريد أن لا يكون بقلبه اعتراض على شيخه).
وهناك حكايات ومقولات كثيرة في هذا المعنى تنبئ وتدلّ صراحة على أن عصمة المتصوفة وأوليائهم , مثل عصمة الأنبياء , وبتعبير صحيح كعصمة أئمة الشيعة , مثل الحكاية التي رواها ابن عجيبة في فتوحاته , عن بعض مشائخه قال:
(رأيت يوما شخصا استحسنته فإذا لطمه وقعت على عيني , فسالت على خدي , فقلت: آه فقيل لي: لحظة بلطمة , لو زدت لزدناك).
فمن كان هذا القائل يا ترى؟
فانظر كيف يدّعون العصمة حتى من النظر إلى أحد بتلذذ؟
وكذلك نقل أحد الرفاعيين عن الرفاعي أنه قال:
(قال لي الشيخ يعقوب: رأيت الشيطان واقفا على باب داري فهممت بضربه , فقال: أي يعقوب , أنتم أهل الإنصاف , إن في بيتكم الأحمر والأصفر (أي الذهب والفضة أو الدنانير والدراهم) , وهما لي كيف لم أجيء إلى بيتكم؟).
صوفيّ رأى الشيطان وهمّ بضربه , فالمعنى أن الصوفي لا يمكن أن يغويّه الشيطان , فإذن هو معصوم عن الوقوع في المعاصي والخطايا , والزلات والسيئات.
هذا ومثل هذا كثير.
فهذه هي العقيدة الأخرى التي أخذها الصوفية من الشيعة , إن دلت على شيء دلت على روابط عتيقة بين التصوف والتشيع , وكون الأول مأخوذا عن الثاني.
عَدَمُ خُلُوِّ الأرْضِ مِنَ الْحُجَّةِ
من العقائد الشيعية المعروفة , الخاصة بهم أن الأرض لا تخلو من الحجة , وهو الإمام عندهم فلقد بوب محدثوهم وفقاؤهم ومتكلموهم أبوابا مستقلة لبيان هذه العقيدة المختلقة المصطنعة , وأوردوا فيها روايات مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم , وعلى عليّ رضي الله عنه وأولاده , أئمة القوم حسب زعمهم , وآراء كبرائهم , وعبارات قادتهم.
فلقد أورد محدثهم الكبير الكليني - وهو بمنزلة البخاري عند المسلمين السنة – في كافيه الذي هو أحد الصحاح الأربعة الشيعية , وبمنزلة صحيح البخاري عند أهل السنة روايات عديدة تحت عنوان: لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة: ومنها ما رواها عن جعفر بن محمد الباقر أنه قال:
(لو لم يكن في الأرض إلا اثنان لكان الإمام أحدهما).
كما أورد روايات كثيرة في باب: (أن الأرض لا تخلو من حجة): منها ما رواها أيضا عن جعفر أنه سئل:
(أتخلو الأرض بغير إمام؟
قال: لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت بأهلها).
وبمثل ذلك روى ابن بابويه القمي المتوفى 381هـ أحد رجال الصحاح الأربعة الشيعية , في عيونه عن علي بن موسى الرضا – الإمام الثامن المعصوم لدى القوم – أنه سئل:
(أتخلو الأرض من حجة؟ فقال: لو خلت الأرض طرفة عين من حجة لساخت بأهلها).
وكذلك بوّب القمي بابا مستقلا في كتابه (كمال الدين وتمام النعمة) العلة التي من أجلها يحتاج إلى إمام: وأورد فيه أكثر من عشرين رواية: منها ما رواها عن الباقر بن علي زين العابدين:
(لو أن الإمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله).
وأورد الملا باقر المجلسي في بحاره أكثر من مائة حديث عن أئمته في هذا المعنى , منها ما رواها عن علي بن الحسين أنه قال:
(ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم عليه السلام من حجة فيها , ظاهر مشهور أو غائب مستور , ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجة لله فيها , ولولا ذلك لم يعبد الله).
وكتب القوم مليئة من مثل هذه الروايات والأحاديث , نكتفي على هذا القدر من البيان.
وإن الصوفية لأخذوها منهم بكاملها بدون أيّ تغيير وتبديل , غير أنهم جعلوا الحجة وليّا من أوليائهم , أو صوفيا من جماعتهم بدل الإمام لدى الشيعة , فيقول أبو طالب المكي في قوته , مستعملا حتى الألفاظ الشيعية ومصطلحاتهم نقلا عن علي رضي الله عنه أنه قال:
(لا تخلو الأرض من قائم لله تعالى بحجة , إمّا ظاهر مكشوف , وإمّا خائف مقهور لئلا تبطل حجج الله تعالى وبيّناته).
ومثل ذلك أورد الطوسي السراج أبو نصر عنه:
(لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة لئلا تبطل آياته , وتدحض حججه).
وبمثل ذلك قال الحكيم الترمذي , وأحمد بن زرّوق:
(لا تخلو الدنيا في هذه الأمة من قائم بالحجة).
وقال السلمي في مقدمة طبقاته:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/307)
(واتبع (الله) الأنبياء عليهم السلام بالأولياء , يخلفونهم في سننهم , ويحملون أمتهم على طريقتهم وسمتهم , فلم يخل وقتا من الأوقات من داع إليه بحق أو دال عليه ببيان وبرهان. وجعلهم طبقات في كل زمان , فالوليّ يخلف الوليّ ... فعلم صلى الله عليه وسلم أن آخر أمته لا يخلو من أولياء وبدلاء , يبيّنون لأمته ظواهر شرائعه وبواطن حقائقه).
وقال ابن عربي:
(لا يخلو زمان عن كامل).
وقال أحد أتباعه البارين علاء الدولة السمناني:
(ولا بدّ في كل حين من مرشد يرشد الخلق إلى الحق , خلافة عن النبي المحق , ولابدّ للمرشد من التأييد الإلهي , ليمكن له تسخير المسترشدين , وإفادة المستفيدين , وتعليم المتعلمين ... وهو العالم , الوليّ , الشيخ. وإلى هذا أشار النبي عليه السلام حيث قال: الشيخ في قومه كالنبي في أمته ... ولا يكون قطب الإرشاد في كل زمان من الأزمان إلا واحد يكون قلبه على قلب المصطفى صاحب الوراثة الكاملة).
وقال صاحب الجمهرة:
(قد صحت الروايات والنصوص المؤكدة الثابتة بالكتاب والسنة على أن الأرض لا تخلو من قائم لله بحجة , ومن عارف بالحقيقة الكامنة خلف الظواهر , ومن مميّز بين اللباب والقشور , وعابد لله على الوجه الصحيح , وسائر إلى الله على بصيرة صريحة , وعقيدة وضاءة إلى أن تقوم الساعة).
ونقل عن قطب الدين القسطلاني في كتاب له في التصوف:
(أن الله بحكمته ونعمته أقام في كل عصر من جعل له لسانا معبرا عن عوارف المعارف الإلهية , مخبرا عن لطائف العواطف الربانية , يصل الله به ما أنقطع من علوم الأنبياء ومعارف الأولياء).
وقال لسان الدين بن الخطيب:
(ولا بدّ عندهم أن يكون في العالم شخص واصل إليه في كل زمان , وهو الخليفة المتلقي عن الله أسرار الموجودات , أما ظاهرا فنبيّ ورسول أو باطنا فقطب).
وقال الشعراني نقلا عن عليّ الخواص أنه قال:
(من نعم الله تعالى على عباده كونه تعالى لا يخلي الأرض من قائم له بحجة في دينه , رضية لولايته , وأختاره لمعاملته , يبين به دلالاته , يوضح به طرقاته , فطوبى لمن كان كذلك في هذا الزمان).
وهذا ما أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاواه بعد ذكر كلام الصوفية في هذا الخصوص:
(وهذا من جنس دعوى الرافضة أنه لابدّ في كل زمان من إمام معصوم يكون حجة الله على المكلفين , لا يتم الإيمان إلا به).
وُجُوبُ مَعْرِفَةِ الإمَامِ
وبمناسبة ما ذكرناه آنفا نريد أن نورد ههنا معتقدا شيعيا آخر مرتبطا بالعقيدة السالف ذكرها , وهو أنه يجب على الناس معرفة ذلك الإمام الذي لا تخلو الأرض منه , ومن مات ولم يعرف الإمام فقد مات ميتة جاهلية , أو ميتة كفر وضلال كما قال الشريف المرتضى الشيعي الملقب بعلم الهدى عند القوم:
(إن المعرفة بهم (يعني بالأئمة) كالمعرفة به تعالى , فإنها إيمان وإسلام , وأن الجهل والشك فيهم كالجهل والشك فيه فإنه كفر , وخروج من الإيمان , وهذه المنزلة ليست لأحد من البشر إلا لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة من بعده , علي وأولاده الطاهرين ... والذي يدل على أن معرفة إمامة من ذكرناه من الأئمة عليهم السلام من جملة الإيمان , وأن الإخلال بها كفر ورجوع عن الإيمان بإجماع الإمامية).
وقال الطوسي الملقب بشيخ الطائفة:
(دفع الإمامة كفر , كما أن دفع النبوة كفر , لأن الجهل بهما على حدّ واحد , وقد روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:
من مات وهو لا يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية , وميتة الجاهلية لا تكون إلا على كفر).
ولقد أورد محدثو الشيعة روايات كثيرة في هذا المعنى في أبواب مستقلة بوبوها في مصنفاتهم , مثل الكليني في كافيّه , وابن بابويه القمي في كتبه , والطوسي في شافيه , والبرقي في محاسنه , والنعماني في غيبته , والحر العاملي في فصوله , والمجلسي في بحاره , والبحراني في برهانه , وغيرهم في غيره , حتى قال محدثهم العاملي:
(الآيات والروايات من طريق العامة والخاصة , والأدلة في ذلك أكثر من أن تحصى).
فهذا المعتقد من المبادئ الشيعية الأساسية التي بُنى عليها مذهب القوم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/308)
والمقصود منه أنه يجب على كل شخص أن يعتقد بعدم خلو الأرض من إمام , ثم يوجب على نفسه أن يعرفه , ويجعله قدوة له , وهاديا ومرشدا ومطاعا , فيأخذ منه معالم الدين , ويهتدي بهديه , ويسلك مسلكه , وينهج بمنهجه , وبدونه وبدون إرشاده وتوجيهه يضلّ الطريق , ويهوي في المزالق والمهالك , مزالق الكفر ومهالك الجاهلية.
هذا ما يعتقده الشيعة , ولم يكن غريبا أن يؤمن بهذا المبدأ , ويعتقد بهذا المعتقد مشائخ الصوفية , وكبراء التصوف , لأنهم وراءهم حذو القذة بالقذة , فقالوا: من لم يكن له شيخ فإمامه الشيطان كما ذكر ذلك المتصوفة عن أبي يزيد أنه قال:
(من لم يكن له أستاذ فإمامه الشيطان).
ويقول لسان الدين بن الخطيب:
(يكون المرتاض يعتمد على شيخ و يلقي أزمته بيده , ليهديه قبل أن تسبقه إليها يد الشيطان.
كن المعزي لا المعزى به إن كان لا بدّ من الواحد
ومما ينقل: من لم يكن له شيخ كان الشيطان شيخه).
وبمثل ذلك قال ابن عربي:
(اعلم أن مقام الدعوة إلى الله , وهو مقام النبوة والوراثة الكاملة , والحاصل فيه يقال له النبي في زمان النبوة , ويقال له الشيخ الوارث والأستاذ في حق العلماء بالله من غير أن يكونوا أنبياء وهو الذي قالت فيه السادة من أهل طريق الله , من لم يكن له أستاذ فإن الشيطان أستاذه).
وقال الشعراني:
(اعلم يا أخي أن أحدا من السالكين لم يصل إلى حالة شريفة في الطريق أبدا إلا بملاقاة الأشياخ ومعانقة الأدب معهم , والإكثار من خدمتهم , ومن ادعى الطريق بلا شيخ كان شيخه إبليس ... وقد كان الإمام أبو القاسم الجنيد رحمه الله يقول: من سلك بغير شيخ ضلّ وأضلّ).
وكتب في كتابه (الأخلاق المتبولية) نقلا عن علي المرصفي أنه قال:
(لو أن مريدا عبد الله تعالى كما بين السماء والأرض بغير شيخه فعبادته كالهباء المنثور ... وسمعت سيدي علي الخواص رجمة الله يقول:
(لو أن العبد قرأ ألف كتاب في العلم ولا شيخ له فهو كمن حفظ كتب الطبّ مع جهله بالداء والدواء ... وأن كل من لم يسلك الطريق على يد شيخ حكمه حكم من يعبد الله على حرف).
وهذا مثل ما قاله الشيعة نقلا عن أبي جعفر محمد الباقر أنه قال:
(إنما يعرف الله عز وجل ويعبده من عرف الله وعرف إمامه منّا أهل البيت , ومن لا يعرف الله عز وجل ولا يعرف الإمام منّا أهل البيت فإنما يعرف ويعبد غير الله هكذا والله ضلالا).
وعنه أنه قال:
(كل من دان الله عز وجل بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول)
وعلى ذلك يقول نيكلسون بعد نقل كلام أبي يزيد البسطامي:
(من لم يكن له شيخ كان الشيطان شيخه , يقول بعده:
(هي فكرة يظهر أن لها صلة بالنظرية الشيعية , الذي كان عبد الله بن سبأ أول من قال بها).
الْولاَيَة وَالْوصَايَة
وتشابه آخر بين الصوفية والشيعة هو أن الصوفية أضفوا على أوليائهم عين تلك الأوصاف والاختيارات التي أضفى الشيعة على أئمتهم وأوصيائهم , فإن الشيعة يقولون:
(أن الأئمة ولاة أمر الله , وخزنة علم الله , وعيبة وحي الله).
ويروي أبو جعفر محمد بن الحسن الصفار المتوفى 290هـ شيخ الكليني , في بصائره , عن محمد الباقر بن علي زين العابدين أنه يقول:
(نحن جنب الله ونحن صفوته ونحن خيرته ونحن مستودع مواريث الأنبياء ونحن أمناء الله ونحن حجّة الله , ونحن أركان الإيمان , ونحن دعائم الإسلام , ونحن من رحمة الله على خلقه , ونحن الذين بنا يفتح الله وبنا يختم , ونحن أئمة الهدى , ونحن مصابيح الدجى , ونحن منار الهدى , ونحن السابقون , ونحن الآخرون , ونحن العلم المرفوع للخلق , من تمسك بنا لحق , ومن تخلف عنا غرق , ونحن قادة الغر المحجلين , ونحن خيرة الله , ونحن الطريق , وصراط الله المستقيم إلى الله , ونحن من نعمة الله على خلقه , ونحن المنهاج ونحن معدن النبوة , ونحن موضع الرسالة , ونحن الذين إلينا مختلف الملائكة , ونحن السراج لمن استضاء بنا , ونحن السبيل لمن اقتدى بنا , ونحن الهداة إلى الجنة , ونحن عز الإسلام , ونحن السنام الأعظم , ونحن الذين بنا نزل الرحمة وبنا تسقون الغيث , ونحن الذين بنا يصرف عنكم العذاب , فمن عرفنا ونصرنا وعرف حقنا وأخذ بأمرنا فهو منا وإلينا).
وروى الكليني عنه أيضا أنه قال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/309)
(نحن خزان علم الله , ونحن تراجمة وحي الله , ونحن الحجة البالغة على من دون السماء ومن فوق الأرض).
ورووا عنه أيضا أنه قال:
(نحن المثاني التي أعطاها الله النبي صلى الله عليه وآله , ونحن وجه الله نتقلب في الأرض بين أظهركم , عرفنا من عرفنا , وجهلنا من جهلنا , من عرفنا فإمامه اليقين , ومن جهلنا فإمامه السعير).
والروايات في هذا المعنى كثيرة جدا , ومن أراد الإستزادة فليرجع إلى كتبنا الأربعة في هذا الموضوع , أو كتب الشيعة كبصائر الدرجات للصفار , والكافي للكليني , وبحار الأنوار للمجلسي , والفصول المهمة للعاملي , والبرهان للبحراني وغيرها من الكتب الشيعية الكثيرة.
مع العلم بأن كتاب الله القرآن الكريم , وكتب السنة النبوية المطهرة , وتراجم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خالية عن مثل هذه الخرافات والهفوات , والشركيات واليهوديات.
ولكن الصوفية استقوا مبادئهم وأفكارهم ومعتقداتهم من التشيع والشيعة , بدل الكتاب والسنة , فقالوا في أوليائهم ومتصوفيهم نفس ما قاله الشيعة في أئمتهم وأوصيائهم , فانظر ما كتبه أعظم مؤرخ صوفي في التاريخ القديم والحديث أبو نصر السراج الطوسي – حسب ما قاله طه عبد الباقي , والدكتور عبد الحليم محمود – ولاحظ التوافق الكامل والتشابه التام بين ألفاظه وعبارته وبين عبارة الشيعة وألفاظهم فهو ينبئ عن المصدر الأصلي , والمأخذ الحقيقي , والمنبع الأصيل , فيكتب:
(أن هذه العصابة أعني الصوفية هم أمناء الله عز وجل في أرضه , وخزنة أسراره وعلمه وصفوته من خلقه , فهم عباده المخلصون , وأولياءه المتقون , وأحباءه الصادقون الصالحون , منهم الأخيار والسابقون , والأبرار و المقربون , والبدلاء والصديقون , هم الذين أحيا الله بمعرفته قلوبهم , وزيّن بمعرفته جوارحهم , وألهج بذكره ألسنتهم , وطهر بمراقبته أسرارهم , سبق لهم منه الحسنى بحسن الرعاية ودوام العناية , فتوجهم بتاج الولاية , وألبسهم حلل الهداية , وأقبل بقلوبهم عليه تعطفاً , وجمعهم بين يديه تلطفاً , فاستغنوا به عما سواه , , وآثروا على ما دونه , وانقطعوا إليه , وتوكلوا عليه , وعكفوا ببابه , ورضوا بقضائه , وصبروا على بلائه , وفارقوا فيه الأوطان , وهجروا له الإخوان , وتركوا من أجله الأنساب , وقطعوا فيه العلائق , وهربوا من الخلائق , مستأنسين به مستوحشين مما سواه: {ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم} الآية: {فمنهم ظالم لنفسه} الآية: {قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى}).
ونقلوا عن ذي النون المصري أنه قال:
(هم حجج الله تعالى على خلقه , ألبسهم النور الساطع عن محبّته , ورفع لهم أعلام الهداية إلى مواصلته , وأقامهم مقام الأبطال لإرادته , وأفرغ عليهم الصبر عن مخالفته , وطهر أبدانهم بمراقبته , وطيبهم بطيب أهل مجاملته , وكساهم حالا من نسج مودّته , ووضع على رؤوسهم تيجان مسرته , ثم أودع القلوب من ذخائر الغيوب , فهي معلقة بمواصلته , فهمومهم إليه ثائرة , وأعينهم إليه بالغيب ناظرة , قد أقامهم على باب النظر من قربه , وأجلسهم على كرسي أطباء أهل معرفته).
وأيضا: (هم خرس فصحاء , وعمي بصراء , عنهم تقصر الصفات , وبهم تدفع النقمات , وعليهم تنزل البركات , فهم أحلى الناس منقطعا ومذاقا , وأوفى الناس عهدا وميثاقا , سراج العباد , ومنار البلاد , ومصابيح الدجى , معادن الرحمة , ومنابع الحكمة).
وقال ابن عجيبة:
(هم باب الله الأعظم , ويد الله الآخذة بالداخلين إلى حضرة الله , فمن مدحهم فقد مدح الله , ومن ذمّهم فقد ذمّ الله).
وقال ابن قضيب البان:
(القطب فاروق الوقت , وقاسم الفيض , وإليه مفوّض أزمّة الأمور , وقلب قطب خزانة أرواح الأنبياء , وله بكل وجه وجه , وأرواح الأنبياء خزائن أسرار الحق .... الكون كله صورة القطب ... وهو الباب الذي لا دخول ولا خروج إلا منه ... وفؤاد القطب شمعة نصبت لفراش أرواح العالم , و نطقه شهد حقائق المعارف , الذي فيه شفاء أسرار المقربين , وصلاح مشاهد العارفين , وغذاء أفئدة الواصلين ... نفس القطب صور برزخ الشئون الصفاتية , وعقله اسرافيله , ومن نفسه قيام عمود السموات الروحية والأرضين الجسمية , وإرادته المأثرة فيهما , ومن إختياره همم أهل زمانه ... القطب الفرد الواحد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/310)
في كل زمان الحقيقة المحمدية , ولكل زمان قطب منها , وهو خطيب سر الولاء بكلمة: بلى).
هذا وأن ابن عربي قال بصراحة ووضوح بدون إبهام ولا إيهام:
(أنا القرآن والسبع المثاني وروح الروح لا روح الأواني
فؤادي عند معلومي مقيم يشاهده وعندكم لساني).
ويعتقد الشيعة أن أئمتهم يعرفون جميع الألسن واللغات , وحتى لغات الطيور والوحوش.
فيذكر الصفار في بصائره العناوين الأربعة لبيان علوم أئمته:
(باب في الأئمة عليهم السلام أنهم يعرفون الألسن كلها).
(باب في الأئمة أنهم يتكلمون الألسن كلها).
(باب في الأئمة أنهم يعرفون منطق الطير).
(باب في الأئمة عليهم السلام أنهم يعرفون منطق البهائم , ويعرفونهم , ويجيبونهم إذا دعوهم).
ثم يورد تحتها روايات كثيرة تنبئ وتدل على كل ما ذكره في العناوين.
فمثلا يروي عن جعفر بن الباقر أنه قال:
(قال الحسن بن علي عليه السلام: إن لله مدينتين , إحداهما بالمشرق , والأخرى بالمغرب , عليهما سوران من حديد , وعلى كل مدينة ألف ألف مصراع من ذهب , وفيها سبعون ألف ألف لغة يتكلم كل لغة بخلاف لغة صاحبه , وأنا أعرف جميع اللغات وما فيهما وما بينهما وما عليهما حجة غيري والحسين أخي).
ويروي عن محمد الباقر أنه قال:
(علمنا منطق الطير , وأوتينا من كل شيء).
وغير ذلك من الروايات الكثيرة , وأورد مثلها كل من الكليني في كافيّه , والحرّ العاملي في الفصول المهمة.
ومثل ذلك ذكر المتصوفة في كتبهم عن أوليائهم ومشائخهم , فيقول الشعراني في طبقاته عن إبراهيم الدسوقي:
(وكان رضي الله عنه يتكلم بالعجمي والسرياني والعبراني والزنجي , وسائر لغات الطيور والوحوش).
وقال عماد الدين الأموي: (العارفون يفهمون كلام المخلوقين من الحيوانات والجمادات).
وكتب الشعراني في كتابه (الأنوار المقدسية):
(الولي يعطيه الله تعالى معرفة سائر الألسن الخاصة بالإنس والجن , فلا يخفى عليه فهم كلام أحد منهم).
وذكر القوم حكايات كثيرة عن متصوفيهم تشتمل على تكلمهم مع السباع والطيور وغيرها , سنذكرها في الجزء الثاني من هذا الكتاب في باب مستقل إن شاء الله.
ولكن للطرافة نذكر حكاية واحدة ذكرها الشعراني في طبقاته الكبرى , فيقول:
(أقام الشيخ أبو يعزي في بدايته خمس عشرة سنة في البر , لا يأكل إلا من حبّ الشجر في البادية , وكانت الأسد تأوي إليه والطير يعكف عليه.
وكان إذا قال للأسد: لا تسكني هنا , تأخذ أشبالها وتخرج بأجمعها.
قال الشيخ أبو مدين رضي الله عنه: زرته مرة في الصحراء وحوله الأسد والوحوش والطير , تشاوره على أحوالها , وكان الوقت وقت غداء , فكان يقول لذلك الوحش: اذهب إلى مكان كذا وكذا , فهناك قوتك , ويقول للطير مثل ذلك فتنقاد لأمره.
ثم قال: يا شعيب , إن هذه الوحوش والطيور أحبت جواري فتحملت ألأم الجوع لأجلي , رضي الله عنه).
فهذا هو التطابق الكلي بين الشيعة والصوفية في هذه القضية.
الْحُلُولُ والتَّناسخ
وإن فرقا من الشيعة يعتقدون في أئمتهم بأنهم هم الذين ظهروا في مختلف الصور في الأزمنة المتعددة , والأمكنة المختلفة , وهم الذين ظهروا في أيام آدم بصورة آدم , وفي دور نوح بنوح , وكذلك شيث وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم في زمانهم , وأن أئمتهم هم الذين نجّوا نوحا , وأغرقوا الخلق في عهد نوح , وخرقوا السفينة , وقتلوا الغلام وغير ذلك.
فهاهم يكذبون على علي رضي الله عنه أنه قال:
(أنا ومحمد نور واحد من نور الله ... أنا صاحب الرجفة , صاحب الآيات ... أنا أهلكت القرون الأولى , وأنا النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون ... أنا الكتاب ... أنا اللوح المحفوظ ... أنا القرآن الحكيم ... أنا محمد ومحمد أنا ... إن ميتنا لم يمت , وقتيلنا لم يقتل , ولا نلد ولا نولد ... وأنا الذي نجّيت نوحا ... ونطقت على لسان عيسى بن مريم في المهد , فآدم وشيث ونوح وسام وإبراهيم وإسماعيل وموسى ويوشع وعيسى وشمعون ومحمد وأنا كلنا واحد ... أنا أحيي وأميت ... وكذلك الأئمة المحقون من ولدي , لأنا كلنا شيء واحد يظهر في كل زمان).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/311)
ورروا عنه أيضا أنه قال لسلمان: (أنا أحيي الموتى , وأعلم ما في السماوات والأرض , وأنا الكتاب المبين , يا سلمان , محمد مقيم الحجة , وأنا حجة الحق على الخلق , وبذلك الروح عرج به إلى السماء , أنا حملت نوحا في السفينة , أنا صاحب يونس في بطن الحوت , وأنا الذي حاورت موسى في البحر , وأهلكت القرون الأولى , أعطيت علم الأنبياء والأوصياء , وفصل الخطاب , وبي تمت نبوة محمد , أنا أجريت الأنهار والبحار , وفجرت الأرض عيونا , أنا كاب الدنيا لوجهها , أنا عذاب يوم الظلمة , أنا الخضر معلم موسى , أنا معلم داود وسليمان , أنا ذو القرنين , أنا الذي دفعت سمكها بإذن الله عز وجل , أنا دحوت أرضها , أنا عذاب يوم الظلمة , أنا النادي من مكان بعيد , أنا دابة الأرض , أنا كما يقول لي رسول الله (ص): أنت يا علي ذو قرنيها , وكلا طرفيها, ولك الآخرة والأولى , يا سلمان إن ميتنا إذا مات لم يمت , ومقتولنا لم يقتل , وغائبنا لم يغب , ولا نلد ولا نولد في البطون , ولا يقاس بنا أحد من الناس , أنا تكلمت على لسان عيسى في المهد , أنا نوح , أنا إبراهيم , أنا صاحب الناقة , أنا صاحب الرجفة , أنا صاحب الزلزلة , أنا اللوح المحفوظ , إليّ إنتهى علم ما فيه , أنا أنقلب في الصور كيف شاء الله , من رآهم فقد رآني , ومن رآني فقد رآهم , ونحن في الحقيقة نور الله الذي لا يزول ولا يتغيّر).
ورووا عن جعفر بن الباقر أنه قال:
(أنا من نور الله , نطقت على لسان عيسى بن مريم في المهد , فآدم وشيث ونوح وسام وإبراهيم وإسماعيل وموسى ويوشع وعيسى وشمعون ومحمد كلنا واحد , من رآنا فقد رآهم ... أنا أحيي وأميت وأخلق وأرزق, وأبرئ الأكمه والأبرص , وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم بإذن ربي , وكذلك الأئمة المحقون من ولدي لأنا كلنا شيء واحد).
وذكروا عن راشد الدين بن سنان السوري الداعي الإسماعيلي أنه قال:
(ظهرت بدرو نوح فغرقت الخلائق ... وظهرت في دور إبراهيم على ثلاث مقالات ... خرقت السفينة , وقتلت الغلام , وأقمت الجدار , .. ثم ظهرت بالسيد المسيح , فمسحت بيدي الكريمة عن أولادي الذنوب , وكنت بالظاهر شمعون – إلى آخر الهفوات والخرافات).
فهذه الروايات تدل صراحة على إعتقاد القوم بالحلول والتناسخ , وأن أئمتهم خلقوا من نور الله الذي لم يتغير ولم يتبدل , ولكن هذا النور كان يحل في أجسام مختلفة في أزمنة مختلفة , وكان يلبس ألبسة متنوعة متفرقة , فبذلك الجسد واللباس كان يسمّى بتلك الأسماء , فتارة بآدم , وتارة بنوح , وتارة بإبراهيم , وتارة بموسى , وتارة بعيسى , وتارة بمحمد , مع أن هذا النور كان بجوهره واحدا.
فهذا عين ما قالته الصوفية حيث سمّوا ذلك النور الأزلي , والجوهر الأصلي الحقيقة المحمدية والصورة المحمدية , فهذه الحقيقة هي التي كانت تتجلى في أجسام مختلفة , وتنادي بذلك الاسم , فاختلف أسماؤها حسب الزمان والأجساد , مع أنها كانت واحدة , كما يقول الجيلي:
(أعلم حفظك الله أن الإنسان الكامل هو القطب الذي تدور عليه أفلاك الوجود من أوله إلى آخره , وهو واحد منذ كان الوجود إلى أبد الآبدين , ثم له تنوع في ملابس ويظهر في كنائس , فيسمى به باعتبار لباس , ولا يسمى به باعتبار لباس آخر , فاسمه الأصلي الذي هو له محمد , وكنيته أبو القاسم , ووصفه عبد الله , ولقبه شمس الدين , ثم له باعتبار ملابس أخرى أسام , وله في كل زمان اسم ما يليق بلباسه في ذلك الزمان , فقد اجتمعت به صلى الله عليه وسلم وهو في صورة شيخي الشيخ شرف الدين إسماعيل الجبرتي , ولست أعلم أنه النبي صلى الله عليه وسلم , وكنت أعلم أنه الشيخ , وهذا من جملة مشاهد شاهدته فيها بزبيد سنة ست وتسعين وسبعمائة , وسر هذا الأمر تمكنه صلى الله عليه وسلم من التصور بكل صورة , فالأديب إذا رآه في الصور المحمدية التي كان عليها في حياته فإنه يسميه باسمه , وإذا رآه في صورة ما من الصور وعلم أنه محمد , فلا يسميه إلا باسم تلك الصورة , ثم لا يوقع ذلك الاسم إلا على الحقيقة المحمدية , ألا تراه صلى الله عليه وسلم لما ظهر في صورة الشبلي رضي الله عنه قال الشبلي لتلميذه: أشهد أني رسول الله , وكان التلميذ صاحب كشف فعرفه , فقال: أشهد أنك رسول الله , وهذا أمر غير منكور , وهو كما يرى النائم فلانا في
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/312)
صورة فلان. وأقل مراتب الكشف أن يسوغ به في اليقظة ما يسوغ به في النوم , لكن بين النوم والكشف فرق , وهو أن الصورة التي يرى فيها محمد صلى الله عليه وسلم في النوم ولا يوقع اسمها في اليقظة على الحقيقة المحمدية إلى حقيقة تلك الصورة في اليقظة , بخلاف الكشف فإنه إذا كشف لك عن الحقيقة أنها متجلية في صورة من صور الآدميين , فيلزمك إيقاع اسم تلك الصورة على الحقيقة المحمدية ويجب عليك أن تتأدب مع صاحب تلك الصورة تأدبك مع محمد صلى الله عليه وسلم , لما أعطاك الكشف أن محمدا صلى الله عليه وسلم متصور بتلك الصورة , فلا يجوز ذلك بعد شهود محمد صلى الله عليه وسلم فيها أن تعاملها بما كنت تعاملها به من قبل , ثم إياك أن تتوهم شيئا في قولي من مذهب التناسخ , حاشا لله وحاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون ذلك مرادي , بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم له من التمكين في التصور بكل صورة يتجلى في هذه الصورة , وقد جرت سنته صلى الله عليه وسلم أنه لا يزال يتصور في كل زمان بصورة أكملهم ليعلي شأنهم ويقيم ميلانهم , فهم خلفاؤه في الظاهر وهو في الباطن حقيقتهم).
وهذا ما قاله الدكتور أبو العلاء العفيفي معلقا على الفصّ السابع والعشرين (فصّ حكمة فردية في كلمة محمدية) من فصوص ابن عربي , فقال:
(شاع من أوائل عهد الإسلام القول بأزلية محمد عليه السلام , أو بعبارة أدق بأزلية (النور المحمدي). وهو قول ظهر بين الشيعة أولاً ولم يلبث أهل السنة أن أخذوا به , واستند الكل في دعواهم إلى أحاديث يظهر أن أكثرها موضوع. من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنا أول الناس في الخلق) ومنها: (أول ما خلق الله نوري) , ومنها: (كنت نبيا وآدم بين الماء والطين) وغير ذلك من الأحاديث التي استنتجوا منها أنه كان لمحمد عليه السلام وجود قبل وجود الخلق , وقبل وجوده الزماني في صورة النبي المرسل , وأن هذا الوجود قديم غير حادث , وعبروا عنه بالنور المحمدي. وقد أفاضت الشيعة في وصف هذا النور المحمدي , فقالوا أنه ينتقل في الزمان من جيل إلى جيل , وأنه هو الذي ظهر بصورة آدم ونوح وإبراهيم وموسى وغيرهم من الأنبياء , ثم ظهر أخيرا بصورة خاتم النبيين محمد عليه السلام. وبهذا أرجعو جميع الأنبياء من آدم إلى محمد , وكذلك ورثة محمد إلى أصل واحد. وهو قول نجد له صدى في الغنوصية المسيحية. يقول الأب كليمنت الإسكندري: (ليس في الوجود إلا نبي واحد وهو الإنسان الذي خلقه الله على صورته , والذي يحل فيه روح القدس , والذي يظهر منذ الأزل في كل مكان وزمان بصورة جديدة).
نجد لكل هذا الكلام نظيرا في كتب ابن عربي فيما يسميه الكلمة المحمدية أو الحقيقة المحمدية أو النور المحمدي. فهو لا يقصد بالكلمة المحمدية في هذا الفص محمداً الرسول , وإنما يقصد الحقيقة المحمدية التي يعتبرها أكمل مجلى خلقي ظهر فيه الحق , بل يعتبره الإنسان الكامل والخليفة الكامل بأخص معانيه. وإذا كان كل واحد من الموجودات مجلى خاص لبعض الأسماء الإلهية التي هي أرباب له , فإن محمدا قد انفرد بانه مجلى للاسم الجامع لجميع تلك الأسماء , وهو الاسم الأعظم الذي هو (الله). ولهذا كانت له مرتبة الجمعية المطلقة , ومرتبة التعين الأول والذي تعينت به الذات الأحدية , إذ ليس فوقه إلا هذه الذات المنزهة في نفسها عن كل تعين وكل صفة واسم ورسم.
ولهذه الحقيقة المحمدية التي هي أول التعينات – وإن شئت فقل أول المخلوقات – وظائف أخرى ينسبها إليها ابن عربي. فهي من ناحية صلتها بالعالم مبدأ خلق العالم , إذ هي النور الذي خلقه الله قبل كل شيء وخلق منه كل شيء. أو هي العقل الإلهي الذي تجلى الحق فيه لنفسه في حالة الأحدية المطلقة , فكان هذا التجلي بمثابة أول مرحلة من مراحل التنزل الإلهي في صور الوجود. فلما انكشفت له حقيقة ذاته وكمالاتها , وما فيها من أعيان الممكنات التي لا تحصى , أحب إظهار كمالاته في صور تكون له بمثابة المرايا التي يرى فيها نفسه , فكانت أعيان الممكنات الخارجية تلك المرايا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/313)
ومن ناحية صلة الحقيقة المحمدية بالإنسان , يعتبرها ابن عربي صورة كاملة للإنسان الكامل الذي يجمع في نفسه جميع حقائق الوجود , ولذلك يسميها آدم الحقيقي , والحقيقة الإنسانية. ويعدها من الناحية الصوفية مصدر العلم الباطن , ومنبعه , وقطب الأقطاب.
في هذا الوصف الإجمالي لما يسميه ابن عربي (الكلمة المحمدية) , أو الحقيقة المحمدية , عناصر مختلفة مستمدة من الفلسفة الأفلاطونية الحديثة , والفلسفة المسيحية واليهودية , مضافاً إلى ذلك بعض أفكار من مذهب الإسماعيلية الباطنية والقرامطة. مزج جميع تلك العناصر على طريقته الخاصة , فضيع بذلك معالم الأصول التي أخذ عنها , وخرج على العالم بنظرية في طبيعة الحقيقة المحمدية , لا تقل في خطرها وأهميتها في تاريخ الأديان عن النظريات التي وضعها المسيحيون في طبيعة المسيح , أو النظريات اليهودية أو الرواقية , أو اليونانية التي تأثرت بها في النظرية المسيحية).
وبمثل ذلك قال الفرغاني:
(وكل نبي من آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم مظهر من مظاهر نبوة الروح الأعظم. فنبوته ذاتية دائمة , ونبوة المظاهر عرضية منصرمة , إلا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم , فإنها دائمة غير منصرمة , إذ حقيقته حقيقة الروح الأعظم , وصورته صورة الحقيقة التي ظهر فيها بجميع أسمائها وصفاتها. وسائر الأنبياء مظاهرها ببعض الأسماء والصفات. تجلت في المظهر المحمدي بذاتها وجميع صفاتها , وختم به النبوة , فكان الرسول صلى الله عليه وسلم سابقا على جميع الأنبياء من حيث الحقيقة , متأخرا عنهم من حيث الصورة , كما قال: نحن الآخرون السابقون , وقال: كنت نبيا وآدم بين الماء والطين: وفي رواية أخرى: بين الروح والجسد: أي لا روحا ولا جسدا).
ويدل أيضا على إعتقاد الصوفية بالتناسخ ما ذكره الدباغ في الإبريز بأن روح الولي تقدر على أن تخرج من ذات الولي وتتصور بصورة غير صورته.
وأيضا ما ذكره الشعراني عن صوفي أنه (ظهر لأعدائه في هيئة أسد عظيم).
وكذلك ذكر المنوفي في جمهرته صوفيا (كان يظهر في مظهر السباع والفيلة).
فالحاصل أن الصوفية اقتبسوا من الشيعة هذه الأفكار , وأخذوا منهم هذه العقائد الزائفة الزائغة الباطلة , وقالوا عن أوليائهم مثل ذلك , بل زادوا عليهم في غلوائهم وغيّهم وضلالهم , حيث قالوا نقلا عن إبراهيم الدسوقي أنه قال عن نفسه في أبياته:
(أنا ذلك القطب المبارك أمره فإن مدار الكل من حول ذروتي
أنا شمس إشراق العقول ولم أفل ولا غبت إلا عن قلوب عمية
يروني في المرآة وهي صدية وليس يروني بالمرآة الصقيلة
وبي قامت الأنباء في كل أمة بمختلف الآراء والكل أمتي
ولا جامع إلا ولي فيه منبر وفي حضرة المختار فزت ببغيتي
بذاتي تقوم الذات في كل ذروة أجدد فيها حلة بعد حلة
فليلى وهند والرباب وزينب وعلوى وسلمى بعدها وبثينة
عبارات أسماء بغير حقيقة وما لوحوا بالقصد إلا لصورتي
نعم نشأتي في الحب من قبل آدم وسرى في الأكوان من قبل نشأتي
أنا كنت في العلياء مع نور أحمد على الدرة البيضاء في خلويتي
أنا كنت في رؤيا الذبيح فداءه بلطف عنايات وعين حقيقة
أنا كنت مع إدريس لما أتى العلا وأسكن الفردوس أنعم بقعة
أنا كنت مع عيسى على المهد ناطقا وأعطيت داودا حلاوة نغمة
أنا كنت مع نوح بما شهد الورى بحارا وطوفانا على كف قدرة
أنا القطب شيخ الوقت في كل حالة أنا العبد إبراهيم شيخ الطريقة).
ورووا عن أحد المتصوفة البارزين أنه كان يقول:
(أنا موسى الكليم في مناجاته , أنا عليّ في حملاته , أنا كل وليّ في الأرض خلقته بيدي , ألبس منهم من شئت , أنا في السماء شاهدت ربي , وعلى الكرسي خاطبته , أنا بيدي أبواب النار إن أغلقتها أغلقها بيدي , وبيدي جنة الفردوس إن فتحتها أفتحها , ومن زارني أدخلته جنة الفردوس).
وقال فتح الله بوراس:
(أنا كل ولي في الأرض قد أوليته أنا كل حكيم من أهل السماء قد علمته
وأيوب من جميع الأمراض قد أشفيه وبصر يعقوب أنا الذي قد رددته
وابنه يوسف من الجبّ الغريق قد أظهرته ويونس من بطن الحوت بالعراء قد نبذته
ونوح من بحر الطوفان أنا الذي أنجيته وفي السماء السابعة شاهدت ربيّ وكلّمته
وبيدي باب الجنان قد فتحته ودخلته وما فيه من الحور العين قد رأيته وحصيته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/314)
ومن رآني ورأى من رآني وحضر مجلسي في جنة عدن وبستانها قد أسكنته).
وذكر فريد الدين العطار عن أبي يزيد البسطامي أنه سئل عن العرش والكرسي فقال:
(أنا العرش والكرسي , وقال: أنا إبراهيم , وأنا موسى , وأنا محمد).
وهذا عين مارواه الشيعة أنفسهم عن عليّ رضي الله عنه أنه قال:
(أنا اللوح , وأنا القلم , وأنا العرش , و أنا الكرسي , وأنا السماوات السبع , وأنا الأسماء الحسنى , والكلمات العليا).
والجدير بالذكر أن الصوفية ينقلون لبيان معتقداتهم نفس الروايات الموضوعة المكذوبة التي يرويها الشيعة عن عليّ رضي الله عنه وأولاده.
فمثلا يروي الشعراني ومحمد الرفاعي وغيرهما عنه رضي الله عنه أنه كان يقول في خطبته على رؤوس الأشهاد:
(أنا نقطة بسم الله , أنا جنب الله , الذي فرطتم فيه , أنا القلم وأنا اللوح المحفوظ , وأنا العرش وأنا الكرسي , وأنا السماوات السبع والأرضون).
مَرَاتِبُ الصّوفيَّة
وأما مراتب الصوفية , التي وضعوها لبيان طبقات المتصوفة ومكانتهم , وقدرتهم واختيارهم على الخلق , وأعدادهم , وهم حسب كلام لسان الدين بن الخطيب:
(خواصّ الله في أرضه , ورحمة الله في بلاده على عباده: الأبدال , والأقطاب , والأوتاد , والعرفاء , والنجباء , والنقباء , وسيدهم الغوث).
ولدى الهجويري هم: (أهل الحل والعقد , وقادة حضرة الحق جل جلاله , فثلاثمائة يدعون الأخيار , وأربعون آخرون يسمون الأبدال , وسبعة آخرون يقال لهم: الأبرار , وأربعة يسمون الأوتاد , وثلاثة آخرون يقال لهم: النقباء , وواحد يسمى القطب والغوث.
وهؤلاء جميعا يعرفون أحدهم الآخر , ويحتاجون في الأمور لإذن بعضهم البعض).
ومثل ذلك ذكرهم الجرجاني في تعريفاته:
(القطب , وهو الغوث: عبارة عن الواحد الذي هو موضع نظر الله من العالم في كل زمان ومكان , وهو على قلب إسرائيل عليه السلام.
الإمامان: هما شخصان , أحدهما عن يمين الغوث ونظره في الملكوت , والآخر عن يساره , ونظره في الملك , وهو أعلى من صاحبه , وهو الذي يخلف الغوث.
الأوتاد: عبارة عن أربعة رجال منازلهم على منازل أربعة أركان من العالم: شرق وغرب وشمال وجنوب , مع كل واحد منهم مقام تلك الجهة.
البدلاء: هم سبعة , ومن سافر من القوم من موضعه وترك جسدا على صورته حتى لا يعرف أحد أنه فقد , فذلك هو البدل لا غير , وهم على قلب إبراهيم عليه السلام.
النجباء: أربعون , وهم المشغولون بحمل أثقال الخلق فلا يترفون إلا في حق الغير.
النقباء: هم الذين استخرجوا خبايا النفوس , وهم ثلاثمائة).
وهذا الترتيب مأخوذ عن ابن عربي في فتوحاته كما قال:
(والمجمع عليه من أهل الطريق أنهم على ست طبقات أمهات: أقطاب , وأئمة , وأوتاد , وأبدال , ونقباء , ونجباء).
ومثل ذلك ورد في (الوصية الكبرى) لشيخ العروسية عبد السلام الفيتوري.
وفي (جامع الأصول في الأولياء) للكمشخانوي.
وفي (طبقات السلمي) للسلمي.
ولا بأس في إيراد عبارة داود بن محمود القيصري ههنا , لما فيها من زيادة توضيح لها الأمر , فيقول:
(ولهم مراتب. الأولى مرتبة القطبية , ولا يكون فيها أبداً إلا واحد بعد واحد , ويسمى غوثا , لكونه مغيثاً للخلق في أحوالهم. ثم مرتبة الإمامين , وهما كالوزيرين للسلطان. أحدهما صاحب اليمين , وهو المتصرف بإذن القطب في عالم الملكوت والغيب , وثانيهما صاحب اليسار , وهو المتصرف في عالم الملك والشهادة. وعند إرتحال القطب إلى الآخرة , لا يقوم مقامه , منهما و إلا صاحب اليسار , لكونه أكمل في السير من صاحب اليمين: لأنه , بَعْدُ , ما نزل في السير من عالم الملكوت إلى عالم الملك , وصاحب اليسار نزل إليه , وكملت دايرته في السير والوجود. ثم مرتبة الأربعة , كالأربعة من الصحابة , رصي اله عنهم أجمعين! ثم مرتبة البدلاء السبعة , الحافظين للأقاليم السبعة. وكل منهم قطب للإقليم الخاص به. ثم مراتب الأولياء العشرة , كالعشرة المبشرة. ثم مراتب الإثني عشر , الحاكمين على البروج الإثني عشر , وما يتعلق بها ويلزمها من حوادث الأكوان. ثم العشرين والأربعين والتسعة والتسعين , مظاهر الأسماء الحسنى , إلى الثلاثمائة والستين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/315)
وهؤلاء قايمون في العالم على سبيل البدل , في كل زمان , ولا يزيد عددهم ولا ينقص إلى يوم القيامة. وغيرهم من الأولياء يزيدون وينقصون , بحسب ظهور التجلي الإلهي وخفائه. وبعدهم: مرتبة الزهاد والعبّاد والعلماء من المؤمنين , الكائنين في كل زمان إلى يوم الدين. وجميع هؤلاء المذكورين , داخلون في حكم القطب.
والأفراد الكمّل , الذين تعادل مرتبتهم مرتبة القطب إلا في الخلافة , هم الخارجون من حكمه. فإنهم يأخذون من الله , سبحانه , ما يأخذون من المعاني والأسرار الإلهية بخلاف الداخلون في حكمه , فإنهم لا يأخذون شيئا إلا منه).
وقد ذكرهم المستشرق الفرنساوي ماسينيون بقوله:
(ويزعم الصوفية أن العالم يدوم بقاؤه بفضل تدخل طبقة من الأولياء المستورين عددهم محدود , وكلما قبض منهم واحد خلفه غيره , ورجال الغيب هم: ثلاثمائة من النقباء , وأربعون من الأبدال , وسبعة أمناء , وأربعة عمد , ثم القطب , وهو الغوث).
فهذه المراتب والترتيب والأعداد لم يأخذها المتصوفة إلا من الشيعة أيضا , وخاصة من الشيعة الإسماعيلية والنصيرية كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في رسائله وفتاواه:
(وأما الأسماء الدائرة على ألسنة كثير من النساك والعامة مثل الغوث الذي يكون بمكة , والأوتاد الأربعة , والأقطاب السبعة , والأبدال الأربعين , والنجباء الثلاثمائة , فهذه الأسماء ليست موجودة في كتاب الله , ولا هي أيضا مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح ولا ضعيف محتمل , إلا لفظ الأبدال فقد روي فيهم حديث شامي منقطع الإسناد عن علي بن أبي طالب مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن فيهم – يعني أهل الشام – الأبدال أربعين رجلا , كلما مات رجل أبدله الله مكانه رجلا: ولا توجد هذه الأسماء في كلام السلف كما هي على هذه الترتيب .... وهذا من جنس دعوى الرافضة أنه لا بد في كل زمان من إمام معصوم يكون حجة الله على المكلفين لا يتم الإيمان إلا به , ثم مع هذا يقولون: أنه كان صبيا دخل السرداب من أكثر من أربعمائة وأربعين سنة , ولا يعرف له عين ولا أثر , ولا يدرك له حس ولا خبر.
وهؤلاء الذين يدعون هذه المراتب فيهم معناها للرافضة من بعض الوجود , بل هذا الترتيب والاعتداد يشبه من بعض الوجوه ترتيب الإسماعيلية والنصيرية ونحوهم في السابق والتالي والناطق والأساس والحدّ وغير ذلك من الترتيب الذي ما أنزل الله به من سلطان).
وبذلك قال ابن خلدون في هذا الخصوص , والمسائل الأخرى التي ذكرناها بأن المتصوفة أخذوها من التشيع , فيقول:
(إن هؤلاء المتأخرين من المتصوفة المتكلمين في الكشف وفيما وراء الحس توغلوا في ذلك فذهب الكثير منهم إلى الحلول والوحدة كما أشرنا إليه وملأوا الصحف من مثل الهروي في كتاب المقامات له وغيره وتبعهم ابن عربي وابن سبعين وتلميذهما ابن العفيف وابن الفارض والنجم الإسرائيلي في قصائدهم وكان سلفهم مخالطين للإسماعيلية المتأخرين من الرافضة الدائنين أيضا بالحلول و إلهية الأئمة مذهباً لم يعرف لأولهم فأشرب كل واحد من الفريقين مذهب الآخر واختلط كلامهم وتشابهت عقائدهم وظهر في كلام المتصوفة القول في القطب ومعناه رأس العارفين يزعمون أنه لا يمكن أن يساويه أحد في مقامه في المعرفة حتى يقبضه الله ثم يورث مقامه لآخر من أهل العرفان وقد أشار إلى ذلك ابن سينا في كتاب الإشارات في فضول التصوف منها فقال جل جناب الحق أن يكون شرعه لكل وارد أو يطلع عليه إلا الواحد بعد الواحد وهذا كلام لا تقوم عليه حجة عقلية ولا دليل شرعي وإنما هو من أنواع الخطابة وهو بعينه ما تقوله الرافضة ودانوا به ثم قالوا بترتيب وجود الأبدال بعد هذا القطب كما قاله الشيعة في النقباء).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/316)
هذا وقد اقر بذلك أحمد أمين المصري , فكتب: (أن الصوفية اتصلت بالتشيع اتصالاً وثيقاً , وأخذت فيما أخذت عنه فكرة المهدي , وصاغتها صياغة جديدة وسمته (قطبا) , وكونت مملكة من الأرواح على نمط مملكة الأشباح , وعلى رأس هذه المملكة الروحية القطب , وهو نظير الإمام أو المهدي في التشيع , والقطب هو الذي (يدبر الأمر في كل عصر , وهو عماد السماء , ولولاه لوقعت على الأرض) , ويلي القطب النجباء , قال ابن عربي في الفتوحات المكية: (وهم اثنا عشر نقيباً في كل زمان , لا يزيدون ولا ينقصون , على عدد بروج الفلك الاثني عشر , كل نقيب عالم بخاصية كل برج وبما أودع الله تعالى في مقامه من الأسرار والتأثيرات ... وأعلم أن الله تعالى قد جعل بأيدي هؤلاء النقباء علوم الشرائع المنزلة , ولهم استخراج خبايا النفوس وغوائلها , ومعرفة مكرهات وخداعها , وإبليس مكشوف عندهم , يعرفون منه ما لا يعرفه من نفسه , وهم من العلم بحيث إذا رأى أحدهم وطأة شخص في الأرض علم أنها وطأة سعيد أو شقيّ مثل العلماء بالآثار والقيافة).
وأما من أراد مقارنة هذه المراتب بالمراتب الإسماعيلية فليرجع إلى كتابنا (الإسماعيلية القدامى تاريخ وعقائد) الباب السابع منه (ماهية الدعوة الإسماعيلية ونظامها).
ولا بأس من إيراد عبارة عن القاضي الإسماعيلي النعمان بن محمد المغربي , ذكر فيها أصحاب المراتب العليا , فيقول:
(والحدود السفلية هم: الأسس , الأئمة , والحجج , والنقباء , والأجنحة).
ومثل ذلك ذكر الداعي الإسماعيلي حميد الدين الكرماني في كتابه راحة العقل.
وإبراهيم بن الحسين الحامدي.
فهذه هي العقيدة الشيعية الأخرى التي تسربت إلى التصوف , وتحكمت فيهم , وسنوضح معاني هذه المصطلحات مع القضايا الأخرى في جزء مستقل من هذا الكتاب إن شاء الله.
التقيَة
من أهم المبادئ الشيعية وأسسهم ومعتقداتهم الإخفاء والكتمان , وإظهار ما لا يعتقدونه في السر , وإعلان ما يبطنون خلافه , وهذا من أخطر ما يؤمن به الشيعة , ويميزهم من الطوائف المسلمة الأخرى , ويحول بينهم وبين الالتقاء بهم , لأنه لا يعلم ظاهرهم من باطنهم , وكذبهم من صدقهم , كما قال السيد محب الدين الخطيب:
(وأول موانع التجاوب الصادق بالإخلاص بيننا وبينهم ما يسمونه التقية , فإنها عقيدة دينية تبيح لهم التظاهر لنا بغير ما يبطنون , فينخدع سليم القلب منا بما يتظاهرون له به من رغبتهم في التفاهم والتقارب , وهم لا يريدون ذلك ولا يرضون به ولا يعملون له).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:
(النفاق والزندقة في الرافضة أكثر منه في سائر الطوائف , بل لا بد لكل منهم من شعبة نفاق , فإن أساس النفاق الذي بني عليه الكذب , وأن يقول الرجل بلسانه ما ليس في قلبه كما أخبر الله تعالى عن المنافقين: أنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم.
والرافضة تجعل هذا من أصول دينها وتسميه التقية , وتحكي هذا عن أئمة أهل البيت الذين برأهم الله عن ذلك حتى يحكوا ذلك عن جعفر الصادق أنه قال: التقية ديني ودين آبائي , وقد نزّه الله المؤمنين من أهل البيت وغيرهم عن ذلك , بل كانوا من أعظم الناس صدقا وتحقيقا للإيمان , وكان دينهم التقوى , لا التقية).
فهناك روايات كثيرة فوق الحصر , التي أوردها الشيعة في كتبهم لاعتناق هذه العقيدة من أئمتهم المعصومين , ونحن أوردنا العديد منها في كتابنا الشيعة والسنة , وخصصنا بابا مستقلا لبيان هذا المبدأ وأهميته عند القوم , كما عقدنا فصلا مستقلا في كتابنا الجديد (بين الشيعة وأهل السنة) لهذا الموضوع , فمن أراد التعمق والتفصيل فليرجع إليهما , ولكن نذكر هنا روايتين عن القوم:
روى الكشي عن حسين بن معاذ بن مسلم النحوي: (عن أبي عبد الله (ع) قال:
(قال لي (أبو عبد الله): بلغني أنك تقعد في الجامع , فتفتي الناس؟ قال: قلت: نعم , وقد أردت أن أسألك عن ذلك قبل أن أخرج أني أقعد في الجامع , فيجيء الرجل , فيسألني عن الشيء فإذا عرفته بالخلاف أخبرته بما يقولون ... قال (أي معاذ بن مسلم) فقال لي (أبو عبد الله): اصنع كذا , فإني اصنع كذا) ز
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/317)
ورواية أخرى رواها الكليني عن جعفر أنه قال لأصحابه معلى بن خنيس: (يا معلى , أكتم لأمرنا ولا تذعه , فإنه من كتم أمرنا ولم يذعه أعزه الله به في الدنيا , وجعله نورا بين عينيه في الآخرة , يقوده في الجنة.
يا معلىّ , من أذاع أمرنا ولم يكتمه أذله الله به في الدنيا , ونزع النور من بين عينيه في الآخرة , وجعله ظلمة تقوده إلى النار.
يا معلى , إن التقية من ديني ودين آبائي , ولا دين لمن لا تقية له).
وعلى ذلك قال صدوقهم ابن بابويه القمي:
(اعتقادنا في التقية أنها واجبة , لا يجوز رفعها إلى أن يقوم القائم , ومن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الإمامية , وخالف الله ورسوله والأئمة).
وقال مفيدهم:
(التقية كتمان الحق وستر الاعتقاد فيه , ومكاتمة المخالفين , وترك مظاهرتهم بما يعقب ضررا في الدين أو الدنيا , وفرض ذلك إذن علم بالضرورة أو قوي في الظن).
فهذا هو معتقد الشيعة ومبدؤهم الذي اشتهروا به , وعيّروا عليه , وطعنوا فيه.
ولكن المتصوفة أخذوه بكامله عنهم , وزادوا عليهم حيث اتهموا رسول الله بتهمة برّأ الله ساحته عنها بقوله: {وما هو على الغيب بضنين}.
واستندوا بحديث مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع علمهم بأنه هو القائل: (من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار).
فقالوا:
(أمر الله نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم بكتم أشياء مما لا يسعه غيره للحديث المروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: أوتيت ليلة أسري بي ثلاثة علوم , فعلم أخذ عليّ في كتمه , وعلم خيّرت في تبليغه , وعلم أمرت بتبليغه.
فالعلم الذي أمر بتبليغه هو علم الشرائع , والعلم الذي خيّر في تبليغه هو علم الحقائق , والعلم الذي أخذ عليه في كتمه هو الأسرار الإلهية ولقد أودع الله جميع ذلك في القرآن. فالذي أمر بتبليغه ظاهر. والذي خيّر في تبليغه باطن لقوله (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) وقوله (وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق) وقوله (وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه) وقوله (ونفخت فيه من روحي) فإن جميع ذلك له وجه يدلّ على الحقائق ووجه يتعلق بالشرائع , فهو كالتخير , فمن كان فهمه إلهيا فقد بلغ ذلك , ومن لم يكن فهمه ذلك الفهم وكان مما لو فوجئ بالحقائق أنكرها , فإنه ما بلغ إليه ذلك لئلا يؤدي ذلك إلى ضلالته وشقاوته. والعلم الذي أخذ عليه في كتمه فإنه مودع في القرآن بطريق التأويل لغموض الكتم , فلا يعلم ذلك إلا من أشرف على نفس العلم أولا , وبطريق الكشف الإلهي , ثم سمع القرآن بعد ذلك , فإنه يعلم المحلّ الذي أودع الله فيه شيئا من العلم المأخوذ على النبي صلى الله عليه وسلم في كتمه وإليه الإشارة بقوله تعالى (وما يعلم تأويله إلا الله) على قراءة من وقف هنا , فالذي يطلع تأويله في نفسه هو المسمى بالله فافهم).
ويقول أبو نصر السراج الطوسي:
(إن حقائق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وما خصّه الله تعالى به من العلم , لو وضعت على الجبال لذابت إلا أنه كان يظهرها لهم على مقاديرهم).
أي لم يظهر النبي صلى الله عليه وسلم جميع العلوم التي كان قد خصه الله بها – حسب زعمهم – وذلك لأجل أن الناس لم يكونوا يقدرون على حملها ومعرفتها.
وبمثل ذلك نقل الشعراني عن سيده محمد الحنفي أنه قال:
(وههنا كلام لو أبديناه لكم لخرجتم مجانين لكن نطويه عمن ليس من أهله).
وهذا عين ما ذكره الشيعة عن جعفر بن الباقر أنه قال:
(إن عندنا والله سرا من سرّ الله , وعلما من علم الله , أمرنا الله بتبليغه , فبلّغنا من الله عز وجل ما أمرنا بتبليغه , فلم نجد له موضعا ولا أهلا ولا حمالة يحتملونه).
ونسبوا إلى علي رضي الله عنه أنه قال:
(إن أمرنا صعب مستصعب لا يحمله إلا عبد امتحن الله قلبه للإيمان , ولا يعي حديثنا إلا صدور أمينة , وأحلام رزينة).
أيضا (لا يحتمله ملك مقرب , ولا نبي مرسل , ولا مؤمن أمتحن الله قلبه للإيمان).
هذا وأن الصوفية اتهموا أبا هريرة رضي الله عنه أنه قال:
(حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم جرابين من العلم: أما أحدهما فبثثته في الناس , وأما الآخر فلو بثثته لقطع مني هذا البلعوم).
كما كذبوا على عليّ بن الحسين زين العابدين أنه قال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/318)
(يا ربّ جوهر علم لو أبوح به لقيل لي: أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي يرون أقبح ما يأتونه حسنا
إني لأكتم من علمي جواهره كي لا يرى الحق ذو جهل فيفتننا).
وقال النفزي الرندي:
(في قلوب الأحرار قبور الأسرار , والسر أمانة الله تعالى عند العبد , فافشى بالتعبير عنه خيانة , والله تعالى لا يحب الخائنين , وأيضا فإن الأمور المشهودة لا يستعمل فيها إلا الإشارة والإيماء , واستعمال العبارات فيها إفصاح بها وإشهار لها , وفي ذلك ابتذالها وإذاعتها , ثم إن العبارة عنها لا تزيدها إلا غموضا وانغلاقا , لأن الأمور الذوقية يستحيل إدراك حقائقها بالعبارات النطقية , فيؤدي ذلك إلى الإنكار والقدح في علوم السادة الأخيار.
قال أبو علي الروذباري رضي الله تعالى عنه: علمنا هذا إشارة , فإذا صار عبارة خفي).
وأما لسان الدين بن الخطيب فقال:
(حملة علم النبوة هم الذين عناهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل , قالوا: وهذا العلم هو الذي لا يجوز كشفه , ولا إذاعته ولا ادعاؤه , ومن كشفه وأذاعه وجب قتله واستحل دمه وينسبون في ذلك إلى خواص النبوة وخلفائها كثيرا كقوله:
يا ربّ جوهر علم لو أبوح به لقيل لي: أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي يرون أقبح ما يأتونه حسنا) ز
وكان كبار المتصوفة يعملون بهذا المبدأ , ولم يكونوا يظهرون للناس علومهم وأفكارهم كما روى الكلاباذي عن الجنيد أنه قال للشبلي:
(نحن حبّرنا هذا العلم تحبيرا , ثم خبأناه في السراديب , فجئت أنت , فأظهرته على رؤوس الملأ.
فقال: أنا أقول وأنا أسمع , فهل في الجارين غيري).
ونقل الشعراني كذلك عن الجنيد أنه (كان يستر كلام أهل الطريق عمن ليس منهم , وكان يستتر بالفقه والإفتاء على مذهب أبي ثور , وكان إذا تكلم في علوم القوم أغلق باب داره , وجعل مفتاحه تحت وركه).
وأيضا روى عن الشاذلي أنه كان يقول:
(امتنعت عني الرؤيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم رأيته , فقلت: يا رسول الله , ماذ نبي؟ فقال: إنك لست بأهل لرؤيتنا لأنك تطلع الناس على أسرارنا).
والصوفية يكتمون آراءهم ومعتقداتهم عن غيرهم , ويوصون مريديهم في كتبهم ومؤلفاتهم التي كتبت للخاصة وخاصة الخاصة , فالصوفي الشهير عبد السلام الفيتوري يكتب في كتابه (الوصية الكبرى):
(إخواني , وسنذكر لكم كلاما في المغيبات لكن يجب الإمساك عنها إلا لأهله الذين يكتمونه , ولا ينبغي إظهاره للسفهاء الذين يلحقون به إلى الأمراء والجبابرة وأهل الدنيا).
وهناك نص مهم جدا ذكره الشعراني يقطع في هذا الموضوع فيقول:
وكان بعض العارفين يقول
(نحن قوم يحرم النظر في كتبنا على من لم يكن من أهل طريقتنا , وكذلك لا يجوز لأحد أن ينقل كلامنا إلا لمن يؤمن به , فمن نقله إلى من لا يؤمن به دخل هو والمنقول إليه جهنم الإنكار , وقد صرح بذلك أهل الله تعالى على رؤوس الأشهاد وقالوا:
من باح بالسرّ استحق القتل).
وقد ذكر الدباغ حكايات كثيرة عن الذين لم يكتموا السرّ فابتلاهم الله ببلايا عديدة , من القتل والصلب والحرق والعمى وغير ذلك.
وكان منهم الحلاج , لأنه لم يقتل إلا لإفشاء سرّه.
وكما يروون أن الخضر عبر على الحلاج وهو مصلوب , فقال له الحلاج:
(هذا جزاء أولياء الله؟
فقال له الخضر: نحن كتمنا فسلمنا , وأنت بحت فمتّ).
وكما رووا عن أبي بكر الشبلي أنه قال:
(كنت أنا والحسين بن منصور شيئا واحدا إلا أنه أظهر وكتمت).
وننقل أخيرا أن أحمد بن زروق , وابن عجيبة ذكرا عن الجنيد أنه كان يجيب عن المسألة الواحدة بجوابين مختلفين , فكان يجيب هذا بخلاف ما يجيب ذاك.
هذا عين ما رواه الشيعة على محمد الباقر كما ذكر الكليني عن زرارة بن أعين أنه قال:
(سألت أبا جعفر عن مسألة فأجابني , ثم جاءه رجل فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجابني. ثم جاء رجل آخر فأجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي , فلما خرج الرجلان قلت: يا ابن رسول الله , رجلان من أهل العراق من شيعتكم قدما يسألان فأجبت كل واحد منهما بغير ما أجبت به صاحبه؟
فقال: يا زرارة , إن هذا خير لنا وأبقى لنا ولكم , ولو اجتمعتم على أمر واحد لصدّقكم الناس علينا , ولكان أقل لبقائنا وبقائكم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/319)
قال: ثم قلت لأبي عبد الله عليه السلام: شيعتكم لو حملتموهم على الأسنة أو على النار لمضوا وهم يخرجون من عندكم مختلفين , قال: فأجابني بمثل جواب أبيه).
فهذا هو المبدأ الخطير الآخر الذي أخذه المتصوفة من الشيعة ليكونوا حزبا سرّيا يعمل في الخفاء لهدم مبادئ الإسلام وتعاليمه , ولتأسيس ديانة جديدة تعمل لتوهين القوى الإسلامية ونشاط المسلمين لنشر الكتاب والسنة , والتقاعد عن الجهاد والغزوات , وبناء المجتمع الإسلامي على أسس كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , وقد وضعناه أمام الباحثين والقراء مع المقارنة بين أفكار الآخذين والذين أخذ عنهم , معتمدين على أوثق الكتب وأثبتها وأهمها لدى الطرفين.
الظّاهِرُ وَالبَاطِنُ
وأما الفكرة الأخرى التي تسربت إلى التصوف من التشيع , واعتنقها الصوفية بتمامها هي فكرة تقسيم الشريعة إلى الظاهر والباطن , والعام والخاص.
ومنها تدرّجت وتطرقت إلى التأويل الباطني والتفسير المعنوي , وتفريق المسلمين بين العامة والخاصة , فإن الشيعة بجميع فرقها , وخاصة الإسماعيلية منهم يعتقدون أن لكل ظاهر باطنا , وقد اختص بمعرفة الباطن عليّ رضي الله عنه , وأولاده أي أئمتهم المعصومون حسب زعمهم , فسمّوا الموالين لهم بالخاصة , وغير المؤمنين بهذه الفكرة بالعامة.
فلقد قالوا:
(لا بدّ لكل محسوس من ظاهر وباطن , فظاهره ما تقع الحواسّ عليه , وباطنه يحويه ويحيط العلم به بأنه فيه , وظاهره مشتمل عليه).
وكذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(ما نزلت عليّ آية إلا ولها ظهر وبطن , ولكل حرف حدّ , ولكل حدّ مطلع).
ثم قسموا الظاهر والباطن بين النبي والوصيّ حيث قالوا:
(كانت الدعوة الظاهرة قسط الرسول صلوات الله وسلامه عليه , والدعوة الباطنة قسط وصيّه الذي فاض منه جزيل الإنعام).
ثم قالوا:
(إن الظاهر هو الشريعة , والباطن هو الحقيقة , وصاحب الشريعة هو الرسول محمد صلوات الله عليه , وصاحب الحقيقة هو الوصيّ عليّ بن أبي طالب).
هذا ولقد فصلنا القول في ذلك في كتابنا (الإسماعيلية القدامى تاريخ وعقائد) حيث بوبنا بابا مستقلا لبيان هذه العقيدة الخطرة للتلاعب بنصوص القرآن والسنة فمن أراد الإستزادة فليرجع إليه.
وأن الشيعة الآخرين كالشيعة الإثني عشرية يقولون بهذا القول كما روى كلينيهم في كافيّه عن موسى الكاظم – الإمام السابع عندهم – أنه قال:
(إن القرآن له ظهر وبطن).
وأيضا ما رواه ابن بابويه القمي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في حديث طويل أنه قال:
(إن رسول الله صلى الله عليه وآله علمني ألف باب من العلم يفتح كل باب ألف باب , ولم يعلم ذلك أحد غيري).
ويقولون: أن هذه العلوم توارثها أئمتهم بعده , فعلى ذلك يقول الكليني محدّث الشيعة في خطبه كتابه:
(فأوضح الله بأئمة الهدى من أهل بيت نبينا صلى الله عليه وآله عن دينه , وأبلج بهم عن سبيل مناهجه , وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه , وجعلهم مسالك لمعرفته , ومعالم لدينه , وحجّابا بينه وبين خلقه , والباب المؤدي إلى معرفة حقه , وأطلعهم على المكنون من غيب سره.
كلّما مضى منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماما بيّنا , وهاديا نيّرا , وإماما قيّما , يهدون بالحق وبه يعدلون).
والجدير بالذكر أن التفريق بين الشريعة والحقيقة , وبين الظاهر والباطن من خواص التشيع إلا أنه لا توجد طائفة شيعية إلا وتؤمن بذلك , وكتب الفرق والكلام شاهدة على هذا , بل أنهم لم يختلفوا فيما بينهم في تعيين الإمام إلا بناء على هذا المبدأ , حيث أنهم اختلفوا: (إلى من أفضى الإمام الراحل أسرار العلوم واطلاعه على مناهج تطبيق الآفاق على الأنفس , وتقدير التنزيل على التأويل , وتصوير الظاهر على الباطن , لأنهم كلهم مؤمنون بأن لكل ظاهر باطنا , ولكل شخص روحا , ولكل تنزيل تأويلا , ولكل مثال حقيقة في هذا العالم).
فحاصل ما قلناه أن تقسيم الشريعة والعلوم إلى الظاهر والباطن من أهم الميزات التي تتميّز بها الشيعة بفرقها عن الآخرين من المسلمين , وهم الذين تقوّلوا بها متأثرين باليهودية التي استقوا منها أفكارهم , بوساطة عبد الله بن سبا اليهودي , المؤسس الحقيقي الأول لديانتهم ومذهبهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/320)
ثم أخذ المتصوفة بدورهم أفكار الشيعة ومعتقداتهم , فآمنوا بها واعتقدوها , وجعلوها من الأصول والقواعد لعصابتهم , فقالوا مثل ما قاله الشيعة والفرق الباطنية:
(العلوم ثلاثة: ظاهر , وباطن , وباطن الباطن , كما أن الإنسان له ظاهر , وباطن , وباطن الباطن.
فعلم الشريعة ظاهر , وعلم الطريقة باطن , وعلم الحقيقة باطن الباطن).
وقال الطوسي أبو نصر السراج:
(إن العلم ظاهر وباطن ... ولا يستغني الظاهر عن الباطن , ولا الباطن عن الظاهر , وقد قال الله عز وجل: ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم: فالمستنبط هو العلم الباطن , وهو علم أهل التصوف , لأن لهم مستنبطات من القرآن والحديث وغير ذلك ... فالعلم ظاهر وباطن , والقرآن ظاهر وباطن , وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهر وباطن , والإسلام ظاهر وباطن).
وذكر المتصوفة نفس تلك الرواية التي نقلها الشيعة والإسماعيلية , وهي:
(لكل آية ظاهر وباطن , وحدّ ومطلع).
ولم يكن التشابه والتوافق مع الشيعة , والاستفادة والاقتباس منهم منحصرا في هذا فحسب , بل كان هناك تجانس وتداخل في أكثر من هذا , حيث قالوا باختصاص علي رضي الله عنه دون الآخرين بعلم الباطن , فقال قائلهم:
(إن جبريل عليه السلام نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم أولا بالشريعة , فلما تقررت ظواهر الشريعة واستقرت نزل إليه بالحقيقة المقصودة , والحكمة المرجوة من أعمال الشريعة , هي: الإيمان والإحسان , فخص رسول الله صلى الله عليه وسلم بباطن الشريعة بعض أصحابه دون البعض.
وكان أول من أظهر علم القوم وتكلم فيه سيدنا علي كرم الله وجهه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ثم انتشر هذا الطريق انتشارا لا ينقطع حتى ينقطع عمر الدنيا).
وأوردوا في كتبهم تلك الرواية الشيعية بعينها , التي نحن ذكرناها منهم عن علي رضي الله عنه أنه قال:
(علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين بابا من العلم لم يعلم ذلك أحد غيري).
وهناك روايات شيعية أخرى كثيرة أوردها المتصوفة في كتبهم ومؤلفاتهم , مؤيدين لها , مؤمنين بها , مستدلين منها , مثل هذا الحديث الموضوع: (أنا مدينة العلم وعلي بابها).
ومنها ما رووه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه كذبا عليه أنه قال: (كنا نمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم فانقطع نعله , فتناولها علي يصلحها , ثم مشى , فقال:
(يا أيها الناس , إن منكم من يقاتله علي على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله).
ومثل ذلك ذكر عبد الرحمن الصفوري في كتابه (نزهة المجالس ومنتخب النفائس).
وقال ابن الفارض في تئيته:
(وأوضح بالتأويل ما كان مشكلا عليّ بعلم ما ناله بالوصية).
وهذا تشيع محض بدون شك ولا شبهة.
وكذلك ما قاله ابن عربي في تفسيره مفسرا قول الله عز وجل: {عَمَّ يَتَسَاءلُونَ 0 عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ}.
(إنه القيامة الكبرى , ولهذا قيل: إن أمير المؤمنين علي هو النبأ العظيم , وهو فلك نوح أي الجمع والتفصيل – باعتبار الحقيقة والشريعة – لكونه جامعا لهما).
وعلى ذلك قال الهجويري:
(علي بن أبي طالب رضي الله عنه هو ابن عم المصطفى , وغريق بحر البلاء , وحريق نار الولاء , وقدرة الأولياء والأصفياء أبو الحسن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.
وله في هذه الطريقة شأن عظيم , ودرجة رفيعة. وكان له حظ تام في دقة التعبير عن أصول الحقائق إلى حدّ أن قال الجنيد رحمه الله: شيخنا في الأصول والبلاء علي المرتضى رضي الله عنه.
أي أن عليا رضي الله عنه هو إمام هذه الطريقة في العلم والمعاملة , فأهل الطريقة يطلقون على علم الطريقة اسم الأصول , ويسمون تحمل البلاء فيها بالمعاملات).
والطوسي قال نقلا عن أبي عليّ الروذباري أنه قال:
(سمعت جنيدا رحمه الله يقول: رضوان الله على أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه , لولا أنه اشتغل بالحروب لأفادنا من علمنا هذا معاني كثيرة , ذاك امرؤ أعطى علم اللدنّي , والعلم اللدنّي هو العلم الذي خص به الخضر عليه السلام , قال الله تعالى: وعلمناه من لدنّا علما).
ثم نقل عن علي رضي الله عنه أشياء وقال بعده:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/321)
(ولعلي رضي الله عنه أشباه في ذلك كثير من الأحوال والأخلاق والأفعال التي يتعلق بها أرباب القلوب وأهل الإشارات وأهل المواجيد من الصوفية).
فهذه العبارات كلها لم تكن مقتبسة منقولة من التشيع و بل إنها شيعية وصرفة.
وبعد هذا كله نريد أن نبيّن توغل الصوفية في علم الباطن وعلاقتهم به , وسبب إلتجائهم إليه , فنقول:
(إن الصوفية يقولون: إن علم الباطن المسمى بعلم القلب وبعلم التصوف , علم جليل شريف نفيس , وهو أجلّ العلوم وأشرفها , وهو الزبدة الممخوضة من الشريعة التي لم تبعث الأنبياء عليهم السلام إلا لأجلها ... وهو علم طريق الآخرة , وهو العلم الذي درج عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم , وهو العلم الذي لم يبعث الله الأنبياء إلا لأجله. وقد سماه الله تعالى في كتابه فقها وعلما وضياء ونورا وهدى ورشدا , وهو مستخرج من القرآن والسنة , ومدلول عليه منهما نصّا وتصريحا وتلويحا وكتابة وإشارة وغير ذلك من أصناف الدلالة.
قال الغزالي: علم الباطن هو علم يقين المقربين , وثمرته الفوز برضا الله تعالى , ونيل سعادة الأبد , وبه تزكية النفس وتطهيرها , وتنوير القلب وصفاؤه بحيث ينكشف بذلك النور أمور جليلة , ويشهد أحوالا عجيبة , ويعاين ما نمت عنه بصيرة).
وقالوا:
(هل ظاهر الشرع وعلم الباطن إلا كجسم فيه روح ساكن
والعلم الظاهر هو علم العبودية والعلم الباطن هو علم الربوبية).
وقالوا:
(لا تجعلوا أحدا من أهل الظاهر حجة على أهل الباطن).
وخلاصة هذا أن علم الباطن هو التصوف بعينه , وهو ما أشار الكلاباذي نقلا عن عبد الواحد بن زيد أنه قال:
(سألت الحسن عن علم الباطن فقال: سألت حذيفة بن اليمان عن علم الباطن فقال: سألت رسول الله عن علم الباطن فقال: سألت جبريل عن علم الباطن فقال: سألت الله عز وجل عن علم الباطن فقال هو سرّ من سرّي , أجعله في قلب عبدي , لا يقف عليه أحد من خلقي.
قال أبو الحسن بن أبي ذر قي كتابه منهاج الدين أنشدونا للشلبي:
علم التصوف لا نفاذ له علم سنيّ سماويّ ربوبيّ
فيه الفوائد للأرباب يعرفها أهل الجزالة والصنع الخصوصي).
وبالغوا في مدحه حتى قالوا:
(سئل بعض العلماء عن علم الباطن: أي شيء هو؟
فقال: سرّ من سرّ الله تعالى يقذفه في قلوب عباده لم يطلع عليه ملكا ولا بشرا).
و (علم الباطن سر من أسرار الله).
وكذب الآخر على رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث نسب هذا الكلام إليه صلوات الله وسلامه عليه فقال:
(علم الباطن سر من أسرار الله تعالى وحكمة من حكمته يقذفه في قلوب من يشاء من عباده).
ولقد بين داود القيصري من هم أصحاب العلم الباطن , وما هي قيمتهم ومنزلتهم مقابل أصحاب الظاهر , شارحا مبيّنا الحديث الموضوع الذي ذكرنا فيما سبق , فيقول:
(ولما كان للكتاب ظهر وبطن وحد ومطلع , كما قال عليه السلام: (إن للقرآن ظهراً وبطناً وحداً ومطلعاً) , وقال عليه السلام: (إن للقرآن بطناً ولبطنه بطناًً , إلى سبعة أبطن) وفي رواية (إلى سبعين بطناً) , وظهره: ما يفهم من ألفاظه ويسبق الذهن إليه. وبطنه: المفهومات اللازمة للنظر الأول. وحدّه: ما إليه ينتهي غاية إدراك الفهوم والعقول , ومطلعه: ما يدرك منه على سبيل الكشف والشهود , من الأسرار الإلهية والإشارات الربانية. والمفهوم الأول , الذي هو الظهر , للعوام والخواص. والمفهومات اللازمة له (هي) للخواص ولا مدخل فيها للعوام. والحدّ للكاملين. والمطلع لخلاصة أخص الخواص كأكابر الأولياء. وكذلك التقسيم في الأحاديث القدسية والكلمات النبوية: فإن لكل من العوام والخواص وأخص الخواص فيها إنباءات رحمانية وإشارات إلهية – من اجل هذا كله – كان للشريعة ظاهر وباطن.
