ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[07 - 04 - 06, 04:04 م]ـ
122 - (13/ 399) قال الحافظ: " قال ابن دقيق العيد: المنزهون لله إما ساكت عن التأويل وإما مؤول، والثاني يقول: المراد بالغيرة المنع من الشيء والحماية، وهما من لوازم الغيرة فأطلقت على سبيل المجاز كالملازمة، وغيرها من الأوجه الشائعة في لسان العرب ".
وذلك في كلامه على باب قول النبي r لا شخص أغير من الله، كتاب التوحيد، باب 20.
قال الشيخ البراك: يريد ابن دقيق العيد بالمنزهين نفاة حقائق كثير من الصفات؛ كالمحبة والرضا، والضحك والفرح، والغضب والكراهة، والغيرة، وأنهم في نصوص هذه الصفات طائفتان: إما مفوضة، وإما مؤولة. وهذا يصدق على الأشاعرة ونحوهم؛ فإنهم ينفون هذه الصفات ويوجبون فيما نفوه إما التفويض وإما التأويل المخالف لظاهر اللفظ. وإطلاق لفظ المنزهة عليهم يستلزم أن من يثبت هذه الصفات مشبه. وكذلك يسمون المثبتين لسائر الصفات - وهم أهل السنة - مشبهة، كما أن الجهمية والمعتزلة يسمون المثبتين لبعض الصفات كالأشاعرة مشبهة. والحق أن المنزهة على الحقيقة هم أهل السنة والجماعة الذين أثبتوا لله جميع الصفات الواردة في الكتاب والسنة، ونزهوه عن مماثلة المخلوقات؛ فتسمية النفاة: منزهة، والمثبتين للصفات: مشبهة من المغالطات. وأما الكلام في الغيرة فقد سبق التعليق عليه.
وانظر التعليقين (55) و (109).
123 - (13/ 401) قال الحافظ: "قال ابن بطال: أجمعت الأمة على أن الله تعالى لا يجوز أن يوصف بأنه شخص؛ لأن التوقيف لم يرد به ... وأما الخطابي فقال: إطلاق الشخص في صفات الله تعالى غير جائز؛ لأن الشخص لا يكون إلا جسمًا مؤلفًا، فخليق أن لا تكون هذه اللفظة صحيحة وأن تكون تصحيفًا من الراوي ... ".
وذلك في كلامه على باب (20) قول النبي r « لا شخص أغير من الله»، كتاب التوحيد.
قال الشيخ البراك: المنكرون لإطلاق لفظ الشخص على الله تعالى - كابن بطال والخطابي وابن فورك- لم يذكروا لهذا الإنكار دليلاً إلا أن إثبات ذلك عندهم يستلزم أن يكون الله تعالى جسمًا. وهذه عين الشبهة التي نفت بها المعتزلة جميع الصفات، ونفى بها الأشاعرة ما نفوا من الصفات. ومعلوم أن لفظ الجسم لم يرد في الكتاب والسنة نفيه ولا إثباته، وهو لفظ مجمل يحتمل حقًا وباطلاً، فلا يجوز إطلاقه على الله تعالى في النفي ولا في الإثبات. فعلم أن المنع من إطلاق الشخص على الله تعالى مبني على هذه الشبهة الباطلة التي نفيت بها كثير من الصفات، وهي باطلة وما بني عليها باطل.
ودعوى الإجماع على منع إطلاق الشخص على الله تعالى، ودعوى التصحيف كل ذلك ممنوع؛ فلا إجماع ولا تصحيف، ولفظ الشخص يدل على الظهور والارتفاع، والقيام بالنفس، فلو لم يرد في الحديث لما صحّ نفيه لعدم الموجب لذلك، بل لو قيل: يصح الإخبار به لصحةِ معناه لكان له وجه، فكيف وقد ورد في الحديث، ونقله الأئمة ولم يَرَوه مشكلاً. فنقول: إن الله شخص لا كالأشخاص كما نقول مثل ذلك فيما ورد من الأسماء والصفات، والله أعلم.
124 – (13/ 401) قال الحافظ: "ثم قال ابن فورك: وإنما منعنا من إطلاق لفظ الشخص أمور، أحدها: أن اللفظ لم يثبت من طريق السمع، والثاني: الإجماع على المنع منه، والثالث: أن معناه الجسم المؤلف المركب، ثم قال: ومعنى الغيرة الزجر والتحريم".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7416، كتاب التوحيد، باب 20.
انظر التعليق السابق (123).
وأما قوله: "ومعنى الغيرة: الزجر والتحريم"
فانظر للرد على ذلك التعليقين (55) و (109)
125 - (13/ 402) قال الحافظ: "والمراد بالوجه الذات، وتوجيهه أنه عبر عن الجملة بأشهر ما فيها ... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7416، كتاب التوحيد، باب 21.
قال الشيخ البراك: تقدم أن مذهب أهل السنة والجماعة إثبات الوجه لله تعالى كما صرحت بذلك الآيات والأحاديث، وأنه موصوف بالجلال والإكرام، وبالأنوار، وأن القول فيه كالقول في سائر الصفات.
وأما تأويل الوجه بالذات، وأنه في الآية مجاز، فهذا سبيل أهل التأويل من النفاة لحقائق الصفات من الجهمية والمعتزلة، ومن وافقهم من الأشاعرة ونحوهم، ومذهبهم باطل ومخالف لمذهب السلف الصالح ومن تبعهم بإحسان.
انظر التعليق (47) و (112)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/343)
126 – (13/ 405 - 406) قال الحافظ: قال ابن بطال .. وقالت الجسمية: معناه الاستقرار وقال بعض أهل السنة معناه ارتفع وبعضهم معناه علا ..
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 22.
قال الشيخ البراك: مقصود البخاري رحمه الله بترجمة الباب تقرير علو الله بذاته على مخلوقاته واستوائه على عرشه، واكتفى بالإشارة إلى الاستواء بذكر العرش في الآية والأحاديث التي أوردها في الباب، لأن العرش متعلَّق الاستواء، وإن كان قد جاء التصريح بالاستواء على العرش في سبع آيات، وأشار إليها في نقل تفسير السلف للاستواء كأبي العالية، ومجاهد، واكتفى من أدلة العلو خاصة بحديث أنس رضي الله عنه في شأن زينب رضي الله عنها، وقولها: "وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات" مع أن أدلة العلو في الكتاب والسنة لا تحصى كثرة، وأهل السنة يثبتون ما دلت عليه هذه النصوص ويمرونها كما جاءت بلا كيف، كما قال الإمام مالك: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب".
وأما المعطلة والجهمية ومن وافقهم، فإنهم ينفون علو الله على خلقه واستوائه على عرشه، ثم منهم من يقول بالحلول العام، أو أنه - تعالى الله عن قولهم - لا داخل العالم ولا خارجه، وفي هذا غاية التنقص لله تعالى، أو ما يتضمن وصفه بالعدم. ثم يضطربون في جوابهم عن هذه النصوص؛ فأكثرهم يذهب إلى التأويل المخالف لظاهر اللفظ كتأويل الاستواء بالاستيلاء، أو الملك والقدرة، أو التمام كما ذكر ذلك الحافظ فيما حكاه عن ابن بطال. وهؤلاء يجمعون بين التعطيل والتحريف. ومن نفاة العلو والاستواء من الأشاعرة من يذهب إلى التفويض؛ وهو الإمساك عن تدبر هذه النصوص لأنه لا سبيل إلى فهم معناها، مع نفي أن يكون ظاهرها مرادًا، ويزعم بعض أولئك أن هذا هو مذهب السلف في نصوص الصفات كالعلو والاستواء كما نقله الحافظ عن إمام الحرمين بعد ذلك، وهو خطأ ظاهر وجهل بحقيقة مذهب السلف.
ومما يدل على فساد مذهب المفوضة أن الله عز وجل أمر بتدبر الكتاب كله، وما لا يفهم معناه لا يؤمر بتدبره ولا معنى لتدبره.
وقد وصف الله كتابه بأنه هدى وشفاء وبيان، وما لا يفهم معناه لا يوصف بشيء من ذلك. فالمخرج من هذا الاضطراب هو الاعتصام بما دل عليه كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبما كان عليه السلف الصالح والتابعون لهم بإحسان، والله الهادي إلى الصواب.
127 – (13/ 408) قال الحافظ: " وقسم بعضهم أقوال الناس في هذا الباب إلى ستة أقوال ... "
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 22.
قال الشيخ البراك: الصواب من هذه الأقوال هو القول الثاني من القولين الأولين، وهو: إجراء نصوص الصفات على ظاهرها - أي إثبات ما تدل عليه من الصفات - مع نفي مماثلة المخلوقات، وأن القول في الصفات كالقول في الذات، وهذا قول أهل السنة والجماعة المثبتين لجميع الصفات، والقول الأول من القولين الأولين هو قول المشبهة كما ذكر المصنف.
وأما الثالث فقول أهل التفويض، والرابع قول أهل التأويل. وكل منهما ينفي أن يكون ظاهر النصوص مرادًا، وهؤلاء هم الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم من الأشاعرة.
وأما القولان الأخيران - الخامس والسادس - فهما مذهبان للواقفة وهم الشاكون الذين لا يجزمون بإثبات الصفات ولا بنفيها، وحكمهم حكم من يصرح بنفي الصفات؛ لأن حكم الشاك في الحق والمكذب واحد.
128 – (13/ 410) قال الحافظ: "قوله: (كان الله ولم يكن شيء قبله) تقدم في بدء الخلق بلفظ: "ولم يكن شيء غيره" وفي رواية أبي معاوية: "كان الله قبل كل شيء" وهو بمعنى: "كان الله ولا شيء معه"، وهي أصرح في الرد على من أثبت حوادث لا أول لها من رواية الباب، وهي من مستشنع المسائل المنسوبة لابن تيمية، ووقفت على كلام له على هذا الحديث يرجح الرواية التي في هذا الباب على غيرها ... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7418، كتاب التوحيد، باب 22.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/344)
قال الشيخ البراك: قوله: "وفي رواية أبي معاوية: (كان الله قبل كل شيء) وهو بمعنى: (كان الله ولا شيء معه) ... إلخ": يرجح الحافظ هاتين الروايتين على رواية الباب: (كان الله ولم يكن شيء قبله)؛ وذلك من جهة المعنى الذي يرى أنهما تدلان عليه؛ وهو أن الله تعالى كان منفردًا لم يخلق شيئًا في الأزل ثم ابتدأ الخلق، وعليه فجنس المخلوقات له بداية لم يكن قبلها شيء من المخلوقات. وهذا قول من يقول بامتناع حوادث لا أول لها، وهم أكثر المتكلمين، وهو الذي يختاره المؤلف، ولهذا رجح الروايتين المشار إليهما آنفًا بناء على أنهما تدلان على مطلوبه، ولهذا قال: "وفي رواية أبي معاوية ... وهي أصرح في الرد على من أثبت حوادث لا أول لها" واستشنع من ابن تيمية القول بذلك، ولهذا ضعف ترجيح ابن تيمية لرواية: "كان الله ولم يكن شيء قبله"، وزعم أن الجمع بين هذه الروايات مقدم على الترجيح. وهذا ممنوع في الحديث الواحد الذي قصته واحدة كما في هذا الحديث؛ فإنه جاء بأربع روايات، ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل إلا أحد هذه الألفاظ، والأخريات رويت بالمعنى، فتعيَّن الترجيح. وكل هذه الروايات لا تدل على مطلوب المتكلمين وهو امتناع حوادث لا أول لها. ولكن بعض هذه الروايات فيه شبهة لهم مثل رواية: "ولم يكن شيء معه"، ولهذا رجحها الحافظ على رواية الباب، ورواية الباب أرجح منها؛ لأن لها شاهدًا عند مسلم، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "أنت الأول فليس قبلك شيء" كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى مع وجوه أخرى من الترجيح.
ومسألة تسلسل الحوادث - أي المخلوقات في الماضي وهو معنى حوادث لا أول لها - فيها للناس قولان:
أحدهما: أن دوام الحوادث ممتنع؛ وهو قول أكثر المتكلمين. وشبهه هذا القول هي اعتقاد أن ذلك يستلزم قدم العالم الذي تقول به الفلاسفة، وهو باطل عقلاً وشرعًا. وهذا الاعتقاد خطأ؛ فإن معنى تسلسل الحوادث في الماضي أنه ما من مخلوق إلا وقبله مخلوق إلى ما لا نهاية، ومعنى ذلك أن كل مخلوق فهو محدث بعد أن لم يكن، فهو مسبوق بعدم نفسه، والله تعالى مقدم على كل مخلوق تقدم لا أول له، وليس هذا بقول الفلاسفة؛ فإن حقيقة قولهم أن هذا العالم قديم بقدم علته الأولى لأنه صادر عنها صدور المعلول عن علته التامة، لا صدور المفعول عن فاعله؛ فإن المفعول لا بد أن يتأخر عن الفاعل.
القول الثاني: أن تسلسل الحوادث في الماضي ممكن، وهو موجب دوام قدرة الرب تعالى وفاعليته؛ فكل من يثبت أن الله لم يزل فعالاً لما يريد وهو على كل شيء قدير، لا بد أن يقول بأن الخلق لم يزل ممكنًا. وهذا الحد لا يمكن النزول عنه؛ فإن من قال بامتناع حوادث لا أول لها منهم من يقول: إن الله لم يكن قادرًا ثم صار قادرًا، ومن قال منهم: إن الله لم يزل قادرًا كان متناقضًا؛ فإن المقدور لا يكون ممتنعًا لذاته.
أما كون تسلسل المخلوقات واقعًا أو غير واقع فهذا يُبنى على الدليل؛ فمن قام عنده الدليل على أحدها فعليه القول بموجبه. فالقول المنكر الذي لا شك في بطلانه هو القول بامتناع حوادث لا أول لها؛ لما يستلزمه من تعجيز الرب سبحانه في الأزل تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.
وقد حرر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هذه المسألة فأجاد وأفاد، فأتى بالفرقان بين الحق والباطل في هذا المقام، وقد رماه خصومه والغالطون عليه بأنه يقول بقول الفلاسفة، وهو الذي يفند قول الفلاسفة بما لم يستطعه المنازعون له. ومن رد قول الفلاسفة بالقول بامتناع حوادث لا أول لها فقد رد باطلاً بباطل، والحق في خلافهما، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
انظر: مجموع الفتاوى 18/ 210 - 244، ودرء تعارض العقل والنقل 1/ 121 - 127، 303 - 305، 2/ 344 - 399.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[08 - 04 - 06, 05:17 م]ـ
129 – (13/ 412) قال الحافظ: "قال الكرماني: قوله: "في السماء" ظاهره غير مراد؛ إذ الله منزه عن الحلول في المكان، لكن لما كانت جهة العلو أشرف من غيرها أضافها إليه إشارة إلى علو الذات والصفات".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7420، كتاب التوحيد، باب 22.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/345)
قال الشيخ البراك: وصفُ اللهِ تعالى بأنه في السماء جاء في القرآن في قوله: "أأمنتم من في السماء"، وفي السنة: قال صلى الله عليه وسلم: "وأنا أمين من في السماء"، ومن هذا قول زينب رضي الله عنها: "إن الله أنكحني في السماء". ومعنى هذا كله أن الله تعالى في السماء أي في العلو فوق جميع المخلوقات، وليس ظاهره أن الله تعالى في داخل السماوات كما ظنه الكرماني، ولهذا قال: "ظاهره غير مراد".
وقوله: "إذ الله منزه عن الحلول في المكان": إن أراد أنه تعالى لا يحويه شيء من مخلوقاته ويحيط به فهو حق؛ فإن الله تعالى أعظم من أن يحيط به شيء من مخلوقاته.
وإن أراد أنه ليس في العلو الذي وراء العالم، ولا هو فوق العرش بذاته فهذا باطل؛ فإن هذا هو قول الجهمية والمعتزلة ومن تبعهم من نفاة العلو، وأكثرهم يقول بالحلول العام؛ أي أن - الله تعالى عن قولهم - في كل مكان.
وقول الكرماني: "لكن لما كانت جهة العلو أشرف من غيرها ... ": هذا يقتضي أن الله تعالى ليس بذاته في العلو، وإنما وصف بذلك للتشريف؛ لأن السماء أشرف الجهات وفي ذلك إشارة إلى علو قدره في ذاته وصفاته. وليس هذا محل النزاع مع المبتدعة نفاة العلو، وإنما النزاع معهم في علوه سبحانه بذاته فوق مخلوقاته، وهو سبحانه العلي بكل معاني العلو، وله الفوقية بكل معانيها ذاتًا وقدرًا وقهرًا. وما ذكره الحافظ عن الراغب في مفردات القرآن إنما هو استعراض لمعاني الفوقية بحسب ما أضيفت إليه في القرآن، ولم يذكر من معاني الفوقية المضافة إلى الله تعالى إلا فوقية القهر، وأهمل الإشارة إلى فوقية ذاته سبحانه كما يدل عليها نصًا قوله تعالى:"يخافون ربهم من فوقهم".
والحافظ عفا الله عنه يكثر من النقول في هذه المسائل ولا يحررها.
130 – (13/ 413) قال الحافظ: "ويكون معنى: "فهو عنده فوق العرش" أي ذكره وعلمه، وكل ذلك جائز في التخريج .... "الرحمن على العرش استوى" أي ما شاءه من قدرته، وهو كتابه الذي وضعه فوق العرش".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7422، كتاب التوحيد، باب 22.
قال الشيخ البراك: هذا الحديث من أدلة أهل السنة على علو الله فوق خلقه واستوائه على عرشه، وهو يدل كذلك على أن الكتاب الذي كتبه كتب فيه على نفسه أن رحمته تغلب غضبه عنده فوق العرش، وهذه العندية عندية مكان لقوله: "فوق العرش"، وهذا الكتاب يحتمل أن يكون هو اللوح المحفوظ الذي هو أم الكتاب - وهو كتاب المقادير- ويحتمل أنه غيره فهو كتاب خاص، والله أعلم.
وعلى كل فلا يمتنع أن يكون الكتاب المذكور عند الله تعالى فوق العرش كما هو ظاهر الحديث، ولا موجب لتأويله بصرفه عن ظاهره كما صنع ذلك الخطابي عندما قال: "المراد بالكتاب أحد الشيئين ... إلخ"، فنفى على كل من التقديرين أن يكون فوق العرش كتاب؛ إذ تأول الكتاب بعلم الله تعالى بما كتب على نفسه، أو أن الذي عنده ذكر الكتاب وعلمه، والحامل له على هذا التأويل إما اعتقاد أن الله ليس بذاته فوق العرش، فلا يكون شيء من المخلوقات عنده فوق العرش، وإما اعتقاد امتناع أن يكون شيء غير الله فوق العرش. والأول باطل بأدلة العلو والاستواء، والثاني لا دليل عليه. بل هذا الحديث بمجموع ألفاظه يدل على بطلانه؛ فقد دلّ الحديث على أن هذا الكتاب عند الله فوق العرش، والله تعالى أعلم بنفسه، والرسول الذي أخبر بذلك أعلم بربه، فليس لأحد أن يعارض خبره صلى الله عليه وسلم. وأما ما نقله الحافظ عن ابن أبي جمرة فهو على النقيض من قول الخطابي؛ فإنه يثبت أن فوق العرش كتابًا وهو مما اقتضته حكمته وقدرته، ولكن من المنكر في كلامه قوله: "وقد يكون تفسيرًا لقوله: "الرحمن على العرش استوى" ... إلخ"؛ فإن ذلك يقتضي أن إضافة الاستواء إلى الله عز وجل مجاز، وأن المراد به كون ذلك الكتاب فوق العرش، فيؤول معنى قوله: "الرحمن على العرش استوى" إلى معنى: " كتابه على العرش استوى" وهذا ظاهر الفساد؛ فإنه تحريف للكلم عن مواضعه.
131 - 13/ 416 قال الحافظ:" قال البيهقي: صعود الكلام الطيب والصدقة الطيبة عبارة عن القبول، وعروج الملائكة هو إلى منازلهم في السماء، وأما ما وقع من التعبير في ذلك بقوله: "إلى الله" فهو على ما تقدم عن السلف في التفويض، وعن الأئمة بعدهم في التأويل، وقال ابن بطال: غرض البخاري في هذا الباب ... ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/346)
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 23.
قال الشيخ البراك: فيما نقله الحافظ ابن حجر في شرح هذا الباب عن البيهقي وابن بطال تخبط وحيرة في فهم النصوص والآثار الدالة على علو الله تعالى على خلقه؛ فإن كلامهما يقتضي نفي علو الله على خلقه، فعلى هذا يجب عندهم في هذه النصوص: إما التفويض؛ وهو الإعراض عن فهمها مع اعتقاد بأن الأمر بخلاف ظاهرها، وإما التأويل. ويزعمون أن التفويض هو طريقة السلف. وهذا باطل؛ فالسلف من الصحابة والتابعين يتدبرون القرآن كله ويفهمونه كما أمرهم الله، ويؤمنون بما دلت عليه الآيات والأحاديث من صفاته تعالى.
وحقيقة التأويل - وهو طريقة أكثر النفاة - صرف الكلام عن ظاهره إلى غيره بغير حجة توجب ذلك، وهذه حقيقة التحريف، ومن ذلك قول البيهقي: "صعود الكلام الطيب والصدقة الطيبة عبارة عن القبول"، ومعنى ذلك أنه لا يصعد إلى الله شيء، وكذا قوله: "وعروج الملائكة هو إلى منازلهم في السماء"، ومعنى ذلك أنهم لا يعرجون إلى الله.
وكذا قول ابن بطال: "وإنما أضاف المعارج إليه إضافة تشريف"، ومعناه أن الملائكة لا تعرج إليه حقيقة؛ لأن الله – عنده – ليس في السماء، وعبر عن ذلك بقوله: "وقد تقرر أن الله ليس بجسم فلا يحتاج إلى مكان يستقر فيه؛ فقد كان ولا مكان"، وهو يريد بذلك نفي أن يكون الله بذاته فوق المخلوقات ومستويًا على العرش، ولكن هذه الألفاظ الواردة في عبارته ألفاظ مبتدعة مجملة لا بد فيها من التفصيل والاستفصال؛ لأنها تحتمل حقًا وباطلاً. نعم الله سبحانه لا يحتاج إلى شيء من مخلوقاته: لا مكان ولا غيره. وإذا كان سبحانه فوق مخلوقاته على عرشه فلا يلزم من ذلك أن يكون مفتقرًا إلى العرش، ولا أنه يحيط به شيء من الموجودات، بل هو سبحانه فوق جميع الموجودات، وهو الممسك بالعرش وما دون العرش.
وقول ابن بطال: "ومعنى الارتفاع إليه: اعتلاؤه مع تنزيهه عن المكان" كلام فيه قلق؛ فإنه فسر ارتفاع بعض المخلوقات إليه باعتلائه فأضاف إليه ما هو مضاف إلى المخلوق.
وقوله: "مع تنزيهه عن المكان" فيه ما تقدم من الإجمال، وإرادة نفي علو الله تعالى بذاته فوق خلقه، وهذا هو المعنى الباطل المنافي لدلالة الكتاب والسنة والعقل والفطرة، والله أعلم.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[09 - 04 - 06, 10:25 م]ـ
132 – 13/ 419 قال الحافظ: " قال ابن المنير: جميع الأحاديث في هذه الترجمة مطابقة لها إلا حديث ابن عباس" إلى أن قال: "وقِدَمُه يحيل وصفه بالتحيز فيها، والله أعلم".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7433، كتاب التوحيد، باب 23.
قال الشيخ البراك: قول ابن المنير في حديث ابن عباس: "ومطابقته والله أعلم من جهة أنه نبه على بطلان قول من أثبت الجهة .... إلخ": يريد مطابقة الحديث للترجمة ومناسبته لها، ويزعم أن البخاري قصد بإيراد الحديث التنبيه على بطلان قول من أثبت الجهة. ويريد بمن أثبت الجهة من أثبت علو الله تعالى بذاته فوق عرشه وجميع مخلوقاته، وفي هذا غلط قبيح على البخاري؛ فإن البخاري من أئمة السنة المثبتين لعلو الله تعالى واستوائه على عرشه، وقد عقد عددًا من التراجم لتقرير هذا الأصل، فزعم ابن المنير أن قصد البخاري الرد على من أثبت العلو والاستواء على العرش قلبٌ لمقصود البخاري، بل أراد البخاري بذكر هذا الحديث إثبات علو الله تعالى واستوائه على العرش استنباطًا من ذكر العرش حيث إنه متعلق الاستواء.
وقول ابن المنير: "فبين – أي البخاري – أن الجهة التي يصدق عليها أنها سماء، والجهة التي يصدق عليها أنها عرش كل منهما مخلوق مربوب محدث": فيه دعوى باطلة على البخاري أنه أراد ما ذكر، وفيه دعوى أن الجهة سواء أريد بها السماء أو العرش فإنها مخلوقة، وهذه الدعوى لا تصح في السماء على الإطلاق؛ فإن السماء يراد بها السماء المبنية - وهي السماوات السبع، وهذه مخلوقة - ويراد بها العلو مطلقًا، فتتناول ما فوق المخلوقات؛ وليس فوق المخلوقات شيء موجود إلا الله تعالى. فلا يلزم من كونه في السماء الذي وراء العالم أن يكون في ظرف وجودي يحيط به تعالى؛ لأنه ليس وراء العالم شيء موجود إلا الله تعالى. بل المخلوق إذا قيل إنه في السماء بمعنى العلو لا يلزم أن يكون في ظرف وجودي؛ كما إذا قيل العرش في السماء، ومن المعلوم أن العرش فوق السماوات فالله تعالى أولى أن لا يلزم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/347)
فيه ذلك. وعلى هذا فلفظ الجهة لفظ مجمل قد يراد به شيء موجود مخلوق كما إذا أريد به نفس العرش، وقد يراد به ما ليس بموجود كما إذا أريد به ما وراء العالم؛ فإنه ليس وراء العالم شيء موجود إلا الله تعالى.
وقول ابن المنير: "وقِدَمُه سبحانه وتعالى يحيل وصفه بالتحيز فيها": إن أراد أنه مستغن عن هذه المخلوقات من العرش وغيره فهذا حق، وإن أراد أن قدمه يحيل كونه بذاته فوق مخلوقاته مستو على عرشه فهذا باطل. بل هذا عين الكمال؛ فإن له سبحانه العلو بكل معانيه ذاتًا وقدرًا وقهرًا.
ولفظ التحيز لفظ مجمل مبتدع لا يجوز إطلاقه نفيًا ولا إثباتًا، ولا يجوز الحكم على قائله إلا بعد معرفة مراده، فإن أراد حقًا قُبِل، وإن أراد باطلاً رُدّ، وإن أراد حقًا وباطلاً لم يقبل مطلقًا، ولم يرد جميع معناه.
133 - 13/ 426 قال الحافظ: "ومنع جمهور المعتزلة من الرؤية، متمسكين بأن من شرط المرئي أن يكون في جهة، والله منزه عن الجهة، واتفقوا على أنه يرى عباده؛ فهو راء لا من جهة، واختلف من أثبت الرؤية في معناها؛ فقال قوم: يحصل للرائي العلم بالله تعالى برؤية العين كما في غيره من المرئيات، وهو على وفق قوله في حديث الباب: "كما ترون القمر" إلا أنه منزه عن الجهة والكيفية".
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 24.
قال الشيخ البراك: قوله تعالى: "وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة": هي أصرح آية في الدلالة على رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة بأبصارهم؛ فإن النظر إذا عدي بإلى اختص بنظر العين، وقد اختلف الناس في مسألة الرؤية: فذهب أهل السنة إلى أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة بأبصارهم عيانًا من فوقهم من غير إحاطة، كما دل على ذلك الكتاب والسنة الصحيحة الصريحة كهذه الأحاديث التي ذكرها البخاري في الباب. وذهبت المعتزلة إلى نفي الرؤية وتأولوا الآيات والأحاديث بصرفها عن ظاهرها، وردّ ما أمكنهم ردّه من السنة على أصولهم. وذهب الأشاعرة إلى إثبات الرؤية بالأبصار، لكن قالوا: إن الله تعالى يُرى لا في جهة بناء على مذهبهم في نفي العلو؛ فأثبتوا رؤية غير معقولة، فخالفوا بذلك العقل والشرع، وكانوا بذلك متذبذبين بين النفاة والمثبتين، بل كانوا أقرب إلى مذهب النفاة كالمعتزلة وغيرهم.
وكل ما ذكر الحافظ في هذا المقام ونقله عن الشراح يدور حول مذهب المعتزلة ومذهب الأشاعرة، وفيه من الحق ردّ مذهب المعتزلة، ومن الباطل نفي علو الله تعالى، ونفي أن يرى في جهة العلو بل يرى لا في جهة؛ مما أوجب لهم الحيرة والاضطراب، وظهور حجة المعتزلة عليهم. وليس لمذهب أهل السنة المحضة ذكر صريح.
وقول ابن بطال: "وذهب أهل السنة وجمهور الأمة إلى جواز رؤية الله تعالى في الآخرة ... إلخ" كلام مجمل، والظاهر أن مراده بأهل السنة: الأشاعرة.
134 - 13/ 427: قال: "وقال البيهقي: سمعت الشيخ الإمام أبا الطيب سهل بن محمد الصعلوكي يقول في إملائه في قوله: "لا تضامون في رؤيته" بالضم والتشديد، معناه: لا تجتمعون لرؤيته في جهة، ولا يضم بعضكم إلى بعض، ومعناه بفتح التاء كذلك، والأصل: لا تتضامون في رؤيته باجتماع في جهة. وبالتخفيف من الضيم، ومعناه: لا تظلمون فيه برؤيتكم بعضكم دون بعض؛ فإنكم ترونه في جهاتكم كلها، وهو متعال عن الجهة".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7436، كتاب التوحيد، باب 24.
قال الشيخ البراك: قول الصعلوكي الذي نقله البيهقي ونقله عنه الحافظ جارٍ على مذهب الأشاعرة؛ وهو إثبات الرؤية مع نفي الجهة أي نفي العلو، ومعنى ذلك أن المؤمنين يرونه سبحانه لا من فوق ولا من أسفل، ولا من أمام ولا من خلف، ولا من يمين ولا من شمال، وتقدم قريبًا أن هذه الرؤية لا حقيقة لها في الواقع [انظر التعليق السابق]؛ فهي مع مخالفتها لنص السنة المتواترة مخالفة للعقل. وبناء على نفي الصعلوكي لعلو الله تعالى نفى أن يكون في جهة من العباد، ونفى أن يكونوا في جهة منه سبحانه حيث قال في: "تضامون" معناه: لا تجتمعون لرؤيته في جهة. وأما قوله: "فإنكم ترونه في جهاتكم كلها" فيقتضي أنهم يرونه من فوقهم ومن تحتهم ومن الجهات الأربع، وهذا يتناقض مع نفيه الجهة عن الله بقوله بعده: "وهو متعال عن الجهة"، بل يناقض المعروف من قول الأشاعرة: إن الله تعالى يرى لا في جهة؛ فإنهم ينفون الجهة عن الله مطلقًا، وما يرى من جميع الجهات هو موجود في جميع الجهات، وتقدم في التعليق قريبًا [ص314،هامش1] ما في لفظ الجهة من الإجمال، وما يجب فيه من الاستفصال.
135 – 13/ 427 قال الحافظ: "وقال ابن بطال: تمسك به المجسمة فأثبتوا لله صورة .... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7439، كتاب التوحيد، باب 24.
قال الشيخ البراك: قوله صلى الله عليه وسلم: "فيأتيهم الله في صورته التي تعرفون .... إلخ": يستدل أهل السنة به وبغيره على أن لله تعالى صورة هي أحسن الصور، وأنها لا تماثل صورة أحد من المخلوقين؛ فالقول فيها كالقول في الوجه وسائر الصفات، وما نقله الحافظ عن ابن قتيبة هو الصواب؛ فإنه جارٍ على مذهب أهل السنة، وأما ما نقله عن ابن بطال من نسبة إثبات الصورة إلى المجسمة فهو على طريقة الجهمية ومن تبعهم من وصف المثبتين للصفات بالتجسيم وهم برآء من التشبيه ومن إطلاق الجسم على الله نفيًا أو إثباتًا.
وكذلك تفسيره الصورة في الحديث بالعلامة هو تحريف للكلم عن مواضعه، ومثله ما نقله الحافظ عن ابن التين من تفسير الصورة بالاعتقاد، وما نقله عن الخطابي من حمل الصورة على المشاكلة. وكل هذا التخبط حملهم عليه اعتقادهم امتناع أن يكون لله تعالى صورة، وليس لهم حجة على هذا الاعتقاد إلا ما هو من جنس حجة الجهمية على نفي جميع الصفات، وهم لا يوافقونهم على هذا، فأفضى بهم ذلك إلى التناقض والاضطراب، والله يغفر لمن كان مراده الحق، وهذا هو الظن في هؤلاء العلماء رحمهم الله تعالى.
وانظر التعليق (16)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/348)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[11 - 04 - 06, 08:22 م]ـ
136 – (13/ 428) قال الحافظ: "وقال الخطابي: تهيب كثير من الشيوخ الخوض في معنى الساق، ومعنى قول ابن عباس: إن الله يكشف عن قدرته التي تظهر بها الشدة، وأسند البيهقي الأثر المذكور عن ابن عباس بسندين كل منهما حسن، وزاد: إذا خفي علكم شيء من القرآن فأتبعوه من الشعر، وذكر الرجز المشار إليه، وأنشد الخطابي في إطلاق الساق على الأمر الشديد: "في سنة قد كشفت عن ساقها .... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7439، كتاب التوحيد، باب 24.
قال الشيخ البراك: قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: "فيكشف عن ساقه" يدل على أن لله تعالى ساقًا كما أن له قدمًا، والقول فيهما كالقول في الوجه واليدين؛ وهو الإيمان بذلك على ما يليق به سبحانه وأن صفاته لا تماثل صفات خلقه، وأن كيفية هذه الصفات غير معقول لنا، وهذا الحديث أولى ما تفسر به الآية، وهي قوله تعالى: "يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون" ولولا هذا الحديث لما أمكن الاستدلال بالآية على إثبات الساق لأنها محتملة؛ وذلك أن ذكر الساق فيها غير مضاف، ولهذا جاء تفسير الآية عن ابن عباس رضي الله عنهما بشدة الأمر، والكشف عن أمر عظيم من أهوال يوم القيامة. والآية محتملة لذلك، ولا مانع من تفسير الآية بذلك وبما جاء في الحديث؛ فإنه لا منافاة بينهما، ولعل ابن عباس رضي الله عنهما لم يبلغه الحديث، وعلى هذا فلا موجب للعدول عن ظاهر الحديث بتأويل الساق بالقدرة أو النفس كما صنع الخطابي رحمه الله تعالى، وهذه طريقته في مثل هذه الصفات: لا يثبت حقائقها بل يتأولها على معانٍ تخالف ظواهر النصوص. والواجب إجراء النصوص على ظاهرها كما قال الأئمة: "أمروها كما جاءت بلا كيف"؛ أي آمنوا بما دلت عليه ولا تعدلوا بها عنه، كما قال الإمام مالك وغيره: "الاستواء معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب".
137 = 157 – (13/ 429) قال الحافظ: "ومثله من التبكيت ما يقال لهم بعد ذلك: "ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا"، وليس في هذا تكليف ما لا يطاق، بل إظهار خزيهم، ومثله: "كلف أن يعقد شعيرة"؛ فإنها للزيادة في التوبيخ والعقوبة. انتهى.
ولم يجب عن قصة أبي لهب. وقد ادعى بعضهم أن مسألة تكليف ما لا يطاق لم تقع إلا بالإيمان فقط، وهي مسألة طويلة الذيل ليس هذا موضع ذكرها".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7439، كتاب التوحيد، باب 24.
انظر التعليق على هذه المسألة (62) و (89)
قال الشيخ البراك: وأما احتجاج من قال به بتكليف أبي لهب بالإيمان مع أن الله أخبر أنه سيصلي نارًا ذات لهب، وأن ذلك يستلزم الجمع بين النقيضين وهما: أمره بالإيمان مع إخباره بأنه لا يؤمن؛ فالجواب: أنه بعد نزول السورة أصبح بمنزلة من عاين العذاب؛ فإنه لا ينفعهم إيمانهم لأنهم غير مأمورين به تلك الساعة؛ لأن التكليف والامتثال إنما ينفع قبل المعاينة كما قال تعالى: "فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا .... "الآية ومعنى هذا أن أبا لهب بعد نزول السورة لا يؤمر بالإيمان لانكشاف عاقبته كما قال الله تعالى لنوح في قومه: "إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن". وعلى هذا فيعلم بعد نزول السورة أن أبا لهب لن يؤمن كما أن قوم نوح بعد خبر الله له لن يؤمن أحد منهم، فانقضى بذلك وقت الدعوة والإنذار، وحق القول عليهم بأنهم من أصحاب النار.
138 = (13/ 429) قال الحافظ: "وقوله: فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه، قال الخطابي: هذا يوهم المكان، والله منزه عن ذلك، وإنما معناه في داره التي اتخذها لأوليائه، وهي الجنة، وهي دار السلام، وأضيفت إليه إضافة تشريف مثل: بيت الله وحرم الله".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7440، كتاب التوحيد، باب 24.
قال الشيخ البراك: قول الخطابي: "هذا يوهم المكان والله منزه عن ذلك": يقال في لفظ المكان ما يقال في لفظ الجهة بأنه لفظ مجمل؛ فإن أريد به أن الله تعالى في مكان موجود من المخلوقات يحيط به فالله منزه عن ذلك،
وإن أريد به ما فوق جميع المخلوقات - وليس فوق المخلوقات شيء موجود إلا الله تعالى - فلا يلزم بإثبات المكان بهذا المعنى محذور.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/349)
وقوله في الحديث: "في داره": لا ريب أن إضافة الدار إليه إضافة تشريف، ولا يلزم من ذلك أن يكون حالاً في هذه الدار؛ فإنه تعالى منزه عن الحلول في شيء من مخلوقاته. وأما المراد بهذه الدار فالله أعلم به، وإن كان المتبادر أنها الجنة.
وانظر التعليقات (129) و (130) و (131)
139– (13/ 431) قال الحافظ: "قال ابن بطال: معنى رفع الحجاب .... إلى قوله: فإن ظاهره ليس مردًا قطعا، فهي استعارة جزمًا، وقد يكون المراد بالحجاب في بعض الأحاديث الحجاب الحسي، لكنه بالنسبة للمخلوقين، والعلم عند الله تعالى".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7443، كتاب التوحيد، باب 24.
قال الشيخ البراك: قوله صلى الله عليه وسلم: "ولا حجاب يحجبه": يدل على أن الله تعالى يكلم عباده يوم القيامة كفاحًا بلا واسطة فيجتمع لهم التكليم والرؤية، والحجاب المنفي في هذا الحديث هو المثبت في قوله تعالى: "وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيًا أو من وراء حجاب". والحجاب إذا ذكر في مقام نفي الرؤية لا بد أن يكون خارجًا عن ذات الرائي ليكون مانعًا من الرؤية مع سلامة الحاسة. والحجاب الذي يمنع رؤية العباد لربهم قد يكون مخلوقًا، وقد يكون صفة لله تعالى كما في الحديث الذي بعد هذا؛ وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن" فالله يحتجب من عباده بما شاء وكيف شاء. وما يكون حاجبًا لعباده عن رؤيته لا يحجبه سبحانه وتعالى عن رؤيته لخلقه، ويشهد لهذا قوله صلى الله عليه وسلم: "حجابه النور أو النار لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه" والحديثان في صحيح مسلم.
ومما تقدم يتبين خطأ ابن بطال في قوله: "معنى رفع حجاب: إزالة الآفة من أبصار المؤمنين ... إلخ"؛ فإن معناه أنه ليس هناك حجاب يرفع بين المؤمنين وربهم فينظرون إليه، بل المانع لهم من الرؤية أولاً قصور أبصارهم عن رؤيته فمتى منحهم الله القدرة على ذلك رأوه. وهذا المعنى يرتبط بقول الأشاعرة في الرؤية وأنه يُرى تعالى لا في جهة، وبقولهم: إنه حال في كل مكان.
وما نقله الحافظ في شرح هذا الحديث عن العلائي من قوله: "ويتخرج كثير من أحاديث الصفات على الاستعارة التخييلية ... إلى قوله: وبالحمل على هذه الاستعارة التخييلية يحصل التخلص من مهاوي التجسم": هذا الكلام جارٍ على مذهب من ينفي كثيرًا من الصفات كالأشاعرة، ويحمل نصوصها على المجاز إما بالاستعارة أو بالمجاز المرسل، أو العقلي؛ فهذه النصوص عندهم محمولة على خلاف ظاهرها لأن ظاهرها عندهم تجسيم وتشبيه، فمن أثبت هذا فهو عندهم مشبه مجسم، وأهل السنة يثبتون ما دلّت عليه هذه النصوص مع نفي مماثلة المخلوقات، ويقولون: القول في الصفات كالقول في الذات، والقول في بعض الصفات كالقول في بعض.
وقول العلائي: "والله سبحانه وتعالى منزه عما يحجبه؛ إذ الحجاب إنما يحيط بمقدر محسوس": إن أراد أنه تعالى منزه عما يحجبه عن خلقه فلا يراهم ولا يسمعهم، أو أراد أنه منزه عن حجاب مخلوق يحيط به فهذا حق، وإن أراد أنه تعالى منزه عن حجاب محسوس يحجب الخلق عن رؤيته مثل النور الذي ورد ذكره في الحديث فهذا ما دلت عليه النصوص الواردة في ذكر الحجاب، فنفيه باطل.
وقوله: "إذ الحجاب إنما يحيط بمقدر محسوس": كلام مخالف للواقع ومبني على باطل؛ فإنه لا يلزم أن يكون الحجاب محيطًا بالمحتجب عن غيره.
وقوله: "بمقدر محسوس": يرجع عندهم إلى نفي العلو فوق المخلوقات والقول بالحلول، ونفي الرؤية الحقيقية، وكل ذلك باطل.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[12 - 04 - 06, 05:21 م]ـ
140 – (13/ 432) قال الحافظ: "قال المازري: .... ومن لم يفهم ذلك تاه، فمن أجرى الكلام على ظاهره أفضى به الأمر إلى التجسيم، ومن لم يتضح له وعلم أن الله منزه عن الذي يقتضيه ظاهرها إما أن يكذب نقلتها وإما أن يؤولها .... وقال الكرماني: هذا الحديث من المتشابهات فإما مفوض، وإما متأول بأن المراد بالوجه الذات .... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7444، كتاب التوحيد، باب 24.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/350)
قال الشيخ البراك: قوله صلى الله عليه وسلم: "إلا رداء الكبرياء على وجهه": يدل على أن الحجاب قد يكون صفة كما تقدم تقرير ذلك في التعليق الذي قبل هذا [رقم139]، وما نقله الحافظ هنا عن المازري وعياض يقتضي نفي حقيقة الحجاب، وأن المانع من الرؤية ضعف أبصار العباد فقط، لا أن هناك حجابًا بينهم وبين الله تعالى، وهذا جارٍ على أصل الأشاعرة في الرؤية وأنه يُرى لا في جهة بناء على نفيهم للعلو. وكذا ما نقله بعد ذلك عن القرطبي وابن بطال هو جارٍ على هذا السَنَن، وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم أظهر من أن يحتاج إلى هذا التمحل الذي حمل عليه رعاية الأصول الفاسدة والمحافظة عليها.
141 – (13/ 435) قال الحافظ: "قوله: (باب ما جاء في قول الله تعالى: إن رحمت الله قريب من المحسنين، قال ابن بطال: الرحمة تنقسم إلى صفة ذات، وإلى صفة فعل، وهنا يحتمل أن تكون صفة ذات، فيكون معناها إرادة إثابة الطائعين، ويحتمل أن تكون صفة فعل فيكون معناها أن فضل الله بسوق السحاب وإنزال المطر قريب من المحسنين، فكان ذلك رحمة لهم لكونه بقدرته وإرادته ... ".
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 25.
قال الشيخ البراك: قول ابن بطال: "الرحمة تنقسم إلى صفة ذات وإلى صفة فعل": هذا صحيح؛ فإنه سبحانه ذو الرحمة التي لم يزل متصفًا بها وهي لازمة لذاته، وهو ذو رحمة يرحم بها من يشاء؛ فالأولى هي الصفة الذاتية، والثانية هي الصفة الفعلية، وكلاهما قائم بذاته سبحانه وتعالى. ولولا ذلك لم تكن صفة. ولكن ابن بطال فسر الرحمة الذاتية بالإرادة على طريقة الأشاعرة، وفسر الرحمة الفعلية بالمفعول المخلوق كسوق السحاب، وكلا التفسيرين خطأ؛ فإن الرحمة غير الإرادة، والفعل القائم بالفاعل غير المفعول، والأشاعرة لا يثبتون حقيقة الرحمة، فلذا يؤولونها بالإرادة ولا يثبتون فعلاً يقوم بالرب بمشيئته سبحانه، فلذا يجعلون الفعل هو المفعول، ومعلوم أن المفعول ليس صفة للفاعل، بل هو أثر فعله. وبهذا تبين أن تسمية المفعول - وهو الرحمة المخلوقة كالمطر - صفة فعلية مخالفة للعقل. وتحرير المقام أن الرحمة المضافة لله تعالى إما أن تكون صفة ذاتية أو فعلية كما تقدم، وإما أن تكون مخلوقة؛ فمن الأول قوله تعالى: "وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين"، ومن الثاني قوله تعالى: "فانظر إلى آثار رحمة الله"؛ فإن المراد بالرحمة هنا: المطر. وكقوله تعالى: "وهو الذي يرسل الرياح بشرًا بين يدي رحمته"، وكما في حديث الباب من قوله تعالى للجنة: "أنت رحمتي أرحم بك من أشاء".
وانظر التعليقين (65) و (77).
142 – (13/ 436) قال الحافظ: "قال ابن بطال عن المهلب: يجوز أن يكون هذا الخصام حقيقة بأن يخلق الله فيهما حياة وفهمًا وكلامًا، والله قادر على كل شيء، ويجوز أن يكون هذا مجازًا كقولهم: امتلأ الحوض وقال قطني، والحوض لا يتكلم وإنما ذلك عبارة عن امتلائه وأنه لو كان ممن ينطق لقال ذلك، وكذا في قول النار: "هل من مزيد".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7449، كتاب التوحيد، باب 25.
قال الشيخ البراك: قوله صلى الله عليه وسلم: "اختصمت الجنة والنار .... إلخ": قيل إن هذا الاختصام حقيقة بلسان المقال، وأن الله عز وجل أنطق الجنة والنار، وقيل: إن الخصومة بلسان الحال، ومعناه أنه لم يكن نطق ولا كلام؛ فذكر الخصومة مجاز. وقد ذكر ابن بطال هذين الوجهين عن المهلب احتمالاً دون ترجيح، والواجب حمل الكلام على الحقيقة ما لم يمنع من ذلك مانع، ولا مانع هنا، ولا دليل يدل على صرف الكلام عن ظاهره، فالصواب أن الله تعالى أنطق الجنة والنار فاختصمتا كما ذكر في الحديث. والله تعالى ينطق الجلود بالشهادة على أهلها وليس في العادة أن تنطق؛ كما قال تعالى: "وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء".
143 – (13/ 440) قال الحافظ: "وتصرف البخاري في هذا الموضع يقتضي موافقة القول الأول، والصائر إليه يسلم من الوقوع في مسألة حوادث لا أول لها، وبالله التوفيق"*.
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 27.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/351)
قال الشيخ البراك: مقصود البخاري بترجمته لهذا الباب بيان الفرق بين الفعل والمفعول، وأن الفعل القائم بالرب - وهو تخليقه وتكوينه وأمره - غير مخلوق؛ لأن ذلك من صفته سبحانه، والله بصفاته غير مخلوق، والمفعول مخلوق، وهو المكوَّن بفعله وأمره وتكوينه.
فالمفعول أثر الفعل، والفعل صفة الفاعل، والمفعول ليس صفة له، وما قرره البخاري هنا من الفرق بين الفعل والمفعول هو الذي قرره في (باب خلق أفعال العباد) كما أشار إليه الحافظ، وهذا هو الحق الموافق للعقل والشرع، وعلى هذا فنوع الفعل والكلام من الله قديم، وآحاد ذلك حادثة تبعًا لمشيئته سبحانه وتعالى؛ فإنه لم يزل فعالاً لما يريد، فلا بداية لفاعليته، ولم يزل متكلمًا بما شاء إذا شاء. وأما جنس المفعول فلا ريب في إمكان قدمه؛ لأن ذلك لازم دوام فاعلية الرب وقدرته سبحانه، وبهذا التقرير يتبين الصواب والخطأ من الأقوال التي نقلها الحافظ في هذا المقام، وبيان ذلك فيما يلي:
1 - قوله: "وأصلها أنهم اختلفوا هل صفة الفعل قديمة أو حادثة ... إلخ": الصواب أن جنس الفعل القائم بالرب سبحانه قديم وآحاده حادثة، وهذا مذهب أهل السنة، وهو المراد مما حكاه الحافظ عن أبي حنيفة وجماعة من السلف، وأما قول ابن كلاب والأشعري ومن وافقهما بأن صفة الفعل حادثة فالأظهر أن مرادهم بالفعل: المفعول؛ أي المخلوق، وعندهم أنه يمتنع دوام الحوادث في الماضي، فيجب أن يكون جنس المخلوقات حادثًا، وإذا كان المراد من الفعل في قولهم هو المفعول فلا معنى للتعبير عنه بالصفة؛ لأن المفعول ليس صفة للفاعل، ويبعد أن يريدوا بالفعل ما يقوم بالرب سبحانه لأنه لا يجوز عندهم أن يقوم به ما هو حادث بمشيئته. وبهذا يعلم أن الفعل الذي قال أبو حنيفة بقدمه ليس هو الذي قال ابن كلاب والأشعري بحدوثه، فمتعلق المذهبين مختلف، فلا وجه للمعارضة بينهما.
2 - قوله: "فأجاب الأول أنه يوجد في الأزل صفة الخلق ولا مخلوق .... إلخ": المراد بالأول: أبو حنيفة ومن قال بقوله. وقوله: "أنه يوجد في الأزل صفة الخلق" بمعنى أن الله تعالى لم يزل موصوفًا بالخلق أي مسمى بالخالق هو الصواب؛ إذ لم يزل الرب سبحانه قادرًا على الخلق مستحقًا لهذا الاسم. وقول الأشعري بأنه لا يكون خلق ولا مخلوق كما لا يكون ضارب ولا مضروب: إن أراد أن فعل الخلق يستلزم المخلوق فصحيح، وإن أراد أن صفة الخالقية تستلزم مخلوقًا فممنوع؛ فإن القادر على الخلق خالق ولو لم يخلق، وهكذا يقال إن فعل الضرب يستلزم مضروبًا، والقادر على الضرب قد يسمى ضاربًا ولو لم يكن منه ضرب بالفعل.
3 - قوله: "فألزموه بحدوث صفات، فيلزم حلول الحوادث بالله": حلول الحوادث في ذات الله تعالى من الألفاظ المجملة المبتدعة؛ فإن أريد بنفيه نفي حلول شيء من المخلوقات في ذاته فهو حق، وإن أريد به نفي قيام الأفعال الاختيارية به فهو باطل؛ فإن الله تعالى لم يزل فعالاً لما يريد، ولا يزال يفعل ما يشاء إذا شاء، فبطل الإلزام. ولكن الأشعري يوافق على نفي قيام الأفعال الاختيارية به سبحانه، ولهذا أجاب بقوله: "إن هذه الصفات لا تحدث في الذات شيئًا جديدًا". وهو كلام ليس بسديد؛ فإذا كانت هذه الصفات حادثة، وكانت قائمة بذات الله، فقد حدث في الذات شيء جديد، وإن لم تكن قائمة بالذات فليست بصفات؛ لأن الصفة لا بد أن تقوم بالموصوف.
4 - قوله: "فتعقبوه بأنه يلزم أن لا يسمى في الأزل خالقًا ولا رازقًا": الصواب أن هذا ليس بلازم؛ لأن القادر على الخلق والرزق يسمى خالقًا ورازقًا ولو قدر أنه لم يقع منه الفعل. وقولهم: "إن كلام الله قديم" معناه عندهم أنه لا يكون بمشيئته، وهذا لا يصح على الإطلاق، بل إنه سبحانه لم يزل يتكلم إذا شاء بما شاء كيف شاء، فكلامه قديم النوع حادث الآحاد. وقدم أسمائه سبحانه معلوم من قدم كماله. وقول بعض الأشعرية: "إن إطلاق اسم الخالق الرازق على الله قبل أن يخلق ويرزق بطريق المجاز": هذا القول باطل؛ فإن القادر على الخلق والرزق هو خالق حقيقة رازق حقيقة، كما أن القادر على الكلام متكلم وإن كان في الحال لا يتكلم. وقول الأشعري: "إن الأسامي- أي أسامي الله- جارية مجرى الأعلام ... إلخ" يقتضي أن أسماء الله تعالى لا تدل على معاني بل هي أعلام محضة، وهذا كقول المعتزلة. والصواب أن أسماء الله تعالى أعلام وصفات؛ فتتحد في
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/352)
دلالتها على الذات وتختلف في دلالتها على الصفات، وبهذا يعلم أن أسماء الله تعالى دالة على معانيها بالحقيقة اللغوية والشرعية، واسم الفاعل والفعال يصدق على من كان قادرًا على الفعل وإن قُدِّر أنه لم يفعل كما تقدم والله أعلم.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[13 - 04 - 06, 01:57 م]ـ
144 – (13/ 441) قوله: (باب قوله تعالى: (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين") قال: "وأشار به إلى ترجيح القول بان الرحمة من صفات الذات .... من قال: المراد بالرحمة إرادة إيصال الثواب، وبالغضب إرادة إيصال العقوبة ... ".
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 28.
قال الشيخ البراك: السبق يراد به التقدم في الزمان، ويراد به الغلبة. والسبق في الآية الأظهر فيه: المعنى الأول؛ فيكون المراد به سبق القدر بأن النصر والغلبة لرسله وجنده، كما يشهد لذلك قوله تعالى: "كتب الله لأغلبن أنا ورسلي".
كما أن السبق في الآية يتضمن المعنى الثاني. والأظهر في سبق الرحمة المعنى الثاني، ويؤيده أن الحديث ورد بلفظ: "إن رحمتي تغلب غضبي".
والرحمة المضافة إلى الله تعالى نوعان: صفة ذاتية، وصفة فعلية، ولا ريب أن الرحمة الذاتية سابقة للغضب في الزمان؛ لأنه سبحانه موصوف بها في الأزل، فيصح أن يقال: لم يزل رحيمًا.
وأما الغضب فهو صفة فعلية، فهو تابع لمشيئته، والأظهر أن الرحمة التي تسبق وتغلب الغضب هي الرحمة الفعلية التي تكون بمشيئته سبحانه.
وأما سبق الكتاب في حديث ابن مسعود رضي الله عنه فالأظهر فيه هو المعنى الثاني، وإن كان المعنى الأول ثابتًا للكتاب لأن المراد به كتاب القدر. والظاهر أن مراد البخاري بالترجمة هو الاستدلال على أن كلام الله تعالى ورحمته من أفعاله التابعة لمشيئته، وما هذا شأنه لا بد أن يسبق بعضه بعضًا، فوصف بعض كلامه بالسبق يدل على ذلك. وأمره الكوني والشرعي من كلامه سبحانه، وبهذا يتبين الخطأ في قول الحافظ عن البخاري: "وأشار به – أي حديث إن رحمتي سبقت غضبي- إلى أن الرحمة صفة ذاتية".
وقوله: "وقد غفل عن مراده من قال: دل وصف الرحمة بالسبق على أنها من صفات الفعل": فالصواب مع هذا القائل خلافًا للحافظ؛ فهذه الرحمة الموصوفة بالسبق صفة فعلية كما تقدم.
وقد تقدم في غير موضع أن الأشاعرة ينفون حقيقة الرحمة والغضب، وأهل التأويل منهم يفسرونهما بالإرادة - وهو المعنى الذي أشار إليه الحافظ هنا - كما ينفون قيام الأفعال الاختيارية به سبحانه؛ فلذلك قالوا: إن الرحمة صفة ذاتية وهي الإرادة، وإن كلام الله قديم لا يكون شيء منه بمشيئته ولا يسبق بعضه بعضًا، ولذلك استشكلوا وصف الرحمة والكلمة بالسبق كما أشار الحافظ. ومذهب أهل السنة أن جنس كلام الله تعالى لم يزل، وآحاده تحدث تبعًا لمشيئته؛ فلم يزل سبحانه يتكلم بما شاء إذا شاء.
145 - (13/ 449) قال الحافظ: " ... فمن قدر عليه بالمعصية كان ذلك علامة على أنه قدر عليه بالعقاب إلا أن يشاء أن يغفر له من غير المشركين، ومن قدر عليه بالطاعة كان ذلك علامة على أنه قدر عليه بالثواب، وحرف المسألة أن المعتزلة قاسوا الخالق على المخلوق، وهو باطل ... ".
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 31.
قال الشيخ البراك: قوله: "فمن قدر عليه بالمعصية كان ذلك علامة .... إلخ": جعل المعصية علامة على العقاب والطاعة علامة على الثواب معناه: أنه لا أثر لهما في الجزاء وإنما مرد الجزاء محض المشيئة من الله تعالى، وهذا قول القدرية الجبرية الجهمية؛ فإن من مذهبهم نفي الأسباب وأنها محض أمارات على ما يحدثه الله سبحانه، ومعنى ذلك أن الله يخلق عندها لا بها؛ فليس عندهم في أفعال الله تعالى باء سبب بل باء المصاحبة، وقد تبعهم الأشاعرة في ذلك، فما ذكره الحافظ من أن الطاعة والمعصية علامة هو من قولهم، وهو راجع إلى قولهم في نفي الأسباب، ومن فروع قولهم في الأسباب: قولهم في أفعال العباد أنها كسب من العباد، والكسب عندهم ما يحدث عند القدرة الحادثة؛ ومعنى ذلك أن فعل العبد يحدث عند قدرته لا بقدرته.
146 – (13/ 453) قال الحافظ: "قال ابن بطال: استدل البخاري بهذا على أن قول الله قديم لذاته قائم بصفاته لم يزل موجودًا به ..... وملخص ذلك، قال البيهقي في كتاب "الاعتقاد": القرآن كلام الله، وكلام الله صفة من صفات ذاته ... ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/353)
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 32.
قال الشيخ البراك: قول ابن بطال: "استدل البخاري بهذا على أن قول الله قديم .... إلخ": تحريف لكلام البخاري عن وجهه، بل استدل البخاري بالآية على أن ما سمعه الملائكة وفزعوا منه كلام الله، وأنه ليس بمخلوق؛ ولهذا قال في وجه الاستدلال: "ولم يقل ماذا خلق ربكم" وفي ذلك رد على من قال: إن كلام الله مخلوق، ولكن ابن بطال وهو من الأشاعرة كما يظهر من سائر كلامه حمل كلام البخاري على مذهبه؛ وهو أن كلام الله قديم مطلقًا، لا يكون شيء منه بمشيئته، وأنه ليس بحرف ولا صوت، وفي هذه الآية وما ورد من الحديث في معناها أبلغ رد على هذا المذهب؛ ففزع الملائكة كان لسماع كلام الله تعالى الذي تكلم به في ذلك الوقت، فإذا زال الفزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ فعلم أنهم سمعوا قول الله تعالى ولم يسمعوا مخلوقًا؛ ولهذا قال البخاري: " ولم يقل: ما ذا خلق ربكم؟ ".
147 - (13/ 458) قال الحافظ: "قال البيهقي: الكلام ما ينطق به المتكلم ... إلى قوله: فسماه كلامًا قبل التكلم به، قال: فإن كان المتكلم ذا مخارج سُمِعَ كلامُه ذا حروف وأصوات، وإن كان غير ذي مخارج فهو بخلاف ذلك، والباري عز وجل ليس بذي مخارج، فلا يكون كلامه بحروف وأصوات .... ".
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 32، حديث جابر.
قال الشيخ البراك: قوله: "قال البيهقي: الكلام ما ينطق به المتكلم ... إلخ": هذا من البيهقي من عجيب القول، وهو يدل على أن الذكي والعالم قد ينبو فهمه فيقع في خطأ فادح. وقد تضمن كلامه - رحمه الله تعالى- أخطاء عدة، أولها وأصلها: نفي أن يكون كلام الله تعالى بحرف وصوت؛ وهذا هو مذهب الأشاعرة في كلام الله تعالى؛ فإن كلام الله عندهم معنى نفسي، وهو مذهب باطل مخالف للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة؛ فقد أخبر سبحانه أنه ناجى موسى عليه السلام وناداه، وهذا يدل على أنه كلمه بصوت، وأن موسى سمع كلام الله عز وجل من الله تعالى.
الثاني: دعواه أن الكلام ما يستقر في نفس المتكلم مستدلاً على ذلك بقول عمر رضي الله عنه، والصواب أن الكلام مطلقًا ما يتكلم به المتكلم، وإذا أريد به ما في النفس وجب تقييده كما قال سبحانه: "ويقولون في أنفسهم ... الآية".
الثالث: دعواه أن الكلام لا يسمع إلا من ذي المخارج، ومعناه: أن من ليس كذلك فلا يكون كلامه بصوت، فلذلك لا يسمع منه، وهذا باطل؛ فإن الملائكة يتكلمون بكلام مسموع، ولا يلزم من ذلك أن يكون لهم مخارج. وأيضًا فإن الله تعالى قادر على أن يُنْطِق الجماد، ولا يلزم أن يكون نطقه بمخارج، وقد أخبر سبحانه أنه يُنْطِق الجلود والأسماع والأبصار والأيدي والأرجل، ولا يلزم من ذلك أن يكون بمخارج، وهذا يبطل دعوى أن إثبات الحرف والصوت لكلام الله تعالى يستلزم أن يكون له مخارج مع أن إضافة المخارج إلى الله تعالى مما يجب الإمساك عنه نفيًا أو إثباتًا.
148 - (13/ 458) قال الحافظ: "وإذا ثبت ذكر الصوت بهذه الأحاديث الصحيحة وجب الإيمان به، ثم إما التفويض، وإما التأويل، وبالله التوفيق".
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 32، حديث جابر.
قال الشيخ البراك: قد أحسن الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى تعقبه للبيهقي بقوله: "إذ الصوت قد يكون من غير مخارج" وقوله: "وإذا ثبت ذكر الصوت بهذه الأحاديث الصحيحة وجب الإيمان به".
ولكن يعكر على قوله ذلك قوله بعده: "ثم إما التفويض وإما التأويل". وقد تقدم في أكثر من تعليق أن التفويض والتأويل طريقان للأشاعرة في نصوص ما ينفونه من الصفات.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[14 - 04 - 06, 03:22 م]ـ
149 - (13/ 460) قال الحافظ: "قوله: (فينادي بصوت: إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثًا إلى النار) هذا آخر ما أورد منه من هذه الطريق، وقد أخرجه بتمامه في تفسير سورة الحج بالسند المذكور هنا، ووقع "فينادي" مضبوطا للأكثر بكسر الدال، وفي رواية أبي ذر بفتحها على البناء للمجهول، ولا محذور في رواية الجمهور؛ فإن قرينة قوله: "إن الله يأمرك" تدل ظاهرًا على أن المنادي ملك يأمره الله بأن ينادي بذلك ... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7483، كتاب التوحيد، باب 32.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/354)
قال الشيخ البراك: قوله: "فإن قرينة قوله: إن الله يأمرك، تدل ظاهرًا على أن المنادي ملك ... إلخ": خطأ ظاهر؛ فإن دعوى أن المنادي ملك دعوى لا دليل عليها، فهي من تحريف الكلم عن مواضعه، وهذا مبني على أصل باطل، وهو أن الله تعالى لا يوصف بالنداء لأن النداء يدل على الصوت، وكلام الله ليس بصوت، وهذا مذهب الأشاعرة، واستدلال الحافظ على هذا التأويل بقوله في الحديث: "إن الله يأمرك" وجهه: أنه ذكر الاسم الظاهر لا ضمير المتكلم، فلم يقل: إني آمرك. وهذا غفلة منه - عفا الله عنه - عما جاء في القرآن في قوله: "إن الله يأمركم"، وقوله: "إن الله يأمر بالعدل". ومَن أوّل النداء في هذا الحديث بنداء ملك كيف يستطيع أن يؤول مثل قوله تعالى: "ويوم يناديهم"، وقوله سبحانه: "وناداهما ربهما"، وقوله تعالى: "وناديناه من جانب الطور الأيمن".
150 – (13/ 460) قال الحافظ: "وأثبتت الحنابلة أن الله متكلم بحرف وصوت .... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7483، كتاب التوحيد، باب 32.
قال الشيخ البراك: قوله: "وأثبت الحنابلة أن الله متكلم بحرف وصوت": تخصيص الحنابلة بذلك لا وجه له؛ بل إثبات الحرف والصوت هو مذهب أهل السنة والجماعة من الحنابلة وغيرهم، ونفي ذلك هو مذهب الأشاعرة من أتباع المذاهب الأربعة وغيرهم؛ فإن أتباع المذاهب الأربعة منهم من هو على مذهب السلف، وهذا هو الغالب على متقدميهم، ومنهم من هو على مذهب الخلف، وهم كثير من متأخريهم.
151 - (13/ 462) قال الحافظ: "قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة: في تعبيره عن كثرة الإحسان بالحب تأنيس العباد وإدخال المسرة عليهم .... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7485، كتاب التوحيد، باب 33.
قال الشيخ البراك: قول ابن أبي جمرة: "في تعبيره عن كثرة الإحسان بالحب ... إلخ": تأويل مبني عنده على نفي حقيقة المحبة عن الله تعالى، ولا موجب لهذا النفي والتأويل؛ فالواجب إثبات المحبة لله تعالى على ما يليق به كسائر الصفات من علمه وسمعه وبصره سبحانه وتعالى. ونفي جميع الصفات هو مذهب الجهمية والمعتزلة، والتفريق بين الصفات مذهب الأشاعرة؛ وكلاهما منحرف عن الصراط المستقيم، ومخالف لمذهب السلف الصالح والتابعين.
152 - (13/ 467) قال الحافظ: "قوله: (باب قول الله تعالى: يريدون أن يبدلوا كلام الله) كذا للجميع، زاد أبو ذر: الآية، قال ابن بطال: أراد بهذه الترجمة وأحاديثها ما أراد في الأبواب قبلها أن كلام الله تعالى صفة قائمة به، وأنه لم يزل متكلمًا ولا يزال".
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 35.
قال الشيخ البراك: قول ابن بطال: "أراد بهذه الترجمة وأحاديثها ... إلخ": تقصير في مراد البخاري؛ فمراده رحمه الله تعالى بهذه الترجمة وأحاديثها تقرير أن كلام الله صفة قائمة به خلافًا للمعتزلة، وأنه لم يزل متكلمًا ولا يزال إذا شاء بما شاء خلافًا للكلابية والأشاعرة القائلين بأن كلام الله تعالى قديم لا تتعلق به المشيئة، ولهذا اقتصر ابن بطال في مراد البخاري على إثبات القدم، فالصواب أن كلام الله تعالى صفة ذاتية فعلية، فالآيات والأحاديث دالة على أن الله تعالى قال ويقول، ونادى وينادي، فكلامه تعالى قديم النوع، حادث الآحاد بمشيئته سبحانه وتعالى.
153 – (13/ 468) قال الحافظ: "وهو ظاهر في المراد سواء كان المنادي به ملكا بأمره أو لا؛ لأن المراد إثبات نسبة القول إليه، وهي حاصلة على كل من الحالتين، وقد نبهت على من أخرج الزيادة المصرحة بأن الله يأمر ملكًا فينادي".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7494، كتاب التوحيد، باب 35.
قال الشيخ البراك: لقد شرق المعطلة من الجهمية والمعتزلة ومن تبعهم من الأشاعرة بهذا الحديث لمخالفته لأصولهم؛ فإن الجهمية والمعتزلة ينفون عن الله تعالى جميع الصفات الذاتية والفعلية، وتبعهم متأخرة الأشاعرة في نفي الصفات الفعلية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/355)
وقد دل هذا الحديث على أنه تعالى ينزل إلى السماء الدنيا في آخر الليل فيقول: "من يدعوني .... إلخ"، فهذا النزول وهذا القول فعل من الرب سبحانه بمشيئته في ذلك الوقت. وأهل السنة والجماعة يثبتون ذلك على حقيقته مع نفي التمثيل والتكييف، وأما النفاة للصفات والأفعال الاختيارية فذلك عندهم ممتنع؛ فمنهم من يرد هذا الحديث زاعمًا أنه خبر آحاد، ومنهم من يوجب فيه التفويض أو التأويل. والحديث نص في معناه؛ فكل تأويل أولوه به فهو تحريف للكلم عن مواضعه، فالله تعالى هو الذي ينزل كيف شاء لا غيره، وهو الذي يقول: من يدعوني، ولا يجوز أن يقول الملك: من يدعوني، ومن بديع الرد على من ينفي النزول الإلهي قول الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى: إذا قال لك الجهمي: أنا أكفر برب يزول عن مكان، فقل: أنا أومن برب يفعل ما يشاء.
154– (13/ 468) قال الحافظ: "وتأول ابن حزم النزول بأنه فعل يفعله الله في سماء الدنيا ... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7494، كتاب التوحيد، باب 35.
قال الشيخ البراك: قول ابن حزم بأن: "النزول فعل يفعله الله في سماء الدنيا ... إلخ": معناه أن النزول ليس فعلاً قائمًا بالرب، وهذا جار على مذهب نفاة الصفات، ونفاة قيام الأفعال الاختيارية به سبحانه، وهو باطل.
وتنظير النزول في الحديث بقول القائل: نزل لي فلان عن حقه غفلة أو مغالطة؛ لأن الذي في الحديث معدّى (بإلى) ونوع المتعلق مختلف.
155 - (13/ 468) قال الحافظ: "فكما قَبِلَ النزولُ التأويلَ لا يمنع قَبولُ الصعودِ التأويلَ، والتسليم أسلم كما تقدم، والله أعلم".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7494، كتاب التوحيد، باب 35.
قال الشيخ البراك: الحق إمرار نصوص النزول والصعود وسائر الصفات على ظاهرها اللائق به سبحانه، ولا موجب لعقل ولا شرع لصرفها عن ذلك.
156 - (13/ 477) قال الحافظ: "ثم قال الخطابي: والظاهر أن هذا من تخليط اليهود وتحريفهم، وأن ضحكه عليه الصلاة والسلام إنما كان على معنى التعجب والنكير له، والعلم عند الله تعالى".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7513، كتاب التوحيد، باب 36.
قال الشيخ البراك: تقدم التعليق على كلام الخطابي في موضعه الذي أشار إليه الحافظ، وبُيِّن أن كل ما قاله الخطابي في هذا الحديث من التأويل والتعليل باطل مبني على باطل وهو: نفي حقيقة اليدين، وحقيقة الأصابع. ومذهب أهل السنة إثبات ذلك على حقيقته اللائقة بالرب سبحانه؛ فله تعالى وجه، وله يدان، وله أصابع لا تشبه ما للمخلوق من ذلك، ولا يعقل العباد كيفية ذلك.
وانظر التعليق (121)
157 – (13/ 477) قال الحافظ: "قوله: (يدنو أحدكم من ربه): قال ابن التين: يعني يقرب من رحمته، وهو سائغ في اللغة؛ يقال: فلان قريب من فلان ويراد الرتبة".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7514، كتاب التوحيد، باب 36.
قال الشيخ البراك: قوله: "يعني: يقرب من رحمته ... ": تأويل لا موجب له، والصواب أن الله تعالى يقرب من خلقه إذا شاء كيف شاء، ويُقرّب من شاء من خلقه ويدنيه كيف شاء، فقوله في الحديث: "يدنو أحدكم من ربه" هو على ظاهره، وأن العبد يقرب من ربه؛ يؤكد ذلك قوله: "فيضع عليه كنفه". والذين أولوا ذلك بالدنو من الرحمة حملهم على ذلك قولهم: إن الله في كل مكان، فليس بعض الخلق أقرب إليه من بعض، ولا الملائكة المقربون الذين هم عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون. والذي دل عليه العقل والسمع أن الله تعالى بذاته في العلو ليس حالاً في المخلوقات، ولا في شيء من المخلوقات تعالى الله عما يقول الظالمون والجاهلون علوًا كبيرًا.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[15 - 04 - 06, 08:09 م]ـ
158 - (13/ 484) قال الحافظ: "وقد أزال العلماء إشكاله؛ فقال القاضي عياض في الشفاء: إضافة الدنو والقرب إلى الله تعالى أو من الله ليس دنو مكان ولا قرب زمان، وإنما هو بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم إبانة لعظيم منزلته وشريف رتبته، وبالنسبة إلى الله عز وجل تأنيس لنبيه وإكرام له، ويتأول فيه ما قالوه في حديث: "ينزل ربنا إلى السماء" وكذا في حديث: "من تقرب مني شبرًًا تقربت منه ذراعًا" وقال غيره: الدنو مجاز عن القرب المعنوي لإظهار عظيم منزلته عند ربه تعالى".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7516، كتاب التوحيد، باب 37.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/356)
قال الشيخ البراك: قول القاضي عياض: "إضافة الدنو والقرب إلى الله تعالى أو من الله ليس دنو مكان ولا قرب زمان ... إلخ":
انظر في دنو الرب سبحانه وقربه من عبده، وفي دنو العبد وقربه من ربه التعليق السابق رقم (157) و (67)
159 – (13/ 491) قال الحافظ: "والمذهب الحق أن لا جبر ولا قدر".
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 40.
قال الشيخ البراك: قوله: "والمذهب الحق أن لا جبر ولا قدر": المراد بهذا نفي مذهب الجبرية ومذهب القدرية في أفعال العباد. ولا ريب أن في كلا المذهبين حقًا وباطلاً؛ فقول الجبرية إن أفعال العباد مخلوقة لله حق، ونفيهم لقدرة العبد ومشيئته وإضافة أفعاله إليه حقيقةً باطل، وقول القدرية: إن أفعال العباد هي أفعالهم حقيقة، وإنها واقعة منهم بقدرة منهم ومشيئة حق، ونفيهم أن تكون مخلوقة لله تعالى ولا واقعة بمشيئته، بل بمحض مشيئة العبد باطل.
وكذلك قول الأشاعرة: إن أفعال العباد خلق لله، وكسب من العباد. ومعنى أنها كسب: أن الله تعالى يخلقها عند قدرتهم لا بقدرتهم؛ فلا أثر لقدرتهم في أفعالهم وما العلاقة بينهما إلا الاقتران. وهذا راجع إلى مذهبهم في الأسباب، وهو نفي تأثيرها في مسبباتها. وفيما قالوه في أفعال العباد حق وباطل؛ فإثباتهم خلق الله لأفعال العباد وإثباتهم لقدرة العبد حق، ونفي أن تكون أفعالاً لهم حقيقة، ونفي تأثير قدرتهم فيها وتعبيرهم عن حدوثها عند قدرتهم بالكسب باطل.
وبهذا يتبين أن ما ذكره الحافظ عن الكرماني أو غيره هو مذهب الأشاعرة. ومذهب أهل السنة والجماعة أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى، وهي أفعال لهم حقيقة واقعة بقدرتهم ومشيئتهم، والله خالقهم، وخالق مشيئتهم وقدرتهم وأفعالهم، وأنه لا مشيئة لهم إلا بعد مشيئته سبحانه كما قال تعالى: "وما تشاءون إلا أن يشاء الله".
160 - (13/ 493 - 494) قال الحافظ: "ومن شدة اللبس في هذه المسألة كثر النهي عن الخوض فيها، واكتفوا باعتقاد أن القرآن كلام الله غير مخلوق، ولم يزيدوا على ذلك شيئًا، وهو أسلم الأقوال، والله المستعان".
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 40.
قال الشيخ البراك:
أولاً: لا يسلم للحافظ دعوى شدة اللبس في مسألة كلام الله تعالى عند السلف ونهيهم عن الخوض فيها، بل هي عند السلف والأئمة مشرقة بينة لا لبس فيها ولا خفاء، ولم ينهوا عن الخوض فيها، بل خاضوا فيها صدعًا بالحق وردًا للباطل، وإنما اللبس في هذه المسألة عند طوائف المتكلمين المبتدعين، ولهذا فرقوا دينهم شيعًا كما ذكر الحافظ هنا أقاويلهم.
ثانياً: قوله إن السلف اكتفوا بأن القرآن كلام الله غير مخلوق كلام حق، لكنه كلام مجمل لا يحرر مذهب السلف، ولا يميزه عن غيره؛ فالصواب أنهم لم يكتفوا بهذا الإجمال بل قالوا في القرآن إنه كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود، وقالوا: إن الله لم يزل متكلمًا إذا شاء بما شاء كيف شاء، وقالوا: إن كلام الله صفة قائمة به كسائر صفاته، وإنه حروف وأصوات يكون بمشيئته، وإن موسى عليه السلام سمع كلام الله من الله. فتحرير المذهب الحق في كلام الله تعالى أنه: صفة قائمة به خلافًا للجهمية والمعتزلة، وأنه لم يزل متكلمًا خلافًا للكرامية، وأنه يتكلم بمشيئته خلافًا للكلابية والأشاعرة والسالمية، وأن كلامه بحرف وصوت وأن معانيها لا حصر لها، خلافًَا للكلابية والأشاعرة؛ قال تعالى: "قل لو كان البحر مدادًا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددًا". والحاصل أن مذهب السلف في القرآن وفي كلام الله حق محض، وكل قول خالفه ففيه حق وباطل.
161 – (13/ 496) قال الحافظ: "إن غرضه في هذا الباب ما ذهب إليه أن الله يتكلم متى شاء، وهذا الحديث من أمثلة إنزال الآية بعد الآية على السبب الذي يقع في الأرض، وهذا ينفصل عنه من ذهب إلى أن الكلام صفة قائمة بذاته".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7521، كتاب التوحيد، باب 41.
قال الشيخ البراك: لا ريب أن ما قاله الحافظ عن غرض البخاري في هذه الترجمة أظهر من قول ابن بطال للوجه الذي ذكره الحافظ، ولا ريب أن مذهب البخاري أن الله تعالى يتكلم متى شاء. ووجه استدلال البخاري على هذا بالحديث أن الآية نزلت بعد تحاور أولئك النفر، وهذا يتضمن أن الله تكلم بها حينئذ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/357)
وقول الحافظ: "وهذا ينفصل عنه من ذهب إلى أن الكلام صفة قائمة بذاته": معناه أن المخالف للبخاري في مذهبه يجيب عن استدلاله بأن الآية نزل بها الملك من اللوح المحفوظ أو من بيت العزة، لا أنه سمعها من الله تعالى. وهذا الجواب أصله الأثر المروي عن ابن عباس رضي الله عنهما: "إن القرآن نزل جملة واحدة إلى السماء الدنيا، ثم أنزل إلى الأرض نجومًا"، ولكن الذي عليه أهل السنة أن الروح الأمين جبريل عليه السلام ينزل بالقرآن من الله تعالى، وأن الله يكلمه به؛ كما قال تعالى: "قل نزَّله روح القدس من ربك" وقال سبحانه: "تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم" ولا منافاة بين هذا وبين كون القرآن مكتوبًا في أم الكتاب. وفي تعبير الحافظ عن مذهب المخالف للبخاري ما يوهم أن مذهب البخاري يقتضي أن كلام الله ليس قائمًا به، وهذا خطأ، بل يقول إنه قائم به بمشيئته؛ فهو فعل من أفعاله سبحانه. والمذهب المناقض لمذهب البخاري هو قول من يقول: إن كلام الله تعالى قديم لا تتعلق به المشيئة؛ كما هو قول الكلابية والأشاعرة.
162 - (13/ 497) قال الحافظ: "قال ابن بطال: غرض البخاري الفرق بين وصف كلام الله تعالى بأنه مخلوق وبين وصفه بأنه محدث ... إلى أن قال: فإذا لم يجز وصف كلامه القائم بذاته تعالى بأنه مخلوق لم يجز وصفه بأنه محدث ...
قلت: والاحتمال الأخير أقرب إلى مراد البخاري؛ لما قدَّمت قبل أن مبنى هذه التراجم عنده على إثبات أن أفعال العباد مخلوقة، ومراده هنا الحدث بالنسبة للإنزال".
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 42.
قال الشيخ البراك: قول ابن بطال: "غرض البخاري الفرق بين وصف كلام الله تعالى بأنه مخلوق وبين وصفه بأنه محدث ... ": لا شك أنه أقرب مما رجحه الحافظ في آخر الكلام بقوله: "ومراده هنا الحدث بالنسبة للإنزال"؛ أي أن المحدث هو الإنزال لا كلام الله تعالى. بل هذا بعيد عن مراد البخاري في الترجمة وما اشتملت عليه. والصواب أن مراد البخاري هو إثبات قيام الأفعال الاختيارية به سبحانه، وأن كلامه من أفعاله التي يحدثها بمشيئته سبحانه؛ ولهذا قال رحمه الله تعالى: "وأن حدثه لا يشبه حدث المخلوقين"؛ أي إحداثه لما شاء لا يشبه إحداث المخلوقين لأفعالهم لأن إحداثه فعل قائم به فهو من صفاته الفعلية. وتعقُّبْ ابن بطال البخاري في وصف القرآن بأنه محدث وتأويلاته للآية مبني على مذهب الأشاعرة في كلام الله تعالى؛ وهو أنه معنى نفسي قديم لا يكون بمشيئته؛ فهو صفة ذاتية له كحياته، وهو خلاف مذهب أهل السنة والجماعة في كلام الله تعالى.
انظر التعليق السابق في تفصيل مذهب أهل السنة في ذلك (161).
ودعوى ابن بطال أن المحدث والمخترع والمنشأ والمخلوق مترادفة ممنوعة.
163 – (13/ 498) قال الحافظ: "فقال ابن التين أيضا: هذا من الداودي عظيم؛ لأنه يلزم منه أن يكون الله تعالى متكلمًا بكلام حادث فتحل فيه".
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 42.
قال الشيخ البراك: قول الداودي: "الذكر في هذه الآية هو القرآن وهو محدث عندنا ... إلخ": ظاهره موافق لظاهر مراد البخاري بالاستشهاد بالآية. واستعظام ابن التين لكلام الداودي، وتعقب الحافظ له متأولاً كلام الداودي مبني على مذهبهما في كلام الله تعالى؛ وهو أنه قديم فلا يكون بمشيئته. وفهم كلام الداودي على حقيقته يتوقف على معرفة مذهبه في كلام الله تعالى، ومن أي الطوائف هو.
164 - (13/ 500): قال الحافظ: " قوله تعالى: (فإذا قرأناه فاتبع قرآنه) فيه إضافة الفعل إلى الله تعالى والفاعل له من يأمره بفعله ... إلى قوله: ففيه بيان لكل ما أشكل من كل فعل ينسب إلى الله تعالى مما لا يليق به فعله من المجيء والنزول ونحو ذلك، انتهى".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7524، كتاب التوحيد، باب 43.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/358)
قال الشيخ البراك: قوله تعالى: "فإذا قرأناه فاتبع قرآنه": المعروف في التفسير أن المراد قراءة جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك بأمره سبحانه، فأضاف القراءة إلى نفسه سبحانه لأنها مما تفعله الملائكة بأمره، وما فعلته الملائكة بأمره يضيفه الله تعالى لنفسه لأنه مما فعله بواسطة ملائكته. ويشهد لهذا ما جاء عن السلف في تفسير قوله تعالى: "ونحن أقرب إليه منكم": قالوا: المراد قرب ملائكته سبحانه، ومثل هذا لا يجري ولا يصح إلا فيما ذكر الله سبحانه فيه نفسه بصيغة الجمع، وبهذا يبطل تشبيه هذه الآية بقوله تعالى: "وجاء ربك"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "ينزل ربنا"؛ فالآية والحديث نص في إضافة المجيء والنزول إليه سبحانه، وليس هذا بمشكل عند أهل السنة لأنهم يثبتون قيام الأفعال الاختيارية به، وإنما يستشكل مثل هذا من ينفي أن يقوم بذاته سبحانه ما هو بمشيئته، وهي صفاته الفعلية كاستوائه على العرش وتكلمه بما شاء وضحكه وفرحه سبحانه.
165 - (13/ 501) قال الحافظ: "قوله: (باب قول الله تعالى: وأسروا قولكم) أشار بهذه الآية إلى أن القول أعم من أن يكون بالقرآن أو بغيره؛ فإن كان بالقرآن فالقرآن كلام الله، وهو من صفات ذاته".
وذلك في كتاب التوحيد، باب 44.
قال الشيخ البراك: قوله: "وأشار بهذه الآية إلى أن القول أعم من أن يكون بالقرآن .... إلخ": فيه نظر من وجهين:
أولاً: دعوى أن القول في الآية يشمل القرآن؛ وهذا لا يصح لأن القول في الآية مضاف للمخاطبين، والقرآن ليس قولاً لهم وإن أدّوه بأصواتهم وأفعالهم؛ ولهذا يقال: الكلام كلام الباري، والصوت صوت القارئ. وإضافة القرآن للرسول من الملائكة والرسول من البشر إضافة تبليغ كما يشعر بذلك لفظ الرسول.
ثانيًا: دعوى أن البخاري أشار بهذه الآية إلى أن القول أعم من أن يكون بالقرآن أو بغيره لا تصح؛ لما تقدم من أن القرآن لا تصح إضافته قولاً لكل قارئ، والأظهر أن البخاري أشار بالآية إلى أن أفعال العباد مخلوقة لأن أقوالهم من أفعالهم، وقد قال الله سبحانه وتعالى: "ألا يعلم من خلق"، ففي الآية رد على القدرية القائلين بأن أفعال العباد مخلوقة لهم.
وقوله: "فالقرآن كلام الله وهو من صفات ذاته ... إلخ": ظاهره حق، ولكن المعروف من مذهب الأشاعرة أن كلام الله معنى نفسي؛ فالقرآن الذي هو كلام الله حقيقة هو ذلك المعنى النفسي، وهذا عندهم ليس بمخلوق قطعًا، كعلمه وقدرته، وأما القرآن المكتوب المسموع والمحفوظ فهو عبارة عن ذلك المعنى النفسي، وعلى هذا فتسميته كلام الله مجاز. والحق أن القرآن كلام الله حقيقة - حروفه ومعانيه - وهو المحفوظ في الصدور والمكتوب في المصاحف المحفوظ المسموع، وعلى هذا فالقول في الآية هو المعنى المصدري بمعنى التلفظ والتكلم والنطق؛ وهذه كلها من أفعال العباد، وهي مخلوقة، وأما القول بمعنى المقول فإن كان من كلام الله فليس بمخلوق، وإن أدّاه العبد بفعله عند تلاوته، وإن كان كلامًا لبعض العباد فهو مخلوق، وهذا هو الذي قصد إليه البخاري في هذه التراجم المتتالية، وهو الفرق بين اللفظ الذي هو فعل العبد، والملفوظ الذي هو القرآن كما نبه على ذلك ابن المنير في كلامه بعد هذا.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[15 - 04 - 06, 10:21 م]ـ
166 – (13/ 513) قال الحافظ: "قوله: (ذراعًا تقربت منه باعًا، وإذا أتاني يمشي هرولته) لم يقع: (وإذا أتاني .... ) إلخ في رواية الطيالسي، قال ابن بطال: وصف سبحانه نفسه بأنه يتقرب إلى عبده، ووصف العبد بالتقرب إليه، ووصفه بالإتيان والهرولة كل ذلك يحتمل الحقيقة والمجاز؛ فحملها على الحقيقة يقتضي قطع المسافات وتداني الأجسام وذلك في حقه تعالى محال، فلما استحالت الحقيقة تعين المجاز لشهرته في كلام العرب، فيكون وصف العبد بالتقرب إليه شبرا وذراعا وإتيانه ومشيه معناه التقرب إليه بطاعته وأداء مفترضاته ونوافله، ويكون تقربه سبحانه من عبده وإتيانه والمشي عبارة عن إثابته على طاعته وتقربه من رحمته، ويكون قوله: أتيته هرولة أي أتاه ثوابي مسرعا .... فإن المراد به قرب الرتبة وتوفير الكرامة. والهرولة كناية عن سرعة الرحمة إليه ورضا الله عن العبد وتضعيف الأجر، قال: والهرولة ضرب من المشي السريع وهي دون العدو، وقال صاحب المشارق: المراد بما جاء في هذا الحديث سرعة قبول
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/359)
توبة الله للعبد أو تيسير طاعته وتقويته عليها وتمام هدايته وتوفيقه، والله أعلم بمراده".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7536، 7537، كتاب التوحيد، باب 50.
قال الشيخ البراك: قول ابن بطال: "وصف سبحانه نفسه بأنه يتقرب إلى عبده ... كل ذلك يحتمل الحقيقة والمجاز ... فلما استحالت الحقيقة تعين المجاز": الصواب أن ما تضمنه الحديث من ذكر التقرب والمشي والهرولة على ظاهره حسبما يقتضيه سياق الكلام، ومعلوم أن المشي المضاف للعبد والهرولة المضافة لله تعالى ليس المراد به قطع المسافة بل مزيد التقرب كما يدل عليه ما قبله.
وأما التقرب المضاف للعبد، والتقرب المضاف إليه سبحانه فإنه يتضمن ما ذكره ابن بطال، ولكن ذلك لا ينفي دلالة الحديث على أن الله عز وجل يتقرب من عبده متى شاء كيف شاء، وذلك مما يدل عليه اسمه: (القريب)؛ فهو سبحانه قريب من داعيه وعابديه، وهو سبحانه وتعالى يقرِّب إليه من شاء من عبيده، وهذا لا يشكل على مذهب أهل السنة والجماعة القائلين بمباينة الله تعالى لخلقه، وأن بعض خلقه أقرب إليه من بعض، وإنما ينكر ذلك ويستشكله نفاة العلو كالأشاعرة وغيرهم.
167 - (13/ 517) قال الحافظ: "المراد منه كما قال البيهقي فيه دليل على أن أهل الكتاب إن صدقوا فيما فسروا من كتابهم بالعربية كان ذلك مما أنزل إليهم على طريق التعبير عما أنزل، وكلام الله واحد لا يختلف باختلاف اللغات؛ فبأي لسان قرئ فهو كلام الله".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7542، كتاب التوحيد، باب 51.
قال الشيخ البراك: قول البيهقي: "فيه دليل على أن أهل الكتاب إن صدقوا فيما فسروا من كتابهم .... إلخ": فيه خطأ من وجوه:
الأول: قوله: "إن صدقوا فيما فسروا ... " يقتضي أن تفسيرهم لما أنزل عليهم بالعربية يقال له كلام الله، وهذا باطل؛ فإن ما فسروا به كتابهم ليس كلامًا لله بل هو من كلامهم بينوا به المراد من كلام الله تعالى، وهذا يقتضي أن أي تفسير صحيح للقرآن وأي ترجمة له يصح أن يقال إنها كلام الله تعالى، وهذا ظاهر الفساد.
الثاني: قوله: "وكلام الله واحد لا يختلف باختلاف اللغات": يجري على مذهب الأشاعرة في كلام الله سبحانه؛ وهو أنه معنى نفسي واحد لا يتعدد وليس بحرف ولا صوت، وما أنزل من الحروف والكلمات في التوراة والإنجيل والقرآن عبارة عن ذلك المعنى النفسي، فليس هو كلام الله حقيقة. ومذهب أهل السنة والجماعة أن القرآن كلام الله عز وجل حروفه ومعانيه، ليس كلام الله الحروف دون المعاني، ولا المعاني دون الحروف.
الثالث: قوله: "فبأي لسان قرئ فهو كلام الله": صريح بأن ألفاظ القرآن الدالة على معانيه ليست كلامًا لله تعالى على الحقيقة؛ فلو قرئ القرآن بالإنجليزية أو الأوردية أو غيرهما من اللغات لكان المقروء كلام الله. وهذا ينافي ما وصف الله به كتابه من أنه بلسان عربي مبين كما قال تعالى: "فإنما يسرناه بلسانك"، وقال عز وجل: "نزل به الروح الأمين ... بلسان عربي مبين". وأصل هذا الخطأ هو القول بأن كلام الله معنى نفسي، وأن القرآن المتلو والمكتوب المحفوظ عبارة عن الكلام النفسي، ولو أنه قال: " فبأي لسان نزل" لكان ذلك أهون؛ فإنه على هذا لا يسمى كلام الله إلا إذا كان باللسان الذي نزل به الكتاب، والله الهادي إلى الصواب.
168 - (13/ 528) قال الحافظ: " قال الكرماني: ... ويسند إلى الله تعالى من حيث إن وجوده إنما هو بتأثير قدرته، وله وجهتان: جهة تنفي القدر، وجهة تنفي الجبر؛ فهو مسند إلى الله حقيقة وإلى العبد عادة، وهي صفة يترتب عليها الأمر والنهي والفعل والترك، فكل ما أسند من أفعال العباد إلى الله تعالى فهو بالنظر إلى تأثير القدرة، ويقال له: الخلق. وما أسند إلى العبد يحصل بتقدير الله تعالى، ويقال له: الكسب".
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 56.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/360)
قال الشيخ البراك: قول الكرماني في فعل العبد: "فهو مسند إلى الله حقيقة وإلى العبد عادة ... إلخ": هو تقرير قول الأشاعرة في أفعال العباد؛ وهو أن أفعال العباد خلق لله وكسب لهم؛ ومعنى ذلك أنها لا تضاف إليهم حقيقة بل مجازًا وعادةً؛ لأنهم لا تأثير لقدرتهم فيها، وإنما توجد أفعالهم عند قدرتهم لا بقدرتهم، وهذا هو الذي عبروا عنه بالكسب. وعلى هذا فمذهبهم راجع إلى مذهب الجبرية. والصواب أن أفعال العباد هي أفعالهم حقيقة واقعة بقدرتهم ومشيئتهم، وهم وصفاتهم وأفعالهم خلق لله تعالى.
وانظر التعليق (159).
169 – (13/ 532) قال الحافظ: "وقال تعالى: (أأنتم تزرعونه) فسلب عنهم هذه الأفعال وأثبتها لنفسه ليدل بذلك على أن المؤثر فيها حتى صارت موجودة بعد العدم هو خلقه، وأن الذي يقع من الناس إنما هو مباشرة تلك الأفعال بقدرة حادثة أحدثها على ما أراد، فهي من الله تعالى خلق بمعنى الاختراع بقدرته القديمة، ومن العباد كسب على معنى تعلق قدرة حادثة بمباشرتهم التي هي كسبهم".
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 56.
قال الشيخ البراك: قوله: "فسلب عنهم هذه الأفعال وأثبتها لنفسه .... إلخ": يريد الأفعال التي في هذه الآية وما بعدها وما قبلها؛ وهي الخلق والزرع والإنزال والإنشاء. ولا ريب أن الله تعالى هو المتفرد بخلق الإنسان، وإخراج النبات، وإنزال الماء، وإنشاء ما تقدح به النار أو توقد به. وهذا لا ينافي ما للإنسان من تأثير في بعض ذلك، ولا يمنع نسبة فعل الزرع إلى الحارث باعتبار تسببه كما قال صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا" [أخرجه البخاري، ح2320، ومسلم ح1553]، وقال: "من كانت له أرض فليزرعها أو ليُزرعها أخاه" [أخرجه مسلم ح1536]؛ فالزرع المنفي عن المخلوق غير المثبت؛ كما قال تعالى: "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى".
وقوله: "من العباد كسب ... إلخ": انظر التعليق السابق (168).
170 – (13/ 535) قال الحافظ: "وقال الكرماني: أسند الخلق إليهم صريحا، وهو خلاف الترجمة، لكن المراد كسبهم .... ثم قال الكرماني: هذه الأحاديث تدل على أن العمل منسوب إلى العبد؛ لأن معنى الكسب اعتبار الجهتين فيستفاد المطلوب منها .... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7557، 7558، 7559، كتاب التوحيد، باب 56.
انظر التعليقين السابقين (168) و (169).
171 – (13/ 538) قال الحافظ: "وتعقب أنه مجاز عن حقارة قدره، ولا يلزم منه عدم الوزن، وحكى القرطبي في صفة وزن عمل الكافر وجهين أحدهما: أن كفره يوضع في الكفة ولا يجد له حسنة يضعها في الأخرى فتطيش التي لا شيء فيها، قال: وهذا ظاهر الآية؛ لأنه وصف الميزان بالخفة لا الموزون ... والصحيح أن الأعمال هي التي توزن".
وذلك في كتاب التوحيد، باب 58.
قال الشيخ البراك: قوله صلى الله عليه وسلم في الكافر: "فلا يزن عند الله جناح بعوضة": يحتمل أنه إخبار عن وزنه وخفته، ويحتمل أنه إخبار عن حقارة قدره؛ فكلا المعنيين يعبر عنهما بهذا اللفظ، فلا يكون نصًا في أن العامل يوزن، لكن الدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه: "أتعجبون من دقة ساقيه، إنهما في الميزان أثقل من جبل أحد"، ومجموع النصوص يفيد أن الوزن يكون للعامل وعمله وصحائف عمله، والله على كل شيء قدير، والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه. اهـ
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[15 - 04 - 06, 10:25 م]ـ
حمل التعليقات على ملف وورد من هنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=447698#post447698(32/361)
ماهي عقيدة أبو حيان الأندلسي صاحب تفسير (البحر المحيط)؟
ـ[ابن المبارك]ــــــــ[18 - 12 - 05, 12:22 ص]ـ
وهل الكتاب مطبوع؟
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[18 - 12 - 05, 12:48 ص]ـ
نعم هو مطبوع وهو أشعري(32/362)
هل الامام النووي أشعري أم مفوض؟
ـ[المقدادي]ــــــــ[21 - 12 - 05, 12:37 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الاخوة الكرام
هل عقيدة الامام النووي رحمه الله أشعرية؟ أم انه من اهل التفويض؟؟
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[21 - 12 - 05, 03:38 م]ـ
الأشاعرة أصلاً مؤولة ومفوضة معاً فإذا حار أحدهم في تأويل الحديث لجأ إلى التفويض وفي هذا قال قائلهم
وكل نص أوهم التشبيها فأوله أو فوضه ورم تنزيها
هذا مع أن هناك جمع من مفوضة الأشاعرة ينكر المؤولة وبالعكس ولكن جمهور المتأخرين منهم إن لم يكن كلهم على ما ذكرت آنفاً
ـ[المسيطير]ــــــــ[21 - 12 - 05, 03:44 م]ـ
نُقل عن الشيخ المبارك / سفر الحوالي حفظه الله أنه قال:
(لا ينبغي أن يقال عن الإمام النووي وابن حجر رحمهم الله تعالى أنهم أشاعرة، بل الصحيح أن يقال:
هم من أهل السنة = وقد وافقوا الأشاعرة في بعض اعتقاداتهم).
ـ[المقدادي]ــــــــ[21 - 12 - 05, 08:53 م]ـ
جزاكما الله خيرا
لكن أليس هناك بحث حول عقيدة الامام النووي؟؟ لانني رجعت الى شرحه لصحيح مسلم و كان ينقل ان المذهب في الصفات قسمان: التفويض او التأويل لكنه لم يفصل في جميع الصفات
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[22 - 12 - 05, 12:57 ص]ـ
قد صنف الشيخ مشهور حسن سلمان كتاباً في نقد أخطاء النووي في العقيدة في شرحه على صحيح مسلم
وكذلك الشيخ عبدالعظيم بدوي
وأما قولك أنه لا يفصل بين التأويل والتفويض فأظن أنني قد وضحت لك عقيدة متأخري الأشاعرة
وأما القول بأنه لا يطلق على النووي أشعري فلا يفيد في إجابة سؤال الأخ المقدادي لأن هذا الحكم على النووي صادر عن دراسة لآراء النووي في جميع مسائل العقيدة والأخ المقدادي يسأل عن عقيدة النووي في الصفات فقط!
ـ[المقدادي]ــــــــ[22 - 12 - 05, 09:20 ص]ـ
جزاك الله خيرا اخي الفاضل عبدالله الخليفي
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[22 - 12 - 05, 12:56 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الأحبة:
من خلال تتبعي لكلام الإمام النووي رحمه الله وجدت أنه أشعري على اصول طريقتهم ويغلب عليه ما يسمونه التأويل والتفويض عنده قليل فيما تبين لي.
لذلك ذكرت هذا في كتاب منهج السلف في الاسماء والصفات واستدركت على الشيخيخن الفاضلين.
فمن تبين له من الاخوة خلاف الذي ذكرته فليفدني بالنقول ووجهة البيان مشكورا مأجورا.
وجزاكم الله خيرا.
ـ[المسيطير]ــــــــ[22 - 12 - 05, 01:27 م]ـ
قال الشيخ سفر الحوالي حفظه الله:
موقف ابن حجر من الأشاعرة:
ولست أشك أن الموضوع يحتاج لبسط وإيضاح ومع هذا فإنني أقدم للقراء لمحة موجزة عن موقف ابن حجر من الأشاعرة:
ومن المعلوم أن إمام الأشعرية المتأخر الذي ضبط المذهب وقعَد أصوله هو الفخر الرازي (ت 606 هـ) فنشر فكره في الشام ومصر واستوفيا بعض القضايا في المذهب (وفكر هؤلاء الثلاثة هو الذي كان الموضوع الرئيسي في كتاب درء التعارض) وأعقبهم الأيجي صاحب المواقف (الذي كان معاصراً لشيخ الإسلام ابن تيمية) فألف "المواقف" الذي هو تقنين وتنظيم لفكر الرازي ومدرسته وهذا الكتاب هو عمدة المذهب قديماً وحديثاً.
وقد ترجم الحافظ الذهبي -رحمه الله- في الميزان وغيره للرازي والآمدي بما هما أهله، ثم جاء ابن السبكي -ذلك الأشعري المتعصب- فتعقبه وعنف عليه ظلماً. ثم جاء ابن حجر -رحمه الله- فألف لسان الميزان فترجم لهما بطبيعة الحال -ناقلاً كلام ابن السبكي ونقده للذهبي - ولم يكن بخاف عليه مكانتهما وإمامتهما في المذهب كما ذكر طرفاً من شنائع الآرموي ضمن ترجمة الرازي.
فإذا كان موقف ابن حجر لأن موقفه هو الذي يحدد انتماءه لفكر هؤلاء القوم أو عدمه؟ إن الذين يقرأ ترجمتيهما في اللسان لا يمكن أن يقول إن ابن حجر على مذهبهما أبداً كيف وقد أورد نقولا كثيرة موثقة عن ضلالهما وشنائعهما التي لا يقرها أي مسلم فضلاً عمن هو في علم الحافظ وفضله؟
على أنه قال في آخر ترجمة الرازي "أوصى بوصية تدل على أنه حسّن اعتقاده".
وهذه العبارة التي قد يفهم منها أنها متعاطفة مع الرازي ضد مهاجميه هي شاهد لما نقول نحن هنا فإن وصية الرازي التي نقلها ابن السبكي نفسه صريحة في رجوعه إلى مذهب السلف.
فبعد هذا نسأل:
أكان ابن حجر يعتقد أن يؤيد عقيدة الرازي التي في كتبه أم عقيدته التي في وصيته؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/363)
الإجابة واضحة من عبارته نفسها.
هذه واحدة.
والأخرى: أن الحافظ في الفتح قد نقد الأشاعرة باسمهم الصريح وخالفهم فيما هو من خصائص مذهبهم فمثلا خالفهم في الإيمان، وإن كان تقريره لمذهب السلف فيه يحتاج لتحرير. ونقدهم في مسألة المعرفة وأول واجب على المكلف في أول كتابه وآخره.
كما أنه نقد شيخهم في التأويل "ابن فورك" في تأويلاته التي نقلها عنه في شرح كتاب التوحيد في الفتح وذم التأويل والمنطق مرجحاً منهج الثلاثة القرون الأولى كما أنه يخالفهم في الاحتجاج بحديث الآحاد في العقيدة وغيرها من الأمور التي لا مجال لتفصيلها هنا.
والذي أراه أن الحافظ -رحمه الله- أقرب شيء إلى عقيدة مفوضة الحنابلة كأبي يعلى ونحوه ممن ذكرهم شيخ الإسلام في درء تعارض العقل والنقل ووصفهم بمحبة الآثار والتمسك بها لكنهم وافقوا بعض أصول المتكلمين وتابعوهم ظانين صحتها عن حسن نية.
ولو قيل أن الحافظ -رحمه الله- كان متذبذباً في عقيدته لكان ذلك اقرب إلى الصواب كما يدل عليه شرحه لكتاب التوحيد. والله أعلم.
وقد كان من الحنابلة من ذهب إلى أبعد من هذا كابن الجوزي وابن عقيل وابن الزاغوني. ومع ذلك فهؤلاء كانوا أعداء الداء للأشاعرة، ولا يجوز بحال أن يعتبروا أشاعرة فما بالك بأولئك.
والظاهر أن سبب هذا الاشتباه في نسبة بعض العلماء للشاعرة أو أهل السنة والجماعة هو أن الأشاعرة فرقة كرمية انشقت عن أصلها "المعتزلة" ووافقت السلف في بعض القضايا وتأثرت بمنهج الوحي، في حين أن بعض من هم على مذهب أهل السنة والجماعة في الأصل تأثروا بسبب من الأسباب بأهل الكلام في بعض القضايا وخالفوا فيها مذهب السلف.
فإذا نظر الناظر إلى المواضع التي يتفق فيها هؤلاء وهؤلاء ظن أن الطائفتين على مذهب واحد. فهذا التدخل بينهما هو مصدر اللبس.
وكثير ما تجد في كتب الجرح والتعديل -ومنها لسان الميزان للحافظ ابن حجر العسقلاني -قولهم عن الرجل- أنه وافق المعتزلة في أشياء من مصنفاته أو وافق الخوارج في بعض أقوالهم وهكذا ومع هذا لا يعتبرونه معتزليا أو خارجياً، وهذا المنهج إذا طبقناه على الحافظ وعلى النووي وأمثالهما لم يصح اعتبارهم أشاعرة وإنما يقال وافقوا الأشاعرة في أشياء، مع ضرورة بيان هذه الأشياء واستدراكها عليهم حتى يمكن الاستفادة من كتبهم بلا توجس في موضوعات العقيدة.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=39550&highlight=%C7%E1%E4%E6%E6%ED+%C3%CE%D8%C7%C1+%C7%E 1%DA%DE%ED%CF%C9
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[22 - 12 - 05, 03:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الحبيب المسيطر حفظه الله:
لقد ترجح عندي الذي ذكرته أنت عن الحافظ ابن حجر وقد أودعته الكتاب السابق الذكر وهذا مذ عشر سنوات.
وخلاصته ما ذكرته من أن الحافظ ابن حجر ليس أشعريا وإن توافق معهم ولا أقول وافقهم في بعض المسائل فقد نص في مواضع عدة من الفتح على نقدهم ونقضهم ونقل كلام ابن عبد البر في تبديع كل من تكلم بعلم الكلام أشعريا كان او غير أشعري.
بل كان ينص في مواضع على المسائل التي بقيت في مذهبهم من مذهب المتزلة.
وغيرها من الأمور كما وتكلمت فيه عن البيهقي والغزالي وابن حزم.
لكن أحببت الاستزادة منكم حفظكم الله فيما يخص النووي رحمه الله.إذ تبين لي وهو اجتهاد أنه أشعري على خلاف ما قال الشيخ الدكتور سفر وتابعه عليه الشيخ مشهور حفضهما الله.
فهل هناك ما يخالف ما ترجح لدي وهذا طلب الفائدة لنفسي قبل غيري.
وفقكم الله.
ـ[القعقاع محمد]ــــــــ[09 - 01 - 06, 03:39 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الحبيب شاكر العاروري حفظه الله:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد ....
فكلي يقين بأن تفرغك للكتابة العلمية أو التحقيق سينفعنا أكثر بكثير من البحث هل كان النووي أشعرياً أم مفوضاً.
ونحن بانتظار انتاجك العلمي فلا تبخل علينا بشيء. جزاك الله الخيرات.
تنبيه:
أخي الحبيب شاكر ..
وقع خطاً في مقالك هذا التعبير "حفضهما الله" فأرجو أن تصححها.
ـ[أبو هاشم]ــــــــ[09 - 01 - 06, 04:32 م]ـ
أريد أن أسأل سؤالاً للإخوة الذين يخوضوا بهذا الحديث هل نحن مطلبين أن نبحث في عقيدة أي إنسان.
الشيء الثاني: وهل نحن مطلبين بالبحث عن عقيدة عالم وجبل بل وحجة كالإمام النووي رحمه الله تعالى.
الشيء الثالث: أقول الأولى الإهتمام بتعلم القرآن والحديث والفقه خيراً من الخوض في تفنيد عقائد المسلمين وبالأخص العلماء.
ـ[المحقق]ــــــــ[09 - 01 - 06, 04:39 م]ـ
مما وقفت عليه أثناء قراءاتي في الكتاب العظيم "تاريخ الإسلام " للإمام الحافظ الشمس الذهبي = ما قاله في ترجمة الإمام الزاهد أبي زكريا النووي رحمه الله: قلت: و لا يحتمل كتابنا أكثر مما ذكرنا من سيرة هذا السيد -رحمة الله عليه -، و كان مذهبه في الصفات السمعية السكوت و إمرارها كما جاءت، و ربما تأول قليلا في شرح مسلم - رحمه الله تعالى - (671 - 680 هـ ص 256)
و لعل هذا يقوي صحة نسبة الرسالة المنسوبة إليه حول كلام الله و أنه بحرف و صوت
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/364)
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[09 - 01 - 06, 08:45 م]ـ
أريد أن أسأل سؤالاً للإخوة الذين يخوضوا بهذا الحديث هل نحن مطلبين أن نبحث في عقيدة أي إنسان.
الشيء الثاني: وهل نحن مطلبين بالبحث عن عقيدة عالم وجبل بل وحجة كالإمام النووي رحمه الله تعالى.
الشيء الثالث: أقول الأولى الإهتمام بتعلم القرآن والحديث والفقه خيراً من الخوض في تفنيد عقائد المسلمين وبالأخص العلماء.
بل ينبغي أن نهتم بتفنيد العقائد الباطلة لأن المرء إذا أخطأ في العقيدة قيل إبتدع أو كفر وإذا أخطأ في الفقه أو الحديث قيل أخطأ وإذا كان عالماً قيل اجتهد وأخطأ
ثم إن في القرآن الكثير الكثير من آيات العقيدة فمن أراد تعلم القرآن حق تعلمه وجب عليه الرد على اهل البدع في تأويلاتهم الباطلة للآيات المخالفة لعقيدتهم ومثل هذا يقال في الأحاديث الصحيحة
وأما الفائدة في بحث عقيدة علم كالنووي _ رحمه الله _ فالعوام والمبتدئون من الطلبة ينبغي تحذيرهم من كل كتاب فيه ما يخالف العقيدة الصحيحة حتى يرسخوا فيها ويصبح بإمكانهم قراءة كتب أهل البدع وهي على درجات فمنها ما يقرأه العالم أو طالب العلم ليرد عليه ومنها ما يقرأه للإستفادة ومنها ما يقرأه للأمرين
والفائدة الثانية الرد على المبتدعة الذين يتمسحون بهؤلاء الأعلام بحجة منا فلان ومنا فلان
ـ[ابو مساور الحضرمي]ــــــــ[09 - 01 - 06, 11:24 م]ـ
أفاد الشيخ عبد الكريم الخضير أن النووي وابن حجر رحمهما الله كانوا مقلدين لأهل ذلك العصر وتلك البيئة وأيضا الشيخ العلامة محمد بن عثيمين أفاد أن ابن حجر احيانا ينهج منهج السلف وأحيانا يخالفهم وأوضح انه هو والنووي ينسبون الى أهل السنة.
ـ[أبو إبراهيم الجنوبي]ــــــــ[09 - 01 - 06, 11:36 م]ـ
إخواني الكرام .. نعم ينبغي النظر في معتقدات من يؤخذ عنه العلم لا سيما الأكابر حتى لا يقع من يقلدهم فيما وقعوا فيه من الأخطاء، غير أن ذلك يكون بأدب معهم، كما يكون بعلم وبحذر شديد إذ قد تخطؤهم في مسائل أنت المخطئ فيها، وأما تحذير العوام من قراءة بعض الكتب فهذا صحيح لكن ينبغي أن يكون بحكمة حتى لا ينقلب تحذيرك إلى نوغ من الإغراء.
والجادة أن لا ينفرد العامي بالقراءة إلا بتوجيه وإرشاد من عالم محقق بصير.
وهذا كله ينبغي أن يكون مبعث خوف على النفس وعلى هذا القلب المتقلب بين عشية وضحاها فإذا كان هؤلاء الفحول لم يسلموا من الوقوع في بعض الانحرافات العقدية مع حرصهم على الخير وتشميرهم على البحث عنه فكيف بمن دونهم بمراحل؟ نسأل الله العفو والعافية.
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[14 - 01 - 06, 11:58 م]ـ
تنبيه:
سواء اكان يتؤول بعض الصفات او يفوض فهذا لا تنزل منزلته بل هو مجتهد
فوالله نظنه انه افضل ممن سئل عنه وممن يسئل عنه
فهو شيخ الاسلام حقا ورباني هذه الامة ولا اظن هناك عالما علي وجه الارض اليوم مثله
بل يساويه قيد انملة
تنبيه: مسئلة ازعجتني ...
وانني استغرب بعض الاخوة هداهم بل اشد من ذلك بقع من ذلك بعض الشيوخ وقد
سمعت من فم شيخ في اجد اشرطته حيث بدأ يثني علي الامام النووي
ثم اردف بقوله "مع خلل في عقيدته"
فاشمئز نفسي من قوله وعجبت كيف صدر وخرج هذا قول من فيه
فكيف يوصف عالم بخلل في عقيدته!! وهل يرضي احد هذا عن امه او ابيه
فتجد بعض شباب
يقولون ان " في عقيدته خلل" او فيها شئ!!
ما هكذا تورد الابل يا سعد
ولو خالف شيخ مسئلة (باب التاويل) هل يقال عنه في "عقيدته خلل" وهل هذا من الادب وهل من وقع في مسئلة من مسائل واخذ بقول المرجوح
يقال عنه "عنده خلل في العقيدة"
هو فقط أول في بعض الصفات
ثم هذه مقولة "عنده خلل" ما تلفذ بها احد من علماء المسلمين علي امد دهور
ولا يوصف امام من ائمة المسلمين بخلل في عقيدته والله ليس هذا طريقة الادب
مع العلماء وائمة المسلمين
ولو جاء احد وقال ذلك عن شيخ الاسلام وابن القيم بسب مخالفتهما مسئلة من مسائل في العقيدة لما رضينا به بل قام علي من قال ذلك عليه الدنيا
فلماذا يجوز في الامام النووي ولا يجوز في غيره ...
يجب علينا ان نساوي بين علماء في المعاملة والادب معهم
تقول عن العالم اخطأ في تلك مسئلة او اخذ بقول غير صحيح
مع ادب جم
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[15 - 01 - 06, 12:14 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/365)
قرأت هذا الموضوع منذ تم وضعه ولم أشارك فيه لأن المشايخ عبد الله والمسيطير وشاكر قد كفوا الجميع مؤنة ذلك بعرضهم لجميع وجهات النظر الممكنة حول هذا الموضوع.
ثم طالعت مشاركة الفاضل أبو حمزة،فوجدتها تغريدة خارج السرب.
فقلت: لا ضير، لو كانت جارية على الأصول المتفق عليها؛فلما رزتها وجدتها من بابة أخرى غير التي نعرفها وبيانه:
1 - قال حبيبنا: ((سواء اكان يتؤول بعض الصفات او يفوض فهذا لا تنزل منزلته بل هو مجتهد))
قلت: ومن تكلم عن اجتهاده من عدمه؟!
وهل صفات الله من موارد الاجتهاد؟
2 - قال حبيبنا: ((فوالله نظنه انه افضل ممن سئل عنه وممن يسئل عنه))
قلت: وهذا خروج عن محل النزاع،ولم يتطرق له الإخوة أصلا.
3 - قال حبيبنا: ((فهو شيخ الاسلام حقا ورباني هذه الامة ولا اظن هناك عالما علي وجه الارض اليوم مثله بل يساويه قيد انملة))
قلت: وهذا خروج عن محل النزاع،ولم يتطرق له الإخوة أصلا. وفي إطلاقك على النووي شيخ الإسلام نظر كبير،وراجع معجم المناهي.
4 - قال حبيبنا: ((تنبيه: مسئلة ازعجتني ...
وانني استغرب بعض الاخوة هداهم بل اشد من ذلك بقع من ذلك بعض الشيوخ وقد
سمعت من فم شيخ في اجد اشرطته حيث بدأ يثني علي الامام النووي
ثم اردف بقوله "مع خلل في عقيدته"
فاشمئز نفسي من قوله وعجبت كيف صدر وخرج هذا قول من فيه
فكف يوصف عالم بخلل في عقيدته!! وهل يرضي احد هذا عن امه او ابيه
فتجد بعض شباب وبعض الشيوخ
يقولون ان " في عقيدته خلل" او فيها شئ!!
ما هكذا تورد الابل يا سعد
ولو خالف شيخ مسئلة (باب التاويل) هل يقال عنه في عقيدته خلل
هو فقط أول في بعض الصفات
ثم هذه مقولة ما تلفذ بها احد من علماء المسلمين علي امد دهور
ولا يوصف امام من ائمة المسلمين بخلل في عقيدته والله ليس هذا طريقة الادب
مع العلماء وائمة المسلمين))
قلت: لا أدري ما هي جهة الانزعاج وهل العالم معصوم في العقيدة أوغيرها، ولن أطيل معك النقاش حول هذه الفقرة من كلامك لظهور التكلف فيها ولكني أطالبك فقط بواحد من أهل العلم انزعج مما انزعجت منه.
أخي الحبيب أنا أعظك بواحدة فحسب:
ليعظم شأن الله وصفاته في قلبك.
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[15 - 01 - 06, 01:48 ص]ـ
فكيف يوصف عالم بخلل في عقيدته!! وهل يرضي احد هذا عن امه او ابيه
أخي بارك الله فيك!
الحكم على الناس لا يكون بالعواطف، فالصواب صواب، وإن صدر ممن نبغض، والخطأ خطأ وإن صدر ممن نحب، لكن لكل قَدْرُهُ.
وإن كنا لا نرضى هذا لمن يعز علينا، إلا أنا لا نرضى أن يقع أحد في جنب الله.
ولو خالف شيخ مسئلة (باب التاويل) هل يقال عنه في "عقيدته خلل" وهل هذا من الادب وهل من وقع في مسئلة من مسائل واخذ بقول المرجوح
يقال عنه "عنده خلل في العقيدة"
اعلم - غير معلَّم - أن أصول الدين ليس فيها راجح ومرجوح، بل فيها صواب وخطأ، فمن وافق الكتاب والسنة واتبع أهل السنة والجماعة فهو على الصواب، ومن حاد عنه فهو على خطأ.
وإن كان القائل اجتهد فلم يصل إلى الصواب = فأمره إلى الله، لكن ذلك لا يغير من الواقع شيئا، اللهم إلا في معرفة من اجتهد فأخطأ، ومن خالف عن كبر وجحود.
ثم هذه مقولة "عنده خلل" ما تلفذ بها احد من علماء المسلمين علي امد دهور
هل تتبعت كلام الأئمة على مر العصور؟؟ أم أنها الإطلاقات والعمومات التي لا يعجز عنها أصغر طويلب علم؟!
ثم اعلم أنهم قد تلفظوا بأعظم من هذه الكلمة.
فلماذا يجوز في الامام النووي ولا يجوز في غيره ...
من قال هذا بورك فيك؟؟
رحم الله الإمام النووي ورحم الله جميع أئمة المسلمين، وجزاهم عنا خير الجزاء
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[15 - 01 - 06, 01:51 ص]ـ
أعتذر من الشيخ الفاضل أبي فهر، فقد كتبت ما كتبت قبل الاطلاع على مشاركته.
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[15 - 01 - 06, 05:25 ص]ـ
قلت: لا أدري ما هي جهة الانزعاج وهل العالم معصوم في العقيدة أوغيرها، ولن أطيل معك النقاش حول هذه الفقرة من كلامك لظهور التكلف فيها ولكني أطالبك فقط بواحد من أهل العلم انزعج مما انزعجت منه.
أخي الحبيب أنا أعظك بواحدة فحسب:
ليعظم شأن الله وصفاته في قلبك.
اخي الحبيب
لعلك اصبت انني خرجت في بعض مواضع محل النزاع سامحوني علي ذلك
وانما ذكرت هذه مسئلة تبعا لانها تكرر بعض مرات بين الاخوة وهي مناقشة عقيدة الشيخ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/366)
ولذلك ذكرتها في الموضوع
وجزاك الله خيرا علي نصيحتك وردك في غاية الادب جزاك الله خيرا
لعلكم لم تفهموني
انا لم اقل العالم ليس بمعصوم قد يخطئ العالم في مسائل العقيدة ويجب الرد عليه وبيان الحق فيها ولكن الذي ازعجني هو وصف من بعض الاخوة عندما تثني عندهم الامام يقولون
ان في "عقيدته خلل" اري هذه كلمة ليست مناسبة بمقام الشيخ
لماذ لا نقول اخطئ شيخ في بعض مسائل او لم يكن علي الصواب في تلك مسئلة
وهلم جر
وما رأيكم من جاء وقال مثلا عن الامام ابن القيم قال هو من اهل السنة ولكن عنده خلل في العقيدة (لانه قال مثلا بفناء النار علي قول من يقول لم يرجع منها)
ألا يزعجكم كلام مثلا هذا ... في حق الامام ابن القيم ...
او االامام الشوكاني من اهل السنة ولكن في عقيدته خلل (لانه يقول بجواز التوسل ويوؤل الصفات في تفسيره ... الخ)
فهل يصلح هذا الكلام في حقهم؟ بالطبع لا ...
أخي الحبيب أنا أعظك بواحدة فحسب:
ليعظم شأن الله وصفاته في قلبك.
قلت (أقول ما قلته لي): وهذا خروج عن محل النزاع،ولم يتطرق له احد أصلا
وهل رأيت مني عدم تعظيم لله وصفاته
انما كلامي حول استعمال الالفاظ المناسبة مع العلماء
والادب معهم ..
========================
أخي بارك الله فيك!
الحكم على الناس لا يكون بالعواطف، فالصواب صواب، وإن صدر ممن نبغض، والخطأ خطأ وإن صدر ممن نحب، لكن لكل قَدْرُهُ.
وإن كنا لا نرضى هذا لمن يعز علينا، إلا أنا لا نرضى أن يقع أحد في جنب الله.
كلام صحيح اوافقك عليه ولكن من وقع في جنب الله؟
هل تتبعت كلام الأئمة على مر العصور؟؟ أم أنها الإطلاقات والعمومات التي لا يعجز عنها أصغر طويلب علم؟!
ثم اعلم أنهم قد تلفظوا بأعظم من هذه الكلمة.
اعني يا اخي العزيز بارك الله فيك في حق الامام النووي .... اذ كلامنا فيه
بل من المعروف ان علماء الجرج والتعديل قالوا اكثر من هذا في المجروحين
اما في حق الامام النووي
لم يقل عالم من علماء المسلمين فيما نعرف من زمنه الي عصور القريبة ان في "عقيدته خلل"
اعني استعمال لفظ "الخلل" علي عقيدة الشخص
ولكن هذا ليس معناه ليس له اخطاء .. او لم يرد عليه احد انا لا اقول لا يرد علي خطأ العالم
ثم
هل قال الامام شيخ الاسلام ابن تيمية ذلك او ابن كثير او الامام الذهبي او الامام الشوكاني
"عقيدة الامام فيها خلل"
هذا سؤالي
هل يجوز اطلاق "لفظ الخلل علي عقيدة الشيخ؟
واليس فيها وضع من مقام الشيخ .... اليس هناك عبارات اخري افضل وأليق
في رد وبيان الخطأ
وليسامحني احد ان جرحت مشاعره فوالله انني احب منتدي واهله واحب لكم الخير
واشكركم علي نصائحكم وانما نحن اخوة نتعلم منكم
دمتم بخير
ـ[محمد الشنو]ــــــــ[15 - 01 - 06, 08:00 ص]ـ
أقل حقوقهم علينا أن ندعوا لهم
ومن أخطأ منهم فلسنا مطالبين في أن ننسبهم إلى الفرق بل نبين خطأهم حتى يحذر منها
ـ[العوضي]ــــــــ[15 - 01 - 06, 08:41 ص]ـ
استمع لكلام العلامة الفوزان - حفظه الله - في النووي وابن حجر
ـ[أبو فاطمة الاثري]ــــــــ[15 - 01 - 06, 03:10 م]ـ
أفاد الشيخ عبد الكريم الخضير أن النووي وابن حجر رحمهما الله كانوا مقلدين لأهل ذلك العصر وتلك البيئة.
alslaam aleeekm
alimam alshekh alalbany r7moh allah said the same thing, it is not easy to be aganist people(sorry for english but i dont have arabic)
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[16 - 01 - 06, 05:00 م]ـ
هذه ترجمة لما كتبه الأخ أبو فاطمة
الشيخ الألباني قال نفس الشيء ليس من السهل أن تكون مخالفاً للناس
عذراً على الكتابة بالإنجليزية لكني لا أستطيع الكتابة بالعربية
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[16 - 01 - 06, 05:08 م]ـ
ترجمة رسالة أخينا أبي فاطمة الأثري جزاه الله خيرا:
السلام عليكم.
الإمام الشيخ الألباني رحمه الله قال نفس الشيء، ليس سهلا أن تكون ضد الناس.
ثم اعتذر عن كتابته باللغة الإنجليزية لعدم قدرته على الكتابة بالعربية.
ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[06 - 03 - 06, 08:22 م]ـ
نُقل عن الشيخ المبارك / سفر الحوالي حفظه الله أنه قال:
(لا ينبغي أن يقال عن الإمام النووي وابن حجر رحمهم الله تعالى أنهم أشاعرة، بل الصحيح أن يقال:
هم من أهل السنة = وقد وافقوا الأشاعرة في بعض اعتقاداتهم).
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=419990#post419990
ـ[ابوعمر الدغيلبي]ــــــــ[21 - 07 - 10, 08:35 ص]ـ
الإمام النووي رجع لمذهب السلف و الحمدلله في أخر حياته و قد بين ذلك في كتاب له اسمه (جزء فيه ذكر اعتقاد السلف في الحروف و الأصوات) و إن هذا مما يفرح السني برجوع الإمام النووي إلى الحق لما يعرف من قبول و انتشار كتبه مثل رياض الصالحين وأذكر الإمام ابن عثيمين رحمه الله قال: هذا دليل على اخلاص المؤلف. والله اعلم
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[21 - 07 - 10, 09:09 ص]ـ
بارك الله فيك ..
الجزء المذكور لا تُثبته صناعة إثبات الكتب لمصنفيها ..
فهو وجادة ضعيفة لا إسناد لها، ولم يُشر عالم واحد لكون هذا الجزء صنفه النووي رحمه الله ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/367)
ـ[عبد المجيد الموريتاني]ــــــــ[21 - 07 - 10, 11:32 ص]ـ
الإخوة الأكارم:
عند مطالعة مداخلاتكم تذكرت كلمة رواها بعض الثقات والأثبات عن محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - حين كان يقرؤ عليه - فتح الباري - وهو مضطجع يسمع واستغرقت القراءة وقتا طويلا مشبعا بالإفادة من الفتح الذي ليس بعده فتح , وفجأة وصل القارئ إلى صفة أولها ابن حجر -رحمه الله - فصاح أحد الطلاب بـ (خطأخطأ) بأعلى صوته فجلس محمد بن عبد الوهاب وناد الشاب وقال له منذ وقت وأنت تسمع العلم النامع والشرح الوافي ولم تتكلم أي كلمة حتى إذا وصلت إلى (خطإ) صرخت وصحت ما أنت إلا ذباب لا ينزل إلا على القذر ....
هاكذا بعض الناس ......
لعلنا لم نستفد من نقد بعض العلماء لبعض في القديم كمالك واليث وفي الحديث أيضا ...
ولا أقصد بالعلماء أصحاب الدعاوي أوي النسخ واللصق ..
وقديما قال الشاعر:
الدعاوي ما لم تقيموا عليها بينات
أعتقد أن اعتقاد بن حجر والنووي وطرحه ليس واردا الآن خصوصا ممن لم يفهم أبسط استنباط من استنباطاتهما أو أي قاعدة علمية لهما .....
وكم من عائب قولا صحيحا وآفته من الفهم السقيم(32/368)
بلغة المستفيد شرح كتاب التوحيد - للشيخ عبد المحسن الزامل
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[22 - 12 - 05, 09:55 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من السنن المتبعة في طلب العلم الشرعي دراسة وتدريساً في بلاد الحرمين وبعض البلاد الإسلامية البدء بالمتون العلمية المختصرة في كافة العلوم وشتى الفنون ومن خير المتون العلمية التي درج العلماء على العناية بها حفظاً ودراسة وشرحاً وتدريساً (كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد) للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى
ومن الشروح المهمة التي جمعت بين التأصيل العلمي والموسوعة العقدية والدراسة الحديثية
مع تحرير الخلاف وبيان الراجح في عبارة سهلة وأسلوب سلس يفهمها الصغير والكبير ويستفيد منها طالب العلم والعامي
شرح شيخنا الشيخ عبد المحسن بن عبد الله الزامل والذي بدء به عشاء يوم الاثنين 13/ 10 / 1413هـ وانتهى من شرحه والتعليق عليه يوم الاثنين 17/ 7 / 1415هـ
وهذه بعض الفوائد والفرائد من هذا الشرح الجليل والذي سميته بـ (بلغة المستفيد شرح كتاب التوحيد)
ـ[علي الأثري]ــــــــ[24 - 12 - 05, 12:45 ص]ـ
بإنتظار فوائدك على أحر من الجمر فلا تحرمنا منها
لك من الدعاء وفقنا الله وإياك للعلم النافع والعمل الصالح
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[24 - 12 - 05, 06:23 ص]ـ
قال شيخ الإسلام والمسلمين مجدّد الدعوة والدّين الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى:
[بسم الله الرحمن الرحيم]
-الباب الأول
-كتاب التوحيد وقول الله تعالى ?وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ? [الذاريات: 56]
و قوله تعالى ?وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ? [النحل:36] الآية.
وقوله تعالى ?وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا? [الإسراء:23] الآية.
وقوله تعالى ?وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا? [النساء:36] الآيات.
قوله تعالى: ?قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا? [الأنعام: 151] الآيات.
قال ابن مسعود (رضي الله عنه): من أراد أن ينظر إلى وصية محمد صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه؛ فليقرأ قوله تعالى ?قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا? إلى قوله ?وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا? [الأنعام:151 - 153] الآية.
وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ (رضي الله عنه) قَالَ: كُنْتُ رِديفَ النبي صلى الله عليه وسلم. عَلَى حِمَارٍ فَقَالَ لي: «يَا مُعَاذُ! أَتَدْرِي مَا حَقّ اللّهِ عَلَى الْعِبَادِ وما حقّ العبادِ عَلَى الله؟» قُلْتُ: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «حَقّ اللّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوه وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا. وَحَقّ الْعِبَادِ عَلَى اللّهِ أَنْ لاَ يُعَذّبَ مَنْ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئا» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ! أَفَلاَ أُبَشّرُ النّاسَ؟ قَالَ: «لاَ تُبَشّرْهُمْ. فَيَتّكِلُوا». أخرجاه
& && الفوائد المنتقاة على الباب الأول
(عشاء الاثنين 13/ 10 / 1413)
1 - قوله (بسم الله الرحمن الرحيم) الذي يظهر أن المصنف اقتدى في كتابه بالنبي صلى الله عليه وسلم في كتاباته ورسائله كما في حديث ابن عباس في الصحيح (بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل .... ) ومثله في صلح الحديبية، والأظهر أن الكتب والرسائل يُبدأ فيها بالبسملة ولا يزيد عليها فإن زاد فلا بأس، وأما في الخطب والكلمات فالسنة أن يُبدأ فيها بالحمدلة والثناء على الله عز وجل والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
2 - قوله (كتاب التوحيد) المصنف لم يضع لكتابه خطبة يبين فيها مقصده في كتابه والأظهر أنه وضع هذه الآيات والأحاديث في بداية كتابه وأراد منها بيان حقيقة التوحيد وأصله وأساسه فجعلها كالخطبة لكتابه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/369)
3 - التوحيد مصدر وحد يوحد توحيداً أي جعله واحداً، وسمي دين الله عز وجل توحيداً لإنه يجب توحيد الله عز وجل في أفعاله ونفي المثل والشبيه لله عز وجل وإخلاص العبادة له سبحانه وتعالى وقد أجمع المسلمون على أن المرء لا ينفعه توحيد الربوبية حتى يضم إليه توحيد الإلوهية.
4 – قوله تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) هل الجن كل ما كان مستجناً، أو الجن هم في مقابل الإنس؟ الصواب المراد بهم هنا الجن الذين في مقابل الإنس،
واللام في (ليعبدون) لام كي وهي لام التعليل وهذه اللام ينكرها الأشاعرة لأنهم ينفون أن الله عز وجل يفعل الفعل لعلة وحكمة، والمعنى (إلا ليعبدون) أي إلا لآمرهم وأنهاهم فمنهم من يطيع ومنهم من يعصي.
5 - قوله تعالى ?وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ? هذه الآية موضحة للآية الأولى فلا تكون العبادة إلا باجتناب الطاغوت.
6 – الطاغوت: هو كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع كما قال ابن القيم وهذا هو أظهر التعاريف فيه.
7 – قوله تعالى (وَقَضَى) أي أمر والأمر هنا الديني الشرعي وهذه الآية تبينها الآية قبلها فالعبادة لا تكون إلا باجتناب الطاغوت.
8 – قوله تعالى (وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا) هذا إطلاق يشمل جميع أنواع الشرك وهذا يدل على عظم أمر الشرك كبيراً كان أو صغيراً.
9 – قوله (قال ابن مسعود (رضي الله عنه): من أراد أن ينظر إلى وصية محمد صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه) هذا الأثر رواه الترمذي وهو حسن السند أو صحيح
ومعنى (عليها خاتمه) إما الإشارة على عظم شأنها وأهميتها، أو لأنها تشبه ما وصى به الله عز وجل فوصى بها رسوله صلى الله عليه وسلم.
10 – قوله (فأخبر بها معاذ عند موته تأثماً) الحديث الذي أخبر به معاذ هو (ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار) وهو في الصحيحين وأما حديث الباب فلا يذكر أنه ذكره تأثماً فالصواب أنهما حديثان واشتبه على كثير من الشراح أنهما حديث واحد.
11 – قوله (لاَ تُبَشّرْهُمْ. فَيَتّكِلُوا) النهي هنا ليس للتحريم ولكن النهي في أحوال خاصة كما يكتم بعض العلم لأحوال خاصة.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[25 - 12 - 05, 11:55 م]ـ
وقول الله تعالى ?الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ?ا [الأنعام: 82].
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ شهِدُ أَنّ لاَ إِلَهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ, وَأَنّ مُحَمّدا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ, وَأَنّ عِيسَىَ عَبْدُ اللّهِ وَرسوله وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَالْجَنّةَ حَقّ, وَالنّارَ حَقّ؛ أَدْخَلَهُ الله الْجَنّةَ على ما كان من العمل» أخرجاه.
ولهما في حديث عِتبان: «فَإِنّ الله قَدْ حَرّمَ عَلَى النّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاّ الله, يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ الله».
وعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال موسى عليه السلام: يا ربِّ! علِّمني شيئاً أذكرك وأدعوك به. قال: قل يا موسى: لا إله إلا الله. قال: يا رب! كل عبادك يقولون هذا؟. قال: يا موسى! لو أن السموات السبع وعامرهن غيري، والأرضين السبع في كفة و (لا إله إلا الله) في كفة، مالت بهن لا إله إلا الله» رواه ابن حبان والحاكم وصححه.
وللترمذي وحسنه عن أنس رضي الله عنه سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله تعالى: يا ابنَ آدَمَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأرْضِ خَطَايَا ثُمّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بي شَيْئاً لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً».
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الثاني
(عشاء الثلاثاء 14/ 10/ 1413)
1 - الباب لغة: هو ما يدخل منه إلى غيره
واصطلاحاً: اسم لجملة مختصة من العلم تحته فصول ومسائل غالباً.
2 – قوله (باب فضل التوحيد وما يكفِّر من الذنوب) المراد به توحيد الإلوهية و (ما) هنا مصدرية ولو كانت موصولة لأوهم أن هناك ذنوباً لا يكفرها التوحيد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/370)
3 – قوله (وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ) المراد بالظلم الشرك الأكبر فمن انتفى عنه الشرك الأكبر حصل له مطلق الأمن والاهتداء، أما من لم يأت بالشرك الأكبر والأصغر وسائر المعاصي ولم يرتكب كبيرة ولم يصر على صغيرة فهذا له الأمن والاهتداء المطلق فالآية تشمل المعنيين
فالسلامة من الشرك الأكبر وعدم السلامة من سائر المعاصي فهذا له أصل الأمن والاهتداء ولم يحصل له كماله وهو تحت المشيئة، ومن سلم من الشرك الأكبر والأصغر والكبائر فهذا من أهل الجنة قطعاً ومن سلم من الشركين ولم يسلم من الكبائر فهذا تحت المشيئة.
ومن سلم من الشرك الأكبر ولم يسلم من الشرك الأصغر فهذا على قول بعض السلف أنه لا بد أن يدخل النار لأن الله عز وجل لا يغفر أن يشرك به ولكنه لا يخلد في النار وهناك نوع ذكره شيخ الإسلام وهو من سلم من الشرك الأكبر وتلطخ ببعض الشرك الأصغر وبكثير من الذنوب والمعاصي فهذا قطعاً يدخل النار وذكر هذا القول صاحب تيسير العزيز الحميد وسكت عنه والمسألة تحتاج إلى زيادة بحث
4 – قوله (مَنْ شهِدُ أَنّ لاَ إِلَهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ) الشهادة لا بد أن تكون عن علم وصدق وعمل فاشتراط العلم حتى يخرج عن صفة النصارى الذين يعملون بلا علم، واشتراط العمل حتى يخرج عن صفة اليهود والصدق حتى يخرج عن صفة المنافقين.
5 – قوله (فَإِنّ الله قَدْ حَرّمَ عَلَى النّارِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاّ الله, يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ الله) من قال لا إله إلا الله ولم يعرف معناها ولم يعمل بمقتضاها فإنها لا تنفعه بإجماع المسلمين.
6 – قوله (وعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه) الحديث فيه دراج وهو ضعيف ولكن له شاهد عند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو وظاهر سنده السلامة فيكون هذا الحديث من باب الحسن لغيره.
7 – قوله (وللترمذي وحسنه عن أنسٍ رضي الله عنه) الحديث في سنده مقال ولكن له شاهد عند الإمام أحمد من حديث إبي ذر رضي الله عنه.
8 – الإصرار على الكبيرة فيه نوع شرك لقوله تعالى (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه)
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[26 - 12 - 05, 11:27 م]ـ
وقول الله تعالى: ?إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ? [النحل:120].
وقوله: ?وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ? [المؤمنون: 59].
وعن حُصَيْنِ بْنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رضي الله عنه فَقَالَ: أَيّكُمْ رَأَى الْكَوْكَبَ الّذِي انْقَضّ الْبَارِحَةَ؟ قُلْتُ: أَنَا. ثُمّ قُلْتُ: أَمَا إِنّي لَمْ أَكُنْ فِي صَلاَةٍ. وَلَكِنّي لُدِغْتُ. قَالَ: فَمَاذَا صَنَعْتَ؟ قُلْتُ: اَرْتقَيْتُ. قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ قُلْتُ: حَدِيثٌ حَدّثَنَاهُ الشّعْبِيّ. قَالَ: وَمَا حَدّثَكُمُ الشّعْبِيّ؟ قُلْتُ: حَدّثَنَا عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ حُصَيْبٍ, أَنّهُ قَالَ: لاَ رُقْيَةَ إِلاّ مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ. قَالَ: قَدْ أَحْسَنَ مَنِ انْتَهَى إِلَى مَا سَمِعَ. وَلَكِنْ حَدّثَنَا ابْنُ عباس رضي الله عنه عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ: «عُرِضَتْ عَلَيّ الأُمَمُ. فَرَأَيْتُ النّبِيّ وَمَعَهُ الرّهَطُ. وَالنّبِيّ وَمَعَهُ الرّجُلُ وَالرّجُلاَنِ. وَالنّبِيّ ولَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ. إِذْ رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ. فَظَنَنْتُ أَنّهُمْ أُمّتِي. فَقِيلَ لِي: هَذَا مُوسَىَ وَقَوْمُهُ. وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ. فَنَظَرْتُ. فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ. فَقِيلَ لِي: هَذِهِ أُمّتُكَ. وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ أَلْفاً يَدْخُلُونَ الْجَنّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلاَ عَذَابٍ».
فنَهَضَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ. فَخَاضَ النّاسُ فِي أُولَئِكَ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَلَعَلّهُمُ الّذِينَ صَحِبُوا رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَلَعَلّهُمُ الّذِينَ وُلِدُوا فِي الإِسْلاَمِ فَلَمْ يُشْرِكُوا بِالله. وَذَكَرُوا أَشْيَاءَ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/371)
فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرُوهُ. فَقَالَ: «هُمُ الّذِينَ َلاَ يَسْتَرْقُونَ. وَلاَ يَكْتَوُون. وَلاَ يَتَطَيّرُونَ. وَعَلَى رَبّهِمْ يَتَوَكّلُونَ»، فَقَامَ عُكّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ. فَقَالَ: يا رسول الله ادْعُ الله أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. قَالَ: «أَنْتَ مِنْهُمْ» ثُمّ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ: ادْعُ الله أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. فَقَالَ: «سَبَقَكَ بِهَا عُكّاشَةُ».
& الفوائد المنتقاة على الباب الثالث
(عشاء السبت 18/ 10 /1413)
1 - هذا الباب درجة أعلى من الذي قبله فالسالم من الشرك الأكبر والأصغر والكبائر فإنه يدخل الجنة ولكنه قد يأتي ببعض المكروهات والمباحات فهذا يدخل الجنة ولكن قعدت به المباحات عن الوصول لدرجة السابقين ولكن من حقق التوحيد فهو السالم من الشرك الأكبر والأصغر والكبائر والصغائر وأعرض عن الأمور المباحة وإن احتاج إليها من تداوي ونحوه فهذا في درجة السابقين المقربين. فالناس على أحوال ثلاثة:
أ - من أتى بالتوحيد سالماً من الشرك الأكبر والأصغر ولكنه عنده شيء من الكبائر والصغائر فهذا على خطر فإنه قد يدخل النار.
ب - قوم يدخلون الجنة ولكن قد يحاسبون حساباً يسيراً (فسوف يحاسب حساباً يسيراً)
ج - من حققوا التوحيد وهم السبعون الفاً فهؤلاء يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب.
2 - قوله تعالى (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) وجه الدلالة من الآية أن من اقتدى بإبراهيم في هذه الصفات فقد حقق التوحيد.
3 – قوله (أَيّكُمْ رَأَى الْكَوْكَبَ الّذِي انْقَضّ الْبَارِحَةَ؟) فيه أن السلف كانوا يتأملون في الكون ويخافون من نزول العقوبات الكونية.
4 – قوله (لاَ رُقْيَةَ إِلاّ مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ) هذا موقوف على بريدة بن الحصيب وقد جاء مرفوعاً عند أحمد والترمذي وغيرهما وهو صحيح وقد جاء عن عمران بن حصين موقوفاً
ومعنى الحصر (لا رقية إلا من عين وحمة) المراد أن أنفع الرقى إذا كانت من عين وحمة وقيل إنه على سبيل الحصر أي لا رقية إلا من عين أو حمة ولعل هذا كان أول الأمر ثم جاء الترخيص في الرقية من غيرهما وهذا هو أقرب الأقوال لأن في القول الأول تأويلاً للنص.
5 - قوله (وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ أَلْفاً يَدْخُلُونَ الْجَنّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلاَ عَذَابٍ) جاء من حديث أبي هريرة (فاستزدت ربي فزادني مع كل ألف سبعين ألفاً) وسنده جيد وقد رواه أحمد من عدة طرق ورواه الترمذي من حديث أبي أمامة وجاء عن أبي بكرة (مع كل واحد سبعون ألفاً) وهي زيادة لا تصح وهناك زيادة جيدة أيضاً (وثلاث حثيات من حثيات ربنا).
6 – قوله (هُمُ الّذِينَ َلاَ يَسْتَرْقُونَ) هذا لا يلزم منه أن الرقية ممنوعة، ولكن هؤلاء القوم لا يسترقون بمعنى أنهم لا يطلبون ولا يسألون غيرهم أن يرقيهم، وسؤال الناس فيه نوع تذلل لهم، فالرقية شيء وسؤال الرقية شيء آخر، فإذا رقاه الراقي حصل في قلبه نوع تذلل وعبودية للراقي.
وهذه الصفات لهؤلاء السبعين وقد يكون غيرهم يسترقون ولكنهم أرفع منزلة من هؤلاء السبعين فقد يكون لغيرهم فضائل أخرى ويكونون أعظم أجراً بها كمن يأتي في آخر الزمان وله أجر خمسين من الصحابة فهذا فضل خاص لأقوام خاصين بصفات خاصة وقد يكون غيرهم يفضلهم في أمور أخرى.
7 – قوله (وَلاَ يَكْتَوُون) الكي ليس بمحرم وقد كوى النبي صلى الله عليه وسلم والأولى تركه للحديث (وأنهي أمتي عن الكي).
8 – قوله (سَبَقَكَ بِهَا عُكّاشَةُ) الأظهر أنه صلى الله عليه وسلم أراد سد الباب وفيه بيان أن عكاشة من أهل الجنة.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[31 - 12 - 05, 10:56 م]ـ
الباب الرابع - باب الخوف من الشرك
وقول الله عز وجل: ?إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ?
وقال الخليل عليه السلام: ?وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ? [إبراهيم: 35]
وفي الحديث: «أخْوَفُ ما أخافُ عليكم الشركَ الأصغر». فسئل عنه فقال: «الرياء».
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من مات وهو يدعو من دون الله نداً، دخل النار». رواه البخاري.
ولمسلم عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ لَقِيَ الله لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئا دَخَلَ الْجَنّةَ, وَمَنْ لَقِيَهُ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئا دَخَلَ النّارَ».
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الرابع
(عشاء الاثنين 20/ 10 / 1413)
1 - على العبد أن يحذر من إفساد وإبطال توحيده فالمسلم قد يفسد توحيده بقول أو فعل أو اعتقاد.
2 - قوله (باب الخوف من الشرك) أي من الشرك الأكبر وبعمومه يدخل فيه الشرك الأصغر.
3 - الشرك: هو تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائص الله عز وجل.
4 - قوله تعالى (وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ) فيه رد على الخوارج المكفرين بالذنوب، وقوله تعالى (لمن يشاء) فيه رد على المرجئة لأنه قد يعذب قوماً ولا يعذب آخرين فهذا يدل على أن قوماً يدخلون النار خلافاً لقولهم بأن أهل التوحيد لا يعذب منهم أحد.
5 – قوله تعالى (وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) هذه الآية في غير التائبين وأما قوله تعالى (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً) فقد أجمع العلماء أنها في التائبين.
6 – قوله (وفي الحديث: «أخْوَفُ ما أخافُ عليكم الشركَ الأصغر». فسئل عنه فقال: «الرياء») رواه أحمد وهو بمجموع السندين من باب الصحيح لغيره وله شواهد أخرى
7 - الشرك الأصغر قالوا إنه ما جاء تسميته في النصوص شركاً ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر
والرياء هو التصنع للمخلوقين بالأفعال والسمعة بالأقوال.
8 - قوله (من مات وهو يدعو من دون الله نداً، دخل النار) فيه أن المشرك شركاً أصغر يدخل النار على قول لأهل العلم، وكثير من أهل العلم يرى أن الشرك الأصغر أعظم من الكبائر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/372)
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[31 - 12 - 05, 11:02 م]ـ
الباب الخامس - باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله
وقول الله تعالى: ?قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ? [يوسف:108].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن، قال له «إنّكَ تَأْتِي قَوْماً أَهْلَ كِتَابٍ، فَلْيَكُنْ أَوّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاّ الله (وفي رواية: إلى أن يوحِّدوا الله)، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ. فَأَعْلِمْهُمْ أَنّ الله افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنّ الله افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدّ على فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ, فَإِيّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللّهِ حِجَابٌ». أخرجاه.
ولهما عن سهل بن سعد (رضي الله عنه): أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: «أُعطِينّ الرايةَ غداً رجلاً يُحِبّ اللهَ ورسوله ويُحبّه اللهُ ورسولهُ يَفتحُ اللهُ على يديهِ». فباتَ الناسُ يَدوكون ليلَتَهم أّيهم يُعطاها. فلما أصبحوا الناسُ غَدَوا على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يُعطاها, فقال: «أينَ عليّ بن أبي طالب؟» فقيل: هو يَشتكي عينَيهِ: فأرسلوا إليه. فأوتي به فبَصَقَ في عينَيه, ثُمَّ دَعَا لَهُ فَبَرَأ كأنْ لم يكنْ به وَجَع, فأعطاهُ الراية, فقال: «انفُذْ على رِسْلِكَ حتى تنزلَ بساحَتهم, ثم ادُعهم إلى الإِسلام, وَأَخْبِرْهُم بما يَجِبُ عليهم من حقّ اللّهِ فيه, فواللّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللّهُ بكَ رجُلاً واحداً خيرٌ لكَ مِن حُمْرُ النّعَم». (يدوكون)، أي: يخوضون.
&&&الفوائد المنتقاة على الباب الخامس
(عشاء الثلاثاء 21/ 10 / 1413)
1 - قوله (باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله) الدعوة إلى الله واجبة وجوباً كفائياً.
2 – قوله (فَلْيَكُنْ أَوّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاّ الله) فيه رد على قول المتكلمين من المعتزلة والأشاعرة والكرامية الذين يقولون أن أول واجب هو النظر أو القصد إلى النظر أو الشك
3 – قوله (صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدّ على فُقَرَائِهِمْ) فيه حجة لجمهور العلماء بأنه يجوز صرف الزكاة في صنف دون الأصناف المتبقية.
4 - قوله (فَإِيّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ) هي النفيسة من الأموال فلا يجوز أخذ كرائم الأموال إلا أن تكون كلها كرائم فإن كان فيها كرائم وأخرى غير كرائم أخذ من الوسط.
5 – قوله (وَاتّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللّهِ حِجَابٌ) دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجراً وفي رواية (وإن كان كافراً) والحديث روي من طريقين وسنده لا بأس به.
6 – في الحديث لم يذكر الحج فقال البعض أن في الحديث اختصاراً من الرواة والصواب أنه لا اختصار في الحديث فالرسول صلى الله عليه وسلم يذكر تارة الشهادتين والصلاة والزكاة وهذا في مقام الدعوة إلى الإسلام فإنه يكتفى في الغالب بذكر هذه الثلاثة فإذا أذعن المدعوون للإسلام للزكاة والصلاة فإنهم من باب أولى أن يذعنوا لغيرها من العبادات، وأما في مقام تبيين الدين والإسلام يذكر أركان الإسلام الخمسة.
7 – قوله (فقال: «أينَ عليّ بن أبي طالب؟») هذا الحديث من أصح الأحاديث في مناقب علي رضي الله عنه وقد جاء عن عشرة من الصحابة، وقد جاء في المسند عن بريدة وفيه (أن أبا بكر أخذ الراية ولم يفتح له وأخذها عمر فلم يفتح له ... ) ويشكل عليه حديث مسلم وفيه قال عمر (فما تطاولت للأمارة إلا يومئذٍ) فهذا يدل على أنه لم يأخذ الراية.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[31 - 12 - 05, 11:06 م]ـ
الباب السادس - باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/373)
وقول الله تعالى ?أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا? [الإسراء: 57].
قوله تعالى ?وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِي (27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ? [الزخرف:26 - 28].
وقوله: ?اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ? [التوبة: 31].
وقوله: ?وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ? [البقرة:165].
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاّ اللّهُ, وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللّهِ, حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ. وَحِسَابُهُ عَلَى اللّهِ عز وجل». وشرح هذه الترجمة ما بعدها من الأبواب.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب السادس
(عشاء السبت 25/ 10 / 1413)
1 – كأن هذا الباب هوالباب الأخير في بيان حقيقة كلمة التوحيد وما بعده هو بيان لفروع هذه الكلمة وما ينقصها وما يهدمها ويزيلها وعلاقة هذا الباب بما قبله أنه عند الدعوة إلى كلمة التوحيد فعلى المدعو أن يعلم أن عليه أن يبغض من يخالف هذه الكلمة ومعاداته والبراءة منه.
2 – قوله (تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله) التوحيد هو شهادة أن لا إله إلا الله فهما من باب المترادفان وهما ما اختلفا لفظاً واتفقا معناً.
3 – قوله (وقول الله تعالى ?أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا?) هذه الآية لها سبب نزول كما رواه البخاري عن ابن مسعود (أنه كان رجال من الإنس يعبدون الجن فآمن الجن وبقي الإنس على كفرهم).
4 – قوله تعالى (يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ) الوسيلة هي كل ما يقرب إلى الله عز وجل من الطاعات.
5 - قوله تعالى (قوله تعالى ?وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ?) وجه علاقة الآية بالباب أن إبراهيم لم يكتف بقول كلمة التوحيد بل أضاف إليها التبرؤ من الشرك وأهله.
6 - قوله تعالى (?اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ?) الطاعة في التحليل والتحريم هي في الحقيقة اتخاذ ند مع الله عز وجل لأن التشريع واعتقاد مشرع غير الله عز وجل هو إبطال لحق الربوبية وتنقص لجناب الإلوهية.
7 – قوله تعالى (?وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ?) إي أنهم يحبون أندادهم كما يحبون الله تعالى فهم يسوون حبهم للأنداد كحب الله عز وجل وهذا هو أصوب الأقوال فيها
والذين آمنوا أشد حباً لله من محبة المشركين لله لأنها محبة مخلصة لله عز وجل وهذا هو أصوب الأقوال فيها.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[02 - 01 - 06, 12:03 ص]ـ
الباب السابع - باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه
وقول الله تعالى: ?قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِي اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ? [الزمر:38].
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ t أَنّ النّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَىَ رَجُلاً فِي يَدِهِ حَلْقَةً مِنْ صُفْرٍ. فَقَالَ: «مَا هَذِهِ؟» قَالَ: هَذِهِ مِنَ الْوَاهِنَةِ. فَقَالَ: «انْزِعْهَا, فَإِنّهَا لاَ تَزِيدُكَ إِلاّ وَهْناً، فإنَّكَ لوْ مِتَّ وهي عليْك، ما أَفْلَحتَ أبداً». رواه أحمد بسند لا بأس به.
وله عن عقبة بن عامر مرفوعاً: «من تعلَّق تميمةً، فلا أتمَّ الله له، ومن تعلَّق ودعة، فلا ودَع الله له»
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/374)
وفي رواية: «من تعلَّق تميمةً، فقد أشْرَك».
ولابن أبي حاتم عن حذيفة رضي الله عنه: أنه رأى رجلاً في يده خيط من الحمى، فقطعه، وتلا قوله تعالى: ?وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ? [يوسف: 106].
&&& الفوائد المنتقاة على الباب السابع
(عشاء الاثنين 27/ 10 / 1413)
1 - لما ذكر المصنف التوحيد وبيّن حقيقته أراد أن يبين ما يناقض ويبطل هذا التوحيد فمن تمام التوحيد معرفة ما يناقضه وبدأ بذكر ما يناقض التوحيد من الشرك الأصغر كأنه أراد أن يبين أن الشرك الأصغر بريد الشرك الأكبر.
2 – قوله (من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما) أي من الشرك الأصغر.
3 - قول الله تعالى: ?قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِي اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ? وجه الدلالة من هذه الآية أن هذه المعبودات إذا كانت لا تنفع ولا تضر فمن الواجب أن تعبدوا من يملك النفع والضر وعليكم أن تكفروا بهذه المعبودات كلها لكونها لا تملك النفع والضر.
4 – قوله (وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ) الحديث سنده عند أحمد فيه مبارك بن فضالة وهو ضعيف ولكن تابعه أبو صالح الخزاز عند ابن حبان ومنصور بن المعتمر عند الطبراني فهو بمجموع طرقه يتقوى فالحديث جيد
والحسن سمع من عمران بن حصين بدليل أنه قال في المسند حدثني عمران بن حصين وقد نص جمع من أهل العلم أن الحسن سمع من عمران بن حصين رضي الله عنه.
5 – قوله (انْزِعْهَا, فَإِنّهَا لاَ تَزِيدُكَ إِلاّ وَهْناً) لأنها ليست من الأسباب الجائزة الشرعية وليست من الأسباب المجربة أو المعروفة قدراً.
6 - قوله (فإنَّكَ لوْ مِتَّ وهي عليْك، ما أَفْلَحتَ أبداً) فيه شاهد لمن قال أن الشرك الأصغر لا يغفر لصاحبه إذا مات ولم يتب منه.
7 - قوله (وله عن عقبة بن عامر مرفوعاً: «من تعلَّق تميمةً، فلا أتمَّ الله له، ومن تعلَّق ودعة، فلا ودَع الله له») هذا الحديث رواه أحمد من طريق فيه رجل مستور الحال فهو حسن لغيره لما بعده.
8 – قوله (وفي رواية: «من تعلَّق تميمةً، فقد أشْرَك») رواه أحمد بسند صحيح، إذا ظن أن هذه التميمة لها المقدرة على دفع البلاء أو رفعه والسبب الأكبر فيه فهو شرك أكبر وأما إذا ظن أنها وسيلة وسبب فهو شرك أصغر.
9 - لا يجوز أن يجعل الشيء سبباً إلا إذا علمنا أنه يعلم نفعه ولم يأت دليل على منعه وهذا في الأسباب القدرية فشرطها العلم بنفعها والعلم بعدم المانع منها.
10 - قوله (ولابن أبي حاتم عن حذيفة رضي الله عنه: أنه رأى رجلاً في يده خيط من الحمى، فقطعه، وتلا قوله تعالى: ?وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ? فيه الصحابة يستدلون بما نزل في الشرك الأكبر على الشرك الأصغر وهذا الأثر رواه ابن أبي حاتم عن عاصم الأحول عن عزرة وليس عن عروة هذا هو الأظهر والسند منقطع بين عزرة وحذيفة والسند بحاجة للمراجعة.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[06 - 01 - 06, 11:30 م]ـ
الباب الثامن - باب ما جاء في الرقى والتمائم
في الصحيح عن أَبي بَشِيرٍ الأَنْصَارِيّ رضي الله عنه، أَنّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ. فَأَرْسَلَ رَسُولاً: «أَنْ لاَ يَبْقَيَنّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلاَدَةٌ مِنْ وَتَرٍ, أَوْ قِلاَدَةٌ, إِلاّ قُطعَتْ».
وعن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إنّ الرّقَى وَالتّمائمَ وَالتّوَلَةَ شِرْك». رواه أحمد وأبو داوود.
(التّمائم) شيء يعلق على الأولاد من العين؛ لكن إذا كان المعلق من القرآن, فرخص فيه بعض السلف وبعضهم لم يرخص فيه ويجعله من المنهي عنه, منهم ابن مسعود t.
و (الرّقي): هي التي تسمى العزائم، وخَصَّ منها الدليل ما خلا من الشرك، فقد رخص فيه رسول الله rمن العين والحُمة.
و (التّوَلَةَ) شيء يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها والرجل إلى امرأته.
وعن عبد الله بن عُكيم مرفوعاً: «مَنْ تَعَلّقَ شَيْئاً وُكِلَ إِلَيْهِ» رواه أحمد والترمذي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/375)
وروى أحمد عن رويفع، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا رُوَيْفع! لعلَّ الحياةَ تَطُولُ بك، فأخبِرِ الناسَ أنَّ مَن عقَد لحيتَه، أو تقلَّد وتراً، أو استنجى برجيع دابَّة أو عظْم، فإن محمداً بريءٌ منه».
وعن سعيد بن جُبَير، قال: من قطع تميمة من إنسان، كان كعِدْلِ رقبة. رواه وكيع.
وله عن إبراهيم، قال: كانوا يكرهون التمائم كلَّها من القرآن وغير القرآن.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الثامن
(عشاء الثلاثاء 28/ 10 / 1413)
1 - لما كان لبس الحلقة والخيط شرك جاء تبويبه السابق بالجزم (من الشرك) وأما هنا فالتبويب يشعر بأن المسألة فيها تفصيل ولذا لم يقل من الشرك فأورد الترجمة بقوله (باب ما جاء في الرقى والتمائم) ليبين أن في الرقى والتمائم تفصيل، فالرقى منها ما هو جائز وهو ما كان بالآيات القرآنية ومنها ما هو محرم مما يكون بأسماء الشياطين أو باسم مجهول أو بأشياء غامضة، والتمائم منها نوع محرم وهو ما سبق من الخيط والحلقة وما شابهها مما يعلق سواء كان خيطاً أو خرزاً أو خشبة أو غيرها مما يعلق، ونوع آخر من التمائم في جوازه خلاف وهو إذا كان المعلق من القرآن أو السنة.
2 - قوله (أَنْ لاَ يَبْقَيَنّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلاَدَةٌ مِنْ وَتَرٍ, أَوْ قِلاَدَةٌ, إِلاّ قُطعَتْ) قيل أن (أو قلادة) شك من الراوي وقيل أنها بمعنى (و) يعني وقلادة سواء من وتر أو من غيره، والأظهر أنه شك من الراوي والنهي عن القلائد من الأوتار لما ورد عند أبي داود والنسائي (قلدوا الخيل ولا تقلدوا الأوتار) وجاء عند أبي داود (لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر و قلادة) على عموم القلائد
والنهي جاء عن تقليد الإبل خاصة لأنهم يظنون أن في تقليدها بالأوتار دفعاً للعين فنهي عنه سداً للذريعة.
2 – قوله (وعن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إنّ الرّقَى وَالتّمائمَ وَالتّوَلَةَ شِرْك». رواه أحمد وأبو داوود.) الحديث له شواهد أخرى فيكون من باب الحسن أو الحسن لغيره.
3 – قال الشارح (اعلم أن العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم اختلفوا في جواز تعليق التمائم التي من القرآن واسماء الله وصفاته فقالت طائفة: يجوز ذلك .. وقالت طائفة: لا يجوز ذلك) قال الشيخ: الجمهور عدم جواز تعليق التمائم مطلقاً سواءً كانت من القرآن والسنة أو من غيرها لأن تعليق القرآن وسيلة لتعليق غيرها والقاعدة سد الذرائع فقول الجمهور هو الصحيح ويدل عليه أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى قول الأذكار صباحاً ومساءً فلو كان تعليق الأذكار جائزاً ودافعاً للشر لما كان إرشاده بقول الأذكار فائدة، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يعوذ الحسن والحسين ولو كان التعليق للأذكار كافياً لأمر علياً أن يعلق عليهما تميمة ثم إن العبادات مبناها على التوقيف ولا دليل على جواز تعليق التمائم من القرآن
ثم ما ينقل عن آحاد الصحابة ولم ينقل عن أحد من الصحابة موافقته وظاهر قوله كان مخالفاً للنصوص فإنه لا يؤخذ به باتفاق العلماء فكيف وقد خالفه بعض الصحابة وما جاء عن عبد الله بن عمرو عند أبي داود ولا أعلم صحته وعلى فرض صحته فهو إنما علقها على طفل صغير لا يحسن القراءة ولم يعمم ذلك فالصواب أن تعليق التمائم مطلقاً بدعة.
4 – قوله (وعن عبد الله بن عُكيم مرفوعاً: «مَنْ تَعَلّقَ شَيْئاً وُكِلَ إِلَيْهِ» رواه أحمد والترمذي) عبد الله بن عكيم لم يصح له سماع من النبي صلى الله عليه وسلم وهو بهذا السند ضعيف وله شاهد من طريق الحسن عن أبي هريرة عند النسائي فهو من باب الحسن لغيره وله شواهد أخرى من غير هذا اللفظ.
5 – قوله (وروى أحمد عن رويفع) رواه أبو داود بإسناد ضعيف ورواه النسائي بإسناد لا بأس به
6 – قوله (أنَّ مَن عقَد لحيتَه) (قال الشارح: قال أبو زرعة بن العراقي: والأولى حمله على عقد اللحية في الصلاة)
قال الشيخ: هذا فيه نظر لأن العقد في الصلاة لا يصل إلى حد كونه كبيرة أو شركاً.
7 – قوله (فإن محمداً بريءٌ منه) هو على ظاهره فأهل السنة يجرون نصوص الوعيد على ظاهرها.
8 - قوله (وعن سعيد بن جُبَير، قال: من قطع تميمة من إنسان، كان كعِدْلِ رقبة. رواه وكيع.) ذكر أهل العلم أن التابعي إذا قال شيئاً لا مجال للرأي فيه فإنه يكون مرسلاً.
9 – قوله (كانوا يكرهون التمائم) أي كراهة التحريم وهذا هو مراد السلف بالكراهة.
10 – اختار شيخ الإسلام أنه لا بأس بكتابة الآيات في زعفران ثم يجعلها في ماء ويرتقي بها وورد عن ابن عباس جوازه
11 – ظاهر السنة أنه لا بأس بأخذ الأجرة على القراءة لحديث (إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله) رواه البخاري ولحديث أن أبي سعيد الخدري حينما اشترطوا أن يجعل لهم جعلاً للرقية بالفاتحة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/376)
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[06 - 01 - 06, 11:33 م]ـ
الباب التاسع - باب من تبرك بشجر أو حجر ونحوهما
وقول الله تعالى (أَفَرَأَيْتُمْ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) أَلَكُمْ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى? [النجم:19 - 22].
وعن أبي وَاقِدٍ الّليْثِيّ، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى حُنَيْنٍ، ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سِدْرَة يعكفون عندها ويَنُطون بها أسلحتهم، يقال لها: ذاتُ أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسولَ الله اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ. فقال رسول الله r: « الله أكبر! إنها السنن! قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى ?اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ? [الأعراف: 138]. لَتَرْكَبُنّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ». رواه الترمذي وصححه.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب التاسع
(عشاء السبت 3/ 11/ 1413)
1 - هذا الباب فيما يتعلق بنقيض التوحيد وهو الشرك فذكر هنا أنواعاً من الشرك التي كان عليها أهل الجاهلية والتي أزالها الإسلام، وأن هذه الأشياء تقع وتحدث في هذه الأمة كما في حديث أبي واقد الليثي.
2 - قوله (باب من تبرك بشجر أو حجر ونحوهما) من هنا شرطية وجوابها محذوف تقديره فقد أشرك ونحو الشجر والحجر البقعة المعظمة والصنم وغيرهما.
3 – التبرك لا يكون إلا عند تأله في القلب لذلك الشيء المتبرك به وإن لم يكن في بداية الأمر إلا أنه يؤول إليه فالشرك الأصغر ذريعة الشرك الأكبر.
4 - قوله (وعن أبي وَاقِدٍ الّليْثِيّ) رواه الترمذي بسند صحيح.
5 - قوله (فقلنا: يا رسولَ الله اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ) هذا يدل على أن حديث العهد بالإسلام تخفى عليه أشياء من أمور الدين وإن كان عظيماً.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[14 - 01 - 06, 11:12 م]ـ
الباب العاشر- باب ما جاء في الذبح لغير الله
وقول الله تعالى: ?قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ?الآية [الأنعام: 162 - 163].
وقوله: ?فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ? [الكوثر: 2].
عن علي رضي الله عنه قال: حَدّثَنِي رسول الله صلى اللله عليه وسلم بِأَرْبَعٍ كَلِمَاتٍ «لَعَنَ اللّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللّهِ. لَعَنَ اللّهُ مَنْ آوَىَ مُحْدِثاً. لَعَنَ اللّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ. لَعَنَ اللّهُ مَنْ غَيّرَ الْمَنَارَ.» رواه مسلم
وعن طارق بن شهاب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «دخل الجنة رجل في ذباب ودخل النار رجل في ذباب» قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: «مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئاً، فقالوا لأحدهما: قرب. قال: ليس عندي شيء أقربه. قالوا له: قرب ولو ذباباً. فقرب ذباباً، فخلوا سبيله، فدخل النار. فقالوا للآخر: قرب. فقال: ما كنت لأقرب لأحد شيئاً دون الله عز وجل. فضربوا عنقه، فدخل الجنة» رواه أحمد
&&& الفوائد المنتقاة على الباب العاشر
(عشاء الاثنين 5/ 11/ 1413 هـ)
1 - الذبح لغير الله شرك فإذا ذبح بغير اسم الله عز وجل فهي ذبيحة محرمة وفعله شرك.
2 – قوله (عن علي رضي الله عنه، قال: حَدّثَنِي رسول الله صلى الله عليه وسلم بأَرْبَعٍ كَلِمَاتٍ «لَعَنَ اللّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللّهِ. لَعَنَ اللّهُ مَنْ آوَىَ مُحْدِثاً. لَعَنَ اللّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ. لَعَنَ اللّهُ مَنْ غَيّرَ الْمَنَارَ.» رواه مسلم) هو في الصحيحين من غير هذا اللفظ.
3 – قوله (لَعَنَ اللّهُ مَنْ آوَىَ مُحْدِثاً) المراد به الحدث من جهة البدعة في الدين والحدث من جهة الجناية والظلم.
4 – قوله (وعن طارق بن شهاب) الحديث أخرجه أحمد في الزهد وإسناده صحيح إلا ما كان من تدليس الأعمش عن سليمان والحديث موجود في الزهد موقوفاً على طارق بن شهاب والحديث إن لم يكن مرفوعاً صراحة فهو مرفوع حكماً لأنه لا مجال للرأي فيه.
5 – قوله (فقرب ذباباً، فخلوا سبيله، فدخل النار) هذا الرجل إن كان قد قرب تعظيماً لهذا الصنم ورضي بفعله فهو كافر مرتد وإن كان تقربه على سبيل الخوف منهم فلعله ليس في دينهم رخصة وعذر بالإكراه ويظهر أنه لم يمتنع ولم يتقي من التقريب للصنم.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[14 - 01 - 06, 11:19 م]ـ
الباب الحادي عشر - باب لا يُذبح لله في مكان يُذبح فيه لغير الله
وقول الله تعالى: ?لاَ تَقُمْ فِِيهِ أَبَداً لََمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ? [التوبة: 108].
وعن ثَابِت بن الضّحّاكِ رضي الله عنه، قال: نَذَرَ رَجُلٌ أنْ يَنْحَرَ إبِلاً بِبُوَانَةَ، فسأل النبي صلى اللله عليه وسلم فقال: «هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أوْثَانِ الْجَاهِلِيّةِ يُعْبَدُ؟». قالُوا: لاَ. قالَ: فهَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أعْيَادِهِمْ؟ قالُوا: لاَ. قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوْفِ بِنَذْرِكَ فَإنّهُ لاَ وَفَاءَ لِنِذْرٍ في مَعْصِيَةِ الله وَلاَ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ ابنُ آدَمَ». رواه أبو داوود، وإسناده على شرطهما
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الحادي عشر
(عشاء السبت 10/ 11/ 1413هـ)
1 – ذكر في هذا الباب الوسيلة إلى الشرك الذي ذكره في الباب السابق.
2 – الوثن ما كان على غير صورة، والصنم ما كان على صورة.
3 – قوله (وإسناده على شرطهما) داود بن رشيد سمع من شعيب بن إسحاق فتحقق شرط البخاري من سماع داود من شعيب والمقصد هو تحقق شرطهما الذي شرطاه ولا يلزم أن يرويا الحديث بنفس الإسناد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/377)
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[14 - 01 - 06, 11:22 م]ـ
الباب الثاني عشر - باب من الشرك النذر لغير الله تعالى
وقول الله تعالى: ?يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا? [الإنسان: 7].
وقوله: ?وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ وَمَا للظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ? [البقرة: 270].
وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «منْ نذَرَ أنْ يطيعَ اللهَ، فليطعْه، ومن نذر أن يعصيَ الله، فلا يعصِه».
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الثاني عشر
(عشاء الاثنين 12/ 11 / 1413)
1 - قوله (من الشرك النذر لغير الله تعالى) أي من الشرك الأكبر لأن النذر عبادة لا يجوز صرفها إلا لله عز وجل.
2 - قول الله تعالى: ?يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا? مدحهم الله عز وجل على الوفاء بالنذر ولم يمدح النذر فلا يخالف الأحاديث الواردة في كراهة النذر والنهي عنه والأظهر أنه يكره مطلقاً والله عز وجل لا يمدح إلا على فعل واجب أو مستحب وذلك هو العبادة.
3 - الحلف بغير الله شرك أصغر في أصله فإذا كان الحالف يظن في المحلوف به أمراً يعظمه له فهذا شرك أكبر فهو في الأصل شرك أصغر وهو شرك في اللفظ أما النذر فإن المرء لا ينذر إلا إذا كان في قلبه تعظيم للمنذور له فلهذا كان صرفه لغير الله شركاً أكبر.
4 - قوله صلى الله عليه وسلم (منْ نذَرَ أنْ يطيعَ اللهَ، فليطعْه) فيه حجة لمن قال أن النذر المباح المرء مخير فيه بين الفعل أو الترك فلا يجب عليه الفعل فإن ترك الفعل فلا شيء عليه ويكفر كفارة يمين.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[14 - 01 - 06, 11:26 م]ـ
الباب الثالث عشر - باب من الشرك الاستعاذة بغير الله
وقول الله تعالى: ?وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً? [الجن: 6]
وعن خولة بنت حكيم رضي الله عنها قالت: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً فقَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللّهِ التّامّاتِ مِنْ شَرّ مَا خَلَقَ, لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ, حَتّىَ يَرْحَلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ» رواه مسلم
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الثالث عشر
(عشاء السبت 17/ 11 / 1413)
1 - أجمع العلماء على أنه لا تجوز الاستعاذة إلا بالله عز وجل والاستعاذة بغيره شرك، والمخلوق يستعاذ به فيما يقدر عليه إذا كان حياً حاضراً.
2 - قول الله تعالى (فَزَادُوهُمْ رَهَقاً) أي فزاد الجنُ الإنسَ خوفاً ورهقاً، وقيل زاد الجنُ الإنسَ إثماً باستعاذتهم بهم وكلا الأمرين صحيح.
3 - قوله (وعن خولة بنت حكيم رضي الله عنها قالت: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً فقَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللّهِ التّامّاتِ مِنْ شَرّ مَا خَلَقَ, لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ, حَتّىَ يَرْحَلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ» رواه مسلم) وقد رواه الترمذي وزاد (ثلاثاً).
4 - وقوله (من شرك ما خلق) ما موصولة على العموم
5 - قوله (لم يضره شيء) نكرة في سياق النفي تفيد أنه لا يضره أي شيء.
ـ[الرايه]ــــــــ[15 - 01 - 06, 01:56 م]ـ
بارك الله فيك وجزاك ربي خيرا على هذه النقول.
وكم اتمنى ان يطبع هذا الشرح للشيخ عبد المحسن الزامل
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[16 - 01 - 06, 02:38 م]ـ
الباب الرابع عشر - باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو أن يدعو غيره
وقول الله تعالى: ?وَلاَ تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لاَ يَنْفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ الظَّالِمِينَ (106) وَإِن يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَّشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ? [يونس: 106 - 107].
