فجابر بن عبد الله إنما تكلم في الروايتين عن حكم ترك الصلاة كمسألة لا عن واقع التاركين، ومن هذا تعلم بطلان تأويل هذا الأثر من بعض من لا يرى كفر تارك الصلاة، حيث زعم أن جابرا رضي الله عنه إنما تكلم عن الوضع القائم في عهدهم، من اعتبار الصلاة علامة يفرقون بها بين المسلمين والكفار كما كان النبي يُغِير على القرى التي لا يسمع فيها الآذان، لا على أن الآذان تركه يوجب الكفر، وإنما لأنه علامة على أن هؤلاء الناس من الكفار، باعتبار أنه لم يكن يُترك الآذان في قرى المسلمين.
فمع أن الأثر بألفاظه لا يحتمل هذا المعنى المؤوَّل، باعتبار أن الأثر إنما تكلم عن الأعمال لا عن العُمّال وعن الكفر والإيمان لا عن أصحابهما بصريح اللفظ، وإنما تكلم عن ترك الصلاة كمسألة دون تعرض لواقع عملي، ودون ذكر لوضع لا قائما ولا قاعدا.
مع كل هذا فالمعنى الذي ذهب إليه هذا المؤوِّل المتكلِّف لا يصح شرعا ولا عقلا، إذ كيف يُجعل هذا الأمر الخفي علامة بارزة في أخطر مقام، وهو الحكم على المعين بالكفر؟!
لا على مستوى طائفي شأنه شأن الآذان الشعيرة الظاهرة، وإنما على مستوى أفراد؟ فصلاة الجماعة ليست هي المقصودة، وإنما مطلق الصلاة، هذا لا يستقيم شرعا ولا عقلا.
فمن المعروف الظاهر أنك إذا أردت أن تعرف فلانا من الناس يصلي أم لا؟ فإن هذا يحتاج منك إلى مراقبة دائمة، بحيث لا يغيب عن عينيك لوقت طويل حتى تتمكن من الحكم عليه، لا لوقت صلاة واحدة، فهذا لا يثبت به الترك المطلق، وإنما لعدة صلوات، وهذا متعذر.
فإن أي فرد من الناس قد أوجبت سنة الحياة أن له مأوى يتوارى فيه عن أعين الناس، فمن الصعب جدا معرفة التارك من خلال المشاهدة فقط، بل لو حكم أحد على آخر بأنه تارك من خلال ما يعرفه عنه عن طريق المشاهدة، ثم حكم عليه بموجب هذا الظاهر، كان مخطئا في هذا الحكم عند الجميع، ولهذا اشترط الإمام أحمد ومن تبعه، في الحكم على التارك بالكفر الظاهر، أن يُدعى إلى الصلاة ثم يمتنع،
وما كان هكذا يمتنع جعله علامة ظاهرة كما زعم ذلك المؤول، ولعل حرصه على التأويل صرفه عن تدارك هذا المعنى الباطل.
وقد روى أثرَ جابر هذا الإمامُ محمد بن نصر المروزي، ولم يفهم منه ما فهمه هذا المؤوِّل الذي
لا هم له إلا صرف الأثر عن معناه الظاهر إلى أي معنى يخرج بالأثر عن كونه من أدلة تكفير تارك الصلاة.
فقد استدل الإمام ابن نصر المروزي بالأثر على كفر تارك الصلاة، فبوَّب بابا بعنوان:
(باب ذكر إكفار تارك الصلاة) وساق فيه أدلة المكفرين ومنها أثر جابر: " ما كان يفرق بين الكفر والإيمان ... "
وكذا الإمام عبيد الله بن محمد بن بطة عندما قال:
(باب كفر تارك الصلاة ومانع الزكاة وإباحة قتالهم وقتلهم إذا فعلوا ذلك)
فذكر أدلة المكفرين ومنها أثر جابر ثم قال (895):
" فهذه الأخبار والآثار والسنن عن النبي والصحابة والتابعين، كلها تدل العقلاء ومن كان بقلبه أدنى حياء على تكفير تارك الصلاة وجاحد الفرائض وإخراجه من الملة " ا. هـ
وأقل ما يدل عليه كلام هذين الإمامين أن ذلك المعنى الذي ذهب إليه ذلك المؤول غير مراد عندهما،
وكذلك العلامة الألباني كما في صحيح الترغيب (367) فقد اعتبره شاهدا لأثر عبد الله بن شقيق، مع أنه حمله على المعاند المستكبر، فاستشهاده به دليل على إبطاله لذلك التأويل.
ومما يؤكد دحض هذا التأويل ما سبق من ذكر الرواية الأخرى عن جابر: " ما بين العبد وبين
الكفر ... " فهو من هذا الباب أيضا، وبنفس معنى الرواية المرفوعة: " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ... " و " بين الرجل والكفر ترك الصلاة ... " ونحوها، فعلى المؤوِّل أن يقف من كل هذه الروايات موقفا واحدا، إما أن يؤول الجميع بذاك التأويل وعندها سيكشف لنا عن حقيقة باطله، وإما أن يترك الجميع دون تأويل كما هو الصواب، فيثبت ما ذكرناه من الاستدلال.
فأثر جابر بن عبد الله يدل على أن عامة الصحابة متفقون على القول بكفر تارك الصلاة، وأن هذا كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا، فهو في حكم الرفع قطعا، وحجة بلا نزاع توجب ترك النزاع في هذه المسألة العظيمة والله أعلم.
ب – أثر عبد الله بن شقيق العُقيلي:
قال عبد الله بن شقيق رضي الله عنه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/67)
"كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة "
وفي رواية:
" ما كانوا يقولون لعمل تركه رجل كفر غير الصلاة، قال: كانوا يقولون تركها كفر "
الأثر أخرجه الترمذي في سننه (2622) وابن أبي شيبة في مصنفه (6/ 172) (30446) وفي الإيمان (137) وابن نصر في تعظيم قدر الصلاة (948) والخلال في السنة (1378) من طرق عن سعيد بن إياس الجريري عن عبد الله بن شقيق به
ورواه عن سعيد الجريرى كل من:
ـ بشر بن المفضل
ـ إسماعيل بن علية
ـ عبد الأعلى بن عبد الأعلى
أما بشر، فقد رواه عنه محمد بن عبيد وحميد بن مسعدة وقتيبة بن سعيد باللفظ الأول
إلا أن الحاكم في مستدركه (12) (1/ 48) قد رواه من طريق قيس بن أنيف عن قتيبة بن سعيد عن بشر عن الجريري عن ابن شقيق عن أبي هريرة به مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والصواب ما رواه الترمذي، فهو الراوي عن قتيبة قد رواه موقوفا كما سبق
لأن الترمذي على إمامته إنما خالفه قيس بن أنيف، وهو غير معروف بجرح ولا تعديل، وهو أبو عمر قيس بن أنيف بن منصور الونوفاغي، له ترجمة في اللباب (3/ 374)
ومن الخطأ أن يقارَن هنا بين قيس وقتيبة وحميد بن مسعدة ومحمد بن عبيد كما فعل عدنان عبد القادر في رسالته: " عدم حجية رواية عبد الله بن شقيق ... " ص (11)
لأن الاختلاف إنما هو على قتيبة بين الترمذي وقيس، فكيف يقارَن بين المختلِف والمتخلَف عليه؟!
ولو سلمنا بأن قيسا قد رواه عن بشر مباشرة لتصح المقارنة من الأستاذ، فقيس لم يدرك بشرا فكان عليه أن يشير للانقطاع.
أما سعيد الجريري فكان قد اختلط، ولم يكن اختلاطه فاحشا كما ذكر ابن حبان في الثقات (6/ 351)
ولأجل هذا نفى تلميذه ابن علية اختلاطه، وقال: " كبر الشيخ فرَقّ " كما في الجرح والتعديل (1/ 4)، وبنحو هذا شهد تلميذه الآخر يزيد بن هارون.
إلا أن تغيُّره ثابت بمجموع كلام الأئمة.
وبشر بن المفضل الراوي عنه للأثر باللفظ الأول هو ممن روى عن الجريري قبل الاختلاط، فروايته عنه صحيحة، وقد ثبتت روايته عنه قبل الاختلاط من وجهين:
أولا: بتنصيص الحفاظ على ذلك.
قال الحافظ الكبير إمام العلل في وقته، العلامة ابن رجب الحنبلي في شرحه لعلل الترمذي
ص (313):
" وممن سمع منه قبل أن يختلط: الثوري وابن علية وبشر بن المفضل، وكان ابن علية ينكر أن يكون الجريري اختلط " ا. هـ
ولم يذكر الإمام ابن رجب مستنده في هذا التنصيص، وهو أحد عباقرة هذا الفن، ولم يخالف غيره من الأئمة، لا ممن تقدمه ولا ممن تأخره، بل وافقه غيره.
فقد نص الحافظ المحقق العلامة ابن حجر العسقلاني في هدي الساري على ذلك ص (425) حيث
قال:
" وما أخرج البخاري من حديثه إلا عن عبد الأعلى وعبد الوارث وبشر بن المفضل، وهؤلاء سمعوا منه قبل الاختلاط، نعم وأخرج له البخاري أيضا من رواية خالد الواسطي عنه، ولم يتحرر لي أمره إلى الآن، هل سمع منه قبل الاختلاط أو بعده؟ لكن حديثه عنه بمتابعة بشر بن المفضل كلاهما عنه " ا. هـ
وتبين من كلام الحافظ أمران:
أ ـ أن الحافظ يقول بأن بشر بن المفضل قد سمع من الجريري قبل الاختلاط.
ب ـ أن ذِكْر الحافظ لهذا واعتمادَه له لم يكن لأجل إخراج البخاري لحديثه عن الجريري في الصحيح، بدليل توقفه في خالد الواسطي، فلو كان إخراج البخاري لحديث بشر هو المستند في قوله بأن بشرا روى عن الجريري قبل الاختلاط، لكانت رواية خالد الواسطي كذلك.
ويؤكد هذا أن الحافظ بعد أن بَيّن توقُّفه في رواية خالد عن الجريري مع إخراج البخاري لها، طمأن القارئ بقوله: " لكن حديثه عنه بمتابعة بشر "، فاستدل ببشر لهذا الموطن، ولا يمكن أن يكون المستدَل له هو المستدَل به
فمن العبث وسوء الفهم أن يُنسَب للحافظ أنه اعتمد على إخراج البخاري لرواية بشر عن الجريري في القول بأن بشرا روى عن الجريري قبل الاختلاط، تماما كما فعل الأستاذ عدنان هداه الله، هذا من العبث والجهل على هذا الإمام.
وأما مستند الحافظ في القول بأن بشرا إنما روى عن الجريري قبل الاختلاط فلم يذكره، وهكذا ابن رجب
ولأن طرق الوصول إلى مثل هذه الحقيقة كثيرة (5) فلا يمكن لغر من الأغرار أن يأتي بعد هؤلاء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/68)
الحفاظ ويتخيل من عنده مستندهم في القول بذلك، ثم يرجع إلى هذا المستند المتخيّل فيهدمه، وخاصة عندما يعرب عن جهله بألفاظهم ومعانيها، فينسب لهم ما نفوه كما فعل عدنان عبد القادر في رسالته: " عدم حجية رواية عبد الله بن شقيق ... " حيث زعم أن الحافظين إنما اعتمدا في القول بذلك مما اعتمداه رواية البخاري ومسلم عن الجريري من طريق بشر، كما في ص (16) من رسالته، مع أن الحافظين لم يذكرا هذا، بل ابن حجر بين بكلامه عدم اعتماده في هذا على ما أخرجه البخاري، فلِمَ الجهل؟!
وبخاصة أن البخاري ومسلما لم يحتجا برواية بشر عن الجريري، والحافظان ابن رجب وابن حجر من أعلم الناس بالبخاري وصحيحه، وشرحاهما العظيمان من أعظم الشروح ولا تخفى عليهما هذه الحقيقة الواضحة، فيجيء مثل هذا الطالب ويتفلسف عليهما بما هما أعلم به، وبما لم ينصا على خلافه! فلِمَ مثل هذه المغالطات الواضحة؟
وسيأتي الرد عليه مفصّلا عقب هذه المادة والله المستعان.
ثانيا: إدراك بشر لأيوب وسماعه منه
قال أبو عبيد الآجري في سؤالاته (339):
سمعت أبا داود يقول: " أرواهم عن الجريري إسماعيل بن علية، وكل من أدرك أيوب فسماعه من الجريري جيد "
والمراد كل مَن سمع مِن أيوب، وبشر بن المفضل قد ثبت سماعه من أيوب وذلك من طريقين:
الأولى: روايته عنه بالعنعنة.
فقد جاءت أكثر من رواية لبشر عن أيوب معنعنة، وكان قد أدرك أيوبا، فقد مات بشر سنة سبع
وثمانين ومائة، وقال الإمام الذهبي في السير (9/ 38):
" قلت كان من أبناء الثمانين "
أي أنه ولد سنة سبع ومائة تقريبا، وأيوب إنما مات في الطاعون سنة إحدى وثلاثين ومائة بالإجماع كما في الطبقات الكبرى (7/ 251).
وهذا يعني أن بشر بن المفضل كان عمره أربعا وعشرين سنة تقريبا عندما مات أيوب، وكلاهما من أهل البصرة، فسماعه منه تشهد له كل القرائن، فإمام كأيوب كيف يُتصوَّر أن يتركه تلميذ نجيب كبشر؟
ومثل هذه الصورة ينبغي أن يحمل فيها ما جاء معنعنا من بشر عن أيوب على أنه متصل وأنه سماع، لأن بشرا ليس بمدلس، ولأن السماع تشهد لصحته كل القرائن، من تواجدهما في بلدة واحدة وهي البصرة، وقد كانت بلا شك صغيرة بالنسبة لما عليه الآن، وأيضا من اشتغالهما بالرواية في مدة مشتركة لا تقل عن عشر سنوات، فلا بد لتلميذ مجتهد كبشر أن يكون قد سمع من شيخ مكثر كأيوب
وقد كان من أئمة هذا الشأن، ومن أشدهم تحريا للسماع كالإمام البخاري والإمام أحمد ينصون على السماع عندما يجدون قرائن قوية تدل عليه، ولو لم يقفوا على سماع صريح للراوي، ففي العلل الكبير للترمذي (437) ص (241) أنه قال:
" سألت محمداً [يعني البخاري] عن هذا الحديث [حديث أبي واقد ما قطع من البهيمة] فقلت له: أترى هذا الحديث محفوظا؟
قال: نعم
فقلت له عطاء بن يسار أدرك أبا واقد؟
فقال: ينبغي أن يكون أدركه، عطاء بن يسار قديم " ا. هـ
فالبخاري لم يقف على سماع صريح، وإنما حكم به بناء على قرينة القِدم، ولأجل هذا حكم على الحديث بالصحة، ومثله الإمام أحمد، فقد سئل كما في العلل ومعرفة الرجال (3/ 284):
" هل سمع عمرو بن دينار من سليمان اليشكري؟
قال: قتل سليمان في فتنة ابن الزبير، وعمرو رجل قديم، قد حدت شعبة عن عمرو عن سليمان وأراه قد سمع منه " ا. هـ
فاعتمد في الحكم بالسماع على القرائن لا التصريح بالسماع، ونحوه ما جاء في علل الترمذي شرح ابن رجب (2/ 599):
"وسئل [أي أحمد] عن أبي ريحانة، سمع من سفينة؟
قال: ينبغي، هو قديم، قد سمع من ابن عمر " ا.هـ
وقد حاول الإمام ابن رجب تأويله إلا أنه صريح في اعتماد الإمام أحمد على القرائن في إثبات السماع، وهذه النقول وإن كانت لا تعني العمل بما عليه الإمام مسلم من شرط الاتصال، إلا أنها تدل على أن القرائن متى قويت في الدلالة على السماع ولم يثبت ما يعارض الحكم بها وقوي الظن عند الباحث بذلك فإنه يحكم بالسماع، ولا يعد مخالفا لمذاهب الأئمة في شرط السماع.
وعليه فبشر إن شاء الله ممن يحكم له بالسماع من أيوب لقوة القرائن والله أعلم
هذا على فرض عدم الوقوف على تصريح بالسماع، فكيف وقد ثبت سماعه من أيوب بالصريح كما سترى إن شاء الله، فلا شك أن سماعه من أيوب ثابت والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/69)
ثانيا: رواية بشر عن أيوب سماعا.
فقد جاء التنصيص بالسماع منه في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/ 547) (2276)
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم:
نا علي بن الحسن قال: سمعت علي بن عثمان اللاحقي يقول: نا بشر بن المفضل قال: " سمعت أيوب يثني على جرثومة "
يعني جرثومة بن عبد الله النساج
وهذا إسناد صحيح متصل، علي بن الحسن هو الهسنجاني له ترجمة في الجرح والتعديل (6/ 181) (992) روى عنه ابن أبي حاتم في كتابه الجرح والتعديل في أكثر من خمس وثلاثين ومائة موطن، أما في كتاب التفسير فقد روى عنه في قرابة السبعين موطنا.
هذا بالنسبة للمواطن التي يصرح فيها بنسبته: (الهسنجاني)، وقد روى عنه في أكثر من ذلك دون أن ينسبه كما في الإسناد السابق، و إنما يقول حدثنا علي بن الحسن، ويتبين من خلال شيوخه في تلك الأسانيد، ولا يوجد من يحمل هذا الاسم من شيوخه سوى الهسنجاني الذي أكثر عنه وقد قال عنه بنفسه في الجرح والتعديل:
" كتبنا عنه وهو ثقة صدوق "
وقد ذكر المزي في تهذيب الكمال أن علي بن الحسن الهرثمي قد روى عنه ابن أبي حاتم، ولم أجد له ذكرا في الجرح والتعديل، فلم يرو عنه في أية رواية حسب تتبعي، وإنما روى عنه ابن أبي حاتم في موطن واحد في كتاب التفسير (1415) ووقع فيه مصحفا: " علي بن الحسين الهرثمي "، فالقاعدة عند أهل العلم أنه:
إذا جاء اسم الراوي مشتركا في طبقة من الطبقات بين اثنين، فيحمل على من أكثر عنه، أو الأشهر.
وهنا علي بن الحسن الهسنجاني هو الأشهر، فهو تلميذ الإمام أحمد وابن معين وأحمد بن صالح ونعيم بن حماد، وهو الذي روى عنه ابن أبي حاتم أكثر، فقد روى عنه في كتبه مئات المرات، إما مصرحا بنسبته، وإما غير مصرح ولكنه يتميز من خلال شيوخه، فعلي بن الحسن الهسنجاني قد روى عن الأئمة كأحمد بن حنبل، روى عنه الكثير من الروايات المتعلقة بالتراجم، وكذلك عن ابن معين وعن أحمد بن صالح ونعيم بن حماد
فروى عنه ابن أبي حاتم من روايته عن هؤلاء الأئمة، تارة مهملا: " علي بن الحسن" فقط وتارة ينسبه: " علي بن الحسن الهسنجاني " هذا بالنسبة لكتابه الجرح والتعديل.
وهكذا فعل أيضا في التفسير، تارة يروى عنه مهملا من روايته عن مسدد وسعيد بن أبي مريم وأبي الجماهر محمد بن عثمان في عشرات المواطن، وتارة يروى عنه بالصورتين في روايات متوالية كما في التفسير (6710ـ6711) و (14100ـ14101) من روايته عن مسدد.
بخلاف الهرثمي فلم أقف إلا على رواية واحدة عنه وجاءت مصرحة
فعلي بن الحسن في إسناد الرواية السابقة هو الهسنجاني الثقة الصدوق
وشيخه علي بن عثمان اللاحقي وثقه أبو حاتم كما في اللسان (659) وقال الحافظ:
" ثقة صاحب حديث ... وما كان ينبغي للمؤلف [أي الذهبي] أن يذكر قول ابن خراش، فما هو بعمدة " ا. هـ
وقد قال ابن خراش: " فيه اختلاف "
وما هو بعمدة كما قال الحافظ، ولهذا قال عنه الذهبي في السير (10/ 568): " الإمام الثقة الحافظ "
فالإسناد صحيح
وبهذا يثبت سماع بشر من أيوب، مع أن روايته عنه بالعنعنة في أكثر من رواية تدل على الاتصال، لبراءة بشر من التدليس، ولقوة القرائن على السماع، ولكن كما يقال:
" قطعت جهيزة قول كل خطيب " فالرواية سماعا برهان قاطع على ذلك.
ومنه تعلم أن الطريقة التي سلكها عدنان عبد القادر في رسالته، لرد ما نص عليه الأئمة طريقة باطلة، لا تمت إلى أساليب أهل العلم ولا إلى طرائقهم بصلة.
فمع قلة العلم وقصوره وقلة المصادر وقفنا على رواية صحيحة تثبت سماع بشر من أيوب، فكيف بالحافظ ابن رجب وابن حجر؟ لعلهما وقفا على روايات أخرى لا نعلمها.
ثم يأتي عدنان ذلك الطالب الغر، ويتجرأ على هذين الإمامين وما نقلاه، ويسلط قلمه الجائر، ويسود صفحات كتابه بالتعسف والتأويل والتكلف الباطل، ليبطل ما أثبتوه والدليل معهم، هذا ما لا يُقبل ولا يُسكت عنه، وسيأتي بيان شيء من أباطيله في الملحق إن شاء الله.
فها هو بشر قد سمع من أيوب، وكل من سمع من أيوب فسماعه من الجريري جيد كما قال الإمام أبو داود السجستاني 0
و بالتالي فإسناد بشر صحيح، وروايته صحيحة ثابتة،كيف لا وبشر ثقة ثبت، بل جبل من جبال الحفظ، قال الإمام أحمد كما في رواية أبي بكر الأسدي عنه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/70)
" بشر بن المفضل إليه المنتهى في التثبت بالبصرة " الجرح والتعديل (2/ 366)
وعن معاوية بن صالح قال:
" قلت ليحيى بن معين، من أثبت شيوخ البصريين؟ قال: بشر بن المفضل مع جماعة سماهم " الجرح و التعديل (2/ 366)
وقال ابن المديني:
" المحدثون صحفوا و أخطؤوا ما خلا أربعة: يزيد بن زريع وابن علية وبشر بن المفضل وعبد الوارث بن سعيد " تاريخ بغداد (6/ 233)
وقال ابن أبي داود سمعت أبي يقول:
" ليس من العلماء أحد إلا وقد أخطأ في حديثه إلا بشر بن المفضل وابن علية" تاريخ بغداد (6/ 233)
وقال ابن حبان في "مشاهير علماء الأمصار " (1276):
"من أهل الإتقان"
وقال العجلي:
" ثقة فقيه البدن، ثبت في الحديث، حسن الحديث "
بالإضافة إلى توثيق الأئمة له، فروايته غاية في الصحة
وقد تابعه في رواية الأثر عن الجريري بقريب من معناه الثقةُ عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عند ابن أبي شيبة (6/ 172) بلفظ الرواية الثانية:
" ما كانوا يقولون لعمل تركه رجل كفر غير الصلاة، قال: كانوا يقولون تركها كفر "
فقول عبد الله بن شقيق: " كانوا " إنما يعني به من أدركهم ممن تقدمه من شيوخه من الصحابة وغيرهم لأن الأصل في رواية الراوي أن تحمل عمن شاهدهم وأخذ عنهم،كما قرر الإمام المعلمي في رسالته
" البناء على القبور" (6)
وعبد الله بن شقيق أكثر شيوخه من الصحابة، بل أدرك منهم أكثر من مائتين تقريبا، وسمع من كبارهم كعمر وعثمان وعلي وأبي ذر.
وبهذا يجتمع لفظ عبد الأعلى ولفظ بشر في أن المراد بتلك الرواية المئات من الصحابة، فلا خلاف كبير بين اللفظين
بل قول التابعي: " كانوا " باتفاق أكثر أهل العلم إنما يحتمل أمرين:
أ - " كانوا " كل الصحابة، ويكون التابعي قد عنى بهم الصحابة جميعهم.
ب- " كانوا " من أدركهم من صحابة وتابعين.
فكلاهما محتمل، وما ذكرناه آنفا من أنه عنى من أدركهم إنما هو على التسليم بأدنى الاحتمالين، و إلا فالصواب أن يقدم الاحتمال الذي يوافق الرواية الأخرى رواية بشر، بل رواية بشر توجب حمل هذه الصيغة (كانوا) على المعنى الأول.
و لا ينبغي أن ينازَع في هذا، لأن بشرا أوثق من عبد الأعلى، وقد نص بشر بن المفضل في روايته على أن ذلك الأمر إنما هو عن الصحابة فقط، بل عن عامتهم:
" كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة "
فوجب حمل قوله: " كانوا " في رواية عبد الأعلى على ما جاء صريحا في رواية بشر، من أنهم الصحابة عامة، لأن رواية عبد الأعلى تحتمل هذا المعنى الذي نصت عليه رواية بشر، فلِمَ نقدم الاحتمال الآخر بأن المراد من أدركهم فقط من صحابة وتابعين؟ و بالتالي نفرض نحن بهذا التقديم نوع خلاف بين الروايتين؟
ولو سلمنا جدلا بهذا الاحتمال الثاني، من أن المراد برواية عبد الأعلى: " كانوا يقولون ... " مَن أدركهم مِن صحابة وتابعين، وتنازلنا أكثر وجعلنا رواية بشر بن المفضل: " كان أصحاب النبي ... " على أن المراد الصحابة الذين أدركهم عبد الله بن شقيق، فلا إشكال أيضا، فابن شقيق قد أدرك المئات منهم، فلا خلاف بين الروايتين، وبشر بن المفضل وكذا عبد الأعلى كلاهما قد روى عن الجريري قبل الاختلاط، بل قال الإمام العجلي:
" وعبد الأعلى من أصحهم سماعا منه [سمع] قبل أن يختلط بثمان سنين " كما في تهذيب التهذيب
فما اتفق عليه الثقتان بشر وعبد الأعلى ثابت صحيح لا مطعن فيه.
وقد تابعهما الإمام ابن علية كما في السنة للخلال (1378) من طريق أبي بكر المروذي عن الإمام أحمد
عن ابن علية به بلفظ:
" ما علمنا شيئا من الأعمال قيل تركه كفر إلا الصلاة "
وابن علية وإن كان من الحفاظ المعروفين بالضبط إلا أنه لا يبعد كثيرا عن بشر بن المفضل فكلاهما قد اشتركا في كثير من أوصاف الحفظ والضبط، إلا أن ابن علية أرفع من بشر وخاصة في روايته عن الجريري، فهو من أثبت الناس فيه 0
وهو أرفع بلا شك من عبد الأعلى، ولكنه لا يقوى على أن يكون أرجح منهما عند اجتماعهما، وخاصة أن في الإسناد إليه أبا بكر المروذي، فهو وإن كان ثقة إلا أن تلميذه الخلال والراوي عنه هنا قال عنه ـ كما في السير ـ (13/ 175):
" وأغرب على أصحابه في دقائق المسائل "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/71)
فما اتفق عليه بشر وعبد الأعلى أقرب إلى الصواب مما تفرد به ابن علية وجاء من طريق المروذي،
ولا يلزم من هذا رمي رواية ابن علية بالوهم، فعند مقارنة الروايات نجد أن رواية ابن علية احتوت على معنى أقل مما جاء في رواية بشر وعبد الأعلى، وهذا يقوي احتمال أن تكون رواية مختصرة، أو أن تكون رويت بالمعنى، وبالتالي فكل حفظ وروى ما سمع إلا أن رواية ابن علية كانت مختصرة أو مروية بالمعنى، بخلاف رواية بشر وعبد الأعلى فهي أتم، وقد كانت الرواية بالمعنى منتشرة في ذلك العهد، حتى إنه صح عن الإمام ابن سيرين أنه قال كما في مصنف عبد الرزاق (11/ 327):
" كنت أسمع الحديث من عشرة، اللفظ مختلف والمعنى واحد " ا. هـ
لكثرة الرواية بالمعنى، وهذا يوجب الحكم على كل زيادة في المعنى بالصحة مادام أنها عريت عن أوصاف الشذوذ 0
وعلى كل حال فلا يمكن لأي أحد أن يتصور أن رواية الثقتين بشر وعبد الأعلى هي المرجوحة والشاذة ورواية ابن علية لوحده هي الثابتة والمحفوظة
لأن من المعلوم عند المشتغلين بعلم الرجال أن درجة الثقة والتثبّتِ والضبطِ التي يُمَثّلها اثنان بمنزلة الإمامين بشر وعبد الأعلى، هي أرفع بكثير من الدرجة التي يُمَثّلها ثقة واحد كابن علية، مهما كان ثبتا، وعليه فرواية بشر ثابتة محفوظة والله أعلم (7)
ولم يختلف أهل العلم في صحة رواية بشر بن المفضل وثبوتها، ولم يعلها أحد منهم، فقد صوبها كل من:
1ـ محمد بن نصر المروزي عندما احتج بها في كتابه تعظيم قدر الصلاة
2ـ الحاكم أبو عبد الله في المستدرك (1/ 48) فقد رواها مستدركا بها على الصحيحين
3ـ الإمام ابن قدامة في المغني (2/ 157) حيث ذكرها ضمن أدلة المكفرين ثم أوّلها، والتأويل فرع التصحيح
4ـ المنذري، في الترغيب والترهيب (810) (6/ 214) بسكوته عليها، وقد ذكر في مقدمته أن ما سكت عنه فهو ثابت عنده.
5 ـ النووي، في المجموع شرح المهذب (3/ 18) وفي رياض الصالحين (263) حيث قال عن إسنادها: " إسناد صحيح "
6ـ شيخ الإسلام ابن تيمية في مواطن من كتبه، حيث احتج بها كثيرا
7 ـ الزيلعي في " تخريج الأحاديث والآثار " فقد ساقها بإسنادها ثم قال: "وهؤلاء رجال الصحيح " (1/ 204)
8 - الإمام الذهبي حيث احتج بها في الكبائر ص (10ـ22)
9ـ أبو زرعة العراقي في طرح التثريب (2/ 141)
10ـ السخاوي في الأجوبة المرضية (819)
11ـ السيوطي في شرح ابن ماجة (1/ 175)
12ـ العلامة الألباني في صحيح الترغيب ص (367)
13ـ العلامة ابن باز عندما صحح إسنادها في فتاويه الجزء العاشر من مجموع فتاوى و مقالات
فلا يلتفت بعد هذا إلى أقوال صغار العلم والفهم، وخاصة عندما تستحضر أن رواية بشر المذكورة إنما هي سياق كامل، وليست لفظة قد يتصور خفاء أمرها على هؤلاء الجبال، فمثل هذا السياق مما يتضح الحال فيه عند كل ناظر لو كان ثمة شذوذ، إذ الْمَعْنِي بالكلام هو جل ألفاظ الأثر والتي تمثل السياق المذكور، بخلاف ما إذا كان الْمَعني لفظة واحدة، فقد تختفي بين الألفاظ ولا ينتبه لأمرها كل ناقد
وعليه فمما لا يُقبل، أن يدَّعي مدع بأن شذوذها قد انطلى على أولئك الأئمة، وإذا بطل هذا اتضح لك أن اجتماعهم على ثبوت الرواية دليل قاطع على بطلان ذلك الشذوذ المزعوم والله أعلم
وإذا ثبت الأثر فعبد الله بن شقيق العقيلي تابعي كبير، عده ابن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل البصرة وسمع مباشرة ما يقرب من ثلاثة عشر صحابيا أو أكثر وروى عنهم، منهم كبار الصحابة كعمر وعثمان وعلي وأبي ذر، وأدرك المئات منهم
هذا التابعي الكبير (المتفق على جلالته) كما يقول النووي، روى عن عامة الصحابة القول بكفر تارك الصلاة كما هو صريح الأثر
أما أن الكفر المذكور هو الكفر الأكبر، فهذا ما لا يحتمل الأثر سواه، ولذلك منع شيخ الإسلام من
جواز القول بغيره فقال كما في شرح العمدة (2/ 82):
" الرابع: أن قوله: " ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة "، وقوله: " كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة " لا يجوز أن يراد به إلا الكفر الأعظم، لأن بينه وبين غير ذلك مما يسمى كفرا أشياء كثيرة.
ولا يقال فقد يخرج عن الملة بأشياء غير الصلاة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/72)
لأنا نقول: هذا ذكر في سياق ما كان من الأعمال المفروضة وعلى العموم يوجب تركه الكفر، وما سوى ذلك من الاعتقادات فإنه ليس من الأعمال الظاهرة " ا. هـ
وكرر الاحتجاج به في المجموع (22/ 48) على الكفر الأكبر، وكذا احتج به ابن رجب في فتح الباري (1/ 23) ونقله ضمن أقوال المكفرين في جامع العلوم والحكم ص (44)
واحتج به كذلك البهوتي الحنبلي في كشاف القناع (1/ 221ـ229) وأيضا السيوطي الرحيباني في مطالب أولي النهى (1/ 283).
والأثر كما سبق لا يحتمل سياقه أن يكون الكفر المذكور فيه هو الكفر الأصغر، لأن الأعمال عند ذلك ستكون كثيرة ولا معنى لتخصيص الصلاة،كترك الزكاة وترك الحج والصوم ونحوها، وهذا هو مراد شيخ الإسلام بقوله:
" لأن بينه وبين غير ذلك مما يسمى كفرا أشياءً كثيرة "
وقوله في الأثر: " تركه كفر " نص في إخراج كل الأعمال التي يكون في فعلها كفر، كالسجود لغير الله ووطئ المصحف ونحوها، فهذه غير مرادة هنا لأن تركها إيمان.
أما أن الأثر دل على أن كفر تارك الصلاة المذكور هو قول عامة الصحابة وإجماع منهم فهذا الذي قرره
أهل العلم، ففي شرح العمدة (2/ 75) قال شيخ الإسلام:
" ولأن هذا إجماع الصحابة ... "
فذكر آثارا عن الصحابة ثم ذكر أثر عبد الله بن شقيق وأتبعه بأثر الحسن:
" بلغني أن أصحاب محمد كانوا يقولون: بين العبد وبين أن يشرك فيكفر أن يترك الصلاة من غير
عذر " ا. هـ
فكان من ضِمن ما استدل به على الإجماع.
وقال العلامة الشوكاني في نيل الأوطار (1/ 372) عن هذا الأثر:
" والظاهر من الصيغة أن هذه المقالة اجتمع عليها الصحابة، لأن قوله: كان أصحاب رسول الله، جمع مضاف وهو من المشعرات بذلك " ا. هـ
وكذا الحافظ أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفوري فقد قال كما في تحفة الأحوذي (7/ 309ـ310) عن هذا الأثر:
" ... الحصر يفيد أن ترك الصلاة عندهم كان أعظم الوزر، وأقرب إلى الكفر، قاله القارئ، قلت: بل قول عبد الله بن شقيق هذا بظاهره يدل على أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يعتقدون أن ترك الصلاة كفر، والظاهر من الصيغة أن هذه المقالة اجتمع عليها الصحابة لأن قوله:
" كان أصحاب رسول الله " جمع مضاف، وهو من والمشعرات بذلك " ا. هـ
وقال العلامة ابن باز ضمن مجموع فتاوى ومقالات الجزء العاشر:
" ... ولهذا ذكر عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل عن أصحاب النبي صلى الله علية وسلم: (أنهم كانوا لا يرون شيئا تركه كفر غير الصلاة)، فهذا يدل على أن تركها كفر أكبر بإجماع الصحابة رضي الله عنهم " ا. هـ
وقال العلامة ابن عثيمين:
" ونقل إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة عبد الله بن شقيق حيث قال: لم يكن أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة " ا0هـ
ولم يقل أحد من أهل العلم أن الأثر لا يتكلم عن قول عامة الصحابة.
فالخلاصة أن أثر ابن شقيق قد نص على أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عامتهم على اعتبار أن ترك الصلاة كفر أكبر دون غيره من ترك الأعمال.
وبصيغة أخرى على وزن الأثر:
أجمع أصحاب رسول الله على أنه لا شيء من الأعمال يَكفر أحد بتركه، إلا الصلاة فهم مجمعون على أن تركها كفر مع أنها عمل.
فالإجماع منهم شامل لما قبل أداة الاستثناء، من اعتبار أنه لا شيء من الأعمال يعتبر تركه كفرا، ولما بعد أداة الاسثتناء من أن ترك الصلاة كفر، فكلا الأمرين مجمع عليهما، والدليل على هذا اتفاق أهل العلم عليه، ممن حمل الأثر على ظاهره على الكفر الأكبر، وممن استدل به على الإجماع كابن تيمية وغيره، وممن تأوله على غير ذلك (8) فجميعهم لم يفرقوا في حكاية ذلك عن الصحابة.
بل هذا ما نُصّ عليه في الأثر نفسه من رواية عبد الأعلى السابقة، فقد جاء فيها:
" ما كانوا يقولون لعمل تركه رجل كفر غير الصلاة، قال: كانوا يقولون تركها كفر "
فنص على اتفاقهم أيضا في تكفير تارك الصلاة كما هو في عدم التكفير بترك باقي الأعمال
"ما كانوا يقولون ... " و " كانوا يقولون ... "
فالاتفاق مَحْكي في الأمرين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/73)
وعلى أي محمل حملنا رواية عبد الأعلى: " كانوا يقولون تركها كفر " فهي حجة على أنه لا فرق ما بين قبل أداة الاستثناء (غير) وما بعدها في حكاية ذلك القول عن عامة الصحابة، فإن اعتبرنا أنها زيادة
محفوظة من قول ابن شقيق فهي حجة على ذلك، وإن اعتبرناها زيادة من عبد الأعلى قالها يوضح بها معنى الأثر فكذلك هي حجة، لأن الراوي أدرى بمرويه من غيره.
وهل يجسر عاقل على تخطئة عبد الأعلى في فهمه لهذا الأثر ليزعم خلاف قوله وبما لم يقل به أحد من الأئمة؟!
هذا ما لا يستقيم
فسياق بشر على كل حال دال على عدم التفريق بين ما قبل الاستثناء وما بعده في نسبة ما جاء في الأثر إلى عامة الصحابة.
وعلى نسقه ووزنه ما جاء في مراتب الإجماع لابن حزم ص (17) حيث قال:
" واتفقوا أن الماء الراكد إذا كان من الكثرة بحيث إذا حرك وسطه لم يتحرك طرفاه ولا شيء منهما فإنه لا ينجسه شيء إلا ما غير لونه أو طعمه أو رائحته " ا. هـ
فما قبل الاستثناء وما بعده داخل في الاتفاق بلا خلاف.
وأيضا ما جاء في الإجماع لابن المنذر ص (50) رقم (155) حيث قال رحمه الله:
"وأجمعوا على أن المرأة ممنوعة مما منع منه الرجال في حال الإحرام إلا بعض اللباس "
فالإجماع هنا شامل أيضا.
وأيضا في الإجماع ص (48) رقم (136) حيث قال:
"وأجمعوا أن على المرء في عمره حجة واحدة، حجة الإسلام، إلا أن ينذر نذرا فيجب عليه الوفاء به " ا. هـ
وأيضا ص (47) رقم (130) قوله:
" وأجمعوا على أن الاعتكاف لا يجب على الناس فرضا، إلا أن يوجبه المرء على نفسه فيجب عليه " ا. هـ
وفي مراتب الإجماع ص (38) قال:
" واتفقوا على أن الزكاة تتكرر في كل مال عند انقضاء كل حول، حاشا الزرع والثمار، فإنهم اتفقوا أن لا زكاة فيها إلا مرة في الدهر فقط " ا. هـ
ففي كل الأمثلة السابقة جاءت حكاية الإجماع والاتفاق شاملة لما قبل الاستثناء ولما بعده، وهي للتمثيل لا للاحتجاج.
ومن كل ما تقدم تعلم بطلان قول الأستاذ عدنان بأن سياق رواية بشر عن الجريري: " كان أصحاب النبي ... "، إنما يدل على اتفاق الصحابة في مسألة الأعمال فقط، وأنه لا شيء منها يكفر بتركه، فالاتفاق خاص بشطر الأثر الأول، أما شطره الثاني وهو ترك الصلاة فالخلاف جارٍ فيه، أو أنه محتمل للاتفاق ومحتمل للخلاف.
فأجرى الإجماع الذي دل عليه الأثر، فيما قبل أداة الاستثناء من مسألة ترك الأعمال، أما ما بعد أداة الاستثناء من ترك الصلاة فالخلاف فيه جار أو محتمل.
هذا القول الذي ادعاه مَن لم ينصف وآثر الاستكبار والتعسف، قد اجتمعت فيه أمور أوجبت بطلانه، منها:
1ـ أنه قول محدث لم يقل به أحد من أهل العلم من قَبل، باعتراف مدّعيه كما سيأتي.
2ـ أنه مخالف لقول أهل العلم قاطبة ممن استدلوا بالأثر على كفر تارك الصلاة، وممن تأولوه على الكفر الأصغر، وممن استدلوا به على الإجماع كشيخ الإسلام ابن تيمية وقد سبق ذكر بعضهم
3ـ أنه مخالف لقول راوي الأثر عبد الأعلى بن عبد الأعلى، حيث ساق الأثر بلفظ صريح في نقل الاتفاق على ما بعد الاستثناء من ترك الصلاة أيضا.
هذا إن سلمنا بما ادعاه ذلك المؤول، من أن رواية عبد الأعلى: " كانوا يقولون تركها كفر "، الدالة على الاتفاق في الصلاة أيضا، إنما هي من قوله لا من صميم الأثر، أما إن اعتبرنا أن رواية عبد الأعلى
هي من ضمن الأثر فزيادته قاضية للنزاع حيث جاء في روايته: " ما كانوا يقولون لعمل تركه رجل كفر غير الصلاة قال: كانوا يقولون تركها كفر"
فقوله: " غير الصلاة، قال: كانوا يقولون تركها كفر " على أي محمل حملناها فهي دليل على بطلان ذلك التأويل من صاحبه، وأن الأثر لا يحتمل نقل الخلاف في مسألة الصلاة، بل الاتفاق شامل لقولهم في الأعمال ولقولهم في الصلاة
وقوله: " قال: كانوا يقولون ... " (قال) الأصل في المراد بها صاحب الأثر ابن شقيق وبالتالي فهي من صلب الأثر، إما لفظا ومعنى، وإما معنى فقط والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/74)
4ـ أن ذلك القول المزعوم مخالف لظاهر الأثر، حيث لم يأت في شيء من ألفاظ الأثر ما يدل على التفريق بين حكم الأعمال وحكم الصلاة من جهة نقل الإجماع، فظاهر الأثر أن قول عامة الصحابة شامل للحكمين (ترك شيء من الأعمال) و (ترك الصلاة) بدليل أن الاستثناء الذي تعلق به ذلك المدّعي لم يقع إلا على الحكم لا على القائلين به، فجاء في الأثر:
" غير الصلاة "
أي أن تركها كفر دون بقية الأعمال، فاستثنى مِن حكمهم بعدم كفر ترك شيء من الأعمال، استثنى ترك الصلاة بأنها في حكمهم كفر، ولم يستثن منهم أحدا، فبقي إجماعهم على ما هو عليه، هذا الذي يوجبه ظاهر الأثر، فتبين أن ذلك التأويل مخالف للظاهر
والظاهر كما هو معلوم (ما يتبادر إلى الذهن من اللفظ قبل غيره) فالذي يتبادر إلى الذهن من لفظ الأثر هو نقل ما في الأثر من أحكام عن عامة الصحابة، سواء حكم ترك أي عمل أم حكم ترك الصلاة
ولا يوجد في ألفاظ الأثر ما يجعل ذلك التأويل متبادرا إلى الذهن، بل لا يوجد في ألفاظه ما يجعله يخطر في الذهن فضلا عن أن يكون متبادرا.
والدليل على هذا أنك لو قرأت الأثر على أي طالب علم، أو سألت أي مشتغل بالعلم ممن قرأ الأثر، ما الذي تفهمه من ظاهر هذا الأثر؟
لما تردد في القول بأن ظاهرَه نقلُ اتفاق الصحابة على كفر تارك الصلاة، كما هو في نقل اتفاقهم على
عدم كفر ترك شيء من الأعمال الأخرى.
أما ذلك المعنى المزعوم فلا يرد على ذهن أحد إلا بعد التلقين، ولو سألت هذا المتعسف نفسه عن أول معنى تبادر لذهنه عند اطلاعه على هذا الأثر، لأجابك بأن اتفاق الصحابة على الأمرين هو المعنى الذي تبادر إلى ذهنه، بل إن هذا كان مستقرا في ذهنه لفترة، ولو أنصف لاعترف بأن ذلك المعنى المزعوم لم يطرق ذهنه إلا بعد بحث عن تأويل، واستغراق في التفكير للخروج بمعنى يَفِرُّ به من محاجة المكفرين لتارك الصلاة له.
ويكفي تواردُ أهل العلم على المعنى المذكور آنفا واتفاقُهم عليه دلالةً على أنه هو الظاهر
وبهذا يسلم أثر عبد الله بن شقيق من ذلك التأويل المستنكر، ويبقى دالا على أن أصحاب رسول الله عامتهم يرون أن الصلاة ـ من دون سائر الأعمال– تركها كفر كما استدل به أهل العلم، وهذا ما دل عليه أثر جابر السابق.
وبذلك يتقرر إجماع الصحابة على القول بكفر تارك الصلاة، لأنه مع نقل الاتفاق لم يثبت عن صحابي واحد يخالف هذا، بل أكد هذا الاتفاق عن الصحابة جماعة من التابعين وتابع التابعين كما سيأتي، وصح عن كثير من أفرادهم، وهو ما سنوضحه في المباحث التالية بعد ذكر الأثر التالي
ج ـ أثر الحسن البصري.
قال رحمه الله:
" بلغني أن أصحاب محمد كانوا يقولون: " بين العبد وبين أن يشرك فيكفر أن يترك الصلاة من غير عذر".
الأثر أخرجه الخلال في السنة (1372) وابن بطة في الإبانة (877) واللالكائي في أصول اعتقاد أهل السنة (1539) كلهم من طريق محمد بن جعفر قال: ثنا عوف عن الحسن به
وهذا إسناد صحيح عن الحسن
ووقع تصحيف في الإسناد عند اللالكائي
وها هو الإمام الحسن البصري التابعي المعروف، يؤكد لنا ما رواه جابر وعبد الله بن شقيق عن صحابة رسول الله، مِن أن المستقر عندهم في شأن تارك الصلاة هو الكفر.
فهو شاهد قوي لذلك، لأنه وإن كان بلاغا فهو صحيح ثابت عن الحسن، وإمام كالحسن البصري وفي طبقة كهذه من القرب بعهد الصحابة رضي الله عنهم، لابد أن يكون لروايته نوع قوة، فهو من علماء التابعين بل من كبار علمائهم، وأدرك المئات من الصحابة، فعنه أنه قال رحمه الله:
" لقد غزونا غزوة إلى خراسان ومعنا فيها ثلاثمائة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وكان الرجل منهم يصلى بنا " ا. هـ
فهو على شيء من الدراية بهم وبمذاهبهم، ولو كان نقل إجماعهم على كفر تارك الصلاة منكرا فإن هذا لا يخفى عليه، ولما نقله بهذه الطريقة، فنقله شاهد قوى لما تقدم والله أعلم
الجهة الثانية: المشتملة على القرائن المؤكدة لصحة الإجماع.
هذه هي الجهة الثانية، والتي يمكن من خلالها لوحدها إثبات إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة، فكيف إذا ضممنا إليها ما تقدم؟
وتشتمل على الآثار التالية:
1ـ أثر الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/75)
" لما طعن عمر رضي الله عنه احتملته أنا ونفر من الأنصار، حتى أدخلناه منزله، فلم يزل في غشية واحدة حتى أسفر، فقلنا: الصلاة يا أمير المؤمنين!
ففتح عينيه فقال: أصلى الناس؟
قلنا: نعم
قال: أما إنه لاحظ في الإسلام لأحد ترك الصلاة، فصلى وجرحه يثعب دما " ا. هـ
والشاهد قوله: " لا حظ في الإسلام لأحد ترك الصلاة "
والحظ هنا بمعنى النصيب، كما هو في قوله تعالى: (للذكر مثل حظ الأنثيين)
وكذا في قوله صلى الله عليه وسلم للرجلين الذين سألاه من الصدقة، فقال لهما:
" إن شئتما أعطيتكما، ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب " (9)
وقول جبريل عليه السلام في قصة شق صدر الرسول عندما ما أخرج العلقة منه:
" هذا حظ الشيطان منك " (10)
فالمراد في الأثر مطلق النصيب، أي لا نصيب مطلقا في الإسلام لمن ترك الصلاة.
لأن لفظة: " حظ " في الأثر نكرة جاءت في سياق النفي فتعم كل نصيب، وبالتالي فظاهر الأثر ينفي أي نصيب في الإسلام لمن ترك الصلاة، وليس وراء الإسلام إلا الكفر
نعم قد تأتى لفظة حظ بمعنى النصيب الوافر والمطلق لا مطلق النصيب، فيختلف معناها عما سبق
وإلى هذا أشار ابن عبد البر في الاستذكار (1/ 235) حيث قال:
" وأما قول عمر: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، فالحظ: النصيب، يقول: لا نصيب في الإسلام وقوله يحتمل وجهين:
أحدهما: خروجه من الإسلام بذلك
والآخر: أنه لا كبير حظ له في الإسلام " ا. هـ
والظاهر من الأثر هو الأول (خروجه من الإسلام) على أن النفي لمطلق النصيب، لا نصيب مطلقا في الإسلام، وقد دل على هذا السياق من مجيء لفظة حظ نكرة منفية.
و إلى اعتبار أن هذا المعنى هو الظاهر من لفظ الأثر ذهب الإمام ابن عبد البر نفسه في كتابه التمهيد
فقد ذكر الأثر ضمن أدلة المكفرين لتارك الصلاة (4/ 225) ثم ذكر تأويل المانعين من التكفير لهذه الأدلة على أن الكفر المراد هو الغير مخرج من الملة فقال عندها:
" وعلى نحو ذلك تأولوا قول عمر بن الخطاب: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، قالوا: أراد أنه لا كبير حظ له، ولاحظا (كذا) كاملا له في الإسلام، ومثله قول ابن مسعود وما أشبهه " ا. هـ
فقوله: " تأولوا " وذكرُه للأثر قبلَها ضمن أدلة المكفرين، ومماثلته بقول ابن مسعود: " تركها كفر" الظاهر بلا خلاف في التكفير، كل هذا اعتراف من الإمام ابن عبد البر بأن ظاهر الأثر في تكفير تارك الصلاة كما سبق، بل قوله: " تأولوا " وحده صريح في إثبات ذلك، إذ لا يقال إلا لما هو خلاف الظاهر.
وإلى أن أثر عمر ظاهر في تكفير تارك الصلاة ذهب أهل العلم.
فقد استدل به الإمام أحمد على تكفير تارك الصلاة كما في المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد في العقيدة (501) فجاء فيه:
" قال الحسن بن علي الإسكافي: قال أبو عبد الله في تارك الصلاة: لا أعرفه إلا هكذا، من ظاهر الحديث، فأما من فسره جحودا فلا نعرفه، وقد قال عمر رضي الله عنه: حين قيل له: الصلاة، قال: لاحظ في الإسلام لمن تركها " ا. هـ
وقال شيخ الإسلام في شرح العمدة (4/ 83):
" إن قول عمر: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، أصرح شيء في خروجه عن الملة " ا. هـ
فلم يعتبره شيخ الإسلام من قبيل الظاهر فقط، بل هو أقوى من هذا، وظاهر العبارة أن الأثر لا يحتمل
غير التكفير (11)
وقال العلامة السيوطي في تنوير الحوالك بشرح موطإ مالك (1/ 48):
" لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، أخذ بظاهره من كفر بترك الصلاة تكاسلا، وهو مذهب جمع من الصحابة، وبه قال أحمد وإسحاق، ومال إليه الحافظ المنذري في ترغيبه " ا. هـ
فنص على أن ظاهره في تكفير تارك الصلاة، بل الأئمة الذين رووا هذا الأثر في مصنفاتهم لم يبوبوا للأثر إلا بذلك.
فالإمام محمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة ص (569) قال:
(باب ذكر إكفار تارك الصلاة) ثم ذكر الأثر ضمن هذا الباب
والإمام الدارقطني في سننه قال:
(باب التشديد في ترك الصلاة وكفر من تركها)
وذكر أول ما ذكر أثر عمر: " لا حظ في الإسلام ... " ثم تلاه بالأدلة الأخرى الصريحة في كفر تارك الصلاة
وكذا الإمام الآجري في كتابه الشريعة قال:
(باب كفر من ترك الصلاة) ثم ذكر ضمن الباب أثر عمر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/76)
وقد ساق الأثر العلامة ابن القيم ضمن أدلة المكفرين في كتابه الصلاة ص (61) وكذا العلامة أبو الطيب في عون المعبود (12/ 283)
فهؤلاء العلماء جميعهم سلموا بأن ظاهر الأثر في تكفير تارك الصلاة، حتى ممن لم يكفر التارك، وإنما تأوله من تأوله من باب التأويل، شأنه شأن الأدلة الأخرى والتي اتفق أهل العلم على أن ظاهرها في كفر تارك الصلاة.
فإذا كان ظاهر الأثر في كفر تارك الصلاة عند أهل العلم، سواء ممن أجراه على ظاهره وحكم بكفر تارك الصلاة، أو ممن سلم بأن هذا هو الظاهر ثم تأوله واعترف بأن قوله تأويل، فلا يجوز العدول عن هذا الظاهر إلا بدليل كما هو مقرر عند أهل العلم، والأثر إنما هو موقوف من قول عمر، ولا يجوز تأويل قوله إلا بما ورد عنه من قوله، ولا دليل على ذلك، فبقي أثر عمر ظاهر الدلالة على كفر تارك الصلاة بل هو كما قال شيخ الإسلام:
" أصرح شيء في خروجه عن الملة "
هذا من حيث دلالته على كفر التارك، أما دلالته على الإجماع فقد قال شيخ الإسلام في شرح العمدة (4/ 75):
" ولأن هذا إجماع الصحابة، قال عمر رضي الله عنه: " لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة " وقصته في الصحيح، وفي رواية عنه قال: لا إسلام لمن لم يصل، رواه النجاد.
وهذا قاله بمحضر من الصحابة " ا. هـ
فاستدل به على الإجماع، وكذا فعل تلميذه ابن القيم في كتاب الصلاة، فإنه قال ص (67):
" وأما إجماع الصحابة: فقال ابن زنجويه حدثنا ... أنه جاء عمر بن الخطاب ... "
فذكر الأثر ثم قال:
" فقال هذا بمحضر من الصحابة ولم ينكروه عليه ... "
فقول شيخ الإسلام وتلميذه أن مقالة عمر هذه كانت بمحضر من الصحابة يدل عليه سياق القصة:
" احتملته أنا ونفر من الأنصار " وفي بعض الألفاظ: " بعض القوم "
ومن المعلوم أن أميرا متواضعا كعمر، إذا غدر به في الصلاة فطعن، فبمجرد أن ينتهي الناس من الصلاة لا بد أن يمتلأ مكانه بالناس، حرصا منهم عليه، واطمئنانا على حاله، ومَن الناس إلا الصحابة؟!
فهذان الإمامان الجهبذان استدلا على الإجماع بهذا الأثر، وهو وإن لم يدل بمفرده على ذلك بطريق اليقين فلا شك أنه يدل على ذلك بضميمة الآثار الأخرى الآتية والسابقة أيضا والله أعلم.
.........................................
(1) الكلام لابن عبد البر
(2) وفي نصب الراية للزيلعي (2/ 105) وكذا في تنقيح أحاديث التعليق (1/ 91): " حديث حسن صحيح ".
(3) انظر تلخيص الحبير (1/ 104)
(4) لأن الأعمال التي فعلها يوجب الكفر كثيرة جدا، كالسجود للصنم، وإهانة النبي، وإهانة المصحف، وغيرها، ولا يمكن بحال أن تكون داخلة لا في السؤال ولا الجواب
(5) إما عن تنصيص من أئمة متقدمين، أو بالوقوف على سماع صريح من بشر عن أيوب السختياني، الذي جعل أبو داود كلّ من سمع منه جيد السماع عن الجريري، أو بالوقوف على قصة ما تدل على عدم سماع بشر من الجريري بعد اختلاطه، وكل هذا لا يمكن لأمثالنا أن ينفيه عن أمثالهم المعروفين بغزارة العلم ووفرة المصادر الني نجهل الكثير منها.
(6) وسيأتي بيان هذا مفصلا في الملحق
(7) وللمزيد انظر الملحق
(8) كابن قدامة في المغني (2/ 275) و السيوطي في شرح ابن ماجة (1/ 75) وأبي الطيب آبادي في عون المعبود (12/ 284) ومحدث العصر الألباني في صحيح الترغيب (367)
(9) أخرجه الشافعي في الأم (2/ 73) و أبو داود (1366) والنسائي (5/ 99) (2589) والدارقطني
في سننه (2/ 119) وابن أبي شيبة (2/ 404)
كلهم من طرق عن هشام بن عروة قال: حدثني أبي قال: حدثني عبيد الله بن عدي بن الخيار أن رجلين حدثاه به.
وهذا إسناد صحيح، والرجلان صحابيان هما أصحاب القصة
(10) أخرجه مسلم في صحيحه (162) من حديث أنس بن مالك، وهو في المسند المستخرج على الصحيح من طرق عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس به برقم (415)
وقد ذكرت هذه النصوص لبيان معنى كلمة حظ، وأن من معناها مطلق النصيب، مع ذكر المعنى الآخر لبيان ما كتمه الأستاذ عدنان عبد القادر في كتابه: (عدم حجية رواية عبد الله بن شقيق ... ) حيث قرر معنى النصيب بأنه العظيم الوافر فقط، دون ذكر المعنى الأول، في محاولة غير أمينة لتأويل الأثر، فعقد عنوانا في معنى الحظ وساق أقوال أئمة اللغة، فذكر عن ستة من العلماء ما يوافق المعنى الذي أراده، بينما حبس قلمه عن ذكر المعنى الآخر، مخالفا لأمانة العلم، سالكا سبيل الذين يذكرون مالهم دون ما عليهم كما هي عادته في الكتاب، وما هكذا يفعل أهل الدين والأمانة فإلى الله المشتكى
.
(11) ليس من السهل أن ينص شيخ الإسلام صاحب الأصول العلمية والمدارك الواسعة على دليل ما بأنه أصرح ما في الباب ومع هذا يكون الدليل بعيد الدلالة عن ذلك، هذا لا يتصور من علم كشيخ الإسلام، فتنبه لهذا
وهذا آخر الحلقة الأولى وستتلوها الحلقة الثانية إن شاء الله
كتبه / أبو عبد الرحمن محمد بن خليفة الهاشمي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/77)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[01 - 10 - 05, 03:35 ص]ـ
بارك الله فيك، ونفع بك، وزادك علما وفهما وحلما وفقها.
ودمت للمحب/أبو فهر
ـ[سيف 1]ــــــــ[01 - 10 - 05, 06:01 ص]ـ
جزاك الله خيرا ورفع درجتك ونفع بك.اللهم آمين
ـ[ابو بكر جميل بن صبيح]ــــــــ[01 - 10 - 05, 06:33 ص]ـ
بارك الله فيك اخي الكريم ولكن في قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
" بين الرجل والكفر أو الشرك ترك الصلاة "
علمنا وجه الكفر فما وجه الشرك هنا فإن قلت " شرك الهوى " صرت خارجيا لأن الزنى ايضا من الهوى وغيره.
"أو" هنا لا تقتضي المغايره ولكنها تقتضي المبادله , الشرك بدل الكفر او الكفر بدل الشرك كما انها في حكمها تقتضي المساواة.
كيف ارد على من قال لي هذا ناهيك على ان الشيخ العثيمين في شرح العبادات قال: اما الشرك في هذا الحديث فلا شك انه ليس الاكبر.
ثم من هم الصحابة الذين لقيهم عبدالله بن شقيق فعرف رأيهم ثم نقله بقوله: كانوا لا يرون .... ؟
لا اقول هذا من باب توهين قوله ولكن من باب معرفة من هم الصحابة الذين كان يتحدث عنهم فمعرفتهم فائدة جليلة.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[01 - 10 - 05, 06:43 ص]ـ
1 - بارك الله فيك أريد توثيق النقل عن الشيخ العثيمين بالجزء والصفحة والطبعة.
2 - الرواية المحفوظة في الحديث هي رواية مسلم: ((بين الرجل وبين الكفر والشرك .... ))
3 - أما رواية أحمد بلفظ: ((أو)) فهي شاذة في إسنادها عبد الرحمن بن أبي الزناد، هذا على ما أذكر فأنا بعيد العهد بدراسة هذا الحديث.
4 - لم أفهم رسالتك الخاصة.
ودمت لمحب أهل السنة/أبو فهر
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[01 - 10 - 05, 08:39 م]ـ
صنيع أهل الأهواء مع النصوص معروف
إما ردها - بتضعيف أو توهين مختلق أو بأنها آحاد ... -
وإما
بتحريفها - ويسمونه تأويلا -
قديما وحديثا
والله المستعان
ـ[ابو بكر جميل بن صبيح]ــــــــ[02 - 10 - 05, 12:18 ص]ـ
بالنسبه لكلام ابن عثيمين تجده في شريط له من ضمن ارعة اشرطه اسمها العبادات او شرح العبادات سجلته معه اذاعة القران الكريم سمعته وانا احفظه في الذمه وليس موجود عندي كتابيا. ###
أما قولك شاذ بسبب رواية احمد التي فيها ابن ابي الزناد فقد روى الحديث احمد نفسه في طريق ليس فيه ذلك الرجل:
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن عمرو ثنا أبو إسحاق عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بين العبد وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة
قال شعيب الأرنؤوط:
إسناده قوي على شرط مسلم من أجل أبي سفيان واسمه طلحة بن نافع. ولم يذكر شذوذ
ورواه الدارمي:أخبرنا أبو عاصم عن بن جريج حدثنا أبو الزبير انه سمع جابرا يقول أو قال جابر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس بين العبد وبين الشرك أو بين الكفر الا ترك الصلاة. وسنده صحيح.
ورواه الترمذي وقال حسن صحيح ولم يذكر شذوذ واقره الالباني!.
ولو سلمنا جدلا بما قلت فـ "الواو " هنا تأتي بمعنى أو كقوله تعالى " محلقين رؤوسكم و مقصرين ".
وحتى لو لم يكن كذلك فما توجيه الحديث؟
###
ـ[ابو بكر جميل بن صبيح]ــــــــ[02 - 10 - 05, 06:29 ص]ـ
خير ان شاء الله
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[02 - 10 - 05, 09:19 ص]ـ
ومن صنيع أهل الأهواء مع أثر عبد الله بن شقيق ما كتبه أهل الإرجاء في الأردن عنه!
قلت في ردي على زعيمهم!:
[[
14. قلتَ: [11 - أَمَّا الكِتَابُ الَّذِي (جَمَعْنَاهُ) = (نَعَمْ «جَمَعْنَاهُ»؛ لأَنَّ تِسْعَةَ أَعْشَارِهِ نُقُولٌ عَنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ وَعُلَمَائِهَا –وَالحَمْدُ للهِ-)؛ فَهُوَ نُصْرَةٌ لِلْحَقِّ وَأَهْلِهِ، وَمُحَافَظَةٌ عَلَى مَنْهَجِ السُّنَّةِ وَدُعَاتِهَا، وَبَيَانٌ لِلصَّوَابِ وَسَبِيلِهِ ... وَمَنِ ادَّعَى غَيْرَ ذلِكَ: فَلِيُبَيِّنَ (بِبُرْهَانِهِ)؛ فَإِنْ كَانَ حَقًّا: رَجَعْنَا وَعُدْنَا … وَإِلاَّ: فَلْيَسْكُتْ …].
وأقول:
ليست المشكلة في كون الكتاب من جمعكم أو من إنشائكم – مع أن قولك " تسعة أعشاره نقول .. " ليس صحيحاً " على الإطلاق "!! – إنما المشكلة هل كنتم تنقلون ما يناسب الموضوع؟ وهل كنتم تفهمون ما تكتبون؟ وهل نقلتم بأمانة وإنصاف عن " أئمة السنة وعلمائها "؟؟
وهاك " عينة " من " مجلتكم " العدد 25، 26 تبيِّن لك ولغيرك مدى فهمكم وإنصافكم!:
أ. قلتم ص 53:
" إذا أراد الإجماع، فما هو دليله؟
إن قال: أثر عبد الله بن شقيق العقيلي: " كان أصحاب محمد لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة "؟! فنقول: لم يدرك العقيلي هذا – وهو تابعي – رحمه الله – إلا أقل من عشرة من الصحابة! فكيف ينسب لغيرهم ما لم يدركه منهم! فأين الإجماع إذاً؟! " أ. هـ
قال الأخ " الموحد " – رادّاً على الحلبي و " الأصالة ":
فقد أخطأ العقيلي وأساء حين نسب ذلك لأناس لم يدركهم!!!!!
أما تستحون؟!!!
وأما قولهم: لم يدرك إلا أقل من عشرة من الصحابة، فهو من أشنع ما رأيته لهم في هذه المسألة – إضافة إلى افترائهم على مذهب الحنابلة -وقد سبق-، وجنايتهم على ابن المبارك،- ويأتي -.
قال ابن حجر في التهذيب في ترجمة عبد الله بن شقيق: " روى عن أبيه – على خلاف فيه – وعمر وعثمان وعلي وأبي ذر وأبي هريرة وعائشة وابن عباس وابن عمر وعبد الله بن أبي الجدعاء وعبد الله بن سراقة وأقرع مؤذن عمر وغيرهم ... قال الهيثم بن عدي ومحمد بن سعد: توفي في ولاية الحجاج على العراق، وقال خليفة: مات بعد المائة، وقال غيرهم: مات سنة 108. .. " أ. هـ
وقال الذهبي في " الكاشف ":
" عبد الله بن شقيق العقيلي البصري عن عمر وأبي ذر والكبار ".
وانظر ترجمته في التاريخ الكبير وتهذيب الكمال وطبقات بن سعد والجرح والتعديل لابن أبي حاتم.
فمن روى عن عمر، ثم عاش إلى ما بعد المائة، يقال عنه: لم يدرك إلا أقل من عشرة من الصحابة؟!!!!!!!!!!!!!
لكن صدق من قال: الهوى إذا تمكن أثمر علما على وِفْقه!!!
]]
http://saaid.net/Doat/ehsan/22.htm
ليتبين لكم صدق كلامي في مشاركتي رقم (6)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/78)
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[02 - 10 - 05, 11:45 ص]ـ
قال الحافظ العيني:
عرف الشارع يقتضي أن لفظة الشرك عند الإطلاق تحمل على مقابل التوحيد سيما في أوائل البعثة وكثرة عبدة الأصنام.
" عمدة القاري " (1/ 157).
ومثله عند الحافظ ابن حجر في " الفتح " (1/ 65).
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[02 - 10 - 05, 11:51 ص]ـ
قال الشيخ أبو الحسن المأربي:
فإن قيل: إن هناك من ينازع في دعوى الإجماع، لأن عبدالله بن شقيق لم يلق جميع الصحابة، إنما أدرك عددًا قليلاً منهم، فلا يُسلَّم بدعوى الإجماع.
فالجواب من وجوه:
أ - أن كلام عبدالله بن شقيق صيغته صيغة الإجماع، وقد قال الشوكاني في "نيل الأوطار" (1/ 315): والظاهر من الصيغة، أن هذه المقالة، اجتمع عليها الصحابة، لأنه أي قوله "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " جمع مضاف، وهو من المشعرات بذلك. ا.هـ
وبه رد المباركفوري عَلَى القاريِّ، عند ما حمله على غير الكفر، فقال المباركفوري: قلت: بل قول عبدالله بن شقيق هذا، بظاهره يدل على أنّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يعتقدون أن ترك الصلاة كفر، والظاهر من الصيغة، أن هذه المقالة اجتمع عليها الصحابة، لأن قوله: "كان أصحاب رسول الله e...." جمع مضاف، وهو من المشعرات بذلك. ا.هـ
من "تحفة الأحوذي" (7/ 370).
ب- أن عبدالله بن شقيق حاكٍ للإجماع، لا راويًا عن الصحابة، وحاكي الإجماع؛ لا يلزم أن يكون مدركًا لجميع من نقل عنهم الإجماع، فهذا محمد بن نصر المروزي وابن عبدالبر والنووي وابن تيمية وابن القيم وغيرهم ينقلون إجماع الصحابة في مواضع كثيرة، ولم يقل أحد من العلماء: إنهم لم يسمعوا من الصحابة، فدعواهم مردودة!!
ج - أننا لو سلمنا بذلك؛ فعبدالله بن شقيق لم ينفرد بذلك، بل حكاه جابر عن الصحابة في عهد رسول الله e، كما سبق، وقد نفى جابر مُسْنِدًا ذلك إلى الصحابة أن يكون المراد بالشرك هنا شرك الذنب، لا شرك الكفر، ولعل عبدالله بن شقيق أخذ هذا الفهم عن جابر، فإن سماعه من جابر ممكن جدًا، والله أعلم.
د - نقل غير واحد من العلماء إجماع الصحابة على ذلك، ولم أقف على قول أحد منهم يطعن في ذلك، ولو وُجد ذلك عن بعضهم؛ فالمثبت مقدم على النافي، لا سيما في مثل هذا الموضع، الذي تحفه كل هذه القرائن، فمن هؤلاء العلماء الذين أثبتوا إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة:
1 - ما أخرجه المروزي في "الصلاة" (2/ 925/978): ثنا محمد بن يحيى ثنا أبوالنعمان ثنا حماد بن زيد عن أيوب قال: تَرْكُ الصلاة كُفْر، لا يُختلَفُ فيه. اهـ
وهذا سند رجاله ثقات، إلا أن أبا النعمان وهو محمد بن الفضل السدوسي، الملقب بعارم، ثقة تغير بأخرة، وقد روى عنه الذهلي قبل الإختلاط، انظر حاشية "كتاب المختلطين" للعلائي ص (117،119) فقد نقل المحققان عن ابن الصلاح والسخاوي ذلك.
2 - ما أخرجه المروزي في "الصلاة" (2/ 929/990): سمعت إسحاق يقول: قد صح عن رسول الله e أن تارك الصلاة كافر، وكذلك كان رأي أهل العلم، من لدن النبي e إلى يومنا هذا: أن تارك الصلاة عمدًا، من غير عذر، حتى يذهب وقتها كافر. اهـ
وزاد ابن عبدالبر في "التمهيد" (4/ 225 - 226): إذا أبى من قضائها، وقال: لا أصليها، ..... ثم ذكر تفسير إسحاق لذهاب الوقت.
3 - قال المروزي في "الصلاة" (2/ 925): ثم ذكرنا الأخبار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في إكفار تاركها، وإخراجه إياه من الملة، وإباحة قتال من امتنع من إقامتها، ثم جاءنا عن الصحابة رضي الله عنهم مثل ذلك، ولم يجئنا عن أحد منهم خلاف ذلك، ثم اختلف أهل العلم بعد ذلك في تأويل ما رُوى عن النبي e، ثم عن الصحابة رضي الله عنهم في إكفار تاركها ..... ا& aacute; ومعلوم أن محمد بن نصر المروزي من أهل الاستقراء التام، والمعرفة الواسعة بأقوال أهل العلم، ومواضع الإجماع والنِّزاع، كما صرح بذلك أبوبكر الخطيب، فقد قال: كان من أعلم الناس باختلاف الصحابة ومن بعدهم في الأحكام. اهـ
قال الذهبي مؤيدًا ذلك: يقال: إنه كان أعلم الأئمة باختلاف العلماء على الإطلاق. اهـ من "النبلاء" (14/ 34)
وانظر "تاريخ بغداد" (3/ 315) ترجمة محمد بن نصر المروزي الفقيه أبي عبدالله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/79)
4 - وقد حكاه المنذري في "الترغيب والترهيب" (1/ 393) عن ابن حزم، وقد ذكر جماعة من الصحابة على كفر تارك الصلاة، وقال: ولا نعلم لهؤلاء من الصحابة مخالفًا. اهـ
والذي رأيته في "المحلى" (2/ 242) أن هذا الكلام ليس واردًا في مسألة تكفير تارك الصلاة، وقد وجدت شيخنا الألباني رحمه الله قد نبه على ذلك أيضًا في"صحيح الترغيب والترهيب" (1/ 235).
5 - قال شيخ الإسلام في "شرح العمدة" (2/ 75): ولأن هذا إجماع الصحابة، وذكر قول عمر: "لا حظ في الإسلام، لمن ترك الصلاة" أو "لا إسلام لمن لم يصل" قال: وهذا بمحضر من الصحابة .... اهـ وإن كان للمخالف وجه لتعقب ذلك.
6 - نقل ابن القيم في"الصلاة" ص (67) إجماع الصحابة على ذلك، لقول عمر بمحضر الصحابة دون إنكار عليه: "لا إسلام لمن ترك الصلاة" أو "لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة".
هـ - أننا لم نظفر بأي رجل من الصحابة، خالف ما ادعاه هؤلاء العلماء من إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة، حتى نرد على عبدالله ابن شقيق قوله، بل وجدنا كلام جابر رضي الله عنه الذي يؤيده ويعزره، فكيف تُتْرك كل هذه البراهين، ويسمع بعد ذلك إلى ما يؤدي إلى زعزعة الثقة في دعوى الإجماع، مع أننا نقبل كثيرًا من دعاوى الإجماع، بما هو دون ذلك؟
! فإن اعْتُرِض على ذلك: بأن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما لم يلق جميع الصحابة، ولعله قد خفي عليه قول بعضهم بعدم التكفير. لا سيما والصحابة ألوف كثيرة.
فالجواب: لو طرد ذلك القول؛ لما صح لنا إجماع في الدنيا، فإذا كان الصحابي لا يُقبل قوله بدعوى الإجماع؛ فمن الذي سيُقبل قوله؟!
ثم دع عنك: "لعل" واجعلها وراء النجم، فالأصل أن دعوى العالم فضلاً عن الصحابي بالإجماع؛ دعوى مقبولة، حتى يظهر خلافها، ولم يستطع القائلون بعدم التكفير؛ أن يظفروا بصحابي واحد يقول بقولهم، بل ولم يصح لهم عن التابعين عن أحد غير الزهري، وهو من صغار التابعين، فكيف يُستدل على هذا القول بأن جابرًا رضي الله عنه قد فاتته بعض الأحكام زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وصدر من خلافة عمر رضي الله عنهما حتى نهاهم عمر، فانتهوا؟! وهذا إنما اعتمدناه للدليل الذي وقفنا عليه، فأين الدليل الدال على خطأ جابر في موضع النزاع هنا؟ وكيف يُردُّ قول جابر، بمثل هذا القياس الفاسد؟ والله المستعان.
= فإن اْعتُرِض على ذلك: بأن ابن أبي شيبة قد أخرج في"الإيمان" (22) برقم (31): ثنا وكيع عن عمر بن منبه عن سوار بن شبيب قال: جاء رجل إلى ابن عمر فقال: إن ها هنا قومًا يشهدون علىّ بالكفر، قال: فقال: ألا تقول: لا إله إلا الله، فتكذبهم. اهـ
وهذا إسناد صحيح، قد وثق ابن معين عمر بن منبه، وهو عمر بن مزيد بن منبه، ووثق أيضًا سوار بن شبيب، انظر "الجرح والتعديل" (4/ 270)، (6/ 135) ووكيع إمام مشهور، فهذا يدل على أن ابن عمر يحكم بالإسلام لمن قال: لا إله إلا اله وإن لم يصلِّ؛ هذا وجه استدلال من اعترض بذلك.
فالجواب: ليس في هذا الأثر: أن ترك الصلاة ليس كفرًا، فإن هذا الأثر كغيره من الأحاديث المطلقة الواردة في عصمة دم من قال: لا إله إلا الله، وكذلك الحكم بإسلام من قال: لا إله إلا الله، أو دخوله الجنة، وسيأتي معنى هذه الأحاديث، في أدلة من لم يكفّر تارك الصلاة، ولم يفهم من سبق ذكرهم ممن ادعى الإجماع؛ أن ابن عمر بهذا النص قد خالف الإجماع!!
وأيضًا فلم يذكر ابن عمر هنا عمل القلب، الذي منه ما هو أصل للإيمان، ولا يصح الإسلام بدونه، وجوابكم على هذا، هو جوابنا على قولكم في الصلاة، إلا أنه قد يقال: المقام في الحكم الدينوي لا الأخروى، ويُضاف إلى ذلك: أن ابن عمر يقصد بقوله: أن من قال: لا إله إلا الله، ولم يقع في الشرك، وقد ثبت أن ترك الصلاة شرك، وكما أن قول لا إله إلا الله، لا ينفع من وقع في شرك الجحود أو التكذيب أو الإباء والأستكبار ....
ونحو ذلك، فكذلك من قال: لا إله إلا الله، وترك الصلاة، فلا ينفق قوله هذا، وأي جواب لكم في حق الجاحد، هو خروج عن ظاهر أثر ابن عمر، وهو أيضًا جواب لمن كفَّر تارك الصلاة على أثر ابن عمر، ثم يقال أيضًا: هل أثر ابن عمر ظاهر الدلالة على قولكم، كما أن الأدلة المرفوعة صريحة على قول مخالفيكم، وكما أن الإجماع صريحة على خلاف قولكم؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/80)
ولا أظن أن أحدًا يقول: إن اثر ابن عمر ظاهر أو صريح الدلالة على قولنا، فإذا كان ذلك كذلك، فالدلالة الظاهرة فضلاً عن الصريحة مقدمة على الدلالة الخفية المحتملة، والله أعلم.
= وإن اْعتُرِض على ذلك أيضًا: بجواب حذيفة على صلة بن زفر، وأن ذلك يدل على أن حذيفة لا يرى تكفير تارك الصلاة؛ فسيأتي الجواب عليه إن شاء الله تعالى في الكلام على أدلة من لم يكفر تارك الصلاة، وفي الكلام على مذاهب الصحابة، وسيظهر هنالك إن شاء الله تعالى ضعف هذا القول، وأن هذا الأثر أشبه بباب العذر بالجهل، لا بهذا الباب، والله أعلم.
= وإن اعْتُرِض على ذلك أيضًا: بأن من روى من الصحابة الأحاديث التي استدل بها من لم يكفِّر تارك الصلاة؛ فهو قائل بعدم التكفير، خارق للإجماع.
فالجواب: أن هذا كلام غير مسلَّم به، فمتى كانت الرواية مذهبًا للراوي؟!
فأهل السنة يروون مالهم وما عليهم، ولو سلمنا على أسوأ الأحوال بهذا في الجملة، فليس له وجه هنا، لتصريح جابر وعبدالله بن شقيق العقيلي، ومن سبق ذكرهم، بإجماع الصحابة على خلاف ذلك، فكيف نترك هذا الأمر الرشيد، لمثل هذا الفهم البعيد؟!
= وأيضًا: فقد يُستدل على نفي الإجماع في هذا الباب، بقول ابن المنذر في "الإجماع" ص (179): كتاب الساحر والساحرة، كتاب تارك الصلاة، لم أجد فيهما إجماعًا. اهـ
فالجواب: أن هذا الكلام مع كونه غير صريح في موضع النزاع؛ فهو مردود بقول من ادعى الإجماع، وهم أعلى وأعلم من ابن المنذر، ومن علم؛ حجة على من لم يعلم، والله تعالى أعلم.
= فإن قيل: إن كلام إسحاق ليس دالاً على الإجماع، لما زاده عنه ابن عبدالبر في "التمهيد" (4/ 225 - 226): "إذا أبى من قضائها، وقال: لا أصليها".اهـ
وأن ذلك يدل على أن كفره للإمتناع والإباء، لا لمجرد الترك.
فالجواب على ذلك من وجوه:
1 - أن الذي نُقِلَ عن إسحاق بالسند الصحيح عند المروزي، ليس فيه هذه الزيادة؛ فلا بد من معرفة سند هذه الزيادة أولاً، ثم بعد ذلك، ننظر في فقهها، وفي حاشية "الصلاة" للمروزي أن ابن القيم والمنذري نقلا هذا النص بدون زيادة عن المروزي عن إسحاق، ونبه المحقق حفظه الله على أن ابن عبدالبر، زاد هذه الزيادة، فهذا كله يورث الريبة في نسبة هذه الزيادة لإسحاق.
2 - لو فرضنا صحة ذلك؛ فهل يلزم من قول إسحاق: "إذا أبى من قضائها، وقال: لا أصليها" أن الرجل غير مقر بوجوبها؟ أو أنه مقر بوجوبها، إلا أنه غير ملتزم بها؟ بمعنى أنه غير مسلّم بأنها لازمة له، وإن أقر بوجوبها على غيره؟! ليس في كلام إسحاق ما يدل على هذا، إنما معناه: أنه أصر على عدم القضاء، أو عدم الصلاة أصلاً، ولا يلزم أن يصحب ذلك اعتقاد عدم الوجوب، أو عدم الإلتزام بالصلاة، أو يحمل على أنه رضي بالقتل، وهذا أمر آخر.
3 - ومما يزيد ذلك وضوحًا؛ أن إسحاق نفسه أنكر على من أوّل كلام ابن المبارك في تكفير تارك الصلاة، عندما قال ابن المبارك: إن تارك الصلاة أكفر من الحمار، فأوله بعضهم بأن ذلك محمول على الرد، فقال إسحاق:
فقلنا لهم: فالراد للفرائض كلها يكفر؟ .... إلى أن قال: فهذا نقض لدعواه في الصلاة. ا& aacute; من "الصلاة" للمروزي (2/ 997 - 998)، فكيف يقال بعد ذلك: إن إسحاق ينقل الإجماع فقط على الكفر عند الإباء؟!
4 - ومما يزيد الأمر وضوحًا أيضًا: أن إسحاق مذهبه تكفير تارك الصلاة، لمجرد تركه الصلاة، وإن لم يصحب ذلك امتناع وإباء بالقلب، أو ما يقوم مقامه باللسان، أو بالفعل، والنص الثابت عنه عند المروزي، فيه: "قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة كافر، وكذلك، كان رأي أهل العلم .... "الخ، فمذهبه في الحديث المرفوع واضح، ثم هذا هو يبني الإجماع على ذلك فيقول: "وكذلك كان رأي أهل العلم ..... " فهل يصح أن يقال: والإجماع عند إسحاق على خلاف فهمه للحديث المرفوع؟ فهل كان إسحاق لا يعي ما يخرج من رأسه؟ وهل كان إسحاق يحتج لنفسه بهذا النص، أم يورد على نفسه الأدلة؟
5 - ومما يزيد الأمر وضوحًا أيضًا: أن هذه الزيادة التي عند ابن عبدالبر، قد ذكرها ابن عبدالبر بالتعبير نفسه عند حكاية مذهب النخعي والحكم وأيوب وابن المبارك وأحمد وإسحاق (4/ 225) في "التمهيد"، فهل فهم أحد من هذه العبارة أن مذهب هؤلاء المذكورين: هو التكفير عند الإباء والامتناع، لا مجرد الترك؟ والجواب؛ لا، فإذا كان ذلك كذلك؛ فلا وجه لتأويل كلام إسحاق، وحَمْله على التكفير بشرط وجود الإباء والامتناع والاستكبار والاستنكاف، فهذا كله كفر مجرد، وإن صلى الرجل، والعلم عند الله تعالى.
انتهى
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[02 - 10 - 05, 11:52 ص]ـ
الأخ أبو بكر/
كم أخبرتك فعهدي بعيد بدراسة هذا الحديث وأنا بعيد عن مكتبتي فلا أستطيع التأكد من كلامك.
ملحوظة: قلت: ((فقد روى الحديث احمد نفسه في طريق ليس فيه ذلك الرجل:
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن عمرو ثنا أبو إسحاق عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بين العبد وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة))
هذا الحديث لا يعد من رواية أحمد با هو من زوائد عبد الله بن أحمد على المسند.
2 - أرجو أن تضع الرابط الصوتي أو تدلني عليه.
3 - قولك: ((ولو سلمنا جدلا بما قلت فـ "الواو " هنا تأتي بمعنى أو كقوله تعالى " محلقين رؤوسكم و مقصرين "))
لي أن أعارضه بأن الأصل أن الواو على بابها حتى تصرفها قرينة.
4 - قولك: ((وحتى لو لم يكن كذلك فما توجيه الحديث؟)) لا حاجة للتوجيه أصلا فلأو معاني كثيرة وللطوفي كلام حسن في هذا ولكني كما أخبرتك بعيد عن مكتبتي فعسى أن يتيسر لي نقله بعد غد.
ودمت لأبي فهر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/81)
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[02 - 10 - 05, 12:47 م]ـ
فائدة نفيسة
قال المأربي:
وفي " أضواء البيان " للشنقيطي: (4/ 311):
عطف الشرك على الكفر في حديث جابر: تأكيد قوي لكونه كافرًا. أ. هـ
ـ[الحضرمي]ــــــــ[02 - 10 - 05, 01:32 م]ـ
هل يوجد كتاب الشيخ أبي الحسن في الشبكة و هل يباع في مكاتب الإمارات؟
وجزاكم الله خيرا.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[02 - 10 - 05, 02:41 م]ـ
كتاب أبي الحسن تجده على موقع صيد الفوائد
ـ[العاصمي]ــــــــ[05 - 10 - 05, 04:56 ص]ـ
الأخ أبو بكر/
كم أخبرتك فعهدي بعيد بدراسة هذا الحديث وأنا بعيد عن مكتبتي فلا أستطيع التأكد من كلامك.
ملحوظة: قلت: ((فقد روى الحديث احمد نفسه في طريق ليس فيه ذلك الرجل:
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن عمرو ثنا أبو إسحاق عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بين العبد وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة))
هذا الحديث لا يعد من رواية أحمد با هو من زوائد عبد الله بن أحمد على المسند.
أخانا الفاضل الكريم أبا فهر ... جزمت و قطعت أنه من (زيادات) عبد الله على مسند أبيه؛ فهلا أوضحت وجه ذلك؟
و عبد الله بن أحمد لم يدرك معاوية بن عمرو ... و يدي - الآن - لا تطول المسند الأحمدي؛ لأتبين سنده ...
و يحسن التنبيه الى ما وقع في نقل أخينا أبي بكر، وفقه الله:
" فقد روى الحديث احمد نفسه في طريق ليس فيه ذلك الرجل:
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن عمرو ... " ...
و الواجب عند نقل حديث من المسند، حذف قول القطيعي: ": حدثنا عبد الله، حدثني أبي " ...
و القائل: " حدثنا عبد الله "، هو القطيعي، راوية المسند عن عبد الله بن أحمد ...
ـ[محمد معطى الله]ــــــــ[05 - 10 - 05, 06:19 م]ـ
إلى الأخ أبي بكر بن صبيح سامحه الله
السلام عليكم ورحمة الله
أخي الكريم أنا لم أحتج مطلقا في مبحثي هذا بأي رواية مرفوعة، فرارا من أي جدال عقيم، لعلمي بما يورده المانعون من التكفير من أجوبة على النصوص المرفوعة مما يصعب فيه رفع الإشكال، فبحثت المسألة من زاوية أخرى لامجال فيها للأخذ والرد ألا وهي إجماع الصحابة، فإن كان عندك ما تقول فادل بدلوك وإلا فلا داعي للجدال، هذا من جهة
وبالنسبة لحديث جابر: (بين الرجل والكفر أو الشرك ترك الصلاة) فأيا كان لفظه، بأو، أو بالواو فأنا لم أبحثه والمراجع بعيدة عني، ولم أراجع ما إذا كان هذا يؤثر في فقهه أم لا، أيا كان اللفظ فالحديث قد رواه لك جابر ابن عبد الله وهو الذي قد تلقاه غضا طريا من في النبي صلى الله عليه وسلم، فهو أدرى منك به وبمعاني الواو وأو وأيهما أصح، وقد كان رضي الله عنه يرى بكفر تارك الصلاة، فما هو جوابك؟ ولك أن تراجع الحلقة الثانية ففيها مزيد نقل عن جابر.
ثم إنك سلمت بما فيه من وصف الكفر فقلت: " علمنا وجه الكفر فيه " وأردتَ الكفر الأصغر بلا شك، فما الذي يمنعك من التسليم بوصف الشرك على هذا النحو، أم أنك لا تقسم الشرك إلى أكبر و أصغر؟
إن كنت ترى بالتقسيم فأنت محاجج على تفريقك بين وصف الشرك ووصف الكفر، وإن كنت لا ترى بالتقسيم
فأنت مخالف لما عليه المحققون من أهل العلم ولما هو معروف عندهم
أما عن شيوخ ابن شقيق من الصحابة وكم أدرك منهم فارجع إلى مبحثي الآخر بعنوان: (تنبيه الفضلاء على ما جاء في تنوير الأرجاء) وستجده في هذا الملتقى وعلى هذا المنتدى نفسه.
والسلام عليكم ورحمة الله، أخوك محمد بن خليفة الهاشمي
ـ[ابو بكر جميل بن صبيح]ــــــــ[05 - 10 - 05, 11:18 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته:
أشكر اخي الشيخ العاصمي على ما افاد
أما أخي الشيخ محمد فأقول:
هناك رساله مطبوعة في كتاب للشيخ الدكتور النملة تناقش " حجية قول الصحابي " وذكر في مباحثها فيما اذا خالف الصحابي ماروى وضرب امثله عديدة منها فعل ابن عمر بأخذ من اللحية و هو راوي احاديث الاعفاء!.
وترك مالك لحديث خيار المجلس وهو الذي تلقاه عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -!!!.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/82)
ولو تتبعت اقوال جابر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - الفقهية لوجدته يخالف شيئا مما رواه لأن الصحابة تتجدد عندهم الادله و يأخذ بعضهم بحجة بعض و بنقل بعضهم البعض ثم انك يا اخي الكريم تقول: " ولم أراجع ما إذا كان هذا يؤثر في فقهه أم لا " فحتى الفقه عندك مأثور و لا تحاول ان تناقش بفقهك أنت , نعم ابني نفسي وعلمي على فقههم فهم اشراف الناس و سادة الدنيا في العلم و لكني لا الغي عقلي و فهمي و جهدي الخاص الذي اعبد الله به والا لما كان لقوله تعالى " ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم " اي معنى! هذا ان كنت تكتب كمجتهد في هذه المسألة اما ان كنت تكتب كباحث فقد اجدت في جمع النصوص.
ثم أن اجماع الصحابة عند بعض اهل العلم فيه نظر وهناك من اهل علم الاصول من يقول انه لا يصح عن الصحابة اجماع والاجماع الذي يتكلم عنه اكثر الناس ليس الا اجماع سكوتي و قد قال الشافعي رحمه الله:" لا ينسب الى ساكت قول! " واذا كان الامر فيه مجال اجتهاد فان السكوت غالبا يكون من باب أن العالم المجتهد له اجران كما لم ينكر ابن مسعود على عثمان عندما اتم في الحج وكان عبدالرحمن بن عوف يريد ان يمتنع من الصلاة فسأل ابن مسعود فقال لقد صليت معه فقال كيف؟ فقال: ان الخلاف شر!!. فكان الصحابة يسكتون احتراما لحق الاجتهاد عند غيرهم و يسكتون اذا ورد دليل و نص صريح فلا يعارضونه بشئ و يسكتون درءا للخلاف و يسكتون لاعتبارات كثيره يجب اخذها بالحسبان كما كان عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - لا يرى تكفير من ترك الزكاة بينما كان ابو بكر يكفره! ,وقد روى مالك بسند صحيح: ان رجلين استبا في زمان عمر بن الخطاب فقال أحدهما للآخر والله ما أبي بزان ولا أمي بزانية فاستشار في ذلك عمر بن الخطاب فقال قائل مدح أباه وأمه وقال آخرون قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا نرى ان تجلده الحد فجلده عمر الحد ثمانين. فلو لم ينقل لنا واقع الشورى لقيل بان هذا اجماع من الصحابة لم يعرف له مخالف! وكثيره هي الامور التي تكون هكذا. حيث الامر يكون فيه مجال للاجتهاد فيسكت من يسكت لانه يعلم ان لهذا الصحابي ان يجتهد وليس له ان يثرب عليه! حتى وان كان لا يوافقه فالسكوت ليس قبولا على كل حال و جعل الأمر في مسألة اجماعا لمجرد " النفوذ الذي لا يعلم له مخالف " تجوز كبير لا يعبد الله بمثله! و الا فقد قتل الصحابة ماعز رضي الله عنه بعد ان قال ردوني الى رسول الله و بعد ان هرب من الرجم وعندما علم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بفعلهم قال " هلا تركتموه؟ " فهل يعارض حديث رسول الله باجماع الصحابه؟ حيث قال جابر فما تركناه حتى قتلناه! هل يعقل أنه ولا صحابي واحد كان يرى تركه فيوافق في ذلك ما اراده رسول الله؟ هل اطبق الصحابة رضي الله عنهم على ما يخالف ما يراه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في شأن ذلك الرجل؟ اقول: مع انهم فعلوا هذا الشئ بايديهم وليس فقط سكتوا عليه اقسم بالله انك لا تستطيع الجزم بانهم كلهم كانوا لا يرون تركه واعادته الى رسول الله. وقد قال شيخ الاسلام في الفتاوى: (18\ 2)
"وأما من اعتقد وجوبها مع إصراره على الترك: فقد ذكر عليه المفرعون من الفقهاء فروعا
أحدها هذا فقيل عند جمهورهم: مالك والشافعي وأحمد وإذا صير حتى يقتل فهل يقتل كافرا مرتدا أو فاسقا كفساق المسلمين؟ على قولين مشهورين حكيا روايتين عن أحمد وهذه الفروع لم تنقل عن الصحابة وهي فروع فاسدة فإن كان مقرا بالصلاة في الباطن معتقدا لوجوبها يمتنع أن يصر على تركها حتى يقتل وهو لا يصلي هذا لا يعرف من بني آدم وعادتهم ولهذا لم يقع هذا قط في الاسلام ولا يعرف أن أحدا يعتقد وجوبها ويقال له إن لم تصل وإلا قتلناك وهو يصر على تركها مع إقراره بالوجوب فهذا لم يقع قط في الإسلام
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/83)
ومتى امتنع الرجل من الصلاة حتى يقتل لم يكن في الباطن مقرا بوجوبها ولا ملتزما بفعلها وهذا كافر باتفاق المسلمين كما استفاضت الآثار عن الصحابة بكفر هذا - (قلت): وهذا الضمير كما هو واضح يعود على من يصبر على القتل ولا يقبل ان يصلي وليس من هو نائم في بيته لا يعلم عن خبر تكفيره شئ - ودلت عليه النصوص الصحيحة كقوله صلى الله عليه وسلم: [ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة] رواه مسلم وقوله: [العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر]
وقول عبد الله بن شقيق: كان أصحاب محمد لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة فمن كان مصرا على تركها حتى يموت لا يسجد لله سجدة قط فهذا لا يكون قط مسلما مقرا بوجوبها فإن اعتقاد الوجوب واعتقاد أن تاركها يستحق القتل هذا داع تام إلى فعلها والداعي مع القدرة يوجب وجود المقدور فإذا كان قادرا ولم يفعل قط علم أن الداعي في حقه لم يوجد والاعتقاد التام لعقاب التارك باعث على الفعل لكن هذا قد يعارضه أحيانا أمور توجب تأخيرها وترك بعض واجباتها وتفويتها أحيانا
فأما من كان مصرا على تركها لا يصلي قط ويموت على هذا الإصرار والترك فهذا لا يكون مسلما لكن أكثر الناس يصلون تارة ويتركونها تارة فهؤلاء ليسوا يحافظون عليها وهؤلاء تحت الوعيد وهم الذين جاء فيهم الحديث الذي في السنن حديث عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [خمس صلوات كتبهن الله على العباد في اليوم والليلة من حافظ عليهن كان له عهد عند الله أن يدخله الجنة ومن لم يحافظ عليهن لم يكن له عهد عند الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له]
فالمحافظ عليها الذي يصليها في مواقيتها كما أمر الله تعالى والذي ليس يؤخرها أحيانا عن وقتها أو يترك واجباتها فهذا تحت مشيئة الله تعالى وقد يكون لهذا نوافل يكمل بها فرائضه كما جاء في الحديث. انتهى.
فهذا كلام شيخ الاسلام واضح يلخص في نقطتين:
1 - أن الترك المقصود في الاثار الواردة عن الصحابة والاحاديث الثابته عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - انما يقصد به الترك مطلقا حتى الموت بل قال الشيخ " لا يسجد لله سجده " فجعل مجرد السجود مانع للتكفير و شيخ الاسلام يقول بجواز التنفل بالسجود دون صلاة.
2 - الوجه الثاني انه لا يعتبر الردة الا بعد العرض على القتل هذا في حالا الاحياء فمن رفض حتى يقتل قتل كافرا وهذا واضح في قوله "ومتى امتنع الرجل من الصلاة حتى يقتل لم يكن في الباطن مقرا بوجوبها " وهذا هو الوجه الصحيح لفهم هذه الاثار.
شئ أخير:
قال الإمام المبجل أحمد بن حنبل في وصيته لتلميذه الإمام الحافظ مسدد بن مسرهد:
ولا يخرج الرجل من الإسلام شيء إلا الشرك بالله العظيم أو يرد فريضة من فرائض الله عز وجل جاحدا بها فإن تركها كسلا أو تهاونا: كان في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه. فأين الاجماع الذي ذكر عن اسحاق؟ فهل يصح الاجماع عن شخص اذا كان له في مسألة ثلاثة او اربعة اقوال؟ تختار ما تشاء منها ثم تقول هو قوله و تجزم به و تدخله مع الموافقين المجمعين؟؟
و في لفتاوى الحديثية " (84/ 2) للحافظ السخاوي يقول بعد أن ساق بعض الأحاديث الواردة في تكفير تارك الصلاة وهي مشهورة معروفة:
ولكن كل هذا إنما يحمل على ظاهره في حق تاركها جاحدا لوجوبها مع كونه ممن نشأ بين المسلمين لأنه يكون حينئذ
كافرا مرتدا بإجماع المسلمين فإن رجع إلى الإسلام قبل منه وإلا قتل ... الى أن قال ...
ولهذا لم يزل المسلمون يرثون تارك الصلاة ويورثونه ولو كان كافرا لم يغفر له ولم يرث ولم يورث ".
فهذا اجماع من المسلمين ينقله عالم جليل وهو موافق فيه قول شيخ الاسلام من ان الكفر مرتبط بالعرض على السيف.
و قد ذكر عبد الله بن احمد في (مسائله) (ص 55) قال: (سألت أبي - رحمه الله - عن ترك الصلاة متعمدا؟
قال: (. . . و الذي يتركها لا يصليها و الذي يصليها في غير وقتها أدعوه ثلاثا فإن صلى و إلا ضربت عنقه هو عندي بمنزلة المرتد. . .)
قال الشيخ الالباني:: فهذا نص من الإمام أحمد بأنه لم يكفر بمجرد تركه للصلاة و إنما بامتناعه عن الصلاة مع علمه بأنه يقتل إن لم يصل فالسبب هو إيثاره القتل على الصلاة فهو الذي دل على أن كفره كفر اعتقادي فاستحق القتل. انتهى.
و بغض النظر عن كل ما سبق فقد قرر العلماء والصحابة منهم بل و النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن الرجل قد يفعل افعال الكافرين ولا يكون منهم و أن الأمر اذا خالفه الواقع المتيقن كان الحكم للواقع اكثر منه للدليل الوارد في المسألة وذلك في مثل حديث حاطب حيث كان الفعل فعل الكفر والواقع واقع الايمان فهو مؤمن محب لله ورسوله فغلب الواقع على صريح فعل الكفر وكذلك الصحابي الذي استحل شرب الخمر وهو امير على البحرين فعلم به عمر وانتهى الامر الى أنه كان متأول فالواقع كان يشهد انه ليس ممن يستحلون المحظورات وكذلك عندما تجلس مع رجل مسلم يحيا مع المسلمين وعندما تذكر له امر تقصيره في التدين تجد وجهه يتمعر ولكنه لا يصلي! و تجده يذكر الله عن تسميته و عند نومه و عند ركوبه و لا يعبد مع الله احدا ثم تأتي وتقول هو كافر مع أن الشهادة بوحدانية الله ملء عينيه!!!؟
الأمر فيه سعة ليس لانه فيه خلاف ولكن لان الجزم فيه على تكفير من ترك الصلاة جزم بالظن و بما يخالف قول الجمهور و قول المحققين و واقع حال المكلفين , والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/84)
ـ[محمد معطى الله]ــــــــ[15 - 10 - 05, 05:14 م]ـ
الأخ ابن صبيح السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد كثرت المغالطات في كلامك هداك الله، وخاصة فيما يتعلق بموقفك من فهم الصحابة لما نقلوه لك من نصوص الوحيين، حتى أن الأمر بلغ بك إلى إقرار إنكار كل إجماع منقول عن الصحابة، وهو أمر عظيم، وبادرة خطيرة لهدر منهجهم ومذهبهم رضي الله عنهم، وإني لأشم من وراء هذه الدعوى رائحة البدعة، وأخشى أن تكون من وضع أهل البدع، فلا أحد يستفيد من مثل هذه الدعوى كأهل البدع الذين أداروا ظهورهم لما عليه صحابة رسول الله، وأحدثوا معاني من عندهم لنصوص الكتاب والسنة.
فبالله عليكم ما هو الفرق بين قول من يقول بأن مذهب عامة الصحابة باطل، وأن فهومهم خاطئة وبالتالي فلي أن أفهم من النصوص ما أفهمه، وبين قول من يقول لا سبيل لمعرفة مذهب عامتهم ولا ما اتفقت عليه فهومهم، وبالتالي فلي أن أفهم من النصوص ما أفهمه؟
النتيجة واحدة، وهي: لي أن أفهم من النصوص ما أفهم.
وبالتالي سينسحب هذا على كل أبواب الدين وسيدخل من جهته شر عظيم والله المستعان.
وعليه فلا بد لك أيها الأخ أن تراجع هذه الدعوى، وإياك أن تغتر بأحد قد انطلت عليه أو لم ينتبه لحقيقتها، وإنما عليك أن تبحث في مقالات الأئمة المحققين من أهل السنة الذي لم يتأثروا بأهل البدع ومقالاتهم.
أما تعللك في نقض الإجماع بمسألة السكوت فهو تشويش ليس إلا، لأنك لاتسلم ابتداء بما نطقوا به مما نقل عن جموعهم وعامتهم كما نقل ابن شقيق وجابر رضي الله عنه في مسألة تارك الصلاة
فها أنت لم تسلم بما نقل عن عامتهم فمالك والسكوت؟!
ثم إن بعض الآثار التي ذُكِرت لها حكم الرفع، غير أن إهمالك لها ابتداء يبدو أنه هو الذي صرفك عن إدراك ذلك
فأثر جابر ظاهر في هذا: " ما كنتم ... على عهد رسول الله ... "
وأيضامسألة الأخذ من اللحية التي مثلتَ لها بفعل ابن عمر هي أيضا مما ثبت فيه حكم الرفع كما في أثر جابر: " كنا نعفي السبال إلا في حج أو عمرة " فكنا كما هو معلوم لها حكم الرفع
وأما نقلك عن الشافعي في قضية السكوت فهو غير دقيق لأن الإمام الشافعي يحتج بآثار الصحابة التي لايعلم لها مخالف كما هو صنيعه في الأم وانظر الحلقة الثانية من هذا المبحث فهو منقول بلفظه.
أما استدلالك بقصة ماعز فهو استدلال غير سليم، لأن المَعنٍي في موضوعنا هو ما استقر عليه قول الصحابة، لا ما فعلوه بحضرته وأرشدهم إلى خلافه كما في القصة، مع أن الحديث لايدل على أن ما فعلوه حرام، وكذا ليس من المَعنٍي ما فعلوه وخطأهم فيه كما في قصة خلع النعال في الصلاة.
وعما نقلته عن شيخ الإسلام في الحكم على التارك فقد أخطأت فيه خطأ واضحا، ويبدو أنك لم تدرس كلام شيخ الإسلام، وإن شئت التوضيح فارجع إلى مبحث بعنوان: تجلية موقف شيخ الإسلام من تارك الصلاة
وستجده على هذا الملتقى إن شاء الله.
وعن كلامك المتعلق بقصة حاطب فهو من أخطر القول، فلم يقرر النبي ولا الصحابة ولا أهل العلم من أهل السنة أن الرجل قد يتلبس بمكفر دون وجود مانع من الموانع المعتبرة ومع ذلك يحكم بإسلامه، بل الذي
أعلمه أن المرجئة وحدهم الذين يقولون بأن الرجل قد يفعل الكفر الأكبر في الظاهر دون عذر ويكون مؤمنا في الباطن.
نعم قد يكون هناك من أهل العلم من حمل قصة حاطب على أن ما فعله كفر لكن النبي صلى الله عليه وسلم علم إيمانه وحكم بخلاف فعله وأن هذا خاص بحاطب فقط، قد يكون أحد من أهل العلم قال به، وهو خطأ بلا شك.
أما القول بأن هذا قد يكون في كل مكفر، وبحسب واقع فاعله فالذي أعلم أنه من قول المرجئة
وفي كلامك عدة ملاحظات كسلت عن ذكرها لما تأخذه الكتابة على الكمبيوتر من وقت وأرجو ألا أضطر لصرف وقت أكثر في هذه التعليقات والله المستعان
ـ[ابو بكر جميل بن صبيح]ــــــــ[19 - 10 - 05, 02:09 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله:
هذه الطريقة في تحييد النقاش الى " دفاع " و ترك الكلام عن لب الموضوع الى " نية المتكلم " وكيل التهم و التثريب .... هذه كلها لا تعنيني في شئ ولا يعنيني ما تظنه تجاهي.
لقد قلت ما عندي وكان واضحا ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/85)
اجماع الصحابة بمعنى انه كلهم كانوا يرون تكفير تارك الصلاة مطلقا دون القيود التي ذكرها شيخ الاسلام و يقرونه عن بكرة ابيهم هذا قول لا اقره ولا اعبد الله به وله نظائر كثيرة في الشريعة والشافعي الذي قال " لا ينسب الى ساكت قول " هو ذاته الذي يجعل قول الصحابي حجة اذا لم يعلم له مخالف و لا تناقض هنا الا عند من يتحدث جزافا عن مذاهب الناس فالقول بـ " الحجية " غير القول في " الاجماع " فلو قلت ان تارك الصلاة كافر لأن جابر وابن مسعود رضي الله عنهما صرحا بذلك ولا يعرف لهما مخالف لقلت هذه حجة قويه ولكنها ليست اجماع وما نقل عن الصحابة هو اجماع سكوتي لأن جابر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - نفسه لم يسأل كل واحد منهم ولو ان انزلنا الاجماع السكوتي منزلة التوكيل في الشهادة لما قبل القاضي من الموكل أن يشهد حتى يقول " نعم سمعت موكلي يقول كذا وكذا " فنشترط هذا في الزنا ثم لا نشترطه في الكفر والاسلام؟!!! ونقول شهد جابر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - على لسان كل الصحابة انهم يكفرون تارك الصلاة؟!.
قول الصحابي حجة عند الشافعي اذا لم يجد سنة تغنيه عن ذلك والا فالشافعي نفسه هو الذي خالف ولم يكفر تارك الصلاة مع علمه بكل ما تقول.
الفرق بين حجية قول الصحابي و بين اجماع الصحابة كالفرق بين القول بأن الاحاد يفيد الظن مع عدم الاخذ بلوازم اهل البدع الذين يجعلون هذا معولا لهدم الشريعة ورد النصوص فكون الاجماع السكوتي لا يعد اجماع على الحقيقة هذا لا يلغي حجية قول الصحابي اذا لم يعلم له مخالف ولكن قول الصحابي اذا لم يعلم له مخالف من الناس قد يعلم له مخالف من نصوص الشريعة وقواعدها كما كان ابن عمر يفارق البائع لينهي خيار المجلس فلا يعلم مخالف له ولكن يوجد نص مخالف رواه اهل السنن وفيه " ولا يحل له ان يفاقه خشية ان يستقيله " وكما روي عن ابن مسعود قوله بأنه قول الرجل " هذه السلعه حاضرة بكذا ونسيئة بكذا , أنه ربا و اربا الربا " وهو مروي عنه بسند صحيح في الارواء ولا يخالفه غير قول عن ابن عباس اسناده ضعيف ومع هذا اطبق المتأخرون على جواز بيع التقسيط بزيادة في السعر ورموا بقول ابن مسعود عرض الحائط وما يعضده من آثار مروية عن سماك وغيره وقالوا " نصوص الشريعه اشبه بالجواز " واستشهدوا بحديث ابن عمر في ابل الصدقه وقالوا " البعير بالبعيرين؟ " دليل على جواز الزياده في النساء لان البعير عادة لا يساوي بعيرين " فيقدمون " دلالة المفهوم " المرتبطه بـ " فهم اهل العصر " على قول الصحابي الصريح الصحيح الذي صحب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , فأي الفريقين أحق بالتثريب إن كنتم تعلمون؟ ,,,.
ثم تقول:
" فبالله عليكم ما هو الفرق بين قول من يقول بأن مذهب عامة الصحابة باطل، وأن فهومهم خاطئة وبالتالي فلي أن أفهم من النصوص ما أفهمه، وبين قول من يقول لا سبيل لمعرفة مذهب عامتهم ولا ما اتفقت عليه فهومهم، وبالتالي فلي أن أفهم من النصوص ما أفهمه؟
"
اقول:
الم يختلف ابن عباس وعائشة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - في رؤية رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لربه مع أنها من أصول المسائل؟
ألم يختلف بعض الصحابة مع عائشة رضي الله عنها في سماع الاموات و تعذيب الاموات بذنوب الاحياء؟
ألم يصح عند الطبراني وغيره انكار ابن مسعود للمعوذتين؟
ألم يصح عن ابن عباس القول بالمتعه مع انها من مسائل الفروج؟
ألم يصح اختلاف ابي بكر وعمر حول كفر تارك الصلاة؟ وماذا قال اهل العلم عن بقية الصحابة في ذلك؟
ألم يصح عن ابن مسعود الاطباق في الركوع مع ثبوت نسخه عند مسلم؟
هذه مسائل اقل ما يقال فيها انها " مما تعم به البلوى " حيث تتكرر كل يوم ومع هذا اختلف فيه اكابر الصحابة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ثم تأتي أنت لتقول بأن " مسائل الشريعة عامة داخلة في الأصول العامة للدين " التي كان كل الصحابه يفهمونها على نحو واحد؟؟؟
متى كان تكفير تارك الصلاة " أصلا من أصول الدين التي لا ينبغي أن يختلف عليها صحابيان؟!! "
وما علاقة كون الصحابة يختلفون بكون انهم كلهم كلامهم باطل وفهمهم مردود؟
من قال لك بأن فهم الصحابة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - لا يرده شئ؟
فمعاوية 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - خالف وباع الحلي المصوغة بتفاضل مع الدنانير وقد انكر عليه ابو الدرداء وعمر ثم امره ببيعها بوزنها ثم اختار شيخ الاسلام التفاضل هذا مع انه قول يخالف حديث القلادة عند مسلم وقال عنه بعض مشائخنا هذا قول مهجور!. فهذا صحابي يخالف صحابي وهذا عالم جهبذ يأخذ بقول المخالف ويرد عليه عالم ويقول لا بل الحق مع بيعها وزنا .... وهكذا!.
هذا هو ديدن أهل العلم ... الحجة والبرهان وليس " براق البديع! وكيل التبديع! " ..
ثم تقول: " لأنك لاتسلم ابتداء بما نطقوا به مما نقل عن جموعهم وعامتهم كما نقل ابن شقيق وجابر رضي الله عنه في مسألة تارك الصلاة
"
اقول: نطق بعضهم لينقل لنا سكوت جموعهم وليس " قول جموعهم " وهذا أمر تكلمنا عنه سابقاً ... و قد سبق لابن عباس أن نقل الاجماع على " تقوى أهل احد وحبهم للاخرة وخروجهم من أجلها " ثم بعد نزول قوله تعالى " منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة " قال: والله ما علمت أن فينا من يريد الدنيا الا عندما نزلت!!! ... فهذا صحابي نقل فهمه عن فهوم و نوايا اصحابه ثم اكتشف ان السر لا يعلمه الا علام الغيوب!.
وبقية كلامك ... لا تعليق لدي عليه ...
والله المستعان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/86)
ـ[أكرم بن محمد]ــــــــ[12 - 02 - 08, 02:33 م]ـ
أعجبني كلام أبي بكر جميل بن صبيح(32/87)
هل يصح هذا الفهم في الإرادة عقيدة أهل السنة و الجماعة
ـ[ابو عادل المصري]ــــــــ[02 - 10 - 05, 09:32 ص]ـ
السلاموا عليكم إخواني
هل يصح هذا الفهم في الإرادة عقيدة أهل السنة و الجماعة
أن أحداث الله جل و علا للمعين
يستلزم إرادة جازمة و قدرة تامة
أما الأرادة الجازمة فهي تطبيق للعلم الموجود في اللوح المحفوظ الذي أراده الله أزلا
أما القدرة فهي لازمة بالطبع لتطبيق العلم أي لإحداث الإرادة
وهل هذا الكلام يشابه كلام الأشاعرة في أن
(الإرادة) عندهم لها جهتان:
- جهة يسمونها (صلوحية) يعني راجعة إلى ما يصلح وما لا يصلح ,يقولون: هي من جهة الصلوحية تابعة للعلم. وتعلقها بما (علم) الله جل وعلا أنه سيكون.
- ولها جهة ثانية يسمونها الجهة (التنجيزية) يقولون: هي من جهة التنجيز تابعة للقدرة.
أم أن التشابه فى الكلمات لا المعاني(32/88)
سؤالي عن عدم العذر بالجهل في المسائل المعلومة من الدين بالضرورة هل هو على إطلاقه
ـ[بدر ابن أحمد]ــــــــ[10 - 10 - 05, 04:08 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي حول مسألة عدم العذر بالجهل في المسائل المعلومة من الدين بالضرورة هل هو على إطلاقه أم هناك تفصيل أرجو من الشيو خ الفضلاء أن يفيدوني في هدا البحث؟
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[10 - 10 - 05, 07:48 م]ـ
--------------------------------------------------------------------------------
أسئلة وأجوبة حول العذر بالجهل
[الكاتب: علي بن خضير الخضير]
هل يعذر الجهل بالعقيدة أم لا؟ وإذا عذر بالجهل هل لنا أن نقول أنه لم يحبط عمله بجهله أم يحبط عمله؟
الجواب:
في باب الشرك الأكبر فلا عذر بالجهل، وهذا محل إجماع. نقل الإجماع في عدم العذر بالجهل ابن القيم في طريق الهجرتين ونقله أئمة الدعوة.
فكل من فعل الشرك الأكبر بأن ذبح لغير الله أو استغاث بالأولياء أو المقبورين أو شرع قانونا ونحوه فهو مشرك ولو كان جاهلا أو متأولا أو مخطئا.
قال ابن تيمية في الفتاوى [20/ 38 - 37]: (واسم الشرك يثبت قبل الرسالة لأنه يعدل بربه ويشرك به اهـ ومعنى كلام ابن تيمية انه يسمى مشركا إذا عدل بربه وأشرك به ولو قبل الرسالة)، أي ولو كان جاهلا.
وإذا أردت بسط هذه المسألة فقد ذكرتها في كتبي الآتية:
1 - كتاب المتممة لكلام أئمة الدعوة.
2 - كتاب الجمع والتجريد شرح كتاب التوحيد في باب الخوف من الشرك.
3 - كتاب التوضيح والتتمات على كشف الشبهات.
أما في باب المسائل الظاهرة التي يعلمها العامة لمن لم يعش بين المسلمين وكان في بادية بعيدة , أو حديث عهد بكفر , أو عاش ونشأ في بلاد الكفار فهذا يعذر بالجهل والتأويل حتى يعلم.
أما في باب المسائل الخفية التي لا يعلمها إلا العلماء أو الخاصة فهذه يعذر بالجهل والتأويل حتى يعاند وتزول عنه الشبهة , إن كان الغالب في الزمن الجهل.
وفي باب المسائل الظاهرة والمسائل الخفية لا فرق بين مسائل العقيدة أو مسائل الفقه والأحكام كلها واحد.
أما مسألة حبوط العمل: فهذه متعلقة بالموت على ماذا مات عليه لقوله {ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبط اعملهم}.
وان أردت الحصول على الكتب السابقة أعلاه فهي موجودة في موقع السلفيون في الصفحة التي أعدها الإخوة في موقع السلفيون لكتبنا جزاهم الله خيرا. وكلها أيضا موجودة في موقعنا على الشبكة، وفي موقع صيد الفوائد وفقهم الله وجزاهم خيرا، فهذه ثلاث مواقع على شبكة الانترنيت عليها كتبنا ولله الحمد.