(ومراتب العلماء أيضا فيهما متكثرة. ففيهم فاضل ومفضول , وعالم وأعلم , والذي نسبته إلى نبيه أتم وقربه من روحه أقوى , كان علمه بظاهر شريعته وباطنها أكمل. والعالم بالظاهر والباطن منه أحق أن يتبع , لغاية قربه من نبيه , وقوة علمه بربه , وأحكامه , وكشفه حقائق الأشياء , وشهوده إياها. ثم من هو دونه في المرتبة إلى أن ينزل إلى مرتبة علماء الظاهر فقط).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/322)
و (هو العلم المخزون والعلم اللدني الذي اختزنه عنده , فلم يؤته إلا للمخصوصين من الأولياء كما قال الله تعالى في شأن الخضر عليه السلام: وعلّمناه من لدنا علما ... وقال بعضهم: هي أسرار الله تعالى يبديها الله إلى أنبيائه وأوليائه وسادات النبلاء من غير سماع ولا دراسة , وهي من الأسرار التي لم يطلع عليها أحد إلا الخواص.
وقال أبو بكر الواسطي رضي الله عنه في قوله تعالى: والراسخون في العلم: وهو الذين رسخوا بأرواحهم في غيب الغيب , وفي سر السر , فعرفهم ما عرفهم , وخاضوا في بحر العلم بالفهم لطلب الزيادة , فانكشف لهم من مذخور الخزائن والمخزون تحت كل حرف وآية من الفهم وعجائب النظر بحارا , فاستخرجوا الدرر والجوهر , ونطقوا بالحكمة).
وقالوا:
(أهل الظاهر هم: أهل الخبر واللسان , وعلماء الباطن هم: أرباب القلوب والعيان ... وعلم الظاهر حكم , وعلم الباطن حاكم , والحكم موقوف حتى يأتي الحاكم بحكم فيه).
و (أهل الظاهر هم أهل الشريعة , وأهل الباطن هم أهل الحقيقة).
وأما سبب التجاء المتصوفة إلى علم الباطن , ومنه إلى التأويل هو أن الصوفية لم يجدوا في القرآن والسنة ما يمكن أن يكون سندا لهم على منهجهم ومسلكهم , ودليلا على طرقهم التي اختاروها , والمناهج التي اخترعوها للوصول إلى الله , والحصول على معرفته ورضائه , فالتجأوا إلى علم الباطن والتأويل الباطني كما قال نيكلسون:
(لا يمكن أن يكون القرآن أساسا لأي مذهب صوفي , ومع ذلك استطاع الصوفية متبعين في ذلك الشيعة أن يبرهنوا بطريقة التأويل نصوص الكتاب والسنة معنى باطنا لا يكشفه الله إلا للخاصة من عباده الذين تشرق هذه المعاني في قلوبهم في أوقات جدهم. ومن هنا نستطيع أن نتصور كيف سهل على الصوفية بعد سلموا بهذا المبدأ أن يجدوا دليلا من القرآن لكل قول من أقوالهم ونظرية من نظرياتهم أيا كانت , وأن يقولوا إن التصوف ليس في الحقيقة إلا العلم الباطن الذي ورثه علي بن أبي طالب عن النبي. ويلزم من هذا المبدأ أيضا (مبدأ التأويل) أن تأويل الصوفية لتعاليم الإسلام قد يأتي على أنحاء وأشكال لا حصر لعددها , وربما أدى إلى تناقض في العبادات والمسائل العلمية. وكل ذلك مفروض صدقه في النوع لا في الدرجة , لأن معاني القرآن لا حصر لها , وهي تنكشف لكل صوفي بحسب ما منحه الله من الإستعداد الروحي. ولهذا لم تتألف من الصوفية فرقة خاصة , ولا كان لهم مذهب محدود يصح أن نسميه مذهب التصوف. بل إن التعريفات العديدة التي وضعت للفظ التصوف نفسه لتدل على تعدد وجوه النظر في فهم معناه.
كذلك الحال في موقف الصوفية من الشريعة , فإن هذا الموقف يختلف بحسب حال كل صوفي. ولذلك تجد بعضهم قد قام بشعائر الدين بكل دقة بالرغم من أنهم كانوا يعتبرون أن صور العبادات ليس لها من القيمة ما لأعمال القلوب , أو أنها لا قيمة لها البتة إلا من حيث دلالتها على الحقائق الروحية. فالحج مثلا رمز للبعد عن المعاصي , والإحرام خلع الشهوات والملذات مع خلع الثياب. وهذا الأسلوب من البحث أسلوب معروف عند الإسماعيلية الباطنية , والظاهر أن الصوفية أخذوه عنهم.
وآخرون منهم قالوا برفع التكاليف الدينية سواء أكانوا من الصوفية الذين تحرروا من القيود الشرعية في تفكيرهم وأعمالهم , أم من الصوفية الصادقين في تصوفهم كالملامتية الذين دفعهم الخوف من مدح الناس إلى الظهور فيهم بما يستجلب الملامة والذم , أم من (العارفين) الذين لم يأبهوا بمظاهر الشرع ورسومه ولا بأخلاق هذا العالم الزائل .... وقد سبق أن ذكرنا أن الصوفية اعتبروا أنفسهم خاصة أهل الله الذين منحهم الله أسرار العلم الباطن المودع في القرآن والحديث , وأنهم استعملوا في التعبير عن هذا العلم لغة الرمز والإشارات التي لا يقوى على فهمها غيرهم من المسلمين).
وسبب آخر أنهم تقوّلوا بكلمات كلها كفر وإلحاد , ونقل عن الباطنية والتشيع والفرق الباطلة الأخرى , فلما سمع العلماء هذه المقولات كفروهم بها , ورموهم بالإلحاد والزندقة فلم يسعهم آنذاك إلا القول بالظاهر والباطن , والهروب إلى التأويل , وفي كتب التصوف أمثلة كثيرة مبعثرة في ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/323)
فمثلا الطوسي يذكر متصوفة كثيرين رموا بالزندقة والإلحاد , ولكنه يبرّء ساحتهم من هذه التهم بهذه المقولة , فمثلا يقول عن عبد الله الحسين بن مكي الصبيحي أنه (تكلم بشيء من علم الأسماء والصفات وعلم الحروف فكفره أبو عبد الله الزبيري , وهيّج عليه العامة , فقال: إن سهل بن عبد الله قال له: نحن فتحنا للناس جراب الهلتيت فلم يصبروا علينا , فلم كلمتهم أنت بما لا يعرفون , فكان ذلك سبب خروجه من البصرة , ثم قال: وكان إذا تكلم بعلوم المعارف يدهش العالم).
ومثل ذلك ذكر أبا سعيد أحمد بن عيسى الخراز فقال:
(أنكر عليه جماعة من العلماء , ونسبوه إلى الكفر بألفاظ وجدوها في كتاب صنّفه وهو: كتاب السرّ , فلم يفهموا معناه , وهو قوله: عبد رجع إلى الله , وتعلق بالذكر , وذكر في قرب الله وطالع ما أذن له من التعظيم لله , ونسي نفسه وما سوى الله , فلو قلت له: من أين أنت وأين تريد؟ لم يكن جواب غير قول (الله)).
هذا , وذكر الآخرين كذلك , وقبل ذلك عللّ سبب تكفير العلماء إياهم بقوله:
(فمنهم قوم لم يفهموا معاني ما أشاروا إليه في كلامهم من غامض العلم وجليل الخطب , ولم يكن لهم زاجر من العقل ولا واعظ من الدين أن يستبحثوا عن المعاني التي أشكلت عليهم ويسألوا ذلك عن أهلها , وقاسوا من ذلك بما علموا من العلوم المبثوثة بين عوام الناس حتى هلكوا).
والأمثلة في هذا الباب كثيرة لا تعدّ ولا تحصى.
وأخيرا يحسن بنا أن نورد بعض الأمثلة للتأويلات الصوفية في القرآن والحديث النبوي الشريف لتمام الفائدة وإكمال البحث.
فيذكر ابن عطاء الله الإسكندري في لطائفه نقلا عن بعض مشائخه أنه فسّر الآية {يهب لمن يشاء إناثا} الحسنات {ويهب لمن يشاء الذكور} العلوم , {ويجعل من يشاء عقيما} لا علم ولا حسنة , كما مضى أيضا من قول الله عز وجل: {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}.
فقال الشيخ: بقرة كل إنسان نفسه , والله يأمرك بذبحها , وكما سيأتي إن شاء الله في تفسير الأحاديث , فذلك ليس إحالة للظاهر عن ظاهره , ولكن ظاهر الآية مفهوم منه ما جلبت له الآية , ودلت عليه في عرف اللسان , وثمّ أفهام باطنة تفهم عند الآية والحديث , لمن فتح الله على قلبه).
وقال الجيلي مفسرا قول الله عز وجل: {هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا} يقول في تفسيره:
(اتفقت العلماء على أن (هل) في هذا الموضوع بمعنى قد: يعني قد أتى الإنسان حين من الدهر , والهر هو الله , والحين تجل من تجلياته (لم يكن شيئا) يعني أن الإنسان لم يكن شيئا (مذكورا) , ولا وجود له في ذلك التجلي , لا من حيث الوجود العيني ولا من حيث العملي , لأنه لم يكن شيئا مذكورا , فلم يكن معلوما , وهذا التجلي هو أزل الحق الذي لنفسه).
ثم يؤوّل الجيلي الصوم والصلاة والزكاة والحج تأويلا باطنيا محضا , كالإسماعيلية تماما , فيقول:
(وأما الصلاة فإنها عبارة عن واحدية الحق تعالى , وإقامتها إشارة إلى إقامة ناموس الواحدية بالاتصاف بسائر الأسماء والصفات , فالطهر عبارة عن الطهارة من النقائص الكونية ... وقراءة الفاتحة إشارة إلى وجود كماله في الإنسان لأن الإنسان هو فاتحة الوجود ....
وأما الزكاة فعبارة عن التزكي بإيثار الحق على الخلق ... وأما كونه واحدا في كل أربعين في العين فلأن الوجود له أربعون مرتبة , والمطلوب المرتبة الإلهية , فهي المرتبة العليا , وهي واحدة من أربعين ...
وأما الصوم فإشارة إلى الامتناع عن استعمال المقتضيات البشرية ليتصف بصفات الصمدية , فعلى قدر ما يمتنع: أي يصوم عن مقتضيات البشرية تظهر آثار الحق فيه ...
وأما الحج فإشارة إلى استمرار القصد في طلب الله تعالى , والإحرام إشارة إلى ترك شهود المخلوقات ... ثم ترك حلق الرأس إشارة إلى ترك الرياسة البشرية ... ثم مكة عبارة عن المرتبة الإلهية , ثم الكعبة عبارة عن الذات , ثم الحجر الأسود عبارة عن اللطيفة الإنسانية .... ) ز
وبمثل ذلك ذكر الكلاباذي عن بعض مشائخه أنه قال:
(معنى الصلاة: التجريد عن العلائق , والتفريد بالحقائق , والعلائق ما سوى الله , والحقائق ما لله ومن الله.
وقال آخر: الصلاة وصل.
قال: سمعت فارسا يقول: معنى الصوم: الغيبة عن رؤية الخلق برؤية الحق عز وجل).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/324)
والسهروردي المقتول يفسر قول الله عز وجل:
({يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية}: أي ليست عقلية محضة , ولا غربية: أي ليست هيولانية محضة , وهي بعينها شجرة موسى التي سمع منها النداء , في البقعة المباركة من الشجرة , وقوله: ولو لم تمسسه نار: هذه النار هو الأب المقدس – روح القدس – وهو النار التي جاءت في قوله: {أنْ بورك من في النار} أي المتصلين بها).
وقال أيضا:
(ألأم تر أن موسى لما طلب الرؤية , قيل له: {ولكن انظر إلى الجبل فإنْ استقر مكانه فسوف تراني}: لأن هذا الجبل حائل دائم التحرك , شاغل للنفس. فلما تعدى السانح القدسيّ إلى معدن التخيل , قهره. كما قال الله تعالى: {فلما تجلّى ربه للجبل جعله دكا وخرّ موسى صعقا): انقطع سلطان البشرية بظهور نور الحقيقة , فاصطلمت النفس , وفنيت عن مشاهدة الكثرة بنور القيومية).
وأما ابن عربي الذي قال فيه الدكتور أبو العلاء العفيفي محللاً أسلوبه التأويلي والتفسيري:
(إنه يحول القرآن بمنهجه الخطير في التأويل إلى قرآن جديد).
وينقل الشيخ رشيد رضا المصري , عن شيخه محمد عبده رأيه في تفسيره بقوله: (وفيه من النزعات ما يتبرء منه دين الله وكتابه العزيز).
يقول ابن عربي هذا في تفسير قول الله عز وجل:
{الم}: أشار بهذه الحروف إلى كل الوجود حيث هو كل , لأن (أ) إشارة إلى ذات الله الذي هو أول الوجود ... و (ل) إلى العقل الفعال المسمى جبريل , وهو أوسط الوجود الذي يستفيض من المبدأ , ويفيض إلى المنتهى. و (م) إلى محمد الذي هو آخر الوجود تتمّ به دائرته , وتتصل بأولها , ولهذا ختم).
ويقول السلمي الذي قال فيه الذهبي:
(أتى السلمي في حقائقه بمصائب وتأويلات باطنية نسأل الله العافية).
يقول في تفسير آلم:
(الألف ألف الوحدانية , واللام لام اللطف , والميم ميم الملك , معناه من وجدنا على الحقيقة بإسقاط العلائق والأغراض تلطف له في معناه فأخرجته من رقّ العبودية إلى الملك الأعلى).
وأما القشيري ففسر آلم:
(فالألف من اسم (الله) , واللام يدل على (اللطيف) , والميم يدل على اسمه (المجيد) و (الملك).
وقيل أقسم الله بهذه الحروف لشرفها لأنها بسائط أسمائه وخطابه.
وقيل إنها أسماء السور.
وقيل الألف تدل على اسم (الله) واللام تدل على اسم (جبريل) والميم تدل على اسم (محمد) صلى الله عليه وسلم , فهذا الكتاب نزل من الله على لسان جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم.
والألف من بين سائر الحروف انفردت عن أشكالها بأنها لا تتصل بحرف في الخط وسائر الحروف يتصل بها إلا حروف يسيرة , فيتنبه العبد عند تأمل هذه الصفة إلى احتياج الخلق بجملتهم إليه , واستغنائه عن الجميع.
ويقال يتذكر العبد المخلص من حال’ الألف تقدس الحق سبحانه وتعالى عن التخصص بالمكان , فإن سائر الحروف لها محل من الحلق أو الشفة أو اللسان إلى غيره من المدارج غير الألف فإنها هويته , لا تضاف إلى محل.
ويقال الإشارة منها إلى انفراد العبد لله سبحانه وتعالى فيكون كالألف لا يتصل بحرف , ولا يزول عن حالة الاستقامة والانتصاب بين يديه.
ويقال بطالب العبد في سره عند مخاطبتة بالألف بانفراد القلب إلى الله تعالى , وعند مخاطبته باللام بلين جانبه في (مراعاة) حقه , وعند سماع الميم بموافقة أمره فيما يكلفه.
ويقال اختص كل حرف بصيغة مخصوصة وانفردت الألف باستواء القامة , والتميز عن الاتصال بشيء من أضرابها من الحروف , فجعل لها صدر الكتاب إشارة إلى أن من تجرد عن الاتصال بالأمثال والأشغال حظي بالرتبة العليا , وفاز بالدرجة القصوى , وصلح للتخاطب بالحروف المنفردة التي هي غير مركبة , على سنة الأحباب في ستر الحال , وإخفاء الأمر الأجنبي من القصة – قال شاعرهم:
قلت لها قفي لنا قالت قاف لا تحسبي أنا نسينا لا يخاف
ولم يقل وقفت ستراً على الرقيب ولم يقل لا أقف مراعاة لقلب الحبيب بل (قالت قاف)).
ويكتب الجيلي تحت قول الله عز وجل: {آلم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين , الذين يؤمنون بالغيب}:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/325)
(أشار بذلك إلى حقيقة ألف لام ميم , وذلك من طريق الإجمال إشارة إلى الذات والأسماء والصفات (ذلك الكتاب) والكتاب الإنسان الكامل (فألف لام ميم بما أشار إليه هو حقيقة الإنسان (لا ريب فيه هدى للمتقين) الذين هم وقاية عن الحق , والحق وقاية عنهم , فإن دعوت الحق فقد كنيت به عنهم , وإن دعوتهم فقد كنيت بهم عنه (الذين يؤمنون بالغيب) الغيب هو الله لأنه غيبهم آمنوا به أنه هويتهم وأنهم عينه (ويقيمون الصلاة) يعني يقيمون بناموس المرتبة الإلهية في وجودهم بالاتصاف بحقيقة الأسماء والصفات (ومما رزقناهم ينفقون) يعني يتصرفون في الوجود من ثمرة ما أنتجته هذه الأحدية الإلهية في ذواتهم).
ونقل عبد الحليم محمود عن أبي الحسن الشاذلي تفسير قول الله عز وجل على لسان موسى عليه السلام:
((هي عصاي) معرفتي بك , أعتمد عليها.
(أهش بها على غنمي) أولادي في التربية.
(ولي فيها مآرب أخرى) من باب لي وقت مع ربّي لا تسعني فيه أرض ولا سماء).
وفسر ابن عجيبة الآية القرآنية:
((رب أدخلني) في الأشياء حقوقا كانت أو حظوظا (مدخل صدق) أي إدخال صدق , بأن يكون ذلك الإدخال بك , معتمدا فيه على حولك وقوتك , متبرئا من حولي وقوتي ومن شهود نفسي.
(وأخرجني) منها (مخرج صدق) أي إخراج صدق , بأن أكون مأذونا فيه بإذن خاص , مصحوبا بالخشية وسر الإخلاص , وهذا معنى قوله [ليكون نظري إلى حولك وقوتك إذا أدخلتني] في الأشياء [وإنقيادي إليك إذا أخرجتني] منها.
(وأجعل لي من لدنك) أي من مستبطن أمورك بلا واسطة ولا سبب (سلطانا) أي برهانا قويا , وليس ذلك إلا وارد قويّ من حضرة قهار لا يصادمه شيء ألا دمغه , فيحق الحق ويزهق الباطل , ويكون ذلك السلطان ينصرني ولا ينصر عليّ , أي ينصرني على الغيبة عن الحس وعن شهود السوى حتى نبعد عنهما برؤية مولاهما ولا ينصر على الوهم والحس وشهود الغيرية.
ثم بين ذلك فقال: [ينصرني على شهود نفسي] أي يقويني على الغيبة عنها فإذا انتصرت على شهودها انهزم عني وذهب شهودها وبقي شهود ربها , فالنصرة على الشيء هو غلبته حتى يضمحل وينقطع وكأن شهود النفس عدو يحاربك ويقطعك عن شهود ربك , فإذا نصرك الله عليه ودفعته عنك , فتتصل حينئذ بشهود محبوبك , وإذا فني شهود النفس فني حينئذ وجود الحس , وهو معنى قوله [ويفنيني عن دائرة حسي] فإذا فنيت دائرة الحس بقي متسع المعاني وقضاء الشهود , وهذه هي الولادة الثانية , فإن الإنسان بعد أن خرج من بطن أمه وهي الولادة الأولى بقي مسجونا بمحيطاته , محصورا في هيكل ذاته , قد التقمه الهوى , وصار في بطن الحس والوهم. وسجن الأكوان المحيطة بجسمانيته , فإذا فنيت دائرة حسه وخرج من بطن عوائده وشهوات نفسه , نقبت روحه الكون بأسره , وخرجت إلى شهود مكونها فقد ولد مرة ثانية , وهذه الولادة لا يعقبها فناء ولا موت).
وقال الشعراني ناقلا عن سيده علي الخواص في تفسيره قول الله عز وجل:
((إن الذين قالوا ربنا الله) كمّل الأنبياء (ثم استقاموا) محمد صلى الله عليه وسلم (تتنزل عليهم الملائكة) عامة النبيين (أن لا تخافوا ولا تحزنوا) كمّل العارفين (وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون) جميع المؤمنين فقد بيّنت هذه الآية مراتب الكمّل , كما بيّنت التي تليها صفاتهم وأحوالهم. وهذه الآية من الجوامع.
قال: ولولا خوف الهتك لأستار الكمّل لأظهرنا لك من هذه الآية عجبا).
والتأويلات كهذه لا عدّ لها ولا حصر , والقوم أشبعوا الكلام في علم الباطن والتأويل الباطني , وملؤا كتبهم به , وهذه الفكرة لم تتدرج إليهم إلا من التشيع والشيعة , كالأفكار الأخرى.
والشيعة بدورهم أخذوها من اليهودية. وهكذا أدخل الصوفية أنفسهم في الفرق الباطنية لأن الإسماعيلية والنصيرية والدروز وغيرها من الفرق الباطنية لم يسمّوا بالباطنية إلا لقولهم: إن لكل ظاهر باطنا , حسب اعتراف الشعراني نفسه , حيث يقول:
(الإسماعيلية: وهم قوم يسمون بالباطنية لكونهم يقولون: لكل ظاهر باطن).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/326)
وأما تسمية المتصوفة العلماء والفقهاء والمسلمين الآخرين الذين لا يؤمنون بباطنيتهم , بأهل الظاهر , , والعامة , , وأهل الرسوم , والنكير عليهم فمنتشر في كتبهم , كما يقول ابن عربي: (ما خلق الله أشق ولا أشد من علماء الرسوم على أهل الله المختصين بخدمته , العارفين به من طريق الوهب الإلهي , الذين منحهم أسراره في خلقه , وفهم معاني كتابه وإشارات خطابه , فهم لهذه الطائفة مثل الفراعنة للرسل عليهم السلام).
وقال لسان الدين بن الخطيب:
(إن كل الخلق قعدوا على الرسوم , وقعدت الصوفية على الحقائق).
أي أن الصوفية هم أهل الحقائق , وسائر الناس أهل الرسوم.
ويقول الكمشخانوي: (الذين اقتصروا على الشريعة فهم العامة).
والترمذي الملقب بالحكيم يقول في كتابه (ختم الأولياء):
(أكثر الشريعة جاءت على فهم العامة).
نَسْخ الشّريعَةِ وَرَفع التّكَالِيف
ومن العقائد الشيعية الباطنية المعروفة: نسخ الشريعة , ورفع التكاليف.
أما نسخ شريعة محمد صلوات الله وسلامه عليه فيؤمن به جميع فرق الباطنية ولو أنهم يتظاهرون بإنكاره كما ذكر الغزالي.
وكما ورد في أدعية الأيام السبعة للإمام الإسماعيلي المعز لدين الله.
وكما قال أبو يعقوب السجستاني:
(أما القائم عليه السلام فإنه يرفع الشرائع).
وأيضا في الكتب النصيرية والدرزية وغيرها من الفرق الباطنية الأخرى.
وأما رفع التكاليف فيقول الداعي الإسماعيلي طاهر بن إبراهيم الحارثي اليماني:
(حجج الليل هم أهل الباطن المحض , المرفوع عنهم في أدوار الستر التكاليف الظاهرة لعلو درجاتهم).
وبمثل ذلك نقلوا عن جعفر بن محمد الباقر أنه قال:
(من عرف الباطن فقد سقط عنه عمل الظاهر .... ورفعت عنه الأغلال والأصفاد وإقامة الظاهر).
ويشاركهم في ذلك فرق الشيعة الأخرى , مثل المعمرية من الخطابية والجناحية والمنصورية وغيرها من الفرق الشيعية الأخرى.
مؤولين قول الله عز وجل: {يريد الله أن يخفف عنكم} , وقوله جل وعلا: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ}.
سالكين في ذلك منهج التأويل الباطني الخبيث , فتركوا الواجبات , وأباحوا المحرمات , وأتوا المنكرات.
والشيعة الأثنا عشرية أيضا , كاذبين على أئمتهم , ومتهمين إياهم بمقولات هم منها براء. كما روى الكليني في كافيّه عن جعفر بن محمد الباقر أنه قال لشيعته:
(إن الرجل منكم لتملأ صحيفته من غير عمل).
بل (كان مع النبيين في درجتهم يوم القيامة).
وذكر ابن بابويه القمي أن علي بن موسى الرضا – الإمام الثامن المعصوم عند الشيعة – قال:
(رفع القلم عن شيعتنا , فقلت: يا سيدي , كيف ذاك؟
قال: لأنهم أخذ عليهم العهد بالتقية في دولة الباطل , يأمن الناس ويخوّفون , ويكفرون فينا ولا نكفر فيهم , ويقتلون بنا ولا نقتل بهم , ما من أحد من شيعتنا ارتكب ذنبا أو خطأ إلا ناله في ذلك غمّ يمحص عنه ذنوبه , ولو أتى بذنوب عدد القطر والمطر , وبعدد الحصى والرمل , وبعدد الشوك والشجر).
ويذكر مفسر شيعي آخر وهو علي بن إبراهيم القمي , عن جعفر أنه قال:
(إذا كان يوم القيامة يدعى بعليّ أمير المؤمنين عليه السلام ... ثم يدعى بالأئمة ... ثم يدعى بالشيعة , فيقومون أمامهم , ثم يدعى بفاطمة ونسائها من ذريتها وشيعتها , فيدخلون الجنة بغير حساب).
ومن أراد الإستزادة فليرجع إلى كتابنا الشيعة وأهل البيت.
وكذلك الشيعة والسنة.
وأما المتصوفة فيقولون بكل هذا , سالكين مسلك هؤلاء الضالة النحرفين:
(وفي النساك قوم يزعمون أن العبادة تبلغ بهم إلى درجة تزول فيها عنهم العبادات , وتكون الأشياء المحظورات على غيرهم من الزنا وغيره مباحات لهم).
وقالوا:
(إذا وصلت إلى مقام اليقين سقطت عنك العبادة , مؤولين قول الله عز وجل: وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين).
ولقد أقر صوفي قديم بوجود هؤلاء المتصوفة ومن هم على منوالهم – وما أكثرهم – فقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/327)
(وأرتحل عن القلوب حرمة الشريعة , فعدّوا قلة المبالاة بالدين أوثق ذريعة , ورفضوا التمييز بين الحلال والحرام , ودانوا بترك الاحترام , وطرح الاحتشام , واستخفوا بأداء العبادات , واستهانوا بالصوم والصلاة , وركضوا في ميدان الغفلات , وركنوا إلى إتباع الشهوات , وقلة المبالاة بتعاطي المحظورات , والإرتفاق بما يأخذونه من السوقة والنسوان وأصحاب السلطان.
ثم لم يرضوا بما تعاطوه من سوء هذه الأفعال , حتى أشاروا إلى أعلى الحقائق و الأحوال , وادعوا أنهم تحرروا من رقّ الأغلال , وتحققوا بحقائق الوصال , وانهم تجري عليهم أحكامه وهم محو , وليس لله عليهم فيما يؤثرونه أو يذرونه عتب ولا لوم , وأنهم كوشفوا بأسرار الأحدية , واختطفوا عنهم بالكلية , وزالت عنهم أحكام البشرية , وبقوا بعد فنائهم عنهم بأنوار الصمدية , والقائل عنهم غيرهم إذا نطقوا , والنائب عنهم سواهم فيما تصرفوا , بل صرفوا.
ولما طال الابتلاء فيما نحن فيه من الزمان بما لوّحت ببعضه من هذه القصة , وكنت لا أبسط إلى هذه الغاية لسان الإنكار , غيرة على هذه الطريقة أن يذكر أهلها بسوء أو يجد مخالف لثلبهم مساغا , إذ البلوى في هذه الديار بالمخالفين لهذه الطريقة والمنكرين عليها شديدة).
كما أقرّ بإباحتهم للمحظورات , الطوسي في كتابه:
(زعمت الفرقة الضالة , في الحظر والإباحة , أن الأشياء في الأصل مباحة , وإنما وقع الحظر للتعدي , فإذا لم يقع التعدّي تكون الأشياء على أصلها من الإباحة , وتأولوا قول الله عز وجل: {فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا0 عِنَبًا وَقَضْبًا0 زَيْتُونًا وَنَخْلًا 0حَدَائِقَ غُلْبًا0 وَفَاكِهَةً وَأَبًّا 0 مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ}.
فقالوا: هذا على الجملة غير مفصل , فأدّاهم ذلك بجهلهم , إلى أن طمعت نفوسهم بأن المحظور الممنوع منه المسلمون: مباح لهم , إذا لم يتعدّوا في تناوله.
وإنما غلطوا في ذلك بدقيقة خفيت عليهم , من جهلهم بالأصول , وقلة حظهم من علم الشريعة , ومتابعتهم شهوات النفس في ذلك ... فظنت هذه الطائفة الضالة بالإباحة , لأن ذلك كان منهم على حال , جاز لهم ترك الحدود , أو أن يجاوزوا حد متابعة الأمر والنهي , فوقعوا من جهلهم في التيه , وتاهوا , وطلبوا ما مالت إليه نفوسهم: من اتباع الشهوات , وتناول المحظورات , تأويلا , وحيلا , وكذبا , وتمويها).
وذكرهم السهروردي بقوله:
(فقوم من المفتونين سمّوا أنفسهم ملامتية , ولبسوا لبسة الصوفية , لينتسبوا بها إلى الصوفية , وما هم من الصوفية بشيء , بل هم في غرور وغلط , يتسترون بلبسة الصوفية توقيتا تارة , ودعوى أخرى , وينتهجون مناهج أهل الإباحة , ويزعمون أن ضمائرهم خلصت إلى الله تعالى , ويقولون: هذا هو الظفر بالمراد , والإرتسام بمراسم الشريعة رتبة العوام , والقاصرين الأفهام المنحصرين في مضيق الاقتداء تقليدا , وهذا هو عين الإلحاد والزندقة والإبعاد , فكل حقيقة ردّتها الشريعة فهي زندقة , وجهل هؤلاء المغرورون أن الشريعة حق العبودية , والحقيقة هي حقيقة العبودية , ومن صار من أهل الحقيقة تقيد بحقوق العبودية وصار مطالبا بأمور وزيادات لا يطالب بها من لم يصل إلى ذلك , لا أنه يخلع عن عنقه ربقة التكليف , ويخامر باطنه الزيغ والتحريف .... ومن جملة أولئك قوم يقولون بالحلول ويزعمون أن الله تعالى يحل فيهم ويحل في أجسام يصطفيها , ويسبق لأفهامهم معنى من قول النصارى في اللاهوت والناسوت.
ومنهم من يستبيح النظر إلى المستحسنات إشارة إلى هذا الوهم).
وهؤلاء الذين ذكرهم ابن الجوزي بقوله:
(أعلم أن أكثر الصوفية المتصوفة قد سدوا على أنفسهم باب النظر إلى النساء الأجانب لبعدهم عن مصاحبتهن وامتناعهم عن مخالطتهن , واشتغلوا بالتعبد عن النكاح , واتفقت صحبة الأحداث لهم على وجه الإرادة وقصد الزهادة , فأمالهم إبليس إليهم , واعلم أن المتصوفة في صحبة الأحداث على سبعة أقسام:
القسم الأول: أخبث القوم وهم أناس تشبهوا بالصوفية ويقولون بالحلول.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/328)
أخبرنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان , نا أبو علي الحسين بن محمد بن الفضل الكرماني , نا سهل بن علي الخشاب , نا أبو نصر عبد الله بن السراج , قال: بلغني أن جماعة من الحلولية زعموا أن الحق تعالى اصطفى أجساما حل فيها بمعاني الربوبية. ومنهم من قال: هو حال في المستحسنات. وذكر أبو عبد الله بن حامد من أصحابنا أن طائفة من الصوفية قالوا: أنهم يرون الله عز وجل في الدنيا , وأجازوا أن يكون في صفة الآدمي ولم يأبوا كونه حالا في الصورة الحسنة حتى استشهدوه في رؤيتهم الغلام الأسود.
القسم الثاني: قوم يتشبهون بالصوفية في ملبسهم ويقصدون الفسق.
القسم الثالث: قوم يستبيحون النظر إلى المستحسن. وقد صنف أبو عبد الرحمن السلمي كتابا سماه (سنن الصوفية) فقال في أواخر الكتاب: باب في جوامع رخصهم , فذكر فيه الرقص والغناء والنظر إلى الوجه الحسن.
وذكر فيه ما روى عن النبي عليه السلام أنه قال: أطلبوا الخير عند حسان الوجوه. وأنه قال: ثلاثة تجلو البصر: النظر إلى خضرة , والنظر إلى ماء , والنظر إلى الوجه الحسن).
ثم حكى حكايات كثيرة عن هؤلاء المتصوفة , تدل على فسقهم وفجورهم.
ومما ذكرها أن صبيا أمرد حكى له , قال: قال لي الصوفي وهو يجيبني: يا بنيّ , لله فيك إقبال وإلتفات , حيث جعل حاجتي إليك.
وحكى أن جماعة من الصوفية دخلوا على أحمد الغزالي وعنده أمرد , وهو خال به وبينهما ورد , وهو ينظر إلى الورد تارة , وإلى الأمرد تارة , فلما جلسوا قال بعضهم: لعلنا كدرنا , فقال: أي والله , فتصايح الجماعة على سبيل التواجد.
وحكى أبو الحسين بن يوسف أنه كتب إليه في رقعة: أنك تحب غلامك التركي , فقرأ الرقعة ثم استدعى الغلام فصعد إليه النظر فقبله بين عينية , وقال: هذا جواب الرقعة.
قال المصنف رحمه الله: قلت: إني لأعجب من فعل هذا الرجل وإلقائه جلباب الحياء عن وجهه , وإنما أعجب من البهائم الحاضرين كيف سكتوا عن الإنكار عليه , ولكن الشريعة بردت في قلوب كثير من الناس.
ومن الأبيات التي يستمع إليها الصوفية , ويرقصون عليها , يغنّون بها أبيات ذكر طرفا منها في كتابه:
(أتذكر وقتنا وقد اجتمعنا على طيب السماع إلى الصباح
ودارت بيننا كأس الأغاني فأسكرت النفوس بغير راح
فلم تر فيهم إلا نشاوى سرور والسرور هناك صاح
إذا لبّى أخو اللذات فيه منادي اللهو حيّ على الفلاح
ولم نملك سوى المهجات شيئا أرقنا لألحاظ ملاح).
وأيضا قال يوسف بن الحسين:
(كل ما رأيتموني أفعله فافعلوه إلا صحبة الأحداث فإنها أفتن الفتن , ولقد عاهدت ربّي أكثر من مائة مرة أن لا أصحب حدثا , ففسخها على حسن الخدود , وقوام القدود , وغنج العيون , وما سألني الله معهم عن مصيبة , وأنشد صريح الغواني في معنى ذلك شعرا:
إن ورد الخدود والحدق النجـ ـــل وما فغى الثغور من أقحوان
واعوجاج الأصداغ في ظاهر الخد وما في الصدور من رمان
تركتني بين الغواني صريعا فلهذا أدعى صريع الغواني).
فعن هؤلاء قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
(فكل الرسل دعوا إلى عبادة الله وحده لا شريك له , وإلى طاعتهم والإيمان بالرسل هو الأصل الثاني من أصلي الإسلام , فمن لم يؤمن بأن هذا رسول الله إلى جميع العالمين وأنه يجب على جميع الخلق متابعته , وأن الحلال ما أحله , والحرام ما حرمه , والدين ما شرعه فهو كافر مثل هؤلاء المنافقين , ونحوهم من يجوز الخروج عن دينه وشريعته وطاعته , إما عموما أو خصوصا ... ويعتقدون مع هذا أنهم من أولياء الله , وأن الخروج عن الشريعة المحمدية سائغ لهم , وكل هذا ضلال وباطل , وإن كان لأصحابه زهد وعبادة).
وقال الحافظ ابن حزم الظاهري:
(ادّعت طائفة من الصوفية أن في أولياء الله تعالى من هو أفضل من جميع الأنبياء والرسل , وقالوا:
من بلغ الغاية القصوى من الولاية سقطت عنه الشرائع كلها من الصلاة والصيام والزكاة وغير ذلك , وحلت له المحرمات كلها من الزنا والخمر وغير ذلك , واستباحوا بهذا نساء غيرهم , وقالوا بأننا نرى الله ونكلمه , وكلما قذف في نفوسنا فهو حق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/329)
ورأيت لرجل منهم يعرف بان شمعون كلاما نصه أن لله تعالى مائة اسم , وأن الموفي مائة هو ستة وثلاثون حرفا ليس منها في حروف الهجاء شيء إلا واحد فقط , وبذلك الواحد يصل أهل المقامات إلى الحق. وقال أيضا: أخبرني بعض من رسم لمجالسة الحق أنه مدّ رجله يوما فنودي: ما هكذا مجالس الملوك , فلم يمدّ رجله بعدها. يعني أنه كان مديما لمجالسة الله تعالى).
ولذلك قال ابوعلي وفا:
(وبعد الفنا بالله كن كيف ما تشا فعلمك لا جهل وفعلك لا وزر).
ونقل الدكتور عبد الحليم محمود قاعدة عامة للصوفية بقوله:
(اعرف الله وكن كيف شئت).
هذا ولقد ورد في كتب الصوفية حكايات كثيرة لا تعدّ ولا تحصى , تدل على إتيان المتصوفة المنكر , وإباحتهم المحظورات , وتركهم الواجبات , ومع ذلك عدّوهم من أو لياء الله وكبار المستجابين عند الرب تبارك وتعالى عما يقوله الأفاكون علوا كبيرا , عن أن يختار الفسقة الفجرة أولياءه وأصفياءه.
منهم من ذكره (القطب الرباني والهيكل الصمداني العارف بالله عبد الوهاب الشعراني) في طبقاته ذكر أن سيده علي وحيش (كان رضي الله عنه من أعيان المجاذيب أرباب الأحوال , وكان يأتي مصر والمحلة وغيرهما من البلاد , وله كرامات وخوارق , وأجتمعت به يوما في خط ما بين القصرين , فقال لي: ودّيني للزلباني فودّيته له , فدعا لي وقال: الله يصبرك على ما بين يديك من البلوى.
وأخبرني الشيخ محمد الطنيخي رحمه الله تعالى قال: كان الشيخ وحيش رضي الله عنه يقيم عندنا في المحلة في خان بنات الخطا , وكان كل من خرج يقول له: قف حتى أشفع فيك عند الله قبل أن تخرج , فيشفع فيه , وكان يحبس بعضهم اليوم واليومين ولا يمكنه أن يخرج حتى يجاب في شفاعته , وقال يوما لبنات الخطا: أخرجوا فإن الخن رائح يطبق عليكم فما سمع منهن إلا واحدة , فخرجت , ووقع على الباقي فمتن كلهن.
وكان إذا رأى شيخ بلد وغيره ينزله من على الحمارة ويقول له: أمسك رأسها لي حتى أفعل فيها , فإن أبى شيخ البلد تسمّر في الأرض لا يستطيع أن يمشي خطوة , وإن سمع حصل له خجل عظيم والناس يمرون عليه , وكان له أحوال غريبة).
وماذا نستطيع أن نقول بعد سرد هذه الرواية عن الشعراني , ثم مدحه لمثل هذا الفاجر الخبيث , وجعله من أعيان المجاذيب , وأرباب الأحوال , وصاحب الكرامات والخوارق , ومستجاب الدعوات , مأذونا بالشفاعة عند الله , وليس مأذونا فحسب بل شفيعا مقبولا , مبشرا بقبول شفاعته فيمن أراد أن يشفع فيهم , وهل هناك استهزاء بالشريعة , وتعطيل لحدود الله , وتلاعب بأوامر الله ونواهيه , زندقة وإلحاد , وفسق وفجور أكبر من هذا؟
هذا ما لا يوجد له نظير حتى لدى الشيعة , منبع كل فساد , ومصدر كل رذيلة.
ولكن التلميذ قد فاق أستاذه , والمريد مرشده , والمتعلم معلمه.
وهناك آخر من كبار مشائخ القوم , يسمونه قطب الواصلين عبد العزيز الدباغ , يقول:
(إن بعض المريدين قال لشيخه: يا سيدي دلّني على شيء يريحني مع الله عز وجل.
فقال: له الشيخ: إن أردت ذلك فكن شبيها له في شيء من أوصافه عز وجل , فإنك إن اتصفت بشيء منها فإنه يسكنك يوم القيامة مع أوليائه في دار نعيمه ولا يسكنك مع أعدائه في دار جحيمه.
فقال المريد: وكيف لي بذلك يا سيدي وأوصافه تعالى لا تنحصر.
فقال الشيخ: كن شبيهه في بعضها , فقال: وما هو يا سيدي؟
فقال: كن من الذين يقولون الحق , فإن من أوصافه تعالى قول الحق , فإن كنت من الذين يقولون الحق فإن الله سيرحمك , فعاهد الشيخ على أن يقول الحق , وافترقا.
وكان بجوار المريد بنت فدخل الشيطان بينهما حتى فجر بها وافتضها , فلم تقدر البنت على الصبر مع أنها هي التي طلبت منه الفعل , لأنها تعلم أن الافتضاض لا يخفى بعد ذلك ,فأعلمت أباها فرفعه إلى الحاكم , وقال: إن هذا فعل ببنتي كذا وكذا.
فقال الحاكم للمريد: أتسمع ما يقول؟
فقال: صدق , قد فعلت ذلك , كان مستحضرا للعهد الذي فارق الشيخ عليه , فلم يقدر على الجحود والنكران , فلما سمع منه الحاكم ما سمع , قال: هذا أحمق , اذهبوا به إلى المارستان , فإن العاقل لا يقرّ على نفسه بما يعود عليه بالضرر , فدخل المارستان , ثم جاء من رغب الحاكم , وشفع فيه فسرّحوه).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/330)
وأحد كبار القوم و (شهيد التصوف الإمام الأجل نجم الملة والدين قطب الإسلام والمسلمين , برهان السنة , محيي الحق نجم الدين الكبري) يخبر عن فسقه وفجوره بأسلوب صوفي: فيقول:
(عشقت واحدا ببلاد المغرب فسلطت عليه الهمة فأخذته وربطته ومنعته عن سواي , إلا أنه كان عليه رقباء , فسكت عن صريح المقال , وجعل يكلمني بلسان الحال , فأهمه وأكمله كذلك فيفهمه , وانتهى الأمر إلى أن صرت أنا هو , وهو أنا , ووقع العشق إلى محض صفاء الروح , فجاءتني روحه سحرا تمرّغ وجهها في التراب وتقول: أيها الشيخ الأمان , الأمان , قتلتني أدركني , فقلت: ماذا تريد؟
قالت: أريد أن تدعني حتى أقبل قدمك , فأذنت لها , ففعلت ورفعت وجهها , فقبلتها حتى استراحت واطمأنت إلى صدري).
وما دمنا تطرقنا إلى هذا الموضوع فإننا نقول: إن جماعة من الصوفية ولو أنهم تظاهروا بالصلاح والتقوى لم يستطيعوا أن يخفوا ويكتموا عشقهم وفسقهم , وشهدوا عليهم بعدم مبالاة الشرع وأحكامه , والتطرق إلى المنكرات والمحظورات.
فهذا هو الشيخ الأكبر للصوفية محيي الدين بن عربي يرفع الستار عن شخصه وكنهه , مثلما شهد تلميذه نجم الدين الكبري على نفسه , فيقول شارحا لديوانه (ترجمان الأشواق) الذي فضحه هو وعشقه ببنت أحد مشائخ مكة , وتشبيبه وغزله فيها , وقد كثر الكلام والغمز واللمز فيه (وأحدث هذا الشعر دويا وأقاويل حوله مما جعل بدل الحبشي وإسماعيل بن سودقين يطلبان إليه شرح هذا الديوان).
فأراد أن يغطي ما قاله فيها من الغزل الركيك المتندح عشقا وحبا وجذبا وشوقا إلى تلك الحسناء المكية بغطاء صوفي بدهاء ومكر , فما استطاع إلا إظهار ما كان خافيا من قبل أكثر بكثير.
فانظره ماذا يقول في مقدمة ذخائره , والعبارة ناطقة بصوت رفيع لا بصوت خافت , بما هو مكنون بين جنباتها وتراكيبها:
(فإني لما نزلت مكة سنة خمسمائة وثمان وتسعين ألفيت بها جماعة من الفضلاء , وعصابة من الأكابر والأدباء والصلحاء بين رجال ونساء , ولم أر فيهم مع فضلهم مشغولا بنفسه , مشغوفا فيما بين يومه وأمسه , مثل الشيخ العالم الإمام , بمقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام , نزيل مكة البلد الأمين مكين الدين أبي شجاع زاهر بن رستم بن أبي الرجاء الأصفهاني رحمه الله ... وكان لهذا الشيخ رضي الله عنه بنت عذراء , طفيلة هيفاء , تقيد النظر , وتزين المحاضر , وتحير المناظر , تسمى بالنظام , تلقب بعين الشمس وإليها من العابدات العالمات السابحات الزاهدات شيخة الحرمين , وتربية البلد الأمين الأعظم بلامين , ساحرة الطرف , عراقية الظرف , إن أسهبت أثعبت , وإن أوجزت أعجزت , وإن أفصحت أوضحت إن نطقت خرس قس بن ساعدة , وإن كرمت خنس معن بن زائدة , وإن وفت قصر السموأل خطاه , وأغرى ورأى بظهر الغرر وامتطاه , ولولا النفوس الضعيفة السريعة الأمراض , السيئة الأغراض , لأخذت في شرح ما أودع الله تعالى في خلقها من الحسن , وفي خلقها الذي هو روضة المزن , شمس بين العلماء , بستان بين الأدباء , حقه مختومة , واسطة عقد منظومة , يتيمة دهرها , كريمة عصرها , سابغة الكرم , عالية الهمم , سيدة والديها , شريفة ناديها , مسكها جياد وبيتها من العين السواد ومن الصدر الفؤاد أشرقت بها تهامة , وفتح الروض لمجاورتها أكمامه , فنعمت أعراف المعارف , بما تحمله من الرقائق واللطائف , علمها عملها , عليها مسحة ملك وهمة ملك , فراعينا في صحبتها كريم ذاتها مع ما انضاف إلى ذلك من صحبة العمة والوالد , فقلدناها من نظمنا فيها بعض خاطر الاشتياق , من تلك الذخائر والأعلاق , فأعربت عن نفس تواقة , ونبهت على ما عندنا من العلاقة , اهتماما بالأمر القديم , و إيثارا لمجلسها الكريم , فكل اسم أذكره في هذا الجزء فمنها أكني , وكل دار أندبها فدارها أعني).
ولم تكن واحدة هذه التي علق بها قلب الشيخ , وهام وراءها , بل كانت هناك أخرى أيضا , وفي بيت الله الحرام وجنب الكعبة , انظر ماذا يقول:
(كنت أطوف ذات ليلة بالبيت فطاب وقتي , وهزّني حال كنت أعرفه , فخرجت من البلاط من أجل الناس وطفت على الرمل , فحضرتني أبيات فأنشدتها أسمع بها نفسي ومن يليني – لو كان هناك أحد – وهي قوله:
ليت شعري هل دروا أيّ قلب ملكوا
وفؤادي لو درى أيّ شعب سلكوا
أتراهم سلموا أم تراهم هلكوا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/331)
حار أرباب الهوى في الهوى وأرتكبوا
فلم أشعر إلا بضربة بين كتفي بكف ألين من الخزّ , فالتفت فإذا بجارية من بنات الروم لم أر أحسن وجهاً , ولا أعذب منطقاً , ولا أرق حاشية , ولا ألطف معنى , ولا أدق إشارة , ولا أظرف محاورة منها , قد فاقت أهل زمانها ظرفاً وأدباً وجمالا ومعرفة , فقالت: ياسيدي كيف قلت؟ فقلت:
ليت شعري هل دروا أيّ قلب ملكوا
فقالت: عجباً منك وأنت عارف زمانك تقول مثل هذا! أليس كل مملوك معروف؟ وهل يصح الملك إلا بعد المعرفة وتمني الشعور يؤذن بعدمها والطريق لسان صدق فكيف يجوز لمثلك أن يقول مثل هذا؟ قل ياسيدي: ماذا قلت بعده؟ فقلت:
وفؤادي لو درى أيّ شعب سلكوا
فقالت: ياسيدي الشعب الذي بين الشغاف والفؤاد هو المانع له من المعرفة , فكيف يتمنى مثلك ما لا يمكن الوصول إليه إلا بعد المعرفة , والطريق لسان صدق فكيف يجوز لمثلك أن يقول مثل هذا ياسيدي!؟ فماذا قلت بعده؟ فقلت:
أتراهم سلموا أم تراهم هلكوا
فقالت: أما هم فسلموا , ولكن أسأل عنك فينبغي أن تسأل نفسك: هل سلمت أم هلكت ياسيدي؟ فما قلت بعده؟ فقلت:
حار أرباب الهوى في الهوى وأرتكبوا
فصاحت وقالت: ياعجباً كيف يبقى للمشغوف فضلة يحاربها , والهوى شأنه التعميم. يخدر الحواس ويذهب العقول ويدهش الخواطر ويذهب بصاحبه في الذاهبين فأين الحيرة وما هنا باق فيحار والطريق لسان صدق والتجوز من مثلك غير لائق. فقلت: يابنت الخالة ما أسمك؟ قالت: قرة العين. فقلت: لي. ثم سلمت وانصرفت. ثم إني عرفتها بعد ذلك وعاشرتها فرأيت عندها من لطائف المعارف الأربع ما لا يصفه واصف).
ولا أدري كيف يستسيغ المدافعون عن ابن عربي أن يبرئوه من هذه الشهادة التي شهد بها على نفسه , وأن يخلصوه من ذلك المأزق الذي أوقع نفسه بنفسه فيه , وهل يبيح أحد هؤلاء المدافعين عنه أن يذكره أحد – لا سمح الله – هكذا بإسمه , ثم يذكر كريمته ويتسبب فيها ويتغزل كما تغزل وتشبب شيخهم الأكبر في كريمة ذلك الشيخ المكي , فكيف يرضون لغيرهم ما لا يرضون لأنفسهم؟
وما دمنا بدأنا بذكر الإعترافات نورد ههنا اعترافا آخر من أحد مشائخ القوم يدل على سيرتهم وعلى سريرتهم أيضا , وهو أن أحمد بن المبارك راوية عبد العزيز الدباغ يذكر أن كاتبه عبد الله بن علي وأخاه عبد الرحمن صعدا يوما على سطح مدرسة العطارين , ثم ماذا حدث؟
إسمع عنهما , ما يقولان:
(فرأينا على سطوح الدور نسوة مجتمعات ومتفرقات , فجعلنا ننظر إليهن ونتذاكر أمرهن فيما بيننا , نضحك أحيانا , ثم وثب أحدنا مرة إلى الهواء من قوة ما غلب علينا من المزاح.
فلما قدمنا دار الشيخ رضي الله عنه وجلسنا في الصقلابية المعروفة جعل رضي الله عنه يضحك ضحكا كثيرا. ويقول: ما أملح الشيخ الذي لا يكاشف , ثم قال: أين كنتما؟ أصدقاني , ولا تكذبا عليّ. فذكرنا له الأمر الذي كان.
فجعل رضي الله عنه يذكر لنا أمر النسوة ومكانتهن في السطوح كأنه حاضر معنا , وذكر لنا أيضا الوثبة المتقدمة من غير أن نذكرها له , فذكر لنا رضي الله عنه أنه كان حينئذ جالسا مع بعض من قصده للزيارة فلم يشعروا به حتى تفرقع بالضحك , وذلك حين شاهد تلك الوثبة فظن من حضر أنه كان يضحك عليه).
هذا وإن هناك صوفيا كبيرا من شبه القارة الهندية الباكستانية لا زال مشهده قائما يزار ويقام عليه العرس سنويا , ولعله من أكبر الأعراس في باكستان , وهو مشهد الصوفي المشهور بمادهو لعل حسين.
وأن أصحاب السير والطبقات ذكروا في ترجمته أنه كان من أولياء الله ومستجاب الدعوات , وما كان يطلب شيئا من الربّ إلا لبى طلبه , فكان حافظا للقرآن وعالما فقيها , ويوما من الأيام كان يدرس عند شيخه سعد الله تفسير مدارك التنزيل , فلما بلغ إلى قوله عز وجل: (إنما الحياة الدنيا لهو ولعب) طرأ عليه الوجد , وبدأ يرقص ويقول: ما دام أن الحياة لهو ولعب فلماذا لا نلهو ونلعب؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/332)
فأخذ كتبه ورماها في البئر , وحلق لحيته وشواربه , وأخذ كأس الخمر , وبدأ يرقص في الشوراع والأسواق , كما بدا يرتاد بيوت المومسات , ويقضي أوقاته فيها , إلى أن وقع نظره على أمرد هندوكي جميل , فوله به وكلف , وعشقه , وما زال يطوف حول بيته ست عشرة سنة حتى أوقعه في حباله وفخه , وجعل إسمه جزء من اسمه , فصار مادهو لعل الحسين , بعد أن كان حسينا فقط , وبعد وفاته صار مزاره مهبط الأنوار , ومحط البركات , مثل ما كان هو في حياته.
هذا من جانب , ومن جانب آخر يذكر الشعراني صوفيا آخر صاحب كشف , فيقول:
(سيدي شريف رضي الله عنه ورحمه كان يأكل في نهار رمضان , ويقول أنا معتوق , أعتقني ربي).
ومثل هذا يذكرون عن أبي يزيد البسطامي أنه (أخرج من كمّه رغيفا , وأخذ في أكله في المدينة , وكان هذا في شهر رمضان).
وينقلون عن الشبلي أنه كان يقول:
(يا ويلاه , إن صليت جحت , وإن لم أصلّ كفرت).
والقصص والحكايات مثل هذه كثيرة جدا لا تعدّ ولا تحصى , تدل على رفع التكاليف وإسقاط الشريعة , وقد نورد بعضا منها في محله في الجزء الثاني من هذا الكتاب إن شاء الله.
وهناك عقائد وآراء وأفكار أخرى عديدة , فيها تشابه كامل وتوافق تام مع الشيعة , تدل على أنها مأخوذة مقتبسة منهم , ولكننا نكتفي بهذا القدر منها , لجلاء الموضوع ووضوح المبحث , بعد ما أثبتناها من كتب الفريقين , المعتمدة الموثوقة , وبسرد ألفاظهم وعباراتهم , ومع تأييد الشيعة , وتوثيق السنة , وشهادة الآخرين من اليهود والنصارى من المستشرقين.
فإن الشيعي الإيراني المعاصر قد صرّح في كتابه:
(تذهب جماعة إلى أن التصوف ليس إلا رد فعل أوجده الفتح العربي الإسلامي في نفوس العنصر الآري الإيراني , وخلاصة قولهم أن الإيرانيين بعدما غلبوا على أمرهم بسيوف العرب في مواقع القادسية وجلولاء وحلوان ونهاوند , أدركوا أنهم فقدوا إستقلالهم وأضاعوامجدهم , ثم إنهم إعتنقوا الديانة الإسلامية , ولكن العرب الذين كان الإيرانيون ينظرون إليهم منذ القدم بنظرة غير راضية لم يستطيعوا أن يغيروا رغم إنتصاراتهم مجرى التفكير الإيراني , وأن يجعلوهم مشاركين لهم في أسلوب تفكيرهم وإتجاهاتهم وميولهم وسليقتهم ومنطقهم وكذلك في آمالهم وأمانيهم وغاياتهم الروحية المثالية لأن التباين الشكلي والمعنوي أي الفروق العنصرية والإختلاف في أسلوب المعيشة والأوضاع الإجتماعية بين هاتين الأمتين كان شديدا للغاية. وبناء على ذلك بعدما إنتهت المعارك الحربية باندحار الإيرانيين بأسلوب المساجلات الفكرية التي كان لها أثر بالغ في التاريخ الأدبي والمذهبي والإجتماعي والسياسي للعرب والإسلام.
ومن أهم تلك الإنعكاسات التي ترتبت على تلك الإنفعالات الفكرية التشيع أولا والتصوف ثانيا. وينبغي أن نضيف إلى هذه الملاحظة أن الغرض من ذ كر الإنفعالات في هذا الباب ليس القول بأن الإيرانيين أقدموا على هذا العمل اختاروا أو تعمدوا وقد تأتت في أكثر الظروف بحكم الإنفعالات النفسية وبتأثير العواطف و الأحاسيس الخفية بصورة ثابتة كما يرى علماء النفس , أي من غير أن يعرف الناس أنفسهم غالبا السبب الحقيقي أو يستطيعوا تحليل أفكارهم وأحاسيسهم إنساقت أفكارهم إلى أمثال هذه الإنفعالات العكسية).
وأما الشيعي العراقي فقد كتب كتابا مستقلا لإثبات تأثر التصوف بالتشيع , واستفادة الصوفية من الشيعة , وأخذهم عنهم , فيقول:
(وينبغي أن نذكر الدور الذي قام به الفرس من إخالهم مثلهم الدينية في التشيع الغالي الأول حين نصروا المختار , وعاضدوا حركة الغلو العجلية , وانضموا إلى حركة أبي هاشم , وانضافوا إلى الحركة السرية العباسية التي ورثت حركة أبي هاشم , حتى أدى بهم الأمر إلى تأليه أبي مسلم الخراساني , كما فعلوا مع أئمة الشيعة من العلويين. يضاف إلى ذلك أنهم نصروا حركة عبد الله بن معاوية في فارس أيضا , وأسبغوا عليه النور الإلهي الذي سنجده في التصوف واضحا جليا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/333)
وهذا كله يعني أن الفرس قد بدأوا إضافة القداسة إلى البيت النبوي بإعتبارها أساسا موازيا لأسسهم السياسية والدينية السابقة من تأليههم الملوك , وقولهم بالنور الذي ينتقل من ملك إلى آخر , فثبتت الولاية لعليّ بن أبي طالب على نحو مبالغ فيه , وأنتقلت هذه الولاية المقدسة مع زيادات وإضافات وحواش إلى الأئمة من بعده حتى بلغ الأمر حدّ التأليه).
وأما السنة فلقد نقلنا فيما سبق رأي شيخ الإسلام ابن تيمية , وابن خلدون وغيرهما في ذلك الخصوص , كما ذكرنا أيضا رأي المستشرق الإنجليزي المشهور المتعاطف مع التصوف والصوفية – وهو نيكلسون – وبمثل ما قاله قال جولد زيهر.
وأخيرا نختم كلامنا في هذا الخصوص على مقولة المستشرق براون ( BROWN ) المشهورة:
(إن التشيع والتصوف كانا من الأسلحة التي حارب بها الفرس العرب).
مصادر الكتاب ومراجعه
كتب الصوفية:
• الإبريز لعبد العزيز الدباغ ط مصر.
1. أحاسن المجالس لأبي إسحاق إبراهيم. ط المكتبة السلفية. مكة المكرمة 1390هـ.
2. أحمد بن مخلوف الشبابي لعلي الشبابي. ط المكتبة الشبابية الجزائر 1979 م.
3. أحوال وآثار فريد الدين مسعود كنج شكر (أردو) ط باكستان.
4. أحوال وأقوال شيخ أبي الحسن الخرقاني (فارسي) الطبعة الثالثة 1363 هـ قمري إيران.
5. أحوال أبدال لمحمد عبد العزيز مزنكوي (أردو) ط باكستان.
6. إحياء علوم الدين للغزالي. ط دار القلم. بيروت.
7. الأخلاق المتبولية لعبد الوهاب الشعراني. ط مطبعة دار التراث العربي القاهرة.
8. آداب الصوفية لنجم الدين كبرى (فارسي). ط كتاب فروشي زوّار إيران.
9. أستاذ السائرين الحارث بن أسد المحاسبي للدكتور عبد الحليم محمود. ط دار الكتب الحديثة. القاهرة.
10. أسرار الأولياء ملفوظات فريد الدين. ط باكستان.
11. أسرار نامه (فارسي) لعطار نيشابوري. ط إيران.
12. الأسرار لابن عربي. ط حيدر آباد دكن الهند 1367 هـ.
13. الاسم الأعظم للغزالي. ط مكتبة نصير. القاهرة.
14. اصطلاحات الصوفية لكمال الدين عبد الرزاق القاشاني. ط الهيئة المصرية العامة للكتاب بمصر.
15. الألواح العمادية للسهروردي بتحقيق نجف قلي ط مركز تحقيقات فارسي إيران وباكستان.
16. الأمر المحكم المربوط فيما يلزم أهل الطريق لابن عربي بتحقيق محمد عبد الرحمن الكردي. ط القاهرة.
17. الإنتصار لطريق الصوفية الأخيار لزمزمي بن محمد. ط دار مرجان للطباعة. مصر.
18. الإنسان الكامل لعبد الكريم الجيلي الطبعة الرابعة 1981 م.
19. إنشاء الدوائر لابن عربي ط مطبعة بريل ليدن 1336هـ.
20. أوراد الأحباب وفصوص الآداب لأبي المفاخر يحيى الباخرزي. ط طهران 1966 م.
21. الأنوار القدسية في معرفة القواعد الصوفية لعبد الوهاب الشعراني. ط دار إحياء التراث العربي بغداد 1984 م.
22. إيقاظ الهمم في شرح الحكم لابن عجيبة الحسني. ط مصطفى البابي الحلبي القاهرة.
23. أيها الولد للغزالي. ط دار الاعتصام القاهرة.
24. آئينه شاه ناصر أولياء لمحمد أنور بدخشاني. ط كراتشي باكستان.
25. بايزيد الأنصاري للدكتور مير ولي خان. ط مجمع البحوث الإسلامية باكستان 1396 هـ.
26. البرهان المؤيد لأحمد الرفاعي. ط القاهرة.
27. بيان الأحكام في السجادة والخرقة والأعلام لعلي بن ميمون المغربي مخطوط.
28. تأييد الحقيقة الجلية للسيوطي.
29. تاريخ مشائخ جشت (أردو) لخليق أحمد نظامي. ط باكستان.
30. التجليات لابن عربي ط دكن الهند.
31. التدبيرات الإلهية لابن عربي. ط ليدن 1336 هـ.
32. تذكرة الأولياء (أردو) لفريد الدين العطار. ط باكستان.
33. تذكرة أولياء باك وهند (أردو) للدكتور ظهور الحسن شارب. ط باكستان.
34. تذكرة أولياء بر صغير (أردو) لميرزه محمد أختر الدهلوي. ط باكستان.
35. تذكرة أولياء كرام لصباح الدين عبد الرحمن (أردو). ط باكستان.
36. تذكرة صوفياء بلوجستان (أردو) للدكتور إنعام الحق كوثر. ط باكستان.
37. تذكرة صوفياء بنجاب (أردو) لإعجاز الحق قدوسي. ط باكستان.
38. تذكرة غوثية (أردو) لشاه كل حسن قادري. ط باكستان.
39. التراجم لابن عربي ط دكن الهند.
40. ترتيب السلوك للقشيري. ط المعهد المركزي للأبحاث الإسلامية إسلام آباد باكستان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/334)
41. ترتيب السلوك إلى ملك الملوك لجمال الدين محمد بن عمر بحرق الحضرمي. ط جامعة بنجاب لاهور باكستان.
42. ترصيع الجواهر المكية لعبد الغني الرافعي. ط المطبعة العامرية مصر 1301 هـ.
43. تحقيق الأسفار الأربعة لحسن نوري. ط شيراز إيران.
44. التصوف في الإسلام لعرجون محمد الصادق مكتبة الكليات الأزهرية. القاهرة 1967 م.
45. التصوف والأمير عبدالقادر الحسني الجزائري لجواد المرابط. ط دار اليقظة دمشق 1966 م.
46. التصوف الإسلامي والإمام الشعراني لطه عبد الباقي سرور. ط دار نهضة مصر.
47. التصوف في تراث ابن تيمية للدكتور طبلاوي محمد سعد. ط الهيئة المصرية العامة للكتاب 1984 م.
48. التصوف الإسلامي الخالص للمنوفي. ط دار النهضة مصر.
49. تصوف إسلام (أردو) لعبد الماجد دريا آبادي ط باكستان.
50. التعرض لمذهب أهل التصوف لأبي بكر محمد الكلاباذي الطبعة الثالثة مكتبة الكليات الأزهرية القاهرة 1400 هـ.
51. التعريفات للجرجاني مخطوط.
52. تفسير ابن عربي. ط انتشارات ناصر خسرو طهران.
53. تنبيه المغتربين لعبد الوهاب الشعراني ط مصر.
54. تنبيه الغافلين لأبي الليث بن نصر محمد ط مصطفى البابي الحلبي القاهرة 1933 م.
55. ثلاث رسائل لشهاب الدين السهر وردي. ط مركز تحقيقات فارسي إيران وباكستان.
56. جامع الأصول في الأولياء لأحمد الكمشخانوي. ط المطبعة الوهيبية طرابلس الشام 1298 هـ.
57. جامع كرامات الأولياء لابن عربي. ط دار صادر بيروت.
58. جامي (فارسي) لعلي أصغر حكمت. ط انتشارات توس إيران.
59. جمهرة الأولياء لأبي الفيض المنوفي الحسيني. ط مؤسسة الحلبي القاهرة.
60. الجواب المستقيم لابن عربي مخطوط.
61. الجواهر والدرر للشعراني. ط مصر.
62. الجواهر اللماعة لعلي المرزوقي. ط مصطفى البابي الحلبي مصر.
63. جهل مجلس لعلاء الدين سمناني بتصحيح عبد الرفيع حقيقت (فارسي).
64. الحديقة الندية شرح الطريقة المحمدية. ط باكستان.
65. الحب الإلهي في التصوف الإسلامي لمحمد مصطفى حلمي. ط القاهرة 1960م.
66. حضرات القدس (فارسي) لبدر الدين سرهندي. ط لاهور 1971 م.
67. حقائق عن التصوف لعبد القادر عيسى الطبعة الرابعة. المطبعة الوطنية عمان 1401هـ.
68. حكمة الإشراق لشهاب الدين السهروردي.
69. حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم الأصبهاني. ط دار الكتاب العربي بيروت 1980م.
70. الحلاج لطه عبد الباقي سرور. ط دار نهضة مصر القاهرة.
71. حياة القلوب في كيفية الوصول إلى المحجوب بهامش قوت القلوب. ط دار صادر بيروت.
72. الخبر الدال على وجود القطب والأوتاد للسيوطي مخطوط.
73. ختم الولاية للحكيم الترمذي. ط المطبعة الكاثوليكية بيروت.
74. خزينة الأصفياء (أردو) لمفتي غلام سرور. طبعة باكستان.
75. خزينة معرفت (أردو) للصوفي محمد إبراهيم قصوري. ط باكستان.
76. درر الغواص على فتاوى سيدي علي الخواص لعبد الوهاب الشعراني. بهامش الإبريز للدباغ. ط مصر.
77. الدر المنظم في الاسم الأعظم للسيوطي ط مكتبة نصير القاهرة.
78. الدرر الثمين والمورد المعين لمحمد بن أحمد المالكي. ط مصطفى البابي الحلبي 1954 م.
79. الدرر السنية في الطريقة التيجانية لمحمد سعد الرباطابي. مكتبة القاهرة.
80. دلائل الخيرات. ط مصطفى البابي الحلبي 1346 هـ.
81. ديوان ابن عربي. ط مكتبة محمد ركابي الرشيدي القاهرة.
82. ديوان ابن فارض. ط مكتبة القاهرة 1399 هـ.
83. ديوان البرعي. ط مصطفى البابي الحلبي القاهرة.
84. ديوان البوصيري لشرف الدين بوصيري. ط مصطفى البابي الحلبي مصر.
85. ديوان الحلاج الطبعة الثانية بغداد 1404 هـ.
86. ديوان منصور حلاج (فارسي) ط انتشارات كتابخانه سنائي طهران.
87. ديوان فريد الدين عطار نيشابوري (فارسي) ط كتابخانه سنائي طهران.
88. ذخائر الأعلاق لابن عربي. ط مكتبة الكليات الأزهرية القاهرة.
89. راحة القلوب ملفوظات فريد الدين كنج شكر (أردو) ط باكستان.
90. الرسالة القشيرية لعبد الكريم القشيري. ط دار الكتب الحديثة القاهرة 1974 م.
91. رسالة النصوص لمحمد إسحاق القونوي. ط مشهد إيران.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/335)
92. الرستميات (فارسي) لأبي سعيد محمد بن محمد الرستمي. ط مجمع البحوث الإسلامية إسلام آباد باكستان.
93. روح السنة وروح النفوس المطمئنة لأحمد بن إدريس. ط دار إحياء الكتب العربية مصر.
94. روضة التعريف بالحب الشريف للسان الدين بن الخطيب. ط دار الفكر العربي.
95. زبدة الحقائق لعزيز الدين النسفي تقديم حق وردي ناصري. ط كتابخانه طهوري طهران.
96. ساعة مع العارفين لسعيد الأعظمي. ط دار الاعتصام القاهرة.
97. سبيل الأذكار والاعتبار لعبد الله باعلوي الحداد بهامش النصائح الدينية للمؤلف المذكور. ط مطبعة إحياء الكتب العربية القاهرة.
98. سبيل الجنة في التربية بالطريقة القادرية لمحمد ناصر. ط الهند.
99. سر سبر دكانه (فارسي) لمحمد علي. ط كتابخانه منوشري إيران.
100. سيدي أحمد الدردير للدكتور عبد الحليم محمود. ط دار الكتب الحديثة القاهرة.
101. السيد البدوي بين الحقيقة والخرافة للدكتور أحمد صبحي منصور الطبعة الأولى مطبعة الدعوة الإسلامية مصر.
102. السيد البدوي لأحمد محمد حجاب. ط مؤسسة سعيد للطباعة مصر.
103. سير الأقطاب (أردو) لعبد الرحيم. ط باكستان.
104. سير الأولياء لمحمد بن مبارك علوي. ط مؤسسة انتشارات إسلامي باكستان.
105. سير العارفين (أردو) لحامد بن فضل الله جمالي. ط لاهور باكستان.
106. شجرة الكون لابن عربي. ط باكستان 1980م.
107. شرح الحجب والأستار لرزبهان أبي محمد ط حيدر آباد العند 1333 هـ.
108. شرح الزيادة للجماعة الكبيرة لأحمد بن زين الدين مطبع السادات إيران.
109. شرح المسائل الروحانية لابن عربي ضمن كتاب ختم الولاية للحكيم الترمذي. ط المطبعة الكاثوليكية بيروت.
110. شرح مقدمة التائية الكبرى لداود القيصري مخطوط.
111. شرح شطحيات (فارسي) لروزبهان بقلي شيرازي بتصحيح هنري كربين. ط طهران.
112. شرح الفصوص للقيصري مخطوط.
113. شرح حال الأولياء لعز الدين المقدسي مخطوط.
114. الشريعة والحقيقة للدكتور حسن محمد شرقاوي. ط القاهرة.
115. شموس الأنوار لابن الحاج تلمساني. ط مصطفى البابي الحلبي القاهرة.
116. شهاب الدين السهروردي للدكتور إبراهيم مدكور. ط الهيئة المصرية العامة للكتاب.
117. صوم القلب لعمار البدليسي مخطوط.
118. الصلاة الكبرى لابن عربي مخطوط.
119. الطبقات للسلمي. ط مطابع الشعب القاهرة 1380 هـ.
120. طبقات الأولياء لابن الملقن. ط مكتبة الخانجي القاهرة 1393 هـ.
121. الطبقات الكبرى للشعراني. ط دار العلم للجميع , و ط المطبعة العامرية العثمانية 1305 هـ القاهرة.
122. الطبقات الصغرى للشعراني. ط مكتبة القاهرة الطبعة الأولى 1390 هـ.
123. الطبقات في خصوص الأولياء والصالحين والعلماء والشعراء في السودان لمحمد ضيف الله الجعلي الفضلي. ط المكتبة الثقافية بيروت. لبنان.
124. الطريق إلى الله لأبي سعيد الخراز. ط دار الكتب الحديثة مصر.
125. طريق النجاة (فارسي) لكريم خان كرماني مطبع السادات إيران 1396 هـ.
126. طهارة القلوب لعبد العزيز الدريني. ط مصطفى البابي الحلبي القاهرة.
127. الطواسين للحلاج. ط المعارف باكستان.
128. عبد الله الأنصاري الهروي للدكتور محمد سعيد عبد المجيد. ط دار الكتب الحديثة مصر.
129. عبد الله خويشكي قصوري (أردو) لمحمد إقبال مجددي. ط باكستان.
130. عبد الرحمن الثعالبي والتصوف لعبد الرزاق قسوم. ط الشركة الوطنية الجزائر.
131. العظة والاعتبار في حياة السيد البدوي لأحمد محمد الحجاب. ط القاهرة.
132. العروة للسمناني مخطوط.
133. عقلة المستوفز لابن عربي. ط مطبعة بريل ليدن 1336 هـ.
134. عقيدة أهل المعاني في شرح قصيدة بدء الأمالي لأبي الحسن محمد الدوسي. ط مكتبة ايشق تركيا.
135. العقل وفهم القرآن للحارث بن أسد المحاسبي. ط دار الكندي الطبعة الثالثة 1402 هـ.
136. العلوم الإلهية والأسرار الربانية لابن عربي. ط مكتبة نصير القاهرة.
137. عوارف المعارف لعبد القاهر السهروردي. ط دار الكتاب العربي بيروت 1403 هـ.
138. غزليات شمس تبريزي (فارسي) ط طهران.
139. غيث المواهب العلية في شرح حكم العطائية للنفزي الرندي. ط دار الكتب الحديثة القاهرة 1970 م.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/336)
140. الفتح الرباني والفيض الرحماني لعبد القادر الجيلاني. ط مصطفى البابي الحلبي القاهرة.
141. الفتح المبين فيما يتعلق بترياق المحبين لأبي الظفر القادري الطبعة الأولى المطبعة الخيرية مصر 1306 هـ.
142. الفتح الرباني لعبد العزيز نابلوسي. المطبعة الكاثوليكية بيروت 1960م.
143. الفتوحات الإلهية لابن عجيبة الحسني. ط عالم الفكر القاهرة.
144. الفتوحات المحمدية لمبارك علي ز ط باكستان 1981 م.
145. الفتوحات المكية لابن عربي. ط الهيئة المصرية العامة للكتاب 1405 هـ.
146. فتوحات نامه لعبد الرزاق كاشاني (فارسي) ط طهران.
147. فرائد اللآلي من رسائل الغزالي بتحقيق محمد بخيت ط فرج الله ذكي الكردي مصر 1344 هـ.
148. فرحة الناظرين لمحمد أسلم (أردو). ط باكستان.
149. فصوص الحكم لابن عربي بتعليقات الدكتور أبي العلاء العفيفي. ط دار الكتاب العربي بيروت.
150. فوائح الجمال وفواتح الجلال لنجم الدين كبري.
151. فوائد الفواد ملفوظات خواجه نظام الدين أولياء (أردو). ط أوقاف لا هور باكستان.
152. الفوائد في الصلات والعوائد لشهاب الدين الشرجي اليمني. ط مصطفى البابي الحلبي مصر 1388 هـ.
153. فوائد العز الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وخواصها لمحمد الشبراوي الشافعي بهامش الفوائد لشهاب الدين الشرجي. ط مصطفى البابي الحلبي. مصر.
154. قرة العيون ومفرّح القلب المحزون لأبي ليث السمرقندي. ط دار إحياء الكتب العربية مصر.
155. القصد للشاذلي مخطوط.
156. قلادة الجواهر في ذكر الرفاعي وأتباعه الأكابر لمحمد أبي الهدى الرفاعي. ط بيروت 1400 هـ.
157. قواعد التصوف لأحمد بن زروق. ط مكتبة الكليات الأزهرية القاهرة 1976 م.
158. قوانين حكم الإشراق لأبي المواهب الشاذلي. ط مكتبة الكليات الأزهرية مصر.
159. قوت القلوب لأبي طالب المكي. ط دار صادر بيروت.
160. كتاب الإستبصار لأهل الأذكار لأحمد محمود زين الدين الحسيني. ط مطبعة الأنوار القاهرة.
161. كتاب البرهان الأزهر في مناقب الشيخ الأكبر لمحمود رجب حامي.
162. كتاب المخاطبات لمحمد بن عبد الجبار النفزي. ط مطبعة دار الكتب المصرية القاهرة.
163. كتاب المواقف لمحمد بن عبد الجبار النفزي. ط مطبعة دار الكتب المصرية القاهرة.
164. كشف الحجاب لأحمد بن الحاج العياشي. ط 1381هـ 1934م.
165. كشف الحقائق للنسفي بتصحيح الدكتور أحمد مهدي (فارسي) ط طهران 1359 هـ.
166. كشف الغمة عن جميع الأئمة للشعراني.ط مصطفى البابي الحلبي القاهرة.
167. كشف المحجوب للهجويري ترجمة عربية. ط دار النهضة العربية بيروت.
168. كفاية الأتقياء ومنهاج الأصفياء للكبري المكي الدمياطي. ط دار الكتب العربية الكبرى مصر 1325 هـ.
169. كلزار أبرار لمحمد غوثي شطاري (أردو) ط باكستان.
170. كلزار صوفياء (أردو) لعالم فقري. ط باكستان.
171. كلمة الحق لعبد الرحمن (أردو). ط لكنو الهند 1883م.
172. كليات وديوان شمس تبريزي (فارسي) لجلال الدين محمد بلخي. ط نشر طلوع إيران.
173. الكندي وآراؤه الفلسفية للدكتور عبد الرحمن شاه ولي. ط مجمع البحوث العلمية باكستان.
174. كنجية كوهر (فارسي) لملا أحمدي قاضي. ط مطبعة الحوادث إيران.
175. لطائف المنن والأخلاق لعبد الوهاب الشعراني. ط القاهرة.
176. لطائف المنن لابن عطاء الله الإسكندري. ط مطبعة حسان القاهرة.
177. اللطف الداني لعبد الوهاب محمد أمين. ط القاهرة.
178. اللمع لسراج الدين الطوسي. ط دار الكتب الحديثة مصر.
179. اللمحات لشهاب الدين السهروردي. ط مركز تحقيقات فارسي إيران وباكستان 1984 م.
180. اللمعات لفخر الدين عراقي (فارسي) ط إيران.
181. لوائح لعبد الرحمن جامي (فارسي). ط لاهور باكستان.
182. المثنوي العربي النوري لسعيد النوري. ط مطبعة الزهراء بغداد.
183. المجالس الرفاعية لأحمد الرفاعي. ط مطبعة الإرشاد بغداد.
184. مجموع مخطوط بالفاتيكان عربي رقم 1242.
185. مجموعة في الحكمة المشرقية لشهاب الدين السهروردي.
186. المحبة والشوق للغزالي. ط مصطفى البابي الحلبي القاهرة.
187. محاسن المجالس لابن العريف. ط باريس 1933 م.
188. محمد سليمان تونسوي (أردو) للدكتور محمد حسين للهّي. ط باكستان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/337)
189. محيي الدين ابن عربي (فارسي) للدكتور محسن جهانغيري الطبعة الثانية طهران.
190. محيي الدين ابن عربي لطه عبد الباقي سرور ز ط القاهرة.
191. مختصر تذكرة القرطبي لعبد الوهاب الشعراني. ط دار إحياء الكتب العربية مصر.
192. المدرسة الحديثة الشاذلية وإمامها أبو الحسن الشاذلي للدكتور عبد الحليم محمود. ط دار الكتب الحديثة القاهرة.
193. مدينة الأولياء (أردو) لمحمد دين كليم قادري. ط باكستان.
194. مشتهى الخارف الجاني لمحمد الخضر الشنقيطي.
195. مصباح العلوم في معرفة الحي القيوم لأحمد بن حسن الرصاص. ط دار الاعتصام القاهرة.
196. مطالع المسرات لمحمد المهدي بن أحمد. ط مصطفى البابي الحلبي مصر.
197. معارج المقربين لمحمد ماضي أبي العزائم. دار الثقافة العربية للطباعة مصر.