وقوله: ?إِنَّ الذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقأ فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ? [العنكبوت:17].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/378)
وقوله: ?وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ اللهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ القِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِِعِبَاَدِتِهمْ كَافِرِينَ? [الأحقاف:5 - 6].
وقوله: ?أَمَّن يُجِيبُ المُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَءِلَهٌ مَّعَ اللهِ? [النمل: 62].
روى الطبراني بإسناده: أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم منافق يؤذي المؤمنين، فقال بعضهم: قوموا بنا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنه لا يستغاث بي، إنما يستغاث بالله».
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الرابع عشر
(عشاء السبت 16/ 4 / 1414)
1 - قوله (من الشرك أن يستغيث بغير الله أو أن يدعو غيره) أي من الشرك الأكبر
2 - الاستغاثة الطلب مع شدة الحاجة أما الدعاء فيكون في حال الشدة وغيرها فالدعاء أعم من الاستغاثة. فكل استغاثة دعاء وليس كل دعاء استغاثة والاستغاثة طلب الغوث كما أن الاستعانة طلب العون والاستنصار طلب النصر.
3 - قوله (أو أن يدعو غيره) يريد به دعاء المسألة لا دعاء العبادة لأن المشركين يزعمون أن العبادة هي مجرد الصلاة والصوم والحج من العبادات أما الدعاء فليس بعبادة عندهم فأراد المصنف هنا أن يثبت أن الدعاء عبادة وأن صرفه لغير الله شرك أكبر.
4 - دعاء العبادة والمسألة متلازمان فدعاء العبادة مستلزم لدعاء المسألة ودعاء المسألة متضمن لدعاء العبادة فكل سائل عابد لله عز وجل بهذا الدعاء ومتقرب إليه.
5 - قوله تعالى ?أَمَّن يُجِيبُ المُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَءِلَهٌ مَّعَ اللهِ? هذا نص بأن إجابة المضطر حاصلة له ولكن قد تكون الإجابة بأن يعطى ما سأل أو يدفع عنه من الشر مثلها أو تدخر له في الآخرة، فالمضطر دعوته مجابة سواء كان مسلماً أو كافراً.
6 - قوله (روى الطبراني بإسناده: أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم منافق يؤذي المؤمنين، فقال بعضهم: قوموا بنا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنه لا يستغاث بي، إنما يستغاث بالله»)
الحديث في المسند عن عبادة بن الصامت، والغالب في المنافقين أن أذيتهم تكون عن طريق القول فهم لا يستطيعون الإيذاء عن طريق الفعل
وهذا الحديث إن صح فإنه يحمل قول النبي صلى الله عليه وسلم (إنه لا يستغاث بي) مع جواز الاستغاثة والاستعانة بالحي الحاضر القادر
أ - أن هذا من باب مبالغته صلى الله عليه وسلم في تحقيق التوحيد
ب - الوجه الثاني: أن المراد بقوله (، إنما يستغاث بالله) أي الاستغاثة المطلقة والتامة وإلا فيجوز الاستغاثة بالمخلوق ولكنها استغاثة مقيدة بقدر استطاعته
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[16 - 01 - 06, 02:57 م]ـ
الباب الخامس عشر - باب قول الله تعالى?أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاَ أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ? [الأعراف:191 - 192]
وقوله: ?وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إنْ تَدْعُوهُمْ لاً يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ القِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلاَ يَنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ? [فاطر:13]،
وفي الصحيح، عن أنسٍ رضي الله عنه قال: شج النبي صلى الله عليه وسليم يَوْمَ أُحُدٍ، و كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، فقال: «كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجّوا نَبِيّهُمْ؟»، فنزلت: ?لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ? [آل عمران: 128].
وفيه: عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إِذَا رفعَ رأسَه من الرّكوع منَ الرّكعةِ الآخِرةِ من الفجر يقول: اللهمّ العَنْ فلاناً وفلاناً وفلاناً, بعدَما يقول سمعَ اللّه لمن حَمِدَه ربّنا ولكَ الحمد. فأنزل الله: ?لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ? [آل عمران:128].
وفي رواية يدعو على صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو والحارث ابن هشام، فنزلت: ?لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ? [آل عمران: 128]
وفيه: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل عليه: ?وأنذِرْ عَشيرتَكَ الأقرَبين? [الشعراء: 214]، فقال: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ (أو كلمة نحوها) اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ [مِنَ الله]. لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ الله شَيْئَاً. يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطّلِبِ لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ الله شَيْئاً. يَا عَبّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطّلِبِ لاَ أُغْنِي عَنْكَ مِنَ الله شَيْئاً. يَا صَفِيّةُ عَمّةَ رَسُولِ اللّهِ لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللّهِ شَيْئاً. يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ رَسُولِ اللّهِ سَلِينِي بِمَا شِئْتِ. لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ الله شَيْئاً».
& الفوائد المنتقاة على الباب الخامس عشر
(عشاء الاثنين 18/ 4 / 1414)
1 - قوله (وفي الصحيح، عن أنسٍ رضي الله عنه قال: شج النبي صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ، و كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، فقال: «كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجّوا نَبِيّهُمْ؟»، فنزلت: ?لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ?) قوله في الصحيح: أي في صحيح البخاري معلقاً مجزوماً به عن ثابت البناني وحميد الطويل، وقد رواه مسلم.
2 - قوله تعالى (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ) الأظهر أنها نزلت بعد غزوة أحد عندما كان رسول الله عليه وسلم يدعو في صلاة الفجر كما رواه مسلم، لا أنها نزلت في شأن ما جرى له صلى الله عليه وسلم في أحد، وأورد البخاري في رواية أنها نزلت في رعل وذكوان ولكن الصواب فيها ما أخرجه مسلم في سبب نزولها، وما ذكره البخاري فيها فالصحيح أنها مدرجة وأنها من بلاغات الزهري.
3 - قوله (وفي رواية يدعو على صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو والحارث ابن هشام، فنزلت: ?لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ?) أخرجها البخاري معلقة مرسلة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/379)
ـ[أبو فالح عبدالله]ــــــــ[16 - 01 - 06, 10:24 م]ـ
جزاك الله خيراً.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[18 - 01 - 06, 06:40 م]ـ
الباب السادس عشر - باب قول الله تعالى:?حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ? [سبأ:23].
وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: «إذا قضى الله الأمر في السماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خَضَعاناً لقوله، كأنه سلسلة على صفوان، ينفذهم ذلك:?حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ? [سبأ:23]، فيسمعها مسترق السمع، ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض، وصفه سفيان بكفه، فحرفها وبدد بين أصابعه، فيسمع الكلمة، فيلقيها إلى من تحته ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن، فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مئة كَذْبة، فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا: كذا وكذا؟ فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء».
وعن النوّاس بن سِمعان (رضي الله عنه)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أراد الله تعالى أن يوحي بالأمر تكلّم بالوحي، أخذت السماوات منه رجفة (أو قال: رعدة شديدة) خوفاً من الله عز وجل. فإذا سمع ذلك أهل السماوات صعِقوا وخروا لله سجداً، فيكون أول من يرفع رأسه جبريل عليه السلام، فيكلمه الله من وحيه بما أراد، ثم يمر جبريل على الملائكة، كلما مر بسماء، سأله ملائكتُها: ماذا قال ربنا يا جبريل؟ فيقول جبريل: قال الحق، وهو العلي الكبير. فيقولون كلهم مثل ما قال جبريل، فينتهي جبريل بالوحي إلى حيث أمره الله عز وجل»
&&& الفوائد المنتقاة على الباب السادس عشر
(عشاء السبت 23/ 4 / 1414)
1 - قول الله تعالى:?حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ? الآية فيها إشارة إلى أنه لا يجوز أن يتخذ من دون الله معبوداً آخر غيره فالملائكة وهم أعظم المخلوقات يصيبهم الفزع والخوف حين يقضي الله عز وجل الأمر في السماء فغيرهم ممن هم دونهم من باب أولى أن لا يتخذوا معبودات لضعفهم وعجزهم.
2 - قوله (وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه) رواه البخاري عن ابن مسعود موقوفاً ورواه أبو داود بإسناد جيد
3 - قوله (كأنه سلسلة على صفوان) هذا فيه تشبيه لقوة الصوت لكلامه سبحانه وتعالى بأنه كأنه سلسلة على صفوان.
4 - قوله (فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها) السماء محروسة قبل النبي صلى الله عليه وسلم وبعد بعثته وكذلك بعد وفاته ولكنها بعد بعثته شدد في الحراسة كما ذكره شيخ الإسلام في الجواب الصحيح.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[18 - 01 - 06, 06:49 م]ـ
الباب السابع عشر - باب الشفاعة
وقوله الله عز وجل: ?وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ? [الأنعام: 51]
وقوله: ?قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا? [الزمر:44].
وقوله: ?مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ? [البقرة:255].
وقوله: ?وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى? [النجم:26].
قوله: ?قُلْ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (22) وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ? [سبإ:22 - 23].
قال أبو العباس رحمه الله تعالى: نفى الله عما سواه كل ما يتعلق به المشركون، فنفى أن يكون لغيره ملك أو قسط منه، أو يكون عوناً لله، ولم يبق إلا الشفاعة، فبين أنها لا تنفع إلا لمن أذن له الرب، كما قال تعالى: ?وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنْ ارْتَضَى? [الأنبياء:28] , فهذه الشفاعة التي يظنها المشركون هي منتفية يوم القيامة، كما نفاها القرآن وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه يأتي فيسجد لربه ويحمده -لا يبدأ بالشفاعة أولاً - ثم يقال له: ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعط، واشفع تشفع»
وقال له أبو هريرة: من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله؟ قال: «من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه».
فتلك الشفاعة لأهل الإخلاص بإذن الله ولا تكون لمن أشرك بالله.
وحقيقته أن الله سبحانه هو الذي يتفضل على أهل الإخلاص، فيغفر لهم بواسطة دعاء من أذن له أن يشفع. ليكرمه وينال المقام المحمود.
فالشفاعة التي نفاها القرآن ما كان فيها شرك. ولهذا أثبت الشفاعة بإذنه في مواضع. وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أنها لا تكون إلا لأهل التوحيد والإخلاص. انتهى كلامه رحمه الله.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب السابع عشر
(عشاء الاثنين 25/ 4 / 1414)
1 - أراد المصنف بهذا الباب بيان شيء من باطل المشركين وهو ما يتعلقون به من الشركيات
كالشفاعة المنفية.
2 - النذارة: هي الإعلام بأسباب المخافة للحذر منها.
3 - قوله تعالى (وقوله: ?قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا?) تقديم الجار والمجرور يدل على اختصاص الشفاعة بالله عز وجل. وحقيقة الشفاعة المثبتة أن عز وجل يتفضل على أهل الإخلاص فيغفر لهم بواسطة دعاء من أذن له أن يشفع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/380)
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[18 - 01 - 06, 06:55 م]ـ
الباب الثامن عشر - باب قول الله تعالى: ?إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ? [القصص:56]
وفي الصحيح عن ابن المسيب، عن أبيه، قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة، جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهلٍ، فقال له: «يا عم! قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله» فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم فأعادا، فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لاستغفرن لك ما لم أنه عنك».
فأنزل الله عز وجل: ?مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى? [التوبة:113]
وأنزل الله في أبي طالب ?إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ? [القصص:56].
& الفوائد المنتقاة على الباب الثامن عشر
(عشاء السبت 1/ 5/ 1414)
1 - أراد المصنف إثبات أن الله عز وجل هو المتصرف في أمور هذا الكون كله وهذا فيه رد على المشركين الذين يعتقدون أن للأولياء والصالحين حق في التصرف في هذا الكون وفي الهداية والضلالة.
2 - النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب أبا طالب حباً طبيعياً لأنه كان يدافع عنه لا حباً شرعياً.
3 - قوله (لما حضرت أبا طالب الوفاة) يعني علامات الوفاة وأسبابها وليست الغرغرة.
4 - قوله (فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب) لعل قوله (هو) من الرواة وأن أبا طالب قال
(أنا على ملة عبد المطلب) ولكن الراوي استبشع قول هذه اللفظة فقال (هو)
5 - قول الله تعالى ?مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى? اختلف العلماء هل هذه الآية نزلت مباشرة بعد قصة أبي طالب أم نزلت بعد. والصواب أن النهي لم ينزل إلا بعد ذلك بدليل رواية البخاري في التفسير (فأنزل الله عز وجل بعد ذلك) والأصل عدم تعدد النازل.
ـ[حيدره]ــــــــ[19 - 01 - 06, 12:07 ص]ـ
جزاك الله خير استمر عفالله عنك
ـ[الجعفري]ــــــــ[19 - 01 - 06, 07:03 ص]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[20 - 01 - 06, 12:26 ص]ـ
الباب التاسع عشر - باب ما جاء أن سبب كُفْرِ بني آدم وتركِهم دينهم هو الغلو في الصالحين
وقول الله عز وجل: ?يَا أَهْلَ الكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الحَقَّ? [النساء: 171].
وفي الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله تعالى: ?وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثٍيرًا? [نوح:23 - 24] قال: هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا، أوحى الشيطان إلى قومهم: أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً، وسموها بأسمائهم، ففعلوا، ولم تعبد، حتى إذا هلك أولئك، ونسي العلم، عبدت. وقال ابن القيم قال غير واحد من السلف: لما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم.
وعن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله». أخرجاه.
ولمسلم عن ابن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «هلك المتنطعون». قالها ثلاثا.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب التاسع عشر
(عشاء الاثنين 3/ 5 / 1414)
1 - الأصل في بني آدم التوحيد والشرك طاريء (خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين ... )
2 - قوله (وفي الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما) رواه البخاري في التفسير من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس، وعطاء هذا هو ابن أبي مسلم الخراساني وهو لم يسمع من ابن عباس ولم يسمع منه ابن جريج وجزم ابن حجر أنه عطاء ابن أبي رباح والصواب أنه عطاء بن أبي مسلم كما جاء مصرحاً باسمه عند عبد الرزاق في تفسير الآية وعليه فيكون السند منقطعاً، والبخاري في المعلقات وخصوصاً الموقوف منها يأخذ من الراوي ولو كان فيه لين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/381)
3 - قوله (هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح) قيل أنها اسماء رجال صالحين وقيل أنها أصنام والقولان متلازمان لأن هؤلاء كانوا رجالاً صالحين فلما ماتوا نصب قومهم لصورهم أنصاباً فعبدوهم فكانت أصناماً.
4 - قوله (وعن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله». أخرجاه.) بل هو من أفراد البخاري فلم يخرجه مسلم.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[20 - 01 - 06, 12:29 ص]ـ
الباب العشرون - باب ما جاء في التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح، فكيف إذا عبده؟
في الصحيح عن عائشة، أن أُمّ سَلَمَةَ ذَكَرَتْ لرسول الله صلى الله عليه وسلم كَنِيسَةً رَأَتْهَا بِأرض الْحَبَشَةِ، وما فيها من الصور، فقال: «أُولَئِكِ, إِذَا مات فِيهِمُ الرّجُلُ الصّالِحُ أو العبد الصالح، بَنَوْا عَلَىَ قَبْرِهِ مَسْجِداً، وَصَوّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصّوَرَ أُولَئِكِ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ الله» فهؤلاء جمعوا بين الفتنتين: فتنة القبور، وفتنة التماثيل.
ولهما عنها، قالت: لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طَفِقَ يَطْرَحُ خُمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ. فَإِذَا اغْتَمّ بها كشَفَهَا فقال وهو كذلك: «لَعْنَة اللّهُ على الْيَهُودَ وَالنّصَارىَ. اتّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» يُحَذّرُ مَا صَنَعُوا، وَلَوُلاَ ذَلكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ, غَيْرَ أَنّهُ خُشِيَ أَنّ يُتّخَذَ مَسْجِداً. أخرجاه
ولمسلم عن جندب بن عبد الله، قال: سَمِعْتُ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ, وَهُوَ يَقُولُ: «إِنّي أَبْرَأُ إِلَى الله أَنْ يَكُونَ لِي مِنْكُمْ خَلِيلٌ, فَإِنّ الله قَدِ اتّخَذَنِي خَلِيلاً, كَمَا اتّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً, وَلَوْ كُنْتُ مُتّخِذاً مِنْ أُمّتِي خَلِيلاً لاَتّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً. أَلاَ وَإِنّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ, أَلاَ فَلاَ تَتّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ. إِنّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ».
فقد نهى عنه في آخر حياته، ثم إنه لعن -وهو في السياق- من فعله. والصلاة عندها من ذلك وإن لم يبن مسجد وهو معنى قولها: خُشِيَ أَنّ يُتّخَذَ مَسْجِداً.
فإن الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبره مسجداً، وكل موضع قصدت الصلاة فيه، فقد اتخذ مسجداً، بل كل موضع يصلى فيه، يسمى مسجداً، كما قال صلى الله عليه وسلم: «جُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِداً وَطَهُوراً».
ولأحمد بسند جيد عن ابن مسعود (رضي الله عنه) مرفوعاً: «إنّ من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد». ورواه أبو حاتم في صحيحه.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب العشرين
(عشاء السبت 8/ 5 / 1414)
1 - قوله (باب ما جاء في التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح) أي ما جاء في النصوص في التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح ...
2 - تعظيم الصور من أعظم ذرائع الشرك.
3 - قوله (اتّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ) لا يلزم من اتخاذ القبور مساجد هو بناء المساجد عليها بل المراد عبادة الله عز وجل عندها.
4 - قوله (. اتّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ) عند مسلم (قبور أنبيائهم وصالحيهم)
5 - قوله (فَإِنّ الله قَدِ اتّخَذَنِي خَلِيلاً, كَمَا اتّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً) ليست الخلة لأحد غير محمد وإبراهيم عليهما السلام.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[20 - 01 - 06, 12:32 ص]ـ
الباب الحادي والعشرون - باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثاناً تعبد من دون الله
روى مالك في الموطأ، أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قال: «اللّهُمّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَناً يُعْبَدُ, اشْتَدّ غَضَبُ اللّهِ عَلَىَ قَوْمٍ اتّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ»
ولابن جرير بسنده، عن سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهد: ?أَفَرَأَيْتُمْ اللَّاتَ وَالْعُزَّى? [النجم: 19]. قال: كان يلتُّ لهم السويق، فمات، فعكفوا على قبره. وكذا قال أبو الجوزاء، عن ابن عباسٍ: كان يلتُّ السويق للحاج.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/382)
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «لَعَنَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم زَائِرَاتِ الْقُبُورِ وَالمُتّخِذِينَ عَلَيْهَا المَسَاجِدَ وَالسّرُجَ». رواه أهل السنن.
& الفوائد المنتقاة على الباب الحادي والعشرين
(عشاء الاثنين 10/ 5 / 1414)
1 - قوله (روى مالك في الموطأ) رواه مالك في الموطأ مرسلاً وله شواهد كثيرة وقد روى الإمام أحمد له شاهداً بسند جيد عن أبي هريرة فيحتج بهذا المرسل لشاهده المتصل.
2 - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اللّهُمّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَناً يُعْبَدُ) قال جمع من أهل العلم أن الله جل وعلا استجاب دعاءه وحمى قبره فلا يصل إليه أحد ولا يمسه أحد
وقد أمر الوليد بن عبد الملك بإدخال الحجرة التي فيها قبره عليه الصلاة والسلام في المسجد وقد أنكر عليه سعيد بن المسيب، وعندما فعل الوليد ذلك لم يكن أحد من الصحابة بالمدينة وكان آخر الصحابة بها جابر وقد توفي قبل ذلك بسنوات، فلا يكون القبر وثناً إلا إذا فعل عند القبر نفسه تقرب أو عبادة فلهذا استجاب الله دعاءه صلى الله عليه وسلم.
3 - قوله (ولابن جرير بسنده، عن سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهد: ?أَفَرَأَيْتُمْ اللَّاتَ وَالْعُزَّى? [النجم: 19]. قال: كان يلتُّ لهم السويق، فمات، فعكفوا على قبره) سنده صحيح ورواه عبد بن حميد في التفسير بسند صحيح.
4 - قوله (وكذا قال أبو الجوزاء، عن ابن عباسٍ: كان يلتُّ السويق للحاج.) أبو الجوزاء هو أوس بن عبد الله الربعي وهذا الأثر أخرجه البخاري موصولاً.
5 - قوله (وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «لَعَنَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم زَائِرَاتِ الْقُبُورِ وَالمُتّخِذِينَ عَلَيْهَا المَسَاجِدَ وَالسّرُجَ)
الحديث فيه كلام ولكن له شاهد من طريق أبي هريرة عند أحمد وابن ماجة والترمذي وشاهد آخر من طريق حسان بن ثابت عند أحمد وابن ماجة فالحديث بمجموع طرقه من باب الصحيح أو الصحيح لغيره، وأكثر النصوص (زائرات) وبعضها (زوارت)
6 - جمهور الفقهاء على القول بكراهة زيارة النساء للقبور وتدور أقوالهم بين الإباحة والكراهة ولم يقل أحد من العلماء أنها مستحبة والأظهر هو القول بالتحريم، فالنساء ضعيفات الصبر والتحمل ولما في زيارتها من المنكرات العظيمة فلهذا حرم الشرع زيارتها للقبور
7 - قوله (والسرج) هذه اللفظة تفرد بها أبو صالح مولى أم هانيء ولها شاهد من حيث المعنى في النهي عن اتخاذ المساجد قبوراً وتعظميها فالصواب أنها ثابتة من حيث المعنى.
8 - قصد قبر النبي صلى الله عليه وسلم للسلام عليه غير مشروع لا للرجال ولا للنساء وفعل ابن عمر لم يوافقه عليه أحد من الصحابة والسنة هي عند دخولك المسجد هي السلام عليه فقط عند دخولك المسجد وهو أفضل من قصد القبر والسلام عليه.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[20 - 01 - 06, 10:27 م]ـ
الباب الثاني والعشرون - باب ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد وسدِّه كل طريق يوصل إلى الشرك
وقول الله تعالى: ?لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) فَإِن تَوَلَّوا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ? [التوبة: 128 - 129].
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُوراً, وَلا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيداً, وَصَلّوا عَلَيّ فإِنّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ». رواه أبو داوود بإسناد حسنٍ ورواته ثقات
وعن علي بن الحسين رضي الله عنه، أنه رأى رجلاً يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فيدخل فيها، فيدعو، فنهاه، وقال: ألا أحدثكم حديثاً سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تتخذوا قَبْرِي عِيداً، ولا بُيُوتَكُمْ قُبُوراً، وَصَلّوا عَلَيّ، فإن تسليمكم يبلغني أين كُنْتُمْ». رواه في المختارة.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الثاني والعشرين
(عشاء السبت 15/ 5 / 1414)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/383)
1 - قوله (عن أبي هريرة رضي الله عنه) الحديث له طرق وله شاهد من طريق علي بن الحسين وله طريقان مرسلان فالحديث صحيح لغيره بمجموع طرقه.
2 - قوله (وعن علي بن الحسين) رواه الموصلي أيضاً في مسنده وابن أبي شيبة في مصنفه ولهما شاهدان مرسلان عند سعيد بن منصور فالحديث أقل أحواله حسن لغيره.
3 - قوله (فإن تسليمكم يبلغني أين كُنْتُمْ) هذه اللفظة جيدة ولها شاهد عند النسائي (إن لله ملائكة سياحون يبلغوني سلام أمتي ... ))
4 - سماع الأموات لسلام من يسلم عليهم ذكره ابن عبد البر وكلها أسانيدها ضعيفة جداً.
5 - ورد عند الدارمي عن عائشة (أن في قبر النبي صلى الله عليه وسلم ما يشبه الكوة إذا فتحت يمطرون) وفيه النكري وله مناكير.
7 - جمهور الفقهاء على أنه تشرع زيارة قبره صلى الله عليه وسلم واحتجوا بحديث (ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي فأرد عليه تسليمه) وهذا الحديث رواه أبو داود وفي ثبوته نظر في سنده ومتنه وأما من حيث المعنى فلا دلالة فيه على مشروعية زيارة قبره صلى الله عليه وسلم، والسلام عليه عند غير قبره أفضل من السلام عليه عند قبره لأنه أمر متفق عليه كالسلام عليه في الصلاة وعند دخول المسجد لأنه جاءت به النصوص وهو خاص به وأما السلام عليه عند القبر فليس مختصاً به بل يسلم عليه عند قبره كما يسلم علي غيره عند قبره، وما يختص به أفضل مما يشركه فيه غيره وحديث (فإن تسليمكم يبلغني حيث كنتم) أما يحمل على السلام العام كالسلام عند دخول المسجد وغيره وإما يحمل على السلام عند القبر وهذا غير متحقق الآن حيث أنه لا يستطاع زيارة قبره وإنما غاية من يزوره إنما يزور الحجرة لا القبر
وعلى هذا فلا يشرع المجيء عند الحجرة والسلام عليه عند الحجرة وفعل ابن عمر كان اجتهاداً منه وإنما كان يفعله إذا قدم من سفر أو أراد السفر ولم يفعله أحد من الصحابة سواه ومن قال إن الحديث خاص بالقادم إلى المدينة فهذا القول خلاف ظاهر الحديث والحديث عام في القادم والمقيم وإن قال بعمومه في القادم والمقيم فقد خالف إجماع الصحابة الذين قالوا بعدم شرعية المجيء إلى الحجرة والسلام عليه عندها.
8 - قوله (عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُوراً) جاء في الصحيحين معناه بلفظ (اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تجعلوها قبوراً)
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[20 - 01 - 06, 10:51 م]ـ
الباب الثالث والعشرون - باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان
وقوله تعالى: ?أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِن الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا? [النساء: 51].
وقوله تعالى: ?قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ الله مَن لَّعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ القِرَدَةَ وَالخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَاغُوتَ? [المائدة: 60].
وقوله تعالى: ?قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا? [الكهف:21].
وعن أبي سعيد (رضي الله عنه)، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَتتّبِعُنّ سَنَنَ من كان قبلَكم حَذْوَ القذة بالقذة, حتّى لو دَخَلوا جُحرَ ضَبّ لَدَخلتُموهُ». قلنا: يا رسولَ الله, اليهودَ والنصارَى؟ قال: «فمن»؟. أخرجاه
ولمسلم عن ثوبان (رضي الله عنه)، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنّ اللّهَ زَوَى لِي الأَرْضَ. فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا. وَإِنّ أُمّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُها مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا. وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الأَحْمَرَ وَالأَبْيَضَ. وَإِنّي سَأَلْتُ رَبّي لأِمّتِي أَنْ لاَ يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ بعَامّةٍ. وَأَنْ لاَ يُسَلّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ. فيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ. وَإِنّ رَبّي قَالَ: يَا مُحَمّدُ إِنّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنّهُ لاَ يُرَدّ. وَإِنّي أَعْطَيْتُكَ لأِمّتِكَ أَنْ لاَ أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ بعَامّةٍ. وَأَنْ لاَ أُسَلّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوّاً مِنْ سِوَىَ أَنْفُسِهِمْ. يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ. وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/384)
مَنْ بِأَقْطَارِهَا حَتّىَ يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضاً, وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضاً».ورواه البرقاني في صحيحه، وزاد: «وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين، وإذا وقع عليهم السيف، لم يُرفع إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين، وحتى تَعبد فئام من أمتي الأوثان، وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون، كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي، لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمّتِي عَلَى الْحَقّ منصورة. لاَ يَضُرّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ. حَتّىَ يَأْتِيَ أَمْرُ اللّهِ تبارك وتعالى».
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الثالث والعشرين
(عشاء الاثنين 17/ 5 / 1414)
1 - قوله (باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان) هذا فيه رد على من زعم أن الشرك وعبادة الأوثان لا تكون في هذه الأمة فذكر النصوص الدالة على أن هذه الأمة فيها من يعبد الأوثان.
2 - قوله تعالى (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ الله مَن لَّعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ القِرَدَةَ وَالخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَاغُوتَ) وجه ذكر الآيتين ومناسبتهما للباب أن هذه الأمة ستتبع من كان قبلها وأنها ستسلك مسلك الأمم قبلها من مخالفة أمر الله عز وجل وعبادة غيره.
3 - قوله تعالى (قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا) ذكره سبحانه على وجه الذم والتوبيخ.
4 - قوله (وعن أبي سعيد (رضي الله عنه)، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَتتّبِعُنّ سَنَنَ من كان قبلَكم حَذْوَ القذة بالقذة, حتّى لو دَخَلوا جُحرَ ضَبّ لَدَخلتُموهُ». قلنا: يا رسولَ الله, اليهودَ والنصارَى؟ قال: «فمن»؟. أخرجاه) لفظ الصحيحين (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع .... ) أما قوله (حذو القذة بالقذة) فليس في الصحيحين، وإخباره صلى الله عليه وسلم هو إخبار متضمن للنهي.
5 - قوله (أَنْ لاَ يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ بعَامّةٍ) فلا يقع في الأمة على جهة العموم جوع عام ولا خسف عام وغرق عام ولكن يقع في البعض، والنفي على جهة العموم لا يعني عدم وقوعه على جهة الخصوص.
6 - قوله (ورواه البرقاني في صحيحه، وزاد) زيادة البرقاني أخرجها أبو داود بسند جيد ولها شواهد.
7 - قوله (حَتّىَ يَأْتِيَ أَمْرُ اللّهِ تبارك وتعالى) المراد بأمر الله تعالى موتهم وفي لفظ (حتى تقوم الساعة) والمراد به موتهم فإن الساعة لا تقوم إلا على شرار الناس.
8 - كون الطائفة المنصورة بالشام هو ما انتصر له شيخ الإسلام ابن تيمية وابن كثير وقرره البخاري في غير موضع من صحيحه، ولكن يكونون في بلاد متفرقة ولا يكون لهم بلد معين وقد يجتمعون أحياناً في بلاد الشام ولكن ليس على سبيل الدوام.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[22 - 01 - 06, 11:39 م]ـ
وقول الله تعالى: ?وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَة مِنْ خَلاَقٍ? الآية [البقرة: 102].
وقوله: ?يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ? [النساء:51]. قال عمر: الجبت: السحر، والطاغوت: الشيطان. وقال جابر: الطواغيت كهان كان ينزل عليهم الشيطان، في كل حي واحد.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اجْتَنِبُوا السّبْعَ الْمُوبِقَاتِ» قالوا: يَا رَسُولَ اللّهِ وَمَا هُنّ؟ قَالَ: «الشّرْكُ بِالله. وَالسّحْرُ, وَقَتْلُ النّفْسِ الّتِي حَرّمَ الله إِلاّ بِالْحَقّ, وَأَكْلُ الرّبَا, وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ, وَالتّوَلّي يَوْمَ الزّحْفِ, وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ».
وعن جندب مرفوعاً: حد الساحر ضربُهُ بالسيف. رواه الترمذي، وقال: الصحيح أنه موقوف.
وفي صحيح البخاري عن بجالة بن عبدة، قال: كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن اقتلوا كل ساحر وساحرة. قال: فقتلنا ثلاث سواحر.
وصح عن حفصة رضي الله عنها، أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها، فقُتلت. وكذلك صح عن جندب. قال أحمد: عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
&& الفوائد المنتقاة على الباب الرابع والعشرين
(عشاء السبت 22/ 5 / 1414)
1 - قول جمهور العلماء أن الساحر يكفر هو الصواب وقال الشافعي بالتفصيل فإن كان سحره بأدوية وشعوذة وليس فيه استعانة بالشياطين فهو ليس بشرك، وإن كان عن طريق الشياطين فهو كافر.
2 - قوله (قال عمر: الجبت: السحر، والطاغوت: الشيطان) هذا الأثر أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره والسلف يفسرون الآية ببعض أفرادها.
3 - قوله (وعن جندب مرفوعاً: حد الساحر ضربُهُ بالسيف. رواه الترمذي، وقال: الصحيح أنه موقوف) الصواب أنه جندب الخير والصحيح أنه موقوف عليه وله قصة بمجموع طرقها صحيحة وهذه القصة رواها البيهقي في دلائل النبوة وقول جندب هذا يحتمل أنه أخذه من النصوص العامة ويحتمل أنه من رأيه.
4 - قول جماهير العلماء أن الساحر يقتل ولا يستتاب فهو كالزنديق لأنه قد يتوب تلبيساً وإن تاب صادقاً فتوبته بينه وبين الله عز وجل ويقتل لإفساده وشره، وفعل عمر رضي الله عنه وأمره بقتلهم ولم يذكر عنه أنه استتابهم دل على أنهم لا يستتابون.
5 - نص الحنابلة أن تعلم السحر كفر لا يجوز وإن لم يعمل به لأنه لا يتعلمه ولا يعرفه إلا بالكفر بالله.
5 - قوله (وصح عن حفصة رضي الله عنها، أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها، فقُتلت) رواه مالك في الموطأ ورواه عبد الرزاق بسند صحيح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/385)
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[22 - 01 - 06, 11:45 م]ـ
الباب الخامس والعشرون - باب بيان شيء من أنواع السحر
قال أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا عوف، عن حيان بن العلاء، حدثنا قطن بن قبيصة، عن أبيه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ العيافة، والطّرْق، والطيرة من الجبت». قال عوف: الْعِيَافَةُ زَجْرُ الطّيْرِ والطّرْقُ الْخَطّ يُخَطّ فِي الأرْضِ، والجبت: قال الحسن: رنة الشيطان. إسناده جيد. ولأبي داود والنسائي وابن حبان في صحيحه المسند منه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ النّجُومِ، فقد اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السّحْرِ زَادَ مَا زَادَ». رواه أبو داود، وإسناده صحيح.
وللنسائي من حديث أبي هريرة: «مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثُمّ نَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ، وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ، وَمَنْ تَعَلّقَ شَيْئاً وُكّلَ إلَيْهِ».
وعند ابن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أَلاَ هَلْ أُنَبّئُكُمْ مَا الْعَضْهُ؟ هِيَ النّمِيمَةُ الْقَالَةُ بَيْنَ النّاسِ» رواه مسلم.
ولهما عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنّ من الْبَيَانِ لسِحْراً».
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الخامس والعشرين
(عشاء الاثنين 24/ 5 / 1414)
1 - ما ذكره المصنف في هذا الباب داخل في الباب الذي قبله وذكره لهذا الباب هو من باب ذكر الخاص بعد العام لأن هذه الأشياء منتشرة في الجاهلية.
2 - قال صلى الله عليه وسلم (قال: «إنّ العيافة، والطّرْق، والطيرة من الجبت») هذا الحديث بهذا السند ضعيف وقول المؤلف إسناده جيد لعله اعتمد على توثيق ابن حبان وهو لا يعتمد عليه هنا أو لأنه تؤيده النصوص العامة.
3 - قوله (العيافة) هي الحدس والظن وهي الاستدلال بحركات الطير وزجرها على الحظ سواء كان طيباً أو سيئاً.
4 - قوله (الطرق) وهي خطوط في الأرض وقد يخط خطوطاً كثيرة فإن بقي اثنان بعد مسحها فيكون حظه سعيداً وإن بقي واحداً فحظه نحس، فهذا إن كان باستخدام الجن فهو شرك وإن كان باللعب والشعوذة والجدل فهو محرم لا يجوز.
5 - قوله (وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ النّجُومِ، فقد اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السّحْرِ زَادَ مَا زَادَ». رواه أبو داود، وإسناده صحيح.) وهو كما قال المصنف إسناده صحيح، فتعلم النجوم عن طريق اعتقاد تأثيرها أمر محرم باطل، ومعنى (زاد ما زاد) أي زاد من السحر بقدر ما زاد من تعلم النجوم ويحتمل كلما زاد علماً من علم النجوم ازداد إثماً بذلك.
6 - قوله (وللنسائي من حديث أبي هريرة) المشهور أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة وهو قول الجمهور ولم يسمع الحسن من سمرة إلا حديث العقيقة وورد عند النسائي في حديث (المنتزعات هن المنافقات) وفيه أن الحسن سمع من أبي هريرة وهذا الحديث منقطع.
7 - للسحر حقيقة وليس تخييلاً كما قال المعتزلة وبعض الحنفية والشافعية ولهذا حث الله عز وجل على التعوذ من شر النفاثات في العقد، ولكنهم لا يحولون الأعيان كتحويل الإنسان إلى حيوان فقول الجمهور أنهم لا يقلبون الحقائق.
8 - قوله (العضة) وهي البهتان والفجور وقول الزور للإفساد بين الناس.
9 - قوله (ولهما عن ابن عمر رضي الله عنهما) المتفق عليه هو ما اتفق على لفظه وصحابيه وأهل المصطلح يرون أن ما اتفق على لفظه واختلف صحابيه لا يقال متفق عليه وهذا عند البخاري من حديث ابن عمر وعند مسلم من غير طريق ابن عمر.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[24 - 01 - 06, 11:10 م]ـ
روى مسلم في صحيحة عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النّبِيّ r، عَنِ النّبِيّ r، قال: قَالَ: «مَنْ أَتَى عَرّافاً فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ فَصَدّقَهُ بِمَا يَقُولُ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةُ أَرْبَعِينَ يومًا».
وعن أبي هريرة ( t)، عن النبي r، قال: «مَنْ أَتَىَ كَاهِناً, فَصَدّقَهُ بِمَا يَقُولُ, فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمّدٍ r». رواه أبو داوود.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/386)
وللأربعة، والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما. عن أبي هريرة: «مَنْ أَتَى عَرّافاً أو كَاهِناً, فَصَدّقَهُ بِمَا يَقُولُ, فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمّدٍ r».
ولأبي يعلى بسند جيد عن ابن مسعود مثله موقوفاً
وعن عمران بن حصين مرفوعاً: ليس منا من تَطير أو تُطير له، أو تكهن أو تُكهن له، أو سحر أو سُحر له، ومَنْ أَتَى كَاهِناً, فَصَدّقَهُ بِمَا يَقُولُ, فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمّدٍ.rرواه البزار بإسناد جيد ورواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن من حديث ابن عباس دون قوله: (ومَنْ أَتَى ... ) إلى آخره.
قال البغوي: العراف: الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك.
وقيل: هو الكاهن. والكاهن: هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل.
وقيل: الذي يخبر عما في الضمير.
وقال أبو العباس ابن تيمية: العراف: اسم للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم، ممن يتكلم في معرفة الأمور بهذه الطرق.
وقال ابن عباس في قوم يكتبون (أبا جاد) وينظرون في النجوم: ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب السادس والعشرين
(عشاء السبت 29/ 5 / 1414)
1 - أراد المصنف بهذا الباب أن الكهانة من السحر وأنها من الكبائر.
2 - قوله (روى مسلم في صحيحة عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النّبِيّ r، عَنِ النّبِيّ r، قال: قَالَ: «مَنْ أَتَى عَرّافاً فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ فَصَدّقَهُ بِمَا يَقُولُ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةُ أَرْبَعِينَ يومًا».) لفظ مسلم ليس فيه (فصدقه) ولكن هذه الزيادة عند أحمد عن صفية ولكن تحتاج إلى مراجعة الأصول القديمة للمسند فينظر هل فيه هذه اللفظة أم لا
3 - إتيان الكهان من غير تصديق من الكبائر وأما تصديقه فهذا هو الكافر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم فأكثر الأحاديث تقييد الكفر بالتصديق.
4 - قوله (لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةُ أَرْبَعِينَ يومًا) الجمهور على أنه لا يعيد فلا ملازمة بين القبول والإجزاء فالصلاة مجزئة غير مقبولة بل حكي إجماعاً على أن صلاته صحيحة وقيل أن صلاته غير مجزئة لأن هناك تلازماً بين القبول والإجزاء بدليل حديث ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) وحديث ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) وهذا القول قوي.
5 - قوله (وللأربعة، والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما) الأربعة ليس عندهم هذا اللفظ وإنما هو عند الحاكم بسند لا بأس به وعند أحمد بسند منقطع.
6 - قوله (وعن عمران بن حصين مرفوعاً: ليس منا من تَطير أو تُطير له) المراد به نفي الإيمان الواجب والحديث سنده جيد كما قال المصنف.
7 - قوله (وقال ابن عباس في قوم يكتبون (أبا جاد) وينظرون في النجوم: ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق.) سنده عن ابن عباس صحيح على شرط الشيخين وأبا جاد إذا كانت لغرض التعلم فلا بأس بها وأما إذا كانت المراد بها اعتقاد لها تأثيراً فهذا هو المحذور.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[24 - 01 - 06, 11:15 م]ـ
الباب السادس والعشرون - باب ما جاء في الكهان ونحوهم
روى مسلم في صحيحة عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال: قَالَ: «مَنْ أَتَى عَرّافاً فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ فَصَدّقَهُ بِمَا يَقُولُ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةُ أَرْبَعِينَ يومًا».
وعن أبي هريرة (رضي الله عنه)، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أَتَىَ كَاهِناً, فَصَدّقَهُ بِمَا يَقُولُ, فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمّدٍصلى الله عليه وسلم». رواه أبو داوود.
وللأربعة، والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما. عن أبي هريرة: «مَنْ أَتَى عَرّافاً أو كَاهِناً, فَصَدّقَهُ بِمَا يَقُولُ, فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمّدٍ صلى الله عليه وسلم».
ولأبي يعلى بسند جيد عن ابن مسعود مثله موقوفاً
وعن عمران بن حصين مرفوعاً: ليس منا من تَطير أو تُطير له، أو تكهن أو تُكهن له، أو سحر أو سُحر له، ومَنْ أَتَى كَاهِناً, فَصَدّقَهُ بِمَا يَقُولُ, فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمّدٍ.صلى الله عليه وسلم) رواه البزار بإسناد جيد ورواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن من حديث ابن عباس دون قوله: (ومَنْ أَتَى ... ) إلى آخره.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/387)
قال البغوي: العراف: الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك.
وقيل: هو الكاهن. والكاهن: هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل.
وقيل: الذي يخبر عما في الضمير.
وقال أبو العباس ابن تيمية: العراف: اسم للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم، ممن يتكلم في معرفة الأمور بهذه الطرق.
وقال ابن عباس في قوم يكتبون (أبا جاد) وينظرون في النجوم: ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب السادس والعشرين
(عشاء السبت 29/ 5 / 1414)
1 - أراد المصنف بهذا الباب أن الكهانة من السحر وأنها من الكبائر.
2 - قوله (روى مسلم في صحيحة عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال: قَالَ: «مَنْ أَتَى عَرّافاً فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ فَصَدّقَهُ بِمَا يَقُولُ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةُ أَرْبَعِينَ يومًا».) لفظ مسلم ليس فيه (فصدقه) ولكن هذه الزيادة عند أحمد عن صفية ولكن تحتاج إلى مراجعة الأصول القديمة للمسند فينظر هل فيه هذه اللفظة أم لا
3 - إتيان الكهان من غير تصديق من الكبائر وأما تصديقه فهذا هو الكافر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم فأكثر الأحاديث تقييد الكفر بالتصديق.
4 - قوله (لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةُ أَرْبَعِينَ يومًا) الجمهور على أنه لا يعيد فلا ملازمة بين القبول والإجزاء فالصلاة مجزئة غير مقبولة بل حكي إجماعاً على أن صلاته صحيحة وقيل أن صلاته غير مجزئة لأن هناك تلازماً بين القبول والإجزاء بدليل حديث ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) وحديث ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) وهذا القول قوي.
5 - قوله (وللأربعة، والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما) الأربعة ليس عندهم هذا اللفظ وإنما هو عند الحاكم بسند لا بأس به وعند أحمد بسند منقطع.
6 - قوله (وعن عمران بن حصين مرفوعاً: ليس منا من تَطير أو تُطير له) المراد به نفي الإيمان الواجب والحديث سنده جيد كما قال المصنف.
7 - قوله (وقال ابن عباس في قوم يكتبون (أبا جاد) وينظرون في النجوم: ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق.) سنده عن ابن عباس صحيح على شرط الشيخين وأبا جاد إذا كانت لغرض التعلم فلا بأس بها وأما إذا كانت المراد بها اعتقاد لها تأثيراً فهذا هو المحذور.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[24 - 01 - 06, 11:23 م]ـ
الباب السابع والعشرون - باب ما جاء في النشرة
عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة؟ فقال: «هي من عمل الشيطان». رواه أحمد بسند جيد، وأبو داوود. وقال: سئل أحمد عنها فقال: ابن مسعود يكره هذا كله.
وفي البخاري عن قتادة: قلت لابن المسيب: رجل به طب أو يؤخّذ عن امرأته، أيحل عنه أو ينشر؟ قال: لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع، فلم ينه عنه.
وروي عن الحسن، أنه قال: لا يحل السحر إلا ساحر.
قال ابن القيم: النُّشرة: حل السحر عن المسحور، وهي نوعان:
أحدهما: حل بسحر مثله، وهو الذي من عمل الشيطان، وعليه يحمل قول الحسن، فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب، فيبطل عمله عن المسحور.
والثاني: النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية والدعوات المباحة، فهذا جائز.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب السابع والعشرين
(عشاء الاثنين 2/ 6 / 1414)
1 - قوله (عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة؟ فقال: «هي من عمل الشيطان». رواه أحمد بسند جيد) الحديث سنده حسن كما قال الحافظ ابن حجر
2 - قوله (سئل أحمد عنها فقال: ابن مسعود يكره هذا كله) الكراهة عند السلف محمولة على التحريم إلا بقرينة تدل على المكروه اصطلاحاً ويعرضون عن التعبير بالتحريم من باب الأدب مع الله عز وجل.
3 - قوله (قال ابن القيم: النُّشرة: حل السحر عن المسحور، وهي نوعان) قول ابن القيم هو القول الصواب في المسألة.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[28 - 01 - 06, 12:18 ص]ـ
الباب الثامن والعشرون - باب ما جاء في التطير
وقول الله تعالى: ?أَلاَ إِنَّمَا طَاِئُرُهْم عِندَ اللهِ وَلَكٍنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ? [الأعراف: 131].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/388)
وقوله: ?قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ? [يس: 19].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ عَدْوَىَ، وَلاَ طِيَرَةَ، وَلاَ هَامَةَ، وَلاَ صَفَرَ». أخرجاه، وزاد مسلم: «وَلاَ نَوْءَ، وَلاَ غُولَ».
ولهما عن أنسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ عَدْوَىَ، وَلاَ طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ». قالوا: وما الفأل؟ قال: «الْكَلِمَةُ الطّيّبَةُ»
ولأبي داود -بسند صحيح- عن عُقبة بن عامر، قال: ذُكِرَتِ الطّيَرَةُ عِنْدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أحْسَنُهَا الْفَأْلُ وَلاَ تَرُدّ مُسْلِماً، فَإذا رَأَى أحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُلْ اللّهُمّ لاَ يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إلاّ أنْتَ وَلاَ يَدْفَعُ السّيّئَاتِ إلاّ أنْتَ وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوّةَ إلاّ بِكَ».
وعن ابن مسعود مرفوعاً: «الطّيَرَة شِرْكٌ، الطّيَرَةُ شِرْكٌ، الطّيَرَةُ شِرْكٌ، وَمَا مِنّا إلاّ وَلَكِنّ الله يُذْهِبُهُ بِالتّوَكّلِ» رواه أبو داود والترمذي وصححه. وجعل آخره من قول ابن مسعودٍ.
ولأحمد من حديث ابن عمرو: «من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك». قالوا: فما كفارة ذلك؟ قال: «أن تقول: اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك». وله من حديث الفضل بن عباس: «إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك».
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الثامن والعشرين
(عشاء السبت 7/ 6 / 1414)
1 - أراد بهذا الباب بيان ما عليه أهل الجاهلية من المعتقدات الفاسدة ومنها الطيرة والتي هي من طرق وسنن أهل الشرك من قديم الزمان.
2 - قوله (وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ عَدْوَىَ» الأظهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد نفي ما عليه أهل الجاهلية من أن العدوى تؤثر بنفسها وأن هذا المرض ينتقل بمجرد المجالسة والمصاحبة.
3 - قوله (وعن ابن مسعود مرفوعاً: «الطّيَرَة شِرْكٌ») إذا تطير بهذا الشيء ووجد في قلبه شيئاً من غير نسبة هذا الشيء الذي وجده في قلبه إلى ما تطير به من سماع الصوت أو رؤية الأشياء فهذا لا يجوز وهو شرك أصغر
وإن اعتقد أن الشيء الذي تطير به له سلطة عليه وسبب للخسارة أو الفشل فهذا شرك أكبر.
4 - قوله (قال صلى الله عليه وسلم (الشؤم في ثلاث: في المرأة، والدابة، والدار)) هذه الأشياء يطول مصاحبة الإنسان لها فأخبر أنه إن كان الشؤم في شيء فهو في هذه الأشياء المذكورة كما ذكر ابن القيم بأن بعض الأعيان قد تكون مباركة وقد تكون مشؤومة كالأولاد مثلاً فهذا فيه أنه قد يقع وليس فيه إثبات الشؤم ولهذا قال (إن كان الشؤم في شيء).
5 - قوله (ولأبي داود -بسند صحيح- عن عُقبة بن عامر، قال: ذُكِرَتِ الطّيَرَةُ عِنْدَ رسول الله صلى الله عليهع وسلم فقال: «أحْسَنُهَا الْفَأْلُ ... » عند أهل السنن عن (عروة بن عامر) لا تعرف له صحبة فالسند معلّ.
6 - قوله (: فما كفارة ذلك؟ قال: «أن تقول: اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك») هذه الزيادة لا تثبت.
ـ[قاسم القاهري]ــــــــ[28 - 01 - 06, 12:23 ص]ـ
هل طبع هذا الكتاب؟
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[28 - 01 - 06, 12:32 ص]ـ
الباب التاسع والعشرون - باب ما جاء في التنجيم
قال البخاري في صحيحه: قال قتادة: خَلقَ الله هذه النجوم لثلاثٍ: جعلها زينةً للسماء, ورجوماً للشياطين, وعلاماتٍ يُهتدَى بها, فمن تأولَ فيها غير ذلكَ أخطأ وأضاعَ نصيبهُ وتكلف ما لا علم لهُ به. انتهى
وكره قتادة تعلم منازل القمر. ولم يرخص ابن عيينة فيه. ذكره حرب عنهما. ورخص في تعلم المنازل أحمد وإسحاق.
وعن أبي موسى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر، وقاطع الرحم، ومصدق بالسحر» رواه أحمد وابن حبان في صحيحه.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب التاسع والعشرين
(عشاء الاثنين 9/ 6 / 1414)
1 - علم النجوم نوعان: علم حسابي استدلالي وهو علم التسيير على الجهات والمدن فهذا لا بأس به
وعلم آخر هو علم الوهم والتأثير وهو الاستدلال بحركات الأفلاك السماوية على الحوادث الأرضية ولا خلاف بين العلماء أنه لا يجوز.
2 - قوله (وكره قتادة تعلم منازل القمر. ولم يرخص ابن عيينة فيه. ذكره حرب عنهما. ورخص في تعلم المنازل أحمد وإسحاق) قد لا يكون بين الأقوال اختلافاً فمن كرهه أراد به نوع معين ومن رخص فيه أراد به نوع آخر.
3 - علم التنجيم من السحر فلا يجوز.
4 - قوله (وعن أبي موسى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر، وقاطع الرحم، ومصدق بالسحر» رواه أحمد وابن حبان في صحيحه.) الحديث فيه لين وكل لفظة من ألفاظه لها شواهد فهو من باب الحسن لغيره لشواهده.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/389)
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[29 - 01 - 06, 12:16 ص]ـ
الباب الثلاثون - باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء
وقال الله تعالى ?وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنّكُمْ تُكَذّبُونَ? [الواقعة:82].
وعن أبى مالك الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أَرْبَعٌ فِي أُمّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيّةِ لا يَتْرُكُونَهُنّ: الْفَخْرُ فِي الأَحْسَابِ, وَالطّعْنُ فِي الأَنْسَابِ, وَالاسْتِسْقَاءُ بِالنّجُومِ, وَالنّيَاحَةُ»، وَقَالَ: «النّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا, تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ, وَدِرْعٌ مِنْ جَرَب». رواه مسلم.
ولهما عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رضي الله عنه قال: صَلّى لنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم صَلاَةَ الصّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ على إِثْرِ سمَاءِ كَانَتْ مِنَ اللّيْلِ. فَلَمّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النّاسِ فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبّكُمْ؟» قَالُوا: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ. فَأَمّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ الله وَرَحْمَتِهِ, فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ. وَأَمّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا, فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ».
ولهما من حديث ابن عباس معناه، وفيه: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَقَدْ صَدَقَ نَوْءُ كَذَا وَكَذَا. فأنزل الله هذه الآيات ?فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنزِيلٌ مِن رَبِّ العَالمَيِنَ (80) أَفَبِهَذَا الحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنّكُمْ تُكَذّبُونَ? [الواقعة:75 - 82].
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الثلاثين
(عشاء السبت 14/ 6 / 1414)
1 - قوله (وقال الله تعالى ?وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنّكُمْ تُكَذّبُونَ?) تكذيبهم هو نسبة هذا الرزق والغيث إلى النجوم وهذا ليس بشكر بل هو تكذيب.
2 - قوله (وَالطّعْنُ فِي الأَنْسَابِ) الطعن فيها إما بالتغيير لها كتغيير نسب فلان من قبيلة إلى قبيلة أو الطعن فيها بالتعيير والقدح والذم.
3 - قوله (وَالنّيَاحَةُ) النياحة كبيرة من كبائر الذنوب لأنها نوع من التسخط على قدر الله عز وجل.
4 - قوله (ولهما عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رضي الله عنه) الحديث له شاهد من حديث أبي هريرة وابن عباس عند مسلم.
5 - قوله (. وَأَمّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا, فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ) لو قال إن الكوكب الفلاني هو الذي خلق المطر وأوجده فهذا كفر أكبر، وأن نسب المطر إلى الكوكب الفلاني بأن قال (مطرنا بالكوكب الفلاني) فهذا من باب الكفر في الألفاظ فهو شرك أصغر فلا يأتي بالباء السببية وإنما يقول في وقت كذا (في الوسمي مثلاً) فهذا لا شيء فيه.
6 - قوله تعالى (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) (لا) قيل إنها نافية وقيل صلة وقيل إذا دخلت على أمر منفي فإنها تأتي لتأكيد المنفي وهذا هو الأظهر فيها.
7 - قوله تعالى (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) قيل المراد بها تنجيم القرآن وهو نزوله حسب الوقائع وقيل المراد به الكواكب وهذا لعله أظهر وأقرب لأن النجوم لا تذكر في القرآن إلا ويراد بها الكواكب
ومناسبة ذكر القرآن بعد النجوم لأن القرآن هداية من الضلال فهي هداية معنوية والنجوم هداية للناس في الطرق فهي هداية حسية كما ذكرها ابن القيم.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[01 - 02 - 06, 12:23 ص]ـ
الباب الحادي والثلاثون - باب قول الله تعالى?وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ? [البقرة:165]
(ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/390)
وقوله?قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ? [التوبة:24].
عن أنس، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتّى أَكُونَ أَحَبّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ». أخرجاه.
ولهما عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ثَلاثٌ مَنْ كُنّ فيهِ وَجَدَ بهن حَلاوَةَ الإْيمان: أَنْ يَكونَ اللّهُ ورسولُه أحبَّ إليهِ مِمّا سِواهُما, وأنْ يُحِبّ المَرْءَ لا يُحِبّهُ إلاّ لله, وأنْ يَكرَهَ أنْ يَعودَ في الكُفرِ بعد إذْ أنقَذُه الله منه كما يكرَهُ أنْ يُقذَفَ في النّار»
وفى رواية «لا يجدُ أحدٌ حَلاوَةَ الإْيمان حَتّى .... ». إلى آخره
وعن ابن عباس قال: من أحب في الله، وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله، فإنما تُنال ولاية الله بذلك، ولن يجد عبد طعم الإيمان -وإن كثرت صلاته وصومه– حتى يكون كذلك، وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا وذلك لا يُجدي على أهله شيئاً. رواه ابن جرير
وقال ابن عباس في قوله تعالى: ?وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ? [البقرة: 166]، قال: المودة.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الحادي والثلاثين
(عشاء السبت 21/ 6 / 1414)
1 - أراد المصنف بهذا الباب بيان أن المحبة هي أصل الإيمان فلا يصح الإيمان ولا يوجد إلا بوجود هذا الأصل.
2 - قوله تعالى ((ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله) الأظهر فيه والذين آمنوا أشد حباً لله من المشركين بالأنداد لله لأن محبة المؤمنين خالصة ومحبة أصحاب الأنداد مشتركة والمحبة الخالصة أشد من المشتركة.
3 - قوله (عن أنس، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتّى أَكُونَ أَحَبّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ». أخرجاه.) لا ينفى الإيمان الواجب إلا لترك واجب من واجباته هذا هو الأصل في النفي (لا صلاة لمن لا وضوء له).
4 - قوله (ثَلاثٌ مَنْ كُنّ فيهِ وَجَدَ بهن حَلاوَةَ الإْيمان) هو تمثيل حقيقي وليس باستعارة كما يقول بعض الشراح.
5 - المحبة أنواع: طبيعية، ومحبة أنس ومشاكلة، ومحبة إشفاق ورحمة، ومحبة تعظيم وإجلال.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[03 - 02 - 06, 04:35 م]ـ
الباب الثاني والثلاثون - باب قول الله تعالى?إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ? [آل عمران:175]
وقوله?إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ المُهْتَدِينَ? [التوبة:18].
وقوله ?وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ? [العنكبوت:10] الآية.
وعن أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعاً: «إن من ضعْف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله، وأن تحمَدهم على رزق الله، وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله، إن رزق الله لا يجره حرص حريص، ولا يردُّه كراهية كاره».
وعن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من التمس رضى الله بسخط الناس؛ رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضى الناس بسخط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس» رواه ابن حبان في صحيحه.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الثاني والثلاثين
(عشاء الاثنين 23/ 6 / 1414)
1 - قوله (وعن أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعاً: «إن من ضعْف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله، وأن تحمَدهم على رزق الله، وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله، إن رزق الله لا يجره حرص حريص، ولا يردُّه كراهية كاره».) الحديث ضعيف جداً لأنه من طريق محمد بن مروان السدي الصغير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/391)
2 - قوله (وعن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من التمس رضى الله بسخط الناس؛ رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضى الناس بسخط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس» رواه ابن حبان في صحيحه.) سنده عند ابن حبان جيد مرفوع ورواه البيهقي في الزهد والترمذي رواه مرفوعاً وهو ضعيف ورواه بسند آخر صحيح والحديث صحيح مرفوعاً وموقوفاً.
3 - صح عن ابن مسعود قوله (اليقين هو الإيمان كله)
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[03 - 02 - 06, 04:39 م]ـ
الباب الثالث والثلاثون - باب قول الله تعالى: ?وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ? [المائدة:23]
وقوله ?إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًَا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ? [الأنفال:2].
وقوله: ?يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ? [الأنفال:64].
وقوله: ?وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ? [الطلاق:3].
وعن ابن عباس، قال: (حسبنا الله ونعم الوكيل) قالها إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا له: ?إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ? [آل عمران:173] الآية. رواه البخاري والنسائي.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الثالث والثلاثين
(عشاء السبت 28/ 6 / 1414)
1 - قال بعض السلف: التوكل جماع الإيمان.
2 - تعطيل الأسباب ومحوها بأن تكون أسباباً وأنه لا تأثير لها وإنما هي أسباب محضة هذا جهل بالدين والالتفات إلى الأسباب قدح في التوحيد والإيمان.
3 - الأسباب الواجبة يجب العمل بها، والأسباب المستحبة يستحب العمل بها، فالأسباب لا تنافي التوكل بل هي من التوكل.
4 - قوله تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) هدي الصحابة عند ذكر الله عز وجل وَجَلُ القلب وقشعريرة الجلد ودمع العين وما عداها كالغشيان والصعق كما حدث من بعض التابعين فهو خلاف الهدي النبوي، وما حصل من التابعين فإن كان الوارد قوياً والمورود - القلب - ضعيفاً فهو معفو عنه وهو مأجور ومعذور لشدة خوفه من الله عز وجل وإن كانت الحالة الأولى أكمل، ومن تكلف الغشيان والصعق وقصد هذه الأشياء وحمل نفسه إلى هذه الأمور حملاً فهذا لا يجوز وهذا حاله كحال من يريد إذهاب عقله وهو لا يجوز وجاء في حديث أبي هريرة في أول من تسعر بهم النار يوم القيامة وفيه (ثم نشغ أبو هريرة نشغة فمكثنا قليلا ثم أفاق) فإن صح فيكون هذه الأفعال واردة عن بعض الصحابة ولكن ليست بصفة دائمة بل في حوادث معينة.
5 - العلاج قيل مباح وقيل واجب وقيل مستحب وهو مذهب الجمهور وهو الأظهر.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[04 - 02 - 06, 03:02 م]ـ
الباب الرابع والثلاثون - باب قول الله تعالى: ?أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ? [الأعراف:99]، وقوله: ?وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ? [الحجر:56].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الكبائر؟ فقال: «الشّرك بالله، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله»
وعن ابن مسعود، قال: «أكبر الكبائر: الإشراك بالله والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله». رواه عبد الرزاق
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الرابع والثلاثين
(عشاء الاثنين 30/ 6 / 1414)
1 - الباب فيه وجوب الخوف من الله عز وجل والحذر من الأمن من مكر الله عز وجل وأنه من كبيرة من كبائر الذنوب.
1 - قوله (وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الكبائر؟ فقال: «الشّرك بالله، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله») رواه الحاكم والبزار وسنده حسن.
2 - قوله (وعن ابن مسعود، قال: «أكبر الكبائر: الإشراك بالله والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله». رواه عبد الرزاق) رواه ابن جرير بأسانيد صحيحة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/392)
3 - جاء عن عن أنس: "أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو بالموت فقال كيف تجدك؟ قال والله يا رسول الله إني أرجو الله وإني أخاف ذنوبي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو، وآمنه مما يخاف". رواه الترمذي بسند جيد.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[04 - 02 - 06, 03:07 م]ـ
وقول الله تعالى: ?وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٍ? [التغابن:11]، قال علقمة: هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلّم.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «اثْنَتَانِ فِي النّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطّعْنُ فِي النّسَبِ وَالنّيَاحَةُ عَلَى الْمَيّتِ».
ولهما عن ابن مسعود مرفوعاً: «لَيْسَ مِنّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ, وَشَقّ الْجُيُوبَ. وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيّةِ».
وعن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا أَرَادَ الله بِعَبْدِهِ الْخَيْرَ عَجّلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ في الدّنْيَا, وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدِهِ الشّرّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتّى يُوَافى بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ».
وقال النبي صلى الله عليه وسلم «إِنّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عظمِ الْبَلاَءِ, وَإِنّ الله إِذَا أَحَبّ قَوْماً ابْتَلاَهُمْ, فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرّضَى, وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السّخَطُ» حسنه الترمذي.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الخامس والثلاثين
(عشاء السبت 5/ 7 / 1414)
1 - قوله (باب من الإيمان بالله الصبر على أقدار الله) نص على أقدار الله عز وجل لكون العبد ليس له فيها اختيار أما الطاعة فإنها تكون باختيار فيجب عليه أداؤها، وكذلك المعصية يجب عليه تجنبها.
2 - قوله (وعن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا أَرَادَ الله بِعَبْدِهِ الْخَيْرَ عَجّلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ في الدّنْيَا, وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدِهِ الشّرّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتّى يُوَافى بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ».) الحديث أخرجه الترمذي من رواية سعد بن سنان عن أنس والجمهور على ضعف سعد بن سنان واختلف في اسمه فقيل سعد بن سنان وقيل سنان بن سعد، وهذا اللفظ من باب الحسن لغيره فله شاهد من حديث الحسن عن عبد الله بن مغفل عند أحمد وله شاهد عن أبي هريرة ومن رواية محمد بن خالد عن أبيه عن جده عند أبي داود فالمعنى صحيح لشواهده الكثيرة.
3 - قوله (وقال النبي صلى الله عليه وسلم «إِنّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عظمِ الْبَلاَءِ, وَإِنّ الله إِذَا أَحَبّ قَوْماً ابْتَلاَهُمْ, فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرّضَى, وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السّخَطُ» حسنه الترمذي) الحديث من باب الحسن لغيره فله شاهد من حديث محمود بن لبيد عند أحمد وسنده جيد وكذلك له شاهد عند أبي داود.
4 - كثير من أهل العلم قالوا إن النصوص دلت على أن المصائب مكفرة ولا تكون سبباً لرفع الدرجات فلا ثواب للعبد فيها، وقيل إن المصائب للعبد فيها ثواب واستدلوا بهذا اللفظ (إِنّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عظمِ الْبَلاَءِ)، وقيل إن الأصل في المصائب أنها مكفرة ولكن قد يقترن بها ما يجعلها محلاً للثواب وذلك بأن يتولد منها إيمان وصبر وكف للنفس عن الجزع فهذا عمل تولد عن المصيبة وهو الصبر والشكر والرضا وهذا القول إذا تأملناه رأينا أنه هو القول الصواب والراجح لأن المصيبة إذا تولد عنها صبر ورضا وشكر أجر على ذلك وإذا تولد عنها جزع وتسخط عوقب على ذلك.
5 - الراجح أن الصبر واجب والرضا على المصائب مستحب على الصحيح وهو اختيار شيخ الإسلام وابن القيم وقال ابن عقيل بوجوبه وأعلى المراتب الشكر.
6 - القضاء على أنواع:
أ - قضاء يجب الرضا به وهو ما يكون باختيار العبد مما أمر الله به كالطاعات وسائر أعمال الخير والبر فهذا يجب الرضا به لأن الله عز وجل أمر به
ب - قضاء مسخوط من الله عز وجل كأعمال الكفار فهذا يحرم الرضا به لكونه مسخوط من الله عز وجل.
ج - ما يحدث للعبد من المرض والفقر وإيذاء الناس فهذا يستحب الرضا به ولا يجب.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[05 - 02 - 06, 03:12 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/393)
وقول الله تعالى: ?قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَي إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا? [الكهف:110].
وعن أبي هريرة مرفوعاٌ: «قَالَ اللّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَىَ: أَنَا أَغْنَىَ الشّرَكَاءِ عَنِ الشّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي, تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ». رواه مسلم
وعن أبي سعيد مرفوعاً: فَقَالَ: «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدّجّالِ؟» قَالوا: بَلَىَ. فَقَالَ: «الشّرْكُ الْخَفِيّ: يَقُومَ الرّجُلُ يُصَلّي فَيُزَيّنُ صَلاَتَهُ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ إليه» رواه أحمد
&&& الفوائد المنتقاة على الباب السادس والثلاثين
(عشاء الاثنين 7/ 7 / 1414)
1 - ذكر المصنف الرياء لأنه من أعظم الوسائل إلى الشرك ولأنه خفي ولأنه يبتلى به كثير من الناس
قال بعض السلف: آخر ما يخرج من رؤوس الصديقين حب الرياسة.
2 - قوله (وعن أبي سعيد مرفوعاً) الحديث من باب الحسن لغيره فله شاهد عند ابن خزيمة بسند جيد (ألا أخبركم بشرك السرائر ... ))
3 - من نوى الجهاد في سبيل الله عز وجل وعرض الدنيا فهذا لا يبطل جهاده لأن نيته الجهاد ونوى أمراً مباحاً معه وهو المال لما جاء عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم (إن السرية إذا غزت فغنمت تعجلوا ثلثي أجرهم، وإن لم يغنموا تم لهم أجرهم) رواه مسلم
وروى أبو داود حديثاً أن رجلاً قال: يا رسول: أرأيت الرجل يريد الجهاد في سبيل الله وعرضاً من الدنيا
فقال: لا أجر له) فهذا فيه أن من أراد العرض والمال فلا أجر له وعنه جوابان:
أ - من جهة المتن: قالوا المعنى أن هذا الرجل خرج للجهاد ونيته متمحضة للمال وهذا الجواب كأن فيه تكلف.
ب - الجواب الثاني: من جهة السند: ففيه ابن مكرز وهو مجهول وقيل إنه أيوب بن عبد الله بن مكرز وهو مجهول فالحديث ضعيف.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[08 - 02 - 06, 03:20 م]ـ
الباب السابع والثلاثون - باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا
وقال الله تعالى: ?مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ? [هود: 15 - 16].
وفي الصحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تَعِسَ عبدُ الدّينارِ تَعِسَ عبدُ الدّرهمِ تَعِسَ عبدُ الخَميصةِ تَعِسَ عبدُ الخميلة: إن أعطِيَ رضيَ وإن لم يُعْطَ سَخِطَ, تَعِسَ وانتَكَسَ, وإذا شِيكَ فلا انتُقِشَ. طَوبى لعَبدٍ آخِذ بعِنانِ فرَسهِ في سبيلِ اللهِ, أشعثٍ رأسُهُ مغبرةٍ قدماهُ, إن كان في الحراسةِ كان في الحراسةِ, وإن كان في الساقة كان في الساقة. إنِ استأذَنَ لم يؤذَنْ له, وإن شَفَعَ لم يُشَفّعْ».
&&& الفوائد المنتقاة على الباب السابع والثلاثين
(عشاء السبت 14/ 10 / 1414)
1 – قوله (باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا) هذا الباب أعم من الباب الذي قبله فبينهما عموم وخصوص مطلق أي يجتمعان في مادة وينفرد أحدهما في مادة أخرى فكل رياء هو إرادة للدنيا لا العكس.
2 - قوله تعالى: ?مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ? هذه الآية قيل هي عامة في المسلمين والكافرين وهو قول جمهور المفسرين واختيار شيخ الإسلام وابن القيم، وقيل هي خاصة في أهل الإسلام وقيل بل هي خاصة في أهل الكفر وقيل بل خاصة في أهل الرياء
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[10 - 02 - 06, 10:52 م]ـ
الباب الثامن والثلاثون - باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرمه فقد اتخذهم أرباباً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/394)
وقال ابن عباس: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون: قال أبو بكر وعمر؟!
وقال أحمد بن حنبل: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته ويذهبون إلى رأي سفيان، والله تعالى يقول: ?فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ? [النور:63]، أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا رَدَّ بعض قوله أن يقع في قبله شيء من الزيغ فيهلِك.
وعن عدي بن حاتم: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية: ?اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إلهاً وَاحِداً لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ? [التوبة:31]، فقلت له: إنا لسنا نعبدهم. قال: «أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟». فقلت: بلي. قال: «فتلك عبادتهم». رواه أحمد والترمذي وحسنه.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الثامن والثلاثين
(عشاء الاثنين 16/ 10 / 1414)
1 – قوله (باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرمه فقد اتخذهم أرباباً) الباب السابق ذكر فيه عباد الأموال وهنا ذكر عباد الأمراء والعلماء وهذا من حسن الترتيب.
2 - قوله (وقال ابن عباس: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون: قال أبو بكر وعمر؟!) هذا القول عن ابن عباس رواه أحمد بسند صحيح واسحاق بن راهويه في مسنده وروي بطرق عديدة تدل بمجموعها على صحته عن ابن عباس رضي الله عنه.
3 - قوله (وعن عدي بن حاتم) عدي بن حاتم أسلم عام تسع ووقع في سير أعلام النبلاء أنه قدم عام سبع فإما أنه خطأ في الطبع أو سبق قلم من الذهبي.
والحديث ضعيف لضعف غطيف بن أعين وهو بهذا الإسناد عند أحمد والترمذي وابن جرير وما دل عليه من المعنى صحيح لدلالة الآية عليه.
4 - أولي الأمر هم العلماء والأمراء كما هو قول جمع من أهل العلم.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[10 - 02 - 06, 11:04 م]ـ
الباب التاسع والثلاثون - باب قول الله تعالى: ?أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ المُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنْ أًرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا? [النساء:60 - 62].
وقوله: ?وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ? [البقرة:11].
وقوله: ?وَ لاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ المُحْسِنِينَ? [الأعراف:56].
وقوله: ?أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ? [المائدة:50].
وعن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُم حتى يَكونَ هواهُ تَبَعًا لما جِئْتُ بِهِ». قال النووي: حديث صحيح، رويناه في كتاب (الحجة)، بإسناد صحيح.
وقال الشعبي: كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة، فقال اليهودي نتحاكم إلى محمد –لأنه عرف أنه لا يأخذ الرشوة- وقال المنافق: نتحاكم إلى اليهود –لعلمه أنهم يأخذون الرشوة- فاتفقا أن يأتيا كاهنا في جهينة فيتحاكما إليه, فنزلت ?أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ?الآية.
وقيل نزلت في رجلين اختصما, فقال أحدهما نترافع إلى النبي صلى الله عليه وسلم , وقال الآخر: إلى كعب بن الأشرف, ثم ترافعا إلى عمر, فذكر له أحدهما القصة. فقال للذي لم يرض برسول الله صلى الله عليه وسلم: أكذلك؟ قال: نعم, فضربه بالسيف فقتله.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب التاسع والثلاثين
(عشاء السبت والأثنين 21 - 23/ 10 / 1414)
1 - قول الله تعالى: ?أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ ? هذه الآية أراد بها المصنف وجوب التحاكم إلى شرع الله عز وجل.
2 - قول الله تعالى: ?وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ? لما كان الحكم بغير ما أنزل الله من أعظم الفساد ذكر المصنف هذه الآية.
3 - قوله (وعن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُم حتى يَكونَ هواهُ تَبَعًا لما جِئْتُ بِهِ». الحديث مروي من طريق نعيم بن حماد الخزاعي وذكر ابن رجب أن هذا الحديث يبعد صحته لاضطرابه ولجهالة عقبة بن أوس فالحديث ضعيف ولكن معناه صحيح بالاتفاق ويشهد لمعناه حديث (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من وولده ووالده والناس أجمعين)
4 - قوله (وقال الشعبي: كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة ... ) هذه القصة منكرة ضعيفة جداً ولكن هناك قصة اسنادها جيد رواها ابن أبي حاتم عند قوله تعالى (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) وهو شبيهة أيضاً بهذه القصة وهي مرسلة وجاء عند الطبراني لها شاهد متصل من طريق ابن عباس وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح فسندها لا بأس به إلا ما كان من حال شيخ الطبراني فينظر حاله وإلا فبقية السند رجاله ثقات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/395)
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[11 - 02 - 06, 05:09 م]ـ
الباب الأربعون - باب من جحد شيئاً من الأسماء والصفات
وقوله الله تعالى: ?وَهُمْ يَكْفُرُونُ بِالرَّحْمَن قُلْ هُوَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ? [الرعد:30].
وفي صحيح البخاري: قال علي: حدثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذَّب الله ورسوله؟!.
وروى عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس: أنه رأى رجلا انتفض –لما سمع حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصفات, استنكارا لذلك- فقال: ما فَرَق هؤلاء؟ يجدون رقة عند محكمه, ويهلكون عند متشابهه. انتهى.
ولما سمعت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الرحمن، أنكروا ذلك، فأنزل الله فيهم: ?وَهُمْ يَكْفُرُونُ بِالرَّحْمَن? [الرعد:30].
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الأربعين
(عشاء السبت 28/ 10 / 1414)
1 - قوله (باب من جحد شيئاً من الأسماء والصفات) لم يذكر الشيخ الجواب والمعنى فقد كفر أو قد هلك بحسب ما جحد من الأسماء والصفات.
2 - الأصل الذي خلق الله العباد له هو توحيد العبادة، وتوحيد الربوبية والأسماء والصفات وسيلة وطريق للإيمان بتوحيد العبادة.
3 - كفر أهل السنة والجماعة الجهمية وحكى السلف الإجماع على تكفيرهم لمخالفتهم ما أجمع عليه الرسل والعقلاء في غلوهم في التعطيل وشيخ الإسلام ابن تيمية لا يكفرهم وإنما يكفر مقالتهم. والمعتزلة يقولون نثبت الأسماء ولكنها أعلام محضة بلا معاني - كما تسمى البلاد والكائنات بأسماء تميزها عن غيرها - وكلها ترجع إلى شيء واحد وهو الذات وحقيقة قولهم يؤول إلى التعطيل المحض وإلى قول الجهمية وشبهتهم أنهم مثلوا أولاً الخالق بالمخلوق ثم عطلوه بدعوى التنزيه ثم آل بهم الأمر إلى تشبيهه بالمعدومات والجمادات بل غلاتهم شبهوه بالممتنعات.
1 - قوله (وفي صحيح البخاري: قال علي: حدثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذَّب الله ورسوله؟!) هذا الأثر عن علي رضي الله عنه إنما صح موقوفاً عنه وعن ابن مسعود وغيرهما ولم يصح مرفوعاً ولكن جاءت معانيها في الأحاديث المرفوعة وروى مسلم في مقدمته عن ابن مسعود (ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان عليهم فتنة).
2 - قوله (وروى عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس) أخرجه عبد الرزاق وسنده على شرط الشيخين.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[13 - 02 - 06, 12:04 ص]ـ
الباب الحادي والأربعون - باب قول الله تعالى ?يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمْ الكَافِرُونَ? [النحل:83]
قال مجاهد ما معناه: هو قول الرجل: هذا مالي، ورثته عن آبائي.
وقال عون بن عبد الله: يقولون: لولا فلان، لم يكن كذا.
وقال ابن قتيبة: يقولون هذا بشفاعة آلهتنا.
وقال أبو العباس –بعد حديث زيد بن خالد الذي فيه: «أن الله تعالى قال: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ ... » الحديث، وقد تقدم-: وهذا كثير في الكتاب والسنة، يذم سبحانه من يضيف إنعامه إلى غيره ويشرك به.
قال بعض السلف: هو كقولهم كانت الريح طيبة والملاّح حاذقاً، ونحو ذلك مما هو جارٍ على ألسنة كثير.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الحادي والأربعين.
(عشاء الاثنين 30/ 10 / 1414)
1 - ذكر المصنف هذا الباب لعظم الكلمات التي تصدر من بعض الناس والتي تقدح في التوحيد وتنقص ثوابه.
2 - قول الله تعالى ?يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمْ الكَافِرُونَ? السلف يستدلون بهذه الآيات التي نزلت في الكفار يستدلون بعمومها على ما يحصل من المسلمين من المخالفات.
3 - قوله (وقال عون بن عبد الله) عون بن عبد الله بن مسعود، وأخوه عبيد الله بن عبد الله بن مسعود ثقتان وأما أخوهم عبد الرحمن بن عبد الله فهو ضعيف.
4 - قوله (وقال ابن قتيبة) ابن قتيبة هو عبد الله بن مسلم، قال فيه الحاكم: كذاب باتفاق الأمة. وقد رد الذهبي قوله هذا وأن فيه مبالغة وهو إمام مشهور وقد أخطأ من تكلم فيه، وقال فيه شيخ الإسلام إنه خطيب أهل السنة كما أن الجاحظ خطيب المعتزلة.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[13 - 02 - 06, 07:00 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/396)
الباب الثاني والأربعون - باب قول الله تعالى ?فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ? [البقرة:22]
وقال ابن عباس في الآية: الأنداد هو الشرك، أخفى من دبيب النمل على صفاة سوادء في ظلمة الليل، وهو أن تقول: والله وحياتك يا فلان، وحياتي، وتقول: لولا كليبة هذا، لآتانا اللصوص، ولولا البط في الدار، لأتى اللصوص، وقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله وشئت، وقول الرجل: لولا الله وفلان، لا تجعل فيها فلاناً، هذا كله به شرك. رواه ابن أبي حاتم.
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ الله فقد كَفَرَ أو أشْرَكَ». رواه الترمذي وحسنه، وصححه الحاكم
وقال ابن مسعود: لأن أحلف بالله كاذباً أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقاً.
وعن حذيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تَقولُوا مَا شَاءَ الله وَشَاءَ فُلاَنٌ وَلَكِنْ قُولُوا مَا شَاءَ الله ثُمّ شَاءَ فُلاَنٌ» رواه أبو داوودَ بسند صحيح
وجاء عن إبراهيم النخعي: أنه يَكره: أعوذ بالله وبك، ويجوز أن يقول: بالله ثم بك. قال: ويقول: لولا اللهُ ثم فلان، ولا تقولوا: لولا الله وفلان.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الثاني والأربعين
(عشاء السبت 5/ 11 / 1414)
1 - قول الله تعالى ?فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ? المصنف ذكر هذه الآية لأن السلف يستدلون بالآية الدالة على الشرك الأكبر على تحريم الشرك الأصغر وهذا يرجح قول من قال إن الشرك الأصغر أكبر من الكبائر ويمكن أن تكون الآية عامة في الشركين الأكبر والأصغر فالشرك الأصغر شرك في القول واللفظ والمشرَك به ند من هذا الجانب.
2 - قوله (وقال ابن عباس في الآية: الأنداد هو الشرك، أخفى من دبيب النمل على صفاة سوادء في ظلمة الليل ... ) رواه ابن أبي حاتم عن شبابة بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس فالسند حسن. وقد جاء من حديث أبي موسى عند أحمد أنه حذرهم من الشرك وقال (إنه أخفى من النمل) فقالوا كيف نتقيه قال (تقول: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً وأن أعلمه وأستغفرك لما لا أعلمه) وجاء عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
3 - قوله (وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ الله فقد كَفَرَ أو أشْرَكَ») ورواه أحمد بلفظ (من حلف بشيء دون الله .. ) وسنده صحيح وجمهور العلماء على أنه شرك أصغر وقيل إنه أكبر والصواب القول الأول لحديث عمر (لا تحلفوا بآبائكم) وحديث (أفلح وأبيه إن صدق) فكان مباحاً مشهوراً على الألسنة ثم نهي عنه.
4 - قوله (وقال ابن مسعود: لأن أحلف بالله كاذباً أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقاً.) رواه عبد الرزاق عن وبرة عن ابن مسعود بالشك والطبراني بالجزم وهو منقطع لعدم إدراك وبرة لأبن مسعود وإن ثبتت رواية عبد الرزاق عن وبرة عن ابن عمر فتكون متصلة وفيه أن الشرك الأصغر أكبر من الكبائر وهو قول جماهير السلف.
5 - قوله (وعن حذيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تَقولُوا مَا شَاءَ الله وَشَاءَ فُلاَنٌ وَلَكِنْ قُولُوا مَا شَاءَ الله ثُمّ شَاءَ فُلاَنٌ» رواه أبو داوودَ بسند صحيح) رواه أبو داود والنسائي وهو صحيح لغيره.
6 - قوله (وجاء عن إبراهيم النخعي: أنه يَكره: أعوذ بالله وبك، ويجوز أن يقول: بالله ثم بك. قال: ويقول: لولا اللهُ ثم فلان، ولا تقولوا: لولا الله وفلان.) السلف يطلقون الكراهة ويريدون بها التحريم.
7 - اختلف العلماء في حديث ((لولا أنا لكان أبو طالب في النار) وحديث (لولا الحنطة الحمراء لم تسمن ذراريكم) وحديث (لولا بني اسرائيل لم يخنز اللحم) فقالوا: يجوز مثل هذا إذا كان السبب ظاهراً وقيل بل يكره وقيل بل يحرم والأظهر أن هذا يختلف بحسب المتكلم وصاحب المتكلم وصاحب الفضل فإن سئل عن أمر محسوس وسبب ظاهر محسوس الذي كان به نجاته بهذا السبب الظاهر فيقول (لولا فلان لم يحصل مثل هذا) فهذا سؤال عن السبب الظاهر الذي يعلمه السائل وهذا يدل عليه حديث ابن عباس (لولا أنا لكان أبو طالب في غمرات النار فكان جواباً عن سؤال (هل نفعت أبا طالب بشيء) فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن فضله على عمه أفضل من فضل عمه عليه ويدل عليه حديث أبا سعيد (أنا أخرجته من النار) فهذا يدل على أنه أخرجه بنفسه من النار، أما حديث (لولا بني اسرائيل لم يخنز اللحم) فهذا ليس من اللائق فيه أن ينسب إلى الله صراحة كقوله تعالى (وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض ... ) وأما حديث (لولا الحنطة الحمراء لم تسمن ذراريكم) فيقال: إن الأسباب تختلف فمنها أسباب ظاهر ة متفق عليها بين الناس فمتى توجد الأسباب توجد المسببات فالشبع يوجد عند الأكل فالأسباب الظاهرة لا حرج في الأشياء إليها أما الأسباب التي قد تكون أسباب وقد لا تكون - كشفاعة فلان - فهذه أسباب ليس متفق عليها فمثل هذه الأسباب لا ينبغي أن تنسب إلى الإنسان القاصر الضعيف لأنه قد يكون فيه تعظيم بأن حصلت له المسببات بخلاف غيره فمن الأدب والواجب في هذه الأسباب الغير متفق عليها أن لا تنسب إلى المخلوق، أما السبب الظاهر كإخراج النبي صلى الله عليه وسلم من النار فلا بأس من ذكره وهذا التفصيل هو الأقرب في المسألة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/397)
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[13 - 02 - 06, 07:06 م]ـ
الباب الثالث والأربعون - باب ما جاء فيمن لم يقنع بالحلف بالله
عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ. مَنْ حَلَفَ بِاللّهِ فَلْيَصْدُقْ. وَمَنْ حُلِفَ لَهُ بِاللّهِ فَلْيَرْضَ. وَمَنْ لَمْ يَرْضَ بِاللّهِ, فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ». رواه ابن ماجه بسند حسن.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الثالث والأربعين
(عشاء الاثنين 7/ 11 / 1414)
1 - عدم الرضا والقناعة بالحلف بالله أمر لا يجوز وفاعله عاصٍ فالقناعة بالحلف بالله أمر واجب وهو من باب تعظيم الله عز وجل والتكميل للتوحيد.
2 - قوله (عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ. مَنْ حَلَفَ بِاللّهِ فَلْيَصْدُقْ. وَمَنْ حُلِفَ لَهُ بِاللّهِ فَلْيَرْضَ. وَمَنْ لَمْ يَرْضَ بِاللّهِ, فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ». رواه ابن ماجه بسند حسن.) الحديث عام في جميع الأيمان سواء في الخصومات أو في غيرها وظاهر الحديث وجوب الرضا لمن حلف بالله وهذا الرضا يجب إذا لم تظهر دلالات وعلامات على كذب الحالف إما إذا ظهرت على الحالف قرائن تدل على كاذب أو أنه يحلف ولا يبالي بالكذب فهذا لا بأس بعدم الرضا بحلفه وله أن يطلب بينة أخرى غير الحلف.
والحديث سنده حسن من طريق محمد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر وكلام الشيخ هنا أحسن من كلام الشارح الذي قال إنه على شرط مسلم والصواب أنه ليس على شرط مسلم.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[15 - 02 - 06, 12:29 ص]ـ
الباب الرابع والأربعون - باب قول: ما شاء الله وشئت
عن قتيلة: أَنّ يَهُودِيّا أَتَى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إنّكُمْ تُشْرِكُونَ تَقُولُونَ: مَا شَاءَ اللّهُ وَشِئْتَ وَتَقُولُونَ: وَالْكَعْبَةِ فَأَمَرَهُمُ النّبِيّ r إذَا أَرَادُوا أَنْ يَحْلِفُوا أَنْ يَقُولُوا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ وَيَقُولُونَ مَا شَاءَ اللّهُ ثُمّ شِئْتَ. رواه النسائي وصححه.
وله أيضاً عن ابن عباس، أن رجلاً قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت فقال: «أجعلتني لله نداًَ؟! بل ما شاء اللهُ وحده».
ولابن ماجه: عن الطفيل أخي عائشة لأمها قال: رأيت كأني أتيت على نفر من اليهود، قلت: إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: عزير بن الله قالوا: وأنتم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد. ثم مررت بنفر من النصارى، فقلت: إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: المسيح ابن الله. قالوا: وإنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد. فلما أصبحتُ، أخبرت بها من أخبرت، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، قال: «هل أخبرتَ بها أحداً؟». قلت نعم قال: فحمد الله، وأثني عليه، ثم قال: «أما بعد، فإن طفيلاً رأى رؤيا أخبر بها من أخبر منكم، وإنكم قلتم كلمة كان يمنعني كذا وكذا أن أنهاكم عنها، فلا تقولوا: ما شاء محمد، ولكن قولوا: ما شاء الله وحده».
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الرابع والأربعين
(عشاء السبت 12/ 11 / 1414)
1 - أفرد هذا الباب مع أنه يدخل في باب (ولا تجعلوا لله أنداداً وأنتم لا تعلمون) لورود أحاديث بهذه اللفظة على الخصوص وهي (ما شاء وشئت).
2 - قوله (فَقَالَ: إنّكُمْ تُشْرِكُونَ تَقُولُونَ: مَا شَاءَ اللّهُ وَشِئْتَ وَتَقُولُونَ: وَالْكَعْبَةِ) فيه إطلاق الشرك على الألفاظ والشرك في اللفظ من الشرك الأصغر.
3 - قوله (فَأَمَرَهُمُ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذَا أَرَادُوا أَنْ يَحْلِفُوا أَنْ يَقُولُوا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ وَيَقُولُونَ مَا شَاءَ اللّهُ ثُمّ شِئْتَ) يحرم التلفظ بهذه اللفظة من جهة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالحلف بالله ومن جهة تسميتها شركاً.
4 - قوله (رواه النسائي وصححه) الحديث رواه النسائي وهو صحيح وله شواهد عن ابن عباس وحذيفة رضي الله عنهم.
5 - قوله (وله أيضاً عن ابن عباس، أن رجلاً قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت فقال: «أجعلتني لله نداًَ؟! بل ما شاء اللهُ وحده».) الحديث رواه أحمد أيضاً عن ابن عباس بسند جيد وهو عند النسائي وأحمد بلفظ (أجعلتني لله عدلاً) أما لفظة (أجعلتني لله نداً) فهي عند ابن مردوية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/398)
6 - قوله (ولابن ماجه: عن الطفيل أخي عائشة لأمها قال ..... ) رواه ابن ماجة وسنده جيد والرؤيا من حديث حذيفة والطفيل وقال البعض إن الرؤيا من حديث الطفيل وذكر حذيفة وهم ورجح العلماء رواية الطفيل على رواية حذيفة فرواية الطفيل هي الأصح ورواية حذيفة فيها نظر.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[15 - 02 - 06, 09:59 م]ـ
الباب الخامس والأربعون - باب من سبّ الدهر فقد آذى الله
وقول الله تعالى ?وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ? [الجاثية:24].
وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «قال الّلهُ تعالى: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ. يَسُبّ الدّهْرَ. وَأَنَا الدّهْرُ. أُقَلّبُ اللّيْلَ وَالنّهَارَ». وفي رواية: «لاَ تَسُبّوا الدّهْرَ. فَإِنّ اللّهَ هُوَ الدّهْرُ».
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الخامس والأربعين
(عشاء السبت 19/ 11 / 1414)
1 - هذا الباب فيه بيان أنه يجب حفظ المنطق من بعض الألفاظ التي تنافي كمال التوحيد أو تنقصه، والدهر هو القدم والمراد به الزمان، والدهرية قوم من الملاحدة يعتقدون أن الدهر هو الموجد والخالق وأنه لا بعث ولا نشور.
2 - قوله (وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قال الّلهُ تعالى: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ. يَسُبّ الدّهْرَ. وَأَنَا الدّهْرُ. أُقَلّبُ اللّيْلَ وَالنّهَارَ».) السب هو الشتم والعيب والذم والتنقص فظاهر الحديث أن السب محرم واللعن أقبح منه فإذا قال (هذه الساعة ملعونة وهذا اليوم ملعون) فهذا محرم وهو من الكبائر من وجهين: لأنه لعن واللعن محرم وممنوع مطلقاً على كل شيء -الدابة والحيوان والريح والزمن - وكذلك لأنه سب من لا يستحق السب وليس أهلاً للسب فهو مسخر مأمور. أما إذا كان السب ليس على سبيل التنقص والعيب والذم مثل (هذه الساعة مشؤومة أو غير مباركة أو ساعة كلها شر) فهذا ظاهر الحديث أنه محرم لأن فيه تسخط على المقدور.
3 - قوله (وَأَنَا الدّهْرُ. أُقَلّبُ اللّيْلَ وَالنّهَارَ) جاء عند أحمد بسند صحيح (أجد الأيام وأبليها وآتي بالملوك بعد الملوك)
4 - وصف الزمان والأيام بالشدة وغيرها لا بأس به (في أيام نحسات) (في يوم نحس مستمر).
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[15 - 02 - 06, 10:34 م]ـ
الباب السادس والأربعون - باب التَّسمِّي بقاضي القضاة ونحوه
وفي الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنّ أَخْنَع اسْمٍ عِنْدَ اللّهِ رَجُلٌ تَسَمّىَ مَلِكَ الأَمْلاَكِ، لاَ مَالِكَ إِلاّ اللّهُ».
قَالَ سُفْيَانُ: مِثْلُ شَاهَانْ شَاهْ. وفي رواية: «أَغْيَظُ رَجُلٍ عَلَى اللّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ, وَأَخْبَثُهُ». قوله: (أَخْنَعَ)، يعني: أَوْضَعَ.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب السادس والأربعين
(عشاء الاثنين 21/ 11 / 1414)
1 - هذا الباب في بيان الألفاظ الممنوعة التي تقدح في التوحيد.
2 - قوله (قَالَ سُفْيَانُ: مِثْلُ شَاهَانْ شَاهْ) شاهان: الملوك، شاه: ملك، ومن عادة العجم تقديم المضاف إليه على المضاف.
3 - قوله (باب التَّسمِّي بقاضي القضاة ونحوه) لا يجوز التسمي بقاضي القضاة ونحوه وكل ما كان في هذا المعنى لا يجوز مثل (حاكم الحكام) (أقضى القضاة) ويحرم التسمي بملك الملوك لأنه اسم لله عز وجل ومثلها سيد الناس وسيد الكل فهذه الألفاظ لا تجوز مطلقة ولا مقيدة لأنه إذا جاز مقيداً جاز مطلقاً وقد قال بعض المتقدمين: إذا قيد بولاية من الولايات مثل (قاضي قضاة الرياض) فإنه يجوز ولكن المعنى الموجود في اللفظ المطلق موجود فيه مقيداً كذلك فالمحظور موجود في الحالين.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[15 - 02 - 06, 10:36 م]ـ
الباب السابع والأربعون - باب احترام أسماء الله تعالى وتغيير الاسم لأجل ذلك
عن أبي شُرَيْحٍ، أنه كان يُكْنَى أَبا الْحَكَم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنّ الله هُوَ الْحَكَمْ وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ». فقالَ: إِنّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا في شَيْءِ أَتُوْنِي فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ فَرَضِيَ كِلاَ الْفَرِيقَيْنِ, فَقَالَ: «مَا أَحْسَنَ هَذَا فَمَا لَكَ مِنَ الْوَلَدِ؟». قلت: شُرَيْحٌ وَمُسْلِمٌ وَعَبْدُ الله. قالَ: «فَمنْ أَكْبَرُهُمْ؟». قلت: قالَ قُلْتُ: شُرَيْحٌ قالَ: «فأَنْتَ أَبُو شُرَيْحِ» رواه أبو داود وغيره.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب السابع والأربعين
(عشاء السبت 25/ 12 / 1414)
1 - قوله (عن أبي شُرَيْحٍ، أنه كان يُكْنَى أَبا الْحَكَم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنّ الله هُوَ الْحَكَمْ وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ». يوجد في الصحابة من اسمه الحكم وعددهم يقارب العشرين والأظهر أن المنهي عنه هو التكني بأبي الحكم لأن التكني أعلى وأرفع من التسمية فلعل الممنوع هو التكني لا التسمي ويمكن أن يقال إن المنع من باب سد الذرائع لئلا يقع غلو من قومه فيه، والأقرب هو التعليل الأول وقد جاء في السنة جواز التسمي بالحكم وصح عنه وصفه القاضي بالحاكم (إذا حكم الحاكم ... ) وعند أحمد (إذا قعد الخصمان بين يدي الحَكم ... ).
2 - الحديث فيه أن الخصمين إذا حكما رجلاً في أمر فإنه يلزمهما ذلك الحكم وإن لم يكن ذلك الرجل قاضياً والمسألة فيها خلاف ولكن ظاهر الحديث يؤيد هذا القول.
3 - قوله (رواه أبو داود وغيره) رواه أبو داود والنسائي بسند صحيح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/399)
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[15 - 02 - 06, 10:39 م]ـ
الباب الثامن والأربعون - باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول
وقول الله تعالى: ?وَلَئِنْ سَأَلتَهُمْ لَيَقُولُن إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبالله وآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ? [التوبة:65].
عن ابن عمر ومحمد بن كعب وزيد بن أسلم وقتادة، دخل حديث بعضهم في بعض: أنه قال رجل في غزوة تبوك: ما رأينا مثل قرائناً هؤلاء، أرغب بطوناً، ولا أكذب ألسنا، ولا أجبن عن اللقاء (يعني رسول الله صلى الله عليه وسيلم وأصحابه القراء). فقال له عوف بن مالك: كذبت، ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذهب عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره، فوجد القرآن قد سبقه، فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أرتحل وركب ناقته، فقال: يا رسول الله! إنما كنا نخوض ونتحدث حديث الركب نقطع به عنا الطريق. قال ابن عمر: كأني أنظر إليه متعلقاً بنسعة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الحجارة تنكب رجليه، وهو يقول: إنما كنا نخوض ونلعب. فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ?أَبالله وآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ? [التوبة:65 - 66]، ما يلتفت إليه وما يزيده عليه.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الثامن والأربعين
(عشاء الاثنين 27/ 12 / 1414)
1 - الردة أعظم من الكفر الأصلي بالإجماع والكافر المرتد ليس له الأمان ولا العهد فجنس الردة أعظم من الكفر الأصلى ولكن قد يكون الكافر الأصلى قد اقترن بكفره ما يجعله أعظم وأشد كفراً من المرتد لما اقترن به كأئمة الكفر فرعون وهامان وأبي لهب وأبي جهل.
2 - الردة قد تكون قولاً كأن يسب نبياً أو يسب الدين، وقد تكون فعلاً كأن يلطخ المصحف بالقاذروات أو يسجد لأحد وقد تكون شكاً كشكه في نبوة نبي من الأنبياء، وقد تكون اعتقاداً كاعتقاد قدم العالم وقد تكونً استهزاءً وما أشار إليه المصنف هو الكفر استهزاءً.
3 - قوله (عن ابن عمر ومحمد بن كعب وزيد بن أسلم وقتادة، دخل حديث بعضهم في بعض ... ) أصل القصة ثابت والقرآن يدل عليها ويشهد لها ولكن تفاصيلها محل اجتهاد والقصة صحيحة لتعدد طرقها فجاءت عن ابن عمر عند ابن جرير وابن أبي حاتم وسندها مقارب وعن أبي الدرداء عند أبي نعيم، وعن ابن عباس عند ابن جرير، وجاءت في روايات مرسلة عند ابن جرير وغيره، والمراسيل إذا جاءت من مخارج عدة وتعددت طرقها كانت كافية في ثبوتها وصحتها كما نص عليه العلماء، فكيف وقد جاءت مرفوعة إلى الصحابة.
4 - آية التوبة أصل في كفر المستهزئ وأن لم يكن اعتقاداً والصواب عند العلماء أنهم كانوا مسلمين مؤمنين لأنه أثبت لهم الإيمان (قد كفرتم بعد إيمانكم) ولم يصب من قال إنهم منافقون لأن المنافقين لم يزالوا كافرين فلا يقال (فد كفرتم بعد إيمانكم)
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[15 - 02 - 06, 10:41 م]ـ
الباب التاسع والأربعون - باب قول الله تعالى: ?وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولُنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ? [فصلت:50]
قال مجاهد: هذا بعملي، وأنا محقوق به. وقال ابن عباس: يريد: من عندي. وقال آخرون: علي علم من الله أني له أهل.
وقوله: ?قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي? [القصص:78]، قال قتادة: علي علم مني بوجوه المكاسب، وقال آخرون: على علم من الله أني له أهل، معني قول مجاهد: أوتيته على شرف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/400)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنّ ثَلاَثَةً من بَنِي إِسْرَائِيلَ. أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى فَأَرَادَ اللّهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ. فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكاً. فَأَتَىَ الأَبْرَصَ فَقَالَ: أَيّ شَيْءٍ أَحَبّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: لَوْنٌ حَسَنٌ وَجِلْدٌ حَسَنٌ وَيَذْهَبُ عَنّي الّذِي قَدْ قَذِرَنِي النّاسُ. قَالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ قَذَرُهُ. وَأُعْطِيَ لَوْناً حَسَناً وَجِلْداً حَسَناً. قَالَ: فَأَيّ الْمَالِ أَحَبّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الإِبِلُ (أَوْ الْبَقَرُ. شَكّ إِسْحَاقُ) فَأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ. فَقَالَ: بَارَكَ اللّهُ لَكَ فِيهَا. قَالَ: فَأَتَىَ الأَقْرَعَ فَقَالَ: أَيّ شَيْءٍ أَحَبّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: شَعَرٌ حَسَنٌ وَيَذْهَبُ عَنّي هََذَا الّذِي قَذِرَنِي النّاسُ. قَالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ. وَأُعْطِيَ شَعَراً حَسَناً. فقَالَ: فَأَيّ الْمَالِ أَحَبّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الْبَقَرُ. فَأُعْطِيَ بَقَرَةً حَامِلاً. فَقَالَ: بَارَكَ اللّهُ لَكَ فِيهَا. قَالَ: فَأَتَىَ الأَعْمَىَ فَقَالَ: أَيّ شَيْءٍ أَحَبّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: أَنْ يَرُدّ اللّهُ إِلَيّ بَصَرِي فَأُبْصِرَ بِهِ النّاسَ. فَمَسَحَهُ فَرَدّ اللّهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ. قَالَ: فَأَيّ الْمَالِ أَحَبّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الْغَنَمُ. فَأُعْطِيَ شَاةً وَالِداً. فَأُنْتِجَ هََذَانِ وَوَلّدَ هََذَا. فَكَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنَ الإِبِلِ. وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الْبَقَرِ. وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الْغَنَمِ.
قَالَ: ثُمّ إِنّهُ أَتَىَ الأَبْرَصَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ. قَدِ انْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي. فَلاَ بَلاَغَ لِيَ الْيَوْمَ إِلاّ بِاللّهِ ثُمّ بِكَ. أَسْأَلُكَ, بِالّذِي أَعْطَاكَ اللّوْنَ الْحَسَنَ وَالْجِلْدَ الْحَسَنَ وَالْمَالَ, بَعِيراً أَتَبَلّغُ بهِ فِي سَفَرِي. فَقَالَ: الْحُقُوقُ كَثِيرَةٌ. فَقَالَ لَهُ: كَأَنّي أَعْرِفُكَ. أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النّاسُ؟ فَقِيراً فَأَعْطَاكَ اللّهُ عزّ وجلّ المَالَ؟ فَقَالَ: إِنّمَا وَرِثْتُ هََذَا الْمَالَ كَابِراً عَنْ كَابِرٍ. فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِباً, فَصَيّرَكَ اللّهُ إِلَىَ مَا كُنْتَ.
وَأَتَى الأَقْرَعَ فِي صُورَتِهِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذَا. وَرَدّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدّ عَلَىَ هَذَا. فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَصَيّرَكَ اللّهُ إِلَىَ مَا كُنْتَ.
قَالَ: وَأَتَىَ الأَعْمَىَ فِي صُورَتِهِ فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ. انْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي. فَلاَ بَلاَغَ لِيَ الْيَوْمَ إِلاّ بِاللّهِ ثُمّ بِكَ. أَسْأَلُكَ, بِالّذِي رَدّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ, شَاةً أَتَبَلّغُ بِهَا فِي سَفَرِي. فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَعْمَىَ فَرَدّ اللّهُ إِلَيّ بَصَرِي. فَخُذْ مَا شِئْتَ. وَدَعْ مَا شِئَتَ. فَوَاللّهِ لاَ أَجْهَدُكَ الْيَوْمَ شَيْئاً أَخَذْتَهُ لِلّهِ. فَقَالَ: أَمْسِكْ مَالَكَ. فَإِنّمَا ابْتُلِيتُمْ. فَقَدْ رضِيَ الله عَنْكَ وَسُخِطَ عَلَىَ صَاحِبَيْكَ.» أخرجاه.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب التاسع والأربعين
(عشاء السبت 26/ 4 / 1415)
1 - الظن يحكى في القرآن على سبيل الجزم مثل قوله تعالى (وظنوا أنهم مواقعوها)
2 - قوله (فَأَرَادَ اللّهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ) عند البخاري (فبدا لله أن يبتليهم) ومعناه أراد إظهار ما في علمه السابق ما أراد بهؤلاء النفر.
3 - قوله (أَسْأَلُكَ, بِالّذِي رَدّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ) إعطاء من سأل بالله عز وجل إما مستحب وإما واجب والجمهور على الاستحباب وقيدوه بقوله (ما لم يسأل هجراً) والسؤال بالله مباح لا بأس به.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[17 - 02 - 06, 09:38 م]ـ
الباب الخمسون - باب قول الله تعالى: ?فَلَمَّا ءَاتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا ءَاتَاهُمَا فَتَعَالى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونً? [الأعراف:190]
قال ابن حزم: اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله، كعبد عمرو، وعبد الكعبة، وما أشبه ذلك، حاشا عبد المطلب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/401)
وعن ابن عباس في الآية، قال: لما تغشاها آدم، حملت، فأتاهما إبليس، فقال: إني صاحبكما الذي أخرجتكما من الجنة، لتطيعاني أو لآجعلن له قرني أيِّل، فيخرج من بطنك، فيشقه، ولأفعلن، يخوفهما، سمياه عبد الحارث، فأبيا أن يطيعاه، فخرج ميتا. ثم حملت، فقال مثل قوله، فأبيا أن يطيعاه، فخرج ميتا، ثم حملت فأتاهما، فذكر لهما، فأدركهما حب الولد، فسمياه عبد الحارث، فذلك قوله: ?جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا ءَاتَاهُمَا? [الأعراف:190]. رواه ابن أبي حاتم
وله بسند صحيح عن قتادة، قال: شركاء في طاعته، ولم يكن في عبادته.
وله سند صحيح عن مجاهد، في قوله: ?لَئِنْ ءَاتَيْتَنَا صَالِحاً? [الأعراف:189]، قال: أشفقا أن لا يكون إنساناً. وذكر معناه عن الحسن وسعيد وغيرهما.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الخمسون
(عشاء السبت 3/ 5 / 1415)
1 - قول الله تعالى: ?فَلَمَّا ءَاتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا ءَاتَاهُمَا فَتَعَالى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونً? هذه الآية فيها أقوال أشهرها:
أ - أنها في آدم وحواء وأنهما هما اللذان سميا ولدهما عبد الحارث وأن سياق الآية فيهما.
ب - أن المراد بالآية ذرية آدم وحواء وأن منهم من أشرك وعبّد لغير الله وأضاف الشرك لجنس بني آدم.
والقول الأول هو قول جمهور السلف وعليه جمع من الصحابة وبعض التابعين، والقول الثاني عليه بعض العلماء واختاره ابن كثير في تفسيره.
والراجح هو القول الأول بدلالة قوله (من نفس واحدة) وهو آدم (وجعل منها زوجها) وهي حواء التي خلقت من نفس واحدة وهي آدم فخلقت من ضلعه الأيسر وورد في الآية آثار إسرائيلية ولكن القرآن يؤيدها ويدل عليها فسياق الآية واضح أنه في آدم وحواء ورجح القول الأول أبي بن كعب بسند لا بأس به وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيب وقتادة وهو اختيار ابن جرير.
وقوله تعالى (إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته) الصواب فيها أن الشيطان حاكى صوت النبي صلى الله عليه وسلم وألقى في قراءته (تلك الغرانيق العلى) وظاهر القرآن يدل على هذا القول وهو قول السلف.
2 - قوله (قال ابن حزم: اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله، كعبد عمرو، وعبد الكعبة، وما أشبه ذلك، حاشا عبد المطلب.) إنشاء التسمية الصواب أنه لا يجوز أما الإخبار به لاشتهاره كمثل عبد الدار وعبد شمس فجائز فالاستثناء ليس خاصاً بعبد المطلب بل يلحق به عبد الدار وعبد شمس فباب الإخبار أوسع من إنشاء التسمية.
3 - قوله (وعن ابن عباس في الآية ... ) هذا القول عن ابن عباس في سنده نظر ولكن جاء ما يؤيده عن أبي بن كعب بسند لا بأس به بل جيد وهو عند ابن أبي حاتم وسعيد بن منصور.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[17 - 02 - 06, 09:50 م]ـ
الباب الحادي والخمسون - باب قول الله تعالى: ?وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ?الآية [الأعراف:180]
ذكر ابن أبي حاتم عن ابن عباس: ?يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ? [الأعراف:180]: يشركون.
وعنه: سموا اللات من الإله، والعزى من العزيز. وعن الأعمش: يدخلون فيها ما ليس منها.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الحادي والخمسين
(عشاء الاثنين 12/ 5 / 1415)
1 - الإلحاد أنواع:
أ - إلحاد المشركين وهو تسمية الأصنام بأسماء الله عز وجل.
ب - تسميته سبحانه بما لا يليق به كقول النصارى عنه أباًً وقول الفلاسفة عن بأنه علة فاعلة.
ج - تسمية اليهود له بما يتنزه عنه (إن الله فقير ... )
د - نفي ما تضمنته الأسماء والصفات من المعاني.
هـ - إلحاد الممثلة (يد كأيدينا).
2 - جمهور المحدثين أن سرد الأسماء مدرج من بعض الرواة وحكى شيخ الإسلام اتفاق المحدثين على أنها لا تصح مرفوعة وكذا بينه ابن حجر في البلوغ وطرقها عند الترمذي وابن ماجة والحاكم كلها لا تثبت.
3 - قوله (ذكر ابن أبي حاتم عن ابن عباس: ?يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ? يشركون.) ذكر ابن جرير أن هذا الأثر عن قتادة وليس عن ابن عباس وما جاء عن ابن عباس هو تفسير الإلحاد بالتكذيب.
4 - قوله (وعنه: سموا اللات من الإله، والعزى من العزيز.) أي عن ابن عباس. أخرجها ابن المنذر من رواية علي بن أبي طلحة ورواية علي بن أبي طلحة البعض يصححها ويقول إن الواسطة بين علي بن أبي طلحة وابن عباس هو مجاهد وهو ثقة , وعلي بن أبي طلحة لا بأس به أخرج له أصحاب السنن.
5 - المراد بالإحصاء في حديث (من أحصاها دخل الجنة):
أ - حفظها كما جاء في حديث صحيح.
ب - معرفة معانيها
ج - العمل بمقتضاها ومدلولاتها.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[17 - 02 - 06, 09:52 م]ـ
الباب الثاني والخمسون - باب لا يقال: السلام على الله
في الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنها قال: كنا إذا كنا مع النبيّ صلى الله عليه وسلم في الصلاةِ قلنا: السلامُ على اللهِ من عِبادهِ, السلامُ على فلانٍ وفلان, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقولوا السلامُ على اللهِ, فإِنّ اللهَ هوَ السلامُ».
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الثاني والخمسين
(عشاء السبت 17/ 5 / 1415)
1 - من تحقيق التوحيد ومن كماله أن لا يقال السلام على الله لأنه سبحانه هو السلام ومنه السلام فيطلب منه السلام والسلامة، وخديجة رضي الله عنها حين بلغها جبريل سلام الله عز وجل عليها قالت (هو السلام وعلى جبريل السلام وعليك السلام ورحمة الله وبركاته) فمن عظم فقهها أنها لم تقل (وعلى الله السلام)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/402)
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[17 - 02 - 06, 09:54 م]ـ
الباب الثالث والخمسون - باب قول: اللهم اغفر لي إن شئتَ
في الصحيح عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ يَقُلَ أَحَدُكُمُ: اللّهُمّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ. اللّهُمّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ. لِيَعْزِمْ المسألةَ, فَإِنَّ اللهَ لاَ مُكْرِهَ لَهُ». ولمسلم: «وَلْيُعَظِمِ الرّغْبَةَ. فَإِنّ اللّهَ لاَ يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ».
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الثالث والخمسين
(عشاء الاثنين 19/ 5 / 1415)
1 - قوله (اللهم اغفر لي إن شئتَ) هذه الكلمة لا تجوز لأنها تنافي كمال التوحيد الواجب فمن كمال التوحيد الواجب الدعاء برغبة ورهبة وإلحاح، فالدعاء بهذا الدعاء بهذه الصيغة يوهم - وإن لم يقصده الداعي - أنه مستغن بدعائه عن الله، وقيل يوهم أن الله لا يقدر على هذا الشيء المدعو به وكلا المعنيين صحيح.
2 - أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ يَقُلَ أَحَدُكُمُ: اللّهُمّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ» النهي للتحريم على الصحيح وذهب النووي وابن حجر أن النهي للكراهة واستدلوا بحديث الاستخارة حين علقه (اللهم إن كنت أن هذا الأمر ... ) وحديث (اللهم أحييني إن كنت تعلم أن الحياة خير لي) وهذان الحديثان لا دليل فيهما حيث أن ما يدعى به منه ما هو ظاهرة عاقبته وثمرته واضحة في الدنيا والآخرة كالرحمة والاستجارة من النار والمغفرة فهذا يجب الجزم فيها وتعظيم الرغبة والمسألة فيها.
وهناك دعوات بأمور مشكوك في عواقبها هل هي خير أم شر فهذه هي التي يشرع فيه نوع استثناء كدعاء الاستخارة ثم هذه الأدعية إنما هي تعليق لا استثناء فيها.
أما حديث (طهور إن شاء الله) فقيل المراد به التبرك وفيه نظر وقيل إن الدعاء هنا بمعنى الإخبار عن تكفير الذنوب ولذا لم يجزم به فهو دعاء في ضمنه إخبار فالصيغة صيغة خبر كما جاء في الحديث (ما يصيب المسلم من هم ولا غم ولا نصب ولا وصب ولا سقم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر عنه من سيئاته) وحديث (من يرد به خيراً يصب منه) وهذا القول الثاني في الحديث هو الأظهر.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[20 - 02 - 06, 12:31 ص]ـ
الباب الرابع والخمسون - باب لا يقول: عبدي وأمتي
في الصحيح عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمُ: أَطْعِمْ رَبّكَ. وَضّئْ رَبّكَ. وَلْيَقُلْ: سَيّدِي, ومَوْلاَيَ, وَلاَ يَقُلْ أَحَدُكُم: عَبْدِي, وأَمَتِي, وَلْيَقُلْ: فَتَايَ, وفَتَاتِي, وغُلاَمِي».
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الرابع والخمسين
(عشاء السبت 24/ 5 / 1415)
1 - قوله صلى الله عليه وسلم (لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمُ: أَطْعِمْ رَبّكَ. وَضّئْ رَبّكَ) الأصل في النهي أنه للتحريم ولم تأت قرينة تدل على أن المراد غير التحريم فالنهي بنفسه يدل على التحريم ولولم يستند لقرينة أخرى تؤيد التحريم وهذا هو قول جمهور الأصوليين والفقهاء، وهذا الباب من باب تحقيق التوحيد في الألفاظ.
2 - لفظة الرب إذا أطلقت لا يجوز أن تكون إلا لله عز وجل وذلك عند الإطلاق العاري عن الإضافة والتقييد وأشكل على ذلك بعض الألفاظ مثل (واذكرني عند ربك) و (أن تلد الأمة ربتها) وأجاب عنها العلماء
أ - أن ما جاء من النهي (لا يقل أحدكم أطعم ربك) إنما جاء على سبيل الكثرة منه فإذا كان قليلاً ويسيراً فلا حرج فيه وهذا القول فيه نظر.
ب - إن الإطلاق لا يجوز والإضافة لا بأس بها (ربك - ربتها)
ج - أن قول يوسف (اذكرني عند ربك) إنما خاطب به صاحب السجن بناءً على اعتقاده في الملك كما قيل للسامري (وانظر إلى إلهك)
د - أنه إذا كان على جهة التطاول والفخر والخيلاء فمنهي عنه أما إذا لم يكن على جهة التطاول والفخر فلا بأس به وهذا هو ظاهر اختيار وترجمة البخاري في باب العتق.
3 - (ربتها) لا إشكال فيها لأن فيها إضافة التربية للأنثى والمشكل هو إضافة الربوبية للذكر.
4 - قوله (وَلْيَقُلْ: سَيّدِي, ومَوْلاَيَ) فيه أنه لا بأس أن يقال هذه اللفظة إلا إذا كان لا يخشى الفتنة على المخاطب ولا يجوز مخاطبة الفاسق والكافر بالسيد (لا تقولوا للمنافق يا سيد، فإنكم إذا فعلتم ذلك فقد أغضبتم ربكم)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/403)
5 - قوله (ومَوْلاَيَ) المولى يتصرف إلى ستة عشر كلمة فلا بأس به في إطلاقه على العبد إلا إذا خشي الفتنة والشر على قائلها وجاء عند مسلم (لا تقولوا مولاي فإن مولاكم الله رب العالمين) فرد البعض هذه الزيادة والأولى أن يقال إنها صحيحة وتحمل على من قال ذلك فخراً وتكبراً وخيلاءً.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[20 - 02 - 06, 12:33 ص]ـ
الباب الخامس والخمسون - باب لا يُردّ من سأل الله
عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ سَأَلَ بالله فأَعْطُوهُ، مَنِ اسْتَعَاذَ بالله فأَعِيذُوهُ، وَمَنْ دَعَاكُم فأَجِيبُوهُ, وَمَن صَنَعَ إِلَيْكُم مَعْرُوفاً فَكَافِئُوهُ, فإِنْ لَم تَجِدُوا ما تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتّى تَرَوْا أَنّكُم قَدْ كَافأْتُموهُ». رواه أبو داود والنسائي بسند صحيح.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الخامس والخمسون
(عشاء الاثنين 26/ 5 / 1415)
1 - قوله (باب لا يُردّ من سأل الله) هذا الباب فيه تعظيم السؤال بالله وهذا من تمام تحقيق التوحيد في القلب ولما يقوم بقلب المؤمن من الإيمان بالله وصفاته وتعظيمه لله عز وجل.
2 - اختلف العلماء في مسألة السؤال بالله وحكمها، فجاءت أخبار فيها تعظيم السؤال بالله وجاءت نصوص أخرى فيها التشديد والنهي عن السؤال بالله كحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً (ملعون من سأل بالله وملعون من سئل بالله فلم يعط سائله ما لم يسأل هجراً) والذي يظهر أن السؤال بالله ليس على كل حال يجاب السائل فيه، فإذا سأل حقاً من الحقوق فإنه يجب إعطاؤه سؤله كمن سأل حقاً يستحقه من بيت المال وكذا إذا كان مضطراً ومحتاجاً فإنه يجب إعطاؤه إذا كان المسؤول قادراً على إعطائه ولا يعطيه أحد إ لا هو.
وإذا سأل على جهة العموم أناساً فإنه لا يجب على كل أحد إعطاؤه بل يستحب.
3 - السؤال بالله غير سؤال الله بذات المخلوق وجاهه فالثاني بدعة لا يجوز لأنه سؤال بسبب ليس سبباً للسؤال والإجابة. وسؤال الله باسمائه وصفاته أو أعمالك الصالحة أو بإيمانك به أو بالنبي صلى الله عليه وسلم فهذا هو السؤال المشروع.
4 - الإقسام على الله أقسام:
أ - الاقسام بمخلوق على مخلوق (والكعبة أن تعطينى بكذا، اقسم بالولي فلان أن تعطينى بكذا) فهذا لا يجوز بالإجماع كما لا يجوز مثل هذا حتى ولو كان الإقسام بالنبي صلى الله عليه وسلم عند الجمهور.
ب - الاقسام على الله بمخلوق (اقسم عليك بجاه نبيك) فهذا لا يجوز وهو أعظم من الأول.
ج - الاقسام على الله (اقسمت عليك يا رب إلا نصرتنا) فهذا يجوز لبعض الناس دون بعض كما جاء في الحديث (إن من عباد الله من لو اقسم على الله لأبره منهم البراء بن مالك)
4 - قوله (، وَمَنْ دَعَاكُم فأَجِيبُوهُ) إجابة الدعوة إلى العرس واجبة عند جماهير أهل العلم وألحق بعضهم بها سائر الولائم لعموم الأحاديث (عرساً كان أو نحوه)
5 - قوله (وَمَن صَنَعَ إِلَيْكُم مَعْرُوفاً فَكَافِئُوهُ) حتى يتحرر المكافئ من ذل المعروف الذي عمل له والأسر القلبي له
6 - قوله (فَادْعُوا لَهُ حَتّى تَرَوْا) بضم التاء: أي حتى تظنوا، وبالفتح: أي حتى تعلموا وهو الأظهر كما جاء عند أبي داود (حتى تعلموا)
7 - قوله (رواه أبو داود والنسائي بسند صحيح) الحديث صحيح وله شاهد عند أبي داود من حديث ابن عباس (من سأل بوجه الله فأعطوه)
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[20 - 02 - 06, 11:34 م]ـ
الباب السادس والخمسون - بابٌ لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة
عن جابر، قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُسْأَلُ بِوَجْهِ الله إِلاّ الْجَنّةُ». رواه أبو داوود.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب السادس والخمسين
(عشاء السبت 2/ 6 / 1415هـ)
1 - قوله (بابٌ لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة) في الترجمة السابقة أنه لا بأس بالسؤال بالله ولم يقيد بمسألة معينة، وهنا فيه النهي عن السؤال بوجه الله. والحديث رواه أبو داود واختلف فيه على سليمان بن قرم بن معاذ هل هما رجلان سليمان بن قرم وسليمان بن معاذ أم أنهما رجل واحد والصواب أنهما رجل واحد فمن قال سليمان بن قرم نسبه إلى أبيه ومن قال سليمان بن معاذ نسبه إلى جده وهو بهذا الطريق فيه نظر وقد دلت الأحاديث الصحيحة على أنه يسأل ويستعاذ بوجه الله غير الجنة، ولهذا توقف العلماء في هذا الحديث من جهتين
أ - من جهة سنده
ب - من جهة مخالفته للأحاديث الصحيحة وهو ضعيف والقول بنكارته فيه نظر.
وعلى القول بصحته فهو لا يخالف الأحاديث الصحيحة الأخرى فيحمل على:
أ - أنه لا يسأل بوجه الله إلا الجنة وما يقرب إليها من الأمور العظيمة التي هي طريق إلى الجنة كالرحمة والمغفرة والتوفيق للصالحات وأنه ليس المقصود من الحديث سؤال الجنة مباشرة دون سؤال ما هو طريق إليها
ب - أنه لا يسأل بوجه الله إلا الجنة، وإذا كان السؤال تعوذاً ودفعاً للعذاب فيجوز السؤال بوجه الله سبحانه، فلا يكون التعوذ داخلاً في السؤال كما جاء في الحديث الصحيح أنه لما نزل قوله تعالى (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً ... ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أعوذ بوجهك، أعوذ بوجهك) والقول الأول أظهر وهو أنه لا يسأل بوجه الله إلا الجنة وما كان طريقاً إليها - سؤالاً كان أو استعاذةً طلباً كان أو دفعاً - وفي حديث ابن عباس (ومن سألكم بوجه الله فأعطوه) رواه أبو داود، لا يلزم من الأمر باعطائه ما سأل أن يكون ما سأل به مشروعاً، بل قد يكون السؤال سبباً لإحراج المسؤول وقد يكون ما سأله بوجه الله أمراً حقيراً لا يستحق أن يسأله بوجه الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/404)
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[20 - 02 - 06, 11:38 م]ـ
الباب السابع والخمسون - باب ما جاء في الـ (لو)
وقوله الله تعالى: ?يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَا هُنَا? [آل عمران:154].
وقوله: ?الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا? [آل عمران:168].
في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «احْرِصْ عَلَىَ مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللّهِ. وَلاَ تَعْجِزَنْ. وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلاَ تَقُلْ: لَوْ أَنّي فَعَلْتُ كذا لكَاَن كذا وَكَذَا. وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللّهِ. وَمَا شَاءَ فَعَلَ. فَإِنّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشّيْطَانِ».
&&& الفوائد المنتقاة على الباب السابع والخمسين
(عشاء الاثنين 4/ 6 / 1415هـ)
1 - هذا الباب للإشارة أن من كمال تحقيق التوحيد الإيمان بالقضاء والقدر فلا يورد هذه اللفظة مورداً فيه الاعتراض على قدر الله عز وجل والتسخط عليه.
2 - بوب البخاري في صحيحه (باب ما يجوز من اللو) فتجوز في مواضع وتمتنع في مواضع:
أ - في حال الماضي - في شيء مضى وانقضى - فإما أن يكون إعتراضاً أو ندماً والاعتراض على قسمين:
على سبيل الظن وإما على سبيل القطع، فإذا كان الاعتراض على سبيل الظن فهذا محرم لأن فيه سوء ظن بالله
وإذا كان الاعتراض على سبيل القطع فهذا محرم وهو أشد من الأول لأنه يفضي إلى قول المعتزلة في أن العبد يصنع فعله.
وأما الاعتراض على سبيل الندم فإن كان ندماً على أمر من الدنيا - كقول لو أني تأخرت فلم أبع كذا لكسبت أكثر - فهذا غير مشروع وأقل أحواله الكراهة.
والندم الآخر هو الندم على أمر في الدين - لو حضرت الدروس العلمية في العام الماضي لحصلت علماً كثيراً - فهذا الندم إن قاله على سبيل التحسر في الماضي والعزم على الجد والإجتهاد في المستقبل هذا أمر مشروع وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم (لو استقبلت من أمري ما استدبرت لسقت الهدي)
فإن قال ذلك على سبيل التحسر والندم ولم يكن له الهمة عى استدراك ما فات فهذا مكروه لأنه يفتح عمل الشيطان.
ب - أن يقولها في حال الاستقبال: فإذا قال في أمر مشروع - لو لقيت هذا العالم لدرست على يديه - فهذا نوع طلب لأمر مشروع فلا بأس به لكونه يدفع إلى العمل فهذا تمني عمل من الخير لم يتمكن منه لو تمكن منه لعمل به وهذا مثل حديث (إنما الدنيا لأربعة نفر ..... ) فيثاب على نيته.
والحالة الثانية أن يتمنى أمر من الخير يتمكن من تحصيله وهو قادر عليه ولكنه لعجزه وكسله لم يعمله فهذا مكروه في حقه وهو يفتح باب الشيطان.
3 - قوله (وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللّهِ) خبر مبتدأ تقديره (هذا قَدَرُ الله).
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[20 - 02 - 06, 11:41 م]ـ
الباب الثامن والخمسون - باب النهي عن سب الريح
عن أُبَيّ بنِ كَعْبٍ صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تَسُبّوا الرّيحَ, فإِذَا رَأَيْتُمْ ما تَكْرَهُونَ فَقُولُوا: الّلهُمّ إِنّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذِهِ الرّيحِ وَخَيْرِ ما فِيهَا وَخَيْرِ ما أُمِرَتْ بِهِ وَنَعْوذُ بِكَ مِنْ شَرّ هَذِهِ الرّيحِ وَشَرّ ما فِيهَا وَشَرّ ما أُمِرَتْ بِهِ» صححه الترمذي.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الثامن والخمسين
(عشاء السبت 9/ 6 / 1415هـ)
1 - جميع ما في الكون مخلوق لله عز وجل وكله متحرك بأمره سبحانه وساكن بإذنه، وفيها من المصالح ما لا يعلمه إلا الله عز وجل وقد تكون هذه المصالح ظاهرة أو خفية.
2 - قوله (عن أُبَيّ بنِ كَعْبٍ رضي الله عنه) صح الحديث بقوله صلى الله عليه وسلم (أقرؤكم أبي) وقيل توفي سنة (19، 20، 22، 30، 32) والأكثر أنه توفي في آخر خلافة عمر رضي الله عنه.
3 - قوله (لا تَسُبّوا الرّيحَ) فيه تحريم سب الريح.
4 - قوله (, فإِذَا رَأَيْتُمْ ما تَكْرَهُونَ) وهو في حقيقة الأمر ليس مكروهاً بل مكروه في نظرهم.
5 - قوله (الّلهُمّ إِنّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذِهِ الرّيحِ) أي خير ذاتها فالريح قد تكون خيراً هي وقد تكون بواسطتها الخير بما تحمله وما تؤمر به، وفي صحيح مسلم عن عائشة (اللهم إني أسألك خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أرسلت به ... )
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/405)
6 - قوله (صححه الترمذي) الحديث رواه الترمذي والنسائي في عمل اليوم والليلة وأحمد وروي مرفوعاً وموقوفاً وسنده لا بأس به والموقوف يؤيد المرفوع وله شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعاً (الريح من روح الله تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب) وهو حديث عند أحمد وأبي داود وسند جيد.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[24 - 02 - 06, 03:27 م]ـ
الباب التاسع والخمسون - باب قول الله تعالى: ?يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلُّهُ للهِ?الآية [آل عمران:154]، وقوله:?الظَّانِينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ?الآية [الفتح:6]
قال ابن القيم في الآية الأولى: فُسِّر هذا الظن بأنه سبحانه لا ينصر رسوله، وأن أمره سيضمحل، وفُسر بأن ما أصابه لم يكن بقدر الله وحكمته، ففسر بإنكار الحكمة وإنكار القدر وإنكار أن يُتِمَّ أمرَ رسوله صلى الله عليه وسلم وأن يظهره على الدين كله، وهذا هو ظن السوء الذي ظنه المنافقون والمشركون في سورة الفتح، وإنما كان هذا ظن السوء؛ لأنه ظن غير ما يليق به سبحانه وما يليق بحكمته وحمده ووعده الصادق.
فمن ظن أنه يديل الباطل على الحق إدالة مستقرة يضمحل معها الحق، أو أنكر أن يكون ما جرى بقضائه وقدره، أو أنكر أن يكون قدره لحكمة بالغة يستحق عليها الحمد؛ بل زعم أن ذلك لمشيئة مجردة، فذلك ظن الذين كفروا، فويل للذين كفروا من النار.
وأكثر الناس يظنون بالله ظن السوء فيما يختص بهم، وفيما يفعله بغيرهم، ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله وأسماءه وصفاته وموجب حكمته وحمده.
فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا، وليتب إلى الله، وليستغفره من ظنه بربه ظن السوء.
ولو فتشت من فتشت، لرأيت عنده تعنُّتاً على القدر وملامة له، وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا، فمستقل ومستكثر، وفتش نفسك، هل أنت سالم؟
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة وإلا فإني لا إخالك ناجياً
&&& الفوائد المنتقاة على الباب التاسع والخمسين
(عشاء الاثنين 11/ 6 / 1415هـ)
1 – هذا الباب من الأبواب التي شرحها المصنف فإيراد كلام ابن القيم يعتبر شرحاً للآية وما في معناها. فهذا فيه بيان أنه لا يتم إيمان العبد إلا بإيمانه بحكمته سبحانه وعدله وقضاءه وقدره وكلام ابن القيم هو من أحسن الكلام في تفسير الآية.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[24 - 02 - 06, 03:28 م]ـ
الباب الستون - باب ما جاء في منكري القدر
وقال ابن عمر: والذي نفس ابن عمر بيده، لَوْ كان لأحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً ثم أَنْفَقَهُ في سبيل الله مَا قَبِلَهُ الله مِنْهُ حَتّى يُؤْمِنَ بالْقَدَرِ، ثم استدلّ بقول النبي صلى الله عليه وسلم «الإيمان أنْ تُؤْمِنَ بالله وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَومِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرّهِ».
وعن عبادة بن الصامت، أنه قال لابنه: يا بني! إنك لن تجد طعم الإيمان حتى تعلم أنّ ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنّ أَوّلَ مَا خَلَقَ الله الْقَلَمَ. فقال: أُكْتُبْ. قال: رب! ومَاذا أَكْتُبُ؟ قال: اكْتُبْ مقادير كل شيء حتى تقومَ الساعة»، يا بني! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من مات على غير هذا، فليس مني.»
وفي رواية لأحمد: «إِنّ أَوّلَ مَا خَلَقَ الله تعالى القلم، فقال له: أكتب، فجري في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة».
وفي رواية لابن وهب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره، أحرقه الله بالنار».
وفي المسند والسنن عن ابنِ الدّيْلَمِيّ، قال: أتَيْتُ أُبَيّ بنَ كَعْبٍ, فَقُلْتُ: فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنْ الْقَدَرِ فَحَدّثْنِي بِشَيء لَعَلّ الله يُذْهِبَهُ مَنْ قَلْبِي، فقَالَ: لَوْ أنْفقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبَاً مَا قَبِلَهُ الله تَعَالَى مِنْكَ حَتّى تُؤْمِنَ بالْقَدَرِ، وَتَعْلَمَ أنّ مَا أصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَأَنّ مَا أخْطَأكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ, وَلَوْ مُتّ عَلَى غَيْرِ هَذَا لَكُنْتَ مِنْ أَهْلِ النّارَ. قال: فأتَيْتُ عَبْدَ الله بنَ مَسْعُودٍ وحُذَيْفَةَ بنَ الْيَمَانِ وزَيْدَ بنَ ثَابِتٍ، فكلهم حدثني
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/406)
بمثل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. حديث صحيح رواه الحاكم في صحيحه.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الستين
(عشاء السبت 16 - 23/ 6 / 1415هـ)
1 - المراد بالقدرية هنا القدرية النفاة فالمشهور عندهم عند إطلاق القدرية المراد بهم القدرية النفاة وقد يسمى المعتزلة قدرية، فالقدرية النفاة هم المعتزلة والقدرية المجبرة هم الجهمية، والقدرية نسب لهم هذا الاسم لأنهم خاضوا في القدر وهم كذلك ينسبون الأفعال لأنفسهم وأنهم مستقلون بأفعالهم وليس لله عز وجل أي تأثير ولا فعل لأفعال العباد، وأول البدع خروجاً هي بدعة القول بنفي القدر وقد ظهرت في أواخر عهد الصحابة.
وقول جمهور السلف بل هو كالإجماع في تكفير القدرية القائلين بنفي العلم والكتابة وهم القدرية الأوائل وهؤلاء لا وجود لهم الآن كما قال أهل العلم.
والقدرية في مراد السلف المراد بهم المتأخرون الذين أثبتوا العلم والكتابة ونفوا المشيئة والخلق.
وقيل أصل هذه البدعة مأخوذ من رجل نصراني يقال سوسن ثم أخذها عنه معبد الجهني ثم عنه غيلان الدمشقي.
وقد نسب لبعض السلف القول بالقدر وهذا لعله لشبهة وهم أخف من غيرهم وقد نسب للحسن البصري القول بالقدر أيضاً وكذا غيره من السلف وقد يكون في رجال الصحيحين من يرمى بالقدر وهذا يحمل على وجوه:
أ - عدم صحة نسبته إليهم
ب - أنه قال به أول أمره ثم رجع عنه.
ج - قد يكون صح عنه وثبت عنه وهذا قد لبّس عليه وخفي عليه.
د - قد يكون صح عنه ولكن لا يكون من دعاة هذه البدعة ولا يروي شيئاً يقوي بدعته
2 - قوله (إِنّ أَوّلَ مَا خَلَقَ الله الْقَلَمَ) رواية أبي داود (أول ما خلق الله القلم) فيه دليل على من قال أن أول الأشياء خلقاً هو القلم وهو قبل العرش واحتجوا بحديث (إن أول ما خلق الله القلم) وحديث ابن عباس عند أبي يعلى الموصلي (إن أول ما خلق الله القلم) وسنده لا بأس به وهذا ما ذهب إليه ابن جرير وابن الجوزي
ومذهب الجمهور أن أول المخلوقات هو العرش وهو أصح وأظهر لما في صحيح البخاري عن عمران بن حصين (جئنا نسألك عن أول هذا الأمر ... ) وفيه (فأمر بكتابة الذكر وكان عرشه على الماء ... ) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق. ووجه الاستدلال أن القلم حين خُلق أمره الله ابتداء بالكتابة فالقلم حين خلقه والكتابة كانت بعد العرش، ولحديث عبد الله عمرو (إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء) فالتقدير والكتابة كان عقب خلق القلم وهذه كانت بعد العرش وهذا الحديث إذا قيل بالنصب (أولَ) على الظرفية ليس فيه دلالة على الأولية، وعلى رواية الرفع (أولُ) يحمل على أنه أول المخلوقات التي بعد العرش والكرسي التي كانت قبله لأن روايات أولية العرش أصح وأصرح وابن القيم حكى في النونية الخلاف ورجح كون العرش أول المخلوقات.
3 - حديث عبادة بن الصامت بمجموع طرقه يرتفع إلى الحسن أو الصحيح لغيره ورواية ابن وهب موجودة في كتاب القدر له ولكنها منقطعة لأن الأعمش لم يدرك عبادة بن الصامت ولكن المعنى صحيح، وجاءت الرواية المرفوعة عن زيد بن ثابت عند أبي داود وسندها لا بأس به ورواية ابن مسعود وأبي بن كعب وحذيفة بن اليمان مرفوعة عند الطبراني.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[27 - 02 - 06, 12:29 ص]ـ
الباب الحادي والستون - باب ما جاء في المصَوِّرين
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: رسول الله صلى الله عليه و سلم: «قَالَ اللّهُ تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي؟ فَلْيَخْلُقوا ذَرّةً. أَوْ لِيَخْلُقُوا حَبّةً. أَوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً» أخرجاه.
ولهما عن عائشة رضي الله عنها، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أَشَدّ النّاسِ عَذَاباً يَوْمَ الْقيَامَةِ, الّذِينَ يُضَاهِئونَ بِخَلْقِ اللّهِ».
ولهما عن ابن عباس رضي الله عنهما: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كُلّ مُصَوّرٍ فِي النّارِ. يُجْعَلُ لَهُ بِكُلّ صُورَةٍ صَوّرَهَا نَفْسٌ يُعَذّبُ بها فِي جَهَنّمَ»
ولهما عنه مرفوعا «مَنْ صَوّرَ صُورَةً فِي الدّنْيَا كُلّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرّوحَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَلَيْسَ بِنَافِخ».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/407)
ولمسلم عَنْ أَبِي الْهَيّاجِ، قال: قَالَ لِي عَلِيّ.» أَلاّ أَبْعَثُكَ عَلَىَ مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: أن لاَ تَدَعَ صُورَةً إِلاّ طَمَسْتَهَا، وَلاَ قَبْراً مُشْرِفاً إِلاّ سَوّيْتَهُ «.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الحادي والستين
(عشاء الاثنين 25/ 6 / 1415هـ)
1 - لما كانت الصورة نوع كذب في التشبيه بخلق الله عز وجل فالمصور يضاهي ويشابه خلق الله عز وجل وهذه المضاهاة والمشابهة لا حقيقة لها أمر بالنفخ فيها وليس بنافخ. واختلف في العلة في النهي عنها، فقيل لأجل المضاهاة وأن مضاهاة خلق الله عز وجل كذب وتزوير وتمويه وهذا كبيرة من كبائر الذنوب، وقيل لأن الصورة أصل عبادة الأوثان فأصل شرك قوم نوح هو من التصوير فاتخذوها ثم عبدوها، وقيل العلة من جهة مشابهة المشرك وقيل العلة لأنها تمنع دخول الملائكة، والعلل متقاربة ولا يمتنع من التعليل بها جميعاً، وقد اتفق العلماء على تحريم التصوير وهي كبيرة من كبائر الذنوب لهذه النصوص.
2 - قوله صلى الله عليه وسلم (أَوْ لِيَخْلُقُوا حَبّةً) المراد أي حبة من الحبوب، أو حبة القمح لقرنها بالشعيرة واستدل بهذا على منع تصوير ما لا روح وحياة فيه وهو قول مجاهد والصواب أن ما لا روح فيه يجوز تصويره وهو قول الجمهور وهذا الحديث هو في مقام التحدي والتعجيز.
3 - قوله (ولهما عن عائشة رضي الله عنها، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أَشَدّ النّاسِ عَذَاباً يَوْمَ الْقيَامَةِ, الّذِينَ يُضَاهِئونَ بِخَلْقِ اللّهِ».) في هذا دليل لمن قال أن العلة هي المضاهاة بخلق الله عز وجل وفيه دليل على أن التصوير من كبائر الذنوب.
4 - قوله (أَشَدّ النّاسِ عَذَاباً يَوْمَ الْقيَامَةِ) دالاً على كونها كبيرة والمراد به أنهم من أشد الناس عذاباً يدل عليه حديث عند مسلم (من أشد الناس عذاباً) أو أنهم أشد الناس عذاباً في هذه الكبيرة وهذا المحرم.
5 - قوله صلى الله عليه وسلم (كُلّ مُصَوّرٍ فِي النّارِ) عمومه يدل على تحريم جميع الصور بأي طريقة ووسيلة حصلت الصورة.
6 - قوله (ولهما عنه مرفوعا «مَنْ صَوّرَ صُورَةً فِي الدّنْيَا كُلّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرّوحَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَلَيْسَ بِنَافِخ».)
هذا فيه دلالة على أن التحريم خاص بما يكون من ذوات الأرواح دون غيرها من الجمادات.
7 - التصوير يجوز للحاجة أو الضرورة ويجوز للمصلحة التي تنغمر حرمتها في المصلحة كالدعوة إلى الله عز وجل كنقل المحاضرات التي يشاهدها الآف الناس فينتفعوا بها.
ولكن الأصل في التصوير هو التحريم والمحرم قد يباح للمصلحة الراجحة مثل كذب الرجل على زوجته والحرب والصلح بين الاثنين مع أنه محرم وكذا إذن النبي صلى الله عليه وسلم لمحمد بن مسلمة أن يكذب ويقول ما شاء عند قتله لكعب الأشرف وكذا قصة الحجاج بن عراط في مسند أحمد وما فيه من الكذب على قريش حتى يتخلص منهم.
8 - الصور محرمة سواء كان لها ظل أم لم يكن لها ظل والمالكية حرموا الصور التي لها ظل فقط دون غيرها وهذا قول ضعيف والصواب قول الجمهور بتحريم الصور مطلقاً سواء كان لها ظل أم لا
أما التماثيل فمحرمة بالإجماع. والجمهور على أن الصور الممتهنة تجوز واشترط البعض فيها أن تقطع وجاء في المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم اتكأ على صورة لم تقطع فهي لو قطعت كان أولى. أما الصور التخيلية (مثل حصان له أجنحة) فقد رخص فيها البعض وحرمها البعض فإذا كانت الصورة على هيئة لا يتصور معها الحياة فهي جائزة، وكذا الصورة إذا كانت بدون رأس بالكلية فهي جائزة.
والصور التي تكون لحاجة الأظهر أنها تمنع الملائكة من الدخول والملائكة التي تمتنع من الدخول غير الحفظة وهم ملائكة الرحمة والبركة.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[27 - 02 - 06, 12:30 ص]ـ
الباب الثاني والستون - باب ما جاء في كثرة الحلف
وقول الله تعالى: ?وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ? [المائدة:89].
وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الْحَلِفُ مَنْفَقَةٌ لِلسّلْعَةِ, مَمْحَقَةٌ لِلكسب» أخرجاه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/408)
وعن سَلمان، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلّمُهُمُ الله, وَلاَ يُزَكّيهِمْ, وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: أُشيمط زان، وعائل مستكبر، ورجل جعل الله بضاعته، لا يشتري إلا بيمينه، ولا يبيع إلا بيمينه». رواه الطبراني بسند صحيح.
وفي الصحيح عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيرُ أمّتي قَرني, ثمّ الذين يَلونهم, ثمّ الذين يَلونهم. -قال عِمرانُ: فلا أدري أذكرَ بعدَ قرنِه مرتين أو ثلاثاً-. ثمّ إنّ بعدَكم قوماً يشهدون ولا يُستشهدون ويخونون ولا يُؤْتَمَنون, ويَنذرون ولا يَفون, ويَظهر فيهم السّمَن».
وفيه عن ابن مسعود، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خيرُ النّاسِ قَرني, ثمّ الذين يَلونهم, ثمّ الذينَ يَلونَهم. ثمّ يَجيءُ أقوامٌ تَسبِقُ شهادةُ أحدِهم يَمينَه ويَمينُهُ شهادتَه». قال إبراهيم: وكانوا يَضرِبونَنا على الشهادةِ والعَهد ونحن صغار.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الثاني والستين
(عشاء السبت 1/ 7 / 1415هـ)
1 - من توقير الله عز وجل وتعظيمه أن لا يحلف بالله إلا صادقاً.
2 - وقول الله تعالى: ?وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ? قال السلف: يعني بالتكفير حال الحنث فاحفظوا أيمانكم بأداء الكفارة وقال البعض: احفظوا أيمانكم عن كثرة الحلف، وهما متلازمان ولا تنافي بينهما فكثرة الحلف تؤدي إلى الحنث.
3 - قوله (وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الْحَلِفُ مَنْفَقَةٌ لِلسّلْعَةِ, مَمْحَقَةٌ لِلكسب» أخرجاه.)
جاء في لفظ عند أحمد بسند على شرط مسلم (اليمين الكاذبة منفقة للسلعة ممحقة للكسب) وجاء عند مسلم من حديث أبي ذر (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب والمنان) فدل هذا على أن المراد بالحلف الوارد في الحديث هو اليمين الكاذبة وهي اليمين الغموس.
4 - قوله (مَمْحَقَةٌ لِلكسب) أي البركة والأظهر أن هذا يكون ويظهر في الدنيا والآخرة جزاء جرمه.
5 - قوله (ورجل جعل الله بضاعته، لا يشتري إلا بيمينه، ولا يبيع إلا بيمينه) فيه إشارة إلى كراهة كثرة الحلف في الأمور المباحة لأنه يؤول إلى الخطأ والكذب، وهذا اللفظ يحمل على الحالف كاذباً لأنه هو الذي يكون فيه هذا الوعيد الشديد ولا يكون في كثرة الحلف مثل هذا الوعيد الشديد.
6 - قوله (رواه الطبراني بسند صحيح) رواه الطبراني في معاجمه الثلاثة وسلمان إذا أطلق فالمراد به الفارسي.
7 - قوله (وفي الصحيح عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيرُ أمّتي قَرني, ثمّ الذين يَلونهم, ثمّ الذين يَلونهم. -قال عِمرانُ: فلا أدري أذكرَ بعدَ قرنِه مرتين أو ثلاثاً-) حديث عمران بن حصين مروي في الصحيحين ذكر بعد قرنه قرنين وشك في الرابع، وحديث ابن مسعود ذكر بعد قرنه قرنين وسكت عن الثالث وجاء إثبات قرنين وشك في الثالث في حديث أبي هريرة عند مسلم، وجاء إثبات الثلاثة قرنين بعد قرنه صلى الله عليه وسلم وهذا عليه أكثر النصوص بلا شك، وجاء الشك في الرابع عن عمران بن حصين في الصحيحين وجاء الجزم بالقرون الثلاثة بعد قرنه صلى الله عليه وسلم عند أحمد وابن أبي شيبة وجاء في حديث واحد وأكثر الأحاديث بعد قرنه قرنين وهذا ما جزم به الشراح وجاء في روايات جيدة إثبات ثلاثة قرون بعد قرنه صلى الله عليه وسلم والمحفوظ ما جاء في الصحيحين وهو ثلاثة قرون بقرنه صلى الله عليه وسلم فالخيرية في الصحابة والتابعين وأتباع التابعين.
8 - جمهور الشراح يحدد القرن بالسنة فقرن الصحابة ينتهي بـ (110) بوفاة واثلة بن الأسقع، وقرن التابعين ينتهي بـ (170) وقرن أتباع التابعين بـ (220) وهذا فيه نظر فبدع التصوف والجهمية والإعتزال والقدر ظهرت قبل المائة والعشرون
وقيل المراد بالقرن هو وسطه فقرن الصحابة ينتهي بموت جمهور الصحابة وعلمائهم وكبرائهم وقد توفي أكثرهم قبل سنة خمسين للهجرة، ويمتد القرن الثاني إلى خلافة عمر بن عبد العزيز وهذا هو قرن التابعين والقرن الثالث يمتد إلى أول خلافة بني العباس سنة (130) ونهاية خلافة بني أمية. ففي هذه المدة لم تنتشر وتفشو البدع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/409)
فالأظهر المراد بالقرن هو جمهور العلماء والكبار فإذا ذهب ذلك الجمهور من العلماء والكبار ينتهي ذلك القرن ويبدأ قرن جديد.
9 - قوله (ثمّ يَجيءُ أقوامٌ تَسبِقُ شهادةُ أحدِهم يَمينَه ويَمينُهُ شهادتَه) الأظهر أن المراد به شهادة الزور ويؤيده قرنه بالخيانة وعدم الوفاء.
10 - قوله (قال إبراهيم: وكانوا يَضرِبونَنا على الشهادةِ والعَهد ونحن صغار) المراد به كبار التابعين لأنه لم يدرك الصحابة.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[01 - 03 - 06, 12:04 ص]ـ
الباب الثالث والستون - بابُ ما جاء في ذِمّة الله وذمّة نبيه صلى الله عليه وسلم
وقوله تعالى: ?وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ? [النحل:91].
وعن بُرَيْدَةَ، قال: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا أمّر أميراً على جَيْشٍ أو سريَّة أوْصَاهُ في خَاصّتهِ بِتَقْوَى الله ومَنْ مَعَهُ مِنَ المُسْلِمِينَ خيَراً، فقال: اغْزُوا بِسْم الله في سبيلِ الله, قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بالله, اغْزُوا ولا تَغلُّوا تغدِروا ولا تَمْثلُوا, ولا تَقْتُلُوا وَليداً, فإذا لَقِيتَ عَدُوُكَ مِنَ المُشْرِكِينَ فادْعُهُمْ إلى ثلاثِ خِصَالٍ (أو خِلاَلٍ) فأيّتهن ما أجَابُوكَ فاقْبَلْ مِنْهُمْ وكُفّ عنْهُمْ، ثم ادْعُهُمْ إلى الإسلامِ فإن أجَابُوكَ فاقْبَلْ مِنْهُمْ، ثم ادْعُهُمْ إلى التّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إلى دَارِ المُهَاجِرِينَ, وأخْبِرْهُمْ أنهم إن فَعَلُوا ذلكَ فإنّ لَهُمْ ما لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ ما عَلَى المُهَاجِرِينَ, فإنْ أبَوْا أنْ يَتَحَوّلُوا منها فأَخْبِرْهُمْ أنّهُمْ يَكُونُوا كأعْرَابِ المُسْلِمِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ الله تعالى, ولا يكون لَهُمْ في الغَنِيمَةِ والْفَيءِ شَيْءٌ إلاّ أن يُجَاهِدُوا مع المُسْلِمِينَ, فإنْ هم أبَوْا فاسألهم الجِزْية، فإن هم أجَابُوكَ فاقْبَلْ مِنْهُمْ وكُفّ عنْهُمْ، فإنْ هم أبَوْا فَاسْتَعِنْ بالله وَقَاتِلْهُمْ. وإذا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أنْ تَجْعَلَ لهم ذمَّةَ الله وذِمّةَ نَبيّهِ فلا تَجْعَلَ لَهُمْ ذِمّةَ الله وذِمّةَ نَبِيّهِ ولكِنْ اجْعَلْ لَهُمْ ذِمّتَكَ وذِمَة أصْحَابِكَ, فإنّكُمْ أنْ تَخْفِرُوا ذِمّتكُمْ وَذِمّة أصْحَابِكُمْ أَهْوَنْ مِنْ أنْ تُخْفِرُوا ذِمّةَ الله وذِمّةَ نبيِهِ, وإذا حَاصَرْتَ أهْلَ حِصْنٍ فأرَادُوكَ أنْ تُنزلهم على حُكْمِ الله فلا تُنْزِلُهُمْ على حُكْمِ الله ولكن أنْزِلْهُمْ على حُكْمِكَ فَإِنّكَ لاَ تَدْرِي أتُصِيبُ حُكْمَ الله فيهِمْ أم لا» رواه مسلم.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الثالث والستين
(عشاء الاثنين 3/ 7 / 1415هـ)
1 - قوله تعالى (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ) هذا في العهود والعقود التي تكون بين المسلمين وغيرهم فإنه يجب الوفاء بها.
2 - قوله (أو سريَّة) قيل السرية تبلغ أربعمائة نفر.
3 - قوله (ولا تَغلُّوا) قد يراد به الخيانة في الأخذ من المغنم قبل القسمة ومصدرها هنا (الغلول) وقد يراد به الخيانة على الإطلاق كقوله صلى الله عليه وسلم (ثلاث لا يُغِلَ عليهن قلب مسلم) من أغل يُغِلُ إغلالاً فمصدره
(الإغلال) وظاهر الحديث أنها من الخيانة في المغنم.
4 - قوله (ولا تَمْثلُوا) هو جدع وقطع الأطراف ولا يجوز إلا على سبيل القصاص.
5 - قوله (ولا تَقْتُلُوا وَليداً) إذا كان مقاتلاً ويحسن القتال وقاتل مع العدو جاز قتله.
6 - قوله (فإذا لَقِيتَ عَدُوُكَ مِنَ المُشْرِكِينَ فادْعُهُمْ) ذهب البعض إلى أنه لا تجب دعوة الكفار بعد البعثة لأنها انتشرت وذاعت، وقيل يجب دعوتهم، والظاهر من السنة وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا بلغتهم الدعوة فيستحب دعوتهم وإذا لم تبلغهم فتجب دعوتهم.
7 - قوله (فإنْ هم أبَوْا فاسألهم الجِزْية) الجزية تجب على من تجب عليه ذلة وصغاراً على الصحيح، وحديث
(سنوا فيهم سنة أهل الكتاب) رواه مالك والشافعي وهو ضعيف معضل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/410)
8 - قوله (فإنّكُمْ أنْ تَخْفِرُوا ذِمّتكُمْ وَذِمّة أصْحَابِكُمْ أَهْوَنْ مِنْ أنْ تُخْفِرُوا ذِمّةَ الله وذِمّةَ نبيِهِ) خفر إذا حماه وحرسه وأخفر إذا نقضه وخانه.
9 - قوله (فَإِنّكَ لاَ تَدْرِي أتُصِيبُ حُكْمَ الله فيهِمْ أم لا) الصواب أنه ليس كل مجتهد مصيب هذا إذا أريد بالإصابة موافقة حكم الله ورسوله، وإذا أريد بالإصابة الثواب فكل مجتهد مصيب.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[01 - 03 - 06, 12:09 ص]ـ
الباب الرابع والستون - باب ما جاء في الإقسام على الله
عَنْ جُنْدَب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «قَالَ رَجُل: وَاللّهِ لاَ يَغْفِرُ اللّهُ لِفُلاَنٍ، فقال اللهُ عز وجل: مَنْ ذَا الذِي يَتَأَلَّى عَلَيّ أَنْ لاَ أَغْفِرَ لِفُلاَنٍ. فَإِنّي قَدْ غَفَرْتُ لِهُ. وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ» رواه مسلم
وفي حديث أبي هريرة أن القائل رجل عابد. قال أبو هريرة: تَكَلّمَ بِكَلِمَةٍ أَوْبَقَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الرابع والستين
(عشاء السبت 8/ 7 / 1415هـ)
1 - قوله (باب ما جاء في الإقسام على الله) أي من التشديد وأن ذلك ينافي كمال التوحيد الواجب.
2 - قوله (عَنْ جُنْدَب بن عبد الله رضي الله عنه) رواه مسلم وله شاهد من حديث أبي هريرة عند أحمد وأبي داود بإسناد جيد.
3 - الإقسام على أنواع:
أ - إقسام بمنع الحجر والمنع على الله بوقوع أمر ما كقوله (والله لا يعطي الله فلاناً أو لا يغفر لفلان) ويرى أنه يتصرف في أشياء لا تكون إلا لله عز وجل وهذا ردة.
ب - أن يقسم على الله على سبيل الإعجاب والفخر بنفسه وبعبادته ومكانته فيرى أنه أهل للإقسام على الله فهذا محرم وعليه حديث جندب وأبي هريرة في الرجل العابد الذي قال هذه الكلمة غروراً بنفسه وفخراً بعبادته.
ج - إذا قاله من باب حسن الظن والرجاء بالله عز وجل مع احتقاره لنفسه وازدرائه لها بأن الله يجيب عباده في محل الشدائد والكرب فهذا النوع هو الذي جاءت به الأخبار في جواز الاقسام على الله في بعض الأحوال (ألا أخبركم بأهل الجنة كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره) وحديث (رب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره منهم البراء بن مالك) وحديث أنس بن النضر (والله لا تكسر سن الربيع) وهذا الاقسام الجائز لا يكون إلا لأناس مخصوصين وفي أحوال خاصة كشدة من ظلم وحال الجهاد.
د - الاقسام بمخلوق على مخلوق (والكعبة أن تعطيني كذا، أقسم بالولي الفلاني أن تفعل كذا) فهذا محرم بالإجماع وبالنبي صلى الله عليه وسلم هو قول الجمهور.
هـ - الاقسام على الله بمخلوق (أقسم عليك بجاه نبيك) فهذا لا يجوز.
4 - الاقسام على الله بذوات الانبياء والصالحين والأولياء محرم والسؤال بذواتهم بدعة ولكن الاقسام أشنع وأشد حرمة وأعظم لأن السائل متضرع أما الاقسام ففيه حجر وإلزام لله عز وجل.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[02 - 03 - 06, 11:55 م]ـ
الباب الخامس والستون - باب لا يُستشفع بالله على خلقه
عن جبير بن مطعم رضي الله عنه، قال: جاء أَعْرَابِيٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالَ: يَا رَسُولَ الله! نُهِكَتِ الأنْفُسُ، وجاع الْعِيَالُ، وَهَلَكَتِ الأمْوَالُ فَاسْتَسْقِ لَنَا ربَّك فإِنّا نَسْتَشْفِعُ بالله عَلَيْكَ وبِكَ عَلَى الله. قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «سبحان الله، سبحان الله» , فَمَا زَالَ يُسَبّحُ حَتّى عُرِفَ ذَلِكَ في وُجُوهِ أَصْحَابِهِ, ثُمّ قالَ: «وَيْحَكَ أَتَدْرِي مَا الله؟ إِنّ شَأْنَ الله أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ, إنه لا يُسْتَشْفَعُ بالله عَلَى أَحَدٍ» وذكر الحديث. رواه أبو دوواد
&&& الفوائد المنتقاة على الباب الخامس والستين
(عشاء الاثنين 10/ 7 / 1415هـ)
1 - الاستشفاع بالله على خلقه فيه سوء أدب مع الله عز وجل فهو غير جائز فشأن الله أعظم وأجل والشفاعة في الغالب تطلب من الأدنى إلى الأعلى.
2 - قوله (نَسْتَشْفِعُ بالله عَلَيْكَ) أي نجعله شفيعاً إليك وهذا هو الذي أنكره صلى الله عليه وسلم فهو الذي يستشفع إليه الخلائق.
3 - قوله (وبِكَ عَلَى الله) وذلك لمكانته صلى الله عليه وسلم عند ربه.
4 - قوله (وَيْحَكَ أَتَدْرِي مَا الله؟) فعذر لجهله.
5 - قوله (حَتّى عُرِفَ ذَلِكَ في وُجُوهِ أَصْحَابِهِ) فيه أن من أنكر بقلبه أنه يظهر ذلك على وجهه بتمعره وتغيره.
6 - لو قال استشفع بالله لكان جائزاً فيجوز الحلف بالله والسؤال بالله والاستشفاع بالله فيجوز التوسل بذاته سبحانه وتعالى.
7 - قوله (رواه أبو دوواد) الحديث اختلف العلماء فيه فمنهم من صححه ومنهم من ضعفه وابن القيم بين أن تضعيفه يدور على ثلاثة أمور: لتدليس ابن إسحاق، وضعف محمد بن جبير والاضطراب فيه كما بينه في تهذيب السنن ثم قواه، والحديث ضعيف بهذا السند وأما معناه فقد أجمع عليه أهل السنة والمسألة التي فيه مجمع عليها
والحديث فيه أطيط العرش والأظهر أنه من باب الحسن لغيره بمجموع طرقه ولا غرابة فيه ولا نكارة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/411)
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[03 - 03 - 06, 12:03 ص]ـ
الباب السادس والستون - باب ما جاء في حماية النبي صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد وسدِّه طرق الشرك
عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه، قال: انْطَلَقْتُ في وَفْدِ بَنِي عَامِرٍ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقُلنا: أَنْتَ سَيّدُنا. فقَالَ: «السّيّدُ الله تبارك وتعالى». , قُلْنا: وَأَفْضَلُنا فَضْلاً وَأَعْظَمُنَا طَوْلاً. فَقَالَ «قُولُوا بِقَوْلِكم أَوْ بَعْضِ قَوْلِكمُ وَلاَ يَسْتَجْرِيَنّكمْ الشّيْطَانُ». رواه أبو داوود بسند جيد.
وعن أنس رضي الله عنه: أن ناساً قالوا: يا رسول الله يا خيرنا وابن خيرنا! وسيدنا وابن سيدنا! فقال «ياأيّها النّاسُ قُولُوا بِقولِكُمْ ولا يَسْتَهْوِيَنّكُمْ الشّيْطَانُ, أنا محمدٌ عَبْد الله وَرَسُولُه, ما أحِبّ أنْ تَرْفَعُوني فَوْقَ مَنْزِلَتِي التي أنزلني الله عَزّ وَجَلّ» رواه النسائي بسند جيد.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب السادس والستين
(عشاء السبت 15/ 7 / 1415هـ)
1 - المصنف ترجم قبل هذا باب ما جاء في حماية النبي صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد وهذا من المصنف من باب التوكيد في وجوب حماية التوحيد وسد الطرق القولية والفعلية التي تؤدي إلى نقص التوحيد أو نقضه فهذه الترجمة مبالغة في حماية التوحيد فإذا كان قد حمى حمى التوحيد فحمايته جناب التوحيد أولى.
2 - قوله صلى الله عليه وسلم (السّيّدُ الله تبارك وتعالى) لما عرف عليه الصلاة والسلام أن هؤلاء حديثوا عهد بإسلام ولتوهم أسلموا خشي عليهم من الغلو والإفراط في مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وسلم لذا قال لهم (السيد الله) أي السيادة الكاملة التامة لله تعالى.
3 - قوله (قُولُوا بِقَوْلِكم أَوْ بَعْضِ قَوْلِكمُ) أي بما يوافق الشريعة ولا يؤدي للمبالغة والغلو.
4 - قوله (وَلاَ يَسْتَجْرِيَنّكمْ الشّيْطَانُ) أي لا يتخذنكم الشيطان رسلاً له بإطلاق المبالغة في المدح والثناء والغلو.
5 - اختلف العلماء في كلمة السيد هل تطلق على غير الله عز وجل فمنعه مطلقاً مالك وأجازه غيره وأجازه البعض بقيد الإضافة (سيد بني فلان، سيد فلان) والأقرب أنها ينهى عنها إذا كانت تفضي إلى أمر لا يحمد كأن يتكبر ويعجب بنفسه وإذا لم تفضي لذلك فلا بأس بها فقد جاءت به الأخبار (قوموا إلى سيدكم) وقال (سيدكم الجعد الأبيض البراء من معرور)
ويمنع من إطلاق السيد على من لا يستحقه كالمنافق والفاسق لحديث (لا تقولوا للمنافق سيد فإن يكن سيداً فقد أغضبتم ربكم).
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[03 - 03 - 06, 12:12 ص]ـ
الباب السابع والستون - باب ما جاء في قول الله تعالى: ?وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ والسَّمَوَاتُ مَطْوِيَاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ? [الزمر: 67]
عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: جَاءَ حَبْرٌ من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يَا مُحَمّدُ! إنا نجد أن الله يجعل السّمَاوَاتِ عَلَىَ إِصْبَعٍ، وَالأَرَضِينَ عَلىَ إِصْبَعٍ، وَالشّجَرَ عَلَىَ إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ عَلَىَ إِصْبَعٍ، وَالثّرَى عَلَىَ إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الْخَلْقِ عَلَىَ إِصْبَعٍ، فَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ. فضَحِكَ النبي r حَتّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، تصديقاً لقول الحبر، ثُمّ قَرَأَ: «?وَمَا قَدَرُوا اللّهَ حَقّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ? الآية» متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: وَالْجِبَالَ وَالشّجَرَ عَلَىَ إِصْبَعٍ، ثُمّ يَهُزّهُنّ فَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أنا الله.
وفي رواية للبخاري: يجعل السّمَاوَاتِ عَلَىَ إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ وَالثّرَىَ عَلَىَ إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الْخَلْقِ عَلَىَ إِصْبَعٍ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/412)
ولمسلم عن ابن عمر مرفوعاً: «يَطْوِي اللّهُ عَزّ وَجَلّ السّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. ثُمّ يَأْخُذُهُنّ بِيَدِهِ الْيُمْنَىَ. ثُمّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ. أَيْنَ الْجَبّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبّرُونَ؟ ثُمّ يَطْوِي الأَرَضِينَ السبع ثُمّ يَأْخُذُهُنّ بِشِمَالِهِ. ثُمّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ. أَيْنَ الْجَبّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبّرُونَ؟».
وروي عن ابن عباس، قال: ما السماوات السبع والأرضون السبع في كف الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم.
وقال ابن جرير: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: حدثني أبي، قال: قال رسول الله r: « ما السماوات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس»
قال: وقال أبو ذر رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما الكرسي في العرش إلا العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض».
وعن ابن مسعود، قال: بين السماء والتي تليها خمسمائة عام، وبين كل سماء وسماء خمسمائة عام، وبين السماء السابعة والكرسي خمسمائة عام وبين الكرسي والماء خمس مئة عام، والعرش فوق الماء، والله فوق العرش، لا يخفي عليه شيء من أعمالكم. أخرجه ابن مهدي عن حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن عبد الله. ورواه بنحوه المسعودي عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله. قاله الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى، قال: وله طرق.
وعن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «هل تدرون كم بين السماء والأرض؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: بينهما مسيرة خمسمائة سنة، ومن كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة سنة، وكثف كل سماء مسيرة خمسمائة سنة، وبين السماء السابعة والعرش بحر بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض، والله تعالى فوق ذلك، وليس يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم». أخرجه أبو دواد وغيره.
&&& الفوائد المنتقاة على الباب السابع والستين
(عشاء الاثنين 17/ 7 / 1415هـ)
1 - هذا الباب فيه بيان أن من لم يوحد الله عز وجل حق التوحيد - توحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات - فإنه لم يقدر الله عز وجل حق قدره ويعظمه حق تعظيمه.
2 - قوله (عن ابن مسعود رضي الله عنه) هذه الرواية فيها ست أصابع والأظهر أنه لم يذكر في الأخبار إلا خمسة أصابع لكن بعض الرواة فرق بين هذه الأشياء والذي يتحصل من الروايات أنها خمسة أصابع وفيه ثبوت الأصابع لله عز وجل وقد جاء ذكر الأصابع من حديث أم سلمة وعبد الله بن عمرو وأنس بأسانيد جيدة وصحيحة وعند الترمذي وأحمد بسند جيد عن ابن عباس أن الحبر قال (إنا نجد أن الله يجعل السموات على ذه - وأشار إلى إصبعه - .. ) وهكذا حتى أتم خمسة أصابع.
3 - قوله (ثُمّ يَأْخُذُهُنّ بِشِمَالِهِ) أكثر الأحاديث ليس فيها ذكر الشمال وإنما فيها ذكر اليمين (وكلتا يديه يمين) أو السكوت عن ذكر الشمال. ورواية (بشماله) فيها عمر بن حمزة العمري وهو الذي انفرد بها وفيه ضعف فخالف غيره وذهب بعض أهل العلم إلى إثبات هذه اللفظة وأنه يكون له سبحانه يمين وشمال، وجاء التصريح بالشمال عند البيهقي أيضاً من طريقين كلاهما ضعيف.
4 - قوله (وروي عن ابن عباس، قال: ما السماوات السبع والأرضون السبع في كف الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم.)
رواه ابن جرير عن النكري هو ضعيف. وثبت الكف لله عز وجل بحديث الصدقة (ويضعها في كفه فيربيها كما يربي أحدكم فلوه) وحديث أن عمر قال لأبي بكر (لو شاء الله لأدخل عباده الجنة بكف واحدة) فقال النبي صلى الله عليه وسلم (صدق عمر)
5 - قوله (وقال ابن جرير: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: حدثني أبي، قال: قال رسول الله r: « ما السماوات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس» هذا مرسل ضعيف.
6 - قوله (قال: وقال أبو ذر رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما الكرسي في العرش إلا العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض».) رواه ابن أبي شيبة وفيه أكثر من مجهول.
7 - قوله (وعن ابن مسعود، قال: بين السماء والتي تليها خمسمائة عام، وبين كل سماء وسماء خمسمائة عام) سنده حسن وله شاهد من حديث أبي هريرة وهذا موقوف على ابن مسعود وله حكم الرفع لأنه لا يقال بالرأي والأظهر ما قاله ابن القيم أن معنى خمسمائة عام ما تقطعه الإبل وما جاء أنه سبعون أو ثلاثة وسبعون سنة المراد به بالبريد.
8 - قوله (وعن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه) الحديث ضعيف وشيخ الإسلام يقوي هذا الحديث ويرى أن ابن خزيمة احتج به وقواه وصححه، وهذا هو حديث الأوعال وأن الملائكة تكون كالأوعال من ضخامتها وعظيم خلقها وله شاهد من طريق ابن إسحاق عن ابن عباس رضي الله عنهما.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[05 - 03 - 06, 11:36 م]ـ
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه
الحمد لله حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه
يسرني أن أتلقى ملاحظاتكم ومقترحاتكم
على البريد الالكتروني
Husin26@maktoob.com
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/413)
ـ[المنصور]ــــــــ[07 - 03 - 06, 12:14 م]ـ
اللهم اغفر له وارحمه
كتب الله تعالى لك جهدك. آمين
ـ[ابوخالد الحنبلى]ــــــــ[05 - 03 - 07, 12:02 ص]ـ
سبقتنا بالدعاء للاخ يا ابا المنصور غفر الله لك يا على بن حسين فقيهى وجعلك من زمرة الفقهاء
وانظر ايميلك ايها الفاضل وانظر الخاص ايضا
ـ[أبو أنس الطنطاوى]ــــــــ[05 - 03 - 07, 02:44 ص]ـ
بارك الله فيك
ـ[أبو الأشبال الأثري]ــــــــ[16 - 03 - 07, 02:22 م]ـ
غفر الله لك ولوالديك ولشيخك ولأعضاء الملتقى ولجميع المسلمين ...
آمين ..
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[22 - 03 - 07, 10:35 ص]ـ
الأخوة الكرام جزاكم الله خيراً وغفر الله لنا ولكم ولجميع المسلمين.
ـ[حمدي أحمد]ــــــــ[07 - 04 - 07, 03:24 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذه الفوائد القيمة أخي
ولكن هل بالإمكان رفعها تسجيلا لأنها في اعتقادي ستكون أنفع
كتب الله أجرك
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[09 - 04 - 07, 05:51 م]ـ
الأخوة الكرام أبشركم بأن شرح الشيخ على كتاب التوحيد يراجعه الشيخ الآن بعد تفريغه كاملاً وتصحيح الأخطاء وضبط النص وسيخرج قريباً بإذن المولى جل وعلا حال الإنتهاء منه.
ـ[عادل بن عبدالله العمري]ــــــــ[12 - 04 - 07, 03:31 م]ـ
شكر الله لك يا اخي علي
ولكن ننتظر باقي شروح الشيخ , خاصة على كتاب
(بلوغ المرام)
و (المحرر في الحديث).
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[15 - 07 - 07, 03:20 م]ـ
شكراً أخي الكريم عادل على مرورك وما طلبته ستراه بإذن الله عز وجل مطبوعاً.
ـ[أبو أنس الشهري]ــــــــ[21 - 07 - 07, 01:02 ص]ـ
جهد مبارك وجوزيت خيرا على ما بذلت.
ـ[شبيب القحطاني]ــــــــ[26 - 07 - 07, 06:23 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[أبو منار]ــــــــ[30 - 07 - 07, 01:51 م]ـ
كأنه اختصار لكتاب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد
لعبد الرحمن حسن آل شيخ
ـ[الباحث]ــــــــ[09 - 08 - 07, 05:09 م]ـ
جزاك الله خيراً وغفر الله لك.
ـ[أبوعبدالله الذماري اليماني]ــــــــ[20 - 07 - 09, 07:16 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل نزل الكتاب للسوق
وجزيتم الخير
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[20 - 07 - 09, 11:11 ص]ـ
لم ينزل الكتاب للسوق فالشيخ تكاثرت عليه المشاريع العلمية وكلها في طور المراجعة والتصحيح وستخرج تباعاً بمشيئة الله تعالى.
ـ[ابوعمر الدغيلبي]ــــــــ[04 - 12 - 09, 03:41 م]ـ
بارك الله فيك أخي علي وبارك الله في علم الشيخ ووقته
ـ[أبو تراب البغدادي]ــــــــ[04 - 12 - 09, 03:54 م]ـ
شكر الله لك
شكر الله لك
شكر الله لك
وجزاك الله خيرا على صنيعك(32/414)
حكم زيارة النساء للقبور ...
ـ[أبوبدر ناصر]ــــــــ[26 - 12 - 05, 01:17 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه،
أما بعد:
هل حكم زيارة النساء للقبور حرام و بالاتفاق؟!
هذا ما قرأته ورأيته من فهم بعض الأخوة المتصفحين للشبكة العنكبوتية، ولهذا أحببت أن أكتب هذه العجالة عسى الله أن ينفعني وأخوتي بها،
القول الأول:
حرمة الزيارة مطلقاً: وهو وقول عند المالكية ذكره الدسوقي في حاشيته،وقول عند الشافعيةقاله الشيرازي في المهذب1/ 257
وقول عند الحنابلة نقله عنهم ابن تيمية في فتاويه.
القول الثاني:
الكراهة، وهو قول عند المالكية ذكره الدسوقي في حاشيته مع تفريق بين الشابة والعجوز، وقول عند الشافعية ذكره ابن حجر الهيتمي في كتابه (تحفة المحتاج)،وقول عند الحنابلة رحجه ابن قدامة قي المغني2/ 430.
القول الثالث:
الإباحة بل والندب-الاستحباب-،وهو قول الحنفية كما ذكر السرخسي في (المبسوط) راجع حاشية ابن عابدين (1/ 150).
وهناك تفصيلات أخرى لم أذكرها لأنها تتعلق بالقبر وغيره.
أدلة الفريق الأول:
*وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: {أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ} رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَه.