* * *
يدعي بعض خصوم الدعوة السلفية أن في كتب أعلام الدعوة السلفية - في نجد في القرنين السابقين - تكفير وعدم عذر بالجهل وكثير من الأخطاء، وأن مشايخ السلفية المعاصرين لا يوافقون المتقدمين ولا يجرئون على بيان تخطئتهم تحت ستار احترام العلماء!! وكأنهم معصومين.
والسؤال: الذي أراه أن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب قد انحرف بها المرجئة كثيرا، أو أن الشيخ تكفيريا كما يقول خصومه، لأن الجمع بين حال وأقوال المتقدمين والعلماء المتأخرين واضح التكلف. فهل تكرمت شيخنا برد سوء فهمي؟
والسؤال بصورة أوضح: لو خرج الإمام محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة في هذا الحال فمإذا سيكون مصيره وموقفه بناء على ثوابته ومنهجه.
أرجو الشيخ التفصيل وعدم الإجمال و الله اعلم؟
الجواب:
أئمة الدعوة منذ الإمام العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى وقتنا الحاضر، وهم مجمعون بدون استثناء على عدم العذر بالجهل في الشرك الأكبر، بل من ذبح لغير الله أو استغاث ودعا الموتى أو صرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله أو شارك الله في التشريع فإنهم يسمونه مشركا، ولو كان جاهلا أو متأولا أو مقلدا.
قال به محمد بن عبد الوهاب وقال به ابنيه عبد الله وحسين وأيضا حمد بن معمر وعبد العزيز الحصين، وكان هؤلاء هم الأئمة بعد الشيخ محمد (. . .) ولما سئل عن ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/89)
وقال به المجدد الثاني الإمام العلامة عبد الرحمن بن حسن ورسائله في الدرر وفي مجموع الرسائل والمسائل شاهدة بذلك وساعده عليه تلميذه الشيخ عبد الله أبا بطين، ثم قال به الإمام العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن المجدد الثالث وساعده أخوه إسحاق بن عبد الرحمن في كتابه القيم " تكفير المعين "، ثم قال به عبد الله وإبراهيم ابنا الشيخ عبد اللطيف، وساعدهما عليه الشيخ ابن سحمان، ثم الشيخ محمد بن إبراهيم وعليه تلامذته فيما اعلم من غير فرق.
ثم عليه المشايخ: عبد الله بن حميد، وعبد العزيز بن باز رحمهما الله وأعضاء اللجنة الدائمة التي رأسها الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، وعليه شيخنا العلامة حمود بن عقلاء الشعيبي رحمه الله.
لا تجد أحدهم يختلف في ذلك.
فأين المخالف في ذلك منهم؟! وإنما الخلاف في ذلك المتأخرون ممن هجر كتب أئمة الدعوة ورأى فيها الغلو وإن كان لهم درجات عليا في الجامعات وتخرجوا من الكليات، فهم الذين لبسوا على الناس هذه المسألة وفهموا من كلام ابن تيمية خلاف ما أراد في باب الشرك الأكبر.
وقد نبه على ذلك أئمة الدعوة كثيرا في نقلهم عن ابن تيمية حينما تكلم عن أهل البدع والأهواء والعذر فيهم بالجهل والتأويل فطبقوا ذلك على الشرك الأكبر ولم يدركوا ويفهموا أن ابن تيمية يفرق بين البابين.
ولذا قال في الفتاوى [20/ 38 - 37]: (واسم الشرك يثبت قبل الرسالة لأنه يعدل بربه ويشرك به)، وانظر كلامه في الرد على البكري وفي كلامه عن الجهال من التتار الذين يعبدون غير الله، فقد سماهم مشركين وعبادا لغير الله مع جهلهم.
ومن أراد بسط أقوالهم فقد نقلتها في كتبي التالية:
1 - كتاب الرسالة المتممة لكلام أئمة الدعوة في الجهل في الشرك الأكبر.
2 - كتاب الجمع والتجريد شرح كتاب التوحيد باب الخوف من الشرك.
3 - كتاب التوضيح والتتمات على كشف الشبهات في الربع الأول منه.
* * *
ما حكم من لم تصله رسالة الإسلام بعقيدتها الصافية ومات على ذلك؟ مثلا وصلته رسالة مشوهة عن الإسلام، هل يعتبر كافرا؟
الجواب:
ولا زال سؤالك فيما نفهم عن أهل الكتاب.
فإذا مات من لم تصله رسالة الإسلام الصافية وإنما وصلته مشوهة، وهو لا يعبد الله، وإنما يفعل الشرك والكفر فهذا ليس بمسلم وإنما هو مشرك كافر، قال تعالى {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}، وقال تعالى {إن الدين عند الله الإسلام}.
وفي الحديث الصحيح (لن تدخل الجنة إلا نفس مسلمة).
قال ابن حزم رحمه الله: (وقال سائر أهل الإسلام كل من اعتقد بقلبه اعتقادا لا يشك فيه وقال بلسانه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن كل ما جاء به حق وبرئ من كل دين سوى دين محمد r فإنه مسلم مؤمن ليس عليه غير ذلك) [الفصل 4/ 35]. ويأتي إن شاء الله في آخر الإجابة كلام ابن القيم وحكاية الإجماع.
أما أن الدعوة ورسالة الإسلام وصلته مشوهة فهذا ليس بعذر ويعتبر كافرا قال تعالى {ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم}، بل دلت النصوص على إن الرسالة شوهت، فلقد شوه يهود المدينة دعوة الرسول rصلى الله عليه وسلم على عوامهم ولم يعتبر ذلك عذرا في حقهم.
بل ما جاءت دعوة رسول ولا نبي إلا وقد حاول أعداء الرسل تشويهها على أتباعهم وعوامهم.، قال تعالى {كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون * أتواصوا به بل هم قوم طاغون}، وقال تعالى {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا}، وقال تعالى {ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون}.
وعند أحمد من حديث جابر (حتى إن الرجل ليخرج من اليمن أو من مضر فيأتيه قومه فيقولون احذر غلام قريش لا يفتنك)، وهذا تشويه واضح.
وقال الشيخ عبد اللطيف: (وإذا بلغ النصراني ما جاء به الرسول r ولم ينقد لظنه أنه رسول الأميين فقط فهو كافر وإن لم يتبين له الصواب في نفس الأمر كذلك كل من بلغته دعوة الرسول بلوغا يعرف فيه المراد والمقصود فرد ذلك لشبهة أو نحوها فهو كافر وإن التبس عليه الأمر وهذا لا خلاف فيه) [مصباح الظلام ص 326].
* * *
هل هناك من لا يعذب من هذه الأمة إذا لم يعتنق الإسلام بسبب عدم وصول رسالة الإسلام إليه ولو كان يستطيع البحث؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/90)
الجواب:
كل من لم يعتنق الإسلام من هذه الأمة أي أمة الدعوة بسبب عدم وصول رسالة الإسلام إليه فليس بمسلم وهو مشرك كافر , قال تعالى {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}، وقال تعالى {إن الدين عند الله الإسلام}، هذا بالنسبة للاسم والظاهر وأحكام الدنيا.
أما الحكم وهو العذاب والنار، فمن قامت عليه الحجة ووصلته النذارة ثم مات فانه معذب، ومثل ذلك من مات وكان مفرطا متمكنا من العلم والبحث، ومن ذلك اليهود والنصارى فقد سمعوا الإسلام للحديث السابق، ومن ذلك الوثنيين والقبوريين قال تعالى {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا}.
قال ابن القيم في كتابه طريق الهجرتين في فصل طبقات المكلفين في الدار الآخرة الطبقة " 17 " قال: (وهم المقلدون وجهلة الكفرة)، قال: (اتفقت الأمة على أن هذه الطبقة كفار وان كانوا جهالا مقلدين لرؤسائهم وأئمتهم، إلا ما يحكى عن بعض أهل البدع انه لم يحكم لهؤلاء بالنار وجعلهم بمنزلة من لم تبلغه الدعوة، وهذا مذهب لم يقل به أحد من أئمة المسلمين لا الصحابة ولا التابعين ولا من بعدهم، وإنما يعرف عن بعض أهل الكلام المحدث في الإسلام)، ثم قال: (والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له والإيمان بالله وبرسوله وأتباعه فيما جاء به فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم وان لم يكن كافرا معاندا فهو كافر جاهل) اه.
أما اليوم فقد وصلت الدعوة كل مكان فلا عذر لأحد.
قال أحمد بن حنبل: (لا اعرف اليوم أحدا يدعى قد بلغت الدعوة كل احد، فالروم قد بلغتهم الدعوة وعلموا ماذا يراد منهم) اهـ، [نقله ابن قدامة في الجهاد، ونقله الترمذي 5/ 267].
فإذا كان هذا في زمن الإمام احمد بن حنبل فما بالك اليوم!
* * *
وهل يحكم على من مات منهم - أي أهل الكتاب - بالنار؟
الجواب:
نعم.
من وصلت له دعوة الإسلام كما ذكرت ولم ينقد، فإنه يحكم عليه بالنار ويدل عليه قوله تعالى {النار يعرضون عليها غدوا وعشياويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب}.
وفي الحديث الصحيح: (والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني من هذه الأمة ثم لا يؤمن بالذي أرسلت به إلا دخل النار)، وحديث (لن تدخل الجنة إلا نفس مسلمة).
وقال الشيخ عبد اللطيف: (وإذا بلغ النصراني ما جاء به الرسول r ولم ينقد لظنه أنه رسول الأميين فقط فهو كافر وإن لم يتبين له الصواب في نفس الأمر كذلك كل من بلغته دعوة الرسول بلوغا يعرف فيه المراد والمقصود فرد ذلك لشبهة أو نحوها فهو كافر وإن التبس عليه الأمر وهذا لا خلاف فيه) [مصباح الظلام ص 326].
وما يتعلق بالنار والعذاب فان أهل الكتاب من يهود ونصارى قد بلغتهم الحجة اليوم بسماعهم بالإسلام ثم لم يؤمنوا، لحديث (والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني من هذه الأمة ثم لا يؤمن بالذي أرسلت به إلا دخل النار).
[اسئلة طرحت على الشيخ ضمن لقاء منتدى السلفيين]
ـ[أبو عبد الله آل سعد]ــــــــ[11 - 10 - 05, 12:57 م]ـ
جزاك الله خيرا ..
هناك كتابان نفيسان في المكتبات عليك بمطالعتهما:
1 - العذر بالجهل للشيخ مدحت آل فراج تقديم الشيخ عبد الله بن جبرين
2 - عارض الجهل للشيخ أبو العلا راشد تقديم الشيخ صالح الفوزان
إلي جانب طبعا ما كتبه العلامة أبو بطين والعلامة إسحق ..(32/91)
حول منهج الأشاعرة في العقيدة
ـ[أبو عبد الله المدني]ــــــــ[15 - 10 - 05, 07:42 م]ـ
أرجو من الإخوة الأكارم التعليق على منهجية د. سفر الحوالي ي كتابه: "منهج الأشاعرة في العقيدة" فقد سبق وأن ناقشت بعض مسائله مع أحد الأشاعرة فقال: أن هذا الكتاب كذب عليهم وتدليس وأن صاحبه لم يفهم مذهب الأشاعرة .... الخ إضافة غلى عدم تحريه في النقل عنهم وعن غيرهم ...
فهل هذا صحيح؟
أرجو إفادتي لمسيس الحاجة إليه
ـ[أبو معاذ الأسمري]ــــــــ[16 - 10 - 05, 12:31 ص]ـ
انها نفس النغمة القديمة لهولاء المبتدعة طالما نعقوا بها هروباً وفرارا ً من المواجهة حتى أن أحدهم قال ان ابن تيمية نفسة لم يفهم منهج الاشاعرة
ـ[أبو عبد الله المدني]ــــــــ[16 - 10 - 05, 01:48 م]ـ
يرفع مرة أخرى
ـ[حيدر علي مقبول]ــــــــ[16 - 10 - 05, 03:08 م]ـ
تنبيه من المشرف:
المدعو عمر كامل من المبتدعة الضلال، والأشاعرة من الفرق الضالة المخالفة لمعتقد السلف
وينظر للفائدة هذه الروابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=181033#post181033
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=146850#post146850
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=161407#post161407
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=201432#post201432
ـ[أبو عبد الله المدني]ــــــــ[16 - 10 - 05, 04:40 م]ـ
أخي حيدر بارك الله فيك، لقد وقفت على كثير من الأخطاء ولم أر الكتاب الذي ذكرت، ولكن كلما احتججت على الأشاعرة بهذا الكتاب إلا وأوسعوني نقدا لهذا الكتاب بأدلة لا يمكن دفعها تبين أن د. الحوالي لم يكن دقيقا في النقل، فما الحيلة في الرد على دعواهم أن الشيخ الحوالي دلس عليهم.
ـ[عبدالله بن عبدالرحمن]ــــــــ[16 - 10 - 05, 05:31 م]ـ
عمر كامل صوفي ينافح عن الأشاعرة بالباطل
والأخ المدني يقول إنه وقف على أخطاء كثيرة
في رسالة الشيخ الحوالي ولكن ما رأينا احد من علماء السلفية نبه على الأخطاء!
وعلى العموم أخي هذه الرسالة كاملة فبين الأخطاء بالدليل لو سمحت
الأشاعرة
فضيلة الشيخ/ سفر بن عبد الرحمن الحوالي
--------------------------------------------------------------------------------
الفهرس
--------------------------------------------------------------------------------
مقدمة
موقف شيخ الإسلام ابن تيمية من الأشاعرة
معنى مصطلح أهل السنة ودخول الأشاعرة فيه أو عدمه
موقف ابن حجر من الأشاعرة
الأصول المنهجية في مذهبهم
إثبات وجود الله
التوحيد
الإيمان
القرآن
القدر
السببية وأفعال المخلوقات
الحكمة الغائبة
النبوات
التحسين والتقبيح
التأويل
السمعيات
التكفير
الصحابة والإمامة
الصفات
فارق منهجي ونموذجي: التناقض ومكابرة العقل
ضابط من ضوابط معرفة الفرق واختلافها
من أهل القبلة لا من أهل السنة
كلمة التوحيد أساس توحيد الكلمة
--------------------------------------------------------------------------------
مقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
وبعد:
فقد اطلعت على ما نشرته مجلة (المجتمع) في الأعداد من رقم627 - 632، والمقالات السابقة لها كذلك المقالتان المتضادتان في العدد 646 مما كتبه الشيخان الفوزان والصابوني عن مذهب الأشاعرة.
وإذا كان من حق أي قارئ مسلم أن يهتم بالموضوع وأن يدلي برأيه إن كان لديه جديد، فكيف بمن هو متخصص في هذا الموضوع مثلي؟
فالأشاعرة جزء من موضوع رسالتي لدكتوراه "ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي" إذ هي أكبر فرق المرجئة الغلاة. ولن أستعجل نتائج بحثي ولكن حسبي أن أدّعي دعوى وأطرحها للمناقشة وأقبل بكل سرور من يدلي بوجهة نظره فيها.
فمن واقع إسلامي وتخصصي رأيت أن أقول كلمة عسى الله أن ينفع بها، -ويعلم الله أني لو لم أشعر أن قولها واجب ضروري لما سطرتها- ولكن الموضوع أكبر من أن يسكت عليه أو يجامل فيه.
ولي على كلام الشيخين ملاحظات:-
أما الصابوني فلا يؤسفني أن أقول إن ما كتبه عن عقيدة السلف والأشاعرة يفتقر إلى أساسيات بدائية لكل باحث في العقيدة كما أن أسلوبه بعيدا كثيرا عن المنهج العلمي الموثق وعن الأسلوب المتعقل الرصين.
وقد استبشرت بالبيان الأخير خيراً وحسبته بيان رجوع وبراءة فإذا هو بيان إصرار وتوكيد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/92)
ونظرا لكونه ليس إلا جزءاً من تيار بدعي يراد له اكتساح الأمة. ونظراً لتعرضه لقضايا بالغة الخطورة تحتاج إلى بحث مستفيض لا تسعه المقالات الصحفية فسوف أرجئ الكلام عنه إلى حين يتيسر لي بإذن الله إخراج الرد في الصورة التي أراها.
وليكن معلوما أن هذا الرد الموعود ليس مقصودا به الصابوني ولا غيره من الأشخاص فالمسألة أكبر من ذلك وأخطر، إنها مسألة مذهب بدعي له وجوده الواقعي الضخم فالفكر الإسلامي حيث تمتلئ به كثير من كتب التفسير وشروح الحديث وكتب اللغة والبلاغة والأصول فضلاً عن كتب العقائد والفكر، كما أن له جامعاته الكبرى ومعاهده المنتشرة في اكبر بلاد الإسلام من الفلبين إلى السنغال.
وقد ظهرت في الآونة الأخيرة محاولات ضخمة متواصلة لترميمه وتحديثه تشرف عليها هيئات رسمية كبرى ويغذونها المستشرقون بما ينبشونه من تراثه ويخرجون من مخطوطاته.
ولهذا وجب على كل قادر أن يبين لأمته الحق وينصح لها مهما لقي فإن مما كان يبايع عليه النبي صلى الله عليه ويلم أصحابه النصح لكل مسلم وأن يقولوا الحق لا تأخذهم فيه لومة لائم.
أما فضيلة الشيخ الفوزان فقد أحسن إلى (المجتمع) وقرائها بتلك المقالة، فقد عرض فيها -على قصرها- حقائق أصولية مركزة في أسلوب علمي رصين.
وله العذر كل العذر - إذ لم أستوف الرد على الصابوني وبيان التناقضات التي هي سمة من سمات المنهج الأشعري نفسه، لأن الموضوع أكبر من أن تحيط به مقالة صحفية.
ولهذا رأيت من واجبي أن أضيف إلى ما كتبه فضيلته مستدركاً ما لا يجوز تأجيله إلى ظهور الرد المتكامل.
سفر بن عبد الرحمن الحوالي
الفهرس
--------------------------------------------------------------------------------
موقف شيخ الإسلام ابن تيمية من الأشاعرة
أولاً: فات فضيلته أن يرد على الصابوني فيما عزاه إلى شيخ الإسلام -مكرراً إياه- من قوله "الأشعرية أنصار أصول الدين والعلماء أنصار فروع الدين".
ولعل الشيخ وثق في نقل الصابوني مع أن الصابوني -على ما أرجح- أول من يعلم بطلان نسبة هذا الكلام لشيخ الإسلام ابن تيمية، ولغة العبارة نفسها ليست من أسلوب شيخ الإسلام، والغريب حقاً أنه أعاد هذا العزو في بيانه الأخير بالعدد 646 مؤكدا إصراره على التمويه والتدليس.
وأنا أطلب من كل قارئ أن يراجع النص في ج 4 ص 16 من مجموع الفتاوي ليجد بنفسه قبل تلك العبارة نفسها كلمة "قال" فالكلام محكي منقول وقائله هو المذكور في أول الكلام -آخر سطر من ص 15 - حيث يقول شيخ الإسلام:
"وكذلك رأيت في فتاوى الفقيه أبي محمد هو والد إمام الحرمين أبو المعالي الجويني (وهو أشعري) رجع آخر عمره إلى عقيدة السلف فتوى طويلة .... قال فيها: "إلى أن يقول:
"قال: وأما لعن العلماء الأئمة الأشعرية فمن لعنهم عزز وعادت اللعنة عليه .. والعلماء أنصار فروع الدين والأشعرية أنصار أصول الدين.
"وقال: وأما دخولهم النار ... " الخ.
وفي أخر هذه الفتوى نفسها يقول شيخ الإسلام (ص 158 - 159، وانظر أيضا 156).
"وأيضا فيقال لهؤلاء الجهمية الكلامية مصاحب هذا الكلام أبي محمد وأمثاله كيف تدعون طريقة السلف وغاية ما عند السلف أن يكونوا متابعين لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ".
إلى أن يقول "وأبو محمد وأمثاله قد سلكوا مسلك الملاحدة الذين يقولون إن الرسول لم يبين الحق في باب التوحيد (1) ". الخ.
وبهذا يتضح قطعا:
(أ) أن العبارة المذكورة ليست من قول شيخ الإسلام بل قائلها أشعري يمدح مذهبه (2).
(ب) أن شيخ الإسلام نسب هذا القائل ومذهبه إلى الجهمية الكلابية وأتباع طريقة السلف وهذا ينفي ما حاول الصابوني تدليسه في مقالاته الست تماماً.
وبالمناسبة أذكر بعض ما يحضرني من الكتب التي ألفها شيخ الإسلام في الرد على الأشاعرة نصاً غير التي رد عليهم فيها مع غيرهم:-
1 - درء تعارض العقل والنقل وهو كله رد عليهم بالأصالة كما نص في مقدمته. حيث استفتحه بذكر قانونهم الكلي الآتي في ص 12.
2 - بيان تلبيس الجهمية المسمى بنقص التأسيس، رد فيه على إمامهم الثاني "الفخر الرازي" صاحب تأسيس التقديس أو أساس التقديس.
3 - التسعينية وهي التي كتبها في الأشهر الأخيرة من حياته -رحمه الله- جوابا عن محاكمة الأشاعرة له (3).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/93)
4 - شرح العقيدة الأصفهانية وهي شرح لعقيدة الشمس الأصفهاني التي جرى فيها على أصول الأشاعرة.
5 - الفتوى الحموية: معروفة.
6 - الرسالة المدنية: وهي في الجزء (6) من مجموع الفتاوى.
7 - النبوات: وهو نقص لكلام الباقلاني خاصة والأشاعرة عامة في النبوات.
8 - الإيمان: وهو نقد الأشاعرة في الإيمان وذكر بقية المرجئة تبعا.
9 - القاعدة المراكشية: وهي كالبيان لمذهب الإمام مالك وأئمة المالكية في العقيدة ضد المتأخرين من مالكية المغاربة المائلين إلى مذهب الأشعري، وهي في الجزء الخامس من مجموع الفتاوي وطبعت محققة.
10 - المناظرة في العقيدة الواسطية: ألفها في محاكمة الأشاعرة له بسبب الواسطية وهي في الجزء الثالث من مجموع الفتاوي.
11 - الاستقامة: كتبة نقضاً لكتاب القشيري الصوفي الأشعري وبين فيه أن عقيدة أئمة السلوك المعتبرين هي مذهب السلف وأن بداية الانحراف في العقيدة عند المنتسبين للتصوف فبالجملة إنما جاءت متأخرة في أوائل القرن الخامس حين انتشر مذهب الأشعري.
ولتلميذه ابن القيم رحمه الله -في الرد على الأشاعرة كتب منها:-
(1) مختصر الصواعق المرسلة فيه أصولهم ومنها موقفهم من النصوص.
(2) شفاء العليل: معظمه عنهم.
(3) العقيدة النونية: معظمها عنهم.
(4) اجتماع الجيوش الإسلامية: كله رد على مذهبهم خصوصاً
في نفي العلو. هذا ولم يصدر من شيخ الإسلام مدح مطلق للأشاعرة أبداً. وإنما غاية مدحه لهم (كما في ج12 من الفتاوى) أن يصفهم بأنهم أقرب من غيرهم وأن مذهبهم مركب من الوحي والفلسفة أو يمدح المشتغلين منهم بالحديث لا لكونهم أشاعرة ولكن لاشتغالهم بالسنة مع سؤال المغفرة لهم فيما وافقوا فيه متكلمي مذهبهم. لكن هذا أقل بكثير من المواضع التي صرح فيها بتبديعهم وتضليلهم وفساد منهجهم فهي أكثر من أن تحصر. كما أنه حدد -رحمه الله- متى يعد المنتسب إلى الأشعري من أهل السنة فقال:
"أما من قال بكتاب الإبانة الذي صنفه الأشعري في آخر عمره ولم يظهر مقالة تناقض ذلك فهذا يعد من أهل السنة، لكن مجرد الانتساب إلى الأشعري بدعة لاسيما لأنه بذلك يوهم حسنا لكل من انتسب هذه النسبة وينفتح بذلك أبواب شر (4) " ... أي أن من كان على عقيدة السلف منهم لا ينبغي له الانتساب للأشعري لأنه بدعة ومذمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر أيضاً ص 156 من الجزء نفسه وهذا الكلام المنقول من ص 158 لا بد أن الصابوني قرأه لأنه استشهد بكلام بعده في ص 167 من الفتوى.
(2) قائلها هو أبو محمد الجويني والد أبي المعالي (توفي 440) وقد رجع آخر عمره إلى عقيدة السلف وشهد له بذلك شيخ الإسلام في مواضع، وكتب في توبته النصحية المطبوعة مع المجموعة المنبرية، وطبعها المكتب الإسلامي معزوة إلى ابن شيخ الحزاميين وهو الخطأ، ومناسبة فتواه هذه هي صدور مراسيم سلطانية بلعن أصحاب البدع -ومنهم الأشاعرة- على المنابر، انظر المنتظم لابن الجوزي حوادث سنة 433 وما بعدها.
(3) وهي أول رسالة في المجلد الخامس من الفتاوي الكبرى (الطبعة الطويلة) وهي تشمل الجزء الخامس كله من الطبعة التي قدم لها مخلوف، وسمعت أنها تحقق بجامعة الإمام وهي جديرة بالعناية.
(4) مجموع الفتاوى: 6/ 359.
الفهرس
--------------------------------------------------------------------------------
معنى مصطلح أهل السنة ودخول الأشاعرة فيه أو عدمه
ثانيا: أحسن الشيخ في مطالبة الصابوني بأي دليل صحيح على مسألة تكفير الأشاعرة، ويضاف إلى كرم فضيلته: إن الحاصل فعلاً هو العكس فالأشاعرة هم الذين كفروا وما يزالون يُكفرون أتباع السلف بل كفروا كل من قال أن الله تعالى موصوف بالعلو كما -سيأتي هنا- وحسبك تكفيرهم واضطهادهم لشيخ الإسلام وهو ما لم يفعله أه السنة بعالم أشعري قط. وقد سطر -رحمه الله- بعض أجورهم عليه في أول التسعينية وصرح به كل من كتب عن سيرته.
ولولا الإطالة لأوردت بعض ما تصرح به كتب عقيدتهم من اتهامه بالزندقة والكفر والضلال. ومن الأمثلة المعاصرة كتب الكوثري ومقالاته وكتاب (براءة الأشعريين) نقل لنا عن بعض أهل العلم أن صاحبه هو عبد الفتاح أبو غدة وكتاب "ابن تيمية ليس سلفياً" وبعض ما ورد في كتاب "أركان الإيمان (5) ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/94)
فيا عجباً لهؤلاء القوم يكفرونه ثم يدعون أنهم وإياه على مذهب واحد ويشملهم جميعاً اسم "السنة والجماعة"!! وإذا كانت كتب الأشاعرة تتبرأ من "الحشوية والمجسمة والنابتة" وغير ذلك مما يلقبون به أهل السنة والجماعة فكيف يكونون وهم سواء!!
ثالثاً: كان بودي أن يفصل الشيخ معنى مصطلح أهل السنة ودخول الأشاعرة فيه أو عدمه وهي التي يدندن حولها الصابوني، وأنا أوجز جداً فأقول:
إن مصطلح أهل السنة والجماعة يطلق ويراد به معنيان:
(أ) المعنى الأعم: وهو ما يقابل الشيعة فيقال: المنتسبون للإسلام قسمان: أهل السنة والشيعة، مقلما عنون شيخ الإسلام كتابه في الرد على الرافضي "منهاج السنة" وفيه بين هذين المعنيين (6) وصرح أن ما ذهبت إليه الطوائف المبتدعة من أخل السنة بالمعنى الأخص.
وهذا المعنى يدخل فيه كل من سوى الشيعة كالأشاعرة. لاسيما والأشاعرة فيما يتعلق بموضوع الصحابة والخلفاء متفقون مع أهل السنة وهي نقطة الاتفاق المنهجية الوحيدة كما سيأتي.
(ب) المعنى الأخص: وهو ما يقابل المبتدعة وأهل الأهواء وهو الأكثر استعمالا كتب الجرح والتعديل فإذا قالوا عن الرجل أنه صاحب سنة أو كان سنياً أو من أهل السنة ونحوها فالمراد أنه ليس من إحدى الطوائف البدعية كالخوارج والمعتزلة والشيعة وليس صاحب كلام وهوى.
وهذا المعنى لا يدخل فيه الأشاعرة أبدا بل هم خارجون عنه وقد نص الإمام أحمد وابن المديني على أن من خاض في شيء من علم الكلام لا يعتبر من أهل السنة وإن أصاب بكلامه السنة حتى يدع الجدل ويسلم للنصوص، فلم يشترطوا موافقة السنة فحسب بل التلقي والاستمداد منها (7) فمن تلقى من السنة ولم يوافقوا في النتائج فكيف يكونوا من أهلها.
وسنأتي بحكمهم عند أئمة المذاهب الأربعة من الفقهاء فما بالك بأئمة الجرح والتعديل من أصحاب الحديث:-
1 - عند المالكية:
روى حافظ المغرب وعلمها الفذ ابن عبد البر بسند عن فقيه المالكية بالمشرق ابن خويز منداذ "أنه قال في كتاب الشهادات شرحاً لقول مالك لا تجوز شهادة أهل البدع والأهواء، وقال:
"أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع أشعريا كان أو غير أشعري ولا تقبل له شهادة في الإسلام أبداً ويهجر ويؤدب على بدعته فإن تمادي عليها استتيب منها. (8)
وروي ابن عبد البر نفسه في "الانتقاء" عن الأئمة الثلاثة "مالك وأبي حنيفة والشافعي نهيهم عن الكلام وزجر أصحابه وتبديعهم وتعزيزهم ومثله ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية فماذا يكون الأشاعرة إن لم يكونوا أصحاب كلام؟
2 - عند الشافعية:
قال الإمام أبو العباس بن سريج الملقب بالشافعي الثاني وقد كان معاصراً للأشعري: لا نقول بتأويل المعتزلة والأشعرية والجهمية والملحدة والمجسمة والمشبهة والكرامية والمكيفة بل نقلبها بلا تأويل ونؤمن بها بلا تمثيل. (9) "
قال الإمام أبو الحسن الكرجي من علماء القرن الخامس الشافعية ما نصه: "لم يزل الأئمة الشافعية يأنفون ويستنكفون أن ينسبوا إلى الأشعري ويتبرءون مما بنى الأشعري مذهبه عليه وينهون أصحابهم وأحبابهم عن الحوم حواليه على ما سمعت من عدة من المشايخ والأئمة، وضرب مثالاً بشيخ الشافعية في عصره الإمام أبو حامد الاسفرائيني الملقب "الشافعي الثالث" قائلاً: "ومعلوم شدة الشيخ على أصحاب الكلام حتى ميز أصول فقه الشافعي من أصول الشعري، وعلق عنه أبو بكر الراذقاني وهو عندي، وبه اقتدى الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في كتابيه اللمع والتبصرة حتى لو وافق قول الأشعري وجهاً لأصحابنا ميزةً وقال: "هو قول بعض أصحابنا وبه قالت الأشعرية ولم يعدهم من أصحاب الشافعي، استنكفوا منهم ومن مذهبهم في أصول الفقه فضلاً عن أصول الدين" (10) أ. هـ.
وبنحو قوله بل أشد منه قال شيخ الإسلام آلهروي الأنصاري. (11)
3 - الحنفية:
معلوم أن واضع الطحاوية وشارحها كلاهما حنفيان، وكان الإمام الطحاوي معاصراً للأشعري وكتب هذه العقيدة لبيان معتقد الإمام أبي حنيفة وأصحابه وهي مشابهة لما في الفقه الأكبر عنه وقد نقلوا عن الإمام أنه صرح بكفر من قال إن الله ليس على العرش أو توقف فيه وتلميذه أبو يوسف كفر بشراً المريسي، ومعلوم أن الأشاعرة ينفون العلو وينكرون كونه تعالى على العرش ومعلوم أيضا أن أصولهم مستمدة من بشر المريسي (12)!!.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/95)
4 - الحنابلة:
موقف الحنابلة من الأشاعرة أشهر من أن يذكر فمنذ بدّع الإمام أحمد "ابن كلاب" وأمر بهجره -وهو المؤسس الحقيقي للمذهب الأشعري- لم يزل الحنابلة معهم في معركة طويلة، وحتى في أيام دولة نظام الملك -التي استطالوا فيها- وبعدها كان الحنابلة يخرجون من بغداد كل واعظ يخلط قصصه بشيء من مذهب الأشاعرة.
ولم يكن ابن القشيري إلا واحداً ممن تعرض لذلك، وبسبب انتشار
مذهبهم وإجماع علماء الدولة سيما الحنابلة على محاربته ادر الخليفة القادر منشور "الاعتقاد القادري" أوضح فيه العقيدة الواجب على الأمة اعتقادها سنة 433هـ (14).
وكذلك يفعل أتباعهم في عصرنا هذا بمليء خطبهم الحماسية أو مواعظهم وقصصهم وما يسمونه بالكتب الفكرية لثقة قرائهم -من الشباب المتحمس- العمياء بهم ولجهل أكثر هؤلاء الشباب بعقيدتهم الصحيحة التي كان عليها سلفهم الصالح من تبعهم بإحسان.
هذا وليس ذم الأشاعرة وتبديعهم خاصة بأئمة المذاهب المعتبرين بل هو منقول أيضا عن أئمة السلوك الذين كانوا أقرب إلى السنة واتباع السلف، فقد نقل شيخ الإسلام في الاستقامة كثيراً من أقوالهم في ذلك وإنهم يعتبرون موافقة عقيدة الأشعرية منافياً لسلوك طريق الولاية والاستقامة حتى أن عبد القادر الجيلاني لما سئل "هل كان لله ولي على غير اعتقاد أحمد بن حنبل؟. قال: ما كان ولا يكون (15) ".
هذا موجز مختصر جداً لحكم الأشاعرة في المذاهب الأربعة فما ظنك بحكم رجال الجرح والتعديل مما يعلم أن مذهب الأشاعرة هو رد خبر الآحاد جملة وأن في الصحيحين أحاديث موضوعة أدخلها الزنادقة .. وغيرها من العوام وانظر إن شئت ترجمة إمامهم المتأخر الفخر الرازي فيا لميزان ولسان الميزان.
فالحكم الصحيح في الأشاعرة أنهم من أهل القبلة لا شك في ذلك أما أنهم من أهل السنة فلا وسيأتي تفصيل ذلك في الموضوعات التالية:
وها هنا حقيقة كبرى أثبتها علماء الأشعرية الكبار بأنفسهم -كالجويني وابن أبي المعالي والرازي والغزالي وغيرهم- وهي حقيقة إعلان حيرتهم وتوبتهم ورجوعهم إلى مذهب السلف، وكتب الأشعرية المتعصبة مثل طبقات الشافعية أوردت ذلك في تراجمهم أو بعضه فما دلالة ذلك؟.
إذا كانوا من أصلهم على عقيدة أهل السنة والجماعة فعن أي شيء رجعوا؟ ولماذا رجعوا؟. وإلى أي عقيدة رجعوا؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
5 - وانظر عن القدامى: الرد الوافر على من زعم أن ابن تيمية شيخ الإسلام كافر، وكتاب الحصني: دفع شبهة من شبه وتمرد. ولعلم فبعض هذه الكتب المعاصرة باسم مستعار، وممن اعترف بموقفهم من شيخ الإسلام الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه ابن تيمية ص 56 ومن ذلك قول صاحب حواشي على شرح الكبرى للسنوسي قوله: "ابن تيمية .. أي الحنبلي المشهور زنديق وبغضه للدين وأهله لا يخفي" ص 62. وانظر في كتاب وهبي غاوجي أركان الإيمان ص 297 - 299.
6 - ج 2 ص163 تحقيق محمد رشاد سالم.
7 - أنظر شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة. اللالكائي، تحقيق الأخ أحمد بن سعد بن حمدان: (1/ 157، 165).
8 - جامع بيان العلم وفضله 2/ 117 تحقيق عثمان محمد عثمان، وهو 2/ 96 من الطبعة المنبرية.
9 - توفي ابن سريج سنة 306: انظر تاريخ بغداد 4/ 290 وسير أعلام النبلاء 14/ 201 والظاهر أنه توفي قبل رجوع الأشعري لمذهب السلف، والأشعري توفي 324 أو 330 على قولين. وانظر عقيدة ابن سريج في اجتماع الجيوش الإسلامية ص 62.
10 - التسعينية: 238 - 239 وانظر شرح الأصفهاني: 31 من ج5 من الفتاوى الكبرى نفسها وانظر عن الكرجي وعقيدته: اجتماع الجيوش الإسلامية ومختصر العلو وله ترجمة في طبقات الشافعية لابن السبكي وطبقات الشافعية لابن كثير (مخطوط).
11 - يلاحظ أن كلا من الشافعية والحنابلة يدعي الهروي لمذهبهم ورجح شيخ الإسلام أنه يأخذ من كليهما ويتبع الأثر. انظر (شيخ الإسلام عبد الله الهروي ص 96) وقوله فيهم نقله في التسعينية: 277 عن كتاب ذم الكلام "وهو يحقق بجامعة الإمام كما قرأت. وانظر أيضا عن موقف الشافعية درء التعارض 2/ 106.
12 - انظر عبر ما ذكر سير أعلام النبلاء ترجمة بشر 10/ 200 - 201 والحموية: ص14 - 15 طبعة قصي الخطيب.
13 - أنظر المنتظم لابن الجوزي أحداث سنة: 433، 469، 475 وغيرها ج 8و ج9.
14 - ص 81 - 89 و 105 - 109.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/96)
15 - ومنها شرح الباجوري -أو البيجوري- على الجوهرة 1:82 طبعة محمد علي صبيح.
الفهرس
--------------------------------------------------------------------------------
موقف ابن حجر من الأشاعرة
رابعاً: دعوى الأشاعرة أن أكثر أئمة المسلمين مذهبهم دعوى عارية عن الدليل يكذبها الواقع التاريخي، وكتب الأشاعرة نفسها عند تعريف مذهبي السلف والخلف تقول إن مذهب السلف هو مذهب القرون الثلاثة وبعضها يقول إنه مذهب القرون الخمسة (15) فما بقي بعد هذه القرون؟
وصدقوا فالثابت تاريخياً أن مذهب الأشاعرة لم ينتشر إلا في القرن الخامس إثر انتشار كتب الباقلاني (16).
ولولا ضيق المجال لسردت قائمة متوازية أذكر فيها كبار الأشاعرة ومن عاصرهم من كبار أهل السنة والجماعة الذين يفوقون أولئك عدداً وعلماً وفضلاً، وحسبك ما جمعه ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية والذهبي في العلو وقبلهما اللالكائي.
أما عوام المسلمين فالأصل فيهم أنهم على عقيدة السلف لأنها الفطرة التي يولد عليها الإنسان وينشأ عليها المسلم بلا تلقين ولا تعليم (من حيث الأصل) فكل من لم يلقنه المبتدعين بدعتهم ويدرسوه كتبهم فليس من حق أي فرقة أن تدعيه إلا أهل السنة والجماعة.
ومن الأدلة على ذلك الإنسان الذي يدخل في الإسلام حديثاً، فهل تستطيع أي فرقة أن تقول أنه معتزلي أو اشعري؟ أما نحن فبمجرد إسلامه يصبح واحداً منا.
وإن شئت المثال على عقيدة العوام فاسأل الملايين من المسلمين شرقاً وغرباً هل فيهم من يعتقد أن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته كما تقول الأشاعرة.
أم أنهم كلهم مفطورون على أنه تعالى فوق المخلوقات، وهذه الفطرة تظل ثابتة في قلوبهم حتى وإن وجدوا من يلقنهم في أذهانهم تلك المقولة الموروثة عن فلاسفة اليونان (17).
وقس على هذا نظرية الكسب والكلام النفسي ونفي التأثير وأشباهها مما سترى في عقائد الأشاعرة على الموضوع الذي يجب التنبه غليه هو التفريق بين متكلمي الأشاعرة كالرازي والآمدي والشهرستاني والبغدادي والإيجي ونحوهم وبين من تأثير بمذهبهم عن حسن نية واجتهاد أو متابعة خاطئة أو جهل بعلم الكلام أو لاعتقاد أنه لا تعارض بين ما أخذ منهم وبين النصوص ومن هذا القسم أكثر الأفاضل الذي يحتج بذكرهم الصابوني وغيره وعلى رأسهم الحافظ ابن حجر -رحمه الله-.
ولست أشك أن الموضوع يحتاج لبسط وإيضاح ومع هذا فإنني أقدم للقراء لمحة موجزة عن موقف ابن حجر من الأشاعرة:
ومن المعلوم أن إمام الأشعرية المتأخر الذي ضبط المذهب وقعَد أصوله هو الفخر الرازي (ت 606 هـ) فنشر فكره في الشام ومصر واستوفيا بعض القضايا في المذهب (وفكر هؤلاء الثلاثة هو الذي كان الموضوع الرئيسي في كتاب درء التعارض) وأعقبهم الأيجي صاحب المواقف (الذي كان معاصراً لشيخ الإسلام ابن تيمية) فألف "المواقف" الذي هو تقنين وتنظيم لفكر الرازي ومدرسته وهذا الكتاب هو عمدة المذهب قديماً وحديثاً.
وقد ترجم الحافظ الذهبي -رحمه الله- في الميزان وغيره للرازي والآمدي بما هما أهله، ثم جاء ابن السبكي -ذلك الأشعري المتعصب- فتعقبه وعنف عليه ظلماً. ثم جاء ابن حجر -رحمه الله- فألف لسان الميزان فترجم لهما بطبيعة الحال -ناقلاً كلام ابن السبكي ونقده للذهبي (18) - ولم يكن بخاف عليه مكانتهما وإمامتهما في المذهب كما ذكر طرفاً من شنائع الآرموي ضمن ترجمة الرازي.
فإذا كان موقف ابن حجر لأن موقفه هو الذي يحدد انتماءه لفكر هؤلاء القوم أو عدمه؟ إن الذين يقرأ ترجمتيهما في اللسان لا يمكن أن يقول إن ابن حجر على مذهبهما أبداً كيف وقد أورد نقولا كثيرة موثقة عن ضلالهما وشنائعهما التي لا يقرها أي مسلم فضلاً عمن هو في علم الحافظ وفضله؟
على أنه قال في آخر ترجمة الرازي "أوصى بوصية تدل على أنه حسّن اعتقاده".
وهذه العبارة التي قد يفهم منها أنها متعاطفة مع الرازي ضد مهاجميه هي شاهد لما نقول نحن هنا فإن وصية الرازي التي نقلها ابن السبكي نفسه صريحة في رجوعه إلى مذهب السلف.
فبعد هذا نسأل:
أكان ابن حجر يعتقد أن يؤيد عقيدة الرازي التي في كتبه أم عقيدته التي في وصيته؟
الإجابة واضحة من عبارته نفسها.
هذه واحدة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/97)
والأخرى: أن الحافظ في الفتح قد نقد الأشاعرة باسمهم الصريح وخالفهم فيما هو من خصائص مذهبهم فمثلا خالفهم في الإيمان، وإن كان تقريره لمذهب السلف فيه يحتاج لتحرير. ونقدهم في مسألة المعرفة وأول واجب على المكلف في أول كتابه وآخره (19).
كما أنه نقد شيخهم في التأويل "ابن فورك" في تأويلاته التي نقلها عنه في شرح كتاب التوحيد في الفتح وذم التأويل والمنطق مرجحاً منهج الثلاثة القرون الأولى كما أنه يخالفهم في الاحتجاج بحديث الآحاد في العقيدة (20) وغيرها من الأمور التي لا مجال لتفصيلها هنا.
والذي أراه أن الحافظ -رحمه الله- أقرب شيء غلى عقيدة مفوضة الحنابلة كأبي يعلى ونحوه ممن ذكرهم شيخ الإسلام في درء تعارض العقل والنقل (21) ووصفهم بمحبة الآثار والتمسك بها لكنهم وافقوا بعض أصول المتكلمين وتابعوهم ظانين صحتها عن حسن نية.
ولو قيل أن الحافظ -رحمه الله- كان متذبذباً في عقيدته لكان ذلك اقرب إلى الصواب كما يدل عليه شرحه لكتاب التوحيد. والله أعلم.
وقد كان من الحنابلة من ذهب إلى أبعد من هذا كابن الجوزي وابن عقيل وابن الزاغوني. ومع ذلك فهؤلاء كانوا أعداء الداء للأشاعرة، ولا يجوز بحال أن يعتبروا أشاعرة فما بالك بأولئك.
والظاهر أن سبب هذا الاشتباه في نسبة بعض العلماء للشاعرة أو أهل السنة والجماعة هو أن الأشاعرة فرقة كرمية انشقت عن أصلها "المعتزلة" ووافقت السلف في بعض القضايا وتأثرت بمنهج الوحي، في حين أن بعض من هم على مذهب أهل السنة والجماعة في الأصل تأثروا بسبب من الأسباب بأهل الكلام في بعض القضايا وخالفوا فيها مذهب السلف.
فإذا نظر الناظر إلى المواضع التي يتفق فيها هؤلاء وهؤلاء ظن أن الطائفتين على مذهب واحد. فهذا التدخل بينهما هو مصدر اللبس.
وكثير ما تجد في كتب الجرح والتعديل -ومنها لسان الميزان للحافظ ابن حجر العسقلاني -قولهم عن الرجل- أنه وافق المعتزلة في أشياء من مصنفاته أو وافق الخوارج في بعض أقوالهم وهكذا ومع هذا لا يعتبرونه معتزليا أو خارجياً، وهذا المنهج إذا طبقناه على الحافظ وعلى النووي وأمثالهما لم يصح اعتبارهم أشاعرة وإنما يقال وافقوا الأشاعرة في أشياء، مع ضرورة بيان هذه الأشياء واستدراكها عليهم حتى يمكن الاستفادة من كتبهم بلا توجس في موضوعات العقيدة (22).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
15 - ومنها شرح الباجوري -أو البيجوري- على الجوهرة 1:82 طبعة محمد علي صبيح.
16 - انظر الاستقامة: 105 وتبين كذب المفتري لابن عساكر ص 410 بتحقيق الكوثري.
17 - بل إن متكلمي الأشاعرة الذين ينفون العلو بكل جرأة ويستندون غلى شبهات كثيرة، تجد في خبايا كلامهم إقرارا به دون أن يشعروا. لأن مغالبة الفطرة من أصعب الأمور. فالرازي مثلاً -مع إنكاره الشديد للعلو في (التأسيس والتفسير) قال في التفسير إن الله (خسف بقارون فجعل الأرض فوقه ورفع محمداً صلى الله عليه وسلم فجعله قاب قوسين تحته) 1/ 248. ط. بيروت. والرفع يدل على علو الله.
18 - ترجمة الرازي: 4/ 426 والآمدي: 6/ 134.
19 - أنظر فتح الباري: 1/ 46، 3/ 357 - 361، 13/ 347 - 350.
20 - أنظر فتح الباري: 1/ 46، 3/ 357 - 361، 13/ 347 - 350.
21 - المصدر السابق: 13/ 253، 259، 407 وغيرها كثير.
22 - وقد رأينا في واقعنا المعاصر علماء فضلاء وافقوا الاشتراكيين أو الديموقراطيين أو القوميين في أشياء للأسباب نفسها. ولم يعدهم أحد اشتراكيين أو قوميين.
الفهرس
--------------------------------------------------------------------------------
الأصول المنهجية في مذهبهم
خامساً: قال فضيلة الشيخ الفوزان عن الأشاعرة: "نعم هم من أخل السنة والجماعة في بقية أبواب الإيمان والعقيدة وليسوا منهم في باب الصفات".
وهذا سبق قلم من فضيلته ومثل هذه الدعوى هي التي يهش لها الأشاعرة المعاصرون يروجونها، لأنه إذا كان الفارق هو الصفات فقط قالوا إن الخلاف فيها أصله الاجتهاد والكل متفقون على التنزيه فكأنه ى خلاف إذاً ... وربما قالوا نحن مستعدون أن نثبت لله يداً وعيناً وسائر الصفات في سبيل توحيد الصف ووحدة الكلمة!!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/98)
وليكن معلوما أن ابتداء أمر الأشاعرة أنهم توسلوا إلى أهل السنة أن يكفوا عن هجرهم وتبديعهم وتضليلهم وقالوا: نحن معكم ندافع عن الدين وننازل الملحدين (23)، فاغتر بهذا بعض علماء أهل السنة وسكتوا عنهم فتمكن الأشاعرة في الأمة ثم في النهاية استطاعوا على أولئك واستأثروا بهذا الاسم دون أهله، وأصبحوا هم يضللوا أهل السنة ويضطهدونهم ويلقبونهم بأشنع الألقاب. فحتى لا تتكرر هذه المشكلة وإحقاقا للحق رأيت من واجبي أن اسهم بتفصيل مذهب الأشاعرة في كل أبواب العقيدة ليتضح أنهم على منهج فكري مستقل في كل الأبواب والأصول، ويختلفون مع أهل السنة والجماعة من أول مصدر التلقي حتى آخر السمعيات ما عدا قضية واحدة فقط.
وإليك هذه الأصول المنهجية في مذهبهم. موجزة وميسرة ما أمكن -عدا أقوالهم في الصفات وعدا الفرعيات التي لا تدخل تحت حصر -مع التنبيه مقدما إلى ما بينها متناقض لا يخفى على القارئ الفطن:
الأول: مصدر التلقي:
(أ) مصدر التلقي عند الأشاعرة هو العقل وقد صرح الجويني والرازي والبغدادي والغزالي والآمدي والإيجي وابن فورك والسنوي وسراج الجوهرة وسائر أئمتهم بتقديم العقل على النقل عند التعارض، وعلى هذا يرى المعاصرون منهم، ومن هؤلاء السابقين من صرح بأن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة اصل من أصول الكفر وبعضهم خففها فقال هو اصل الضلالة!!.
ولضرورة الاختصار أكتفي بمثالين مع الإحالة إلى ما في الحاشية لمن أراد المزيد:
الأول: وضع الرازي في أساس التقديس القانون الكلي للمذهب في ذلك فقال: "الفصل الثاني والثلاثون في أن البراهين العقلية إذا صارت معارضة بالظواهر النقلية فكيف الحال فيها؟
أعلم أن الدلائل القطعية العقلية إذا قامت على ثبوت شيء ثم وجدنا أدلة نقلية يشعر ظاهرها بخلاف ذلك فهناك لا يخلو الحال من أحد أمور أربعة:
(1) إما أن يصدق مقتضى العقل والنقل فيلزم تصديق النقيضين وهو محال.
(2) وإما أن يبطل فيلزم تكذيب النقيضين وهو محال.
(3) وإما أن يصدق الظواهر النقلية ويكذب الظواهر العقلية وذلك باطل.
لأنه لا يمكننا أن نعرف صحة الظواهر النقلية إلا إذا عرفنا بالدلائل العقلية إثبات الصانع وصفاته وكيفية دلالة المعجزة على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وظهور المعجزات على محمد صلى الله عليه وسلم.
ولو جوزنا القدح في الدلائل العقلية القطعية صار العقل متهما غير مقبول القول. ولو كان كذلك لخرج أن يكون مقبول القول في هذه الأصول وإذا لم تثبت هذه الأصول خرجت الدلائل النقلية عن كونها مفيدة.
فثبت أن القدح في العقل لتصحيح النقل يفضي إلى القدح في العقل والنقل معا وأنه باطل.
ولما بطلت الأقسام الأربعة لم يبق إلا أن يقطع بمقتضى الدلائل العقلية - القاطعة بان هذه الدلائل النقلية إما أن يقال أنها غير صحيحة (24). أو يقال إنها صحيحة إلا أن المراد منها غير ظواهرها.
ثم إن جوزنا التأويل اشتغلنا على سبيل التبرع (25) بذكر تلك التأويلات على التفصيل. وإن لم يجز التأويل فوضنا العلم بها إلى الله تعالى. فهذا هو القانون الكلي المرجوع إليه في جميع المتشابهات وبالله التوفيق" أهـ.
الثاني: يقول السنوسي (ت 885) في شرح الكبرى:
"وأما من زعم أن الطريق بدا إلى معرفة الحق الكتاب والسنة ويحرم ما سواهما فالرج عليه أن حجتيهما لا تعرف إلا بالنظر العقلي، وأيضاً فقد وقعت فيها ظواهر من اعتقدها على ظاهرها كفر عند جماعة وابتدع".
ويقول: "أصول الكفر ستة .. " ذكر خمسة ثم قال:
"سادسا: التمسك في أصول العقائد بمجرد ظواهر الكتاب والسنة من غير عرضها على البراهين العقلية والقواطع الشعرية".
(ب) صرح متكلموهم ومنهم من سبق في فقرة "أ" أن نصوص الكتاب والسنة ظنية الدلالة ولا تفيد اليقين إلا إذا سلمت من عشر عوارض منها: الأضمار والتخصيص والنقل والاشتراك والمجاز .. الخ. وسلمت بعد هذا من المعارض العقلي بل قالوا: من احتمال المعارض العقائد!! .
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/99)
(ج) موقفهم من السنة خاصة أنه لا يثبت بها عقيدة بل المتواتر منها يجب تأويله وآحادها لا يجب الاشتغال بها حتى على سبيل التأويل، حتى إن إمامهم الرازي قطع بأن رواية الصحابة كلهم مظنونة بالنسبة لعدالتهم وحفظهم سواء، وإنه في الصحيحين أحاديث وضعها الزنادقة .. إلى آخر مالا استجير نقله لغير المختصين، وهو في كتابه أساس التقديس والأربعين.
(د) تقرا في كتب عقيدتهم قديمها وحديثها المائة صفحة أو أكثر فلا تجد فيها آية ولا حديثاً لكنك قد تجد في كل فقرة "قال الحكماء" أو "قال المعلم الأول" أو "قالت الفلاسفة" ونحوها ..
(هـ) مذهب طائفة منهم وهو صوفيتهم كالغزالي والحامي -في مصدر التلقي هو تقديم الكشف والذوق على النص وتأويل النص ليوافقه وقد يصححون بعض الأحاديث ويضعفونها حسب هذا الذوق كحديث إسلام أبوي النبي صلى الله عليه وسلم ودخولهما الجنة بزعمهم. ويسمون هذا "العلم اللدني" جرياً على قاعدة الصوفية "حدثني قلبي عن ربي" (26).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
23 - أنظر سير أعلام النبلاء: 15/ 90، مقابلة الشعري لإمام السنة في عصره "البريهاري" أنظر ترجمته في طبقات الحنابلة ورسالته القيمة في السنة، التي ساقها صاحب الطبقات.
24 - يلاحظ أن الدلائل النقلية تشمل نصوص الكتاب والسنة معا فكيف يقال أنها غير صحيحة دون تفريق بينهما، مع أن مجرد إطلاقها على السنة وحدها في غاية الخطورة.
25 - هل وصلت قيمة نصوص الوحي إلى حد أن الاشتغال بتأويلها -الذي هو تحريف لها يعتبر تبرعاً إحساناً؟!
26 - انظر عن مصدر التلقي عندهم: درء تعارض العقل والنقل فهو كله رد عليهم وقد استفتحه بذكر قانونهم الكلي في التعارض، أساس التقديس للرازي: 168 - 173، الشامل للجويني: 561، الإرشاد له: 359 - 360، شرح الكبرى للسنوسي: 502 المواقف للإيجي: 39 - 40، مختصر الصواعق 33،258، مشكل الحديث لابن فورك: مقدمته وخاتمته.
الفهرس
--------------------------------------------------------------------------------
إثبات وجود الله
الثاني: إثبات وجود الله:
ومعلوم أن مذهب السلف هو أن وجوده تعالى أمر فطري معلوم بالضرورة والأدلة عليه في الكون والنفس والآثار والآفاق والوحي أجل من الحصر، ففي كل شيء له آية وعليه دليل.
أما الأشاعرة فعندهم دليل يتيم هو دليل "الحدوث والقدم" وهو الاستدلال على وجود الله بأن الكون حادث وكل حادث فلا بد من محدث قديم، وأخص صفات هذا القديم مخالفته للحوادث وعدم حلولها فيه ومن مخالفته للحوادث إثبات أنه ليس جوهراً ولا عرضاً ولا جسماً ولا في جهة ولا مكان .. الخ ثم أطالوا جدا في تقرير هذه القضايا هذا وقد رتبوا عليه من الأصول الفاسدة ما لا يدخل تحت العد مثل إنكارهم لكثير من الصفات كالرضا والغضب والاستواء بشبهة نفي حلول الحوادث في القديم ونفي الجوهرية والعرضية والجهة والجسمية ... إلى آخر المصطلحات البدعية التي جعلوا نفيها أصولاً وأنفقوا الأعمال والمداد في شرحها ونفيها أصولاً وأنفقوا الأعمار والمداد في شرحها ونفيها. ولو أنهم قالوا الكون مخلوق وكل مخلوق لابد له من خالق لكان أيسر وأخصر مع أنه ليس الدليل الوحيد ولكنهم تعمدوا موافقة الفلاسفة حتى في ألفاظهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
27 - أنظر الأبواب الأولى من أي كتاب في عقيدتهم، ومجموع الفتاوى: 2/ 7 - 23 وأول شرح الاصبهانية: ويلاحظ أن تعمدهم استخدام كلمة (حادث) سببه أنهم لو قالوا (مخلوق) لألزمهم الفلاسفة بأن هذا هو موضوع النزاع لولا يستدل بالدعوى على نفسها في نظرهم، ومع هذا فالفلاسفة يقولون الكون قديم ولا نسلم أنه حادث، فالأشاعرة كما قال شيخ الإسلام (لا للإسلام نصروا ولا للفلاسفة كسروا).
الفهرس
--------------------------------------------------------------------------------
التوحيد
الثالث: التوحيد:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/100)
التوحيد عند أهل السنة والجماعة معروف بأقسامه الثلاثة وهو عندهم أول واجب على المكلف، أما الأشاعرة قدماؤهم ومعاصروهم فالتوحيد عندهم هو نفي التثنية أو التعدد ونفي التبعيض والتركيب والتجزئة أي حسب تعبيرهم "نفي الكمية المتصلة والكمية المنفصلة" ومن هذا المعنى فسروا الإله بأنه الخالق أو القادر على الاختراع وأنكروا بعض الصفات كالوجه واليد والعين لأنها تدل على التركيب والأجزاء عندهم.
أما التوحيد الحقيقي وما يقابله من الشرك ومعرفته والتحذير منه فلا ذكر له في كتب عقيدتهم إطلاقا ولا ادري أين يضعونه أفي كتب الفروع؟ فليس فيها أم يتركونه بالمرة فهذا الذي أجزم به.
أما أول واجب عند الأشاعرة فهو النظر أو القصد إلى النظر أو أول واجب جزء من النظر أو .. إلى آخر فلسفتهم المختلف فيها وعندهم أن الإنسان إذا بلغ سن التكليف وجب عليه النظر ثم الإيمان واختلفوا فيمن مات قبل النظر أو في أثنائه. أيحكم له بالإسلام أم بالكفر؟!
وينكر الأشاعرة المعرفة الفطرية ويقولون إن من آمن بالله بغير طريق النظر فإنما هو مقلد ورجح بعضهم كفره واكتفى بعضهم بتعصيته، وهذا ما خالفهم فيه الحافظ ابن حجر -رحمه الله- ونقل أقوالاً كثيرة في الرد عليهم وإن لازم قولهم تكفير العوام بل تكفير الصدر الأول. (28)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
28 - عن الفقرة أنظر: نهاية الأقدام للشهرستاني: 90، شرح الكبرى: 304، غاية المرام للأمدي: 149، كبرى اليقينيات: 91 - 93، الله جل جلاله: سعيد حوى: 131 أركان الإيمان لوهبي غاوجي: 30 وبخصوص أول واجب والمعرفة الفطرية أنظر: درء تعارض العقل والنقل ج 7، 8، 9 كلها. الأنصاف للباقلاني: 22، الإرشاد: 3 المواقف: 32 - 33، الشامل: 120، أصول الدين للبغدادي: 254 - 255، فتح الباري 3/ 357،، 361، 13/ 347 - 358.
الفهرس
--------------------------------------------------------------------------------
الإيمان
الرابع: الإيمان:
الأشاعرة في الإيمان مرجئة جهمية أجمعت كتبهم قاطبة على أن الإيمان هو التصديق القلبي، واختلفوا في النطق بالشهادتين أيكفي عند تصديق القلب أم لا بد منه، قال صاحب الجوهرية:
وفسر الإيمان بالتصديق __________ والنطق فيها لخلف بالتحقيق
وقد رجح الشيخ حسن أيوب من المعاصرين أن المصدق بقلبه ناج عند الله وإن لم ينطق بهما ومال إليه البوطي. فعلى كلامهم لا داعي لحرص النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول عمه أبو طالب لا إله إلا الله لأنه لاشك في تصديقه له بقلبه، وهو من شابهه على مذهبهم من أهل الجنة!!
هذا وقد أولوا كل آية أو حديث ورد في زيادة الإيمان ونقصانه أو وصف بعض شعبه بأنها إيمان أو من الإيمان. (29)
ولهذا أطال شيخ الإسلام -رحمه الله- الرد عليهم بأسمائهم كالأشعري والباقلاني والجويني وشراح كتبهم وقرر انهم على مذهب جهم بعينه. وفي رسالتي فصل طويل عن هذه القضية فلا أطيل به هنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
29 - أنظر الأنصاف: 55، الإرشاد: 397، غاية المرام: 311، المواقف: 384 الإيمان لشيخ الإسلام: أكثره رد عليهم فلا حاجة لتحديد الصفحات، تبسيط العقائد الإسلامية، حسن أيوب: 29 - 33 كبرى اليقينيات: 196.
الفهرس
--------------------------------------------------------------------------------
القرآن
الخامس: القرآن:
وقد أفردت موضوعه لأهميته القصوى، وهو نموذج بارز للمنهج الأشعري القائم على التلفيق الذي يسميه الأشاعرة المعاصرون "التوفيقية" حيث انتهج التوسط بين أهل السنة والجماعة وبين المعتزلة في كثير من الأصول فتناقض واضطرب.
فمذهب أهل السنة والجماعة أن القرآن كلام الله غير مخلوق وأنه تعالى يتكلم بكلام مسموع تسمعه الملائكة وسمعه جبريل وسمعه موسى -عليه السلام- ويسمعه الخلائق يوم القيامة.
ومذهب المعتزلة أنه مخلوق.
أما مذهب الأشاعرة فمن التوفيقية -التي لم يحالفها التوفيق- بين المعنى واللفظ. فالكلام الذي يثبتونه لله تعالى هو معنى أزلي أبدي قائم بالنفس ليس بحرف ولا صوت ولا يوصف بالخبر ولا الإنشاء.
واستدلوا بالبيت المنسوب للأخطل النصراني:
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما___________ جعل اللسان على الفؤاد دليلاً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/101)
أما الكتب المنزلة ذات الترتيب والنظم والحروف ومنها القرآن -فليست هي كلامه تعالى على الحقيقة بل هي "عبارة عن كلام الله النفسي. والكلام النفسي شيء واحد في ذاته لكن إذا جاء التعبير عنه بالعبرانية فهو توراة وإن جاء بالسريانية فهو إنجيل وإن جاء بالعربية فهو قرآن، فهذه الكتب كلها مخلوقة ووصفها بأنها كلام الله مجاز لأنها تعبير عنه."
واختلفوا في القرآن خاصة فقال بعضهم: "وإن الله خلقه أولا في اللوح المحفوظ ثم أنزله في صحائف إلى السماء الدنيا" فكان جبريل يقرأ هذا الكلام المخلوق ويبلغه لمحمد صلى الله عليه وسلم. وقال آخرون: إن الله أفهم جبريل كلامه النفسي وأفهمه جبريل لمحمد صلى الله عليه وسلم فالنزول نزول إعلام وإفهام لا نزول حركة وانتقال (لأنهم ينكرون علو الله) ثم اختلفوا في الذي عبر عن الكلام النفسي بهذا اللفظ والنظم العربي من هو؟. فقال بعضهم: هو جبريل، وقال بعضهم: بل هو محمد صلى الله عليه وسلم!!.
واستدلوا بمثل قوله تعالى: "إنه لقول رسول كريم" في سورتي الحاقة والانشقاق حيث أضافه في الأولى غلى محمد صلى الله عليه وسلم وفي الأخرى إلى جبريل بأن اللفظ لأحد الرسولين "جبريل أو محمد" وقد صرح الباقلاني بالأول وتابعه الجويني.
قال شيخ الإسلام: "وفي إضافته تعالى إلى هذا الرسول تارة وإلى هذا تارة دليل على أنه إضافة بلاغ وأداء لا إضافة إحداث لشيء منه وإنشاء كما يقول بعض المبتدعة الأشعرية من أن حروفه ابتداء جبريل أو محمد مضاهاة منهم في نصف قولهم لمن قال أنه قول البشر من مشركي العرب" (30).
وعلى القول أن القرآن الذي نقرؤه في المصاحف مخلوق سار الأشاعرة المعاصرون وصرحوا، فكشفوا بذلك ما أراد شارح الجوهرة أن يستره حين قال: "يمتنع أن يقال إن القرآن مخلوق إلا في مقام التعليم" (31).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
30 - مجموع الفتاوي.
31 - عن القرآن عندهم أنظر: الأنصاف: 96 - 97 وما بعدها، الإرشاد: 128 - 137، أصول الدين: 107، المواقف 293، شرح الباجوري على الجوهرة 64 - 66، 84. متن الدردير 25 من مجموع مهمات المتون، التسعينية وقد استغرق موضوع الرد عليهم في القرآن أكثر مباحثها ومن أعظمهما وأنفسها ما ذكره في الوجه السابع والسبعين فليراجع.
الفهرس
--------------------------------------------------------------------------------
القدر
السادس: القدر:
أراد الأشاعرة هنا أن يوفقوا بين الجبرية والقدرية فجاءوا بنظرية الكسب وهي في مالها جبرية خالصة لأنها تنفي أي قدرة للعبد أو تأثير أما حقيقتها النظرية -الفلسفية فقد عجز الأشاعرة أنفسهم عن فهمها فضلا عن إفهامها لغيرهم ولهذا قيل:
مما يقال ولا حقيقة تحته ______________ معقولة تدنوا إلى الإفهام
الكسب عند الأشعري والحال ______________ عند البهشمي وطفرة النظام
ولهذا قال الرازي الذي عجز هو الآخر عن فهمها: "إن الإنسان مجبور في صورة مختار".
أما البغدادي فأراد أن يوضحها فذكر مثالا لأحد أصحابه في تفسيرها شبه فيه اقتران قدرة الله بقدرة العبد مع نسبة الكسب إلى العبد "بالحجر الكبير قد يعجز عن حمله رجل ويقدر آخر على حمله منفرداً به فإذا اجتمعا جميعا على حمله كان حصول الحمل بأقوالهما، ولا خرج أضعفهما بذلك عن كونه حاملاً"!!
وعلى مثل هذا المثال الفاسد يعتمد الجبرية وبه يتجرأ القدرية المنكرون، لأنه لو أن الأقوى من الرجلين عذب الضعيف، وعاقبه على حمل الحجر فإنه يكون ظالماً باتفاق العقلاء، لأن الضعيف لا دور له في الحمل، وهذه المشاركة الصورية لا تجعله مسؤولا عن حمل الحجر.
والإرادة عند الأشاعرة معناها "المحبة والرضا" وأولوا قوله تعالى: "ولا يرضى لعباده الكفر" بأنه لا يرضاه لعباده المؤمنين! فبقي السؤال وارداً عليهم: وهل رضيه للكفار أم فعلوه وهو لم يرده؟
ومن هذا القبيل كلامهم في الاستطاعة، والحاصل أنهم في هذا الباب خرجوا منا لمنقول والمعقول ولم يعربوا عن مذهبهم فضلا عن البراهين عليه!! (32).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
32 - الأنصاف: 45 - 46، بهوامش الكوثري، الإرشاد: 187 - 203، أصول الدين: 133، نهاية الأقدام: 77، المواقف: 311، شفاء العليل 259 - 261 وغيرها.
الفهرس
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/102)
--------------------------------------------------------------------------------
السببية وأفعال المخلوقات
السابع: السببية وأفعال المخلوقات:
ينكر الأشاعرة الربط العادي بإطلاق وأن يكون شيء يؤثر في شيء وأنكروا كل "باء سببية" في القرآن، وكفروا وبدعوا من خالفهم ومأخذهم فيها هو مأخذهم في القدر، فمثلا عندهم: من قال أن النار تحرق بطبعها أو هي علة الإحراق فهو كافر مشرك لأنه لا فاعل عندهم إلا الله مطلقا حتى أن أحد نحاة الأندلس من دولة الموحدين التومرتية الأشعرية هدم "نظرية العامل" عند النجاة مدعيا أن الفاعل هو الله!!.
قالوا إن الأسباب علاقات لا موجبات حتى أنهم يقولون: الرجل إذا كسر الزجاجة ما انكسرت بكسره وإنما انكسرت عند كسره، والنار إذا أحرقت ما تحرق ما احترق بسببها وإنما احترق عندها لا بها فالإنسان إذا أكل حتى شبع ما شبع بالأكل وإنما شبع عند الأكل.
ومن قال عندهم أن النار تحرق بقوة أودعها الله قيها فهو مبتدع ضال، قالوا أن فاعل الإحراق هو الله ولكن فعله يقع مقترنا بشيء ظاهري مخلوق، فلا ارتباط عندهم بين سبب ومسبب أصلا وإنما المسالة اقتران كاقتران الزميلين من الأصدقاء في ذهابهما وإيابهما.
ومن متونهم في العقيدة:
والفعل في التأثير ليس إلا ________ للواحد القهار جل وعلا
ومن يقل بالطبع أو بالعلة ________ فذاك كفر عند أهل الملة
ومن يقل بالقوة المودعة ________ فذاك بدعي فلا تلتفت
والغريب أن هذا هو مذهب ما يسمى المدرسة الوضعية من المفكرين الغربيين المحدثين ومن وافقهم من ملاحدة العرب، وما ذاك إلا لأن الأشاعرة والوضعيين كرهما ناقل عن الفكر الفلسفي الإغريقي. (33)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
33 - المصادر السابقة في القدر، وشرح الكبرى: 184، شرح أم البراهين: 11، 80 - 81، منظومة الدردرير 240 وقد أفردناها عن القدر لأنهم يفردونها وقد يقدمونها باعتبارها من قضايا الكفر والإيمان!! وعن المدرسة الوضعية انظر "المنطق الوضعي" زكي نجيب محمود فهو أحدهم.
الفهرس
--------------------------------------------------------------------------------
الحكمة الغائبة
الثامن: الحكمة الغائبة:
ينفي الأشاعرة قطعاً أن يكون لشيء من أفعال الله تعالى علة مشتملة على حكمة تقتضي إيجاد الفعل أو عدمه، وهذا نص كلامهم تقريباً، وهو رد فعل لقول أو عدمه، وهذا نص كرمهم تقريبا، وهو رد فعل لقول المعتزلة بالوجوب على الله حتى أنكر الأشاعرة كل لام تعليل في القرآن وقالوا أن كونه يفعل شيئا لعلة ينافي كونه مختارا مريدا. وهذا الأصل تسمية بعض كتبهم "نفي الغرض عن الله" ويعتبرونه من لوازم التنزيه، وجعلوا أفعاله تعالى كلها راجعة إلى محض المشيئة ولا تعليق لصفة أخرى -كالحكمة مثلا- بها، ورتبوا على هذا أصولا فاسدة كقولهم بجواز أن يخلد الله في النار أخلص أوليائه ويخلد في الجنة افجر الكفار، وجواز التكليف بما لا يطاق ونحوها. وسبب هذا التأصيل الباطل عدم فهمهم ألا تعارض بين المشيئة والحكمة أو المشيئة والرحمة. ولهذا لم يثبت الأشاعرة الحكمة مع الصفات السبع واكتفوا بإثبات الإرادة مع أن الحكمة تقتضي الإرادة والعلم وزيادة حتى أن من المعاصرين من أضافها مثل سعيد حوى. (34)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
34 - انظر المواقف: 331، شرح الكبرى: 322، 423، شرح أم البراهين: 36، النبوات 163 - 230، مجموع الفتاوي: 16/ 299، وقد أطال ابن القيم في رد شبه الأشاعرة في شفاء العليل: أنظر مثلا من 391 إلى 521، حيث رد عليهم من 36 وجها ومنهاج السنة: 1/ 128 الطبعة القديمة. الله جل جلاله: 90 وقد ذكر الحكمة ضمن الظواهر ولم يذكرها ضمن الصفات.
الفهرس
--------------------------------------------------------------------------------
النبوات
التاسع: النبوات:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/103)
يختلف مذهب الأشاعرة عن مذهب أهل السنة والجماعة في النبوات اختلافا بعيداً، فهم يقررون أن إرسال الرسل راجع للمشيئة المحضة -كما في الفقرة السابقة- ثم يقررون أنهلا دليل على صدق النبي إلا المعجزة لكنها لا تكون مقرونة بإدعاء النبوة والتحدي، قالوا: ولو ادعى الساحر أو الكاهن النبوة لسلبه الله معرفة السحر رأساً وإلا كان هذا إضلالا من الله وهو يمتنع عليه الإضلال .. إلى آخر ما يقررونه مما يخالف المنقول والمعقول، ولضعف مذهبهم في النبوات مع كونها من أخطر أبواب العقيدة إذ كل أمورها متوقفة على ثبوت النبوة أغروا أعداء الإسلام بالنيل منه واستطال عليهم الفلاسفة والملاحدة.
والصوفية منهم كالغزالي يفسرون الوحي تفسيرا قرمطياً فيقولون هو إنتقاش العلم الفائض من العقل الكلي في العقل الجزئي (35).
أما في موضوع العصمة فينكرون صدور الذنب عن الأنبياء ويؤولون الآيات والأحاديث الكثيرة تأويلا متعسفاً متكلفاً كالحال في تأويلات الصفات. (36)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
35 - انظر الإرشاد: 306، 356، غاية المرام 318، الرسالة اللدنية: 1:114 - 118 (من مجموعة القصور العوالي).
36 - نهاية الأقدام: 370، شرح الكبرى: 429، غاية المرام 234، المواقف 323، مجموع الفتاوى 8/ 432 - 436، التسعينية: 247.
الفهرس
--------------------------------------------------------------------------------
التحسين والتقبيح
العاشر: التحسين والتقبيح:
ينكر الأشاعرة أن يكون للعقل والفطرة أي دور في الحكم على الأشياء بالحسن والقبح ويقولون مرد ذلك إلى الشرح وحده، وهذا رد فعل مغال، لقول البراهمة والمعتزلة أن العقل يوجب الحسن وقبح القبيح، وهو مع منافاته للنصوص مكابرة للعقول، ومما يترتب عليه من الأصول الفاسدة قولهم أن الشرع قد يأتي بما هو قبيح في العقل فإلغاء دور العقل بالمرة اسلم من نسبة القبح إلى الشرع مثلا ومثلوا لذلك بذبح الحيوان فإنه إيلام له بلا ذنب وهو قبيح فيا لعقل ومع ذلك أباحه الشرع، وهذا في الحقيقة قول البراهمة الذين يحرمون أكل الحيوان فلما عجز هؤلاء عن رد شبهتهم ووافقوهم عليها أنكروا حكم العقل من أصله وتوهموا أنهم بهذا يدافعون عن الإسلام.
كما أن من أسباب ذلك مناقضة أصل من قال بوجوب الثواب والعقاب على الله بحكم العقل ومقتضاه. (37)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
37 - المصادر السابقة.
الفهرس
--------------------------------------------------------------------------------
التأويل
الحادي عشر: التأويل:
ومعناه المبتدع صرف اللفظ عن ظاهره الراجح إلى احتمال مرجوح لقرينه فهو بهذا المعنى تحريف للكلام عن مواضعه كما قرر ذلك شيخ الإسلام.
وهو أصل منهجي من أصول الأشاعرة وليس هو خاصاً بمبحث الصفات بل يشمل أكثر نصوص الإيمان خاصة ما يتعلق بإثبات زيادته ونقصانه وتسمية بعض شعبه إيماناً ونحوها وكذا بعض نصوص الوعد والوعيد وقصص الأنبياء خصوصاً موضوع العصمة، وبعض الأوامر التكليفيه أيضا.
وضرورته لمنهج عقيدتهم أصلها أنه لما تعارضت عندهم الأصول العقلية التي قرروها بعيداً عن الشرع مع النصوص الشرعية وقعوا في مأزق رد الكل أو أخذ الكل فوجدوا في التأويل مهربا عقليا من التعارض الذي اختلقته أوهامهم ولهذا قالوا إننا مضطرون للتأويل وإلا أوقعنا القرآن في التناقض. وأن الخلف لم يؤولوا عن هوى ومكابرة وإنما عن حاجة واضطرار؟ فأي تناقض في كتاب الله يا مسلمون نضطر معه إلى رد بعضه أو الإعتراف للأعداء بتناقضه؟
وقد اعترف الصابوني بأن في مذهب الأشاعرة "تأويلات غربية" فما المعيار الذي عرف بها لغريب من غير الغريب؟
وهنا لا بد من زيادة التأكيد على أن مذهب السلف لا تأويل فيه لنص من النصوص الشرعية إطلاقا ولا يوجد نص واحد -لا في الصفات ولا غيرها- اضطر السلف إلى تأويله ولله الحمد، وكل الآيات والأحاديث التي ذكرها الصابوني وغيره تحمل في نفسها ما يدل على المعنى الصحيح الذي فهمه الصلف منها والذي يدل على تنزيه الله تعالى دون أدنى حاجة إلى التأويل.
أما التأويل في كلام السلف فله معنيان:
(1) التفسير كما تجد في تفسير الطبري ونحوه "القول في تأويل هذه الآية" أي تفسيرها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/104)
(2) الحقيقة التي يصير إليها الشيء كما في قوله تعالى: "هذا تأويل رؤياي من قبل" أي تحقيقها. وقوله: "يوم يأتي تأويله". أي تحقيقه ووقوعه.
أما التأويل فله مفهوم آخر: راجع الحاشية.
وإن تعجب فاعجب لهذه اللفظة النابية التي يستعملها الأشاعرة م النصوص وهي أنها "توهم" التشبيه ولهذا وجب تأويلها فهل في كتاب الله إيهام أم أن العقول الكاسدة تتوهم والعقيدة ليست مجال توهم.
فالعيب ليس في ظاهر النصوص -عياذا بالله- ولكنه في الإفهام- بل الأوهام السقيمة. أما دعوى أن الإمام أحمد استثنى ثلاثة أحاديث وقال لا بد من تأويلها فهي قرية عليه افتراها الغزالي في (الإحياء وفيصل التفرقة) ونفاها شيخ الإسلام سندا ومتنا.
وحسب الأشاعرة في باب التأويل ما فتحوه على الإسلام من شرور بسببه فإنهم لما أولوا ما أولوا تبعتهم الباطنية واحتجت عليهم في تأويل الحلال والحرام والصلاة والصوم والحج والحشر والحساب، وما من حجة يحتج بها الأشاعرة عليهم في الأحكام والآخرة إلا احتج الباطنية عليهم بمثلها أو أقوى منها من واقع تأويلهم للصفات. وإلا فلماذا يكون تأويل الأشاعرة لعلو الله -الذي تقطع به العقول والفطر والشرائع -تنزيها وتوحيداً وتأويل الباطنية للبعث والحشر كفرا وردة؟ (38).
أليس كل منهما ردا لظواهر مع أن نصوص العلو أكثر واشهر من نصوص الحشر الجسماني؟. ولماذا يكفر الأشاعرة الباطنية ثم يشركونهم في أصل من أعظم أصولهم؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
38 - عن التأويل جملة انظر كتاب ابن فورك كاملا، والإنصاف: 56، 165، وغيرها والإرشاد: فصل كامل له، أساس التقديس: فصل كامل أيضاً. وعن الثلاثة الأحاديث انظر: أحياء علوم الدين طبعة الشعب: 1/ 179 والرد في مجموع الفتاوي 5/ 398 وانظر كذلك 6/ 397، 580 تنبيه حول التأويل: التأويل الذي يذكره الفقهاء في باب البغاة وقد يرد في بعض كتب العقيدة لاسيما في موضوع التكفير والاستحلال هو غير التأويل المذكور هنا إن كانت أكثرالكتب تسمية تأويلا وهو في الحقيقة تأويلا لأن الفعل الماضي منه "تأول".
فالتأويل هو: وضع الدليل في غير موضعه باجتهاد أو شبه تنشأ من عدم فهم دلالة النص، وقد يكون المتأول مجتهداً مخطئا فيعذر وقد يكون متعسفاً متوهماً فلا يعذر وعلى كل حال يجب الكشف عن حاله وتصحيح فهمه قبل الحكم عليه ولهذا كان من مذهب السلف عدم تكفير المتأويل حتى تقام عليه الحجة مثلما حصل مع بعض الصحابة الذين شربوا الخمر في عهد عمر متأولين قوله تعالى "ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طمعوا" الآية. ومثل هذا من أول بعض الصفات عن حسن نية متأولا قوله تعالى "ليس كمثله شيء" فهو مؤول متأولا ولا يكفر، ولهذا لم يطلق السلف تكفير المخالفين في الصفات أو غيرها لأن بعضهم أو كثير منهم متأولون، أما الباطنية فلا شك في كفرهم لن تأويلهم ليس له أي شبه بل أرادوا هدم الإسلام عمدا بدليل أنهم لم يكتفوا بتأويل الأمور الاعتقادية بل أولوا الأحكام العملية كالصلاة والصوم والحج. الخ.
الفهرس
--------------------------------------------------------------------------------
السمعيات
الثاني عشر: السمعيات:
يقسم الأشاعرة أصول العقيدة بحسب مصدر التلقي إلى ثلاثة أقسام:
(1) قسم مصدره العقل وحده وهو معظم البواب ومنه باب الصفات ولهذا يسمون الصفات السبع "عقلية" وهذا القسم هو "ما يحكم العقل بوجوبه" دون توقف على الوحي عندهم.
(2) قسم مصدره العقل والنقل معا كالرؤية 0على خلاف بينهم فيها- وهذا القسم هو "ما يحكم العقل بجوازه استقلالا أو بمعاضدة الوحي.
(3) قسم مصدره النقل وحده وهو السمعيات أو المغيبات من أمور الآخرة كعذاب القبر والصراط والميزان وهو عندهم: مالا يحكم العقل باستحالته لكن لو لم يرد به الوحي لم يستطع العقل إدراكه منفردا. ويدخلون فيه التحسين والتقبيح والتحليل والتحريم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/105)
والحاصل أنهم في صفات الله جعلوا العقل حاكما وفي إثبات الآخرة جعلوا العقل عاطلا وفي الرؤية جعلوه مساويا. فهذه الأمور الغيبية نتفق معهم على إثباتها لكننا نخالفهم فيا/أخذ والمصدر، فهم يقولون عند ذكر أي أمر منها نؤمن به لأن العقل لا يحكم باستحالته ولأن الشرع جاء به ويكررون ذلك دائماً، أما في مذهب أهل السنة والجماعة فلا منافاة بين العقل والنقل أصلا ولا تضخيم للعقل في جانب وإهدار في جانب وليس هناك أصل من أصول العقيدة يستقل بإثباته أبدا كما أنه ليس هناك اصل منها لا يستطيع العقل إثباته أبدا.
فالإيمان بالآخرة وهو اصل كل السمعيات ليس هو في مذهب أهل السنة والجماعة سمعياً فقط بل أن الأدلة عليه من القرآن هي نفسها عقلية كما أن الفطر السليمة تشهد به فهو حقيقة مركوزة في أذهان البشر ما لم يحرفهم عنها حارف. لكن لو أن العقل حكم باستحالة شيء من تفصيلاته -فرضاً وجدلاً- فحكمه مردود وليس إيماننا به متوقفا على حكم العقل. وغاية الأمر أن العقل قد يعجز عن تصوره أما أن يحكم باستحالته فغير وارد ولله الحمد. (39)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
39 - انظر الإرشاد: 358، 340، وانظر الجزء الثاني من مجموع الفتاوي 7 - 27.
الفهرس
--------------------------------------------------------------------------------
التكفير
الثالث عشر: التكفير:
التكفير عند أهل السنة والجماعة حق لله تعالى لا يطلق إلا على من يسحقه شرعا ولا تردد في إطلاقه على من ثبت كفره بشروطه الشرعية.
أما الأشاعرة فهم مضطرون إضرابا كبيرا فتارة يقولون نحن لا نكفر أحدا وتارة يقولون نحن لا نكفر إلا من كفرنا وتارة يكفرون بأمور لا تستوجب أكثر من التفسيق أو التبديع وتارة يكفرون بأمور لا توجب مجرد التفسيق وتارة يكفرون بأمور هي نفسها شرعية. ويجب على كل مسلم أن يعتقدها.
فأما قولهم لا نكفر أحدا فباطل قطعاً إذ في المنتسبين إلى الإسلام فضلا عن غيرهم كفار لا شك في كفرهم وأما قولهم لا نكفر إلا من كفرنا فباطل كذلك إذ ليس تكفير أحد لنا بمسوغ أن نكفره إلا إذا كان يستحق ذلك شرعاً.
وأما تكفير من لا يستحق سوى التبديع فمثل تصريحهم في اغلب كتبهم بتكفير من قال إن الله جسم لا كالأجسام وهذا ليس بكافر بل هو ضال مبتدع لأنه أتى بلفظ لم يرد به الشرع والأشاعرة تستعمل ما هو مثله وشر منه. وأما تكفير من لا يستحق حتى مجرد الفسق أو المعصية فكما مر في الفقرة السابعة من تكفيرهم من قال أن النار علة الإحراق والطعام علة الشبع.
وأما التكفير بما هو حق في نفسه يجب اعتقاده فنحو تكفيرهم لمن يثبت علو الله ومن لم يؤمن بالله على طرية أهل الكلام وكقولهم أن الأخذ بظواهر النصوص من أصول الكفر كقولهم أن عبادة الأصنام فرع من مذهب المشبهة ويعنون بهم أهل السنة والجماعة.
ومن شواهد تكفير بعضهم قديماً وحديثاً لشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وحسبك ما في كتب الكوثري وتلميذه مؤلف براءة الأشعريين. (40)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
40 - انظر المواقف: 392، ومصادر المبحث "السابع"، أساس التقديس: 16، 196، شرح الكبرى 62 أركان الإيمان: 298 - 299.
الفهرس
--------------------------------------------------------------------------------
الصحابة والإمامة
الرابع عشر: الصحابة والإمامة:
من خلال استعراضي لأكثر أمهات كتب الأشاعرة وجدت أن موضوع الصحابة هو الموضوع الوحيد الذي يتفقون فيه مع أهل السنة والجماعة وقريب منه موضوع الإمامة. ولا يعني هذا الاتفاق التام بل هم مخالفون في تفصيلات كثيرة لكنها ليست داخلة في بحثنا هنا لأن غرضنا -كما في سائر الفقرات- إنما هو المنهج والأصول.
الفهرس
--------------------------------------------------------------------------------
الصفات
الخامس عشر: الصفات:
والحديث عنها يطول وتناقضهم وتحكمهم فيها أشهر وأكثر، وكل مذهبهم في الصفات مركب من بدع سابقة وأضافوا إليه بدعا أحدثوها فاصبح غاية في التلفيق المتنافر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/106)
ولن أتحدث عن هذا الباب هنا لني التزمن ببيان الأصول التي خالفوا فيها أهل السنة والجماعة عدا الصفات. أما مخالفتهم في الصفات فمعروفة وإن كان كثير من أسس نظرياتهم فيها يحتاج لجلية ونسف. ولعل هذا ما يكون في الرد المتكامل بإذن الله.
الفهرس
--------------------------------------------------------------------------------
فارق منهجي ونموذجي: التناقض ومكابرة العقل
هل بقي شك؟
بعد هذه المخالفات المنهجية في أبواب العقيدة كلها وبعد هذا التميز الفكري الواضح لمذهب الأشاعرة إضافة إلى التميز التاريخي هل بقي شك في خروجهم عن مذهب أهل السنة والجماعة الذي هو مذهب السلف الصالح.
لا أظن أي عارف بالمذهبين ولو من خلال ما سبق هنا يتصور ذلك.
ومع هذا فسوف أضيف فوارق منهجية أخرى وضوابط في علم الفرق والمقالات لا يشك في صدقها مطلع بل سأكتفي بفارق واحد وضابط واحد:
فارق منهجي ونموذجي: التناقض ومكابرة العقل:
ليس هناك مذهب اكثر تناقضا من مذهب الأشاعرة -الهم إلا مذهب الرافضة- لكن الرافضة كما قال الإمام: أحمد: "ليست الرافضة من الإسلام في شيء". كما قال شيخ الإسلام: "إن الرافضة قوم لا عقل لهم ولا نقل"، أما هؤلاء فيدعون العقل ويحكمونه في النقل ثم يتناقضون تناقضاً يبرؤ منه العقل ويخلو مذهب أهل السنة والجماعة من أدنى شائبة منه ولله الحمد، وكما سيلاحظ القارئ هنا يرجع معظم تناقضهم إلى كونهم لم يسلموا للوحي تسليما كاملاً ويعرفوا للعقل منزلته الحقيقية وحدوده الشرعية ولم يلتزموا بالعقل التزاما واضحاً ويرسموا منهجا عقليا متكاملاً كالمعتزلة والفلاسفة بل خلطوا وركبوا فتناقضوا واضطربوا.
وإليك أمثلة سريعة للتناقض ومكابرة العقل:
1 - قالوا: أنه لا يجوز أن يرى الأعمى بالمشرق البقعة بالأندلس.
2 - قالوا: إن الجهة مستحيلة في حق الله ثم قالوا بإثبات الرؤية ولهذا قيل فيهم: "من أنكر الجهة واثبت الرؤية فقد أضحك الناس على عقله".
3 - قالوا: إن لله سبع صفات عقلية يسمونها "معاني" هي "الحياة واعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام ولم يكتفوا بهذا التحكم المحض، بل قالوا غن له سبع صفات أخرى يسمونها "معنوية" وهي "كونه حيا وكونه عالما وكونه قادرا وكونه مريدا وكونه سميعا وكونه بصيرا وكونه متكلما" ثم لم يأتوا في التفريق بين المعاني والمعنوية بما يستسيغه عقل بل غاية ما قالوا أن هذه الأخيرة أحوال فإذا سألتهم ما الحال؟. قالوا صفة لا معدومة ولا موجودة ...
4 - قالوا: إنه لا اثر لشيء من المخلوقات في شيء ولا فعل مطلقا ثم قالوا إن للإنسان كسبا يجازى لأجله، فكيف يجازى على مالا أثر له فيه مطلقاً (راجع فقرتي: السادس والسابع).
5 - قالوا: بنفي الحكمة والتعليل في أفعال الله مطلقا، ثم إن الله يجعل لكل نبي معجزة لأجل إثبات صدق النبي فتناقضوا بين ما يسمونه "نفي الحكمة والغرض وبين إثبات الله للرسول تفريقا بينه وبين المتنبئ.
6 - قالوا: بأن أحاديث الآحاد مهما صحت لا يثني عليها عقيدة ثم أسسوا مذهبهم وبنوه في اخطر الأصول والقضايا (الإيمان، القرآن، العلو) على بيتين غير ثابتين عن شاعر نصراني -الأخطل- هما:
(1) إن الكلام لفي الفؤاد إنما جعل اللسان على الفؤاد دليلا
(2) قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق
7 - قالوا: بأن رفع النقيضين محال -وهو كذلك- محتجين بها في مسائل ثم قالوا في صفة من أعظم وأبين الصفات "العلو": إن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ولا عن يمنيه ولا عن شماله ... وقالوا عن الأحوال: هي صفات لا معدومة ولا موجودة فرفعوا النقيضين معاً.
8 - قالوا: إن العقل يقدم على النقل عند التعارض بل العقل هو الأصل والنقل إن وافقه قبل وإن خالفه رد أو أول، ثم قالوا إن العقل لا يحسن شيئا ولا يقبحه، فجعلوا -مثلا- نصوص علو الله معارضة للقواطع العقلية في حين جعلوا قبح الزنا والكذب مسألة سمعية ...
9 - قالوا: إن تأويل آيات الصفات واجب يقتضيه التنزيه وتأويل آيات الحشر والأحكام كفر يخرج من الملة ... أما من دعا غير الله أو ذبح له واستغاث به أو تحاكم غلى الطاغوت فلم يتعرضوا لذكره أصلا.
10 - قالوا: إن من قال إن النار تحرق بطبعها كافر مشرك ومن أنكر علو الله على خلقه موحد منزه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/107)
11 - جزموا بأن من لم يبلغه الشرع غير مؤاخذ بإطلاق وردوا أو أولوا النصوص في ذلك. ثم قالوا: إن على كل مكلف وإن كان مولودا من أبوين مسلمين في ديار الإسلام وهو يظهر الإسلام -عليه إذا بلغ سن التكليف أن ينظر في حدوث العالم ووجود الله فإن مات قبل النظر أو في أثنائه اختلفوا في الحكم بإسلامه وجزم بعضهم بكفره (41).
هذا فيض من تناقضهم مع أصولهم ومكابرتهم للعقل السليم ومن أراد الاستزادة والتفصيل فليراجع التسعينية لشيخ الإسلام ابن تيمية.
وهناك قضية بالغة الخطورة لا سيما في هذا العصر وهي الأخطاء العلمية عن الكون التي تمتلئ بها كتب الأشاعرة والتي يتخذها الملاحدة، وسيلة للطعن في الإسلام وتشكيك المسلمين في دينهم.
من ذلك ما حشده صاحب المواقف في أول كتابه من فصول طويلة عن الفلك والحرارة والضوء والمعادن وغيرها مما قد يكون ذا شان في عصره لكنه اليوم أشبه بأساطير اليونان أو خرافات العجائز.
ومن ذلك قول البغدادي إن أهل السنة (42) أجمعوا على وقوف الأرض وسكونها (43) واستدل على ذلك في كتابه أصول الدين "بمعنى اسم الله الباسط" قال: لأنه بسط الأرض وسماها بساطا خلاف زعم الفلاسفة والمنجمين أنها كروية (44) ومثله صاحب المواقف الذي أكد أنها مبسوطة وأن القول بأنها كرة من زعم الفلاسفة (45).
ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية ما كان أعظمه حين قال:
"والخطأ فيما تقوله المتفلسفة في الإلهيات والنبوات والمعاد والشرائع أعظم من خطأ المتكلمين.
وأما فيما يقولونه في العلوم الطبيعية والرياضية فقد يكون صواب المتفلسفة أكثر من صواب من رد عليهم من أهل الكلام، فإن أكثر أهل الكلام في هذه الأمور بلا علم ولا عقل ولا شرع. (46)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
41 - شرح الباجوري: 31، شرح الكبرى: 39، 210، 213، حاشية السوقي: 54 - 70 - 97، مصادر الموضوعات السابقة.
42 - يعني بهم الأشاعرة كعادته هو وبعض أصحابه ولهذا يجب التفطن لمثل هذا عند النقل من كتبهم.
43 - الفرق بين الفرق: 318.
44 - انظر ص 124.
45 - انظر المواقف: 199، 217، 219.
الفهرس
--------------------------------------------------------------------------------
ضابط من ضوابط معرفة الفرق واختلافها
ضابط من ضوابط معرفة الفرق واختلافها:
ومن المعلوم لدى الباحثين في الفرق واختلافها أن لكل فرقة أساسا منهجيا تتفق عليه طوائفها وترجع إليه أصولها وقواعدها ومن خالف فيه خرج عن انتسابه لها ومن لم ينطبق عليه لم يدخل فيها.
فمثلا كل من قال بالأصول الخمسة فهو معتزلي كل من قال أن الإنسان مجبور على أفعاله فهو جبري وكل من قال إن الإيمان هو المعرفة أو التصديق فهو مرجئ وكل من قال بالكلام النفسي والكسب فهو أشعري .. إلى آخر ما هو معروف.
وهذا ضابط منهجي يحدد به الباحث الفرقة والانتماء إليها.
وبتطبيق هذا الضابط الذي لا خلاف في تحديده يتبين قطعاً أن المرجئة والقدرية والمعتزلة ليسوا من أهل السنة والجماعة وهذا ما تقوله الأشاعرة ولا تخالف فيه.
ومن الثابت عن كثير من السلف وعليه جرى المصنفون في الفرق والمقالات من أهل السنة والأشاعرة أن أصول الفرق الثنتين وسبعين الخارجة عن أهل السنة والجماعة أربع "القدرية، والشيعة، والخوارج، والمرجئة".
فنقول بعد ذلك:
إذا كان المرجئ والقدري ليسا من أهل السنة فما حكم من جمع بين الأرجاء والقدر أو الأرجاء والجبر أو جمع بين الأصول المعتزلة وقول الرافضة؟.
أيكون هذا من أهل السنة والجماعة؟ أم أكثر بعدا عنهم؟.
والجواب الطبيعي معروف. وعليه نقول:
1 - إذا كانت المرجئة الخالصة (أي التي لم تخلط بالأرجاء شيئا من البدع في الصفات أو غيرها) ليست هي أهل السنة والجماعة ولا منهم، فكيف يكون حال الأشاعرة الذين جاءوا بالرجاء كاملاً وزادوا عليه بدعا أخرى في أبواب العقيدة الأخرى كما مر سابقا.
2 - إذا كانت الجبرية الخالصة ليست هي أهل السنة والجماعة ولا منهم فكيف يكون حال الأشاعرة الذين جاءوا بالكسب (الذي اعترف بدعة على أي حال) وزادوا عليه كما سبق.
أضف إلى هذا أن كل ذم للصوفية فللأشاعرة منه نصيب لأن أكثر أئمة الصوفية المنحرفين كالغزالي وابن القشيري كانوا أشاعرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/108)
3 - هل يرضى الأشاعرة أن يقال عنهم معتزلة فإن قالوا: لا. وهو المتوقع قلنا: وأهل السنة والجماعة لا يرضون أن يقال عنهم أشاعرة أبداً، فإن خالفونا. قلنا: تعالوا لنقيس نحن وأنتم المسافة بيننا وبينكم وبين المعتزلة وعندها ترون أنكم أقرب إليهم منكم إلينا وإن كنتم أقرب إليها منهم.
4 - لو أن أي باحث في الفرق يعرف أصولها وضوابط تحديدها اطلع على كتب فرقة من الفرق أو على من الأعلام فوجدها مملؤة شتما وتضليلا وتبديعاً وتكفير لفرقة معينة فهل يجوز له أن يكتب في بحثه أن هذه الفرقة وتلك سواء أو أن هذه جزء من هذه وهل يقبل هذا منه أي أستاذ للفرق والمذاهب؟.
5 - بل لو سمعت أحدا من العامة يشتم طائفة من الناس فقلت له أنت منهم، افيرضى بهذا أم يعتبره شتما له؟.
فما القول إذن في الأشاعرة الذين تمتلئ كتبهم بشتم وتضليل وتبديع أهل السنة والجماعة وأحياناً بتكفيرهم. أيصح بعد هذا أن نقول إنهم منهم؟.
وإن أردت التأكد فأسال أي اشعري ما المراد بقول الرازي أو الجويني أو الأيجي .. الخ. (الحشوية، المجسمة، الثابتة، مثبتو الجهة، القائلون بأن الحوادث تحل في الله .. الخ) (47).
إن الأجوبة كلها بدهية ولكن ماذا نصنع وقد ابتلينا بمن ينكر البدهات.
أيهما الفرقة الناجية؟
قد أوضحنا فيما سبق أن أهل السنة والجماعة والأشاعرة فرقتان مختلفتان، وهذا يستلزم تحديد أيهما الفرقة الناجية؟.
وما أوضح هذا التحديد أسهله، لكن مكابرة بعض الأشاعرة بادعاء أن الأشاعرة وأهل السنة والجماعة كلاهما ناج يجعلنا نبدأ بإلقاء سؤال عن الفرقة الناجية:
أهي فرقة واحدة أم فرقتان؟
والجواب: مع بداهته لكل ذي عقل -مفروغ منه نصا، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في روايات كثيرة لحديث افتراق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة: "إنها كلها في النار إلا واحدة".
وما قال صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه ولا تابعيهم أنها اثنتان. وعليه جاء تفسير قوله تعالى: "وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا وتتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله"أن الطريق المستقيم هو السنة والسبل هي الأهواء، وما هو إلا طريق واحد كما خط النبي صلى الله عليه وسلم بيده.
وعلى هذا سارت كتب الفرق -السني منها والبدعي- فهي تقرر أن الفرقة الناجية واحدة ثم تدعي كل فرقة أنها هي هذه الواحدة.
بقي إذن أن يقال:
ما هي صفة هذه الفرقة وعلامتها؟
والجواب أنه جاء في بعض روايات الحديث نفسه -من طرق يقوي بعضها بعضا- أنها "ما أنا عليه وأصحابي" ومعناها قطعا صحيح، ولا تخالف فيه الأشاعرة بل في الجوهرة:
وكل خير في اتباع من سلف _________ وكل شر في ابتداع من خلف
فنقول لهم إذن:
أكان مما عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلف الأمة: تقديم العقل على النقل أو نفي الصفات ما عدا المعنوية والمعاني، أو الاستدلال بدليل الحدوث والقدم، أو الكلام عن الجوهر والعرض والجسم والحال ... أو نظرية الكسب، أو أن الإيمان هو مجرد التصديق القلبي، أو القول بأن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته، أو الكلام النفسي الذي لا صيغة له، أو نفي قدرة العبد وتأثير المخلوقات، أو إنكار الحكمة والتعليل ... إلى آخر ما في عقيدتكم؟
إننا نربأ بكل مسلم أن يظن ذلك أو يقوله.
بل نحن نزيدكم إيضاحا فنقول:
أن هذه العقائد التي أدخلتموها في الإسلام وجعلتموها عقيدة الفرقة الناجية بزعمكم. هي ما كان عليه فلاسفة اليونان ومشركوا الصابئة وزنادقة أهل الكتاب.
لكن ورثها عنهم الجهم بن صفوان وبشر المريسي وابن كلاب وأنتم ورثتموها عن هؤلاء، فهي من تركه الفلاسفة والابتداع وليست من ميراث النبوة والكتاب.
ومن أوضح الأدلة على ذلك أننا ما نزال حتى اليوم نرد عليكم بما ألفه أئمة السنة الأولون من كتب في الردود على "الجهمية" كتبوها قبل ظهور مذهبهم بزمان، ومنهم الإمام أحمد والبخاري وأبو داود والدارمي وابن أبي حاتم ..
فدل هذا على أن سلفكم أولئك الثلاثة وأشباههم مع ما زدتم عليهم وركبتم من كلامهم من بدع جديدة.
على أن المراء حول الفرقة الناجية ليس جديداً من الأشاعرة فقد عقدوا لشيخ الإسلام ابن تيمية محاكمة كبرى بسبب تأليفه:العقيدة الواسطية" وكان من أهم التهم الموجهة إليه أنه قال في أولها: "فهذا اعتقاد الفرقة الناجية.".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/109)
إذ وجدوا هذا مخالفا لما تقرر لديهم من الفرقة الناجية هي الأشاعرة والماتريدية (48).
وكان من جواب شيخ الإسلام لهم أنه أحضر أكثر من خمسين كتابا من كتب المذاهب الربعة وأهل الحديث والصوفية والمتكلمين كلها توافق ما في الواسطية وبعضها ينقل إجماع السلف على مضمون تلك العقيدة:
وتحداهم -رحمه الله- قائلاً:
"قد أمهلت كل من خالفني في شيء منها ثلاثة سنين فإن جاء بحرف واحد عن أحد من القرون الثلاثة .. يخالف ما ذكرت فأنا أرجع عن ذلك".
قال: "ولم يستطيع المتنازعون مع طول تفتيشهم كتب البلد وخزائنه أن يخرجوا ما يناقض ذلك عن أحد من أئمة الإسلام وسلفه " (49).
فهل يريد الأشاعرة المعاصرون أن نجدد التحدي ونمدد المهلة أم يكفي أن نقول لهم ناصحين:
إنه لا نجاة لفرقة ولا لأحد في الابتداع وإنما النجاة كل النجاة في التمسك والإتباع ....
ترجوا النجاة ولم تسلك مسالكها ـــــــــــ إن السفينة لا تجري على اليبس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
47 - ومن العجيب أن الماتردية يخرجون الشاعرة من أهل السنة ويدعونه لأنفسهم وهم أكثر فرقتين في الإسلام تقاربا واشتراكاً في الأصول.
انظر حاشية على شرح العضدية:38.
أما ما يتعلق بالخلاف بين الأشاعرة والمعتزلة فهو برمته خلاف داخلي ضمن المدرسة العقلية "التي هي مدرسة الهوى والبدعة ولا بأس أن يستفيد أهل السنة من ردود الأشاعرة عليهم إذا كانت حقاً.
48 - انظر تفصيل المناظرة في مجموع الفتاوي ج 3.
49 - أنظر المصدر السابق: 169، 217.
الفهرس
--------------------------------------------------------------------------------
من أهل القبلة لا من أهل السنة
من أهل القبلة لا من أهل السنة:
تبين مما تقدم أن الأشاعرة فرقة من الثنتين وسبعين فرقة وإن حكم هذه الفرقة الثنتين وسبعين هو:
(1) الضلالة والبدعة.
(2) الوعيد بالنار وعدم النجاة.
وهذا مثار جدل كبير ولغط كثير مما يجعلون مذهب أهل السنة والجماعة في الوعد والوعيد إذ ما يكادون يسمعون هذا حتى يرفعوا عقيرتهم بأننا ندخل الأشاعرة النار ونحكم عليهم بالخروج من الملة -عياذاً بالله.
ونحن نقول أنه لا يصح تفسير ألفاظ أو اطلاقات مذهب السلف في الوعد والوعيد إلا من خلال أقوالهم هم وعلى الذين يجهلونه أن يستفصلوا قبل أن يتسرعوا بادعاء التكفير.
وهذا موجز لمذهب السلف في ألفاظ الوعيد ونصوصه:
(1) فمن ألفاظ الوعيد "الضلال" وهو ليس مرادف للكفر بإطلاق إلا عند من يجهلون أوضح بدهيات العقيدة، فإذا أطلق على أحد من أهل القبلة فالمراد به المعصية في الاعتقادات كما أن لفظ "الفسق" يطلق على المعصية في الأعمال.
مع أن الضلال والفسق يطلقان على الكفر أيضا كما في قوله تعالى: "ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيدا" وقوله: "ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون".
لكن إذا كانت كلمة الكفر نفسها تطلق في الأحاديث ولا يراد بها الكفر الأكبر المخرج من الملة كما في قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر". فكيف بلفظتي الفسق والضلال اللتين دون ذلك في الوعيد.
ولماذا هذا التفريق بين نصوص الكتاب والسنة وقد فسر السلف رضي الله عنهم قوله تعالى "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" بأنه كفر دون كفر أو كفر لا يخرج من الملة. قال ابن القيم في كتاب الصلاة وحكم تاركها "وهذا قول الصحابة جميعاً" وجاء ذلك عن ابن عباس من الصحابة وعطاء وطاووس من التابعين وأبو عبيد والإمام أحمد من تابع التابعين وكذلك جاء عن الإمام البخاري في صحيحه وغيرهم من الأئمة والعلماء مالا يحصيهم إلا الله تبارك وتعالى.
والقرآن-على الصحيح لم يأت فيه إطلاق الكفر غلا على الكفر الأكبر المخرج من الملة، أما الضلال فورد فيه بمعنى الانحراف عن الحق والصواب مطلقاً غير وروده بمعنى الكفر كما سبق.
ومن ذلك قوله تعالى: "ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينا". ومعلوم أنه ليس كل عاص كافرا.
وقوله تعالى عن أصحاب الجنة المذكورين في سورة القلم: "فلما رأوها قالوا إنا لضالون" وهم لم يشهدوا على أنفسهم بالكفر.
وقوله تعالى: "إن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى". أي تخطئ فتذكرها الأخرى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/110)
والحاصل أن قولنا أن الأشاعرة فرقة ضالة يعني أنها منحرفة عن طريق الحق ومنهج السنة ولا يعني مطلقا خروجها عن الملة وأهل القبلة وهذا يتضح بالفقرة التالية:
(2) نصوص الوعيد ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: "كلها في النار إلا واحدة" لها منهجها المنضبط في مذهب السلف عند الإطلاق وعند التعيين.
فنحن نعلم جميعاً أن الله توعد قاتل النفس التي حرم الله والزاني وآكل مال اليتيم بصريح القرآن لكن هل يعني هذا، أن كل قاتل وازن وآكل مال يتيم يدخل النار قطعاً وإننا لو رأينا أحداً منهم يجوز لنا أن نعتقد دخوله النار؟
ليس هذا من مذهب السلف أبدا، وإنما مذهب السلف أن هذه النصوص تبين وتقرر حكم من فعل هذه الذنوب أما تحقق هذا الحكم فيه وتطبيق الوعيد وتنفيذه فيه فهو متوقف على شروط لا بد من تحققها وموانع لا بد من انتفائها (50).
فقد يقتل الرجل نفسا مؤمنة متأولا مجتهدا -كما كان من اقتتال الصحابة -رضي الله عنهم- ويكون هذا الذنب في حقه مثل النقطة السوداء في بحر من الحسنات وأعمال التقوى.
وقد يقتله ظالما معتديا وليس له رصيد من الخير يكفر عنه هذا الجرم.
فليس هذان عند الحكيم الخبير سواء وليس حكمهما في مذهب السلف واحد.
وكذلك الفرق بين زان، وزان، شارب خمر وآخر، وسارق وسارق، وآكل مال يتيم مثله ..
وقد يصح عن النبي صلى اله عليه وسلم لعن شارب الخمر ومع هذا صح عنه النهي عن لعن الصحابي الذي شربها وجلده الحد فلعنه بعضهم فنهاه وشهد له بأنه يحب الله ورسوله.
فحب الله ورسوله في هذا المعين مانع من تحقيق الحكم المطلق فيه وهو الوعيد لشارب الخمر في الدنيا والآخرة.
وهكذا معاملة أهل القبلة في مجال العقيدة.
فإن أصحاب المناهج والفرق والبدعية منهم من هو على الحد الأدنى منها وله مع ذلك علم وعبادة وجهاد وإخلاص في نصرة الدين ومنهم من يكون رأسا في البدعة داعيا إليها بقصد وسوء نية بل وربما تكون هذه البدعة مجرد ستار لعقائد أخبث يضمرها في نفسه.
فمع اشتراك هذين في أصل المنهج وشمول الإسم لهما معا وتناول الوعيد المطلق لكل منهما يظل الفرق بينهما حقيقة قائمة لا شك فيها.
فالمنهج له حكمه والأفراد كل بحسب حاله وتقويم الفكرة في ذاتها غير تقويم حامليها كل على حده.
حتى منهج السلف نفسه يتفاوت أصحابه فيه جدا فمنهم من هو في غاية التمسك به قولا وعملا واعتقادا ودعوة ومنهم من هو على الحد الأدنى منه.
بل نحن نقول أن بعض المنتسبين أو المنسوبين إلى مناهج بدعية ليس منهم أصلا ولكنه متوهم يحسب أنهم على الحق وان الانتساب إليهم لا ضير فيه مع أنه لا يوافقهم في مذهبهم لو عرفه حق معرفته أو أنهم مخطئون في نسبته لمذهبهم ولو فتشنا لما وجدنا فيه مما يدعون شيئا.
ولهذا كانت هذه الأمة -ولله الحمد- أكثر أهل الجنة مع أن الفرقة الناجية منها واحدة فقط، وما هذا غلا لأن المعدودين حقا من الفرق الثنتين وسبعين لا يساوون بالنسبة لسلف الأمة وخلفها غلا نزار يسيراً أما من اتبعهم عن جهل أو خطأ أو حسن نية أو تأثر بهم دون أن يشعر فله حكم آخر (51). والله تعالى حكم قسط ورحمته أوسع وفضله أعظم.
والحاصل أن أحكام الآخره ومنازل الناس فيها خاضعة لأمر أحكم الحاكمين وأعدلهم، أما نحن في الدنيا فمأمورون أن نحكم على كل منهج أو فرد بما حكم الله به عليه من غير إفراط ولا تفريط ونتقيد بالضوابط التي جاءت في مذهب السلف.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله- في مناظرته للأشاعرة والماتريدية أثناء المحاكمة التي أشرنا إليها:
فأجبتهم عن الأسئلة:
بأن قولي اعتقاد الفرقة الناجية، هي الفرقة التي وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بالنجاة حيث قال: "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي.
فهذا الاعتقاد (يعني ما في الواسطية) هو المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه -رضي الله عنهم- وهم ومن اتبعهم الفرقة الناجية. فإنه قد ثبت عن غير واحد من الصحابة بالأسانيد أنه قال الإيمان يزيد وينقص، وكل ما ذكرته، في ذلك فإنه مأثور عن الصحابة بالأسانيد الثابتة لفظه ومعناه وإذا- خالفهم من بعدهم لم يضر في ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/111)
ثم قلت لهم: وليس كل من خالف في شيء من هذا الاعتقاد يجب أن يكون هالكا. فإن المنازع قد يكون مجتهدا مخطئاً يغفر الله خطأه. وقد لا يكون بلغه في ذلك من العلم ما تقوم به عليه الحجة، وقد يكون له من الحسنات ما يمحو الله به سيئاته.
بل موجب هذا الكلام أن من اعتقد ذلك نجاه في هذا الاعتقاد، ومن اعتقد ضده فقد يكون ناجياً، كما يقال من صمت نجا" (52).
وقال في الإيمان:
"وكذلك سائر الثنتين وسبعين فرقة، من كان منهم منافقاً فهو كافر في الباطن، ومن لم يكن منافقاً بل كان مؤمناً بالله ورسوله في الباطن لم يكن كافراً في الباطن وإن أخطأ في التأويل كائنا ما كان خطؤه وقد يكون في بعضهم شعبة من شعب النفاق ولا يكون فيه النفاق الذي يكون صاحبه في الدرك الأسفل من النار.
ومن قال: أن الثنتين وسبعين فرقة كل واحدة منهم يكفر كفرا ينقل عن الملة فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين- بل وإجماع الأئمة الأربعة وغير الأربعة، فليس فيهم من كفر كل واحدة من الثنتين وسبعين فرقة، وإنما يكفر بعضهم بعضا (من تلك الفرق) ببعض المقالات، كما قد بسط عليهم في غير موضوع" (53).
ولهذا نجد أن من كفر الجهمية من السلف مثل ابن المبارك ووكيع أخرجوهم من الثنتين وسبعين فرقة والحقوهم بالسيئة والغرابية وأمثالها.
وحتى في المناهج الجامعية نجد أن كليات أصول الدين مثل كليتي مكة والمدينة حاليا تفصل بين الفرق الخارجة عن الإسلام وبين الفرق الأخرى.
فالأمر واضح لا لبس فيه إلا عند المعاندين أو المعذورين من غير المتخصصين. وكيف يكون عند الأشاعرة لبس في موقف أهل السنة والجماعة منهم وهم يقفون نفس الموقف من المعتزلة فهم يصفونها بالضلال في كتبهم ولا يقولون إن هذا يعني إخراجهم من الملة فمن حقنا أن نلزمهم من واقع كتبهم.
وإذا تقرر هذا تبين أنه لا مبرر لمطالبة الأشاعرة بإدخالهم في أهل السنة والجماعة بدعوى أن هذا يجنبهم تهمة الخروج من أهل القبلة لأن ذلك يعني هدم هذه القاعدة كلها إذ لو أدخلناهم لأدخلنا غيرهم حتى لا يبقى من تلك الفرق الثنتين وسبعين فرقة إلا دخلت.
وهذا ليس في أيدينا ولا في يد بشر إنما نحن متبعون لا مبتدعون.
أما باب الدخول الحقيقي فمفتوح على مصراعيه فيمن الذي منعهم أن يرجعوا إلى عقيدة القرون الثلاثة والأئمة الأربعة وسائر أئمة الهدى في هذه الأمة المعصومة؟
وهذا خير لهم في الدنيا والآخرة من بقائهم على بدعتهم وتفاخرت بأنهم أقرب الفرق لأهل السنة- والجماعة وقد سمعت هذا التفاخر من بعضهم- فعجبت لمن يعرف الحق ويفتخر بقربه منه ثم لا يكون من أهله ودعاته.
ولكن لله في خلقه شؤون ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
50 - أنظر تفصيل ذلك في مجموع الفتاوى: 12/ 479 - 501.
51 - أنظر سلسلة الأحاديث الصحيحة الكلام عن حديث 204.
52 - مجموع الفتاوي: 3/ 179.
53 - ص206.
الفهرس
--------------------------------------------------------------------------------
كلمة التوحيد أساس توحيد الكلمة
وأخيراً: كلمة التوحيد أساس توحيد الكلمة:
ونأتي أخيراً غلى الشعار الذي اتخذه القوم ستارا للطعن في عقيدة السلف سرا وجهرا حتى إذا قام أحد يرد عنها السهام صاحوا في وجهه: "لا تفرق كلمة المسلمين، إن وحدة الكلمة أهم من هذه القضايا، لماذا تثير خلافات عفى عليها الزمان واندثرت؟ لماذا الاهتمام بالقشور والشكليات؟."