198. المعارضة والرد لسهل بن عبد الله التستري. ط دار الإنسان القاهرة.
199. المقدمات للفرغاني مخطوط.
200. مقصود المؤمنين لبايزيد الأنصاري. ط مجمع البحوث الإسلامية إسلام آباد باكستان.
201. مكاشفة القلوب للغزالي. ط الشعب القاهرة.
202. مناقب العارفين للأفكاني (فارسي) ط دنياء كتاب الطبعة الثانية 1362 هجري قمري.
203. مناقب الصوفية لقطب الدين المروزي. ط طهران.
204. مناقب الصوفية (فارسي) لأبي المظفر المروزي باهتمام محمد تقي وايرج اخشار. ط طهران.
205. مناقب الصوفية (فارسي) لمنصور بن اردشير ط إيران.
206. مناقب العارفين لشمس الدين الأفلاكي (فارسي) ط دنياء كتاب إيران.
207. من أعلام التصوف الإسلامي لطه عبد الباقي سرور. ط دار نهضة مصر.
208. المنتخبات من مكتوبات المجدد (فارسي). مكتبة ايشيق تركيا.
209. المنقذ من الضلال للغزالي. ط دار الكتاب اللبناني بيروت.
210. المنقذ من الضلال مجموعة مؤلفات عبد الحليم محمود. ط دار الكتاب اللبناني بيروت.
211. منازل السائرين مع العلل والمقامات لعبد الله الأنصاري الهروي , ط إيران.
212. منبع أصول الحكمة لأبي العباس أحمد بن علي بوني. ط مصطفى البابي الحلبي.
213. منح المنة لعبد الوهاب الشعراني. ط مكتبة عالم الفكر القاهرة 1399هـ.
214. منطق الطير لفريد الدين العطار. ط دار الأندلس بيروت.
215. منهاج العابدين للغزالي. ط مصطفى البابي الحلبي مصر.
216. المنهج الموصل إلى الطريقة الأنهج لمصطفى الصادقي مخطوط.
217. المواقف الإلهية لابن قضيب البان ضمن كتاب الإنسان الكامل للبدوي. ط الكويت.
218. مولانا رومي لبشير محمود أختر (أردو) ط إدارة ثقافت إسلامية باكستان.
219. مواقع النجوم لابن عربي. ط مطبعة السعادة مصر 1325 هـ.
220. مهرمنير لمهر علي شاه (أردو) ط باكستان.
221. نزهة المجالس لعبد الرحمن الصفوري. ط مكتبة الشرق الجديد بغداد العراق.
222. نساء فاضلات لعبد البديع صفر. ط دار الاعتصام القاهرة.
223. نسيم الأنس لزين الدين بن رجب مخطوط.
224. نشاط التصوف الإسلامي لإبراهيم بسيوني. ط دار المعارف القاهرة 1969 م.
225. النصائح الدينية لعبد الله باعلوي الحداد. ط مطبعة دار إحياء الكتب العربية القاهرة.
226. نص النصوص لحيدر الآملي مخطوط.
227. النفحة العلية في أوراد الشاذلية لعبد القادر زكي. ط مكتبة المثنى القاهرة.
228. نفحة الروح وتحفة الفتوح لمؤيد الدين جندي. ط طهران 1362 هجري قمري.
229. نفحات الأنس (فارسي) لعبد الرحمن جامي. ط إيران 1337 هـ.
230. نوادر الأصول للحكيم الترمذي ط الآستانا.
231. الوصية الكبرى لعبد السلام الأسمر الفيتوري. ط مكتبة النجاح طرابلس ليبيا 1976 م.
232. اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر لعبد الوهاب الشعراني. ط مصطفى البابي الحلبي القاهرة 1378 هـ.
كتب غير الصوفية من المسلمين:
233. ابن سبعين وفلسفته الصوفية للدكتور أبي الوفاء الغنيمي التفتازاني. ط دار الكتاب اللبناني بيروت 1973 م.
234. أبو نعيم وكتابه الحلية لمحمد لطفي الصباغ. ط دار الاعتصام القاهرة.
235. إتحاف السادة للزبيدي. ط المكتب الإسلامي بيروت 1974 م.
236. أخبار الحكماء للقفطي.
237. أديان الهند الكبرى للشلبي. ط القاهرة 1964 م.
238. أساس البلاغة للزمخشري. ط إحياء المعاجم العربية القاهرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/338)
239. أضواء على التصوف للدكتور طلعت غنام. ط عالم الكتب القاهرة.
240. الاعتصام للشاطبي. ط مطبعة السعادة مصر.
241. الأنساب للسمعاني. ط محمد أمين دمج بيروت الطبعة الثانية 1400هـ.
242. الإنسان الكامل في الإسلام للدكتور عبد الرحمن بدوي. ط وكالة المطبوعات الكويت.
243. البداية والنهاية لابن كثير. ط بيروت.
244. بين التصوف والحياة لعبد الباري الندوي. ط دار الفتح دمشق 1963 م.
245. بوارق الأسماع في إلحاد من يحل السماع (أردو) لمير عالم. ط مطبع منشي فخر الدين. ط باكستان.
246. تاريخ التصوف الإسلامي للدكتور عبد الرحمن بدوي. ط وكالة المطبوعات الكويت 1978 م.
247. تاريخ التصوف في الإسلام للدكتور قاسم غني ترجمة عربية لصادق نشأت. ط مكتبة النهضة المصرية القاهرة.
248. تاريخ تصوف للدكتور محمد إقبال (أردو) ط لاهور باكستان.
249. التبصير في الدين للأسفرائيني. ط القاهرة.
250. تذكرة الحفاظ للذهبي. ط القاهرة.
251. التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية للدكتور عبد الرحمن بدوي. ط وكالة المطبوعات الكويت.
252. التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق للدكتور عبد الرحمن بدوي. ط وكالة المطبوعات الكويت.
253. التصوف بين الحق والخلق لمحمد فهر شفقة. ط الدار السلفية الكويت.
254. التصوف بين الدين والفلسفة للدكتور إبراهيم هلال. ط دار النهضة العربية القاهرة.
255. التصوف في تهامة لمحمد بن أحمد العقيلي. ط دار البلاد جدة.
256. التنبيه والرد للمطلي تحقيق محمد زاهد الكوثري. ط مصر 1360 هـ.
257. تلبيس إبليس لابن الجوزي ط دار الوعي بيروت أيضا. ط دار القلم بيروت.
258. تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر العسقلاني. ط بيروت.
259. جستجودر تصوف إيران (فارسي) للدكتور عبد المحسن زرين كوب. ط ؤسسة انتشارات امير كبير طهران 1363 هـ.
260. حادي الأرواح لابن قيم الجوزية. ط دار القلم بيروت لبنان.
261. الخضر في الفكر الصوفي لعبد الرحمن عبد الخالق. ط الدار السلفية الكويت.
262. الخطوط العريضة للأسس التي قام عليها مذهب الشيعة الأثني عشرية للسيد محب الدين الخطيب.
263. خلاصة الأثر للمحبي.
264. دائرة المعارف الإسلامية (أردو) ط جامعة بنجاب لاهور باكستان.
265. دراسات في التصوف الإسلامي للدكتور محمد جلال شرف. ط دار النهضة العربية بيروت 1980 م.
266. دنباله جستجودر تصوف (فارسي) للدكتور عبد الحسين زرين كوب ط إيران.
267. ذم ما عليه مدعو التصوف لأبي محمد موفق الدين. ط المكتب الإسلامي بيروت.
268. روضة المحبين لابن قيم الجوزية. ط دار الكتب العلمية بيروت.
269. سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي. ط بيروت.
270. الشيعة وأهل البيت للمؤلف. ط إدارة ترجمان السنة لاهور باكستان.
271. الشيعة والسنة للمؤلف. ط إدارة ترجمان السنة لاهور باكستان.
272. صحيح البخاري.
273. صحيح مسلم.
274. الصوفية , الوجه الآخر للدكتور محمد جميل غازي. ط القاهرة.
275. الصوفية والفقراء لشيخ الإسلام ابن تيمية. ط دار الفتح القاهرة.
276. الصوفية في ضوء الكتاب والسنة لعبد المجيد محمد. ط القاهرة.
277. الصوفية في نظر الإسلام لسميع عاطف الزين. ط دار الكتاب اللبناني بيروت.
278. ضحى الإسلام لأحمد أمين. ط القاهرة 1952 م.
279. الطبقات لابن سعد. ط بيروت.
280. الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان لأبن تيمية. ط إدارة ترجمان السنة لاهور باكستان.
281. الفصل في الملل والأهواء والنحل للحافظ ابن حزم. ط بيروت.
282. فضائح الباطنية للغزالي. ط مؤسسة دار الكتب الثقافية الكويت.
283. فلسفة الهند القديمة لمحمد عبد السلام ط الهند الرامبوري.
284. الفلسفة الصوفية في الإسلام للدكتور عبد القادر محمود. ط دار الفكر العربي القاهرة.
285. القاديانية للمؤلف ط باكستان.
286. القاموس المحيد للفيروز آبادي. ط مصطفى البابي الحلبي القاهرة.
287. القول المنبي في تكفير ابن عربي للنحاوي مخطوط.
288. لسان العرب لابن منظور الأفريقي. ط دار صادر بيروت.
289. مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية. ط دار الكتب العلمية بيروت لبنان.
290. مدخل إلى التصوف الإسلامي لأبي الوفاء الغنيمي ط مصر.
291. المسند للإمام أحمد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/339)
292. المقدمة لأبن خلدون. ط مطبعة مصطفى محمد مصر.
293. الملامتية وأهل الفتوة والصوفية لأبي العلاء العفيفي. ط دار إحياء الكتب العربية مصر.
294. منهاج السنة النبوية لسيخ الإسلام ابن تيمية. ط لاهور باكستان.
295. الملل والنحل للشهرستاني بهامش الفصل لابن حزم. ط بيروت.
296. الموطأ للإمام مالك.
297. نشأة الفلسفة الصوفية للدكتور عرفان عبد الحميد. ط المكتب الإسلامي بيروت 1974 م.
298. النجوم الزاهرة للتغري البردي الأتابكي. ط وزارة الثقافة مصر.
299. وفيات الأعيان لابن خلكان. ط بيروت.
300. الوافي بالوفيات.
301. ولاية الله والطريق إليها للإمام الشوكاني. ط القاهرة.
302. هذه هي الصوفية لعبد الرحمن الوكيل. ط دار الكتب العلمية.
كتب الشيعة والإسماعيلية:
303. أجزاء من العقائد الإسماعيلية للداعي إبراهيم. ط امبرين نيشنل بريس 1784 م.
304. أربعة نصوص إسماعيلية للداعي الإسماعيلي المجهول بتحقيق ماسينيون. ط باريس.
305. أساس التأويل للقاضي الإسماعيلي النعمان. ط دار الثقافة بيروت.
306. الأصول من الكافي للكليني. ط دار الكتب الإسلامية طهران 1388 هجري قمري.
307. أعلام النبوة لأبي حاتم الرازي تحقيق صلاح الصادي. ط إيران 1397 هجري قمري.
308. أعيان الشيعة لمحسن الأمين. ط دار التعارف للمطبوعات بيروت.
309. إعتقادات الصدوق لابن بابويه القمي. ط إيران.
310. الافتخار للداعي أبي يعقوب السجستاني. ط بيروت.
311. الأمالي للمفيد. ط قم إيران.
312. بحار الأنوار للمجلسي. ط إيران.
313. البرهان في تفسير القرآن لهاشم البحراني. ط إيران.
314. بصائر الدرجات الكبرى للصفار. ط منشورات الأعلمي طهران 1404 هـ.
315. بيت الدعوة الإسماعيلية مخطوط.
316. بين التصوف والتشيع لهاشم معروف حسيني. ط دار القلم بيروت.
317. تلخيص الشافي للطوسي. ط قم إيران.
318. تنقيح المقال للمامقاني. ط طهران.
319. حق اليقين (فارسي) للمجلسي. ط إيران.
320. حديقة الشيعة (فارسي) لأحمد بن محمد الأردبيلي. ط طهران.
321. الخصال لابن بابويه القمي. ط إيران.
322. الذريعة إلى تصانيف الشيعة لآقا بزرك الطهراني. ط إيران.
323. الرجال للحلي. ط إيران.
324. رجال الطوسي. ط نجف العراق.
325. رجال الكشي. ط كربلاء.
326. الزهد للحسين بن سعيد الأهوازي. ط إيران.
327. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد. ط إيران.
328. شرح إعتقادات الصدوق. ط إيران.
329. الصلة بين التصوف والتشيع للدكتور كامل مصطفى الشيبي. ط بيروت 1982 م.
330. طرائق الحقائق للحاج معصوم علي شاه. ط إيران.
331. عيون أخبار الرضا لابن بابويه القمي. ط طهران.
332. فرق الشيعة للنوبختي. ط المطبعة الحيدرية نجف العراق.
333. الفصول المهمة في معرفة الأئمة للحر العاملي. ط مكتبة بصيرتي قم إيران.
334. الفكر الشيعي والنزعات الصوفية للدكتور كامل مصطفى الشيبي. مكتبة النهضة بغداد.
335. كمال الدين وتمام النعمة لابن بابويه القمي. ط دار الكتب الإسلامية طهران 1395 هـ.
336. مشارق أنوار اليقين للحافظ رجب البرسي. ط دار الأندلس بيروت.
337. المقالات والفرق لسعد بن عبد الله الأشعري القمي. ط طهران.
338. منهج المقال للأستر آبادي. ط طهران.
339. منهاج الكرامة للحلي. ط باكستان.
340. النصرة للسجستاني. ط دار الثقافة بيروت.
341. نهج البلاغة المنسوب إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه بتحقيق صبحي صالح بيروت.
342. الهفت الشريف للمفضل الجعفي تحقيق مصطفى غالب الإسماعيلي. ط بيروت.
343. ثلاث رسائل في الحكمة الإسلامية لمحمد كاظم عصار. ط المكتبة المرتضوية إيران.
كتب غير المسلمين:
344. الإنجيل.
345. آئين جوانمردي (فارسي) لهنري كاربين. ط إيران.
346. ابن عربي حياته ومذهبه لآسين بلاثيوس ترجمة عربية دكتور عبد الرحمن بدوي. ط وكالة المطبوعات الكويت.
347. التاريخ العام للتصوف ومعالمه لميركس.
348. تاريخ العرب لحتي.
349. التصوف الإسلامي وتاريخه لنيكلسون ترجمة عربية للدكتور أبي الوفاء العفيفي. ط القاهرة.
350. التصوف لماسينيون. ط دار الكتاب اللبناني بيروت 1984م.
351. العقيدة والشريعة في الإسلام لجولدزيهر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/340)
352. فلسفة اليوجاليوجي راما شاراكه ط القاهرة.
353. الفكر العربي وماكنته في التاريخ للمستشرق أوليري ترجمة تمام حسان. ط القاهرة.
354. قصة الحضارة لو ديورانت ترجمة عربية لمحمد بدران. ط القاهرة 1964 م.
355. للت دستر كتاب بوذي مقدس ط الهند.
356. هذه هي الوجودية لبول فولكيبه.
الكتب باللغة الإنجليزية:
1. Oxford history of Church , London 1953 .
2. The story of Christian Church 1933 .
3. A short history our Religion – London 1922 .
4. Origin Christian Church Art . Oxford .
5. Buildings L6 EB Lib .
6. History of an Cient Art , Finlay 195 .
7. The Buddah and the Cristle , by B . H Streeter London 1932 .
8. Brown A literary History of Persia .
فهرست الكتاب
إهداء
المقدمة
الباب الأول: التصوف نشأته , تاريخه وتطوراته: .................................................. ............
الفصل الأول: الإسلام عبارة عن الكتاب والسنة .................................................. ....
الفصل الثاني: أصل التصوف واشتقاقه .................................................. ............
الفصل الثالث: تعريف التصوف .................................................. .....................
الفصل الرابع: بدء التصوف وظهوره .................................................. ..............
الباب الثاني: مصادر التصوف ومآخذه: .................................................. ......................
الزواج .................................................. .................................................
المسيحية .................................................. ..............................................
ترك الدنيا .................................................. ............................................
الزاوية والملبس .................................................. ....................................
مصطلحات الصوفية .................................................. .................................
المذاهب الهندية والفارسية .................................................. ........................
الأفلاطونية الحديثة .................................................. ..................................
الباب الثالث: التشيع والتصوف: .................................................. .............................
جابر بن حيان .................................................. .........................................
عبدك .................................................. .......................................
سلاسل التصوف .................................................. .....................................
نزول الوحي وإتيان الملائكة .................................................. ........................
المساواة بين النبي والولي .................................................. .........................
تفضيل الولي على النبي .................................................. ............................
إجراء النبوة .................................................. .....................................
العصمة .................................................. .....................................
عدم خلو الأرض من الحجة .................................................. ........................
وجوب معرفة الإمام .................................................. ................................
الولاية والوصاية .................................................. ...................................
الحلول والتناسخ .................................................. ..................................
مراتب الصوفية .................................................. ......................................
التقية .................................................. .........................................
الظاهر والباطن .................................................. ...................................
نسخ الشريعة ورفع التكاليف .................................................. ......................
مصادر الكتاب ومراجعه .................................................. ........................................
ـ[حامد تميم]ــــــــ[06 - 04 - 07, 11:16 م]ـ
جزاك الله خيراً، ورحم الله الشيخ إحسان على ماقدمه في نصرة الإسلام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/341)
ـ[شتا العربي]ــــــــ[22 - 06 - 07, 04:32 م]ـ
جزاك الله خيراً، ورحم الله الشيخ إحسان على ماقدمه في نصرة الإسلام.
آمين آمين(39/342)
رسالة البيضاني مع وفد المكارمة الفجار
ـ[سعيد الجابري]ــــــــ[05 - 04 - 07, 12:48 ص]ـ
هذه رسالة كتبها الشيخ صادق البيضاني إلى مكارمة نجران وقفت عليها من موقع الشيخ وقد اشتملت على نصح وفضح المكارمة وهذا نصها حسب المصدر:
من أبي محمد صادق بن محمد البيضاني إلى من سألني وزارني من قبائل يام النجرانية ممن يعتقد بمذهب المكارمة الإسماعيلية والذي يسأل عن بعض حقائق المكارمة التي كانت تخفى على عامة قبائل نجران وخصوصاً قبائل يام بسبب التعتيم المذهبي المكرمي وبناء على طلبكم في أن يكون ردي مكتوباً أقول وبالله التوفيق:
المكارمة يراد بها الإسماعيلية السليمانية التي افترقت عن الإسماعيلية الداودية سنة 999هـ، وقد غلب على هذه الفرقة لقب المكارمة وذلك لأن زعمائها من قبيلة المكارمة في أرض اليمن مقر الدعوة الطيبية السليمانية.
إلا أنه في عام 1027هـ قام الإمام الهادي الزيدي بالهجوم على المكارمة الإسماعيلية وذلك يوم عاشورا فهدم عليهم معاقلهم وأجلاهم من اليمن فهرب داعيهم المطلق إبراهيم بن محمد بن الفهد المكرمي إلى القنفذة يريد الفرار إلى الهند، لكن اتباعه من الإسماعيلية بنجران لحقوا به وطلبوا منه العودة معهم إلى نجران ووعدوه أنهم سيقومون بحمايته،
فاطمئن لهم وعاد إلى نجران. ومن هنا انتقلت الدعوة إلى نجران وأصبح مقرها الرئيسي، وأصبح اليمن تابعا لنجران قيادياً، وهذا ملخص ما كتبه صاحب كتاب نجران والتاريخ – للمؤلف علي بن محمد الضلعي المكرمي ص 27 الطبعة الأولى.
والداعي المطلق حالياً لديكم هو الشيخ حسين بن إسماعيل بن أحمد المكرمي ويعرف هذا التاريخ الأسود جيداً فاسألوه وهو يقيم في قرية – النصلة – بمدينة نجران، في حين أنه من المفترض أن يقيم في قرية خشيوة لكونها المقر الرئيسي للدعوة، لكنه مُنع منها بالسحر من قبل منافسه السيد محسن بن علي المكرمي وقد حاولت اللقاء معه ومع منافسه بموجب اتفاق مبرم للمناظرة قبل خمس سنوات لكن تعذر ذلك لأسباب عديدة رغم أن الطلب كان بناء على زيارة بعض المشائخ لي يوم أن كنت باليمن.
وذكر بعض الدعاة بنجران أن ثمةَ مصادر أخرى تنفي المزاعم التي أطلقها الداعي وأتباعه تجاه السيد محسن ورميه بالسحر زاعمين أن الداعي الحالي يعيش تحت سيطرة ابنه المدعو علي بن حسين بن إسماعيل والذي استغل بزعمهم منصب والده في بث الفرقة بين أتباع الطائفة.
وتجدر الإشارة إلى أن السيد محسن وكثير من أتباعه كانوا يتوقعون حصوله على رتبة " الداعي المطلق " عقب وفاة الداعي السيد حسين بن الحسن المكرمي، إلا أن النتائج جاءت خلاف ذلك، حيث زعم السيد: حسين بن إسماعيل بن أحمد المكرمي (الداعي الحالي) بأن الداعي السابق قد نص عليه قبل موته، السبب الذي جعل السيد محسن يثور ضد
منافسه حسين بن إسماعيل ورفض الاعتراف به مدعيا أن النص المذكور مزوراً وتبعه في ذلك طائفة ليست بالقليلة.
وقد أدى هذا الأمر إلى انقسام حاد في صفوف الإسماعيلية السليمانية. فأصبحت طائفة منهم تناصر السيد حسين بن إسماعيل وأخرى تناصر السيد محسن بن علي، ولا يزال الخلاف قائم بين الطائفتين، كان آخرها محاولة اغتيال السيد محسن يوم الأحد الموافق 20/ 11/1422 هـ، من قبل أحد أتباع الداعي الحالي، حيث داهمه رجل مسلح وصوبه بطلقات نارية نقل على إثرها المستشفى، إلا أنه نجا من هذا الحادثة.
ويُعد الثاني من نوعه فقبله حدث الخلاف بين داود وسليمان حول تولي منصب الداعي المطلق للطائفة الطيبية، والذي نتج عنه انقسام الطيبية إلى داودية و سليمانية سنة 999 هـ وبهذه اللمحة اليسيرة يتبين أنهم مشائخ دنيا ومناصب وأنهم ليس دعاة غيورين على دينهم وأنهم يخادعون الناس في يام وبعض بلاد نجران إلى درجة أنهم ألزموا أتباعهم بالطاعة المطلقة ولم يجوِّزوا لأتباعهم أن يسألوهم عن أدلة الدين بل حرفوا كثيراً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/343)
من الأدلة التي تكشف باطلهم، وأملنا في قبائل يام أن يراجعوا أنفسهم مع هذه الطائفة التي حرفت عقائد آباءهم و أجدادهم قبل دخولهم أرض نجران وأن ينتبهوا لخطر ذلك وأنا على يقين تام أن الواحد منهم قد يقاتل ويدافع بشدة عن هذا المذهب الخطير على حسن نية لعدم معرفتهم بهؤلاء النفر، بل أقول لكم جميعاً أتحدى واحداً من المدافعين عن المكارمة أن يثبت لهؤلاء المشائخ نسباً صحيحاً يؤكد به أنهم من أهل نجران، لن تجدوا ذلك لماذا؟
لأنهم جاءوا بهذا العقائد من بلاد فارس والعجم وادعوا نسبتهم إلى بيت رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو منهم برئ.
إنهم دخلاء لا أصالة لهم ولا جذور لهم في جزيرة العرب إلا عند أن وصلوا من أرض فارس واستوطنوا بلادكم الحبيبة نجران سلمها وسلم أهلها من كل سوء ومكروه.
وأما خلاصة مذهبهم فكالآتي:
1.ضرورة وجود أمام معصوم منصوص عليه من نسل محمد بن إسماعيل على أن يكون الابن الأكبر، وقد حدث خروج على هذه القاعدة عدة مرات. والنص على الإمام يكون من الإمام الذي سبقه، والإمام حجة الله على عباده وهاديهم إلى الطريق القويم.
وهذا ضلال كبير لأن الإسلام فرض علينا أن يكون الإمام بموجب شورى يتكون من أهل الحل والعقد من علماء هذه الأمة.
2. يروون في كتبهم حديثاً: من مات ولم يعرف أمام زمانه مات ميتة جاهلية. وهذا حديث باطل مصنوع كذبوا به على رسول الله عليه الصلاة والسلام.
3.يطلقون على الأمام صفات ترفعه إلى ما يشبه الإله، ويخصونه بالعصمة وعلم الباطن ويؤمنون بالتقية والسرية التامة، و يتضح ذلك جليا من خلال العهود والمواثيق المغلظة التي يستفتحون بها كتبهم السرية.
4.الإمام هو محور الدعوة الإسماعيلية ومحور العقيدة أيضاً.
5.يعتقدون أن الأرض لا تخلو من أمام حي قائم، إما ظاهر مكشوف، وإما باطن مستور.
فإذا كان الإمام ظاهراً جاز أن يكون حجته ودعاته مستورين، وإذا كان الإمام مستوراً فلا بد أن يكون حجته ودعاته ظاهرين، وقالوا إن الأئمة تدور أحكامهم على سبعة.
6.يعتقد البعض منهم بالتناسخ، و الإمام عندهم وارث الأنبياء جميعا ووارث كل من سبقه من الأئمة.
7.جردوا الله سبحانه وتعالى عن جميع صفاته التي وصف بها نفسه، وحجتهم في ذلك أن كل صفة وموصوف مخلوق، بل ذهبوا إلى نفي التسمية عنه سبحانه وتعالى.
لأن الله في نظرهم فوق متناول العقل. يقول مصطفى غالب " فأسماء الله الحسنى التي نسبها الله تعالى لنفسه في القرآن، لا تقال لله تعالى بل تقال للعقل الكلي الذي تحدث عنه الفلاسفة و وصوفه بكل صفات الكمال وأطلقوا عليه اسم المبدع الأول .. وبواسطة العقل والنفس وجدت جميع المبدعات الروحانية والمخلوقات الجسمانية، من جماد وحيوان ونبات
و إنسان وما في السماوات من نجوم وكواكب ".
8. دعوى أن النصوص لها ظاهر وباطن، بل ذهبوا أن لكل شي ظاهر محسوس وباطن لا يعرفه إلا الراسخون في العلم وهم الأئمة، وهذا الزعم يريدون من ورائه سلب المعاني عن الألفاظ، والإتيان بمعان باطنية توافق ما ذهبوا إليه.
ومن تأمل تأويلاتهم وجد أنها لا ضابط لها، كما يعتقدون أن علياً قد خصه الله تعالى بعلم التأويل كما خص سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالتنزيل.
ومن ذلك ما ذكروا من الحديث المكذوب أن النبي عليه السلام قال " أنا صاحب التنزيل وعلي صاحب التأويل "، وعلم التأويل الباطني بزعمهم يتوارثه الأئمة من بعده الذين يودعونه لدعاتهم بقدر مخصوص. وقد دون دعاتهم في كتبهم الكثير من تلك التأويلات المزعومة التي لا يشك فيها عاقل أنها لا تمت إلى الشريعة بل ربما تنافيها.
9. الكعبة المشرفة لديهم رمزٌ على الإمام، كما ذكر ذلك الداعي النيسابوري، حيث قال: " ونقول إن فريضة الحج واجبة لأنها تدل بأجمعها على إثبات الإمامة، لأن الحج معناه القصد، والقصد يكون إلى أمر معلوم، موجوب حتى إذا ذكر القصد بالمعرفة يكون قصداً معروفاً، لا يحتاج إلى بيان، وهو إشارة إلى القصد، وإلى الإمام، لأن المقصود من الحج هو زيارة الكعبة التي دليل في بعض التأويلات الباطنية على الإمام.
ويقول الداعي جعفر بن منصور اليمن في كتابه الكشف " والحج في الباطن معرفة الإمام صلوات الله عليه في كل عصر وزمان الناطق بالحكمة .. والأشهر المعلومات، فهم الحجج عليهم السلام في جميع أعصارهم وأزمانهم ويقول الداعي إبراهيم الحامدي، في فضائل الوصي ومعجزاته: " لما حضر أمه المخاض أمرها أبو طالب أن تمسح بالكعبة، فلما دخلتها ولدته في وسطها، ثم أمر إمام الوقت أن يضرب في موضع مولده مسمار فضة.
10. يعتقدون بأن الله لم يخلق العالم خلقا مباشرا بل كان ذلك عن طريق العقل الكلي الذي هو محل لجميع الصفات الإلهية ويسمونه الحجاب، وقد حل العقل الكلي في إنسان هو النبي وفي الأئمة المستورين الذين يخلفونه، فمحمد هو الناطق وعلي هو الأساس صاحب التأويل، ويحتجون بحديث مكذوب زعموه للنبي صلى الله عليه وسلم " أنا صاحب التنزيل وعلي صحاب التأويل ".
11. يذهب الإسماعيلية الطيبية إلى وجوب إسقاط صلاة الجمعة والجهاد وإقامة الحدود بحجة أنها لا تصح إلا بوجود إمام من نسل الطيب المزعوم، ولما كان الإمام غائباً مستوراً في نظرهم فلا تصح الجمعة ولا الجهاد ولا إقامة الحدود. وهذا يلزم منه تعطيلاً لشرع الله تعالى لمن تأمل!.
12. يرون أن إثبات دخول شهر الصيام وخروجه يكون بالحساب لا برؤية الأهلة ولهم معتقدات كثيرة باطله تؤكد كفرهم وخروجهم عن ملة الإسلام، فإذا وصلكم كتابي هذا فاعرضوه على هؤلاء المشائخ المكارمة فإذا أنكروا فلا تقبلوا منهم حتى تعرضوه على علماء آخرين لكي تميزوا وحتى لا تكونوا تحت السيطرة المكرمية التي تريد إبعادكم عن الحقائق، ولديكم بحمد الله علماء أجلاء بأرض الحرمين ونجد وفي مقدمتهم عبدالعزيز آل الشيخ وصالح الفوزان وربيع المدخلي وغيرهم كثير ممن عرف بالعلم والجادة و الاستقامة في الدين أسأل الله لكم المعافاة والسلامة من الضلال وأن يردكم إلى دينه رداً جميلاً وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/344)
ـ[سعيد الجابري]ــــــــ[26 - 05 - 07, 12:19 م]ـ
للرفع
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[26 - 05 - 07, 12:33 م]ـ
أخ سعيد جزاك الله خيرا على نشرك مثل هذه الرسالة لكي يحذر المسلمون عامة وأهل نجران خاصة من هؤلاء الضلال المشركين.
والله الهادي.
ـ[سعيد الجابري]ــــــــ[30 - 05 - 07, 11:38 ص]ـ
وأنت جزاك الله خيراً يا أخي علي الفضلي على هذا المرور والتشجيع(39/345)
أين أجد كتاب فتح المنان؟
ـ[سليمان البرجس]ــــــــ[05 - 04 - 07, 10:57 ص]ـ
كتاب فتح المنان للألوسي رحمه الله كتاب مفيد وعندي رغبة في قراءته فهل هذا الكتاب موجود على الشبكة؟ أفيدوني أفادكم الله.
ـ[محمد بشري]ــــــــ[05 - 04 - 07, 05:11 م]ـ
أنا أيضا أخي الكريم أبحث عنه و لم أجده على الشبكة واسمه كاملا فتح المنان تتمة منهاج التأسيس رد صلح الاخوان و قد طبع قديما و ذكر بعض الفضلاء أن الكتاب أعيد تصويره عند أضواء السلف(39/346)
ما المقصود بـ"تفسير الجهمية" للصفات؟
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[05 - 04 - 07, 01:16 م]ـ
السلام عليكم
في كتاب
فتح رب البرية بتلخيص الحموية
((فإن قيل: ما الجواب عما قاله الإمام أحمد في حديث النزول وشبهه: "نؤمن بها ونصدق، لا كيف، ولا معنى".
قلنا: الجواب على ذلك: أن المعنى الذي نفاه الإمام أحمد في كلامه هو المعنى الذي ابتكره المعطلة من الجهمية وغيرهم، وحرّفوا به نصوص الكتاب والسنة عن ظاهرها إلى معاني تُخالفه.
ويدلّ على ما ذكرنا أنه نفى المعنى، ونفى الكيفية؛ ليتضمن كلامه الردّ على كلتا الطائفتين المبتدعتين: طائفة المعطلة وطائفة المشبهة.
ويدلّ عليه - أيضاً - ما قاله المؤلف في قول محمد بن الحسن: "اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاءت بها الثقات عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، في صفة الربّ عزّ وجل من غير تفسير، ولا وصف، ولا تشبيه". اهـ.
قال المؤلف: أراد به تفسير الجهمية المعطلة، الذين ابتدعوا تفسير الصفات، بخلاف ما كان عليه الصحابة، والتابعون من الإثبات (10). اهـ.))
ما هو تفسير الجهمية؟
الذي اعرفه انهم عطلوا الصفات لأنهم يرون ان اثباتها تشبيه
فما المقصود بتفسيرهم لها؟
هل المقصود هو قولهم بأن اثباتها تشبيه ام شيء آخر
ارجو التوضيح بارك الله فيكم
ـ[المقدادي]ــــــــ[05 - 04 - 07, 02:00 م]ـ
تفسير الجهمية هو قولهم: اليد تعني القوة و ان الله لم يخلق آدم بيده ... ألخ
قال الإمام الترمذي رحمه الله في سننه:
((قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث ما يشبهه هذا من الروايات ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا قالوا قد تثبت الروايات في هذا ويؤمن بها ولا يتوهم ولا يقال كيف هكذا روي عن مالك وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث أمروها بلا كيف وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا هذا تشبيه وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم وقالوا إن الله لم يخلق آدم بيده وقالوا إن معنى اليد ههنا القوة وقال إسحاق بن إبراهيم إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد أو مثل يد أو سمع كسمع أو مثل سمع فإذا قال سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه وأما إذا قال كما قال الله تعالى يد وسمع وبصر ولا يقول كيف ولا يقول مثل سمع ولا كسمع فهذا لا يكون تشبيها وهو كما قال الله تعالى في كتابه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)) أ. هـ
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[05 - 04 - 07, 02:22 م]ـ
بارك الله فيك أخي الفاضل
لكن سؤال فيما يتعلق بما نقلته
كيف فسروا اليد بالقوة وهم اصلا معطلة بمعني أنهم انكروها بالكلية
فلا اثبتوها على ظاهرها ولا أولوها بما في لغة العرب (كما فعل المعتزلة والاشاعرة)
ام انني فهمت موضوع تعطيل الجهمية للصفات خطأ؟
جزاك الله خيرا
ـ[المقدادي]ــــــــ[05 - 04 - 07, 02:33 م]ـ
بارك الله فيك أخي الفاضل
لكن سؤال فيما يتعلق بما نقلته
كيف فسروا اليد بالقوة وهم اصلا معطلة بمعني أنهم انكروها بالكلية
فلا اثبتوها على ظاهرها ولا أولوها بما في لغة العرب (كما فعل المعتزلة والاشاعرة)
ام انني فهمت موضوع تعطيل الجهمية للصفات خطأ؟
جزاك الله خيرا
بارك الله فيك اخي
انكارهم لصفة اليد و ليس لصفة القدرة
فهم يقولون ان اليد المقصود بها القوة او القدرة كما قال الاشعرية
الاشاعرة مثلا فيهم تجهم فهم لا يثبتون صفة اليد - عدا بعض المتقدمين - بل يتأولونها فيقولون ان المقصود بها القدرة فشابهوا الجهمية
و نفس الامر على الجهمية الاوائل فلما يأتي ذكر هذه الصفات يفسرونها بأنها القدرة و القوة فلا يثبتون لله تعالى يداً تليق بجلاله
فتعطيلهم هو لصفة اليد لانهم يعتبرونها القدرة او القوة
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[05 - 04 - 07, 02:39 م]ـ
يعني هم مؤولة معطلة
إذا ما الفرق بينهم وبين المعتزلة؟
وهل الفرق بينهم وبين الأشاعرة فقط في أن الاشاعرة اثبتوا 7 صفات بمعانيها الظاهرة ثم أولوا باقيها؟ (بالنسبة للذين لا يقولون بتفويض المعنى من الأشاعرة)
اما بعض اشاعرة اليوم فهم يقولون بإثبات اللفظ وتفويض المعنى
ـ[المقدادي]ــــــــ[05 - 04 - 07, 03:15 م]ـ
الجهمية الاوائل نُقلت لنا بعض مقالاتهم في العقيدة كقولهم ان الله لم يخلق آدم بيده و إن الله لم يكلم موسى تكليما و معنى اليد القوة و غيرها مما تجده متناثرا في اقوال ائمة السنة و لا استطيع الان ضبط عقيدتهم و تحريرها لعدم وجود كتاب او مرجع لهم انما الكلام منقول عن ائمة السلف تجده في كتب الرد على الجهمية
و هم نفاة للصفات معطلة لها
اما المعتزلة فهم يقولون: سميع بلا سمع بصير بلا بصر فأثبتوا الاسم ونفوا الصفة و هم يقولون بخلق القرآن كما هو معلوم الى اخر عقيدتهم
اما الاشاعرة الذين يثبتون 7 صفات فهم مؤولة في باقي الصفات - و لعل بعض اهل العلم يعدّهم من اصحاب التعطيل الجزئي - و يجعلون كل ما ذُكر من متعلقات الصفة و تندرج تحت صفتي الإرادة و القدرة عندهم
اما من يقول بإثبات لفظ لا يفهم معناه , فليرجع الى ردود الاشاعرةكابن فورك و غيره على المفوضة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/347)
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[05 - 04 - 07, 03:20 م]ـ
جزاك الله خيرا
بالنسبة لمن رد على القول بتفويض المعنى
هل اجد كلامهم هنا في هذا الملتقى في موضوع معين؟
او تعطيني اسماء الكتب التي يمكن ان اجد فيه الرد عليهم؟
ـ[المقدادي]ــــــــ[05 - 04 - 07, 03:31 م]ـ
بارك الله فيك
هذا موضوع مهم للأخ فيصل حوى نقولات عن الاشاعرة في نقض التفويض - إضافة الى فوائد اخرى -
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=11921&highlight=%ED%CB%C8%CA%E6%E4+%C7%E1%D5%DD%C7%CA
و هذا موضوع مهم في نقض التفويض:
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=1498
و هناك كتاب الشيخ حامد العلي و اسمه:
" أم البراهين القاطعة لشبهات المعطّلين والمؤوّلين والمفوّضين لصفات الله رب العالمين "
و هو كتاب قوي في الرد على المفوضة و المؤولة
http://www.muslm.net/vb/showthread.php?t=49917
ـ[أبو الريان المكي]ــــــــ[05 - 04 - 07, 10:48 م]ـ
ماهو تفسير الجهمية للصفات؟
هذا السؤال يحتاج إلى معرفة:
اولاً: مالمراد بالجهمية؛ لان مصطلح الجهمية يطلق ويراد به أمرين:
1 - أطلاق عام:
يدخل فيه كل من تكلم في باب الاسماء والصفات سواء كان إنكار كلي أو جزئي فهذا الاطلاق يدخل فيه الجهمية أتباع جهم الذين أنكروا الاسماء والصفات كلها، ويدخل فيه المعتزلة الذين أنكروا الصفات، ويدخل فيه الاشاعرة الذين إنكروا الصفات الفعلية.
فهذا هو الاطلاق العام، ومما يدل على هذا التقسيم من كلام شيخ الاسلام بن تيمية ما ذكره رحمه الله في كتابه التسعينية قال " وكذلك الجهمية على ثلاث درجات: فشرها الغالية الذين ينفون أسماء الله وصفاته ...
والدرجة الثانية من التجهم: هو تجهم المعتزلة ونحوهم الذين يقرون بأسماء الله الحسني في الجملة لكن ينفون صفاته ....
وأما الدرجة الثالثة: فهم الصفاتية المثبتون المخالفون للجهمية لكن فيهم نوع من التجهم ... "
وهذا النص منقول بختصار فيمكن مراجعة الكتاب من ص 265إلى 271 وما بعدها المجلد الأول بتحقيق د. محمد العجلان طبعته مكتبة المعارف في ثلاث مجلدات. ويوجد نص آخر للشيخ الاسلام يقول فيه " فإن السلف يسمون من قال بخلقه _ أي القران _ ونفي الصفات والرؤية: جهمياً "مجموع الفتاوى (15/ 221)
2 - الاطلاق الخاص:
يقصد بهم أتباع جهم، وفهم المصطلح يحل الإشكال.
ثانياً: هذا ينطبق كذلك على لفظ المعطلة يدخل في التعطيل الكلي والجزئي، والمعطلة أنواع: منهم الدهرية الذين ينكرون وجود الله ومنهم الغلاة من القرامطة والباطنية ومنهم الفلاسفة ومنهم الجهمية ومنهم المعتزلة والكلابية والاشاعرة.
واخيراً:
فكلام الشيخ:"قال المؤلف: أراد به تفسير الجهمية المعطلة، الذين ابتدعوا تفسير الصفات، بخلاف ما كان عليه الصحابة، والتابعون من الإثبات "
قد يقصد به وينصرف إلى الاطلاق العام، وأما تفسيره فيختلف على حسب المراد بالمصطلح بالجهمية فهم على درجات فبعضهم يفسرها بانها صفات مجاز وليست على الحقيقة وبعضهم يفسرها ويأولها بما يشبه المخلوق.
من الامثلة تأويل المعتزلة لصفة المحبة والخلة لله عز وجل فهم يقولون على المجاز لا الحقيقة، وبعض الآشاعرة يقول إرادة الثواب.
وخلاصة القول:
فهم المصطلح يحل المشكلة.
ولعلي أقترح على أهل العلم من يتتبع هذا في مثال واحد من الصفات ويذكر موقف الفرق من هذه الصفة موقف (الجهمية، والمعتزلة، والكلابية والاشاعرة وغيرهم) فهذا يحتاج إلى تتبع فأتمنى من طلبة العلم من يقوم بهذا والله ولي التوفيق.
والله أعلم.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[06 - 04 - 07, 12:18 م]ـ
تفسير الجهمية هو قولهم: اليد تعني القوة و ان الله لم يخلق آدم بيده ... ألخ
قال الإمام الترمذي رحمه الله في سننه:
((قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث ما يشبهه هذا من الروايات ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا قالوا قد تثبت الروايات في هذا ويؤمن بها ولا يتوهم ولا يقال كيف هكذا روي عن مالك وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث أمروها بلا كيف وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا هذا تشبيه وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم وقالوا إن الله لم يخلق آدم بيده وقالوا إن معنى اليد ههنا القوة وقال إسحاق بن إبراهيم إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد أو مثل يد أو سمع كسمع أو مثل سمع فإذا قال سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه وأما إذا قال كما قال الله تعالى يد وسمع وبصر ولا يقول كيف ولا يقول مثل سمع ولا كسمع فهذا لا يكون تشبيها وهو كما قال الله تعالى في كتابه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)) أ. هـ
بالنسبة لكلام الترمذي رحمه الله
قرأت في نقل الإمام الذهبي رحمه الله لكلامه هذا في العلو "النعمة" بدل "القوة" .. في تفسير معنى اليد عندهم
وكذلك في كتاب الدارمي في الرد على الجهمية ذكر ان الجهمية يقولون ان اليد هي النعمة (ليس نقلا عن الترمذي رحمه الله لكن يذكر تفسيرهم لليد)
فهل هناك خطأ مطبعي في الكتاب الموجود على النت لسنن الترمذي ام هناك تفسير آخر لهذا؟؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/348)
ـ[المقدادي]ــــــــ[06 - 04 - 07, 12:25 م]ـ
كلام الإمام الترمذي رحمه الله ثابت , و لا يمنع ان يكون للجهمية اكثر من تفسير لليد , فمنهم من يقول: النعمة و يضع قرائنه و حججه الباهتة في ذلك و اخر يقول: اليد هي القدرة و يضع حججه الباهتة
فهم مضطربون اصلا في هذا الباب و ليس لهم ميزان ثابت فيه بل حجج عقلية خاصة بهم ,و لو انهم اثبتوا لله تعالى يدا تليق بجلاله لكفاهم ذلك(39/349)
اين أجد كلام شيخ الإسلام في مسألة الشرك الأصغر
ـ[صُهيب]ــــــــ[05 - 04 - 07, 06:08 م]ـ
فقد ذكر شيخنا أن هناك من يطعن في شيخ الإسلام بأن كلامه متناقض في هذه المسألة فمرة يذكر أنه تحت المشيئة ومرة يذكر أنه كارتكاب الكبيرة
وجعله كواجب علينا , وبحثت عنه فلم أجده
وأحببت أن تسعدونني في هذا الأمر لكي أفيد الكلاب الموجودين في الدرس معي
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[07 - 04 - 07, 12:58 م]ـ
فقد ذكر شيخنا أن هناك من يطعن في شيخ الإسلام بأن كلامه متناقض في هذه المسألة فمرة يذكر أنه تحت المشيئة ومرة يذكر أنه كارتكاب الكبيرة
وجعله كواجب علينا , وبحثت عنه فلم أجده
وأحببت أن تسعدونني في هذا الأمر لكي أفيد الكلاب الموجودين في الدرس معي
شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - له قولان فيها؛ وما الضير في ذلك؟!! فهؤلاء الصحابة الكرام فيهم من له قولان في المسألة، و هؤلاء هم كبار الأئمة وتجد لهم أقوالا وروايات عدة في المسائل، وهؤلاء هم كبار أئمة الحديث تجد لهم أحيانا حكمين في الحديث أو الراوي، وهذا يدل على:
1 - إنصافهم، وأنهم رجاعون للحق، ولا يستنكفون عن قبول الحق.
2 - أن العلم لا يقبل الجمود.
وبعدُ: أخي الحبيب ما أحب لك أن تكون فاحشا في كلامك عن إخوانك المسلمين بقولك آنفا: " ... الكلاب .. "!!
قال النبي صلى الله عليه وسلم: [ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيئ].
ـ[القباني]ــــــــ[10 - 04 - 07, 08:16 ص]ـ
أحسنت بارك الله فيك
ـ[العوضي]ــــــــ[03 - 05 - 07, 07:43 م]ـ
شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - له قولان فيها؛ وما الضير في ذلك؟!! فهؤلاء الصحابة الكرام فيهم من له قولان في المسألة، و هؤلاء هم كبار الأئمة وتجد لهم أقوالا وروايات عدة في المسائل، وهؤلاء هم كبار أئمة الحديث تجد لهم أحيانا حكمين في الحديث أو الراوي، وهذا يدل على:
1 - إنصافهم، وأنهم رجاعون للحق، ولا يستنكفون عن قبول الحق.
2 - أن العلم لا يقبل الجمود.
وبعدُ: أخي الحبيب ما أحب لك أن تكون فاحشا في كلامك عن إخوانك المسلمين بقولك آنفا: " ... الكلاب .. "!!
قال النبي صلى الله عليه وسلم: [ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيئ].
أخي الكريم الأخ وعلى حسب سياق الكلام يقصد (الطلاب) و ليس (الكلاب)
وكما تعلم فإن حرف (الكاف) بجانب حرف (الطاء) على الكيبورد(39/350)
هل البيضاوي يقول بجواز اتخاذ القبور مساجدفي (فتح الباري)؟؟
ـ[عمار احمد المغربي]ــــــــ[06 - 04 - 07, 12:02 ص]ـ
تنبيه من المشرف:
هذا النقل عن البيضاوي مخالف للعقيدة الصحيحة، وإنما ذكر للمدراسة والرد عليه.
في كتاب فتح الباري عند شرح حديث:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ
أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ:
لمَّا كَانَتْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى يَسْجُدُونَ لِقُبُورِ الْأَنْبِيَاء تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِمْ وَيَجْعَلُونَهَا قِبْلَة يَتَوَجَّهُونَ فِي الصَّلَاة نَحْوهَا وَاِتَّخَذُوهَا أَوْثَانًا لَعَنَهُمْ وَمَنَعَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ مِثْل ذَلِكَ، فَأَمَّا مَنْ اِتَّخَذَ مَسْجِدًا فِي جِوَار صَالِح وَقَصَدَ التَّبَرُّك بِالْقُرْبِ مِنْهُ لَا التَّعْظِيم لَهُ وَلَا التَّوَجُّه نَحْوه فَلَا يَدْخُل فِي ذَلِكَ الْوَعِيد وَفِي الْحَدِيث جَوَاز حِكَايَة مَا يُشَاهِدهُ الْمُؤْمِن مِنْ الْعَجَائِب
وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالمصور السني]ــــــــ[06 - 04 - 07, 02:18 ص]ـ
أليس التبرك عبادة؟
ـ[عمار احمد المغربي]ــــــــ[06 - 04 - 07, 10:25 م]ـ
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[عمار احمد المغربي]ــــــــ[08 - 05 - 07, 05:40 ص]ـ
للرفع
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[08 - 05 - 07, 06:56 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فالتبرك أخي الكريم هو طلب البركة أي طلب حصول البركة والنفع والخير بسبب القرب من المتبرك به وملابسته وهذا قد يكون معنوياً وقد يكون حسياً، كما أنه قد يكون مشروعاً وقد يكون ممنوعاً، وقد يكون بالأزمن وقد يكون بالأمكنة وقد يكون بالأشخاص ولأهل العلم تفصيل في ذلك فيما يشرع من ذلك ويمنع فقد يكون التبرك مشروعا وقد يكون بدعة وقد يكون شركا أكبر.
فالمشروع كالتبرك بالقرآن والتبرك بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في إتباع سنته أو بركته في ذاته وأفعاله ودعائه حال حياته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كما ثبت في أحاديث كثيرة والتبرك بالمساجد الثلاثة ومجاورتها والعبادة فيها والتبرك بزمزم والتبرك بشهر رمضان بكثرة الطاعات لكثرة المغفرة فيه وتعظيم الأجور فهذا كله من التبرك المشروع الذي ثبت حصول البركة فيه شرعا.
وأما التبرك الممنوع البدعي فكالتبرك بقبور الأنبياء والصالحين وتقبيلها والعكوف عندها ودعاء الله عندها وأداء بعض العبادات عندها ظنا أن الدعاء والأعمال الصالحة تقبل عندئذ فهذا كله من البدع المنكرة لكنه لا يصل لحد الشرك لأن من تبرك هنا لم يصرف لهم نوعاً من العبادة وإنما يرجو حصول البركة بالقرب منهم، وهذا في الحقيقة وسيلة إلى الوقوع في الشرك ولهذا ورد المنع من هذه الأمور سدا للذريعة.
واما التبرك الذي هو شرك أكبر فهو أن يدعو أصحاب القبور في طلب أمر من أمور الدنيا أو الاخرة ويستغيث بهم ويتقرب إليهم بالذبح والنذر والطواف ونحو ذلك فهذا كله شرك أكبر يخرج صاحبه من الإسلام.
ومراد البيضاوي عفا الله عنه التبرك البدعي الذي هو طلب البركة بالقرب من الصالحين ظنا أن ذلك أرجى في قبول الدعاء ولا شك أن هذا القول باطل فإنه وإن لم يكن شركاً أكبر إلا أنه وسيلة إليه ولذلك لعن الله اليهود والنصار لكونهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[08 - 05 - 07, 02:00 م]ـ
حذفت مشاركتي بنفسي
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[08 - 05 - 07, 02:31 م]ـ
نشكر الشيخ الفاضل خزانة الأدب على تنبيهه، فجزاه الله خيرا وكثر من أمثاله.
ـ[عمار احمد المغربي]ــــــــ[08 - 05 - 07, 03:23 م]ـ
جزاك الله كل خير اخي ابو حاتم الكاتب ورفع الله قدرك
ـ[شتا العربي]ــــــــ[09 - 05 - 07, 07:26 ص]ـ
رد العلماء على البيضاوي في كلامه البدعي المذكور
قال الإمام الصنعاني في (سبل السلام) في الرد على كلام البيضاوي هذا: ((قوله: (لا لتعظيم له): يقال: اتخاذ المساجد بقربه وقصد التبرك به تعظيمٌ له، ثم أحاديث النهي مطلقة ولا دليل على التعليل بما ذكر، والظاهر أن العلة سد الذريعة والبعد عن التشبه بعبدة الأوثان؛ الذين يعظمون الجمادات التي لا تنفع ولا تضر؛ ولما في إنفاق المال في ذلك من العبث والتبذير، الخالي عن النفع بالكلية)).
وقال الشيخ الألباني في (الثمر المستطاب) تعليقا على كلام البيضاوي هذا أنه: ((من عجائب الفهم المصادم للقصد من حديث النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إن لم نقل للنص منه، ولا يخفى ما فيه من آثار الوثنية. ولذلك تعقبه العلماء؛ فقد قال المناوي بعد أن نقل كلامه: «لكن في خبر الشيخين كراهة بناء المسجد على القبور مطلقًا، والمراد قبور المسلمين، خشية أن يُعبد فيها المقبور، لقرينة خبر: «اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد» وظاهره أنها كراهة تحريم». فيض القدير للمناوي 4/ 612
والحديث واضح في أن اللعن منصب على من بنى على القبر مسجدا أو اتخذه مسجدا فهذا يشمل كل الأغراض التي تدفع لاتخاذ القبر مسجدا أو بناء مسجد عليه سواء كان للتعظيم أو للتقرب أو لغير ذلك.
وصدق الشيخ الألباني حين وصف كلام البيضاوي بأنه من عجائب الفهم المصادم لأن كلام البيضاوي نفسه يناقض نفسه فأوله ينقض آخره لأن مجرد اتخاذ قبر بجوار صالح يعني تعظيمه وهذا يصادم قول البيضاوي (لا للتعظيم) لأنه لو لم يكن معظما فلماذا يتخذ القبر بجواره؟
ولاشك أن هذه سقطة عظيمة والعبرة بالدليل الشرعي وأما زلات العلماء فلا عبرة بها
وكما قال العلماء: من أخذ بزلات العلماء أوشك أن يتزندق يعني لأنه سيجمع الشر كله من هنا ومن هنا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/351)
ـ[عمار احمد المغربي]ــــــــ[09 - 05 - 07, 08:17 ص]ـ
ولكن معني ذلك ان بن حجر وافق هذا الرأي .. اليس كذلك يا اخوة؟؟
ودليل على انه موافق انه لم يذكر البناء عى المساجد بل ذكر قول البيضاوي الخاطىء!
وجزى الله كل خير من رد فى الموضوع
ولكن هذا اشكال بسيط عندما وجدته بنفسي وانا اقرا شرح الحديث من الكتاب (فتح الباري)
ـ[شتا العربي]ــــــــ[10 - 05 - 07, 05:09 ص]ـ
الذي يظهر لي أن ابن حجر قد حكى الأقوال وفقط ولم يوافق البيضاوي على قوله المذكور بدليل أن ابن حجر قال في كلامه على الحديث:
وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ أَوَائِلهمْ لِيَتَأَنَّسُوا بِرُؤْيَةِ تِلْكَ الصُّوَر وَيَتَذَكَّرُوا أَحْوَالهمْ الصَّالِحَة فَيَجْتَهِدُوا كَاجْتِهَادِهِمْ , ثُمَّ خَلَفَ مِنْ بَعْدهمْ خُلُوف جَهِلُوا مُرَادهمْ وَوَسْوَسَ لَهُمْ الشَّيْطَان أَنَّ أَسْلَافكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ هَذِهِ الصُّوَر وَيُعَظِّمُونَهَا فَعَبَدُوهَا , فَحَذَّرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مِثْل ذَلِكَ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ الْمُؤَدِّيَة إِلَى ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيث دَلِيل عَلَى تَحْرِيم التَّصْوِير ,
فجزم ابن حجر بأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد حذر عن مثل ذلك سدًّا للذريعة ثم قال بعد ذلك حكاية للأقوال المخالفة بعد أن قرر المقصود قبله فلا إشكال في ذكر الأقوال المخالفة والتي قال فيها ابن حجر:
وَحَمَلَ بَعْضهمْ الْوَعِيد عَلَى مَنْ كَانَ فِي ذَلِكَ الزَّمَان لِقُرْبِ الْعَهْد بِعِبَادَةِ الْأَوْثَان , وَأَمَّا الْآن فَلَا. وَقَدْ أَطْنَبَ اِبْن دَقِيق الْعِيد فِي رَدّ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَاب اللِّبَاس. وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ: لَمَّا كَانَتْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى يَسْجُدُونَ لِقُبُورِ الْأَنْبِيَاء تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِمْ وَيَجْعَلُونَهَا قِبْلَة يَتَوَجَّهُونَ فِي الصَّلَاة نَحْوهَا وَاِتَّخَذُوهَا أَوْثَانًا لَعَنَهُمْ وَمَنَعَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ مِثْل ذَلِكَ , فَأَمَّا مَنْ اِتَّخَذَ مَسْجِدًا فِي جِوَار صَالِح وَقَصَدَ التَّبَرُّك بِالْقُرْبِ مِنْهُ لَا التَّعْظِيم لَهُ وَلَا التَّوَجُّه نَحْوه فَلَا يَدْخُل فِي ذَلِكَ الْوَعِيد
فالذي يظهر أن ابن حجر لم يوافق البيضاوي على كلامه وإنما حكاه كالحاكي للأقوال المخالفة بعد أن قرر المنع وتحذير النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من مثل ذلك.
وكلام البيضاوي متناقض أوله ينقض آخره والعكس لأنه أقر بأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعنهم ومنع المسلمين عن مثل ذلك ثم عاد وناقض نفسه بأن الذي يتخذ مسجدا بجوار صالح تبركا لا يدخل في النهي
والذي أوقع البيضاوي في هذه الورطة أنه حمل حديث النهي على السجود تجاه القبر واتخاذه قبلة وهذا خطأ ترده روايات الحديث نفسها التي صرحت بقولها (بنوا على قبره مسجدا) أو (اتخذوا قبور أنبيائهم مسجدا)
وبناء المسجد على القبر شامل للسجود للقبر ولغير القبر وهذا هو محل اللعن يعني الجمع بين المسجد والقبر لا السجود للقبر إذا كان في القبلة فقط
والظاهر أن البيضاوي لم يقف على رواية (بنوا على قبره مسجدا) أو ذهل عنها والله أعلم.
وهنا أمر آخر: هب أن ابن حجر وافق البيضاوي وقد سبق أنه لم يوافقه لكن لو فرضنا أنه وافقه فما المشكلة؟
واحد قال وواحد وافقه حتى لو قال بقولهم مائة سنأتيهم بمائة خالفوهم لكن ليست هذه المشكلة
بل الصواب أن يتم عرض أقوال البيضاوي وغير البيضاوي على الكتاب والسنة وأن نأخذ ما وافق الكتاب والسنة ونترك ما خالف الكتاب والسنة
وقد ظهر من خلال الروايات مخالفة كلام البيضاوي لنص الحديث فلا اجتهاد مع النص ويرد كلام البيضاوي ويعتبر من زلات العلماء التي لا يصح لأحد أن يتبعها أو يأخذ بها لأنه من تتبع زلات العلماء وأخذ بها أوشك أن يتزندق كما قال أهل العلم لأنه بذلك سيجمع الشر كله والعياذ بالله
وجزاكم الله خير الجزاء
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[10 - 05 - 07, 06:08 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
بل الظاهر يا أخي أن ابن حجر يوافقه على ذلك ولذا يقول في موضع آخر: (وقد تقدم أن المنع من ذلك إنما هو حال خشية أن يصنع بالقبر كما صنع أولئك الذين لعنوا وأما إذا أمن ذلك فلا امتناع وقد يقول بالمنع مطلقا من يرى سد الذريعة وهو هنا متجه قوي) الفتح (3/ 208)
والحافظ ابن حجر متساهل في هذا الباب أعني باب التبرك بالصالحين ومن ذلك:
ويقول: (وفي هذه الأحاديث جواز تقبيل الميت تعظيما وتبركاً) الفتح (3/ 115)
ويقول: (ويؤخذ منه استحباب الدعاء عند حضور الصالحين تبركا بهم) الفتح (6/ 353)
ويقول: (قد تقدم حديث عتبان وسؤاله النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي في بيته ليتخذه مصلى وأجابة النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك فهو حجة في التبرك بآثار الصالحين) الفتح (1/ 569)
ويقول: (وفيه طهارة النخامة والشعر المنفصل والتبرك بفضلات الصالحين الطاهرة) الفتح (5/ 341)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/352)
ـ[شتا العربي]ــــــــ[10 - 05 - 07, 10:08 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
بل الظاهر يا أخي أن ابن حجر يوافقه على ذلك
أنا كان كلامي من خلال النص الذي في شرح الحديث الموجود فقط
لكن النص الذي أتيت به فضيلتك أصرح وأفضل في البيان فالرأي رأيك
وجزاكم الله خيرا على هذا البيان
والحق معك في تساهل ابن حجر في هذا الباب لكن كما سبق أنه يجب عرض أقوال كل الناس على الكتاب والسنة فما وافق الكتاب والسنة فهو مقبول وما خالف الكتاب والسنة فهو مردود
وقد سبق أن كلام البيضاوي هذا مخالف لنص الحديث
وجزاكم الله خيرا وبارك فيكم
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[10 - 05 - 07, 06:13 م]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم شتا كفيت ووفيت(39/353)
أين أجد في كتب الأشاعرة أنهم يثبتون أن الله في كل مكان؟
ـ[ابن أبي عبدالتسميني]ــــــــ[06 - 04 - 07, 07:33 ص]ـ
السلام عليكم
أين أجد في كتب الأشاعرة أنهم يثبتون أن الله في كل مكان؟
بارك الله فيكم
ـ[المقدادي]ــــــــ[06 - 04 - 07, 10:28 ص]ـ
الأشاعرة يقولون ان الله لا داخل العالم و لا خارجه
و الجهمية الآوائل هم من قالوا ان الله في كل مكان إضافة الى الصوفية الحلولية
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[06 - 04 - 07, 11:15 ص]ـ
بإختصار
الأشاعرة جعلوا الله غير موجود وإنكارهم ليس له معنى
فليس هناك إلا داخل العالم (الخلق) او خارجه (خارج الخلق) ولا ثالث
ـ[ابن أبي عبدالتسميني]ــــــــ[08 - 04 - 07, 12:50 م]ـ
أين أجد في كتب الأشاعرة أنهم يثبتون أن الله في كل مكان ?
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[09 - 04 - 07, 07:20 ص]ـ
هم لا يثبتون هذا يا أخي(39/354)
ما الفرق بين التَّنوير والحداثة والعقلانية ...
ـ[أبو علي]ــــــــ[06 - 04 - 07, 07:50 ص]ـ
ما الفرق بين التَّنوير والحداثة والعقلانية واللِّيبرالية والعلمانية والعصرانيَّة؟
هل يصحَّ القول بأنَّ اختلاف الاسم بسبب اختلافِ المجال المعرفيّ؟
فالعلمانيّ في المجالات الاقتصادية والسياسية يسمَّى ليبراليًّا، وفي المجال الديني تنويريًّا، وهكذا
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[06 - 04 - 07, 08:19 ص]ـ
عدتم والعود احمد ابا علي أشتقنا لمثل مواضيعك المفيدة
أقول (تفقها)
يظهر والله أعلم أن بين هذه المصطلحات التي ذكرتها إشتراك من جهة وإختلاف من جهة
فالعلمانية هي فصل الدين عن الدوله
والليبراليةهي التحرر
والعقلانية هي الاعتماد على العقل في التلقي
..................... ألخ
فكل يفهم من هذا ما يناسبه ويطلق عليها ما يشاء من المصطلحات ولا يخفاك أيها الفاضل أنه لا عبرة بالمسميات العبرة بالحقائق فإن أكثر هذه المصطلحات أتفقت في شيء وتفرقت في أشياء فاتفقت على عدم التلقي من الدين وأختلفت في التعامل معه على أي اساس هل يجعل مصدر من مصادر التلقي حتى يعارض العقل فيترك لأجل العقل أم حتى يترك في مجال السياسة فقط ويبقى وجوده في المجالات الأخرى أو يترك بالكلية ويسمى هذا تحررا!!! (أما الحداثة فأعرف أنها في مجال الأدب)
(وليعلم أن هذه المصطلحات نشأتها أوربية بعد قيام الثورة الفرنسية وما تبعها من تداعيات في أنحاء أوربا ونشط في هذا من نشط من أدبائهم وفلاسفتهم وتلقاها عنهم جهالنا نسأل الله العافية فشاعت عندنا فهم الأصل لمن أراد أن يعلم نشوء مثل هذه الأفكار و من عندنا تبع لهم في التفكير فإنما هم مقلدة هداهم الله فمن مقل ومن مستكثر)
ـ[حامد تميم]ــــــــ[06 - 04 - 07, 11:03 م]ـ
التنوير والحداثة والعقلانية والعصرانية، تدخل في مصطلح الثقافة، والليبرالية، تدخل في سير المجتمع ونظامه، والعلمانية فهي العباءة الشاملة لهذه المصطلحات الضالة، وكلها ينصب في مفهوم فصل الدين عن الحياة.(39/355)
أين أجد هذه الكتب
ـ[أبو محمد الشافعي]ــــــــ[06 - 04 - 07, 01:00 م]ـ
إخوتاه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أم بعد:
أين أجد هذه الكتب للشيخ/ إبراهيم بن محمد البريكان
1 - المدخل في الفقه وعلومه
2 - تنبيه أهل السنة إلى مقصاد السنة (وهو شرح على مقدمة أصول السنة للإمام أحمد)
3 - الكواكب الدرية بحل ألفاظ التدمرية
4 - اتحاف المستفيد بمعرفة التوحيد
ولو كانت مطبوعة في دار،أريد رقم هذه الدار
وياحبذا لو أعنتموني _ أعانكم الله_ على الحصول على رقم هاتف له
وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو عمر المقدسي]ــــــــ[11 - 04 - 07, 11:26 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لعلك تضع تساؤلك في
منتدى التعريف بالكتب وطبعاتها وتحقيق التراث(39/356)
الحافظ ابن حجر رحمه الله يرد الإعتقاد بأن السلف آمنوا بمجرد الألفاظ دون فقه المعنى
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[06 - 04 - 07, 02:19 م]ـ
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري
كتاب التوحيد
بَاب مَا جَاءَ فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
وَقَالَ غَيْره قَوْل مَنْ قَالَ طَرِيقَة السَّلَف أَسْلَمَ وَطَرِيقَة الْخَلَف أَحْكَم لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ طَرِيقَة السَّلَف مُجَرَّد الْإِيمَان بِأَلْفَاظِ الْقُرْآن وَالْحَدِيث مِنْ غَيْر فِقْه فِي ذَلِكَ، وَأَنَّ طَرِيقَة الْخَلَف هِيَ اِسْتِخْرَاج مَعَانِي النُّصُوص الْمَصْرُوفَة عَنْ حَقَائِقهَا بِأَنْوَاعِ الْمَجَازَات، فَجَمَعَ هَذَا الْقَائِل بَيْن الْجَهْل بِطَرِيقَةِ السَّلَف وَالدَّعْوَى فِي طَرِيقَة الْخَلَف، وَلَيْسَ الْأَمْر كَمَا ظَنَّ، بَلْ السَّلَف فِي غَايَة الْمَعْرِفَة بِمَا يَلِيق بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَفِي غَايَة التَّعْظِيم لَهُ وَالْخُضُوع لِأَمْرِهِ وَالتَّسْلِيم لِمُرَادِهِ، وَلَيْسَ مَنْ سَلَكَ طَرِيق الْخَلَف وَاثِقًا بِأَنَّ الَّذِي يَتَأَوَّلهُ هُوَ الْمُرَاد وَلَا يُمْكِنهُ الْقَطْع بِصِحَّةِ تَأْوِيله،
ـ[المقدادي]ــــــــ[06 - 04 - 07, 02:32 م]ـ
رحمه الله , و ايضا مال الى إثبات ان الله يتكلم بحرف و صوت حين ذكر قول الحنابلة و أتى بأدلتهم القوية في مقابل حجج الاشاعرة الضعيفة
و مما يُذكر انه روى كتاب ذم الكلام لشيخ الإسلام الهروي حيث سمع جزءا منه على احد شيوخه و ساق سنده الى الهروي في معحمه المؤسس
ـ[عبدالمصور السني]ــــــــ[06 - 04 - 07, 03:09 م]ـ
ولكنه كان ينهى تلاميذه عن اعتقاد مافيه من الكلام في بعض المتبوعين ((مثل ابي حنيفة والاشعري))
ذكره تلميذه السخاوي في الاعلان بالتوبيخ
ـ[محمد بن فهد]ــــــــ[06 - 04 - 07, 03:17 م]ـ
قد سمعت شيخنا عبدالله الغنيمان يسمه بالأشعرية (ابن حجر)
فهل أطلع على هذا أم لا؟
الله أعلم
ـ[المقدادي]ــــــــ[06 - 04 - 07, 03:29 م]ـ
لا ينكر احد انه الحافظ رحمه الله فيه اشعرية بحكم البيئة التي عاش فيها , و لكنه لك يكن متعصبا لها ,و يظهر هذا جليّا عند نقله لبعض الحوادث و الامور مثل قصة الحريري المنصفي و غيرها
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[06 - 04 - 07, 04:24 م]ـ
لا يصح ان نقول بأنه أشعري لمجرد تأويله بعض الصفات،
فقد يكون قد وافقهم في هذا فقط ولم يوافقهم في المسائل الإعتقادية الأخرى التي خالف فيها الأشاعرة
ففي نفس هذا الباب ظهر لي أنه لا يوافق قول الأشاعرة في انه لا يجوز التقليد في العقيدة (وفصل فيها القول مع نقل اقوال بعض الأئمة)
وايضا كما ذكر الأخ المقدادي بخصوص كلام الله، لا يظهر لي فيما قرأت في كتابه الفتح الباري انه يوافق الأشاعرة في اعتقادهم في هذه المسألة
فيجب النظر في كل مسائل العقيدة التي خالف فيها الأشاعرة ثم النظر في عقيدة الحافظ ابن حجر رحمه الله في هذه المسائل، هل وافقهم فيها ام لا
وايضا يظهر لي انه متذبذب نوعا ما في مسألة الصفات والله أعلم.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[06 - 04 - 07, 04:37 م]ـ
انظروا قوله فيما يتعلق بفوقية الله عز وجل
قال رحمه الله في الفتح:
كتاب المغازي
بَاب مَرْجِعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْأَحْزَابِ وَمَخْرَجِهِ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ وَمُحَاصَرَتِهِ إِيَّاهُمْ
الحديث الخامس
قَوْله: " مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ " مَعْنَاهُ أَنَّ الْحُكْمَ نَزَلَ مِنْ فَوْقِ، قَالَ وَمِثْلُهُ قَوْل زَيْنَب بِنْت جَحْش " زَوَّجَنِي اللَّهُ مِنْ نَبِيِّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ " أَيْ نَزَلَ تَزْوِيجُهَا مِنْ فَوْقٍ، قَالَ وَلَا يَسْتَحِيلُ وَصْفُهُ تَعَالَى بِالْفَوْقِ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي يَلِيقُ بِجَلَالِهِ لَا عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي يَسْبِقُ إِلَى الْوَهْمِ مِنْ التَّحْدِيدِ الَّذِي يُفْضِي إِلَى التَّشْبِيهِ،.
وايضا قوله رحمه الله
في كتاب التوحيد
باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ}
شرح الحديث الثالث في الباب
قَوْله (إِنَّمَا أَتَأَلَّفهُمْ)
فِي الرِّوَايَة الَّتِي فِي الْمَغَازِي " أَلَا تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِين مَنْ فِي السَّمَاء " وَبِهَذَا تَظْهَر مُنَاسَبَة هَذَا الْحَدِيث لِلتَّرْجَمَةِ؛ لَكِنَّهُ جَرَى عَلَى عَادَته فِي إِدْخَال الْحَدِيث فِي الْبَاب لِلَفْظَةِ " تَكُون " فِي بَعْض طُرُقه هِيَ الْمُنَاسِبَة لِذَلِكَ الْبَاب يُشِير إِلَيْهَا وَيُرِيد بِذَلِكَ شَحْذ الْأَذْهَان وَالْبَعْث عَلَى كَثْرَة الِاسْتِحْضَار، وَقَدْ حَكَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي بَكْر الضُّبَعِيِّ قَالَ: الْعَرَب تَضَع " فِي " مَوْضِع " عَلَى " كَقَوْلِهِ (فَسِيحُوا فِي الْأَرْض) وَقَوْله (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوع النَّخْل) فَكَذَلِكَ قَوْله (مَنْ فِي السَّمَاء) أَيْ عَلَى الْعَرْش فَوْق السَّمَاء كَمَا صَحَّتْ الْأَخْبَار بِذَلِكَ.
فتح الباري لابن حجر - (ج 20 / ص 498)
يَكُون مَعْنَى " فَهُوَ عِنْده فَوْق الْعَرْش " أَيْ ذَكَرَهُ وَعَلِمَهُ وَكُلّ ذَلِكَ جَائِز فِي التَّخْرِيج، عَلَى أَنَّ الْعَرْش خَلْق مَخْلُوق تَحْمِلهُ الْمَلَائِكَة، فَلَا يَسْتَحِيل أَنْ يُمَاسُّوا الْعَرْش إِذَا حَمَلُوهُ، وَإِنْ كَانَ حَامِل الْعَرْش وَحَامِل حَمَلَته هُوَ اللَّه، وَلَيْسَ قَوْلنَا إِنَّ اللَّه عَلَى الْعَرْش أَيْ مُمَاسّ لَهُ أَوْ مُتَمَكِّن فِيهِ أَوْ مُتَحَيِّز فِي جِهَة مِنْ جِهَاته بَلْ هُوَ خَبَر جَاءَ بِهِ التَّوْقِيف، فَقُلْنَا لَهُ بِهِ وَنَفَيْنَا عَنْهُ التَّكْيِيف إِذْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/357)
ـ[أبو يحيي المصري]ــــــــ[06 - 04 - 07, 06:08 م]ـ
الحافظ ابن حجر رحمه الله موافق للأشاعرة في غالب أقواله كقوله في الإيمان و الصفات و التبرك و نفي حوادث لا أول لها وغيرها لكنه كان ينهي عن الخوض في مضايق المتكلمين
وأما عن الفوقية التي تكلم عليه الأخ العقيدة فهي الفوقية المطلقة (غير فوقية القهر والغلبة) وهذه الفوقية المطلقة أثبتها بعض الأشاعرة قديما كالباقلاني و الغزالي وحديثا ككثير منهم
ويقولون هي فوقية لا تزيده تعالي قربا إلي السماء كما لا تزيده بعدا عن الثري فكما لا يشبه قربه قرب الأجسام فكذلك لا تشبه فوقيته فوقية الأجسام
وبالإضافة إلي النصوص التي ساقها الأخ العقيدة هناك نصان لابن حجر في الفتح تعرف منهما حقيقة الفوقية التي يعتقدها:
1 - قال في حديث إن ربه بينه وبين القبلة: "وفيه الرد على من زعم أنه على العرش بذاته "
2 - قال على حديث رقم (2994 – 2995): قال: "وقيل: مناسبة التسبيح في الأماكن المنخفضة من جهة أن التسبيح هو التنزيه، فناسب تنزيه الله عن صفات الانخفاض كما ناسب تكبيره عند الأماكن المرتفعة، ولا يلزم من كون جهتي العلو والسفل محال على الله ألا يوصف بالعلو من جهة المعنى، والمستحيل كون ذلك من جهة الحس، ولذلك ورد في صفته العالي والعلي والمتعالي، ولم يرد ضد ذلك، وإن كان قد أحاط بكل شيء علمًا جل وعز".
فمن هذين النصين يعلم موافقة الحافظ ابن حجر للأشاعرة في الفوقية
والله تعالي أعلم
ـ[عمار احمد المغربي]ــــــــ[06 - 04 - 07, 10:24 م]ـ
رحمه الله وغفر له
جزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الحجري]ــــــــ[07 - 04 - 07, 12:16 ص]ـ
الأخ عبد المصور , وهل كل ما ذكره الهروي في أبي حنيفة والأشعري صحيح؟ خاصة وأن الهروي رحمه الله كان عنده قدر من الزيادة في مثل هذه الأمور.
ـ[محمد بن فهد]ــــــــ[07 - 04 - 07, 02:04 م]ـ
الأخ عبد المصور , وهل كل ما ذكره الهروي في أبي حنيفة والأشعري صحيح؟ خاصة وأن الهروي رحمه الله كان عنده قدر من الزيادة في مثل هذه الأمور.
أخي الكريم لعلك تراجع هذه المشاركة مرةً أخرى
قال ابن تيمية في الإستقامة (104/ 1)
(شيخ الإسلام أبى إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الهروى لا سيما في المعرفة بأخبار القوم وكلامهم وطريقهم فإنه في ذلك ونحوه من أعلم الناس وكان إماما في الحديث والتفسير وغير ذلك)
قال ابن القيم رحمه الله (176) العلمية
(قول شيخ الإسلام أبي إسماعيل عبد الله الأنصاري رحمه الله تعالى
صاحب كتاب منازل السائرين والفاروق وذم الكلام وغيره صرح في كتابه بلفظ الذات في العلو وأنه استوى بذاته على عرشه قال ولم تزل أئمة السلف تصرح بذلك ومن أراد معرفة صلابته في السنة والإثبات فليطالع كتابيه الفاروق وذم الكلام)
ـ[عبدالرحمن الحجري]ــــــــ[07 - 04 - 07, 02:15 م]ـ
أخي الكريم لا أشك في صلابة الهروي رحمه الله في السنة على مؤاخذات كبيرة عليه غفر الله له. وأما كلام شيخ الاسلام فالمقصود به أخبار الصوفية وكلامهم كما هو واضح من هذا السياق في كتاب الإستقامة.
ـ[عبدالمصور السني]ــــــــ[07 - 04 - 07, 02:50 م]ـ
الاخ محمد بن فهد جزاك الله خيرا على ما افدت به
الاخ عبدالرحمن الحجري بالتأكيد ليس كل ما ذكر صحيح
ولكن كثير مما ذكر صحيح وإن كان لايرضي الكثير في هذا الزمان
فما ذنب من اتبع السلف في جرحهم لاهل البدع
هل اصبح الاتباع ذنبا؟
ـ[حامد الحنبلي]ــــــــ[08 - 04 - 07, 10:41 ص]ـ
في كتاب منهج ابن حجر في العقيدة (من خلال كتابه فتح الباري) عدة مواضع رد فيها ابن حجر على الأشاعرة
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[08 - 04 - 07, 12:31 م]ـ
هل كتاب منهج ابن حجر في العقيدة موجود على النت؟
ومن مؤلفه؟
ـ[عبدالرحمن ناصر]ــــــــ[18 - 04 - 07, 02:11 ص]ـ
في كتاب منهج ابن حجر في العقيدة (من خلال كتابه فتح الباري) عدة مواضع رد فيها ابن حجر على الأشاعرة
ممكن تحيلنا على الصفحات ...
وهل رد عليهم بالاسم الريح لهم؟ مشكورا مأجورا ..(39/358)
أخطاء أهل الكلام في الحديث
ـ[أبو العباس البحريني]ــــــــ[06 - 04 - 07, 07:05 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ...
أرجو وضع أخطاء أهل الكلام الأشاعرة في الحديث و قول العلماء فيهم في هذا المجال ..
كالغزالي و الجويني و الايجي و الرازي ... إلخ
وجزاكم الله خير ..(39/359)
اعتذار الشيخ محمد خليل هراس من شرح بيت في نونية ابن القيم
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[07 - 04 - 07, 12:31 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم:
قال ابن القيم رحمه الله:
ولأي شيء كان أحمد خصمكم أعني ابن حنبل الرضي الشيباني
ولأي شيء كان بعد خصومكم أهل الحديث وعسكر القرآن
ولأي شيء كان أيضاخصمكم شيخ الوجود العالم الحراني
أعني أبا العباس ناصر سنة المختار قامع سنة الشيطان
والله لم يك ذنبه شيئا سوى تجريده لحقيقة الإيمان
إذ جرد التوحيد عن شرك كذا تجريده للوحي عن البهتان
فتجرد المقصود عن قصد له فلذلك لم ينصف إلى إنسان
قال الشيخ محمد خليل هراس: هذا واعتذر للقاريء عن شرح البيت الأخير (فتجرد المقصود عن قصد له .. ) فإني لم أفهمه والله تعالى أعلم ويجوز أن يكون الشيخ قد أراد أن المقصود من التوحيد والوحي قد تجرد عما لصق به من زيادات ومحدثات حين قصد شيخ الإسلام إلى تجريده فلهذا عودي رحمه الله ولم ينصفه من الناس أحد.