ووجه الدلالة فيه:النهي، وهو يفيد التحريم،
*عَنْ ابْنِ عَمْرٍو عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالْحَاكِمِ {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فَاطِمَةَ ابْنَتَهُ فَقَالَ: مَا أَخْرَجَكِ مِنْ بَيْتِكِ؟ فَقَالَتْ: أَتَيْت أَهْلَ هَذَا الْمَيِّتِ فَرَحِمْت مَيِّتَهُمْ فَقَالَ لَهَا: فَلَعَلَّكِ بَلَغْت مَعَهُمْ الْكُدَى، قَالَتْ: مَعَاذَ اللَّهِ وَقَدْ سَمِعْتُك تَذْكُرُ فِيهَا مَا تَذْكُرُ،} فَقَالَ: لَوْ بَلَغْتِ مَعَهُمْ الْكُدَى فَذَكَرَ تَشْدِيدًا فِي ذَلِكَ، فَسَأَلْت رَبِيعَةَ مَا الْكُدَى؟ فَقَالَ: الْقُبُورُ فِيمَا أَحْسِبُ وَفِي رِوَايَةٍ {لَوْ بَلَغْتِ مَعَهُمْ الْكُدَى مَا رَأَيْتِ الْجَنَّةَ حَتَّى يَرَاهَا جَدُّ أَبِيكِ} قَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَفِيمَا قَالَهُ الْحَاكِمُ عِنْدِي نَظَرٌ،
وجه الدلالة: أن النبي-صلى الله عليه وآله-وسلم رتب عقوبة على الزيارة وهذادليل لى حرمة الزيارة بالنسبة للنساء.
أدلة الفريق الثاني:
ما استل به الفريق الأول إضافة إلى ما يلي:
*عن عائشة رضي الله عنها فقد أقبلت ذات يوم من المقابر فقال لها ابن أبي مليكة: يا أم المؤمنين من أين أقبلت؟ قالت: من قبر أخي عبد الرحمن بن أبي بكر، قال: فقلت لها: أليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور؟ قالت: نعم، كان قد نهى ثم أمر بزيارتها. رواه الحاكم، وصححه الألباني.
*ولما أتى النبي صلى الله عليه وسلم أهل البقيع فاستغفر لهم قالت عائشة رضي الله عنها قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون. رواه مسلم.
*مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي على صبي لها. قال لها: اتقي الله واصبري. الحديث. متفق عليه.
وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الزيارة في أحاديث، وحث عليها في أحاديث أخرى (تأمل آخر ثلاث أحاديث)،فتحمل أحاديث النهي على الكراهة، وأحاديث الحث على الإباحة-جمعاً بين الأدلة-فهو إذن مباح مع الكراهة.
أدلة الفريق الثالث:
استدلوا بما يلي:
*ولما أتى النبي صلى الله عليه وسلم أهل البقيع فاستغفر لهم قالت عائشة رضي الله عنها قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون. رواه مسلم.
*مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي على صبي لها. قال لها: اتقي الله
واصبري. الحديث. متفق عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/415)
*عن عائشة رضي الله عنها فقد أقبلت ذات يوم من المقابر فقال لها ابن أبي مليكة: يا أم المؤمنين من أين أقبلت؟ قالت: من قبر أخي عبد الرحمن بن أبي بكر، قال: فقلت لها: أليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور؟ قالت: نعم، كان قد نهى ثم أمر بزيارتها. رواه الحاكم، وصححه الألباني.
*عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَقَدْ أُذِنَ لَمُحَمَّدٍ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ، فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ} رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَه.
ففيُ الحديث الأول النبي-صلى الله عليه وآله وسلم-يعلم عائشة-رضي لله نها ما تقوله عند زيارة القبور،ولو كانت الزيارة محرمة لنهاها عنها.
وكذلك في الحديث الثاني لم ينكر- صلى الله عليه وآله وسلم-مكوث المرأة عند قبر ابنها، ولو كان محرماً لنهاها.
وفي الحديث الثالث والرابع، دليل على أن أحاديث النهي منسوخة.
الترجيح:
يترجح عندي القول الثالث وذلك لما يلي:
*ألفاظ أحاديث الجواز تدل على أنها متأخرة عن أحاديث النعي وبالتالي هي ناسخة لها كما هو مقرر في علم الأصول.
*أحاديث القائلين بالحرمة، أكثرها ضعيف،ولم يصح منها-بحسب علمي-إلا الحديث الذي روي بالأفاظ الآتية:
{أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ}
وقد دل لفظ (زوارات القبور) على أن النهي متعلق بالمبالغة في الزيارة، يقول ابن العربي المالكي في ذلك-كما نقله عنه الشوكاني في نيل الأوطار4/ 502 - :
(قال القرطبي اللعن المذكور في الحديث إنما هو للمكثرات من الزيارة لما تقتضيه الصيغة من المبالغة ولعل السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج والتبرج وما ينشأ من الصياح ونحو ذلك وقد يقال إذا أمن جميع ذلك فلا مانع من الإذن لهن لأن تذكر الموت يحتاج إليه الرجال والنساء انتهى) ثم علق الشوكاني ليه قائلاًك
(. وهذا الكلام هو الذي ينبغي اعتماده في الجمع بين أحاديث الباب المتعارضة في الظاهر)
*الحكمة التي علل بها النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- زيارة القبور ألا وهي تذكر الموت،أو تذكر الآخرة يحتاجها الرجل والمرأة،وهذا ما دعاني إلى عدم القول بالكراهة.
وعليه فإن زيارة النساء للقبور جائزة، وقد تكون مستحبة شريطة ما يلي:
1) عدم الإكثار من الزيارة حتى لا تكون (زوارة).
2) عدم النواحة والصياح واللطم، فإنها من عظيم الذنوب.
3) عدم التزين والتبرج والتعطر، وهذا محرم عليها سواء خرجت للقبور أو لأي مكان آخر، وتزداد حرمة هذا الفعل عند زيارة القبر.
والله تعالى أعلم،
منقول عن الأخ البلوي1 من منتديات بيت المقدس
المصدر ( http://www.baytalmaqdes.com/v/showthread.php?t=1344)
ـ[أبوبدر ناصر]ــــــــ[07 - 01 - 06, 11:05 ص]ـ
و هذه فتوى للشيخ محمد بن محمد الشنقيطي:
http://www.islamway.com/?iw_s=Fatawa&iw_a=view&fatwa_id=5998(32/416)
إجابات الشيخ عبد الله الغنيمان على أسئلة رواد ملتقى أهل الحديث
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[27 - 12 - 05, 11:32 م]ـ
تعريف مختصر بالشيخ عبد الله الغنيمان
اسمه:
عبدالله بن محمد بن عبد الله الغنيمان.
مولده:
ولد الشيخ في بلدة الشماسية من منطقة القصيم عام 1352هـ.
نشأته وطلبه للعلم:
نشأ الشيخ نشأة طيبة صالحة، فحفظ القرآن ثم تلقى العلم عن عدد من علماء القصيم كالشيخ محمد بن صالح المطوع، ثم التحق بالمدرسة السعودية بالشماسية عند افتتاحها، ولم يكمل دراسته فيها، حيث انتقل إلى الرياض، وطلب العلم على الشيخ عبد العزيز المرشد مدة سبع سنين درس عليه كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب أكثر من مرة، وبعض مؤلفات ابن القيم، وبعض مؤلفات علماء نجد ..
وفي عام 1377هـ، عاد إلى القصيم، والتحق بالمعهد العلمي ببريدة، وتخرج عام 1382هـ، ثم ذهب إلى الرياض، والتحق بكلية الشريعة، وفي مدة دراسته بالكلية، عاد للدراسة على شيخه عبد العزيز المرشد، ثم تخرج من الجامعة عام 1386هـ، واختير للقضاء بأمر من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم لكنه لم يقبل تورعا، وفي عام 1387هـ عين بأمر من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم مدرسا بالمعهد الثانوي التابع للجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، ودرس به سنتين، ثم وجِّه للتدريس في الجامعة الإسلامية في كلية الشريعة، ودرس بها العلوم الشرعية، وقد تولى بعد ذلك رئاسة قسم الدراسات العليا بالجامعة.
ودرس بالمسجد النبوي عشر سنين من عام 1405هـ -1415هـ.
وبعد تقاعده من الجامعة عاد إلى بلده القصيم، وسكن في مدينة بريدة، وله دروس متعددة في عدد من مدن القصيم
مؤلفات:
1 - شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري. طبع في مجلدين.
2 - مختصر منهاج السنة للشيخ الإسلام ابن تيمية.
3 - ثبات العقيدة الإسلامية أمام التحديات المعاصرة.
4 - المنهج الصحيح.
5 - تحقيق وتعليق على كتاب الصفات للإمام الدارقطني.
6 - ذم الفرقة والاختلاف في الكتاب والسنة.
7 - الهوى وأثره في الخلاف.
8 - لا يصلح هذه الأمة إلا ما أصلح أولها (رسالة).
9 - الإيمان حقيقته، وزيادته.
10 - دليل القارئ إلى مواضع الحديث من صحيح البخاري (مجلد).
11 - الطرق التي يعلم بها صدق الخبر من كذبه.
12 - أول واجب على المكلف.
13 - تحقيق كتاب "متشابه القرآن" للمناوي. وغيرها
وللشيخ شروح مسجلة كثيرة منها:
1 - شرح الفتوى الحموية 14 شريطا.
2 - - تفسير سورة الفاتحة شريط.
3 - - شرح الأصول الثلاثة 5 أشرطة.
4 - - شرح رياض الصالحين 6 أشرطة.
5 - شرح كتاب التوحيد ثلاث مجموعات.
6 - شرح كتاب "فتح المجيد" 107أشرطة.
7 - - شرح كتاب "سنن أبي داود 55 شريطا.
8 - - شرح كتاب"العقيدة الواسطية" وعددها 23 شريطا.
9 - - شرح كتاب"الوابل الصيب" ... وعددها 19 شريطا.
11 - شرح كتاب"الصلاة لابن القيم" 11 شريطا، وغيرها
وبعض هذه الشروح لم يكتمل.
نسأل الله أن يبارك في الشيخ، وأن يمد في عمره على طاعته، وأن ينفع به المسلمين.
وفي حياة الشيخ أشياء كثيرة حسنة، ولولا كراهته، وخشيتنا من غضبه لذكرنا شيئا من ذلك .. وصلى الله على نبينا محمد وآله، وصحبه.
------------------------------------------
1 - هل يوجد في كتب العقيدة ما استوعب مسائلها جميعا ولو على سبيل الاختصار، بحيث يكون مرجعا لجميع القراء في جميع بلاد المسلمين وغيرها. لأنني أجد الكتب التي بين يدي تتناول جزءا من مسائل العقيدة وليست شاملة.
الجواب: لا يوجد في كتب العقيدة فيما نعلم كتابا يستوعب جميع مسائل العقيدة إلا كتاب الله تعالى، ثم سنة رسوله التي هي إيضاح، وبيان لكتاب الله، وذلك أن الذين كتبوا في العقيدة يذكرون المسائل التي وقع فيها خلل، أو خالف فيها أهل البدع.
2 - ما حكم التسمّي بـ (وجه الله)؟
والجواب: لا يجوز التسمي بوجه الله تعالى وتقدس، ولا بيد الله، ولا بصفة من صفات الله تعالى؛ لأن ذلك من خصائص الله تعالى، فلا يجوز إطلاقها على مخلوق، وقد أنكر الرسول على من تكنى بأبي الحكم.
3 - مارأيك - حفظكم الله - في قول من يقول أن طالب العلم يقتصر في هذا الوقت على كتب المعاصرين من أهل السنة لفهم العقيدة دون الرجوع إلى كتب المتقدمين - كابن منده وابن خزيمة والبربهاري ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/417)
ويعلل ذلك بأن الكتب المتقدمة حوت الكثير من الأحاديث الضعيفة والموضوعة بخلاف كتب المتأخرين التي نُقحت وصُفيت من تلك الشوائب.
الجواب: أرى أن هذا الرأي، مجانب للصواب، فكتب المتقدمين هي التي فيها العلم والبركة، وفيها التأصيل، ودقة الفهم، والاعتماد على الأصول، وإذا وجد فيها حديث ضعيف؛ فالغالب أنهم يبينون حكمه إما بالنص عليه أو ذكر سنده، والغالب أنهم يذكرونه للاستشهاد، والاعتضاد به، لا للاعتماد عليه، ومن الملاحظ على كتب المتأخرين كثرة الكلام في المسألة الواحدة حتى تقرأ الصفحات الكثيرة، ولا تخرج بطائل، وهذا خلاف كتب المتقدمين.
4 - قال إبن الجوزي رحمه الله في (تنبيه النائم الغمر على مواسم العمر):
" وبهذا العمر اليسير يشتري الخلود الدائم في الجنان والبقاء الذي لا ينقطع كبقاء الرحمن ... "
ما رأيكم - بارك الله فيكم - في هذه العبارة؟
أرى أن هذه العبارة لا يجوز إطلاقها، فالمخلوق يمتنع أن يشارك رب العالمين في صفاته، ومنها البقاء، فهو تعالى الأول والآخر.
5 - ما صحة حديث:" أبى الله أن يقبل توبة صاحب بدعة حتى يدع بدعته "
وكذلك: " من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام "؟
أما الحديث "أبى الله أن يقبل توبة صاحب بدعة .. " رواه ابن ماجه، وابن أبي عاصم في السنة، وحسنه السيوطي وغيره.
وأما حديث " من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام " فرواه الطبراني، وقال ابن الجوزي موضوع، وضعفه السيوطي.
6 - ماهي أفضل الكتب التي تكلمت عن البدع وأحكام المبتدعة؟
أفضل الكتب التي تبحث في البدع في نظري "الاعتصام" للشاطبي.
7 - ما قولكم فيمن يحضر مجالس أهل البدع التي يجري فيها الشرك بالله تعالى من دعاء الأموات والإستغاثة بغير الله ....
ويعتذر لنفسه بأنه لا يشاركهم في ذلك بل ماهو إلا مشاهد لا غير.
الذي يحضر مجالس البدع، بلا إنكار عليهم، ودعوة لهم إلى الحق = هو ظالم لنفسه يجب أن يتوب.
8 - لا شك أن من ثبت كفره بالبرهان القاطع فإن تكفيره واجب، فهل يقال مثل ذلك في المبتدع الذي ثبتت بدعته؟
الجواب: المبتدع يختلف حكمه باختلاف بدعته، فقد تكون البدعة مكفرة؛ كدعاء الميت، والاستنجاد به، وقد لا تكون مكفرة؛ كالسؤال بجاه فلان مثلا.
9 - ما تقولون -أحسن الله إليكم- في الحديث القدسي؛ هل لفظه من الله، أم لفظه من الله والمعنى من النبي علما بأن كثيرا من الأحاديث القدسية المبثوثة في كتب السنة تختلف روايتها من كتاب لآخر؟
10 - وما الرد على من يحتج على أن القرآن معناه من الله ولفظه من النبي أو من جبريل= باختلاف القراءات في الآية الواحدة؟
الحديث القدسي: لفظه ومعناه من الله تعالى، غير أنه لا يتعبد بتلاوته، وليس هو معجزا، ويثبت بخبر الآحاد، وغير ذلك من الفروق بينه وبين القرآن، ويجب أن يعلم الإنسان أن القرآن لفظه، ومعناه قول الله، وكلامه حقا، ولا يجوز أن يقال: لفظه من النبي أو جبرئيل.
أما إضافته إلى الرسول في آية الحاقة، والتكوير، فلأنه مبلغ له، والقرآن نزل على سبعة أحرف كلها كلام الله تعالى.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[27 - 12 - 05, 11:33 م]ـ
11 - ما وجه الدلالة من قوله عز وجل: فأجره حتى يسمع كلام الله على أن القرآن منزل غير مخلوق؟ فقد ذكرها اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد نقلا عن الحافظ الطبري رحمه الله تعالى.
ووجه الدلالة من قوله تعالى: {حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ} [(6) سورة التوبة] واضحة، فإن الله أضاف الكلام إليه، والْمُسْمِع لكلامه هو الرسول، أو من يبلغ عنه.
12 - كيف ندرس العقيدة لعوام المسلمين الذين يكثر بينهم الجهل والأخطاء والبدع، فما هو المنهج التي تقترحه فضيلتكم لتعليم هؤلاء الناس العقيدة مع اعتبار أنه يصعب عليهم فهم الكتب المعروفة في العقيدة؟
الجواب: عقيدة الإسلام موافقة للفطرة التي فطر الله عليها بني آدم، فتعليم الناس اليوم لا يختلف عن تعليم الرسول لهم في وقته، غير أنه يجب أن يفهموا معنى الألفاظ، والكلمات في اللغة العربية، إذ أكثر الناس اليوم يجهلون اللغة العربية، وهو السبب في عدم فهم الشرع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/418)
والعوام يفهمون معاني ما قاله الله وقاله رسوله مما يلزم كل مسلم ومسلمة مثل: معنى لا إله إلا الله ومعنى العبادة ومعنى الإله ونحو ذلك وكذلك الوضوء والصلاة وما لا بد للمسلم منه.
13 - كيف نستطيع أن نبحث مسألة عقدية؟
الجواب: المسائل العقدية وغيرها تبحث من كتاب الله وسنة رسوله وهما أبين وأقرب إلى الفهم من كلام الناس.
14 - ما هو المنهج الصحيح لطالب علم العقيدة؟
الجواب: المنهج الصحيح لطالب علم العقيدة أن يبدأ بالأهم ثم الأهم كما في حديث جبريل عليه السلام.
15 - تناقش بعض الأخوة في مسألة علة قتل الكفار هل هي الكفر أم المحاربة فما هو الصحيح في هذه المسألة؟
الجواب: قال الله تعالى (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله .. ) والفتنة هي الشرك.
16 - هل هذه العبارة صحيحه (إن نعمة الأمن والاستقرار أعظم النعم كلها بعد نعمة الإسلام، وقد قدمها الله - سبحانه وتعالى- على لسان خليله إبراهيم على التوحيد
بدليل قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ) [إبراهيم: 35]
الجواب: بل نعمة الإسلام هي أعظم نعم الله على عبده فإن الدنيا لا استقرار فيها، ولهذا قيل:الحياة باطل، والموت حق.
17 - هل هناك من أهل السنة من قال: بأن الإعانة المجردة للكفار على المسلمين لا تكون كفراً إلا إذا اقترنت بالاستحلال أومحبة الظهور للكفار؟ وهل هذا القول صحيح؟
الجواب: لا أعلم أحداً قال ذلك وقصة حاطب مشهورة وقد قال الله فيها (ومن يفعله منكم فقد ظل سواء السبيل).
18 - هل صحيح أن وثيقة صلح الحديبية وثيقة كفرية؟ وعلى هذا يجوز التوقيع على الوثائق الكفرية التي فيها معارضة للإسلام لفعل الرسول ذلك في وثيقة صلح الحديبة.
الجواب: هذا قول سوء قاله جاهل يجب أن يتعلم بل هي وثيقة فتح للإسلام والمسلمين كما سمى الله تعالى ذلك فتحاً.
19 - ما حكم إعانة الكفار على المسلمين، وهل يشترط في التكفير به قصد علو دين الكافرين، أم أن مجرد الإعانة كفر مخرج من الملة، وهل من قائل من أهل السنة المتقدمين بشرطية قصد علو الدين في التكفير بالإعانة؟
الجواب: من أعظم المحرمات وقد يكفر الفاعل لذلك مع العلم والقدرة ولا أعلم أحداً من العلماء المعتبرين قال بالشرط المذكور في السؤال.
20 - متى يسمى الرجل (خارجياً) هل بمجرد الخروج على الحاكم الشرعي أم بالقول بأصل الخوارج؛ تكفير فاعل الكبيرة؟
الجواب: الخوارج هم الذين يكفرون بالذنوب، وأما الخروج على الإمام فيشترك معهم في ضلالهم المعتزلة، وقد جاءت النصوص الكثيرة تحذر منه، ولكنهم خالفوها.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[27 - 12 - 05, 11:38 م]ـ
21 - ما ضابط التقنين المخرج من الملة؟ وهل يصح أن يقال: إن من الأنظمة الوضعية ما ليس مخرجاً من الملة، وما صورة ذلك؟
الجواب: ضابطه استبدال الشرع بالقانون الوضعي.
22 - هل يصح أن يقال عن الأشاعرة أنهم من مجمل أهل السنة والجماعة، وأن خلافهم مع أهل السنة هو خلاف في الصفات فقط؟
الجواب: الأشاعرة هم من أهل السنة في مقابل الرافضة وليسوا من أهل السنة المحضة.
23 - انتشر - شيخي الفاضل - في الآونة الأخيرة فكر دخيل على مجتماعاتنا، ألا وهو الفكر العصراني، وقد استشكل جمع من الأخوة عدة أمور في هذا الشأن أهمه بالنسبة لي: ما هو التعريف المناسب للعصرانية؟ وما أبرز أصولها وسماتها المميزة لها؟
الجواب: العصرانية حركة تسعى لتطويع الدين للحضارة الغربية، وهي مستوردة من اليهود والنصارى، ومعتنقوها مبهورون بالغرب، ومزدرون للمسلمين ودينهم.
24 - ذكر بعض أهل العلم المعاصرين في باب أحكام أهل الذمة أنه لا تجوز غيبتهم
فهل هذا صحيح , أم أن غيبتهم جائزة؟
الجواب: القرآن يدل على أنه لا غيبة له قال تعالى {وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا} والكافر ليس بعضا لنا، وقال تعالى {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} والكافر ليس أخ لنا.
25 - هل الإعجاب بصناعة الكفار وربما مجدناهم في صنعهم لجودة الصناعة لديهم وربما كتبت فيهم الأشعار من الكثير ,, هل هذا الإعجاب يعتبر من الولاء لهم؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/419)
الجواب: الإعجاب بإتقانهم الصنعة ليس من موالاتهم إلا إذا أحبهم لذلك.
26 - ما القول الراجح في نظركم في صحة توبة من سب الرسول صلى الله عليه وسلم؟ من حيث تطبيق الحد عليه؟؟
الجواب: أما بالنسبة لنا فلا توبة له، وأما بينه وبين الله فإذا صدق فلا أحد يحول بينه وبين والتوبة، وكذا من سب الله تعالى.
27 - ما رأيكم شيخنا الفاضل فيمن يشترط للتكفير كون الأمر المكفر به مجمعاً عليه؟
الجواب: هو اشتراط باطل، وإنما الشرط ثبوت المكفر بالكتاب أو السنة.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[27 - 12 - 05, 11:39 م]ـ
لدي بعض الأسئلة حول قضية التصويت والبرلمان:
28 - ما حكم التصويت في الانتخابات البرلمانية التشريعية التي تقام في البلاد التي تحكم بالقوانين الوضعية. فقد كثر الجدال حول هذه القضية في الآونة الأخيرة خصوصا في بريطانيا وأمريكا.
29 - ما حكم من يصوت ويقول هو - أي النائب - أدرى من غيره بمصلحتي، وسيعارض القوانين المخالفة لشريعة الله، رغم أنه متاح الفرصة بأن بقبل أو يخالف (أي أنه منح هذا الحق، لكن لن يستعمله في معصية الله)
30 - ما حكم من دخل هذه البرلمانات من المسلمين؟
31 - ما رأيك في من يقول إن الذين يقولون بالتحريم والكفر هم قلة، شواذ في الرأي؟
32 - ما رأيك في من استدل بالحديث الآتي على جواز التصويت وقارن بين الدعاء من اجل النجاشي بالنصر والتمكين في بلاده بالتصويت في الانتخابات التشريعية؟
والحديث: (عن أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة زوج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قالت لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار النجاشي .... إلى أن قالت: قالت فوالله إنا على ذلك إذا نزل به يعني من ينازعه في ملكه قالت فوالله ما علمنا حزنا قط كان أشد من حزن حزناه عند ذلك تخوفا أن يظهر ذلك على النجاشي فيأتي رجل لا يعرف من حقنا ما كان النجاشي يعرف منه قالت وسار النجاشي وبينهما عرض النيل قالت فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من رجل يخرج حتى يحضر وقعة القوم ثم يأتينا بالخبر قالت فقال الزبير بن العوام أنا قالت وكان من أحدث القوم سنا قالت فنفخوا له قربة فجعلها في صدره ثم سبح عليها حتى خرج إلى ناحية النيل التي بها ملتقى القوم ثم انطلق حتى حضرهم قالت ودعونا الله للنجاشي بالظهور على عدوه والتمكين له في بلاده واستوسق عليه أمر الحبشة فكنا عنده في خير منزل حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو بمكة)
رواه أحمد والبيهقي، وهذا اللفظ لأحمد من طريق ابن إسحاق قال: حدثني الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أم سلمة.
33 - هل هذه من المسائل الاجتهادية الخلافية؟
34 - ما رأيكم في من احتج بأن هذا النظام الديمقراطي سائر، مفروض عليك، ولا يمكن تغييره في المدى القريب، فإن لم نصوت فسيأتي من هو أسوأ لنا وللمسلمين وعلينا أن نتحرى ونبحث عن مصلحتنا وما شابه هذا الكلام؟
الجواب: هو معاون في حكم الطاغوت، وكذا بقية الأسئلة.
و أما قصة النجاشي فلا دليل فيها.
وليست هذه مما يسوغ فيه الخلاف، لأنها مصادمة لنصوص الكتاب.
ولا يجوز للمسلم أن يخضع للقانون إلا مكرها.
35 - شيخنا نريد توضيح ما إذا كان من عقيدة أهل السنة إجراء البيعة لغير ولي الأمر بأي من أنواع البيعة المختلفة؟ وما هو المٌحرَّم في ذلك والمٌبتدَع؟
الجواب: البيعة تكون لإمام المسلمين للأدلة على ذلك، وغيره لا يبايع.
36 - استشكل علي قتال أبي بكر لمانعي الزكاة. فان الحديث الثابت الصحيح إنما يشير إلى قتالهم لبغيهم وتركهم الزكاة. وفي السير والتواريخ نجد أنه قاتل أهل الردة ولم أقف على نص يشير أنه قاتل فعلا مانعي الزكاة فهل توجد أخبار عن ذلك غير الكلام الذي بين الشيخين رضي الله عنهما.
الجواب: ثبت في الصحيحين في مراجعة عمر لأبي بكر رضي الله عنهما، وقول أبي بكر له " والله لو منعوني عقالا كانوا يأدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه ".
37 - ما رأيكم أيها الشيخ بما وجد من فتاوى لأئمة الدعوة النجدية في كتاب الدرر السنية الطبعة الحديثة باب حكم المرتد الجزء التاسع من تكفير لبعض الأعيان والأشخاص وهل يطبق رأيهم في هذا الزمن أرجوا من فضيلتكم الإجابة بالتفصيل والله يحفظكم ويرعاكم.
الجواب: حكم الشرع ما يتبدل، ولا يختلف باختلاف أحوال الناس، فإذا وقع الإنسان في الكفر، وأقيمت عليه الحجة، وكشفت الشبه إذا كان لديه شبهة؛ وجب تكفيره؛ لأنه حكم شرعي.
38 - فضيلة الشيخ: ما هي أقرب الأوجه في تخرج جواز الصلاة في المسجد النبوي مع وجود قبر النبي صلى الله عليه و سلم في المسجد؟
الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقبر في المسجد، وإنما قبر في بيته، فلما أدخل الوليد بن عبد الملك حجر زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم برأيه وسياسته جعل حوائل دون القبر لا أحد يصل إليه، ولا تزال تلك موجودة، وبني عليه جدارا مثلثا ينتهي من جهة الشمال بزاوية بحيث لا يستطيع أحد أن يستقبل القبر، والمقصود أنه كما قال الصنعاني رحمه الله: هو فعل الملوك لا دليل فيه على المدعى.
39 - هل العمل شرط كمال في الإيمان أم شرط صحة، وهل الخلاف هنا يندرج ضمن خلاف التنوع؟
العمل ركن في الإيمان لا يمكن وجود إيمان بلا عمل.
40 - إذا علم أن العور مطلق العيب، وصح أن الدجال أعور اليمنى واليسرى، فما دلالة حديث (إن ربكم ليس بأعور) على ثبوت العينين لله جل علا؟
الجواب: العور عمى إحدى العينين، ولذلك صار هذا الحديث دليلا على ثبوت العينين لله تعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/420)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[30 - 12 - 05, 08:35 م]ـ
41 - هل يشترط في القسم أن يكون تلفظا باللسان , أم يمكن أن يكون مكتوبا؟
وهل يصح إذا كان القسم مطبوعا في ورقة مثلا , ويحتاج إلى علامة موافقة فقط؟
إذا كتب ذلك فحكمه حكم النطق قال تعالى {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا}
42 - ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في العقيدة التدمرية قاعدة: ما لا يتوقف إلا على أمور وجودية يكون الموجود الواجب القديم: أحق به من الممكن المحدث.
فهل من شرح مختصر لهذه القاعدة سلمكم الله.
الجواب: القاعدة التي ذكرها لإلزام المنكر لصفات الله تعالى، وهي قاعدة الكمال؛ لأن جائز الوجود له موجد كامل الوجود، وما يلزم له.
43 - هل مصطلح جنس العمل أو تارك جنس العمل من المصطلحات المُحْدَثَة أم قال به السلف وهل يُبَدَع من يقول بهذا المصطلح ?
الجواب: الجنس يشمل ما يطلق عليه الاسم فإذا قلت "رجل " صدق ذلك على كل من يسمى رجلا، وكذا امرأة، وشجرة، ونخلة، وهذا من مبادئ اللغة.
ـ[عمر رحال]ــــــــ[31 - 12 - 05, 03:33 ص]ـ
شيخنا المفضال/ عبد الرحمن السديس.
بارك الله فيكم ... على هذا الطرح.
مُحبكم: عمر رحال السكندري.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[11 - 03 - 06, 10:12 م]ـ
الأخ المكرم عمر رحال: جزاك الله خيرا.
----------------------------------------------
44 - ذكر الطبري أن تفسير قوله جل وعلا: (لا تدركه الأبصار) على أحد قولي أهل السنة: لا تراه، وأنه عام مخصوص بأدلة رؤية الله يوم القيامة
ومن المعلوم أن عائشة رضي الله عنها استدلت بهذه الآية على نفي الرؤية في الدنيا، ولم يخالفها أحد من الصحابة في هذا الاستدلال.
ثم علم أن الإدراك مطلق اللحوق والوصول، وأنه بحسب ما يضاف إليه، فإذا أضيف إلى البصر فهو لحوق البصر بالمبصرات أي الإبصار والرؤية، وإذا أضيف إلى اليد فهو الإمساك، وهكذا، وأن آية (إنا لمدركون) ظاهرها أي بالأيدي، لأن الترائي وقع.
ألا يكون القول بأن معنى الآية نفي الإحاطة خطأ، وإن كان أحد قولي أهل السنة؟
الجواب:
قوله " ثم علم أن الإدراك مطلق اللحوق " باطل فلا يكون مجرد اللحوق إدراكا، فليس كل من رأى شيئا أدركه، كما أنه لا يحيط به، ولهذا لما سئل ابن عباس عن ذلك قال: ألست ترى السماء؟ قال السائل: بلى. فقال: أكلها تراها؟ قال: لا.
ومن رأى جانب المدينة أو البيت لا يقال: أدركه.
ومن المعلوم أن النصوص من القرآن وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم لا تتعارض، ولذلك قال عائشة رضي الله عنها: أن ذلك في الدنيا، وتبعها في ذلك طائفة من السلف.
45 - ما قول ابن القيم رحمه الله في عمل الجوارح؟ والمقصود بعد العلم أنه من الإيمان، فلابن القيم كلمات في مواضع ظاهرها أن من أتى بقول القلب وهو المعرفة والعلم والإقرار باللسان وعمل القلب فهو مؤمن ناقص الإيمان، وأن فِعلَ ما أمر به من كمال الإيمان.
الجواب:
مقصود ابن القيم أن أصل الإيمان في القلب، ولكن لا بد من انبعاث الجوارح في العمل، واستجابتها للقلب، فلا تفرقة بين العلم والعمل كما هو مذهب أهل السنة.
46 - هل صاحب القول بأن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، والاستثناء على معناه عند أهل الحديث سنة ماضية، إلا أن أعمال الجوارح التي من الإيمان هي من كماله وليست من أصله، وسواء أخطأ فقال شرط وهو لا يعني المعنى الاصطلاحي للشرط المخرج عن الماهية أو لم يقل، هل هذا يصح أن يقال فيه قول غلاة المرجئة من الجهمية نكاية بصاحبه؟
الجواب:
إذا وافق أهل الباطل نسب إليهم، سواء علم ذلك أو جهله، ولكن لا يلزم الحكم عليه بحكمهم؛ لأنه قد يرجع إلى الحق إذا تبين له.
47 - القائلون من أهل العلم بأن المؤمن صاحب الشرك الأصغر لا يدخل تحت المشيئة والوعد بالمغفرة، هل يضمون إلى ذلك صاحب الكفر الأصغر؟ على القول بالمغايرة أو اتحاد بين مسمى الشرك والكفر.
إن كان الجواب نعم يضمونه؛ فما حدود الكفر الأصغر فبعض أهل العلم يذكر أن المعاصي كلها من شعب الكفر كما أن الطاعات كلها من شعب الإيمان.
الجواب:
السؤال بهذا التركيب خطأ؛ لأنه قال: المؤمن صاحب الشرك الأصغر. والخلاف في الشرك فقط، لا في كل عمله، وعليه: فالتفريع أيضا خطأ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/421)
48 - نقل الإمام البخاري قول أهل الإجماع على عدم تكفير أحد من أهل القبلة بالذنب، لقوله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).
فما وجه الاستدلال بالآية على ذلك، خاصة على قول من يدخل تحت عدم المغفرة الشرك الأصغر، وهل يكون هذا النقل من البخاري لاستدلال أهل الإجماع أحد الأدلة على خطأ القول بعدم الغفران لصاحب الشرك الأصغر، لأن بدخوله لا يستقيم الاستدلال بالآية لقول أهل الإجماع.
الجواب:
وجه الاستدلال بالآية ظاهر؛ لأنه تعالى خص من جميع الذنوب الشرك فقط، وعلى القول بأن الشرك الأصغر غير مغفور؛ لا يعارض هذا؛ لأن صاحبه لا يكون خارجا عن الإسلام، ولا خالدا في النار، وعدم مغفرته: معناه أن يعذب عليه؛ فالاستنتاج في السؤال باطل.
49 - ذكر الشيخ عبد الرحمن بن حسن في موضع من الفتاوى النجدية أن مقدم الذبابة كفر ولو لم يعتقد، والعبارة أشكلت علي، فما المراد بالتقديم، وما الاعتقاد المنفي؟ وما صحة هذا الكلام؟
الجواب:
الذي ذكره عبد الرحمن ذكره الشيخ في مسائل التوحيد قال: إنه لم يرد التقرب إلى الصنم، وإنما أراد التخلص، ومع ذلك كفر.
50 - بعض العلماء شراح كتاب التوحيد خطؤوا الإمام الشافعي في قوله في السحر بعدم التكفير المطلق، وقد عرفوا السحر بصورة أضيق منها عند الشافعي، فهل الصورة التي يكفرون بها لا يكفر بها الشافعي حتى يكون هناك خلاف يلزم معه الترجيح؟
الجواب:
ذلك بناء على أن السحر لا ينفك عن الشرك كما هو الواقع لمن سبر أحوال السحرة.
51 - بعض العلماء الأفاضل شراح كتاب التوحيد بعد تعريفه للسحر شرعا بأنه عزائم ورقى وعقد يؤثر في ... إلخ، قسم السحر إلى حقيقي وتخييلي، فهل على هذا التعريف لحقيقة السحر يستقيم هذا التقسيم، خاصة ممن لا يفصل في حكم الساحر؟
الجواب:
السحر أقسام عدة كما بين ذلك الفخر الرازي في كتابه "السر المصون" ومنه التخيل إلى الرائي.
52 - ما هو سحر سحرة فرعون الذي وصفه الله بأنه سحر عظيم؟ هل هو كما يقول بعض العلماء الأجلاء حشو العصي بالزئبق وببعض المواد التي لا يعلمها الناس؟ مع أنه من القائلين أن السحر لا يكون إلا بالشياطين، ولا يفصل في حكم الساحر.
الجواب:
ليس هو من الحيل بل هو سحر حقيقي، وهو بمعاونة الشياطين.
53 - هل الشعور بوجود الجن أو الشياطين في حالة ما هو حضور يكفي لشرط الحضور في الاستغاثات والنداءات والاستعانات للمساعدة فيما يستطيعون؟ أرجو التفصيل. الجواب:
الجن عالم غير مشاهد لنا، ولكن قد يتراءون في صور مختلفة، ويعلم وجودهم بخطابهم، وأفعالهم، أما مجرد الظن فلا يكفي في ذلك.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[12 - 03 - 06, 08:31 م]ـ
54 - ذكر ابن القيم أن الله جل وعلا جعل الآثار العلوية علامات وأدلة وأسبابا لحوادث أرضية لا يعلمها أكثر الناس، وأنه جل وعلا ربط العالم العلوي بالسفلي، وجعل علويه مؤثرا في سفليه دون العكس، ثم ذكر من أمثلة ذلك استدلال الأطباء بأحوال القمر والشمس على اختلاف طبيعة الإنسان وتهيئها لقبول التغير واستعدادها لأمور غريبة ونحو ذلك، ثم بين أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم من تعاطي ذلك ما مضرته أكثر من نفعه، أو ما لا منفعة فيه، أو ما يخشى على صاحبه أن يجره إلى الشرك.
السؤال ما ضابط ذلك؟ إذا علم أن كثيرا مما كان يظن أنه تسبب خفي فيما مضى أثبت العلم أن له علاقة معقولة، فقد نجد من المتقدمين من حكم عليه بأنه من التنجيم الشركي، وهو حسي الآن.
الجواب:
ليس لذلك ضابط معلوم للبشر، ولكن قد يتوقف على الدليل الشرعي، أو الخلقي، أو الحسي لمن ينظر في ذلك ويسبره.
55 - ذكر بعض أهل العلم أن الصفة بعد الإضافة تختص من جهة اللوازم الحقيقة تبعا للذات المضافة إليها، أما اللوازم اللغوية فتبقى مشتركة لأنها تبعا للمعنى اللغوى الذهني الكلي، أليس بعض هذه اللوازم اللغوية عقلية أصلا، فكيف تضاف إلى الله جل وعلا، أم أن وصف الله جل وعلا نفسه بلازمها كان في ذلك إثباتا لها؟
الجواب:
الصفة إذا أضيفت أو خصت زال الاشتراك في المعنى واللفظ.
56 - ما قولكم حفظكم الله فيمن يخطأ الأئمة النجدية ويقدح في الدرر السنية .. ويقول أن عندهم غلو في بعض الجوانب .. فهل هذا صحيح.
وهل غلوهم في باب العقيدة أم النصيحة؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/422)
وهل الأئمة النجديين من العلماء المجتهدين؟
الجواب:
أئمة الدعوة لا يقولون بآرائهم وأذواقهم، وأغراضهم كمن يطعن عليهم، ولكنهم يتقيدون بكتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما عليه أئمة السلف، وهذا لا يعجب كثيرا من الناس، ولا سيما من يريد أن يعايش الكفار،ونحوهم.
57 - نرجو من سماحتك بيان مذهب أهل السنة في مسألة ترك جنس العمل فلقد كثر الخوض في هذه المسألة في هذه الأيام.الجواب:
سبق جواب سؤالك.
58 - ما قولكم رعاكم الله في عوام الرافضة من الذين يدعون علي وآل البيت رضي الله عنهم ويقدمون لهم النذور ويحجون إلى قبورهم، وهم في نفس الوقت يكفرون الصحابة ويوالون النصارى على أهل السنة، علما أن هؤلاء العوام جهلة ولا يفقهون شيئا من الدين، وإنما يفعلون ذلك تقليداً لأجدادهم؟
الجواب:
حكمهم حكم من قلدوهم واتبعوهم في باطلهم،وقد أعطوا عقول، ولكنهم عطلوها.
59 - ما قولكم رعاكم الله في التفريق بين الموالاة والتولي؟ والقول إن احدهما مخرج من الملة والآخر لا يخرج من الملة، وما هو الحد الفاصل بينهما إن صحت هذه التفرقة؟
الجواب:
المولاة هي: الود والمحبة، والتولي: المناصرة والمعاونة.
60 - هل مقاطعة بضائع الكفار في عصرنا هذا من الولاء والبراء؟
الجواب:
الواجب على المسلمين أن يستغنوا بما لديهم مما خلق الله لهم،وبما أوتوا من ذكاء ومقدرة عمّا في أيدي الكفار حتى لا يكونوا عونا للكفار على أنفسهم.
61 - أما السؤال الآخر هو: ما هي أقوال أهل العلم في معنى "الفرقة الناجية المنصورة"و في معنى "أهل السنة والجماعة", وما هو أصوبها في العبارتين؟
الجواب:
أما الفرقة الناجية فقد كتب فيها كتابات كثيرة قديما وحديثا، ويكفي في بيان ذلك ما جاء في رواية الترمذي " قيل من هم يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي ".
والفرقة الناجية هم أهل السنة والجماعة.
12/ 2/1427هـ
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[12 - 03 - 06, 11:01 م]ـ
الأجوبة على ملف وورد ... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[13 - 03 - 06, 08:53 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي بلال لكن لم تنته الإجابات بعد، فبقي مجموعة لعلي أنشط الليلة أو غدا لكتابتها.
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[13 - 03 - 06, 09:36 م]ـ
بارك الله فيك شيخنا الفاضل عبد الرحمن السديس (الذي ليس امام للحرم):)
اذا انتهيت من رفع الأسئلة على الملتقى ... أجمع الكل في ملف واحد ان شاء الله.
وأرفعه لاخواني.
والله الموفق
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[17 - 03 - 06, 07:15 م]ـ
جزاك الله خيرا
---------------------
62 - ما هي المسائل التي لا يعذر فيها الجاهل في مثل عصرنا؟
الجواب:
التي لا يعذر الجاهل بها هي التي بينها الله، ورسوله صلى الله عليه وسلم.
63 - وهل التأويل مانع مطلق من موانع التكفير والتبديع؟
الجواب:
قد ذكر العلماء أن التأويل المانع من ذلك ما كان سائغا.
64 - يظهر الفرق في تنزيل التكفير على المعين بين شيخي الإسلام ابن تيمية وابن عبدالوهاب واضحا جليا فهل يختلف التأصيل بين منهجيهما كما يختلف التنزيل؟ كالتوسع في الإعذار من عدمه أرجو بسط المسألة.
الجواب:
التأصيل لا يختلف، ولكن يجب أن نراعي حال الشخص، فقد يعظم الجهل في وقت دون آخر، وفي بلد دون آخر.
65 - هل بركة الرجل الصالح لذاته أم لصلاحه أم ليس له بركة؟
الجواب:
المبارك من جعله الله مباركا، وذلك بالعمل لا بالذات؛ فالرجل الذي ينفع أينما حل هو المبارك.
66 - هل يجوز ترتيل الدعاء والذكر (اي تنغيمه ليسهل على اللسان الإكثار منه) أو نظمه شعرا وهل للمستدل بقوله تعالى (ياجبال أوبي معه والطير .... ) ممسك
67 - وهل نظم الرجز و الشعر بالذكر والدعاء والتزامه كورد خاص مستحب؟
الجواب:
الدعاء النافع ما واطئ عليه القلب اللسان، وليس ذلك بالأنغام، والتغني، وبه يظهر الجواب عمّا بعده.
68 - هل صحيح ما يذكر بأن هناك تفريق في مسألة التبرك، بحيث أن هناك تبرك حكمه شرك أكبر وتبرك حكمه شرك أصغر؟
الجواب:
طلب البركة من الأشجار والأحجار والأماكن هذا من الشرك، أما طلبه من الرجل الصالح ففيه خلاف بين العلماء، والصواب المنع من ذلك، كما حققه صاحب "تيسير العزيز الحميد"، وصاحب "فتح المجيد"؛ فارجع إليهما.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/423)
69 - هل صحيح ما يقال بأن النووي ألف رسالة في جواز التبرك؟
الجواب:
النووي ـ رحمه الله ـ أكثر من ذلك في شرحه لصحيح مسلم، وغيره،ولا أعرف له في ذلك رسالة خاصة.
17/ 2/1426هـ
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[19 - 03 - 06, 05:42 م]ـ
70 - ما حكم تعلم اللغة الأنجليزية للحاجة وغير الحاجة، و هل يجوز الكلام بها للحاجة وغير الحاجة، حيث أني سمعت من بعض المشايخ يقول أن ذلك من التشبه بالكفار؟
الجواب:
تعلم اللغة غير العربية قد يكون واجبا، وقد يكون مستحبا، وقد يكون مكروها حسب الحاجة، والظروف.
71 - ما ضابط المولاة المكفرة؟ ومتى يكون الإكراه مانعاً معتبراً؟
الجواب:
سبق الجواب عن سؤالك.
72 - ما مدى صحة القول بان في التصوف جوانب مشرقة وحسنة كالتصوف في بدايته بعد عصر الصحابة والتابعين?
خصوصا أن هناك دعوات في هذه الأيام للإنصاف ما يسمى بالجيل الجديد في الصوفية وكذلك التشجيع - بحسب ما يقولون - نظرة المنهج السلفي للتصوف وانه لا بد من تسامح مع الصوفية في بعض الجوانب? ومن ذلك المؤتمر الأخير في السودان عن الصوفية بين الواقع والمأمول وكذلك بعض الدعوات في الملحق الأسبوعي في جريدة المدينة حيث يتبنى هذا الرأي بعض العلماء الفضلاء - وفقهم الله - من الجامعة الإسلامية وأنا أقول هذا الكلام بناء على ما قرأته في ملحق جريدة المدينة لمدة أسبوعين من كتابة هذه الرسالة
أرجو يا شيخنا التفصيل في نظرة الاتجاه السلفي القائم على الكتاب والسنة إلى مفهوم التصوف وهل هذه النظرة متغيرة بين التصوف في القديم والتصوف في الحاضر
أسأل الله أن يسدد أقوالكم وأفعالكم.
الجواب:
كان التصوف يطلق على التقشف والزهد والاجتهاد في العبادة، ثم في ما بعد صار التصوف إلى الغلو في الرجال، والانحراف في العبادة وتأليه طقوسهم، ومعظمِيهم من الأحياء والأموات، ولذلك لا يمكن الموافقة بينه، وبين الهدى الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وعليك أن تسبر حالهم، وماهم عليه في كثير من البلاد، ولا سيما التي يظهر فيها سلطانهم مثل: السودان ومصر، وغيرهما.
73 - ما معنى اللعن؟ هل يعني الطرد من رحمة الله فقط؟ أم لها معنى آخر؟
74 - هل يجوز لعن من فعل ما يستحق اللعن بعينه استدلالاً بهذا الحديث:
قال الحاكم أخبرناه محمد بن علي الشيباني بالكوفة ثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة, ثنا علي بن حكيم حدثنا شريك عن أبي عمر الأزدي عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو جاره, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اطرح متاعك في الطريق. قال: فجعل الناس يمرون به فيلعنونه, فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله, ما لقيت من الناس. قال: وما لقيت منهم؟ قال: يلعنونني. قال: فقد لعنك الله قبل الناس. قال: يا رسول الله, فإني لا أعود. قال: فجاء الذي شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قد أمنت أو قد لعنت".
رواه الحاكم في مستدركه وروي من طريق أبي هريرة بلفظ آخر. قال عنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: صحيح لغيره.
الجواب:
اللعن هو ضد الرحمة، ومن لازمه الطرد، والإبعاد عن الخير والرحمة، والله تعالى يلعن من يستحق ذلك إذا شاء، كما أنه يرحم من يشاء.
أما من الناس فيطلق على الشتم، والسب، ونحوه.
75 - هل النور، والناصر من أسماء الله الحسنى، وهل يجوز التسمي بها؟
الجواب:
النور من الأسماء الحسنى، وقد أطال ابن القيم في تقرير ذلك في عدد من كتبه، وكذلك شيخ الإسلام كما في الفتاوى، ولا بأس بالتسمية بعبد النور.
أما الناصر فلم يثبت أنه من الأسماء الحسنى فلا يجوز التعبيد به.
والله أعلم، وصلى وسلم الله على نبينا محمد.
----------------------------------
انتهت الإجابات جزى الله الشيخ عبد الله الغنيمان خيرا على ما بذل من وقت في هذه الإجابات، وكتب له الأجر، ونفع المسلمين بها.
ولا أنسى شكر الأخ الفاضل الشيخ أبي عبد العزيز الثويني على ما بذل من جهد ومتابعة وتنسيق مع الشيخ كتب الله أجره، وجزاه خيرا.
والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.
19/ 2/1427هـ.
ـ[محمد الطالب]ــــــــ[19 - 03 - 06, 06:39 م]ـ
السلام عليكم أبحث عن أهم أعمال الشيخ الشاذلي النيفر رحمه الله و الكتب التي حققها
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[19 - 03 - 06, 11:11 م]ـ
جزاكم الله عنا كل خير شيخ عبد الرحمن ونفع بكم ... الأسئلة على ملف وورد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أبو الهنوف العنزي]ــــــــ[23 - 04 - 09, 03:58 م]ـ
للفائدة ....(32/424)
خُلاصَة الحِوار مَع مَنْ يَسْتَغِث بِمَا دُوُن الرَّحمَن.
ـ[فهَّاد]ــــــــ[30 - 12 - 05, 02:49 م]ـ
السلام عليكم ,,
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد النبي الأمي الأمين، وعلى آله وصحبه الميامين، وكل من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. الحمد لله الذي أحق الحق وأبطل الباطل.
هذا مخلص لبعض ردودي في حواري مع بعض القبورية نسأل الله السلامة.
في مسألة الاستغاثة بالموتى.
وقد جمعتها لعل الله ينفع بها من يحاور أهل الضلال في هذه المسألة.
وقد حاولت أن أذكر فيها أدلة المخالفين وتفنيدها.
وذكر بعض المسائل المتعلقة بها كسماع الموتى , وحياة الأنبياء في قبورهم. وبعض أقوال أشياخ القبورية في الاستغاثة.
راجياً من الله سبحانه وتعالى القبول.
أقول:
تلاحظون إخواني في الله في حواري مع الزميلة أنه يكون استدلالي بالقرآن والسنة النبوية الصحيحة , بعكسها التي تعتمد على الضعيف والتقليد الأعمى لأشياخها ولو أدى ذلك إلى رد المحكم من الآيات والصحيح من السنة , وفهم الصحابة وكأنها تجهل أن ما تقوم به يسمى تقليد أعمى لأشياخها وأعلم أخي القارئ الكريم.
أن (المقلد) يساوي عند العلماء: الجاهل، ولذلك نصوا على أنه لا يجوز أن يولى القضاء! بل قال بعض أئمة الحنفية المتقدمين، وهو العلامة أبي جعفر الطحاوي: (لا يقلد إلا عصبي أو غبي)!
فما حيلتي مع من أدعوها إلى الكتاب والسنة لتنجوا بذلك من العصبية المذهبية، والغباوة الحيوانية، فتأبى علي إلا أن تستتر على عصبيتها وغباوتها! وليس هذا فقط، بل وتدعوني والناس جميعاً إلى أن نقلدها لنصير ضالين أغبياء مثلها!! وهنا أتذكر أن من السنة أن يقول المعافى إذا رأى مبتلى: (الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً)! ومما لا شك فيه أن المبتلى في دينه، أخطر من المبتلى في بدنه!
واعلم أيها القارئ الكريم إن ما ألزمنا به المقلد من الجهل والغباوة لازم له، إلا إذا استجاب لقوله تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر}.
وها نحن متنازعون وقد رددنا ذلك إلى القرآن وما صح من السنة فرأينا ولله الحمد والمنة أن الحق أبلج.
انظر أخي القارئ الكريم: إلى دعوتي ودعوتها.
فأنا أدعوها لقول: [يا الله] , وهي تدعوني لقول: [يا فلان].
بالله عليك من من القولين الأقرب إلى الله والأحب إليه.
إضافة مهمة:
يحتج الصوفية بالأدلة التي نأتي بها لتبيان حكم الداعي والمستغيث بغير الله بأنها خاصة بكفار قريش الذين ينكرون وجود الله وهذا مردود:
لأنه معلوم أن كفار قريش يؤمنون بوجود الله وما هذه الأصنام إلا شفعاء ووسطاء لله سبحانه.
فقال تعالى: {ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولون خلقهن العزيز العليم} " الزخرف 78"
وقال: {قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله} يونس 31"
{قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله قل أفلا تتقون} ثم قال: {قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى تسحرون} " المؤمنون 23"
وقال قوم عاد لأنبيائهم: {لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون} فصلت 14" فأثبتوا لله الربوبية مع أنهم مشركون.
وقال قوم يس: {ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء} فلم يجهلوا أن الرحمن من أسماء الله الحسنى.
وهذا إبليس يقول: {رب أنظرني إلى يوم يبعثون} وقال: {رب بما أغويتني} " الحجر 15" بل شهد لله بالعزة قائلا {فبعزتك لأغوينهم أجمعين}.
وهاهو صاحب الجنة يشهد بربوبية الله قائلاً: {ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلباً} فلما أحيط بثمره قال: {ياليتني لم أشرك بربي أحد} فشهد على نفسه بأنه مشرك بالرغم من شهادته لله بالربوبية.
وقال تعالى: {ذلكم الله ربكم فاعبدوه} وهذا خطاب عام للمؤمنين والكافرين يثبت لنفسه بالربوبية عليهم جميعاً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/425)
وإذا علمنا أن دعاء الله عند بني صوفان هو من الأمور المكروهة , نسأل الله السلامة بعكس دعاء ما دونه فهو أمر مندوب مستحب. بل هي من علامات الصوفي الحقيقي. (أن لا يكون له إلى الله حاجة) (وأن لا يسأل الله الجنة و لا يستعيذ به من النار) الرسالة القشيرية 88_89و125.
وجعلوا دعاء الله أقل المنازل وترك سؤاله أعظمها , فزعم القشيري إن (السنة المبتدئين منطلقة بالدعاء , والسنة المتحققين خرست عن ذلك) وزعم أن عبد الله بن المبارك قال: (ما دعوت الله منذ خمسين سنة ولا أريد أن يدعو لي أحد). الرسالة القشيرية 121.
واعتبروا ترك دعاء الله من تمام الرضا بالله _ ولم يعتبروا الصلاة كذلك مع أنها دعاء _ فقال قائلهم: (الرضا انه لو ألقاني في النار لكنت بذلك راضياً) وقال رويم: (الرضا انه لو جعل الله جهنم على يمينه ما سأله أن يحولها إلى يساره).
وزعم شيخهم الرافاعي: أنه لما وضع المنشار على رأس زكريا عليه السلام أراد أن يستغيث الله فعاتبه لله وقال: (ألا ترضى بحكمي؟ فسكت حتى قطع نصفين) حالة أهل الحقيقة 115.
وزعم آخر أن إبراهيم قال حين ألقي في النار: (علمه بحالي يغنيه عن سؤالي). بمثل هذه الأكاذيب صرفوا الناس عن دعاء الله: وإذا دعي الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة , وإذا دعي الذين من دونه إذا هم يستبشرون.
ومعلوم إن الدعاء هو نداء وذكر فيصح فيهم قول الحق: {وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون}.
و يقول الغزالي: (ضاع لبعض الصوفية ولد صغير ثلاثة أيام لم يعرف له خبر فقيل له لو سألت الله أن يرده عليك فقال: اعتراضي عليه فيما قضى أشد علي من ذهاب ولدي).
ويقول الطوسي الصوفي: (أصلنا السكوت والاكتفاء بعلم الله).
وقال القشيري: سئل الواسطي أن يدعو فقال: (أخشى إن دعوت أن يقال إن سألتنا مالك عندنا فقد اتهمتنا وإن سألتنا ماليس لك عندنا فقد أسأت الينا وان رضيت أجرينا لك الأمور ماقضينا لك في الدهئ).
وهذا مناقض لأمر الله سبحانه وتعالى.
في قوله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون}.
تأمل رعاك الله عندما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يوجه إليه السؤال و يكون الجواب من الله تعالى كان يجعل الرسول صلى الله عليه و سلم وسيطا لنقل الجواب فيقول له عز وجل (قل) أي يا محمد أخبرهم و من ذلك:
1 - قوله تعالى: {يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج}.
2 - قوله تعالى: {يسألونك عن لشهر لحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل لله وكفر به}.
3 - قوله تعالى: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما}.
4 - قوله تعالى: {يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم}.
5 - قوله تعالى: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}.
6 - قوله تعالى: {يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم لطيبات}.
7 - قوله تعالى: {يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها ثم ربي}.
8 - قوله تعالى: {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله ولرسول}.
و غير ذلك كما في شأن اليتامى و الحيض
فكان رسول الله صلى الله عليه و سلم وسيطا ينقل الجواب بتوجه من الله (قل) إلا في مسألة الدعاء فإن الله لم يجعل الرسول صلى الله عليه و سلم وسيطا بل تولى الجواب مباشرة دون قوله تعالى (قل)
فعندما سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم: (يا رسول الله أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه فانزل الله وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان) رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتابه السنة 1/ 277 و ابن حبان في كتابه الثقات 8/ 436 و ذكره سببا لنزول الآية الطبري في تفسيره 2/ 158 و ابن كثير في تفسيره 1/ 219 و القرطبي في تفسيره 2/ 308 ذكره سبب النزول عن الحسن البصري رحمه الله.
و هذه إشارة ربانية إلى أن الله تعالى لا يحب و لا يحتاج العبد إلى وسطاء أو شفعاء عند دعاءه لربه عز وجل بل يدعوه مباشرة و قوله تعالى: {فليستجيبوا لي} أي فليدعوني.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/426)
ويلاحظ المطلع اللبيب أن الزميلة في بداية موضوعها عرجت على تعريف الاستغاثة. وهذا أمر جميل أن تعرج لتبيانها حتى لا يختلط بين التوسل والاستغاثة , مع أن تعريفها خالي ضعيف فيه أغلاط شرعية نسأل الله السلامة. .
ولذلك عرجت لتعريف الاستغاثة حسب مفهومها الشرعي.
تعريف الاستغاثة حسب مفهومها اللغوي والشرعي:
فالاستغاثة مصدر استغاث والاسم الغوث, والغوثاء, والغواث.
يقال: أجاب الله دعاءه وغُواثه , وغَواثه , ولا يوجد في اللغة فعال بالفتح في الأصوات إلا غواث والباقي بالضم أو الكسر ويقول الواقع في بلية: أغثني أي فرج عني. فالاغاثة هي الاستجابة إلا أن الإغاثة أحق بالأفعال.
وبهذا نعرف أن الاستغاثة بشيء لا يقدر عليه إلا الله هو إشراك بالله وبقدرته في ذلك كأن يقول القائل: (يا محمد أهدي الوهابية) فهذا لا يجوز لأن الهداية لا يملكها إلا الله وقائلها مشرك لأنه أشرك بالله في دعاء لا يجوز.
ثانياً:
اعتقاده القدرة في شيء من خصائص الله ولهذا حكم على المستغيث بشيء لا يقدر عليه إلا الله شرك لأنه أشراك في قدرة الله وحده.
أضيف:
من ظن أن كل استغاثة حرام فهو مخطئ , فإن الاستغاثة المنفية على نوعين:
1 - الاستغاثة بالميت منفية مطلقاً وفي كل شيء.
2 - الاستغاثة بالمخلوق الحي الغائب مطلقاً أو الحاضر فيما لا يقدر عليه إلا الله.
فهذه الاستغاثة المحرمة.
يعتري الاستغاثة أربعة أحكام:
ا - الإباحة: وذلك في طلب الحوائج من الأحياء فيما يقدرون عليه كقوله تعالى: {فاستغاثة الذي من شيعته على الذي من عدوه}.
2 - الاستغاثة المندوبة " المطلوبة " الاستغاثة بالله: قا ل تعالى: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم -أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين}. {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء}.
3 _ الاستغاثة الواجبة: وذلك إذا ترتب على ترك الاستغاثة هلاك الإنسان. كاستغاثة الغريق برجل يعرف السباحة
4_ الاستغاثة الممنوعة.وذلك إذا استغاث الإنسان في الأمور المعنوية بمن لا يملك القوة أو التأثير سواء كان المستغاث به جنا أو إنسانا أو ملكا أو نبيا كأن يستغاث بهم ولا يستغيث بالله تعالى في تفريج الكروب عنهم أو طلب الرزق، فهذا غير جائز بإجماع العلماء وهو من الشرك، قال الحق: {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك}.
********************
وقد عرجت لأبين أن هناك فرق بين الاستغاثة والتوسل حتى لا تخلط الأمور بين النوعين , وهذا ما حدث لزميلة فهي خلطت بين الاستغاثة والتوسل لتهرب مما حصرناها فيه.
فقلت:
فلقد رأيت الزميلة هداها الله إلى الحق خلطت ذلك بإيراد أدلة الاستغاثة بأدلة التوسل.
أقول أنا فهّاد: لا يجوز أن يكون لفظ الاستغاثة بغير الله بمعنى التوسل.
فإن قلت يا زميلة:
إن معنى قول المستغيث أستغيث برسول الله، وبفلان الولي أي أتوسل برسول الله أو بالولي الصالح، ويصح حينئذ أن يقال تجوز الاستغاثة في كل ما يطلب من الله بالأنبياء والصالحين بمعنى أنه يجوز التوسل بهم في ذلك ويصح لفظاً ومعنى.
فسوف أجاوبك: أن هذا باطل من وجوه:
ا- إن لفظ الاستغاثة في الكتاب والسنة وكلام العرب إنما هو مستعمل بمعنى الطلب من المستغاث به لا بمعنى التوسل، وقد اتفق من يعتد به من أهل العلم على أن الاستغاثة لا تجوز بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، وقول القائل أستغيث به بمعنى توسلت بجاهه، هذا كلام لم ينطق به أحد من الأمم لا حقيقةً ولا مجازاً ولم يقل أحد مثل هذا، ولا معناه لا مسلم ولا كافر.
2 - أنه لا يقال أستغيث إليك يا فلان بفلان أن تفعل بي كذا، وإنما يقال أستغيث بفلان أن يفعل بي كذا، فأهل اللغة يجعلون فاعل المطلوب هو المستغاث به، ولا يجعلون المستغاث به واحداً والمطلوب آخر، فالاستغاثة طلب منه لا به.
3 - أن من سأل الشيء، أو توسل به، لا يكون مخاطباً له ولا مستغيثاً به، لأن قول السائل، أتوسل إليك يا إلهي بفلان: إنما هو خطاب لله، لا لذلك المتوسل به بخلاف المستغاث به، فإنه مخاطب مسئول منه الغوث فيما سأل من الله فحصلت المشاركة في سؤال ما لا يقدر عليه إلا الله، وكل دعاء شرعي لابد أن يكون الله هو المدعو فيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/427)
4 - أن لفظ التوسل والتوجه ومعناهما يراد به أن يتوسل إلى الله ويتوجه إليه بدعاء الأنبياء والصالحين وشفاعتهم عند خالقهم في حال دعائهم إياه، فهذا هو الذي جاء في بعض ألفاظ السلف من الصحابة رضوان الله عليهم .. وهذا هو الذي عناه الفقهاء في كتاب الاستسقاء في قولهم ويستحب أن يستسقى بالصالحين.
وقد رأينا أيها الإخوة أن الزميلة تجنت على اللغة والعرف بقولها أن قولي:
[فمثلا عندما أقول: يا محمد أغثنا وأغث الأمة بصلاح المبتدعين النواصب والروافض].
فالزميلة تحيل استغاثتها بأنها تطلب من الرسول أن يدعو لها. فبالله عليكم هل يسمى هذا استغاثة أم توسل. ألم تجعل الرسول واسطة لها يدعوا الله لها في قبره, فهذا يسمى توسل.
ولاكن أقول: طريق الهرب من سيوف فهَّاد قصيرة. وبهذا يتضح أنها تتحدث عن الاستغاثة وتلبسينها لباس التوسل.
أقول مثال ذلك قول: [يا محمد أصلح الوهابيين].
معلوم أن يا: حرف نداء , ومحمد: منادى منصوب. أصلح: فعل أمر والفاعل ضمير يعود إلى محمد.
أما قول الزميلة فكله تحريف ويحتاج إلى مترجم ليترجم لي ذلك.
تقول الزميلة: في تحرف معنى الاستغاثة: [يا محمد أصلح الوهابية].
يا: حرف نداء
محمد: منادى:
أصلح: فعل أمر يعود إلى الله بعد ما يدعوا محمد ربه في هدايتهم.
وبهذا نفهم أنه لا يقال أستغيث إليك يا فلان بفلان أن تفعل بي كذا، وإنما يقال أستغيث بفلان أن يفعل بي كذا، فأهل اللغة يجعلون فاعل المطلوب هو المستغاث به، ولا يجعلون المستغاث به واحداً والمطلوب آخر، فالاستغاثة طلب منه لا به. فهل فهمتي ذلك
وأضيف:
أن المستغاث به، مخاطب مسئول منه الغوث , لا أن يكون واسطة للمغيث. فهذا أسمه توسل. وبهذا يتضح تخبط الزميلة نسأل الله السلامة والعافية في الدين والعقل.
وأقول: حتى في اللغة والإعراب تحريف , فهنيئاً لكم تحريف اللغة بعد ماحرفتم كتاب الله.
ثانياً: لو فرضنا حلية الاستغاثة بالرسول , وهذا أمر مستبعد بالكلية.
فإنه لا يجوز الاستغاثة به في إصلاح أحد. لأنه لا يستطيع ولا يملكه , بأن يهدي الوهابية فهذا الأمر نفاه الله عن رسوله في حيال حياته فكيف به وقد مات أو ماهم من دونه من أشياخ الطرق والأولياء؟!
فقد قال الحق في حق نبيه: {إنك لا تهدي من أحببت ولاكن الله يهدي من يشاء}.
والرسول ليس مأمور بذلك لأنه لا يقدر عليه فقال له الحق: {ليس عليك هداهم}.
فكيف تقررين أمر هل هكذا من رأسك؟! نسأل الله السلامة في العقل والدين.
استطراد مهم:
أنتم تدعون أو تستغيثون بالرسول محمد أو بالولي بأمر لا يقدر عليه إلا الله , كالمغفرة وما شابهها من أمور.
فتذكري هداك الله قول إبراهيم الخليل: {وما أملك لك من الله من شيء}.
فهو لا يملك شيء فما بالك بالأولياء الأقل درجة منه.
ألم تسمعي قول الحق: {بل لم نكن ندعوا من قبل شيئاً}.
وأقول تفكري في قول الحق سبحانه: {إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم ان كنتم صادقين}. والرسول عبد مثلنا فقد قال الحق: {قل إنما أنا بشر مثلكم}.
ولقد أمرنا الله أن نعتقد أن النبي لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فقد قال الحق: {قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشدا}. {قل إني لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله}. هذا وهو حي كيف به وهو ميت؟!
أنظري يا من تستغيثين بالرسول ماذا يقول لابنته فاطمة (يا فاطمة بنت محمد , أنقذي نفسك من النار: فإني لا أملك لك من الله ضراً ولا نفعاً) وفي رواية (لا أغني عنك من الله من شيئا) أنظري إلى قول نبي الله يعقوب لأولاده: {وما أغني عنكم من الله من شيء}
ومعلوم أن الاستغاثة مسبوقة بالاعتقاد.
أقول: لا يوجد على الأرض من يدعو من يعتقد فيه أنه لا يملك الإجابة والنفع والضر إلا أن يكون مجنوناً. فهل هناك عاقل يقول: أغثني يامن لا تملك نفعاً ولا ضراً؟! إلا أن يكون معتقداً فيهم التأثير وكشف الضر وتحصيل النفع اللهم إلا أن يكون مجنوناً فحينئذ لا يؤاخذه الله على شركه أكبر أو أصغر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/428)
الحق أنه لم يلتجئ إليهم إلا لاعتقاد فيهم النفع والضر. فإن ما في القلب من اعتقاد فاسد قد عبر عنه اللسان فصار يلهج بنداء غير الله: أغثني يا رفاعي , المدد يا جيلاني , شيء لله يا سيد دسوقي , ثم عبر عنه العمل فصار يقبل جدران القبور ويمسحها بيده ويذبح النذور عندها. نسأل الله السلامة.
وبهذا يفهم أنه لا يجوز الاستغاثة بغير الله فيما يقدر عليه الله وأيضاً لا يجوز التلبيس بن الاستغاثة والتوسل ليوهم بها الجهال.
وبعد إيضاح معنى الاستغاثة وما يترتب عليها:
نعرج إلى أمر مهم وهو يتضمن الاستغاثة ألا وهو الدعاء.
فعندما حصرنا الزميلة في باب الاستغاثة وشركه أتت تدندن بأن ما تقوم به هو نداء لا دعاء.
اما قولك أن ما تقومون به عبارة عن نداء , نسأل الله السلامة.
فسوف أبين لك من هو الغياث قبل تبيان ما أشكل
أعلمي هداك الله للحق أن لا إله إلا هو = لا غياث إلا هو. عند شيخك البيهقي.
فقد قال البيهقي: [ومن أسمائه الغياث ومعناها: المدرك عباده في الشدائد. قال الرسول: (اللهم أغثنا اللهم أغثنا)] الأسماء والصفات 88 "
أقول: ليس هناك دليل يعتمد عليه في كون الغياث اسما من أسماء الله , وهناك فرق بين إطلاقه على الله خبرا وبين أن يكون اسما , لأن أسماء الله توقيفية.
وأقول: انتم تتوجهون بالاستغاثة إلى من كان يستغيث الله وحدة فكيف يكون من بين المستغيثين من يكون غياثأً للمستغيثين في آن واحد.
والله وحده غياث المستغيثين مطلقاً لا يستثنى من ذلك نبي ولا ولي. وقال القرطبي عند شرح اسم الله (غياث المستغيثين) [يجب على كل مكلف أن يعلم انه لا غياث ولا مغيث على الإطلاق إلا الله] الاسنى شرح الأسماء الحسنى 1/ 287
وبهذا نبين نوع آخر من الشرك بأنكم جعلتم غياث للمستغيثين آخر غير الله.
وسوف أعرج على أن ما تقولون به هو الدعاء. لا النداء فالنداء لا يستلزم الافتقار والتذلل بعكس ما تقومون به من الدعاء. فقد قال شيخكم الزبيدي: (أي الدعاء ليس إلا إظهار غاية التذلل والافترار) إتحاف السادة المتقين 5/ 29.
أقول: بل زدتم على ذلك يازميلة وجعلتم ملجأكم عند المصائب لأهل القبور , الذي أنقطع عملهم وهم مفتقرون لدعائكم.
وأضيف:
معلوم أن النصارى لا يقولون أن مريم إله ولاكن عدها الله إله لأنها تدعى من دونه , ولفظ من دونه عام لا يجوز تخصيصه إلا بدليل.
فقد قال الحق: {وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت لناس اتخذوني وأمي ألهين من دون الله}.
فها نحن نجد أن الله عدهم أنهم يعبدونها.
انظري لقول الله في هذه الآية وتفكري , قال الحق: {قل أفتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً}.
والآية واضحة أن المراد بذلك العباد لا القبور فقد استعاض عن ذلك بأنهم لا يملكون لأنفسهم , وإطلاق النفس , لكل ذي روح.
- وفي الفروق اللغوية لأبي هلال / 534:
الفرق بين النداء والدعاء: أن النداء هو رفع الصوت بماله معنى، والعربي يقول لصاحبه ناد معي ليكون ذلك أندى لصوتنا، أي أبعد له.
والدعاء يكون برفع الصوت وخفضه، يقال دعوته من بعيد ودعوت الله في نفسي، ولا يقال ناديته في نفسي. انتهى.
وبذلك: تفند كل أقوالك: بأن النداء يستلزم رفع الصوت أما الدعاء فما كان في القلب أو ما كان كتابة.
ثانياً: لقد أوضحت أقوال أشياخك في مشاركتي السابقة بتبيان الدعاء وهو التذلل في الطلب في أمر لا يقدر عليه إلا الله. وهذا ما رأيناه نسأل الله السلامة.
ثالثاً: لا يصح الدعاء لمن لا يسمع. ولا يضر ولا ينفع. إلا أن يكون الداعي مجنوناً فعند ذلك لا يحاسب على شركه.
تقول الزميلة أنها تستغيث بالله مع اعتقادها النفع والضر من الله وأن نا نستغيث بالرسول:
فأجيب:
أقول: هذا معلوم مسبقاً يا زميلة , وهذا أيضاً ما يعتقدة , المشركون عباد القبور.
ألم تسمعي قول الحق: {فإذا ركبوا في الفلك دعوا اللّه مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون}.
فهاهم يعلمون أن القادر هو الله وحدة وإلا لاستغاثوا بأصنامهم في الشدائد , وحتى أنهم يؤمنون أن الله هو الخالق الرازق المتصرف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/429)
ألم تسمعي قول الحق في ذلك: {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون}.
وقول الحق: {قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون * سيقولن لله قل أفلا تسحرون}.
فأي مشروعية في ذلك هداك الله لكل خير.
فالرسول محمد لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا , ونحن مأمورون بالأيمان بذلك فقد قال الحق: {قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشدا}. {قل إني لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله}. هذا وهو حي كيف به وهو ميت؟!
فكيف تطلبين منه ما لا يملك لنفسه.
بل هذا شرك نسأل الله السلامة ألم تسمعي قول الحق سبحانه: {إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين}.
والنبي الذي هو أفضل من الأئمة بشر مثلنا {قل إنما أنا بشر مثلكم} فالنهي عام عن دعاء جميع العباد وتخصيص الدعاء بالمعبود وحده.
وقد احتجت علينا الزميلة بأنه لا يصح الاحتجاج بالآيات التي نزلت في المشركين علينا.
فأجبيها بهذا الحديث الشريف:
عن أبى واقد الليثى قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين، و نحن حدثاء عهد بكفر و للمشركين سدرة يعكفون عندها و ينوطون بها أسلحتهم، يقال لها ذات أنواط فمررنا بسدرة فقلنا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات انواط فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((الله أكبر إنها السنن قلتم و الذى نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى ((اجعل لنا إلها كما لهم ءالهة قال أنكم تجهلون)) 0 رواه الترمذى و صححه باب ما جاء لتركبن سنن من كان قبلكم و أحمد 5/ 218
و في هذا دليل على أن كل ما ذم الله به اليهود و النصارى في القرآن أنه لنا. و جواز الاستدلال بالآيات التي نزلت في الكفار و إلزام المسلمين بها إن هم فعلوا فعلهم و تابعوهم في سننهم.
وبهذا يتضح جواز وصحة الاحتجاج بالآيات الذامة للمشركين بمن عمل عملهم من أصحاب القبلة , الجهال , فما بالنا بالمشركين المصرين على شركهم بعد ما أتتهم الحجة.
وبهذا يتضح أن دعاء واستغاثة غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الحق شرك نسأل الله السلامة , ولو كان المدعو المستغيث بالرسول محمد.
فقد قال الحق: {قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين}.
و قول الحق: {والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون}. وهذه مطلقة لكل من هو دون الله ومعلوم أن الرسول دون الله.
أدعوك لتفكر في قول الحق: {أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا}.
نسأل الله السلامة.
أنظر إلى قول الحق: {قل من رب السماوات والأرض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار}.
فقد بين الله أنهم لا يملكون لأنفسهم نفع ولا ضر , كما بين ذلك في حال حبيبه محمد.
اسمعي لهذه الآية الصريحة في حرمة دعاء والاستغاثة بما لا يملك النفع والضر , كحال المصطفى محمد بن عبد الله , قال الحق: {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين}. هل تريدين أ تكوني من الظالمين , ومعلوم أن معنى الظالمين هو الشرك , فقد بينه الحق في قوله: {إن الشرك لظلم عظيم}.
وتعرج الزميلة إلى قولها بأنها تعجب ممن يحرمون الاستغاثة في مماته ويبيحونها في حياته. فهل زالت مرتبة الرسول عندكم بعد موته.
أجيب:
إن الاستغاثة بالرسول في ما يقدر عليه في حال حياته و سماعه هذا أمر مشروع وقد بيناه سالفاً كاستغاثة الغريق برجل يعرف السباحة في حال وجوده وسماعه.
لا كما عند الصوفية نسأل الله السلامة.
بأن الشيخ محمد صديق وقع في البحر ولم يعرف السباحة فكاد إن يغرق فناداه _ أي عبد القادر _ مستغيثاً به فحضر وأخذ بيده وأنقذه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/430)
وحكى في نفس الصفحة أنه كان جالساً يوماً مع أصحابه في رباطه إذ ابتلت يده الشريفة وكمه إلى إبطه فعجبوا من ذلك وسألوه عنه فقال رضي الله عنه: استغاث بي رجل من المريدين تاجرا كان راكبا في سفينة وقد كادت إن تغرق فخلصتها من الغرق فابتل لذلك كمي ويدي فوصل هذا التاجر بعد مدة وحدث بهذا كما اخبر الشيخ " المواهب السرمدية في مناقب النقشبندية. محمد الكردي ص210.
أما بعد موته فقد أنقطع عن الدنيا وألتحق بالرفيق الأعلى فكيف لنا أن ندعوه.
أما مرتبة الرسول فهو ذوحرمة حي كان أم ميت بعكس أشياخكم الأشاعرة نسأل الله السلامة.
اسمعي ماذا يقولون في الحبيب المصطفى.
وطعن الأشاعرة في نبوة خاتم النبيين حكاه أهل العلم كابن حزم وأبي الوليد الباجي بل ونقاد الجرح والتعديل كالحافظ الذهبي وهو قول كبيرهم أبي بكر بن فورك (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولاً في حياته فقط , وأن روحه قد بطل وتلاشى وليس هو في الجنة عند الله تعالى) مما دفع محمود ابن سبكتكين إلى قتله بالسم. " النجوم الزاهرة 4/ 240 وفيات الأعيان 1/ 482 سير أعلام النبلاء 6/ 83 الفصل في الملل والنحل لابن حزم 1/ 88 طبقات السبكي 4/ 132محققة. وقد دعا ابن حزم للسلطان بخير لقتله ابن فورك (سير أعلام النبلاء وأقره 17/ 216) "
ونقل ابن حزم عن الأشعرية أنهم قالوا: (إن رسول الله ليس هو اليوم رسول الله ولكنه كان رسول الله) وأوضح إن هذا القول منهم كفر صريح وتقليد لقول أبي الهذيل العلاف ..... ثم اتبعه على ذلك الطائفة المنتمية الى الأشعري." الفصل في الملل والنحل لابن حزم 1/ 88 و76 والدرة فيما يجب اعتقاده 204_205 "
ولا أقول في ذلك إلا رمتني بدائها ونسلت.
وتعرج الزميلة في أن الأموات يسمعون وتستدل بأدلة سوف أوضح بطلانها بإذن الله.
أقول أنا أبو عبيدة فهَّاد:
قال الحق تعالى: {إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء}. وقد استدل ابن همام بهذه الآية على عدم سماع الأموات وأن عدم سماع الكفار فرع عدم سماع الموتى "فتح القدير 104/ 2"
وهذه الآية مفسره بقوله تعالى: {وهم عن دعائهم غافلون}. وأفضل التفسير تفسير القرآن بالقرآن.
وقد احتج مشايخ الحنفية رحمهم الله على عدم سماع الموتى بقصة أصحاب الكهف {فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا}.إلى قوله: {كذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قالوا كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم} فإنهم من أولياء الله , وقد أنامهم نوماً ثقيلاً لا توقظهم الأصوات. فلو كانوا يعلمون لكان كلامهم كذبا.
وتحتج بذلك الزميلة أن في ذلك قياس وهو لا يجوز في ذلك:
فأجبتها:
أقول: ومن الغباء ما قتل بل الأولى أن لا يسمعوا في موتهم فمعلوم أن النوم يسمى الموت الأصغر , وقد مثله الله بالموت فما بالك بالموت الأعظم مرتبة منه , والحمد لله الذي جعلك تعترف بأن النائم لا يسمع. فأين القياس بل هو ضرب المثل من الأقل فكيف بالأكبر
قال الحق سبحانه: {الله يتوفى الأنفس موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى}.
وهذه الآية تثبت ذهاب الروح في أثناء النوم إلى البرزخ.
ولذلك في لا تسمع:
أما تبيان قول الحق: {إِن تدعوهم لا يسمعون دهاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير}.
فلا هم يملكون ولاهم يسمعون كما قال الحق: {وهو عن دعائهم غافلون}. ولا إذا سمعوا يستجيبون
أما احتجاج الزميلة بسماع موتى المشركين في قليب بدر.
لما سأل عمر: (كيف تكلم أجساداً لا أرواح فيها؟ فقال (ماأنتم بأسمع لما أقول منهم))
أقول:
1 - هذا قياس باطل , والقياس أصلا باطل لا يجوز استعماله في أمور التوحيد. قال إمام المالكية , حافظ المغرب وفقيهها ابن عبد البر: (لا خلاف في نفي القياس في التوحيد وإثباته في الأحكام). جامع بيان العلم وفضله 55/ 2
وقال ابن سيرين: (ما عبدت الشمس والقمر إلا بالمقاييس , وأول من قاس إبليس). حين قال: {خلقتني من نار وخلقته من طين}. تفسير الطبري 131/ 8
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/431)
2 - أن هناك رواية تضمنت زيادة (الآن) أي أنهم الآن يعلمون حين تبوءا مقاعدهم " البخاري 3979" وفيه تحديد السماع بمدة وجيزة. كما في الحديث الذي تحتجين به (إن الميت ليسمع قرع نعال مشيعيه). وكأنكي غفلتي عن الأحاديث الصحيحة التي تثبت عودة الروح للجسد في هذا الموقف. وهو مذهب ابن تيمية وجمهور من العلماء.
نص الحديث:
(حدثنا أبو كريب قال ثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن المنهال عن زاذان عن البراء أن رسول الله قال وذكر قبض روح المؤمن فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه في قبره فيقولان من ربك .... ألخ) تفسير الطبري ج13/ص214
ولقد ضعف ابن حزم هذه الرواية , ولاكن تتبع ابن القيم الحديث وأثبت صحته من وجوه لم اذكرها خوفاً من الإطالة ولمن أراد رد ابن القيم يجده في (حاشية ابن القيم ج13 ص63).
3 - أنك تجاهلتي تفسير قتادة الذي أورده البخاري ومسلم (أحياهم الله حتى أسمعهم قوله صلى الله عليه وسلم توبيخاً وتصغيراً ونقمة وحسرة وندامة) البخاري 3976 مسلم 2875
وقد صدر مثل هذا التوبيخ من الأنبياء السابقين منهم صالح عليه السلام: {فتولى عنهم وقال ياقوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم وكن لا تحبون الناصحين}.
وهذا ماريرآه أقرب شخص من الحبيب المصطفى. زوجته أم المؤمنين عائشة.
روى البخاري ومسلم (أحياهم الله حتى أسمعهم قوله توبيخاً وتصغيرا ونقمة وحسرة وندامة) البخاري 3976 مسلم 2875.
مسند الإمام أحمد بن حنبل ج2/ص31
4864 حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا محمد يعني بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أنه حدثهم عن بن عمر أنه قال وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على القليب يوم بدر فقال يا فلان يا فلان هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا أما والله إنهم الآن ليسمعون كلامي قال يحيى فقالت عائشة غفر الله لأبي عبد الرحمن إنه وهل إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله إنهم ليعلمون الآن أن الذي كنت أقول لهم حقا وإن الله تعالى يقول إنك لا تسمع الموتى وما أنت بمسمع من في القبور
فهاهي تفهم وتستدل بالآية بأن الموتى لا يسمعون.
وقد قالت الزميلة: أن المراد بهم هو الكافرون فأجيب: ليس المقصود بـ (الموتى) وبـ (من في القبور) الموتى حقيقة في قبورهم وإنما المراد بهم الكفار الأحياء شبهوا بالموتى (والمعنى من هم في حال الموتى أو في حال من سكن القبر) كما قال الحافظ ابن فأقول: لا شك عند كل من تدبر الآيتين وسياقهما أن المعنى هو ما ذكره الحافظ رحمه الله تعالى.
وعلى ذلك جرى علماء التفسير لا خلاف بينهم في ذلك فيما علمت ولكن ذلك
لا يمنع الاستدلال بهما على ما سبق لأن الموتى لما كانوا لا يسمعون حقيقة وكان ذلك معروفا
عند المخاطبين شبه الله تعالى بهم الكفار الأحياء في عدم السماع فدل هذا التشبيه على أن المشبه بهم ـــ وهم الموتى في قبورهم ـــ لا يسمعون كما يدل مثلا تشبيه زيد في القوة بالأسد فإنه يدل على أن الأسد قوي بل هو في ذلك أقوى من زيد ولذلك شبه به وإن كان الكلام
لم يسق للتحدث عن قوة الأسد نفسه وإنما عن زيد وكذلك الآيتان السابقتان وإن كانتا تحدثتا عن الكفار الأحياء وشبهوا بموتى القبور فذلك لا ينفي أن موتى القبور لا يسمعون
بل إن كل عربي سليم السليقة لا يفهم من تشبيه موتى الأحياء بهؤلاء إلا أن هؤلاء أقوى في عدم السماع منهم.
وهذا أيضاً ما فهمه عمر بن الخطاب في إيراد الآية لرسول , ونلاحظ أن الرسول لم يرده ويقول بل أن الموتى يسمعون بل اقره على فهمه. وهذا دليل على عدم سماعهم
4 - من أضل ممن يسمع هذه الآية: {وهم عن دعائهم غافلون} ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقراً.
فأهل البدع أمام حواجز إذا اخترقوا أولها صعب علليهم وأعجزهم آخرها
فإذا تخطوا حاجز {لا يسمعوا} , اعترضهم حاجز {ولو سمعوا مستجابوا}.
أضيف:
وهل كل مخاطب يسمع؟
أقول: ليس كل من خوطب يكون سامعاً بالضرورة. فقد خاطب عمر الحجر الأسود كما في صحيح البخاري ومسلم فهل كان الحجر يسمعه؟
وليس كل من سمع يكون مجيباً. فقد فسر الحافظ سلام زائر المقابر (السلام عليكم) أي اللهم اجعل السلام عليكم "الأجوبة المهمة 24 "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/432)
وقد أجاب الحافظ ابن حجر عن ذلك فقال: (فخطاب الموتى بالسلام في قول الذي يدخل المقبرة: السلام عليكم أهل القبور من المؤمنين لا يستلزم أنهم يسمعون ذلك: بل هو بمعنى الدعاء , فالتقدير: اللهم اجعل السلام عليكم , كما نقدر في قولنا الصلاة والسلام عليك يا رسول الله , فإن المعنى: اللهم اجعل الصلاة والسلام عليك يا رسول الله) الأجوبة المهمة 24
زيادة تبيان على عدم سماع الموتى:
أقول: إن في سياق آيتي النمل والروم ما يدل على أن الموتى لا يسمعون، وبيان ذلك أن الله تعالى قال في تمام الآيتين: {ولا يسمع الصم الدعاء إذا ولو مدبرين} حيث شبه سبحانه موتى الأحياء من الكفار بالصم، والصم لا يسمعون مطلقاً، بلا خلاف، وهذا يدل على أن المشبه بهم، وهم الصم، والموتى، لهم حكم واحد، وهو عدم السماع، وفي التفسير المأثور ما يدل على هذا، فعن قتادة قال – في تفسير الآية -: (هذا مثل ضربه الله للكافر، فكما لا يسمع الميت الدعاء، كذلك لا يسمع الكافر، {ولا يسمع الصم الدعاء} يقول: لو أن أصم ولى مدبراً ثم ناديته، لم يسمع، كذلك الكافر لا يسمع، ولا ينتفع بما سمع).أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (10/ 197).
تفسير ابن أبي حاتم ج9/ص2921
16581 حدثنا أبي ثنا هشام بن خالد ثنا شعيب بن إسحاق ثنا سعيد عن قتادة قوله: {انك لا تسمع الموتى} قال: هذا مثل ضربه الله للكافر كما لا يسمع الموتى
الدر المنثور ج6/ص376
قوله تعالى: {إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولو مدبرين وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون}.
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {إنك لا تسمع الموتى} قال هذا مثل ضربه الله للكافر كما لا يسمع الميت كذلك لا يسمع الكافر.
أنظري فهم أم المؤمنين وأقرب إنسان لرسول ماذا تقول عن ذلك.
الدر المنثور ج6/ص500
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال وقف النبي صلى الله عليه وسلم على قليب بدر فقال هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ثم قال انهم الآن يسمعون ما أقول
فذكر لعائشة رضي الله عنها فقالت إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم انهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق ثم قرأت إنك لا تسمع الموتى حتى قرأت الآية
الدر المنثور ج6/ص501
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال نزلت هذه الآية في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأهل بدر إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين
تفسير ابن كثير ج3/ص439
وقد استدلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بهذه الآية إنك لا تسمع الموتى على توهيهم عبد الله بن عمر في روايته مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم القتلى الذين ألقوا في قليب بدر بعد ثلاثة أيام ومعاتبته إياهم وتقريعه لهم.
فهل هناك اصح من هذين الكتابين علاوة على اعتقاد ام المؤمنين عائشة , أتريديننا أن نترك كل هؤلاء والروايات الصحيحة ونأخذ فهمك السقيم.
وسوف أعرج مع الزميلة لنرى ذلك حسب منظور قول الحق: {قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير}.
أما عن الأنبياء فأقول: هم أحياء ولاكن!
نعم أحياء وسوف افصل هذا الأمر تفصيلا مع بعض الإيرادات بإذن الله.
قلت:
أن الأنبياء أحياء في قبورهم , ولاكن العجب من بني صوفان نسأل الله السلامة أنهم غالوا في ذلك ووضعوا في ذلك الأساطير.
فقد قال الحداد الصوفي: (يأكلون ويشربون ويصلون ويحجون بل ينكحون وكذلك الشهداء: شوهدوا نهاراً وجهارا يقاتلون الكفار في العالم المحسوس في الحياة وبعد الممات) أنظري مصباح الأنام وجلاء الظلام في رد شبهة البدعي النجدي التي أضل بها العوام ص26.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/433)
أقول: إن موت الأنبياء الدنيوي لا يجوز إنكاره فقد قال الحق: {إنك ميت وإنهم ميتون}. ولكن ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أن الأنبياء السابقين (إبراهيم وموسى وداود) أحياء في قبورهم؟ فلماذا لم يسألهم ولم يخاطبهم ولم يفعل صحابته شيئاً من ذلك؟ فإن رسولنا لم يستغيث قبل موته بأحد من الأنبياء مع علمه بحياتهم البرزخية ولم يعلم أحد من أصحابه أن يستغيثوا بنبي من الأنبياء.
ألم تسمعي قول الحق في ذلك: فقد قال تعالى على لسان عيسى: {وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد}.
دليل على أن الأنبياء وإن كانوا أحياء فإنهم لا يعودون شهداء على قومهم. وأنت تجعلين النبي شهيداً عليهم سواء في حياته أو بعد موته , كقول علوي المالكي (روحانية المصطفى حاضرة في كل مكان , فهي تشهد أماكن الخير ومجالس الفضل) الذخائر المحمدية 259 فكأنه يقول: وهو معكم أينما كنتم!
ويبطل ذلك قول النبي لجبريل عليه السلام: (ما منعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا؟ فنزلت {وما نتنزل إلا بأمر ربك}. فإذا كان نزول جبريل لزيارة محمد لا تكون الا بأمر الله رب العالمين فكيف بنزول أرواح المشايخ واجتماعاتهم بالأحياء وادعاء الجهال مجيء الرسول مجالس الذكر. نسأل الله السلامة.
أقول: سبحان الله لا تفرقين يا زميلة بين الحي والميت , بل ساويت بين ذلك مخالفة كتاب الله سبحانه.
أما القرآن فيقول الحق: {وما يستوي الأحياء ولا الأموات}.
وعندكم يستوون. وقال المسيح عليه السلام {وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم}.
وأما السنة فقد قال نبينا عند موته: (اللهم الرفيق الأعلى) ومن كان في الرفيق الأعلى فقد غاب عن الدنيا. غير أنك رحمك الله تجعلين النبي شهيداً عليهم في الدنيا والآخرة وفي القبر.
أقول: فتوحيدكم لا يصححه قرآن ولا سنة بل يشهدان بضد ذلك.
وأذكر كي بما قال القشيري: (كل توحيد لا يصححه الكتاب والسنة فهو تلحيد لا توحيد) رسالة السماع ضمن رسالة القشيري 62.
سوف أطرح موضوعك هذا تحت مرآة هذه الآية الكريمة قال الحق: {إن تدعوهم لا يسمعون دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم}. فلا هم يملكون ولا يسمعون كما قال لحق: {وهم عن دعائهم غافلون} ولا اذا سمعوا يستجيبون , ولكن الزميلة الفاضلة تخالف هذه الآية فيقول لسان حالها: بلى يسمعون ويجيبون ويخرجون من قبورهم فيقضون الحوائج ويكشفون الضر ثم إلى قبورهم يعودون ويملكون النفع والضر.
فهذه الآية قطعت طريق الشرك وسدت أبوابه أمام المشركين
فالداعي غير الله إنما يتعلق قلبه بالقبور:
1 - لما يرجوا فيها من حصول منفعة أو دفع مضرة وحينئذ: فلا بد أن يكون معتقداً أن هذا الولي يملك أسباب المنفعة. فنفى الله ذلك قائلاً {ولا يملكون مثقال ذرة}.
2 - أو أن يكون هذا الولي المدعو شريكاً مع الله. فنفى الله ذلك قائلا {وما لهم فيهما من شرك}.
3 - أو أن يكون وزيراً معاوناً لله ذا حرمة وقدر يمكن الانتفاع به عند المالك. فنفى الله ذلك وقال: {وما له منهم من ظهير}
4 - فلم يبق للمشرك إلا حجة واحدة يتعلق بها وهي الشفاعة فيقول: {هؤلاء شفعاؤنا عند الله} فنفى الله ذلك وقال: {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أن له}. فنفى الله عن غيره النفع والضر والشراكة في الملك وامتلاك الشفاعة وإنما الشفاعة حق يملكه الله فلا يسألها من لا يملكها. وحتى إذا أعطي نبينا الشفاعة فإنه لا يشفع فيمن يشاء ولكن فيمن يأذن الله.
أقول: وأشبه من يدعو الأموات بالنصارى الذين يدعون مريم ابنة عمران.
فقد قال الحق: {وإذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله} فالذين يدعون المقبورين وإن كانوا يعتقدون أن من يدعونه لا يخلق نفعاً إلا انه ما زالت هناك مشابهة بينهم وبين النصارى الذين يعتقدون أن مريم لا تخلق نفعاً ولكنهم يطلبون منها إن تشفع لهم عند الرب وتخلصهم وتقضي حوائجهم , فحكم الله بأنهم يؤلهونها لأنهم كانوا يدعونها مع الله كما في تفسير قوله تعالى: {قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا}.
آيتين قاطعتين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/434)
فالله في قرآنه يضرب الأمثال -- لتوصيل الفكرة.
و سأعطيك بعض الأمثلة:
قول الحق: {لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين} لكنه سبحانه لم يتخذ.
قول الحق: {قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا} ليس معه آلهة سبحانه.
قول الحق: {ولو شاء الله لجمعهم على الهدى} لكنه سبحانه لم يشأ.
قول الحق: {لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا} محمد عليه الصلاة و السلام لم يطلع.
و من سياق الآيتين -- يفهم استحالة حصول هذا الشيء
أسمعي هذه الآية:
{لوأننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم جاهلون}
أنظري إلى الافتراضات التي وضعها لهم الله سبحانه و تعالى:
1 - {نزلنا عليهم الملائكة}.
2 - {وكلمهم الموتى}.
3 - {وحشرنا عليهم كل شيء قبلا}.
فكل هذه الأشياء لن تحصل.
الآية الثانية:
قال الحق: {ولو أن قرأنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعا أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريباً من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد}
هي أيضا نفس الآية الأولى من حيث المعنى العام.
فالجبال لم تسير بالقرآن
و لم تقطع به الأرض
و لم يتكلم به الموتى
*********************
إثبات أن الشهداء والأنبياء لا يسمعون.
1 - الأنبياء
فقد بين الله سبحانه وتعالى على لسان نبيه عيسى: {وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد}. فهذا دليل على أن عيسى لا يكون شهيد ولو كان حي , وهذا هو الرسول محمد يقول: (اللهم في الرفيق الأعلى) ومن كان في الرفيق الأعلى فقد غاب عن هذه الدنيا , فهل تجعلين الرسول شهيداً عليك ويسمع دعائك وقد بين الله أنهم لم يعودوا شهداء
2 - الشهداء لا يسمعون:
قال الحق: {ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون}
أنظري تجدين فيها {لا تشعرون} - أي لا يوجد إمكانية الإحساس بذلك ومعلوم أن الإحساس لا يعرف إلا عن طريق الحواس ومنها السمع.
قال الحق: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموات بل أحياء عند ربهم يرزقون}.
فيها: {عند ربهِم يرزقون}
أي ليس عندنا - و هي تؤكد الآية التي قبلها {لا تشعرون} لأنهم عند ربهم.
و هم ليسوا عندنا أو معنا أو لنا صلة بهم.
و فيها أيضا {يرزقون} و الرزق لا يكون إلا في الجنة فأرواحهم في حواصل طيور في الجنة.
وما يؤكد أن الشهداء في الجنة قول الحق: {قيل ادخل الجنة قال باليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين}.
فهو في الجنة لا يقدر أن يوصل علمه إلى قومه لأنه غائب عنهم في نعيم الله وهذا ينفي سماعه أو سماعهم إياه.
أما قولك عن القياس فعلمي أن القياس لا يجوز في أمور العقيدة أي الاعتقاد والغيبيات.
مثال ذلك أن تقيسي جناح الملائكة بجناح الطائرة أو الطائر , وتسبيح الشجر كتسبيحك , فهذه أمور قريبه منا نجهلها فما بالنا بالغيبيات.
فقد قال إمام المالكية , حافظ المغرب وفقيهها ابن عبد البر: (لا خلاف في نفي القياس في التوحيد وإثباته في الأحكام) جامع بيان العلم وفضله 55/ 2
وقال ابن سيرين: (ما عبدت الشمس والقمر إلا بالمقاييس , وأول من قاس إبليس) حين قال {خلقتني من نار وخلقته من طين}. تفسير الطبري 131/ 8.
أما التكفير فيا زميلة و لماذا نطلق على الصوفية الوثنيون أو عباد القبور لتوضيح هذه النقطة نحتاج إلى توضيح أربعة نقاط مترابطة و متسلسلة
1 - دعاء الميت أو الحي يجعله إله.
2 - دعاء الميت عبادة له.
3 - هل كان المشركون الأوائل يعبدون حجارة أم رجال صالحين في صورة حجارة.
3 - الإيمان ببعض الدين و ترك بعضه لا ينفع صاحبة.
النقطة الأولى: -
الدليل:
قال تعالى: {و إذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني و امى إلاهين}.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/435)
و من المعلوم إن النصارى يقولون إن عيسى إله و لا يقولون إن مريم إله بل هي بشر و لا نعتقد إنها تخلق نفعا و لا ضرا غير إننا نتخذها شفيعة لنا عند الرب. و لكن الله ألزمهم بعبادتها و إن رفضوا لأنهم يدعونها من دون الله و يطلبون منها ما يطلبه الصوفية اليوم من الجيلانى و الدسوقى و البرعى.
و في حديث ذات أنواط نرى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف طلب الصحابة التبرك بالسادرة مثل طلب أصحاب موسى إن يجعل لهم إلها كما لهم آله فدل ذلك على إن التبرك بالقبور و اعتقاد نفعها و ضرها يصيرها وثنا و إلها.
النقطة الثانية:
قال تعالى على لسان إبراهيم: {هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون قالوا كذلك وجدنا آباءنا يفعلون قال أفرا يتم ما كنتم تعبدون} و في الآية الثانية: {أفتعبدون مالا ينفعكم شيئا و لا يضركم}.
انظري كيف قال الله تعالى أولا: (تدعون) ثم قال: (تعبدون) فجعل دعاء هؤلاء الأولياء الذين على صورة أصنام عبادة لهم.
و في الآية الأخرى قوله تعالى: {وأعتزلكم و ما تدعون من دون الله} و بعدها قال: {فلما اعتزلهم و ما يعبدون من دون الله}
و قال صلى الله عليه وسلم: (الدعاء هو العبادة) و قوله: (الدعاء مخ العبادة)
هل رايتي يا بنت صوفان فدعاء غير الله سواء كان بشرا حيا أو ميتا عبادة له هذا إلزام من رب العالمين سواء رضيتي أم أبيتي فهو لازمكم بذلكم أصبحتم عبادا للقبور و وثنين.
النقطة الثالثة:
من المعلوم إن المشركين الأوائل لم يكونوا يعبدون الحجارة لكونها حجارة و إنما لأنها صورت على شكل صورة رجال صالحين يتقربون بها إلى الله.
الدليل:
قال تعالى: {إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين}.
فالله قال: (عباد أمثالكم) يعنى بشر مثلنا و هذا لا يصح في وصف الأصنام و إنما يصح في وصف الأولياء الذين صور المشركين الهتم على صورهم.
و قال تعالى: {و الذين تدعون من دون الله لا يخلقون شيئا و هم يخلقون. أموات غير أحياء. و ما يشعرون أيان يبعثون}
هل تتحدث الآية عن بعث الأصنام إلى الحياة بعد الموت لا يمكن ذلك: لان الأصنام لا يحل بها موت و لا بعث، و لان الشعور يستعمل فيمن يعقل و ليس في الحجارة.
و الأهم من ذلك إن أموات غير أحياء لا يصح إضافتها إلى الأحجار التي صنع منها الصنم إذ هي جماد لا يصح وصفة بالحياة و لا بالموت فلم يبق إلا أن الكلام متعلق بالصالحين الذين نحتت الأصنام على صورهم.
قال تعالى: {و يوم نحشرهم و ما يعبدون من دون الله فيقول ءانتم أضللتم عبادى هؤلاء أم هم ضلوا السبيل * قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك أولياء}.
أهذا الكلام ينفع للأصنام هل الأصنام تتكلم أم هل الأصنام تتخذ الله وليا؟!
و قال تعالى: {و إذا رأى الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربنا هؤلاء شركائنا الذين كنا ندعو من دونك. فالقو إليهم القول إنكم لكاذبون} هل الأصنام تقول إنكم لكاذبون سبحان الله. و هنا فائدة أخرى إن دعاء غير الله شرك و موئله إلى نار جهنم و بئس المصير فمن لقي الله و هو يدعو من دونه ندا دخل النار.
و بما إن غالبية الوثنين الجدد أشاعرة فهاكي هذه الحجة الملزمة من شيخك الرازي في تفسيره الكبير: (أعلم إن الكفار أوردوا سؤلا فقالوا نحن لا نعبد هذه الأصنام لاعتقاد أنها تضر و تنفع و إنما نعبدها لأجل أنها تماثيل لأشخاص كانوا عند الله من المقربين فنحن نعبدها لأجل أن يصير هولاء الأكابر شفعاء لنا عند الله فأجاب الله تعالى: {أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولوا كانوا لا يملكون شيئا و لا يعقلون}).
و قال أيضا: (إن المشركين وضعوا هذه الأصنام و الأوثان على صور أنبيائهم و أكابرهم و زعموا أنهم متى اشتغلوا بعبادة هذه التماثيل - دعائها - تكون شفعاء لهم عند الله تعالى.
قال و نظيره في الزمان اشتغال كثير من الخلق بتعظيم قبور الأكابر على اعتقادهم أنهم إذا عكفوا على قبورهم فإنهم يكونون لهم شفعاء عند الله)
يبدوا إن الرازي عنده الوثنية وهابي حتى يقول هذا الكلام؟!
و قال التفتازنى الأشعرى: (إن شرك المشركين وقع حين مات منهم من هو كامل المرتبة عند الله و اتخذوا تمثلا على صورته و عظموه تشفعا إلى الله تعالى و توسلا).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/436)
و التفتزانى أيضا تأثر بكلام محمد بن عبد الوهاب حتى يوافقه!.
و أقولها لكي خلاصة: إنما يقع في نفس الفخ من لم يعرف نوع الفخ الذي نصبه الشيطان لمشركي الأمس.
النقطة الرابعة:
الدليل:
قال تعالى: {افاتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض}.
الإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعضه لا ينفع عند الله لا بد للتسليم لله بكامل الدين.
فلو إن رجلا يعبد الله و يسبح في اليوم مائة ألف مرة و يؤلف الكتب و يدعوا إلى الله و يزوج الايامى و يطعم الفقراء و عمل ما عمل ثم قال: إن الخمر حلال و ليس حرام لحبط عملة و لم ينفعه مثقال ذره , إذا كان قرأ حرمتها من كتاب الله.
فكذلك من دعي غير الله فقد عبده و ألهه و أشركه مع الله في العبادة و من دعاء مع الله ندا لا يقبل منه صرفا و لا عدلا.
و كذلك نقطة أخرى القرآن يشهد للكفار أنهم كانوا يؤمنون إن الله هو الرازق المدبر الخالق المميت النافع الضار و كانوا يصلون و يزكون و يحجون و كانوا يقولون نحن على دين إبراهيم نحن على الحنيفية السمحة فلم ينفعهم قولهم و لم تنفعهم عبادتهم لأنهم أشركوا مع الله ندا و دعوا مع الله وليا فكان جزائهم نار جهنم خالدين فيها.
فدعوى الصوفية أنهم أهل السلوك و التزكية و الأخلاق و الزهد و الإحسان لا ينفع عند الله جناح بعوضه إذا لم يؤسس على توحيد صافى لله رب العالمين.
الخلاصة: -
دعاء غير الله يؤلهه فعندما يدعو الصوفية الدسوقي و الجيلانى و الشاذلي و النقشبندي فقد جعلوهم اله وأوثان.
الدعاء عبادة فعندما يدعو الصوفية الإله الدسوقي يعنى أنهم عبدوه و يعنى جعلوا قبره وثنا و إلها يعبد.
فإذا عبد الصوفية الإله الدسوقي و الإله الشاذلي و الوثن البدوي و الصنم الجيلانى و فعلوا معها السبعة و زمتها حفظوا القران و ذكروا الله بآلاف و قاموا الليل و صاموا النهار و تركوا الدنيا و حسنوا أخلاقهم فهذا لا ينفعهم عند الله و لا يسوى عند الله جناح بعوضة.
فتنبهوا يا أصحاب ديانة بني صوفان
فقد قال الحق: {لئن أشركت ليحبطن عملك}.
وقال الحق: {وقدمنا إلى ما عملوا فجعلناه هباء منثورا}.
وهناك أمر مهم وهو أنه قد يستدل أهل البدع بأن الشهداء والأنبياء أحياء ليسوا أموات.
وقد احتجت الزميلة بالمعراج بجواز الاستغاثة بالأنبياء فأجبتها.
أقول أنا أبو عبيدة فهَّاد:
لقد بنيتي على حديث المعراج هذا جواز سؤال الأنبياء وأنهم يتصرفون في أمور الحياة. بينما حديث المعراج صريح في أن موسى هو الذي طلب من النبي محمد أن يسأل الله التخفيف فقال ارجع إلى ربك (واسأله)
أقول: لكن في هذا الحديث فوائد أخرى تجاهلتيها ومنها أفاد علو الله فوق سماواته. ففي السماء السابعة فرضت الصلاة خمسين صلاة. ولما رجع النبي إلى السماء الخامسة لقي موسى فأمره أن يرجع إلى الله فيسأله التخفيف. حتى قال النبي (فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى) أقول: فليس من الإنصاف أن تحتجي ببعض الحديث وتعرضي عن بعض الآخر.
أضيف:
أننا لا نعلق حكم سؤال المقبور على حياته أو موته ولكن مدار الحكم على المشروع الوارد , فلا يوجد في دين الإسلام الحث على محادثة المدفون.
فالحديث حجة عليك. فلم يقل أغثنا يا موسى أو مدد على النحو الذي تفعلونه. وكقول علي بن عثمان الرفاعي [خليفة الشيخ الرفاعي] (يا سادة من كان منكم له حاجة فليلزمني بها , ومن شكا إلى سلطانه أو شيطانه ا زوجته أو دابته أو أرضه إن كانت لا تنبت أو نخله إن كان لا يثمر أو دابة لا تحمل: فليلزمني بها فاني مجيب) قلادة الجواهر 323
وقول الشيخ جاكير الكردي للناس: (إذا وقعتم في شدة فنادوا باسمي) جامع الكرامات 1/ 379
أقول: الحمد لله الذي عافاني من هذا الكفر.
وأقول: وإذا اختلفنا في فهم النص: فإننا نرجع إلى فهم الصحابة:
والصحابة لم يفهموا الحديث على النحو الذي تفهمونه من جواز سؤال الأنبياء مع الله أو التوسل بهم:
أقول: أأتينا برواية صحيحة السند إلى صحابي سأل نبياً من الأنبياء السابقين بعد موته. فإن لم تجدي فأنت مخالفة لسلف , فخبر موسى لم يخف عليهم وقد تركوا التوسل بعد موت نبيهم بعد موته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/437)
أقول: إن النبي محمد رأى موسى وغيره من الأنبياء في السموات على قدر منازلهم , ولم يكن عاكفاً على قبر موسى والفرق كبير جداً بين الأمرين. ولاكن أهل الزيغ يتجاهلون ذلك. نسأل الله السلامة. ولو لم يكن فرق لكلم الرسول الأنبياء دائماً من غير معراج.
ولهذا نرى المصطفى يصرح في أكثر من مرة بأن موسى غائب عن هذا العالم المحسوس فقد قال:
الدر المنثور ج2/ص253
وأخرج أبو يعلى عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا
إنكم إما أن تصدقوا بباطل وإما أن تكذبوا بحق وإنه - والله - لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني
أقول: وهذا تبيان من المصطفى أن موسى غائب عن هذا العالم المحسوس.
أقول: وإذا كانت أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تسرح في الجنة فأرواح الأنبياء في أعلى عليين. ولم يعرف السلف مخاطبة شهداء ولا أنبياء.
أقول: وبهذا نرى انحراف الصوفية بسبب هذه العقيدة المنحرفة نسأل الله السلامة.
فقد ذكر السيوطي: (أن الله أذن للأنبياء بالخروج من قبورهم والتصرف في الملكوت العلوي والسفلي) " الحاوي للفتاوي "
وذكر محمد بن علوي مالكي أن النبي: (حي الدارين دائم العناية بأمته: متصرف بإذن الله في شونها: خبير بأحوالها) مفاهيم يجب أن تصحح ص91 (وأنه لا ملاذ ولا ملجأ إلا إلى النبي ونشد يقول) الذخائر المحمدية ص101
هذا نزيلك أضحى لاملاذ له ==== إلا جناحك يا سؤالي ويا أملي
وليس لنا إليك فرارنا ===== وأين فرار الناس إلا إلى الرسل.
وأنه لا له فرار ولا ملاذ ولا عصمة إلا بمحمد وكأنه نسي قول الحق: {ففروا إلى الله}. فقا الذخائر المحمدية 133
أستغفر الله العظيم من هذا.
أقول أنا فهَّاد: لا يجوز على الرسول المعصوم في أمور التبليغ أن يغفل على أن يبلغنا هذا الفضل [في زعمك دعاء الأموات] فإنه بذلك قام بإخفاء أمر اختلفت عليها الأمة و بلغ فيه التناحر ما بلغ.
.ولذلك فقد أكثر القرآن من إثبات حرمة هذا الأمر والاستغاثة بما هم دون الله في مالا يقدر عليه إلا الله , وأرجو من الزميلة أن تركز ولا تخلط بين الاستغاثة والتوسل فشتان بين ذلك.
اسمعي لقول الحق: {أليس الله بكاف عبده}.
قال شيخكم الزبيري: (وقبيح بذوي الإيمان أن ينزلوا حاجتهم بغير الله تعالى مع علمهم بوحدانيته وانفراده بربوبيته وهم يسمعون قوله تعالى {أليس الله بكاف عبده}). أضاف: (ليعلم العارف أن المستحق لأن يُلجأ إليه ويستعان في جميع الأمور ويعول عليه هو الواجب الوجود المعبود بالحق الذي هو مولى النعم كلها .... ويشغل سره بذكره والاستغناء به عن غيره) إتحاف السادة المتقين 9/ 498.
وذكر أن إبراهيم الخواص قرأ قوله تعالى: {وتوكل على الحي الذي لا يموت}. ثم قال: (ما ينبغي للعبد بعد هذه الآية أن يلجأ إلى أحد غيره) إحياء علوم الدين 4/ 244.
أقول: فهاهم أكابر أشياخك يحرمون ذلك ويستدلون بقول الحق. ألا تخافين من الله؟ ّ\
أقول: فالاستغاثة بغير الله استغناء عن الله بغيره سوء ظن به , وإدعاء بأنه غير كاف لدعاء عباده , ولو كان عندك كافياً لما لجأت إلى غيره {فما ظنكم برب العالمين}.
بالله عليك اسمعي لقول شيخك الجيلاني: (يا من يشكو الخلق مصائبه ايش ينفعك شكواك إلى الخلق .... ويلك أما تستحي أن تطلب من غير الله وهو أقرب إليك من غيره)
وقال: (لا تدعو مع الله أحد كما قال: {فلا تدعوا مع الله أحد}.
وقال لولده عند مرض موته: (لا تخف أحداً ولا ترجه , وأوكل الحوائج كلها إلى الله , واطلبها منه , ولا تثق بأحد سوى الله عز وجل , ولا تعتمد إلا عليه سبحانه التوحيد وجماع الكل التوحيد) الفتح الرباني والفيض الرحماني 117_118_159
أسمعي الرفاعي الذي تدعونه من غير الله ماذا يقول: (أن أحد الصوفية استغاث بغير الله فغضب الله منه وقال: استغثت بغيري وأنا الغياث) حالة أهل الحقيقة مع الله 92. غير أنكم سويتم الرفاعي برب العالمين ووصفتموه بأنه غوث الثقلين
أسمعي قول الحق: {إذ تستغيثون بربكم}. فجعلتم الرسول والأولياء شركاء معه نسأل الله السلامة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/438)
استفسار: إذا كانت الاستغاثة بمحمد جائزة فلماذا نوبخ النصارى الذين يستغيثون بالمسيح؟ أليس هذا إقرار منكم بجواز قول النصارى يا مسيح وجواز قول الرافضة يا حسين.
ونحن نحتج عليكم بما تحتجون به على النصارى إذ تقولون: أين قال المسح أعبدوني مع الله؟ ونحن نقول لكم أين قال محمد أدعوني مع الله؟ لا فرق بين يا محمد يا بدوي يا رفاعي وبين يا عيسى يا مسيح
قال الحق: {ومن أضل ممن يدعو من دون لله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة}. وقال الحق: {يدعون من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال المبين}.
وهل يمكن للنبي أن يسمع أدعية الآلاف في وقت واحد؟ ولو قدرنا أن هناك ألفاً في مصر يسألونه وألف في أندنوسيا وألفا في الصين كلهم يستغيثون به: فهل يستطيع استيعاب كل أدعيتهم في وقت واحد مهما كثر عددهم واختلفت أمكنتهم ولغاتهم؟
إن قلت نعم فقد زعمت أن النبي لا يشغله سمع عن سامع وأضفت إليه العلم المطلق وعجلتيه شريكاً مع الله في قوله: {وما يكون من نجوى ثلاثة إلا وهو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم}. وجعلت كل مقبور مستحقاً صفات: سميع بصير مجيب كاشف.
وإذا كان معلوم أن الذي تدعونه من دون الله لا يسمع من دعاه أو تحدث عنه منبعد حين كان حياً فكيف يقبل من عنده عقل أن النبي والصالحين أصبحت حواس الرسول والصالحين ترصد وتسمع من يدعوة ولو كان في أمريكا.
فلا أقول إلا قول الحق: {وزين لهم الشيطان أعمالهم}.
البرهان الأكيد بأن الرسول لا يسمع.
يوم أن يحال بينه صلى الله عليه وسلم وبين أناس عند الحوض يقول: (أصيحابي أصيحابي , فيقال له. إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك) متفق عليه.
فيدل على أن الرسول لم يكن على علم بتفاصيل ما جرى لأمته.
وهذا عيسى عليه السلام يقول يوم القيامة {ما قلت لهم إلا ما أمرني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم}.
أقول: فما بال أناس يعتقدون أنه صلى الله عليه وسلم يسمع من مناديه في الشرق والمغرب؟ هل فسد دين المسلمين إلا بمخلفات التعصب والتقليد والعمى وهل مكن للكفار إلا لأن عقائد المسلمين صارت تشتمل على أشياء مما عندهم قال الحق: {يضاهئون قول الذين كفروا من قبل}.
وقد ردت الزميلة حديث الحوض وفسرته تفسير ضعيف وقالت: إن ذلك يمثل المنافقين في وقت الرسول , والمرتدين عن الدين.
فأجبتها:
أما قولك عن أهل الحوض فكم أضحكني ردك يا زميلة , وأعتقد أنك مقتبسة هذا الرد من موقع رافضي , نسأل الله السلامة.
أولاً: الحديث يشير إلى عدد معين وهو رهط , والرهط عدد من 3 إلى 10 , والذين قتلو ا في معارك الردة يفوقونهم بكثير جداً. وبهذا يسقط استدلالك بأنهم مرتدون
ثانياً: في الرواية يقول الرسول ارتدوا على أعقابهم القهقرى , وهذا ينفي المنافقين الموجودين في وقت الرسول لأن الكافر أو كفر النفاق لا يحتاج إلى الرجوع فآخر المهلكة الكفر والنفاق.
ثالثاً: لفظ ارتدوا على أعقابهم القهقرى , لا يساوي الكفر [ارتدوا القهقرى] لها معنى في اللغة يخالف معنى الارتداد بالكفر، فالارتداد القهقرى – أو الرجوع إلى الخف - وهو يأتي بمعنى التعاون أو التنازل عن بعض الحق، ويأتي أحيانا بمعنى التنازل عن الفضل والنزول من مرتبة عالية إلى مرتبة أقل منها، والصحابة لموضعهم من دين الله وسابقتهم لا ينبغي من أمثالهم ذلك، ولذلك كان التنازل عن شيء يسير يعتبر في حقهم ارتدادا على الأدبار إلى الخلف.
ولعلكي ترين في الحديث تشديد النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه من باب أفضليتهم وسابقتهم، وهذا كمثل تشديد الله تعالى على أمهات المؤمنين من باب فضلهن ومنزلتهن وموضعهن من دين الله تعالى، فقال عز وجل: {من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف بها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا}، وهذا كما يقال: حسنات الأبرار سيئات المقربين، وهي عند التحقيق حسنات ولكنها في حق المقربين كانت أقل مما ينبغي أن تكون عليها حالتهم.
من أقوال أئمة السلف في حرمة الاستغاثة بغير الله:
أقول أنا فهَّاد: أما قولك منهم علماء السلف القائلين بقولي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/439)
أسمعي قول العلامة محمد بن سلطان المعصومي , وهو من علماء الحنفية – في كتابه (حكم الله الواحد الصمد في حكم الطالب من الميت المدد، " ص: (315) " ضمن مجموعة رسائل، بعد أن ذكر ما يقع فيه بعض الجهال من الاستغاثة بالأولياء والصالحين: (يا أيها المسلم العاقل الصحيح الإسلام، تدبر وتفكر، هل ثبت أن أحداً من الصحابة – رضي الله عنهم – نادي النبي – صلى الله عليه وسلم – في حياته أو بعد مماته من بعيد واستغاث به؟ ولم يثبت عن أحد منهم أنه فعل مثل ذلك! بل قد ورد المنع من ذلك، كما سأذكره – إن شاء الله تعالى – إلى أن قال: وها أنا أذكر من نصوص المذهب الحنفي – من الكتب المعتبرة والفتاوى المشهورة – ففي شرح القدوري: "إن من يدعو غائباً أو ميتاً عند غير القبور، وقال يا سيدي فلان ادع الله تعالى في حاجتي فلانة زاعماً أنه يعلم الغيب، ويسمع كلامه في كل زمان ومكان، ويشفع له في كل حين وأوان، فهذا شرك صريح، فإن علم الغيب من الصفات المختصة بالله تعالى، وكذا إن قال عند قبر نبي أو صالح: يا سيدي فلان اشف مرضي، واكشف عني كربتي، وغير ذلك، فهو شرك جلي، إذ نداء غير الله طالباً بذلك دفع شر أو جلب نفع فيما لا يقدر عليه الغير دعاء، والدعاء عبادة، وعبادة غير الله شرك). أهـ
وأما الإمام مالك، فقد نقل عنه كلمات في هذا الموضع تؤكد ما ذكرت أو زعمت حسب ما قلتي،
قال رضي الله عنه: (لا أرى أن يقف عند قبر النبي – صلى الله عليه وسلم – يدعو، ولكن يسلم ويمضي) كما في صيانة الإنسان (ص: 264).
والكراهة في كلام الإمام مالك هنا كراهة تحريم كما بين ذلك أصحابه، العالمون بكلامه.
وقال القرطبي المالكي في تفسيره (10/ 380): وقال علماؤنا [يعني المالكية]: (ويحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء مساجد) انتهى.
وأما الحنابلة، فكلامهم في هذا الموضع أشهر من أن يذكر لكثرته، ومن ذلك:
قول الحجاوي في كتابه "الإقناع" 6/ 186: (من جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم كفر إجماعاً؛ لأن ذلك كفعل عابدي الأصنام) انتهى.
فأنتي ترين – يا زميلة أقوال علماء السلف وأتباعهم على نبذ مثل هذه الأمور والتبرؤ منها. هداك الله للحق. آمين.
أما قولك يا زميلة: الاستغاثة بغير الله تعالى جائزة وليست بشرك ما دام المستغيث لا يعتقد النفع والضر من غير الله تعالى وقد وضحت ذلك مرارا في سابق ردي.
أقول: قد بينت سابقاً ولا ما نع من أعادته فقد تعودت منك هداك الله إعادة ما تم تفنيدة.
قلت:
معلوم أن الرسول لا ملك لنفسه ضر ولا نفع بل نحن مأمورون أن نعتقد أن النبي لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فقد قال الحق: {قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشدا}. {قل إني لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله}. هذا وهو حي كيف به وهو ميت؟! ومعلوم أنه الآن لا يعتبر شاهداً علينا , لأنه غاب عن العالم الحسي فقد قال الحق لى لسان نبيه عيسى: {وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم}.
أقول:
لا يوجد على الأرض من يدعو من يعتقد فيه أنه لا يملك الإجابة والنفع والضر إلا أن يكون مجنوناً. فهل هناك عاقل يقول: أغثني يامن لا تملك نفعاً ولا ضراً؟! إلا أن يكون معتقداً فيهم التأثير وكشف الضر وتحصيل النفع اللهم إلا أن يكون مجنوناً فحينئذ لا يؤاخذه الله على شركه أكبر أو أصغر.
أقول أي النوعين أنت؟ ..... نسأل الله السلامة.
وبهذا ينتفي قولك ولله الحمد والمنة
لفته:
الكفر الصريح في استغاثة الصوفية بغير الله:
وقد أوردت ذلك في موضوع مستقل للغوث الأعظم. تعالى الله عما يصفون وسوف أقتبسه هنا:
ذكر صاحب كتاب (مناقب الشيخ عبد القادر الجيلاني) راوياً عن الرفاعي (1) أنه قال: {توفي أحد خدام الغوث [الأعظم] (2) وجاءت زوجته إلى الغوث فتضرعت والتجأت إليه وطلبت حياة زوجها فتوجه الغوث إلى المراقبة فرأى في عالم الباطن أن ملك الموت عليه السلام يصعد إلى السماء ومعه الأرواح المقبوضة في ذلك اليوم فقال: يا ملك الموت قف وأعطني روح خادمي فلان وسمَّاه باسمه فقال ملك الموت: إني أقبض الأرواح بأمر ربي؟؟ فكرر الغوث عليه إعطاءه روح خادمه إليه فأمتنع من إعطائه وفي يده ظرف معنوي كهيئة الزنبيل فيه الأرواح المقبوضة في ذلك اليوم فبقوة المحبوبية جر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/440)
الزنبيل وأخذه من يده فتفرقت الأرواح ورجعت إلى أبدانها فناجى ملك الموت عليه السلام ربه فقال: يا ربي أنت أعلم بما جرى بيني وبين محبوبك ووليك عبد القادر فبقوة السلطنة والصولة أخذ مني ما قبضته من الأرواح في هذا اليوم فخاطبه الحق جل جلاله: يا ملك الموت إن الغوث الأعظم (3) محبوبي ومطلوبي لم لا أعطيته روح خادمه وقد راحت الأرواح الكثيرة من قبضتك بسبب روح واحدة فتندم هذا الوقت (4)}.
********************************
********************************
(1) هو أحمد بن أبي الحسين الرفاعي نسبة إلى بني رفاعة قبيلة من العرب وسكن أم عبيدة بأرض البطحاء إلى أن مات بها عام (570 هـ) وكانت انتهت إليه الرياسة في علوم الطريق وشرح أحوال القوم وكشف مشكلات منازلهم وبه عرف الأمر بتربية المريدين بالبطحاء وإليه تنتسب الطريقة الرفاعية. أنظر ترجمته في " الطبقات الكبرى للشعراني 1/ 140".
(2) الأعظم صيغة مبالغة على وزن " أفعل " فإذا عرفنا أن شيخ الأشاعرة البيهقي قال: إن من أسماء الله الغياث فقد قال: " ومن أسمائه الغياث ومعناه: المُدرِك عباده في الشدائد " أنظر كتاب الأسماء والصفات 88.
أقول أنا أبو عبيدة: وبهذا يتضح أن الجيلاني أعظم من الله سبحانه عند الصوفية.
(3) نلاحظ هنا أن الله سبحانه يعترف بأن الجيلاني أعظم منه.
(4) كتاب " تفريج الخاطر في مناقب تاج الأولياء وبراهين الأصفياء الشيخ عبد القادر الجيلاني".
رابط الموضوع: أضعط هنا ( http://www.d-sunnah.net/forum/showthread.php?t=42106)
اقول: نلاخظ أن مسألة التوسل بالموتى أو الأولياء أثناء غيابهم يستلزم معرفة النبي أو الوي بالغيب وهذا مستبعد في حياة النبي فكيف بعد وفاته:
الله سبحانه يبين أن رسوله لا يعلم الغيب ويُعاتب الله نبيه صلى الله عليه وسلم في المنافقين: {عفا الله عنك لم أَذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين}.
وعن المنافقين أيضاً يقول المولى عز وجل: {ومن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم}.
دلالة واضحة لتحريم الاستغاثة: (قال مسلم عن سلمان قال قيل له قد علمك نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراء قال فقال أجل لقد نهانا أن نستقبل القبلة .... ألخ)
أقول: هاهم الصحابة يعترفون بأن الرسول علمهم كل شيء فلماذا لم نراهم يستغيثون بقبر أحد الأنبياء أو الصالحين؟! أو نرى رواية أحدهم عن الرسول بأنه علمهم الاستغاثة بالقبور؟!
لقد احتجت الزميلة بأن الناس يستغيثون بالأنباء يوم القيامة:
فأجبتها:
أقول إن طلب الخلق للأنبياء يا زميلة و من الرسول هو أن يدعو الله لهم وهذا واضح في تكملة الحديث [ان الرسول يسجد ويدعوا الله وهذا يسمى شفاعة وتوسل لا كما تظنين أنهم يستغيثون به فقد نفى الرسول عنه ذلك ففي حديث أبي هريرة قال
تفسير الطبري ج4/ص158
عن أبي هريرة عن رسول الله أنه قام خطيبا فوعظ وذكر ثم قال ألا عسى رجل منكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء يقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك ألا هل عسى رجل منكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس لها حمحمة يقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك
ألا هل عسى رجل منكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك
ألا هل عسى رجل منكم يجيء يوم القيامة على رقبته بقرة لها خوار يقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك ألا هل عسى رجل منكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع تخفق يقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك فهاهو الرسول ينفي عن نفسه أنه يملك شيء يوم القيامة.
أما عن الوسيلة: فهي تختلف عن الإغاثة وما يقول أن الشفاعة وهي التوسل إغاثة إلا أحمق أختلطت عليه الأمور.
فها نحن نرى الرسل لا يستطيعون أن يشفعوا إلا الرسول وذلك لأن الله وعده بذلك لا لشيء آخر.
ونرى الرسول يذهب ويسجد عند العرش ويدعوا الله حتى يقول له يا محمد سل تعطى وأشفع تشفع , أي هي التوسل لا الاستغاثة فهل عرفتي جهلك وخلطك للأمور. نسأل الله المعافات في العقل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/441)
أقول: وأي شرك في طلب من الرسول الحي في ذلك الوقت القريب الذي يسمع طلب القوم منه في أن يدعو ربه ويكون شفيع وذلك بسبب أن الله أختصه بذلك بدليل.
لا أنتم من ذهبتم تستغيثون لا تتوسلون برجل ميت لا يسمع ولو سمع مستطاع أن يجيب تريدون منه الإعانة في أمور قد خصها الله به.
ولا يقول ذلك إلا كافر مكابر أو أحمق مجنون.
ولذلك كثر الضلال عند بني صوفان حتى دعاهم ذلك للاستغاثة بالكلاب والبقر نسأل الله السلامة.
ولذلك نرى أن التصوف أخو الجهل ونقيض العلم والفقه.
يقول الشعراني في كتابه درر الغواص وهو يسأل شيخه علي الخواص:
(وسألته رضي الله عنه: عن السبب الذي أجاب به الأشياخ المريدين في قبورهم وحرم ذلك الفقهاء مع أئمتهم؟
فقال: هو كثرة الاعتقاد الصحيح، فالفقير يعتقد في شيخه أنه حي في قبره والحي يجيب من ناداه، والفقيه يعتقد إمامه مات والميت لا يجيب من ناداه.
ثم قال: والله لو صدق الفقيه في اعتقاده الإمام الشافعي أو الإمام الليث أو الإمام أشهب أو الطحاوي لأجابوه من قبورهم كما أجابوا من ناداهم من الفقراء الذين يعتقدون حياة هؤلاء الأئمة في قبورهم، فالأمر تابع لاعتقاد المريد لا للمشايخ، والله أعلم).
" درر الغواص على فتاوى سيد ي علي الخواص للشعراني ص 43 "
الأحاديث التي تحج بها الزميلة في بدعتها ومفهم علم الحديث عند بني صوفان.
إن من أجهل الناس في علم الحديث هم المبتدعة الصوفية نسأل الله السلامة , فطريقتهم في تصحيح الحديث غريبة لا تستند إلى علم أو معرفة:
بزعمه أقطاب الصوفية زورا وبهتانا انهم يصححون الأحاديث مناما مع النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان هذا الأمر صحيحا كما يزعمه مخرفوا الصوفية ودجاليهم لما احتاج أئمتنا لوضع علم مصطلح الحديث وعلم الجرح والتعديل ولما اتعب البخاري وغيره أنفسهم في تأليف الكتب في الرجال وأحوالهم
ينقل الصوفي احد مشايخ المولد النبهاني في كتابه سعادة الدارين (ص 422) عن ابن حجر الهيتمي في شرحه على همزية البوصيري عند قوله:
(ليته خصني برؤية وجهه زال عن كل من رآه الشقاء
وقال في أخر كلامه هناك: ولقد كان شيخي وشيخ والدي الشمس محمد بن أبي الحمائل يرى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة كثيرا حتى يقع له انه يسال في الشيء فيقول حتى اعرضه على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدخل رأسه في جيب قميصه ثم يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه كذا فيكون كما اخبره لا يختلف ذلك أبدا فاحذر من إنكار ذلك فانه السم)
أقول أنا فهَّاد: انظر كيف يخوف الأقطاب الإتباع من الإنكار ودفعهم إلى التصديق الأعمى وكأنه قران
ومما ذكره النبهاني الصوفي صاحب المولد المشهور في كتابه سعادة الدارين (ص 432) عن اليافعي واسمه (عبدالله بت اسعد بن علي اليافعي 698 - 768 هـ):
(اخبرني بعضهم انه يرى حول الكعبة الملائكة والأنبياء وأكثر ما يراهم ليلة الجمعة وليلة الاثنين وليلة الخميس وعد لي جماعة كثيرة من الأنبياء وذكر انه يرى كل واحد منهم في موضع معين يجلس فيه حول الكعبة ويجلس معه أتباعه من أهله وقرابته وأصحابه وذكر إن نبينا صلى الله عليه وسلم يجتمع عليه من أولياء الله تعالى خلق لا يحصى عددهم إلا الله ولم تجتمع على سائر الأنبياء وذكر إن إبراهيم وأولاده يجلسون بقرب باب الكعبة بحذاء مقامه المعروف وموسى وجماعة من الأنبياء بين الركنين اليمانيين وعيسى وجماعة منه في جهة الحجر ورأي نبينا صلى الله عليه وسلم جالسا عند الركن اليماني مع أهل بيته وأصحابه وأولياء أمته وحكى عن بعض الأولياء انه حضر مجلس فقيه فروى ذلك الفقيه حديثا فقال له الولي هذا باطل فقال الفقيه من أين لك هذا فقال هذا النبي صلى الله عليه وسلم واقف على راسك يقول إني لم اقل هذا الحديث).
وأنظره في كتاب الفتوى الحديثية لابن حجر الهيتمي (ص297)
أقول: فياعجبي الذي لا ينقضي من الصوفي والرافضي.
والآن مع رأي السيوطي حول تصحيح الأحاديث مناما
البعض يذهب الى الطعن فيما ننقل انه دس عليهم والعجيب إن الذي يدحض هذا الدفاع إن الصوفية ينقلون عن بعضهم البعض وما سأذكره هنا من ذلك:
قال النبهانب الصوفي صاحب المولد في كتابه سعادة الدارين (ص 3) نقلا عن الشعراني صاحب الطبقات قوله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/442)
(ورأيت ورقة بخط الجلال السيوطي عند احد أصحابه وهو الشيخ عبد القادر الشاذلي مراسلة لشخص سأله في شفاعة عند السلطان قايتباي رحمه الله تعالى:
اعلم يا أخي إنني قد اجتمعت برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقتي هذا خمسا وسبعين مرة يقظة ومشافهة ولولا خوفي من احتجابه صلى الله عليه وسلم عني بسبب دخولي للولاة لطلعت القلعة وشفعت فيك عند السلطان واني رجل من خدام حديثه صلى الله عليه وسلم واحتاج إليه في تصحيح الأحاديث التي ضعفها المحدثون من طريقهم ولا شك إن نفع ذلك أرجح من نفعك أنت ياخي).
يقول فهَّاد للمنتسبين لتصوف:
ليست القضية للمراء ولا للجدل والإفحام إذ لا فائدة من ذلك ولا يجعل الالتقاء مع المخالف ميسورا
القضية مسالة للنقاش والدراسة وإعمال الدليل (الكتاب والسنة) إضافة إلى منهج العلماء الربانيين من لدن صحابة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا إنكار للكرامة لكن لا قبول للخرافة
نسأله الإخلاص آمين
الشعراني يذكر عن الزنديق ابن عربي تصحيح بعض الأحاديث مع النبي صلى الله عليه وسلم:
وحتى لا نتهم بالدس في كتبهم كما يزعمون فانا انقل من كتب القوم وكبرائهم:
قال النبهاني الصوفي في كتابه سعادة الدارين (ص 440 نقلا عن كتاب العهود المحمدية للشعراني) ما نصه: (ومما قاله الشعراني نصيحة لمن رغب في المجاورة في احد الحرمين بقوله فان كان من اهل الصفاء فليشاوره صلى الله عليه وسلم في كل مسألة فيها رأي أو قياس ويفعل ما أشار به صلى الله عليه وسلم
بشرط إن يسمع لفظه صلى الله عليه وسلم صريحا يقظة
كما كان عليه الشيخ محي الدين بن العربي رحمه الله قال وقد صححت منه صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث قال بعض الحفاظ بضعفها فأخذت بقوله صلى الله عليه وسلم فيها ولم يبق عندي شك فيما قاله وصار ذلك عندي من شرعه الصحيح اعمل به وان لم يطعني عليه العلماء بناء على قواعدهم) ".
يقول فهَّاد: ترى هل يقول هذا عاقل او يصدقه او يدعو له اللهم لا ولا تجد هذا إلا في عقول أصحاب الخرافات
واني أتسال ماهي هذه الأحاديث؟؟؟؟؟
ولذلك سوف نعرج على الأحاديث التي يحتج بها بني صوفان ونفندها بإذن الله.
الرواية الأولى:
1 - ورد في صحيح البخاري حديث الشفاعة وهو حديث صحيح مشهور وجاء في الحديث (إن الشمس تدنو يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الأذن، فبينا هم كذلك استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد فيشفع ليقضى بين الخلق)
فبالله عليكم في ذلك الموقف الذي يقول الله فيه (لمن الملك اليوم لله الواحد القهار)
لماذا لا يلجأ الناس إلى الله وهو وحده القادر على التخفيف عنهم لماذا يذهبون ويستغيثون بالأنبياء والرسل لماذا يتركون الله ويلجئون لغيره والحديث جاء بلفظ (استغاثوا) وهي في أمر لا يملكه إلا الله
الرد عليه:
أقول أنا أبو عبيدة فهَّاد:
نص الحديث: صحيح البخاري ج2/ص536
1405 حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عبيد الله بن أبي جعفر قال سمعت حمزة بن عبد الله بن عمر قال سمعت عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم وقال إن الشمس تدنو يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الأذن فبينا هم كذلك استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد صلى الله عليه وسلم وزاد عبد الله حدثني الليث حدثني بن أبي جعفر فيشفع ليقضى بين الخلق فيمشي حتى يأخذ بحلقة الباب فيومئذ يبعثه الله مقاما محمودا يحمده أهل الجمع كلهم وقال معلى حدثنا وهيب عن النعمان بن راشد عن عبد الله بن مسلم أخي الزهري عن حمزة سمع بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسألة.
أقول:
من ظن أن كل استغاثة حرام فهو مخطىء , فإن الاستغاثة المنفية على نوعين:
1 - الاستغاثة بالميت منفية مطلقاً وفي كل شيء.
2 - الاستغاثة بالمخلوق الحي الغائب مطلقاً أو الحاضر فيما لا يقدر عليه إلا الله.
فهذه الاستغاثة المحرمة , وقد عرجت لتبيانها لتفنيد ما أتت به الزميلة هداها الله إلى الحق.
ولأحتوي الموضوع من جميع جوانبه , سوف أورد الفرق بين الاستغاثة والدعاء , الذي يستخدمه أهل البدع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/443)
أقول: وبالله التوفيق , الاستغاثة لا تكون إلا من المكروب. أما الدعاء فهو أعم من الاستغاثة , فكل استغاثة دعاء كما أن الدعاء في اللغة نداء وطلب. وهو نوعان: دعاء عبادة ودعاء مسألة وكل دعاء عبادة مستلزم لدعاء المسألة , ودعاء المسألة متضمن دعاء العبادة , على تعريف المتضمن أنه دلالة الدليل على بعض معناه.
وإذا كانت الاستغاثة من نوع الدعاء والدعاء هو العبادة تبين أن الاستغاثة عبادة لا يتوجه بها إلا لله.
أما شبهتك هداك الله للحق.
أقول: وهذه استغاثة بالحاضر الحي القادر , فإن الله وعده بهذه الشفاعة فأصبح قاداً عليها , إلا إذا كنت تظنين أن الله سيخلفه الميعاد؟! وأمثلها , كالغارق في النهر وأمامه شخص يعرف السباحة فستغاث به لينقذه. فهذا لا خلاف في أنه مشروع مباح لأنه لا يندرج تحت مسمَّى الاستغاثة المنفية.
وأضيف: أن الصحابة كانوا يأتون رسول الله ويطلبون منه في حياته إن يدعوا الله لهم.
فائدة: نلاحظ نفي آدم والأنبياء قدرتهم على الإغاثة وقولهم (لست لها) , حجة عليك يا زميلة فإنه يدل على أن الأنبياء لا يقدرون دائماً على الإجابة وما يطلبه الناس منهم. فلما قال لهم آدم (لست لها) تركوه وتوجهوا إلى غيره من الأنبياء لافتقاد شرط القدرة على الإغاثة.
استطراد مهم:
أنتم تدعون أو تستغيثون بالرسول محمد أو بالولي بأمر لا يقدر عليه إلا الله , كالمغفرة وما شابهها من أمور.
فتذكري هداك الله قول إبراهيم الخليل: {وما أملك لك من الله من شيء}.
فهو لا يملك شيء فما بالك بالأولياء الأقل درجة منه.
ألم تسمعي قول الحق: {بل لم نكن ندعوا من قبل شيئاً}.
وأقول تفكري في قول الحق سبحانه: {إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين}. والرسول عبد مثلنا فقد قال الحق: {قل إنما أنا بشر مثلكم}.
ولقد أمرنا الله أن نعتقد أن النبي لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فقد قال الحق: {قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشدا}. {قل إني لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله}. هذا وهو حي كيف به وهو ميت؟!
أنظري يا من تستغيثين بالرسول ماذا يقول لأبنته فاطمة: (يا فاطمة بنت محمد , أنقذي نفسك من النار: فإني لا أملك لك من الله ضراً ولا نفعاً) وفي رواية (لا أغني عنك من الله من شيئا) أنظري إلى قول نبي الله يعقوب لأولاده {وما أغني عنكم من الله من شيء}.
ومعلوم أن الاستغاثة مسبوقة بالاعتقاد.
أقول: لا يوجد على الأرض من يدعو من يعتقد فيه أنه لا يملك الإجابة والنفع والضر إلا أن يكون مجنوناً. فهل هناك
عاقل يقول: أغثني يا من لا تملك نفعاً ولا ضراً؟! إلا أن يكون معتقداً فيهم التأثير وكشف الضر وتحصيل النفع اللهم إلا أن يكون مجنوناً فحينئذ لا يؤاخذه الله على شركه أكبر أو أصغر.
الحق أنه لم يلتجئ إليهم إلا لاعتقاد فيهم النفع والضر. فإن ما في القلب من اعتقاد فاسد قد عبر عنه اللسان فصار يلهج بنداء غير الله: أغثني يا رفاعي , المدد يا جيلاني , شيء لله يا سيد دسوقي , ثم عبر عنه العمل فصار يقبل جدران القبور ويمسحها بيده ويذبح النذور عندها. نسأل الله السلامة.
الرواية الثانية:
2 - جاء في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قص على أصحابه قصة السيدة هاجر هي وابنها في مكة قبل أن تبنى الكعبة بعد أن تركهما سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام وفي ما قصه أنها لما سمعت صوتا عند الطفل قالت: " إن كان ذا غوث فأغثني " فاستغاثت فإذا بجبريل عليه السلام فغمز الأرض بعقبه فخرجت زمزم. وهى تعلم أن صاحب الصوت لن يكون رب العالمين المنزه عن الزمان والمكان، ووجه الدلالة في هذا الحديث قول السيدة هاجر (إن كان ذا غوث فأغثني) فهو قول صريح بالاستغاثة والدليل الأقوى هو أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو الذي يروي الخبر ولم يقف عند موضوع الاستغاثة ولم يقل أنها لا تجوز أو أنها شرك وهو الذي لا ينطق عن الهوى ولا تفوته فائتة أبداً في الدين.
الرد:
أقول أنا فهَّاد: هداك الله يا زميلة وحرم وجهك من النار. الحديث ليس في البخاري بارك الله فيك.
بل الرواية ضعيفة ومنقطعة لا يحتج بها.
وقد أوردها أبن حجر في فتح الباري بصيغة لا تخدمك بل ضدك هدا الله لكل خير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/444)
نص الرواية في فتح الباري: ج6/ص402
(صه بفتح المهملة وسكون الهاء وبكسرها منونة كأنها خاطبت نفسها فقالت لها اسكتي وفي رواية إبراهيم بن نافع وبن جريج فقالت أغثني إن كان عندك خير قوله إن كان عندك غواث بفتح أوله للأكثر وتخفيف الواو وآخره مثلثة ..... ألخ)
فقد اشترطت في إغاثتها دلالة الاستطاعة والقدرة.
فنراها قالت: إن كان عندك خير , وهذا قد أوضحناه سالفاً بالاستغاثة المباحة لوجود القدرة.
وهناك رواية في البخاري شبيهة بتلك التي تحتجين بها ولا كنها لا تخدم بدعتك هداني الله وإياك.
بل على العكس ترد عليها.
الرواية الثالثة:
3 - عن عبد الله ابن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد: يا عباد الله احبسوا علي، يا عباد الله احبسوا علي، فإن لله في الأرض حاضرا سيحبسه عليكم) هذا الحديث يطعن فيه بعض المنكرين الذين لا يريدون أن تظهر الحقيقة لكن الكثير من علماء الأمة يذكرون الحديث في كتبهم وأسانيدهم فقد رواه الطبراني وأبو يعلى في مسنده وابن السني في عمل اليوم والليلة ورواه الإمام النووي في الأذكار والسيوطي في الجامع الصغير والهيثمي في مجمع الزوائد ورواه الديلمي في الفردوس بمأثور الخطاب ورواه ابن القيم في كتابه الوابل الصيب وهو من أئمة السلفية، كل هؤلاء الأئمة ذكروه واستدلوا به فهل يجمع كل هؤلاء العلماء على حديث باطل. بل وزاد الإمام النووي قلت: حكى لي بعض شيوخنا الكبار في العلم أنه أفلتت له
دابّة أظنُّها بغلة، وكان يَعرفُ هذا الحديث، فقاله؛ فحبسَها اللّه. وكنت أنا مرة مع جماعة فانفلتت منها بهيمة وعجزوا عنها فقلته فوقفت في الحال بغير سبب سوى هذا الكلام. فمن يستطيع أن يشكك في عقيدة الإمام النووي أم يتجرأ أحد ليقول إن هذا شرك والإمام النووي الحجة الحافظ المحدث الثقة عند كل الأمة الإسلامية
الرد:
أقول أنا أبو عبيدة فهَّاد:
أنار الله قلبك يا زميلة بالإيمان وأبعد الله عن قبك الشرك بالرحمن
أقول:
1 - إن الصحابة تركوا التوسل بالرسول وهو أحب إليهم من رجال الغيب فكيف يتركون التوسل به ثم يتعلقوا برجال في الهواء؟!
2 - وقد وجه بعض أهل العلم هذه الرواية بمناداة حاضر قادر وهم الملائكة , فليس في الأثر دعاء غائب.
3 - أن الأشاعرة التي تنتمين إليهم زعموا أنه لا يجوز الاستدلال بالآحاد الضعيف السند في مسألة عقدية.
ورداً على طعنك في تضعيف الرواية أقول:
اعلمي هداك الله إلى الحق أن الله رحمنا بحفظ السنة النبيوية وقد قيض الله لذلك رجال أفنوا أعمارهم في معرفة , أحوال الرجال. وقد أجمعت الأمة على حجية أخبارهم ومعلوم أن الأمة لا تجتمع على باطل فأصبحت أقوالهم حجة.
ومعلوم أن فن الحديث يجب الإلمام بأقوال هؤلاء العظام نحسبهم والله حسيبهم على الحق.
ولو لا هذا العلم لضاعت حجية السنة النبيوية فالطاعن في أقولهم هو الطاعن بالسنة المطهرة.
فها نحن نرى مستدرك الحاكم , كثير ما يمر بنا أحاديث يقول هم على شرط البخاري أو على شرط مسلم. أو على شرط الصحيحين , ونفاجأ بأنه حديث ضعيف أو موضوع.
فلذلك لزم علينا تتبع الصحيح ونبذ ما عداه.
فالرواية التي استدللت بها رواية ضعيفة رواها أبو يعلي والطبراني.
أقول: فيع معروف بن حسان: وهو ضعيف. قال أبو حاتم في الجرح والتعديل 8/ 323) " ضعيف " وقال ابن عدي في الكامل (6/ 325) منكر الحديث. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 132) " فيه معروف بن حسان وهو ضعيف " وقال الشيخ محمد بن درويش الحوت في (أسنى المطالب ص62) " معروف بن حسان منكر الحديث "
وفيه سعيد بن أبي عروبة: أختلط , قال النسائي: من سمع منه بعد الاختلاط فليس بشيء. ومعروف بن حسان من الصغار ولم يسمع نه إلا بعد الاختلاط إلا الكبار وكان بدأ اختلاطه سنة 132 واستحكم سنة 148 أفاده البزار. ثم إن سعيد مدلس كثير التدليس وقد روى الحديث مع عناً عن أبي بريدة فلا يقبل.
الرواية الرابعة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/445)
4 - عن عتبة بن غزوان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا ضل أحدكم شيئا، أو أراد أحدكم غوثا، وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل: يا عباد الله أغيثوني، يا عباد الله أغيثوني، فان لله عبادا لا نراهم) وقد روى هذا الحديث جماعة من العلماء الكبار وهم: رواه الطبراني في الكبير وقال بعده
وقد جرب ذلك ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد والهندي في كنز العمال وذكره السيوطي في الجامع الصغير
وإليك مراجع الحديث:
1 - في زيادة الجامع الصغير، والدرر المنتثرة، الإصدار 2.05 - للإمام السيوطي
كتاب "زيادة الجامع الصغير"، للسيوطي - حرف الهمزة قال:
269 - إذا أضل أحدكم شيئا أو أراد غوثا وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل: يا عباد الله أغيثوني يا عباد الله أغيثوني فإن لله تعالى عبادا لا يراهم ..
2 - كنز العمال الإصدار 2.01 - للمتقي الهندي
المجلد السادس - {آداب متفرقة} قال:
17498 - إذا أضل أحدكم شيئا أو أراد غوثا وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل: يا عباد الله أغيثوني يا عباد الله أغيثوني فإن لله عبادا لا يراهم.
3 - معجم الطبراني الكبير، الإصدار 1.05 - للإمام الطبراني
باب الظاء - عتبة بن غزوان السلمي بدري- ما أسند عتبة بن غزوان:
حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا أحمد بن يحيى الصوفي ثنا عبد الرحمن بن سهل حدثني أبي عن عبد الله بن عيسى عن زيد بن علي عن عتبة بن غزوان عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أضل أحدكم شيئا أو أراد أحدكم عونا وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل يا عباد الله أغيثوني يا عباد الله أغيثوني فإن لله عبادا لا نراهم وقد جرب ذلك (17/ 118).
4 - مجمع الزوائد. الإصدار 2.05 - للحافظ الهيثمي
المجلد العاشر. - 38. كتاب الأذكار. - 39. باب ما يقول إذا انفلتت دابته أو أراد غوثاً أو أضل شيئا ًقال:
17103 - ص.188 عن عتبة بن غزوان عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إذا أضل أحدكم شيئاً أو أراد عوناً وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل: يا عباد الله أغيثوني فإن لله عباداً لا نراهم". وقد جرب ذلك.
رواه الطبراني ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم إلا أن زيد بن علي لم يدرك عتبة.
ـــــــــــــ
فهذه خمس مراجع نقلت نص الرواية التي استدللت بها.
أما محاولة تضعيفك للحديث فكالعادة فقد باءت بالفشل. ويضحكني أنك إن لم تعرف رجلا في الأسانيد فقلت: انه مجهول , فهل كل ما لم يطلع عليه الفهاد ويعرفه صار مجهولا؟؟
سبحان الله الفهاد يعرف رجال الأسانيد كلهم ولا يخفى عليه أحد!!
حتى انه صار يستدرك على محدثي وحفاظ القرون الأولى!!
أما استدلالك بقول الهيثمي فليس فيما يقوله إثبات تضعيف الحديث لأن الصيغة التي قالها ليست من صيغ التضعيف أيها العلامة!!
وإني أنبهك إلا تضعف حديثا أو تقدح في رجال الأسانيد ولم يسبقك أحد إلى هذا التضعيف أو القدح فدعك من الألباني المتناقض الذي أراك تتشبه به في زيغه وضلاله, ولا داعي لسرد تناقضاته التي فاقت الألف تناقض هنا لكون هذا ليس محل بحثنا.
ونواصل الرد على الفهاد فقد رأى كلامي الآتي:
الرد:
أقول أنا فهَّاد: رحم الله أصحاب العقول أنظري يا زميلة إلى نقلك وأنت لا تعلمين
1 - نقلت الزميلة [ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم إلا أن زيد بن علي لم يدرك عتبة.]
أنظري فالرواية ضعيفة ومرسلة فيها مجاهيل فزيد لم يدرك عتبة فأخبره مجهول وأيضاً بعض الرواة فيهم ضعف.
أما قولك أنني أتشبه بعلامة الحديث وشيخ عصره فهذه مفخرة أما الزيغ والضلال ففي أشياخك أبن عربي و وأشباهه الكفرة نسال الله السلامة كيف لم يسبقني أحد وأنا أنقل كلام الحفاظ في الرواة.
أولا نرى أقوال من روى الحديث.
قال: صاحب مجمع الزائد مجمع الزوائد ج10/ص132
وفيه معروف بن حسان وهو ضعيف
ننظر إلى قول علماء الجرح والتعديل فيه:
الجرح والتعديل ج8/ص322
1490 معروف بن حسان السمرقندي روى عن روى عنه سمعت أبى يقول هو مجهول
تذكرة الحفاظ ج3/ص1064
باطل متنا ومعروف واه.
الكامل في ضعفاء الرجال ج6/ص325
1805 معروف بن حسان السمرقندي يكنى أبا معاذ منكر الحديث.
المغني في الضعفاء ج2/ص668
6340 - معروف بن حسان أبو معاذ السمرقندي عن عمر بن ذر قال ابن عدي منكر الحديث
لسان الميزان ج6/ص61
231 معروف بن حسان أبو معاذ السمرقندي عن عمر بن ذر قال بن عدى منكر الحديث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/446)
ميزان الاعتدال في نقد الرجال ج6/ص467
0 8535 معروف بن حسان وأبو معاذ السمرقندي عن عمر بن ذر
قال ابن عدي منكر الحديث وقد روى عن عمر بن ذر نسخة طويلة كلها غير محفوظة
تنقيح تحقيق أحاديث التعليق ج1/ص70
وفي إسناده معروف بن حسان
قال أبو حاتم الرازي مجهول.
أقول هذا رأي علماء الجرح والتعديل في راوي هذه الرواية , فبالله عليكم كيف تصح بعد كل هذا الجرح ي الراوي , الحمد لله على نعمة العقل والدين.
الرواية الخامسة:
5 - عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا بلفظ: (إن لله ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر، فإذا أصابت أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد: يا عباد الله أعينوني) رواه البزار وصححه الحافظ بن حجر العسقلاني في أمالي الأذكار ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رجاله ثقات وروي في مصنف بن أبي شيبة بزيادة (فإنه سيعان) وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس رضي الله عنهما أن لله ملائكة في الأرض يسمون الحفظة يكتبون ما يقع في الأرض من ينوي الشجر فإذا أصاب أحدكم عرجة أو احتاج إلى عون بفلاة من الأرض فليقل أعينوا عباد الله رحمكم الله فإنه إن شاء الله يعان
الرد:
أقول:
الحديث ضعيف ففيه أسامة بن زيد الليثي قال الحافظ في التقريب "317" (صدوق يهم) وقال أحمد: ليس بشيء , وقال عبد الله لأبيه أحمد: أرآه حسن الحديث فقال أحمد: إن تدبرت حديثه فستعلم أن فيه النكرة.
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به , وقال النسائي ليس بالقوي. وتركه ابن قطان ويحيى بن سعيد وقال " اشهدوا أني قد تركت حديثه " تهذيب التهذيب 1/ 209 وقال أبن حبان أنه يخطا. وقد وثقه آخرون.أقول: من تبر هذه الأقوال علم أن ما تفرد به حقه الرد , فإن توبع قبل. غير أن هذه الرواية التي رواها هنا مما تفرد به فحقها الرد.
والحديث على ضعفه من أبواب الأذكار لا يدل على ما تدعينه من سؤال الموتى ونحوهم، بل إنه صريح في أن من يخاطبه ضال الطريق هم الملائكة، وهم يسمعون مخاطبته لهم، ويقدرون على الإجابة بإذن ربهم؛ لأنهم أحياء ممكنون من دلالة الضال، فهم عباد لله، أحياء يسمعون، ويجيبون بما أقدرهم عليه ربهم، وهو إرشاد ضالي الطريق في الفلاة، ومن استدل بهذه الآثار على نداءِ شخص معين باسمه فقد كذب على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولم يلاحظ ويتدبر كلام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وذاك سيما أهل الأهواء.
الرواية السادسة:
6 - روى الحافظ بن كثير في البداية والنهاية المجلد السابع ص340
قال الإمام أحمد بن حنبل حججت خمس حجج منها ثلاث راجلا أنفقت في إحدى هذه الحجات ثلاثين درهما قال وقد ضللت في بعضها الطريق وأنا ماش فجعلت أقول يا عباد الله دلوني على الطريق فلم أزل أقول ذلك حتى وقفت على الطريق قال وخرجت إلى الكوفة فكنت في بيت تحت رأسي لبنة ولو كان عندي تسعون درهما كنت رحلت إلى جرير بن عبد الحميد إلى الري وخرج بعض أصحابنا ولم يمكني الخروج لأنه لم يمكن عندي شيء
ورواه البيهقي في شعب الإيمان الجزء السادس ص128
أخبرنا أبو عبدالله الحافظ أن أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد أن عبدالله بن أحمد بن حنبل قال سمعت أبي يقول حججت خمس حجج اثنتين راكب وثلاث ماشي أو ثلاث راكب واثنتين ماشي فضللت الطريق في حجة وكنت ماشيا فجعلت أقول يا عباد الله دلوني على الطريق قال فلم أزل أقول ذلك حتى وقفت على الطريق أو كما قال أبي، ووجه الدلالة في هذا الحديث قول الإمام أحمد يا عباد الله دلوني على الطريق وهذه استغاثة ظاهرة الدلالة فمن يملك أن يصحح للإمام أحمد عقيدته
الرد:
أقول: بالله عليك واضح من الرواية قصد الإمام أحمد رحمه الله.
وهو انه في ندائه قد يسمعه أحد الحجيج فيدله , على الطريق مباح ويندرج من طلب المساعدة على القادر عليها. ولو تمعني في الرواية في ضدك هداك الله , فلم نرى في الرواية أن ملك من الملائكة أو جني أو وحش دل الإمام أحمد على الطريق. مع علمه وضله ومكانته. فكيف بنا نحن.
تفكري هداك الله إلى كل خير في ما كتبته وأكتبه. أسأل الله أن ينير قلبك.
ثانياً: هذه الرواية تحتمل أكثر من وجه , فلا يجوز الاستدلال بها , ومعلوم أنه ما تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال.
الرواية السابعة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/447)
7 - وعن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله خلقا خلقهم لحوائج الناس تفزع الناس إليهم في حوائجهم أولئك الآمنون من عذاب الله روى الهيثمي في مجمع الزوائد والطبراني في الكبير و القضاعي في مسند الشهاب والمنذري في الترغيب والترهيب وابن حبان في كتاب الثواب وابن أبي الدنيا في كتاب اصطناع المعروف ووجه الدلالة أن الحوائج كلها بيد الله فكيف يخلق خلقاً لحوائج الناس يفزع الناس إليهم لقضاء حوائجهم. ويقوي هذا الحديث ما رويالرد:
أقول: هذا حديث ضعيف وقد بحث عن سند له فلم أجده إلا في حلية الأولياء ج3/ص225
وهذا حديث ضعيف ففيه عبد الرحمن بن أسلم وهو ضعيف
ففي الجرح والتعديل ج5/ص380
ليس بقوي منكر الحديث وهو في الضعف مثل عبد الرحمن بن زيد بن اسلم
المقتنى في سرد الكنى ج1/ص255
2429 عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف
الضعفاء الصغير ج1/ص71
208 عبد الرحمن بن زيد بن أسلم مولى عمر بن الحطاب عن أبيه عن أبي حازم ضعفه علي جدا قال إبراهيم بن حمزة مات سنة ثنتين وثمانين ومائة
الرواية الثامنة:
عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: المسلم أخو المسلم: لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان اللَّه في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج اللَّه عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره اللَّه يوم القيامة. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
الرد:
أقول أنا فهاد: بالله عليك , هل هذا الحديث يخدم بدعتك , فهذا حديث يحظ على مساعدة الغير والتكافل.
نسأل الله السلامة.
ختاماً لو فرضنا أن الروايات بلغت مرتبة الحسن فإنها شاذة بالنسبة لما خالفها من روايات الأصح سنداً , ابتداء من كتاب الله فقال: {فلا تدعوا مع الله أحدا}. {وإذا مس الإنسان الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه}. الإسراء 67. أقول: ولا فرق بين الأرض الفلاة وبين البحر , وتتعارض بقوله: {قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر وتدعونه تضرعاً وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين: قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون} الأنعام 63. أقول: فالآية تؤكد ان الله وحده هو المنجي لعباده في البر والبحر , وتأبى الزميلة إلا الشرك ورد كتاب الله وما صح عن سنة المصطفى.
بهذه الروايات الضعيفة المعاني وكأنها تريد أن يأتي جواب رسول الله على الآية: نعم هناك غير الله من ينجي في البر والبحر اذا قال لهم " أغيثوني "!!!
كيف يكون هذا جوابه وقد قال " إذا سألت فسأل الله , وإذا استعنت فستعن بالله " وأرشدنا الى أن الدعاء عبادة بل مخها.
أقول: إن هذه الروايات أصح إسنادا وأكثر توافقاً مع القرآن من رواية " فليقل يا عباد الله أغيثوني " الضعيفة التي أوردتها.
إنه لمن علامات الزيغ: الإعراض عن الآيات الصريحة والروايات الصحيحة , وإيثار المعلول وغريب الروايات عليها.
وهذا إبراهيم عليه السلام يتعرض لأعظم نار أوقدت فيكتفي بالله.
ويقول: حسبي الله ونعم الوكيل. فلم ينادي رجال الغيب.
وهكذا نرى الزميلة هداها الله تريد أن تثنينا عن (يا الله) وتحضنا على (يا عباد الله) وهذا فساد في الفطرة والدين والعقل ومخالفة الملة الحنيفية التي كان عليها إبراهيم عليه السلام , بل ترى مثل هذا الشرك في الملل التي انحرفت عن ملته , كاليهود والنصارى.
فائدة:
فقد بايع الرسول جماعة من الصحاب على أن لا يسألوا الناس شيئاً قط منهم أبو بكر وأبو ذر وثوبان , فكان أحدهم يسقط سوطه على الأرض فنزل عن دابته ولا يسأل أحدا أن يناوله إياه.
وهذا لا يستطيعه كل واحد , لذا أسر النبي به بعضهم بخلاف قوله: (إذا سألت فسأل الله) فإنه لم يسره فهو بذلك عام ملزم للجميع.
•وإذا كان: (من لم يسأل الله يغضب عليه) رواه الترمذي (3607)
فكيف بمن يسأل غيره ويبتهل إلى الأموات ويلح عليهم بالدعاء؟ وهل يعرف مثل هذا طعم التوحيد؟ ّ
فهذه مبادئ التوحيد عند القبورية. نسأل الله السلامة.
أخوكم أبو عبيدة.