والحق أنه لو سكت كل أعداء الحق عن محاربته -ولن يسكتوا أبدا- لما جاز لنا أن نسكت عن بيانه للناس ودعوتهم غليه فكيف يجوز أن نسكت وهو يحارب والذي يطالبنا بالسكوت هو المحاربة المهاجم.
هذه الأمة الممزقة المقطعة الأوصال يراد منا أن نسكت عن بيان طريق الخلاص لها وندعها تتخبط في ظلمات البدع حتى لا نفرقها بزعمهم. وكان القوم لا يعلمون ما الذي فرقها بعد أن كانت متجمعة. غن دعوى تقديم توحيد الكلمة على كلمة التوحيد مصادمة للحق من جهة ولسنن الله في الحياة من جهة أخرى:
وأما القائلين بها خياران لا ثالث لهما:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/112)
(1) إما أن يلتزموا تعميم هذا الحكم على كل من انتسب للإسلام وعليه فلا يجوز أن نثير أو نبحث خلافاً أو نكتب ردا على أي فرقة تدعي الإسلام كالقاديانية والبهائية والدروز والنصرانية والروافض والبهرة والصوفية الحلولية وسائر الطوائف الكافرة بل ندعوها جميعا غلى جمع الصف ووحدة الكلمة لمحاربة الشيوعية والصهيونية وما منها إلا من هو مستعد لذلك إن صدقا وإنكذبا.
ومن لوازم هذا -على كلامهم- حرق أو إخفاء كتب عقيدة الأشاعرة لأنها تثير الخلاف مع المعتزلة وغيرهم فهي إذن تمزق الصف وتشتت الكلمة بل هي كما يعلم الصابوني وأمثاله تشتم أهل السنة والجماعة وهم أكثر المسلمين، ومما يجب إعدامه أيضا مقالات الصابوني نفسها لأنه كرر فيها حكمه بالتضليل للخوارج والرافضة وهذا بلا شك يغضب الشيعة والاباضية فهو -على كلامه- قد فرق كلمة المسلمين أيما تفريق!!.
(2) وأما أن يقولوا: كلا، لا يعم هذا الحكم كل المنتسبين للإسلام بل لا بد من بيان كفر وضلال تلك الفرق وليس في ذلك تفريق ولا تمزيق، وإنما نريد توحيد صف أهل السنة والأشاعرة أو الفرق التي ليست ضالة ولا منحرفة!!.
فنقول لهم حينئذ:
أولاً: قد نقضتم قاعدتكم بأنفسكم فلا ترفعوا هذا الشعار إلا مقيدا مشروطاً إن كنتم صادقين، لكن أخبرونا بأي معيار من معايير العدل تريدون السكوت عن إثارة الخلاف مع هذه وتحكمون بعدم ضلالها ووجوب إثارته مع تلك وتحكمون بضلالها. أنهاجم الأباضية ونتآخى مع الرافضة مثلا أم بالعكس؟ أو نشنع على الرافضة ونصمت عن الصوفية؟ أم ماذا؟ ما هو المعيار؟ وهل هناك حقا فرق ضالة فاخبروني ما هو الضلال إذن؟ ..
قد تقولون: "نتعاون جميعاً فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه".
فنقول:
إنه ما من فرقة ظهرت على الأرض تدعي الإسلام إلا ونحن متفقون معها على أشياء ومختلفون على أشياء، ومختلفون على أشياء، حتى القاديانية نتفق معها على الإيمان بالله وصحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم والإيمان بالآخرة وتعظيم القرآن، وهم يعلنون محاربة الشيوعية والصهيونية. وغير ذلك، فإذا عذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه مثل نبوة أحمد القادياني ونسخ شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ونحوهما، فماذا تكون النتيجة؟ وهل ترضون ذلك أم نعود من جديد للمطالبة بالمعيار الذي به نرد القاديانية ونقبل غيرها مع اشتراك الكل في أصل الضلال والانحراف.
إن سلمتم كل ضال لا بد من بيان ضلاله وأن المسلمين لن يجتمعوا إلا على الحق فقد بينا لكم -وما نزال مستعدين لمزيد بيان- أن الأشاعرة فرقة ضالة عن المنهج الصحيح، فها هي إذن الفرصة الذهبية لتوحيد المسلمين، وهي أن يعلن الأشاعرة في كل مكان رجوعهم إلى مذهب السلف ومنهج الحق وحينئذ يتحقق هذا الحلم الرائع الجميل.
فإن لم تفعلوا فاعلموا أنغيركم أبعد عن الإجابة لأنكم أنتم أقرب الفرق إلينا وترفضون فما بالكم بالبعيدين، فلا تناقضوا أنفسكم إذن ترفعوا شعار الوحدة وأنتم أول من يعاديه ويأباه، وتعلمون منافاته لسنة الله في المبتدعة والزائغين الذي أشربوا في قلوبهم البدعة بضلالهم، واعلموا أن هذا الشعار إن صلح في موقف سياسي أو حركي معين فهو عن المبادئ والأصول أبعد شيء.
ثانياً: إن دعوتمونا إلى أن نتحد نحن وأنتم فقط ضد سائر الفرق كالخوارج، والرافضة وغيرها وضد الشيوعية ومن شايعها قلنا قد سهل الخطب إذن، لكن لا بد لكم من بيان منطلق التوحيد وموقعه بأن تلتزموا بوضوح بأحد قولين.
(1) أما إنكم أنتم وحدكم أهل السنة الجماعة ولكن تقبلون التوحيد معنا تنازلا وتفضلا على ما فينا بزعمكم من "تشبيه وتجسيم وحشو وكفر وضلال".
(2) وأما أنكم لستم من أهل السنة والجماعة ولكن تريدون التوحد معهم طالبين منهم التنازل والتفضل بقبولكم على ما فيكم من بدعة وضلالة.
فإذا حددتم أحد الموقعين أمكن بعد ذلك عرض موضوعكم إما على أصول العقيدة وقواعدها إن اخترتم الأول وإما على ضوابط المصلحة وحدودها الشرعية غن أقررتم بالآخر فأمامكم الخيار وإنا لفي الانتظار.
إما أن نظل نحن وأنتم مختلفين متصارعين منذ أيام أحمد بن حنبل وابن كلاب ثم أيام البريهاري والأشعري ثم أيام الشريف أبي جعفر وابنا القشيري ثم أيام عبد القادر الجيلاني وأبي الفتوح الاسفرائيبي ثم أيام شيخ الإسلام والسبكي ثم أيام محمد بن عبد الوهاب ومعاصريه منكم، ثم أيام المعلمي والكوثري ثم أيام الألباني وأبي غدة وأخيرا إلى الفوزان والصابوني ..
وبعد هذا كله ومعه تقولون أننا وإياكم فرقة واحدة ومنهج واحد فهذا مالا يعقله عقل ولا يصدقه تاريخ.
وهذا الخبر الصادق لا يمكن معه اختصار الفرق إلى سبعين ولا إلى سبع فضلا عن واحدة فالخير إذن كل الخير أن يبحث الإنسان عن الحق ويعتقده ويدعو إليه وإن خالفته الدنيا كلها وأن يجتنب الضلال ويدعو إلى نبذه ولو داهنه أصحابه كلهم، هذا هو الذي سار عليه رسل الله وأمر به الله فلا تصادموا سنة الله وتخالفوا منهج رسله والحمد لله رب العالمين ...
سفر بن عبد الرحمن الحوالي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/113)
ـ[أبو عبد الله المدني]ــــــــ[16 - 10 - 05, 06:38 م]ـ
أيها المشرف لم أفهم سبب تعديلك لمشاركة الأخ حيدر فلم يكن فيها ما يسيء لا إلى المنتدى ولا إلى أهل السنة وإنما أشار فقط إلى رد على الكتاب، والرابط الذي أحلت عليه ليس له علاقة بموضوعي، وعلى العموم جزاك الله خيرا
الأخ عبدالله سأسعى إلى نقل بعض المواطن المنتقدة على الشيخ الحوالي لعلك تفيدني في شيء من هذا
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[16 - 10 - 05, 06:41 م]ـ
سبب التعديل أنه يثني على كتاب هذا المبتدع الضال عمر كامل، وكتاب كامل هذا مليء بالمخالفات العقدية.
ـ[أبو عبد الله المدني]ــــــــ[16 - 10 - 05, 06:46 م]ـ
سبب التعديل أنه يثني على كتاب هذا المبتدع الضال عمر كامل، وكتاب كامل هذا مليء بالمخالفات العقدية.
في الحقيقة لم أطلع على الكتاب أيها المشرف،
وبقي سؤالان لو ذكرت لنا بعض هذه المخالفات حتى نكون على بصيرة
وهل تعرض له أحد الإخوة في المنتدى بالنقد
وبارك الله فيكم
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[16 - 10 - 05, 06:47 م]ـ
جزاك الله خيرا أخانا المشرف
ـ[حسن باحكيم]ــــــــ[01 - 12 - 06, 08:34 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[01 - 12 - 06, 08:39 م]ـ
كتاب الرد الشامل على عمر كامل ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=85755)
ـ[أبو علي]ــــــــ[01 - 12 - 06, 09:26 م]ـ
هو لم ينقل إلاَّ من كتب الأشاعرة، فإن كان لم يذكر الرَّاجح عندهم فليس الذّنب ذنبه
فالأشاعرة لا يزالون مختلفين في فروعهم وكلَّ أهل بلدٍ منهم يرجِّحون ما بدا لهم
[فيبقى أنَّ الأقوال كلَّها للأشاعرة] وإن كانوا متَّفقين على مخالفة السّنّة إلاَّ أنَّهم مختلفين أيّ الأخطاء أرجح عندهم من غيرها!!!
فأمرهم عجب!!
ـ[مهند الهاشمي الحسني]ــــــــ[02 - 12 - 06, 12:20 ص]ـ
فالرازي مثلاً -مع إنكاره الشديد للعلو في (التأسيس والتفسير) قال في التفسير إن الله (خسف بقارون فجعل الأرض فوقه ورفع محمداً صلى الله عليه وسلم فجعله قاب قوسين تحته) 1/ 248. ط. بيروت.
هل الدكتور سفر متأكّد أن كلام الرازي جاء فيه (فجعله) ولم يأتي (فجعل)؟
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[02 - 12 - 06, 12:29 ص]ـ
هناك أمر آخر إخواني فيما يتعلق في هذه الرسالة التي أثنى عليها كبار العلماء في من أمثال ابن عثيمين رحمه الله لماذا لم يعد طبعاتها مع العلم أنها طبعة قديما في الدار السلفية في الكويت ثم لم تطبع مرة أخرى على حد علمي وهناك من يروج أن الشيخ وفقه الله (سفر) يتنصل منها فما صحة هذا ولعل أحداً من الإخوان في المنتدى يعجل لنا في الرد وله منا الشكر والدعاء
ـ[محمد بشري]ــــــــ[02 - 12 - 06, 01:56 ص]ـ
والسؤال قائم أيضا عن مؤلفه الكبير في الرد على الأشاعرة،وقد ذكر بعض الإخوان أنه اطلع عليه مخطوطا؟
فهل من مخبر عنه؟
ـ[حامد تميم]ــــــــ[02 - 12 - 06, 05:28 م]ـ
كتاب الشيخ سفر على صغره، فهو جيد في بابه، واقول للأخ أبو عبد الله المدني -بارك الله فيه-، لماذا كثر رد الأشاعرة على الكتاب، فإن لم يكن رداً علمياً مأخوذ من مصادرهم، فلما لم يعرضوا عنه، وغير الشيخ سفر رد عليهم، مثل: الشيخ المحمود والشيخ خالد نور وغيرهم، فلما لم يردوا عليهم.
وقد ردّ على كتاب "منهج الأشاعرة"، السقاف، والأدلبي التركي، والدكتور عمر كامل.
ـ[أحمد حسان]ــــــــ[09 - 12 - 06, 09:21 م]ـ
لا يرجفنك أخي كثرة الردود، فإنه إذا أردت أن تعرف قوة تأثيرك على خصمك وشيعته، فانتظر منه أو منهم كثرة الردود عليك.
وانظر إليهم يحاكمون غيرهم على ألفاظ وحروف، ويتركون المعاني والمقاصد التي بين الأسطر، وهي التي من أجلها ركبت هذه الحروف والكلمات، فإذا أردت معرفة هزالة الردود فاعلم أنها تتجه إلى وضع المجهر على الألفاظ والحروف وتترك المرادات والمعاني والأفكار.
ورد في منهج الأشاعرة (المخطوط) للشيخ سفر الحوالي شفاه الله وعافاه:
وهذه الكتب والمقالات قد تبدو للناظر أول وهلة وكأنما هي مجرد امتداد للفرق المنحرفة القديمة، ولا دافع لها إلا التعصب لتلك الفرق والمذاهب، والواقع أن وراء تلك الأكمة ما وراءها، وأن هذه النظرة إن صدقت على بعضهم لا تصدق على كلهم، فهي لا تهدف للتعصب للماضي بقدر ما هي تخطط وتبرمج للمستقبل مستغلةً سذاجة غالب شباب الصحوة كما أسلفنا.
ومن الأدلة على ذلك ما يفتعله أصحاب هذا الاتجاه البدعي المقنع حين ينشرون أفكارهم وكتبهم على الملأ، ويحثّون الشباب على قراءتها، ثم لا يفوتهم أن يقرنوا ذلك بالتباكي على ما تعيشه أمة الإسلام من تفرقٍ وتمزقٍ، وأنها ما تزال تبحث مسألة ((أين الله)) ومسألة ((القرآن مخلوق أم قديم))، وقضايا الفلاسفة والمعتزلة والصوفية والأشاعرة ... الخ.
في حين أن العدو يحتل أراضيها، ويهدد كيانها، ولا يفرق بين أحدٍ منها، فهلا انصرف المسلمون لمحاربة الشيوعية، ومقاومة الخطط الصهيونية، وتركوا هذه الخلافات.
يتباكون على هذا، وهم يقدمون للشباب مؤلفات كلها تفلسف وتجهم واعتزال وتصوف وتمشعر .. الخ.
وأشهد أن بعضهم إن لم أقل كثيرًا منهم قد كتب الكثير من المؤلفات في الطعن على السلف والنيل من عقيدتهم، والدعوة الصريحة إلى البدعة التي هي أصل الانقسام والفرقة، وما كتب حرفًا واحدًا قط عن الشيوعية والصهيونية، بل إن واقع حاله يدل على أن تضليل أو تكفير أئمة عقيدة السلف أولى عنده وأهم من محاربة الشيوعية أو الصهيونية.
وأخطر من هؤلاء طائفةٌ من القطاع هالها كساد سوقها، وتكدس مصنفاتها البدعية، فعمدت إلى أسلوبٍ أمكر وأخبث، وهو انتحال مذهب السلف الصالح ظاهرًا، وادعاء أنه ومذهبها سواء، وزعمت أنها بذلك تخدم مصلحة الإسلام، وتسعى لجمع المسلمين، فبعثروا المعالم والمعايير.
أما الشباب الحائر، فلم يعد يدري كيف يسير. اهـ
فحفظك الله شيخنا وجعلك وما تكتب منارة للشريعة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/114)
ـ[المقدادي]ــــــــ[09 - 12 - 06, 10:22 م]ـ
بارك الله فيك اخي احمد حسان و جزى الله الشيخ سفر الحوالي خير الجزاء
اخي الفاضل:
هل نقلك هذا من كتاب الشيخ سفر الموسع في الرد على الاشاعرة؟ فإن كان , فما هو منهجه في هذا الكتاب؟ و ما هي ابرز النقاط التي تعرض لها الشيخ حفظه الله؟
ـ[المقدادي]ــــــــ[09 - 12 - 06, 10:25 م]ـ
ملاحظة:
كتب بعض المتمشعرة ردودا جديدة على رسالة الشيخ سفر الحوالي , و لم يأتوا بجديد للأسف! فكل ما قالوه إما مكرر او شبهات عفا عليها الزمن!!! و اغلب كلامهم كما لاحظته انشائي , و الظاهر ان المتمشعر في هذه الايام ان اراد ان يكبر في عيون تلامذته عَمد الى رسالة الشيخ سفر و رد عليها ثم يطبل له تلامذته بأنه نقضها و اتى بما لم يستطعه الاوائل!!!!
ـ[حامد تميم]ــــــــ[23 - 12 - 06, 10:09 م]ـ
في كم صفحة مخطوطة الشيخ؟
ـ[أبو عمر محمد بن إسماعيل]ــــــــ[22 - 04 - 10, 11:24 ص]ـ
في أساس التقديس: "اعلم أن الدلائل القطعية إذا قامت على ثبوت شيء، ثم وجدنا أدلة نقلية يشعر ظاهرها بخلاف ذلك فهناك لا يخلو الحال من أحد أمور أربعة إما أن يصدق مقتضى العقل والنقل فيلزم تصديق النقيضين وهو محال. وإما أن تكذب الظواهر النقلية، وتصدق الظواهر العقلية. وإما أن تصدق الظواهر النقلية وتكذب الظواهر النقلية وذلك باطل، لأنه لا يمكننا أن نعرف صحة الظواهر النقلية إلا إذا عرفنا بالدلائل العقلية إثبات الصانع وصفاته وكيفية دلالة المعجزة على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وظهور المعجزات على يد محمد صلى الله عليه وسلم. ولو صار القدح في الدلائل العقلية القطعية صار العقل متهماً غير مقبول القول، ولو كان كذلك لخرج عن أن يكون مقبول القول في هذه الأصول، وإذا لم تثبت هذه الأصول خرجت الدلائل النقلية عن كونها مفيدة. فثبت أن القدح في العقل لتصحيح النقل يفضي إلى القدح في العقل والنقل معاً وأنه باطل. ولما بطلت الأقسام الأربعة لم يبق إلا أن يقطع بمقتضى الدلائل العقلية القاطعة بأن هذه الدلائل النقلية: إما أن يقال: إنها غير صحيحة، إلا أن المراد منها غير ظواهرها؛ ثم إن جوزنا التأويل اشتغلنا على سبيل التبرع بذكر تلك التأويلات على التفصيل، وإن لم يجز التأويل فوضنا العلم بها إلى الله تعالى. فهذا هو القانون الكلي المرجوع إليه في جميع المتشابهات، وبالله التوفيق ا. هـ.
وفي شرح عقيدة أهل التوحيد الكبرى: أصول الكفر ستة .. - ثم عد خمسة وقال - سادساً: التمسك في أصول العقائد بمجرد ظواهر الكتاب والسنة من غير عرضها على البراهين العقلية والقواطع الشرعية، للجهل بأدلة العقول، وعدم الارتباط بأساليب العرب. والتمسك في أصول العقائد بمجرد ظواهر الكتاب والسنة من غير بصيرة في العقل هو أصل ضلالة الحشوية فقالوا بالتشبيه والتجسيم والجهة عملاً بظاهر قوله تعالى (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ) (لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) ونحوها ا. هـ
ـ[أبو عمر محمد بن إسماعيل]ــــــــ[22 - 04 - 10, 11:54 ص]ـ
قال البربهاري رحمه الله في شرح السنة: "وإذا رأيت الرجل من أهل السنة رديء الطريق والمذهب، فاسقاً فاجراً صاحب معاص ضالاً وهو على السنة؛ فاصحبه، واجلس معه، فإنه ليس يضرك معصيته، وإذا رأيت الرجل مجتهداً في العبادة متقشفاً محترقاً بالعبادة صاحب هوى، فلا تجالسه، ولا تقعد معه، ولا تسمع كلامه، ولا تمش معه في طريق، فإني لا آمن أن تستحلي طريقته؛ فتهلك معه. "؟! ا. هـ
ـ[أبو عمر محمد بن إسماعيل]ــــــــ[22 - 04 - 10, 11:55 ص]ـ
قال الإمام أحمد برد الله مضجعه
فُسَّاق أهل السنة أولياء الله، وزُهَّاد أهل البدعة أعداء الله.
ـ[ابومحمدالجميلي]ــــــــ[23 - 04 - 10, 08:14 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اني أقرأ مطولاتكم وأعجب كل العجب
عند الكلام عن خصومكم فكلهم رزايا اما انتم فمجمع الحسنات
واذا ذكرتم مخالف فبالتحقير والتصغير
اشعر والله وانتم تغرقون في التفاصيل انكم من كوكب اخر بل من مجرة اخرى
أليس من حسنة لمخالفكم
وأنتم تتكلمون عن مئات الملايين من اهل الاسلام
كونوا منصفين
المسلم عادل
العالم متجرد
اللهم ارزقنا القسط في الغضب والرضا
راجين عفوك في الاخرة
ـ[محمد بن سعد المالكى]ــــــــ[24 - 04 - 10, 08:15 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/115)
هناك تعليق على رسالة الشيخ سفر
لأحمد بن سالم المصرى صاحب دار التأصيل
ـ[أبو نسيبة السلفي]ــــــــ[08 - 05 - 10, 09:28 م]ـ
انها نفس النغمة القديمة لهولاء المبتدعة طالما نعقوا بها هروباً وفرارا ً من المواجهة حتى أن أحدهم قال ان ابن تيمية نفسة لم يفهم منهج الاشاعرة
صدقت بارك الله فيك .. عين الصواب.
لم أر ألأم من هؤلاء ليس لأنهم أشاعرة فقط بل لأنهم صوفيون قبوريون. يعني تمشعر + تخريف.
بصراحة قبل أن اعرف شيئا عن الاشاعرة كنت متحيرا لعل ما ينكرونه معهم فيه حق. لكنني وجدت هؤلاء يؤلون النصوص ويؤولون التأويل نفسه. و التأويل في النهاية مجرد دعوى ولكن يجب عليك الرد عليها و هكذا.
صحيح بداهة لا احد معصوم وبالتالي لا يمنع من وجود خطأ هنا او هناك لكن منهجهم هو التدليس و الهروب و الكذب والتحريف بل وتحريف التحريف.
سبحان الله لقد قلتها من قبل:
على قلة علمي .. أنا أعرف الاشاعرة خاصة عندما يكون الاشعري قبوريا. فأحدهم سألته:
((الى الاشاعرة: هل يرى الله تعالى نفسه الان؟ هل رأى الله نفسه ولو أزليا؟))
فلبس القبوري ((جلباب السنة)) وقال:
((أولا هذا السؤال مرفوض من أساسه فهو بحث في ذات الله, والمصطفى يقول (تفكروا في صفات الله ولا تفكروا في ذاته فتهلكوا)) أفلا تسمعون))
يعني "طلع فيها شيخ". لكن:
حزر فزر ماذا حصل؟؟؟!!!
جاء احد فرسان السنة ففضح عوار هذا الاشعري المتلون فقال:
((قال الامدي في ابكار الافكار: أن جمهور الاشاعرة يقولون بأن الله يرى نفسه والمعتزلة منعت ذلك.))
مضحك الى درجة القهقهة!!!! ليس أول مرة أرى فيها أشعري يظن نفسه يدافع عن عقيدته بينما هو يحشها بالمحشة حشا!!!
فيبدو ان امامه الاشعري - رحمه الله وقد تاب- لا يسمع ويخوض في ذات الله!!!!
ولو علم بانه يرى لاجاب من فوره (ولا داعي للمشيخة = يعني أشعري أصلي) ولا بأس عندها أن نتفكر في ذات الله لأن امامه جوز ذلك أي ان ضابط الحديث هو الامام الاشعري أو أي واحد من ائمته فهو الذي يقرر ما يجوز ولا يجوز في ذات الله. وقد كان هذا القبوري متبجحا. فأعظم الشر عندما يجتمع التمشعر مع التخريف.
نحن لا نحكي حكايات الصوفية القبورية! لمن أراد التأكد فليذهب الى هذا الرابط ويرى بأم عينه:
س. إلى الاشاعرة: هل يرى الله تعالى نفسه؟
( http://www.alagidah.com/vb/showthread.php?t=5321)
المقصد: أن هؤلاء لا يدافعون عن الحق إنما يدافعون عن معتقد مسبق. فهذا الرجل مثال على الاستعداد النفسي للدفاع عن معتقده مهما كلف الامر ويفترض أن أي سؤال موجه له ينقض عقيدته.
ـ[أبو عمر محمد بن إسماعيل]ــــــــ[09 - 05 - 10, 11:00 ص]ـ
صدقت بارك الله فيك .. عين الصواب.
لم أر ألأم من هؤلاء ليس لأنهم أشاعرة فقط بل لأنهم صوفيون قبوريون. يعني تمشعر + تخريف.
بصراحة قبل أن اعرف شيئا عن الاشاعرة كنت متحيرا لعل ما ينكرونه معهم فيه حق. لكنني وجدت هؤلاء يؤلون النصوص ويؤولون التأويل نفسه. و التأويل في النهاية مجرد دعوى ولكن يجب عليك الرد عليها و هكذا.
صحيح بداهة لا احد معصوم وبالتالي لا يمنع من وجود خطأ هنا او هناك لكن منهجهم هو التدليس و الهروب و الكذب والتحريف بل وتحريف التحريف.
سبحان الله لقد قلتها من قبل:
على قلة علمي .. أنا أعرف الاشاعرة خاصة عندما يكون الاشعري قبوريا. فأحدهم سألته:
((الى الاشاعرة: هل يرى الله تعالى نفسه الان؟ هل رأى الله نفسه ولو أزليا؟))
فلبس القبوري ((جلباب السنة)) وقال:
((أولا هذا السؤال مرفوض من أساسه فهو بحث في ذات الله, والمصطفى يقول (تفكروا في صفات الله ولا تفكروا في ذاته فتهلكوا)) أفلا تسمعون))
يعني "طلع فيها شيخ". لكن:
حزر فزر ماذا حصل؟؟؟!!!
جاء احد فرسان السنة ففضح عوار هذا الاشعري المتلون فقال:
((قال الامدي في ابكار الافكار: أن جمهور الاشاعرة يقولون بأن الله يرى نفسه والمعتزلة منعت ذلك.))
مضحك الى درجة القهقهة!!!! ليس أول مرة أرى فيها أشعري يظن نفسه يدافع عن عقيدته بينما هو يحشها بالمحشة حشا!!!
فيبدو ان امامه الاشعري - رحمه الله وقد تاب- لا يسمع ويخوض في ذات الله!!!!
ولو علم بانه يرى لاجاب من فوره (ولا داعي للمشيخة = يعني أشعري أصلي) ولا بأس عندها أن نتفكر في ذات الله لأن امامه جوز ذلك أي ان ضابط الحديث هو الامام الاشعري أو أي واحد من ائمته فهو الذي يقرر ما يجوز ولا يجوز في ذات الله. وقد كان هذا القبوري متبجحا. فأعظم الشر عندما يجتمع التمشعر مع التخريف.
نحن لا نحكي حكايات الصوفية القبورية! لمن أراد التأكد فليذهب الى هذا الرابط ويرى بأم عينه:
س. إلى الاشاعرة: هل يرى الله تعالى نفسه؟ ( http://www.alagidah.com/vb/showthread.php?t=5321)
(http://www.alagidah.com/vb/showthread.php?t=5321)
المقصد: أن هؤلاء لا يدافعون عن الحق إنما يدافعون عن معتقد مسبق. فهذا الرجل مثال على الاستعداد النفسي للدفاع عن معتقده مهما كلف الامر ويفترض أن أي سؤال موجه له ينقض عقيدته.
بارك الله فيكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/116)
ـ[أبو عمر محمد بن إسماعيل]ــــــــ[09 - 05 - 10, 11:58 ص]ـ
فائدة من كتاب المناظرة في القرآن لابن قدامة المقدسي - (1/ 34)
ولقد حكيت عن الذي جرت المناظرة بيني وبينه بعض ما قاله فنقل إليه ذلك فغضب وشق عليه وهو من أكبر ولاة البلد وما أفصح لي بمقالته حتى خلوت معه وقال أريد ان أقول لك أقصى ما في نفسي وتقول لي اقصى ما في نفسك وصرح لي بمقالتهم على ما حكيناه عنهم ولما الزمته بعض الآيات الدالة على ان القرآن هو هذه السور قال وأنا أقول إن هذا قرآن ولكن ليس هو القرآن القديم قلت ولنا قرآنان قال نعم وأي شيء يكون إذا كان لنا قرآنان ثم غضب لما حكيت عنه هذا القول وقال له بعض أصحابنا أنتم ولاة الأمر وأرباب الدولة فما الذي يمنعكم من إظهار مقالتكم لعامة الناس ودعاء الناس إلى القول بها بينهم فبهت ولم يجب إلي ولا نعرف في أهل البدع طائفة يكتمون مقالتهم ولا يتجاسرون على إظهارها الا الزنادقة والأشعرية وقد امر الله تعالى رسوله صلى الله عليه و سلم بإظهار الدين والدعاء اليه وتبليغ ما أنزل عليه فقال تعالى يا ايها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس المائدة 67؛ فإن كانت مقالتهم كما يزعمون هي الحق فهلا أظهروها ودعوا الناس إليها وكيف حل لهم كتمانها وإخفاؤها والتظاهر بخلافها وإيهام العام اعتقاد ما سواها بل لو كانت مقالتهم هي الحق الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه والأئمة الذين بعدهم كيف لم يظهرها أحد منهم وكيف تواطأوا على كتمانها أم كيف حل للنبي صلى الله عليه و سلم كتمانها عن أمته وقد أمر بتبليغ ما انزل إليه وتوعد على إخفاء سىء منه بقوله وإن لم تفعل فما بلغت رسالته أم كيف وسعه ان يوهم الخلق خلاف الحق ثم هو صلى الله عليه و سلم اشفق على أمته من أن يعلمه الله حقا ويأمره بتبليغه إلى أمته فيكتمه عنهم حتى يضلوا عنه ثم إذا كتمه فمن الذى بلغه إلى الصحابة حتى اعتقدوه ودانوا به وكيف تصور منهم ان يدينوا به ويتواطأوا على كتمانه حتى لا ينقل عن أحد منهم مع كثرتهم وتفرقهم في البلدان فإن تصور ذلك منهم فمن الذي نقله إلى التابعين حتى اعتقدوه فكل هذا من المستحيل الذي يقطع كل ذي لب بفساده ويعلم يقينا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم واصحابه وتابعيهم ما كانوا يعتقدون في القرآن اعتقادا سوى اعتقاد المسلمين وانه هذا القرآن العربي الذي هو سور وآيات وهذا أمر لا يخفى على غير من أضله الله وإن تصور في عقولهم أن الحق خفي على رسول الله صلى الله عليه و سلم وعلى أصحابه والتابعين بعدهم وعلى الأئمة الذين مهدوا الدين واقتدزا بسلفهم واقتدوا بهم من بعدهم وغطي عنهم الصواب ولم يتبين لهم الصحيح إلى أن جاء الأشعري فبينه وأوضح ما خفي على النبي صلى الله عليه و سلم وأمته وكشفه فهذه عقول سخيفة وآراء ضعيفة إذ يتصور فيها أن يضيع الحق عن النبي صلى الله عليه و سلم ويجده الأشعري ويغفل عنه كل الأمة وينتبه له دونهم وإن ساغ لهم هذا ساغ لسائر الكفار نسبتهم لنبينا عليه السلام وامته إلى أنهم ضاعوا عن الصواب وأضلوا عن الطريق وينبغي ان تكون شريعتهم غير شريعة محمد صلى الله عليه و سلم ودينهم غير دين الإسلام لأن دين الإسلام هو الذي جاء به محمد صلى الله عليه و سلم وهذا إنما جاء به الأشعري وإن رضوا هذا واعترفوا به خرجوا عن الإسلام بالكلية ..... إلخ
ـ[أبو أنس مصطفى البيضاوي]ــــــــ[09 - 05 - 10, 12:58 م]ـ
من الكتب المفيدة في الرد على الأشاعرة ـ بعد كتب الشيخ سفرـ كتاب ابن الحنبلي وكتابه الرسالة الواضحة في الرد على الأشاعرة. تحقيق علي الشبل طُبِعَ في مكتبة الرشد ويقع في جزئين
ـ[أبو أنس مصطفى البيضاوي]ــــــــ[09 - 05 - 10, 01:00 م]ـ
وللشيخ القزاز كتاب سماه الأشاعرة في ميزان أهل السنة وقد تعقب فيه بعض من يمدح الأشاعرة وهو كتاب لا بأس به ويُستَعَانُ به خصوصا في معرفة ما يطرحه أولئك المبتدعة كفانا الله شرهم
ـ[غالب الساقي]ــــــــ[09 - 05 - 10, 01:25 م]ـ
أرجو من الإخوة الأكارم التعليق على منهجية د. سفر الحوالي ي كتابه: "منهج الأشاعرة في العقيدة" فقد سبق وأن ناقشت بعض مسائله مع أحد الأشاعرة فقال: أن هذا الكتاب كذب عليهم وتدليس وأن صاحبه لم يفهم مذهب الأشاعرة .... الخ إضافة غلى عدم تحريه في النقل عنهم وعن غيرهم ...
فهل هذا صحيح؟
أرجو إفادتي لمسيس الحاجة إليه
قل لهؤلاء الأشاعرة أعطوني مسألة واحدة كذب أو أخطأ فيها الشيخ سفر على الأشاعرة في هذه الرسالة ثم انقلها هنا لننظر فيها وهم حينئذ سيعطونك أوضح وأقوى ما عندهم فإن تبين كذبهم فيها تبين كذبهم فيما سواها من باب أولى وإن تبين صدقهم ولا إخاله كذلك نظرنا في هذه الدعوى.
أما أن تطلق هذه الدعوى هكذا بدون براهين فلا يصح الالتفات إليها.
وأنا بانتظار تلك المسألة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/117)
ـ[أبو نسيبة السلفي]ــــــــ[10 - 05 - 10, 04:09 ص]ـ
قل لهؤلاء الأشاعرة أعطوني مسألة واحدة كذب أو أخطأ فيها الشيخ سفر على الأشاعرة في هذه الرسالة ثم انقلها هنا لننظر فيها وهم حينئذ سيعطونك أوضح وأقوى ما عندهم فإن تبين كذبهم فيها تبين كذبهم فيما سواها من باب أولى وإن تبين صدقهم ولا إخاله كذلك نظرنا في هذه الدعوى.
أما أن تطلق هذه الدعوى هكذا بدون براهين فلا يصح الالتفات إليها.
وأنا بانتظار تلك المسألة
جزاك الله خيرا .. هذا هو الرد العلمي. اما مجرد الانكار فالكل يستطيعه (عقلا لا شرعا!)
يمكن توقع المسألة إن وجدت في كتب من رد على الكتاب. لكن مطالبتهم = إلزامهم!
وبارك الله في أخينا ابا عمر محمد بن اسماعيل(32/118)
هل لله مكان؟
ـ[أسامة بن صبري]ــــــــ[01 - 11 - 05, 02:08 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد قول أهل العلم عن هذه المسألة
هل لله مكان؟
إني أعرف أن الألباني قال أن ليس لله مكان
وأريد أيضا قول بن العثيمين في هذه المسألة
وجزاكم الله خيرا
ـ[السنافي]ــــــــ[01 - 11 - 05, 03:04 م]ـ
و عليكم السلام و رحمة الله وبركاته،،،
إن الله تعالى مستوٍ على عرشه عالٍ على خلقه كما جاءت بذلك نصوص الوحيين.
أما سؤالك يا أخي فإنه سؤال بدعي و لا يجوز استعمال هذه الألفاظ الحادثة المجملة، و حينها نستفصل عن مقصد من أطلق هذه العبارات في حق الله.
فإن كان المعنى حقاً قبلناه و بيّنا للمتلفظ أن لفظه و عبارته بدعية، و إن كان المعنى باطلاً رددنا على عليه عبارته الباطلة و معناها مبيين له بطلانها.
و الشيخ الألباني لم يقل ببدعة المكان نفياً و لا إثباتاً، و التفصيل _ الذي لابد منه _ كما ذكرت لك.
لأن المقام مقام توقيف فلا نخرج عن الشرع بحال.
ـ[أبو عبد الباري]ــــــــ[01 - 11 - 05, 03:09 م]ـ
الأخ السنافي موفق ومسدد إن شاء الله تعالى، ولكن سؤالي للسائل: أين قال الألباني ذلك؟ وما هو نص قوله حتى يعلم صحة النقل والنقل معا.
أبو عبد الباري
ـ[السنافي]ــــــــ[01 - 11 - 05, 03:12 م]ـ
نعم يا أخي سؤالك للسائل الأخ أسامة في محله.
فللشيخ مناظرةٌ في ثلاثة أشرطة في الموضوع نفسه مع طلبة السقاف الجهمي (و قد تابوا في آخر المجلس!!).
سمعته منذ أكثر من عشر سنوات.
فابحث عنه و استمع إليه ..
ـ[السعداوي]ــــــــ[01 - 11 - 05, 03:23 م]ـ
الشريط موجود على هذا الرابط
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=4568
ـ[أسامة بن صبري]ــــــــ[01 - 11 - 05, 04:16 م]ـ
سمعت قول الألباني في شريطه أهمية العقيدة
ـ[خالد المغناوي]ــــــــ[02 - 11 - 05, 08:10 م]ـ
السلام عليكم
ان من القواعد العقيدة
وهي ان الامر اذا جاء ولم يرد فيه لا اتبات ولا النفي فلاصل عدم الخوض في ذالك لان ما سكت عليه السلف فمن باب اولي ان نسكت عليه نحن
ويقال في المكان ما قيل في الجهة فاقول لاخي راجع مختصر الحموية وما قيل في الجهة
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[02 - 11 - 05, 10:55 م]ـ
أخي أسامة،
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،
تقبل الله صيامكم و قيامكم و كافة طاعاتكم، و أحسن عزائكم في انقضاء الشهر الفضيل .. بالنسبة للمكان فهو ليس من الألفاظ الشرعية و لم يرد به نص فنصدقه أو نكذبه، لهذا لا نثبت المكان لله و لا ننفيه.
بل نستفسر عن المقصود به عند السائل: هل المقصود به معنى شرعيًا مقبولاً فنثبته أو معنى غير مقبول فنرفضه.
فإن كان مقصودك بالمكان أن الله مستو على عرشه و عليٌّ على مخلوقاته و فوق سماواته (خلافًا لمن يقول أنه ليس داخل العالم و لا خارجه فيجعله عدمًا محضًا ليس له وجود حقيقي في الخارج) فهو معنى مقبول جاءت به النصوص الشرعية .. أما إن كان مقصودك هو المكان المخلوق أو أن الله داخل هذا العالم المخلوق فهذا معنى مرفوض نرفضه و نرده.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[02 - 11 - 05, 10:57 م]ـ
سئل شيخ الإسلام أبو العبّاس أحمد بن تيمية رحمه الله:
عَنْ رجلين اختلفا فِي الاعتقاد. فقال أحدهما: من لاَ يعتقد أنّ الله سُبْحَانَهُ وتعالى فِي السّمَاء فَهُوَ ضال. وقال الآخر: إنّ الله سُبْحَانَهُ لاَ ينحصر فِي مكان، وهما شافعيان فبينوا لَنَا مَا نتبع من عقيدة الشّافعي رضي الله عنه، وَمَا الصّواب فِي ذلك؟
الجواب: الحمد لله، اعتقاد الشافعي رضي الله عَنْهُ واعتقاد "سلف الإسلام" كمالك، والثوري، والأوزاعي، وابن المبارك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وَهُوَ اعتقاد المشايخ المقتدى بهم كالفضيل بن عياض، وأبي سليمان الداراني، وسهل بن عبد الله التستري، وغيرهم. فإنّه لَيْسَ بَيْنَ هؤلاء الأئمة وأمثالهم نزاع فِي أصول الدين.
وكذلك أبو حنيفة رحمة الله عَلَيهِ، فإنّ الاعتقاد الثابت عَنْهُ فِي التوحيد والقدر ونحو ذَلِكَ موافق لاعتقاد هؤلاء، واعتقاد هؤلاء هُوَ مَا كَانَ عَلَيهِ الصّحابة والتّابعون لهم بإحسان، وَهُوَ مَا نطق بِهِ الكتاب والسنة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/119)
قَالَ الشافعي فِي أوّل خطبة "الرّسالة": الحمد لله الَّذِي هُوَ كَمَا وصف بِهِ نفسه، وفوق مَا يصفه بِهِ خلقه. فبيّن رحمه الله- أنّ الله موصوف بِمَا وصف بِهِ نفسه فِي كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
وكذلك قَالَ أحمد بن حنبل: لاَ يوصف الله إِلاَّ بِمَا وصف بِهِ نفسه، أَوْ وصفه بِهِ رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف وَلاَ تعطيل، ومن غير تكييف وَلاَ تمثيل، بل يثبتون لَهُ مَا اثبته لنفسه من الأسماء الحسنى، والصفات العليا، ويعلمون أَنَّهُ ((لَيْسَ كمثله شيء وَهُوَ السميع البصير)) لاَ فِي صفاته، وَلاَ فِي ذاته، وَلاَ فِي أفعاله.
إِلَى أَنْ قَالَ: وَهُوَ الَّذِي خلق السَّمَاوَات والأرض وَمَا بينهما فِي ستة أيّام ثُمَّ استوى عَلَى العرش؛ وَهُوَ الَّذِي كلّم موسى تكليماً؛ وتجلّى للجبل فجعله دكاً؛ وَلاَ يمثاله شيء من الأشياء فِي شيء من صفاته، فليس كعلمه علم أحد، وَلاَ كقدرته قدرة أحد، وَلاَ كرحمته رحمة أحد، وَلاَ كاستوائه استواء أحد، وَلاَ كسمعه وبصره سمع أحد وَلاَ بصره، وَلاَ كتكليمه تكليم أحد، وَلاَ كتجليه تجلي أحد.
والله سُبْحَانَهُ قَدْ أخبرنا أنّ فِي الجنة لحماً ولبناً، عسلاً وماءً، وحريراً وذهباً.
وَقَدْ قَالَ ابنُ عبّاسٍ رضي الله عنهما: لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مما فِي الآخرة إِلاَّ الأسماء.
فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ المخلوقات الغائبة ليست مثل هَذِهِ المخلوقات المشاهدة - مَعَ اتفاقها فِي الأسماء- فالخالق أعظم علواً ومباينة لخلقه من مباينة المخلوق للمخلوق، وإن اتّفقت الأسماء.
وَقَدْ سمّى نفسه حياً عليماً، سميعاً بصيراً، وبعضها رؤوفاً رحيماً؛ وليس الحيّ كالحيّ، وَلاَ العليم كالعليم، وَلاَ السميع كالسميع، وَلاَ البصير كالبصير، وَلاَ الرؤوف كالرؤوف، وَلاَ الرحيم كالرّحيم.
وقال فِي سياق حديث الجارية المعروف: (أين الله؟) قالت: فِي السّمَاء. لكن لَيْسَ معنى ذَلِكَ أنّ الله فِي جوف السّمَاء، وأنّ السَّمَاوَات تحصره وتحويه، فإن هَذَا لَمْ يقله أحد من السّلف الأمة وأئمتها؛ بل هم متفقون عَلَى أنّ الله فَوْقَ سماواته، عَلَى عرشه، بائن من خلقه؛ لَيْسَ فِي مخلوقاته شيء من ذاته، وَلاَ فِي ذاته شيء من مخلوقاته.
وَقَدْ قَالَ مالك بن أنس: إن الله فَوْقَ السماء، وعلمه فِي كلّ مكان
فمن اعتقد أنّ الله فِي جوف السّمَاء محصور محاط به، وأنّه مفتقر إِلَى العرش، أَوْ غير العرش – من المخلوقات- أَوْ أَنْ استواءه عَلَى عرشه كاستواء المخلوق عَلَى كرسيّه: فَهُوَ ضال مبتدع جاهل، ومن اعتقد أنّه لَيْسَ فَوْقَ السَّمَاوَات إله يعبد، وَلاَ عَلَى العرش ربّ يصلّى لَهُ ويسجد، وأنّ محمداً لَمْ يعرج بِهِ إِلَى ربّه؛ وَلاَ نزل القرآن من عنده: فَهُوَ معطّل فرعوني، ضال مبتدع –وقال- بَعْدَ كلام طويل- والقائل الَّذِي قَالَ: من لَمْ يعتقد أَنّ الله فِي السّمَاء فَهُوَ ضال: إن أراد بذلك من لاَ يعتقد أنّ الله فِي جوف السّمَاء، بحيث تحصره وتحيط بِهِ: فَقَدْ أخطأ.
وإن أراد بذلك من لَمْ يعتقد مَا جاء بِهِ الكتاب والسنة، واتفق عَلَيهِ سلف الأمة وأئمتها، من أنّ الله فَوْقَ سماواته عَلَى عرشه، بائن من خلقه: فَقَدْ أصاب، فإنه من لَمْ يعتقد ذَلِكَ يكون مكذباً للرسول صلى الله عليه وسلم، متبعاً لغير سبيل المؤمنين؛ بل يكون فِي الحقيقة معطّلاً لربّه نافياً لَهُ؛ فَلاَ يكون لَهُ فِي الحقيقة إله يعبده، وَلاَ ربّ يسأله، ويقصده.
والله قَدْ فطر العباد – عربهم وعجمهم - عَلَى أنّهم إِذَا دعوا الله توجّهت قلوبهم إِلَى العلوّ، وَلاَ يقصدونه تحت أرجلهم.
ولهذا قَالَ بعض العارفين: مَا قَالَ عارف قط: يَا الله!! إِلاَّ وجد فِي قلبه – قبل أَنْ يتحرّك لسانه- معنى يطلب العلو، لاَ يلتفت يمنة وَلاَ يسرة.
ولأهل الحلول والتعطيل فِي هَذَا الباب شبهات، يعارضون بِهَا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وَمَا أجمع سلف الأمة وأئمتها؛ وَمَا فطر الله عَلَيهِ عباده، وَمَا دلّت عَلَيهِ الدلائل العقلية الصحيحة؛ فإن هَذِهِ الأدلّة كلّها متفقة عَلَى أنّ الله فَوْقَ مخلوقاته، عالٍ عَلَيْهَا، قَدْ فطر الله عَلَى ذَلِكَ العجائز والصبيان والأعراب فِي الكتاب؛ كَمَا فطرهم عَلَى الإقرار بالخالق تَعَالَى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/120)
وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم فِي الحديث الصحيح: (كلّ مولود يولد عَلَى الفطرة؛ فأبواه يهودانه، أَوْ ينصّرانه، أَوْ يمجسانه، كَمَا تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هَلْ تحسّون فِيهَا من جدعاء؟) ثُمَّ يقول أبو هريرة رضي الله عنه: اقرؤوا إن شئتم: ((فطرة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا، لاَ تبديل لخلق الله)).
وهذا معنى قول عمر بن عبد العزيز: عليك بدين الأعراب والصبيان فِي الكتاب، وعليك بِمَا فطرهم الله عليه، فإن الله فطر عباده عَلَى الحق، والرّسل بعثوا بتكميل الفطرة وتقريرها، لاَ بتحويل الفطرة وتغييرها.
وأمّا أعداء الرسل كالجهمية الفرعونية ونحوهم: فيريدون أَنْ يغيّروا فطرة الله، ويوردون عَلَى النَّاس شبهات بكلمات مشتبهات، لاَ يفهم كثير من النَّاس مقصودهم بها؛ وَلاَ يحسن أَنْ يجيبهم.
وأصل ضلالتهم تكلّمهم بكلمات مجملة؛ لاَ أصل لَهَا فِي كتابه؛ وَلاَ سنّة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ وَلاَ قالها أحد من أئمّة المسلمين، كلفظ التحيّز والجسم، والجهة ونحو ذَلِكَ.
فمن كَانَ عارفاً بحل شبهاتهم بينها، ومن لَمْ يكن عارفاً بذلك فليعرض عَنْ كلامهم، وَلاَ يقبل إِلاَّ مَا جاء بِهِ الكتاب والسنّة، كَمَا قَالَ: ((وَإِذَا رأيت الَّذِينَ يخوضون فِي آياتنا فأعرض عنهم حتّى يخوضوا فِي حديثٍ غيره)). ومن يتكلّم فِي الله وأسمائه وصفاته بِمَا يخالف الكتاب والسنّة فَهُوَ من الخائضين فِي آيات الله بالباطل.
وكثير من هؤلاء ينسب إِلَى أئمّة المسلمين مَا لَمْ يقولوه: فينسبون إِلَى الشافعي، وأحمد بن حنبل، ومالك، وأبي حنيفة: من الاعتقادات مَا لَمْ يقولوا. ويقولون لمن تبعهم: هَذَا اعتقاد الإمام الفلاني؛ فَإِذَا طولبوا بالنّقل الصحيح عَنْ الأئمة تبيّن كذبهم.
· وقال الشافعي: حكمي فِي أهل الكلام: أَنْ يضربوا بالجريد والنّعال، ويطاف بهم فِي القبائل والعشائر، ويقال: هَذَا جزاءُ من ترك الكتاب والسنّة، وأقبل عَلَى الكلام.
· قَالَ أبو يوسف القاضي: من طلب الدين بالكلام تزندق.
· قَالَ أحمد: مَا ارتدى أحد بالكلام فأفلح.
· قَالَ بعض العلماء: المعطّل يعبد عدماً، والممثّل يعبد صنماً. المعطّل أعمى، والممثّل أعشى؛ ودين الله بَيْنَ الغالي فِيهِ وَالجافي عَنْهُ.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ((وكذلك جعلناكم أمّة وسطاً)) والسنّة فِي الإسلام كالإسلام فِي الملل. انتهى والحمد لله ربّ العالمين.
[مجموع الفتاوى (5/ 256 - 261)]
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[02 - 11 - 05, 11:07 م]ـ
رسالة في
إثبات الاستواء و الفوقية
للإمام
أبو محمد عبدالله بن يوسف الجويني
والد إمام الحرمين المتوفى عام 438هـ
قام بصف هذا الكتاب ونشره إخوانكم في
[شبكة الدفاع عن السنة]
www.d-sunnah.net
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد الحبيب وعلى آله وسلم
الحمد الله الذي كان، ولا مكان، ولا إنس، ولا جان، ولا طائر، ولا حيوان، المنفرد بوحدانيته في قدم أزليته، والدائم في فردانيته في قدس صمدانيته، ليس له سَمِي ولا وزير، ولا شبيه ولا نظير، المتفرد بالخلق والتصوير، المتصرف بالمشيئة والتقدير {ليس كمثله شيءٌ وهو السميع العليم}. له الرفعة والعلاء، والحمد والثناء، والعلو والاستواء، لا تحصره الأجسام، ولا تصوره الأوهام، ولا تقله الحوادث ولا الأجرام، ولا تحيط به العقول ولا الأفهام، له الأسماء الحسنى والشرف الأتم الأسنى، والدوام الذي لا يبيد ولا يفنى، نَصِفهُ بما وصف به نفسه من الصفات التي تُوجِب عظمته وقُدْسه، مما أنزله في كتابه، وبيَّنه رسوله صلى الله عليه وسلم في خطابه، ونؤمن بأنه الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم السميع البصير، العليم القدير، الرحمن الرحيم، الملك القدوس العظيم، لطيف خبير، قريب مجيب، متكلم مريد، فعال لما يريد، يقبض ويبسط، ويرضى ويغضب، ويحب ويبغض، ويكره ويضحك، ويأمر وينهى، ذو الوجه الكريم، والسمع السميع، والبصر البصير، والكلام المبين، واليدين والقبضتين، والقدرة والسلطان، والعظمة والامتنان، لم يزل كذلك، ولا يزال، استوى على عرشه فبان من خلقه، لا يخفى عليه منهم خافية، علمه بهم محيط، وبصره بهم نافذ، وهو في ذاته وصفاته لا يشبهه شيء من مخلوقاته، ولا يمثل بشيء من جوارح مبتدعاته، وهي صفات لائقة بجلاله وعظمته، لا تتخيل كيفيتها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/121)
الظنون، ولا تراها في الدنيا العيون، بل نؤمن بحقائقها، وثبوتها، واتصاف الرب تعالى بها، وننفي عنها تأويل المتأولين (1)، وتعطيل الجاحدين (2)، وتمثيل المشبهين (3)، تبارك الله أحسن الخالقين، فبهذا الرب نؤمن، وإياه نعبد، وله نصلي ونسجد، فمن قصد بعبادته إلى إله ليست له هذه الصفات فإنما يعبد غير الله، وليس معبوده ذلك بإله فكفرانه لا غفرانه (4).
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله اصطفاه لرسالته، واختاره لبريته، وأنزل عليه كتابه المبين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أكرم الآل وأفضل العبيد.
وبعد: فهذه نصيحة كتبتها إلى إخواني في الله أهل الصدق والصفاء والإخلاص والوفاء، لما تعين عليَّ من محبتهم في الله، ونصيحتهم في صفات الله –عز وجل-، فإن المرء لا يكمل إيمانه حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وفي الصحيح عن جرير بن عبدالله البجلي. قال: ((با يعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على إقامِ الصلاةِ وإيتاءِ الزكاةِ والنُّصْح لكلِّ مُسلمٍ)) (1).
وعن تميم الدَّاريِّ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الدِّينُ النَّصيحةُ ثلاثاً)). قلنا: لمَنْ؟ قال: ((لله ولكتابهِ ولرسُولهِ ولأئمَّةِ المسلمينَ وعامَّتهم)) (2).
أعرفهم أيدهم الله تعالى بتأييده، ووفقهم لطاعته ومزيده، أنني كنت برهة من الدهر متحيراً في ثلاث مسائل: مسألة الصفات، ومسألة الفوقية، ومسألة الحرف والصوت في القرآن المجيد، وكنت متحيراً في الأقوال المختلفة الموجدة في كتب أهل العصر في جميع ذلك من تأويل الصفات وتحريفها، أو إمرارها والوقوف فيها، أو إثباتها بلا تأويل، ولا تعطيل، ولا تشبيه، ولا تمثيل فأجد النصوص في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ناطقة منبئة بحقائق هذه الصفات، وكذلك في إثبات العلو والفوقية، وكذلك الحرف والصوت، ثم أجد المتأخرين من المتكلمين في كتبهم منهم من يؤول الاستواء بالقهر والاستيلاء، ويؤول النزول بنزول الأمر، ويؤول اليدين بالقدرتين أو النعمتين، ويؤول القدم بقدم الصدق عند ربهم، وأمثال ذلك، ثم أجدهم مع ذلك يجعلون كلام الله تعالى معنى قائم بالذات بلا حرف ولا صوت، ويجعلون هذه الحروف عبارة عن ذلك المعنى القائم.
وممن ذهب إلى هذه الأقوال وبعضها قوم لهم في صدري منزلة، مثل طائفة من فقهاء الأشعرية الشافعيين لأني على مذهب الشافعي– رضي الله عنه- عرفت فرائض ديني وأحكامه، فأجد مثل هؤلاء الشيوخ الأجلة يذهبون إلى مثل هذه الأقوال، وهم شيوخي ولي فيهم الاعتقاد التام، لفضلهم وعلمهم، ثم إنني مع ذلك أجد في قلبي من هذه التأويلات حزازات لا يطمئن قلبي إليها، وأجد الكدر والظلمة منها، وأجد ضيق الصدر، وعدم انشراحه مقروناً بها، فكنت كالمتحير المضطرب في تحيره، المتململ من قلبه وتغيره.
وكنت أخاف من إطلاق القول بإثبات العلو والاستواء، والنزول مخافة الحصر والتشبيه، ومع ذلك فإذا طالعت النصوص الواردة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أجدها نصوصاً تشير إلى حقائق هذه المعاني، وأجد الرسول صلى الله عليه وسلم قد صرح بها مخبراً عن ربه، واصفاً لها بها، وأعلم بالاضطرار أنه صلى الله عليه وسلم كان يحضر في مجلسه الشريف، العالم، والجاهل، والذكي والبليد، والأعرابي، والجافي، ثم لا أجد شيئاً يعقب تلك النصوص التي كان يصف ربه بها، لا نصاً ولا ظاهراً مما يصرفها عن حقائقها، ويؤولها كما تأولها مشايخي الفقهاء المتكلمين مثل تأويلهم الاستيلاء بالاستواء، ونزول الأمر للنزول، وغير ذلك، ولم أجد عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يحذر الناس من الإيمان بما يظهر من كلامه في صفته لديه من الفوقية، واليدين، وغيرهما، ولم ينقل عنه مقالة تدل على أن لهذه الصفات معاني أُخر باطنة غير ما يظهر من مدلولها، مثل فوقية المرتبة (1)، ويد النعمة، والقدرة وغير ذلك، وأجد الله- عز وجل- يقول: {الرحمن على العرش استوى}. {خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش، يعلم}. {ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور، أم أمنتم من في السماء يرسل عليكم حاصباً}. {قل نزله روح القدس من ربك}. {وقال فرعون يا هامان ابن لي صريحاً لعلي أبلغ الأسباب، أسباب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/122)
السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كذباً}. وهذا يدل على أن موسى أخبره بأن ربه تعالى فوق السماء. ولهذا قال: وإني لأظنه كاذباً، وقوله تعالى: {ذي المعارج، تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} الآية. ثم أجد الرسول صلى الله عليه وسلم لما أراد الله تعالى أن يخصه بقربه عرج به من سماء إلى سماء حتى كان قاب قوسين أو أدنى، ثم قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح للجارية: ((أين الله؟)) فقالت: في السماء (2) .. فلم ينكر عليها بحضرة أصحابه كيلا يتوهموا أن الأمر على خلاف ما هو عليه؛ بل أقرَّها وقال: ((اعتقها فإنها مؤمنة)). وفي حديث جبير بن مطعم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله فوق عرشه فوق سماواته، وسماواته فوق أرضه مثل القبة، وأشار النبي صلى الله عليه وسلم بيده مثل القبة)) (3). وقوله صلى الله عليه وسلم: ((الرَّاحمون يرْحَمُهم الرَّحمنُ ارحموا أهل الأرض يرحمكم منْ في السماء)). أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح، وعن معاوية بن الحكم السُّلمي قلت: يا رسول الله أفلا أعتقها؟ قال: ((ادعها))، فدعوتها، قال فقال لها: ((أين الله؟)) قالت: في السماء. قال: ((اعتقها فإنها مؤمنة)) رواه مسلم ومالك في موطئه. وعن
أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من اشتكى منكم شيئاً، أو اشتكى أخٌ له فليقل: ربنا الذي في السماء تقدَّسَ أسمك، أمْرُك في السماء والأرض كما رَحْمَتك في السماء، اغفر لنا حوبنا وخطايانا أنت ربُّ الطيبين أنْزِل رحْمَةً من رحمتك وشفاءً من شِفائك على الوجع فيبرأ)) أخرجه أبو داود.
وعن أبي سعيد الخدري قال: بعث عليُّ من اليمن بذُهيبةٍ في أديمٍ مَقْروظٍ لم تُحصَّل مِنْ ترابِها فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أربعة: زيد الخير، والأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن، وعلقمة بن عُلاثة، أو عامر بن الطفيل (شك عُمارة) فوجد من ذلك بعض أصحابه والأنصار وغيرهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا تأمنوني؟ وأنا أمينُ منْ في السماء، يأتيني خَبَرُ مَنْ في السماء صباحاً ومساءً)) أخرجه البخاري ومسلم.
وعن ابن أبي ذئب، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن سعيد بن يسار، عن
أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الميت تَحضُرُهُ الملائكةُ فإذا كان الرجلُ الصالح، قالوا: اخْرُجي أيتها النفس الطيِّبةُ! كانت في الجسد الطيب، اخرجي حميدة، وأبشري بروح وريحان، ورب غير غضبان، فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال: من هذا؟ فيقول: فلان. فيقولون: مَرْحباً بالنفسِ الطيبة كانت في الجسد الطيب أدخلي حميدة، وأبشري بروح وريحان، ورب غير غضبان، فلا يزال يُقالُ لها ذلك حتى تنتهي إلى السماء التي فيها الله- عز وجل-)) (1).الحديث.
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو على امرأتهُ إلى فِرَاشِها فتأبى إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها)) أخرجه البخاري ومسلم.
وقال أبو داود: حدثنا محمد بن الصبَّاح، حدثنا الوليد بن أبي ثور، عن سِمَاك، عن عبدالله بن عميرة، عن الأحنف بن قيس، عن العباس بن عبدالمطلب قال: كنت في البطحاء في عصابة فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرت بهم سحابةٌ فنظر إليها فقال: ((ما تُسَمون هذه؟)) قالوا: السَّحابُ، قال ((والمُزْنُ؟)) قالوا: والمزن، قال: ((والعَنَان؟)) قالوا: والعنان، قال: ((هل تدرون ما بعد ما بين السماء والأرض؟)) قالوا: لا ندري. قال: ((إن بُعْدَ ما بينهما إما واحدة وإما اثنتان أو ثلاث وسبعون سنة، ثم السماءُ فوق ذلك)) حتى عدَّ سبع سماوات ((ثم فوق السماء السابعة بحْر بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم فوْقَ ذلك ثمانية أوعال، بين أظْلافِهم ورُكَبِهم مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم على ظهورهم العرش بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم الله- عز وجل- فوق ذلك)) (2).
قال الإمام الحافظ عبدالغني في عقيدته لما ذكر حديث الأوعال قال: رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه. وقال: حديث الروح رواه أحمد والدارقطني.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/123)
وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله كَتَبَ كِتاباً قَبْلَ أن يخلُقَ الخَلْقَ، أن رحمتي سبقت غضبي فهو عنده فوق العرش)) أخرجه البخاري ومسلم.
وأخرج محمد بن إسحاق، عن معبد بن كعب بن مالك، أن سعد بن معاذ لما حكم في بني قريظة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقد حكمت حكماً حكم الله به من فوق سبع أرقعة)) (1). وحديث المعراج عن أنس بن مالك، أن مالك بن صَعْصعة حدثه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به وساق الحديث إلى أن قال: ((ثم فرضت عليَّ الصلاة خمسين صلاة كلُّ يوم فرجعتُ فمررت على موسى فقال: بم أمرت؟ قال: أمرت بخمسين صلاة كل يوم. قال: إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة وإني قد خبرت الناس من قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشدَّ المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فرجعت فوضع عني عشراً، فرجعتُ إلى موسى فقال مِثلَ ذلك فرجعت إلى ربي فوَضَعَ عني عشراً خمس مرات، في كلها يقولُ فرجعت إلى موسى ثم رجعتُ إلى ربي)) أخرجه البخاري ومسلم.
وحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يتعاقبون فيكم ملائكةٌ بالليل وملائكةٌ بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ثم يعرجُ الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم –وهو أعلمُ بهم- كيف تركتم عبادي)) متفق عليه.
وعن ابن عمر قال: ((لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليه أبو بكر- رضي الله عنه- فأكب عليه وقبل جبهته. وقال: بأبي أنت وأمي طبي حياً وميتاً. وقال: من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات. ومن كان يعبد الله فإن الله حي في السماء لا يموت)) رواه البخاري، عن محمد بن فضيل، عن فضيل بن غَزْوان، عن نافع، عن ابن عمر.
وعن أنس بن مالك كانت زينب تفخرُ على أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: ((إن الله زوجني من السماء)) (2). وفي لفظ: ((زوَّجكُنَّ أهلُوكنَّ وزوجني الله مِنْ فوق سبع سماوات)) أخرجه البخاري.
وحديث عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ لم يَرْحَم مَنْ في الأرض لم يَرْحمْه مَنْ في السَّماء)) (3).
وحديث ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسري به مرت رائحة طيبة فقلت: ((يا جبريل ما هذه الرائحة؟)) فقال: هذه رائحة ماشطة ابنة فرعون كانت تمشطها فوقع المشط من يدها فقالت: بسم الله. فقالت ابنته إلى أبيها. فدعا بها فقال: هل لك رب غيري؟ قالت: ربي وربك الله الذي في السماء. فأمر ببقرة نحاس فأحميت ثم دعا بها وبولدها. فألقاهم فيها)) (1) الحديث رواه الدارمي وغيره.
وروى الدارمي أيضاً بإسناده إلى أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لما أُلقي إبراهيمُ في النار قال: اللهمَّ إنَّكَ في السَّماء واحد، وأنا في الأرض واحدٌ أعبدك)).
وأما الآثار عن الصحابة في ذلك فكثير، منها قول عمر- رضي الله عنه- عن خولة لما استوقفته فوقف لها فسئل عنها فقال: ((هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سماوات)) (2).
وعبدالله بن رواحة لما وقع بجارية له. فقالت له امرأته: فعلتها. قال: أما أنا فأقرأ القرآن، فقالت: أما أنت فلا تقرأ القرآن، وأنت جنب. فقال:
شهِدْتُ بأنَّ وعدَ الله حقٌ وأن النارَ مثوى الكافرينا
وأنَّ العرشَ فَوقَ الماء طافٍ وفوق العرشِ ربُّ العالمينا
وتحْمِلُهُ ملائِكةٌ كِرامٌ مَلائِكةُ الإله مُسوَّمِينا (3)
وابن عباس لما دخل على عائشة وهي تموت. فقال لها: ((كنت أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن يحب إلا طيباً، وأنزل الله براءتك من فوق سبع سماوات)) (4).
وكذلك نجد أكابر العلماء، كعبدالله بن المبارك- رضي الله عنه- صرح بمثل ذلك. روى عثمان بن سعيد الدارمي، قال: حدثنا الحسن بن الصباح، قال: حدثنا علي بن الحسن بن شقيق، عن ابن المبارك قيل له: كيف تعرف ربنا، قال: بأنه فوق السماء السابعة على العرش باين من خلقه (5).
فصل
فلم أزل في الحيرة والاضطراب من اختلاف المذاهب والأقوال، حتى لطف الله تعالى وكشف لهذا الضعيف من وجه الحق كشفاً اطمئن إليه خاطره، وسكن به سره، وتبرهن الحق في نوره، وها أنا واصف بعض ذلك إن شاء الله تعالى:
والذي شرح صدري له في حكم هذه الثلاث مسائل:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/124)
الأولى: مسألة العلو والفوقية والاستواء هو: أن الله- عز وجل- كان ولا مكان، ولا عرش ولا ماء، ولا فضاء، ولا هواء، ولا خلاء، ولا ملأ، وأنه كان منفرداً في قدميته وأزليته، هو متوحد في فردانيته، وهو سبحانه وتعالى في تلك الفردانية لا يوصف بأنه فوق كذا إذ لا شيء غيره، هو سابق للتحت والفوق اللذين هما جهتا العالم، وهما لازمتان لها، والرب تعالى في تلك الفردانية منزه عن لوازم الحدث وصفاته، فلما اقتضت الإرادة المقدسة بخلق الأكوان المحدثة المخلوقة المحدودة ذات الجهات اقتضت الإرادة المقدسة على أن يكون الكون له جهات من العلو، والسفل، وهو سبحانه منزه عن صفات الحدث، فكوَّن الأكوان، وجعل لها جهتا العلو والسفل، واقتضت الحكمة الإلهية أن يكون الكون في جملة التحت؛ لكونه مربوباً مخلوقاً، واقتضت العظمة الربانية أن يكون هو فوق الكون باعتبار الكون لا باعتبار فردانيته إذ لا فوق فيها ولا تحت، ولكن الرب سبحانه وتعالى كما كان في قدمه وأزليته، فهو الآن كما كان، لكن لما حدث المربوب المخلوق، والجهات، والحدود ذو الخلا، والملا، وذو الفوقية، والتحتية، كان مقتضى حكم عظمة الربوبية أن يكون فوق ملكه، وأن تكون المملكة تحته باعتبار الحدوث من الكون لا باعتبار القدم من المكون، فإذا أشير إليه يستحيل أن يشار إليه من جهة التحتية، أو من جهة اليمنى، أو من جهة اليسرى، بل لا يليق أن يشار إليه من جهة العلو والفوقية ثم الإشارة هي بحسب الكون وحدوثه، وتسفله، فالإشارة تقع على أعلى جزء من الكون حقيقة وتقع على عظمة الإله تعالى كما يليق به لا كما تقع على الحقيقة المعقولة عندنا في أعلا جزء من الكون، فإنها إشارة إلى جسم، وتلك إشارة إلى إثبات، إذا علم ذلك فالاستواء صفة كانت له سبحانه في قدمه لكن لم يظهر حكمه إلا في الآخرة، وكذلك التجلي في الآخرة لا يظهر حكمه إلا في محله.
تنبيه: إذا علم ذلك فالأمر الذي تهرب المتأولة منه حيث أوَّلوا الفوقية بفوقية المرتبة، والاستواء بالاستيلاء فنحن أشدُّ الناس هرباً من ذلك وتنزيهاً للباري تعالى عن الحدِّ الذي يحصره فلا يحد بحدٍّ يحصره، بل بحد تتميز به عظمته وذاته ليس مخلوقاته، والإشارة إلى الجهة (1) إنما هي بحسب الكون، وتسفله إذ لا يمكن الإشارة إليه إلا هكذا، وهو فد قِدَمه سبحانه منزه عن صفات الحدوث، وليس في القِدم فوقية ولا تحتية، وإن من هو محصور في التحت لا يمكنه معرفة باريه إلا من فوق فتقع الإشارة على العرش حقيقة إشارة معقولة، وتنتهي الجهات عند العرش، ويبقى ما وراءه لا يدركه العقل، ولا بكيفية الوهم فتقع الإشارة عليه كما يليق به مجملاً ثابتاً لا مكيفاً، ولا ممثلاً وجه من البيان، الرب ثابت الوجود ثابت الذات، له ذات مقدسة متميزة عن مخلوقاته تجلى للأبصار يوم القيامة، ويحاسب العالم فلا يجهل ثبوت ذاته، وتميزها عن مخلوقاته، فإذا ثبت ذلك فقد أوجد الأكوان في محل وحيِّز، وهو سبحانه في قِدَمه منزَّهٌ عن المحل والحيِّز فيستحيل شرعاً وعقْلاً عند حُدُوث العَالم أن يحمل فيه، أو يَخْتلِط به؛ لأن القديم لا يحلُّ في الحادِث، وليس هو محلاًّ للحوادث فلزم أن يكون بايناً عنه، وإذا كان بايناً عنه يستحيل أن يكون العالم في جهة الفوق وأن يكون ربه في جهة التحت هذا مُحَال شرعاً وعقلاً فيلزم أن يكون العالم في جهة الفوق، فوقه بالفوقية اللائقة به التي لا تُكيَّف ولا تمثّل بل تعلم من حيث الجملة والثبوت لا من حيث التثميل (1) والتكييف (2) وقد سبق الكلام في أن الإشارة إلى الجهة إنما هو باعتبارنا لأنَّا في محلٍ وحدٍ وحيزٍ، والقدم لا فوق فيه ولا تحته، ولابد من معرفة الموجِد وقد ثبت بينونته عن مخلوقاته، واستحال علوها عليه فلا يمكن معرفته والإشارة بالدعاء إليه إلا من جهة الفوق لأنها أنسب الجهات إليه، وهو غير محصور فيها، وهو كما كان في قدمه وأزليته، فإذا أراد المحدث أن يُشير إلى القدم فلا يمكنه ذلك إلا بالإشارة إلى الجهة الفوقية؛ لأن المشير في محل له فوق وتحت، والمشار إليه قديمٌ باعتبار قِدَمِهِ لا فوق هناك ولا تحت، وباعتبار (3) حدوثنا وتسفُّلِنا هو فوقنا، فإذا أشرنا إليه تقع الإشارة عليه كما يليقُ به لا كما نتوهمه في الفوقية المنسوبة إلى الأجسام لكننا نعلمها من جهة الإجمال والثبوت لا من جهة التمثيل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/125)
والتَّكييف والله الموفق للصواب.
ومن عرف هيئة العالم ومركزه من علم الهيئة وأنه ليس له إلا جهتا العلو والسُّفل، ثم اعتقد بينونة خالقه عن العالم، فمن لوازم البينونة أن يكون فوقه؛ لأن جميع جهات العالم فوق، وليس إلا المركز وهو الوسط.
فصل
إذا علمنا ذلك تخلَّصنا من شُبه التأويل (1)، وعماوة التعطيل (2)، وحماقة التشبيه (3) والتمثيل، وأثبتنا علو ربنا سبحانه، وفوقيته، واستواءه على عرشه كما يليق بجلاله وعظمته، والحق واضح في ذلك، والصدور تنشرح له فإن التحريف (4) تأباه العقول الصحيحة مثل تحريف الاستواء بالاستيلاء وغيره، والوقوف في ذلك جهل (5) وعي مع كون أن الرب تعالى وصف نفسه بهذه الصفات لنعرفه بها فوقوفنا على إثباتها ونفيها عدول عن المقصود منه في تعريفنا إياها، فما وصف لنا نفسه بها إلا لنثبت ما وصف به نفسه لنا ولا نقف في ذلك وكذلك التشبيه والتمثيل حماقة وجهالةٌ فمن وفَّقه الله تعالى للإثبات بلا تحريف ولا تكييف ولا وقوف فقد وقع على الأمر المطلوب منه إن شاء الله تعالى.
فصل
والذي شرح الله صدري في حالِ هؤلاء الشِّيوخِ الذين أوَّلوا الاستواء بالاستيلاءِ، والنُّزولِ بنُزُولِ الأمر، واليدينِ بالنعمتين والقدرتين هو علمي بأنهم ما فهِموا صِفاتِ الرَّبِ تعالى إلا ما يليقُ بالمخلوقين فما فهِموا عن الله استواءً يليقُ به ولا نُزُولاً يليقُ به، ولا يدَيْنِ تَليقُ بعظمته بلا تكييفٍ ولا تشبيهٍ، فلذلك حرَّفُوا الكَلِمَ عن مَواضِعِهِ وعَطَّلوا ما وصَفَ الله تعالى نفسَهُ به ونذكُر بيانَ ذلك إن شاء الله تعالى.
لا ريب إنا نحن وإيَّاهُم مُتَّفِقون على إثبات صِفاتِ الحياةِ، والسَّمْع، والبَصَر، والعِلْم، والقُدْرَة، والإرادة، والكلامِ لله، ونحن قَطْعاً لا نَعْقل من الحياة إلا هذا العَرضْ (1) الذي يقوم بأجسامنا وكذلك لا نعقل مِنَ السمعِ والبصرِ إلا أعراضاً تقوم بجوارحنا فكما إنهم يقولون حياته ليست بعَرَضٍ وعِلْمهُ كذلك وبَصَرُهُ كذلك هي صِفاتٌ كما تَليقُ به لا كما تَليقُ بنا فكذلك نقولُ نحن حياتهُ معلومةٌ وليست مكيَّفه وعلمهُ معلومٌ وليس مكيَّفاً وكذلك سمعه وبصرُهُ معلومان ليس جميع ذلك أعراضاً بل هو كما يليقُ به.
ومثلُ ذلك بِعيْنهِ فوقيته واستواؤه ونُزُله. ففوقيته مَعْلومةٌ أعني ثابتة كثبوت حقيقة السمع، وحقيقة البصر، فإنهما معلومان ولا يكيفان، كذلك فوقيته معلومة ثابتة غير مكيفة كما يليق به، واستواؤه على عرشه معلومٌ غير مُكيّف بحركة، أو انتقالٍ يليقُ بالمخلوقِ، بل كما يليقُ بعظمتهِ وجلالةِ صفاتِهِ معْلُومة مِنْ حيثُ الجُملةِ والثبوت غيرُ معقولة من حيثُ التَّكييفِ والتحديد، فيكون المؤمنُ بها مُبْصِراً من وَجه، أعمى من وجه، مبصراً من حيثُ الإثباتِ والوجودِ، أعمى من حيث التَّكييف والتَّحديد، وبهذا يحصل الجمع بين الإثبات لما وصَفَ الله تعالى نفسه به، وبين نفي التَّحريف والتَّشْبيه والوقوفِ، وذلك هو مُرادُ الرَّبِّ تعالى منا في إبراز صفاته لنا لنعرفه به ونُؤمن بحقائقها، وننفي عنه التشبيه، ولا نعطلها بالتحريفِ، والتأويلِ ولا فرق بين الاستواء، والسمع، ولا بين النزول، والبصر، الكل ورد في النص.
فإن قالوا لنا: في الاستواء شبهتم، نَقُول لهم: في السمع شبَّهتم ووصفتُم ربَّكُم بالعَرَضِ، فإن قالوا: لا عَرَضَ بل كما يليقُ به، قُلنا: في الاستواء والفوْقية لا حَصْر بل كما يليقُ به فجميع ما يلزمُونا به في الاستواء، والنِّزُول، واليد، والوجهِ، والقَدَم، والضَّحكِ، والتَّعجبِ من التَّشبيه نُلزِمُهم به في الحياةِ، والسمعِ، فكما لا يجْعَلونها هم أعراضاً كذلك نحن لا نجعلها جوارح، ولا ما يُوَصَفُ به المخلوق، وليس من الإنصاف أن يفهموا الاستواء، والنزول، والوجه، واليد صفات المخلوقين فيحتاجوا إلى التَّأويل والتَّحْريف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/126)
فإن فَهِموا في هذه الصفات ذلك فيلزمهم أن يفهموا في الصفات الشَّبْعِ (1) صفات المخلوقين من الأعراضِ، فما يلزمونا في تلك الصفات من التشبيه والجسمية نلزمهم به في هذه الصفات من العرضية، وما ينزهوا ربهم به في الصفات السبع وينفون عنه عوارض الجسم فيها، فكذلك نحن نعمل في تلك الصفات التي ينسبونا فيها إلى التشبيه سواء بسواء، ومن أنصف عرف ما قلنا اعتقده وقبل نصيحتنا ودان الله بإثبات جميع صفاته هذه وتلك، ونفى عن جميعها التشبيه، والتعطيل، والتأويل، والوقوف، وهذا مراد الله تعالى منا في ذلك لأن هذه الصفات وتلك جاءت في موضع واحد، وهو الكتاب والسنة، فإذا أثبتنا تلك بلا تأويل، وحرفنا هذه وأوّلناها كُنَّا كمنْ آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض، وفي هذا بلاغ وكفاية إن شاء الله تعالى.
فصل
وإذا ظهر هذا وبان، انجلتْ الثلاث مسائل بأسرها، وهي مسألة الصفات من النزول، واليد، والوجه، وأمثالها، ومسألة العلو، والاستواء، ومسألة الحرف والصوت، أما مسألة العُلو فقد قيل فيها ما فتحه الله تعالى، وأما مسألة الصفات فتساق مساق مسألة العلو، ولا نفهم منها من صفات المخلوقين، بل يوسف الرب تعالى بها كما يليق بجلاله وعظمته، فَتُنْزَلُ كما يليق بجلاله وعظمته، ويداه كما تليق بجلاله وعظمته، ووجهه الكريم كما يليق بجلاله وعظمته، فكيف ننكِر الوجه الكريم ونحرف وقد قال صلى الله عليه وسلم في دعائه: ((أسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إلى وَجْهِكَ)) (2).
وإذا ثَبَتَ صفة الوَجْهِ بهذا الحديث وبغيره من الآيات (3) والنصوص، فكذلك صفة اليدين (4)، والضحك (5)،
والتعجب (1)، ولا يفهم من جميع ذلك إلا ما يليق بالله- عز وجل- وبعظمته، لا ما يليق بالمخلوقات من الأعضاء والجوارح تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
فإذا ثبت هذا الحكم في الوجه فكذلك في اليدين، والقبضتين، والقدم، والضحك، والتعجب، كل ذلك كما يليق بجلال الله تعالى وعظمته فيحصل بذلك إثبات ما وصف الله تعالى به نفسه في كتابه وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويحصل أيضاً نفي التشبيه، والتكييف في صفاته، ويحصل أيضاً ترك التأويل، والتحريف المؤدي إلى التعطيل، ويحصل أيضاً ترك التأويل، والتحريف المؤدي إلى التعطيل، ويحصل أيضاً بذلك عدم الوقوف بإثبات الصفات، وحقائقها على ما يليق بجلال الله تعالى وعظمته لا على ما نعقله نحن من صفات المخلوقين.
وأما مسألة الحرف والصوت فتساق هذا المساق: فإن الله تعالى قد تكلم بالقرآن المجيد، وبجميع حروفه، فقال تعالى: {آلم} وقال: {آلمص} وقال: {ق والقرآن المجيد}. وكذلك جاء في الحديث: ((فيُنادي يوم القيامة بصوتٍ يسمعُهُ من بَعُدَ كما يسْمَعُه من قَرُبَ)) (2). وفي الحديث: ((لا أقولُ آلم حرْفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ، لامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ)) (3). فهؤلاء ما فهموا من كلام الله تعالى إلا ما فهموه من كلام المخلوقين، فقالوا: إن قلنا بالحروف فإن ذلك يؤدي إلى القول بالجوارح واللهوات. وكذلك إذا قلنا بالصوت أدى ذلك إلى الحلق والحنجرة عملوا في هذا من التخبط كما عملوا فيما تقدم من الصفات.
والتحقيق هو أن الله تعالى قد تكلم بالحروف كما يليق بجلاله وعظمته فإنه قادر والقادر لا يتحاج إلى جوارح، ولا إلى لهوات، وكذلك له صوت كما يليق به، يسمع، ولا يفتقر ذلك الصوت المقدس إلى الحلق والحنجرة كلام الله تعالى كما يليق به، وصوته كما يليق به، ولا ننفي الحروف ولا الصوت عن كلامه سبحانه لافتقارهما منا إلى الجوارح واللهوات، فإنهما من جناب الحق تعالى لا يفتقران إلى ذلك، وهذا ينشرح الصدر له ويستريح الإنسان به من التعسف، والتكلف بقوله هذا عبارة عن ذلك (4).
فإن قيل فهذا الذي يقرأه القارئ هو عين قراءة الله تعالى وعين تكلمه هو، قلنا: لا، بل القارئ يؤدي كلام الله تعالى، والكلام إنما ينسب إلى من قاله مبتدئاً لا إلى من قاله مؤدياً مبلغاً، ولفظ القارئ في غير القرآن مخلوق، وفي القرآن لا يتميز اللفظ عن الكلام المؤدي عنه، ولهذا منع السلف عن قول لفظي بالقرآن (1) مخلوق لأنه لا يتميز كما منعوا عن قول لفظي بالقرآن غير مخلوق، فإن لفظ العبد في غير التلاوة مخلوق وفي التلاوة مسكوت عنه كيلا يؤدي الكلام في ذلك إلى القول بخلق القرآن، وما أمر السلف بالسكوت عنه يجب السكوت عنه، والله الموفق.
فصل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/127)
العبد إذا أيقن أن الله تعالى فوق السماء عالٍ على عرشه بلا حصر ولا كيفية، وأنه الآن في صفاته كما كان في قدمه، صار لقلبه قبلة في صلاته، وتوجهه، ودعائه، ومن لا يعرف ربه بأنه فوق سماواته على عرشه فإنه يبقى ضائعاً لا يعرف وجهة معبوده، لكن لو عرفه بسمعه، وبصره، وقدمه، وتلك بلا هذا معرفة ناقصة بخلاف من عرف أن إلهه الذي يعبده فوق الأشياء، فإذا دخل في الصلاة وكبر توجه قلبه إلى جهة العرش، منزهاً ربه تعالى عن الحصر، مفرداً له كما أفرده في قدمه وأزليته، عالماً أن هذه الجهات من حدودنا ولوازمنا، ولا يمكننا الإشارة إلى ربنا في قدمه، وأزليته إلا بها، لأنا مُحدَثُون والمحدث لا بد له من في إشارته إلى جهة فتقع تلك الإشارة إلى ربه كما يليق بعظمته، لا كما يتوهمه هو من نفسه، ويعتقد أنه في علوه قريب من خلقه، هو معهم بعلمه، وسمعه، وبصره، وإحاطته، وقدرته، ومشيئته، وذاته فوق الأشياء، فوق العرش، ومتى شعر قلبه بذلك في الصلاة، أو التوجه أشرق قلبه واستنار، وأضاء بأنوار المعرفة والإيمان، وغشيت أشعة العظمة على عقله وروحه ونفسه فانشرح لذلك صدره، وقوي إيمانه، ونزه ربه عن صفات خلقه من الحصر والحلول، وذاق حينئذٍ شيئاً من أذواق السابقين المقربين بخلاف من لا يعرف وجهة معبوده، وتكون الجارية راعية الغنم أعلم بالله منه، فإنها قالت: ((في السماء))، عرفته بأنه على السماء؛ فإن في تأتي بمعنى على كقوله تعالى: {يتيهون في الأرض} أي على الأرض. وقوله: {لأصلبنكم في جذوع النخل} أي على جذوع النخل (2)، فمن تكون الراعية أعلم بالله منه لكونه لا يعرف وجهة معبوده فإنه لا يزال مظلم القلب لا يستنير بأنوار المعرفة والإيمان، ومن أنكر هذا القول فليؤمن به، وليجرب، ولينظر إلى مولاه من فوق عرشه بقلبه مبصراً من وجه، أعمى من وجه، كما سبق مبصراً من جهة الإثبات والوجود والتحقيق، أعمى من جهة التحديد، والحصر، والتكييف، فإنه إذا عمل ذلك وجد ثمرته إن شاء الله تعالى، ووجد نوره، وبركته عاجلاً وآجلاً {ولا ينبؤك مثل خبير}.
فصل
في تقريب مسألة الفوقية من الأفهام بمعنى من علم الهيئة لمن عرفه:
لا ريب أن أهل هذا العلم حكموا بما اقتضته الهندسة، وحكمها صحيح لأنه ببرهان لا يكابر الحس فيه بأن الأرض في جوف العالم العلوي، وأن كرة الأرض في وسط السماء كبطيخة في جوف بطيخة، والسماء محيطة بها من جميع جوانبها، وأن أسفل العالم هو جوف كرة الأرض وهو المركز، ونحن نقول جوف الأرض السابعة وهم لا يذكرون السابعة، لأن الله تعالى أخبرنا عن ذلك، وهم لا يعرفون ذلك (1)، وهذه القاعدة عندهم هي ضرورية لا يكابر الحس فيها أن المركز هو جوف كرة الأرض، وهي منتهى السفل، والتحت، وما دونه لا يسمى تحتاً، بل لا يكون تحتاً، ويكون فوقاً بحيث لو فرضنا خرق المركز وهو سفل العالم إلى تلك الجهة لكان الخرق إلى جهة فوق، ولو نفذ الخرق إلى السماء من تلك الجهة الأخرى لصعد إلى جهة فوق.
وبرهان ذلك أنا لو فرضنا مسافراً سافر على كرة الأرض من جهة المشرق إلى جهة المغرب، وامتدَّ مسافر المشي على كرة الأرض إلى حيث ابتدأ بالسير وقطع الكرة مما يراه الناظر أسفل منه، وهو في سفره هذا لم تبرح ا"لأرض تحته والسماء فوقه، فالسماء التي يشهدها الحس تحت الأرض هي فوق الأرض لا تحتها؛ لأن السماء فوق الأرض بالذات فكيف كانت السماء كانت فوق الأرض من أي جهة فرضتها، ومن أراد معرفة ذلك فليعلم أن كرة الأرض النصف الأعلى منها ثقله على المركز، والنصف الأسفل ثقله على النصف الأعلى أيضاً على جهة المركز، والنصف الأسفل هو أيضاً فوق النصف الأعلى، كما أن النصف الأعلى فوق النصف الأسفل، ولفظ الأسفل فيه مجاز بحسب ما يتخيل الناظر، وكذلك كرة الماء محيطة بكرة الأرض إلا سُدْسُها (2)، والعمران على ذلك السدس، والماء فوق الأرض كسف كان، وإن كنا نرى الأرض مدحية على الماء فإن الماء فوقها، وكذلك كرة الهواء محيطة بكرة الماء وهي فوقها، وإذا كان الأمر كذلك فالسماء التي تحت النصف الأسفل من كرة الأرض هي فوقه لا تحته؛ لأن السماء على الأرض كيف كانت، فعلوها على الأرض بالذات فقط لا تكون تحت الأرض بوجه من الوجوه، وإذا كان هذا جسم وهو السماء علوها على الأرض بالذات فكيف من ليس كمثله شيء، وعلوه على كل شيء بالذات، كما قال تعالى: {سبح اسم ربك الأعلى}. وقد تكرر في القرآن المجيد ذكر الفوقية: {يخافون ربهم من فوقهم}. {وإليه يصعد الكلم الطيب}. {وهو القاهر فوق عباده}. لأن فوقيته سبحانه وعلوه على كل شيء ذاتي له، فهو العلي بالذات، والعلو صفته اللائقة به، كما أن السفول، والرسوب، والانحطاط ذاتي للأكوان عن رتبة ربوبيته، وعظمته، وعلوه، والعلو والسفول حد بين الخالق والمخلوق، يتميز به عنه هو سبحانه عليٌّ بالذات، وهو كما كان قبل خلق الأكوان، وما سواه مستقل عنه بالذات، وهو سبحانه العلي على عرشه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض، ثم يعرج الأمر إليه فيحيي هذا، ويميت هذا، ويمرض هذا، ويشفي هذا، ويعرُّ هذا، ويُذلُّ هذا، وهو الحي القيوم القائم بنفسه، وكل شيء قائم به، فرحم الله عبداً وصلت إليه هذه الرسالة، ولم يعاجلها بالإنكار، وافتقر إلى ربه في كشف الحق آناء الليل والنهار، وتأمل النصوص في الصفات، وفكر بعقله في نزولها، وفي المعنى الذي نزلت له، وما الذي أريد بعلمها من المخلوقات، ومن فتح الله قلبه عرف أنه ليس المراد إلا معرفة الرب تعالى بها، والتوجه إليه منها، وإثباتها له بحقائقها وأعيانها، كما يليق بجلاله وعظمته، بلا تأويل ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل، ولا جمود ولا وقوف، وفي ذلك بلاغ لمن تدبر، وكفاية لمن استبصر إن شاء الله تعالى، والحمد لله وحده، وصلى الله على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه وسلم، والله سبحانه أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/128)
ـ[خالد المغناوي]ــــــــ[03 - 11 - 05, 12:36 ص]ـ
السلام عليم
بارك الله فيك اخي هشام شافية وكافية
ـ[أبو عمر المقدسي]ــــــــ[05 - 11 - 05, 09:29 ص]ـ
عنوان السؤال: هل لله تعالى مكان؟
السؤال: السلام عليكم ورحمة الله
أسأل الله أن يحفظكم ويبارك في أعمالكم
سؤالي: هل يجوز أن يقال إن لله مكانا
علما بأنني أعلم ولله الحمد مذهب أهل السنة كما قال ابن تيمية: (وَقَدْ قَالَ مالك بن أنس: إن الله فَوْقَ السماء، وعلمه فِي كلّ مكان
فمن اعتقد أنّ الله فِي جوف السّمَاء محصور محاط به، وأنّه مفتقر إِلَى العرش، أَوْ غير العرش – من المخلوقات- أَوْ أَنْ استواءه عَلَى عرشه كاستواء المخلوق عَلَى كرسيّه: فَهُوَ ضال مبتدع جاهل)
وقد قرأت للشيخ ابن عثيمين في شرح الواسطية العبارة التالية - في شرح حديث الجارية - ((قوله: أين الله؟ (أين:يستفهم بها عن المكان.
ثم قال: واستفهام النبي صلى الله عليه وسلم ب (أين) يدل على أن لله مكانا.))
الجواب:
رجعت إلى كلام العلامة المحقق الشيخ العثيمين رحمه الله، فوجدت هذه العبارة: (وأما التقرير، فإنه في حديث معاوية بن الحكم رضي الله عنه، أنه أتى بجارية يريد أن يعتقها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أين الله؟ قالت: في السماء، قال من أنا، قالت رسول الله، قال اعتقها، فإنها مؤمنة) رواه مسلم.
فهذه جارية لم تتعلم، والغالب على الجواري الجهل، لا سيما وهي أمة غير حرة، لاتملك نفسها، تعلم أن ربها في السماء، وضلال بني آدم ينكرون أن الله في السماء، ويقولون، إما إنه لافوق العالم ولا تحته، ولايمين، ولاشمال، أو أنه في كل مكان!!) أ. هـ شرح الواسطية 1/ 390
فلعلك نقلت من موضع أخطا في حكاية قول الشيخ رحمه الله، ومعلوم عنه دقة العبارات، وأن مذهبه ـ كما هو مذهب السلف الصالح ـ أن هذه الالفاظ المجملة لاتثبت ولا تنفى بغير نص، لان هذا الباب توقيفي، لايجوز إثبات شيء لله تعالى او نفي شيء عنه إلا بدليل، وأما الالفاظ المجملة المحتملة للصواب والخطأ ـ مثل لفظ المكان والجهةوالحيز ـ فيستفصل عن المعنى الذي عناه المتكلم ويحكم بالتفصيل وفق ذلك، هذا هو التحقيق في هذه المسألة، وإن كان قد ورد إطلاق المكان عن بعض السلف والعلماء، مع أنه محمول على إراتهم المعنى الصحيح بلا ريب.
ولزيادة إيضاح هذه المسألة، ودفعا لما قد يحصل من لبس، أنقل ما قاله شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: في درء تعارض النقل والعقل 15ـ 21 الجزء السابع:
(وهؤلاء يتكلمون بلفظ الجهة والحيز والمكان ويعنون بها تارة أمرا معدوما وتارة أمرا موجودا.
ولهذا كان أهل الإثبات من أهل الحديث والسلفية من جميع الطوائف: منهم من يطلق لفظ الجهة، ومنهم من لا يطلقه، وهما قولان لأصحاب أحمد والشافعي ومالك وأبي حنيفة وغيرهم من أهل الحديث والرأي.
وكذلك لفظ (المكان) منهم من يطلقه، ومنهم من يمنع منه.
وأما لفظ المتحيز فمنهم من ينفيه، وأكثرهم لا يطلقه ولا ينفيه.
لأن هذه ألفاظ مجملة، تحتمل حقا وباطلا، وإذا كان كذلك، فيقال قول القائل: إن الله في جهة، أو حيز، أو مكان، إن أراد به شيئا موجودا غير الله فذلك من جملة مخلوقاته، ومصنوعاته، فإذا قالوا: إن الله فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، امتنع أن يكون محصورا، أو محاطا بشيء موجود غيره، سواء سمى مكانا، أو جهة، أو حيزا، أو غير ذلك.
ويمتنع أيضا أن يكون محتاجا إلى شيء من مخلوقاته، لا عرش ولا غيره، بل هو بقدرته الحامل للعرش، ولحملته.
فإن البائن عن المخلوقات العالي عليها يمتنع أن يكون في جوف شيء منها، وإذا قيل إنه في السماء كان المعنى إنه في العلو، وهو مع ذلك فوق كل شيء، ليس في جوف السماوات، فإن السماء هو العلو، وكل ما علا فهو سماء، يقال سما يسمو سموا، أي علا يعلو علوا، وهذا اللفظ يعم كل ما يعلو لم يخص بعض أنواعه بسبب القرينة.
فإذا قيل فليمدد بسبب إلى السماء، فقد يراد به السقف، وإذا قيل نزل المطر من السماء، كان نزوله من السحاب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/129)
وإذا قيل العرش في السماء، فالمراد به ما فوق الأفلاك، وإذا قيل الله في السماء، فالمراد بالسماء ما فوق المخلوقات كلها، أو يراد أنه فوق السماء، وعليها فأما أن يكون في جوف السماوات فليس هذا قول أهل الإثبات، أهل العلم والسنة.
ومن قال بذلك فهو جاهل ن كمن يقول: إن الله ينزل ويبقى العرش فوقه،أو يقول إنه يحصره شيء من مخلوقاته، فهؤلاء ضلال كما أن أهل النفي ضلال.
وإن أراد بمسمى الجهة، والحيز والمكان، أمرا معدوما، فالمعدوم ليس شيئا، فإذا سمى المسمى ما فوق المخلوقات كلها حيزا، وجهة، ومكانا، كان المعنى أن الله وحده هناك ليس هناك غيره من الموجودات، لا جهة، ولا حيز، ولا مكان بل هو فوق كل موجود من الأحياز، والجهات، والأمكنة، وغيرها سبحانه وتعالى.
الوجه الثاني: أن يقال لو عارضكم معارض وقال:الجهة وإن كانت موجودة فهي مخلوقة له مصنوعة وهي مفتقرة إليه، وهو مستغن عنها، فإن العرش مثلا إذا سمي جهة، ومكانا، وحيزا، فالله تعالى هو ربه وخالقه، والعرش مفتقر إلى الله، افتقار المخلوق إلى خالقه، والله غني عنه من كل وجه.
فليس في كونه فوق العرش وفوق ما يقال له جهة ومكان وحيز وإن كان موجودا، إثبات شرف لذلك المخلوق أعظم من شرف الله تعالى.
وهذا قد يجيب به من يثبت الخلاء ويجعله مبدعا لله تعالى.
الوجه الثالث أنه إذا كان عاليا على ما يسمى جهة، ومكانا، كان هو أعلى منه فأي شرف، وعلو كان لذلك الموجود بالذات، أو بالعرض، فعلو الله أكمل منه.
الوجه الرابع أن يقال: لا نسلم أن العلو الحاصل بسبب الجهة هو لها بالذات، ولغيرها بالعرض، إذ الجهة تابعة لغيرها سواء كانت موجودة، أو معدومة، وعلوها تبع لعلو العالي بها، فكيف يكون العلو للتابع بالذات وللمتبوع بالعرض.
وقولنا عال بالجهة، مثل قولنا عال بالعلو، وعالم بالعلم، وقادر بالقدرة، أو عال علو المكانة، أو عال بالقهر فليس، في ذلك ما يوجب أن تكون المكانة، والقهر، والعلو والعلم، أكمل من القاهر العالم، العالي ذي المكانة العالية.
ومهما قدر أنه يسمى جهة فإما أن يكون عدما فلا شرف له أصلا، وإما أن يقدر موجودا، إما صفة لله، وإما مخلوقا لله، وعلى التقديرين، فالموصوف أكمل من الصفة، والخالق أكمل من المخلوق.
فكيف تكون الصفات والمخلوقات أكمل من الموصوف الخالق سبحانه وتعالى.
الوجه الخامس أن الجهة قد نعني بها نسبة، وإضافة كاليمين، واليسار، والأمام، والوراء، فالعلو إذا سمي جهة بهذا الاعتبار، كان العالي بالجهة معناه أن بينه وبين ما هو عال عليه نسبة، وإضافة، أوجبت أن يكون هذا فوق هذا، فهل يقال إن هذه النسبة والإضافة التي بها وصف العالي، بأنه عال أكمل من ذاته العالية الموصوفة بهذا العلو والنسبة.
الوجه السادس: أن يقال هذا الذي قاله إنما يتوجه في المخلوق إذا علا على سقف، أو منبر، أو عرش، أو كرسي، أو نحو ذلك، فإن ذلك المكان كان عاليا بنفسه، وهذا صار عاليا لما صار فوقه بسبب علو ذلك.
فالعلو لذلك السقف والسرير والمنبر بالذات، ولهذا الذي صعد عليه بالعرض، فكلامهم يتوجه في مثل هذا.
وهذا في حق الله وهم، وخيال فاسد، وتمثيل لله بخلقه، وتشبيه له بهم في صفات النقص، التي يتعالى عنها، وهؤلاء النفاة كثيرا ما يتكلمون بالأوهام، والخيالات الفاسدة، ويصفون الله بالنقائص ولآفات، ويمثلونه بالمخلوقات، بل بالناقصات، بل بالمعدومات، بل بالممتنعات.
فكل ما يضيفونه إلى أهل الإثبات، الذين يصفونه بصفات الكمال، وينزهونه عن النقائص، والعيوب، وأن يكون له في شيء من صفاته كفو، أو سمي، فما يضيفونه إلى هؤلاء من زعمهم أنهم يحكمون بموجب الوهم، والخيال الفاسد، أو أنهم يصفون الله بالنقائص، والعيوب، أو أنهم يشبهونه بالمخلوقات، هو بهم أخلق وهو بهم أعلق، وهم به أحق فإنك لا تجد أحدا سلب الله ما وصف به، نفسه من صفات الكمال إلا وقوله، يتضمن لوصفه بما يستلزم ذلك، من النقائص، والعيوب، ولمثيله بالمخلوقات، وتجده قد توهم وتخيل أوهاما، وخيالات فاسدة، غير مطابقة، بنى عليها قوله من جنس هذا الوهم والخيال، وأنهم يتوهمون ويتخيلون أنه إذا كان فوق العرش محتاجا إلى العرش كما أن الملك إذا كان فوق كرسيه كان محتاجا إلى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/130)
كرسيه.
وهذا عين التشبيه الباطل، والقياس الفاسد، ووصف الله بالعجز، والفقر إلى الخلق، وتوهم أن استواءه مثل استواء المخلوق، أولا يعلمون أن الله يحب أن نثبت له صفات الكمال ن وننفي عنه مماثلة المخلوقات، وأنه ليس كمثله شيء، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا أفعاله، فلا بد من تنزيهه عن النقائص، والآفات، ومماثلة شيء من المخلوقات.
وذلك يستلزم إثبات صفات الكمال، والتمام التي ليس فيها كفو لذي الجلال،والإكرام.
وبيان ذلك هنا أن الله مستغن عن كل ما سواه، وهو خالق كل
مخلوق، ولم يصر عاليا على الخلق بشيء من المخلوقات ن بل هو سبحانه خلق المخلوقات، وهو بنفسه عال عليها، لا يفتقر في علوه عليها إلى شيء منها، كما يفتقر المخلوق إلى ما يعلو عليه من المخلوقات وهو سبحانه حامل بقدرته للعرش ولحملة العرش.
وفي الأثر أن الله لما خلق العرش أمر الملائكة بحمله، قالوا ربنا كيف نحمل عرشك وعليه عظمتك، فقال قولوا لا حول ولا قوة إلا بالله.
فإنما أطاقوا حمل العرش بقوته تعالى، والله إذا جعل في مخلوق قوة أطاق المخلوق حمل ما شاء أن يحمله من عظمته، وغيرها فهو بقوته، وقدرته الحامل، للحامل والمحمول، فكيف يكون مفتقرا إلى شيء، وأيضافالمحمول من العباد بشيء عال لو سقط ذلك العالي، سقط هو والله أغنى وأجل وأعظم من أن يوصف بشيء من ذلك.
وأيضا فهو سبحانه خلق ذلك، المكان العالي، والجهة العالية، والحيز العالي، إذا قدر شيئا موجودا، كما لو جعل ذلك اسما للعرش، وجعل العرش هو المكان العالي، كما في شعر حسان:
% تعالى علوا فوق عرش إلهنا % وكان مكان الله أعلى وأعظما %
فالمقصود أنه خلق المكان وعلاه وبقوته صار عاليا، والشرف الذي حصل لذلك المكان العالي منه، ومن فعله، وقدرته، ومشيئته فإذا كان هو عاليا علا ذلك، وهو الخالق له وذلك مفتقر إليه من كل وجه.
وهو مستغن عنه من كل وجه، فكيف يكون قد استفاد العلو منه، ويكون ذلك المكان أشرف منه
، وإنما صار له الشرف به، والله مستحق للعلو والشرف بنفسه لا بسبب سواه.
فهل هذا وأمثاله إلا من الخيالات والأوهام الباطلة، التي تعارض بها فطرة الله التي فطر الناس عليها، والعلوم الضرورية والقصود الضرورية، والعلوم البرهانية القياسية، والكتب الإلهية، والسنن النبوية، وإجماع أهل العلم، والإيمان من سائر البرية) أ. هـ
http://www.h-alali.net/npage/fatwa_open.php?id=5133
علما بأن الشيخ راجعته فقال ان كلام الشيخ يؤول على التفصيل الذي ذكره ابن تيمية ولم يقصد اثبات الصفة
ـ[أسامة بن صبري]ــــــــ[06 - 11 - 05, 12:41 م]ـ
جزاك الله خيرا أبو عمر المقدسي
ـ[أبو جويرية]ــــــــ[21 - 01 - 07, 08:05 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبو عبدالله السكندري]ــــــــ[23 - 01 - 07, 07:59 ص]ـ
سدد الله الاخوة الذين تصدوا بالرد والتعقيب وزادهم علما وعملا
ـ[آل عامر]ــــــــ[23 - 01 - 07, 03:09 م]ـ
جزاك الله خيرا أبو عمر المقدسي،وزادك الله فقها في دينه.
ـ[سلطان العميري]ــــــــ[23 - 01 - 07, 03:21 م]ـ
ملاحظة:
الرسالة المذكورة بعنوان (رسالة في إثبات الاستواء والفوقية) ليست للجويني , وإنما لابن شيخ الحزامين.
انظر مناقشة هذه القضية في طبعة مكتبة الثقافة الدينية لهذه الرسالة
ـ[محمد آصف]ــــــــ[23 - 01 - 07, 06:43 م]ـ
عنوان السؤال: هل لله تعالى مكان؟
السؤال: السلام عليكم ورحمة الله
أسأل الله أن يحفظكم ويبارك في أعمالكم
سؤالي: هل يجوز أن يقال إن لله مكانا
علما بأنني أعلم ولله الحمد مذهب أهل السنة كما قال ابن تيمية: (وَقَدْ قَالَ مالك بن أنس: إن الله فَوْقَ السماء، وعلمه فِي كلّ مكان
فمن اعتقد أنّ الله فِي جوف السّمَاء محصور محاط به، وأنّه مفتقر إِلَى العرش، أَوْ غير العرش – من المخلوقات- أَوْ أَنْ استواءه عَلَى عرشه كاستواء المخلوق عَلَى كرسيّه: فَهُوَ ضال مبتدع جاهل)
وقد قرأت للشيخ ابن عثيمين في شرح الواسطية العبارة التالية - في شرح حديث الجارية - ((قوله: أين الله؟ (أين:يستفهم بها عن المكان.
ثم قال: واستفهام النبي صلى الله عليه وسلم ب (أين) يدل على أن لله مكانا.))
الجواب:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/131)
رجعت إلى كلام العلامة المحقق الشيخ العثيمين رحمه الله، فوجدت هذه العبارة: (وأما التقرير، فإنه في حديث معاوية بن الحكم رضي الله عنه، أنه أتى بجارية يريد أن يعتقها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أين الله؟ قالت: في السماء، قال من أنا، قالت رسول الله، قال اعتقها، فإنها مؤمنة) رواه مسلم.
فهذه جارية لم تتعلم، والغالب على الجواري الجهل، لا سيما وهي أمة غير حرة، لاتملك نفسها، تعلم أن ربها في السماء، وضلال بني آدم ينكرون أن الله في السماء، ويقولون، إما إنه لافوق العالم ولا تحته، ولايمين، ولاشمال، أو أنه في كل مكان!!) أ. هـ شرح الواسطية 1/ 390
فلعلك نقلت من موضع أخطا في حكاية قول الشيخ رحمه الله، ومعلوم عنه دقة العبارات، وأن مذهبه ـ كما هو مذهب السلف الصالح ـ أن هذه الالفاظ المجملة لاتثبت ولا تنفى بغير نص، لان هذا الباب توقيفي، لايجوز إثبات شيء لله تعالى او نفي شيء عنه إلا بدليل، وأما الالفاظ المجملة المحتملة للصواب والخطأ ـ مثل لفظ المكان والجهةوالحيز ـ فيستفصل عن المعنى الذي عناه المتكلم ويحكم بالتفصيل وفق ذلك، هذا هو التحقيق في هذه المسألة، وإن كان قد ورد إطلاق المكان عن بعض السلف والعلماء، مع أنه محمول على إراتهم المعنى الصحيح بلا ريب.
ولزيادة إيضاح هذه المسألة، ودفعا لما قد يحصل من لبس، أنقل ما قاله شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: في درء تعارض النقل والعقل 15ـ 21 الجزء السابع:
(وهؤلاء يتكلمون بلفظ الجهة والحيز والمكان ويعنون بها تارة أمرا معدوما وتارة أمرا موجودا.
ولهذا كان أهل الإثبات من أهل الحديث والسلفية من جميع الطوائف: منهم من يطلق لفظ الجهة، ومنهم من لا يطلقه، وهما قولان لأصحاب أحمد والشافعي ومالك وأبي حنيفة وغيرهم من أهل الحديث والرأي.
وكذلك لفظ (المكان) منهم من يطلقه، ومنهم من يمنع منه.
وأما لفظ المتحيز فمنهم من ينفيه، وأكثرهم لا يطلقه ولا ينفيه.
لأن هذه ألفاظ مجملة، تحتمل حقا وباطلا، وإذا كان كذلك، فيقال قول القائل: إن الله في جهة، أو حيز، أو مكان، إن أراد به شيئا موجودا غير الله فذلك من جملة مخلوقاته، ومصنوعاته، فإذا قالوا: إن الله فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، امتنع أن يكون محصورا، أو محاطا بشيء موجود غيره، سواء سمى مكانا، أو جهة، أو حيزا، أو غير ذلك.
ويمتنع أيضا أن يكون محتاجا إلى شيء من مخلوقاته، لا عرش ولا غيره، بل هو بقدرته الحامل للعرش، ولحملته.
فإن البائن عن المخلوقات العالي عليها يمتنع أن يكون في جوف شيء منها، وإذا قيل إنه في السماء كان المعنى إنه في العلو، وهو مع ذلك فوق كل شيء، ليس في جوف السماوات، فإن السماء هو العلو، وكل ما علا فهو سماء، يقال سما يسمو سموا، أي علا يعلو علوا، وهذا اللفظ يعم كل ما يعلو لم يخص بعض أنواعه بسبب القرينة.
فإذا قيل فليمدد بسبب إلى السماء، فقد يراد به السقف، وإذا قيل نزل المطر من السماء، كان نزوله من السحاب.
وإذا قيل العرش في السماء، فالمراد به ما فوق الأفلاك، وإذا قيل الله في السماء، فالمراد بالسماء ما فوق المخلوقات كلها، أو يراد أنه فوق السماء، وعليها فأما أن يكون في جوف السماوات فليس هذا قول أهل الإثبات، أهل العلم والسنة.
ومن قال بذلك فهو جاهل ن كمن يقول: إن الله ينزل ويبقى العرش فوقه،أو يقول إنه يحصره شيء من مخلوقاته، فهؤلاء ضلال كما أن أهل النفي ضلال.
وإن أراد بمسمى الجهة، والحيز والمكان، أمرا معدوما، فالمعدوم ليس شيئا، فإذا سمى المسمى ما فوق المخلوقات كلها حيزا، وجهة، ومكانا، كان المعنى أن الله وحده هناك ليس هناك غيره من الموجودات، لا جهة، ولا حيز، ولا مكان بل هو فوق كل موجود من الأحياز، والجهات، والأمكنة، وغيرها سبحانه وتعالى.
الوجه الثاني: أن يقال لو عارضكم معارض وقال:الجهة وإن كانت موجودة فهي مخلوقة له مصنوعة وهي مفتقرة إليه، وهو مستغن عنها، فإن العرش مثلا إذا سمي جهة، ومكانا، وحيزا، فالله تعالى هو ربه وخالقه، والعرش مفتقر إلى الله، افتقار المخلوق إلى خالقه، والله غني عنه من كل وجه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/132)
فليس في كونه فوق العرش وفوق ما يقال له جهة ومكان وحيز وإن كان موجودا، إثبات شرف لذلك المخلوق أعظم من شرف الله تعالى.
وهذا قد يجيب به من يثبت الخلاء ويجعله مبدعا لله تعالى.
الوجه الثالث أنه إذا كان عاليا على ما يسمى جهة، ومكانا، كان هو أعلى منه فأي شرف، وعلو كان لذلك الموجود بالذات، أو بالعرض، فعلو الله أكمل منه.
الوجه الرابع أن يقال: لا نسلم أن العلو الحاصل بسبب الجهة هو لها بالذات، ولغيرها بالعرض، إذ الجهة تابعة لغيرها سواء كانت موجودة، أو معدومة، وعلوها تبع لعلو العالي بها، فكيف يكون العلو للتابع بالذات وللمتبوع بالعرض.
وقولنا عال بالجهة، مثل قولنا عال بالعلو، وعالم بالعلم، وقادر بالقدرة، أو عال علو المكانة، أو عال بالقهر فليس، في ذلك ما يوجب أن تكون المكانة، والقهر، والعلو والعلم، أكمل من القاهر العالم، العالي ذي المكانة العالية.
ومهما قدر أنه يسمى جهة فإما أن يكون عدما فلا شرف له أصلا، وإما أن يقدر موجودا، إما صفة لله، وإما مخلوقا لله، وعلى التقديرين، فالموصوف أكمل من الصفة، والخالق أكمل من المخلوق.
فكيف تكون الصفات والمخلوقات أكمل من الموصوف الخالق سبحانه وتعالى.
الوجه الخامس أن الجهة قد نعني بها نسبة، وإضافة كاليمين، واليسار، والأمام، والوراء، فالعلو إذا سمي جهة بهذا الاعتبار، كان العالي بالجهة معناه أن بينه وبين ما هو عال عليه نسبة، وإضافة، أوجبت أن يكون هذا فوق هذا، فهل يقال إن هذه النسبة والإضافة التي بها وصف العالي، بأنه عال أكمل من ذاته العالية الموصوفة بهذا العلو والنسبة.
الوجه السادس: أن يقال هذا الذي قاله إنما يتوجه في المخلوق إذا علا على سقف، أو منبر، أو عرش، أو كرسي، أو نحو ذلك، فإن ذلك المكان كان عاليا بنفسه، وهذا صار عاليا لما صار فوقه بسبب علو ذلك.
فالعلو لذلك السقف والسرير والمنبر بالذات، ولهذا الذي صعد عليه بالعرض، فكلامهم يتوجه في مثل هذا.
وهذا في حق الله وهم، وخيال فاسد، وتمثيل لله بخلقه، وتشبيه له بهم في صفات النقص، التي يتعالى عنها، وهؤلاء النفاة كثيرا ما يتكلمون بالأوهام، والخيالات الفاسدة، ويصفون الله بالنقائص ولآفات، ويمثلونه بالمخلوقات، بل بالناقصات، بل بالمعدومات، بل بالممتنعات.
فكل ما يضيفونه إلى أهل الإثبات، الذين يصفونه بصفات الكمال، وينزهونه عن النقائص، والعيوب، وأن يكون له في شيء من صفاته كفو، أو سمي، فما يضيفونه إلى هؤلاء من زعمهم أنهم يحكمون بموجب الوهم، والخيال الفاسد، أو أنهم يصفون الله بالنقائص، والعيوب، أو أنهم يشبهونه بالمخلوقات، هو بهم أخلق وهو بهم أعلق، وهم به أحق فإنك لا تجد أحدا سلب الله ما وصف به، نفسه من صفات الكمال إلا وقوله، يتضمن لوصفه بما يستلزم ذلك، من النقائص، والعيوب، ولمثيله بالمخلوقات، وتجده قد توهم وتخيل أوهاما، وخيالات فاسدة، غير مطابقة، بنى عليها قوله من جنس هذا الوهم والخيال، وأنهم يتوهمون ويتخيلون أنه إذا كان فوق العرش محتاجا إلى العرش كما أن الملك إذا كان فوق كرسيه كان محتاجا إلى كرسيه.
وهذا عين التشبيه الباطل، والقياس الفاسد، ووصف الله بالعجز، والفقر إلى الخلق، وتوهم أن استواءه مثل استواء المخلوق، أولا يعلمون أن الله يحب أن نثبت له صفات الكمال ن وننفي عنه مماثلة المخلوقات، وأنه ليس كمثله شيء، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا أفعاله، فلا بد من تنزيهه عن النقائص، والآفات، ومماثلة شيء من المخلوقات.
وذلك يستلزم إثبات صفات الكمال، والتمام التي ليس فيها كفو لذي الجلال،والإكرام.
وبيان ذلك هنا أن الله مستغن عن كل ما سواه، وهو خالق كل
مخلوق، ولم يصر عاليا على الخلق بشيء من المخلوقات ن بل هو سبحانه خلق المخلوقات، وهو بنفسه عال عليها، لا يفتقر في علوه عليها إلى شيء منها، كما يفتقر المخلوق إلى ما يعلو عليه من المخلوقات وهو سبحانه حامل بقدرته للعرش ولحملة العرش.
وفي الأثر أن الله لما خلق العرش أمر الملائكة بحمله، قالوا ربنا كيف نحمل عرشك وعليه عظمتك، فقال قولوا لا حول ولا قوة إلا بالله.
فإنما أطاقوا حمل العرش بقوته تعالى، والله إذا جعل في مخلوق قوة أطاق المخلوق حمل ما شاء أن يحمله من عظمته، وغيرها فهو بقوته، وقدرته الحامل، للحامل والمحمول، فكيف يكون مفتقرا إلى شيء، وأيضافالمحمول من العباد بشيء عال لو سقط ذلك العالي، سقط هو والله أغنى وأجل وأعظم من أن يوصف بشيء من ذلك.