شرح القصيدة النونية (1|252) لهراس
فمن كان عنده توجيه آخر أو توضيح فليتفضل؟
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[07 - 04 - 07, 01:24 ص]ـ
إذ جرد التوحيد عن شرك كذا تجريده للوحي عن البهتان
أخي الكريم الشطر الأول آخر كلمة منه جُعلت في الثاني، والشطر الثاني من هذا البيت فيه انكسار، ولعل الصحيح:
إذ جرد التوحيد عن شرك كذا ... تجريده للوحي عن بُهتان
وكلام العلامة الهراس هو ما يُفهم من البيت.
والله أعلم
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[07 - 04 - 07, 10:20 م]ـ
صدقت الصواب عن بهتان فقد سبق قلمي بزيادة الألف واللام(39/360)
كيف نفرق بين العقوبة والبلاء؟؟
ـ[نايف أبو محمد]ــــــــ[07 - 04 - 07, 01:19 ص]ـ
ارجوا من الإخوة الإفادة في هذه المسألة وهي عن
كيفية التفريق بين العقوبة والبلاء التي تقع على بني أدم؟
ـ[نايف أبو محمد]ــــــــ[10 - 04 - 07, 12:21 ص]ـ
للرفع
ـ[عبد الله الشافعي]ــــــــ[10 - 04 - 07, 01:47 ص]ـ
هناك كلام جيد للشيخ ابى اسحاق الحوينى قاله ملخصه انه لا يمكن تحديد هذا الامر إلا الله لكن المطلوب للعبد الصبر
ـ[محمد المصراتي]ــــــــ[10 - 04 - 07, 03:48 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لعلك تقصد العقوبة والابتلاء بالبلاء أو المصائب، فالأول من جنس ما يحدث للكافرين والعصاة، والثاني من جنس ما يحدث للأنبياء والأولياء.
وأظن والله أعلم أن ذلك يتوقف على حال من وقع عليه الأمر:
-فإن كان نبياً جزمنا بأنه ابتلاء، وهو زيادة في رفعته ودرجته.
-وإن كان ولياً أو صالحاً غلب على ظننا أنه ابتلاء، وهو تكفير لذنوبه وزيادة في حسناته ورفعة لدرجاته.
-وإن كان عاصياً مسلماً لم يتب غلب على ظننا أنه عقوبة، وهو تكفير لذنوبه وزيادة في حسناته وتذكير له بربه.
-وإن كان كافراً جزمنا بأنه عقوبة عاجلة، وقد يكون تذكيراً له بربه.
أرجو التصحيح ...
ـ[نايف أبو محمد]ــــــــ[10 - 04 - 07, 07:04 م]ـ
شكرا على مروركم
وارغب منكم في وضع بعض الكتب التي تكلمت عن المسألة
ولكم مني جزيل الشكر
ـ[محمد المصراتي]ــــــــ[12 - 04 - 07, 08:06 ص]ـ
هذا رابط لكلام الشيخ مشهور حسن (الأردن) عن الفرق بين العقوبة والابتلاء، وفيه مراجع وكلام منقول عن ابن تيمية وابن القيم والشاطبي وغيرهم. آمل أن يساعدك هذا.
http://www.aqsasalafi.com/vb/showthread.php?t=34
ـ[محمد مصطفى العنبري الحنبلي]ــــــــ[18 - 04 - 07, 02:04 م]ـ
سألت هذا السؤال للشيخ وصي الله عباس حفظه الله تعالى فأجابني ما محصّله: أن هذا قد ينظر إليه باعتبار حال الشخص و ورعه و إيمانه و تقواه فيكون في حقه بلاء و الناس يعرفون ذلك بخلاف العاصي أو المفسد في الأرض و من علم ظلمه و تعديه و إغراقه في المخارم فهذا لا شك أنه في حقه عقوبة و الله الموفق
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[18 - 04 - 07, 02:41 م]ـ
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -:
إذا ابتلي أحد بمرض أو بلاء سيئ في النفس أو المال، فكيف يعرف أن ذلك الابتلاء امتحان أو غضب من عند الله؟.
فأجاب:
الله عز وجل يبتلي عباده بالسراء والضراء وبالشدة والرخاء، وقد يبتليهم بها لرفع درجاتهم وإعلاء ذكرهم ومضاعفة حسناتهم كما يفعل بالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام والصلحاء من عباد الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل "، وتارة يفعل ذلك سبحانه بسبب المعاصي والذنوب، فتكون العقوبة معجلة كما قال سبحانه: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}، فالغالب على الإنسان التقصير وعدم القيام بالواجب، فما أصابه فهو بسبب ذنوبه وتقصيره بأمر الله، فإذا ابتلي أحد من عباد الله الصالحين بشيء من الأمراض أو نحوها فإن هذا يكون من جنس ابتلاء الأنبياء والرسل رفعا في الدرجات وتعظيما للأجور وليكون قدوة لغيره في الصبر والاحتساب، فالحاصل أنه قد يكون البلاء لرفع الدرجات وإعظام الأجور كما يفعل الله بالأنبياء وبعض الأخيار، وقد يكون لتكفير السيئات كما في قوله تعالى: {من يعمل سوءً يُجز به}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ما أصاب المسلم من همٍّ ولا غم ولا نصب ولا وصب ولا حزن ولا أذى إلا كفَّر الله به من خطاياه حتى الشوكة يشاكها "، وقوله صلى الله عليه وسلم " من يرد الله به خيراً يُصِب منه "، وقد يكون ذلك عقوبة معجلة بسبب المعاصي وعدم المبادرة للتوبة كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا أراد الله بعبده الخير عجَّل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافيه به يوم القيامة " خرجه الترمذي وحسنه.
" مجموع فتاوى ومقالات " (4/ 370، 371).
ـ[ريحانة الإيمان]ــــــــ[22 - 12 - 08, 02:39 م]ـ
هنا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=122317
ـ[نايف أبو محمد]ــــــــ[23 - 12 - 08, 12:51 ص]ـ
بارك الله في الجميع
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[01 - 01 - 09, 01:05 ص]ـ
جزاكم الله خير(39/361)
نظم نواقض الإسلام في أربعة أبيات!!
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[07 - 04 - 07, 08:54 ص]ـ
لما رأيت الأخوين الفاضلين أبي حامد وأبي مهند ذكرا منظومتين لنواقض الإسلام
رأيت أن أدلي بهذي الأبيات من نظم الشيخ عبد العزيز الحربي
يقول:
نواقض الإسلام شرك سحرُ ... أدى لشرك , بغض وحي, سُخرُ
بالدين, أو نصرةُ أهل الشركِ ... على منيب, والرضا ,كالشكِ
بكفرهم ,أو اعتقاده ارتقا ... ملتهم, وأنْ له أن يمرُقا
وجعله الخلقَ وسائطَ إلى ... خالقه يدعوهمُ على الوِلا
والمقصد الأكبر من نظم المسائل العلمية هو تسهيل حفظ العلوم فلا حاجة للزيادات والحشو.
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[07 - 04 - 07, 09:30 ص]ـ
لما رأيت الأخوين الفاضلين أبي حامد وأبي مهند.
تصويب: أبا حامد وأبا مهند
ـ[السنافي]ــــــــ[07 - 04 - 07, 02:50 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[ابو الحسن الأكاديري]ــــــــ[08 - 04 - 07, 04:19 ص]ـ
جزيت خيرا
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[08 - 04 - 07, 06:17 ص]ـ
جزاكم الله خير
ـ[محمد محمود فراج]ــــــــ[09 - 04 - 07, 02:12 ص]ـ
الله اكبر
ـ[أبو أنس الشهري]ــــــــ[10 - 02 - 08, 11:54 م]ـ
جزاك الله خيرا.
ـ[أبو القاسم الحائلي]ــــــــ[11 - 02 - 08, 01:32 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[13 - 02 - 08, 02:22 م]ـ
أخي الحبيب جزاك الله خيراً وزادك حرصاً على توحيده وطاعته ولو قلتَ النواقض العشرة لكان أولى؛ لأن النواقض كثيرة
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[13 - 02 - 08, 03:07 م]ـ
بارك الله فيكم.
قال الشيخ سليمان بن سحمان - رحمه الله تعالى -:
[ .. فقد ذكر أهل العلم: نواقض الإسلام؛ وذكر بعضهم: أنها قريب من أربعمائة ناقض؛ ولكن: الذي أجمع عليه العلماء، هو ما ذكره شيخ الإسلام، وعلم الهداة الأعلام، الشيخ: محمد بن عبد الوهاب، من نواقض الإسلام، وأنها عشرة].
" الدرر السنية في الأجوبة النجدية ". ج 2 ص (360).
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[13 - 02 - 08, 03:14 م]ـ
أخي الحبيب جزاك الله خيراً وزادك حرصاً على توحيده وطاعته ولو قلتَ النواقض العشرة لكان أولى؛ لأن النواقض كثيرة
بارك الله فيك
المقصود نظم نواقض الإسلام العشرة التي ذكرها الشيخ محمد بن عبد الوهاب في رسالته.
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[13 - 02 - 08, 03:19 م]ـ
بارك الله فيكم.
قال الشيخ سليمان بن سحمان - رحمه الله تعالى -:
[ .. فقد ذكر أهل العلم: نواقض الإسلام؛ وذكر بعضهم: أنها قريب من أربعمائة ناقض؛ ولكن: الذي أجمع عليه العلماء، هو ما ذكره شيخ الإسلام، وعلم الهداة الأعلام، الشيخ: محمد بن عبد الوهاب، من نواقض الإسلام، وأنها عشرة].
" الدرر السنية في الأجوبة النجدية ". ج 2 ص (360).
بارك الله فيك
وقد بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله وأجزل له الأجر والثواب ـ لماذا اقتصر على هذه العشرة دون غيرها فقال:
و"كلها من أعظم ما يكون خطراً "
"ومن أكثر ما يكون وقوعاً " ففيه أن هذه كثيرة الوقوع.
ـ[أبو محمد]ــــــــ[13 - 02 - 08, 09:06 م]ـ
بورك فيك أخي ..
وجمعها أحد طلبة العلم في بيتين:
شركٌ، دُعا، تركُ إكفارٍ، وإعراضُ ****** سحرٌ، مظاهرةٌ، تفضيلُ، بغضاءُ
كذا اعتقادُ خروجِ المرء عن سُننٍ ***** هزءٌ، وهذي لعقد الدين إقصاءُ(39/362)
هل من تعريف بالماتريدي
ـ[ابن السكندري]ــــــــ[07 - 04 - 07, 12:37 م]ـ
و هل ثابت انه كان حنفيا اخذ عن تلاميذ ابي حنيفة
و ما هي اقوال علماء فيه؟
و هل حقا عقيدته انقى من عقائد الاشاعرة
و لكم جزيل الشكر
ـ[عبد الله الشافعي]ــــــــ[10 - 04 - 07, 01:56 ص]ـ
و هل ثابت انه كان حنفيا اخذ عن تلاميذ ابي حنيفة
و ما هي اقوال علماء فيه؟
و هل حقا عقيدته انقى من عقائد الاشاعرة
و لكم جزيل الشكر
إليك اخى كلام الشيخ المحمود فى كتابه الماتع موقف ابن تيميه من الاشاعرة
أما الماتريدي: فهو محمد بن محمد بن محمود الماتريدي السمرقندي، أبو منصور، و ماتريد محلة بسمرقند فيما وراء النهر ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn1))، تتلمذ على عدة شيوخ من أشهرهم أبو نصر العياضي ([2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn2)), وأبو بكر الجوزاني ([3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn3))، ومحمد بن مقاتل الرازي ([4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn4))، ونصير بن يحيى ([5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn5)) وغيرهم، كما تتلمذ عليه عدة أشهرهم الحكيم السمرقندي ([6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn6)) وأبو الحسن الرستغفني ([7] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn7))، وأبو محمد البزدوي ([8] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn8))، وغيرهم.
والماتريدي حنفي المذهب هو وشيوخه وشيوخ شيوخه الذين تتلمذوا على أصحاب أبي حنيفة، ولأبي منصور كتب كثيرة في الفقه وأصوله وفي التفسير وعلم الكلام، وغالب كتبه الكلامية في الرد على معتزلة عصره ([9] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn9))، والرد على الباطنية والروافض، ولم يصل إلينا من هذه الكتب سوى كتاب التأويلات المسمى تأويلات أهل النسة، وقد وصل كاملا وله عدة نسخ خطية ([10] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn10))، وكتاب التوحيد الذي طبع بتحقيق فتح الله خليف، وقد نسبت إليه كتب أخرى منها: العقيدة – التي شرحها السبكي ([11] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn11))- وشرح الفقه الأكبر ([12] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn12))، وقد كانت وفاة الماتريدي سنة 333هـ ([13] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn13))،
- منهج الماتريدي وعقيدته:
- لا يبعد الماتريدي كثيرا عن أبي الحسن الأشعري، فهو خصم لدود للمعتزلة، وقد خالفهم في المسائل التي اشتهروا بمخالفة أهل السنة فيها مثل مسائل الصفات، وخلق القرآن، وإنكار الرؤية، والقدرة، وتخليد أهل الكبائر في النار، والشفاعة، وغيرها، وقد ألف في ذلك كتبا مستقلة، ومع ذلك فالماتريدي لم ينطلق في ردوده عليهم من منطلق منهج السلف – رحمهم الله تعالى – وإنما كان متأثرا بمناهج أهل الكلام، ولذلك وافقهم في بعض الأصول الكلامية، والتزم لوازمها فأدى به ذلك إلى بعض المقالات التي لا تتفق مع مذهب السلف، وإنما كان فيها قريبا من مذهب الأشعرية.
ومن المسائل التي تميز بها مذهب الماتريدي:
1 - القول بوجوب النظر وإبطال التقليد في مسائل العقيدة ولذلك يقول: «ثبت أن التقليد ليس مما يعذر صاحبه «([14] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn14)) ، وهذا قريب من مذهب بعض الأشاعرة الذين لا يصححون إيمان المقلد.
2 - ومصادر المعرفة عنده: الأعيان (الحس)، والخير، والنظر ([15] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn15)) .
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/363)
3 - الاستدلال على إثبات الصانع بدليل حدوث الأجسام المبني على عدم خلوها من الأعراض، ومالا يخلو من الحوادث فهو حادث ([16] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn16))، والماتردي لا يقتصر على هذا الدليل، وإنما يذكر أدلة أخرى ([17] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn17))، والعجيب أن الماتريدي يعتز بإجابته أحد شيوخ الاعتزال عن الاعتراض على دليل حدوث الأجسام ([18] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn18)).
4- استدلاله في بعض مسائل العقيدة بالسمع والعقل ([19] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn19)).
5- والماتريدي يثبت الصفات العقلية لله تعالى كالسمع والبصر والقدرة، والإرادة والإحياء والإماتة والرزق، وغيرها من صفات الذات وصفات الفعل ولذلك فهو يقول بأزلية صفات الفعل ومنها صفة التكوين التي قال إنها أزلية، وهي من المسائل الكبار التي تميز بها مذهب الماتريدية عن مذهب الأشعرية، وأصل الخلاف فيها أن الأشاعرة – ومعهم المعتزلة – يقولون: الفعل هو المفعول، فالتكوين أو الخلق هو عين المكون أو المخلوق، لذلك قالوا بحدوث صفات الفعل لله تعالى مثل الخلق، وأن الله لم يكن خالقا ثم خلق، قالوا: فلو قلنا بقدم صفات الفعل لله تعالى للزم من ذلك قدم المفعول، وهذا يبطل القول بقدم الصانع وحدوث العالم. أما الماتريدية فعندهم أن الفعل غير المفعول، والتكوين غير المكون، ولذلك فهم يقولون بأزلية صفات الفعل لله تعالى من الخلق والإحياء والرزق، وإن كان المفعول منها حادثا، يقول الماتريدي بعد كلام: «والأصل أن الله تعالى إذا أطلق الوصف له، وصف بما يوصف به من الفعل، والعلم، ونحوه، يلزم الوصف به في الأزل، وإذا ذكر معه الذي هو تحت وصفه به من المعلوم، والمقدور عليه، والمراد، والمكون، يذكر فيه أوقات تلك الأشياء لئلا يتوهم قدم تلك الأشياء «([20] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn20))، وأوضح في تفسيره فقال في قوله تعالى: {َإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة: 117]: «ثم الآية ترد على من يقول بان خلق الشيء هو ذلك هو ذلك الشيء نفسه، لأنه قال: «إذا قضي أمرا»، ذكر «قضي»، وذكر «أمرا»، وذكر «كن فيكون»، ولو كان التكوين والمكون واحدا لم يحتج إلى ذكر كن في موضع [العبارة ([21] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn21))] عن التكوين، فالكن تكوينه، فيكون المكون، فيدل أنه غيره، ثم لا يخلو التكوين: إما أن لم يكن فحدث، أو كان في الأزل ... «([22] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn22))، ثم رجح أنه موصوف به في الأزل، وأن الشيء يكون في الوقت الذي أراد كونه فيه ([23] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn23))، والماتريدي بنى قوله على الفرار من حلول الحوادث بذاته تعالى الذي يلزم به الأشاعرة حين يقولون بحدوث صفات الفعل لله تعالى ([24] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn24)).
6- والماتريدي من نفاة الصفات الاختيارية لله تعالى تبعا لمنعه حلول الحوادث بذات الله تعالى، ويبني ذلك على مسألة دليل حدوث الأجسام ([25] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn25))، وفي مسألة كلام الله قال بأنه أزلي وأنه لا يتجرأ ولا يتبعض وبنى في الرد على الكعبي والمعتزلة – في قولهم بخلق القرآن – على منع حدوث كلام الله، والقول بأنه أزلي ([26] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn26))، أما ما سمعه موسى – عليه الصلاة والسلام – فالله " أسمعه بلسان موسى، وبحروف خلقها، وصوت أنشأه، فهو أسمعه ما ليس بمخلوق «([27] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn27))، وقد رد شارح الطحاوي – ابن أبي العز – على الماتريدي قوله هذا ([28] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn28))، ويؤول الماتريدي الصفات الفعلية مثل صفة الاستواء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/364)
فيقول – بعد ذكره الأقوال فيه -: " وجملة ذلك أن إضافة كلية الأشياء إليه، وإضافته عزوجل إليها، يخرج مخرج الوصف له بالعلو والرفعة، ومخرج التعظيم له والجلال ... وإضافة الخاص إليه يخرج مخرج الاختصاص له بالكرامة والمنزل ... [و] الأصل فيه أن الله سبحانه كان ولا مكان، وجائز ارتفاع الأمكنة، وبقاؤه على ما كان، فهو على ما كان، وكان على ما عليه الآن، جل عن التغير والزوال والاستحالة والبطلان، إذ ذلك أمارات الحدث التي بها عرف حدث العالم «([29] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn29))، وبعد أن يؤصل الماتريدي هذا الأصل يذكر الأقوال في الاستواء من أنه بمعنى الاستيلاء أو العلو والارتفاع، أو التمام، ثم يرجح التفويض لاحتماله أحد هذه المعاني أو غيرها فيقول: «فيجب القول بالرحمن على العرض استوى، على ما جاء به التنزيل، و ثبت ذلك في العقل، ثم لا تقطع تأويله على شيء لاحتماله غيره مما ذكره، واحتماله أيضاً ما لم يبلغنا مما يعلم أنه غير محتمل شبه الخلق «([30] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn30))، والعجيب أنه يقيس ذلك على مسألة الرؤية.
7 - ينكر الماتريدي أن يكون الله في جهة العلو، ويؤول بعض الأدلة مثل رفع الأيدي إلى السماء تأويلات عجيبة ([31] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn31))، ولذلك فهو يثبت الرؤية ويرى أن الاستدلال لها بالسمع وحده، والرؤية عنده تكون بلا مقابلة ([32] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn32)).
8- يقول بأن الله فاعل مختار على الحقيقة، وهو خالق كل شيء، والعبد مختار لما يفعله وهو فاعل كاسب ([33] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn33))، وبعد أن يذكر قولي الجبرية والقدرية يقول: «والعدل هو القول بتحقيق الأمرين «([34] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn34))، ثم يذكر الفرق في أحوال العبد بين أفعاله الاضطرارية والاختيارية ([35] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn35)).
9- يقسم الماتريدي قدرة العبد واستطاعته إلى قسمين: «أحدهما: سلامة الأسباب وصحة الآلات، وهي تتقدم الأفعال ... والثاني: معنى لا يقدر على تبين حدة الشيء يصار إليه سوى أنه ليس إلى للفعل، لا يجوز وجوده بحال إلى ويقع به الفعل عندما يقع معه ([36] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn36))، والقدرة الثانية هي التي لا تكون إلى مع الفعل – وهذا قول الأشعري – وقد رد الماتريدي على المعتزلة في قولهم «إنها تكون قبل الفعل «([37] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn37))، ومما سبق يتضح أن كسب الماتريدي يعطي العبد الاختيار، وهذا ما يخالف – قليلا – كسب الأشعري، والماتريدي أيضا يقول بأنه لا يجوز تكليف مالا يطاق ([38] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn38)).
10- والماتريدي يميل إلى القول بالتحسين والتقبيح العقلي ([39] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn39))، كما يثبت التعليل والحكمة في أفعال الله تعالى ([40] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn40))، وهذان الأمران يخالف فيهما الأشعري.
11 - والإيمان عند الماتريدي هو التصديق، ومحله القلب، ويستدل لذلك بدليل السمع والعقل ([41] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn41))، ويرى التفريق بين التصديق والمعرفة، ويعقد لذلك مسألة مستقلة ([42] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn42)) ، وهو بهذا يرد على الجهمية القائلين بأن الإيمان هو المعرفة. والماتريدي يرد على القائلين بأن الإيمان قول باللسان ([43] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn43))، كما يرد على الذين يدخلون الأعمال في مسمى الإيمان ([44] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn44))، وعلى ضوء ذلك فالماتريدي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/365)
يمنع من الاستثناء في الإيمان ([45] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn45)).
12- ويوافق الماتريدي أهل السنة في حكم مرتكب الكبيرة، ولذلك فهو يرد على المعتزلة و الخوارج في ذلك ([46] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn46))، ويقرن ذلك بمسألة الشفاعة، وإنها رد عليهم ([47] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn47)).
13- وفي موضوع» الإرجاء «المنسوب إلى الحنفية عقد الماتريدي له مسألة مستقلة، ذكر فيها ما ورد من الأقوال فيه- حيث إن كل طائفة تتهم الأخرى بالإرجاء – كما دافع عما نسب إلى القائلين بعدم دخول الأعمال في مسمى الإيمان من أنهم مرجئة، ويقول: إن تهمة الإرجاء واقعة إما على الجبرية حين أرجت أفعال الخلق إلى الله تعالى ولم تجعل للخلق فيها حقيقة البتة، وإما على من يسميهم بالحشوية حين يستثنون في الإيمان ([48] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn48))، أما مسألة الفرق بين الإيمان والإسلام فيرجع أنهما بمعنى واحد ([49] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftn49)).
هذه أهم أقوال وآراء الماتريدي، التي وردت مفصلة في تفسيره وفي كتاب التوحيد، وبالمقارنة بين أقواله وأقوال أبي الحسن الأشعري يتبين أنهما قد اتفقا في بعض المسائل الأصولية مثل إثبات بعض الصفات، ومنع حلول الحوادث، وصحة دليل حدوث الأجسام، والكسب، وغيرها، ومع ذلك فبينهما عدة فروق أهمها:
أ – إن الماتريدي قال: بأزلية صفة التكوين لله تعالى ولم يفرق بين صفات الذات والفعل.
ب – وانه يقول: بأن موسى سمع الصوت المخلوق حين كلمه ربه تعالى.
جـ - وفي مسألة العلو والاستواء، فالماتريدي ينفي العلو ويؤول الاستواء أو يفوضه، بخلاف الأشعري الذي يثبت العلو والاستواء – وإن روي عنه في الإستواء معنى آخر.
د – قال الماتريدي بالتحسين والتقبيح العقلي، والأشعري قال بالشرعي فقط.
هـ- قول الماتريدي بالتحسين بالحكمة والتعليل، بخلاف الأشعري.
و – منع الماتريدي تكليف مالا يطاق، بخلاف الأشعري الذي جوزه.
ز – وفي الكسب – مع قوله به كما يقول الأشعري – إلا أنه مال إلى إعطاء العبد حرية في الاختيار، ولذلك فقدرة العبد عنده مؤثرة بخلاف الأشعري.
ح – وفي الإيمان قال إنه التصديق وهذا ما قال به الأشعري، إلا أنه خالفه في دخوله الأعمال في الإيمان وجواز الاستثناء فيه، وهذان منعهما الماتريدي.
ط – أما رؤية الله فقد أثبتها الماتريدي سماعا فقط، أما الأشعري فاستدل مع أدلة السمع بدليلين عقليين، أحدهما الوجود، والآخر أن الله يرى الأشياء.
[/ URL]([1]) انظر: معجم البلدان (5/ 32)، وسماها ماثترب، وفي اللباب (3/ 140) ما تريت، قال يقال ما تريد.
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftnref1)([2]) هو: أحمد بن العباس بن الحسين، ينتهي نسبه إلى سعد بن عبادة الأنصاري – رضي الله عنه – أسره الكفار فقتل صبرا في ديار الترك، انظر: الجواهر (1/ 177)، والفوائد البيهة (ص:23)
([3]) اسمه محمد بن أحمد بن رجا، توفي سنة 285هـ، الجواهر (3/ 82، 4/ 29).
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftnref3)([4]) قاضي الري، توفي سنة 248 هـ، قال فيه الذهبي: تكلم فيه ولم يترك، ميزان الاعتدال (4/ 47)، وقال ابن حجر في التقريب (2/ 210) ضعيف، وانظر تهذيب التهذيب (9/ 469)، والجواهر (3/ 372).
([5]) توفي سنة 268هـ، وقيل اسمه نصر، انظر: الجواهر (3/ 546)، والفوائد البهية (221).
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftnref5)([6]) هو: أبو القاسم إسحاق بن محمد بن إسماعيل، توفي سنة 340هـ، الأنساب (4/ 185)، والجواهر المضية (1/ 371).
([7]) هو: أبو الحسن علي بن سعيد – لم يحدد تاريخ وفاته – الجواخر المضية (2/ 458)، وتاج التراجم (ص: 41).
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftnref7)([8]) هو: عبد الكريم بن موسى، المتوفى سنة 390هـ، الجواهر (2/ 570، 4/ 212).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/366)
([9]) منها: كتاب بيان وهم المعتزلة، وكتاب رد الأصول الخمسة لأبي محمد الباهلي، وكتاب رد أوائل الأدلة للكعبي، وكتاب رد وعيد الفساق للكعبي، وكتاب رد تهذيب الجدل للكعبي، وغيرها= =وانظر مصادر ترجمته. وأكثر ردوده على الكعبي لأنه عند المعتزلة إمام أهل الأرض، كما يقول الماتريدي في التوحيد (ص: 49).
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftnref9)([10]) انظر في أماكن وجودها: تاريخ التراث، سزكين (2/ 378 - 379) – ط القاهرة – وقد طبع الجزء الأول من تفسير الماتريدي بتحقيق إبراهيم عوضين والسيد عوضين، ضمن منشورات المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في القاهرة، سنة 1391هـ، كما طبع الجزء الأول في بغداد.
([11]) من أسباب القول بأنها منسوبة إليه أنها تتعرض للخلاف بين الأشعرية والماتريدية، والماتريدي معاصر للأشعري، وليس بينهما أي التقاء، لذلك فلا يمكن أن تكون من تأليف الماتريدي، وانظر كتاب: إمام أهل السنة والجماعة أبو منصور الماتريدي وآراؤه الكلامية لعلي عبد الفتاح المغربي (ص: 28 - 29)، ومصطلح الأشعرية كطائفة نشأت بعد الأشعري بوقت طويل.
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftnref11)([12]) طبع الكتاب في الهند ضمن الرسائل السبعة في العقائد، ومما يدل على أنه ليس من كتب الماتريدي ذكره للأشعرية، انظر الكتاب المذكور – شرح الفقه الأكبر – (ص: 10،13، 23، 25) وفي (ص: 24)» وسئل أبو منصور عن صفات الله تعالى ما هي؟ قال: لا هو ولا غيره، قيل له .. «. وفي (ص: 17 وص: 31) ما يشير إلى احتمال أن يكون من تأليف الفقيه أبي الليث نصر بن محمد بن أحمد السمرقندي المتوفى سنة 373 هـ وقيل سنة 393هـ، انظر ترجمته في: الجواهر (3/ 544)، وتاج التراجم (ص: 79)، ومقدمة تحقيق تفسيره» بحر العلوم «(1/ 45 - 94).
([13]) لم يخط الماتريدي بالعناية من جانب أصحاب التواريخ والتراجم، حتى كتب الطبقات الحنفية ترجمت له ترجمات مختصرة، انظر: الجواهر (3/ 360)، وتاج التراجم (ص:59)، والفوائد البهية (ص: 195)، ومفتاح السعادة – طاش كبرى زاده – (2/ 251)، وبروكلمان (4/ 41)، وسزكين (2/ 378)، وانظر: مقدمة تحقيق التوحيد (ص: 11) وما بعدها، ومقدمة تحقيق تفسيره (1/ 9).
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftnref13)([14]) التوحيد (ص: 3)، وانظر كلامه حول النظر (ص:135 - 137).
([15]) انظر: المصدر السابق (ص: 7 - 11).
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftnref15)([16]) انظر: المصدر نفسه (ص: 12 - 17)، وانظر: (ص: 43).
([17]) انظر: المصدر نفسه (ص: 17 - 19)، ولكنه في (ص: 231) و (ص: 233) يقول كلاما يدل على أن إثبات الصانع ليس له دليل إلا حدوث الأجسام.
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftnref17)([18]) انظر: المصدر نفسه (ص: 137 - 138).
([19]) انظر: المصدر نفسه (ص:4،1،4،44،56،373،381،382).
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftnref19)([20]) التوحيد (ص:47).
([21]) في المطبوع: العبادة، وكذا تكررت في الصفحة نفسها – قبل خمسة أسطر – وهو خطأ مطبعي أو وهم من المحقق.
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftnref21)([22]) تأويلات أهل السنة للماتريدي (1/ 268).
([23]) انظر: المصدر السابق، الصفحة نفسها.
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftnref23)([24]) انظر: إمام أهل السنة والجماعة» الماتريدي «(ص: 181 - 182)، والروضة البهية (ص:39 - 43).
([25]) انظر: التوحيد (ص: 53 - 69).
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftnref25)([26]) انظر: المصدر السابق (ص: 53).
([27]) التوحيد (ص: 59).
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftnref27)([28]) انظر: شرح الطحاوية (ص:190) – ط المكتب الإسلامي-.
([29]) التوحيد (ص: 68 - 69).
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftnref29)([30]) التوحيد (ص:74)، وانظر: تفسير الماتريدي (1/ 84/85) –المطبوع -.
([31]) انظر: التوحيد (ص:75 - 79).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/367)
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftnref31)([32]) انظر: المصدر السابق (ص: 77 - 85).
([33]) انظر: المصدر نفسه (ص: 225 - 226 - 233).
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftnref33)([34]) المصدر السابق (ص: 229).
([35]) انظر: المصدر السابق – الصفحة نفسها.
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftnref35)([36]) المصدر السابق (ص: 256).
([37]) انظر: تفسير الماتريدي (1/ 181)، وانظر: التوحيد (ص:258 - 262).
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftnref37)([38]) انظر: التوحيد (ص: 263 - 277).
([39]) انظر: التوحيد (ص:100، 178).
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftnref39)([40]) انظر: التوحيد (ص: 177، 216 - 217).
([41]) انظر: المصدر نفسه (ص: 373 - 378).
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftnref41)( ن) ?انظر: المصدر نفسه (ص: 380 - 381).
([43]) وهم الكرامية، انظر: تفسير الماتريدي (1/ 44)، والتوحيد (ص: 376 - 378).
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftnref43)([44]) انظر: كتاب التوحيد (ص: 378 - 379).
([45]) انظر: المصدر السابق (ص: 388 - 392).
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftnref45)([46]) انظر: تفسير الماتريدي (1/ 73)، والتوحيد (ص: 323 - 365).
([47]) انظر: التوحيد (ص:365 - 373).
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftnref47)([48]) انظر: المصدر السابق (ص: 381 - 385).
[ URL="http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=570388#_ftnref49"]([49]) انظر: المصدر نفسه (ص: 393 - 401).
ـ[عبد الله الشافعي]ــــــــ[10 - 04 - 07, 02:00 ص]ـ
والشيخ عقد مقارنة بين الماتريدي والاشعرى بعد هذا الكلام فراجعه للاسفادة(39/368)
صفة الذات والشيء
ـ[حذيفة الفلسطيني]ــــــــ[08 - 04 - 07, 12:14 ص]ـ
هل يصح أن نصف الله بالذات أو أنّه شئ وما الذليل على ذلك
ـ[أيوب بن عبدالله العماني]ــــــــ[08 - 04 - 07, 12:25 م]ـ
عفوا .. تكرار ..
ـ[أيوب بن عبدالله العماني]ــــــــ[08 - 04 - 07, 12:27 م]ـ
أحسن الله إليك .. ربما أخذت ذلك من قوله تعالى: {ليس كمثله شئ} فما دام مثل، والتمثيل يدل على المقارنة .. ولكن أيظا قال تعالى: {كل شئ هالك إلا وجهه} فقد قطع بلا استثناء على أن الأشياء كلها هالكة عداه جل جلاله! وعند تتبع الآيات لا ترى إلا أن كل ما عدا الله شئ - مما باين ذاته وصفاته - .. بل وجاء النص على أن كل شئ فانٍ هالك إلا هو .. وأذكر هذا الكلام من شيخنا محمد بن صالح العثيمين .. أما عن الذات فإنه وصف لدلالة أصل المشار إليه .. ولا يصح أن نستعمل وصف الإشارة على أنه هو نفسه المشار إليه .. يقال ذات الله - والذات هنا جاءت للإشارة إلى صاحب الوصف - فكيف يقال هو إشارة وفي نفس الوقت مشار إليه؟ ذلك يمتنع أحسن الله إليك (إبتسامة) فإنك لا تقدر أن تقول فلان يكفر بذات الله - لأن الذات غير الله وإلا لما كان من معنى للفصل إلا لأنه معنى آخر - .. وفلان يكفر بالذات .. والذات هي الإشارة، والمشار إليه بها هو صاحب الذات جل جلاله .. ما أدري واضحة أم لا؟
ـ[محمد أبا الخيل]ــــــــ[08 - 04 - 07, 09:56 م]ـ
ألم يأت عن إبراهيم عليه السلام إطلاق الذات، وأنه لم يكذب غير ثلاث مرات في ذات الله سبحانه
وجاء في قول الصاحبي رضي الله عنه - أنسيت اسمه - عندما عذّب
في ذات الإله وإن يشأ ...... يبارك على أجزاء شلو ممزق
ـ[أيوب بن عبدالله العماني]ــــــــ[09 - 04 - 07, 11:25 ص]ـ
ألم يأت عن إبراهيم عليه السلام إطلاق الذات، وأنه لم يكذب غير ثلاث مرات في ذات الله سبحانه
لا أدري إن كان هذا استشكالا ولكن نمضي فيه بغية المذاكرة والإستفادة .. الحديث الذي تفضلتم به رواه الإمام البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: " لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات، اثنتين منهم في ذات الله عزوجل، قوله: {إني سقيم} وقوله: {بل فعله كبيرهم هذا}، وقال بينا هو ذات يوم وسارة إذ أتى على جبار من الجبابرة، فقيل: له إن هاهنا رجلا معه امرأة من أحسن الناس! فأرسل إليه فسأله عنها فقال من هذه؟ قال أختي .... " إلى آخر الحديث .. فالان لو تلاحظ أن ذات الله أتت هنا في غير شئ من أوصاف الله - المسماة بالذاتية عند أهل الأصول - بينما الحديث قال في ذات الله! قال النووي في شرح مسلم: ذات الله أي لأجله .. فيظهر لنا بأن بعض الكلمات غير محصورة المعنى، والذات هنا في هذا الحديث الذي استدللتم به لا علاقة له بالسؤال ولا بالجواب السابقين .. لأن معناها عند الأخ في الإستعمال الأصولي غير مقصود به في هذا الحديث إطلاقا .. ولو تأملت في كلام النووي عن الذات بانه (لأجله) لم تجد معنى خاصا لكلمة لأجله إلا عموم أوصاف الله تعالى الخاصة به التي لا يمكن أن تجرؤ فتسميها غير أنها صفات ذاتية .. لأن صفاته نوعان .. صفات فعلية، وصفات ذاتية .. أما الفعلية فهي المتعدية إلى خلقه، وأما الصفات الذاتية فهي التي اختص بها - من أصاف إلهية - .. مثل ما لا نستطيع أن نذهب إلى القول على الله بأنه ذا نفس مثل ما هو حال مخلوقاته، عندنا قال: {واصطنعتك لنفسي} لأن النفس لدى المخلوقات إنما يدل على التنفس وإلا لما صح وصفه بالنفس إن كان ميتا! ولكن تنكسر هذه المفاهيم إذا وصف ربنا جل جلاله نفسه بها بألفاظ مشابهة لا الذات تدل عند الله على ما تدل في المخلوقات، ولا النفس لها المعنى القاصر الذي في ا لمخلوقات .. فذاته ذات حقيقية كما علمنا في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم و النفس نفس حقيقية غير ذات ونفس المخلوقات الفانية .. وعليه فإنه لا يستطيع أحد أن ينسب الصفات الإلهية ا لخاصة بالله عزوجل بغير صفات الذات .. وكون البشر قد ذهبوا في معاني كلمة (ذات) مناحي متفرقة .. ولا يجوز إطلاق الوصف على الله جل جلاله بأنه ذات .. أو أ نه نفس .. ولكن له ذاتا .. وله نفسا .. وزيادة التعمق في ذلك يوقعنا في حرج القول عليه جل جلاله بغير علم .. وحسبنا ما جاء به النص فنحن نصرفه إلى أظهر المعاني وأشدها تقديسا لربنا عزوجل .. والله أعلم.
ـ[أبو الأشبال الأثري]ــــــــ[20 - 04 - 07, 03:40 م]ـ
أما الذات فيجوز من باب الخبر لا الصفة لعدم ثبوته ..
وأما الشيء فهو ثابت وصفًا لله تعالى ..
ـ[أبو الأشبال الأثري]ــــــــ[20 - 04 - 07, 03:41 م]ـ
الأخ لواء السنة ...
المقام عظيم فأرجو أن لا تتفوه بكلمة إلا بعلم ..
ـ[أبو المنذر إيهاب أحمد]ــــــــ[07 - 05 - 07, 01:21 م]ـ
لواء السنة
قف شعر رأسى لقولك
لأن الذات غير الله
أما قولك
فإنك لا تقدر أن تقول فلان يكفر بذات الله
قلتُ: إنك لجرئ
.......................
المفضال الأثري
حنانيك أبا الأشبال
قل أى شئ أكبر شهادة ... الآية
أتيك بغيتك؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/369)
ـ[أبو عمر المقدسي]ــــــــ[07 - 05 - 07, 11:28 م]ـ
جاء في كتاب صفات الله الواردة في الكتاب والسنة للشيخ علوي السقاف
? الذَّاتُ
يصح إضافة لفظة (الذات) إلى الله عَزَّ وجَلَّ؛ كقولنا: ذات الله، أو: الذات الإلهية، لكن لا على أنَّ (ذات) صفة له، بل ذات الشيء بمعنى نفسه أو حقيقته.
وقد وردت كلمة (ذات) في السنة أكثر من مرة، ومن ذلك:
1 - ما رواه: البخاري (3358)، ومسلم (2371)؛ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((إنَّ إبراهيم لم يكذب إلا ثلاث كذبات، اثنتين في ذات الله)).
2 - وما رواه البخاري (3045) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة مقتل خبيب الأنصاري رضي الله عنه، وقوله:
على أي شِقٍّ كان في الله مصْرعِي
يُبَارِكْ على أوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ))
((ولَسْتُ أبالي حَيْنَ أُقْتَلُ مسلماً
وذلكَ في ذاتِ الإلهِ وإنْ يَشأْ
وقد أفرد قَوَّام السُّنَّة في ((الحجة في بيان المحجة)) (1/ 171) فصلاً في الذات، فقال: ((فصل في بيان ذكر الذات))، ثم قال: ((قال قوم من أهل العلم: ذات الله حقيقته. وقال بعضهم: انقطع العلم دونها. وقيل: استغرقت العقول والأوهام في معرفة ذاته. وقيل: ذات الله موصوفة بالعلم غير مدركة بالإحاطة ولا مرئية بالأبصار في دار الدنيا، وهو موجود بحقائق الإيمان على الإيقان بلا إحاطة إدراك، بل هو أعلم بذاته، وهو موصوف غير مجهول، وموجود غير مدرك، ومرئي غير محاط به؛ لقربه، كأنك تراه، يسمع ويرى، وهو العلي الأعلى، وعلى العرش استوى تبارك وتعالى، ظاهرٌ في ملكه وقدرته، قد حجب عن الخلق كنه ذاته، ودلهم عليه بآياته؛ فالقلوب تعرفه، والعقول لا تكيفه، وهو بكل شيء محيط، وعلى كل شيء قدير)) اهـ.
وقال شيخ الإسلام في ((مجموع الفتاوى)) (6/ 206): ((اسم (الله) إذا قيل: الحمد لله، أو قيل: بسم الله؛ يتناول ذاته وصفاته، لا يتناول ذاتاً مجردة عن الصفات، ولا صفات مجردة عن الذات، وقد نص أئمة السنة كأحمد وغيره على أنَّ صفاته داخلة في مسمى أسمائه، فلا يقال: إنَّ علم الله وقدرته زائدة عليه، لكن من أهل الإثبات من قال: إنها زائدة على الذات. وهذا إذا أريد به أنها زائدة على ما أثبته أهل النفي من الذات المجردة؛ فهو صحيح؛ فإن أولئك قصروا في الإثبات، فزاد هذا عليهم، وقال: الرب له صفات زائدة على ما علمتموه. وإن أراد أنها زائدة على الذات الموجودة في نفس الأمر؛ فهو كلام متناقض؛ لأنه ليس في نفس الأمر ذات مجردة حتى يقال: إنَّ الصفات زائدة عليها، بل لا يمكن وجود الذات إلا بما به تصير ذاتاً من الصفات، ولا يمكن وجود الصفات إلا بما به تصير صفات من الذات، فتخيل وجود أحدهما دون الآخر، ثم زيادة الآخر عليه تخيل باطل)) اهـ.
وقال في ((مجموع الفتاوى)) (6/ 142) أيضاً: ((ويفرق بين دعائه والإخبار عنه؛ فلا يدعى إلا بالأسماء الحسنى، وأما الإخبار عنه؛ فلا يكون باسم سيء، لكن قد يكون باسم حسن، أو باسم ليس بسيء، وإن لم يحكم بحسنه؛ مثل اسم: شيء، وذات، وموجود000)) اهـ.
وانظر كلامه رحمه الله عن الذات في ((مجموع الفتاوى)) (5/ 330و338).
وقال الشيخ عبد الله الغنيمان في ((شرحه لكتاب التوحيد من صحيح البخاري)) (1/ 245): ((وبعض الناس يظن أنَّ إطلاق الذات على الله تعالى كإطلاق الصفات؛ أي أنه وصف له، فينكر ذلك بناء على هذا الظن، ويقول: هذا ما ورد، وليس الأمر كذلك، وإنما المراد التفرقة بين الصفة والموصوف، وقد تبين مراد الذين يطلقون هذا اللفظ؛ أنهم يريدون نفس الموصوف وحقيقته فلا إنكار عليهم في ذلك؛ كما وضحه كلام شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم))
http://saaid.net/book/open.php?cat=1&book=129(39/370)
الرد على من قال الله في كل مكان بذاته ... ابن عثيمين
ـ[أبو عمر المقدسي]ــــــــ[08 - 04 - 07, 12:28 م]ـ
السؤال: جزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء السائل سالم سليم من شمال سيناء يقول عندنا جماعة يقولون بأن الله في كل مكان بذاته ونقول لهم إن الأمر ليس كذلك إن الله في السماء ونقول لهم الرحمن على العرش استوى ولم يقتنعوا بقولنا ومصرون على ما هم عليه السؤال هل هم كفار وهل يلحق بهم من اتبعهم وهم على جهل أم ماذا يقال عنهم أنا قرأت في بعض الكتب بأن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول أنا لو قلت بمقالتكم كنت كافر وأنتم عندي لا تكفرون لأنكم جهال فما القول الصحيح في هؤلاء مأجورين؟
الشيخ: القول الصحيح في هذا ما قاله شيخ الإسلام رحمه الله إذا كانوا جهالاً فإنهم لا يكفرون وأما إذا كانوا عالمين بأن الله في السماء ولكنهم استكبروا وأبوا إلا أن يقولوا أنه الأرض فهم كفار ولا يخفى أنه يلزم على هذا القول لوازم باطلة جداً جداً لأنك إذا قلت إن الله في كل مكان لزم من هذا أن يكون في المراحيض والعياذ بالله والحشوش والمواضئ والأماكن القذرة ومن يصف ربه بهذا لا يمكن لمؤمن أن يصف ربه بهذا أبداً وأما ما يوجد من بعض الناس في هذه المسألة الواجب أن يجادل بالتي هي أحسن كما قال الله عز وجل (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن).
السؤال: هذا السائل من الأمارات العربية المتحدة العين يقول كيف تفسر المعية في قوله تعالى (وهو معكم أينما كنتم)؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين معية الله تبارك وتعالى لخلقه حقيقية أضافها الله إلى نفسه في عدة آيات وهي أنواع النوع الأول معية تقتضي النصر والتأييد مع الإحاطة مثال ذلك قول الله تبارك وتعالى لموسى وهارون (إنني معكما أسمع وأرى) وقول الله تبارك وتعالى عن نبيه محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) وصاحبه هنا هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه بالإجماع ومعيةٌ أخرى تقتضي التهديد والتحذير ومثاله قوله تعالى (يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا) ومعيةٌ تقتضي العلم والإحاطة بالخلق كما في قول الله تعالى (ما يكون من نجوى ثلاثةٌ إلا وهو رابعهم ولا خمسة إلا وهو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا وهو معهم أينما كانوا) هذه المعية الحقيقة لا تعني أن الله تعالى مع الخلق في الأرض كلا والله فإن الله سبحانه وتعالى فوق كل شئ كما قال الله تعالى (وهو القاهر فوق عباده) وقد دل الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة على علو الله تبارك وتعالى وأنه فوق كل شيء وتنوعت الأدلة من الكتاب والسنة على علو الله تبارك وتعالى واستمع قال الله تعالى (وهو العلي العظيم) قالها في أعظم آيةٍ من كتاب الله وهي آية الكرسي والعلي من العلو وقال تعالى (سبح اسم ربك الأعلى) والأعلى وصف تفضيل لا يساميه شيء وقال الله تبارك وتعالى (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه) وقال تعالى (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً فستعملون كيف نذير) والآيات في هذا كثيرة والسنة كذلك دلت على علو الله تعالى قولاً من الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفعلاً وإقراراً فكان يقول صلى الله عليه وسلم ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء وكان يقول سبحان ربي الأعلى ولما خطب الناس يوم عرفة وهو أكبر اجتماعٍ للنبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه قال ألا هل بلغت قالوا نعم قال اللهم اشهد يرفع أصبعه إلى السماء وينكتها إلى الناس اللهم يشير إلى الله عز وجل في السماء اشهد يعني على الناس أنهم أقروا بالبلاغ أي بتبليغ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إياهم وأتي إليه بجارية مملوكة فقال لها أين الله قالت في السماء فقال لسيدها اعتقها فإنها مؤمنة وأقرها على قولها إن الله في السماء وأما الصحابة والتابعون لهم بإحسانٍ وأئمة الهدى من بعدهم فكلهم مجمعون على علو الله تعالى وأنه فوق كل شئ لم يرد عن واحدٍ منهم حرفٌ واحد أن الله ليس في السماء أو ليس فوق عباده ولهذا يجب على المؤمن أن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/371)
يعتقد بقلبه اعتقاداً لا شبهة فيه بعلو الله تعالى فوق كل شيء وأنه نفسه جل وعلا فوق كل شئ وكيف يعقل عاقل فضلاً عن مؤمن أن يكون الله تعالى مع الإنسان في كل مكان أيمكن أن يتوهم عاقل بأن الإنسان إذا كان في الحمام يكون الله معه إذا كان في المرحاض يكون الله معه إذا كان واحد من الناس في الحجرة في بيته وآخر من الناس في المسجد يكون الله هنا وهناك الله واحدٌ أم متعدد إن الإنسان الذي يقول الله في كل مكان بذاته يلزمه أحد أمرين لا ثالث لهما إما أن يعتقد أن الله متعددٌ بحسب الأمكنة وإما أن يعتقد أنه أجزاءٌ بحسب الأمكنة وحاشاه من ذلك لا هذا ولا هذا إنني أدعو كل مؤمنٍ بالله أن يعتقد اعتقاداً جازماً بأن الله تبارك وتعالى في السماء لا يحصره مكان وإني أخشى من لم يعتقد ذلك أن يلقى الله تعالى وهو يعتقد أن الله في كل مكان أخشى أن يلقى الله على هذا الحال فيكون مجانباً للصواب والصراط المستقيم عباد الله لا تلفظوا بأقوال من أخطئوا من أهل العلم اقرءوا القرآن بأنفسكم واعتقدوا ما يدل عليه هل يمكن أن يقرأ قارئ (وهو العلي العظيم) (وهو القاهر فوق عباده) (سبح اسم ربك الأعلى) ثم يعتقد أنه في المكان الذي هو فيه يعني الذي الإنسان فيه لا يمكن أبداً وأما قول هؤلاء الذين أخطئوا وجانبوا الصواب وخالفوا الصراط إن المراد بذلك علو المكانة فكلا والله إن هؤلاء أنفسهم إذا دعوا الله يرفعون أيديهم إلى السماء إلى من دعوا وهل هذا إلا فطرة مفطورٌ عليها كل الخلق العجوز في خدرها تؤمن بأن الله تعالى فوق كل شئ فالفطرة إذاً دالة على علو الله تعالى نفسه فوق كل شئ العقل كذلك يدل على هذا فإنه من المعلوم أن العلو صفة كمال وأن السفول صفة نقص وأيهما أولى أن نصف رب العالمين بصفة الكمال أو بصفة النقص كل مؤمن يقول له صفة الكمال المطلق ولا يمكن أن يوصف بالنقص بأي حالٍ من الأحوال إذا علمت ذلك فقد يتراءى لك أن هذا ينافي قول الله تعالى (وهو معكم أينما كنتم) فأقول لك أيها الأخ المسلم إنه لا ينافيه لأن الله سبحانه وتعالى ليس كعباده ليس كالمخلوق ليس كمثله شئ وهو السميع البصير وهو أعلى وأجل مما يتصوره الإنسان ولا يمكن أن يحيط الإنسان بالله علماً كما قال عن نفسه (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علماً) فهو وإن كان في السماء فوق كل شئ فهو مع العباد لكن ليس معناه أنه في أمكنتهم بل هو محيطٌ بهم علماً وقدرةً وسلطاناً وغير ذلك من معاني ربوبيته فإياك يا أخي المسلم أن تلقى الله على ضلال اقرأ قول الله تعالى (وهو القاهر فوق عباده) ثم اقرأ (وهو معكم أينما كنتم) ثم آمن بهذا وهذا واعلم أنه (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) فيجب على الإنسان أن يؤمن بأن الله فوق كل شئ بأن الله نفسه فوق كل شئ بأنه ليس حالاً في الأرض ولا ساكناً فيها ثم يؤمن مرةً أخرى بأنه تعالى له عرشٌ عظيم قد استوى عليه أي علا عليه علواً خاصاً غير العلو المطلق علواً خاصاً يليق به جل وعلا وقد ذكر الله استواءه على العرش في سبعة مواضع من القرآن كلها بلفظ (استوى على) واللغة العربية التي نزل بها القرآن تدل على أن (استوى على) أي علا عليه كما في قول الله تبارك وتعالى (وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكرون نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون) وقد أجمع الصحابة رضي الله عنهم على أن استواء الله على العرش استواءٌ حقيقي وهو علوه جل وعلا على عرشه لم يرد عن أحدٍ منهم تفسيرٌ ينافي هذا المعنى أبداً وهنا أعطيك قاعدة وهو أنه وهي أنه إذا جاء في الكتاب والسنة لفظٌ يدل على معنى ولم يرد عن الصحابة خلافه فهذا إجماعٌ منهم على أن المراد به ظاهره وإلا لفسروه بخلاف ظاهره ونقل عنهم ذلك وهذه قاعدةٌ مفيدة في تحقيق الإجماع في مثل هذه الأمور وأما من فسر (استوى على العرش) بأنه استولى عليه فتفسيره خطاٌ ظاهر وغلطٌ واضح فإن الله استولى على العرش وغيره فكيف نقول إنه استوى على العرش خاصة يعني استولى عليه ثم إن الآيات الكريمة تأبى ذلك أشد الإباء اقرأ قول الله تعالى (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش) فلو فسرت استوى بمعنى استولى لكان العرش قبل ذلك ليس ملكاً لله بل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/372)
هو ملكٌ لغيره وهل هذا معقول هل يمكن أن يتفوه بهذا عاقل فضلاً عن مؤمن أن العرش كان مملوكاً لغير الله أولاً ثم كان لله ثانياً ألا فليتقي الله هؤلاء المحرفون للكلم عن مواضعه وأن يقولوا عن ربهم كما قال ربهم عن نفسه جل وعلا فهم والله ليسوا أعلم بالله من نفسه وليسوا أعلم بالله من رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولم يرد عنه أنه فسر هذا اللفظ بما فسر به هؤلاء وليسوا أعلم بالله وصفاته من صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولم يرد عنهم أنهم فسروا الاستواء بالاستيلاء على العرش ألا فليتقي الله امرؤ ولا يخرج عن سبيل المؤمنين بعد ما تبين له الهدى فإنه على خطرٍ عظيم إن العلماء الذين سبقوا وأتوا من بعد الصحابة والتابعين لهم بإحسان وفسروا الاستواء بالاستيلاء نرجو الله تبارك وتعالى أن يعفو عن مجتهدهم وأن يتجاوز عنهم وليس علينا أن نتبعهم بل ولا لنا أن نتبعهم فيما أخطئوا به ونسأل الله لهم العفو عما أخطأوا به بعد بذل الاجتهاد ونرجو الله أن يوفقنا للصواب وإن خالفناهم ولا يغرنك أيها الأخ المسلم ما تتوهمه من كثرة القائلين بهذا أي بأن استوى بمعنى استولى فإنهم لا يمثلون شيئاً بالنسبة للإجماع السابق فالصحابة كلهم مجمعون على أن (استوى على العرش) أي علا عليه لم يرد عن واحدٍ منهم حرفٌ واحد أنه استولى عليه فهم مجمعون على هذا وكذلك الأئمة من بعدهم أئمة المسلمين وزعمائهم كالإمام أحمد وغيره إن بينك وبين الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أزمنة وعلماء لا يحصيهم إلا الله عز وجل فعليك بمذهب من سلف ودع عنك من خلف فالخير كل الخير فيمن سلف وليس فيمن خلف أيها الأخ المسلم المستمع إنني لم أطل عليك في هذين الأمرين علو الله عز وجل واستوائه على عرشه والأمر الثالث معيته لخلقه إلا لأن الأمر خطير ولأنه قد ضلت فيه أفهام وزلت فيه أقدام فعليك بمذهب من سلف ودع عنك من أخطأ ممن خلف أسأل الله أن يوفقنا جميعاً للصواب وأن يتوفانا على العقيدة السليمة الخالصة من كل شوب.
ـ[فايز العريني]ــــــــ[09 - 04 - 07, 12:55 م]ـ
بارك الله فيكم اخي الحبيب ورحم الله شيخنا ابن عثيمين
ـ[أبو عمر المقدسي]ــــــــ[10 - 04 - 07, 12:08 ص]ـ
وفيك بارك الله(39/373)
هل يجوز الإخبار عن الله بم لم يرد في القرآن والسنة؟
ـ[إسلام بن منصور]ــــــــ[09 - 04 - 07, 02:16 ص]ـ
هل يجوز الإخبار عن الله بم لم يرد في القرآن والسنة؟ وما هي ضوتبط ذلك، وما الأدلة على المسألة من القرآن والسنة؟
ـ[هانى محمد]ــــــــ[09 - 04 - 07, 03:00 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بإذن الله تجد الأجابة فى هذا الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=481995#post481995
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ـ[بن عباس]ــــــــ[09 - 04 - 07, 06:46 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
هناك رسالة صغيرة بعنوان:
" شرعية الإخبار عن الله بما لم يأت به قرآن ولا سنة "
لأبي عبد الله المصري
وانا لا اعرف المؤلف وقدم له:
محمود عبد الرازق الرضواني وعبد الله بن عبد العزيز
واورد فيه المؤلف بعض الألفاظ الوارده عن السلف " ولا اعلم اسانيدها
ـ[إسلام بن منصور]ــــــــ[09 - 04 - 07, 10:07 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
هناك رسالة صغيرة بعنوان:
" شرعية الإخبار عن الله بما لم يأت به قرآن ولا سنة "
لأبي عبد الله المصري
وانا لا اعرف المؤلف وقدم له:
محمود عبد الرازق الرضواني وعبد الله بن عبد العزيز
واورد فيه المؤلف بعض الألفاظ الوارده عن السلف " ولا اعلم اسانيدها
لقد اطلعت عليها، ولم أجد فيها ما يشفي العليل، ويروي الغليل(39/374)
هل يكفر من فضل وليا على نبى وما الدليل؟
ـ[ابن عبد الغنى]ــــــــ[09 - 04 - 07, 03:17 ص]ـ
السلام عليكم ايها الاحباب
معلوم ان من بين عقائد الروافض القول بافضلية الائمه الاثنى عشر على الانبياء وممن اعتقد هذا
المعتقد بعض المتصوفه الذين زعموا ان اولياءهم افضل من الانبياء حتى قال قائلهم لقد ولجنا بحرا
وقف الانبياء على ساحله والسؤال ايها الاحباب هل هذا الاعتقاد مكفر بذاته وان كان مكفرا فأين
الدليل القطعى الدلاله ارجو ممن لديه علم ان يدلى بدلوه بحياد تام فالامر يتعلق بخروج مسلم
من المله فهو امر خطير ولا ينبغى ان نتسرع ونحكم على الامر ويحركنا بغض مسبق للرافضه
والمتصوفه نرجو العون وجزاكم الله خيرا
ـ[أسامة عباس]ــــــــ[09 - 04 - 07, 01:28 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
قال تعالى: ?وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ? سورة الأنعام ..
فتفضيل الأولياء على الأنبياء -صلى الله عليهم وسلم- تكذيب لقول الله تعالى أنه فضّلهم على العالمين ..
بارك الله فيكم ..
ـ[ابن عبد الغنى]ــــــــ[10 - 04 - 07, 08:47 م]ـ
اخى الكريم أشكرك على مرورك الكريم وجزاك الله خيرا للافاده ولكن ليتسع لى صدرك من باب المدارسه اقول الروافض يزعمون انهم يؤمنون بالايه وانها حق ولكن تفسيرهم لها ان قوله تعالى وكلا فضلنا على العالمين اى على عالمى زمانهم اى ان كل نبى فضله الله على اهل زمانه اما رسول الله واهل بيته (الائمه) فهم مفضلون على سائر البشر وهنا السؤال اخى الكريم
ان كانوا لايكذبون بالايه ولكن لهم فيها تأويل فهل يكفرون بهذا الاعتقاد؟ خاصة وان كثيرا من مفسرى السنه قال بهذا القول انهم مفضلون على عالمى زمانهم (اى الانبياء)
صلوات الله عليهم اجمعين
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[11 - 04 - 07, 07:18 ص]ـ
لا يظهر أنه يكفر
والآية تفسر بما ذكره أخونا ابن عبدالغني
ـ[شتا العربي]ــــــــ[11 - 04 - 07, 09:12 ص]ـ
إذا كانوا يُقرِّون بتفضيل الأنبياء على أهل زمانهم فكيف لا يُقرون بتفضيلهم على من تلاهم؟
خاصة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم).
فإذا كان هو صلى الله عليه وسلم أفضل من قرنه الذين هم خير القرون فهذا يعني قطعًا أنه أفضل ممن هم أقل منهم في الأفضلية.
يعني أنه صلى الله عليه وسلم إذا كان أفضل من أفضل القرون فهو صلى الله عليه وسلم أفضل ممن هم أقل منهم.
أما مسألة التكفير وعدمه (والكلام هنا عن التكفير عامة وليس عن تكفير شخص بعينه) فهو يرجع في هذه المسألة إلى سؤال:
هل تفضيل الأنبياء على غيرهم من البشر من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أم لا؟
يعني هل تفضيل الأنبياء على سائر البشر معلوم بداهة من دين الإسلام؟ أم أنه بحاجة إلى بحث وسؤال، ويخفى على بعض الناس؟
الجواب: تفضيل الأنبياء على أتباعهم من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام.
وقد اتفق أهل العلم فيما أعلم والله أعلم على أن من أنكر معلومًا من الدين بالضرورة فهو كافر والعياذ بالله.
ـ[أبو عمر السلمي]ــــــــ[11 - 04 - 07, 02:05 م]ـ
ذكر الإمام ملاّ علي القاري في كتابه (شرح الفقه الأكبر) ص/349:
أن من اعتقد جواز كون الولي أفضل من النبي -كما نُقل عن الكرامية-:أن هذا كفر وإلحاد وضلالة ..
فكيف بمن اعتقد ذلك!
وقد نقل الإجماع على الأنبياء أفضل من الأولياء ص/350
ووجه قول (بعض) من تنسب إليه هذه الكلمة من أهل العلم بتوجيه حسن ص/349 - 350
ـ[ابن عبد الغنى]ــــــــ[11 - 04 - 07, 07:56 م]ـ
اشكر اخوانى الفضلاء على المرور الكريم
الاخ شتا العربى المعلوم من الدين بالضروره هو ماثبت بدليل قطعى الدلاله والآيه التى تحدثت عن تفضيل الانبياء على العالمين سبق بيان قول المخالف فيها وتاويله لها ولانريد التكرار
الاخ ابو عمر ليس كل اجماع لاهل العلم يكفر منكره الم تر ان اهل السنه مجمعين على تفضيل ابى بكر وعمر رضى الله عنهما على سائر الصحابه ورغم ذلك لم يكفر احد من علماء السنه من فضل عليا رضى الله عنه عدو من قال بهذا مبتدعا لا كافرا
الخلاصه اجماع العلماء لايجعل المتفق عليه عقيده يكفر منكرها
شكرا للاخوه على جهدهم ولكن مازال السؤال مطروحا هل يكفر من فضل وليا على نبى؟
هل من دليل قطعى الدلاله يفحم من يقول هذا ولايجد معه جوابا نرجو المعاونه بارك الله فيكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/375)
ـ[شتا العربي]ــــــــ[11 - 04 - 07, 10:25 م]ـ
مخالفة بعض الناس أو تأويلهم للشيء لا يمنع أن يكون قطعيا.
والمخالفة لا تنقض قطعية الدليل.
بعض الشيعة وبعض الصوفية يعتقدون بأن النبوة لم تنته بعدُ ولم يقل أحدٌ بأن مخالفتهم وتأويلاتهم الفاسدة هذه تمنع من قطعية النصوص الدالة على ختم النبوة بمحمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وهذا مجرد مثال.
ومثال ثانٍ:
بعض الهنود القدماء كانوا ينكرون الرسالات ويدعون بأنهم يعبدون الله بالعقل مباشرة دون الحاجة للرسل.
وقريب من هذا قول الصوفية في تفضيل الولي على النبي وأنهم خاضوا بحرا وقف الأنبياء بساحله.
ولم يقل أحدٌ بأن هذا السفه الهندي أو الصوفي يؤثر شيئا على قطعية وجود الرسالات وأنها الطريق إلى الله عز وجل.
المهم أن القطعي والمعلوم من الدين بالضرورة لا تزول قطعيته بتأويل ضال أو مخالفة فاسدة.
وهنا سؤال: من أين صار الولي وليًا؟ هل صار وليًا بغير حاجة لرسالة النبي أم أنه صار وليًا باتباع النبي؟
لو ادعى بعضهم بأنه صار وليا بغير رسالة نبي فهذا من أكفر الخلق وكفره واضح بحمد الله.
ولو ادعى أنه قد صار وليا باتباع النبي فقد أقر بأنه تابع لا متبوع وبأن ولايته تتوقف على شرط وجود النبي ثم اتباع الولي لهذا النبي.
وإذا وصلنا إلى أن النبي شرط في وجود الولي فقد وصلنا إلى تفضيل النبي على الولي.
وأيضا:
النبي سابق على الولي.
النبي لا يصح الإسلام بدونه على التعيين والولي يصح الإيمان بدون اعتقاد ولايته على التعيين.
النبي شرط الإيمان والولي لا يكون وليا بغير نبي.
الأنبياء معصومون والأولياء غير معصومين.
الأنبياء يوحى إليهم والأولياء لا يوحى إليهم.
وأشياء أخرى كثيرة.
وقد ورد تفضيل الأنبياء صراحة في الآية السابقة ولا يجوز تأويلها بغير دليل.
والأخذ بظاهر الكلام هو الأصل بل نص الكثير من العلماء على فرضيته فيما أذكر الآن إلا بقرينة تصرفنا من الظاهر إلى غير الظاهر.
وجميع القرائن هنا تدل على تأكيد ظاهر الآية وغيرها مما يدل على أفضلية الأنبياء على الأولياء.
وعندنا الآيات في رفع الله عز وجل لإدريس عليه السلام مكانًا عليًا، وتفضيل الأنبياء على سائر البشر، وغير ذلك من الآيات.
وفي الأحاديث عندنا (إني لستُ كهيئتكم).
فهذا كله ظاهر في أفضلية النبي على الولي.
ومن أصول الإيمان: الإيمان بالله وكتبه ورسله.
فمن قال بتفضيل الولي على النبي فيلزمه أن يقول بأن في أصول الإيمان ما هو مفضول.
وهل هناك أكفر ممن يظن بأن الله عز وجل قد طالب عباده بالمفضول وترك الفاضل؟!
هذه عجالة في الموضوع.
ويمكن مراجعة شروح قواعد (الأصل في الكلام الظاهر لا المؤول) (الأصل في الكلام الحقيقة لا المجاز) وغيرها من القواعد المعينة على فهم متى يكون التأويل معتبرا ومتى لا يكون؟
ـ[ابن عبد الغنى]ــــــــ[13 - 04 - 07, 07:06 ص]ـ
الاخ شتا العربى بارك الله فيك
القياس على من ينكر ختم النبوات برسول الله او ينكر الرسالات او عدم الحاجه اليهم فيه شطط لان هؤلاء ليسوا مسلمين باتفاق اهل القبله ولم يذكرهم كل من تحدث عن اختلاف الفرق الاسلاميه بل مجرد التوقف فيهم كفر انما الحديث عمن يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر و نحو ذلك مما يعد الشك فيه او التردد كفر بواح هؤلاء معهم الخلاف
اخى الفاضل الكريم الخلاف مع فضيلتك فى هذه الجزئيه فقط من مداخلتك الاخيره
اما بقية المداخله فاحييك عليها واشد على يديك فقد وفقت فى بيان خطورة تفضيل الولى
حقا هذا لايتماشى مع جعل الايمان بالرسل من اركان الايمان الخ
اخى الفاضل هذا الموضوع كما بينت فى البدايه هو من باب المدارسه والمذاكره بيننا كأخوه
ولايشكل راى شخصى لى او ميل لهذا القول (معاذ الله)
ورغم انك زينت الموضوع واثريته فنحن فى حاجة الى كل من يوفقه الله تعالى لقول سديد يكون صفعة على وجوه هؤلاء الضالين وفقنا الله تعالى لما يحب ويرضى
ـ[حسن عبد الحي]ــــــــ[13 - 04 - 07, 12:56 م]ـ
الأخ شتا العربي:
جزاكم الله خيراً ..
ونفع الله بكم ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/376)
وهنا عدة أسئلة: إن كان الله فضّل كل نبي على عالمي زمانه كما يفسرون .. أليس علة التفضيل: كونه نبياً؟ وهذا يدل على أن النبي مفضل مطلقاً .. وأيضاً تسليماً للتفسير المذكور فإن من المعلوم أن لفظة {وكلاً} تفيد العموم .. أي: كلاً من محمد وإبراهيم وموسى وعيسى ونوح وغيرهم من الأنبياء: كل واحد من هؤلاء الأنبياء مفضل على أهل زمانه، أقول: أليس في زمن كل واحد من هؤلاء أو أكثرهم أولياء؟!
الجواب قطعاً يوجد، فإذا كان يوجد في زمن كل نبي أو في زمن أكثرهم أولياء ومع ذلك فُضل نبي هذا الزمن عليهم ففي التفسير المذكور دلالة واضحة جداً على فضل النبي على الولي ..
هذا .. وفي تفسير النسفي (2/ 252) " وقد زل أقدام أقوام من الضلال في تفضيل الولي على النبي وهو كفر جلي .. " اهـ
وفي بستان العارفين للنووي - رحمه الله - (1/ 22) " فصل، قال القشيري: هل يجوز تفضيل الولي على النبي قلنا رتبة الأولياء لا تبلغ رتبة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام للإجماع المنعقد على ذلك. " اهـ
ولا يخفاكم أن القشيري - رحمه الله - من رؤوس الصوفية ..
وفي كتاب [بريقة محمدية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية] (2/ 90) " (وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ أَنَّ تَفْضِيلَ الْوَلِيِّ عَلَى النَّبِيِّ) فَضْلًا عَنْ الرَّسُولِ (كُفْرٌ وَضَلَالٌ) أَشَارَ إلَى عِلَّتِهِ بِقَوْلِهِ (كَيْفَ وَهُوَ تَحْقِيرٌ لِلنَّبِيِّ) هَذَا دَلِيلٌ عَقْلِيٌّ (وَخَرْقٌ لِلْإِجْمَاعِ) دَلِيلٌ نَقْلِيٌّ وَإِطْلَاقُ الْإِجْمَاعِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ كَمَالُهُ الَّذِي هُوَ الْقَطْعِيُّ دَلَالَةً وَثُبُوتًا " اهـ
وفي تفسير البحر المحيط (6/ 333) " لأن بعضهم نقل عنه أنّ الولي أفضل من النبي، وهذا لا يكاد يخطر في قلب مسلم " اهـ
وفيه أيضاً (9/ 158) " ومن ذهب إلى أن النبوة مكتسبة لا تنقطع، أو إلى أن الولي أفضل من النبي، فهو زنديق يجب قتله. " اهـ
ولي عودة - إن شاء الله تعالى -
وفي فتح الباري (1/ 195) " وَمِنْ أَوْضَح مَا يُسْتَدَلّ بِهِ عَلَى نُبُوَّة الْخَضِر قَوْله: (وَمَا فَعَلْته عَنْ أَمْرِي) وَيَنْبَغِي اِعْتِقَاد كَوْنه نَبِيًّا لِئَلَّا يَتَذَرَّع بِذَلِكَ أَهْل الْبَاطِل فِي دَعْوَاهُمْ أَنَّ الْوَلِيّ أَفْضَل مِنْ النَّبِيّ، حَاشَا وَكَلا. " اهـ
وفي الفتاوى لشيخ الإسلام (3/ 23) " سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ فِي " الْأَبْدَالِ " هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ مَقْطُوعٌ؟ وَهَلْ " الْأَبْدَالُ " مَخْصُوصُونَ بِالشَّامِ؟ أَمْ حَيْثُ تَكُونُ شَعَائِرُ الْإِسْلَامِ قَائِمَةً بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يَكُونُ بِهَا الْأَبْدَالُ بِالشَّامِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَقَالِيمِ؟ وَهَلْ صَحِيحٌ أَنَّ الْوَلِيَّ يَكُونُ قَاعِدًا فِي جَمَاعَةٍ وَيَغِيبُ جَسَدُهُ؟ وَمَا قَوْلُ السَّادَةِ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تُسَمَّى بِهَا أَقْوَامٌ مِنْ الْمَنْسُوبِينَ إلَى الدِّينِ وَالْفَضِيلَةِ وَيَقُولُونَ هَذَا غَوْثُ الأغواث وَهَذَا قُطْبُ الْأَقْطَابِ وَهَذَا قُطْبُ الْعَالَمِ وَهَذَا الْقُطْبُ الْكَبِيرُ وَهَذَا خَاتَمُ الْأَوْلِيَاءِ
الْجَوَابُ
وَكَذَا لَفْظُ " خَاتَمِ الْأَوْلِيَاءِ " لَفْظٌ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَأَوَّلُ مَنْ ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ وَقَدْ انْتَحَلَهُ طَائِفَةٌ كُلٌّ مِنْهُمْ يَدَّعِي أَنَّهُ خَاتَمُ الْأَوْلِيَاءِ: كَابْنِ حموية وَابْنِ عَرَبِيٍّ وَبَعْضِ الشُّيُوخِ الضَّالِّينَ بِدِمَشْقَ وَغَيْرِهَا وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَدَّعِي أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْكُفْرِ وَالْبُهْتَانِ وَكُلُّ ذَلِكَ طَمَعًا فِي رِيَاسَةِ خَاتَمِ الْأَوْلِيَاءِ لَمَّا فَاتَتْهُمْ رِيَاسَةُ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ وَقَدْ غَلِطُوا؛ فَإِنَّ خَاتَمَ الْأَنْبِيَاءِ إنَّمَا كَانَ أَفْضَلَهُمْ لِلْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ خَاتَمُ الْأَوْلِيَاءِ فَإِنَّ أَفْضَلَ أَوْلِيَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةُ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنْ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/377)
الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَخَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَخَيْرُ قُرُونِهَا الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ وَخَاتَمُ الْأَوْلِيَاءِ فِي الْحَقِيقَةِ آخِرُ مُؤْمِنٍ تَقِيٍّ يَكُونُ فِي النَّاسِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِخَيْرِ الْأَوْلِيَاءِ وَلَا أَفْضَلِهِمْ بَلْ خَيْرُهُمْ وَأَفْضَلُهُمْ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ثُمَّ عُمَرُ: اللَّذَانِ مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ وَلَا غَرَبَتْ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ أَفْضَلَ مِنْهُمَا. " اهـ
وفيه أيضاً (3/ 146) " أَوْ يَقُولَ: الْوَلِيُّ أَفْضَلُ مِنْ النَّبِيِّ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ مَقَالَاتِ أَهْلِ الْإِلْحَادِ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ لَمْ تَكُنْ حَدَثَتْ بَعْدُ فِي الْمُسْلِمِينَ. وَإِنَّمَا يُعْرَفُ مِثْلُ هَذِهِ إمَّا عَنْ مَلَاحِدَةِ الْيَهُودِ أَوْ النَّصَارَى فَإِنَّ فِيهِمْ مَنْ يُجَوِّزُ أَنَّ غَيْرَ النَّبِيِّ أَفْضَلُ مِنْ النَّبِيِّ كَمَا قَدْ يَقُولُهُ فِي الْحَوَارِيِّينَ فَإِنَّهُمْ عِنْدَهُمْ رُسُلٌ وَهُمْ يَقُولُونَ: أَفْضَلُ مِنْ داود وَسُلَيْمَانَ؛ بَلْ وَمِنْ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَإِنْ سَمَّوْهُمْ أَنْبِيَاءَ إلَى أَمْثَالِ هَذِهِ الْأُمُورِ. " اهـ
وفيه أيضاً (6/ 421) " وَلَيْسَ هَذَا مُخْتَصًّا بِغَالِيَةِ الرَّافِضَةِ بَلْ مَنْ غَلَا فِي أَحَدٍ مِنْ الْمَشَايِخِ وَقَالَ: إنَّهُ يَرْزُقُهُ أَوْ يُسْقِطُ عَنْهُ الصَّلَاةَ أَوْ أَنَّ شَيْخَهُ أَفْضَلُ مِنْ النَّبِيِّ أَوْ أَنَّهُ مُسْتَغْنٍ عَنْ شَرِيعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ لَهُ إلَى اللَّهِ طَرِيقًا غَيْرَ شَرِيعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْمَشَايِخِ يَكُونُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا كَانَ الْخَضِرُ مَعَ مُوسَى. وَكُلُّ هَؤُلَاءِ كُفَّارٌ يَجِبُ قِتَالُهُمْ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَقَتْلُ الْوَاحِدِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ مِنْهُمْ. " اهـ
وقال في الزواجر عن اجتناب الكبائر في معرض كلامه على ما يُكفر به المرء (1/ 66): " أَوْ الْوَلِيُّ أَفْضَلُ مِنْ النَّبِيِّ، أَوْ إنَّهُ يُوحَى إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ نُبُوَّةً أَوْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَبْلَ مَوْتِهِ، أَوْ يَعِيبُ نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. " اهـ
وقال في الإصابة (1/ 296): " وقد قال الثعلبي: هو نبي في سائر الأقوال وكان بعض أكابر العلماء يقول: أول عقد يحل من الزندقة اعتقاد كون الخضر نبياً لأن الزنادقة يتذرعون بكونه غير نبي إلى أن الولي أفضل من النبي كما قال قائلهم:
مقام النبوة في برزخ ... فويق الرسول ودون الولي. " اهـ
وقال في الفصل بين الملل والأهواء والنحل (1/ 410): " .. أن يكون في الناس من هو أفضل من الأنبياء عليهم السلام وهذا كفر وما قدرنا أن أحداً ممن ينتمي إلى أهل الإسلام ولا إلى أهل الكتاب ينطلق لسانه بهذا حتى رأينا المعروف بابن الباقلاني فيما ذكر عنه صاحبه أبو جعفر السمناني قاضي الموصل أنه قد يكون في الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم من هو أفضل من النبي صلى الله عليه وسلم من حين يبعث إلى حين يموت فاستعظمنا ذلك وهذا شرك مجرد وقدح في النبوة لا خفاء به وقد كنا نسمع عن قوم من الصوفية أنهم يقولون أن الولي أفضل من النبي وكنا لا نحقق هذا على أحد يدين بدين الإسلام إلى أن وجدنا هذا الكلام كما أوردنا فنعوذ بالله من الارتداد. " اهـ
وقال أيضاً (2/ 61): " ذهب قوم إلا أن الأنبياء عليهم السلام أفضل من الملائكة وذهبت طائفة تنتسب إلى الإسلام أن الصالحين غير النبيين أفضل من الملائكة وذهب بعضهم إلى أن الولي أفضل من النبي وأنه يكون في هذه الأمة من هو أفضل من عيسى بن مريم ورأيت الباقلاني يقول جائز أن يكون في هذه الأمة من هو أفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم من حين بعث إلى أن مات ورأيت لأبي هاشم الجبائى أنه لو طال عمر إنسان من المسلمين في الأعمال الصالحة لأمكن أن يوازي عمل النبي صلى الله عليه وسلم كذب لعنه الله. " اهـ
وهذه النقولات كلها يمكن مراجعتها في الشاملة ..
ومما لا ينبغي تجاهله هنا أن ما من نبي إلا وقد بلغ في الولاية ما لم يبلغه غيره عدا إخوانه من الأنبياء ..
ودلائل هذا أكثر من أن تحصى ..