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[30 - 12 - 05, 04:33 م]ـ
الرجاء التكمله يا اخ فهاد(32/448)
بُلْغة اَلْرَاوِي نَظْم عَقِيْدَة اَلْطَحَاوي للشيخ عبدالعزيز البجادي
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[01 - 01 - 06, 12:07 م]ـ
بُلْغة اَلْرَاوِي نَظْم عَقِيْدَة اَلْطَحَاوي
للشيخ عبدالعزيز البجادي وفقه الله
ملاحظة هامة: سأنقل الأبيات تباعاً بإذن الله ثم سأضع الأبيات على ملف وورد
بسم الله الرحمن الرحيم
(بلغة الراوي)
1 يَقولُ راجي رَحْمَةِ الجَوادِ - عَبْدٌ فقيرٌ وَهُوَ (البِجادي)
2 أَحْمَدُ رَبِّي خالِقَ العِبادِ - وَمُنْزِلَ القُرآنِ لِلرَّشادِ
3 وَأَفْضَلُ الصَّلاةِ وَالسَّلاَمِ - عَلى رَسُولِهِ عَلى الدَّوامِ
4 وَبَعْدُ إِنَّ هذه الأُرْجُوْزَة - عَظيْمَةٌ بِعِلْمِها وَجيزَهْ
5 بِالنَّظْمِ وَاللَّفْظِ القَصيرِ الحاوِي - لِلْعِلْمِ في (عَقيدَةِ الطَّحاوي)
6 حَرَّرْتُها بِالنَّقْصِ والزِّيادةِ - وَفْقَ هُدى السُّنَّةِ والجماعةِ
(توحيد الله وتنزيهه)
7 نَقولُ إِنَّ الله واحِدٌ أَحَدْ - وَمَنْ يَقُلْ بِالشِّرْكِ فالظُّلْمَ اعْتَقَدْ
8 وَلاَ لَهُ شِبْهٌ وَلاَ مَثيْلُ - وَلاَ إِلهَ غَيْرُهُ الْجَليلُ
9 فَلَيْسَ في الوُجُوْدِ شَيءٌ يُعْجِزُهْ - يَقولُ لِلْمُرادِ كُنْ فَيُنْجِزُهُ
10 فَهْوَ الْقَديرُ أَوَّلٌ بِلاَ ابتدا - وَدائِمٌ بِلاَ انْتهاءٍ أَبدا
11 لاَ يَنْتَهي عَوْضُ وَلَا يَبيدُ - وَلَا يَكونُ غَيرُ ما يُريْدُ
12 تَعْجِزُ عَنْ بُلُوِغِه الَأْوهامُ - تَعْجِزُ عَنْ إِدْرَاكِهِ الأَفْهامُ
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[01 - 01 - 06, 10:23 م]ـ
13 فَرْدٌ فَلاَ يُشْبِهُهُ الأَنامُ - الحَيُّ وَالْقَيُّومُ لاَ يَنامُ
14 يَخْلُقُ دُوْنَ حاجَةٍ وَيَرْزُقُ - بِغَيْرِ ما مَؤُوْنَةٍ ما يَخْلُقُ
15 بِلاَ مَخافةٍ مُمْيتٌ وَبِلاَ - مَشَقَّةٍ يَبْعَثُ مِنْ بَعْدِ البِلى
16 وَهُوَ كَما هُوَ بِالكَمالِ الأَزَليْ - فَهْوَ يَدُوْمُ بِالكَمالِ الأَبَدي
17 وَلاَ َيَزيْدُ في الصِّفاتِ أَبَدا - كَذا عَنِ النُّقُوصِ كانَ مُبْعَدا
18 وَقَبْلَما الخَلْقِ لَهُ اسْمُ (الخالِقِ) - وَقَبْلَما المَخْلوقِ مَعْنى (الخالِقِ)
19 لَمْ يَسْتَفِدْ ذلِكَ بَعْدَ الخَلْقِ - فأَثْبِتَنْ هذا لَهُ بِحَقِّ
20 وَقَبْلَما البَريَّةِ اسْمُ الباريْ - فَبِالقَبُولِ خُذْهُ لاَ تُمارِ
21 وَقَبْلَما المَرْبُوبِ مَعْنَى الرَّبِّ - بِدُونِ شَكٍّ وَبِدُوْنِ رَيْبِ
22 وَالله أَيْضاً قَبْلَما أَنْ يُحْيي - وَبَعْدَ أَنْ أَحْيا لَهُ اسْمُ (المُحْيي)
23 وَكُلُّ شَيءٍ غَيْرَهُ فَقيْرُ - إِلَيْهِ وَهْوَ فَوْقَها قَديْرُ
24 وَكُلُّ أَمْرٍ عِنْدَهُ يَسيرُ - وَإِنَّهُ السَّميْعُ وَالبَصيرُ
25 وَهْوَ الغَنيُّ لَيْسَ يحَتْاجُ إِلى - شَيءٍ وَنَفْيُ الْمِثْلِ عَنْهُ نُقِلاَ
26 وَخالِقٌ لِلْخَلْقِ عالِمٌ بِهِمْ - مُقَدِّرُ الأَقْدارِ وَالآجالِ لَمْ
27 يَخْفَ عَلَيْهِ شَيءُ قَبْلَ خَلْقِهِمْ - وَما سَيَعْمَلونَ بَعْدَ خَلْقِهِمْ
28 أَمَرَهُمْ سُبْحانَهُ بِطاعَتِهْ - كَما نَهاهُمْ جَلَّ عَنْ مَعْصيتِهْ
29 وَكُلُّ شيءٍ في الوُجوْدِ السَّاري - تَحْتَ مَشِيْئَةَ الحَكيمِ جَارِي
30 إِنَّ مَشِيْئَةَ الحَكيمِ تَنْفُذُ - لا ما نَشاءُ نَحْنُ أَوْ نُحَبِّذُ
31 إلاَّ إِذا الله لَنا يَشاءُ - فإِنَّهُ يَنْفُذُ ما نَشاءُ
32 فَإِنْ يَشَأْ لِلْخَلْقِ حاجَةً تَكُنْ - وَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَشَأْها لَمْ تَكُنْ
33 وَعاصِمٌ لِمَنْ يَشا بِفَضْلِهِ - كَما يُضِلُّ مَنْ يَشا بِعَدْلِهِ
34 لَيْسَ لَهْ أَشْباهُ أَوْ أَضدادُ - سُبْحانَهُ عَنْ ذاكَ أَوْ أَنْدادُ
35 وَحُكْمُهُ لَيْسَ لَهُ مُعَقِّبُ - وَأَمْرُهُ سُبْحانَهُ لَا يُغْلَبُ
36 وَلَا لِما يَقْضيْهِ ما يَرُدُّ - نُؤْمِنُ بِالْكُلِّ وَلَا نَصُدُّ
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[01 - 01 - 06, 11:25 م]ـ
(محمد صلى الله عليه وسلم و القرآن الكريم)
وَبالنَّبي القُرشيِّ أَحْمدا - نُؤْمِنُ أَنَّهُ النَّبيُّ المُصْطفى
وَأَنَّهُ هُوَ الرَّسُولُ المُرْتَضى - وَعَبْدُهُ وَهُوَ النَّبيُّ المُجْتَبى
وَأَنَّهُ خاتَمُ أَنْبيائِهِ - وَأَنَّهُ إِمامُ أَتْقيائِهِ
وَسَيِّدُ الوَرَى وَكُلِّ مُرْسَلِ - وَأَنَّهُ خَلْيلُ رَبِّيْ وَقُلِ
مَنْ بَعْدَهُ نُبُوَّةً قَدِ ادَّعى - فَذلِكَ الغَيُّ وَذلِكَ الهَوى
وَأُرْسِلَ النَّبيُّ لِلْجَميْع - الإِنْس وَالجِْنِّ مِنْ السَّمْيعِ
بِالْحَقِّ وَالضِّياءِ وَالقُرْآنِ - كَلاَمِ رَبِّيَ الَّذي هَداني
أَنْزَلَهُ حَقاً بِلاَ تَأْوِيْلِ - وَحْياً عَلى نَبيِّهِ الرَّسُوْلِ
بَدا مِنَ اللهِ بِلاَ كَيْفيَّهْ - وَالقَوْلُ بِالْخَلْقِ مِنْ الجْهَمْيَّهْ
مَنْ سَمِعَ الْقُرآنَ ثُمَّ زَعَما - بِأَنَّهُ مِنْ بَشَرٍ تَكَلَّما
فَإِنَّهُ بِذا يَكُوْنُ كَفَرا - وَإِنَّهُ حَقاً سَيْصلى سَقَرا
كَذا يُكَفَّرُ الَّذي قَدِ انْحَدَرْ - مَنْ وَصَفَ الله بِمَعْنى لَلْبَشَرْ
واعْلَمْ بِأَنَّ وَصْفَهُ لاَ كالْبَشَرْ - أَفْلَحَ مَنْ أَبْصَرَ هذا وَاعْتَبَرْ
يتبع إن شاء الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/449)
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[02 - 01 - 06, 12:58 ص]ـ
(الرؤية)
50 وَرَبُّنا يَراهُ أَهْلُ الْجَنَّهْ - حَقاً أَتى ذا في الْهُدى وَالسُّنَّهْ
51 بِلاَ إِحاطَةٍ وَلاَ كَيْفيَّهْ - إِذْ إِنَّها تَخْفى عَلى الْبَريَّهْ
52 نَقوْلُ بِالرُّؤْيَةِ لاَ بِوَهْمِ - وَلاَ تَأَوُّلٍ لَها بِفَهْمِ
53 وَلاَ نَرَى النَّفْيَ وَلاَ التَّشْبِيْها - إِذاً لَفارَقْنا بِذا التَّنْزيْها
54 ما جاءَ في السُّنَّةِ وَالْقُرْآنِ - فاْقْبَلْه بِالتَّسْليْمِ وَالإِيمانِ
55 مَنْ لَيْسَ قابلاً ذا بِاسْتِسْلاَمِ - يَخْرُجْ بِنَفْسِهِ عَنِ الإِسْلاَمِ
56 خُذْ كُلَّ شَيءٍٍ بِهِما وَاقْبَلْهُ - وَلَوْ تَرَى عَقْلَكَ لَمْ يَقْبَلْهُ
57 فالله جَلَّ وَعَلاَ ذُوْ مَجْدِ - يَقْصُرُ فِيْهِ عَنْهُ أَيُّ فَرْدِ
58 صِفاتُهُ صِفاتُ وَحْدانِيَّهْ - نُعُوْتُهُ نُعُوْتُ فَرْدانِيَّهْ
(الصفات)
59 وَهْوَ لَهُ نَفْسٌ وَوَجْهٌ وَيَدُ - وَغَيرُها مِمَّا الأُصُولُ تُوْرِدُ
60 والحَقُّ في إِثباتها وَأَن تُمَرّ - بِدون تَكْيِيْفٍ لَدى أَهْلِ الأَثَرْ
(الإسراء والمعراج)
61 أُسْريَ بالنبيِّ ثُمَّ عُرِجا - بِشَخْصِهِ في يَقْظَةٍ حالَ الدُّجى
62 إِلى السَّما ثُمَّ إِلى ما الله شا - مِنْ الْعُلاَ وَالله يُؤُتي مَنْ يَشا
63 مِعْراجُهُ إِلى السَّماءِ حَقُّ - وَحَوْضُهُ يَوْمَ النُّشُوْرِ حَقُّ
(الشفاعة والميثاق)
64 وَتَمَّ لِلْشَّفاعَةِ ادِّخارُها - لَهُمْ كَما تَواتَرتْ أَخْبارُها
65 مِيْثاقُ رَبِّيْ مِنْ أَبِيْنا آدَمِ - وَنَسْلِهِ حَقٌّ بِلاَ تَوَهُّمِ
(أهل الجنة وأهل النار وأعمالهم)
66 والله عالِمٌ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ - أَحْصاهُمُ مِنْ بَشَرٍ وَجِنَّةِ
67 وَعَالِمٌ بِأَهْلِ نارِهِ فَلاَ - يُزادُ في أُوْلئِكَ أَوْ في هؤُلاَ
68 غَيْرُهُمُ وَلَيْسَ يُنْقَصُوْنا - وَعالِمٌ بِما سَيَعْمَلونا
69 وَكُلُّ مَخْلوقٍ لَهُ أَعْمالُ - وَعَجْزُهُ عَنْ فِعْلِها مُحالُ
70 تُناطُ بِالأَوَاخِرِ الأَعْمالُ - بِحِكْمَةِ الْمَوْلَى لَهُ الإِجْلاَلُ
71 مِنْهُ سَعادَةُ السَّعِيْدِ فَضْلاَ - كَذا شَقا الشَّقيِّ مِنْهُ عَدْلاَ
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[02 - 01 - 06, 02:29 ص]ـ
(القدر)
72 وَرَوِّضِ النَّفْسَ عَلى حِفْظِ الْقَدَرْ - كَما أَتى بِهِ الْكِتابُ وَالأَثَرْ
73 إِذْ هُوَ سِرُّ الله في الْخَلْقِ فَدَعْ - تَصَرُّفاً لأَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ
74 علْيهِ أَيُّ مَلَكٍ مُقَرَّبِ - وَلاَ رَسُوْلٌ أَبداً وَلاَ نَبي
75 إِنَّ التَّعَمُّقَ بِهِ والنَّظَرا - حَيْدٌ عَنِ الصِّراطِ فالْزَمْ حَذرا
76 مِنْ ذلِكُمْ وَسْوَسَةً أَوْ نَظَرا - أَوْ طَلَباً لَهُ لأَنَّ الْقَدَرا
77 عِلْمٌ طَوَاهُ الله عَنْ أَنامِهِ - وَقَدْ نَهاهُمْ عَنْ مُنى مُرامِهِ
78 فَمَنْ تَراهُ قائِلاً (لِماذا - الله فاعِلٌ كَذا) فَهذا
79 يَكُوْنُ نافياً حُكْمَ الْكِتابِ - رَدٍّاً وَكافِراً بِلاَ ارْتيابِ
80 ذا كُلُّ ما يَحْتاجُهُ الْعِبادُ - مِنْ أَوْلياءِ اللهِ وَالْعُبَّادُ
81 وَالرَّاسِخُونَ في هُدى الْقُرآنِ - لأَنَّ الْعِلْمَ عِنْدنا عِلْمانِ
82 فَواحِدٌ في الْخَلْقِ هُوْ موجُوْدُ - وَآخَرٌ في الْخَلْقِ هُوْ مَفْقودُ
83 مَنْ أَنْكَرَ الأَوَّلَ مِنْها كَفَرا - مَنِ ادَّعى الآخَرَ أَيْضاً كَفَرا
84 لاَ ثابِتَ الِإيمانِ إلاَّ قابِلُ - لِِلأَوَّلِ الْمَوْجوْدِ وَالْمُقابِلُ
85 تَرْكٌ لِذلِكَ الَّذي لاَ يُوْجَدُ - فاَلأَوَّلَ اقْبَلْ وَاتْرُكَنْ ما يُفْقَدُ
86 وَاللَّوْحُ نُؤْمِنُ بِهِ وَبِالْقَلَمْ - وَكُلِّ شَيٍء كانَ فيهِ قَدْ رُقِمْ
87 بِهِ انْتَهَتْ كِتابَةُ الأَقْدارِ - في اللَّوْحِ مِنْ خَيْرٍ وَمِنْ أَشْرارِ
88 فَلَوْ أَرادَ الْخَلْقُ أَجْمَعُوْنا - تَغْيِيْرَ شَيءٍ فِيهِ لاَ يَقْوُونا
89 فَما بِـ ((غَيْرِ كائِنٍ)) مُحَرَّرُ - لَوْ رَغِبُوا بِـ ((كائَنٍ)) لَمْ يَقْدِروا
90 وَما يَكُوْنُ ((كائِناً)) لاَ يُعْدَلُ - لِغَيرِ كَائِنٍ وَلاَ يُبَدَّلُ
91 وَالْقَلَمُ الْكاتِبُ ذاكَ جَفَّا - وَاللَّوْحُ مَحْفُوْظٌ بِما قَدْ صُفَّا
92 وإِنَّ ما أَصابَ عَبْداً لَمْ يَكُنْ - مُخْطِئَهُ وَالْعَكْسُ مِثْلُ إِنْ يَكُنْ
93 وَاعْلَمْ بِأَنَّ الله عالِمٌ بِما - هُوْ كائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ وَأَنَّ ما
94 قَدَّرَهُ فإِنَّهُ مُقَدَّرُ - فَلاَ مُعَقِّبٌ وَلاَ مُغَيّرُ
95 لِقَدَرٍ مِنْ خَلْقِهِ أَوْ ناقِضُ - أَوْ زائِدٌ أَوْ ناقِصٌ أَوْ قابِضُ
96 مِنْ أَيِّ مَنْ حَلُّوْا السَّما وَالأَرْضا - ذا مِنْ أُصُولِ المَعْرِفَهْ وَأَيْضا
97 مِنِ اعْتِرافِ الْعَبْدِ بِالتَّوْحيْدِ - وَبِالرُّبُوْبِيَّةِ لِلْحَميْدِ
98 كذلِكُمْ مِنْ عُقَدِ الإِيمانِ - كما أَتى في سُوْرَةِ ((الفُرقانِ))
99 أَمَّا الَّذِيْنَ خاصمُوهُ في الْقَدَرْ - فإِنَّهُمْ سَيُحْضَرُونَ لِلنَّظَرْ
100 لأَنَّهُمْ قَدْ طَلَبوا بِبَحْثِهِمْ - غَيْباً كتيماً خافياً وَوَهْمِهِمْ
101 فَالْوَيْلُ يَوْمَ الْبَعْثِ حَقّاً حَقّاً - لِمَنْ بِقَلْبِهِ لِهذا أَبْقى
102 وَقَلْبَهُ أَحْضَرَهُ السَّقيْما - وعادَ فيما قالَهُ أَثيْما
يتبع إن شاء الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/450)
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[02 - 01 - 06, 04:25 ص]ـ
(العرش والكرسي)
103 وَالْعَرْشُ وَالْكُرْسيُّ حَقٌّ حَقُّ - وَبهِما إِيْمانُنا أَحَقُّ
104 وَالله مُسْتَغْنٍ عَنِ الْعَرْشِ وَما - يَسْفُلُ عَنْهُ باطِّرادٍ كالسَّما
105 وَأَنَّهُ الْمُحيْطُ بِالأَشْياءِ - وَفَوْقَها فانْأَ عَنِ الْمِراءِ
106 أَعْجَزَ خَلقَهُ عَنِ الإِحاطَهْ - وَمَنْ يُحاوِلْها يَجِدْ إِحْباطَهْ
(الكليم والخليل والملائكة والنبيون والكتب السماوية)
107 كَلَّمَ مُوْسى رَبُّهُ تَكْليما - واتَّخَذَ الله لَهُ إِبْراهيما
108 خِلاًّ نَقُولُ ذلِكُمْ إِيمانا - بِهِ وَتَصْديقاً فَخُذْ بَيانا
109 فإِنَّنا بِهِ مُسَلِّمُوْنا - وَبالْمَلاَئِكَةِ مُؤْمِنوْنا
110 وَبِالنَّبيِّيْنَ وَبِالْكُتْبِ الَّتي - عَلى الْذينَ أُرْسِلوا أُنْزِلَتِ
(منهج أهل السنة تجاه الله ودينه وكلامه)
111 وَالله لاَ نَخُوْضُ فِيْهِ أَبَدا - وَلاَ بِدِيْنِهِ نُماري أَحَدا
112 وَ في الْقُرَآنِ نَحْنُ لاَ نُجادِلُ - وَهْوَ كَلاَمُ اللهِ فَهْوَ الْقائِلُ
113 قَدْ نَزَلَ الرُّوْحُ بِهِ تَنْجيما - عَلَّمَهُ مُحَمَّداً تَعْليما
114 وَهْوَ كَلاَمُ رَبِّيَ الْمُقْتَدِرِ - فَلاَ يُساوِيْهِ كَلاَمُ الْبَشَرِ
115 وَلاَ نَقُولُ أَبَداً بِخَلْقِهِ - فذاكَ إِفْكٌ مُفْترى في حَقِّهِ
(أهل القبلة)
116 وَإِنَّنا نَعُدُّ أَهْلَ الْقِبْلَةِ - إِنْ صَدَّقُوْا الرَّسُوُلَ أَهْلَ الْمِلَّةِ
117 فَلاَ بِذَنْبٍ أَحَداً نُكَفِّرُ - إِنْ ما اسْتَحَلَّ ذَنْبَهُ وَنْزَجَرْ
118 جَميْعَ مَنْ قالَ مَعَ الإِيمانِ لاَ - يَضُرُّ ذَنْبٌ لِلَّذي قَدْ عَمِلاَ
119 لِلْمُحْسِنِيْنَ الْمُؤْمِنِيْنَ نَرْجُو - مِنَ الْعَفُوِّ عَنْهُمُ أَنْ يَعْفُو
120 وَأَنَّهُ يُدْخِلُهُمْ في جَنَّتِه - بِفَضْلِهِ وَبِعَظيمِ رَحْمَتِهْ
121 وَلاَ عَلَيْهِمْ نَحْنُ آمِنُوْنا - وَلاَ لَهُمْ بِالْفَوْزِ شاهِدُوْنا
122 وَلاَ لِمَنْ أَسا مُقَنِّطُوْنا - لكِنَ عَلَيْهِمْ نَحْنُ خائِفُوْنا
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[02 - 01 - 06, 08:27 ص]ـ
(الأمن والإياس)
123 وَالأَمْنُ وَالإِياسُ يَنْقُلاَنِ - عَنْ مِلَّةِ الإِسْلاَمِ لِلْكُفْرانِ
124 وَبَيْنَ ذي وَهذِهِ الْمَنْزِلَةِ - سَبِيْلُ أَهْلِ الحَقِّ أَهْلِ الْقِبْلَةِ
125 وَالْعَبْدُ مِنْ إِيْمانِهِ ما يُخْرِجُهْ - إِلاَّ جُحُوْدُ ما بِهِ قَدْ يُوْلِجُهْ
(الإيمان والمؤمنون)
126 وَإِنَّنا نَقْصِدُ بِالإِيْمانِ - لِلْمَرْءِ أَنْ يُقِرَّ بِاللِّسانِ
127 وَمَعَهُ التَّصْديْقُ بِالْجَنانِ - وَعَمَلٌ يَكُونُ بِالأَرْكانِ
128 وَكُلُّ ما صَحَّ عَنِ الرَّسُوْلِ - مِنْ شَرْعِهِ حَقٌّ بِلاَ تَأْويْلِ
129 وَالله وَاِحداً إِلهاً عُبِدا - مِنْ أَجْلِ ذا الإِيمانُ وَاحِداً غَدا
130 وَأَهْلُهُ تَفاوَتُوا عَلَى رُتَبْ - بِهِ لأَنَّ أَصْلَهُ عَلى شُعَبْ
131 لأَنَّهُ يَنْقُصُ بِالذُّنُوبِ - حَقّاً وَيَزْدادُ لَدى المُجيبِ
132 وَقِيْلَ هُمْ في أَصْلِهِ سَواءُ - أَفْضَلُهُمْ مَنْ هُمُ أَتْقياءُ
133 مَنْ خَشِيَ الله وَرَبَّهُ اتَّقى - وَلاَزَمَ الأَوْلَى وَخالَفَ الهَوى
134 والأَوَّلُ الأَصَحُّ في الأَقْوَال ِ - بِهِ أَتى أَ وَائِلُ ((الأَنْفالِ))
135 وَالْمُؤْمِنُونَ أَوْليا الرَّحمنِ - فَلَيْسَ ذا يَحْتاجُ لِلْبيانِ
136 أَكْرَمُهُمْ عِنْدَهُ مَنْ تَراهُمُ - أَطْوَعَهُمْ وَلِلْهُدى أَهْداهُمُ
137 وَإِنْ تَكُنْ مُعَرِّفَ الإِيمانِ - فَقُلْ لَهُ سِتٌّ مِنَ الأَرْكانِ
138 إِيمانُنا بِاللهِ فالإِيمانُ بِهْ - أَوَّلُها وَأُسُّها وَكُتُبِهْ
139 وَرُسْلِهِ وَيَوْمِ جَمْعٍ لِلْبَشَرْ - وَبِملاَئِكٍ كَرامٍ وَالْقَدَرْ
140 بِكُلِّ ما حاءَ بِهِ مِنْ مُرِّهِ - وَحُلْوِهِ وَخَيْرِهِ وَشَرِّهِ
141 بِكُلِّ هذا نَحْنُ مُؤْمِنونا - وَبِالنَّبِيِّيْنَ مُصَدِّقِوْنا
(الكبيرة)
142 واعْلَمْ بِأَنَّ صاحِبَ الْكَبيرَهْ - مِنْ أُمَّةِ النَّبيِّ ذيْ الأَخيْرَهْ
143 فيْ النَّاِر لاَ يَخْلُدُ إِنْ أَصابا - مَوْتاً مُوَحِّداً وإِنْ ما تابا
144 وَأَنَّ هؤُلاَءِ في مَشيْئَتِهْ - وَحُكْمِهِ وَذاكَ بَعْضُ حِكْمَتِهْ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/451)
145 بِفَضْلِهِ إِنْ شاءَ عَنْهُمْ غَفَرا - وَلَوْ يَشاءُ النَّارَ فِيهِمْ سَعَّرا
146 بِعَدْلِهِ وَيَدْخُلوْنَ جَنَّتَهْ - بَعْدَ الْجَحيْمِ إِنْ يَنالوا رَحْمَتَهْ
147 وَإِنْ يَنالُوا مِنْ ذَوِيْ الشَّفاعَهْ - أَعْنِيْ ذَوِيْ طَاعَتِهِ شَفاعَهْ
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[03 - 01 - 06, 01:42 ص]ـ
(أحكام تتعلق بأهل القبلة)
148 نَرى الصَّلاَةَ خَلْفَ أَهْلِ الْقِبْلَهْ - فاجِرِهِمْ وَبَرِّهِمْ في المِلَّهْ
149 عَلى مَنْ ماتَ مِنْهُمُ نُصَلِّي - قيلَ عَلى الْبُغاةِ لاَ نُصَلِّي
150 وَلاَ بِجَنَّةٍ وَلاَ بِنارِ - نُنْزِلُ مِنْهُمْ أَحَداً وَالْجاري
151 عَلى الصَّحِيْحِ أَنَّنا لاَ نَشْهَدُ - عَلَيْهِمُ ما لَمْ نَجِدْ ما يَشْهَدُ
152 عَلَيْهِ بِالشِّرْكِ وَلاَ بِالْكُفْرِ - وَلاَ النِّفاقِ وَارْمِ حُكْمَ السِّرِّ
153 وَلاَ نَرى السَّيْفَ عَلَى إِنْسانِ - مِنْ أُمَّةِ النَّبيِّ ذي الْبَيانِ
154 إِلاَّ إِذا السَّيْفُ عَلَيْهِ وَجَبا - فإِنَّنا نَرْفَعُ عَنْهُ الْحُجُبا
(ولاة الأمر)
155 وَلاَ الْخُرُوْجَ أَبَداً بِأَمْرِ - عَلَى الإِمْامِ أَوْ وَليِّ الأَمْرِ
156 وَإِنْ يَجُوْروا وَنَرى طاعَتَهُمْ - مِنْ طَاعَةِ اللهِ فَرِيْضَةً لَهُمْ
157 ذلِكَ إِنْ لَمْ يَأْمُروا بِمَعْصيَهْ - للهِ جَلَّ وَعَلاَ أَنْ نَعْصيَهْ
158 وَلاَ يَداً نَنْزِعُ مِنْ طاعَتِهِمْ - وَلاَ عَلَيْهِمُ الْدُّعاءُ بَلْ لَهُمْ
159 بِالْخَيْرِ وَالرَّشادِ في إِلْحاحِ - وَبِالْمُعافاةِ وَبِالصَّلاَحِ
(لزوم الجماعة والحب والبغض في الله)
160 وَنَتْبَعُ السُّنَّةَ وَالْجَماعَهْ - وَنَمْقُتُ الْفُرْقَةَ لِلْجَماعَهْ
161 وَنَمْقُتُ الشُّذُوْذَ وَالْخِلاَفا - وَإِنَّنا كَما نَرى الأَسْلاَفا
162 نُحِبُّ أَهْلَ الْعَدْلِ وَالأَمانَةِ - نُبْغِضُ أَهْلَ الْجَوْرِ وَالْخيانَةِ
(العلم المشتبه , والمسح على الخفين , والجهاد والحج)
163 وَإِنَّنا نَقُولُ الله أَعْلَمُ - إِذا عَلَيْنا اشْتَبَه التَّعَلُّمُ
164 وَقُلْ نَرى الْمَسْحَ عَلى الأَخْفافِ - في الْسَّفْرِ وَالْمُكْثِ بِلاَ خِلاَفِ
165 وَالْحَجُّ وَالْجِهادُ ماضيانِ - مَعْ صاحِبِ الأَمْرِ بِلاَ عِصْيانِ
166 فاجِرِهِمْ وَبَرِّهِمْ وَالطَّاعَهْ - تَمْضي لَهُمْ إِلى قيامِ السَّاعَهْ
167 وَسائِرانِ لَيْسَ يُبْطَلاَنِ - بِحَدَثٍ وَلَيْسَ يُنْقَضانِ
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[03 - 01 - 06, 03:04 ص]ـ
(أمور يجب الإيمان بها)
168 وَإِنَّنا نُؤْمِنُ بِالْكِرامِ - الكاتِبيْنَ وَعَلى الأَنامِ
169 صَيَّرَهُمْ رَبِّيَ حافِظيْنا - وَبِالَّذي نَعْمَلُ عالِميْنا
170 وَمَلَكِ الْمَوْتِ فَذاكَ وُكِّلاَ - بِقَبْضِ أَرْواحِ الْعِبادِ مُرْسَلاَ
171 وَبِعَذابِ الْقَبْرِ حَقّاً حَقّاً - لِمَنْ يَمُوْتُ إِنْ يَكُ اسْتَحَقَّا
172 فَمَنْ يَمُتْ فَعَنْ ثَلاثٍ يُسْأَلْ - ربٍّ وَدِيْنٍ وَنَبيٍّ مُرْسَلْ
173 هذا عَلى ما جاءَ في الأَخْبارِ - عَنْ صادِقٍ وَصَحْبِهِ الأَخْيارِ
174 وَالْقَبْرُ رَوْضَةٌ مِنَ الْجِنانِ - أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النِّيْرانِ
175 وَإِنَّنا بِالْبَعْثِ أَيضاً نُوْقِنُ - وَبِجَزا أَعْمالِنا وَنُؤْمِنُ
176 بِالْعَرْضِ وَالْحِسابِ والثَّوابِ - يَوْمِ الْقيامَةِ وَبِالْعِقابِ
177 وَبِقِراءَةِ الْكِتابِ الدَّاني - وَبِالصِّراطِ فِيْهِ وَالْميزانِ
178 وَخَلَقَ الله إِلهُ الْحَقِّ - النَّارَ والْجَنَّةَ قَبْلَ الْخَلْقِ
179 مَخْلُوْقَتانِ لَيْسَ تَفْنَيانِ - وَلاَ تَبِيْدانِ مَعَ الأَزْمانِ
180 وَخَلَقَ الله لِكُلٍّ مِنْهُما - أَهْلاً يَعيْشُونَ بِها وَإِنَّما
181 بِفَضْلِهِ مَنْ شاءَ في الْجِنانِ - بِعَدْلِهِ مَنْ شاءَ في النِّيْرانِ
182 وَالْكُلُّ عامِلٌ لِما أُفْرِغَ لَهْ - وَالْكُلُّ صائِرٌ لِما أُنْشيءَ لَهْ
183 وَصَدَقاتُ الحيِّ وَالدَّعْواتُ - بخَيْرِها يَنْتَفِعُ الأمْواتُ
184 وَالْخَيْرُ وَالشَّرُّ مُقَدَّرانِ - عَلَى الْعِبادِ وَهُما ضِدَّانِ
(معنى الإستطاعة)
185 وَاعْلَمْ بِأَنَّ مَعْنى الإسْتِطاعَهْ - عِنْدَ أُوْلي السُّنَّةِ والْجماعَهْ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/452)
186 نَوْعانِ مِنْها ما بِهِ الْفِعْلُ يَجِبْ - وَهْيَ الَّتي مَكانُها الفِعْلَ صَحِبْ
187 وَالضدُّ ما لاَ يُوْجِبُ الأَفْعالَ - إِنْ يَكُ مَعْها وُسْعُهُ مُحالاَ
188 وَهْيَ الَّتي تَكُوْنُ قَبْلَ الْفِعْلَ - هذا الَّذي وافَقَ نَصَّ النَّقْلِ
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[03 - 01 - 06, 04:11 ص]ـ
(أفعال العباد)
189 وَالله خالِقٌ فِعالَ الْخَلْقِ - وَالْعَبْدُ كاسِبٌ لَها بِحَقِّ
190 وَلَمْ يُكَلَّفْ غَيْرَ ما يُطِيْقُ - فَضْلاً وَما كُلِّفَهُ يُطِيْقُ
191 وَذاكَ مَعْنى قَوْلِ لاَ حَوْلَ وَلاَ - قُوَّةَ إِلاَّ بِالَّذي فَوْقَ الْعُلاَ
(مشيئة الله وقضاؤه)
192 وَكُلُّ شَيءٍ في الْوُجُودِ يَجْري - أَي بِمَشِيْئَةِ الْعَليمِ فادْرِ
193 وَبِقضائِهِ عَلاَ وَقَدْرِهْ - وَعِلْمِهِ كَما أَتَى في سُوَرِهْ
194 وَغَلَبَتْ مَشيْئَةُ الرَّحمنُ - كُلَّ المَشيْئَاتِ وَفي الْبَيانِ
195 قَضاؤُهُ يَغْلِبُ كُلَّ الْحِيَلِ - وَإِنَّهُ إِنْ شاءَ شَيْئاً يَفْعَلِ
196 والله غَيْرُ ظالِمٍ تَقَدَّسا - عَنْ كُلِّ سَيِّيءٍ وشَيءٍ دَنَّسا
197 جَلَّ وَعَنْ كُلِّ مَعِيْبٍ وَمَشيْنْ - تَنَزَّهَ الله إِلهُ العالَمِيْنْ
198 وَالله عَنْ أَفْعالِهِ لاَ يُسْأَلُ - لكِنْ فِعالُ الْخَلْقِ عَنْها يَسْأَلُ
(منزلة الخلق من الله)
199 وَإِنَّهُ لِمَنْ دَعا قَريْبُ - وَلِلْحوائِجِ هُوَ الْمُجيبُ
200 وَإِنَّهُ مالِكُ كُلِّ شَيءِ - وَلَيْسَ مَمْلوْكاً لأَيِّ شَيءِ
201 مَنِ اغْتَنَى عَنْهُ بِطَرْفِ عَينِ - أَصْبَحَ مِنْ كُفَّاِر أَهْلِ الْحَيْنِ
202 والله يَغْضَبُ وَيَرْضى حَقاً - إِنْ لَمْ تُشَبِّهْهُ تَكُنْ مُحِقّاً
(الصحابة)
203 نُحِبُّ أَصْحابَ الْنَّبي الأَوَّاهِ - عَلَيْهِ أَفْضَلُ صَلاَةِ اللهِ
204 لاَ نُفْرِطُ الْحُبَّ بِشَخْصٍ مِنْهُمُ - وَإِنَّنا لاَ نَتَخَلَّى عَنْهُمُ
205 وَإِنَّنا نُبْغِضُ مَنْ يُبْغِضُهُمْ - وَمَنْ بِغَيْرِ الْحَقِّ هُوْ يَذْكُرُهُمْ
206 حُبُّهُمُ دِيْنُ مِنَ الإِيمانِ - وَبُغْضُهُمْ كُفْرٌ مِنَ الطُّغْيانِ
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[03 - 01 - 06, 07:33 ص]ـ
(الخلافة)
207 بَعْدَ الرَّسُولِ نُثْبِتُ الْخِلاَفَهْ - حَقّاً بِلاَ زَيْفٍ وَلاَ خُرافَهْ
208 لِحِبِّهِ الصِّديْقِ خَيْرِ الأَمَّةِ - بَعْدَ الرَّسُوْلُ مُطْلَقاً وَأَثْبِتِ
209 مِنْ بَعْدِهِ لِعُمَرَ الْفارُوْقِ - ثُمَّ لِعُثْمانَ عَلَى التَّحْقيقِ
210 وَلِعَليٍّ بَعْدَهُ قَدْ أُسْنِدا - عَلَيْهِمُ الرِّضْوانُ مِنْ رَبِّ الهُدى
211 هُمْ خُلَفا الإِسْلاَمِ راشِدُوْنا - وَهُمْ أَئِمَّةٌ وَ مُهْتَدوْنا
(العشرة المبشرون بالجنة)
212 وَكُلُّ ما قالَ بِهِ الرَّسُولُ - فإِنَّنا بِإِثْرِهِ نَقُوْلُ
213 عَنْ كُلِّ مَنْ بَشَّرَهُ بِعَدْنِ - مِنْ صَحْبِهِ الأَطْهارِ دُوْنَ ظَنِّ
214 هُمْ عَشْرَةٌ فَمِنْهُمُ أَرْبَعَةُ - أَسْلَفْتُ أَسْماءَهُمُ وَطَلْحَةُ
215 كَذا ابْنُ عَوْفٍ وَزُبَيْرٌ الْشَّهِيْدْ - مِنْهُمْ وَعامِرٌ وَسَعْدٌ وَسَعيدْ
216 مَنْ أَحْسَنَ الْقَوْلَ بِصَحْبِ الْمُصْطَفى - وَمَنْ بِأَزْوَاجِهِ مِثْلَ ذا اقْتَفى
217 وَنَسْلِهِ مِنْ كُلِّ شَيءٍ دَنِسِ - فَهْوَ بَريءٌ مِنْ نِفاقٍ نَجِسِ
(علماء السلف)
218 وَعُلَمَاءُ الْسَّلَفِ الأَوَاِئلُ - وَمَنْ عَلى إِثْرِهِمُ قَدْ حاوَلُوا
219 التَّابِعوْنَ أَهْلُ خَيْرٍ وَأَثَرْ - وَأَهْلُ فِقْهٍ وَعُلُوْمٍ وَنَظَرْ
220 لاَ يُذْكَرُوْنَ بِسوَى الْجَميْلِ - وَذَمُّهُمْ مَيْلٌ عَنِ السَّبيلِ
(النبي والولي والكرامة)
221 وَعِنْدَنا النَّبيُّ يَفْضُلُ الوَلي - لِجَمْعِهِ الوَصْفَيْنِ فافْهَمْ وَامْثُلِ
222 وَإِننا نُؤْمِنُ بِالْكَرامَهْ - لِلأوْليا إِنْ صَحَّتِ الروَايهْ
(شروط الساعة)
223 وَكُلِّ شَرْطٍ مِنْ شُروْطِ السَّاعَةِ - نُثْبِتُ مُهْتَدِيْن بِالْجَماعَةِ
224 مِنْها خُروْجُ الْكاذِبِ الدَّجَّالِ - ذي الْفِتْنَةِ الْعَظيْمَةِ الْقَتَّالِ
225 ثُمَّ نُزُولُ الصَّادِقِ الْمَسِيْحِ - عِيْسى لِقَتْلِ الْكاذِبِ المَسيْحِ
226 كذا طُلُوْعُ الشَّمْسِ من مَغْرِبِها - كذا الَّتي تَدُبُّ مِنْ مَوْضِعِها
يتبع إن شاء الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/453)
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[03 - 01 - 06, 05:25 م]ـ
(الكهانة , والعرافة , ومخالفة الكتاب والسنة وإجماع الأمة)
227 وَنَحْنُ لِلْكُهَّانِ وَالْعُرَّافِ غَيْرُ مُصَدِّقِيْنَ بَلْ نُجافي
228 وَلاَ مَنِ ادَّعَى خِلاَفَ السُّنَّةِ أَوِ الْكِتابِ وَاجْتِماعِ الأُمَّةِ
229 نَرَى اجْتِماعَ الأُمَّةِ الصَّوَابا وَالْحَقَّ وَافْتِراقَها الْعَذابا
(دين الإسلام)
230 وَالله دِيْنُهُ هُوَ الإِسْلاَمُ في الأَرْضِ وَالسَّما فَلاَ يُرامُ
231 قَبُوْلُ غَيْرِهِ مَدَى الأَزْمانِ قَرَّرَ هذا آيتا ((آل عِمْرانِ))
232 وَإِنَّهُ عِنْدَ أُوْلي التَّحْرِيْرِ بَيْنَ الْغُلو فيْهِ وَالتَّقْصيْرِ
233 وَبَيْن تَشْبِيْهٍ وَنَفْيٍ فاعْتَبِرْ مَنْزِلهُ وَبَيَنْ جَبْرٍ وَقَدَرْ
234 وَبَينَ إِياسٍ وَ أَمْنٍ وَسَطا فإِنْ تَمِلْ تَكُنْ لِديْنٍ مُحْبِطا
235 هذا هُوَ اعْتِقادُنا وَدِيْنُنا كَما أَتانا ظاهِراً وَباطِنا
236 وَمَنْ يُخالِفِ الَّذي ذَكَرْنا فَقَدْ بَرِئْنا مِنْهُ وَاعْتَبَرْنا
(خاتمة)
237 وَنَسْأَلُ الله عَلى الإِيمانِ مِنْهُ ثَباتاً دَائِمَ الْبُنْيانِ
238 وَالْعِصْمَةَ الْعُظْمى مِنْ الأَهْواءِ ذاتِ الْخِلاَفِ وَمِنَ الآراءِ
239 الْمُتَفَرِّقَةِ وَالْمُظِلَّةِ وَمِنْ مَذاهِبِ الرَّدى الرَّدِيَّةِ
240 أَعْنِي الَّتي تُخالِفُ الصَّوابا وَتَقْتَضِي لِسالِكٍ عَذابا
241 وَهْيَ الَّتي عَلى خِلاَفِ الْفِطْرَةِ مِثْلُ الْمُشَبِّهَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ
242 وَمِثْلُ جَبْرٍ وَاعْتِزالٍ وَقَدَرْ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَهُ الشَّرُّ حَضَرْ
243 مَنْ خالَفُوْا السُّنَّةَ وَالْجَماعَةَ حَماقَةً وَحالفُوا الضَّلاَلَةَ
244 فَكُلُّ هؤُلاَءِ أَرْدياءُ ضُلاَّلُ نَحْنُ مِنْهُمُ بَراءُ
245 وَتَمَّ نَظُمُ هذِهِ العَقيْدَةْ عَزِيْزَةً بِالمُحْتَوَى فَرِيْدَه
246 فَما رَأَيْتَ فيْها مِنْ نَفْعٍ فَخُذْ أَوْ غَيْرِهِ فَدَعْهُ وَالسِّتْرَ اتَّخِذْ
247 وَفيهِما ادْعُ لِلَّذي صَنَّفَها وَلِلَّذي أَحْرُفَها أَلَّفها
248 وَالْحَمْدُ للهِ وَفي الْخِتامِ أَخْتِمُ بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ
249 عَلى النَّبيِّ القُرَشيِّ أَحْمَدا وَآلِهِ وَمَنْ بِهَدْيِهِ اقْتَدى
انتهت المنظومة بحمد الله تعالى ويليها البَراهْين المُوضِحَات لكشفِ الشُّبُهات للشيخ محمد الطيب الأنصاري ـ رحمه الله ـ ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=69251)
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد
الأبيات على ملف وورد
ـ[القعقاع محمد]ــــــــ[19 - 01 - 06, 01:34 م]ـ
جزاكم الله خيراً
ننتظر المزيد(32/454)
أسئلة حول ما ذكر في القرآن والحديث في صحة التوراة والإنجيل الموجود في عهدنا اليوم
ـ[عدي البغدادي]ــــــــ[02 - 01 - 06, 07:16 ص]ـ
ألسلام عليكم
أنا أخوكم في الله عدي البغدادي أدرس في أحدى الجامعات البريطانيا ولدي بحث، وفي أثناء بحثي كانت هذه النصوص الآيات والأحاديث وبعض تأويل السلف ضمن ما أحتج به اليهود والنصارى على المسلمين. وقد وضعت طرفا من الآية أو من الحديث بما يستدل به أهل الكتاب على المسلمين قبل ذكر التفسير او كتاب الحديث، ومن ثم وضعت خط تحت الكلمة التي يحتجون بها علينا.
فمن أستطاع التوضيح أو الإجابة بالقرآن والأثر فجزاه الله خيرا
والأفضل عدم الإحتجاج بأراء العلماء.
كتاب التوراة في عصر يحيى بن زكريا وعيسى ابن مريم ونبينا محمد بن عبد الله عليهم أفضل الصلاة والسلام
يا يحيى، خذ هذا الكتاب بقوة، يعني كتاب الله الذي أنزله على موسى وهو التوراة
جامع البيان في تفسير القرآن للطبري- سورة مريم
القول في تأويل قوله تعالى: يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا يقول تعالى ذكره: فولد لزكريا يحيى، فلما ولد، قال الله له: يا يحيى، خذ هذا الكتاب بقوة، يعني كتاب الله الذي أنزله على موسى وهو التوراة بقوة، يقول: بجد.
لأن عيسى (ص) كان مؤمنا بالتوراة مقرا بها
جامع البيان في تفسير القرآن للطبري- سورة آل عمران مدنية
القول في تأويل قوله تعالى: ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون، إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم
يعني بذلك جل ثناؤه: وبأني قد جئتكم بآية من ربكم، وجئتكم مصدقا لما بين يدي من التوراة، ولذلك نصب " مصدقا " على الحال من جئتكم، والذي يدل على أنه نصب على قوله وجئتكم دون العطف على قوله: وجيها، قوله: لما بين يدي من التوراة ولو كان عطفا على قوله: وجيها، لكان الكلام: ومصدقا لما بين يديه من التوراة، وليحل لكم بعض الذي حرم عليكم،
وإنما قيل: ومصدقا لما بين يدي من التوراة
لأن عيسى صلوات الله عليه كان مؤمنا بالتوراة مقرا بها، وأنها من عند الله،
وكذلك الأنبياء كلهم يصدقون بكل ما كان قبلهم من كتب الله ورسله،
وإن اختلف بعض شرائع أحكامهم لمخالفة الله بينهم في ذلك،
مع أن عيسى كان فيما بلغنا عاملا بالتوراة، لم يخالف شيئا من أحكامها إلا ما خفف الله عن أهلها في الإنجيل مما كان مشددا عليهم فيها
آية في تصديق الإنجيل الموجود في عصر نزول هذه الآية
مصدقا لما معكم، يعني: " الإنجيل "
تفسير مجاهد- سورة البقرة
13 أنا عبد الرحمن، قال: نا إبراهيم، قال: نا آدم، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: وآمنوا بما أنزلت،
يعني: " القرآن " مصدقا لما معكم، يعني: " الإنجيل " *
جامع البيان في تفسير القرآن للطبري- سورة النساء- وأما قوله: وأن تجمعوا بين الأختيين
القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا يعني جل ثناؤه بقوله: يا أيها الذين أوتوا الكتاب اليهود من بني إسرائيل الذين كانوا حوالي مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله لهم: يا أيها الذين أنزل إليهم الكتاب فأعطوا العلم به آمنوا يقول: " صدقوا بما أنزلنا إلى محمد من الفرقان مصدقا لما معكم
يعني: " محققا للذي معكم من التوراة التي أنزلتها إلى موسى بن عمران.
من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم: طمسه إياه: محوه آثارها حتى تصير كالأقفاء. وقال آخرون: معنى ذلك: أن نطمس أبصارها فنصيرها عمياء , ولكن الخبر خرج بذكر الوجه , والمراد به بصره فنردها على أدبارها فنجعل أبصارها من قبل أقفائها
فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك
تفسير سنن سعيد بن منصور- تفسير سورة يونس (ع) - الآية 94 - قوله تعالى:- فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/455)
1023حدثنا سعيد قال: نا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، في قوله فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك
قال: " ما شك ولا سأل " *
وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله
جامع البيان في تفسير القرآن للطبري- سورة المائدة- القول في تأويل قوله تعالى: فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم
10893 حدثني يونس , قال: أخبرنا ابن وهب , قال: قال ابن زيد: كان في حكم حيي بن أخطب للنضري ديتان , والقرظي دية , لأنه كان من النضير؛ قال: وأخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بما في التوراة , قال: وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس إلى آخر الآية. قال: فلما رأت ذلك قريظة , لم يرضوا بحكم ابن أخطب , فقالوا: نتحاكم إلى محمد فقال الله تبارك وتعالى: فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم فخيره
وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله الآية كلها.
وكان الشريف إذا زنى بالدنيئة رجموها هي وحمموا وجه الشريف , وحملوه على البعير , أو جعلوا وجهه من قبل ذنب البعير. وإذا زنى الدنيء بالشريفة رجموه , وفعلوا بها ذلك. فتحاكموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فرجمها. قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: " من أعلمكم بالتوراة؟ " قالوا: فلان الأعور. فأرسل إليه , فأتاه , فقال: " أنت أعلمهم بالتوراة؟ " قال: كذاك تزعم يهود , فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " أنشدك بالله وبالتوراة التي أنزلها على موسى يوم طور سيناء ما تجد في التوراة في الزانيين؟ " فقال: يا أبا القاسم , يرجمون الدنيئة , ويحملون الشريف على بعير , ويحممون وجهه , ويجعلون وجهه من قبل ذنب البعير , ويرجمون الدنيء إذا زنى بالشريفة , ويفعلون بها هي ذلك. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " أنشدك بالله وبالتوراة التي أنزلها على موسى يوم طور سيناء ما تجد في التوراة؟ " فجعل يروغ والنبي صلى الله عليه وسلم ينشده بالله وبالتوراة التي أنزلها على موسى يوم طور سيناء , حتى قال: يا أبا القاسم الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فهو ذاك , اذهبوا بهما فارجموهما " قال عبد الله: فكنت فيمن رجمهما , فما زال يجنئ عليها ويقيها الحجارة بنفسه حتى مات ,
ثم اختلف أهل التأويل في حكم هذه الآية هل هو ثابت اليوم وهل للحكام من الخيار في الحكم والنظر بين أهل الذمة والعهد إذا احتكموا إليهم , مثل الذي جعل لنبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية , أم ذلك منسوخ؟
فقال بعضهم: ذلك ثابت اليوم لم ينسخه شيء ,
وللحكام من الخيار في كل دهر بهذه الآية مثل ما جعله لرسوله صلى الله عليه وسلم *
سؤال:- الرسول (ص) قد أحتج على اليهود بآية موجودة في توراة آنذاك
أوليس هذه اليهود، والنصارى يقرؤون التوراة والإنجيل لا ينتفعون منها بشيء
العلم لزهير بن حرب
53 حدثنا أبو خيثمة عن، الأعمش، عن، سالم بن أبي الجعد، عن، ابن لبيد، قال: " ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا، قال: وذاك عند أوان ذهاب العلم، قالوا يا رسول الله: وكيف يذهب العلم ونحن نقرأ القرآن ونقرئه أبناءنا ويقرئه أبناؤنا أبناءهم،
قال: " ثكلتك أمك ابن أم لبيد أوليس هذه اليهود، والنصارى يقرؤون التوراة والإنجيل لا ينتفعون منها بشيء " *
تعليق:- أبو خيثمة هو زهير بن حرب بن شداد النسائي (160 - 234هـ)
مسند أحمد بن حنبل – مسند الشاميين- حديث زبيد بن لبيد
17213 حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن زياد بن لبيد، قال: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، فقال: " وذاك عند أوان ذهاب العلم " قال: قلنا: يا رسول الله، وكيف يذهب العلم ونحن نقرأ القرآن ونقرئه أبناءنا، ويقرئه أبناؤنا أبناءهم إلى يوم القيامة؟ قال: " ثكلتك أمك يا ابن أم لبيد، إن كنت لأراك من أفقه رجل بالمدينة،
أو ليس هذه اليهود والنصارى يقرءون التوراة والإنجيل لا ينتفعون مما فيهما بشيء؟ " *
سنن ابن ماجه- كتاب الفتن- باب ذهاب القرآن والعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/456)
4080حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن زياد بن لبيد، قال: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، فقال: " ذاك عند أوان ذهاب العلم "، قلت: يا رسول الله وكيف يذهب العلم، ونحن نقرأ القرآن، ونقرئه أبناءنا، ويقرئه أبناؤنا أبناءهم إلى يوم القيامة؟
قال: " ثكلتك أمك زياد إن كنت لأراك من أفقه رجل بالمدينة،
أوليس هذه اليهود، والنصارى، يقرءون التوراة، والإنجيل لا يعملون بشيء مما فيهما؟ " *
التلاوة أي:- حق تلاوته أن تحل حلاله , وتحرم حرامه
تفسير مجاهد- سورة البقرة43
أنا عبد الرحمن، قال: نا إبراهيم، قال: نا آدم، قال: نا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: " يتلونه حق تلاوته "
قال: " يعملون به حق عمله " *
تفسير عبد الرزاق- سورة البقرة
111 عبد الرزاق قال: نا معمر , عن قتادة , ومنصور بن المعتمر , عن ابن مسعود , في قوله تعالى: يتلونه حق تلاوته
قال: " حق تلاوته أن تحل حلاله , وتحرم حرامه , ولا تحرفه عن مواضعه " *
صحيح البخاري- كتاب التوحيد
باب قول الله تعالى: قل فأتوا بالتوراة فاتلوها وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " أعطي أهل التوراة التوراة فعملوا بها، وأعطي أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا به، وأعطيتم القرآن فعملتم به " وقال أبو رزين: يتلونه حق تلاوته:
" يتبعونه ويعملون به حق عمله "،
يقال: يتلى: " يقرأ، حسن التلاوة: حسن القراءة للقرآن "،
لا يمسه: " لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن بالقرآن، ولا يحمله بحقه إلا الموقن،
لقوله تعالى ": مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها، كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله، والله لا يهدي القوم الظالمين وسمى النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام والإيمان والصلاة عملا
سؤال: هل هذا معناه ان العيب في اليهود وليس في التوراة الموجودة؟
دفاع رب العالمين عن التوراة والإنجيل
جامع البيان في تفسير القرآن للطبري-سورة القصص
القول في تأويل قوله تعالى: قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد للقائلين للتوراة والإنجيل: هما سحران تظاهرا: ائتوا بكتاب من عند الله، هو أهدى منهما لطريق الحق، ولسبيل الرشاد أتبعه إن كنتم صادقين في زعمكم أن هذين الكتابين سحران، وأن الحق في غيرهما. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: فقال الله تعالى " قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما. . الآية
وذهب فقهاء الحنفية إلى أنه لا يجوز للجنب مس التوراة وهو محدث
البداية والنهاية- للإمام إسماعيل بن كثير الدمشقي. (مجلد 2 - ص 179) الجزء الثاني - فصل ليس للجنب لمس التوراة
ليس للجنب لمس التوراة
وذهب فقهاء الحنفية إلى أنه لا يجوز للجنب مس التوراة وهو محدث،
وحكاه الحناطي في فتاويه عن بعض أصحاب الشافعي وهو غريب جداً، وذهب آخرون من العلماء إلى التوسط في هذين القولين منهم: شيخنا الإمام العلامة أبو العباس ابن تيمية رحمه الله فقال: أما من ذهب إلى أنها كلها مبدلة من أولها إلى آخرها ولم يبق منها حرف إلا بدلوه فهذا بعيد.
وكذا من قال لم يبدل شيء منها بالكلية بعيد أيضاً، والحق أنه دخلها تبديل وتغيير، وتصرفوا في بعض ألفاظها بالزيادة والنقص كما تصرفوا في معانيها، وهذا معلوم عند التأمل ولبسطه موضع آخر، والله أعلم.
يحرفون الكلم يعني: يحرفون حدود الله في التوراة
تفسير ابن ابي حاتم- سورة النساء- قوله تعالى: الكلم
6396 حدثنا أبي , ثنا أبو صالح , حدثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس ,
قوله: يحرفون الكلم
يعني: يحرفون حدود الله في التوراة *
جامع البيان في تفسير القرآن للطبري-سورة النساء- وأما قوله: وأن تجمعوا بين الأختيين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/457)
القول في تأويل قوله تعالى: من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا ولقوله جل ثناؤه: من الذين هادوا يحرفون الكلم وجهان من التأويل: أحدهما: أن يكون معناه: ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب من الذين هادوا يحرفون الكلم فيكون قوله: من الذين هادوا من صلة الذين. وإلى هذا القول كانت عامة أهل العربية من أهل الكوفة يوجهون. قوله: من الذين هادوا يحرفون والآخر منهما: أن يكون معناه: من الذين هادوا من يحرف الكلم عن مواضعه. فتكون من محذوفة من الكلام اكتفاء بدلالة قوله: من الذين هادوا عليها , وذلك أن من لو ذكرت في الكلام كانت بعضا لمن , فاكتفى بدلالة من عليها , والعرب تقول: منا من يقول ذلك , ومنا لا يقوله , بمعنى: منا من يقول ذاك , ومنا من لا يقوله , فتحذف من اكتفاء بدلالة من عليه , كما قال ذو الرمة: فظلوا ومنهم دمعه سابق له وآخر يذري دمعة العين بالمهل يعني: ومنهم من دمعه. وكما قال الله تبارك وتعالى: وما منا إلا له مقام معلوم وإلى هذا المعنى كانت عامة أهل العربية من أهل البصرة يوجهون تأويل قوله: من الذين هادوا يحرفون الكلم غير أنهم كانوا يقولون: المضمر في ذلك القوم , كأن معناه عندهم: من الذين هادوا قوم يحرفون الكلم , ويقولون: نظير قول النابغة: كأنك من جمال بني أقيش يقعقع خلف رجليه بشن يعني: كأنك جمل من جمال أقيش فأما نحويو الكوفة , فينكرون أن يكون المضمر مع من إلا من أو ما أشبهها والقول الذي هو أولى بالصواب عندي في ذلك قول من قال قوله: من الذين هادوا من صلة الذين أوتوا نصيبا من الكتاب , لأن الخبرين جميعا والصفتين من صفة نوع واحد من الناس , وهم اليهود الذين وصف الله صفتهم في قوله: ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب وبذلك جاء تأويل أهل التأويل , فلا حاجة بالكلام إذ كان الأمر كذلك إلى أن يكون فيه متروك
وأما تأويل قوله: يحرفون الكلم عن مواضعه
فإنه يقول: يبدلون معناها ويغيرونها عن تأويله ,
والكلم جماع كلمة.
وكان مجاهد يقول: عنى بالكلم: التوراة
قراءة الرسول (ص) على أبي بن كعب " الدين عند الله الحنيفية غير اليهودية، ولا النصرانية "
مسند الطيالسي- أحاديث أبي بن كعب رحمه الله
535 حدثنا أبو داود قال: حدثنا شعبة، قال: أخبرني عاصم ابن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن أبي بن كعب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله عز وجل
أمرني أن أقرأ عليك القرآن "،
قال: فقرأ عليه لم يكن وقرأ عليه:
" إن دأب الدين عند الله الحنيفية لا المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية ومن يعمل خيرا فلن يكفروه "،
وقرأ عليه: لو كان لابن آدم واد لابتغى إليه ثانيا ولو أعطي ثانيا لابتغى إليه ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب " *
المستدرك على الصحيحين للحاكم- كتاب التفسير
2842 أخبرني عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد الأسدي، ثنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل، ثنا آدم بن أبي إياس، ثنا شعبة، عن عاصم، عن زر، عن أبي بن كعب رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن "
فقرأ: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين ومن نعتها لو أن ابن آدم سأل واديا من مال، فأعطيته، سأل ثانيا، وإن أعطيته ثانيا، سأل ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب،
وإن الدين عند الله الحنيفية غير اليهودية، ولا النصرانية، ومن يعمل خيرا فلن يكفره " "
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه " *
مسند أحمد بن حنبل- مسند الأنصار- حديث زر بن حبيش عن أبي بن كعب
20760 حدثنا عبد الله حدثني عبيد الله بن عمر القواريري، حدثنا سلم بن قتيبة، حدثنا شعبة، عن عاصم بن بهدلة، عن زر، عن أبي بن كعب، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله أمرني أن أقرأ عليك "
قال: فقرأ علي: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة
" إن الدين عند الله الحنيفية، غير المشركة، ولا اليهودية، ولا النصرانية، ومن يفعل خيرا فلن يكفره " قال شعبة: ثم قرأ آيات بعدها، ثم قرأ: " لو أن لابن آدم واديين من مال، لسأل واديا ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب " قال: ثم ختمها بما بقي منها *
تعليق:- الحنيفية أي دين إبراهيم عليه السلام ولم يقل الإسلام في قراءة أبي بن كعب وهو من الأنصار وكان فيهم الكثير من أهل الكتاب وكلمة الحنيفية عند اليهود والنصارى معلومة آنذاك.
والله الأعلم
سؤال:- ما تعريف الإسلام وما تعريف الحنيفية، وهل هما يحملان تعريفا واحدا؟
وجزاكم الله خيرا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/458)
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[02 - 01 - 06, 02:49 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،،،
موضوع مهم، جزاك الله خيراً.
وأرجو من المشرفين أن يرتّبوا كتابة أخينا عدي ويلوّنوها؛ لتسهل الإجابة على الإشكالات.
فهمتُ -باستنتاجاتي الخاصة- من مشاهدتي لمناظرات أحمد ديدات رحمه الله: أنهم يفهمون كتابهم بحسب أهواء من كان قبلهم.
وإلا لو اتبعوا أوامره بدون هوى لاضطروا للإيمان بنبيّنا صلى الله عليه وسلم.
ولكن هذا فهمي الخاص بدون الرجوع إلى نصوص الكتاب والسنة.
ننتظر من الإخوة الإجابة على أسئلة أخينا.
ـ[ابو طه المغربي]ــــــــ[02 - 01 - 06, 04:15 م]ـ
{بسم الله الرحمن الرحيم}
{الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله}
أما بعد،
فمن شبهات اليهود و النصارى خاصة أنهم يدعون أن الإسلام يقر بصحة كتبهم.
أقول بعون الله، إن القرآن لا يقر لا بصحة التوراة و لا بصحة الإنجيل. فالقرآن الكريم أقر على عكس إداءاتهم بأن التوراة محرفة و ها هو الدليل:
{أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}
البقرة 75
جاء في تفسير الطبري في قوله تعالى {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} ما نصه
حدثني به محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: {أفَتَطْمَعُونَ أنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} فالذين يحرّفونه والذين يكتمونه: هم العلماء منهم.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن أبي نجيح، عن مجاهد بنحوه.
حدثني موسى، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السدي: {أَفَتَطْمَعُونَ أنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرّفونَهُ منْ بَعْدِ ما عَقَلُوه} قال: هي التوراة حرّفوها.
كما قال الله تعالى في حق كافة بني إسرائيل:
{إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}
المائدة 44
يقول الزمخشري في حق كلمة أستحفظوا:
أي كلفهم الله حفظه وأن يكونوا عليه شهداء
أي ان الله لم يتكلف بحفظ التوراة كما هو الأمر للقرآن بل أودعها بين يديهم
و قال الله تعالى:
{فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ}
قال الطبري في تفسيره
القول في تأويل قوله تعالى: {لِلّذِينَ يَكْتُبُونَ الكِتابَ بأيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً}.
يعني بذلك: الذين حرّفوا كتاب الله من يهود بني إسرائيل وكتبوا كتاباً على ما تأولوه من تأويلاتهم مخالفاً لما أنزل الله على نبيه موسى صلى الله عليه وسلم ثم باعوه من قوم لا علم لهم بها ولا بما في التوراة جهال بما في كتب الله لطلب عرض من الدنيا خسيس فقال الله لهم {فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون}. كما حدثني موسى قال حدثنا عمرو قال حدثنا أسباط عن السدي فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً قال كان ناس من اليهود كتبوا كتاباً من عندهم يبيعون من العرب ويحدثونهم أنه من عند الله ليأخذوا به ثمناً قليلاً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/459)
حدثني المثنى، قال: ثنا آدم، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية قوله: {فَوَيْلٌ لِلّذِينَ يَكْتُبُونَ الكِتابَ بأيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنا قَلِيلاً} قال: عمدوا إلى ما أنزل الله في كتابهم من نعت محمد صلى الله عليه وسلم، فحرّفوه عن مواضعه يبتغون بذلك عرضا من عرض الدنيا، فقال: {فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمّا يَكْسِبُونَ}.
فأعلم ربنا بقوله: {فَوَيْلٌ لِلّذِينَ يَكْتُبُونَ الكِتابَ بأيْدِيهِمْ} عباده المؤمنين أن أحبار اليهود تلي كتابة الكذب والفرية على الله بأيديهم على علم منهم وعمد للكذب على الله ثم تنحله إلى أنه من عند الله وفي كتاب الله تكذّباً على الله وافتراء عليه. فنفى جل ثناؤه بقوله: {يَكْتُبُونَ الكِتابَ بأيْدِيهِمْ} أن يكون ولي كتابة ذلك بعض جهالهم بأمر علمائهم وأحبارهم. وذلك نظير قول القائل: باعني فلان عينه كذا وكذا، فاشترى فلان نفسه كذا، يراد بإدخال النفس والعين في ذلك نفي اللبس عن سامعه أن يكون المتولي بيع ذلك وشراءه غير الموصوف به بأمره، ويوجب حقيقة الفعل للمخبر عنه فكذلك قوله: {فَوَيْلٌ لِلّذِينَ يَكْتُبُونَ الكِتابَ بأيْدِيهِمْ}.
كما روى البخاري في صحيحه:
حدثني محمد بن بشار حدثنا عثمان بن عمر أخبرنا علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال
كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم الآية
إن التوراة و الإنجيل التي بين يدينا شاهدة على نفسها بالتحريف، و هذا ليس قول المسلمين فقط بل قول علماء الغرب الذين درسوا تلك الكتب دراسة نقدية و في هذا الموضوع يطول الحديث و إن كنت تريد المزيد فراسلني على الخاص لكي نفصل ما تريد تفصيله.
و السلام عليكم
ـ[عدي البغدادي]ــــــــ[03 - 01 - 06, 10:14 ص]ـ
الأخ الفاضل حمد أحمد
السلام عليكم
جزاكم الله خيرا على هذا الرد
أما من ناحية أن أحمد ديدات كان داعيا فهو من الدعاة رحمه الله تعالى وجزاه الله خير جزاء، ولكني لم أسمع أو أرى له شيئا من مناظراته مع النصارى أو من خلال كتيباته الدعوية، لم أجد له إستدلالا من الحديث أو من تفسير القرآن لا من السلف ولا من الخلف.
وفي الدراسات الأكاديمية عادتا الدعاة لا وجود لهم، إلا من أسند قوله الى كتاب من الكتب المعروفة عند المسلمين، أو إلى كتاب ترجع إليه طائفة أو مدرسة معينة في إستدلالتها الفقهية وما شابه ذلك أو غير ذلك من الأحكام الشرعية.
أما من ناحية تلوين الكتابة، فياليت لو أعطيتنا مثال على ذلك حتى يعطيني فكرة توضيحية أكثر ويمنح للقاريء أكثر سهولة في التعرف على أسئلتي ولا ننحرم من مشاركة الأعضاء الأعزاء.
جزاكم الله خيرا
من أخوك في الله عدي البغدادي
ـ[ابو طه المغربي]ــــــــ[03 - 01 - 06, 01:44 م]ـ
{بسم الله الرحمن الرحيم}
{الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله}
أما بعد،
أخي الحبيب، إن منهاج أحمد ديدات رحمه الله في مناظرة النصارى هو أن يقيم الحجة عليهم من خلال كتبهم، فهو يبين لهم بطلان التليث و الصلب و الفداء من خلال كتبهم التي يعترفون بها، كما انه يبين لهم التحريف من خلال الأبحاث النقدية لعلاماء الغرب و أيضا من كتبهم. فنجده قليل الإستدلال من القرآن و السنة، لأن الطرف الآخر غير معترف مسبقا بها. و الله المستعان.
في أمان الله.
و السلام عليكم
ـ[عدي البغدادي]ــــــــ[03 - 01 - 06, 02:12 م]ـ
أبو طه المغربي السلام عليكم
جزاك الله خيرا على الرد
للأسف لم تكن الإجابة الكافية على الآيات و الأحاديث وأراء السلف التي قد جمعتها في ألاسئلة، وياليت ان تضع كل إجابة تحت السؤال الذي وضعته لتكون الفائدة أكبر.
الآن قد أستخدمت التلوين فكل كتابة ملونة فهي سؤال.
يدافع الله عن التوراة والإنجيل:- قوله تعالى {إن كنتم صادقين في زعمكم أن هذين الكتابين سحران}
جامع البيان في تفسير القرآن للطبري-سورة القصص
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/460)
القول في تأويل قوله تعالى: قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد للقائلين للتوراة والإنجيل: هما سحران تظاهرا: ائتوا بكتاب من عند الله، هو أهدى منهما لطريق الحق، ولسبيل الرشاد أتبعه
إن كنتم صادقين في زعمكم أن هذين الكتابين سحران، وأن الحق في غيرهما. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: فقال الله تعالى " قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما. . الآية
آية أخرى في الإقرار بالإنجيل الموجود في عصر نزول هذه الآية القرآنية على نبينا محمد (ص)
مصدقا لما معكم، يعني: " الإنجيل "
تفسير مجاهد- سورة البقرة
13 أنا عبد الرحمن، قال: نا إبراهيم، قال: نا آدم، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: وآمنوا بما أنزلت،
يعني: " القرآن "
مصدقا لما معكم، يعني: " الإنجيل " *
جامع البيان في تفسير القرآن للطبري- سورة النساء- وأما قوله: وأن تجمعوا بين الأختيين
القول في تأويل قوله تعالى: يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا يعني جل ثناؤه بقوله: يا أيها الذين أوتوا الكتاب اليهود من بني إسرائيل الذين كانوا حوالي مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله لهم: يا أيها الذين أنزل إليهم الكتاب فأعطوا العلم به آمنوا يقول: " صدقوا بما أنزلنا إلى محمد من الفرقان مصدقا لما معكم
يعني: " محققا للذي معكم من التوراة التي أنزلتها إلى موسى بن عمران.
من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم: طمسه إياه: محوه آثارها حتى تصير كالأقفاء. وقال آخرون: معنى ذلك: أن نطمس أبصارها فنصيرها عمياء , ولكن الخبر خرج بذكر الوجه , والمراد به بصره فنردها على أدبارها فنجعل أبصارها من قبل أقفائها
فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك
تفسير سنن سعيد بن منصور- تفسير سورة يونس (ع) - الآية 94 - قوله تعالى:- فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين
1023حدثنا سعيد قال: نا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، في قوله
فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك
قال: " ما شك ولا سأل " *
وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله
جامع البيان في تفسير القرآن للطبري- سورة المائدة- القول في تأويل قوله تعالى: فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم
10893 حدثني يونس , قال: أخبرنا ابن وهب , قال: قال ابن زيد: كان في حكم حيي بن أخطب للنضري ديتان , والقرظي دية , لأنه كان من النضير؛ قال: وأخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بما في التوراة , قال: وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس إلى آخر الآية. قال: فلما رأت ذلك قريظة , لم يرضوا بحكم ابن أخطب , فقالوا: نتحاكم إلى محمد فقال الله تبارك وتعالى: فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم فخيره
وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله الآية كلها.
وكان الشريف إذا زنى بالدنيئة رجموها هي وحمموا وجه الشريف , وحملوه على البعير , أو جعلوا وجهه من قبل ذنب البعير. وإذا زنى الدنيء بالشريفة رجموه , وفعلوا بها ذلك. فتحاكموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فرجمها. قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: " من أعلمكم بالتوراة؟ " قالوا: فلان الأعور. فأرسل إليه , فأتاه , فقال: " أنت أعلمهم بالتوراة؟ " قال: كذاك تزعم يهود , فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " أنشدك بالله وبالتوراة التي أنزلها على موسى يوم طور سيناء ما تجد في التوراة في الزانيين؟ " فقال: يا أبا القاسم , يرجمون الدنيئة , ويحملون الشريف على بعير , ويحممون وجهه , ويجعلون وجهه من قبل ذنب البعير , ويرجمون الدنيء إذا زنى بالشريفة , ويفعلون بها هي ذلك. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " أنشدك بالله وبالتوراة التي أنزلها على موسى يوم طور سيناء ما تجد في التوراة؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/461)
" فجعل يروغ والنبي صلى الله عليه وسلم ينشده بالله وبالتوراة التي أنزلها على موسى يوم طور سيناء , حتى قال: يا أبا القاسم الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فهو ذاك , اذهبوا بهما فارجموهما " قال عبد الله: فكنت فيمن رجمهما , فما زال يجنئ عليها ويقيها الحجارة بنفسه حتى مات ,
ثم اختلف أهل التأويل في حكم هذه الآية هل هو ثابت اليوم وهل للحكام من الخيار في الحكم والنظر بين أهل الذمة والعهد إذا احتكموا إليهم , مثل الذي جعل لنبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية , أم ذلك منسوخ؟
فقال بعضهم: ذلك ثابت اليوم لم ينسخه شيء ,
وللحكام من الخيار في كل دهر بهذه الآية مثل ما جعله لرسوله صلى الله عليه وسلم *
سؤال:- الرسول (ص) قد أحتج على اليهود بآية موجودة في توراة آنذاك
يحرفون الكلم يعني: يحرفون حدود الله في التوراة
تفسير ابن ابي حاتم- سورة النساء- قوله تعالى: الكلم
6396 حدثنا أبي , ثنا أبو صالح , حدثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس ,
قوله: يحرفون الكلم
يعني: يحرفون حدود الله في التوراة *
جامع البيان في تفسير القرآن للطبري-سورة النساء- وأما قوله: وأن تجمعوا بين الأختيين
القول في تأويل قوله تعالى: من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا ولقوله جل ثناؤه: من الذين هادوا يحرفون الكلم وجهان من التأويل: أحدهما: أن يكون معناه: ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب من الذين هادوا يحرفون الكلم فيكون قوله: من الذين هادوا من صلة الذين. وإلى هذا القول كانت عامة أهل العربية من أهل الكوفة يوجهون. قوله: من الذين هادوا يحرفون والآخر منهما: أن يكون معناه: من الذين هادوا من يحرف الكلم عن مواضعه. فتكون من محذوفة من الكلام اكتفاء بدلالة قوله: من الذين هادوا عليها , وذلك أن من لو ذكرت في الكلام كانت بعضا لمن , فاكتفى بدلالة من عليها , والعرب تقول: منا من يقول ذلك , ومنا لا يقوله , بمعنى: منا من يقول ذاك , ومنا من لا يقوله , فتحذف من اكتفاء بدلالة من عليه , كما قال ذو الرمة: فظلوا ومنهم دمعه سابق له وآخر يذري دمعة العين بالمهل يعني: ومنهم من دمعه. وكما قال الله تبارك وتعالى: وما منا إلا له مقام معلوم وإلى هذا المعنى كانت عامة أهل العربية من أهل البصرة يوجهون تأويل قوله: من الذين هادوا يحرفون الكلم غير أنهم كانوا يقولون: المضمر في ذلك القوم , كأن معناه عندهم: من الذين هادوا قوم يحرفون الكلم , ويقولون: نظير قول النابغة: كأنك من جمال بني أقيش يقعقع خلف رجليه بشن يعني: كأنك جمل من جمال أقيش فأما نحويو الكوفة , فينكرون أن يكون المضمر مع من إلا من أو ما أشبهها والقول الذي هو أولى بالصواب عندي في ذلك قول من قال قوله: من الذين هادوا من صلة الذين أوتوا نصيبا من الكتاب , لأن الخبرين جميعا والصفتين من صفة نوع واحد من الناس , وهم اليهود الذين وصف الله صفتهم في قوله: ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب وبذلك جاء تأويل أهل التأويل , فلا حاجة بالكلام إذ كان الأمر كذلك إلى أن يكون فيه متروك
وأما تأويل قوله: يحرفون الكلم عن مواضعه
فإنه يقول: يبدلون معناها ويغيرونها عن تأويله ,
والكلم جماع كلمة.
وكان مجاهد يقول: عنى بالكلم: التوراة
أوليس هذه اليهود، والنصارى يقرؤون التوراة والإنجيل لا ينتفعون منها بشيء
العلم لزهير بن حرب
53 حدثنا أبو خيثمة عن، الأعمش، عن، سالم بن أبي الجعد، عن، ابن لبيد، قال: " ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا، قال: وذاك عند أوان ذهاب العلم، قالوا يا رسول الله: وكيف يذهب العلم ونحن نقرأ القرآن ونقرئه أبناءنا ويقرئه أبناؤنا أبناءهم،
قال: " ثكلتك أمك ابن أم لبيد أوليس هذه اليهود، والنصارى يقرؤون التوراة والإنجيل لا ينتفعون منها بشيء " *
تعليق:- أبو خيثمة هو زهير بن حرب بن شداد النسائي (160 - 234هـ)
مسند أحمد بن حنبل – مسند الشاميين- حديث زبيد بن لبيد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/462)
17213 حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن زياد بن لبيد، قال: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، فقال: " وذاك عند أوان ذهاب العلم " قال: قلنا: يا رسول الله، وكيف يذهب العلم ونحن نقرأ القرآن ونقرئه أبناءنا، ويقرئه أبناؤنا أبناءهم إلى يوم القيامة؟ قال: " ثكلتك أمك يا ابن أم لبيد، إن كنت لأراك من أفقه رجل بالمدينة،
أو ليس هذه اليهود والنصارى يقرءون التوراة والإنجيل لا ينتفعون مما فيهما بشيء؟ " *
سنن ابن ماجه- كتاب الفتن- باب ذهاب القرآن والعلم
4080حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن زياد بن لبيد، قال: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، فقال: " ذاك عند أوان ذهاب العلم "، قلت: يا رسول الله وكيف يذهب العلم، ونحن نقرأ القرآن، ونقرئه أبناءنا، ويقرئه أبناؤنا أبناءهم إلى يوم القيامة؟
قال: " ثكلتك أمك زياد إن كنت لأراك من أفقه رجل بالمدينة،
أوليس هذه اليهود، والنصارى، يقرءون التوراة، والإنجيل لا يعملون بشيء مما فيهما؟ " *
التلاوة أي:- حق تلاوته أن تحل حلاله , وتحرم حرامه
تفسير مجاهد- سورة البقرة
43أنا عبد الرحمن، قال: نا إبراهيم، قال: نا آدم، قال: نا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: " يتلونه حق تلاوته "
قال: " يعملون به حق عمله " *
تفسير عبد الرزاق- سورة البقرة
111 عبد الرزاق قال: نا معمر , عن قتادة , ومنصور بن المعتمر , عن ابن مسعود , في قوله تعالى: يتلونه حق تلاوته
قال: " حق تلاوته أن تحل حلاله , وتحرم حرامه , ولا تحرفه عن مواضعه " *
صحيح البخاري- كتاب التوحيد
باب قول الله تعالى: قل فأتوا بالتوراة فاتلوها وقول النبي صلى الله عليه وسلم:
" أعطي أهل التوراة التوراة فعملوا بها، وأعطي أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا به، وأعطيتم القرآن فعملتم به "
وقال أبو رزين: يتلونه حق تلاوته:
" يتبعونه ويعملون به حق عمله "،
يقال: يتلى: " يقرأ، حسن التلاوة: حسن القراءة للقرآن "،
لا يمسه: " لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن بالقرآن، ولا يحمله بحقه إلا الموقن،
لقوله تعالى ": مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها، كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله، والله لا يهدي القوم الظالمين وسمى النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام والإيمان والصلاة عملا
سؤال: هل التحريف في ترك حدود التوراة وتأويلها الى غير ما هي عليه، وليس التحريف في الكتابة نفسها، فأي الإجابتين كانت عندكم نريد دليل فيها.
وذهب فقهاء الحنفية إلى أنه لا يجوز للجنب مس التوراة وهو محدث
البداية والنهاية- للإمام إسماعيل بن كثير الدمشقي. (مجلد 2 - ص 179) الجزء الثاني - فصل ليس للجنب لمس التوراة
ليس للجنب لمس التوراة
وذهب فقهاء الحنفية إلى أنه لا يجوز للجنب مس التوراة وهو محدث،
وحكاه الحناطي في فتاويه عن بعض أصحاب الشافعي وهو غريب جداً، وذهب آخرون من العلماء إلى التوسط في هذين القولين منهم:
شيخنا الإمام العلامة أبو العباس ابن تيمية رحمه الله فقال: أما من ذهب إلى أنها كلها مبدلة من أولها إلى آخرها ولم يبق منها حرف إلا بدلوه فهذا بعيد.
وكذا من قال لم يبدل شيء منها بالكلية بعيد أيضاً، والحق أنه دخلها تبديل وتغيير، وتصرفوا في بعض ألفاظها بالزيادة والنقص كما تصرفوا في معانيها، وهذا معلوم عند التأمل ولبسطه موضع آخر، والله أعلم.
قراءة الرسول (ص) على أبي بن كعب " الدين عند الله الحنيفية غير اليهودية، ولا النصرانية "
مسند الطيالسي- أحاديث أبي بن كعب رحمه الله
535 حدثنا أبو داود قال: حدثنا شعبة، قال: أخبرني عاصم ابن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن أبي بن كعب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله عز وجل
أمرني أن أقرأ عليك القرآن "،
قال: فقرأ عليه لم يكن وقرأ عليه:
" إن دأب الدين عند الله الحنيفية لا المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية ومن يعمل خيرا فلن يكفروه "،
وقرأ عليه: لو كان لابن آدم واد لابتغى إليه ثانيا ولو أعطي ثانيا لابتغى إليه ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب " *
المستدرك على الصحيحين للحاكم- كتاب التفسير
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/463)
2842 أخبرني عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد الأسدي، ثنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل، ثنا آدم بن أبي إياس، ثنا شعبة، عن عاصم، عن زر، عن أبي بن كعب رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن "
فقرأ: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين ومن نعتها لو أن ابن آدم سأل واديا من مال، فأعطيته، سأل ثانيا، وإن أعطيته ثانيا، سأل ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب،
وإن الدين عند الله الحنيفية غير اليهودية، ولا النصرانية، ومن يعمل خيرا فلن يكفره "
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه " *
مسند أحمد بن حنبل- مسند الأنصار- حديث زر بن حبيش عن أبي بن كعب
20760 حدثنا عبد الله حدثني عبيد الله بن عمر القواريري، حدثنا سلم بن قتيبة، حدثنا شعبة، عن عاصم بن بهدلة، عن زر، عن أبي بن كعب، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله أمرني أن أقرأ عليك "
قال: فقرأ علي: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة
" إن الدين عند الله الحنيفية، غير المشركة، ولا اليهودية، ولا النصرانية، ومن يفعل خيرا فلن يكفره " قال شعبة: ثم قرأ آيات بعدها، ثم قرأ: " لو أن لابن آدم واديين من مال، لسأل واديا ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب " قال: ثم ختمها بما بقي منها *
تعليق:- الحنيفية أي دين إبراهيم عليه السلام ولم يقل الإسلام في قراءة أبي بن كعب وهو من الأنصار وكان فيهم الكثير من أهل الكتاب وكلمة الحنيفية عند اليهود والنصارى معلومة آنذاك.
والله الأعلم
سؤال:- ما تعريف الإسلام؟
وما تعريف الحنيفية،؟
وهل هما يحملان تعريفا واحدا؟
أما حول ما ذكرته في إجابتك وما ذكره الطبري
قال الطبري في تفسيره
القول في تأويل قوله تعالى: {لِلّذِينَ يَكْتُبُونَ الكِتابَ بأيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً}.
فهذه بعض الآثار للتوضيح لكم
وكتبوا كتابا على ما تأولوه من تأويلاتهم ثم باعوه من قوم لا علم لهم بها
جامع البيان في تفسير القرآن للطبري- سورة البقرة- القول في تأويل قوله تعالى: فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم
القول في تأويل قوله تعالى: للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا يعني بذلك: الذين حرفوا كتاب الله من يهود بني إسرائيل، وكتبوا كتابا على ما تأولوه من تأويلاتهم مخالفا لما أنزل الله على نبيه موسى صلى الله عليه وسلم، ثم باعوه من قوم لا علم لهم بها ولا بما في التوراة جهال بما في كتب الله لطلب عرض من الدنيا خسيس، فقال الله لهم: فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون
جامع البيان في تفسير القرآن للطبري- سورة البقرة- القول في تأويل قوله تعالى: فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم- القول في تأويل قوله تعالى: للذين يكتبون الكتاب بأيديهم
1265 كما حدثني موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: " فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا قال: كان ناس من اليهود كتبوا كتابا من عندهم يبيعونه من العرب، ويحدثونهم أنه من عند الله ليأخذوا به ثمنا قليلا" *
صحيح البخاري- كتاب تفسير القرآن-سورة البقرة- باب قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا
4238 حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عثمان بن عمر، أخبرنا علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال:
كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنا بالله وما أنزل إلينا الآية *
يا رسول الله: كتاب نسخته لنزداد به علما إلى علمنا
المطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني – كتاب العلم – باب النهي عن الكتابة غير القران
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/464)
3108 وقال أبو يعلى: حدثنا عبد الغفار بن عبد الله بن الزبير، حدثنا علي بن مسهر، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن خليفة بن قيس، عن خالد بن عرفطة، قال: كنت جالسا عند عمر رضي الله عنه، إذ أتي برجل من عبد القيس مسكنه بالسوس، فقال له عمر رضي الله عنه: أنت فلان ابن فلان العبدي؟، قال: نعم، فضربه بعصا معه، فقال الرجل: ما لي يا أمير المؤمنين؟ فقال له عمر رضي الله عنه: اجلس، فجلس، فقرأ عليه: بسم الله الرحمن الرحيم، الر، تلك آيات الكتاب المبين، إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون، نحن نقص عليك أحسن القصص الآية، فقرأها عليه ثلاثا، وضربه ثلاثا، فقال الرجل: ما لي يا أمير المؤمنين؟ فقال: أنت الذي نسخت كتاب دانيال "؟ قال: مرني بأمرك أتبعه , قال رضي الله عنه: انطلق فامحه بالحميم، والصوف الأبيض، ثم لا تقرأه أنت، ولا تقرئه أحدا من المسلمين، فلئن بلغني أنك قرأته، أو أقرأته أحدا من المسلمين لأهلكتك عقوبة، ثم قال رضي الله عنه له: اجلس، فجلس بين يديه، قال: انطلقت أنا، فانتسخت كتابا من أهل الكتاب، ثم جئت به في أديم، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما هذا الذي في يدك يا عمر؟ "
قال: قلت: يا رسول الله: كتاب نسخته لنزداد به علما إلى علمنا،
قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمرت عيناه، ثم نودي بالصلاة جامعة،
فقالت الأنصار: أغضب نبيكم، السلاح، السلاح فجاءوا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " لقد أتيتكم بها بيضاء نقية، فلا تتهوكوا، ولا يغرنكم المتهوكون "
قال عمر رضي الله عنه: فقمت، فقلت: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبك رسولا، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم *
فيتوضح من هذه الأحاديث أن الكتابيون الموجودون في المدينة كانوا يبيعون التوراة المترجمة الى اللغة العربية لكن أثناء ترجمتهم كان هؤلاء المترجمين يحاولون بأسلوبهم الدعوي أن يؤلوا هذه الآيات الى صورة أخرى غير ما هي عليه في الحقيقة وذلك لجذب الناس إليهم وأن يعطوا صورة غير الصورة التي أرادها الله عز وجل، وذلك لجهلم بخطورة ما يعملونه فوقعوا في التحريف.
والله الأعلم
وجزاكم الله خيرا
ـ[عدي البغدادي]ــــــــ[04 - 01 - 06, 06:27 ص]ـ
ألسلام عليكم أخوتي الأعزاء من المشرفين المحترمين والأعضاء الأعزاء وزوار هذا الموقع الجميل
أنا أنتظر مشاركة ولو كانت صغيرة، حتى تعم الفائدة.
جزاكم الله خيرا على الإهتمام والمتابعة
أخوكم الفقير الى عفو ورحمة الله
عدي البغدادي
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[04 - 01 - 06, 03:13 م]ـ
يا جماعة، ساعدوا أخاكم عدي
ـ[عدي البغدادي]ــــــــ[05 - 01 - 06, 04:20 ص]ـ
حمد أحمد
جزاكم الله خيرا على متابعتك وعلى مشاركتك الطيبة وعلى تشجيعك الأخوان في المشاركة والرد على ما وضعته، ولا أدري ما هو سبب عدم مشاركة الأخوان!؟. أهو الخجل أم هناك من أراد أن يبحث أكثر وبتعمق أدق ليضع الجواب الوافي وأن شاء الله يكون الكافي.
وأنا ما زلت متابعا وبإهتمام لهذا الموقع الغني بالبحوث العلمية والحمد لله وجدت هناك عدة من أعضاء هذا الموقع من له الإهتمام بالغوص في أعماق بحار العلوم والمعرفة لإكتشاف وإستخراج ما في بطون الكتب من كنوز ثمينة.
فوجدت والحمد لله هنا في موقع أهل الحديث من الإخوان من عنده القابلية للخوض في هذا المجال ومواجهة تساؤلات النصارى أو المستشرقين. وإحتجاجاتهم كلها بالقرآن والحديث.
فجاء في ذهني أن أجمع ما كتبه المستشرقون في موضوع واحد وأن أجمع ما أحتج به علماء النصارى في موضوع آخر، فجمعت ما كانوا يحتجون به علينا. فهذه الإحتجاجات الموجودة الآن في هذه الصفحة هي من إحتجاجات النصارى، ولم أكمل بعد ما ذكره المستشرقون من الإحتجاجات.
وإن شاء الله سأجمع كل ما أستطيع عليه ما ذكره المستشرقون، ونقوم بالرد سوية عليها واحدة بعد الأخرى. ففي القرون السابقة الى يومنا هذا، كانت ردود العلماء مبنية على علم الكلام و علم الكلام لا يغني من جوع. خصوصا إذا كنت من أصحاب الإحتجاج بالقرآن والحديث.
فمالمجال الذي ترغبه نفسك أو أي حقل من حقول العلوم الإسلامية الذي تحب أن تتبحر به أخونا الفاضل حمد أحمد؟.
لا تنسونا من دعائكم
أخوك عدي البغدادي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/465)
ـ[ابو طه المغربي]ــــــــ[05 - 01 - 06, 10:17 ص]ـ
{بسم الله الرحمن الرحيم}
{الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله}
أخي البغدادي،
هل يمكن لك أن تضع هنا ما احتج به المستشرقون، فربما امكنني مساعدتك أكثر، لأن هذا هو مجال دراستي.
و بالله التوفيق.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[06 - 01 - 06, 12:17 ص]ـ
انظر هذا الرابط غير مأمور:
http://www.algame3.com/vb/index.php
ـ[عدي البغدادي]ــــــــ[06 - 01 - 06, 10:58 ص]ـ
أبو طه المغربي
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا،
أنتم كما تعلمون بأن المستشرقين كل واحد لديه طريقته الخاصة به للوصول الى الحقائق.
وقد أسعدني عندما علمت أنك من تخصص هذا المجال، فإن شاء الله قد مررت على هذا الكتاب
Quranic studies
By John Wansbrough
مع تخريج مصادر الكتاب التي أعتمد عليها john wansbrough وترجمة الآيات
من قبل Andrew Rippin ؟
فكما تعلمون كل مستشرق وطريقته في البحث،
فهناك من يركز على فحص مصداقية المعتقد الديني كل ومن ثم واجده ومن ثم يبحث في أدلته ليظهره على الوجه الأقرب الى الحقيقة أي يجعله واضح الأسود من الأبيض، وهناك من ينجح وهناك من يفشل.
لكن ممكن يأتي باحث آخر من بعده ليكمل طريقه ويحاول عدم الوقوع في أخطاء سابقه حتى يصل إلى النتيجة الشافية، وهكذا تستمر الحلقة.
وكل واحد من الباحثين لديه نظريته الخاصة التي توصل اليها من خلال دراساته وأبحاثه.
مثلا هناك من يفحص ويختبر الدين أو المعتقد (أياً كان إن كان دين الإسلام أو دين اليهودية) ويحاول ان يكشف مصداقيته من كذبه وقد تنكشف في بعض الأحيان حقائق لم يصل اليها احد ومن قرون بعيدة.
وهناك من يركز على الانعكاسات هذا المعتقد على الأديان الأخرى أو الأطرف المعاكسة وهل ذكر إن لديهم معجزات؟ وهل لديهم كتاب وما هو؟ ومن أتباعه ومن نبيهم والخ ...
على سبيل المثال خذ عندك طريقة john wansbrough بالبحث وهو كان رئيس القسم الإسلامي في جامعة soas أثناء فترة السبعينيات فحسب قول Andrew Rippin وهو أحد تلاميذه وهو الآن مشهور عالميا بتخصصه في علوم القرآن وقد ألف كتبا عديدة حول دراسة القرآن، ففي تعليقه في مقدمة الكتاب بأن wansbrough قد وضع عدة أسئلة إختبارية
حول النبي محمد (ص) والقرآن:-
1 - هل كل كلام القرآن من نطق الرسول؟
2 - وما سبب ترتيبه بهذه الصورة؟ (أي مالهدف من ذلك وماذا إنعكاسه على سياسة عصره آنذاك ومن المنتفع ماديا من وراء ذلك ومن الذي أصابه الضرر)
3 - لماذا تحولت بعض سور القرآن إلى حديث قدسي؟!
4 - ومن الذي أعطى الصلاحية ووضع تلك التقاسيم؟ ومن هذا الذي عنده الصلاحية التامة في جمعه وتريتيبه بهذه الصورة؟ وكيف فرق بين فيما إذا أن تكون الآيات مدونة في المصحف وبين جعلها حديثا قدسيا! (الحديث القدسي و القرآن إنهما منزلان من السماء)
5 - وماذا عن إختلاف القراءات وإختلاف معاني القراءات؟
6 - وكيف فرق بين الوحي والمعنى منها، ومن لديه الصلاحية المطلقة في ذلك؟
وغير ذلك من الأسئلة
وهناك أيضا من أمثال Arthur Jeffery وقد أختص بكتاب المصاحف لابن ابي داود وهو ابن المحدث ابو داود السجستاني صاحب كتاب السنن
وهناك أيضا David Margolioth وغيره من المستشرقين
أما ما ستقرأه الآن هو تقريبا نبذة ما موجود في هذه الكتب من الدراسات حول القرآن وجمعه وما ذكر ما في كتب الحديث حوله، وأيضا وضعت ما أنا وجدته في كتب الحديث وكتب التفسير وهذه النصوص أكثرها تحتاج إلى إيضاح بدليل لا يقل عن مستوى السؤال. وهي كما يلي:-
7 - ما ذكره صحيح مسلم
صحيح مسلم – كتاب الزكاة – باب لو ان لابن ادم واديين لابتغى ثالثا
1816 حدثني سويد بن سعيد، حدثنا علي بن مسهر، عن داود، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبيه، قال: بعث أبو موسى الأشعري إلى قراء أهل البصرة، فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرءوا القرآن، فقال: أنتم خيار أهل البصرة وقراؤهم، فاتلوه، ولا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم، كما قست قلوب من كان قبلكم، وإنا كنا نقرأ سورة، كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة، فأنسيتها، غير أني قد حفظت منها:
لو كان لابن آدم واديان من مال، لابتغى واديا ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/466)
وكنا نقرأ سورة، كنا نشبهها بإحدى المسبحات، فأنسيتها، غير أني حفظت منها: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، فتكتب شهادة في أعناقكم، فتسألون عنها يوم القيامة " *
8 - وماقال ابن عباس في بعض الآيات القرآنية مثلا على ذلك:-
الإتقان في علوم القرآن- للسيوطي- ص 375
وما أخرجه ابن الأنباري من طريق عكرمة عن ابن عباس أنه قرأ
– {أفلم يتبين الذين آمنوا أن لويشاء الله لهدى الناس جميعاً} –
فقيل له إنها في المصحف: أفلم ييأس،
فقال: أظن الكاتب كتبها وهوناعس.
9 - فضائل القران للقاسم بن سلام- باب تأليف القران وجمعه ومواضع حروفه وسوره
469 حدثنا أبو عبيد حدثنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: سألت عائشة عن لحن القرآن: عن قوله إن هذان لساحران، وعن قوله والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة وعن قوله إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون
فقالت: " يا ابن أختي، هذا عمل الكتاب أخطئوا في الكتاب " *
المصاحف لابن ابي داود- اختلاف الحان العرب في المصاحف
91 حدثنا عبد الله قال حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي، حدثنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: سألت عائشة عن لحن القرآن، إن هذان لساحران، وعن قوله: والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة وعن قوله والذين هادوا والصابئون
فقالت: " يا ابن أختي، هذا عمل الكتاب أخطئوا في الكتاب " *
10 -
الإتقان في علوم القرآن- للسيوطي- ص 376
وما أخرجه ابن أشتة وابن أبي حاتم من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله تعالى - مثل نوره كمشكاة –
قال: هي خطأ من الكاتب هو أعظم من أن يكون نوره مثل نور المشكاة،
إنما هي مثل نور المؤمن كمشكاة.
11 - ومدى تأثير الحجاج على القرآن ليكون بالصورة التي عليها اليوم؟، كما ذكر في
البداية والنهاية، - للإمام إسماعيل بن كثير الدمشقي.
الجزء التاسع - فصل خطبة الحجاج لأهل العراق - فصل فيما رُوي عنه من الكلمات النافعة والجراءة البالغة
.................
وروراه أبو بكر بن أبي خيثمة، عن محمد بن يزيد، عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي النجود والأعمش، أنهما سمعا الحجاج - قبحه الله - يقول ذلك، وفيه: والله لو أمرتكم أن تخرجوا من هذا الباب فخرجتم من هذا الباب لحلت لي دماؤكم، ولا أجد أحداً يقرأ على قراءة ابن أم عبد إلا ضربت عنقه، ولأحكنها من المصحف ولو بضلع خنزير.
...............
وقال علي بن عبد الله بن مبشر، عن عباس الدوري، عن مسلم بن إبراهيم، ثنا الصلت بن دينار، سمعت الحجاج على منبر واسط يقول: عبد الله بن مسعود رأس المنافقين لو أدركته لأسقيت الأرض من دمه.
12 - ودرجة ابن مسعود في الحفظ والقراءة
مشكل الآثار للطحاوي- باب بيان مشكل ماروي عن رسول الله (ع)
248 ما حدثنا فهد , حدثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني , حدثنا شريك بن عبد الله , وأبو معاوية , ووكيع , عن الأعمش , عن أبي ظبيان قال: قلت لابن عباس: على القراءة الأولى تقرأ قراءة ابن مسعود؟ قال: " بل قراءة ابن مسعود هي الآخرة , إن جبريل عليه السلام كان يعرض على نبي الله صلى الله عليه وسلم القرآن في كل رمضان فلما كان العام الذي قبض فيه عرضه مرتين، فشهد عبد الله ما نسخ منه وما بدل " *
الطبقات الكبرى لابن سعد- عبد الله بن مسعود
2297 أخبرنا أبو معاوية الضرير، أخبرنا الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، قال: " أي القراءتين تعدون أولى؟ قال: قلنا: قراءة عبد الله فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض عليه القرآن في كل رمضان مرة، إلا العام الذي قبض فيه فإنه عرض عليه مرتين، فحضره عبد الله بن مسعود فشهد ما نسخ منه وما بدل " *
13 -
- صحيح مسلم- كتاب فضائل الصحابة- باب من فضائل عبد الله بن مسعود وأمه (رض)
4629 حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، أخبرنا عبدة بن سليمان، حدثنا الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله، أنه قال:
ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم قال: على قراءة من تأمروني أن أقرأ؟
فلقد " قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة، ولقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أني أعلمهم بكتاب الله، ولو أعلم أن أحدا أعلم مني لرحلت إليه "
قال شقيق: فجلست في حلق أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/467)
فما سمعت أحدا يرد ذلك عليه، ولا يعيبه *
صحيح البخاري- كتاب فضائل القرآن- باب القراء من أصحاب النبي (ص)
4734 حدثنا عمر بن حفص، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، حدثنا شقيق بن سلمة، قال: خطبنا عبد الله بن مسعود فقال: " والله لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة، والله لقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله، وما أنا بخيرهم "،
قال شقيق: فجلست في الحلق أسمع ما يقولون،
فما سمعت رادا يقول غير ذلك *
14 - كانت آخر عرضة للقرآن عرضها ابن مسعود على الرسول (ص) قبل وفاته
مسند أحمد بن حنبل- مسند بني هاشم- مسند عبد الله بن مسعود
3742 حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عبد الرحمن بن عابس، قال: حدثنا رجل، من همدان - من أصحاب عبد الله، وما سماه لنا -، قال: لما أراد عبد الله، أن يأتي المدينة، جمع أصحابه، فقال: والله إني لأرجو أن يكون قد أصبح اليوم فيكم من أفضل ما أصبح في أجناد المسلمين من الدين والفقه والعلم بالقرآن، إن هذا القرآن أنزل على حروف، والله إن كان الرجلان ليختصمان أشد ما اختصما في شيء قط، فإذا قال القارئ: هذا أقرأني، قال: أحسنت. وإذا قال الآخر، قال: كلاكما محسن، فأقرأنا: إن الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، والكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار، واعتبروا ذاك بقول أحدكم لصاحبه: كذب وفجر، وبقوله إذا صدقه: صدقت وبررت، إن هذا القرآن، لا يختلف ولا يستشن، ولا يتفه لكثرة الرد، فمن قرأه على حرف، فلا يدعه رغبة عنه، ومن قرأه على شيء من تلك الحروف، التي علم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يدعه رغبة عنه، فإنه من يجحد بآية منه، يجحد به كله، فإنما هو كقول أحدكم لصاحبه: اعجل، وحي هلا، والله لو أعلم رجلا أعلم بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم مني لطلبته، حتى أزداد علمه إلى علمي، إنه سيكون قوم يميتون الصلاة، فصلوا الصلاة لوقتها، واجعلوا صلاتكم معهم تطوعا، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان " يعارض بالقرآن في كل رمضان،
وإني عرضت في العام الذي قبض فيه مرتين،
فأنبأني أني محسن،
وقد قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة " *
15 - قرأ عمر: " الحي القيام
صحيح البخاري - كتاب التفسير - سورة البقرة
سورة نوح: إنا أرسلنا أطوارا: " طورا كذا وطورا كذا، يقال: عدا طوره أي قدره، والكبار أشد من الكبار، وكذلك جمال وجميل لأنها أشد مبالغة، وكبار الكبير، وكبارا أيضا بالتخفيف، والعرب تقول: رجل حسان وجمال وحسان، مخفف، وجمال، مخفف ديارا: من دور، ولكنه فيعال من الدوران " كما
قرأ عمر: " الحي القيام: وهي من قمت "
وقال غيره: ديارا: " أحدا "، تبارا: " هلاكا " وقال ابن عباس: مدرارا: " يتبع بعضها بعضا "، وقارا: " عظمة "
16 - المعجم الكبير للطبراني - من اسمه عبد الله - عبد الله بن مسعود الهذلي يكنى ابا عبد الرحمن- باب الحي القيام
8610 حدثنا محمد بن علي الصائغ، ثنا سعيد بن منصور، ثنا هشيم، أنا أبو إسحاق الكوفي، عن أبي خالد الكناني، عن ابن مسعود، أنه " كان يقرؤها: " الحي القيام " *
16 - والعصر ونوائب الدهر، إن الإنسان لفي خسر، وإنه فيه إلى آخر الدهر
جامع البيان في تفسير القران للطبري – سورة العصر – القول في تاويل قوله تعالى:- والعصر ان الانسان لفي خسر
35189 حدثني عبد الأعلى بن واصل، قال: ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو ذي مر، قال: سمعت عليا، رضي الله عنه يقرأ هذا الحرف: " والعصر ونوائب الدهر، إن الإنسان لفي خسر، وإنه فيه إلى آخر الدهر " *
فضائل القران للقاسم بن سلام – باب الرواية من الحروف التي خولف بها الخط في القران572 حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو ذي مر، عن علي، أنه قرأ (والعصر، ونوائب الدهر، لقد خلقنا الإنسان لخسر، وإنه فيه إلى آخر الدهر) *
المستدرك على الصحيحين للحاكم – كتاب التفسير- تفسير سورة العصر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/468)
3930 أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار، ثنا أحمد بن مهران، ثنا عبيد الله بن موسى، أنبأ إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو ذي مر، عن علي رضي الله عنه، أنه
" قرأ: والعصر ونوائب الدهر إن الإنسان لفي خسر "
"هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه " *
17 - القرآن وعبد الملك بن مروان والحجاج!
الدعاء للطبراني- باب القول في قنوت الوتر
684 حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا عباد بن يعقوب الأسدي، ثنا يحيى بن يعلى الأسلمي، عن ابن لهيعة، عن عبد الله بن هبيرة
عن عبد الله بن زرير، قال: قال لي عبد الملك بن مروان: ما حملك على حب أبي تراب إلا أنك أعرابي جاف،
فقلت: والله لقد قرأت القرآن قبل أن يجتمع أبويك، لقد علمني سورتين علمهما إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما علمتهما أنت ولا أبوك:
" اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونثني عليك الخير ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشي عذابك الجد، إن عذابك بالكفار ملحق، اللهم عذب كفرة أهل الكتاب والمشركين الذين يصدون عن سبيلك ويجحدون آياتك، ويكذبون رسلك، ويتعدون حدودك، ويدعون معك إلها آخر، لا إله إلا أنت تباركت وتعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا *
18 - كنز العمال - للمتقي الهندي
المجلد الثاني - جمع القرآن
4762 - عن سليمان بن أرقم عن الحسن وابن سيرين وابن شهاب وكان الزهري أشبعهم حديثا قالوا: لما أسرع القتل في قراء القرآن يوم اليمامة قتل منهم يومئذ أربعمائة رجل
لقي زيد بن ثابت عمر بن الخطاب فقال له:
إن هذا القرآن هو الجامع لديننا،
فإن ذهب القرآن ذهب ديننا وقد عزمت أن أجمع القرآن في كتاب،
فقال له انتظر حتى أسأل أبا بكر فمضيا إلى أبي بكر فأخبراه بذلك فقال لا تعجلا حتى أشاور المسلمين، ثم قام خطيبا في الناس، فأخبرهم بذلك فقالوا: أصبت، فجمعوا القرآن وأمر أبو بكر مناديا، فنادى في الناس من كان عنده شيء من القرآن فليجيء به
فقالت حفصة: إذا انتهيتم إلى هذه الآية فأخبروني: {حافظو على الصلوات والصلاة الوسطى}
فلما بلغوها قالت: اكتبوا والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر، فقال لها عمر: ألك بهذه بينة؟
قالت: لا،
قال: فوالله لا يدخل في القرآن ما تشهد به امرأة بلا إقامة بينة،
وقال عبد الله بن مسعود: اكتبوا {والعصر إن الإنسان لفي خسر} وإنه فيه إلى آخر الدهر،
فقال عمر: نحوا عنا هذه الأعرابية.
(ابن الأنباري في المصاحف).
أو
السنن الكبرى للبيهقي- كتاب الصلاة- جماع ابواب صفة الصلاة- باب الدليل على أن ما جمعته مصاحف الصحابة
2203 أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشعراني، ثنا جدي، ثنا أبو ثابت محمد بن عبيد الله، ثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن عبيد بن السباق، عن زيد بن ثابت رضي الله عنه
قال: بعث إلي أبو بكر رضي الله عنه مقتل أهل اليمامة،
وعنده عمر رضي الله عنه، فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: " إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بقراء القرآن في المواطن كلها، فيذهب قرآن كثير وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن، قلت: كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمر: هو والله خير، فلم يزل عمر يراجعني في ذلك حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر عمر، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر ........... الحديث
19 - " لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله وما يدريه ما كله - قد ذهب منه قرآن كثير"
فضائل القران للقاسم بن سلام- باب ما رفع من القران بعد نزوله ولم يثبت في المصاحف
578 حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال:
" لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله وما يدريه ما كله؟
قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل: قد أخذت منه ما ظهر منه " *
تفسير سعيد بن منصور- فضائل القرآن
137 حدثنا سعيد قال: نا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال:
" لا يقولن أحدكم: أخذت القرآن كله، وما يدريه ما كله،
قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن يقول: أخذنا ما ظهر منه " *
20 - فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلا على ما هو الآن!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/469)
فضائل القران للقاسم بن سلام – باب ما رفع من القران بعد نزوله ولم يثبت في المصاحف
579 حدثني ابن أبي مريم، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت:
" كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمان النبي صلى الله عليه وسلم مائتي آية،
فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلا على ما هو الآن *
سورة الأحزاب " إن كانت لتعدل سورة البقرة، وإن كنا لنقرأ فيها آية الرجم "
فضائل القران للقاسم بن سلام – باب ما رفع من القران بعد نزوله ولم يثبت في المصاحف
580 حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن المبارك بن فضالة، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، قال: قال لي أبي بن كعب: يا زر، كأين تعد؟
أو قال: كأين تقرأ سورة الأحزاب؟
قلت: اثنتين وسبعين آية، أو ثلاثا وسبعين آية.
فقال: " إن كانت لتعدل سورة البقرة، وإن كنا لنقرأ فيها آية الرجم ".
قلت: وما آية الرجم؟
قال: (إذا زنا الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله. والله عزيز حكيم) " *
تهذيب الاثار للطبري- ذكر من وافق عمر في الذي قال وروى من ذلك
995 حدثنا الحسن بن عرفة , قال: حدثنا عمر بن عبد الرحمن أبو حفص الأبار , عن منصور بن المعتمر , عن عاصم , عن زر بن حبيش , قال: قال لي أبي بن كعب: " كم تعدون سورة الأحزاب؟ " , قال: قلت: ثلاثا وسبعين قال: " فوالذي يحلف به أبي إن كانت لتعدل سورة البقرة , أو أطول , لقد قرأنا فيها آية الرجم: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالا من الله والله عزيز حكيم) "
21 - فتح الباري، شرح صحيح البخاري، - للإمام ابن حجر العسقلاني
المجلد التاسع - كِتَاب فَضَائِلِ الْقُرْآنِ- باب جَمْعِ الْقُرْآنِ
حدثنا موسى بن إسماعيل، عن إبراهيم بن سعد، حدثنا ابن شهاب، عن عبيد بن السباق، أن زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال: " أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده "، قال أبو بكر رضي الله عنه: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن، فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن، قلت لعمر: " كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ " قال عمر: هذا والله خير، " فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر "، قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه، " فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن "، قلت: " كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ "، قال: هو والله خير، " فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف، وصدور الرجال،
حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره،
لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنه " *
..........
وأخرج ابن أبي داود من طريق محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد ابن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال " أتى الحارث بن خزيمة بهاتين الآيتين، من آخر سورة براءة فقال: أشهد أني سمعتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم ووعيتهما،
فقال عمر: وأنا أشهد لقد سمعتهما.
ثم قال: لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة،
فانظروا سورة من القرآن فألحقوها في آخرها "
أو
فجاء خزيمة بن ثابت فقال: إني قد رأيتكم تركتم آيتين لم تكتبوهما
المصاحف لابن ابي داود- جمع عمر بن الخطاب القرآن في المصحف
27 حدثنا عبد الله قال حدثنا أبو الطاهر، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عمر بن طلحة الليثي، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال:
أراد عمر بن الخطاب أن يجمع القرآن، فقام في الناس فقال: " من كان تلقى من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من القرآن فليأتنا به، وكانوا كتبوا ذلك في الصحف والألواح والعسب، وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شهيدان فقتل وهو يجمع ذلك إليه فقام عثمان بن عفان فقال: من كان عنده من كتاب الله شيء فليأتنا به وكان لا يقبل من ذلك شيئا حتى يشهد عليه شهيدان،
فجاء خزيمة بن ثابت فقال: إني قد رأيتكم تركتم آيتين لم تكتبوهما.
قالوا: وما هما؟
قال: تلقيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم إلى آخر السورة قال عثمان: فأنا أشهد أنهما من عند الله فأين ترى أن نجعلهما؟ قال: اختم بها آخر ما نزل من القرآن فختمت بها براءة " *
22 - (والشمس تجري لا مستقر لها) أو تجري لمستقر لها؟
فضائل القران للقاسم بن سلام- باب الرواية من الحروف التي خولف بها الخط في القران
548 حدثنا مروان بن معاوية، عن محمد بن أبي حسان، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ (والشمس تجري لا مستقر لها) *
فهذا الجزء الأول من الأستفسارات الموجود عندي حاليا، فإن شاء الله عز وجل بعد أن أكمل الباقي سأرسله وأسأل الله أنني لم أكن قد أثقلت عليك أو على الإخوان المشاركين.
ونحن بأنتظار الرد.
وجزاكم الله خيرا
أخوكم عدي البغدادي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/470)
ـ[ابو طه المغربي]ــــــــ[07 - 01 - 06, 04:49 م]ـ
{بسم الله الرحمن الرحيم}
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله}
أما بعد،
أخي الحبيب، بخصوص شبهة الحجاج، أقدم لك هذا الرابط الذي يرد عليها بطريقة أكاديمية:
http://www.islamic-awareness.org/Quran/Text/hajjaj.html
و أما بخصوص شبهات Jeffery فأنصحك بهذه البحوث:
http://www.islamic-awareness.org/Quran/Text/Gilchrist/GilJeffery.html
http://www.islamic-awareness.org/Quran/Text/Gilchrist/GilHajjaj.html
و أما ما يتعلق بالقرآءات و إختلافها:
http://www.islamic-awareness.org/Quran/Text/Qiraat/hafs.html
http://www.islamic-awareness.org/Quran/Text/Mss/qirmans.html
http://www.islamic-awareness.org/Quran/Text/Qiraat/green.html
و اما بما يخص النصوص التي اوردنها فسأحاول لاحقا الرد على بعضها و لكن أطلب من الأخوة دوي الإختصاص أن لا يبخلوا عنا بمشاركاتهم.
و السلام عليكم -
ـ[ابو طه المغربي]ــــــــ[07 - 01 - 06, 05:01 م]ـ
{بسم الله الرحمن الرحيم}
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله}
عفوا قد نسيت أن أقدم لك هذا الرابط الذي فيه الرد على شبهة هل كتب اليهود و النصارى في عهد النبي صلى الله عليه و سلم هي التي بين أيدينا الآن:
http://www.islamic-awareness.org/Quran/MuhBible.html
و السلام عليكم -
ـ[عدي البغدادي]ــــــــ[16 - 01 - 06, 01:29 ص]ـ
الأخ الحبيب أبو طه المغربي السلام عليكم
جزاكم الله خيرا على محاولتكم الأخيرة في إرسال هذه المقالات، لكن أخي العزيز أقرأتها وهل رأيتها تجيب على هذه الإستفسارات؟.
Arthur Jeffery أستفساراته مبنية على هذه الأحاديث مثل أي باحث علم بدون تطرف الى طرف معين أو جهة، السؤال هل كان أحد من علماء السلف والخلف من مرت عليه هذه الأسئلة؟
أكانت إجابتهم مقنعة تناسب ما يفهمه السائل؟
أم جعلوا طالب العلم في زاوية المبتدع الضال؟!
أحببت أن أشارككم هذا الأثر العميق في معناه الجميل في مغزاه
الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي- استقباله للمتفقهة بالترحيب بهم وإظهار البشر لهم
900 حدثني الحسن بن محمد الخلال , نا علي بن عمر الحافظ , نا محمد بن الفتح القلانسي , نا أحمد بن عمر بن بشر البزاز , نا يحيى بن صالح , نا عبد العزيز بن حصين , نا أبو هارون العبدي , قال: كنا إذا أتينا أبا سعيد ,
يقول: مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم , إن رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال:
" إنكم ستفتحون البلاد , فيأتيكم غلمان حديثة أسنانهم يتفقهون في الدين ,
فإذا جاءوكم فأوسعوا لهم في المجلس , وأفهموهم الحديث "
ولمتفقهة العجم مزية على من سواهم , لذكر النبي صلى الله عليه وسلم إياهم *
وجزاكم الله خيرا
أخوكم عدي البغدادي
عنواني البريدي هو oday_al_baghdady@hotmail.com
نحن بإنتظار الرد(32/471)
طلب مساعدة في العقيدة بعض العناوين التي تصلح كمواضيع لتحضير رسالة ماجستير في العقيدة
ـ[خادمة العقيدة]ــــــــ[03 - 01 - 06, 12:02 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كيف حالكم اخواني و اخواتي في هذا المنتدي الطيب المفيد
اود ان اسالكم و اطلب منكم مساعدتي في اعطائي بعض العناوييييين التي تصلح كمواضيع لتحضير رسالة ماجستير في العقيدة وفقكم الله و سدد خطاكم
ـ[رمضان أبو مالك]ــــــــ[03 - 01 - 06, 12:40 م]ـ
معذرةً أختي الكريمة
هل هي في فرع معين من فروع العقيدة؟
ـ[خادمة العقيدة]ــــــــ[05 - 01 - 06, 10:15 م]ـ
لا عن اي شيء يمكن ان تكون الرسالة فهو مسموح المهم ان تكون في مجال العقيدة
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[05 - 01 - 06, 10:50 م]ـ
عليكى بالمباحث التى ترد على الشيعة فقد ظهرت فتنتهم فى هذه الأيام
ـ[خادمة العقيدة]ــــــــ[07 - 01 - 06, 03:45 ص]ـ
اخي الكريم ابو حفص السكندري
هل لك ان تعطيني بعضا من العناوين بارك الله فيك؟
ـ[أبو محمد المحراب]ــــــــ[07 - 01 - 06, 04:20 ص]ـ
الأخت الكريمة:
موضوع رسالة كنت أفكر فيه كدراسة خاصة بي؛ لعل الله ينفعك به؛ فعلى قدر علمي القاصر: لا أعلمه طرح كدراسة مستقلة:
" أثر علم الكلام على شُرّاح أسماء الله الحسنى"
(دراسة تطبيقية)
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[07 - 01 - 06, 06:52 م]ـ
بعض فلاسفة العرب يشتهر عنهم أقوال كفرية أو شاذة في العقيدة كابن سينا وغيره
وبعض هؤلاء يأتي أحيانا في تراجمهم أنه رجع في آخر عمره إلى مذهب السلف
وكانت تراودني فكرة من قديم في جمع ذلك في بحث
ولا أدري أسبق بحثها في رسالة أم لا
أعني التحقيق في مذاهب هؤلاء وأنهم رجعوا حقا أو لم يرجعوا عن قولهم
الفخر الرازي - أبو حامد الغزالي - الفارابي - ابن رشد - ابن سينا -
وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية مليئة بالردود على هؤلاء وغيرهم.
ـ[محمد بو سيد]ــــــــ[07 - 01 - 06, 09:45 م]ـ
من مشاركة: أبو حفص السكندرى
عليكى بالمباحث التى ترد على الشيعة فقد ظهرت فتنتهم فى هذه الأيام
الشيعة هم الخطر القادم, و للأسف نرى البعض يسعون للتعاون معهم
و لعل هذه تفيدك
http://saaid.net/book/search.php?PHPSESSID=f0307e08207d507eb5b73c9736354 b15&do=title&u=%E1%D4%ED%DA%C9
و يمكن أن تجدي ما ينفعك في دروس و مؤلفات الشيخ عثمان الخميس
http://almanhaj.com/cat23.htm
ـ[الرسلاني]ــــــــ[08 - 01 - 06, 12:24 ص]ـ
بسم الله الرحمن الحيم
ان رسائل الماجستير والدكتوراه ينبغي الاهتمام بها جيدا
لذا اقترح ان يتناول الموضوع ماينفع الاسلام و المسلمين
ان موضوع التنظير هو اجدر بالعنايه في هذه الايام
خاصة لما تعانيه الامه من الهجمات من قبل الشيعه والملاحدة في الخفاء والعلن
ومن الممكن ان يتناول الموضوع (منهج شيخ الاسلام في الرد على المخالفين في العقيدة)
و ذلك للوقوف على كيفية مناظرة اهل الاهواء والملاحدة
على ان تخرج نتيجة البحث بالطرق السلفيه المتبعة في التنظير
والله المستعان
ـ[أبو إبراهيم الجنوبي]ــــــــ[08 - 01 - 06, 03:23 ص]ـ
أختي الكريمة أعانك الله على ما تريدين القيام به من خدمة علمية يفيد منها طلبة العلم والباحثون فأقول لك من الموضوعات التي أراها هامة بصفتي من المشتغلين في مجالك ولم تطرق فيما أعلم:
1 - توحيد المتابعة وأثره في وحدة الأمة. (دراسة تحليلية)
2 - الانحرافات العقدية وأثرها في تخلف الأمة. (تحليل ورد)
3 - منهج شيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على النصارى.
ـ[أبوالمقدادالمنبجي]ــــــــ[08 - 01 - 06, 05:43 ص]ـ
كثير من الناس لا يعرف عقائد أمراء وسلاطين الدويلات الاسلامية السابقة والحالية
ومنهم من ينسب بعضهم للمسلمين أهل السنة وهم خوارج أو رافضة ومنهم ينسبهم الى الرافضة و الشيعة وهم خوارج أو من أهل السنة الى غير ذلك من الخلط.
يعني مثلا (السلاجقة (وسط آسيا)،الغزنويين،الغوريين (الهند شرق آسيا)،الخوارزمية (باكستان وايران)،الأدارسة (المغرب)،الرستمية (الجزائر)،الوهابي ة (المغرب)،المرابطين، الموحدين، الأباضية (عمان)،الزيدية، الفاطمية، الصفوية،وغيرهم كثير.
متضمن البحث عقيدة هذه الدول مع ذكر وبيان لما يعتقدوه حول الأسماء و الصفات والتوحيد وغير لك من أمور العقيدة
ـ[عدو المشركين]ــــــــ[08 - 01 - 06, 10:28 ص]ـ
السلام عليكم
ان كان تحقيق المخطوطات يدخل في رسالة المجاستير
فأقترح تحقيق مخطوطة كتبها المصنف في الرد على الرافضة
ـ[خادمة العقيدة]ــــــــ[08 - 01 - 06, 01:43 م]ـ
جزاكم الله خيرا اخواني جميعا
ساحاول ان اضع العناوين و اناقشها مع المختصين عن الرسالة
و اتمني ان تعرضوا المزيد
وفقكم الله
في انتظار ردودكم
ـ[أبو البركات]ــــــــ[08 - 01 - 06, 02:46 م]ـ
إليك أختي بعض المواضيع:
1 - الإضطراب في إعتقاد أتباع أبي الحسن الأشعري:
لو نظرنا إلى أتباع الأشعري لوجدناهم أحزاب وفرق فعلى سبيل المثال لا تجد توافق ظاهر بين الفخر الرازي و ابن عساكر وللأسف كلهم محسوبين على الأشعرية وكذلك متأخري أتباع المذهب الأشعري و تأثير معتقدات المعتزلة عليهم.
2 - مواقف أهل السلف تجاه أهل البدع منذ القرن الرابع هجري (زمن الكلابية ومن بعدهم)
3 - دراسة حول أهل البدع من أتباع المذاهب الأربعة (مثلا وجود رؤوس من المعتزلة على مذهب أبي حنيفة ماهو السبب؟ وكذلك تعلق كثير من متأخر الشافعية بالأشعرية، وهكذا)
4 - عقيدة أهل السنة في القرآن (يشمل إثبات عدم تحريف القرآن والرد على الشبه حول ذلك)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/472)
ـ[خادمة العقيدة]ــــــــ[09 - 01 - 06, 01:13 م]ـ
جزاك الله خيرا اخي ابو البركات
مواضيعك جميلة
وفقك الله(32/473)
إلى شيوخنا وطلبة العلم هل عبادة الانسان لصفة من صفات الله يعد من الشرك , وكذلك دعاؤها
ـ[خميس بن محمود الأندلسي]ــــــــ[03 - 01 - 06, 01:12 ص]ـ
الحمد لله
اما بعد
بارك الله فيكم شيوخنا واخوننا الافاضل
قبل ان اعرض عليكم سؤالى
اشهد الله انى احبكم فيه ولذلك عرضت عليكم سؤالى لأنى اراكم والحمد لله من الناصحين
ورد سؤال لشيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين فى مجموع فتاوى العقيدة المطبوع تبع دار بن الهيثم بالقاهرة
يقول السائل
هل عبادة الانسان لصفة من صفات الله يعد من الشرك , وكذلك دعاؤها؟
قال فضيلته يرحمه الله
عبادة الانسان لصفة من صفات الله او دعاؤه لصفة من صفات الله من الشرك , قد ذكر هذا شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ,لأن الصفة غير الموصوف بلا شك وان كانت هى وصفه , وقد تكون لازمة وغير لازمة لكن هى بلا شك غير الموصوف, فقوة الانسان غير الانسان , وعزة الانسان غير الانسان , وكلام الانسان غير الانسان.
كذلك قدرة الله عزوجل ليست هى الله بل هى صفة من صفاته فلو تعبد الانسان لصفة من صفات الله لم يكن متعبدا لله, وانما تعبد لهذه الصفة لا لله عزوجل.
والانسان انما يتعبد لله عزوجل (قل ان صلاتى ونسكى ومحياي ومماتي لله رب العالمين).
والله عزوجل موصوف بجميع صفاته فاذا عبدت صفة من صفاته لم تكن عبدت الله عزوجل لأن الله موصوف بجميع الصفات.
وكذلك دعاء الصفة من الشرك مثل ان تقول:يا مغفرة الله اغفرىلى ,يا عزة الله اعزينى ونحو ذلك
الى هنا انتهى كلام شيخنا العثيمين رحمه الله تعالى
وعند تصفحى لمجموع فتاوى شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله تعالى
وجدت هذا
(ولهذا قال العلماء المصنفون فى أسماء الله تعالى يجب على كل مكلف أن يعلم أن لا غياث ولا مغيث على الإطلاق إلا الله وإن كل غوث فمن عنده وإن كان جعل ذلك على يدى غيره فالحقيقة له سبحانه وتعالى ولغيره مجاز
قالوا من أسمائه تعالى المغيث والغياث وجاء ذكر المغيث فى حديث أبى هريرة قالوا واجتمعت الأمة على ذلك
وقال أبو عبد الله الحليمى الغياث هو المغيث وأكثر ما يقال غياث المستغيثين ومعناه المدرك عباده فى الشدائد إذا دعوه ومجيبهم ومخلصهم وفى خبر الإستسقاء فى الصحيحين اللهم أغثنا اللهم أغثنا يقال أغاثة إغاثة وغياثا وغوثا وهذا الإسم فى معنى المجيب والمستجيب قال تعالى إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم إلا أن الإغاثة أحق بالأفعال والإستجابة أحق بالأقوال وقد يقع كل منهما موقع الآخر
قالوا الفرق بين المستغيث والداعى أن المستغيث ينادى بالغوث والداعى ينادى بالمدعو والمغيث وهذا فيه نظر فإن من صيغة الإستغاثة يالله للمسلمين
وقد روى عن معروف الكرخى أنه كان يكثر أن يقول واغوثاه ويقول انى سمعت الله يقول إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم وفى الدعاء المأثور يا حى يا قيوم لا إله الا أنت برحمتك أستغيث أصلح لى شأنى كله ولا تكلنى الى نفسى طرفة عين ولا الى أحد من خلقك
والإستغاثة برحمته استغاثة به فى الحقيقة كما أن الإستعاذة بصفاته استعاذة به فى الحقيقة وكما أن القسم بصفاته قسم به فى الحقيقة ففى الحديث أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق وفيه أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك (مجموع الفتاوى ج1 ص111)
السؤال/ هل هناك تعارض بين كلام شيخنا بن عثيمين وكلام شيخ الاسلام؟
ام انما اتيت من سوء فهمى وقلة علمى
اخوانى وشيوخى الافاضل اتمنى من حضراتكم
ايضاح ذلك لى واكون لكم من الشاكرين
ـ[زياد عوض]ــــــــ[04 - 01 - 06, 12:38 ص]ـ
أين طلّاب الشيخ؟؟؟؟؟ الإشكال واضح بين كلام الشيخين
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[04 - 01 - 06, 05:27 م]ـ
لا تعارض بين كلام الشيخين فى الحقيقة بإذن الله
فالشيخ بن عثيمين رحمه الله قال (عبادة الانسان لصفة من صفات الله او دعاؤه لصفة من صفات الله من الشرك , قد ذكر هذا شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله) فكما ترى هذا هو فى الأصل قول شيخ الإسلام رحمه الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/474)
و شيخ الإسلام يعنى بقوله (والإستغاثة برحمته استغاثة به فى الحقيقة كما أن الإستعاذة بصفاته استعاذة به فى الحقيقة وكما أن القسم بصفاته قسم به فى الحقيقة ففى الحديث أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق) أن سؤال الله بصفاته هو عبادة له فى الحقيقة فقول النبى صلى الله عليه وسلم أعوذ (بكلمات الله التامات) توسل بصفة من صفاته و الذى قال عنه أنه شرك هو سؤال الصفة و ليس السؤال بها.
فسؤال الصفة هو المحرم و هو أن يقول (يا كلمات الله أعيذينى) و هو الذى عناه الشيخ بن عثيمين و هنا فرق.
ففى هذه الحالة جعل الكلمات شىء مستقل قائم بذاته قادر على النفع والضر و دعاه من دون الله
أما فى قوله (أعوذ بكلمات الله) فقد سئل الله بكلماته أى توسل له بكلماته التى هى من صفاته فأعتقد النفع والضر لله وحده.
و مثاله أللهم برحمتك أستغيث فهذا توسل بالرحمة وهو مطلوب و أنت فيه تدعو الله لا أحد غيره و أما قولك يا رحمة الله إرحمينى فهذا هو الشرك الذى تكلم عنه الشيخ بن عثيمين لأنك جعلت الصفة شيئا مستقلا.
مثال للتقريب ولله المثل الأعلى:
أن تقول لشخص أنا طمعان فى كرمك أو تقولها بصيغة أخرى أسألك بكرمك أو أسأل بكرمك ففى كل هذه الحالات أنت تسأل الشخص نفسه متوسلا بكرمه الذى هو صفته و ليس معنى الكلام أنك تسأل كرمه أن يعطيك لأن الكرم ليس قائما بذاته فلا ينفع ولا يضر.
فلو قلت يا كرم الله أعطنى فقد جعلت الكرم مسؤلا مستقلا و خلعت عنه كونه صفة.
وهل هذا متصور؟
نعم متصور فى حق صفات الله و أظهر الأمثلة لذلك الإعتقاد فى القرآن أنه ينفع بذاته ويضر بذاته فيتبركون به لذلك والأصل أنه ينفع لأنه كلام الله صفة من صفاته فالله هو الذى ينفع و يضر.
و أيضا فى الرقية فلو إعتقد الراقى أن الرقية التى هى مكونه من كلام الله و من أسمائه وصفاته لو أعتقد أناه تنفع بذاتها كان ذلك شركا و الأصل أن يعتقد أنها أسماء الله يتوسل بها ليحصل المقصود
و لذلك أجمع العلماء كما قال السيوطي على جواز الرقى إذا توافرت ثلاثة شروط:
1ـ أن تكون بكلام الله أو بأسمائه وصفاته.
2ـ أن يعتقد ان الرقية لا تؤثر بذاتها.
3ـ، تكون باللسان العربي و ما يعرف معناه.
ـ[خميس بن محمود الأندلسي]ــــــــ[05 - 01 - 06, 01:09 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين
جزاك الله خيرا اخى الحبيب ابو حفص السكندرى
اسال الله تعالى ان يرفع قدرك فى الدنيا والاخرة
تفصيل ماشاء الله بارك الله لك فى علمك
والحمد لله
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[05 - 01 - 06, 12:13 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[خميس بن محمود الأندلسي]ــــــــ[05 - 01 - 06, 10:39 م]ـ
اللهم أمين
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[05 - 01 - 06, 11:09 م]ـ
(246) سئل فضيلة الشيخ: قلتم في الفتوى رقم "244": إن عبادة صفة من
صفات الله أو دعاءها من الشرك، وقد جاء في شرح العقيدة الطحاوية إذا قلت: "أعوذ بعزة الله" فقد
عذت بصفة من صفات الله، ولم تعذ بغير الله. . فعلم أن الذات لا يتصور انفصال الصفات عنها بوجه
من الوجوه. . وقد قال، صلى الله عليه وسلم: " أعوذ بعزة الله وقدرته. . " وقال: "أعوذ بكلمات الله
التامات. . . ". وقال، صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من
عقوبتك. . . " وقال صلى الله عليه وسلم: " ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا". وقال: "أعوذ بنور
وجهك. . . " ولا يعوذ، صلى الله عليه وسلم، بغير الله. فنأمل من فضيلتكم التكرم بالتوضيح؟.
فأجاب بقوله: ما نقله السائل من كلام شارح الطحاوية لا ينافي ما ذكرناه فإن من المعلوم أنه لا
توجد ذات مجردة عن صفة أبداً ولو لم يكن فيها إلا صفة الوجود، وكونه واجباً أو ممكناً وكونها على
صفة معينة من صغر أو كبر أو نحو ذلك لكان كافياً في الدلالة على أنه لا يمكن وجود ذات بلا صفة
ما. ولكن إذا عبد الإنسان صفة من صفات الله أو دعاها فإن هذا يشعر بكون الصفة بائنة عن الله –
تعالى – مستقلة عنه وهذا هو وجه كونه شركاً.
وأما ما جاء في الأحاديث التي ذكرها شارح الطحاوية مثل: "أعوذ بعزتك" "أعوذ بعظمتك"، "أعوذ
برضاك"، "أعوذ بكلمات الله التامة" فحقيقته أنه استعاذة بالله متوسلاً إليه بهذه الصفات المقتضية
للعياذ،ولهذا قال شارح الطحاوية على ما نقله السائل: ولا يعوذ صلى الله عليه وسلم بغير الله.
وإليك ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في أن دعاء صفة من صفات الله كفر قال في الصفحة
الثمانين من تلخيص كتاب الاستغاثة ما نصه:
"إن مسألة الله- تعالى – بأسمائه وصفاته وكلماته جائز مشروع كما جاءت به الأحاديث وأما دعاء
صفاته وكلماته فكفر باتفاق المسلمين فهل يقول: مسلم: يا كلام الله اغفر لي وارحمني وأغثني
أو أعني أو يا علم الله أو يا قوة الله أو يا عزة الله أو يا عظمة الله ونحو ذلك أو سمع من مسلم أو كافر
أنه دعا ذلك من صفات الله وصفات غيره أو يطلب من الصفة جلب منفعة أو دفع مضرة أو إعانة أو نصر أو إغاثة أو غير ذلك". ا هـ.
هذا والله أسأل أن يوفق الجميع لما فيه الخير لنا وللأمة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/475)
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[05 - 01 - 06, 11:59 م]ـ
المصدر: المجلد الثاني من فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
فتوى رقم 246
من النسخة الإلكترونية
ـ[خميس بن محمود الأندلسي]ــــــــ[06 - 01 - 06, 10:12 م]ـ
أخونا الفاضل /عبدالله المحمد جزاك الله خيرا وأحسن الله إليك
ـ[خميس بن محمود الأندلسي]ــــــــ[30 - 01 - 06, 11:06 ص]ـ
يرفع للإفادة(32/476)
إشكالات فى العقيده
ـ[محمد لبيب]ــــــــ[03 - 01 - 06, 02:32 م]ـ
اريد من الاخوة ممن له عناية بالعقيدة ومباحثها الاجابة عن الاسئلة التى سأقوم بعرضها لكم
1_ عقيدتنا نحن اهل السنة والجماعة إثبات ما اثبته الله عز وجل من الاسماء والصفات.
فكيف ننفى إسم الدهر مع ان الله عز وجل اثبته فى الحديث القدسى فى قوله (وانا الدهر)
ـ[سعود السليمان]ــــــــ[03 - 01 - 06, 03:27 م]ـ
تفسير (وأنا الدهر) منه وفيه ...
ـ[صالح العقل]ــــــــ[03 - 01 - 06, 04:09 م]ـ
(وما يهلكنا إلا الدهر، وما لهم بذلك من علم)!!
ـ[زياد عوض]ــــــــ[03 - 01 - 06, 05:12 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده رسوله، صلى الله عليه، وعلى آله، وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فهذا تعليق مختصر على كتاب (لمعة الاعتقاد) الذي ألفه أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي المولود في شعبان سنة 541هـ بقرية من أعمال نابلس، المتوفى يوم عيد الفطر سنة 620هـ بدمشق رحمه الله تعالى.
وهذا الكتاب جمع فيه مؤلفه زبدة العقيدة، ونظراً لأهمية الكتاب موضوعاً، ومنهجاً، وعدم وجود شرح له فقد عقدت العزم – مستعيناً بالله مستلهماً منه الصواب في القصد والعمل – على أن أضع عليه كلمات يسيرة تكشف غوامضه، وتبين موارده، وتبرز فوائده.
والله أرجو أن لا يكلني إلى نفسي طرفة عين، وأن يمدني بروح من عنده، وتوفيق، وأن يجعل عملي مباركاً ونافعاً إنه جواد كريم.
وقبل الدخول في صميم الكتاب أحب أن أقدم قواعد هامة فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته.
القاعدة الأولى: "في الواجب نحو نصوص الكتاب والسنة في أسماء الله وصفاته":
الواجب في نصوص الكتاب والسنة إبقاء دلالتها على ظاهرها من غير تغيير؛ لأن الله أنزل القرآن بلسان عربي مبين، والنبي صلى الله عليه وسلم يتكلم باللسان العربي؛ فوجب إبقاء دلالة كلام الله، وكلام رسوله على ما هي عليه في ذلك اللسان، ولأن تغييرها عن ظاهرها قول على الله بلا علم؛ وهو حرام لقوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (1).
مثال ذلك قوله تعالى: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ) (2). فإن ظاهر الآية أن لله يدين حقيقيتين، فيجب إثبات ذلك له.
فإذا قال قائل: المراد بهما القوة.
قلنا له: هذا صرف للكلام عن ظاهره، فلا يجوز القول به؛ لأنه قول على الله بلا علم.
القاعدة الثانية: في أسماء الله. وتحت هذه القاعدة فروع:
الفرع الأول: أسماء الله كلها حسنى، أي بالغة في الحسن غايته؛ لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) (3).
مثال ذلك: (الرَّحْمَنِ) فهو اسم من أسماء الله تعالى، دال على صفة عظيمة هي الرحمة الواسعة. ومن ثم نعرف أنه ليس من أسماء الله: "الدهر"؛ لأنه لا يتضمن معنى يبلغ غاية الحسن، فأما قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر" فمعناه: مالك الدهر المتصرف فيه، بدليل قوله في الرواية الثانية عن الله تعالى: "بيدي الأمر أقلب الليل والنهار" (1). الفرع الثاني: أسماء الله غير محصورة بعدد معين لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور: "أسألك اللهم بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك" (5)، وما استأثر به في علم الغيب عنده لا يمكن حصره ولا الإحاطة به.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/477)
والجمع بين هذا وبين قوله في الحديث الصحيح: "إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة" (6): أن معنى هذا الحديث: إن من أسماء الله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة. وليس المراد حصر أسمائه تعالى بهذا العدد، ونظير هذا أن تقول: عندي مائة درهم أعددتها للصدقة. فلا ينافي أن يكون عندك دراهم أخرى أعددتها لغير الصدقة.
الفرع الثالث: أسماء الله لا تثبت بالعقل، وإنما تثبت بالشرع فهي توقيفية، يتوقف إثباتها على ما جاء عن الشرع فلا يزاد فيها ولا ينقص؛ لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء، فوجب الوقوف في ذلك على الشرع؛ ولأن تسميته بما لم يسم به نفسه، أو إنكار ما سمى به نفسه جناية في حقه تعالى، فوجب سلوك الأدب في ذلك.
الفرع الرابع: كل اسم من أسماء الله فإنه يدل على ذات الله، وعلى الصفة التي تضمنها، وعلى الأثر المترتب عليه إن كان متعدياً، ولا يتم الإيمان بالاسم إلا بإثبات ذلك كله.
مثال ذلك في غير المتعدي: "العظيم" فلا يتم الإيمان به حتى نؤمن بإثباته اسماً من أسماء الله دالاً على ذاته تعالى، وعلى ما تضمنه من الصفة وهي العظمة.
ومثال ذلك في المتعدي: "الرحمن"، فلا يتم الإيمان به حتى نؤمن بإثباته اسماً من أسماء الله دالاً على ذاته تعالى، وعلى ما تضمنه من الصفة وهي الرحمة وعلى ما ترتب عليه من أثر وهو أنه يرحم من يشاء.
القاعدة الثالثة: "في صفات الله" وتحتها فروع أيضاً:
الفرع الأول: صفات الله كلها عليا، صفات كمال ومدح، ليس فيها نقص بوجه من الوجوه كالحياة، والعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، والحكمة، والرحمة، والعلو، وغير ذلك، لقوله تعالى: (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى) (7). ولأن الرب كامل فوجب كمال صفاته.
وإذا كانت الصفة نقصاً لا كمال فيها فهي ممتنعة في حقه كالموت والجهل، والعجز، والصمم، والعمى، ونحو ذلك؛ لأنه سبحانه عاقب الواصفين له بالنقص، ونزه نفسه عما يصفونه به من النقائص، ولأن الرب لا يمكن أن يكون ناقصاً لمنافاة النقص للربوبية.
وإذا كانت الصفة كمالاً من وجه، ونقصاً من وجه لم تكن ثابتة لله، ولا ممتنعة عليه على سبيل الإطلاق، بل لابد من التفصيل فتثبت لله في الحال التي تكون كمالاً، وتمتنع في الحال التي تكون نقصاً كالمكر، والكيد، والخداع ونحوها فهذه الصفات تكون كمالاً إذا كانت في مقابلة مثلها؛ لأنها تدل على أن فاعلها ليس بعاجز عن مقابلة عدوه بمثل فعله، وتكون نقصاً في غير هذه الحال فتثبت لله في الحال الأولى دون الثانية، قال الله تعالى: (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (8)، (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً* وَأَكِيدُ كَيْداً) (9)، (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ) (10). إلى غير ذلك.
فإذا قيل: هل يوصف الله بالمكر مثلاً؟
فلا تقل: نعم، ولا تقل: لا، ولكن قل: هو ماكر بمن يستحق ذلك، والله أعلم.
الفرع الثاني: صفات الله تنقسم إلى قسمين: ثبوتية، وسلبية:
فالثبوتية: ما أثبتها الله لنفسه كالحياة، والعلم، والقدرة، ويجب إثباتها لله على الوجه اللائق به؛ لأن الله أثبتها لنفسه وهو أعلم بصفاته.
والسلبية: هي التي نفاها الله عن نفسه كالظلم، فيجب نفيها عن الله؛ لأن الله نفاها عن نفسه لكن يجب اعتقاد ثبوت ضدها لله على الوجه الأكمل؛ لأن النفي لا يكون كمالاً حتى يتضمن ثبوتاً.
مثال ذلك: قوله تعالى: (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) (11). فيجب نفي الظلم عن الله مع اعتقاد ثبوت العدل لله على الوجه الأكمل.
الفرع الثالث: الصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمين: ذاتية، وفعلية.
فالذاتية: هي التي لم يزل ولا يزال متصفاً بها كالسمع والبصر.
والفعلية: هي التي تتعلق بمشيئته إن شاء فعلها، وإن شاء لم يفعلها كالاستواء على العرش، والمجيء.
وربما تكون الصفة ذاتية فعلية باعتبارين كالكلام فإنه باعتبار أصل الصفة صفة ذاتية، لأن الله لم يزل ولا يزال متكلماً وباعتبار آحاد الكلام صفة فعلية، لأن الكلام متعلق بمشيئته يتكلم بما شاء متى شاء.
الفرع الرابع: كل صفة من صفات الله فإنه يتوجه عليها ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: هل هي حقيقية؟ ولماذا؟
السؤال الثاني: هل يجوز تكييفها؟ ولماذا؟
السؤال الثالث: هل تماثل صفات المخلوقين؟ ولماذا؟
فجواب السؤال الأول: نعم حقيقية، لأن الأصل في الكلام الحقيقة، فلا يعدل عنها إلا بدليل صحيح يمنع منها.
وجواب الثاني: لا يجوز تكييفها لقوله تعالى: (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) (12). ولأن العقل لا يمكنه إدراك كيفية صفات الله.
وجواب الثالث: لا تماثل صفات المخلوقين لقوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (13)، ولأن الله مستحق للكمال الذي لا غاية فوقه فلا يمكن أن يماثل المخلوق لأنه ناقص.
والفرق بين التمثيل والتكييف أن التمثيل ذكر كيفية الصفة مقيدة بمماثل، والتكييف ذكر كيفية الصفة غير مقيدة بمماثل.
مثال التمثيل: أن يقول قائل: يد الله كيد الإنسان.
ومثال التكييف: أن يتخيل ليد الله كيفية معينة لا مثيل لها في أيدي المخلوقين فلا يجوز هذا التخيل.
القاعدة الرابعة: "فيما نرد به على المعطلة".
المعطلة هم الذين ينكرون شيئاً من أسماء الله، أو صفاته، ويحرفون النصوص عن ظاهرها، ويقال لهم "المؤولة"، والقاعدة العامة فيما نرد به عليهم أن نقول: إن قولهم خلاف ظاهر النصوص، وخلاف طريقة السلف، وليس عليه دليل صحيح، وربما يكون في بعض الصفات وجه رابع أو أكثر
ابن عثيمين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/478)
ـ[زياد عوض]ــــــــ[03 - 01 - 06, 05:17 م]ـ
ذكرنا أن الدهر ليس من أسماء الله وننقل نص فتوى ابن تيمية في مجموع الفتاوى (2/ 491):
سئل شيخ الإسلام رحمه الله: عن قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر فهل هذا موافق لما يقوله الاتحادية: بينوا لنا ذلك؟
فأجاب: -
الحمد لله قوله لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر: مروى بألفاظ أخر كقوله: " يقول الله: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار، وفي لفظ: " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر، يقلب الليل والنهار:" وفي لفظ: " يقول ابن آدم يا خيبة الدهر وأنا الدهر "
فقوله في الحديث " بيدي الأمر أقلب الليل والنهار " يبين أنه ليس المراد به أنا الزمان فإنه قد أخبر أنه يقلب الليل والنهار والزمان هو الليل والنهار: فدل نفس الحديث على أنه هو يقلب الزمان ويصرفه كما دل عليه قوله تعالى: (ألم تر أن الله يزجي سحاباً ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاماً فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار، يقلب الله الليل والنهار، إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار) وإزجاء السحاب سوقه والودق المطر 0
فقد بين سبحانه خلقه للمطر وأنزاله على الأرض فإنه سبب الحياة في الأرض فإنه سبحانه جعل من الماء كل شيء حي، ثم قال: " يقلب الله الليل والنهار " إذ تقليبه الليل والنهار: تحويل أحوال العالم بإنزال المطر، الذي هو سبب خلق النبات والحيوان والمعدن، وذلك سبب تحويل الناس من حال إلي حال، المتضمن رفع قوم وخفض آخرين 0
وقد أخبر سبحانه بخلقه الزمان في غير موضع كقوله: (وجعل الظلمات والنور) وقوله: (وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون) وقوله: (وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً) وقوله: (إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب) و غير ذلك من النصوص التي تبين أنه خالق الزمان 0
ولا يتوهم عاقل أن الله هو الزمان فإن الزمان مقدار الحركة والحركة مقدارها من باب الأعراض والصفات القائمة بغيرها: كالحركة والسكون والسواد والبياض 0
ولا يقول عاقل أن خالق العالم هو من باب الأعراض والصفات المفتقرة إلي الجواهر والأعيان، فإن الأعراض لا تقوم بنفسها، بل هي مفتقرة إلي محل تقوم به، والمفتقر إلي ما يغايره لا يوجد بنفسه، بل بذلك الغير فهو محتاج إلي ما به في نفسه من غيره فكيف يكون هو الخالق؟
ثم أن يستغني بنفسه، ,أن يحتاج إليه ما سواه، وهذه صفة الخالق سبحانه، فكيف يتوهم أنه من النوع الأول 0 وأهل الإلحاد – القائلون بالوحدة أو الحلول أو الإتحاد – لا يقولون أنه هو الزمان، ولا أنه من جنس الأعراض والصفات، بل يقولون هو مجموع العالم، أو حال في مجموع العالم 0
فليس في الحديث شبهة لهم، لو لم يكن قد بين فيه انه – سبحانه –
مقلب الليل والنهار، فكيف وفي نفس الحديث أنه بيده الأمر يقلب الليل والنهار 0
إذا تبين هذا: فللناس في الحديث قولان معروفان لأصحاب أحمد وغيرهم 0
أحدهما: وهو قول أبي عبيد وأكثر العلماء أن هذا الحديث خرج الكلام فيه لرد ما يقوله أهل الجاهلية، ومن أشبههم، فإنهم إذا أصابتهم مصيبة أو منعوا أغراضهم أخذوا يسبون الدهر والزمان، يقول أحدهم قبح الله الدهر الذي شتت شملنا، ولعن الله الزمان الذي جرى فيه كذا وكذا 0
وكثيراً ما جري من كلام الشعراء وأمثالهم نحو هذا، كقولهم: يا دهر فعلت كذا. وهم يقصدون سب من فعل تلك الأمور، ويضيفونها إلي الدهر، فيقع السب على الله تعالى: لأنه هو الذي فعل تلك الأمور وأحدثها والدهر مخلوق له، هو الذي يقلبه ويصرفه 0
والتقدير: أن أبن آدم يسب من فعل هذه الأمور وأنا فعلتها فإذا سب الدهر فمقصودة سب الفاعل وإن أضاف الفعل إلي الدهر، فالدهر لا فعل له، وإنما الفاعل هو الله وحده 0
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/479)
وهذا كرجل قضى عليه قاض بحق أو أفتاه مفت بحق، فجعل يقول: لعن الله من قضى بهذا أو أفتي بهذا، ويكون ذلك من قضاء النبي صلى الله عليه وسلم وفتياه فيقع السب عليه، وأن كان الساب – لجهله – أضاف الأمر إلي المبلغ في الحقيقة، والمبلغ له فعل من التبليغ بخلاف الزمان فإن الله يقلبه ويصرفه 0
والقول الثاني: قول نعيم بن حماد، وطائفة معه من أهل الحديث
والصوفية: إن الدهر من أسماء الله تعالى ومعناه القديم الأزلي
ورووا في بعض الأدعية: يا دهر!! يا ديهور!! يا ديهار وهذا المعنى صحيح: لأن الله سبحانه هو الأول ليس قبله شيء، وهو الآخر ليس بعده شيء فهذا المعنى صحيح إنما النزاع في كونه يسمى دهراً بكل حال فقد اجمع المسلمون – وهو مما علم بالعقل الصريح – أن الله سبحانه وتعالي ليس هو الدهر الذي هو الزمان، أو ما يجرى مجرى الزمان فإن الناس متفقون على أن الزمان الذي هو الليل والنهار 0
وكذلك ما يجرى ذلك مجرى ذلك في الجنة، كما قال تعالى: (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً قالوا على مقدار البكرة والعشى في الدنيا و [في] للآخرة يوم الجمعة يوم المزيد، قد روى أنها تظهر من تحت العرش، فالزمان هنالك مقدار الحركة التي بها تظهر تلك الأنوار 0
وهل وراء ذلك جوهر قائم بنفسه سيال هو الدهر؟ هذا مما تنازع فيه الناس فأثبته طائفة من المتفلسفة من أصحاب أفلاطون، كما أثبتوا الكليات المجردة في الخارج التي تسمى المثل الأفلاطونية (1) والمثل المطلقة وأثبتوا الهيولى (2) التي هي مادة مجردة عن الصور وأثبتوا الخلاء جوهراً قائماً بنفسه 0
(1) المثل الأفلاطونية هي أكثر المذاهب الفلسفية شيوعاً وهي حقائق كلية ثابتة موجودة بالفعل في رأى أفلاطون – وجوداً خارجياً في عالم غير محسوس وأنه هو الأصل وأما الأشياء الموجودة مجرد صور أو صدى لهذه المثل 0
انظر مدخل إلي الفلسفة د 0 إمام عبدالفتاح ص254، الفكر الفلسفي د 0 محمد نصار ص97 0
(2) الهيولي:
في كلام المتكلمين: أصل الشيء، فإن يكن من كلام العرب فهو صحيح الاشتقاق ووزنه فيعولى، أولاً – الصواب أنه لفظ يوناني بمعنى الأصل والمادة وفي الاصطلاح: جوهر في الجسم قابل لما يعرض له من الاتصال والانفصال ا0هـ من المزهر للسيوطي (1/ 277) 0
================================================== ================================================== =============================
ص7
================================================== ================================================== ===========================
وأما جماهير العقلاء من الفلاسفة وغيرهم: فيعلمون ان هذا كله لا حقيقة له في الخارج، وإنما هي أمور يقدرها الذهن ويفرضها فيظن الغالطون أن هذا الثابت في الأذهان هو بعينه ثابت في الخارج عن الأذهان كما ظنوا مثل ذلك في الوجود المطلق، مع علمهم أن المطلق بشرط الإطلاق وجوده في الذهن وليس في الخارج إلا شيء معين وهى الأعيان، وما يقوم بها من الصفات فلا مكان إلا الجسم أو ما يقوم به، ولا زمان إلا مقدار الحركة، ولا مادة مجردة عن الصور بل ولا مادة مقترنة بها غير الجسم إلي يقوم به الأغراض، ولا صورة إلا ما هو عرض قائم بالجسم أو ما هو الجسم يقوم به العرض وهذا وأمثاله مبسوط في غير هذا الموضع ا0هـ0
ويقول أبو عبيد القاسم بن سلام العدوي في غريب الحديث (2/ 145)
قوله: إن الله هو الدهر وهذا لا ينبغي لأحد من أهل الإسلام أن يجهل وجهه وذلك أن أهل التعطيل يحتجون به على المسلمين وقد رأيت بعض من يتهم بالزندقة والدهرية يحتج بهذا الحديث ويقول: ألا تراه يقول: فإن الله هو الدهر! فقلت: وهل كان أحد يسب الله في آباد الدهر؟
و تاويله عندى – والله أعلم – أن العرب كان شأنها أن تذم الدهر وتسبه عند المصائب التي تنزل بهم من موت أو هرم أو تلف مال أو غير ذلك فيقولون: أصابتهم قوارع الدهر، وأبادهم الدهر، وأتى عليهم الدهر، فيجعلونه الذي يفعل فيذمونه عليه، وقد ذكروه في أشعارهم قال الشاعر يذكر قوماً هلكوا:
فاستأثر الدهر الغداة بهم
يا دهر قد أكثرت فجعتنا
وسلبتنا ما لست تعقبنا ****
******** والدهر يرميني ولا أرمى
بسراتنا ووقرت في العظم
يا دهر ما أنصفت في الحكم
وقال عمرو بن قميئة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/480)
رمتى بنات الدهر من حيث لا أرى
فلو أنها نبل إذاً لاتقيتها
على الراحتين مرة على العصا **
**
** فكيف بمن يرمي وليس برامٍ
ولكنما أرمي بغير سهامٍ
أنوء ثلاثاً بعدهن قيامي
فأخبر أن الدهر فعل به ذلك نصف الهرم 0 وقد أخبر الله تعالى بذلك عنهم في كتابه الكريم ثم كذبهم بقولهم فقال (وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر) وقال الله عز وجل (وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون) فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الدهر – على تأويل لا تسبوا الذي يفعل لكم هذه الأشياء ويصيبكم بهذه المصائب فإنكم إذا سببتم فأعلها فإنما يقع السب على الله تعالى لأنه عز وجل هو الفاعل لها لا الدهر فهذا وجه الحديث إن شاء الله
ولإتمام الفائدة ننقل ما سئل عنه الشيخ ابن عثيمين فيما يتعلق بهذا الحديث:
سئل الشيخ غفر الله له: عن قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي قال الله تعالى " يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر، وأنا الدهر، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار "؟
فأجاب قائلاً:
قوله في الحديث المشار إليه في السؤال: " يؤذيني ابن آدم " أي أنه سبحانه يتأذى بما ذكر في الحديث، لكن ليست الأذية التي أثبتها الله لنفسه ليست كأذية المخلوق، بدليل قوله تعالى: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) [الشورى: 11] فقدم نفى المماثلة على الإثبات لأجل أن يرد الإثبات على قلب خال من توهم المماثلة ويكون الإثبات حينئذ على الوجه اللائق به تعالى، وأنه لا يماثل في صفاته، كما لا يماثل في ذاته، وكل ما وصف الله به نفسه ليس فيه احتمال للتمثيل، إذ لو أجزت احتمال التمثيل في كلامه سبحانه وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفات الله لأجزت احتمال الكفر في كلام الله سبحانه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم لأن تمثيل صفات الله تعالى بصفات المخلوقين كفر لأنه تكذيب لقوله تعالى: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) [الشورى: 11]
وقوله " وأنا الدهر " أي مدبر الدهر ومصرفه كما قال الله تعالى: (وتلك الأيام نداولها بين الناس) [آل عمران: 140] كما قال في هذا الحديث " أقلب الليل والنهار " والليل والنهار هو الدهر 0
ولا يقال: بأن الله نفسه هو الدهر، ومن قال ذلك فقد جعل المخلوق خالقاً والمقَّلب مقلِّباَ
فإن قيل أليس المجاز ممنوعاً في كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وفي اللغة؟
أجيب:
بلى، ولكن الكلمة حقيقة في معناها الذي دل عليه السياق والقرائن، وهنا في الكلام محذوف تقديره " وأنا مقلب الدهر " لأنه فسره بقوله " أقلب الليل والنهار " ولأن العقل لا يمكن أن يجعل الخالق الفاعل هو المخلوق المفعول 0
سئل الشيخ: هل الدهر من أسماء الله؟
فأجاب بقوله:
الدهر ليس من أسماء الله سبحانه وتعالى، ومن زعم ذلك فقد أخطأ وذلك لسببين:
السبب الأول: أن أسماءه سبحانه وتعالى حسنى، أي بالغة في الحسن أكمله، فلابد أن تشتمل على وصف ومعنى هو أحسن ما يكون من الأوصاف والمعاني في دلالة هذه الكلمة، ولهذا لا تجد في أسماء الله تعالى اسما جامداً والدهر اسم جامد لا يحمل معنى إلا أنه اسم للأوقات 0
السبب الثاني: أن سياق الحديث يأبي ذلك، لأنه قال: " أقلب الليل والنهار " والليل والنهار هما الدهر فكيف يمكن أن يكون المقلب بفتح اللام – هو المقلب – بكسر اللام -؟!
سئل فضيلة الشيخ: ما حكم سب الدهر؟
فأجاب قائلاً:
سب الدهر ينقسم إلي ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن يقصد الخبر المحض دون اللوم فهذا جائز مثل أن يقول تعبنا من شدة الحر هذا اليوم، أو برده وما أشبه ذلك لأن الأعمال بالنيات واللفظ صالح لمجرد الخبر 0
القسم الثاني: أن يسب الدهر على أنه هو الفاعل، كأنه يقصد بسبه الدهر أن الدهر هو الذي يقلب الأمور إلي الخير أو الشر فهذا شرك أكبر لأنه اعتقد أن مع الله خالقاً حيث نسب الحوادث إلي غير الله
القسم الثالث: أن يسب الدهر وهو يعتقد أن الفاعل هو الله ولكن يسبه لأنه محل هذه الأمور المكروهة فهذا محرم لأنه مناف للصبر الواجب وليس بكفر لأنه ما سب الله مباشرة ولو سب الله مباشرة لكان كافراً 0
http://www.alsaha.com/sahat/Forum2/HTML/003651.html
ـ[مجدي أبو عيشة]ــــــــ[03 - 01 - 06, 05:32 م]ـ
اريد من الاخوة ممن له عناية بالعقيدة ومباحثها الاجابة عن الاسئلة التى سأقوم بعرضها لكم
1_ عقيدتنا نحن اهل السنة والجماعة إثبات ما اثبته الله عز وجل من الاسماء والصفات.
فكيف ننفى إسم الدهر مع ان الله عز وجل اثبته فى الحديث القدسى فى قوله (وانا الدهر)
هنا لم يكن هذا اسما لله كما في رد الاخ زياد عوض بما كفى واختصاره:لان من يسب الدهر او الزمان انما يقصد القدر ومن قلب الليل والنهار فهو ما لا ينبغي فعله لان من يسب الزمان لا يسب السبت والاحد وانما يسب تقلب الايام الذي يجريه الله بحكمته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/481)
ـ[محمد لبيب]ــــــــ[03 - 01 - 06, 05:47 م]ـ
السلام عليكم ورحمه الله
جزاك الله خيرا اخى:زياد عوض وجزا الله خيرا اخوانى على اجابتهم لى على الإستشكال الاول.