وأيضا فهو سبحانه خلق ذلك، المكان العالي، والجهة العالية، والحيز العالي، إذا قدر شيئا موجودا، كما لو جعل ذلك اسما للعرش، وجعل العرش هو المكان العالي، كما في شعر حسان:
% تعالى علوا فوق عرش إلهنا % وكان مكان الله أعلى وأعظما %
فالمقصود أنه خلق المكان وعلاه وبقوته صار عاليا، والشرف الذي حصل لذلك المكان العالي منه، ومن فعله، وقدرته، ومشيئته فإذا كان هو عاليا علا ذلك، وهو الخالق له وذلك مفتقر إليه من كل وجه.
وهو مستغن عنه من كل وجه، فكيف يكون قد استفاد العلو منه، ويكون ذلك المكان أشرف منه
، وإنما صار له الشرف به، والله مستحق للعلو والشرف بنفسه لا بسبب سواه.
فهل هذا وأمثاله إلا من الخيالات والأوهام الباطلة، التي تعارض بها فطرة الله التي فطر الناس عليها، والعلوم الضرورية والقصود الضرورية، والعلوم البرهانية القياسية، والكتب الإلهية، والسنن النبوية، وإجماع أهل العلم، والإيمان من سائر البرية) أ. هـ
http://www.h-alali.net/npage/fatwa_open.php?id=5133
علما بأن الشيخ راجعته فقال ان كلام الشيخ يؤول على التفصيل الذي ذكره ابن تيمية ولم يقصد اثبات الصفة
للرفع(32/133)
هل يمكن أن يأتى الصحابى ببدعة؟
ـ[أبو دجانة السلفي]ــــــــ[05 - 11 - 05, 08:04 ص]ـ
السلام عليكم
إخوانى الكرام عندى إشكال فى فهم الأحاديث التى فيها أفعال للصحابة -على وجه العبادة- لم يفعلها النبى عليه الصلاة والسلام و لم تكن من هديه - و التى يستشهد بها كثير من المبتدعة-
فمثلا حديث الرجل الذى كان يقرأ لأصحابه فى صلاتهم فيختم ب (قل هو الله أحد) فهل هذه العبادة قبل إقرار النبى لها تعتبر فى حق هذا الصحابى بدعة
و كذلك حديث عمرو بن العاص ( ... أقيموا حول قبرى قدر ما تنحر جزور الحديث) و إن كان هذا اجتهاد خاطئ من هذا الصحابى الجليل كما قال الشيخ بن العثيمين رحمه الله و لكن هل يسمى ذلك بدعة؟ أرجو التفصيل
ـ[أحمد أبو عرجه]ــــــــ[05 - 11 - 05, 05:36 م]ـ
لا يا أخي فاجتهادات العلماء لا تسمى بدعة فضلاً عن اجتهادات الصحابة.
و هذه الاجتهادات اما اقروا عليها او نهوا عنها , والقاعدة في معرفة البدعة من غيرها والله أعلم هي: ان يكون بالامكان فعلها في عهد النبوي ولم يفعلها الرسول عليه الصلاة و السلام ولا الصحابة دون وجود مانع
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[05 - 11 - 05, 08:48 م]ـ
الصواب أن البدعة هي ما خالف هدي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهدي أصحابه رضي الله عنهم
وعليه فلا يتصور صدور بدعة من صحابي
وأفعال الصحابة رضي الله عنهم _ التي صح إسنادها إليهم _ في باب العبادة وصفتها ومقدارها وزمانها ومكانها ونحو ذلك لها حكم الرفع لأنه مما لا يقال من قبل الرأي
فإذا لم يوجد معارض فنقتدي بهم فيها ولا إشكال بحمد الله، ومن أمثلته دعاء أنس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - عند ختم القرآن، والتكبير في العيدين بالصيغة المأثورة عن ابن مسعود 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أو عن سلمان 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -، والمراد بالمعارض هنا المعارض الخاص في تلك المسألة بعينها، فلا يصح الاعتراض على هدي الصحابة رضي الله عنهم بمثل حديث من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد، ونحوه من النصوص العامة.
وإذا وجدنا معارضا لفعل الصحابي كثبوت مخالفته لهدي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أو كإنكار غيره من الصحابة عليه، ونحو ذلك، ومن أمثلة ما له معارض تطبيق ابن مسعود 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - في الركوع، وتتبع ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - مواضع صلاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في الطريق بين مكة والمدينة، وتعريف ابن عباس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - في الأمصار
فهنا يكون الأمر من باب تعارض الأدلة فإما نجمع بين الدليلين وإما نقول أحدهما منسوخ وإما نرجح بينهما، لكن لا يوصف فعل الصحابي بأنه بدعة بحال من الأحوال.
ـ[أبو دجانة السلفي]ــــــــ[06 - 11 - 05, 12:11 ص]ـ
بارك الله فيكم
و لكن بالنسبة لهذين الحديثين
الأول فيه ان الصحابى كان يختم فى صلاته ب قل هو الله أحد و هو يعلم أن ذلك ليس من هدى النبى صلى الله عليه وسلم و معلوم ان العبادة توقيفية فكيف فعل ذلك ابتداءا؟
الحديث الثانى فيه ان عمرو بن العاص رضى الله عنه أمر أهله بشئ لم يكن من هدى النبى صلى الله عليه وسلم -ان يقيموا حول قبره قدر ما تنحر جزور - و قد بين الشيخ بن العثيمين رحمه الله فى شرحه لرياض الصالحين أن هذا كان اجتهادا من عمرو بن العاص -رضى الله عنه- لا نوافقه عليه و لم يكن هذا هدى النبى صلى الله عليه وسلم
المشكله أن مثل هذا الحديث و الذى قبله يستشهدون به أهل البدع لبيان شرعية بدعهم
اتفق معك أخى أحمد ان اجتهادات العلماء لا تسمى بدعة فضلاً عن اجتهادات الصحابة و لكن كيف الأمر اذا جاءك مبتدع و قال: كما أن الصحابى اجتهد فى فعل عبادة لم تكن من هدى النبى صلى الله عليه وسلم كذلك اجتهد أنا و إن قلتم أن النبى أقر الصحابى فى الحديث الأول فهو لم يقر عمرو بن العاص فى الحديث الثانى ثم ان الصحابى الأول لما فعل ما فعل هل كان مبتدعا قبل إقرار النبى صلى الله عليه وسلم له؟
كما ان فعل هذا الصحابى الذى - يختم بقل هو الله أحد -له مقتضى فى زمان النبى صلى الله عليه وسلم وهو محبة صفة الرحمن التى اشتملت عليها السورة مع ذلك لم يكن هذا هديه صلى الله عليه وسلم
و كذلك فعل عمرو بن العاص له مقتضى و هو الإستئناس و لم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم
فكيف نجيب على الحديثين؟
و أرجو ألا تفهموا أنى أهدف إلى تبديع الصحابة أو الإساءة بهم و لكنى أريد سد باب من أبواب أهل البدع
ـ[عبدالعزيز المغربي]ــــــــ[06 - 11 - 05, 12:46 ص]ـ
أخي الكريم دجانة،
الأول فيه ان الصحابى كان يختم فى صلاته ب قل هو الله أحد و هو يعلم أن ذلك ليس من هدى النبى صلى الله عليه وسلم و معلوم ان العبادة توقيفية فكيف فعل ذلك ابتداءا؟
هذا يدخل في السنة التقريرية ولا مجال للبدعة فيه، وكل ما فعله الصحابة رضي الله عنهم في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعلم به، فما أقره أو سكت عنه فهو سنة داخل تحت عموم قوله صلى الله عليه وسلم "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يو القيامة" ومن ذلك الحديث في الصدقة، والحديث في حمد الله قبل الصلاة
وما رده صلى الله عليه وسلم فهو مردود
فلما كانت حجة الوداع كان تمام الشريعة الإسلامية، وقيد عموم الحديث السابق بقوله صلى الله عليه وسلم (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الهادين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجد) وبهذا تسد كل الطرق أمام البدعة والمبتدعين
والله أعلم
والمسألة تحتاج إلى زيادة تدقيق وتحقيق ولعل إخواننا يمدون يد العون، والله الموفق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/134)
ـ[أبو دجانة السلفي]ــــــــ[06 - 11 - 05, 02:10 ص]ـ
بارك الله فيك
و فى انتظار المزيد
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[06 - 11 - 05, 02:28 ص]ـ
إخوتي مسح الرقبة في الوضؤ نص على بدعيته غير واحد من أهل العلم وقرأت قديما أنه ثبت عن ابن عمر فعله فكيف الجمع بين اطلاقهم البدعية وثبوت فعل ابن عمر.
وهذا بالطبع إن ثبتت المقدمتان فالعهد بهما بعيد.
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[06 - 11 - 05, 05:01 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الأحبة:
إن ما صدر من الصحابي من قول أو فعل لا يخرج عن أحد أمرين:
إما أن يكون علم به النبي صلى الله عليه وسلم فمنعه ونهى عنه كما في حديث الثلاثة الذي جاءوا بيوت أزواجه صلى الله عليه وسلم.
الثاني: لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم.
ومضى قوله: فمثل هذا ينظر إن كان فيه نص صحيح محكم يرجع إليه أم لا. والعود إلى النص حالة وجوده هو الواجب.
وفعل الصحابي لا يخرج عن أحد أمرين حال ورود النص:
الأول أن يكون متفقها فيه كما فعل أبو هريرة رضي الله عنه في حديث الوضوء وحليته.
أو: أنه لم يعلم وروده فاجتهد على أصول وهناك وجه ثالث:
اجتهاده في مسالة لعدم ورود النص كأكل بعضهم البرد وقوله ليس بطعام ولا شراب.
وعود هذا على ما قال الشيخ أبو خالد السلمي.
والمجمع عليه فيما أعلم أن البدعة خارجة عن الصحابة وإن كانت تقع ممن عاصر الصحابة كما في حديث ابنى مسعود رض الله عنه عند الدارمي والطبراني وغيرهما (أحدثتم هذه البدعة ... ).
لذلك البدعة: ما أحدث في الدين لا على مثال سابق يضاهي الشريعة يراد به التقرب إلى الله تعالى.
فإن أكثر المبتدعة يعلمون النصوص لكنهم يدخلون علي النص ببدعة أصلية فيه أو تركية أو وصفية.
والكلام في مثل هذا طويل والله ولي التوفيق.
ـ[الساري]ــــــــ[06 - 11 - 05, 06:57 ص]ـ
أيضا هناك مثال ثالث أشكل علي، وهو صلاة بلال بن رباح ركعتين كلما توضأ، وقد أقره الرسول على فعله، مع أنه لم يرد نص عن الرسول في مشروعيته.
ـ[خطاب القاهرى]ــــــــ[06 - 11 - 05, 07:24 ص]ـ
الأخ السارى ..
صلاة بلال كانت و النبى صلى الله عليه و سلم حى يوحى إليه , و على هذا , فلو كان فيها ما يخالف ما جاء به النبى و يزيد عليه , لأوحى الله جل و علا إلى نبيه صلى الله عليه و سلم , و لبين النبى لبلال عدم مشروعية هذا الفعل ... و أقرار النبى صاى الله عليه و سلم دل على مشروعيته ..
فالفرق بين فعل بلال رضى الله عنه , و من يفعل شىء مشابه لم ترد صفته و لا كيفيته فى السنة فى وقتنا هذا مثلا , أن النبى صلى الله عليه و سلم قد مات , و إنقطع وحى السماء , و كمل الدين , و الله أعلم ...
ـ[أبو دجانة السلفي]ــــــــ[06 - 11 - 05, 10:46 ص]ـ
آسف للإطالة و أسأل الله ان يجعل ذلك فى ميزان حسناتكم
و لكى نختصر الموضوع هل منكم من يجيب علىالإشكالات التى وضعتها على هذين الحديثين بالذات -وخصوصا الثانى -؟
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[06 - 11 - 05, 11:26 ص]ـ
أذكر أن شيخ الإسلام ابن تيميه قال
(أن بعض أفعال ابن عمر من جنس البدع)
وقال بعض المشائخ ذلك لكنه قال فعله عن اجتهاد وهو من أهل الإجتهاد فلا نقول إنه 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - مبتدع
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[06 - 11 - 05, 11:36 ص]ـ
كلام لشيخ الإسلام يتعلق بالموضوع
قال رحمه الله في مجموع الفتاوى المجلد الأول ص 281ـ283 وينظر من 278 إلى 280
{ومن هذا وضع ابن عمر يده على مقعد النبى صلى الله عليه وسلم، وتعريف ابن عباس بالبصرة وعمرو بن حريث بالكوفة، فإن هذا لما لم يكن مما يفعله سائر الصحابة، ولم يكن النبى صلى الله عليه وسلم شرعه لأمته، لم يمكن أن يقال: هذا سنة مستحبة، بل غايته أن يقال: هذا مما ساغ فيه اجتهاد الصحابة، أو مما لا ينكر على فاعله؛ لأنه مما يسوغ فيه الاجتهاد لا لأنه سنة مستحبة سنها النبى صلى الله عليه وسلم لأمته، أو يقال فى التعريف: إنه لا بأس به أحيانا لعارض إذا لم يجعل سنة راتبة.
وهكذا يقول أئمة العلم فى هذا وأمثاله، تارة يكرهونه، وتارة يسوغون فيه الاجتهاد، وتارة يرخصون فيه إذا لم يتخذ سنة، ولا يقول عالم بالسنة: إن هذه سنة مشروعة للمسلمين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/135)
فإن ذلك إنما يقال فيما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ ليس لغيره أن يسن ولا أن يشرع، وما سنه خلفاؤه الراشدون فإنما سنوه بأمره فهو من سننه، ولا يكون فى الدين واجبا إلا ما أوجبه، ولا حرامًا إلا ما حرمه، ولا مستحبا إلا ما استحبه، ولا مكروها إلا ما كرهه، ولا مباحاً إلا ما أباحه.
وهكذا فى الإباحات، كما استباح أبو طلحة أكل البرد وهو صائم، واستباح حذيفة السحور بعد ظهور الضوء المنتشر حتى قيل: هو النهار، إلا أن الشمس لم تطلع. وغيرهما من الصحابة لم يقل بذلك، فوجب الرد إلى الكتاب والسنة.
وكذلك الكراهة والتحريم. مثل كراهة عمر وابنه للطيب قبل الطواف بالبيت، وكراهة من كره من الصحابة فسخ الحج إلى التمتع، أو التمتع مطلقًا، أو رأى تقدير مسافة القصر بحد حده، وأنه لا يقصر بدون ذلك، أو رأى أنه ليس للمسافر أن يصوم فى السفر.
ومن ذلك قول سلمان: إن الريق نجس، وقول ابن عمر: إن الكتابية لا يجوز نكاحها، وتوريث معاذ ومعاوية للمسلم من الكافر، ومنع عمر وابن مسعود للجنب أن يتيمم، وقول على وزيد وابن عمر فى المفوِّضة: إنه لا مهر لها إذا مات الزوج، وقول على وابن عباس فى المتوفى عنها الحامل: إنها تعتد أبعدَ الأجلين، وقول ابن عمر وغيره: إن المحرم إذا مات بطل إحرامه وفعل به ما يفعل بالحلال.
وقول ابن عمر وغيره: لا يجوز الاشتراط فى الحج، وقول ابن عباس وغيره فى المتوفى عنها: ليس عليها لزوم المنزل، وقول عمر وابن مسعود: إن المبتوتة لها السكنى والنفقة. وأمثال ذلك مما تنازع فيه الصحابة، فإنه يجب فيه الرد إلى الله والرسول، ونظائر هذا كثيرة فلا يكون شريعة للأمة إلا ما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن قال من العلماء: [إن قول الصحابى حجة] فإنما قاله إذا لم يخالفه غيره من الصحابة ولا عرف نص يخالفه، ثم إذا اشتهر ولم ينكروه كان إقراراً على القول، فقد يقال: [هذا إجماع إقراري] إذا عرف أنهم أقروه ولم ينكره أحد منهم، وهم لا يقرون على باطل.
وأما إذا لم يشتهر فهذا إن عرف أن غيره لم يخالفه فقد يقال: [حجة]. وأما إذا عرف أنه خالفه فليس بحجة بالاتفاق، وأما إذا لم يعرف هل وافقه غيره أو خالفه لم يجزم بأحدهما، ومتى كانت السنة تدل على خلافه كانت الحجة فى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا فيما يخالفها بلا ريب عند أهل العلم.}
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[06 - 11 - 05, 02:48 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
البدعة هى طريقة فى الدين مخترعة تضاهى الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة فى التعبد لله تعالى كما عرفها الشاطبى رحمه الله و كلمة مخترعة تستلزم أنها أحدثت فى الدين بعد تمامه وتمامه كان بإنقطاع الوحى بموت النبى صلى الله عليه وسلم وعليه فإن كل ما كان فى حياته لا يدخل فى تعرف البدعة أصلا فإن فعل الصحابى فعلا فعلمه النبى صلى الله عليه وسلم و أقره عليه فهو سنة تقريرية كما هو معلوم و إن علمه و لم يقره عليه فهو منهى عنه و أما بإفتراض أن الصحابة فعلوا شيئا فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم ولم يعلمه فهو على غرار قول جابر رضى الله عنه (كنا نعزل والقرآن ينزل) يريد أن يقول لو كان شيئا منهيا عنه لنهينا عنه وعليه فإن فعل الصحابى الذى كان يقرأ بالإخلاص فى كل صلاة لا يدخل فى تعريف البدعة لأن الصحابى فعل ذلك قبل تمام الدين بعكس البدعة فهى بعد تمامه.
أما قول عمرو بن العاص فهو إجتهاد منه لم يعارضه فيه أحد من الصحابة كما أن له على طلبه من أهله الوقوف على قبره دليل فى الحديث الطويل عن البراء بن عازب (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى جنازة رجلا من الانصار ....... )
ـ[الليث السكندري]ــــــــ[06 - 11 - 05, 05:33 م]ـ
أوافق أخي أبو حفص السكندري فيما قاله فما فعله الصحابة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل نزول قوله تعالى: ((اليوم أكملت لكم دينكم)).أي لم يكن الدين قد اكتمل بعد فلا قياس بينه و بين من فعلها بعد نزول الآية لإن الدين قد اكتمل اما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ففعل الصحابي إما أن يكون مما علمه من النبي صلى الله عليه وسلم أو يكون اجتهادا و كلهم اهل للإجتهاد فقد تصدر من صحابي بدعة عن اجتهاد و لكن لا يكون مبتدع و إنما يكون مجتهدا و أخطأفله اجر واحد
ـ[ابو بكر جميل بن صبيح]ــــــــ[06 - 11 - 05, 11:01 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله:
أوصى بريدة الأسلمي أن توضع في قبره جريدتان، فكان أن مات بأدنى خراسان فلم توجد إلا في جوالق حمار - صحح اسناده الالباني في احكام الجنائز. و المقرر عند العلماء ان فعل ذلك بعد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بدعه كذلك سمعت الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يقول بان دعاء ختم القران في الصلاة بدعة لا شك فيها.
كذلك ما روي عن ابن عمر انه كان يدخل الماء في عينيه عند الوضوء؟
فالمداومة على ذلك بدعة! لانها زيادة في عمل شرعي لم يرد به نص
فما توجيه ذلك؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/136)
ـ[الشافعي]ــــــــ[06 - 11 - 05, 11:31 م]ـ
السلام عليكم
أقترح على الأخ الكريم صاحب الموضوع أن يغير من سؤاله بحيث لا يحوم أحد المجيبين حول جناب الصحابة رضوان
الله عليهم وحتى يمكننا البحث في الموضوع بمأمن من بعض المنزلقات.
فأخي حسب ما فهمت يريد أن يسأل: هل إطلاق وصف البدعة يكون بحسب من قام بالفعل (مجتهداً كان أو غير
مجتهد) أم بحسب ما أحدث فيه الفعل (يجوز فيه الاجتهاد أو لا يجوز)؟
وأرى أن جواب الأخ الفاضل السلمي فيه ما فيه.
فإنه أولاً مبني فقط على مذهب من قال بحجية قول الصحابي، وثانياً يحتاج إلى أن ينضبط بشروط من ذهب
إلى ذلك وهي غير موجودة في كل الأمثلة المسؤول عنها.
وليس كل ما فعله الصاحب المنفرد مطلوب منا على وجه الندب متابعته فيه.
والله تعالى أعلم.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[07 - 11 - 05, 04:12 ص]ـ
لا أخي الشافعي فالأخ لا يسأل عن حكم المجتهد إذا ما وقع في البدعة متأولا فهذه يسيرة.
ولكنه يسأل هل ما فعله الصحابي تعبدا-ولم يثبت عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - يجوز أن نطلق عليه اسم البدعة.
فالمسألة الأولى فيها تقرير حكم فاعل البدعة مع التسليم ببدعية الفعل.
أما الثانية فنحن مسلمون بعدم اطلاق اسم المبتدع على الفاعل ولكن السؤال هو هل يطلق اسم البدعة على الفعل وقد فعله صحابي؟
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[07 - 11 - 05, 06:01 ص]ـ
قال الشاطبي في الاعتصام (منقول من نسخة الكترونية سقيمة) ( ....... فصل
إذا ثبت ما تقدم ورد الإشكال الثاني
إذا ثبت ما تقدم ورد الإشكال الثاني وهو أن التزام النوافل التي يشق التزامها مخالفة للدليل وإذا خالفت فالمتعبد بها على ذاك التقدير متعبد بما لم يشرع وهو عين البدعة فإما أن تنتظمها أدلة ذم البدعة أو لا فإن انتظمتها أدلة الذم فهو غير صحيح لأمرين
أحدهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كره لعبد الله بن عمرو ما كره وقال له: إني أطيق أفضل من ذلك فقال له صلى الله عليه وسلم: [لا أفضل من ذلك] تركه بعد على التزامه ولولا أن عبد الله فهم منه بعد نهيه الإقرار عليه لما التزمه ودوام عليه حتى قال: ليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم! فلو قلنا: إنها بدعة ـ وقد ذم كل بدعة ـ وقد ذم كل بدعة على العموم ـ لكان مقرا له على خطا وذلك لا يجوز كما أنه لا ينبغي أن يعتقد في الصحابي أنه خالف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قصدا للتعبد بما نهاه عنه فالصحابة رضي الله تعالى عنهم أتقى لله من ذلك وكذلك ما ثبت عن غيره من وصال الصيام وأشباهه وإذا كان كذلك لم يمكن أن يقال: إنها بدعة
الثاني: أن العامل بها دائما بشرط الوفاء إن التزم الشرط فأداها على وجهها فلقد حصل مقصود الشارع فارتفع النهي إذا فلا مخالفة للدليل فلا ابتداع وإن لم يلتزم أداءها فإن كان باختيار فلا إشكال في المخالفة المذكورة كالناذر يترك المندوب بغير عذر ومع ذلك فلا يسمى تركه بدعة ولا عمله في وقت العمل بدعة ولا يسمى بالمجموع مبتدعا وإن كان لعارض مرض أو غيره من الأعذار فلا نسلم أنه مخالف كما لا يكون مخالفا في الواجب إذا عارضه فيه عارض كالصيام للمريض والحج لغير المستطيع فلا ابتداع إذا
وأما إن لم تنتظمها أدلة الذم فقد ثبت أن من أقسام البدع ما ليس بمنهي بل هو مما يتعبد به وليس من قبيل المصالح المرسلة ولا غيرها مما له أصل على الجملة وحيئنذ يشمل هذا الأصل كل ملتزم تعبدي كان له أصل أم لا؟ لكن فحيث يكون له أصل على الجملة على التفصيل كتخصيص ليلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم بالقيام فيها ويومه بالصيام أو بركعات مخصوصة وقيام ليلة أول جمعة من رجب وليلة النصف من شعبان والتزام الدعاء جهرا بآثار الصلوات مع انتصاب الإمام وما أشبه ذلك مما له أصل جلي وعند ذلك ينخرم كل ما تقدم تأصيله
والجواب عن الأول ـ أن الإقرار ـ صحيح ولا يمتنع أن يجتمع مع النهي الإرشاد لأمر خارجي فإن النهي لم يكن لأجل خلل في نفس العبادة ولا في ركن من أركانها وإنما كان لأجل الخوف من أمر متوقع كما قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: إن النهي عن الوصال كالتنكيل بهم ولو كان منهيا عنه بالنسبة إليهم لما فعل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/137)
فانظر كيف اجتمع في الشيء الواحد كونه عبادة ومنهيا عنه لكن باعتبارين ونظيره في الفقهيات ما يقوله جماعة من المحققين في البيه بعد نداء الجمعة فإنه نهى عنه لا من جهة كونه بيعأ بل من جهة كونه مانعا من حضور الجمعة فيجيزون البيع بعد الوقوع ويجعلونه فاسدا وإن وجد التصريح بالنهي فيه للعلم بأن النهي ليس براجع إلى نفس البيع بل إلى أمر يجاوره ولذلك يعلل جماعة ممن يقول بفسخ البيع لأنه زجر للمتبايعين لا لأجل النهي عنه فليس عند هؤلاء ببيع فاسد أيضا ولا النهي راجع إلى نفس البيع
فالأمر بالعبادة شيء وكون المكلف يوفي بها أو لا شيء آخر فإقرار النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمرو رضي الله عنهما على ما التزم ونهيه إياه ابتداء لا يدل على الفساد وإلا لزم التدافع وهو محال إلا أن ها هنا نظرا آخر: وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صار في هذه المسائل كالمرشد للمكلف وكالمبتدىء بالنصيحة عند وجود مظنة الاستنصاح فلما تكلف المكلف على اجتهاده دون نصيحة الناصح الأعرف بعوارض النفوس صار كالمتبع لرأيه مع وجود النص وإن كان بتأويل فإن سمي في اللفظ فبهذا الاعتبار وإلا فهو متبع للدليل المنصوص من صاحب النصيحة وهو الدال على الانقطاع إلى الله تعالى بالعبادة
ومن هنا قيل فيها إنها بدعة إضافية لا حقيقية ومعنى كونها إضافية أن الدليل فيها مرجوع بالنسبة لمن يشق عليه الدوام عليها وراجح بالنسبة إلى من وفى بشرطها ولذلك وفى بها عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما بعد ما ضعف وإن دخل عليه فيها بعض الحرج حتى تمنى قبول الرخصة
بخلاف البدعة الحقيقية فإن الدليل عليها مفقود حقيقة فضلا عن أن يكون مرجوحا
فهذه المسألة تشبه مسألة خطأ المجتهد فالقول فيهما متقارب وسيأتي الكلام فيهما إن شاء الله تعالى
وأما قول السائل في الإشكال: إن التزم الشرط فأدى العبادة على وجهها ـ إلى آخره ـ فصحيح إلا قوله: فإن تركها لعارض فلا حرج كالمريض فإن ما نحن فيه ليس كذلك بل ثم قسم آخر وهو أن يتركها بسبب تسبب هو فيه وإن ظهر أن ليس من سببه فإن ترك الجهاد ـ مثلا ـ باختياره مخالفة ظاهرة وتركه لمرض أو نحوه لا مخالفة فيه فإن عمل في سبب يلحقه عادة بالمريض حتى لا يقدر على الجهاد فهذه واسطة بين الطرفين فمن حيث تسببه في المانع لا يكون محمودا عليه وهو نظير الإيغال في العمل الذي هو سبب في كراهية العمل أو التقصير على الواجب وهذا المكلف قد خالف النهي ومن حيث وقع له الحرج المانع في العبادة من أدائها على وجهها قد معذورا فصار هنا نظر بين نظرين لا يتخلص مع العمل إلى واحد منهما
وأما قوله: ثبت أن من أقسام البدع ما ليس بمنهي عنه فليس كما قال وذاك أن المندوب هو من حيث هو مندوب يشبه الواجب من جهة مطلق الأمر ويشبه المياح من جهة رفع الحرج على التارك فهو واسطة بين الطرفين لا يتخلى إلى واحد منهما إلا أن قواعد الشرع شرطت في ناحية العمل شرطا كما شرطت في ناحية تركه شرطا فشرط العمل به أن لا يدخل فيه مدخلا يؤديه إلى الحرج المؤدي إلى انخرام الندب فيه رأسا أو انخرام ما هو أولى منه وما وراء هذا موكول إلى خبرة المكلف فإذا دخل فيه فلا يخلو أن يدخل فيه على قصد انخرام الشرط أو لا فإن كان كذلك فهو القسم الذي يأتي إن شاء الله
وحاصله أن الشارع طالبه برفع الحرج وهو يطالب نفسه بوضعه وإدخاله على نفسه وتكليفها ما لا يستطاع مع زيادة الإخلال بكثير من الواجبات والسنن التي هي أولى مما دخل فيه ومعلوم أن هذه بدعة مذمومة
وإن دخل على غير ذلك القصد فلا يخلو أن يجري المندوب على مجراه أو لا فإن أجراه كذلك بأن يفعل منه ما استطاع إذا وجد نشاطا ولم يعارضه ما هو أولى مما دخل فيه فهو محض السنة التي لا مقال فيها لاجتماع الأدلة على صحة ذلك العمل إذ قد أمر فهو غير تارك ونهى عن الإيغال وإدخال الحرج فهو متحرز فلا إشكال في صحته وهو كان شأن السلف الأول ومن بعدهم وإن لم يجره على مجراه ولكنه أدخل فيه رأي الالتزام والدوام فذلك الرأي مكروه ابتداء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/138)
لكن فهم من الشرع أن الوفاء ـ إن حصل ـ فهو ـ إن شاء الله ـ كفارة النهي فلا يصدق عليه في هذا القسم معنى البدعة لأن الله تعالى مدح الموفين بالنذر والموفين بعهدهم إذا عاهدوا وإن لم يحصل الوفاء تمحض وجه النهي وربما أثم في الالتزام غير النذري ولأجل احتمال عدم الوفاء أطلق عليه لفظ البدعة لا لأجل أنه عمل لا دليل عليه بل الدليل عليه قائم
ولذلك إذا التزم الإنسان بعض المندوبات التي يعلم أو يظن أن الدوام فيها لا يوقع في حرج أصلا ـ وهو الوجه الثالث من الأوجه الثلاثة المبنه عليها ـ لم يقع في نهي بل في محض المندوبات كالنوافل الرواتب مع الصلوات والتسبيح والتحميد والتكبير في آثارها والذكر اللساني الملتزم بالعشي والإبكار وما أشبه ذلك مما لا يخل بما هو أولى ولا يدخل حرجا بنفس العمل به ولا بالدوام عليه
وفي هذا القسم جاء التحريض على الدوام صريحا ومنه كان جمع عمر رضي الله عنه الناس في رمضان في المسجد ومضى عليه الناس لأنه كان أولا سنة ثابتة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إنه أقام للناس بما كانوا قادرين عليه ومحبين فيه وفي شهر واحد من السنة لا دائما وموكولا إلى اختيارهم لأنه قال: والتي ينامون عنها أفضل
وقد فهم السلف الصالح أن القيام في البيوت أفضل فكان كثير منهم ينصرفون فيقومون في منازلهم ومع ذلك فقد قال: نعمت البدعة هذه فأطلق عليها لفظ البدعة ـ كما ترى ـ نظرا ـ والله أعلم ـ إلىاعتبار الدوام وإن كان شهرا في السنة وأنه لم يقع فيمن قبله عملا دائما أو أنه أظهره في المسجد الجامع مخالفا لسائر النوافل وإن كان ذلك واقعا في أصله كذلك فلما كان الدليل على ذلك القيام على الخصوص واضحا قال: نعمت البدعة هذه فحسنها بصيغة نعم التي تقتضي من المدح ما تقتضيه صيغة التعجب لو قال: ما أحسنها من بدعة! وذلك يخرجها قطعا عن كونها بدعة
وعلى هذا المعنى جرى كلام أبي أمامة رضي الله عنه مستشهدا بالآية حيث قال: أحدثتم قيام رمضان ولم يكتب عليكم إنما معناه ما ذكرناه ولأجله قال: فدوموا عليه ولو كان بدعة على الحقيقة لنهى عنه ومن هذه الجهة أجرينا الكلام على ما نهى صلى الله عليه وسلم عنه من التعبد المخوف الحرج في المآل واستسهلنا وضع ذلك في قسم البدع الإضافية تنبيها على وجهها ووضعها في الشرع مواضعها حتى لا يغتر بها مغتر فيأخذها على غير وجهها ويحتج بها على العمل بالبدعة الحقيقية قياسا عليها ولا يدري ما عليه في ذلك وإنما تجشمنا إطلاق اللفظ هنا وكان ينبغي أن لا يفعل لولا الضرورة وبالله التوفيق) انتهى.
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين [جزء 1 - صفحة 80]
(قال الشافعي رحمه الله في رسالته البغدادية التي رواها عنه الحسن بن محمد الزعفراني وهذا لفظه ((وقد أثنى الله تبارك وتعالى على أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - في القرآن والتوراة والإنجيل وسبق لهم على لسان رسول الله ص - من الفضل ما ليس لأحد بعدهم فرحمهم الله وهنأهم بما أتاهم من ذلك ببلوغ أعلى منازل الصديقين والشهداء والصالحين أدوا إلينا سنن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - وشاهدوه والوحي ينزل عليه فعلموا ما أراد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - عاما وخاصا وعزما وإرشادا وعرفوا من سنته ما عرفنا وجهلنا وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعقل وأمر استدرك به علم واستنبط به وآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا من رأينا عند أنفسنا ومن أدركنا ممن يرضى أو حكى لنا عنه ببلدنا صاروا فيما لم ليعلموا لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - فيه سنة إلى قولهم إن اجتمعوا أو قول بعضهم إن تفرقوا وهكذا نقول ولم نخرج عن أقاويلهم وإن قال أحدهم ولم يخالفه غيره أخذنا بقوله)))
ولما كان رأي الصحابة عند الشافعي بهذه المثابة قال في الجديد في كتاب الفرائض في ميراث الجد والإخوة وهذا مذهب تلقيناه عن زيد بن ثابت وعنه أخذنا أكثر الفرائض وقال والقياس عندي قتل الراهب لولا ما جاء عن أبي بكر رضي الله عنه فترك صريح القياس لقول الصديق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/139)
وقال في رواية الربيع عنه والبدعة ما خالف كتابا أو سنة أو أثرا عن بعض أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - فجعل ما خالف قول الصحابي بدعة وسيأتي إن شاء الله تعالى إشباع الكلام في هذه المسألة وذكر نصوص الشافعي عند ذكر تحريم الفتوى بخلاف ما أفتى به الصحابة ووجوب اتباعهم في فتاويهم وأن لا يخرج من جملة أقوالهم وأن الأئمة متفقون على ذلك) انتهى.
ـ[ضعيف]ــــــــ[07 - 11 - 05, 08:00 ص]ـ
الصحابة عدول في الرواية وقد يقع من احدهم مخالفة شرعية على سبيل الاجتهاد
وهو اذا ذكر يعود سريعا رضي الله عنهم
هذا اعتقاد اهل السنة والجماعة
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[07 - 11 - 05, 01:28 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الأحبة إن أعمال الصحابة الكرام لا يجوز أن يطلق عليها قول بدعة فيما اجتهدوا فيه فيما لا نص فيه أو في فهمهم للنص.
وذلك لأمور:
الأول أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد تربوا على الاتباع لا الابتداع.
ثانيا: أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هم أعلم الناس بمعاني التنزيل وأسبابه فقد روى ابن وضاح في كتابه البدع والنهي عنها: (10 و 11) (عن عبد الله بن مسعود قال: اتبعوا آثارنا ولا تبتدعوا فقد كفيتم).
ثالثا: أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مبلغون عنه ولو أدخل واحد فيهم تحت هذا المعنى لفسد كثير مما ينقل عنهم عند كل من لم يعي قولهم أو عارضه بنص على فهمه هو.
فتفسد الأمور أيما فساد لهذا قال عمربن عبد العزيز رحمه الله لأرطأة بن عدي (أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله والقتصاد في أمره واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وترك ما أحدثه المحدثون فيما جرت سننه وكفوا مؤونته.
فعليك بلزوم السنة فإن السنة إنما سنها من قدعرف ما في خلافها من الخطأ والزلل والحمق والتعمق.
فارض لنفسك ما رضي القوم لأنفسهم فإنهم على علم وقفوا وببصر نافذ قد كفوا ولهم كانوا على كشف الأمور أقوى وبفضل ما كانوا فيه أحرى فلئن قلتم أمر حدث بعدهم ما أحدثه بعدهم إلا من اتبع غير سنتهم ورغب بنفسه عنهم.
إنهم لهم السابقون فقد تكلموا منه بما يكفي ووصفوا منه ما يشقي فما دونهم مقصر وما فوقهم محسر لقد قصر عنهم آخرون فجفوا وطمح عنهم أقوام فغلوا وإنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم).
رواه أبو داود والإسناد صحيح.
الرابع: وما ذهب إليه الصحابة رضي الله عنهم من قول أو فعل إما أن يكون اتباعا لنص علموه دون غيرهم وما عرفوا غيره.
الثاني: أن يكون فهما لنص عاينوه أو باشروه.
الثالث: أن يكون توسعا في فهم النص وهم بذلك أولى لما تقدم.
الرابع: اجتهاد في نازلة لم يكن عند واحد منهم فيها نص ولا بد من البان وقت الحاجة.
وغيرها مما يمكن أن يخرج على أساسه فعل الصحابة.
وهذا يلزم حفظكم الله قبوله وعدم الخوض في غير مدلوله ذلك أنه لو لم يكن في البدعة من الشر غير ما قاله صلى الله عليه وسلم (وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار).
قال الشاطبي رحمه الله (إن المبتدع قد نزل نفسه منزلة المضاهي للشارع لأن الشارع وضع الشرائع وألزم الخلق الجري على سنتها وصار هو المنفرد بذلك ... فهذا الذي ابتدع قد صير نفسه نظيرا ومضاهيا للشارع حيث شرع مع الشارع وفتح للاختلاف بابا ورد قصد الشارع في الانفراد بالتشريع وكفى بذلك).
بل إن المبتدع صاحب هوى قد قدم هواه على أمر ربه فكان بذلك من أضل الناس وهو يحسب نفسه على الحق.
وبعد:
الجواب على الأحاديث المشكلة:
الحديث الأول: قول الأخ دجانة حفظه الله (فمثلا حديث الرجل الذى كان يقرأ لأصحابه فى صلاتهم فيختم ب (قل هو الله أحد) فهل هذه العبادة قبل إقرار النبى لها تعتبر فى حق هذا الصحابى بدعة).
أقول هذا داخل في تعريف السنة الاصطاحي عند أهل الحديث (كل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول ... أو تقرير).
وبعد فاة النبي صلى الله عليه وسلم وانقاطاع الوحي وختم الدين صار ما زاد على ما ختم به الدين بدعة.
الحديث الثاني: وقوله (و كذلك حديث عمرو بن العاص ( ... أقيموا حول قبرى قدر ما تنحر جزور الحديث) و إن كان هذا اجتهاد خاطئ من هذا الصحابى الجليل كما قال الشيخ بن العثيمين رحمه الله و لكن هل يسمى ذلك بدعة؟ أرجو التفصيل).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/140)
فهذا جزء من حديث رواه مسلم وفيه (و كذلك حديث عمرو بن العاص ( ... أقيموا حول قبرى قدر ما تنحر جزور الحديث) و إن كان هذا اجتهاد خاطئ من هذا الصحابى الجليل كما قال الشيخ بن العثيمين رحمه الله و لكن هل يسمى ذلك بدعة؟ أرجو التفصيل
) فكما ترى كانت وصيته رضي الله عنه كلها كما هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم وما قاله بعد نوع من التوسع في الفهم لنصوص شرعية كقوله صلى الله عليه وسلم (سلوا لأخيكم التثبيت فإنه الآن يسأل).
فغن مثل هذا يمكن أن يفهم منه استئناس الميت بمن حوله وانتفاعه بدعئهم خاص أنهم إذا ولوا عنه سمع قرع نعالهم.
ولا يخفى الخلاف في سماع الأموات في هذه هذه المسألة سواء كان سماعا مطلقا أو مخصوصا ولكل وجه والغرض هنا بيان أن هذا من الأفهام المستساغة ولا يجوز القول عنها بدعة.
خاصة أنه لم ينكر عليه من الصحابة رضوان الله عليهم ونفذت وصيته بل ولا زعم زاعم فيما أعلم في هذا الموضع ولا في غييره عن الصحابة أنها بدعة.
الثالث: قول الأخ الساري: (أيضا هناك مثال ثالث أشكل علي، وهو صلاة بلال بن رباح ركعتين كلما توضأ، وقد أقره الرسول على فعله، مع أنه لم يرد نص عن الرسول في مشروعيته.).
قلت وهذا من جنس الأول فانظره وقد أجبت عليه يا أخانا الحبيب بقولك (وقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم)
الرابع: قول: الأخ الحبيب أبو مهند (أذكر أن شيخ الإسلام ابن تيميه قال
(أن بعض أفعال ابن عمر من جنس البدع)).
قلت: هل قال ابن تيمية هذا على المعنى الذي نقلته أم هو فهمك.
ومعلوم أن أفعال الصحابة رضةان الله عليهم إ‘ذا اطلق على بعضها بدعة فهي على اللغوية فكيف بعبد الله بنعمر رضي الله عنه الذي كان أحرص الناس على التزام السنة؟!.
فلا بد من الوقف على كلام شيخ الإسلام وأن ننله منزلته حفظك الله.
وأنا اقتبس منك نقلك فيما يناسب هذا الموضع من كلام شيخ الإسلام رحمه الله (يمكن أن يقال: هذا سنة مستحبة، بل غايته أن يقال: هذا مما ساغ فيه اجتهاد الصحابة، أو مما لا ينكر على فاعله؛ لأنه مما يسوغ فيه الاجتهاد لا لأنه سنة مستحبة سنها النبى صلى الله عليه وسلم لأمته، أو يقال فى التعريف: إنه لا بأس به أحيانا لعارض إذا لم يجعل سنة راتبة.).
وكذلك القول في باقي النقول مما ذكره أخونا الحبيب أبو بكر جميل.
ولا يلزم من اجتهاد كل صحابي في مسألة بناء على فهمه لنص لزوم اتباعه خاصة إذا لم يكن من أهل الفتوى وشهرة الطلب.
وهذا موضوع يطول أنص قراءة المجلد الأول من اعلام الموقعين لابن القيم فإنه في ه المسألة عظيم النفه كثير التوسع.
ولولا خشيت الإطالة لزدت.
لكنكم طلاب علم وفي ما ذكرت من المذاكرة غنية فيما بدا لي والله أعلم.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[07 - 11 - 05, 02:16 م]ـ
أخي الحبيب شاكر.
أخي الحبيب عبد الرحمن الفقيه.
أنا متفق معكما فيما طرحتماه ولكن أرجو توضيح الإشكال الذي ذكرته الخاص بمسح الرقبة والذي ذكره أبو بكر الخاص بغسل باطن العين.
كيف نص العلماء على بدعية الفعلين وقد فعلهما ابن عمر؟
ـ[أبو دجانة السلفي]ــــــــ[07 - 11 - 05, 03:19 م]ـ
بارك الله فيكم
فى انتظار إجابة إشكال أبى فهر السلفى حفظه الله
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[07 - 11 - 05, 04:36 م]ـ
ولكن أرجو توضيح الإشكال الذي ذكرته الخاص بمسح الرقبة والذي ذكره أبو بكر الخاص بغسل باطن العين.
كيف نص العلماء على بدعية الفعلين وقد فعلهما ابن عمر؟
أخي الكريم الشيخ أبا فهر:
توضيح الإشكال يأتي إذا أثبتم هاتين المقدمتين:
1) ثبوت مسح الرقبة وغسل باطن العينين في الوضوء عن ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - مع سلامته من دليل معارض
2) ثبوت الحكم على ذلك من إمام متقدم بأنه بدعة مع كون القائل ببدعية ذلك ثبت عنده أنه فعل صحابي
وأرى أن جواب الأخ الفاضل السلمي فيه ما فيه.
فإنه أولاً مبني فقط على مذهب من قال بحجية قول الصحابي
أخي الكريم الشيخ الشافعي:
مسألتنا هذه أخص من مسألة قول الصحابي، فهي خاصة بفعل الصحابي في مسألة تعبدية لا مجال فيها لرأي أو اجتهاد
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[07 - 11 - 05, 05:21 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخى أبو فهر السلفى الأثر الذى جاء فيه مسح الرقبة عن بن عمر رواه البيهقي قال ثنا عبد الواحد نا أبو القاسم بن عمر نا أبو حصين يحى عن أبو إسرائيل عن فضيل بن عمرو عن مجاهد عن بن عمر أنه كان إذا مسح رأسه مسح قفاه مع رأسه
وفى إسناده أبو إسرائيل قال فيه الذهبى ضعيف وقال بن حجر صدوق سىء الحفظ نسب إلى الغلو فى التشيع
وقال بن معين فيه ضعيف وقال أبو حاتم حسن الحديث جيد اللقاء وله أغاليط لا يحتج بحديثه وقال البخارى تركه بن مهدى وكان يسب عثمان وقال النسائى ضعيف وقال بن المبارك لقد من الله على المسلمين بسوء حفظ أبى إسرائيل
هذا عن مسح بن عمر لرقبته
أما ما قاله الأخ أبو بكر عن غسل بن عمر باطن عينيه فى الوضوء فإن ما رواه مالك والطبرانى فى الأوسط أنه كان يفعل ذلك فى غسله من الجنابة و ليس فى الوضوء كما قال الأخ أبو بكر ولعل ذلك من بن عمر إجتهادا منه فى إيصال الماء إلى كل جسده لعلمه بوجوب ذلك فى غسل الجنابة ويبين ذلك رواية الطبرانى وفيها (كان إذا اغتسل فتح عينيه و أدخل اصبعيه فى سرته)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/141)
ـ[الشافعي]ــــــــ[07 - 11 - 05, 05:52 م]ـ
أخي الفاضل أبا خالد،
قبل أن أعلق على كلامك الكريم الأخير، أود أن أسألك:
هل ترى أن غسل سيدي أبي هريرة -رضي الله عنه وأرضاه- يديه وشروعه في العضد حتى يكاد يبلغ المنكبين في
الوضوء؛ من المرفوع، أو موقوف له حكم الرفع، أم اجتهاد منه؟
ولا يخفاك أن من العلماء من قال بأنه صريح الرفع، ومنهم من ذهب إلى أنه اجتهاد منه رضي الله عنه.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[07 - 11 - 05, 06:10 م]ـ
بارك الله فيك يا أبا حفص.
وجزاكم الله خيرا شيخنا السلمي.
ـ[أبو عبد الباري]ــــــــ[07 - 11 - 05, 06:15 م]ـ
جزى الله الجميع خير الجزاء
لهذه الأمثلة التي ذكرت نظائر متعددة، منها على سبيل المثال:
- قول أحد الصحابة في الصلاة خلف النبي صلى الله عليه وسلم " حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه".
- قصة معاذ بن جبل في اقتداء المسبوق بالإمام " وغيرهما.
والذي يبدو لي من خلال قراءتي للاستشكالات هو أن يقال:
كان الصحابة يجتهدون في أمور من العبادة اعتمادا على الترغيب العام، وتمسكا بعدم وجود نهي عنها مع ملاحظة أنه لو كان غير مشروع لا بد وأن يأتي النهي في نص القرآن أو عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا ورد النهي أمسكوا عن ذلك العمل، وإذا لم يرد النهي عنه دل على مشروعيته عندهم.
وعليه فما فعلوه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان بقصد التعبد لا يسمى بدعة بل اجتهادا، ثم إن جاء النهي عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم كان دليلا على أنه اجتهاد خاظئ، وإن لم يرد كان دليلا على أنه مشروع سواء ورد التقرير عليه أو لم يرد، ويدل على هذا قول أبي سعيد وغيره في العزل.
تنبيهات:
الأول: ما ذكر حول صنيع الصحابي الجليل بريدة بن الحصيب ووصيته بوضع جريدتين - وهو عنه صحيح - لا يوجد ما يخالفه ويحكم عليه بالبدعة، بل لو قيل بالاستحباب لكان وجيها.
الثاني: ما نقله بعض المشايخ عن الشاطبي: أقرب إلى مسألة دلالة الأمر والنهي وقرائن الحال التي تدل على أن النهي أو الأمر لغير الإلزام والأمثلة كثيرة على ذلك.
الثالث: كثير من الأمثلة التي ذكرت في المشاركات إنما هي بعد النبي صلى الله عليه وسلم وليس كما في مقال صاحب الموضوع الأصلي واستشكاله.
أخوكم / أبو عبد الباري
ـ[أبو دجانة السلفي]ــــــــ[07 - 11 - 05, 10:04 م]ـ
والذي يبدو لي من خلال قراءتي للاستشكالات هو أن يقال:
كان الصحابة يجتهدون في أمور من العبادة اعتمادا على الترغيب العام، وتمسكا بعدم وجود نهي
و لكن أليس قول النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (من أحدث فى أمرنا .. الحديث) نهى عن الإجتهاد فى أمور العبادة اعتمادا على الترغيب العام؟
إلا أن يقال أن الصحابة الذين صدر عنهم مثل هذه الإجتهادات لم يعلموا قول النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الوارد فى حديث عائشة السابق
والله أعلم
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[08 - 11 - 05, 05:43 ص]ـ
سم الله الرحمن الرحيم
الأخ الحبيب سيف حفظه الله ونفع به.
غلب على ظني جواب ما ذكرت وإ ن كنت قد فعلت لكن أزيد شيئا على التوسع النافع إن شاء الله وإلا فمثلك لا يتجاوز.
أما أثر ابن عمر رضي الله عنه فقد جاء من وجهين: الأول: موقوفا ثم رواه مرفوعا وهو ما ذكره الحافظ ابن حجر في
تلخيص الحبير (1\ 93) (قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان ثنا محمد بن أحمد ثنا عبد الرحمن بن داود ثنا عثمان بن خرزاد ثنا عمر بن محمد بن الحسن ثنا محمد بن عمرو الأنصاري عن أنس بن سيرين عن ابن عمر أنه كان إذا توضأ مسح عنقه ويقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضأ ومسح عنقه لم يغل بالأغلال يوم القيامة).
وهذا تكلم عليه شيخنا رحمه الله في الضعيفة (744) فانظره وحكم عليه بالوضع.
الثاني جاء موقوفا وهو ما رواه البيهقي في السنن الكبرى (1\ 60)
(282) وأخبرنا عبد الواحد أنا أبو القاسم بن عمرو ثنا أبو حصين ثنا يحيى ثنا أبو إسرائيل عن فضيل بن عمرو عن مجاهد عن ابن عمر أنه كان إذا مسح رأسه مسح قفاه مع رأسه.
هذا موقوف والمسند في إسناده ضعف والله أعلم.
قلت: والجواب عن هذا الأثرفيما عد أنه بدعة من وجوه:
إذا تجاوزنا الكلام الذي بأبي إسرائيل عند أهل الجرح والتعديل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/142)
الأول: أن من قال أن الفعل بدعة: إما أنه لم يقف على فعل ابن عمر.
أو أنه لم يصح عنده.
أو أنه تألوه على المعنى اللغوي.
وأنا لا أعرف من صحح أثر ابن عمر من المتقدمين ثم قال أنه بدعة.
القاني: تخطئة من أطلق لفظ البدعة على هذا الفعل وهذا اهون من وسم ما صح من فعل الصحابة بأنه بدعة.
ولهذا كان بعض أهل العلم قد رد على من قال ببدعيتها بإطلاق منهم الشوكاني في النيل إذ قال: (بجميع هذا تعلم أن قول النووي مسح الرقبة بدعة وأن حديثه موضوع مجازفة وأعجب من هذا قوله ولم يذكره الشافعي ولا جمهور الأصحاب وإنما قاله ابن القاص وطائفة يسيرة فإنه قال الروياني من أصحاب الشافعي في كتابه المعروف بالبحر ما لفظه قال أصحابنا هو سنة وتعقب النووي أيضا ابن الرفعة بأن البغوي وهو من أئمة الحديث قد قال باستحبابه قال ولا مأخذ لاستحبابه إلا خبر أو أثر لأن هذا لا مجال للقياس فيه قال الحافظ ولعل مستند البغوي في استحباب مسح القفا ما رواه أحمد وأبو داود وذكر حديث الباب ونسب حديث الباب ابن سيد الناس في شرح الترمذي إلى البيهقي أيضا قال وفيه زيادة حسنة وهي مسح العنق.
فانظر كيف صرح هذا الحافظ بأن هذه الزيادة المتضمنة لمسح العنق حسنة ثم قال قال المقدسي وليث متكلم فيه وأجاب عن ذلك بأن مسلما قد أخرج له واختلف القائلون باستحباب مسح الرقبة هل تمسح ببقية ماء الرأس أو بماء جديد فقال الهادي والقاسم تمسح ببقية ماء الرأس وقال المؤيد بالله والمنصور بالله ونسبه في البحر إلى صليت إنها تمسح بماء جديد).
وليس القصد الموافقة على أكثر ما قال بل المراد أنه ممن رد على النووي ومن قال بقوله أنه نها بدعة بل فيها بيان أن هناك من أهل العلم من استحبها ومن الشافعية كالإمام البغوي فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر في التلخيص.
والأولى أن يقول من وقف على الأثر وصح عنده أنه خلاف عمل عامة الصحابة وهو توسع في الفهم خاص به.
الثالث: أن هذا الفعل من ابن عمر رضي الله عنه من باب التوسع في فهم النصوص وقد كان له رضي الله عنه أفهاما خاصة لكثير من النصوص.
وخولف في ذلك من بعض الصحابة رضي الله عنه ولو لم يكن من ذلك إلا ما استدركته عليه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لكفى.
والغرض: أن كل المروي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم وفعل الصحابة ليس فيه مسح الرقبة مع أن هذا مما يظهر في اليوم فعله لآلاف المرات من النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه.وهذا أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (21\ 127).
الرابع: أن الظاهر من فعل ابن عمر رضي الله عنه في المسح لم يخرج عن كونه فعلا ممتدا لمسح الرأس بخلا ف من زعم سنية المسح وأخذ ماء جديدا له.
ـ[أبويونس]ــــــــ[19 - 03 - 07, 02:45 م]ـ
كان أنس ابن مالك رضي الله عنه يجمع أهله عند ختم القرآن للدعاء وليس فيه دليل عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهل يجوز لنا اتباعه؟
ـ[أبو عمر السلمي]ــــــــ[20 - 03 - 07, 07:02 م]ـ
حاشا صحابة رسولنا الكريم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن يتلبسوا ببدعة!
ولكن كل ما ظاهره موهم فهو من الأمور الإجتهادية الظنية ..
والله أعلم ..
ـ[محمد بن فهد]ــــــــ[22 - 03 - 07, 03:22 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشاركة لعل الأخوان يصوبون ما عندنا من خطأ فيها فهم ممن نحسن فيهم الظن وأقر لهم بالعلم والله الموفق:
الأول: ما كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فهذا لا يقال عنه بدعة و لا يقال عن فاعله أنه ابتدع وذلك لأنهم رضي الله عنهم يعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقرهم على باطل ودليله قول جابر رضي الله عنه كنا نعزل والقرآن ينزل فهذا يدلك على أنهم كان مستقرا عندهم أن من خالف في زمن النبي صلى الله عليهو سلم فسيأتي من الله عز وجل الإنكار لهذه المخالفة إما قرآنا يتلى أو تنبيها من النبي صلى الله عليه وسلم فما حدث في زمن النبي صلى الله عليه وسلم يدخل في السنة التقريرية وهذا واضح ولله الحمد.
الثاني: بعد وفاته صلى الله عليه وسلم في شأن العبادات فهنا مقدمة وهو أن القياس في العبادات لا يصح والاجتهاد كذلك لكن هل هذه الصور التي ذكرت إن ثبتت تدخل في هذه القاعدة الذي يظهر والله أعلم من خلال عرض هذه الصور أنه أجتهاد في جزئية معينة وهي ألحاق غسل العينان من الداخل في الغسل لأعتقاد أنها من الجسم الذي يجب أن يصل إليه الماء وكذلك دعوى البقاء مدة معينة بعد الدفن لأن الميت يسمع قرع النعل بعد الأنصراف وهكذا قس عليه فهو أجتهاد منهم رضي الله عنهم أن هذه اصور التي وردت عنه تلحق بتلك الأصول.
ذكر الشيخ مشهور حفظه الله:
وقد صرح الإمام الشافعي في الجديد من رواية الربيع عنه بأن قول الصحابي حجة يجب المصير إليه فقال المحدثات من الأمور ضربان:
أحدهما: ما أحدث يخالف كتابا أو سنة أو إجماعا أو أثرا فهذه البدعة الضلالة)
شرح الورقات (438)
هذه محاولة للتويجه نأمل من إخوننا طلبة العلم التصويب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/143)
ـ[أبويونس]ــــــــ[24 - 03 - 07, 02:35 م]ـ
هذا رابط يفيد في الموضوع
http://www.uqu.edu.sa/majalat/shariaramag/mag22/mg-007.htm
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[25 - 03 - 07, 02:42 ص]ـ
رابط كتاب قواعد معرفة البدع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=85334&highlight=%DE%E6%C7%DA%CF+%E3%DA%D1%DD%C9(32/144)
ماحكم رؤية الرسول صلى الله عليه و سلم يقظة لا في المنام؟
ـ[رشيد المغربي]ــــــــ[05 - 11 - 05, 07:58 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
ماحكم رؤية الرسول صلى الله عليه و سلم يقظة لا في المنام؟
وماحكم من يقول بذلك؟
جزاكم الله خيرا
ـ[عمر الإمبابي]ــــــــ[05 - 11 - 05, 08:22 م]ـ
السلام عليكم ورحمةالله وبركاته ...
جزاك الله خيراً أخى رشيد ...
وهذا بحث أنقله لك من موقع صيد الفوائد ....
الفوائد الملتقطة في الرد على من زعم رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة!
جمع: أبي معاذ السلفي
المقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الإمين وعلى آله وصحبه أجمعين،
أما بعد:
(لقد تجرأ بعض الصوفية في ادعاء خروج النبي صلى الله عليه وسلم من قبره ورؤية مشايخ القوم له يقظة لا مناماً في الحياة الدنيا والتلقي منه، على اختلاف بينهم في كيفية هذه الرؤية كما سيأتي إن شاء الله بيانه ضمن هذا المبحث، فممن قال بذلك منهم:
ابن حجر الهيتمي في "الفتاوى الحديثية" (ص217) والسيوطي في "تنوير الحلك في إمكان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم والملك" ضمن"الحاوي للفتاوي" (2/ 255)، وأبو المواهب الشاذلي كما في "الطبقات الكبرى" للشعراني (2/ 69)، والشعراني كما في "الطبقات الصغرى" (ص89)، وأحمد التيجاني وخلفاؤه كما في "رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم" (1/ 210)، ومن المتأخرين: خوجلي بن عبد الرحمن بن إبراهيم كما في "طبقات ابن ضيف الله" (ص190)، ومحمد بن علوي المالكي في "الذخائر المحمدية" (ص259)، ومحمد فؤاد الفرشوطي في "القرب والتهاني في حضرة التداني شرح الصلوات المحمدية للسادة الصوفية" (ص25)، وغيرهم) (*).
وفيما يلي أنقل ردوداً لبعض أهل العلم على هذه الدعوى وأسأل الله أن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم؛ وأن ينفع به، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
* أولاً:
ذكر بعض الأدلة التي تثبت عدم إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة
قال الشيخ محمد أحمد لوح - حفظه الله - في"تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي" (2/ 47 - 49) باختصار:
(من الأدلة على عدم إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة أن أموراً عظيمة وقعت لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أفضل الأمة بعد نبيها كانوا في حاجة ماسة إلى وجوده بين أظهرهم
ولم يظهر لهم، نذكر منها:
- انه وقع خلاف بين الصحابة بعد وفاة النبيصلى الله عليه وسلم بسبب الخلافة، فكيف لم يظهر لأصحابه ويفصل النزاع بينهم.
- اختلاف أبي بكر الصديق مع فاطمة رضي الله عنهما على ميراث أبيها فاحتجت فاطمة عليه بأنه إذا مات هو إنما يرثه أبناؤه فلماذا يمنعها من ميراث أبيها؟ فأجابها أبو بكر بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {نحن معاشر الأنبياء لا نورث وما تركنا صدقة} رواه البخاري وغيره.
- الخلاف الشديد الذي وقع بين طلحة والزبير وعائشة من جهة وعلي بن أبي طالب وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين من جهة أخرى، والذي أدى إلى وقوع معركة الجمل، فقتل فيها خلق كثير من الصحابة والتابعين، فلماذا لم يظهر لهم النبي صلى الله عليه وسلم حتى يحقن هذه الدماء؟
- الخلاف الذي وقع بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع الخوارج، وقد سفكت فيه دماء كثيرة، ولو ظهر لرئيس الخوارج وأمره بطاعة إمامه لحقن تلك الدماء.
- النزاع الذي وقع بين علي ومعاوية رضي الله عنهما والذي أدى إلى وقوع حرب صفين حيث قتل خلق كثير جداً منهم عمار بن ياسر. فلماذا لم يظهر النبي صلى الله عليه وسلم حتى تجتمع كلمة المسلمين وتحقن دمائهم.
- أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه على جلالة قدره وعظمة شأنه كان يظهر الحزن على عدم معرفته ببعض المسائل الفقهية فيقول: (ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفارقنا حتى يعهد إلينا فيهن عهداً ننتهي إليه: الجد، والكلالة، وأبواب من أبواب الربا) متفق عليه. فلو كان يظهر لأحد بعد موته لظهر لعمر الفاروق وقال له: لا تحزن حكمها كذا وكذا) اهـ.
* * * *
* ثانياً:
أقوال بعض أهل العلم في هذه المسألة
إليك أخي القارىء الكريم أقوال بعض أهل العلم في هذه المسالة؛ وأغلب هذه النقول من كتاب "القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل" للشيخ إسماعيل الأنصاري رحمه الله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/145)
1 - قال القاضي أبو بكر بن العربي نقلاً من "فتح الباري" للحافظ ابن حجر العسقلاني
(12/ 384): (شذ بعض الصالحين فزعم أنها - أي رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته - تقع بعيني الرأس حقيقة).
2 - الإمام أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي في "المفهم لشرح صحيح مسلم" ذكر هذا القول وتعقبه بقوله: (وهذا يدرك فساده بأوائل العقول ويلزم عليه أن لا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها وأن يراه رائيان في آن واحد في مكانين وأن يحيا الآن ويخرج من قبره ويمشي في الأسواق ويخاطب الناس ويخاطبوه ويلزم من ذلك أن يخلو قبره من جسده ولا يبقى من قبره فيه شيء فيزار مجرد القبر ويسلم على غائب لأنه جائز أن يرى في الليل والنهار مع اتصال الأوقات على حقيقته في غير قبره.
وهذه جهالات لا يلتزم بها من له أدنى مسكة من عقل) وإلى كلام القرطبي هذا أشار الحافظ ابن حجر في "الفتح" بذكره اشتداد إنكار القرطبي على من قال: (من رآه في المنام فقد رأى حقيقته ثم يراها كذلك في اليقظة).
3 - قال شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالة"العبادات الشرعية والفرق بينها وبين البدعية":
(منهم من يظن أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الحجرة وكلمه وجعلوا هذا من كراماته ومنهم من
يعتقد أنه إذا سأل المقبور أجابه.
وبعضهم كان يحكي أن ابن منده كان إذا أشكل عليه حديث جاء إلى الحجرة النبوية ودخل فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأجابه، وآخر من أهل المغرب حصل له مثل ذلك وجعل ذلك من كراماته حتى قال ابن عبد البر لمن ظن ذلك: ويحك أترى هذا أفضل من السابقين الأولين من المهاجرين و الأنصار فهل في هؤلاء من سأل النبي صلى الله عليه وسلم بعد الموت وأجابه وقد تنازع الصحابة في أشياء فهلا سألوا النبي صلى الله عليه وسلم فأجابهم، وهذه ابنته فاطمة تنازع في ميراثها فهلا سألته فأجابها؟).
وحكاية ابن منده التي أشار إليها ابن تيمية رحمه الله في هذا الكلام ذكرها الحافظ الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (17/ 37 - 38) في ترجمة أبى عبد الله محمد بن أبى يعقوب إسحاق بن الحافظ أبى عبد الله محمد بن يحي بن منده وقال الذهبي فيها: (هذه حكاية نكتبها للتعجب).
وقال في إسنادها: (إسنادها منقطع) اهـ.
4 - قال الحافظ الذهبي في ترجمة الربيع بن محمود المارديني في "ميزان الاعتدال في نقد الرجال": (دجال مفتر ادعى الصحبة والتعمير في سنة تسع وتسعين وخمسمائة وكان قد سمع من ابن عساكر عام بضع وستين).
يعني الحافظ الذهبي بالصحبة التي ادعاها الربيع ما جاء عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم وهو بالمدينة الشريفة فقال له: أفلحت دنيا وأخرى، فادعى بعد أن استيقظ أنه سمعه وهو يقول ذلك.
ذكر ذلك الحافظ ابن حجر العسقلاني في "الإصابة في تمييز الصحابة" (1/ 513).
5 - الحافظ ابن كثير ذكر في ترجمة أحمد بن محمد بن محمد أبى الفتح الطوسي الغزالي في "البداية والنهاية" (12/ 196) أن ابن الجوزي أورد أشياء منكرة من كلامه منها أنه - أي أبا الفتح الطوسي - كان كلما أشكل عليه شيء رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليقظة فسأله عن ذلك فدله على الصواب، وأقر ابن كثير ابن الجوزي على عد هذا من منكرات أبى الفتح الطوسي، وابن الجوزي ذكر هذا في كتابه "القصاص والمذكرين" (ص156).
6 - ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (12/ 385) أن ابن أبى جمرة نقل عن جماعة من المتصوفة أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ثم رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها فجاء الأمر كذلك ثم تعقب الحافظ ذلك بقوله: (وهذا مشكل جداً ولو حمل على ظاهره لكان هؤلاء صحابة ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة ويعكر عليه أن جمعاً جماً رأوه في المنام ثم لم يذكر واحد منهم أنه رآه في اليقظة وخبر الصادق لا يتخلف).
7 - قال السخاوي في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة بعد موته: (لم يصل إلينا ذلك - أي ادعاء وقوعها - عن أحد من الصحابة ولا عمن بعدهم وقد اشتد حزن فاطمة عليه صلى الله عليه وسلمحتى ماتت كمداً بعده بستة أشهر على الصحيح وبيتها مجاور لضريحه الشريف ولم تنقل عنها رؤيته في المدة التي تأخرتها عنه) نقل ذلك القسطلاني في "المواهب اللدنية" (5/ 295) عن السخاوي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/146)
كما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه على جلالة قدره وعظمة شأنه أنه كان يظهر الحزن على عدم معرفته ببعض المسائل الفقهية فيقول: (ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفارقنا حتى يعهد إلينا عهداً.: الجد، والكلالة، وأبواب من أبواب الرِبا) متفق عليه.
فلو كان يظهر لأحد بعد موته لظهر لعمر الفاروق وقال له: لا تحزن حكمها كذا وكذا.
8 - وقال ملا علي قاري في "جمع الوسائل شرح الشمائل للترمذي" (2/ 238): (إنه أي ما دعاه المتصوفة من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة بعد موته لو كان له حقيقة لكان يجب العمل بما سمعوه منه صلى الله عليه وسلم من أمر ونهي وإثبات ونفي ومن المعلوم أنه لا يجوز ذلك إجماعاً كما لا يجوز بما يقع حال المنام ولو كان الرائي من أكابر الأنام وقد صرح المازري وغيره بأن من رآه يأمر بقتل من يحرم قتله كان هذا من الصفات المتخيلة لا المرئية) انتهى كلام الملا علي قاري وفيه فائدة أخرى هي حكايته الإجماع على عدم جواز العمل بما يدعى من يزعم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة أنه سمع منه أمر أو نهي أو إثبات أو نفي، وفي حكايته الإجماع على ذلك الرد على قول الزرقاني في "شرح المواهب اللدنية" (7/ 29) ما نصه: (لو رآه يقظة - أي بعد موته صلى الله عليه وسلم- وأمره بشيء وجب عليه العمل به لنفسه ولا يعد صحابياً وينبغي أن يجب على من صدقه العمل به قاله شيخنا).
9 - قال العلامة رشيد رضا في "فتاويه" (6/ 2385): (صرح بعض العلماء المحققين بأن دعوى رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته في اليقظة والأخذ عنه دعوى باطلة واستدلوا على ذلك بأن أولى الناس بها لو كانت مما يقع ابنته سيدة النساء وخلفاؤه الراشدون وسائر أصحابه العلماء وقد وقعوا في مشكلات وخلاف أفضى بعضه إلى المغاضبة وبعضه إلى القتال فلو كان صلى الله عليه وسلم يظهر لأحد ويعلمه ويرشده بعد موته لظهر لبنته فاطمة عليها السلام وأخبرها بصدق خليفته أبى بكر رضي الله عنه فيما روى عنه من أن الأنبياء لا يورثون وكذا للأقرب والأحب إليه من آله وأصحابه ثم لمن بعدهم من الأئمة الذين أخذ اكثر أمته دينهم عنهم ولم يدع أحد منهم ذلك وإنما ادعاه بعض غلاة الصوفية بعد خير القرون وغيرهم من العلماء الذين تغلب عليهم تخيلات الصوفية فمن العلماء من جزم بأن من ذلك ما هو كذب مفترى وأن الصادق من أهل هذه الدعوى من خيل إليه في حال غيبة أو ما يسمى"بين النوم واليقظة" أنه رآه صلى الله عليه وسلم فخال أنه رآه حقيقة على قول الشاعر: ومثلك من تخيل ثم خالا.
والدليل على صحة القول بأن ما يدعونه كذب أو تخيل ما يروونه عنه صلى الله عليه وسلم في هذه الرؤية. وبعض الرؤى المنامية مما تختلف باختلاف معارفهم وأفكارهم ومشاربهم وعقائدهم وكون بعضه مخالفاً لنص كتاب الله وما ثبت من سنته صلى الله عليه وسلم ثبوتاً قطعياً ومنه ما هو كفر صريح بإجماع المسلمين نعم إن منهم من يجلهم العارف بما روى من أخبار استقامتهم أن يدعوا هذه الدعوى افتراء وكذبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن غلبة التخيل على المنهمكين في رياضاتهم وخلواتهم لا عصمة منها لأحد وكثيراً ما تقضي إلى جنون).
10 - قال الشيخ عبد الحي بن محمد اللكنوي - رحمه الله - في "الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة" (ص46): (ومنها - أي من القصص المختلقة الموضوعة - ما يذكرونه من أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر بنفسه في مجالس وعظ مولده عند ذكر مولده وبنوا عليه القيام عند ذكرالمولد تعظيماً وإكراماً.
وهذا أيضا من الأباطيل لم يثبت ذلك بدليل، ومجرد الاحتمال والإمكان خارج عن حد البيان).
11 - قال الشيخ عبدالعزيز بن باز- رحمه الله - في "حكم الاحتفال بالمولد النبوي": (بعضهم يظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضر المولد؛ ولهذا يقومون له محيين ومرحبين، وهذا من أعظم الباطل وأقبح الجهل، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يخرج من قبره قبل يوم القيامة، ولا يتصل بأحد من الناس، ولا يحضر اجتماعاتهم، بل هو مقيم في قبره إلى يوم القيامة، وروحه في أعلى عليين عند ربه في دار الكرامة، كما قال الله تعالى في سورة المؤمنون:} ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ {] المؤمنون:15 - 16 [، وقال النبي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/147)
صلى الله عليه وسلم: {أنا أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة ولا فخر. وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر} عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام.
فهذه الآية الكريمة والحديث الشريف وما جاء في معناهما من الآيات والأحاديث، كلها تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأموات إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة … الخ).
12 - قال عبد الفتاح أبو غدة (*) في تعليقه على "المصنوع في معرفة الحديث الموضوع" لعلي قاري - رحمه الله - (ص273): (ومن غريب ما وقفتُ عليه بصَدَدِ (التصحيح الكشفي) و (التضعيف الكشفي): ما أورده الشيخ إسماعيل العجلوني الدمشقي في مقدمة كتابه "كشف الخفاء ومزيل الإلباس" (1/ 9 - 10)، على سبيل الإقرار والاعتداد به!
قال: (والحكم على الحديث بالوضع والصحة أو غيرهما، إنما بحسب الظاهرِ للمحدثين، باعتبار الإسناد أو غيره، لا باعتبار نفس الأمرِ والقطع، لجواز أن يكون الصحيح مثلاً باعتبار نظر المحدث: موضوعاً أو ضعيفاً في نفس الأمر، وبالعكس. نعم المتواتر مطلقاً قطعي النسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم اتفاقاً.
ومع كون الحديث يحتمل ذلك، فيعمل بمقتضى ما يثبت عند المحدثين، ويترتب عليه الحكم الشرعي المستفاد منه للمستنبطين.
وفي "الفتوحات المكية"! للشيخ الأكبر قدس سره الأنور!!، ما حاصله: فرب حديث يكون صحيحاً من طريق رواته يحصل لهذا المكاشف أنه غير صحيح لسؤاله لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيعَلم وضعه، ويترك العمل به وإن عمل به أهل النقل لصحة طريقه.
ورب حديثٍ ترِك العمل به لضعف طريقه، من أجل وضاع في رواته، يكون صحيحاً في نفس الأمر، لسماعِ المكاشف له من الروح حين إلقائه على رسول الله صلى الله عليه وسلم) انتهى.
قال عبد الفتاح - أبو غدة -: هذا ما نقله العجلوني وسكت عليه واعتمده!
ولا يكاد ينقضي عجبي من صنيعه هذا!
وهو المحدث الذي شرح "صحيح البخاري"، كيف استساغ قبول هذا الكلام الذي تهدر به علوم المحدثين، وقواعد الحديث والدين؟ و يصبح به أمر التصحيح والتضعيف من علماء الحديث شيئاً لا معنى له بالنسبة إلى من يقول: إنه مكاشَف أو يَرى نفسه أنه مكاشَف! ومتى كان لثبوت السنة المطهرة مصدران: النقل الصحيح من المحدثين والكشف من المكاشفين؟!
فحذارِ أن تغتر بهذا، والله يتولاك ويرعاك) اهـ.
* ثالثاً:
الرد على الشبهات
قال الشيخ الصادق بن محمد بن إبراهيم - حفظه الله - في "خصائص المصطفى صلى الله عليه وسلم بين الغلو والجفاء عرض ونقد على ضوء الكتاب والسنة" (ص207 - 218):
(أكثر ما يستدل به هؤلاء: الحكايات، والادعاءات المنقولة عن أرباب الأحوال الصوفية، ومنهم من يستدل بحديث أبي هريرة الذي رواه البخاري ولفظة: {من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي}.] "كتاب التعبير"حديث رقم 6993 (12/ 383 مع "الفتح" [.
والكلام على هذا الاستدلال من عدة أوجه سيأتي بيانها إن شاء الله.
وأورد الآن بعض الحكايات التي يذكرونها إما في معرض الاحتجاج أو الاستشهاد أو الكرامات:
قال الشعراني في"الطبقات الكبرى" (2/ 69): (قال أبو المواهب الشاذلي: رأيت رسول اللهصلى الله عليه وسلم فقال لي عن نفسه لست بميت وإنما موتي تستري عمن لا يفقه عن الله فها أنا أراه ويراني).
وقال أيضاً في "الطبقات الكبرى" (2/ 67): (كان أبو المواهب كثير الرؤيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يقول: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن الناس يكذبوني في صحة رؤيتي لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وعزة الله وعظمته من لم يؤمن بها أو كذبك فيها لا يموت إلا يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً. وهذا منقول من خط الشيخ أبي المواهب).
وقال أيضاً في المرجع السابق (2/ 70): (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن الحديث المشهور: "اذكروا الله حتى يقولوا مجنون". في "صحيح ابن حبان":"أكثروا من ذكر الله حتى يقولوا مجنون" فقال صلى الله عليه وسلم: صدق ابن حبان في روايته وصدق راوي اذكروا الله، فإني قلتهما معاً، مرة قلت هذا ومرة قلت هذا).
ويزعم بعض تلامذة خوجلي بن عبد الرحمن: (أن شيخهم يرى النبي صلى الله عليه وسلم كل يوم أربعة عشرين مرة - الصواب: كل يوم أربعاً وعشرين مرة- والرؤيا يقظة).] "طبقات ابن ضيف الله" (ص190) [.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/148)
ويقول الشعراني: (وكان يقول- يعني أبا العباس المُرسي- لي أربعون سنة ما حجبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو حُجبت طرفة عين ما أعددن نفسي من جملة المسلمين).
هذا هو حال طائفة من الغلاة الذين عبدوا الله على جهل وغرور فتلاعب بهم الشيطان أيما تلاعب، فإن ماتوا على تلك الحال ولم يتراجعوا عن ذلك المقال فليتبؤوا مقعدهم من النار على لسان المختار صلى الله عليه وسلم.
وطائفة أخرى لها حظ من العلم في بعضه دخن، يستعمل ما آتاه الله من علم في نصرة الباطل وأهله من حيث يشعرون أو لا يشعرون.
لما سُئل ابن حجر الهيتمي: (هل يمكن الاجتماع بالنبي صلى الله عليه وسلم يقظة والتلقي منه؟ فأجاب: نعم يمكن ذلك وصرح بأن ذلك من كرامات الأولياء الغزالي والبارزي والتاج السبكي والعفيف اليافعي من الشافعية، والقرطبي وابن أبي جمرة من المالكية. وحًكي عن بعض الأولياء أنه حضر مجلس فقيه فروى ذلك الفقيه حديثاً فقال له الولي: هذا الحديث باطل، قال: ومن أين لك هذا؟ قال هذا النبي صلى الله عليه وسلم واقف على رأسك يقول: إني لم أقل هذا الحديث وكُشف للفقيه فرآه)] "الفتاوى الحديثية" (ص217) [.
وأعجب من تلك الحكاية زيارة النبي صلى الله عليه وسلم للسيوطي في بيته يقظة لا مناماً وقراءة السيوطي للأحاديث بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسمع.
قال الشعراني في "الطبقات الصغرى" (ص28 - 29): (أخبرني الشيخ سليمان الخضيري قال: بينا أنا جالس في الخضيرية على باب الإمام الشافعي رضي الله عنه إذ رأيت جماعة عليهم بياض وعلى رؤوسهم غمامة من نور، يقصدوني من ناحية الجبل. فلما قربوا مني فإذا هو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقبلت يده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: امض معنا إلى الروضة. فذهبت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت الشيخ جلال الدين، فخرج إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقبل يده وسلم على أصحابه، ثم أدخله الدار، وجلس بين يديه. فصار الشيخ جلال الدين يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض الأحاديث وهو صلى الله عليه وسلم يقول: هات يا شيخ السنة).
وقال الشعراني أيضاً في المرجع السابق (ص30): (وكان رضي الله عنه- يعني السيوطي- يقول رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقظة فقال لي يا شيخ الحديث. فقلت: يا رسول الله أمن أهل الجنة أنا؟ فقال: نعم. فقلت: من غير عذاب يسبق؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لك ذلك).
ألا يعلم الهيتمي وهو على معرفة بعلوم الحديث، بل وله فتاوى حديثية في ذلك والسيوطي - والعهدة على الشعراني- وله ألفية في علوم الحديث وله عليها شرح كبير أن تلك الحكايات والادعاءات لا يجوز الاحتجاج ولا الاستشهاد بها في شيء من أمور الدين. بل هي باطلة ومن أبين الأدلة على بطلانها سؤال الولي والسيوطي للنبي صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناماً. فلو كان مثل هذا السؤال ممكناً لما أفنى علماء الحديث أعمارهم في التمييز بين الصحيح والضعيف، ولكان تأليف الدواوين الضخمة في أحوال الرجال نوعاً من العبث وتضييعاً للأوقات، ولاستغنوا عن ذلك بسؤاله صلى الله عليه وسلم مباشرة عن صحة الأحاديث وضعفها كما فعل السيوطي شيخ السنة!!
بل ما كان للهيتمي وصنوه السبكي ومن نحا نحوهم أن يتكلفوا التأليف في مسائل الزيارة والاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم ويسودوا صفحات كتبهم بالأحاديث الضعيفة والمنكرة، وكان الأولى
لهم أن يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن المسائل التي نازعهم فيهم خصومهم كما فعل السيوطي شيخ السنة!!! أم أنه لا يوجد أولياء لله في ذلك الوقت؟! إنهم يعرفون ولكنهم قوم يُحرَّفون.
وبعد هذا النزر اليسير من الحكايات والادعاءات المنقولة عن أرباب الأحوال الصوفية في دعوى مقابلة النبي صلى الله عليه وسلم يقظة والتلقي منه، وكل حكاية تتضمن تكذيب تلك الدعوى، ننتقل إلى الرواية التي استدلوا بها. وهذا سندها ومتنها:
قال البخاري رحمه الله: حدثنا عبدان أخبرنا عبد الله عن يونس عن الزهري حدثني أبو سلمة أن أبا هريرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي}] "البخاري" (كتاب التعبير) (12/ 383) مع "الفتح" حديث رقم 6993 [.
والكلام على الاستدلال بهذه الرواية من عدة أوجه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/149)
الوجه الأول: من حيث مخالفتها لروايات أصحاب أبي هريرة رضي الله عنه:
جاء هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه من خمسة طرق، أربعة منها تخالف تلك الرواية، وتفصيلها على النحو التالي:
الطريق الأولى:
عن أبي صالح ذكوان السمان (1) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: {تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي ومن رآني في المنام فقد رآني ولا يتمثل الشيطان في صورتي}.] رواه البخاري في "صحيحه" كتاب الأدب، حديث رقم 6197، مع"الفتح"، وأحمد (1/ 400)، (2/ 463) [.
الطريق الثاني:
عن محمد بن سيرين (2) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: {من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي}.] رواه مسلم في "صحيحه" (15/ 24) مع "شرح النووي"، وأحمد (2/ 411)، (2/ 472) [.
الطريق الثالث:
عن العلاء بن عبد الرحمن (3) عن أبيه (4) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً بمثل اللفظ السابق.] رواه ابن ماجه (كتاب الرؤيا حديث رقم 3901 [.
الطريق الرابع:
عن عاصم بن كليب (5) عن أبيه (6) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً بمثل اللفظ السابق.] رواه أحمد (2/ 232، 342) [.
الطريق الخامس:
عن أبي سلمة (7) بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة.
ورواه عن أبي سلمة اثنان:
أ- محمد (8) بن عمرو بن علقمة الليثي. ولفظه: {من رآني في المنام فقد رأى الحق فإن الشيطان لا يتشبه بي} كلفظ الجماعة.] رواه أحمد (2/ 261) [.
ب- محمد (9) بن شهاب الزهري، واختُلف على الزهري في لفظ الحديث:
- فرواه محمد (10) بن عبد الله بن مسلم بن شهاب عنه بلفظ الشك: {من رآني في المنام فسيراني أو فكأنما رآني في اليقظة لا يتمثل الشيطان بي}.] رواه أحمد (5/ 306) [.
وتابعه سلامة بن عقيل على الرواية بالشك.] الخطيب "تاريخ بغداد" (10/ 284) [.
ورواه يونس (11) بن يزيد عن الزهري، واختُلف على يونس في لفظ الحديث كذلك.
- فرواه عبد الله (12) بن وهب عن يونس بالشك كما رواه ابن أخي ابن شهاب وسلامة بن عقيل عن الزهري باللفظ السابق.] رواه مسلم (كتاب الرؤيا) (15/ 24 مع "شرح النووي")، وأبو داود (4/ 444 - 445) [.
- ورواه أنس بن عياض (13) عن يونس بلفظ: {من رآني في المنام فقد رأى الحق} كلفظ الجماعة.] رواه ابن حبان (7/ 617) [.
- ورواه عبد الله (14) بن المبارك عن يونس باللفظ المخالف لكل الطرق السابقة عن أبي هريرة: {من رآني في المنام فسيراني في اليقظة}] "البخاري" (كتاب التعبير) (12/ 383) مع "الفتح" حديث رقم 6993 [.
ولم يقتصر هذا اللفظ للرواية على مخالفة الطرق الأخرى لأصحاب أبي هريرة رضي الله عنه،
بل خالف جميع الألفاظ التي وردت عن جمع من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن روى هذا الحديث.
الوجه الثاني: من حيث مخالفتها لروايات الصحابة الآخرين:
روى حديث رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام جمع من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين بألفاظ متقاربة ومعان متوافقة، وتفصيل ذلك على النحو التالي:
اللفظ الأول:
رواه أنس بن مالك (15) وجابر بن عبد الله (16)، وأبو سعيد الخدري (17)، وابن عباس (18)
وابن مسعود (19)، وأبو جحيفة (20) رضي الله عنهم مرفوعاً: {من رآني في المنام فقد
رآني}.
اللفظ الثاني:
رواه أبو قتادة (21) وأبو سعيد الخدري (22) رضي الله عنهما مرفوعاً: {من رآني فقد رأى الحق}.
اللفظ الثالث:
رواه جابر رضي الله عنه مرفوعاً: {من رآني في النوم فقد رآني}.] "صحيح مسلم" (كتاب الرؤيا) (15/ 26) مع شرح النووي) [.
فظهر من هذين الوجهين أن الرواية التي استدل بها القوم جاءت مخالفة لجميع ألفاظ من روى هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، بل جاءت مخالفة لجميع ألفاظ من روى هذا الحديث من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ونتيجة لهذا الاختلاف ولكون الرواية في "صحيح البخاري" أخذ أهل العلم يتأولون معناها ويذكرون لها أجوبة لتتوافق مع روايات الجمهور.
الوجه الثالث: أجوبة العلماء عن ذلك اللفظ المشكل:
ذكر ابن حجر في "فتح الباري" (12/ 385) ملخصاً لتلك الأجوبة بقوله:
(وحاصل تلك الأجوبة ستة:
- أحدها: أنه على التشبيه والتمثيل، ودل عليه قوله في الرواية الأخرى: {فكأنما رآني في اليقظة}.
- ثانيها: أن معناها سيرى في اليقظة تأويلها بطريق الحقيقة أو التعبير.
- ثالثها: أنه خاص بأهل عصره ممن آمن به قبل أن يراه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/150)
- رابعها: أنه يراه في المرآة التي كانت له إن أمكن ذلك، وهذا من أبعد المحامل.
- خامسها: أنه يراه يوم القيامة بمزيد خصوصية لا مطلق من يراه.
- سادسها: أنه يراه في الدنيا حقيقة ويُخاطبه، وفيه ما تقدم من الإشكال.
الوجه الرابع: ما يرد على القوم من الإشكال على المعنى الذي قالوا به:
والإشكال الذي أشار إليه ابن حجر رحمه الله ذكره بعد قوله: (ونُقل عن جماعة من الصالحين أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ثم رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها فجاء الأمر كذلك. قلت - أي ابن حجر-: وهذا مشكل جداً ولو حُمل على ظاهره لكان هؤلاء صحابة ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة، ويُعَكَّرُ عليه أن جمعاً جماً رأوه في المنام ثم لم يُذكر عن واحد منهم أنه رآه في اليقظة
وخبر الصادق لا يتخلف. وقد أشتد إنكار القرطبي (23) على من قال: من رآه في المنام فقد رأى حقيقته ثم يراها كذلك في اليقظة).] "فتح الباري" (12/ 385) [.
والإنكار الذي أشار إليه ابن حجر هو قول القرطبي: (اختلف في معنى الحديث فقال قوم هو على ظاهره فمن رآه في النوم رأى حقيقته كمن رآه في اليقظة سواء، وهذا قول يُدرك فساده بأوائل العقول، ويلزم عليه أن لا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها، وأن لا يراه رائيان في آن واحد في مكانين وأن يحيا الآن ويخرج من قبره ويمشي في الأسواق ويخاطب الناس ويخاطبوه ويلزم من ذلك أن يخلو قبره من جسده فلا يبقى من قبره فيه شيء، فيزار مجرد القبر ويسلم على غائب، لأنه جائز أن يُرى في الليل والنهار مع اتصال الأوقات على حقيقته في غير قبره، وهذه جهالات لا يلتزم بها من له أدنى مسكة من عقل).
وممن أنكر على القوم رؤيتهم للنبي صلى الله عليه وسلم يقظة القاضي أبوبكر بن العربي (24) قال كما في "فتح الباري" (12/ 384): (وشذ بعض القدرية فقال: الرؤية لا حقيقة لها أصلاً وشذ بعض الصالحين فزعم أنها تقع بعيني الرأس).
الوجه الخامس: اضطراب مقالات القوم في كيفية الرؤية:
فلما اشتد الإنكار على هؤلاء القائلين برؤيته صلى الله عليه وسلم في الدنيا بعد وفاته يقظة لا مناماً، اضطربت مقالاتهم في كيفية تلك الرؤيا فمنهم من أخذته العزة بالإثم فنفى الموت عن النبي صلى الله عليه وسلم بالكلية وزعم أن موته صلى الله عليه وسلم هو تستره عمن لا يفقه عن الله.
- ومنهم من زعم أنه صلى الله عليه وسلم يحضر كل مجلس أو مكان أراد بجسده وروحه ويسير حيث شاء في أقطار الأرض في الملكوت وهو بهيئته التي كان عليها قبل وفاته.] عمر الفوتي "رماح حزب الرحيم" (1/ 210) بهامش "جواهر المعاني" [.
- ومنهم من زعم أن له صلى الله عليه وسلم مقدرة على التشكل والظهور في صور مشايخ الصوفية.] عبدالكريم الجيلي "الإنسان الكامل" (2/ 74 - 75) [.
وفريق لان بعض الشيء:
- فمنهم من زعم أن المراد برؤيته كذلك يقظة القلب لا يقظة الحواس الجسمانية.] الشعراني"الطبقات الكبرى" نقلاً عن محمد المغربي الشاذلي [.
- ومنهم من قال إن الاجتماع بالنبي صلى الله عليه وسلم يكون في حالة بين النائم واليقظان.] الشعراني "الطبقات الصغرى" (ص89) [.
- ومنهم من قال إن الذي يُرى هي روحه صلى الله عليه وسلم.] محمد علوي المالكي"الذخائر المحمدية" (ص259)، "القرب والتهاني في حضرة التداني شرح الصلوات" لفؤاد الفرشوطي (ص25) [.
وعليه فبعد أن ظهر تفرد تلك الرواية التي استدل بها القوم عن روايات الجمهور، وتلك الاحتمالات التي تأولها أهل العلم في المراد بمعناها، وتلك الإشكالات والإنكارات التي وردت على المعنى الذي قصده القوم، واضطراب مقالاتهم في كيفية تلك الرؤيا، بلك ذلك يسقط استدلالهم بها، والقاعدة المشهورة في ذلك: إذا ورد على الدليل الاحتمال بطل به الاستدلال) انتهى كلام الشيخ الصادق بن محمد بن إبراهيم – جزاه الله خيراً-.
كما رد الشيخ محمد أحمد لوح - حفظه الله - في كتابه العجاب"تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي" (2/ 39 - 52) على من يستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: {من رآني في المنام فسيراني في اليقظة} على إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة بقوله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/151)
(أما رواية: {من رآني في المنام فسيراني في اليقظة} لابد من إلقاء ضوء كاشف على الحديث رواية ودراية حتى نعرف قدر هذا اللفظ الذي استدل به أولئك على إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة:
1 - أما الحديث فقد رواه اثنا عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يزيد، مما يدل على شيوعه واستفاضته.
2 - أن ثمانية من أئمة الحديث المصنفين اهتموا بهذا الحديث فأخرجوه في كتبهم مما يؤكد اهتمامهم به وفهمهم لمدلوله. ومع ذلك لم يبوب له أحد منهم بقوله مثلاً: باب في إمكان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة، ولو فهموا منه ذلك لبوبوا به أو بعضهم على الأقل؛ لأنه أعظم من كل ما ترجموا به تلك الأبواب.
3 - أن المواضع التي أخرجوا فيها هذا الحديث بلغ (44) موضعاً، ومع كثرة هذه المواضع لم يرد في أي موضع لفظ {فسيراني في اليقظة} بالجزم إلا في إحدى روايات البخاري عن أبي هريرة.
أما بقية الروايات فألفاظها: {فقد رآني} أو {فقد رأى الحق} أو {فكأنما رآني في اليقظة} أو {فسيراني في اليقظة أو فكأنما رآني في اليقظة} بالشك.
وبالنظر في ألفاظ الحديث ورواياته نجد ملاحظات على لفظ {فسيراني في اليقظة}
لا ريب أنها تقلل من قيمة الاستدلال بها وهذه الملاحظات هي:
أولاً: أن البخاري أخرج الحديث في ستة مواضع من صحيحه: ثلاثة منها من حديث أبي هريرة، وليس فيها لفظ {فسيراني في اليقظة} إلا في موضع واحد.
ثانياً: أن كلا من مسلم (حديث رقم 2266)، وأبي داود (حديث رقم 5023)، و أحمد (5/ 306)، أخرجوا الحديث بإسناد البخاري الذي فيه اللفظ المذكور بلفظ {فسيراني في اليقظة. أو لكأنما رآني في اليقظة} وهذا الشك من الراوي يدل على أن المحفوظ إنما هو لفظ {فكأنما رآني} أو {فقد رآني} لأن كلا منهما ورد في روايات كثيرة بالجزم وليس فيها شيء شك فيه الراوي.
وعند الترجيح ينبغي تقديم رواية الجزم على رواية الشك.
ثالثاً: إذا علمنا أنه لم يرد عند مسلم ولا عند أبي داود غير رواية الشك أدركنا مدى تدليس السيوطي حين قال في "تنوير الحلك": (وتمسكت بالحديث الصحيح الوارد في ذلك: أخرج البخاري ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي}) فأوهم أن مسلماً وأبا داود أخرجا الحديث برواية الجزم، وأغفل جميع روايات البخاري الأخرى التي خلت من هذا اللفظ.
رابعاً: ذكر الحافظ ابن حجر في "الفتح" (12/ 400) أنه وقع عند الإسماعيلي في الطريق المذكورة {فقد رآني في اليقظة} بدل قوله: {فسيراني}.
وهذه الأمور مجتمعة تفيد شذوذ هذا اللفظ، ولعل الحافظ ابن حجر أشار إلى ذلك ضمناً حين قال: (وشذ بعض الصالحين فزعم أنها تقع - يعني الرؤية- بعيني الرأس حقيقة).
ونقل عن المازري قوله: (إن كان المحفوظ {فكأنما رآني في اليقظة} فمعناه ظاهر).
هذا ما يتعلق بالحديث رواية، وإن تعجب فعجب استدلال هؤلاء بهذا اللفظ الشاذ على تقرير إمكان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة ووقوعها مع اتفاقهم على: أن حديث الآحاد لا يحتج به في العقيدة.
أما ما يتعلق به دراية فنقول: لو فرضنا أن هذا اللفظ {فسيراني} هو المحفوظ فإن العلماء المحققين لم يحملوه على المعنى الذي حمله عليه الصوفية.
قال النووي في شرحه (15/ 26): (فيه أقوال: أحدها: أن يراد به أهل عصره، ومعناه: أن من رآه في النوم ولم يكن هاجر يوفقه الله للهجرة ورؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة عياناً.
وثانيها: أنه يرى تصديق تلك الرؤيا في اليقظة في الدار الآخرة؛ لأنه يراه في الآخرة جميع
أمته.
وثالثها: أنه يراه في الآخرة رؤية خاصة في القرب منه وحصول شفاعته ونحو ذلك).
ونقل الحافظ ابن حجر هذه الأقوال بعدما ذكر القول بحمله على الرؤية بالعين المجردة وحكم على القائلين به بالشذوذ.
وجملة القول أن إدعاء إمكان رؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة ووقوعها مذهب ضعيف مرجوح وذلك من وجوه:
الوجه الأول: اختلاف القائلين به في المقصود بالرؤية، وهل هي رؤية لذاته صلى الله عليه وسلم على
الحقيقة، أورؤية لمثال لها، نقله السيوطي في "نوير الحلك" ضمن "الحاوي للفتاوى" (2/ 263)
ثم قال: (الذين رأيتهم من أرباب الأحوال يقولون بالثاني، وبه صرح الغزالي فقال: ليس المراد أنه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/152)
يرى جسمه وبدنه بل يرى مثالاً له).
ثم نقل عن ابن العربي واستحسن قوله: (رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بصفته المعلومة إدراك على الحقيقة ورؤيته على غير صفته إدراك للمثال) ثم قال السيوطي: (ولا يمتنع رؤية ذاته الشريفة بجسده وروحه؛ وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء أحياء ردت إليهم أرواحهم بعد ما قبضوا وأذن لهم بالخروج من قبورهم والتصرف في الملكوت العلوي والسفلي)!!.
أقول: إذا كان أرباب الأحوال الذين رآهم السيوطي - على كثرتهم - يقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرى بروحه وجسمه بل يرى مثال له فقط، فكيف يدافع السيوطي عنهم ويخالفهم في الوقت نفسه؟
الوجه الثاني: أنهم اختلفوا أيضاً هل هذه الرؤية تكون بالقلب أو بالبصر؟
أشار السيوطي إلى ذلك ثم اضطرب اضطراياً شديداً حين قال في نفس المصدر: (أكثر ما تقع رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة بالقلب ثم يترقى إلى أن يرى بالبصر) فإلى هنا يبدو أنه قصد الجمع بين القولين، ثم قال: (لكن ليست الرؤية البصرية كالرؤية المتعارفة عند الناس من رؤية بعضهم لبعض، وإنما هي جمعية حالية وحالة برزخية وأمر وجداني …).
الوجه الثالث: أن بعض كبار الصوفية ينفي وقوع رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة.
فيقول أبو القاسم القشيري في "الرسالة القشيرية" (باب رؤيا القوم) (ص368): (وقال
بعضهم: في النوم معان ليست في اليقظة، منها: أنه يرى المصطفى صلى الله عليه وسلم والصحابة والسلف الماضين في النوم ولا يراهم في اليقظة) اهـ.
وقد يقول قائل: إن هذا نقله القشيري عن بعضهم ولا ندري هل هم من الصوفية أو من غيرهم؟
والجواب:
أ- أن القشيري نفسه من كبار الصوفية وقد نقل العبارة وأقرها.
ب- أنه لا ينقل في رسالته مثل هذا الكلام إلا عن الصوفية، حيث ذكر في مقدمة كتابه أنه إنما يذكر سير شيوخ التصوف وآدابهم .. وما أشاروا إليه من مواجيدهم، وأكده في الخاتمة.
الوجه الرابع: أن هذه العقيدة مخالفة لإجماع أهل السنة والجماعة وهي خاصة بأهل البدعة، قال ابن حزم في "مراتب الإجماع" (ص176): (واتفقوا أن محمداً عليه السلام وجميع أصحابه لا يرجعون إلى الدنيا إلا حين يبعثون مع جميع الناس).
الوجه الخامس: أنه يلزم من القول بإمكان رؤيته في اليقظة ووقوعها لوازم باطلة قد ذكرتها
أثناء نقل أقوال أهل العلم في هذا الموضوع.
وأخيراً: نقل السيوطي عن بعض أهل العلم احتجاجه على حياة الأنبياء بأن النبي صلى الله عليه وسلم اجتمع بهم ليلة الإسراء في بيت المقدس.
ومقصده أن ما دام هذا ممكناً في حق النبي صلى الله عليه وسلم معهم فيمكن أن يكون جائزاً في حق أولياءأمته معه، فيرونه في اليقظة.
والجواب على هذه الشبهة أن يقال:
أولاً: ليس النزاع في حياة الأنبياء في قبورهم ولا في اجتماع النبي صلى الله عليه وسلم بهم ليلة الإسراء ولا صلاته بهم إماماً، فإن ذلك كله ثابت رواية، فيجب على جميع المؤمنين التصديق به.
ثانياً: أن مما يجب أن يعلم أن حياة الأنبياء في قبورهم حياة برزخية لا نعلم كيف هي، وحكمها كحكم غيرها من المغيبات، نؤمن بها ولا نشتغل بكيفيتها، ولكننا نجزم بأنها مخالفة لحياتنا الدنيا.
ثالثاً: أن الذي أخبرنا بأنه اجتمع بالأنبياء ليلة الإسراء هو الصادق المصدوق الذي يجب على كل مؤمن أن يصدقه في كل ما أخبر به من المغيبات دقيقها وجليلها، ولذا آمنا بما أخبرنا به واعتقدناه عقيدة لا يتطرق إليها شك إن شاء الله تعالى.
أما من جاءنا بخبر وقوع رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة فمجموعة من الدراويش خالفت الكتاب والسنة والإجماع والمعقول، فلم يجز - ولا أقول فلم يجب - أن نصدقهم في دعواهم تلك.
بل وجب على كل موحد ذاب عن حمى التوحيد أن يردها بما استطاع لأنه باب يؤدي فتحه إلى ضلال عظيم وخراب للأديان والعقول ويفتح باب التشريع من جديد، ولا حول ولا قوة إلا بالله. والله أعلم). انتهى كلام الشيخ محمد أحمد لوح جزاه الله خيراً بتصرف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/153)
ولمزيد من الفائدة انظر كتاب "المصادر العامة للتلقي عند الصوفية عرضاً ونقداً" للشيخ صادق سليم صادق (ص405 - 430) وكتاب "تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي" للشيخ محمد أحمد لوح (2/ 36 - 52)، وكتاب "خصائص المصطفى بين الغلو والجفاء" تأليف الصادق بن محمد بن إبراهيم، وكتاب "رؤيا الرسول صلى الله عليه وسلم يقظة ومناماً ضوابطها وشروطها" للشيخ الأمين الحاج محمد أحمد.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أخوكم/ أبو معاذ السلفي
-------------------------------
(*):"خصائص المصطفى صلى الله عليه وسلم بين الغلو والجفاء عرض ونقد على ضوء الكتاب والسنة" (ص207) للشيخ الصادق بن محمد بن إبراهيم - حفظه الله -.
(*):وأبو غدة إنما نقلت كلامه حجة على اتباعه الصوفية وإلا ففي كتبه كثير من الضلال وقد رد عليه العلامة الألباني رحمه الله في "كشف النقاب" و في مقدمة "شرح العقيدة الطحاوية" كما رد عليه العلامة بكر ابو زيد في "براءة أهل السنة من الوقيعة في علماء السنة" وقدم لهذه الرسالة العلامة عبدالعزيز بن باز رحمه الله.
(1): المدني ثقة ثبت من الثالثة مات سنة إحدى ومائة."التقريب" (1/ 239).
(2): الأنصاري ثقة ثبت عابد كبير القدر من الثالثة مات سنة 110هـ."التقريب" (2/ 169).
(3): الحُرَقي المدني صدوق ربما يهم وهو من الخامسة."التقريب" (2/ 92 - 93).
(4): الجهني المدني مولى الخُرَقي، ثقة من الثالثة."التقريب" (1/ 503).
(5): الجرمي الكوفي صدوق رُمي بالإرجاء، من الخامسة."التقريب" (1/ 385).
(6): صدوق من الثانية. "التقريب" (2/ 136).
(7): الزهري المدني، قيل اسمه عبد الله وقيل إسماعيل ثقة مكثر من الثالثة مات سنة 94 هـ."التقريب" (2/ 430).
(8): المدني صدوق له أوهام من السادسة."التقريب" (2/ 430).
(9): القرشي الفقيه الحافظ متفق على جلالته واتقانه، وهو من رؤوس الطبقة الرابعة. "التقريب" (2/ 207).
(10): ابن أخي الزهري، صدوق له أوهام، من السادسة."التقريب" (2/ 180).
(11): الأيلي، ثقة إلا أن في روايته عن الزهري وهماً قليلاً وفي غير الزهري خطأ، من كبار السابعة."التقريب" (2/ 386).
(12): القرشي مولاهم الفقيه، ثقة عابد من التاسعة."التقريب" (1/ 460).
(13): أنس بن عياض بن ضمرة الليثي أبو حمزة ثقة، ت. سنة 200هـ."التقريب" (1/ 84).
(14): المروزي، ثقة، فقيه، عالم، جواد، جمعت فيه خصال الخير، من الثامنة."التقريب" (1/ 445).
(15): "صحيح البخاري (كتاب الرؤيا) حديث رقم 6994.
(16): "سنن ابن ماجه" (كتاب الرؤيا) حديث رقم 3902.
(17): المصدر السابق، حديث رقم 3093.
(18): المصدر السابق، حديث رقم 3905.
(19): "الترمذي" (3/ 238).
(20): وهب بن عبد الله بن مسلم السُّوائي، صحابي ت. سنة 64هـ. "الإصابة" (10/ 322) رقم 9167؛ "سنن ابن ماجه" (كتاب الرؤيا) حديث رقم 3904.
(21): الحارث ويقال عمرو أو النعمان بن رِبْعي السلمي صاحبي، مات سنة 54 هـ. "تقريب التهذيب" (2/ 463)؛"صحيح البخاري" (كتاب التعبير) (12/ 383) مع "الفتح" حديث رقم 6996.
(22): المصدر السابق.
(23): أبو العباس أحمد بن عمر الأنصاري القرطبي المالكي الفقيه المحدث صاحب "المفهم شرح مسلم" ت.656هـ. "البداية والنهاية" (13/ 226). وكتاب "المفهم" توجد منه أجزاء مخطوطة ناقصة بالمكتبة المركزية بالجامعة الإسلامية برقم (5959/ 1) (فلم).
(24): محمد بن محمد بن عبد الله المعروف بابن العربي الأشبيلي المالكي، أكبر علماء الأندلس، له كتب كثيرة منها:"عارضة الأحوذي في شرح الترمذي" و"أحكام القرآن" ت. سنة 543 هـ. انظر "سير أعلام النبلاء (20/ 197)؛"شجرة النور الزكية في طبقات المالكية" (ص136).
وجزاك الله خيرا .. ولاتنيسانى أخى رشيد من صالح دعائك والمسلمين أجمعين وزادك الله علما.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[رشيد المغربي]ــــــــ[05 - 11 - 05, 09:00 م]ـ
وماحكم من يقول بذلك؟ و يعتقده(32/154)
الأصل التوحيد، فلماذا قال (وأن يكره أن يعود في الكفر)؟؟؟
ـ[التائبة إلى الله]ــــــــ[10 - 11 - 05, 09:13 ص]ـ
صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن أحب عبدا لا يحبه إلا لله، ومن يكره أن يعود في الكفر، بعد إذ أنقذه الله، كما يكره أن يلقى في النار.)
وقد قال الله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) [الأعراف: 172]
و صح عنه أيضاً صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصراه، أو يمجسانه، كمثل البهيمة تنتج البهيمة، هل ترى فيها جدعاء .. )
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: أخذ الله تبارك وتعالى الميثاق من ظهر آدم بنعمان يعني عرفة فاخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم فتلا قال {ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيمة إنا كنا عن هذا غفلين} إلى آخر الآية
فإذا كان الإقرار بالتوحيد أمر فطري، والشرك حادث طاريء، فلماذا قال في حديث (حلاوة الإيمان) لفظة [يعود في الكفر بعد إذا أنقذه الله منه]؟؟؟؟؟
هل الحديث كان خاصاً بالصحابة الذين عاشوا بالجاهلية ثم من ّ الله عليهم بالإسلام
، مثلاً؟؟
فكيف يمكن التوفيق بأن الأصل التوحيد كفطرة، و عبارة (يعود في الكفر يعود في الكفر بعد إذا أنقذه الله منه) الواردة في الحديث الأول؟
نرجو التوضيح و الإبانة منكم وجزاكم الله خيراً
ـ[أبو أحمد الهمام]ــــــــ[10 - 11 - 05, 06:40 م]ـ
يمكن اين يجاب عن هذا الاشكال
بان يقال ان هذا مخصوص بالصحابة باعتبار ان غالبيتهم كانوا مشركين ثم اسلموا رضي الله عنهم
ـ[أم حبيبة م. فهمي]ــــــــ[10 - 11 - 05, 07:48 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
ليس الصحابة بالذات
و لكن كل من كان على شرك أو كفر أو عدم التزام بالدين ثم عاد للدين مرة أخرى فهو ينطبق عليه الحديث ..
يعني انسان مثلا ولد مسلما و لكنه لا يعرف شيء عن الاسلام و عاش حياته في اللهو و المعاصي، ثم هداه الله تعالى بمنه و فضله، فمن حلاوة الايمان و صدق عودته أنه لم يعد يحب تلك المعاصي و لا يتمنى العودة إليها، و إذا تذكرها تشمئز نفسه ..
أرجو أن أكون قد وُفِّقت ..
اللهم ما كان من خير فمنك و ما كان من شر فمني و من الشيطان ..
جزاكم الله خيرا
أمة الله
ـ[التائبة إلى الله]ــــــــ[10 - 11 - 05, 09:26 م]ـ
جزيتم خيراً على اجتهادكم، وجوابكم يحتمل الصحة من وجوه، لكني أثق أن هناك جواب غير هذا. لكني لم أصل إليه، ننتظر الأجوبة من الأخوة
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[11 - 11 - 05, 12:08 ص]ـ
في القرآن آيات فيها المعنى نفسه
قال البغوي:
فإن قيل: ما معنى قوله: {أو لتعودن في ملتنا} {وما يكون لنا أن نعود فيها} ولم يكن شعيب قط على ملتهم حتى يصح قولهم ترجع إلى ملتنا؟.
قيل: معناه: أو لتدخلن في ملتنا فقال: وما كان لنا أن ندخل فيها
وقيل: معناه إن صرنا في ملتكم ومعنى عاد صار
وقيل: أراد به قوم شعيب لأنهم كانوا كفارا فآمنوا فأجاب شعيب عنهم
" تفسير البغوي " (1/ 257).
ـ[التائبة إلى الله]ــــــــ[11 - 11 - 05, 12:52 ص]ـ
أحسن الله إليك يا أيها الشيخ الكريم، يشرفني دخولك، و حسن جوابك واستدلالك، سهل الله لنا ولكم بالعلم طريقاً إلى الجنة.
ـ[المسيطير]ــــــــ[18 - 11 - 05, 01:41 م]ـ
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في القول المفيد على كتاب التوحيد (ج2/ 55) في باب قوله تعالى:" ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله ".
قوله: " وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار ".
هذه الصورة في كافر أسلم، فهو يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار، وأنما ذكر هذه الصورة، لأن الكافر يألف ما كان عليه أولاً، فربما يرجع إليه بخلاف من لا يعرف الكفر أصلاً.
فمن كره العَوْد في الكفر كما يكره القذف في النار، فإن هذا من أسباب وجود حلاوة الإيمان.(32/155)
تعريف الإيمان؟
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[10 - 11 - 05, 06:06 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
ما هو تعريف الإيمان اصطلاحا؟
اقرأ واسمع كثيرا أن تعريف الإيمان اصطلاحا هو
التصديق بالقلب والإقرار باللسان والعمل بالجوارح
لكن ألا يجب أن يكون التعريف جامعا مانعا؟
فهل هذا التعريف جامع ومانع؟
إذا قلتم نعم فكيف ذلك؟
> طالب علم مبتدئ <
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[10 - 11 - 05, 09:20 م]ـ
هذه كلمات جمعتها من هنا وهناك وليس لي فيها فضل سوى الجمع تبين لك أخي الحبيب حقيقة الإيمان عند أهل السنة
حقيقة الإيمان
أقوال علماء أهل السنة في تقرير هذا الأصل:
.وأقوالهم في هذا الباب كثيرة جداً لا يمكن حصرها في هذه الرسالة، ولكن نذكر بعضاً منها على سبيل المثال لا الحصر:
كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يقول لأصحابه: (هلموا نزدد إيماناً) فيذكرون الله تعالى ().
وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
(الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، من لا صبر له لا إيمان له) ().
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
(اللهم زدنا إيماناً، ويقينا، وفقها) ().
وقال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه:
(تعالوا نؤمن ساعة؛ تعالوا فلنذكر الله ونزدد إيماناً؛ لعله يذكرنا بمغفرته) ().
وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه:
(اجلس بنا نؤمن ساعة) ().
وقال جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه:
(كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة؛ فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن؛ ثم تعلمنا القرآن؛ فازددنا به إيماناً) ().
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: (الإيمان نزه؛ فمن زنى فارقه الإيمان، فإن لام نفسه وراجع راجعه الإيمان) ().
وكان عبد الله بن عباس، وأبو هريرة، وأبو الدرداء – رضي الله عنهم – يقولون: (الإيمان يزيد وينقص) ().
وقال عمير بن حبيب الخطمي رضي الله عنه: (الإيمان يزيد وينقص، قيل: وما زيادته ونقصانه؟ قال: إذا ذكرنا الله فحمدناه وسبحناه فتلك زيادته، وإذا غفلنا ونسينا فذلك نقصانه) ().
وقال عمار بن ياسر رضي الله عنه:
(ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك، وبذل السلام للعالم، والإنفاق من الإقتار) ().
وقال التابعي الجليل عروة بن الزبير رحمه الله:
(ما نقصت أمانة عبد قط؛ إلا نقص إيمانه) ().
وقال الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز رحمه الله:
(فإن للإيمان فرائض وشرائع وحدوداً وسنناً؛ فمن استكملها استكمل الإيمان، ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان) ().
وقال التابعي الإمام مجاهد بن جبر رحمه الله:
(الإيمان: قول وعمل؛ يزيد وينقص) ().
وقال الإمام الحسن البصري رحمه الله (ت 110هـ):
(ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال) ().
وقال الوليد بن مسلم القرشي: سمعت الأوزاعي، ومالك بن أنس، وسعيد بن عبد العزيز؛ ينكرون قول من يقول: إن الإيمان قول بلا عمل، ويقولون: (لا إيمان إلا بعمل، ولا عمل إلا بإيمان) ().
وقال أيضاً: سمعتهم يقولون:
(ليس للإيمان منتهى هو في زيادة أبداً، وينكرون على من يقول: إنه مستكمل الإيمان، وإن إيمانه كإيمان جبريل عليه السلام) ().
وقال شيخ الإسلام الإمام الأوزاعي رحمه الله (ت 157هـ):
(لا يستقيم الإيمان إلا بالقول، ولا يستقيم الإيمان والقول إلا بالعمل، ولا يستقيم الإيمان والقول والعمل إلا بنية موافقة للسنة؛ فكان من مضى ممن سلف لا يفرقون بين الإيمان، والعمل من الإيمان، والإيمان من العمل، وإنما الإيمان اسم يجمع كما يجمع هذه الأديان اسمها وتصديقه العمل؛ فمن آمن بلسانه وعرف بقلبه وصدق ذلك بعمله فذلك العروة الوثقى التي لا انفصام لها، ومن قال بلسانه ولم يعرف بقلبه ولم يصدقه بعمله لم يقبل منه، وكان في الآخرة من الخاسرين) ().
وقال الإمام مالك رحمه الله (ت 179هـ):
(الإيمان: قول وعمل) ().
وقال الإمام الحافظ سفيان الثوري رحمه الله (ت 161هـ):
(الإيمان: يزيد وينقص) ().
وقال الإمام عبد الله بن المبارك رحمه الله (ت 181هـ):
(الإيمان: قول وعمل، والإيمان يتفاضل) ().
وقال الإمام الفضيل بن عياض رحمه الله (ت 186هـ):
(الإيمان عندنا داخله وخارجه الإقرار باللسان والقول بالقلب، والعمل به) ().
وقال الإمام أبو الثور البغدادي رحمه الله (ت 240هـ):
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/156)
(الإيمان تصديق بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالجوارح) ().
وقال الإمام وكيل بن الجراح رحمه الله (ت 179هـ):
(أهل السنة يقولون: الإيمان: قول وعمل) ().
وقال الإمام يحيى بن سعيد القطان رحمه الله (ت 198هـ):
(كل من أدركت من الأئمة كانوا يقولون: الإيمان: قول وعمل؛ يزيد وينقص، ويقدمون أبا بكر وعمر في الفضيلة والخلافة) ().
وقال الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله (ت 198هـ):
(الإيمان: قول وعمل؛ يزيد وينقص) ().
وعن الإمام الحافظ الحميدي – رحمه الله – قال: سمعت ابن عيينة يقول: (الإيمان: قول وعمل؛ يزيد وينقص) فقال له أخوه إبراهيم بن عيينة: يا أبا محمد، لا تقولن: يزيد وينقص؛ فغضب وقال: (اسكت يا صبي! بلى حتى لا يبقى منه شيء) ().
وقال الإمام الشافعي رحمه الله (ت 204هـ):
(الإيمان: قول وعمل؛ يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، ثم تلا قوله تعالى: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} ().
وقال: (كان الإجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ممن أدركناهم: أن الإيمان: قول وعمل ونية، ولا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر) ().