ألا إني أتقاكم لله .. ألا إني أشدكم خشية لله .. ألا إني أعلمكم بالله ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/378)
ـ[عمار احمد المغربي]ــــــــ[13 - 04 - 07, 03:53 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[شتا العربي]ــــــــ[13 - 04 - 07, 04:53 م]ـ
الاخ شتا العربى بارك الله فيك
القياس على من ينكر ختم النبوات برسول الله او ينكر الرسالات او عدم الحاجه اليهم فيه شطط لان هؤلاء ليسوا مسلمين باتفاق اهل القبله ولم يذكرهم كل من تحدث عن اختلاف الفرق الاسلاميه بل مجرد التوقف فيهم كفر انما الحديث عمن يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر و نحو ذلك مما يعد الشك فيه او التردد كفر بواح هؤلاء معهم الخلاف
اخى الفاضل الكريم الخلاف مع فضيلتك فى هذه الجزئيه فقط من مداخلتك الاخيره
اما بقية المداخله فاحييك عليها واشد على يديك فقد وفقت فى بيان خطورة تفضيل الولى
وجزاكم الله خيرا.
لم أقصد قياس المنتمي للإسلام على غير المنتمي له وإنما قصدتُ أن مخالفة هؤلاء الظاهر كفرهم صراحة لم تؤثر شيئا على قطعية وجود الرسالات وحاجة البشر إليها.
فهذا من باب توضيح أن المخالفة الشاذة لا تطعن في قطعية الدليل وصحته.
فيحصل بهذا الاتفاق بيننا في جميع المشاركة بإذن الله.
أ. حسن السلفي:
نقول قيمة جدا.
بارك الله فيكم.
ـ[ابراهيم موجود]ــــــــ[14 - 04 - 07, 01:27 ص]ـ
حذف
## المشرف ##
ـ[ابن عبد الغنى]ــــــــ[14 - 04 - 07, 02:57 ص]ـ
الاخ عمار شكرا للمرور الكريم
الاخ شتا العربى شكر متجدد ومتواصل
الاخ حسن السلفى جزاك الله خيرا ووفقنا الله جميعا لما يحب ويرضى
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[14 - 04 - 07, 02:58 ص]ـ
هل ترون أيها الإخوة أنه يكفر دون أي تفصيل في القضية؟ أفيدوني نفع الله بكم
ـ[أبو عائش وخويلد]ــــــــ[14 - 04 - 07, 09:13 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
جزاكم الله خيرا
ـ[حسن عبد الحي]ــــــــ[14 - 04 - 07, 01:35 م]ـ
هل ترون أيها الإخوة أنه يكفر دون أي تفصيل في القضية؟ أفيدوني نفع الله بكم
إذا ثبتت شروط التكفير في حقه وانتفت موانعه ..
وكون المسألة من المعلوم في الدين بالضرورة لا يعني أن بعضاً من جماهير الناس لا يلبس عليه فيها ..
لا سيما إذا زاد علماء السوء ..
والله أعلم.
..
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[14 - 04 - 07, 01:52 م]ـ
فإن كان متأولاً .. ففضَّل مثلاً الخضر -معتقداً أنه ولي- على موسى عليه السلام؛ لأن الله تعالى أمر موسى أن يتعلم منه. هل يعتبر كافراً في هذه الحال؟
ـ[هشام أبو يزيد]ــــــــ[14 - 04 - 07, 07:52 م]ـ
جزى الله الإخوة الكرام خيرا على ما تفضلوا به من إيضاح للمسألة
ولكن أحببت أن أوضح للأخ ابن عبد الغني أمر قد لُبِّس عليه وهو أن الأخ أبو عمر حين نقل إجماع العلماء على كفر من فضَّل الأولياء على الأنبياء قال له:
كل اجماع لاهل العلم يكفر منكره الم تر ان اهل السنه مجمعين على تفضيل ابى بكر وعمر رضى الله عنهما على سائر الصحابه ورغم ذلك لم يكفر احد من علماء السنه من فضل عليا رضى الله عنه عدو من قال بهذا مبتدعا لا كافرا
الخلاصه اجماع العلماء لايجعل المتفق عليه عقيده يكفر منكرها
فالمقصود يا أخانا هنا ليس منكر الإجماع، لأنه لم ينقل لك أن العلماء أجمعوا على تفضيل الأنبياء على الأولياء وإنما نقل لك إجماعهم على كفر من فعل ذلك ففرِّق بين الأمرين تُصب.
هذا وقد نقل أخونا حسن السلفي نقولات كثيرة عن أئمة المسلمين في كفر من فضَّل وليا على نبي وهذا وحده كافٍ إذ الإجماع حجة قطعية والله الموفق.
ـ[حسن عبد الحي]ــــــــ[14 - 04 - 07, 08:25 م]ـ
فإن كان متأولاً .. ففضَّل مثلاً الخضر -معتقداً أنه ولي- على موسى عليه السلام؛ لأن الله تعالى أمر موسى أن يتعلم منه. هل يعتبر كافراً في هذه الحال؟
التأويل يتفاوت بتفاوت المسائل ظهوراً وغموضاً ..
وشيخ الإسلام يوسع دائرة العذر بالتأويل جداً ..
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[14 - 04 - 07, 09:05 م]ـ
هو هذا الذي أقصده
فإن كان قد فضل جنس الأولياء على جنس الأنبياء، أو فضل أحدهم على محمد صلى الله عليه وسلم فكما ذكرتم، أما الآية المذكورة فتفسير أخينا ابن عبدالغني في محله؛ فقد يتأول ذلك أحدهم بأنه لا دليل فيها .. فلا يدخل في الحكم، وهذا الذي فهمته من كلام الأخ في البداية.
ـ[هشام أبو يزيد]ــــــــ[14 - 04 - 07, 10:08 م]ـ
الأخ الكريم أبو يوسف
لم يكن ابن عبد الغني يقصد بموضوعه هذا الحكم على الأعيان، وإنما هو يتناول أصل المسألة بمعنى: هل تفضيل أحد على الأنبياء كفر أم لا؟
بدليل أنه قال:
والسؤال ايها الاحباب هل هذا الاعتقاد مكفر بذاته وان كان مكفرا فأين
الدليل القطعى
أما ما قصده الأخ حسن فهو الحكم على الشخص المعين بالكفر مع إقراره بأن التفضيل في حد ذاته كفر.
ولكي تتضح إليك المسألة أكثر: مثلا من يتوجه إلى غير الله بالدعاء والنذر والذبح وغيره كل هذه الأفعال شرك أكبر مخرج من الملة ولكن .. هل يجوز الحكم على الشخص المعين الذي يفعل هذه الأشياء أنه كافر؟
الجواب: إن هذا الشخص قد يكون عنده موانع تمنع الحكم بكفره عينا مثل أن يكون جاهلا بالحكم ولا يوجد في بلده من يعلمه بالحكم الشرعي فهذا معذور، وليس كونه معذورا أن هذه الأفعال لم تعد شركا وكفرا. بل يظل حكمها كما هو والذي يختلف هو الحكم على الأعيان.
أرجو أن تكون الرؤية قد اتضحت للأخ أبي يوسف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/379)
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[15 - 04 - 07, 01:05 ص]ـ
أيها الأخ الحبيب
جزاك الله خيراً
ما ذكرته -أخي هشام- غير خافٍ علي .. جزاك الله خيراً
ولكني أتحدث عمن يعتقد هذا الاعتقاد، وهو صاحب علم، ولكنه يرى أن الخضر -عليه السلام- أفضل من موسى -عليه السلام- مع كونه يعتقد أن الخضر ولي وليس نبياً. هل يكفر بذلك؟
ـ[شتا العربي]ــــــــ[18 - 04 - 07, 04:52 ص]ـ
ولكني أتحدث عمن يعتقد هذا الاعتقاد، وهو صاحب علم، ولكنه يرى أن الخضر -عليه السلام- أفضل من موسى -عليه السلام- مع كونه يعتقد أن الخضر ولي وليس نبياً. هل يكفر بذلك؟
من فضل غير الأنبياء على الأنبياء فقد كفر على العموم.
وأما على التعيين فلابد من إقامة الحجة وإيصال رسالة الله للخلق وتبيين الدين لهم بوضوح فمن كفر بعد ذلك فهذا شأنه نسأل الله الهداية لجميع الخلق.
ويختلف الأمر من شخص لآخر فصاحب العلم لا يقاس بالجاهل أو العامي من الناس.
والمقصود بصاحب العلم المتحقق بالعلم فعلا وليس الحامل لشهادة علمية ربما سرقها أو كان جاهلا بما فيها.
ولابد من استفراغ الوسع مهما أمكن قبل تكفير المعين.
والابتعاد كثيرا كثيرا ما أمكن عن تكفير بعض الأشخاص إلا للضرورة القصوى حيث لا مفر من الاعتراف بجحوده وكفره بعد التوضيح التام له وثبات الكفر البواح عليه.
وهذه دائرة ضيقة جدا.
ولأن تلقى الله برجل يسألك الله لماذا لم تكفره خير لك من أن تلقاه بمسلم كفرته بغير حق لعدم وضوح الرؤية عنده.
ومن فتح الله عليه يوفقه للفرقان في هذه المسألة الدقيقة وأن لا يتسرع في تكفير شخص بعينه.
أما بخصوص مثال موسى والخضر عليهما السلام فيختلف عن مسألة تفضيل الولي على النبي التي يؤمن بها الصوفية:
لأن الخضر قد قال بعض العلماء بأنه نبي فهو مختلف فيه على أقل تقدير.
ولأن موسى عليه السلام أفضل من الخضر قطعا وإنما كان الخضر عليه السلام أعلم من موسى في بعض الأمور التي ذكرها الله عز وجل.
وليس معنى هذا أن الخضر قد أصبح أفضل من موسى عليه السلام في كل شيء.
وقد ثبتت نبوة موسى عليه السلام وفضله في الكتاب والسنة بخلاف الخضر عليه السلام.
ولا يمكن والحالة هذه تفضيل من لم يشتهر فضله ونبوته على من اشتهر فضله ونبوته في الكتاب والسنة.
والخضر قد تلقى علمه من الله عز وجل فلا يقاس على هؤلاء المخرفين الذين فرطوا في الشريعة ولم يأخذوا علمها عن أهل العلم ثم زعموا الولاية لأنفسهم أو لأولاد ملتهم فهؤلاء لا يقاسون بالخضر عليه السلام.
هذا في عجالة الآن.
ـ[حسن عبد الحي]ــــــــ[18 - 04 - 07, 01:01 م]ـ
هذا في عجالة الآن.
بوركت عجالتكم!
جزاكم الله خيراً ..
ـ[ابراهيم موجود]ــــــــ[20 - 04 - 07, 02:09 ص]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم اما بعد جزاكم الله اخواني الكرام على تدخلاتكم التي استفدنا منها الشيئ الكثير أماسؤالي فهو ما حكم الشرع في صوفي الطريقة الدي يرى في شيخه القدوة ويعظمه الى درجة تكاد تصل الى العبودية. فهل يجوز تكفيره واخراجه من الرقعة الأسلامية ام أنه يمكن اعتباره مسلما لكن عقيدته فاسدة. والسلام عليكم ورحمة الله(39/380)
هل يجوز الإخبار عن الله بم لم يرد في القرآن والسنة؟
ـ[إسلام بن منصور]ــــــــ[09 - 04 - 07, 01:31 م]ـ
هل يجوز الإخبار عن الله بم لم يرد في القرآن والسنة؟ وما هي ضوتبط ذلك، وما الأدلة على المسألة من القرآن والسنة؟
ـ[إسلام بن منصور]ــــــــ[12 - 04 - 07, 06:59 م]ـ
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[القباني]ــــــــ[12 - 04 - 07, 08:20 م]ـ
راجع القواعد المثلى
أو
شرح التدمرية
للشيخ / ........... محمد آمان الجامي
ـ[ابوالمنذر]ــــــــ[17 - 04 - 07, 10:02 ص]ـ
هذه مشاركة لى قديمة فى منتدى التوحيد
هذا الرابط http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=1832
هذه مشاركة لى قديمة فى المنتدى
وهذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=31188(39/381)
:: سؤال في البعث::
ـ[عبد المعين]ــــــــ[09 - 04 - 07, 01:50 م]ـ
السلام عليكم ....
قال الله تعالى: {كما بدأنا أول خلق نعيده}. وأخبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في الحديث أن الناس يحشرون حفاة عراة غرلاً.أي بدون نعل و لا لبس و غير مختنين.
فالسؤال هنا هل من بتر منه جزء يعود مثل جلدة الختان؟
و جزاكم الله خير ....
ـ[عبد المعين]ــــــــ[10 - 04 - 07, 08:30 ص]ـ
لا تبخلوا علينا بالاجابة و جزاكم الله خير ...
ـ[حمد بن صالح المري]ــــــــ[10 - 04 - 07, 09:09 ص]ـ
مرحباً بك أخي عبد المعين ...
نعم يعود، وقد نصّ على ذلك غير واحد، والله تعالى أعلم.
ـ[عبد المعين]ــــــــ[10 - 04 - 07, 04:06 م]ـ
جزاك الله خير أخي حمد و كثّر من أمثالك ..(39/382)
أريد مقدمة لمطوية فيها تعريف بأهل السنة
ـ[أبو عمر المقدسي]ــــــــ[09 - 04 - 07, 03:57 م]ـ
أريد مقدمة لمطوية تثبت علو الله على خلقه
على أن تحتوي المقدمة تعريف بأهل السنة وأهم علماءهم وكتبهم في الأسماء والصفات
وكيف أن السلف ردوا على الجهمية وتلاميذهم من المعتزلة والأشاعرة
على أن المطوية عبارة عن فتوى ابن عثيمين الموجودة في موضوع الرد على من قال ان الله
في كل مكان بذاته
وجزاكم الله خيراً
ـ[المقدادي]ــــــــ[09 - 04 - 07, 04:17 م]ـ
راجع هذا الرابط لعلك تستخلص منه المقدمة:
http://www.sd-sunnah.com/vb/showthread.php?t=4164(39/383)
هل كل احاديث الصفات التي ثبت صحتها او رويت في الصحيحين تثبت صفة لله ام لا؟
ـ[طارق ابراهيم]ــــــــ[09 - 04 - 07, 06:25 م]ـ
هل كل احاديث الصفات التي ثبت صحتها او رويت في الصحيحين تثبت صفة لله ام لا؟
الرجاء الافادة ..
وجزاكم الله خيرا
وهل يعذر بالجهل في العقيدة؟
ـ[طارق ابراهيم]ــــــــ[12 - 04 - 07, 12:08 ص]ـ
للرفع
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[12 - 04 - 07, 01:06 ص]ـ
نعم تثبت الصفه
ـ[أبو الريان المكي]ــــــــ[12 - 04 - 07, 02:30 ص]ـ
فكل ماجاء في القرآن أو في السنة الصحيحة من صفات الله يجب إثباتها على الحقيقة لا المجاز، اثباتا يليق بالله تعالى قال شيخ الاسلام في الواسطية:
" ومن الإيمان بالله، الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه، وبما وصفه به رسوله محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكيف ولا تمثيل، بل يؤمن بأن الله سبحانه: " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " (الشورى 11)."
وقد سئل الامام الشافعي عن صفات الله تعالى وما يؤمن به فقال:"لله تعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه وأخبر بها نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لا يسع أحدا من خلق الله تعالى قامت عليه الحجة ردها لأن القرآن نزل بها وصح عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - القول بها فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر بالله تعالى فأما قبل ثبوت الحجة عليه من جهة الخبر فمعذور بالجهل لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا بالرؤية ولا بالفكر ".
نقل هذا النص ابن قدامه المقدسي في كتابه ذم التأويل.
ـ[طارق ابراهيم]ــــــــ[13 - 04 - 07, 11:59 ص]ـ
جزاكم الله خيرا(39/384)
أبحث عن كتاب: أربح البضاعة فى معتقد أهل الس
ـ[عماد الجيزى]ــــــــ[10 - 04 - 07, 01:17 ص]ـ
أبحث عن كتاب:أربح البضاعة فى معتقدأهل السنة والجماعة .... ؟
ـ[محمد السلفي الفلسطيني]ــــــــ[19 - 04 - 07, 09:58 ص]ـ
الكتاب هو يا أخي أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للإمام اللالكائي وكتاب الشريعة للآجري والسنة لابن ابي عاصم
ـ[عماد الجيزى]ــــــــ[25 - 04 - 07, 12:02 ص]ـ
ياأخى المحب أناأعلم هذه الكتب جيدا! ولست أقصدها! إانماأقصدماكتبته!
ـ[نايف أبو محمد]ــــــــ[26 - 04 - 07, 07:18 م]ـ
الكتب التي ذكرها الاخ أبوابراهيم كتب قيمة ورائعة.
ولكن من مؤلف الكتاب الذي اشرت إليه
ـ[عبدالمصور السني]ــــــــ[26 - 04 - 07, 08:34 م]ـ
أربح البضاعة في معتقد أهل السنة والجماعة
تاليف الشيخ علي بن سليمان بن حلوة آل يوسف التميمي (ت 1337هـ) رحمه الله وغفر له.
والكتاب عبارة عن بعض الرسائل في عقيدة اهل السنة ابتدأها المؤلف بقصيدة ((الحبر الامام العالم الرباني عبد الله بن محمد القحطاني السلفي المشرب-- كما في مقدمة اربح البضاعة))
وله ديوان شعر اسمه ((اسمى المطالب))
وله قصيدة رد بها على امين حنش البغدادي في دفاعه عن المشرك داود بن جرجيس
وله قصيد في الرد على المشرك النبهاني
ومن جميل ما قال في رده على امين حنش
الحمد لله صبح الحق قد بانا ... وغيهب الجهل والاشراك قد بانا
كذا رياض التقى يا صاح قد رويت ... من عارض كان بالتوحيد هتانا
وصد عن منهل التحقيق وارده ... فظل يلهث مثل الكلب عطشانا
مخالف سلف الاعلام أجمعهم ... ومرتضي قول داود بن سلمانا
ياأيها الرجل الغادي رويدك ما ... أبصرت نهج الهدى بل صرت حيرانا
والشيخ رحمه الله مات في بغداد وقد اخذ عن الالوسي رحمه الله.
والكتاب قد صورته قديما من بعض المكتبات فعسى الله ان ييسر نسخه ووضعه هنا والله وحده المستعان.
ـ[أبويعلى البيضاوي]ــــــــ[28 - 11 - 09, 12:07 م]ـ
الكتاب في الوقفية جزاهم الله خيرا
http://www.waqfeya.net/book.php?bid=2566
ـ[مهاجرة الى ربى]ــــــــ[28 - 11 - 09, 12:39 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبويعلى البيضاوي]ــــــــ[29 - 11 - 09, 02:58 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الكتاب طبع أولا على نفقة الشيخ علي بن عبد الله بن قاسم الثاني حاكم قطر بمشورة الشيخ العلامة محمد بن عبد العزيز المانع رحمه الله, الطبعة الثانية منه سنة 1379 هـ في 111 صفحة
وتضمن الرسيائل والقصائد التالية:
1 - القصيدة النونبة للقحطاني
2 - عقيدة العلامة الشيخ احمد بن ابراهيم الواسطي (وطبعت ثانيا مفردة في المكتب الاسلامي للشاويش)
3 - القصيدة الميمية لابن القيم رحمه الله
4 - القصيدة اللامية المسماة بالشهب المرمية على المعطلة والجهمية للعلامة احمد بن مشرف الاحسائي المالكي ص 74
5 - قصيدة له في رثاء اهل العلم ص81
6 - القصيدة البائية في الحث على مكارم الاخلاق ص 85
7 - قصيدة للشيبخ ابراهيم بن مسعود الاندلسي في وصيته لولده على طلب العلم ص90
8 - قصيدة العلامة محمد بن احمد بن احمد الموصلي في مدح الامام احمد بن حنبل ص96
9 - قصيدة الشيخ علي بن سليمان في تقريض المجموع
10 - تعليقات الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع
وقد طبع الكتاب مرة ثانية: في دار الشريك الطبعة الاولى 1414 هـ 224 صفحة
جمع الشيخ ابراهيم بن عبد الله الحازمي , وقد زاد فيه قصائد أخري ونقص منه اشياء: وهذا سرد لما فيهمميزا لزوائده بحرف الزاي:
1 - عقيدة اهل السنة للكلوذاني / ز / وهي في ترجمته من طبقات ابن ابي يعلى وغيره
2 - العقيدة الحائية لابن ابي داود / ز
3 - القصيدة النونبة للقحطاني
4 - القصيدة الميمية لابن القيم رحمه الله
5 - اسرار كلمة التقوى للصنعاني / ز
6 - القصيدة البائية في الحث على مكارم الاخلاق
7 - اربع قصائد للصنعاني الاولى في مناصحة الجليس والثانية على قوله تعالى والله يدعو الى دار السلام , والثالثةنظم ما يلحق الميت بعد موتهو والرابعة في مدح الباري تعالى / ز
8 - القصيدة اللامية المسماة بالشهب المرمية على المعطلة والجهمية
9 - نظم نواقض الاسلام لسعد بن عتيق / ز
10 - نظم مفاتيح الخير لابن عتيق والمفاتيح ذكرها ابن القيم في حادي الارواح / ز
11 - نظم المشاهد الستة التي ذكرها ابن القيم في اغاثة اللهفان نظم سليمان بن سحمان / ز
12 - القول الاسنى في نظم الاسماء الحسنى للشيخ حسين بن علي بن محمد بن عبد الوهاب
13 - ارجوزة في مسائل التوحيد للشيخ اسحاق ىل الشيخ / ز
14 - الاسباب التي بها حياة القلوب لابن عتيق / ز
15 - سلم الوصول للحكمي / ز
16 - الجوهة الفريدة للحكمي / ز
17 - شرح الاسماء الحسنى من نونية ابن القيم / ز
18 - نظم مقدمة ابن ابي زيد لابن مشرف الاحسائي / ز
19 - العقيدة اللامية لابن تيمية / ز
20 - الدرة المضية للسفاريني / ز
21 - عقائد دعوة التوحيد لابن سحمان / ز
وقد نقص منه عقيدة الواسطي وقصيدة الاندلسي في نصيحة ولده وقصيدة الموصلي في مدخ الامام احمد وتقريضات ابن مانع
والمجموع نفيس جدا ونادر
أسال الله تعالى أن ييسر لي وقتا وصحة وعافية فاصوره لينتفع به طلبة العلم
والله الموفق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/385)
ـ[أبو العلاء الحنبلي]ــــــــ[29 - 11 - 09, 04:05 م]ـ
طبع بدار علم السلف
تجده بمكتبة المورد
بدرب الأتراك
ـ[عبدالحميد حسن]ــــــــ[07 - 12 - 09, 03:02 ص]ـ
جزاك الله خير اخي عماد افدتنا بسؤالك عن هذا الكتاب الذي كنت لاادري عنه وهو كنز من الكنوز العلميه وجزى الله خير الاخوان الذي اضافوا ماعندهم حول الكتاب(39/386)
26 مسألة في الصحابة للشيخ خالد
ـ[الضبيطي]ــــــــ[10 - 04 - 07, 02:22 ص]ـ
هذه مسائل ذكرها الشيخ خالد الهويسين في درسه بعد المغرب يوم الأحد 21/ 3/1428ه
مسائل في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
1. الصحابي هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به، ومات على ذلك ولو تخلل ذلك ردة.
2. كل من لقي النبي صلى اله عليه وسلم وصحبه يوما أوشهرا أوسنة أو أقل أو أكثر فهو صحابي.
3. ذهب بعض أهل العلم كسعيد بن المسيب رحمه الله أنه لايسمى صحابيا حتى يصحبه السنة والسنتين أو يغزو معه غزوة أو غزوتين، وهذا القول خلاف التحقيق.
4. يدخل في التعريفات المتقدمة من لقي النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان أعمى.
5. قال أبو زرعة الرازي: توفي النبي صلى الله عليه وسلم عمن صحبه وهم مئة ألف، وأربعة عشر ألف صحابي سواء كانوا من الرجال أم من النساء.
6. أجمع أهل السنة على عدالة الصحابة وتوثيقهم. قال ابن حجر: ولم يخالف في ذلك إلا المبتدعة.
7. أفضل الصحابة بالاتفاق الخلفاء الأربعة الراشدين أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين. قدم بعض أهل السنة عليا على عثمان والصحيح أن فضلهم بحسب خلافتهم وانعقد عليه إجماع أهل السنة.
8. يلي الخلفاء الراشدين في الفضل: العشرة المبشرون بالجنة، ثم أهل بدر، ثم أهل بيعة الرضوان، ثم هكذا في فضائلهم ومنازلهم من بقية المهاجرين والأنصار.
9. اتفق أهل السنة والجماعة على أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يذكرون إلا بالخير والثناء الحسن. إذ لم يكن ولن يكون مثلهم أبدا.
10ـ اتفق أهل السنة والجماعة على أنه يجب على المسلمين كافة من بعد الصحابة رضي الله عنهم أن تكون صدورهم وقلوبهم سالمة على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وألا يذكروهم إلا بالخير.
11ـ يرى أهل السنة والجماعة أن يكف عن ذكر مساوئ الصحابة وما شجر بينهم، وأن مثل هذا يطوى ولا يروى حتى تسلم الصدور عليهم.
12ـ قال رجل لأبي أمامة رضي الله عنه: أيهما أفضل معاوية أم عمر بن عبدالعزيز؟ فقال أبو أمامة: لاتعدل بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحدا.
13ـ قال الشافعي رحمه الله: أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أعلم منا وأعمق علما منا، وأحسن فهما منا، فلهم سابقة الخير في كل شيء.
14ـ سمع ابن عباس رضي الله عنهما رجلا يثلب في بعض الصحابة، فقال له ابن عباس: هل أنت من المهاجرين الأول؟ قال الرجل: لا. قال: هل أنت من الأنصار؟ قال الرجل: لا. قال ابن عباس: ولا أظنك من الذين اتبعوهم بإحسان.
15ـ يجب الدفاع عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمع من يقدح فيهم، ويعد نصرته لهم من أفضل أعماله التي يتقرب بها إلى الله.
16ـ الاقتصار دائما على الترحم عليهم دون الترضي عنهم سوء أدب في حقهم.
17ـ سنة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيمن يتكلم في الصحابة: أن يقطع لسانه، كما جاء عنه ذلك.
تنبيه: بقي تسع مسائل لم يسعفني الوقت لكتابتها لعلها تلحق قريبا إن شاء الله تعالى.
ـ[ابو عبد الرحمن الغطفاني]ــــــــ[17 - 04 - 07, 03:26 م]ـ
رضي الله عن اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[10 - 05 - 07, 04:07 م]ـ
جزاكم الله خيراً وجعله في كِفة الحسنات وإليكما تفضيل الصحابة رضي الله عنهم على من بعدهم (مسموع) 1و2و3و4
http://www.tahhansite.com/pages/17.htm
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[10 - 05 - 07, 05:57 م]ـ
بوركت يا الظبيطى ورضى الله عنهم اجمعين ..
وننتظر المسائل التسع الباقيه (ابتسامه)
وفقك الله
ـ[بن نصار]ــــــــ[14 - 05 - 07, 10:52 م]ـ
هل يدخل في ذلك الأطفال؟
ـ[الضبيطي]ــــــــ[08 - 06 - 09, 02:19 ص]ـ
يسر الله الجواب
ـ[أبوعبدالله الحميدي]ــــــــ[10 - 06 - 09, 04:22 م]ـ
لم يثبت القول عن سعيد بن المسيب بأن الصحابي من صحب النبي صلى الله عليه وسلم سنة أو سنتين أو غزا معه غزوة أو غزوتين. وهو من رواية الواقدي، وقد تكلم الحفاظ في ثبوته.
ـ[الضبيطي]ــــــــ[12 - 06 - 09, 02:07 ص]ـ
لم يثبت القول عن سعيد بن المسيب بأن الصحابي من صحب النبي صلى الله عليه وسلم سنة أو سنتين أو غزا معه غزوة أو غزوتين. وهو من رواية الواقدي، وقد تكلم الحفاظ في ثبوته.
الشيخ خالد ذكر أن هذا القول ثبت أو لم يثبت فهو خلاف التحقيق، وما دام أنك أخي قد تحققت من أنه لم يثبت، فهذا نور على نور. وجزاك الله خيرا.(39/387)
روايتان في خلق القرآن
ـ[هشام أبو يزيد]ــــــــ[10 - 04 - 07, 12:40 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
هناك روايتان يستدل بهما المبتدعة القائلون بخلق القرآن فأريد معرفة تخريجهما من الإخوة الكرام والحكم عليهما بالقبول أو الرد، وإذا صحتا فما المعنى الصحيح لهما؟
وهما:
1 - روي عن ابن مسعود قال: (ما خلق الله من سماء ولا أرض ولا جنة ولا نار أعظم من آية في سورة البقرة: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} ثم قرأها حتى أتمها)
2 - عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله "يا أبا المنذر: أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ ". قال قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "يا أبا المنذر: أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ ". قال قلت: الله لا إله إلا هو الحي القيوم. قال: فضرب في صدري، وقال: "والله ليهنك العلم أبا المنذر".
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده إن لها لساناً وشفتين، وتسبح الله وتحمده عند قدمي العرش".
وجزى الله من تقدم للإجابة خيرا
ـ[خالد البحريني]ــــــــ[10 - 04 - 07, 04:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تخريج أثر ابن مسعود: "ما خلق الله من سماء ... أعظم من آية الكرسي"
وبيان معناه وفيه الرد على الإباضي.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فقد رأيت بعض الإباضيين يحتج لما يذهب إليه من مذهب كفري وهو القول بخلق القرآن بأثر صحيح ورد عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- موقوفاً فكتبت هذا المقال أبين فيه صحة أثر بن مسعود، وبطلان ما ذكر من رفعه مع كلام العلماء على معناه.
والله أسأل التوفيق والسداد.
لفظ الأثر:
قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: (ما من سماء ولا أرض ولا سهل ولا جبل أعظم من آية الكرسي).
وفي لفظ: (ما خلق الله من سماء ولا أرض ولا جنة ولا نار أعظم من آية في سورة البقرة: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} ثم قرأها حتى أتمها).
تخريجه:
روي مرفوعاً وموقوفاً.
* أما المرفوع فرواه أبو الحسين البصري في الغرر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((ما خلق الله من سماء ولا أرض ولا سهل ولا جبل أعظم من آية الكرسي)).
ولا يعرف له إسناد في كتب الحديث.
* وأما الموقوف فروي من طرق عن ابن مسعود -رضي الله عنه-.
الطريق الأولى: من طريق عامر الشعبي عن شُتَيْر بن شكل ومسروق عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- به.
ورواه عن الشعبي: سعيد بن مسروق، وجابر الجعفي وغيره، ومنصور بن المعتمر، وزكريا بن أبي زائدة.
* أما رواية سعيد بن مسروق فرواها سعيد بن منصور في سننه (ورقة47/أ-كما ذكر الشيخ الحميد) مطولاً و (3/ 953رقم426) مقتصراً على ما ورد في آية الكرسي، والطبراني في المعجم الكبير (9/ 133رقم8659) وابن الضريس في فضائل القرآن (ص/91رقم187) مقتصرا على ما ورد في آية الكرسي، والبيهقي في شعب الإيمان (2/ 458رقم2391) من طريق أبي الأحوص سلام بن سليم عن سعيد بن مسروق عن الشعبي قال:
جلس مسروق وشتير بن شكل في المسجد الأعظم، فرآهما ناس فتحولوا إليهما، فقال مسروق لشتير: إنما تحول إلينا هؤلاء لنحدثهم، فإما أن تحدث وأصدقك، وإما أن أحدث وتصدقني.
فقال مسروق: حدث أصدقك.
قال شتير: ثنا عبد الله بن مسعود: (أن أعظم آية في كتاب الله: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} إلى آخر الآية). فقال مسروق: صدقت.
وحدثنا عبد الله: (أن أجمع آية في كتاب الله: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} إلى آخر الآية) قال مسروق: صدقت.
وحدثنا: (أن أكثر -أو أكبر- آية في كتاب الله فرحاً: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} إلى آخر الآية). فقال مسروق: صدقت.
وحدثنا: (أن أشد آية في كتاب الله تفويضاً: {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب} إلى آخر الآية). فقال مسروق: صدقت.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/388)
* وأما رواية جابر الجعفي وغيره فرواها عبد الرزاق في مصنفه (3/ 370 - 371رقم6002) ومن طريقه الطبراني في المعجم الكبير (9/ 133رقم8660) من طريق سفيان الثوري عن جابر الجعفي وغيره عن الشعبي عن مسروق وشتير بن شكل العبسي قالا: جلسنا في المسجد فثاب إليهما الناس فقال أحدهما لصاحبه: إنهم لم يقوموا إلينا إلا لنحدثهم، فإما أن أحدثهم وتصدقني وإما أن تحدثهم فأصدقك. فقال أحدهما: سمعت عبد الله يقول: (أعظم آية في القرآن آية الكرسي) فقال الآخر: صدقت.
قال الآخر: سمعت عبد الله يقول: (أجمع آية في القرآن: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان}) قال: صدقت.
قال: وسمعته يقول: (أشد آية في القرآن تفويضاً: {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً} قال: صدقت.
قال الآخر: وسمعته يقول: (أكبر آية في القرآن فرحاً {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم}) قال: صدقت.
* وأما رواية منصور بن المعتمر فرواها أبو عبيد في فضائل القرآن (ص/275 - 276) مطولاً و (ص/230) مقتصراً على موضع الشاهد.
من طريق عمر بن عبد الرحمن الأبار الحافظ عن منصور بن المعتمر عن الشعبي قال:
التقى مسروق وشتير بن شكل فقال شتير لمسروق: إما أن أحدثك عن عبد الله وتصدقني، وإما أن تحدثني وأصدقك. فقال مسروق: حدث به وأصدقك فقال شتير: سمعت عبد الله يقول: (ما خلق الله من سماء ولا أرض ولا جنة ولا نار أعظم من آية في سورة البقرة: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} ثم قرأها حتى أتمها فقال مسروق: صدقت.
ثم ذكر مثل رواية أبي الأحوص عن سعيد بن مسروق عن الشعبي.
ورواه ابن جرير الطبري في تفسيره (14/ 163) والطبراني في المعجم الكبير (9/ 132رقم8658) والحاكم في المستدرك (2/ 356) والبيهقي في الشعب (2/ 473رقم2440) من طريق معتمر بن سليمان عن منصور بن المعتمر عن عامر الشعبي عن شتير ومسروق به ولم يذكروا موضع الشاهد ورواية بعضهم أطول من بعض.
* وأما رواية زكريا ابن أبي زائدة فرواها الجورقاني في الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير (2/ 297رقم709) من طريق النضر بن شميل حدثنا زكريا عن الشعبي قال: قال شتير بن شكل ومسروق وهما في المسجد: إنما اجتمع هؤلاء لتحدثهم، فحدثهم وأصدقك،أو أحدثهم وتصدقني بما سمعنا من ابن مسعود -رضي الله عنه-.
فقال مسروق: حدثهم وأصدقك أنا.
فقال شتير: سمعت ابن مسعود يقول: (إن أعظم ما خلق الله من أرض أو سماء أو جنة أو نار الآية التي فيسورة البقرة: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم} وإن أجمع آية في القرآن: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى} وإن أكثر آية في القرآن رجاء قوله: {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب}).
الطريق الثانية: من طريق أبي الضحى مسلم بن صبيح عن مسروق بن الأجدع و أبي الضحى عن شتير عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-.
* أما رواية أبي الضحى عن مسروق فرواها سعيد بن منصور في سننه (ورقة147/أ-كما قال الشيخ الحميد) مطولاً و (3/ 955رقم427) مقتصراً على موضع الشاهد والبيهقي في الأسماء والصفات (2/ 58رقم633) والجورقاني في الأباطيل (2/ 296رقم707) من طريق عاصم بن بهدلة عن أبي الضحى عن مسروق قال: سمعت عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- يقول: (ما من سماء ولا أرض ولا سهل ولا جبل أعظم من آية الكرسي).
ورواه البخاري في الأدب المفرد (1/ 246رقم489) وابن الضريس في فضائل القرآن (ص/92رقم193) والطبراني في الكبير (9/ 134رقم8661) من طريق عاصم بن بهدلة عن أبي الضحى عن مسروق به مطولاً ولم يذكروا موضع الشاهد.
* وأما رواية أبي الضحى عن شتير فرواها البخاري في خلق أفعال العباد (ص/33) والجورقاني في الأباطيل (2/ 296رقم708) من طريق الحميدي حدثنا سفيان بن عيينة حدثنا حصين بن عبد الرحمن عن مسلم بن صبيح عن شتير بن شكل عن عبد الله رضي الله عنه قال: (ما خلق الله من أرض ولا سماء ولا جنة ولا نار أعظم من: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم}.
قال سفيان في تفسيره: إن كل شيء مخلوق والقرآن ليس بمخلوق وكلامه أعظم من خلقه لأنه يقول للشيء كن فيكون فلا يكون شيء أعظم مما يكون به الخلق والقرآن كلام الله.
الطريق الثالثة: من طريق أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/389)
رواه ابن الضريس في فضائل القرآن (ص/92رقم193) والجورقاني في الأباطيل (2/ 294 - 295رقم706) من طريق حماد بن زيد عن عاصم بن أبي النجود عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: (إن لكل شيء سناماً، وإن سنام القرآن البقرة، وإن لكل شيء لباباً، ولباب القرآن المفصل، وما خلق الله من سماء ولا أرض ولا سهل ولا جبل أعظم من آية الكرسي، وإن الشيطان لا يدخل بيتاً تقرأ فيه سورة البقرة وإن أسرع البيوت للخراب الذي ليس فيه من كتاب الله شيء).
ورواه الحاكم في المستدرك (1/ 561) مرفوعاً وموقوفاً والدارمي في سننه (2/ 539رقم3377) والطبراني (9/ 129رقم8643،8644) ومحمد بن نصر في فضائل القرآن (ص/72) والبيهقي في شعب الإيمان (2/ 452رقم2376،2377) من طرق عن عاصم بن أبي النجود عن أبي الأحوص الجشمي عن ابن مسعود به وليس فيه ما يتعلق بآية الكرسي.
الطريق الرابعة: من طريق أبي إسحاق السبيعي عن مسروق.
رواها ابن الضريس (ص/93رقم194) من طريق وكيع عن الأعمش عن أبي إسحاق عن مسروق قال: قال عبد الله: (ما خلق الله من شيء من أرض ولا سماء ولا إنس ولا جن أعظم من آية الكرسي).
تنبيه: يلاحظ أن هذا الأثر مداره على ثلاثة من تلاميذ ابن مسعود -رضي الله عنه- وهم:
1/ شُتَيْر بن شَكَل وهو ثقة من رجال مسلم والأربعة.
2/ مسروق بن الأجدع وهو ثقة فقيه عابد من رجال الجماعة.
ومرة رواه مسروق وحده، ومرة رواه شتير وحده، ومرة رواه شتير وصدقه مسروق.
3/ أبو الأحوص: عوف بن مالك الجشمي وهو ثقة من رجال الجماعة.
الحكم عليه:
الحديث صحيح موقوفاً موضوع مرفوعاً.
أما المرفوع فلا يعرف له إسناد في كتب أهل الحديث.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى الكبرى (6/ 493): [لا خلاف بين أهل العلم بالحديث أن هذين الحديثين -يعني هذا الحديث وحديث"يا رب طه وياسين"- كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل الحديث يعلمون أن ذلك مفتر عليه بالضرورة كما يعلمون ذلك في أشياء كثيرة من الموضوعات عليه ويكفي أن نقل ذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يوجد في شيء من كتب الحديث ولا في شيء من كتب المسلمين أصلا بإسناد معروف].
وسيأتي كلامه تاماً في آخر هذا البحث -إن شاء الله تعالى-.
وأما الموقوف فسنده ما بين حسن وصحيح على هذا التفصيل:
* أما طريق الشعبي فرواه عنه أربعة رواه: سعيد بن مسروق الثوري وجابر الجعفي، ومنصور بن المعتمر، وزكريا بن أبي زائدة.
ولفظ (ما خلق الله) لم يقع في رواية سعيد بن مسروق ولا رواية جابر الجعفي وغيره.
ووقعت في رواية منصور بن المعتمر وزكريا بن أبي زائدة.
وكلها طرق صحيحة إلا طريق جابر فهي لا بأس بها لأنها توبع في الإسناد نفسه وتوبع من الرواة الثلاثة الآخرين.
وسعيد بن مسروق ومنصور وزكريا ثقات من رجال الجماعة.
وجابر الجعفي: متروك الحديث.
وكلا اللفظين صحيح ويكون بعضهم رواه بالمعنى.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 323) " [رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح].
* وأما طريق أبي الضحى فقد رواه عنه راويان:
عاصم بن بهدلة وحصين بن عبد الرحمن؛ وعاصم بن أبي النجود وإن كان من رجال الجماعة ولكن لم يرو له الشيخان إلا مقروناً وهو صدوق حسن الحديث، وحصين بن عبد الرحمن السلمي ثقة من رجال الجماعة.
ورواية عاصم بن بهدلة حسنة وهي صحيحة بمتابعة حصين وبرواية الشعبي التي سبق الكلام عليها.
ورواية حصين صحيحة لذاتها.
وقد صحح الحافظ ابن حجر رواية عاصم في فتح الباري (10/ 479) وحسنها الشيخ الألباني -رحمه الله-.
والعجيب أن الجورقاني -رحمه الله- حكم على حديث بن مسعود بهذه الرواية وغيرها بعدم الصحة فقال في الأباطيل (2/ 297): [هذا حديث لا يرجع إلى صحة وليس لإسناده نظام ولا لمتنه قوام.].
وهذا غير صحيح فسند الأثر صحيح ولمعناه توجيه كما سيأتي -إن شاء الله تعالى-.
* وأما طريق أبي الأحوص وهو عوف بن مالك الجشمي فهي طريق حسنة لأن مدارها على عاصم بن أبي النجود عنه عن ابن مسعود -رضي الله عنه-.
وقد حسن هذا الطريق الشيخ الألباني -رحمه الله- في الصحيحة (رقم587).
والعجيب أن الجورقاني -رحمه الله- حكم على هذه الحديث بالبطلان!
وهذا لا يصح لما سبق وما يأتي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/390)
وهو حديث له شواهد ذكرها الشيخ الألباني -رحمه الله- في لموضع السابق والشيخ محمد رزق طرهوني في كتابه موسوعة فضائل سور وآيات القرآن (1/ 106 - 109).
تنبيه: رواية الحاكم المرفوعة –وإن لم يكن فيها ما يتعلق بآية الكرسي- فهي رواية باطلة وآفتها شيخ الحاكم أحمد بن يعقوب أو شيخ شيخه عبد الله بن أحمد الدشتكي والصواب الوقف. والله أعلم.
وأما طريق الأعمش عن أبي إسحاق السبيعي عن مسروق فهي رواية صحيحة أيضاً.
ما يتعلق بمعنى هذا الأثر:
* روى البخاري في خلق أفعال العباد (ص/33) عن سفيان بن عيينه أنه قال: [إن كل شيء مخلوق، والقرآن ليس بمخلوق، وكلامه أعظم من خلقه لأنه يقول للشيء: كن فيكون. فلا يكون شيء أعظم مما يكون به الخلق، والقرآن كلام الله].
* وقال الترمذي (5/ 161رقم2884) حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا الحميدي حدثنا سفيان بن عيينة في تفسير حديث عبد الله بن مسعود قال: (ما خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي)
قال سفيان: لأن آية الكرسي هو كلام الله، وكلام الله أعظم من خلق الله من السماء والأرض.
* ونقل الذهبي في السير (11/ 245 - 246) عن الإمام أحمد أنه قال –فيما وقع له من مناظرة الجهمية-: [واحتجوا بحديث ابن مسعود: (ما خلق الله من جنة ولا نار ولا سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي) فقلت: إنما وقع الخلق على الجنة والنار، والسماء والأرض، ولم يقع على القرآن].
* وقال الذهبي في السير (10/ 578): [قال أبو الحسن عبد الملك الميموني قال رجل لأبي عبد الله: ذهبت إلى خلف البزار أعظه بلغني أنه حدث بحديث عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: (ما خلق الله شيئا أعظم ... ) وذكر الحديث.
فقال أبو عبد الله: ما كان ينبغي له أن يحدث بهذا في هذه الأيام -يريد زمن المحنة-.
والمتن: (ما خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي).
وقد قال أحمد بن حنبل -لما أوردوا عليه هذا يوم المحنة-: إن الخلق واقع ها هنا على السماء والأرض وهذه الأشياء، لا على القرآن.
قلت-القائل: الذهبي-: كذا ينبغي للمحدث أن لا يشهر الأحاديث التي يتشبث بظاهرها أعداء السنن من الجهمية وأهل الأهواء، والأحاديث التي فيها صفات لم تثبت.
فإنك لن تحدث قوماً بحديث لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم، فلا تكتم العلم الذي هو علم، ولا تبذله للجهلة الذين يشغبون عليك، أو الذين يفهموم منه ما يضرهم].
وانظر تاريخ الإسلام للذهبي "وفيات221 - 230" (ص/155 - 156).
وأختم هذا البحث بقول جميل وبديع لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.
قال -رحمه الله- في الفتاوى الكبرى (6/ 493): [فقال: الحجة الرابعة لهم من السمعيات ما روى أبو الحسين البصري في الغرر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((ما خلق الله من سماء ولا أرض ولا سهل ولا جبل أعظم من آية الكرسي))، وروى عنه -عليه السلام- أنه كان يقول في دعائه: ((يا رب طه ويس ويا رب القرآن العظيم)) قال: ولا يقال: هذا معارض بمبالغة السلف من الامتناع عن القول بخلق القرآن؛ لأنا نقول بحمل ذلك على الامتناع من إطلاق هذا اللفظ لأن لفظ "الخلق" قد يستعمل في الافتراء ضرورة التوفيق بين الروايات.]
قال شيخ الإسلام ابن تثيمية -رحمه الله-: [قلت: وجواب هذه الحجة سهل.
فإنه لا خلاف بين أهل العلم بالحديث أن هذين الحديثين كذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأهل الحديث يعلمون أن ذلك مفتر عليه بالضرورة، كما يعلمون ذلك في أشياء كثيرة من الموضوعات عليه،
ويكفي: أن نقل ذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يوجد في شيء من كتب الحديث، ولا في شيء من كتب المسلمين أصلاً بإسناد معروف.
بل الذي رووه في كتب أهل الحديث بالإسناد المعروف عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه أنكر على من قال ذلك، فروي من غير وجه عن عمران بن حدير عن عكرمة قال: صليت مع ابن عباس -رضي الله عنهما- على رجل فلما دفن قام رجل فقال: يا رب القرآن! اغفر له!!
فوثب إليه ابن عباس فقال: (مه! إن القرآن منه).
وفي رواية: "القرآن كلام الله، ليس بمربوب، منه خرج، وإليه يعود".
فهذا الأثر المأثور عن ابن عباس هو ضد ما رووه.
وأما ما رووه فلا يؤثر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أحد من الصحابة ولا التابعين أصلا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/391)
وكذلك الحديث الآخر وهو قوله: (ما خلق الله من سماء ولا أرض ... ) فإن هذا لا يؤثر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أصلاً، ولكن يؤثر عن ابن مسعود -رضي الله عنه- نفسه.
وقد ثبت عن ابن مسعود -رضي الله عنه- بنقل العدول أنه قال: "من حلف بالقرآن فعليه بكل آية يمين، ومن كفر بحرف منه فقد كفر به أجمع".
وقد اتفق المسلمون على أن الكفارة لا تجب بما يخلقه في الأجسام، فعلم أن القرآن كان عند ابن مسعود صفة لله، لا مخلوقاً له.
وإن معنى ذلك الأثر: أنه ليس في الموجودات المخلوقة ما هو أفضل من آية الكرسي لأنها هي مخلوقة كما يقال: الله أكبر من كل شيء، وإن كان ذلك الكبير مخلوقاً، و الله تعالى ليس بمخلوق.
وبذلك فسر الأئمة قول ابن مسعود. ذكر الخلال في كتاب السنة عن سفيان ابن عيينة أنه ذكر هذا الحديث الذي يروى: (ما خلق الله من سماء ولا أرض ولا جبل أعظم من آية الكرسي) قال ابن عيينة: هو هكذا: (ما خلق الله من شيء إلا وآية الكرسي أعظم مما خلق).
وروى الخلال عن أبي عبيد قال: وقد قال رجل: ما خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي أفليس يدلك على أن هذا مخلوق؟
قال أبو عبيد: إنما قال: (ما خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي)، فأخبر الله: أن السماء والأرض أعظم من خلقه، وأخبر أن آية الكرسي التي هي من صفاته أعظم من هذا العظيم المخلوق.
[يقول أبو عمر العتيبي: يعني أبو عبيد -رحمه الله- بقوله: فأخبر الله: أن السماء والأرض أعظم من خلقه. قوه تعالى: {لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون} سورة غافر (آية/57)]
وروى عن أحمد بن القاسم قال: قال أبو عبد الله: هذا الحديث: (ما خلق الله من سماء ولا أرض ولا كذا أعظم) فقلت لهم: إن الخلق ههنا وقع على السماء والأرض وهذه الأشياء لا على القرآن لأنه قال: (ما خلق الله من سماء ولا أرض) فلم يذكر: خلق القرآن ههنا.
وقال البخاري في كتاب "خلق الأفعال": وقال الحميدي حدثنا سفيان حدثنا حصين عن مسلم بن صبيح عن شتير بن شكل عن عبد الله قال: (ما خلق الله من سماء ولا أرض ولا جنة ولا نار أعظم من: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم})، قال سفيان: تفسيره: إن كل شيء مخلوق، والقرآن ليس بمخلوق، وكلامه أعظم من خلقه ن لأنه إنما يقول للشيء: {كن فيكون}، فلا يكون شيء أعظم مما يكون به الخلق، والقرآن كلام الله.
وأما تأويلهم أن السلف امتنعوا من لفظ الخلق لدلالته على الافتراء، فألفاظ السلف منقولة عنهم بالتواتر عن نحو خمسمائة من السلف؛ كلها تصرح بأنهم أنكروا الخلق الذي تعنيه الجهمية؛ من كونه مصنوعاً في بعض الأجسام، كما أنهم سألوا جعفر بن محمد عن القرآن: هل هو خالق أو هو مخلوق؟
فقال: (ليس بخالق ولا مخلوق، ولكنه كلام الله)،
ومثل قول علي -رضي الله عنه- لما قيل له: حكمت مخلوقاً فقال: (ماحكمت مخلوقاً وإنما حكمت القرآن)، وأمثال ذلك مما يطول ذكره.
والمقصود هنا أن السلف اتفقوا على أن القرآن كلام الله غير مخلوق، وهذا الذي أجمع عليه السلف ليس معناه ما قالته المعتزلة، ولا ما قالته الكلابية، وهذا الرازي: ادعى الإجماع! وإجماع السلف ينافي ما ادعاه من الإجماع، فإن أحدا من السلف لم يقل هذا، ولا هذا، فضلاً عن أن يكون إجماعاً.
ويكفي أن يكون اعتصامه في هذا الأصل العظيم بدعوى إجماع، والإجماع المحقق على خلافه، فلو كان فيه خلاف لم تصح الحجة، فكيف إذا كان الإجماع المحقق السلفي على خلافه؟!!].
انتهى كلام شيخ الإسلام -رحمه الله-.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد. .
كتبه: أبو عمر أسامة بن عطايا بن عثمان العتيبي الفلسطيني(39/392)
المسك بالكتاب والسنة والتحذير من الدولة الفاطمية
ـ[حامد تميم]ــــــــ[10 - 04 - 07, 11:15 م]ـ
صدر عن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء امس بيان في أن اجتماع الامة يكون في التمسك بالكتاب والسنة فيما يلى نصه:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد ... فإن الله عز وجل قد أمر باجتماع هذه الامة ونهى عن التنازع قال تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) ولن يحصل اجتماع الامة إلا بالتمسك بالكتاب والسنة ولذا أمر الله بالاعتصام بحبل الله المتين قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) وأمتنا الاسلامية وهي تواجه ما يحف بها من مخاطر متنوعة في أمس الحاجة الى التمسك بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم متوخية في ذلك نهج صحبه الكرام رضى الله عنهم ولقد وجهنا الله سبحانه وتعالى الى هذا المنهج القويم في كتابه الكريم حيث قال سبحانه: (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله). فاجتماع الأمة ووحدتها وعزها في التزام ذلك الصراط المستقيم الذي سلكه نبينا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام وعدم الحيد عنه وبذلك يحصل رضا رب العالمين والفوز بجنته وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي).
وحيث إن النصح لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم من الواجبات الشرعية وكان من النصح لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم كتابة بيان حول ما تناقلته بعض وسائل الاعلام عن بعض المحسوبين على الأمة نوضح فيه حقيقة دعواه التي حاول فيها أن يلبس على عموم المسلمين ويخدع بها من لا يبصر الأمور فقد ادعى ذلك المتكلم أن الدولة المسماة بالدولة الفاطمية هي دولة الاسلام التي يكمن فيها الحل المناسب في الحاضر كما كان حلا في الماضي وهذا من التلبيس ومن الدعاوى الباطلة وذلك لعدة أمور منها:
أولاً: إن تسمية تلك الدولة بالفاطمية تسمية كاذبة أراد بها أصحابها خداع المسلمين بالتسمي باسم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بين العلماء والمورخون في ذلك الزمان كذب تلك الدعوى وأن مؤسسها أصله مجوسي يدعى سعيد بن الحسين بن أحمد بن عبدالله بن ميمون القداح بن ديصان الثنوي الأهوازي وسعيد هذا تسمى بعبيد الله عندما أراد إظهار دعوته ونشرها ولقب نفسه بالمهدي.
فالنسبة الصحيحة لدولته أن يقال العبيدية كما ذكر ذلك جملة من العلماء المحققين ويظهر من نسب مؤسسها الذي ذكر آنفا أن انتسابهم إلى آل البيت كذب وزور وإنما أظهروا ذلك الانتساب لاستمالة قلوب الناس اليهم قال العلامة ابن خلكان في (وفيات الاعيان): (والجمهور على عدم صحة نسبهم وأنهم كذبة أدعياء لا حظ لهم في النسبة المحمدية أصلا).
وقال الذهبي في (العبر في خبر): (المهدي عبيدالله والد الخلفاء الباطنية العبيدية الفاطمية افترى أنه من ولد جعفر الصادق).
وقد ذكر غيرهما من المورخين أنه في ربيع الآخر عام 402هـ كتب جماعة من العلماء والقضاة والأشراف والعدول والصالحين المحدثين وشهدوا جميعا أن الحاكم بمصر وهو منصور الذي يرجع نسبه الى سعيد مؤسس الدولة العبيدية لا نسب لهم في ولد علي بن أبي طالب وأن الذي أدعوه اليه باطل وزور وأنهم لا يعلمون أحدا من أهل بيوتات علي بن أبي طالب رضي الله عنه توقف عن إطلاق القول بأنهم خوارج كذبة وأن هذا الحاكم بمصر هو وسلفه كفار فساق فجار ملحودون زنادقة معطلون للإسلام جاحدون ولمذهب المجوسية والثنوية معتقدون قد عطلوا الحدود وأباحوا الفروج وأحلوا الخمر وسفكوا
الدماء وسبوا الأنبياء ولعنوا السلف وادعوا الربوبية وكتب سنة اثنتين وأربعمائة قال ابن كثير في (البداية والنهاية): (بعد أن نقل هذا وقد كتب خطه في المحضر خلق كثير).
ثانيا: إظهارهم التشيع لآل البيت.
هذه الدعوى أظهروها حيلة نزعوا اليها استغلالا لعواطف المسلمين لعلمهم بمحبة أهل الاسلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته وقد ذكر الغزالي وغيره من العلماء أنهم في الحقيقة باطنيون.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/393)
انظر (مرآة الجنان) وقال النويري: وحكى الشريف أبوالحسين محمد بن علي المعروف بأخي محسن في كتابه أن عبدالله بن ميمون كان قد سكن بساباط أبي نوح وكان يتستر بالتشيع والعلم فلما ظهر عنه ما كان يضمره ويستره من التعطيل والإباحة والمكر والخديعة ثار عليه الناس وقد ذكر من الثائرين عليه الشيعة والمعتزلة وغيرهم فهرب الى البصرة ... انتهى باختصار.
ثالثا: حال تلك الدولة وما كانوا عليه. أجمل العلماء حالهم في جملة مشهورة قالها أبوبكر الباقلاني والغزالي وابن تيمية وهي أنهم يظهرون الرفض ويبطنون الكفر المحض.
قال الباقلاني عن القداح جد عبيدالله وكان باطنيا خبيثا حريصا على إزالة ملة الإسلام أعدم العلماء والفقهاء ليتمكن من إغواء الخلق وجاء أولاده على أسلوبه أباحوا الخمور والفروج وأفسدوا عقائد خلق انظر (تاريخ الاسلام)
قال أبوالحسن القابسي صاحب الملخص الذي قتله عبيدالله وبنوه بعده: (أربعة آلاف رجل في دار النحر في العذاب ما بين عالم وعابد ليردهم عن الترضي عن الصحابة فاختاروا الموت).
قال السيوطي في (تاريخ الخلفاء): (ومن جملة ذلك ابتداء الدولة العبيدية وناهيك بهم أفسادا وكفرا وقتلا للعلماء والصلحاء).
قال الشاطبي المالكي في (الاعتصام): (العبيدية الذين ملكوا مصر وأفريقية زعمت أن الأحكام الشرعية إنما هي خاصة بالعوام وأما الخواص منهم فقد ترقوا عن تلك المرتبة فالنساء بإطلاق حلال لهم كما أن جميع ما في الكون من رطب ويابس حلال لهم أيضا مستدلين على ذلك بخرافات عجائز لا يرضاها ذو عقل).
رابعا: موقف العلماء من تلك الحقبة. كان العلماء يظهرون الشناعة على العبيديين وعلى أفعالهم المشينة ومما يبين لنا موقف العلماء ويجمله ما صنعه السيوطي في تاريخه (تاريخ الخلفاء) حيث قال: (ولم أورد أحدا من الخلفاء العبيديين، لأن خلافتهم غير صحيحة، وذكر أن جدهم مجوسي وإنما سماهم بالفاطميين جهلة العوام).
خامسا: إن مما يتبين لكل أحد بعد الاطلاع على أقوال العلماء والمورخين أن هذه الدولة الفاطمية كان لها من الضرر والإضرار بالمسلمين ما يكفي في دفع كل من يرفع لواءها ويدعو بدعوتها لذا نجد أن المسلمين في الماضى فرحوا بزوالها على يد الملك الصالح صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى عام 567هـ فلا يجوز بعد هذا كله أن ندعو الناس الى الانتساب الى تلك الدولة العبيدية الضالة ومثل هذه الدعوة غش وخيانة للاسلام وأهله ونصيحتنا لأئمة المسلمين وعامتهم بالاعتصام بالكتاب والسنة وجمع القلوب عليهما يقول النبي صلى الله عيه وسلم: (إن الله يرضى لكم ثلاثا أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم) رواه مسلم. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللجنة الدائمة للبحوث
العلمية والإفتاء.
الرئيس:
عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ
أعضاء اللجنة:
عبدالله بن عبدالرحمن الغديان
صالح بن فوزان الفوزان
أحمد بن على سير المباركي
عبدالله بن محمد المطلق
عبدالله بن محمد الخنين
سعد بن ناصر الشثري
محمد بن حسن آل الشيخ
يوسف بن محمد الغفيص(39/394)
حصول المأمول في اختصار بعض الفصول (كتاب النبوات)
ـ[حفيد الصدّيق]ــــــــ[11 - 04 - 07, 04:49 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فهذا اختصار لطيف لبعض مباحث كتاب شيخ الإسلام النبوات ويتعلق بجانب دلائل النبوة فقط، رُمتُ تلخيصه لخاصة نفسي فعساه أن ينفع غيري، سائلاً مَنْ باب فضله كبير أن يرزقنا العلم الوفير والأجر الكثير(39/395)
حول فهم ضابط في فهم توحيد الأسماء والصفات
ـ[أبو الوليد الربضي]ــــــــ[11 - 04 - 07, 12:47 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد،
ما هو الضابط في الأسماء التي تطلق على الله وحده، فلا يشركه فيها غيرُه، والأسماء التي تطلق على الله عز وجل بإطلاق، وعلى غيره بتقييد؟؟؟
أرجو البسط في هذه المسألة مع التوضيح الموسع.
والله سبحانه وتعالى المسؤول المرجو أن يهدينا إلى صراطه المستقيم.
ـ[أبو الوليد الربضي]ــــــــ[21 - 04 - 07, 02:08 م]ـ
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أين الردود؟ هل خلا الملتقى من العلماء؟
ـ[القباني]ــــــــ[23 - 04 - 07, 03:39 م]ـ
قال ابن القيم في البدائع (من الشاملة)
هل الرحمن في البسملة نعت
استبعد قوم أن يكون الرحمن نعتا لله تعالى من قولنا بسم الله الرحمن الرحيم وقالوا الرحمن علم والأعلام لا ينعت بها ثم قالوا هو بدل من اسم الله قالوا ويدل على هذا أن الرحمن علم مختص بالله تعالى لا يشاركه فيه غيره فليس هو كالصفات التي هي العليم القدير والسميع والبصير ولهذا تجري على غيره تعالى
قالوا ويدل عليه أيضا وروده في القرآن غير تابع لما قبله كقوله الرحمن على العرش استوى طه 5 و الرحمن علم القرآن الرحمن 2 و أم من هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن الملك 20 وهذا شأن الأسماء المحضة لأن الصفات لا يقتصر على ذكرها دون الموصوف
قال السهيلي والبدل عندي فيه ممتنع وكذلك عطف البيان لأن الإسم الأول لا يفتقر إلى تبيين فإنه أعرف المعارف كلها وأبينها ولهذا قالوا وما الرحمن ولم يقولوا وما الله ولكنه وإن جرى مجرى الأعلام فهو وصف يراد به الثناء وكذلك الرحيم
إلا أن الرحمن من أبنية المبالغة كغضبان ونحوه وإنما دخله معنى المبالغة من حيث كان في آخره ألف ونون كالتثنية فإن التثنية في الحقيقة تضعيف وكذلك هذه الصفة فكأن غضبان وسكران كامل لضعفين من الغضب والسكر فكان اللفظ مضارعا للفظ التثنية لأن التثنية ضعفان في الحقيقة ألا ترى أنهم أيضا قد شبهوا التثنية بهذا البناء إذا كانت لشيئين متلازمين فقالوا الحكمان والعلمان وأعربوا النون كأنه اسم لشيء واحد فقالوا اشترك باب فعلان وباب التثنية ومنه قول فاطمة يا حسنان يا حسينان برفع النون
وامتنع تأنيثه فلا يقال غضبانة وامتنع تنوينه كما لا تنون نون المثنى فجرت عليه كثير من أحكام التثنية لمضارعته إياها لفظا ومعنى
وفائدة الجمع بين الصفتين الرحمن والرحيم الإنباء عن رحمة عاجلة وآجلة وخاصة وعامة تم كلامه
قلت: أسماء الرب تعالى هي أسماء ونعوت فإنها دالة على صفات كماله فلا تنافي فيها بين العلمية والوصفية فالرحمن اسمه تعالى ووصفه لا تنافي اسميته وصفيته فمن حيث هو صفة جرى تابعا على اسم الله ومن حيث هو اسم ورد في القرآن غير تابع بل ورود الإسم العلم
ولما كان هذا الإسم مختصا به تعالى حسن مجيئه مفردا غير تابع كمجيء اسم الله كذلك وهذا لا ينافي دلالته على صفة الرحمن كاسم الله تعالى فإنه دال على صفة الألوهية ولم يجيء قط تابعا لغيره بل متبوعا وهذا بخلاف العليم والقدير والسميع والبصير ونحوها ولهذا لا تجيء هذه مفردة بل تابعة فتأمل هذه النكتة البديعة يظهر لك بها أن الرحمن اسم وصفة لا ينافي أحدهما الآخر وجاء استعمال القرآن بالأمرين جميعا
وأما الجمع بين الرحمن الرحيم ففيه معنى هو أحسن من المعنيين اللذين ذكرهما وهو أن الرحمن دال على الصفة القائمة به سبحانه والرحيم دال على تعلقها بالمرحوم فكان الأول للوصف والثاني للفعل فالأول دال أن الرحمة صفته والثاني دال على أنه يرحم خلقه برحمته
وإذا أردت فهم هذا فتأمل قوله {وكان بالمؤمنين رحيما} {إنه بهم رؤوف رحيم} ولم يجيء قط رحمن بهم فعلم أن الرحمن هو الموصوف بالرحمة ورحيم هو الراحم برحمته وهذه نكتة لا تكاد تجدها في كتاب وإن تنفست عندها مرآة قلبك لم تنجل لك صورتها فائدة حذف العامل في بسم الله(39/396)
ما صحة هذه الجملة: (الاعتقاد الصحيح أهم من العمل) ... ؟
ـ[أبو حمزة محمود نجيب]ــــــــ[11 - 04 - 07, 02:47 م]ـ
اخواني حراس عقيدة أهل السنة والجماعة،
أنا أمام جملة منذ ما يقرب من عام يخالجني الشك من بعض ظلالها وهي:
" الاعتقاد الصحيح أهم من العمل؛ حيث أن الاعتقاد مبنى على (عمل القلب) الذي هو: نيته، وإخلاصه، ومحبته، وتوكله، ورجاؤه، وخشيته، وقبوله، وانقياده، ولوازم ذلك وتوابعه " ...
فما تعليقكم على ذلك؟
أرجو ألا تبخلوا علي بالرد؛ فأنا في حاجة ماسة له ...
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[11 - 04 - 07, 03:07 م]ـ
هذا الكلام مبناه على حديث مشهور على الألسنة غير صحيح وهو: " نية المؤمن أبلغ من عمله " وفي رواية " نية المؤمن خير من عمله ".
قال الحافظ السخاوي: وذلك أن النية لا رياء فيها، والعمل يخالطه الرياء.
لكن كلام الحافظ السخاوي فيه نظر، لأن النية كذلك قد تكون لغير الله. والله أعلم.
ـ[أبو حمزة محمود نجيب]ــــــــ[11 - 04 - 07, 08:36 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي،
لا أسأل عن (النية)، إنما أسأل عن (الاعتقاد) ...
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[11 - 04 - 07, 08:47 م]ـ
أخي الكريم قارن بين كلامك وفقك الله لكل خير.
حيث أن الاعتقاد مبنى على (عمل القلب) الذي هو: نيته، وإخلاصه، ومحبته، وتوكله، ورجاؤه، وخشيته، وقبوله، وانقياده، ولوازم ذلك وتوابعه " ...
فما تعليقكم على ذلك؟
جزاك الله خيرا أخي،
لا أسأل عن (النية)، إنما أسأل عن (الاعتقاد) ...
ـ[أبو حمزة محمود نجيب]ــــــــ[13 - 04 - 07, 10:29 ص]ـ
الاعتقاد المبني على (عمل القلب) الذي هو أصل النية وأصل الأخلاص وأصل الخوف وأصل التوكل ...
ـ[أبو حمزة محمود نجيب]ــــــــ[14 - 04 - 07, 03:07 م]ـ
أيه يا أخوان ... أين المشاركات ...
ـ[ابو عبد الرحمن التهامي]ــــــــ[14 - 04 - 07, 08:26 م]ـ
هل السؤال هكذا صحيح
(حيث أن الاعتقاد مبنى على (عمل القلب) الذي هو: نيته، وإخلاصه، ومحبته، وتوكله، ورجاؤه، وخشيته،)
يقول شيخ الاسلام
(فأصل الإيمان في القلب وهو قول القلب وعمله وهو إقرار بالتصديق والحب والانقياد).مجموع الفتاوي 2/ 40
بارك الله فيكم(39/397)
شفاعة تربية الإناث
ـ[عبد القادر المحمدي]ــــــــ[11 - 04 - 07, 02:56 م]ـ
الى من حاز هذه الرتبة هنيئا لك.ادخل وحمل الملف.وفقكم الله
ـ[أبو أنس السندي]ــــــــ[11 - 04 - 07, 03:06 م]ـ
وأين الملف شيخنا الفاضل
ـ[ابو هبة]ــــــــ[11 - 04 - 07, 04:38 م]ـ
وفقك الله, عجِّل يا شيخنا.
ـ[عبد القادر المحمدي]ــــــــ[11 - 04 - 07, 06:35 م]ـ
اليكم الملف واعتذر
ـ[شبيب القحطاني]ــــــــ[12 - 04 - 07, 06:32 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[عبد القادر المحمدي]ــــــــ[12 - 04 - 07, 03:01 م]ـ
وجزاكم خيرا
ـ[ابو هبة]ــــــــ[31 - 03 - 09, 01:18 ص]ـ
للرفع.
فقد رزقتُ والحمد لله (مريم) فصرتُ أبا هبة و مريم (إبتسامة).
بارك الله في الشيخ المحمدي.
ـ[عبد الحفيظ الحامدي]ــــــــ[31 - 03 - 09, 04:05 م]ـ
جزاكم الله خيرا شيخنا رسالة قيمة
و جاري الإطلاع عليها(39/398)
هل لتربية الإناث شفاعة
ـ[عبد القادر المحمدي]ــــــــ[11 - 04 - 07, 03:03 م]ـ
أدخل وحمل الملف وفقكم الله(39/399)
لا إله إلا الله: الكلمة الجامعة لكل العقائد
ـ[العبدضو]ــــــــ[11 - 04 - 07, 07:57 م]ـ
إن أركان العقيدة الإسلامية (الإيمان بالله تعالى والملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والقدر) تجمعها وترمزإليها كلمة "لا إله إلا الله"
إن الشهادة إقرار من المخلوق بوجود الله تعالى ووحدانيته وكمال العقيدة فيه باحتوائها على معنى الألوهية وأن كل شيء مخلوق لله يعترف بخالقه ويعبده كما امر ويمتثل لأوامره ونواهيه.قال الله تعالى: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون".
والعبادة ليست حركات نمارسها بل هي اعمال مبنية على الإعتراف الصادق والنية الخالصة وما يتبع ذلك من تجسيد وتطبيق بالجوارح.
إن العبادة شعور بالعبودية للملك الخالق (العبد وما ملكت يداه لسيده ومولاه" والشهادة ليست نطقا باللسان وإنما عقيدة صادقة مشفوعة بالعمل والجوارح المسلم من سلم الناس من يده ولسانه"إن شهادة: لا إله إلا الله هي نفي لكل مظاهر الشرك ظاهرة كانت كعبادة الأصنام وتقديس القانيم الثلاثةاو تقديس الأئمة والأولياءأو خفيا كاتباع الشهواتوتعظيم ذوي الجاه والسلطان.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية خالق"
إن هذه الشهادة تقوم في اٌسلام على كلمتين هما المفتاح الذي يلج به الإنسان حضيرة الإسلام: لا إله إلا الله " وشهادة أن محمدا رسول الله"
إن هذه الشهادة منهج عمل وخطة حياة وليست مجرد حروففمن عمل بها كانت له طلسما يفتح له كل الأبواب وكانت له نجاة في الدنيا والآخرة ومدخلا إلى الجنة أما إذا كانت مجردة من الإخلاص فلا يعدو صاحبها أن يكون منافقا.
يقول الدكتور زكي نجيب محمود: إن شهادة لا إله إلا الله تتضمن الإقرار بثلاث حقائق: أن الشاهد موجود والمشهود موجود والحضور الذين تلقى أمامهم الشهادة موجودون أيضاأي أنها اقرار حقيقي بأن الذات والله والآخرين لهم جميعا حضور حقيقي. "
ـ[الضبيطي]ــــــــ[13 - 04 - 07, 02:32 ص]ـ
أشكر الأخ على ما اشتغل به من علم التوحيد.
لكني أحيل إلى رسالة فيها الشفاء للمجدد الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمنا الله وإياه، وهي بعنوان: رسالة في كلمة التوحيد وكونها تثبت أربعا وتنفي أربعا. وقد نقلت هذه الرسالة بحذافيرها ونصها في هذا المنتدى الراقي أعني منتدانا ملتقى أهل الحديث، وهي المشاركة العاشرة لي فيه، وعنوانها: وصية الشيخ الهويسن لكل محب للنبي الأمين.
فجزاك الله خيرا يا أخي على إثارة هذا الموضوع الأهم.(39/400)
شمولية الإسلام في تربية الإنسان
ـ[العبدضو]ــــــــ[11 - 04 - 07, 08:00 م]ـ
قام الدين الإسلامي على اسس لا يستقيم البناء إلا بها وهي متعددةكالعموم والمرونة والشمول وسنقتصر في هذه المحاولة على اظهار نظرة الإسلام للشمولية في سعيه لتكوين الفرد القويم الذي يتحقق به المجتمع الفاضل.
إن الأحكام الشرعية والتوجيهات والقيم التي انبنى عليها الإسلام اهتمت بكل جوانب الحياة فلم تغلب احدها على الآخر بل اخذتها في سياق دينامي متفاعل .. قال الله تعالى: ما فرطنا في الكتاب من شيء" وقوله تعالى"وكل شيء احصيناه كتابا".
إن الشمول قائم على اهتمام الإسلام بجميع جوانب الحياة الإنسانية المادية والروحيةوالعقلية والأخلاقية دون تفرسيط او تغليب لجانب على آخر .. يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: للله عليك حق ولنقفسك عليك حق" وبذلك يتجلى معنى الحرص الذي يوليه الإسلام للعمل من أجل الدارين.قال الله تعالى: وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا نتنس نصيبك من الدنيا" وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ليس خيركم من ترك دنياه لآخرته ولا آخرته لدنياه ولكن خيركم من أخذ من هذه وهذه"
إن التمعن في أقسام الشريعة الإسلامية يبرز هذا الأمر ويجليه إذ نجد الأقسام التالية:
- العقائد: من ايمان بالله والملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر
- العبادات: من صلاة وزكاة وصوم وحج وعمل
- المعاملات: سواء في نطاق الأسرة كالزواج والحضانة والنفقة أو في نطاق المجتمع من تكافل وبيع أو في نطاق الحكم كالخلافة والبيعة والحسبة وغير ذلك. أو في العلاقات الدولية من حرب وسلم ومعاهدات وغير ها
- الأخلاق: ظاهرة كانت كالصدق والأمانة أو باطنة كالغبطة والحسد ....
إن الميزة الإسلامية أن هذه الأقسام إنما يأتي تقسيمها اعتباريا فقط فهي متكاملة متفاعلة دينامية لا يمكن عزل أحدها عن كل هذه العوامل وإنما كل واحدة منها بمثابة قطعة أساسية في محرك إذا فقدت توقف المحرك عن العمل.
لذلك نرى أن الإيمان لا يكتمل إلا إذا بتوفر اركان ثلاثة: اعتراف باللسان وتوقير في القلب وتصديق بالعمل فإذا نقص أحدها اختل الإيمان كلية. ولا يتوقف هذا الشمول في ترابط هذه العناصر في الحياة الدنيا بل يربطها بالآخرة ويجعل الجزاء قائما عليها وتتزايد درجاته بمقدار تزايد الصدق والإخلاص فيها.
إن هذه النظرة الكلية الشاملة للفرد والجماعة في الإسلام تجعل منه الدين الأمثل لبناء الحضارة الإنسانية القائمة على تلبية حاجيات الفرد في مختلف جوانبها الروحية والفكرية والمادية والعلمية والعملية والفردية والإجتماعية.
إن الحضارة الغربية ذات المذاهب والإيديولوجيات الجزئية الإنشطارية كالفرويدية التي تفسر الحياة الإنسانيةبنظرة جنسية أو الماركسية التي تخضع النفس لحتمية تاريخية جبرية أو الرأسمالية النفعية التي تقتل المجتمع لتلبية طموحات غريزية فردية.
إنها مبادئ وقيم جزئية التصور انبثقت من اجتهاد بشري وتأثر بعوامل نفسية تعتلج بكل ما يحيط النفس البشرية من احاسيس فيها السليم وفيها المريض بينما الطرح الإسلامي منبثق من ارادة إلهية عالمة بمصالح العباد.
إن الإسلام منهاج كامل ونظام شامل غايته شريفة ووسائله نظيفة يهدي الناس إلى سعادتهم في دنياهم وأخراهم يوضح العقيدة الصافية والعبادة الهادية ويرشدهم إلى المعاملات الكريمة والخلاق العظيمة ويدلهم على أسس الحكم التي تصلح بها البلاد والعباد ويبين لهم كل ما فيه صلاح الفرد والجماعة ونهضة الأمة ورفعتها متكفلا بكل مطالب الخلائق في كل نواحي الحياة.
إنه الإسلام الذي جاء ليعالج قضايا البشر ويحكم الأرض حكما عادلا رحيما.(39/401)
بالباطل: علماء الشيعة يقولون
ـ[العبدضو]ــــــــ[11 - 04 - 07, 08:23 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على النبي المصطفى الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.
الإخوة الكرام.
كنت في فترة خلت حملت كتابا إلكترونيا من موقع البرهان أثابهم الله وجازاهم خيرا بعنوان: علماء الشيعة يقولون
ولإعتقادي بصعوبة الإستفادة منه فقد اقترحت على الإخوة في الموقع المذكور تجزئته إلى صفحات مفردة حتى يستطيع اي أخ افستفادة من ذلك في مواجهة أهل الضلال وقد وافقوا فلهم كل الشكر.
افخوة الكرام هذه بداية العمل وإن شاء الله تعالى سأواصل تتمة البقية بإذنه تعالى
مع تحياتي والله المستعان.