واريد من اخى: سعد السليمان ان يوضح ما قصده من قوله (منه وفيه)
ـ[زياد عوض]ــــــــ[04 - 01 - 06, 12:33 ص]ـ
الأخ محمد لبيب: جزاك الله خير الجزاء(32/482)
البَراهْين المُوضِحَات لكشفِ الشُّبُهات للشيخ محمد الطيب الأنصاري ـ رحمه الله ـ
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[03 - 01 - 06, 05:18 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
البَراهْين المُوضِحَات لكشفِ الشُّبُهات
للشيخ محمد الطيب الأنصاري ـ رحمه الله ـ
ملاحظة هامة: سأنقل الأبيات تباعاً ثم سأضعها على ملف وورد
1 قالَ محمدُ المسمَّى الطَّيِّبا - السلفيُّ نِحْلةً ومذهبا
2 الحمدُ لله الكريمُ إِذ كَشَفْ - عنا سحابَ الجَهْل فضلاً فانْكَشَفْ
3 وعَلَّمَ التَّوحيدَ والقرآنا - أَنزلَهُ مفصَّلاً تِبْيانا
4 ثمَّ صلاتُه على مَنْ قد حَما - جوانِبَ التَّوحيدِ أَعظمَ حما
5 والمستجيبين له من صحبِهِ - وآلِه والمنتمي بحبِّهِ
6 هذا وكَشْفُ الشُّبُهات أَلَّفَهْ - إِمامُ وقتِهِ الصحيحُ المعرفةْ
7 محمدُ بن عابد الوهَّابِ - مجدِّدُ الدين بلا ارتيابِ
8 فجا كِتاباً حَجْمُهُ صغيرُ - لكِنَّهُ في علمِهِ كبيرُ
9 وَقَدْ أَشارَ الشيخُ عبدُاللهِ - سليلُهُ ابنُ الحسن الأَوَّاهِ
10 رأْس قُضاةِ الوقتِ في الحِجازِ - بِنَظْمِهِ في قالَبِ الإِيجازِ
11 فصغتُهُ بمقتضى الإِشارةْ - نظماً بديعاً واضح العبارة
12 فقلتُ باسم اللهِ مستعيناً - إِذْ هُوَ حسبي وكفى مُعينا
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[04 - 01 - 06, 11:33 ص]ـ
(بيان أن الدعوة إلى إفراد الله بالعبادة هي دين الرسل)
13 إِفرادُ ربِّ العرشِ بالعبادةِ - دينُ الكرامِ المرسلينَ القادةِ
14 أَرسَلَهم لِيُعلموا عبادهْ - أَنْ يُفْرِدوهُ جَلَّ بالعبَادهْ
15 وَذلِكَ التوحيدُ لاَ يَنْجو أَحدْ - بِغَيرِه من العذابِ والنَّكدْ
16 أَوَّلهمْ نُوحٌ أَتى لمن غَلَوا - في الصالحينَ والكفورِ قَدْ أَتَوْا
17 وُداً سواعاً ويَعوقَ نَسْرا - من قدْ أَضَلُّوا في الأَنامِ كَثْرا
18 وَخَيْرُهُم آخِرُهُم محمدُ - وكلُّهمْ بالمعجزاتِ أُيِّدوا
19 نَبيُّنا هو الذَّي قَدْ كَسَّرا - لهؤُلاءِ الصَّالحينَ صُوَرا
20 أَتَى لِقَومٍ يَتعبدونَ - بالصومِ والكعبةِ يَقْصدونَ
21 وَيَتَقَربونَ بالإِنْفاق - في سَبُلِ الخَيراتِ والإِعتاقِ
22 ويَذْكُرونَ الله لكنْ جَعَلوا - وسائِطاً إِليهمُ تَبْتَسِلُ
23 بَيْنَهُم وبينَ خالِقِ السَّما - كمَثلِ عيسىَ وَعُزَيْزِ مَريما
24 فَجاءَهم نَبيُّنا محمدُ - لِدينِ إِبْراهيمَ قَدْ يجدِّدُ
25 يُخْبِرُ أَنَّ الإعتِقادَ والقُربْ - حَقٌّ لِخالِق السَّماءِ والتُّرَبْ
26 لَيسَتْ لمَرسَلٍ نبيٍّ لاَ ولاَ - لَمَلكٍ مُقَرَّبٍ نالَ العلاَ
27 مع عِلْمِهمْ بأَنَّهُ لاَ يَخلُقُ - إِلا الإِلهُ وكذا لاَ يَرْزُقُ
28 سِواهُ لا يُحيي ولا يُميتُ - سِواهُ جَلَّ مَنْ هو المُميتُ
29 وأَنَّهمْ عَبيدُهْ قد صُرِّفوا - فيما أَرادهُ وَلاَ يَنْحَرِفوا
30 دليلُنا في سورةِ الفلاَح - وَيُوُنُس المعروفُ بالصَّلاح
31 إِذا علِمْتَ أَنَّهمْ أَقَرُّوا - بِذا ولَمْ يَنفَعُهُمْ إِذا فَرَّوا
32 عمّا دعاهُم إِليه أَحمدُ - صَلَّى عليهِ ذو الجلال ِالصمَّدُ
33 عَلِمتَ باليقينِ أَن ما جَحَدْ - المشركونَ هو توحيدُ الأَحَدْ
34 بِحَقِّه من العباداتِ وقَدْ - سماهُ مُشْركو الزَمانِ المعْتقَدْ
35 كَدأْبِهِمْ في كَونِهِمْ يدعونَ - الله دأْباً ثُم يُشركونَ
36 بدعوةِ الأَمْلاكِ للصَّلاحِ - وقُربِهِم مِنْ خالقِ الأَشْباحِ
37 وبِدُعاءِ مُرْسلٍ كَعيسى - أَوْ مَرْيم فبئسَ فِعْلاً بِيْسا
38 وَمِنْهُمُ داعي أُولي الصَّلاحِ - كالَّلاتِ يا لَذا من الجناحِ
39 في سُورةِ الجِنِّ معاً والرَّعدِ - دَليلُنا فاقرأْ تَفُزْ بالقَصْدِ
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[04 - 01 - 06, 01:52 م]ـ
(بيان أن الرسول صلى الله عليه وسلم قاتل الكفار ليكون الدين كله لله)
40 ثُم عَرَفْتَ أَنَّ خَيْرَ الخَلْقِ - قاتَهَلُمْ لِرَدِّهِمْ للحَقِّ
41 وليكونَ واصِباً للهِ - الدينُ كُلُّه بِلاَ اشتباهِ
42 مِنَ الدُّعا والنَّذْرِ واستغاثةِ - والذَّبْحُ والخَوفُ والإسْتعانةِ
43 ورغبةٍ ورهبةٍ وذبحِ - وكلَّها مِنْ غيرِ رَبِّي نَحِّ
(بيان أن قتال الرسول صلى الله عليه وسلم للمشركين بعدم إقرارهم بتوحيد الألوهية مع إقرارهم بتوحيد الربوبية)
44 كَدَأْبِهِمْ في كَونِهِمْ يَدْعونَ - الله دأْباً ثُمَّ يُشرِكونَ
45 بِدعوةِ الأَملاكِ للصَّلاحِ - وقُرْبِهِمْ مِنْ خالِقِ الأَشْباحِ
46 إِذا عَرَفْتَ أَنَّهم فاهو بما - مِنَ الرُّبُوبِيةِ للهِ انْتَمى
47 ولمْ يَكُنْ يُدْخِلُ في الإِسلامِ - وأَنَّ قَصْدَهُم إِلى الكْرامِ
48 مِنَ الملاَئِكِ والأولياءِ - قَصْدٌ إِلى الشَّفاعةِ العَلْياءِ
49 هو الذي أَحلَّ منهُمُ الدِّما - والمالَ بان أَنَّ أحمدٌ سَما
50 إِلى دُعائِهم إِلى التَّوحيدِ - ومالَ أَهلُ الشِّركِ للجُحودِ
51 وهو معنى لاَ إِلهَ إِلاَّ - الله عَزَّ رَبُّنا وَجَلاَّ
52 إِذ الإِله عِنْدَهُم منْ يُقْصَدُ - لأَجلِ ذي الأُمورِ مهما يُوجَد
53 نَبيًّا أَو مَلَكاً أَو وَليّاً - أَو شجراً أَو قَبراً أَو جِنِّياً
54 ما فَسَّروا الإِله بالرزاقِ - وَلاَ المُدبِّرِ وَلاَ الخلاَّقِ
55 بل يَعْلَمون كَوْن ذي الأَوصافِ - للهِ جلَّ الله ذو الأَلطافِ
56 بل إِنَّما يَعْنونَ بالإِلهِ ما - يَريدُ بالسَّيِّدِ أَرْبابُ العَما
57 فجاءَهمُ النبي يَدعوهمْ إِلى - كَلِمةِ التَّوحيدِ نعم عَمَلا
58 وَهِيَ لا إِلهَ إِلا الله - محمدٌ أَرْسَلَهُ الإِلهُ
(بيان مراد النبي صلى الله عليه وسلم بلا إله إلا الله)
59 لكنَّما المرادَ من ذي الكلمةْ - مَدْلولُها لاَ لَفْظُها لتَفهمه
60 وجُهَّلُ الكُفارِ يَعْلمونَ ما - أَرادَهُ بها النبيُّ المُعْتَمى
61 إِفرادُ ربِّ العَرْشِ بالتَّعليقِ - والحبِّ والخُضوعِ بالتَّحْقيق
62 والكفرُ بالطاغوتِ وهو ما عُبِدْ - من دُونه مع البَراءِ للأَبدْ
63 فإِنَّه لمَّا دَعَا بالقَولِ - بها قُريشاً قابلوا بالجَهْلِ
64 وَعجبوا منه فقالوا أَجَعَلْ - الآيةَ اتْلُ تَعْجَبَنْ مِمَّنْ جَفْلْ
يتبع إن شاء الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/483)
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[05 - 01 - 06, 12:06 ص]ـ
(بيان المشركين الأولين أعلم بمعنى لا إله إلا الله)
65 من بعضِ مَنْ يَنْسَب إِلى العِلْمِ - في زمننا فَضلاً عن العوامِ
66 إِذا عرَفْتَ أَنَّهم قَدْ عَرَفوا - مرادهَ فاعجبْ لِمَنْ قَدْ يُعْرَفَ
67 بِسِمَةِ الإِسلامِ وهو يَجْهَلُ - ما عَرَفَ الكفارُ بل يُؤَّوَّلُ
68 ظَنّاً بأَنَّ المقْصدَ النُّطقَ بما - فيها من الحروفِ فانظرْ ذا العمى
69 مِن غيرِ عَقْدِ القَلْبِ من معْناهُ - شَيئاً وذو الحِذْقَ الذي يَراهُ
70 بأَنَّهُ لا يَخْلُقُ الخَلْقَ وَلاَ - يَرْزقُ إِلا الله جَلَّ وَعَلاَ
71 مْن كان أَهلُ الكُفرِ أَعْلَمَ بِذا - منه فلا خَيرَ به فلينبذا
(بيان جهل كثير من الناس بما أتت به الرسل من الدين)
72 إِذا عَرَفْتَ ما ذَكَرْتُ مَعْرِفَهْ - حَقيقَةُ القْصَدِ بِها مُنْكَشفَهْ
73 ثُمَّ عَرَفْتَ أَعْظَمَ المنْهي - عَنْه وذاكَ الشرك أَقْصى الغي
74 لأَنَّ ربَّ العرشِ لَيسَ يَغْفره - ما دونَهُ وَيَسترُهْ
75 لمن يَشا ثُمَّ عَرَفْتَ دينَ مَنْ - أَرْسَلَهُم إِلى الورى ربُّ المننْ
76 ثُمَّ عَرَفْتَ ما عيه أَصْبَحا - غالِبُ أَهْلِ الوَقْتِ مما فَضَحا
77 مِن جَهْلِهمْ بديننا استَفدْنا - فائدتين بِهِما أُسْعِدنا
78 أُولاهما الفَرحُ بالأَفضالِ - مِنْ الإِلهِ جَلَّ ذَو الجَلالِ
79 وَرَحْمَةٍ إِذ حَضَّنا على الفَرَحْ - بذينِ في فليْفْرَحوا لا بالمَرحِ
80 أُخراهُما الخَوفُ العَظيمُ إِذ يَقعْ - في الكُفْرِ خالي الذِّهنْ مما قد وَقَعْ
81 لِكلْمَةٍ تَخْرجُ منه جَهْلاً - أَو ظنَّها قُرْبى تَنيلُ فَضْلاً
82 كَحالِ أَهلِ الكُفرِ لكنْ مَنْ نَظَرَ - في قَولِ أَصْحابِ الكَليمِ المُنْتَقر
83 مَعَ الصلاحِ وَمَع العْلمِ رغَبْ - في كلِّ ما يُنْجيهِ من هذا العطَب
84 فإِنَّهُم أَتوهُ قائلينَ - اجْعلَ لنا في آيةٍ يتلونَ
(بيان أن كل داعٍ إلى الحق لا بد له من أعداء يدعون إلى ضد ما يدعو إليه)
85 مِنْ حِكْمَةِ الباري إِذا ما أَرْسَلاَ - عَبْداً رَسولاً بِالهُدى أَنْ يَجْعَلا
86 لهُ شياطينَ مِنْ الأَناسي - والجِنَّ أَعداءِ أُولي الأَلباسِ
87 يوحى زخاريفَ الكلامِ بَعْضُهم - لبَعْضِهم لكي يَغُرُّوا مِثلَهُمْ
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[05 - 01 - 06, 12:48 ص]ـ
(بيان أن أعداء التوحيد لهم كتب وحجج وعلوم يغرون بها أمثالهم)
88 وَقَدْ يَكون للأَعادي كُتُبُ - وَحُجَجٌ كَثيرةٌ قَدْ رَتَّبوا
89 ثم الطريقةُ إِلى الإِلهِ لا - بُدَّ لها مِن العِدا والجُهلا
90 عليه قاعدين بالفصاحةِ - والعِلم ِوالحججِ بالبجاحةِ
91 لكي يَصدوا عن سَبيلِ اللهِ - أَمثالَهم مِنْ كلِّ غَاوٍ لاه
(بيان أنه يجب على الموحد أن يتخذ من كتاب الله وسنة رسوله ما يتخذه سلاحاً يقاتل به أعداء التوحيد)
92 إِذاً على منْ كان ذا تَوحيدِ - تَهيئةَ السِّلاحِ بالتَّعْديدِ
93 بِهِ يُقاتل الشياطينَ الأُولى - قالَ إِمامهمْ لربي ذي العُلاَ
94 لأَقعُدَنَّ لهم أتلها في - إِحدى الطِّوال سورة الأَعراف
95 أَقبلْ على اللهِ واصْغيَنْ إِلى - حِجَجَه تَنَل العلا
96 تأْمن وَتَسْلَم منه إِنَّ كَيده - مُضعَّف والله فاسأَل ردَّهُ
97 فجاهلٌ موَحِّدٌ يُنْتَدَبُ - مِنْ عُلماءِ الشركِ أَلفاً يَغْلِبُ
98 وأَنَّ جُنْدَنا لهم دَليلُ - حقٌّ على جميع ما أَقولُ
99 قد غَلَبوا بِحجةِ اللِّسانِ - كقهرهِم بالسَّيفِ والسنانِ
100 وإِنما الخوفُ على موحِّدِ - يَسْلك ذا الطريقَ غيرَ معتدِ
101 مِنَ السِّلاحِ ما به يقاتِلُ - جَميعَ من بباطلٍ يناضلُ
(بيان أن كتاب الله حجة على كل مبطل إلى يوم القيامة وأنه لا يأتي مبطل بشبهة إلا وفي القرآن ما يبطلها)
102 لكنه مَنَّ علينا الله - ببعثه النَّبي إِذ آتاهُ
103 بِذا الكتابِ الجامعِ المفصَّلِ - مبيناً لكل أَمرٍ مُشكلِ
104 وهو هُدىً ورَحْمةٌ وَبُشرى - للعُلَماءِ المُصلحين طُرَّا
105 لا يأْت مُفتنٌ لآخر الأَبدْ - بشبهةٍ إِلا وفي القرآنِ ردّ
106 لما له من شُبْهَةٍ مُبَيِّنُ - بُطلاَنَها أَو ذاكَ أَمرٌ بَيِّنُ
107 في سُورةِ الفرقانِ ذا وهو يَعمّ - في كلِ باطْلٍ إِلى يومِ الزَحم
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[05 - 01 - 06, 01:40 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/484)
(فصل في ذكر أشياء سئل عنها مؤلف الأصل فأجاب عنها بجوابين مجمل ومفصل)
108 وأَنا أشْيا ذاكر مما ذَكر - الله في كتابهِ عزَّ وَبَرّ
109 إِجابة لبعضِ مُشركي الزَّمَن - أَدلى بشبهةٍ لإِلقاءِ الفتن
110 قلنا جوابُ المُبْطلين مُجْمَل - فيه شِفاءُ العِيِّ أَو مفصل
111 فالأَوَّل الأَمرُ العظيمُ الفائدهْ - لمنْ له عقلٌ يَجي بالعائدهْ
112 وذاكَ أَنَّ الله جلَّ وعلاَّ - في آل عمران قرآناً أَنزلاَ
113 وقَسَّم القرآن بينَ المحكَمِ - والمتَشابهِ الذي لَمْ يَعْلَمِ
114 تأْويلَهُ سوى الإِلهُ الحكمُ - فَمَنْ به يؤْمنْ يفُزْ ويَسلَمُ
115 من يتتبعه يُرِدْ تأْويلَهُ - فَهْوَ من أهل الزيغِ لاَ نرثي لَهُ
116 وأَهلُ فتنةٍ فذانِ جُعِلاَ - علامةَ الزيغِ كما قَدْ نُقِلاَ
117 عنِ النَّبيِّ المصطفى إِذ قالاَ - إِذا رأَيتَ فاطلبِ المقالاَ
118 مثاله أَن يَذْكرَ المشَبِّهُ - قولاً به عليك قَدْ يُشَبِّهُ
119 كأنْ يقولَ أَولياءُ اللهِ لا - خوفٌ عَليهم اتْلُوَنَّ المُنْزَلا
120 والأَنبياء لَهُمُ جاهٌ وحقّ - شَفاعةُ النَّبيِّ في يومِ القَلَقْ
121 أَو استدلَّ بحديثٍ أَنتَ لا - تفهمُ مِنْ معناهُ شيئاً فقلا
122 إِنَّ الَّذي ذَكَرْتَهُ يا مُشرِكُ - وَمَنْ عن الحقِّ المبينِ يؤْفَكُ
123 من آيةٍ أَو مِنْ حديثٍ لستُ - أَفهَمُه لكنَّني أَيقنتُ
124 أَنَّ التناقضَ بآي الذِّكْرِ - مُمْتَنعٌ قَطعاً كذاكَ أَدري
125 إِنَّ كلامَ أَحمدَ لا يختلفْ - مع كلام اللهِ ذا قطعاً عُرِفْ
126 وما ذكرتُ لكَ أَنَّ الله - أَخبرَ أَنَّ كلَّ من قَدْ تاها
127 من مشركي العُرْبِ قَدْ أَقرا - بأَنَّه ربُّ الأَنامِ طُرّا
128 وأَن كفرَهم من التعلُّقِ - على الملائكِ وكلِ متَّقي
129 يرجونَ منهمُ الشفاعةَ كما - في يونسَ قد جاء نصّاً مُحْكَما
130 أَمرٌ جليٌّ مُحكمٌ وبيِّنُ - تغييرُكُمْ معناهُ ليسَ يمكِنُ
131 هذا جوابٌ متقنٌ سديدُ - يفهمهُ الموَفَّقُ الرشيدُ
132 لا تستهينَنْهُ فإِنَّه كما - قد قالَه في فصِّلَتْ ربُّ السما
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[05 - 01 - 06, 02:55 ص]ـ
(الجواب الثاني وفيه ثلاث شبه الشبهة الأولى)
133 أَما المفصَّلُ فإِن الأَعدا - ذوو اعتراضاتٍ تفوق العَدّا
134 فإِنْ يَقولوا نَحْنُ لَسنا نُشرِكُ - وأَحمدُ المختارُ ليسَ يملِكُ
135 لنفسِه فضلاً عن الجيلاني - نَفْعاً وَلاَ ضراً وَلاَ من شاني
136 لكنَّ الأوليا لَهُمْ جاهٌ عَظُم - وشفعاءُ هم لمن بِهم أَلمّ
137 وأَنا مذنبٌ فأدْعوهُم لِما - لَهُم من الجاهِ وقُرْبٍ يُنْتَمى
138 فقُلْ له مَنْ قاتلَ الرسولُ - كلٌّ مُقِرُّون بما تقولُ
139 وإِنَّ ما قد عَبَدوه من وَثَنْ - ليسَ لها التدبيرُ لا وَلاَ عننْ
140 وَإِنما قصدُهم الشَّفاعةْ - والجاهْ فارددْ هذه الشناعةْ
141 بما أَتى موضَّحَاً في المُنْزَلِ - وما بيونسَ وغيرها تُلِي
(الشبهة الثانية)
142 وإِنْ يَقُلْ قَدْ نَزَلتْ فيمن عبدْ - من هذه الأَصنامِ شيئاً وعندْ
143 أَتجعلونَ الصُّلَحا أَصناماً - بما مضى جاوِبْ تنلْ مُراما
144 إِذا أَقرَّ أَنَّ مَنْ قَدْ كَفرا - يشهدُ أَن الله ربَّ ذي الورى
145 أَنَّهم ليس لَهم قصدٌ سوى - شفاعةٍ والجاهِ يا لهم توى
146 لكن أَراد الفرقَ بين فعلِه - وفعلِهم بما أَتى من جهلِه
147 فَقُلْ له فإِنَّ منهم مَنْ عبدْ - أَهلَ الصلاحِ وإِليهم قد صَمَدْ
148 أُولئِكَ الذينَ يدعون أَتتْ - فيهم ومريمُ البتولُ عُبِدَتْ
149 مع ابنها المسيحِ عيسى فقصرْ - على الرسالةِ كما في الذِّكْرِ قَرْ
150 كلاهُما قد يأْكُلانِ ما حَضَرْ - من الطعامِ مثل حالِ البَشَرْ
151 واذكُرْ له براءةَ الأَملاكِ مِنْ - مَنْ عبدوه سبأَ اتلُ تَفْهمَنْ
152 فبانَ أَنَّ قاصدَ الأَصنامِ - في الشركِ مثلُ قاصدِ الأَعلامِ
153 وقاتَلَ الرسولُ هؤُلاءِ - وهؤُلاءِ لِذا على سواءِ
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[05 - 01 - 06, 03:53 ص]ـ
(الشبهة الثالثة وكشفها)
154 إِنْ يَقُلِ الكفارُ قَدْ أَرادوا - منهم قضا حوائجٍ فجادوا
155 وأَنا أَشهدُ بأَنَّ النفعا - والضرَّ من ربِ الأَنامِ قطعا
156 لا أَرتَجي من غيرهِ شيئاً وَلاَ - للصلحا مِنْ الأَمر شيئاً مسجلا
157 لكنَّني أَقصدُهم وأَرجو - من ربِنا أَن يشفعوا فأَنجو
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/485)
158 فقُلْ له هذا سواءٌ بسوا - مقالةُ الكفارِ عُبَّادُ الهوى
159 فاقرأْ عليه آي ما نعبدُهُم - إِلا وتَمِّمْ تعلمَنَّ كفرَهم
160 وهؤُلاءِ شفعاؤُنا تُلِي - في سورةٍ من الكتابِ المنزَلِ
161 واعلمْ بأَنَّ ذي الثلاثِ الشُّبَه - أَكبرُ ما عندَهمُ فانتبِهِ
162 إِذا علمتَ أَنَّه وضَّحَها - في آيةٍ ربي ونلتَ فهمَها
163 فكلُّ ما جا بعدَهُن أَيسرُ - جوابها لعالمٍ مُيَّسرُ
(فصل في ست شبه أخرى) (الأولى)
164 وإِنْ يقلْ إِني لستُ أَعبدُ - غيرَ الإِلهِ ثُمَّ ما قَدْ أَجدُ
165 مِنَ الْتِجاءٍ بي إِلى الصلاحِ - ليسَ عبادةً من المباحِ
166 فأَجِبِ أَنَّ الله حقّاً افترضْ - عليكَ إِخلاصَ العبادةِ وحضّ
167 وهو حقُّه عليكَ فأَبِنْ - معنى العبادةِ تكنْ ممَّنْ زُكِنْ
168 أَو لا فكيفَ تدَّعي ما لستَ - تعرفُه فبالخسارِ بؤْتا
169 إِذْ صرتَ لا تعرِفُها أدْهى ولا - أَنواعها فصرتَ رأْسَ الغُفَلا
170 بيانُها أَنَّ الدُّعا تضرُّعاً - وخُفيةً به الإِله قد دعا
171 فمن دعا تضرعاً وخُفيهْ - امتثلَ الأَمرَ بغيرِ مِرْيَهْ
172 وعَبَدَ الرَّحمنَ ثُمَّ إِنْ دعا - وليّاً أو سواه مثل ذا الدُّعا
173 فإِنَّه أَشركَ ذلك الوليّ - معْ ربِّهِ وذا هو الشركُ الجَلِيّ
(جواب ثان)
174 وَقُلْ له أَيضاً إِذا صليتَ - للهِ والنحرَ له أَتيتَ
175 أَلستَ قد عبدتَ ربكَ فلا - بُدَّ يقولُ إي وربِّي ذي العلا
176 ممتثلاً لأَمرِه في الكوثرِ - أَنزلَهُ الله على المُدَّثِرِ
177 فإِنْ نحرتَ لوليِّ أَو نبي - أَلستَ قَدْ أَشركتَ يا هذا الغبي
(جواب ثالث)
178 وَقُلْ له أَيضاً أُولئكَ الأُولى - فيهم كتابُ اللهِ حقّاً نُزِّلا
179 هل يعبدونَ اللاتَ والأَملاكا - والصُّلَحا لاَ بُدَّ حين ذاكا
180 مِنْ أَنْ يقولَ في جوابهِ نعمْ - فقُلْ له مُبَكِّتاً لما التزمْ
181 هل عبدوها بسوى الدعاءِ - والذبحِ والنحرِ والالتجاءِ
182 ونحوِها مع أَنَّهُم أَقرُّوا - أَنْ ليسَ ينفعُ ولا يضرُّ
183 ولا يُدبِّرُ الأُمورَ لاَ وَلاَ - يُحيي ولاَ يُميتُ إِلا ذو العُلا
184 لكنْ أَرادوه الجاهَ والشفاعة - كما فَعلتمُ يا ذوي الشناعةْ
185 وظاهرٌ هذا ظهوراً جداً - فافهمْه واجتنبْه تُدْرِكَ سعدَا
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[05 - 01 - 06, 05:14 ص]ـ
(شبهة رابعة وكشفها)
186 وإِنْ يَقُلْ هل تُنْكِرنْ شفاعةْ - نبيِّنا يومَ تقومُ الساعةْ
187 وتبرأَنْ منها فقل لاَ بَلْ أَنا - مثبتُها راجٍ لها بِلاَ عَنا
188 فكيفَ لا والشافعُ المشفَّع - هو و ذا عليه أَمرٌ مُجْمَعُ
189 لكنني أَطْلُبُها من ربِّي - إِذ هي مُلْكُه بغيرِ رَيْبِ
190 في الزمرِ اتلونَّ قُلْ للهِ - فلا تكنْ عَنْ تَلْوِها بساهِ
191 وهي لا تكونُ قطعاً إِلاَّ - من بعدِ إِذنِ اللهِ عزَّ جلاَّ
192 لقولِهِ ما مِنْ شفيعٍ إِلاَّ - من بعدِ إِذنه تعالى جَلاَّ
193 من ذا الذي يشفعُ عندَه أَتى - في سورةِ العوانِ أَيضاً مثبَتا
194 والشُّفعا لا يشفعونَ إِلاَّ - لِمَنْ أُنيلَ الإرتضاءَ الأعلى
195 ولا ينالُ الإِرتضاءَ الأَعلى - إِلاَّ امرؤٌ موحدٌ للمولى
196 في آل عمرانَ والأنبياءِ - والنجمِ خُذْ ذَيْنِ بِلاَ مراءِ
197 فحينَ بان أَنها للهِ جلّ - جميعُها ولا لغيرِه دخلْ
198 وبعد إِذنِه تكونُ للنَّبي - ومَنْ بِها بفضلِ ربِّهِ حُبِي
199 وليسَ يشفعُ النَّبيُّ في أَحدْ - إِلاَّ بإِذنِ اللهِ في ذاكَ الأَحدْ
200 وليسَ يأْذنُ الإِلهُ في سوى - من هوفي التوحيدِ قلبُه ارتوى
201 تَبَيَّنَ استبدادُ ربِّ الناسِ - بها جميعِها بِلاَ التباسِ
202 أَطْلُبُها منه أَقولُ ربِّ - هَبْ لي شفاعةَ النبيِّ الحِبِّ
203 لا تَحْرِمَنِّيها وفيَّ شَفِّعِ - نَبِيَّنا الموصوفَ بالمُشَفَّعِ
204 ونَحْوَها وليسَ ضِيْقٌ فيه - لكلِّ ما موحدٍ نبيهِ
205 وإِنْ يَقُلْ أُعْطِيَها وأَنا قَدْ - أَسأَلُه ممَّا أَنالَهُ الأَحدْ
206 يَقُلْ نَعم أُعطيها لكن مَنَعْ - سؤَالَها من غيرِهِ فلْتَرْتَدِعْ
207 أَيضاً فقد أُعْطِيَها غيرُ النَّبيّ - ممن بفضلِ ربِّهِ قد اجْتُبِي
208 مثلُ الملائكِ والاوليا فهل - تطلبُها من كلِّ صالحِ العملْ
209 وإِنْ تقلْ أَفعلُ صرتَ عابدا - للصُّلحاءِ للسعيرِ واردا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/486)
210 وإِنْ تَقُلْ لا فمقالُكَ بطلْ - أَطْلُبُ ما أُعطي لآخرِ الجدلْ
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[05 - 01 - 06, 07:49 ص]ـ
(شبهة خامسة)
211 وَإِنْ يَقْلُ حاشا وكلا أَن أُرى - أُشركُ بالرَّحمنِ أَو أَنْ أَكفرا
212 لكنَّ الالتجا إِلى الصلاح - ليسَ بشركٍ لا ولاجَناحِ
213 فَقُلْ فهل تَقِرُّ أَنَّ الشركَ قَدْ - حَرَّمَهُ عليك ربُّنا الصَّمَدْ
214 فوقَ الزِّنى وأَنَّهُ لا يغفرُ - فقررنْ أَحسنَ ما يقرَّرُ
215 فَبَيِّنِ الشركَ كمَنْ علَّمَهُ - فإِنَّ ربَّ العرشِ قَدْ عظَّمَهُ
216 فإِنَّه لَمْ يدرِ فأَعْجَبْ ولتقلْ - أَيَتَبَرَّى الشخصُ ممَّا قد جَهِلْ
217 وإِذ جَهلتَهُ فكيفَ لا تَسلْ - عما عليكَ حَرَّمَ الربُّ الأَجل
218 وهل تَظُنُّ أَنَّهُ حرَّمهُ - عليكَ نصّاً ثم ما أَفْهَمَهُ
(الشبهة السادسة)
219 و إِن يقولوا الشركُ شركُ مَنْ عبدَ - مِن هذه الأَصنامِ شيئاًُ وعَنَدْ
220 ونحنُ لا نعبدُها فَقُلْ وما - عبادةُ الأَصنامِ فسِّرْ تَفْهَما
221 فهَل يرونَ تلكَ الاَّ حِجارا - تجيرُ مَنْ بِها قَدِ استجارا
222 أَو أَنها تنفعُ أَو تضرُّ أَو - تُدَبِّرُ الأَمرَ لِمَنْ لها دَعَوا
223 وإِن تَظُنَّ بهم هذا فقد - يُكذِّبُ القرآنُ هذا المعتقدْ
224 أَو قَصْدَهم بنيةً أَو حجرا - أَو قبراً أو خشبةً أَو صوراً
225 يدعونَها ويذبحونَ عِندَها - تقرُّباً بذا لِمَنْ أَوجَدَها
226 بزعْمِهم كما أَتانا في الزُّمَرْ - بأَنَّ مَنْ يَقُلْ كهذا قَدْ كَفَرْ
227 صَدَقْتَ لكنْ قَدْ فعلتَ مثلَ ما - قد فَعَلوه فارتكبتُم مأْثَما
228 وأَنتَ قَدْ أَقررتَ أَنَّ فعلَكُم - عبادةُ الأَصنامِ قطعاً ويْلَكُمْ
229 فصرتُمُ مثلَهُم في الشركِ - والزيغِ من غيرِ مِرىً وشكِّ
230 يُقالُ أَيضاً قولُكَ الشركُ إلى - آخره بَيِّنْهُ لي وفَصِّلا
231 فهل ترى الشِّرْكَ عليها قد قُصِرْ - ودعوةُ الصَّلاحِ أَمرٌ مُغْتَفَرْ
232 ليستْ من الشركِ فهذا كَذَّبَه - كتابُ ربِّنا العظيم المَنْقَبَهْ
233 مبيناً لكفرِ مَنْ تعلَّقا - على الملائكِ وعيسى المُنْتَقَى
234 وغيرِهم مِنْ صُلَحا لابدَّ أنْ - يَقِرَّ أَنَّ ذا هو الشركُ العَلَنْ
235 وهو المرادُ ثم سِرُّ المسأَلةْ - أَنَّ المُشَتِّبه لدى المجادَلَةْ
236 يقولُ لستُ مشركاً بربِّي - فَقُل وما الشركُ إِذاً بالربِّ
237 فسِّرْه لي مُبيناً وإن يَقُلْ - عبادةُ الأَصنامِ من غير خَجَلْ
238 فَقُلْ وما عبادةُ الأَصنامِ - فسِّرْ يَبِنْ أَنْ لستَ بالإِمامِ
239 وإِنْ يَحُدْ وقالَ إِنَّني لا - أَعبدُ إِلا الله جلَّ وعلا
240 فقُلْ وما عبادةُ الرَّحمنِ - موحداً من غيرِ ما نُكرانِ
241 وإِنْ يفسِّرْها بما القرآنُ - فسَّرَها بهِ فنعمَ الشانُ
242 وِإْن يَكُنْ جاهلُها كبيرٌ يدَّعي - ما رأْسُهُ بعلمِهِ لمْ يُرْفَعِ
243 وإِنْ يفسِّرْها بغيرِ ما أَتى - في الذِّكْرِ بينتَ الذي قد ثَبَتا
244 بواضحاتِ الآيِ معنى الشركِ مع - عبادةِ الأَوثانِ حتى يَقْتَنِعْ
245 أَنَّ الذي يفعلُه أَهلُ الزمنْ - هذا بعينهِ هو الشركُ الفتنْ
246 وأَنَّه عبادةُ الله العلي - من غيرِ شركٍ باطنٍ أَو مُنْجلي
247 هي التي صاحوا بِها علينا - وأَنكروا ونَسَبوا إِلينا
248 من الأُمورِ ما هُمُ بهِ أَحقّ - إِذ يَعبدونَ غيرَ خالقِ الفَلَقْ
249 فاعلمْ إِذاً بأَنَّ شركَ مَنْ سَبقْ - أَخفُّ مِن إِشراك مَن قَدِ التحقْ
250 من أَهلِ وقتنا بأَمرين وما - قد جاءَ في القرآن ِنصُّ فاعلما
251 من أَنَّهم لا يُشركون إِلاَّ - في حالةِ الرخاءِ منهم جَهْلا
252 أَما إِذا رَكِبوا في الفُلْكِ - وأَشرفوا على مبادي الهُلْكِ
253 دَعَوا إِلهَ العرشِ مخلصينَ - له الدُّعا إِليهِ مقبلينَ
254 في سورة الإِسرا والأنعامِ الزمرْ - لقمانَ فانْظرْهُ بهذه السُّوَرْ
255 وكُلُّ مَنْ يَفهمُ هذي المسأَلةْ - إِذْ ذُكِرَتْ مُوضَحَةٌ مُفَصَّلَةْ
256 في الذكرِ وهي أَنَّ مَنْ قاتَلَهم - خيرُ الورى ثم استحلَّ ما لهم
257 يَدعونَ ربَّ العرشِ في الرخاءِ - كذاكَ غيرُه بلا مراءِ
258 أَما لدى الضراءِ والشدائدِ - فليسَ يَدعونَ سواء الواحدِ
259 سبحانَه إِليهِ راغبينَ - ومالهمُ من سادةٍ ناسينَ
260 بانَ له خفةُ شركِ مَنْ سَبَقْ - وقوةُ الشركِ الذي لِمَنْ لَحِقْ
261 لكنَّ مَنْ يَفهم هذي المسأَلةْ - بقلبهِ من هؤُلاءِ الجَهَلَةْ
262 والمستعانُ الله مَنْ به هُدِي - بفضلِهِ هو الذي قد يَهْتَدي
263 والأَولونَ إِنما يدعونَ - بجهلهم ناساً مقرَّبينَ
264 كالأَوليا والأَنبيا أَو الحجرْ - ليسَ له ذنبٌ و لا منه ضررْ
265 ومشركو زمانِنا يدعونَ - ناساً بفسقِهم يُخَبِّرونَ
266 كالتركِ للصلاةِ والسرقةِ - مع الزِّنى كذاكَ شربُ الخمرةِ
267 فبانَ أَنَّ مَنْ دعا وعبدا - أَحبابَ ربِّ العالمين السُّعَدا
268 أَو حجرٍليسَ له ذنبٌ ولا - ليسَ له علمٌ بما قَدْ فَعَلا
269 أَهونُ إِشراكاً من الذينا - يدعونَ فُسَّاقاً مُشَعوِذينا
270 يُقَدِّرونَ الخيرَ فيهم مع ما - قد شاهدوا من فِسْقِهِم ومن عمى
يتبع إن شاء الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/487)
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[07 - 01 - 06, 09:35 ص]ـ
(الشبهة العظيمة وأجوبتها)
271 إِذا عرفتَ أَنَّ مَنْ قاتلَهم - خيرُ الورى حتى استباحَ ما لهم
272 أَصحُّ عقلاً وأَخفُّ شركاً - من هؤُلاءِ المشركين النوكا
273 فاسمعْ لما يَلقُونَه من شبهةٍ - عظيمةٍ من عندِهم مشكلةٍ
274 على الذي لمْ يتأَملْ فيها - وَلَمْ يَكُنْ في نفسِهِ نَبيها
275 قالوا الذينَ نُزِّلَ القرآنُ - فيهم أُناسٌ دأْبُهم كفرانُ
276 لم يَشْهدوا أَنْ لا إِله إلاَّ - الله عزَّ ربُّنا وجَلاَّ
277 ويُنكرونَ البعثَ والقرآنُ - عَندَهُمُ سحرٌ أَو البُهْتانُ
278 ونحنُ لا إِله إِلاَّ الله - نَقولُها والكفرُ أَنكَرْناه
279 وأَنَّ أَحمدَ رسولُ اللهِ - والذِّكْرَ صَدَّقْنا بلا اشتباهِ
280 وبالصِّيامِ والصَّلاةِ نَعبُدُ - إِلهَنا وبَعْثَنا لا نَجْحَدُ
281 كيفَ تُسؤُّونا بِهؤُلاءِ - وحالُنا ليسَ على سواءِ
(الجواب الأول)
282 فقُلْ لهُم عندي لهذه الشُّبَهْ - أَجوبةٌ مُفحِمةٌ مُرتَّبةْ
283 أَولها الإِجماعُ أَنَّ مَنْ قَبِلَ - بعضَ الذي أَتى به خيرُ الرسلْ
284 وَرَدَّ بعضاً أَنَّه لمْ يَدخُلِ - في دينِ الإسلامِ الرضيِّ الأَفضلِ
285 بل هو كافرٌ كذا إِن آمنا - ببعضِ ما نَزَلَ ثُمَّتَ انثنى
286 جحداً عن البعضِ كذاكَ إِن أَقرّ - للهِ بالتوحيدِ ثم قد نَكَرْ
287 فرضَ الصلاةِ أَو أَقرَّ بهما - وقال حقُّ المالِ ليسَ مُلزما
288 أَو قَدْ أَقرَّ بالجميعِ وجحدْ - فريضةَ الحجِ إِلى بيتِ الصَّمَدْ
289 وحينَ لَمْ ينقدْ أُناسٌ في أَمد - نبيِّنا للحجِّ أَنزلَ الصمدْ
290 في آل عمرانَ من الآياتِ ما - فيه انزجارٌ مبصرٌ لذي العمى
291 ومن أَقرَّ بجميع ما ذُكِرْ - وَجَحَدَ البعثَ بإِجماعٍ كفرْ
292 وحلَّ منه الدمُ والمالُ كما - في سورة النساء جلَّ حَكَما
293 مُصَرِّحاً بأَنَّ كلَّ مَنْ أَقرّ - ببعضهِ وبعضُه منه نَفَرْ
294 فإِنَّه الكافرُ حقّاً فظهرْ - زوالُ ذي الشبهةِ حتى لا أَثرْ
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[07 - 01 - 06, 09:36 ص]ـ
(الجواب الثاني)
295 وقُلْ له أَيضاً إِذا كنتَ تُقِرّ - بأَنَّ مَنْ صَدَّقَ كلَّ ما ذُكِرْ
296 جميعَه وواحداً منه نَكَرَ - لا شكَّ أَنَّه بذاكَ قد كَفَرْ
297 إِذاً فتوحيدُ الإِلهِ أَعظَمُ - ممَّا أَتى به النَّبيُّ الأَعظمُ
298 من الصَّلاةِ والزكاةِ وسوى - هما كذا من كلِّ ما الشرعُ حوى
299 فكيفَ من جَحَدَ ممَّا قد ذُكِرْ - شيئاً بإِجماعِ الأَنامِ قَدْ كُفِرْ
300 ولو بكلِّ عملٍ قَدْ عَمِلا - جاءَ به خيرُ نبيِّ أْرْسِلا
301 ومَن لتوحيدِ الإِله قد جَحَدْ - ليسَ بكافرٍ ولا أَتى الفَنَدْ
302 سبحانَ ربي فما أَعجبَ ما - أَتاه أَهلُ الجهلِ أَربابُ العمى
(الجواب الثالث)
303 وقُلْ له أَيضاً فأَصحابُ النبي - قَدْ قاتلوا قومُ مُسيلمِ الغبي
304 مع كونهم قد أَسلموا مع النبي - صلى عليه الله مع كلِّ نبي
305 ويشهدونَ بالشهادتينِ - صَلُّوا وأَذنبوا بغيرِ مَيْنِ
306 وإِنْ يَقُلْ هم جعلوا مُسيلمهْ - مثلَ إِمامِ الحنفاءِ المسلمةْ
307 فقُلْ له هذا هو المطلوبُ - جوابُه مُستحضرٌ موهوبُ
308 إِن كانَ مَنْ رفع إِنساناً إِلى - مرتبةِ مَنْ للأَنامِ أُرْسِلا
309 يَكُفُرُ لا تنفعُهُ الصلاةُ - ولا الشهادتانِ والزَّكاةُ
310 ومالُهُ ودمُه حِلاًّ فما - حالةْ مَنْ لقدرِ جبارِ السَّما
311 والأَرضِ يَرَفَعُ نبيًّا أَو وَلي - أَو الصحابي الرفيع المنزلِ
312 سبحانَ ربي شأْنُه ما أَعظَمَهْ - على عُصاةِ أَمرِهِ ما أَحْلَمَهْ
313 فإِنَّه على قلوبِ الجُهَلا - يَطبعُ هذا في الكتابِ أنْزِلا
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[07 - 01 - 06, 09:38 ص]ـ
(الجواب الرابع)
314 وقُلْ لهمُ أَيضاً عليُّ أَحْرَقا - قَوماً غَلَوا فيه وما إِن أَشفقا
315 قَدْ صَحِبوه وتَعَلَّموا على - أَصحابِ خيرةِ الأَنامِ الفُضَلا
316 لكنَّهم يعتقدونَ في علي - مثلَ اعتقادِ بعضِكم في الجُهَّلِ
317 وغيره ممَّنْ تَسمَّى بالولي - في رأْي كلِّ جاهلٍ ومبطل
318 فأَجمَعَ الصَّحبُ على مقتلهِم - وكفرِهم وذا جزاءُ مثلهِم
319 أَتحسبونَ أَنَّ أَصحابَ النبي - يحرِّقونَ من بالإسلام حُبي
320 أَو الصَّحابةُ يُكَفِّرِون - قوماً أُولي الإِيمانِ مسلمينَ
321 أَم تَحسبونَ الإعتقادَ في عَلي - كُفْرٌ وفي مَنْ دونَه دينٌ جَلي
322 أَو الغلوُّ في عليٍّ كُفْرُ - وفي مشايخِ الطريقِ بِرُّ
(الجواب الخامس)
323 أَيضاً بنو عبيدٍ القداحِ - تملكوا المغربَ بالكفاحِ
324 ومصرَ في عهد بني العباسِ - يرون أَنَّهم أَتمُّ الناسِ
325 ديناً وإِسلاماً ويشهدونَ - شهادةَ الحقِّ ويجمَعونَ
326 لمَّا أَتوا جهلا أُموراً منكَرَةْ - تخالفُ الشريعةَ المُطهَّرَةْ
327 أَجمعَ أَهلُ العلم والعرفانِ - على قتالِهم بلا ثنيانِ
328 وأَنَّ قُطرَهم بلادُ حربِ - لغزوهِم قد قامَ كلُّ ندبِ
329 من مسلمي زمانِهم فاستخلصوا - تلكَ البلادَ إِذ لربي أَخلصوا
(الجواب السادس)
330 أَيضاً فقُلْ إِنْ كانَ مَنْ قد غبَروا - من مشركي العربِ لمْ يُكَفَّروا
331 إِلاَّ لكونِهم مُكَذبينَ - بالبعثِ والقرآنِ مُنكِرين
332 وَكَذَّبوا النبي فما الذي ذُكِرْ - في كلِّ مذهب وإِمامٍ مُعتَبر
333 بابُ ارتدادِ مسلمٍ بقولِ - يُخرِجُه عن دينهِ أَو فِعلِ
334 وذَكروا مِنْ ذاكَ أَنواعاً تُحِلّ - دَمَ امرئ إِذ في الكفورِ قَدْ دخلْ
335 وذكروا أَشيا يسيرةً على - قائِلها إِذ قالها مُغَفَّلا
336 أَو هازلاً أَو مازحاً ككلمةِ - يقولُها جهلاً بغير نيَّةِ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/488)
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[07 - 01 - 06, 09:41 ص]ـ
(الجواب السابع)
337 وقُلْ لهم أَيضاً أُولئك الأُولى - فَضَحَهم ربُّ السماواتِ العلى
338 إِذ قالَ يحلفونَ باللهِ إِلى - كلمةِ الكفرِ وما لهم تلا
339 أَما سمعتَ أَنَّه كفَّرهم - وهم معَ النبي وما أَعذرَهم
340 مع الجهادِ معه والصلاةِ - والحجِّ والتوحيدِ والزكاةِ
341 كذاكَ مَنْ أَنزلَ لا تعتذِروا - فيهم بمزحٍ وبهزلٍ كفروا
342 وهؤُلاءِ صرَّحَ الرَّحمنُ - بكفرِهم إِذ جابَه القرآنُ
343 من بعدِ إِيمانٍ وهم مع النبي - صلى عليه الله معْ كلِّ نبي
344 في غزوةٍ إِلى تبوكَ تُنسَبُ - فأَوجبوا بِكلمَةٍ ما أَوجبوا
345 تكلّموا بها لخوضٍ ولَعِبْ - بلا اكتراثٍ وهمُ ممَّنْ صَحِبْ
346 فانظُرْ إِلى شبهتِهم وانظرْ إِلى - جوابِها الموضِّح ما قد أَشكلا
347 تأَمَّلَنْهُ إِنَّه أَنفعُ ما - في هذه الأَوراقِ إِذ جَلا العما
(جواب آخر)
348 أَيضاً من الدليل ما الله ذَكَرْ - عن قومِ موسى مع علمٍ قد بَهَرْ
349 ومن علومٍ وصلاحٍ إِذ دَعَوا - موسى فقالوا اجعلْ لنا وما ارعووا
350 وقولُ ناسٍ من صحابةِ النبي - فذاتَ أَنواطٍ لنا اجعلْ يا نبي
351 فأَقسمَ النَّبيُّ أَن قولَهم - نظيرُ ما قالَ اليهودُ ويلهُمْ
352 لكنْ لأَهلِ الشركِ شبهةٌ بها - يُدْلونَ في قصتنا ذي انْتَبِها
353 قالوا فما كَفَّرَ موسى أَحداً - منهم ولا محمدٌ بل شدَّدا
354 قُلنا نعم لو فعلوا لَكُفِّروا - وإِذ همُ ما فَعلوا قد نُفِّروا
355 لكنَّ ذي القصةِ تُستفادُ - منها أُمورٌ عِلْمُها رشادُ
356 مِنْ ذاك أَنَّ المسلمَ العالمَ قد - يُشرك في أَقوالِه ولم يُرِدْ
357 فيتعلمُ إِذاً ويجتهدْ - ويتحرزُ من القولِ الفَنِدْ
358 وأَنَّ قولَ القائلِ التوحيدُ - كُلاًّ فهمناهُ لنا يُفيدُ
359 بأَنَّه في أَكبرِ الجهالةْ - وهو من الشيطانِ في حبالَةْ
360 وأَنَّ مَنْ فاهَ بما يؤُولُ - للكفرِ جاهلاً بِما يقولُ
361 ثُمَّتَ نُبِّهَ وفي الحال رَجَعْ - حالاً ففي الكُفورِ قَطْعاً لم يَقَعْ
362 لكنَّه تَلَفَّظَ الكلاما - عليه إِذ أَتى بما يُلاما
363 كَمِثْلِ ما قد قالَ عالمُ السننْ - مكبراً والله إِنّها السَّنَن
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[07 - 01 - 06, 09:45 ص]ـ
364 ذي شبهة أُخرى يَقولون النبي - صلى عليهِ الله مع كلِّ نبي
365 أَنكَرَ ما أَتى به أُسامَةْ - إِذ سَلَّ في غزوتِه حُسامَةْ
366 على الذي قتلَهُ يقولُ لا - إِلهَ إِلاَّ الله جلَّ وعلا
367 قالَ له موبخاً أَبعدَ ما - قَدْ قالَها قتلتَهُ مُتهما
368 قالَ أُمرتُ أَن أُقاتِلَ الورى - حتى يقولوا أَتْمِمَنَّ الأَثرا
369 كذاكَ قَدْ أَتتْ أَحاديثُ نهتْ - عن قتلِ من قَدْ قالَها وكثرتْ
370 هذا وقصدُ هؤُلاءِ الجُهَلا - أَنَّ الذي قد قالَها لن يُقتلا
371 ولا يُكَّفرُ ولو فعلَ ما - فعلَ قُلْ لهم فقطعاً عُلِما
372 أَنَّ الرسولَ قاتلَ اليهودَ معْ - قولِهِمُ بها وذا حقّاً وَقَعْ
373 وصحبُه بني حنيفةٍ رُموا - بالحربِ حتى رجعوا عمَّا ادعوا
374 وهُم إِلى الإِسلامِ يُنسَبونَ - وبالشهادتينِ يَنْطقونَ
375 وهم يقرون بأن من جحد - ركناً من الإسلام يقتل إذ
376 وحَرَّقَ الصَّهْرُ عليُّ قوما - بها يقولونَ وليسَ ظُلْما
377 و أَنكرَ البعثَ ولو كررَ لا - عند إِله إِلا الله جلَّ وعلا
378 فكيفَ لا تَنْفَعُهُ إِذا جَحَدْ - فرْعاً وتنفعُ إِذا التوحيدَ ردّ
379 وهو أَساسُ الدينِ والرأْسُ فلا - أَعجبُ مِنْ ذا الجهلِ عند العُقَلا
380 لكنَّ أَعداءَ الإِلهِ جَهِلوا - معنى الأَحاديثِ التي تأَوَّلوا
381 أَما أُسامةُ فإِنَّه قتلْ - من هو ظاهرٌ بالإِسلامِ اهْتَبَلْ
382 فظَنَّ أَنَّهُ لخوفٍ عن دمِهْ - ومالِهِ أَسلَمَ أَو عن حَرَمِهْ
383 فأَخطأَ الحُكمَ فإِنَّما يجبُ - كفُّ السنانِ عنه دَرْءاً للعَطَبْ
384 حتى يَبينُ منه ما يُخالِفُ - ما يدَّعي فهو بذاكَ تَلِفُ
385 فأَنزلَ الإِلهُ في ذلكَ ما - في سورةِ النساءِ جاءَ مُحْكَما
386 معاتباً وبالتبيُّنِ أَمَرْ - والكفِّ مع تثبُّتٍ بلا ضَرَرْ
387 وبعد هذه الثلاثِ إِنْ ظَهَرْ - خلافُ ما يقولُ فالدمُ هَدَرْ
388 لو كانَ مَنْ أَتى بها لا يُقْتَلُ - لم يَكُ للتَّثْبيتِ مَعْنى يُعْقَلُ
389 وهكذا كلُّ الأَحاديثِ التي - تَأْمُرُ بالكفِّ وبالتثبُّتِ
390 فمظهرُ التوحيدِ والإِسلامِ - يَجِبُ عنه الكفُّ بالتَّمام
391 إِلا إِذا بانَ به خِلافُ ما - أَظهَره فالسيفُ خُذْه حَكَما
392 دليلُنا أَنَّ رسولَ اللهِ قد - عاتبَ من لِقَتْلِ ذا الشخصِ عَمَدْ
393 وهو الذي قالَ أُمرتُ أَنْ إِلى - آخرِ ما قد قَالَهُ خيرُ المَلا
394 هو الذي قد قالَ في الخوارجِ - قولاً يُسيءُ وجْهَ كلّ خارجي
395 معمِّماً في قتلِهِم بأَينما - مشبِّهًا لهم بعادِ اللُّؤَما
396 معْ أَنهم من أَكثرِ الخلائقِ - هيلَلَةً وطاعةً للخالقِ
397 واحتقرَ الصحبُ نفوسَهم لِما - يأْتُونَهُ منِ اجتهادٍ عَظُما
398 تَعَلَّموا العِلْمَ من الصَّحابةِ - ما نَفَعَتْهُم كثرةُ العبادةِ
399 وقولُ لا إِله إِلاَّ الله - محمداً أَرْسَلَهُ الإِلهُ
400 ولا ادِّعا الإِسلام لمَّا أَنْ ظهرْ - منهم خلافُ شرعِنا الأَعلى الأَغَرّ
401 كذا قتالُه اليهودَ اللُّؤَما - كذا بنو حنيفةٍ أَهلُ العَما
402 وهمُّه يغزو بني المصطلقِ - لخبرٍ أَتاهُ غيرِ حقِّ
403 بمنعِهم زكاتِهم فنزلا - في الحجراتِ ما أَتى مُرَتَّلا
404 فبانَ أَنَّ مقصِدَ النَّبيِّ في - كلِّ حديثٍ ماذكرنا فاقْتَفِ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/489)
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[07 - 01 - 06, 09:50 ص]ـ
(شبهة أخرى)
405 وشبهةٌ أُخرى لَهُمْ ما ذَكَرا - مُبَيِّنا محمدٌ خيرُ الوَرَى
406 من استغاثةِ الورى بالأَنْبيا - وفي الصحيحِ ذا الحديثُ رُوِيا
407 قالوا وهذا أَوضحُ الدليلِ - مِنْ عِند كلِّ منصفٍ نبيلِ
408 على جوازِ الإستغاثةِ بِمَنْ - يُرْجى لَدَيْهِ الغَوْثَ في كلِّ الزَّمَنْ
409 نقولُ سبحانَ الإِلهِ إِذ طَبَعْ - على قُلَيْبِ كلِّ معتدٍ لُكَعْ
410 نَعم جوازُها بمخلوقٍ بما - عليه يَقْدِرُ لَدَيْنا عُلِما
411 قال تعالى فاسْتَغاثَه الذي - لا غَرْوَ ذا الذي عليه نَحْتَذي
412 وَيستغيثُ الشخصُ بالإِخوان - في الحربِ والرفعِ وفي الحِمْلانِ
413 في كلِّ ما المخلوقُ عنه يَقدِرُ - والإستغاثةُ التي قد تُنْكَرُ
414 هي استغاثةُ العبادةِ التي - فعلتُمُ عندَ قبورِ الجِلَّةِ
415 من أَولياءٍ ودُعا الغِيَّابِ - في غفلةٍ عن مالِكِ الأَربابِ
416 في كلِّ ما لا يقدِرُ المخلوقُ - عليه من أَمرٍ ولا يُطيقُ
417 فالإستغاثَةُ إِذاً بالأَنبيا - يومَ القيامةِ كَما قدْ رُوِيا
418 إِرادةٌ منهم دعاءَ اللهِ - لِما لهم من عندِهِ من جاهِ
419 لأَنْ يُحاسِبَ الورى فتُوزنُ - أَعمالُهُم فيستريحُ المؤْمِنُ
420 مِنْ كَرْبِ ذاك المَوْقِفِ العظيمِ - وطولِهِ وهَوْلِهِ العميمِ
421 نُخبرها دنيا وأُخرى مثل مَنْ - يقول يا أَخي النُهى ادعون
422 بالخيرِ وهو سامعٌ كلامَهُ - وجالسٌ في الجَنْبِ أَو أَمامَهُ
423 كفعلِ أَصحابِ رسولِ اللهِ - إِذْ يَسْأَلونَه دعاءَ اللهِ
424 لهم بخيرٍ في حياتِهِ وفي - مماتِهِ فذاك عنه مُنْتَفِ
425 حاشا وكَلاَّ أَنَّ شخصاً سأَلَهْ - من بعدِ موتِهِ بأَدنى مسأَلَةْ
426 بل أَنْكَرَ الأَسلافُ قَصْدَ قبرِهِ - مِنْ عندِهِ يدعو لأَيِّ أَمرِهِ
427 فكيفَ مَنْ يَدْعو النبي بنفسِهِ - فهوَ أَذَلُّ وأَخسُّ جنسِهِ
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[07 - 01 - 06, 09:55 ص]ـ
(شبهة عرض جبريل على إبراهيم بـ" ألك حاجة ")
428 وشبهةٌ أُخرى لهم عرضُ المَلَكْ - جبريلَ في الهواءِ قائلاً أَلَكْ
429 من حاجةٍ لإِبْراهيمَ إِذْ نُظِمْ - في المَنْجنيقِ لِجَحيمٍ مُصْطَلِمْ
430 قالوا لِذا فالإسْتَعانَةُ نَرَى - جوازَها لعرضِ خيرِ السُّفَرا
431 قَبولَها على الخليلِ فَثَبَتْ - أَن لا تُرى حُرْمًا ولا شِركاً يُبَتّ
432 جوابُ هذي كجوابِ الأُولى - فإِنَّ روحَ القُدسِ جبرائيلا
433 لا شكَّ قادِرٌ على أَنْ يَنْفَعَهْ - إِما بِطَفْءِ النارِ أَو أَنْ يَرْفَعَهْ
434 إِلى السَّما أَو بِتَغَيُّبٍ إِذا - أَمَرَهُ من عنه دافعَ
435 إِذ وضَعَه بمكنةٍ وقوةٍ - أَتى كتاباً وكذا بمرة
436 مثالُهُ كرَجُلٍ غَنِيِّ - مَرَّ بشخصٍ ذا عَنا وَعِيِّ
437 قالَ لهُ هلْ لكَ مِنْ أَنْ أَهَبَكْ - شيئاً من المالِ لتقضي أَرَبَكْ
438 فيُعرِضُ الفقيرُ عن عَطاهُ - مُرْتَجِيَ العطاءِ مِن مَوْلاه
439 لا منةً لأَحدٍ فيها ولا - إِذاً فهذا نِعمَ ما قَدْ فعلا
(خاتمة مهمة تفهم مما قبلها)
440 وَلْنَخْتِمَنْ كلامَنا بمسأَلةْ - مهمةٍ أَعْظِمْ بهذي المسأَلةْ
441 تُفْهَمُ ممَّا قَدْ مَضى ونُفْرِدُ - لَها الكلامَ إِذا بِهِ تُحَدَّدُ
442 لِكَثْرةِ الغَلَطِ فيها وكِبَرْ - شؤُونها وعُظْمِها مع الضَّرَرْ
443 فلا خلافَ أَنَّ توحيدَ العليّ - لا بُدَّ منْ تحقيقِهِ بالعملِ
444 بالقلبِ واللِّسانِ والأَعمالِ - فكلُّ مَنْ عُرِفَ بالإِخلالِ
445 بواحدٍ منها ففي الإِسلامِ لمْ - يَدْخُلْ وفي ضلالةٍ قطعاً أَلَمّ
446 منْ عَرَفَ التوحيدَ ثم ما عَمَلْ - بهِ فكافرٌ كَفِرْعَوْنَ الأَذلّ
447 وفيه يغلطُ كثيرٌ إِذ يُقِرّ - بأَنَّ ذا جميعَهُ حقُّ وبِرّ
448 ونحنُ نفهمُ ونشهدُ بذا - لكِنَّما استعمالُهُ قد نُبِذا
449 إِذ لا يجوزُ عند أَهلِ أَرْضِنا - إِلاَّ الذي بِوَفْقِهِم قدِ اعْتَنى
450 وغير ذلكُمْ من الأَعذارِ - والحالُ أَنَّ قادةَ الكفَّارِ
451 قد يعرِفونَ الحقَّ لكنْ أَنكروا - لِعُذرٍ أو لِغَرضٍ فَكَفَروا
452 وفي العَوانِ يعرِفونَه كما - وفي براءةِ اشْتَرَوْا فَتَمِّما
453 فإِنْ بتوحيدِ الإِلهِ عَمِلا - جهراً وفي قُلَيْبِهِ منه خلا
454 فهوْ منافقٌ وممَّنْ قد كَفَرْ - هو أَشرُّ ومآلُهُ سَقَرْ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/490)
455 إِنَّ المنافقينَ في الدَّرْك إِلى - آخرِه فتَتْلُوَنَّ المُنْزَلا
456 وهذه مسأَلةٌ طويلةٌ - لكنَّها مهمَّةٌ جليلةٌ
457 تَبينُ إِنْ تُؤُمِّلَتْ في أَلْسُنِ - أَكثرِ هذا الناسِ في ذا الزَّمَنِ
458 إِذ منهمُ من يعرفُ الحقَّ ولا - يأَتي بمقتضاهُ أَعْني العَمَلا
459 لخوفِ نقصِ الجاهِ أَو دنياهُ أَو - قصدِ مداراةِ الذينَ قَدْ عَصَوْا
460 وبعضُهم يعملُ ظاهراً وَلا - يَعْمَلُ باطِناً وبئسَ عَمَلا
461 لكِنْ عليكَ فَهْمُ آيتينِ منْ - كتابِ ربِّنا لكَ الأَمرُ يَبِنْ
462 إِذ قالَ لا تَعْتَذروا فَحَكَما - بكفرِهِمْ من بعدِ إِيمانٍ سَمَا
463 إِذا عَرَفْتَ أَنَّ بعضَ مَنْ غَزَوْا - معَ النَّبيِّ الرُّومَ ثمَّ قَدْ أَتَوْا
464 بكِلمةٍ قالوا على وجهِ اللَّعِبْ - فكُفِّروا ونالَهُم أَدْهى العَطَبْ
465 يَبينُ أَنَّ مَنْ بكفرٍ نَطَقا - ومن بِهِ عَمِلَ ممَّا عَلِقا
466 في قلبِهِ من خوفِ نَقْصِ مالِهِ - أَو أَجْلِ جاهٍ خافَ مِن زوالِهِ
467 أَو لمداراةِ الأَنامِ أَعْظَمُ - مِنَ الأُلَى بِكلمةٍ تكلَّموا
468 إِرادةَ المزح ِبها والثانيةْ - في سورةِ النحل بحقِّ آتيهْ
469 فقالَ مَنْ كَفَرَ باللهِ إِلى - آخرِه فَلْتَقْرَأَنْ مُرَتِّلا
470 تفهمْ بأَنَّ مَنْ كَفَرَ باللهِ ما إِنْ أَعْذَرا - في النُّطْقِ بالكفرِ سوى مَنْ أُجْبِرا
471 إِن كانَ قلبُه بالإيمانِ اطْمَأَنّ - وغيرُ ذا ففي الكفورِ قَدْ أُبِنْ
472 من بعدِ إِيمانٍ سواءٌ فَعَلا - خوفاً على مالٍ كفِعْلِ الجُهَلا
473 لمزحٍ أَو حبِّ العشيرةِ وما - لِشُبْهِ هذه الأُمور يُنْتَمَى
474 وآيةُ النحلِ بوَجْهَيْنِ تدُلّ - على جميعِ ما ذَكَرْتُ فالأُولّ
475 من قولِه إِلاَّ مَن أكْرِهَ فَلَمْ - يَسْتَثَنْ ِغيرَ مُكْرَهٍ إِذ قَدْ عُلِمْ
476 بأَنَّما الإِكراهُ في الأَفعالِ - يصحُّ والنُّطقِ بلا إِشكالِ
477 أَمَّا الذي في القلبِ مِنْ عقدٍ فلا - يصحُّ فيه بإِتَّفاقِ العُقَلا
478 والثانِ قَولُه تعالى ذلِكا - بأَنَّهم فاقْرا بما هنالكا
479 تَعْلَمْ بأَنَّ الكفرَ والعذابَ لمْ - يَكُنْ بالإعتقادِ مع جَهْلٍ أَلَمّ
480 والبُغضِ للدينِ وحُبِّ الكفرِ - نَعوذُ بالرَّحمنِ مِنْ ذا الخُسْرِ
481 وإِنَّما السببُ فيه أَنَّ لَهْ - خَسيسُ حَظِّ في الدُّنا المُعَجَّلَةْ
482 فهو على الدينِ الحنيفِ آثَرَهْ - فَصار ممَّنْ يَذَرونَ الآخِرَةْ
483 نعوذُ باللهِ منَ الخِذلانِ - ومِن قطيعةٍ ومِنْ كُفْرانِ
484 اللهُ جلَّ وتعالى أَعلمُ - وهو أَعزُّ مَنْ حَمَى وأَكْرَمُ
485 وصَلِّ يا ربِّ على محمدِ - وآلِهِ والصَّحْبِ طولَ الأَبدِ
انتهت المنظومة بحمد الله تعالى ويليهاتحفة الطحاوي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=384794)
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد
الأبيات على ملف وورد
ـ[أبو مبرك الأثري]ــــــــ[21 - 01 - 06, 03:44 م]ـ
هل الأبيات مطبوعه؟؟؟
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[21 - 01 - 06, 11:57 م]ـ
مطبوع ضمن كتاب مجموع الأبيات والمنظومات لتقريب المحفوظات
ـ[أبو جرير بن عبد الله]ــــــــ[27 - 01 - 06, 01:59 م]ـ
وفقك الله أخي الكريم و بارك فيك
جهد عظيم أسأل الله تعالى أن يتقبل منكم صالح الاعمال
دمت طيبا
ـ[أبو فالح عبدالله]ــــــــ[31 - 01 - 06, 02:50 ص]ـ
سلفيَّةُ العلامةِ الطيِّبِ الأنصاريِّ بشهادةِ مُعاصِرِيهِ
قال الشيخ تقيُّ الدين الهلالي - رحمه الله تعالى – في كتابه (الدعوة إلى الله) ص213: (تقدم أن المدرسين كانوا يحيدون عن بيان الحق في مسائل التوحيد، وكانوا يتعصبون لمذاهبهم كل التعصب،و كان الشيخ الطيِّب – رحمة الله عليه - حين جئنا إلى المدينة أنا و رفيقي محمد بن عبد الرزاق المصريُّ مولداً و نشأةً السعوديُّ مستوطناً و داراً (نسأل اللهَ له الشفاء)، كان الشيخ الطيب متمسكاً بالطريقة القادرية و بعقيدة المتأخِّرين
من الأشعرية و متعصباً للمذهب المالكي.
و كان لا يطيل الجلوس معنا، و لكنه كان يبعث إلينا تلميذَهُ الشيخ عبدالله بن محمود، و كان في ذلك الوقت شاباً لم تستدر لحيتهُ، و كان يأتينا
كلَّ يومٍ بمسائل يلقيها علينا فنجيبه عنها فيحمل الجواب إلى أستاذه، و مضى على ذلك مدةً تقارب ستة أشهر!.
و عند ذلك جاءنا الشيخ الطيّب، و قال لنا: " إنني فكّرتُ في أجوبتكما فوجدتُ أن ما تدعون إليه هو الحقُّ، و أشهِدُكما أنَّي تركتُ كل ما
كنت عليه من طريقةٍ و عقيدةٍ أشعريةٍ و تعصّبٍ للمذهب "، ففرحنا بذلك فرحاً عظيماً.
و كان المدرّسون يأخذون ستة دنانير ذهباً أو يعادلها بسعر الوقت؛ أريلة فضيّة، و كنَّا نأخذ عشرة دنانير لكل واحدٍ منا، فكتبنا إلى ولاة الأمر
رحمهم الله و قلنا لهم: " إنَّ الشيخ الطيِّب الأنصاري التنبكتي ترك ما كان عليه و رجع إلى عقيدة السلف، فنرجو أن يعطى راتباً كرواتبنا "، فجاء الجواب: بالموافقة.
و قد نسيتُ الآن هل كتبنا للملك عبد العزيز نفسه أو لمن دونه؟!
و صار يأخذ عشرة دنانير ذهباً، وكانت المعيشة في المدينة رخيصةً، تكفي أهل البيت بعيالهم و ضيوفهم ثلاثةُ دنانير في الشهر يعيشون بها عيشةً راضيةً.
و ثبت الشيخُ الطيبُ على العقيدة السلفية إلى أن جاءه الأجل، فرحمه الله رحمة واسعة.
و قد أخبرني بعض الإخوان أنه اختصر تفسير ابن جرير و أنَّ اختصاره هذا موجودٌ، فنسأل الله أن يوفِّق أهل الفضل و الإحسان و في مقدّمتهم
إمامهم فيصل لطبعِ هذا الكتاب.) اهـ كلام العلّامة الهلالي (رحمه الله تعالى).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/491)
ـ[دار ابن عمر]ــــــــ[04 - 02 - 06, 12:01 ص]ـ
يا أخى جزاك الله خير الجزاء أسأل الله أن يرضيك يرزقنا وإياك الجنة
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[25 - 03 - 06, 11:49 م]ـ
يا أخى جزاك الله خير الجزاء أسأل الله أن يرضيك يرزقنا وإياك الجنة
آمين وإياكم
أبو فالح عبدالله أشكر لك إضافتك القيمة
الأخ أبو جرير بارك الله فيك
ـ[أبو فالح عبدالله]ــــــــ[26 - 03 - 06, 12:52 ص]ـ
بل الشكر الجزيل لك يا أبا مهند ...
و بارك الله فيك و نفعك بما تصنع.
ـ[المخلافي]ــــــــ[26 - 03 - 06, 08:56 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[د ـ عبدالله التويجري]ــــــــ[08 - 04 - 06, 10:47 م]ـ
جزاك الله خير على نشر هذه الأبيات وجعله في موازين حسناتكم
ـ[حسام الدين الكيلاني]ــــــــ[10 - 04 - 06, 05:14 ص]ـ
جزاك الله كل خير ....
ـ[ابن الحسيني]ــــــــ[14 - 04 - 06, 11:09 م]ـ
جزاكم الله كل خير
ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[06 - 09 - 06, 04:05 م]ـ
جزاكم الله خير
ـ[بن حمد آل سيف]ــــــــ[06 - 09 - 06, 04:10 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[24 - 11 - 06, 06:28 ص]ـ
جزاكم الله خيراً جميعاً(32/492)
مئة وثلاثون سؤال في العقيدة والمنهج
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[05 - 01 - 06, 12:53 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
موسوعة هَلْ يَسْتَوِي الّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ
العقيدة والمنهج
اعلم يرعاك الله أن:جميع ما في هذه الموسوعة قد ورد معه الدليل أما من كتاب الله عز وجل أو من السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , فجميع الأحاديث إما من صحيح البخاري , أو صحيح مسلم , أو ما صححه شيخ الأسلام العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله.
واعلم حفظك الله من كل مكروه أن: ما كان من الخطأ في هذه الموسوعة فمني ومن الشيطان , وما فيها من الصواب فمن الله وحده , فالخير أردت وخدمة الدين قصدت , وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنبت , (رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ) إبراهيم38, (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَاب) إبراهيم40 - 41.
الدرس الأول التوحيد
س 1 - ما أول ما فرض علي الإنسان؟
اعلم حفظك الله أن: أول ما فرض الله علينا الكفر بالطاغوت والإيمان بالله، قال الله تعالى (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدّينِ قَد تّبَيّنَ الرّشْدُ مِنَ الْغَيّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة256.
س2 - ما التوحيد وما هي أنواعه؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن: التوحيد هو إفرادُ الله بالخلق والتدبير، وإخلاصُ العبادة له، وترك عبادة ما سواه، وإثبات ما لَهُ من الأسماء الحسنى، والصفات العلى، وتنزيهه عن النقص والعيب؛ فهو بهذا التعريف يشملُ أنواع التوحيد الثلاثة , توحيد الربوبية , وتوحيد الألوهية , وتوحيد الأسماء والصفات , وقد اجتمعت أنواع التوحيد الثلاثة في قوله سبحانه و تعالى (رّبّ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً) مريم65.
س3 - عرف توحيد الربوبية؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن: توحيد الربوبية هو إفرادُ الله تعالى بأفعاله؛ بأن يُعتقَدَ أنه وحده الخالق لجميع المخلوقات (اللّهُ خَالِقُ كُلّ شَيْءٍ) الزمر62 , وأنه الرازق لجميع الدواب والآدميين وغيرهم (وَمَا مِن دَآبّةٍ فِي الأرْضِ إِلاّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا) هود6 , وأنه مالكُ الملك، والمدبرُ لشئون العالم كله؛ يُولِّي ويعزل، ويُعزُّ ويُذل، قادرٌ على كل شيء، يُصَرِّفُ الليل والنهار، ويُحيي ويُميت.
س4 - هل الكفّار الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقِرُّون بتوحيد الربوبية؟
اعلم يرعاك الله أن: الكفّار الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقِرُّون بأنّ الله تعالى هو الخالِق المدبِّر، وأنّ ذلك لم يُدْخِلْهم في الإسلام، والدليل: قوله تعالى (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ) يونس31.
س5 - عرف توحيد الألوهية؟
اعلم وفقني الله وإياك أن: توحيد الألوهية هو إفراد الله عز وجل بالعبادة , قال تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) الذاريات56، ويقال له توحيد العبادة؛ فباعتبار إضافته إلى الله يسمى توحيد الألوهية، وباعتبار إضافته إلى الخلق يسمى توحيد العبادة.
س6 - ما هي العلاقة بين توحيد الإلهية وتوحيد الربوبية والعكس؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/493)
اعلم فقهك الله تعالى أن:توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية , وتوحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية , بمعني أنه من أقر بتوحيد الربوبية وجب عليه الإقرار بتوحيد الألوهية , فمن عرف أن الله ربه وخالقه ومدبر أموره , وجب عليه أن يعبده وحده لا شريك له , ومن أقر بتوحيد الألوهية دخل ضمنه توحيد الربوبية , فمن عبد الرب فلا بد أن يكون قد اعتقد أنه هو ربه وخالقه كما قال تعالى مخبراً عن إبراهيم عليه السلام (فَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّين) الشعراء75 - 82.
س7 - بما يعرف توحيد الأسماء والصفات؟
اعلم يرعاك الله أن: توحيد الأسماء والصفات هو إفراد الله عز وجل بما له من الأسماء والصفات , وذلك بأن نثبت لله عز وجل جميع أسمائه وصفاته التي أثبتها لنفسه في كتابه أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تأويل ولا تعطيل ومن غير تشبيه و لا تكييف و لا تمثيل , (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السّمِيعُ الْبَصِيرُ) الشورى11 , فالمقصود بالتحريف هو العدول بالنصوص الصحيحة إلى معاني باطلة وأما التأويل فهو صرف اللفظ عن معناه الراجح الى معنى مرجوح لقرينة صارفة من المعنى الراجح الى المعنى المرجوح كتأويل اليد بالنعمة أو القدرة ونحو ذلك , وهذا ما يسمى بالتأويل المذموم والتعطيل هو إنكار ما يجب لله من أسمائه وصفاته أو إنكار بعضه والتشبيه وهو أن يقال إن صفات الله مثل صفات خلقه , كأن يقال له يد كأيدينا والتكييف هو تعيين كيفية صفات الله والهيئة التي تكون عليها.
س8 - ما حق الله علي العباد وحق العباد علي الله؟
اعلم رحمك الله تعالى أن: حق الله جل وعلا على العباد؛ هو توحيده سبحانه وتعالى، والإخلاص له وإسلام الوجه له سبحانه بلا شريك ولا نِدّ ولا ظهير والله جل جلاله إنما عَمَر السموات وخلقها، وعَمَر الأرض وخلقها، ليوحّد سبحانه،، قال الله تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنيُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) الذاريات56 - 58 , ومعنى يعبدون أي يوحدون , وحق العباد على الله إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ , عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا عَلَى حِمَارٍ فَقَالَ: (يَا مُعَاذُ هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَحَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ) صححه الألباني.
الدرس الثاني الإسلام
س1 - ما هو تعريف الإسلام؟
اعلم يرعاك الله أن: الإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله، قال تعالى (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ) آل عمران19، و قال جل وعلا (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) آل عمران85، و قال تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً) المائدة3.
س2 - ما هي أركان الإسلام؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/494)
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن: أركان الإسلام خمس وهي شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ وحج البيت , قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ) متفق عليه.
س3 - ما معنى لا إله إلا الله؟
اعلم سددك الله إلى هداه أن: معنى شهادة أن لا إله إلا الله الاعتقاد والإقرار، بأنه لا معبودَ بحقٍّ إلا الله ومن هذا التعريف يتضح أن للشهادة ركنان , نفي و إثبات أما النفي فمأخوذ من " لا إله" , فـ" لا إله" تنفى جميع ما يعبد من دون الله على اختلاف أصناف المعبودات , وأما الإثبات فمأخوذ من "إلا الله", فـ"إلا الله" تثبت العبادة لله وحده دون سواه , قال تعالى (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة256.
س4 - هل يصح تفسير كلمة التوحيد " لا إله إلاّ الله " بأنه لا خالق إلا الله ولا قادر على الاختراع إلا الله؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن: تفسير كلمة التوحيد " لا إله إلاّ الله " بأنه لا خالق إلا الله ولا قادر على الاختراع إلا هو، تفسير قاصر ومخالف لما جاء في الكتاب والسنة، يوضح ذلك أن الله أخبرنا بأن كفار قريش مقرّون بأنه هو الخالق الرازق المدبر كما قال تعالى (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) لقمان 25، فلو كان هذا معنى كلمة التوحيد لكانوا مؤمنين ولما جعلوها شيئاً عجاباً كما قال تعالى عنهم (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) ص5، فإذاً يكون معناها لا معبود حق إلا الله سبحانه وتعالى، وإفراد الله بالعبادة هو الذي أنكره كفار قريش وهو الشيء الذي جعلوه عجباً فيكون هو معناها.
س5 - ما شروط لا إله إلا الله؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن: شروط لا إله إلا الله سبع , أولها العلم وهو أن تعلم بمعناها المراد منها وما تنفيه وما تُثبته، المنافي للجهل بذلك، قال تعالى (فَاعْلَمْ أَنّهُ لاَ إِلََهَ إِلا اللّهُ) محمد19 , و قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ) مسلم , وثانيها اليقين وذلك بأن يكون قائلها مستيقنًا بما تدلّ عليه؛ فإن كان شاكًّا لم تنفعه , قال الله سبحانه وتعالى (إِنّمَا الْمُؤْمِنُونَ الّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمّ لَمْ يَرْتَابُواْ) الحجرات15 , وثالثها القبول لما اقتضته هذه الكلمة من عبادة الله وحده، وترك عبادة ما سواه؛ فمن قالها ولم يقبل ذلك ولم يلتزم به كان من الذين قال الله فيهم: (إِنّهُمْ كَانُوَاْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلََهَ إِلاّ اللّهُ يَسْتَكْبِرُون) الصافات35 , ورابعها الإنقياد لما دلت عليه، قال تعالى (وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ) لقمان 22 , والعروة الوثقى هي لا إله إلا الله؛ ومعنى يسلم وجهه: أي ينقاد لله بالإخلاص له , وخامسها الصدق: وذلك بأن يقولَ هذه الكلمة مصدقًا بها قلبُه، فإن قالَها بلسانه ولم يصدق بها قلبُه؛ كان منافقًا كاذبًا، قال تعالى (وَمِنَ النّاسِ مَن يَقُولُ آمَنّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الاَخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ) إلى قوله (فِي قُلُوبِهِم مّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُون) البقرة10 , وسادسها الإخلاصُ وهو تصفيةُ العمل من جميع شوائب الشرك؛ بأن لا يقصد بقولها طمعًا في الدنيا، ولا رياء ولا سمعة , قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/495)
إِلَيْهِ) متفق عليه , وسابعها المحبة لهذه الكلمة، ولما تدل عليه، ولأهلها العاملين بمقتضاها , فأهل لا إله إلا الله يحبون الله حبًّا خالصًا وأهل الشرك يحبونه ويحبون معه غيره , وقال سبحانه و تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ) البقرة165.
س6 - ما معنى شهادة أن محمدًا رسول الله؟
اعلم رحمك الله تعالى أن: معنى شهادة أن محمدًا رسول الله هو الإقرار باللسان والإيمان بالقلب بأن محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي رسول الله عز وجل إلى جميع الخلق من الجن والإنس , قال تعالى (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) الأعراف158 , وأن لا يعبد الله تعالى إلا عن طريق الوحي الذي جاء به صلى الله عليه وسلم قال تعالى (قُل لاّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلآ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلآ أَقُولُ لَكُمْ إِنّي مَلَكٌ إِنْ أَتّبِعُ إِلاّ مَا يُوحَىَ إِلَيّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأعْمَىَ وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكّرُونَ) الأنعام50, وأن يصدق فيما أخبر، يمتثل أمره فيما أمر، وأن يجتنب ما عنه نهى وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع , قال تعالى (وَمَآ آتَاكُمُ الرّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ) الحشر7 , وأن لا يعتقد أن له حقاً في الربوبية وتصريف الكون، أو حقاً في العبادة، بل هو صلى الله عليه وسلم عبدا لا يعبد ورسولا لا يكذب، لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئاً من النفع أو الضر إلا ما شاء الله , قال تعالى (قُل لاّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاّ مَا شَآءَ اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسّنِيَ السّوَءُ إِنْ أَنَاْ إِلاّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) الأعراف188، وأنه صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل , قال تعالى (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) الأحزاب 40.
س7 - ما هي نوا قض الشهادتين؟
اعلم حفظك الله من كل مكروه أن: نوا قض الشهادتين عشرة , أولها الشرك في عبادة الله , وذلك بأن تجعل لله شريكا في عبادة كالذبح للأضرحة أو الذبح للجن , قال الله تعالى (إِنّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَىَ إِثْماً عَظِيماً) النساء 48 , وقال تعالى (إِنّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنّةَ وَمَأْوَاهُ النّارُ وَمَا لِلظّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) المائدة 72 , وثانيها من جعل بينَهُ وبينَ الله وسائط , بأن يدعوهم أو يسألهم الشفاعة أو يتوكل عليهم؛ فإنه يكفر إجماعًا , قال تعالى (وَالّذِينَ اتّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرّبُونَآ إِلَى اللّهِ زُلْفَىَ) الزمر 3 , والله تعالى كفرهم وكذبهم بهذا القول (إِنّ اللّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنّ اللّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفّار ٌ) الزمر3 , فهم كَذَبَة في هذا القول , وهم كفار بهذا العمل قال سبحانه وتعالى (وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هََؤُلآءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ) يونس 18 , فمن جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم أو يذبح لهم أو ينذر لهم أو يتوكل عليهم فإنه كافر بإجماع المسلمين , وثالثها من لم يكفر المشركين أومن يشكّ في كفرهم، أو صحح مذهبهم؛ كفر , من لم يكفر اليهود أو لم يكفر النصارى أو لم يكفر المجوس أو لم يكفر الوثنيين , أو لم يكفر المنافقين أو لم يكفر الشيوعيين فهو كافر , وكذلك من شك في كفرهم قال: أنا ما أدري , اليهود يمكن أن يكونوا على حق , أو يمكن أنه يجوز للإنسان أن يتدين باليهودية , أو بالنصرانية , أو بالإسلام كلها أديان سماوية , قال تعالى عن إبراهيم (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِيَ إِبْرَاهِيمَ وَالّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ إِنّا بُرَءآؤاْ مّنْكُمْ وَمِمّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/496)
وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَآءُ أَبَداً حَتّىَ تُؤْمِنُواْ بِاللّهِ وَحْدَهُ) الممتحنة 4 , فهذه هي الحنيفية ملة إبراهيم أن تعبد الله مخلصاً له الدين وأن تتبرأ من عبادة من سوى الله وأن تنكرها وتبغضها وتبغض أهلها وتعاديهم , ورابعها من اعتقد أن هدي غير النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه أو أن حكم غيره أحسن من حكمه، كالذين يفضلون حكم الطواغيت على حكم الرسول صلى الله عليه وسلم ويفضلون حكم القوانين على حكم الإسلام , وخامسها من أبغض شيئًا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم: ولو عمل به كفر , كأن يبغض الصلاة فإنه يكفر ولو صلى , أو كرهها , يدل عليه قوله تعالى (ذَلِكَ بِأَنّهُمْ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ اللّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) محمد 9 , فإذا أبغض شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الواجبات أو من الثواب أو من العقاب كأن يبغض إقامة الحدود على الزاني أو السارق أو كره ذلك فهذا يكفر؛ لأنه أبغض وكره ما أنزل الله , وسادسها من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم: أو ثوابه أو عقابه؛ كفر , قال تعالى (قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) التوبة 66 , وسابعها السحرُ ومنهُ الصرفُ والعطفُ , قال تعالى (وَمَا يُعَلّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتّىَ يَقُولاَ إِنّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ) البقرة102 , وثامنها مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين , قال تعالى (وَمَن يَتَوَلّهُمْ مّنكُمْ فَإِنّهُ مِنْهُمْ إِنّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ) المائدة 51 , وتاسعها من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى، عليه السلام؛ فهو كافر , وعاشرها الإعراض عن دين الله لا يتعلمُهُ، ولا يعمل به.
س8 - هل هناك فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف؟
اعلم وفقك الله أنه: لا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف , (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُون لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُم) التوبة64 , إلا المكره , قال تعالى (إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنّ بِالإِيمَانِ) النحل 106 , وكلها من أعظم ما يكون خطرا وأكثر ما يكون وقوعا فينبغي للمسلم أن يحذرها ويخاف منها على نفسه نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه
س9 - ما هي أفضل الأعمال بعد الشهادتين؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن: أفضل الأعمال بعد الشهادتين الصلوات الخمسة , قال تعالى (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) النساء 103 , وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ قَالَ (إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ أَطَاعُوا لَكَ فِي ذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْم ٍ ... الحديث) متفق عليه.
س10 - عرف الزكاة لغة وشرعاُ؟
اعلم أرشدك الله لطاعته أن: الزكاة لغة هي النماء والزيادة , واصطلاحاً هي حقّ واجب في مال خاص لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص , والزكاة فرض واجب على كل مسلم ملك نصباً من مال بشروطه، حتى الصبي والمجنون يخرج عنهما وليهما، ومن جحد وجوبها وهو عالم عامد فقد كفر، ومن منعها بخلاً وتهاوناً يعتبر بذلك فاسقاً ومرتكباًَ لكبيرة عظيمة من كبائر الذنوب، وهو تحت مشيئة الله إن مات قال الله سبحانه و تعالى (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) البقرة 43 , وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ قَالَ (إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ أَطَاعُوا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/497)
لَكَ فِي ذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ فِي ذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ ... الحديث) متفق عليه.
س11 - عرف الصيام لغة وشرعاُ؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن: الصيام لغة الإمساك , وشرعاً , هو التعبد لله بإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس , وصيام رمضان أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام , قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ) متفق عليه , وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة 183.
س12 - عرف الحج لغة وشرعاُ؟
اعلم أرشدك الله لطاعته أن: الحج في اللغة القصد، يقال حج إلينا فلان أي قصدنا وقدم إلينا , وفي الشرع هو القصد إلى مكة لأداء النسك بصفة مخصوصة في وقت مخصوص وبشروط مخصوصة , وقد أجمعت الأمة على وجوب الحج على المستطيع مرة واحدة في العمر، وعلى كونه أحد الأركان الخمسة التي بنى عليها الإسلام؛ قال الله تعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) آل عمران 97 , وقال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع (أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا) رواه مسلم.
الدرس الثالث الإيمان
س1 - ما الإيمان؟
اعلم وفقك الله أن: الإيمان لغة هو التصديق , وشرعا هو قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان يزيد بالطاعات و ينقص بالعصيان قال تَعَالَى (وَزِدْنَاهُمْ هُدًى) الكهف 13 , وقال سبحانه وتَعَالَى (وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا) المدثر 31 , وَقَالَ الله تَعَالَى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) المائدة 3 , ومن هذا التعريف يتضح أن الإيمان قول وعمل , قول قلب وقول اللسان وعمل قلب وعمل جوارح , و هو بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن طريق , قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ) مسلم , أما قول القلب فهو الاعتقاد والتصديق، فلابد من تصديق الرسل عليهم الصلاة والسلام فيما أخبروا به، فإذا زال تصديق القلب لم تنفع بقية الأجزاء , وأما عمل القلب: فهي كثيرة منها الإخلاص، والحب، والخوف، والرجاء، والتعظيم، و الإنقياد، والتوكل وغيرها من أعمال القلوب فإذا زال عمل القلب مع اعتقاد التصديق، فأهل السنة مجمعون على زوال الإيمان وأنه لا ينفع التصديق مع انتفاء عمل القلب , وأما قول اللسان فهو النطق بالشهادتين والإقرار بلوازمهما , وهو شرط لصحة الإيمان , فمن لم يصدق بلسانه مع القدرة، لا يسمى مؤمناً، كما اتفق على ذلك سلف الأمة , وأما عمل الجوارح فهو العمل الذي يؤدى بها , مثل الصلاة، والحج، والجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , فكما يجب على الخلق أن يصدقوا الرسل عليهم السلام فيما أخبروا، فعليهم أن يطيعوهم فيما أمروا فلا يتحقق الإيمان بالرسول مع ترك الطاعة بالكلية وأعمال الجوارح تابعة لأعمال القلوب، ولازمة لها فالقلب إذا كان فيه معرفة وإرادة، سرى ذلك إلى البدن بالضرورة، ولا يمكن أن يختلف البدن عما يريده القلب، ولهذا قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (َلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/498)
أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ) متفق عيه , فإذا كان القلب صالحاً بما فيه من الإيمان علماً وعملاً قلبياً، لزم بضرورة صلاح الجسد بالقول الظاهر، والعمل بالإيمان المطلق، فالظاهر تابع للباطن لازم له، متى صلح الباطن، صلح الظاهر، وإذا فسد، فسد , وعلى هذا فإنه يمتنع أن يكون الشخص مؤمناً بالله تعالى، مقراً بالفرائض، ومع ذلك فهو تارك لتلك الطاعات، ممتنع عن فعلها.
س2 - ما هي أركان الإيمان؟
اعلم أرشدك الله لطاعته أن: أركان الإيمان ستة أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره قال الله تعالى (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) البقرة85 , وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَبِلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ) متفق عليه.
س3 - ما معني الإيمان بالله؟
اعلم وفقني الله وإياك أن: الإيمان بالله هو أساس العقيدة وأصلها , وهو يعني الاعتقاد الجازم بأن الله رب كل شيء ومليكه , وأنه الخالق وحده لا شريك له , وأنه المدبر للكون كله , وأنه هو الذي يستحق العبادة وحده لا شريك له , وأن كل معبود سواه باطل وعبادته باطلة قال تعالى (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) الحج62 , وأنه سبحانه متصف بصفات الكمال ونعوت الجلال , منزه عن كل نقص وعيب قال تعالى (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) الأعراف180.
س4 - ما الذي يتضمنه الإيمان بالله؟
اعلم رحمك الله أن: الإيمان بالله يتضمن أربعة أمور , أولها الإيمان بوجود الله , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ جَاءَ يَهُودِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ (يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْجِبَالَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْخَلَائِقَ عَلَى إِصْبَعٍ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ قَالَ فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ قَالَ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) صححه الألباني, وثانيها الإيمان بربوبيته , أي أنه وحده الرب لا شريك له ولا معين , (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد اللَّهُ الصَّمَد لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَد وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَد) الإخلاص , وثالثها , الإيمان بألوهيته أي أنه وحده الإله الحق لا شريك له قال تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) الذاريات56 , ورابعها الإيمان بأسمائه وصفاته , أي أن تثبت ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل , قال تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السّمِيعُ الْبَصِيرُ) الشورى 11.
س5 - ما وصف الملائكة؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن: الملائكة عالم غيبي مخلوقون، عابدون لله تعالى، وليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء، خلقهم الله تعالى من نور، ومنحهم الانقياد التام لأمره والقوة على تنفيذه.
س6 - ما عدد الملائكة؟
اعلم وفقك الله أن: عدد الملائكة كثير لا يحصيهم إلا الله تعالى , قال تعالى (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبّكَ إِلاّ هُوَ) المدثر 31 , وجاء في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال (أَطَّتْ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ) صححه الألباني , وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت المعمور (يدخله في كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه) رواه البخاري ومسلم , وقال عليه السلام (يؤتي بجهنم يومئذٍ لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك) مسلم.
س7 - ما الذي يتضمنه الإيمان بالملائكة؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/499)
اعلم وفقك الله أن: الإيمان بالملائكة يتضمن أربعة أمور أولها الإيمان بوجودهم أي الإيمان والتصديق بوجود الملائكة على وجه الإجمال , وثانيها الإيمان بمن علمنا اسمه كجبريل عليه السلام ومن لم نعلم اسمه نؤمن بهم إجمالاً , وثالثها الإيمان بما علمنا من صفاتهم , كصفة جبريل عليه السلام فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم (أنه رآه على صفته التي خلق عليها وله ستمائة جناح قد سد الأفق) متفق عليه , وقد يتحول الملك بأمر الله تعالى إلى هيئة رجل، كما حصل لجبريل عليه السلام حين أرسله تعالى إلى مريم فتمثل لها بشراً سوياً، قال الله سبحانه وتعالى (فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا فَتَمَثّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّا ً) مريم 17 , وحين جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في أصحابه جاءه بصفة لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه أحد من الصحابة، عن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ (بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ ... الحديث) متفق عليه , وكذلك الملائكة الذين أرسلهم الله تعالى إلى إبراهيم، ولوط كانوا في صورة رجال , ورابعها الإيمان بما علمنا من أعمالهم كتسبيحه، والتعبد له ليلاً ونهاراً بدون ملل ولا فتور, وقد يكون لبعضهم أعمال خاصة مثل جبريل عليه السلام الأمين على وحي الله تعالى يرسله به إلى الأنبياء والرسل , قال تعالى (قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لّجِبْرِيلَ فَإِنّهُ نَزّلَهُ عَلَىَ قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىَ لِلْمُؤْمِنِينَ) البقرة الآية 97 , ومثل ميكائيل الموكل بالقطر أي بالمطر والنبات , ومثل إسرافيل الموكل بالنفخ في الصور عند قيام الساعة وبعث الخلق , ومثل ملك الموت الموكل بقبض الأرواح عند الموت , ومثل مالك وهو خازن النار , ومثل الملائكة الموكلين بالأجنة في الأرحام إذا تم للإنسان أربعة أشهر في بطن أمه، بعث الله إليه ملكاً وأمره بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد ,قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكًا يَقُولُ يَا رَبِّ نُطْفَةٌ يَا رَبِّ عَلَقَةٌ يَا رَبِّ مُضْغَةٌ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ خَلْقَهُ قَالَ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى شَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ فَمَا الرِّزْقُ وَالْأَجَلُ فَيُكْتَبُ فِي بَطْنِ أُمِّه) متفق عليه ِ, ومثل الملائكة الموكلين بحفظ أعمال بني آدم وكتابتها لكل شخص، ملكان: أحدهما عن اليمين، والثاني عن الشمال قال تعالى (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ق18, ومثل الملائكة الموكلين بالسؤال إذا وضع في قبره يأتيه ملكان يسألانه عن ربه، ودينه، ونبيه , قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ قَالَ يَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ ... الحديث) مسلم.
س8 - ما معنى الإيمان بكتب؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن: الإيمان بكتب الله المنزلة على رسله عليهم الصلاة والسلام هو الركن الثالث من أركان الإيمان، فإن الله تعالى قد أرسل رسله بالبينات وأنزل عليهم الكتب رحمة للخلق وهداية لهم لتتحقق سعادتهم في الدنيا والآخرة، ولتكون منهجاً يسيرون عليه وحاكمة بين الناس فيما اختلفوا فيه , قال تعالى (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ) الحديد 25 ,و قال تعالى (كَانَ النّاسُ أُمّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النّبِيّينَ مُبَشّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقّ) البقرة 213.
س9 - ما الذي يتضمنه الإيمان بالكتب؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/500)
اعلم أرشدك الله لطاعته أن: الإيمان بالكتب يتضمن أربعة أمور , أولها الإيمان بأن نزولها من عند الله حقاً , قال تعالى (يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الّذِي نَزّلَ عَلَىَ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الّذِيَ أَنَزلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ فَقَدْ ضَلّ ضَلاَلاً بَعِيداً) النساء 136 , وثانيها الإيمان بما علمنا من أسمائها , كالقرآن الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى (وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقّ مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) المائدة 48 , والتوراة التي أنزلت على موسى صلى الله عليه وسلم، قال تعالى (أَمْ لَمْ يُنَبّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىَ) النجم 36 , وقال تعالى (إِنّ هََذَا لَفِي الصّحُفِ الاُولَىَ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىَ) الأعلى19 والإنجيل الذي أنزل على عيسى صلى الله عليه وسلم، قال تعالى (وَقَفّيْنَا عَلَىَ آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ) المائدة 46 , والزبور الذي أوتيه داود عليه السلام , قال تعالى (وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً) النساء 163 , وأما ما لم نعلم اسمه فنؤمن به إجمالا ً , وثالثها تصديق ما صح من أخبارها , كأخبار القرآن، وأخبار ما لم يبدل أو يحرف من الكتب السابقة , ورابعها العمل بأحكامها , ما لم ينسخ منها، والرضا والتسليم به سواء فهمنا حكمته أم لم نفهمها، وجميع الكتب السابقة منسوخة بالقرآن العظيم , قال تعالى (وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقّ مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) المائدة 48 , وعلى هذا فلا يجوز العمل بأي حكم من أحكام الكتب السابقة إلا ما صح منها وأقره القرآن.
س10 - ما معنى الإيمان بالرسل؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن: الإيمان بالرسل هو الاعتقاد الجازم بأن لله رسلاً اصطفاهم لتبليغ رسالاته، فمن اتبعهم فقد اهتدى، ومن عصاهم فقد غوى , قال الله تعالى (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) البقرة:85 , وأنهم قد بلغوا ما أنزل الله إليهم من ربهم البلاغ المبين، وأدوا الأمانة ونصحوا الأمة، وجاهدوا في الله حق جهاده، وأقاموا الحجة قال الله تعالى (رّسُلاً مّبَشّرِينَ وَمُنذِرِينَ) النساء 165، ونؤمن بمن سمى الله لنا ومن لم يسمِّ ولا نفرق بين أحداً منهم , قال تعالى (قُولُوَاْ آمَنّا بِاللّهِ وَمَآ أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىَ وَعِيسَىَ وَمَا أُوتِيَ النّبِيّونَ مِن رّبّهِمْ لاَ نُفَرّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) البقرة 136.
س11 - كم عدد الرسل عليهم الصلاة والسلام؟
اعلم وفقك الله أن: عدد الرسل عليهم الصلاة والسلام ثلاثمائة وبضعة عشر، عن أبي ذر، قال: قلت: (يا رسول الله أي الأنبياء كان أول؟ قال: " آدم ". قلت: يا رسول الله ونبي كان؟ قال: " نعم نبي مكلم , قلت: يا رسول الله كم المرسلون؟ قال: ثلاثمائة وبضع عشر جماً غفيراً , وفي رواية عن أبي أمامة، قال أبو ذر: قلت يا رسول الله كم وفاء عدة الأنبياء؟ قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جماً غفيراً) صححه الألباني , وقال تعالى (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ) النساء 164.
س12 - من هم أولو العزم؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن: أفضل الرسل أولو العزم , وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ونبينا محمد عليهم السلام , قال الله تعالى (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النّبِيّيْنَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مّيثَاقاً غَلِيظاً) الأحزاب 7.
س13 - من هو أفضل الرسل وخاتم النبيين وإمام المتقين؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/1)
اعلم رحمك الله أن: محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الرسل وخاتم النبيين وإمام المتقين، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ) مسلم.
س14 - ما حكم من أنكر الإيمان باليوم الآخر؟
اعلم أرشدك الله لطاعته أن: الإيمان باليوم الآخر أحد أركان الإيمان التي لا يتم إيمان العبد إلا بها، فمن أنكره فقد كفر , قال تعالى (لّيْسَ الْبِرّ أَن تُوَلّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلََكِنّ الْبِرّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ) البقرة 177 , وقال صلى الله عليه وسلم (الْإِيمَانِ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ) مسلم.
س15 - ما معنى الإيمان باليوم الآخر؟
واعلم رحمك الله أن: الإيمان باليوم الآخر هو الاعتقاد بنهاية الحياة الدنيا والدخول بعدها إلى دار أخرى، قال تعالى (كُلّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ) الرحمن 26 , تبدأ بالموت والحياة البرزخية وتمر بقيام الساعة , قال تعالى (فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حَتّىَ يُلاَقُواْ يَوْمَهُمُ الّذِي يُوعَدُونَ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنّهُمْ إِلَىَ نُصُبٍ يُوفِضُونَ) المعارج 42 - 43 , ثم البعث والحشر والجزاء إلى دخول الناس الجنة أو النار قال تعالى (وَسِيقَ الّذِينَ كَفَرُوَاْ إِلَىَ جَهَنّمَ زُمَراً حَتّىَ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هََذَا قَالُواْ بَلَىَ وَلََكِنْ حَقّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِين) الزمر71 , و قال تعالى (وَسِيقَ الّذِينَ اتّقَوْاْ رَبّهُمْ إِلَى الّجَنّةِ زُمَراً حَتّىَ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) الزمر 73.
س16 - ما صفة الإيمان باليوم الآخر؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن: صفة الإيمان باليوم الآخر تكون إجمالي وتفصيلي , أما الإجمالي فهو أن نؤمن بأن هناك يوماً يجمع الله فيه الأولين والآخرين فيجازى كلاً بعمله فريق في الجنة وفريق في السعير (قُلْ إِنّ الأوّلِينَ وَالاَخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَىَ مِيقَاتِ يَوْمٍ مّعْلُوم) الواقعة 49 , 50 , وأما التفصيلي فهو الإيمان بتفاصيل ما يكون بعد الموت ويشمل ذلك أموراً نذكرها في الأبواب التالية.
س17 - كيف يكون الأعداد ليوم القيامة؟
اعلم وفقك الله أن: الإنسان خلق لأمر عظيم وأن آخر هذا الأمر طريقان لا ثالث لهم فإما أن يكون إلى النار نعوذ بالله من ذلك وأما أن يكون إلى الجنة نسأل الله العظم أن نكون من أهلها , ولكن يجب على المسلم أن يعد العدة لالقاء الله تعالى , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَتَى السَّاعَةُ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَعْدَدْتَ لَهَا قَالَ حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْت) متفق عليه.
س18 - ما هي علامات القيامة الصغرى والكبرى؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أنه: لما كان اليوم الآخر مسبوقاً بعلامات تدل على قرب وقوعه , وتسمى أشرطة الساعة , وجب الإيمان بها وبوقوعها قبل قيام الساعة ,وهذه ألأشرطة تنقسم إلى ثلاثة أقسام إلى ثلاثة أقسام: قسم ظهر وانقضى , وقسم ظهر ولم ينقض بل لا يزال في زيادة , وقسم أخير وهو الأمارات القريبة الكبيرة التي تعقبها الساعة , فمن القسم الأول الذي ظهر وانقضى بعثة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عن سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بِإِصْبَعَيْهِ هَكَذَا بِالْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ بُعِثْتُ وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ) متفق عليه , ومنه انشقاق القمر في زمن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ (انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/2)
عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِقَّتَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْهَدُوا) متفق عليه , وقد قال الله تعالى (اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانشَقّ الْقَمَرُ) القمر1 , وخروج نار من أرض الحجاز قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى) مسلم , هذا بالنسبة للقسم الأول , أما القسم الثاني وهو قسم ظهر ولم ينقض بل لا يزال في زيادة , فمنه خروج الدجالين الكذابين أدعياء النبوة , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (َلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثِينَ كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ) البخاري , وقد حفظ لنا التاريخ أسماء بعض هؤلاء الكذابين وهم: مسيلمة الكذاب , و سجاح التميمية , والأسود العنسى , و طليحة الأسدى , و المختار الثقفى , و أبو منصور العجلى , و المغيرة بن سعيد , وبيان بن سمعان , و الحارث الكذاب , وغيرهم كثير , ومن القسم الثانى أيضاً أتباع هذه الأمة الامم الأخرى , عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي بِأَخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَفَارِسَ وَالرُّومِ فَقَالَ وَمَنْ النَّاسُ إِلَّا أُولَئِكَ) البخاري , وأما العلامات الكبرى , فمنها ما ذكر في هذا الحديث (الدُّخَانَ وَالدَّجَّالَ وَالدَّابَّةَ وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنْ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ) البخاري ,هذا بالضافة إلى أنه لن تقوم الساعة حتى تهدم الكعبة ثم تأتى ريح فتقبض أرواح المومنين فلا تقوم الساعة إلا على شرار الناس , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنْ الْحَبَشَةِ يُخَرِّبُ بَيْتَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) متفق عليه , و عَنه أيضاًْ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ رِيحًا مِنْ الْيَمَنِ أَلْيَنَ مِنْ الْحَرِيرِ فَلَا تَدَعُ أَحَدًا فِي قَلْبِهِِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ إِلَّا قَبَضَتْهُ) مسلم ,ومن علامات القامة ظهور المهدي قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يخرج في آخر أمتي المهدي؛ يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحا، وتكثر الماشية، وتعظم الأمة، يعيش سبعا أوثمانيا. يعني: حجة) صححه الألباني , ثم طلوع الشمس من مغربها قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا فَذَاكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ) متفق عليه , ومن آمن من الناس حين طلوع الشمس من مغربها لا ينفعه آمانه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْه) مسلم.
س19 - ما هي القيامة الصغرى؟
اعلم ثبتك الله بالقول الثبت أن: من مقدمات اليوم الآخر الموت، وهو القيامة الصغرى , والقيامة الصغرى: هي وفاة كل شخص عند انتهاء أجله، وبها ينتقل من الدنيا إلى الآخرة , قال تعالى (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ) , والموت مكتوب على كل أنسان قال تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ).
س20 - ما هي فتنة القبر؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/3)
اعلم حفظك الله من كل مكروه أن: فتنة القبر وهي سؤال الميت بعد دفنه عن ربه، ودينه، ونبيه، فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت، فيقول ربي الله، وديني الإسلام، ونبي محمد صلى الله عليه وسلم , ويضل الله الظالمين فيقول الكافر هاه، هاه، لا أدري , ويقول المنافق أو المرتاب لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ قَالَ يَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ قَالَ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ قَالَ فَيُقَالُ لَهُ انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنْ النَّارِ قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنْ الْجَنَّةِ قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا قَالَ قَتَادَةُ وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا وَيُمْلَأُ عَلَيْهِ خَضِرًا إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) مسلم , ومنها أيضاً عذاب القبر ونعيمه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ (يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ جَهَنَّمَ وَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ) متفق عليه , وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ضمة القبر (لو أفلت أحد من ضمة القبر؛ لأفلت هذا الصبي) صححه الألباني.
س21 - ما هو النفخ في الصور ومن الذي ينفخ فيه؟
اعلم وفقك الله أن: الصور قرن ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام فينفخ النفخة الأولى فتموت الخلائق جميعاً إلا من شاء الله، ثم ينفخ النفخة الثانية فتبعث الخلائق أجمع منذ خلق الله الدنيا إلى قيام الساعة , قال سبحانه وتعالى (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ) الزمر 68.
س22 - ما الذي يحدث يوم القيامة؟
اعلم أرشدك الله لطاعته أن: البعث وهو إحياء الله الموتى حين ينفخ في الصور النفخة الثانية فيقوم الناس لرب العالمين، فإذا أذن الله بالنفخ في الصور وبرجوع الأرواح إلى أجسادها حينئذٍ قام الناس من قبورهم وساروا مسرعين إلى الموقف حفاة:غير منتعلين، عراة: غير مكتسين، غرلاً: غير مختونين، قال تعالى (فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حَتّىَ يُلاَقُواْ يَوْمَهُمُ الّذِي يُوعَدُونَ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنّهُمْ إِلَىَ نُصُبٍ يُوفِضُونَ) المعارج 42 43 , وهو يوم (مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) المعارج4 , وفي هذا اليوم يحاسب الأنسان على ما عسى (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ َلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ) الحاقة 29 - 33.
س23 - ما صفة حوض النبي صلى الله عليه وسلم؟
اعلم أرشدك الله لطاعته أن: الإيمان بحوض النبي صلى الله عليه وسلم هو من باب الإيمان باليوم الآخر، وهو حوض عظيم ومورد كريم، يُمد من شراب الجنة من نهر الكوثر في عرصات القيامة يرده المؤمنون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أنه أشد بياضاً من اللبن، وأبرد من الثلج، وأحلى من العسل، وأطيب من المسك، وهو في غاية الاتساع عرضه وطوله سواء، كل زاوية من زواياه مسيرة شهر، فيه ميزابان يمدانه من الجنة وآنيته أكثر من نجوم السماء، ومن يشرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً , قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/4)
(حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنْ اللَّبَنِ وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنْ الْمِسْكِ وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا فَلَا يَظْمَأُ أَبَدًا) البخاري.
س24 - ما بالميزان وكيف نؤمن به؟
اعلم وفقك الله أنه: يجب علينا أن نؤمن بالميزان التي توزن به الأعمال وأن له كفتان مشاهدتان , وأن الأعمال وإن كانت أعراضاً فإنها توزن , والله على كل شئ قدير , وذلك من عقائد أهل السنة , والأحاديث في ذلك متضافرة إن لم تكن متواترة قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ) مسلم, وقال تعالى (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) الأعراف 8 - 9.
س25 - ما الصراط وكيف يمر الخلاق منه؟
اعلم وفقك الله أنه: من الإيمان باليوم الآخر أن نؤمن بالصراط، وهو جسر منصوب على متن جهنم وممر موخيف مرعب، يمر الناس عليه إلى الجنة، فمنهم من يمر كالطرف، ومنهم من يمر كالبرق ومنهم كالريح ومنهم كالطير ومنهم كأجاويد الخيل، ومنهم من يمر كشد الرجل، يرمل رملا، وآخر الماريين منهم من يسحب سحباً، فيمرون على قدر أعمالهم حتى يمر الذي نوره على قدر إبهام قدمه، ومنهم من يخطف فيلقى في النار، ومن يمر على الصراط دخل الجنة , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَتُرْسَلُ الْأَمَانَةُ وَالرَّحِمُ فَتَقُومَانِ جَنَبَتَيْ الصِّرَاطِ يَمِينًا وَشِمَالًا فَيَمُرُّ أَوَّلُكُمْ كَالْبَرْقِ ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيحِ ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ وَشَدِّ الرِّجَالِ تَجْرِي بِهِمْ أَعْمَالُهُمْ) مسلم , ومن صفته أنه أحد من السيف وأدق من الشعر، مَزَلَّة، لا تثبت عليه قدم إلا من ثبته الله وأنه ينصب في ظلمة، وترسل الأمانة والرحم فتقومان جنبتي الصراط للشهادة على من رعاهما أو ضيعهما , عن أبي سعيد الخدري قال (بَلَغَنِي أَنَّ الْجِسْرَ أَدَقُّ مِنْ الشَّعْرَةِ وَأَحَدُّ مِنْ السَّيْفِ) مسلم.
س26 - اذكر ما جاء في نعيم الجنة؟
اعلم سددك الله إلى هداه أن:في الجنة من النعيم (مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ) متفق عليه ,فأهلها يسقون من رحيق مختوم متكئين على أرائك منصوبة على أطراف أنهار من خمراً وعسل , أزواجهم الخيرات الحسان حور عين كأنهن الياقوت والمرجان , مقصورات في الخيام , قال تعالى (أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً) الكهف31 ومهما وصفة من نعيمها فلا تستطيع أن تحيط بما فيها من النعيم والخير الكثير , ويكفى أن (َلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَمَلَأَتْهُ رِيحًا وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا) البخاري.
س26 - هل في الجنة درجات؟
واعلم وفقك الله تعالى أن: في الجنة درجات فكل بحسب عمله قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ كُلُّ دَرَجَتَيْنِ مَا بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ) البخاري , وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا يَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الْأُفُقِ مِنْ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/5)
الْمَشْرِقِ أَوْ الْمَغْرِبِ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تِلْكَ مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ قَالَ بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ) البخاري ومسلم.
س27 - ما وصف النار ولهيبها؟
اعلم حفظك الله من كل مكروه أن:الله سبحانه وتعالى كما أعدا للمحسنين الجنة , فقد وعد المجرمين المسئين النار (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) الزلزلة8,7 , فالنار لأهل الشقى الذين استكبرو عن عبادة الله تعالى لهم من العذاب ما لا يخطر على بال , فطعامهم الزقوم (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) الدخان 43 - 46 , وشرابهم الحميم (يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ) الحج 19 ,كل هذا في نار (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم6 , ناراً قال عنها جبريل عليه السلام عندما رأها وهي يركب بعضها بعضاً (وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ فَيَدْخُلَهَا) صححه الألباني , ناراً أهون أهلها عذاباً (َرَجُلٌ تُوضَعُ فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَةٌ يَغْلِي مِنْهَا دِمَاغُهُ) متفق عليه , ناراً يصبغ فيها أنعم أهل الدنيا من أهلها صبغة واحد (ثُمَّ يُقَالُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ فَيَقُولُ لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ) مسلم , ناراً يبكى أهلها حتى (لو أجريت السفن في دموعهم لجرت , وأنهم ليبكون الدم) صححه الألباني , ناراً قال عنها المصطفي عليه السلام (نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِي يُوقِدُ ابْنُ آدَمَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ) البخاري ومسلم.
س28 - ما معنى القدر وكيف يكون الإيمان به؟
اعلم وفقك الله أن: القدر هو تقدير الله للكائنات حسبما سبق به علمه واقتضت حكمته. وهو يرجع إلى قدرة الله، وأنه على كل شيء قدير فعال لما يريد , والإيمان به من الإيمان بربوبية الله سبحانه وتعالى، والإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان التي دل عليه الكتاب والسنة , فالإيمان بالقدر واجب وفرض وركن من أركان الإيمان لا يصح أحد حتى يؤمن بالقدر , وأدلة ذلك كثيرة في القرآن، قال جل وعلا (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً) الأحزاب38، وقال سبحانه (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) القمر49 , وقال جل وعلا (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) الفرقان 2 وقال أيضاً (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) الصافات96، وقال سبحانه (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ) الانبياء101 وقال أيضاً (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) الحج70 , وقال أيضاً (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) التكوير29 , وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين سأله جبريل عن الإيمان (أن تؤمن بالله وملائكته ... وتؤمن بالقدر خيره وشره .. الحديث) متفق عليه.
س29 - ما هي مراتب القدر؟
اعلم أرشدك الله لطاعته أنه: لا يتم الإيمان بالقدر إلا بتحقيق أربع مراتب هي: العلم والكتابة و المشيئة والخلق , فأما العلم فهو أن تؤمن بأن الله سبحانه و تعالى علم كل شي جملة وتفصيلا , فعلم ما كان , وما يكون , فكل شيء معلوم لله تعالى (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) الحج70 ,وأما الكتابة فهو الإيمان بأن الله كتب ذلك في اللوح المحفوظ قال تعالى (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْء) الأنعام38 ,وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) مسلم , وأما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/6)
المشيئة فذلك بأن تؤمن بأن جميع الكائنات لا تكون إلا بمشيئة الله تعالى، سواء كانت مما يتعلق بفعله أم مما يتعلق بفعل المخلوقين قال تعالى (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) التكوير29 , وأما الخلق فهو أن تؤمن بأن جميع الكائنات مخلوقة لله تعالى بذواتها، وصفاتها، وحركاتها , فيجب أن نؤمن بأن (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) الزمر62 , وأن (اللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) الصافات96 , قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إن الله يصنع كل صانع وصنعته) البخاري.
س30 - هل يفهم من الإيمان بالقدر إن الإنسان مجبور؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إن الله عز وجل خلق آدم، ثم أخذ الخلق من ظهره، وقال: هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي، وهؤلاء إلى النار ولا أبالي، فقال قائل: يا رسول الله فعلى ماذا نعمل؟ قال: على مواقع القدر) صححه الألباني , ليس فيه ما يفيد أن الإنسان مجبور على أعماله الاختيارية , ما دام أنه حكم عليه منذ القديم وقبل أن يخلق بالجنة أو النار , وليس فيه أيضاً أن الأمر فوضى أو حظ , فمن وقع في القبضة اليمنى , كان من أهل السعادة , ومن كان من القبضة الأخرى , كان من أهل الشقاوة , فيجب أن يعلم أن الله (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) الشورى 11 , لا في ذاته , ولا في صفاته , فإذا قبض قبضة , فهي بعلمه وعدله وحكمته , فهو تعالى قبض باليمنى على من علم أنه سيطيعه حين يؤمر بطاعته , وقبض بالأخرى على من سبق في علمه تعالى أنه سيعصيه حين يؤمر بطاعته , ويستحيل على عدل الله تعالى أن يقبض باليمنى على من هو مستحق أن يكون من أهل القبضة الأخرى , والعكس بالعكس , كيف والله عز وجل يقول (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) القلم 35 - 36 , ثم إن كلاً من القبضتين ليس فيها إجبار لأصحابهما أن يكونوا من أهل الجنة أو من أهل النار , بل هو حكم من الله تبارك وتعالى عليهم بما سيصدر منهم , من إيمان يستلزم الجنة , أو كفر يقتضي النار والعياذ بالله تعالى منها , وكل من الإيمان أو الكفر أمران اختياريان , لا يكره الله تبارك وتعالى أحداً من خلقه على واحد منهما (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) الكهف 29 , وهذا مشاهد معلوم بالضرورة , ولولا ذلك , لكان الثواب والعقاب عبثاً , والله منزه عن ذلك , وعليه فنقول لمن يحتج بالقدر ليس عندك علم أنك من أصحاب الجنة أو النار، ولو كان عندك علم لما أمرك الله تعالى ولا نهاك، ولكن اعمل وعسى الله أن يوفقك لأن تكون من أصحاب الجنة.
س31 - هل الأخذ بالأسباب ينافي الإيمان بالقدر؟
اعلم وفقك الله أن: الأخذ بالأسباب لا ينافي القدر والتوكل بل هو جزء منه، ولكن إذا وقع القدر وجب الرضا به والتسليم له، ويلجأ إلى قوله: " قدّر الله وما شاء فعل " وأما قبل أن يقع فإن سبيل المكلف هو الأخذ بالأسباب المشروعة ومدافعة الأقدار بالأقدار قال تعالى (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ) الأنفال60 , عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةٍ فَأَخَذَ شَيْئًا فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِ الْأَرْضَ فَقَالَ (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنْ النَّارِ وَمَقْعَدُهُ مِنْ الْجَنَّةِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ قَالَ اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ ثُمَّ قَرَأَ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى الْآيَةَ) متفق عليه.
الدرس الرابع الإحسان
س1 - ما معنى الإحسان؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/7)
اعلم أرشدك الله لطاعته أن: الإحسان لغة ضد الإساءة وهو أن يبذل الإنسان المعروف ويكف الأذى فيبذل المعروف لعباد الله في ماله، وجاهه، وعلمه، وبدنه , أما الإحسان في العبادة فهو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك , وهذا المعنى الذي يعبر عنه بالمراقبة، فالمراقبة الخاصة الصادقة بأن يراقب العبد ربه سبحانه وتعالى ويتذكر دائماً وأبداً بأن الله يراه ويرى مكانه ويسمع كلامه فهذه المراقبة تحول بين المرء وبين ارتكاب المعاصي وبين الغفلة والالتفات عن الله إلى غير الله , (أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) المائدة97 , وقال تعالى (أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُون) النحل23 , قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك) متفق عليه.
الدرس الخامس العبادة
س1 - معنى العبادة؟
اعلم يرعاك الله أن: العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنية , وكل عمل يكون عبادة إذا كمل فيه شيئان هما كمال الحب مع كمال الذل.
س2 - ما هي شروط قبول العمل؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن: الله عز وجل لا يقبل العمل إلا إذا توفرة فيه ثلاثة شروط: أولها الإسلام , وثانيها الإخلاص , وثالثها الإتباع.
س3 - هل الإسلام شرط لصحة جميع الأعمال؟
اعلم وفقك الله أن: الإسلام شرط لصحة جميع الأعمال , فلا يقبل العمل من الكافر حتى يسلم لقول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ) البخاري , وقال الله تعالى (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) آل عمران85.
س4 - أن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه أذكر الدليل؟
اعلم أرشدك الله لطاعته أن: (اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ) حسنه الألباني , وأن الله تبارك وتعالى يقول في الحديث القدسي (أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ) مسلم.
س5 - أن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان موافقا لما جاء به صلى الله عليه وسلم أذكر الدليل على ذلك؟
اعلم وفقك الله أن:العمل لا يكون مقبولاً حتى يكون موافقا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم , فأن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ) مسلم , وقال الله تعالى (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ) الأنعام38 , وقال (فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ) يونس32 , فخير كل الخير في أتباع الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والشر في الأبتداع في دين الله عز وجل فإن (أَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ) صححه الألباني.
س6 - العبادة لا تخرج من ثلاثة أنواع ما هي؟
اعلم أرشدك الله لطاعته أن: العبادة لا تخرج من ثلاثة أنواع:فإما أن تكون عبادة اعتقادية , أو أن تكون عبادة بدنية , وأما أن تكون عبادة مالية , فالنوع الأول هي أساس العبادة، وهي أن يعتقد أنه الرب الواحد الأحد الذي له الخلق والأمر وبيده النفع والضر وأنه الذي لا شريك له ولا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، وأنه لا معبود بحق غيره، وغير ذلك من لوازم الألوهية , ويجب أن ينطق بكلمة التوحيد، فمن اعتقد ما ذكر ولم ينطق بها لم يحقن دمه ولا ماله، وكان كإبليس فإنه يعتقد التوحيد بل ويقر به، إلا أنه لم يمتثل أمر الله فكفر , ومن نطق ولم يعتقد حقن ماله ودمه وحسابه على الله، وحكمه حكم المنافقين , والنوع الثاني
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/8)
كالقيام والركوع والسجود في الصلاة , ومنها الصوم وأفعال الحج والطواف , وأما النوع الثالث كإخراج جزء من المال امتثالا لما أمر الله تعالى به. وأنواع الواجبات والمندوبات في الأموال والأبدان والأفعال والأقوال كثيرة، لكن هذه أمهاتها, فإفراد الله تعالى بتوحيد العبادة لا يتم إلا بأن يكون الدعاء كله له والنداء في الشدائد والرخاء لا يكون إلا لله وحده، والاستعانة بالله وحده واللجوء إلى الله والنذر والنحر له تعالى وجميع أنواع العبادات من الخضوع والقيام تذللا لله تعالى والركوع والسجود والطواف والتجرد عن الثياب والحلق والتقصير كله لا يكون إلا لله عز وجل.
س7 - عرف الدعاء؟
اعلم وفقك الله أن: الدعاء هو استدعاء العبد ربه عز وجل العناية، واستمداده إياه المعونة، وحقيقته: إظهار الافتقار إليه، والتبرؤ من الحول والقوة، وهو سمة العبودية، واستشعار الذلة البشرية، وفيه معنى الثناء على الله عز وجل وإضافة الجود، والكرم إليه.
س8 - ما هي أنواع الدعاء؟
اعلم يرعاك الله أن: الدعاء ينقسم إلى قسمين: الأول: دعاء عبادة، مثال الصوم، والصلاة، وغير ذلك من العبادات، فإذا صلى الإنسان أو صام، فقد دعا ربه بلسان الحال أن يغفر له، وأن يجيره من عذابه، وأن يعطيه من نواله، وهذا في أصل الصلاة، كما أنها تتضمن الدعاء بلسان المقال. ويدل لهذا القسم قوله تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) غافر60 , فجعل الدعاء عبادة، وهذا القسم كله شرك، فمن صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله، فقد كفر كفراً مخرجاً له عن الملة، فلو ركع لإنسان أو سجد لشيء يعظمه كتعظيم الله في هذا الركوع أو السجود، لكان مشركاً , والثاني: دعاء المسألة، فهذا ليس كله شركاً، بل فيه تفصيل، فإن كان المخلوق قادراً على ذلك، فليس بشرك، كقوله: اسقني ماء لمن يستطيع ذلك. قال صلى الله عليه وسلم (من دعاكم فأجيبوه) صححه الألباني، وقال تعالى (وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه) النساء 8 , فإذا مد الفقير يده، وقال: ارزقني، أي: اعطني، فليس بشرك، كما قال تعال (فارزقوهم منه)، وأما أن دعا المخلوق بما لا يقدر عليه إلا الله، فإن دعوته شرك مخرج عن الملة.
س9 - عرف الخوف؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن: هو الذعر وهو انفعال يحصل بتوقع ما فيه هلاك أو ضرراً أو أذى، وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن خوف أولياء الشيطان وأمر بخوفه وحده.
س10 - ما هي أنواع الخوف؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن: للخوف ثلاثة أنواع هي: النوع الأول خوف العبادة والتذلل والتعظيم والخضوع، وهو ما يسمى بخوف السر وهذا لا يصلح إلا لله سبحانه، فمن أشرك فيه مع الله غيره؛ فهو مشرك شركاً أكبر، وذلك مثل: مَن يخاف من الأصنام أو الأموات، أو من يزعمونهم أولياء ويعتقدون نفعهم وضرهم؛ كما يفعله بعض عباد القبور , يخاف من صاحب القبر أكثر مما يخاف الله , قال تعالى (فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) آل عمران175 , فها النوع من الخوف لا يكون إلا لله ومن صرفه لغير الله فهو مشرك شركاً أكبر ,أما النوع الثاني وهو الخوف المحرم وهو أن يخاف من مخلوق بامتثال واجب أو البعد عن محرم مما أوجبه الله أو حرمه، يخاف من مخلوق في أداء فرض من فرائض الله، يخاف من مخلوق في أداء واجب من الواجبات؛ لا يصلي خوفا من مخلوق، لا يحضر الجماعة خوفا من ذم المخلوق له أو استنقاصه له، فهذا محرم، قال بعض العلماء: وهذا من أنواع الشرك. يترك الأمر والنهي الواجب بشرطه خوفا من ذم الناس أو من ترك مدحهم له أومن وصمهم بأشياء، فهذا خوف رجع على الخائف بترك أمر الله, وهذا محرم؛ لأن الوسيلة إلى المحرم محرمة , والنوع الثالث الخوف الطبيعي والجبلي كالخوف من عدو أو خوف من سَبُع, أو خوف من نار، أو خوف من مؤذي ومهلك ونحو ذلك؛ فهذا في الأصل مباح، لقوله تعالى عن موسى (فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ) القصص21، وقوله عنه أيضاً (رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ) القصص33.
س11ما هو الخوف المحمود والخوف المذموم؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/9)
واعلم يرعاك الله أن:الخوف من الله تعالى يكون محموداً , ويكون غير محمود , فالمحمود ما كان يحول بينك وبين معصية الله تعالى بحيث يحملك على فعل وجباته وترك محرماته , وإما غير المحمود فهو ما يحملك على اليأس من روح الله والقنوط من رحمته لأنه (لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) يوسف87.
س12 - ما تعريف الرجاء؟
اعلم رحمك الله تعالى أن: الرجاء هو طمع الإنسان في أمر قريب المنال، وقد يكون في بعيد المنال تنزيلاً له منزلة القريب , والرجاء المتضمن للذل والخضوع لا يكون إلا لله عز وجل وصرفه لغير الله تعالى شرك إما أصغر، وإما أكبر بحسب ما يقوم بقلب الراجي قال سبحانه تعالى (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) الكهف110.
س13 - متى يكون الرجاء محموداً ومتى يكون مذموماُ؟
اعلم يرعاك الله أن: الرجاء المحمود لا يكون إلا لمن عمل بطاعة الله ورجى ثوابها، أو تاب من معصيته ورجى قبول توبته (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) البقرة218 , فأما الرجاء بلا عمل فهو غرور وتمن مذموم.
س14 - ما تعريف التوكل؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن: التوكل على الشيء الإعتماد عليه , والتوكل على الله تعالى الاعتماد على الله تعالى في جلب المنافع ودفع المضار وهو من تمام الإيمان (وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) التوبة51 , فالتوكل من العبادات القلبية، حقيقته أنه يجمع شيئين: الأول: تفويض الأمر إلى الله جل وعلا. الثاني: عدم رؤية السبب بعد عمله. والتفويض وعدم رؤية السبب شيئان قلبيان، فالعبد المؤمن إذا فعل السبب، وهو جزء بما تحصل به حقيقة التوكل، فإنه لا يلتفت لهذا السبب، لأنه يعلم أن هذا السبب لا يُحَصِّل المقصود، ولا يحصل المراد به وحده، وإنما قد يحصل المراد به وقد لا يحصل؛ لأن حصول المرادات يكون بأشياء: منها السبب. ومنها صلاحية المحل. ومنها خلو الأمر من المضاد. فثَم ثلاثة أشياء تحصل بها المرادات: أول سبب: نعلم ِبمَا خلق الله جل وعلا خلقه عليه أن هذا السبب يُنتج المسبَّب؛ النتيجة. الثاني: صلاحية المحل لقيام الأمر به؛ الأمر المراد. الثالث: خلو الأمر أو المحل من المضاد له. مثاله الدواء، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر بالدواء فقال (تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ مَعَهُ شِفَاءً) صححه الألباني , فالمسلم الموحد يتناول الدواء باعتباره سببا للشفاء، لكنه ليس سببا أو ليس علة وحيدة، بل لا يحصل الشفاء بهذا وحده، وإنما لابد من أشياء أخرى، منها أن يكون المحل الذي هو داخل الإنسان-باطن متناول الدواء- يكون صالحا لقبول ذلك الدواء، وهذا معنى قولي: أن يكون المحل صالحا. أيضا من العلل التي يكمل بها المراد أن يكون السبب هذا الذي عمل خاليا من المعارض له، قد يكون يتناول شيء وفي البدن ما يفسد ذلك الشيء، فلا يصل إلى المقصود. ومنها وهو الأعظم أن يأذن الله جل وعلا بأن يكون السبب مؤثرا منتجا للمسبّب، وهذا يعطيك أن فعل السبب ليس كافيا في حصول المراد قال تعالى (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) الطلاق3. ولهذا قال علماؤنا ,علماء التوحيد من أئمة السلف فمن بعدهم: الالتفات إلى الأسباب قدح في التوكل, ومحو الأسباب أن تكون أسبابا قدح في العقل , و قال بعض العلماء: من طعن في الحركة , يعني , في السعي والكسب والأخذ بالأسباب؛ فقد طعن في السنة، ومن طعن في التوكل؛ فقد طعن في الإيمان.
س15 - ما هي أنواع التوكل؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/10)
اعلم يرعاك الله أن:التوكل ثلاثة أنواع أولها توكل العبادة والخضوع، وهو الإعتماد المطلق على من توكل عليه، بحيث يعتقد أن بيده جلب النفع ودفع الضر، فيعتمد عليه اعتماداً كاملاً، مع شعوره بافتقاره إليه، فهذا يجب إخلاصه لله تعالى، ومن صرفه لغير الله، فهو مشركاً أكبر، كالذين يعتمدون على الصالحين من الأموات والغائبين، وهذا لا يكون إلا ممن يعتقد أن لهؤلاء تصرفاً خفياً في الكون، فيعتمد عليهم في جلب المنافع ودفع المضار. قال تعالى (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) التغابن13 , وقال عز وجل (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) آل عمران159 , وثانيها التوكل على الغير فيما يتصرف المتوكل بحيث ينيب غيره في أمر يجوز فيه النيابة وهو المعروف في باب الوكالة عند الفقهاء فهذا لا باس به بدلالة الكتاب والسنة , والإجماع فقد قال يعقوب لبنيه (يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيه) يوسف87, وأما ما جاء في السنة فهو أكثر من أن يحصى فقد وكل صلى الله عليه وسلم على الصدقة عمالاً ووكل في إثبات الحدود وإقامتها وغيرها كثير, وأما الإجماع فهو معلوم من حيث الجملة , وثالثها الاعتماد على شخص في رزقه ومعاشه وغير ذلك، وهذا من الشرك الأصغر، مثل اعتماد كثير من الناس على وظيفته في حصول رزقه، ولهذا تجد الإنسان يشعر من نفسه أنه معتمد على هذا اعتماد افتقار، فتجد في نفسه من المحاباة لمن يكون هذا الرزق عنده ما هو ظاهر، فهو لم يعتقد أنه مجرد سبب، بل جعله فوق السبب , قال تعالى ?إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًَا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ?الأنفال2 ومما سبق يتضح أن التوكل على غير الله تعالى أقسام: أحدها: التوكل في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله؛ كالتوكل على الأموات والغائبين ونحوهم من الطواغيت في تحقيق المطالب من النصر والحفظ والرزق أو الشفاعة؛ فهذا شرك أكب , ر الثاني: التوكل في الأسباب الظاهرة؛ كمن يتوكل على سلطان أو أمير أو أي شخص حي قادر فيما أقدره الله من عطاء أو دفع أذى ونحو ذلك؛ فهذا شرك أصغر؛ لأنه اعتماد على الشخص , الثالث: التوكل الذي هو إنابة الإنسان من يقوم بعمل عنه مما يقدر عليه كبيع وشراء؛ فهذا جائز، ولكن ليس له أن يعتمد عليه في حصول ما وكل إليه فيه، بل يتوكل على الله في تيسير أموره التي يطلبها بنفسه أو نائبه؛ لأن توكيل الشخص في تحصيل الأمور الجائزة من جملة أسباب، والأسباب لا يعتمد عليها، وإنما يعتمد على الله سبحانه الذي هو مسبب الأسباب وموجد السبب والمسبب.
س16 - ما تعريف الرغبة؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن: الرغبة هي محبة الوصول إلى الشيء المحبوب والدليل على كونها عبادة قوله الله تبارك وتعالى (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) الأنبياء90 , والرغبة لغة هي السعة يقال رغب الشيء أي اتسع , فعلى هذا هي الإرادة الواسعة والقوية وتأتي بمعنى الحرص وهو الإرادة القوية وتأتي بمعنى العطاء الكثير، فإذا كانت في الدعاء فالرغبة فيه إطالته وكثرته والسعة فيه ويسمى دعاء رغبة والإطالة في العبادة تسمى عبادة رغبة.
س17 - متى تكون الرغبة شركاً أكبر ومتى تكون شركاً أصغر؟
اعلم يرعاك الله أن: الرغبة تكون شركاً إذا أكثر إقبال على شخص معين في قضاء الحوائج المحبوبة، فهذا يعتبر شركاً أكبر، مثال: الذي يتردد على القبور ويقبل عليها إذا انتابه شيء من الحوائج المحبوبة فهذا يكون عبادة من دون الله كالذي يكثر طلب حوائجه من الجن والجمادات سواء فيما لا يقدر عليه إلا الله أو غير ذلك , أما لو كثر الإقبال على المخلوقين في طلب الحوائج المحبوبة وهم يقدرون عليها فإن اعتمد عليهم فهذا شرك أصغر وإن لم يعتمد عليهم فهذه من الأمور التي تنقص التوحيد لحديث (لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) البخاري ومسلم.
س18 - ما تعريف الرهبة؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/11)
اعلم يرعاك الله أن: الرهبة هي الخوف المثمر للهرب من المخوف فهي خوف مقرون بعمل , فالرغبة إذاً: نوع من الرجاء وهي أعلاه، والرهبة نوع من الخوف وهو منتهاه، قال تعالى ?إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ?الأنبياء90 , ووجه الاستدلال من الآية أن الله جل وعلا أثنى على الأنبياء والمرسلين الذين ذكرهم في سورة الأنبياء, التي هذه الآية في أواخرها بقوله (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا) , يعني ويدعوننا راغبين, ويدعوننا ذوي رغبة وذوي رهبة وذوي خشوع, وهذا في مقام الثناء عليه؛ الثناء على الأنبياء والمرسلين, وما دام أنه أثنى عليهم فإن هذه العبادات من العبادات المرضية له فتدخل في حد العبادة.
س19 - عرف الخشوع؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن: الخشوع هو الذل والتطامن لعظمة الله بحيث يستسلم لقضائه الكوني والشرعي , واعلم أن الذل أمر لا تستقيم العبادة بغيره، وهو من أركان العبادة العظيمة التي ينشأ عنها الكثير من العبادات القلبية من الإخبات، والإنابة، والتواضع، وغير ذلك من عبادات القلب، ولذلك قال (وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) هذا في بيان مجمل حالهم أنهم خاشعون لله سبحانه وتعالى، فالرغبة رجاء خاص, والرهبة خوف خاص وَجَلٌ خاص، والخشوع هو التطامن والذل, قال تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً) فصلت39، يعني ليس فيها حركة للنبات, ليس فيها حياة؛ متطامنة ذليلة (فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) فصلت39، فالخشوع سكون فيه ذل وخضوع, هذا الخشوع الذي هو نوع من أنواع العبادة, وتلك الرغبة وتلك الرهبة هذه من العبادات القلبية, التي يظهر أثرها على الجوارح.
س20 - عرف الخشية؟
اعلم وفقك الله أن: الخشية نوع من الخوف، لكنها تفارق الخوف بأنها خوف مع علم، ولذلك قال الله سبحانه وتعالى (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) الحشر فالخشية خوف مع علم فهي اخص من الخوف ويتضح الفرق بين الخوف و الخشية بالمثال الأتي إذا خفت من شخص لا تدري هل هو قادر عليك أم لا فهذا خوف، وإذا خفت من شخص تعلم أنه قادر عليك فهذه خشية , قال تعالى (فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي) البقرة
س21 - عرف الإنابة؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن: الإنابة هي الرجوع، وحقيقة الإنابة عكوف القلب على طاعة الله ومحبته والإقبال عليه فهي الرجوع إلى الله بالقيام بطاعته واجتناب معصيته وهي قريبة من معنى التوبة إلا أنها أرق منها لما تشعر به من الاعتماد على الله واللجوء إليه ولا تكون إلا لله تعالى , قال تعالى (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ) الزمر , وهذا الرجوع ليس رجوعا مجردا، ولكنه رجوع للقلب مع تعلقه ورجائه، فحقيقة الإنابة أنها لا تقوم وحدها، فالقلب المنيب إلى الله جل وعلا فإنه يرجع، وقد قام بأنواع من العبودية منها الرجاء والخوف والمحبة ونحو ذلك، فالمنيب إلى الله جل وعلا هو الذي رجع إلى الله جل وعلا عما سوى الله جل وعلا، ولا يكون رجوعه هذا إلا بعد أن يقوم بقلبه أنواع من العبوديات أعظمها المحبة والخوف والرجاء؛ محبة الله, والخوف من الله, والرجاء في الله, فالإنابة صارت عبادة بهذا قال تعالى (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ) الزمر فقال عز وجل (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ) أمراً بالإنابة، وإذ أمر بها فمعنى ذلك أنه يحبها ويرضاها ممن أتى بها، فهي إذن داخلة في تعريف العبادة.
س22 - ما معنى الإستعانة؟
اعلم سددك الله إلى هداه أن: الإستعانة طلب العون، وطلب العون من الله جل وعلا يكون على الأمور الدينية وعلى الأمور الدنيوية. فإن لم يحصل من الله عون للمرء في تحصيل مطلوباته فإنه لا يحصل شيئاً، ولا يصيب غرضاً، وقد ذكره الله في كتابه بعد العبادة لأنها فرع الإقرار بعبودية الله سبحانه وتعالى، فإن من أقرّ بأن الله هو المعبود طلب العون منه وحده، لأن المعبود هو الكامل في أوصافه جل وعلا، (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) فيه إثبات ألوهيته سبحانه وتعالى، (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) فيه إثبات ربوبيته، لأنه إنما يستعان بالمالك الرازق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/12)
المدبر الخالق الذي بيده الأمر وله الأمر كله جلّ وعلا , عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ (يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّه) صححه الألباني , فقوله (إذا استعنت فاستعن بالله) يعني إذا كنت متوجها للاستعانة فلا تستعن بأحد إلا بالله؛ فإذا حصل منك حاجة للاستعانة فاستعن بالله , ولما أمر به علمنا أنه من العبادة.
س23 - ما هي أنواع الإستعانة؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن:الإستعانة خمسة أنواع: أولها الإستعانة بالله وهي: الإستعانة المتضمنة لكمال الذل من العبد لربه، وتفويض الأمر إليه، واعتقاد كفايته وهذه لا تكون إلا لله تعالى ودليلها قوله تعالى (إياك نعبد وإياك نستعين) وعلى هذا يكون صرف هذا النوع لغير الله تعالى شركاً مخرجاً عن الملة , وثانيها الإستعانة بالمخلوق على أمر يقدر عليه فهذه على حسب المستعان عليه فإن كانت على بر فهي جائزة للمستعين مشروعة للمعين لقوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى) المائدة 2 , وإن كانت على مباح فهي جائزة للمستعين والمعين لكن المعين قد يثاب على ذلك ثواب الإحسان إلى الغير ومن ثم تكون في حقه مشروعة لقوله تعالى (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) المائدة , وثالثها: الاستعانة بمخلوق حي حاضر غير قادر فهذه لغو لا طائل تحتها مثل أن يستعين بشخص ضعيف على حمل شيء ثقيل , ورابعها الإستعانة بالأموات مطلقاً أو بالأحياء على أمر الغائب لا يقدرون على مباشرته فهذا شرك لأنه لا يقع إلا من شخص يعتقد أن لهؤلاء تصرفاً خفيا في الكون , وخامسها الإستعانة بالأعمال والأحوال المحبوبة إلى الله تعالى وهذه مشروعة بأمر الله تعالى في قوله (أستعينوا بالصبر والصلواة) البقرة153.
س24 - ما تعريف الاستعاذة؟
اعلم وفقك الله أن: الاستعاذة لغة مأخوذة من العوذ وهي الالتجاء ولذا سميت المعوذتين لأنها تعصمان من السوء فهي طلب الالتجاء , وشرعاً الالتجاء إلى الله قال تعالى (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس) الناس1, فقولنا: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم, معناها ألتجئ وأعتصم وأتحرز بالله من شر الشيطان الرجيم, فإذن الاستعاذة طلب العوذ , طلب المعتصَم, طلب الحِرز, طلب ما يعصم, طلب ما يحمي, هذه الاستعاذة.
س25 - ما هي أنواع الاستعاذة؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن: الاستعاذة أربعة أنواع , الأول: الاستعاذة بالله تعالى وهي المتضمنة لكمال الافتقار إليه والاعتصام به واعتقاد كفايته وتمام حمايته من كل شيء حاضر أو مستقبل، صغير أو كبير، بشر أو غير بشر قال تعالى (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) سورة الفلق , وقال تعالى (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) سورة الناس , الثاني: الاستعاذة بصفة ككلامه وعظمته وعزته ونحو ذلك ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) مسلم , وقوله (أعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي) صححه الألباني , وقوله في دعاء الألم (أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر) صححه الألباني , وقوله (أعوذ برضاك من سخطك) مسلم , وقوله صلى الله عليه وسلم حين نزل قوله تعالى (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم) الأنعام 65 , فقال (أعوذ بوجهك) البخاري , الثالث: الإستعاذة بالأموات أو الأحياء غير الحاضرين القادرين على العوذ فهذا شرك ومنه قوله تعالى (وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً) الجن 6 , الرابع: الإستعاذة بما يمكن العوذ به من المخلوقين من البشر أو الأماكن أو غيرها فهذا جائز ودليله قوله صلى الله عليه وسلم في ذكر الفتن: (من تشرف لها تستشرفه ومن وجد ملجأ أو معاذاً فليعذبه) متفق عليه وقد بين صلى الله عليه وسلم هذا الملجأ والمعاذ بقوله: (فمن كان له إبل فليلحق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/13)
بإبله) مسلم، وفي صحيحه أيضاً عن جابر رضي الله عنه أ، امرأة من بني مخزوم سرقت فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم فعاذت بأم سلمة الحديث، وفي صحيحه أيضاً عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (يعوذ عائذ بالبيت فيبعث إليه بعث) , ولكن إن استعاذ من شر ظالم وجب إيواؤه وإعاذته بقدر الإمكان، وإن استعاذ ليتوصل إلى فعل محظور أو الهرب من واجب حرم إيواؤه.
س26 - عرف الإستغاثة؟
اعلم يرعاك الله أن: الإستغاثة: طلب الغوث, والغوث يُفسر بأنه الإغاثة, المدد، النصرة ونحو ذلك, فإذا وقع مثلا أحد في غرق ينادي أَغثني أغثني, يطلب الإغاثة, يطلب إزالة هذا الشيء, يطلب النصرة قال تعالى (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ) الأنفال9 , ولذا سمى المطر غوثاً لأنه يكشف شدة القحط.
س27 - ما هي أنواع الإستغاثة؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن: الإستغاثة أربعة أقسام: أولها الإستغاثة بالله عز وجل وهي من أفضل الأعمال وأكملها وهو دأب الرسل وأتباعهم قال تعالى (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين) الأنفال , وكان ذلك في غزوة بدر حين نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المشركين في ألف رجل وأصحابه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً فدخل العريش يناشد ربه عز وجل رافعاً يديه مستقبل القبلة يقول (اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض) مسلم , وما زال يستغيث بربه رافعاً يديه حتى سقط رداؤه عن منكبيه فأخذ أبو بكر رضي الله عنه رداءه فألقاه على منكبيه ثم ألتزمه من ورائه، وقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك وعدك فأنزل الله هذه الآية , وثانيها الإستغاثة بالأموات أو بالأحياء غير الحاضرين القادرين على الإغاثة فهذا شرك؛ لأنه لا يفعله إلا من يعتقد أن لهؤلاء تصرفاً خفياً في الكون فيجعل لهم حظاً من الربوبية قال الله تعالى (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أله مع الله قليلاً ما تذكرون) النمل 62 , وثالثها الثالث: الاستغاثة بالأحياء العالمين القادرين على الإغاثة فهذا جائز كالاستعانة بهم قال الله تعالى في قصة موسى (فاستغاثة الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه) القصص15 , ورابعها الاستغاثة بحي غير قادر من غير أن يعتقد أن له قوة خفية مثل أن يستغيث الغريق برجل مشلول فهذا لغو وسخرية بمن استغاث به فيمنع منه لهذه العله، ولعلة أخرى وهي الغريق ربما أغتر بذلك غيره فتوهم أن لهذا المشلول قوة خفية ينقذ بها من الشدة , ومما سبق يتضح أن شروط الاستغاثة بغير الله جل وعلا: أن يكون المستغاث به حيا حاضرا قادرا يسمع.
س28 - ما الفرق بين الإستغاثة والإستعانة والإستعاذة؟
اعلم سددك الله إلى هداه أن: الإستغاثة، والإستعانة، والإستعاذة تختلف باعتبار الحالة والزمن؛ فإذا وقع عليك الشر وطلب النصرة بإزالته فهذه تسمى استغاثة، فنداء الغريق يسمى استغاثة، أما إذا لم يقع عليك الشر حتى الآن لكنه على الطريق أن يقع عليك فطلب أن لا يقع فهذه الاستعاذة، أما في الأمور العادية إذا لم يقع عليك شر ولا تتوقع شراً فإنه يسمى استعانة.
س29 - ما تعريف الذبح؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن: الذبح هو إزهاق الروح بإراقة الدم على وجه مخصوص , والذبح يشمل النحر الخاص ويشمل الذبح الذي هو قسيم النحر لأن النحر هو الطعن بسكين أو بالحَرْبَة، مثل ما يُفعل بالإبل فهي لا تذبح ذبحا، لكن هي تطعن في وَحدتها وإذا طُعنت وحُرِّكت السكين واندثر الدم ماتت , كذلك البقر قد تُنحر , وأما الذبح: فيكون في الغنم من الظأن والماعز وكذلك في البقر.
س30 - ما هي أنواع الذبح؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/14)
اعلم رحمك الله تعالى أن: الذبح يقع على أنواع وهي:الأول أن يقع عبادة بأن يقصد به تعظيم المذبوح له والتذلل له والتقرب إليه فهذا لا يكون إلا لله تعالى على الوجه الذي شرعه الله تعالى، وصرفه لغير الله شرك أكبر ودليله قوله تعالى (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ`لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) الأنعام 162 ـ 163, وقال صلى الله عليه وسلم (لعن الله من ذبح لغير الله) صححه الألباني , الثاني أن يقع إكراماً لضيف أو وليمة لعرس أو نحو ذلك فهذا مأمور به إما وجوباً أو إستحباباً لقوله صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) البخاري ومسلم , الثالث: أن يقع على وجه التمتع بالأكل أو الإتجار به ونحو ذلك فهذا من قسم المباح فالأصل فيه الإباحة لقوله تعالى (أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً فهم لها مالكون * وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون) يس71، 72 , وقد يكون مطلوباً أو منهياً عنه حسبما يكون وسيلة له.
س31 - عرف النذر؟
اعلم وفقك الله أن: النذر هو إيجاب المرء على نفسه شيئا لم يجب عليه، وتارة يكون النذر مطلقا، وتارة يكون بالمقابلة مُقيّد، والنذر المطلق غير مكروه، والنذر المقيد مكروه.
س32 - ما هي أنواع النذر؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن:النذر نوعان: الاول النذر المطلق وهو ماكان بدون مقابل، ومثاله أن يوجب الإنسان على نفسه عبادة لله جل وعلا بدون مقابل، فيقول لله عليَّ نذر، مثلا يقول قائل: لله عليَّ نذر أن أصلّي الليلة عشرة ركعات طويلات. بدون مقابل، هذا إيجاب المرء على نفسه عبادة لم تجب عليه دون أن يقابلها شيء، هذا النوع مطلق، وهذا غير مكروه وهو المقصود بقوله تعالى (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا) الإنسان7 ,والثاني النذر المقيد وهو ما كان عن مقابل، وهو أن يقول قائل مثلا: إن شفى الله جل وعلا مريضي صُمْتُ يوما، إن نجحت في الاختبار صليت ركعتين، هذا مشروط يوجب عبادة على نفسه، مشروطة بشيء يحصل له قدرا، وهذا مكروه كما قال النبي عليه الصلاة والسلام (إنما يُستخرج به من البخيل) البخاري ومسلم , لأن المؤمن المقبل على ربه ما يعبد الله جل وعلا بالمقايضة، يعبد الله جل وعلا ويتقرب إليه لأن الله يستحق ذلك منه، فهذا النوع مكروه والوفاء بالنذر في كلا النوعين واجب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه) البخاري.
س33 - عرف التوسل؟
اعلم أرشدك الله لطاعته أن: التوسل هو التقرب إلى الشيء والتوصل إليه، والوسيلة القربة، قال الله تعالى (وابتغوا إليه الوسيلة) أي القربة إليه سبحانه بطاعته واتباع مرضاته.
س34 - ما هي أنواع التوسل؟
اعلم رحمك الله تعالى أن: التوسل نوعان , مشروع ,وغير مشروع وكل نوع من هذه الأنواع له عدة أقسام سوف نذكرها بشيء من التفصيل.
س35 - هل يشرع التوسل إلى الله تعالى باسم من أسمائه الحسنى أو صفة من صفاته العليا؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أنه: يجوز التوسل إلى الله تعالى باسم من أسمائه الحسنى، أو صفة من صفاته العليا: كأن يقول المسلم في دعائه: اللهم إني أسألك بأنك أنت الرحمن الرحيم، اللطيف الخبير أن تعافيني. أو يقول: أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن ترحمني وتغفر لي. ومثله قول القائل: اللهم إني أسألك بحبك لمحمد صلى الله عليه وسلم. . فإن الحب من صفاته تعالى. ودليل مشروعية هذا التوسل قوله عز وجل (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) الأعراف 180 , والمعنى: ادعوا الله تعالى متوسلين إليه بأسمائه الحسنى. ولا شك أن صفاته العليا عز وجل داخلة في هذا , ومن ذلك ما ذكره الله تعالى من دعاء سليمان عليه السلام حيث قال (قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه، وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين) النمل 19 , ومن الأدلة أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم في أحد أدعيته الثابتة عنه قبل السلام من صلاته صلى الله عليه وسلم (اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/15)
لي ... ) صححه الألباني , ومنها أنه صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول في تشهده (اللهم إني أسألك يا الله الواحد الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد أن تغفر لي ذنوبي، إنك أنت الغفور الرحيم) فقال صلى الله عليه وسلم (قد غفر له قد غفر له) صححه الألباني فهذه الأحاديث وما شابهها تبين مشروعية التوسل إلى الله تعالى باسم من أسمائه أو صفة من صفاته، وأن ذلك مما يحبه الله سبحانه ويرضاه، ولذلك استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله تبارك وتعالى (وما آتاكم الرسول فخذوه) الحشر 8 , فكان من المشروع لنا أن ندعوه سبحانه بما دعاه به رسوله صلى الله عليه وسلم، فذلك خير ألف مرة من الدعاء بأدعية ننشئها، وصيغ نخترعها.
س36 - هل يشرع التوسل إلى الله تعالى بعمل صالح قام به الداعي؟
اعلم يرعاك الله أن: التوسل إلى الله تعالى بعمل صالح قام به الداعي كأن يقول المسلم: اللهم بإيماني بك، ومحبتي لك، واتباعي لرسولك اغفر لي , أو يقول: اللهم إني أسألك بحبي لمحمد صلى الله عليه وسلم وإيماني به أن تفرج عني , ومنه أن يذكر الداعي عملاً صالحاً ذا بال، فيه خوفه من الله سبحانه، وتقواه إياه، وإيثاره رضاه على كلّ شيء، وطاعته له جل شأنه، ثم يتوسل به إلى ربه في دعائه، ليكون أرجى لقبوله وإجابته , وهذا توسل جيد وجميل قد شرعه الله وارتضاه، ويدل على مشروعيته قوله تعالى (الذين يقولون ربنا إننا آمنا، فاغفر لنا ذنوبنا، وقنا عذاب النار) آل عمران 16 , وقوله (إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان: أن آمنوا بربكم فآمنا، ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا، وتوفنا مع الأبرار) آل عمران 193 و 194 , وقوله (إنه كان فريق من عبادي يقولون: ربنا آمنا فاغفر لنا، وارحمنا، وأنت خير الراحمين) المؤمنون 109, وأمثال هذه الآيات الكريمات المباركات. وكذلك يدل على مشروعية هذا النوع من التوسل ما رواه بُريدة بن الحُصيب رضي الله عنه حيث قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول (اللهم إني أسألك بأني أشهد أن أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد)، فقال (قد سأل الله باسمه الأعظم، الذي إذا سئل به أعطي، وإذا دعي به أجاب) صححه الألباني , ومن ذلك ما تضمنته قصة أصحاب الغار، كما يرويها عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (خَرَجَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ يَمْشُونَ فَأَصَابَهُمْ الْمَطَرُ فَدَخَلُوا فِي غَارٍ فِي جَبَلٍ فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ قَالَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ادْعُوا اللَّهَ بِأَفْضَلِ عَمَلٍ عَمِلْتُمُوهُ فَقَالَ أَحَدُهُمْ اللَّهُمَّ إِنِّي كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَرْعَى ثُمَّ أَجِيءُ فَأَحْلُبُ فَأَجِيءُ بِالْحِلَابِ فَآتِي بِهِ أَبَوَيَّ فَيَشْرَبَانِ ثُمَّ أَسْقِي الصِّبْيَةَ وَأَهْلِي وَامْرَأَتِي فَاحْتَبَسْتُ لَيْلَةً فَجِئْتُ فَإِذَا هُمَا نَائِمَانِ قَالَ فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ رِجْلَيَّ فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِي وَدَأْبَهُمَا حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ قَالَ فَفُرِجَ عَنْهُمْ وَقَالَ الْآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أُحِبُّ امْرَأَةً مِنْ بَنَاتِ عَمِّي كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرَّجُلُ النِّسَاءَ فَقَالَتْ لَا تَنَالُ ذَلِكَ مِنْهَا حَتَّى تُعْطِيَهَا مِائَةَ دِينَارٍ فَسَعَيْتُ فِيهَا حَتَّى جَمَعْتُهَا فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ فَقُمْتُ وَتَرَكْتُهَا فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً قَالَ فَفَرَجَ عَنْهُمْ الثُّلُثَيْنِ وَقَالَ الْآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقٍ مِنْ ذُرَةٍ فَأَعْطَيْتُهُ وَأَبَى ذَاكَ أَنْ يَأْخُذَ فَعَمَدْتُ إِلَى ذَلِكَ الْفَرَقِ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/16)
فَزَرَعْتُهُ حَتَّى اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيهَا ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَعْطِنِي حَقِّي فَقُلْتُ انْطَلِقْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ وَرَاعِيهَا فَإِنَّهَا لَكَ فَقَالَ أَتَسْتَهْزِئُ بِي قَالَ فَقُلْتُ مَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ وَلَكِنَّهَا لَكَ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا فَكُشِفَ عَنْهُمْ) متفق عليه.
س37 - ما حكم التوسل إلى الله تعالى بدعاء الرجل الصالح؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن: التوسل إلى الله تعالى بدعاء الرجل الصالح كأن يقع المسلم في ضيق شديد، أو تحل به مصيبة كبيرة ويعلم من نفسه التفريط في جنب الله تبارك وتعالى، فيجب أن يأخذ بسبب قوي إلى الله، فيذهب إلى رجل يعتقد فيه الصلاح والتقوى، أو الفضل والعلم بالكتاب والسنة. فيطلب منه أن يدعوا له ربه. ليفرج عنه كربه، ويزيل عنه همه. فهذا نوع آخر من التوسل المشروع، دلت عليه الشريعة المطهرة، وأرشدت إليه، وقد وردت أمثلة منه في السنة الشريفة، كما وقعت نماذج منه من فعل الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم، فمن ذلك ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه حيث قال (أَصَابَتْ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَ الْمَالُ وَجَاعَ الْعِيَالُ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا وَضَعَهَا حَتَّى ثَارَ السَّحَابُ أَمْثَالَ الْجِبَالِ ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ وَمِنْ الْغَدِ وَبَعْدَ الْغَدِ وَالَّذِي يَلِيهِ حَتَّى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى وَقَامَ ذَلِكَ الْأَعْرَابِيُّ أَوْ قَالَ غَيْرُهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَهَدَّمَ الْبِنَاءُ وَغَرِقَ الْمَالُ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا فَمَا يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنْ السَّحَابِ إِلَّا انْفَرَجَتْ وَصَارَتْ الْمَدِينَةُ مِثْلَ الْجَوْبَةِ وَسَالَ الْوَادِي قَنَاةُ شَهْرًا وَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَّا حَدَّثَ بِالْجَوْدِ) البخاري ومسلم.
س38 - ما هو التوسل غير المشروع؟
اعلم يرعاك الله أن:ما عدا الأنواع المذكورة في التوسل المشروع فيعتبر توسلاً غير مشروع كالتوسل بطلب الدعاء والشفاعة من الأموات والتوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم، والتوسل بذوات المخلوقين أو حقهم.
س39 - ما تعريف الشفاعة لغة وشرعاٌ؟
اعلم رحمك الله تعالى أن: الشفاعة لغة اسم من شفع يشفع، إذا جعل الشيء اثنين، والشفع ضد الوتر، قال تعالى (والشفع والوتر) , الشفاعة اصطلاحا التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة , مثال جلب المنفعة شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الجنة بدخولها , مثال دفعة المضرة شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لمن استحق النار أن لا يدخلها.
س40 - ما هي أنواع الشفاعة؟
اعلم وفقك الله أن:الشفاعة تنقسم إلى قسمين رئيسيين، هما: الشفاعة الخاصة بالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , الشفاعة العامة له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولجميع المؤمنين وسوف نبين كل قسم من هذه الأقسام.
س41 - ما هي الشفاعة الخاصة بالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/17)
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن: الشفاعة الخاصة بالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنواع وهي: النوع الأول: الشفاعة العظمى، وهي من المقام المحمود الذي وعده الله، فإن الناس يلحقهم يوم القيامة في ذلك الموقف العظيم من الغم والكرب ما لا يطيقونه، فيقول بعضهم لبعض: (اطلبوا من يشفع لنا عند الله، فيذهبون إلى آدم أبي البشر، فيذكرون من أوصافه التي ميزه الله بها: أن الله خلقه بيده، وأسجد له ملائكته، وعلمه أسماء كل شيء، فيقولون: اشفع لنا عند ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟! فيعتذر لأنه عصى الله بأكله من الشجرة، ومعلوم أن الشافع إذا كان عنده شيء يخدش كرامته عند المشفوع إليه، فإنه لا يشفع لخجله من ذلك، مع أن آدم عليه السلام قد تاب الله عليه واجتباه وهداه، قال تعالى (وعصى آدم ربه فغوى * ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى) طه121،122، لكن لقوة حيائه من الله اعتذر , ثم يذهبون إلى نوح، ويذكرون من أوصافه التي امتاز بها بأنه أول رسول أرسله الله إلى الأرض، فيعتذر بأنه سأل الله ما ليس له به علم حين قال (رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين) هود 45 , ثم يذهبون إلى عيسى عليه الصلاة والسلام، فيذكرون من أوصافه ما يقتضي أن يشفع، فلا يعتذر بشيء، لكن يحيل إلى من هو أعلى مقاماً، فيقول: اذهبوا إلى محمد، عبد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيحيلهم إلى محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دون أن يذكر عذراً يحول بينه وبين الشفاعة فيأتون محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيشفع إلى الله ليريح أهل الموقف) البخاري ومسلم , الثاني شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أهل الجنة أن يدخلوها، لأنهم إذا عبروا الصراط ووصلوا إليها وجدوها مغلقة، فيطلبون من يشفع لهم، فيشفع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الله في فتح أبواب الجنة لأهلها، ويشير إلى ذلك قوله تعالى (حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها) الزمر 73، فقال (وفتحت)، فهناك شيء محذوف، أي: وحصل ما حصل من الشفاعة، وفتحت الأبواب، أما النار، فقال فيها: (حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها). الثالث: شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عمه أبي طالب أن يخفف عنه العذاب، وهذه مستثناة من قوله تعالى (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) المدثر 48، وقوله تعالى (يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً) طه 109، وذلك لما كان لأبي طالب من نصرة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودفاع عنه، وهو لم يخرج من النار، لكن خفف عنه حتى صار - والعياذ بالله - في ضحضاح من نار، وعليه نعلان يغلي منهما دماغه، وهذه الشفاعة خاصة بالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا أحد يشفع في كافر أبداً إلا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومع ذلك لم تقبل الشفاعة كاملة، وإنما هي تخفيف فقط.
س42 - ما هي الشفاعة العامة؟
اعلم أرشدك الله لطاعته أن: الشفاعة العامة له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولجميع المؤمنين أنواع هي: النوع الأول: الشفاعة فيمن استحق النار أن لا يدخلها وهذه قد يستدل لها بقول الرسول صلى الله عليه وسلم (ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً، إلا شفعهم الله فيه) مسلم , النوع الثاني الشفاعة فيمن دخل النار أن يخرج منها وقد تواترت بها الأحاديث وأجمع عليها الصحابة , النوع الثالث الشفاعة في رفع درجات المؤمنين وهذه تؤخذ من دعاء المؤمنين بعضهم لبعض كما قال صلى الله عليه وسلم في أبي سلمة (اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، وأفسح له في قبره، ونور له فيه، واخلفه في عقبه)، والدعاء شفاعة، كما قال صلى الله عليه وسلم (ما من مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً، إلا شفعهم الله فيه) صححه الألباني.
س43 - عرف الولاء والبراء؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/18)
اعلم يرعاك الله أن: أصل الدين أن من دخل في (لا إله إلا الله) فإنه يحب هذه الكلمة وما دلت عليه من التوحيد، ويحب أهلها، ويُبغض الشرك المناقض لهذه الكلمة، ويبغض أهله , فكلمة الولاء والبراء هي معنى الموالاة والمعاداة، وهي بمعنى الحب والبغض، فإذا قيل الولاء والبراء في الله هو بمعنى الحب والبُغض في الله وهو بمعنى الموالاة والمعاداة في الله، فإذا أحبَّ القلبُ الشرك صار مواليا للشرك، وإذا أحب القلبُ أهل الشرك صار مواليا لأهل الشرك، كذلك إذا أحب القلبُ الإيمان صار مواليا لأهل الإيمان، وإذا أحب القلبُ اللهَ صار مواليا لله، وإذا أحب القلبُ الرسول صلى الله عليه وسلم صار مواليا للرسول صلى الله عليه وسلم وإذا أحب القلبُ المؤمنين صار مواليا ووليا للمؤمنين وموالاة المشركين والكفار محرمة وكبيرة من الكبائر، وقد تصل بصاحبها إلى الكفر والشرك، فمن أصول العقيدة الإسلامية أنه يجب على كل مسلم يدين بهذه العقيدة أن يوالي أهلها ويعادي أعداءها فيحب أهل التوحيد والإخلاص ويواليهم، ويبغض أهل الإشراك ويعاديهم، وذلك من ملة إبراهيم والذين معه، الذين أمرنا بالاقتداء بهم، حيث يقول سبحانه وتعالى (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاءٌ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) , وهو من دين محمد عليه الصلاة والسلام. قال تعالى (لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
س44 - ما هي أقسام الولاء؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن: الولاء لها معنيين فقد تكون بمعنى التولِّي , أو بمعنى المولاة ,فالتولِّي معناه محبة الشرك وأهل الشرك (لاحظ الواو) يعني يحب الشرك وأهل الشرك جميعا مجتمعة، أو أن لا يحب الشرك ولكن ينصرُ المشركَ على المسلم، قاصدا ظهور الشرك على الإسلام، هذا الكفر الأكبر الذي إذا فعله مسلم صار رِدَّة في حقه والعياذ بالله , والموالاة المحرّمة من جنس محبة المشركين والكفار، لأجل دنياهم، أو لأجل قراباتهم، أو لنحو ذلك وضابطه أن تكون محبة أهل الشرك لأجل الدنيا، ولا يكون معها نصرة؛ لأنه إذا كان معها نصرة على مسلم بقصد ظهور الشرك على الإسلام صار توليا، وهو في القسم المُكَفِّر، فإن أحب المشرك والكافر لدنيا وصار معه نوع موالاة لأجل الدنيا، فهذا محرم ومعصية، وليس كفرا.
الدرس السادس الشرك وأنواعه
س1 - عرف الشرك؟
اعلم حفظك الله من كل مكروه أن: الشرك هو جعل شريك لله تعالى في ربوبيته أو ألوهيته أو أسمائه وصفاته.
س2 - لماذا الشرك من أعظم الذنوب؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن: الشرك أعظم الذنوب؛ لأن الله تعالى أخبر أنه لا مغفرة لمن لم يتب منه، مع أنه سبحانه كتب على نفسه الرحمة، وذلك يوجب للعبد شدة الحذر وشدة الخوف من الشرك الذي هذا شأنه، ويحمله على معرفته لتوقيه، لأنه أقبح القبيح وأظلم الظلم , قال تعالى (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)، وذلك لأنه تنقص لله عز وجل، ومساواته لغيره به؛ كما قال تعالى (الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدلون) , وقال تعالى (فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)؛ لأن الشرك مناقض للمقصود بالخلق والأمر من كل وجه بالله عز وجل؛ فقد شبه المخلوق بالخالق، وأقبح التشبيه تشبيه العاجز الفقير بالذات بالقادر الغني بالذات عن جميع المخلووقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من الشرك، وسد كل الطرق التي تفضي إليه؛ فقد بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم وحالة العرب بل وحالة أهل الأرض كلهم إلا بقايا من أهل الكتاب كانت على أسوإ حالة، كما قال تعالى (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/19)
س3 - ما هي أنواع الشرك؟
اعلم حفظك الله أن:الشرك نوعان: شركاً أكبر , وشركاً أصغر وإليك التفصيل في هذا.
س4 - ما هو الشرك الأكبر وما هي أنواعه وما حكم من وقع فيه؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن: الشرك أكبر يُخرج من الملة، ويخلَّدُ صاحبُهُ في النار، إذا مات ولم يتب منه، وهو صرفُ شيء من أنواع العبادة لغير الله، كدعاء غير الله، والتقرب بالذبائح والنذور لغير الله من القبور والجن والشياطين، والخوف من الموتى أو الجن أو الشياطين أن يضروه أو يُمرضوه، ورجاء غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله من قضاء الحاجات، وتفريج الكُربات، مما يُمارسُ الآن حولَ الأضرحة المبنية على قبور الأولياء والصالحين، قال تعالى: (وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعََا عِندَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) يونس18.
س5 - ما هو الشرك الأصغر وما هي أنواعه؟
اعلم يرعاك الله أن: الشرك الأصغر لا يخرج من الملة, لكنه ينقص التوحيد، وهو وسيلة إلى الشرك الأكبر، وهو قسمان: القسم الأول: شرك ظاهر على اللسان والجوارح وهو: ألفاظ وأفعال، فالألفاظ كالحلف بغير الله، قال صلى الله عليه وسلم (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) صححه الألباني , وقول: ما شاء الله وشئت، قال صلى الله عليه وسلم: لما قال له رجل: ما شاء الله وشئت، فقال (أجعلتني لله نِدًّا؟! قُلْ: ما شاءَ الله وحده) صححه الألباني , وقول: لولا الله وفلان، والصوابُ أن يُقالَ: ما شاءَ الله ثُمَّ شاء، لأن (ثم) تفيدُ الترتيب مع التراخي، وتجعلُ مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله، كما قال تعالى (وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) , وأما الأفعال فمثل لبس الحلقة والخيط لرفع البلاء أو دفعه، ومثل تعليق التمائم خوفًا من العين وغيرها؛ إذا اعتقد أن هذه أسباب لرفع البلاء أو دفعه، فهذا شرك أصغر؛ لأن الله لم يجعل هذه أسبابًا، أما إن اعتقد أنها تدفع أو ترفع البلاء بنفسها؛ فهذا شرك أكبر لأنتَعلَّق بغير الله. القسم الثاني من الشرك الأصغر: شرك خفي وهو الشرك في الإرادات والنيات، كالرياء والسمعة، كأن يعمل عملًا مما يتقرب به إلى الله؛ يريد به ثناء الناس عليه، كأنه يُحسن صلاته، أو يتصدق؛ لأجل أن يُمدح ويُثنى عليه، أو يتلفظ بالذكر ويحسن صوته بالتلاوة لأجل أن يسمع الناس، فيُثنوا عليه ويمدحوه. والرياء إذا خالط العمل أبطله، قال الله تعالى (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) , وقال النبي صلى الله عليه وسلم (أخوفُ ما أخافُ عليكم الشرك الأصغر قالوا: يا رسول الله، وما الشرك الأصغر؟ قال الرياء) صححه الألباني.
الدرس السابع الكفر وأنواعه
س1 - عرف الكفر لغة وشرعاُ؟
اعلم يرعاك الله أن: الكفر لغة التغطية والستر , الكفر شرعًا ضد الإيمان، فإن الكفر عدم الإيمان بالله ورسله، سواء كان معه تكذيب، أو لم يكن معه تكذيب، بل مجرد شك وريب أو إعراض أو حسد، أو كبر أو اتباع لبعض الأهواء الصادة عن اتابع الرسالة , وإن كان المكذب أعظم كفرًا، وكذلك الجاحدُ والمكذِّب حسدًا؛ مع استيقان صدق الرسل.
س2 - ما هي أنواع الكفر؟
اعلم سددك الله إلى هداه أن: الكفر نوعان: أكبر , وأصغر وإليك التفصيل في هذا.
س3 - ما هو الكفر الأكبر وما هي وأنوعه؟
اعلم حفظك الله من كل مكروه أن: الكفر الأكبر المخرج من الملة، خمسة أقسام: القسم الأول كُفرُ التَّكذيب، والدَّليلُ: قوله تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ) العنكبوت 68 , القسم الثاني كفر الإباء والاستكبار مع التصديق، والدليل قوله تعالى (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) البقرة 34 , القسم الثالث: كفرُ الشّكِّ، وهو كفر الظّنّ، والدليل قوله تعالى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/20)
(وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْرًا ما مُنقَلَبًا * قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا * لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا) الكهف 35 - 38 , القسم الرابع: كفرُ الإعراضِ، والدليلُ قولُه تعالى (وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنذِرُوا مُعْرِضُونَ) الأحقاف 3 , القسم الخامس: كفرُ النّفاقِ، والدليلُ قوله تعالى (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) المنافقين 3.
س4 - ما هو الكفر الأصغر وما هي وأنواعه؟
اعلم يرعاك الله أن: الكفرٌ الأصغرُ لا يُخرجُ من الملة، وهو الكفرُ العملي، وهو الذنوب التي وردت تسميتها في الكتاب والسنة كُفرًا، وهي لا تصلُ إلى حدِّ الكفر الأكبر، مثل كفر النعمة المذكور في قوله تعالى (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ) النحل 112 , ومثلُ قتال المسلم المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم (سباب المسلمِ فُسوقٌ، وقتالُه كفر) رواه البخاري ومسلم , وفي قوله صلى الله عليه وسلم (لا تَرجعوا بعدي كُفَّارًا يضربُ بعضكم رقابَ بعض) رواه الشيخان , فهذا الكفر ليس بمخرج عن الملة وأنما هو من الكفر الأصغر.
الدرس الثامن النفاق وأنواعه
س1 - عرف النفاق لغة وشرعاٌ؟
اعلم حفظك الله من كل مكروه أنه: النفاق لغة: مصدر نافق، يُقال: نافق يُنافق نفاقًا ومنافقة، وهو مأخوذ من النافقاء: أحد مخارج اليربوع من جحره؛ فإنه إذا طلب من مخرج هرب إلى الآخر، وخرج منه، وقيل: هو من النفق وهو: السِّرُ الذي يستو أما النفاق في الشرع فمعناه: إظهارُ الإسلام والخير، وإبطانُ الكفر والشر؛ سمي بذلك لأنه يدخل في الشرع من باب، ويخرج منه من باب آخر، وعلى ذلك نبه الله تعالى بقوله (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) التوبة 67 ,أي: الخارجون من الشرع.
س2 - المنافقين شرًّا من الكافرين أذكر الدليل؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن:الله سبحانه وتعالى جعل المنافقين شراً من الكافرين فقال عز وجل (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) النساء 145 , وقال تعالى (يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضًا وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) البقرة 9،10.
س3 - ما هي أنواع النفاق؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن: النفاق نوعان: النفاقُ ألاعتقادي , و النفاق العملي , وسوف نتعرف على كل نوع في الأبواب القادمة.
س4 - عرف النفاق الاعتقادي وأذكر أنوعه؟
اعلم حفظك الله من كل مكروه أن: النفاقُ الاعتقادي: وهو النفاق الأكبر الذي يُظهر صاحبه الإسلام، ويُبطن الكفر، وهذا النوع مخرج من الدين بالكلية، وصاحبه في الدرك الأسفل من النار، وقد وصَفَ الله أهله بصفات الشر كلها: من الكفر وعدم الإيمان، والاستهزاء بالدين وأهله، والسخرية منهم، وهؤلاء مَوجودون في كل زمان، ولا سيما عندما تظهر قوة الإسلام ولا يستطيعون مقاومته في الظاهر، وهذا النفاق ستة أنواع1 ـ تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم , 2 ـ تكذيب بعض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسل , 3 ـ بُغضُ الرسول صلى الله عليه وسلم , 4 ـ بغضُ بعض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم , 5 ـ المسرَّة بانخفاض دين الرسول صلى الله عليه وسلم , 6 ـ الكراهية لانتصار دين الرسول صلى الله عليه وسلم.
س5 - ما هو النفاق العملي وما هي وأنوعه؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/21)
اعلم حفظك الله أن:النفاق العملي وهو عمل شيء من أعمال المنافقين؛ مع بقاء الإيمان في القلب، وهذا لا يُخرج من الملة، لكنه وسيلة إلى ذلك، وصاحبه يكونُ فيه إيمان ونفاق، وإذا كثر؛ صارَ بسببه منافقًا خالصًا، والدليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم (أربع من كُنَّ فيه كانَ منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها؛ إذا أؤتمن خان، وإذا حدّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر) متفق عليه , فمن اجتمعت فيه هذه الخصال الأربع، فقد اجتمع فيه الشر، وخلصت فيه نعوت المنافقين، ومَن كانت فيه واحدة منها صار فيه خصلة من النفاق، فإنه قد يجتمع في العبد خصال خير، وخصال شر، وخصال إيمان، وخصال كفر ونفاق، ويستحق من الثواب والعقاب بحسب ما قام به من موجبات ذلك.
الدرس التاسع الطاغوت وأنواعه
س1 - عرف الطاغوت؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن: الطاغوت هو كل ما تجاوز به العبد حده من معبود، أو متبوع، أو مطاع.
س2 - ما هي أنواع الطواغيت؟
اعلم يرعاك الله أن: الطواغيت كثيرة ورؤسهم خمسة , أولها إبليس هو الشيطان الرجيم اللعين وكان إبليس مع الملائكة صحبتهم يعمل بعملهم، ولما أمر بالسجود لآدم ظهر ما فيه من الخبث والإباء والإستكبار فأبى وأستكبر وكان من الكافرين فطرد من رحمة , فقال الله له (وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين) ص 78 ,وثانيها من عبد وهو راض أي عبد من دون الله وهو راض أن يعبد من دون الله فإنه من رؤوس الطواغيت والعياذ بالله وسواء عبد في حياته أو بعد مماته إذا مات وهو راض بذلك , ثالثها من دعا الناس إلى عبادة نفسه أي من دعا الناس إلى عبادة نفسه وإن لم يعبدوه فإنه من رؤوس الطواغيت سواء أجيب لما دعا إليه أم لم يجيب , ورابعها من أدعى شيئاً من علم الغيب الغيب ما غاب عن الإنسان وهو نوعان:
واقع، ومستقبل , فغيب الواقع نسبي يكون لشخص معلوماً ولآخر مجهولاً، وغيب المستقبل حقيقي لا يكون معلوماً لأحد إلا الله وحده أو من أطلعه عليه من الرسل فمن أدعى علمه فهو كافر لأنه مكذب لله عز وجل ولرسوله، قال الله تعالى (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون) النمل65 , وخامسها من حكم بغير ما أنزل الله , فالحكم بما أنزل الله تعالى من توحيد الربوبية؛ لأنه تنفيذ لحكم الله الذي هو مقتضى ربوبيته، وكمال ملكه وتصرفه، ولهذا سمى الله تعالى المتبوعين في غير ما أنزل الله تعالى أربابا لمتبعيتهم فقال سبحانه (أتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون) التوبة، 31، فسمى الله تعالى المتبوعين أربابا حيث جعلوا مشرعين مع الله تعالى، وسمى المتبعين عباداً حيث إنهم ذلوا لهم وأطاعوهم في مخالفة حكم الله سبحانه وتعالى.
الدرس العاشر الردة وأنواعها
س1 - عرف الردة لغة وشرعاُ؟
اعلم يرعاك الله أن: الردة لغة: الرجوع، قال تعالى (وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ) المائدة 21 , أي: لا ترجعوا، والردة في الاصطلاح الشرعي هي: الكفرُ بعد الإسلام، قال تعالى: (وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ َالِدُونَ) البقرة 21.
س2 - ما هي أنواع الردة؟
اعلم سددك الله إلى هداه أن: الردة تحصل بارتكاب ناقضٍ من نواقضِ الإسلام، ونواقضُ الإسلام كثيرة ترجع إلى أربعة أقسام، هي: 1 - الردة بالقول: كسبِّ الله تعالى، أو رسوله صلى الله عليه وسلم، أو ملائكته، أو أحد من رسله. أو ادّعاء علم الغيب، أو ادّعاء النبوة، أو تصديق من يدعيها. أو دعاء غير الله، أو الاستعانة به فيما لا يقدر عليه إلا الله، والاستعاذة به في 2 - الردة بالفعل: كالسجود للصنم والشجر، والحجر والقبور، والذبح لها. وإلقاء المصحف في المواطن القذرة، وعمل السحر، وتعلمه وتعليمه، والحكم بغير ما أنزل الله معتقدًا حل3 - الردة بالاعتقاد، كاعتقاد الشريك لله، أو أن الزنا والخمر والربا حلال، أو أن الخبز حرام، وأن الصلاة غير واجبة، ونحو ذلك مما أُجمع على حله، أو حرمته أو وجوبه، إجماعًا قطعيًّا، ومثله لا يجهله. 4 - الردة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/22)
بالشك في شيء مما سبق، كمن شكَّ في تحريم الشرك، أو تحريم الزنا والخمر، أو في حل الخبز، أو شك في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم أو رسالة غيره من الأنبياء، أو في صدقه، أو في دين الإسلام، أو في صلاحيته لهذا الزمان. 5 - الردة بالترك، كمن ترك الصلاة متعمدًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم (بين العبد وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) رواه مسلم , وغيره من الأدلة على كفر تارك الصلاة.
الدرس الحادي عشر الفسق
س1 - عرف الفسق لغة وشرعاُ؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن: الفسق لغة هو الخروج. الفسق شرعًا الخروج عن طاعة الله، وهو يشمل الخروج الكلي، فيقالُ للكافر فاسق، والخروج الجزئي؛ فيقال للمؤمن المرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب فاسق , ومن التعريف يتضح أن الفسق فسقان فسق ينقل عن الملة، وهو الكفر، فيسمى الكافر فاسقًا، فقد ذكر الله إبليس فقال (فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) الكهف 50 , وكان ذلك الفسق منه كُفرًا , وقال الله تعالى (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ) , يريد الكفار، دلَّ على ذلك قوله (كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ) السجدة 20 , ويُسمَّى مرتكب الكبيرة من المسلمين: فاسقًا، ولم يُخرجهُ فسقُهُ من الإسلام، قال الله تعالى (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) النور4 , وقال تعالى (فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ) البقرة 196 , وقال العلماء في تفسير الفسوق هنا: هو المعاصي.
الدرس الثاني عشر الضلال
س1 - ما هي الضلالة وما أنواعها؟
اعلم سددك الله إلى هداه أن: الضلال: العدول عن الطريق المستقيم، وهو ضد الهداية، قال تعالى (مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا) الإسراء 15 , والضلالُ يطلق على عدة معان: فتارةً يُطلقُ على الكفر، قال تعالى (وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلًا بَعِيدًا) النساء 136 , وتارة يُطلقُ على الشرك، قال تعالى (وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلًا بَعِيدًا) النساء 116 , وتارة يُطلقُ على المخالفة التي هي دون الكفر، كما يقال: الفرق الضالة: أي المخالفة , وتارة يُطلق على الخطأ، ومنه قولُ موسى عليه السلام (فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) الشعراء 20 , وتارةً يُطلقُ على النسيان، ومنه قوله تعالى (أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى) البقرة 282 , ويُطلقُ الضلالُ على الضياع والغيبة، ومنه: ضالة الإبل.
الدرس الثالث عشر السحر وأنواعه
س1 - عرف السحر وأذكر أنواعها؟
اعلم يرعاك الله أن: السحر لغة ما خفي ولطف سببه، ومنه سمي السَّحَر لأخر الليل، لأن الأفعال التي تقع فيه تكون خفية، وكذلك سمي السحور، لما يؤكل في آخر الليل، لأنه يكون خفياً، فكل شيء خفي سببه يسمى سحراً, وأما في الشرع، فإنه ينقسم إلى قسمين: الأول: عقد ورقي، أي: قراءات وطلاسم يتوصل بها الساحر إلى استخدام الشياطين فيما يريد به ضرر المسحور، لكن قد قال الله تعالى (وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله) البقرة 102 , الثاني: أدوية وعقاقير تؤثر على بدن المسحور وعقله وإرادته وميله، فتجده ينصرف ويميل، وهو ما يسمى عندهم بالصرف والعطف , فيجعلون الإنسان ينعطف على زوجته أو امرأة أخرى، حتى يكون كالبهيمة تقوده كما تشاء، والصرف بالعكس من ذلك فيؤثر في بدن المسحور بإضعافه شيئاً فشيئاً حتى يهلك , وفي تصوره بأن يتخيل الأشياء على خلاف ما هي عليه , وفي عقله، فربما يصل إلى الجنون والعياذ بالله , فالنوع الأول شرك، وهو الذي يكون بواسطة الشياطين، يعبدهم ويتقرب إليهم ليسلطهم على المسحور , و الثاني عدوان، وفسق وهو الذي يكون بواسطة الأدوية والعقاقير ونحوها.
الدرس الرابع عشر الكهان والعراف
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/23)
س1 - ما هي الكهانة وما العرافة وما حكم كلاٌ منهما في الدين؟
اعلم سددك الله إلى هداه أن: الكهان جمع كاهن، والكهنة أيضاً جمع كاهن، وهم قوم يكونون في أحياء العرب يتحاكم الناس إليهم، وتتصل بهم الشياطين، وتخبرهم عما كان في السماء، تسترق السمع من السماء، وتخبر الكاهن به، ثم الكاهن يضيف إلى هذا الخبر ما يضيف من الأخبار الكاذبة، ويخبر الناس، فإذا وقع مما أخبر به شيء، اعتقده الناس عالماً بالغيب، فصاروا يتحاكمون إليهم , قال تعالى (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ) الشعراء 221، 223 , والكهانة لا تخلو من الشرك؛ لأنها تَقَرُّبٌ إلى الشياطين بما يحبون؛ فهي شرك في الربوبية من حيث ادعاء مشاركة الله في علمه، وشرك في الألوهية من حيث التقرب إلى غير الله بشيء من العبادة , قال صلى الله عليه وسلم (من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول؛ فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم) صححه الألباني , أما العراف فهي صيغة مبالغة من العارف، أو نسبة، أي من ينتسب إلى العرافة والعراف قيل هو الكاهن وهو الذي يخبر عن المستقبل وقيل هو اسم عام للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم.
الدرس الخامس عشر النشرة وأنواعها
س1 - عرف النشرة لغة وشرعاٌ؟
اعلم يرعاك الله أن: النشرة لغة بضم النون فعلة من النشر، وهو التفريق ,النشرة الاصطلاح حل السحر عن المسحور.
س2 - ما هي أنواع النشرة؟
اعلم وفقك الله أن: النشرة نوعين: الأول حل بسحر مثله وهو الذي من عمل الشيطان , الثاني النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية والدعوات المباحة، فهذا جائز.
الدرس السادس عشر الرقى وأنواعها
س1 - عرف الرقى؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن: الرقى: جمع رقية، والرقية معروفة قد كانت العرب تستعملها، وحقيقتها أنها أدعية وألفاظ تٌقال أو تتلا ثم يُنْفَثُ بها، ومنها ما له أثر عضوي في البدن، ومنها ما له أثر على الأرواح، ومنها ما هو جائز مشروع، ومنها ما هو شرك ,والنبي عليه الصلاة والسلام رَقَى ورُقِيَ؛ رقى غيره ورَقى نفسه عليه الصلاة والسلام ورُقي أيضا؛ رقاه جبريل ورقته عائشة ونحو ذلك.
س2 - ما هي أنواع الرقى؟
اعلم يرعاك الله أن: الرقى نوعين: النوع الأول: ما كان خاليًا من الشِّرك، بأن يُقرأ على المريض شيء من القرآن، أو يُعَوَّذ بأسماء الله وصفاته؛ فهذا مُباح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد رَقى وأمر بالرُّقية وأجازها، فعن عوف بن مالك قال: كنا نرقي في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله، ك في ذلك؟ فقال (اعرِضوا عليَّ رُقاكُم، لا بأسَ بالرقى ما لم تكن شركًا) مسلم , النوع الثاني: ما لم يخلُ من الشّرك: وهي الرقى التي يُستعانُ فيها بغير الله، من دعاء غير الله والاستغاثة والاستعاذة به، كالرقى بأسماء الجن، أو بأسماء الملائكة والأنبياء والصالحين؛ فهذا دعاء لغير الله، وهُوَ شركٌ أكبر. أو يكون بغير اللسان العربي، ا لا يُعرف معناه؛ لأنه يُخشى أن يدخلها كفر أو شرك ولا يُعلمُ عنه؛ فهذا النوع من الرقية ممنوع.
س3 - ما هي الشروط لجواز الرقى؟
اعلم سددك الله إلى هداه أن: الرقية تجوز بثلاثة شروط: أولها أن تكون بالقرآن أو بأسماء الله أو بصفاته , والثانية أن تكون بالكلام العربي أي بلسان عربي مفهوم؛ يُعلم معناه , والثالثة أن لا يعتقد أنها تنفع بنفسها؛ بل الله جل وعلا هو الذي ينفع بالرقى.
الدرس السابع عشر التمائم وأنواعها
س1 - عرف التمائم؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن: التمائم جمع تميمة، و هي ما يعلق بأعناق الصبيان؛ لدفع العين، و قد يعلق على الكبار من الرجال و النساء , وسميت تميمة، لأنهم يرون أنه يتم بها دفع العين.
س2 - ما هي أنواع التمائم؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/24)
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن:التمائم نوعين: النوع الأول من التمائم ما كان من القرآن؛ بأن يكتب آيات من القرآن، أو من أسماء الله وصفاته، ويعلقها للاستشفاء بها؛ فهذا النوع قد اختلف فيه العلماءُ في حكم تعليقه على قولين: القول الأول: الجواز القول الثاني: المنع من ذلك , والقول الصحيح عدم الجواز وذلك لما يأتي: قوله صلى الله عليه وسلم (إن الرقى و التمائم و التولة شرك) , وهذا النهي عام و لا مخصص له , سد الذريعة فإنها تفضي إلى تعليق ما ليس مباحًا , أنه إذا علق شيئًا من القرآن، فقد يمتهنه المعلق بحمله معه في حال قضاء الحاجة و الاستنجاء و نحو ذلك , والنوع الثاني ما كان من غير القرآن كالخرز و العظام و الودع و الخيوط و النعال و المسامير، و أسماء الشياطين و الجن و الطلاسم، فهذا محرم قطعًا، و هو من الشرك؛ لأنه تعلق على غير الله سبحانه وأسمائه و صفاته و آياته، و في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم (من تعلق شيئًا وكل إليه).
الدرس الثامن عشر الغلو و الإطراء
س1 - ما هو الغلو وما الإطراء؟
اعلم أرشدك الله لطاعته أن: الغلو هو تجاوز الحد، يقال غلا غلوا، إذا تجاوز الحد في القدر، قال تعالى (لا تغلوا في دينكم) أي لا تتجاوزوا الحد والمراد بالغلو في حق النبي صلى الله عليه وسلم مجاوزة الحد في قدره؛ بأن يرفع فوق مرتبة العبودية والرسالة، و يجعل له شيء من خصائص الإلهية، بأن يدعى ويستغاث به من دون الله، ويحلف به , والإطراء هو مجاوزة الحد في المدح، و الكذب فيه، و المراد بالإطراء في حقه صلى الله عليه وسلم أن يزاد في مدحه، فقد نهى صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله و رسوله) أي لا تمدحوني بالباطل، و لا تجاوزوا الحد في مدحي، كما غلت النصارى في عيسى عليه السلام فادعوا فيه الألوهية، و صفوني بما و صفني به ربي، فقولوا عبد الله و رسوله.
الدرس التاسع عشر البدعة وأنواعها
س1 - عرف البدعة؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن: مأخوذة من البَدْع، وهو الاختراع على غير مثال سابق، ومنه قوله تعالى (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) البقرة117 , أي مخترعها على غير مثال سابق، قوله تعالى (قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ) لأحقاف9 , أي ما كنت أول من جاء بالرسالة من الله إلى العباد، بل تقدمني كثير من الرسل , ويقال: ابتدع فلان بدعة، يعني: ابتدأ طريقة لم يسبق إليها.
س2 - ما هي أنواع البدعة؟
اعلم هداك الله لما يحب ويرضى أن:الابتداع على قسمين: ابتداع في العادات كابتداع المخترعات الحديثة، وهذا مباح؛ لأن الأصل في العادات الإباحة , وابتداع في الدين، وهذا مُحرَّم؛ لأن الأصل فيه التوقيف، قال صلى الله عليه وسلم (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) رواه البخاري ومسلم، وفي رواية (من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد) مسلم.
س3 - ما هي أنواع البدعة في الدين؟
اعلم يرعاك الله أن: البدعة في الدين نوعان: النوع الأول: بدعة قوليّة اعتقاديّة , كمقالات الجهميّة والمعتزلة والرّافضة، وسائر الفرق الضّالّة، واعتقاداتهم , النوع الثاني: بدعة في العبادات , كالتّعبّد لله بعبادة لم يشرعها، وهي أقسام: القسم الأول: ما يكون في أصل العبادة: بأن يحدث عبادة ليس لها أصل في الشرع، كأن يحدث صلاة غير مشروعة أو صيامًا غير مشروع أصلًا، أو أعيادًا غير مشروعة كأعياد الموالد وغيرها , القسم الثاني: ما يكون من الزيادة في العبادة المشروعة، كما لو زاد ركعة خامسة في صلاة الظهر أو العصر مثلًا , القسم الثالث: ما يكون في صفة أداء العبادة المشروعة؛ بأن يؤديها على صفة غير مشروعة، وذلك كأداء الأفكار المشروعة بأصوات جماعية مُطربة، وكالتشديد على النفس في العبادات إلى حد يخرج عن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم , القسم الرابع: ما يكون بتخصيص وقت للعبادة المشروعة؛ لم يخصصه الشرع كتخصيص يوم النصف من شعبان وليلته بصيام وقيام، فإن أصل الصيام والقيام مشروع، ولكن تخصيصه بوقت من الأوقات يحتاج إلى دليل.