وقال الإمام عبد الرزاق الصنعاني رحمه الله (ت 211هـ):
(سمعت معمراً، وسفيان الثوري، ومالك بن أنس، وابن جريح، وسفيان بن عيينة، يقولون: الإيمان: قول وعمل؛ يزيد وينقص) ().
وقال الإمام عبد الله الحميدي رحمه الله (ت 219هـ):
(الإيمان: قول وعمل؛ يزيد وينقص، لا ينفع قول إلا بعمل، ولا عمل ولا قول إلا بنية، ولا قول وعمل بنية إلا بسنة) ().
قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله (ت 224هـ):
(اعلم – رحمك الله – أن أهل العلم والعناية بالدين افترقوا في هذا الأمر فرقتين: فقالت إحداهما: الإيمان بالإخلاص لله وشهادة الألسنة وعمل. وقالت الفرقة الأخرى: بل الإيمان بالقلوب والألسنة، فأما الأعمال فإنما هي تقوى وبر، وليست من الإيمان. وإنا نظرنا في اختلاف الطائفتين؛ فوجدنا الكتاب والسنة يصدقان الطائفة التي جعلت الإيمان بالنية والقول والعمل جميعاً، وينفيان ما قالت الأخرى) ().
وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله (ت 241هـ):
(أجمع تسعون رجلاً من التابعين وأئمة السنة، وأئمة السلف، وفقهاء الأمصار على أن السنة التي توفي عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم .. – فذكر أموراً منها -: الإيمان: قول وعمل؛ يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية) (). وقال: (الإيمان: يزيد وينقص؛ فزيادته بالعمل، ونقصانه بترك العمل) ().
وعن عبد الملك بن عبد الحميد الميموني: أنه سأل أبا عبد الله: الإيمان قول ونية؟ فقال لي: (كيف يكون بلا نية؛ نعم قول وعمل ونية، لابد من النية – قال لي – النية متقدمة) ().
وقال الإمام البخاري رحمه الله (ت 256هـ):
(كتبت عن ألف من العلماء وزيادة، ولم أكتب إلا عمن قال: الإيمان: قول وعمل ولم أكتب عن من قال: الإيمان: قول) ().
وقال: (لقيت أكثر من ألف رجل من العلماء بالأمصار فما رأيت أحداً يختلف في أن الإيمان: قول وعمل؛ يزيد وينقص) ().
وقال الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله (ت 283هـ):
(الإيمان: يزيد وينقص؛ حتى لا يبقى منه شيء) ().
وقال الإمام أبو زرعة الرازي رحمه الله (ت 264هـ):
(الإيمان عندنا قول وعمل؛ يزيد وينقص، ومن قال غير ذلك؛ فهو مبتدع مرجئ) ().
وقال الإمام أبو حاتم الرازي رحمه الله (ت 274هـ):
(مذهبنا واختيارنا وما نعتقده وندين الله به ونسأله السلامة في الدين والدنيا: أن الإيمان قول وعمل؛ يزيد وينقص) ().
وقال الإمام يعقوب بن يوسف الفسوي رحمه الله (ت 277هـ):
(الإيمان عند أهل السنة: الإخلاص لله بالقلوب والألسنة والجوارح، وهو قول وعمل؛ يزيد وينقص، على ذلك وجدنا كل من أدركنا من عصرنا بمكة والمدينة والشام والبصرة والكوفة) ثم ذكر منهم ثلاثين ونيفا) ().
وقال الإمام محمد بن نصر المروزي رحمه الله (ت 294هـ):
(الإيمان: أن تؤمن بالله): أن توحده، وتصدق به بالقلب واللسان، وتخضع له ولأمره، بإعطاء العزم للأداء لما أمر، مجانباً للاستكشاف والاستكبار، والمعاندة، فإذا فعلت ذلك لزمت محابه، واجتنبت مساخطه) ().
وقال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله (ت 310هـ):
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/157)
(أما القول في الإيمان هل هو قول وعمل، وهل يزيد وينقص، أم لا زيادة فيه ولا نقصان؟ فإن الصواب فيه قول من قال: هو قول وعمل يزيد وينقص، وبه جاء الخبر عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه مضى أهل الدين والفضل@) ().
وقال الإمام أبو الحسن الأشعري - رحمه الله – عن ما أجمع عليه السلف من الأصول (ت 324هـ): (وأجمعوا على أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية) ().
وقال الإمام البربهاري رحمه الله (ت 329هـ):
الإيمان قول وعمل. وعمل وقول، ونية وإصابة؛ يزيد وينقص، يزيد ما شاء الله، وينقص حتى لا يبقى منه شيء) ().
وقال الإمام الآجري رحمه الله (ت 360هـ):
(اعلموا – رحمنا الله وإياكم – أن الذي عليه علماء المسلمين: أن الإيمان واجب على جميع الخلق؛ وهو تصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح. ثم اعلموا: أنه لا تجزئ المعرفة بالقلب والتصديق؛ إلا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقاً، ولا تجزئ معرفة بالقلب، ونطق باللسان؛ حتى يكون عمل بالجوارح؛ فإذا كملت فيه هذه الثلاث خصال: كان مؤمناً. دل على ذلك القرآن والسنة، وقول علماء المسلمين) ().
وقال: (فالأعمال – رحمكم الله – بالجوارح تصديق عن الإيمان بالقلب واللسان، فمن لم يصدق الإيمان بعمل جوارحه؛ مثل الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد، وأشباه لهذه، ورضي من نفسه بالمعرفة والقول لم يكن مؤمناً، ولم تنفعه المعرفة والقول، وكان تركه للعمل تكذيباً لإيمانه، وكان العمل بما ذكرناه تصديقاً منه لإيمانه، وبالله التوفيق) ().
وقال أيضاً: - اعلموا – رحمنا الله وإياكم – يا أهل القرآن، ويا أهل العلم بالسنن والآثار، ويا معشر من فقههم الله تعالى في الدين بعلم الحلال والحرام: أنكم إن تدبرتم القرآن – كما أمركم الله تعالى – علمتم أن الله تعالى أوجب على المؤمنين بعد إيمانهم به وبرسوله العمل، وأنه تعالى لم يثن على المؤمنين بأنه قد رضي عنهم وأنهم قد رضوا عنه، وأثابهم على ذلك الدخول إلى الجنة والنجاة من النار إلا بالإيمان وحده حتى ضم إليه العمل الصالح. قرن مع الإيمان العمل الصالح، لم يدخلهم الجنة بالإيمان وحده حتى ضم إليه العمل الصالح الذي وفقهم له، فصار الإيمان لا يتم لأحد حتى يكون مصدقاً بقلبه، وناطقاً بلسانه، وعاملاً بجوارحه، لا يخفى على من تدبر القرآن وتصفحه، وجده كما ذكرت.
واعلموا – رحمنا الله وإياكم – أني قد تصفحت القرآن فوجدت ما ذكرته في شبيه من خمسين موضعاً من كتاب الله تعالى، أن الله تبارك وتعالى لم يدخل المؤمنين الجنة بالإيمان وحده؛ بل أدخلهم الجنة برحمته إياهم، وبما وفقهم له من الإيمان والعمل الصالح) ().
وقال الإمام ابن بطة رحمه الله (ت 387هـ):
(واعلموا – رحمكم الله – أن الله – عز وجل – لم يثن على المؤمنين، ولم يصف ما أعد لهم من النعيم المقيم والنجاة من العذاب الأليم، ولم يخبرهم برضاه عنهم إلا بالعمل الصالح والسعي الرابح، وقرن القول بالعمل، والنية بالإخلاص؛ حتى صار اسم الإيمان مشتملاً على المعاني الثلاثة، لا ينفصل بعضها من بعض، ولا ينفع بعضها دون بعض؛ حتى صار الإيمان قولاً باللسان، وعملاً بالجوارح، ومعرفة بالقلب؛ خلافاً لقول المرجئة الضالة الذين زاغت قلوبهم، وتلاعبت الشياطين بعقولهم) ().
وقال الإمام أبو بكر الإسماعيلي – رحمه الله – عن اعتقاد أئمة الحديث؛ أنهم يقولون (ت 371هـ):
(إن الإيمان قول وعمل ومعرفة) ().
وقال الإمام ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله (ت 386هـ):
(أن الإيمان قول باللسان، وإخلاص بالقلب، وعمل بالجوارح؛ يزيد ذلك بالطاعة، وينقص بالمعصية نقصاً عن حقائق الكمال لا محبط للإيمان، ولا قول إلا بعمل، ولا قول ولا عمل إلا بنية، ولا قول ولا عمل ولا نية إلا بموافقة السنة، وأنه لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب وإن كان كبيراً، ولا يحبط الإيمان غير الشرك بالله تعالى) ().
وقال الإمام الحافظ ابن مندة رحمه الله (ت 395هـ):
(الإيمان قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالأركان؛ يزيد وينقص) ().
وقال الإمام الحافظ ابن أبي زمنين رحمه الله (ت 399هـ):
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/158)
(ومن أقوال أهل السنة: أن الإيمان إخلاص لله بالقلوب، وشهادة بالألسنة، وعمل بالجوارح؛ على نية حسنة، وإصابة السنة .. أن الإيمان درجات ومنازل يتم ويزيد وينقص، ولو لا ذلك استوى الناس فيه، ولم يكن للسابق فضل على المسبوق) ().
وقال الإمام إسماعيل الصابوني رحمه الله (ت 449هـ):
(ومن مذهب أهل الحديث: أن الإيمان قول وعمل ومعرفة؛ يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية) ().
وقال الإمام ابن بطَّال المالكي رحمه الله (ت 449هـ):
(مذهب أهل السنة من سلف الأمة وخلفها: أن الإيمان قول وعمل؛ يزيد وينقص، والحجة على زيادته ونقصانه؛ ما أورده البخاري في كتاب الله من ذكر الزيادة في الإيمان، وبيان ذلك أنه من لم تحصل له بذلك الزيادة؛ فإيمانه أنقص من إيمان من حصلت له) ().
وقال الإمام الحليمي رحمه الله (ت 403هـ):
(ومما يدل على أن الإيمان يزيد وينقص قول النبي صلى الله عليه وسلم للنساء: (إنكن ناقصات عقل ودين) ().
وقال الإمام القاضي أبو يعلى الفراء (ت 458هـ) - رحمه الله – عن تعريف الإيمان الشرعي:
(وأما حده في الشرع فهو جميع الطاعات الباطنة والظاهرة؛ فالباطنة أعمال القلب، وهو تصديق القلب، والظاهرة هي أفعال البدن الواجبات والمندوبات) ().
وقال الإمام البيهقي رحمه الله (ت 458هـ):
(أن الإيمان يزيد وينقص، وإذا قبل الزيادة قبل النقص) ().
وقال الحافظ أبو عمر بن عبد البر رحمه الله (ت 460هـ):
(أجمع أهل الفقه والحديث على أن الإيمان قول وعمل؛ ولا عمل إلا بنية، والإيمان عندهم يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، والطاعات كلها عندهم إيمان) ().
وقال الإمام البغوي رحمه الله (ت 516هـ):
(اتفقت الصحابة والتابعين فمن بعدهم من علماء السنة على أن الأعمال من الإيمان .. وقالوا إن الإيمان قول وعمل وعقيدة؛ يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية على ما نطق به القرآن في الزيادة، وجاء في الحديث بالنقصان في وصف النساء) ().
وقال الإمام قوَّام السنة الأصفهاني رحمه الله (ت 535هـ):
(الإيمان في الشرع عبارة عن جميع الطاعات الظاهرة والباطنة) ().
وقال: (قال علماء السلف .. والإيمان قول وعمل ونية؛ يزيد وينقص، زيادته البر والتقوى، ونقصانه الفسوق والفجور) ().
وقال الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله (ت 561هـ):
(ونعتقد أن الإيمان قول باللسان، ومعرفة بالجنان، وعمل بالأركان) ().
وقال الحافظ عبد الغني المقدسي رحمه الله (ت 600هـ):
(الإيمان قول وعمل ونية؛ يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية) ().
وقال الإمام ابن قدامة المقدسي رحمه الله (ت 620هـ):
(الإيمان: قول باللسان، وعمل بالأركان، وعقد بالجنان؛ يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان) ().
وقال الإمام النووي رحمه الله (ت 676هـ):
(قال عبد الرزاق: سمعت من أدركت من شيوخنا وأصحابنا: سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وعبيد بن عمر، والأوزاعي، ومعمر بن راشد، وابن جريح، وسفيان بن عيينة، يقولون: الإيمان: قول وعمل؛ يزيد وينقص. وهذا قول: ابن مسعود، وحذيفة، والنخعي، والحسن البصري، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، وعبد الله بن المبارك؛ فالمعنى الذي يستحق به العبد المدح والولاية من المؤمنين هو إتيانه بهذه الأمور الثلاثة: التصديق بالقلب، والإقرار باللسان، والعمل بالجوارح) ().
وقال: (إن الطاعات تسمى إيماناً وديناً، وإذا ثبت هذا علمنا أن من كثرت عبادته زاد إيمانه ودينه، ومن نقص عبادته نقص دينه) ().
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (ت 728هـ):
(ومن أصول أهل السنة: أن الدين والإيمان قول وعمل: قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح، وأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية) ().
وقال: (ولهذا كان القول: إن الإيمان قول وعمل – عند أهل السنة – من شعائر السنة، وحكى غير واحد الإجماع على ذلك) ().
وقال الإمام الحافظ ابن القيم رحمه الله (ت 751هـ):
(حقيقة الإيمان مركبة من قول وعمل. والقول قسمان: قول القلب، وهو الاعتقاد، وقول اللسان، وهو التكلم بكلمة الإسلام، والعمل قسمان: عمل القلب، وهو نيته وإخلاصه، وعمل الجوارح؛ فإذا زالت هذه الأربعة، زال الإيمان بكماله، وإذا زال تصديق القلب، لم تنفع بقية الأجزاء) ().
وقال الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله (ت 744هـ) في تفسير الآية {2} من سورة الأنفال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/159)
(وقد استدل البخاري وغيره من الأئمة بهذه الآية وأشباهها على زيادة الإيمان وتفاضله في القلوب، كما هو مذهب جمهور الأمة؛ بل قد حكى الإجماع على ذلك غير واحد من الأئمة كالشافعي وأحمد بن حنبل وأبي عبيد، كما بينا ذلك مستقصى في أول شرح البخاري، ولله الحمد والمنة).
وقال – أيضاً – في تفسير الآية {124} من سورة التوبة:
(وهذه الآية من أكبر الدلائل على أن الإيمان يزيد وينقص، كما هو مذهب أكثر السلف والخلف من أئمة العلماء؛ بل قد حكى غير واحد الإجماع على ذلك، وقد بسط الكلام على هذه المسألة في أول شرح البخاري رحمه الله).
وقال العلامة ابن أبي العز الحنفي رحمه الله (ت 792هـ):
(اختلف الناس فيما يقع عليه اسم الإيمان اختلافاً كثيراً: فذهب مالك والشافعي وأحمد والأوزاعي وإسحاق بن راهويه، وسائر أهل الحديث، وأهل المدينة رحمهم الله، وأهل الظاهر، وجماعة من المتكلمين: إلى أنه تصديق بالجنان، وإقرار باللسان وعمل بالأركان) ().
وقال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله (ت 795هـ) في شرح حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم! زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهديين) (): (أما زينة الإيمان؛ فالإيمان قول وعمل ونية؛ فزينة الإيمان تشمل زينة القلب بتحقيق الإيمان له، وزينة اللسان بأقوال الإيمان، وزينة الجوارح بأعمال الإيمان) ().
وقال في شرحه لقول البخاري: الإيمان قول وعمل:
(وأكثر العلماء قالوا: هو قول وعمل. وهذا كله إجماع من السلف وعلماء أهل الحديث، وقد حكى الشافعي إجماع الصحابة والتابعين عليه، وحكى أبو ثور الإجماع عليه أيضاً.
وقال الأوزاعي: كان من مضى ممن سلف لا يفرقون بين الإيمان والعمل، وحكاه غير واحد من سلف العلماء عن أهل السنة والجماعة، وممن حكى ذلك عن أهل السنة والجماعة: الفضيل بن عياض، ووكيع ابن الجراح، وممن روي عنه أن الإيمان قول وعمل: الحسن، وسعيد بن جبير، وعمر بن عبد العزيز، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، والشعبي، والنخعي، والزهري، وهو قول الثوري، والأوزاعي، وابن المبارك، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي ثور، وغيرهم) وقال أيضاً: (زيادة الإيمان ونقصانه قول جمهور العلماء) ().
وقال العلامة أبو الفضل شهاب الدين محمود الآلوسي رحمه الله (ت 1270هـ) في تفسير الآية {2} من سورة الأنفال:
(وهذا أحد أدلة من ذهب إلى أن الإيمان يقبل الزيادة والنقص، وهو مذهب الجم الغفير من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين، وبه أقوال لكثرة الظواهر الدالة على ذلك من الكتاب والسنة من غير معارض لها عقلاً؛ بل قد احتج عليه بعضهم بالعقل أيضاً، وذلك أنه لو لم تتفاوت حقيقة الإيمان لكان إيمان آحاد الأمة بل المنهمكين في الفسق والمعاصي مساوياً لإيمان الأنبياء والملائكة – عليهم الصلاة والسلام – واللازم باطل؛ فكذا الملزوم ().
وقال العلامة السفاريني رحمه الله (ت 1188هـ):
(الذي اعتمده أئمة الأثر وعلماء السلف: أن الإيمان: تصديق بالجنان وإقرار باللسان، وعمل بالأركان؛ يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان, وإلا فمجرد تصديق القلب من غير إقرار باللسان لا يحصل به الإيمان؛ فإن إبليس لا يسمى مؤمنا بالله، وإن كان مصدقاً بوجوده وربوبيته) ().
وقال العلامة صديق حسن القنوجي رحمه الله (ت 1307هـ):
(إن الإيمان الشرعي المطلوب لا يكون؛ إلا اعتقاداً وقولاً وعملاً؛ هكذا ذهب إليه أكثر الأئمة بل قد حكاه الشافعي وأحمد وأبو عبيد، وغير واحد إجماعاً أن الإيمان قول وعمل) ().
وقال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله (ت 1376هـ) في تفسير الآية {76} من سورة مريم:
(وفي هذا دليل على زيادة الإيمان ونقصه؛ كما قاله السلف الصالح، ويدل عليه قوله تعالى: {لِيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا}، {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} ويدل عليه أيضاً الواقع؛ فإن الإيمان: قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح، والمؤمنون متفاوتون في هذه الأمور أعظم تفاوت.
وقال العلامة حافظ الحكمي رحمه الله (ت 1377هـ):
(الإيمان: قول وعمل، قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح؛ يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، ويتفاضل أهله فيه) ().
وقال الشيخ العلامة المفسر محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله (ت 1393هـ):
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/160)
(إن الحق الذي لا شك فيه الذي هو مذهب أهل السنة والجماعة أن الإيمان شامل للقول والعمل مع الاعتقاد، وذلك ثابت في أحاديث صحيحة كثيرة) ().
-اعلم أن المتقرر عند أهل السنة والجماعة هو تلازم عمل الجوارح الظاهرة وأعمال القلوب الباطنة لا يمكن تصور وجود أحدهما دون الآخر، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (الفتاوى:7/ 221): "والقرآن يبين أن إيمان القلب يستلزم العمل الظاهر بحسبه" أ. هـ، وبهذا صرح أئمة الدين وحكوه عقيدة لأهل السنة، أذكر عدداً ممن قرر ذلك:
1 - قال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله كما نقله شيخ الإسلام في (الفتاوى: 7/ 171) مقراً له أنه سئل عن الإيمان ما هو؟ فقال: "هو قول ونية وعمل وسنة؛ لأن الإيمان إذا كان قولاً بلا عمل فهو كفر، وإذا كان قولاً وعملاً بلا نية فهو نفاق، وإذا كان قولاً وعملاً ونية بلا سنة فهو بدعة".وانظر (الإبانة:2/ 814)
2 - قال أبو طالب المكي رحمه الله كما نقله شيخ الإسلام (الفتاوى: 7/ 333):" الإيمان والإسلام أحدهما مرتبط بالآخر فهما كشيء واحد، لا إيمان لمن لا إسلام له، ولا إسلام لمن لا إيمان له، إذ لا يخلو المسلم من إيمان به يصح إسلامه – ولا يخلو المؤمن من إسلام به يحقق إيمانه من حيث اشترط الله للأعمال الصالحة الإيمان ; واشترط للإيمان الأعمال الصالحة؛ فقال في تحقيق ذلك:) فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه (وقال في تحقيق الإيمان بالعمل:) ومن يأته مؤمناً قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجت العلى (. فمن كان ظاهره أعمال الإسلام ولا يرجع إلى عقود الإيمان بالغيب فهو منافق نفاقاً ينقل عن الملة، ومن كان عقده الإيمان بالغيب ولا يعمل بأحكام الإيمان وشرائع الإسلام فهو كافر كفراً لا يثبت معه توحيد ; ومن كان مؤمنا بالغيب مما أخبرت به الرسل عن الله عاملاً بما أمر الله فهو مؤمن مسلم … فلا إيمان إلا بعمل ولا عمل إلا بعقد. ومَثَلُ ذلك مَثَلُ العمل الظاهر والباطن أحدهما مرتبط بصاحبه من أعمال القلوب وعمل الجوارح. ومثله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:) إنما الأعمال بالنيات (؛ أي لا عمل إلا بعقد وقصد، لأن [إنما] تحقيق للشيء ونفي لما سواه؛ فأثبت أن جماعة ممن لا يسع رد قولهم من الأئمة حكوا الإجماع أن الإيمان بلا عمل لا يصح ولا يجزئ أو نسبوه لأهل السنة وفقهاء الملة
بذلك عمل الجوارح من المعاملات، وعمل القلوب من النيات. فمثل العمل من الإيمان كمثل الشفتين من اللسان لا يصح الكلام إلا بهما؛ لأن الشفتين تجمع الحروف، واللسان يظهر الكلام، وفي سقوط أحدهما بطلان الكلام، وكذلك في سقوط العمل ذهاب الإيمان).
3 - قال أبو جعفر الطبري (تهذيب الآثار- مسند ابن عباس:2/ 685) وذكر من حيث الأثر أحاديث مرسلة عن النبي صلى الله عليه وسلم) أن الإيمان قول وعمل (فقال:
" فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن اسم الإيمان المطلق، إنما هو للمعرفة بالقلب والإقرار باللسان والعمل بالجوارح، دون بعض ذلك.
وأما من النظر: مما لا يدفع صحته ذُو فطره صحيحة، وذلك الشهادةُ لقول قائل قال قولاً أو وَعَد عِدَةً، ثم أنجز وعده، وحقَّق بالفعل قولَه: "صدَّق فلانٌ قولَه بفعلِه".
ولا يدفعُ مع ذلك ذو معرفة بكلام العرب، صحة القول بأن الإيمان التصديقُ. فإذا كان الإيمان في كلامها التصديق، والتصديق يكونُ بالقلب واللسان والجوارح، وكان تصديق القلب العزم والإذعان، وتصديق اللسان الإقرار، وتصديق الجوارح السَّعي والعمل؛ كان المعنى الذي به يستحق العبد المدحَ والولاية من المؤمنين، هو إتيانه بهذه المعاني الثلاثة.
وذلك أنه لا خلاف بين الجميع أنه لو أقر، وعمل على غير علم منه ومعرفة بربه، أنه لا يستحق اسم مؤمن. وأنه لو عرف وعلم وجحد بلسانه وكذَّب وأنكر ما عرف من توحيد ربه، أنه غير مستحق اسم مؤمن. فإذا كان ذلك كذلك، وكان صحيحاً أنه غيرُ مُستحقٍ غيرُ المُقِر اسمَ مؤمن، ولا المُقِرُّ غير العارف مستحق ذلك، كان كذلك غير مستحق ذلك بالإطلاق: العارف المُقِر غير العامل، إذ كان ذلك أحد معاني الإيمان التي بوجود جميعها في الإنسان يستحق اسم مؤمن بالإطلاق".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/161)
4 - قال الإمام محمد بن نصر رحمه الله (تعظيم قدر الصلاة:2/ 517):"ولو أقر , ثم لم يؤد حقه , كان كمن جحده في المعنى , إذ استويا في الترك للأداء، فتحقيق ما قال أن يؤدي إليه حقه، فإن أدى جزءاً منه، حقق بعض ما قال، ووفّى ببعض ما أقر به، وكلما أدى جزءاً، ازداد تحقيقاً لما أقرَّ به، وعلى المؤمن الأداء أبداً لما أقر به، حتى يموت".
5 - قال الخطابي رحمه الله (كما في شرح السنة للبغوي:1/ 11):"أصل الإسلام: الاستسلام والانقياد، وأصل الإيمان: التصديق. وقد يكون المرء مستسلماً في الظاهر غير منقاد في الباطن، ولا يكون صادقَ الباطن غير منقاد في الظاهر".
6 - قال البغوي رحمه الله (شرح السنة: 1/ 10):"والتصديق والعمل يتناولهما اسم الإيمان والإسلام جميعاً، ويدل عليه قوله سبحانه وتعالى (إن الدين عند الله الإسلام) (ورضيت لكم الإسلام ديناً) (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه)، فأخبر أن الدين الذي رضيه ويقبله من عباده هو الإسلام، ولن يكون الدّينُ في محل القبول والرضى إلا بانضمام التصديق إلى العمل".
7 - قال الآجري رحمه الله في كتاب الشريعة (1/ 275): فالأعمال - رحمكم الله تعالى - بالجوارح: تصديق عن الإيمان بالقلب واللسان، فمن لم يصدق الإيمان بعمله وبجوارحه: مثل الطهارة، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والجهاد، وأشباه لهذه، ورضي من نفسه بالمعرفة والقول، لم يكن مؤمناً، ولم ينفعه المعرفة والقول، وكان تركه للعمل تكذيباً منه لإيمانه، وكان العمل بما ذكرناه تصديقاً منه لإيمانه، وبالله التوفيق".
وقال أيضا في كتابه (الأربعين حديثاً:135 - 137):" اعلموا رحمنا الله وإياكم أن الذي عليه علماء المسلمين: أن الإيمان واجب على جميع الخلق: وهو التصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح ... ولا تجزئ معرفة بالقلب والنطق باللسان حتى يكون معه عمل بالجوارح. فإذا كملت الخصال الثلاث كان مؤمناً … فالأعمال بالجوارح تصديق عن الإيمان بالقلب واللسان. فمن لم يصدق الإيمان بعمله وبجوارحه مثل الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد أشباه لهذه، ورضي لنفسه المعرفة والقول دون العمل لم يكن مؤمناً، ولم تنفعه المعرفة والقول".
8 - وقال ابن بطة العكبري رحمه الله (الإبانة:2/ 795):" (فقد تلوت عليكم من كتاب الله عز وجل ما يدل العقلاء من المؤمنين أن الإيمان قول وعمل، وأن من صدق بالقول وترك العمل كان مكذباً وخارجاً من الإيمان. وأن الله لا يقبل قولاً إلا بعمل، ولا عملاً إلا بقول).
9 - وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (الفتاوى:7/ 363).:"وقول القائل: الطاعات ثمرات التصديق الباطن، يراد به شيئان: يراد به أنها لوازم له، فمتى وجد الإيمان الباطن وجدت. وهذا مذهب السلف وأهل السنة. ويراد به: أن الإيمان الباطن قد يكون سبباً، وقد يكون الإيمان الباطن تاماً كاملاً وهي لم توجد، وهذا قول المرجئة من الجهمية وغيرهم".
وقال (الفتاوى:7/ 128):"بل القرآن والسنة مملوءان بما يدل على أن الرجل لا يثبت له حكم الإيمان إلا بالعمل مع التصديق، وهذا في القرآن أكثر بكثير من معنى الصلاة والزكاة، فإن تلك إنما فسرتها السنة، والإيمان بين معناه الكتاب والسنة وإجماع السلف".
وقال (الفتاوى:7/ 621): (وقد تبين أن الدين لابد فيه من قول وعمل، وأنه يمتنع أن يكون الرجل مؤمناً بالله ورسوله بقلبه أو بقلبه ولسانه ولم يؤد واجباً ظاهراً، ولا صلاة ولا زكاة ولا صياماً ولا غير ذلك من الواجبات، لا لأجل أن الله أوجبها، مثل أن يؤدي الأمانة و يصدق الحديث، أو يعدل في قسمه وحكمه، من غير إيمان بالله ورسوله، لم يخرج بذلك من الكفر، فإن المشركين وأهل الكتاب يرون وجوب هذه الأمور، فلا يكون الرجل مؤمناً بالله ورسوله مع عدم شيء من الواجبات التي يختص بإيجابها محمد صلى الله عليه وسلم).
وقال (الفتاوى:7/ 611):"ومن الممتنع أن يكون الرجل مؤمناً إيماناً ثابتاً في قلبه؛ بأن الله فرض عليه الصلاة والزكاة والصيام والحج ويعيش دهره لا يسجد لله سجدة ولا يصوم من رمضان ولا يؤدي لله زكاة ولا يحج إلى بيته، فهذا ممتنع، ولا يصدر هذا إلا مع نفاق في القلب وزندقته لا مع إيمان صحيح، ولهذا إنما يصف سبحانه بالامتناع عن السجود الكفار".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/162)
10 - قال ابن القيم رحمه الله في (الفوائد:283): "الإيمان له ظاهر وباطن، وظاهره قول اللسان وعمل الجوارح وباطنه تصديق القلب وانقياده ومحبته، فلا ينفع ظاهر لا باطن له وإن حقن به الدماء وعصم به المال والذرية. ولا يجزىء باطن لا ظاهر له إلا إذا تعذّر بعجز أو إكراه وخوف هلاك. فتخلف العمل ظاهراً مع عدم المانع دليل على فساد الباطن وخلوه من الإيمان".
وقال أيضا (الفوائد:204):"فكل إسلام ظاهر لا ينفذُ صاحبُه منه إلى حقيقة الإيمان الباطنة، فليس بنافع حتى يكون معه شيء من الإيمان الباطن. وكل حقيقة باطنة لا يقوم صاحبُها بشرائع الإسلام الظاهرة لا تنفع ولو كانت ما كانت، فلو تمزق القلب بالمحبة والخوف ولم يتعبد بالأمر وظاهر الشرع لم يُنْجه ذلك من النار، كما أنه لو قام بظواهر الإسلام وليس في باطنه حقيقة الإيمان لم يُنْجه من النار".
11 - وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله (الدرر السنية:1/ 124) وذكر قول وهب بن منبه ــ مفتاح الجنة لا إله إلا الله ولابد لها من أسنان فإن جاء بالأعمال وإلا لم يفتح له ــ قال:"إذا فهمت ذلك فالمسألة الأولى واضحة، مراده الرد على من ظن دخول الجنة بالتوحيد وحده بدون الأعمال.
12 - قال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله في (شرح كشف الشبهات:126):"بل إجماع بين أهل العلم (أن التوحيد لابد أن يكون بالقلب واللسان والعمل)، فلا بد من الثلاثة، لابد أن يكون هو المعتقد في قلبه، ولابد أن يكون هو الذي ينطق به لسانه، ولابد أن يكون هو الذي تعمل به جوارحه، (فإن اختل شيء من هذا) لو وحّد بلسانه دون قلبه ما نفعه توحيده، ولو وحد بقلبه وأركانه دون لسانه ما نفعه ذلك، ولو وحَّد بأركانه دون الباقي (لم يكن الرجل مسلماً)، هذا إجماع أن الإنسان لابد أن يكون موحداً باعتقاده ولسانه وعمله. (فإن عرف التوحيد ولم يعمل به فهو كافر معاند) إذا اعتقد ولا نطق ولا عمل بالحق بأركانه فهذا كافر عند جميع الأمة".
13 - قال الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله (معارج القبول:2/ 23):"ومحال أن ينتفي انقياد الجوارح بالأعمال الظاهرة مع ثبوت عمل القلب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، إلا وهي القلب. ومن هنا يتبين لك أن من قال من أهل السنة في الإيمان هو التصديق على ظاهر اللغة؛ أنهم إنما عنوا التصديق الإذعاني المستلزم للانقياد ظاهراً وباطناً، لم يعنوا مجرد التصديق".
14 - وقال الشيخ العلامة محمدأمان الجامي رحمه الله في (شرح الأصول الثلاثة عند التعليق على المرتبة الثانية: الإيمان: وهو بضع وسبعون شعبة – الشريط الثالث الوجه الثاني):"ومن ادعى أنه مصدق بقلبه بكل ما جاء رسول الله عليه الصلاة والسلام ثم لا يعمل، يقال له: هذه دعوى! والدعوى لا بد لها من بينة، فأين البينة؟ البينة الأعمال، لذلك يقول بعضهم:
فإذا حلَّت الهدايةُ قلباً نَشَطَتْ في العبادة الأعضاء
فإذا كانت الأعضاء لا تعمل؛ لا يصلي ولا يصوم ولا يأمر ولا ينهى ولا يجاهد ولا يطلب العلم .. ماشي، هكذا مصدق؟! لا لا، لا يقبل مثل هذا التصديق، وعلى هذا انتشر بين المسلمين هذا الإيمان الإرجائي، لذلك لو أمرت إنسان أو نهيته عن ما فعل، يقول: الإيمان بالقلب هنا الإيمان!!. الإيمان الذي هنا لو صحَّ لظهر أثره في أعضائك وجوارحك.))
وأختم بهذا النص المحكم من شيخ الإسلام: قال بن تيمية: " من الممتنع أن يكون الرجل مؤمناً إيماناً ثابتاً في قلبه، بأن الله فرض عليه الصلاة والزكاة، والصيام، والحج، ويعيش دهره لا يسجد لله سجدة، ولا يصوم من رمضان، ولا يؤدي لله زكاة، ولا يحج إلى بيته، فهذا ممتنع، ولا يصدر هذا إلا مع نفاق في القلب وزندقة لا مع إيمان صحيح"1
التعليق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/163)
إعلم-رحمنا الله وإياك- أن من أعظم أسباب الخطأ وأكبر موجبات الضلال؛ الجهل بالحقائق،والخطأ في تصور المفاهيم، يقول الشيخ العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمهم الله _ في بيان أهمية تصور الحقائق ومعرفة حدودها: _ اعلم أن من تصور حقيقة أي شيء على ما هو عليه في الخارج، وعرف ماهيته بأوصافها الخاصة عرف ضرورة ما يناقضه ويضاده، وإنما يقع الخفاء بلبس إحدى الحقيقتين، أو بجهل كلا الماهيتين. ومع انتفاء ذلك وحصول التصور التام لهما، لا يخفى ولا يلتبس أحدهما بالآخر. وكم هلك بسبب قصور العلم وعدم معرفة الحدود والحقائق من أمة، وكم وقع بذلك من غلط وريب وغمة " [منهاج التأسيس ص/12]
إذا تقرر ذلك فانتبه جيدا للتقريرات التالية؛إذ ينبني عليها مسائل مهمة وأمور جليلة خطيرة فأقول:
أولا: تعريف الإيمان لغة:
الإيمان له في لغة العرب استعمالان:
1 - فتارة يتعدى بنفسه فيكون معناه التأمين أي إعطاء الأمان، وآمنته ضد أخفته، وفي الكتاب العزيز (وآمنهم من خوف) (قريش: 5) فالأمن ضد الخوف،وأخرج مسلم (2531) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتْ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ))
· قلت:وهذا المعنى هو أصل الاشتقاق اللغوي للفظ الإيمان
2 - وتارة يأتي معدًّى بالباء وتارة معدًّى باللام.
يعدى بالباء كقول الله جل وعلا ?آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ? [البقرة:285]، ?آمَنَ ... بِـ? هذا تعدية بالباء، ?قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ? [البقرة:136]، ?وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً? [البقرة:41]، وآيات في هذا كثيرة.
وتارة يعدّى الإيمان باللام كقوله جل وعلا ?وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ? [يوسف:17]، وكقوله ?فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ? [العنكبوت:26].
قال العلماء: الفرق بين هذا وهذا أن الغالب فيما عُدي باللام أن يكون هو المعنى اللغوي، وأما إذا عُدي بالباء فيراد به المعنى الشرعي وهو ما يكون قولا وعملا واعتقادا.
إذا تقرر هذا فاعلم أنَه قد وقع الخلاف في المعنى اللغوي للفظ الإيمان؛فعرفه قوم بأنه مجرد التصديق القلبي، وهم جماهير أهل الإسلام وحكي إجماعا، وخالفهم شيخ الإسلام ابن تيمية عليه رحمة الله فعرف الإيمان لغة بأنه:الإقرار القلبي ونسبه إلى السلف، وتقرير مذهبه: أن هناك فرقا بين الإيمان والتصديق لأوجه:
1 - الوجه الأول: أن بينَهما فرقا من جهة التعدي، وهو فرق في اللفظ. وذلك أنه يقال للمخبر: صدَّقَه، ولا يُقال آمَنَه بل آمن به أو آمَن له. كما قال تعالى:] فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ [وقال:] فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ [وقال فرعون:] قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ [إلى غيرها من الآيات. فالصدق يتعدى بنفسه بخلاف الإيمان، فلا يقال آمنته، إلا من الأمان الذي هو ضدُّ الإخافة.
فإن قيل: فقد يقال: ما أنت بمصدق لنا. فالجواب أن اللام تدخل على ما يتعدى بنفسه إذا ضعُف عملُه، إمَّا بتأخيره أو بكونه اسمَ فاعلٍ أو مَصدرا، أو باجتماعهما، فيقال فلان يعبد الله ويخافه ويتقيه، ثم إذا ذكر باسم الفاعل قيل، هو عابد لربه، متق لربه، خائف لربه، كما أنه إذا ذكرتَ الفعل وأخرتَه، تُقوِّيه باللام كقوله:] وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ [وقوله] إِنْ كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ [مع أنك تقول: يرْهَب ربه ويعبر رُؤياه.
2 - الوجه الثاني: أن لفظَ الإيمانِ ليس مُرادفا للفظ التصديق في المعنى، فإن كلَّ مُخبر عن مشاهدة أو غيب يقال له في اللغة: صدقت، كما يقال: كذبت، وأما لفظ الإيمان فلا يُستعملُ إلا في الخبر عن غائبٍ، وذلك أنه مشتق من الأمن، فإنما يستعمل في خبرٍ يُؤتمن عليه المخبر، كالأمر الغائب، ولهذا لم يوجد قط في القرآن وغيره لفظ آمن له إلا في هذا النوع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/164)
3 - الوجه الثالث: أن لفظ الإيمان في اللغة لم يقابَلْ بالتكذيب كلفظ التصديق، بل المعروف في مقابلة الإيمان لفظ الكفر، يقال هو مؤمن أو كافر، والكفر لا يختص بالتكذيب، بل لو قال: أنا أعلم أنك صادقٌ لكن لا أتبعك، بل أعاديكَ وأُبْغِضُك وأخالفك ولا أوافقك، لكان كفرُه أعظم، فلما كان الكفر المقابل للإيمان ليس هو التكذيب فقط، عُلم أن الإيمان ليس هو التصديق فقط.
4 - الوجه الرابع: أن الإيمانَ في اللغة مشتق من الأمن الذي هو ضد الخوف، فهو متضمن مع التصديق معنى الائتمان والأمانة كما يدل عليه الاستعمالُ والاشتقاق، أما التصديق فلا يتضمن شيئا من ذلك.
فهذه الأوجُهُ الأربعة تبطل دعوى الترادفِ بين لفظي الإيمان والتصديق. وعلى فرض أنه مرادف للتصديق فإنه تصديقٌ وأمنٌ أو تصديق وطمأنينة، وهو متضمن للالتزام بالمؤمن به سواء كان خبرا أو إنشاء، بخلاف لفظ التصديق المجرَّد، الذي هو عبارة عن حكمٍ ذهني بإيقاعِ النسبةِ أو انتزاعها، كما يزعُمه المتكلمون.
وعلى تعريفِ المتكلمين للتصديق فإنه لا يمكن أن يكونَ إلا بالقلب أو اللسان، وهذا معترض بما ثبت في السنةِ وأقوالِ السلفِ من تسمية الأفعال تصديقا، كما جاء في الحديث:» إن الله كتب على ابن آدم حظَّه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فزنا العينِ النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك كلَّه أو يكذبه «. وقال الحسن البصري:» ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكنه ما وَقَر في القلب وصدَّقَتْه الأعمال «. وروى محمد بن نصر المروزي أن عبدَ الملكِ بن مروان كتب إلى سعيد بن جبير يسأله عن هذه المسائل، فأجابه:» سألتَ عن الإيمان، فالإيمانُ هو التصديق، أن يصدق العبد بالله وملائكته وما أنزل الله من كتاب وما أرسل من رسول، وباليوم الآخر. وسألتَ عن التصديق، والتصديق أن يعمل العبد بما صدق به من القرآن، وما ضعف عن شيء منه وفرَّط فيه عرف أنه أذنب واستغفر الله وتاب منه ولم يصر عليه، فذلك هو التصديق… «. قال شيخ الإسلام رحمه الله:» وهذا معروف عن غير واحد من السلف والخلف، أنهم يجعلون العمل مصدقا للقول «.
ونتيجة هذا المبحث، أن الإيمان في اللغة – عند المحققين من أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله – ليس مرادفا للتصديق، وأنه على فرض الترادف بينهما فليس المقصودُ بالتصديق مجردَ الحكمِ الذهني بنسبةِ المحمولِ للموضوع، كما هو الأمر في اصطلاح أهل المنطق والكلام، ولكنه التصديقُ في عُرف السلف، الشاملُ للالتزام العملي الذي يقتضيه تمامُ الإذعان.
وعليه، فإن أصلحَ تعريف للإيمان من جهة اللغة هو الإقرارُ لا التصديق، والإقرار يتضمن أمرين اثنين هما: قول القلب وهو التصديق وعمل القلب وهو الانقياد، أي تصديق الرسول فيما أخبر، والانقياد له فيما أمر. قال شيخ الإسلام عليه رحمة الله:» … فكان تفسيره بلفظ الإقرار أقربَ من تفسيره بلفظ التصديق، مع أن بينهما فرقا «
· ثم ها هنا تنبيه مهم: اعلم –رحمنا الله وإياك –أن اشتغالنا هنا ببيان المعنى اللغوي للإيمان إنما هو من باب التبرع وإلا فإنه ((مما ينبغي أن يعلم أن الألفاظ الموجودة في القرآن والحديث إذا عرف تفسيرها وما أريد بها من جهة النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتج في ذلك إلى الاستدلال بأقوال أهل اللغة ولا غيرهم ; فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم المراد بلفظ الإيمان وما يضاده بياناً لا يحتاج معه إلى الاستدلال على ذلك بالاشتقاق وشواهد استعمال العرب ونحو ذلك، فلهذا يجب الرجوع في مسميات هذه الأسماء إلى بيان الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإنه شاف كاف، بل معاني هذه الأسماء معلومة من حيث الجملة
للخاصة والعامة، بل كل من تأمل ما يقوله الخوارج والمرجئة في معنى الإيمان، علم بالاضطرار أنه مخالف للرسول ... (3)))
ثانيا: الإيمان شرعا:
· إذا تقرر ذلك فاعلم ان الإيمان في الاصطلاح الشرعي عند أهل السنة والجماعة هو:: الدين وهو: اعتقاد بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالجوارح والأركان، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وعلى ذلك حُكِيَ الإجماع المستند إلى الأدلة المتكاثرة من الكتاب والسنة، عن كل من يدور عليه الإجماع من الصحابة والتابعين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في: ((الفتاوى)) (7/ 209):
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/165)
((قال الشافعي – رحمه الله تعالى -: وكان الإجماع من الصحابة و التابعين بعدهم , ومن أدركناهم , يقولون: الإيمان قول و عمل و نية , و لا يجزئ واحد من الثلاث إلا بالآخر)).
والنصوص عن الأئمة كثيرة جداً في قولهم: إن الإيمان قول وعمل، نقل كثيراً منها المصنفون في عقيدة أهل السنة من الأئمة المتقدمين كالإمام اللالكائي وابن بطه وابن أبي عاصم وغيرهم وقد قدمنا لك طرفا منها.
ولا فرق بين قولهم: إن الإيمان قول وعمل، أو قول وعمل ونية، أوقول وعمل واعتقاد. فكل ذلك من باب اختلاف التنوع، فمن قال من السلف: إن الإيمان قول وعمل أراد قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح. ومن زاد الاعتقاد رأى لفظ القول لا يفهم منه إلا القول الظاهر، أو خاف ذلك، فزاد الاعتقاد بالقلب. ومن قال: قول وعمل ونية، قال: القول يتناول الاعتقاد (قول القلب)، وقول اللسان، وأما العمل فقد لا يفهم منه النية (عمل القلب)، فزاد ذلك (2).
خلاصة ما سبق من حقيقة الإيمان الشرعي أنها (مركبة من قول وعمل، والقول قسمان: فقول القلب هو اعتقاد ما أخبر الله سبحانه به عن نفسه وعن أسمائه وصفاته وأفعاله وملائكته ولقائه على لسان رسله، وقول اللسان الإخبار عنه بذلك والدعوة إليه والذب عنه وتبيين بطلان البدع المخالفة له والقيام بذكره وتبليغ أوامره
والعمل قسمان: وعمل القلب كالمحبة له والتوكل عليه والإنابة إليه والخوف منه والرجاء له وإخلاص الدين له والصبر على أوامره وعن نواهيه وعلى أقداره والرضى به وعنه والموالاة فيه والمعاداة فيه والذل له والخضوع والإخبات إليه والطمأنينة به وغير ذلك من أعمال القلوب التي فرضها أفرض من أعمال الجوارح ومستحبها أحب إلى الله من مستحبها وعمل الجوارح بدونها إما عديم المنفعة أو قليل المنفعة
وأعمال الجوارح كالصلاة والجهاد ونقل الأقدام إلى الجمعة والجماعات ومساعدة العاجز والإحسان إلى الخلق ونحو ذلك فإذا زالت هذه الأربعة زال الإيمان بكماله وإذا زال تصديق القلب لم تنفع بقية الأجزاء فإن تصديق القلب شرط في اعتقادها وكونها نافعة وإذا زال عمل القلب مع اعتقادالصدق فهذا موضع المعركة بين المرجئة وأهل السنة، فأهل السنة مجمعون على زوال الإيمان، وأنه لا ينفع التصديق مع انتفاء عمل القلب، وهو محبته وانقياده، كما لم ينفع إبليس وفرعون وقومه واليهود والمشركين الذين كانوا يعتقدون صدق الرسول، بل ويقرون به سراً وجهراً، ويقولون: ليس بكاذب، ولكن لا نتبعه ولا نؤمن به) (1).
والدليل على ذلك ما أخرجه مسلم (35) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم:" الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ" فالحديث صريح على أن القول كقول "لا إله إلا الله "، والعمل "كإماطة الأذى عن الطريق "، والاعتقاد "كالحياء" من الإيمان.
ليس الإيمان دون اعتقاد:-
وليس الإيمان قولا وعملا دون اعتقاد، لأن هذا إيمان المنافقين، قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ) (البقرة: 8).
ليس الإيمان مجرد المعرفة:-
وليس هو مجرد المعرفة، لأن هذا إيمان الكافرين والجاحدين. قال تعالى: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (النمل: 14).
وقال تعالى: (َإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ) (الأنعام: 33).
وقال تعالى: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ) (البقرة: 146).
وقال تعالى: (فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ) (البقرة: 89).
وقال تعالى: (وَعَاداً وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) (العنكبوت: 38).
ليس الإيمان دون العمل:-
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/166)
وليس هو قولا واعتقاد دون عمل، لأن الله سمى اللأعمال إيمانا، فقال تعالى: {َمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} (البقرة: 143).، أي: صلاتكم إلى البيت المقدس.
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لوفد عبد القيس:
" آمركم بأربع: الإيمان بالله، هل تدرون ماالإيمان بالله؟: شهادة أن لاإله إلا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وان تعطوا من المغانم الخمس".
فعندنا إذا أربعة أمور تتركب منها حقيقة الإيمان:
أولاً - قول القلب: هو معرفته للحق، واعتقاده، وتصديقه، وإقراره، وإيقانه به؛ وهو ما عقد عليه القلب، وتمسك به، ولم يتردد فيه، قال عز وجل: (ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) (1).
وقال تعالى: (ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم) (2).
وقال أيضاً: (كتب في قلوبهم الإيمان) (3).
وقال أيضاً: (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) (4).
وقال - صلى الله عليه وسلم: " يا معشر من آمن بلسان، ولم يدخل الإيمان إلى قلبه" (5).
إلى غير ذلك من الأدلة الصريحة في أن إيمان القلب شرط في الإيمان، ولا يصح الإيمان بدونه، وأنه إذا وجد سرى ذلك إلى الجوارح ولابد.
ويقول الإمام المروزي - رحمه الله -: (أصل الإيمان التصديق بالله، وبما جاء من عنده، وعنه يكون الخضوع لله لأنه إذا صدق بالله خضع له، وإذا خضع أطاع .. ومعنى التصديق هو المعرفة بالله، والاعتراف له بالربوبية، بوعده، ووعيده، وواجب حقه، وتحقيق ما صدق به من القول والعمل .. ومن التصديق بالله يكون الخضوع لله، وعن الخضوع تكون الطاعات، فأول ما يكون عن خضوع القلب لله الذي أوجبه التصديق من عمل الجوارح والإقرار باللسان) (2).
ويقول أيضاً: (وإنما المعرفة التي هي إيمان، هي معرفة تعظيم الله، وجلاله، وهيبته، فإذا كان كذلك، فهو المصدق الذي لا يجد محيصاً عن الإجلال، والخضوع لله بالربوبية، فبذلك ثبت أن الإيمان يوجب الإجلال لله، والتعظيم له، والخوف منه، والتسارع إليه بالطاعة على قدر ما وجب في القلب من عظيم المعرفة) (3).
ويقول: (أصل الإيمان هو التصديق، وعنه يكون الخضوع، فلا يكون مصدقاً إلا خاضعاً، ولا خاضعاً إلا مصدقاً، وعنهما تكون الأعمال) (4)
يتضح لنا من النقل السابق أن العلم والمعرفة والتصديق (أي قول القلب)، إن لم يصحبها الانقياد والاستسلام والخضوع، (أي عمل القلب والجوارح) لم يكن المرء مؤمناً، بل تصديق هذا شر من عدمه (1) لأنه ترك الانقياد مع علمه ومعرفته.
والدليل على أن التصديق والمعرفة فقط لا تنفع صاحب-ها وصف الله به إبليس بقوله: (خلقتنى من نار) (2) وقوله: (فبعزتك لأغوينهم أجمعين) (3)، فأخبر أنه قد عرف أن الله خلقه، ولم يخضع لأمره فيسجد لآدم كما أمره، فلم ينفعه معرفته إذ زايله الخضوع.
والدليل على ذلك أيضاً شهادة الله على قلوب بعض اليهود أنهم يعرفون النبي – صلى الله عليه وسلم – وما أنزل إليهم كما يعرفون أبناءهم، فلا أحد أصدق شهادة على ما في قلوبهم من الله، إذ يقول لنبيه: (فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به) (4)، وقال: (يعرفونه كما يعرفون أبناءهم) (5)، وقال: (ليكتمون الحق وهم يعلمون) (6) فشهد على قلوبهم بأنها عارفة عالمة بالنبي – صلى الله عليه وسلم – ولم يوجب لهم اسم الإيمان بمعرفتهم وعلمهم بالحق إذ لم يقارن معرفتهم التصديق والخضوع لله ولرسوله بالتصديق له والطاعة (7).
ومما يجدر ذكره أن بعض السلف يطلق التصديق أو اعتقاد القلب ويقصد به قول القلب وعمله جميعاً، أو عمل القلب وحده.
يقول الإمام أحمد – رحمه الله -: " وأما من زعم أن الإيمان الإقرار، فما يقول في المعرفة؟ هل يحتاج إلى المعرفة مع الإقرار؟ وهل يحتاج أن يكون مصدقاً بما عرف؟ فإن زعم أنه يحتاج على المعرفة مع الإقرار، فقد زعم أنه من شيئين، وإن زعم أنه يحتاج أن يكون مقرا ومصدقا بما عرف، فهو من ثلاثة أشياء، وإن جحد وقال: لا يحتاج إلى المعرفة والتصديق فقد قال قولاً عظيماً (1) فالملاحظ من كلام الإمام أحمد أنه يعني بالتصديق عمل القلب ويعني بالمعرفة قول القلب، أما الإقرار فقول اللسان (2) وقال الإمام أبو ثور لما سئل عن الإيمان ما هو؟: (فاعلم يرحمنا الله وإياك أن الإيمان تصديق بالقلب والقول باللسان وعمل بالجوارح، وذلك أنه ليس بين أهل العلم خلاف في رجل لو
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/167)
قال: أشهد أن الله عز وجل واحد، وأن ما جاءت به الرسل حق، وأقر بجميع الشرائع، ثم قال: ما عقد قلبي على شيء من هذا ولا أصدق به أنه ليس بمسلم ولو قال: المسيح هو الله، وجحد أمر الإسلام، قال لم يعتقد قلبي على شيء من ذلك أنه كافر بإظهار ذلك وليس بمؤمن، فلما (3) لم يكن بالإقرار إذا لم يكن معه التصديق مؤمناً ولا بالتصديق إذا لم يكن معه الإقرار مؤمناً، حتى يكون مصدقاً بقلبه مقراً بلسانه فإذا كان تصديق بالقلب وإقرار باللسان كان عندهم مؤمناً (4) وعند بعضهم لا يكون حتى يكون مع التصديق عمل، فيكون بهذه الأشياء إذا اجتمعت مؤمناً ... ) (5)
ثم رد على من أخرج العمل من الإيمان فالغالب أنه يقصد بالتصديق هنا (قول القلب وعمله) والله أعلم
يقول ابن تيمية (وكذلك قول من قال: اعتقاد بالقلب، وقول باللسان وعمل بالجوارح، جعل القول والعمل اسماً لما يظهر، فاحتاج أن يضم إلى ذلك اعتقاد القلب، ولا بد أن يدخل في قوله: اعتقاد القلب، أعمال القلب المقارنة لتصديقه، مثل حب الله، وخشية الله والتوكل عليه، ونحو ذلك، فإن دخول أعمال القلب في الإيمان أولى من دخول أعمال الجوارح باتفاق الطوائف كلها) (1)
ويقول الإمام ابن القيم موضحاً ذلك: (ونحن نقول: الإيمان هو التصديق، ولكن ليس التصديق مجرد اعتقاد صدق المخبر دون الانقياد له، ولو كان مجرد اعتقاد التصديق إيماناً لكان إبليس وفرعون وقومه وقوم صالح واليهود الذين عرفوا أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما يعرفون أبناءهم مؤمنين صادقين) (2)
ونختم هذا البحث بالتأكيد على أهمية الخضوع والاستسلام والانقياد (عمل القلب والجوارح) وأنه أساس دعوة الأنبياء والرسل، وأن قضيتهم مع أقوامهم دائماً ليست قضية المعرفة والعلم المجرد (أي قول القلب) قال تعالى: (فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) (3)
وقال تعالى: (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً)
فالكفار والمنافقون غالباً ما يقرون بالربوبية والرسالة ولكن الكبر والبغض وحب الرياسة والشهوات ونحوها تصدهم عن الطاعة والإخلاص والمتابعة (أي توحيد الألوهية) ومن ثم فلا ينفعهم ذلك، ولا ينجيهم من عذاب الله عز وجل في الآخرة ولا من سيف المؤمنين في الدنيا، فيجب على الدعاة إلى الله أن ترتكز دعوتهم على ذلك، وأن لا يقتصروا بالاهتمام بتوحيد الربوبية دون الدعوة إلى توحيد الألوهية، وإنما يكون اهتمامهم بالربوبية طريقاً ومنطلقاً لترسيخ وتثبيت توحيد الألوهية وعبادة الله وحده لا شريك له.
ثانيا: قول اللسان: إقراره والتزامه. أي: النطق بالشهادتين، والإقرار بلوازمها.
قال تعالى: {قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} ().
وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} ().
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة ... ) ()
اتفق أهل السنة على أن النطق بالشهادتين شرط لصحة الإيمان،يقول شيخ الإسلام ابن تيمية (وقد اتفق المسلمون على أنه من لم يأت بالشهادتين فهو كافر) (3)
وقال أيضاً (فأما الشهادتان) إذا لم يتكلم بهما مع القدرة فهو كافر باتفاق المسلمين، وهو كافر باطناً وظاهراً عند سلف الأمة وأئمتها وجماهير علمائها) (4) وقال أيضاً (إن الذي عليه الجماعة أن من لم يتكلم بالإيمان بلسانه من غير عذر لم ينفعه ما في قلبه من المعرفة، وأن القول من القادر عليه شرط في صحة الإيمان) (5)
ثالثا: عمل القلبوهو نيته وتسليمه، وإخلاصه، وإذعانه، وخضوعه، وإنقياده، والتزامه، وإقباله إلى الله تعالى، وتوكله عليه – سبحانه – ورجاؤه، وخشيته، وتعظيمه، وحبه وإرادته.
قال الله تعالى: {وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} ().
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/168)
وقال تعالى: {وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى {19} إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى {20} وَلَسَوْفَ يَرْضَى} ().
فمن لم يوجد في قلبه عمل القلب من أصل الخوف والرجاء والحب والتوكل فهو كافر بالاتفاق (3)، وما زاد على أصل الخوف والحب والرجاء فهو ما بين واجب ومستحب (4
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (الإيمان أصله الإيمان الذي في القلب، ولابد فيه من شيئين:
تصديق القلب وإقراره ومعرفته، ويقال لهذا: قول القلب، ... ثم قول البدن وعمله، ولا بد فيه من عمل القلب، مثل حب الله ورسوله، وإخلاص العمل لله وحده، وتوكل القلب على الله وحده، وغير ذلك من أعمال القلوب التي أوجبها الله ورسوله وجعلها جزءاً من الإيمان ثم القلب هو الأصل، فإذا كان فيه معرفة وإرادة سرى ذلك إلى البدن ضرورة لا يمكن أن يتخلف البدن عما يريده القلب، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم " ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد، ألا وهي القلب (2).
فإذا كان القلب صالحا بما فيه من الإيمان علماً وعملاً قلبياً لزم ضرورة صلاح الجسد بالقول الظاهر، والعمل بالإيمان المطلق .. ) (3).
ونختم بنص نفيس لابن القيم _ رحمه الله _ حيث يقول:
كل مسألة علمية فإنه يتبعها إيمان القلب وتصديقه وحبه، وذلك عمل بل هو أصل العمل، وهذا مما غفل عنه كثير من المتكلمين في مسائل الإيمان، حيث ظنوا أنه مجرد التصديق دون الأعمال، وهذا من أقبح الغلط وأعظمه، فإن كثيراً من الكفار كانوا جازمين بصدق النبي صلى " كل مسألة علمية فإن الله عليه وسلم، غير شاكين فيه، غير أنه لم يقترن بذلك التصديق عمل القلب من حب ما جاء به والرضا وإرادته، والموالاة والمعاداة عليه، فلا تهمل هذا الموضوع فإنه مهم جداً، به تعرف حقيقة الإيمان. (2) "
رابعا:عمل الجوارح: أي فعل المأمورات والواجبات، وترك المنهيات والمحرمات.
مثل الصلاة، والقيام، والركوع، والسجود، والصيام، والصدقات، والمشي في مرضاة الله تعالى؛ كنقل الخطا إلى المساجد، والحج، والجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك من أعمال شعب الإيمان.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {77} {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ} ().
وقال تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا {63} وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} ().
1 - الأدلة من القرآن على أن الأعمال جزء من الإيمان
قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ().
وقال تعالى: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} ().
وقال: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} ().
وقد جعل الله عز وجل – أيضاً – جميع الطاعات من الإيمان في كثير من الآيات، قال الله – سبحانه وتعالى – في كتابه العزيز: {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} ().
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/169)
لم يختلف المفسرون بأن الله أراد من {إِيمَانَكُمْ} في الآية؛ صلاتكم إلى بيت المقدس فسمى الصلاة إيماناً، ولو لم تكن جزءاً من الإيمان وركنا فيه؛ لما صح تسميتها به؛ فهذا دليل بين على أن العمل من الإيمان.
وكذلك قرن الله – عز وجل – الإيمان مع العمل في كثير من الآيات، وجعل جنة الخلد جزاءً لمن آمن وعمل صالحاً.
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً} ().
وقال: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} ().
وقال: {وَالْعَصْرِ {1} إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ {2} إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} ().
وهذه الآيات الكريمات البينات؛ كلها تدخل الأعمال الصالحة، وجميع الطاعات معها في مسمى الإيمان.
2 - الأدلة من السنة:
1 - ومن الأدلة الصريحة في ذلك حديث وفد عبد القيس وفيه قوله صلى الله عليه وسلم " أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَقَالَ هَلْ تَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَصَوْمُ رَمَضَانَ وَأَنْ تُؤَدُّوا خُمُسًا مِنْ الْمَغْنَمِ " الحديث (2) ففي هذا الحديث فسر الرسول صلى الله عليه وسلم للوفد الإيمان هنا بقول اللسان، وأعمال الجوارح
(ومعلوم أنه لم يرد أن هذه الأعمال تكون إيماناً بالله بدون إيمان القلب، لما قد أخبر في مواضع أنه لابد من إيمان القلب، فعلم أن هذه مع إيمان القلب هو الإيمان، وأي دليل على أن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان فوق هذا الدليل؟ فإنه فسر الإيمان بالأعمال ولم يذكر التصديق مع العلم بأن هذه الأعمال لا تفيد مع الجحود) (3)
2 - ومن الأدلة أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " الحديث (4) وما في معناه من الأحاديث في نفي الإيمان عمن ارتكب الكبائر وترك الواجبات كقوله صلى الله عليه وسلم " لا إيمان لمن لا أمانة له " (5) يقول ابن رجب تعليقاً على ذلك (فلولا أن ترك هذه الكبائر من مسمى الإيمان لما انتفى اسم الإيمان عن مرتكب شيء منها لأن الاسم لا ينتفي إلا بانتفاء بعض أركان المسمى أو واجباته) (1) ويقول ابن تيمية ( .... ثم إن نفي الإيمان عند عدمها دال على أنها واجبة فالله ورسوله لا ينفيان اسم مسمى أمر الله به ورسوله إلا إذا ترك بعض واجباته كقوله صلى الله عليه وسلم " لا صلاة إلا بأم القرآن " (2).
وقوله صلى الله عليه وسلم " لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له " (3) (4).
3 - ومن الأحاديث أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: " الطهور شطر الإيمان " (5) ومثله " حسن العهد من الإيمان " (6) وغيرها كثير.
4 - ومنها قوله صلى الله عليه وسلم -: " من أعطى لله ومنع لله، وأحب لله وأبغض لله، وأنكح لله فقد استكمل إيمانه " (7)
وهذا يدل على أن هذه الأعمال جزء من مسمى الإيمان يكمل بوجودها وينقص بنقصها، ويزول بزوال جنسهاوالأيات حاديث الدالة على زيادة الإيمان ونقصانه كما سيأتي (لأن الأعمال إذا كانت إيمانا كان بكمالها تكامل الإيمان، وبتناقصها تناقص الإيمان وكان المؤمنون متفاضلين في إيمانهم كما هم متفاضلون في أعمالهم، وحرم أن يقول قائل (إيماني وإيمان الملائكة والنبيين واحد) لأن الطاعات كلها إذا كانت إيماناً فمن كان أكثر طاعة كان أكثر إيماناً ومن خلط الطاعات بالمعاصي كان أنقص إيماناً ممن أخلص الطاعات) (1)
5 - ولعلنا نختم هذا المبحث بأبرز الأحاديث دلالة على المقصود وهو حديث شعب الإيمان.
فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان " وقد اعتنى الأئمة بهذا الحديث واعتبروه أصلاً لإدخال الطاعات في الإيمان وعدوها من شعبه وألفوا في ذلك بعض المصنفات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/170)
ومن أصول أهل السنة والجماعة أن الإيمان يتفاضل ويزيد الإيمان بالطاعة وينقص بالمعصية. قال تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) (آل عمران: 173).
وقال: (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (الأنفال: 2)
وقال تعالى: (وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ
آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) (التوبة: 124).
وقال تعالى: (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً) (الأحزاب: 22).
وقال تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ) (الفتح: 4).
وقال تعالى: (وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً) (المدّثر: 31).
وقال تعالى: (وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) (التوبة: 124).
وكل ما يزيد فقد كان ناقصاً (6)،وفي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم وعظ النساء، وقال لهن: " ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن"، فهذا دليل على نقصان الإيمان. ومثله قوله صلى الله عليه وسلم: " أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا". رواه أحمد وغيره عن أبي هريرة.
وإذا كان من اتصف بحسن الخلق فهو أكمل المؤمنين إيمانا، فغيره ممن ساء خلقه أنقص إيمانا.
والإيمان ليس شيئاً واحداً لا يتجزأ لذلك يصح الاستثناء فيه؛ وذلك بأن يقول المسلم –مثلاً-: أنا مؤمن إن شاء الله،) قال البيهقي: وقد روينا هذا – يعني الاستثناء في الإيمان – عن جماعة من الصحابة والتابعين والسلف الصالح ا. هـ (شعب الإيمان (1/ 212)). وقال ابن تيمية: وأما مذهب سلف أصحاب الحديث كابن مسعود وأصحابه والثوري وابن عيينة، وأكثر علماء الكوفة ويحيى بن سعيد القطان فيما يرويه عن علماء أهل البصرة وأحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة فكانوا يستثنون في الإيمان وهذا متواتر عنهم ا. هـ (مجموع الفتاوى (7/ 438 – 439)) على اعتبارات منها: الله أعلم بقبول الأعمال، أو أن الإيمان إذا أطلق أريد به الإيمان المطلق -أي الكامل - الذي يتضمن فعل الواجبات وترك المحرمات، فهو يستثني خشية ألا يكون أتى بهذا الإيمان المطلق، أو باعتبار ترك تزكية النفس بالإيمان، فلذلك استثنى، أو باعتبار أن الاستثناء على اليقين لا على الشك فيكون راجعاً لما تيقنه من نفسه من الإتيان بأصل الإيمان (9) - وهو مطلق الإيمان؛ فصار الاستثناء عند السلف راجعاً لأحد هذه الأمور الأربعة:
الأول / بالنظر إلى تقبل الأعمال، فليس كل من عمل العمل تقبل منه. قال أحمد: كان سليمان بن حرب حمل هذا على التقبل، يقول: نحن نعمل ولا ندري يتقبل منا أم لا. (السنة للخلال (3/ 597)).
الثاني / بالنظر إلى خشية ألا يكون أتى بالإيمان الكامل الذي يريده الله، وذلك بأن لا يكون أتى بالواجب كما يريده الله أو يكون اقترف بعض المحرمات. قال أحمد: أقول مؤمن إن شاء الله، ومؤمن أرجو، لأنه لا يدري كيف أداؤه للأعمال على ما افترض عليه أم لا. كتاب السنة للخلال (3/ 601).
الثالث / بالنظر إلى البعد عن تزكية النفس. قال الإمام أبو عبد الله ابن بطة: ولكن الاستثناء يصح في وجهين: أحدهما / نفي التزكية لئلا يشهد الإنسان على نفسه بحقائق الإيمان وكوامله، فإن من قطع على نفسه بهذه الأوصاف شهد لها بالجنة وبالرضا والرضوان ا. هـ (الإبانة (2/ 865))، ولما ذكر ابن تيمية هذا المنزع، قال: وهذا مأخذ عامة السلف الذين كانوا يستثنون ا. هـ مجموع الفتاوى (7/ 473).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/171)
الرابع / بالنظر للأمور المتيقن منها فيكون الاستثناء على اليقين كقوله تعالى) لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين (، فلما سئل الإمام أحمد بن حنبل عن الاستثناء في الإيمان؟ قال: نعم. الاستثناء على غير معنى شك مخافة واحتياطاً للعمل، وقد استثنى ابن مسعود وغيره وهو مذهب الثوري، قال الله عز وجل) لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين ( .. ا. هـ (السنة للخلال (3/ 594)). قال ابن تيمية موضحاً كلمة الإمام أحمد هذه: وقال: على غير معنى شك: يعني من غير شك مما يعلمه الإنسان من نفسه، وإلا فهو يشك في تكميل العمل الذي خاف أن لا يكون كمله، فيخاف من نقصه، ولا يشك في أصله ا. هـ (مجموع الفتاوى (7/ 451)). =
· =تنبيه / ظن بعضهم أن السلف يستثنون في الإيمان باعتبار حالة الموافاة، لأنه لا يدري على أي شيء يوافي ربه، وهذا الظن أنكره ابن تيمية وبين أن السلف لم يقولوا به. راجع (7/ 436).
· ولفظي الإسلام والإيمان يختلف معناهما بحسب الإفراد والاقتران وقاعدة ذلك (أن من الأسماء ما يكون شاملاً لمسميات متعددة عند إفراده وإطلاقه، فإذا قرن ذلك الاسم بغيره صار دالا على بعض تلك المسميات، والاسم المقرون به دال على باقيها، وهذا كاسم الفقير والمسكين، فإذا أفرد أحدهما دخل فيه كل من هو محتاج، وإذا قرن أحدهما بالآخر دل أحد الاسمين على بعض أنواع ذوي الحاجات والآخر على باقيها، فهكذا اسم الإيمان إذا أفرد أحدهما دخل فيه الآخر، ودل بانفراده على ما يدل عليه الآخر بانفراده، فإذا قرن بينهما دل أحدهما على بعض ما يدل عليه بانفراده ودل الآخر على الباقي وقد صرح بهذا المعنى جماعة من الأئمة .. ويدل على صحة ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فسر الإيمان عند ذكره مفرداً في حديث وفد عبد القيس بما فسر به الإسلام المقرون بالإيمان في حديث جبريل - عليه السلام - وفسر في حديث آخر الإسلام بما فسر به الإيمان، كما في مسند الإمام أحمد عن عمرو بن عبسة قال: جاء رجل إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((يا ر سول الله ما الإسلام؟ قال: ((أن تسلم قلبك لله، وأن يسلم المسلمون من لسانك ويدك))، قال: فأي الإسلام أفضل؟ قال: ((الإيمان، قال: وما الإيمان؟ قال: ((أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت)) .. الحديث .. فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الإيمان أفضل الإسلام، وأدخل فيه الأعمال ... وبهذا التفصيل الذي ذكرناه يزول الاختلاف فيقال: إذا أفرد كل من الإسلام والإيمان بالذكر فلا فرق بينهما حينئذ، وإن قرن بين الاسمين كان بينهما فرق ... ) ((جامع العلوم والحكم))
* المخالفون لأهل السنة في مسألة الإيمان:
أهل السنة والجماعة يقولون: إن الإيمان يتركب من اعتقاد القلب وقول اللسان وعمل الجوارح لا يجزئ أحدها عن الآخر، والأعمال كلها من حقيقة الإيمان، إلا أنهم يرون أن الكبائر أو ترك شيء من العمل ــ عدا المباني فمختلف فيها ـــ ليس بكفر، وخالفهم في هذا الباب طوائف من أهل البدع:
الطائفة الأولى: الخوارج والمعتزلة، والإيمان عندهم كما هو عند أهل السنة والجماعة: قول وعمل واعتقاد، إلا إنهم خالفوهم بقولهم: إن تارك بعض العمل ــ آحاده ــ أو مرتكب الكبيرة ليس في قلبه شيء من الإيمان وهو مخلد في الآخرة في النار، واختلفوا في حكمه في الدنيا، فقالت الخوارج: هو كافر، وقالت المعتزلة: هو بمنزلة بين منزلتين.
الطائفة الثانية: الجهمية، والإيمان عندهم: هو المعرفة فقط دون تصديق القلب و قول اللسان وعمل الجوارح، فلو لم يصدق بقلبه وينطق بلسانه ويعمل بجوارحه فهو مؤمن إذا عرف بقلبه لأن هذه الثلاثة غير داخلة في الإيمان، ولازم ذلك عندهم إيمان إبليس وفرعون وأبي جهل لأنهم عرفوا الله، وقد سلك بعض الأشاعرة هذا المذهب بأن الإيمان هو المعرفة.
الطائفة الثالثة: الكرامية، والإيمان عندهم: قول باللسان دون تصديق القلب أو عمل الجوارح، فمن تكلم به فهو مؤمن كامل الإيمان لأن الإيمان عندهم لا يتبعض، لكنهم لا ينكرون وجوب التصديق بل عندهم من كان مقراً بلسانه مكذباً بقلبه فهو منافق خالد في النار في الآخرة، فخالفوا أهل السنة في مسألة التصديق في الاسم ووافقوهم في الحكم.
الطائفة الرابعة: الأشاعرة، والإيمان عندهم: مجرد تصديق القلب دون عمله وعمل الجوارح ودون قول اللسان. لكنهم يقولون: إن للإيمان لوازم إذا ذهبت دل على عدم تصديق القلب.
الطائفة الخامسة: وهم مرجئة الفقهاء، والإيمان عندهم: قول باللسان واعتقاد بالقلب دون عمل الجوارح، ولذا فالإيمان عندهم لا يزيد ولا ينقص.
ومع أن المرجئة يجمعون تقريباً على أن العمل ليس داخلاً في حقيقة الإيمان ولا داخلاً فيمفهومه، إلا أن مرجئة الفقهاء أقرب هذه الطوائف لأهل السنة، وأبعدها طائفة الجهمية القائلون بأن الإيمان هو المعرفة فقط، ولذا كفرهم جمع من أئمة السلف دون باقي طوائف المرجئة. وأشار شيخ الإسلام أن الغلط دخل على هذه الطوائف بسبب أنهم ظنوا أن الإيمان كل لا يتبعض ولا يتجزأ ولا يزيد ولا ينقص، بل إذا وجد فصاحبه مؤمن كامل الإيمان وإذا ذهب بعضه ذهب كله (انظر الفتاوى:13/ 47،50).
قال ابن تيمية: وأصل نزاع هذه الفرق في الإيمان من الخوارج والمرجئة والمعتزلة والجهمية وغيرهم، أنهم جعلوا الإيمان شيئاً واحداً إذا زال بعضه زال جميعه، وإذا ثبت بعضه ثبت جميعه فلم يقولوا بذهاب بعضه وبقاء بعضه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلَّم:"يخرج من النار من كان في قلبه مثقال حبة من الإيمان " – ثم قال – وقالت المرجئة والجهمية: ليس الإيمان إلا شيئاً واحداً لا يتبعض – ثم قال – قالوا: لأنا إذا= =أدخلنا فيه الأعمال صارت جزءاً منه، فإذا ذهب بعضه فيلزم إخراج ذي الكبيرة من الإيمان … ا. هـ (7/ 510 – 511).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/172)
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[11 - 11 - 05, 12:44 م]ـ
السلام عليكم
جزاك الله خيرا أخي على المعلومات القيمة.
لكن أخي لم أحصل على جواب على سؤالي.
هل هذا التعريف (التصديق بالقلب والإقرار باللسان والعمل بالجوارح) تعريف جامع مانع؟
وإذا كان الجواب نعم فكيف وإذا كان الجواب لا فلماذا
والله الموفق
ـ[الدر المصون]ــــــــ[11 - 11 - 05, 10:26 م]ـ
إذا ثبت تعريف الإيمان بما ذُكر أعلاه، وأن منهج السلف هو ما سُطر لك، فالسؤال المذكور بدعة في الدين، ولا يحل لك ولا لغيرك أن يعترض بعبارات أهل الكلام ومن شاكلهم، فالحدود عند المناطقة مضطربة ولسنا مكلفين شرعا أن ننزل الحقائق الشرعية الدينية على أقاويل أرسطو وغيره. فكن رحمك الله على جادة السلف، ودعك من التقعر والتكلف، وليسعك ما وسعهم، فاعرف الإيمان كما عرفوه، ودعك من بنيات الطريق. وفقنا الله وإياك لاتباع طريق السلف. آمين
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[12 - 11 - 05, 12:13 ص]ـ
بارك الله فيك
ـ[الدر المصون]ــــــــ[12 - 11 - 05, 08:42 ص]ـ
وفيك بارك ...
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[12 - 11 - 05, 10:47 ص]ـ
غفر الله لك يا أخي
لا تتهمني بالبدعة وأنت لا تعرفني
خليني اوضح كلامي
سمعت في شريط لأحد المشايخ في هذا الموضوع وقال بأن التعريف الجامع والمانع للإيمان هو
التصديق بالشهادتين (وطبعا يكون بالقلب) والإقرار بهما (طبعا الإقرار يكون باللسان) والعمل بمقتضاهما (والعمل يكون بالجوارح طبعا)
وقد دار بيني وبين احد طلاب العلم نقاش في هذا وقلت له بأن هذا أجمع وأمنع وهو يقول بأن الأول جامع مانع.
ولا شك أن السلف لم يحتاجوا لأن يذكروا كل هذا التفصيل في كلامهم لأنهم يعرفون المقصود بدون ذكره.
لكن مع كثرة البدع اليوم والأباطيل يلزم أن نكتب تعاريف جامعة مانعة.
والله أعلم
وسألت لأرى قولكم في هذا الموضوع للإستفادة.
فأرجو عدم الإتهام قبل معرفة سبب السؤال بارك الله فيكم.
ـ[همام بن همام]ــــــــ[12 - 11 - 05, 08:25 م]ـ
أخي العقيدة بارك الله فيك
إن قول بعض أهل السنة والجماعة في الإيمان هو "تصديق بالقلب والإقرار باللسان والعمل بالجوارح" ليس مرادهم من "تصديق القلب" قوله فقط – هنا في هذا التعريف – بل هو تصديق و استجابة، فيكون من جهة الاعتقاد ومن جهة العمل.
وقد أوضح الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله هذا المعنى في شرحه للواسطية حيث قال: " ومعنى الإيمان في اللغة: التصديق والاستجابة.
التصديق الجازم والاستجابة إذا كان فيما صُدِّقَ استجابة له بعمل، بل إن التصديق في الحقيقة في اللغة وفيما جاء في القرآن لا يطلق إلا على من استجاب.
ولهذا بعض أهل العلم يقول: الإيمان في اللغة هو التصديق الجازم ولا يذكر قيد الاستجابة وذاك لأن التصديق لا يقال له تصديق حتى يكون مستجيبا في ما كان يحتاج إلى الاستجابة في أمور التصديق.
وقد قال جل وعلا في قصة إبراهيم مع ابنه إسماعيل قال ?فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا? ومعلوم أن إبراهيم عليه السلام كان مصدِّقا للرؤيا لأنه هو الذي رآها فلم يكن عنده شك من حيث اعتقاد أنه رأى، ورأى هذا الشيء الذي رآه، ولكن سمي مصدقا للرؤيا لما استجاب بالفعل ?وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا? متى؟
لما ?أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ?.
فإذن التصديق الجازم في لغة العرب:
? تارة يكون من جهة الاعتقاد.
? وتارة يكون من جهة العمل.
فما كان من الأخبار فتصديقه باعتقاده وما كان من الأوامر والنواهي يعني من الإنشاءات فتصديقه بامتثاله، هذا من جهة دلالة اللغة وكذلك جاءت في استعمال القرآن.
لهذا نقول إن الإيمان يقال عنه في اللغة التصديق الجازم هذا صحيح واشتقاقه من الأمن كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الإيمان وغيره من أهل العلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/173)
والأوضح أن يقال التصديق والاستجابة، الإيمان التصديق والاستجابة، وذلك لأنه يعدى في القرآن باللام، يعدى الإيمان اللغوي في القرآن باللام كما أنه في اللغة أيضا قد يعدى باللام، قال جل وعلا ?فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ? عَدَّى الإيمان باللام لأن الإيمان هنا تصديق واستجابة، وقال جل وعلا ?وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ? ?مَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا? عداه باللام لأن الإيمان هنا هو التصديق، وقال جل وعلا أيضا في قصة موسى في سورة الدخان ?وَإِنْ لَّمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ? يعني التصديق معه الاستجابة، هذا الإيمان اللغوي، في هذه الآيات الإيمان اللغوي، فضابط استعمال الإيمان اللغوي في القرآن أنه يُعدى باللام غالبا.
وأما إذا عُديَ الإيمان في القرآن بالباء فإنه يراد منه الإيمان الشرعي المخصوص ?آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ? هذا بالباء (آمن بكذا) هذا الإيمان الشرعي، ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ? بالباء، والآيات في تعدية الإيمان بالباء كثيرة.
لماذا عُدِّي الإيمان في تلك المواضع باللام؟
عُدِّي لأنه مُضَمَّنٌ معنى الاستجابة أو لأن معناه التصديق والاستجابة، والاستجابة في اللغة تُعَدَّى باللام ?فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ? (استجاب لفلان) (سمع الله لمن حمِده) لأن السماع هنا مُضَمَّن معنى الإجابة يعني (أجاب لمن) وهذا يوضح أن لفظ الإيمان في اللغة تصديق معه الاستجابة.
فإذن في اللغة الإيمان اعتقاد واستجابة.
وفي الشرع صار الإيمان بأشياء مخصوصة، اعتقاد خاص واستجابة خاصة، وزيادة مراتب وشروط وأركان.
إذا تبين ذلك فإن الإيمان الشرعي له صلة كما ذكرنا بالإيمان اللغوي، والإيمان اللغوي منه العمل، منه الاستجابة، حتى التصديق لا يقال إنه صدق الأمر حتى يمتثل في اللغة.
يعني التصديق الجازم متى؟
إذا امتثل، ?وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا? متى صار مصدقا؟ لما ?أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ?".انتهى
ونقل شيخ الإسلام رحمه الله في كتاب الإيمان قول الإمام أحمد: "وأما من زعم أن الإيمان الإقرار، فما يقول في المعرفة؟ هل يحتاج إلى المعرفة مع الإقرار؟ وهل يحتاج أن يكون مصدقًا بما عرف؟ فإن زعم أنه يحتاج إلى المعرفة مع الإقرار فلقد زعم أنه من شيئين، وإن زعم أنه يحتاج أن يكون مقرًا ومصدقًا بما عرف فهو من ثلاثة أشياء، وإن جحد وقال: لا يحتاج إلى المعرفة والتصديق، فقد قال قولاً عظيمًا، ولا أحسب أحدًا يدفع المعرفة والتصديق وكذلك العمل مع هذه الأشياء ".
ثم قال شيخ الإسلام رحمه الله بعد كلام: "وأحمد قال: لابد مع هذا الإقرار أن يكون مصدقًا، وأن يكون عارفًا، وأن يكون مصدقًا بما عرف. وفي رواية أخرى: مصدقًا بما أقر، وهذا يقتضي أنه لابد من تصديق باطن، ويحتمل أن يكون لفظ التصديق عنده يتضمن القول والعمل جميعًا، كما قد ذكرنا شواهده أنه يقال: صدق بالقول والعمل. فيكون تصديق القلب عنده يتضمن أنه مع معرفة قلبه أنه رسول الله قد خضع له وانقاد، فصدقه بقول قلبه وعمل قلبه محبة وتعظيمًا، وإلا فمجرد معرفة قلبه أنه رسول الله مع الإعراض عن الانقياد له ولما جاء به إما حسدًا وإما كبرًا، وإما لمحبة دينه الذي يخالفه وإما لغير ذلك، فلا يكون إيمانًا، ولابد في الإيمان من علم القلب وعمله، فأراد أحمد بالتصديق أنه مع المعرفة به صار القلب مصدقًا له، تابعًا له، محبا له، معظمًا له، فإن هذا لابد منه، ومن دفع هذا عن أن يكون من الإيمان، فهو من جنس من دفع المعرفة من أن تكون من الإيمان، وهذا أشبه بأن يحمل عليه كلام أحمد؛ لأن وجوب انقياد القلب مع معرفته ظاهر ثابت بدلائل الكتاب والسنة وإجماع الأمة، بل ذلك معلوم بالاضطرار من دين الإسلام، ومن نازع من الجهمية في أن انقياد القلب من الإيمان فهو كمن نازع من الكرامية في أن معرفة القلب من الإيمان فكان حمل كلام أحمد على هذا هو المناسب لكلامه في هذا المقام ". انتهى. والله أعلم.
ـ[الدر المصون]ــــــــ[12 - 11 - 05, 10:28 م]ـ
سلمك الله أخي العقيدة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/174)
أنا حكمت على السؤال لا عليك، وفرق عندالسلف بين الحكم على الفعل أو القول بأنه كفر أو بدعة أو فسق وبين الحكم على الفاعل، والواجب عليك أن تدفع الشبهة عن نفسك فتذكر السؤال مع سببه، فاعرض السؤال على وجه صحيح تسلم.
وأما السؤال في نفسه فلا شك أنه بدعة،،
ـ[همام بن همام]ــــــــ[13 - 11 - 05, 12:06 ص]ـ
أرجو من الأخ الدر المصون صانه الله أن يبين لنا أن السؤال بدعة.
ـ[عصام البشير]ــــــــ[13 - 11 - 05, 12:37 م]ـ
للفائدة من كتاب الجامع في طلب العلم - في التعليق على شرح الطحاوية:
(
ومنها قوله - أي ابن أبي العز - في تعريف الإيمان (فذهب مالك والشافعي وأحمد والأوزاعي وإسحاق بن راهويه، وسائر أهل الحديث وأهل المدينة رحمهم الله وأهل الظاهر وجماعة من المتكلمين إلى أنه تصديق بالجَنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان) (شرح العقيدة الطحاوية) صـ 373، ط المكتب الإسلامي 1403هـ.
وهذا الذي ذكره أخطأ فيه من أربعة أوجه:
الأول: نسبته هذا التعريف للفقهاء الذين ذكرهم ولأهل الحديث، فإن الذي قاله هؤلاء هو أن الإيمان قول وعمل، انظر (شرح اعتقاد أهل السنة) لأبي القاسم اللالكائي 2/ 832، و (فتح الباري) 1/ 47.
والوجه الثاني: أن التعريف الذي ذكره يُسقط معرفة القلب وعمله وهما من فروض القلب الإيمانية، ولهذا فمن فصَّل من أهل السنة قال إن الإيمان (اعتقاد بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح) وأراد باعتقاد القلب: معرفته وتصديقه وعمله. وسيأتي مزيد تفصيل في هذا الوجه في نقد كتاب (الإيمان) لمحمد نعيم ياسين في كتب المرتبة الثالثة، فهناك فرق كبير بين قولنا (اعتقاد القلب) وبين الاقتصار على (تصديق القلب).
والوجه الثالث: قوله (وعمل بالأركان) وأهل السنة يقولون (وعمل بالجوارح) ليعم كل عمل مشروع سواء كان من الأركان أو الواجبات أو المستحبات، وسواء كان فعلا أو تركا، أما ماذكره الشارح فهو بعض عمل الجوارح.
والوجه الرابع: قوله إن أهل الظاهر وافقوا أهل السنة في تعريف الإيمان، فكان ينبغي التنبيه على أنهم وافقوهم في ظاهر العبارة أما حقيقة مذهبهم فهو مذهب المرجئة إذ أخرجوا العمل من أصل الإيمان، وسيأتي بيان هذا عند الكلام في اعتقاد ابن حزم الظاهري في كتب المرتبة الثالثة إن شاء الله تعالى.
)
ـ[عصام البشير]ــــــــ[13 - 11 - 05, 12:41 م]ـ
وقال في موضع آخر:
(
أ ــ في صـ 85: قال المؤلف - أي نعيم ياسين - إن الذين قالوا (إن الإيمان إقرار باللسان وتصديق بالقلب وعمل الجوارح) هم معظم أهل السنة،
وهذا الكلام خطأ من عدة أوجه، وهى:
* لم يذكر المؤلف إلا تفسيراً واحداً للإيمان على مذهب أهل السنة، وقد جرت عادة السلف في تأليف الكتب التي تقتصر على ذكر قول واحد في المذهب ــ سواء كان مذهبا اعتقاديا أو فقهيا ــ جرت عادتهم على ذكر القول الراجح في المذهب ليكون هو أول ما يعرفه الطالب فيه، وليترسخ عنده قبل معرفة الخلاف والأقوال الأخرى.
ولهذا كان ينبغي أن يذكر المؤلف القول الراجح عند أهل السنة في تفسير الإيمان، فإن القول الذي ذكره ليس راجحا ولامشهوراً بل هو قول شاذ.
أما القول الراجح عند أهل السنة فهو أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، وقال ابن حجر إن اللالكائي روى بسنده الصحيح عن البخاري قال (لقيت أكثر من ألف رجل من العلماء بالأمصار فما رأيت أحداً منهم يختلف في أن الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص) (فتح الباري) 1/ 47.
* أن القول الذي ذكره المؤلف ليس من الأقوال المتفق عليها عند أهل السنة بل هو قول شاذ ولهذا لم يذكره ابن تيمية في أقوال أهل السنة، فقد قال رحمه الله (ومن هذا الباب أقوال السلف وأئمة السنة في تفسير الإيمان، فتارة يقولون: هو قول وعمل، وتارة يقولون: قول وعمل ونية، وتارة يقولون هو قول وعمل ونية واتباع السنة، وتارة يقولون: قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح. وكل هذا صحيح ــ إلى أن قال ــ إن من قال من السلف: الإيمان قول وعمل أراد قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح. ومن أراد الاعتقاد رأي أن لفظ القول لا يفهم منه إلا القول الظاهر أو خاف ذلك فزاد الاعتقاد بالقلب. ومن قال: قول وعمل ونية، قال: القول: يتناول الاعتقاد وقول اللسان، وأما العمل فقد لا يفهم منه النية فزاد ذلك. ومن زاد اتباع السنة فلأن ذلك كله لا يكون محبوباً لله إلا باتباع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/175)
السنة. وأولئك لم يريدوا كل قول وعمل، وإنما أرادوا ماكان مشروعاً من الأقوال والأعمال. ولكن كان مقصودهم الرد على المرجئة الذين جعلوه قولاً فقط، فقالوا: بل هو قول وعمل) (مجموع الفتاوى) 7/ 170 ــ 171.
* أما القول الذي ذكره المؤلف (أن الإيمان قول باللسان وتصديق بالقلب وعمل بالجوارح) فهو قول شاذ، والشذوذ هو مخالفة الثقة للثقات، وهو بالإضافة إلى شذوذه قول خطأ. وممن انفرد بهذا القول من السلف: أبو ثور (نسبه إليه اللالكائي في كتابه شرح اعتقاد أهل السنة، 2/ 849)، وابن بطة في كتابه (الإبانة عن شريعة الفرق الناجية) 2/ 760، وقد تابع ابن بطة في هذا شيخه الآجري في (الشريعة) صـ 105 و 119. وهذا التعريف خطأ لأنه يُسقط بعض فروض القلب الإيمانية.
* ووجه الخطأ في هذا التعريف يتبيّن بمعرفة أن أمور الإيمان الواجبة على القلب ثلاثة: وهى المعرفة (أو العلم) والتصديق وأعمال القلب، وكلها من أصل الإيمان وشروط صحته.
فمن قال إن الإيمان قول وعمل: أراد بالقول: قول القلب (وهو معرفته وتصديقه) وقول اللسان، وأراد بالعمل: عمل القلب وعمل الجوارح. فاشتمل هذا التعريف للإيمان على واجبات القلب الثلاثة.
ومن قال إن الإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، فأراد باعتقاد القلب معرفته وتصديقه وأعماله.
أما من قال إن الإيمان قول باللسان وتصديق بالقلب وعمل بالجوارح، فقد أسقط من الإيمان معرفة القلب وأعماله، وهما من أصل الإيمان وشروط صحته، وبهذا يتبين خطأ هذا التعريف، ولهذا فإن أبا عبدالله ابن بطة لما ذكر هذا التعريف الشاذ أعقبه بقوله (اعلموا رحمكم الله أن الله جل ثناؤه وتقدّست أسماؤه فَرَض على القلب المعرفة به والتصديق له ولرسله ولكتبه وبكل ماجاءت به السنة، وعلى الألسن النطق بذلك والإقرار به قولا، وعلى الأبدان والجوارح العمل بكل ما أمر به وفَرَضه من الأعمال، لاتجزئ واحدة من هذه إلا بصاحبتها، ولايكون العبد مؤمنا إلا بأن يجمعها كلها) (الإبانة) 2/ 760 ــ 761، فذكر معرفة القلب في كلامه هذا، كما ذكر أعمال القلب في قوله (وأما مافُرِض على القلب فالإقرار والإيمان والمعرفة والتصديق والعقل والرضا والتسليم) (الإبانة) 2/ 766، فالرضا والتسليم من أعمال القلب. وكذلك شيخه الآجري قال مثله في (الشريعة) صـ 119. فكل من ذكر من أهل السنة ــ في تعريف الإيمان ــ لفظ (تصديق بالقلب) بيّن في شرحه أن معرفة القلب وعمله من لوازم هذا التصديق.
وهذا ما بَيَّنه الشيخ حافظ حكمي بقوله (ومن هنا يتبيّن لك أن من قال من أهل السنة في الإيمان هو التصديق على ظاهر اللغة أنهم إنما عنوا التصديق الإذعاني المستلزم للانقياد ظاهراً وباطنا بلاشك، لم يعنوا مجرد التصديق) (معارج القبول) صـ 23، ط السلفية. وقوله لم يعنوا مجرد التصديق أي التصديق الخبري: تصديق الخَبَر والمُخْبِر. والشيخ حافظ حكمي متابع في قوله هذا لابن القيم في قوله (فإن الإيمان ليس مجرد التصديق ــ كما تقدم بيانه ــ وإنما هو التصديق المستلزم للطاعة والانقياد) (الصلاة) لابن القيم، صـ 25.
والحق أن التصديق وهو أحد أعمال القلب لايدل على غيره من أعمال القلب كالانقياد والمحبة لا بدلالة المطابقة ولا بدلالة التضمّن، وإنما يمكن أن يدل عليها بدلالة اللزوم، ولهذا قال حافظ حكمي (التصديق الإذعاني المستلزم للانقياد) وقال ابن القيم (التصديق المستلزم للطاعة والانقياد)، وهذا اللزوم ليس بلازم إذ قد تخلف الانقياد عن التصديق في كفر الاستكبار ككفر إبليس، فليس الانقياد بلازم ٍ دائما للتصديق، ولهذا كان قول جمهور أهل السنة أكمل وهو قولهم إن الإيمان قول وعمل، خاصة وأن بعض المرجئة قال في تفسير التصديق بمثل ماقال ابن القيم وحافظ حكمي، فقد قال سعد الدين التفتازاني في (شرح العقائد النسفية) صـ 433 (وليس حقيقة التصديق أن يقع في القلب نسبة الصدق إلى الخبر أو المُخبِر من غير اذعان وقبول، بل هو اذعان وقبول ذلك بحيث يقع عليه اسم التسليم)، وبمثل هذا قال البيجوري أيضا في (تحفة المريد شرح جوهرة التوحيد) صـ 43. أهـ.
وفي بيان وجوب معرفة القلب وعمله بالإضافة إلى تصديقه كشروط لصحة الإيمان قال ابن تيمية (الوجه الثاني من غلط المرجئة ظنهم أن مافي القلب من الإيمان ليس إلا التصديق فقط دون أعمال القلوب كما تقدم عن جهمية المرجئة) (مجموع الفتاوي) 7/ 204، وقال أيضا (ولابد أن يدخل في قوله: اعتقاد القلب أعمال القلب المقارنة لتصديقه مثل حب الله وخشية الله والتوكل على الله ونحو ذلك، فإن دخول أعمال القلب في الإيمان أولى من دخول أعمال الجوارح باتفاق الطوائف كلها) (مجموع الفتاوي) 7/ 506، وقال أيضا (وأحمد رضي الله عنه فرّق بين المعرفة التي في القلب وبين التصديق الذي في القلب ــ إلى أن قال ــ فعُلم أنه أراد تصديق القلب ومعرفته مع الإقرار باللسان) (مجموع الفتاوي) 7/ 395 ــ 396. ...
)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/176)
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[13 - 11 - 05, 01:29 م]ـ
الذي فهمته من استشكال الأخ الفاضل (العقيدة) لتعريف الإيمان إجمالا ً بأنه قول وعمل [وتفصيلاً بأنه: قول القلب وقول اللسان، وعمل القلب وعمل اللسان وعمل الجوارح]، هو أن هذا التعريف ليس مانعاً في ظنه لأنه ليس فيه ذكر المؤمَن به، فلا يمنع هذا التعريف مثلاً من تسمية من يصدق بقلبه بإله مع الله _ تعالى الله _ أو يصدق بأن مسيلمة الكذاب رسول مثلاً ويقر بلسانه بذلك أنه مؤمن! حيث إنه قال بقلبه شيئا ما وأقر به بلسانه وعمل بقلبه وجوارحه بمقتضى ذلك!
إذا كان هذا هو الإشكال فجوابه يسير بإذن الله وهو أن هذا التعريف إنما هو للإيمان من حيث هو هو بغض النظر عن المؤمن به.
وعليه فالإيمان بالله هو تصديق القلب به وإقرار اللسان به وعمل القلب واللسان والجوارح بمقتضى ذلك
والإيمان بالملائكة هو تصديق القلب بهم وإقرار اللسان بهم وعمل القلب واللسان والجوارح بمقتضى ذلك
والإيمان بالكتب والرسل واليوم الآخر والقدر هو تصديق القلب بذلك وإقرار اللسان به وعمل القلب واللسان والجوارح بمقتضى ذلك.
وعليه أيضا فمن صدق بباطل وأقر به وعمل بمقتضى ذلك فهو مؤمن بالباطل كما في سورة العنكبوت آية 52 قال تعالى: " والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون "
فهذا حل الإشكال
ومما يحل الإشكال أيضاً أن (أل) في الإيمان عندما يذكره المسلم في سياق مدح له عهدية فيراد به حينئذ الإيمان الشرعي الذي أمرنا الله تعالى به، وهو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، فيكون هذا العهد مانعاً لدخول الإيمان بالباطل في هذا السياق.
والله تعالى أعلم.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[22 - 11 - 05, 08:30 ص]ـ
بارك الله فيك شيخنا الفاضل أبو خالد السلمي
لقد فهم الشيخ استفساري.
لكن ما زال لدي إشكال
قلتَ يا شيخنا الفاضل
((إذا كان هذا هو الإشكال فجوابه يسير بإذن الله وهو أن هذا التعريف إنما هو للإيمان من حيث هو هو بغض النظر عن المؤمن به.))
ولكن أليس معنى التعريف في الإصطلاح تعريفه شرعا؟
يعني تعريف الإيمان شرعا
فكيف يكون ذلك التعريف هو تعريف الإيمان شرعا (في الإسلام) وليس مانعا؟
ألا يجب أن يكون التعريف المانع (المفصل) الذي ذكرته هو تعريف الإيمان اصطلاحا؟
أرجو أن تكونوا قد فهمتم قصدي.
ـ[عبد الرحمن خالد]ــــــــ[23 - 11 - 05, 06:42 ص]ـ
اخي جزاك الله خيرا ...... لماذا لا تبين كلامك وتوضحه فتقول مثلا: تعريف الايمان كذا وكذا
لكنه ليس مانعا لانه لا يخرج كذا وكذا ,, ويدخل فيه كذا وكذا ,,,,,,,,
هذا احسن من ان يضيع الوقت في البحث عما انعقد عليه قصدك
ـ[المجدد]ــــــــ[07 - 12 - 06, 06:48 ص]ـ
جواب الأخوة
أن الإيمان: هو اعتقاد بالجنان وقول باللسان وعمل بالأركان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان
جواب خاطىء في ظني
لأن السؤال لو كان كيف يقوم الأيمان بالمرء؟ أو ما محل الإيمان في الإنسان؟
لكان الجواب هو ما سبق تعريفه
السؤال بارك الله فيكم ما هو الإيمان دون النظر لمحله أو آثاره وإن كانت من لوازمه
الجواب فيما أراه هو
الإيمان: هو قبول ما جاء به الوحيين بعد بلوغه
وفيما ذكر من التعريفات فإن أقرب من فسره بذلك هو الإمام محمد بن نصر المروزي
والله أعلم
ـ[المجدد]ــــــــ[08 - 12 - 06, 08:06 م]ـ
هناك أيضا خطأ لم ألحظه سابقا
نقول تعريف الإيمان شرعا، ولا نقول اصطلاحا، لأنها وردت بالشرع (الوحيين)
تعريف الإيمان الشرعي: هو قبول ما جاء به الوحيين بعد بلوغه
فما رأي الأخوان
ـ[همام بن همام]ــــــــ[09 - 12 - 06, 01:48 ص]ـ
أخي المجدد بارك الله فيك قلت:
جواب الأخوة
أن الإيمان: هو اعتقاد بالجنان وقول باللسان وعمل بالأركان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان
جواب خاطىء في ظني
هذا الجواب صحيح لا شك في ذلك وهو قول أهل السنة والجماعة وهو ليس جواب الإخوة فحسب إنما هو جواب الأئمة من قبل، وهذا أحدهم كما نقل سابقاً في إحدى المشاركات:
قال الإمام الحافظ ابن مندة رحمه الله (ت 395هـ):
(الإيمان قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالأركان؛ يزيد وينقص).
ثم قلت حفظك الله:
الإيمان: هو قبول ما جاء به الوحيين بعد بلوغه
فأين عمل الجوارح في هذا التعريف بل أين أعمال القلوب؟
والله أعلم.
ـ[المجدد]ــــــــ[09 - 12 - 06, 09:50 م]ـ
أخي همام بارك الله فيك
أين يقع الإيمان في العبد أو كيف يعمل العبد الإيمان الشرعي؟
الجواب هو ما نقلته عن الحافظ ابن منده رحمه الله: (الإيمان قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالأركان؛ يزيد وينقص).
فالخطأ وقع في الجواب أنه غير مطابق للسؤال بغض النظر عن صحة وخطأ الجواب.
هذا الجواب من لوازم الإيمان (وهو محل الإيمان) وليس هو الإيمان وبينهما فرق.
وهذا اللازم (الإيمان قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالأركان؛ يزيد وينقص) يقول به أهل السنة وهو لازم مطابق للحق وأنا أقول به.
أما قولك: " فأين عمل الجوارح في هذا التعريف بل أين أعمال القلوب؟ "
الجواب بطريقين هما:
الأول: أن نزيد قيدا في هذا التعريف "والانقياد له" ويصبح التعريف هو، الإيمان شرعا: هو قبول ما جاء به الوحيين " والانقياد له " بعد بلوغه.
الثاني: أن لفظ القبول في التعريف يستلزم العمل بما قبل به وإلا لم يكن قبوله صحيحا وهذا ظاهر بحمد الله.
فلو أن أنسانا أقيمت عليه قضية في المحكمة وقبل بهذه القضية، فبمجرد قبوله لهذه قضية يستوجب عليه العمل بمقتضاها، من رد الحقوق وغيرها، فإن لم يعمل بها كان غير قابل بها حقيقة، ويعاقب عليها، وهذا كالذي يقبل ما جاء في الوحيين ولا يعمل بهما فهو في الحقيقة غير قابل، ودعواه بالقبول ليست صحيحة، ويعاقب عليها بأن يعطى اسما هو الكفر ويستحق العقوبة عليها.
ولدي لأخواني سؤالان هما:
السؤال الأول: ما محل الإيمان الشرعي لديكم؟
السؤال الثاني: لو أن إنسانا آمن بملَك للنار اسمه مالك كما جاء في الوحي، كيف يظهر هذا العمل على جوارح العبد؟
انتظر ردودكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/177)
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[10 - 12 - 06, 05:57 ص]ـ
الحمد لله وحده ...
أخي المجدد بارك الله فيك ..
1 - احذر أن تقول قولاً في مسألةٍ ليس لك فيها سلف من أهل السنة، فإن ذلك علامة على الخطإ لا تتخلف، أعزك الله ورفع قدرك، سيّما ونحن في عام 1427، والعقل والشرع يحيلان أن تنقضي هذه الأزمنة من غير متفطّنٍ لما تقول .. بارك الله فيك.
2 - التعريف الشرعي للإيمان = التعريف الاصطلاحي، ويعنى بالصطلاحي ما كان في اصطلاح أهل العلم بالعقائد من أهل السنة والجماعة، فلا داعي للتفرقة بين قول القائل (تعريف اصطلاحي) و (شرعي).
3 - الإيمان أصل وضعه في اللغة بمعنى التصديق المخصوص، ومعلوم ارتباط المعنى اللغوي بالمعنى الشرعي في باب التعريفات والحدود، سواء بالمطابقة بين المعنيين، أو بالعموم والخصوص أو غير ذلك، وعليه:
4 - الإيمان في الشرع هو: تصديق مخصوص بما أنزله الله تعالى على محمّد صلى الله عليه وسلم خاصة؛ بالقول والعمل، فالإيمان: تصديق بالقول والعمل، أو الإيمان: قول وعمل.
هذا هو تعريفه الذي عرفه به أهل السنّة.
5 - إنما أُتيتَ أخي المجدد من ظنّك أن التعريف (يجب) ألا يُذكر فيه شيءٌ من لوازمه أو أركانه ولا يتطرق إلى محلّه على حد تعبيرك: دون النظر لمحله أو آثاره وإن كانت من لوازمه، وهذا خطأ محض سواء في لسان الشرع ولغة الفقهاء والعلماء من السلف وغيرهم من أهل العلم، بل ربما يكون بعض كلام المناطقة في التعريفات.
فأما لسان الشرع فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد فسر الإسلام في حديث جبريل المشهور بذكر الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج.
والإيمان بذكر الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: (والنبى فسر الاسلام والايمان بما أجاب به كما يجاب عن المحدود بالحد اذا قيل ما كذا قيل كذا وكذا كما فى الحديث الصحيح لما قيل ما الغيبة قال (ذكرك أخاك بما يكره)، وفى الحديث الآخر (الكبر بطر الحق وغمط الناس) وبطر الحق جحده ودفعه وغمط الناس احتقارهم وازدراؤهم
وسنذكر ان شاء الله تعالى سبب تنوع أجوبته وأنها كلها حق
ولكن المقصود أن قوله: (بنى الإسلام على خمس) كقوله: (الإسلام هو الخمس) كما ذكر فى حديث جبرائيل.
فإن الأمر مركب من أجزاء تكون الهيئة الاجتماعية فيه مبنية على تلك الأجزاء ومركبة منها الاسلام مبني على هذه الأركان ... ) مجموع الفتاوي7/ 11
فلا يعاب على من أجاب على المحدود بالحد.
وأما المناطقة فهم من ذكر أن التعريف قد يكون بالرسم كما قد يكون بالحد، والحد تام وناقص، والرسم تام وناقص.
ثم اشترطوا في التعريف غير المعيب أن يكون بالحد التام (الجنس القريب والفصل)، ولست أريد أن أكثر من ذكر مصطلحاتهم.
ولكن بعض التأمل في كتب أهل العلم وكلام السلف وأئمة السنة، يقضي بأن التعريف الذي يسميه المنطقيون (تعريف بالرسم) متكاثر في كلامهم.
6 - المراد من تعريف أهل السنة للإيمان بأنه قول وعمل، الرد على طوائف المبتدعة، فالقول عندهم قولان، والعمل عندهم عملان، فقول القلب وقول اللسان وعمل القلب، وعمل الجوارح.
**وقد ورد عن كثير من أهل السنة (الإيمان قول وعمل) وحكى الإجماع عليه غير واحد.
**وورد عنهم (الإيمان قول وعمل ونية لا يجزئ أحدها دون الآخر) ومنهم نفس من ورد عنه القول السابق وحكى الإجماع على هذا اللفظ الإمام الشافعي.
** وورد عنهم (الإيمان قول وعمل ونية وإصابة سنة) ومنهم نفس من ورد عنه القولان السابقان، وحكى الإجماع على هذا اللفظ الإمام أبو عمر الطلمنكي.
وعليه:
7 - تعريفك أخي المجدد للإيمان بأنه قبول ما جاء به الوحيين " والانقياد له " بعد بلوغه لا يرد على كثير من أهل البدع الذين خالفوا أهل السنة في الإيمان، فإن أكثرهم (أو جميعهم) يقول إن الإيمان يكون بقبول ما جاء به الوحيين والانقياد له.
لكن منهم من يقول إن القبول والانقياد يكون بالقول فقط مثلا ..
فتعريفك لا يمنع من دخول هذه الأقوال المبتدعة في أقوال أهل السنة، ولا يجمع الانقياد بالقلب واللسان والجوارح، ولا يغني عنك قولك إن لفظ القبول في التعريف يستلزم العمل، لأن هذا اللازم لم يلتزمه أهل البدع .. فتأمّل.
8 - جواب سؤاليك أن يقال:
السؤال الأول: محل الإيمان الشرعي القلب واللسان والجوارح، ولكن هذا لا يمنع من ذكره في التعريف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/178)
السؤال الثاني: من آمن بملك النار لا يلزم أن يظهر على جوارحه شيءٌ، فقد يؤمن بعض الكفار ببعض الكتاب ويكفرون بسائره فلا يظهر على جوارحهم شيء.
إنما الذي يلزم ويجب أن يظهر على جوارحه أثر إيمان قلبه؛ مَن كان إيمان قلبه مجزئًا، وليس الإيمان بملك واحدٍ، أو حتى بجميع الملائكة مجزئًا حتى يلزم أن يظهر له أثر على الجوارح.
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[10 - 12 - 06, 06:19 ص]ـ
بارك الله فيك شيخنا الفاضل أبو خالد السلمي
لقد فهم الشيخ استفساري.
لكن ما زال لدي إشكال
قلتَ يا شيخنا الفاضل
((إذا كان هذا هو الإشكال فجوابه يسير بإذن الله وهو أن هذا التعريف إنما هو للإيمان من حيث هو هو بغض النظر عن المؤمن به.))
ولكن أليس معنى التعريف في الإصطلاح تعريفه شرعا؟
يعني تعريف الإيمان شرعا
فكيف يكون ذلك التعريف هو تعريف الإيمان شرعا (في الإسلام) وليس مانعا؟
ألا يجب أن يكون التعريف المانع (المفصل) الذي ذكرته هو تعريف الإيمان اصطلاحا؟
أرجو أن تكونوا قد فهمتم قصدي.
الحمد لله وحده ...
بل لا يلزم أن يكون المؤمن بالباطل مؤمنا به قولا وعملا كما يؤمن المسلمون بربهم قولا وعملا، وأظهر ردّ على هذا أن بعض أهل الملل والنحل الكفار لا يعملون شيئًا البتة، وهم مع ذلك مؤمنون بما هم مؤمنون به.
فأهل هؤلاء الملل لا يشبهون المسلمين لا في أجناس ما يؤمنون به وأنواعه، ولا في قوته وضعفه.
وجواب إشكال أخي العقيدة، هو ما ذكره الشيخ أبو خالد السلمي حفظه الله من أن (أل) في (الإيمان) للعهد، والمعهود هو الإيمان الشرعي بحسب قول أهل السنة والجماعة خاصة.
ويحدد ذلك السياق، فإن هذه الأقوال من أهل السنّة إنما وردت في تعريفهم للإيمان الشرعي عند أهل السنة والجماعة خاصّة.
وأما قول القائل إن تعريف الإيمان الجامع المانع هو:
التصديق بالشهادتين (وطبعا يكون بالقلب) والإقرار بهما (طبعا الإقرار يكون باللسان) والعمل بمقتضاهما (والعمل يكون بالجوارح طبعا).فخطأ إن كان ما بين القوسين من كلامه، فليس فيه عمل القلب، والتصديق بالقلب غير عمل القلب، ولكي يكون التعريف جامعًا مانعًا، يجب إدخال عمل القلب لتخرج أقوال غير أهل السنة الذين أخرجوا أعمال القلوب من الإيمان.
وأما إن لم يكن ما بين القوسين من كلامه، فهو كقول أهل السنة ولا فرق، وكلاهما جامع مانع، وهذا اللفظ بعض ما ورد عنهم، وحينئذ يدخل في العمل عمل القلب وعمل الجوارح.
ـ[همام بن همام]ــــــــ[10 - 12 - 06, 06:26 ص]ـ
أخي المجدد بارك الله فيك
اعلم أن قول أهل السنة والجماعة في الإيمان أنه: " قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالأركان" لم يقصدوا بقول اللسان مجرد قوله وحركته، ولا بالجوارح مجرد تحركها بالأعمال، ولا بالقلب مجرد اعتقاده أو أعماله، لم يقصدوا هذا كله؛ ولكن لمَّا قال اللسان لا إله إلا الله صار قوله إيماناً؛ لأن لا إله إلا الله من الإيمان بل أعلى شعب الإيمان وغيرها من الشعب التي هي من الإيمان وموردها اللسان.
وكذلك الجوارح لمَّا قامت بالصلاة مثلاً قامت بالإيمان الذي هو الصلاة فصارت الجوارح قائمة بالإيمان، ويقال مثله في كل عمل هو من شعب الإيمان.
ومثل ذلك الاعتقاد لمَّا اعتقاد الإيمان وهو أركانه وكل ما وجب التصديق به صار القلب مؤمناً بالإيمان الذي هو أركان الإيمان وهذا قول القلب، وكذا أعمال القلوب وهي تحركاته من محبة و رغبة ورهبة وتعظيم وخوف ورجاء وغيرها.
وبتعبير آخر:
قول لا إله إلا الله إيمان فلما قالها اللسان قال إيماناً.
الصلاة إيمان فلما قامت بها الجوارح فعلت إيماناً.
أركان الإيمان هي الإيمان فلما قال بها القلب أي صدق بها فقد قال إيماناً.
مجبة الله والخوف منه وتعظيمه إيمان فلما تحرك به القلب وهي أعماله فقد فعل إيماناً.
فتبين من هذا أنه ليس هناك خطأ في الجواب، ولا أن هذا من لوازم الإيمان بل هو الإيمان نفسه.
.....
...
.
لما اعترضت على تعريفك للإيمان بقولي: " فأين عمل الجوارح في هذا التعريف بل أين أعمال القلوب؟ "، وأزيد هنا "بل" أخرى فأقول: "بل أين قول اللسان؟ ".
فأجبت سددك الله بقولك:
الجواب بطريقين هما:
الأول: أن نزيد قيدا في هذا التعريف "والانقياد له" ويصبح التعريف هو، الإيمان شرعا: هو قبول ما جاء به الوحيين " والانقياد له " بعد بلوغه.
أتلحظ أنك زدت قيداً آخر من أول اعتراض على تعريفك، وهذا يدل على أن هذه المسائل الكبار لا ينبغي أن يتكلم فيها المرء بكلام من عنده ليس له فيها إمام، فإن الشأن كما قال ابن القيم رحمه الله عن مسائل الكفر والإيمان "لا تأخذها إلا عن الصحابة".
ثم قلت سلمك الله:
الثاني: أن لفظ القبول في التعريف يستلزم العمل بما قبل به وإلا لم يكن قبوله صحيحا وهذا ظاهر بحمد الله.
فلو أن أنسانا أقيمت عليه قضية في المحكمة وقبل بهذه القضية، فبمجرد قبوله لهذه قضية يستوجب عليه العمل بمقتضاها، من رد الحقوق وغيرها، فإن لم يعمل بها كان غير قابل بها حقيقة، ويعاقب عليها، وهذا كالذي يقبل ما جاء في الوحيين ولا يعمل بهما فهو في الحقيقة غير قابل، ودعواه بالقبول ليست صحيحة، ويعاقب عليها بأن يعطى اسما هو الكفر ويستحق العقوبة عليها.
لا حظ أنك أدخلت العمل في تعريفك للإيمان -وإن كان لزوماً- فوقعت فيما أنكرت.
والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/179)
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[10 - 12 - 06, 06:27 ص]ـ
الحمد لله ... أتلحظ أنك زدت قيداً آخر من أول اعتراض على تعريفك، وهذا يدل على أن هذه المسائل الكبار لا ينبغي أن يتكلم فيها المرء بكلام من عنده ليس له فيها إمام، فإن الشأن كما قال ابن القيم رحمه الله عن مسائل الكفر والإيمان "لا تأخذها إلا عن الصحابة".
لا حظ أنك أدخلت العمل في تعريفك للإيمان -وإن كان لزوماً- فوقعت فيما أنكرت.
جزاك الله خيرا أخي همام ..
====
أعتذر فأنا لا أدخل الملتقى إلا كل فترة لشاغلٍ هذه الأيام.
وجزاكم الله خيرًا.
ـ[همام بن همام]ــــــــ[10 - 12 - 06, 06:40 ص]ـ
الشيخ الأزهري بارك الله فيك.
لو رأيت ردك أخي قبل إرسالي الرد لتوقفت، فقد كفيت ووفيت.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[10 - 12 - 06, 09:41 ص]ـ
وأما قول القائل إن تعريف الإيمان الجامع المانع هو:
فخطأ إن كان ما بين القوسين من كلامه، فليس فيه عمل القلب، والتصديق بالقلب غير عمل القلب، ولكي يكون التعريف جامعًا مانعًا، يجب إدخال عمل القلب لتخرج أقوال غير أهل السنة الذين أخرجوا أعمال القلوب من الإيمان.