القول بتحريف القرآن
الطبرسي: القرآن سخيف
http://img113.imageshack.us/img113/9977/tobroussidj6.jpg
البحراني: القرآن خلاف ما انزل الله
http://img444.imageshack.us/img444/3356/bahraniwy1.jpg
الشيخ المفيد: تاليف القرآن
http://img252.imageshack.us/img252/7943/cheikhmofidck2.jpg
الفاني الإصفهاني: تحريف القرآن
http://img183.imageshack.us/img183/2084/asfahanibg2.jpg
البحراني: القرآن محرف
http://img402.imageshack.us/img402/2488/bahrani0vo5.jpg
المجلسي: صحة تحريف القرآن
http://img442.imageshack.us/img442/6467/almajlissiva8.jpg
القمي: تحريف آية الكرسي
http://img92.imageshack.us/img92/6782/kommiut8.jpg
الكليني: مصحف فاطمة
http://img139.imageshack.us/img139/8691/kellinijk6.jpg
الحائري: آيات القرآن غير مرتبطة
http://img454.imageshack.us/img454/5180/hairiul5.jpg
الجزائري: سقوط اكثر من ثلث القرآن
http://img295.imageshack.us/img295/5824/aljazairiyr5.jpg
الجزائري: القرآن محرف حد التواتر
http://img136.imageshack.us/img136/1154/aljazairi1sg4.jpg
الخوئي المعاصر: القطع بتحريف القرآن
http://img412.imageshack.us/img412/4339/alkhouitm4.jpg
عبدالله شبر: التحريف بالتواتر
http://img133.imageshack.us/img133/8182/chibrmc7.jpg
البحراني: القرآن غير محفوظ
http://img256.imageshack.us/img256/7665/albahranikm5.jpg
الخميني: اعتراف بالضلالة والجهالة
http://img246.imageshack.us/img246/6908/alkhoumainitj5.jpg
الشرك بالله تعالى
محمد علي الصدوق: الأوصياء شركاء لله
http://img108.imageshack.us/img108/138/assadokhc1.jpg
الخميني: طلب الحاجة من القبور
http://img473.imageshack.us/img473/7831/khomeinifn4.jpg
الحسيني: طلاسم وشعوذة
http://img359.imageshack.us/img359/4558/chawadafi6.jpg
الإحسائي: علي فرع من الربوبية
http://img337.imageshack.us/img337/7559/ihsaiat4.jpg
الطبرسي: جواز الطواف بالقبر
http://img255.imageshack.us/img255/6982/attobrossiwo4.jpg
نعمة الله الجزائري: رب السنة ليس ربنا ونبيهم ليس نبينا
http://img162.imageshack.us/img162/7932/aljazaeriyy1.jpg
الطوسي: تربة الحسين آمان من كل مكروه
http://img133.imageshack.us/img133/5971/attossi0if7.jpg
القمي: نور الإمام يغني عن ضوء الشمس ونور القمر
http://img109.imageshack.us/img109/1002/alkommi0px8.jpg
الكليني: من كتم الدين اعزه الله
http://img337.imageshack.us/img337/1925/kellini0jj9.jpg
المجلسي: جواز الصلاة إلى القبر
http://img251.imageshack.us/img251/2346/almajlissi0fr9.jpg
الكليني: فضل الشيعة: نور الأرض وعلم الغيب
http://img240.imageshack.us/img240/5364/kellini1kv0.jpg
كاشف الغطاء: النبي يتوجه للكعبة من اجل علي
http://img338.imageshack.us/img338/6157/kachefyf1.jpg
هاشم البحراني: مشيئة الله من مشيئة الأئمة
http://img116.imageshack.us/img116/8505/hbahranilz4.jpg
المجلسي: جواز الشعوذة مع الجن
http://img256.imageshack.us/img256/5127/majlissi4tp2.jpg
القمي: بيوت الله هي القبور
http://img405.imageshack.us/img405/2936/kommi0uu6.jpg
المجلسي: الإستقسام بالأزلام جائز
http://img137.imageshack.us/img137/4570/majlissi1to5.jpg
المجلسي: كسرى انوشروان في الجنة
http://img264.imageshack.us/img264/8208/majlissi2zt5.jpg
الجواهرجي: طلاسم يوم الأحد + طلاسم يوم الجمعة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/402)
http://img264.imageshack.us/img264/3025/jawaherji0cw6.jpg
http://img412.imageshack.us/img412/8843/jawaherjisj1.jpg
الإحسائي: الوصي شريك لله في الملك وأكثر
http://img489.imageshack.us/img489/7875/ihsaaitz3.jpg
الكوفي: ولاية علي فوق النبوة
http://img403.imageshack.us/img403/7650/koufijw2.jpg
المجلسي: استقبال القبر امر لازم
http://img172.imageshack.us/img172/8072/majlissi3gx8.jpg
الإحسائي: نحن الله والله نحن
http://img181.imageshack.us/img181/7817/ihsai0ib1.jpg
الطوسي: التضرع لغير الله
http://img126.imageshack.us/img126/6702/attossi0ts0.jpg
الغلو في الأئمة
الخميني: مرتبة الأئمة فوق الملائكة والرسل
http://img160.imageshack.us/img160/6541/khomeini01ow6.jpg
فرات بن ابراهيم الكوفي الله اعطى مفاتح الغيب لعلي
http://img159.imageshack.us/img159/8553/aaliuu6.jpg
الحاج ميرزا علي الحائري: الحكم بطهارة بول الأئمة وغائطهم
http://img519.imageshack.us/img519/9884/baoulimamgk5.jpg
هاشم البحراني: الإمام يسمع الكلام في بطن امه
http://img402.imageshack.us/img402/2118/ventremerezt4.jpg
الصدوق:الجنة والنار بيد على
http://img258.imageshack.us/img258/3553/agienparkh0.jpg
عبدالله شبر: الإمام إله
http://img19.imageshack.us/img19/4842/imamdieudu0.jpg
احمد الإحسائي: علي يعلم جبيريل
http://img62.imageshack.us/img62/2254/alijibrilyl0.jpg
الشيخ المفيد: علي يسير السحاب
http://img482.imageshack.us/img482/545/alinuagean3.jpg
محمد مهد ي الحائري: الدراج يسبح بحمد الشيعة
http://img400.imageshack.us/img400/1397/oiseaurv8.jpg
نعمة الله الجزائري: كربلاء افضل من الكعبة
http://img259.imageshack.us/img259/3465/karbkaabasl9.jpg
ميرزا محمد تقي: معجزة شق القمر كانت لعلي
http://img147.imageshack.us/img147/5838/miraclelunefv5.jpg
الشيخ المفيد: المعراج كان لعلي
http://img248.imageshack.us/img248/3203/ascensionalitb3.jpg
ميرزا محمد تقي: إهانة الملائكة
http://img384.imageshack.us/img384/1742/angeinsulteqp3.jpg
محمد الإصطهباناتي: من زار الحسين كمن زار الله في عرشه
http://img126.imageshack.us/img126/3707/visitehdyn8.jpg
للصدوق: علي يقضي بين الخلق يوم القيامة
http://img88.imageshack.us/img88/6571/alijugeym4.jpg
احمد الإحسائي: علي افضل من الرسول
http://img175.imageshack.us/img175/5989/alimieuxqu1.jpg
المجلسي: الأنبياء يتوسلون بالأئمة
http://img124.imageshack.us/img124/483/imamprophgr8.jpg
محمد بن الحسن الصفار: الأئمة اعظم من جبريل وميكائيل
http://img69.imageshack.us/img69/2068/imamangesj8.jpg
هاشم البحراني: الأئمة عندهم علم النبياء وزيادة
http://img68.imageshack.us/img68/4818/sciencejy1.jpg
محمد بن يعقوب الكليني: الأئمة يتكلمون 70 مليون لغة
http://img233.imageshack.us/img233/4282/70mlanguekj5.jpg
الخميني: تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن
http://img378.imageshack.us/img378/3393/khomimcorandc9.jpg
الشيخ المفيد: الأنبياء عبيد للأئمة
http://img477.imageshack.us/img477/883/prophsoumisyv5.jpg
المجلسي: الأئمة اعلم من الرسل
http://img352.imageshack.us/img352/9393/savantprophsl6.jpg
نعمة الله الجزائري: الإمامة اشرف من النبوة
http://img456.imageshack.us/img456/1610/improphkl4.jpg
احمد بن زين الإحسائي: الأئمة هم الواسطة بين الله وخلقه
http://img358.imageshack.us/img358/8463/intermediaireuk0.jpg
ابن قولويه القمي: الله يزور الحسين
ـ[شتا العربي]ــــــــ[11 - 04 - 07, 10:34 م]ـ
وأين نجد عنوان الكتاب كله؟
ـ[حمزه]ــــــــ[12 - 04 - 07, 12:41 م]ـ
جزاكم الله خيرا على المعلومات القيمه
ـ[العبدضو]ــــــــ[12 - 04 - 07, 01:12 م]ـ
وأين نجد عنوان الكتاب كله؟
عزيزي
من هنا
http://www.alburhan.com/cd_download/.../shia-book.rar
او من هنا
http://www.rabania.com/media/details.php?linkid=968
او من اصحاب الكتاب نفسه أي موقع البرهان
http://www.alburhan.com/cd_download/shia_s/shia_s/index.htm
تحياتي
ـ[العبدضو]ــــــــ[16 - 04 - 07, 12:06 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/403)
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على النبي المصطفى الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.
الإخوة الكرام.
كنت في فترة خلت حملت كتابا إلكترونيا من موقع البرهان أثابهم الله وجازاهم خيرا بعنوان: علماء الشيعة يقولون
ولإعتقادي بصعوبة الإستفادة منه فقد اقترحت على الإخوة في الموقع المذكور تجزئته إلى صفحات مفردة حتى يستطيع اي أخ افستفادة من ذلك في مواجهة أهل الضلال وقد وافقوا فلهم كل الشكر.
افخوة الكرام هذه بداية العمل وإن شاء الله تعالى سأواصل تتمة البقية بإذنه تعالى
مع تحياتي والله المستعان.
القول بتحريف القرآن
الطبرسي: القرآن سخيف
http://img113.imageshack.us/img113/9977/tobroussidj6.jpg
البحراني: القرآن خلاف ما انزل الله
http://img444.imageshack.us/img444/3356/bahraniwy1.jpg
الشيخ المفيد: تاليف القرآن
http://img252.imageshack.us/img252/7943/cheikhmofidck2.jpg
الفاني الإصفهاني: تحريف القرآن
http://img183.imageshack.us/img183/2084/asfahanibg2.jpg
البحراني: القرآن محرف
http://img402.imageshack.us/img402/2488/bahrani0vo5.jpg
المجلسي: صحة تحريف القرآن
http://img442.imageshack.us/img442/6467/almajlissiva8.jpg
القمي: تحريف آية الكرسي
http://img92.imageshack.us/img92/6782/kommiut8.jpg
الكليني: مصحف فاطمة
http://img139.imageshack.us/img139/8691/kellinijk6.jpg
الحائري: آيات القرآن غير مرتبطة
http://img454.imageshack.us/img454/5180/hairiul5.jpg
الجزائري: سقوط اكثر من ثلث القرآن
http://img295.imageshack.us/img295/5824/aljazairiyr5.jpg
الجزائري: القرآن محرف حد التواتر
http://img136.imageshack.us/img136/1154/aljazairi1sg4.jpg
الخوئي المعاصر: القطع بتحريف القرآن
http://img412.imageshack.us/img412/4339/alkhouitm4.jpg
عبدالله شبر: التحريف بالتواتر
http://img133.imageshack.us/img133/8182/chibrmc7.jpg
البحراني: القرآن غير محفوظ
http://img256.imageshack.us/img256/7665/albahranikm5.jpg
الخميني: اعتراف بالضلالة والجهالة
http://img246.imageshack.us/img246/6908/alkhoumainitj5.jpg
الشرك بالله تعالى
محمد علي الصدوق: الأوصياء شركاء لله
http://img108.imageshack.us/img108/138/assadokhc1.jpg
الخميني: طلب الحاجة من القبور
http://img473.imageshack.us/img473/7831/khomeinifn4.jpg
الحسيني: طلاسم وشعوذة
http://img359.imageshack.us/img359/4558/chawadafi6.jpg
الإحسائي: علي فرع من الربوبية
http://img337.imageshack.us/img337/7559/ihsaiat4.jpg
الطبرسي: جواز الطواف بالقبر
http://img255.imageshack.us/img255/6982/attobrossiwo4.jpg
نعمة الله الجزائري: رب السنة ليس ربنا ونبيهم ليس نبينا
http://img162.imageshack.us/img162/7932/aljazaeriyy1.jpg
الطوسي: تربة الحسين آمان من كل مكروه
http://img133.imageshack.us/img133/5971/attossi0if7.jpg
القمي: نور الإمام يغني عن ضوء الشمس ونور القمر
http://img109.imageshack.us/img109/1002/alkommi0px8.jpg
الكليني: من كتم الدين اعزه الله
http://img337.imageshack.us/img337/1925/kellini0jj9.jpg
المجلسي: جواز الصلاة إلى القبر
http://img251.imageshack.us/img251/2346/almajlissi0fr9.jpg
الكليني: فضل الشيعة: نور الأرض وعلم الغيب
http://img240.imageshack.us/img240/5364/kellini1kv0.jpg
كاشف الغطاء: النبي يتوجه للكعبة من اجل علي
http://img338.imageshack.us/img338/6157/kachefyf1.jpg
هاشم البحراني: مشيئة الله من مشيئة الأئمة
http://img116.imageshack.us/img116/8505/hbahranilz4.jpg
المجلسي: جواز الشعوذة مع الجن
http://img256.imageshack.us/img256/5127/majlissi4tp2.jpg
القمي: بيوت الله هي القبور
http://img405.imageshack.us/img405/2936/kommi0uu6.jpg
المجلسي: الإستقسام بالأزلام جائز
http://img137.imageshack.us/img137/4570/majlissi1to5.jpg
المجلسي: كسرى انوشروان في الجنة
http://img264.imageshack.us/img264/8208/majlissi2zt5.jpg
الجواهرجي: طلاسم يوم الأحد + طلاسم يوم الجمعة
http://img264.imageshack.us/img264/3025/jawaherji0cw6.jpg
http://img412.imageshack.us/img412/8843/jawaherjisj1.jpg
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/404)
الإحسائي: الوصي شريك لله في الملك وأكثر
http://img489.imageshack.us/img489/7875/ihsaaitz3.jpg
الكوفي: ولاية علي فوق النبوة
http://img403.imageshack.us/img403/7650/koufijw2.jpg
المجلسي: استقبال القبر امر لازم
http://img172.imageshack.us/img172/8072/majlissi3gx8.jpg
الإحسائي: نحن الله والله نحن
http://img181.imageshack.us/img181/7817/ihsai0ib1.jpg
الطوسي: التضرع لغير الله
http://img126.imageshack.us/img126/6702/attossi0ts0.jpg
الغلو في الأئمة
الخميني: مرتبة الأئمة فوق الملائكة والرسل
http://img160.imageshack.us/img160/6541/khomeini01ow6.jpg
فرات بن ابراهيم الكوفي الله اعطى مفاتح الغيب لعلي
http://img159.imageshack.us/img159/8553/aaliuu6.jpg
الحاج ميرزا علي الحائري: الحكم بطهارة بول الأئمة وغائطهم
http://img519.imageshack.us/img519/9884/baoulimamgk5.jpg
هاشم البحراني: الإمام يسمع الكلام في بطن امه
http://img402.imageshack.us/img402/2118/ventremerezt4.jpg
الصدوق:الجنة والنار بيد على
http://img258.imageshack.us/img258/3553/agienparkh0.jpg
عبدالله شبر: الإمام إله
http://img19.imageshack.us/img19/4842/imamdieudu0.jpg
احمد الإحسائي: علي يعلم جبيريل
http://img62.imageshack.us/img62/2254/alijibrilyl0.jpg
الشيخ المفيد: علي يسير السحاب
http://img482.imageshack.us/img482/545/alinuagean3.jpg
محمد مهد ي الحائري: الدراج يسبح بحمد الشيعة
http://img400.imageshack.us/img400/1397/oiseaurv8.jpg
نعمة الله الجزائري: كربلاء افضل من الكعبة
http://img259.imageshack.us/img259/3465/karbkaabasl9.jpg
ميرزا محمد تقي: معجزة شق القمر كانت لعلي
http://img147.imageshack.us/img147/5838/miraclelunefv5.jpg
الشيخ المفيد: المعراج كان لعلي
http://img248.imageshack.us/img248/3203/ascensionalitb3.jpg
ميرزا محمد تقي: إهانة الملائكة
http://img384.imageshack.us/img384/1742/angeinsulteqp3.jpg
محمد الإصطهباناتي: من زار الحسين كمن زار الله في عرشه
http://img126.imageshack.us/img126/3707/visitehdyn8.jpg
للصدوق: علي يقضي بين الخلق يوم القيامة
http://img88.imageshack.us/img88/6571/alijugeym4.jpg
احمد الإحسائي: علي افضل من الرسول
http://img175.imageshack.us/img175/5989/alimieuxqu1.jpg
المجلسي: الأنبياء يتوسلون بالأئمة
http://img124.imageshack.us/img124/483/imamprophgr8.jpg
محمد بن الحسن الصفار: الأئمة اعظم من جبريل وميكائيل
http://img69.imageshack.us/img69/2068/imamangesj8.jpg
هاشم البحراني: الأئمة عندهم علم النبياء وزيادة
http://img68.imageshack.us/img68/4818/sciencejy1.jpg
محمد بن يعقوب الكليني: الأئمة يتكلمون 70 مليون لغة
http://img233.imageshack.us/img233/4282/70mlanguekj5.jpg
الخميني: تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن
http://img378.imageshack.us/img378/3393/khomimcorandc9.jpg
الشيخ المفيد: الأنبياء عبيد للأئمة
http://img477.imageshack.us/img477/883/prophsoumisyv5.jpg
المجلسي: الأئمة اعلم من الرسل
http://img352.imageshack.us/img352/9393/savantprophsl6.jpg
نعمة الله الجزائري: الإمامة اشرف من النبوة
http://img456.imageshack.us/img456/1610/improphkl4.jpg
احمد بن زين الإحسائي: الأئمة هم الواسطة بين الله وخلقه
http://img358.imageshack.us/img358/8463/intermediaireuk0.jpg
ابن قولويه القمي: الله يزور الحسين
النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته
الكليني: جعفر بن محمد بن الحسين يكشف عورته
http://img65.imageshack.us/img65/4141/abominablemq1.jpg
الكليني: الحمار يفدي النبي
http://img112.imageshack.us/img112/5004/aneeg7.jpg
سليم بن قيس الهلالي: علي يجر بحبل في عنقه
http://img59.imageshack.us/img59/7067/cordenf3.jpg
علي لكوفي: الطعن في بنتي الرسول
http://img124.imageshack.us/img124/7360/femothpt5.jpg
حسن الأمين: التشكيك في نسب بنات الرسول صلى الله عليه وسلم
http://img413.imageshack.us/img413/3246/filleex7.jpg
القمي: كره فاطمة لإبنها
http://img163.imageshack.us/img163/6212/hainegr5.jpg
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/405)
الشيخ المفيد: الحسن مذل المؤمنين
http://img181.imageshack.us/img181/2585/humiliantle8.jpg
محمد بن عمر الكشي: لعن ابني عم الرسول العباس
http://img483.imageshack.us/img483/2525/ibnabbasrs6.jpg
الكليني: الطعن في عرض محمد بن علي
http://img251.imageshack.us/img251/9427/maleh7.jpg
احمد الإحسائي: علي رضي الله عنه دابة الأرض
http://img364.imageshack.us/img364/5334/mehdbeteyw3.jpg
الطبرسي: المتعة غفارة ذنوب
http://img252.imageshack.us/img252/9718/moutaaoa8.jpg
المجلسي: ضلال آل النبي
http://img172.imageshack.us/img172/3693/onclewk4.jpg
الصدوق: الرسول يتحمل ذنوب الشيعة
http://img260.imageshack.us/img260/1009/supportzh8.jpg
الكليني: جعفر بن علي فاسق فاجركذاب
http://img386.imageshack.us/img386/5926/jaafarhc8.jpg
القمي: امير المؤمنين علي بعوضة
http://img266.imageshack.us/img266/8480/moustiquecu2.jpg
الصدوق: وصية اغرب من الخيال
http://img406.imageshack.us/img406/2751/wassiawd3.jpg
الطعن في الصحابة وأمهات المؤمنين
محمد التورسيركاني: افضل مكان للعن الصحابة"المبال"
http://img122.imageshack.us/img122/5319/injurejn1.jpg
الإحسائي: إقامة الحد على وزيري النبي وزوجته
http://img406.imageshack.us/img406/7986/punitionsv4.jpg
نعمة الله الجزائري: ابوبكر يصلي خلف الرسول والصنم معلق في عنقه
http://img178.imageshack.us/img178/5227/sanamyy5.jpg
الحائري: فرعون وهامان هما ابوبكر وعمر
http://img482.imageshack.us/img482/339/pharaonhe9.jpg
الكفعمي: دعاء لعن صنمي قريش"الصديق وابن الخطاب"
http://img256.imageshack.us/img256/3366/koreychyz3.jpg
حسين آل عصفور البحراني: عائشة والصحابة كفار
http://img370.imageshack.us/img370/7780/aiichaus9.jpg
يوسف البحراني: لعن الشيخين
http://img459.imageshack.us/img459/1734/khalifa2fo8.jpg
القمي: اتهام عائشة وطلحة بالفاحشة
http://img409.imageshack.us/img409/7281/talhaaichae8.jpg
نعمة الله الجزائري: الطعن في عثمان
http://img407.imageshack.us/img407/7143/othmanof0.jpg
المجلسي: النيل من ابي بكر وعمر"عمر من الجن"
http://img174.imageshack.us/img174/5589/omabyv1.jpg
المجلسي: لعن ابي بكر
http://img259.imageshack.us/img259/1045/aboubaku9.jpg
محمد بن عمر الكشي: بيت ابي بكر بيت سوء
http://img49.imageshack.us/img49/9528/maismalas2.jpg
ياسين الصواف: لعن ابن الخطاب
http://img467.imageshack.us/img467/6108/khattabfz4.jpg
علي العاملي البياضي: عائشة ام الشرور
http://img408.imageshack.us/img408/5620/omchourourcf5.jpg
الكليني: تكفير ابي بكر وعمر
http://img246.imageshack.us/img246/6013/atheemi4.jpg
رجب البرسي: خيانة عائشة
http://img404.imageshack.us/img404/5962/khianadinards3.jpg
محمد العياشي: عائشة وحفصة وأبواهما قتلوا النبي
http://img238.imageshack.us/img238/4706/assassinyc0.jpg
نعمة الله الجزائري: بذاءة لا حد لها مع عمر
http://img262.imageshack.us/img262/885/vilainep9.jpg
الصدوق: القائم يقيم الحد على عائشة
http://img256.imageshack.us/img256/2798/loiaiichapn8.jpg
الخميني: تلاعب ابوبكر وعمر بالقرآن
http://img365.imageshack.us/img365/1428/denaturka0.jpg
محمد العياشي: التي نقضت غزلها هي عائشة
http://img292.imageshack.us/img292/4783/tissunu4.jpg
الكليني: ارتداد جميع المسلمين إلا ثلاثة
http://img244.imageshack.us/img244/7594/incroybv8.jpg
نعمة الله الجزائري: نور سماوي يكشف عن ثواب قتل عمر
http://img19.imageshack.us/img19/3739/assassomarwt9.jpg
علي العاملي البياضي: التبرئة للنبي وليست لها من الزنا
http://img168.imageshack.us/img168/7986/aichazifx2.jpg
الكليني: عوالم لا يعلمون يخلق أدم ولا بالقرآن يبرؤون من ابي بكر وعمر
http://img113.imageshack.us/img113/409/mondevo0.jpg
المجلسي: جهنم لها سبعة أبواب لكل صحابي باب
http://img296.imageshack.us/img296/3875/septkv1.jpg
الطبرسي: الرسول يفوض امر طلاق نسائه لعلي
http://img153.imageshack.us/img153/1376/divorcenw6.jpg
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/406)
اتهام المسلمين وتكفيرهم
حسين آل عصفور الدرازي البحراني: السني هو الناصبي
http://img262.imageshack.us/img262/338/nasibiqo9.jpg
المجلسي: الله ينظرإلى زوار الحسين قبل الواقفين بعرفة لأنهم اولاد زنا
http://img258.imageshack.us/img258/7420/awladzinayi3.jpg
الكليني: كل الناس اولاد بغايا إلا الشيعة
http://img266.imageshack.us/img266/8168/bagayafs7.jpg
محمد التيجاني: النواصب هم اهل السنة
http://img338.imageshack.us/img338/8655/nawasebfd8.jpg
محمد العياشي: ما من مولود سني إلا ويحوله ابليس إلى مأبون أو فاجرة
http://img412.imageshack.us/img412/1694/mabounyx2.jp
نعمة الله الجزائري: علامة النصب تقديم غير علي
http://img412.imageshack.us/img412/1794/signenasbst1.jpg
الكليني: اهل مكة كفار واهل المدينة اخبث منهم 70 مرة
http://img257.imageshack.us/img257/4995/mecmedlb2.jpg
نعمة الله الجزائري: اهل الخلاف مخلدون في النار ومن قدم ابا بكر وعمر فهو ناصبي
http://img407.imageshack.us/img407/2239/ahlkhilafja7.jpg
محمد جواد مغنية: الوهابية كفار سحرة ووو
http://img405.imageshack.us/img405/4008/wahabialo9.jpg
المجلسي: اهل مصر ورثوا الدياثة
http://img255.imageshack.us/img255/576/masrdiathazl1.jpg
الحر العاملي: شهداء النواصب في النار
http://img267.imageshack.us/img267/473/chahidhj8.jpg
يوسف البحراني: المخالف كافر
http://img180.imageshack.us/img180/3670/kaferai9.jpg
المفيد: اموال الظالمين حلال (السنة)
http://img237.imageshack.us/img237/3222/amwalio4.jpg
الخميني: ما خالف العامة (اهل السنة) فيه الرشاد ولو خالف الكتاب والسنة
http://img139.imageshack.us/img139/1432/ammahi0.jpg
محمد بن حسن الطوسي: لعن كل مخالف في صلاة الجنازة (منافق)
http://img133.imageshack.us/img133/1732/laanzv4.jpg
محمد بن عمر الكشي: الزيدية نواصب
http://img246.imageshack.us/img246/7814/zaidiape2.jpg
الخوئي: المخالفون واجب تكفيرهم ولعنهم والوقيعة بينهم
http://img157.imageshack.us/img157/2307/koffartil1.jpg
المجلسي: المخالفون ضالون مخلدون في النار
http://img157.imageshack.us/img157/4826/kolkaferra3.jpg
الصدوق: استحلال دماء وأموال السنة
http://img136.imageshack.us/img136/6214/murfo4.jpg
محسن المعلم: الناصبي انجس من الكلب
http://img252.imageshack.us/img252/2070/nchienhn9.jpg
المجلسي: الزيدية كفار خارجين من الملة
http://img413.imageshack.us/img413/9185/zaidiakoc8.jpg(39/407)
هوامش على مقال آراء الترابي من غير تكفير و
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[12 - 04 - 07, 06:23 م]ـ
من خلال متابعتي لإنتاج الأستاذ الشنقيطي أرى تنظيرا جميلا يقوم على العلم والعدل، ولكن واقع كتاباته يرد تنظيره؛ ففيها قصور معرفي كبير، و خروج عن الموضوعية، وانتقاء لما يؤيد رأيه مع إبخاس من يرد عليهم حقهم من الأدلة مع سخرية من فهمهم لها. وكتابه الذي أسماه:
" آراء الترابي من غير تكفير ولا تشهير ". أكبر دليل على ما ذكرت وكنت قد كتبت عليه أثناء قراءتي له حواشي كثيرة، تبين ما فيه من أخطاء عامة وخاصة. وظلت تلك الحواشي رهينة مكتبتي؛ حتى رأيت مقالا في العصر يناقش الأستاذ في مسألة علمية من المسائل التي بحثها في كتابه، ورأيت أن الكاتب لم يوف المسألة حقها، فقمت بتفريغ بعض تلك الحواشي المتعلقة بها وبغيرها من الملاحظات المنهجية والعلمية التي أرى أن الأستاذ وفقه الله لكل خير قد خالف فيها الصواب.
أولا نظرة عامة حول منهج الشنقيطي في مقاله.
تباكى الكاتب على الطريقة التي بحثت بها المسائل الشرعية مثار الجدل بين التراب وخصومه، وزعم بأن منتقدي الترابي لم يكونوا مخلصين في تناولها حيث سادت على تناولهم للقضايا المثارة روحُ الحزبية، دون البحث العلمي الجاد في البحث عن الحق والإخلاص له.
فقال في المقدمة (ص15): " لا تزال الآراء التي أفصح عنها حسن التربي مؤخرا تثير عاصفة من الردود. وقد وجدت من خلال تتبعي للجدل الدائر حولها شيئا من التساهل في النقل والتسرع في الحكم، واتهام النوايا، ونقص الاستقراء، وصياغة المسائل الفرعية صياغة اعتقادية، والظاهرية التجزيئية في التعامل مع النصوص، وتداخل الأهواء الشخصية والسياسية مع الآراء الشرعية ".
لكن القارئ المنصف ما إن يمضي في قراءة كتاب الشنقيطي: حتى يبدو له أن الأستاذ محمد بن المختار قد وقع فيما انتقد على خصوم الترابي.
وسنتتبع بعض ذلك مكتفين بالتمثيل دون الاستقصاء لأن ذلك يطول.
من أكبر العيوب المنهجية في كتيب " آراء الترابي " أن الكاتب يصوغ أقوال منتقدي الترابي من عند نفسه، ولا ينقلها عن أصحابها، وهذا يفقد الكلام مصداقيته، ويعطي المتلقي شرعية الشك في ما ينقله الكاتب عن منتقدي الترابي، ثم يصف بعد ذلك منتقدي الترابي بما يحلو له، وهذا خروج عما يتباكى عليه الكاتب من العدل.
بدأ المؤلف بقضية الحلول، ولم ينقل كلام الترابي الذي قال بأن منتقديه كفروه به، ولم ينقل كلام منتقديه وحجتهم، ثم استنتج من هذا حكما يستغبي به القارئ = أن منتقدي الترابي كفروه بسبب استخدامه لفظا موهما قد يستعمل لمعنى صحيح كما فعل الترابي، ومعنى باطل كما يستعمله أهل الإلحاد من الفلاسفة والصوفية المتفلسفة.
وبدأ يتفضل بإحسان الظن بالمنتقدين.
وخلط نفس التخليط في قضية إيمان أهل الكتاب، فهو لم ينقل كلام الترابي المنتقد، ولا كلام منتقديه حتى تظهر حقيقة كلام الترابي ويبين وجه انتقاد منتقديه.
بل خرج إلى مسألة لا يجادل فيها أي مطلع على القرآن والسنة وأقوال أهل العلم = أن كفر أهل الكتاب أخف من جهة إيمانهم بالرسل واليوم الآخر، وبقاء بعض شرائع الأنبياء بأيديهم، وإن كانوا ساووا المشركين في وجوه الكفر الأخرى من نسبة العيب لله، والتكذيب بمحمد صلى الله عليه وسلم.
ومن هذا تخليطاته في إباحة الردة والخمر وقضية الخمار وكلها تخليطات لم ينقل الكلام المنتقد، ولا كلام المنتقدين حتى يتضح رأي الترابي ورأي من ينتقده؛ ولكن مصادرة للحقيقة، والتفاف على القضية المبحوثة وتوجيهها الوجهة التي يريد الكاتب، ومع أن الكاتب بالغ في نفي إباحة الترابي للردة إلا أنه نفسه نقل نصا للترابي صرح فيه بإباحة الردة والعهدة عليه.
والنص قوله (ص 43): " يخلي الشرع للإنسان أن يصرف رأيه تثبتا أو تعديلا أو تبديلا، ولو في أصل مذهبه مؤمنا، قد يؤاخذ على ذلك غيبا في الآخرة، ولكن لا يؤذيه أحد في الدنيا بأمر السلطان " وجه الإباحة في هذا النص قوله " يخلي الشرع " فالتخلية هي الإباحة كما يفهم من الكلام العربي، ولا ينفعه بعد ذلك قوله: " قد يؤاخذ على ذلك غيبا في الآخرة" بل يدل على تناقضه.
"وقد " المذكور في النص للتقليل، كقولك قد يصدق الكذوب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/408)
علم الشنقيطي وأمانته في المسائل المعروضة للنقاش.
لقد قصّر الأستاذ الشنقيطي في المسائل العلمية موضع النقاش فلم يستوف بحثها ولكنه ذهب ينتقي من كلام أهل العلم ما يؤيد به رأي الترابي، وهذا خروج عن العلم، أو العدل الذي ينشده، ويرفع صوته بالدعوة إليه.
وبدأ بمسألة إمامة المرأة للرجال من أهل بيتها وإمامتها الأميين في التراويح، وبنى ذلك على تصحيح حديث أم ورقة في إمامتها لأهل بيتها كما عند أبي داود وأحمد.
والحديث ضعيف كما تشهد به قواعد علم الحديث، لما تضمنه من أسباب الضعف: فمدار الحديث على مجهولين؛ وهم جدة الوليد بن جميع، وعبد الرحمن بن خلاد، لا يعرف لهم حال. ويرويه عنهما رجل متكلم فيه، وإن كان يستقيم حديثه أحيانا ووثق لدى جماعة من أهل الحديث إلا أنه مغموز عند بعضهم باضطراب الحديث، مما يدل على أنه إذا اطرب في حديث رد حديثه.
وهذا الرواي هو الوليد بن جميع.
قال عنه العقيلي:
الوليد بن عبد الله بن جميع الزهري في حديثه اضطراب" "
ضعفاء العقيلي 4/ 317
وهو قد اطرب في حديثه هذا اطرابا بينا سندا ومتنا، يلمس ذلك كل منصف جمع طرق هذا الحديث، وقد أشار إلى هذا الاضطراب الإمام أبو داود عقب إخراجه لحديث أم ورقة.
أما اضطرابه في السند فهو يروي الحديث مرة عن جدته وأحيانا يقرن بها عبد الرحمن بن خلاد.
كما عند أبي داود
سنن أبي داود - 2/ 206)
500 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُمَيْعٍ قَالَ حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَلَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ أُمِّ وَرَقَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَوْفَلٍ الْأَنْصَارِيَّةِ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا غَزَا بَدْرًا قَالَتْ قُلْتُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِي الْغَزْوِ مَعَكَ أُمَرِّضُ مَرْضَاكُمْ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِي شَهَادَةً قَالَ قَرِّي فِي بَيْتِكِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرْزُقُكِ الشَّهَادَةَ قَالَ فَكَانَتْ تُسَمَّى الشَّهِيدَةُ قَالَ وَكَانَتْ قَدْ قَرَأَتْ الْقُرْآنَ فَاسْتَأْذَنَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَتَّخِذَ فِي دَارِهَا مُؤَذِّنًا فَأَذِنَ لَهَا قَالَ وَكَانَتْ قَدْ دَبَّرَتْ غُلَامًا لَهَا وَجَارِيَةً فَقَامَا إِلَيْهَا بِاللَّيْلِ فَغَمَّاهَا بِقَطِيفَةٍ لَهَا حَتَّى مَاتَتْ وَذَهَبَا فَأَصْبَحَ عُمَرُ فَقَامَ فِي النَّاسِ فَقَالَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ هَذَيْنِ عِلْمٌ أَوْ مَنْ رَآهُمَا فَلْيَجِئْ بِهِمَا فَأَمَرَ بِهِمَا فَصُلِبَا فَكَانَا أَوَّلَ مَصْلُوبٍ بِالْمَدِينَةِ
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ الْحَضْرَمِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَلَّادٍ عَنْ أُمِّ وَرَقَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَالْأَوَّلُ أَتَمُّ قَالَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزُورُهَا فِي بَيْتِهَا وَجَعَلَ لَهَا مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ لَهَا وَأَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَأَنَا رَأَيْتُ مُؤَذِّنَهَا شَيْخًا كَبِيرًا
وأحمد في المسند.
مسند أحمد - (ج 55 / ص 276
والطبراني في الكبير.
المعجم الكبير للطبراني - (ج 18 / ص 312)
المعجم الكبير للطبراني - (ج 18 / ص 313)
والبيهقي
السنن الكبرى للبيهقي - (ج 3 / ص 130)
وأما عند ابن خزيمة فقد جعله عن ليلى بنت مالك عن أبيها. وهل ليلى بنت مالك هي جدة الوليد؟ أم امرأة أخرى؟ فإن كانت جدته كما ذهب إليه بعضهم فهذا اضطراب شديد ودليل على حذف واسطة مجهولة أخرى.
صحيح ابن خزيمة - (ج 6 / ص 240 ففي
ثنا نصر بن علي، نا عبد الله بن داود، عن الوليد بن جميع، عن ليلى بنت مالك، عن أبيها، وعن عبد الرحمن بن خلاد، عن أم ورقة، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «انطلقوا بنا نزور الشهيدة»، وأذن لها أن تؤذن لها، وأن تؤم أهل دارها في الفريضة، وكانت قد جمعت القرآن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/409)
وأما اضطرابه في المتن فمرة يذكر لفظ الرواية الماضية وعند الدار قطني
أَذِنَ لَهَا أَنْ يُؤَذَّنَ لَهَا وَيُقَامَ وَتَؤُمَّ نِسَاءَهَا". "
سنن الدارقطني - (ج 3 / ص 194
وقد أشار الحافظ ابن حجر إلى ضعف هذا الحديث بقوله في
التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير - (ج 2 / ص 128
"وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَلَّادٍ، وَفِيهِ جَهَالَةٌ "
وأما تحسين الشيخ ناصر الدين رحمه الله له في إرواء الغليل - (ج 2 / ص 256 بقوله:
" وهذا إسناد حسن الوليد بن جميع احتج به مسلم كما قال الحاكم ووافقه الذهبي وأما جدته واسمها ليلى بنت مالك كما في رواية الحاكم فلا تعرف كما قال الحافظ في (التقريب) وأما عبد الرحمن بن خلاد فمجهول الحال وأورده ابن حبان في (الثقات) على قاعدته! لكن هو مقرون بليلى فأحدهما يقوي رواية الآخر لا سيما والذهبي يقول في (فصل النسوة المجهولات): (وما علمت في النساء من اتهمت ولا من تركوها). ولعل هذا هو وجه إقرار الحافظ ابن حجر في (بلوغ المرام) تصحيحه ابن خزيمة للحديث مع أنه أعله في (التلخيص) (ص 121) بقوله: (وفي إسناده عبد الرحمن بن خلاد وفيه جهالة "
فعليه الإيرادات التالية أولا: لم يحتج بالوليد بن جميع مطلقا، فقد بينا أنه يطرب في حديثه، فإذا اضطرب فلا يحتج به كما في هذا الحديث. ثانيا أن قرنه ليلى بعبد الرحمن بن خلاد ليس شاهدا ولا مقويا للحديث، ولكن يدل على شدة اضطراب الوليد فيه كما بين سابقا.
وحتى الحاكم مع شدة تساهله لم يصحح هذا الحديث بل أعله بقوله بعد أن أخرجه.
وهذه سنة غريبة لا أعرف في الباب حديثا مسندا غير هذا"».
ويزاد على كل ما مضى أن حال الوليد بن جميع لا تسمح له بالتفرد بهذه السنة التي هي الأصل في بابها.
وكان قصور بحثه أوضح في مسألة نفي قتل المرتد ونسبة ذلك إلى عمر، مع أن الثابت عن عمر قتل المرتد بعد استتابته ثلاثة أيام، والنص الذي اختاره الشنقطي رواية مختصرة بينت الرواية الكاملة عن عمر قصده من الاستتابة المذكورة، وأنها قبل إقامة حد الردة لا بديلة عنه.
قال الشنقيطي: " وفي المقابل صح عن عمر بن الخطاب رضي الله ما يفيد عدم قتل المرتد المسالم ".
(ص 65)
وهذا خطأ على عمر رضي الله عنه، فكل ما في الأمر أن عمر رأى أن لا يقتل المرتد حتى يستتاب.
ففي مصنف ابن أبي شيبة 6/ 440
حدثنا بن عيينة عن محمد بن عبد الرحمن عن أبيه قال: لما قدم على عمر فتح تستر. وتستر: من أرض البصرة سألهم: هل من مغربة قالوا رجل من المسلمين لحق بالمشركين فأخذناه قال ما صنعتم به قالوا قتلناه قال أفلا أدخلتموه وأغلقتم عليه بابا وأطعمتموه كل يوم رغيفا ثم استتبتموه ثلاثا فإن تاب وإلا قتلتموه. ثم قال اللهم لم أشهد ولم آمر ولم أرض إذ بلغني أو قال حين بلغني
وهذه هي الرواية الكاملة للأثر الذي ذكره الشنقيطي مختصرا.
وفي المصنف أيضا:
[32744] حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال كتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب أن رجلا يبدل بالكفر بعد إيمان فكتب إليه عمر استتبه فإن تاب فاقبل منه وإلا فاضرب عنقه
وفي:
مصنف عبد الرزاق ج 10 ص 168
[18707] أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبيه قال أخذ بن مسعود قوما ارتدوا عن الإسلام من أهل العراق فكتب فيهم إلى عمر فكتب إليه أن اعرض عليهم دين الحق وشهادة أن لا إله إلا الله فإن قبلوها فخل عنهم وإن لم يقبلوها فاقتلهم فقبلها بعضهم فتركه ولم يقبلها بعضهم فقتله
فهذه نصوص عمر الصحيحة الجلية البينة تظهر خطأ الشنقيطي وعدم إخلاصه في بحث هذه المسألة، وسعيه في اقتناص نصوص أهل العلم التي ظاهرها تأييد رأيه، وغفل نصوصهم الصريحة في رد ه، وهذا يجعلنا نشك في كل ما ينقله عن أهل العلم سواء في صدقه في نقلها أصلا، أو في اقتطاعه منها ما يريد الاستشهاد به.
وأما الأثر ذي الرواية الناقصة التي فرح بها الشنقيطي فقد علق عليه ابن عبد البر بقوله.
قال أبو عمر: " يعني استودعتهم السجن حتى يتوبوا، فان لم يتوبوا قتلوا، هذا لا يجوز غيره لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاضربوا عنقه" [الاستذكار (7/ 154)]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/410)
ولم يكن أمينا ولا دقيقا في نقل مذهب النخعي والثوري بقوله: " فإذا أضفنا إلى ذلك أن اثنين من أعلام التابعين هما الثوري والنخعي أنكرا حد الردة وقالا بالاستتابة أبدا .. "
ولا أعلم هل راجع المؤلف كلام النخعي في مصنف ابن أبي شيبة ج 6 ص 440
حدثنا هشيم عن مغيرة عن إبراهيم في المرتد يستتاب فإن تاب ترك وإن أبى قتل
وهذا الأثر يفسر لنا قوله الآخر الذي اعتمده الشنقيطي وهو ما في
مصنف ابن أبي شيبة ج 6 ص 440
[32752] حدثنا وكيع قال ثنا سفيان عن عمرو بن قيس عمن سمع إبراهيم يقول يستتاب المرتد كلما ارتد.
وهذا الأثر مع ما فيه من ضعف، خارج عن موضوع مسألتنا، فموضوعه مسألة أخرى وهي المعروفة عند أهل الفقه بتعدد الردة هل من تعدد ت منه الردة يستتاب أم لا يستتاب، وهي مسألة مشهورة في كتب الفقه، وليست هي مسألة قتل المرتد كما أراد لها الكاتب.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
"وأخرج سعيد بن منصور عن هشيم عن عبيدة بن مغيث عن إبراهيم قال إذا ارتد الرجل أو المرأة عن الإسلام استتيبا فان تابا تركا وإن أبيا قتلا وأخرج بن أبي شيبة عن حفص عن عبيدة عن إبراهيم لا يقتل والأول أقوى فإن عبيدة ضعيف وقد اختلف نقله عن إبراهيم"
[فتح الباري (12/ 268)]
قال ابن قدامة رحمه الله: "وقال النبي صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه، وأجمع أهل العلم على وجوب قتل المرتد، وروي ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاذ وأبي موسى وابن عباس وخالد وغيرهم، ولم ينكر ذلك فكان إجماعا" المغني (9/ 16)
اجتهد الشنقيطي في افتعال تعارض بين نصوص الوحي الواردة في القضية؛ لكن لا تعارض بينها فالآية عامة والأحاديث الآمرة بقتل المرتد خاصة ولا تعارض بين عام وخاص كما هو معروف عند أهل الأصول.
قال ابن حزم: " وأما قوله تعالى: " لا إكراه في الدين " فلا حجة لهم فيه لأنه لم يختلف أحد من الأمة كلها في أن هذه الآية ليست على ظاهرها لأن الأمة مجمعة على إكراه المرتد عن دينه فمن قائل يكره ولا يقتل، ومن قائل يكره ويقتل ... والناس على قولين، أحدهما أنها منسوخة والثاني أنها مخصوصة "
المحلى 11/ 195 ـ 196
وأما مسألة تنصيف شهادة المرأة فلم يكتف الشنقيطي فيها بالخطأ على العلماء حتى أضاف إلى ذلك تقييد دلالة الآية على زمان معين بدون دليل شرعي يسلم له، ولم يسبقه أحد من العلماء إلى هذا التقييد.
وهي قوله تعالى: " واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى "
فقال الشنقيطي: " لكن وضع الآية ضمن سياق أعم يظهر أن الأمر من موارد الاجتهاد.
فالقول بأن تنصيف الشهادة حكم معلل بظروف الزمان والمكان في عصر النبوة، يوم كانت المرأة عديمة الخبرة في عالم التجارة والمال قول وجيه".
ثم ساق نصا لابن تيمية لم أجده في المرجع الذي أحال إليه، ولا في كتب ابن تيمية الأخرى.
لكن لابن تيمية كلام في " الفتاوى الكبرى " ونقله عنه ابن قيم الجوزية في " إعلام الموقعين" يتحدث فيه عن ما يثبت به الحق، وفرق بين ما يثبت به الحق وبين الشهادة فالشهادة من مثبتات الحق وليست هي كل ما يثبت به الحق، فالحق قد يثبت بأمارة ..
ثم قوّل ابن تيمية ما لم يقل فقال معلقا على النص الذي أتى به زاعما أنه لابن تيمية: " صحيح أن ابن تيمية لم يسو شهادة المرأة بشهادة الرجل في الأموال في ما نعلمه، لكنه فتح الباب للاجتهاد في ذلك إن دعت مصلحة أو اقتضته ظروف الزمان المتبدلة، إذ قضي كلامه هنا أن زوال الخوف من النسيان وعدم الضبط – كما هو حال في شهادة امرأة عالمة بالمحاسبة وإدارة الأعمال مثلا – يجعل شهادة المرأة تساوي شهادة الرجل أو تفوقها ".
(ص 73، 74، 75)
وكل ما قاله في كلامه المتقدم تقوّل على ابن تيمية، ورد لدلالة الآية؛ فالآية واضحة في أن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل، وقد أكد هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله كما في البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/411)
خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إِلَى الْمُصَلَّى فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ: " يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ فَقُلْنَ وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ قُلْنَ وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ قُلْنَ بَلَى قَالَ فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ قُلْنَ بَلَى قَالَ فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا "
صحيح البخاري - (ج 2 / ص 3
قال ابن القيم: " قد استقرت الشريعة على أن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل "
إعلام الموقعين 1/ 93
ثم خلط بين الشهادة والرواية و ليسا من باب واحد عند جميع أهل العلم وأحكامها مختلفة.
قال ابن القيم:
" فائدة الفرق بين الشهادة والرواية.
الفرق بين الشهادة والرواية: أن الرواية يعم حكمها الراوي وغيره على مر الأزمان، والشهادة تخص المشهود عليه وله، ولا يتعداهما إلا بطريق التبعية المحضة.
فإلزام المعين يتوقع منه: العداوة وحق المنفعة، والتهمة الموجبة للرد، فاحتيط لها بالعدد والذكورية. وردت بالقرابة والعداوة، وتطرق التهم. ولم يفعل مثل هذا في الرواية التي يعم حكمها ولا يخص، فلم يشترط فيها عدد ولا ذكورية، بل اشترط فيها ما يكون مغلبا على الظن صدق المخبر، وهو العدالة المانعة من الكذب، واليقظة المانعة من غلبة السهو والتخليط.
ولما كانت النساء ناقصات عقل والدين؛ لم يكن من أهل الشهادة، فإذا دعت الحاجة إلى ذلك، قويت المرأة بمثلها، لأنه حينئذن أبعد من سهوها وغلطها لتذكير صاحبتها لها.
بدائع الفوائد 1/ 10
وأما قوله أي " الشنقيطي " بأن الحكم معلل فنعم:ولكن بعلة هي من طبيعة المرأة أي علة خَلقية لا زمانية أو مكانية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
" العقل مصدر عقل يعقل عقلا إذا ضبط وأمسك ما يعلمه، وضبط المرأة وإمساكها لما تعلمه أضعف من ضبط الرجل وإمساكه. "
بغية المرتاد 1/ 249
وبعد المسألة التي مرت بدأ يناقش مسألة رد الحديث الصحيح وخلط فيها وحاد كعادته عن موضع النقاش، ومعروف أن موضع النقاش هو رد الحديث للهوى، وهو ما وقع من الترابي، لا ما ذهب إليه الشنقيطي من أمور تعارض الأدلة التي يختص بخوض غمارها أهل الاجتهاد، لا كل من هب ودب.
ولا يخرج كلامه حول أحاديث الصحيحين عن تخليطاته الماضية، مضاف إليه جهله بهذا العلم الذي جعل نفسه أستاذا فيه يعلّم الناس كيف تقبل الأحاديث وكيف ترد، وأن أحاديث الصحيحين لا تقبل جملة بل فيها ما هو مردود، ولو أنصف نفسه لتفقه في هذا العلم قبل أن يتكلم فيه بما لا يحسن.
فقال (ص91): " وفي صحيح البخاري ومسلم حوالي أربعين حديثا ردها هذا العالم أو ذاك من هؤلاء الجهابذة.
قال جامعه عفا الله عنه ما ذكره الكاتب من عدد الأحاديث المنتقد ليس دقيقا فعدد المنتقد أكثر مما ذكر، فالأحاديث المنتقدة على الصحيحين 395 حديثا. والسالم للانتقاد منها 15 حديثا غالبها صحيح الأصل وقعت فيها زيادات مرسلة أو مدرجة أو واهمة.
كما حقق ذلك الشيخ مصطفى باحو حفظه الله في كتابه الماتع " الأحاديث المنتقدة في الصحيحين "
(ص 35، 68)
وهذه الأحاديث المنتقدة عليهم غالبها. لم يورداها تصحيحا لها، بل لبيان الخطأ والعلة الواقعة فيها، كما بين ذلك أهل العلم بكتابيهما.
أما مسلم فقد نص على هذا الأمر في مقدمته بقوله: " "قد شرحنا من مذهب الحديث وأهله بعض ما يتوجه به من أراد سبيل القوم. ووفق لها، وسنزيد إن شاء الله تعالى شرحاً وإيضاحاً في مواضع من الكتاب عند ذكر الأخبار المعللة إذ أتينا عليها في الأماكن التي يليق بها الشرح والإيضاح، إن شاء الله تعالى".
صحيح مسلم (1/ 8)
وقد صرح البخاري بذلك أيضا في تعليقه تحت الحديث رقم [6443]
من صحيحه، وذكره الحافظ عنه في أجوبته على الأحاديث المنتقدة على البخاري في " هدي الساري " و " فتح الباري "
قال شيخ الإسلام:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/412)
" و كذلك التصحيح لم يقلد أئمة الحديث فيه البخاري و مسلما، بل جمهور ما صححاه كان قبلهما عند أئمة الحديث صحيحا متلقي بالقبول، و كذلك في عصرهما و كذلك بعدهما قد نظر أئمة هذا الفن في كتابيهما، و وافقوهما على تصحيح ما صححاه، إلا مواضع يسيرة، نحو عشرين حديثا غالبها في مسلم، أنتقدها عليهما طائفة من الحفاظ، وهذه المواضع المنتقدة غالبها في مسلم، و قد أنتصر طائفة لهما فيها، وطائفة قررت قول المنتقدة.
و الصحيح التفصيل فإن فيها مواضع منتقدة بلا ريب، مثل حديث أم حبيبة، و حديث خلق الله البرية يوم السبت، و حديث صلاة الكسوف بثلاث ركوعات و أكثر.
و فيها مواضع لا انتقاد فيها في البخاري، فإنه أبعد الكتابين عن الانتقاد، و لا يكاد يروي لفظا فيه انتقاد إلا ويروي اللفظ الآخر الذي يبين أنه منتقد، فما في كتابه لفظ منتقد، إلا و في كتابه ما يبين أنه منتقد.
و في الجملة من نقد سبعة آلاف درهم، فلم يرج عليه فيها إلا دراهم يسيرة، و مع هذا فهي مغيرة ليست مغشوشة محضة، فهذا إمام في صنعته. و الكتابان سبعة آلاف حديث و كسر.
و المقصود أن أحاديثهما أنتقدها الأئمة الجهابذة قبلهم وبعدهم، و رواها خلائق لا يحصي عددهم إلا الله، فلم ينفردا لا برواية و لا بتصحيح، و الله سبحانه و تعالى هو الكفيل بحفظ هذا الدين "
منهاج السنة النبوية ج: 7 ص: 215
وأضحك الشنقيطي ـ أضحك الله سنه ـ طلبة علم الحديث المبتدئين فيه بالمثال الذي ضربه من صحيح البخاري، فقد أورد حديثا خارجا عن شرط الصحيح عند البخاري؛ لأن البخاري إنما رواه معلقا لا مسندا، وأورده مبينا علته وكيف دخل على راويه حديث في حديث، ولما تكلم عليه أهل العلم كابن قيم الجوزية لم يعزه للبخاري لعلمه أنه خارج عن شرطه، وكذلك لم يعزه إليه الذهبي، بل عزاه لمسلم وهما منه رحمه الله.
فقال الشنقيطي: " وأكتفي هنا ببعض أمثلة منها:
حديث أبي الزبير في صحيح البخاري " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زار البيت ليلا " قال الذهبي: " هو عندي منقطع" وقال ابن القيم: " هذا الحديث غلط بين، خلاف المعلوم من فعله صلى الله عليه وسلم الذي لا يشك فيه أهل العلم "
والحديث كما ذكر إنما رواه البخاري تعليقا مشيرا إلى علته، فهو مثال خارج موضوع البحث.
قال الإمام البخاري:
????" باب الزيارة يوم النحر وقال أبو الزبير عن عائشة وبن عباس رضي الله عنهم أخر النبي صلى الله عليه وسلم الزيارة إلى الليل ويذكر عن أبي حسان عن بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور البيت أيام منى "
صحيح البخاري ج 2 ص 617
ولأن الحديث ليس على شرط البخاري لم يعزه الإمام ابن القيم له عند الكلام عليه. فقال:
" والطائفة الثالثة: الذين قالوا: أخر طواف الزيارة إلى الليل، وهم طاووس، ومجاهد، وعروة، ففي " سنن أبي داود"، والنسائي، وابن ماجه، من حديث أبي الزبير المكي، عن عائشة وابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم، أخر طوافه يوم النحر إلى الليل. وفي لفظ: طواف الزيارة، قال الترمذي حديث حسن.
وهذا الحديث غلط بين خلاف المعلوم من فعله صلى الله عليه وسلم الذي لا يشك فيه أهل العلم بحجته صلى الله عيه وسلم، فنحن نذكر كلام الناس فيه، قال الترمذي في كتاب "العلل" له: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث، وقلت له: أسمع أبو الزبير من عائشة وابن عباس؟ قال أما من ابن عباس، فنعم، وفي سماعه من عائشة نظر ".
زاد المعاد ج: 2 ص: 254
والمثالين اللذين ضرب الشنقيطي من صحيح مسلم يدلان على بعده الشديد عن هذا العلم وجهله المطبق به، فحديث صلاة الكسوف ثمان ركعات إنما أورده الإمام مسلم ليشرح علته بعد أن أخرج الوجه الصحيح لروايته، وفاء بما وعد به في مقدمته.
وكذلك حديث " لا تذبح إلا مسنة " حديث صحيح وإنما أعله الشيخ الألباني رحمه الله بعنعنة أبي الزبير.
فقال:
" الأحرى به أن يحشر في زمرة الأحاديث الضعيفة، لا أن تتأول به الأحاديث الصحيحة
ذلك لأن أبا الزبير هذا مدلس، و قد عنعنه، و من المقرر في " علم المصطلح " أن
المدلس لا يحتج بحديثه إذا لم يصرح بالتحديث، و هذا هو الذي صنعه أبو الزبير
هنا، فعنعن، و لم يصرح، و لذلك انتقد المحققون من أهل العلم أحاديث يرويها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/413)
أبو الزبير بهذا الإسناد أخرجها مسلم، اللهم إلا ما كان من رواية الليث بن سعد
عنه، فإنه لم يرو عنه إلا ما صرح فيه بالتحديث "
" السلسلة الضعيفة - (ج 1 / ص 142
وما قاله الشيخ رحمه الله منتقض بتصرف الأئمة مع أبي الزبير فلم ينتقد أحد من الأئمة مسلما على إخراجه حديث أبي الزبير عن جابر معنعا.
بل الحاكم ضرب مثلا للعنعنة التي لا ترد لسلامة أصحابها من التدليس بعنعنة أبي الزبير عن جابر كما في علوم الحديث (ص34)
ينظر تحقيق الشريف العوني لهذه المسألة في تعليقه على الحديث رقم (33) من أحاديث الشيوخ الثقات لأبي بكر الأنصاري
ومقارنة بسيطة بين نقد الشنقيطي للأحاديث ونقد الشيخ الألباني لها = نجد بونا كبيرا، واختلافا في منهج الانتقاد فالألباني ينقد ضمن قواعد علم الحديث المقررة عند أهله، والشنقيطي ينقد كما يحلو له بدون منهج، اللهم إلا أن فلانا وفلانا قد انتقدا أحاديث في الصحيحين، أو استنادا إلى التراكم المعرفي، ومخالفة الحديث للعقل والحس، وكأن الذين صححوا الأحاديث لا عقول لهم ولا حس.
ما خلّط الأستاذ الشنقيطي تخليطا كما خلط في قضية رفع المسيح وخروج الدجال، وتبنى فيها قولا مخالفا للقرآن والسنة المتواترة، وإجماع أهل العلم المعتد بهم في الإجماع، وبحث القضية بحثا بعيدا عن المنهج العلمي الصحيح، وأطلق العنان فيها لخياله يقول ما يشاء ملقيا الكلام على عواهنه.
ونحن نبحث القضية بحثا علميا جادا متبعين فيها المنهج العلمي الواجب اتباعه في هذه القضية الكبرى، وغيرها من المسائل الشرعية.
إجمال رأي الشنقيطي في المسألة وأدلته التي اتكأ عليها في تقرير رأيه في قضية رفع عيسى بن مريم عليه السلام، وخروج الدجال أنها:
معارضة أحاديث آحاد لظواهر آيات قرآنية، الأحاديث الواردة في المسألة أحاديث آحاد، والقضية عقدية ولا بد من التواتر فيها، فالعقيدة لا تثبت بأحاديث الآحاد، اضطراب تلك الأحاديث، مخالفتها لبداهة العقول، ومدركات الحس. متناقضة فيما بينها. لذلك أشكلت على أهل العلم. كالبيهقي وابن حجر، إلزام الناس بالإيمان بهذه الأحاديث فتنة في الدين لأنه إلزام لهم بالإيمان بما تنكره عقولهم.
ينظر " ص97 " وما بعدها من كتابه
ونحن بعون الله كاشفون عن زيف كل هذه الدعاوى التي لا يعجز عنها أي إنسان يستطيع أن يخط حرفا، فاصبر معي يا مبتغي الحق حتى ترى الحق بأم عينك بعيدا عن تهويلات الشتقيطي وادعاءاته.
دل القرآن والأحاديث المتواترة على رفع المسيح ابن مريم حيا بروحه وجسده، وأخبرت بنزوله آخر الدهر وقتله الدجال.
قال الأمين الشنقيطي رحمه الله:
" القرآن العظيم على التفسير الصحيح والسنة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم كلاهما دال على أن عيسى حي، وأنه سينزل في آخر الزمان، وأن نزوله من علامات الساعة .. "
أضواء البيان - (ج 7 / ص 236)
قال الله تعالى: " وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (0 15)
قال الشنقيطي: "
الذين زعموا أن عيسى قد مات، قالوا إنه لا سبب لذلك الموت، إلا أن اليهود قتلوه وصلبوه، فإذا تحقق نفي هذا السبب وقطعهم أنه لم يمت بسبب غيره، تحققنا أنه لم يمت أصلاً، وذلك السبب الذي زعموه، منفي يقيناً بلا شك، لأن الله جل وعلا قال: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ} [النساء: 157]. وقال تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً بَل رَّفَعَهُ الله إِلَيْهِ} [النساء: 157 - 158].
وضمير رفعه ظاهر في رفع الجسم والروح معاً كما لا يخفى. ..
اليهود لما أجمعوا على قتل عيسى فاعتقدوا لأجل ذلك الشبه الذي ألقي عليه اعتقاداً جازماً أنه عيسى فقتلوه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/414)
فهم يعتقدون صدقهم، في أنهم قتلوه وصلبوه، ولكن العليم اللطيف الخبير، أوحى إلى نبيه، في الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه أنهم لم يقتلوه ولم يصلبوه.
فمحمد صلى الله عليه وسلم والذين اتبعوه عندهم علم من الله بأمر عيسى لم يكن عند اليهود ولا النصارى كما أوضحه تعالى بقوله {وَإِنَّ الذين اختلفوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتباع الظن وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً بَل رَّفَعَهُ الله إِلَيْهِ} [النساء: 157 - 158].
والحاصل ... أن معتمد الذين زعموا أنهم قتلوه ومن تبعهم هو إلقاء شبهه على غيره، واعتقادهم الكاذب أن ذلك المقتول الذي شبه بعيسى هو عيسى.
وقد عرفت دلالة الوحي على بطلان ذلك، وأن قوله {مُتَوَفِّيكَ} [آل عمران: 55] لا يدل على موته فعلاً.
.. وقد دل الكتاب هنا والسنة المتواترة على أنه لم يمت وأنه حي.
أضواء البيان - (ج 7 / ص 235)
قال شيخ الأزهر سيد طنطاوي:
" والذي تسكن إليه النفس هو القول الأول لأمور:
أولها: أن قوله - تعالى - فى سورة النساء {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً بَل رَّفَعَهُ الله إِلَيْهِ} يفيد أن الرفع كان بجسم عيسى وروحه لأن الإضراب مقابل للقتل وللصلب الذي أرادوه وزعموا حصوله، ولا يصح مقابلا لهما رفعه بالروح لأن الرفع بالروح يجوز أن يجتمع معهما وما دام الرفع بالروح لا يصح مقابلا لهما إذن يكون المتعين أن المقابل لهما هو الرفع بالجسد والروح.
ثانيها: أن هناك أحاديث متعددة، بلغت في قوتها مبلغ التواتر المعنوى - كما يقول ابن كثير - قد وردت فى شأن نزول عيسى إلى الأرض فى آخر الزمان ليملأها عدلا كما ملئت جورا، وليكون حاكما بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم ومن هذه الأحاديث ما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يوشك أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، يقتل الدجال ويقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويضع الجزية، ويفيض المال، وتكون السجدة واحدة لله رب العالمين ".
وظاهر هذا الحديث وما يشابهه من الأحاديث الصحيحة فى شأن نزول عيسى، يفيد أن نزوله يكون بروحه وجسده كما رفعه الله إليه بروحه وجسده.
ثالثا: أن هذا القول هو قول جمهور العلماء، وهو القول الذى يتناسب مع ما أكرم الله - تعالى - به عيسى - عليه السلام - من كرامات ومعجزات.
قال بعض العلماء ما ملخصه: وجمهور العلماء على أن عيسى رفع حيا من غير موت ولا غفوة بجسده و روحه إلى السماء. والخصوصية له - عليه السلام - هي في رفعه بجسده، وبقاؤه فيها إلى الأمد المقدر له ولا يصح أن يحمل التوفي على الإماتة لأن إماتة عيسى في وقت حصار أعدائه ليس فيها ما يسوغ الامتنان بها ورفعه إلى السماء جثة هامدة سخف من القول. وقد نزه الله السماء أن تكون قبورا لجثث الموتى. وإن كان الرفع بالروح فقط فأى مزية لعيسى في ذلك على سائر الأنبياء، والسماء مستقر أرواحهم الطاهرة. فالحق أنه - عليه السلام - رفع إلى السماء حيا بجسده. وكما كان - عليه السلام - في مبدأ خلقه آية للناس ومعجزة ظاهرة، كان في نهاية أمره آية ومعجزة باهرة والمعجزات بأسرها فوق قدرة البشرة ومدارك العقول، وهى من متعلقات القدرة الإلهية ومن الأدلة على صدق الرسل - عليهم الصلاة والسلام - ".
الوسيط لسيد طنطاوي - (ج 1 / ص 625)
وقال تعالى:
"إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ "
قال الإمام ابن جرير رحمه الله:
"القول في تأويل قوله: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا}
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: ومكر الله بالقوم الذين حاولوا قتلَ عيسى = مع كفرهم بالله، وتكذيبهم عيسى فيما أتاهم به من عند ربهم = إذ قال الله جل ثناؤه:"إني متوفيك"، فـ"إذ" صلةٌ من قوله:"ومكر الله"، يعني: ومكر الله بهم حين قال الله لعيسى"إني متوفيك ورافعك إليّ، فتوفاه ورفعه إليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/415)
ثم اختلف أهل التأويل في معنى"الوفاة" التي ذكرها الله عز وجل في هذه الآية.
فقال بعضهم:"هي وفاة نَوْم"، وكان معنى الكلام على مذهبهم: إني مُنِيمك ورافعك في نومك.
وقال آخرون: معنى ذلك: إني قابضك من الأرض، فرافعك إليّ، قالوا: ومعنى"الوفاة"، القبض، لما يقال:"توفَّيت من فلان ما لي عليه"، بمعنى: قبضته واستوفيته. قالوا: فمعنى قوله:"إني متوفيك ورافعك"، أي: قابضك من
الأرض حيًّا إلى جواري، وآخذُك إلى ما عندي بغير موت، ورافعُك من بين المشركين وأهل الكفر بك.
وقال آخرون: معنى ذلك: إني متوفيك وفاةَ موتٍ.
وقال آخرون: معنى ذلك: إذ قال الله يا عيسى إني رافعك إليّ ومطهِّرك من الذين كفروا، ومتوفيك بعد إنزالي إياك إلى الدنيا. وقال: هذا من المقدم الذي معناه التأخير، والمؤخر الذي معناه التقديم.
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصحة عندنا، قولُ من قال:"معنى ذلك: إني قابضك من الأرض ورافعك إليّ"، لتواتر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ينزل عيسى ابن مريم فيقتل الدجال، ثم يمكث في الأرض مدة ذكَرها، اختلفت الرواية في مبلغها، ثم يموت فيصلي عليه المسلمون ويدفنونه.
قال أبو جعفر: ومعلوم أنه لو كان قد أماته الله عز وجل، لم يكن بالذي يميته مِيتةً أخرى، فيجمع عليه ميتتين، لأن الله عز وجل إنما أخبر عباده أنه يخلقهم ثم يُميتهم ثم يُحييهم، كما قال جلّ ثناؤه: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ) [سورة الروم: 40].
تفسير الطبري - (ج 6 / ص 455)
قال تعالى:
وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقَالُوا أَآَلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59) وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)
قال الشنقيطي:
" التحقيق أن الضمير في قوله: وإنه راجع إلى عيسى لا إلى القرآن، ولا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ومعنى قوله: {لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَة} على القول الحق الصحيح الذي يشهد له القرآن العظيم، والسنة المتواترة، هو أن نزول عيسى في آخر الزمان، حيا علم للساعة أي علامة لقرب مجيئها لأنه من أشراطها الدالة على قربها ...
أما دلالة القرآن الكريم على هذا القول الصحيح، ففي قوله تعالى في سورة النساء: {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الكتاب إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: 159] أي ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى، وذلك صريح في أن عيسى حي وقت نزول آية النساء هذه، وأنه لا يموت حتى يؤمن به أهل الكتاب.
ومعلوم أنهم لا يؤمنون به إلا بعد نزوله إلى الأرض ...
الوجه الثالث: من مرجحات هذا القول الصحيح، أنه تشهد له السنة النبوية المتواترة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد تواترت عنه الأحاديث بأن عيسى حي الآن، وأنه سينزل في آخر الزمان حكماً مقسطاً.
ولا ينكر تواتر السنة بذلك إلا مكابر.
...
وأما القول بأن الضمير في قوله قبل موته راجع إلى الكتاب فهو خلاف ظاهر القرآن، ولم يقم عليه دليل من كتاب ولا سنة ...
فاتضح مما ذكرنا كله أن آية الزخرف هذه تبينها آية النساء المذكورة، وأن عيسى لم يمت وأنه ينزل في آخر الزمان وإنما قلنا إن قوله تعالى هنا: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ} أي علامة ودليل على قرب مجيئها، لأن وقت مجيئها بالفعل لا يعلمه إلا الله.
أضواء البيان - (ج 7 / ص 231)
وانظر أخي المنصف كيف تلاعب الشنقيطي وتجاهل كل هذه النصوص، وافتعل المعارضة بين القرآن والسنة حتى تسقط دلالتهما؛ فيقول كل صاحب هوى ما يشاء. أما أهل العلم فبنوا فهمهم لهذه الآيات على السنة الصحيح ففسرت لهم تلك الآيات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/416)
وأما ما موّه به الشنقيطي بقوله: (ص97): " وأما مسألة رجوع المسيح فإنكار الترابي لها تعلق منه بظواهر آيات قرآنية مثل قوله تعالى على لسان المسيح عليه السلام: "وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ " فهو يرى أن البعدية المذكورة في هذه الآية تنفي ما ذهب إليه الجمهور من أن عيسى ابن مريم لا يزال حيا وسيرجع في آخر الزمان.
وهذا الاستدلال من أغرب ما رأيت، ولعل الشنقيطي كتب هذا وهو في حال ذهول من عقله، فكل أحد يعلم أن عيسى أرسل قبل رسولنا عليه الصلاة والسلام، وهو ينزل بعده عاملا بشرع النبي عليه الصلاة والسلام.
قال الألوسي: " ولا يقدح في ذلك ـ أي ختم النبوة ـ ما أجمعت الأمة عليه، واشتهرت في الأخبار ولعلها بلغت التواتر المعنوي ـ ونطقت به الكتاب ـ على قول وجب الإيمان به، وكفر منكره كالفلاسفة: من نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان، لأنه كان نبيا قبل تحلي نبينا صلى الله عليه وسلم بالنبوة ".
وبقوله أي: " الشنقيطي "
"كما أن قوله تعالى على لسان عيسى: " وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا " يثير إشكالا حول دفعه للزكاة إذا كان حيا يرزق في السماء اليوم!!
وقد أجاب عنه العلماء بما فيه مَقنع لكل ذي عقل.
قال الألوسي:
" وإذا قيل يحمل للزكاة على الظاهر فالظاهر أن المراد {*أوصاني} بأداء زكاة المال أن ملكته فلا مانع من أن يشمل التوقيت بقوله سبحانه: {والزكواة مَا دُمْتُ حَيّاً} مدة كونه عليه السلام في السماء، ويلتزم القول بوجوب الصلاة عليه عليه الصلاة والسلام هناك كذا قيل
.وأنت تعلم أن الظاهر المتبادر من المدة المذكورة مدة كونه عليه الصلاة والسلام حياً في الدنيا على ما هو المتعارف وذلك لا يشمل مدة كونه عليه السلام في السماء .. " تفسير الألوسي - (ج 11 / ص 485)
قال ابن عاشور:
" والزّكاة: الصدقة. والمراد: أن يصلّي ويزكّي. وهذا أمر خاص به كما أمر نبيئنا صلى الله عليه وسلم بقيام الليل، وقرينة الخصوص قوله {مَا دُمْتُ حَيّاً} لدلالته على استغراق مدة حياته بإيقاع الصلاة والصدقة، أي أن يصلي ويتصدّق في أوقات التمكن من ذلك، أي غير أوقات الدعوة أو الضرورات.
فالاستغراق المستفاد من قوله {مَا دُمْتُ حَيّاً} استغراقٌ عرفي مراد به الكثرة؛ وليس المراد الصلاة والصدقة المفروضتين على أمته، لأن سياق الكلام في أوصاف تميّز بها عيسى عليه السلام، ولأنه لم يأت بشرع صلاة زائدة على ما شرع في التوراة ".
التحرير والتنوير - (ج 8 / ص 470)
وواصل الشنقيطي تلبيسه في هذه المسألة بقوله متحدثا عن أحاديث الدجال:
" وقد أشكلت على علماء في الماضي، منهم البيهقي وابن حجر غيرهما، لمعارضة بعضها ليقينيات الوقائع، ومناقضة بعضها لبعض. ..
وبعد الرجوع لكلام الحافظ بن حجر والإمام البيهقي، وغيرهم من أهل العلم وجدنا غير ما ذكر الأستاذ الشنقيطي.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح:– 13/ 398)
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَيْسَ فِي حَدِيث جَابِر أَكْثَر مِنْ سُكُوت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَلِف عُمَر، فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُتَوَقِّفًا فِي أَمْره ثُمَّ جَاءَهُ الثَّبْت مِنْ اللَّه تَعَالَى بِأَنَّهُ غَيْره عَلَى مَا تَقْتَضِيه قِصَّة تَمِيم الدَّارِيّ، وَبِهِ تَمَسَّك مَنْ جَزَمَ بِأَنَّ الدَّجَّال غَيْر اِبْنِ صَيَّاد وَطَرِيقه أَصَحّ، وَتَكُونُ الصِّفَة الَّتِي فِي اِبْنِ صَيَّاد وَافَقَتْ مَا فِي الدَّجَّال "
والغريب أن الأستاذ الشنقيطي قد أورد في كتابه ترجيح الحافظ بن حجر على أن الدجال غير ابن صياد ثم سخر من ترجيحه.
قال ابن كثير: " المقصود أن ابن صياد ليس بالدجال الذي يخرج في آخر الزمان قطعا لحديث فاطمة بنت قيس الفهرية وهو فيصل في المقام "
البداية والنهاية 19/ 193
قال ابن كثير: " والأحاديث الواردة في ابن الصياد كثيرة، وفي بعضها التوقف في أمره، هل هو الدجال أم لا؟ فالله أعلم.
ويحتمل أن يكون هذا قبل أن يوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن الدجال وتعينه وقد تقدم حديث تميم الدارمي في ذلك، وهو فاصل في هذا المقام، وسنورد من ألأحاديث ما يدل على أن الدجال ليس بابن الصياد "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/417)
وقد صحح الإمام ابن القيم حديث الجساسة وجعله دالا على تمكن حفظ فاطمة بنت قيس.
فقال:
" وإذا شئت أن تعرف مقدار حفظها وعلمها، فاعرفه من حديث الدجال الطويل الذي حدث به رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فوعته فاطمة وحفظته، وأدته كما سمعته، ولم ينكره عليها أحد مع طوله وغرابته .. "
زاد المعاد (5/ 476
وإليك طائفة من أقوال أهل العلم الواضحة في هذا المضوع تبين خطأ الشنقيطي في زعمه أنهم استشكلوا أحاديث الدجال ونزول عيسى عليه السلام.
وقال ابن رشد: " لا بد من نزول عيسى عليه السلام، لتواتر الأحاديث بذلك ". شرح صحيح مسلم للأبي 1/ 265
فال ابن عطية أجمعت الأمة على ما تضمنه الحديث المتواتر من أن عيسى في السماء حي، وأنه ينزل في آخر الزمان فيقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويقتل الدجال، ويفيض العدل، وتظهر به ملة محمد صلى الله عليه وسلم، ويحج البيت ويعتمر ".
البحر المحيط 2/ 473
قال شيخ الإسلام:
" وكذلك ما يحدثه من أشراط الساعة: كظهور الدجال، ويأجوج ومأجوج، وظهور الدابة، وطلوع الشمس من مغربها، بل والنفخ في الصور وغير ذلك هو من آيات الانبياء، فإنهم أخبروا به قبل أن يكون فكذّبهم المكذبون؛ فإذا ظهر بعد مئين أو ألوف من السنين كما أخبروا به كان هذا من آيات صدقهم ".
النبوات ج: 1 ص: 113
وقال: " و ذكر الفتنة الخاصة بعد الفتنة العامة:فتنة المسيح الدجال فإنها أعظم الفتن، كما في الحديث الصحيح " ما من خلق آدم إلى قيام الساعة فتنة أعظم من فتنة المسيح الدجال "
مجموع الفتاوى ج: 14 ص: 28
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:" والمسيح صلى الله عليه وسلم وعلى سائر النبيين لا بد أن ينزل إلى الأرض ... كما ثبت في الأحاديث الصحيحة " مجموع الفتاوى 4/ 329
قال ابن كثير: قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي: " والاستعاذة من الدجال متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " البداية والنهاية 19/ 200
قال ابن كثير: " تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أخبر بنزول عيسى عليه السلام قبل يوم القيامة إماما عادلا وحكما مقسطا "
تفسير ابن كثير 7/ 223
قال الشوكاني: " فتقرر أن الأحاديث في المهدي المنتظر متواترة، والأحاديث الواردة في الدجال متواترة، والأحاديث الواردة في عيسى متواترة ".
عقيدة أهل الإسلام في نزول عيسى عليه السلام ص 11
قال العظيم آبادي: " تواترت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول عيسى بن مريم عليه السلام من السماء بجسده العنصري إلى الأرض عند قرب الساعة، وهذا هو مذهب أهل السنة "
عون المعبود 17/ 457
وقال صديق حسن خان بعد أن ساق أحاديث نزول عيسى عليه السلام: " جميع ما سقناه بالغ حد التواتر كما لا يخفى على من له فضل اطلاع " الإذاعة
قال أحمد شاكر: " وقد لعب المجددون أو المجردون في عصرنا الذي نحيا فيه بهذه الأحاديث الدالة صراحة على نزول عيسى بن مريم عليه السلام في آخر الزمان، قبل انقضاء الحياة الدنيا، بالتأويل المنطوي على الإنكار تارة، وبالإنكار الصريح أخرى ذلك أنهم في حقيقة أمرهم لا يؤمنون بالغيب، أو لا يكادون يؤمنون، وهي أحاديث متواترة المعنى في مجموعها يعلم مضمون ما فيها من الدين بالضرورة، ولا يجديهم الإنكار ولا التأويل "
المسند 12/ 257
قال الكتاني: " والحاصل أن الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر متواترة، وكذا الواردة في الدجال وفي نزول سيدنا عيسى عليه السلام ".
نظم المتناثر من الحديث المتواتر (ص147)
وقال الكوثري: " وأما تواتر أحاديث المهدي والدجال والمسيح فليس بموضع ريبة عند أهل العلم بالحديث ".
نظرة عابرة في مزاعم من ينكر نزول عيسى عليه السلام قبل الآخرة (ص49)
قال عبد الله الغماري: " وقد ثبت القول بنزول عيسى عليه السلام عن غير واحد من الصحابة والتابعين وأتباعهم والأئمة والعلماء من سائر المذاهب على ممر الزمان إلى وقتنا هذا تواترا لا شك فيه، بحيث لا يصح أن ينكره إلا الجهلة الأغبياء؛ كالقديانية ومن نحا نحوهم؛ لأنه نقل بطريق جمع عن جمع، حتى استقر في كتب السنة التي وصلت إلينا بتلق جيل عن جيل "
عقيدة أهل الإيمان في نزول عيسى عليه السلام (ص 12)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/418)
قال الشيخ احمود التويجري: " وأما خروج الدجال فقد جاء فيه أكثر من مائة وتسعين حديثا من الصحاح والحسان ... وقد تواترت الأحاديث في خروج الدجال من وجوه متعددة ".
إقامة البرهان في الرد على من أنكر خروج المهدي و الدجال ونزول المسيح في آخر الزمان (ص6)
قال ضياء الدين الكردي بعد أن ساق ما ورد في السنة من الأحاديث المصرح بنزول عيسى عليه السلام: " بعد قراءتنا لهذه الكتب من السنة النبوية تبين لنا أن عدد أحاديث نزول سيدنا عيسى وما يتعلق بوجوده في الأرض قد بلغ عدته خمسا وتسعين حديثا عن ثلاثة وثلاثين صحابيا، فهل بعد هذا يطلب تواتر ناهيك بذكر رفعه ونزوله في القرآن الكريم كما بان لك في الجزء الأول من هذا البحث ".
عقيدة أهل الإسلام في رفع سيدنا عيسى ونزوله عليه السلام 2/ 65
وقال عن أحاديث الدجال: " الآن وقد قرأت الدجال ورأيت عدد أحاديثه سبعة عشر وثلاثة مائة حديث بما جمعناه هنا وبما جاء في النزول رويت عن تسع وخمسين صحابيا ".
المصدر السابق 2/ 169
قال الشيخ الألباني: " اعلم أن أحاديث الدجال ونزول عيسى عليه السلام متواترة، يجب الإيمان بها، ولا تغتر بمن يدعي فيها أنها أحاديث آحاد؛ فإنهم جهال بهذا العلم، وليس فيهم من تتبع طرقها، ولو فعل لوجدها متواترة؛ كما شهد بذلك أئمة هذا العلم كالحافظ ابن حجر.
ومن المؤسف حقا أن يتجرأ البعض على الكلام فيما ليس من اختصاصهم، ولاسيما والأمر دين وعقيدة "
شرح العقيدة الطحاوية (ص 565) تعليق الشيخ الألباني
وعقد أهل العلم مسألة خروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام في مسائل الاعتقاد.
قال الطحاوي: " نؤمن بأشراط الساعة من خروج الدجال، ونزول عيسى بن مريم عليه السلام ".
قال الأشعري: " ويصدقون بخروج الدجال وأن عيسى يقتله " المقالات 1/ 345
و وصفوا من أنكر ها بالخروج عن حيز العلماء.
قال ابن كثير: " وقد أنكر طوائف كثيرة من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة خروج الدجال بالكلية، وردوا الأحاديث الواردة فيه، فلم يصنعوا شيئا، وخرجوا بذلك عن حيز العلماء؛ لردهم ما تواترت به الأخبار الصحيحة من غير وجه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم ذلك.