س4 - ما حكم البدعة في الدين بجميع أنواعها؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن: كل بدعة في الدين فهي محرمة وضلالة، لقوله صلى الله عليه وسلم (وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) [رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح]، وقوله صلى الله عليه وسلم (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وفي رواية (من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد) مسلم , فدل الحديثان على أن كل محدث في الدين فهو بدعة، وكل بدعة ضلالة مردودة، ولكن التحريم يتفاوت بحسب نوعية البدعة، فمنها ما هو كفر صراح، كالطواف بالقبور تقرّبًا إلى أصحابها، وتقديم الذبائح والنذور لها، ودعاء أصحابها، والاستغاثة بهم، وكأقوال غلاة الجهمية والمعتزلة. ومنها ما هو من وسائل الشرك، كالبناء على القبور والصلاة والدعاء لها، ومنها ما هو فسق اعتقادي كبدعة الخوارج والقدرية والمرجئة في أقوالهم واعتقاداتهم المخالفة للأدلة الشرعية، ومنها ما هو معصية كبدعة التبتل والصيام قائمًا في الشمس، والإخصاء بقصد قطع شهوة الجماع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/25)
ـ[ابو الحسن الأكاديري]ــــــــ[15 - 01 - 06, 03:41 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
هده الموسوعة شبيهة بكتاب الحافظ الحكمي رحمه الله أعلام السنة
المنشورة
ـ[عبدالله البخاري]ــــــــ[15 - 01 - 06, 04:24 ص]ـ
جزاك الله خير أخي أبو سند محمد(33/26)
تحفة الطحاوي
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[07 - 01 - 06, 09:37 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تحفة الطحاوي
المسمى
التحفة الفيفية في اعتقاد الفرقة المرضية
نظم
سلمان بن محمد الحكمي الفيفي
وفقه الله
وقد سبق بحمد الله أن نشرت نظماً آخر للعقيدة الطحاوي على هذا الرابط
بُلْغة اَلْرَاوِي نَظْم عَقِيْدَة اَلْطَحَاوي للشيخ عبدالعزيز البجادي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=69045)
ملاحظة هامة: سأنقل الأبيات تباعاً بإذن الله ثم سأضع الأبيات على ملف وورد
1 يَقُولُ مَنْ يَرْجو ثَوابَ الباري - مُصَلّياً عَلى النّبي المُختارِ
2 ما ذُكِرَ الرَّحمنُ في الأَقْطارِ - وَزَيّنَ السّماءَ نجمٌ ساري
3 وَبَعْدَ حَمْدِ مُسْتَحِّقِ الحَمْدِ - المُعْتَلي عَنْ شَبَهٍ وَنِدِّ
4 يقولُ سلمانُ سليلُ فيفا - إِليكَ نظماً كالأَريجِ عَرْفا
5 سَمَّيْتُهُ بالتُّحْفَةِ الفيفيَّهْ - فيه اعتقادُ الفرقةِ المرضيّةْ
6 جَعَلْتُهُ لي حجةً وَسَبَبا - لكي أَنالَ في الجِنانِ الرُّتَبا
7 فَكَمْ مِنَ الأَخْطاءِ قَدْ أَتيتُ - وَكَمْ عَلى نَفسيَ قَدْ جَنَيتُ
8 لكنني أَرْجو إِلهاً يغفرُ - وَلِذنوبي وَعيوبي يَسْتُرُ
9 عَلى غِرَارِ تحفةِ الطحاوي - نظمتُهُ وزِدْتُ وَهْوَ حاوي
10 مسائلاً جاليةَ الأَفْهامِ - تُقَرِّبُ الطالبَ للمرامِ
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[15 - 01 - 06, 12:21 ص]ـ
جزاك الله خيرا يا اخي علي هذا الجهد الطيب
بارك الله فيك
ـ[عبدالله البخاري]ــــــــ[15 - 01 - 06, 03:19 ص]ـ
الله يجزاك خير أخي أبو مهند
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[15 - 01 - 06, 02:26 م]ـ
جزاكم الله خيراً وأسأل على الإعانة على إتمامها
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[22 - 01 - 06, 11:01 م]ـ
11 يا سالِكاً طريقَ أَهْلِ السُّنَّةِ - إِلْزَم كتابَ ذي العطا وَالمِنّةِ
12 وَسُنَةَ النبيِّ خير الأَنبيا - وَافْهم كفهمِ الأَصْفياءِ الأَوْفيا
13 السلفِ الصالحِ أتباعِ النبيْ - مَشْرَبُهُم أَنْعِم بِهِ مِنْ مَشْرَبِ
14 وَادْعُ لِمَ نَضَّرَ مَذهَبَ السلفْ - كيما يكونَ واضحاً عند الخلفْ
15 فَوَرَدَتْ عقيدةُ الكِرامِ - واضحةً في كُتُبِ الإِمامِ
16 أَعْني ابنَ تيميةَ حَبْرَ العُلَما - قريعةَ الدهرِ الإِمامَ العَلَما
17 وَفارِسَ المعقولِ وَالْمَنْقولِ - المقتفي لسنةِ الرسولِ
18 فَهْم كتاب الله ثم السُّنَّةْ - طريقُهُ في نصر أَهْلِ السُّنَّةْ
19 وَيَرْحَمُ الرَّحمنُ ذلِكَ العلَمْ - الزاهِدَ العابِدَ قِمَّةَ القِمَمْ
20 وَنُشْهِدُ الله عَلى محبتِهْ - رَزَقَنا الله جميعاً جَنَّتَهْ
21 أَقولُ في توحيد ربِّ الخلقِ - مسترشْداً يا صاحبي بالحقِّ
22 أَنَّ الإِلهَ لاَ شَريكَ معهُ - يُخْشى ويُرْجى ضرُّه أَوْ نَفعُهُ
23 وَهكذا التوحيدُ يا أَخانا - فاسْتَقْرِىءِ السنة والقرآنا
24 تَجِد ثلاثةً مِنْ الأَقْسامِ - أَوَّلُها خالٍ مِنْ الخِصامِ
25 وَهو الربوبيةُ قَدْ أَقرَّبهِ ْ - المشركونَ فاسْتَفِقْ بَلْ وَانْتَبِهْ
26 ثُمَّ الأُلوهيةُ مَنْ أَنْكَرَها - عَنِ الجِنانِ مبعَدٌ وَأَهْلِها
27 مُنْكِرُها يكفرُ بالرَّحمنِ - وَخالدٌ ياصاحِ في النيرانِ
28 بَعْدَهما الأَسْماءُ وَالصفاتُ - وَالحقُّ في ذاكَ هوَ الإِثْباتُ
29 مِنْ غيرِ تَحْريفٍ وَلاَ تَعْطيلِ - وَدونَ تَكْييفٍ وَلاَ تَمْثيلِ
30 سبحانَ مَنْ لاَ قَبْلَه منْ شيءِ - كذاكَ ليسَ بَعْدَه مِنْ شيءِ
31 اللهُ لاَ يَفْنى وَلاَ يبيدُ - وَلاَ يَكونُ غيرُ ما يريدُ
32 وَجلَّ أَنْ تبلغَهُ الأَوْهامُ - كذاكَ أَنْ تدرِكَهُ الأَفْهامُ
33 سبحانَ مَنْ لاَ يشبِهُ الأَناما - وَعزَّ ربُّ العَرْشِ أَنْ يناما
34 أَوْجَدَ ما أَوْجَدَ دونَ حاجةِ - وَرَزَقَ الخلقَ بِلاَ مؤُونَةِ
35 وكلُّ خلقهِ لَهُ فقيرُ - وكلُّ أَمرٍ شاءَهُ يسيرُ
36 سبحانَ مَنْ أَمَرَنا بطاعتِهْ - وَجلَّ مَنْ نَهانا عَنْ معصيتِهْ
37 يهدي الذي يشاءُ وَهْوَ فضلُ - وَيَبْتَلي البعضَ وَذاكَ عدلُ
38 وَلاَ يُرَدُّ ما بِهِ اللهُ قَضى - وَكُلُّ أَمْرٍ في الكتابِ قَدْ مَضى
39 وَأُشْهِدُ اللهَ بِأَنَّ المُصْطفى - رسولُ ربِّ العَرْشِ وَهْوَ المُرْتَضى
40 وَهو النبيُّ وَالْخَليلُ المُجْتَبى - فضّله اللهُ عَلى كل الوَرَى
41 وَكُل دعوى بَعْده فَهيَ هَوَى - لأَنَّه جاء إِلى كل الوَرَى
42 للإِنْسِ وَالجِنِّ النبيُّ أُرْسِل - وَهْوَ عَلى كل العِبادِ فُضِّلَ
43 وَاعْلَمْ بأَنَّ اللهَ موصوفٌ بِما - ذكره في قوله وَأَعْلَمَ
44 بِأَنَّ ذا القرآنَ مِنْ كلاَمِهِ - وَقالَهُ الأَخْيارُ مِنْ أَنامِهِ
45 وَمَنْ يَقُلْ بِأَنَّهُ قَوْلُ البَشَرْ - فَذلِكَ الخَسْرانُ مِنْ أَهلِ سَقَرْ
46 ورؤْيةٌ لصاحبِ التوحيدِ - ثابتةٌ يا صاحبَ المزيدِ
47 رؤْيتُنا له كرؤْيةِ الْبَدرْ - سبحانَهُ وَجلَّ عاليَ القَدَرْ
48 تَواتَرَتْ بِذلكَ الأَخْبارُ - نَقَلها الأَئِمةُ الأَطْهارُ
49 لاَ تَسْمَعَنْ فَلْسَفةَ المعتزلهْ - فَهيَ وَرَبِّ الكونِ صاحِ مهْزَلَهْيتبع إن شاء الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/27)
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[23 - 01 - 06, 12:37 ص]ـ
50 كذلِكَ الإِسْراءُ للأَقْصى شَهِدْ - بِذلِكَ القرآنُ فاقرأْ ما وَرَدْ
51 وَبَعْدَهُ الِمْعراجُ للسماءِ - تباركَ الكريمُ ذو النعماءِ
52 ثمَ ارْتَقى إِلى السماواتِ العُلاْ - في عزةٍ ما نالها أَهْلُ المَلاْ
53 وَبَلَغَ النبيُّ أَفْضلَ الأَمَمْ - في مَوْضعٍ يسمعُ تَصريفَ القَلَمْ
54 وَلَمْ يَزِغْ بصرهُ وما طَغى - فيا لَهُ مِنْ خُلُقٍ وَمِنْ وَفى
55 نَفَسي الفِداءُ ثمّ أُمي وَأَبي - لصاحِبِ المعراجِ أَحمدَ النبيْ
56 وَالْحَوْضُ حقٌ ثابتٌ بِلاَ امْتِراء - إِجْماعُ أَهْلِ الحقِّ فيه ظَهرا
57 عَنْ بِضْعةٍ مِنْ الصحابِ قَدْ أَتَى - مِنْ بعد خمسينَ فَسَلِّمْ يا فَتَى
58 وَمِنْهُمُ الراشدونَ الأَوْفيا - أَفْضَلُ خلقِ اللهِ بَعد الأَنْبيا
59 وَنُؤْمِنَنْ يا صاحِ بالشفاعَة - وَأَنَّها عِنْدَ قيامِ الساعةْ
60 وَهيَ عَلى قسمينِ فاسْمَعْ ما بِهِ - يزول عَنكَ الجهلُ بل وَانْتَبِهِ
61 أَوَلها منفيةٌ شركيةُ - لَيْسَ لها يومَ القضاءِ قيمةُ
62 كفعل أَهْلِ الجهلِ بالقبورِ - وَطَلَبِ الأَصْنامِ وَالصخورِ
63 ثانيها ثابِتَةْ الأَدِلّةِ - نَسْأَلها مِنْ خالقِ الأَهِلَّةِ
64 لاَ تَسْأَلَنَ مِنْ غيره يا صاحِ - إِنْ شئتَ أَنْ تؤَوبَ بِالفلاحِ
65 ثمَّ لها شرطانِ يا صاحِ هُما - الإِذنُ والرِّضا بنصٍّ فُهِما
66 وَهاكَ مِنها صاحِ أَقساماً أَتَتْ - كاللؤْلؤِ المَكْنونِ حينما بَدَتْ
67 قَدْ خُصَّ مِنها خيرُ خَلْقِ اللهِ - بِالموْقفِ المحمودِ عندَ اللهِ
68 يَسْأَلُ فيها ربَّهُ فَصْلَ القَضا - لَهُ لواءٌ تحته من قَدْ مَضى
69 وَمَنْ سيأْتي بَعْدَه يا رَبَّنا - فاغْفِر لنا وَاجْعَلْهُ شَفَّاعاً لَنا
70 ثمَ دخولُ جنةٍ لأَهْلِها - فَهْوَ إِمامٌ للذي يَدْخُلُها
71 كذلِكَ التخْفيفُ عَنْ عمِّ النبي - فاقرأْ هُديتَ ما أَتى في الكُتُبِ
72 ثمَّ شفاعاتٌ وَغيرُهُ لَهُ - مشاركٌ مِمَّنْ تسامى حالُهُ
73 كقومٍ استحقوا النيرانا - لكنهم قَدْ وَحَّدوا الديانا
74 كذاكَ قومٌ دخلوا جهنَّما - وَشْرطُ ذاكَ أَنْ تكونَ مُسْلِما
75 كذاكَ رَفْعُ العبدِ رفعاً عاليا - وَخصّها البعضُ بخير الأَنبيا
76 وَصاحِبُ الكبيرةِ الموحّدْ - تشمله عَنْ النبي أَحمدْ
77 مَنْ جاءَ بالتوحيد وَهْوَ مسلمُ - مهما يَنَلْ فإِنَّهُ سَيَسْلَمُ
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[23 - 01 - 06, 01:09 ص]ـ
78 كذلِكَ الميثاقُ حقُّ واردُ - فاقرأْ حديثاً قَدْ رواهُ أَحمدُ
79 عَنْ ابنِ عباسِ الإِمامِ الأَلْمعي - عَنْ خير خلق اللهِ فاسْتَغْفِرْ تَعِ
80 وَالتِّرْمذيُّ عَنْ أَبي هريرَهْ - فاسْمَعْ هداكَ عالِمُ السريرَه
81 وَالطَبريُّ قالَ في التفسيرِ - وَابن كثيرٍ قالَ في كثيرِ
82 مِنْ أَخْذِ ربِّ العَرْشِ للميثاقِ - سبحانَ ربِّ البَعثِ وَالتلاقي
83 وَنُؤْمِنَنْ يا إِخْوَتاه بِالقَدَرْ - في مُسْلِم فاقْرأْ كلامَ ابنِ عُمَرْ
84 لَوْ يُنْفِقَنَّ عَبْدُهُ مِثْلَ أُحُدْ - لَرَدَّهُ اللهُ إِذا كان جَحَدْ
85 سُبحانَ مَنْ يعلم أَهلَ النَّارِ - كذاكَ أَهْلَ الجنةِ الأَبْرارِ
86 قَدَّرَهُ مِنْ قبل خَلْقِ البَشَرِ - فَلاَ يزيدُ ما قَضى بِالقَدرِ
87 كذاكَ لاَ يَنْقُصُ ذلِكَ العَدَدْ - وَبِالقضاءِ مَنْ شَقى وَمَنْ سَعَدْ
88 وَجَلَّ ربُّ العرشِ أَنْ يظلِمنا - قَدْ أَوْضَحَ الطريقَ إِذْ مَيّزَنا
89 وَكُلّنا مُيَسَّرُ لِما خُلِقْ - فاعْمَلْ وَرَجِّ الفوزَ مِنْ رَبِّ الفَلَقْ
90 قَدْ شاءَ رَبي الْخَيْرَ دِيْناً فاعْلَمِ - والشَرَّ كوناً فاسْتَفِقْ وَسَلّمِ
91 وَالْعِلمُ علمٌ في الوَرى موجودٌ - وآخرٌ يا صاحبي مفقودُ
92 فالعِلمُ بالغيبِ مِنْ اخْتِصاصِهِ - ومُدعيهِ كافرٌ بِنَصِّهِ
93 لاَ يَعْلَمُ الغيبَ نبيُّ مُرْسَلُ - أَوْ مَلَكٌ سُواكَ يا مَنْ يُسْأَلُ
94 في الإفك ما درى نبي الأمة - حتى أتى الوحي لكشف الغمة
95 مما يَدلُّ أَنّ عِلْمَ الغَيبِ - يا صاحبي مِنْ اخْتِصاص رَبي
96 لاَ تُنْكِرَنَّ يا أخانا القَلَما - وَما بِهِ يا صاحبي قَدْ رُقِما
97 فَلَوْ خَلاَئِقُ الإِلهِ اجْتَمَعَتْ - لِضُرِّ عَبْدٍ واحِدٍ ما قَدَرَتْ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/28)
98 أَوْ نَفْعِهِ فافْهَمْ هديتَ للعَمَلْ - إِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ خُطَّ قبلُ في الأَزَلْ
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[23 - 01 - 06, 04:08 ص]ـ
99 واقْرأَ وصيةَ الإِمامِ المُرْتَضَى - محمدِ البشيرِ وهو المُجْتَبَى
100 في التِّرْمِذي عن ابنِ عباسِ الذكي - فإِنَّ مَنْ حقَّقها لَمْ يَشْتَكِ
101 هيَ احْفظِ اللهَ لكيما يَحْفَظَكْ - تَجِدْهُ في كلِّ الأُمورِ يَنْصُركْ
102 وإِنْ سَأَلْتَ فاسأَلِ الكريما - ولُذْ بِهِ ليكشُفَ المُلِما
103 إِنْ اسْتَعَنْتَ فاسْتَعِنْ بِخالِقِكْ - فغيرُهُ يا صاحبي سَيَخْذُلُكْ
104 وَإِنْ جميعُ الخلقِ طُرًّا أَجْمَعوا - لضُرِّ عبدٍ أَوْ لِنَفْعِهِ أَتَوا
105 ما كانَ إِلاَّ ما أَراد اللهُ - وَهَلْ يُرَدُّ ما قضاهُ اللهُ
106 وَزادنا الإِمامُ في المسند ما - قَدْ صَحَّ فادعُ يا أَخي للعُلَما
107 فإِنَّما النصرُ مع الصَبر أَتى - وَفَرجٌ مِنْ بَعْدِ كَرْبٍ يا فَتَى
108 كذاكَ إِنَّ الْيُسْرَ بَعْدَ الُعْسِر - لاَ يُفلِحُ العَبْدُ بغيرِ الصبرِ
109 مراتبُ الإِيمان صاحِ بالقَدَرْ - كُنْ واعياً لتبقَى عاليَ القَدَرْ
110 عِلْمٌ كتابةٌ فَكُنْ لي سامِعاً - مشيئةٌ وَالْخَلْقُ فازَ مَنْ وَعَى
111 تقديره سبحانه نوعانِ - عامٌ وخاصٌ فاسْتَمِعْ بياني
112 فالعامُ ما دُوِّنَ مِنْ كُلِّ سَعيْ - يعمُّ كُلَّ كائِنٍ فافْهَمْ تَعِ
113 يعمُّ كلَّ الخَلْقِ فارْجُ رَحْمَتهْ - قَدْ فازَ مَنْ سَعَى فنال جَنَّتَهْ
114 والخاصُّ تفصيلٌ لِما تَقَدَّمَ - مَنْ لاَزَمَ الوْحيينِ ما تَنَدَّمَ
115 أَوَّلُها العُمْريُّ مِثل ما أَتى - عَنْ ابنِ مسعودٍ فَرضِّ يا فَتَى
116 والثاني الحَوْليُّ فاسمع ما صَدَرْ - عَنْ ربنا في شأْنِ لَيْلَةِ القَدَر
117 ثالِثُهَا اليومي وَلْتَعَلمْ بِأَنْ - في كُلِّ يومٍ وَالعَظيمُ في شَأْنْ
118 سبحانَه مؤَيِّدٌ بالروحِ - نَبِيَّهُ وَخالِقٌ لِلَّوحِ
119 خَلَقَهُ مِنْ دُرَّةٍ بيضاءَ - بِدُفَّتَيْ ياقوتَةٍ حَمْراءَ
120 جَعَلَهُ نوراً كتاباً قَلَما - وَعَرْضُهُ ما بينَ أَرْضٍ وَسَما
121 أَوْرَدَهُ المبجَّلُ الصنعاني - وَحاكِمٌ فادعُ لذي البيانِ
122 وَالطَبَرانيُّ عَنْ ابنِ المنذِرِ - عَنْ ابنِ عَباسِ ابنِ عَمِّ المُنْذِرِ
123 وَالْعَرْشُ وَالْكُرْسيُّ ثابتانِ - فانظُرْ هداكَ اللهُ للقُرآنِ
124 كذاكَ في السُّنَّةِ أَيضاً قَدْ وَرَدْ - سبحانَ ربٍّ خالِقٍ فَرْدٍ صَمَدْ
125 نقولُ ما قالَ إِلهُ الكَوْنِ - مِنِ اسْتِوائِهِ بغيره مَيْنِ
126 وَلاَ نُحَرِّفُ الكتابَ كَلاَّ - وَبَعضُ خلقِ اللهِ فيهِ ضَلَّ
127 بعضُ طوائِفُ الضلاَلِ قَالَ - إِنَّ اسْتِواءَهُ بمعنى اسْتَولَى
128 وَذاكُمُ مِنْ أَعْظَمِ الأَخْطاءِ - قائِلُهُ يوصَفُ بالغَباءِ
129 فَلَيسَ في الكتابِ ما يؤَيدُهْ - وَلَيسَ في السُّنةَّ ِما يُعَضِّدُهْ
130 وَضِدُّهُ ما قالَه أَهلُ اللغَةْ - وكُلُّها لِما افْتراهُ دامِغَهْ
131 وَصاحِبُ الخلِّة إِبْراهيمُ - مثبتةٌ وَثبتَ التَكْليمُ
132 لِعْبِدِه موسى بِلاَ تحريفِ - وَدونَ تَشْبيهٍ وَلاَ تَكْييفِ
133 وَعَبْدُهُ محمدٌ قَدْ ثَبَتَتْ - خُلَّتُهُ وفي الصَّحيحِ قَدْ أَتَتْ
134 نَقَلها أَبو سعيدِ الخُدْريْ - عَنْ خيرِ خَلْقِ اللهِ صاحِ فادرِ
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[23 - 01 - 06, 10:23 م]ـ
135 ونُؤْمِنن يا صاحِ بِالملائكَهْ - فاشْهَدْ بِهِ لِيَثْبُتَنْ إِيمانُكَ
136 وَبِالنَّبيينَ وَكلِّ الكُتُبِ - مُصَدقينَ دونَ أَدْنى ريبِ
137 بِالبَعْثِ نُؤْمِنَنْ وَبِالنُّشورِ - سَيُبْعَثُ الخلقُ مِن القُبورِ
138 وَلاَ نُكَفِّرنَّ بِالذُّنوبِ - وَجلَّ مِنْ يخلو مِنْ العيوبِ
139 لكِنَّ هذا ناقِصُ الإِيمانِ مهدَّدٌ مِنْ خالِقِ الأَكْوانِ
140 وَهْوَ إِذا اسْتَحَلَّهُ صاحِ كَفَرْ - لِكونِهِ مُكَذِّباًً ربَّ البَشَرْ
141 نَخْشى عَلى المسيءِ صاحِ زَلَّتَهْ - وَنَرْجُوَنْ لِلْمُحْسنينَ رَحْمَتَهْ
142 وَنَشْهَدَنْ لِلصالحينَ الكُرَما - بِالفوْزِ في العمومِ صاح فاعْلَما
143 وَالكافِرونَ في لَظَى النيرانِ - كَما أَتاكَ صاحِ في القرآنِ
144 وَإِنْ أَرَدْتَ الحقَّ في الإِيمانِ - فإِنَّهُ الإِقرارُ بِالِلسانِ
145 وَقَبْلَهُ التصديقُ بالجَنانِ - وَمَعهُ الأَفْعالُ بِالأَرْكانِ
146 وَبِاخْتِصارٍ فَهْوَ إِعْتِقادُ - قوٌل وَفِعْلٌ فُهِمَ المرادُ
147 وَلَيسَ في الإِيمانِ كلُّ يستويْ - فَبَعْضهم إِيمانُه صاح قويْ
148 يَزيدُ بِالطاعَةِ إِيمانُ العَبدْ - وَيَنْقُصَنَّ بِالمعاصي فاسْتَفِدْ
149 وَإِنْ تولاَّكَ أَميرٌ فاسقْ - فَصَلِّ خَلْفَهُ وَلاَ تُشاقِقْ
150 لاَ تَتْركِ الصَّلاَةَ خَلْفَ الأُمَرا - روى البخاريُّ عَنِ ابنِ عُمَرَ
151 بِأَنَّهُ صلَّى مَعَ الحجاجِ - وَهْوَ إِمامُهُ بِلاَ لحاجِي
152 وَإِنْ يَكُنْ غيرُ أَميرٍ لاَ تَسَلْ - عَنِ العَقيدةِ التي لها انْتَحَلْ
153 وَإِنْ يَكُنْ أَظْهر أَمراً مُبْتَدَعْ - ثمَ دعَا لَهُ فيا صاحِ امْتَنِعْ
154 إِذا وَجَدْتَ غيرَهُ إِماما - فإِنْ عَدِمْتَ فَدَعِ الخِصاما
155 وَصَلِّ خَلْفَهُ بِلاَ كراههْ - وَلاَ تُخالِفْ يا أَخي الصحابَةْ
156 وَيَنْبَغي أَنْ يُهْجَرَ المبتدِعُ - لَعَلَّهُ عَنْ فِعلِهِ يَرْتَدِعُ
157 وَإِنْ تَرى في هَجْرِهِ مَصْلَحةً - وَلاَ يضيعُ هاجرٌ جماعةً
158 فهذه مصلحةٌ شرعيّةٌ - كذاكُمُ فائِدةٌ مَرْعيةٌ
يتبع إن شاء الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/29)
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[23 - 01 - 06, 11:39 م]ـ
159 نُحِبُّ في اللهِ عبادَ اللهِ - وَنَكْرَهُ الفسوقَ وَالمَلاَهي
160 بِقُرْبِهِ لِرَبِّه نُحِبُّهُ - كذا بِقدْرِ بُعْدِهِ نُبْغِضُهُ
161 نُحِبُّ أَهْلَ العَدْلِ وَالأَمانَةْ - نبغضُ أَهْلَ الجورِ وَالخيانَةْ
162 وَما عَلَيْنا عِلْمُهُ تَشَابَهْ - وَما دَرى أَحدُنا جوابَهْ
163 نَردُّهُ لخالقِ الأَكْوانِ - وَعَالِم الإِسرارِ والإِعْلاَنِ
164 تواتَرَ المسحُ عَلى الخُفينِ - فيما أَتى عَنْ صاحبِ التَبيينِ
165 والحجُّ وَالجِهادُ باقيانِ - فافْهَمْ هُدِيتَ سُبُلَ البيانِ
166 مَع الأَميرِ صالحاً أَوْ طالحاً - وَالرافضيْ كانَ لهذا ناطحا
167 فاسْلُكْ هُديتَ سُبُلَ السَّلاَمِ - فَهيَ الطريقُ لأُولي الأَحْلاَمِ
168 وَدَعْ كلامَ الرافضي وَما افْتَروا - فَهْوَ لعَمْرُ اللهِ قولٌ منكرُ
169 يُريدُ أَنْ يُعَطَّلَ الجِهادُ - ليُنْشَرَ الفسادُ والإِلحادُ
170 فيا لَه مِنْ أَحْمَقٍ غبيّ - مُعارِضٍ لسنةِ النبيّ
171 وَنُؤْمِنَنَّ بِالكِرامِ الكاتبينْ - وَنُشْهِدُ اللهَ عَلى صِدْقِ اليقينْ
172 وَمَلَكُ الموتِ الذي قَدْ وكِلَ - ليقبضَ الأَرْواحَ مِنْ كُلِّ المَلاَ
173 وَبِعذابِ القبرِ مؤْمنينا - عساهُ مِنْ عذابه يقينا
174 وَمُنكرٌ ومعهُ نَكيرُ - ثَبَّتَنَا إِلهُنا القديرُ
175 عَنْ ربنا وديننا سَنُسْأَلْ - كذاكَ عَنْ نبينا فَلْنَعْمَلْ
176 لتِلْكُمُ الأَهْوالِ وَالشدائِدْ - هَلْ تائِبٌ وَمقبلٌ وَعائِدْ
177 وَالْقَبرُ إِمَّا رَوْضة الجَنانِ - أَوْ حفرةٌ مُشْعَلَةُ النيرانِ
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[24 - 01 - 06, 02:34 ص]ـ
178 وَنُؤْمِنَنْ بِالبَعْثِ وَالحِسابِ - وَبالثوابِ صاحِ وَالعِقاب
179 بعثٌ نشورٌ محشرُ العبادِ - قيامُنا للملِكِ الجوادِ
180 وَالْعَرضُ مِنْ مراتِبِ المَعادِ - تطايُرُ الصُحْفِ إِلى الأَيادي
181 ونَؤْمِنَنْ يا صاحِ بِالميزانِ - الويلُ للشَقيِّ وَالْخَسْرانِ
182 وَالوَزْنُ حقٌ ما بِهِ تطفيفُ - فَكَمْ ثقيلٍ حينها خفيفُ
183 وَكَمْ نَحيلٍ كابنِ مسعودِ الندي - فَساقُهُ في حينها كَأُحدِ
184 لسانُهُ بِالذكرِ لايَمَلُّ - حِكْمَتهُ يا صاحِ لاتُمَلُّ
185 وَبِالصِّراطِ نُؤْمِنَنْ يا صاحِ - وَيلٌ لقالٍ دينَهُ وَلاَحِ
186 سَيُنْصَبُ الصراطُ فوقَ النّارِ - أَشدُّ مِنْ جمرٍ وَمِنْ بَتَّارِ
187 أَدَقُّ مِنْ شَعَرَةٍ يا صاحِ - لاَ يَنْجُوَنْ إِلاَّ أُولو الصلاحِ
188 ذاك لَعمريْ مَوْقِفٌ عسيرٌ - فَرُسُلُ الإِلهِ تَسْتَجيرُ
189 يا ربِّ سَلِّمْ إِنَّهُ لمأْزِقُ - مِنْ شِدةِ الهَوْلِ يشيبُ المفرِقُ
190 فَبَعْضُهُمْ مرورُهُ لَمْحُ البَصَرْ - وَالبَعْضُ كالبَرقِ عَنِ اللّمحِ قَصرْ
191 وَبَعْضُهُمْ كالريحِ يجني مَنْ غَرَسْ - وَبَعْضُهُم مرورُهُ مثلُ الفَرَسْ
192 يَمُرُّهُ البعضُ كَرُكاَّبِ الإِبِلْ - وَالبَعْضُ يعدو فاسْلُكَنْ خَيْرَ السُّبُلْ
193 والبعْضُ يمشي فاسْتَعِذْ بالباري - يا مؤْمِناً مِنْ شرِ حرِّ النارِ
194 وَالبَعْضُ زاحفٌ وَبَعْضٌ يُخْتَطَفْ - لَمّ يَنْجُ إِلاَّ مَنْ بِهِ اللهُ لَطُفْ
195 وَبَعْدَه قَطْرَةٌ لِمَنْ سَعَدْ - لتصفوَ النفوسُ فاقْرأَ ما وَرَدْ
196 مِنْ غِلِّ دارِ الموتِ والفناءِ - ليدخلوا في غايةِ الصفاءِ
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[25 - 01 - 06, 04:10 ص]ـ
197 وَأُشْهُدُ اللهَ بِأَنَّ الجنَّةْ - مخلوقَةٌ في قولِ أَهْلِ السُّنَّهْ
198 وَهْيَ مآلُ مَنْ لربهِ اتقَىْ - وَخافَ مِنْ خالقه يومَ الشَّقَا
199 فيها مِنْ النعيمِ ما لاَ سَمِعَتْ - الأُذْنُ ثمَّ العينُ ما لاَ نَظَرَتْ
200 كذاكَ ما لَمْ يَخْطُرَنْ بِالْقَلبِ - لاَ تَسَلِ الجَنانَ غيرَ ربِّ
201 وَنُشْهِدُ اللهَ بأَنَّ النَّارَ - يُدْخِلُ فيها ربُّنا الكُفَّارَ
202 فيها مِنَ العَذابِ ما لو سارَتْ - فيهِ الجبالُ كلُّها لَذابَتْ
203 روى البخاريُّ كذاكَ مُسْلِمُ - يا ليتَ شِعْري حينها أَنَسْلَمُ
204 سبعونَ جُزءاً كلُّ جزءٍ منها - كحرِّ نارنا فَفِرَّ مِنْها
205 معاشِرَ النِّسا رَوىْ البخاري - ما جاءَ عَنْ رَسولنا المختارِ
206 أَكْثَرُ أَهْل النَّارِ أنتُنَ فَلاْ - تَخْضَعْنَ بِالقَوْلِ لِجَلْبِ الجُهَلاْ
207 نارٌ وَجَنَّةٌ مُعَدَّتانِ - دائِمتانِ ليسَ تفنيانِ
208 أَفْعالُنا مِنْ خلقِ ربنا العلي - وَالْكَسْبُ للعَبد فما مِنْ مُشْكِلِ
209 كَمْ ركبَ الجبريُّ أَهْوالَ الزلَلْ - وَكَمْ نَفَى عَن العِبادِ من عَمَلْ
210 وَالقَدريُّ أَلَّهَ العبادا - فجانَبَ الصوابَ والسدادا
211 وَهْوَ بعيدٌ عَنْ هدايةِ النبي - فيا لَهُ مِنْ أَحْمق وَمِنْ غبي
212 وَكلُّ شيءٍ شاءَهُ الإِلهُ - مُقَدّرٌ عَلِمَهُ قضاهُ
213 فإِنْ يَكُنْ خيراً فَديناً شاءَهُ - وَالشرَّ كوناً فانْظُرَنْ آلاَءَهُ
يتبع إن شاء الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/30)
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[25 - 01 - 06, 04:47 ص]ـ
214 وَفي دُعاءِ الحيِّ لِلأَموْاتِ - مَنْفَعٌة عِندَ أُولي الثباتِ
215 صدقةُ الحيِّ عَنِ الأَمْواتِ - تحطُّ يا صاحِ مِنَ الزّلاّتِ
216 واَلحَجُّ وَالعُمرةُ فافْهَمْ وَاسْتفِدْ - فَلَمْ نَقُلْ إِلاَّ الذي لَهُ سَنَدْ
217 وَإِنْ يَكُنْ خَلَّفَ عِلْماً نافِعاً - ينفعهُ فافهمْ وَكُنْ لي سامعاً
218 صدقةٌ جاريةٌ كذلِكَ - أَوْ صالِحاً فافْهَمْ وَأصْغِ بالكَ
219 وَها أَنا أَخْتَصرُ الكلاَما - خشيتُ إِنْ أَطَلْتُ أَنْ أُلاَما
220 صدقةٌ وَالعِلمُ وابنٌ مسلمُ - يَدعو لَهُ كما رواه مسلمُ
221 وَفي الصحيحينِ أَتاه رجلُ - يحكي لهُ أُمّاً أَتاها الأَجلُ
222 افْتُلِتَتْ لَمْ توصِ وَانتهى العُمُرْ - فَهَلْ لأُمي إِنْ تَصَدَّقْتُ أَجرْ
223 أَجابَهُ نَعَمْ فطابَ السائِلُ - ما حالَ بِرَّ ابْنٍ بأُمٍّ حائِلُ
224 وَمثلُه ما نقل البخاري - عَنْ ابنِ عباسٍ عَنِ المُخْتارِ
225 عَنْ أُمِّهِ بحائطِ المخرافِ - سَعْدٌ أَتَى بالبرِ والإِنصافِ
226 إِنْ ماتَ مَنْ لَزِمَهُ صيامُ - صامَ وليُّهُ وذا كلامُ
227 نقلهُ الشيخانِ عَنْ زوج النبي - عَن الكريمِ الصادِقِ الشهمِ الأَبيْ
228 كذا وفاءُ الدَّينِ صاحِ بِالْقضا - مِنْ ميتٍ إِجْماعُ كلِّ مَنْ مَضَى
229 وَيَسْتَجيبُ ربُّنا الدعاءَ - وَيَدفَعُ اللهُ بِهِ البلاَءَ
230 وَيَجْلبُ الخيرَ إِذا العبدُ اتَّقَى - وَالوَيْلُ للعبد إِذا العبدُ شَقَىْ
231 وَقالَ ربي ادْعوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ - لاَ تَسْأَلوا يا قومِ غيرَ رَبِّكُمْ
232 فاعْجَبْ لِقَوْمٍ عظموا القبورْ - وَتَركوا مُسَهِّل الأُمْورْ
233 وَسَأَلوا أَصْحابَها الأَمواتْ - وَتَركوا مَنْ يَعْلَمُ النياتْ
234 إِذا نَصَحْتَ قالَ ذا شفيعي - فيا لَهُ مِنْ عملٍ وضيعِ
235 كَعَملِ الكفارِ بِالأَصْنامِ - قَدْ لَعِبَ الشيطانُ بِالأَحْلاَمِ
236 قَدْ فُتِنَ البعضُ بقبر زينبِ - وَتَركوا اللهَ مزيلَ الكُرَبِ
237 وَفُتِنَ البعضُ بِقَبرِ الهادي - وَتَركوا ذا الطّولِ وَ الأَيادي
238 وَفُتِنَ البعضُ بِقَبِر المهدي - وَتَركوا مَنْ يبتلي وَيَهْدي
239 بقبرِ عيدروسَ قد ضلَّ الغبيْ - وَتَركوا مِنهاجَ أَحْمدَ النبيْ
240 لاَ تَسْأَلَنْ قبراً وَلاَ صاحِبَهُ - وَسَلْ كريماً فاتِحاً أَبْوَابَهُ
240 إِذا دَعَوْتَ غيرَ ذي الجلالِ - فأَنْتَ في الإِلْحادِ وَالضلالِ
242 كداعي اللاتِ سواءً بِسوى - وَمْن دعا غيرَكَ يا ربِّ هَوَى
243 دَعْ كلَّ بابٍ غير بابِ ربيْ - وَلُذْ بهِ وسَلْهُ كَشْفَ الكَرْبِ
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[25 - 01 - 06, 05:32 م]ـ
244 وَيُوصَفُ اللهُ بما ذَكَرَهُ - في قوله فَنَحْنُ لا ننكرُهُ
245 مِنْ غضبٍ ومن رضى يا صاحِبيْ - سبحانَهُ من خالقٍ وواهِبيْ
246 نُحِبُّ أَصحابَ النبي كُلِّهمْ - وَنُشْهِدُ اللهَ على إِجْلالِهِمْ
247 فَحُبُّهُمْ يا صاحبي إِيمانُ - وَبُغْضُهُمْ الكُفْرُ والخسرانُ
248 ولا نَسُبُّ صاحباً أَو صاحبَهْ - وليس في القلبِ لهم مِنْ شائِبَهْ
249 وَكُلُّهُم أَفضلُ خلقِ اللهِ - بعد النبي فاستفقْ يا لاهي
250 يا ويلَ أَهل الرفضِ والنواصبِ - من أَكِلِهمْ لُحومَ أَصحابِ النبي
251 إِنَّ الإِلهَ ليغيظُ الكافرْ - بصحبِ ذلكَ النبيِّ الطاهِرْ
252 وأَفضلُ العبادِ بعد المصطفَى - صِدِّيُقُه أَهْلُ الصلاحِ والوَفاْ
253 وهو خليفةُ الرسول الأَوَّلُ - ذاك أَبو بكرِ الإِمامُ الأَفضَلُ
254 وبعده الفاروقُ فضلاً وَتُقَى - في العدلِ والإِخلاصِ والصِّدْق رَقى
255 وثالثُ الأَبرارِ ذو النورينِ - أَنْعِمْ بِهِ من صابرٍ أَمينِ
256 ورابعُ القومِ ابنُ عمِّ المُصْطَفى - فهؤُلاءِ الخلفاءُ الحُنَفاْ
257 ونَشْهَدَنْ للعشرةِ الكرامِ - بجنةٍ عالية المقامِ
258 وذاكَ أَنَّ المصطفى قَدْ شَهِدَ - وَنُشْهِدُ اللهَ بما قَدْ وَعَدَ
259 بشارةٌ أَتَتْ لكل العَشَرَهْ - الصادقينَ الأَوفياءِ البررهْ
260 الخُلَفاْ وسعدُ مع سعيدْ - ثُمَّ ابنُ عوفٍ طلحةُ الشهيدْ
261 ثم الزبيرُ والأَمينُ هؤُلاءْ - أَهْلُ الصَّلاحِ والفلاحِ والوَفاءْ
262 وَنُحسِنُ القولَ في الصحبِ وَلاْ - نواليَ الجافيَ أَو مَنْ قَدْ غَلاْ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/31)
263 اختارَهُمْ ذو الفضلِ و الإِنْعامِ - لصُحبةِ المبعوثِ للأَنامِ
264 محبةُ الصحبِ مِنَ الإِيمانِ - وبُغْضُهُمْ من أَعظمِ الخُسرانِ
265 إِيمانُنا من حسناتِهِمْ أَتَى - فاستغفرِ اللهَ ورضِّ يا فَتى
266 عن صحبِ أَحمد النبيِّ المجتبىْ - الصادقينَ الصابرينَ النُّجَبا
267 وَنَشْهَدَنْ بِأَنَّ زَوجاتِ النبي - مطهراتٌ من جميعِ الريبِ
268 وَأَنَّهُنَّ أُمهاتُ المؤْمنينْ - العارفينَ حقَّ خيرِ المُرْسلينْ
269 كذاكَ لا نُفَضِّلُ الوليِّ - على نبيٍّ نُشِهُد الوليَّ
270 وواحدٌ يَفْضُلُ كُلَّ الأَوليا - فلا يَغُرَّنَّكَ قولُ الأَغبيا
271 وَنؤْمنَنْ يا صاحِ بالكرامَةْ - إِنْ وَصِفَ الرواةُ بالسلامَةْ
272 وَلاَ تَخُصَّ بزمانٍ إِنْ تُرِدْ - فَهْماً كفهم مَنْ مَضى في المُعْتَقَدْ
273 كذا بأَشراطِ النشورِ نؤْمِنُ - لعلنا من العذابِ نَأْمَنُ
274 منها خروجُ فتنةِ الدجالِ - ذي المكرِ والخداعِ والضلالِ
275 حَذَّرَ منه الأنبياءُ الأُمَما - وزاد فيه المصطفى ما أُبْهِما
276 نَعَتَهُ بما أَتَى في الأَثرِ - لم يَخْفَ أَمْرُه على ذي بَصَرِ
277 فعيُنُه عوراءُ ما من خافيَهْ - شَبَّهَها بعنبةٍ طافيَةْ
278 كذا نزولٌ للمسيحِ عُلِما - ومجمعٌ عليه بينَ العُلَما
279 كذا طلوعٌ الشمس من مغرِبِها - ومخرجُ الدابَّةِ من موضِعِها
280 والسِّحرُ كفرٌ في الكتابِ قَدْ أَتَى - لا يُفْلحُ الساحرُ حَيْثُما أَتَى
281 والإجتماعُ الحقُّ والصوابُ - والإفتراقُ الزيغ والعذابُ
282 والدينُ عند ربِّنا الإِسلامُ - لاَ يُفْلِحنْ بغيره الأَنامُ
283 وهو الذي توسَّطَ الأُمورا - توسَّطَ الغلوَّ والتقصيرا
284 توسَّطَ التشبيهَ والتعطيلْ - لأَنَّهُ يسيرُ بالدليلْ
285 وهو كذا ما بين جبرٍ وقدرْ - لأَنَّهُ من الدليل قد صَدَرْ
286 كذاك بينَ اليأْسِ والأَمانِ - فافهم هُديت شِرْعَةَ الرَّحمنِ
287 وهاكَهُ يا صاحِ بالتفصيلِ - فالبعضُ قد يُسَرُّ بالتطويلِ
288 فأُمَّةُ الإِسلامِ كانتْ في الأُمَمْ - الوَسَطُ الممدوحُ يا أَهْلَ الهِمَمْ
289 فلا تساهلٌ ولا غلوُّ - فافهَمْ وقيتَ شَرَّ مَنْ تولَوا
290 واعلَمْ هُديتَ أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ - الوَسَطُ الممدوحُ من ذي المِنَّةِ
291 ففي الصفاتِ خالفوا التعطيلاْ - ونبذوا التشبيهَ والتمثيلاْ
292 كذاك في الأفعالِ قد توسطوا - ما بينَ جبريٍّ وقدريٍّ أَتوا
393 وفي الوعيدِ بين مَنْ تَوَعَّدْ - ومرجىءٍ فافهم هُدِيتَ تَسْعَدْ
294 كذاك في التكفيرِ فالقومُ وَسَطْ - ما بينَ مُرْجٍ خارجٍ دَعِ الشَّطَطْ
295 وأَصْلُهُم في الصَحْبِ صاحِ دارجْ - ما بين أَهل الرفضِ والخوارجْ
296 هذا اعتقادُنا وفي اللهِ الأَمَلْ - أَنْ يَعْصِمَ العبدَ مضلاتِ الزلَلْ
297 فكم من الأَوقاتِ قَدْ أَضَعْتُ - وَكَمْ من الأَخطاء قَدْ رَكِبْتُ
298 وأَنْتَ يا ربِّ بحالي تَدْري - رَحمْتُ نفسي إِذ عرفتُ قَدْري
299 يا ربِّ ثبتني على الإيمانِ - واعصمني من مزالِقِ الشيطانِ
300 أَسأَلُكَ اللهُمَّ حُسْنَ الخاتِمَةْ - فهي لَعَمْري لحظاتٌ حاسِمَهْ
301 واسأَلُ اللهَ لنا السعادهْ - والفوزَ عندَ الموتِ بالشهادَهْ
302 يا ربِّ مَنْ للبائِسِ الفقيرِ - غيرُ الكريمِ المالِكِ القديرِ
303 فحسبُنا اللهُ ونعمَ المرتَجىْ - وَحَسْبُنا الله وَنِعْمَ المُلْتَجى
304 سبحانه مِن ملكٍ جوادِ - وجل ذو الطَّول وذو الأَيادي
305 في حرم الله العتيقِ نَظْمُها - تَمَّ وأَرجو اللهَ ربي نَفْعَهَا
306 لناظمٍ وسامِعٍ وقاري - وكاتبٍ وبائعٍ وشاري
307 يا ربِّ أَرجو الفوزَ يومَ حَشري - فأَنتَ تدري ما يُكِنُّ صدري
308 ثم الصلاةُ ما تغنَّى الشادي - على محمدِ الأَمينِ الهادي
309 ما هتفتْ ورقاءُ بالنياحِ - وغرَّدَ القِمْرِيُّ في الصباحِ
310 والحمدُ لله على كل النعمْ - سبحانَ ذي الفضل وجلّ ذو الكرم
انتهت المنظومة بحمد الله تعالى وأسأل الله الذي أعان على إتمامها أن يعين على غيرها
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
المنظومة على ملف وورد
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[25 - 01 - 06, 07:16 م]ـ
جزاكم الله خيراً أبا مهند المضحي
واسأل الله أن يبارك فيكم
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[29 - 03 - 06, 06:47 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[محمد بن سليمان الجزائري]ــــــــ[13 - 07 - 08, 11:43 م]ـ
بارك الله فيك أخي
ـ[السيد زكي]ــــــــ[21 - 07 - 08, 03:50 م]ـ
جزاك الله خيرا(33/32)
تحديد مواضع الجمرات، وتوسيع أحواض الرمي
ـ[سعد سعيد]ــــــــ[15 - 01 - 06, 09:52 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخواني أعضاء الملتقى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكل علي موضوع توسيع أحواض الجمرات، وتكبير الشواخص، ولم أجد أثارا تدل على تحديد مواضع الرمي، وهل الشواخص كانت موجودة من عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهل الرمي متعلق بإصابة الشاخص أم بالوقوع تحته، وما هي المساحة التي يجزئ فيها وقوع حصى الجمار هل يحددها العرف أم الأثر، ومعلوم أن الذي يصيب طرفي الشاخص الآن أو من فوق الجسر هو بعيد عن الموضع الذي رمى منه النبي صلى الله عليه وسلم، وغاية ماذكره الفقهاء في ذلك لايدعمه الأثر ولا يرفع الخلاف، وهو في أكثره عار عن الدليل، أرجوا ممن لديه زيادة علم في هذا الموضوع إفادتنا أو الدلالة على مايفيد خاصة وأن الموضوع تتعاوره عدة جوانب منها الأثري والفقهي والتاريخي، وقد كتب أحد الفضلاء مقالا عن هذا في موقع المسلم إلا أنه مجرد نقول من كتب الفقهاء.
وبارك الله فيكم ونفع بكم.
ـ[سعد سعيد]ــــــــ[15 - 01 - 06, 09:53 ص]ـ
هذا البحث الموجود في موقع المسلم، وننتظر أبحاثكم بورك فيكم.
توسعة أحواض الجمرات 3/ 12 / 1426 هـ
أ. د/عبد الله بن عبد الواحد الخميس
الأستاذ بالدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
توسعة أحواض الجمرات.
المسألة الأولى:محل الرمي
محل الرمي: الجمار الثلاث، أولها التي تلي مسجد الخيف، والوسطى، والأخيرة وهي جمرة العقبة.
وقد اتفق الفقهاء على أن الجمرة هي مجتمع الحصا الذي تحت العمود، فإذا وقع الحصا تحت العمود أجزأ. (1)
ولكنهم اختلفوا فيما خرج عن مجتمع الحصا، أو وقع على الشاخص ولم ينزل فذهب بعض علماء الحنفية إلى أن الحصاة إذا وقعت قريباً من الجمرة أجزأت، والقرب حسب العرف فما عد قريباً فهو قريب، وما عد في العرف بعيداً فهو بعيد، جاء في المحيط البرهاني " ينبغي أن تقع الحصاة عند الجمرة أو قريباً منها حتى لو وقعت بعيداً منه لم يجزه، لأنا إنما عرفنا الرمي قربة بالشرع بخلاف القياس في مكان مخصوص إلا أن قريب الشيء حكمه حكم ذلك الشيء " (2)
وجاء في إرشاد الساري "والبعد والقرب بحسب العرف، ولذا قال في الفتح فلو وقعت بحيث يقال فيه ليس بقريب منه ولا بعيد فالظاهر أنه لا يجوز احتياطا" (3)
وأما الآن فإن عدد الحجاج يقارب المليونين وأكثرهم يركبون السيارات ووصولهم إلى منطقة الحجرات يكاد يكون متقارباً، ولذا فلابد من النظر في حكم توسعة الحجرات.
فبناءً على ما ذهب إليه الحنفية لا يلزم إصابة مجتمع الحصا بالرمي بل لو رمى ووقع قريباً منه أجزا.
وأما بالنسبة للشاخص فليس موضعاً للرمي عند الحنفية، ولكنه علامة للجمرة، ولكن لو وقع على أحد جوانب الشاخص أجزاه
للقرب، ولو وقع على قبة الشاخص ولم ينزل عنها لا يجزئه للبعد (4).
وذهب المالكية في القول المعتمد عندهم إلى أن الشاخص موضع للرمي لأنه يقع عليه اسم الجمرة فيصح الرمي فيه ويجزئ ولو لم تقع الحصاة على مجتمع الحصى، وذهب بعضهم إلى أن المراد بالجمرة مجتمع الحصى فلا يجزئ ما خرج عنه قال الدردير: "الجمرة هي البناء وما حوله من موضع الحصى، وهو أولى، فإن وقعت الحصاة في شق من البناء أجزأت على التحقيق، قال الصاوي: وقيل إن الجمرة اسم للبناء الذي حول المكان فقط محل اجتماع الحصى، وعليه فلا يجزئ ما وقف في البناء ولكن التحقيق الإجزاء (5)
وعند جمهور الشافعية ـ كما ذكر النووي ـ " الجمرة مجتمع الحصى لا ما سال من الحصى فمن أصاب الحصى بالرمي أجزأه، ومن أصاب سائل الحصى الذي ليس هو بمجتمعه لم يجزه، والمراد بمجتمع الحصى في موضعه المعروف " (6)
وأما الشاخص فلا يصح رميه قال ابن حجر الهيتمي" وعلم من عبارته ـ يعني النووي ـ أن الجمرة اسم للمرمى حول الشاخص، ومن ثم لو قلع لم يجز الرمي إلى محله، ولو قصده لم يجزئ" (7)
ويرى بعض علماء الشافعية الإجزاء إذا قصد الشاخص ولو لم تسقط في مجتمع الحصى لأن العامة لا يقصدون بذلك إلا فعل الواجب، والرمي إلى المرمى، وقد حصل فيه بفعل الرمي، قال الشرواني:" وهذا هو الذي يسع عامة الحجيج اليوم " (8)
ويرى الحنابلة أن المرمى مجتمع الحصى لا نفس الشاخص ولا مسيله فلا يجزي عندهم رمي الشاخص (9)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/33)
ويفهم مما سبق أن جمهور العلماء يرون أن محل الرمي هو مجتمع الحصى ويزيد الحنفية جواز وقوع الحصى قريباً من المرمى، ويرى المالكية وبعض الشافعية جواز رمي الشاخص أو محله.
وأما مساحة محل الرمي فللعلماء فيها خلاف، وقد قدرها بعض المتأخرين من الشافعية بثلاثة أذرع (10)، قال ابن حجر الهيتمي" حده الجمال الطبري (11) بأنه ما كان بينه وبين الجمرة ثلاثة أذرع فقط، وهذا التحديد من تفقهه وكأنه قرر به مجتمع الحصا غير السائل، والمشاهدة تؤيده فإن مجتمعه غالباً لا ينقص عن ذلك " (12)
وقال ابن حجر الهيتمي أيضاً "تحديد الشافعي _رضي الله عنه_ والأصحاب ومن بعدهم إلى زماننا _رضي الله عنهم_ المرمى بمجتمع الحصى صريح، أي صريح في أن مجمع الحصى المعهود الآن بسائر جوانب الجمرتين الأوليين تحت شاخص جمرة العقبة هو الذي كان في عهده _صلى الله عليه وسلم_" (13)
وقال الشيخ عبد الله البسام: " أما الحنابلة فلم نعثر لهم على تقدير وتحديد لموضع الرمي وإنما يتناقلون عبارة الشافعي المتقدمة" (14)
وقال الشيخ سليمان بن علي (15) " المرمى الذي يترتب عليه الأحكام هو الأرض المحيطة بالميل المبني، ولم أقف على حد ذلك هل هو ذراع أو أكثر أو أقل ... والذي يظهر لي ـ والله ـ أعلم أن المرمى منها الأرض التي في أصل البناء مما يلي بطن الوادي فلو رمى ظهرها لا يعتد به " (16)
وجاء في رسالة " الأنهار الأربعة في مرمى جمرة العقبة " (17) أن: الزحمة التي عند جمرة العقبة يلزم إزالتها بوضع شباك حواليها، ـ ونقل اتفاق جمع من العلماء على أنه يجب إزالة الزحمة بالشباك ـ فأحدث في آخر شهر ذي القعدة من شهور السنة إحدى وتسعين ومائتين وألف شباك حديدي، والحامل لهم على ذلك دفع معظم زحمة الرامين لجمرة العقبة، لا لتحديد ذات المرمى، ... قال الشيخ عبد الله البسام وقد اعترض على إحداث هذا الشباك بعض العلماء، وأشدهم إنكاراً له الشيخ علي باصبرين (18) (عالم مدينة جدة في زمنه) فقال في رسالة له: إن المقصود من وضع ذاك الشباك رفع معظم زحمة الرامين، وهو حسن غير أنه بالتحويط بذلك الشباك وعلى ما يعتبر فيه الرمي ومالا يعتبر يحصل إيهام العوام، فيتوهمون أن جميع ما أحاط بذلك مرمى، وليس الأمر كذلك، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، فكان يتعين على فاعلي ذلك الشباك بالقصد الحسن أن يتداركوا رفع إيهام المفسدة الشرعية بأحد أمرين:
أحدهما: إحداث شباك ثان من حديد، يكون بقدر منصوص المرمى المتفق عليه، في عرض أساس العلم المبني، والثلاثة الأذرع معتبرة من أساس ظاهر العلم إلى جهة الوادي.
الثاني: وضع دكة مرتفعة على المرمى الذكور بخصوصه ليميز من غيره مما أحاط بالشباك الحادث من الأرض التي لا يجزئ الرمي فيها، وإما بإزالة هذا الشباك الحادث الموهم ..
وذكر الشيخ عبد الله البسام أنه بعد مناقشة طالت أزيل وأحدث بدله بناء أحواض حول الجمار الثلاث، وذلك في السنة التي بعدها وهي سنة اثنين وتسعين و مئتين وألف، وقال الشيخ البسام: ويظهر لي من الرسالة والبحث والمناقشة أن أحواض الجمار لما بنيت عام (1292هـ) بنيت بشكل واسع، ثم اختصرت أحواضها على ما هي عليه الآن. (19)
ويتضح مما سبق ما يلي:
1ـ أن مرمى الجمار غير محاط ببناء، وأن الناس كانوا يرمون الحصى قريباً من الشاخص.
2ـ أنه ليس هناك مساحة محددة للمرمى، ولذلك اختلف العلماء في تقديرها.
3ـ أن اعتراض الشيخ علي باصبرين على وضع الشباك؛ لأنه يرى أن الرمي لا يجوز فيما زاد على ثلاثة أذرع، وذلك أنه شافعي المذهب، والمتأخرون من الشافعية حددوه بهذا المقدار.
4ـ أن الأحواض لما بنيت عام (1292هـ) بنيت بشكل واسع ثم اختصرت أحواضها على ما هي عليه الآن، ولعل اختصارها عملاً بما ذهب إليه المتأخرون من علماء الشافعية، جاء في منسك " دليل الطريق لحجاج بيت الله العتيق " المرمى هو المحل المبني فيه العلم أي العمود، وضبطه بثلاثة أذرع من جميع جوانبه، وقد حوط الآن على هذا المقدار بجدار قصير فالرمي يكون داخله، ـ وهذا في غير جمرة العقبة ـ وعليه دائرة أمامه، فالرمي يكون في وسط الدائرة تحتها. (20)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/34)
ويظهر لي ـ والله أعلم ـ أن بناء الأحواض بشكل واسع بناءً على رأي بعض العلماء في ذلك الوقت، ثم ضيقت بناء على رأي بعض علماء الشافعية، وسداً لباب الخلاف، علماً بأن الحجاج في ذلك الوقت عددهم قليل، وليس هناك حاجة لتوسيع المرمى فاكتفي به على هذا المقدار.
المسألة الثانية: حكم توسعة أحواض الحجرات:
سبق أن ذكرت أن أحواض الحجرات الموجودة لم تكن موجودة في زمن الرسول _صلى الله عليه وسلم_ ولكنها أحدثت بعد عام ألف ومئتين واثنين وتسعين (1292هـ) بعد مشاورة الفقهاء واتفاقهم على ذلك، ولذلك فإن الذين وضعوها قدروا الحاجة في ذلك الوقت في زمن كان عدد الحجاج فيه قليل، والحجاج لا توجد لديهم وسائل نقل غير الإبل والحمير، ومنهم من يمشي على رجليه، ولا يصلون إلى منطقة الحجرات دفعة واحدة مع قلة عددهم، وأما الآن فإن عدد الحجاج يقارب المليونين وأكثرهم يركبون السيارات ووصولهم إلى منطقة الحجرات يكاد يكون متقارباً، ولذا فلابد من النظر في حكم توسعة الحجرات.
وقد بحث بعض العلماء المعاصرين من هيئة كبار العلماء هذه المسألة وقرروا عدم جواز بناء حوض خارجي أوسع من الحالي لأمرين.
الأمر الأول: المستند لبقاء الوضع الحالي للجمار باعتبار مساحة الأرض هو استصحاب العكس أو الاستصحاب المقلوب:
وحقيقته: ثبوت أمر في الزمن الماضي بناء على ثبوته في الزمن الحاضر، وهو حجة، وهذه المسألة مدار البحث ـ في نظر هؤلاء العلماء ـ من المسائل المندرجة تحت هذا النوع، إذ أن هذه المواضع المشاهدة هي متحددة الآن، والأصل أنه لم يطرأ عليها أي تغيير، فثبت لها ذلك في الزمن الماضي بناء على ثبوته في الوقت الحاضر (21).
والجواب عن هذا المستند وهو استصحاب العكس من وجهين:
الوجه الأول: أن الاستدلال باستصحاب العكس أو بالاستصحاب المقلوب محل خلاف بين أهل العلم، والقائلون به وهم الشافعية لم يقولوا به إلا في مسألة واحدة، قال السبكي (22) " ولم يقل به الأصحاب إلا في مسألة واحدة، وهو ما إذا اشترى شيئاً فادعاه مدع وانتزعه منه بحجة مطلقة فإنهم أطبقوا على ثبوت الرجوع على البائع، بل لو باع المشتري أو وهب وانتزع من المشترى منه أو الموهوب له كان للمشتري الأول الرجوع أيضاً فهذا استصحاب الحال في الماضي " (23)
واعترض عليه العراقي (24) فقال " وعدم الرجوع وجه مشهور؛ وكان شيخنا الإمام البلقيني (25) يرجحه، ويقول: إنه الصواب المتعين والمذهب الذي لا يجوز غيره " وأطال ـ العراقي ـ في إظهار أن نصوص الشافعية على خلاف ما قاله السبكي، وقال أيضاً في رده على السبكي: "إن ظواهر نصوص الشافعي وكلام الأصحاب يبطله " (26)
وقال ابن دقيق العيد عن الاستدلال باستصحاب الحاضر في الماضي: " وهذا وإن كان طريقاً، كما ذكرنا، إلا انه طريق جدل لا جلد، والجدل طريق في التحقيق سالك على مَحجّ مُضيّق، وإنما تضعف هذه الطريقة إذا ظهر لنا تغير الوضع، فأما إذا استوى الأمران فلا بأس " (27)
قال الزركشي (28) " وأما الفقهاء فظاهر قولهم إن الأصل في كل حادث تقديره بأقرب زمن منافاة هذا القسم. (29)
الوجه الثاني: لا نسلم أن هذه المسألة مندرجة تحت استصحاب العكس، أو الاستصحاب المقلوب، وذلك أن موضع الرمي معلوم، ولكن مساحته غير محددة لا في زمن النبي _صلى الله عليه وسلم_ وصحابته ولا بعد ذلك، والجدار الموجود على الحوض محدث بعد عام ألف ومئتين واثنين وتسعين 1292هـ ـ كما سبق ـ فأين الحدود والمساحة الثابتة في هذا العصر حتى يقال باستصحاب العكس، ولو وجدت حدود فمن الذي يجزم بأنها من عصر النبي _صلى الله عليه وسلم_ وأنها لم تتغير إلى الآن، علماً بأن الأصل في كل حادث تقديره بأقرب زمن، لا أن يقال بتقدمه بدون دليل.
الأمر الثاني: قالوا لا يجوز بناء حوض خارجي أوسع من الحالي، ومستند المنع هو قاعدة سد الذرائع؛ إذ إن بناء هذا الحوض يؤدي إلى التباس المرمى على الناس فيرمون فيه، والرمي ممتنع، لأن هذه القطعة ليست من المرمى. (30)
والجواب عن الاستدلال بقاعدة سد الذرائع من وجوه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/35)
1 - أن الحوض الموجود الآن محدث، ولا نعلم في أي جزء من مساحة الحوض رمى رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ ولا أصحابه حتى نلزم الناس أن يرموا في نفس الموضع، وأين الدليل على أن كل مساحة الحوض محل للرمي؟ وإذا كان الأمر كذلك، فإن ما كان خارج الحوض وقريب منه حكمه حكم الحوض الموجود إذ لا فرق بينهما.
2 - أن خلاف العلماء في محل الرمي دليل على أن المساحة غير محددة، وإلا لما حصل هناك خلاف.
3 - إذا قيل بأن الرمي إلى مجتمع الحصا فإن الحصا في هذه الأزمنة يتجاوز الأحواض الموجودة، ولا يمكن إزالته مع وجود هذا العدد الكثير من الحجاج، والقول بأن هناك مساحة محددة لا يجوز تجاوزها يقتضي إبطال رمي من تجاوزها حتى وإن كان إلى مجتمع الحصا.
4 - أن ما قارب الشيء يأخذ حكمه (31)، وحينئذ فلا مانع أن يوسع الحوض، ويكون حكم من رمى فيه حكم من رمى قريباً من مجتمع الحصا بدليل أن المسجد الحرام كان في الزمن السابق ضيقاً ولما وسع أخذت التوسعة حكم المسجد.
5ـ أن مقام إبراهيم عليه السلام كان لاصقاً بالبيت في عهد النبي _صلى الله عليه وسلم_ (32) وبعده حتى حوله عمر _رضي الله عنه_ إلى موضعه الذي هو به الآن، روى هذا عن مجاهد (33) وعطاء (34) وسفيان بن عيينة (35) وهو اختيار الحافظ ابن كثير (36) وابن حجر (37) _رحمهم الله_ فعن عائشة _رضي الله عنها_ أن المقام كان زمان الرسول _صلى الله عليه وسلم_ وزمان أبي بكر _رضي الله عنه_ ملتصقاً بالبيت ثم أخره عمر بن الخطاب _رضي الله عنه_ (38) وعن عروة عن أبيه أن المقام كان في زمان رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ وزمان أبي بكر ملتصقاً بالبيت ثم أخره عمر بن الخطاب _رضي الله عنه_ (39). وتأخير عمر _رضي الله عنه_ للمقام لئلا يشغل المصلون الطائفيين ويضيقوا عليهم فأراد _رضي الله عنه_ رفع الحرج قال الحافظ ابن حجر "كأن عمر _رضي الله عنه_ رأى أن إبقاءه –أي المقام- يلزم منه التضييق على الطائفيين أو على المصلين فوضعه في مكان يرتفع به الحرج" (40).
ورفع الحرج في محل الرمي لاسيما وقد حصل به وفيات أولى من توسعة المطاف الذي لم يحصل به _ولله الحمد_ أي حادثة.
6ـ أن تطبيق قاعدة سد الذرائع في هذه المسألة ليست بأولى من تطبيق قاعدة (المشقة تجلب التيسير) (41) و (إذا ضاق الأمر اتسع) (42) لاسيما مع عدم وجود دليل على مساحة كل جمرة.
7ـ لا ينبغي التوسع في الأخذ بقاعدة سد الذرائع والتضييق على الناس في أمور ظنية، يقول ابن الرفعة (43) في معرض رده على المالكية " الذريعة على ثلاثة أقسام:
أحدها: ما يقطع بتوصيله إلى الحرام فهو حرام عندنا وعندهم (يعني عند الشافعية والمالكية).
والثاني: ما يقطع بأنه لا يوصل إلى الحرام ولكنه اختلط بما يوصل، فكان من الاحتياط سدُ الباب، وإلحاق الصورة النادرة التي قطع بأنها لا توصل الحرام بالغالب منها الموصل إليه، قال وهذا غلو في القول بسد الذرائع.
والثالث: ما يحتمل ويحتمل،وفيه مراتب، ويختلف الترجيح بسبب تفاوتها.
وقال ونحن نخالفهم يعني المالكية فيها إلا القسم الأول لانضباطه وقيام الدليل عليه أ. هـ (44)
ويقول الشيخ محمد أبو زهرة: " إن الأخذ بالذرائع لا تصح المبالغة فيه، فإن المغرق فيه قد يمتنع من أمر مباح أو مندوب أو واجب خشية الوقوع في ظلم" (45).
والذي يظهر لي -والله أعلم- هو جواز توسعة الجمرات للاعتبارات الآتية:
1 - أنه ليس هناك تحديد منقول عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ ولا عن أصحابه في تحديد مساحة الجمرات.
2 - أن هناك حاجة ماسة لتوسعة الجمرات لضيق دائرة المرمى، ولما يحصل فيها من الزحام الشديد، والحاجة تنزل منزلة الضرورة. (46)
3 - أن في توسعة الحجرات تيسيراً ورفعاً للحرج وقد قال تعالى (وما جعل عليكم في الدين من حرج) (47) فلو بقيت سعة الجمرات على وضعها الحالي لحصل للناس ضيق وحرج شديد لشدة الزحام الحاصل في هذا الزمان.
4 - أنه ليس هناك ما ينافي هذا القول ولا ما يدل على بطلانه فلا ينبغي المصير إلى ما فيه تشديد وتضييق على الناس وترك ما فيه توسعة ورفع للحرج والأصول تقضي به.
وفي نهاية هذا البحث أذكر القارئ الكريم بأنني قد اجتهدت في بحثي هذا ولا أدعي الكمال فهو جهد بشري معرض للنقص وكاتبه أحوج الناس إلى الحق والدلالة على الصواب.(33/36)
تسهيل الحفظ والوصول نظم الثلاثة الأصول
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[15 - 01 - 06, 02:19 م]ـ
تسهيل الحفظ والوصول نظم الثلاثة الأصول
ترجمة الناظم (1):
هو العلامة الفقيه الأديب الشاعر الشيخ عمر بن إبراهيم بن عبدالقادر ابن العلامة مفتي المدينة النبوية ولد رحمه الله في المدينة النبوية عام 1309 هـ
شيوخه:
تلقى العلم على كبار علماء المدينة منهم الشيخ حمدان الونيسي والشيخ ملا سفر والشيخ محمد الطيب الأنصاري
مذهبه:
كان سلفي العقيدة وكان يتمذهب بمذهب الإمام أبي حنيفة ـ رحمه الله ـ
تلاميذه:
منهم علي بن حسن الشاعر وعبد الحق العباسي ومحمد ملا والشيخ عمر فلاتة المدرس بالمسجد النبوي
مؤلفاته:
1. سيف الحق على من لايرى الحق
2. ديوانه
3. تسهيل الحفظ والوصول نظم الثلاثة الأصول
وفاته:
توفي رحمه الله في العاشر من شوال عام 1378 هـ عن تسعة وستين عاماً ودفن في البقيع
(1) أصل هذه الترجمة من المعتي بالمنظومة مجد بن أحمد مكي لكنني اختصرتها لطولها وقد طبعت عن دار البشائر الإسلامية ودار نور المكتبات بعنوان (تسهيل الوصول إلى الثلاثة الأصول رتبها العلامة الشيخ محمد الطيب الأنصاري ويليه تسهيل الحفظ والوصول نظم الثلاثة الأصول نظمها الشيخ عمر بن إبراهيم البري المدني) وقد طبعت عام 1419 هـ
-------------------------------------------------
1 الحَمْدُ للهِ عَلَى التَّوحِيدِ - بِلا تَوَقُّفٍ وَلا تَرْدِيدِ
2 نَحْمَدُهُ وَلا إِلَهَ غَيرُهُ - وَكُلُّ شَيء ٍخيرُهُ وَمَيرُهُ
3 ثُمَّ صَلاةُ اللهِ بِالتَّسْلِيمِ - عَلَى النَّبِيِّ الهَاشِمِيْ الكَرِيمِ
4 مُحَمَّدِ الدَّاعِي إِلى توحِيدِهِ - وَعَبْدِهِ المُرْسَلِ في عَبِيدِهِ
5 وَآلِهِ وَصَحْبِهِ الأَخْيَارِ - فَإِنَّهُمْ مِنْ خِيرَةِ الأَبرَارِ
المسائل الأربع
6 وَبَعْدُ فَاعْلَمْ يَا أَخِي مَا قَدْ وَجَبْ - عَلَيكَ مِنْ تَعْلِيمِهِ كَيْلا تُصَبْ
7 بِسُخْطِ رَبِّكَ الذِي أَنشَاكَا - كَيْلا تَكُونَ مُشْرِكاً لِذَاكَا
8 أَوَّلُ وَاجِبٍ عَلَيكَ أَرْبَعَهْ - مَسَائِلٌ تَحْوِي بِهِنَّ مَنْفَعَهْ
9 أَوَّلُهَا: العِلْمُ وَذاَ في المَعْرِفَهْ - للهِ وَالنَّبِيِّ وَالدّيِنِ مَعَهْ
10 أَعْنِي بِهِ الإِسْلامَ بِالأَدِلَّةِ - فَمِلَّةُ الإِسْلامِ خَيرُ مِلَّةِ
11 وَثَنِّ بَعْدَهُ بِأَنْ تَعْمَلَ بِهْ - تَكُنْ بِذَاكَ كَامِلاً ثُمَّ انْتَبِهْ
12 وَاصْبِرْ عَلَى الأَذَى وَتْلكَ الرَّابِعَهْ - فِيهِ تَكُنْ ذَا مُهْجَةٍ مُطَاوِعَهْ
13 فَالعِلْمُ قَبْلَ القَولِ ثُمَّ العَمَلِ - دَلِيلُهُ مِنَ الكِتَابِ مُنجَلِي
المسائل الثلاث
14 فَوَاجِبٌ عَلَيكَ يَا ذَا المُسْلِمُ - أَو إِنْ تَكُنْ مُسْلِمَةً يَسْتَلْزِمُ
15 تَعَلُّمُ الثَّلاثَةِ المَسَائِلِ - وَعَمَلٌ بِهِنَّ لا كَالجَاهِلِ
16 فَاعْلَمْ بِأَنَّ الله حِينَ خَلْقِنَا - بِأَمْرِهِ وَسَوْقِهِ لِرِزْقِنَا
17 مَا تَرَكَ الخَلْقَ جَمِيعاً هَمَلا - بَلْ أَرْسَلَ الرُّسْلَ لَهُمْ بَينَ المَلا
18 وَنَحْنُ مِنْ أُمَّةِ خَيرِ مُرْسَلِ - مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ المُفَضَّلِ
19 فَمَنْ أَطَاعَهُ لَهُ الجِنانُ - وَمَنْ عَصَى فحَظُّهُ النِّيرَانُ
20 وَذا جَمِيعُهُ مِنَ الكِتَابِ - دَلِيلُهُ هُدِيِتَ للصَّوَابِ
21 وَالله لا يَرْضَى بِأَنْ يُشْرَكَ في - عِبَادَةٍ مَعْهُ بِثَانٍ يَقْتَفِي
22 لا مَلَكٌ مُقرَّبٌ وَلا نَبِي - وَلَو يَكُونُ مُرْسَلاً قَدِ اجْتُبِي
23 فَالجُزْءُ مِنْ عِبَادَةٍ لِمَا سِوَاهْ - كُفْرٌ مُخَالِفٌ لِمَا فِيهِ رِضَاهْ
24 فَإِنْ تَكُنْ بِطَاعَةِ الرَّسُولِ - مُتَّصِفاً بِوَصْفِهَا الجَمِيل ِ
25 مُوَحِّداً للهِ لا يَجُوزُ - لَكَ المُوَالاةُ لِمَنْ يَحُوزُ
26 عَدَاوَة اللهِ مَعَ الرَّسُولِ - مُحَادِداً مُنَابِذ المْعُقولِ
27 وَلَو يَكُونُ مِنْكِ ذَا قَرَابَهْ - فَاتْلُ الكِتَابَ تَعْلَمَنْ صَوَابَهْ
28 إِنَّ الحَنِيفِيَّةَ خَيرُ مِلَّةِ - مِلَّةُ إِبْرَامَ حَلِيفِ الخُلَّةِ
29 أَنَّ تَعْبُدَ اللهَ مُوَحِّداً لَهُ - وَمُخْلِصَ الطَّاعَةِ لا تُمَوّهُ
30 بِذَاكَ أَمْرُ اللهِ في العِبَادِ - قَدْ جَاءَ يَحْدُوهُمْ إِلى السَّدَادِ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/37)
31 وَخَلْقُنَا لَهَا أَتَى بِالحَصْرِ - {وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ} فَاتْلُ تَدْرِ
الأصول الثلاثة
32ثَلاثَةٌ أُصُولُ هذَا الدِّيِنِ - مَعْرِفَةُ العَبْدِ مَعَ اليَقِينِ
33 للهِ وَالرَّسُولِ تَتْلُو دِينهُ - مُثْبِتاً بِعِلْمِهِ يَقِينهُ
الأصل الأول
معرفة العبد ربه
34 مَعْرِفَةُ اللهِ عَلَيكَ فَرْضُ - وَجَهْلُهَا ظُلْمٌ وَكُفْرٌ مَحْضُ
35 فَرَبُّكَ الله الذِيِ رَبَّاكَا - وَالعَالَمِينَ نِعْمَةً أَعْطَاكَا
36 فَإِنْ عَرَفْتَ ذَاكَ فَالمَعْبُودُ - اللهُ لا غَيرُ وَلا جَحُودُ
37 وَكُلُّ مَنْ سِوَاهُ حَقَّاً عَالَمُ - وَأَنْتَ مِنْهَا وَاحِدٌ مُلازَمُ
38 عَرَفْتَهُ بِالَخْلِقِ وَالآيَاتِ - وَكَمْ تَرَى فِيهِ مِنَ الإِثْبَاتِ
39 فَالأَمْرُ وَالخَلْقُ لَهُ قَدْ حُصِرَا - وَلا جِدَالَ فِيهِمَا وَلا مِرَا
40 وَاعْلَمْ فَعِلْمُ المَرْءِ حَقّاً يَنْفَعُهْ - يُنْقِذُهُ مِنْ جَهْلِهِ بَلْ يَرفَعُهْ
41 أَنْوَاعَ مَا أُمِرْتَهُ يَا ذَا الفَتَى - مِنَ العِبَادَاتِ بِنَظْمِي قَدْ أَتَى
42 إِسْلامُنَا الإِيَمانُ وَالإِحْسَانُ - كَذَا الدُّعَا وَالخَوفُ وَالتُّكْلانُ
43 كَذَا إِنَابَةٌ خُشُوعٌ رَغْبَهْ - كَذَا رَجَاءٌ , خَشْيَةٌ , وَرَهْبَهْ
44 مَعَ اسْتِعَاذَةٍ وَالإِسْتِعَانَهْ - وَالذَّبْحِ وَالنَّذْرِ مَعَ اسْتِغَاثَهْ
45 فَإِنْ صَرَفْتَ وَاحِداً لِغَيرِهِ - فَقَدْ صُرِفْتَ يَا فَتَى عَنْ خَيِرِه
46 وَكُنْتَ كَافِراً وَكُنْتَ مُشْرِكَا - فَاحْرِصْ رَعَاكَ اللهُ أَنْ لا تُشْرِكَا
الأصل الثاني
معرفة العبد دينه
47 مَعْرِفَةُ الإِسْلامِ بِالأَدِلَّةِ - تُدْرِكُهَا فَكُنْ لَهَا ذَا خُلَّةِ
48 بِأَنْ تُرَى مُسْتَسْلِماً للهِ - مُوَحِّداً وَلا تَكُنْ بِاللاَّهِي
49 كَذَا لَهُ تَنْقَادُ بِالطَّاعَاتِ - مُلازِماً فِيَها وَذَا ثَبَاتِ
50 مُخَلِّصاً نَفْسَكَ مِنْ شِرْكٍ كَذَا - وَذَاكَ مَعْنَاهُ الحَقِيقِي فَخُذَا
مراتب دين الإسلام
51 وَهْوَ أَتَى عَلَى ثَلاثَةٍ رُتَبْ - إِسْلامٌ اْيمَانٌ وَإِحْسَانٌ حَسَبْ
52 وَكُلُّ رُتْبَةٍ لَهَا أَرْكَانُ - تُبْنَى بِهَا وَهَكَذَا البَيَانُ
1 ـ الإسلام
53 أَرْكَانُ إِسْلامٍ أَتَتْكَ خَمْسَهْ - فَعِلْمُهَا احْذَرْ يَا أَخِي لا تَنْسَهْ
54 فَوَاحِدٌ مِنْهَا الشَّهَادَتَانِ - كَذَا الصَّلاةُ يَا أَخِي الإِتْقَانِ
55 كَذَاكَ إِيَتاءُ الزَّكَاةِ عَدَّهْ - وَصَومُ رَمَضَانَ أَتَاكَ بَعْدَهْ
56 وَحَجُّ بَيتِ اللهِ في التَّتْمِيمِ - لِلمُسْتَطِيعِ فَخُذَنْ تَعْليمِي
2 ـ الإيمان
57 وَالرُّتْبَةُ الثَّانِيَةُ الإِيمَانُ - إِقْرَارُهُ أَنْ يَلْفِظَ اللّسَانُ
58 مَعَ اعْتِقَادٍ دَاخِلَ الجَنَانِ - وَعَمَلٍ بِكَامِلِ الأَرْكَانِ
59 يَزِيدُ بِالطَّاعَاتِ مِنْ إِنْسَانِ - وَنَاقِصٌ تَلْقَاهُ بِالعِصْيَانِ
60 شُعَبُهُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَتَتْ - أَفْضَلُهَا التَّشْهِيدُ للهِ ثَبَتْ
61 إِمَاطَةُ الأَذَى كَذَا أَدْنَاهَا - وَكُلُّ ذَا ذُو ثِقَةٍ رَوَاهَا
62 مِنْ مُسْلِمٍ كَذَا أَبُو داَوُدِ - كَذَا النَّسَائِي وَهُوَ في العَدِيدِ
63 كَذَا ابنُ مَاجَهْ حَكَمُوا بِالصِّحَّةِ - فَنِعْمَ مَا أَتَوا بِهِ مِنْ نِعْمَةِ
64 وَسِتَّةٌ أَرْكَانُهُ قَد ثَبَتَتْ - وَكُلُّهَا مِنَ الكِتَابِ قَدُ أَتَتْ
65 إِيمَانُنَا بِاللهِ ذَاكَ الأَوَّلُ - وَفِي الكِتَابِ ذِكْرُهُ مُفَصَّلُ
66 مَلائِكٌ كَذَاكَ ثُمَّ الكُتُبُ - وَالأَنْبِيَاءُ كُلُّهَا تُرَتَّبُ
67 وَاليَومُ يَومُ الآخِرِ المَوعُودُ - وَقَدَرٌ يَضُمُّهُ التَّعْدِيدُ
68 لِخيرِه وَشَرِّه كُلُّ أَتَى - مِنْ عِنْدِ رَبّ في الكِتَابِ ثَبَتَا
69 فَاقْرَأْ مِنَّ النِّسَا وَلَيسَ البِرَّ - إِقْتَرَبَتْ كَذَاكَ تَلْقَى القَدَرَا
3 ـ الإحسان
70 وَالرُّتْبَةُ الثَّالِثَةُ الإِحْسَانُ - مَرتَبَةُ الأَبرَارِ يَا إِنْسَانُ
71 أَنْ تُعْبُدَ اللهَ كَأَنكَ تَرَاهْ - عَلَيكَ في تَتْمِيمِهِ مِمَّنْ رَوَاهْ
72 وَذَاكَ رُكْنٌ وَاحِدٌ لَهُ فَقَطْ - دَلِيلُهُ مِنَ الكِتَابِ مُلْتَقَطْ
الأصل الثالث
معرفه العبد نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/38)
73 مَعْرِفَةُ النَّبِيِّ حَقّاً تَلْزَمُ - إِذْ مِنْهُ تَرْوِي الدِّينَ يَا ذَا المُسْلِمُ
74 مُحَمَّدٍ ذَاكَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ - فَالنَّسَبُ الشَّرِيفُ في الأَفْوَاهِ
75 مِنْ هَاشِمٍ وَمِنْ قُرَيشٍ في الحَسَبْ - وَهْيَ مِنَ العُرْبِ الكِرَامِ تُنْتَسْب
76 وَالعُرْبُ ذُرِيَّةُ إِسْمَاعِيلِ - ابِنِ الذِي سُمِّيَ بِالخَلِيلِ
77 وَعُمْرُهُ سِتُّونَ فَالزِّيَادَهْ - ثَلاثَةٌ أُعْطِي بِهَا مُرَادَهْ
78 مُنَبَّأٌ مِنْ بَعْدِ أَرْبَعِينَ - وَمُرْسَلٌ في فَاضِلِ السِّنِينَ
79 نُبِئَ بِاقْرَأْ بِاسْمِ ثُمَّ أُرْسِلا - بِسُورَةِ المُدَّثّر الَّتِي تَلا
80 وَمَكَّةٌ بَلَدُهُ المُكَرَّمُ - وَفِيهِ بَيتُ اللهِ ثُمَّ الحَرَمُ
81 بَعَثَهُ اللهُ لَنَا يَدْعُونَا - بِأَنْ نَرَى التَّوْحِيدَ فِينا دِيْنا
82 وَمُنْذِراً لَنَا لِئَلاَّ نُشْرِكَا - فَاتْلُ الكِتَابَ تَلْقَ فِيهُ سُؤْلَكَا
83 عَشْرُ سِنِينَ ثُمَّ بَعْدَهَا عُرِجْ - بِهِ إِلى السَّمَاء كَيْمَا يَبْتَهِجْ
84 وَفُرِضَتْ فِيَها الصَّلاةُ خَمْسَا - أَتَى بِهَا الجِنَّ مَعاً وَالإِنْسَا
85 بِمَكَّةَ أَتَى بِهَا أَعْوَامَا - ثَلاثَةً وَبَعْدَهَا إِلْزَامَا
86 أَمَرَهُ الرَّبُّ إِلى المَدِينَهْ - بِهِجْرَةٍ يَنْشُرُ فِيَها دِيْنَهْ
87 وَحُكْمُ هَذِي الهِجْرَةِ المَذْكُورُ - لِيَومِ حَشْرٍ فَهْمُهُ يَدُورُ
88 مِنْ بَلَدِ الشِّرْكِ إِلى الإِسْلامِ - يَبْقَى كَذَا حُكْماً عَلَى الدَّوَامِ
89 دَلِيلُهُ السُّنَّةُ وَالكِتَابُ - فَلا تَكُنْ في أَمْرِهِ تَرْتَابُ
90 وَبَعْدَمَا اسْتَقَرَّ وَسْطَ طَابَهْ - وتُمِّمَتْ مِنْهُ لَهُ الإِجَابَهْ
91 أَخَذَ في بَقِيَّةِ الشَّرَائِعِ - يَنْشُرُهَا بَينَ الوَرَى للطَّائِعِ
92 كَذَاكَ لِلعَاصِي يَعُمُّ حُكْمُهَا - قَدْ جَاءَ في الكِتَابِ فِينَا رَسْمُهَا
93 مِثْلُ الزَّكَاةِ وَكَذَا الصِّيَامُ - وَالحَجُّ وَالجِهَادُ وَالإِعْلامُ
94 وَالأَمْرُ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ كَذَا - عَنْ مُنْكَرٍ وَغَيرَ ذَلِكَ خُذَا
95 مِمَّا بَقِيْ مِنْ شِرْعَةِ الإِسْلامِ - عَشْرُ سِنِينَ وُهْوَ فِيَها سَامِي
96 ثُمَّ أَجَابَ دَاعِيَ الكَرِيمِ - وَدِينُهُ بَاقٍ بِلا تَكْلِيمِ
97 وَدِينُهُ لا خَيرَ إِلاَّ دَلَّنَا - عَلَيهِ في ذَا إِنْسَنَا وَجِنَّنَا
98 وَدِينُهُ لا شَرَّ إِلاَّ حَذَّرَا - عَنْهُ وَكَانَ الخَيرُ فِيمَا أَخْبَرَا
99 وَكُلُّهُ في قَبْضَةِ التَّوحِيدِ - فِيهِ رِضَا اللهِ عَلَى العَبِيدِ
100 وَالشَّرُّ مَجْمُوعٌ بِأَيْدِي الشِّرْكِ - يَكْرَهُهُ اللهُ بِغَيرِ شَكِّ
101 وَاعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ حَقّاً أَوْجَبَا - طَاعَةَ ذَاكَ المُصْطَفَى وَالمُجْتَبَى
102 عَلَى جَمِيعِ الثَّقَلَيْنِ طُرَّا - مِنْ جِنِّهَا وَإِنْسِهَا قُلْ جَبْرَا
103 وَكَمَّلَ اللهُ بِهِ الدِّينَ لَنَا - وَزَالَ عَنَّا كُلُّ شِرْكٍ وَعَنا
104 وَمَاتَ وَالدَّلِيلُ في القُرْآنِ - مُفَصَّلٌ في غَايَةِ البَيَانِ
105 وَالنَّاسُ يُبْعَثُونَ بَعْدَ المَوْتِ - مُحَاسَبُونَ مَا لِذَا مِنْ فَوتِ
106 جَزَاؤُهُمْ إِزَاءَ أَعْمَالٍ لَهُمْ - مَنْ أَحْسَنُوا الحُسْنَى حَقِيقاً حَظُّهُمْ
107 وَمَنْ أَسَاءَ فَالعِقَابُ قِسْمُهْ - بِعَمَلٍ مِنْهُ وَذَاكَ إِثْمُهُ
108 وَالبَعْثُ مَنْ يُنْكِرُهُ فَقَدْ كَفَرْ - فَاتْلُ القُرَآنَ وَأَجِلْ فِيهِ النَّظَرْ
109 وَأَرْسَلَ اللهُ جَمِيعَ الرُّسُلِ - مُبَشِّرِينَ مُنْذِرِين كُمُلِ
110 كَي لا يَكُونَ حُجَّةٌ يُدْلِي بِهَا - الناسُ يَومَ الحَشْرِ كُنْ مُنْتَبِهَا
111 أَوَّلُهُمْ نُوحٌ وَعُقْبَاهُمْ هُدَى - مُحَمَّدٌ نَبِيُّنَا مَنْ وَحَّدَا
112 صَلَّى عَلَى الجَمِيعِ جَبَّارُ السَّمَا - وَآلِهمْ وَصَحْبِهِمْ وَسَلَّمَا
113 وَكُلُّهُمْ دَاعٍ إِلى التَّوْحِيدِ - في أُمَّةٍ لَهْ بِلا تَرْدِيدِ
114 للهِ وَحْدَهُ وَذَاكَ الدِّينُ - دَعْوَتُهُمْ لِمَنْ بِهِ يَدِينُ
115 وَكُّلُهُمْ نَاهٍ عَنِ الطَّاغُوتِ - كَيْلا يَكُونَ الأَمْرُ بِالتَّفْويتِ
116 مُفْضٍ إِلى الشِّرْكِ وَقَدْ أُمِرْنَا - بِالكُفْرِ بِالطَّاغُوتِ إِذْ بُلِّغْنَا
117 وَإِنْ تُرِدْ مَعْنَاهُ فَاعْرِفْهُ فَمَا - تَجَاوَزَ العَبْدُ بِهِ الحَدَّ عَمَى
118 وَذَاكَ مِنْ مَعْبُودٍ أَوْ مَتْبُوعِ - أَوْ مِنْ مُطَاعٍ زَلَّ عَنْ تَشْرِيعِ
119 إِنَّ الطَّوَاغِيتَ كَثِيرٌ عَدُّهَا - وَخَمْسَةٌ رُؤُوسُهُمْ تَحُدُّهَا
120 إِبْلِيسُ أَوَّلُهُمْ عَلَيهِ اللَّعْنَهْ - وَيلٌ لِمَنْ يَتْبَعُهُ وَالمِحْنَهْ
121 وَمَنْ مِنَ الخَلْقِ تَرَاهُ يَعْمَدُ - بِأَنْ يَكُونَ كَالإِلَهِ يُعْبَدُ
122 وَمَنْ دَعَا النَّاسَ إِلى عِبَادِتَهْ - كَمِثْلِ مَنْ قَدْ زَلَّ في إِرَادَتِهْ
123 وَالمُدَّعِي في النَّاسِ عِلْمَ الغَيبِ - وَليسَ يَخْشَى في الوَرَى مِنْ عَيبِ
124 وَالحَاكِمُ الغَاوِي بِغَيرِ المُنْزَلِ - كَمِّلْ بِهِ خَمْسَتَهُمْ وَأَجْمِلِ
125 دَلِيلُهُ آيَةُ {لا إِكْرَاهَ} - تَمّمْهُ تَفْهَمْ يَا أَخِي مَعْنَاهَا
126 مَعْنَاهُ: لا إِلَه إِلا اللهُ - وَكُلُّ ذَا في ضِمْنِهِ تَلْقَاهُ
127 وَاعْلَمْ أُخَيَّ أَنَّ رَأْسَ الأَمْرِ - مِنْ رَبِّنَا الإِسْلامُ فَافْهَمْ تَدْرِ
128 كَذَا عَمُودُهُ الصَّلاةُ مِنَّا - فَاتْلُ الحَدِيثَ يَا أَخِي تَهَنَّا
129 وَذِرْوَةُ السَّنَامِ للإِسْلامِ - جِهَادُنَا للهِ في الأنَامِ
130 لِمَقْصِدِ الإِعْلاء للتَّوحِيدِ - وَهَكَذَا الأَمْرُ بِلا تَفْنِيدِ
131 وَالحَمْدُ للهِ عَلَى التَّمَامِ - كَفَى بِذَاكَ نِعْمَةَ الإِسْلامِ
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد
المنظومة على ملف وورد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/39)
ـ[صخر]ــــــــ[18 - 01 - 06, 01:08 ص]ـ
جزاك الله خيرا كنت أبحث عنه منذ مدة
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[18 - 01 - 06, 01:14 ص]ـ
سأنزل إن شاء الله نظم الشيخ سعود الشريم قريباً فترقبه
ـ[صخر]ــــــــ[27 - 02 - 06, 02:31 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
أخي النجدي بارك الله فيك هل أتممت نظم الاصول الثلاثة للشريم
ـ[أبو يوسف العامري]ــــــــ[27 - 02 - 06, 02:45 م]ـ
ما هو مصدر ابيات الشيخ عمر بن ابراهيم
هل هي منشورة من قبل؟
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[01 - 03 - 06, 11:45 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[هشام العويد]ــــــــ[08 - 04 - 06, 10:50 م]ـ
بارك الله فيكم
ـ[حسام الدين الكيلاني]ــــــــ[10 - 04 - 06, 05:15 ص]ـ
جزاك الله كل خير ....
ـ[المخلافي]ــــــــ[10 - 04 - 06, 10:20 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[ابن الحسيني]ــــــــ[14 - 04 - 06, 10:57 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[العوضي]ــــــــ[28 - 08 - 06, 12:09 م]ـ
وللشيخ سعود الشريم - حفظه الله - نظم كذلك للثلاثة الأصول ...
وبارك الله فيك أخي الكريم على ما نقلته لنا ...
والله الموفق ...
ـ[سيد المصري]ــــــــ[06 - 09 - 06, 03:10 م]ـ
رااااااااااائعة
بارك الله فيك
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[16 - 06 - 07, 02:00 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ..
سأنزل إن شاء الله نظم الشيخ سعود الشريم قريباً فترقبه
هل تم إنزال هذا النظم؟
ـ[عبدالله الوائلي]ــــــــ[16 - 06 - 07, 05:30 ص]ـ
بارك الله فيك أخي النجدي على ما تبذله ..
ـ[أبو مجاهد الشهري]ــــــــ[17 - 06 - 07, 06:48 م]ـ
جزاكم الله خيراً(33/40)
أين أجد عقيدة الامام جعفر الصادق؟
ـ[المقدادي]ــــــــ[16 - 01 - 06, 04:46 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الاخوة الكرام
لقد اطلعت قبل فترة على موضوع - لا اذكر أين - يذكر فيه عقيدة الامام جعفر الصادق منقولة عن الرواة الاثبات فأين اجدها؟ او حتى نصوص من خلال احاديثه
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[16 - 01 - 06, 04:53 م]ـ
للشيخ علي الشبل رسالة اسمها ((الموجز الفارق في ترجمة جعفر الصادق)) تكلم فيها عن عقيدته
ـ[رمضان أبو مالك]ــــــــ[16 - 01 - 06, 05:19 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وهذه هي رسالة الشيخ علي شبل (الموجز الفارق)، على هذا الرابط:
http://saaid.net/bahoth/16.htm
وبارك الله فيك ....
ـ[المقدادي]ــــــــ[16 - 01 - 06, 05:35 م]ـ
جزاكما الله خيرا و بارك فيكما اخوي الكريمين عبدالله الخليفي و رمضان أبو مالك
سلا(33/41)
تحذير من بعض مما جاء في رسالة: "المتكلمون وأصول الفقه (أبو إسلام عبد ربه)
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[18 - 01 - 06, 07:08 م]ـ
ملتقى أهل الحديث > منتدى العلوم الشرعية التخصصي > تحذير من بعض مما جاء في رسالة: "المتكلمون وأصول الفقه
--------------------------------------------------------------------------------
تسجيل الدخول View Full Version : تحذير من بعض مما جاء في رسالة: "المتكلمون وأصول الفقه
--------------------------------------------------------------------------------
أبو إسلام عبد ربه18 - 09 - 2005, 12:21 AM
تحذير من بعض مما جاء في رسالة: "المتكلمون وأصول الفقه"
سبب الموضوع:
أنني رأيت أنه قد تم رفع هذه الرسالة اليوم بخزانة الكتب فكان الواجب هو النصح والتحذير
والرسالة فيها الكثير من الفوائد ولكن الكاتب قد زل فيها في عدة مواضع وأظن أن ذلك قد وقع بغير قصد منه
قال الكاتب:
" ومهما يكن من شيء، فإنَّ دعوتنا إلى اعتماد أدوات الرصد والتحليل مصدراً للتقعيد الأصولي ليست بدعاً من القول، ولا خروجاً على المألوف ولكنها حفاظٌ على روح الموروث لا على قشوره، وسيرٌ بخطى حثيثة ثابتة على سنن السلف الصالح في تعاملهم مع واقعهم، ذلك التعامل الواقعي الذي دفعهم إلى تأصيل القاعدة القائلة: "لا ينكر تغيُّر الفتوى بتغيُّر الأزمنة والأمكنة والأحوال والعادات والأعراف". فماذا يضيرنا اليوم لو أننا قلنا إنه "لا ينكر تغيُّر القواعد والمصادر الاجتهادية بتغيُّر الأزمنة والأمكنة والأحوال والأعراف"!
التعليق:
قلتُ أنا العبد الفقير إلى الله تعالى أبو إسلام عبد ربه:
هذا كلام خطير يهدم الدين وقواعده بحجة مسايرة العصر وذلك لأن القواعد والمصادر الإجتهادية قد دلت عليها أدلة من الكتاب والسنة فكيف يجوز تغييرها أو تبديلها؟!!
أما الفتوى فهي عبارة عن تطبيق لهذه القواعد في واقعة معينة لها ملابسات محددة
ثم تأتي واقعة أخرى لها ملابسات مختلفة فيتم تطبيق القواعد عليها أيضا بما يناسبها
وبذلك تختلف الفتوى في الواقعة الأولى عنها في الثانية 0
أما القواعد نفسها فهي ثابتة لم تتغير
وكمثال توضيخي عل ذلك:
المسائل الهندسية: كل مسألة يكون لها برهان مختلف عن غيرها 0 ولكن النظريات الهندسية المستخدمة في البرهان تكون ثابتة وإنما تختلف طريقة البرهان باختلاف معطيات كل مسألة
فهل يصح أن نقول:
طالما أن البراهين تختلف فلماذا لا نغير النظريات الهندسية ايضا؟!!!
--------------------------------------------------------------------------------
أهل الحديث18 - 09 - 2005, 12:41 AM
جزاك الله خيرا وبارك فيك
وسيت حف الكتاب
وليتك تواصل بيان مافي الكتاب من أخطاء علمية.
--------------------------------------------------------------------------------(33/42)
احذروا فتنة الزيارة البدعية والشركية للقبور (العوضي)
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[19 - 01 - 06, 09:13 ص]ـ
ملتقى أهل الحديث > منتدى العلوم الشرعية التخصصي > احذروا فتنة الزيارة البدعية والشركية للقبور
--------------------------------------------------------------------------------
تسجيل الدخول View Full Version : احذروا فتنة الزيارة البدعية والشركية للقبور
--------------------------------------------------------------------------------
العوضي14 - 09 - 2005, 12:33 PM
احذروا هذه الفتنة!!
إعداد
عبد الله بن حميد الفلاسي
اضغط هنا لقراءة الموضوع ( http://www.a-falasi.com/maqalat.php?do=show_subject&ID=112&pic_top=7)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد:
فإن من أعظم مكايد الشيطان التي كاد بها أكثر الناس، وما نجا منها إلا من لم يرد الله تعالى فتنته: ما أوحاه قديماً وحديثاً إلى حزبه وأوليائه من الافتتان بالقبور.
حتى آل الأمر فيها إلى أن عُبد أربابها من دون الله، وعُبدت قُبورهم، واتُّخذت أوثاناً، وبُنيت عليها الهياكل والقُبب، وصُورت صور أربابها فيها، ثم جعلت تلك الصور أجساداً لها ظلٌّ، ثم ُجعلت أصناماً، وعبدت مع الله تعالى.
ولهذا أضع بين يديك أيها القارئ العزيز،- سائلاً الله لك الهداية والتوفيق والسعادة والسداد - هذا الجمع من المسائل، وستكون على النحو التالي:
1 - الزيارة الشرعية للقبور.
2 - حكم البناء على القبور.
3 - حكم الصلاة عند القبور.
4 - حكم النذر والتبرك بالقبور.
5 - حكم الطواف بالقبور والحلف بأصحابها.
6 - حكم دعاء أصحاب القبور.
7 - حكم إيقاد السرج على القبور
1 - الزيارة الشرعية للقبور [1]:
زيارة القبور سنة أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم، بعد أن نهى عنها كما ثبت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم، في قوله: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكركم الآخرة) رواه مسلم. فزيارة القبور للتذكر والاتعاظ سنة، فإن الإنسان إذا زار هؤلاء الموتى في قبورهم، وكان هؤلاء بالأمس معه على ظهر الأرض يأكلون كما يأكل، ويشربون كما يشرب، ويتمتعون بدنياهم وأصبحوا الآن رهناً لأعمالهم إن خيراً فخير، وإن شراً فشر فإنه لا بد أن يتعظ ويلين قلبه ويتوجه إلى الله - عز وجل - بالإقلاع عن معصيته إلى طاعته.
وينبغي لمن زار المقبرة أن يدعو بما كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به وعلمه أمته: " السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم " يقول: هذا الدعاء.
ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يقرأ الفاتحة عند زيارة القبور، فالخير كل الخير في متابعة النبي صلى الله عليه وسلم واتباع ما فعل واجتناب ما ترك مثلاً.
وأما زيارة القبور للنساء فإن ذلك محرم لأن النبي صلى الله عليه وسلم، لعن زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج، فلا يحل للمرأة أن تزور المقبرة هذا إذا خرجت من بيتها لقصد الزيارة، أما إذا مرت بالمقبرة بدون قصد الزيارة فلا حرج عليها أن تقف وأن تسلم على أهل المقبرة بما علمه النبي، صلى الله عليه وسلم أمته، فيفرق بالنسبة للنساء بين من خرجت من بيتها لقصد الزيارة،ومن مرت بالمقبرة بدون قصد فوقفت وسلمت، فالأولى التي خرجت من بيتها للزيارة قد فعلت محرماً وعرضت نفسها للعنة الله -عز وجل- وأما الثانية فلا حرج عليها.
2 - حكم البناء على القبور [2]:
البناء على القبور محرم، سواء كان مسجداً أو قبة أو أي بناء، فإنه لا يجوز ذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) فعلل اللعنة باتخاذهم المساجد على القبور، فدل ذلك على تحريم البناء على القبور وأنه لا يجوز اتخذوها مساجد؛ لأن اتخاذها مساجد من أسباب الفتنة بها لأنها إذا وضعت عليها المساجد افتتن بها الناس، وربما دعوها دون الله واستغاثوا بها فوقع الشرك، وفي حديث جندب بن عبد الله البجلي عند مسلم في صحيحه يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/43)
قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك).
هكذا يقول صلى الله عليه وسلم يحذرنا من اتخاذ المساجد على القبور، فينبغي لأهل الإسلام أن يحذروا ذلك، بل الواجب عليهم أن يحذروا ذلك، وفي حديث جابر عند مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه نهى عن تجصيص القبور وعن القعود عليها، وعن البناء عليها)، فالبناء عليها منهي عنه مطلقا، واتخاذ المساجد والقباب عليها كذلك؛ لأن ذلك من وسائل الشرك، إذا بني على القبر مسجد أو قبة ونحو ذلك عظمه الناس، وفتن به الناس، وصار من أسباب الشرك به، والدعاء لأصحاب القبور من دون الله عز وجل شرك بالله، كما هو الواقع في بلدان كثيرة عظمت القبور، وبنيت عليها المساجد، وصار الجهلة يطوفون بها، ويدعونها، ويستغيثون بأهلها، وينذرون لهم، ويتبركون بقبورهم، ويتمسحون بها.
كل هذا وقع بسبب البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، وهذا من الغلو الذي حرمه الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين) وقال: (هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون يعني المتشددون الغالون).
والخلاصة أنه لا يجوز البناء على القبور، لا مسجد ولا غير مسجد، ولا قبة، وأن هذا من المحرمات العظيمة، ومن وسائل الشرك، فلا يجوز فعل ذلك، وإذا وقع فالواجب على ولاة الأمور إزالته وهدمه، وألا يبقى على القبور مساجد ولا قباب، بل تبقى ضاحية مكشوفة كما كان هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي عهد أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم والسلف الصالح، ولأن بناء المساجد على القبور من وسائل الشرك، وكذلك القباب والأبنية الأخرى كلها من وسائل الشرك كما تقدم، فلا تجوز فعلها.
بل الواجب إزالتها وهدمها لأن ذلك هو مقتضى أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أمر عليه الصلاة والسلام بأن تزار القبور للذكرى والعظة، ونهى عن البناء عليها، واتخاذ المساجد عليها؛ لأن هذا يجعلها مساجد تعبد من دون الله، أي يجعلها آلهة، ويجعلها أوثانا تعبد من دون الله؛ فلهذا شرع امتثال أمره بالزيارة فهي مستحبة، فشرع لنا أن نزورها للذكرى، والدعاء لأهلها بالمغفرة والرحمة، لكن لا نبني عليها لا مساجد ولا قبابا ولا أبنية أخرى، لأن البناء عليها من وسائل الشرك والفتنة بها.
وكذلك وضع القبور في المسجد لا يجوز، فبعض الناس إذا مات يدفن في المسجد، فهذا لا يجوز، وليس لأحد أن يدفن في المسجد بل يجب أن ينبش القبر، وينقل إلى المقبرة، فإذا دفن الميت بالمسجد فإنه ينبش وينقل إلى المقبرة، ولا يجوز بقاؤه في المساجد أبدا والواجب على أهل الإسلام أن لا يدفنوا في المساجد.
3 - حكم الصلاة عند القبر [3]:
إذا صلى المسلم على الميت صلاة الجنازة مع الناس، فلا حاجة إلى إعادة الصلاة، بل تكون الزيارة للعظة والدعاء فقط، بمعنى أن يأتي المقبرة، ويسلم على أهل القبور، ويدعو لهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة) وكان النبي يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية) هذه هي السنة.
أما إذا لم يصلي مع الناس على الميت، فإنه يذهب إلى قبر الميت، ويصلي عليه في مدة شهر فأقل إذا كان مضى له شهر أو أقل، أما إذا طالت المدة فلا صلاة عند جمع من أهل العلم، والدعاء يكفي والاستغفار، والترحم، والتصدق عنه بالمال، كل هذا ينفع الميت من أب وغيره.
4 - حكم النذر والتبرك بالقبور [4]:
النذر عبادة لا تجوز إلا لله - عز وجل - وكل من صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله فهو مشرك كافر، قد حرم الله عليه الجنة، ومأواه النار، قال الله - تعالى -: {إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة، ومأواه النار وما للظالمين من أنصار}.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/44)
وأما التبرك بها: فإن كان يعتقد أنها تنفع من دون الله - عز وجل - فهذا شرك في الربوبية مخرج عن الملة , وإن كان يعتقد أنها سبب وليست تنفع من دون الله فهو ضال غير مصيب، وما اعتقده فإنه من الشرك الأصغر، ومن الأدلة على ما ذكرنا من تحريم التبرك بأرض القبور وأهلها وأن ذلك من الشرك الأكبر ما رواه الترمذي وغيره بإسناد صحيح عن أبي واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها: ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الله أكبر، إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {اجعل لنا إلها كما لهم آلهة}).
فعلى من ابتلي بمثل هذه المسائل أن يتوب إلى الله - سبحانه وتعالى - وأن يقلع عن ذلك قبل أن يفاجئه الموت، فينتقل من الدنيا على أسوأ حال، وليعلم أن الذي يملك الضر والنفع هو الله - سبحانه وتعالى - وأنه هو ملجأ كل أحد، كما قال الله - تعالى -: {أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلاً ما تذكرون}، وبدلاً من أن يتعب نفسه في الالتجاء إلى قبر فلان وفلان، ممن يعتقدونهم أولياء، ليلتفت إلى ربه- عز وجل- وليسأله جلب النفع ودفع الضر، فإن الله - سبحانه وتعالى - هو الذي يملك هذا.
5 - حكم الطواف بالقبور والحلف بأصحابها [5]:
لا يجوز الطواف بالقبور، لا بقبر أبي الحسن الشاذلي، ولا بقبر البدوي، ولا بقبر الحسين، ولا بالسيدة زينب، ولا بالسيدة نفيسة ولا بقبر من هو أفضل منهم، لأن الطواف عبادة لله وإنما يكون بالكعبة خاصة، ولا يجوز الطواف بغير الكعبة أبدا، وإذا طاف بقبر أبي الحسن الشاذلي أو بمقامه يتقرب إليه بالطواف، صار شركا أكبر، وليس هو يقوم مقام حجة، ولا مقام عمرة، بل هو كفر وضلال، ومنكر عظيم، وفيه إثم عظيم.
فإن كان طاف يحسب أنه مشروع، ويطوف لله لا لأجل أبي الحسن فهذا يكون بدعة ومنكرا، وإذا كان طوافه من أجل أبي الحسن ومن أجل التقرب إليه فهو شرك أكبر- والعياذ بالله- وهكذا دعاؤه والاستغاثة بأبي الحسن الشاذلي، أو النذر له، أو الذبح له، كله كفر أكبر -نعوذ بالله- وكذلك الحلف بأبي الحسن، وكذلك الحلف بالنبي، أو بالحسن، أو بالحسين، أو بفاطمة، أو بالكعبة، أو بالأمانة، أو الحلف بحياة فلان أو شرفه كله لا يجوز لأن الحلف بغير الله ممنوع وهو شرك أصغر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من حلف بغير الله فقد كفر) وفي لفظ: (فقد أشرك) وفي لفظ آخر: (فقد كفر أو أشرك) ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من حلف بالأمانة فليس منا) ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون).
6 - حكم دعاء أصحاب القبور [6]:
إن أصحاب القبور ينقسمون إلى قسمين:
القسم الأول: قسم توفي على الإسلام ويثني الناس عليه خيراً، فهذا يرجى له الخير، ولكنه مفتقر إلى إخوانه المسلمين يدعون الله له بالمغفرة والرحمة، وهو داخل في عموم قوله تعالى: {والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذي سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم} (سورة الحشر: 10).
وهو بنفسه لا ينفع أحداً إذ أنه ميت جثة لا يستطيع أن يدفع عن نفسه الضر ولا عن غيره، ولا أن يجلب لنفسه النفع ولا لغيره فهو محتاج إلى نفع إخوانه غير نافع لهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/45)
القسم الثاني من أصحاب القبور: من أفعاله تؤدي إلى فسقه الفسق المخرج من الملة كأولئك الذين يدّعون أنهم أولياء، ويعلمون الغيب، ويشفون من المرض، ويجلبون الخير والنفع بأسباب غير معلومة حسّاً ولا شرعاً، فهؤلاء الذين ماتوا على الكفر، لا يجوز الدعاء لهم، ولا الترحم عليهم لقوله تعالى: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم، وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو الله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم} (سورة التوبة: 113،114) وهم لا ينفعون أحداً ولا يضرونه، ولا يجوز لأحد أن يتعلق بهم، وإن قدر أن أحداً رأى كرامات لهم مثل أن يتراءى له أن في قبورهم نوراً، أو أنه يخرج منها رائحة طيبة أو ما أشبه بذلك، وهم معروفون بأنهم ماتوا على الكفر، فإن هذا من خداع إبليس وغروره ليفتن هؤلاء بأصحاب هذه القبور.
وإنني أحذر إخواني المسلمين من أن يتعلقوا بأحد سوى الله عز وجل، فإنه سبحانه وتعالى هو الذي بيده ملكوت السموات والأرض وإليه يرجع الأمر كله، ولا يجيب دعوة المضطر إلا الله، ولا يكشف السوء إلا الله قال تعالى: {وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون} (سورة النحل: 53) ونصيحتي لهم أيضاً أن لا يقلدوا في دينهم ولا يتبعوا أحداً إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً} (سورة الأحزاب: 21) ولقوله تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} (سورة آل عمران: 31)
ويجب على جميع المسلمين أن يزنوا أعمال من يدعي الولاية بما جاء في الكتاب والسنة، فإن وافق الكتاب والسنة فإنه يرجى أن يكون من أولياء الله، وإن خالف الكتاب والسنة فليس من أولياء الله وقد ذكر الله في كتابه ميزاناً قسطاً عدلاً في معرفة أولياء الله حيث قال: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الذين آمنوا وكانوا يتقون} (سورة يونس: 62،63) فمن كان مؤمناً تقياً كان لله ولياً، ومن لم يكن كذلك فليس بولي لله ومن كان معه بعض الإيمان والتقوى كان فيه شيء من الولاية ومع ذلك فإننا لا نجزم لشخص بعينه بشيء، ولكننا نقول على سبيل العموم، كل ما كان مؤمنا تقياً كان لله ولياً.
وليعلم أن الله عز وجل قد يفتن الإنسان بشيء من مثل هذه الأمور، فقد يتعلق الإنسان بالقبر فيدعو صاحبه أو يأخذ من ترابه يتبرك به فيحصل مطلوبه، ويكون ذلك فتنة من الله عز وجل لهذا الرجل لأننا نعلم أن هذا القبر لا يجيب الدعاء، وأن هذا التراب لا يكون سبباً لزوال ضرر أو جلب نفع نعلم ذلك لقول الله تعالى: {ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون. وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين} (سورة الأحقاف: 5،6).
وقال تعالى: {والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون، أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون} (سورة النحل: 20،21). والآيات في هذا المعنى كثيرة تدل على أن كل من دعي من دون الله فلن يستجيب الدعاء ولن ينفع الداعي، ولكن قد يحصل المطلوب المدعو به عند دعاء غير الله فتنة وامتحاناً.
ونقول: إن حصل هذا الشيء عند الدعاء - أي عند هذا الذي دعي من دون الله - لا بدعائه، وفرق بين حصول الشيء بالشيء، وبين حصول الشيء عند الشيء، فإننا نعلم علم اليقين أن دعاء غير الله ليس سبباً لجلب النفع أو دفع الضرر بالآيات الكثيرة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه، ولكن قد يحصل الشيء عند هذا الدعاء فتنة وامتحاناً، والله تعالى قد يبتلي الإنسان بأسباب المعصية ليعلم سبحانه وتعالى من كان عبداً لله ومن كان عبداً لهواه، ألا ترى إلى أصحاب السبت من اليهود حيث حرم الله عليهم أن يصطادوا الحيتان في يوم السبت فابتلاهم الله عز وجل فكانت الحيتان تأتي يوم السبت بكثرة عظيمة وفي غير يوم السبت تختفي فطال عليهم الأمد، وقالوا: كيف نحرم أنفسنا هذه الحيتان؟ ثم فكروا وقدروا ونظروا فقالوا: نجعل شبكة ونضعها يوم الجمعة ونأخذ الحيتان منها يوم الأحد، فأقدموا على هذا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/46)
الفعل الذي هو حيلة على محارم الله، فقلبهم الله قردة خاسئين، قال الله تعالى: {واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعاً ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون} (سورة الأعراف: 163) وقال عز وجل: {ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين، فجعلناها نكالاً لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين} (سورة البقرة: 65،66) فانظر كيف يسر الله لهم هذه الحيتان في اليوم الذي منعوا من صيدها فيه، ولكنهم - والعياذ بالله - لم يصبروا، فقاموا بهذه الحيلة على محارم الله.
انظر إلى ما حصل لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حيث ابتلاهم الله تعالى وهم محرمون بالصيود المحرمة على المحرم فكانت في متناول أيديهم ولكنهم - رضي الله عنهم - لم يجرؤوا على شيء منها قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم} (سورة المائدة: 94) كانت الصيود في متناول أيديهم يمسكون الصيد العادي باليد وينالون الصيد الطائر بالرماح فيسهل عليهم جداً، ولكنهم - رضي الله عنهم خافوا الله عز وجل فلم يقدموا على أخذ شيء من الصيود.
وهكذا يجب على المرء إذا هيئت له أسباب الفعل المحرم أن يتقي الله عز وجل وأن لا يقدم على فعل هذا المحرم، وأن يعلم أن تيسير أسبابه من باب الابتلاء والامتحان، فليحجم وليصبر، فإن العاقبة للمتقي.
7 - حكم إيقاد السرج على القبور [7]:
المقبرة التي لا يحتاج الناس إليها كما لو كانت المقبرة واسعة، وفيها موضع قد انتهى الناس من الدفن فيه فلا حاجة إلى إسراجه، أما الموضع الذي يقبر فيه فيسرج ما حوله فقد يقال: بجوازه لأنها لا تسرج إلا بالليل فليس في ذلك ما يدل على تعظيم القبر بل اتخذت للحاجة. ولكن الذي نرى المنع مطلقاً للأسباب الآتية:
السبب الأول: أنه ليس هناك ضرورة.
السبب الثاني: أن الناس إذا وجدوا ضرورة لذلك فيمكنهم أن يحملوا سراجاً معهم.
السبب الثالث: أنه إذا فتح هذا الباب فإن الشر سيتسع في قلوب الناس ولا يمكن ضبطه فيما بعد.
أما إذا كان في المقبرة حجرة يوضع فيها اللبن ونحوه، فلا بأس بإضاءتها لأنها بعيدة عن القبور، والإضاءة داخلة لا تشاهد.
وأي مصيبة يصاب بها المسلمون تعدل هذه المصيبة؟
وأي منكر يجب إنكاره إن لم يكن إنكار هذا الشرك البين واجباً؟
لقد أسمعت لو ناديت حياً == ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو ناراً نفخت بها أضاءت == ولكن أنت تنفخ في رماد
--------------------------------------------------------------------------------
الهوامش
(1) مجموع فتاوى ومقالات الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله – المجلد الثاني / السؤال رقم 308
(2) فتاوى نور على الدرب للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله – السؤال رقم 116.
(3) أنظر: فتاوى نور على الدرب للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله – السؤال رقم 117 (بتصرف).
(4) مجموع فتاوى ومقالات الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله – المجلد الثاني / السؤال رقم 242
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء – المجلد الأول / فتوى رقم 5339
(5) فتاوى نور على الدرب لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله – السؤل رقم 128
(6) من فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله – منقول من موقع الشبكة الإسلامية:
http://www.islamweb.net/aqeda/fatawe_alaqeda/7.htm
(7) مجموع فتاوى ومقالات الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله – المجلد الثاني / السؤال رقم 298
--------------------------------------------------------------------------------(33/47)
للمهتمين بكتب الحنابلة وتراجمهم (عبد بن أحمد)
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[19 - 01 - 06, 09:21 ص]ـ
ملتقى أهل الحديث > منتدى العلوم الشرعية التخصصي > للمهتمين بكتب الحنابلة وتراجمهم
--------------------------------------------------------------------------------
تسجيل الدخول View Full Version : للمهتمين بكتب الحنابلة وتراجمهم
--------------------------------------------------------------------------------
عبد بن أحمد11 - 09 - 2005, 09:25 PM
قرأت اليوم مقالا في جريدة الجزيرة السعودية فأحببت إطلاع الإخوة عليه.
ملحوظة:ـ ما في المقال يعبر عن رأي كاتبه ـ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
حاشيةُ الشيخ عبد الوهاب بن فيروز على الروضِ المربع ونُسَخُها الخطيَّة
حسان بن إبراهيم بن عبد الرحمن الرديعان
في التاسع من شهر رجب هذا العام (1426هـ) اطلعت على نسخة خطية في دار الكُتُب القطرية مكتوبٌ عليها (حاشية على حاشية الزاد لعبد الوهاب بن محمد بن فيروز)، فظننت أنها حاشية الشيخ عبد الوهاب بن محمد بن عبد الله بن فيروز الأحسائي الشهيرة على الروض المربع التي لها أكثر من نسخة خطية في نجد وغيرها وان العنوان لم يكن إلا سهواً من الناسخ، فطلبت تصويرها من الأخ المسؤول الشيخ بلال السويدي جزاه الله خيراً. وبعد مقارنة هذه النسخة بإحدى نسخ الحاشية الخطية تبين لي أنها ليست حاشية ابن فيروز على الروض، بل إنها ليست لابن فيروز نفسه، مما دعاني إلى كتابة هذا المقال عن هذه النسخة وعن حاشية ابن فيروز على الروض في ضوء النقاط الآتية:
الأولى: صاحب الحاشية هو الشيخ عبد الوهاب بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بن عبد الله بن فيروز بن محمد بن بسَّام بن عقبة بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب الوهيبي التميمي النجدي ثم الأحسائي (1172هـ - 1203هـ) حنبلي فقيه أصولي، مات وهو في أول الثلاثين من عمره، وصنَّف تصانيف في الفقه والأصول والعربية، ذكر عنه ابن حميد في السحب الوابلة (2 - 682) شيئاً من ولعه بالمطالعة والنهمة في القراءة والتحصيل.
الثانية: مؤلفاته رحمه الله: 1 - حاشية على شرح منتهى الإرادات للبهوتي (حاشية تحفة المستفيد - علماء - نجد - المدخل المفصل). 2 - شرح عقود الجمان للمرُشدي (السحب - علماء نجد).
3 - الإرشاد إلى حصول الثواب بالزيادة على الأعداد. (مخطوطة علماء النجديين في الزبير. للشيخ صالح العسافي، أمدني بها الأخ الباحث الأستاذ علي بن سليمان المهيدب مشكوراً). 4 - تعليق على التصريح للأزهري، شرح التوضيح لابن هشام (السحب - علماء نجد). 5 - إبداء المجهود في جواب سؤال ابن داود أحد تلامذته حول التقليد (السحب الوابلة - علماء نجد - المدخل المفصل). 6 - القول السديد في جواز التقليد (السحب الوابلة - علماء نجد - المدخل المفصل). 7 - زوال اللَّبْس عمَّن أراد بيان ما يُمكن ان يُطلِعَ الله عليه أحداً من خلقه من الخمس (السحب الوابلة - علماء نجد). 8 - شرح الإقناع (السحب الوابلة) ولم يذكره غيره ولعله يريد حاشية شرح المنتهى حيث لم يذكرها. 9 - شرح جمع الجوامع في أصول الفقه (السحب الوابلة) لم يذكره غيره. 10 - مسائل في الزيادة في الفاتحة في المانع للهلال، قال د. عبد الرحمن بن سليمان بن عثيمين في حاشيته على السحب الوابلة (2 - 683) تعليقاً على كتاب القول السديد: وجاء فيها: (واخبرني ملا عبد الله الغملاس ان عنده للشيخ عبد الوهاب بن فيروز رسائل خطية فقهية بخط بعض العلماء عن خط المؤلف، منها مسائل في الزيادة في الفاتحة في المانع للهلال .. ثم قال: وهذه لم يذكرها ابن حميد رحمه الله تعالى). 12 - شرح الجوهر المكنون في البلاغة (السحب الوابلة - علماء نجد). 13 - جواب حول مسألة وقوع الطلاق الثلاث المجموعة (العسافي). 14 - مبحث المجتهد المذهبي والمجتهد المطلق (العسافي). 15 - الفرق بين الكل والكلية والجزء والجزئية (العسافي). 16 - مبحث في المهدي (العسافي). 17 - جواب في مسألة جواز الحركة في الصلاة (العسافي). 18 - إبدال الوقف للمصلحة ولو لم تتعطل منافعه (العسافي). 19 - جواب مسألة عجن الطين بماء نجس (العسافي). 20 - حاشية على الروض المربع وصل فيها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/48)
المؤلف إلى باب الشركة ولم يكمله حيث اخترمته المنية قبل إتمامها، وهي المقصود من هذا المقال.
الثالثة: حاشية الشيخ ابن فيروز على الروض المربع شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع ذكرها ابن حميد في السحب الوابلة (2 - 683) بقوله (فمنها حاشية على شرح المقنع وصل فيها إلى الشركة وهي مفيدة جداً). والصحيح انها حاشية على شرح مختصر المقنع وليس شرح المقنع، فالزاد للحجاوي اختصر به المقنع لابن قدامة، والبهوتي في الروض المربع شرح الزاد، وابن فيروز على وضع الحاشية على الروض المربع. وذكرها أيضاً محمد آل عبد القادر الأنصاري الاحسائي في تحفة المستفيد بتاريخ الاحساء في القديم والجديد (2 - 633) بقوله (وله حاشية معتمدة على شرح المقنع موجودة في بلاد نجد) علق الشيخ ابن مانع - رحمه الله - قائلاً: (الحاشية التي بيد طلبة العلم من الحنابلة لعبد الوهاب بن محمد بن فيروز على شرح الزاد للشيخ منصور البهوتي وقد وصل فيها إلى باب الشركة). فصحيح ابن مانع لفظة المؤلف (على شرح المقنع) إلى (شرح الزاد). كما ذكر هذه الحاشية الشيخ عبد الله بن بسام - رحمه الله - في علماء نجد (5 - 63) بقوله (حاشية نفيسة على شرح الزاد، وصل فيها إلى الشركة وحين ألفها كان ابن عشرين سنة، وقد رأيت منها عدة نسخ وكنا نراجعها أثناء قراءتنا على شيخنا عبد الرحمن السعدي، فنجد فيها فوائد قيمة، وقد نقل فيها عن الشيخ زامل بن سلطان أحد قضاة الرياض). ويقوم على تحقيقها فضيلة الشيخ ناصر السلامة وهي على وشك الطباعة الآن وقد اعتمد على ثلاث نسخ. وهذه الحاشية لها نسخ خطية كثيرة، وهي كالآتي:
أ - نسخة خطية في المكتبة الوطنية بعنيزة.
ب - نسخة خطية في المكتبة العلمية الصالحية في عنيزة، اعتمد عليها الشيخ ناصر السلامة في تحقيقه.
ج - نسخة في مكتبة الشيخ عبد العزيز بن مرشد.
د - قطعة منها في دارة الملك عبد العزيز (محفوظات مكتبة السلمان)، في ثمانٍ وعشرين ورقة.
هـ - نسخة مصورة في جامعة أم القرى برقم (59) وهي مصورة من جامعة برنستون الأمريكية رقم 2817، اعتمد عليها الشيخ ناصر السلامة في تحقيقه.
و - نسخة في مكتبة الشيخ عبد الله العنقري وهي من محفوظات دارة الملك عبد العزيز الآن، وهذه النسخة فيها سقط يسير من البداية نسخت بعد 1240هـ، وفي أول هذه النسخة حاشية الشيخ عبد الله أبا بطين على شرح الزاد في أول العشرين ورقة الأولى، ثم تبدأ حاشية ابن فيروز من وسط باب التيمم. وهي نسخة مصححة ومقابلة وعليها تعليقات وبعض الاستدراكات، منها استدراك استدركه بعض طلبة الشيخ غنَّام بن محمد بن غنَّام النجدي (ت1240هـ) تلميذ والد الشيخ عبد الوهاب في مسألة صحة الحوالة في العلم بالمال وان يكون مما يثبت مثله في الذمة، قال الشيخ عبد الوهاب (ل302): (ظاهره ان ما يصح السَّلَم فيه من المعدود والمذروع ليس كذلك وهو مخالفٌ لما في المنتهى والإقناع .. ) كُتب في الهامش: (قوله وهو مخالفٌ لما في المنتهى والإقناع .. أقول ليس فيه مخالفة لهما لأنهما شرطا للحوالة كونه يصح السَّلَمُ فيه من مثليّ وغيره كمعدود ومذروع أي ينضبطان بالصفة كما ذكره المصنف في شرحه .. ) وفي آخره كتب (تأمل وتمهل والله أعلم أ. هـ شيخنا الشيخ غنام النجدي ثم الشامي الحنبلي - رحمه الله تعالى -). وقد يكون هذا الطالب نقلها من حاشية الشيخ غنَّام.
وكذلك من فوائد التعليق على هذه النسخة: في أول كتاب المناسك قال الشيخ عبد الوهاب بن فيروز: (قوله ونفقةُ المَحْرَمِ عليها، أي المرأة ولو كان زوجها فيجب عليها بقدر نفقة الحضر، وما زاد فعليها، وقلت ملغزاً في ذلك شعراً:
يا أيها الحبر والبدرُ المنير ومن
به طريقُ فعالِ الخير قد عُمرت
ما صورةٌ وجب الإنفاق دُمْتَ لنا
فيها لزوجٍ على زوجٍ له اعتبرت
ولم يكن وارثاً ذا حاجةٍ نسباً
والعقدُ باقٍ لدى الأشياخِ قد شهرت)
فكُتب على هامش الورقة: (قوله وقلتُ ملغزاً في ذلك أي وسائلاً بهذا اللُّغز صاحبه عبد الله الوطبان، فأجابه الشيخ عبد الله بهذه الأبيات وهي هذه:
الحمدُ للواحدِ المنان ما سُطرت
مسائلُ العلم بالتحقيق وانتشرت
ثم الصلاة على خير الورى نسباً
وآله وصحاب وشمسُهم قد ظهرت
وجوب إنفاقها للزوج حينَ غدت
بهِ وقد سافرت للحجِّ واعتمرت)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/49)
وفي تعليقات هذه النسخة فوائد أخرى يطول ذكرها. وقد اعتمد على هذه النسخة الشيخ ناصر السلامة - سلمه الله - في تحقيقه يسَّرَ الله خروجه. وذكر منصور بن عبد العزيز الرشيد في بحثٍ نشره: ان حاشية بن فيروز طبعت مع حاشية العنقري مع الروض في ثلاثة مجلدات على نفقة الأمير منصور بن عبد العزيز وزير الدفاع - رحمه الله -، ورمزاً لها ب (ف) نسبة لابن فيروز، ثم أعاد طبعها صالح الراشد صاحب مكتبة الرياض الحديثة. وعن حاشية العنقري قال الشيخ بكر أبو زيد (المدخل المفصل 2 - 733): (وحقيقة هذه الحاشية أنها لتلميذه الفقيه القاضي الورع الشيخ محمد بن حسن الخيَّال ت بالرياض سنة 1410ه فقد كان يُحضر هذه النقولات وينتخبها من كتب المذهب ويثبتها بالتحشية على الروض المربع، ويعرضها على شيخه العنقري - رحمه الله - وكان كفيف البصر، فيقُرَّه عليه، وقد أبى الشيخ محمد الخيال من نسبتها إليه، فسارت بين طلبة العلم منسوبة لشيخه لعرضها عليه، وهذا من تواضع العلماء، مع أشياخهم وجزى الله الشيخين خير الجزاء وأوفاه. اخبرني بذلك ابن أخيه الشيخ الفقيه عبد المحسن بن عبد الله الخيال رئيس محاكم جدة).
الرابعة: بعد هذه الإلماحة القصيرة عن حاشية ابن فيروز يأتي الكلام على هذه النسخة القطرية المزعوم انها لابن فيروز. فهذه النسخة غير كاملة حيث بُدئت بكلام غير مفيد في مسألة طهورية الماء، وانتهت بأول أبواب الإجارة. وعليها تصحيحات وتعليقات يسيرة بخط غير خط النسخة، وقد قوبلت مع الأصل الذي كُتبت عليه كما يظهر من الدائرة المنقوطة ونسخت في السابع عشر من شهر رجب عام 1344هـ بقلم علي بن عبد الرحيم بخط النسخ الواضح الجيد في 117 ورقة.
وهي بعد التتبع والمطابقة: ليست إلا قطعة للمسائل التي دونها الشيخ العلامة أحمد بن محمد المنقور التميمي النجدي (ت1125هـ) عن شيخه الشيخ عبد الله بن محمد بن ذهلان (ت1099هـ)، ومسائل ابن منقور طبعت بعنوان (الفواكه العديدة في المسائل المفيدة) وهي مسائل حررها عن شيخه ابن ذهلان كان يدونها بعد قيامه من الدرس، وأشار إلى فعله هذا بما فعله قبله الشيخ أحمد بن عطوة (ت 948هـ) مع شيخه الشيخ أحمد بن عبد الله العسكري (ت910هـ) حيث لم يأذن العسكري لابن عطوة الكتابة بعد الدرس فكان يكتب بعد الدرس، وأزاد فيها من أقوال العُلماء الحنابلة وغيرهم، يقول في مقدمته (وأضفت إلى ذلك ما وجدته من أجوبته، وما اطلعت عليه من أجوبة غيره من العلماء الأفاضل، وأبين قائله خروجا من تبعته، وأضفت كل شيء إلى ما يشابهه أو يقاربه .. ) وأشار الشيخ زهير الشاويش في وصفه النسخ الأربع التي طُبعت عليها الفواكه العديدة إلى صعوبات عديدة واجهتهم أثناء التحقيق فقال: (منها: اختلاف النسخ أحيانا، واستعمال المؤلف - رحمه الله تعالى - بعض الألفاظ والتعابير العامية المعروفة في بلده، وتوزع موضوعاته بحيث تجد بعضها مفرقا على أماكن متعددة). وأشار قبل ذلك إلى أن إحدى هذه النسخ فيها تقديم وتأخير، وتكرارٌ لبعض المباحث. ووصف نسخة أخرى بأنها ملخص للفواكه العديدة. ولما قارنت هذه النسخة بالفواكه العديدة في أكثر من موضع وباب إذا هي بمختصر للفواكه العديدة، ومسائل التقطت من كتاب ابن منقور، وفيها نقولات ليست من الباب الذي اختصره المختصر، غير ان عدم قراءتي للفواكه العديدة كاملا وبتمحُّص تجعلني لا أجزم بأن هذه النسخة فيها إضافات، وقد حاولت ان أبحث عن هذه النقولات كما في باب السواك مثلاً قريبا من الموضع الذي هي فيه في الفواكه إلا أني لم أجده. وبعد هذا يردُ على هذه النسخة احتمالان: الاحتمال الأول: ان هذه النسخة قطعة من ملخص الفواكه العديدة. إلا ان الملخص والمختصر غير معروف. الاحتمال الثاني: انها ملخص للفواكه العديدة وعليها بعض الإضافات والتحريرات والنقولات مما ليست في الفواكه العديدة وهو احتمال ضعيف، أوردته بسبب بعض النقولات التي لم أجدها في بحث يسير بالكتاب. وأما احتمال ان المختصِر هو ابن فيروز فهذا بعيد جدا لسببين: الأول: أن الذي أخطأ في العنوان بقوله (حاشية على حاشية الزاد) والكتاب نادراً ما يتطرق لمسائل الزاد، احتمالُ وقوعه في خطأ نسبة مؤلفه أقوى. الثاني: ما ذكره لي الشيخ ناصر السلامة - سلمه الله - وقد اطلع عليها من أن هذا ليس هو نفس عبد الوهاب ابن فيروز في النقل والتحرير، وهو قول وجيه ولا سيما انه محقق حاشيته. والله يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح.
--------------------------------------------------------------------------------
ـ[فيصل الخريصي]ــــــــ[19 - 01 - 06, 10:53 ص]ـ
أفدتنا أسأل الله لك الأجر
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[07 - 01 - 10, 09:38 م]ـ
للرفع(33/50)
شيخ الصوفية الأكبر ابن العربي شيعي مغال وإليك الدليل (أبو عمر 80
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[19 - 01 - 06, 09:56 ص]ـ
ملتقى أهل الحديث > منتدى العلوم الشرعية التخصصي > شيخ الصوفية الأكبر ابن العربي شيعي مغال وإليك الدليل
--------------------------------------------------------------------------------
تسجيل الدخول View Full Version : شيخ الصوفية الأكبر ابن العربي شيعي مغال وإليك الدليل
--------------------------------------------------------------------------------
أبو عمر 8020 - 08 - 2005, 04:05 PM
بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه
أما بعد:
فإن الصوفية اليوم لا تزال تحتج بابن العربي الصوفي الهالك -عامله الله بعدله-
الذي توفي في ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وست مئة
واليوم ننظر في ترجمة مختصرة وردت له بين ثنايا كتاب ذيل مرآة الزمان للبونيني
وردت في ترجمة يحيى بن محمد بن علي أبو الفضل محي الدين القرشي الأموي العثماني الدمشقي الشافعي
لنرى كيف وصفه البونيني بأنه مغال في حب علي رضي الله عنه شانه في ذلك شأن الشيعة وإقرؤوا القصيدة وتمعنوا
وهذا نصها:
يحيى بن محمد بن علي أبو الفضل محي الدين القرشي الأموي العثماني الدمشقي الشافعي الإمام العالم قاضي قضاة الشام ورئيس عصره، ولد بدمشق في ليلة الخامس والعشرين من شعبان سنة ست وتسعين وخمسمائة سمع من ابن طبرزد وحنبل وزيد الكندي وعبد الصمد بن الحرستاني وآخرين وحدث بدمشق ومصر وتوفي بمصر في صبيحة الرابع عشر من شهر رجب ودفن من يومه بسفح المقطم رحمه الله، وكان له عقيدة في الفقراء والصالحين يتلقى ما يحكى عنهم من الكرامات بالتصديق والقبول وصحب الشيخ محي الدين محمد ابن العربي رحمه الله وله فيه عقيدة تجاوز الوصف، وكان يحكي عنه أنه يفضل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه على أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه مع كون عثمان رضي الله عنه جده فتوهمت أنه اقتدى بالشيخ محي الدين في ذلك فإنه كان يرى هذا على ما حكى عنه.
ثم جرى بيني وبين الأمير عز الدين محمد بن أبي الهيجاء رحمه الله الحديث في مثل ذلك فذكر ما معناه أن قاضي القضاة بهاء الدين يوسف ابن محي الدين المذكور حكى له أن والده أخبره أنه رأى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في المنام بجامع دمشق وهو مستند إلى عمود من عمد الجامع قال محي الدين فسلمت عليه فأعرض عني فقلت له يا أمير المؤمنين أنا ابن عمك فقال صدقت ولكنكم ما اتقيتم أو ما هذا معناه , فاستيقظ قاضي القضاة محي الدين رحمه الله وتلبس بالمغالاة في حب علي رضوان الله عليه وتفضيله ونظم قصيدة طويلة مدحه بها منها:
أدين بما دان الوصي ولا أرى************سواه وإن كانت أمية محتدي
ولو شهدت صفين خيلي لأعذرت*******وساء بني حرب هنالك مشهدي
لكنت أسن البيض عنهم مواضيا************وأروى أرماحي ولما تقصد
وأجلبها خيلاً ورجلاً عليهم*****************وأمنعهم نيل الخلافة باليد
والبونيني هذا ولد سنة 640 هـ وتوفي سنة 728 هـ صوفي النزعة لقب بقطب الدين ألف كتاب مناقب عبد القادر الجيلاني وذيل مرآة الزمان.
--------------------------------------------------------------------------------
أبو عمر الدوسري20 - 08 - 2005, 05:05 PM
ممتاز .. واصل بارك الله فيك.
--------------------------------------------------------------------------------
التجيبي20 - 08 - 2005, 05:13 PM
ابن عربي الضال يكتب هكذا ولا يكتب بالتعريف جزاك الله خيرا
--------------------------------------------------------------------------------
الألوسي20 - 08 - 2005, 06:17 PM
أخي الكريم هو (اليونيني) وليس البونيني
و وفاته كانت سنة 726 كما قال الصفدي وابن حجر
وجزاك الله خيرا
--------------------------------------------------------------------------------
أبوالقاسم القاهري21 - 08 - 2005, 07:20 AM
و اسمه ابن عربي و ليس ابن العربي فابن العربي من أئمة المالكية و له كتاب أحكام القرآن وشرح الموطأ.
--------------------------------------------------------------------------------
عبدالله الخليفي21 - 08 - 2005, 08:15 AM
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/51)
إسمه الأصل ابن العربي وهو الموجود في كثير من تراجمه ولكن العلماء أصبحوا ينكرونه للتمييز بينه وبين ابن العربي المالكي مذهبا
--------------------------------------------------------------------------------
ابن جندي21 - 08 - 2005, 11:34 AM
إذاً من الأفضل ان تنكره انت ايضاً و تقول ابن عربي حتى لا يحدث تلبيس عند الناس
--------------------------------------------------------------------------------
أبو عمر 8021 - 08 - 2005, 01:05 PM
أخي الكريم أبو عمر الدوسري جزاك الله خيرا هي نادرة وجدتها فأحببت أن أضعها لإخواني
أخي الكريم التجيبي جزاك الله خيرا قلت شيخ الصوفية -الضالين المضلين- ولم أقل الشيخ
أخي الكريم الألوسي جزاك الله خيرا على التنبيه والخطأ من النظر في موسوعة الشعر العربي فالخط فيها غير واضح تماما
وهو كما قلت
أخي الكريم أبوالقاسم القاهري اسمه ابن العربي وانظر سير أعلام النبلاء جزاك الله خيرا
أخي الكريم عبدالله الخليفي جزاك الله خير الجزاء وبارك فيك
أخي الكريم لعل أسوتنا في ذلك الإمام الذهبي -رحمه الله تعالى رحمة واسعة- في سير أعلام النبلاء
وهذه تراجم موجزة لمن سمي بابن العربي
هذه ترجمة
ابن العربي المالكي
ابن العربي الإمام العلامة الأديب ذو الفنون أبو محمد عبدالله بن محمد بن العربي الإشبيلي والد القاضي أبي بكر صحب ابن حزم وأكثر عنه ثم ارتحل بولده أبي بكر فسمعا من طراد الزينبي وعدة وكان ذا بلاغة ولسن وإنشاء مات بمصر في أول سنة ثلاث وتسعين وأربع مئة في عشر التسعين فإن مولده كان في سنة خمس وثلاثين وأربع مئة ورجع ابنه إلى الأندلس
وهذه ترجمة محي الدين ابن العربي الصوفي صاحب الوحدة والتفرد
ابن العربي نزيل دمشق ذكر أنه سمع من ابن بشكوال وابن صاف وسمع بمكة من زاهر ابن رستم وبدمشق من ابن الحرستاني وببغداد وسكن الروم مدة وكان ذكيا كثير العلم كتب الإنشاء لبعض الأمراء بالمغرب ثم تزهد وتفرد وتعبد وتوحد وسافر وتجرد وأتهم وأنجد وعمل الخلوات وعلق شيئا كثيرا في تصوف أهل الوحدة ومن أردإ تواليفه كتاب الفصوص فإن كان لا كفر فيه فما في الدنيا كفر نسأل الله العفو والنجاة فواغوثاه بالله وقد عظمه جماعة وتكلفوا لما صدر منه ببعيد الاحتمالات وقد حكى العلامة ابن دقيق العيد شيخنا أنه سمع الشيخ عز الدين ابن عبد السلام يقول عن ابن العربي شيخ سوء كذاب يقول بقدم العالم ولا يحرم فرجا قلت إن كان محيي الدين رجع عن مقالاته تلك قبل الموت فقد فاز وما ذلك على الله بعزيز توفي في ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وست مئة وقد أوردت عنه في التاريخ الكبير وله شعر رائق وعلم واسع وذهن وقاد ولا ريب أن كثيرا من عباراته له تأويل إلا كتاب الفصوص وقرأت بخط ابن رافع أنه رأى بخط فتح الدين اليعمري أنه سمع ابن دقيق العيد يقول سمعت الشيخ عز الدين وجرى ذكر ابن العربي الطائي فقال هو شيخ سوء مقبوح كذاب
وهناك ثالث هو أبو بكر العربي
ابن العربي الإمام العلامة الحافظ القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله ابن العربي الأندلسي الإشبيلي المالكي صاحب التصانيف سأله ابن بشكوال عن مولده فقال في سنة ثمان وستين وأربع مئة سمع من خاله الحسن بن عمر الهوزني وطائفة بالأندلس وكان أبوه أبو محمد من كبار أصحاب أبي محمد بن حزم الظاهري بخلاف ابنه القاضي أبي بكر فإنه منافر لابن حزم محط عليه بنفس ثائرة ارتحل مع أبيه وسمعا ببغداد من طراد بن محمد الزينبي وأبي عبد الله النعالي وأبي الخطاب ابن البطر وجعفر السراج وابن الطيوري وخلق وبدمشق من الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي وأبي الفضل بن الفرات وطائفة وببيت المقدس من مكي بن عبد السلام الرميلي وبالحرم الشريف من الحسين بن علي الفقيه الطبري وبمصر من القاضي أبي الحسن الخلعي ومحمد بن عبد الله بن داود الفارسي وغيرهما وتفقه بالإمام أبي حامد الغزالي والفقيه أبي بكر الشاشي والعلامة الأديب أبي زكريا التبريزي وجماعة وذكر أبو القاسم بن عساكر أنه سمع بدمشق أيضا من أبي البركات ابن طاووس والشريف النسيب وأنه سمع منه عبد الرحمن بن صابر وأخوه وأحمد بن سلامة الأبار ورجع إلى الأندلس في سنة إحدى وتسعين وأربع مئة قلت رجع إلى الأندلس بعد أن دفن أباه في رحلته أظن ببيت المقدس وصنف وجمع وفي فنون العلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/52)
برع وكان فصيحا بليغا خطيبا صنف كتاب عارضة الأحوذي في شرح جامع أبي عيسى الترمذي وفسر القرآن المجيد فأتى بكل بديع وله كتاب كوكب الحديث والمسلسلات وكتاب الأصناف في الفقه وكتاب أمهات المسائل وكتاب نزهة الناظر وكتاب ستر العورة والمحصول في الأصول وحسم الداء في الكلام على حديث السوداء كتاب في الرسائل وغوامض النحويين وكتاب ترتيب الرحلة للترغيب في الملة والفقه الأصغر المعلب الأصغر وأشياء سوى ذلك لم نشاهدها واشتهر اسمه وكان رئيسا محتشما وافر الأموال بحيث أنشأ على إشبيلية سورا من ماله حدث عنه عبد الخالق بن أحمد اليوسفي الحافظ وأحمد بن خلف الإشبيلي القاضي والحسن بن علي القرطبي وأبو بكر محمد بن عبد الله الفهري والحافظ أبو القاسم عبد الرحمن الخثعمي السهيلي ومحمد بن إبراهيم بن الفخار ومحمد بن يوسف بن سعادة وأبو عبد الله محمد بن علي الكتامي ومحمد بن جابر الثعلبي ونجبة بن يحيى الرعيني وعبد المنعم بن يحيى بن الخلوف الغرناطي وعلي بن أحمد بن لبال الشريشي وعدد كثير وتخرج به أئمة وآخر من حدث في الأندلس عنه بالإجازة في سنة ست عشرة وست مئة أبو الحسن علي بن أحمد الشقوري وأحمد بن عمر الخزرجي التاجر أدخل الأندلس إسنادا عاليا وعلما جما وكان ثاقب الذهن عذب المنطق كريم الشمائل كامل السؤدد ولي قضاء إشبيلية فحمدت سياسته وكان ذا شدة وسطوة فعزل وأقبل على نشر العلم وتدوينه وصفه ابن بشكوال بأكثر من هذا وقال أخبرني أنه ارتحل إلى المشرق في سنة خمس وثمانين وأربع مئة وسمعت منه بقرطبة وبإشبيلية كثيرا وقال غيره كان أبوه رئيسا وزيرا عالما أديبا شاعرا ماهرا اتفق موته بمصر في أول سنة ثلاث وتسعين فرجع ابنه إلى الأندلس قال أبو بكر محمد بن طرخان قال لي أبو محمد بن العربي صحبت ابن حزم سبعة أعوام وسمعت منه جميع مصنفاته سوى المجلد الأخير من كتاب الفصل وقرأنا من كتاب الإيصال له أربع مجلدات ولم يفتني شيء من تواليفه سوى هذا كان القاضي أبو بكر ممن يقال إنه بلغ رتبة الاجتهاد قال ابن النجار حدث ببغداد بيسير وصنف في الحديث والفقه والأصول وعلوم القرآن والأدب والنحو والتواريخ واتسع حاله وكثر إفضاله ومدحته الشعراء وعلى بلده سور أنشأه من ماله وقد ذكره الأديب أبو يحيى اليسع بن حزم فبالغ في تقريظه وقال ولي القضاء فمحن وجرى في أعراض الإمارة فلحن وأصبح تتحرك بآثاره الألسنة ويأتي بما أجراه عليه القدر النوم والسنة وما أراد إلا خيرا نصب السلطان عليه شباكه وسكن الإدبار حراكه فأبداه للناس صورة تذم وسورة تتلى لكونه تعلق بأذيال الملك ولم يجر مجرى العلماء في مجاهرة السلاطين وحزبهم بل داهن ثم انتقل إلى قرطبة معظما مكرما حتى حول إلى العدوة فقضى نحبه قرأت بخط ابن مسدي في معجمه أخبرنا أحمد بن محمد بن مفرج النباتي سمعت ابن الجد الحافظ غيره يقولون حضر فقهاء إشبيلية أبو بكر ابن المرجى وفلان وفلان وحضر معهم ابن العربي فتذاكروا حديث المغفر فقال ابن المرجى لا يعرف إلا من حديث مالك عن الزهري فقال ابن العربي قد رويته من ثلاثة عشر طريقا غير طريق مالك فقالوا أفدنا هذا فوعدهم ولم يخرج لهم شيئا وفي ذلك يقول خلف بن خير الأديب يا أهل حمص ومن بها أوصيكم بالبر والتقوى وصية مشفق فخذوا عن العربي أسمار الدجى وخذوا الرواية عن إمام متق إن الفتى حلو الكلام مهذب إن لم يجد خبرا صحيحا يخلق قلت هذه حكاية ساذجة لا تدل على تعمد ولعل القاضي رحمه الله وهم وسرى ذهنه إلى حديث آخر والشاعر يخلق الإفك ولم أنقم على القاضي رحمه الله إلا إقذاعه في ذم ابن حزم واستجهاله له وابن حزم أوسع دائرة من أبي بكر في العلوم وأحفظ بكثير وقد أصاب في أشياء وأجاد وزلق في مضايق كغيره من الأئمة والإنصاف عزيز قال أبو القاسم بن بشكوال توفي ابن العربي بفاس في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة وفيها ورخه الحافظ أبو الحسن بن المفضل وابن خلكان وفيها توفي المسند الكبير أبو الدر ياقوت الرومي السفار صاحب ابن هزارمرد والمعمر أبو تمام أحمد بن محمد بن المختار بن المؤيد بالله الهاشمي السفار صاحب ابن المسلمة بنيسابور والفقيه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن نبهان الغنوي الرقي الذي يروي الخطب والحافظ أبو علي الحسن بن مسعود ابن الوزير الدمشقي كهلا بمرو وقاضي القضاة أبو القاسم علي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/53)
بن نور الهدى الحسين بن محمد الزينبي والمعمر أبو غالب محمد بن علي ابن الداية ومسند دمشق أبو القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان ومفيد بغداد أبو بكر المبارك بن كامل الظفري الخفاف والشهيد شيخ المالكية أبو الحجاج يوسف بن دوناس الفندلاوي بدمشق قتل بأيدي الفرنج رحمه الله أخبرنا محمد بن جابر القيسي المقرىء أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد القاضي بتونس أخبرنا أبو الربيع بن سالم الحافظ أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن حبيش الحافظ حدثنا القاضي أبو بكر بن العربي حدثنا طراد الزينبي حدثنا هلال بن محمد حدثنا الحسين بن عياش حدثنا أبو الأشعث حدثنا بشر بن المفضل حدثنا شعبة حدثنا جبلة بن سحيم عن ابن عمر عن النبي قال من جر ثوبا من ثيابه من مخيلة فإن الله لا ينظر إليه وأخبرناه عاليا بدرجتين إسماعيل بن عبد الرحمن أخبرنا أبو محمد بن قدامة أخبرتنا شهدة وطائفة قالوا أخبرنا طراد النقيب فذكره
وانظر سير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي رحمه الله تعالى
--------------------------------------------------------------------------------
عبدالله الخليفي21 - 08 - 2005, 10:08 PM
الأخ ابن الجندي أنا دائما أنكره وإذا وضعت الألف واللام فأنا أقصد أبو بكر المعافري
--------------------------------------------------------------------------------
أبو بكر الغزي23 - 08 - 2005, 08:04 AM
هونوا عليكم!!! ومن ذا يعتقد أن ابن العربي، الفقيه المالكي، كان شيخ مشايخ الصوفية وأكبرها حتى يلتبس عليه الأمر؟؟؟ سيكون هذا عامياً جاهلاً بالكاد يعرفه شيئاً حتى لا يكد يفرق بين الاثنين!!!!
--------------------------------------------------------------------------------
أبو عمر 8023 - 08 - 2005, 01:04 PM
طبعا ليس هناك خلط ولكن بعض الأخوة يريد أن يجعله نكرة دون -ال- وهو نكرة بها وبدونها
--------------------------------------------------------------------------------
امجد31 - 08 - 2005, 05:03 PM
ابن عربي الضال يكتب هكذا ولا يكتب بالتعريف جزاك الله خيرا
أحسنت يا أخي أخسن الله إليك فإن ابن العبري المالكي الفقيه ليس صوفياً وإنما هو أشعري
وله
شرح رائع لسنن الترمذي (عارضة الأحوذي) رحمه الله
أما ابن عربي بالتنكير فهو الصوفي الهالك صاحب وحدة الوجود وله كتاب في التفسير يدس فيه سمه
وجزاك الله خيرً
--------------------------------------------------------------------------------
ـ[أبوعمير الحلبي]ــــــــ[29 - 01 - 06, 11:32 ص]ـ
هو ابن عربي بالتنكير فهو فعلا نكرة
ـ[ضفيري عزالدين]ــــــــ[31 - 01 - 06, 12:24 ص]ـ
حتى أن بعضهم يقول ابن عربي النكرة.
ـ[حنفي محسن الاثري]ــــــــ[03 - 02 - 06, 09:08 م]ـ
صحيح هكدا سمعنا العلماء الاجلاء يقولون ابن عربي النكرة
ـ[أبو وئام]ــــــــ[15 - 02 - 06, 04:58 ص]ـ
إبن عربي لم أر من العلماء من عرفه وذلك للتفريق بينه وبين ابن العربي فالمرجو احترام الضوابط التي سار عليها الأقدمون
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[05 - 03 - 06, 12:29 ص]ـ
ابن عربي - كذا - نكرة، و هو نكرة حقا، و ابن العربي - بأل - و هو من أئمة المالكية.
ـ[محمد حمدين]ــــــــ[20 - 03 - 06, 09:46 م]ـ
أخوكم محمد
ـ[الديولي]ــــــــ[25 - 03 - 06, 11:05 م]ـ
السلام عليكم
أخي الفاضل، توجد رسالة لأحد علماء الرافضة بإثبات أن إبن عربي شيعي رافضي، وهي رسالة قيمة في بابها، وتتكون من مجلدين، المجلد الأول يتكون من 842 صفحة، والمجلد الثاني 500 صفحة،
عنوان الرسالة:
القول المتين في تشيع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
تأليف: قاسم الطهراني
دار المحجة البيضاء
بيروت، لبنان
ـ[ابن السائح]ــــــــ[25 - 03 - 06, 11:52 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله.
عفا الله عنك، كيف تصف الكتاب الأبتر الساقط بالقيم؟ ومصنّفه مجازف هالك ادّعى دعاوى باطلة فيه، ومن غرائبه: دعواه أن ابن العديم صاحب بغية الطلب والعز بن عبد السلام على مذهب المارقين المدّعين للتشيع!
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[26 - 03 - 06, 04:23 ص]ـ
عفوا الأخ أبو عمر؛ قلت: "شيعي مغال"، ولكن لم تأت بمثال عن ذلك سوى تفضيله عليا على عثمان رضي الله عنهما، ومثل ذلك لا يقال عنه غلو في التشيع، فهو مذهب من مذاهب السلف كما لا يخفى ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/54)
ـ[ابو شيماء الشامي]ــــــــ[27 - 03 - 06, 03:41 م]ـ
اقرءو مقدمة كتاب ابن عربي [فصوص الحكم] يذكر في المقدمة ان هذا الكتاب من الوحي لانه اخذه من في رسول الله صلى الله عله وسلم وانظروا الى الحلول الصريح في هذا الكتاب ثم ان هناك من يقول ان عقيدته اشعرية
ـ[أبو عمر]ــــــــ[27 - 03 - 06, 05:09 م]ـ
عفوا الأخ أبو عمر؛ قلت: "شيعي مغال"، ولكن لم تأت بمثال عن ذلك سوى تفضيله عليا على عثمان رضي الله عنهما، ومثل ذلك لا يقال عنه غلو في التشيع، فهو مذهب من مذاهب السلف كما لا يخفى ...
جزاكم الله خيراً
الشيخ الفاضل حمزة الكتاني أدام الله توفيقه للخير:
إليكم الموضوع ملوَّناً كما كان أصلاً لعل فيه التوضيح لجنابكم الكريم:
بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه
أما بعد:
فإن الصوفية اليوم لا تزال تحتج بابن العربي الصوفي الهالك -عامله الله بعدله-
الذي توفي في ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وست مئة
واليوم ننظر في ترجمة مختصرة وردت له بين ثنايا كتاب ذيل مرآة الزمان لليونيني
وردت في ترجمة يحيى بن محمد بن علي أبو الفضل محي الدين القرشي الأموي العثماني الدمشقي الشافعي
لنرى كيف وصفه اليونيني بأنه مغال في حب علي رضي الله عنه شأنه في ذلك شأن الشيعة وإقرؤوا القصيدة وتمعنوا
:وهذا نصها
يحيى بن محمد بن علي أبو الفضل محي الدين القرشي الأموي العثماني الدمشقي الشافعي الإمام العالم قاضي قضاة الشام ورئيس عصره، ولد بدمشق في ليلة الخامس والعشرين من شعبان سنة ست وتسعين وخمسمائة سمع من ابن طبرزد وحنبل وزيد الكندي وعبد الصمد بن الحرستاني وآخرين وحدث بدمشق ومصر وتوفي بمصر في صبيحة الرابع عشر من شهر رجب ودفن من يومه بسفح المقطم رحمه الله، وكان له عقيدة في الفقراء والصالحين يتلقى ما يحكى عنهم من الكرامات بالتصديق والقبول وصحب الشيخ محي الدين محمد ابن العربي رحمه الله وله فيه عقيدة تجاوز الوصف، وكان يحكي عنه أنه يفضل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه على أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه مع كون عثمان رضي الله عنه جده فتوهمت أنه اقتدى بالشيخ محي الدين في ذلك فإنه كان يرى هذا على ما حكى عنه.
ثم جرى بيني وبين الأمير عز الدين محمد بن أبي الهيجاء رحمه الله الحديث في مثل ذلك فذكر ما معناه أن قاضي القضاة بهاء الدين يوسف ابن محي الدين المذكور حكى له أن والده أخبره أنه رأى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في المنام بجامع دمشق وهو مستند إلى عمود من عمد الجامع قال محي الدين فسلمت عليه فأعرض عني فقلت له يا أمير المؤمنين أنا ابن عمك فقال صدقت ولكنكم ما اتقيتم أو ما هذا معناه , فاستيقظ قاضي القضاة محي الدين رحمه الله وتلبس بالمغالاة في حب علي رضوان الله عليه وتفضيله ونظم قصيدة طويلة مدحه بها منها:
أدين بما دان الوصي ولا أرى************سواه وإن كانت أمية محتدي
ولو شهدت صفين خيلي لأعذرت*******وساء بني حرب هنالك مشهدي
لكنت أسن البيض عنهم مواضيا************وأروى أرماحي ولما تقصد
وأجلبها خيلاً ورجلاً عليهم*****************وأمنعهم نيل الخلافة باليد
انتهى.
واليونيني هذا ولد سنة 640 هـ وتوفي سنة 728 هـ
صوفي النزعة
لقب بقطب الدين ألف كتاب مناقب عبد القادر الجيلاني وذيل مرآة الزمان.
أما الغلو أيها الشيخ الفاضل فهو ما وسمه به اليونيني نقلاً عمن ترون في الموضوع وهو ممن أدرك معاصري ابن عربي
وتقبل تحيات محبك.
ـ[أبو عمر الدوسري]ــــــــ[29 - 03 - 06, 01:27 ص]ـ
بل كفر ابن عربي الأئمة الأعلام منهم البقاعي والشوكاني والعز بن عبدالسلام
أبو عمر الدوسري (المنهج)
يقولون لم يكفر هذا الكافر الضال إلا ابن تيمية رحمة الله!!
ولذلك أحباب ابن عربي الملحد من الصوفية الجُهال .. يسمون ابن تيمية تكفيري لأنه كفر حبيب قلبهم ابن عربي ..
قالوا لم يكفر ابن عربي إلا ابن تيمية رحمه الله ..
قلتُ:
هذا كذب!!
بل ألف الإمام برهان الدبن البقاعي كتاب اسماه: "تنبيه الغبي إلى كفر ابن عربي"
وهذا الإمام الشوكاني ريحانة اليمن رحمه الله يرد على الصوفية في كتابه الجليل "الصوارم الحداد القاطعة لعلائق أرباب الاتحاد"
وقد نقل في عدد من الصفحات من أقوال ابن عربي ثم قال في ختام نقله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/55)
"انظر عدو الله –يعني ابن عربي- كيف لم يقنع بتصريحه بالوحدة حتى تلعّب بكلام الله هذا التلعُّب، ثم لم يكفه ذلك حتى جزم أن إفشاء سر الربوبية كفر، وعيسى ابن مريم قد أفشى سر الربوبية بزعمه، فيكون –وصانه الله- كافراً عنده؛ لأنه ينتظم منه شكل، هذا عيسى مفشٍ لشر الربوبية، وكل مفشٍ لسر الربوبية كافر، فعيسى كافر. إنا لله وإنا إليه راجعون.
أيها الناس:
أفسدت أسماعكم أم عميت قلوبكم عن مثل هذا الكلام الذي لا يلتبس على أدنى متمسك بنصيب من العقل والفهم حتى جعلتم هذا المخذول من أولياء الله؟!.
واعلم أنا لم نسمع بأحد من قبل ابن عربي بلغ في إفشاء هذا السر الذي جعل إفشاءه كفراً مبلغه حتى ألف في ذلك الكتب المطولة كالفتوحات والفصوص، وسننصفه ونحكم عليه بقوله.
فنقول:
ابن عربي مفشٍ لهذا السر، وكل مفشٍ لهذا السر كافر، فابن عربي كافر. أما الأولى فإن أنكرها فهذه كتبه في أيدي الناس تكذيبه، أما الثانية فهذا نصه قد أطلعناك عليه.
وقد قال في موضع آخر:
"وقال لا رحمه الله في الفصوص من كلمة فرعون ….
وقد سمعت هذا الهذيان الذي لم يتجاسر على مثله الشيطان، وها ذا قد أخبرك بإصابة فرعون وصحة قوله، بل جاوز ذلك فجعله رباً؛ فخذ لنفسك أو دع."
وقد علق بعد نقل لكلامه في الفصوص قائلاً:
"وأقول: ما بعد هذا شيء، فإن كنت تحتاج إلى بيان بعده فاتهم عقلك وفهمك."
وختم بعد تعليقه على كفريات ابن عربي قائلاً:
"وعلى الجملة فالرجل-يعني ابن عربي- وأهل نحلته يصرحون بأنهم أنبياء تصريحاً لا يُشَكُّ فيه، بل لم يكتفوا بذلك حتى جعلوا أنفسهم أعظم من الأنبياء، وزاد شرهم وترقَّى إلى أن بلغ إلى الحط على الأنبياء بل الوضع من جانب الملائكة؛ إنا لله وإنا إليه راجعون.
لاجرم من تجرأ على الرب جلّ جلاله حتى جعله نفس ما هية القردة والخنازير وسائر الأقذار، فكيف لا يصنع بالأنبياء والرسل ما صنع.
وقد آن نمسك عنان العلم عن رقم كفريات هذا المخذول؛ فإنما كما علم الله لم نكتبها إلا على وجل، وكيف لا نخاف من رقم مثل هذه الكفريات التي يتوقع عند رقم مثلها الخسف، ولولا محبة النصح ومداواة القلوب المرضى التي قد غاب فيها نصل هذا البلاء لما استجزت رقم حرف واحد.
ولكن الله تعالى قد حكى في كتابه عن مقالات الكفرة شيئاً واسعاً، وهذا هو المشجع على ذلك."
وهذا رأي العز بن عبدالسلام عليه رحمة الله كما ينقله الشوكاني في الصوارم:
"وقال الفقيه أبو محمد ابن عبدالسلام لما قدم من القاهرة وسألوه عن ابن عربي؛ فقال: شيخ سوء معتوه، يقول بقدم العالم، ولا يحرم فرجاً. قال ذلك قبل أن يظهر من قوله: إن العالم هو الله. ثم قال بعد أن عدد مثالبهم: ولم أصف عشر ما يذكرونه من الكفر.
ثم قال: فرؤسهم أئمة الكفر؛ ويجب قتلهم، ولا تقبل توبة أحدٍ منهم إذا أخذ قبل التوبة؛ فإنه من أعظم الزنادقة.
ثم قال: ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم، أو ذب عنهم، أو أثنى عليهم، أو عظم كتبهم، أو عُرف بمساعدتهم ومعاونتهم، أو كره الكلام فيهم، بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم ولم يعاون على القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات؛ لأنهم أفسدوا العقول والأديان على خلق من المشايخ والعلماء والأمراء والملوك.
ثم قال: وأما من قال: لكلامهم تأويل يوافق الشريعة فإنّه من رؤوسهم وأئمتهم؛ فإنه إن كان يعرف كذب نفسه وإن كان معتقداً لهذا ظاهراً وباطناً فهو أكفر من النصارى."
وذكر عدد كبير من أهل العلم ممن تكلم عن هذا الزنديق ..
فليرجع للكتاب ..
كتبه:
أبو عمر الدوسري
http://www.saaid.net/feraq/sufyah/shobhat/14.htm
ـ[أبو عمر الدوسري]ــــــــ[29 - 03 - 06, 01:27 ص]ـ
السؤال:
هل يمكن أن توضح من هو ابن عربي. لقد ارتبكت كثيراً من المصادر المتعددة فالشيخ محي الدين ابن عربي (رحمه الله ورضي عنه) لم يكن مهرطقاً (زنديقاً) فقد كان رجل يسبق زمانه وهؤلاء الذين لم يفهموا ما أوتي من الحكمة وسموه بالزندقة لكنه منها بعيد فإن لم تكن أستاذ في التصوف لكنت طلبت منك أن تكف عن تسمية خادم لله ; زنديق لقد وصل إلى درجة عالية من الفهم وتعاليمه كانت تنضح بالإسلام لكن ليس أحد يستطيع أن ينال نور حكمته حتى في أيامنا هذه هناك من يصفه بالخطأ وذلك لنقص فهمهم. للأسف فإن الناس حين لا يفهمون يحاولون أن يدمروا غيرهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/56)
إن كان عندك وقت وقرأت كتبه فسوف تنال معرفة عظيمة ليس حسناً أن تحكم على شخص يسبق فهمه أعوامك ويضيء الطريق أمامك. لا تتبع الوهابيين أو السلفيين أو السعوديين فإنهم يكرسون الشك في كل من يفهم الحقيقة لكي يرجوا لضلالهم الشرير أن ابن عربي لم يضلل أحداً ولكنه سبق زمانه ولم يكن لابن تيميه نفس الفهم والعبقرية لكن ابن عربي كان عملاقاً ولم يكن نقص في جهل ابن تيميه الذي كان نملة يشكل رأي شخص يسبقه بأعوام ولا تظن أن ابن تيميه اقتبس هذا الكلام منه لكن ابن عربي كان عالماً بحق لقد كان ابن تيميه نفسه منحرفاً وضالاً كبيراً وكانت فتواه مصدر لجهل عظيم؟.
الجواب:
الجواب:
الحمد لله
من هو ابن عربي؟
هو الصوفي الجلد، بل هو من غلاة الصوفية: محمد بن علي بن محمد الطائي الأندلسي ويعرفنا العلماء بحاله إجابة عن سؤال طرح عليهم، وهذا نصه:
ما يقول السادة أئمة الدين وهداة المسلمين في كتاب أُظهر للناس، زعم مصنفه أنه وضعه وأخرجه للناس، بإذن النبي صلى الله عليه وسلم، في منامٍ زعم أنه رآه، وأكثر كتابه ضدّ لما أنزل الله من كتبه المنزّلة، وعكس وضدّ لما قاله أنبياؤه.
فمما قال فيه: إن آدم إنّما سمّي إنساناً، لأنه من الحق بمنزلة إنسان العين من العين، الذي يكون به النظر.
وقال في موضع آخر: إن الحقّ المنزّه، هو الخلق المشبّه.
وقال في قوم نوح: إنهم لو تركوا عبادتهم لودٍّ وسواعٍ ويغوث ويعوق، لجهلوا من الحق أكثر مما تركوا.
ثم قال: إن للحقّ في كلّ معبود وجهاً يعرفه من يعرفه، ويجهله من يجهله، فالعالم يعلم من عبد، وفي أي صورة ظهر حين عُبد، وإن التفريق والكثرة، كالأعضاء في الصورة المحسوسة.
ثم قال في قوم هود: إنهم حصلوا في عين القرب، فزال البعد، فزال به حر جهنم في حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق، فما أعطاهم هذا الذوقي اللذيذ من جهة المنّة وإنما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها، وكانوا على صراط مستقيم.
ثم أنكر فيه حكم الوعيد في حقّ من حقّت عليه كلمة العذاب من سائر العبيد.
فهل يكفر من يصدّقه في ذلك، أو يرضى به منه، أم لا؟ وهل يأثم سامعه إذا كان بالغاً عاقلاً، ولم ينكره بلسانه أو بقلبه، أم لا؟
أفتونا بالوضوح والبيان، كما أخذ الله على العلماء الميثاق بذلك، فقد أضر الإهمال بالجهال.
" عقيدة ابن عربي وحياته " لتقي الدين الفاسي (ص 15، 16).
ونذكر أجوبة بعض العلماء:
قال القاضي بدر الدين بن جماعة:
هذه الفصول المذكورة، وما أشبهها من هذا الباب: بدعة وضلالة، ومنكر وجهالة، لا يصغي إليها ولا يعرّج عليها ذو دِين.
ثم قال:
وحاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يأذن في المنام بما يخالف ويعاند الإسلام، بل ذلك من وسواس الشيطان ومحنته وتلاعبه برأيه وفتنته.
وقوله في آدم: أنه إنسان العين، تشبيه لله تعالى بخلقه، وكذلك قوله: الحق المنزه، هو الخلق المشبّه إن أراد بالحق رب العالمين، فقد صرّح بالتشبيه وتغالى فيه.
وأما إنكاره ما ورد في الكتاب والسنة من الوعيد: فهو كافر به عند علماء أهل التوحيد.
وكذلك قوله في قوم نوح وهود: قول لغوٍ باطل مردود وإعدام ذلك، وما شابه هذه الأبواب من نسخ هذا الكتاب، من أوضح طرق الصواب، فإنها ألفاظ مزوّقة، وعبارات عن معان غير محققة، وإحداث في الدين ما ليس منه، فحُكمه: رده، والإعراض عنه.
" المرجع السابق " (ص 29، 30).
وقال خطيب القلعة الشيخ شمس الدين محمد بن يوسف الجزري الشافعي:
الحمد لله، قوله: فإن آدم عليه السلام، إنما سمّي إنساناً: تشبيه وكذب باطل، وحكمه بصحة عبادة قوم نوح للأصنام كفر، لا يقر قائله عليه، وقوله: إن الحق المنزّه: هو الخلق المشبّه، كلام باطل متناقض وهو كفر، وقوله في قوم هود: إنهم حصلوا في عين القرب، افتراء على الله وردّ لقوله فيهم، وقوله: زال البعد، وصيرورية جهنم في حقهم نعيماً: كذب وتكذيب للشرائع، بل الحقّ ما أخبر الله به من بقائهم في العذاب.
وأمّا من يصدقه فيما قاله، لعلمه بما قال: فحكمه كحكمه من التضليل والتكفير إن كان عالماً، فإن كان ممن لا علم له: فإن قال ذلك جهلاً: عُرِّف بحقيقة ذلك، ويجب تعليمه وردعه مهما أمكن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/57)
وإنكاره الوعيد في حق سائر العبيد: كذب وردّ لإجماع المسلمين، وإنجاز من الله عز وجل للعقوبة، فقد دلّت الشريعة دلالة ناطقة، أن لا بدّ من عذاب طائفة من عصاة المؤمنين، ومنكر ذلك يكفر، عصمنا الله من سوء الاعتقاد، وإنكار المعاد. " المرجع السابق " (ص 31، 32).
قال ابن تيمية:
وقد علم المسلمون واليهود والنصارى بالاضطرار من دين المسلمين، أن من قال عن أحد من البشر: إنه جزء من الله، فإنه كافر في جميع الملل، إذ النصارى لم تقل هذا، وإن كان قولهم من أعظم الكفر، لم يقل أحد: إن عين المخلوقات هي أجزاء الخالق، ولا إن الخالق هو المخلوق، ولا إن الحق المنزه هو الخلق المشبّه.
وكذلك قوله: إن المشركين لو تركوا عبادة الأصنام، لجهلوا من الحق بقدر ما تركوا منها، هو من الكفر المعلوم بالاضطرار بين جميع الملل، فإن أهل الملل متفقون على أن الرسل جميعهم نهوا عن عبادة الأصنام، وكفّروا من يفعل ذلك، وأن المؤمن لا يكون مؤمناً، حتى يتبرأ من عبادة الأصنام، وكل معبود سوى الله، كما قال الله تعالى: {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنّا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتّى تؤمنوا بالله وحده} [الممتحنة / 4]، - واستدل على ذلك بآيات أخر -، ثم قال:
فمن قال إن عبّاد الأصنام، لو تركوهم لجهلوا من الحق بقدر ما تركوا منها: أكفر من اليهود والنصارى، ومن لم يكفّرهم: فهو أكفر من اليهود والنصارى، فإن اليهود والنصارى يكفّرون عبّاد الأصنام، فكيف من يجعل تارك عبادة الأصنام جاهلاً من الحق بقدر ما ترك منها؟! مع قوله: فإن العالم يعلم من عبد، وفي أي صورة ظهر حين عبد، فإن التفريق والكثرة كالأعضاء في الصورة المحسوسة، وكالقوة المعنوية في الصورة الروحانية، فما عبد غير الله في كل معبود، بل هو أعظم كفراً من عبّاد الأصنام، فإن أولئك اتخذوهم شفعاء ووسائط، كما قالوا: {ما نعبدهم إلا ليقرّبونا إلى الله زلفى} [الزمر / 40]، وقال تعالى: {أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئاً ولا يعقلون} [الزمر /43] وكانوا مقرين بأن الله خالق السماوات والأرض، وخالق الأصنام، كما قال تعالى: {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولنّ الله} [الزمر / 38].
" المرجع السابق " (ص 21 - 23).
وقال شيخ الإسلام أيضاً:
وقال الفقيه أبو محمد بن عبد السلام، لمّا قدم القاهرة، وسألوه عن ابن عربي، قال:
هو شيخ سوء مقبوح، يقول بقدم العالم، ولا يحرم فرجاً أ. هـ
فقوله بقدم العالم؛ لأن هذا قوله، وهو كفر معروف فكفّره الفقيه أبو محمد بذلك، ولم يكن ـ بعد ـ ظهر من قوله: أن العالم هو الله، وأن العالم صورة الله وهوية الله، فإن هذا أعظم من كفر القائلين بقدم العالم الذي يثبتون واجباً لوجوده ويقولون أنه صدر عنه الوجود الممكن. وقال عنه من عاينه من الشيوخ: أنه كان كذاباً مفترياً، وفي كتبه مثل "الفتوحات المكية " وأمثالها من الأكاذيب مالا يخفى على لبيب.
ثم قال:
ولم أصف عُشر ما يذكرونه من الكفر، ولكن هؤلاء التبس أمرهم على يعرف حالهم، كما التبس أمر القرامطة الباطنية، لما ادعوا أنهم فاطميون، وانتسبوا إلى التشيع، فصار المتشيعون مائلين إليهم، غير عالمين بباطن كفرهم. ولهذا كان من مال إليهم أحد رجلين: إما زنديقاً منافقاّ، أو جاهلاً ضالاً هؤلاء الاتحادية، فرؤوسهم هم أئمة كفر يجب قتلهم، ولا تقبل توبة أحد منهم إذا أخذ قبل التوبة، فإنه من أعظم الزنادقة، الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، وهم الذين يبهمون قولهم ومخالفتهم لدين الإسلام، ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم، أو ذب عنهم، أو أثنى عليهم، أو عظّم كتبهم، أو عرف بمساعدتهم ومعاونتهم، أو كره الكلام فيهم، وأخذ يعتذر عنهم أو لهم بأن هذا الكلام لا يدرى ما هو، ومن قال: إنه صنف هذا الكتاب! وأمثال هذه المعاذير التي لا يقولها إلا جاهل أو منافق، بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم، ولم يعاون على القيام عليهم، فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات؛ لأنهم أفسدوا العقول والأديان، على خلق من المشايخ والعلماء والملوك والأمراء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/58)
، وهم يسعون في الأرض فساداً، ويصدون عن سبيل الله، فضررهم في الدين أعظم من ضرر من يفسد على المسلمين دنياهم ويترك دينهم، كقطاع الطريق، و كالتتار الذي يأخذون منهم الأموال، ويبقون لهم دينهم، ولا يستهين بهم من لم يعرفهم، فضلالهم وإضلالهم أطمّ وأعظم من أن يوصف.
ثم قال:
ومن كان محسنا للظن بهم وادعى أنه لم يعرف حالهم: عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم وتظهر لهم الإنكار، وإلا ألحق بهم وجعل منهم.
وأما من قال: لكلامهم تأويل يوافق الشريعة، فإنه من رؤوسهم وأئمتهم، فإنه إن كان ذكياً: فإنه يعرف كتاب لهم فيما قال، وإن كان معتقداً لهذا باطناً وظاهراً: فهو أكفر من النصارى.
باختصار " المرجع السابق " (ص 25 - 28).
قال ابن حجر:
أنه ذكر لمولانا شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني، شيئاً من كلام ابن عربي المشكل، وسأله عن ابن عربي، فقال له شيخنا البلقيني: هو كافر.
" المرجع السابق " (ص 39).
قال ابن خلدون:
ومن هؤلاء المتصوفة: ابن عربي، وابن سبعين، وابن برّجان، وأتباعهم، ممن سلك سبيلهم ودان بنحلتهم، ولهم تواليف كثيرة يتداولونها، مشحونة من صريح الكفر، ومستهجن البدع، وتأويل الظواهر لذلك على أبعد الوجوه وأقبحها، مما يستغرب الناظر فيها من نسبتها إلى الملّة أو عدّها في الشريعة.
" المرجع السابق " (ص 41).
وقال السبكي:
ومن كان من هؤلاء الصوفية المتأخرين، كابن العربي وأتباعه، فهم ضلاّل جهال، خارجون عن طريقة الإسلام، فضلاً عن العلماء.
" المرجع السابق " (ص 55).
قال أبو زرعة ابن الحافظ العراقي:
لا شك في اشتمال" الفصوص" المشهورة على الكفر الصريح الذي لا شك فيه، وكذلك " فتوحاته المكية "، فإن صحّ صدور ذلك عنه، واستمر عليه إلى وفاته: فهو كافر مخلد في النار بلا شك.
" المرجع السابق " (ص / 60).
وبعد،
فهل يستطيع عاقل أن يسمي هؤلاء الجهابذة من العلماء بأنهم لم يفهموا ابن عربي فإذا لم يفهمه هؤلاء فمن يفهمه إذاً.
= حادثة فيهما عبرة
قال الفاسي:
وسمعت صاحبنا الحافظ الحجة، القاضي شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر الشافعي يقول: جرى بيني وبين بعض المحبين لابن عربي منازعة كثيرة في أمر ابن عربي، حتى نلت منه لسوء مقالته، فلم يسْلَ ذلك بالرجل المنازع لي في أمره، وهددني بالشكوى إلى السلطان بمصر، بأمر غير الذي تنازعنا فيه، ليتعب خاطري، فقلت له: ما للسلطان في هذا مدخل! ألا تعال نتباهل، فقل أن تباهل اثنان، فكان أحدهما كاذباً إلا وأصيب، قال: فقال لي: بسم الله، قال: فقلت له: قل: اللهم إن كان ابن عربي على ضلال فالعني بلعنتك، فقال ذلك، وقلت أنا: اللهم إن كان ابن عربي على هدى فالعني بلعنتك، وافترقنا، قال: ثم اجتمعنا في بعض متنزهات مصر في ليلة مقمرة، فقال لنا: مرّ على رجلي شيء ناعم، فانظروا فنظرنا فقلنا: ما رأينا شيئاً، قال: ثم التمس بصره، فلم يرَ شيئاً. (أي أصابه الله بالعمى)
هذا معنى ما حكاه لي الحافظ شهاب الدين بن حجر العسقلاني.
" المرجع السابق " (ص 75، 76).
فهذه بعض ضلالات الرجل وخزعبلاته لمن أراد الحق أو أراد أن يتبع سبيل الرشاد، فهو مهرطق زنديق لم يسبق زمانه إلا بالضلال والكفر، وليس له نور وحكمة بل هو في ظلمة الجهل.
وقد سقنا إليك من كلام العلماء غير ابن تيمية ما يبين كفر ابن عربي حتى لا تظن أن شيخ الإسلام انفرد بتكفيره
أما سوء أدبك مع شيخ الإسلام ابن تيمية وزعمك أنه جاء بعده بسنين فنقول: وأنت جئت بعد ابن تيمية بأضعاف ما كان بينه وابن عربي فأنت أولى بالسكوت منه.
ولا يجوز سوء الأدب مع شيخ كابن تيمية طبَّق علمه الدنيا وما فيها، فكيف لرجل مثلك أن يصفه بأنه نملة.
من أنت حتى تصف شيخ الشيوخ وشيخ الإسلام بأنه نملة أما تخاف أن تقف بين يدي الله ويسألك لم أسأت الأدب مع العلماء.