وأما إن لم يكن ما بين القوسين من كلامه، فهو كقول أهل السنة ولا فرق، وكلاهما جامع مانع، وهذا اللفظ بعض ما ورد عنهم، وحينئذ يدخل في العمل عمل القلب وعمل الجوارح.
ما بين القوسين ليس من كلامه، انا الذي اضفته
والآن لست متأكد هل قال (تصديق) ام (اعتقاد)
علي أن اراجعه
ـ[مصطفى جعفر]ــــــــ[10 - 12 - 06, 11:04 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من أراد الخوض في ذلك فلا بد أن يتكلم بدقة في أمور منها:
* الإيمان قول وعمل
هل يقصد بذلك حين نفيه أنه نفي الإيمان بالكلية أم يقصد ما سمي بنفي كمال.
فإذا كان نفي بالكلية - فما هو حد العمل الذي لو ترك نُفِيَ معه الإيمان بالكلية.
* قضية قلبية
مثل تغيير المنكر بالقلب (ليس وراء ذلك من إيمان حبة خردل). هذه في القلب فهل ينتفي بالكلية أم نفي كمال كما سمي. والفاعل للمعصية التي يراها عدم المغير هل هو أشد حالة منه أم الرائي هو الأشد.
* عمل معاص ظاهرة مثل:
- زواج امرأة الأب. هل تنفي الإيمان بالكلية أم تنفي بما يسمى نفي كمال.
- وكذا {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ}
رافض لإقامة الصلاة والقائم على ترك الزكاة هذا عمل فرافض ذلك العمل ما موقعه من قول الإيمان قول وعمل.
- تمزيق المصحف (عفوًا) هو عمل. فالقائم بتلك الفعلة ينفى عنه الإيمان بالكلية أو ما يسمى نفي كمال.
- هناك من يقول قاعدة (عنده) أن أي معصية تقابل عدم شكر النعمة ففاعلها ينتفي معها إيمانه الكامل وبالتالي قال القاعدة (لا يعص العاص وهو مؤمن).
* تساءل بالنسبة لأحاديث (لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن). النفي هنا ما هو وما حال إيمانه قبل السرقة وهو ذاهب لها. وما تعني حين.
فهذه نقاط يظنها كثير أنها هي التي تفصل في القضية.
والله الموفق للباحث
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[10 - 12 - 06, 02:17 م]ـ
الحمد لله وحده ...
بارك الله فيك يا شيخ همام، بل في مشاركتك فائدتان جميلتان قد اقتبستهما سابقًا، جزاك الله خيرًا ..
====
أخي الفاضل مصطفى جعفر ..
الموضوع كان عن تعريف الإيمان فحسب، وليس الغرض من السؤال ولا بإجابة من أجاب التطرّق إلى مسائل الإيمان التي ذكرت.
لكن غرضي أن أنبهكم ـ بارك الله فيكم ـ أن الإيمان إذا نُفي في نصوص الشرع لم يكن نفيًا للكمال قطّ، فهذا من كلام المرجئة.
إذ رأيتك أكثرتَ أن تسأل (هل هذا النفي نفي كمال، أم نفي للإيمان بالكلية؟) ولم تترك لنا خيارًا ثالثًا، بينما هو الصواب.
فأقول لك: إذا نفي الإيمان لا يكون النفي نفي كمال قط، بل إن نفي مسمى الشيء لا يكون إلا بعدم شيء من واجباته.
وقليل من التأمل للأمثلة التي ذكرتَها تجلّي ذلك، فالزاني والسارق ـ مثلا ـ ليس نفي الإيمان عنهما نفيًا للكامل منه، بل هما عاصيان، فنفي الإيمان عنهما نفي للواجب منه.
ولا يعني هذا أنهما كافران.
جزاكم الله خيرًا.
ـ[مصطفى جعفر]ــــــــ[10 - 12 - 06, 03:18 م]ـ
الأخ الأزهري السلفي
جزاكم الله خيرًأ على الرد
وأنا لم أسق رأياً بل أمور تناقش في القضية
فأنت تعلم أن من هذه الأمور افترقت الأمة إلى مرجئة و ....
وهذه فرصة تشرفنا فيها بلقائك
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[10 - 12 - 06, 04:44 م]ـ
الحمد لله وحده ...
الأخ الفاضل مصطفى جعفر، بارك الله فيك، وجزاك خيرًا.
ـ[المجدد]ــــــــ[10 - 12 - 06, 05:13 م]ـ
الأخ الأزهري السلفي تحية طيبة
أخي قرأت ما سطرته أناملك وكنت مثالا على الحرقة لدين الله ولا يهون الباقي
ولكن ليس بالحرقة وحدها ينصر الدين بارك الله في علمك الجم
أخي هل لك أن تُعرِّف الإيمان الشرعي من حيث هو هو؟
ملاحظ: أنا أقول أن مذهب السلف في أن الأعمال من مسمى الإيمان صحيح، فلا تكثروا عليَّ الاتهمات دون تبين.
والسؤال للجميع:
عرِّف الإيمان الشرعي فقط؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/180)
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[10 - 12 - 06, 05:32 م]ـ
الحمد لله وحده ...
أخي المجدد، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!
قرأت آخر مشاركة لك فأصابني العجب منها، إذ طلبك الذي طلبت موجود فوق لو أنك أحسنت أن تقرأ كلامي.
ولأن مشاركتك ليس فيها غير دعوى لا يصدقها الواقع ..
وما أسهل الدعاوي، بل إنك أليق بهذه الدعوى أخي الكريم ..
فيمكنني أن أقول لك: مشاركاتك كلها أخي المجدد ليس فيها غير الحماسة وهي وحدها غير كافية في الأمور العلمية.
فلا نقل واحد من كتاب
ولا من سنة
ولا عن أحد أهل العلم.
إن هي إلا شبه عقليّة، فكيف تقارن ما تكتبه بما يقوله الإخوة؟!
وأنصحك أخي الحبيب بأمور ثلاثة ..
الأول: حاول أن تتطلع على كلام العلماء وأهل السنة قبل أن تُعمل عقلك في مسائل الشرع والدين حتى لا تزل، ولا تعرض عقلك على الناس في كل حين.
الثاني: حاول أن تنظر إلى ما يكتبه الإخوة لك بتأنٍ وحرص ولا تتسرع ولا تعجل.
الثالث: إياك ودعوى العلم والاجتهاد والاستدراك على أهل العلم قبل أن تتهيأ لذلك، فإنها مصيبة، تفضي إلى بليّة، وكل ذلك رزيّة، فاحذر أن تتلبس ببدعة وأنت لا تدري.
وأخيرا ..
هذا ما لديّ، فإن شئتَ أن تستدرك عليّ أو تردّ عليّ قولا بعلم فعلى الرحب والسعة ..
أما طريقة الأسئلة المكررة التي تجاب بأن أعيد لك ما كتبتُه مجددًا
فأعتذر، ليس لدي تعليق حتى أجد ما يستدعي النظر، ثم أجد مع ذلك الوقت.
وفقك الله.
ـ[المجدد]ــــــــ[11 - 12 - 06, 12:00 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تنبيه 1: أتمنى من الأخوة ترك الاتهمات، وفند الأقوال كما تشاء، وعلى الرحب والسعة.
تنبيه 2: أنا رجل انتسب لأهل السنة والجماعة، حتى لا يظن بعضكم بي ظن السوء.
تنبيه 3: الأعمال داخلة في مسمى الإيمان، وأن الإيمان محله القلب واللسان والجوارح، ويزيد وينقص.
الأخ الكريم الأزهري السلفي قلت بارك الله فيك:
" محل الإيمان الشرعي القلب واللسان والجوارح، ولكن هذا لا يمنع من ذكره في التعريف ".
وانظر لقولك (لا يمنع) ولم تقل يجب.
يعني: هل يمكن أن يُعرَّف الإيمان شرعا بدون ذكر اللوازم أو محله أو آثاره؟
فإن كان الجواب لا يمكن فإن الحوار ينتهي بيني وبينك وجزاك الله خيرا.
وإن كان الجواب بنعم فعرِّفه لنا بارك الله فيك
أخوك المجدد
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[11 - 12 - 06, 02:44 م]ـ
الحمد لله وحده ...
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
أكثرتَ أخي المجدد وأتعبت نفسك وأتعبتني.
وانظر لقولك (لا يمنع) ولم تقل يجب.
كونه لا يمنع أي: لا يمنع في تعريف الشيء (أي شيء) أن تذكر فيه من لوازمه، بل يجب أحيانًا.
وأما في تعريف الإيمان الشرعي عند أهل السنة فيجب ذكر القلب واللسان والجوارح.
وما أعجب ما تذهب إليه يا أخي المجدد لا أظنّ عاقلا يقول به!
معذرة كتمتها في نفسي طويلاً، وحين راجعتُ بعض مشاركاتك في الموضوع الآخر قررت أن أصارحك، لعلك تنتفع.
أنت تريد أن تعرف الإيمان بدون ذكر الأثر ولا المحل ولا اللازم، دون ذلك خرط القتاد، سواء على طريقة أهل السنة في التعريفات أو حتى على طريقة المنطقيين.
فحتى المتكلمين من الأشاعرة وغيرهم حين أرادوا أن يحدوا الإيمان على طريقتهم ذكروا القلب واللسان.
وأخيرًا، وبدون إكثار، إن كان عندك هذا التعريف المزعوم فيمكنك أن تتحفنا به، ليكون سبقًا نسجله باسمك بعد قرون من الخلل في تعريف الإيمان عند سائر الطوائف.
أما أن تعترض على تعريف أهل السنّة لمجرد شبهة في رأسك: أنه لا ينبغي ذكر المحل، ولا اللازم، ولا الأثر في التعريف، فسامحك الله، وسامحنا أن نستمر في هذا اللغط.
ثم إنني أنصحك بمطلع كتاب الرد على المنطقيين لشيخ الإسلام، سيحل كثيرًا مما تجد إن شاء الله.
أعانك الله، ووفقك.
ـ[المجدد]ــــــــ[11 - 12 - 06, 04:49 م]ـ
أصلحك الله أيها الأزهر السلفي
الأخ الكريم قلت بارك الله فيك:
" محل الإيمان الشرعي القلب واللسان والجوارح، ولكن هذا لا يمنع من ذكره في التعريف ".
ثم رجعت مرة أخرى وقلت:
" كونه لا يمنع أي: لا يمنع في تعريف الشيء (أي شيء) أن تذكر فيه من لوازمه، بل يجب أحيانًا "
فلماذا أضفت هذا القيد "بل يجب أحيانا"!!!!
هذا يعني أنه يمكن تعريف الشيء أحيانا بدون لوازمه بناءا على كلامك وعليه فإن قولك:
" وما أعجب ما تذهب إليه يا أخي المجدد لا أظنّ عاقلا يقول به! ".
أنت أحق به مني " معذرة كتمتها في نفسي طويلاً " (اقتباس).
ثم
هل تعريف الإيمان باللوازم وغيرها داخل في هذا الوجوب أم لا؟ المذكور في قيدك
قلت: " أما أن تعترض على تعريف أهل السنّة لمجرد شبهة في رأسك: أنه لا ينبغي ذكر المحل، ولا اللازم، ولا الأثر في التعريف،
فسامحك الله، وسامحنا أن نستمر في هذا اللغط ".
أنا لا أعلم لماذا يصر الأزهري السلفي أنني معترض على تعريف جماعة من أهل السنة والجماعة مع أني ذكرت في المشاركة الأخيرة
وفي التنبيه -3 - على موافقتي على قولهم هذا بل أقول أن المشهور عند السلف أن الإيمان:" قول وعمل" كما ذكر هذا الإمام البخاري
في كتابه الصحيح.
وهم ذكروا هذه التعريفات من أجل البدع التي كانت منتشرة في عصرهم وهذا الفعل منهم سديد.
وأرجع وأقول أنني أقول بقولهم وأن الإيمان قول وعمل "ونية"، يزيد وينقص، ومحله القلب واللسان والجوارح.
فهل لديك تعريف للإيمان شرعا بدون ذكر اللوازم؟
عموما روحت علينا بمشاركتك الأخيرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/181)
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[11 - 12 - 06, 05:12 م]ـ
الحمد لله وحده ...
أخي المجدد، عفا الله عنك، لأنك متسرّع جدًّا وغير متأنٍّ فأنت تنسى ما تكتبه بنفسك!
فضلا عن كونك لا تتأنى في ما أكتبه إليك، ولا فيما يكتبه غيري، ألم أنصحك سابقًا؟!
على كل حال أنا هنا الآن لأنفق بعض وقتي معك، سامحك الله ..
ولا أطلب منك إلا التأني وعدم التسرع ..
أصلح الله قلبك وعقلك ..
آمين.
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[11 - 12 - 06, 05:22 م]ـ
الحمد لله وحده ...
أنا لا أعلم لماذا يصر الأزهري السلفي أنني معترض على تعريف جماعة من أهل السنة والجماعة مع أني ذكرت في المشاركة الأخيرة
وفي التنبيه -3 - على موافقتي على قولهم هذا بل أقول أن المشهور عند السلف أن الإيمان:" قول وعمل" كما ذكر هذا الإمام البخاري
في كتابه الصحيح.
وهم ذكروا هذه التعريفات من أجل البدع التي كانت منتشرة في عصرهم وهذا الفعل منهم سديد.
وأرجع وأقول أنني أقول بقولهم وأن الإيمان قول وعمل "ونية"، يزيد وينقص، ومحله القلب واللسان والجوارح.
تعال وتذكّر ما خطّه يراعك:
جواب الأخوة أن الإيمان: هو اعتقاد بالجنان وقول باللسان وعمل بالأركان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان
جواب خاطىء في ظني
لأن السؤال لو كان كيف يقوم الأيمان بالمرء؟ أو ما محل الإيمان في الإنسان؟
لكان الجواب هو ما سبق تعريفه
السؤال بارك الله فيكم ما هو الإيمان دون النظر لمحله أو آثاره وإن كانت من لوازمه
الجواب فيما أراه هو
الإيمان: هو قبول ما جاء به الوحيين بعد بلوغه
وفيما ذكر من التعريفات فإن أقرب من فسره بذلك هو الإمام محمد بن نصر المروزي
والله أعلم
فهذا كلامك لم يمر عليه ثلاثة قرون بعد!
فكيف نسيت أنك معترض على هذا التعريف؟!
أما توضيحك لعقيدتك فهذا خارج عن محل النزاع، ولا يوجد أحد هنا لا أنا ولا غيري اتهم عقيدتك حتى توضحها، سلّم الله عقيدتك!
أنت معترض على التعريف وتقول بكل صراحة: هذا خطأ
ونحن نقول: لا تعترض، فاعتراضك واهٍ.
هل عرفت لماذا يصر الأزهري أنك معترض؟
لأن هذا ما كتبته بيديك، أن هذا التعريف خطأ، فأنت تغلّط التعريف، وإن كنتَ موافقًا على معناه، ألم تكتب:
فالخطأ وقع في الجواب أنه غير مطابق للسؤال بغض النظر عن صحة وخطأ الجواب.
هذا الجواب من لوازم الإيمان (وهو محل الإيمان) وليس هو الإيمان وبينهما فرق.
والآن فكّر جيّدًا، وتأنّ ولا تتسرع، وحدد موقفك، وأجبني: هل أنت معترض على هذا التعريف أم لا؟
هل هذا التعريف خطأ أم لا؟
وفقك الله لإجابة تستريح ونرتاح بها ..
===
يتبع ...
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[11 - 12 - 06, 05:33 م]ـ
الحمد لله وحده ...
أصلحك الله أيها الأزهر السلفي
الأخ الكريم قلت بارك الله فيك:
" محل الإيمان الشرعي القلب واللسان والجوارح، ولكن هذا لا يمنع من ذكره في التعريف ".
ثم رجعت مرة أخرى وقلت:
" كونه لا يمنع أي: لا يمنع في تعريف الشيء (أي شيء) أن تذكر فيه من لوازمه، بل يجب أحيانًا "
فلماذا أضفت هذا القيد "بل يجب أحيانا"!!!!
هذا يعني أنه يمكن تعريف الشيء أحيانا بدون لوازمه بناءا على كلامك وعليه فإن قولك:
أخي المجدد، عفا الله عنك ..
كما عودتني، أنت لم تحسن أن تقرأ، ولا أن تكتب (معذرةً) ..
أرجو أن تتأنى هذه المرة ..
قولي: (لا يمنع ذكر المحل في التعريف) لا يعارضه قولي (بل يجب أحيانًا)
لا يمنع= تصدق على الواجب، كما تصدق على الجائز أيضًا ..
ولذلك قلتُ لك عن تعريف الإيمان الشرعي خاصّة (ولم تنتبه):
وأما في تعريف الإيمان الشرعي عند أهل السنة فيجب ذكر القلب واللسان والجوارح.
وقلتُ (لا يمنع) وأنا أوضح لك مسلك أهل العلم في التعريفات، فإنهم (قد) يذكرون اللازم في التعريف، و (قد) لا يذكرونه.
وكون الأمر من لوازم المعرَّف لا يمنع ذكره في التعريف.
وقلتُ (يجب أحيانًا) وهي و (لا يمنع) بنفس المعنى، فقط تأنى قليلا ..
وليتك تتكرم وتخبرني ما التعارض بينهما، وما هو القيد الجديد الذي زاد؟
عفا الله عنك، الآن أنا أشك أنك تعرف ما معنى قيد.
أرأيتَ المضايق التي اضطررتنا إليها؟؟
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[11 - 12 - 06, 05:51 م]ـ
الحمد لله وحده ..
وبقي أن أذكّرك:
وأخيرًا، وبدون إكثار، إن كان عندك هذا التعريف المزعوم فيمكنك أن تتحفنا به، ليكون سبقًا نسجله باسمك بعد قرون من الخلل في تعريف الإيمان عند سائر الطوائف.
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[11 - 12 - 06, 05:53 م]ـ
الحمد لله وحده ...
عموما روحت علينا بمشاركتك الأخيرة.
والآن؛ تعال نحاسبك على ما تخطّه بيدك، حتى نروّح عليك أكثر وأكثر.
===
التعريف أخي الفاضل المراد به حدّ ماهيّة الشيء، أي: حقيقة الشيء، بغرض فصله عن غيره.
وأنت تقول:
فالخطأ وقع في الجواب أنه غير مطابق للسؤال بغض النظر عن صحة وخطأ الجواب.
هذا الجواب من لوازم الإيمان (وهو محل الإيمان) وليس هو الإيمان وبينهما فرق.
وهذا اللازم (الإيمان قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالأركان؛ يزيد وينقص) يقول به أهل السنة وهو لازم مطابق للحق وأنا أقول به.
والآن أخبرنا ـ وتأنّ كثيرًا ـ:
هل قول أهل السنة في اعتقاد القلب، وعمل الأركان أنها من لوازم الإيمان؟
أم داخلة في حقيقة الإيمان؟ أي: في ماهيّة الإيمان؟
ولم أشأ أن أثير هذه النقطة من البداية لعسر ما قد يقال فيها ..
أخيرًا:
أخي المجدد، لا أنتظر منك جوابًا، بل أنصحك ألا تردّ ..
واعلم أنّ هذه المسألة ومسائل المعتقد عامّة مزالق أقدام، فإياكها.
ومجدّدًا: احذر أن تتلبس ببدعة وأنت لا تدري.
وآخر ما أحب أن أنصحك به:
أن تكف عن أسلوبك المستفز الذي دخلت به الملتقى، سواء كما في هذا الموضوع أو كما في الموضوع الآخر، حينها ربما تستفيد .. وفقك الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/182)
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[11 - 12 - 06, 08:12 م]ـ
يا اخانا المجدد
ما فائد النقاش في مسألة التعريف؟
أهم شيء أن المسلم يؤمن بأن الإيمان يدخل فيه العمل وأنه يزيد وينقص
والمصطلحات لا يترتب عليها دخول الجنة او النار
اقصد ان الله عز وجل لن يسألنا عن التعريفات ولكن اعتقاداتنا هي التي تهم وتؤثر
فالنقاش في التعريفات والجدال فيها ونحن نؤمن بنفس الشيء لا فائدة منه وهو تضييع للوقت، وهناك مسائل اولى بالمدارسة والنقاش وتترتب عليها امور عظيمة
ووقت المسلم ثمين يجب ان لا يضيعه في امور صغيرة لا تضر ولا تنفع وتضيع الوقت الثمين.
فانصحك اخي الفاضل بأن تشغل نفسك بما فيه فائدة اكبر.
وربما اخطأتُ بفتح مثل هذا الموضوع فلم تكن هناك فائدة كبيرة منه، والله يغفر لنا ولكم.
ـ[المجدد]ــــــــ[12 - 12 - 06, 03:05 ص]ـ
أيها الأخ الكريم الأزهري السلفي
يا أيها الرجل المعلم غيره -------هلا لنفسك كان ذا التعليم
نصحني بأن أفكر وأتأنى كثيرا وهذا أمر سآخذه بالحسبان، ولكن لم لا تطبقه على نفسك قليلا وسترى بأن الخلاف بيننا سيزول بإذن الله.
فأين التأني عندك من كتابة خمسة ردود في أقل من 30 دقيقة، وبلغة الغضبان والهجيان صببت عليّ فقلت:
"لأنك متسرّع جدًّا وغير متأنٍّ فأنت تنسى ما تكتبه بنفسك"
"فضلا عن كونك لا تتأنى في ما أكتبه إليك"
"ولا أطلب منك إلا التأني وعدم التسرع .. "
"والآن فكّر جيّدًا، وتأنّ ولا تتسرع"
"أرجو أن تتأنى هذه المرة .. "
"والآن أخبرنا ـ وتأنّ كثيرًا ـ:"
ثم انظر للباقعة قلت لي: " والآن فكّر جيّدًا، وتأنّ ولا تتسرع، وحدد موقفك، وأجبني: هل أنت معترض على هذا التعريف أم لا؟
هل هذا التعريف خطأ أم لا؟ "
ولا أعلم هل الشيخ خرج عن طوره حتى يسأل هذا السؤال الذي أجبته بكل وضوح ولكن يبدو أنه لا يريد أن يعرف.
وإن كنت تريد معرفة موقفي فاسمع لقولي.
هذا التعريف صحيح ولكن ليس هو تعريف حقيقة الإيمان وإنما هو تعريف لمحل الإيمان وهو تعريف صحيح.
وسأنقل لكم من مشاركاتي ما يثبت ما قلت سابقا.
الأخ العقيدة سأل سؤالا في رأس الموضوع قائلا:"ما هو تعريف الإيمان اصطلاحا؟ "
فقلت في المشاركة رقم 16:
"جواب الأخوة
أن الإيمان: هو اعتقاد بالجنان وقول باللسان وعمل بالأركان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان
جواب خاطىء في ظني
لأن السؤال لو كان كيف يقوم الإيمان بالمرء؟ أو ما محل الإيمان في الإنسان؟
لكان الجواب هو ما سبق تعريفه.
السؤال بارك الله فيكم ما هو الإيمان دون النظر لمحله أو آثاره وإن كانت من لوازمه "
الخطأ ليس في التعريف وإنما في إيقاع التعريف جوابا للسؤال بمعنى لو سأل سائل
ما تعريف الإيمان؟
ما تعريف محل الإيمان؟
لكان التعريف السابق منطبقا على الثاني حقيقة وعلى الأول باللازم، ولذلك قلت جواب الأخوة خاطىء في ظني.
وقلت في المشاركة رقم 19:
"أين يقع الإيمان في العبد أو كيف يعمل العبد الإيمان الشرعي؟
الجواب هو ما نقلته عن الحافظ ابن منده رحمه الله: (الإيمان قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالأركان؛ يزيد وينقص).
فالخطأ وقع في الجواب أنه غير مطابق للسؤال بغض النظر عن صحة وخطأ الجواب.
هذا الجواب من لوازم الإيمان (وهو محل الإيمان) وليس هو الإيمان وبينهما فرق.
وهذا اللازم (الإيمان قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالأركان؛ يزيد وينقص) يقول به أهل السنة وهو لازم مطابق للحق وأنا أقول به "
وهذا واضح وضوح الشمس لمن له عينان.
وقلت في المشاركة رقم 30:
"أنا أقول أن مذهب السلف في أن الأعمال من مسمى الإيمان صحيح "
وقلت في المشاركة رقم 32:
" تنبيه 3: الأعمال داخلة في مسمى الإيمان، وأن الإيمان محله القلب واللسان والجوارح، ويزيد وينقص. "
وقلت في المشاركة رقم:
"أنا لا أعلم لماذا يصر الأزهري السلفي أنني معترض على تعريف جماعة من أهل السنة والجماعة مع أني ذكرت في المشاركة الأخيرة
وفي التنبيه -3 - على موافقتي على قولهم هذا بل أقول أن المشهور عند السلف أن الإيمان:" قول وعمل" كما ذكر هذا الإمام البخاري
في كتابه الصحيح.
وهم ذكروا هذه التعريفات من أجل البدع التي كانت منتشرة في عصرهم وهذا الفعل منهم سديد.
وأرجع وأقول أنني أقول بقولهم وأن الإيمان قول وعمل "ونية"، يزيد وينقص، ومحله القلب واللسان والجوارح. "
"وأرجع وأقول أنني أقول بقولهم وأن الإيمان قول وعمل "ونية"، يزيد وينقص، ومحله القلب واللسان والجوارح."
فأينا أحق بالتأني وعدم التسرع
ثم يتسائل:أرأيتَ المضايق التي اضطررتنا إليها؟
فأقول، نعم رأيتها وأحسب أنك أتيت من قِبَلِك، وأنت حسيب نفسك
سبحانك اللهم وبحمدك، استغفرك وأتوب إليك
ـ[المجدد]ــــــــ[12 - 12 - 06, 03:12 ص]ـ
أخي العقيدة
لي سؤال بسيط أتمنى أن تجيبني عليه بكل وضوح، ولا تستغرب من السؤال
عرف الكفر شرعا؟
وستعرف أهمية تعريف الإيمان لاحقا
أخوك المجدد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/183)
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[12 - 12 - 06, 03:19 ص]ـ
الحمد لله وحده ...
ثم انظر للباقعة قلت لي: " والآن فكّر جيّدًا، وتأنّ ولا تتسرع، وحدد موقفك، وأجبني: هل أنت معترض على هذا التعريف أم لا؟
هل هذا التعريف خطأ أم لا؟ "
ولا أعلم هل الشيخ خرج عن طوره حتى يسأل هذا السؤال الذي أجبته بكل وضوح ولكن يبدو أنه لا يريد أن يعرف.
وإن كنت تريد معرفة موقفي فاسمع لقولي.
هذا التعريف صحيح ولكن ليس هو تعريف حقيقة الإيمان وإنما هو تعريف لمحل الإيمان وهو تعريف صحيح.
نعم نظرتُ ورأيتُ، فضحكت .. أضحك الله سنّك ..
تقول: التعريف صحيح ولكنه ليس لحقيقة الإيمان!
وهل اتهمتك بغير هذا ثم أنكرتَه؟
وأخيرًا، وبدون إكثار، إن كان عندك هذا التعريف المزعوم فيمكنك أن تتحفنا به، ليكون سبقًا نسجله باسمك بعد قرون من الخلل في تعريف الإيمان عند سائر الطوائف.
أما أن تعترض على تعريف أهل السنّة لمجرد شبهة في رأسك: أنه لا ينبغي ذكر المحل، ولا اللازم، ولا الأثر في التعريف، فسامحك الله، وسامحنا أن نستمر في هذا اللغط.
وهذا هو الذي أُصر عليه ولكنّك لا تدري لم أصرّ عليه!
ولا بأس من تعديل الجملة السابقة أملاً في نهاية هذا الحوار
====
وأخيرًا، وبدون إكثار، إن كان عندك هذا التعريف المزعوم [لحقيقة الإيمان] فيمكنك أن تتحفنا به، ليكون سبقًا نسجله باسمك بعد قرون من الخلل في تعريف [حقيقة] الإيمان عند سائر الطوائف.
أما أن تعترض على تعريف أهل السنّة [لحقيقة الإيمان] لمجرد شبهة في رأسك: أنه لا ينبغي ذكر المحل، ولا اللازم، ولا الأثر في التعريف، فسامحك الله، وسامحنا أن نستمر في هذا اللغط.
===
ما رأيك هكذا بعد الزيادات بين المعقوفات؟
وفقك الله وأعانك وسدد خطاك، وألهمك رشدك.
ـ[المجدد]ــــــــ[12 - 12 - 06, 03:35 ص]ـ
ما رأيك هكذا بعد الزيادات بين المعقوفات؟
جميلة
وفقك الله وأعانك وسدد خطاك، وألهمك رشدك.
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[12 - 12 - 06, 03:42 ص]ـ
الحمد لله وحده ...
إجابة موفقة أخي المجدد.
وما رأيك لو غيّرنا الألوان فجعلنا مكان الأخضر أسود؟
أشعر أن اللون الأسود أوضح لتتضح الصورة أمامك.
يسر الله أمرك، ورزقك من خشيته.
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[12 - 12 - 06, 03:46 ص]ـ
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
ـ[المجدد]ــــــــ[28 - 12 - 06, 04:32 م]ـ
للرفع
ـ[منير بن ابي محمد]ــــــــ[02 - 01 - 07, 03:30 ص]ـ
الموضوع ذهب بعديدا ودخل في باب المناظرات وكان الأصل الوقوف على تعربف الايمان ولوازمه وحكم العمل- الجوارح- فيه وبيا ضلال أهل الإرجاء والتجهم في مسمى الإيمان وغيرهم من غلاة المكفرة
هذا وألح على إخواني الرجوع إلى صلب الموضوع لتعم الفائدة.
فمواضيع الإيمان والكفر من أجل المسائل الذي ينبغي تعلمها احتياطا وتنبيها من الوقوع فيها. فهي أحكام شرعية ليس فتن فتنبه.
وجزاكم الله خير
ـ[المجدد]ــــــــ[04 - 01 - 07, 12:55 ص]ـ
الأخ منير بن أبي محمد
بما أن الكفر والإيمان من أجل المسائل فإنني أسألك سؤالين أرجو الرد عليهما
السؤال الأول: ما هو الإيمان الذي أمرنا الله به؟
السؤال الثاني: ما هو الكفر الذي نهانا الله عنه؟
ننتظر جوابكم أيها الشيخ منير
ـ[منير بن ابي محمد]ــــــــ[04 - 01 - 07, 02:17 ص]ـ
الجواب عن سؤالك الأول:
قال الشيخ الامام محمد بن عبد الوهاب محنة زمانه:
اعلم أرشدك الله لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيم أن تعبد الله وحده مخلصاً له الدين كما قال تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذريات:56) فإذا عرفت أن الله خلقك لعبادته فاعلم أن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد كما أن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة.
الجواب عن السؤال الثاني:
فإذا دخل الشرك في العبادة فسدت كالحدث إذا دخل في الطهارة فإذا عرفت أن الشرك إذا خالط العبادة أفسدها وأحبط العمل وصار صاحبه من الخالدين في النار عرفت أن أهم ما عليك معرفة ذلك لعل الله أن يخلصك من هذه الشبكة وهي الشرك بالله الذي قال الله تعالى فيه (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ).
هذا إن شاء المولى تعالى هو الجواب عن سؤالك أخي الفاضل.
اللهم لا تؤاخذني بما يقولون واغفر لي ما لا يعلمون واجعلني خير مما يظنون.
ـ[المجدد]ــــــــ[04 - 01 - 07, 03:37 ص]ـ
أخي المبارك إن شاء الله
بالنسبة السؤال الأول
هل تقصد أن الإيمان هو الحنيفية، أو الإيمان هو التوحيد، أو الإيمان هو التوحيد، أم الإيمان هو جميع ما ذُكر.
أرجو التوضيح قليلا.
بالنسبة السؤال الثاني:
هل ترى أن الكفر هو الشرك، فإن كان الجواب كذلك فكيف تفسر لي قوله تعالى: (تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم) سورة غافر 42
والمعروف أن الأشهر عند العلماء التفريق.
بارك الله فيك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/184)
ـ[منير بن ابي محمد]ــــــــ[04 - 01 - 07, 04:44 م]ـ
الايمان يا أخي المبارك قد فسره النبي صلى الله عليه في حديث ابن عمر المتفق عليه:الايمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وبالقدر خيره وشره.
وبذلك فالايمان يشمل مسمى التوحيد و الملة الحنفية. هذا على وجه الاجمال.
أما على وجه التفصيل فهو كما نص أهل الحديث: أن الايمان: اعتقاد وقول وعمل وزاد بعضهم ونية وزاد آخرون وسنة.
من المعلوم بارك الله فيك تفريق أهل العلم بين الكفر والشرك فكل شرك كفر وليس كل كفر شرك فتنبه.
وقد يكفر الرجل كما هي قاعدة أهل السنة بالقول أو العمل المكفرين كما يكفر بالاعتقاد. بعد توفر الشروط وانتفاء الموانع. أظن أن المسألة قد وضحت.
ـ[المجدد]ــــــــ[05 - 01 - 07, 10:42 ص]ـ
أخي منير
سؤال بسيط أن تقول الإيمان على وجه التفصيل هو أن الايمان: اعتقاد وقول وعمل.
وأنا أسألك اعتقاد ماذا؟ وقول ماذا؟ و عمل ماذا؟
فإجابتك هي الإيمان الذي أمرنا الله به.
وأهل السنة والجماعة مجمعين: على أن (محل) الإيمان القلب واللسان والجوارح كما هو معلوم.
وعليه إذا عرفنا الإيمان الذي هو ضد الكفر نكون قد عرفنا الكفر الذي نهانا الشارع عنه.
والله أعلم
ـ[منير بن ابي محمد]ــــــــ[06 - 01 - 07, 01:40 ص]ـ
أخي منير
سؤال بسيط أن تقول الإيمان على وجه التفصيل هو أن الايمان: اعتقاد وقول وعمل.
وأنا أسألك اعتقاد ماذا؟ وقول ماذا؟ و عمل ماذا؟
بارك الله فيك أخي:
بما أنك مهتم بموضوع مسمى الإيمان والكفر.وفتحت معنا صفحات في موضع غير هذا.وأحببت كل هذه الرحلة فلا بأس أخي الحبيب.
مسألة الإيمان: اعتقاد وقول وعمل. معلومة عند صغار الطلبة مثلنا. ولا أظنها تخفى عليك.
وإن كنت أخي تريد الوصول إلى أمر. فمنذ البداية.
اعلم رحمني الله وإياك أن السلف مجمعون على أن الإيمان قول وعمل كما مر وقصدهم بذلك ما يالي:: القول:قول قلب وهو (الإعتقاد) وقول اللسان (الشهادتين ... ).
والعمل: عمل القلب (الرغبة والرهبة والحب والبغض ... ) وعمل اللسان (عموم الذكر -والقراءة في مواضع ... ) وعمل الجوارح (الركوع -السجود- ... ).
والله أعلم.
بقيت مسألة ما حكم من ترك شيء من هذه الأعمال أو الأقوال؟
وهذا سؤال موجه لك بارك الله فيك؟
ـ[منير بن ابي محمد]ــــــــ[06 - 01 - 07, 01:41 ص]ـ
جزاك الله خيرا.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[06 - 01 - 07, 07:16 ص]ـ
جواب خاطىء في ظني
الإيمان: هو قبول ما جاء به الوحيين بعد بلوغه
وفيما ذكر من التعريفات فإن أقرب من فسره بذلك هو الإمام محمد بن نصر المروزي
والله أعلم
الأخ المكرم: المجدد: التعبير بلفظة: " خاطئ " في الأمور التي لم يتعمدها صاحبها خطأ، لأن التعبير بلفظة " خاطئ " تكون لمن تعمد المخالفة واستحق العقاب، كما قال تعالى {{لا يأكله إلا الخاطئون}}، وأما من لم يتعمد المخالفة فيقال له "مخطئ" لا " خاطئ" كما قال تعالى {{ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}}.، وقد نبه على هذا الخطأ الذي يقع فيه كثير من الناس الشيخ العلامة ابن عثيمين في غير موضع من شروحه ولقاءاته.
أما قولك في تعريفك: " .. ما جاء به الوحيين ... " فهذا خطأ لغوي، والصواب والجادة أن تقول: " ... ما جاء به الوحيان ... " لأن " الوحيان " فاعل مرفوع وعلامة رفعه الألف لأنه ملحق بالمثنى.
والله الموفق.
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[06 - 01 - 07, 02:28 م]ـ
الحمد لله وحده ..
لا يفتأ أخونا المجدد أن ينثر بنيات أفكاره في مسائل الاعتقاد ..
في هذا الموضوع وغيره ..
أخشى أنه أخذ على عاتقه أن (يجدد) مباحث أهل الاعتقاد.
عفا الله عنه وبصره بالحق وألهمه رشده، وكبت شيطانه .. وسكّن فؤاده ..
وأراحنا وأراحه
ـ[أحمد بن حماد]ــــــــ[06 - 01 - 07, 04:44 م]ـ
أخشى أنه أخذ على عاتقه أن (يجدد) مباحث أهل الاعتقاد.
بارك الله فيكم، ونفع بكم .. هذا والله ما أشعر به عندما أقرأ كلام العضو "المجدد".
ـ[المجدد]ــــــــ[06 - 01 - 07, 08:58 م]ـ
الأخ علي الفضلي
شكر الله صنيعك وأحسنت أخي فيما انتقدت
وبالنسبة للثاني فقد كنت أريد أن أكتب الوحي فخشيت أن لا يفهم على وجهه.
============================================
الأخ الأزهري
تقبل الله سعيك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/185)
أظن أن النقاش انتهى من جهتك وسميته لغطا، فلمَ رجعت إليه.
============================================
الأخ أحمد بن حماد
تقبل الله عملك، الناس أخي لا يؤاخذون على الشعور وإنما على قولهم وعملهم
-------------------------------------------------------------------------------
ورجائي لمن لديه فائدة أو تعقيب بدون اتهام ولا تسفيه ولا تجريح فحيا هلا سهلا
وأما المشاركات التي فيها تنفيس مصدور، وتهجم مغرور،فليبحث له عن غير هذا الموضوع
فهو في حل مني
ـ[أبو الدرداء ياسين]ــــــــ[07 - 01 - 07, 08:16 م]ـ
الحمد لله و كفى و صلاة و سلاما على عبده المصطفى وبعده:
فبعد قراءتي للحوار الذي دار بين الأخ "الأزهري السلفي" و بين المجدد أقول:
بارك الله في علمك أيها "الأزهري السلفي" و نفع بك ونسأل الله لأخينا المجدد التوفيق و الهداية فقد انحرف قليلا عن الجادة بالنسبة إلى الموضوع محاولا أن يجتهد باجتهاد لم يسبق له مثيل و ذالك بأن قال: أخي همام بارك الله فيك
أين يقع الإيمان في العبد أو كيف يعمل العبد الإيمان الشرعي؟
الجواب هو ما نقلته عن الحافظ ابن منده رحمه الله: (الإيمان قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالأركان؛ يزيد وينقص). والعلماء عندما يوردون هذا التعريف إنما يوردونه جوابا عن هذا السؤال:"ما هو الإيمان؟ " و ليس مقابل " أين يقع الإيمان في العبد" و بصراحة أنا لم أستفد شيئا من أول مشاركة له سوى قوله: الإيمان: هو قبول ما جاء به الوحيين بعد بلوغه
مع ما في العبارة من خطإ نحوي ظاهر.
أشير أيضا إلى أن ردود ونصائح الأخ "الأزهري" كانت في محلها التي للأسف لم يعمل بها أخونا "المجدد" وفقه الله فما فتئ يعيد نفس الكلام و ينتقل للكلام عن موضوع آخر (الكفر) ليس بأقل صعوبة من موضوع الإيمان ..
في الختام ليس القصد من مشاركتي هذه الرد على أحد و بالأخص أخينا "المجدد" وإنما أردت النصيحة فقد آلمني بعض ما دار في الحوار.
_______________________________
قال بن تيمية رحمه الله:" العلم قول محقق أو نقل مصدق و ما سوى ذالك فباطل مزوق"
ـ[المجدد]ــــــــ[08 - 01 - 07, 12:03 ص]ـ
الأخ أبو الدرداء ياسين
دعك من تطويل الكلام وتكرارة بدون فائدة
هل يوجد فرق بين السؤالين التاليين:
ما هو الإيمان؟
ما هو محل الإيمان؟
مع العلم أن هناك إجماعا على أن محل الإيمان القلب واللسان والجوارح كما نقله الإمام محمد بن عبدالوهاب وابن القطان وغيرهم.
فإن قلت لا فأنت مكابر، وإن قلت نعم فأخبرنا ما هو الفرق
أما الخطأ الظاهر فأنا لا أتهرب كغيري فاعترفت للأخ علي الفضلي، فلماذا تعيد ما ذكره.
مع العلم أني كتبت " الإيمان: هو قبول ما جاء به الوحي بعد بلوغه " فخشيت أن لا تفهم
فغيرت كلمة الوحي إلى الوحيين حتى بدون تغير كلمة " بلوغه" وكان الأجدى بلوغهما.
مع العلم هذا الكلام خاضع للنقاش والأخذ والرد
والآن أبو الدرداء
ما الفرق بين السؤالين السابقين:
ما هو الإيمان؟
ما هو محل الإيمان؟
انتظرك
ـ[أبو خالد محمد حمزة]ــــــــ[08 - 01 - 07, 01:36 ص]ـ
بعد قراءة الحوار بين الأخوة المجدد و الأزهري السلفي ..
أقول: الأخ الأزهري ممن اعتاد التلقين و الحفظ دون إعمال العقل، فظهر له قول المجدد بالأمر الجديد رغم أنه لا يعدو أن يكون خلافا لفظيا، فلم يأت المجدد بجديد حتى الآن سوى التعبير عن معنى قديم بأسلوب مختلف.
و لكن الذين يحفظون دون إعمال العقل يفرقون بين تعريف الإيمان و تعريف محل الإيمان!
و أسأل الأخ المجدد سؤلا لعلنا نجد في إجابته الجديد المنتظر:
هل يمكن أن يكون قبول شئ من الوحيين بالقلب دون الجوارح؟ أم أن القبولين متلازمان؟
فإن كانا متلازمين فما حكم من يترك قبول (شئ) من الوحيين؟
و إن لم يكونا كذلك فما الفرق بين قبول القلب و قبول الجوارح؟ و ما تأثير ترك قبول الجوارح ل (شيء) على الإيمان؟
ننتظر ... ففي الإجابة إما أن ينتهي الحوار أو نرى الجديد!
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[08 - 01 - 07, 01:51 ص]ـ
الحمد لله وحده ...
يا أخ محمد حمزة نرجو منك أنت أن تعمل عقلك وتتكرم علينا وتتفضل وتقول لنا هل توافق أخاك المجدد على وجود خطإ في التعريف؟
وكيف جعلت (بعقلك) النزاع لفظيا مع قوله: هذه الإجابة خطأ؟؟؟
===
أخي المجدد وفقك الله ..
محل الإيمان عند أهل السنة هو القلب واللسان والجوارح ..
لكن هذا ليس هو الذي عرفه به أهل السنة وقد كررنا ذلك مرارا في سياق الموضوع!
فلم يقولوا: ((الإيمان هو القلب واللسان والجوارح))
فسؤالك عجيب!!
الإيمان هو التصديق والعلم والمعرفة التي في القلب وليس القلب نفسه ..
والقول من اللسان وليس اللسان نفسه ..
والأعمال التي على الجوارح وليس الجوارح نفسها ..
فمحل الإيمان: القلب واللسان والجوارح ..
والإيمان نفسه هو: التصديق والعلم والمعرفة (قول القلب) والعمل (في القلب).
والنطق بالإيمان (قول اللسان)
(والعمل) على الجوارح ..
فالإيمان قول وعمل ..
اعتقاد بالجنان وقول باللسان وعمل بالجوارح والأركان ..
ومشكلتك أخي المجدد كانت في السابق أنك لا تقبل ذكر المحل في التعريف، وأنت لا تدري لماذا ..
ولكني لا أدري بالضبط ما هي المشكلة الحالية.
===
أنتظر عقل أخي محمد حمزة ليبين لنا لماذا يُخطِّئ أخونا المجدد التعريف ..
وفقكما الله ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/186)
ـ[منير بن ابي محمد]ــــــــ[08 - 01 - 07, 01:58 ص]ـ
أخي منير
سؤال بسيط أن تقول الإيمان على وجه التفصيل هو أن الايمان: اعتقاد وقول وعمل.
وأنا أسألك اعتقاد ماذا؟ وقول ماذا؟ و عمل ماذا؟
فإجابتك هي الإيمان الذي أمرنا الله به.
وأهل السنة والجماعة مجمعين: على أن (محل) الإيمان القلب واللسان والجوارح كما هو معلوم.
وعليه إذا عرفنا الإيمان الذي هو ضد الكفر نكون قد عرفنا الكفر الذي نهانا الشارع عنه.
والله أعلم
بارك الله فيك أخي:
بما أنك مهتم بموضوع مسمى الإيمان والكفر.وفتحت معنا صفحات في موضع غير هذا.وأحببت كل هذه الرحلة فلا بأس أخي الحبيب.
مسألة الإيمان: اعتقاد وقول وعمل. معلومة عند صغار الطلبة مثلنا. ولا أظنها تخفى عليك.
وإن كنت أخي تريد الوصول إلى أمر. فمنذ البداية.
اعلم رحمني الله وإياك أن السلف مجمعون على أن الإيمان قول وعمل كما مر وقصدهم بذلك ما يالي:: القول:قول قلب وهو (الإعتقاد) وقول اللسان (الشهادتين ... ).
والعمل: عمل القلب (الرغبة والرهبة والحب والبغض ... ) وعمل اللسان (عموم الذكر -والقراءة في مواضع ... ) وعمل الجوارح (الركوع -السجود- ... ).
والله أعلم.
بقيت مسألة ما حكم من ترك شيء من هذه الأعمال أو الأقوال؟
وهذا سؤال موجه لك بارك الله فيك؟
ـ[المجدد]ــــــــ[08 - 01 - 07, 04:43 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال الأول:
هل يمكن أن يكون قبول شئ من الوحيين بالقلب دون الجوارح؟
الجواب:
أقول وبالله أستعين.
نعم يوجد شيء من الوحيين ما لا يكون قبوله إلا بالقلب فقط كالأخبار عن الأمم السابقة وأسماء الأنبياء واسماء الكتب المنزلة وغيرها كثير، فمثلا لو أخبرتك عن ملَكٍ اسمه مالك هو خازن النار كما جاء في القرآن الكريم فيجب عليك القبول به كما أخبر الله وهذا القبول يكون بالتصديق فقط ولا يتصور غير ذلك، فليس على هذا الإيمان عمل بالقلب (وليس قول القلب) ولا بالجوارح.
كما أنه يوجد من الوحيين ما لا يكون قبوله إلا بالقلب واللسان كالشهادتان (والذكر)، فمتى جاء بأحدهما لم يكن هذا من القبول كمن يزعم أنه آمن بقلبه ولم ينطق بلسانه بدون عذر مانع للنطق.
فهذا ليس بمؤمن أصلا، وهل يسمى من ترك عمل اللسان كافرا؟
نقول ما سماه الله ورسوله كفرا فهو كذلك، وما سكت عنه فليس بكفر كمن ترك الذكر ومنه قرآءة القران فهذا بإحماع المسلمين (المؤمنين) ليس بكفر، وعليه ليس بكافر.
كما أنه يوجد من الوحيين ما لا يكون قبوله إلا بالقلب والجوارح كسائر العبادات التي أمر بها الشارع كالصلاة وغيرها، وقد سمى الله الصلاة إيمانا في كتابه.
هذا باختصار، وأما جواب على بقية السؤال: "أم أن القبولين متلازمان؟ "
يكون التلازم بين قبول القلب والجوارح كما في الصورة الأخيرة كالصلاة وغيرها من العبادات، وهذا التلازم بين الظاهر والباطن تكلم عليه شيخ الإسلام كثيرا، أما في الصورة الأولى فليس هناك عمل بالجوارح أصلا حتى يكون بينهما تلازم.
والله أعلم
================================================== =====
السؤال الثاني:
فإن كانا متلازمين فما حكم من يترك قبول (شئ) من الوحيين؟
هذا بيّنته لك فيما مضى، ولا مانع من التأكيد عليه ردا على سؤال الأخوين مصطفى بن جعفر ومنير بن أبي محمد.
فأقول وبالله أستعين.
قال الله تعالى: (وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا) صدقا في الأخبار وعدلا في الأوامر والأحكام كما جاء عن غير واحد من السلف رضوان الله عليهم أجمعين، فما جاء عن الله أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم فيجب القبول به فمن قبل به كان مؤمنا مستحقا للجنة التي وعد الله بها المؤمنين، وعلق حكم الثواب بالجنة على مسمى الإيمان دون مسمى الإسلام كما هو في كتابه الكريم.
وعليه:
كيف يكون قبول الأخبار والأوامر (الأحكام)؟ أو قل كيف يكون إيقاعها من العبد حتى يكون مؤمنا؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/187)
فنقول أما الأخبار المجردة كأسماء الملائكة أو الرسل أو الكتب أو غيرها من الأخبار المجردة فهذه الأخبار يكون قبولها من العبد هو التصديق، ومن لم يصدق بعد بلوغه الوحي فهو كافر بالله العظيم، وليس مراد الشارع ذكر هذه الأسماء والقبول بها دون مجمل القصة والأتعاظ بها وأخذ العبرة منها كما قال تعالى: (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون)،
إلا أنه يوجد في الوحي أسماء يجب التصديق بها كأسماء الله ويجب العمل بها فليس الإيمان بالله هو الإيمان باسمه فقط، بل تحقيق الإيمان بالله غير تحقيق الإيمان بأسماء الله فالثاني داخل في الأول ولا شك، وعليه فمن آمن بأسماء الله وهو المعرفة أو التصديق فقط دون العمل كان قوله من جنس قول غلاة الجهمية الذين كفرهم السلف.
فالأسماء المجردة يجب القبول بها بعد خبر الشارع، ويكون القبول بالتصديق لا غير،كلإيمان بالزبور فليس على هذا الإيمان عمل لا في القلب ولا الجوارح، وهذا بخلاف أسماء أخر كأسماء الله فإن التصديق بها جزء من القبول بها لا يتم حتى تستكمل من عمل القلب وعمل الجوارح.
وأما الأوامر والأحكام فإن القبول بها يكون بالتصديق الذي في القلب، وبعمل القلب كالخشية والرهبة وغيرها من أعمال القلوب، وبالجوارح كالأعمال الظاهرة كالصلاة والحج وغيرها.
فمن ترك شيئا من الأعمال الظاهرة كان هذا نقصا في إيمانه، وقد يكون هذا النقص كفرا أو دون ذلك، ولا يمكن معرفة هذا النقص كفر إلا عن طريق الشارع فما سماه كفرا فليس لنا سبيل غير ذلك، وما نفى عنه الإيمان دون تسميت هذا الفعل كفرا فهو مؤمن ناقص الإيمان أو نقول مؤمن بإيمانه وفاسق بكبيرته.
فمثلا سباب المسلم فسوق فلايجوز لنا أن نكفر من سب رجلا مسلما، لأن الشارع لم يسمه كفرا، وإنما هو فسوق كما قال صلى الله عليه وسلم.
ويوجد هناك مباحث نتركها لحينها والله أعلم
================================================== =====
السؤال الثالث:
و إن لم يكونا كذلك فما الفرق بين قبول القلب و قبول الجوارح؟ و ما تأثير ترك قبول الجوارح ل (شيء) على الإيمان؟
هذا سبق شرحه بما فيه كفايه.
اللهم إني أعوذ بك أن أَضِلَ أو أُضَل، أو أَزِل أو أُزَل أو أَجهل أو يُجهل عليّ
والله أعلم
ـ[أبو خالد محمد حمزة]ــــــــ[08 - 01 - 07, 11:09 ص]ـ
الأخ الأزهري السلفي:
قال الأخ المجدد:
(أن الإيمان: هو اعتقاد بالجنان وقول باللسان وعمل بالأركان يزيد بالطاعة وينقصبالعصيان
جواب خاطىء في ظني
لأن السؤال لو كان كيف يقوم الإيمان بالمرء؟ أوما محل الإيمان في الإنسان؟
لكان الجواب هو ما سبق تعريفه (. أ. هـ
فهو لا ينكر المعنى، و لكن يُنكر أن يكون جوابا لسؤال ما تعريف الإيمان، و هو مصيب في ذلك، فهذا ليس تعريفا للإيمان و لكنه وصفا للإيمان، فما سبق (اعتقاد بالجنان) (قول بالسان) ... إلخ من صفات الإيمان و لكنه ليس التعريف، فالتعريف هو تحديد ماهية الشئ، و منشأ الخلط هو عدم التفريق بين ماهية الإيمان و صفاته، و الظن أن تحديد الماهية يكون بتعديد كل الصفات.
و تعريف الإيمان في السنة ليس كتعريف المجدد لفظا و لكن يوافقه في المعنى. فالإيمان في النص هو الإيمان بالله ملائكته و كتبه و رسله و القدر. و كل هذه الأمور جاء بها الوحي.
لعل الإشكال يكون قد اتضح الآن.
الأخ المجدد
أعتقد من يقرأ ردك على الأسئلة يرى أنك تتفق مع أهل السنة، و أن الأمر لم يتعد الخلاف اللفظي.
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[08 - 01 - 07, 11:23 ص]ـ
وقفة مع جواب العلامة المجدد كان الله له
السؤال الأول:
هل يمكن أن يكون قبول شئ من الوحيين بالقلب دون الجوارح؟
الجواب:
أقول وبالله أستعين.
نعم يوجد شيء من الوحيين ما لا يكون قبوله إلا بالقلب فقط كالأخبار عن الأمم السابقة وأسماء الأنبياء واسماء الكتب المنزلة وغيرها كثير، فمثلا لو أخبرتك عن ملَكٍ اسمه مالك هو خازن النار كما جاء في القرآن الكريم فيجب عليك القبول به كما أخبر الله وهذا القبول يكون بالتصديق فقط ولا يتصور غير ذلك، فليس على هذا الإيمان عمل بالقلب (وليس قول القلب) ولا بالجوارح.
كما أنه يوجد من الوحيين ما لا يكون قبوله إلا بالقلب واللسان كالشهادتان (والذكر)، فمتى جاء بأحدهما لم يكن هذا من القبول كمن يزعم أنه آمن بقلبه ولم ينطق بلسانه بدون عذر مانع للنطق.
فهذا ليس بمؤمن أصلا، وهل يسمى من ترك عمل اللسان كافرا؟
نقول ما سماه الله ورسوله كفرا فهو كذلك، وما سكت عنه فليس بكفر كمن ترك الذكر ومنه قرآءة القران فهذا بإحماع المسلمين (المؤمنين) ليس بكفر، وعليه ليس بكافر.
كما أنه يوجد من الوحيين ما لا يكون قبوله إلا بالقلب والجوارح كسائر العبادات التي أمر بها الشارع كالصلاة وغيرها، وقد سمى الله الصلاة إيمانا في كتابه.
هذا باختصار!!
انتهى كلام العلامة!!
ياعلامة زمانك المسلم يؤمن بأنبياء الله بالتصديق القلبي وهذا التصديق ليس عمل بالقلب كما تزعم وليس قول القلب؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
يعني يصدق فقط أن هناك نبي بعثه الله؟؟؟ ولكن لايجب عليه أن يحبه على زعمك بل يمكن أن يبغضه!!! المهم أن يصدق به فقط
ولاترى -ياعلامة زمانك- أن التصديق عمل للقلب!!!
فتقول ياعلامة<<< فالأسماء المجردة يجب القبول بها بعد خبر الشارع، ويكون القبول بالتصديق لا غير،كلإيمان بالزبور فليس على هذا الإيمان عمل لا في القلب ولا الجوارح، وهذا بخلاف أسماء أخر كأسماء الله فإن التصديق بها جزء من القبول بها لا يتم حتى تستكمل من عمل القلب وعمل الجوارح.>>>.
يا مجدد شي عجيب انت ملخبط!! معقولة تقول التصديق ماهو عمل **عجايبك كثيرة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/188)
ـ[المجدد]ــــــــ[08 - 01 - 07, 02:11 م]ـ
الأخ عبدالله بن خميس
قولي:" فليس على هذا الإيمان عمل بالقلب (وليس قول القلب) ولا بالجوارح."
ما بين القوسين ربما يوهم فلو حذفته لتم المعنى واتضح
يعني " فليس على هذا الإيمان عمل بالقلب ولا بالجوارح " ليس إلا قول القلب هذا ما أردت وانظر
إلى قولي "،كلإيمان بالزبور فليس على هذا الإيمان عمل لا في القلب ولا الجوارح " تجده واضحا.
وما ذكرته من أني علامة كان الأجدى أن تترك هذا التنابز فهو لا يصلح لمن هو مثلك بارك الله فيك.
ولو سألتك أيها المفضال ما الواجب عليك تجاه مَلَكٍ اسمه ميكائيل، أو كيف الإيمان بهذا؟
انتظر جوابك
================================================== =======
الأخ أبو خالد محمد حمزة
جزاك الله خيرا على الإيضاح، وهذا ما أردته من الأخ الكريم الأزهري ولكنه لم يفهم مرادي ولعله بسبب سوء تعبيري وليعذرني أخي الأزهري.
ولدي تعقيب على ما تفضلت به بقولك:
"أعتقد من يقرأ ردك على الأسئلة يرى أنك تتفق مع أهل السنة، و أن الأمر لم يتعد الخلاف اللفظي "
أخي أنا أتفق مع أهل السنة بأن الإيمان يقع في القلب واللسان والجوارح، ولكن الإيمان من حيث ماهيته مغاير لهذا وقد عرف الإيمان غير واحد من السلف أعني ماهية الإيمان ولكنهم ذكروا بعض أفراد الإيمان كما ذكرت كالإيمان بالله وملائكته و ... و ... ، وأنا حاولت أن أجعلها في تعريف واحد فقط، فإن أصبت فالحمد لله، وإن أخطأ فاستغفر الله وأتوب إليه.
إلا أن أهل السنة الغالب عليهم عند تعريف الإيمان أرادوا الرد على المخالفين لهم في لوازمه لا في أصله، ولذلك في حديث جبريل المشهور كان جواب النبي صلى الله عليه وسلم واضحا تماما
عن الإيمان فقال: {أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ... } وهذا هو ما جاء به الوحيان واختصار النبي على هذه الستة لأنها الأصل في الإيمان.
والله أعلم
ـ[أبو الدرداء ياسين]ــــــــ[08 - 01 - 07, 04:50 م]ـ
ولكن الإيمان من حيث ماهيته مغاير لهذا وقد عرف الإيمان غير واحد من السلف أعني ماهية الإيمان ولكنهم ذكروا بعض أفراد الإيمان كما ذكرت كالإيمان بالله وملائكته و ... و ... ، وأنا حاولت أن أجعلها في تعريف واحد فقط، فإن أصبت فالحمد لله، وإن أخطأ فاستغفر الله وأتوب إليه.
هل أفهم من كلامك هذا أن قول النبي صلى الله عليه و سلم لجبريل:"الإيمان أن تؤمن بالله و ملائكته ... " عندما سأله "ما الإيمان؟ " هو تعريف لماهية الإيمان؟؟ كما يدل عليه قولك " ولكن الإيمان من حيث ماهيته مغاير لهذا وقد عرف الإيمان غير واحد من السلف أعني ماهية الإيمان ولكنهم ذكروا بعض أفراد الإيمان كما ذكرت كالإيمان بالله وملائكته و ... و ... ".
وإذا لم يكن ذالك كذالك فأرجو أن تعطينا أنت تعريفك للإيمان؟ أقصد أن تحدد لنا "ماهية الإيمان بارك الله فيك.
___________________________
من لم يأت بالدليل ضل السبيل.
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[09 - 01 - 07, 04:09 ص]ـ
علامة زمانه المجدد من البلية تبجحك وتعالمك حيث أنك تحكي قول أهل السنة ثم تخالفه ولاتريد أن نسميك علامة زمانه؟؟؟
طيب ياعلامة يامجدد!! البذاذة من الإيمان وهي غير داخله في ما تحاول جعله تعريفا للإيمان
وإماطة الأذى من الطريق من الإيمان وعلى تعريفك لايدخل يامجدد!!!!!!!!!!!!!
لاتحسب نفسك ستأتي بشي لم تأت به الأوائل واتهم عقلك %%وإني وإن كنت الأخير زمانه @@@لآت بما لالم تستطعه الأوائل@@@@@@@@
فالسلف أعلم واتقى وأضبط منك يامجدد(32/189)
هنا (بيان بعض الملحوظات العقدية) لعلي جمعة مفتي الديار المصرية
ـ[الاستاذ]ــــــــ[11 - 11 - 05, 08:03 م]ـ
هذه مجموعة من فتاوى مفتي الديار المصرية علي جمعة الشيعي الصوفي , وفيها تظهر شخصية الرجل على حقيقته , حتى لا يغتر به المغترون.
ـ[الاستاذ]ــــــــ[11 - 11 - 05, 08:05 م]ـ
اعترافه أنه صوفي هو وجل الحاضرين
ـ[الاستاذ]ــــــــ[11 - 11 - 05, 08:14 م]ـ
افتراؤه بما يسميه الوهابية وادعاؤه أنهم تعاونوا مع الإنجليز والفرنسيين
ـ[الاستاذ]ــــــــ[11 - 11 - 05, 08:18 م]ـ
إفتراؤه على بن العثيمين
ـ[الاستاذ]ــــــــ[11 - 11 - 05, 08:21 م]ـ
إقرار بردة البوصيري
ـ[الاستاذ]ــــــــ[11 - 11 - 05, 08:23 م]ـ
الأخلاق والأمانة موجودة في النصراني وليست موجودة في المسلمين
ـ[الاستاذ]ــــــــ[11 - 11 - 05, 08:26 م]ـ
الإسبال والاستهزاء بالملتزمين بالسنة
ـ[الاستاذ]ــــــــ[11 - 11 - 05, 08:28 م]ـ
التوسل بالرسول وطلب الغوث منه ليس بمعصية
ـ[الاستاذ]ــــــــ[11 - 11 - 05, 08:31 م]ـ
الرسول مخلوق من نور
ـ[ابو الحسن الأكاديري]ــــــــ[11 - 11 - 05, 08:44 م]ـ
جزاك الله خيرا على هدا البيان الواضح
ـ[العكاشى]ــــــــ[11 - 11 - 05, 10:26 م]ـ
السلام عليكم
يا استاذ الاستاذين اجزيت خيرا هل من مزيد اخوك العكاشى
ـ[الاستاذ]ــــــــ[11 - 11 - 05, 10:49 م]ـ
لك ما طلبت أيها الحبيب
السبب في تعدد طرق الصوفية
ـ[الاستاذ]ــــــــ[11 - 11 - 05, 10:54 م]ـ
الشافعي وابن حجر والنووي كانوا صوفية
ـ[الاستاذ]ــــــــ[11 - 11 - 05, 10:55 م]ـ
الصحابة كانوا أشاعرة
ـ[الاستاذ]ــــــــ[11 - 11 - 05, 11:00 م]ـ
الطواف حول قبور الأولياء و الصالحين ليس من الشرك في شيء (1
ـ[الاستاذ]ــــــــ[11 - 11 - 05, 11:03 م]ـ
الطواف حول قبور الأولياء و الصالحين ليس من الشرك في شيء (2
ـ[الاستاذ]ــــــــ[11 - 11 - 05, 11:06 م]ـ
الصلاة التفريجية
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[11 - 11 - 05, 11:06 م]ـ
بوركتم
ذكرتم انه صوفي
فما الدليل على انه شيعي?
وفقكم الله
ـ[أبو عبدالكريم الملاح]ــــــــ[12 - 11 - 05, 01:00 ص]ـ
جزاك الله عنا كل خير أستاذنا الكريم ونفعنا بعلمك وبارك الله فيك
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[12 - 11 - 05, 01:56 ص]ـ
وهذه كائنة أخرى من كوائن هذا المبتدع التي لا تنقضي.
ـ[أبو عامر السلفي]ــــــــ[12 - 11 - 05, 10:13 ص]ـ
كل ذلك وفي النهاية هو المفتي
حسبنا الله ونعم الوكيل
ـ[سيف 1]ــــــــ[12 - 11 - 05, 12:11 م]ـ
سمعت أن الرجل خريج كلية تجارة أصلا!
ـ[أبو صلاح]ــــــــ[12 - 11 - 05, 01:49 م]ـ
نعم هو كذلك, ثم اتجه للدراسة في الأزهر إلى أن تخرج فيه وأصبح أستاذا لأصول الفقه!!!!!!!!
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[12 - 11 - 05, 03:48 م]ـ
السلام عليكم ورحمه الله ليس دفاعا عنه هو فى اصول الفقه متميز اقرا له كتاب الاجماع!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! اعتقد انه كتاب جيد وهو عندى اشتريته من حوالى سنتين قبل ان اعرف انه صوفى اشعرى
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[12 - 11 - 05, 04:00 م]ـ
الشافعي وابن حجر والنووي كانوا صوفية بل سمعته يقول كانوا اشاعره والسى دى عندى
ـ[محمد الأثري]ــــــــ[12 - 11 - 05, 04:23 م]ـ
أرى هذه وقاحة وقلة حياء منك وأنت تتكلم على هذا العلم الجليل و أنا من أخبر الناس به
ـ[أحمد علاء الدين]ــــــــ[12 - 11 - 05, 04:39 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اشتهر عن الإمام مالك ابن أنس رحمه الله أنه قال إن هذا العلم دين فانظروا عمّن تأخذون دينكم
ـ[ابو عبد الله الرباطي]ــــــــ[12 - 11 - 05, 05:15 م]ـ
شكرا أخي لقد أبدعت و أجدت و نفعت كل طالب حق
ـ[الاستاذ]ــــــــ[12 - 11 - 05, 07:28 م]ـ
أرى هذه وقاحة وقلة حياء منك وأنت تتكلم على هذا العلم الجليل و أنا من أخبر الناس به
أيها الحبيب: ولا تنابزوا
ولا حول ولا قوة إلا بالله , لقد رأينا الأثري يدافع عن المبتدع الضال.
والمهم , أنك أثري!!
فأي أثر تقتدي؟!
وبأي أثر تهتدي؟!
ـ[الاستاذ]ــــــــ[12 - 11 - 05, 07:39 م]ـ
وللأثرين أمثالك , نهديهم هذه الباقة:
المرسي أبو العباس كان يرى الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في اليقظة كل يوم
ـ[الاستاذ]ــــــــ[12 - 11 - 05, 07:42 م]ـ
الموسيقى صوت حسنه حسن وقبيحه قبيح
ـ[الاستاذ]ــــــــ[12 - 11 - 05, 07:44 م]ـ
الميت قد يكون له كرامة كأن يقابلك بالحج
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[12 - 11 - 05, 07:49 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[الاستاذ]ــــــــ[12 - 11 - 05, 07:49 م]ـ
الولي قد يكون زانيا ومدخنا الشيشة وهو يحدث
ـ[الاستاذ]ــــــــ[12 - 11 - 05, 07:53 م]ـ
أهم طرق الصوفية التي نشرت الإسلام في أوربا
ـ[الاستاذ]ــــــــ[12 - 11 - 05, 08:02 م]ـ
حكم المظاهرات
ـ[الاستاذ]ــــــــ[12 - 11 - 05, 08:04 م]ـ
دلائل الخيرات
ـ[الاستاذ]ــــــــ[12 - 11 - 05, 08:07 م]ـ
طعنه في السعودية، وفي الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وأنه من الخوارج
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/190)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[12 - 11 - 05, 08:08 م]ـ
الملف في المشاركة 34 هو نفسه الذي رفعته أنا،حتى لا يحمله الأخوة مرتين
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[12 - 11 - 05, 08:45 م]ـ
أرى هذه وقاحة وقلة حياء منك وأنت تتكلم على هذا العلم الجليل و أنا من أخبر الناس به لقد قال ذلك وسمعته باذنى وعندى السى دى وهناك طامات اخرىلم يذكر اخونا الاستاذ
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[12 - 11 - 05, 10:50 م]ـ
جزاكم الله خير ايا أستاذنا، فلم أكن أعلم عنه هذه الطامات.
ـ[أبو عمرو المغربي]ــــــــ[13 - 11 - 05, 02:22 ص]ـ
لكن السؤال الذي يثيرني لماذا يدافع محمد الأثري عن الشيخ علي جمعة دون أدلة علمية تأصيلية كما فعل الأخ الأستاذ هل أصبح ملتقى أهل الحديث يضم أنصار المبتدعة و لا حول و لاقوة إلا بالله
ـ[الدر المصون]ــــــــ[13 - 11 - 05, 02:39 ص]ـ
علي جمعة ... اسمه مسطورٌ في ضمن قائمة المفتين في موقع إسلام اليوم فهل يعتبر هذا تزكية له أم ماذا؟؟
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[13 - 11 - 05, 02:47 ص]ـ
قد يفيد العكس.
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[13 - 11 - 05, 04:11 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الاستاذ، وجزاك خيراً على نصحك.
ـ[الدر المصون]ــــــــ[13 - 11 - 05, 06:15 ص]ـ
علي جمعة ... اسمه في ضمن قائمة المفتين في موقع إسلام اليوم فهل هذا تزكية له أم ماذا؟؟؟!
وأرجو عدم الحذف ...
ـ[الدر المصون]ــــــــ[13 - 11 - 05, 06:54 ص]ـ
قد يفيد العكس .. هل هذه حيدة أم ماذا؟؟
من كان همه نُصرة الحق والذب عن السنة فليقل الحق ولا يخاف في الله لومة لائم ... والله المستعان
ـ[الاستاذ]ــــــــ[13 - 11 - 05, 07:13 ص]ـ
علي جمعة ... اسمه في ضمن قائمة المفتين في موقع إسلام اليوم فهل هذا تزكية له أم ماذا؟؟؟!
وأرجو عدم الحذف ...
اعلم أيها الأخ الحبيب الطالب للحق- إن شاء الله- الدر المصون - صانك الله-.
أن منصب الإفتاء هو منصب إداري , من قبل رئيس الدولة , يتولاه من يراه - رئيس الدولة- صالحًا لذلك , ولا علاقة له بالإهلية ولا بالتقوى كما نقرأ فى الكتب.
فيتولاه الصوفي , لا فرق.
يتولاه الأشعري, لا فرق.
يتولاه المنحرف عقديًا , لافرق.
يتولاه علي جمعة , لا فرق.
لأنها مصدر لأكل العيش.
وإن أحببت أن تعرف الكثير عن الرجل , فعليك بالذهاب إلى الحوزة العلمية- أي دروسه كما يسميها هو بنفسه- التي يعقدها في رواق الأزهر وأنت ترى من يحضر له.
ويكفي أنه حبيب التيجانية الأفارقة في القاهرة.
والسلام
ـ[أبو إبراهيم الحنبلي]ــــــــ[13 - 11 - 05, 02:58 م]ـ
أثابك الله ..
ـ[محمد الحريص]ــــــــ[13 - 11 - 05, 04:13 م]ـ
جزَاكَ اللهُ خيراً
ـ[سيف 1]ــــــــ[13 - 11 - 05, 05:16 م]ـ
قلبي يدمي لما اصاب الأزهر الشريف فليست هذه مصر وليس هذا هو الأزهر وحسبي الله ونعم الوكيل
ان ما حدث هو نجاح ساحق لخطة تجفيف المنابع منذ الغاء لجنة كبار العلماء في الأزهر وجعل منصب المشيخة والأفتاء بالتعيين من قبل رئيس الجمهورية
ـ[الاستاذ]ــــــــ[13 - 11 - 05, 07:36 م]ـ
طعنه في الشيخ الألباني (1)
ـ[الاستاذ]ــــــــ[13 - 11 - 05, 07:42 م]ـ
طعنه في الشيخ الألباني 2
ـ[الاستاذ]ــــــــ[13 - 11 - 05, 07:48 م]ـ
علماء سنة في أسبوعين
ـ[الاستاذ]ــــــــ[13 - 11 - 05, 07:53 م]ـ
على المسيحي أن يتمسك بكتابه وألا يخرج من المسيحية إلى الإلحاد
ـ[الاستاذ]ــــــــ[13 - 11 - 05, 08:05 م]ـ
عمر توسل بالعباس إرضاءً له!!
ـ[الاستاذ]ــــــــ[13 - 11 - 05, 08:16 م]ـ
كذبه وادعاؤه أنه رأى النبي في اليقظة
ـ[الاستاذ]ــــــــ[13 - 11 - 05, 08:23 م]ـ
كسب مدرس الموسيقى حسب الموسيقى
ـ[الاستاذ]ــــــــ[13 - 11 - 05, 08:34 م]ـ
لا إمام
ـ[الاستاذ]ــــــــ[13 - 11 - 05, 08:40 م]ـ
لا تقرأ أوراد الصوفية إلا على شيخ
ـ[أبو إسلام عبد ربه]ــــــــ[14 - 11 - 05, 12:38 ص]ـ
الأخ الفاضل: محمد الأثري
هل أسلوب النقد يكون بمثل أسلوبك هذا؟!!!!
إذا كنت – أخي الكريم – ترى أن ما يُنسب إلى المفتي ليس صحيحا فالواجب عليك أن تُثبت ذلك بالطريقة التي يعرفها اهل العلم
وذلك بأن تقوم بتفنيد كل شبهة وإثبات عدم صحة كل جزئية نُسبت إليه
فأنا مثلا لا أعرفه ولم أسمع له ولم أقرأ له لذلك لا يمكنني تفنيد ما يُنسب إليه
أما أنت أخي الكريم فكما قلت أنت أنك من أخبر الناس به؛ لذلك أرى أن من الواجب عليك أن تنقل لنا من أقواله ما يبين عدم صحة ما يُنسب إليه على الشبكة هنا وفي المواقع الأخرى , خاصة وأنني أرى أنهم يستدلون على صدق اتهامهم بمقاطع صوتية له , فإذا كان ذلك زورا فعليك إثباته بالأدلة الواضحة بذكر كلامه مع ذكر المصدر بحيث يمكننا التأكد من صدق ما تنسبه إليه
وأنا أتمنى أن يكون الرجل بريئا مما يُنسب إليه , ولكن ليس بالهتافات , وإنما بالبراهين0
وفي انتظار براهينك أخي الحبيب
ـ[أبو محمد]ــــــــ[14 - 11 - 05, 01:39 ص]ـ
موضوع مهم .. جزيت خيرا أخي الكريم.
وحبذا لو أن أحد الإخوة القريبين من سماحة مفتي المملكة يوصل له هذه الصوتيات حتى يكون هو وإخوانه من العلماء منه على حذر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/191)
ـ[أم حبيبة م. فهمي]ــــــــ[14 - 11 - 05, 05:24 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الكثير يعجب كثيرا بأقواله الفقهية و باستدلالاته و طريقته في الكلام، و منهم أقاربي
فما الجواب على ذلك اخوتي
و ما هي الطريقة المثلى من التحذير منه دون الخوض في نقاشات صعبة ..
بارك الله فيكم
أمة الله
ـ[الاستاذ]ــــــــ[14 - 11 - 05, 06:14 ص]ـ
اهديهم هذه الملفات الصوتية , فهي كافية إن شاء الله.
ـ[أسامة عباس]ــــــــ[14 - 11 - 05, 07:15 ص]ـ
بالنسبة لإهدائهم هذه الملفات الصوتية .. قد يكون كافيًا إن كانوا سلفيين .. أو على الأقل إن كانوا على الفطرة السليمة ..
أما إن كانوا من محبي التصوف .. أو كانوا من المفتونين به .. فلن يجدي هذا .. بل قد يؤدي لنتيجة عكسية وهي اعتقاد صحة كل ما في هذا الملفات .. !!
الأمر إذن يحتاج إلى الكثير من الحكمة .. وتوضيح أن يكون مرجعنا كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .. وفق فهم سلفنا الصالح .. فإذا ترسخ هذا في أذهانهم فعندها نوضح ونبين أن كل بشر يؤخذ من قوله ويرد إلا النبي .. وبعدها سيكون الأمر ميسورًا بإذن الله ..
والأمر يحتاج إلى مزيد تفصيل وبيان .. لعل أحد المشايخ يتحفنا به .. والله الموفق ..
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[14 - 11 - 05, 12:29 م]ـ
بالنسبة لإهدائهم هذه الملفات الصوتية .. قد يكون كافيًا إن كانوا سلفيين .. أو على الأقل إن كانوا على الفطرة السليمة ..
أما إن كانوا من محبي التصوف .. أو كانوا من المفتونين به .. فلن يجدي هذا .. بل قد يؤدي لنتيجة عكسية وهي اعتقاد صحة كل ما في هذا الملفات .. !!
الأمر إذن يحتاج إلى الكثير من الحكمة .. وتوضيح أن يكون مرجعنا كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .. وفق فهم سلفنا الصالح .. فإذا ترسخ هذا في أذهانهم فعندها نوضح ونبين أن كل بشر يؤخذ من قوله ويرد إلا النبي .. وبعدها سيكون الأمر ميسورًا بإذن الله ..
والأمر يحتاج إلى مزيد تفصيل وبيان .. لعل أحد المشايخ يتحفنا به .. والله الموفق ..
كلام صحيح ومجرب كثيرا
ـ[الاستاذ]ــــــــ[14 - 11 - 05, 07:06 م]ـ
أرسل لي على بردي الخاص الأخ ضعيف هذه الرسالة:
اخي الاستاذ ا
الشيخ علي جمعة كان منتسبا للازهر وهو يحمل شهادة التجارة
وكان يعمل محاسبا في جامعة محمد بن سعود واعتقل بالريض بتهمة الانتماء لحزب التحرير الاسلامي ومكث في السجن بالرياض ستة اشهر
وكان عضوا في مصر في جماعة تدعي المهدوية وكان مقرها
حي المعادي بالقاهرة وهو متاثر جدا بالمدرسة الغمارية
وكان يشتغل ببيع الكتب علي سور الازهر
وفي بعض الاوقات كان يتهم بالعمالة لمباحث امن الدولة
ارجو ان تنشر كل ما سبق وهو صحيح الف في المائة
واذكر لماذا هو شيعي
ضعيف
ـ[الاستاذ]ــــــــ[14 - 11 - 05, 07:15 م]ـ
لا يوجد (أهل كتاب) الآن
ـ[الاستاذ]ــــــــ[14 - 11 - 05, 07:19 م]ـ
مدحه للزنديق علي الخواص شيخ الزنديق الشعراني
ـ[الاستاذ]ــــــــ[14 - 11 - 05, 07:22 م]ـ
مذهب الأشعري هو هو مذهب أهل السنة
ـ[الاستاذ]ــــــــ[14 - 11 - 05, 07:27 م]ـ
من ليس بأشعري فهو مجسم ضال وليس من أهل السنة والجماعة
ـ[الاستاذ]ــــــــ[14 - 11 - 05, 07:29 م]ـ
ولي الحال تحدث لهم حالة أحيانا فيكون ولي مستجاب الدعاء
ـ[الاستاذ]ــــــــ[14 - 11 - 05, 07:34 م]ـ
يجوز التوسل بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[15 - 11 - 05, 12:44 ص]ـ
قليلاً ما تجد مَنْ يزن أخطاء الآخرين دون أن يضع إبهامه على كفة الميزان.
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[15 - 11 - 05, 01:13 ص]ـ
الأخ طلال العولقي: ليس كل أحد تستخدم معه الميزان فمثل هذا إذا كان يدعو للبدعة فالنصيحة هي التحذير منه خاصة أن من يتبعه سيقع في شركيات وصوفيات؟؟
فهل ترضى أن يتبعه أحد بناء على ثنائك عليه وتتحمل وزر وقوعه في البدعة؟
فالميزان مطلوب ولكن ليس لكل أحد وليس في كل وقت؟
ـ[الاستاذ]ــــــــ[15 - 11 - 05, 02:23 ص]ـ
قليلاً ما تجد مَنْ يزن أخطاء الآخرين دون أن يضع إبهامه على كفة الميزان.
أي ميزان بارك الله فيك مع من يتفوه بهذا الكلام , ويتبوأ هذا المنصب؟!
ثم إننا لا نحاكمه هنا , بل نبين بعض من عقيدة الرجل وفكره , وكل إناء بما فيه ينضح.
وأظن أن أهل السنة من أضبط الناس في الميزان , فهم لا يطففون ولا يكتالون.
ـ[العوضي]ــــــــ[15 - 11 - 05, 08:18 ص]ـ
ما هذه الملفات الصوتية المدبلجة ده علي جمعة ناصر البدعة
إهدا ء مني لمحبي علي جمعة
يدعي فيه أنه رأى النبي عليه الصلاة والسلام يقظه!!!
اضغط هنا ( http://www.sahab.net/sahab/attachment.php?s=&postid=434414)
وإلى المزيد إن شاء الله
ـ[الاستاذ]ــــــــ[15 - 11 - 05, 06:46 م]ـ
يجوز العمل في إرسال الأغاني عن طريق رنة التليفون
ـ[الاستاذ]ــــــــ[15 - 11 - 05, 07:56 م]ـ
يجوز ترميم الآثار وأضرحة المساجد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/192)
ـ[الاستاذ]ــــــــ[15 - 11 - 05, 07:58 م]ـ
يجوز تقبيل السور الحديدي حول قبر الحسين 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -
ـ[الاستاذ]ــــــــ[15 - 11 - 05, 08:00 م]ـ
يجوز سماع أم كلثوم في الأغاني الدينية
ـ[الاستاذ]ــــــــ[15 - 11 - 05, 08:01 م]ـ
يجوز ضرب الرجال على الدف في الأفراح الإسلامية
ـ[الاستاذ]ــــــــ[15 - 11 - 05, 08:02 م]ـ
يجوز طباعة النوت الموسيقية
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[15 - 11 - 05, 10:01 م]ـ
بارك الله فيكم
اخي الاستاذ
شكر الله لك ما تقوم به من كشف لحقيقة هذا الرجل ولكن
كلمات مني لك ولاخواني وهي يعلم الله اني امحض فيها النصح
لما تجمعنا بكم من اخوة العقيدة والمنهج
فان شئت فاقبلها
والا فان ذاكرة النسيان تسع لها
الحسنة لاتمنع من الرد والنصح، والسيئة لاتمنع من الانتفاع.
والناس لا يصلحهم عالم لا رحمة فيه، أو رحيم لا علم معه، فالأول يطغيهم، والآخر يرديهم في انحطاط الجهل وفوضى التفكير وسذاجة الرأي.
ومن قواعد النقد والمراجعة حسب اقتضاء قواعد الشريعة، ونواميس العدل أن يتمتع الناقد بقدرة في التحكم بنفسه ومزاجه
ليس دفاعا عن علي جمعة او غيره
لكن عندما تقدم كلامك عنه بأنه صوفي شيعي
فالاولى واضحة
اما الثانية فدلل عليها على الاقل ليس احتراما لعلي جمعة
بل احترام للقراء وللملتقى الذي نتذاكر بين جنبيه
ولئن كانت الأمة اليوم بحاجة خاصة إلى التصحيح والمراجعة، فيجب أن يكون هذا تحت قاعدة العدل والرحمة، وصدق الحديث وعدم التكلّف، وترك الانتزاع للأخطاء، مع تحقيق لزوم الأخذ بالأصول ومعاقد إجماع الأئمة والإنكار على مخالفيها.
ومن التكلف: اتهام الرجل برسالة من مجهول وعرضها أمام الملأ
فهذا استخفاف بالقارئ واستخفاف بملتقى اهل الحديث
حفظك الله ووفقك للخير
وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته
ـ[الاستاذ]ــــــــ[16 - 11 - 05, 12:16 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أخي الحبيب
واعلم أن الكل يسعى للحق ولبيانه , وهذا أمل منشود لدينا.
ولما قلت أن الرجل صوفي وشيعي , قلته لما يصدر منه , ومن آرائه المسموعة والمقروءة , وقلت أن له أصطلاحًا خاص به عندما يذهب إلى درسه , فيقول لطلابه: هيا الى الحوزة.
وهو يسير على نهج سلفه عبد الحليم محمود في مسألة تقريب المذاهب.
وأنا إذ أبين حقيقة الرجل , لما رأيت من تهافت بعض الملتزمين بالسنة بالهرولة إليه وإنحناء الركب لديه في حوزته, وإفتنانهم بسحر بيانه , وهو في كل ذلك ناقم على جميع الملتزمين بالسنة , ويكفي موقفه في الجامعة منهم عامة , ومن طلبة الشيخ أسامة عبد العظيم خاصة.
و يكفي من هذا الرجل ما نقلته هنا , والآتي أكثر من هذا.
وأنا في كل ذالك لا ميل عندي ولا هوى , والتحكم في المزاج موجود والحمد لله وحده.
وأنا أعلم حرصك على النصح والإرشاد - بارك الله فيكم- وإن كنتَ تعلم عن الرجل شئ آخر , فليتكم تتكرمون بوضعه هنا.
أما الرسالة التي نقلتها , فهي ليست من مجهول , بل هو عضو من أعضاء هذا الملتقى , وإن كنت تريد بالمجهول عدم الكشف عن شخصيته , إذا فمعظمنا مجاهيل.
وما ذُكر في الرسالة فكله حقيقة وأنا أعلمه من زمن. فالرجل فعلا خريج تجارة , وكان من أعضاء حزب التحرير في مصر , ومُنع من دخول المملكة , ولعله لم يدخلها إلا مؤخرًا في مهرجان الجاندرية العام الماضي.
وليتكم تراجعون الصحف السعودية التي أجرت معه بعض اللقاءات ومنها تعرف الرجل عن قرب.
وكوني أنشر هذا عن الرجل , فهذا لا يعد انتزاع للأخطاء وتصيدها , لأنه ليس هناك أصلًا حسنات حتى يُنتزع منها السيئات والأخطاء.
وأنا أستعيذ بالله من أستخف بأي أحد سواء من أهل الملتقى أو من غيره , فهذا ليس من طبعي والحمد لله.
وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[16 - 11 - 05, 03:00 ص]ـ
رأيت الموضوع الذي كتبه الأخ الأستاذ و سمعت الملحقات و هو بعنوان ((هنا (بيان بعض الملحوظات العقدية) لعلي جمعة مفتي الديار المصرية))
و أقترح أن يقوم بعض الأخوة المتمكنين من الرد عليه في ورقات مدعما بالأدلة
فهل من مجيب
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[16 - 11 - 05, 03:45 ص]ـ
هذا الرجل طويل اليد، فلا بد من الحذر.
ـ[أبوبدر ناصر]ــــــــ[16 - 11 - 05, 06:02 ص]ـ
نعم طويل اليد و اللسان أيضا و أنا فى رأيى المتواضع أن لا نشغل وقتنا بالرد عليه لأن أي مسلم عامي يستمع لعلي جمعة يرى كيف أن أسلوبه لا يمت للعلم بصلة و يتكلم أحيانا بطريقة سوقية نسأل العافية.
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[02 - 01 - 06, 06:44 ص]ـ
قال الشيخ أحمد بن عبدالعزيز الحصين حفظه الله في كتاب: (هذه هي الصوفية فاحذروها) ص 4:
((علي جمعة أحد تلاميذ حمود التويجري - رحمه الله - حين كان علي جمعة في الرياض"1", وكان مدافعاً ومتحمساً للعقيدة السلفية, وقد التقيت معه في مصر, وحين أخذ الماجستير والدكتوراه من الأزهر انقلب إلى مشعوذ صوفي يدافع عن الصوفية وشد الرحال إلى قبور الأولياء, والطعن في الوهابية كما يسميها, وهذا في شريط كاسيت محفوظ عندي) أ. هـ
وفي هذا الرابط في المشاركة 15 ما يدل على قربه من الرافضة وحبهم له:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=382061#post382061
____________
"1" والله أعلم أكان هذا من باب: (ودارِهم ما دمت في دارهم, وأرضهم مادمت في أرضهم) أم هو عن عقيدة واقتناع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/193)
ـ[محمد سعيد]ــــــــ[02 - 01 - 06, 07:25 ص]ـ
السلام عليكم ورحمه الله ليس دفاعا عنه هو فى اصول الفقه متميز اقرا له كتاب الاجماع!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! اعتقد انه كتاب جيد وهو عندى اشتريته من حوالى سنتين قبل ان اعرف انه صوفى اشعرى
وأنا لا أريد ان أقسم انه جاهل في أصول الفقه
بل قد سمعته مرة يقول قاعدة أصولية لا اعلم من أين اتى بها , مخالفة تماما للأصول
أما مسألة أن كتابه جيد فهذا وارد لأنه ممكن ينسخ ويلصق بسهولة
والرجل فعلا يستحق أكثر مما فعله الأخ الأستاذ فهو رأس في الضلال
ومنذ أن حذر منه الشيخ محمد إسماعيل المقدم وأنا أرى سيل الضلال لهذا الرجل يوما بعد يوم
ولا أدري أي شيء يعجب الناس فيه , فطريقته في الكلام طريقة المهرج لا المحاضر!!
عامله الله بما يستحق وأراحنا الله منه
جزاك الله خيرا أخي على الموضوع
ـ[ابو عمير بن الفضيل]ــــــــ[02 - 01 - 06, 10:52 ص]ـ
قال انه راي النبي في اليقظه 00000
ملف مرفق: يمكن أن ترى الرسول في اليقظة. rm
تم تحميل هذا الملف
الكاتب: [السلفي السلفي]
(عاجل): علي جمعه مفتي مصر يجيز إمامة النساء للرجال في أمريكا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أقسم بالله العظيم يا إخوتي في الله أني رأيت وسمعت المبتدع علي جمعه مفتي بلادنا مصر في القناة الثانية المحلية في برنامج شاهدته وأنا في مصلحة حكومية عندنا هنا يقول إن إمامة النساء للرجال فيها خلاف فهي على الأغلب أنها لا تجوز عند المذاهب لكن ورد دليل بإجازتها عند الإمام الطبري إعتمادا على رواية رواها والحقيقة لم يفصل فيها وقال علي جمعه لذلك أقول إن إمامة المرأة للرجال لا تجوز في مجتمعاتنا العربية بسبب موروثاتنا الثقافية والإجتماعيه التي لا تستحسن ذلك لكنها تجوز في أمريكا وأوروبا لأننا لن نستطيع أن نجبر الناس على رأي أو على أراء دون أراء طالما أنها ورد دليل عليها وقد تناسب حال هذه البلاد فتكون المرأه حافظة للقرآن وغيرها من الرجال لا يحفظ وبشرط ألا يكون الرجل محاذيا لها
ولكني من شدة المفاجأه لم أستطع تسجيلها ولو حصلت على تسجيل لهذا سوف أضعه في سحاب على الفور ولعل الأخ المصري السلفي أو غيره من الإخوة يساعدنا في هذا
وأما دليل الطبري هذا لم يذكر في أي كتاب للطبري رحمه الله
نقلا من موقع
:// www.sahab.net/sahab/list.=
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[02 - 01 - 06, 11:40 ص]ـ
يا اخي حتى في اصول الفقه علي جمعة لايؤخذ منه لان اصوله على منهج اهل الكلام. فالحذر منه.
ـ[الاستاذ]ــــــــ[03 - 01 - 06, 06:56 ص]ـ
يجوز قراءة صلاة ابن بشيش
ـ[الاستاذ]ــــــــ[03 - 01 - 06, 06:58 ص]ـ
يجوز قول حضرتك للنصراني
ـ[الاستاذ]ــــــــ[03 - 01 - 06, 06:59 ص]ـ
يجوز للشيخ أن يلزمه بعدد الأذكار
ـ[الاستاذ]ــــــــ[03 - 01 - 06, 07:01 ص]ـ
يمكن أن ترى الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في اليقظة
ـ[الاستاذ]ــــــــ[03 - 01 - 06, 07:02 ص]ـ
ينصح بكتاب في الصوفية
ـ[الاستاذ]ــــــــ[03 - 01 - 06, 07:08 ص]ـ
العمليات الاستشهادية
ـ[الاستاذ]ــــــــ[03 - 01 - 06, 07:10 ص]ـ
يجوز الصلاة في المسجد الذي به ضريح
ـ[أحمد السيد سعد]ــــــــ[03 - 01 - 06, 07:19 ص]ـ
بارك الله فيكم يا أستاذنا
ـ[حسام الحفناوي]ــــــــ[04 - 01 - 06, 01:11 ص]ـ
الرجاء من الإخوة الاقتصار على النقد العلمي، وعدم تخطي الألفاظ الشرعية إلى شيء من السباب، فماذا يحدث لو اقتصرنا على وصف المنتقد ـ بفتح القاف ـ بالبدعة، أو الضلال، أو الزيغ ـ إن كان الوصف صحيحا؟
و لنترك الشتم و التهويل لمن يعجز عن مقارعتنا الحجة بمثلها.
ـ[أبو تراب السلفي]ــــــــ[04 - 01 - 06, 05:45 م]ـ
ما أحوج علي جمعة إلى تنكيل ..
لا أنكر أنه متميز جدا في الفقه وعلومه (فقد سمعته)
لكنه صاحب عقيدة صوفية أشعرية، وقد سمعت عنه ومنه أكثر مما ذكر أستاذنا الأستاذ.
سمعت الشيخ أبا إسحاق الحويني يقول عنه:
جاءني بعض الاخوة باسطوانة لمفتي الجمهورية علي جمعة، ولم أستطع أن أكمل أكثر من 5 دقائق،فلما سمعتها أصابني غم شديد، ونمت من ليلتي مغموما، فبينما أنا نائم رأيت كأني أعطي درسا وعنوانه (أحشفاً، وتطفيف كيلة؟). ومعنى هذا العنوان (أتبيع الناس تمرا عفنا ثم تسرق في الميزان؟).
ـ[أبو لجين]ــــــــ[04 - 01 - 06, 06:27 م]ـ
علي جمعة صوفي
يدعو الناس إلى عبادة الأوثان وترك عبادة الواحد الديان
ويدعوهم إلى الخرافات والابتداع ويحذرهم من السنن والاتباع
يستهزيء بالدين والسنة ويطعن في علماء الأمة ويكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم
ورغم أنه على علم بالحق في المسائل التي خالف فيها الإسلام وتعلمها وقتاً من عمره على يد بعض علماء السنة إلا أنه كفر بما تعلمه ولم يرضه
مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد
للإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله
http://www.almeshkat.com/books/open.php?cat=27&book=729
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/194)
ـ[محمد بن جرير]ــــــــ[04 - 01 - 06, 06:35 م]ـ
يا أخي محمد الأثري: لعلك من أجهل الناس به،،، أليست المرفقات دليلا على كلام الأخ المفضال ((الأستاذ)) بارك الله فيه؟ تكلم بعلم أو اسكت بحلم، ولا تجهل، فهذا منتدى أهل الحديث، لا المشاغبين!!
ـ[خميس بن محمود الأندلسي]ــــــــ[06 - 01 - 06, 12:20 ص]ـ
بارك الله فى استاذنا (الأستاذ)
رفع الله قدرك
ـ[الاستاذ]ــــــــ[06 - 01 - 06, 02:44 ص]ـ
يجوز للمسلم في بلاد الإفرنج الإتجار في الخمر!!
وفي إحدى لقاءاته في فندق 7 نجوم , قال: يجوز للمرأة الاستحمام باللبن!!
ولعل أحد الإخوة ينشط ويضع لنا هاتين البلوتين , كما نشرت في الصحف
ـ[محمد متولى]ــــــــ[06 - 01 - 06, 08:38 ص]ـ
ايها الاخوة جزاكم الله خيرا لى عندكم طلبان يكون لكم الأجر
1 - تحيلونا على مكان نجد فيه المزيد
2 - تحاولوا أن تنشأوا موقع كما يوجد موقع للرد على الجفرى وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[06 - 01 - 06, 12:30 م]ـ
2 - تحاولوا أن تنشأوا موقع كما يوجد موقع للرد على الجفرى وجزاكم الله خيرا
هو أحقر من ذلك!
ـ[عبدالحميد بن عبدالحكيم]ــــــــ[09 - 01 - 06, 07:24 ص]ـ
نسأل الله تعالى أن يكفي المسلمين شر هذا الضال و أن يعجل عقوبته و يجعله عبرة لكل معتبر.
ـ[حسام الحفناوي]ــــــــ[15 - 01 - 06, 01:21 ص]ـ
لاحظت أن غير واحد من الأخوة قد مدح الرجل بالتمكن في الأصول. و ينبغي تنبيه الطلاب على خطورة أخذ الأصول في بدء الطلب على يد من هذا حاله، لأن بعض مباحث الأصول لها تعلق بالاعتقاد، كحجية خبر الآحاد في العقائد، فإن الأشاعرة _ و منهم الرجل _ ينكرون هذا، فلزم التنبه و الحذر.
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[26 - 01 - 06, 12:37 ص]ـ
ليراه من لم يره
ـ[خالد بن عبدالله]ــــــــ[26 - 01 - 06, 10:11 ص]ـ
جزاك الله خيرا على فضح هذا المبتدع الضال.
ـ[محمد سعيد]ــــــــ[26 - 01 - 06, 12:14 م]ـ
لماذا كل هذا الهجوم على المفتي في مقابل التعبير عن رأيه؟ أرجو أن ينال حظه من التعبير حتى وإن كان مخالفاً لآرائكم، فأنا لست سلفياً، ولا صوفياً، ولا أشعرياً، ولا أتبع أية طائفة، ولكنني مسلمٌ وديني الإسلام، فالاختلاف في الرأي ينفع الدين ولا يضرُّه إن كان قائماً على برهان أو دليل، وحتى وإن كان مخالفاً لرأيٍ ما فعلينا أن نحترم هذا الرأي، فالسبب فيما نحن فيه من كارثة وابتلاء، بسبب بطانة السوء التي لا تجعل التعبير عن الرأي أساساً للحكم والعلم فتأخرنا، وتقدم الغرب
يا أخي هذه ليست آراء هذه طوام
هل يقول أحد أن الصحابة كانوا أشاعرة مثلا؟
لو علمت هذا الرجل على حقيقته لعلمت لماذا كل هذا الهجوم عليه
المشكلة أنه من المدافعين عن هذا المذهب الخبيث بشدة ويطعن في مذهب السلف
وعنده داء اسمه السلفية ولو نظرت إلى ألفاظه وهو يسخر منهم لعلمت حقيقته
وهو ليس عنده استعداد أصلا لأن يتقبل كلام من أحد
من تابعه عرف حقيقته
ـ[سعود السليمان]ــــــــ[26 - 01 - 06, 01:55 م]ـ
اسأل الله أن يحمي جناب التوحيد ..
من الضلال أصحاب الهوى ..
ـ[الزبيدي]ــــــــ[26 - 01 - 06, 02:22 م]ـ
أبشركم بعض الاخوة المتمكنين من طلبة العلم قد وضع رسالة في الرد على هذا النكرة وهي قوية جداً
ـ[عامر بن بهجت]ــــــــ[27 - 01 - 06, 05:26 م]ـ
يجوز ضرب الرجال على الدف في الأفراح الإسلامية
س/ ماعلاقة هذا بعنوان الموضوع؟
أيها الإخوة لاتخلطوا بين الأمور
ضرب الدف للرجال مسألة خلافية اجتهادية ..
فلا تقرنوها بمسائل الاعتقاد
حتى لايظن ظان أن تجويز ضرب الدف للرجال في الأفراح خلاف بين أهل السنة والبدعة
أو أنها مسألة اعتقادية ...
هذا إذا كان مضمون الرابط يمثل العنوان المكتوب
يجوز ضرب الرجال على الدف في الأفراح الإسلامية
أما إذا كان المضمون مختلفاً وفيه انحراف عقدي فيرجى تعديل العنوان ...
أشكركم
ولا تحسبوا أنني أدافع عن الرجل
لكن من الواجب وضع كل شيء في نصابه ....
فيرجى الاقتصار على المخالفات الصريحة .. الواضحة .. التي ليست محل اجتهاد ..
جزيتم خيراً
ـ[أبو إسحاق الأسيف]ــــــــ[14 - 03 - 06, 03:23 م]ـ
للرفع
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[14 - 03 - 06, 10:34 م]ـ
بارك الله فى الشيخ (الأستاذ)
رفع الله قدرك
ـ[أبو عبد الرحمن الإسكندري]ــــــــ[14 - 03 - 06, 11:05 م]ـ
لقد ازدادت طوام هذا المدعو (علي جمعة) جدا
عامله الله بما يستحق
نسأل الله أن يختم لنا بالخير، ونعوذ بالله من الضلال بعد الهدى
ـ[حسن عبد الحي]ــــــــ[15 - 03 - 06, 12:43 ص]ـ
أرى هذه وقاحة وقلة حياء منك وأنت تتكلم على هذا العلم الجليل و أنا من أخبر الناس به
لمّا ناظر شيخ الإسلام رحمه الله على العقيدة الواسطية بحضرة الأمير اعترض عليه معترضٌ جهلاً منه بالصحيح، فغضب عليه الشيخ وخطأه وقال له: لا أدب ولا فضيلة: لا تأدبت معي في الخطاب، ولا أصبت في الجواب. اهـ[الفتاوى 3: 121، 122] لا تعليق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/195)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[29 - 08 - 06, 07:06 م]ـ
أرى هذه وقاحة وقلة حياء منك وأنت تتكلم على هذا العلم الجليل و أنا من أخبر الناس به
إذا كنت ممن يخبره، وتدافع عنه بعد أن علمت منه كل هذه المساوئ والمخازي .....
فأنت محشور بإذن الله تعالى مع من أحببت، فهنيئاً لك به، وهنيئاً له بك.
والطيور على أشكالها تقع.
الداعي لك بالهداية / أبومحمد.
ـ[أبو يحيى بن يحيى]ــــــــ[31 - 08 - 06, 03:40 م]ـ
أخونا الأستاذ جزاك الله خيرا
لكن رجاءً توضيح كلمتك أنه شيعي للأهمية
ـ[غيث أحمد]ــــــــ[31 - 08 - 06, 06:21 م]ـ
يلزم من هذا كله, أن "دعوى": ((ما مؤهلك العلمي)) والتي تطرح على الدعاة, باطلة أساساً!!
فهذا "النحرير" فائق التأهيل ....... وهو -كما يظهر- كمن طمس الله وجهه فرده على دبره!.
ونعلم عن دعاة لم يتخرج من جامعة ولم يقرأ على شيخ, وهو أهدى ملة وأمتن شرعا .....
وللحق والعدل: فإحدى المنقولات الصوتية بعنوان "كذبه وادعاؤه أنه رأى النبي في اليقظة", لا يقطع بها عليه ..... فقد سمعتها, وأظن أن الكلام كله من كلام السائل!!.
إلا أن يكون هناك بينة أخرى.
ـ[أبو اليقظان العربي]ــــــــ[31 - 08 - 06, 09:15 م]ـ
الله المستعان
ـ[المالكي الأحسائي]ــــــــ[05 - 09 - 06, 06:47 ص]ـ
ذكرت أيها الأخ أنه شيعي!
فما مستندك؟
كل ما نقلت ونقل المشاركون -في أربع صفحات- يدل على أنه أشعري صوفي، فإن كان أشعريا كيف صار شيعيا.
يا إخوة أرجو أن لا تجر الخصومة إلى التعدي ورمي المخالف بما ليس فيه.
أظن يكفي أن نقول أشعري صوفي أما شيعي فالدليل الدليل.
ـ[أبو إسحاق الأسيف]ــــــــ[05 - 09 - 06, 08:40 ص]ـ
ذكرت أيها الأخ أنه شيعي!
فما مستندك؟
كل ما نقلت ونقل المشاركون -في أربع صفحات- يدل على أنه أشعري صوفي، فإن كان أشعريا كيف صار شيعيا.
يا إخوة أرجو أن لا تجر الخصومة إلى التعدي ورمي المخالف بما ليس فيه.
أظن يكفي أن نقول أشعري صوفي أما شيعي فالدليل الدليل.
نعم فحتى الان لم أر أى دليل يدل على أنه شيعى و إن كان أحد المواقع الشيعية المحترقة تستدل بكلامه و لكنها تصفه بأنه من السنة.
مسألة أنه شيعى هذه مسألة بعيدة و الله أعلم.
نعم قد يُقال أن موقفه معهم مخزى كغيره.
ـ[علي بن المسلم]ــــــــ[10 - 09 - 06, 12:46 ص]ـ
أخانا الفاضل/الأستاذ .....
وفي إحدى لقاءاته في فندق 7 نجوم , قال: يجوز للمرأة الاستحمام باللبن!!
لو سمعت الشيخ ابو اسحاق الحويني وهو يرد على كلامه هذا
لما استططعت ان تمسك نفسك من الضحك
قال الشيخ -حفظه الله -:
(طيب موضوع الاستحمام باللبن ده ... هنعمله ازاي؟؟؟؟ هنرفع شعار بقى جاموسة لكل مواطن)
ـ[حسن شهاب الدين]ــــــــ[10 - 09 - 06, 09:54 م]ـ
حُذف الرد للضعف العلمي
الكلام العاطفي لا يفيد شيئا عند الدفاع عن أهل البدع والضلال
## المشرف ##
ـ[المقدادي]ــــــــ[10 - 09 - 06, 10:12 م]ـ
شكرا لكلّ الجهابذة الذين أباحوا لأنفسهم الردّ على مفتي الديار المصرية بلد الأزهر الذي حفظ للاسلام مكانته وللعربية شموخها أيام كان الاتراك يعيثون في طول البلاد وعرضها بلا رادع ولم يكن للاسلام والعربية بفضل المولى عزّ وجلّ إلاّ مصر والآن نتطاول على أكبر شخصية دينية فيها وليت من ردوا عليه كانوا في طول قامته ولكن كما قال الشاعر:
قد كنت أقبل منك النصح مجتهدا ...... لكنّ نصحك مطويّ على الحسد
وما كنت أحسب أنّ أخلاقيات المنتدى تسمح بهذا التطاول لكل من قرأ كلمتين ولم يفهم ما قرأ
اتق الله يا حسن
الرجل يدعو الى بدع و شركيات و تقول: (والآن نتطاول على أكبر شخصية دينية فيها)!!!!
سبحان الله!!
ـ[أسامة عباس]ــــــــ[10 - 09 - 06, 10:41 م]ـ
شكرا لكلّ الجهابذة الذين أباحوا لأنفسهم الردّ على مفتي الديار المصرية بلد الأزهر الذي حفظ للاسلام مكانته وللعربية شموخها أيام كان الاتراك يعيثون في طول البلاد وعرضها بلا رادع ولم يكن للاسلام والعربية بفضل المولى عزّ وجلّ إلاّ مصر والآن نتطاول على أكبر شخصية دينية فيها وليت من ردوا عليه كانوا في طول قامته ولكن كما قال الشاعر:
قد كنت أقبل منك النصح مجتهدا ...... لكنّ نصحك مطويّ على الحسد
وما كنت أحسب أنّ أخلاقيات المنتدى تسمح بهذا التطاول لكل من قرأ كلمتين ولم يفهم ما قرأ
استعنّا بالله تعالى!
منطقك بالغ الغرابة! فأنت تستدل على جلالة قدر عليّ جمعة لأنه:
(1) مفتي الديار المصرية، (2) ومصر هي بلد الأزهر، (3) والأزهر هو الذي حفظ للإسلام مكانته وللعربيّة شموخها (!)
ولا أدري ما الرابط بين هذه الأمور جميعًا؟!
وعلى كلامك فإن طنطاوي شيخ الأزهر: يكون هو إمام المسلمين وشيخ الإسلام وخاتمة المجتهدين! وهو أولى من عليّ جمعة: لأن الإسناد بينه وبين الأزهر عالٍ، أما عليّ جمعة فيُحدّث عن الأزهر بواسطتين!!
والله شرُّ البلية ما يضحك!
يا من تنافحون عنه: إما أنكم من أجهل الناس، حتى إنكم لا تفرّقون بين الأخطاء التي لا يسلم منها بشر وبين الضلال المبين في العقيدة والمنهج والخروج عن اعتقاد السلف الصالح ..
وإما أنكم ضُلال مثله! لكنكم همج رعاع! أتباع كل ناعق!
بدلاً من المنافحة عنه بهذا الأسلوب الذي يبعث على الغثيان: قم باستعراض ما وضعه الإخوة، ولو عندك رد عليه فضعْه، أما الحديث عن بلد الأزهر ومصر أم الدنيا: فلن يُجدي معنا شيئًا ..
((قد كنت أقبل منك النصح مجتهدا ...... لكنّ نصحك مطويّ على الحسد))
أقول: شفاك الله وعافاك!! قولوا آمين يا إخوة!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/196)
ـ[حسن عبد الحي]ــــــــ[10 - 09 - 06, 10:45 م]ـ
على أكبر شخصية دينية فيها
مهلاً أخي: أكبر شخصية ايش!!! قل: أكبر منصب نعم ... وما شأن مصر وضلالالت المفتي الذي يسوغ الكفر بل ويدعو إليه!!! وهل طعن أحد في مصر وأهلها؟!
يا رب خلص مصر من أعدائها ...............................
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[10 - 09 - 06, 10:52 م]ـ
أقول: شفاك الله وعافاك!! قولوا آمين يا إخوة!
آمين
ـ[حسن شهاب الدين]ــــــــ[11 - 09 - 06, 12:12 ص]ـ
حُذف الرد للضعف العلمي
الكلام العاطفي لا يفيد شيئا عند الدفاع عن أهل البدع والضلال
## المشرف ##
أيّها المشرف لله الأمر من قبل ومن بعد أتدعي أنّ مفتي بلد إسلاميّ مثل مصر من أهل البدع والضلال لو كان لديك شجاعة أدبية لما حذفت كلامي ثمّ ادعيت أنّه كلام عاطفيّ في الدفاع عن اهل الضلال والبدع وإن كنت تملك حقّ حذف ردّي بحجة تافهة كهذه فلا أقول سوى: حسبي الله ونعم الوكيل
سنُظهرُ ردك وردود بقية المشاركين
ردك مقتبس في المشاركة التالية لمشاركتك (129)
وسنرى الحجج التي أتيت بها
## المشرف ##
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[11 - 09 - 06, 12:28 ص]ـ
أيّها المشرف لله الأمر من قبل ومن بعد أتدعي أنّ مفتي بلد إسلاميّ مثل مصر من أهل البدع والضلال لو كان لديك شجاعة أدبية لما حذفت كلامي ثمّ ادعيت أنّه كلام عاطفيّ في الدفاع عن اهل الضلال والبدع وإن كنت تملك حقّ حذف ردّي بحجة تافهة كهذه فلا أقول سوى: حسبي الله ونعم الوكيل
نعم مفتي مصر مبتدع ضال مضل، فقد ثبت عليه وبالدليل ـ من خلال تسجيلاته ـ من أنه رجل لايخاف الله في فتواه، وهو من أئمة الضلال الذي يفتي من أجل دجاجة ـ أو فرخة كما يطلق عليها في مصر ـ.
فإن كان عندك دليل على بطلان كلامنا؛ فهاته؟!!!!! ولكن هيهات؟!!!!!!!
والله الهادي، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
كتبه المشفق عليك / أبومحمد.
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[11 - 09 - 06, 12:43 ص]ـ
أين الحجج في ردك
لو تركنا أمثال هذه الردود الهزيلة لخرجت المواضيع عن مسارها
الرجل لديه أخطاء عقدية فأين جوابك عنها
لذلك سيتم إيقافك لمدة ثلاثة أيام
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[11 - 09 - 06, 12:50 ص]ـ
أيّها المشرف لله الأمر من قبل ومن بعد أتدعي أنّ مفتي بلد إسلاميّ مثل مصر من أهل البدع والضلال لو كان لديك شجاعة أدبية لما حذفت كلامي ثمّ ادعيت أنّه كلام عاطفيّ في الدفاع عن اهل الضلال والبدع وإن كنت تملك حقّ حذف ردّي بحجة تافهة كهذه فلا أقول سوى: حسبي الله ونعم الوكيل
هل تعتقد أن ما جاء في التسجيلات المرفقة هنا هو من دين نبينا محمد عليه الصلاة والسلام ... وأن ما يقوله هذا الرجل قد يوافق الحق!!!
أرجو أن تكون الاجابة لا!!!
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[11 - 09 - 06, 12:56 ص]ـ
عجبا ان يكون مفتي مصر بهذه العقيده وانما من قال ادعاؤه رؤية النبي ليس مقطوعا بها يمكن ان كلامك صحيح لاكن كما لو ان قال الشخص ان محمد وعيسى وموسى عليهم الصلاة والسلام انبياء ولاكن قال الخمر حلال ويكفينا ان نقول ان احد هذه الاشرطة صحيح والباقي غير صحيح فالواحد حجة عليكم يامعاشر الصوفيه لانه اكبر علماء مصر بأقراركم ويقول مثل هذا الكلام وحتى لا نغضبكم احذفوا بكلامنا عرض الحائط واعرضوا كلام عالمكم على كتاب الله فقط من دون السنه <<حتى لاتؤلون وسترون الحقيقه
ـ[محمد أفندي]ــــــــ[11 - 09 - 06, 05:01 ص]ـ
بارك الله فيك اخونا الاستاذ
وأنا سمعته، و رأيته كان يتكلم مع علماني
قال العلماني: الشيخ ابن باز يقول فى المسألة كذا
قال على جمعة: يا عم ياعم خلينا فى الأزهر خلينا فى الأزهر خلينا فى مصر وحلوة مصر
ـ[محمد أفندي]ــــــــ[11 - 09 - 06, 05:04 ص]ـ
وهذا فى برنامج البيت بيتك(32/197)
((سمات المرجئة والخوارج وأهل الغلو))
ـ[ابو البراء]ــــــــ[11 - 11 - 05, 11:43 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
• اعلم أن من قال بإحدى هذه العبارات فقد وقع في الإرجاء أو دخلت عليه شبهته:
1 - الإيمان تصديق بالقلب فقط. (جهمية)
2 - الإيمان نطق باللسان فقط. (كرَّامية)
3 - الإيمان تصديق بالقلب ونطق باللسان (مرجئة الفقهاء)
4 - الإيمان تصديق بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالقلب دون الجوارح.
5 - الإيمان لا يزيد ولا ينقص والناس في أصله سواء.
6 - الكفر تكذيب فقط (جهمية)
7 - الكفر لا يكون إلا بالاعتقاد أوالجحود والاستحلال، ويستشهدون بقول الطحاوي رحمه الله في عقيدته: ((ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب، مالم يستحله)).
(والصواب أن يقال: الكفر يكون بالقول أو الفعل أو الاعتقاد، ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب –دون الشرك أو الكفر-، مالم يستحله).
8 - ترك جميع أعمال الجوارح (جنس الأعمال كما يسميه ابن تيمية) ليس كفراً مخرجاً من الملة.
(ووجه كونه إرجاءً لأنه يلزم منه أن أعمال الجوارح ليست ركناً في الإيمان بل و لا عمل القلب كذلك، وهذا باطل لارتباط الظاهر بالباطن فيمتنع وجود عمل القلب مع انتفاء عمل الجوارح).
9 - أعمال الجوارح شرط كمال في الإيمان وليست ركناً ولا شرط صحة.
(والصواب في هذا أن يقال: جنس أعمال الجوارح ركنٌ في الإيمان، وآحادها – عدا الصلاة– من مكملاته)
10 - الأقوال والأعمال الكفرية ليست كفراً ولكنها تدل على الكفر.
11 - المكفرات القولية والعملية المخرجة من الملة هي ما كان مضاداً للإيمان من كل وجه أو ما كانت دليلاً على الكفر، وجَعْلُ مناط التكفير كونها مضادةً للإيمان من كل وجه أو كونها تدل على ذلك.
(والصواب أن يقال: المكفرات القولية والعملية المخرجة من الملة هي ما دل الدليل على كونها كذلك، وهي مضادة للإيمان من كل وجه وتدل على كفر الباطن، ولا بد) فتأمل الفرق.
12 - جعلهم الشهوة وعدم القصد من موانع التكفير.
(ووجه كونه إرجاءً أن مآله إلى حصر الكفر في الاعتقاد، أما إن عُني بالقصد: العمد المقابل للخطأ فنعم، فالخطأ من موانع التكفير، لكن ليُعلم أنه يكفي أن يقصد (يتعمد) عمل الكفر، ولا يلزم منه أن يقصد الوقوع في الكفر)
13 - ترك الصلاة ليس كفراً لأنه من أعمال الجوارح، وعمل الجوارح شرط في كمال الإيمان.
(ووجه كونه إرجاءً أن قائله لا يكفِّر بالعمل وإنما الكفر عنده اعتقاد فقط، فمسألة الصلاة من أظهر المسائل التي أجمع الصحابة على كفر تاركها، أما لو رجَّح عدم كفر من يصلي تارة ويترك تارة لأدلة شرعية لديه –كما قد وقع من بعض السلف- أو أن الإجماع لم يبلغه، فهذا لا صلة له بالإرجاء).