البداية والنهاية 19/ 139
وتلاعب الشنقيطي بحديث الجيش الذي يفتح القسطنطينية، موهما القارئ أنه الجيش الذي فتحها في عصر محمد الفاتح. فقال: " ومن أمثلة هذا الإطراب في أحاديث المسيح بن مريم والمسيح الدجال حديث في صحيح مسلم يصرح بأن ظهور الدجال ونزول المسيح يكون بعد رجوع الجيش الإسلامي إلى الشام من فتح القسطنطينة مباشرة. ...
والمشكلة في هذا الحديث أن القسطنطينية تم فتحها منذ أكثر من خمسة قرون، وعادت منها الجيوش الإسلامية ظافرة، فما وجدت المسيح ولا الدجال!!!
. والحق أن الحديث يتحدث عن جيش محدد، وفي زمن محدد ويبين منهم أهله، وما سبب قتالهم، مما لا يدع لقارئه مجالا في الخلط بينه وبين أي جيش آخر. وصفة هذا الجيش لا تتفق مع صفة جيش محمد الفاتح.
وما موه به من أن القسطنطينية قد فتحت. لا يمنع عودتها إلى الكفر مرة أخرى، وفي التاريخ الإسلامي من ذلك أمثلة محسوسة، فمصر فتحت في عهد الصحابة وعادت إلى حظيرة الكفر مرة أخرى على أيدي الفاطميين، وفتحها صلاح الدين مرة أخرى، والأندلس فتحها المسلمون وعادت بلاد كفر وجاهلية من ذو قرون.
وهذا حديث مسلم في ذكر الجيش الذي يقاتل الدجال ليرى القارئ بعينيه كيف اختطف الشنقيطي منه جملة واحدة ليوظفها فيما أراد وترك باقي الحديث الذي يبين المراد.
: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالْأَعْمَاقِ أَوْ بِدَابِقٍ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنْ الْمَدِينَةِ مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ فَإِذَا تَصَافُّوا قَالَتْ الرُّومُ خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ لَا وَاللَّهِ لَا نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا فَيُقَاتِلُونَهُمْ فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ لَا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/419)
يُفْتَنُونَ أَبَدًا فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ إِذْ صَاحَ فِيهِمْ الشَّيْطَانُ إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ فَيَخْرُجُونَ وَذَلِكَ بَاطِلٌ فَإِذَا جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ "
صحيح مسلم - (ج 4 / ص 2221
لم يزل الشنقيطي متماديا في رد سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى بعقل طالب الثانوية المسلم المسكين الذي يدرّس له كل ما يخالف العقل والنقل والفطرة السليمة؛ فيؤمن به، وهو في الحقيقة ليس أكثر من صفحة بيضاء يكتب فيها كل معلم ما يشاء.
وأما ما موه به من أن الإنسان قد وطئ جميع أجزاء الكرة الأرضية فقول يكذبه الواقع المعاش، وما أخبار مثلث برمودا عنا ببعيد، أما الجزائر التي لا يعلمها الإنسان فهي كثيرة. فلا يهولنك بعد ذلك قوله:
" فطالب الثنوية المسلم اليوم يدرك أن الإنسان المعاصر قد وصل إلى كل موطئ قدم من اليابسة، بل اطلع على الكثير مما في باطن الأرض، وصور طبقاتها الجولوجية، ومعادنها وكنوزها، ورحل إلى القمر، وهو الآن يخطط للرحيل إلى المريخ. فهل نلزم هذا الشاب المسلم أن يؤمن بما رواه مسلم في حديث تميم داري الطويل المشهور أن الدجال موثق بالحديد في جزيرة وصل إليها بحارة عرب .. وهذه الغرائب غيض من فيض مما ورد في نزول المسيح وظهور الدجال. ويبقى السؤال: أين تلك الجزيرة اليوم بعد أن مسح الإنسان سطح الأرض مسحا؟! وأين الدجال الموثق فيها بالحديد؟! وهل هو الشاب اليهودي ابن صياد الذي عاش في المدينة، وحج أو اعتمر إلى مكة كما في صحيح مسلم ... "
قال جامعه عفا الله عنه: وأما هل هو بن صياد فقد تقدم تبيين أهل العلم أن ابن الصياد ليس هو الدجال الأكبر، وإن كان من عداد الدجالين.
قال شيخ الإسلام:
" وهذا بخلاف الأحوال الشيطانية مثل: حال عبد الله بن صياد الذي ظهر في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وكان قد ظن بعض الصحابة أنه الدجال. وتوقف النبي في أمره حتى تبين له فيما بعد انه ليس هو الدجال؛ لكنه كان من جنس الكهان. قال له النبي صلى الله عليه وسلم: " قد خبأت لك خبأ". قال: الدخ الدخ. وقد كان خبأ له سورة الدخان. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"اخسأ فلن تعدو قدرك". يعنى إنما أنت:من إخوان الكهان .. "
مجموع الفتاوى ج: 11 ص: 283
ومن التخبطات قوله:
" ليس مما يخدم الإسلام في شيء ـ وهو دين العلم والبرهان ـ أن يتم إلزام الناس بالإيمان بمنقولات مضطربة فيما بينها، مناقضة لبداهة العقل ومدركات الحس بل ذلك فتنة للمسلمين عن دينهم الحق، كما فتنت الكنيسة أتباع المسيح عليه السلام، بتحريفاتها وتأويلاتها المناقضة للعلم والعقل ".
هذا في عقول أهل الفتنة بالغرب وتفكيره المادي، أما أهل العلم والإيمان بالغيب والآخذين دينهم عن الكتاب والسنة المسلِّمين لهم؛ فلا إطراب عندهم في هذه الأحاديث ولا مناقضة بينها وبين العقل، أو الحس، ومن أهون الادعاءات قول هذا يخالف العقل، ولكن عقل من؟!.
قال القاضي عياض: " نزول عيسى وقتله الدجال حق عند أهل السنة للأحاديث الصحيحة في ذلك، وليس في العقل ولا في الشرع ما يبطله فوجب إثباته "
شرح صحيح مسلم للنووي 18/ 75
وأنا بصدد إخراج دراسة موسعة عن أحاديث المسيح والدجال أسأل الله أن ييسر لي إخراجها ليتبين أن لا تناقض بين الأحاديث الواردة في ذلك، وسميته
" أحاديث نزول عيسى وخروج الدجال رواية ودراية "
وأما زعمه أن العقيدة لا تثبت بأحاديث الآحاد فلوثة فلسفية مخالفة للقرآن والسنة وإجماع أهل العلم.
قال ابن عبد البر (أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد النمري الأندلسي، المتوفى سنة 463هـ) في كتابه (التمهيد): ((والذي نقول به: إنه (يعني: خبر الواحد) يوجب العمل دون العلم، كشهادة الشاهدين والأربعة سواء. وعلى ذلك أكثر أهل الفقه والأثر، وكلهم يدين بخبر الواحد العدل في الاعتقادات، ويعادي ويوالي عليها، ويجعلها شرعاً وديناً في معتقده، على ذلك جميع أهل السنة ولهم في الأحكام ما ذكرنا))
التمهيد (ص1/ 8)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/420)
وقال ابن قيم الجوزية في رده على من لم يحتج بخبر الآحاد في العقائد، في كتابه (الصواعق المرسلة)، قال: ((وأما المقام الثامن: وهو انعقاد الإجماع المعلوم المتيقن على قبول هذه الأحاديث، وإثبات صفات الرب تعالى بها. فهذا لا يشك فيه من له أقل خبرةٍ بالمنقول؛ فإن الصحابة هم الذين رووا هذه الأحاديث، وتلقاها بعضهم عن بعض بالقبول، ولم ينكرها أحد منهم على من رواها، ثم تلقاها عنهم جميع التابعين، من أولهم إلى آخرهم ... )) (مختصر الصواعق (577)
وقد كفّر أهل العلم من أنكر نزول عيسى ورفعه، وخروج الدجال لتكذيبه القرآن والسنة المتواترة.
ولو استغربه الشنقيطي بقوله: "
وليس من العلم والعدل النكير على المشككين في تلك الأخبار المضطربة، مثل الشيخ رشيد رضا ومحمود شلتوت ومحمد الغزالي وحسن الترابي.
وأما تكفيرهم بذلك فلا يستساغ أصلا، خصوصا عند المطلعين على جملة تلك الأحاديث، وماذكره فيها أهل العلم من الغرابة والإشكالات. ولو لا تكلف التأويل ونقص الاستقراء لدى هؤلاء المكفرة لما كفروا أحدا بهذا، ولسلكوا سبيل العلم والتحقيق ".
قال الألوسي: " ولا يقدح في ذلك ـ أي ختم النبوة ـ ما أجمعت الأمة عليه، واشتهرت في الأخبار ولعلها بلغت التواتر المعنوي ـ ونطقت به الكتاب ـ على قول وجب الإيمان به، وكفر منكره كالفلاسفة: من نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان، لأنه كان نبيا قبل تحلي نبينا صلى الله عليه وسلم بالنبوة ".
وقال العلامة أحمد شاكر: " نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان مما لم يختلف فيه المسلمون؛ لورود الأخبار الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، ومعلوم من الدين بالضرورة، ولا يؤمن من أنكره "
الطبري 6/ 160
قال الشيخ بن باز: " قد تظاهرت الأدلة من الكتاب والسنة على أن عيسى بن مريم عبد الله ورسوله عليه الصلاة والسلام رفع إلى السماء بجسده الشريف وروحه، وأنه لم يمت ولم يقتل ولم يصلب، وأنه ينزل آخر الزمان فيقتل الدجال ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام، وثبت أن ذلك النزول من أشراط الساعة. وقد أجمع علماء الإسلام الذين يعتمد على أقوالهم على ما ذكرنا ....
وأما من زعم أنه قد قتل أو صلب فصريح القرآن يرد قوله ويبطله وهكذا قول من قال إنه لم يرفع إلى السماء وإنما هاجر إلى كشمير وعاش بها طويلا ومات فيها بموت طبيعي وإنه لا ينزل قبل الساعة وإنما مثيله فقوله ظاهر البطلان بل هو من أعظم الفرية على الله تعالى والكذب عليه وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم.
فإن المسيح عليه السلام لم ينزل إلى وقتنا هذا سوف ينزل في مستقبل الزمان كما اخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومما تقدم يعلم السائل وغيره أن من قال إن المسيح قتل أو صلب، أو هاجر إلى كشمير ومات بها موتا طبيعيا ولم يرفع إلى السماء، أو قال إنه قد أتى أو سيأتي مثله، وإنه ليس هناك مسيح ينزل من السماء فقد أعظم على الله الفرية بل هو مكذب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ومن كذّب الله ورسوله فقد كفر، والواجب أن يستتاب من قال مثل هذه الأقوال، وأن توضح له الأدلة من الكتاب والسنة فإن تاب ورجع إلى الحق وإلا قتل كافرا".
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 1/ 429، 431
أدب الشنقيطي مع العلماء.
إن روح الأستاذية التي يكتب بها الأستاذ الشنقيطي أوقعته في تجريح أهل العلم الذين لا يوافقونه في ترجيحاته فقال موجها كلامه للأمام ابن جرير والإمام أبي ثور: " فالذي أراه في هذا الأمر ـ والله أعلم بالصواب ـ أن إمامة المرأة الرجال في صلاة الفريضة بالمساجد لا تجوز قطعا، إذ الأصل في الشعائر الوقف، ولم يرد نص بإمامة المرأة الرجال في الفريضة بالمسجد، فيجب القول بتحريمه رغم أنف القائلين بالإطلاق، مثل أبي ثور والطبري .. (ص 61)
وقال موجها كلامه لابن حجر وساخرا منه: " وقد حاول ابن حجر بتكلف شديد أن يتغلب على الإشكال بالقول: " إن ابن صياد هو شيطان تبدى في صورة الدجال في تلك المدة "
... فهل استيقن ابن حجر أن بن صياد مجرد شيطان وليس هو الدجال الأكبر، وغاب ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .... ؟!
(ص 103)
الشنقيطي وقدسية المبادئ ومكانة الأشخاص.
يردد الأستاذ الشنقطي دائما مصطلح " قدسية المبادئ ومكانة الأشخاص " وهو يعني أن الشخص إذا خالف مبادئ الإسلام وهي نصوصه من الكتاب والسنة، يتبع النص بل ويرى انتقاد من خالفه ولو كان صحابيا.
وأكد هذا الشعار في كتابه عن الترابي بقول (ص 17): " ومما يحسن بيانه هنا أيضا أن هدف هذه الملاحظات ليس الدفاع عن شخص الترابي، فأنا ـ بنعمة من الله ـ ممن يؤمنون بقدسية المبادئ وأرجحيتها على مكانة الأشخاص "
لكن واقع كتاب الشنقيطي خلاف ما يقول هنا، فهو يبرر مخالفته للقرآن والسنن المتواترة بأن فلانا وعلانا قد خالفاها، وكتابه الذي نكتب عنه خير مثال لذلك.
والحق أن الكتاب كله ـ من أوله إلى آخره ـ دفاع عن الترابي ورد على خصومه، وتقرير لما يقول، وإلا فما بال بحث المسائل العلمية ومدح الترابي بكل مناسبة، وذم من يردون عليه في كل قضية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/421)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[02 - 08 - 07, 01:56 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبوحامد الشنقيطى]ــــــــ[02 - 08 - 07, 11:29 م]ـ
بارك الله فيك وفي علمك ورزقك الصدق في القول والعمل وعصمني وإياك من مضلات الأهواء والفتن(39/422)
ما المقصود بتربة فلان؟ وما حكمها؟
ـ[ابوخالد الكويتي]ــــــــ[13 - 04 - 07, 02:23 م]ـ
بسم الله الر حمن الرحيم
الإخوة الكرام
أثناء قرائتي في كتاب البداية والنهاية مرت بي هذه العبارات:
(ثم دفن في داره، ثم شرع ابنه في بناء تربة له ... بناء على وصيته)
(عرض عليه أن يدرس بتربة الشافعي)
(ودفن بتربته عند مدرسته بمصر)
(وله ديوان بالتربة الأشرفية بدمشق)
السؤال هو: ما المقصود بالتربة؟ وما حكمها؟ وإن كانت بدعة فلم لم ينبه عليها ابن كثير رحمه الله؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[ابوخالد الكويتي]ــــــــ[18 - 04 - 07, 01:17 ص]ـ
للرفع
رفع الله قدركم
ـ[محمد السلفي الفلسطيني]ــــــــ[21 - 04 - 07, 11:33 ص]ـ
التربة هي المكان الذي يدفن به الميت ويطلق ذلك عند الصوفية الشركيين ويطلق على من يدعون أنهم أولياء لهم من دون الله ويسألونهم وغير ذلك من الشركيات التي يقعوا فيها(39/423)
هل الشم صفة لله
ـ[آل عامر]ــــــــ[13 - 04 - 07, 03:23 م]ـ
قال الإمام مسلم رحمه الله: حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ هُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلْفَةُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ
.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله رحمة واسعة:
أستدل البعض بأن الله يوصف بالشم، وهذا ليس بصريح
ولا يجوز الجزم به لعدم الصراحة.
إذ قد يكون إدراك الله لهذه الرائحة عن طريق العلم لا عن طريق الشم.
ولذلك مادام أنه لم ترد هذه الصفة وهي من الصفات الخبرية الصريحة فإن الأجدر بالإنسان الإمساك
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[13 - 04 - 07, 09:16 م]ـ
أخي الكريم تابع كلام مؤلف كتاب [الكلم الطيب]ـ رحمه الله ـ
فقد تكلم فيه عن صفة الاستطابة لله عز وجل
ـ و الله أعلم
ـ[أبو علي الطيبي]ــــــــ[13 - 04 - 07, 09:40 م]ـ
http://www.islamtoday.net/questions/show_question_*******.cfm?id=422
صفة الشم لله تعالى ..
المجيب:
د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
السؤال
هل يصح إثبات صفة الشم لله تعالى؟ فقد قال عليه الصلاة والسلام (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)
الجواب
أما عن إثبات صفة الشم لله تعالى فقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية أن بعض الطوائف أثبتوها ومنهم من نفاه عن الله تعالى، ولم ينقل شيخ الإسلام عن جمهور السلف الصالح إثبات لذلك.
ونوصي السائل بالحرص على ما ينفع، وترك التكلف والبحث عما أمسك عن سلفنا الصالح، لا سيما وأن في التفقه والتعبد بأسماء الله تعالى وصفاته الثابتة في نصوص الوحيين_ما يكفى ويشفي والله أعلم.
(1) أنظر مجموع الفتاوى 6/ 135
==================
وانظر:
http://www.alukah.net/majles/showthread.php?t=860
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[13 - 04 - 07, 09:45 م]ـ
بارك الله فيكم
ـ[آل عامر]ــــــــ[13 - 04 - 07, 10:44 م]ـ
الأخ / أبا سلمى .. سلمه ربي من كل شر
الأخ / أبا علي .... رفع الله درجتك
جزاكما الله كل خير وزادكم من فضله وإحسانه
ـ[الأشفقي]ــــــــ[13 - 04 - 07, 10:59 م]ـ
حُذف
## المشرف ##
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[14 - 04 - 07, 12:51 م]ـ
كتاب [الكلم الطيب] و الله أعلم
عفوا، الكتاب هو [الوابل الصيب] لابن القيم
ـ[عبدالله الوائلي]ــــــــ[14 - 04 - 07, 03:06 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[أبو علي الطيبي]ــــــــ[15 - 04 - 07, 01:13 ص]ـ
الأخ / أبا سلمى .. سلمه ربي من كل شر
الأخ / أبا علي .... رفع الله درجتك
جزاكما الله كل خير وزادكم من فضله وإحسانه
آمين .. وبارك الله فيك
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[15 - 04 - 07, 01:19 ص]ـ
الأخ / أبا سلمى .. سلمه ربي من كل شر
الأخ / أبا علي .... رفع الله درجتك
جزاكما الله كل خير وزادكم من فضله وإحسانه
حفظك الله من كل سوء يا أخي(39/424)
طلب ـ أريد تحقيقا لقصة أيوب عليه السلام
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[13 - 04 - 07, 09:11 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواننا الكرام أريد تحقيقا لقصة أيوب عليه السلام
من حيث
صحة القصص الإسرائيلية فيها ... وحصر ما روى في القصة
أو أن تذكروا لنا اي كتاب لقصص الأنبياء يتناولها بالنقد ورفع الشبهات والأغلاط التي تأتي عن الإسرائيليات
وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[13 - 04 - 07, 09:52 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
- ما الذي صح فيها عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟
- ما موقفنا من بعض ما جاء في الأخبار الإسرائيلية مثل:
تحديد الشيطان الذي مس أيوب عليه السلام
أن الشيطان هو من طلب من الله أن يسلطه على أيوب
أنه لما ابتلي وذهب كل ما يملك وصل أن كان ملقى في الكناسة
إغواء الشيطان لزوجه أن تقدم ذبابا قربانا إلى الأصنام
وغير ذلك ..
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[14 - 04 - 07, 12:46 م]ـ
للرفع
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[01 - 05 - 07, 09:22 م]ـ
للرفع(39/425)
أقوال العلماء في تكفير الرافضة
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[14 - 04 - 07, 01:33 ص]ـ
حكم علماء الإسلام وفتاواهم في الشيعة الإمامية الاثنا عشرية:
إن الشيعة الإمامية الاثنا عشرية من فرق الضلال التي جمعت في عقيدتها، كل شرٍ وانحراف موجود في باقي الفرق والنحل، ولهذا حكم جمهور العلماء بكفرهم وزندقتهم.
قول: عمار بن ياسر رضي الله عنه:
عن عمرو بن غالب: أن رجلاً نال من عائشة رضي الله عنها عند عمار رضي الله عنه فقال: (اغرب مقبوحاً، أتؤذي حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم)، رواه الترمذي باسناد حسن.
قول: عبد الرحمن بن أبزى رضي الله عنه:
فعن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى قال: (قلت لأبي: ما تقول في رجل سب أبا بكر؟.
قال: يُقتل.
قلت: ما تقول في رجل سب عمر؟
قال: يُقتل).
قول: عبد الله بن المبارك:
قال رحمه الله تعالى: (الدين لأهل الحديث، والكلام والحيل لأهل الرأى، والكذب للرافضة).
قول: سفيان الثوري:
عن إبراهيم بن المغيرة قال: (سألت الثوري: يُصلى خلف من يسب أبا بكر وعمر؟ قال: لا).
قول: الزهري:
قال الإمام الزهري: (ما رأيت قوماً أشبه بالنصارى من السبئية. قال أحمد بن يونس: هم الرافضة).
قول: سفيان بن عيينة:
قال رحمه الله تعالى: (لا تصلوا خلف الرافضي [يعني الشيعي] ولا خلف الجهمي ولا خلف القدري ولا خلف المرجئي).
قول: علقمة بن قيس النخعي:
قال رحمه الله تعالى: (لقد غلت هذه الشيعة في علي رضي الله عنه كما غلت النصارى في عيسى بن مريم).
قول: أبو يوسف القاضي:
قال رحمه الله تعالى: (لا أصلي خلف الجهمي أو رافضي [يعني الشيعي] ولا قدري).
قول: يزيد بن هارون الواسطي:
قال مؤمل بن إهاب: سمعت يزيد بن هارون يقول: (يُكتب عن كل مبتدع-إذا لم يكن داعية- إلا الرافضة فإنهم يكذبون).
قول: أبو عبيد القاسم بن سلاّم:
قال الإمام القاسم بن سلام: (لا حظ للرافضي [يعني الشيعي] في الفيء والغنيمة).
وقال كذلك رحمه الله: (عاشرت الناس وكلمت أهل الكلام وكذى، فما رأيت أوسخ وسخاً، ولا أقذر قذراً، ولا أضعف حجة، ولا أحمق من الرافضة).
قول: الأعمش:
قال معاوية بن خازن: سمعت الأعمش يقول: (أدركت الناس وما يسمونهم إلا بكذابين، يعني الرافضة).
قول: مالك بن أنس:
قال الإمام مالك: (الذي يشتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ليس لهم إسم أو قال نصيب في الإسلام).
كما سُئل الإمام مالك عن الرافضة الشيعة فقال: (لا تكلمهم ولا ترد عنهم فإنهم يكذبون).
قول: الشافعي:
قال حرملة: سمعت الشافعي يقول: (لم أر أحداً أشهد بالزور من الرافضة).
قول: أحمد بن حنبل:
روى الخلال عن أبي بكر المروذي قال: (سألت أبا عبد الله، يعني أحمد بن حنبل، عمن يشتم ابا بكر وعمر وعائشة؟.
قال: ما أراه على الإسلام).
وقال الخلال:
أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال: سمعت أبا عبد الله يعني أحمد بن حنبل قال: (من شتم [يعني أصحاب رسول الله] أخاف عليه الكفر مثل الروافض، ثم قال: (من شتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نأمن أن يكون قد مرق من الدين) أي خرج من الدين.
وقال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي عن رجل شتم رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (ما أراه على الإسلام).
وجاء عن الإمام أحمد بن حنبل قوله عن الرافضة الشيعة ما نصه: (هم الذين يتبرأون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ويسبونهم، وينتقصونهم، ويكفرون الأئمة إلا أربعة، علي، وعمار، والمقداد، وسلمان، وليست الرافضة من الإسلام في شيئ).
وقال ابن عبد القوي: (كان الإمام أحمد يكفر من تبرأ منهم (أي الصحابة) ومن سب عائشة أم المؤمنين مما برأها الله منه وكان يقرأ (يعظكم الله أن تعودوا لمثلهِ أبداً إن كنتم مؤمنين).
وسُئل رحمه الله تعالى عن الذي يشتم معاوية أيصلى خلفه؟ (قال: لا يصلى خلفه ولا كرامة).
قول: البخاري:
قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى: (ما أبالي صليت خلف الجهمي والرافضي، أم صليت خلف اليهود النصارى، ولا يسلم عليهم ولا يعادون [أي لا يزارون في مرضهم] ولا يناكحون ولا يُشهدون، [أي لا تُشهد جنائزهم لأنهم ماتوا على غير ملة الإسلام]، ولا تؤكل ذبائحهم).
فتوى اللجنة الدائمة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/426)
سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية سؤالاً جاء فيه أن السائل وجماعة معه في الحدود الشمالية مجاورون للمركز العراقي، وهناك جماعة على مذهب الجعفربة ومنهم من امتنع عن أكل ذبائحهم ومنهم من أكل، ونقول: هل يحل لنا أن نأكل منها علماً بأنهم يدعون عليا والحسن والحسين وسائر سادتهم في الشدة والرخاء؟ فأجابت اللجنة برئاسة سماحة الوالد الشيخ عبدالعزيز بن باز، والشيخ عبدالرزاق عفيفي، والشيخ عبدالله بن غديان، والشيخ عبدالله بن قعود - أثابهم الله جميعاً -:
الجواب: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد:
إذا كان الأمر كما ذكر السائل من أن الجماعة الذين لديه من الجعفرية يدعون علياً والحسن والحسين وسادتهم فهم مشركون مرتدون عن الاسلام والعياذ بالله، لايحل الأكل من ذبائحهم لأنها ميتة ولو ذكروا عليها أسم الله (9).
--------------------------------------------
فتوى الشيخ العلامة ابن جبرين حفظه الله
وسئل العلامة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين - حفظه الله ورعاه من كل سؤ - سؤالا جاء فيه فضيلة الشيخ يوجد في بلدتنا شخص رافضي يعمل قصابا ويحضره أهل السنة كي يذبح ذبائحهم، وكذلك هناك بعض المطاعم تتعامل مع هذا الشخص الرافضي وغيره من الرافضة الذي يعملون في نفس المهنة. فما حكم التعامل مع هذا الرافضي وأمثاله؟ وما حكم ذبحه: هل ذبيحته حلال أم حرام؟ أفتونا مأجورين والله ولي التوفيق.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: فلا يحل ذبح الرافضي ولا أكل ذبيحته، فإن الرافضة غالباً مشركون حيث يدعون علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - دائماً في الشدة والرخاء حتى في عرفات والطواف والسعي، ويدعون أبناءه وأئمتهم كما سمعناهم مرارا، وذا شرك أكبر وردة عن الإسلام يستحقون القتل عليها.
كما هم يغلون في وصف علي - رضي الله عنه - ويصفونه بأوصاف لاتصلح إلا لله، كما سمعناهم في عرفات، وهم بذلك مرتدون حيث جعلوه رباً وخالقاً، ومتصرفاً في الكون، ويعلم الغيب، ويملك الضر والنفع، ونحو ذلك.
كما أنهم يطعنون في القرآن الكريم، ويزعمون أن الصحابة حرفوه وحذفوا منه أشياء كثيرة تتعلق بأهل البيت وأعدائهم، فلا يقتدون به ولا يرونه دليلاً.
كما أنهم يطعنون في أكابر الصحابة كالخلفاء الثلاثة وبقية العشرة، وأمهات المؤمنين، ومشاهير الصحابة كأنس وجابر وأبي هريرة ونحوهم، فلا يقبلون أحاديثهم، لأنهم كفار في زعمهم! ولا يعملون بأحاديث الصحيحين إلا ما كان عن أهل البيت، ويتعلقون بأحاديث مكذوبة أو لا دليل فيها على ما يقولون، ولكنهم مع ذلك ينافقون فيقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، ويخفون في أنفسهم ما لايبدون لك، ويقولون: من لا تقية له فلا دين له. فلا تقبل دعواهم في الأخوة ومحبة الشرع .. إلخ، فالنفاق عقيدة عندهم، كفى الله شرهم، وصلى الله محمد وآله وصحبه وسلم (10).
بماذا تحكمون على الشيعة- وخاصة- الذين قالوا إن علياً في مرتبة النبوة، وأن سيدنا جبريل غلط بنزوله على سيدنا محمد؟
الشيعة فرق كثيرة، ومن قال منهم أن علياً رضي الله عنه في مرتبة النبوة، وإن جبريل عليه السلام غلط فنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ فهو كافر. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز- عبدالرزاق عفيفي- عبدالله بن غديان- عبدالله بن قعود
من خلال معرفة سماحتكم بتاريخ الرافضة ما هو موقفكم من مبدأ التقريب بين أهل السنة وبينهم؟
التقريب بين الرافضة وبين أهل السنة غير ممكن؛ لأن العقيدة مختلفة، فعقيدة أهل السنة والجماعة: توحيد الله وإخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى، وأنه لا يدعى معه أحد لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، وأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم الغيب، ومن عقيدة أهل السنة: محبة الصحابة رضي الله عنهم جميعاً والترضي عنهم، والإيمان بأنهم أفضل خلق الله بعد الأنبياء، وأن أفضلهم أبو بكر الصديق، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، رضي الله عن الجميع، والرافضة خلاف ذلك، فلا يمكن الجمع بينهما، كما أنه لا يمكن الجمع بين اليهود والنصارى والوثنيين وأهل السنة، فكذلك لا يمكن التقريب بين الرافضة وبين أهل السنة لاختلاف العقيدة التي أوضحناها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/427)
من فتاوى العلامة ابن باز رحمه الله
حكم دفع زكاة أموال أهل السنة لفقراء الرافضة- الشيعة- وهل تبرأ ذمة المسلم الموكل بتفريق الزكاة إذا دفعها للرافضي الفقير أم لا؟
لقد ذكر العلماء في مؤلفاتهم في باب: [أهل الزكاة] أنها:" لا تدفع لكافر، ولا مبتدع"، فالرافضة بلا شك كفار لأربعة أدلة:
الأول: طعنهم في القرآن، وادعاؤهم أنه حذف منه أكثر من ثلثيه، كما في كتابهم الذي ألفه النوري وسماه:" فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب" وكما في كتاب "الكافي" وغيره من كتبهم، ومن طعن في القرآن؛ فهو كافر، مكذب؛ لقوله تعالى:} وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) {[سورة الحجر].
الثاني: طعنهم في السنة وأحاديث الصحيحين، فلا يعملون بها؛ لأنها من رواية الصحابة الذين هم كفار في اعتقادهم، حيث يعتقدون أن الصحابة كفروا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم إلا علي وذريته، وسلمان وعمار، ونفر قليل، أما الخلفاء الثلاثة، وجماهير الصحابة الذين بايعوهم فقد ارتدوا، فهم كفار، فلا يقبلون أحاديثهم، كما في كتاب "الكافي" وغيره من كتبهم.
الثالث: تكفيرهم لأهل السنة، فهم لا يصلون معكم، ومن صلى خلف السني أعاد صلاته، بل يعتقدون نجاسة الواحد منا، فمتى صافحناهم غسلوا أيديهم بعدنا، ومن كفّر المسلمين، فهو أولى بالكفر، فنحن نكفرهم كما كفرونا وأولى.
الرابع: شركهم الصريح بالغلو في علي وذريته، ودعاؤهم مع الله، وذلك صريح في كتبهم، وهكذا غلوهم ووصفهم له بصفات لا تليق إلا برب العالمين، وقد سمعنا ذلك في أشرطتهم.
ثم إنهم لا يشتركون في جمعيات أهل السنة، ولا يتصدقون على فقراء أهل السنة، ولو فعلوا؛ فمع البغض الدفين، يفعلون ذلك من باب التقية.
فعلى هذا من دفع إليهم الزكاة فليخرج بدلها، حيث أعطاها من يستعين بها على الكفر، وحرب السنة، ومن وُكِّل في تفريق الزكاة؛ حرم عليه أن يعطي منها رافضياً، فإن فعل لم تبرأ ذمته، وعليه أن يغرم بدلها، حيث لم يؤد الأمانة إلى أهلها، ومن شك في ذلك؛ فليقرأ كتب الرد عليهم، ككتاب القفاري في تفنيد مذهبهم، وكتاب "الخطوط العريضة" للخطيب وكتاب إحسان إلهي ظهير وغيرها. والله الموفق.
من فتاوى الشيخ ابن جبرين
ـ[ابو هبة]ــــــــ[14 - 04 - 07, 02:11 ص]ـ
جزاك الله خيراً.
ـ[حيدره]ــــــــ[14 - 04 - 07, 11:10 ص]ـ
جزااااااااااااااك الله خير أخي المبارك على هذا النقل الطيب ياطيب
ـ[عادل بن عبدالله العمري]ــــــــ[17 - 04 - 07, 06:23 م]ـ
أخي عبد الله جزاك الله خيراً
لكن أتمنى لو استقصيت العبارات الواضحة الجلية في كفرهم وبذلك تتم خدمة الموضوع.
جهد مشكور
ـ[إبراهيم الدبيان]ــــــــ[17 - 04 - 07, 06:57 م]ـ
بارك الله فيك، هؤلاء شركهم واضح بيّن، وأستغرب من لين بعض المشايخ في إطلاق الحكم عليهم!!
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[21 - 04 - 07, 09:22 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}.
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا}.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً}.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
اعلم رحمك الله أن الأمة قد ابتليت بشر عظيم ينخر في جسدها، ويفت في عضدها، من جراء فرقة تنتسب إلى الإسلام رغم تلبسها بالشرك، وغلوها في علي بن أبي طالب الخليفة الراشد - رضي الله عنه - وآل البيت، و كذا تكفيرهم لصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وطعنهم في كتاب الله وأنه محرف ومبدل، إلى غير ذلك من الكيد للإسلام وأهله في السهل والوعر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/428)
لذا نقدم لك هذه الفتاوى لعدد من العلماء المعاصرين من أهل السنة والجماعة، والتي تدلك على ظلال هذه الفرقة وبعدها عن شرع الله وتوحيده، وتنكبها لصراط النبي صلى الله عليه وسلم.
وليعلم كل من اغتر بهذه الفرقة بقائها على ما كانت عليه من الحرب للإسلام وأهله، وأنها لم تتراجع عما تعتقده قيد أنملة، بل زادت في شرورها وطغيانها وبعدها عن ديننا الحنيف.
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}.
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا}.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً}.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
اعلم رحمك الله أن الأمة قد ابتليت بشر عظيم ينخر في جسدها، ويفت في عضدها، من جراء فرقة تنتسب إلى الإسلام رغم تلبسها بالشرك، وغلوها في علي بن أبي طالب الخليفة الراشد - رضي الله عنه - وآل البيت، و كذا تكفيرهم لصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وطعنهم في كتاب الله وأنه محرف ومبدل، إلى غير ذلك من الكيد للإسلام وأهله في السهل والوعر.
لذا نقدم لك هذه الفتاوى لعدد من العلماء المعاصرين من أهل السنة والجماعة، والتي تدلك على ظلال هذه الفرقة وبعدها عن شرع الله وتوحيده، وتنكبها لصراط النبي صلى الله عليه وسلم.
وليعلم كل من اغتر بهذه الفرقة بقائها على ما كانت عليه من الحرب للإسلام وأهله، وأنها لم تتراجع عما تعتقده قيد أنملة، بل زادت في شرورها وطغيانها وبعدها عن ديننا الحنيف.
الجواب: عن ما ذكرتم من هذا الأمر العظيم من فعل هؤلاء الروافض وتهجمهم على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين اختارهم الله لصحبة رسوله فقاموا معه خير قيام، وآمنوا به، وهاجروا وجاهدوا معه، ونصروه وبذلوا في سبيل ذلك مهجهم وأولادهم وأوطانهم وأموالهم، وفدوه صلى الله عليه وسلم بجميع ذلك.
قال أبو زرعة العراقي: إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من الصحابة فاعلم أنه زنديق وذلك أن القرآن حق والرسول حق وما جاء به حق وما أدى إلينا ذلك كله إلا الصحابة فمن جرحهم فقد أراد إبطال الكتاب والسنة.
فإذا كان هذا في حق سائر الصحابة فما بالك بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه الذي هو أفضل الصحابة وأجلهم بعد الصديق بإجماع الأمة والبراهين القاطعة والذي وردت في فضله الأحاديث الكثيرة والأخبار الشهيرة ففي الصحيحين عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً إلا سلك فجا غير فجك " وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لقد كان فيمن كان قبلكم محدثون فإن يكن في أمتي أحد فهو عمر " أي ملهمون وروى الترمذي عن أبن عمر أن رسوله الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه " وأخرج الترمذي أيضاً عن عقبة بن عامر مرفوعا: " لو كان بعدي نبي لكان عمر " والأحاديث والآثار في هذا كثيرة معروفة.
وهؤلاء الروافض قد ارتكبوا بهذا الصنيع عدة جرائم شنيعة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/429)
منها الاستهزاء بإفاضل الصحابة رضوان الله عليهم وسبهم ولعنهم ومنها التصوير والتصوير من كبائر الذنوب الملعون فاعلها مع أنهم لم يصوروه على خلقته رضي الله عنه بل صوروه صورة بهيمة وجعلوا له ذيلاً لتمام السخرية والاستهزاء قبحهم الله وما أعظمها وأقبحها وأفضعها وأفحشها ومنها تهجمهم عليه ووقاحتهم حتى أتوا برجل يعقدون له النكاح عليه قبحهم الله وأخزاهم، وهذا يدل على خبثهم وشدة عداوتهم للإسلام والمسلمين، فيجب على المسلمين أن يغاروا الأفاضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يقوموا على هؤلاء الروافض قيام صدق لله تعالى ويحاكموهم محاكمة قوية دقيقة، ويوقعوا عليهم الجزاء الصارم البليغ، سواء كان القتل أو غيره حسب ما يراه الحاكم بنظره المصلحي الشرعي والمأمول من ولاة الأمور عندكم وفقهم الله وهداهم القيام حول ما ذكر بما يلزم شرعا بالضرب على هؤلاء بيد من حديد غيرة لديننا وخيار سلفنا وزجراً لمن تسول له نفسه مثل صنعهم ونسأل الله أن ينصر دينه ويعلى كلمته ويذل أعداءه ويوفق ولا الأمر لما فيه عز الإسلام والمسلمين وصلى الله علي نبينا محمد وعلى وآله وصحبه وسلم
(ص ـ ف ـ 181 ـ 22/ 2/1384)
[فتاوى ابن إبراهيم 13/ 248]
(4) محاكمة داعية للرفض
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل ولي العهد نائب جلالة الملك.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
أشير إلى خطاب سموكم رقم 13830 تاريخ 8/ 7/81هـ القاضي بالموافقة على تعيين الشيخ عبدالله بن حميد والشيخ عبدالعزيز بن رشيد والشيخ محمد بن عودة للجلوس لمحاكمة عبدالله الخنيزي نعرض لسموكم أن المذكورين أنهوا مهمتهم واتخذوا بصددها القرار المرفق.
والذي أراه أنه يسوغ قتل هذا الخبيث تعزيراً لأن ما أبداه رأس فتنة إن قطع خمدت وإن تسوهل في شأنه عادت بافظع من هذا الكتاب من بدعة هذه الطائفة من صاحب هذا الكتاب أو من غيره وقتل مثل هذا تعزيراً إذا رآه الإمام ردع للمفسدين وحسم لمادة البدعة وسد لهذا الباب فإن قضية هذا الرجل هي أول واحدة من نوعها وهذه النابغة تمس مئاخذ المسلمين وحججهم والقدح فيها تسبب في إسقاط حجيتها وساطع برهانها فإن الذي لدى المسلمين في معتقداتهم وعاداتهم ومعاملاتهم وفروجهم وأحكام دمائهم ومستند ما يحكمون به في محاكمهم أصلان عظيمان وكل أصل سواهما راجع إليهما ومستمد منها إلا وهما الكتاب والسنة لا طريق لهما إلينا إلا من طريق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فمتى فشا الطعن في حشهم زالت الثقة ووجد أخصام الإسلام ثغرة منها يتخذون سلطة على أهل الإسلام.
والله يحفظكم ويتولاكم وينصر بكم دينه ويجعلكم السور الحصين على هذا الدين واليزك الغيور على صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(ص ـ م ـ 1918 في 24/ 7/1381هـ)
[فتاوى ابن إبراهيم 13/ 250]
(5) فضل أهل البيت والاعتدال في محبتهم
فضيلة أهل البيت معلومة والأدلة على مالهم من الميزة على من سواهم من أجل أنهم من البيت وقرابة النبي معلومة فيجب أن يحبوا زيادة على غيرهم من المسلمين.
ومن لم يدن بدين النبي صلى الله عليه وسلم بأن كان تاركه أصلا أو انتسب إليه ووجد منه ناقض من نواقض دينه فإن هذا لا ينال حقا من حقوق المسلمين فضلاً عن أن ينال حقا من حقوق سيد المرسلين.
فالرافضة أحبت أهل البيت ولكنها غلت والشيعة الأولون إنما فيهم الشيء الزائد في محبة أهل البيت ودخل في هؤلاء زنادقة على أنهم من الشيعة إلى أن كان ضررهم على المسلمين ماهو معلوم كعبدالله بن سبأ ونحوه فهم ما دخلوا على الإسلام والمسلمين إلا من بدعة التشيع ثم زاد وخرج عن بدعة التشيع حتى صار الروافض هم أئمة كل شر وخرافة فهم أول من بنى المساجد على القبور وفي آخر القرن الثالث مع أول القرن الرابع التقى بحر الخرافة والشرك البحر الغربي وهو بحر العبيديين والشرقي وهو بحر البويهيين فعظمت الفتنة ووجد في هذه تاريخ القرامطة كلهم في أواخر الثالث وأول الرابع ووجد مصداق قوله صلى الله عليه وسلم " خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم " فبعد مضي القرون الثلاثة وجد الاختلال الظاهر وحماة البدعة وإن كان قد وجد في زمن الصحابة ما وجد من بدعة الخوارج وبدعة القدرية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/430)
المقصود أن أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم مزية و محبة لمكانهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن بقدر دون ما وصلت إليه الشيعة في أول الأمر دون آخر الأمر من الشرك مع ما انضم إليه من بدعة الاعتزال والقدر في هذا الزمان أكثر المذكورات فيهم. (تقرير)
مسلك الرافضة الغلو في أهل البيت وسب الصحابة ثم انقسموا أقساماً: بعضهم مخونة يقولون أن جبريل خان الرسالة فهؤلاء كفرة والمفضلة بدعة كالمزيد على المحبة لأهل البيت زيادة لا تصل إلى الشرك فهذا المقدار بدعة قبل أن ينضم إليها البدع الكبرى العظمى والروافض من أعظم الناس كذباً لا سيما علي جعفر الصادق فالجهلة الروافض يأخذون تلك الأشياء التي تروى عن جعفر وليست صحيحة مع أشياء يكذبونها هم فإنهم أكذب الناس فهم أعظم الناس فرية على رسوله صلى الله وسلم وعلى أهل البيت كما أنهم أعظم الناس تكذيباً بالصدق فيكون هذا الوعيد منطبقا عليهم (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب يالصدق إذ جاءه) سورة العنكبوت 86، فالأحاديث الصحيحة يردونها ويقبلون المنخنقة والموقوذة والباطل. (تقرير)
[فتاوى ابن إبراهيم 13/ 256]
(6) س/ يقول الروافض أن الأمويين يلعنون أهل البيت)
ج / فإذا لعن بنوا أمية أهل البيت أفينتقصون أبا بكر وعمر؟ فأهل السنة أحبوا أهل البيت ولا عاكسوا الروافض لم يبغضوا أهل البيت ولا سبوهم وفي الشيعة من لا يتجرأ على هذا كالزيدية فإن فيه شيئا من الاعتدال وليسوا التمام في مسألة أبي بكر وعمر (تقرير).
[فتاوى ابن إبراهيم 13/ 256]
(7) س / (الزيدية يقولون أمرنا بحبهم فيقدمون؟)
ج / لكن من يقول أن هذا يصل إلى أن نصادم به النصوص التي هي في خصوص المسالة فهذا من باب الخصوص والعموم الزيدية عندهم من عبادة القبور نصيب وبناؤهم على قبور أوليائهم شيء معلوم معروف وهم ينكرون على غيرهم ويبنون هم وبعضهم يبني له قبل أن يموت ويعتلون بأنه لأجل تعظيمهم وينكرون على الشافعية وبكل حال فشوها في الشافعية أكثر من الزيدية لكن الاعتزال في الزيدية أكثر ولهذا عمدتهم الوحيد هو كتاب الزمخشري الكشاف فالأفواه مفتوحة والميزان الكتاب والسنة الحديث " ولو يعطى الناس بدعواهم " يقول فرعون في خطبته: " إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد ". (تقرير).
[فتاوى ابن إبراهيم 13/ 257]
(8) س / ما موقف أهل السنة والجماعة حول ما شجر بين الصحابة؟ وما حكم لعن أحد من الصحابة رضي الله عنهم؟
الجواب: يتوقف أهل السنة عن ما شجر بينهم ويقولون كلهم مجتهد فمن أصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر الاجتهاد ويغفر له خطؤه فالصحابة قد ورد فضلهم والثناء عليهم في الكتاب والسنة لذلك نرى عدالتهم ونترضى عنهم، ونبرأ من الرافضة الذي يسبونهم أو يلعنون بعضهم فمن طعن في أحد منهم أو استباح لعنه فهو ضال مضل نعوذ بالله من حاله.
[فوائد وفتاوى تهم المرأة المسلمة لابن جبرين- ص44].
(9) حكم أكل ذبائح من يدعون الحسن والحسين وعليا عند الشدائد.
س / إن السائل وجماعة معه في الحدود الشمالية مجاورون للمراكز العراقية وهناك جماعة على مذهب الجعفرية ومنهم من امتنع عن أكل ذبائحهم ومنهم من أكل ونقول هل يحل لنا أن نأكل منها علماً بأنهم يدعون عليا والحسن والحسين وسائر ساداتهم في الشدة والرخاء؟
ج / إن كان الأمر كما ذكر السائل من أن الجماعة الذين لديه من الجعفرية يدعون عليا والحسن والحسين وسادتهم فهم مشركون مرتدون عن الإسلام والعياذ بالله لا يحل الأكل من ذبائحهم لأنها ميته ولو ذكروا عليها اسم الله.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبدالله بن قعود ... عبدالله بن غديان ... عبدالرزاق عفيفي ... عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
[فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ج2/ 372]
.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/431)
(10) س / أنا من قبيلة تسكن في الحدود الشمالية ومختلطين نحن وقبائل من العراق ومذهبهم شيعة وثنية يعبدون قببا ويسمونها بالحسن والحسين وعلى وإذا قام أحدهم قال: يا علي يا حسين وقد خالطهم البعض من قبائلنا في النكاح في كل الأحوال وقد وعظتهم ولم يسمعوا وهم في القرايا والمناصيب وأنا ما عندي أعظهم بعلم ولكن إني أكره ذلك ولا أخالطهم وقد سمعت أن ذبحهم لا يؤكل وهؤلاء يأكلون ذبحهم ولم يتقيدوا ونطلب من سماحتكم توضيح الواجب نحو ما ذكرنا؟
ج / إذا كان الواقع كما ذكرت من دعائهم عليا والحسين والحسن ونحوهم فهم مشركون شركا أكبر يخرج من ملة الإسلام فلا يحل أن نزوجهم المسلمات ولا يحل لنا أن نتزوج من نسائهم ولا يحل لنا أن نأكل من ذبائحهم قال الله تعالى: "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبدٌ مؤمنٌ خيرٌ من مشركٍ ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعوا إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين أياته للناس لعلهم يتذكرون ".وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبدالله بن قعود ... عبدالله بن غديان ... عبدالرزاق عفيفي ... عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
(فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاءج2/ 373)
.
(11) س / ما هي عقيدة الشيعة بقدر الإمكان؟
ج / الشيعة فرق كثيرة منها الغلاة وغير الغلاة فنوصيك بقراءة ما كتبه العلماء في تفصيل فرقهم وبيان عقيدة كل فرقة منهم مثل كتاب [مقالات الإسلاميين] لأبي الحسن الأشعري، و [منهاج السنة] لشيخ الإسلام بن تيمية وكتاب [الفرق بين الفرق] لعبدالقاهر البغدادي وكتاب [الملل والنحل] للشهر ستاني و [الملل والنحل] لابن حزم وكتاب [مختصر التحفة الإثنا عشرية] ونحوها ليكون لديك إلمام واسع بعقائدهم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبدالله بن قعود ... عبدالله بن غديان ... عبدالرزاق عفيفي ... عبدالعزيز بن عبدالله بن بار
[فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ج2/ 374]
(12) س / هل الشيعة الحاليون كفار كلهم أو أئمتهم؟
ج / الشيعة الحاليون فرق كثيرة فأقرأ عنهم في كتب الفرق المعاصرة لتعرف تفصيل القول في الحكم عليهم وأقرأ [مختصر تحفة الإثني عشرية] وكتاب [الخطوط العريضة] لمحب الدين و [منهاج السنة] لابن تيمية و [المنتقى] منه للذهبي.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبدالله بن قعود ... عبدالله بن غديان ... عبدالرزاق عفيفي ... عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
[فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ج2/ 375]
(13) الفرق بين السنة والشيعة
س / أرجو توضيح الاختلاف بين السنة والشيعة وأقرب الفرق إلى السنة؟
ج/ الفرق بين أهل السنة والجماعة وبين الشيعة كثيرة فيما يتعلق بالتوحيد والنبوة والإمامة وغير ذلك وقد كتب كثر من العلماء في ذلك كشيخ الإسلام بن تيمية [مناهج السنة] والشهر ستاني في [الملل والنحل] وابن حزم في [الفصل] وغيرهم و [الخطوط العريضة] لمحب الدين الخطيب و [مختصر التحفة الإثني عشرية] فراجع ذلك في الكتب المذكورة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبدالله بن قعود ... عبدالله بن غديان ... عبدالرزاق عفيفي ... عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
[فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ج2/ 375]
.
(14) من قال ان علياً في مرتبة النبوة وأن جبريل عليه السلام غلط
س / بماذا تحكمون على الشيعة وخاصة الذين قالوا إن علياً في مرتبة النبوة وأن سيدنا جبريل غلط بنزوله على سيدنا محمد؟
ج / الشيعة فرق كثيرة ومن قال منهم أن علياً رضي الله عنه في مرتبة النبوة وإن جبريل عليه السلام غلط فنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/432)
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبدالله بن قعود ... عبدالله بن غديان ... عبدالرزاق عفيفي ... عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
[فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ج2/ 376]
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[21 - 04 - 07, 09:42 ص]ـ
(15) س / ما حكم عوام الروافض الإمامية الإثني عشرية؟ وهل هناك فرق بين علماء أي فرقة من الفرق الخارجة عن الملة وبين أتباعها من حيث التكفير أو التفسيق.
ج / من شايع من العوام إماماً من أئمة الكفر والضلال وانتصر لسادتهم وكبرائهم بغياً وعدواً حكم له بحكمهم كفراً وفسقاً قال تعالى: " يسئلك الناس عن الساعة " إلى أن قال: " وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا * ربنا ءاتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا " وأقرأ الآية رقم 165،166،167 من سورة البقرة والآية رقم 37،38،39، من سورة الأعراف والآية رقم 21،22 من سور سبأ والآيات قم 20 حتى 36 من سورة الصافات والآيات 47 حتى 50 من سورة غافر وغير ذلك في الكتاب والسنة كثير ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قاتل رؤساء المشركين وأتباعهم وكذلك فعل أصحابه ولم يفرقوا بين السادة والأتباع.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبدالله بن قعود ... عبدالله بن غديان ... عبدالرزاق عفيفي ... عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
[فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ج2/ 377]
(16) س / هل طريقة الشيعة الإمامية من الإسلام ومن الذي اخترعها؟ لأنهم أي الشيعة ينسبون مذهبهم لسيدنا علي كرم الله وجهه وأيضا إذا لم يكن مذهب الشيعة من الإسلام ما الخلاف بينه وبين الإسلام؟ وأرجو من فضيلتكم وإحسانكم بياناً واضحاً شافياً بالأدلة الصحيحة خصوصا مذهب الشيعة وعقائدهم وبيان بعض الطرق المخترعة في الإسلام.
ج / مذهب الشيعة الإمامية مذهب مبتدع في الإسلام أصوله وفروعه ونوصيك بمراجعة كتاب [الخطوط العريضة] و [مختصر التحفة الإثني عشرية] و [منهاج السنة] لشيخ الإسلام بن تيمية وفيها بيان الكثير من بدعهم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبدالله بن قعود ... عبدالله بن غديان ... عبدالرزاق عفيفي ... عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
[فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ج2/ 378]
(17) س / لقد انتشر في بلاد نيجيريا حب آية الله خميني وثورته الشيعية الإيرانية في شباب المسلمين ويرى هؤلاء الشباب أنه لا يوجد لدى العالم الإسلامي دول تحكم بما أنزل الله إلا الدولة الإيرانية ولا يوجد رئيس دولة مسلم إلا آية الله خميني والآن بدأت دعوتهم تنتشر في نيجيريا لذلك نرجو منكم توضيحا كافيا عن حقيقة الشيعة الإيرانية ورئيس هذه الدول آية الله خميني وما يدعو إليه وإن شاء الله إذا وجدنا ذلك سنحاول ترجمته بلغتنا الهوسا واللغة الإنجليزية حتى نتخلص من هذه العقيدة في بلادنا لأن الجمهورية الإيرانية يرسلون للمسلمين في نيجيريا كتبا كثيرة في كل شهر فافتونا جزاكم الله خير وبارك الله فيكم.
ج / ما زعمه هؤلاء الشبان من أنه لا يوجد في العالم الإسلامي دول تحكم بما أنزل الله إلا الدولة الإيرانية ولا يوجد رئيس دول مسلم إلا آية الله الخميني زعم باطل بل كذب وافتراء يشهد بذلك واقع الدولة الإيرانية ورئيسها عقيدة وعلما فإن الشيعية الإمامية الإثني عشرية قد نقلوا في كتبهم عن أئمتهم أن القرآن الذي جمعه عثمان بن عفان رضي الله عنه عن طريق حفاظ القرآن من الصحابة محرفا بالزيادة فيه النقص منه وبتبديل بعض كلماته وجمله، وبحذف بعض آيات وسور منه يعرف ذلك من قرأ كتاب [فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب] الذي ألفه حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي في تحريف القرآن وأمثاله مما ألف انتصارا للرافضة ودعما لمذهبهم كـ[منهاج الكرامة] لابن المطهر كما أنهم يعرضون عن دواوين السنة الصحيحة كصحيحي البخاري ومسلم فلا يعتبرونها مرجعا لهم في الاستدلال على الأحكام عقيدة وفقهاً ولا يعتمدون عليها في تفسير القرآن الكريم وبيانه بل استحدثوا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/433)
كتبا في الحديث وأصلوا لأنفسهم أصولاً غير سليمة يرجعون إليها في تمييز الضعيف في زعمهم من الصحيح وجعلوا من أصولهم الرجوع إلى أقوال الأئمة الإثني عشر المعصومين في زعمهم فمن أين يكون لديهم من علم القرآن المتواتر والسنة الصحيحة وقواعد الشريعة الثابتة وأحكامها ما يطبقون على قضايا أمتهم الإيرانية التي يحكمونها؟! وكيف يقال مع ذلك لا يوجد رئيس دولة مسلم إلا آية الله الخميني وهو القائل في كتابه [الحكومة الإسلامية] تحت عنوان الولاية التكوينية ص52:
(إن للأئمة مقاما محمودا ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون وأن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل) أ. هـ. إن هذا لهو الكذب الفاضح والبهتان المبين وننصحك بقرأءة كتاب [مختصر التحفة الإثني عشرية] للعلامة محمود شكري الألوسي ورسالة [الخطوط العريضة] لمحب الدين الخطيب وكتاب [منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية] للعلامة الشيخ أحمد بن عبدالحليم بن تيمية وكتاب [المنتقى من منهاج السنة] للذهبي.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبدالله بن قعود ... عبدالله بن غديان ... عبدالرزاق عفيفي ... عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
[فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ج2/ 380]
(18) قال تعالى: (وأرجلكم إلى الكعبين).
والكعبان: هما العظمان الناتئان اللذان بأسفل الساق من جانب القدم وهذا هو الحق الذي عليه أهل السنة.
ولكن الرافضة قالوا المراد بالكعبين ما تكعب وارتفع وهما العظمان اللذان في ظهر القدم لان الله قال (إلى الكعبين) ولم يقل إلى الكعاب وأنتم إذا قلتم إن الكعبين هما العظمان الناتئان فالرجلان فيهما أربعة فلما قال الله: (إلى الكعبين) علم أنهما كعبان في الرجلين.
والرافضة يخالفون الحق فيما يتعلق بطهارة الرجل من وجوه ثلاثة:
الأول: أنهم لا يغسلون الرجل بل يمسحونها مسحا.
الثاني: أنهم يصلون بالتطهير إلى هذا الناتئ في ظهر القدم فقط.
الثالث: لا يمسحون على الخفين ويرون أنه محرم مع العلم أن ممن روى المسح على الخفين على بن أبي طالب رضي الله عنه وهو عندهم إمام الأئمة.
[الشرح الممتع لابن عثيمين ج1/ 153]
(19) س/ ماذا ترون فيمن يصادق الرافضة وعند تنبيهه بخطرهم فإنه يصفهم بحسن الأخلاق وحسن الصحبة وجزاكم الله خيراً.
ج / يجب أن يبين له حقيقة هؤلاء فيجب أن يبين له ما هم عليه ومذهبهم وعداوتهم لأهل السنة يجب أن يبين له لأني أعتقد أنه لو عرف ما هم عليه وفي قلبه إيمان أن لن يستمر على هذا الشيء فيجب أن يبين له لكن البيان يكون بطريقة صحيحه:
أولاً: يكون البيان مدعما بالأدلة المقنعة.
وثانيا: يكون هذا البيان سرياً إما أن يؤدي إليه بالمشافهة وإما بالكتابة سرا إليه فهذا هو الطريق الصحيح.
[المنتقىللفوزان ج1/ 260]
(20) حكم تقليد مذهب الشيعة.
س / إن بعض الناس يرى أنه يجب على المسلم كي تقع عبادته ومعاملاته على وجه صحيح أن يقلد أحد المذاهب الأربعة المعروفة وليس من بينها مذهب الشيعة الإمامية ولا الشيعة الزيدية فهل توافقون فضيلتكم على هذا الرأي على إطلاقه فتمنعون تقليد مذهب الشيعة الإمامية والأثنا عشرية مثلاً؟
ج / على المسلم أن يتبع ما جاء عن الله ورسوله إذا كان يستطيع أخذ الأحكام بنفسه وإذا كان لا يستطيع ذلك سأل أهل العلم فيما أشكل عليه من أمر دينه ويتحرى أعلم من يتحصل عليه من أهل العلم ليسأله مشافهة أو كتابة.
ولا يجوز للمسلم أن يقلد مذهب الشيعة الإمامية ولا الشيعة الزيدية ولا أشباههم من أهل البدع كالخوارج والمعتزلة والجهمية وغيرهم وأما انتسابه إلى بعض المذاهب الأربعة المشهور فلا حرج فيه إذا لم يتعصب للمذهب الذي انتسب إليه ولم يخالف الدليل من أجله.
[فتاوى اسلامية (اللجنة الدائمة) ج1/ 153]
(21) مبحث في وجوب محبة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم موالاتهم والرد على الروافض والنواصب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/434)
وأعلم أن أهل السنة والجماعة يحبون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويثنون عليهم ويترضون عنهم كما أثنى الله عليهم وترضى عنهم قال الله تعالى: " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم " وقال: " لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا " وقال: " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم " إلى آخر السورة وقال: " للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون " الآيات إلى قوله: " إنك رءوف رحيم " إلى غير ذلك من الآيات التي وردت في ثناء الله عليهم وترغيب المؤمنين في حبهم والدعاء لهم ولمن تبعهم بإحسان، وهم متفاوتون فيما بينهم فبعضهم فوق بعض درجات فأعلاهم درجة أهل بيعة الرضوان وكل من آمن قبل فتح مكة وأنفق في سبيل الله وقاتل لإعلاء كلمة الله قال الله تعالى: " ومالكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير ".
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه كان بين عبدالرحمن بن عوف وبين خالد بن الوليد شيء فسبه خالد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تسبوا أحدا من أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحدٍ ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه " رواه مسلم فدل الحديث على أن من أسلم قبل فتح مكة وقبل صلح الحديبية كعبدالرحمن بن عوف أفضل ممن اسلم بعد صلح الحديبية وبعد فتح مكة كخالد بن الوليد وإذا كان حل خالد بن الوليد ومن أسلم معه أو بعده من الصحابة بالنسبة لعبدالرحمن بن عوف والسابقين معه إلى الإسلام هو ما ذكر في الحديث فكيف بحال من جاء بعد الصحابة بالنسبة إلى الصحابة رضي الله عنهم وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة " وفي حديث عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة ".
يرى أهل السنة أن حب الصحابة دين وإيمان وإحسان لكونه امتثالا للنصوص الواردة في فضلهم وأن بغضهم نفاق وضلال لكونه معارضاً لذلك ومع ذلك فهم لا يتجاوزون الحد في حبهم أو في حب أحد منهم لقول تعالى: " قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم " ولا يخطئون احدا منهم ولا بتبرءون منه ولهذا ورد عن جماعة من السلف كأبي سعيد الخدري والحسن البصري وإبراهيم النخعي أنهم قالوا الشهادة بدعة والبراءة بدعة ومعنى ذلك أن الشهادة على مسلم معين أنه كافر أو من أهل النار بدون دليل يرشد إلى الحكم عليه بذلك بدعة وأن البراءة من بعض الصحابة بدعة.
[فتاوى عبدالرزاق عفيفي ص320]
(22) س / سئل الشيخ ما حكم من سب صحابياً؟
فقال الشيخ رحمه الله: " تفصيل القول في حكم من طعن في الصحابة أو سب صحابياً أن الطعن جملة كفر لكن سب صحابي بعينه كبيرة من الكبائر ".
(فتاوى عبد الرزاق عفيفي ص370)
(23) هل يعتبر الشيعة في حكم الكفار وهل ندعوا الله أن ينصر الكفار عليهم؟
فأجاب بقوله الكفر حكم شرعي مرده إلى الله ورسوله فما دل الكتاب والسنة على أنه كفر فهو كفر وما دل الكتاب والسنة على أنه ليس بكفر فليس بكفر فليس على أحد بل ولا له أن يكفر أحدا حتى يقوم الدليل من الكتاب والسنة على كفره.
وإذا كان من المعلوم أن لا يملك أحد أن يحلل ما حرم الله أو يرحم ما أحل الله أو يوجب مالم يوجبه الله تعالى إما في الكتاب أو السنة فلا يملك أحد أن يكفر من لم يكفره الله إما في الكتاب وإما من السنة.
ولا بد في التكفير من شروط أربعة:
الأول: ثبوت أن هذا القول أو الفعل أو الترك كفر بمقتضى دلالة الكتاب أو السنة.
الثاني: ثبوت قيامه بالمكلف.
الثالث: بلوغ الحجة.
الرابع: انتفاء مانع التكفير في حقه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/435)
فإذا لم يثبت أن هذا القول أوالفعل أو الترك كفر بمقتضى دلالة الكتاب والسنة فإنه لا يحل لأحد أن يحكم بأنه كفر لأن ذلك من القول على الله بلا علم وقد قال الله تعالى: " قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون " وقال: " ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كأن عنه مسئولا ".
وإذا لم يثبت قيامه بالمكلف فإنه لا يحل أن يرمى به بمجرد الظن لقوله تعالى: " ولا تقف ما ليس لك به علم " الآية ولأنه يؤدي إلى استحلال دم المعصوم بلا حق.
وفي الصحيحين من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أيما أمري قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه " هذا لفظ مسلم.
وعن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله وسلم يقول: " لا يرمي رجل رجلا بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك " أخرجه البخاري ولمسلم معناه.
وإذا لم تبلغه الحجة فإنه لا يحكم بكفره لقوله تعالى: [وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ] وقوله تعالى: [وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم أياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون] وقوله تعالى: [إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده] إلى قوله تعالى [رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيماً] وقوله تعالى: [وما كن معذبين حتى نبعث رسولا].
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يعني أمة الدعوة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار "
لكن إن كان لم تبلغه الحجة لا يدين بدين الإسلام فإنه لا يعامل في الدنيا معاملة المسلم واما في الآخرة فاصح الأقوال فيه أن أمره إلى الله تعالى.
وإذا تمت هذه الشروط الثلاثة أعني ثبوت أن هذا القول أو الفعل أو الترك كفر بمقتضى دلالة الكتاب والسنة وأنه قام بالمكلف، وأن المكلف قد بلغته الحجة ولكن وجد مانع التكفير في حقه فإنه لا يكفر لوجود المانع.
فمن موانع التكفير:
الإكراه فإذا أكره على الكفر فكفر وكان قلبه مطمئنا بالإيمان لم يحكم بكفره لوجود المانع وهو الإكراه قال الله تعالى: [من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم].
ومن موانع التكفير:
أن يغلق على المرء قصده فلا يدري ما يقول لشدة فرح أو حزن أو خوف أو غير ذلك لقوله تعالى: [وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبهم وكان الله غفورا رحيما].
وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فايس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ خطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأن ربك أخطأ من شدة الفرح "
فهذا الرجل أخطأ من شدة الفرح خطأ يخرج به عن الإسلام لكن منع من خروجه منه أن أغلق عليه قصده فلم يدر ما يقول من شدة الفرح فقصد الثناء على ربه لكنه من شدة الفرح أتى بكلمة لو قصدها لكفر.
فالواجب الحذر من إطلاق الكفر على طائفة أو شخص معين حتى يعلم تحقيق شروط التكفير في حقه وانتفاء موانعه.
إذا تبين ذلك فإن الشيعة فرق شتى ذكر السفاريني في شرح عقيدته أنهم أثنتان وعشرون فرقة وعلى هذا يخلف الحكم فيهم بحسب بعدهم من السنة فكل من كان عن السنة أبعد كان إلى الظلال أقرب.
ومن فرقهم الرافضة الذي تشيعوا لأمير المؤمنين على بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم جميعا تشيعا مفرطا في الغلو لا يرضاه علي بن أبي طالب ولا غيره من أئمة الهدى كما جفوا غيره من الخلفاء جفاء مفرطا ولا سيما الخليفتان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فقد قالوا فيهما شيئا لم يقله فيهما أحد من فرق الأمة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/436)
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى 3/ 356 من مجموع ابن قاسم:
وأصل قول الرافضة أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على علي يعني الخلافة نصا قاطعا للعذر وأنه إمام معصوم ومن خالفه كفر وإن المهاجرين والأنصار كتموا النص وكفروا بالإمام المعصوم واتبعوا أهواءهم وبدلوا الدين وغيروا الشريعة وظلموا واعتدوا بل كفروا إلا نفرا قليلا إما بضعة عشر أو أكثر ثم يقولون إن أبا بكر وعمر ونحوهما ما زالا منافقين وقد يقولون بل آمنوا ثم كفروا وأكثرهم يكفر من خالف قولهم ويسمون أنفسهم المؤمنين ومن خالفهم كفارا ومنهم ظهرت أمهات الزندقة والنفاق كزندقة القرامطة والباطنية وأمثالهم ".أ. هـ. وانظر قوله فيهم أيضا في المجموع المذكور 4/ 428ـ429.
وقال في كتابه القيم: " اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم " ص 951 تحقيق الدكتور ناصر العقل:
" والشرك وسائر البدع مبناها على الكذب والافتراء ولهذا كل من كان عن التوحيد والسنة أبعد كان إلى الشرك والابتداع والافتراء أقرب كالرافضة الذين هم أكذب طوائف أهل الأهواء وأعظمهم شركا فلا يوجد في أهل الأهواء أكذب منهم ولا أبعد عن التوحيد منهم حتى إنهم يخربون مساجد الله التي يذكر فيها اسمه فيعطلونها من الجماعات والجمعات ويعمرون المشاهد التي على القبور التي نهى الله ورسوله عن اتخاذها ".أ. هـ.
وانظر ما كتبه محب الدين الخطيب في رسالته " الخطوط العريضة " فقد نقل عن كتاب " مفاتيح الجنان " من دعائهم ما نصه: " اللهم صل على محمد وعلى آله محمد والعن صنمي قريش وجبتيهما وطاغوتيهما وابنتيهما قال ويعنون بهما وبالجيت والطاغوت ابا بكر وعمر ويريدون ابنتيهما أم المؤمنين عائشة وأم المؤمنين حفصة رضي الله عن الجميع.
ومن قرأ التاريخ علم أن للرافضة يداً في سقوط بغداد وانتهاء الخلافة الإسلامية فيها حيث سهلوا للتتار دخولها وقتل التتار من العامة والعلماء أمما كثيرة فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب [منهاج السنة] أنهم هم الذين سعوا في مجيء التتر إلى بغداد دار الخلافة حتى قتل الكفار - يعني التتر - من المسلمين ما لا يحصيه إلا الله تعالى من بني هاشم وغيرهم وقتلوا الخليفة العباسي وسبوا النساء الهاشميات وصبيان الهاشميين. أ. هـ. 4/ 592 تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم.
ومن عقيدة الرافضة: " التقية " وهي أن يظهر خلاف ما يبطن ولا شك أن هذا نوع من النفاق يغتر به من يغتر من الناس.
والمنافقون أضر على الإسلام من ذوي الكفر الصريح ولهذا أنزل الله تعالى فيهم سورة كاملة كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرأ بها في صلاة الجمعة لإعلان أحوال المنافقين والتحذير منهم في أكبر جمع أسبوعي وأكثره وقال فيها عن المنافقين {هم العدو فاحذرهم}.
وأما قول السائل هل يدعو المسلم الله أن ينصر الكفار عليهم؟
فجوابه: أن الأولى والأجدر بالمؤمن أن يدعو الله تعالى أن يخذل الكافرين وينصر المؤمنين الصادقين الذي يقولون بقلوبهم وألسنتهم ما ذكر الله عنه في قوله: {ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم} ويتولون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم معترفين لكل واحد بفضله منزلين كل واحد منزلته من غير إفراط ولا تفريط نسأل الله تعالى أن يجمع كلمة المؤمنين على الحق وأن ينصرهم على من سواهم.
[مجموع فتاوى ابن عثيمين ج3/ 52]
(24) كيفية معاملة من سب الصحابة.
س / كيف نعامل الرجل الذي يسب الأصحاب الثلاثة؟
ج / صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم خير هذه الأمة وقد أثنى الله عليهم في كتابه قال الله تعالى: [والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم] سورة التوبة وقال تعالى: [لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا] إلى غير هذا من الآيات التي أثنى الله فيها على الصحابة ووعدهم بدخول الجنة وابو بكر وعمر وعثمان وعلي من هؤلاء السابقين وممن بايع تحت الشجرة فقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم نفسه لعثمان فكانت شهادة له وثقة منه به وكانت اقوى من بيعة غيره للنبي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/437)
صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة أجمالا وتفصيلا وخاصة أبا بكر وعمر وعثمان وعليا.
وبشر هؤلاء بالجنة في جماعة آخرين من الصحابة وحذر من سبهم فقال: " لا تسبوا أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصفه " رواه مسلم في صحيحه من طريق أبي هريرة وابي سعيد الخدري فمن سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو شتمهم وخاصة الثلاثة: ابا بكر وعمر وعثمان المسؤول عنهم فقد خالف كتاب الله وسنة رسوله وعارضهما بمذمته إياهم وكان محروما من المغفرة التي وعدها الله من تابعهم واستغفر لهم ودعا الله ألا يجعل في قلبه غلا على المؤمنين ومن أجل ذمه لهؤلاء الثلاثة وأمثالهم يجب نصحة وتنبيهه لفضلهم وتعريفه بدرجاتهم وما لهم من قدم صدق في الإسلام فإن تاب فهو من إخواننا في الدين وإن تمادى في سبهم وجب الأخذ على يده مع مراعاة السياسة الشرعية في الإنكار بقدر الإمكان ومن عجز عن الإنكار بلسانه ويده فبقلبه وهذا هو أضعف الإيمان كما ثبت في الحديث الصحيح. اللجنة الدائمة
[فتاوى اسلامية ج 1/ 112]
.
(25) لا يجوز تخصيص علي بـ ((عليه السلام))
س / أثناء اطلاعي علي موضوعات كتاب عقد الدرر في اخبار المنتظر في بعض الروايات المنقولة عن علي بن أبي طالب أجدها على النحو التالي: عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يخرج رجل من أهل بيتي في تسع رايات " … ما حكم النطق بهذا اللفظ أعني عليه السلام أو ما يشابهه لغير رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ج / لا ينبغي تخصيص علي، رضي الله عنه بهذا اللفظ، بل المشروع أن يقال في حقه وحق غيره من الصحابة (رضي الله عنهم) أو رحمه الله، لعدم الدليل على تخصيصه بذلك وهكذا يقول بعضهم كرم الله وجهه، فإن ذلك لا دليل عليه ولا وجه لتخصيصه بذلك، والأفضل أن يعامل كغيره من الخلفاء الراشدين ولا يخص بشيء دونهم من الألفاظ التي لا دليل عليها.
[فتاوى اسلامية ج1،61ـ62]
(26) هل الرسول أوصى بالخلافة لعلي؟
س / ما الحكم في قوم يزعمون أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بالخلافة لعلي رضي الله عنه ويقولون أن الصحابة رضي الله عنهم تآمروا عليه؟
ج / هذا القول لا يعرف عن أحد من طوائف المسلمين سوى طائفة الشيعة وهو قول باطل لا أصل له في الأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما دلت الأدلة الكثيرة على أن الخليفة بعده هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه وعن سائر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه صلى الله عليه وسلم لم ينص على ذلك نصا صريحا ولم يوص به وصية قاطعة ولكنه أمر بما يدل على ذلك حيث أمره بأن يؤم الناس في مرضه ولما ذكر له أمر الخلافة بعده قال عليه الصلاة والسلام " يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر " ولهذا بايعه الصحابة رضي الله عنهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ومن جملتهم علي رضي الله عنه وأجمعوا على أن أبا بكر أفضلهم وثبت في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يقولون في حياة النبي صلى الله عليه وسلم " خير هذه الأمة بعد نبينا أبو بكر ثم عمر ثم عثمان " ويقرهم النبي صلى الله عليه وسلم وتواترت الآثار عن علي رضي الله عنه أنه كان يقول " خير هذه الأمة بعد نبينا أبو بكر ثم عمر " وكان يقول رضي الله عنه: " لا أوتى بأحد يفضلني عليهما إلا جلدته حد المفتري " ولم يدع يوما لنفسه أنه أفضل الأمة ولا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى له بالخلافة ولم يقل أن الصحابة رضي الله عنهم ظلموه وأخذوا حقه ولما توفيت فاطمة رضي الله عنها بايع الصديق بيعة ثانية تأكيدا للبيعة الأولى وإظهاراً للناس أنه مع الجماعة وليس في نفسه شيء من بيعة أبي بكر رضي الله عنهم جميعا ولما طعن عمر وجعل الأمر شورى بين ستة من العشرة المشهود لهم بالجنة ومن جملتهم علي رضي الله عنه لم ينكر على عمر ذلك لا في حياته ولا بعد وفاته ولم يقل أنه أولى منهم جميعا فكيف يجوز لأحد من الناس أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول إنه أوصى لعلي بالخلافة وعلي نفسه لم يدع ذلك ولا ادعاه أحد من الصحابة له بل قد أجمعوا على صحة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان واعترف بذلك علي رضي الله عنه وتعاون معهم جميعا في الجهاد والشورى وغير ذلك ثم أجمع المسلمون بعد الصحابة على ما أجمع عليه الصحابة؟ فلا يجوز بعد هذا لأي أحد من الناس ولا لأي طائفة لا الشيعة ولا غيرهم أن يدعوا أن عليا هو الوصي وأن الخلافة التي قبله باطلة كما لا يجوز لأي أحد من الناس أن يقول إن الصحابة ظلموا عليا وأخذوا حقه بل هذا من أبطل الباطل ومن سوء الظن بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن جملتهم علي رضي الله عنه وعنهم أجمعين.
وقد نزه الله هذه الأمة بالمحمدية وحفظها من أن تجتمع على ضلالة، وصح عنه صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الكثيرة أنه قال: " لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة " فيستحيل أن تجتمع الأمة في أشرف قرونها على باطل، وهو خلافة أبي بكر وعمر وعثمان، ولا يقول هذا من يؤمن بالله واليوم الأخر، كما لا يقوله من له أدنى بصيرة بحكم الإسلام.
[فتاوى إسلامية ج1،45]
ص27
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/438)
ـ[عزالدين محمد]ــــــــ[11 - 07 - 07, 01:31 ص]ـ
جزاكم الله كل خير و بالنسبة لتخصيص (عليه السلام) لفاطمة رضي الله عنها
فلقد رأيت من خلال بحثي في المكتبة الشاملة في شرح الباري على ما أذكر
باب مناقب فاطمة عليه السلام.
فهل فاطمة و الحسن و الحسين رضي الله عنهم جميعا يجوز التخصيص لهم بالسلام؟
ـ[أبو عساف]ــــــــ[11 - 07 - 07, 08:40 م]ـ
جزاكم الله كل خير
ـ[الشريف الحسيني الحنبلي]ــــــــ[12 - 07 - 07, 09:11 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك في جهدكم. ومن العجيب أن نرى من من يريد تمييع المسألة فيدعوا الى اللقاء مع هؤلاء فأنظر الى طعنهم بأهل الأثر بهذه الدعوة المنقولة بمقولة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.
وأنظر الى هذا القول أدناه ولا حول ولا قوة إلا بالله:
"إن الدم الزكي الذي يسيل مدرارا في العراق، في قتل الأخ أخاه، يكشف أن داء الطائفية من أسوء الأدواء التي تعيشيها أمتنا اليوم. فمواكب الموت البغدادية التي تحملها إلينا وسائل الإعلام كل يوم تختصر في طياتها جميع أمراض الجهل والتعصب والانحطاط. وإذا كان اتحاد القلوب بشكل مطلق صورة مثالية نسعى إليها وقد لا ندركها، فما نحتاجه اليوم هو صيغ عملية لتنظيم الخلاف والتعايش معه، والتعاون على المجمع عليه، والعذر في المختلف فيه.
ويحتاج الأمر إلى ثورة فكرية تميز بين المفهوم الشرعي والمصطلح التاريخي، والتأكد من صحة المنطلقات البسيطة التي يتجاوزها بعض المسلمين أحيانا، مثل واجب منح الولاء لكل المسلمين. فالولاء للمسلم لا يسقط إلا بسقوط أصل الإسلام، فلا يكن ولاؤك مقصورا على المسلم الملتزم فقط، أو الجماعات والطوائف التي تعتبرها ملتزمة بالسنة، فالولاء حق لكل مسلم أدى الحد الأدنى من الإسلام، وحتى لو كان فاسقا أو مبتدعا، فامنحه حقه من الولاء، ولا تخذلْه ولا تظلمْه ولا تسلمْه لعدو، وأعنه على إصلاح شأن دينه، والتخلي عن ما التبس به من بدعة أو معصية. وهذا ما نفهمه من حديث رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم:"من صلى إلى قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فهو المسلم الذي له ذمة الله ورسوله."
وتستلزم الوحدة التحرر من المصطلحات التاريخية التي أدت دورا وظيفيا في الماضي ثم أصبحت عبئا على العقل المسلم اليوم، مثل مصطلح "السلفية" و"الصوفية" و"السنة" و"الشيعة". فالرجوع إلى المفاهيم القرآنية والتسميات القرآنية هو الذي يبدد هذه الغواشي، وقد سمانا الله عز وجل مسلمين: "هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ... "، وهي تسمية أفضل شرعا ومصلحة من الاصطلاحات التاريخية. كما أن أي مفرق لكلمة المسلمين ـ فردا كان أو جماعة ـ فهو "شيعي" بالمفهوم القرآني، حتى وإن اعتبر نفسه من "أهل السنة والجماعة"، واقرأ إن شئت قوله تعالى:"إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء"، وفي قراءة: "إن الذين فارقوا دينهم وكانوا شيعا". وما أكثر "الشيعة" بيننا، المفرقين لصف الأمة، ممن يحملون راية السنة والجماعة!!