ونحن نسألك بالله الذي لا إله إلا هو هل الذي يقول إن المخلوق جزء من الخالق هو إنسان مسلم؟
بناء على جوابك تعرف حقيقة إسلامك، والله الهادي إلى سواء السبيل ..
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد ( www.islam-qa.com)
ـ[محمد سفر العتيبي]ــــــــ[29 - 03 - 06, 02:59 ص]ـ
وقال ممقوت الدين بن عربي بما معناه: الأولياء خير من الأنبياء, فالولي يأخذ من الله مباشرة. ((شيخ الإسلام طرحها كثيراً في ردوده على أمثال هؤلاء بعد أن اغتر بهم الجهلة, أحياناً متندراً منهم))
العجيب أن له وصايا جيدة في كتاب الفتوحات, تحث على اتباع السنة وعدم الاغترار بالنفس, ويستشهد فيها بأحاديث صحيحة, الخ, ولكن تأمل نهاية الاغترار, فجرثومة الصوفية التي كانت موجودة ايام صلاحه في رأسه فعلت فعلها.
النكرة نكرة, ولكن المؤلم هو العبارات الحنونة التي يستخدمها مثل ابن حجر الهيتمي, في اعتراضه على شطحات ابن عربي, وكأنه يجامل أهل زمانه على حساب الله عز وجل. داء التصوف مرض خطير يعبث يالعقول ويصنع الانهزامية في النفوس التي كان يجب أن تتخذ موقفاً صلباً متصلبا في بعض الحالات. ((راجع الطبطبة في الفتاوي الحديثية))
وصوفية هذا الزمان طرائق قددا كالجن حول ابن عربي, ولايكادون يثبتون على رأي, رغم أنه اساءة لهم ومختلف فيه بينهم, ولكنهم كالجن ولاحول ولاقوة الا بالله
عندما كنا صغارا كانت تطربنا الله في كل مكان, وما ثم الا الله, كنا نظنها تقديس وتنزيه لله, فإذا هي تخفي سماً زعافاً, وكفراً بواحاً, مدرسنا مقرر التوحيد في صف ثاني ابتدائي الاستاذ المصري نبيه الخولي, كان يلقننا ((الله في كل مكان))
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/59)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[04 - 04 - 06, 10:44 ص]ـ
جاء في كتاب تاريخ العلويين لمؤلفه محمد أمين غالب الطويل – المقتطفات ص334 - 339 فصل (التيمورلنك)
ثم سأل أهل الشام عن محي الدين العربي. فقالوا له إنه قال لهم: (يا أهل الشام معبودكم تحت قدمي) وهو فوق مزبلة، وأنهم قتلوه جزاءاً لكفره. فذهب تيمور للمزبلة وأزالها ورأى تحتها الخزائن المقصودة من كلام حضرة محي الدين فاغتنمها. ولم ينج من قتل تيمور في الشام إلا القليل وعائلة واحدة من المسيحيين. وأمر تيمور بقتل أهل السنة واستثناء العلويين.
ـ[أبو عمر]ــــــــ[04 - 04 - 06, 01:19 م]ـ
جزاك الله خيراً يا شيخ محمد وهذه القصة متداولة في الشام ويعلمها من له خلطة بأهلها ,ولكن لا يذكرها أحدهم لأنها غير معزوة الأصل , وقد أفدتنا أي إفادة.
ـ[الحسن بن عبد الله الصياغي]ــــــــ[07 - 04 - 06, 03:36 ص]ـ
حرر من قبل المشرف، والشوكاني رحمه الله عنده عدد من الأخطاء في المعتقد سواء في ما يتعلق بالأسماء والصفات أو غيرها فلايوافق عليها ومنها كلامه عن ابن عربي والباطنية المارقة.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[07 - 04 - 06, 10:26 ص]ـ
هذا كلام فارغ فإن التحذير من أهل البدع واجب. وكتاب مليء بالكفريات لا بد من تبيين أمره للناس.
ـ[الحسن بن عبد الله الصياغي]ــــــــ[07 - 04 - 06, 09:28 م]ـ
حرر من قبل المشرف، والشوكاني رحمه الله عنده عدد من الأخطاء في المعتقد سواء في ما يتعلق بالأسماء والصفات أو غيرها فلايوافق عليها ومنها كلامه عن ابن عربي والباطنية المارقة.
ـ[الحسن بن عبد الله الصياغي]ــــــــ[09 - 04 - 06, 10:42 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي المشرف بارك الله فيك
كلام الشوكاني الذي نقلته لم يكن موضوعا عقديا وبالتالي لم ترد فيه أخطاء عقدية بل كان مجرد نصح خالص وتذكير محض لمثلي الذي يتتبع أخطاء الناس دون أن يلتفت لنفسه طرفة عين.
أما أن نضرب عرض الحائط كل ماخلفه الشوكاني ـ حتى وعظه ـ لمجرد أن لديه أخطاء عقدية فهذا لم يقل به أحد.نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[09 - 04 - 06, 11:40 م]ـ
كلام الشوكاني الذي نقلته ليس من باب النصح إنما كان من باب التخبط الذي حصل له في هذه المسألة.
وقد زورت مقالة أردت إدراجها، فلما رأيت المشرف حذف مشاركتك أعرضت عن وضعها هنا.
ـ[ûالسارة]ــــــــ[05 - 04 - 07, 08:42 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني الأعزاء: من قال بأن كتاب القول المتين ليس كتابا قيماً، يجب أن يراجع هذا الكتاب بدقة، فإن هذا الكتاب حسب مراجعتي له يحتوي على منهجية علمية خاصة، حاصلها أن مؤلفه قام بإثبات تشيع محي الدين ابن عربي ضمن خطوات:
1 - إثبات تشيعه من القرائن الغير المتصلة به، وذلك بنقل أقوال علماء المسلمين كافة حول محي الدين. فالكثير من علماء السنة والجماعة صرحوا برفض محي الدين وتشيعه حسب ما أوردهم مؤلف كتاب القول المتين في قائمة.
2 - إثبات تشيع محي الدين ابن عربي من خلال القرائن المتصلة به من كلماته وكتبه و .... وهذين المجلدين المطبوعين هما يحتويان الغرض الأول. وأما الغرض الثاني وهو إثابت تشيعه بالقرائن غير المتصلة به فهذا سوف يأتي في مجلدات آتية وعد بها المؤلف.
على أي حال، فهذا كتاب فني دقيق، من قرأ الكتاب يقر بمعرفة المؤلف برموز التاريخ ومعرفته بعلماء السنة والجماعة و ...
فنرجوا من الإخوة من ليس لديه اختصاص في أمر ما لا يبدي رأيه في ما يجهله. وجزاكم الله عن الإسلام خير الجزاء
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[18 - 04 - 07, 03:19 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني الأعزاء: من قال بأن كتاب القول المتين ليس كتابا قيماً، يجب أن يراجع هذا الكتاب بدقة، فإن هذا الكتاب حسب مراجعتي له يحتوي على منهجية علمية خاصة، حاصلها أن مؤلفه قام بإثبات تشيع محي الدين ابن عربي ضمن خطوات:
1 - إثبات تشيعه من القرائن الغير المتصلة به، وذلك بنقل أقوال علماء المسلمين كافة حول محي الدين. فالكثير من علماء السنة والجماعة صرحوا برفض محي الدين وتشيعه حسب ما أوردهم مؤلف كتاب القول المتين في قائمة.
2 - إثبات تشيع محي الدين ابن عربي من خلال القرائن المتصلة به من كلماته وكتبه و .... وهذين المجلدين المطبوعين هما يحتويان الغرض الأول. وأما الغرض الثاني وهو إثابت تشيعه بالقرائن غير المتصلة به فهذا سوف يأتي في مجلدات آتية وعد بها المؤلف.
على أي حال، فهذا كتاب فني دقيق، من قرأ الكتاب يقر بمعرفة المؤلف برموز التاريخ ومعرفته بعلماء السنة والجماعة و ...
فنرجوا من الإخوة من ليس لديه اختصاص في أمر ما لا يبدي رأيه في ما يجهله. وجزاكم الله عن الإسلام خير الجزاء
الحمد لله وحده ...
إن كان وصف الكتاب كما ذُكر، فالفائدة من الكتاب جمعه للنقولات فحسب، ليس إلا، ولا أكثر ..
وينبغي أيضًا مراجعة هذه النقولات حذرًا من كذب هؤلاء المنافقين؛ فإن الرافضة الملاعين الفجرة يتدينون بالكذب والنفاق ..
فلا قيمة لكتابه ولا له.
وعليه وعلى أصحابه من الله كل خزي وعار في الدنيا والآخرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/60)
ـ[أحمد الصدفي]ــــــــ[20 - 10 - 07, 06:46 م]ـ
السلام عليكم
لا أشك في علاقة ابن العربي الصوفي بالتشيع، بل إن الشيعة أنفسهم يعرفون ذلك، فالخميني الهالك مثلا يستشهد بأقواله في كتبه بل ويثني عليه.
قال الأستاذ أبو عمر كمال المصري في كتابه ((أسرار في حياة الخميني)): وينقل الخميني أيضا في مصباح الهداية ص (114) عن أحد الأئمة أنه قال: " لنا مع الله حالات هو هو ونحن نحن وهو نحن ونحن هو " ثم يعلق بقوله - يعني الخميني - " وكلمات أهل المعرفة خصوصا الشيخ الكبير محي الدين مشحونة بأمثال ذلك مثل قوله "الحق خلق والخلق حق والحق حق والخلق خلق ".
ثم قال المؤلف: ثم نقل جملة من كلام شيخه وإمامه الهالك ابن عربي كما في مصباح الهداية ص (123).
ثم قال: يتبين من كلام الخميني أنه ورث عقيدة الحلول والاتحاد ووحدة الوجود من أئمته السابقين وخاصة شيخه ابن عربي الذي يذكره في كتبه ويثني عليه كثيرا ......
انظر: أسرار في حياة الخميني ص 43 - 44(33/61)
مصدر الحقيقة فى الاسلام (طلق)
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[19 - 01 - 06, 10:10 ص]ـ
ملتقى أهل الحديث > منتدى العلوم الشرعية التخصصي > مصدر الحقيقة فى الاسلام
--------------------------------------------------------------------------------
تسجيل الدخول View Full Version : مصدر الحقيقة فى الاسلام
--------------------------------------------------------------------------------
طلق17 - 08 - 2005, 01:46 PM
حاول البعض من القديم والحديث ان يتكىء على الغيبيات التى وردت فى القرآن الكريم والسنة النبوية والخاصة بالعوالم غير المحسوسة من مثل عالم الجن والملائكة والاموات وارتكز الى عوالم الرُّؤى وما يسمى بتحضير الارواح والاتصال بالجن وما فى حكمها مما يسمى باتصالات وقدرات روحانية فى طابعها المعاصر وامور تتصل بالباراسيكولوجى والتى تتصل بالقدرات والطاقات والظواهر التى تتجاوز النسق التفسيرى العلمى وتتمرد عليه ولا تجد لها تفسيرا فى المنظومة العلمية فى حقول العلوم الطبيعية والنفسية من مثل التخاطر عن بعد (التلباثى) وقراءة عقل وفكر الآخر والتوقع لاحداث ستأتى ... الخ
يحاول البعض ارتكازا الى ذلك مستصحبا خوارق الرسل والانبياء عليهم الصلاة والسلام وكرامات الصالحين رحمهم الله أن يؤسس نظرية للمعرفة مفادها ان الروح يمكن ان تكون مصدر للمعرفة وللحقائق حاشدين بين يدى هذا الزعم كل ما سبق من ظواهر قائلين بانه عندما تصفى الروح وتسمو تكون مهيأة لاستقبال حقائق الملكوت واسرار عالم الغيب.
وقد وجدنا بدايات هذا الضرب من التفكير لدى الفلاسفة الاسلاميين لذين حاولوا تفسير النبوات بما يشبه ذلك نافين ان تكون النبوة اختيار وفعل ربانى وناسبين للانبياء خواص وقدرات فوق بشرية تم اكتسابها بالمجاهدة والجهد مشابهين فى اقوالهم هذه ملل التصوف الهندى التى يمثلها النرفانا وما شابهها كل ذلك هروبا مبطن من الوحى الالهى الذى يتنزل بامر الله بحقائق تشريعية تتصل بالعقائد والسلوك يجب التكيف معها وتحقيقها فى التصور والشعور والسلوك.
فكانت فكرة ان النبى بقدرات ذاتية كسبية تتمثل فى صفاء روحه قادرا على الاتصال بعالم الملكوت والغيب وهو الامر الذى قد يصل اليه غيره من المتصوفة وما يسمى بالروحانيين فتنفتح بذلك معابر لضخ الأباطيل على يد هؤلاء الى عالم الاعتقاد والسلوك تنسخ الشريعة وتستدرك عليها وتدفع بالضلال والاهواء فى جسم الدين المؤسس على الوحى المتمثل فى الكتاب والسنة.
وقد ضلت امم من قبل زعم انبياء ورسل كذبة من امثال بولس بأنهم معصومون فاتوا بالاباطيل ولانحرافات التى توافق مصالحهم واهواءهم فهاذا بولس الحاقد على المسيح واتباعه والساعى فى تعذيبهم واستئصالهم والوشاية بهم يتحول فجأة الى النصرانية ويزعم بانه مرسل من المسيح وان المسيح اله وقد أمنه على دينه واتباعه فاخذ هذا الافاق يعجن بيده الخبيثة للنصارى الاباطيل والمفتريات التى لا تزال اقدام النصارى تزل على مزالقها الى هذا اليوم مع ان هذا لخبيث يصرح بكل وقاحة فيقول ((19فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرّاً مِنَ الْجَمِيعِ اسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ الأَكْثَرِينَ. 20فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ 21وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ - مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ لِلَّهِ بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ - لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ. 22صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ الضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَوْماً. 23وَهَذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ لأَكُونَ شَرِيكاً فِيهِ.) كورنثوس الأولى 9: 20 - 23)
هكذا كان بولس المنافق الذى يداجى كل الملل ليربح الجميع لأن مهمته تدمير عقيدة وشريعة المسيح الذى جاء مكملا للناموس غير ناقضا له فقام بولس بالسخرية من كل ذلك فاحل الحرام وحرم الحلال
((18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى 5: 18
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/62)
(35اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلَكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.) متى 24: 35، لوقا 21: 33، مرقس 13: 31
(وَأَمَّا كَلِمَةُ إِلَهِنَا فَتَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ».) إشعياء 40: 8
إلا ان ابطل الختان واحل الخمر وجاءت المجامع بعده فاحلت التماثيل وابتدعت بدعة الاعتراف بالذنوب ليتغفرها لكنائس وشرّعت اكل السحت بصكك الغفران ........ الخ
وقد حاولت ملل ان تدعى العصمة لاناس فافترت وحرفت وغيرت وأتت بالعجائب من الاباطيل وعلى راس هذه الفرق الروافض والدروز والنصريين والقديانيين والبهائيين .... الخ
لذلك نجد تركيزا لدى الشيعة على العرفان كمصدر للمعرفة لانهم بعد الغيبة الكبرى قد اسبغوا العصمة على ائمة لهم اوصلوهم الى درجات من السمو الى الحد الذى جعلوهم نوابا لمهديهم المزعوم المختلق الذى ولد فى السر ولم يره احد ولم يعلم بامره إلا رجال زعموا ذلك بلا سلطان ولا برهان حال بولس الرسول وزعموا بان مهديهم اطلع واجاز كتاب الكافى وقال بانه كافٍ لشيعتنا وفيه من الاكاذيب والتحريفات والافتراءات وانتهاك المحرمات ما فيه بحيث طالت القرآن الكريم وعصمته وطالت الصحابة وعدالتهم واعراض امهات المؤمنين والخلفاء المبشرين، وطالت المحرمات مثل نكاح المتعة الذى أحلوه واعتبروه شعار المذهب ومن فضائل الاعمال ... الخ
كذلك فعل الذين من قبلهم تشابهت قلوبهم.
فموضوع الاسلام والحقيقة موضوع كبير واختزاله بالصورة التى يتم طرحها هى عملية تسطيحية تجور على الحقيقة والحق.
فمسألة الجن والاموات والاتصال بالاموات كما يحدث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورؤية الجن التى تحدث مع الكافر والمؤمن ومسألة الاسراء والمعراج ومسألة سارية الجبل هذا المزيج من امور الغيب التى قد تتفتح لبعض من بنى البشر ايا كان لا تجعلنا نؤسس عليها نظرية معرفة تتصل بالحقيقة لانها امور لا تقوم بذاتها على اثبات الحقيقة فنحن لولا ايماننا المسبق بنبوة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وقد مثل ذلك اصدق تمثيل سيدنا ابو بكر الصديق رضى الله عنه بقوله عندما قالوا انه عليه السلام يزعم بانه اسرى لاقصى به وعرج به للسماء السابعة فقال اصدقه بان الوحى انزل عليه من السماء ولا اصدقه فى قوله هذا فالايمان بالاسراء والمعراج فرع عن الايمان بالنبوة والايمان بالنبوة فرع عن الايمان بالقرآن والقرآن حقيقة محسوسة ويمكن ان يباشرها العقل البشرى ويختبر عبر نسق علمى معين يتمثل فى نسق اللغة العربية وما تنطوى عليه من انساق تتعلق بالبلاغة سواء بالبلاغة البيانية او حتى النحوية هذا إلى ثوابت الذائقة العربية التى تحدد مواطن الاعجاز والعبقرية فى نصوص الادب لذلك الف عبدالقاهر الجرجانى كتابه دلائل الاعجاز وهو يشمل نصوص الادب كما يشمل القرآن لبيان اعجاز القرآن فى سياق دلائل الاعجاز.
اذا فالقرآن من الله بدليل اعجازه البلاغى وقت النبى صلى الله عليه وآله وسلم وربما اضيف له فى الحقبة المعاصرة الاعجاز العلمى.
لذلك فكل ما اخبر عنه القرآن من غيوب تتصل بالله سبحانه ومن عوالم الآخرة وعوالم الجن والملائكة ومن امور غيبية تتصل بالامم والرسالات الغابرة هذه لم تاتى عبر اتصال فوق حسى وعقلى بل هذه كلها امور مرت عبر العقل وهى لا تتعارض مع قواعد العقل.
لذا نجد اصرار القرآن على انه وحى يوحى وهو يأتى به الروح الأمين كوحى وعلم ونور من مصدر موضوعى مستقل عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حتى ان الرسول عليه الصلاة السلام يتعجل قراءته فأُمر بعدم ذلك وأن ينصت حتى يقضى من سيدنا جبريل وحيه وأن الله هو المتكفل بتثبيته فى فؤاده أى فى عقله وحافظته.
فالوحى يأتى لا من اتصال مباشر بل من رسول أمين ومن سيد الملائكة عليه سلام الله. صحيح انها امور فوق الواقع من حيث ماهيتها بحيث تعد خارج نطاق النسق المحسوس اى نظام الطبيعة الذى فى مستوى ادراكنا المحدود فالجن لا يفسره العلم على الرغم من وجوده ما ويقينهم من هذا فقد عرضت قناة دسكفرى العلمية لهذا الموضوع واثبتت وجوده وحاول العلماء ان يجدوا تفسيرا له وقد عثروا على تفسيرات إلا انها محض افتراضات بدائية اذ وجدوا بان اغلب الاماكن المسكونة بالجن او الارواح كما يسمونها كانت قد وقعت بها احداث اليمة بشعة لاشخاص فقالوا بان ارواحهم هى الموجودة ولم يتصلوا بهذه الارواح إلا عبر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/63)
وسطاء روحانيون.
كما ان التلباثى والباراسيكولوجى معترف به ولكن لم يعثر العلم على تفسيرات منضبطة فقدم تفسيرات بدائية لذلك نحن نرى فى الفترة الاخيرة اهتماما متزايدا بالطاقة وامكانات استثمارها لرفع كفاءة الانسان وزيادة نشاطه وتقليل الضغوط والتواترات التى تعتريه وقد جنح البعض جنوحا متهورا فى هذا المجال فاخذ يهذى بامور اقرب الى كلام المخرفين من ذلك ما قاله احدهم وهو مشهور فى هذا التخصص وله قناة فضائية فى برنامج اذاعى بان ثمة تاثير بين خواطر العقل لبشرى وبين حدوث وقائع كونية وبشرية فلو خطر لى ان ابنى سوف يدهس بسيارة واركز على ذلك فانه يقع لان ثمة طاقة تصدر من عقلى وتؤدى لوقوع الحدث.
ولكن كما قلنا هذا القطاع لازال متمردا على النسق العلمى وعلى نطاق الحواس والعقل.
ولا ننسى فى هذا لصدد ان ننبه الى خطورة الاندفاع الى اية مصادر غامضة من هذا النوع لأخذ منها الحقيقة لاننا سوف نقع فى امور تتصادم مع حقائق الواقع وقواعد العقل وبالنتيجة سوف نصطدم بحقائق العقيدة وسوف يفتح ذلك الباب لكل أفّاق ومدعى ليقول على الله مالم ياذن به فيفترى على الله الكذب وانا استحضر هنا ما فعله بولس الرسول (كما يسمونه) الذى ادعى انه مبعوث من الله وهو هنا المسيح عندهم تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا واخذ هذا الافاق المنافق فى نسج عقيدة الوهية المسيح والفداء واحل المحرمات ولا تزال الامم المسيحية تتخبط فى الضلال جراء ما افترى من اباطيل تتصادم مع قواطع عقيدة المسيح عليه السلام وتتصادم مع قواعد العقل حتى قال اكابر النصارى بان عقيقدة التثليث فوق العقل لانه لا يمكن ان تنسجم مع قواعد العقل فهى من المعدومات وما هى إلا كقولى مثلث مربع الاضلاع فهذا مجرد تلفيقة لفظية لا تنسجم مع قواعد العقل وهى تتصادم مع الجانب الوجودى للمثلث والمربع فضلا عن الجانب العقلى للمثلث والمربع وإن هى إلا اسماء اى مجرد زخرف من القول لذا قال الله سبحانه ان هى الا اسماء سمييتموها انتم واباؤكم ما انزل الله بها من سلطان.
والاسماء التى يفتريها الاباء وتاخذ سلطتها منهم هى تعبير آخر عن تصنيم الآباء.
لذا لابد ألا يغرينا موضوع التلباثى والبحوث الروحية وغيرها بل يجب وضعها فى الاطار الصحيح وقد وقع فى هذا المطب كل من سيد قطب رحمه الله واخوه محمد قطب وتوسعوا فى اثبات الايمان ارتكازا على هذه المسائل الروحية او النفسية وكان هذا منهم كردة فعل على مادية الغرب واغتراره بالعلم فاخذوا يفندون ذلك بايراد الجوانب اللامادية واللاعلمية لاثبات أن ثمة طاقات فى الروح تتصل بحقائق فوق الحس والعلم وهذا طريق ضعيف ومضطرب فى اثبات حقائق الايمان لان كل صاحب ملة ايا يكن جنوحها يستطيع ان يحتج بامور من هذا الضرب فى اثبات زعمه فاصحاب عقيدة تناسخ الارواح من الدروز يقولون بانهم كلموا طفلا فى المهد فقال انى اعيش بروح فلان والامر بالنسبة لنا لا يتعدى مجرد مس من الجن والذى يتكلم هو جنى لاننا نؤمن بدخول الجن الادمى والتكلم نيابة عنه ونؤمن فى القت نفسه بعدم امكانية رجوع الروح والذين دخلوا عالم تحضير الارواح ربما انتهى بهم المطاف الى عبادة الشيطان عياذا بالله. وكذا المتصوفة ومخاريقهم واحيانا اتصالهم حتى بالجن فيخبرون بغيب لم يقع كيف يقع فيكون على ما يقولون ماذا نصنفهم هل هم اناس صفت نفوسهم ام بالعكس اناس عكرت نفوسهم واتصلوا بعالم الجن واكثرهم يقتاتون كما اخبرنى رجل عليم ببواطنهم على الكتاب المنسوب للغزالى رحمه الله شمس المعارف الكبرى والمقام فى ذلك يطول،،،،،،،،،،،،،
ان مسالة الحقائق قد حسم الاسلام طريق الحصول عليها بقوله تعالى ولا تقفُ ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤولا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/64)
فالجهاز والمنظومة المعرفية تتأسس على الحواس والعقل (الفؤاد) وهذا الجهاز هو اساس المسؤولية ومناطها فلا حجة لى ان اقتفيت مالم يقبله هذا الجهاز من عقائد واحكام هذا من حيث شرعية مصادر العقائد والاحكام التى يجب ان يقوم بتتبريرها برهان على انها من الله أما مضامين هذه المصادر والاحكام العملية فابد من ان تكون منبثقة انبثاقا حيويا من هذه المصادر وفق قواعد تتعلق بالسند وتفسير مضمونه سواء كان قرآن او سنة وهناك قواعد لتفسير النصوص المتعلقة بالعقائد النظرية وهناك قواعد لتفسير نصوص الاحكام العملية وفق نسق منتزع من اللغة العربية بألفاظها مفردات (لغوية نهر بحر ارض سماء ضرب، اصطلاحية مثل مفردة الطيرة عادة العرب المعروفة فى ارسال الطائر قبل السفر فان مر على اليمين تفاءل وإلا تشاءم فهى مصطلح على التشاؤم، شرعية الزكاة التى تعنى النماء لغويا إلا انهم بعد الاسلام تنصرف للزكاة المعروفة شرعا) واساليبها (نحو، وبلاغة) ومن هذه اللغة استخرجت قواعد العام واخاص والمطلق والمقيد والحقيقة والمجاز ..... الخ
فضلا عن امور فرضتها بديهة الحال المتعلقة بعملية التشريع كالنسخ واحكام النبى الخاصة به كزاجه تسع عليه وآله الصلاة والسلام وكأحكام الامامة التى وكل بموجبها الشرع للامام التفضيل بين خيارات حسب الظروف كمفاداة الاسرى او المن ............. الخ
من هذا كله تم استخراخ جهاز مفهومى منضبط لتفسير وتأويل النصوص على نحو يمنع من اية تدخلات بشرية مسوقين بالاهواء والجهل فى تفسير النصوص بحيث أن العالم بالنصوص ما هو إلا شخص تكاملت له آلة الاستنباط جراء إلمامه بالقواعد واحاطته بالنصوص وتوفر الدُّربة والمكنة لديه فيستنطق النصوص بصورة موضوعية محايدة لا يراعى مصالح او ضغوط ظرفية او اتجاهات فى الرأى واية نزعات واتجاهات ويحصر تفكيره فى النص ليستخرج ما يتبدى له أنه حكم الله فى المسألة التى يتصدى لها او ليصل لمعنى النص بعد امراره فى الجهاز المفهومى المنغرس فى عقليته نتيجة التخصص العلمى لذا لابد للمجتهد ان يستفرغ الوُسع والجهد على قدر ونحو يعذر بعده إن لم يُصِب الحقيقة فيكون لكل مجتهد نصيب ان اخطأ او أصاب لا أن ياتى جاهل أو متهور أعزل من متطلبات الاجتهاد وشروطه، مدفوع برغبات وافكار مسبقة فيلج فى مخاضة الافتراء والتلفيق باسم الاجتهاد حال أفاقى هذا العصر من المعمَّمين وغير المعممين فياتوا بالغرائب والاباطيل فى تفسير نصوص العقائد والاحكام.
اما لو حصلت لى أمور شخصية كأن ارى جنى او ملاك او اسمع صوت من قبر فهذه حقيقة شخصية يصدقنى بها من يصدقنى ويكذبنى بها من يكذبنى دون ان اكون انا حجة. وحتى لو وثِّقت هذه الظواهر ورآها اكثر من واحد فانها تظل ظاهرة قابلة للتفسير والتاويل فهل اذا سمع نصرانى صوت ميت يتلو نصوص من الانجيل او التوراة يدل على خيرية الميت والنصوص انا كمسلم ساقول ان هذا يسمع شيطان لاننى مؤمن عقلا بان التوراة والانجيل وكل ما انبنى عليهما من عقائد وشرائع باطل ودليلى على ذلك حسى وعقلى بعد ان وقفت على عملية تناقل ونسخ وتوثيق التوراة والانجيل وانهما بذاتهما يحملان ما يثبت تحريفهما وانهما ليسا بوحى يوحى وانهم من اناس ليسوا معصومين بل كتبهما مجهولون هذا الدليل الخارجى اما عن الدليل الداخلى فالنصوص متناقضة فيما بينها مصادمة لحقائق العلم والتاريخ وقواعد العقل والنصوص يصفع بعضها وجوه بعض فى صورة كراكاتيرية ماساوية.
اما حقائق الاسلام فالعقل يقف على صدقها ومطابقتها للواقع فلا أشك فى كتاب الله من حيث النقل والتوثيق
وحقائق العقيدة لا تتصادم مع الواقع والعقل بل يشهد لها الواقع بحقائقه وآياته فى كل الآفاق مصداقا لقوله تعالى سنريهم آياتنا فى الافاق وفى انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق.
والقران يتحدى العقل البشرى ان ياتى بمثله الى يوم القيامة وهو محسوس ومعقول كمعجزة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/65)
ولا يوجد فى العقيدة الاسلامية ما يتنافى وقواعد العقل فكل حقائق الغيب ليست عدمية بل وجودية حتى تلك الامور الغيبية المتعلقة بصفات الله لا تناقض فيها مع العقل وان ناقضت الواقع المحسوس ظاهريا من حيث انها لا يوجد لها نظير من الواقع نقيس عليه فى علمنا المحدود مع ان العلم بعد توسعه اتاح لنا قدرة وامكانية للقياس التمثيلى فقد وقف العقل البشرى على حقائق وامداء وعوالم غاية فى العمق على مستوى تحت الذرات يقرب لنا تصور العلم الإلهى والقدرة الالهية والخلق الالهى المطلق الذى لا تحده محددات فقد قال البعض بان الله حكمَته هندسة اقليدس بحانه عما يصفون إلا انه تبين ان هندسة اقليدس ليست اكثر من لعبة عقلية تم تحديدها بخلق الله على مستوى الكون الفعلى الوجودى فقالوا هندسات اقليدس لا تصلح إلا على سطح مستوى وفى اطار عقلى نظرى وهى لا تحكم الواقع بل الواقع يحكم عليها لان الكون الفعلى غير مستوٍ والخطان التوازيان فى الكون الفعلى يلتقيان لانه غير مستو فهو احدب متقوِّس واشكال الكون تعينت عبر قوى وتطورات وانحكمت بها، ولا وجود لكون فيه هندسات اقليدس فهى قضايا هندسية ومنطقية صادقة فى كون العقل النظرى لانها عبارة عن قضايا لغوية منسجمة فى ذاتها ولا تحتكم للواقع وقيل انها فى حقيقتها تركيبات لفظية تحتملها اللغة وتتنتجها عل صعيد مفومى عقلى بحت كقولى الاعزب رجل غير متزوج فهنا الطرف الاخر شارح للاعزب وكذا قضايا الرياضيات والهندسات قضايا شارحة وتحليلية مهما تعقدت وطالت خطواتها وكثرت عناصرها على خلاف القضايا التركيبية من مثل المعادن تتمدد بالحرارة فهى بذاتها لا تضيف حقيقة لابد من الاحتكام الى الواقع.
وحتى الرياضيات والهندسة فى حقيقتها وفى منشأها هى لقياس امور واقعية لذلك هى سابقة فى شكلها العملى لشكلها النظرى وقد تمثل ذلك لدى الفراعنة وجاء اليونان بعد ذلك وشققوا الكلام فيها نظريا وفى العصر الحديث تم صب قوانين الطبيعة فى قوالب رياضية فتم الافتتان بالرياضيات كنسق اكسيومى (استنباطى) وبهرهم صدقه ويقينيته واعتماده على ذاته فى الصدق واليقين إلا ان المسالة لم تعدو ان تكون فى جوهرها كما قلت قوالب نظرية صورية لغوية رمزية تشرح وتؤطر ظواهر وعلاقات وجودية فعلية فقانون التسارع والجاذبية لم ياتى بصورة استنباطية بل بتجربة عملية كشفت حقيقة واقعية يخضع لها الجسم المتحرك فى الزمن فتم التعبير عن ذلك رياضيا وحتى توقعات اينشتاين انبنت على هذه القوانين لانها تعبر عن ثوابت كونية وليست ثوابت عقلية رياضية فتنبا بوجود كويكبات تم اكتشافها بعد ذلك مثل كوكب بلوتو فى المكان الذى حدده لان الواقع يقول بوجود علاقات وقوى جذب محددة بحدود تم التعبير عن كمومها رياضيا وقس على ذلك عالم الذرة وما تحت عالم الذرة فالظواهر المحسوسة هى الاساس الذى اوصلنا لاسبابه الكامنة فى عالم الذرة وما تحت لذرة وتم اكتشاف مقادير وموجودات ما تحت ذرية ذات طبيعة موجية وكتلوية حسب الظواهر وليست العملية استنباطية مطلقة جرداء.
وهكذا سقطت تصورات الفلاسفة القدماء والمحدثين والمتكلمين الذين ارادوا ان يحددوا الله بقياساتهم عل اساس مننظومات وقوالب ومقولات من انتاج قولهم النظرية الصرفة التى هى ألعاب عقلية لفظية صرفة.
فهى من العاب العقل وهى ضرورية الصدق فى ذالك العلم النظرى.
تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا
--------------------------------------------------------------------------------(33/66)
بيان مخالفة الكوثري لاعتقاد السلف
ـ[العوضي]ــــــــ[22 - 01 - 06, 01:07 م]ـ
بيان
مخالفه الكوثري
لاعتقاد السلف
بقلم
د. محمد بن عبدالرحمن الخميس
دار الفتح
الشارقة
1415 هـ
ـ[العوضي]ــــــــ[22 - 01 - 06, 01:17 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (1)
(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيرا ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) (2)
(يا أيها آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما) (3)
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله , وخير الهدي هدي محمد , صلي الله عليه وسلم , وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة , وكل بدعة ضلالة , وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد: كانت العرب وسائر الأمم قبل مبعث النبي , صلي الله عليه وسلم , في جاهلية جهلاء , وضلالة عمياء , وشرك , ووثنية , فمنهم من يعبد الشمس والقمر , ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار , ومنهم من يعبد الجن والملائكة.
فهم كما قال الله عنهم (ولا تكونوا من المشركين من الذين فرَّقوا دينهم وكانوا شِيَعاً كل حزبٍ بما لديهم فرحون) (4)
وكما قال تعالى (أفرأيتم اللات والعزَّى و مناة الثالثة الأخرى) (5)
وقوله تعالى (ثم يقول للملائكة أهؤلاء إيَّاكم كانوا يعبدون. وقالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون) (6)
وقوله تعالى (ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون) (7)
كلهم في جاهلية , وضلال , وشرك , إلا أن بعضهم كان مستمسكاً بآثار الأنبياء , كبعض أهل الكتاب.
قال النبي , صلى الله عليه وسلم (إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم , إلا بقايا من أهل الكتاب ..... ) (8)
وفي هذا الظلام الحالك أشرق نور الايمان بمبعث خاتم النبيين وسيد ولد آدم محمد , صلي الله عليه وسلم , بعثه الله بدين الإسلام الذي أصله التوحيد , كما بعث سائر الرسل بذلك (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون) (9)
فدعا , صلى الله عليه وسلم , إلي التوحيد وحارب الشرك بشتي صوره وأشكاله وأنواعه , ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم , بمكة ثلاث عشرة سنة يدعو الناس إلي توحيد الله وترك عبادة الأوثان والطواغيت , والبراءة منها وممن عبدها , يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة , مبشراً من أطاعه بالجنة , ومنذراً من عصاه بالنار , وبعد مضي ثلاث عشر سنة من بعثته , عليه الصلاة والسلام أذن الله له في الدفاع عن الحق بالقوة بعد إتمام إقامة الحجة عليهم , فاستنارت القلوب بدعوته, عليه الصلاة والسلام , إلي العقيدة الإسلامية الصافية النقية , وانقمع أهل الباطل , وتبددت ظلمات الجاهلية الأولي أمام عقيدة الإسلام الصريحة التي لا غموض فيها ولا إبهام , لموافقتها للفطرة السليمة النقية من الشوائب , وكان المسلمون في الصدر الأول يأخذون عقائدهم من الكتاب والسنة رأساُ , ويرون فيهما الكفاية والشفاء , ولم يكونوا يرجعون في شئ من ذلك إلي موروثات البشر من قضايا كلامية أو أفكار فلسفية.
يقول المقريزي (لم يكن عند أحد منهم ما يستدل به علي وحدانية الله _ تعالي _ وعلي أثبات نبوة محمد , صلي الله عليه وسلم , سوي كتاب الله) (10) , كان لهم من البصر بالدين وأساليب اللغة ما مكنهم من فهم نصوص الكتاب والسنة فهماُ صحيحاُ , ثم جاء بعد ذلك عصر الفتوحات , فدخل في الإسلام كثير من أهل الديانات الأخري من اليهود , والنصاري , والصابئة , وغيرهم , ومعهم ثقافاتهم الأجنبية , فاختلط بهم بعض المسلمين , وتأثروا بموروثاتهم وثقافاتهم , وخاصة بعدترجمتها الي العربية في عهد المأمون , وهذا واضح جلي لكل من اطلع علي كتب أهل الكلام , فهي مليئة بالتأويلات الفاسدة ,
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/67)
والأقاويل الضعيفة , والاصطلاحات المنطقية الفلسفية , والعبارات الجافة المعقدة المحشوة بالجدليات والمتناقضات , فليس فيها ما يروي غليلاُ ويشفي عليلاُ.
ولا شك أن القارئ الذكي الفطن ذا الفطرة السليمة والعقل السليم , فضلا عن المؤمن المستنير بنور الوحي يدرك فساد هذه الآراء , والمذاهب , والاصطلاحات الدخلية , فلو أفني الرجل عمره في قراءة كتب علم الكلام , والبحث فيما احتوته لخرج منها بالحيرة والأسي علي ضيلع العمر دون طائل يتمني أنه لم يخض في غمار تلك الموروثات , وفي بحر ذلك العلم الذي سموه علم الكلام , واسمع إلي مقالة من دخل في هذه المتاهات , وشهد علي نفسه شهادة صدق عن خبرة وتجربة.
قال الشهرستاني:
لعمري لقد طفت المعاهد كلها ... وسيرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلا واضعاُ كف حائر ... علي ذقنه , أو قارعاُ سن نادم (11)
وقال الرازي:
نهاية إقدام العقول عقال ... وأكثر سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا ... غاية دنيانا أذي ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ... سوي أن جمعنا فيه قيل وقال (12)
ولقد نشأ في الأمة الإسلامية بدع حمل لوائها أهل الجهل والهوي , كبدعة التكفير بالذنوب , وبدعة الإرجاء , وشر البدع الكلامية بدعة التعطيل , تعطيل الرب عما يجب له من الأسماء والصفات , تلك البدعة الموروثة عن اليهود , والصابئة , والفلاسفة , وكان الإمام فيها جهم بن صفوان الذي تنسب إلية الجهمية , بل تنسب أليه كل المعطلة من هذه الأمة , ومن فروع هذه البدعة بدعة القول بخلق القرآن , وهي التي امتحن أئمة السنة بسببها حين تصدوا لها بالمعارضة والنكير , ومن البلاء أن هذ البدع لم تزل موروثة في الأمة, فصارت الأمة بها فرقاُ , كما أخبر الصادق المصدوق , صلي الله عليه وسلم , كل فرقة تدعو الي طريقتها , وتنافح عن مذهبها وإلي جانب هذه الطوائف كانت الطائفة المنصورة والفرقة الناجية , والتي تترسم خطي السلف الصالح من الصحابة والتابعين , وهي الوارثة لعلمهم , والسائرة علي مناهجهم , ولاتزال هذه الطائفة في الامة كما اخبر الرسول , صلى الله علية وسلم , فلم تزل الخصومة بين هذه الطائفة والطوائف المبتدعة قائمة الي يومنا هذا. ومن خصوم هذه الطائفة في هذا العصر , ومن أئمة المبتدعين والمعطلة لصفات رب العالمين , الأستاذ محمد زاهد الكوثري.
كسب كثيراً من الأنصار من أهل الأهواء والأغراض , لاطلاعه الواسع وسحر بيانه وجرأته فعظمت الفتنة به , فهو في نظرهم (إمام العصر) , و (محقق العصر) , و (بقية السلف الصالح) , و (أمام من أئمة المسلمين) , و (المفكر العبقري) , و (المناظر الذي لم يقهر قط في حياته) , و (سيف الله المسلول علي رقاب الملاحدة والفرق الضالة) , و (أقدر ناصر ومناضل عن السنة النبوية) , و (أبرع محام وحارس للعقائد الدينية الصحيحة) ,
(وكانت هجرته من تركيا الي مصر أروع هجرة في العزة والكرامة).
ولإبراز هذا الرجل علي حقيقته لا سيما وأن كثيراً من طلبة العلم لا يعرفون عن عقيدته شيئاً اللهم إلا علي سبيل الإجمال , رأيت الكتابة في عقيدته , مع بيان موقفه من عقيدة السلف وأئمة السنة , وذلك بعرض أقواله مأخوذة من مصادرها من كتبه التي وقفت عليها , وسأقوم بالتعليق علي بعضها علي وجه الاختصار: إذ المقصود إعلام القارئ علي عقيدة الكوثري , ومموقفه من أهل السنه من خلال نصوصه: فإن كثيراً من الأقوال الباطلة تصورها كاف في العلم ببطلانها , ولأن آراء الكوثري ليست بدعاً من آراء أهل الكلام , بل هي آراؤهم , بل هي نفس آرائهم , التي ردها الأئمة عليهم , وفندوها , فلا أطيل بمناقشتها , ومن أراد الوقوف علي نقض هذه المذاهب فليراجع ما كتبه أئمة الاسلام , كالدارمي في كتابيه (الرد علي الجهمية) , و (الرد علي بشر المريسي) , و ابن قتيبة في كتابية (تأويل مختلف الحديث) , وكتاب (الاختلاف في اللفظ والرد علي الجهمية والمشبهة) , والبخاري في كتابيه (التوحيد وخلق أفعال العباد) , و (الرد عيل الجهمية) , وغير ذلك من المصنفات السلفية.
ويتألف هذا البحث من: تمهيد , وأربعة مباحث , وخاتمة.
أما التمهيد: فهو تعريف موجز بالأستاذ الكوثري.
وأما المبحث الأول: ففي عقيدته في التوحيد.
وأما المبحث الثاني: ففي عقيدته في الإيمان.
وأما المبحث الثالث: ففي موقفه من عقيدة السلف وأئمة السنة.
وأما المبحث الرابع: ففي المقارنة بين عقيدة الإمام أبي حنيفة والأستاذ الكوثري في التوحيد والإيمان.
وفي الخاتمة: أذكر خلاصة ما توصلت إليه من نتائج , وسأقف من الرجل موقف الحياد والإنصاف , فلا غلو ولا تقصير , عملاً بقوله تعالى (وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى) (13)
وقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوَّامين لله شهداء للقسط) (14)
والرجل قد أفضى إلى ربه , فلست أحاكم شخصه بل ما سطره في كتبه.
وأخيراً بهذا الجزء المتواضع لا أدعي أني قدمت وفيت الموضوع حقه , واستكملت جميع جوانبه , ولكن حسبي أني لم أدخر في سبيل ذلك وسعاً , فإن وفقت إلى ما هو الحق والصواب فذلك هو مقصدي وغاية مناي , فالحمد لله سبحانه , فله الفضل وحده والمنة واستغفره من كل خطأ وزلل , والله من وراء القصد , وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
يتبع بإذنه تعالى .....
ــــــــــــــــ
1) سورة آل عمران 102
2) سورة النساء 1
3) سورة الأحزاب 70 - 71
4) سورة الروم , الايتان: 31, 32.
5) سورة النجم, الآيتان: 19 , 20.
6) سورة سبأ , الآية: 40
7) سورة فصلت , الآية: 37.
8) أخرجه مسلم كتاب الجنة - باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار , ج 4/ 2197 ح 2865 من طريق مطرف بن عبدالله بن الشخير عن عياض بن حمار المجاشعي
9) سورة الانبياء , الآية: 25.
10) خطط المقريزي 2/ 356.
11) كتاب نهاية الاقدام ص 3 , والحموية ص 91.
12) الحموية ص 91 , وكتا تلبيس ابليس ص 93 , وفتح الباري 13/ 350
13) سورة الأنعام , الآية: 152
14) سورة المائدة , الآية: 8
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/68)
ـ[أبوعبدالرحمن الفارسي]ــــــــ[22 - 01 - 06, 04:23 م]ـ
ومن ضمن كتاب الكوثري " المقالات " رسالة يجوز فيها الكوثري الشرك الأكبر في الألوهية وفي الربوبية باسم التوسل وهي بعنوان " محق التقول في مسألة التوسل "!
وفي هذه الرسالة يحرف فيها معنى {اياك نعبد واياك نستعين} ويزعم أنها لا دلالة فيها على عدم الاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله!
ـ[العوضي]ــــــــ[25 - 01 - 06, 11:44 ص]ـ
التمهيد
التعريف بالكوثري
هو محمد زاهد بن الحسن بن علي الكوثري , نسبة إلى أحد أجداده (كوثر) أو إلى قرية (الكواثرة) بضفة نهر شبز ببلاد قوقاز , وقاعدة النسبة ترجح الأول , ولد ونشأ في قرية من أعمال (دوزجة) بشرق الآستانة , وتفقه في جامع الفاتح بالآستانة , ودرس فيه , وتولى رياسة مجلس التدريس , واضطهده (الاتحاديون) خلال الحرب العالمية الأولى , لمعارضته إياهم , فأريد اعتقاله , فركب إحدى البواخر إلأى الإسكندرية سنة 1341 هـ , وتنقل زمناًُ بين مصر والشام , ثم استقر في القاهرة موظفاً في (دار المخطوطات) يترجم ما فيها من الوثائق التركية إلى العربية , وكان يجيد التركية والعربية والفارسية والجركسية , توفي بالقاهرة سنة 1371هـ
ومن تأليفه (تأنيب الخطيب على ما ساقه في ترجمة أبي حنيفة من الأكاذيب) , و (النكت الطريفة في التحديث عن ردود ابن أبي شيبة على أبي حنيفة) , و (الاستبصار في التحديث عن الجبر والاختبار) و (كتاب ناظرة عابرة في الرد على من أنكر نزول عيسى عليه السلام) أجاد وأفاد ولكنه ناقض فيه نفسه خاصة والماتريدية عامة حيث أن منكري نزول عيسى عليه السلام استدلوا بقواعد أهل الكلام منها أن أحاديث النزول أخبار آحاد ظنية لا تثبت بها العقيدة فشن الكوثري غاراته على إبطال هذه القاعدة وصرح أن هذه القاعدة لأهل البدع أرادوا بها هدم الإسلام , فحكم على أهل الكلام بأنهم هدموا الإسلام , وغير ذلك من المصنفات (15).
ــــــــــــــــ
15) انظر: الأعلام للزركلي 6/ 129 بتصرف.
ـ[ابن العيد]ــــــــ[25 - 01 - 06, 08:53 م]ـ
نرجو الانصاف في هذا الرجل الذي يعرف له جمع من المعاصرين له ومن جاؤا بعده فهم كانوا يعرفونه حق معرفة
وكونه حنفيا لاينبغي ان يكون وسيلة لتحطيم ماكان يقوله نعم له رأي خاص بالنسبة الى االشيخ ابن تيمية وابن القيم الا الموضوع علمي فيه وسع وقد ابتلي بذلك غيرواحد من السلف فلا غروة اذا
ـ[ابن العيد]ــــــــ[25 - 01 - 06, 08:55 م]ـ
انطلاقاً من قوله صلى الله عليه وسلم " من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة " متفق عليه , وحفاظاً على مكانة من عرف بالإسلام والصلاح
ـ[العوضي]ــــــــ[25 - 01 - 06, 09:15 م]ـ
أخي الكريم لا تتعجل بارك الله فيك , فالدكتور صاحب الكتيب سوف يعرض آراء الكوثري وكن أنت الحكم , وسترى العجب.
ولكن انتظر حلقات هذا الكتيب بإذنه تعالى
ـ[العاصمي]ــــــــ[25 - 01 - 06, 10:32 م]ـ
انطلاقاً من قوله صلى الله عليه وسلم " من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة " متفق عليه ...
وفّقكم الله ...
الحديث ليس متّفقا عليه؛ فلم يروه البخاريّ ولا مسلم، بل هو عند الترمذيّ من حديث أبي الدرداء 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -، وله طريقان آخران عند أحمد، والحارث بن أبي أسامة، وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في " الصمت " ... وغيرهم، وقصاراه أن يحسّن ...
ـ[العوضي]ــــــــ[05 - 09 - 06, 12:23 م]ـ
أولاً: توحيد الأسماء والصفات:
أ – صفة العلو: يذهب الكوثري في صفة العلو مذهب الجهمية المعطلة , وهو نفي علو الله بذاته فوق خلقه , ويرى أن الله لا داخل العالم ولا خارجه (16) , وحرف نصوص صفة العلو إلى علو الشأن (17) , وعلى القهر والغلبة (18) , فقد قال (والمراد بالفوقية: فوقية العزة والقهر والتنزه " والله فوق ذلك " في حديث الترمذي بمعنى: أنه يعلو على مدارك البشر , بدليل ما في سنن الترمذي أيضاً من حديث (لو دليت) قال ابن جهبل: الفوقية ترد لمعنيين أحدهما: نسبة جسم إلى جسم , بأن يكون أحدهما أعلى والآخر أسفل , بمعنى: أن أسفل أعلاه من جانب رأس الأسفل , وهذا لا يقول به من لا يجسم , وثانيهما: بمعنى الرتبة , كما يقال: الخليفة فوق السلطان , فوق الأمير …)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/69)
قال الكوثري بعد ذلك: (فظهر بطلان التمسك بكلمة " فوق " في الآيات والأحاديث في إثبات الجهة له تعالى , تعالى الله عن مزاعم المجسمة) (19)
وقال في موضع آخر (أهل السنة خصوم كل مجسم وزائغ , وهو يقولون: إنه لا يقال: إن الله في داخل العالم , كما لا يقال: إنه خارج العالم , ولا أنه مستقر على العرش , لأن ذلك لم يرد في الكتاب ولا في السنة , ولأن ذلك شأن الأجسام , ومن جوز في معبوده الدخول والخروج والاستقرار فهو عابد وثن) (20)
ويقول عن السلف الذين أثبتوا على الله على خلقه واستواءه على عرشه (لاحظ لهم في الإسلام , غير أن جعلوا صنمهم الأرضي صنماً سماوياً) (21)
وهذا مناقض كل المناقضة لمذهب أهل السنة والجماعة , فقد تظافرت دلالة الفطرة والشرع على إثبات على الله على خلقه , وفي تقرير دليل الفطرة يقول الإمام محمد بن عثمان بن أبي شيبة (أجمع الخل جميعاً أنهم إذا دعوا الله رفعوا أيديهم إلى السماء , فلو كان الله عز وجل في الأرض السفلى ما كانوا ليرفعوا أيديهم إلى السماء , وهو معهم في الأرض , ثم تواترت الأخبار أن الله تعالى خلق العرش , فاستوى عليه بذاته , ثم خلق الأرض والسماوات , فصار من الأرض إلى السماء إلى العرش , فهو فوق السماوات , وفوق العرش بذاته , متخلصاً من خلقه بائن منهم علمه في خلقه لا يخرجون من علمه) (22)
وقال ابن أبي شيبة (وذكروا أن الجهمية يقولون: ليس بين الله عز وجل وبين خلقه حجاب , وأنكروا العرش , وأن يكون هو فوقه وفوق السماوات , وقالوا: إن الله في كل مكان) (23)
وقال الأوزاعي كنا والتابعون متوافرين , نقول: إن الله تعالى على عرشه , ونؤمن بما ورد في السنة الصحيحة في صفاته) (24)
قال ابن تيمية (وإنما قال الأوزاعي هذا بعد ظهور مذهب جهم المنكر لكون الله عز وجل فوق عرشه , والنافي لصفاته , ليعرف الناس أن مذهب السلف كان خلاف ذلك) (25).
وقال عبدالله بن المبارك (نعرف ربنا بأنه فوق سبع سماواته , على العرش استوى , بائن من خلقه , ولا نقول كما قالت الجهمية) (26).
وأقوال السلف في ذلك كثيرة ولو أردت إحصاء أقوالهم لطال بنا المقام , ولكن أحيل القارئ الكريم إلى كتاب (اجتماع الجيوش الإسلامية) للعلامة ابن القيم , وكتاب (العلو) للحافظ الذهبي , فقد نقل عن أكثر من مائة إمام من أئمة المسلمين كلهم يصرحون بعلو الله على خلقه واستوائه على عرشه , وكذا الأدلة على علو الله تعالى على خلقه واستوائه على عرشه , كثيرة جداً , وقد تتبعها بعض أئمة السنة فوجدها أكثر من ألف دليل (27).
فالحاصل أن مذهب الكوثري مخالف للأدلة الشرعية , وللفطرة السليمة , ولإجماع بني آدم (28) , ويلزم أن يكون الله معدوماً ممتنعاً.
ب - صفة الاستواء: تابع الكوثري الجهمية , فعطل صفة الاستواء وحرف نصوصها , ويدعي أن الاستواء في كلام العرب يأتي في خمسة عشر معنى , فقد قال (وللاستواء في كلام العرب خمسة عشر معنى ما بين حقيقة ومجاز , منها ما يجوز على الله , فيكون معنى الآية , ومنها ما لا يجوز على الله بحال , وهو ما إذا كان الاستواء بمعنى التمكن , أو الاستقرار , أو الاتصال , أو المحاذاة) (29).
وعلق في حاشية على كتاب (الأسماء والصفات) (30) أقوال المعطلة في قول الله تبارك وتعالى (الرحمن على العرش استوى) من تلك التأويلات التي نقلها: الملك , واستئثار الملك , واستواء الحكم , والاستواء المجرد عن معنى المغالبة , والإقبال والقصد , و الإتقان وعلو العظمة والعزة , وعلى القهر والغلبة.
وقال (من فسر الاستواء بالعلو الحسي والاستقرار والقعود , والجلوس , ونحو ذلك فقد جسم معبوده في المعنى وإن لم ينطق بلفظ الجسم) (31).
ثم قال بعد ذلك (وهذا كله في غاية الظهور , وإن لم يخفى على أدعياء السلف من مشبهة العصر) (32).
وحرف مقالة الإمام مالك المشهورة في الاستواء تحريفاً لفظياً فقد حرفها إلى هذا اللفظ (الكيف مجهول والاستواء غير معقول) (33).
كما حرفها تحريفاتً معنوياً حيث قال (قال مالك وغيره: إن الاستواء معلوم , يعني: مورده في اللغة معلوم) (34).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/70)
وهذا مناقض لمذهب السلف , فهم يعتقدون ويشهدون بأن الله سبحانه وتعالى فوق سبع سماواته على عرشه كما نطق به كتابه (35) , فإن الله تعالى انتهى إلى إنه استوى على العرش و لم يذكر كيف كان استواء (36).
وقد وصف الله نفسه بأنه استوى على العرش في سبعة مواضع من كتابه , منها قول الله تبارك وتعالى (إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش) (37).
وقوله تعالى (الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش) (38).
ووصفه النبي صلى الله عليه وسلم , بأنه استوى على العرش كقوله صلى الله عليه وسلم (لما خلق الله الخلق كتب في كتاب عنده فوق العرش: إن رحمتي تغلب غضبي) (39)
وقد عقد الإمام أحمد بن حنبل باباً في كتابه " الرد على الجهمية " فقال (بيان ما أنكرت الجهمية أن يكون الله على عرشه) ورد فيه زعمهم أن الله في كل مكان بذاته.
كما رد ابن قتيبة في كتابه " الاختلاف في اللفظ والرد على المشبهة والجهمية " تفسيرهم (استوى) بالاستيلاء.
كما عقد الإمام أبو سعيد الدارمي في كتابه " الرد على الجهمية " باباً في (استواء الرب تبارك وتعالى على العرش " أتى فيه بالأدلة من الكتاب والسنة وأقوال السلف في إثبات استواء الله على عرشه , وردَّ على المعطلة.
فالحاصل: أن مذهب الجهمية مخالف لصريح نصوص الكتاب والسنة , ولإجماع سلف الأمة.
يتبع بإذنه تعالى ...
ـــــــــــــــ
16) كتاب تبديد الظلام ص 35 , 78.
17) كتاب تبديد الظلام ص 88.
18) تعليقات الكوثري على كتاب الأسماء والصفات ص 406.
19) الرد على نونية ابن القيم ص 88.
20) الرد على نونية ابن القيم ص 35.
21) تبديد الظلام ص 35.
22) كتاب العرش لابن أبي شيبة ص 51.
23) كتاب العرش لابن أبي شيبة ص 49.
24) الأسماء والصفات ص 408 , فتح الباري 13/ 406.
25) مجموع الفتاوى 5/ 39.
26) الرد على الجهمية للدارمي ص 67.
27) انظر الجواب الصحيح 3/ 84 , الصواعق المرسلة 4/ 1279.
28) نقض المنطق ص 55 , مجموع الفتاوى 4/ 61.
29) مقالات الكوثري ص294 , 303 , وانظر كذلك الأسماء والصفات ص405 - 406 طبع إحياء التراث العربي , وص 409 دار الكتب العلمية.
30) ص 405 - 406 وانظر الرد على نونية ابن القيم صص111 - 112
31) تعليقات الكوثري على كتاب الأسماء والصفات ص 407.
32) تعليقات الكوثري على كتاب الأسماء والصفات ص 407.
33) تعليقات الكوثري على كتاب الأسماء والصفات ص 405 - 406 , وفي طبعة دار الكتب العلمية 109.
34) مقالات الكوثري ص 294.
35) عقيدة السلف أصحاب الحديث ص 14.
36) اعتقاد أئمة أهل الحديث ص.
37) سورة الأعراف , الآية: 54.
38) سورة الرعد , الآية: 2.
39) أخرجه البخاري – كتاب التوحيد – باب قوله تعالى (ويحذركم الله نفسه) 13/ 284 ح 7404 من طريق أبي صالح عن أبي هريرة , ومسلم في كتاب التوبة – باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه 4/ 2107 ح 2751 من طريق الأعرج عن أبي هريرة.
ـ[أبو محمد القحطاني]ــــــــ[05 - 09 - 06, 02:11 م]ـ
نفع الله بك أبا الخطاب
واصل. .
واحتسب الأجر في بيان حال هذا الضال.
وحفظ الله الشيخ الفاضل المتواضع محمد الخميس - سدده الله -.
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[05 - 09 - 06, 02:17 م]ـ
جزاك الله خيرًا يا أخانا العوضي.
ـ[أمين فيصل محمد النوبي]ــــــــ[07 - 09 - 06, 05:51 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[الحراري]ــــــــ[08 - 09 - 06, 03:26 ص]ـ
واحتسب الأجر في بيان حال هذا الضال.
-.
حُذف
وإن عدت لمثل هذه الكلمات حُذفت من الملتقى، فليس للمبتدعة مكان هنا
## المشرف ##
ـ[العوضي]ــــــــ[10 - 09 - 06, 10:49 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/71)
ج - صفة النزول: تابع الكوثري الجهمية فعطل صفة النزول , وحرف نصوصها إلى نزول الملك (40) أو نزول أمره (41) أو نزول قدرته (42) وحرف حديث النزول (يُنْزل) بضم الأول , قال في حاشية كتاب " الأسماء والصفات " للبيهقي (وقد حكى أبوبكر بن فورك أن بعض المشايخ ضبطه بضم أوله على حذف المفعول , أي: يُنْزل ملكاً , يقويه حديث النسائي عن أبي هريرة وأبي سعيد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله يمهل , حتى يمضي شطر الليل الأول , ثم يأمر منادياً يقول: هل من داعٍ فيستجاب له؟ ... " إلى أن قال: وأما من جعل ذلك نقله فقد جسم , وخالف البرهان العقلي والدليل الشرعي على ضرورة الحس) (43).
وقال الكوثري كذلك (من حاول أن يستدل على إثبات الحركة لله تعالى بحديث " النزول " تغافل عن الدليل العقلي القاضي باستحالة ذلك على الله , مما يحتم الحمل على الإسناد على السبب الآمر , أو المجاز في الطرف , وتجاهل اختلاف الروايات في النزول من " إنزال " و " تنزل " وغير ذلك ومعانيها بلسان العرب , وتغاضى عن حديث النسائي الدال على إنزال ملك ينادي في الثلث الأخير من الليل المعيّن لإرادة الإسناد المجازي من قائله صلى الله عليه وسلم).
وهذا عين المناقضة لمذهب أهل السنة والجماعة فأثبتوا النزول على ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم , ولم يعتقدوا تشبيهاً لنزول خلقه , وعلموا , وتحققوا , واعتقدوا صفات الله سبحانه وتعالى لا تشبه صفات الخلق , كما أن ذاته لا تشبه ذوات الخلق (44).
وقد عقد الإمام أبي سعيد الدارمي في كتابه " الرد على الجهمية " باباً في النزول أتى فيه بالأدلة من السنة وأقوال السلف.
وكذا الآجري في كتاب " الشريعة " عقد باباً خاصاً لإثبات النزول , فقال (باب الإيمان والتصديق بأن الله عزوجل ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة , ثم قال: والإيمان بهذا واجب لا يسع المسلم العاقل أن يقول كيف ينزل , ولا يرد هذا إلا المعتزلة) (45).
وقد رد شبه الجهمية شيخ الإسلام ابن تيمية في مؤلف مستقل وهو " شرح حديث النزول " وقد وفقني الله لتحقيقه وهو مطبوع.
وقال علي بن عمر الحربي (فإن قبل يُنْزل أو يتنزل؟ قيل: ينزل بفتح الياء وكسر الزاي , ومن قال: يُنْزل بضم الياء فقد ابتدع) (46).
فالحاصل: أن مذهب الجهمية مخالف للأحاديث المتواترة الدالة على تزول الرب تعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا] والحديث متواتر [قطعي عند الكوثري (47).
د – صفة اليدين: يذهب الكوثري في صفة اليدين مذهب الجهمية المعطلة فقد عطل صفة اليدين وحرف نصوصها إلى العناية الخاصة بدون توسط , أو المراد من اليد: القدرة , فقد قال معلقاً على كتاب " الأسماء والصفات " للبيهقي (باب ما جاء في إثبات اليدين) قال الكوثري (وذلك كله عبارة عن القدرة , وضرب الله اليد مثلاً , إذ هي آلة تصرف عندنا , والمحاولة) (48).
وقال معلقاً على قول الله تبارك وتعالى (خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) أي بعناية خاصة بدون توسيط أب (49).
وهذا مناقض لمذهب أهل السنة والجماعة فقد اثبتوا صفة اليدين كماء جاءت بها النصوص , ومن لم يحملها على الحقيقة عندهم فهو معطل كما قال الإمام أبو حنيفة (50).
وقد عقد الإمام البخاري – رحمه الله تعالى – في كتاب " التوحيد " من ضمن الصحيح أورد فيه جملة من الأحاديث الصحيحة التي تثبت صفة اليدين لله تعالى , وهو باب قول الله تعالى (لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) , منها حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (يد الله ملأى لا تغيضها نفقة سحاء (51) بالليل والنهار ... ) (52)
وكذا عقد الإمام الحافظ أبو عبدالله محمد بن منده في " الرد على الجهمية " باباً فيه (ذكر قول الله عز وجل: مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) أتى فيه بالأدلة من الكتاب والسنة ورد على المعطلة.
هـ - صفة الكلام: تابع الكوثري الجهمية في تعطيل صفة الكلام والقول بخلق القرآن , وحرف نصوصهاً إلى الكلام النفسي فقد قال (إن القول بخلق القرآن إنما يكون ضلالاً إذا أريد ما هو قائم بالله سبحانه وتعالى وهو الكلام النفسي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/72)
وأما الحروف والأصوات في ألسنة التالين والزاج والعفص والمداد والنقوش في أوراق المصاحف والحروف المتخيلة في أدمغة الحفاظ فمحدثه مخلوق حتماً , وادعاء عكس هذا مكابرة وزيغ مبين) (53).
وقال كذلك (والواقع أن القرآن في اللوح وفي لسان جبريل صلى الله عليه وسلم , وفي لسان النبي صلى الله عليه وسلم وألسنة التالين وقلوبهم , وألواحهم مخلوق حادث محدث ضرورة , ومن ينكر ذلك يكون مسفسطاً , ساقطاً من مرتبة الخطاب , وإنما القديم هو المعنى القائم بالله سبحانه وتعالى بمعنى الكلام النفسي في علم الله جل شأنه في نظر أحمد بن حنبل , وقد صح عن أحمد قوله في المناظر " القرآن من علم الله وعلم الله غير مخلوق " أو بمعنى صفة الكلام القائمة بالله تعالى كقيام صفة العلم ونحوها جل شأنه , على تقدير ثبوت إطلاق القرآن عليها , فدلالة القرآن على المعنى القائم بالله بالاعتبار الأول , دلالة اللفظ على مدلوله الوضعي , ويشمل وجوده العلمي اللفظ والمعنى في آن واحد , لأن كليهما في علم الله , ودلالته على الصفة القائمة به سبحانه وتعالى – بالاعتبار الثاني – تكون دلالة عقلية , كما لا يخفى) (54).
وقال الكوثري في الترحيب (أم القرآن في ألسنة التالين ومصاحف الخطاطين , وأذهان الحفاظ فالأول غير مخلوق جزماً , والثاني مخلوق حتماً عند أهل الحق) (55).
فصرح بأن القرآن في اللوح المحفوظ , وفي لسان جبريل , وألسنة سائر الناس , وقلوبهم , وأصواتهم مخلوقة , كما أنه لا يرى جواز سماع كلام الله تعالى , فلم يسمع منه جبريل لأن كلام الله تعالى ليس بحرف ولا بصوت , إنما هو معنى قائم بنفس الله , قال (والصوت سواء كان من جهة , أو الجهات كلها حادث مخلوق , لا يقوم بالله سبحانه وتعالى , وفي طبقات الحنابلة لأبي الحسن بن أبي يعلى عند عند ترجمة الأصطخري في صدد ذكر عقيدة أحمد (وكلم الله موسى تكليماً من فيه , وناوله التوراة من يده إلى يده ومن هذا يعلم مبلغ ضلال هؤلاء المجسمة) (56).
بل يعترف الكوثري أنه ليس بينه وبين المعتزلة خلاف في كون القرآن مخلوق (57) , حيث نقل قول التفتازاني محتجاً به فقال (النزاع بيننا وبين المعتزلة وهو في التحقيق عائد إلى إثبات كلام النفس ونفيه , وأن القرآن هو أو هذا المؤلف الذي هو كلام حسي أولاً؟ فلا نزاع لنا في حدوث الكلام الحسي , ولا لهم في قدم النفسي لو ثبت) (58).
وهذا مناقض مذهب سلف الأمة وأئمتها الذي يوافق الأدلة العقلية الصريحة , وهو أن القرآن كلام الله , منزل , غير مخلوق , منه بدأ , وإليه يعود , فهو المتكلم بالقرآن , والتوراة , والإنجيل , وغير ذلك من كلامه , ليس مخلوقاً , منفصلاً عنه , بل سبحانه يتكلم بمشيئته وقدرته , ولم يقل أحد منهم: إن القرآن والتوراة والإنجيل لازم لذاته أزلاً وأبدا (59).
وقد عقد الإمام أحمد في كتابه " الرد على الجهمية " باباً في (بيان ما أنكرت الجهمية , من أن يكون الله كلم
موسى) وباباً في (ما ادعت الجهمية من أن القرآن مخلوق).
وكذا الإمام ابن خزيمة فقد عقد في كتابه " التوحيد " باباً سماه (باب من الأدلة التي تدل على أن القرآن كلام الله الخالق) , وقوله (غير مخلوق) لا كما زعمت الكفرة من الجهمية المعطلة.
يتبع بإذنه تعالى ...
ـــــــــــــ
40) مقالات الكوثري 349 , تبديد الظلام 53 , 90 , وتعليقاته على كتاب الأسماء والصفات 449 - 450 , وتعليقاته على كتاب التنبيه والرد ص 190.
41) كتاب تبديد الظلام 112 - 113.
42) كتاب تبديد الظلام 53 , وتعليقات الكوثري على كتاب الأسماء والصفات ص 448.
43) حاشية الكوثري على كتاب الأسماء والصفات 449.
44) اعتقاد السلف أصحاب الحديث ص 42.
45) كتاب الشريعة ص 306.
46) الحجة ص 248 - 249.
47) تبديد الظلام 52 , 121 , 133 , 152.
48) تعليق الكوثري على كتاب الأسماء والصفات ص 314.
49) تعليق الكوثري على كتاب الأسماء والصفات ص 317.
50) الفقه الأكبر ص 302.
51) سحاء: السح هو الصب الدائم , انظر النهاية 2/ 345.
52) كتاب التوحيد باب قول الله تعالى (لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) 13/ 393 ح 7411 من طريق الأعرج عن أبي هريرة.
53) تأنيب الخطيب ص 96 - 97 , وانظر تعليقه على كتاب تبيين كذب المفتري ص 15.
54) مقالات الكوثري ص 27 , ونظر الترحيب ص 301.
55) الترحيب ص 301.
56) تعليق الكوثري على كتاب الإنصاف ص 95.
57) تعليق الكوثري على كتاب الأسماء والصفات ص 251.
58) تعليق الكوثري على كتاب الأسماء والصفات ص 251.
59) انظر مجموع الفتاوى 12/ 37 - 38.
ـ[الحراري]ــــــــ[12 - 09 - 06, 12:50 ص]ـ
حُذف
وإن عدت لمثل هذه الكلمات حُذفت من الملتقى، فليس للمبتدعة مكان هنا
## المشرف ##
لمذا حذف الكلام مع أنني عاتبت الذي حكم على الناس بالضلال وهو أحق بحذف كلامه
وما علاقة كلامي بالمبتدعة والبدعة؟
هذا غريب جدا
ثم إن حذفي من الملتقى لا يعني خروجي من الإسلام
فحسبنا الله ونعم الوكيل
دعك من المغالطات
هذا الملتقى سني سلفي، ولن يرتفع فيه رأس لمبتدع إن شاء الله، ثم من أين فهمت أن من يطرد من الملتقى خارج من الإسلام
## المشرف ##
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/73)
ـ[رياض السعيد]ــــــــ[12 - 09 - 06, 12:53 ص]ـ
الكوثري لو حمته ودعمته دولة لانتشر مذهب الجهمية انتشار واسعاً
ـ[أبو محمد القحطاني]ــــــــ[12 - 09 - 06, 12:57 ص]ـ
الأخ الحراري - وفقه الله -:
أولاً: لستُ أنا الذي حكم عليه بالضلال فأنا مسبوق بأئمة ولا أقول إمام.
ثانياً: من الذي أخرجك من الإسلام؟؟!
ثالثاً: الموضوع ممتاز فرجاءً لا تعكره علينا.
وفقك الله.
واصل أخي أبا الخطاب في كشف حال هذا المجرم الأفاك الأثيم.
ـ[الحراري]ــــــــ[12 - 09 - 06, 02:00 ص]ـ
حررت المشاركة
وأوقف العضو
## المشرف ##
ـ[المستشار]ــــــــ[12 - 09 - 06, 07:31 ص]ـ
واصل أخي أبا الخطاب في كشف حال هذا المجرم الأفاك الأثيم.
واصلوا بارك الله فيكم.
ـ[رياض السعيد]ــــــــ[12 - 09 - 06, 02:02 م]ـ
نتقرب إلى الله ببغض الكوثري وأتباعه، من يدافع عن هذا المجرم فليتق الله (ستكتب شهادتهم ويسألون)
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[12 - 09 - 06, 03:28 م]ـ
كتاب طيب جدا، ونرجو بعد الفراغ منه أن يتم صفه فى ملف واحد على الورد لأنه مفيد جدا.
ـ[أبو إبراهيم التميمي]ــــــــ[19 - 09 - 06, 01:15 م]ـ
يرفع لفضح الجهمي الخبيث: الكوثري لا كثر الله أتباعه.
ـ[ابوالعباس الترهونى]ــــــــ[19 - 09 - 06, 04:33 م]ـ
لمذا حذف الكلام مع أنني عاتبت الذي حكم على الناس بالضلال وهو أحق بحذف كلامه
وما علاقة كلامي بالمبتدعة والبدعة؟
هذا غريب جدا
ثم إن حذفي من الملتقى لا يعني خروجي من الإسلام
فحسبنا الله ونعم الوكيل
دعك من المغالطات
هذا الملتقى سني سلفي، ولن يرتفع فيه رأس لمبتدع إن شاء الله، ثم من أين فهمت أن من يطرد من الملتقى خارج من الإسلام
## المشرف ##
بارك الله فيك اخي المشرف وجزاكم الله خيرا
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[07 - 10 - 06, 04:36 م]ـ
الحراري هذا هو عدنان زُهار، وقد بعث إليّ برسالة هذا مفادها.
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمين وعلى آله وصحبه والتابعين،
سيدي خالد الانصاري
أعرفكم نفسي: العبد الفقير الجاهل الحقير عدنان بن عبد الله زهار المعتني بكتب الشيخ أحمد بن الصديق الغماري رحمه الله ...
والذي ذكرتم سيدي أنني جاهل لا أعرف شيئا فحق والله ما تجاوزتم فيه، ولكنني كنت أحب أن يستفيد الناس من كتب السيد الغماري خاصة االتي لها علاقة بالجانب الحديثي ولذلك أخرجت على قدر الاستطاعة العلمية الشبه منعدمة كتبه رحمه الله في علم الحديث خاصة.
واما أنني مقلد فنعم، لأنني لست مجتهدا ولا ثالث لهذين ...
وأما أنني أحارب دعوة التوحيد فليس كذلك والله، هو أعلم بمن اتقى، إنما أنا أشعري صوفي، عندي راي قلته في تعليقاتي ولا أدعي بذلك أنني أحارب التوحيد ... وكنت اعلم أنني سأواجه بهذا التعنيف منكم ... ولكن لا بأس بذلك، فأنا أحقر من أن أنتقد أو يرد علي، خاصة من عالم جليل مثلكم ...
هذا وإنماكتبت لك هنا لأتعرف من فضيلتكم على أخطائي العلمية فأستفيد منها، أما ما يتعلق بالقضايا الخلافية فلا أريد البحث فيه ولا الخوض فيها لاعتقادي أنها من قبيل ما لا يحسم من جهة، ومما يوقد نار العداوة بين المسلمين ...
فإن شئت أن تتفضل بتصحيح أخطائي فسأكون لكم شاكرا ممتنان وإن شئت أن ترد سؤالي فالأمر إليك ...
والله خير حفظا وهو أرحم الراحمين
والسلام
عدنان زهار
وفيها اعتراف صريح منه بأنه أشعري صوفي = خلفي، ناهيك عن أخطائه الإملائية.
فلذا أرجو من الأخ المشرف العام تعقب الآي بي، فلعله يكتب باسم آخر.
والله يتولاه، وهو الهادي إلى سواء الصراط.
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[07 - 10 - 06, 05:49 م]ـ
جزاك الله خيرا أبا محمد
كنا نعلم ذلك _ وليس من منهجنا التشهير بهم عند معرفتهم _ وتركناه يشارك كما يشارك غيره من أهل البدع في الملتقى ليستفيد من إخوانه، دون مخالفة العقيدة السلفية أو الطعن فيها أو الدعوة لبدعته، ونحن نحرر مشاركاتهم المخالفة أكثر من مرة و نترفق بهم رجاء أن يهديهم الله ويعيدهم للحق من خلال مخالطة إخوانهم السلفيين، فإذا تجاوز أحدهم حده أوقفناه دون أسف عليه.
نسأل الله أن يهديهم جميعا ويرينا وإياهم الحق وأن يثبتنا عليه.
ـ[حسام العقيدة]ــــــــ[30 - 10 - 06, 04:13 ص]ـ
لو تكمل شيخنا العوضي ما بدأت به فنحن في شوق
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[31 - 10 - 06, 08:57 م]ـ
يقول عدنان بن عبد الله زهار ((واما أنني مقلد فنعم، لأنني لست مجتهدا ولا ثالث لهذين))
كان ينبغي عليه أن يقيد التقليد بالفروع
إذ أن المقلد في التوحيد مختلفٌ في إيمانه عند الأشاعرة
قال صاحب الجوهرة
وكل من قلد في التوحيد ... إيمانه لا يخلو من ترديد
أو كما قال
وحتى التقليد في الفروع لا يعجب سليل الأشراف وإن شئت فاقرأ
كتابه ((الإقليد))
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[31 - 10 - 06, 09:06 م]ـ
جزاك الله خيرا أبا محمد
وتركناه يشارك كما يشارك غيره من أهل البدع في الملتقى ليستفيد من إخوانه، دون مخالفة العقيدة السلفية أو الطعن فيها أو الدعوة لبدعته، ونحن نحرر مشاركاتهم المخالفة أكثر من مرة و نترفق بهم رجاء أن يهديهم الله ويعيدهم للحق من خلال مخالطة إخوانهم السلفيين.
أحسنت أحسن الله إليك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/74)
ـ[حسام العقيدة]ــــــــ[14 - 12 - 06, 09:43 ص]ـ
هلا أكملتم يا شيخ ما بدأتموه؟
ـ[العوضي]ــــــــ[06 - 01 - 07, 10:06 ص]ـ
هلا أكملتم يا شيخ ما بدأتموه؟
الله يبارك فيك أخي الكريم على حرصك , إن شاء الله سأكمل الكتيب بعد الانتهاء من طباعة كتاب أهم منه حالياً في الرد على أحد خلفاء الجهم في عصرنا , وأسأل الله التيسير
ـ[ابوعبدالملك الأنصاري]ــــــــ[13 - 01 - 07, 04:27 م]ـ
احب أن اشكر الملتقى على هذا الصنيع المهذب.
اقسم بالله أنا لا اعرف عدنان الزهار هذا لكن يا شيخ خالد هل من الأمانة أن يراسلك أحد على الخاص و تنشر ما أرسله إليك هكذا الخاص أمانه فمن حدثك و التفت و لا حول و لا قوة إلا بالله.
ـ[أبو عبدالله بن جفيل العنزي]ــــــــ[10 - 06 - 07, 02:52 م]ـ
نعم ينقله ليبين حاله للناس، فمصلحة تبيين حال المبتدعة أعظم من ما يظن من المفسدة في إشهار أسرارهم.
ثم هل في العقيدة إسرار وكتم؟!!
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[14 - 08 - 07, 06:44 م]ـ
احب أن اشكر الملتقى على هذا الصنيع المهذب.
اقسم بالله أنا لا اعرف عدنان الزهار هذا لكن يا شيخ خالد هل من الأمانة أن يراسلك أحد على الخاص و تنشر ما أرسله إليك هكذا الخاص أمانه فمن حدثك و التفت و لا حول و لا قوة إلا بالله.
نعم ننشره أخي الفاضل إذا دعت الضرورة، وقد أردت التحذير والتنبيه، والله من وراء القصد.
ـ[عدنان الاسعد]ــــــــ[17 - 08 - 07, 08:50 م]ـ
بارك الله فيك(33/75)
الكوثري وكتابه "المقالات"
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[22 - 01 - 06, 02:11 م]ـ
الحمد لله
الكوثري هذا ضال مضل، وهو حنفي متعصب وحري به لقب " مجنون أبي حنيفة "!!!
1. هو محمد بن زاهد بن الحسن، وكيل شيخ الإسلام! في الدولة العثمانية، توفي (سنة 1371ه)، وقد كان حنفيًّا متعصِّباً في المسائل العمليَّة (الفقه)، جهمِيًّا جلداً في المسائل العلميَّة (العقيدة).
2. قال الشيخ عبد الرحمن المعلِّمي اليماني رحمه الله: فرأيتُ الأستاذ- (أي: الكوثري) - تعدَّى ما يوافقه عليه أهلُ العلمِ من توقيِر أبي حنيفة وحسنِ الذبِّ عنه إلى ما لا يرضاه عالم متثبِّتٌ من المغالطات المضادَّة للأمانة العلميَّة، ومِن التخليط في القواعد، والطعنِ في أئمَّة السنَّةِ ونقَلَتِها حتى تناول بعضَ أفاضل الصحابة والتابعين والأئمَّة الثلاثة مالكاً والشافعيَّ وأحمد وأضرابَهم وكبارَ أئمَّةِ الحديث وثقات نَقَلَتِه، والردِّ لأحاديث صحيحةٍ ثابتةٍ، والعيبِ للعقيدة السلفية، فأساء في ذلك جدّاً، حتى إلى الإمام أبي حنيفةَ نفسِه ... أ. ه . "طليعة التنكيل" (ص17).
3. وقال الشيخ الألباني رحمه الله: فإني أقدِّم اليومَ إلى القرَّاء الكرام كتابَ "التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل" تأليف العلامة المحقق الشيخ عبد الرحمن بن يحيى بن علي اليماني رحمه الله تعالى، بيَّن فيه بالأدلَّةِ القاطعةِ والبراهينِ الساطعةِ تجنِّي الأستاذ الكوثري على أئمة الحديث ورواته، ورميَهُ إيَّاهم بالتجسيمِ والتشبيهِ، وطعنَه عليهم بالهوى والعصبية المذهبية، حتى لقد تجاوز طعنُه إلى بعض الصحابة، مصرِّحاً بأنَّ أبا حنيفة رحمه الله رغب عن أحاديثهم، وأنَّ قياسَه مقدَّمٌ عليها! فضلاً عن غمزه بفضل الأئمَّةِ وعلمِهم، "فمالكٌ" -مثلاً- عنده ليس عربيَّ النسبِ، بل مولى! والشافعيُّ كذلك، بل هو عنده غيرُ فصيحٍ في لغته ولا متينٍ في فقهِه، والإمامُ أحمد غيرُ فقيهٍ عنده، وابنُه عبد الله مجسِّمٌ، ومثلُه ابن خزيمة وعثمان بن سعيد الدارمي وابن أبي حاتم وغيرهم. والإمامُ الدارقطني عنده أعمى ضالٌّ في المعتقد، متَّبعٌ للهوى، و"الحاكم " شيعيٌّ مختلطٌ اختلاطاً فاحشاً، وهكذا لم يَسْلَم مِن طعنه حتى مثل الحميدي وصالح بن محمد الحافظ، وأبي زرعة وابن عدي وابن أبي داود والذهبي وغيرهم.
ثم هو إلى طعنه هذا يضعِّف الثقات من الحفَّاظ والرواة، وينصب العداوةَ بينهم وبين أبي حنيفة لمجرَّد روايتِهم عنه بعضَ الكلمات التي لا تروق لعصبيَّة الكوثري وجموده المذهبي، وهو في سبيلِ ذلك لا يتورَّع أنْ يعتَمِد على مثل "ابن النديم الورّاق" وغيره ممَّن لا يُعتدُّ بعلمه في هذا الشأن، وهو على النقيض من ذلك يوثِّقُ الضعفاءَ والكذابين إذا رَوَوْا ما يوافق هواه، وغير ذلك مما سترى تفصيلَه في هذا الكتاب بإذن الله ... أ. ه "مقدِّمة طليعة التنكيل" (ص3 - 4).
4. وقال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد حفظه الله: مدْرَهُ طعنٍ فوّق سهامَه بهذه المباني المروعة، والعبارات المرهقة، وهو منفلتُ العنان، ذرِب اللسان بِهَتْك الحُرُمات والمحارم، فيلِغُ في أعراض الأبرياء، ويكفِّرُ أساطينَ العلماءِ، وينتقِصُ مناراتِ الهدى. كلُّ هذا ليُكثِّرَ سوادَ مزاعمه لسواد مشاربه في أمراضٍ متنوعةٍ من التقليد الأصمِّ، والتمشعر بغلوٍّ وجفاءٍ، والتصوف السادر، والقبورية المكبَّة للمخلوق عن الخالق ... أ. ه . "براءة أهل السنَّة من الوقيعة في علماء الأمة" (ص271) ضمن كتابه "الردود".
5. وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: فقد اطَّلعتُ على الرسالة التي كتبتُم - (والكلام موجه للشيخ بكر أبو زيد) - بعنوان "براءة أهل السنة من الوقيعة في علماء الأمة" وفضحتُم فيها المجرمَ الآثمَ " محمد زاهد الكوثري" بنقل ما كتبه من السبِّ والشتم والقذف لأهل العلم والإيمان واستطالته في أعراضهم وانتقاده لكتبهم إلى آخر ما فاه به ذلك الأفَّاكُ الأثيمُ عليه من الله ما يستحق، كما أوضحْتُم - أثابكم الله - تعلُّقَ تلميذِه الشيخ "عبد الفتاح أبو غدَّة" به، وولاءَه له، وتبجَّحه باستطالةِ شيخِهِ المذكور في أعراض أهل العلم والتُّقى، ومشاركته له في الهمز واللمز، وقد سبق أن نصحْناه بالتبرُّئِ منه، وإعلان عدم موافقته له على ما صدر منه، وألْحَحْنا عليه في ذلك،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/76)
ولكنَّه أصرَّ على موالاته له هَداه الله بالرجوع إلى الحقِّ، وكفى المسلمين شرَّه وأمثاله. أ. ه . "مقدمة براءة أهل السنَّة" (ص219) ضمن "الردود".
6. وقال الشيخ عبد الله الغماري - وهو أحدُ محبِّي ومريدي الكوثري -: وكنَّا نُعجبُ بالكوثريِّ لعلمه وسَعةِ اطَّلاعه، كما كنَّا نكره منه تعصُّبَه الشديدَ للحنفيَّة تعصُّباً يفوق تعصُّبَ الزمخشريِّ لمذهبِ الاعتزال، حتى كان يقول عنه شقيقُنا الحافظ أبو الفيض: "مجنون أبي حنيفة"، ولمَّا أهداني رسالتَه "إحقاق الحق" في الردِّ على رسالة إمام الحرمين في ترجيح مذهب الشافعي! وجدتُه غَمَزَ نَسَبَ الإمامِ الشافعيِّ، وَنَقَلَ عبارةَ "الساجي" في ذلك، فلمْتُه على هذا الغمز، وقلتُ له: إنَّ الطعنَ في الأنساب ليس بردٍّ علمي، فقال لي: "متعصِّبٌ رَدَّ على متعصِّبٍ"، هذه عبارته، فاعترف بتعصُّبِه ... وذكر - (أي: الكوثري) - أنه - (أي: الحافظ ابن حجر) - كان يَتْبَع النساءَ في الطريق، ويتغزَّل فيهن، وأنه تبِعَ امرأةً ظنَّها جميلةً، حتى وصلتْ إلى بيتِها وهو يمشي خلفها، وكشفتْ له البرقُعَ، فإذا هي سوداء دميمة، فرجع خائباً ... وأكبر من هذا أن "الكوثري" رمى أنس بن مالك - رضي الله عنه- بالخَرَف، لأنَّه روى حديثاً يخالفُ مذهبَ أبي حنيفة، وأقبحُ مِن هذا أنَّه حاول تصحيحَ حديثٍ موضوعٍ (1)، لأنه قد يفيدُ البشارة بأبي حنيفةَ، وهو حديث "لو كان العلم بالثريَّا لتناوله رجالٌ من فارس" ... فكتَبَ شقيقُنا ردّاً عليه (2)، جمع فيه سقطاته العلميَّةَ، وتناقضاته التي منشؤها التعصب البغيض، وقسا عليه بعضَ القسوة، وهو مع هذا معترفٌ بعلمه واطلاعه ... أ. ه "بدع التفاسير" (ص180 - 181) بوساطة "كشف المتواري من تلبيسات الغماري" (ص88 - 90) لأخينا الفاضل علي الحلبي. وانظر كتاب "بيان مخالفة الكوثري لاعتقاد السلف" للدكتور محمد بن عبد الرحمن الخميِّس ففيه بيانٌ شافٍ لأهل التوحيد في عقيدة ذلك الرجل الهالك.
كتابه " المقالات ":
1. كتاب "المقالات" للكوثري كتاب فيه السب والشتم للأئمة الأعلام الذين نقلوا لنا سنَّةَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وفيه افتراءاتٌ عليهم ونسبتُهم إلى الضلال والكفر، فكان واجباً عليَّ أنْ أنقُلَ للنَّاس بعضَ عباراتِ مصنِّفِه ليقفوا بأنفسهم على "حجم جريمة" النقلِ عن هذا الكتاب وتزكية مصنِّفِه دون أدنى إشارةِ تحذيرٍ لما فيه، مما يعني -ضمناً- موافقة المصنف عليه، كيف لا والمشرب واحِدٌ {وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ} [هود/98].
2. قال الكوثري عن "الإمام الدارمي" رحمه الله: فيا تُرى هل يوجدُ في البسيطة من يَكْفُر هذا الكفرَ الأخرقَ سوى صاحبِ "النقض" - (أي: كتاب نَقْضِ الدارمي على بِشْرِ المرِّيسي إمام الضلالة) - ومتابعيه!. أ. ه (ص356).
3. وقال عن "الإمام عبد الله بن الإمام أحمد " رحمهما الله: والآن نتحدث عن كتاب "السنَّة" هذا - (وهو لعبد الله بن أحمد في "العقيدة") - تحذيراً للمسلمين عمّا فيه مِن صنوفِ الزيغ، لاحتمالِ انخداع بعضِ أُناسٍ مِن العامَّةِ بسمعة والِدِ المؤلِّف (3)، مع أنَّ الكفرَ كفرٌ كائناً مَن كان الناطق به. أ. ه (ص403).
4. وقال عن "إمام الأئمة ابن خزيمة": ولهذين الكتابَيْن - (أي: كتاب "النقض" وكتاب "السنَّة") - ثالثٌ في مجلَّدٍ ضخمٍ يُسمِّيه مؤلفُه ابن خزيمة "كتاب التوحيد" وهو عند محقِّقي أهلِ العلم (4) كتاب الشرك! وذلك لِما حواه من الآراء الوثنية!! ... أ. ه (ص409).
5. وقال عن "شيخ الإسلام ابن تيمية" رحمه الله: وقد سئمتُ من تتبُّعِ مخازي هذا الرجل المسكين الذي ضاعت مواهبه في شتى البدع، وفي "تكملتنا على السيف الصقيل" - و"السيف الصقيل" كتابٌ ألَّفه "ابن السبكي" ردّاً على "نونية" ابن القيم في العقيدة السلفية"- ما يشفي غلَّةَ كلِّ غليلٍ في تعقب مخازي ابن تيمية وتلميذه ابن القيم. أ. ه (ص399) وفي "تكملته" المشار إليها آنفاً قال الكوثري: بل هو - (أي: ابن تيمية) - وارث علوم صابئة حرّان حقا! والمستلفُ من السلف ما يكسوها كسوة الخيانة العظمى. أ. ه (ص80).
6. وقال الكوثري - قاتله الله - واصفاً "ابن القيم" رحمه الله بـ: "الكفر"، "الزندقة"، "ضال مضل"، "زائغ"، "مبتدع"، "وقح"، "كذاب"، "بليد"، "خارجي"، "تيس"، "حمار"، "ملعون"، "من إخوان اليهود والنصارى"، "منحلٌّ من الدين والعقل" ... إلخ. أ. ه (ص22، 24، 28 ... ).
7. وقال عن "الإمام الشوكاني" رحمه الله - بعد أن نقل كلمة "ابن حريوه اليمني" فيه وهي "إنه يهوديٌّ مندسٌّ بين المسلمين لإفساد دينهم ... - قال: وليس ذلك ببعيدٍ لمناصبته العداءَ لعامَّةِ المسلمين وخاصَّتِهم على تعاقبِ القرون. أ. ه (ص418). (5)
أخزاه الله
=========
(1) الحديث في الصحيحين، رواه "البخاري" (8/ 827) و "مسلم" (16/ 100) بلفظ "لو كان الإيمان ... " وأما اللفظ الآخر وهو "لو كان العلم بالثريا ... ": فقد ضعفه شيخنا الألباني رحمه الله، انظر "السلسلة الضعيفة " (2054).
(2) وسمّاه "بيان تلبيس المفتري محمد زاهد الكوثري"، حقَّقَه وعلَّق عليه علي الحلبي ط دار الصميعي.
(3) وهل تلقى الابنُ علمَه واعتقادَه إلا من طريق أبيه؟! وما هو حال أبيه عندك؟!!
(4) كالرازي صاحب التفسير – وقد قيل إنه تاب - وغيره من أئمة الضلال، لا عند إمام من أئمة أهل السنة.
(5) استفدت هذه النقول من "براءة أهل السنة" (ص278 - 287) من "الردود" لبكر بن عبد الله أبو زيد حفظه الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/77)
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[22 - 01 - 06, 02:19 م]ـ
رأيت قبل قليل هذا الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=70432
والحمد لله أن جعل أهل السنة حماة للإسلام النقي
ـ[أبو المعتز القرشي]ــــــــ[22 - 01 - 06, 02:48 م]ـ
جزاك الله خيراً شيخنا أبا طارق
ويوجد رسالة في جامعة أم القرى بقسم العقيدة عن (الكوثري وعقيدته) تمت مناقشتها
ـ[أبوعبدالرحمن الفارسي]ــــــــ[22 - 01 - 06, 04:19 م]ـ
شكر الله لكم جهودكم الطيبة في كشف أهل الباطل يا شيخ احسان.
ومن ضمن كتابه " المقالات " رسالة يجوز فيها الكوثري الشرك الأكبر في الألوهية وفي الربوبية باسم التوسل وهي بعنوان " محق التقول في مسألة التوسل "!
وفي هذه الرسالة يحرف فيها معنى {اياك نعبد واياك نستعين} ويزعم أنها لا دلالة فيها على عدم الاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله!
ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[22 - 01 - 06, 08:18 م]ـ
فضيلة الشيخ إحسان ...
كم أتعجب إذا رأيت طلبة العلم يتهافتون على شراء كتب الكوثري الضال على علم في معارض الكتاب ...
ففي العام الماضي دخلت نسخ لمعرض الكتاب في الرياض فسألت البائع عن بعض كتب هذا الضال فإذا هو يطلب سعرا مرتفعا مع رداءة الطباعة وسوء المحتوى ... وقد باع نسخا كثيرة مما يدل على وجود خلل فينا معاشر طلبة العلم ...
الرغبة في الاطلاع شهوة خفية، ولكنها قد تقود إلى الغواية ...
ألم يضل كثير من الرفقة بالاطلاع على كتب الجابري وكان غرضهم: الرغبة في الاطلاع، رافعين شعار: ولتستبين سبيل المجرمين، وحديث: وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ...
إنه الهوى حين يلتمس الدليل ...
ألا نتدبر قوله تعالى:" وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم ... ".
وقوله:" وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم ... "
ونحن نقرأ الضلالة ونبحث عنها ثم نطأطئ الرؤوس متمتمين بالحوقلة ..
كحال التي تبحث عن حتفها بظلفها .... وليس لنا مثل السوء ..
ومع أن أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا أننا إذا سمعتم بالدجال أن نهرب عنه .. خوفا من الفتنة في الدين ...
كيف وقد ثبت عن عمر وروي مرفوعا: أخوف ما أخاف عليكم ثلاث ... وجدال منافق بالقرآن"
وورد في الحديث:" أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان" ...
أين ما نرويه عن السلف من هروبهم عن أهل البدع وعدم مجالستهم؟ ...
الكوثري رجل سوء رفعناه ونحن لا نشعر ...
بالله عليكم هل كنا سنعرفه لولا كثرة ذكره من طلبة العلم وذمه مع مدح مبطن بسعة علمه ... وكما قال أحد علمائنا: أوتي ذكاء ولم يؤت زكاء ..
وأقول: إن بني قومك فيهم رماح ..
ولو أماتوه لمات ذكره كحال من سبقه من أهل الهوى ...
بل حتى طلبته خجلوا من سوء لسانه في حق أهل العلم وشتمه لهم
فالكيس الكيس يا معشر الإخوة
فكل خير في اتباع من سلف
وكل شر في اتباع من خلف.
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[22 - 01 - 06, 10:21 م]ـ
جزاكم الله خيرا
الأخ عبد العزيز
إذا كان العلماء وطلبة العلم لا يشترون لمثل هؤلاء الضلال ليكشفوا ضلالهم ويبينوا عوارهم فمن يفعل ذلك؟
وماذا تفعل لو أنك قرأتَ - كما في هذا المنتدى - من يقول " الإمام الكوثري "؟!
لو أن أهل العلم ودعاة الخير أماتوا ما يعرفونه من باطل هؤلاء وضلالهم فكيف نأمن تلبس الناس بإفكهم وانحرافهم؟
أخي الفاضل
إن كان المشتري لكتب أولئك هم من العلماء وطلبة العلم فلا تقلق وأبشر بالخير، فهم حماة الإسلام ودعاة الحق، ولنا أن نمنع عامة الناس من قراءة كتب أولئك، أما خاصة الناس فنشد على أيديهم بل ونؤمنها لهم ليبينوا عوارها للناس.
أرأيت لو أن ابن تيمية أمات باطل " ابن المطهر " فكم كنا سنخسر من علم وفائدة؟ وكم كان سيلبس على عامة أهل السنة من إفك وانحراف الرافضة؟
وقل مثل ذلك في الصوفية والأشاعرة والمعتزلة والجهمية والمرجئة
والله الموفق
ـ[صالح العقل]ــــــــ[22 - 01 - 06, 10:56 م]ـ
لكن المؤسف ممن يشتريها: لا لقصد الإنكار، ومعرفة الشر ليتوقاه ويحذر منه!!
بل لمحبته (للإغراب) كما يسمى!!
نسأل الله الثبات.
ـ[أحمد العنزي]ــــــــ[23 - 01 - 06, 03:08 ص]ـ
.......
ـ[أبو محمد القحطاني]ــــــــ[23 - 01 - 06, 11:28 ص]ـ
وماذا تفعل لو أنك قرأتَ - كما في هذا المنتدى - من يقول " الإمام الكوثري "؟!
إيْ والله ....
ثم ينتسب لأهل الحديث ......
واغوثاه بالله ....
ـ[الخليلي الحنفي]ــــــــ[23 - 01 - 06, 12:39 م]ـ
وأسفاه على أمثال العتيبي الذي يحذف مشاركاتي، ولا ينهض للقيام بها.
ـ[أبو الأم]ــــــــ[23 - 01 - 06, 12:58 م]ـ
الا من مدافع .. !!!
فيذب عن عرض اخيه ..
ولو قليلا
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[23 - 01 - 06, 01:07 م]ـ
وأسفاه على أمثال العتيبي الذي يحذف مشاركاتي، ولا ينهض للقيام بها.
الشيخ الفاضل إحسان العتيبي عضو في الملتقى، لا يستطيع حذف أي مشاركة، وإن كان حقيقًا بالإشراف.
لكنه لما بيَّن عُوارك، وأظهر شنارك، رحت تتهمه وتصيح، وعلى قدر الألم ...
الا من مدافع .. !!!
فيذب عن عرض اخيه ..
ولو قليلا
من أخوك يا هذا؟!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/78)
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[23 - 01 - 06, 01:51 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي محمد
وقد بعث لي ذلك الحنفي المتعصب رسالة خاصة مليئة بالسباب والشتم والتعصب
وفعلا لا علاقة لي بالحذف لكن أسأل الله أن أكون السبب في طرده من هذا الملتقى النظيف
وفيما يخص الكوثري الضال المضل الحنفي الهالك يقول لي في رسالته:
[موضوع الكوثري أمثالك لا يطرحه، فأين أنت منه، وماذا تفهم عقليتك المتحجرة من كلامه].
فانظر لحاله أين وصل لتعلم أنه لا يمت لأهل السنة بصلة وأنه اتخذ المذهب الحنفي ليصل لتضليل المسلمين كما اتخذ الأحباش المذهب الشافعي لذلك!
ـ[العاصمي]ــــــــ[23 - 01 - 06, 01:58 م]ـ
هو مجازف تالف، وأحمق أخرق، وحسبكم - هنبثة منه - زعمه أنّ (جحا) من فقهاء الشافعيّة!!!
وليت شعري! هل هو جهل منه! أو تجاهل مردّه إلى حبّ النكاية بغرمائه الشافعيّين!
فأمثاله لا مكان لهم في ملتقى أهل الحديث، ولا كرامة!
وقد صدقت فيه فراسة ذي الفهم الصحيح، والعقل الرجيح ... عندما أشارإلى أنّه جاء بأمر ... من بحر الظلمات ...
وحسبك ممّن يأخذ (دينه) من مواقع موبوءة بالإفك والباطل، يأتمّ بالأفّاك (الشقيّ فودة)!
ـ[أديب الأصولي]ــــــــ[23 - 01 - 06, 04:32 م]ـ
السلام عليكم
العلماء ورئة الأنبياء
والعلم مع الأدب وحسن التزكية
كلمات ضال مضل، ........................
تناقشوا على أسلوب السلف بالدليل والاستنباط وأصول الأحكام
لا بالشتم والسباب
الشيخ ابن تيمية وابن القيم و ........ وكل عالم يؤخذ منه ويرد
ولا أعلم بمعصوم خلا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[23 - 01 - 06, 08:05 م]ـ
وهل إذا وُصف الضال المضل بما هو متَّصف به صار هذا من سوء الأدب؟!
فإن كانت من سوء الأدب فهي نقطة ضاعت في بحر الكوثري وأتباعه.
ولكن: فماذا بعد الحق إلا الضلال؟! وكل بدعة ضلالة, فالكوثري ليس على الحق بل هو مبتدع ضال مضل.
وإن أردت الردود العلمية - وما في الأعلى منها - فحسبك تنكيل المعلمي فقد جعله نكالا.
ولكن أقول: هل عندكم من علمٍ فتخرجوه لنا؟!
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[24 - 01 - 06, 12:24 ص]ـ
أرجو من الأخ ألا يعترض على وصف الله تعالى لعالم الضلالة أنه " كالكلب " أو لصاحبه " كالحمار "!!
مع أننا لم نستخدم هذه العبارات
والأدب مع من يستحقه جميل
وإذا لم يكن الكوثري ضالا مضلا فهل هو هاد مهتدٍ؟؟؟
وهل كلامه في أنس رضي الله عنه وفي غيره من علماء السنة لم يحرك فيك شعرة من شعر أدبك، وحركها كلمتين فيه؟؟؟؟
سبحان الله
وجزى الله خيرا أهل السنة الذين علقوا بعلم وفهم وغيرة على الدين
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[25 - 01 - 06, 12:46 ص]ـ
الله المستعان نسأل الله أن يطهر الملتقى من امثال الحنفي واديب الأصولي ومن على شاكلتهم من المبتدعة وأديب هذا له مشاركة جوز فيها الاستغاثة برسول الله صلى الله عليه وسلم. نسأل الله ان يهديه للتوحيد.
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[25 - 01 - 06, 12:55 ص]ـ
آمين
وأنا كنت أظنهما واحدا - وقد أكون مصيبا -
فليحذر الإخوة في الإدارة من غزو المتعصبين من المتمذهبين، والأشاعرة والصوفية ...
ـ[شتا العربي]ــــــــ[01 - 07 - 07, 02:29 ص]ـ
جزاكم الله خير الجزاء
ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[01 - 07 - 07, 06:45 م]ـ
لا دم عند أهل البدع تظهر حمرته في وجوههم عند إفساد الدين والكلام في أعراض الصحابة والأئمة المتفق على جلالتهم وفضلهم ... أما عند الكلام على أمثالهم من أهل البدع فهنا تسيل الدماء وتطفح ألسنتهم بكل قبيح، نسأل الله الثبات على الإسلام والسنة وأن يهدي الزائغين إلى صراطه المستقيم
ـ[مكي]ــــــــ[08 - 07 - 07, 06:22 م]ـ
يقول الكوثري: ( .. ومضى علي زمن كدت أنخدع ببعض كتبه .. ) يقصد ابن تيمية ..
ويقول عنه:
(ويتأسف الإنسان على هذه المواهب الضائعة .. )
ويقول عن ابن القيم: ( .. وليس له رأي خاص-يقصد في معتقده- على سعته في العلم .. ) ومواضع أخر.
ر: صفعات البرهان على صفحات العدوان!
سُقت هذين النقلين عنه مع علمنا بمشربه لعلّ بعض المتأثرين بالرجل يرعوي عن بعض صلفه ..
ويقرأ بعينه هو .. لا بعين غيره .. فالرجل مع شديد انحرافه عن الشيخين إلا إنه لا يقوى على
غمطهما فضلهما ولو بالفلتات .. مع استغنائهما التام عن مدح مثله ..
ـ[محمد بن بكر]ــــــــ[08 - 07 - 07, 06:43 م]ـ
سمعت أن الشيخ بك بن عبد الله أبو زيد عجل الله بشفائه يقول عن الكوثري انه قال لم أستطع اخراج بغض العرب من قلبي
ـ[أبو حذيفه السلفي]ــــــــ[05 - 06 - 08, 06:34 م]ـ
العجيب من هذا الكوثري (الثرثري) كما قيل فيه يطعن في جمله من أهل العلم وينعتهم
بالأخذ عن اليهود كماقال عن شيخ الاسلام ابن تيميه - رحمه الله -
و (إخوان اليهود والنصارى) قاله في أبن القيم - رحمه الله -
ولم يستبعد أن الامام الشوكاني يهودي مندس
وغيرها من النعوت البذيئه التي سالت من قلب هذا الاعمى - عليه من الله مايستحق -
ثم أبتلاه الله بسن سنه سيئة سيبقى عليه وزرها و وزر من عمل بها إلى يوم القيامه وحقق كتاب عقديا لأحد اليهود كما نشر صوره منه في منتدانا الفذ
وإليك الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=112240
وقد وجدت في منتدى المجلس العلمي (زاهد الكوثري وآراؤه الاعتقادية عرض ونقد) لعلي بن عبد الله الفهيد
إليك الرابط
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=32(33/79)
هل السجود لغير الله كفر؟
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[26 - 01 - 06, 08:26 ص]ـ
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله
السلام عليكم ...
إخوتي الكرام ... في نقاش مع بعض المتصوفة نقل ما يلي عن الإمام الذهبي رحمه الله:
" ... وكذلك القول في سجود المسلم لقبر النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التعظيم والتبجيل لا يكفر به أصلا بل يكون عاصيا فليعرف أن هذا منهي عنه وكذلك الصلاة إلى القبر"
وعزاه إلى معجم شيوخ الذهبي 1/ 74
فهل عزوه صحيح؟ و هل يوجد الكتاب على الشبكة؟
جزاكم الله خيراً
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[27 - 01 - 06, 06:05 م]ـ
الأخوة الكرام ...
حسبت أن الموضوع على درجة من الأهمية تستحق التفاعل.
أتراني كنت مخطئاً؟!!
ـ[أبو الأم]ــــــــ[27 - 01 - 06, 11:47 م]ـ
ذكر هذا علي الجفري (الصوفي)
في لقائه مع قناة العربية ..
وعزاه الى الذهبي ..
ولعل من طلبة العلم والمشائخ من يتحفنا بالاقرار أو الرد
ـ[أبو صديق]ــــــــ[28 - 01 - 06, 06:28 ص]ـ
السجود نوعان: سجود عبادة، وهو ما يكون ظاهره الخضوع والذل للمسجود له، أو يكون بقصد التقرب إليه، وهذا شرك وإن لم يعلم الساجد أن هذا نوع من العبادة.
وسجود التحية والتشريف والتكريم للمسجود له، مثل سجود إخوة يوسف عليه السلام له، وسجود معاذ رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا كان مباحًا في الشرائع السابقة ثم حرّم في شرعنا، وهو من الكبائر، وهو مقصود الإمام الذهبي كما يظهر.
ولعل "إطلاق" القول أن السجود لقبر النبي صلى الله عليه وسلم - أو غيره ممن يُسجَد له - ليس سجودًا شركيًّا محل نظر؛ فالمتأمل في أحوالهم يجد أكثرهم حال سجوده لصاحب القبر خاشعًا ذليلاً، وهذا لا يكون ممن قصده التحية أو التكريم، ثم إن المسجود له ميت، فيُستبعَد تصوُّر أن يُسجَد تحيّة له وتبجيلاً، بل هو للخضوع أقرب! فإن حصل؛ فهو نادر.
أما إن كان السجود لمن لا يُتصوّر مطلقًا أن يُحيّى كصنم ونحوه فهو شرك ظاهر.
ولعل المشايخ أن يبيّنوا الصواب في توجيه كلام الإمام الذهبي ويردوه إلى موضع آخر من كلامه - ليفصله - إن تيسّر.
ـ[عامر بن بهجت]ــــــــ[28 - 01 - 06, 11:29 ص]ـ
(أَلاَ تَرى الصَّحابة في فَرْط حُبّهم للنبيّ قالوا: ألاَ نَسْجُدُ لَكَ؟ فقال: «لا»، فلو أَذِن لهم لسَجَدُوا له سجود إجلال وتَوْقيرٍ لاَ سُجودَ عِبادة كما قد سَجَد إخْوَة يوسف ـــ عليه السلام ـــ ليُوسف. وكذلك القول في سجود المسْلم لِقَبْر النّبيّ على سَبيل التَّعْظيم والتَّبْجيل لاَ يُكَفَّرُ به أَصْلاً بل يكون عاصياً فلْيُعَرَّف أنّ هذا مَنْهِيّ عنه، وكذلك الصلاة إلى القبر.)
هذا كلام الذهبي في ترجمة أَحمد بن عبد المنعم بن أَحمد، المعمَّر ركن الدّين أَبو العباس القزويني الطَّاوسي الصّوفي
وننتظر تعقيبات المشايخ الفضلاء.
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[01 - 02 - 06, 08:33 ص]ـ
بارك الله فيكم إخوتي الكرام
الأخ الفاضل عامر ... جزاك الله خيراً على النقل
الأخ الفاضل (أبو صديق) ... لم نختلف مع محاورنا الصوفي حول تقسيم السجود إلى سجود عبادة و سجود تحية، و لم نختلف حول تكفير من سجد عبادة لغير الله، لكنه يقول أن سجود التحية و التعظيم لغير الله ليس كفراً بل هو محرم فقط، و كلام الذهبي رحمه الله كما ترى يؤيد ما يقول تماماً، أما كوننا نحن نرى أن في كلام الذهبي رحمه الله نظراً فلن يغير من الأمر شيئاً، لأن عبارته رحمه الله واضحة، فهل هناك تفصيل أو رد لأحد العلماء على كلامه رحمه الله؟
و هل صاحب الترجمة المذكور أحمد بن عبد المنعم الصوفي ثبت عنه السجود لقبر النبي صلى الله عليه و سلم فقال الذهبي ما قال، أم ماذا؟
أرجو التفاعل و الإفادة ... بارك الله فيكم.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[02 - 02 - 06, 09:18 ص]ـ
جزاكم الله خيرا جميعا وجعلنا وإياكم من الموحدين المتبعين لسنة النبي صلى الله عليه وسلم والذابين عنها.
وهذا نص ما ذكره الإمام الذهبي رحمه الله في معجم الشيوخ (1/ 72 - 74) في ترجمة (أَحمد بن عبد المنعم بن أَحمد)
(58) ــ
أَحمد بن عبد المنعم بن أَحمد، المعمَّر ركن الدّين أَبو العباس القزويني الطَّاوسي الصّوفي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/80)
موْلده في سابع عشر شعبان سنة إحدى وستمائة. وحكى لنا أنّ أباه أسْمعه صحيح مُسْلم على أَبي بكر الشَّحَاذي، وهذا الشّحَاذي كانت له إجازة الفُرَاوِي، ثم قدِم دمشق في سنة اثنتيْن وثلاثين وستمائة وسمع من السَّخاوي، ثم سافر إلى بغداد مع الصاحب صفيّ الدّين بن مَرْزوق ليؤم به، فسمع مُسْنَد الشافعي من أَبي بكر بن الخازِن، وسمع بحلَب من ابن خليل وروى بالإِجازة العامة عن أَبي جعفرالصَّيْدلاني وجماعة. انتخَبْتُ له جزءاً رَوَاهُ مَرَّات.
توفي في عاشر جمادى الأولى سنة أربع وسبعمائة. وكان كاملَ البُنْيَة مُصَبَّراً مليحَ الشَّيْبَة، أدْرك من الملوك السلطان علاء الدّين خَوارزم شاه ورآه قد مَرَّ بقزْوين. ورأيتُ تحت خطِّه في سنة سبع وسبعين أن الوَجِيه النَّغْري سَأَله عن مَوْلده فقال: وُلدتُ سنةً وستمائة، كذا أجاب في ذلك الوقت.
أَخْبَرنا أَحمد بن عبد المنعم، غير مرّة، أَنا أَبو جعفر الصيدلاني ـــ كتابةً ـــ أَنا أَبو علي الحدَّاد ـــ حُضوراً ـــ أَنا أَبو نُعَيْم الحافظ، نا عبد اللّه بن جعفر، ثنا محمّد بن عاصم، نا أَبو أُسَامة عن عُبَيْد اللّه عن نافع عن ابن عمر: أنَّه كَانَ يَكْرَهُ مَسَّ قَبْر النَّبيّ.
قلْتُ: كَرِهَ ذلك لأنَّهُ رَآه إسَاءَةَ أَدَبٍ. وقد سُئِل أَحمد بن حنبل عن مَسّ القَبْر النَّبَوي وتقبيلَهُ فلم يَرَ بذلك بَأْساً، رَواه عنه وَلَدُه عبد اللّه بن أَحمد. فإن قيل: فهلاَّ فَعَلَ ذلك الصَّحَابَة؟ قِيل: لأنَّهُم عَايَنُوه حَيّاً وَتَمَلّوْا به وقَبَّلُوا يَدَه وكادُوا يَقْتَتِلون على وُضُوئِه واقتَسموا شعرَه المُطَهَّر يَوْم الحَجّ الأَكْبَر، وكان إذا تنخّم لا تكاد نخامته تقع إلاّ في يد رجلٍ فيدلك بها وَجْهه، ونحن فَلمَّا لَمْ يَصُح لَنَا مِثْل هذا النَصِيب الأوْفَر تَرَامَيْنَا على قَبْره بالإِلتزام والتَّبْجِيل والإِسْتِلاَم والتَّقْبِيل، أَلاَ ترى كَيْفَ فعل ثابت البُنَاني، كان يقبّل يَدَ أنس بن مالك ويضَعُها على وجْهِهِ ويقول: يَدٌ مَسَّتْ يَد رسول الله. وهذه الأُمُور لا يُحَرّكُها مِن المسلم إلاّ فَرْط حُبّه للنّبيّ، إذْ هُو مأمُور بأن يُحبَّ الله ورَسُوله أشَدَّ مِن حبّه لِنَفْسِه وَوَلَدِه والنّاس أجْمعين، ومن أمواله ومن الجَنّة وحُورِها، بَلْ خَلْقٌ من المؤمنين يحبُّون أبا بكر وعُمر أكثر من حُبّ أنْفُسِهم ..
حكى لَنَا جندار أنه كان بجبل البِقَاع فسمِعَ رجلاً سَبَّ أبا بكر فسَلَّ سَيْفَه وضرب عُنُقَه، ولو كان سَمِعَه يَسُبُّه أو يسُبُّ أباه لَمَا اسْتَباحَ دَمَه. أَلاَ تَرى الصَّحابة في فَرْط حُبّهم للنبيّ قالوا: ألاَ نَسْجُدُ لَكَ؟ فقال: «لا»، فلو أَذِن لهم لسَجَدُوا له سجود إجلال وتَوْقيرٍ لاَ سُجودَ عِبادة كما قد سَجَد إخْوَة يوسف ـــ عليه السلام ـــ ليُوسف. وكذلك القول في سجود المسْلم لِقَبْر النّبيّ على سَبيل التَّعْظيم والتَّبْجيل لاَ يُكَفَّرُ به أَصْلاً بل يكون عاصياً فلْيُعَرَّف أنّ هذا مَنْهِيّ عنه، وكذلك الصلاة إلى القبر) انتهى.
وما ذكره الإمام الذهبي رحمه الله من السجود لقبر النبي صلى الله عليه وسلم تعظيما للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه قد لايكون شركا فهو صحيح نظريا، فلا شك أنه من الأمور المحرمة المنهي عنها ومن ذرائع الشرك ووسائله، وهذا إذا فعله شخص على وجه التحية وليس على وجه العبادة، فهو على هذا بدعة ضلالة، وأما إذا فعله على وجه العبادة والالتجاء فهو مشرك، والذهبي رحمه الله له عدد من المواضع في ذكر التبرك وغيرها لايوافق عليها.
ويشبه هذا من يطوف على القبر تبركا! ففعله محرم ولكن قد لايكون شركا.
يقول الشيخ ابن باز رحمه الله في إجابة سؤال حول (حكم من يطوف بالقبور عن جهل
السؤال:
نشاهد في بعض البلاد الإسلامية أن هناك أناساً يطوفون بالقبور عن جهل .. فما حكم هؤلاء، وهل يطلق على الواحد منهم مشرك؟.
الجواب:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/81)
حكم من دعا الأصنام واستغاث بها ونحو ذلك بحمد الله ظاهر وهو الكفر الأكبر إلا أن يدعي أنه طاف بالقبور بقصد عبادة الله، كما يطوف بالكعبة يظن أنه يجوز الطواف بالقبور ولم يقصد التقرب بذلك لأصحابها وإنما قصد التقرب إلى الله وحده، فهذا يعتبر مبتدعاً لا كافراً؛ لأن الطواف بالقبور بدعة منكرة، كالصلاة عندها، وكل ذلك من وسائل الكفر. ولكن الغالب على عباد القبور هو التقرب إلى أهلها بالطواف بها، كما يتقربون إليهم بالذبح لهم والنذر لهم، وكل ذلك شرك أكبر، من مات عليه مات كافراً لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين)
http://www.binbaz.org.sa/index.php?pg=mat&type=fatawa&id=2
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[02 - 02 - 06, 09:37 ص]ـ
يقول الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن السعد حفظه الله في مقدمة شرحه للموقظة في ترجمة الإمام الذهبي ((مفرغة من الشريط غير مراجعة)
(( ..... وأما ما يتعلق بتوحيد العباده فإنه كان رحمه الله تعالى ينكر على الصوفيه وأمثالهم من المخرفين ومن غلا بالانبياء والأولياء وبالصالحين فكان ينكر ما يتعلق بهذه الأشياء التي تخالف ما جاء في كتاب الله عز وجل وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكنه رحمه الله عنده لين في هذا الجانب وذلك فيما يتعلق ببعض قضايا التبرك بالأولياء والصالحين وفيما يتعلق بشد الرحال إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وفيما يتعلق أيضاً بالتغليظ على من وقع في الشرك والكفر فكان عنده لين في ذلك كان يجوّز التمسح بالقبر ولا شك أن هذا باطل ولا يجوز بل هذا من الشرك عافانا الله وإياكم من ذلك.
وقد أورد أثراً في معجمه الذي يتعلق بشيوخه أثراً إلى عبد الله ابن عمر انه فعل ذلك ولاشك أن هذا باطل ولم يصح عن عبد الله ابن عمر رضي الله تعالى عنهما
ولاشك أن التبرك لا يكون إلا بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم من هذه الأمة وأما من أتى من بعده من صحابته رضي الله تعالى عنهم ومن أتى من بعدهم فلا يجوز أبداً التبرك بهم وذلك أن الأصل في التبرك أنه عباده والأصل في العبادات المنع فلا يجوز لأحد أن يجيز ذلك إلا بدليل
وقد ثبت في جامع الترمذي وغيره من حديث الزهري عن أبي سنان عن أبي واقد الليثي رضي الله تعالى عنه قال: كنا ونحن حدثاء عهد بإسلام مررنا بسدرة كان المشركون يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم فقلنا يارسول الله اجعل لنا ذات نواط كما لهم ذات نواط فقال عليه الصلاة والسلام عندما سمع مقالتهم قال الله أكبر إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنوا إسرائيل لموسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة فشدد في الإنكار عليهم وغلظ الأمر في حقهم وجعل هذا مثل ما حصل من أصحاب موسى عندما طلبوا منه أن يجعل لهم الهاً عندما مروا بقوم كانوا عاكفين على صنم لهم على صنم لهم
فأقول: أن الأصل في هذا المنع الأمر الثاني أنه دلّ الاجماع على أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم ما كانوا يفعلون ذلك بأبي بكر الصديق ومن دونه من الصحابة رضي الله تعالى عنهم،وأن التابعين ما فعلوا هذا بالصحابة،وقد نقل الاجماع على ذلك الشاطبي نقل اجماع الصحابة على أنهم ما كانوا يفعلون هذا بعضهم مع البعض الآخر وهذا الاجماع الذي نقله الشاطبي واضح وبيّن
فهذه كتب السنن والمسانيد والأجزاء والمصنفات والآثار دالّه على ذلك وليس فيها شيئاً فيه التبرك بالصحابة رضي الله تعالى عنهم
وما جاء عن التابعين من ذلك ما رواه الامام أحمد أن أحد التابعين قال لأحد الصحابة أعطني يدك التي صافحت بها أو بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فعندما أعطاه يده قام وقبلّها أو مسح بها وجهه
هذا ليس من قبيل التبرك هذا ليس من قبيل التبرك ومن قال أن هذا تبرك فهذا عليه أن يأتي بالدليل وإنما هذا من قبيل المحبة يعني عندما نحن نمسح الحجر الأسود ليس هذا طلباً للبركة من الحجر الأسود وإنما هذا متابعة لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وآله وسلم في ذلك وعندما نحن نمسح الحجر الأسود ليس هذا طلباً للبركة من الحجر الأسود وإنما هذا متابعة لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/82)
وعندما كان ا بن عمر رضي الله تعالى عنهما يتتبع الأماكن التي نزل فيها رسول الله صلى الله عليه ليس هو قصده في هذا أن يتبرك بهذه الأماكن وإنما هذا محبة منه على أن كبار الصحابة رضي الله عنهم أنكروا على عبد الله ابن عمر فعله ذلك ومن ذلك ما ثبت عند أبي شيبه أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ثبت بالإسناد الصحيح أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه عندما رأى الناس يقصدون مكاناً معيناً فقال: ما بال الناس يقصدون هذا المكان قالوا: أن هذا المكان صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم فقال عندئذ بهذا هلك من كان قبلكم بتتبعهم لآثار أنبيائهم من حضرته الصلاة من حضرته الصلاة فليصلي والاَّ فلينصرف
فأنكر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فعلهم وهذا وذلك بتتبعهم لهذا المكان فأقول الأدلة على ذلك كثيرة التي تمنع من هذا الأمر
وأقول الحافظ الذهبي عفا الله عنّا وعنه هنا أخطأ في ذلك وأيضاً سكوته في بعض التراجم عن أو نقله في بعض التراجم أن قبر فلان يزار وما يتعلق بالدعاء عند القبور فلم ينكر ذلك بل في ترجمة الحسن ابن حسن من سير إعلام النبلاء فيما أظن أنه عندما ترجم وذكر إنكاره رحمه الله تعالى على الرجل الذي وجده يدعو عند القبر فحسن ابن حسن أنكر على هذا الرجل فعل ذلك لأنه لا يجوز لا يجوز الدعاء عند القبور ولا يجوز فعل أي عباده من العبادات في المقابر أو عند القبور إلاّ المكتوبة ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً قال أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلاّ المكتوبة ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً
فعندما الإنسان لا يصلي في بيته يصير هذا البيت مثل المقبرة فالمقبرة هي التي لا يصلي فيها فعندما الإنسان لا يصلي في منزله من النوافل فهذا يعتبر هذا البيت كالمقبرة فإنها هل التي لا يصلى فيها
وقد صح في السنن حديث أبي سعيد الخدري في نهي الرسول عليه الصلاة والسلام من الصلاة في المقبرة كما أنه نهى عليه الصلاة والسلام من القراءة في المقبرة فكذلك أيضاً باقي العبادات هي ملحقة بذلك ماعدا صلاة الجنازة هي التي دلّ الدليل على مشروعيتها وجوازها في المقبرة ومن ذلك ما ثبت في البخاري عندما ماتت أو عفواً ما ثبت في البخاري عندما مات الرجل الذي كان يقم المسجد أو المرأة جاء في أنه رجل جاء في أنه امرأة كما في الصحيح فعندما مات الصحابة دفنوه أو دفنوها ولم يخبروا الرسول عليه الصلاة والسلام فعندما افتقده أو افتقدها سأل عنه فأخبر بأنه قد توفى فقال: دلوني على قبره فذهب وصلى عند القبر نعم
فأقول الذهبي رحمه الله ينقل مثل ذلك ولا ينكر هذا وفي ترجمة عبد الله في ترجمة حسن ابن حسن أنكر عليه إنكاره على هذا الرجل الذي جاء ودعا عند قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ولاشك أنه أخطأ في إنكاره وان الأدلة دلّت ما ذهب إليه حسن ابن حسن رحمه الله تعالى
كذلك أيضاً فيما يتعلق بشد الرحال إلى قبر الرسول عليه الصلاة والسلام ألان العبارة في ذلك ولاشك أن الأدلة صريحة في النهي عن شد الرحال إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ومن ذلك ماثبت في الصحيحين من حديث أبي هريره وحديث أبي سعيد وكذلك من حديث أبي بصرة كلها فيها النهي عن شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة وجاء النهي عن شد الرحال يعني هذه الأحاديث اما أن تكون جاءت بلفظ لا تشدوا الرحال بصيغة النهي أو لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد وفي قصة أبي بصرة وهي صحيحه رواها ضياء المقدسي في فضائل بيت المقدس وهناك من قبله من رواها لكن ماأذكر الآن الا ضياء المقدسي في فضائل بيت المقدس عندما ذهب أبي هريرة رضي الله عنه إلى الطور ثم أتى والتقى به أبو بصرة فقال من أين أتيت قال ذهبت إلى الطور فقال له لو أدركتك قبل أن تذهب لما ذهبت قال: وسمعته قال: إني سمعت الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد في الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا ينكرون شد الرحال إلا إلى الثلاثة مساجد
فأقول أن الحافظ الذهبي ألان العبارة في ذلك ولاشك أنه أخطأ في هذا الأمر)) انتهى.
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[02 - 02 - 06, 09:54 ص]ـ
جزاكم الله خيرا يا شيخ عبدالرحمن
الطواف حول القبور بقصد التقرب لله تبارك وتعالى للشيخ ابن باز
السائل: أحسن الله إليك من طاف حول القبر ليس بقصد أنها تنفع أو تضر لكن بقصد التقرب إلى الله سبحانه وتعالى
الشيخ رحمه الله: مثل لو صلى لهم
السائل: هل يحكم بكفرهم ولا
الشيخ رحمه الله: إيه كفرهم كفرهم، كفر أكبر. مثل لو صلى لهم يدعوهم، صلى لهم، أو دعاهم أو استغاث
بهم هو يعتقد أنهم شفعاء يدعوهم لا أنهم يخلقون أو يدبرون، يدعوهم
ليشفعوا، هذا الشرك الأكبر. أما لو طاف يقول إني أحسب أنه مشروع
وأنا أقصد الله ولا أقصدهم هم، أقصد الله بطوافي، يحسب أنه مثل
الكعبة يجوز، هذا يصير بدعة و وسيلة للشرك وهذا نادر، الطواف الذي
يحصل منهم في الغالب يقصدون منه التقرب إليهم، هذا المعروف
عنهم.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=18785&highlight=%C7%E1%D8%E6%C7%DD
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/83)
ـ[عامر بن بهجت]ــــــــ[02 - 02 - 06, 01:05 م]ـ
جزيتم خيرا
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[05 - 02 - 06, 07:29 ص]ـ
شيخنا الفاضل الفقيه ... بارك الله فيكم و جعل ما تقومون به خدمة لهذا الدين في ميزان حسناتكم.
قلتم شيخنا: وما ذكره الإمام الذهبي رحمه الله من السجود لقبر النبي صلى الله عليه وسلم تعظيما للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه قد لايكون شركا فهو صحيح نظرياً
و لي عدة اسفسارات حول هذا الأمر:
1. هل هذا خاص بالنبي صلى الله عليه و سلم دون قبور غيره بل دون غيره من المخلوقات، فإن كان الجواب نعم فبأي شيء فرقنا؟
2. فإذا لم يكن خاصاً بقبر النبي عليه السلام فقد قال الإيجي في المواقف 3/ 540:
"الثاني [أي من لوازم قول المرجئة] من صدق بما جاء به النبي [و مع] ذلك سجد للشمس ينبغي أن يكون مؤمنا، والإجماع على خلافه
قلنا هو دليل عدم التصديق: أي سجوده لها يدل بظاهره على أنه ليس بمصدق
ونحن نحكم بالظاهرفلذلك حكمنا بعدم إيمانه لا لأن عدم السجود لغير الله داخل في حقيقة الإيمان، حتى لو علم أنه لم يسجد لها على سبيل التعظيم واعتقاد الإلهية بل سجد لها وقلبه مطمئن بالتصديق لم يحكم بكفره فيما بينه وبين الله وإن أجري عليه حكم الكفر في الظاهر" فهل الإجماع المذكور صحيح؟ وهل هو ينطبق فقط على ما ذكره الأخ أبو صديق " أما إن كان السجود لمن لا يُتصوّر مطلقًا أن يُحيّى كصنم ونحوه فهو شرك ظاهر." و ما الدليل؟
قلتم شيخنا ويشبه هذا من يطوف على القبر تبركا! ففعله محرم ولكن قد لايكون شركا
ثم ذكرتم فتوى للشيخ ابن باز رحمه الله في حكم من يطوف بالقبور جاء فيها " وهو الكفر الأكبر إلا أن يدعي أنه طاف بالقبور بقصد عبادة الله، كما يطوف بالكعبة يظن أنه يجوز الطواف بالقبور ولم يقصد التقرب بذلك لأصحابها وإنما قصد التقرب إلى الله وحده،"
و لي أيضاً أكثر من سؤال:
1. لا يوجد بين المسلمين من يعتقد أنه بطوافه بالكعبة يعبد الكعبة فالطائف بالقبر كذلك، و لكن في المقابل لا يوجد بين عوام المسلمين من يفرق بين سجود العبادة و سجود التحية، فقل أن يكون بين المسلمين من يعرف أن هناك سجوداً ليس بعبادة، فما وجه الشبه بين الطواف و السجود؟
2. ما الفرق بين قول الشيخ رحمه الله " إلا أن يدعي أنه طاف بالقبور بقصد عبادة الله " و بين ادعاء الساجدين للقبور أو المستغيثين بأهلها أنهم يفعلون ذلك بقصد عبادة الله و التقرب إليه.
3. قال الشيخ رحمه الله " ولكن الغالب على عباد القبور هو التقرب إلى أهلها بالطواف بها " أو ليس الذي يسجد لقبر النبي صلى الله عليه و سلم على سبيل التبجيل و التعظيم كما قال الذهبي رحمه الله يتقرب بذلك إلى النبي عليه السلام؟ فما الفرق بين التقربين حتى يكفر الأول و لا يكفر الثاني؟ لا سيما و أنهم يعتقدون أن التقرب للنبي صلى الله عليه و سلم بعد مماته كما التقرب إليه في حياته و أنهم بتقربهم إليه عليه السلام أو إلى الأولياء يتقربون إلى الله.
و جزاكم الله خيراً
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[05 - 02 - 06, 12:01 م]ـ
للفائدة
قد سألت أحد المشايخ عن حكم السجود للبشر وغيرهم, فقال: أما السجود للبشر فيفصل فيه, فإن كان للتكريم كان إثما ومعصية, وإن كان للعبادة كان كفرا وشركا؛ وذلك أنه أبيح في الشرائع قبلنا والشرك محرم في كل الشرائع, فلو كان شركا مطلقا لما أبيح لهم, وأما السجود لغير البشر من قبر وشجر وشمس وقمر فهو شرك مطلقاً لأنه لم يُبَح في أي شريعة من الشرائع السابقة, وعزا هذا التفريق للقرافي.
ـ[عامر بن بهجت]ــــــــ[05 - 02 - 06, 12:57 م]ـ
قد سألت أحد المشايخ عن حكم السجود للبشر وغيرهم
من هو؟
أما كلام القرافي فلعله قوله في الفروق:
((المسألة الأولى) اتفق الناس على أن السجود للصنم على وجه التذلل والتعظيم له كفر ولو وقع مثل ذلك في حق الولد مع والده تعظيما له وتذللا أو في حق الأولياء والعلماء لم يكن كفرا والفرق عسير فإن قلت السجود للوالد والعالم يقصد به التقرب إلى الله تعالى فلذلك لم يكن كفرا قلت: وكذلك السجود للصنم فقد كانوا يقولون {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} فقد صرحوا بقصد التقرب إلى الله تعالى بذلك السجود فإن قلت الله تعالى أمر بتعظيم الآباء والعلماء ولم يأمر بتعظيم الأصنام بل نهى عنه فلذلك كان كفرا قلت إن كان السجودان في المسألتين متساويين في المفسدة استحال في عادة الله أن يأمر بما هو كفر في بعض المواطن لقوله تعالى {ولا يرضى لعباده الكفر} أي لا يشرعه دينا ومعناه أن الفعل المشتمل على فساد الكفر لا يؤذن فيه ولا يشرع فلا يقال: إن الله تعالى شرع ذلك في حق الآباء والعلماء دون الأصنام. وحقيقة الكفر في نفسه معلومة قبل الشريعة وليست مستفادة من الشرع ولا تبطل حقيقتها بالشريعة ولا تصير غير كفر فحينئذ الفرق مشكل وقد كان الشيخ عز الدين بن عبد السلام يستشكل هذا المقام ويعظم الإشكال فيه.)
وقال ابن الشاط:
(قال: (وأكمل البحث في هذا الموطن بذكر مسألتين: الأولى اتفق الناس على أن السجود للصنم على وجه التذلل له والتعظيم كفر ولو وقع ذلك في حق الولد مع والده تعظيما له وتذللا أو في حق الأولياء والعلماء لم يكن كفرا والفرق عسير) قلت: أغفل الوصف المفرق فعسر عليه الفرق والوصف المفرق أن سجود من سجد للأصنام لم يسجد لها لمجرد التذلل والتعظيم بل لذلك مع اعتقاد أنها آلهة وأنها شركاء لله تعالى ولو وقع مثل ذلك مع الوالد أو العالم أو الولي لكان ذلك كفرا لا شك فيه وأما إذا وقع ذلك أو ما في معناه مع الوالد لمجرد التذلل والتعظيم لا لاعتقاد أنه إله وشريك لله عز وجل فلا يكون كفرا وإن كان ممنوعا سدا للذريعة. قال: (فإن قلت: السجود للوالد والعالم إلى قوله. فحينئذ الفرق مشكل وقد كان الشيخ عز الدين بن عبد السلام رحمه الله تعالى يستشكل هذا المقام ويعظم الإشكال فيه) قلت: إغفاله ما نبهت عليه أوقعه في هذا الخبال وعظم عنده وعند شيخه أمر الإشكال وقد تبين الحق في ذلك على الكمال والحمد لله الواقي من الضلال.)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/84)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[05 - 02 - 06, 02:59 م]ـ
بارك الله فيكم
أما سجود التحية فيختلف عن غيره، فليس بكفر كما في سجود والدي يوسف واخوته له، ولكنه منهي عنه في شرعنا، فالكلام هنا هو على سجود التحية فقط، وأما سجود العبادة فهذا شرك لانزاع فيه.
والقصد أن الإمام الذهبي رحمه الله كان كلامه على السجود لقبر النبي صلى الله عليه وسلم والكلام السابق توضيح لكلامه وليس في هذا تخصيص لقبر النبي صلى الله عليه وسلم على غيره.
وأما الإيجي فهو من المتكلمين المبتدعة فلا يعتد بقوله ومذهبه، فالعبرة بأقوال أهل السنة والجماعة الموافقة للكتاب والسنة، وكلامنا هنا عن سجود التحية وليس عن سجود العبادة، وكلامه هو عن سجود العبادة.
وأما كلام الشيخ ابن باز رحمه الله فهو واضح في أن من فعله على وجه العبادة لصاحب القبر فهو مشرك وذكر أن هذا هو الغالب.
ويوضح ذلك أن دعاء الله عند القبر ليس بشرك
قال الإمام ابن تيمية رحمه الله في اقتضاء الصراط ج: 1 ص: 336
... فمما يدخل في هذا قصد القبور للدعاء عندها أو لها فإن الدعاء عند القبور وغيرها من الأماكن ينقسم إلى نوعين:
أحدهما أن يحصل الدعاء في البقعة بحكم الاتفاق لا لقصد الدعاء فيها كمن يدعو الله في طريقه ويتفق أن يمر بالقبور أو من يزورها فيسلم عليها ويسأل الله العافية له وللموتى كما جاءت به السنة فهذا ونحوه لا بأس به.
الثاني أن يتحرى الدعاء عندها بحيث يستشعر أن الدعاء هناك أجوب منه في غيره فهذا النوع منهي عنه إما نهي تحريم أو تنزيه وهو إلى التحريم أقرب
والفرق بين البابين ظاهر فإن الرجل لو كان يدعو الله واجتاز في ممره بصنم أو صليب أو كنيسة أو كان يدعو في بقعة وكان هناك بقعة فيها صليب وهو عنه ذاهل أو دخل إلى كنيسة ليبيت فيها مبيتا جائزا ودعا الله في الليل أو بات في بيت بعض أصدقائه ودعا الله لم يكن بهذا بأس
ولو تحرى الدعاء عند صنم أو صليب أو كنيسة يرجو الإجابة بالدعاء في تلك البقعة لكان هذا من العظائم بل لو قصد بيتا أو حانوتا في السوق أو بعض عواميد الطرقات يدعو عندها يرجو الإجابة بالدعاء عندها لكان هذا من المنكرات المحرمة إذ ليس للدعاء عندها فضل فقصد القبور للدعاء عندها من هذا الباب بل هو أشد من بعضه لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذها مساجد وعن اتخاذها عيدا وعن الصلاة عندها بخلاف كثير من هذه المواضع وما يرويه بعض الناس من أنه قال إذا تحيرتم في الأمور فاستعينوا بأهل القبور أو نحو هذا فهو كلام موضوع مكذوب باتفاق العلماء
والذي يبين ذلك أمور أحدها أنه قد تبين أن العلة التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم لأجلها عن الصلاة عندها إنما هو لئلا تتخذ ذريعة إلى نوع الشرك بقصدها وبالعكوف عليها وتعلق القلوب بها رغبة ورهبة .... ) انتهى.
فالدعاء عند القبر وسجود التحية له وغيرها من العظائم المحرمة وهي من وسائل الشرك، ولكنها تختلف عن دعاء صاحب القبر أو سجود العبادة له.
ـ[حارث همام]ــــــــ[05 - 02 - 06, 07:01 م]ـ
كما قال الشيخ عبدالرحمن في رده قبل السابق قد نسلم من الناحية النظرية أن يسجد أحد لأحد بغرض التحية لا لتعظيمه بالسجود الذي هو حق الرب، ولا لصرف تلك العبادة له.
وهنا ثلاثة أمور:
- سجود تحية وهو بحق مشكل كما قال العز والقرافي أما ابن الشاط فعلى أصله في الإيمان بنى باطلاً. والأقرب إن تصور وجوده فليس بكفر، بيد أنه علم شرعاً وعرفاً وعقلاً أن تحية الناس بعضهم بعضاً لا تكون بذلك، ولاسيما لمجرد التحية.
- وأما السجود تعظيماً وإجلالاً للمقبور ظناً منه أن ذلك من جملة تعظيمه المشروع، فمسألة مشكلة كذلك وكثير من المعاصرين يرى أنها لا ترقى للشرك الأكبر وهو خطأ لعل تبينه يأتي، بل هو من جملة الشرك الأكبر، والله أعلم.
- وأما السجود عبادة للقبر أو المقبور فكفر بغير مرية.
قلتم شيخنا: وما ذكره الإمام الذهبي رحمه الله من السجود لقبر النبي صلى الله عليه وسلم تعظيما للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه قد لايكون شركا فهو صحيح نظرياً
و لي عدة اسفسارات حول هذا الأمر:
1. هل هذا خاص بالنبي صلى الله عليه و سلم دون قبور غيره بل دون غيره من المخلوقات، فإن كان الجواب نعم فبأي شيء فرقنا؟
2. فإذا لم يكن خاصاً بقبر النبي عليه السلام فقد قال الإيجي في المواقف 3/ 540:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/85)
"الثاني [أي من لوازم قول المرجئة] من صدق بما جاء به النبي [و مع] ذلك سجد للشمس ينبغي أن يكون مؤمنا، والإجماع على خلافه ...
كأن الذهبي رحمه الله يرى أن السجود قد يكون تحية، وقد يقع عبادة.
فإذا وقع تحية فإنه فيه تعظيم نهى عنه الشرع ولكنه لايصل إلى حد الشرك إذا لم يكن قصده إلا التعبد لله بتعظيم وليه بضرب من أضرب التعظيم التي ظنها مشروعة.
بخلاف ما إذا أراد أن يتقرب بذلك السجود للمسجود له.
فهنا صورتان:
الأولى: رجل يريد التقرب إلى الله تعالى بتعظيم أوليائه بشيء ظنه مشروعاً وهو السجود تحية لهم.
والثاني: رجل أراد أن يتقرب لصاحب القبر بالسجود له.
أما الصورة الثانية فهي شرك ظاهر.
وأما الصورة الأولى فالأظهر أنها شرك أكبر كذلك لأن تعظيم الرجل بالسجود له صرف لضرب من أضرب التعظيم المختصة بالله لذلك الرجل. ولايؤثر ظنه أن ذلك مشروعا وأنه ما أراد به إلاّ التقرب إلى الله زلفى، فتلك حجة المشركين الأوائل: (إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى)، فهم كانوا يصرفون الدعاء لهم لاعتقادهم أن الله يحبه ويرضاه، فكانت تلك عبادتهم لهم التي استحقوا بها العذاب.
ويعكر على هذا قوله تعالى: (ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا).
والذي يظهر –وقد قيل فيها الكثير- أن هذا السجود ضرب من التحية للكبراء وقد كان معهوداً عندهم كما نقل غير واحد من المفسرين.
ومعلوم أن تحية الكبير والمقدم، يقدمها له المحب، والمبغض الشانئ، طالما كان في سلطانه، فهي لاتستلزم التعظيم المنهي عنه، وغايتها إظهار نوع من الإكرام، أما إثبات هذا القدر من التعظيم قدر زائد عن مدلول الآية في سجود إخوة يوسف. والكلام هنا إنما هو عن السجود للقبر حال كونه تعظيماً بعبادة ما شرعت إلاّ لله، ولا يعني هذا منع مطلق تعظيم ما سوى الله، ولكن المراد المنع من تعظيم ما سوى الله بما يعظم به الله.
هذا ويمكن أن يقال إن المراد بالسجود في آية يوسف السجود اللغوي من نحو قوله في الآية الأخرى: (وادخلوا الباب سجداً)، فقد علم أنهم لن يدخلوه على جباههم ولكن المراد أصل السجود في اللغة وهو التطامن أو الانحناء والذل، وليس بشرط أن يكون هو السجود الشرعي المعروف.
وفرق بين أن تقول خر ساجداً، وبين أن تقول خر لوجهه ساجداً، أو يخرون للأذقان سجداً.
فتقييد الانحطاط بالوجوه والأذقان يفهم منه معنى السجود المعروف، بخلاف اللفظ إذا لم يقيد فقد يفهم منه الانحطاط جالساً على سبيل الإكرام.
ويشير إلى هذا المعنى قوله في أول السورة: (إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر لي ساجدين)، ولا يتصور ذلك في الكواكب إلاّ بانحطاطها له، فجاء تأويل الرؤيا مثلها، ومن تأمل الآثار الفرعونية والرسوم الرومانية ونحوها لحظ أن سجودهم هو انحطاط في جلسة أشبه بالجلوس على أطراف القدمين مع خفض إحدى الركبتين.
وكذلك أطلقه من قبلهم شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم فيما يظهر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في رده على البكري: "وهذه الأمور المبتدعة من الأقوال هي مراتب، أبعدها عن الشرع أن يسأل الميت حاجة، أو يستغيث به فيها، كما يفعله كثير من الناس بكثير من الأموات، وهو من جنس عبادة الأصنام، ولهذا تتمثل لهم الشياطين على صورة الميت أو الغائب كما كانت تتمثل لعبادة الأصنام، بل أصل عبادة الأصنام إنما كانت من القبور كما قال ابن عباس و غيره، وقد يرى أحدهم القبر قد انشق و خرج منه الميت فعانقه أو صافحه أو كلمه، ويكون ذلك شيطاناً تمثل على صورتة ليضله، وهذا يوجد كثيراً عند قبور الصالحين، و أما السجود للميت أو للقبر فهو أعظم".
وقال ابن القيم في المدارج: "ومن أنواع الشرك: سجود المريد للشيخ فإنه شرك من الساجد والمسجود له والعجب أنهم يقولون: ليس هذا سجود وإنما هو وضع الرأس قدام الشيخ احتراما وتواضعا فيقال لهؤلاء: ولو سميتموه ما سميتموه فحقيقة السجود وضع الرأس لمن يسجد له وكذلك السجود للصنم وللشمس وللنجم وللحجر كله وضع الرأس قدامه ومن أنواعه".
ومن قال بعدم الحكم بالكفر على فعل من صرف هذا النوع من التعظيم للمخلوق بحجة ظنه مشروعيته لزمه أن لايقول بكفر من ذبح لصاحب القبر لظنه أنه مشروع وأنه يتقرب به إلى الله، وللزمه ذلك في سائر العبادات التي تصرف عند القبور لأصحابها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/86)
على أن التفصيل في مسألة السجود للقبر خاصة تظل من المسائل التي خالف فيها مثل الإمام الذهبي رحمه الله تعلقاً بأن سجود إخوة يوسف تحية وتعظيم شرع لهم وهو متعلق بالتوحيد فلا يجوز عليه النسخ وقد أشير إلى مافي هذا.
فهل الإجماع المذكور صحيح؟ وهل هو ينطبق فقط على ما ذكره الأخ أبو صديق " أما إن كان السجود لمن لا يُتصوّر مطلقًا أن يُحيّى كصنم ونحوه فهو شرك ظاهر." و ما الدليل؟
الذي يظهر أنه إجماع صحيح لا مخصص له، طالما كان السجود تعظيماً للقبر أو المقبور أو غيرهما من المخلوقات.
قلتم شيخنا ويشبه هذا من يطوف على القبر تبركا! ففعله محرم ولكن قد لايكون شركا
ثم ذكرتم فتوى للشيخ ابن باز رحمه الله في حكم من يطوف بالقبور جاء فيها " وهو الكفر الأكبر إلا أن يدعي أنه طاف بالقبور بقصد عبادة الله، كما يطوف بالكعبة يظن أنه يجوز الطواف بالقبور ولم يقصد التقرب بذلك لأصحابها وإنما قصد التقرب إلى الله وحده،"
و لي أيضاً أكثر من سؤال:
1. لا يوجد بين المسلمين من يعتقد أنه بطوافه بالكعبة يعبد الكعبة فالطائف بالقبر كذلك، و لكن في المقابل لا يوجد بين عوام المسلمين من يفرق بين سجود العبادة و سجود التحية، فقل أن يكون بين المسلمين من يعرف أن هناك سجوداً ليس بعبادة، فما وجه الشبه بين الطواف و السجود؟
نعم ولكن يوجد من المسلمين من يطوف بالكعب ويعتقد أنه يعبد بذلك ربها، فكذلك القبر يوجد من المسلمين من يطوف به ويتقرب بذلك لرب القبر بغية أن يشفع له أو يقضي حاجته، بينما يطوف أناس منهم لله ظناً أن الطواف بذلك الموطن مشروع وأنه سبب لقضاء الحاجات.
وأما التفريق بين سجود التحية والعبادة فليس في عرف الناس حقاً ولهذا حسن التفريق، بل من يسجد للقبر إماً لصاحبه متقرباً له طلباً لشفاعته، وإما تعظيماً له بعبادة لا تليق بغير الله وكلا هذين شرك أكبر.
2. ما الفرق بين قول الشيخ رحمه الله " إلا أن يدعي أنه طاف بالقبور بقصد عبادة الله " و بين ادعاء الساجدين للقبور أو المستغيثين بأهلها أنهم يفعلون ذلك بقصد عبادة الله و التقرب إليه.
الفرق –أحسن الله إليكم- هو أن من طاف بالقبر ظناً منه أن الطواف بكل مشهد معظم مشروع ظن أنه أتى عبادة لله، ولم يصرفها لغيره، كمن تعبد الله بالوقوف تحت الشمس ضحى ظناً منه أن هذا مشروع فقد أتى بدعة منكرة.
إلاّ أن الأول زاد عليه إنشاء ذريعة للكفر.
أما الساجد للقبر والمستغيث به أو بصاحبه فقد صدرت منه عبادة لغير الله ولكنه يظن مشروعيتها فهو كالمشركين الأوائل الذين كانوا يصدرون العبادة للمعبوداتهم ظناً منهم أن الله شرع ذلك (إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى)، فالأول لم يعبد غير الله، بل عبد الله بغير ما شرع، والثاني عبد غير الله وظن أن ذلك مما شرع.
3. قال الشيخ رحمه الله " ولكن الغالب على عباد القبور هو التقرب إلى أهلها بالطواف بها " أو ليس الذي يسجد لقبر النبي صلى الله عليه و سلم على سبيل التبجيل و التعظيم كما قال الذهبي رحمه الله يتقرب بذلك إلى النبي عليه السلام؟ فما الفرق بين التقربين حتى يكفر الأول و لا يكفر الثاني؟ لا سيما و أنهم يعتقدون أن التقرب للنبي صلى الله عليه و سلم بعد مماته كما التقرب إليه في حياته و أنهم بتقربهم إليه عليه السلام أو إلى الأولياء يتقربون إلى الله.
و جزاكم الله خيراً
أحسن الله إليكم لا فرق حقاً إلاّ إن يقال تلك محض تحية وهذه مكابرة للعرف فهل يسجد هؤلاء لكل من يلقون بقصد التحية، إنها مغالطة للواقع.
أو يقال التحية والتعظيم بالسجود ليس عبادة، وهذا مخالف لما دل عليه النص، فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ وغيره أن هذا الضرب من التعظيم لاينبغي إلاّ لله، وأما حمل قصة يوسف عليه فأحسن أحوالها كما أشير سابقاً وجود احتمال لاينهض به استدلال، والله أعلم.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[05 - 02 - 06, 07:35 م]ـ
جزاكم الله خيرا شيخنا الكريم على تفصيلكم وإجابتكم الشافية، ونسأل الله أن يبارك فيكم وينفعنا بعلمكم.
وحول ما يتعلق بسجود أبوي يوسف وكذا إخوته فهي على ظاهرها كما فسرها السلف
قال الإمام ابن جرير رحمه الله جامع البيان
* * *
وقوله: (وخرّوا له سجدًا)، يقول: وخرّ يعقوب وولده وأمّه ليوسف سجّدًا.
* * *
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/87)
19899 - حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (وخرُّوا له سجدًا)، يقول: رفع أبويه على السرير، وسجدا له، وسجد له إخوته.
19900 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: تحمّل بأهله حتى قدموا على يوسف، فلما اجتمع إلى يعقوب بنوه، دخلوا على يوسف، فلما رأوه وقعوا له سجودًا، وكانت تلك تحية الملوك في ذلك الزمان.
19901 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: (وخروا له سجّدًا) وكانت تحية من قبلكم، كان بها يحيِّي بعضهم بعضًا، فأعطى الله هذه الأمة السلام، تحية أهل الجنة، كرامةً من الله تبارك وتعالى عجّلها لهم، ونعمة منه.
19902 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (وخروا له سجدًا)، قال: وكانت تحية الناس يومئذ أن يسجد بعضهم لبعض.
3 - حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو إسحاق، قال: قال سفيان: (وخرّوا له سجدًا)، قال: كانت تحيةً فيهم.
19904 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج: (وخروا له سجدًا)، أبواه وإخوته، كانت تلك تحيّتهم، كما تصنع ناسٌ اليومَ.
19905 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك: (وخروا له سجدًا) قال: تحيةٌ بينهم.
19906 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (وخرُّوا له سجدًا)، قال: قال: ذلك السجود لشرَفه، كما سجدت الملائكة لآدم لشرفه، ليس بسجود عبادةٍ.
* * *
وإنما عنى من ذكر بقوله:"إن السجود كان تحية بينهم"، أن ذلك كان منهم على الخُلُق، لا على وجه العبادة من بعضهم لبعض. ومما يدل على أن ذلك لم يزل من أخلاق الناس قديمًا قبل الإسلام على غير وجه العبادة من بعضهم لبعض، قول أعشى بني ثعلبة:
فَلَمَّا أَتَانَا بُعَيْدَ الكَرَى ... سَجَدْنَا لَهُ وَرَفَعْنَا عَمَارَا) انتهى.
وكلام الذهبي رحمه الله تعالى حول هذه المسألة كلام صحيح (نظريا)، وذلك أنه ذكر أن السجود للتحية معصية وليس شركا، وأما سجود العبادة وهوكمال الذل مع الخضوع فهذا شرك أكبر، وهذا الغالب على من يفعل ذلك والعياذ بالله.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[06 - 02 - 06, 10:55 ص]ـ
وحتى تتضح المسألة أكثر فلو أن رجلا سجد سجود تحية لأحد الأحياء فإنه قد ارتكتب محرما ولكنه لايكفر بذلك إذا قصد به التحية فقط لأن هذا الفعل منسوخ في شريعتنا، وكذلك إذا سجد لقبر الميت سجود تحية فإنه قد فعل أمرا محرما، ولكنه لايكفر بذلك.
وقد يحصل للمرء عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم من فرط حبه للنبي صلى الله عليه وسلم بعض الأمور التي تخرجه عن الأمر المشروع والمحدود، فللنبي صلى الله عليه وسلم محبة عظيمة في قلوب المؤمنين والأنفس مشتاقة إليه، وقد يذكر بعض العلماء في ذلك بعض الأمور التي لايوافقون عليها
فمثال ذلك ما ذكره ابن القيم رحمه الله في النونية من قوله
ثم أنثنينا للزيارة نقصد ال**قبر الشريف ولو على الأجفان
فنقوم دون القبر وقفة خاضع **متذلل في السر والاعلان
فكأنه في القبر حي ناطق ... فالواقفون نواكس الاذقان
ملكتهم تلك المهابة فاعترت **تلك القوائم كثرة الرجفان
وتفجرت تلك العيون بمائها** ولطالما غاضت على الأزمان
وأتى المسلم بالسلام بهيبة **ووقار ذي علم وذي إيمان
لم يرفع الأصوات حول ضريحه **كلا ولم يسجد على الأذقان
كلا ولم ير طائفا بالقبر اسب**وعا كأن القبر بيت ثان
وهكذا يحمل كلامه الإمام الذهبي رحمه الله على أنه ذكره في سياق شوقه للنبي صلى الله عليه وسلم كما في سابق كلامه، فنسأل الله أن يغفر لنا ولهم ولجميع المسلمين ويرزقنا المحبة العظيمة لسيدنا وقرة عيوننا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم.
فالعذر للعلماء أن أحدهم قد يقول هذا الكلام في حال طغت عليه محبة النبي صلى الله عليه وسلم وامتلأ قلبه بها فتكلم ببعض العبارات من فرط حبه للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد يقول الرجلُ الكفرَ لشدة فرحه على وجه الخطأ، فهذا عذر لهؤلاء العلماء الأجلاء فيما ذكروه، مع عدم الموافقة على أقوالهم المخالفة للكتابة والسنة.
ـ[أبو عبدالرحمن بن أحمد]ــــــــ[06 - 02 - 06, 01:12 م]ـ
وحتى تتضح المسألة أكثر فلو أن رجلا سجد سجود تحية لأحد الأحياء فإنه قد ارتكتب محرما ولكنه لايكفر بذلك إذا قصد به التحية فقط لأن هذا الفعل منسوخ في شريعتنا، وكذلك إذا سجد لقبر الميت سجود تحية فإنه قد فعل أمرا محرما، ولكنه لايكفر بذلك.
.
شيخنا الفاضل نفع بك، لكن رأيتُ مبحثا لبعض طلاب العلم قرر فيه كلامكم، فوجدتُ من رد عليه أن هذا إرجاء، وأن هذا مذهب المرجئة، والسجود منسوخ في شرعنا، فاصبح بذاته كفرا، فمجرد فعل السجود و لو كان على سبيل التحية كفر أكبر مخرج من الملة، كرمي المصحف وإهانته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/88)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[06 - 02 - 06, 04:45 م]ـ
شيخنا الفاضل نفع بك، لكن رأيتُ مبحثا لبعض طلاب العلم قرر فيه كلامكم، فوجدتُ من رد عليه أن هذا إرجاء، وأن هذا مذهب المرجئة، والسجود منسوخ في شرعنا، فاصبح بذاته كفرا، فمجرد فعل السجود و لو كان على سبيل التحية كفر أكبر مخرج من الملة، كرمي المصحف وإهانته
بارك الله فيكم ونفع بكم، والشرك شرك سواء كان في الشرائع السابقة أم في شريعتنا
وقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أنا أولى الناس بابن مريم والأنبياء أولاد علات وأمهاتهم شتى ودينهم واحد).
فدين الأنبياء واحد وإنما الخلاف في الفروع، فلو كانت مسألة سجود التحية شركا لكانت كذلك في الأمم السابقة.
وأما من يقول إنها منسوخة وأصبحت كفرا فقوله بالنسخ صحيح وأما قوله بأنها كفر فغير صحيح، وعليه بالدليل الشرعي على هذه الدعوى.
قال ابن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد
فائدة الأنبياء أولاد علات
قول النبي الأنبياء أولاد علات وفي لفظ اخوة من علات أمهاتهم شتى ودينهم واحد
قال الجوهري بنو العلات هم أولاد الرجل من نسوة شتى سميت بذلك لأن الذي تزوجها على أولى كانت قبلها ثم عل من الثانية العلل الشرب الثاني يقال له علل بعد نهل وعله يعله إذا سقاه السقية الثانية وقال غيره سموا بذلك لأنهم أولاد ضرائر والعلات الضرائر وهذا الثاني أظهر
وأما وجه التسمية فقال جماعة منهم القاضي عياض وغيره معناه أن الأنبياء مختلفون في أزمانهم وبعضهم بعيد الوقت من بعض فهم أولاد علات إذ لم بجمعهم زمان واحد كما لم يجمع أولاد العلات بطن واحد وعيسى لما كان قريب الزمان من النبي ولم يكن بينهما نبي كانا كأنهما في زمان واحد فقال أنا أولى الناس بعيسى بن مريم عليه السلام قالوا كيف يا رسول الله فقال الأنبياء إخوة من علات الحديث
وفيه وجه آخر أحسن من هذا وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم شبه دين الأنبياء الذين اتفقوا عليه من التوحيد وهو عبادة الله وحده لا شريك له والإيمان به وبملائكته وكتبه ورسله ولقائه بالأب الواحد لاشتراك جميعهم فيه وهو الدين الذي شرعه الله لأنبيائه كلهم فقال تعالى (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه).
وقال البخاري في صحيحه باب ما جاء أن دين الأنبياء واحد وذكر هذا الحديث وهذا هو دين الإسلام الذي أخبر الله أنه دين أنبيائه ورسله من أولهم نوح إلى خاتمهم محمد فهو بمنزلة الأب الواحد
وأما شرائع الأعمال والمأمورات فقد تختلف فهي بمنزلة الأمهات الشتى التي كان لقاح تلك الأمهات من أب واحد كما أن مادة تلك الشرائع المختلفة من دين واحد متفق عليه فهذا أولى المعنيين بالحديث وليس في تباعد أزمنتهم ما يوجب أن يشبه زمانهم بأمهاتهم ويجعلون مختلفي الأمهات لذلك وكون الأم بمنزلة الشريعة والأب بمنزله الدين وأصالة هذا وتذكيره وفرعية الأم وتأنيثها واتحاد الأب وتعدد الأم ما يدل على أنه معنى الحديث والله أعلم) انتهى.
فالتوحيد والكفر متفق عليه بين الأنبياء، وإنما الخلاف في الفروع كسجود التحية وغيرها.
ـ[حارث همام]ــــــــ[06 - 02 - 06, 09:44 م]ـ
أحسن الله إليكم ..
من قال إن من سجد للقبر تحية وإكراماً من جنس سجود الملائكة أو من جنس سجود إخوة يوسف لا تعظيماً أو عبادة. فقد أتى بدعة لا ترقى إلى وصف الشرك الأكبر فقد أصاب وإن حمل كلام الإمام الذهبي عليه فلا إشكال فيه.
فالسجود كما أشار شيخنا عبدالرحمن أنواع:
- فمنه سجود عبادة.
-ومنه سجود تحية وإكرام.
أما كيفية كل منهما في الأمم الماضية فالله أعلم بها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/89)
والذي يظهر أن سجود التعظيم والإجلال من قبيل سجود العبادة، وهذا لم يكن مشروعاً في الأمم الماضية صرفه لغير الله، والأدلة إنما هي في سجود الإكرام والتحية، ولم تثبت في صفته آثار يعول عليها يصح الاحتجاج بها فيما بحث، وهذا السجود أعني سجود الإجلال والتعظيم كان مشروعاً لله على صفة شبيهة بصفة سجودنا الشرعي كما قال الله تعالى: (قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجداً * ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا * ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً) وهذا تعظيم لله ظاهر أسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهله، وهذا يشعرك بأنه كان عبادة في لدى الأمم المتقدمة، وهذا المعنى تشهد له أدلة أخرى ظاهرة لمن تفكر فيه.
ولعل الذي يظهر بعد التأمل أن تعبير الإمام الذهبي مجمل قد يحمل على صرف عبادة السجود تعظيماً إلى القبر، فالعبادة مصروفة للقبر، لظنه أن ذلك تعظيم مشروع فهذا شرك، وقد يحمل على صرف عبادة السجود لا للقبر بل لله تعظيماً وتبجيلاً للقبر ظناً منه أن ذلك مشروعا له، فهذه البدعة المنكرة التي لا ترقى للشرك. وهي كمن ذبح لله عند القبر إجلالاً لصحاب القبر وتعظيماً له ظناً أنه مشروع.
فيكون مراد الذهبي: ... وكذلك القول في سجود المسلم لله تعظيماً وتبجيلاً لقبر النبي صلى الله عليه وسلم عنده فلا يكفر به أصلا بل يكون عاصيا فليعرف أن هذا منهي عنه وكذلك الصلاة إلى القبر.
وعبارته: "وكذلك القول في سجود المسلم لقبر النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التعظيم والتبجيل لا يكفر به أصلا بل يكون عاصيا فليعرف أن هذا منهي عنه وكذلك الصلاة إلى القبر".
فقوله (سجود المسلم لقبر) مجمل قد يريد به صرف العبادة للقبر، وقد يريد به سجود المسلم لله لتعظيم القبر، ويفهم هذا من قوله على سبيل التعظيم والتبجيل أنه لا على سبيل آخر، ومن وصفه الساجد بالإسلام.
وأما الذي اتهم من أجاب بنحو جواب الشيخ قبل الأخير بالإرجاء فما أصاب، وهنا ثالثة مسائل ينبغي التنبه إليها:
1 - المسألة الأولى: ليس كل سجود عبادة، وإن كان منهياً عنه في شريعتنا لغير الله، ولم يكن كذلك في شرائع الأمم الماضية، ومنه الانحناء أو الانحطاط تحية وهذا يخلطه البعض بالسجود تعظيماً وإجلالا للمسجود له وليس منه في شيء ففرق بين التحية وبين التعظيم ولا تلازم بينهما وقد أشير إلى ذلك في رد سابق ويأتي مزيد تفصيل له.
2 - المسألة الثاني: مطلق التعظيم بالأفعال قد يكون محض عبادة لله وقد يكون أمراً مشروعاً يتعبد الله بإبدائه لغيره، فإن كان عبادة فصرفه لغير الله قد يكون شركاً أكبراً وقد يكون شركاً أصغراً، ومن قبيل هذا الأخير الحلف بالنبي عليه الصلاة والسلام مثلاً فهو من قبيل التعظيم المنهي عنه، وأما التعظيم المختص بالله والذي صرفه لغير الله من قبيل الشرك الأكبر فالكذبح له سبحانه (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله)، ولهذا روي في الأثر –وفيه مقال- خبر الذي قرب ذبابة فكان مآله النار، ومن التعظيم المختص بالله أيضاً الركوع والسجود إلاّ أنه لايلزم أن يكون كل ركوع وسجود تعظيماً، كما لايلزم أن يكون كل ذبح كذلك، أما الركوع والسجود والذبح بغرض التعظيم فهو محض حق الله تعالى، فمن صرفه لغيره ظناً منه أنه مشروع فقد صرف عبادة لغير الله ظن أنها مشروعة وهذا الفعل كفر بغض النظر عن تحرير حكم فاعله.
أما التعظيم المشروع الذي أمر الله بإبدائه لبعض الخلق كالوالد والنبي صلى الله عليه وسلم فإبداؤه لمن أمر الله عبادة لله يثيب الله فاعلها، طالما كانت مشروعة، فإن بذل له ضرباً من التعظيم الذي هو من خصائص الله فقد جاء كفراً ومنه السجود تعظيماً لا للمجرد التحية، ومما يوضح هذا أن من دعا غير الله فيما لايقدر عليه إلاّ الله فقد جاء كفرا، بخلاف من دعا غير الله في أمر يقدر عليه هو من جملة فعل الخير، فهذا مشروع وقد يكون واجباً، وكذلك التعظيم فرق بين بذل التعظيم الذي هو من خصائص الله لغير الله، وبين بذل التعظيم المشروع لمن يستحقه من خلق الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/90)
3 - المسألة الثالثة: السجود تعظيماً بصفة معينة للشخص على هذا الوجه عبادة بين النبي صلى الله عليه وسلم أنها لاتنبغي لأحد من البشر، ولم يرد ما يبين أن ذلك كان سائغاً في الشرائع السابقة، وإنما الذي جاء إما دالاً على التكريم أو مطلق التحية، ولم يرد في بيان صفته شيء يحتج به في بيان كيفيته.
وإذا صح التفريق بين هذه الثلاثة فإن من ظن أن السجود تحية مشروعة تليق بالأكابر وأن تكريمهم على هذا الوجه ليس فيه محظور فلا يقال أتى شركاً، بل لو علم أن تلك التحية منهي عنها فحيا بها لم يكن بذلك كافراً أو مشركاً شركاً أكبراً.
وليس هذا القول من قول المرجئة في شيء، لأنه من جملة الأفعال المخالفة للشرع وأهل السنة لا يكفرون بكل ذنب، وليس هو -طالما كان مجرد تحية وإكرام- ولهذا لو هوى إنسان جاثياً على ركبتيه لله تعالى فلا يقال قد تقرب إلى الله بعبادة، لأن الله ما تعبدنا بذلك، وكذلك لو سجد واضعاً جبهته على الأرض ولا يريد به إجلالاً ولا تعظيماً ولا شكراً ولا امتثالاً لأمر بل مجرد تحية فلا يقال قد أتى عبادة.
فكذلك لو هوى جاثياً مكرماً ومحيياً رجلاً أو قبراً، فإنه قارف محظور ولم يتعبد غير الله بشيء. اللهم إلاّ إن كان قصده التعبد بذلك الهوي على وجه التعظيم وقصد به المقبور أو الرجل، فإن نوى ذلك فقد أتى شركاً، ولا يرد على هذا أن العبادة غير مشروعة فليس من شرط الشرك صرف عبادة صحيحة لغير الله، بل لوتعبد غير الله بعبادة غير مشروعة أشرك.
والأفعال المنهي عنها من حيث الحكم على فاعلها بالكفر –بضوابطه-ثلاثة أقسام عند أهل السنة:
- فقسم هو كفر بمجرد فعله، كسب الله وسب رسوله صلى الله عليه وسلم، بغض النظر عن حال الساب جاداً أو هازلاً معتقداً لما يقول أو ذاهلاً ما دام قاصدا لفعل السب.
- وقسم لابد فيه من اعتبار قصد الفاعل، ويصلح مثالاً له الطواف بالقبر، والسجود عنده، وكذلك الذبح، فإن كان صرف تلك العبادة لصاحب القبر أو للقبر فهو كفر، وإن كان صرفها لله عند القبر فهو دون ذلك.
o فإن قال هو يذبح للقبر أو يسجد له فقد وقع في الشرك، وإن قال هو يسجد لله عنده لاعتقاد مشروعية ذلك أو فضله، أو يذبح لله عنده فهو منكر لا يرقى إلى حد الشرك الأكبر.
o وإن قال هو يسجد للمقبور بغرض التحية المجردة فالأظهر أنه لايكفر بهذا الفعل الذي ليس هو عبادة ولم يرد به العبادة وغايته أن يكون فعل منهياً عنه من قبيل الشرك الأصغر.- أما القسم الثالث من الأفعال المنهي عنها فهي الذنوب وسائر المعاصي المحرمة دون الكفر.
أما المرجئة فيجعلون الأقسام كلها من قبيل القسم الثالث، وإن كان بعضهم يقول بكفر الساب لله ورسوله فعندهم أن هذا التكفير لما قام في قلبه من جحود وتكذيب دل عليه قوله، فالقول عندهم دليل خلو القلب من الإيمان ولهذا يكفر الساب لله بعضهم لا لأن الفعل هو كفر بمجرده إن قصده.
وعلى خلاف المرجئة الخوارج الذين يكفرون بكل تلك الأقسام ما وصلت إلى حد الكبائر.
وأهل الحق وسط بين طرفين.
هذا ما عنَّ والله أعلم.
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[08 - 02 - 06, 04:36 م]ـ
بارك الله في جميع المشايخ و الأخوة الفضلاء على ما تكرموا به من نقولات و نقاشات مفيدة بإذن الله
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[08 - 02 - 06, 04:48 م]ـ
] بارك الله فيكم شيخنا و اسمح لي بأن أناقشكم فيما يلي:
قلتم حفظكم الله
وهنا ثلاثة أمور:
- سجود تحية وهو بحق مشكل كما قال العز والقرافي أما ابن الشاط فعلى أصله في الإيمان بنى باطلاً. والأقرب إن تصور وجوده فليس بكفر، بيد أنه علم شرعاً وعرفاً وعقلاً أن تحية الناس بعضهم بعضاً لا تكون بذلك، ولاسيما لمجرد التحية.
- وأما السجود تعظيماً وإجلالاً للمقبور ظناً منه أن ذلك من جملة تعظيمه المشروع، فمسألة مشكلة كذلك وكثير من المعاصرين يرى أنها لا ترقى للشرك الأكبر وهو خطأ لعل تبينه يأتي، بل هو من جملة الشرك الأكبر، والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/91)
فرقتم شيخنا بين سجود التحية و سجود التعظيم ـ و هو نفس المسلك الذي سلكتُه في حواري مع الصوفية ـ بيد أن السجود لغة هو الخضوع و التذلل كما يستفاد من القاموس و التاج و المصباح و غيرها، و قد قال ابن تيمية رحمه الله (والسجود مقصوده الخضوع وسجود كل شىء بحسبه)، كما أنه يبعد أن يسجد أحد لأحد مختاراً على سبيل التحية ما لم يقم في قلبه تعظيم للمسجود له، و كلام العز و القرافي رحمهما الله ليس فيه هذه التفرقة بل صرح القرافي (ولو وقع مثل ذلك ـ أي السجود ـ في حق الولد مع والده تعظيماً له وتذللاً أو في حق الأولياء والعلماء لم يكن كفراً) و المشكل عندهما هو حكم سجود التحية و التعظيم و هو سجود واحد لا سجودان كما يظهر، و إن كان ثمة فرق فسجود التعظيم و التذلل ـ و هو أشد من مجرد التحية ـ ليس كفراً عندهما، بل الذي يظهر من كلام القرافي أن هذا متفق عليه بين الناس فكأنه يحكي إجماعاً، فتخريج هذا الاتفاق هو الذي أشكل عليهما.
و في كلام الأئمة ما يفيد عدم التفرقة و أن سجود التحية متضمن للتعظيم فمن ذلك:
* قال في اللسان وقوله عز وجل وخروا له سجداً هذا سجود إِعظام لا سجود عبادة
* و قال أيضاً: قال الزجاج إِنه كان من سنة التعظيم في ذلك الوقت أَن يُسْجَد للمعظم
* قال الطبري " وكانت تلك تحية الملوك في ذلك الزمان "
* تفسير القرطبي [جزء 9 - صفحة 224]
" قال قتادة: هذه كانت تحية الملوك عندهم "
و ما تخصيص الملوك بذلك إلا لتعظيمهم.
* تفسير الطبري [جزء 7 - صفحة 301]
قال ابن زيد في قوله: {وخروا له سجدا} قال قال: ذلك السجود لشرفه كما سجدت الملائكة لآدم لشرفه ليس بسجود عبادة
و قد وصف ابن تيمية سجود الملائكة بقوله "وهو لآدم تشريف وتكريم وتعظيم "
* تفسير ابن كثير [جزء 2 - صفحة 644]
" وقد كان هذا سائغا في شرائعهم إذا سلموا على الكبير يسجدون له" و المقصود و الله أعلم الكبير قدراً لتوقيره و تعظيمه
* تفسير أبي السعود [جزء 4 - صفحة 307]
كان السجود عندهم جاريا مجرى التحية والتكرمة كالقيام والمصافحة وتقبيل اليد ونحوها من عادات الناس الفاشية في التعظيم والتوقير
* مجموع الفتاوى [جزء 4 - صفحة 360]
" ولو أمرنا أن نسجد لأحد من خلقه غيره لسجدنا لذلك الغير طاعة لله عز وجل إذ أحب أن نعظم من سجدنا له "
مما يعني أن مجرد السجود يستلزم تعظيم المسجود له
وقلتم بارك الله فيكم
فهنا صورتان:
الأولى: رجل يريد التقرب إلى الله تعالى بتعظيم أوليائه بشيء ظنه مشروعاً وهو السجود تحية لهم.
والثاني: رجل أراد أن يتقرب لصاحب القبر بالسجود له.
وهناك صورة ثالثة و هي أن الساجد سجد تعظيماً لاعتقاده أن المسجود له يستحق هذا السجود ولم يرد بذلك التقرب إلى الله و لا التقرب ـ تعبداً ـ للمسجود له، و أظهر مثال لذلك حديث معاذ رضي الله عنه ففي المسند من حديث عبد الله بن أبي أوفى قال: قدم معاذ اليمن أو قال: الشام فرأى النصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها فروَّأ في نفسه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يُعظَّم فلما قدم قال: يا رسول الله رأيت النصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها فروَّأت في نفسي أنك أحق أن تُعظَّم ... الحديث، قال الألباني رحمه الله صحيح على شرط مسلم
و هذا صريح في أن الباعث لمعاذ على السجود للنبي صلى الله عليه و سلم هو التعظيم، و مع ذلك فلم ينكر عليه النبي عليه السلام إنكاره على الذين قالوا اجعل لنا ذات أنواط و لا إنكاره على الذي قال له ما شاء الله و شئت، و هذا مشعر بأن السجود له عليه السلام سجود تعظيم ليس شركاً.
وقلتم أيضاً
وأما الصورة الأولى فالأظهر أنها شرك أكبر كذلك لأن تعظيم الرجل بالسجود له صرف لضرب من أضرب التعظيم المختصة بالله لذلك الرجل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/92)
فهذا إنما يكون حال كون السجود لا يكون إلا عبادة أما إن صح تقسيمه إلى عبادة و غير عبادة، فلا ينطبق هذا الكلام على من يسجد لغير الله سجود تحية و إن أراد بذلك التقرب إلى الله، لأن سجود التحية لا يشرع لله تعالى فضلاً عن أن يكون مختصاً بحنابه سبحانه، و يرد على هذا الكلام أن السجود لا ينفك عن تعظيم المسجود له، و هذا من مواطن الإشكال في المسألة، و قد يجاب عنه بأن التعظيم بالسجود إن ثبت كونه سائغاً في الأمم السابقة انتفى كونه مختصاً بالله عز وجل، و حيث إن العقائد لا تنسخ فإنه يكون في شرعتنا محرماً دون أن يصل إلى درجة الشرك.