ومن هنا يُعلم خطأ ما يردده البعض من مقولةٍ لبعض السلف: ((من قال إن الإيمان قول وعمل واعتقاد، وأنه يزيد وينقص، فقد بريء من الإرجاء كله، أوله وآخره)).
وهي مقولة حق ولا شك ولكن على فهم قائليها، وهو أنَّ العمل والقول والاعتقاد أركان في الإيمان لا يجزيء أحدها عن الآخر، وإلا فمن قال ذلك وهو لا يرى أعمال الجوارح ركناً في الإيمان، أو قال ذلك وهو يحصر الكفر في التكذيب والاستحلال فإنه قد نطق بما قاله السلف في تعريف الإيمان لكن لا على الوجه الذي أرادوه، وهذه العبارة شبيهة بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من قال لا إله إلا الله دخل الجنة" فما يقول هؤلاء فيمن قالها ولم ينطق بشطر الشهادة الآخر –محمد رسول الله-، أو قالها وارتكب ناقضاً من نواقضها، فهذه كتلك. ولهذا حذَّر أهل العلم من بعض الكتب وأنها تدعو إلى مذهب الإرجاء، مع تبنيها أن الإيمان قولٌ وعملٌ، يزيد وينقص. والله أعلم.
انظر: هامش شرح ((العقيدة الواسطية)) للعلامة محمد خليل هراس الطبعة الرابعة (ص263) تعليقاً على كلام شيخ الإسلام في مسائل الإيمان.
*******************
• و اعلم أن هناك سماتٍ من اتسم بها أو ببعضها فهو خارجي، أو وقع فيما وقعت فيه الخوارج من الغلو:
1 - تكفير صاحب الكبيرة
2 - تكفير من وقع في معصية وأصر عليها.
3 - القول بأن الإيمان شيء واحد لا ينقص، فإذا ذهب بعضه ذهب كله.
4 - جواز الخروج على الحاكم المسلم لجوره وظلمه، وإن لم يُرَ منه كفرٌ بواحٌ.
(ووجه كونه خارجية، أنه قد استقر رأي أهل السنة والجماعة على عدم جواز ذلك، وخالفت الخوارج))
5 - عدم العذر بالجهل مطلقاً.
((والصواب أنَّ الجهل قد يكون عذراً وقد لا يكون؛ ففيه تفصيل))
6 - تكفير كل من حكم بغير ما أنزل الله ولو في قضية معينة.
((والصواب: التفريق بين التشريع العام وجعله ديناً متبعاً وقانوناً ملزماً وبين جعل الشريعة الإسلامية هي الدين المُلْزِم، ومخالفتها وعدم الحكم بها في قضية أو قضايا معينة))
7 - التسرع في تكفير المعين دون مراعاةٍ لتحقق الشروط وانتفاء الموانع.
مقتبس من هامش شرح ((العقيدة الواسطية)) للعلامة محمد خليل هراس الطبعة الرابعة (ص267) تعليقاً على كلام شيخ الإسلام في مسائل الإيمان.
للشيخ علوي بن عبدالقادر السقاف.(32/198)
ما هى الأمور التي ليس فيها عذر بالجهل
ـ[محمد أفندي]ــــــــ[13 - 11 - 05, 04:16 ص]ـ
ما هى الأمور التي ليس فيها عذر بالجهل
ـ[أم حبيبة م. فهمي]ــــــــ[13 - 11 - 05, 05:05 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الأمور التي جاء بها الإسلام وبينها الرسول للناس وأوضحها كتاب الله وانتشرت بين المسلمين لا تقبل فيها دعوى الجهل، ولا سيما ما يتعلق بالعقيدة وأصل الدين، فإذا ادعى بعض الناس الجهل فيما هو معلوم من الدين بالضرورة، وقد انتشر بين المسلمين، كدعوى الجهل بالشرك وعبادة غير الله عز وجل، أو دعوى أن الصلاة غير واجبة، أو أن صيام رمضان غير واجب أو أن الزكاة غير واجبة، أو أن الحج مع الاستطاعة غير واجب فهذا وأمثاله لا تقبل فيه دعوى الجهل ممن هو بين المسلمين لأنها أمور معلومة بين المسلمين.
أما المسائل التي قد تخفى مثل بعض مسائل المعاملات وبعض شؤون الصلاة وبعض شؤون الصيام فقد يعذر فيها الجاهل؟ عذر النبي علي الذي أحرم في جبة وتلطخ بالطين فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اخلع عنك الجبة واغسل عنك هذا الطيب واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجتك ولم يأمره بفدية لجهله، وهكذا بعض المسائل التي قد تخفى يعلم فيها الجاهل ويبصر فيها، أما أصول العقيدة وأركان الإسلام والمحرمات الظاهرة فلا يقبل في ذلك دعوى الجهل من أي أحد بين المسلمين فلو قال أحد، وهو بين المسلمين، إنني ما أعرف أن الزنا حرام فلا يعذر، أو قال ما أعرف أن عقوق الوالدين حرام فلا يعذر بل يضرب ويؤدب، أو قال ما أعرف أن اللواط حرام فلا يعذر، لأن هذه أمور ظاهرة معروفة بين المسلمين في الإسلام.
لكن لو كان في بعض البلاد البعيدة عن الإسلام أو في مجاهل أفريقيا التي لا يوجد حولها مسلمون قد يقبل منه دعوى الجهل وإذا مات على ذلك يكون أمره إلى الله ويكون حكمه حكم أهل الفترة والصحيح أنهم يمتحنون يوم القيامة، فإن أجابوا وأطاعوا دخلوا الجنة وإن عصوا دخلوا النار، والله المستعان.
من فتوى للشيخ بن باز رحمه الله
و برجاء مراجعة هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=2766
بارك الله فيكم
أمة الله(32/199)
سؤال عن الصوفية
ـ[أبو الوليد السوري]ــــــــ[15 - 11 - 05, 10:37 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما هي الطريقة التي يجب أن نتعامل بها مع الصوفية هل يجب علينا مناصحتهم؟؟؟
وإذا سمع أحدنا منهم تجريحاً للسلفية فهل يجب عليه أن يرد عليهم؟؟؟
مع العلم أن مجتمعه كله صوفي وأنه يخشى على نفسه منهم وهل يجوز الاقتداء بهم في الصلاة؟؟؟
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[17 - 11 - 05, 12:43 ص]ـ
أخى إن الصوفية على درجات من البدعة فمنهم من ينتسب إليهم و هو لا يعلم عن التصوف إلا الإسم ظنا منه أن الإنتساب الى التصوف إنتساب الى الزهد والورع
ومنهم من يتعدع هذا فيمارس معهم بعض العبادات البدعية كالأوراد المخترعه والصلوات المبتدعة كالصلاة النارية و كالتعبد لله بسماع الألحان وبالرقص الذى يسمونه الوجد فهذين الصنفين من البدعة بمكان و إن كان الاول بدعته اقل بكثير من الثانى وهذين الصنفين بدعتيهما بدعة مفسقة لا مكفرة فتصح الصلاة خلفهما مع الكراهة
أما النوع الثالث فهو الذى ينتحل عقيدة التصوف بكل ما فيها من خبل و شرك كأعتقاد أن للعالم أربعة أبدان وسبعة أقطاب و أنهم يدبرون أمر الكون و الإعتقاد فى الأولياء أنهم أحياء فى قبورهم و أنهم يفرجون الكربات وينفعون و يضرون وينبنى على هذه المعتقدات الكفرية عبادات شركية كالطواف حول القبور والتمسح بها و النذر للأموات و دعائهم فمن اعتقد او فعل مثل هذه الأفعال أو إعتقد حلها ولو لم يفعلها فهو كافر بالله العظيم
مرتد عن دين الإسلام لا تصح الصلاة خلفه لأنها لا تصح لنفسه أصالة
ولك أن تعرف أن فى كلمة (مدد يا فلان) فقط شرك فى الإلهية لأنه دعء والدعاء عبدة فلا تصرف الا لله وحده
وشرك فى الربوبية لأنه ما طلب منه المدد إلا لإعتقاده أنه يملك أن يمده بالنفع و الخير والتأيد
وشرك فى الأسماء والصفات لأنه أعتقد فى الولى أنه حى لايموت والحياة الكاملة صفة يختص بها الله وحده
و أعتقد أن الولى يسمعه اينما كان والسمع الكامل صفة يختص بها الله وحده
هذا غير تعلق القلب بالمقبور أو الولى فى حياته وما فى ذلك من صرف عبادات قلبية كالحب والخوف والرجاء والتوكل للولى لا لله
و اما عن معاملة الصوفية فهم كغيرهم من المبتدعة الأصل فى التعامل معهم عند أهل السنة هو الهجر و عدم المخالطة وهذا مستقى من هدى النبى صلى الله عليه وسلم من قوله (لعن الله من أوى محدثا)
وهذا كان حال السلف رحمهم الله كان الفضيل يقول إذا رأيت مبتدع فى طريق فخذ فى طريق أخر وكان وقال رحمه الله من جلس إلى صاحب بدعة فأحذروه وقال رجل لأيوب أكلمك كلمة قال لا ولا بنصف كلمة وجلس أحدهم فى مجلس بن سيرين فقال له إما أن تقوم و إما أن نقوم.
فلا تجالسهم ولا تسمع منهم فإن مجالسهم شؤم كلها فهو إما أن يورثك شبهه و إما ان يضيع وقتك.
و أما عن مناصحتهم فافعل و أمرهم بالمعروف وبين لهم عور مسلكهم ولكن إستعد أولا بالعلم والدراسة و معرفة شبهاتهم والرد عليها من شيخ سلفي متقن فإنك ستفاجأ بعد نصحهم بسيل من الشبهات المستندة لأدلة صحيح أن بعضها ضعيف وبعضها مكذوب وبعضها مأول بتأويلات فاسدة لكنك لن تعرف هذا إلا إذا أعددت لهم مسبقا قال تعالى (قل هذه سبيلى أدعوا إلى الله على بصيرة)
ونسأل الله لنا و لكم التثبيت
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[17 - 11 - 05, 02:17 م]ـ
أخي أبو الوليد: الهجر وعدم المخالطة فيه تفاصيل.
بالنسبة لأفعال السلف: فهجرهم كان: لمن كان مصرّاً على البدعة بعد أن بُيّن له الحق (من باب إيذائه حتى يرجع إلى الحق، أما من كان مجتمعه كما ذكر أبو الوليد ففيه تفصيل)، أو كان هجرهم لمن كان يدعو إليها دوماً لئلا يلقي الشبه عليهم.
أما هجر من يفعل البدعة - لا سيما التي لا تخرج من الملة - هكذا من غير سبب، فلا مصلحة فيه.
بل المصلحة مخالطتهم ومناصحتهم بالقول اللين، مع الحرص على طلب العلم وحفظ القرآن وفهم السنة.
لا يصح أن يخالطوا حال خوضهم في البدعة، ولكن في الأحوال الأخرى.
ـ[أبو الوليد السوري]ــــــــ[17 - 11 - 05, 08:54 م]ـ
أخي أبو الوليد: الهجر وعدم المخالطة فيه تفاصيل.
بالنسبة لأفعال السلف: فهجرهم كان: لمن كان مصرّاً على البدعة بعد أن بُيّن له الحق (من باب إيذائه حتى يرجع إلى الحق، أما من كان مجتمعه كما ذكر أبو الوليد ففيه تفصيل)، أو كان هجرهم لمن كان يدعو إليها دوماً لئلا يلقي الشبه عليهم.
أما هجر من يفعل البدعة - لا سيما التي لا تخرج من الملة - هكذا من غير سبب، فلا مصلحة فيه.
بل المصلحة مخالطتهم ومناصحتهم بالقول اللين، مع الحرص على طلب العلم وحفظ القرآن وفهم السنة.
لا يصح أن يخالطوا حال خوضهم في البدعة، ولكن في الأحوال الأخرى.
ماذا في الأحوال الأخرى ماهو حكم مخالطتهم (في مكان العمل مثلاً) هل هو مكروه أم منهي عنه أم ماذا؟؟ كما أنهم لا يقومون بتقبل أي نصح إلا بعد سؤال مشايخهم ويوجد لديهم بدع مكفرة
كما أنهم يدعونني للقيام بهذه البدع
أرجو التفصيل أكثر جزاكم الله خيراً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/200)
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[17 - 11 - 05, 11:47 م]ـ
ألا يوجد -أخي أبو الوليد- في بلدك (علماء) من أهل السنة.
اسألهم، فهو أفضل من السؤال على الكمبيوتر؛ لأنك لا تعرف المجيب. هل هو من أهل العلم أم لا؟
فأنا - مثلاً - وكثيرون غيري معلوماتنا محدودة، وما أدراك أن صِنْفَنا هم الذين يجيبونك فيخطؤون.
ـ[أسامة عباس]ــــــــ[18 - 11 - 05, 03:03 م]ـ
السلام عليكم،، لكن أخي الكريم (حمد أحمد) الملتقى عامر بالعلماء الأجلاء وطلبة العلم الفضلاء .. كأمثال شيخنا الفقيه الشيخ عبد الرحمن الفقيه .. وشيخنا حارث همام .. وشيخنا هيثم حمدان .. وشيخنا إحسان العتيبي .. والشيخ المبارك الفاضل شاكر العاروري .. وشيخنا أبي يعلى البيضاوي .. وشيخنا أبي خالد السلمي .. وشيخنا العاصمي .. وغيرهم كثير .. بارك الله فيهم ونفعنا بهم ..
ـ[أبو الوليد السوري]ــــــــ[18 - 11 - 05, 07:02 م]ـ
السلام عليكم،، لكن أخي الكريم (حمد أحمد) الملتقى عامر بالعلماء الأجلاء وطلبة العلم الفضلاء .. كأمثال شيخنا الفقيه الشيخ عبد الرحمن الفقيه .. وشيخنا حارث همام .. وشيخنا هيثم حمدان .. وشيخنا إحسان العتيبي .. والشيخ المبارك الفاضل شاكر العاروري .. وشيخنا أبي يعلى البيضاوي .. وشيخنا أبي خالد السلمي .. وشيخنا العاصمي .. وغيرهم كثير .. بارك الله فيهم ونفعنا بهم ..
بما أن المنتدى كما تقول عامر بالعلماء فلماذا لا تتكرمون بالرد علي؟
وتنصحونني بعدم طرح هكذا أسئلة على النت ................ !
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[19 - 11 - 05, 04:37 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الاحبة حفظكم الله.
إن الصوفية ترجع إلى أصول ومذاهب أختصرها في أصلين:
الأو ل: من قامم ببدعة لم تخرجه من الإسلام وتواصل مع أهلها في إحيائها كالذكر والرقص والخلوات المبتدعة وخرافات الكرامات وغيرها مما اشتهر عند الرفاعية والنقشبندية وغيرها.
الثاني: ما قام على الشرك والكفر:
على أصول ابن عربي والتلمساني والحلاج وغيرهم ممن ضلوا السبيل وخرجوا عن أصل الإسلام بصريح البيان.
فإذا لم يعلم السائل أحوال هذه الأصناف وجب عليه معرفتها وليحذر ما يسمونه علم العوام والخواص والظاهر والباطن.
وإن كان قدتبين له حالهم
فالجواب على الأصلين مع شيء من التفصيل:
الأول: أعني بهم أهل البدع: الأصل فيهم النصح والصبر عليهم حتى يستبين لهم الحق التزاما بقول الله تعالى (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن).
ويلزم من الداعية أن يكون عارفا بما يدعوا متلطفا بالمدعو غير مشارك لهم في بدعهم ليتميزعنهم ويكون هجره لبدعهم لا لأشخاصهم وسيلة دعوية.
شريطة أن لا تكون المخالطة فتنة للناس ووسيلة تبرير لأفعالهم عند الجهال كقول البعض لو كان ما يقومون به خطأ وبدعة لما جالسهم وحادثم.
فإن وزقعت مثل هذه الفتنة لزم مجانبتهم قدر الاستطاعة ودعوتهم كلما سنحة الفرصة اقتداء بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في العهد المكي وصنيعه مع الكفار.
ووجه الشبه هنا الدعوة لا الفعال.
واعلم رحمك الله أن مقصد الشرع في الهجر هو تأديب المهجور وزجره عن فعله المذموم شرعا فإن لم يتحقق الزجر بالهجر ولم يؤتي اكله فالصبر والدعوة أولى في حقهم إلا في حالات استثنائية وردة عن السلف كفعل عبد الله بن عمر رض الله عنه مع ولد في حديث الحذف ووالإمام أحمد مع الحارث المحاسبي وغيرها.
ومن لم يع هذا وأراد هجر كل صاحب معصية وبدعة دون النظر إلى مقاصد الشرع فيه هجر الناس إلا نزرا ولما سلم له إلا القليل القليل.
الباب الثاني: أهل الكفر فهؤلاء يناصحوا على باب الدعوة إلى الإسلام والتوحيد ولا يجالسوا ويؤانسوا ففي ذلك ضرر على الدين والعامة.
أما الصلاة خلفهم: فمن المعلوم أن من منهج أهل السنة والجماعة: رحمة اهل البدع والمعاصي فهم يصلون خلف كل بر وفاجر غذ فجورهم على أنفسهم وفي صلاتهم إن أحسنوا فلنا ولهم وإن أساءوا فلنا وعليهم.
وقد يقول قائل هذا من باب المعاصي لا البدع.
اقول وهل المعصية إلا نوع من البدع.
وعلى كل وجه يقال فلا يوجد في أركان الصلاة وهيئاتها فيما أعلم شيء من البدع التي تمنع السني الصلاة خلف المبتدع على الأصل الذي ذكرته.
غير أن السني إذا ما وجد بديلا عن مسجد المبتدع طلبه وصلى فيه ولو بعد عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/201)
ولا أطيل كي أفسح المجال لغيري من أهل الفضل والعلم وكلكم كذلك حفظكم الله وسددكم.
والله أعلم
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[19 - 11 - 05, 08:28 ص]ـ
من المهم أن نعلم أولا أن مصطلح التصوف والصوفية من المصطلحات الحادثة، والتي لم يعلق عليها مدح شرعي، فتمدح ـ أو يمدح صاحبها ـ بإطلاق، مثل أسماء الإيمان، والإسلام، والإحسان، ولم يعلق عليها أيضا ذم شرعي، فتذم ـ أو يذم صاحبها ـ أيضا بإطلاق، مثل ألفاظ الكفر والفسوق والعصيان.
وما كان كذلك فإنه ينبغي الاستفصال عن حقيقة حاله، وما يراد به قبل إطلاق القول فيه. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: (لفظ الفقر والتصوف قد أدخل فيها أمور يحبها الله ورسوله، فتلك يؤمر بها، وإن سميت فقرا أو تصوفا؛ لأن الكتاب والسنة إذا دل على استحبابها لم يخرج عن ذلك بأن تسمى باسم آخر، كما يدخل في ذلك أعمال القلوب، كالتوبة والصبر ... وقد أدخل فيها أمور يكرهها الله ورسوله؛ كما يدخل فيها بعضهم نوعا من الحلول والاتحاد، وآخرون نوعا من الرهبانية المبتدعة في الإسلام، وآخرون نوعا من المخالفة للشريعة، إلى أمور ابتدعوها، إلى أشياء أخر، فهذه الأمور ينهى عنها بأي اسم سميت، ... وقد يدخل فيها التقييد بلبسة معينة، وعادة معينة، في الأقوال والأفعال، بحيث من خرج عن ذلك عد خارجا عن ذلك، وليست من الأمور التي تعينت بالكتاب والسنة، بل إما أن تكون مباحة، وإما أن تكون ملازمتها مكروهة، فهذا بدعة ينهى عنه، وليس هذا من لوازم طريق الله وأوليائه، فهذا وأمثاله من البدع والضلالات يوجد في المنتسبين إلى طريق الفقر، كما يوجد في المنتسبين إلى العلم أنواع من البدع في الاعتقاد والكلام المخالف للكتاب والسنة، والتقيد بألفاظ واصطلاحات لا أصل لها في الشريعة، فقد وقع كثير من هذا في طريق هؤلاء.
والمؤمن الكيس يوافق كل قوم فيما وافقوا فيه الكتاب والسنة، وأطاعوا الله ورسوله، ولا يوافقهم فيما خالفوا فيه الكتاب والسنة أو عصوا فيه الله ورسوله، ويقبل من كل طائفة ما جاء به الرسول، ..... ،ومتى تحرى الإنسان الحق والعدل، بعلم ومعرفة، كان من أولياء الله المفلحين، وحزبه الغالبين.) انتهى. (الفتاوى 11/ 280ـ29).
غير أن ما قاله شيخ الإسلام من التفصيل في حال المنتسبين إلى التصوف يوشك أن يكون نظريا في واقعنا المعاصر، حيث صارت المحاذير التي أشار إليها شيخ الإسلام ملازمة لمسلك المنتسبين إلى التصوف في زماننا، فضلا عما التزموه من الأعياد والموالد المبتدعة، وغلوهم في مشايخهم الأحياء، وتعلقهم بالمشاهد والقبور، يصلون عندها، ويطوفون حولها، وينذرون لها، إلى آخر ما هو معلوم من مسالكهم. ولهذا كله كان إطلاق القول بالتحذير من مسالكهم متوجها الآن، وهو الذي اعتمدته اللجنة الدائمة في جوابها عن سؤال حول حكم الطرق الصوفية الموجودة الآن، فقالت:
(الغالب على ما يسمى بالتصوف الآن العمل بالبدع الشركية، مع بدع أخرى، كقول بعضهم: مدد يا سيد، وندائهم الأقطاب، وذكرهم الجماعي، فيما لم يسم الله به نفسه، مثل: هو هو، وآه آه، ومن قرأ كتبهم عرف كثيرا من بدعهم الشركية، وغيرها من المنكرات.) اهـ
http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=47431&dgn=4
ـ[حارث همام]ــــــــ[19 - 11 - 05, 09:44 ص]ـ
شكر الله للإخوة مداخلاتهم وأخص الشيخ أسامة على تواضعه وحسن ظنه وقد أضطرتني دعوته للمشاركة فأقول لأخي الفاضل أبو الوليد:
لاشك أن جل الصوفية المعاصرين من الطرقية هم على ما أشار إليه الشيخ إحسان وإن شذ فيشذ أفراد ليسوا ملتزمين في حقيقة أمرهم بكتب رموزهم المعاصرين ولا بأفكارهم. وعليه وجواباً على تساؤلاتكم:
فأولاً لاشك أن النصح مطلوب لكل مسلم وعلى هذا بايع بعض الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في حديث جرير بن عبدالله البجلي المشهور، والمهم هو التفريق بين النصيحة والتعير، والحرص على وضع النصح في قالب مقبول، والاستعانة على ذلك بما يمكن، من نحو قريب للمنصوح أو شيخ أو طالب علم أو على الأقل حسن الإعداد لنصح المنصوح، مع الحرص على دعوته إلى الحق وهدايته بالتي هي أحسن لأن ذلك خير لأحدنا من حمر النعم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/202)
ثانياً إذا سمعت من أحدهم تجريحاً للسلفية بل إن رأيت من أحدهم أي منكر أو زور آخر يقارفه باسم التصوف، فإن عليك البيان ثم الإنكار إن كانت لك قدرة، وهذا يخضع لما قرره أهل العلم في مسألة إنكار المنكر وشروطه.
وبالجملة إن استطعت أن تنكر بأسلوب حسن لايحدث شغباً أو تناحراً وتنافراً وكانت لك قدرة على ذلك فلا تتردد، أما إن علمت بأن إنكارك سوف يترتب عليه منكر أكبر، أو قد يسبب لك أذى لا تطيقه فأنصحك بالسكوت في حينها ثم اسعى لبيان الحق للمتحدث أو غيره ممن تخشى تأثره بكلامه عن طريق المناصحة بالمكاتبة أو الزيارة في المنزل أو غير ذلك مما تبرأ به ذمتك. وقد وجد أن هذا الأسلوب له أثره في كف أذى بعض من عندهم عقل وحياء عن الوقوع في أهل السنة ولاسيما إذا جاءته رسالة المناصحة بإسلوب لبق مقبول لا يشتمل على محذور، ولهذا أنصحك -أخي الحبيب- إذا أردت أن تكتب رسالة لمثل هذا بأن تشاور وتراجع فيها بعض من عرف بالعلم والحكمة والدعوة على هدى وبصيرة.
ثالثاً: لعل مخالطة منتسبي التصوف من الطرقية المعاصرين فيها تفصيل، أما مخالطتهم في مجالس ذكرهم وحلقاتهم البدعية فلا، إلاّ أن تكون ناصحاً أو واعظاً مرشداً.
أما إذا كانت المخالطة في عمل أو بيع وشراء أو أداء حقوق تجب كنحو صلة رحم، ووصل جار أو قريب، فلعل الإتيان بهذه الحقوق متعين، طالما أمنت على نفسك الفتنة من التأثر ببدعهم، وإلاّ فالسلامة لايعدلها شيء. وهنا أوكد على ما أشار إليه الشيخ شاكر توفيق -حفظه الله- من أن المراد بالهجر التأديب والزجر، فإن لم تكن لك مكانة تأذن بهذا، فلا كبير معنى له إلاّ إن كنت هاجراً لأجل سلامة نفسك وهذا مقصد آخر قد يراعي في مسألة الهجر، فالهجر قد يكون لزجر المهجور، أو منع الناس من الاغترار به أو لمصلحة النفس عند من خاف الفتنة في دينه.
فإذا زرتهم أو عاملتهم فاحرص أن تكون داعية لهدي السلف ولو بسمتك وحسن أدبك ومنطقك، وإذا حققت هذا وجمعت له علماً وعدلاً وإنصافاً فحري بمثلك إذا نصح أن يسمع له أو على الأقل يرد رداً جميلاً.
وأما الصلاة خلفهم فكذلك ينقسم حكمها:
فإما أن يكون بمقدورك الصلاة خلف إمام سلفي سني حسن المعتقد بعيد عن البدعة فالصلاة خلفه حينئذ لازمة لك واجبة عليك إن كنت تسمع نداء المسجدين مسجد السنة ومسجد البدعة.
فإن شق عليك الذهاب لمسجد أهل السنة نظراًً لبعده فلعل الذي يلزمك هو إقامة الصلاة مع جماعة الملسلمين التي تليك وإن كانوا أهل بدعة أو طرقية، فالصلاة خلف كل بر وفاجر ومن في حكمهما من مذهب أهل السنة ولطالما نصوا عليها في معتقداتهم. وإن أخذت بالعزيمة وتعنيت الصلاة خلف أهل السنة فهو خير لك وأبرك.
فإذا كان إمام المسجد القريب متلبسا بأمور شركية كدعاء غير الله والذبح لأهل القباب، أو يجوز الاستغاثة بغير الله ففي هذه الحال أنصحك بترك الصلاة معهم، واحرص على الصلاة في جماعة مع أهل السنة والاستقامة فإن صلاة الجماعة من سنن الهدى، فإن عجزت لبعد الشقة فأقم جماعتك في بيتك مع زوجك أو أخيك أو أختك وأغيرهما، واحرص على شهود الجمع مع الطيبين المرضيين.
غير أنه يحسن التنبيه هنا إلى أنه لو جهلت حال إمام المسجد هل يقول بأمور شركية أو هل يفعلها فاعلم أن الأصل براءة ذمته، وأنه لايلزمك التنقيب خلفه، ولا التوقف أو التبين. فإن جهلت حاله فعليك بالصلاة خلفه.
أسأل الله أن ينفعك بما كتبه وسطره الإخوان، وأن يُعلي كتابه وسنة نبيه وعباده الصالحين، وأن يوفقكم للإصلاح والدعوة إلى هداه على بصيرة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[حنبل]ــــــــ[19 - 11 - 05, 01:58 م]ـ
قال أبو حفص السكندرى
و كالتعبد لله بسماع الألحان وبالرقص الذى يسمونه الوجد فهذين الصنفين من البدعة بمكان و إن كان الاول بدعته اقل بكثير من الثانى وهذين الصنفين بدعتيهما بدعة مفسقة لا مكفرة فتصح الصلاة خلفهما مع الكراهة
التعبد إلى الله بالرقص و الغناء بدعة!!!!
من أعتقد أن في المحرم او المكروه قربه فهو مبتدع!!!
هل هذا الكلام صحيح .......................
من غير اسم المعصية إلى طاعة يعتبر مبتدع!!!!
قال بن الجوزى فى تلبيس ابليس ص 249 ((و قد ادعى قوم منهم أن هذا السماع قربة فقال الجنيد " تتنزل رحمة الله على هذه الطائفة فى ثلاث مواطن عند الاكل و عند المذاكرة و عند السماع "))
فما كان جواب بن الجوزى ((و هذا كفر، لان من اعتقد الحرام او المكروه قربة كان بهذا الاعتقاد كافرا)) ص 250
يقول بن عابدين في حاشيته
مطلب في مستحل الرقص
قوله " ومن يستحل الرقص قالوا بكفره ":
المراد به التمايل والخفض والرفع بحركات موزونة
كما يفعله بعض من ينتسب إلى التصوف
وقد نقل في البزازية عن القرطبي إجماع الأئمة على حرمة هذا الغناء وضرب القضيب والرقص
قال:
ورأيت فتوى شيخ الإسلام جلال الكرماني
أن مستحل هذا الرقص كافر وتمامه في شرح الوهبانية
((حاشية ابن عابدين 4/ 259))
ذكر الملا على قاري فى شرح الفقه الاكبر ص 139 ما نصة
من قرأ القرآن على ضرب الدف و القضيب يكفر قلت - الملا - و يقرب منه ضرب الدف و القضيب مع ذكر الله تعالى و نعت المصطفى صلى الله عليه وسلم كذا التصفيق على الذكر
فما هو رأي مشايخنا و حكمهم - العام - في من اعتبر الغناء و الرقص قربة ..............
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/203)
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[20 - 11 - 05, 09:35 م]ـ
أخى حنبل لقد طلبت من مشايخنا أن يقولوا رأيهم فى الصوفية الذين يتخذون الغناء والرقص قربة
ويبدوا أن مشايخنا قد إنشغلوا بما هو أهم نسأل الله أن يسددهم و ينفع بهم
وقد أخذت أنت على ما قلته من أن سماع الصوفية ورقصهم (وهم لا يفعلون ذلك إلا ظنا منهم أنه عبادة وقربة) بدعة لذلك فسأسمح لنفسى بالرد حتى يأتينا الإفادة من بعض مشايخنافى الملتقى وشأنى فى ذلك شأن التيمم إذا فقد الماء
قال حنبل (التعبد إلى الله بالرقص و الغناء بدعة!!!!)
نعم يا أخى بدعة
قال شيخ الإسلام (وأما الرقص فلم يأمر الله به ولا رسوله ولا أحد من الأئمة بل قد قال الله فى كتابه واقصد فى مشيك وقال فى كتابه وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا أى بسكينة ووقار
وإنما عبادة المسلمين الركوع والسجود بل الدف والرقص فى الطابق لم يأمر الله به ولا رسوله ولا احد من سلف الأمة بل أمروا بالقرآن فى الصلاة والسكينة ولو ورد على الانسان حال يغلب فيها حتى يخرج إلى حالة خارجة عن المشروع وكان ذلك الحال بسبب مشروع كسماع القرآن ونحوه سلم إليه ذلك الحال كما تقدم فاما إذا تكلف من الأسباب ما لم يؤمر به مع علمه بأنه يوقعه فيما لا يصلح له مثل شرب الخمر مع علمه أنها تسكره وإذا قال ورد على الحال وأنا سكران قيل له إذا كان السبب محظورا لم يكن السكران معذورا
فهذه الأحوال الفاسدة من كان فيها صادقا فهو مبتدع ضال من جنس خفراء العدو وأعوان الظلمة من ذوى الأحوال الفاسدة الذين ضارعوا عباد النصارى والمشركين والصابئين فى بعض ما لهم من الأحوال)
و سئل عن أقوام يرقصون على الغناء بالدف ثم يسجد بعضهم لبعض على وجه التواضع هل هذا سنة أو فعله الشيوخ الصالحون
الجواب لا يجوز السجود لغير الله واتخاذ الضرب بالدف والغناء والرقص عبادة من البدع التى لم يفعلها سلف الأمة ولا أكابر شيوخها كالفضيل بن عياض وإبراهيم بن أدهم وأبى سليمان الدارانى ومعروف الكرخى والسرى السقطى وغير هؤلاء
وقال بن رجب فى نزهة الأسماع
والحدث الثاني
سماع القصائد الر قيقة المتضمنة للزهد والتخويف والتشويق فكان كثير من أهل السلوك والعبادة يستمعون ذلك وربما أنشدوها بنوع من الألحان استجلابا لترقيق القلوب بها ثم صار منهم من يضرب مع إنشادها على جلد ونحوه بقضيب ونحوه وكانوا يسمون ذلك التغبير وقد كرهه أكثر العلماء قال يزيد بن هارون ما يغبر الا فاسق
و قال رحمه الله (وكرهه الامام أحمد وقال هو بدعة محدث قيل له إنه يرقق القلب قال بدعة)
وقال حنبل:
قال بن الجوزى فى تلبيس ابليس ص 249 ((و قد ادعى قوم منهم أن هذا السماع قربة فقال الجنيد " تتنزل رحمة الله على هذه الطائفة فى ثلاث مواطن عند الاكل و عند المذاكرة و عند السماع "))
فما كان جواب بن الجوزى ((و هذا كفر، لان من اعتقد الحرام او المكروه قربة كان بهذا الاعتقاد كافرا)) ص 250
وكان الأليق بك ان تنقل كلام بن الجوزى كما هو ولا تنتقى منه ما يدلل على كلامك وهذا ولا بد قد حدث سهوا منك
و أما كلام بن الجوزى فنصه
(وقد ادعى قوم منهم أن هذا السماع قربة إلى الله عز وجل قال أبو طالب المكي: حدثني بعض أشياخنا عن الجنيد أنه قال: تنزل الرحمة على هذه الطائفة في ثلاثة مواطن عند الأكل لأنهم لا يأكلون إلا عن فاقة وعند المذاكرة لأنهم يتجاوزون في مقامات الصديقين وأحوال النبيين وعند السماع لأنهم يسمعون بوجد ويشهدون حقا
قال المصنف رحمه الله: قلت وهذا إن صح عن الجنيد وأحسنا به الظن كان محمولا على ما يسمعونه من القصائد الزهدية فإنها توجب الرقة والبكاء فأما أن تنزل الرحمة عند وصف سعدى وليلى ويحمل ذلك على صفات الباري سبحانه وتعالى فلا يجوز اعتقاد هذا ولو صح أخذ الإشارة من ذلك كانت الإشارة مستغرقة في جنب غلبة الطباع ويدل على ما حملنا الأمر عليه أنه لم يكن ينشد في زمان الجنيد مثل ما ينشد اليوم إلا أن بعض المتأخرين قد حمل كلام الجنيد على كل ما يقال فحدثني أبو جعفر أحمد بن أزهر بن عبد الوهاب السباك عن شيخنا عبد الوهاب بن المبارك الحافظ قال: كان أبو الوفا الفيروزبادي شيخ رباط الزوزني صديقا لي فكان يقول لي: والله إني لأدعو لك وأذكرك وقت وضع المخدة والقول قال فكان الشيخ عبد الوهاب يتعجب ويقول: أترون هذا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/204)
يعتقد أن ذلك وقت إجابة إن هذا لعظيم وقال ابن عقيل: (قد سمعنا منهم أن الدعاء عند حدو الحادي وعند حضور المخدة مجاب وذلك أنهم يعتقدون أنه قربة يتقرب بها إلى الله تعالى قال وهذا كفر لأن من اعتقد الحرام أو المكروه قربة كان بهذا الاعتقاد كافرا قال والناس بين تحريمه وكراهيته)
فقد إختزلت أنت كل هذه السطور ونسبت الكلام لإبن الجوزى و هو لإبن عقيل ولم يكن تعليقا منه على قول الجنيد كما اردت أنت أن تبين.
وقد ذكر العلماء فى السماع والرقص أحكاما مختلفة تختلف حسب أختلاف الغناء والرقص فمن الغناء ما يلازمه ضرب على الدفوف والقضبان ومنه ما يلازمه مخالطة المرد والنسوان ومنه ما يكون بكلمات زهد و تذكير ومنه ما يكون بكلمات عشق و وصف لإمرأة فيرددونها عن الله ولكل حكم
يقول شيخ الإسلام (وأن القصائد بدعة ومجراها على قسمين فالحسن من ذلك من ذكر آلاء الله ونعمائه واظهار نعت الصالحين وصفة المتقين فذلك جائز وتركه والاشتغال بذكر الله والقرآن والعلم أولى به وما جرى على وصف المرئيات ونعت المخلوقات فاستماع ذلك على الله كفر واستماع الغناء والربعيات على الله كفر والرقص بالايقاع ونعت الرقاصين على أحكام الدين فسق وعلى أحكام التواجد والغناء لهو ولعب)
و قال (أما السماعات المشتملة على الغناء والصفارات والدفوف المصلصلات فقد أتفق أئمة الدين أنها ليست من جنس القرب والطاعات بل ولو لم يكن على ذلك كالغناء والتصفيق باليد والضرب بالقضيب والرقص ونحو ذلك فهذا وان كان فيه ما هو مباح وفيه ما هو مكروه وفيه ما هو محظور أو مباح للنساء دون الرجال فلا نزاع بين أئمة الدين أنه ليس من جنس القرب والطاعات والعبادات)
و حكم من إتخذ الغناء والرقص نوع من القربة فرع عن معرفة حاله وهل يعتقد هو حلها أم حرمتها
ولا يمكن أن نسمى كل واحد منهم مستحل لما حرم الله لأن حكم الغناء و الرقص مما وقع فيه الخلاف و إن كان خلاف غير سائغ ولكن قال بإباحة الغناء بعض العلماء و كذلك الرقص
قال الغزالى فى الإحياء (فهذه المقاييس والنصوص تدل على إباحة الغناء والرقص والضرب بالدف واللعب بالدرق والحراب والنظر إلى رقص الحبشة والزنوج في أوقات السرور)
وقال (وهذا إظهار السرور لقدومه صلى الله عليه وسلم وهو سرور محمود فإظهاره بالشعر والنغمات والرقص والحركات أيضا محمود)
وقدإستدل من قال بالإباحة بأدلة كثيرة منها الموضوع ومنها الضعيف ومنها ما أولوه ولووا عنقه حتى يدلل على ما ذهبوا إليه و مذهبهم فى ذلك معلوم ضعفه مردود عليه فى كتب علماء السنة و لكن مع ضعف مذهبهم لا نقول بكفرهم من غير تفصيل وتفريق بين حال المرء و حال الغناء نفسه
يقول شيخ الإسلام (فاما السماع المشتمل على منكرات الدين فمن عده من القربات استتيب فان تاب والا قتل وان كان متأولا جاهلا بين له خطأ تأويله وبين له العلم الذى يزيل الجهل هذا من كونه طريقا إلى الله) و أعتقد أن الشيخ يقصد بقوله منكرات الدين ما أجمع على إنكاره كمعشرة الولدان والنساء أثناء السماع و ما دفعن لذلك قول الشيخ الذى ذكرته أنفا و هو
(واتخاذ الضرب بالدف والغناء والرقص عبادة من البدع التى لم يفعلها سلف الأمة ولا أكابر شيوخها كالفضيل بن عياض وإبراهيم بن أدهم وأبى سليمان الدارانى ومعروف الكرخى والسرى السقطى وغير هؤلاء) ولم يقل ان مجرد التعبد بالتغنى والرقص والسماع كفر فى حد ذاته بل سماه بدعة وهذا ما اخذته أنت على.
والله أعلى و أعلم
و أنا مثلك مازلت فى إنتظار إفادة مشايخنا.
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[21 - 11 - 05, 03:25 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الحبيب:
قلت حفظك الله (أخى حنبل لقد طلبت من مشايخنا أن يقولوا رأيهم فى الصوفية الذين يتخذون الغناء والرقص قربة
ويبدوا أن مشايخنا قد إنشغلوا بما هو أهم نسأل الله أن يسددهم و ينفع بهم)
سواء كان برفع التاء أو بنصبها فالأمر ليس كما ذكرت حفظك الله بل كان نص السؤال الذي دارت حوله الأجوبة هكذا
Quote= أبو الوليد السوري] السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما هي الطريقة التي يجب أن نتعامل بها مع الصوفية هل يجب علينا مناصحتهم؟؟؟
وإذا سمع أحدنا منهم تجريحاً للسلفية فهل يجب عليه أن يرد عليهم؟؟؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/205)
مع العلم أن مجتمعه كله صوفي وأنه يخشى على نفسه منهم وهل يجوز الاقتداء بهم في الصلاة؟؟؟ [/ quote]
وهذا يعني أنهم أجابوا على الأسئلة التي ذكرت.
وأما الذي ذكره الأخ الحبيب حنبل حفظه الله كان في آخر ما قيل وكتب فيما هو ظاهر ولم يكن هو المقصود بالكتابة وإلا ما تكلف الأخوة ما كتبوا وجزاك الله خيرا على حسن ظنك بإخوانك.
وإني لمال قرأت كلامك حفظك الله رأيتك ذكرت أمورا أذكر بعضا منها معلقا عليها وإن كان يغلب على ظني أنك لا تعارضني ولا تعارض من سبق من إخواننا الأفاضل على قولهم لكن من باب التنبيه حتى لا تعلق بعض الشبه في بال قاريء:
أولا ذكرت أقوال المبيحين وشبههم تفصيلا ولم تبين وهائها تفصيلا بل اختصرت القول فيها.
ومن ذلك مثلا ما نقلته عن الغزالي: قال الغزالى فى الإحياء (فهذه المقاييس والنصوص تدل على إباحة الغناء والرقص والضرب بالدف واللعب بالدرق والحراب والنظر إلى رقص الحبشة والزنوج في أوقات السرور)
فهفمجموع هذه الشبه يرجع إلى رقص الحبشة.
ومعلوم أن الحبشة ما كانوا يرتجزون شعرا تعبديا ولا فعلوه على وجه القربة إلى الله عز وجل.
بل غاية ما فيه استثارة للهمم وتقوية للعزائم على ما كانوال فيه من حلقة تدريبة على الرمي.
وهذا له تأثيره على الذيت يتدربون كبير.
وما كان له حكم العادة لا يجوز أن يتنزل منزلة العبادة.
وعليه فلا تصح المقايس عليها لتباعد العلة المؤثرة في الموضعين.
الثاني: نقلت: قال (وهذا إظهار السرور لقدومه صلى الله عليه وسلم وهو سرور محمود فإظهاره بالشعر والنغمات والرقص والحركات أيضا محمود).
وهذا كسابقه مع الاضافة أن ما يستدل به من اجتماع الناس على استقبال النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة مهاجرا لا يثبت وإنما المشهور في غزوة تبوك.
وبكل حال لا يعلم أحد من السابقين جعل من ذلك طريقة تعبدية ولا كانت ديدنا يجمع الناس عليه أو يأمروا به.
والخلاصة:
أن ذكر الأشعار الزهدية على وجه التعبد بدعة منكرة فسق من قام بها السابقون من ذكرتم وكذا من لمم تذكروا اختصارا.
أما من أدخل على القرآن الألات والرقص وزعم أن ذلك قربة لله فهو كفر ولا ريب إذ بهذا الفعل سخرية بالكتاب وإخراجه عن التعظيم. وكذا الفعل ابالسنة.
وإني أعلم أن هناك من يفرق بين العلم وعدم العلم ووالإعذار بالجهل وعدم الإعذار ليس هذا موضعه.
والله ولي التوفيق.
ـ[حارث همام]ــــــــ[21 - 11 - 05, 11:21 ص]ـ
شكر الله لأبي حفص تواضعه وأقول: كلامكم أيها الشيخ الكريم السكندري عند التأمل وحمله على وجهه كلام جيد رصين، ولا أرى فرق بين ما قررتموه وما ذكره الشيخ المحقق شاكر توفيق إلاّ أنه زاد توضيح بعض مواطنه، وأنتم قد أشرتم إلى شيء منه بقولكم: "حكم من إتخذ الغناء والرقص نوع من القربة فرع عن معرفة حاله وهل يعتقد هو حلها أم حرمتها
ولا يمكن أن نسمى كل واحد منهم مستحل لما حرم الله لأن حكم الغناء و الرقص مما وقع فيه الخلاف و إن كان خلاف غير سائغ".
غير أن الشيخ شاكر يرى إن دخل هذا الفعل على القرآن فهو سخرية به وخروج عن حد التعظيم فهو كفر، بغض النظر عن تكفير الفاعل من عدمه، ولعل تلك مسألة خاصة لم تتطرقوا لها، ولعلها نظرية أكثر من كونها واقعية.
ولا أود التعقيب والتطويل فيخرج بالمقال عن موضوعه، وعوداً إليه أقول للأخ الكريم أبو الوليد السوري حفظه الله حتى لاتشغله الحوارات الجانبية: هل قرأت الردود حتى الرد العاشر وهل يزال عندك إشكال تود الاستفصال عنه؟ أم أنك قد حصلت على بغيتك؟
وجزاكم الله خيراً.
ـ[أبو عامر السلفي]ــــــــ[21 - 11 - 05, 12:39 م]ـ
بعد إذن شيوخنا الأفاضل، يا أخي حنبل الموضوع ليس بهذه السطحية التي ذكرتها ...
وفرق كبير بين الكافر والمبتدع ...
وأنا أنصح نفسي وإياك بالتعلم الصحيح وعدم التعجل أو الاندفاع بإبداء الآراء دون إحاطة كلية بالموضوع ...
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[21 - 11 - 05, 02:05 م]ـ
شيخنا شاكر توفيق ما قصدت أبدا أن أنسبكم أو أى احد من مشايخنا فى الملتقى إلى أى تقصير ولا أستطيع أنا ولا غيرى ذلك فإن جهودكم التى تقومون بها فى هذا الملتقى لا يقوم بها إلا ذوى همم كالجبال وحرص على تبليغ الحق للخلق و نسأل الله أن يتقبل منكم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/206)
و اما قولكم ... (وإني لمال قرأت كلامك حفظك الله رأيتك ذكرت أمورا أذكر بعضا منها معلقا عليها وإن كان يغلب على ظني أنك لا تعارضني ولا تعارض من سبق من إخواننا الأفاضل على قولهم لكن من باب التنبيه حتى لا تعلق بعض الشبه في بال قاريء:أولا ذكرت أقوال المبيحين وشبههم تفصيلا ولم تبين وهائها تفصيلا بل اختصرت القول فيها)
فبالطبع شيخنا أنا لا أعارضكم فى شىء مما سبق ذكره هنا.
و نعم ما كان لى أن ألقى بالشبهة مفصلة دون أن أدفعها دفعا تفصيليا.
ـ[أبو عمر]ــــــــ[23 - 11 - 05, 05:02 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ما هي الطريقة التي يجب أن نتعامل بها مع الصوفية هل يجب علينا مناصحتهم؟؟؟
وإذا سمع أحدنا منهم تجريحاً للسلفية فهل يجب عليه أن يرد عليهم؟؟؟
مع العلم أن مجتمعه كله صوفي وأنه يخشى على نفسه منهم وهل يجوز الاقتداء بهم في الصلاة؟؟؟
أخي الكريم عليك بكلام مشرفنا الفاضل في هذا الملتقى حارث همام فهو كلام رزين فيه من الاختصار والمعاني ما يطول شرحه.
أرجو منك أن تعذرني إن طال كلامي عليك وكان فيه ما يتكرر.
وأنصحك أخي الكريم باللين ثم اللين فإخواننا في سورية ممن ينسبون أنفسهم إلى السلفية وغير ذلك من المسميات تجد أحدهم لم
يتعلم عند أحد المشائخ الأفاضل كيفية طلب العلم ولا شيئا من الفقه بل بدأ بالخلاف والخلاف شر , فتراهم كلما رأوا ما يخالف ما
عليه اجتهاد من يثقون به (وغالبا لم يلقونه) يبدعون ويفسقون ويهجرون: بل وصل الأمر ببعضهم إلى أنه لا يسلم على العوام
الخارجين من المساجد؛ ولماذا هذا كله؟؟؟؟
لسبب بسيط وهو عدم طلب العلم عند أهله وثني الركب عند العلماء فلا تجدهم إلا أشداء على المسلمين (المتصوفة) شدة يأنف منها
أهل السنة أنفسهم , فأنصحك ونفسي قبلك باللين في القول والعمل , وأنت تقول من معك من الصوفية كذا , وكذا وغير ذلك.
فدعك من عجائبهم وخذ منهم لين العبارة وسلاسة اللفظ واحترامهم لمشائخهم (هذا عن عوامهم).
ثم انظر من فيهم أقل شرا من غيره وأكثر قبولا للحق فناصحه بالتي هي أحسن , ولا تستشهد بأئمة الدعوة السلفية المباركة
المحسوبين من مخالفيهم , بل خذ من أئمة المسلمين الذين لا يختلفون معك عليهم فستجد فيهم لينا وقبولا أكثر من غير ذلك.
فإذا قلت له: قال الشيخ الألباني رحمه الله: الحضرة بدعة , تجده يمقت الحق لقائله , وهذا ما لا تريد!!
فقل له قال الإمام الشافعي , قال الإمام أبو حنيفة , قال الحافظ ابن كثير -رحم الله الجميع- , وهكذا دواليك , فغالبهم لا ينظر إلى
الدليل بقدر ما ينظر إلى مرتبة القائل بين أهل العلم , ولهم في ذلك شؤون.
وغالبهم عاميون لم يطلعوا على الحق في دعوة الشيخ ابن تيمية ومن بعده على منهاجه (رحمهم الله) , صور لهم رؤوس
المخالفين عندهم أن هذه الدعوة ضلال وشنعوا عليها كثيرا , ولذا تجد معظمهم يخشى الحق (وإن كان يراه) إن أتى منهم , لفكرة
مسبقة عنده.
وأنت أخي الكريم اعلم بأن أكثر المخالفين لأهل السنة وأقواهم شوكة في سورية.
فكن ليناً قدرما تستطيع وإياك أن تغضب لقول يقوله رؤوسهم ويعيده على مسامعك عوامهم , وإن وجدت مسألة لا يقنعون منك فيها
فتحول إلى غيرها , لعلك تصل معهم إلى الحق شيئا فشيئا.
وحدثهم بالمتفق عليه بيننا وبينهم حتى تقربهم إليك فحدثهم عن زهد الأئمة الأعلام رحمهم الله تعالى , وعن قصص الصحابة
الصحيحة رضوان الله عليهم , فتؤلف قلوبهم إليك وتهون خلافك عليهم , وإياك ثم إياك أن تميز نفسك عنهم بقول أو فعل وعليك
بالنصح دون الشدة , ولعلك تبدأ معهم بالمسائل الفقهية والأصولية وأهمها الاحتجاج بالحديث الضعيف فإن أقنعتهم بعدم حجيته هان
عليك ما بعده.
ونصيحتي لك ولكل مسلم أن تلين القول لهم فالناس في هذه البلاد بسطاء ليس لهم إلا هؤلاء المشائخ , فإن أضلوهم ضلوا ,
فمعظمهم يعمل من الصباح إلى المساء طلبا للقمة العيش , لم يتوفر له كتاب ليقرأ فيه , يذهب إلى المسجد ليتعلم دينه فيجد قصص
المتصوفة والرقائق , يتعلق بها فليس هناك من يتناصح وإياه , ولا يعلم من دينه إلا العبادات , فتجده بعد ذلك لا يستطيع مخالفة
شيخه خشية الدخول في الخطأ فهو يعتبر نفسه قليل العلم , ويقدر شيخه تقديرا عاليا ويثق فيه ثقة عمياء , فبعد ذلك تأتي أنت أو
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/207)
غيرك وتسفه ما عليه شيخه وتقلل من قيمته , فلا يتحملك ولا يتحمل هذه الأقوال عن شيوخه , فيهجر الحق الذي تقوله له , لأنك
تطعن في شيخه , فتنبه.
فعليك بالنصح واللين في العبارة أولا وآخرا , وإبدأ معهم فيما فيه الإتفاق حتى يأمنوا جانبك ويأمنوا دينك فالإنسان عدو ما يجهل.
أما عدم مجالستهم ونصحهم والصلاة خلفهم (طبعا من لم يشرك شركا أكبر منهم)
قال الحسن البصري رحمه الله في الصلاة خلف المبتدع: "صل، وعليه بدعته"
وكذلك:
لا يُتْرَكُ حَقٌ لِباطِلْ
كما قال سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى , وهي قاعدة ذهبية ضعها نصب عينيك عند خلافك معهم -فضلا راجع الفائدة-.
وقد رأيت نتائج ذلك على الناس: فمن هجرهم ولم يخالطهم لم يفد حتى نفسه , بل ترك السلام عليهم , وترك مناصحتهم
والاختلاط معهم وفي ذلك مفاسد لا تخفى فالناس بحاجة إلى العلم ولن يتقبلوه إلا باللين والتراحم.
أما التجريح فيُرَدُّ بشرعنا الحنيف دون شدة ولا غلظة فذكرهم بالغيبة والنميمة , وأن لحوم العلماء مسمومة , وأن كلا يخطئ
ويصيب ولا نبي بعد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم , وتنبه أنت كذلك إلى هذه النقطة فلا تتعصب لشيخ واحد دون غيره
وحاسب كل العلماء بميزان واحد دون تعصب لواحد منهم دون الآخر , فلا تتعصب للألباني رحمه الله شأن معظم إخواننا في هذه
البلاد , واعلم أنه لا معصوم إلا من عصمه الله سبحانه , وأن مسائل الاجتهاد رحبة , فلا تضيق واسعا , ولا تحجر على الناس
فيما يسوغ فيه الاجتهاد.
فبعضهم يبدع من يقنت في الفجر دوما وهذا من الغرائب ولا تجده قارئا إلا كتاب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ
الألباني رحمه الله , وكتاب أحكام الجنائز , ثم تجده صار مجتهدا مطلقا في جميع المسائل.
بل ليتهم يسكتون بدل التبديع والتفسيق بل والتكفير , وخاصة فيما لا يعلمون (وقد كنت منهم حتى هداني الله سبحانه).
ولا أجد سببا لهذا إلا عدم طلبهم للعلم على شيخ فاضل يعلمهم أصول طلب العلم والدعوة.
فائدة: من مشاركة أخينا الفاضل أبو حاتم الشريف جزاه الله خيرا: مسائل وأقوال الإمام أحمد بن حنبل
لا نترك حقاً لباطل!!
سئل عن رجل شق ثيابه أيعزى؟
قال لا يترك حق لباطل قيل ايؤخذ بيده قال خذ
العلل ومعرفة الرجال 2/ 486
قال ابن قدامة:
وقال أحمد أكره التعزية عند القبر إلا لمن لم يعز فيعزى إذا دفن الميت أو قبل أن يدفن
وقال إن شئت أخذت بيد الرجل في التعزية وإن شئت لم تأخذ وإذا رأى الرجل قد شق ثوبه على المصيبة عزاه ولم يترك حقا
لباطل وإن نهاه فحسن
وقال أيضاً:
فصل فإن كان مع الجنازة منكر يراه أو يسمعه فإن قدر على إنكاره وإزالته أزاله وإن لم يقدر على إزالته ففيه وجهان أحدهما
ينكره ويتبعها فيسقط فرضه بالإنكار ولا يترك حقا لباطل
والثاني يرجع لأنه يؤدي إلى استماع محظور ورؤيته مع قدرته على ترك ذلك
وأصل هذا في الغسل فإن فيه روايتين فيخرج في اتباعها وجهان
المغني 2/ 176
عبد الرزاق عن الثوري عن خالد بن دينار قال قال الحسن لا تدع حقا لباطل!
أخوك أبو عمر.
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[23 - 11 - 05, 09:18 م]ـ
فعلاً يا أخي، وصلى الله على نبينا محمد وسلم تسليماً، حيث قال: (ليس الخبر كالمعاينة).
تجد من خالط مذاهب الناس أعرف من غيره في كيفية التعامل الأصوب.
ـ[أبو عبدالكريم الملاح]ــــــــ[24 - 11 - 05, 12:51 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خير الجزاء أخي أبو عمر وبارك فيك فإنك والله وضعت يدك على الجرح تماماً وقدمت مافيه الخير فجزاك الله خيراً وبارك فيك.
وجزا الله كل من شارك في هذا الموضوع خير الجزاء وبارك فيهم ونفعنا بعلمهم وجمعني الله وإياهم تحت لواء سيد المرسلين.
ـ[أبو عمر]ــــــــ[26 - 11 - 05, 02:43 م]ـ
وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو الأم]ــــــــ[02 - 01 - 06, 09:03 م]ـ
مسألة الرقص والسماع ...
هناك رد جميل للامام ابن حجر الهيتمي مفتي البلد الحرام رحمة الله عليه
اسمه كف الرعا عن منكرات السماع
فصل في المسألة تفصيلا جميلا ...
وهو موجود في قسم المخطوطات
وايضا الامام الشاطبي في الاعتصام في الباب الرابع
في مأخذ على اهل البدع
فليراجع هناك ففيه الفائدة
ـ[محمد سفر العتيبي]ــــــــ[02 - 01 - 06, 09:17 م]ـ
أبو سعيد ابن الإعرابي الصوفي ((من خيرة علماء الحديث في المدينة المنورة القرن الثالث\الرابع الهجري))
أبو نعيم الأصبهاني الصوفي ((صاحب حلية الأولياء افتتح كتابه بالقول أن أول صوفي أبو بكر الصديق؟؟؟))
ابو الفرج ابن الجوزي ((كان مغرماً بهم -- أي بصالحيهم--))
اسماء قليلة شرعت قديماً بحسن نية لهذا الاسم, فهل تلومون عوام الناس, فهل كل الصوفية كـ ابي سعيد الاعرابي وابي نعيم وابن الجوزي ((نصف صوفي+نصف حنبلي))
الصوفية نشأت كمرض وردة فعل لأمراض السيسة والحروب في الأزمنة القديمة, وتقبلتها العقول البدائية.
يحيى ين سعيد القطان: لم نترك ابراهيم بن أبي يحيى ((معتزلي من المدينة-القرن الثاني)) لبدعته, بل لكذبه في الحدث.
أحمد بن حنبل: يرى البدع بعضها دون بعض, فمثلاً بدعة الإرجاء أخف من بدعة القدرية بكثير.
عامة كبار علماء الحديث, كالقطان وأحمد والبخاري وابن حبان: لابأس من الرواية عن المبتدعة -- مالم يتجاوزوا حدود البدعة--فمابالك بمخالطة أهل البدع ماداموا لايدعون لبدعتهم.
مثلاً: الإمام المحدث الثقة الكبير الملقب بالمصحف: اتهم بالإرجاء ولم يحضر سفيان جنازته, ولكن حضرها تلميذه ابو نعيم الفضل بن دكين, رغم أنه يعلم ببدعته ((الإرجاء)) ولكن لم يكن يدعو اليه, مع زهده وكثرة صلواته وصيامه وعابدته, لذا روى عنه الأئمة, حتى لقب بالمُصْحَف,
مايوجد في هذا الزمان من الصوفية تجاوز البدعة الى الشرك وربما الكفر, وكما قيل المسألة فيها تفصيل
الله اعلم وارجو التصويب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/208)
ـ[أبو مصعب البكري]ــــــــ[16 - 02 - 06, 06:24 ص]ـ
الأخوة الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من أراد حقيقة التصوف وما عليه الصوفية فعليه بهذا الموقع
http://www.alsoufia.com/
وقد اخترت لكم منه هذا المقال
http://www.alsoufia.com/selected_article.aspx?id=1693
أما شهادة الأخ حسام بأن الصوفية يناقشون بالعلم وأن دلائلهم قوية لا تكاد ترد
فستكتب شهادتهم ويسألون، والله الموعد
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[16 - 02 - 06, 11:07 م]ـ
وهذا كتابان أيضا
http://salafi.net/books/book9.html
و
http://salafi.net/books/book23.html
ـ[أبو عمر]ــــــــ[17 - 02 - 06, 03:58 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أخي الفاضل حسام وفقه الله تعالى
غالب حججهم من العام المخصوص أو بالعكس معتمدة على أحاديث ضعيفة وهو منهجهم
ألم تر انتشار إلى ادعائهم في الحديث الضعيف أو المكذوب طرف منه:
تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه
وهم يحاجون به ,بل وصل الأمر بخادم أحد المساجد من المسنين أن قال لي:
هذا المسجد يرى زيادة الصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في الأذان
ولا يرى ضرورة توضيح أن هذه الزيادة ليست من النبي صلى الله عليه وسلم
وإن عجبك فأهلا وسهلا وإن لا فلا تدخل المسجد لاحقا وكأنه مسجد أبيه والله حسيبه
وهو كما قال:ممن عاصر الشيخ أبو النور
(عامله الله بما يستحق ويقول أنه من أولياء الله فأي عقل وأي حجة وأي علم
وغالب صوفية الشام مرجئة قدرية
بل معظمهم مغالون لا يقبلون للمخالف قولا, ولا حتى من النبي صلى الله عليه وسلم
بل تجد أحدهم كأبو النور علم جماعته أن تصلي على والدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم
وهم يبتدعونها في المساجد خلافا لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم وخلافا لما عليه أئمة الهدى ومنابير الدجى:
بل عندما ناقشه أحد الأخوة البسطاء في ذلك أجاب: شو نحنا عم نصلي على بولس
فحسبنا الله ونعم الوكيل
أما الاستهزاء: فمن لسانه ولسان مريديه ممن يقربني: مزحات يأباها المسلم البسيط ويراها كفرا ولكنها خرجت من أبو النور فتوجب حملها على المزاح وأنها صحيحة
ولو شئت فتح هذا الموضوع لطال النقاش ولكن الله حسيبهم وهو خصيمهم يوم القيامة
أما مسألة العلم والفقه: فمنهم فقهاء علماء حقا ولكن تجد أحدهم كما شهد أخونا أبو بكر حفظه الله تعالى وكما رأيت تسجيلا على الفيديو يجلس ولا ينكر أن يخرج أحد رؤوس الضلال فيدعي أن أحمد الحارون أحيا عدة أشخاص وأن الرواية ثابتة أمام مسجد مليء بالناس البسطاء الأتباع
وهذا الشخص ممن يشار له بالبنان في سوريا ومن أشهر علمائها , ولست أعلم سببا لسكوته عن هكذا باطل فحسبنا الله ونعم الوكيل
وكما قيل:
أهل البدع إذا قامت بهم أعمالهم فعدت بهم عقائدهم
ولكن ليس هذا موضع النقاش فيهم وفي عقائدهم فالشبكة مليئة بما يظهر زيف ادعائهم
أما إن ظهرت لك حججهم قوية فراجعها في هذا الملتقى المبارك -وفق الله القائمين عليه لكل خير- تجد أجوبة عن كثير من شبهاتهم بإذن الله تعالى
والسلام ختام(32/209)
هل من عقيدة أحمد أن الرسول صلى الله عليه وسلم رآي ربه
ـ[أبو البراء الجبرتي]ــــــــ[20 - 11 - 05, 02:36 ص]ـ
قال أحمد بن حنبل رضي الله عنه في كتابه أصول السنة ...
"والإيمان بالرؤية يوم القيامة كما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحاديث الصحاح وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد رأى ربه. فإنه مأثور عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صحيح. رواه قتادة عن عكرمة عن ابن عباس، ورواه الحكم عن أبان عن ابن عباس، ورواه علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس. والحديث عندنا على ظاهره، كما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والكلام فيه بدعة. ولكن نؤمن به كما جاء على ظاهره. ولا نناظر فيه أحدا "
الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم لم يرى ربه، وإن كانت المسألة من فروع العقيدة. لكن ما دليل الإمام أحمد على قوله حيث أنه لم يورد الأحاديث التي رأها صحيحة وطاهرها أنه صلى الله عليه وسلم رأى ربه؟ ...
استمعت لشرح أصول السنة للشيخ عثمان الخميس حفظه الله ولكن الشريط الثاني (التي فيه المسألة" لايعمل سواء في موقع طريق الإسلام ولا في موقع الشيخ حفظه الله، فياريت أجد هذا الشريط فقد استمعت للسلسلة كلها إلا هذا الشريط ...
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[20 - 11 - 05, 11:21 م]ـ
جاء فى كتاب أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات ما نصه
(ومذهب عائشة أنه لم يره بعين رأسه لحديث مسلم السابق وعلى هذا طائفة من العلماء ورجح هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية وقال قد تدبرنا عامة ما صنفه المسلمون في هذه المسألة وما تلقوه فيها قريبا من مئة مصنف فلم أجد أحدا يروي بإسناد ثابت ولا صحيح ولا عن صاحب ولا عن إمام أنه رآه بعين رأسه قال فالواجب اتباع ما كان عليه السلف والأئمة وهو إثبات مطلق الرؤية أو رؤية مقيدة بالفؤاد وقال لم يثبت عن الإمام أحمد التصريح بأنه عليه السلام رأى ربه بعين رأسه
لكن حكى النقاش عن أحمد بن حنبل أنه قال أنا أقول بحديث ابن عباس بعينه رآه رآه حتى انقطع نفسه لكن ابن تيمية أعلم بنقول أحمد وغيره من النقاش وأحمد أجل من أن يكون عنده من عدم السكينة ما يتكلم بمثل هذا حتى ينقطع نفسه إنما هي حكايات المجازفين في النقول عن الأئمة فتأمل وصاحب البيت أدرى وكم للناس من مجازفات في المنقول والمعقول والمرجع في ذلك إنما هو لأقوال المحققين والعلماء الراسخين والأئمة الربانيين) أ.ه
وأماسؤالك عن أدلة الإمام أحمد على قوله إن كان قد قاله وعنى به رؤية بصرية فمنها ما رواه اللالكائى فى شرح أصول اعتقاد أهل السنة ولا تدل على الرؤية البصرية ولم تصرح بها قال رحمه الله أخبرنا عبيد الله بن محمد قال أخبرنا الحسين بن إسماعيل قال أخبرنا الفضل بن يعقوب قال ثنا أسود بن عامر قال ثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة
عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال رأيت ربي عز وجل
وقال رحمه الله أخبرنا محمد بن عبد الرحمن قال ثنا محمد بن هارون الحضرمي قال ثنا رجاء بن المرجا قال ثنا يزيد بن أبي حكيم قال ثنا الحكم بن ابان قال ثنا عكرمه
عن ابن عباس أنه سئل هل رأى محمد ربه
قال نعم
ـ[أبو البراء الجبرتي]ــــــــ[23 - 11 - 05, 06:32 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الكريم أبو حفص السكندرى.
لقد استفدت من إجابتك كثيراً ولله الحمد ونفعنا الله بعلمك.(32/210)
هل يتكرم احدكم بتوضيح الفارق الفرق بين مقولة " الصفات هي عين الذات " و" الصفات هي فرع
ـ[عمرو عبدالله الظاهري]ــــــــ[20 - 11 - 05, 01:38 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اخواني في المنتدى
هل يتكرم احدكم بشرح الفرق بين مقولة " الصفات هي عين الذات " و" الصفات هي فرع الذات "
وجزاكم الله خيرا
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[20 - 11 - 05, 06:30 م]ـ
اين طلبه العلم الاقوياء
ـ[مسدد2]ــــــــ[20 - 11 - 05, 08:47 م]ـ
لو كنتُ من طلبة العلم الاقوياء لسألتُك عمن قال بهذا التفصيل قبل كل شيء.
العبارة المعروفة عند المتكلمين هي أن الصفات ليست هي ذات الله (بمعنى أننا لا نتوجه بالدعاء الى علم الله، بل الى الله)، و لا غير الذات (بمعنى أن العلم الالهي ليس منفكا عن الذات الالهية). ولعل ما سبق هو المراد من أن الصفة فرع الذات (حيث ان الصفة، كالعلم، لا تقوم الا بوجود الموصوف، فتكون الصفة فرع للاصل، بمعنى يرتبط وجودها بوجوده).
والله اعلم
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[21 - 11 - 05, 02:38 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الحبيب عمرو الظاهري حفظه الله ك
تتمة على ما قاله الأخ الحبيب مسدد الذي نسال الله أن يجعله كابن مسرهد.
إن خلاصة مقال أخهل السنة في هذا أن الصفة ليست هي هو ولا هي غيره.
إذ قولك حفظك " الصفات هي عين الذات " و" الصفات هي فرع الذات "
ففي الأولى يلزم فيها عند المعتزلة على باب التصور لما يقولون واعني بالتصور العقلي الفاسد لزوم تعدد الذوات فإذا قلنا أن السمع عين الذات فهي ذات وذا قلنا أن البصر عين الذات فهذه ذات ثانية وهكذا على الاصل الذي يخالفون به غيرهم.فارجعوا كل ذلك إلى إلى صفة واحدة يمكن أن يتصور من خلالها اجتماع الصفات المعاني والمعنوية والذاتية إليها كالحياة أو الوجود ... .
وفي الثاني يلزم عند القائلين بها التجزئة وهذا من صفات الحوادث فمنعوه على هذا الأساس.
وكل هذا التفريق العقلي تفريق بدعي كما لايخفى.
والله أعلم.
ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[21 - 11 - 05, 05:40 ص]ـ
أو لعل المراد أن الكلام عن الصفات فرع عن الكلام في الذات، قال ابن تيمية: " القول فى الصفات كالقول فى الذات؛ فإن الله ليس كمثله شىء لا فى ذاته ولا فى صفاته ولا فى أفعاله، فإذا كان له ذات حقيقة لا تماثل الذوات، فالذات متصفة بصفات حقيقة لا تماثل سائر الصفات " (الرسالة التدمرية 3/ 25 - الفتاوى).
وقال - أيضاً -: " الكلام فى الصفات فرع على الكلام فى الذات، يحتذى فيه حذوة ويتبع فيه مثاله، فإذا كان إثبات الذات إثبات وجود لا إثبات تكييف؛ فكذلك إثبات الصفات إثبات وجود لا إثبات تكييف " (مناظرة في العقيدة الواسطية 3/ 167 - الفتاوى).
وقال نحوه الخطيب البغدادي وقوّام السنة الأصبهاني والسفاريني (انظر: رسالة في الصفات للخطيب ص 20، وبيان المحجة للأصبهاني 1/ 175، ولوامع الأنوار البهية للسفاريني 1/ 102 - 103).
ونقله الخطيب البغدادي والخطابي والبغوي وأبو عثمان الصابوني وأبو بكر الإسماعيلي وأبو القاسم التميمي وأبو إسماعيل الهروي والسجزي وابن عبد البر والقاضي أبو يعلى والأشعري وابن الباقلاني والآمدي وابن تيمية وصديق خان عن السلف (انظر: الرسالة المدنية 6/ 355 - الفتاوى، و مناظرة في العقيدة الواسطية 3/ 196 و207 - الفتاوى، ومجموع فتاوى ابن تيمية 4/ 6 - 7 و 5/ 59 و 12/ 574 - 575 و 33/ 177، وعقيدة أهل الأثر لصديق خان ص 49).
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[21 - 11 - 05, 07:53 ص]ـ
الاحتمال الذي ذكره الأخ الآبيضي غير سؤال السائل
السؤال:::هل يتكرم احدكم بشرح الفرق بين مقولة " الصفات هي عين الذات " و" الصفات هي فرع الذات "
ـ[همام بن همام]ــــــــ[22 - 11 - 05, 06:22 ص]ـ
بيّن الشيخ الدكتور محمد بن خليفة التميمي في كتابه "مواقف الطوائف من توحيد الأسماء والصفات" معنى المقولة الأولى وهي أن " الصفات هي عين الذات " فقال: "فالمعتزلة تجمع على غاية واحدة وهي نفي إثبات الصفات حقيقة في الذات ومتميزة عنها. ولكنهم سلكوا طريقين في موقفهم من الصفات.
الطريق الأول: الذي عليه أغلبيتهم وهو نفيها صراحة فقالوا: إن الله عالم بذاته لا بعلم وهكذا في باقي الصفات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/211)
والطريق الثاني: الذي عليه بعضهم وهو إثباتها اسما ونفيها فعلا فقالوا: إن الله عالم بعلم وعلمه ذاته وهكذا بقية الصفات، فكان مجتمعا مع الرأي الأول في الغاية وهي نفي الصفات.
والمقصود بنفي الصفات عندهم: هو نفي إثباتها حقيقة في الذات ومتميزة عنها، وذلك أنهم يجعلونها عين الذات فالله عالم بذاته بدون علم أو عالم بعلم وعلمه ذاته
وهناك آراء أخرى للمعتزلة لكنها تجتمع في الغاية مع الرأيين الأولين، وهو التخلص من إثبات الصفات حقيقة في الذات ومتميزة عنه" انتهى كلامه حفظه الله.
وقال الشيخ صالح آل الشيخ - حفظه الله ورده إلى التدريس رداً جميلاً وأخرجه من الوزارة معززاً كريماً - في شرحه للعقيدة الواسطية ما نصه: " وذكر أيضا الآيات المتعلقة بعلمه جل وعلا كقوله ?وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ? وكذلك في قوله ?لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا? وهذه الآيات فيها جميعا إثبات صفة (العلم) لله جل وعلا وأن الله سبحانه وتعالى هو (الْعَلِيمُ) بصفة وهي صفة (العلم).
وهذا فيه مخالفة للمعتزلة الذين قالوا إن الله جل جلاله يعلم لكن ليس بعلم، يعني يقولون إن الله عالم لكن ليس بعلم، يعني ليس بصفة زائدة على ذاته جل وعلا بل هو يعلم بذاته لا يعلم بصفة إنما العلم يأتي من ذاته جل وعلا.
وهذا باطل لأن اسم الله جل وعلا (الْعَلِيمُ) مشتمل على صفة العلم، والعلم أُثبِت له جل وعلا كغيره من الصفات بالاسم كـ (الْعَلِيمُ) وبالصفة يعني المجردة وكذلك بالأفعال، والأفعال تدل على حصول الحدث، يعني تدل على حصول المصدر مع الزمن المقترن به، وهذا كله يدل على أن العلم الحاصل لله جل وعلا هذا شيء زائد عن الذات، يعني شيء متعلق بزمن، والذات غير متعلقة بشيء من ذلك.
فإذن دل على أن صفة العلم لله جل وعلا أنها كسائر الصفات لله تبارك وتعالى وهي أنها صفة مستقلة ذاتية قائمة بالذات لكن ليست هي عين الذات فـ (الْعَلِيمُ) من أسماء الله جل وعلا هو ذو العلم الواسع وليس معناه أنه (الْعَلِيمُ) بذاته وإنما هو (عليم) بالعلم.
يعبر المعتزلة عن ذلك بقولهم عليم بلا علم.
معنى قولهم (عليم بلا علم) يعني عليم بلا صفة زائدة عن ذاته هي العلم، وهكذا يقولون في سائر الصفات سميع بلا سمع، يعني بلا صفة زائدة هي السمع بصير بلا بصر وحفيظ بلا حفظ، وهكذا، يعني أن الأسماء إما أن يفسروها بمخلوقات منفصلة وإما أن يفسروها بالذات.
ومما ينبه عليه هنا أن أهل السنة يقولون (يعلم بعلم) وأما ما وقع في بعض الكتب من الكتب المنسوبة لأهل السنة ككتاب (الحيدة) مثلا من أنه جل وعلا (يعلم بلا علم) هذا غلط، أو قولهم (إننا لا نطلق هذه العبارة بعلم أو بغير علم لعدم ورودها) كذلك هذا غلط.
والذي جاء في (الحيدة) هو كذلك في غيرها (أننا نقول يعلم ولا نقول بعلم ولا بغير علم)
وهذا باطل لأن كونه جل وعلا يعلم معنى ذلك أن علمه متجدد بتجدد زمن الفعل، لأن الفعل ينحل عن زمن وعن مصدر، والمصدر مجرد من الزمن، والزمن لا بد له من تجدد والذات لا يمكن أن تكون كذلك.
فإذن التجدد راجع إلى حصول هذه الصفة باعتبار متعلقاتها، وإذا صارت هذه الصفة متجددة باعتبار متعلقاتها يعني باعتبار المعلوم صار ذلك بعلم زائد على الذات، المقصود من ذلك أن في هذه الآيات رد على طائفة من الضلال في باب الصفات وهم الذين يقولون إن صفات الله جل وعلا هي بالذات وليست زائدة عن الذات. الصفات غير الذات، نعم، صفات الله جل وعلا القول فيها كالقول في الذات لكن ذاته جل وعلا هي المتصفة بالصفات.
فالصفات أمر زائد على الذات ولا يعقل أن توجد ذات ليست بمتصفة بالصفات بل الصفات تكون للذات، وليس الذات وجودها عينه هو وجود الصفات، بل ثم صفات وثم ذات.
نعم الصفات لا يمكن أن تقوم بنفسها بل لا بد لها من ذات تقوم بها، فإذن صفات الله جل وعلا ومنها (العلم) على ذلك، وهذه مقدمة تصلح لجميع أنواع الصفات التي ستأتي ". انتهى
أما عن مقولة: "الصفات هي فرع الذات" فلم أجد فيها كلاماً، ولو أن الأخ الفاضل عمراً ذكر لنا مصدرها لعل الأمر يتبين.
غير أن المقولة تحتمل معنيين:
أحدهما حق: وهو ما أشار إليه الشيخ صالح آل الشيخ - حفظه الله - في قوله:" فالصفات أمر زائد على الذات ولا يعقل أن توجد ذات ليست بمتصفة بالصفات ".
والثاني باطل: وهو أن الذات هي الأصل ثم حلت فيها الصفات بعد أن لم تكن متصفة بها، فسميت بهذا الاعتبار فرعاً للذات، وهو ما يعبر به الجهمية والمعتزلة بحلول الأعراض في الجوهر، وهي أصل شبهتهم التي أوجبت لهم التعطيل.
وإذا صح أحد الاحتمالين اتضح الفرق بين المقولتين جلياً. والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/212)
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[22 - 11 - 05, 04:46 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اخواني في المنتدى
هل يتكرم احدكم بشرح الفرق بين مقولة " الصفات هي عين الذات " و" الصفات هي فرع الذات "
وجزاكم الله خيرا
الأخ الفاضل؛ قوله الصفة عين الذات، بمعنى أنها جزء من الذات، تنطبق عليها أحكامها، وتتقمص خصائصها، فلو قلت: الرحمن؛ فذلك علم على الذات الإلهية، والرحمة هي انفعال ذاتي إلهي من الذات وإلى الذات ..
ويبنى على ذلك: أن الصفات قديمة قدم الذات، وأن نتائج الصفات قديمة قدم الذات كذلك، إذ لا تحل بها الحوادث، التي هي من صفة المخلوق لا الخالق، ولا نحصل لها البداء، ولا التغير، ولا يحيط بها مكان ولا زمان، ولا جهة ... إلى آخر ما ألزموا به الذات مما هو من معنى مخالفة الحوادث .. ومن ذلك القول بقدم العالم، إذ إذا لم تكن تحل الحوادث بصفة الخلق، فالله مذ كان وهو خالق ... إلخ، وهي مباحث عقلية تحير فيها القطا.
ومن قال بأنها خارج الذات، إذا ممكن اتصافها بما ليس ممكنا اتصاف الذات به، من التجدد، والتحيز، والتغير ... إلخ. وتبنى على ذلك أمور أخرى.
والله أعلم ..
ـ[عبدالله السيباني]ــــــــ[23 - 11 - 05, 02:54 ص]ـ
العلاقة بين الذات والصفات:
كانت هذه المسألة مثار خلاف بين المسلمين، والسؤال الذي يدور حوله الخلاف هو: كيف تتصل الذات الإلهية بصفاتها المعروفة؟.
للإجابة على هذا السؤال قسم العلماء صفات الله تعالى إلى ثلاثة أقسام:
1. صفات ذاتية.
2. صفات معنوية.
3. صفات خبرية.
الصفات الذاتية: وهي: القدم، والوحدانية، والمخالفة للحوادث، والبقاء، والقيام بنفسه، وهذه الصفات كانت محل اتفاق بين المسلمين ولم يقع فيها خلاف. لأنها تعتبر الفاصل بين وحدة الوجود وتعدد الآلهة والتوحيد.
الصفات المعنوية: وهي سبع صفات: الحياة، والعلم، والإرادة، والقدرة، والكلام، والسمع، والبصر. وهذه الصفات حصل فيها اتفاق على أنها ليست غير الذات، ولكن حصل الخلاف بين فرق الإسلام في كونها زائدة أم عين الذات، وهل تؤول أم لا؟.
النفاة المعطلة وهم المعتزلة: ذهبوا إلى تأويلها وقالوا أنها عين الذات. وقالوا أن الله حي بحياة هو هو، وعالم بعلم هو هو، ومتكلم بكلام هو هو، وهكذا بقية الصفات المعنوية. ومعنى هذا نفي الفرق بين هذه الصفات لأنها كلها عين الذات. وهذا يؤدي إلى العدم لأنه لا يمكن إثبات ذات بدون صفات، ففي حالة جعل الصفات هي عين الذات معنى هذا أنه لا يمكن أن توجد هذه الذات مجردة من الصفات وتكون ذات مطلقة، ونعلم أنه لابد للذات من صفات تميزه عن غيره.
الصفاتية المثبتة وهم الأشاعرة والماتريدية والسلفية: ذهبوا إلى إثبات هذه الصفات وعدم تأويلها، وقالوا: أنها صفات زائدة على الذات، ولكن ليست غير الذات ولا قائمة بنفسها. ولكنها تضيف معنى لله عز وجل، فكونه تعالى عالما ليس ككونه مريدا أو متكلما. وهذا الحد الأدنى الذي يتفق عليه الأشاعرة والماتريدية والسلفية.
الصفات الخبرية: وهي: الاستواء، والعلو، والنزول، والوجه، واليد، والمجيء، والإتيان، وغيرها من الصفات التي أخبر الله عنها في القرآن، أو أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم. وهذه الصفات محل اختلاف بين الفرق الإسلامية حتى بين الصفاتية المثبتين:
المعتزلة والأشاعرة والماتريدية قالوا بنفي هذه الصفات وبوجوب تأويلها إلى معان أخرى. لأن إثبات هذه الصفات على ظاهرها يؤدي إلى محاذير كثيرة لا تليق بالله تعالى.
والسلفيون وهم أهل السنة قالوا بإثبات هذه الصفات كما وردت في القرآن والسنة وعدم تأويلها أو تعطيلها ولكن مع نفي التشبيه والتجسيم والتمثيل عن الله تعالى ((ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)).
الحد الجامع بين متكلمي الصفات المثبتين هي الصفات المعنوية، والحد الجامع بين نفاة الصفات هي نفي الصفات المعنوية والخبرية وقبول الذاتية، والحد الجامع بينها جميعها (المثبتين والنفاة) هي الصفات الذاتية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/213)
ولمزيداً من توضيح الموضوع حول علاقة الذات بالصفات إليك هذا المقال الذي كتبته في مراجعتي لكتاب ((الصفات الخبرية بين المثبتين والمؤوِّلين بياناً وتفصيلاً)) لمؤلفه: جابر زايد عيد السميري، وأصله رسالة ماجستير قدَّمها المؤلف لكلية أصول الدين، قسم العقيدة بجامعة أمدرمان الإسلامية بالسودان بتاريخ 12/ 7/1408هـ الموافق 29/ 2/1988م، وهو مطبوع الطبعة الأولى، 1416هـ - 1995م، نشر الدار السودانية للكتب، الخرطوم.
علاقة الذات بالصفات في حق الله تعالى وموقف الفرق الإسلامية منها:
تعتبر علاقة الذات بالصفات في حق الله تعالى من أهم القضايا وأكثرها اشغالا واختلافا في الفكر الإسلامي القديم والحديث، ولكن بنسب متفاوته، حيث شغلت حيزا كبيرا من الجدل والنقاش والتأليف والردود بين الفرق والمذاهب الإسلامية، حتى غدت تستقل بالتصنيف والتحبير لدى كثير من علماء وأئمة الإسلام قديما وحديثا.
وحتى نعرف العلاقة بين الذات والصفات لابد من معرفة أقسام الصفات عند السلف وعند غيرهم من أهل الكلام وأرباب الفرق الأخرى.
يرى الإمام البيهقي أن صفات الله تعالى تنقسم إلى:
1. صفات عقلية هي كل صفة وَصَفَ الله تعالى بها نفسه، أو وصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم ودلت عليها العقول كالحياة والقدرة والعلم والخلق والرزق وغيرها.
2. وصفات خبرية أو سمعية التي ورد بها الخبر الصادق الذي جاء به الكتاب أو السنة الصحيحة. وهي قسمان:
أ. صفات خبرية ذاتية: كالوجه واليدين والعينين، والقدم، والنفس، والإصبع، والساق وغير ذلك.
ب. وصفات خبرية فعلية: كالاستواء، والنزول، والإتيان، والمجئ وغير ذلك.
وقال الإمام البيهقي بهذا التقسيم استنادا إلى نوع الأدلة التي تثبت بها الصفة. إذ أن منها ما دل العقل على ثبوته لله تعالى مع ورود النص، ومنها ما كان طريق إثباته الأدلة النقلية فحسب.
وهناك تقسيم آخر باعتبار علاقتها بالله تعالى وتعلقها بمشيئته وقدرته وهو التقسيم الذي عليه السلف وأهل السنة ودلت عليه النصوص القرآنية والنبوية أن الصفات تنقسم إلى قسمين هما:
1. صفات ذاتية: لا تنفك عن الذات بل هي لازمة أزلا وأبدا ولا يتعلق بها مشيئته تعالى وقدرته وذلك كصفات الحياة والعلم والقدرة ونحوها.
2. صفات فعلية، تتعلق بها مشيئته وقدرته كل وقت وآن، وتحدث بمشيئته وقدرته، كالاستواء، والمجئ والإتيان والنزول ونحوها ().
وأن الناس في الصفات الخبرية (ذاتيه وفعليه) انقسموا إلى فريقين:
1. فريق المثبتين: وهم طائفتان:
أ. طائفة الذين يجرون هذه الصفات على ظاهرها، ولكن دون تمييز بين صفات الخالق وصفات المخلوق، وهؤلاء هم طائفة المشبهة والمجسمة.
ب. وطائفة الذين يجرون هذه الصفات على ظاهرها أيضا فيثبتونها على حقيقتها لله سبحانه وتعالى، كما اثبتوا غيرها من الصفات، إلا أنهم يجرونها على ظاهرها اللائق بجلال الله تعالى، فلا يشبهونه بخلقه لأنهم يثبتون لله تعالى ما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم إثباتا لا تمثيل فيه ولا تشبيه وينزهونه عن مشابهة خلقه تنزيها بريئا عن التعطيل، فاتخذوا طريقا وسطا بين المؤولة المعطلة والمشبهة المجسمة، وهؤلاء هم السلف أهل السنة والجماعة الذين اتبعوا طريق الوحي من كتاب وسنة.
2. فريق المؤولين: ويتمثل هؤلاء في المعتزلة والشيعة، وبعض الأشاعرة. وهؤلاء جميعا يذهبون إلى تأويل هذه الصفات مع الاختلاف بينهم في معانيها والمراد بها. والذي دفعهم إلى ذلك هو اعتقادهم أن إثبات هذه الصفات يقتضي تشبيه الله تعالى بخلقه ويؤدي إلى التجسيم. وأن الأدلة عليها ظنية، لأنها تتمثل في مجرد ظواهر شرعية، وهذه معارضة عندهم بما يعتبرونه أدلة قطعية، وهي الأدلة العقلية.
وأما مذهب الأشاعرة في هذه الصفات، فهم لم يتفقو على تأويل نصوص الصفات الخبرية بل منهم من ذهب مذهب السلف إلى القول بالنصوص فيها وإثباتها وهؤلاء هم متقدموا الأشاعرة كأبي الحسن الأشعري والباقلاني. ومنهم من ذهب مذهب التأويل وصرفها عن ظاهرها وهؤلاء هم متأخروا الأشاعرة كأبي المعالي الجويني، والغزالي، والرازي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/214)
وعقيدة الإمام أبي الحسن الأشعري في صفات الذات الخبرية لله تعالى أثبتها واستدل عليها بنصوص من الكتاب والسنة كما في كتابه (الإبانة من أصول الديانة) حيث أثبت فيه صفات الذات الخبرية كصفة الوجه والعين واليد والأصابع، وصفات الفعل الخبرية كصفة الاستواء والمجئ والإتيان والنزول ورد على المؤولين لها، وتبع أبو الحسن الأشعري في منهجه لإثبات هذه الصفات منهج السلف الصالح. إذ كان يعول على الكتاب والسنة في إثباته لهذه الصفات ويرد على خصومه بالكتاب والسنة ويضيف إليهما أدلة العقل.
وأما مذهب المعتزلة فهم لا يقبلون أدلة الكتاب والسنة في الأصول وذلك لأنها لا تفيد إلا الظن ولا مكانة للظن في العقائد حسب زعمهم. ولذلك اعتمدوا على أدلة العقول في الإثبات والنفي وسلطوا التأويل العقلي على النصوص وزعموا أن أدلة العقول تفيد القطع واليقين وغيرها لا يفيد ذلك. ومن أشهر أئمتهم الذين نصروا عقيدتهم الإمام القاضي عبد الجبار الهمداني في كتبه (شرح الأصول الخمسة) و (المغني في أبواب التوحيد والعدل) و (متشابه القرآن) وغيرها.
وأما موقف المعتزلة من صفات الذات الخبرية، فهم يذهبون لتأويل هذه الصفات وهي صفة الوجه، والعين، واليد.
وأما صفات الفعل الخبرية، فقد تناول المعتزلة هذا النوع من الصفات عقليا. وساقوا كثيرا من الأدلة لتبرير تأويلهم لها. وزعموا أن بقاءها على ظاهرها يلزم منه التجسيم والتشبيه. ولهذا ينبغي تأويل صفة الاستواء والنزول، والمجئ والإتيان لأن العقل لا يجوز اتصاف الله بهذه الصفات. ولا شك أن ذلك مخالف لهدي القرآن والسنة وفعل السلف الصالح، وذلك أن العقل تابع للشرع في ذلك ولا يمكن للعقل والشرع أن يتعارضا حتى يحمل الشرع على العقل. بل أن صحيح النقل يوافق صريح العقل.
وأما متأخروا الأشاعرة ومنهم إمام الحرمين الجويني والإمام أبي حامد الغزالي ومن جاء بعدهم ممن تبنى تأويل الصفات من الأشاعرة فهم خالفوا منهج متقدميهم في الاستدلال، حيث أنهم لا يكاد يختلف منهجهم عن منهج المعتزلة. فإن كان المعتزلة اعتبروا الكتاب والسنة والإجماع أصولا في الاستدلال وجعلوا دلالتهم ظنية ودلالة العقل يقينية، وبذلك قدموه على دلالة الكتاب والسنة، فإن متأخري الأشاعرة اعتبروا دلالة النصوص ظنية لا يحتج بها إلا إذا انظم إليها دليل العقل. ولذلك تبع متأخروا الاشاعرة نفس منهج المعتزلة في تأويل صفات الخبر، ولهذا كانت النتيجة والحتمية لهذا المنهج عند هؤلاء نفس النتيجة لمنهج المعتزلة، وما تكاد تجد فارقا واحدا في نتيجة ما توصل إليه هؤلاء عما توصل إليه المعتزلة.
ولذلك موقف إمام الحرمين الجويني من صفات الذات والفعل الخبرية يقوم على تأويل هذه الصفات وإقامة الأدلة العقلية المانعة من اتصاف الباري بها. واتفاقه مع المعتزلة في المنهج ونتائج هذا المنهج.
وأما موقف الإمام أبي حامد الغزالي ومنهجه في صفات الذات والفعل الخبرية. فهو يعتمد على التفويض أحيانا والتأويل أحيانا أخرى وينص الغزالي على أن التأويل مذهب العلماء و لا يجوز للعوام الاشتغال به. وأما صفات الفعل الخبرية فقد تناول الغزالي هذه الصفات تناولا عقليا إذ جعل التنزيه يكمن في التأويل الإجمالي وصرف اللفظ دون تحديد معناه أو التأويل التفصيلي أحيانا.
وخلاصة القول أن مذهب أهل السنة والجماعة من السلف ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أن تثبت لله تعالى ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات دون تفويض أو تكييف أو تعطيل أو تأويل وتحريف أو تشبيه، وهو مذهب متقدمي الأشاعرة أيضاً، وأما المعتزلة والشيعة ومتأخروا الأشاعرة فذهبوا إلى التأويل والتحريف لجميع الصفات الخبرية.(32/215)
من هم المعتزلة ومن هم الاشاعرة؟
ـ[ابو محمد زكريا]ــــــــ[24 - 11 - 05, 06:33 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جميعنا نعلم ان اهل الحديث هم اقرب الناس واقرب المذاهب الى الحق والى تتبع آثار النبي عليه السلام وان تتبع آثاره صلوات الله عليه هو السنة بعينه سواء في القول او الفعل او تقريره.
اما سؤالى هو: من هم المعتزلة ومن هم الاشاعرة؟
ايهم اقرب للواقع واقرب للسنة؟
افيدوني افادكم الله تعالى
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[24 - 11 - 05, 11:22 م]ـ
أخي ابا محمد، أهل الحديث هم أهل الحق، و ليس فقط قريبون منه.
ثم إن الأشاعرة أفراخ للمعتزلة، و بينهما فروق كثيرة.
و الأشاعرة ينتسبون إلى أبي الحسن الأشعري رحمه الله، لكن انتسابهم إليه غير صحيح، لأنهم يتبعونه في شيء قد رجع عنه، و كما قال العلامة صالح الفوزان، وصفهم بأنهم كلابية أليق.
و أما المعتزلة، فهم أتباع واصل بن عطاء، و سموا كذلك، لأنم اعتزلوا حلقة الحسن البصري رحمه الله.
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[24 - 11 - 05, 11:27 م]ـ
أخي الكريم أبامحمد: لعل هذا الرابط يفيد:
http://www.alkashf.net/
قسم (كشف المذاهب .. ).
ـ[عبدالله السيباني]ــــــــ[25 - 11 - 05, 01:42 م]ـ
أنصحك أخي بأن تراجع كتاب الشيخ الفاضل عبد الرحمن المحمود (موقف ابن تيمية من الأشاعرة) فهو حسب علمي من أفضل من كتب عن الأشاعرة وترجمة الإمام أبي الحسن الأشعري وعقائد الأشاعرة وأشهر علمائهم وكل ما يتعلق بهم فرجع إليه فإنه يغنيك عن غيره.
وكذلك كتاب الشيخ سفر الحوالي (منهج الأشاعرة في العقيدة) وهو أيضا من الكتب المفيدة في ذلك وإن كان يعتبر كتابا صغيرا ولكنه يعطيك مفاتيح عن عقيدتهم.(32/216)
ما هو مستند ابن حجر على ان كلام الله يُسمع من جميع الجهات؟؟
ـ[ابوفيصل44]ــــــــ[25 - 11 - 05, 11:14 م]ـ
قال ابن حجر في فتح الباري ج 13 ص 457 وفي بعض الطبعات 466:
((ان المسموع كلام الله كما ان موسى لما كلمه الله كان يسمعه من جميع الجهات)).
فما هو مستند ابن حجر على ان كلام الله يسمع من جميع الجهات؟؟
وقد ذكر نحو هذا الكلام الوزير صالح ال الشيخ في شرحه على صفة الكلام من كتاب لمعة الاعتقاد.
فما مستندهم في ذلك بارك الله فيكم؟؟
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[25 - 11 - 05, 11:35 م]ـ
المستند أمور؛ منها: مخالفة الله للحوادث، وحيث إن الحوادث تُسمع من جهة واحدة، فنفي المشابهة يقتضي ما ذكر.
ومستندهم: أن الروح تسمع وترى من جميع جهاتها كما نص عليه المناطقة.
ومستندهم: أن الله تعالى لا يحويه مكان ولا زمان، فكلامه يسمع من غير مكان ولا زمان ..
والله أعلم بصفته، وهل هناك نص في المسألة؟. الله أعلم ..
ـ[محمد بشري]ــــــــ[26 - 11 - 05, 12:08 ص]ـ
في كلام الأخ حمزة إجمال،فنحتاج إلى معرفة مرادك ب ( ..... فكلامه يسمع من غير مكان ولازمان) والأصل في مثل هته القضايا الجواب المفصل لا الجواب المجمل،وقد قيل قديما الإجمال في مقام التفصيل مردود عند أرباب التحصيل.
وفقنا الله وإياكم لسلوك الجادة في القول والعمل.
ـ[أيوب بن عبدالله العماني]ــــــــ[26 - 11 - 05, 12:32 ص]ـ
[ QUOTE= حمزة الكتاني] المستند أمور؛ منها: مخالفة الله للحوادث، وحيث إن الحوادث تُسمع من جهة واحدة، فنفي المشابهة يقتضي ما ذكر.
فكلامه يسمع من غير مكان ولا زمان ..
والله أعلم بصفته، وهل هناك نص في المسألة؟. الله أعلم .. [/ QUOTE
[] مما يحضرني في هذا ما قرأته في كتاب (الكون في قشرة جوز) لعبقري الفيزياء في هذا العصر (ستيف هوكينج) بأنه قال: إن الأبعاد المكانية في الأرض هي أربعة أبعاد فقط بزاوية 360 درجة ولكن في في الثقوب السوداء - كما يرى - يكون البعد المكاني إلى 13 بعد .. وهذا بالطبع خارج التصور البشري - القاصر - بحسب ما يقيسوه بمقاييس فيزيائية حسابية - يعجز الإدراك الحي عن تصوره ... ومقصودي - عافاكم الله - بأن الله جل وعلا لا تخضع صفاته لما تخضع صفات المخلوقين القاصرة العاجزة من الإحاطة في حيز الأبعاد المكانية الأرضية الأربعة .. ولو أقررنا هذا - ولا بد لنا منه- فإن صفات الله تكو ن على غير ما يكون من البشر في إقتصار الصوت أو مجال الرؤية في حيز الحد
والله أعلم ... [/
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[26 - 11 - 05, 03:18 ص]ـ
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فالذي يظهر لي ـ والله أعلم ـ عدم استناد ذلك الكلام إلى دليل شرعي ظاهر، إنما هو علل المناطقة والمتكلمين، وكذا لم أقف على كلام للسلف فيه ذلك المعنى، بل الذي يدل عليه القرآن أن موسى عليه السلام سمع كلام الله تعالى له من جهة، في قوله تعالى (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ).
أما كلام المناطقة في مسئلة مخالفة الحوداث فهو من جنس كلامهم المهلهل الذي ردوا به أغلب الصفات، بل إنهم في ذات مبحثنا ـ مبحث كلام الرب تعالى ـ قالوا كلم الله موسى من غير حرف ولا صوت، وعلتهم كالعادة مخالفة الحوادث الذين كلامهم بحرف وصوت وهو ناتج عن ذبذبة أحبال الصوت وضغط الهواء ووجود الحنجرة واللهاتين، لذا وجب أن يخالف كلام الباري كلام الحوادث، وهو خلاف ما عليه السلف من أنه تعالى كلم موسي بحرف وصوت كما نص عليه شيخ الإسلام وغيره.
هذا ما ظهر لي ونرجو من مشايخنا التعقيب.
والله أعلي وأعلم
ـ[الأحمدي]ــــــــ[03 - 12 - 05, 12:56 ص]ـ
بارك الله فيكم
أظن ان الخوض في كيفية صفات الله تعالى لابد له من مستند
ونحن لا نعلم كنه هذه الصفات إلا بما وقفنا عليه في كتاب الله وصحيح سنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
وعلى هذا
لا يمكن الخوض في كيفية هذه الصفة إلا بدليل
فمن أثبت ان كلام الله يسمع من كل الجهات فعليه بالدليل
(إثبت العرش ثم إنقش)
نعم نحن نعلم أن كلام الله تعالى ليس ككلام المخلوقين
وثبت لنا بالدليل الصحيح أن كلام الله يسمعه من قرب كما يسمعه من بعد
فهذا لا مرية فيه
فنحن نثبته ونؤمن به
أما غير ذلك مما لم يثبت لنا فيه دليل
لم يكلفنا الله تعالى بالخوض فيه
" قف حيث وقف القوم "
وجزاكم الله خيرا.
ـ[علي الصويلح]ــــــــ[03 - 12 - 05, 10:54 ص]ـ
ما أعظم الله - جل جلاله - ..
اللهم رزقنا لذة النظر إلى وجهك الكريم والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة .. اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين ...
=========
ملاحظة: رد الأخ الفاضل [الأحمدي] هو عقيدة السلف والحق الذي ندين الله به .. فجزاك الله كل خير يا أخي ونفع بك.(32/217)
بعد طول تفكير وبحث هل من يساعدني؟ موضوع لتحضير الدكتوراة في العقيدة أو مقارنة الأديان
ـ[عبدالله السيباني]ــــــــ[26 - 11 - 05, 06:22 ص]ـ
السلام عليكم اخواني طلاب العلم بارك الله فيكم
بعد طول بحث، وطول تفكير، وجدت نفسي مرغما لأستشارتكم فيما أفكر فيه بعد أن أعياني التفكير، وتقديم وتأخير رأيت أن أستشيركم حول اختيار موضوع لتحضير الدكتوراة في العقيدة أو مقارنة الأديان لذا أرجو من جميع الأخوة أن يساهموا بطرح مواضيع مقترحة لدراستها ولكن بشرط أن لا يكون الموضوع متعلق بمنهج إمام قديما أو حديثا في دراسته للعقيدة، وإنما تطرح قضية عقدية تحتاج إلى دراسة وبحث أو مسألة تحتاج إلى مزيد توضيح، أو مقارنة بين مذاهب عقدية في قضية معينة أو بين منهج أهل السنة وغيرهم وهكذا فلا تبخلوا علينا بمقترحاتكم والسلام عليكم.
ـ[محمد ياسر عرفات]ــــــــ[26 - 11 - 05, 06:50 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله ... اقترح عليك: دراسة لموقف الرافضة من تعظيم مقبرة البقيع (تحقيق عقدي ميداني).
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[26 - 11 - 05, 08:09 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الحبيب
اقترح عليك التوحيد في التوراة والإنجيل والقرآن ودلالته.
ـ[غازي الليثي]ــــــــ[26 - 11 - 05, 11:15 ص]ـ
الأخ / محمد ياسر ..
موضوعك الذي اقترحتَهُ جميل جداً، ولكن أعتقد أنهُ لا يكفي لرسالة (دكتوراه)، فالكلام فيهِ قصيرٌ جداً، إضافةً إلى أنهُ قد يكون داخلاً في رسائل قسم العقيدة المتعلقة بكلٍ من: الرافضة بوجهٍ عام، وكذلك الرسائل المتعلقة بالقبوريين، وأعتقد أنها كثيرة ..
-----------------
الأخ/ عبد الله السيباني:
إحرص على مواضيع (جمع ودراسة) المسائل العقدية: سواءً في شروح الحديث، أو في غيرها ..
وكذلك أنصحك بأن تبحث في مسألة (أثر العقيدة السلفية في عدم تأثر أفرادها بالبدع والخرافات) .. ، وبمعنىً آخر: لماذا تكون احتمالية التشيع للصوفي الخرافي - مثلاً - أكثر من احتمال تشيع ما يسمي بـ (الوهابي) .. ، وما هي طبيعة ذلك السياج المنيع، والحصن الحصين، الذي يحول دون تأثر (السلفي) بأي خرافةٍ أياً كانت وكان مصدرها .. ، وما أسباب ذلك؟ هل هو القرب من الكتاب والسنة وجعلهما المصدر الأساسي؟ أم أن السلفي لا يثقُ إلا بمرجعيتهِ فقط .. إلى غير ذلك ..
وهناك موضوعٌ آخر، وهو:
طبيعة الارتباط بين المذهب الفقهي والعقدي، فمثلاً هناك ترابط بين المذهب السلفي والحنبلي في الغالب، وبالخصوص في هذا العصر، كما أنك تجد ترابطاً بين المذهب الشافعي والأشعري .. ، فما أسباب ذلك؟ هل هو اعتقاد أن الأشعري الشافعي أن الشافعي كان أشعرياً، أم أن هناك تحولات حصلت ... الخ
ـ[أبو لقمان]ــــــــ[26 - 11 - 05, 02:33 م]ـ
لعلك تبحث عن المسائل العقدية المذكورة في كتب الفقه
أو المسائل الفقهية العقدية بعبارة أخرى
انظر مباحث النية, والصلاة و الجنائز , و الجهاد أحكام المرتدين وأهل البغي, والأيمان والنذور و الذبح إلخ
لا أجزم لكني أعتقد أنك ستجد ما يكفي لبحث دراسات و زيادة
فالخلاف فيها تكون مبمية على خلاف في أصول الدين و أصول الفقه و المشرب الفقهي
فتجمع بين أمور وتهدف إلى التكامل العلمي الذي ينبغي أن يكون هدف كل طال العلم
ولو قيدت نفسك بمذهب فحسن، كيلا تتوسع إلى حد يعجزك عن الإكمال بسبب كثرة الكتب
والسلام
ـ[أبو خليل النجدي]ــــــــ[26 - 11 - 05, 03:02 م]ـ
بارك الله في جميع الأخوة ...
إليك هذا الموضوع .... لماذا خلط كثير من العلماء الفطاحل في مسائل الأسماء و الصفات ....
فكثير من علماء الاسلام الكبار تخبطوا في هذا الباب ... فما هو السبب؟؟؟
من القضايا التي يمكن مناقشتها في البحث ...
# أمثله لهؤلاء العلماء ... ((و ما أكثرهم و ما اشهرهم)) و احصائيه لهم تقريبية
# أمثلة من كتبهم تدل على معتقدهم في الاسماء و الصفات
# هل العقيدة الاسلامية الصحيحة في الاسماء و الصفات ... صعبة معقدة خافية بحيث زاغ عنها كبار علماء الاسلام؟؟؟
# الاسباب التي حادت بكثير منهم عن فهم العقيدة في الاسماء و الصفات الفهم الصحيح ...
# موقفنا منهم و من كتبهم؟؟؟ فهناك من افتى بإحراق كتبهم .. كشرح النووي على مسلم لحتوائه على التعطيل .. فهل هذا صحيح؟؟؟
........................ إلخ
هذا ما حضرني في هذه العجالة ...
و أسأل الله لك التوفيق أخي
ـ[عبدالله السيباني]ــــــــ[26 - 11 - 05, 05:20 م]ـ
الأخوة الأفاضل: محمد ياسر، وشاكر توفيق، وغازي الليثين، أبو لقمان، أبو خليل حفظكم الله ورعاكم
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا وأشكركم على هذا التعاون والتجاوب مع طلبي وما اقترحتموه من مواضيع محل اهتمام ودراسة من قبلي وأتمنى من بقية الأخوة أن يفيدونا بمقترحاتهم ومساهماتهم والسلام عليكم.
ـ[أبو عبد الباري]ــــــــ[26 - 11 - 05, 07:41 م]ـ
لعلي أقترح على الأخ الباحث موضوع:
تعارض القول والفعل في العقيدة وهو موضوع مهم للغاية يتناول مجموعة من المباحث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/218)
ـ[إبراهيم المصري]ــــــــ[27 - 11 - 05, 01:19 ص]ـ
اقترح موضوعاً أظنه مهماً:
الحكم بغير ما أنزل الله أحواله (القوانين، اللوائح، المراسيم ... ) وأحكامه، ارتباطه بأصل الدين، كيف دخل إلي بلاد المسلمين وكيف أحدث كل هذا التأثير (شيوع الفاحشة، الجرائم، الربا ... ).
وعن كيفية التحاكم إلي الشريعة في ظل هذه الأنظمة أو ما يسمي بالتحكيم (مشروعيته، كيفيته، إلزاميته ... ).
والله نحن في أشد الحاجة لمن يصنف في هذه الأبواب فهذه نازلة أعظم من فتنة القول بخلق القران.
و أخيراً، اسال الله لك العون والتوفيق.
ـ[صالح العقيلي]ــــــــ[27 - 11 - 05, 07:32 ص]ـ
أقترح عليك لرسالة الدكتوراه في العقيدة الموضوعات التالية:
1 - الإيمان حقيقته عند أهل السنة والجماعة ونواقضه وموانع التكفير.
(خاصة وأنا أبحث عن كتاب يستوعب في ذكر موانع التكفير ويفصل في الأدلة) ..
2 - العذر بالجهل في العقيدة ... دراسة شاملة ..
3 - أوثق عرى الإيمان الحب في الله ... أصل الإيمان ..
4 - تحكيم الشريعة .. وأهميته في ضوء الكتاب والسنة ..
5 - المصطلحات العقدية ... توضيح وبيان ..
6 - ركائز الإيمان .... تفصيل في ذكر أركان الإيمان الستة ..
7 - الإيمان بالملائكة ... دراسة شرعية شاملة ...
8 - أقوال ابن تيمية في العقيدة .. أو في الإيمان .. أو في حقيقة الإيمان ..
9 - حقيقة الشرك ودعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله ..
10 - كتب العقيدة القديمة والحديثة .. دراسة شرعية ميدانية للمخطوطات ..
والله الموفق ...
ـ[عبدالله أبو محمد]ــــــــ[28 - 11 - 05, 10:46 م]ـ
الأخ الفاضل / عبد الله البيساني
أستأذنك في قنص موضوع من هذه المواضيع الثرية التي طرحها الإخوة، وإن لم نصل لمقامكم فلا زلنا نقتات من مائدة الكبار.
فإن أذنت لي في الاستفادة من أحد هذه المواضيع لرسالتي للماجستير أكن لك ولمن شارك من الشاكرين والداعين.
مع أن كثيراً من المواضيع التي طرحها الإخوة ـ مع الشكر مقدماً ـ على ما أفادوا به ـ هي مواضيع مقتولة بحثاً، بل وفي بعض المواضيع التي طرح الإخوة أكثر من رسالة، وبعضها تم تناولها بأشكال مختلفة.
أسأل الله أن يوفقك في إطروحتك، وأن يسددك، ويشرح لك صدرك، وييسر لك أمرك.
ـ[عمر الإمبابي]ــــــــ[29 - 11 - 05, 02:57 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أقترح عليك أخي الكريم -أعانك الله على إتمام هذا الأمر- إحدى الرسالات الآتية:
1 - الأشعري والأشاعرة دراسة مقارنة بين معتقد أبى الحسن الأشعري -رحمه الله- وبين معتقد الأشاعرة من بعده، وأقصد بيان هل رجع أبى الحسن الأشعري -رحمه الله- إلى عقيدة أهل السنة والجماعة على الإجمال أم على التفصيل؟ وما هي حقيقة توبة أئمة الأشاعرة من معتقدهم كالجويني والفخر الرازي والغزالي وابن فورك والشهرستاني -رحمهم الله جميعا-؟ وما هي أسباب تراجعهم عن هذا المعتقد؟ وما هي الإختلافات التى وقعت بين الأشاعرة بعضهم البعض على مر العصور؟ وما هو سبب تمسك الأشاعرة بقديم مذهب أبى الحسن الأشعري -رحمه الله-؟ وما سر التغافل عن كتابيه (مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين) و (الإبانة عن أصول الديانة)؟ وما هو واقع الأشاعرة فى عصرنا الحالي؟ وما هو حكمهم؟
إلى غير ذلك من المباحث الهامة فى هذا الموضوع، وهذا الموضوع هامٌ جداً ولا يخفى ذلك، وهو يحتاج إلى الإطلاع على كتب القوم ودراستها جيداً والنقل منها، كذا لم يؤلف فى علمي -وعلمي قليل- رداً موسعاً شاملاً على الأشاعرة والله أعلم.
2 - الديانات والأساطير، وأقصد بذلك دراسة الأديان التى تقوم أصولها على الأساطير والخرافات والملاحم الخيالية كالديانات القديمة فى بلاد اليونان وفارس والصين والهند والتى ما زال يوجد منها ما هو منتشر إلى الآن أسأل الله أن يهدي العالمين أجمعين، كذا بيان ما دخل فى ديانات أخرى كاليهودية والنصرانية من أساطير وخرافات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/219)
3 - فرَقُ الفرق، وأقصد بذلك بيان أن الفرق المخالفة لأهل السنة والجماعة قد اختلفت فى أنفسها وانقسمت إلى فرق أخرى كالشيعة والمعتزلة وغيرهم انقسموا داخل أنفسهم ما عدا أهل السنة والجماعة فقد ظلت عقيدتهم واحدة عبر العصور ولم يختلفوا إلا فى أمور قليلة هي محل اجتهاد أما الأصول فلم يختلفوا فيها -ولله الحمد- وأن عقيدتهم هي العقيدة الوحيدة التى نقلت بالسند المتصل إلى الأئمة المتقدمون أهل القرون الثلاثة المفضلة وذلك لا يوجد لدى الفرق الأخرى وذلك يتطلب التعريف بكتب العقيدة المسندة والإطلاع على كتب التراجم والجرح والتعديل، إلى غير ذلك من المباحث.
4 - عقيدة الحاكم والأمراء وأثر ذلك على البلاد والعباد، وأقصد من ذلك بيان آثار عقيدة الحاكم الذى ولي أمور المسلمين على مصالح البلاد وأحوال العباد، فهل كانت هناك ثورات ضد الحاكم أو محاولات إغتيال أم كان هناك أمن وأمان ودعاءٌ للحاكم بالخير؟ وهل كانت هناك فتوحاتٌ إسلامية فى الخارج أم كانت هناك تهديدات خارجية لأرض الإسلام؟ وماذا حدث لما تولى أهل الكتاب والمنافقون وأعداء الإسلام المناصب الهامة فى الدولة (وهذا يتطلب الإشارة إلى عقيدة الولاء والبراء)؟ ..... وغير ذلك من الأسئلة، كذا بيان أهمية وجود خلافة إسلامية قوية ذات عقيدة نقية ..... إلى غير ذلك من المباحث.
وهذا كما ترى -بارك الله فيك- يحتاج إلى الإطلاع على كتب الأثر والتاريخ ودراستها.
5 - وسائل الإعلام وأثرها على عقيدة المسلمين، وأقصد تبيين مدى تأثُر العامة بما يرد فى التلفاز أو المذياع أو الصحف من أفكار وآراء وبيان أن المذاهب المنحرفة المعاصرة إنما كان بداية أمرها هو قول أو فكرة وردت فى كتاب ما أو مجلة ما أو صحيفة ما أو مسلسل ما إلى غير ذلك من وسائل الإعلام ثم انتشرت وأصبح لها أتباع، كذا بيان كيف يتم استخدام هذه الوسائل سواء من قبل المخالفين لنشر أفكارهم أو من قبل أهل السنة والجماعة أنفسهم لنشر معتقدهم؟ ...... إلى غير ذلك من المباحث.
6 - أتباع الديانات المخالفة والكيد للإسلام من خلال الفرق الضالة، وأقصد بيان كيف يقوم أتباع هذه الديانات من مستشرقين وماكرين وحاقدين على الإسلام بالإهتمام بالفرق المخالفة لأهل السنة والجماعة وتزكيتها وودها بينما يقومون بالهجوم على أهل السنة والجماعة فى معتقدهم ومنهجهم؟ كذا بيان كيف أن هناك فرق ضالة ترتبط أفكارها أو بعض أفكارها بأفكار هذه الأديان؟ وبيان كيفية تسلل هؤلاء الأتباع بأفكارهم إلى عقول أهل هذه الفرق وبجيوشهم إلى أرض الإسلام من خلال هذه الفرق؟ وبيان كيف أن هؤلاء الأتباع منهم من دخل فى هذه الفرق للكيد للإسلام أو أسس فرقة تحمل بعض أفكار الفرق المخالفة كيداً للإسلام؟ كذا بيان أساليب هؤلاء الأتباع للكيد للإسلام عبر التاريخ الإسلامي منذ بعثة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وحتى الآن مع التركيز على عصرنا الحالي ليَحذرَ أهل الإسلام منهم؟ ..... إلى غير ذلك من المباحث.
وختاماً أسأل الله أن يعينك ويسددك ويوفقك إلى اختيار الموضوع الأمثل الذى يحتاج المسلمين إلى فهمه والتعرف عليه، وأُذكرك أنك إن اخترت موضوعاً عن الفرق أو الديانات فأهم شئٍ أن ترجع إلى كتب القوم أنفسهم وتكثر منها ولاتكتفى بالقليل أو بمصادر نقدها فقط ...
بارك الله فيك وحفظك الله وسددك ورعاك ووفقك إلى ما فيه الخير لك وللإسلام وللمسلمين ..
**ملحوظة**
أظن أنك لو اخترت موضوعاً من الموضوعات التى اقترحتها عليك فسوف تحصل -بإذن الله تعالى- على تقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى وستطبع رسالتك مائة طبعة ....... ابتسامة ... لا حرمنا الله أجرك ..
وأعتذر لك وللأخوة الأفاضل على الإطالة ...