* إيجاب واستيعاب:
هنالك رؤيتان للتعامل مع الطوائف الإسلامية الخارجة عن خط جمهور الأمة: رؤية استيعابية إيجابية، ترى الحوار والتقارب والتعاون سبيلا إلى دمج هذه الطوائف في الأمة من جديد. ورؤية تتعامل تعتمد منطقا متشنجا، تعتمد التشهير أكثر من التعليم، والقوة أكثر من الإقناع، وتتبرأ من كل مخالف حتى ولو كان موحدا حسن النية، معذورا بالجهل أو بالتأول، رغم أن وقوع المسلم في بدعة أو معصية لا يسقط حقه في النصرة والموالاة والأخوة، بل الواجب الشرعي هو منحه حق الأخوة والولاء، مع الحرص على نصحه وهدايته إلى السبيل الأقوم الذي دل عليه الكتاب والسنة، ومساعدته على التخلص من البدعة والمعصية ..
وقد ابتليت الأمة المسلمة في عصور انحطاطها بنزعة طائفية مقيتة مزقت أحشاءها، وفتحت الباب لأعدائها. وهي نزعة يشترك فيها الكثيرون من الجمهور ومن الطوائف بكل أسف. ومن أسباب ذلك الخلط بين الوحي والتاريخ، وبين الشخص والمبدإ، وعدم الوعي بالزمان، والجهل بالخلافات التاريخية التي بدأت في عصر الصحابة رضي الله عنهم ولا تزال تلقي بظلالها على الأمة اليوم، والجهل بما عند الطرف الآخر، وتغليب سوء الظن، ومحاكمة السرائر، على منهج البساطة، وإيكال السرائر إلى الله. وقد قدمت في كتابي: "الخلافات السياسية بين الصحابة: رسالة في مكانة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/439)
الأشخاص وقدسية المبادئ"، رؤية لقراءة تلك الخلافات بشكل أقرب إلى التحقيق إن شاء الله، وأبعد عن منطق الجدل والمراء المفرق.
أعتقد أن منهج الاستيعاب والاكتساب هو الذي برهن التاريخ على نجاحه في التعاطي مع الشيعة وغيرهم من الطوائف. أما أسلوب التكفير والعزل السائد الآن، فهو يقوي انغلاق أي أقلية على ذاتها، وتشبثها بما في يدها. كما أنه يعمق الجرح، ويوسع الشرخ في صف الأمة في ظروف الطوارئ التي تعيشها اليوم، وفي ذلك خذلان للأمة، وتفريط في قضاياها الكبرى.
فإذا أخذنا موضوع الشيعة في سياق بعض الدول المسلمة تخصيصا، فإن الأمر أشبه ما يكون بالبركان، لأن الطائفية هناك باب واسع إذا لم يغلقه الحكماء، فإن القوى الدولية الطامعة ستستغله أسوأ استغلال، وربما سولت لها نفسها تمزيق تلك الدول، ووضع اليد على ثرواتها، تحت شعار حماية الأقليات وصيانة حقوق الإنسان. والأمر كله يتوقف على حسن إدراكنا لحالة الطوارئ التي تعيشها الأمة، والتحرر من الفكر الإقصائي، وتغليب أسلوب الحكمة والاكتساب والاستيعاب، على أسلوب الجدال والتمزيق والتفريق.
* عموم الفرقة الناجية:
ورب سائل يسأل: ولم التسوية بين متبع ومبتدع، وأين أنتم من حديث الفرقة الناجية؟ وأنا أقول: إن أحاديث الفرق الهالكة والفرقة الناجية من الأحاديث التي أثارت جدلا واسعا قديما وحديثا، ودخلت التعصبات المذهبية والطائفية في تأويلها، رغم أن الأحاديث واضحة الدلالة في أن الفرقة الناجية تتعين بالوصف لا بالتعيين. فأغلب روايات الحديث فيها: "قالوا: من هي يا رسول الله؟! قال: ما أنا عليه وأصحابي" (صحيح الترمذي)، وبعض رواياته: "قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: هي الجماعة" (قال الألباني: إسناده حسن لغيره). وفي إحدى رواياته الضعيفة: "كلهم على الضلالة إلا السواد الأعظم."
وأنا لا أرى وجها لمحاولة كل من الأشاعرة وأهل الحديث في الماضي احتكار مسمى الفرقة الناجية لأنفسهم، كما لا أرى وجها لمحاولة بعض الجماعات السلفية اليوم احتكار هذه الميزة. فإن أي مسلم بذل جهده لإتباع ما كان عليه النبي صلى الله عليه وأصحابه فهو من "الفرقة الناجية". وليس من اللازم أن توجد هذه الفرقة في زمان واحد أو مكان واحد. بل قد تكون مجموع أناس عاشوا في قرون مختلفة. كما أن الرواية التي جعلت الفرقة الناجية هي "الجماعة" ـ وقد حسن الألباني سندها ـ تعطينا أملا في أن أغلب المسلمين داخلون في معنى الفرقة الناجية. وهذا التأويل أحب إلي من التأويلات الطائفية السائدة.
* فكر جدل لا عمل:
إن الفكر الطائفي فكر جدل لا عمل، فقد ضيع أصحابه الوحي خدمة للتاريخ، وأهدروا قدسية المبادئ حرصا على مكانة الأشخاص. ولأن اللعبة الطائفية استخدام لفكرة لا خدمة لها، فقلما يلتزم لاعبوها بالأفكار التي يشعلون الحروب من أجلها. لذا فلا عجب أن نجد ملكيين في السعودية يصدرون آلاف الكتب دفاعا عن الخلفاء الراشدين، رغم أن الخلافة الراشدة هي النقيض الشرعي والمنطقي للمُلْك. أو أن نرى جمهوريين في إيران يصدرون آلاف الكتب دفاعا عن حق آل البيت في توارث السلطة، رغم أن توارث السلطة هو النقيض الشرعي والمنطقي لقيم الجمهورية وسلطة الانتخاب.
ومن مظاهر تناقضات الفكر الطائفي كذلك، تضخيم الخلاف مع أبناء الملة الواحدة، وتحجيمه مع غيرهم، وإليك هذا المثال: ورد في فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله أنه سئل عن التزاوج بين السنة والشيعة، فأجاب: "لا ينبغي"، وورد في فتاوى آية الله علي السيستاني، أنه سئل عن زواج الشيعية من سنيًّ، فأجاب: "لا يجوز إن لم يُؤمَن الضلال"!! مع أن كلا الفقيهين يستطيع أن يقدم لك عشرات المحاضرات عن سماحة الإسلام التي جعلت من حق المسلم الزواج من يهودية أومن مسيحية!! وليس من ريب في سماحة الإسلام وتسامحه وعدله الذي يشمل المسلمين وغير المسلمين، لكن الفكر الطائفي يحْرِم المسلمين من تلك السماحة فيما بينهم.
لست أنكر وجود خلافات موضوعية ضاربة في أعماق التاريخ بين السنة والشيعة، لكن وجود الخلاف لا يقتضي السماح للآخرين باستغلاله، وتضخيمه عن حده، وعدم السعي إلى احتوائه، أو تأجيله ـ على الأقل ـ في ظروف الطوارئ .. فتلك جريمة في حق الأمة، ارتكبها كثيرون بحسن نية وبسوء نية في العقود الثلاثة الماضية.
ثم أليست أقوى دول العالم اليوم خليطا من شتى الديانات والثقافات والملل والنحل؟ فلِمَ يسيطرون على خلافاتهم وتسيطر علينا خلافاتنا؟ واجب دعاة الإسلام ووعاته اليوم هو بناء فقه جديد، فقه يلم الشمل ويجمع الكلمة، ويعلم المسلمين سنة وشيعة الحديث في خلافاتهم دون تشنج، حديث الأخ إلى أخيه.
محمد الشنقيطي المختار
مدير المركز الإسلامي في لبك، تكساس
الولايات المتحدة الأميركية". إنتهى
فأي دعوة هذه التي طعنت في أهل الحديث- وضم الأشاعرة - للتلاقي مع الروافض الأذلاء؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/440)
ـ[البلوشي]ــــــــ[14 - 07 - 07, 11:23 م]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[عبدالله الوائلي]ــــــــ[14 - 07 - 07, 11:30 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[14 - 07 - 07, 11:35 م]ـ
[ quote= الشريف الحسيني الحنبلي;631791] جزاكم الله خيرا وبارك في جهدكم. ومن العجيب أن نرى من من يريد تمييع المسألة فيدعوا الى اللقاء مع هؤلاء فأنظر الى طعنهم بأهل الأثر بهذه الدعوة المنقولة بمقولة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.
وأنظر الى هذا القول أدناه ولا حول ولا قوة إلا بالله:
"إن الدم الزكي الذي يسيل مدرارا في العراق، في قتل الأخ أخاه، يكشف أن داء الطائفية من أسوء الأدواء التي تعيشيها أمتنا اليوم. فمواكب الموت البغدادية التي تحملها إلينا وسائل الإعلام كل يوم تختصر في طياتها جميع أمراض الجهل والتعصب والانحطاط. وإذا كان اتحاد القلوب بشكل مطلق صورة مثالية نسعى إليها وقد لا ندركها، فما نحتاجه اليوم هو صيغ عملية لتنظيم الخلاف والتعايش معه، والتعاون على المجمع عليه، والعذر في المختلف فيه.
** عموم الفرقة الناجية:
ورب سائل يسأل: ولم التسوية بين متبع ومبتدع، وأين أنتم من حديث الفرقة الناجية؟ وأنا أقول: إن أحاديث الفرق الهالكة والفرقة الناجية من الأحاديث التي أثارت جدلا واسعا قديما وحديثا، ودخلت التعصبات المذهبية والطائفية في تأويلها، رغم أن الأحاديث واضحة الدلالة في أن الفرقة الناجية تتعين بالوصف لا بالتعيين. فأغلب روايات الحديث فيها: "قالوا: من هي يا رسول الله؟! قال: ما أنا عليه وأصحابي" (صحيح الترمذي)، وبعض رواياته: "قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: هي الجماعة" (قال الألباني: إسناده حسن لغيره). وفي إحدى رواياته الضعيفة: "كلهم على الضلالة إلا السواد الأعظم."
وأنا لا أرى وجها لمحاولة كل من الأشاعرة وأهل الحديث في الماضي احتكار مسمى الفرقة الناجية لأنفسهم، كما لا أرى وجها لمحاولة بعض الجماعات السلفية اليوم احتكار هذه الميزة. فإن أي مسلم بذل جهده لإتباع ما كان عليه النبي صلى الله عليه وأصحابه فهو من "الفرقة الناجية". وليس من اللازم أن توجد هذه الفرقة في زمان واحد أو مكان واحد. بل قد تكون مجموع أناس عاشوا في قرون مختلفة. كما أن الرواية التي جعلت الفرقة الناجية هي "الجماعة" ـ وقد حسن الألباني سندها ـ تعطينا أملا في أن أغلب المسلمين داخلون في معنى الفرقة الناجية. وهذا التأويل أحب إلي من التأويلات الطائفية السائدة.
/ quote]
انظروا إلى الشنقيطي ماذا يقول؟
يرجو أن تكون أكثر الإسلامية هي الفرقة الناجية ونحن أيضاً نرجو
لكن أين الأخ من حكم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على البدع بأنها ضلالات
وحكمه على اثنتين وسبعين فرقة بالهلاك
ثم يقول ليس من اللازم أن توجد في مكان واحد أو زمان واحد
وأين هو من حديث ((لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين))
وحديث ((لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرساً يستعملهم في طاعته)) رواه ابن ماجة وهو صحيح
ـ[طالب الرحمن]ــــــــ[15 - 07 - 07, 03:37 م]ـ
جزاكم الله خيرا على ما أفدتم به في هذه الفئة. فإنا في شمال افريقيا بدأت هذه الفئة تبث سمو مها في غياب التدين الصحيح للكثير و خاصة للشباب. و أنا أتابع الجزيرة مباشر أستمع للمسمى عبد الغني العباس في محاضرة من القطيف عن مفهوم التأويل بين المشروعية و الفتنة.
و إنت كان زادي العلمي قليل جدا إلا أني مفجوع من روايته لحديث نبوي:يا علي أنا قاتلت على تنزيله و أنت تقاتل على تأويله، ثم تفسيره للآية السابعة من آل عمران،و تأويله لواو من:و الراسخون في العلم.
رجائي من الإخوة تسليط الضوء على مثل هؤلاء الملبسون حتى لا يفتن بهم من لا علم له و لا مرجع خاصة خاصة و أن مثل هؤلاء يبثون سمومهم عبر فضائيات تصل إلى الكثير من المسلمين الذين يعيشون في غيبوبة و قحط علمي بدينهم
جزاكم الله خيرا(39/441)
صفة الضحك لله جل وعلا
ـ[عبدالعزيز العلي]ــــــــ[14 - 04 - 07, 02:54 م]ـ
الحمدالله والصلاة والسلام على رسول الله
أحبتي في الله
سؤال/ هل ثبت في الصحيح صفة الضحك لله جل وعلا؟
وجزاكم الله خير 000
ـ[أبو حمزة محمود نجيب]ــــــــ[14 - 04 - 07, 03:17 م]ـ
حياك الله أخي الكريم
قال الإمام مسلم - طيب الله ثراه -: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عفان بن مسلم حدثنا حماد بن سلمة حدثنا ثابت عن أنس عن ابن مسعود أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: آخر من يدخل الجنة رجل فهو يمشي مرة، ويكبو مرة، وتسفعه النار مرة، فإذا ما جاوزها؛ التفت إليها، فقال:
تبارك الذي نجاني منك، لقد أعطاني الله شيئا ما أعطاه أحدا من الأولين والآخرين.
فترفع له شجرة، فيقول: أي رب، أدنني من هذه الشجرة؛ فلأستظل بظلها، وأشرب من مائها،
فيقول الله عز وجل: يا ابن آدم لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها.
فيقول: لا يا رب. ويعاهده أن لا يسأله غيرها، وربه يعذره؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فيستظل بظلها، ويشرب من مائها،
ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى، فيقول:أي رب أدنني من هذه؛ لأشرب من مائها، وأستظل بظلها، لا أسألك غيرها.
فيقول: يا ابن آدم ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟
فيقول: لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها؟
فيعاهده أن لا يسأله غيرها وربه يعذره؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فيستظل بظلها، ويشرب من مائها،
ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة هي أحسن من الأوليين،
فيقول: أي رب أدنني من هذه؛ لأستظل بظلها، وأشرب من مائها، لا أسألك غيرها.
فيقول: يا ابن آدم ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟
قال:بلى يا رب هذه لا أسألك غيرها.
وربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليها، فيدنيه منها، فإذا أدناه منها؛ فيسمع أصوات أهل الجنة،
فيقول: أي رب أدخلنيها.
فيقول: يا ابن آدم ما يصريني منك؟ أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها؟
قال: يا رب أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟!
فضحك ابن مسعود
فقال ألا تسألوني مم أضحك؟ فقالوا مم تضحك؟
قال هكذا ضحك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
فقالوا مم تضحك يا رسول الله؟
قال: من ضحك رب العالمين حين قال: أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟
فيقول إني لا أستهزئ منك ولكني على ما أشاء قادر.
صحيح مسلم (187)
ـ[عبدالعزيز العلي]ــــــــ[14 - 04 - 07, 03:44 م]ـ
أسأل الله تعالى أن لايحرمك الأجر أخي أبا حمزة محمود نجيب 0
ـ[أبو حمزة محمود نجيب]ــــــــ[14 - 04 - 07, 03:52 م]ـ
جزاك الله الفردوس أخي الكريم،
هذا وقد جاء في كتاب صفات الله عز وجل لمؤلفه الشيخ: علوي السقاف ما نصه:
(الضَّحِكُ:
صفةٌ من صفات الله عَزَّ وجلَّ الفعليَّة الخبريَّة الثابتة بالأحاديث الصحيحة.
الدليل:
1 - حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر، كلاهما يدخل الجنة).
رواه: البخاري (2826)، ومسلم (1890)
2 - حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عند البخاري ومسلم، وقد تقدم في صفة السخر.
اعلم أنَّ أهل السنة والجماعة يثبتون هذه الصفة وغيرها من صفات الله عَزَّ وجلَّ الثابتة له بالكتاب أو السنة الصحيحة؛ من غير تمثيل ولا تكييف، ويسلمون بذلك، ويقولون: كلٌ من عند ربنا.
قال الإمام ابن خزيمة في كتاب ((التوحيد)) (2/ 563): (باب: ذكر إثبات ضحك ربنا عَزَّ وجلَّ: بلا صفةٍ تصفُ ضحكه جلَّ ثناؤه، لا ولا يشبَّه ضَحِكُه بضحك المخلوقين، وضحكهم كذلك، بل نؤمن بأنه يضحك؛ كما أعلم النبي صلى الله عليه وسلم، ونسكت عن صفة ضحكه جلَّ وعلا، إذ الله عَزَّ وجلَّ استأثر بصفة ضحكه، لم يطلعنا على ذلك؛ فنحن قائلون بما قال النبي صلى الله عليه وسلم، مصَدِّقون بذلك، بقلوبنا منصتون عمَّا لم يبين لنا مما استأثر الله بعلمه)).
ومعنى قوله: ((بلا صفةٍ تصفُ ضحكه)) أي بلا تكييف لضحكه.
وقال أبو بكر الآجري في ((الشريعة)) (ص 277): ((باب الإيمان بأن الله عَزَّ وجلَّ يضحك: اعلموا - وفقنا الله وإياكم للرشاد من القول والعمل - أنَّ أهل الحق يصفون الله عَزَّ وجلَّ بما وصف به نفسه عَزَّ وجلَّ، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، وبما وصفه به الصحابة رضي الله عنهم. وهذا مذهب العلماء مِمَّن اتّبع ولم يبتدع، ولا يقال فيه: كيف؟ بل التسليم له، والإيمان به؛ أنَّ الله عَزَّ وجلَّ يضحك، كذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن صحابته رضي الله عنهم؛ فلا ينكر هذا إلا من لا يحمد حاله عند أهل الحق)) اهـ.
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام لما قيل له: هذه الأحاديث التي تروى؛ في: الرؤية، والكرسي موضع القدمين، وضحك ربنا من قنوط عباده، وإن جهنم لتمتلئ ... وأشباه هذه الأحاديث؟ قال رحمه الله: ((هذه الأحاديث حقٌ لا شك فيها رواها الثقات بعضهم عن بعض)) انظر: ((التمهيد)) (7/ 149 - 150)
راجع لهذه الصفة:
كتاب ((الحجة في بيان المحجة)) لقوَّام السُّنَّة الأصبهاني (1/ 429، 2/ 456)،
((المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد في العقيدة)) (1/ 315)،
((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (6/ 121)،
((شرح الغنيمان لكتاب التوحيد من صحيح البخاري)) (2/ 104).) انتهي من الكتاب سالف الذكر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/442)
ـ[ابوعبدالله الزرهوني]ــــــــ[14 - 04 - 07, 04:31 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
نقلا عن شرح العقيدة الواسطية للشيخ عبد العزيزبن صالح ال الشيخ-حفظه الله-
الصفة التالية صفة الضحك قال (وَقَوْلُهُ صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ: «يَضْحَكُ اللهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ؛ كِلاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ») متفق عليه.
هذا فيه إثبات صفة الضحك لله جل وعلا.
وقوله (يَضْحَكُ اللهُ إِلَى رَجُلَيْنِ) (يَضْحَكُ) فعل ولكن الفعل مشتمل على مصدر وهو الضحك ولهذا يثبت منه صفة الضحك لله جل وعلا لأن المقصود هنا الإثبات سياق الإثبات.
والضحك صفة لازمة مثل ما ذكرنا فعلية لازمة تقوم بالله جل وعلا بمشيئته وقدرته وهي لازمة وأهل السنة على قاعدتهم يثبتون الضحك لله كما يليق بجلاله وعظمته.
ـ[ابن أبي عبدالتسميني]ــــــــ[14 - 01 - 09, 07:05 ص]ـ
هل تأول البخاري هذه الصفة كما جاء في فتح الباري؟
قَالَ: وَقَدْ تَأَوَّلَ الْبُخَارِيّ الضَّحِك فِي مَوْضِع آخَر عَلَى مَعْنَى الرَّحْمَة وَهُوَ قَرِيب، وَتَأْوِيله عَلَى مَعْنَى الرِّضَا أَقْرَب، فَإِنَّ الضَّحِك يَدُلّ عَلَى الرِّضَا وَالْقَبُول، قَالَ: وَالْكِرَام يُوصَفُونَ عِنْدَمَا يَسْأَلهُمْ السَّائِل بِالْبِشْرِ وَحُسْن اللِّقَاء، فَيَكُون الْمَعْنَى فِي قَوْله " يَضْحَك اللَّه " أَيْ يُجْزِل الْعَطَاء.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[14 - 01 - 09, 09:15 ص]ـ
هل تأول البخاري هذه الصفة كما جاء في فتح الباري؟
قَالَ: وَقَدْ تَأَوَّلَ الْبُخَارِيّ الضَّحِك فِي مَوْضِع آخَر عَلَى مَعْنَى الرَّحْمَة وَهُوَ قَرِيب، وَتَأْوِيله عَلَى مَعْنَى الرِّضَا أَقْرَب، فَإِنَّ الضَّحِك يَدُلّ عَلَى الرِّضَا وَالْقَبُول، قَالَ: وَالْكِرَام يُوصَفُونَ عِنْدَمَا يَسْأَلهُمْ السَّائِل بِالْبِشْرِ وَحُسْن اللِّقَاء، فَيَكُون الْمَعْنَى فِي قَوْله " يَضْحَك اللَّه " أَيْ يُجْزِل الْعَطَاء.
وفقك الله أخي الفاضل
هذا الكلام نقله الحافظ ابن حجر عن الخطابي رحمه الله، وهو قول غير صحيح
فلم يثبت عن البخاري ذلك
وقد قال الحافظ عفا الله عنه على حديث (4889) من كتاب التفسير:
"قال الخطابي: وقال أبو عبد الله: معنى الضحك هنا الرحمة.
قلت ـ أي ابن حجر ـ: ولم أرَ ذلك في النسخ التي وقعت لنا من
البخاري" اهـ. والله أعلم
وأما ما نقله البيهقي في الأسماء والصفات فليس بمتصل.
فعلى هذا لاتثبت نسبة هذا الأمر للإمام البخاري رحمه الله.
وأيضا حتى لو ثبت هذا عن الإمام البخاري رحمه الله فهو قد فسر الصفة بلازمها وهذا ليس بمعيب عند من يثبت الصفات لله تعالى على منهج السلف كما هو حال الإمام البخاري رحمه الله
وفي هذا أيضا رد على الأشاعرة الذين ينكرون صفة الرحمةوغيرها، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
ـ[ابن أبي عبدالتسميني]ــــــــ[25 - 01 - 09, 11:27 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على هذه الإفادة(39/443)
سؤال عاجل حول اصل الاحتفال بدكرى المولد النبوي
ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[14 - 04 - 07, 04:07 م]ـ
السلام ليكم القصة تبدا عندما كتبت مقالا في مدونتي حول البدع اوالمنكرات التي تقع في المناسبات الدينية في المغرب فجاء الردود تاكد وجود الاحتحفالات بدكرى المولد النبوي بل منهم صر على انها عيد من الاعياد الدينية وقدموا ادلة على دلك ومنم من قال انها بدعة حسنة و البدع الحسنة من الدين و ... سؤلي لاخوة اصحاب الاعتقاد الصحيح هو ما هي الادلة علىبدعية الاحتفال بهده الدكرى والادلةعلى عدم وجود البدع الحسنةفالدين ...
و لمعرفة المزيد المرجو زيارة هدا الرابط
%%%%%%%%%%%%%%%
ـ[محمود المصري]ــــــــ[14 - 04 - 07, 05:15 م]ـ
السلام عليكم أخي
قد تم طرح العديد من المواضيع بخصوص المولد والبدع في هذا الملتقى ستفيدك كثيرا إن شاء الله.
كيف تبحث في الملتقى ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=78553&highlight=%CA%C8%CD%CB)
وهذا رابط اخر ستجد فيه فوائد وردود كثيرة:
http://www.alsoufia.com/mawled/rad_shobah/index_shobah_1.htm(39/444)
كتاب مهم في مسألة الإيمان للشيخ عبدالله القرني
ـ[عبدالرحمن الحجري]ــــــــ[14 - 04 - 07, 09:01 م]ـ
هذا الكتاب فيه نقض لإصول المخالفين في باب الإيمان وهو محرر للغاية , وهذا ملخص الكتاب نقلته من موقع رابطة العالم الاسلامي: لملخص
الهدف من هذا البحث هو بيان اتفاق جميع الطوائف المخالفة لأهل السنة في الإيمان على أصل مشترك بينهم، وهو دعواهم استحالة التفاوت في الإيمان، وأنه لا يزيد ولا ينقص، وبيان أن خلاف تلك الطوائف لأهل السنة في هذا الأصل هو أساس شبهاتهم، وما التزموا به من لوازم باطلة، فتكفير الخوارج لمرتكب الكبيرة، وقول المعتزلة بالمنزلة بين المنزلتين وإخراج المرجئة العمل عن مسمى الإيمان إنما يستند إلى هذا الأصل.
ويكشف البحث عن بطلان الأصل المشترك بين تلك الطوائف، ومخالفته للضرورة الشرعية والعقلية والنفسية، وأن ما تختص به كل طائفة من تلك الطوائف من لوازم لهذا الأصل مخالف لصريح النصوص الشرعية ودلالة الإجماع.
وقد تم التأكيد في البحث على الربط الواضح بين ما التزمت به كل طائفة من تلك الطوائف وبين الأصل المتفق عليه بينهم، والاستدلال على ذلك بأقوالهم، وبيان ما يلزمهم من التناقض والاضطراب، وذكر ما ألزمهم به علماء أهل السنة من لوازم لا يمكنهم إنكارها، مع الاستدلال لمذهب أهل السنة ببيان دلالة النصوص الشرعية والإجماع على قولهم.
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:-
فإن أول خلاف حدث في هذه الأمة هو الخلاف في الإيمان، حيث ظهرت الخوارج في عصر الصحابة، وأحدثوا القول بتكفير مرتكب الكبيرة، وتبعتهم المعتزلة فاتفقوا معهم في أحكام الوعيد وإن خالفوهم في تكفير مرتكب الكبيرة، ولذلك شملهم وصف الوعيدية، وأما المرجئة فناقضت الوعيدية من الخوارج والمعتزلة في نفيهم الإيمان عن مرتكب الكبيرة، وما ترتب على ذلك من أحكام الوعيد، لكنهم أخرجوا العمل من مسمى الإيمان، ولهذا أطلق عليهم وصف الإرجاء، لإرجائهم العمل عن مسمى الإيمان. واستمر الخلاف بعد ذلك في مسائل الإيمان، وإن كان في جملته يعود إلى طائفتي الوعيدية والمرجئة، ولا يزال الخلاف في الإيمان قائمًا إلى اليوم.
ومع كثرة المذاهب المخالفة لأهل السنة في الإيمان، ومع ما بين تلك المذاهب من الاختلاف إلى حدّ التناقض إلا أنها تتفق على أصل مشترك بينها جميعًا، وهو دعوى استحالة التفاوت في الإيمان، وأنه إذا ذهب منه شيء لزم انتفاؤه بالكلية، بحيث أصبحت هذه الدعوى هي الفارق بين أهل السنة وبين جميع الطوائف المخالفة لهم في الإيمان. فلا توجد طائفة من هذه الطوائف إلا وأساس الشبهة عندها هي دعوى عدم التفاوت في الإيمان.
والهدف الأساس من هذا البحث هو بيان أثر ذلك الأصل المشترك بين تلك المذاهب على ما التزموه من اللوازم الباطلة، والرد عليهم، ببيان تناقضهم، وبطلان الأساس الذي بنوا عليه مذاهبهم، وبيان أن ما تختص به كل طائفة منهم مخالف لصريح النصوص الشرعية ودلالة الإجماع.
ولتحقيق هذه الغاية من البحث فقد التزمت بعدّة قواعد مهمّة هي:
1 - إظهار التلازم بين أصول كل مذهب من مذاهب المخالفين لأهل السنة في الإيمان، والتفريق بين ما هو مقدمة ومستند، وبين ما هو نتيجة من تلك الأصول، وبيان أن ما يختص به كل مذهب من تلك المذاهب فإنما هو نتيجة لمقدمات استندوا إليها تقتضي تلك النتيجة بالضرورة.
وهنا يظهر الفرق بين مجرد إدراك مخالفة تلك المذاهب للنصوص الشرعية وبين إدراك المخالفة في تلك المذاهب وما تستند إليه.
وهذه القاعدة مهمّة للرد على تلك المذاهب، بحيث يجتمع مع بيان مخالفة تلك المذاهب للنصوص الشرعية بيان تناقض ما تستند إليه أقوالهم وتهافت مقدماتها في ذاتها. فتقوم بذلك الحجة على أصحاب تلك المذاهب، لأنهم إنما حصلت لهم الشبهة من جهة تلك المقدمات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/445)
2 - التفريق بين ما هو حق وما هو باطل من أصول المخالفين لأهل السنة، فقول الوعيدية إن العمل من الإيمان صحيح، وأهل السنة يوافقونهم عليه، لكن دعواهم أنه يلزم من اعتبار العمل من الإيمان نفي الإيمان عن مرتكب الكبيرة باطلة، ولا يلزم نفي الإيمان من مجرد التسليم بذلك الأصل، وإنما يلزم من جهة تقييدهم التسليم بذلك الأصل بدعوى استحالة التفاوت في الإيمان، فلزم عندهم أن المخالف في العمل بارتكاب الكبيرة ينقص إيمانه، فيلزم ذهابه بالكلية.
وكذا المرجئة حين عارضوا الوعيدية، وأثبتوا الإيمان لمرتكب الكبيرة، فإن قولهم في ذلك صحيح من حيث المبدأ، لكنهم ادعوا أنه يلزم من ذلك عدم نقصان إيمان مرتكب الكبيرة، وأن العمل لا يمكن أن يكون داخلًا في مسمى الإيمان، وكل ذلك باطل، وهو لا يلزم من مجرد عدم نفي الإيمان عن مرتكب الكبيرة، وإنما التزموا بذلك استنادًا إلى الأصل المشترك بين الطوائف المخالفة لأهل السنة، وهو دعوى استحالة التفاوت في الإيمان، وأنه يستحيل وفق هذا الأصل الجمع بين إثبات الإيمان لمرتكب الكبيرة واعتبار العمل من الإيمان.
3 - بيان ما بين تلك المذاهب من التناقض، وإدراك أن كل مذهب من تلك المذاهب إنما كان يحاول أصحابه تجنب ما وقعت فيه المذاهب قبله من المخالفات.
فالخوارج هم أول من أحدث القول بتكفير مرتكب الكبيرة، فلما جاءت بعدهم المعتزلة وعلموا مخالفة قول الخوارج للإجماع وصريح الأدلة الشرعية لم يوافقوهم على القول بتكفير مرتكب الكبيرة، وإن وافقوهم على القول بنفي الإيمان عن مرتكب الكبيرة، فالتزموا نتيجة لذلك نفي الإيمان والكفر عن مرتكب الكبيرة، وأنه في منزلة بين هاتين المنزلتين. فوقعوا نتيجة لذلك في التناقض حيث رفعوا النقيضين. وأما المرجئة فعلموا بطلان ما ذهبت إليه الوعيدية من القول بنفي الإيمان عن مرتكب الكبيرة، وبطلان ما ذهبت إليه كل طائفة منهما بناء على ذلك، وعلموا أن قول الوعيدية مناقض للنصوص الشرعية وما عليه الإجماع، لكنهم لما وافقوا الوعيدية في دعوى استحالة التفاوت في الإيمان لم يمكنهم اعتبار العمل من الإيمان، لعلمهم أنهم لو أدخلوا العمل في الإيمان للزمهم ما التزمت به الوعيدية قبلهم من القول بنفي الإيمان عن مرتكب الكبيرة، فكان قول المرجئة في حقيقته هروبًا مما وقعت فيه الوعيدية، لكنهم وقعوا في باطل آخر، خالفوا به النصوص الشرعية وما عليه الإجماع.
4 - الاستدلال لمذهب أهل السنة في الإيمان بالنصوص الشرعية، وبيان وجه دلالتها على ما ذهب إليه أهل السنة، والنقل عن السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن التزم طريقتهم ما يبين دلالة تلك النصوص، لتتحقق بذلك إقامة الحجة مع دفع الشبهة.
5 - نقل الإجماع على قول أهل السنة في الإيمان، وفي الرد على أقوال مخالفيهم، ليعلم أن ما خالفوا فيه ليس مما يقبل الخلاف، وأن خلافهم غير معتبر.
6 - نقض شبهات المخالفين العقلية، لبيان أنهم مع مخالفتهم للإجماع والنصوص الشرعية قد خالفوا دلالة العقل، وأنهم قد سووا بين المختلفات حين ادعوا انتفاء الإيمان بمطلق النقص فيه، مع أن شعب الإيمان متفاوتة، فلم يفرقوا بين ما هو ركن وما هو واجب في الإيمان، وبيان هذه الدلالة باعتبار حقائق الأشياء، والتفريق بين ما لا بدّ منه لتحققها وبين ما هو من مجرد كمالها، بحيث يمكن تحققها وإن نقصت عن الكمال.
7 - الاستناد في تقرير مذاهبهم إلى أقوالهم وما التزموا به، تحقيقًا للعدل والإنصاف، مع ذكر ما ألزمهم به علماء أهل السنة من لوازم لا يمكنهم الانفكاك عنها، ليعلم وجه البطلان في تلك المذاهب، وموقف أهل السنة منها.
وقد اشتمل البحث على سبعة مباحث:
فأما المبحث الأول فكان في بيان الأساس لدعوى عدم التفاوت في الإيمان، وبيان تناقضها. وما يلزم عنها من التسوية بين ما هو ركن وما هو واجب في الإيمان.
وأما المبحث الثاني ففي تقرير استناد الوعيدية إلى دعوى استحالة التفاوت في الإيمان، وأن ما التزموا به من نفي الإيمان عن مرتكب الكبيرة، والحكم عليه بالخلود في النار، وعدم إمكان تخلف وعيده، إنما يستند إلى تلك الدعوى.
وأما المبحث الثالث ففي تقرير استناد المرجئة إلى دعوى عدم التفاوت في الإيمان، وأن ما التزموا به من القول بإخراج العمل من مسمى الإيمان إنما يستند إلى هذه الدعوى. وأنه يلزم المرجئة نتيجة التزامهم بهذه الدعوى التسوية بين إيمان النبي صلى الله عليه وسلم وإيمان الفاسق، وأن كل ما ذكروه لدفع هذا الإلزام لا يخرجهم منه.
وأما المبحث الرابع ففي بيان مستند التفاوت في الإيمان عند أهل السنة، وثبوت دلالة الإجماع على ذلك، وتقرير أوجه دلالة نصوص الكتاب والسنة على هذا الأصل.
وأما المبحث الخامس ففي بيان أصول مذهب الخوارج والرد عليها.
وأما المبحث السادس ففي بيان أصول مذهب المعتزلة في الإيمان والرد عليها.
وأما المبحث السابع ففي بيان أصول مذهب المرجئة مع الردّ عليهم كذلك.
وختامًا .. أسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به إنه سميع مجيب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/446)
ـ[عبدالرحمن الحجري]ــــــــ[14 - 04 - 07, 11:27 م]ـ
والكتاب يوجد كاملا على موقع الرابطة قسم الإصدارات العدد 217 - أصول المخالفين لأهل السنة في الإيمان دراسة تحليلية نقدية
ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[15 - 04 - 07, 01:01 ص]ـ
جراك الله خيرا أخي عبد الرحمن ..
وهذا البحث كاملا في المرفقات ..
أصول المخالفين لأهل السنة في الإيمان
دراسة تحليلية نقدية
للشيخ الدكتور عبد الله بن محمد القرني
ـ[عبد الله آل سيف]ــــــــ[21 - 04 - 07, 02:55 ص]ـ
جزاك الله خيرا
أي دار مطبوع الكتاب؟
ـ[محمد بشري]ــــــــ[21 - 04 - 07, 03:24 ص]ـ
هل من الممكن تنزيله بصيغة أخرى غير pdf زادكم الله ايمانا وعلما.
ـ[عبدالرحمن الحجري]ــــــــ[21 - 04 - 07, 04:45 ص]ـ
الكتاب من مطبوعات الرابطة وأرجو أن يكون في المكتبات قريبا.
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[21 - 04 - 07, 05:01 ص]ـ
سمعت شيخنا يمدحه بشدة ويرى أنه من اقوى الكتب التي حررت مسألة الإيمان عند أهل السنة والرد على المخالفين.
ـ[محمود آل زيد]ــــــــ[22 - 04 - 07, 11:59 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ...
ـ[ابن المبارك]ــــــــ[22 - 04 - 07, 12:03 م]ـ
الكتاب سيكون في المكتبات،وأخبرني بذلك أحد طلاب الشيخ، ولكن الشيخ يراجعه وقد يزيد فيه
ـ[ابو عبد الرحمن التهامي]ــــــــ[22 - 04 - 07, 04:42 م]ـ
ان المرء ليسعد كلما ألف مؤلففي تاصيل معتقد أهل السنه
أو رد علي مبتدع أو دحضت شبهة
لعل الله أن يرد بهذا ألمؤلف ضال أويهدي عاص أويزيل شبهة
فان الحق أبلج والباطل لجلج
فان رجالا نحبهم في اللهوهم معظمون عندنا
قد انزلقوا في بعض الشبه التي ما كنا نحب لهم أن يقعوا فيها
ولكن لله عز وجل حكم لانعلمها
غفر الله لنا ولهم
ونسألة تعالي أن يرحم منهم الاموات وأن يرد الاحياء الي الحق ردا جميلا
ـ[ابو عبد الرحمن التهامي]ــــــــ[22 - 04 - 07, 04:46 م]ـ
تصحيح (مؤلففي) مؤلف في
(اللهوهم) الله وهم
ـ[الخطابي]ــــــــ[26 - 04 - 07, 12:06 م]ـ
جوزيت خيرا
ـ[محمد عزاوي]ــــــــ[28 - 04 - 07, 05:58 م]ـ
السلام عليكم اخي ابن المبارك انا من العراق ونحن العراقيين اختلفنا في مسألة الايمان لاكن اريد منك ان تخبرني كيف هو الشيخ عبد الله القرني
ـ[ناصر شاكر]ــــــــ[31 - 05 - 07, 08:25 م]ـ
بارك الله فيكم أخى
فإن تحرير مسائل الإيمان من الأهمية بمكان
ـ[عبدالرحمن الحجري]ــــــــ[04 - 07 - 07, 02:00 ص]ـ
الكتاب موجود في بعض مكتبات مكة.(39/447)
هل يصح أن يقال: إن الله اتصف بهذه الصفة بعد أن لم يكن متصفا بها؟
ـ[أبو معاذ القصيمي]ــــــــ[15 - 04 - 07, 06:19 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
المشايخ الفضلاء ..
هل يصح أن يقال إن الله اتصف بهذه الصفة بعد أن لم يكن؟
هل يصح مثلا أن نقول: إن الله استوى على عرشه بعد أن لم يكن مستويا عليه؟
وجزاكم الله خيرا.(39/448)
هل يصح أن يقال: إن الله اتصف بصفة ما بعد أن لم يكن متصفا بها؟
ـ[أبو معاذ القصيمي]ــــــــ[15 - 04 - 07, 06:22 م]ـ
السلام عليكم
المشايخ الفضلاء ..
هل يصح أن يقال: إن الله اتصف بهذه الصفة أو تلك بعد أن لم يكن متصفا بها؟
هل يصح مثلا أن نقول: إن الله استوى على العرش بعد أن لم يكن مستويا عليه؟
لأني قرأت لبعض أهل العلم ممن يقول: لا يصح أن نقول إن الله اتصف بصفة ما بعد أن لم يكن متصفا بها .. !
فتذكرت قول الله تعالى: ((ثم استوى على العرش)) فاستشكلت ذلك .. !
وجزاكم الله خيرا.
ـ[ابوعبدالله الزرهوني]ــــــــ[17 - 04 - 07, 03:02 ص]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
قال الطحاوي -رحمه الله-
قوله ما زال بصفاته قديما قبل خلقه لم يزدد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من صفته وكما كان بصفاته أزليا كذلك لا يزال عليها أبديا
ش أي أن الله سبحانه وتعالى لم يزل متصفا بصفات الكمال صفات الذات وصفات الفعل ولا يجوز أن يعتقد أن الله وصف بصفة بعد أن لم يكن متصفا بها لان صفاته سبحانه صفات كمال وفقدها
صفة نقص ولا يجوز أن يكون قد حصل له الكمال بعد أن كان متصفا بضده ولا يرد على هذه صفات الفعل والصفات الاختيارية ونحوها كالخلق والتصوير والامانة والاحياء والقبض والبسط والطي والاستواء والاتيان والمجيء والنزول والغضب والرضى ونحو ذلك مما وصف به نفسه ووصفه به رسوله وان كنا لا ندرك كنهة وحقيقته التي هي تأويله ولا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا ولا متوهمين بأهوائنا ولكن أصل معناه معلوم لنا كما قال الامام مالك رضي الله عنه لما سئل عن قوله تعالى ثم استوى على العرش وغيرها كيف استوى فقال الاستواء معلوم والكيف مجهول وان كانت هذه الاحوال تحدث في وقت دون وقت كما في حديث الشفاعة ان ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله لان هذا الحدوث بهذا الاعتبار غير ممتنع ولا يطلق عليه انه حدث بعد أن لم يكن الا ترى أن من تكلم اليوم وكان متكلما بالامس لا يقال انه حدث له الكلام ولو كان غير متكلم لانه لآفة كالصغر والخرس ثم تكلم يقال حدث له الكلام فالساكت لغير آفة يسمى متكلما بالقوة بمعنى أنه يتكلم اذا شاء وفي حال تكلمه يسمى متكلما بالفعل وكذلك الكاتب في حال الكتابة هو كاتب بالفعل ولا يخرج عن كونه كاتبا في حال عدم مباشرته الكتابة ..... الى غير ذلك من كلامه رحمه الله.
ـ[أبو تامر المصري]ــــــــ[27 - 04 - 07, 01:14 ص]ـ
السلام عليكم
المشايخ الفضلاء ..
هل يصح أن يقال: إن الله اتصف بهذه الصفة أو تلك بعد أن لم يكن متصفا بها؟
هل يصح مثلا أن نقول: إن الله استوى على العرش بعد أن لم يكن مستويا عليه؟
لأني قرأت لبعض أهل العلم ممن يقول: لا يصح أن نقول إن الله اتصف بصفة ما بعد أن لم يكن متصفا بها .. !
فتذكرت قول الله تعالى: ((ثم استوى على العرش)) فاستشكلت ذلك .. !
وجزاكم الله خيرا.
وعليكم السلام ورحمة الله
اسمح لي اخي بالمشاركة والرد، رغم أني لست شيخا،
لا يصح أخي أن نقول أن الله اتصف بصفة ما بعد أن لم يكن متصفا به،
لأن الله هو هو لا يتغير ولا يتبدل،
وهو مستحق للعبادة في الأول والآخر،
وهو متصف بصفاته أزلا وقدما ولا تنفك عنه أبدا.
تقول أنه قد استشكلت عليك استواءه على العرش،
فلم لم يستشكل عليك أنه خالق قبل أن يظهر ويحدث خلقه؟
وأنه رحيم قبل ان يرحم احدا؟
ثم قس على ذلك جميع صفاته،
واستواؤه، فهو الله العلي المتصف بالعلو قبل أن يعلو على العرش وعلى خلقه.
---
أرجو أن أفدتك،
وان أخطأت فليصوبني أحد من الاخوة الأفاضل.
ـ[أبو أسامة ابن سعد]ــــــــ[29 - 04 - 07, 01:44 ص]ـ
بدلا من استشكال مسئلة واحدة أصبحوا خمس مسائل:)
ـ[المقدادي]ــــــــ[29 - 04 - 07, 02:16 ص]ـ
هل يصح أن يقال: إن الله اتصف بهذه الصفة أو تلك بعد أن لم يكن متصفا بها؟
هل يصح مثلا أن نقول: إن الله استوى على العرش بعد أن لم يكن مستويا عليه؟
لأني قرأت لبعض أهل العلم ممن يقول: لا يصح أن نقول إن الله اتصف بصفة ما بعد أن لم يكن متصفا بها .. !
فتذكرت قول الله تعالى: ((ثم استوى على العرش)) فاستشكلت ذلك .. !
وجزاكم الله خيرا.
الله تعالى متصف بصفات الكمال
و ما ذكرته كالإستواء هو من الصفات الإختيارية , و الله تعالى يفعل ما يشاء كما يشاء
و الأشاعرة و اضرابهم يسمون هذا حلول حوادث
فلذلك يؤولون الإستواء و يقولون انه: إستيلاء , هرباً من إلزامهم بحلول الحوادث - زعموا -
و هكذا , لا يثبتون النزول و لا الضحك و لا غير ذلك من صفاته تعالى , بل يؤولونها فيقولون: تنزل رحمته او ملائكته
و هم بهذا جهلة , فالله تعالى ليس كمثله شيء , و الله تعالى يفعل ما يريد و ما يشاء ,,,,
و النصوص واضحة في إستوائه على عرشه بعد خلق السموات , و في نزوله كل ليلة الى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل
فنقف مع النصوص و لا نتجاوزها و نؤمن بصفاته تعالى و نكل علمها الى الله تعالى
و قد اطنب شيخ الإسلام في الكلام عن مسألة الصفات الإختيارية في فتاويه فراجعه اخي الكريم فإنه مفيد جدا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/449)
ـ[عبد الرحمن خالد]ــــــــ[30 - 04 - 07, 08:00 ص]ـ
الصفات الذاتية لا تصح فيها هذه المقولة,,,,,كالوجه
الصفات الفعلية حادثة الآحاد قديمة النوع فتصح المقولة في الأول لا الثاني كالغضب
الصفات الفعلية المحضة تصح فيه هذه المقولة كالاستواء
ـ[ابوعبدالله الزرهوني]ــــــــ[03 - 05 - 07, 01:42 ص]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
لقد كفينا بغيرنا من سلف هذه الامة في هذا الموضوع وذلك بما نقلت عن شارح الطحاوية.والا فهناك مايسود به القراطس في هذا الموضوع بذكر اقوال السلف رحمهم الله وذكر من يخالفهم من الفرق الكلامية وغيرها.
فوقفنا مع قول الماتن الامام الطحاوي رحمه الله {
ما زال بصفاته قديما قبل خلقه، لم يزدد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من صفته. وكما كان بصفاته أزليا كذلك لا يزال عليها أبديا. ليس بعد الخلق استفاد اسم "الخالق" ولا بإحداث البرية استفاد اسم "الباري"، له معنى الربوبية ولا مربوب ومعنى الخالق ولا مخلوق، وكما أنه "محيي الموتى" بعدما أحيا، استحق هذا الاسم قبل إحيائهم، وكذلك استحق اسم "الخالق" قبل إنشائهم. ذلك بانه على كل شيء قدير وكل شيء إليه فقير. وكل أمر عليه يسير. لا يحتاج إلى شيء ((ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)).}
فلانبغي به بدلا وهومعتقد سلف هذه الامة ودع عنك مالم تبلغه العقول وتمسك بالنصوص.
وقال الطحاوي {فمن رام علم ما حظر عنه علمه ولم يقنع بالتسليم فهمه حجبه مرامه عن خالص التوحيد وصافي المعرفة وصحيح الإيمان فيتذبذب بين الكفر والإيمان والتصديق والتكذيب والإقرار والإنكار موسوسا تائها شاكا لا مؤمنا مصدقا ولا جاحدا مكذبا.}
وفقنا الله واياكم لمرضاته(39/450)
سؤال عن البغض و الحب في الله
ـ[محي العامي]ــــــــ[15 - 04 - 07, 08:30 م]ـ
اشرحلي من حيث الإجمال و التفصيل البغض في الله و الحب في الله
و هل البغض الذي يحس المسلم على الكافر تكن على الشخص الكافر أو على إعتقاده و انتبه المفتي أن السائل يسكن في بلادهم و يخبر عن بعض الشباب عندهم الفكر الغريبة أنه لا بد مم اليريد أن يظهر دينه أن يكن كمثل إبرهين عليه السلام في سروة المنتهنى فيعتزل من الناس بدلا من أن يكن قدوة لهم
ـ[أبو بكر الزرعي]ــــــــ[15 - 04 - 07, 08:46 م]ـ
البغض في الله متوجه للاعتقاد .. ومتوجه بالتبعية لصاحبه .. فلا ينفك هذا عن هذا ..
ولا يتعارض هذا مع الحب الطبعي الذي قد يتأتى لأسباب .. كمن يحب بالفطرة من أسدى له معروفا ..
وكما أحب النبي صلى الله عليه وسلم عمه الكافر أبا طالب .. هذا حب فطري لا يؤاخذ عليه المرء مالم يتعد حدوده ..
كما أنه لا يتعارض مع السلوك الحسن المشروع مع المسالم خصوصا إذا كان رجاء هدايته ودعوته"لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من ديارهم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" ..
وكقوله تعالى"ولايجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا" ..
فالعدل قيمة مطلقة ..
ومثل ذلك الفاسق .. فيُحب بما معه من إيمان ويبغض بقدر ما فيه من معصية ..
فذلك يتبعض وهو فرع من كون الإيمان يتبعض ..
والخلاصة: أنه لايقال:أحب فلانا الكافر هكذا بالإطلاق .. بل يقيد بالسبب المبين للعدل .. فيكون من جنس الحب الفطري الذي لا مندوحة عنه .. فالنفوس مجبولة على تقدير من يسدي إليها شيئا
وبالمثل يحب المؤمن بالإطلاق .. ويقل الحب في الله بحسب ما تنقص درجته من ذلك ..
وعليه: فالحب إما أن يكون في الله .. وهذا لايكون إلا للمؤمن ..
وإما أن يكون لأجل سبب معين .. فيكون حبا عارضا لا مطلقا ..
والله تعالى أعلم وأحكم
ـ[محي العامي]ــــــــ[15 - 04 - 07, 09:02 م]ـ
جزاك الله خيرا
فهل على المسلم الذي يسكن في دار الشرك أن يكن كمثل إبراهيم عليه السلام كما يذكر في بعض الرسالة في درر السنية أو هل كلامهم كانت لسبب زمانهم. أعتذركم إذا كان في هذا السؤال سوء أداب.
ـ[محي العامي]ــــــــ[15 - 04 - 07, 09:06 م]ـ
و الأية التي ذكرت ... هل يتغير شيئا إذا كان حكومة الدولة في حال الحرب مع أي بلد من المسلمين؟
أفيدني جزاك الله خيرا
ـ[أبو بكر الزرعي]ــــــــ[15 - 04 - 07, 10:13 م]ـ
أخي .. لا علاقة لماذكرت بالموضوع ..
فالحب في لله من حق كل مسلم وهو من أوثق عرى الإيمان ..
وأصله لكل مسلم وإن كان فاسقا .. ويتفاوت بقدر إيمان صاحبه
كما لا أود أن يفهم من كلامي أن يقاس فيقال أمريكا قدمت لبعض الدول شيئا فنحبها!؟!
فلا حب حقيقيا إلا إذا كان في الله ولله
ولايكون الحب في لله إلا للمؤمنين ..
ولا علاقة لهذا المبحث بمواقف الحكومات .. فليست هي مناطا للأحكام الشرعية .. !
ولا طاعة لمخلوق كائنا ما كان في معصية الخالق
وأما الحب في غير الله .. فهو عرضة للأغيار .. ومحدد بمصلحة المحِب
ـ[محمد السلفي الفلسطيني]ــــــــ[19 - 04 - 07, 10:29 ص]ـ
الحب في الله والبغض في الله من اوثق عى الإيمان فالحب في الله يكون للمؤمنين الطائعين لله تعالى تحبه لطاعته لله وتبغضه لمعصيته لله تعالى فالوؤمنون يحبون لطاعتهم ويبغضون لمعاصيهم فيحبون من وجه ويبغضون من وجه.
ـ[محي العامي]ــــــــ[19 - 04 - 07, 05:21 م]ـ
نعم جزاك الله خيرا ... أنا كنت أسئل عن اكفار هل نبضغهم و نظهر برائتنا منهم ...... و لكن أظن وصلت للإجابة ... أننا نتعمل معهم بالحسنى (يعني المدينون) لأجل الدعوة ما دامو لم يعتدو علينا ... صح أم خطاء؟(39/451)
ما حكم مرتكب الكبيرة في المذاهب الإسلامية؟
ـ[الطالب مشاري]ــــــــ[15 - 04 - 07, 08:48 م]ـ
حكم مرتكب الكبيره في الدنيا والاخره عند اهل السنه والجماعه ,والخوارج ,والمعتزله ,والرافضه, ماهو موقف هذه الفرق في مرتكب الكبيره Question جزاكم الله خير.
ـ[القباني]ــــــــ[16 - 04 - 07, 02:19 ص]ـ
حكم مرتكب الكبيره في الدنيا والاخره عند اهل السنه والجماعه ,والخوارج ,والمعتزله ,والرافضه, ماهو موقف هذه الفرق في مرتكب الكبيره Question جزاكم الله خير.
عند أهل السنة والجماعة يعد فاسقا بكبيرته مؤمن بإيمانه وهو ما يسمى اصطلاحا الفاسق الملي وفي الأخرة تحت المشيئة.
الخوارج يعامل معاملة المنافقين في الدنيا وهو كافر في الدنيا والأخرة ومخلد في النار إن مات على هذه الكبيرة.
المعتزلة في الدنيا لا يقولون عنه مؤمن ولا يقولون كافر بل في منزلة بين المنزلتين وفي الأخرة كالخوارج
الرافضة //// يتلون مذهبهم فإنهم كانوا مجسمة وأصبحوا معتزلة فهل تبعوهم في مثل هذه المسألة .. الله أعلم على كل الحال(39/452)
(القرآنيون وشبهاتهم) تأليف رياض السعيد
ـ[رياض السعيد]ــــــــ[16 - 04 - 07, 12:37 ص]ـ
(القرآنيون وشبهاتهم)
تأليف
الفقير إلى الله
رياض بن عبد المحسن بن سعيد
بسم الله الرحمن الرحيم
(التعريف بهم ونشأتهم):
في أواخر القرن الثاني الهجري قام في الأمة من يدعو إلى إلغاء السنة بالكلية، وعدم الاعتداد بها في مصدرية التشريع نتيجة للشبهات التي خلفها الشيعة والخوارج والمعتزلة.
وقد ذكر الإمام الشافعي مناظرة جرت بينه وبين أحد أفراد هؤلاء، وذلك في كتاب (جماع العلم) المطبوع مع الأم (7/ 273).
في باب (حكاية قول الطائفة التي ردت الأخبار كلها).
وهذه الطائفة تنكر السنة وقد ناظرهم الشافعي، «وتتلخص حجة هؤلاء في رد الأخبار كلها في قولهم:
1 - إن القرآن حوى بين دفتيه تبيان كل شيء وتفصيل ما تحتاج إليه الأمة ما لا يدع مجالاً للسنة في دين الله عز وجل.
2 - إذا جاءت الأخبار بأحكام جديدة لم ترد في القرآن كان ذلك معارضة من ظني الثبوت وهي الأخبار – لقطعية القرآن ولا يقوى الظنى على معارضة القطعي البتة، وإن جاءت مؤكدة ومؤيدة لحكم القرآن كان الاتباع للقرآن لا للسنة، وإن جاءت مبينة لما أجمله القرآن كان ذلك تبياناً للقطعي الذي يكفر منكر حرف منه بظني لا يكفر من أنكر ثبوته.
3 - تروى السنة عن طريق رجال لا يرتفع احتمال الكذب وخيانة الذاكرة عنهم، فالسنة على هذا كلها لا تعدو مرحلة الظن والوهم». أفاده الأستاذ خادم بخش في كتابه (القرآنيون ص 94).
وهذه الطائفة الذين ناظرهم الشافعي يذهب الدكتور مصطفى السباعي في كتابه (السنة ومكانتها في التشريع) إلى أنهم معتزلة البصرة، وخالفه الأستاذ خادم حسين بخش في كتابه (القرآنيون) (ص95) وذهب إلى أنهم الخوارج، ولا أعرف ثمرة الخلاف، فالمهم هو أن طائفة المبتدعة في القرن الثاني انكرت السنة، وإن كان المرجح أنهم الخوارج.
ومن المعلوم أن هذا الاتجاه لإنكار السنة لم يكن منتشراً في الأقطار بل وجد عند بعض الأفراد ولا يشكل ظاهر.
هذا وبعد القرن الثاني لا نرى في كتب التاريخ والعقائد ومن ألف في الفرق والمذاهب ظهور هذه الفرقة وهذا المذهب واستمر الوضع هكذا أحد عشر قرناً على وجه التقريب، كما ذكره الأعظمي في (دراسات في الحديث النبوي) (ص26).
وفي القرن الثالث عشر الهجري ظهرت هذه الفتنة من جديد فكانت نشأتها في مصر وترعرعت وقويت في الهند.
«إن الدعوة إلى الاعتماد على القرآن دون السنة في التشريع الإسلامي بدأت تغزو الهند منذ نهاية القرن التاسع عشر، على إثر انتشار الأفكار التي بثها أعضاء حركة أحمد خان، غير أن مفعولها سرى بشكل واضح في بنجاب بأواسط الهند الموحدة ففي سنة 1900م نهض من تلك البقعة غلام أحمد القادياني وأدعى النبوة، ومنها في عام 1902م بدأ غلام نبي المعروف بعبد الله جكرالوي مؤسس الحركة القرآنية نشاطه الهدام، بإنكار السنة كلها متخذاً مسجداً بلاهور مقراً لحركته تلك، وقد تزعم حركة القرآنيين في بداية الأمر شخصيتان: محب الحق عظيم أبادي في بهار – شرقي الهند – وعبد الله جكر الوي في لا هور في آن واحد من منبع متحد»
أفاده الأستاذ خادم بخش في كتابه (القرآنيون ص 19 - 20)
وقال في ص (21 - 24):
«ويمكننا القول في ضوء دراسة الظروف التي أدت إلى نشأة الحركة القرآنية بأن نشأتهم تعود إلى أسباب عديدة أهمها ما يلي:-
1 - اتفقت المصادر التي بحثت عن نشأة القرآنيين وخروجهم إلى حيز الوجود، أنهم الثمرة التي بذر بذورها أعضاء حركة أحمد خان.
2 - الاستعمار بأساليبه المختلفة ومنها:
أ*- تشجيع أهل الإسلام على الجهل في العلوم الدينية والعصرية مما نتج عنه فقدان العلم الصحيح بين الأوساط الإسلامية.
ب*- شجعت الدولة المستعمرة جميع من يمد إليها العون حرصاً على بقائها في الهند بتقديم الأفكار والمقترحات، ومن ثم منحها للأوسمة والمعونات لأولئك الأفراد، وقد كان على رأس هؤلاء أحمد خان وأتباعه.
ج- استغلال الدولة تربية بعض الأفراد من المسلمين وشحن أفكارهم لصالحها، وكان على رأس هؤلاء غلام أحمد القادياني وعبد الله جكر الوي وأتباعها.
د- سياسة (فرق تسد) من ذلك إدخال بعض المعتقدات غير الإسلامية إلى الإسلام مما تسبب عنه تشطير الصف الإسلامي الموحد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/453)
3 - اغترار بعض الفئات الإسلامية بالنظريات العلمية و الأوروبية المنتشرة خلال النصف الأول من القرن العشرين، وتفسير الحقائق الإسلامية على ضوءها، والتوفيق بينها وبين الإسلام. وقد ترأس أتباع أحمد خان إيجاد هذا الانسجام، ثم تبعهم القرآنيون في هذا المسلك، لوجود الصلة الروحية بين الفريقين.
4 - ولعل السبب المباشر لنشأة القرآنيين بين المسلمين هو شعورهم بضرورة وحدة الصف الإسلامي، والخلاص من الفرق المتعددة والمذاهب – من الحنفية والحنابلة والشافعية وجعلهم المسلمين تحت راية واحدة. وقد استغلت الدولة هذا الأمر وشجعت على المضي فيه».
ويقول العلامة المحدث حبيب الرحمن الأعظمي في كتابه (نصرة الحديث ص 17) وهو يتحدث عن نشأتهم: " إن فتنة إنكار الحديث في الهند قد أثارها- ظاهرة الأمر – عبد الله الجكر الوي البنجابي، لكن الحق أنه قد غرس بذرتها قبله بكثير طائفة الطبيعيين، أما عبد الله الجكر الوي فإنه قد سقى تلك الشجرة الملعونة، فنمت وازدهرت، حتى رأى الناس – بوجه عام – أنه هو الذي أحدث هذه الفتنة.
ثم إن طائفة الطبيعيين، لم تكن تبدي هذه العقيدة، بطريق تكون أكثر شناعة، ولكن الجكر الوي قد أظهر خرافاته، ومعتقداته الباطلة، دون احتشام واستحياء، واتخذ لها أسلوباً فيه شيء كثير من الإلحاد والكفر والزندقة، فلذلك كله نسبت إليه فتنة إنكار الحديث».
(أبرز دعاتهم):
قبل أن نذكر دعاتهم يستحسن أن نذكر من ذهب إلى إنكار حجية السنة والاعتماد على القرآن وحده من الفرق الضالة ومن تبعهم على ذلك على مر العصور.
يقول الدكتور عبد الموجود محمد عبد اللطيف في كتابه (السنة النبوية بين دعاة الفتنة وأدعياء العلم ص 88 - 89):
" إنكار حجية السنة اعتماداً على القرآن وحده:
إلى ذلك ذهب الخوارج، والزنادقة، وطائفة من غلاة مذهب الرافضة، وتابعهم عليها أذيالهم في الأزمنة المتأخرة في القارة الهندية ... وكذا أذيالهم في مصر ... »
أبرز وأهم دعاتهم:
القرآنيون لهم دعاة في الهند ومصر وغيرهما من البلدان، فأما دعاتهم في الهند فهم ما يلي:
1 - عبد الله جكر الوي
2 - أحمد الدين الأمر تسري.
3 - أسلم جراجُبوري.
4 - غلام أحمد برويز
ويوجد في الهند في الوقت الحاضر أربع فرق من القرآنيين هي امتداد لمدارس الأربعة المذكورين وبعض هذه الفرق تتلمذ دعاتها عليهم. وهي ما يلي:
1 - الفرقة الأولى: (فرقة أمة مسلم أهل الذكر والقرآن).
2 - الفرقة الثانية (فرقة أمة مسلمة).
3 - الفرقة الثالثة: (فرقة طلوع إسلام).
4 - الفرقة الرابعة: (فرقة تحريك إنسانيت).
وقد فصل الباحث خادم حسين بخش في تراجم أهم دعاتهم وفرقهم من المتقدمين والمعاصرين في كتابه (القرآنيون ص 25 - 64) فمن أراد التوسع فليراجعه.
وكذا ظهر إنكار السنة الكلي في مصر والاكتفاء بالقرآن وكان أبرز الدعاة ما يلي:
1 - الطبيب محمد توفيق صدقي.
2 - محمود أبو رية.
3 - الطبيب أبو شادي أحمد زكي.
4 - الدكتور إسماعيل أدهم.
5 - محمد أبو زيد الدمنهوري.
وكما أن هناك دعاة إلى إنكار السنة كلها والأخذ بالقرآن، كذلك هناك دعاة اجتهدوا في إنكار جزئيات من السنة وهم في مصر ويشاركهم بعض الدعاة في أغلب البلدان.
ودعاة إنكار السنة الجزئي أبرزهم في مصر هم:
1 - محمد رشيد رضا.
2 - أحمد أمين.
3 - العقيد معمر القذافي. وهوفي ليبيا.
4 - عبد الله عنان.
5 - الشيخ محمود شلتوت.
6 - أحمد فوزي.
7 - الشيخ محمد بخيت المطيعي الحنفي.
8 - عبد المتعال الصعيدي.
وقد فصل الباحث خادم حسين بخش في كتابه (القرآنيون ص 153 - 202) في ذكر تراجم ومناهج دعاة إنكار السنة الكلي والجزئي، لم أجد هذا في غيره من الكتب، فمن أراد التوسع في معرفتهم فليراجع هذا الكتاب القيم.
(شبهاتهم حول السنة والرد عليهم):
الشبهة الأولى: القرآن يستغنى به عن السنة لأنه تكفل بذكر الأمور الدينية كلها بالشرح والتفصيل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/454)
الرد عليهم: لإنزاع أن القرآن شمل أُصول الشريعة كلها، ونص على بعض جزئياتها اليسيرة، وأما ما أدعاه هؤلاء من تنصيصه على كل صغيرة وكبيرة فهو بهتان عليه لا يقره واقع القرآن، يقول د مصطفى السباعي في كتابه (السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ص 178): «إن القرآن الكريم قد حوى أصول الدين وقواعد الأحكام العامة، ونص على بعضها صراحة، وترك بعضها الآخر لرسوله صلى الله عليه وسلم فمنها ما أحكم فرضه بكتابه وبين كيف هو على لسان نبيه مثل عدد الصلاة والزكاة ووقتها وغير ذلك من فرائضه التي أنزل من كتابه».
ويقول خادم حسين بخش في كتابه (القرآنيون ص 212): «ولعل الذي أوقعهم في اللبس هو الفهم الخاطئ لقوله تعالى [ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء].
ويقول عماد السيد الشربيني في كتابه (السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام 1/ 193): «إن أعداء السنة المطهرة فهموا أن المراد من الكتاب في قوله تعالى:
[ما فرطنا في الكتاب من شيء] القرآن، ولكن مجموع الآيات ابتداء ونهاية، يفيد أن المراد بالكتاب هنا هو اللوح المحفوظ الذي حوى كل شيء»
الشبهة الثانية: السنة لو كانت حجة لتكفل الله بحفظها.
الرد عليهم: زعم أعداء السنة أن الله تعالى تكفل بحفظ القرآن دون السنة، واحتجوا بقوله تعالى: [إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون].
الرد عليهم: إن رب العزة قد تكفل بحفظ ما صح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والدليل من القرآن على حفظ السنة قوله تعالى: [وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم] فليست كلمة الذكر في القرآن خاصة بالقرآن بل هي للسنة أيضاً، فيلزم من هذا أن يكون الله تكفل بحفظ السنة، لأن حفظ المبين يستلزم حفظ البيان للترابط بينهما.
يقول الدكتور عبد الله المهدي عبد القادر في كتابه (دفع الشبهات عن السنة النبوية ص 64): «سلمنا جدلاً أن " الذكر " هو القرآن، إلا أن الآية تفيد حفظ الله سبحانه وتعالى السنة، فإن حفظ المبين يقتضي حفظ المبين، فمادامت السنة بيان القرآن، فإن حفظ القرآن يقتضي حفظ السنة، وإلا لبقي القرآن دون بيان فلا يكون قد حفظ!»
الشبهة الثالثة: (لو كانت السنة حجة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابتها، ولعمل الصحابة والتابعون من بعد على جمعها وتدوينها، لما في ذلك من صيانتها من العبث والتبديل، وفي صيانتها من ذلك وصولها للمسلمين مقطوعاً بصحتها.
الرد عليهم: قال د مصطفى السباعي في كتابه (السنة ومكانتها في التشريع ص 81): «إن عدم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة السنة ونهيه عن ذلك كما ورد في بعض الأحاديث الصحيحة، لا يدل على عدم حجيتها، بل إن المصلحة حينئذ كانت تقتضي وبتضافر كتاب الصحابة – نظراً لقلتهم – على كتابة القرآن وتدوينه، ويتضافر المسلمين على حفظ كتاب الله خشية من الضياع واختلاط شيء به، وما ورد من النهي إنما كان عن كتابة الحديث وتدوينه رسمياً كالقرآن، أما أن يكتب الكاتب لنفسه فقد ثبت وقوعه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
وليست حجية السنة مقصورة على الكتابة حتى يقال: لو كانت حجية السنة مقصودة للنبي لأمر بكتابتها، فإن الحجية تثبت بأشياء كثيرة: منها التواتر، ومنها نقل العدول الثقات، ومنها الكتابة، والقرآن نفسه لم يكن جمعه في عهد أبي بكر بناء على الرقاع المكتوبة فحسب، بل لم يكتفوا بالكتابة حتى تواتر حفظ الصحابة لكل آية منه ... »
الشبهة الرابعة: السنة انتقدت متناً وسنداً، وعلماء الحديث تكلموا في رجالها ومتونها، وما كان ذلك ودخله النقد وآراء الرجال لا يصلح ديناً.
الرد عليهم: مثل هذا الكلام لا يصدر إلا ممن يجهل تاريخ الإسلام لمقاومة حركة الوضع في السنة، فقد كان الصحابة على نقاء من السيرة والسريرة فنقلوا الدين بأمانة وإخلاص، وفي أخر عهد عثمان رضي الله عنه خرج إلى حيز الوجود جماعة يتكلمون باسم الإسلام، ويدسون فيه ما ليس منه، ثم مع مرور الزمن إزداد عدد هؤلاء وكثر خداعهم، إذ لم يكن هناك ما يردعهم عن هذا المسلك، كما أن الخلافات السياسية والكلامية كانت من العوامل الرئيسية في حركة الوضع، يقول الباحث خادم بخش في كتابه (القرآنيون ص 234 - 235): «ثم دخل هذه الساحة الزنادقة والقصاصون والمتعصبون للجنس والبلد فاستحلوا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/455)
الكذب في الحديث، وقد قاوم العلماء هذه الحركة الوضعية، ووضعوا الأسس العلمية لفحص الحديث ومعرفة الصحيح من السقيم، ومن بين هذه الأسس المطالبة بالإسناد المتصل الخالي من العلة والشذوذ حتى ينتهي الأمر إلى صاحب المتن، ومن بين تلك الأصول عرض الرواة على علم الجرح والتعديل، والبحث عن ضبطهم ومخالفتهم لغيرهم من الرواة، ثم البحث عن مضمون الحديث وعرضه على الأصول الإسلامية، وقد أدت حركة الوضع إلى نتائج إيجابية من تشييد صرح السنة وإيجاد العلوم والفنون لضبطها سنداً ومتناً، فهل يزعم بعد هذا أن الأحاديث قد انتقدت، وما أنتقد لا يسعنا إقحامه في الدين وإقامة الشعائر بمقتضاه؟! فالنقد والفحص للسنة لم يكن إلا لإزالة ما لصق بها ما ليس من أصلها.
الشبهة الخامسة: السنة أخبار آحاد تفيد الظن وهو ليس حجة.
الرد عليهم: إن خبر الأحاد أمرنا القرآن بقبوله وجرى العمل عليه في شرع الله قال تعالى: [واستشهدوا شهيدين من رجالكم] ولم يشترط شهادة التواتر، كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم كتب الرسائل إلى كسرى والنجاشي والمقوقس، وقام بإيصال تلك الرسائل أفراد معدودون من رسله، على اعتبار قبول خبر الآحاد والاحتجاج به فقبل أولئك الملوك تلك الرسائل دون أن يقولوا للرسل إنكم أفراد آحاد، لا يستفاد من خبركم الحجة واليقين.
وقد ذكر الإمام الشافعي في كتابه (الرسالة ص 401) أدلة كثيرة على حجية خبر الآحاد منها:
1 - حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نضَّر الله عبداً سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها»
2 - وحديث أم سلمة في الرجل الذي قبَّل امرأته وهو صائم فأرسل امرأته تسأل عن ذلك فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبرتيها أني أفعل ذلك» قال الشافعي: «فيه دلالة على أن خبر أم سلمة عنه مما يجوز قبوله، لأنه لا يأمرها بأن تخبر عن النبي إلا وفي خبرها ما تكون الحجة لمن أخبرته. وهكذا خبر امرأته إن كانت من أهل الصدق عنده».
3 - وحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: «بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ أتاهم آت فقال: إن رسول الله قد أنزل عليه قرآن، وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها " وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة. ولم يكن لهم أن يدعوا فرض الله في القبلة إلا بما تقوم عليهم الحجة ولم يلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم».
ويقول الدكتور عبد المهدى عبد الهادي في كتابه (دفع الشبهات عن السنة النبوية) (ص51): «وهذه الشبهة مغالطة في وصف الأحاديث بأنها آحاد، فهذا المصطلح لم يستعمله المحدثون وإنما أطلقه من أرادوا إبطال الأحكام، ومن راجع كتب المصطلح لا يجد هذا المصطلح عند المتقدمين، ومن راجع كتب الأصول لم يجد هذه الدعوى عن المتقدمين منهم أيضا» ً
الشبهة السادسة: السنة فيها الصحيح والموضوع بخلاف القرآن.
الرد عليهم: إن من قال السنة فيها الصحيح والموضوع وسكت، أفاد أن صحيح السنة مختلط بموضوعها، ولا يميز الغث من السمين وهذا تجن على الحقيقة ومجانبة للصواب، ولو أن قائله أنصف لأكمل الكلام فقال: السنة فيها الصحيح والموضوع، والصحيح معلوم والموضوع معلوم.
يقول د. عبد المهدي عبد الهادي في كتابه (دفع الشبهات عن السنة النبوية ص 46 - 49): «إن السنة لها رجالها وعلماؤها ولقد بينوا حال كل حديث، وحكموا على الصحيح بالصحة، وعلى الحسن بالحسن، وعلى الضعيف بالضعف، وعلى الموضوع بالوضع. وألف بعضهم كتباً في ذلك، إن وجود كتب جامعة للأحاديث المقبولة وكتب للأحاديث المردودة ظاهرة طيبة في شأن السنة النبوية فمن أراد الأحاديث المقبولة فلها كتبها الكثيرة، وذلك لمعرفتها والتحذير من روايتها».
فمن قال من أراد إنكار السنة بأن فيها الصحيح والموضوع أراد بهذا أن تمييز الصحيح من الموضوع لا يمكن بل هو مختلط بعضه مع بعض وهذا لا يصلح أن يكون تشريعاً ومصدراً في الإسلام فلهذا الخطر لابد من إنكارها والاكتفاء بالقران.
الشبهة السابعة: التأخر في تدوين السنة النبوية فالسنة لم تدون إلا في مطلع القرن الثاني الهجري.
الرد عليهم: قال عماد السيد الشربيني في كتابه (السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام ص 346 - 353).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/456)
«استعراض الشبهة وأصحابها: روى البخاري في صحيحة تعليقاً قال وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم انظر «ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء، ولا تقبل إلا حديث رسول الله صلى الله عليه سلم ولتفشوا العلم، ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم، فإن العلم لا يهلك حتى يكون سراً»
بهذه الرواية تعلق أعداء الإسلام من الرافضة، والمستشرقين، ودعاة اللادينية المتفرنجة فقالوا: إن السنة لم تدون إلا في مطلع القرن الثاني الهجري، لأن أول من أمر بتدوينها هو الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وهو قد تولى الخلافة سنة 99هـ وتوفي سنة 101هـ. وهذه المدة الطويلة تكفي لأن يحصل فيها من التلاعب والفساد ما قد حصل.
والجواب؛ بأدئ ذي بدء – نحن نجزم بصحة هذه الرواية التي صدرنا بها البحث، وهي التي تفيد أن عمر بن عبد العزيز، هو أول من أمر بتدوين السنة، نجزم بصحتها لأنها وردت في أوثق مصادرنا، وأصحها بعد كتابه تعالى، وهو صحيح البخاري، ولكننا نهدف من وراء هذا البحث إلى إثبات حقائق هامة وهي:
1 - الحقيقة الأولى: أن الكثيرين خلطوا بين النهي عن كتابة السنة، وبين تدوينها حيث فهموا خطئاً أن التدوين هو الكتابة، وعليه فإن السنة النبوية –ظلت محفوظة في الصدور لم تكتب إلا في نهاية القرن الأول الهجري في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز- رحمه الله –
ولو أن المعاصرين فهموا حقيقة الكتابة، وحقيقة التدوين، وأدركوا الفرق بينهما، لما تعارضت النصوص في فهمهم، ولما صح تشكيك أعداء الإسلام في السنة النبوية بدعوى تأخر تدوينها مدعين أنه دخلها الزيف، لأن العلم الذي يظل قرناً دون تسجيل لابد وأن يعتبره يعتريه ويخله التحريف، فإن الذهن يغفل والذاكرة تنسى، أما القلم فهو حصن آمان لما يدون به.
الحقيقة الثانية: أن عمر بن عبد العزيز حينما أمر بتدوين السنة لم يبدأ ذلك من فراغ، ولكنه اعتمد على أصول مكتوبة كانت تملأ أرجاء العالم الإسلامي كله من خلال روح علمية نشطة، أشعلها الإسلام في أتباعه، فأصبحوا يتقربون إلى الله بأن يزدادوا في كل يوم علماً، وخير العلوم قطعاً ما كان متعلقاً بالقرآن والسنة.
إن القول بأن السنة قد بدأت كتابتها منذ عصر النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمن تدوينها رسمياً أصبح حقيقة علمية مؤكدة ثبتت بالبراهين القطعية، وتضافرت على إثبات هذه الحقيقة الساطعة أقوال جملة من الباحثين الثقات الأثبات».
وهناك شبهات كثيرة لدعاة إنكار السنة وقد رد عليها العلماء، ودعاة إنكار السنة في الهند يحسن لطالب العلم أن يقرأ في الرد عليهم ممن عرفهم وجالسهم وهم علماء الحديث من الهند فهم أفضل من رد عليهم وذلك لمعرفتهم بهم على التفصيل.
فقد ألف الأستاذ خادم بخش (القرآنيون وشبهاتهم حول السنة) وألف العلامة حبيب الرحمن الأعظمي (نصرة الحديث في الرد على منكري الحديث) وألف د. صلاح الدين مقبول (زوابع في وجه السنة قديماً وحديثاً).
وهناك دعاة لإنكار السنة قويت شوكتهم وتعددت شبهاتهم وقد اجتهدوا في الطعن في الحديث وحملته من الصحابة ومن بعدهم من أهل الحديث، وأخبث وأشد هؤلاء الساقطين محمود أبو رية فقد ألف كتابه (أضواء على السنة المحمدية) وكان من أفضل من رد عليه العلامة المحدث عبد الرحمن المعلمي في كتابه (الأنوار الكاشفة) وكذا الشيخ محمد أبو شهبة في كتابه (دفاع عن السنة).
هذا ونسأل الله الثبات على الإسلام والسنة، وأن يعيذنا من مضلات الفتن.
وآخر دعوانا أن الحمد لله برب العالمين.
المراجع
1 - القرآنيون وشبهاتهم حول السنة.
تأليف: خادم حسين بخش، الناشر مكتبة الصديق.
2 - السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي.
تأليف: الدكتور مصطفى السباعي، الناشر دار الوراق.
3 - السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام مناقشتها والرد عليها.
تأليف: عماد السيد الشربيني، الناشر دار اليقين – مصر
4 - دفاع عن السنة، تأليف: د. محمد أبو شهبة.
5 - السنة النبوية بين دعاة الفتنة وأدعياء العلم.
تأليف د. عبد الموجود محمد عبد اللطيف، الناشر مطبعة طيبة –مصر.
6 - دفع الشبهات عن السنة النبوية. تأليف د. عبد المهدي عبد القادر عبد الهادي، الناشر مكتبة الإيمان – مصر
7 - زاوبع في وجه السنة، تأليف د. صلاح الدين مقبول أحمد، الناشر مجمع البحوث العلمية الإسلامية – الهند
8 - نصره الحديث في الرد على منكري الحديث، تأليف حبيب الرحمن الأعظمي، الناشر دار رحاب طيبة – المدينة المنورة.
9 - الأنوار الكاشفة لما في كتاب أضواء على السنة من الزلل والتضليل والمجازفة
تأليف الشيخ عبد الرحمن المعلمي، الناشر المكتب الإسلامي – بيروت
10 - دراسات في الحديث النبوي، تأليف محمد الأعظمي، ا لناشر مطابع الرياض.
ـ[أبو ذر الفاضلي]ــــــــ[16 - 04 - 07, 12:54 ص]ـ
بوركت أخي رياض، ولكني لا استسيغ وصف هؤلاء بالقرآنيين.
فهي من ناحية توحي بتمسك قوم بالقرآن الكريم، وعند الرد عليهم يظهر للقارئ أو للسامع أن أهل القرآن في ضلال، فيقع في حيرة.
أفلا نستطيع تعديل هذه التسمية الى غيرها، كأن نقول نفاة السنة كما ورد في بحثك، أو غيرها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(39/457)