قلتم بارك الله فيكم
ومعلوم أن تحية الكبير والمقدم، يقدمها له المحب، والمبغض الشانئ، طالما كان في سلطانه، فهي لاتستلزم التعظيم المنهي عنه، وغايتها إظهار نوع من الإكرام، أما إثبات هذا القدر من التعظيم قدر زائد عن مدلول الآية في سجود إخوة يوسف.
أما بالنسبة للآية فنعم، بل يعسرجداً تصور أن يعقوب قد سجد لابنه يوسف عليهما السلام تعظيماً، إلا إن قيل أنه بسجوده له إنما كان من جهة كون يوسف عليه السلام عزيز مصر فجرى على عادة الناس في ذلك الزمان من السجود لملوكهم بقطع النظر عن كونه يوسف ابنه لا سيما أن السجود كان حال دخول قوم يوسف عليه و يغلب على الظن أنه كان دخولاً مشهوداً.
أما كون التحية لا تستلزم التعظيم، فالكلام إنما هو على السجود بقصد التحية لا على مطلق التحية، و قد سبق بيان أن التعظيم لازم للسجود الاختياري، أما سجود المكره فهو خارج نطاق البحث.
والكلام هنا إنما هو عن السجود للقبر حال كونه تعظيماً بعبادة ما شرعت إلاّ لله، ولا يعني هذا منع مطلق تعظيم ما سوى الله، ولكن المراد المنع من تعظيم ما سوى الله بما يعظم به الله.
و هذا أمر قد ينازع فيه المخالف محتجاً بما ورد من كون هذا التعظيم كان سائغاً في الشرائع السابقة، بل هذا من أقوى حججه على عدم وصف السجود لغير الله على غير معنى العبادة بالكفر، إذ ما لم يكن كفراً أو شركاً في الشرائع السابقة لا يمكن أن يكون كفراً أو شركاً في شريعتنا.
وقال ابن القيم في المدارج: "ومن أنواع الشرك: سجود المريد للشيخ فإنه شرك من الساجد والمسجود له والعجب أنهم يقولون: ليس هذا سجود وإنما هو وضع الرأس قدام الشيخ احتراما وتواضعا فيقال لهؤلاء: ولو سميتموه ما سميتموه فحقيقة السجود وضع الرأس لمن يسجد له وكذلك السجود للصنم وللشمس وللنجم وللحجر كله وضع الرأس قدامه ومن أنواعه".
و مما يؤيده أيضاً قول ابن تيمية في الفتاوى 1/ 74: " والشرك أن تجعل لغيره شركا أو نصيبا فى عبادتك وتوكلك وإستعانتك ... وأصناف العبادات الصلاة بأجزائها مجتمعة وكذلك أجزاؤها التى هى عبادة بنفسها من السجود والركوع والتسبيح والدعاء والقراءة والقيام لا يصلح إلا لله وحده ... "
و أيضاً قوله " ... وكذلك حجرة نبينا صلى الله عليه وسلم وحجرة الخليل وغيرهما من المدافن التي فيها نبي أو رجل صالح: لا يستحب تقبيلها ولا التمسح بها باتفاق الأئمة بل منهى عن ذلك
وأما السجود لذلك فكفر " الكبرى 2/ 439
و لكن يعكر عليه قوله في مجموع الفتاوى [جزء 11 - صفحة 604]
" سئل عن أقوام يرقصون على الغناء بالدف ثم يسجد بعضهم لبعض على وجه التواضع هل هذا سنة أو فعله الشيوخ الصالحون
الجواب لا يجوز السجود لغير الله ... " فلم يقل أنه كفر
وقوله أيضاً جواباً لسائل آخر " أما تقبيل الأرض ورفع الرأس ونحو ذلك مما فيه السجود مما يفعل قدام بعض الشيوخ وبعض الملوك فلا يجوز بل لا يجوز الإنحناء كالركوع أيضا ... وأما فعل ذلك تدينا وتقربا فهذا من أعظم المنكرات ومن اعتقد مثل هذا قربة وتدينا فهو ضال مفتر بل يبين له وأن هذا ليس بدين ولا قربة فإن أصر على ذلك استتيب فإن تاب وإلا قتل ... وأما فعل ذلك لأجل فضول الرياسة والمال فلا [أي فلا يجوز] وإذا أكره على مثل ذلك ونوى بقلبه أن هذا الخضوع لله تعالى كان حسنا مثل أن يكره كلمة الكفر وينوى معنى جائزا والله أعلم. "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/93)
و لا سبيل للجمع بين أقواله رحمه الله إلا بالتفصيل و أن ما عده كفراً من السجود إنما هو سجود العبادة و لا خلاف على كون صرف شيء منها لغير الله كفر أكبر مخرج من الملة، أما السجود على غير معنى العبادة فبين أنه محرم لكن لم يطلق حكم الكفر عليه، و في كلامه الأخير أكبر دليل على كونه يفصل هذا التفصيل، فالسجود أو الركوع ـ لا على سبيل العبادة ـ للمشايخ أو الملوك ـ والغالب عليه أنه للتعظيم ـ لا يجوز، أما إن قصد به التقرب و التعبد لله فهو من أعظم المنكرات لأنه إحداث في الدين ما ليس منه فضلاً عن كونه محرماً، فمن بين له ذلك و أصر على اعتقاده استتيب لاستحلاله ما حرم الله ـ وهذا كفر ـ لا لمجرد السجود، و أيضاً من فعل هذا الفعل المحرم من السجود أو الركوع لا على سبيل التعظيم بل لعرض من الدنيا فلا يكفر بمجرد فعله و إن كان أتى محرماً، أما المكره فلا شيء عليه.
و أحسب أن التفصيل المذكور هو مذهبه في المسألة رحمه الله.
قلتم تعليقاً على الإجماع الذي نقله الإيجي:
الذي يظهر أنه إجماع صحيح لا مخصص له، طالما كان السجود تعظيماً للقبر أو المقبور أو غيرهما من المخلوقات.
و لكن يبدو أن لهذا الإجماع تفصيلاً ذكره القرافي رحمه الله و عليه لا يكفر من يسجد تعظيماً للوالدين أو الأولياء أو العلماء، و هو ما أشكل عليه و على العز رحمهما الله.
قلتم بارك الله فيكم
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة أبو البراء الكناني
2. ما الفرق بين قول الشيخ رحمه الله " إلا أن يدعي أنه طاف بالقبور بقصد عبادة الله " و بين ادعاء الساجدين للقبور أو المستغيثين بأهلها أنهم يفعلون ذلك بقصد عبادة الله و التقرب إليه.
الفرق –أحسن الله إليكم- هو أن من طاف بالقبر ظناً منه أن الطواف بكل مشهد معظم مشروع ظن أنه أتى عبادة لله، ولم يصرفها لغيره، كمن تعبد الله بالوقوف تحت الشمس ضحى ظناً منه أن هذا مشروع فقد أتى بدعة منكرة.
إلاّ أن الأول زاد عليه إنشاء ذريعة للكفر.
أما الساجد للقبر والمستغيث به أو بصاحبه فقد صدرت منه عبادة لغير الله ولكنه يظن مشروعيتها فهو كالمشركين الأوائل الذين كانوا يصدرون العبادة للمعبوداتهم ظناً منهم أن الله شرع ذلك (إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى)، فالأول لم يعبد غير الله، بل عبد الله بغير ما شرع، والثاني عبد غير الله وظن أن ذلك مما شرع.
بارك الله فيكم شيخنا، و لكن يبدو أن عبارتي قصرت عن المراد ذلك أن الذي يفهم من كلام الشيخ رحمه الله أن الطواف بالقبور بحد ذاته كفر أكبر إلا أن يدعي صاحبه أنه قصد به عبادة الله فلا يكون كذلك، وعندها يصح استشكالي التفرقة بين الأمرين أعني عدم كفر من قصد بطوافه بالقبور عبادة الله مع كونه في أصله كفر أكبر كما يفهم من كلام الشيخ، و كفر المستغيثين بأصحاب القبور و إن ادعوا أنهم يقصدون بذلك عبادة الله. و هذا كلام الشيخ بتمامه
" حكم من دعا الأصنام واستغاث بها ونحو ذلك بحمد الله ظاهر وهو الكفر الأكبر إلا أن يدعي أنه طاف بالقبور بقصد عبادة الله، كما يطوف بالكعبة يظن أنه يجوز الطواف بالقبور ولم يقصد التقرب بذلك لأصحابها وإنما قصد التقرب إلى الله وحده، فهذا يعتبر مبتدعاً لا كافراً؛ لأن الطواف بالقبور بدعة منكرة، كالصلاة عندها، وكل ذلك من وسائل الكفر. ولكن الغالب على عباد القبور هو التقرب إلى أهلها بالطواف بها، كما يتقربون إليهم بالذبح لهم والنذر لهم، وكل ذلك شرك أكبر، من مات عليه مات كافراً لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين "
أو يقال التحية والتعظيم بالسجود ليس عبادة، وهذا مخالف لما دل عليه النص، فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ وغيره أن هذا الضرب من التعظيم لاينبغي إلاّ لله،
نعم شيخنا هو محرم و لا ينبغي و لكن عده كفراً لا يمكن أن يستفاد من حديث معاذ كما سبق بيانه، و الله أعلم.
قلتم حفظكم الله
من قال إن من سجد للقبر تحية وإكراماً من جنس سجود الملائكة أو من جنس سجود إخوة يوسف لا تعظيماً أو عبادة. فقد أتى بدعة لا ترقى إلى وصف الشرك الأكبر فقد أصاب وإن حمل كلام الإمام الذهبي عليه فلا إشكال فيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/94)
لكن كلام الذهبي رحمه الله صريح في قصد التعظيم و التبجيل بالسجود، و سبق بيان أن السجود الاختياري أياً كان سببه يستلزم تعظيم المسجود له، و أن العلماء عدوا سجود الملائكة و سجود آل يعقوب للتعظيم، و أنه كان سائغاً في الأمم السابقة، و كذلك كلام القرافي صريح في ذكر التعظيم فلا يمكن حمل كل ذلك على عدم قصد التعظيم.
أما صفة السجود في الأمم السابقة فإن ما حمل الناس قديماً و حديثاً على صرفه عن ظاهر اللفظ إنما هو ما قام في نفوس الجميع من استشناع أن يسجد لغير الله على الهيئة المعروفة، و لكن الأكثرون من المتقدمين و المتأخرين حملوه على ظاهره.
* تفسير ابن كثير [جزء 2 - صفحة 644]
" ولم يزل هذا جائزا من لدن آدم إلى شريعة عيسى عليه السلام فحرم هذا في هذه الملة وجعل السجود مختصا بجناب الرب سبحانه وتعالى هذا مضمون قول قتادة وغيره "
* فتح القدير [جزء 3 - صفحة 80]
" وقيل لم يكن ذلك سجودا بل هو مجرد إيماء وكانت تلك تحيتهم وهو يخالف معنى: وخروا له سجدا فإن الخرور في اللغة المقيد بالسجود لا يكون إلا بوضع الوجه على الأرض "
و من ألطف ما قرأت مما يبين هذا التنازع بين المستقر في النفوس و ظاهر اللفظ كلام الآلوسي في روح المعاني حيث قال:
[جزء 13 - صفحة 58]
" خروا له سجدا أي على الجباه كما هو الظاهر وهو كما قال أبو البقاء حال مقدرة لأن السجود يكون بعد الخرور وكان ذلك جائزا عندهم (ثم ذكر أقوالاً أخرى قيلت في هيئة السجود إلى أن قال) وأنت تعلم أن اللفظ ظاهر في السقوط ... والقلب يميل إلى أنه كان انحناء كتحية الأعاجم وكثير من الناس اليوم، ولا يبعد أن يكون ذلك بالخرور "
قلتم شيخنا
فقوله (سجود المسلم لقبر) مجمل قد يريد به صرف العبادة للقبر، وقد يريد به سجود المسلم لله لتعظيم القبر، ويفهم هذا من قوله على سبيل التعظيم والتبجيل أنه لا على سبيل آخر، ومن وصفه الساجد بالإسلام.
و قولكم حفظكم الله أن الذهبي رحمه الله ربما أراد صرف العبادة للقبر أشكل علي جداً فكيف يكون مثل ذلك عند الذهبي رحمه الله " لا يكفر به أصلاً "؟
و أما حملكم كلامه على أن المراد " و كذلك القول في سجود المسلم لله تعظيماً وتبجيلاً لقبر النبي صلى الله عليه وسلم ... " فمبني على عدم التفريق بين سجود التعظيم و سجود العبادة و أنه لا يصح في شرعنا و شرع من سبقنا إلا لله و هذا شيخنا هو الأصل الذي بنيتم عليه كلامكم في المسألة، و الذي يظهر من كلام العلماء التفريق بينهما.
و قولكم
أما التعظيم المشروع الذي أمر الله بإبدائه لبعض الخلق كالوالد والنبي صلى الله عليه وسلم فإبداؤه لمن أمر الله عبادة لله يثيب الله فاعلها، طالما كانت مشروعة، فإن بذل له ضرباً من التعظيم الذي هو من خصائص الله فقد جاء كفراً ومنه السجود تعظيماً لا للمجرد التحية،
فقد سبق قول ابن تيمية رحمه الله " وأما السجود فشريعة من الشرائع إذ أمرنا الله – تعالى – أن نسجد له، ولو أمرنا أن نسجد لأحد من خلقه غيره لسجدنا لذلك الغير – طاعة لله عز وجل – إذ أحب أن نعظم من سجدنا له، "
فيفهم من كلامه أن التعظيم لازم للسجود و أن السجود تعظيماً ليس كفراً و إلا لكان من المحال أن يأمر به الله فلا يمكن أن يضرب المثل بمحال في حق الله، و هو أمر قد وقع فعلاً من الله عز و جل للملائكة بالسجود لآدم، و الله عز و جل يرضى لعباده الكفر فضلاً عن أن يأمرهم به.
أما قولكم
وإذا صح التفريق بين هذه الثلاثة فإن من ظن أن السجود تحية مشروعة تليق بالأكابر وأن تكريمهم على هذا الوجه ليس فيه محظور فلا يقال أتى شركاً، بل لو علم أن تلك التحية منهي عنها فحيا بها لم يكن بذلك كافراً أو مشركاً شركاً أكبراً.
فأنتم تعنون بلا شك (ما لم يستحلها)
و بناء على ما سبق يمكن القول:
1. أن من سجد لغير الله قاصداً عبادة الله بذلك فقد ارتكب محرماً لكنه غير مكفر، و أما من قصد عبادة المسجود له فقد أتى كفراً أكبر بلا خلاف.
2. أن العلماء لم يفرقوا بين سجود التحية و سجود التعظيم بل ساقوهما مساقاً واحداً، فالتفريق يحتاج إلى دليل لأن السجود الاختياري متضمن تعظيم المسجود له.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/95)
3. نهي النبي عليه السلام عن السجود له تعظيماً دليل على أن هذا لا ينبغي و لكن ليس فيه الحكم على هذا السجود أنه عبادة لأن هذا كفر أكبر ما كان النبي عليه السلام ليؤخر بيانه، و هنا يمكن أن يقال أن قصد المعظِّم بالسجود هو الذي يحكم على فعله بالكفر إن قصد عبادة المسجود له، أو عدمه إن قصد غير ذلك.
4. و يشكل على السابق الإجماع على كون السجود للصنم أو الشمس أو الكواكب تعظيماً لها كفر بقطع النظر عن قصد الساجد عبادتها أو عدمه، و قد يقال حلاً لهذا الإشكال أن كفر الساجد لها إنما هو بسبب تعظيمه ما أمر الله بإهانته أو نهى عن تعظيمه حال كونه اتخذ نداً لله، و عليه فإن قول الإيجي في المواقف: " حتى لو علم أنه لم يسجد لها على سبيل التعظيم واعتقاد الإلهية بل سجد لها وقلبه مطمئن بالتصديق
لم يحكم بكفره فيما بينه وبين الله وإن أجري عليه حكم الكفر في الظاهر" يفهم على أن هذا السجود مظهر من مظاهر التعظيم لما نهى الله عن تعظيمه أو أمر بإهانته مما اتخذ نداً له، فيحكم على فاعله بالكفر في الظاهر.
5. و قد يكون الحل السابق جواباً على كلام القرافي رحمه الله " فإن قلت الله تعالى أمر بتعظيم الآباء والعلماء ولم يأمر بتعظيم الأصنام بل نهى عنه فلذلك كان كفرا قلت إن كان السجودان في المسألتين متساويين في المفسدة ... إلخ "
ذلك أن المفسدة متحققة بمجرد تعظيم ما اتخذ نداً لله مما نهى عن تعظيمه و إن لم يقترن بسجود أو غيره فهذا التعظيم محادة لله عز و جل، و أما تعظيم من أمر الله بتعظيمهم فليس فيه محادة لله عز وجل فلا يكون كفراً، و لا يعكر عليه اتخاذ البعض للمعظَّمين بإذن الله أنداداً من دون الله كفعل النصارى مع المسيح عليه السلام، لأن فعلهم هذا ليس مانعاً لنا من تعظيمه عليه السلام بل الممنوع هو مجاوزة الحد في هذا التعظيم بصرف شيء منه مما هو حق خالص لله عز و جل لهذا المعظَّم، فإن ثبت أن السجود تعظيماً لغير الله كان سائغاً إلى زمن المسيح ثم حرم في شريعتنا، علم أن صرفه لغير الله على هذا الوجه ليس كفراً بل محرم فقط.
رغم كل ما سبق يبقى إشكال عملي، و هو أن المستقر في أذهان عامة المسلمين أن السجود عبادة، و التفريق بين سجود العبادة و سجود غير العبادة لا يكاد يعلمه إلا القليل، يضاف إلى ذلك أن التحية أو التعظيم عن طريق السجود لا يكاد يكون معروفاً في بلاد المسلمين، فالساجد منهم اليوم للقبور أو الأشياخ لا يخلو عن رجلين، إما رجل غلبته عاطفته و مشاعره فلم يتمالك نفسه فخرج عن وعيه و خر ساجداً و هذا أمره قريب، و إما رجل سجد مختاراً فسجوده هذا مع ما سبق بيانه من المستقر في الأذهان يشعر بمقدار ذا التعظيم الذي استولى على قلبه حتى فعل ما يعلم أنه في أصله عبادة لله، و هذا يشكل جداً عدم الحكم على فعله بالكفر، و لكن لما سبق ذكره من كلام العلماء لا سيما ما نقله القرافي من اتفاقهم، يتوقف المرء عن التصريح بالحكم على هذا الفعل بالكفر.
هذا و الله أعلى و أعلم و رد العلم إليه أسلم، و صل اللهم على عبدك و نبيك محمد و على آله وصحبه وسلم.
ـ[خالد بن عبدالله]ــــــــ[08 - 02 - 06, 11:57 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[11 - 02 - 06, 07:13 ص]ـ
في انتظار فوائد المشايخ الكرام
ـ[حارث همام]ــــــــ[11 - 02 - 06, 11:37 ص]ـ
أخي الكريم كتبت تعليقاً فيه طول لعلي أعلقه مساء إن شاء الله تعالى، وهو من باب المباحثة وتمام التدارس، وإن كنت انتصرت فيه لما قرر في الرد الماضي، وبينت فيه أوجه كثير مما أجمل، وجزاكم الله خيراً.
ـ[أبو عبدالرحمن بن أحمد]ــــــــ[11 - 02 - 06, 01:41 م]ـ
شيخنا عدالرحمن وشيخنا جزاكم الله خيرا
كثير من الأضرحة عليها أوثان، ويسجد لها مدعي السجود سجود تحية، فهل مع ذلك لا يكفر مع وجود هذا الوثن؟ وهل هذا قول أهل الأرجاء، جزاكما الله خيرا ونفع بكما
ـ[حارث همام]ــــــــ[11 - 02 - 06, 07:18 م]ـ
شكر الله لكم أيها الأخ الحبيب أبو البراء ..
واعذرني إن تركت شيئاً من التلطف أو الأدب في هذا الجواب وما ذاك إلاّ بغية الاختصار لما أعلمه من حال بيننا. وبعد:
أصل المسألة هو أن العبادة محض حق الله تعالى كما في حديث معاذ: (اتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله)، فمن صرف منها شيء لغير الله فقد أشرك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/96)
لعل هذا أصل متقرر لدى المشايخ جميعاً لا يحتاج أمثالهم لتقرير أدلته من الكتاب والسنة والإجماع.
وقد دلت الأدلة على أن السجود تعظيماً من جملة العبادة، ووصف من صرفها للشمس والقمر ونحوهما بالشرك (وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون * ألا يسجدوا لله). وذكر تعبد اللأولين ربهم بالسجود (قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذان سجدا).
ثم جاءت نصوص تفيد بسجود إخوة يوسف ووالداه له، وكذلك سجود الملائكة لآدم بأمر ربهم.
وهنااضطرب الناس ونقلوا اجماعات ظاهرها قد يفهم منه التعارض.
ولعل الحق أنه لم تصح حجة في أن السجود المذكور في سورة يوسف، أو التي أمرت به الملائكة كان سجود تعظيم مصروف ليوسف من دون الله تعالى.
ولعل الفطن اللبيب يدرك بأن قول من قال لم تصح حجة لايعني عدم الورود عن بعض السلف أو من لايكون قوله حجة.
فبعضهم قال إن سجود إخوة يوسف تعظيم ليوسف عليه السلام، وقيل نحو ذلك في سجود الملائكة لكن ما هي حجة هذا القول؟ هل لمن قاله دليل؟
الذي يبدو كما قُرر في المشاركات سابقة لا يظهر –أو لم أفهم- على هذا دليل تقوم به حجة.
بل الأدلة دلت على أن السجود تعظيماً لاينبغي إلاّ لله في شرع محمد صلى الله عليه وسلم، وفي شرائع الأنبياء من قبله، بخلاف السجود لمجرد الإكرام والتحية وإن لم يقترن بها ذلك التعظيم، وسواء قيل إن هذا هو أصل السجود أو هو خلاف الأصل في السجود، فإنه إن ثبت أن التعظيم من أصل السجود لاينفك عنه فإن الخروج عن الأصل لأدلة تحريم السجود تعظيماً لغير الله.
وما يظهر هو أنه لا يلزم لا عقلاً ولا شرعاً أن يكون سجود بشر لبشر مقترناً بتعظيم، وإن كان هذا هو ظاهر السجود المجرد.
وفرق بين أن يقال ظاهر العفل كذا، وبين أن يقال يلزم من الفعل كذا. فاللازم لاينفك عن الملزوم، والظاهر قد يدل دليل على أنه غير مراد، وقد يكون الظاهر في حق شخص غير ظاهر في حق الآخر، وكذلك الظاهر في عرف قوم قد يكون غير ظاهر في عرف آخرين، ولاسيما في باب الأفعال والتصرفات، فأنت تجد أن الأكل مع الضيف مثلاً في عرف قوم من الإكرام والإجلال، وفي عرف آخرين الأمر بخلاف ذلك، وكذلك التحديق في المتحدث حال الحديث، وغير ذلك.
قلتم حفظكم الله
وهنا ثلاثة أمور:
- سجود تحية وهو بحق مشكل كما قال العز والقرافي أما ابن الشاط فعلى أصله في الإيمان بنى باطلاً. والأقرب إن تصور وجوده فليس بكفر، بيد أنه علم شرعاً وعرفاً وعقلاً أن تحية الناس بعضهم بعضاً لا تكون بذلك، ولاسيما لمجرد التحية.
- وأما السجود تعظيماً وإجلالاً للمقبور ظناً منه أن ذلك من جملة تعظيمه المشروع، فمسألة مشكلة كذلك وكثير من المعاصرين يرى أنها لا ترقى للشرك الأكبر وهو خطأ لعل تبينه يأتي، بل هو من جملة الشرك الأكبر، والله أعلم.
فرقتم شيخنا بين سجود التحية و سجود التعظيم ـ و هو نفس المسلك الذي سلكتُه في حواري مع الصوفية ـ بيد أن السجود لغة هو الخضوع و التذلل كما يستفاد من القاموس و التاج و المصباح و غيرها، و قد قال ابن تيمية رحمه الله (والسجود مقصوده الخضوع وسجود كل شىء بحسبه)، كما أنه يبعد أن يسجد أحد لأحد مختاراً على سبيل التحية ما لم يقم في قلبه تعظيم للمسجود له
بارك الله فيكم، من الإشكالات المتكررة في تحرير المعاني اللغوية أن يعمد الباحث إلى قواميس اللغة ليستخرج معاني اللفظ، وهذا إشكال فإن المعاجم العربية كاللسان والقاموس وغيرهما تعنى بنقل الاستخدام اللغوي الذي جرى في لسان العرب، ونادراً ما تعنى بالأصل الوضعي للفظ العربي.
ومن هنا وقع كثير من المخالفين للسلف في الصفات مثلاً في الخطل، فعندما يراجع القاموس ويجد معنى العين مثلاً الآلة التي تدرك بها المبصرات أو العضو المعروف، أو نحو ذلك مما يذكره أهل اللغة يضطر إلى التأويل أو التفويض.
والحق أنه إذا أريد معرفة الأصل الوضعي في أمثال تلك الألفاظ فلابد من البحث عن من قرر هذا من أهل العلم لا من يذكر مجرد استعمالاتها ليتبين الأصل وليعرف بعد ذلك المعنى المنقول على خلاف الأصل.
وخير ما يستعان به في هذا الصدد معجم العلامة ابن فارس الفريد الذي التزم فيه بيان الأصول اللغوية، لا مجرد الاستعمالات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/97)
وإذا تقرر هذا فبعض الكلمات العربية مما أشكلت أصولها واختلف أهل اللغة فيها، ولعل من ذلك السجود، ولست أنكر بأن السجود في اللغة من معانيه المستخدمة الخضوع والتذلل، ولكن ليس هذا أصله –على الصحيح-الواجب حمله عليه ما لم تدل قرينة على خلافه.
فإذا قلت ما أصله، أقول قال ابن فارس: السين والجيم والدال أصل واحد مطرد يدل على تطامن وذل. ثم نقل عن أبي عمرو: أسجد الرجل إذا طأطأ رأسه وانحنى، وذكر أن منه ما أنشده أعرابي السدي:
*وقلن اسجد لليلى فأسجدا*
يعني البعير إذا طأطأ رأسه.
ونقل السفاريني في غذاء الألباب ما نصه: "قال أبو بكر بن الأنباري من أئمة مذهبنا: السجود يرد لمعان, منها الانحناء والميل من قولهم سجدت الدابة وأسجدت إذا خفضت رأسها لتركب. ومنها الخشوع والتواضع. ومنها التحية, وقال في قوله تعالى {وخروا له سجدا} أنهم سجدوا ليوسف إكراما وتحية, وأنه كان يحيي بعضهم بعضا بذلك وبالانحناء فحظره رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذكر كلامه الإمام الحافظ ابن الجوزي ولم يخالفه, فدل على موافقته. وأما الإمام ابن القيم في الهدي فجزم بتحريم السجود والانحناء والقيام على الرأس وهو جالس. وقال ابن السكيت: يقال: سجد الرجل إذا طأطأ رأسه , وسجد إذا وضع جبهته بالأرض انتهى".
فهذا هو الأصل الصحيح ومن نظر في أمثلة إيرادات العرب وجد ذلك.
ونقل النووي في المجموع عن الأزهري قال: "قال الأزهري: أصل السجود التطامن والميل. وقال الواحدي: أصله الخضوع والتذلل، وكل من تذلل وخضع فقد سجد، وسجود كل موات في القرآن طاعته لما سجد له، هذا أصله في اللغة، وقيل لمن وضع جبهته في الأرض سجد لأنه غاية الخضوع".
إلاّ أن بعضهم –وهو الإمام ابن جرير- قال: "أصل السجود الانحناء لمن سجد له معظماً له بذلك، فكل منحن لشيء تعظيماً له فهو ساجد"، وهذا والذي قبله لا يعارض ما قرره ابن فارس وغيره، ولكنه من قبيل تفسير الأصل ببعض أفراده الأخص، فلا شك أن كل منحن لشيء تعظيماً فهو ساجد، ولايعني ذلك أن المنحن المطأطئ عن ذل أو تكريم لآخر ليس بساجد، فقد نص أهل اللغة كما رأيت على أن هذا أصل السجود.
وشواهد هذا في الربية كثيرة سبق بعضها كقول قائلهم:
وقلن له اسجد لليلى فأسجدا
ولهذا سموا الخمرة سجادة.
وقال كثير:
أغرك منا أن ذلك عندنا * وإسجاد عينيكِ الصيودين رائج
وقالوا كما نقل الخليل نساء سجد فاترات الأعين، وامرأة ساجدة ساجية.
وشجرة ساجدة مائلة، ومنه قولهم نخل سواجد.
قال ابن سيده عن أبي حنيفة، وانشد للبيد:
بين الصَّفا وخليج العين ساكنةٌ غُلْب سواجد لم يدخل بها الحَصَر
قال: وزعم ابن الأعرابي: أن السواجد هنا: المتأصلة الثابتة، قال: وأنشد في وصف بعير
سانية:
لولا الزِّمامُ اقتحم الأجاردا * بالغَرْب أودَقّ النعام الساجدا
والسفينة تسجد للريح أي تميل.
هذا ويحسن التنبيه إلى أن بعض أهل اللغة جعل بعض هذا مجازاً لاعتباره أن أصل السجود هو الخضوع، كما نقل عن بعضهم، ولعل الصواب أن أصله الميل وليس مجازاً وإنما الخضوع معنى يقارن كثراً وليس بلازم.
وإلاّ فخضع ليست مرادفة لسجد، واستخداموا سجدة كما رأيت في مواطن ليست من الخضوع في شيء، ولكنها إلى المسيل أقرب.
فإذا كان أصل السجود لايستلزم تعظيم المسجود له لغة، وأنه كما قيل كان تحية الملوك كان تحية الناس بعضهم بعضاً وهذا قاله غير واحد ولعله نقل عن بعض أهل العلم.
وإذا كانت اللغة لاتستلزم أن يكون السجود من حيث أصل الوضع تعظيماً، فإن العقل كذلك لايلزم بأن يكون السجود تعظيماً، فكم من إنسان يبدي لاآخر أدباً ولينا لغرض مع أن قلبه يعلنه، وقد يسجد اتقاء لشره، وقد يسجد إظهاراً لتكريمه، وقد يسجد طلباً لمغنم دنيوي من نحو مال، أو خوف مغرم دنيوي.
وإذا تقرر أن اللغة والعقل لايلزمان بأن يكون السجود تعظيماً فإن العرف في واقعنا المعاصر يفيد بأن السجود تعظيم، وهذا حق، ولكن ليس شرطاً أن يكون العرف كذلك في الأمم الماضية، كما أن الكلام عن حقيقة شرعية ينبغي أن نفهما وفقاً لوضع اللسان العربي لا أعراف الناس المتباينة المختلفة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/98)
ثم يقال هذا كله إذا سلم أن اللام في قوله الله تعالى: (فخروا له سجدا)، (لي ساجدين) هي لام الاستحقاق والاختصاص، وأما إذا حملت على أنها لام لأجل كما صرح به بعض أئمة اللغة، فيكون لا إشكال أصلاً ولا دليل فيها لأن المعنى حينئذ: وخروا من أجله سجداً لله تشكراً نقله الأزهري.
، و كلام العز و القرافي رحمهما الله ليس فيه هذه التفرقة بل صرح القرافي (ولو وقع مثل ذلك ـ أي السجود ـ في حق الولد مع والده تعظيماً له وتذللاً أو في حق الأولياء والعلماء لم يكن كفراً) و المشكل عندهما هو حكم سجود التحية و التعظيم و هو سجود واحد لا سجودان كما يظهر، و إن كان ثمة فرق فسجود التعظيم و التذلل ـ و هو أشد من مجرد التحية ـ ليس كفراً عندهما، بل الذي يظهر من كلام القرافي أن هذا متفق عليه بين الناس فكأنه يحكي إجماعاً، فتخريج هذا الاتفاق هو الذي أشكل عليهما.
هذا الكلام من جنس كلام الإمام الذهبي وهو أجل من القرافي رحمة الله عليهما.
أما كونه إجماعاً فليس هذا إجماع بل نص على الاختلاف فيه أهل العلم، قال شمس أئمة الأحناف السرخسي السجود لغير الله على وجه التعظيم كفر (المبسوط 24/ 130)، ونُقل النص عليه عن الجبائي والكعبي أيضاً، وقال ابن الصلاح: قال ابن الصلاح: ويخشى أن يكون كفراً. (أسنى المطالب 1/ 60) ولو كان إجماعاً ما خشي، مع أن هذا في كان في حق المشايخ الأحياء لا القبور والأموات.
وكذلك في فتوحات الوهاب بتوضيح منهج الطلاب ذكر الجمل قول الماتن الذي أجمل السجود لمخلوق بحكم الكفر، ثم فصل الشارح في الركوع فقال إن قصد التعظيم كفر أو نحو هذا، فنص على أن قصد التعظيم في ما هو دون السجود كفر.
وذكر أحمد في حاشيتي القيلوبي وعميرة عن ابن حجر [وهو الهيتمي] نحو قول ابن الصلاح، وذكر في موضع آخر القول بأنه كفر.
ولهذا قالوا في الموسوعة الفقهية بعد أن نقلوا الإجماع على أن من سجد لصنم أو شمس ونحوهما أن ذلك كفر بالإجماع، وأن من سجد لجبار أو ملك فقد انعقد الإجماع على أنه أتى كبيرة ثم قال: "كما أجمعوا على أن السجود لغير صنم نحوه , كأحد الجبابرة أو المملوك أو أي مخلوق آخر هو من المحرمات وكبيرة من كبائر الذنوب , فإن أراد الساجد بسجوده عبادة ذلك المخلوق كفر وخرج عن الملة بإجماع العلماء , وإن لم يرد بها عبادة فقد اختلف الفقهاء فقال بعض الحنفية: يكفر مطلقا سواء كانت له إرادة أو لم تكن له إرادة , وقال آخرون منهم: إذا أراد بها التحية لم يكفر بها , وإن لم تكن له إرادة كفر عند أكثر أهل العلم ".
وفي هذا بيان أن مجرد السجود ولو تحية مختلف فيه بين أهل العلم وليس بإجماع وكلام السرخسي وغيره ظاهر في هذا المعنى.
ويبقى تحرير قول الجمهور؟
هل أرادوا بسجود العبادة سجوداً غير السجود المقرون بالتعظيم؟
فأنت ترى إجماعهم على أن من سجد عبادة فهو كافر؟ فهل من سجد تعظيماً لم يصرف عبادة لغير الله؟
أقول من سجد تحية وإكراما نتفق على أنه لم يصرف عبادة لغير الله، أما من سجد تعظيماً فقد أفادت النصوص أنه أتى عبادة لا تحل لغير الله.
والذي يظهر من كلام بعض أهل العلم ومن تأمل تفريقهم بين السجود للشمس والصنم ونحوهما، وبين سجودهم للكبراء والجبابرة، بدى له جلياً اعتبار قصد التعظيم في كل منهما.
فإن الذي يسجد للشمس أو الصنم لا يمكن أن يكون محيياً مكرماً، بل لابد أن يكون معظماً ولهذا قطع بكفره، أما من يسجد لجبار فقد يكون على وجه التحية والإكرام، فالبشر يعقلون هذا المعنى دون الكواكب. وإذا كان التعظيم المصروف للمعظم مقترناً بكليهما فما عاد وجه للتفريق.
ولا أنكر أن بعض أهل العلم أطلق القول بأن قول الجمهور أن من سجد تعظيماً أو إجلالاً لاعبادة لا يكفر بذلك بل هو ظاهر عبارة الذهبي، ولكن هذا القول من حيث النسبة يحتاج إلى تحرير ومن حيث صوابه كذلك.
و في كلام الأئمة ما يفيد عدم التفرقة و أن سجود التحية متضمن للتعظيم فمن ذلك:
...
...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/99)
يقال في هذا ما قيل في الذي قبله، وقد قال بأن السجود كان تعظيماً من هو أجل من الزجاج، وكما لايخفاكم فإن بعض النقول ليست نصاً في التعظيم، وإن كانت نصاً فليست –إن ثبتت- حجة بل هي مرسلات عن أتباع تابعين يرونها عن أخبار الأمم الماضين، كما روي خلافها فقد روي أن السجود كان تحية القوم فيما بينهم وليست خاصة بالملوك، وإن كانت تحية الملوك والكبراء فليس بلازم أن تكون لأجل التعظيم بل هو الإكرام الذي يليق بهم في عرفهم، ولهذا يقدم حق هذا الإكرام الموافق لهم والمخالف.
ثم فرق بين أن يقال الأمر بالسجود فيه تشريف وتكريم وتعظيم، وبين أن يقال سجد الرجل للرجل تعظيماً.
وقلتم بارك الله فيكم
فهنا صورتان:
الأولى: رجل يريد التقرب إلى الله تعالى بتعظيم أوليائه بشيء ظنه مشروعاً وهو السجود تحية لهم.
والثاني: رجل أراد أن يتقرب لصاحب القبر بالسجود له.
وهناك صورة ثالثة و هي أن الساجد سجد تعظيماً لاعتقاده أن المسجود له يستحق هذا السجود ولم يرد بذلك التقرب إلى الله و لا التقرب ـ تعبداً ـ للمسجود له ...
طالما أثبتم التعظيم فإما أن يكون مصروفاً لله وهذا هو القسم الأول أو مصروفاً لغير الله وهذا هو القسم الثاني، ولايمكن إثبات تعظيم غير متعلق بأحدهما.
فالتعظيم من حيث هو عبادة وعمل قلبي جليل لابد له من معظم متعلق به.
، وأظهر مثال لذلك حديث معاذ رضي الله عنه ففي المسند من حديث عبد الله بن أبي أوفى قال: قدم معاذ اليمن أو قال: الشام فرأى النصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها فروَّأ في نفسه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يُعظَّم فلما قدم قال: يا رسول الله رأيت النصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها فروَّأت في نفسي أنك أحق أن تُعظَّم ... الحديث، قال الألباني رحمه الله صحيح على شرط مسلم
و هذا صريح في أن الباعث لمعاذ على السجود للنبي صلى الله عليه و سلم هو التعظيم، و مع ذلك فلم ينكر عليه النبي عليه السلام إنكاره على الذين قالوا اجعل لنا ذات أنواط و لا إنكاره على الذي قال له ما شاء الله و شئت، و هذا مشعر بأن السجود له عليه السلام سجود تعظيم ليس شركاً.
فيقال أولاً:
هذا الحديث –أحسن الله إليكم- من رواية القاسم بن عوف، وهو مختلف فيه والأقرب كما قرر شيخنا عبدالله السعد أنه لين لايحتج به، قال: وهذا مذهب الجمهور، وقد احتج به مسلم في حديث واحد ليس له غيره عنده والحديث هو: "صلاة الأوابين حين ترمض .. ".
وعلى كل حال تفرد القاسم بهذه الزيادة، وتفرد مثله لايحتج به، والعلامة الألباني رحمه علق بما يفيد شكه في هذا الحديث في الإرواء 7/ 57.
وجاء من حديث معاذ هذا من طريق الحاكم والطبراني وغيرهما أنها كانت تحية الأنبياء ولم يورد ذكر التعظيم.
بل روى من حديث شريك بسنده عن قيس بن سعد رضي الله عنه ما هو أصلح من هذا صححه الحاكم ووافقه الذهبي –وجاء من غير طريق شريك كما عند البيهقي بإسناد حسن لعل بعض من ضعف أثر شريك من أهل العلم لم يقف عليه- ما يفيد أن السجود كان تحية، فقد روى أبوداود وغيره عن قيس بن سعد قال أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم فقلت رسول الله أحق أن يسجد له قال فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت إني أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم فأنت يا رسول الله أحق أن نسجد لك قال أرأيت لو مررت بقبري أكنت تسجد له قال قلت لا قال فلا تفعلوا لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل الله لهم عليهن من الحق.
فبين أنه استقر في نفوسهم ترك السجود لقبره إذا لاتتصور تحيته بذلك ولا تنبغي، ولو كان الشأن تعظيماً لما اختلف عنه في قبره أو حياته الدنيوية صلى الله عليه وسلم، فتعظيمه مطلوب حياً وميتاً.
ثم يقال ثانياً:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/100)
إن سلم أنه تعظيم فالنبي صلى الله عليه وسلم أنكر هذا ولم يقره مع احتماله، وبين أنه لاينبغي لأحد أن يسجد لأحد، وهذا يبين بأن سجود معاذ رضي الله عنه لا ينبغي إلاّ لله، فقد علم أن السجود تعظيماً للخالق سبحانه مشروع بل هو عبادة يتقرب إلى الله بها عند ورود أسبابها. وقد جاءت بذلك ألفاظ ذكرها أهل العلم قال شيخ الإسلام: " وحديث معاذ لما رجع من الشام فسجد للنبي فقال ما هذا يا معاذ فقال رأيتهم في الشام يسجدون لأساقفتهم ويذكرون ذلك عن أنبيائهم فقال يا معاذ أرأيت لو مررت بقبري أكنت ساجدا له قال لا قال فلا تسجد لي فلو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها فمن لا ينهى الضالين عن مثل هذا الشرك المحرم بإجماع المسلمين كيف ينهى عما هو أقل منه".
وقال: " ولما سجد له معاذ نهاه وقال أنه لا يصلح السجود إلا لله ولو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها".
وقال الإمام ابن القيم: " وقال: [لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد] وأنكر على معاذ لما سجد له وقال: مه! وتحريم هذا معلوم من دينه بالضرورة وتجويز من جوزه لغير الله مراغمة لله ورسوله وهو من أبلغ أنواع العبودية فإذا جوز هذا المشرك هذا النوع للبشر فقد جوز العبودية لغير الله".
وقلتم أيضاً
وأما الصورة الأولى فالأظهر أنها شرك أكبر كذلك لأن تعظيم الرجل بالسجود له صرف لضرب من أضرب التعظيم المختصة بالله لذلك الرجل
فهذا إنما يكون حال كون السجود لا يكون إلا عبادة أما إن صح تقسيمه إلى عبادة و غير عبادة، فلا ينطبق هذا الكلام على من يسجد لغير الله سجود تحية و إن أراد بذلك التقرب إلى الله، لأن سجود التحية لا يشرع لله تعالى فضلاً عن أن يكون مختصاً بحنابه سبحانه، و يرد على هذا الكلام أن السجود لا ينفك عن تعظيم المسجود له، و هذا من مواطن الإشكال في المسألة، و قد يجاب عنه بأن التعظيم بالسجود إن ثبت كونه سائغاً في الأمم السابقة انتفى كونه مختصاً بالله عز وجل، و حيث إن العقائد لا تنسخ فإنه يكون في شرعتنا محرماً دون أن يصل إلى درجة الشرك.
سجود التعظيم عبادة بخلاف مجرد السجود لتحية أو لإكرام.
وأما القول بأن السجود لاينفك عن تعظيم المسجود له فقد بين أنه لا يلزم لغة ولا نعلم لزومه في عرف الأمم الماضية.
ولم يثبت أن سجود التعظيم في الأمم السالفة كان حقاً لغير الله كما أشير إلى هذا مراراً وغاية ما تذكر أقاويل –وإن سلم بدلالة بعضها- لا تثبت بها حجة خالفتها مثلها.
ثم إن مسألة نسخ التوحيد الذي يظهر أنها محل تفصيل وإجمال، أما كون العقائد لا تنسخ فهذا حق إلاّ أن تعلقه بموضوعنا محل بحث، فإن التوحيد والشرك متعلق بالدين كله، فما كان منه من قبيل الأخبار المحققة كإثبات صفات الله واليوم الآخر وما تعلق بوعده ونحو ذلك فلا يجوز عليه النسخ إذا النسخ لها كذب في الوعد أو الإخبار.
بخلاف العبادات فإنه يجوز بإجماع أهل السنة أن تشرع عبادة لم تكن في الأمم السابقة، فإن شرعت فهي محض حق الله تعالى، وصرفها إلى غيره شرك، ويجوز أن تنسخ عبادة كانت مشروعة في الأمم السابقة فإن نسخت فليست بمشروعة ولايكون إتيانها شركاً إلاّ إن قصد التعبد إلى المعبود بها. فمن قتل نفسه من بني إسرائيل توبة لله أتى فعلاً من جملة امتثال الأمر والتوحيد، ومن قتل نفسه منهم لغير الله كان مشركاً بفعله، ومن قتل نفسه من هذه الأمة أتى محظوراً لايوصف بالشرك، إلاّ إن فعله على وجه التقرب لغير الله به.
ولذا هم لا يعترضون على نحو هذا بقولهم بقولهم إن العقائد لاتنسخ، وإنما يعترض عليه من يعترض بأنه إن كان حسناً فكيف عاد قبيحاً، والفعل هو هو.
ولا شك أن هذا الاعتراض ساقط فيه ما فيه، بل هو مبطل للقول بالنسخ كله آيل لقول الشيعة وبعض أهل الكتاب الذين أبطلوا النسخ مطلقاً.
وعلى كل حال من توسع في قراءة الأصول يدرك الخلاف في مسألة نسخ التوحيد، وقد نص عليه إن لم تخني الذاكرة ابن حزم في الإحكام له، ومن يتأمل خلافهم عليه أن يراعي مفهوم كثير من الأصولين والمتكلمين ومرادهم بالتوحيد ذلك الاسم الجامع، لكل ما جعله الله من خصائصه سواء في العبادة أو الأسماء والصفات أو غير ذلك.
فبعض المتكلمين يريد به الصفات ونحوها من الأخبار المحققة.
قلتم بارك الله فيكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/101)
ومعلوم أن تحية الكبير والمقدم، يقدمها له المحب، والمبغض الشانئ، طالما كان في سلطانه، فهي لاتستلزم التعظيم المنهي عنه، وغايتها إظهار نوع من الإكرام، أما إثبات هذا القدر من التعظيم قدر زائد عن مدلول الآية في سجود إخوة يوسف.
أما بالنسبة للآية فنعم، بل يعسرجداً تصور أن يعقوب قد سجد لابنه يوسف عليهما السلام تعظيماً، إلا إن قيل أنه بسجوده له إنما كان من جهة كون يوسف عليه السلام عزيز مصر فجرى على عادة الناس في ذلك الزمان من السجود لملوكهم بقطع النظر عن كونه يوسف ابنه لا سيما أن السجود كان حال دخول قوم يوسف عليه و يغلب على الظن أنه كان دخولاً مشهوداً.
أما كون التحية لا تستلزم التعظيم، فالكلام إنما هو على السجود بقصد التحية لا على مطلق التحية، و قد سبق بيان أن التعظيم لازم للسجود الاختياري، أما سجود المكره فهو خارج نطاق البحث.
قلتم –أحسن الله إليكم-:" أما بالنسبة للآية فنعم، بل يعسرجداً تصور أن يعقوب قد سجد لابنه يوسف عليهما السلام تعظيماً" ثم قلتم: " أما كون التحية لا تستلزم التعظيم، فالكلام إنما هو على السجود بقصد التحية لا على مطلق التحية، و قد سبق بيان أن التعظيم لازم للسجود الاختياري ... ".
لا أستطيع فهم انسجامه إلاّ إذا كنتم تشيرون إلى أن سجود يعقوب لم يكن باختيار؟
وعلى كل هذا غير صحيح.
فما هو الدليل العقلي الذي يلزم بأن السجود لايكون إلاّ تعظيماً؟
لماذا لايكون مجرد تكريم من نحو توسيع أحدنا لأخيه في المجلس، ومن نحو قيام أحدنا من مجلس وإجالس الكبير فيه، ونحو ذلك مما يراه الناس حقاً للكبير على الصغير، فتجد الصغير يفعله وإن لم يعرف الكبير إما شفقة عليه أو رحمة به.
وكيف يكون سجودهم لله تعظيماً وقد كان في شريعتهم عبادة يتقربون بها إلى الله، وكذلك سجودهم على نفس الوجه لبشر مهما علا شأنه.
ثم إن سجودهم لهم لم يكن حال دخولهم في ظاهر الآيات بل بعد أن لقيهم ورحب بهم ورفع أبويه على العرش، ولا أخاله ما نزل لتلقي أباه إلاّ يوم رفعه على العرش. بل قال الله تعالى قبلها: (فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين)، فلو استدل به مستدل على تلقيه لهم على مشارف مصر لم يكن مبعداً وقد قال به بعض أهل التفسير وهو الظاهر.
والكلام هنا إنما هو عن السجود للقبر حال كونه تعظيماً بعبادة ما شرعت إلاّ لله، ولا يعني هذا منع مطلق تعظيم ما سوى الله، ولكن المراد المنع من تعظيم ما سوى الله بما يعظم به الله.
و هذا أمر قد ينازع فيه المخالف محتجاً بما ورد من كون هذا التعظيم كان سائغاً في الشرائع السابقة، بل هذا من أقوى حججه على عدم وصف السجود لغير الله على غير معنى العبادة بالكفر، إذ ما لم يكن كفراً أو شركاً في الشرائع السابقة لا يمكن أن يكون كفراً أو شركاً في شريعتنا.
الإشكال بأن قوله السجود تعظيماً كان سائغاً يحتاج إلى دليل وتحرير لا مجرد أقوايل، وإن قيل كان كذلك فالإجماع على أنه منسوخ.
وبقية الكلام سبق تعليق على مثله.
وقال ابن القيم في المدارج: "ومن أنواع الشرك: سجود المريد للشيخ فإنه شرك من الساجد والمسجود له والعجب أنهم يقولون: ليس هذا سجود وإنما هو وضع الرأس قدام الشيخ احتراما وتواضعا فيقال لهؤلاء: ولو سميتموه ما سميتموه فحقيقة السجود وضع الرأس لمن يسجد له وكذلك السجود للصنم وللشمس وللنجم وللحجر كله وضع الرأس قدامه ومن أنواعه".
و مما يؤيده أيضاً قول ابن تيمية في الفتاوى 1/ 74: " والشرك أن تجعل لغيره شركا أو نصيبا فى عبادتك وتوكلك وإستعانتك ... وأصناف العبادات الصلاة بأجزائها مجتمعة وكذلك أجزاؤها التى هى عبادة بنفسها من السجود والركوع والتسبيح والدعاء والقراءة والقيام لا يصلح إلا لله وحده ... "
و أيضاً قوله " ... وكذلك حجرة نبينا صلى الله عليه وسلم وحجرة الخليل وغيرهما من المدافن التي فيها نبي أو رجل صالح: لا يستحب تقبيلها ولا التمسح بها باتفاق الأئمة بل منهى عن ذلك
وأما السجود لذلك فكفر " الكبرى 2/ 439
و لكن يعكر عليه قوله في مجموع الفتاوى [جزء 11 - صفحة 604]
" سئل عن أقوام يرقصون على الغناء بالدف ثم يسجد بعضهم لبعض على وجه التواضع هل هذا سنة أو فعله الشيوخ الصالحون
الجواب لا يجوز السجود لغير الله ... " فلم يقل أنه كفر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/102)
وقوله أيضاً جواباً لسائل آخر " أما تقبيل الأرض ورفع الرأس ونحو ذلك مما فيه السجود مما يفعل قدام بعض الشيوخ وبعض الملوك فلا يجوز بل لا يجوز الإنحناء كالركوع أيضا ... وأما فعل ذلك تدينا وتقربا فهذا من أعظم المنكرات ومن اعتقد مثل هذا قربة وتدينا فهو ضال مفتر بل يبين له وأن هذا ليس بدين ولا قربة فإن أصر على ذلك استتيب فإن تاب وإلا قتل ... وأما فعل ذلك لأجل فضول الرياسة والمال فلا [أي فلا يجوز] وإذا أكره على مثل ذلك ونوى بقلبه أن هذا الخضوع لله تعالى كان حسنا مثل أن يكره كلمة الكفر وينوى معنى جائزا والله أعلم. "
و لا سبيل للجمع بين أقواله رحمه الله إلا بالتفصيل و أن ما عده كفراً من السجود إنما هو سجود العبادة و لا خلاف على كون صرف شيء منها لغير الله كفر أكبر مخرج من الملة، أما السجود على غير معنى العبادة فبين أنه محرم لكن لم يطلق حكم الكفر عليه، و في كلامه الأخير أكبر دليل على كونه يفصل هذا التفصيل، فالسجود أو الركوع ـ لا على سبيل العبادة ـ للمشايخ أو الملوك ـ والغالب عليه أنه للتعظيم ـ لا يجوز، أما إن قصد به التقرب و التعبد لله فهو من أعظم المنكرات لأنه إحداث في الدين ما ليس منه فضلاً عن كونه محرماً، فمن بين له ذلك و أصر على اعتقاده استتيب لاستحلاله ما حرم الله ـ وهذا كفر ـ لا لمجرد السجود، و أيضاً من فعل هذا الفعل المحرم من السجود أو الركوع لا على سبيل التعظيم بل لعرض من الدنيا فلا يكفر بمجرد فعله و إن كان أتى محرماً، أما المكره فلا شيء عليه.
و أحسب أن التفصيل المذكور هو مذهبه في المسألة رحمه الله.
أخي الكريم كلام شيخ الإسلام هذا ليس فيه تعارض حتى نحتاج للجمع إلاّ إذا قررت أصلاً مسبقاً، أما إذا أخذته على ظاهره فليس فيه تعارض أصلاً، فهو لم يتطرق لسجود التعظيم ولم يعد هذا الضرب غير سجود العبادة.
وليست القضية هي أن هناك سجود لا يرقى إلى الكفر، هذا يقول به شيخ الإسلام ويقول به علماء الإسلام قديماً وحديثاً، وصاحبك لايناقش في هذا بل يظهر له أن سجود التحية والإكرام ليس بكفر بل هو بدعة منكرة إذا صرف لبشر حي معظم. ولكن الكلام عن سجود التعظيم والإجلال والذي يؤيده ظاهر النقل عن الذهبي في معجمه.
فأنتم –أحسن الله إليكم- قررتم أنه لايكون سجود بغير تعظيم فوقع عندكم التعارض في كلام شيخ الإسلام فوفقتم برأي وتقسيم.
مع أن شيخ الإسلام أطلق بأن السجود للقبر كفر، ولكنه استثنى صورة وهي من سجد على وجه لأجل ولأجل فقط المال ونحوه، فمثل هذا ليس معظماً للمسجود له ولا عابداً له بل غاية مراده المال.
فلا يصح أن يستثنى من إطلاقه غير ما استثناه هو ونحوه مما يلحقه.
كما أني ألحظ أن هذا التفريق في السجود (بنحو ما قيد به) يقول به شيخ الإسلام عند غير السجود للقبر، وكأنه فرق بين السجود للقبر والسجود للبشر، ولا أجزم به فالأمر يحتاج إلى تتبع كلامه.
وقد سبق النقل وبيان أن أهل العلم يفرقون بين السجود للصنم والشمس وما في معناهما فهو عندهم كفر بإجماع أهل العلم.
وأما السجود لبشر فهو محل الخلاف والتفريق.
أما الخلاف فعده بعضهم مطلقاً كفر.
وأما التفريق ففرق بعضهم بين سجود التحية وبين سجود العبادة.
وأجمعوا على أن سجود العبادة كفر.
أما سجود التحية فأجمعوا على أنه حرام، والجمهور على أنه ليس بكفر وهذا يراه صاحبك أقرب.
ولكن هل سجود التعظيم من قبيل سجود العبادة أو هو من قبيل سجود التحية؟
الذي يظهر هو الأول، وإطلاق شيخ الإسلام يشهد له فلم يستثنه.
وهذا محور الحديث.
ثم إذا تقرر هذا فالذي يقال، هل السجود للقبر من قبيل السجود للشمس أم من قبيل السجود للبشر؟
مسألة رأي شيخ الإسلام فيها يحتاج إلى مزيد تحرير.
قلتم تعليقاً على الإجماع الذي نقله الإيجي:
الذي يظهر أنه إجماع صحيح لا مخصص له، طالما كان السجود تعظيماً للقبر أو المقبور أو غيرهما من المخلوقات.
و لكن يبدو أن لهذا الإجماع تفصيلاً ذكره القرافي رحمه الله و عليه لا يكفر من يسجد تعظيماً للوالدين أو الأولياء أو العلماء، و هو ما أشكل عليه و على العز رحمهما الله.
نعم أحسن الله إليكم هو كما قلتم بعد مراجعة المسألة وجدتهم يفرقون بين السجود لبشر (وهذا فيه تفريق وتفصيل) وبين السجود لشمس أو صنم أو قمر، على ما سبق ذكره.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/103)
أما السجود للقبر فهو محل بحث؛ بأيهما يلحق؟
فهم ما سحبوا الحكم الواحد إلاّ لعدم تصورهم سوجوداً للشمس غير عبادة، فلا يتصور تحية الشمس بالسجود، وقد صرح بعضهم أنه إذا سجد لها لا تألها فيحكم بكفره في الظاهر وإن لم يحكم بكفره في ما بينه وبين الله جرياً على أصول الأشاعرة في الإيمان.
والحاصل فالسجود للقبر قد يقال لايتصور أن يكون لأجل التحية والإكرام.
قلتم بارك الله فيكم
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة أبو البراء الكناني
2. ما الفرق بين قول الشيخ رحمه الله " إلا أن يدعي أنه طاف بالقبور بقصد عبادة الله " و بين ادعاء الساجدين للقبور أو المستغيثين بأهلها أنهم يفعلون ذلك بقصد عبادة الله و التقرب إليه.
الفرق –أحسن الله إليكم- هو أن من طاف بالقبر ظناً منه أن الطواف بكل مشهد معظم مشروع ظن أنه أتى عبادة لله، ولم يصرفها لغيره، كمن تعبد الله بالوقوف تحت الشمس ضحى ظناً منه أن هذا مشروع فقد أتى بدعة منكرة.
إلاّ أن الأول زاد عليه إنشاء ذريعة للكفر.
أما الساجد للقبر والمستغيث به أو بصاحبه فقد صدرت منه عبادة لغير الله ولكنه يظن مشروعيتها فهو كالمشركين الأوائل الذين كانوا يصدرون العبادة للمعبوداتهم ظناً منهم أن الله شرع ذلك (إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى)، فالأول لم يعبد غير الله، بل عبد الله بغير ما شرع، والثاني عبد غير الله وظن أن ذلك مما شرع.
بارك الله فيكم شيخنا، و لكن يبدو أن عبارتي قصرت عن المراد ذلك أن الذي يفهم من كلام الشيخ رحمه الله أن الطواف بالقبور بحد ذاته كفر أكبر إلا أن يدعي صاحبه أنه قصد به عبادة الله فلا يكون كذلك، وعندها يصح استشكالي التفرقة بين الأمرين أعني عدم كفر من قصد بطوافه بالقبور عبادة الله مع كونه في أصله كفر أكبر كما يفهم من كلام الشيخ، و كفر المستغيثين بأصحاب القبور و إن ادعوا أنهم يقصدون بذلك عبادة الله. و هذا كلام الشيخ بتمامه
" حكم من دعا الأصنام واستغاث بها ونحو ذلك بحمد الله ظاهر وهو الكفر الأكبر إلا أن يدعي أنه طاف بالقبور بقصد عبادة الله، كما يطوف بالكعبة يظن أنه يجوز الطواف بالقبور ولم يقصد التقرب بذلك لأصحابها وإنما قصد التقرب إلى الله وحده، فهذا يعتبر مبتدعاً لا كافراً؛ لأن الطواف بالقبور بدعة منكرة، كالصلاة عندها، وكل ذلك من وسائل الكفر. ولكن الغالب على عباد القبور هو التقرب إلى أهلها بالطواف بها، كما يتقربون إليهم بالذبح لهم والنذر لهم، وكل ذلك شرك أكبر، من مات عليه مات كافراً لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين "
أحسن الله إليكم ..
إذا كان الطواف بحد ذاته كفر لم يحتج إلى معرفة قصده ولم يكن له ما دام قاصداً (عامداً غير مخطئ) اعتبار.
ولهذا لو امتهن المصحف (عامداً) وقال أنا والله أعظمه ولكن أمزح أو أحببت أن أغضبكم أو .. لكان كافراً بذلك.
وإنما مراد الشيخ أن الأصل في هؤلاء عبادتهم للقبور أو أصحابها بطوافهم لأن هذا هو حال الناس ولأن ظن الظان بأن الله شرع له الطواف في قبر فلان بعيد، فالحكم بالظاهر عليهم متعين، إلاّ إن علم خلاف ذلك الظاهر من أحدهم، فهذا غاية ما في كلام العلامة عليه رحمة الله.
أو يقال التحية والتعظيم بالسجود ليس عبادة، وهذا مخالف لما دل عليه النص، فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ وغيره أن هذا الضرب من التعظيم لاينبغي إلاّ لله،
نعم شيخنا هو محرم و لا ينبغي و لكن عده كفراً لا يمكن أن يستفاد من حديث معاذ كما سبق بيانه، و الله أعلم.
لم أفهم كيف لايمكن ذلك، إذا أخبره بأنه لاينبغي إلاّ لله فهذا يثبت أنه عبادة، والعبادة دلت الأدلة المتظافرة على أن صرفها لغير الله شرك مخرج عن الملة، اللهم إلاّ إن قيل لم يرد معاذاً سجود التعظيم بل أراد سجود تحية وإكرام كما جاء في بعض الرويات التي تبين أن تحية القوم لأنبيائهم وكبرائهم كانت كذا.
قلتم حفظكم الله
من قال إن من سجد للقبر تحية وإكراماً من جنس سجود الملائكة أو من جنس سجود إخوة يوسف لا تعظيماً أو عبادة. فقد أتى بدعة لا ترقى إلى وصف الشرك الأكبر فقد أصاب وإن حمل كلام الإمام الذهبي عليه فلا إشكال فيه.
لكن كلام الذهبي رحمه الله صريح في قصد التعظيم و التبجيل بالسجود، و سبق بيان أن السجود الاختياري أياً كان سببه يستلزم تعظيم المسجود له
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/104)
ظاهر لفظ الإمام هذا وقد يحتمل إجمالاً أشير إليه، وقد قال به غيره من غير أهل العصمة، كما أشير إليه سابقاً أما اللزوم فلا عقل ولا نقل ولا نعرف عرفاً سابقاً يدل عليه.
، و أن العلماء عدوا سجود الملائكة و سجود آل يعقوب للتعظيم، و أنه كان سائغاً في الأمم السابقة، و كذلك كلام القرافي صريح في ذكر التعظيم فلا يمكن حمل كل ذلك على عدم قصد التعظيم.
اختلفت عباراتهم في هذا وبعضها ظاهره أنه للتعظيم ولا شك ولكن ما الحجة؟
وأنت ترى أن غيرهم قد خالفهم فعد مطلق السجود للتعظيم كفر كما نقل عن السرخسي.
فهذا إما أن يكون معارض لقول أولئك الذين زعموا أنه سجود تعظيم.
وإما أن يكون قولاً بجواز نسخ ذلك، وقد مضت الإشارة إلى ما في هذا من إجمال يحتمل.
أما صفة السجود في الأمم السابقة فإن ما حمل الناس قديماً و حديثاً على صرفه عن ظاهر اللفظ إنما هو ما قام في نفوس الجميع من استشناع أن يسجد لغير الله على الهيئة المعروفة، و لكن الأكثرون من المتقدمين و المتأخرين حملوه على ظاهره.
شكر الله لك؛ ما هو ظاهر السجود؟
هل الظاهر هو السجود الشرعي؟
لايظهر هذا؟
وقد سبق بيان أصل معنى السجود، وما انتقل عن الأصل فهو المعنى المأول لا ما وافقه.
* تفسير ابن كثير [جزء 2 - صفحة 644]
" ولم يزل هذا جائزا من لدن آدم إلى شريعة عيسى عليه السلام فحرم هذا في هذه الملة وجعل السجود مختصا بجناب الرب سبحانه وتعالى هذا مضمون قول قتادة وغيره "
القول بأن السجود مختص بجناب الرب سبحانه في هذه الملة، يحتاج إلى مزيد بيان فهل عنى بها هذه الملة وحدها؟ أم عنى نوعاً من السجود معيناً؟
فإن السجود عبادة للرب سبحانه كان معروفاً في الأمم السابقة، والآيات في هذا المعنى كثيرة، منها قوله سبحانه: (يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين)، (ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون)، (ادخلوا الباب سجدا)، (إن الذين عند ربك لايستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون)، (قل آمنوا به أو لاتؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجداً * ويقولون سبحان ربنا إن كان وعدج ربنا لمفعولا).
إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن السجود لله كان مشروعاً في الأمم الماضية، فإن قيل لم يكن مختصا به مع أنه كان عبادة أجيب بأن العبادة لا تجوز إلاّ لله تعالى.
فدل ذلك على أن سجود التحية شيء، وسجود التعظيم شيء آخر، وأن سجود العبادة مختص به قديماً وحديثاً.
فإذا كان المراد أن سجود التحية حرم في هذه الملة فلم يعد سجود حق لغير الله تعالى فيقال هذا صحيح ولكن سجود التعظيم من أي القبيل؟ هذا هو مربط الفرس.
* فتح القدير [جزء 3 - صفحة 80]
" وقيل لم يكن ذلك سجودا بل هو مجرد إيماء وكانت تلك تحيتهم وهو يخالف معنى: وخروا له سجدا فإن الخرور في اللغة المقيد بالسجود لا يكون إلا بوضع الوجه على الأرض "
و من ألطف ما قرأت مما يبين هذا التنازع بين المستقر في النفوس و ظاهر اللفظ كلام الآلوسي في روح المعاني حيث قال:
[جزء 13 - صفحة 58]
" خروا له سجدا أي على الجباه كما هو الظاهر وهو كما قال أبو البقاء حال مقدرة لأن السجود يكون بعد الخرور وكان ذلك جائزا عندهم (ثم ذكر أقوالاً أخرى قيلت في هيئة السجود إلى أن قال) وأنت تعلم أن اللفظ ظاهر في السقوط ... والقلب يميل إلى أنه كان انحناء كتحية الأعاجم وكثير من الناس اليوم، ولا يبعد أن يكون ذلك بالخرور "
سبقت الإشارة في رد سابق إلى أن الله تعالى قال: (ويخرون للأذقان) بهذا التقييد ظاهر في الهوي على الوجوه، وقيل: "فتقييد الانحطاط بالوجوه والأذقان يفهم منه معنى السجود المعروف، بخلاف اللفظ إذا لم يقيد فقد يفهم منه الانحطاط جالساً على سبيل الإكرام.
ويشير إلى هذا المعنى قوله في أول السورة: (إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر لي ساجدين)، ولا يتصور ذلك في الكواكب إلاّ بانحطاطها له، فجاء تأويل الرؤيا مثلها، ومن تأمل الآثار الفرعونية والرسوم الرومانية ونحوها لحظ أن سجودهم هو انحطاط في جلسة أشبه بالجلوس على أطراف القدمين مع خفض إحدى الركبتين.".
فمن قال من أهل العلم وأئمتنا بأن ظاهر اللفظ يقتضي أن يكون الخرور بالوجه قيل: لايسلم، وسئل عن وجهه ودليله في تعيين هذا التقييد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/105)
فهو محتمل كما أشير إليه.
ولايلزم من خر أن يخر الرجل على وجهه ساجداً بل هذا تقييد بغير مقيد للخرور، ولهذا لما أراده في الآية ذكره، وإذا كان هذا هو الظاهر لم يكن لذكره في قوله: (ويخرون للأقان) كبير فائدة، ولأصبح قول فحول الشعراء:
فخر صريعاً لليدين وللفم
حشو لا معنى له لأنه معروف ظاهر.
بل لما أصبح لتقيد الخرور بالسجود فائدة فكل خار على هذا التقدير ساجد.
والصحيح أن (خر) أصل واحد عند العرب كما قال ابن فارس: هو اضطراب وسقوط مع صوت.
فالذي يظهر أنه أراد من هذا التعبير تصوير كيف ميلهم وانخفاضهم فذكر أنه خرور وانصباب له صوت، ولايلزم منه أن يكون وجهه على الأرض أو معتمداً على يديه وإن لم يكن وجهه عليها، أو غيره، بل كله محتمل، ولعظم الاحتمال ما العلامة الألوسي إلى ما نقلتموه عنه، والله أعلم.
قلتم شيخنا
فقوله (سجود المسلم لقبر) مجمل قد يريد به صرف العبادة للقبر، وقد يريد به سجود المسلم لله لتعظيم القبر، ويفهم هذا من قوله على سبيل التعظيم والتبجيل أنه لا على سبيل آخر، ومن وصفه الساجد بالإسلام.
و قولكم حفظكم الله أن الذهبي رحمه الله ربما أراد صرف العبادة للقبر أشكل علي جداً فكيف يكون مثل ذلك عند الذهبي رحمه الله " لا يكفر به أصلاً "؟
و أما حملكم كلامه على أن المراد " و كذلك القول في سجود المسلم لله تعظيماً وتبجيلاً لقبر النبي صلى الله عليه وسلم ... " فمبني على عدم التفريق بين سجود التعظيم و سجود العبادة و أنه لا يصح في شرعنا و شرع من سبقنا إلا لله و هذا شيخنا هو الأصل الذي بنيتم عليه كلامكم في المسألة، و الذي يظهر من كلام العلماء التفريق بينهما.
أقصد بالعبادة في الكلام المذكور التعظيم بالسجود، فهذه هي العبادة التي أردتها أحسن الله إليكم، ولعل هذا التفسير يوضح وجه الكلام، وأما بقيته فسبق المرور عليه.
و قولكم
أما التعظيم المشروع الذي أمر الله بإبدائه لبعض الخلق كالوالد والنبي صلى الله عليه وسلم فإبداؤه لمن أمر الله عبادة لله يثيب الله فاعلها، طالما كانت مشروعة، فإن بذل له ضرباً من التعظيم الذي هو من خصائص الله فقد جاء كفراً ومنه السجود تعظيماً لا للمجرد التحية،
فقد سبق قول ابن تيمية رحمه الله " وأما السجود فشريعة من الشرائع إذ أمرنا الله – تعالى – أن نسجد له، ولو أمرنا أن نسجد لأحد من خلقه غيره لسجدنا لذلك الغير – طاعة لله عز وجل – إذ أحب أن نعظم من سجدنا له، "
فيفهم من كلامه أن التعظيم لازم للسجود و أن السجود تعظيماً ليس كفراً و إلا لكان من المحال أن يأمر به الله فلا يمكن أن يضرب المثل بمحال في حق الله، و هو أمر قد وقع فعلاً من الله عز و جل للملائكة بالسجود لآدم، و الله عز و جل يرضى لعباده الكفر فضلاً عن أن يأمرهم به.
الإمام لم يقل السجود تعظيماً ليس من خصائص الله. ولا قال التعظيم لازم السجود، وإنما قال لو أمرنا أن نسجد لأحد من خلقه غيره لسجدنا لذلك الغير طاعة لله. الذي أحب أن نعظم ذلك لمسجود له بالسجود.
وهذا كقوله بعدها: "ولو لم يفرض علينا السجود لم يجب البتة فعله".
فالأمر بالسجود لغير الله تعظيماً له محض فرض، كما فرض أنه إن لم يفرض علينا السجود لم يجب فعله.
والواقع أن الله فرض السجود وأوجبه لنفسه، ونهى عن أن يسجد لغيره.
وكلا هذين ليس عكسه بمستحيل عقلاً لولا ورود الشرع. لا لأن الشرك غير مستقبح ولا مستحيل الأمر به في العقول، ولكن لأن خصائص الله وما ينبغي له هو ما يعلمنا الله به.
فإن أعلمنا أن السجود تعظيماً لخلق من خلقه ليس من خصائصه وأنه من قبيل الشكر أو الحمد للمحمود لما كان فيه إشكال، وهذا غابة ما في كلام شيخ الإسلام.
هذا وقد علم في شرع الله أن الله أوجب لنفسه سجود تعظيم وإجلال، فينبغي أن لايصرف لغيره، والله أعلم.
أما قولكم
وإذا صح التفريق بين هذه الثلاثة فإن من ظن أن السجود تحية مشروعة تليق بالأكابر وأن تكريمهم على هذا الوجه ليس فيه محظور فلا يقال أتى شركاً، بل لو علم أن تلك التحية منهي عنها فحيا بها لم يكن بذلك كافراً أو مشركاً شركاً أكبراً.
فأنتم تعنون بلا شك (ما لم يستحلها)
هو كذلك بورك فيكم.
و بناء على ما سبق يمكن القول:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/106)
1. أن من سجد لغير الله قاصداً عبادة الله بذلك فقد ارتكب محرماً لكنه غير مكفر، و أما من قصد عبادة المسجود له فقد أتى كفراً أكبر بلا خلاف.
هذا ظاهر.
2. أن العلماء لم يفرقوا بين سجود التحية و سجود التعظيم بل ساقوهما مساقاً واحداً، فالتفريق يحتاج إلى دليل لأن السجود الاختياري متضمن تعظيم المسجود له.
أحسن الله إليكم بل فرق بعضهم كما نقل أولاً، وأجمل بعضهم بغير تفصيل في التحية وهم الأكثرون، ونص بعضهم على أن التعظيم إن كان في التحية فليس بشرك.
3. نهي النبي عليه السلام عن السجود له تعظيماً دليل على أن هذا لا ينبغي و لكن ليس فيه الحكم على هذا السجود أنه عبادة لأن هذا كفر أكبر ما كان النبي عليه السلام ليؤخر بيانه، و هنا يمكن أن يقال أن قصد المعظِّم بالسجود هو الذي يحكم على فعله بالكفر إن قصد عبادة المسجود له، أو عدمه إن قصد غير ذلك.
هذا على فرض أن سجود معاذ كان صرفاً للتعظيم على ذلك الوجه الخاص بالله للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد مضى بحث فيه.
ثم إن ثبت هذا فليس فيه دليل على أنه ليس بشرك بل فيه دليل ظاهر على أنه فعل محرم، والشرك من جملة المحرمات: (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئاً).
بل قوله لمعاذ هنا من قبيل قوله لأبي بكر في حديث ابن لهيعة إنه لايستغاث بي وإنما يستغاث بالله والأثر بالطريق المذكور آنفاً ليس أحسن حالاً كثيراً من أثر ابن لهيعة.
وصح في حديث ابن مسعود لما ذهبوا إلى ملك الحبشة وجاء عمرو بن العاص مبعوثاً من قريش قال: "فقال جعفر: أنا خطيبكم اليوم فاتبعوه فسلم ولم يسجد فقالوا له: ما لك لا تسجد للملك قال: إنا لا نسجد إلا لله عز وجل قال: وما ذاك؟ قال: إن الله عز وجل بعث إلينا رسوله صلى الله عليه وسلم وأمرنا أن لا نسجد لأحد إلا لله عز وجل وأمرنا بالصلاة والزكاة" الحديث. والحديث رواه الإمام أحمد والحاكم وغيرهم.
فهذا نص على أن سجود التعظيم في شرعنا محض حق الله تعالى.
4. و يشكل على السابق الإجماع على كون السجود للصنم أو الشمس أو الكواكب تعظيماً لها كفر بقطع النظر عن قصد الساجد عبادتها أو عدمه، و قد يقال حلاً لهذا الإشكال أن كفر الساجد لها إنما هو بسبب تعظيمه ما أمر الله بإهانته أو نهى عن تعظيمه حال كونه اتخذ نداً لله، و عليه فإن قول الإيجي في المواقف: " حتى لو علم أنه لم يسجد لها على سبيل التعظيم واعتقاد الإلهية بل سجد لها وقلبه مطمئن بالتصديق
لم يحكم بكفره فيما بينه وبين الله وإن أجري عليه حكم الكفر في الظاهر" يفهم على أن هذا السجود مظهر من مظاهر التعظيم لما نهى الله عن تعظيمه أو أمر بإهانته مما اتخذ نداً له، فيحكم على فاعله بالكفر في الظاهر.
الله عز وجل لم يأمرنا بإهانة الشمس أو القمر، بل قرر عظمهما وشكر الله عليهما لعظم نفعهما، وتعظيم الله بهما لعظم خلقهما.
ولهذا أقسم بهما، وجعلها من جملة آياته، ولهذا من عظمهما بغير سجوداً حامداً بذلك الله على فضله، وشاكراً لأنعمه كان في عداد المحسنين.
ولكن لعل الوجه الصحيح أن يقال الشمس والقمر لايتصور إرادة المرء بسجوده غير تعظيمهما، فلا يتصور أن يكون مراد الساجد للشمس أو القمر تحية للشمس أو القمر، بخلاف السجود للبشر، وهذا سبقت الإشارة إليه.
5. و قد يكون الحل السابق جواباً على كلام القرافي رحمه الله " فإن قلت الله تعالى أمر بتعظيم الآباء والعلماء ولم يأمر بتعظيم الأصنام بل نهى عنه فلذلك كان كفرا قلت إن كان السجودان في المسألتين متساويين في المفسدة ... إلخ "
ذلك أن المفسدة متحققة بمجرد تعظيم ما اتخذ نداً لله مما نهى عن تعظيمه و إن لم يقترن بسجود أو غيره فهذا التعظيم محادة لله عز و جل، و أما تعظيم من أمر الله بتعظيمهم فليس فيه محادة لله عز وجل فلا يكون كفراً،
مجرد تعظيم الشمس ليس بكفر، وكذلك القمر، وكذلك خلق السماوات والأرض.
وإنما الكفر صرف عبادة مخصوصة محض حق الله لهما، وهي السجود تعظيماً، وهذا ما لاينبغي أن يفرق فيه بين الشمس والبشر طالماً كان التعظيم مخالطاً للفعل.
ولذلك لو استغاث إنسان بصنم أو بشمس أو بقمر فقد أتى شركاً، كما لو استغاث ببشر فيما هو من خصائص الله تعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/107)
ولايدفع عنه وصف الفعل بالكفر هو أن البشر تسوغ الاستغاثة بهم فيما يقدرون عليه بشرطي الحياة والحضور، إذ صرف محض حق الله لغيره أياً كان ذلك الغير.
و لا يعكر عليه اتخاذ البعض للمعظَّمين بإذن الله أنداداً من دون الله كفعل النصارى مع المسيح عليه السلام، لأن فعلهم هذا ليس مانعاً لنا من تعظيمه عليه السلام بل الممنوع هو مجاوزة الحد في هذا التعظيم بصرف شيء منه مما هو حق خالص لله عز و جل لهذا المعظَّم، فإن ثبت أن السجود تعظيماً لغير الله كان سائغاً إلى زمن المسيح ثم حرم في شريعتنا، علم أن صرفه لغير الله على هذا الوجه ليس كفراً بل محرم فقط.
نعم والنصارى ما أشركوا بمطلق تعظيمهم لعيسى ولكن بتعظيم مخصوص، لايجوز لهم ولا يجوز لنا، وما كان مشروعاً لهم من تعظيمه هو مشروع لنا في الجملة.
فمتى جاوز التعظيم المبذول للمعظم حداً لاينبغي إلاّ لله كان شركاً سواء صدر من النصارى أو ممن انتسب إلى غير ملتهم، وكذلك الأمر إن تعلق بغير عيسى عليه السلام. فالمعول على حق الله الذي يجب أن لايصرف لغير الله.
أما إذا ثبت أن السجود تعظيماً كان سائغاً فعندها نعلم أنه ليس محض حق الله، ولله ما أثقلها من كلمة قالها أعلام!
رغم كل ما سبق يبقى إشكال عملي، و هو أن المستقر في أذهان عامة المسلمين أن السجود عبادة، و التفريق بين سجود العبادة و سجود غير العبادة لا يكاد يعلمه إلا القليل، يضاف إلى ذلك أن التحية أو التعظيم عن طريق السجود لا يكاد يكون معروفاً في بلاد المسلمين، فالساجد منهم اليوم للقبور أو الأشياخ لا يخلو عن رجلين، إما رجل غلبته عاطفته و مشاعره فلم يتمالك نفسه فخرج عن وعيه و خر ساجداً و هذا أمره قريب، و إما رجل سجد مختاراً فسجوده هذا مع ما سبق بيانه من المستقر في الأذهان يشعر بمقدار ذا التعظيم الذي استولى على قلبه حتى فعل ما يعلم أنه في أصله عبادة لله، و هذا يشكل جداً عدم الحكم على فعله بالكفر، و لكن لما سبق ذكره من كلام العلماء لا سيما ما نقله القرافي من اتفاقهم، يتوقف المرء عن التصريح بالحكم على هذا الفعل بالكفر.
لعل الحكم بالظاهر هو الذي يلينا فعلينا أن نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر، فإذا كان الظاهر هو ما ذكرتم –بورك فيكم- فيقال ظاهر الفعل كفر، أما الفاعل فالحكم عليه بعد إقامة الحجة.
فإن صرف صارف لم يحكم بإنزال الفعل عليه.
كما قال من قال في من سجد للقمر، فإن صح أنه يريد تحية لظنه أن ذلك مشروع ولايريد صرف عبادة منه للقمر خلاف الظاهر وعلمنا هذا الناقل عن الظاهر حكمنا بأن فعله بدعة لا ترقى إلى حد الكفر.
وهذه قاعدة مطردة في كل فعل ظاهره الكفر، فمن سب الدين ففعله كفر هذا هو الظاهر، فإذا تبين بعد أنه ما أراد الدين ولكن أراد دين ذلك الرجل غير الملتزم بشريعة الرحمن أُدب ولم يحكم بكفره طالما أن ما خالف الظاهر دل عليه ما يفيده.
ولكن عند القضاء لاينتقل عن الظاهر إلاّ ببينة أو قرينة موضحة.
وهذه المسألة بحثها متعلق بمسألة العذر بالجهل.
هذا بعض ما عنّ وقد ضاق الوقت بتفصيل مواضع كان من حقها أن تفصل، وما يظهر أن سجود التحية هو ما كان على وجه التكريم والتوقير والاحترام سواء كان المحيى معظماً أو غير معظم، فإن وقع على وجه التعظيم والإجلال مصروفاً لقبر أو بشر فالأظهر أنه صرف لضرب من أنواع العبادة لغير الله دال على نوع الخضوع الذي قام بقلبه لذلك الشخص أو القبر.
وإذا لم يكن السجود تعظيماً وخضوعاً للمسجود له عبادة فما هي العبادة إذن؟
ومع ذلك فالمسألة لاتزال محل بحث ونظر، ولاسيما أن الخلاف فيها بين أهل العلم قديم كما رأيت، ومثل هذه المسائل التي خالف فيها مثل من خالف لاينبغي أن يتسرع في إنزال أحكام عظيمة بمثلها.
وما قيدته هنا ضرب من المذاكرة والمدارسة أسأل الله أن ينفعني به والقارئين، والله المستعان وهنو وحده المسؤول أن يوفق للحق ويهدي للصواب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[26 - 02 - 06, 05:13 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/108)
جزاكم الله خيراً شيخنا الفاضل الأديب الأريب حارث الهمام على سعة صدركم و أناتكم في الرد على محبكم، و أنا إن كان في كلامي ما يوحي بأنني أعترض عليكم و أرد على بعض كلامكم فهذا إنما هو من باب ما يغلب على النقاش في المسائل العلمية، و إلا فإنه ليس لمثلي إلا أن يقف من مثلكم موقف التلميذ من شيخه، فمعذرة إن بدا مني غير ذلك.
قلتم شيخنا (وقد دلت الأدلة على أن السجود تعظيماً من جملة العبادة،)
و لكن ألا تتفقون معي على أن هذا هو أصل المسألة؟ أعني بذلك أن المخالف يفرق بين سجود التعظيم و سجود العبادة، فلو أنه كان يرى السجود تعظيماً من جملة العبادة و لو كان هذا الأمر متفقاً عليه لما كان هناك خلاف أصلاً حول حكم سجود التعظيم لغير الله. فبناء عليه أسأل سؤالاً ـ في القلب منه غصة ـ ماهي الأدلة على أن السجود تعظيماً من جملة العبادة؟ لا سيما و أنكم قلتم في مشاركتكم الأولى
(وأما السجود تعظيماً وإجلالاً للمقبور ظناً منه أن ذلك من جملة تعظيمه المشروع، فمسألة مشكلة كذلك)
فلو كانت الأدلة تدل على أن السجود تعظيماً من جملة العبادة فما وجه الإشكال في المسألة؟
و من جهة أخرى إذا كان السجود لا يستلزم التعظيم لغة كما قلتُم فما الدليل أن سجود المؤمن تعبداً لله فيه تعظيم لله؟
قلتم حفظكم الله (ولعل الحق أنه لم تصح حجة في أن السجود المذكور في سورة يوسف، أو التي أمرت به الملائكة كان سجود تعظيم مصروف ليوسف من دون الله تعالى.)
إن قول من قال من السلف أن هذين السجودين كانا للتعظيم لايستلزم أنه يقول أن هذا السجود هو صرف لحق من حقوق الله لآدم أو يوسف عليهما السلام، و بيان ذلك أن السجود إما أن يكون عبادة أو غير عبادة فكل سجود عبادة فيه تعظيم للمسجود له، و ليس كل سجود تعظيم يكون عبادة للمسجود له.
إن الذي حاولت قوله سابقاً أن العلماء من السلف و الخلف إن ذكر بعضهم التحية دون التعظيم أو ذكروها مقترنة به فليس ذلك من قبيل التفرقة في الوصف التي ينبني عليها التفرقة في الحكم، فنحن مثلاً نقول لمن يقف لتلقي القادم أنه وقف تحية و نقول أنه وقف تبجيلاً و نقول وقف توقيراً و تعظيماً لقدره و لا نريد بذكر التحية منفردة تارة و التبجيل منفرداً تارة أو التعظيم تارة أخرى أن نثبت تغايراً أو فرقاً و اختلافاً بين تلك المعاني لأن كل هذه المعاني متحققة في هذا الوقوف، و يبين هذا الأمر من واقع مسألتنا قول ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى 4/ 361: " ثم يقال السجود على ضربين سجود عبادة محضة وسجود تشريف ... " و كان قد قال قبل ذلك بقليل " فسجود الملائكة لآدم عبادة لله وطاعة له وقربة يتقربون بها إليه وهو لآدم تشريف وتكريم وتعظيم وسجود أخوة يوسف له تحية وسلام ... " فدل ذلك على أنه يسوق سجود التشريف و التكريم و التعظيم و التحية والسلام مساقاً واحداً بلا فرق و أن كل هذه السجودات بما فيها سجود التعظيم ليس لازماً أن تكون من جنس سجود العبادة.
إن من الأدلة على أنهم لم يفرقوا هذه التفرقة أن أحداً لم ينكر على من قال أن السجود ليوسف كان تعظيماً قائلاً لا بل كان تحية لا تعظيماً، نعم ذكر بعضهم التحية دون التعظيم و ذكر البعض الآخر التعظيم دون التحية و جمع بينهما آخرون و لم يكن مراد أي منهم التفرقة بين السجودين فلابد لإثبات مرادهم التفرقة من بيان.
أما المنكرون فهم إنما أنكروا أن يكون هذا السجود هو السجود بالهيئة المعروفة فقالوا بل إيماءً أو انحناءً، و ما ذاك ـ و الله أعلم ـ إلا لكونهم لم يتقبلوا أن يجوز السجود لأحد من الخلق على أي صورة تحية كان أو تعظيماً أو غير ذلك.
قلتم شيخنا (فبعضهم قال إن سجود إخوة يوسف تعظيم ليوسف عليه السلام، وقيل نحو ذلك في سجود الملائكة لكن ما هي حجة هذا القول؟ هل لمن قاله دليل؟)
رغم أنني لا أميل لما ذكرتموه من كون العلماء قد فرقوا بين سجود التحية و سجود التعظيم إلا أنني أقول أنه لو سلمنا بالتفرقة فلا حجة أيضاً للقائلين بأنه سجود تحية، هذا إن أريد بالحجة و الدليل النقل عن المعصوم عليه السلام.
أما إن أريد غير ذلك كاللغة والعقل فيأتي إن شاء الله في التالي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/109)
قلتم حفظكم الله (ولست أنكر بأن السجود في اللغة من معانيه المستخدمة الخضوع والتذلل، ولكن ليس هذا أصله –على الصحيح-الواجب حمله عليه ما لم تدل قرينة على خلافه.)
فإذا قلت ما أصله، أقول قال ابن فارس: السين والجيم والدال أصل واحد مطرد يدل على تطامن وذل.
فسواء كان أصل السجود هو الخضوع و التذلل أو كان التطامن و الذل فكلاهما يدل على ذل الساجد للمسجود له، سواء سجد طوعاً أو كرهاً، راضياً مختاراً أو كارهاً مجبراً، فأي فرق كبير بين القولين؟
فمن سجد لأي أحد راضياً مختاراً فقد أذل نفسه للمسجود له و ما ذاك إلا لما قام في قلبه من تعظيم للمسجود له، و إلا فلماذا يذل نفسه له؟
و سواء كان سجوده هذا تحية أو إكراماً أو تشريفاً فإنه يكون بذلك قد أذل نفسه للمسجود له ـ على الصحيح من أصل السجود كما ذكرتم ـ و هذا يستلزم تعظيم المسجود له كما هو ظاهر، و الله أعلم.
فإذا كان الذل هو أصل السجود فيكون لازماً من لوازمه لا ينفك عنه، فحتى المكره على السجود و المبغض للمسجود له فإن الذل لازم له من سجوده، فإن اختار المرء لنفسه هذا السجود و هذا الذل و رضي به فلا ريب أن ذلك لا يكون منه إلا تعظيماً للمسجود له، و لذلك يصح و الله أعلم القول بأن التعظيم لازم للسجود الاختياري.
إذا صح ما سبق فيمكن القول أن اللغة و العقل يستلزمان أن يكون الساجد مختاراً راضياً معظماً للمسجود له.
(قلتم شيخنا فإنه إن ثبت أن التعظيم من أصل السجود لاينفك عنه فإن الخروج عن الأصل لأدلة تحريم السجود تعظيماً لغير الله.)
إن ثبت أن التعظيم من أصل السجود فهذا يعني أن السجود لغير الله لم يكن كفراً في شريعة من قبلنا لأنه كان جائزاً فهل يمكن أن يكون كفراً في شرعنا لأنه حرم فيه؟
وقلتم بارك الله فيكم
فهنا صورتان:
الأولى: رجل يريد التقرب إلى الله تعالى بتعظيم أوليائه بشيء ظنه مشروعاً وهو السجود تحية لهم.
والثاني: رجل أراد أن يتقرب لصاحب القبر بالسجود له.
فقلتُ وهناك صورة ثالثة و هي أن الساجد سجد تعظيماً لاعتقاده أن المسجود له يستحق هذا السجود ولم يرد بذلك التقرب إلى الله و لا التقرب ـ تعبداً ـ للمسجود له ...
فقلتم (طالما أثبتم التعظيم فإما أن يكون مصروفاً لله وهذا هو القسم الأول أو مصروفاً لغير الله وهذا هو القسم الثاني، ولايمكن إثبات تعظيم غير متعلق بأحدهما.
فالتعظيم من حيث هو عبادة وعمل قلبي جليل لابد له من معظم متعلق به.)
نحن نتفق شيخنا أن في العبادة تعظيماً للمعبود، و أنه ليس كل تعظيم عبادة، فهذه الصورة الثالثة التي ذكرتُها مبنية على فرض أن سجود التعظيم ليس بالضرورة أن يكون سجود عبادة، و أنا لم أعن ِ أن هذا التعظيم ليس متعلقاً بأحد بل هو متعلق بالمسجود له لكن لا على وجه عبادته، فهذه الصورة هي الموافقة لما يفهم أنه قول الجمهور في المسألة كما قلتم و هو الذي سبب لدي الإشكال و ما تبعه من فتح الموضوع كما لا يخفى عليكم.
قلتُم بارك الله فيكم (بل روى من حديث شريك بسنده عن قيس بن سعد رضي الله عنه ما هو أصلح من هذا صححه الحاكم ووافقه الذهبي –وجاء من غير طريق شريك كما عند البيهقي بإسناد حسن لعل بعض من ضعف أثر شريك من أهل العلم لم يقف عليه- ما يفيد أن السجود كان تحية ... فبين أنه استقر في نفوسهم ترك السجود لقبره إذا لاتتصور تحيته بذلك ولا تنبغي، ولو كان الشأن تعظيماً لما اختلف عنه في قبره أو حياته الدنيوية صلى الله عليه وسلم، فتعظيمه مطلوب حياً وميتاً.)
و هذا شيخنا قد يجاب عنه بأجوبة:
1. المرزبان هو أَحَدُ مَرَازِبة الفُرْسِ وهو الفارِسُ الشُّجاعُ المقدّمُ على القَوْمِ دون المَلِك وهو مُعَرَّب وحكي عن الأَصمعي أَنه يقال للرئيس من العجم مَرْزُبان، و تخصيصهم المرزبان بالسجود يشعر بأن سبب ذلك هو التعظيم، و قد ذكرتمُ في صة النجاشي أن السجود له سجود تعظيم فهذا مثل ذاك.
2. يدل أيضاً على أن سبب السجود هو التعظيم قول قيس رضي الله عنه " رسول الله أحق أن يسجد له " و لو كان الأمر مجرد تحية خالية من التعظيم لاستحسن قيس هذه التحية لكل المسلمين.
3. تعليق الأمر بسجود النساء للرجال بـ " لما جعل الله عليهن من الحق " و لفظ ابن حبان " لما عظم الله عليها من حقه " يشعر أيضاً بنوع تعظيم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/110)
4. أن ترك السجود لقبره صلى الله عليه و سلم مع كونه مستقراً في نفوسهم لكن هذا قد يكون لما علموه من نهيه عليه السلام عن اتخاذ القبور مساجد و عن الصلاة إلى القبور، و هو أظهر من أن يكون لسبب التحية و التعظيم.
5. لو لم يكن في الحديث دلالة على التعظيم فإفادته كفر من سجد لغير الله ـ كما ذكرتم في موضع آخر ـ تعني كفر من سجد لغير الله مطلقاً تحية كان ذلك أو تعظيماً، و أنتم بارك الله فيكم فرقتم.
أما قولكم بارك الله فيكم (ثم يقال ثانياً:
إن سلم أنه تعظيم فالنبي صلى الله عليه وسلم أنكر هذا ولم يقره مع احتماله، وبين أنه لاينبغي لأحد أن يسجد لأحد، وهذا يبين بأن سجود معاذ رضي الله عنه لا ينبغي إلاّ لله، فقد علم أن السجود تعظيماً للخالق سبحانه مشروع بل هو عبادة يتقرب إلى الله بها عند ورود أسبابها. وقد جاءت بذلك ألفاظ ذكرها أهل العلم قال شيخ الإسلام: " وحديث معاذ لما رجع من الشام فسجد للنبي فقال ما هذا يا معاذ فقال رأيتهم في الشام يسجدون لأساقفتهم ويذكرون ذلك عن أنبيائهم فقال يا معاذ أرأيت لو مررت بقبري أكنت ساجدا له قال لا قال فلا تسجد لي فلو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها فمن لا ينهى الضالين عن مثل هذا الشرك المحرم بإجماع المسلمين كيف ينهى عما هو أقل منه".
وقال: " ولما سجد له معاذ نهاه وقال أنه لا يصلح السجود إلا لله ولو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها".
وقال الإمام ابن القيم: " وقال: [لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد] وأنكر على معاذ لما سجد له وقال: مه! وتحريم هذا معلوم من دينه بالضرورة وتجويز من جوزه لغير الله مراغمة لله ورسوله وهو من أبلغ أنواع العبودية فإذا جوز هذا المشرك هذا النوع للبشر فقد جوز العبودية لغير الله".)
فيقال:
1. كون النبي صلى الله عليه و سلم أنكر هذا السجود و قال " فلا تفعلوا " فإن دل إنكاره على حرمة سجود التعظيم فلا يدل على كونه عبادة مختصة بجناب الله.
2. أما لفظ " لا يصلح السجود إلا لله " فلم أجده في روايات الحديث و الظاهر أن ابن تيمية رحمه الله ذكره بالمعنى حيث قال في موضع آخر (قال فإنه لا يصلح السجود إلا لله أو كما قال)
3. أما وصف ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله هذا السجود بأنه شرك و عبودية لغير الله فليس في كلامهما ما يدل على أنهما يعنيان سجود التعظيم دون سجود التحية.
قلتم شيخنا (ثم إن مسألة نسخ التوحيد الذي يظهر أنها محل تفصيل وإجمال، أما كون العقائد لا تنسخ فهذا حق إلاّ أن تعلقه بموضوعنا محل بحث،)
و موضوع بحثنا هو السجود لغير الله، و السجود لله عبادة أهل السماوات و الأرض، و هي عبادة في شريعة يعقوب عليه السلام كما قلتم لاحقاً " وكيف يكون سجودهم لله تعظيماً وقد كان في شريعتهم عبادة يتقربون بها إلى الله، ... " فعاد مرجع الكلام كله إلى سجود التعظيم هل منه ما هو عبادة ومنه ما ليس كذلك أم أن كل سجود تعظيم يكون سجود عبادة.
قلتم حفظكم الله (قلتم –أحسن الله إليكم-:" أما بالنسبة للآية فنعم، بل يعسرجداً تصور أن يعقوب قد سجد لابنه يوسف عليهما السلام تعظيماً" ثم قلتم: " أما كون التحية لا تستلزم التعظيم، فالكلام إنما هو على السجود بقصد التحية لا على مطلق التحية، و قد سبق بيان أن التعظيم لازم للسجود الاختياري ... ".
لا أستطيع فهم انسجامه إلاّ إذا كنتم تشيرون إلى أن سجود يعقوب لم يكن باختيار؟)
فالجواب في قولي " إلا إن قيل أنه بسجوده له إنما كان من جهة كون يوسف عليه السلام عزيز مصر فجرى على عادة الناس في ذلك الزمان من السجود لملوكهم بقطع النظر عن كونه يوسف ابنه"
أي أن سجود يعقوب عليه السلام تعظيماً لابنه يعسر تصوره من حيث هو ابنه، أما سجوده لعزيز مصر تعظيماً له إن كان جائزاً في شرعتهم فلا يعسر تصوره لا سيما إن كان هذا العزيز نبياً، و أنا هنا أتحدث عن السجود في الآية تحديداً و هو سجود أب نبي لابنه النبي، أما لو لم يكن يعقوب نبياً فلا يعسر أبداً تصور سجوده لابنه النبي كما أنه لا يعسر تصور سجود إخوة يوسف له تعظيماً، لذا قلت ما قلت عن دلالة الآية، فالتعظيم في هذا السجود المذكور في الآية يستفاد من أصل السجود في اللغة فهو قدر زائد عن مدلول الآية كما ذكرتم و لكن في حق يعقوب خاصة، و لا يخفى عليكم ما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/111)
ذكره بعض أهل العلم من كون يعقوب عليه السلام إنما سجد ليحقق رؤيا يوسف عليه السلام و قول بعضهم أنه سجد ليقتدي به بنوه ليزيل ما في القلوب من إحن بسبب ما كان في القصة، و على هذا فإن كان سجود يعقوب لا على سبيل التعظيم فيكون هذا استثناء لسجوده من أصل السجود الذي يلزم منه التعظيم، و الله أعلم.
(فما هو الدليل العقلي الذي يلزم بأن السجود لايكون إلاّ تعظيماً؟)
هو ما سبق ذكره من كون أصل السجود في اللغة يرجع إلى ذل الساجد للمسجود له، فمن اختار أن يذل لغيره راضياً مختاراً فلا يمكن بحال إلا أن يكون ذلك منه لتعظيمه إياه.
قلتم شيخنا (ولكن هل سجود التعظيم من قبيل سجود العبادة أو هو من قبيل سجود التحية؟
الذي يظهر هو الأول، وإطلاق شيخ الإسلام يشهد له فلم يستثنه.)
و لا يخفى عليكم أن تفريقكم بين سجود التحية و سجود التعظيم قد أشكل علي من البداية لا سيما و أنني لا أجد في كلام العلماء ما يفهم منه هذا التفريق.
من جهة أخرى فعدكم كلام ابن تيمية يشهد لهذا التقسيم لأنه لم يستثنه غير مسلم، لأنه لم يصف السجود للملوك و المشايخ ـ في النقل الأخير" أما تقبيل الأرض ورفع الرأس ... " ـ لا بسجود التعظيم و لا بسجود التحية فكونه أراد به سجود التحية دون التعظيم يحتاج لقرينة غير موجودة، بل في كلامه ما يدل على أنه رحمه الله لا يفرق بين سجود التعظيم و التشريف و التحية كما مر في بداية هذه المشاركة، و أعيده هنا
قال في الفتاوى 4/ 361: " ثم يقال السجود على ضربين سجود عبادة محضة وسجود تشريف ... " و كان قد قال قبل ذلك بقليل " فسجود الملائكة لآدم عبادة لله وطاعة له وقربة يتقربون بها إليه وهو لآدم تشريف وتكريم وتعظيم وسجود أخوة يوسف له تحية وسلام ... " و ربما أنكم شيخنا قد عنيتم هذا النقل بقولكم سابقاً
" ثم فرق بين أن يقال الأمر بالسجود فيه تشريف وتكريم وتعظيم، وبين أن يقال سجد الرجل للرجل تعظيماً."
و أنتم كما ترون من كلامه فإنه رحمه الله لا يتكلم عن الأمر بالسجود بل عن نفس السجود.
و أيضاً فأنتم قد اعترضتم على كون السجود في أصل اللغة يعني الخضوع و التذلل و رأيتم كما فهمتُ أنه لو صح هذا المعنى فيسلم أن يكون التعظيم لازماً للسجود، فابن تيمية رحمه الله يقول (والسجود مقصوده الخضوع وسجود كل شىء بحسبه) فكلامه في الفتوى المنقولة يحمل على فهمه لمقصود السجود و إن كان خاطئاً. فبناء على ما فهمتُه من اعتراضكم على معنى السجود و أنه الخضوع و التذلل فإن ابن تيمية رحمه الله يقول بأن التعظيم لازم للسجود، و حيث إنه فيما يظهر لا يفرق بين سجود التحية و التعظيم، فإن التوفيق الذي ذكرته بين كلامه يكون متوجهاً، و الله أعلم.
قلتُ
نعم شيخنا هو محرم و لا ينبغي و لكن عده كفراً لا يمكن أن يستفاد من حديث معاذ كما سبق بيانه، و الله أعلم.
فقلتم (لم أفهم كيف لايمكن ذلك، إذا أخبره بأنه لاينبغي إلاّ لله فهذا يثبت أنه عبادة، والعبادة دلت الأدلة المتظافرة على أن صرفها لغير الله شرك مخرج عن الملة، اللهم إلاّ إن قيل لم يرد معاذاً سجود التعظيم بل أراد سجود تحية وإكرام كما جاء في بعض الرويات التي تبين أن تحية القوم لأنبيائهم وكبرائهم كانت كذا.)
لكن شيخنا أنا لم أجد في أي من روايات الحديث لفظة " لا ينبغي إلا لله "، فإذا كانت هذه العبارة فقط هي الدليل من الحديث على أن هذا السجود كان عبادة فعدم وجودها يعني أن الحديث لا يمكن أن يستفاد منه أن السجود لغير الله يعد كفراً.
من جهة أخرى شيخنا فقولكم " إذا أخبره بأنه لاينبغي إلاّ لله فهذا يثبت أنه عبادة " يعني أن هذه العبارة لوثبتت فهي تدل على أن السجود الذي سجده معاذ كفر سواء سجد سجود تعظيم كما أقول أو سجود تحية كما تقولون، و عندها يكون لاستشكالي تفريقكم بين السجودين وجه. فإما ان يكون قوله " لا ينبغي إلا لله " يثبت أنه عبادة سواء كان تعظيم أو تحية، و إما ألا تكون عبارة " لا ينبغي إلا لله " ـ على فرض ثبوتها ـ كافية لإثبات هذا السجود كعبادة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/112)
ثم إنني قد قلتُ شيخنا في مشاركة سابقة أن عدم إنكار النبي عليه السلام على معاذ سجوده كإنكاره على من قالوا له اجعل لنا ذات أنواط و إنكاره على من قال له ما شاء الله و شئت يدل على أن معاذاً رضي الله عنه لم يأت بفعل مكفر، و إلا فلا يتصور أن يكون فعله هذا كفراً ثم يكتفي النبي صلى الله عليه و سلم بقوله " فلا تفعلوا ".
قلتم حفظكم الله (شكر الله لك؛ ما هو ظاهر السجود؟
هل الظاهر هو السجود الشرعي؟)
و أيضاً (سبقت الإشارة في رد سابق إلى أن الله تعالى قال: (ويخرون للأذقان) بهذا التقييد ظاهر في الهوي على الوجوه، وقيل: "وفرق بين أن تقول خر ساجداً، وبين أن تقول خر لوجهه ساجداً، أو يخرون للأذقان سجداً. فتقييد الانحطاط [ربما عنيتم الخرور] بالوجوه والأذقان يفهم منه معنى السجود المعروف، بخلاف اللفظ إذا لم يقيد فقد يفهم منه الانحطاط جالساً على سبيل الإكرام.)
لا يخفى عليكم شيخنا أنه لو ثبت أن سجود إخوة يوسف لم يكن بوضع الجباه على الأرض بأن كان مجرد إيماء أو انحناء ـ دون الركوع المعروف ـ لزال الإشكال من أصله، و أنا قد فهمتُ من عبارتكم السابقة أن {خروا سجداً} لا تدل بالضرورة على وضع الوجوه على الأرض بخلاف {يخرون للأذقان سجدا} فأقول:
قال تعالى {خروا سجدا و بكيا} مريم 58 وقال سبحانه {خروا سجدا} السجدة 15 و يوسف100
أما الآية في سورة مريم فقد قال ابن كثير
أي إذا سمعوا كلام الله المتضمن حججه ودلائله وبراهينه سجدوا لربهم خضوعا واستكانة وحمدا وشكرا على ما هم فيه من النعم العظيمة والبكي جمع باك فلهذا أجمع العلماء على شرعية السجود ههنا اقتداء بهم واتباعا لمنوالهم
فهذا يدل على أن السجود هنا هو بوضع الجباه على الأرض كما هو معروف عند المسلمين، فأنتم ترون أن هذه العبارة {خروا سجدا} بدون أي قيد ـ كالأذقان ـ لم يفهم منها إلا السجود على الوجوه.
أما في سورة السجدة فقد اقتصرت أغلب التفاسير على أن المراد هو السقوط على الوجوه قال القرطبي:
وقيل: المراد به السجود وعليه أكثر العلماء أي خروا سجدا لله تعالى على وجوههم تعظيما لآياته وخوفا من سطوته وعذابه
و ذكرت بعض التفاسير أن المراد هو الركوع و هو محكي عن ابن عباس رضي الله عنهما و ليس ذلك لعدم القيد بالأذقان أو الوجوه بل قال القرطبي: قال المهدوي: وهذا على مذهب من يرى الركوع عند قراءة السجدة واستدل بقوله تبارك وتعالى: {وخر راكعا وأناب}
و قال الألوسي: ومن مذهب ابن عباس أن القارئ لآية السجدة يركع واستدل بقوله تعالى: {وخر راكعا وأناب}
فحمل السجود على غير السجود المعروف لم يكن لعدم وجود القيد المذكور بل حملاً له على ما في سورة ص.
أما في سورة يوسف فقد تعددت الأقوال في تفسير ذاك الخرور و السجود و كما يظهر فإن تفسير من فسره بالانحناء أو الإيماء لم يكن بسبب عدم وجود القيد المذكور ـ للأذقان ـ فلم يقل أحد منهم بذلك، و لكنه و الله أعلم لكون السجود بالهيئة المعروفة لغير الله فيه مظنة العبودية لغيره سبحانه و تعالى فتأوله من تأوله صرفاً له عن السجود المعروف.
و المراد مما سبق أن القرآن يفسر بعضُه بعضَه فطالما أن {خروا سجدا} في مريم و السجدة تدل على السجود على الوجوه بلا قيد فكذلك في يوسف فإنها لا تحتاج لقيد كي تدل على هذا السجود.
أما قوله تعالى {يخرون للأذقان سجداً}
فقد قال الطبري [جزء 8 - صفحة 163]
" إذا يتلى عليهم هذا القرآن يخرون تعظيما له وتكريما وعلما منهم بأنه من عند الله لأذقانهم سجدا بالأرض واختلف أهل التأويل في الذي عني بقوله {يخرون للأذقان} فقال بعضهم: عني به: الوجوه ... وقال آخرون: بل عني بذلك اللحى " ا. هـ
فيكون المعنى عند الأولين يخرون لوجوههم سجداً بالأرض و عند الآخرين يخرون للحاهم سجداً بالأرض، فالسجود على الأرض لم يستفاد من لفظ الأذقان بل من الخرور للسجود.
فتح القدير [جزء 3 - صفحة 377]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/113)
{يخرون للأذقان سجدا} أي يسقطون على وجوههم ساجدين لله سبحانه وإنما قيد الخرور وهو السقوط بكونه للأذقان: أي عليها لأن الذقن وهو مجتمع اللحيين أول ما يحاذي الأرض قال الزجاج: لأن الذقن مجتمع اللحيين وكما يبتدئ الإنسان بالخرور للسجود فأول ما يحاذي الأرض به من وجهه الذقن وقيل المراد تعفير اللحية في التراب فإن ذلك غاية الخضوع وإيثار اللام في للأذقان للدلالة على الاختصاص فكأنهم خصوا أذقانهم بالخرور أو خصوا الخرور بأذقانهم
روح المعاني [جزء 15 - صفحة 189]
(إذا يتلى أي القرآن عليهم يخرون للأذقان الخرور السقوط بسرعة والأذقان جمع ذقن وهو مجتمع اللحيين ويطلق على ما ينبت عليه من الشعر مجازا وكذا يطلق على الوجه تعبيرا بالجزء عن الكل قيل وهو المراد وروي عن ابن عباس فكأنه قيل يسقطون بسرعة على وجوههم سجدا تعظيما لأمر الله تعالى أو شكرا لإنجاز ما وعد به في تلك الكتب من بعثتك ... وفسر الخرور للأذقان بالسقوط على الوجوه الزمخشري ثم قال: وإنما ذكر الذقن لأنه أول ما يلقى الساجد به الأرض من وجهه وقيل: فيه نظر لأن الأول هو الجبهة والأنف ثم وجه بأنه إذا ابتدأ الخرور فأقرب الأشياء من وجهه إلى الأرض هو الذقن وكأنه أريد أول ما يقرب به من اللقاء وجوزأن تبقى الأذقان على حقيقتها والمراد المبالغة في الخشوع وهو تعفير اللحى على التراب أو أنه ربما خروا على الذقن كالمغشي عليهم لخشية الله تعالى وقيل: لعل سجودهم كان هكذا غير ما عرفناه وهو كما ترى
وقال صاحب الفرائد المراد المبالغة في التحامل على الجبهة والأنف حتى كأنهم يلصقون الأذقان بالأرض وهو وجه حسن جدا واللام على ما نص عليه الزمخشري للاختصاص وذكر أن المعنى جعلوا أذقانهم للخرور واختصوها به ... فمعنى الاختصاص بالذقن الاختصاص بجهته ومحاذيه وهي جهة السفل ولا شك في اختصاصه به إذ هو لا يكون لغيره فمعنى يخرون للأذقان يقعون على الأرض عند التحقيق والمراد تصوير تلك الحالة كما في قوله
فخر صريعا لليدين وللفم
فتأمل، واختار بعضهم كون اللام بمعنى على) ا. هـ
ففي كل هذه الآيات لم يستفاد معنى السجود على الهيئة المعروفة عند من قال به من قوله تعالى {خروا} فضلاً عن أن يكون من قوله تعالى {للأذقان} بل إن هذا المعنى مستفاد من لفظ السجود نفسه أما الخرور فيفيد معنى زائداً عن السجود و هو السقوط بسرعة أو بصوت كما ذكرتم، و أما قيد للأذقان فواضح من كلام المفسرين أن البحث في المراد منه لم يكن لبيان دلالته على أن السجود كان على الهيئة المعروفة، بل على العكس فإن بيان المراد من هذا القيد احتاج منهم أخذاً و رداً لتقرير هذا المراد و هو في كل الأحوال ليس بيان هيئة هذا السجود و أنه على الهيئة المعروفة بل بيان أمر زائد، بخلاف الآيات التي لم يذكر فيها هذا القيد فقرر من قرر منهم أن السجود هو السجود المعروف دون أخذ و رد، بعبارة أخرى فإن قوله تعالى {خروا سجدا} بدون قيد الأذقان كان واضح الدلالة في إرادة السجود أو الركوع المعروفين، أما مع قيد الأذقان فقد احتيج لمعرفة دلالة هذا اللفظ على المراد منه إلى بحث و أخذ و رد، فهذا يدل على أن استفادة إرادة السجود المعروف لم تكن من هذا القيد، و الله أعلم.
أما قولكم (بخلاف اللفظ إذا لم يقيد فقد يفهم منه الانحطاط جالساً على سبيل الإكرام.
ويشير إلى هذا المعنى قوله في أول السورة: (إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر لي ساجدين)، ولا يتصور ذلك في الكواكب إلاّ بانحطاطها له، فجاء تأويل الرؤيا مثلها، ومن تأمل الآثار الفرعونية والرسوم الرومانية ونحوها لحظ أن سجودهم هو انحطاط في جلسة أشبه بالجلوس على أطراف القدمين مع خفض إحدى الركبتين.".)
أما اللفظ فقد قيد بالسجود.
و أما قولكم أن " خروا سجداً " بدون قيد الأذقان أو الوجوه قد يفهم منه الانحطاط جالساً، فكيف يكون ذلك؟ إن أحداً من المفسرين لم يقل بأن ذاك السجود كان جلوساً على أي صورة كان هذا الجلوس، و إذا كان هذا هو المراد فلماذا يعبر القرآن بهذا اللفظ الموهم و لماذا لا يقول و خروا له جلوساً مثلاً؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/114)
أما عدم تصور سجود الشمس و القمر إلا بالانحطاط فنحن لا نشاهد من حالهما سوى الدوران في فلكيهما فلا نعرف لهما هيئة سجود و لا انحطاط فإذا تصورنا انحطاطاً فلا مانع من أن نتصور سجوداً، لا سيما و أن هذه الرؤيا من الغيب الذي لا نعلم ماهيته، فإذا كانت المعاني قد تتشكل في هيئة حسية كالعمل الصالح في القبر مثلاً، فما المانع أن تكون هذه الكواكب قد تصورت على هيئة أشخاص في الرؤيا فسجدوا ليوسف، أو أن تكون على هيئتها فخرت من السماء عند قدمي يوسف عليه السلام؟
أما صورة الجلسة التي ذكرتموها في الآثار فلم أستطع تصورها إلا أن تكون جثياً على الركب، و على كل الأحوال فما الدليل على كون هذه الهيئة المذكورة هي " سجودهم " كما ذكرتم؟
قلتُم بارك الله فيكم (ولايلزم من خر أن يخر الرجل على وجهه ساجداً بل هذا تقييد بغير مقيد للخرور،)
نعم شيخنا لا يلزم، و لكن المقيد موجود و هو قوله تعالى {سجداً}
(ولهذا لما أراده في الآية ذكره، وإذا كان هذا هو الظاهر لم يكن لذكره في قوله: (ويخرون للأذقان) كبير فائدة)
و في التفاسير بيان للفائدة من ذكر الأذقان كما سبق
(بل لما أصبح لتقيد الخرور بالسجود فائدة فكل خار على هذا التقدير ساجد)
لكن شيخنا لم يقل أحد أن كل خار يكون ساجداً بل ما نقلتُه عن الشوكاني رحمه الله يبين ذلك حيث قال " وخروا له سجدا فإن الخرور في اللغة المقيد بالسجود لا يكون إلا بوضع الوجه على الأرض "
فهو خرور مقيد بالسجود فكيف يحمل على الجلوس أو على أي شيء آخر غير السجود؟
أما قولكم " لما أصبح لتقييد الخرور بالسجود فائدة " فالسؤال شيخنا ما هي الفائدة من هذا القيد؟ أليست بيان أن هذا الخرور كان للسجود لا لشيء آخر؟ إذا كان الجواب بلى، فقد ثبت بذلك أن هذا السجود كان على حقيقته و ليس انحناء و لا إيماء.
قلتم شيخنا (فالذي يظهر أنه أراد من هذا التعبير تصوير كيف ميلهم وانخفاضهم فذكر أنه خرور وانصباب له صوت، ولايلزم منه أن يكون وجهه على الأرض أو معتمداً على يديه وإن لم يكن وجهه عليها، أو غيره، بل كله محتمل، ولعظم الاحتمال ما العلامة الألوسي إلى ما نقلتموه عنه، والله أعلم.)
و لماذا لا يقال أن المراد من هذا التعبير هو تصوير كيفية سجودهم على وجوههم و أنه كان سقوطاً بصوت، لا سيما و أن هذا هو الأنسب لاستعمال القرآن للخرور إلى السجود كما في آيتي مريم و السجدة.
و الذي يظهر و الله أعلم أنه لولا المحذور من تجويز السجود لغير الله تعالى في شرعة من قبلنا لما ذهب المفسرون إلى تلك الاحتمالات، أما الألوسي رحمه الله فمما يقوي ما ذهبتُ إليه سابقاً من تفسير ميله في نهاية المطاف إلى كون السجود كان انحناء على خلاف ما قرر أنه الظاهر من السجود قوله في آخر النقل عنه " ولا يبعد أن يكون ذلك بالخرور " فكيف يتصور انحناء مع سقوط بصوت، اللهم إلا أن يقال أن هذا الانحناء وصل إلى حد الركوع كما في سورة ص و هو على قول من فسر الركوع فيها على ظاهره؟ و إلا فأين هو هذا السقوط بمجرد الانحناء أو الإيماء؟ فإن قيل هو ركوع فالمحذور فيه كالمحذور في السجود.
إن مما يضعف القول بأن سجود الأخوة كان انحناء أو إيماء هو ما ذكرتموه من معنى الخرور و أنه سقوط بصوت و هذا متعذر في الإيماء أما الانحناء فمتعذر فيما دون الركوع، مع أن التسليم بأن الركوع يكون مصحوباً بصوت فيه شيء من التكلف لا يخفى بخلاف السجود لا سيما عندما يكون بالسقوط و على الركب، بل إن في صدق وصف الخرور على الركوع المعروف نظر فليس في هذا الركوع سقوط، قال القرطبي رحمه الله: " قال الحسين بن الفضل: سألني عبد الله بن طاهر وهو الوالي عن قول الله عز وجل: {وخر راكعا} فهل يقال للراكع خر؟ قلت: لا قال: فما معنى الآية؟ قلت: معناه فخر بعد أن كان راكعا أي سجد "
قلتُ
2. أن العلماء لم يفرقوا بين سجود التحية و سجود التعظيم بل ساقوهما مساقاً واحداً، فالتفريق يحتاج إلى دليل لأن السجود الاختياري متضمن تعظيم المسجود له.
فقلتم (أحسن الله إليكم بل فرق بعضهم كما نقل أولاً، وأجمل بعضهم بغير تفصيل في التحية وهم الأكثرون، ونص بعضهم على أن التعظيم إن كان في التحية فليس بشرك.)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/115)
لم يظهر لي موضع ذلك النقل فليتكم تشيرون إليه، و لا أعني بالتفريق ذكر أحدهما دون الآخر بل أعني النص على أن هذا السجود كان تحية لا تعظيماً، إن الذي بين أيدينا من نقول عن أهل العلم هو نصهم أن هذا السجود لم يكن عبادة ثم منهم من قال أنه للتعظيم و منهم من قال أنه للتحية، و لكن لا أظن أحداً قال أنه للتحية لا للتعظيم.
قلتُ 3. نهي النبي عليه السلام عن السجود له تعظيماً دليل على أن هذا لا ينبغي و لكن ليس فيه الحكم على هذا السجود أنه عبادة لأن هذا كفر أكبر ما كان النبي عليه السلام ليؤخر بيانه، و هنا يمكن أن يقال أن قصد المعظِّم بالسجود هو الذي يحكم على فعله بالكفر إن قصد عبادة المسجود له، أو عدمه إن قصد غير ذلك.
فقلتم (هذا على فرض أن سجود معاذ كان صرفاً للتعظيم على ذلك الوجه الخاص بالله للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد مضى بحث فيه.
ثم إن ثبت هذا فليس فيه دليل على أنه ليس بشرك بل فيه دليل ظاهر على أنه فعل محرم، والشرك من جملة المحرمات: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئاً)
فالمطلوب هو دلالة الحديث على كون هذا الفعل شرك و ليس حراماً فحسب.
(بل قوله لمعاذ هنا من قبيل قوله لأبي بكر في حديث ابن لهيعة إنه لايستغاث بي وإنما يستغاث بالله والأثر بالطريق المذكور آنفاً ليس أحسن حالاً كثيراً من أثر ابن لهيعة.)
قد تقدم القول أن دلالة الحديث على كون هذا السجود شرك يعني أن السجود سواء كان تعظيماً أو تحية يكون شركاً و في هذا إبطال للتفرقة بين السجودين.
أما حديث ابن لهيعة فنصه عند الطبراني أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم منافق يؤذي المؤمنين فقال بعضهم ـ هو أبو بكر رضي الله عنه ـ: قوموا بنا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله
فهذا ظاهر في أن الاستغاثة التي عناها أبو بكر رضي الله عنه هي من جنس الاستغاثة المشروعة بالحي فيما يقدر عليه و هذه ليست محرمة فضلاً عن أن تكون شركاً فكلام النبي صلى الله عليه و سلم لم يكن إنكاراً لمحرم أو لشرك وقع، فهذا يختلف عما نحن بصدده، أما المراد من كلامه فقد قال في تيسير العزيز الحميد [جزء 1 - صفحة 206]
قوله إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله قال بعضهم فيه التصريح بأنه لا يستغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم في الأمور وإنما يستغاث بالله والظاهر أن مراده صلى الله عليه وسلم إرشادهم الى التأدب مع الله في الألفاظ لأن استغاثتهم به صلى الله عليه وسلم من المنافق من الأمور التي يقدر عليها إما بزجره أو تعزيره ونحو ذلك فظهر أن المراد بذلك الإرشاد إلى حسن اللفظ والحماية منه صلى الله عليه وسلم لجانب التوحيد وتعظيم الله تبارك وتعالى ... فإن قلت ما الجمع بين هذا الحديث وبين قوله تعالى فاستغاثه الذين من شيعته على الذي من عدوه فإن ظاهر الحديث المنع من إطلاق لفظ الاستغاثة على المخلوق فيما يقدر عليه وظاهر الآية جوازه قيل تحمل الآية على الجواز والحديث على الأدب والأولى والله أعلم. ا. هـ
(وصح في حديث ابن مسعود لما ذهبوا إلى ملك الحبشة وجاء عمرو بن العاص مبعوثاً من قريش قال: "فقال جعفر: أنا خطيبكم اليوم فاتبعوه فسلم ولم يسجد فقالوا له: ما لك لا تسجد للملك قال: إنا لا نسجد إلا لله عز وجل قال: وما ذاك؟ قال: إن الله عز وجل بعث إلينا رسوله صلى الله عليه وسلم وأمرنا أن لا نسجد لأحد إلا لله عز وجل وأمرنا بالصلاة والزكاة" الحديث. والحديث رواه الإمام أحمد والحاكم وغيرهم.
فهذا نص على أن سجود التعظيم في شرعنا محض حق الله تعالى.)
فيقال أولاً لم جزمتم شيخنا أن السجود هنا إنما هو سجود تعظيم رغم أنكم قلتُم في سجود إخوة يوسف أن لا حجة لمن قال أن السجود للملوك في زمانهم كان للتعظيم؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/116)
أما الحديث فلفظ الحاكم ليس فيه " و أمرنا ألا نسجد لأحد إلا لله عز و جل " بل فيه " فقال جعفر: لا نسجد إلا لله فقال له النجاشي: و ما ذاك؟ قال: إن الله بعث فينا رسوله و هو الرسول الذي بشر به عيسى برسول يأتي من بعده اسمه أحمد فأمرنا أن نعبد الله و لا نشرك به شيئا و نقيم الصلاة و تؤتي الزكاة و أمرنا بالمعروف و نهانا عن المنكر قال: فأعجب الناس قوله ... " و الحديث قال عنه الذهبي: على شرط البخاري و مسلم، و ليس فيه دلالة قاطعة على كون السجود لغير الله شرك، أما المقطوع به في الحديث فهو كون السجود لغير الله ليس من شرعة هذا النبي صلى الله عليه و سلم، أما لفظة " و أمرنا أن لا نسجد لأحد إلا لله " فهي في مسند الإمام أحمد و عند الطبراني و فيه حديج بن معاوية قال الهيثمي في المجمع وثقه أبو حاتم وقال: في بعض حديثه ضعف وضعفه ابن معين وغيره وبقية رجاله ثقات، و قد ضعف حديث المسند الشيخ شعيب الأرناؤوط.
فالرواية الصحيحة ليس فيها " و أمرنا ألا نسجد لأحد إلا لله " و على فرض صحتها فلو دلت على كون السجود لغير الله كفر فلا وجه للتفريق بين سجود التعظيم و سجود التحية في هذا الحكم.
قلتُ
و يشكل على السابق الإجماع على كون السجود للصنم أو الشمس أو الكواكب تعظيماً لها كفر بقطع النظر عن قصد الساجد عبادتها أو عدمه، و قد يقال حلاً لهذا الإشكال أن كفر الساجد لها إنما هو بسبب تعظيمه ما أمر الله بإهانته أو نهى عن تعظيمه حال كونه اتخذ نداً لله،
فقلتم الله عز وجل لم يأمرنا بإهانة الشمس أو القمر،
نعم بارك الله فيكم، أمرُ الله بالإهانة عنيتُ به الصنم، أما الشمس و القمر فعنيتهما و الكواكب بقولي أو نهى عن تعظيمه ...
قلتم أحسن الله إليكم (ولهذا من عظمهما بغير سجوداً حامداً بذلك الله على فضله، وشاكراً لأنعمه كان في عداد المحسنين.)
و لكن هل شكر الله على نعمتي الشمس و القمر فيه تعظيم لهما؟ أليس هذا الشكر من تعظيم الله عز و جل؟ إنني أقول هذا الكلام لأنني لا أجد من نفسي تعظيماً للشمس و القمر، نعم أقول أنهما آيتان عظيمتان من آيات الله لكنني لا أعظمهما، كما أقول عن قيصر و كسرى مثلاً أنهما عظيما الروم و الفرس دون أن أكون بذلك معظماً لهما.
إنني أتصور تعظيم المرء لأشياخه أو آبائه أو أصحاب الفضل عليه، لكنني لا أتصور تعظيمه للشمس و القمر و الكواكب ما لم يقترن بذلك اعتقاد تأثيرها، بل إن أكثر الناس غافلون عن تعظيم الله عز و جل بمشاهدة إنعامه و تفضله عليهم بهذه الآيات فكيف بتعظيمها؟
فالسؤال هو هل يجوز تعظيم الشمس و القمر و الشجر و الحجر؟ إذا كان الجواب هو نعم يجوز تعظيمها فلا يكون لكلامي الذي نقلتموه وجه، أما إن كان لا يجوز فهل يكون شركاً أم لا؟
فإن كان شركاً أو ذريعة للشرك بخلاف تعظيم من أمرنا الله بتعظيمهم و تعظيم حقوقهم من الأنبياء و الصالحين و الآباء فكلامي حينئذ يكون له وجه، و الله أعلم.
(ولكن لعل الوجه الصحيح أن يقال الشمس والقمر لايتصور إرادة المرء بسجوده غير تعظيمهما،)
تعظيم المخلوقين منه ما هو كفر و منه ما ليس كذلك كما ذكرتُم في موضع آخر، فإذا تجاوز المعظِّم الحد في تعظيمه فعظم المخلوق كتعظيم الخالق فإنه يكفر بذلك و لو لم يسجد للمعظَّم.
و هذا هو معنى قولي حال كونه اتخذ نداً لله أي في التعظيم.
إذاً إذا جاز أن يكون من السجود لغيرالله ما ليس بكفر و جاز أن يكون من التعظيم لغير الله ما ليس بكفر، فهل سجود من سجد هذا السجود لما يعظمه هذا التعظيم يكون كفراً أم لا؟
قلتُم (فلا يتصور أن يكون مراد الساجد للشمس أو القمر تحية للشمس أو القمر، بخلاف السجود للبشر،)
و لكنكم بينتم في نهاية كلامكم أن هذا ممكن الوقوع حيثُ قلتم
(كما قال من قال في من سجد للقمر، فإن صح أنه يريد تحية لظنه أن ذلك مشروع ولايريد صرف عبادة منه للقمر ... )
قلتُ ذلك أن المفسدة متحققة بمجرد تعظيم ما اتخذ نداً لله مما نهى عن تعظيمه و إن لم يقترن بسجود أو غيره فهذا التعظيم محادة لله عز و جل، و أما تعظيم من أمر الله بتعظيمهم فليس فيه محادة لله عز وجل فلا يكون كفراً،
فقلتُم (مجرد تعظيم الشمس ليس بكفر، وكذلك القمر، وكذلك خلق السماوات والأرض.)
فكلامي السابق كان محاولة لإيجاد فرق مؤثر في الحكم بالكفر على من سجد تعظيماً للشمس و عدم الكفر على من سجد تعظيماً للصالحين، و إلا فالعز كما نقل القرافي رحمهما الله كان يستعظم هذا الموقف.
و ربما يصبح الكلام مقبولاً إذا عدل إلى " ذلك أن المفسدة متحققة بمجرد تعظيم ما اتخذ نداً لله مما نهى عن تعظيمه و إن لم يقترن بسجود أو غيره فإذا انضاف إلى هذه المفسدة مفسدة أخرى هي السجود لما نهى الله عن تعظيمه كان هذا السجود على هذا الوجه محادة لله عز و جل فيكون كفراً "
و بعدُ فقد حاولتُ في هذه المشاركة أن أوضح مرادي من بعض ما كنتُ قلتُه فيما مضى و كذلك الاستفسار عن بعض ما أشكل علي من كلام الشيخ الفاضل حارث الهمام، فأدعو الله عز و جل أن يوفقنا للصواب في هذه المسألة التي أشكلت و ما تزال تشكل علي، ولكنني في النهاية أميل إلى التوقف في وصف السجود لغير الله بالكفر ـ و والله إنه لأمر ثقيل على نفسي جداً ـ لكنه الأحوط فيما أرى، لا سيما و أنني لم أجد حتى الآن دليلاً قاطعاً على كون السجود لغير الله لا على سبيل العبادة يكون كفراً، و الله أعلى و أعلم و رد العلم إليه أسلم.
و صل اللهم على عبدك و نبيك محمد و على آله و صحبه و سلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/117)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[02 - 03 - 06, 01:26 م]ـ
وصلتني رسالة من أحد الإخوة الأفاضل ينبه فيها على أن بعضهم استدل بالكلام السابق على مسألة أخرى ليست متعلقة بالبحث وهي مسألة السجود لغير الله مجاملة للطمع في الدنيا أو غيرها، وهذا الفعل يختلف تماما عن سجود التحية السابق بحثه من المشايخ حفظهم الله، فمن سجد لغير الله مجاملة أو لغرض دنيوي فإنه مشرك مرتد عن دينه والعياذ بالله، ولايقال فيه إنه لم يقصد الشرك ونحو ذلك من التوجيهات الباطلة من قول بعضهم أن من سجد لغير الله مجاملة وهو غير مقر بقلبه فإنه ليس بمشرك، فهذا قول باطل ومخالف لمنهج السالف الصالح رضوان الله تعالى عليهم في أن الكفر يكون بالفعل كالسجود لغير الله ونحو ذلك، وأن الكفر والشرك ليس محصورا في عمل القلب فقط بل يشمل ذلك عمل الجوارح كمن قتل نبيا أو ألقى المصحف وهدم الكعبة وغير ذلك.
وكلامنا هنا في هذا الموضوع كان فقط حول ما يتعلق بسجود التحية الذي أثاره الإمام الذهبي رحمه الله وعفا عنا وعنه وذلك لوجود ما يدل على أن هناك سجود تحية كان عند الأمم السابقة، وأنه لم يكن شركا، وأما الأفعال الأخرى غيرها فلا دليل عليها.
وأما من يذهب إلى القول الباطل فإنه يعمم ذلك في جميع الأمور مثل الذبح لغير الله ودعاء غير الله وأنه لابد أن يصرح بلسانه أنه فعل ذلك شركا وكفرا، فهذا القول مجانب للصواب، فقد حارب الصديق رضي الله عنه أهل الردة ولم يأمر باستنطقاهم: هل أنت فعلت هذا مجاملة ومداهنة لمسيلمة ومن معه أم أنك فعلته ردة وكفرا، بل حكموا عليهم بالردة وقاتلوهم على ذلك، وهذا هو مذهب أهل الإسلام والسنة على مر الزمان.
فالمقصود أن الكلام هنا فقط على ما يتعلق بسجود التحية الذي أثاره الذهبي رحمه الله ولايشمل ذلك غيره من الأمور الأخرى كالذبح لغير الله أو دعاؤه أو غير ذلك من أفعال الشرك والكفر.
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[03 - 03 - 06, 02:50 ص]ـ
شيخنا الفقيه ... بارك الله في علمكم و عملكم و نفع بكم
جزاكم الله خيراً شيخنا على تنبيهكم و توضيحكم، و أنا كنتُ أخشى أن يستغل البعض هذا النقاش للربط بين هذه المسألة و بين الذبح و النذر لغير الله أو غير ذلك من أفعال الشرك!
من جهتي أحب أن أوضح بعض الأمور حتى لا تختلط الأوراق و يظن بي إخواننا الظنونا:
1 - أنني خلال البحث في الموضوع كنتُ كمن يسير في حقل مليء بالشوك لا يسلم من وخزه إلا من سلمه الله.
2 - أن الكثير مما كتبتُه يخالف هواي فلقد كنتُ أتمنى أن يقودنا البحث إلى كون السجود لغير الله على أي صورة كانت شرك أكبر و أن سجود إخوة يوسف كان جائزاً و نسخ و أن يكون هناك حل لمسألة نسخ العقائد، و لكن لما رأيتُ أن الأدلة غير كافية خالفتُ هواي عسى أن ألتزم في ذلك بوصف أهل السنة ـ جعلنا الله منهم ـ أنهم يستدلون ثم يعتقدون بخلاف أهل البدع.
3 - أن الكثير مما كتبتُه لم يكن من باب التقرير بل هو لكونه من باب طرح الإشكالات التي تبحث عن حلول أقرب.
في ضوء ما سبق اسمح لي شيخنا بما يلي:
إن أصل الموضوع هو " هل السجود لغير الله كفر؟ "
فإن ثبتَ أن أي شكل من أشكال السجود لغير الله كفرٌ فلن يغير من هذا الأمر كون الساجد لم يرد عبادة المسجود له أو لم يستحل بقلبه السجود له تماماً كالذبح و النذر لغير الله، و أما إنزال حكم الكفر على هذا الساجد بعينه فإنما يكون بتحقق شروط و انتفاء موانع هذا التكفير تماماً كما في الذبح و النذر.
و أما إن لم يثبت أن صورة ما من صور السجود لغير الله كفرٌ ففي هذه الحال لا نستطيع أن نحكم على هذا الفعل أنه كفر و بالتالي لا نستطيع أن نحكم على فاعله بالكفر إلا إن بين له أن هذا الفعل محرم فاستحله، أما إن فعله مقراً بحرمته فهذا و إن أتى معصية إلا أنه لا يكفر.
فالآن نأتي إلى الصورة المذكورة و هي السجود لغير الله طمعاً في الدنيا ـ و أرجو أن يتسع صدركم و صدور إخواننا لما سأقول إذ أقوله و في القلب منه غصة ـ فأقول ما الدليل شيخنا على كون هذا السجود كفرٌ؟
لقد نقلتُ في إحدى المشاركات السابقة كلاماً لابن تيمية رحمه الله أعيده هنا بتمامه للفائدة و النقاش
الفتاوى 1/ 372 - 373
(سئل رحمه الله
عمن يبوس الأرض دائما هل يأثم وعمن يفعل ذلك لسبب أخذ رزق وهو مكره كذلك،فأجاب:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/118)
أما تقبيل الأرض ورفع الرأس ونحو ذلك مما فيه السجود مما يفعل قدام بعض الشيوخ وبعض الملوك فلا يجوز بل لا يجوز الانحناء كالركوع أيضا كما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم الرجل منا يلقى أخاه أينحني له؟ قال: لا، ولما رجع معاذ من الشام سجد للنبي فقال ما هذا يا معاذ؟ قال يا رسول الله رأيتهم في الشام يسجدون لأساقفتهم ويذكرون ذلك عن أنبيائهم فقال كذبوا عليهم لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من أجل حقه عليها يا معاذ إنه لا ينبغي السجود إلا لله وأما فعل ذلك تدينا وتقربا فهذا من أعظم المنكرات ومن اعتقد مثل هذا قربة وتدينا فهو ضال مفتر بل يبين له وأن هذا ليس بدين ولا قربة فإن أصر على ذلك استتيب فإن تاب وإلا قتل
وأما اذا أكره الرجل على ذلك بحيث لو لم يفعله لأفضى إلى ضربه أو حبسه أو أخذ ماله أو قطع رزقه الذى يستحقه من بيت المال ونحو ذلك من الضرر فإنه يجوز عند أكثرالعلماء فإن الإكراه عند أكثرهم يبيح الفعل المحرم كشرب الخمر ونحوه وهو المشهور عن أحمد وغيره ولكن عليه مع ذلك أن يكرههه بقلبه ويحرص على الامتناع منه بحسب الإمكان، ومن علم الله منه الصدق أعانه الله تعالى وقد يعافى ببركة صدقه من الأمر بذلك. وذهب طائفة الى أنه لا يبيح إلا الأقوال دون الأفعال ويروى ذلك عن ابن عباس ونحوه قالوا إنما التقية باللسان وهو الرواية الآخرى عن أحمد.
وأما فعل ذلك لأجل فضول الرياسة والمال فلا. وإذا أكره على مثل ذلك ونوى بقلبه أن هذا الخضوع لله تعالى كان حسنا مثل أن يَكرَه كلمة الكفر وينوي معنى جائزا والله أعلم.)
ففي كل الصور السابقة لم يحكم باستتابة أحد إلا الذي بُيِّن له أن سجوده لغير الله ليس قربة لله كما يزعم و يفتري بل هو محرم ثم أصر بعد البيان على اعتقاد أنه قربة لله فكأنه بذلك قد استحل ما حرم الله فيستتاب فإن تاب و إلا قتل أي ردة.
أما السجود لأجل فضول الرياسة فلم يفصل فيه هذا التفصيل و بين فقط أنه لا يجوز، تماماً كما قال في أول الجواب أن السجود للملوك و الشيوخ لا يجوز، فهل لنا أن نفهم من كلامه رحمه الله أنه يقول أن السجود لغير الله لا على سبيل العبادة للمسجود له ـ إذ لم يذكر هذه الصورة في جوابه و حكمها واضح ـ لا يكون كفراً على أي صورة كان إلا إذا اعتقد الساجد حِلَّ ذلك بعد أن يبين له أن هذا السجود ليس قربة له سبحانه و ليس من دينه الذي شرعه لعباده؟
في الختام أرجو مرة ثانية أن يتسع صدر مشايخنا الكرام لهذا الكلام الذي لم أرد منه إلا الوصول للحق مهما كان.
و جزاكم الله خيراً.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[03 - 03 - 06, 02:59 ص]ـ
بارك الله فيكم
كلام الإمام ابن تيمية رحمه الله على السجود فقط وفي حالة الإكراه فقط وهو يقصد به سجود التحية وليس سجود العبادة، ومع ذلك احترز بكون الفاعل يفعل ذلك لله.
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[03 - 03 - 06, 03:08 ص]ـ
و فيكم بارك الله شيخنا
لقد قال في آخر الجواب " وأما فعل ذلك لأجل فضول الرياسة والمال فلا "
فليس هو للتحية و ليس الساجد من أجل فضول الرياسة و المال مكرهاً على السجود.
جزاكم الله خيراً.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[03 - 03 - 06, 03:17 ص]ـ
إذا فعل ذلك لأجل فضول المال والرئاسة فلا يكون حينذاك مكرها فلا يجوز له الفعل
((وأما اذا أكره الرجل على ذلك بحيث لو لم يفعله لأفضى إلى ضربه أو حبسه أو أخذ ماله أو قطع رزقه الذى يستحقه من بيت المال ونحو ذلك من الضرر فإنه يجوز عند أكثرالعلماء فإن الإكراه عند أكثرهم يبيح الفعل المحرم))
وهو يتكلم عن سجود التحية عند ملوك المسلمين وإلا فلو كانوا يأمرون الناس بالسجود لهم عبادة لكانوا مشركين، فتأمل بارك الله فيك قوله في البداية ((أما تقبيل الأرض ورفع الرأس ونحو ذلك مما فيه السجود مما يفعل قدام بعض ((الشيوخ)) وبعض ((الملوك)) فلا يجوز))
ومما يدل على أنه يقصد التحية قوله كذلك ((وأما فعل ذلك ((تدينا وتقربا)) فهذا من أعظم المنكرات ومن اعتقد مثل هذا قربة وتدينا فهو ضال مفتر بل يبين له وأن هذا ليس بدين ولا قربة فإن أصر على ذلك استتيب فإن تاب وإلا قتل))
ومما يدل على ذلك أنه ذكر أنواعا متعددة من التحية كرفع الرأس وتقبيل الأرض.
والتركيز على السجود في هذه المسألة من تتبع المشتبهات لوجود سجود التحية وسجود العبادة، بخلاف غيرها من الأمور الواضحة كالذبح والدعاء وغيرها.
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[03 - 03 - 06, 03:33 ص]ـ
جزاكم الله خيراً شخنا
لقد قلتُم (إذا فعل ذلك لأجل فضول المال والرئاسة فلا يكون حينذاك مكرها فلا يجوز له الفعل)
لا خلاف بيننا أنه ليس مكرهاً، و لا خلاف أنه ليس سجود عبادة، و لا خلاف أنه لا يجوز
السؤال: هل هذا السجود كفرٌ؟ إن قيل نعم فما الدليل؟
السؤال الثاني: هل يقال لمن سجد لفضول الرياسة و المال أنه سجد سجود تحية، أم أنه سجود طمع؟
قلتُم شيخنا
والتركيز على السجود في هذه المسألة من تتبع المشتبهات لوجود سجود التحية وسجود العبادة، بخلاف غيرها من الأمور الواضحة كالذبح والدعاء وغيرها.
فإن أردتم أن أتوقف عن الكتابة في الموضوع فسأفعل إن شاء الله، فماذا ترون؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/119)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[03 - 03 - 06, 03:44 ص]ـ
بارك الله فيكم وحفظكم
القصد أن السجود الذي ذكره الإمام ابن تيمية رحمه الله من أجل المال هو سجود تحية
فمعنى هذا أنه سجد سجود تحية لأجل فضول المال والمنصب، هذا ما أقصده بارك الله فيكم.
وقد استفدنا من مشاركاتك كثيرا فجزاك الله خيرا وبارك الله فيك، ونتمنى منك المواصلة في الإفادة
والمقصود من هذا أن بعض الناس يستدل بكلام الإمام ابن تيمية رحمه الله أو الذهبي في كلامهم على السجود الذي هو للتحية فيسحبه على جميع الأمور الأخرى، فلعلك عرفت المقصود بارك الله فيك.
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[03 - 03 - 06, 03:55 ص]ـ
أحسن الله إليكم شيخنا و جزاكم خيراً على ما قلتُم مما لا أستحق عشر معشاره.
أما مقصودكم الذي ذكرتموه في آخر المشاركة السابقة فواضح و كنتُ من البداية أخشى من مثله، لكن هنا الآن نقطة تستحق التأمل:
لقد ذكرتم في المشاركة 29
فمن سجد لغير الله مجاملة أو لغرض دنيوي فإنه مشرك مرتد عن دينه والعياذ بالله،
فهل ما زال هذا رأيكم أم أنكم تتوقفون الآن في الحكم بذلك؟
إن كنتم ما زلتم تقولون به فما الدليل على هذا القول؟
شكر الله لكم صبركم و سعة صدركم
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[03 - 03 - 06, 04:15 ص]ـ
القصد من الكلام السابق من سجد سجود عبادة وليس سجود تحية، وجزاكم الله خيرا على تنبيهكم وإفادتكم.
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[03 - 03 - 06, 04:47 ص]ـ
و إياكم شيخنا ... بارك الله فيكم
ـ[أبو مشاري]ــــــــ[05 - 04 - 06, 01:29 ص]ـ
وجدت هذا الرد على بعض الصوفية ممن استدل بكلام الذهبي السابق للأخ (أبو اسامة) من هذا الموقع، و قد قمت بنقله هنا، ومنكم نستفيد:
في نقاش مع بعض المتصوفة نقل ما يلي عن الإمام الذهبي رحمه الله:
" ... وكذلك القول في سجود المسلم لقبر النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التعظيم والتبجيل لا يكفر به أصلا بل يكون عاصيا فليعرف أن هذا منهي عنه وكذلك الصلاة إلى القبر"
وعزاه إلى معجم شيوخ الذهبي 1/ 74
فهل عزوه صحيح؟ و هل يوجد الكتاب على الشبكة؟
جزاكم الله خيراً
(يقول:)
فأقول ما نقلت من نصوص ليس لك فيها حجة للآتي:
أولا:ما ذكرت عن الذهبي محمول على من سجد للقبر وهو جاهل بدلالة قوله فيعلم، فهل يكفر أم لا على قولين لأهل العلم:
الأول: ومنهم الذهبي إلى أنه يعذر بالجهل. والقول الثاني: أنه لا يعذر بالجهل والخلاف في المسألة سائغ.
وفي هذا يقول في مطالب أولي النهى
"ويتجه أن السجود لغير الله كبيرة من الكبائر العظام سواء كان لجامد أو متحرك ولو بنية التهكم - ويستتاب من فعل ذلك فإن تاب وإلا قتل غير نحو صنم وكوكب سواء كان من السيارة أو الثوابت فإن السجود لذلك كفر بإجماع المسلمين" (الجزء6/ 613)
لكن مسألتنا في غير الجاهل والمكره
ثانيا: لا يلزم من التلبس بعمل شركي ان يحكم على صاحبه بالشرك اذ ليس كل من وقع في الشرك يكون كافرا أو مشركا لاحتمال وجود موانع التكفير
ثالثا: محل الاجماع والذي لا يعلم فيه خلاف بين أهل العلم كون السجود والطواف عبادة وهذا ما ادعيت فيه الاجماع فان كان صرف العبادة لغير الله ليس شركا فما الشرك اذا؟؟؟ قال القرطبي في تفسيره
"ولا خلاف أن السجود لا يكون إلا لله تعالى لأن السجود عبادة والعبادة لا تكون إلا لله" (1/ 289)
وذكر ابن كثير في التفسير
"قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين قال بن عباس وعطاء ومجاهد وعكرمة والحسن يعني بذلك نحر البدن ونحوها وكذا قال قتادة ومحمد بن كعب القرظي والضحاك والربيع وعطاء الخرساني والحكم وسعيد بن أبي خالد وغير واحد من السلف وهذا بخلاف ما كان عليه المشركون من السجود لغير الله والذبح على غير اسمه" (4/ 559)
و إنما يقول هذا القول ابن الراوندي ومن على شاكلته من زنادقة الصوفية الذين تمجودون
قال شيخ الإسلام – رحمه الله -:
" وكان إبن الراوندي يزعم أن الكفر هو الجحد والإنكار والستر والتغطية وليس يجوز أن يكون الكفر إلا ما كان في اللغة كفرا ولا يجوز إيمان إلا ما كان في اللغة إيمانا وكان يزعم أن السجود للشمس ليس بكفر ولا السجود لغير الله كفر ولكنه علم على الكفر لأن الله بين أنه لا يسجد للشمس إلا كافر" (مجموع الفتاوى 7/ 548)
وفي البحر الرائق (8/ 226) قال شمس الأئمة السرخسي: " السجود لغير الله على وجه التعظيم كفر"
و في إعانة الطالبين ج4/ص136
قال في الاعلام وفي المواقف وشرحها من صدق بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك سجد للشمس كان غير مؤمن بالإجماع لأن سجوده لها يدل بظاهره على أنه ليس بمصدق ونحن نحكم بالظاهر فلذلك حكمنا بعدم إيمانه لأن عدم السجود لغير الله داخل في حقيقة الإيمان حتى لو علم أنه لم يسجد لها على سبيل التعظيم واعتقاد الالهية بل سجد لها وقلبه مطمئن بالتصديق لم يحكم بكفره فيما بينه وبين الله وإن أجرى عليه حكم الكافر في الظاهر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/120)
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[06 - 04 - 06, 09:41 ص]ـ
أحسن الله إليك أخي الكريم أبو مشاري و نفع بك
أخي الكريم ... لقد كان هناك اتفاق في الموضوع ـ كما رأيتَ ـ على أن من السجود ما هو عبادة فهذا كفر بلا خلاف ومنه ما ليس بعبادة كسجود التحية و في كونه كفراً خلاف، و حصل خلاف حول سجود التعظيم أيلحق بسجود العبادة فيكون كفراً أم بسجود التحية.
و قد استوقفني في مشاركتك الكريمة قولك ناقلاً:
أولا:ما ذكرت عن الذهبي محمول على من سجد للقبر وهو جاهل بدلالة قوله فيعلم، فهل يكفر أم لا على قولين لأهل العلم:
الأول: ومنهم الذهبي إلى أنه يعذر بالجهل. والقول الثاني: أنه لا يعذر بالجهل والخلاف في المسألة سائغ.
وفي هذا يقول في مطالب أولي النهى
"ويتجه أن السجود لغير الله كبيرة من الكبائر العظام سواء كان لجامد أو متحرك ولو بنية التهكم - ويستتاب من فعل ذلك فإن تاب وإلا قتل غير نحو صنم وكوكب سواء كان من السيارة أو الثوابت فإن السجود لذلك كفر بإجماع المسلمين" (الجزء6/ 613)
لكن مسألتنا في غير الجاهل والمكره
فلا شك أن كلام الذهبي رحمه الله عن الذي يجهل حرمة السجود للقبر، و لكن كما لا يخفى عليك فإن مسألة العذر بالجهل تتعلق بالفاعل لا بالفعل، فسواء كان من وقع في الكفر يعذر بجهله أو لا يعذر فإن هذا لا يغير من كون ما وقع فيه كفر.
فهل الذهبي رحمه الله هنا يتحدث عن الفاعل أم عن الفعل؟ كلامه محتمل، لأنه قال " لا يُكفَّر أصلاً " فكلمة أصلاً تقوي أن يكون مراده أن الفعل بذاته ليس كفراً حتى يكفر فاعله و لو قرأت كلامه السابق قليلاً للعبارة الذكورة لملت إلى ذلك حيث قال: " ... وكان إذا تنخّم لا تكاد نخامته تقع إلاّ في يد رجلٍ فيدلك بها وَجْهه، ونحن فَلمَّا لَمْ يَصح لَنَا مِثْل هذا النَصِيب الأوْفَر تَرَامَيْنَا على قَبْره بالالتزام والتَّبْجِيل والاِسْتِلاَم والتَّقْبِيل، ... "
أما النقل من مطالب أولي النهى فأراه يدل على غير ما أراد الأخ الكريم الذي نقلتَ عنه فالسجود لجامد أو متحرك و لو بنية التهكم كبيرة عظيمة ـ لم يقل أنها كفر ـ أما السجود للصنم أو الكوكب فكفر بالإجماع و لم يكتف هنا بقوله كبيرة.
أما قول الأخ الكريم
ثالثا: محل الاجماع والذي لا يعلم فيه خلاف بين أهل العلم كون السجود والطواف عبادة وهذا ما ادعيت فيه الاجماع فان كان صرف العبادة لغير الله ليس شركا فما الشرك اذا؟؟؟ قال القرطبي في تفسيره
"ولا خلاف أن السجود لا يكون إلا لله تعالى لأن السجود عبادة والعبادة لا تكون إلا لله" (1/ 289)
فلو كان هناك إجماع على أن السجود بكل أنواعه عبادة لما كان هناك داع لكل هذا النقاش الطويل و لقضي الأمر، لكن الواقع بخلاف ذلك بل لو قلتُ لك أنه لا خلاف على أن من السجود ما ليس بعبادة لكان أقرب و إلا فهل سجد إخو يوسف له عبادة؟ اللهم لا و راجع كلام كل المفسرين للآية.
أما كلام القرطبي رحمه الله فإذا قرأناه في سياقه فسيفقد دلالته على الإجماع المذكور في كلام الأخ الكريم فقد ذكره رحمه الله في معرض بحث أيهما أفضل الملائكة أم الأنبياء فقال:
تفسير القرطبي [جزء 1 - صفحة 239]
" وأما من قال من أصحابنا والشيعة: إن الأنبياء أفضل لأن الله تعالى أمر الملائكة بالسجود لآدم فيقال لهم: المسجود له لا يكون أفضل من الساجد ألا ترى أن الكعبة مسجود لها والأنبياء والخلق يسجدون نحوها، ثم إن الأنبياء خير من الكعبة باتفاق الأمة ولا خلاف أن السجود لا يكون إلا لله تعالى لأن السجود عبادة والعبادة لا تكون إلا لله فإذا كان كذلك فكون السجود إلى جهة لا يدل على أن الجهة خير من الساجد العابد وهذا واضح "
فهو يتكلم عن السجود للكعبة و أنه و إن كان إلى جهتها إلا أنه سجود لله.
و في ثنايا الموضوع الكثير من كلام العلماء الذي ينفي أن يكون كل سجود عبادة.
و أما القول بأن السجود لغير الله على كل وجه كفر بالإجماع فهذا الإجماع غير ثابت، قال القرافي رحمه الله في الفروق:
((المسألة الأولى) اتفق الناس على أن السجود للصنم على وجه التذلل والتعظيم له كفر ولو وقع مثل ذلك في حق الولد مع والده تعظيما له وتذللا أو في حق الأولياء والعلماء لم يكن كفرا ... )
في الختام أخي الكريم فربما كان في المشاركة 30 بيان لبعض ما أوردتموه باختصار و إلا فإن متابعة ما دار من نقاش في كل المشاركات سيعطي صورة أوضح، و نحن بانتظار فوائدكم و إضافاتكم ... و دمت بعافية.
ـ[أبو مشاري]ــــــــ[06 - 04 - 06, 08:34 م]ـ
بارك الله فيكم أخي أبو البراء على فوائدكم الطيبة
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[07 - 04 - 06, 03:17 ص]ـ
و فيك بارك الله أخي الفاضل و جزاك ربي خيراً(33/121)
ما هي عقيدة محمد بن إسماعيل الصنعاني؟
ـ[ابن أبي عبدالتسميني]ــــــــ[26 - 01 - 06, 05:55 م]ـ
محمد بن إسماعيل الصنعاني؟
ـ[العوضي]ــــــــ[26 - 01 - 06, 06:06 م]ـ
تفضل هذا الرابط حفظك الله
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=12080&highlight=%C7%E1%D5%E4%DA%C7%E4%ED
ـ[المقدادي]ــــــــ[26 - 01 - 06, 08:37 م]ـ
كان رحمه الله سلفيا مجتهدا خلّص نفسه من قيود الزيدية فقرأ لأئمة أعلام و وافق السلف في معظم عقيدتهم و ان كان وافق غير السلف في شيء فذلك يكون لمحيطه الزيدي الذي نشأ فيه
و كما قال الامام الذهبي: لو أننا كلما أخطأ إمام مجتهد في مسألة خطأ مغفورا له هجرناه وبدعناه لما سلم أحد من الأئمة والله الهادي للحق والراحم للخلق(33/122)
حقيقة التوحيد والشرك
ـ[خالد المغناوي]ــــــــ[27 - 01 - 06, 01:56 م]ـ
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي العربي المكي ثم المدني، وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن الله عز وجل خلق الخلق ليعبدوه وحده لا شريك له، وأرسل الرسل لبيان هذه الحكمة والدعوة إليها، وبيان تفصيلها، وبيان ما يضادها، هكذا جاءت الكتب السماوية، وأرسلت الرسل البشرية من عند الله عز وجل للجن والإنس، وجعل الله سبحانه هذه الدار طريقا للآخرة، ومعبرا لها، فمن عمرها بطاعة الله وتوحيده وإتباع رسله عليهم الصلاة والسلام، انتقل من دار العمل وهي الدنيا، إلى دار الجزاء وهي الآخرة، وصار إلى دار النعيم والحبرة والسرور، دار الكرامة والسعادة، دار لا يفنى نعيمها، ولا يموت أهلها، ولا تبلى ثيابهم، ولا يخلق شبابهم، بل في نعيم دائم، وصحة دائمة، وشباب مستمر، وحياة طيبة سعيدة، ونعيم لا ينفد، ينادي فيهم من عند الله عز وجل: (يا أهل الجنة إن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا وإن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا وإن لكم أن تنعموا فلا تبتئسوا أبدا) هذه حالهم ولهم فيها ما يشتهون، ولهم فيها ما يدعون. {نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} [1] ولهم فيها لقاء مع الله عز وجل كما يشاء، ورؤية وجهه الكريم جل وعلا. أما من خالف الرسل في هذه الدار، وتابع الهوى والشيطان، فإنه ينتقل من هذه الدار إلى دار الجزاء، دار الهوان والخسران، والعذاب والآلام والجحيم، التي أهلها في عذاب وشقاء دائم، {لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} [2] كما قال عز وجل: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا} [3] وقال فيها أيضا: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} [4] وقال فيها جل وعلا: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [5] والمقصود أن هذه الدار هي دار العمل، وهي دار التقرب إلى الله عز وجل بما يرضيه، وهي دار الجهاد للنفوس، وهي دار المحاسبة، ودار التفقه والتبصر في الدين، والتعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق والصبر عليه، والعلم والعمل، والعبادة والمجاهدة، قال الله سبحانه وتعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [6].
فخلق الله الجن والإنس وهما الثقلان: لعبادته عز وجل، لم يخلقهم سبحانه لحاجة به إليهم، فإنه سبحانه هو الغني بذاته عن كل ما سواه. كما قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} [7] ولم يخلقهم ليتكثر بهم من قلة، أو يعتز بهم من ذلة، ولكنه خلقهم سبحانه لحكمة عظيمة، وهي أن يعبدوه ويعظموه، ويخشوه ويثنوا عليه سبحانه بما هو أهله، ويعلموا أسماءه وصفاته، ويثنوا عليه بذلك، وليتوجهوا إليه بما يحب من الأعمال والأقوال، ويشكروه على إنعامه، ويصبروا على ما ابتلاهم به، وليجاهدوا في سبيله، وليتفكروا في عظمته، وما يستحق عليهم من العمل، كما قال عز وجل: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [8] وقال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [9] وقال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/123)
رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [10] فأنت يا عبد الله مخلوق في هذه الدار، لا لتبقى فيها، ولا لتخلد فيها، ولكنك خلقت فيها لتنقل منها بعد العمل، وقد تنقل منها قبل العمل، وأنت صغير لم تبلغ، ولم يجب عليك العمل لحكمة بالغة. فالمقصود أنها دار ممزوجة بالشر والخير، ممزوجة بالأخلاط من الصلحاء وغيرهم، ممزوجة بالأكدار والأفراح والنافع والضار، وفيها الطيب والخبيث، والمرض والصحة، والغنى والفقر، والكافر والمؤمن، والعاصي والمستقيم، وفيها أنواع من المخلوقات خلقت لمصلحة الثقلين كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [11].
والمقصود من هذه الخليقة كما تقدم: أن يعظم الله، وأن يطاع في هذه الدار، وأن يعظم أمره ونهيه، وأن يعبد وحده سبحانه وتعالى بطاعة أوامره، وترك نواهيه، وقصده سبحانه في طلب الحاجات، وعند الملمات، ورفع الشكاوى إليه، وطلب الغوث منه، والاستعانة به في كل شيء، وفي كل أمر من أمور الدنيا، والآخرة.
فالمقصود من خلقك وإيجادك يا عبد الله، هو توحيده سبحانه، وتعظيم أمره ونهيه، وأن تقصده وحده في حاجاتك، وتستعين به على أمر دينك ودنياك وتتبع ما جاء به رسله، وتنقاد لذلك طائعا مختارا، محبا لما أمر به، كارها لما نهى عنه، ترجو رحمة ربك، وتخشى عقابه سبحانه وتعالى.
والرسل أرسلوا إلى العباد ليعرفوهم هذا الحق، ويعلموهم ما يجب عليهم، وما يحرم عليهم، حتى لا يقولوا ما جاءنا من بشيرولا نذير، بل قد جاءتهم الرسل مبشرين ومنذرين، كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [12] وقال تعالى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [13] وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [14].فهم قد أرسلوا ليوجهوا الثقلين لما قد أرسلوا به، ويرشدوهم إلى أسباب النجاة ولينذروهم أسباب الهلاك، وليقيموا عليهم الحجة، ويقطعوا المعذرة، والله سبحانه يحب أن يمدح، ولهذا أثنى على نفسه بما هو أهله، وهو غيور على محارمه، ولهذا حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن. فعليك أن تحمده سبحانه، وتثني عليه بما هو أهله، فله الحمد في الأولى والآخرة. وعليك أن تثني عليه بأسمائه وصفاته، وأن تشكره على إنعامه، وأن تصبر على ما أصابك، مع أخذك بالأسباب التي شرعها الله وأباحها لك. وعليك أن تحترم محارمه، وأن تبتعد عنها، وأن تقف عند حدوده طاعة له سبحانه ولما جاءت به الرسل. وعليك أن تتفقه في دينك، وأن تتعلم ما خلقت له وأن تصبر على ذلك حتى تؤدي الواجب على علم وعلى بصيرة، قال صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين) وقال صلى الله عليه وسلم (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة) خرجهما مسلم في صحيحه.
وأعظم الأوامر وأهمها توحيده سبحانه، وترك الإشراك به عز وجل، وهذا هو أهم الأمور، وهو أصل دين الإسلام، وهو دين الرسل كلهم من أولهم إلى آخرهم، وهو توحيد الله وإفراده بالعبادة، دون كل من سواه.
هذا هو أصل الدين، وهو دين الرسل جميعا من أولهم نوح، إلى خاتمهم محمد عليهم الصلاة والسلام، لا يقبل الله من أحد دينا سواه، وهو الإسلام.
وسمي إسلاما لما فيه من الاستسلام لله، والذل له، والعبودية له، والانقياد لطاعته، وهو توحيده والإخلاص له. مستسلما له جل وعلا، وقد أسلمت وجهك لله، وأخلصت عملك لله، ووجهت قلبك إلى الله في سرك وعلانيتك، وفي خوفك وفي رجائك، وفي قولك وفي عملك، وفي كل شأنك. تعلم أنه سبحانه هو الإله الحق، والمستحق لأن يعبد ويطاع ويعظم لا إله غيره ولا رب سواه. وإنما تختلف الشرائع كما قال سبحانه: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [15] أما دين الله فهو واحد، وهو دين الإسلام، وهو إخلاص العبادة لله وحده، وإفراده بالعبادة: من دعاء وخوف ورجاء وتوكل، ورغبة ورهبة، وصلاة وصوم وغير ذلك، كما قال سبحانه وبحمده: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ} [16] أي أمر ألا تعبدوا إلا إياه، وقال سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/124)
وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [17] أخبر عباده بهذا ليقولوه وليعترفوا به. فعلمهم كيف يثنون عليه، فقال عز من قائل: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [18] علمهم هذا الثناء العظيم، ثم قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [19] وجههم إلى هذا سبحانه وتعالى، فيثنوا عليه بما هو أهله من الحمد والاعتراف بأنه رب العالمين، والمحسن إليهم، ومربيهم بالنعم، وأنه الرحمن وأنه الرحيم، وأنه مالك يوم الدين، وهذا كله حق لربنا عز وجل. ثم قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [20] إياك نعبد وحدك، وإياك نستعين وحدك، لا رب ولا معين سواك، فجميع ما يقع من العباد هو من الله، وهو الذي سخرهم وهو الذي هيأهم لذلك، وأعانهم على ذلك، وأعطاهم القوة على ذلك، ولهذا يقول جل وعلا: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [21] فهو سبحانه المنعم، وهو المستعان والمعبود بالحق جل وعلا. فأنت يا عبد الله إذا جاءتك نعمة على يد صغير أو كبير أو مملوك أو ملك، أو غيره، فكله من نعم الله جل وعلا، وهو الذي ساق ذلك ويسره سبحانه، خلق من جاء بها وساقها على يديه، وحرك قلبه ليأتيك بها، وأعطاه القوة والقلب والعقل، وجعل في قلبه ما جعل حتى أوصلها إليك.
فكل النعم من الله جل وعلا مهما كانت الوسائل، وهو المعبود بالحق، وهو الخالق للعباد، وهو مربيهم بالنعم، وهو الحاكم بينهم في الدنيا والآخرة، وهو الموصوف بصفات الكمال المنزه عن صفات النقص والعيب، واحد في ربوبيته، واحد في ألوهيته، واحد في أسمائه وصفاته، جل وعلا، وهو سبحانه له التوحيد من جميع الوجوه، له الوحدانية في خلقه العباد، وتدبيره لهم، ورزقه لهم، وتصريفه لشئونهم، لا يشاركه في ذلك أحد سبحانه وتعالى، يدبر الأمر جل وعلا، كما قال جل وعلا: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [22] وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [23] وقال سبحانه: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ * إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا} [24] الآية، فهو المستحق للعبادة لكمال إنعامه، وكمال إحسانه، ولكونه الخلاق والرزاق ولكونه مصرف الأمور ومدبرها، ولكونه الكامل في ذاته وصفاته وأسمائه. فلهذا استحق العبادة على جميع العباد واستحق الخضوع عليهم. والعبادة هي الخضوع والذل، وسمي الدين عبادة لأن العبد يؤديه بخضوع لله، وذل بين يديه، ولهذا قيل للإسلام عبادة. تقول العرب: طريق معبد، يعني مذلل، قد وطأته الأقدام، حتى صار لها أثر بيّن يعرف، ويقال: بعير معبد أي قد شد ورحل عليه، حتى صار له أثر فصار معبدا.
والعبد هو: الذليل المنقاد لله المعظم لحرماته، وكلما كان العبد أكمل معرفة بالله وأكمل إيمانا به، صار أكمل عبادة.
ولهذا كان الرسل أكمل الناس عبادة، لأنهم أكملهم معرفة وعلما بالله، وتعظيما له من غيرهم، صلوات الله وسلامه عليهم.
ولهذا وصف الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالعبودية في أشرف مقاماته، فقال سبحانه: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [25] وقال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} [26] وقال تعالى: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ} [27] إلى غير ذلك. فالعبودية مقام عظيم وشريف، ثم زادهم الله فضلا من عنده سبحانه بالرسالة التي أرسلهم بها، فاجتمع لهم فضلان: فضل الرسالة، وفضل العبودية الخاصة. فأكمل الناس في عبادتهم لله، وتقواهم له، هم الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ثم يليهم الصديقون الذين كمل تصديقهم لله ولرسله، واستقاموا على أمره، وصاروا خير الناس بعد الأنبياء، وعلى رأسهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فهو رأس الصديقين، وأكملهم صديقية، بفضله وتقواه، وسبقه إلى الخيرات وقيامه بأمر الله خير قيام، وكونه قرين رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار، ومساعده بكل ما استطاع من قوة رضي الله عنه وأرضاه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/125)
فالمقصود أن مقام العبودية، ومقام الرسالة هما أشرف المقامات، فإذا ذهبت الرسالة بفضلها، بقي مقام الصديقية بالعبادة. فأكمل الناس إيمانا وصلاحا وتقوى وهدى، هم الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام لكمال علمهم بالله، وعبادتهم له، وذلهم لعظمته جل وعلا، ثم يليهم الصديقون ثم الشهداء، ثم الصالحون كما قال جل وعلا: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [28] ولا بد مع توحيد الله من تصديق رسله، ولهذا لما بعث الله نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام، صار يدعو الناس أولا إلى توحيد الله وإلى الإيمان بأنه رسوله عليه الصلاة والسلام. فلا بد من أمرين: توحيد الله والإخلاص، ولا بد مع ذلك من تصديق الرسل عليهم الصلاة والسلام. فمن وحد الله، ولم يصدق الرسل فهو كافر، ومن صدقهم ولم يوحد الله فهو كافر، فلا بد من الأمرين: توحيد الله وتصديق رسله عليهم الصلاة والسلام. والاختلاف في هذا المقام هو في الشرائع، وأما توحيد الله والإخلاص له، وترك الإشراك به، وتصديق رسله، فهو أمر لا اختلاف فيه بين الأنبياء، بل لا إسلام ولا دين ولا هدى ولا نجاة إلا بتوحيد الله عز وجل، وإفراده بالعبادة، والإيمان بما جاء به رسله عليهم الصلاة والسلام، جملة وتفصيلا.
فمن وحد الله جل وعلا، ولم يصدق نوحا في زمانه، أو إبراهيم في زمانه، أو هودا أو صالحا أو إسماعيل أو إسحاق أو يعقوب أو من بعدهم إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر بالله عز وجل، حتى يصدق جميع الرسل، مع توحيده لله عز وجل. فالإسلام في زمن آدم هو توحيد الله مع إتباع شريعة آدم عليه الصلاة والسلام، والإسلام في زمن نوح هو توحيد الله مع إتباع شريعة نوح عليه الصلاة والسلام، والإسلام في زمن هود هو توحيد الله مع إتباع شريعة هود عليه الصلاة والسلام، والإسلام في زمن صالح هو توحيد الله مع إتباع شريعة صالح عليه الصلاة والسلام، حتى جاء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فكان الإسلام في زمانه هو توحيد الله مع الإيمان بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وإتباع شريعته. فاليهود والنصارى لما لم يصدقوا محمدا عليه الصلاة والسلام، صاروا بذلك كفارا ضلالا، وإن فرضنا أن بعضهم وحد الله، فإنهم ضالون كفار بإجماع المسلمين، لعدم إيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، فلو قال شخص إني أعبد الله وحده، وأصدق محمدا في كل شيء إلا في تحريم الزنا، بأن جعله مباحا، فإنه يكون بهذا كافرا حلال الدم والمال بإجماع المسلمين، وهكذا لو قال: إنه يوحد الله ويعبده وحده دون كل من سواه، ويصدق الرسل جميعا، وعلى رأسهم محمد صلى الله عليه وسلم إلا في تحريم اللواط، وهو إتيان الذكور، صار كافرا حلال الدم والمال بإجماع المسلمين، بعد إقامة الحجة عليه إذا كان مثله يجهل ذلك، ولم ينفعه توحيده ولا إيمانه، لأنه كذب الرسول، وكذب الله في بعض الشيء.
وهكذا لو وحد الله، وصدق الرسل، ولكن استهزأ بالرسول في شيء، أو استنقصه في شيء أو بعض الرسل، صار كافرا بذلك، كما قال جل وعلا: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [29] ثم إن ضد هذا التوحيد هو الشرك بالله عز وجل، فإن كل شيء له ضد، والضد يبين بالضد قال بعض الشعراء:
والضد يظهر حسنه الضد وبضدها تتميز الأشياء
فالشرك بالله عز وجل، هو ضد التوحيد الذي بعث الله به الرسل عليهم الصلاة والسلام، فالمشرك مشرك لأنه أشرك مع الله غيره، فيما يتعلق بالعبادة لله وحده، أو فيما يتعلق بملكه وتدبيره العباد، أو بعدم تصديقه فيما أخبر أو فيما شرع، فصار بذلك مشركا بالله، وفيما وقع منه من الشرك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/126)
وتوحيد الله عز وجل الذي هو معنى لا إله إلا الله، يعني أنه لا معبود بحق إلا الله، فهي تنفي العبادة عن غير الله بالحق، وتثبتها لله وحده، كما قال سبحانه: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ} [30] وقال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ} [31] وقال سبحانه: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ} [32] وقال سبحانه: {وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [33]، فتوحيد الله هو إفراده بالعبادة عن إيمان، وعن صدق، وعن عمل، لا مجرد كلام. ومع اعتقاده بأن عبادة غيره باطلة، وأن عباد غيره مشركون، ومع البراءة منهم، كما قال عز وجل: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [34] وقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} [35] فتبرأ من عبّاد غير الله، ومما يعبدون.
فالمقصود أنه لا بد من توحيد الله، بإفراده بالعبادة والبراءة من عبادة غيره، وعابدي غيره، ولا بد من اعتقاد وبطلان الشرك، وأن الواجب على جميع العباد من جن وإنس، أن يخصوا الله بالعبادة، ويؤدوا حق هذا التوحيد بتحكيم شريعة الله، فإن الله سبحانه وتعالى هو الحاكم، ومن توحيده الإيمان والتصديق بذلك، فهو الحاكم في الدنيا بشريعته، وفي الآخرة بنفسه سبحانه وتعالى كما قال جل وعلا: {إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ} [36] وقال تعالى: {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} [37] وقال سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [38].وصرف بعض العبادة للأولياء أو الأنبياء أو الشمس والقمر، أو الجن أو الملائكة، أو الأصنام أو الأشجار أو غير ذلك، كل هذا ناقض لتوحيد الله، ومبطل له.
وإذا علم أن الله سبحانه بعث نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم، والأنبياء قبله إلى أمم يعبدون غير الله، منهم من يعبد الأنبياء والصالحين، ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار، ومنهم من يعبد الأصنام المنحوتة، ومنهم من يعبد الكواكب إلى غير ذلك، فقد دعوهم كلهم إلى توحيد الله، والإيمان به سبحانه، وأن يقولوا: لا إله إلا الله، وأن يبرءوا مما يخالفها، وأن يبرءوا من عابدي غير الله، ومن معبوداتهم، وأن من صرف بعض العبادة لغيره فما وحده كما قال الله سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [39].وبهذا تعلم أن ما يصنع حول القبور المعبودة من دون الله. مثل قبر البدوي، والحسين بمصر وأشباه ذلك، وما يقع من بعض الجهال من الحجاج وغيرهم عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم من طلب المدد والنصر على الأعداء، والاستغاثة به والشكوى إليه ونحو ذلك، أن هذه عبادة لغير الله عز وجل، وأن هذا شرك الجاهلية الأولى، وهكذا ما قد يقع من بعض الصوفية من اعتقادهم أن بعض الأولياء يتصرف في الكون ويدبر هذا العالم والعياذ بالله شرك أكبر في الربوبية. وهكذا ما يقع من اعتقاد بعض الناس، أن بعض المخلوقات له صلة بالرب عز وجل، وأنه يستغني بذلك عن متابعة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، أو أنه يعلم الغيب، أو أنه يتصرف في الكائنات، وما أشبه ذلك، فإنه كفر بالله أكبر، وشرك ظاهر، يخرج صاحبه من الملة الإسلامية إن كان ينتسب إليها.
فلا توحيد ولا إسلام ولا إيمان ولا نجاة إلا بإفراد الله بالعبادة، والإيمان بأنه مالك الملك، ومدبر الأمور، وأنه كامل في ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله، لا شريك له، ولا شبيه له، ولا يقاس بخلقه عز وجل، فله الكمال المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله، وهو مدبر الملك جل وعلا، لا شريك له، ولا معقب لحكمه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(33/127)