وجزاكم الله خيرا ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[عبدالله السيباني]ــــــــ[29 - 11 - 05, 01:58 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الأفاضل جميعا حفظكم الله وبارك الله فيكم
لقد أتحفتموني بالعديد من المواضيع الجادة والممتازة وأشكر لكم هذا الإهتمام والتعاون مع موضوعي وليعلم الجميع أني عاجز عن شكركم ورد الجميل لكم وبالذات مشاركة الأخ عمر الامبابي ودعابته كما أحب أن أعلمكم أن ما طرح هنا من مواضيع مقترحة هي حق لكل من يرغب أن يختار منها موضوع يناسبه فله الحق في ذلك ولكن لا ينسى أن ينسب الفضل لأهله ويشكرهم على ذلك.(32/220)
ماذا تعرف عن الليبرالية
ـ[أبو صهيب]ــــــــ[27 - 11 - 05, 09:28 ص]ـ
يتردد كثيرا في الآونة لأخيرة كلمة الليبرالية والليبراليون ويقال فلان ذو اتجاه ليبرالي حر أو من الليبراليون الجدد ونظرا لخطورة هذا الفكر القادم من الغرب الكافر وتبني بعض أبناء جلدتنا له وما يلقاه من الدعم اللامحدود بكل أشكاله من الغرب لابد لطلاب العلم من أن يطلعوا على أفكاره ويتبينوا الحكم الشرعي فيه وما هي الردود عليه وكيف وما هي السبل لمحاربته؟
هذه أسئلة أضعها بين يدي طلبة العلم الشرعي فمن وجد فائدة أو حكما أو نقلا عنهم أو أي شيء يتعلق بالموضوع فليضفه ليكون له الأجر في ذلك؟
ولعله من المعلوم أن هؤلاء الليبراليون يمسكون الآن بكثير من وسائل الإعلام من صحف ومجلات وقنوات فضائية وهم تجاوزوا في محاربة الإسلام العلمانيين والقوميين والبعثيين والاشتراكيين ولاأبالغ إذ قلت إن بعضهم تجاوز الشيوعيين في تجريحه للإسلام كالذي كتب في مصر مقالا عنوانه النساء قوامون على الرجال! فمن لديه فائدة أرجو أن يثبتها ولكم الشكر
ـ[الجندى المسلم]ــــــــ[27 - 11 - 05, 01:01 م]ـ
ستجد أخى فى هذا الموضوع عدة كتب عن الليبرالية
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=2456
وهنا بعض المقالات
http://www.eltwhed.com
أو هنا
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=2533
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[27 - 11 - 05, 02:47 م]ـ
على حد علمي أن (الوليد بن طلال) هو من أشد الداعين لليبرالية، و من أشد الداعين للإباحية .. هكذا فليكن التأسي بالغرب
ـ[الليث السكندري]ــــــــ[27 - 11 - 05, 03:22 م]ـ
الليبرالية تقوم أساسا على ان السلطات مصدرها الشعب أو الأمة وليس الشرع أو غيره لذا فهى تقدس الحريات الشخصية في زعمهم مما يؤدي غلى الإباحية و غيرها
ـ[محمود شعبان]ــــــــ[27 - 11 - 05, 04:15 م]ـ
الليبرالية نشأتها وتطورها ومجالاتها (1/ 2)
عبد الرحيم بن صمايل السلمي 24/ 8/1423
30/ 10/2002
المقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد:
فإن موضوع "الليبرالية" له أهمية كبيرة في الدراسات الفلسفية والواقعية من جهتين:
الأولى: الغموض الذي يحيط بالمصطلح في نفسه وعدم تصور الكثير لدلالته ومفهومه.
الثانية: تأثر كثير من أبناء المسلمين به , وكثرة الكلام حوله بعلم وبدون علم في أحيان كثيرة.
وقد كان جيل النهضة – كما يسمونه – ممن شارك في دعوة المسلمين إليه ونصحهم به, وصوَّر أن نهضة الغرب وقوة حضارته المادية كانت بسبب اعتناق هذا المذهب الفلسفي , فكثر المطبلون له من كافة أطياف المجتمع.
وما هذه المعاناة التي نعاني منها في البلاد الإسلامية مثل القوانين الوضعيَّة , والفساد الأخلاقي , وانتشار الإلحاد , وترويج مذاهب الكافرين إلا إفرازا لهذا المذهب الفاسد.
وربما تميَّز هذا المذهب عن غيره في قربه من التطبيق العملي , وكونه سيال يحمل مذاهب متعددة مع بقائه على وصفه كمذهب فكري
وبعد سقوط الشيوعية كآيديولوجية كانت تهدد الفكر الليبرالي الغربي اغتر الغربيون كثيرا بمبدأ (الليبرالية) وصاروا يبشرون به في كل محفل ويزعمون أنه هو خيار الإنسانية الوحيد فوظفوا طاقاتهم الفكرية والإعلامية بدعم سياسي واقتصادي رهيب لنقل هذا النور!! الى الإنسانية كلها.
ولعل أبرز نتاج فكري يدل على الغرور الكبير بهذا المبدأ عند الغربيين كتاب (نهاية التاريخ) لمؤلفه فرانسيس فوكوياما وهو أمريكي الجنسية ياباني الأصل , وقد ظهر فيه بوضوح مدى الغرور الكبير بهذا المنهج (الليبرالية) حيث اعتبرها فوكوياما نهاية التاريخ الإنساني وليس الأمريكي فحسب.
ولقد أستغل الغربيون الليبراليون الإمكانيات الكبيرة المتاحة لديهم لنقل هذا المذهب إلى أقصى الدنيا وصناعة الحياة الإنسانية على أسسه ومبادئه عن طريق القوة السياسية والإقتصادية وتوظيف وسائل الإتصالات التي تمكنهم من مخاطبة كل الناس وفي كل الأرض.
ولعل من أبرز نتائج الليبرالية في مجال الإقتصاد (العولمة) وما تحمله من مضامين فكرية وقيم أخلاقية وأنماط حضارية وهي تحمل الرغبة الغربية في السيطرة في كل اتجاه: الحربي والسياسي والقيمي والحضاري والإقتصادي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/221)
فضلا عما تحمله من الدمار للإنسانية في معاشها الدنيوي وقد ظهرت آثار الرأسمالية في الحياة الغربية قبل مرحلة العولمة التي هي تعميم للرأسمالية على العالم كله.
مما جعل البعض يعتبر القرن الحادي والعشرين هو قرن المفكر الشيوعي (كارل ماركس) لما يرى من تكدس الثروة بيد طبقة من الناس وانتشار الفقر والعوز في الناس و أخذ الأموال من البشر بأي طريق، والتفنن في احتكار السلع الضرورية وتجويع البشر وإذلالهم باسم الحرية الإقتصادية.
لقد أصبح من الواضح الجلي تأثير العالم الغربي في الحياة الإنسانية في كافة المجالات , ونحن المسلمين جزء من هذا العالم الذي يتلقى التأثير من الغرب في كل وقت , بل ربما نكون نحن معنيين بهذا التأثير أكثر من غيرنا لأننا – مع ضعفننا وهواننا على الناس – أمة منافسة في قوة الدين الذي نحمله وهذا ما جعل هنتجتون في مقاله (صراع الحضارات) ير شح المسلمين للصراع في المرحلة الحالية والقادمة كبديل للشيوعية بعد سقوطها أكثر من الجنس الأصفر (الصين واليابان ودول شرق وجنوب آسيا) لأن الدين الذي يحمله المسلمون فيه من عوامل البقاء والقدرة على الصراع وإمكان التفوق والصعود مرة أخرى ما يلاحظه أي مراقب في الحركة التاريخية والمسيرة الواقعية له.
والدعوة الإسلامية إذا استطاعت أن تواجه المشكلات الداخلية فيها - مثل التفرق والفوضوية و مخالفة الهدي النبوي وغيرها – فان أكبر ما يواجهها هو التيار الليبرالي في البلاد الإسلامية.
ولهذا كان من الضروري دراسة الفكر الليبرالي ومعرفة حقيقته وأبعاده لمعرفة كيفية التعامل معه وإدارة المعركة معه بنجاح , فكانت هذه الدراسة المختصرة التي تؤدي جزءا من المطلوب , وأتمنى من الأخوة القراء التواصل معي فيما يفيد في خروج البحث في صورته القادمة ولكل من أهدى لي ملاحظة أو تصحيح أو فائدة أو توثيق الشكر والدعاء بالأجر والثواب.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.
كتبه/ عبد الرحيم بن صمايل السلمي
المبحث الأول: مفهوم الليبرالية.
من الصعوبة بمكان تحديد تعريف دقيق لليبرالية , وذلك بسبب تعدد جوانبها ,وتطورها من جيل إلى جيل.
يقول الأستاذ وضاح نصر:
"تبدو بلورة تعريف واضح ودقيق لمفهوم الليبرالية أمراً صعباً وربما عديم الجدوى. وفي حال تحديد الليبرالية نجد أن هذا التحديد لا ينطبق على عدد من الفلاسفة والمفكرين الذين سيموا بسمة الليبرالية (1)
وقد قررت موسوعة لالاند الفلسفية الالتباس الحاصل في مفهوم الليبرالية؛ فجاء فيها "نرى من خلال التعريفات السابقة مدى التباس هذا اللفظ. ومما يزيد في الالتباس استعماله الطارئ المتداول في أيامنا للدلّ على الأحزاب أو النزعات السياسيَّة". (2)
وفي الموسوعة العربية العالمية "وتعتبر الليبرالية مصطلحاً غامضاً لأن معناها وتأكيداتها تبدَّلت بصورة ملحوظة بمرور السنين" (3)
وقال الدكتور يوسف القرضاوي:"وأمثال هذه المصطلحات التي تدل على مفاهيم عقائدية ليس لها مدلول واحد محدد عند الأوربيين. لهذا تفسر في بلد بما لاتفسر به في بلد آخر, وتفهم عند فيلسوف بما لاتفهم به عند غيره , وتطبق في مرحلة بما لاتطبق به في أخرى.
ومن هنا كان اختلاف التعريفات لهذه المفاهيم , وكانت الصعوبة في وضع تعريف منطقي جامع مانع يحدد مدلولها بدقة. حتى اشتقاق كلمة "ليبرالي" نفسها اختلفوا فيه:هل هي مأخوذة من (ليبرتي) التي معناها الحرية كما هو مشهور أم هي مأخوذة من أصل أسباني؟ " (4)
ولكن لليبرالية جوهر أساسي يتفق عليه جميع الليبراليين في كافة العصور مع اختلاف توجهاتهم وكيفية تطبيقها كوسيلة من وسائل الإصلاح والإنتاج.
هذا الجوهر هو " أن الليبرالية تعتبر الحرية المبدأ والمنتهى , الباعث والهدف , الأصل والنتيجة في حياة الإنسان , وهي المنظومة الفكرية الوحيدة التي لا تطمع في شيء سوى وصف النشاط البشري الحر وشرح أوجهه والتعليق عليه" (5)
يقول الأستاذ وضاح نصر:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/222)
"وإذا كان لليبرالية من جوهر فهو التركيز على أهمية الفرد وضرورة تحرره من كل نوع من أنواع السيطرة والاستبداد , فالليبرالي يصبو على نحو خاص إلى التحرر من التسلط بنوعيه: تسلط الدولة (الاستبداد السياسي) , وتسلط الجماعة (الاستبداد الاجتماعي) , لذلك نجد الجذور التاريخيَّة لليبرالية في الحركات التي جعلت الفرد غاية بذاته , معارضة في كثير من الأحيان التقاليد والأعراف والسلطة رافضة جعل إرادة الفرد مجرد امتداد لإرادة الجماعة" (6)
وأهم ما يميز الأدبيات الليبرالية الكلاسيكية المعاصرة هو اهتمامها المفرط بمبدأ الحرية , حيث يفترض الفكر الليبرالي أن الحرية هي الغاية الأولى والرئيسيَّة التي يتطلع لها الفرد بطبيعته.
وأنه لا يوجد إجابة مطلقة للسؤال الفلسفي المشهور: ما هي الحياة المثلى للإنسان؟ لأن لكل فرد الحق والحرية في اختيار أسلوب الحياة الذي يناسبه. (7)
إذن: مبدأ الحرية وتحقيق الفرد لذاته تمثل نقطة انطلاق في الفكر الليبرالي بكل أطيافه , وفي كل المجالات المختلفة.
وقد ورد في موسوعة لالاند أن "هذا الاسم (الليبرالية) عينه يدل خاصة على العقائد التي تعتبر ازدياد الحرية الفردية من مثلها , والعقائد التي ترى أن الحد من دور الدولة هو بمنزلة وسيلة أساسية لهذه الحرية" (8)
والأساس الفلسفي الذي ينطلق منه الفكر الليبرالي هو المذهب الفردي الذي يرى أن الحرية الفردية هدفاً وغاية ينبغي تحقيقها. وقد عُرِّفت الليبرالية مجموعة تعريفات بحسب المجال التي تعرَّف من خلاله. (9)
يقول منير البعلبكي:"والليبرالية تعارض المؤسسات السياسية والدينية التي تحد من الحرية الفردية ... وتطالب بحقه في حرية التعبير وتكافؤ الفرص والثقافة الواسعة". (10)
وفي المؤسسة العربية أن الليبرالية:"فلسفة اقتصادية وسياسية تؤكد على الحرية والمساواة وإتاحة الفرص" (11)
وهذا التعريف ليس تعريفاً دقيقاً لمذهب فلسفي تغيَّر مفهومه مع السنين بسبب التقلبات الفكرية والسياسية والاجتماعية.
والحقيقة أن التعريف الدقيق لهذا المصطلح هو تعريفه بحسب المجال الذي يعرف من خلاله, نعرفها على النحو التالي: ليبرالية السياسة , وليبرالية الاقتصاد , وليبرالية الأخلاق ... وهكذا. وهذا ما قامت به موسوعة لالاند الفلسفيّة.
وسيأتي تعريف كل نوع على حدة في مبحث مجالات الليبرالية.
وإذا تتبعنا مراحل الليبرالية التي مرت بها نجد أنها على النحو التالي: (12)
(1) مرحلة التكوين , والمفهوم الأساسي في هذه المرحلة هو مفهوم ذات الإنسان باعتباره الفاعل صاحب الاختيار والمبادرة.
(2) مرحلة الاكتمال , ومفهومها الأساسي هو مفهوم الفرد العاقل المالك لحياته وبدنه وذهنه وعمله , وعلى أساس هذا المفهوم شيد علم الاقتصاد العقلي المخالف للاقتصاد الإقطاعي المتفكك , وشيد علم السياسة العقلية المبني على نظرية العقد , والمخالف لسياسة الاستبداد المترهل المنخور.
(3) مرحلة الاستقلال , ومفهومها الأساسي هو مفهوم المبادرة الخلاّقة من المحافظة على الحقوق الموروثة , والاعتماد على التطور البطيء , وهو تطور من العقل الخيالي إلى الملك الواقعي.
(4) مرحلة التقوقع , ومفهومها الأساسي هو مفهوم المغايرة والاعتراض وترك مسايرة الآراء الغالبة , لأن الخلاف والاعتراض يبعد عن التقليد ويولد الإبداع.
ليس الغرض من بيان مراحل الليبرالية تاريخ تطور الفكر الليبرالي بل تحديد منظومة الأفكار المختلفة التي يتبين من خلالها خطأ إعطاء تعريف واحد لهذه الفلسفة صاحبة المفاهيم المتعددة.
ويلاحظ (رانزولي) أن هذه الكلمة تستعمل في إنكلترا خصوصاً بالمعنى الاقتصادي , بينما تكاد تستعمل دائماً في إيطاليا بالمعنى السياسي الديني. (13)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/223)
ويحاول طوكفيل – أحد أقطاب الليبرالية في القرن التاسع عشر – أن يحدد معنى الحرية فيقول:"إن معنى الحرية الصحيح هو أن كل إنسان نفترض فيه أنه خلق عاقلاً يستطيع حسن التصرف , يملك حقاً لايقبل التفويت في أن يعيش مستقلاً عن الآخرين في كل ما يتعلق بذاته وأن ينظم كما يشاء حياته الشخصية" (14) ونظراً لكون الحرية مفهوماً عاماً يوصل إلى التعارض والتنازع بين الحريات المتناقضة فإن هيمون يتمنى أن توضع الليبرالية في مقابل النظرية الانفلاتية , وهذا تغيير لمفهوم الحرية (الانفلات) "وعندئذ يمكن أن تكون الأولى (الليبرالية) معتبرة بوصفها النظرية الأخلاقية والسياسية التي تتوق إلى حرية الفرد أيما توق , وتحدّ في الوقت نفسه من المطالبة أو الحصول على هذه الحريات عندما تغدو إباحيات مضرة بالآخر (بمعنى إعلان الحقوق) في المقابل يمكن للنظرية الانفلاتية أن تكون صورة للفردية التي لاتعترف بأي حد مألوف وقانوني للحرية الفردية فهي وحدها الحكم على حقوق الفرد وفقاً لقوته" (15)
ويقابل الليبرالية مجموعة من المصطلحات المناقضة لمفهوم الحرية بالمعنى الليبرالي مثل الاستبدادية ( autocrtisme)(16) , والحكومة الأوتوقراطية هي الحكومة الفردية المطلقة المستبدة , و autocratic) ) أي حاكم استبدادي. (17)
خلاصة:
الليبرالية لها مفاهيم متعددة بحسب ما تضاف إليه , ويجمعها الاهتمام المفرط بالحرية , وتحقيق الفرد لذاته , واعتبار الحرية هدفاً وغاية في ذاتها.
فالليبرالية هي "نظرية الحرية" , وهي نظرية ذات أطياف متعددة وجوانب مختلفة , وبمقادير متفاوتة.
والحرية – كما يلا حظ الباحث المدقق – مفهوم عام يمكن أن يعني به الحرية المطلقة دون معنى محددا , وقد يريد به البعض معنا محددا معينا.
ولكن المفهوم الفلسفي لهذا المذهب الفكري هو الحرية المطلقة التي لا تحدها الحدود ولا تمنعها السدود الا ما كان فيها تجاوز لحريات الآخرين على قاعدة (تنتهي حريتك حيث تبدأ حريات الآخرين).
ومن أستعمل هذا المصطلح لغير هذا المفهوم الشمولي فهو غير مصيب في استعمال المصطلح في غير مجاله وكان الأولى به البحث عن لفظ يناسب معناه غير هذا المصطلح.
وهذا يكشف مدى تردد الليبراليين العرب بين مفهوم المصطلح الفلسفي وبين انتسابهم للأسلام المناقض له من الجذور والأصول.
المبحث الثاني: الليبرالية عند جون ستوارت مل (18).
يعتبر (ملْ) من أبرز المفكرين الغربيين الذين نظّروا للفلسفة الليبرالية من خلال كتابه (في الحرية – on librty) (19) – والذي أصبح المصدر الأساسي لفكر الليبراليين العرب من أمثال أحمد لطفي السيد , وطه حسين , وحسين هيكل. (20)
أخذ (مل) موضوع الليبرالية من الجهة التطبيقية والاجتماعية ولم يناقشها من الناحية الفلسفية المجردة فيقول:"لا يتناول هذا المقال ما يسمى حرية الإرادة , وهي التي تتعارض مع ما يدعى خطأ بفلسفة الضرورة , ولكنه بحث في الحرية المدنية الاجتماعية". (21)
وقد تحدث (مل) عن حركة الفكر وقال عن المعتقدات الدينية:"ولاأقول أن الاعتقاد بصدق العقيدة مدعاة للعصمة , بل إن ماأقوله إن ادعاء العصمة معناه إجبار الغير على قبول ما نراه في العقيدة دون أن نسمع رأيه فيها , ولا أستطيع أن أدعي العصمة حتى وإن كانت لحماية أعز معتقداتي".
ويقيد مل الحرية حتى لاتصبح انفلاتية متناقضة فيقول:"كلما تعين ضرر واقع أو محتمل, إما للفرد وإما للعموم ينزع الفعل الذي يتسبب في الضرر من حيّز الحرية ليلحق بحيّز الأخلاق أو بحيّز القانون".
ويقول:"إن ما يخص الفرد وحده هو من حقوقه , ومايخص المجتمع فهو حق للمجتمع".
ويرى مل أن الدولة لابد أن يكون لها حَدّ معين تقف عنده لينمو رصيد الحرية عند الأفراد سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي أو غيره وأنه بدون ذلك سيتحول الأمر إلى استبداد حتى لو كان هناك حرية في مجال معين أو انتخاب تشريعي. (22)
يقول مل:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/224)
"إذا كانت الطرق والسكك والبنوك ودور التأمين والشركات بالمساهمة والجامعات والجمعيات الخيرية كلها تابعة لإدارة الحكومة , وإذا أصبحت – زيادة على ماسبق – البلديات والجماعات المحلية مع مايترتب عنها اليوم من مسؤوليات , أقساماً متفرعة عن الإرادة المركزية, إذا كانت الحكومة هي التي تعيّن موظفي تلك المصالح وتكافؤهم بحيث يعود أملهم في تحسين معاشهم معقوداً عليها , إذا حصل كل هذا , حينئذ تصبح الحرية اسماً بلا مسمى , رغم المحافظة على حرية الصحافة وعلى انتخاب المجلس التشريعي بالاقتراع العام".
ورغم أن الديمقراطية من إفرازات الليبرالية إلا أن (مل) ينتقد الديمقراطية لأنه يعتبرها هيمنة للأكثرية على حرية الأقلية ولو كان فرداً واحداً.
يقول ملْ:
"إن مشكلة الحرية تُطرح بإلحاح داخل الدولة الديمقراطية .. بقدر ما تزداد الحكومة ديمقراطية بقدر ما ينقص ضمان الحرية الفردية".
ويقول عن إنجلترا:"ليست هذه البلاد وطناً لحرية الفكر".
وتوضيح ذلك:
أن من مقومات الليبرالية المهمة ضرورة الاعتراض والمغايرة لينمو بذلك الفكر الحر أما إذا كانت الأمور مسلمة لا تحتمل النقد يجمد الفكر ويضمحل الابتكار.
يقول:"عندما نقبل أن تكون المبادئ مسلمات لاتحتمل النقد , وأن تكون المسائل الكبرى التي تهم البشر موضحة بدون نقاش محدد , حينذاك يضمر النشاط الفكري الذي طبع الفترات الذهبية من تاريخ الإنسان".
ويعتبر ذلك من أبرز صور الاستبداد لأن مخالفة الجمهور وحيوية النقاش وبلورة الشخصية الفردية هي أساس التطور والتقدم والتحديث , ومن لم يكن كذلك فلا تاريخ له بالمعنى الحقيقي.
يقول (مل):
"إن القسم الأكبر من الإنسانية لا يملك تاريخاً بالمعنى الحقيقي لأنه يئن تحت وطأة الاستبداد".
الدين في كتاب ستوارت ملْ (23)
يرى ملْ أن المجتمع الديني غير ليبرالي لأنه مجتمع في نظامه للحكم فردي استبدادي , ونظامه الاجتماعي العام مؤسس (24) على الإجماع في الرأي وعلى تحريم النقد والنقاش المفتوح.
وهو ينتقد كل دين أو مجتمع متشدد في قوانينه الأخلاقية والدينية أي التي يضعها فوق النقاش. بما في ذلك المجتمع اليوناني في زمن نهضة العلوم , والإصلاح الديني (البروتستانت) والمجتمع الإنجليزي والأمريكي.
ويصرح ملْ بنقد الدين في اعتراضه على تحريم تجارة الخمر ,فيقول:"إن التحريم يمس حرية الفرد لأنه يفترض الفرد لا يعرف مصلحته"
وكذلك تحريم أكل لحم الخنزير , فيقول:"إن للمسلمين الحق في تجنبهم لحم الخنزير لأنهم يعافونه , لكنهم عندما يحتقرون غيرهم ممن لا يعافه ويأكله , فإنهم يمسون بحرية ذلك الغير".
وهو يعارض فكرة الحسبة لأنه يعتبر ذلك وضعاً للنفس في موضع الإله , يقول:"إن الناس عندما ينهون غيرهم عن المنكر يعتقدون أن الله لا يكره فقط من يعصي أوامره , بل سيعاقب أيضاً من لم ينتقم في الحال من ذلك العاصي".ومن الطريف أن ستوارت ملْ يعود إلى الاعتراف بأهمية الحسبة ويناقض نفسه لمّا طرح الأسئلة التالية: هل يجوز السماح ببيع السم أو التبغ أو الخمر؟ هل يسمح للمرء أن يبيع نفسه لغيره؟ هل يجب إجبار المرء على التعلم؟ هل يجب تحديد النسل؟ ولنقارن الآن بين قول ملْ الآتي وبين إنكاره مفهوم الحسبة بأنه اتهام للإنسان أنه لا يعرف مصلحته يقول:"في كل قضية من القضايا السابقة إن عدم تدخل الدولة قد يؤدي إلى أن يضر المرء نفسه بنفسه: أن يبقى جاهلاً أو أن يبذر ماله أو أن يسمم أقرباءه أو أن يبيع نفسه , ولكن إذا تدخلت الدولة ومنعت بعض الأنشطة , فسيكون المنع بالنسبة للرجل العاقل تجنياً على حقه في التصرف الحر".
ويقول:" إذا كانت الدولة مسؤولة على تغذية الفقراء فلها الحق أن تحد النسل , أما إذا تركت الناس ينجبون كما شاؤوا فليس عليها أن تعيل الفقراء" (25)
وهنا يناقض ملْ نفسه في عدة قضايا:
- في تدخل الدولة للمصلحة لأنه ليس كل إنسان يعرف مصلحة نفسه.
- في إبطال قاعدة أن الإنسان يعرف مصلحته ولا يحتاج إلى وصاية.
- في إنكار مبدأ الحسبة وتقييد الحريات المطلقة.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الموسوعة الفلسفية العربية (المجلد الثاني – القسم الثاني – ص / 1155).
(2) موسوعة لالاند الفلسفية 2/ 725.
(3) الموسوعة العربية العالمية 21/ 247.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/225)
(4) الحلول المستوردة ص / 50 - 51
(5) مفهوم الحرية – عبد الله العروي – ص/ 39.
(6) الموسوعة الفلسفية العربية (المجلد الثاني - القسم الثاني –1155).
(7) مقال في صحيفة الأهرام العدد (132) إبريل 1998م: الليبرالية: نظرة نقدية – دينا سماته – ص / 47.
(8) موسوعة لالاند الفلسفية 2/ 726.
(9) انظر سلسلة تراث الإنسانية 4/ 473 - 474.
(10) موسوعة المورد العربية 2/ 1050.
(11) الموسوعة العربية العالمية 21/ 247.
(12) انظر مفهوم الحرية – عبدالله العروي – ص / 39 –40 (بتصرف).
(13) انظر موسوعة لالاند الفلسفية 2/ 726.
(14) الحالة الاجتماعية والسياسية في فرنسا سنة 1836م (ضمن المؤلفات الكاملة) 2/ 62.
(15) موسوعة لالاند الفلسفية 2/ 726 – 727.
(16) المصدر السابق 2/ 726.
(17) انظر: المورد – للبعلبكي – ص /75
(18) انظر النصوص المنقولة عن جون ستوارت مل: كتابه في الحرية ضمن سلسلة تراث الإنسانية (الجزء الرابع).
(19) قسم ستوارت مل كتابه في الحرية إلى خمسة فصول , أولها في فكرة الحرية , والثاني: حرية الفكر والمناقشة , والثالث: الفردية كعنصر من عناصر الحياة الطيبة , والرابع: حدود سلطة المجتمع على الفرد , والخامس: تطبيقات.
(20) انظر مفهوم الحرية – عبدالله العروي – ص / 42.
(21) المصدر السابق ص / 42.
(22) سيأتي تفصيل رأي الليبراليين في الدولة والاقتصاد في مبحث مجالات الليبرالية.
(23) النقول المنقولة عن كتاب (في الحرية) مأخوذة من مفهوم الحرية – للعروي – ص / 46 وقد صور العروي أن كلام (ملْ) هو نقد للإسلام.ويبدو أنه استنتاج من المؤلف , وأن ملْ لم ينص على نقد الإسلام باسمه بل بالآراء التي توحي بذلك (هذا ما أراه).
(24) مفهوم الحرية – عبدالله العروي – ص / 46.
(25) حول الاقتصاد السياسي (عن مفهوم الحرية ص 531)
http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_*******.cfm?id=37&catid=73&artid=1502
ـ[محمود شعبان]ــــــــ[27 - 11 - 05, 04:18 م]ـ
الليبرالية نشأتها وتطورها ومجالاتها (2/ 2)
عبد الرحيم صمايل السلمي 1/ 5/1424
01/ 07/2003
المبحث الثالث: نشأة الليبرالية وتطورها
نشأة الليبرالية وجذورها
نشأت الليبرالية في التغيرات الاجتماعية التي عصفت بأوربا منذ بداية القرن السادس عشر الميلادي، وطبيعة التغير الاجتماعي والفكري يأتي بشكل متدرج بطيء.
وهي لم " تتبلور كنظرية في السياسة والاقتصاد والاجتماع على يد مفكر واحد، بل أسهم عدة مفكرين في إعطائها شكلها الأساسي وطابعها المميز.
فالليبرالية ليست اللوكية (نسبة إلى جون لوك 1632 – 1704)، أو الروسووية (نسبة إلى جان جاك روسو 1712 - 1778) أو الملّية (نسبة إلى جون ستوارت ملْ 1806 - 1873)، وإن كان كل واحد من هؤلاء أسهم إسهاماً بارزاً أو فعالاً في إعطائها كثيراً من ملامحها وخصائصها" (1)
وقد حاول البعض تحديد بداية لبعض مجالاتها ففي موسوعة لا لاند الفلسفية "الليبرالي (أول استعمال للفظة) هو الحزب الأسباني الذي أراد نحو 1810م أن يدخل في أسبانيا من الطراز الإنكليزي.) (2)
ويذكر الأستاذ وضاح نصر: " أن الليبرالية في الفكر السياسي الغربي الحديث نشأت وتطورت في القرن السابع عشر، وذلك على الرغم من أن لفظتي ليبرالي وليبرالية لم تكونا متداولتين قبل القرن التاسع عشر. (3)
قال منير البعلبكي:" الليبرالية ( liberalism) فلسفة سياسية ظهرت في أوربا في أوائل القرن التاسع، ثم اتخذت منذ ذلك الحين أشكالاً مختلفة في أزمنة وأماكن مختلفة (4)
والظاهر من تاريخ الليبرالية أنها كانت رد فعل لتسلط الكنيسة والإقطاع في العصور الوسطي بأوربا، مما أدى إلى انتفاضة الشعوب، وثورة الجماهير، وبخاصة الطبقة الوسطي. والمناداة بالحرية والإخاء والمساواة، وقد ظهر ذلك في الثورة الفرنسية. وقد تبين فيما بعد أن هناك قوى شيطانية خفية حولت أهداف الثورة وغايتها (5).
وبهذا يتضح لنا أن الليبرالية في صورتها المعاصرة نشأت مع النهضة الأوربية ثم تطورت في عصور مختلفة إلى يومنا هذا.
ويرد بعض الباحثين جذور الليبرالية إلى ديمقراطيّ أثينا في القرن الخامس قبل المسيح، والرواقين في المراحل الأولى من المسيحية، ثم حرك الإصلاح البروتستانتية (6).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/226)
وقد ذكر البعلبكي أن في حركة الإصلا الديني توجهاً ليبرالياً فقال: " كما يطلق لفظ الليبرالية كذلك على حركة في البروتستانتية المعاصرة تؤكد على الحرية العقلية (7).
يقول الدكتور علي بن عبد الرزاق الزبيدي: " ومن الصعب تحديد تاريخ معين لنشأة الليبرالية فجذورها تمتد عميقة في التاريخ (8).
ويعتبر جون لوك من أوائل الفلاسفة الليبراليين وفلسفة تتعلق بالليبرالية السياسية.
تطور الليبرالية:
أخذت الليبرالية أطواراً متعددة بحسب الزمان والمكان وتغيرت مفاهيمها في أطوارها المختلفة، وهي تتفق في كل أطوارها على التأكيد على الحرية وإعطاء الفرد حريته وعدم التدخل فيها.
ويمكن أن نشير إلى طورين مهمين فيها:
أولاً: الليبرالية الكلاسيكية:
يعتبر جوك لوك (1704م) أبرز فلاسفة الليبرالية الكلاسيكية، ونظريته تتعلق بالليبرالية السياسية، وتنطلق نظريته من فكرة العقد الاجتماعي في تصوره لوجود الدولة، وهذا في حد ذاته هدم لنظرية الحق الإلهي التي تتزعمها الكنيسة.
وقد تميز لوك عن غيره من فلاسفة العقد الاجتماعي بأن السلطة أو الحكومة مقيدة بقبول الأفراد لها ولذلك يمكن بسحب السلطة الثقة فيها (9).
وهذه الليبرالية الإنكليزية هي التي شاعت في البلاد العربية أثناء عملية النقل الأعمى لما عند الأوربيين باسم الحضارة ومسايرة الركب في جيل النهضة كما يحلو لهم تسميته.
يقول القرضاوي: " وهي التي يمكن أن يحددها بعضهم بـ" ليبرالية ألوكز" وهي التي أوضحها جوك لوك وطورها الاقتصاديون الكلاسيكيون، وهي ليبرالية ترتكز على مفهوم التحرر من تدخل الدولة في تصرفات الأفراد، سواء كان هذا في السلوك الشخصي للفردأم في حقوقه الطبيعية أم في نشاطه الاقتصادي آخذاً بمبدأ دعه يعمل" (10).
وقد أبرز آدم سميث (1790م) الليبرالية الاقتصادية وهي الحرية المطلقة في المال دون تقييد أو تدخل من الدولة.
وقد تكونت الديمقراطية والرأسماليّة من خلال هذه الليبرالية، فهي روح المذهبين وأساس تكوينها، وهي مستوحاة من شعار الثورة الفرنسية " دعه يعمل " وهذه في الحرية الاقتصادية " دعه يمر " في الحرية السياسية. وسيأتي التفصيل في مجالات الليبرالية.
ثانياً: الليبرالية المعاصرة:
" تعرضت الليبرالية في القرن العشرين لتغيّر ذي دلالة في توكيداتها. فمنذ أواخر القرن التاسع عشر، بدأ العديد من الليبراليين يفكرون في شروط حرية انتهاز الفرص أكثر من التفكير في شروط من هذا القيد أو ذاك. وانتهوا إلى أن دور الحكومة ضروري على الأقل من أجل توفير الشروط التي يمكن فيها للأفراد أن يحققوا قدراتهم بوصفهم بشراً.
ويحبذ الليبراليون اليوم التنظيم النشط من قبل الحكومة للاقتصاد من أجل صالح المنفعة العامة. وفي الواقع، فإنهم يؤيدون برامج الحكومة لتوفير ضمان اقتصادي، وللتخفف من معاناة الإنسان.
وهذه البرامج تتضمن: التأمين ضد البطالة، قوانين الحد الأدنى من الأجور، ومعاشات كبار السن، والتأمين الصحي.
ويؤمن الليبراليون المعاصرون بإعطاء الأهمية الأولى لحرية الفرد، غير أنهم يتمسكون بأن على الحكومة أن تزيل بشكل فعال العقبات التي تواجه التمتع بتلك الحرية.
واليوم يطلق على أولئك الذي يؤيدون الأفكار الليبرالية القديمة: المحافظون (11).
ونلاحظ أن أبرز نقطة في التمايز بين الطورين السابقين هو في مدى تخل الدولة في تنظيم الحريات، ففي الليبرالية الكلايسيكية لا تتدخل الدولة في الحريات بل الواجب عليها حمايتها ليحقق الفرد حريته الخاصة بالطريقة التي يريد دون وصاية عليه، أما في الليبرالية المعاصرة فقد تغير ذلك وطلبوا تدخل الدولة لتنظيم الحريات وإزالة العقبات التي تكون سبباً في عدم التمتع بتلك الحريات.
وهذه نقطة جوهرية تؤكد لنا أن الليبرالية اختلفت من عصر إلى عصر، ومن فيلسوف إلى آخر، ومن بلدٍ إلى بلدٍ، وهذا يجعل مفهومها غامضاً كما تقدم.
وقد تعرف الليبرالية تطورات أخرى في المستقبل، ولعل أبرز ما يتوقع في الليبرالية هو التطور نحو العولمة التي هي طور ليبرالي خطير وسيأتي الإشارة إليه في المبحث الرابع.
المبحث الرابع: مجالات الليبرالية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/227)
تعددت مجالات الليبرالية بحسب النشاط الإنساني. وذلك أن الليبرالية مفهوم شمولي يتعلق بإدارة الإنسان وحريته في تحقيق هذه الإرادة فكل نشاط بشري يمكن أن تكون الليبرالية داخلة فيه من هذه الزاوية، وبهذا الاعتبار.
" إن خصوصية الليبرالي عامة أنه يرى في الحرية أصل الإنسانية الحقّة وباعثة التاريخ. وخير دواء لكل نقص أو تعثر أو انكسار " (12)
وأبرز هذه المجالات شهرة: المجال السياسي، والمجال الاقتصادي.
أولاً: ليبرالاية السياسة
في موسوعة لالاند الفلسفية: " الليبرالية: مذهب سياسي يرى أن من المستحسن أن تزاد إلى أبعد حد ممكن استقلالية السلطة التشريعية والسلطة القضائية بالنسبة إلى السلطة الإجرائية التنفيذية، وأن يعطى للمواطنين أكبر قد من الضمانات في مواجهة تعسف الحكم". (13)
ويقول منير البعلبكي: " الليبرالية liberalism فلسفة سياسية ظهرت في أوربا في أوائل القرن التاسع عشر .. تعارض المؤسسات السياسية والدينية. التي تحد من الحرية الفردية، وتنادي بأن الإنسان كائن خيّر عقلاني، وتطالب بحقه في التعبير وتكافؤ الفرص والثقافة الواسعة (14).
وتعتبر الديمقراطية من النظم الليبرالية التي تسعى لإعطاء الفرد حقوقه وهي نوع من التطبيق العلمي للفكر الليبرالي. يقول الدكتور حازم البيلاوي: " فنقطة البدء في الفكر الليبرالي هي ليس فقط أنها تدعو للديمقراطية بمعنى المشاركة في الحكم، ولكن نقطة البدء هو أنه فكر فردي يرى أن المجتمع لا يعدو أن يكون مجموعة من الأفراد التي يسعى كل فرد فيها إلى تحقيق ذاته وأهدافه الخاصة (15).
وقد أعطت الديمقراطية كنظام سياسي جملة من الحريات السياسية مثل: حرية الترشيح، وحرية التفكير والتعبير، وحرية الاجتماع، وحرية الاحتجاج، كما أعطت جملة من الضمانات المانعة من الاعتداء على الأفراد وحرياتهم مثل: ضمان الاتهام، وضمان التحقيق، وضما التنفيذ، وضمان الدفاع". (16)
"وقد أدّت الثورات الليبرالية إلى قيام حكومات عديدة تستند إلى دستور قائم على موافقة المحكومين. وقد وضعت مثل هذه الحكومات الدستورية العديد من لوائح الحقوق التي أعلنت حقوق الأفراد في مجالات الرأي والصحافة والاجتماع والدين. كذلك حاولت لوائح الحقوق أن توفر ضمانات ضد سوء استعمال السلطة من قبل الشرطة والمحاكم" (17).
ومع ذلك فإن الليبرالية تطالب من الدول الديمقراطية مزيداً من الحريات تطالب بالتخفف من السلطة على الأفراد ليحصل بذلك الفرد على حريته.
ويرى سبنسر أن وظائف الدولة يجب أن تحصر في الشرطة والعدل والدفاع العسكري بمواجهة الأجنبي (18).
ويظهر من ذلك المطالبة بغياب الدولة إلا فيما يتعلق بالحماية العامة للمجتمع، وهذا هو رأي الليبراليين الكلاسيكيين. وقد انقرض هذا الرأي في الليبرالية المعاصرة التي جنحت إلى اعتبار الحرية الفردية هدفاً ولو بتدخل الدولة. بينما كان المذهب الأساسي عند الكلاسيكيين المطالبة بغياب الدولة مهما تكن نتائجه على الفرد (19).
وقد اختلف الليبراليون الكلاسيكيون مع الديمقراطيين في من يملك حق التشريع العام، فالديمقراطيون يرون أن الأكثرية هي التي تقرر وتشرع وتمسك بزمام السلطة. أما الليبراليون فقد اهتموا بحماية الفرد من الأذى، وأن هذا هو مهمة القانون بدل التشديد على حق الآخرين بسبب الأكثرية، وهذه من نقاط التصادم بينهم" (20).
ولكن الليبرالية اختلفت في الواقع المعاصر عمّا كانت عليه سابقاً.
ويمكن أن نطلق على التوجه الجديد (الليبرالية الجديدة) وبرروا ذلك بأنه نتيجة لعدم مسايرة الليبرالية التقليدية للتطور الذي شهده العالم كان ذلك هو السبب في ولادة ليبرالية جديدة تتلاءم وظروف المجتمع الجديد، وهي ليبرالية ما بعد الحرب العالمية الثانية (21).
والفرق بينهما فيما يتعلق بالسياسة هو:
أن دور الدولة في ظل النظرة الجديدة يجب أن يكون أكبر، فلها مهمة أساسية هي تحديد الإطار القانوني للمؤسسات التي يدور فيها النشاط الاقتصادي، وقد حدد منظرو الليبرالية الجديدة دور الدولة الذي يجب أن تقوم به بما يلي:-
1 - أن تعمل كل جهدها ضد التضخم والانكماش.
2 - أن تحد بشكل معتدل من سلطة الاحتكار وبشكل تتابعي.
3 - أن تؤمم فقط الاحتكارات التي لا يمكن للقطاع الخاص.
4 - أن تتحمل كافة الخدمات العامة.
5 - أن تعطي الفرص والموارد بالتساوي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/228)
6 - أن تطبق التخطيط التأثيري من أجل التقليل من المخاطر التي قد تحدث.
7 - أن تطبق التخطيط المركزي عندما يقتضي أن يكون هناك عمل تغير بنائي.
8 - أن تتدخل عندما يكون هناك خلل في ميكانيكية السوق (22).
ثانياً: ليبرالية الاقتصاد
الليبرالية الاقتصادية: " مذهب اقتصادي يرى أن الدولة لا ينبغي لها أن تتولى وظائف صناعية، ولا وظائف تجارية، وأنها لا يحقّ لها التدخل في العلاقات الاقتصادية التي تقوم بين الأفراد والطبقات أو الأمم. بهذا المعنى يقال غالباً ليبرالية اقتصادية" (23).
ويلاحظ أن هذا التعريف واقع على الليبرالية الكلاسيكية قبل التحول الكبير الذي تم في الليبرالية الجديدة على نحو ما سيأتي.
ويقول البعلبكي " ويطلق لفظ الليبرالية أيضاً على سياسة اقتصادية نشأت في القرن التاسع عشر متأثرة بآراء آدم سميث بخاصة، وأكدت على حرية التجارة وحرية المنافسة، وعارضت تدخل الدولة في الاقتصاد" (24).
والليبرالية الاقتصادية وثيقة الصلة بالليبرالية السياسية، ويعتقد الليبراليون أن الحكومة التي تحكم بالحد الأدنى يكون حكمها هو الأفضل .. ويرون أن الاقتصاد ينظم نفسه بنفسه إذا ما ترك يعمل بمفرده حراً، ويرون أن تنظيمات الحكومة ليست ضرورية (25).
وأبرز النظم الاقتصادية الليبرالية هو نظام " الرأسمالية " التي رتّب أفكاره عالم الاقتصاد الاسكتلندي آدم سميث في كتابه (ثروة الأمم).
ويدخل في الحرية التي يطالب بها الليبراليون حرية حركة المال والتجارة، وحرية العمل وحرية التعاقد، وحرية ممارسة أي مهنة أو نشاط اقتصادي آخذاً من الشعار الشهير للثورة الفرنسية " دعه يعمل دعه يمر."
والذي يحكم قواعد اللعبة الاقتصادية وقيمها هو سوق العرض والطلب دون أي تقييد حكومي أو نقابة عمالية. فللعامل الحرية في العمل أو الترك كما لصاحب رأس المال الحرية المطلقة في توظيف العدد الذي يريد بالأجرة التي يريد (26).
ولكن سبق أن ذكرنا أن المفهوم الليبرالي تغير وبرزت الليبرالية الجديدة عل السطح بعد الحرب العالمية الثانية بسبب الأزمات الاقتصادية الخانقة والكساد وذلك لتمركز رأس المال وظهور الاحتكارات الصناعية الضخمة، وانهيار قاعدة الصرف بالذهب وأزمة الثورات العمالية في ألمانيا مما جعل الحكومات تتدخل لإنعاش الاقتصاد فتغيرت الأيديولوجية الليبرالية إلى القول بأهمية تدخل الحكومة لتنظيم السوق (27).
وقد فصّل صاحب كتاب " الليبرالية المتوحشة " كيفية تدخل الدولة لإنعاش الاقتصاد وإصلاح السوق، وبهذه المرحلة تغيب شمس الليبرالية الكلاسيكية حيث أبطل الواقع فكرة إصلاح السوق لنفسه لتبرز إلى السطح الليبرالية الجديدة بقوة.
وقد أطيل النفس في مراحل الاقتصاد الليبرالي في الكتاب سابق الذكر، ونقد فكر الليبرالية الجديدة واقعياً ببيان انحدار الازدهار الاقتصادي الذي حققته الرأسمالية بعد الحرب الكونية الثانية، فبدأت معدلات النمو الاقتصادي في التراجع وارتفعت معدلات البطالة والطاقة المعطلة، وانخفضت معدلات نمو الإنتاجية (28).
ولعل أبرز تطور جديد في الليبرالية المعاصرة هو " ليبرالية العولمة " ومن دلالتها الفكرية: العودة إلى الليبرالية الكلاسيكية كمفهوم، وذلك أن من أبرز معالم العولمة: التخفيف من التدخل الحكومي في انتقال المال عبر الحدود والأسوار السياسية، وذلك لتحقيق أعلى الأرباح، فقد طبّقت الفلسفة الليبرالية عملياً عن طريق الشاويش السياسي الذي يحمي هذه الفكرة القديمة في الضمير الغربي.
لقد أصبح الاقتصاد وسيلة سياسية للسيطرة، ونقل الثقافات الحضارية بين الأمم، ولهذا فالأقوى اقتصادياً هو الأقوى سياسياًّ ولهذا اقتنعت الدول الغربية بهذه الفلسفة مع مشاهدتها لآثار الرأسمالية على الشعوب الفقيرة، ومن خلال اللعبة الاقتصادية يمكن أن تسقط دول، وتضعف أخرى.
وجذر العولمة الفكري هو انتفاء سيادة الدول على حدودها ومواطنيها فضلاً عن عدم سيطرتها عل النظام الاقتصادي الحر الذي كان يطالب به الليبراليون الكلاسيكيون.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/229)
يقول رئيس المصرف المركزي الألماني هناس تيتمار في فبراير من عام 1996م أمام المنتدى الاقتاصادي في دفوس " إن غالبية السياسيين لا يزالون غير مدركين أنهم قد صاروا الآن يخضعون لرقابة أسواق المال، لا، بل إنهم صاروا يخضعون لسيطرتها وهيمنتها" (29) وسوف يكون قادة العالم في المرحلة القادمة (العولمة) هم أرباب المال، وسدنة المؤسسات الاقتصادية الكبرى.
والعولمة مبنية على نظرية اقتصادية ينصح بها عدد من الخبراء والاستشاريين الاقتصاديين. ويقدمونها دون ملل للمسئولين عن إدارة دفة السياسة الاقتصادية على أنها أفضل نهج وهي (الليبرالية الجديدة new liberalisms) وشعار هذه النظرية (ما يفرزه السوق صالح، أما تدخل الدولة فهو طالح) (30).
وهذا صريح في إعادة ترميم الليبرالية الكلاسيكية والارتداد إليها بعد التغير الذي حصل بعد الحرب العالمية
الثانية.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الموسوعة الفلسفية العربية (الجزء الثاني – القسم الثاني – ص / 1155)
(2) موسوعة لا لاند الفلسفية 2/ 726.
(3) الموسوعة الفلسفية العربية (الجزء الثاني – القسم الثاني ص 1156)
(4) موسوعة المورد العربية 2/ 1050.
(5) أنظر: الموسوعة الفلسفية العربية
(6) انظر: الموسوعة الفلسفية العربية (الجزء الثاني – القسم الثاني ص 1156
(7) موسوعة المورد العربية 4/ 1050.
(8) مقال: في الدول الليبرالية – مجلة المؤرخ العربي العدد 35، ص / 71.
(9) أنظر العلمانية – سفر الحوالي – ص /214، وانظر تفصيل نظرية لوك في ذلك: الموسوعة الفلسفية (الجزء الثاني – القسم الثاني ص /1156 - 1157.
(10) الحلول المستوردة ص 51.
(11) الموسوعة العربية العالمية 21/ 248.
(12) مفهوم الحرية – العروي –ص /511.
(13) موسوعة لا لاند الفلسفية 2/ 725.
(14) موسوعة المورد العربية 4/ 1050.
(15) مجلة آفاق الإسلام – عدد 4 - عام 1994م.
(16) انظر تفصيل ذلك في: مذاهب فكرية معاصرة – للأستاذ محمد قطب – (الديمقراطية).
(17) الموسوعة العربية العالمية 21/ 248.
(18) الموسوعة العربية العالمية 21/ 248.
(19) انظر: موسوعة لا لاند الفلسفية 2/ 726.
(20) الموسوعة الفلسفية العربية (الجزء الثاني – القسم الثاني – ص /1160).
(21) مقال: في الدولة الليبرالية – مجلة المؤرخ العربي – عدد 35 - ص/73.
(22) أنظر مقال: في الدولة الليبرالية – مجلة المؤرخ العربي – عدد 35 - ص/73.
(23) موسوعة لا لاند الفلسفية 2/ 726.
(24) موسوعة المورد العربية 2/ 1050.
(25) أنظر الموسوعة العربية العالمية 21/ 248
(26) أنظر الليبرالية المتوحشة ص/41.
(27) أنظر المصدر السابق ص/47 - 51.
(28) أنظر: المصدر السابق.
(29) أنظر في العلاقة بين الليبرالية والعولمة: كتاب " فخ العولمة " ومنه أخذت النصوص السابقة.
(30) أنظر في العلاقة بين الليبرالية والعولمة: كتاب " فخ العولمة" ومنه أخذت النصوص السابقة.
http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_*******.cfm?id=37&catid=73&artid=2515
ـ[أبو صهيب]ــــــــ[27 - 11 - 05, 04:55 م]ـ
الأخ الجندي المسلم أحسن الله إليك وقد استفدت من الروابط التي قدمتها وهل من مزيد
الأخ الشيخ محمود شعبان أحسن الله إليك وجزاك الله خيرا لكن ما أريده هو ليست اللبيرالية بالمعنى العام وإنما أريد وأخص اللبيراليين العرب الجرب الذين انسلخوا من دينهم بل ومن عروبتهم وبلدانهم وأصبحوا أداة رخيصة بيد الغرب وعبيدا له يأتمرون بأمره بل هم ملكيون أكثر من الملك وغربيون أكثر من الغربيين أنفسهم ومن أمثلتهم نوال السعداوي وغيرها فهم في كل بلد ومنهم من تسلم السلطة في العراق الآن ومنهم من يجهز لاستلامها في سوريا واجع إلى إعلان دمشق وهم كثير وفي مناطق مختلفة فأسأل الله أن يفضحهم ويرد كيدهم في نحرهم وأن يأخذهم قبل أن يمكنوا أخذ عزيز مقتدر
ـ[محمود شعبان]ــــــــ[27 - 11 - 05, 04:57 م]ـ
العنوان الحرية .. والليبرالية
المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف العقائد والمذاهب الفكرية/المذاهب الفكرية
التاريخ 9/ 5/1424هـ
السؤال
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/230)
أحد الإخوة طرح القضية التالية، وهي: أن الفكر الليبرالي هو الفكر الوحيد القادر على مواجهة تحديات العصر الحالي، وخلاصة قوله أن ما تدعو إليه الليبرالية من أن الحرية الشخصية هي أساس كل شيء، وأن من كان يريد أن يصلي فليصلِ، ومن يريد أن يصوم فليصم، فالعبادة بينه وبين ربه!!! ومن أرادت الحجاب فلتتحجب! ومن لا تريد فتلك حرية شخصية! عندما حصرت له المثال في نطاق عائلته! قلت له: عندي لك حالة: إذا كان أبوك يؤمن بالفكر الليبرالي ويسمح لأختك بالخروج عارية الرأس والقدمين واليدين! وتمارس أنواع التبرج والسفور، وتقابل الشبان هنا، وتتعشى مع فلان هناك، وتنصح أباك ولكنه لا يعتبر، ويرى أن هذه حريتها! ماذا ستفعل؟ أجاب: أنا لا أرضى لها هذا، ولكن ما دام أبي يسمح لها فلا يد لي عليها! إلا النصيحة! قلت وإن لم تستجب! قال هي حرة إذاً. فكان ردي بأن الدين لا يسمح! ولك اليد الآن أن تمنعها بيدك عن المنكر الذي تقوم به، ما دام أبوك قد فقد مؤهلاته الإسلامية عليها، وخالف صريح القرآن "ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى .. "، فاستطرد علي بأني مخطئ، ولا يحق لي بالدين منعها، ما دام أبوه معجباً بما هي عليه.
فسؤالي الآن: هل يعطي الإسلام الصلاحية للأخ على ضبط أخته إذا فقد الأب مؤهلاته وعارض الدين؟ وهل الصلاحية هذه مباشرة يأخذها متى سقطت صلاحية الأب أم لا بد من الرجوع للمحاكم وأخذ الصلاحية؟ إنه من المحزن أن نرى في هذا الزمان من يرضى هذا لأهله، فإنه يوجد الكثير ممن يسمح بهذا لأهله!
وآسف على الإطالة.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا خليل الله محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
الفكر الليبرالي فكر أرضي مادي شهواني، أعده قوم لا يرجون لله وقاراً، ولا يحترمون أنبياء الله ولا يعظمون وحيه المعصوم، وجذور هذا الفكر تستند إلى قاعدة مادية إلحادية مفادها (أن الحياة والكون والإنسان كلها مستقلة بذاتها ليست في حاجة إلى إله) وعلى ذلك وضعوا مبدأً يقول بألوهية الإنسان، وأنسنة الإله، أي أن الإنسان أصبح إله نفسه، وإن الإله قد تحول إلى إنسان، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
وبناءً على ذلك قرروا أن الإنسان له الحرية المطلقة في اعتقاداته وأعماله وسلوكياته وتصرفاته، وهذا ما يسمونه " بالليبرالية" و"العلمانية" التي تعني "اللادينية"، وهذا مصداق قول الله تعالى: "أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً" [الفرقان: 44].
ورغم هذه الدعوى العريضة التي يدعيها الليبراليون في الحرية المطلقة، فإننا نجد أنهم يفعلون ذلك فيما يتعلق بالأخلاق والأديان، انفكاكاً من تأثيرها وابتعاداً عن مضمونها ومقتضياتها، ولكنهم- في الوقت نفسه- يفرضون على الناس قيوداً تحد من حريتهم وتقلص من اختيارهم، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر، أن الليبرالية في بلاد الغرب (أوروبا وأمريكا) يمنعون أي انتقاد لليهود وأي مناقشة لمزاعمهم التاريخية في الحرق والإبادة، ويعتبرون من يفعل ذلك (معاد للسامية) ويستحق العقوبة، وتستحق كتبه المصادرة والإتلاف.
ويمنعون الحديث الصريح والمكشوف عن الجرائم الأمريكية التي تمارسها ضد المسلمين في العراق وأفغانستان وفلسطين وغيرها، ويعتبرون ذلك مخالفاً لمصالحهم العليا، وفصل الصحفي الأمريكي الشهير الذي تحدث عن جرائم أمريكا في العراق من أوضح الأدلة على حريتهم وليبراليتهم المزعومة.
فأين هي الليبرالية؟ وأين هي الحرية المطلقة؟ التي يحاولون ترويجها بمعسول الكلام، ومخادعة العقول.
ومما يؤسف أن هذه الدعوة الفاجرة وجدت آذاناً صاغية في عقول وقلوب بعض أبناء المسلمين قليلي العلم وضعيفي الإيمان، قاصري العقول من الذين انبهروا بالغرب وتقاليده وغشيت بصائرهم عن حقائق دين الإسلام وما فيه من خير ونفع ومصلحة.
ومما ينبغي أن يعلم في هذا الصدد أنه ما من شيء أمر الله به إلا وهو يحبه ويرضاه، وفيه مصلحة للخلق ونفع، وتنفيذه يجلب الخير والسعادة في الدنيا والآخرة للفرد والمجتمع.
وما من شيء نهى الله عنه إلا وهو يكرهه ويبغضه، وفيه مفسدة للخلق ومضرة، وارتكابه يجلب الشر والتعاسة في الدنيا والآخرة للفرد والمجتمع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/231)
ومقتضى كون المسلم مسلماً أن يستسلم لأمر الله ونهيه بغير تردد ولا حرج، كما قال تعالى:"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" [الأحزاب: 36].
بل لا يكون المرء مسلماً إلا باتباعه أمر الله، والتزامه بشريعته وحكمه في كل قضية من القضايا، كما قال تعالى:"فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً فيما قضيت ويسلموا تسليماً" [النساء: 65].
ومن يدعي أن الفكر الليبرالي حرية، وأن الإسلام نقيض الحرية فهو ظالم جاهل.
(1) ظالم لأنه لم يعرف الإسلام، فحكم عليه بهذا الحكم الجائر، المخالف للواقع، وظالم لنفسه لأنه بمثل هذا المعتقد يصل إلى دركات من الإثم خطيرة عليه في آخرته0
(2) وجاهل لأنه لم يعرف الإسلام حق المعرفة، ولم يعرف الليبرالية والعلمانية حق المعرفة.
فمن عرف الإسلام معرفة حقيقية عرف كم فيه من خير ومصلحة للبشرية، وعرف كم في خلافه من شر ومفسدة وبلاء وفتنة، لا يمكن أن يفضل الليبرالية الأرضية الجاهلية على دين الإسلام الرباني المحكم.
والزعم بأن الحرية الشخصية أساس في كل شيء، من كان يريد أن يصلي فليصل، ومن يريد أن يصوم فليصم، ومن أرادت الحجاب فلتتحجب، ومن لا تريد فتلك حرية شخصية.
قد يقال هذا في حق من لم يدخل في الإسلام ولم ينتسب إليه، أما من دخل في دين الإسلام فإنه يجب عليه أن يلتزم بأوامره ونواهيه وأحكامه وتشريعاته.
وأضرب لذلك مثلاً برجل طلب الانتساب الوظيفي إلى شركة فأعطوه شروط القبول والعضوية في هذه الشركة، ومنها أن يلتزم بالحضور في الساعة السابعة صباحاً ويبقى إلى الثانية ظهراً، وأن يلبس زياً معيناً، وأن يتقيد بأنظمة وتعليمات الشركة ويلتزم بتوجيهاتها ويحرص على مصالحها. فقبل هذه الشروط وانضم إلى هذه الشركة، ولكنه بعد حين صار يحضر التاسعة صباحاً وينصرف الواحدة ظهراً، ويلبس زيا غير زي الشركة، ويذهب إلى مكتب غير مكتبه ويخالف توجيهات الشركة وأنظمتها، ماذا سيكون حاله؟
سيطرد حتماً من الشركة شر طردة، ويخرج منها مذموماً مدحوراً.
ولن يلوم أحد هذه الشركة في تعاملها مع هذا العضو المهمل المخالف للأوامر والتعليمات، ولن يجدي معه أن يقول أنا حر أتصرف كما أريد وليس لأحد علي أمر، بل أنا أمارس الحرية الشخصية والليبرالية الذاتية!!
ولن يقبل أحد هذه الحجة، ولن تشفع له هذه الدعاوى، ولن تجديه شيئاً عند كل عقلاء الأرض.
وكذلك الإسلام هو نظام وأوامر ونواهي وتعليمات فردية وجماعية اعتقادية وتشريعية وأخلاقية، وليس لأحد من المنتسبين إليه أن يقول أنا حر أفعل ما أريد، أو فلان حر يفعل ما يريد، فما دام قد انتسب إلى الإسلام وانتمى إليه فيجب عليه أن يلتزم بتعاليمه ويستمسك بأحكامه.
أما إنكار الأخ المنكر الذي وقعت فيه شقيقته المتبرجة فهو واجب شرعي باللسان أولاً وباليد إن كانت له طاقة بذلك، كما يجب عليه أن ينكر على والده الذي يسمح لبنته بممارسة المنكر ومخالطة الفساد وأهله0
وأرى على الأخ السائل قبل إنكار منكر تبرجها وسفورها وتقابلها مع الشباب وإنكار منكر تساهل الأب، أن يوجههم وينصح لهم، وأن يغرس في قلوبهم معاني الإيمان الأساسية، فإن هذه الأعمال لا تصدر من قلب معمور بالإيمان، ولا من نفس تخاف من الله وترجو ثوابه وتخشى عقابه، بل الغالب على هذا الصنف من الناس الغفلة والجهل واتباع الهوى، والركون إلى الدنيا وشهواتها، وإيثارها على الآخرة.
فوجب إصلاح هذا الخلل العظيم، وغرس المعاني الأولية في القلب، وبالذات غرس معاني حب الله تعالى وحب دينه وحب نبيه -صلى الله عليه وسلم-، والخوف من الله والرجاء فيما عنده.
فمتى استقامت هذه المعاني في القلب استقامت الأعمال وتوجهت بوصلة النفس نحو ما يرضي الله تعالى بشكل تلقائي، ومن الأمور التي تعين على ذلك: معرفة مفاتيح القلوب وأوقات إقبالها، والمناسبات التي تتوجه فيها النفوس إلى الله تعالى.
أما الحكم الفقهي في كون الأخ يتولى أمر أخته إذا فقد الأب أهليته، فإن له ذلك بحكم القاضي الشرعي الذي يحكم بشريعة الإسلام.
لأن إسقاط الولاية عن الأب والحكم بها لأحد المحارم غيره أمر كبير وشأن عظيم، لا يتم بمجرد دعوى الابن أو بمجرد وقوع الأب في بعض المعاصي، أو تفوهه في حال الغضب ببعض الأقوال.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/232)
لكن إذا ثبت عند القاضي الشرعي دياثة الأب أو فقده العقل أو فساد دينه، وجب عليه أن ينزع عنه الولاية على المحارم، ويضعها عند من يؤمن دينه وخلقه من الرجال المحارم.
و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مثل هذه الحالة قائم بحسب المستطاع من غير حاجة إلى حكم قاضٍ ولا رفع ولاية الأب، شريطة أن يتم ذلك وفق ضوابط وآداب الشريعة الإسلامية لتحصل بذلك الفائدة المرجوة ويندفع الفساد أو يقل، والله المستعان وهو ولي التوفيق0 و صلى الله على نبينا محمد وآله وسلم0
http://www.islamtoday.net/questions/show_question_*******.cfm?id=18876
الليبراليون الجدد .. في حِقبة ما (تحت) الحداثة!
د. مسفر بن علي القحطاني * 30/ 11/1425
11/ 01/2005
الليبرالية والحداثة من أعقد المصطلحات على التعريف والضبط المنطقي، ولكنها عند التناول والاستعمال تتشكّل وحدة معرفية يتضح منها المقصود العام عند الإطلاق. فالليبرالية -بشكل عام- كلمة مترجمة من الإنجليزية يقصد بها الحرية المطلقة في الميدانَيْن: الاقتصادي والسياسي، ثم انسحب ذلك على الميادين الأخرى: الفكرية والاجتماعية والدينية. (1)
أما مصطلح الحداثة فالاختلاف في تحديد مفهومه مازال قائماً ومعقداً عند الكثير من مفكري الغرب المعاصرين.
فالحداثة بتعبير (بيتربروكر) كان بناءً على ما قامت أركانه بعد وقوع الحدث نفسه، فاستخدام اللفظ وشيوعه كان حديثاً ومحصوراً بالحقل الأدبي، فأصبحت تطلق على التجديد كأداة للإبداع الأدبي والرؤى المبتكرة ثم انسحبت أيضاً لتشمل المجالات الفكرية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها, فالحداثة وعي جديد، وهي شرطٌ تمكن الغرب من تحقيقه وإنجازه وأحياناً تفاعل ضده من أجل تقويضه وإلغائه. (2)
وقد عبَّر عنها الدكتور الغذامي بـ"التجديد الواعي" بمعنى تحديث النسق الذهني ليكوّن وعياً شاملاً للتاريخ وللواقع. (3)
والناظر في واقع الفكر الليبرالي الذي تَبَنّى الحداثة بجميع إشكالها قد حقق انتشاراً واسعاً في العالم كله خلال العقود الماضية، واخترق المعسكر الشيوعي، وضرب معوله في جدار برلين ليعلن السقوط الكلي للفكر الاشتراكي في الغرب.
أما عالمنا العربي فنتيجة للامتداد الفكري والسياسي مع الغرب فقد تبنت منه الكثير من مجتمعاتنا العربية الليبرالية الرأسمالية والسياسة الديمقراطية على غرار بقية فريق الشمال الأبيض، ولم تكن هناك قناعة تامة بهذا الانتماء الفكري لليبرالية عند كثير من أبناء تلك الشعوب بعكس القليل من النخب المثقفة فيها.
وتمت من أجل ذلك محاولات كثيرة لمسخ الهوية الدينية والقومية وإرغام تلك المجتمعات بتبني ثقافة الحداثة على النمط الغربي وتسيسها بالفكر الديمقراطي مما أنتج مع تراكمات الزمن وتسلط المستعمر أشكالاً متطرفة من الأصولية القومية إلى الليبرالية المتطرفة إلى العنف الإسلامي مما كلّف الأمة المزيد من المعانات والويلات الطويلة والمؤلمة جرّاء ذلك الانفصام النكد لشخصية الأمة وموروثها الديني، والذي مازلنا نعاني من إفرازاته السلبية إلى وقتنا المعاصر.
ومع أن استيعاب نخبنا المثقفة للفكر الحداثي كان بطيئاً ومتأخراً, فإنها لم تكد تضع أقدامها على درجته حتى أضحى العالم الغربي ينقد فكره الليبرالي ويودع حداثته التقليدية وينسلخ منها إلى ما أصطلح عليه فلسفياً بـ"ما بعد الحداثة" ..
وعوداً إلى عنوان المقال الذي أخصّ فيه الليبراليين العرب الجدد، كتيار حديث ظهر مع بداية عقد التسعينيات الميلادية كتوجه جديد برز على الساحة السياسية والاقتصادية والفكرية متزامناً مع أزمات المنطقة والتدخل الأجنبي في شؤونها، فقد أخذ بعد ذلك أهميةً قصوى في الدوائر السياسية الغربية خصوصاً بعد أحداث الحادي عشر من سمبتبر2001م.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/233)
إن النشأة الفكرية لهذا التيار تكوّنت أثناء السجال الأيديولوجي بين فلاسفة الحداثة وما بعد الحداثة، بينما يصف برهان غليون الحالة المعاصرة لمجتمعاتنا العربية وسياساتها الحداثية بأنها أشبه إلى كونها مجتمعات (ما تحت الحداثة) لا (ما بعد الحداثة) يقول في هذا الصدد: "إن ما تحت الحداثة لا تعنى الخروج من الحداثة، ولكن فقط الانحطاط في هذه الحداثه. فكما تدفع أزمة الحداثة المجتمعات النامية أو المهمشة إلى نكوص لأفراد نحو قيم وتقاليد وأنماط من التفكير وأساليب من العمل تكاد تكون ما قبل حداثية، أي سابقة على الثورات الأساسية التي شكلّت قيم الحداثة، تدفع الأزمة ذاتها الأفراد في المجتمعات التي لا تزال أمامها آفاقاً مفتوحة إلى التطلع إلى تحقيق حريات وحقوق ومتعات تجاوز ما أتاحته حتى الآن قيم الحداثة الكلاسيكية." (4)
إن هذه الحالة الرثّة من الحداثة كما يقول غليون تعود بنا إلى استخدام أدوات تفكير القرون الوسطى من أجل تنظيم مجتمع حديث أو يعيش على الأقل في العصر الحديث. (5)
فالأصوات بدأت تعلو بشكل كبير في نقد الحداثة الغربية وتهميش ذلك الإله الذي قُدِّس في كثير من مجتمعات العالم. بعد أن اشتعلت جذوة النقد من كبار فلاسفة الغرب ,أمثال: الفيلسوف الفرنسي (ليونار) في كتابه الشهير (الظرف ما بعد الحداثي) حيث قدم نقداً عنيفاً لمشروع الحداثة الغربي. غير أن الفيلسوف الألماني (هابرماس) ذهب إلى أبعد من ذلك بزعمه أن الحداثة نفسها لم يكتمل مشروعها بعد. وعزّز هذا النقد للحداثة الغربية وأجنحتها السياسية والعسكرية ما كتبة (جاك دريدا) و (وميشيل فوكو) وغيرهما في بيان مهازل الديمقراطية وتناقضاتها الكثيرة.
يلخصّ الدكتور عبدالوهاب المسيري فلسفة (ما بعد الحداثة) بأنها تجرُّدٌ من العقلانية المادية؛ فلا تعرف البطولة ولا تعرف المأساة ولا الملهاة، فلسفة تدرك حتمية التفكيك الكامل والسيولة الشاملة، إذ يتم التوصل إلى أن كل شيء نسبي مادي، وأن الفلسفة الإنسانية وهم، وأن الاستنارة المضيئة حلم وعبث، وأن الواقع في حالة سيولة حركية مثل المادة الأولى، وأن ليس ثمّة ذات إنسانية متماسكة ثابتة، ولا موضع طبيعي مادي ثابت ومتماسك، فهذه كلها مجرد تقاليد لغوية وعادات فكرية وصور مجازية وحتى إن وجُدت الذات ووجد الموضوع فلن يتفاعلا، إذ لا توجد لغة للتواصل أو التفاعل. فالنسق الفلسفي الغربي العلماني يمر في مرحلة عجز كبير في الإجابة عن الأسئلة المصيرية الباعثة على القلق الإنساني بعد إجهاده عبر مسيرة تطوره الحضاري. (6)
إن الليبراليين العرب الجدد أمام هذا الجدل الواسع في مفاهيم الحداثة والليبرالية لم يحصل لهم تغيّرٌ يُذكر في جدوى القيم الفلسفية لنهضتهم الإصلاحية لأن غلبة الشعارات الدعائية على (7) مجمل أطروحاتهم لا يعنيهم مصداقيتها في أرض الواقع أو السعي لتحقيقها في المستقبل مادامت القبلة والوجهة والمصلحة غربية المصدر والمآل. (8)
ومع كل هذا الإخلاص والتفاني لليبرالية والحداثة الغربية -حتى ما أصبح منها بالياً ومتهالكاً- وقعت الكثير من الصور والحالات المتناقضة والمتباينة لأولئك الليبراليين أمام محك الأحداث الكبرى التي تمرّ بها المنطقة العربية, والمتأمل لدورهم في المرحلة القادمة يجد أن هناك خطوطاً مشتركة تقوم عليها سياستهم المقبلة، لخصّها د. شاكر النابلسي في خمسٍ وعشرين قاعدة كما جاء في مقال له بعنوان: "من هم الليبراليون العرب الجدد؟ وما خطابهم؟ " (9). وقد بيّن أن هذا الجيل الجديد من الليبراليين هم امتداد لأفكار التنوير الذين جاؤوا في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وأبناء الفكر الليبرالي الذين جاؤوا في النصف الثاني من القرن العشرين. ثم وضع مبادئ هذا الجيل التنويري بما أسماه "مسودة أولى لمانفستو الليبراليين الجدد".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/234)
ومن خلال التأمل في هذه المبادئ الخمسة والعشرين وتحليلها نجد أن أغلبها مرتكز على موقف عدائي من الدين والتراث والتاريخ الماضي للأمة! فمن المبدأ الأول حتى الحادي عشر ومن الخامس عشر حتى التاسع عشر تركزت مبادئ تلك العريضة على الدعوة إلى محاربة الإرهاب الديني والقومي والمطالبة بإصرار لإصلاح التعليم الديني الظلامي, والتأكيد على إخضاع المقدس والتراث للنقد العقلي والعلمي وعدم الاستعانة مطلقاً بالمواقف الدينية التي جاءت في الكتاب المقدس تجاه الآخرين، واعتبار الأحكام الشرعية خاصة بزمانها ومكانها وأن الفكر الديني حجر عثرة أمام الفكر الحرّ وتطوره, والتأكيد على نبذ الولاء للماضي أو الانغلاق عليه وأنه السبب الحقيقي لضعفنا وانحطاطنا، كما ينبغي الاحتكام إلى القوانين المعاصرة لا إلى التخيلات الماضوية أو الأساطير الظلامية!.
كما نصت المبادئ الأخرى (الثاني عشر، والثالث عشر، والرابع عشر) على ضرورة سيادة العقل وطرح الأسئلة على كافة المستويات كما طرحها تنويريو القرن الماضي، وتبني الحداثة العربية تبنياً كاملاً باعتبارها هي التي تقود إلى الحرية.
أما بقية المبادئ الأخرى من (العشرين حتى الخامس والعشرين) فقد ركزّت على قضايا السياسة والمجتمع وذلك بالتأكيد على عدم الحرج من الاستعانة بالقوى الخارجية لدحر الديكتاتوريات العاتية واستئصال جرثومة الاستبداد وتطبيق الديمقراطية العربية، كما لا يمنع أن يأتي الإصلاح من الخارج ولو على ظهر دبابة بريطانية أو بارجة أمريكية أو غواصة فرنسية مع تأكيدهم بأن يأتي بالطرق الدبلوماسية!.
كما ذكرت المسودة ضرورة التطبيع السياسي والثقافي مع الأعداء, ولا حلّ للصراع العربي مع الآخرين إلا بالمفاوضات السلمية مع التأكيد على الوقوف إلى جانب العولمة وتأييدها, كما ختم البيان الليبرالي بالمطالبة بمساواة المرأة مع الرجل مساواة تامة في الحقوق والواجبات والعمل والتعليم والإرث والشهادة (10) .. وبعد هذا العرض لمقالة الدكتور شاكر النابلسي أجد التوافق الكبير بين أطروحات ومقالات رموز هذا التيار وما جاء في عريضة المبادئ الليبرالية التي سطرّها الدكتور النابلسي.
ولعل التسارع في أحداث الشرق الأوسط بعد الحادي عشر من سبتمبر جعلت الكثير من الدوائر السياسية والفكرية الغربية تعتمد على هذا التيار وتعبئه للهجوم على المعتقد الديني والثوابت الشرعية لشعوب المنطقة بحجة محاربة الإرهاب ومحاولة الإصلاح الديمقراطي للأنظمة والحكومات العربية. وفي هذه الأثناء أصدر الليبراليون العرب الجدد (البيان الأممي ضد الإرهاب) والذي أعدّه نخبة من الليبراليين العرب هم: العفيف الأخضر وجواد هاشم وشاكر النابلسي، وفيه حث للأمم المتحدة لتفعيل قرار مجلس الأمن رقم (1566) حول التدابير العملية للقضاء على الإرهاب وذلك بضرورة الإسراع في إنشاء محكمة دولية تختص بمحاكمة الإرهابيين من أفراد وجماعات وتنظيمات بما في ذلك الأفراد الذي يشجعون على الإرهاب بإصدار الفتاوى باسم الدين. (11)
إن التناقضات والمغالطات وقصور المصداقية التي حفل بها هذا البيان جعلته ممجوجاً مرفوضاً حتى عند الأجيال الليبرالية العتيقة فضلاً عن النقد الكبير الذي كتبه الكثير من المثقفين العرب حول هذا البيان. (12)
في حين يعّدهم البعض (حصان طروادة) لتنفيذ سياسة الشرق الأوسط الكبير الذي يروج له وزير الخارجية الأمريكي (كولن باول) والتي طرحها في 12ديسمبر 2002م بعنوان: "مبادرة الشراكة بين الولايات المتحدة الأمريكية والشرق الأوسط: بناء الأمل لسنوات قادمة " والذي يتقاطع بشكل كبير مع مطالبات ومبادرات الليبراليين الجدد كتشجيع الديمقراطية الغربية في المنطقة وتوسيع الفرص الاقتصادية وإصلاح النظم التعليمية وغيرها.
ومع أهمية تنفيذ هذا المشروع من خلال الاجتماعات الرسمية والمنتديات العالمية كالذي حصل في المغرب مؤخراً بما سمي "منتدى المستقبل للإصلاح العربي" في 10 ديسمبر 2004م؛ فإن التخوف كبير من هذا المشروع الذي سيلغي خصوصية المنطقة قومياً ودينياً ويترك أهم قضايا المنطقة والمتمثلة في الصراع العربي الإسرائيلي من غير حل مع الاهتمام المتزايد بأمن إسرائيل وحماية حدودها الإقليمية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/235)
هذه الإشكاليات التاريخية والدينية والمعرفية التي يسعى الليبراليون الجدد وحلفاؤهم لتحقيقها واختراق شعوب المنطقة بها بغض النظر عن التداعيات الخطيرة للاحتلال الأمريكي للعراق وأفغانستان وإفرازاته الاقتصادية والسياسية. سوف يؤدي إلى نتائج عكسية ويحمّل المنطقة المزيد من الانفجار والتشظي المحموم بين طوائف المجتمع وترسيخ هوة الكراهية والصدام بين حضارات الأمم والشعوب. في حين أن الإدارة الأمريكية الحالية لا تخفي توجهها الديني المسيحي البروتستانتي المتشدد الذي ساهم في حشد تأييد ولايات (حزام الإنجيل) المتدينة، بل ولا يخفي بوش الابن أثناء حملته الانتخابية أن يعين مساعداً له هو (ديفيد بارتون) ليتجول في مئات الكنائس ويقول فيها:" إن فصل الدين عن الدولة هو مجرد خرافة" (13)
إن الليبراليين العرب الجدد والذين يدّعون أنهم يشكلون تياراً جماهيرياً صامتاً لا يستطيع أحد أن يقبل بذلك الادعاء إلا من خلال أدلة تثبت هذا الوجود، فالحالة الفريدة التي تَشكّل فكرهم عليها جاءت متأخرة وما استأسدت هذه الأصوات النشاز التي ظلّت في جحورها كامنة عقوداً من الزمن إلا مع قوة المحتل الأمريكي وسياسته التعسفية في المنطقة التي جاءت في أحرج زمن مرّ على الأمة.
ولم يعبأ هذا التيار بكل الظروف المحيطة؛ بل انتهز كل فرصة سنحت له للانتقام من كل التيارات الأخرى وكل الخصوم التقليديين ومع هبوب رياح التغيير في المنطقة تمكنّت أكثر من بعض المواقع الإعلامية والمنابر الفكرية لتصادر ما بقي لها من شعارات التسامح والحرية والدعوة إلى الإنسانية، واستبدلتها بتأكيد خيار القوة والسلاح ومن أجل الإصلاح، والاستعداء على كل دولة حاضنة للإرهاب -بمفهوم المحافظين الجدد- والقضاء على منابعه الفكرية بتغيير كل ماله علاقة بالتعليم الديني، والدعوة الدائمة للقضاء الحتمي على الحركات الإسلامية المعاصرة كونها منبع كل شر وعنف وإرهاب!! لقد رفعت الحداثة الليبرالية قاعدة التخلف أمام جماهير الأمة: (إما الاندماج في الآخر أو التحلل الذاتي والذوبان).
إن هذا الطرح لم يوجد له مثيل إلا في الفاشية الديكتاتورية التي ظهرت كثورة ضد الحداثة وقيم التنوير لكن نراها تذبح الآن بأيدي الليبراليين المتحررين من خلال معايير متضاربة ومصالح شخصية براجماتية وسياسة ميكافيلية، لتحقيق أهدافهم وتصفية حساباتهم مع خصومهم، بل ربما لا أجد نقداً ألبسوه الإسلاميين إلا وتقمصوه بكل عنف ونفعية. لقد أفتى الليبراليون بتحريم السياسة على علماء الدين ودعاته وجنّدوا لذلك النصوص والفتاوى!، وأدلجوا مواقفهم الحزبية من أجل دحض آراء خصومهم الإسلاميين ولم يعتبروا حينها أي مبدأ للحوار معهم أو إعمال للعقل في الحكم عليهم وهم من يدعي الحوار و العقلنة ليلاً ونهاراً!.
إن ما نطالعه اليوم من مقالات وخطابات لذلك التيار الجديد لهو سعي لإجهاض مؤشرات العافية وركائز الإجماع الوطني على كثير من المبادئ والقيم الحضارية، طفت هذه الأطروحات المؤدلجة غرباً على سطح خطابنا الإعلامي من خارج صفنا الوطني في مرحلة الجزر والانحسار مما يستلزم التحسب لعمق جبهة المواجهة واتساع أفق الغارة التي تستهدف الوطن والأمة كونهم من أبنائنا (المارينز)!.
إن ما يجري في الغرب من مراجعات فكرية ونقد منهجي لفلسفة الحضارة الراهنة، ينبغي أن تحفزّ أهل العقل والمعرفة من رموز التيار الليبرالي القديم والحديث إلى البحث في مرفأ النقد والمراجعة لحقيقة الأزمة المعاصرة، فعصور التبعية والتقليد الأعمى والسير في ركب الغرب من غير تجريد وتفكيك ليس شأن النخب المثقفة الواعية. بل الذي ينُتْظَر من هذه النخب أن يتجردوا من مصالحهم الشخصية بنقد الذات وفق معطيات الحاضر واستشرافات المستقبل، فبناء أي نهضة حضارية لا يستلزم تدمير كل الأبنية الماضية وسحقها للزوال، ولو كانت حضارات أمم وشعوب عريقة كما يفعل بعض الليبراليين الجدد, وهذا ما يؤكد للمتابع أن هؤلاء ليسوا سوى ظواهر صوتية في فلاة الوهم والتخيلات ..
--------------------------------------------------------------------------------
* رئيس قسم الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن
[1]-انظر: المورد , لمنير البعلبكي مصطلح ( liberalism ) ص 525, دار العلم للملايين – بيروت1970م.
[2]- أنظر: صدى الحداثة , لرضوان زيادة ص 32، المركز الثقافي العربي – الطبعة الأولى 2003م.
[3]- أنظر: حكاية الحداثة , د. عبدا لله الغذامي ص 38، المركز الثقافي العربي – الطبعة الثانية 2004م.
[4]- العرب وتحولات العالم، برهان غليون، ص 97، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى 2003م.
[5]- المرجع السابق ص 95.
[6]- انظر: الحداثة وما بعد الحداثة. د. عبدالوهاب المسيري ود. فتحي التريكي، دار الفكر، سلسلة حوارت لقرن جديد، دمشق.2003م.
[7]- انظر: ملف الاهزم الاستراتيجي، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية العدد 119 - نوفمبر 2004م. مقال 0 الليبراليون الجدد في المنطقة العربية) هاني نسيرة.
[8]- جريدة السياسة الكويتية 22 يونيو 2004م.
[9]- هذا الوصف الذي نقلته عن تلك المبادئ هي جزء من النصوص الواردة في مسودة الليبراليين الجدد وليس تعبيراً اختلقته من عندي، وهذا المقال قد نشر بالتزامن مع صحيفة (السياسية) الكويتية و (المدى) العراقية و (الأحداث) المغربية ونشر في موقع (إيلاف) تاريخ 22 يونيو 2004م.
[10]- انظر: نص البيان في موقع (إيلاف) يوم الأحد 24 أكتوبر 2004م.
[11]- انظر: مقال (البيان الفضيحة) محمد أل الشيخ، جريدة الجزيرة 17/ 9/1425هـ، وردّ كتبه مهند الصلاحات نشر في صحيفة شرق وغرب الإلكترونية في 20 نوفمبر 2004م، ومقال: " لا صوت يعلو فوق صوت الأمركة" باسل ديوب أخبار الشرق 8 تشرين الثاني 2004م.
[12]- انظر: كتاب (أمركة .. لا عولمة) بروتوكولات كولن باول لإصلاح وتهذيب العرب , لمجموعة من المؤلفين , دارجهاد, القاهرة2003م.
[13]- جريدة الشرق الأوسط 31 أكتوبر 2004م.
http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_*******.cfm?id=37&catid=185&artid=4949
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/236)
ـ[محمود شعبان]ــــــــ[27 - 11 - 05, 07:39 م]ـ
المعذرة أخي الكريم فلم أنتبه لشرطك ولعل فيما وضعته فائدة.
ـ[أبو خليل النجدي]ــــــــ[30 - 11 - 05, 02:23 م]ـ
للرفع من أجل الفائدة ...(32/237)
الجفري يقول عن أحمد البدوي أنه كان الإمام الطبقة في علم الحديث وعلم الفقه!!!.
ـ[حذافة]ــــــــ[30 - 11 - 05, 08:20 ص]ـ
بالصوت والصورة على هذا الرابط يقول الداعية علي الجفري:
http://almijhar.net/badawy.htm
عن أحمد البدوي أنه كان الإمام الطبقة في علم الحديث وعلم الفقه.
وعبارة ((الإمام الطبقة)) لا تقال ـ والله ـ إلا في قلة من علماء الأمة عبر العصور ممن يوصفون بالمجددين للدين على رأس كل قرن من القرون.
ولكي تعلموا أن الجفري يكذب على العباد وتاريخ الإسلام والمسلمين ما عليكم إلا أن تراجعوا كتب تراجم الفقهاء أتباع المذاهب الأربعة وغيرها وأنا أتحدى الجفري أن يُخرج ترجمة للبدوي في أي منها.
كذلك أتحدى أن يأتي بترجمة للبدوي (الإمام الطبقة في الحديث) في أي من كتب تراجم المحدثين.
وأتحدى (داعية التربية والأخلاق) أن يذكر واحداً فقد من أهل الفقه درس أوتخرج عليه البدوي (الإمام الطبقة في علم الفقه).
وأتحدى أن يذكر أي أحد من فقهاء عصره تخرج على يد (الإمام الطبقة في الفقه) البدوي.
وأتحدى هذا المزور للتاريخ أن يذكر أي إسناد من أسانيد أهل الحديث يذكر فيها البدوي (الإمام الطبقة في الحديث).
كذلك أتحداه أن يذكر أي شيخ من شيوخ أهل الحديث له، أو أي أحد من أهل الحديث تتلمذ عليه أو روى عنه.
وأقول للجفري الذي أصبحت جهالاته ظلمات بعضها فوق البعض، لم يسلم منك التاريخ أيضاً يا من تظلم نفسك وتبيع دينك نصرة للتصوف.
فقد قمت بالكذب على التاريخ أيضاً عندما ادعيت أن دراويش أحمد البدوي كانوا يتلثمون مع (الإمام المجاهد) البدوي ويهجمون على معسكرات التتار.
ولكي يظهر كذب الجفري صارخاً مرة أخرى أقول: إن من له أدنى معرفة بتاريخ مصر ـ حرسها الله ـ علم أن لا وجود للتتار طوال حياة البدوي فيها، وقد ولد البدوي سنة (596 هـ) ودخل مصر سنة (635 هـ) ومات فيها سنة (655 هـ).
وأشير إلى أن شيخ الصوفية أبا الفضل عبد الله الغماري ـ وهو صوفي مغرق ـ اعترف في كتابه ((النقد المبرم لرسالة الشرف المحتم)) بأن أحمد البدوي كان مجذوباً لا يصلي الفرائض، وأن الصوفية قد اخترعوا له القصص والكرامات. راجع صفحة: ((30 إلى 39))
إخواني هذا هو الجفري يشوه تاريخكم ويزوره، ويستخف بفقهاء ومحدثي أمتكم، فيضع النكرات المجاذيب رؤوساً عليهم وأئمة لطبقاتهم، وهذا والله من أكبر الجرائم، ولكن قد قيل فيما سبق: إذا لم تستح فاصنع ما شئت. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولا نعلم لماذا يتكرر الكذب من هذا الرجل دائماً في نصرة التصوف!!!!!!!!!!!!!!!
راجع هذا الرابط ففيه العديد من الكذب موثق بالصوت والصورة
http://almijhar.net/marje3.htm
ـ[أبو مصعب البكري]ــــــــ[01 - 12 - 05, 08:42 م]ـ
بارك الله فيك أخي حذافة
وجزاك الله خيراً
هذا الرجل كذبه كله يتمحور حول موضوع واحد
وهو: مهاجمة أهل السنة والجماعة ودعم الخرافة والقبورية.
هذا الرابط خطير جداً
http://almijhar.net/marje3.htm
أدعو إخواني طلبة العلم أن يساعدوا في التحذير من هذا الرجل
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[02 - 12 - 05, 05:59 م]ـ
البدوي عليه من الله كل شر، كان علما في الكفر و الفجور
ـ[حذافة]ــــــــ[04 - 12 - 05, 08:06 ص]ـ
الأخوة الكرام حذافة ومحمد رشيد
شكر الله لكم هذا المرور الطيب
وإذا كان البدوي هذا حاله فقد آل إلى ما قدم.
ولكن المصيبة في هذا الجفري الذي ما زال بين أظهرنا يطرح الحقد والشحناء والكذب على مسامع العوام، أسأل الله العظيم أن يعامله بما يستحق وأن يقي المسلمين شره.
انظر إلى هذا الحقد الدفين له على علماء أهل السنة بالصوت والصورة.
http://almijhar.net/heked.htm
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[04 - 12 - 05, 09:00 ص]ـ
الجفري أخي الكريم ضلاله معروف، و هذه النعومة التي يتعامل بها، هي مما يعرف بها و يتميز ضعيف المتن الذي لا تثبت قدمه
و الله تعالى الهادي إلى سواء السبيل
ـ[مسدد2]ــــــــ[05 - 12 - 05, 05:00 ص]ـ
هل تجوز عبارة (عليه من الله كل "شر") من الناحية العقدية؟
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[05 - 12 - 05, 08:34 م]ـ
وفقكم الله.
السؤال الآخر هل ثبت فعلا وجود البدوي في الدنيا؟!!! وفي طنطا من مصر تحديدا.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[05 - 12 - 05, 09:57 م]ـ
أخي مسدد .. سدده الله
نعم أخي .. فهي دعوة عليه، و الخير و الشر من الله تعالى .. فنحن نسأل الله تعالى أن يكون منه كل شر على ذلك الفاسق الفاجر المنسلخ من الدين
ــــــــــــــــــــ
أخي الفهم الصحيح
نعم .. ثبت وجود البدوي في الدنيا، و يمكنكم الرجوع إلى متخصصي التاريخ، و قد قرأت فيه منذ سبع سنوات كتابا مؤرحا يكشف حقيقة هذا المنسلخ الفاجر .. أما كونه دفن في طنطا، فلا أدري
وفقكم الله
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[06 - 12 - 05, 03:12 ص]ـ
إلا أن عندنا وثنا في مدينة طنطا يعبد من دون الله تعالى، و يقولون بكون هذا البدوي دفن فيه، فالله أعلم هل دفن البدوي بذاك الوثن أم أنها من جملة تخاريفهم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/238)
ـ[د/ألفا]ــــــــ[07 - 12 - 05, 06:31 ص]ـ
جزاك الله خيرا على الرابط يا أخي حذافة.
ـ[حذافة]ــــــــ[10 - 12 - 05, 02:33 م]ـ
وجزاك كل الخير أخي ((ألفا)) أنت جميع الأخوة الكرام.
وفي موقع المجهر سوف تجد الكثير من الروابط التي تظهر حقيقة هذا الدجال المفتري.(32/239)
شبهات للدكتور البوطي حول السلفية أريد ردا عليها
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[30 - 11 - 05, 05:18 م]ـ
قال الدكتور في كتابه السلفية حركة مباركة لا مذهب جديد أن السلفيين الآن هم بعض أهل السنة الوهابيين الملتزمين ببعض الآراء الفهية الغير قابلة للنقاش عندهم مثل:
1 التوسل
2 المساجد التي بها قبور
3 التبرك بآثار الصالحين و الأنبياء
أريد ردا على هذا جزاكم الله خيرا
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[30 - 11 - 05, 05:48 م]ـ
هل من مجيب
ـ[أبو صهيب]ــــــــ[30 - 11 - 05, 05:59 م]ـ
هذا الكتاب قديم للبوطي وحتى شبهاته حول هذا الموضوع قد أجاب عنها أهل العلم قديما وحديثا ففي مسألة التوسل ارجع إلى كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لشيخ الإسلام ابن تيمية والتوسل للألباني ففيهما ما يكفي ولاحظ أن البوطي يخلط بين التوسل والتبرك ويقيس ما فعله الصحابة من تبرك بالنبي في حياته من تبركهم بماء وضوئه وشعره ونحو ذلك بما يفعله الجهال بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ويقيس ذلك على الصالحين وهذا منشأ الضلال عنده وما ضل من ضل من الناس في مسائل العقيدة والتوحيد إلا بالقياس في هذا المسائل فوقعوا في الانحراف
انظر هذا الرابط http://www.eltwhed.com ففيه كتبا ومقالات وردودا ممتازة
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[30 - 11 - 05, 06:11 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[المقدادي]ــــــــ[30 - 11 - 05, 08:19 م]ـ
اخي الكريم
انظر تعليقات الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله - على كتاب البوطي
في الرابط:
http://www.alfuzan.net/Islamlib/viewchp.asp?BID=358&CID=5#s1
ـ[خالد السبهان]ــــــــ[30 - 11 - 05, 08:44 م]ـ
الدكتور البوطي أشعري صوفي وقد قال في أحد مقالاته عن الأشاعرة والماتريدية أنهم اللسان الناطق بعقيدة أهل السنة والجماعة
ـ[ابوفيصل44]ــــــــ[01 - 12 - 05, 06:32 ص]ـ
حمل ردود أهل العلم على الدكتور البوطي:
وهي كالتالي:
1 الالباني
2 ابن باز
3 العباد
4 الفوزان
5 عبدالقادر حامد
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[01 - 12 - 05, 09:27 ص]ـ
جزاكم الله خيرا و رفع درجاتكم(32/240)
من خرافات الصوفية
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[02 - 12 - 05, 03:28 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه بعض خرافات الصوفية - وما أكثرها - وقعت عليها في أحد كتبهم فأحببت نقلها لكم:
ولعلكم تقرؤون كامل الترجمة ففيها فوائد عديدة (ابتسامة)
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[02 - 12 - 05, 05:11 م]ـ
أضحك الله سنك ابا عبد الله و إن من شر البلية ما يضحك
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[02 - 12 - 05, 07:11 م]ـ
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا أبا عبدالله
الإخوة في منتدى الدفاع عن السُّنَّة لهم باع في فضح هؤلاء الحمقى
وقد أردت أن أدلك على الموقع فإذا مشاركتك موجودة هناك
وهذا الرابط لبقية الإخوة الذين لا يعرفونه
شبكة الدفاع عن السنة > المنتديات العامة
بوابة الرد على الصوفية ( http://www.d-sunnah.net/forum/forumdisplay.php?f=21)
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[02 - 12 - 05, 07:22 م]ـ
بارك الله فيكم
وموقع الدفاع عن السنة استفدت منه أنا وكثير غيري في رد شبه الصوفية المخرفين
ـ[محمود العالم]ــــــــ[05 - 12 - 05, 10:07 م]ـ
السلام عليكم
بارك الله فيكم اخوتي الكرام ,,ونرجو منكم المزيد من هذه المواضيع
لكي يحدر العوام وطلاب العلم المنهج الصوفي وخرافات الصوفية وبدعهم
وضلالاتهم ,وأسأل الله ان يكثر ممن يحاربون الصوفية ويقفون ضد البدع واهلها
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[09 - 12 - 05, 02:27 ص]ـ
تفضلوا كلام سماحة الشيخ العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله في الصوفي المدعو محمد علوي المالكي
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[09 - 12 - 05, 02:30 ص]ـ
وهذه فتوى اللجنة الدائمة فيه
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[09 - 12 - 05, 02:31 ص]ـ
وهذه تكملة نص الفتوى
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[09 - 12 - 05, 02:34 ص]ـ
وهذا نصها كامل نقلته من أحد المواقع:
بيان هيئة كبار العلماء بالضال محمد علوي المالكي، ونص قرارها المرقم 86 في 11|11|1401 هـ في الدورة السادسة عشرة المنعقدة بالطائف في شوال عام 1400 هـ:
نظر مجلس هيئة كبار العلماء فيما عرضه سماحة الرئيس العام لادارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد، مما بلغه من أن لمحمد علوي مالكي نشاطاً كبيراً متزايداً في نشر البدع والخرافات، والدعوة الى الضلال والوثنية، وأنه يؤلف الكتب ويتصل بالناس، ويقوم بالأسفار من أجل تلك الأمور، واطلع على كتابه الذخائر المحمدية، وكتابه الصلوات المأثورة، وكتابه أدعية وصلوات، كما استمع الى الرسالة الواردة الى سماحة الرئيس العام لادارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد، من مصر، وكان مما تضمنته:
(وقد ظهر في الأيام الأخيرة طريقة صوفية في شكلها لكنها في مضمونها من أضل ما عرفناه من الطرق القائمة الآن، وإن كانت ملة الكفر واحدة.
هذه الطريقة تسمي (العصبة الهاشمية والسدنة العلوية والساسة الحسنية الحسينية) ويقودها رجلٌ من صعيد مصر يسميه أتباعه (الإمام العربي) وهو يعتزل الناس في صومعة له ويمرون عليه صفوفاً ويسلمون عليه، ويحدثونه ويمنحهم البركات، ويكشف لهم المخبوء بالنسبة لكل واحد، وهذا كله من وراء ستار، فهم يسمعون صوته ولا يرون شكله، اللهم إلا الخاصة من أحبابه وأصحابه، فهم المسموح لهم بالدخول عليه، وعددهم قليل جداً، وهو لا يحضر مع الناس الجمع، ولا الجماعات، ولا يصلي في المسجد الذي بناه بجوار صومعته، ويعتقد أتباعه أنه يصلي الفرائض كلها في الكعبة المشرفة جماعة خلف النبي صلى الله عليه وسلم.
ويعتقدون كذلك أنه من البقية الباقية من نسل الأئمة المعصومين، وأن المهدي سيخرج بأمره، وقد أنشأ لطريقته فروعاً في بعض مدن مصر، يجتمع روادها فيها على موائد الأكل والشرب والتدخين، ويأمرون مريديهم بحلق اللحي، وعدم حضور الجماعة في المساجد، وذلك تمهيداً لاسقاط الصلاة نفسها، ويخشى أنهم امتداد لحركة باطنية جديدة، فإن هناك وجه شبه بينهم وبين خصائص الباطنية، فإنهم بالاضافة الى ما سبق محظور على أتباعهم إذاعة أسرارهم والسؤال عن أي شيء يرونه من شيوخهم، كذلك الإسم الذي سموا به حركتهم والشعار الذي اتخذوه لها هو (فاطمة علي الحسن الحسين) ومما يؤيد هذا الظن أنهم يجاورون الضاحية التي دفن فيها (أغا خان) زعيم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/241)
الاسماعيلية حيث لا تنقطع أتباع الاسماعيلية عن زيارة قبره، والإتصال بالناس هناك، وقد دفن أغا خان في مصر لهذه الغاية، وقد ازداد أمر هؤلاء في نظرنا خطورة حين علمنا أن لهم اتصالات ببعض أفراد السعودية، وقد هيأت لبعض أتباعهم فرص عمل في المملكة عن طريق هؤلاء الأفراد الذين لم نتعرف على أسمائهم بعد، نظراً للسرية التي يحيطون بها حركتهم، ونحن في سبيل ذلك إن شاء الله.
ولكن الذي وقفنا عليه وعرفناه يقيناً لا يقبل الشك أن الشيخ (محمد بن عباس المالكي المكي الحسني) يتصل بهم اتصالاً مباشراً ويزور شيخهم المحتجب ويدخل عليه ويختلي به ويخرج من عنده بعد ذلك طائفاً بأتباعه في البلاد، متحدثاً معهم محاضراً فيهم خطيباً بينهم، كأنه نائب عن الشيخ المزعوم، ثم يختم زيارته بالتوجه الى ضريح أبي الحسن الشاذلي الشيخ الصوفي المعروف، المدفون في أقصى بلاد مصر، ومعه بطانةٌ من دهاقنة التصوف في مصر، وهو ينشر بينهم مؤلفاته التي اطلعنا على بعضها فاستوقفنا منها كتابه المسمى (الذخائر المحمدية) وتحت يدي الآن نسخة منه بل الجزء الأول، وهو يقع في 354 صفحة من الحجم الكبير ذيالطباعة الفاخرة، وطبع بمطبعة حسان بالقاهرة، ولا يوزع عن طريق دار نشر وإنما يوزع بصفة شخصية، وبلا ثمن.
والذي يقرأ هذا الكتاب يجد المؤلف هداه الله قد أورد فيه كل المعتقدات الباطلة في رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن بطريق ملتوٍ فيه من المكر والدهاء ما فيه، حتى لا يؤخذ على المؤلف خطأ شخصي، فهو يذيع تلك العقائد ويشيعها عن طريق النقل من بعض الكتب التي أساءت الى الإسلام في عقيدته وشريعته، والتي وصلت برسول الله صلى الله عليه وسلم الى درجة من الغلو، ما قال بها كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بل ورد بشأنها النهي الصريح عن مثل هذا الزيغ والزيف والضلال)
ثم ذكر أمثلة مما جاء في الكتاب من الضلال وختم رسالته بقوله (نحن إنما نهتم بتعقب مثل هذه الأخطاء والخطايا من أجل أن ننبه الى خطورتها وخطرها من باب نصح المسلمين وإرشادهم وتحذيرهم مما يخشى منه على العقيدة الصحيحة والايمان الحق.
وإنما نكتب لكم به كذلك لتتصرفوا حياله بما فيه الخير للاسلام والمسلمين، فكما أن مصر مستهدفة من أعداء الإسلام بحكم عددها وعدتها وإجماعها من حيث الأصل على السنة، فإن السعودية مستهدفة بنفس القدر إن لم يكن أكثر بحكم موقعها من قلوب المسلمين، وبحكم عقيدتها القائمة على حماية جناب التوحيد، وعلى توجيه الناس الى السنة الصحيحة، واهتمامها بنشر هذه العقيدة في كل مكان.
فلا أقل من أن ننبه الى بعض مواطن الخطر لتعملوا على درئه ما استطعتم، والظن بكم بل الاعتقاد فيكم سيكون في محله إن شاء الله، فإن الأمر جد خطير كما رأيتم، من بعض فقرات الكتاب. أهـ).
وقد تبين للمجلس صحة ما ذكر من كون محمد علوي داعية سوء ويعمل على نشر الضلال والبدع وأن كتبه مملوءة بالخرافات والدعوة الى الشرك والوثنية.
ورأى أن يعمل على إصلاح حاله وتوبته من أقواله، وأن يبذل له النصح ويبين له الحق، واستحسن أن يحضر المذكور لدى سماحة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، وسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبد الله بن باز، الرئيس العام لادارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد، ومعالي الشيخ سليمان بن عبيد، الرئيس العام لشئون الحرمين الشريفين، لمواجهته بما صدر منه من العبارات الالحادية والصوفية، وإسماعه الكتاب الوارد من مصر ومعرفة جوابه عن ذلك، وما لديه حول ما ورد في كتبه.
وقد حصل هذا الاجتماع المذكور في المجلس الأعلى للقضاء يوم الخميس الموافق 17 |10| 1400 هـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/242)
وأعد محضر بذلك الاجتماع تضمن إجابته بشأن تلك الكتب، وما سأله عنه المشايخ مما جاء فيها. وجاء في المحضر الذي وقع فيه أن كتاب الذخائر المحمدية وكتاب الصلوات المأثورة له. أما كتاب أدعية وصلوات فليس له، وأما الرجل الصوفي الذي في مصر فقد قال إنه زاره ومئات من أمثاله في الصعيد، ولكنه ليس من أتباعه ويبرأ الى الله من طريقته، وأنه لم يلق محاضرات في مصر، وأنه أنكر عليه وعلى أتباعه، وقد ذكر للمشايخ أنه له وجهة نظر في بعض المسائل، أما الأمور الشركية فيقول إنه نقلها عن غيره، وأنها خطأ فاته التنبيه عليه.
ولما استمع المجلس الى المحضر المذكور وتأكد من كون الكتابين له، وعلم اعترافه بأنه جمع فيها تلك الأمور المنكرة، ناقش أمره وما يتخذ بشأنه، ورأى أنه ينبغي جمع الأمور الشركية والبدعية التي في كتابه الذخائر المحمدية مما قال فيها أنه خطأ فاته التنبيه عليه، وتطبق على المحضر، ويكتب رجوعه عنها ويطلب منه التوقيع عليه، ثم ينشر في الصحف ويذاع بصوته في الاذاعة والتلفزيون، فإن استجاب لذلك وإلا رفع لولاة الأمور لمنعه من جميع نشاطاته في المسجد الحرام، ومن الاذاعة والتلفزيون، وفي الصحافة، كما يمنع من السفر الى الخارج، حتى لا ينشر باطله في العالم الاسلامي، ويكون سبباً في فتنة الفئام من المسلمين.
وقد قامت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء بقراءة كتابيه المذكورين اللذين اعترف أنها له ومن إعداده وتأليفه، وجمع الأمور الشركية والبدعية التي فيها وإعداد ما ينبغي أن يوجه له، ويطلب منه أن يذيعه بصوته، وبعث له عن طريق معالي الرئيس العام لشئون الحرمين الشريفين بكتاب سماحة الرئيس العام رقم 2788 وتاريخ 12| 11|1400 هـ، فامتنع عن تنفيذ ما رآه المجلس، وكتب رسالة ضمنها رأيه، ووردت الى سماحة الرئيس العام لادارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد مشفوعةً بكتاب معالي الرئيس العام لشئون الحرمين الشريفين، رقم 2053|19 وتاريخ 26|12|1400 هـ.
وجاء في كتاب معاليه أنه اجتمع بالمذكور مرتين، وعرض عليه خطاب سماحة الشيخ عبد العزيز، وما كتبه المشائخ، ولكنه أبدى تمنعاً عما اقترحوه، وأنه حاول اقناعه ولم يقبل، وكتب إجابة عما طلب منه مضمونها التصريح بعدم الموافقة على إعلان توبته.
وفي الدورة السابعة عشرة المنعقدة في شهر رجب عام 1401 هـ. في مدينة الرياض، نظر المجلس في الموضوع وناقش الموقف الذي اتخذه حيال ما طلب منه ورأى أن يحاط ولاة الأمور بحاله والخطوات التي اتخذت لدفع ضرره وكف أذاه عن المسلمين، وأعدت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء بياناً يشتمل على جملة من الأمور الشركية والبدعية الموجودة في كتابه الذخائر المحمدية منها:
1 ـ نقل في ص 265 من الأبيات التي جاء فيها:
ولما رأيت الدهر قد حارب الورى * * * جعلت لنفسي نعل سيده حصنا
تحصنت منه في بديع مثالها * * * بسورٍ منيعٍ نلت في ظله الأمنا
2 ـ نقل قصيدة للبكري في الصفحتين 158 ـ 159 تتضمن أنواعاً من الشرك الأكبر وفيها إعراض عن الله عز وجل قال فيها:
ما أرسل الرحمن أو يرسل * * * من رحمة تصعد أو تنزلُ
في ملكوت الله أو ملكه * * * من كل ما يختص أو يشمل
إلا وطَه المصطفى عبده * * * نبيه مختاره المرسل
واسطة فيها وأصل لها * * * يعلم هذا كل من يعقل
فلذ به من كل ما تشتكي * * * فهو شفيع دائماً يقبل
ولذ به من كل ما ترتجي * * * فإنه المرجع والموئل
وناده إن أزمةٌ أنشبت * * * أظفارها واستحكم المعضل
يا أكرم الخلق على ربه * * * وخير من فيهم به يسأل
كم مسني الكرب وكم مرةً * * * فرجت كرباً بعضه يذهل
فبالذي خصك بين الورى * * * برتبةٍ عنها العلا تنزل
عجل بإذهاب الذي أشتكي * * * فإن توقفت فمن ذا أسأل
3 ـ ذكر في ص 25: أن ليلة مولده صلى الله عليه وسلم أفضل من ليلة القدر. وهذا خطأ واضح، فليلة القدر أفضل الليالي بلا شك.
4 ـ ذكر في الصفحات الثالثة والأربعين والرابعة والأربعين والخامسة والأربعين قصيدةً لابن حجر الهيثمي فيها إثبات حياة النبي صلى الله عليه وسلم على الاطلاق، وأنه يصلي الصلوات الخمس ويتطهر، ويجوز أن يحج ويصوم، ولا يستحيل ذلك عليه وتعرض عليه الأعمال.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/243)
ونقل عن الهيثمي استجارته بالرسول صلى الله عليه وسلم وأقره على ذلك، والاستجارة بغير الله نوعٌ من الشرك الأكبر.
5 ـ أورد في ص 52 ـ ما نصه: من استغرق في محبة الأنبياء والصالحين حمله ذلك على الإذن في تقبيل قبورهم والتمسح بها، وتمريغ الخد عليها. ونسب أشياء من ذلك الى بعض الصحابة، وأقر ذلك ولم ينكره، مع أن تلك الأمور من البدع ووسائل الشرك الأكبر، ونسبتها الى بعض الصحابة باطلة.
6 ـ ذكر في ص 60: أن زيارة قبره الشريف صلى الله عليه وسلم من كمال الحج، وأن زيارته عند الصوفية فرضٌ، وأن الهجرة الى قبره عندهم كالهجرة اليه حيا. وأقر ذلك ولم ينكره.
7 ـ ذكر عشر كرامات لزائر قبر النبي صلى الله عليه وسلم كلها رجم بالغيب وقول على الله بلا علم.
8 ـ دعا الى الاستجارة به صلى الله عليه وسلم والاستشفاع به عند زيارته فقال ما نصه (ويتأكد بتجديد التوبة في هذا الموقف الشريف وسؤال الله تعالى أن يجعلها لديه نصوحاً، والاستشفاع به صلى الله عليه وسلم في قبولها والاكثار من الاستغفار والتضرع بتلاوة الآية المذكورة، وأن يقول بعدها وقد ظلمت نفسي ظلما كثيراً، وأتيت بجهلي وغفلتي أمراً كبيراً، وقد وفدت عليك زائراً وبك مستجيراً.
ص 100: ومعلوم أن الاستشفاع والاستجارة به بعد وفاته صلى الله عليه وسلم من أنواع الشرك الأكبر.
9 ـ ذكر في ص 10 ـ شعراً يقال مع الدعاء عند زيارة قبره صلى الله عليه وسلم ومنه:
هذا نزيلك أضحى لا ملاذ له * * * إلا جنابك يا سؤلي ويا أملي
ومنه:
ضيف ضعيف غريب قد أناخ بكم * * * ويستجير بكم يا سادة العرب
يا مكرم الضيف ياعون الزمان ويا * * * غوث الفقير ومرمى القصد والطلب
ونقل عن بعضهم في ص 102 شعراً تحت عنوان فضائل نبوية قرآنية:
أترضى مع الجاه المنيع ضياعنا * * * و نحن الى أعتاب بابك ننسب
أفضها علينا نفحة نبوية * * * تلم شتات المسلمين وترأب
وهذه الأبيات الخمسة من الشرك الأكبر والعياذ بالله.
10 ـ نقل في ص 54: بيتاً من الهمزية هو:
ليته خصني برؤية وجه * * * زال عن كل من رآه العناء
وهذا كذبٌ وباطلٌ، وقد رآه في حياته عليه الصلاة والسلام أقوامْ كثيرون، فما زال عنهم عناؤهم ولا كفرهم.
11 ـ نقل في ص 157 غلوا في نعال الرسول صلى الله عليه وسلم في البيتين التاليين:
على رأس هذا الكون نعل محمد * * * سمت فجميع الخلق تحت ظلاله
لدي الطور موسي نودي اخلع * * * وأحمد الى العرش لم يؤمر بخلع نعاله
12 ـ ذكر في ص 166 قصيدة شركية للشيخ عمر الباقي الخلوتي منها:
يا ملاذ الورى وخير عيان * * * ورجاء لكل دان قصي
لك وجهي وجهت يا أبيض * * * الوجه فوجه اليه وجه الولي
13 ـ نقل في كتابه الذخائر المحمدية ص 284 عن ابن القيم من كتابه جلاء الأفهام ما يوهم أن الطريق الى الله والى جنته محصور في اتباع أهل البيت يعني أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وتصرف في كلام ابن القيم فلم ينقله على حقيقته، لأن ابن القيم في كتابه المذكور تكلم على ابراهيم الخليل وآله من الأنبياء، وذكر أن الله سبحانه بعث جميع الأنبياء بعد ابراهيم من ذريته، وجعل الطريق اليه مسدوداً إلا من طريقهم، ومنهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. فترك الشيخ محمد علوي مالكي نقل أصل كلام ابن القيم رحمه الله وتصرف فيه، فنقل ما يوهم القراء أن المراد أهل بيت النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يخفي أن هذا الرأي هو مذهب الرافضة الاثني عشرية، وأنهم يرون أن الأحاديث الواردة من غير طريق أهل البيت لا يحتج بها ولا يعمل بها ولو كان الراوي لها أبا بكر الصديق أو عمر أو عثمان وتدليسٌ شنيعٌ أراد به تحقيق مقصد سيئ خطير.
ومثل ما تقدم ما ذكره في الصفحتين الرابعة والخامسة من كتابه الصلوات المأثورة حيث يقول من جملة الدعاء الذي نقله (وانشلني من أوحال التوحيد وأغرقني في عين بحر الوحدة) وقوله: (ولا شيء إلا هو به منوط) يعني بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد رفع البيان الى صاحب السمو الملكي نائب رئيس مجلس الوزراء مشفوعاً بكتاب سماحة الرئيس العام رقم 1280|2 وتاريخ 28|7|1401 هـ.
وفي الدورة الثامنة عشرة للمجلس ـ المنعقدة في شهر شوال عام 1401 هـ. أعيدت مناقشة موضوعه بناء على ما بلغ المجلس من أن شره في ازدياد، وأنه لا يزال ينشر بدعه وضلالاته في الداخل والخارج، فرأى أن الفساد المترتب على نشاطه كبير، حيث يتعلق بأصل عقيدة التوحيد التي بعث الله الرسل من أولهم الى آخرهم لدعوة الناس اليها، وإقامة حياتهم على أساسها، وليست أعماله وآراؤه الباطلة في أمور فرعية اجتهادية يسوغ الاختلاف فيها، وأنه يسعى الى عودة الوثنية في هذه البلاد وعبادة القبور والأنبياء، والتعلق على غير الله، ويطعن في دعوة التوحيد ويعمل على نشر الشرك والخرافات، والغلو في القبور، ويقرر هذه الأمور في كتبه ويدعو اليها في مجالسه، ويسافر من أجل الدعوة لها في الخارج. انتهى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/244)
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[10 - 12 - 05, 01:58 م]ـ
عرض ونقد لما كتبه الدكتور محمد علوي المالكي
حول الكوثري والدحلان
بقلم: الشيخ عبد القادر بن حبيب الله السندي خريج كلية الشريعة بالجامعة
(نشر في مجلة الجامعة الإسلامية في العدد 27 في شهر محرم 1395هـ)
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد؛
فقد وقعت في يدي رسالة صغيرة بعنوان "إتحاف ذوي الهمم العلية برفع أسانيد والدي السنية" للأستاذ الدكتور محمد حسن بن السيد علوي المالكي الحسني المدرس بالمسجد الحرام، وبكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز بمكة المكرمة،
وقد طبعت في عام 1387هـ 1967م بدمشق الشام،
وهي عبارة عن تراجم الرجال الذين تتلمذ عليهم والده السيد علوي بن عباس رحمه الله تعالى، أو كانت له بهم صلة علمية، وقد بلغ عددهم أربعة وستين رجلا، ولم أعرف منهم إلا الاثنين وهما:
الشيخ محمد زاهد الكوثري.
الشيخ أحمد زيني دحلان.
وقد أثنى عليهما الدكتور محمد ثناء جميلا، ووصفهما بالأمانة في العلم والبصيرة، والنقد والتحرير والسعي المشكور في نشر العلم وغير ذلك من الأمور الطيبة، والواقع هو بالعكس كما سيأتي إن شاء الله تعالى، فحررت هذه الملاحظات حول كتابته بيانا للحق، وأداء للأمانة العلمية، وتبرئة للذمة أمام الله جل وعلا مع احترامي للأخ الأستاذ محمد المالكي.
قال الأستاذ الدكتور محمد في حق الأستاذ الكوثري: "العلامة السيد محمد بن زاهد بن العلامة حسن الحلمي بن علي الكوثري المتوفى بمصر سنة 1371هـ المولود سنة1296هـ. المحدث الشهير، الإمام، الناقد، البصير، حجة لا يبارى في علم الرجال، بارع في الحديث ورجاله، ماهر في علم الكلام، أديب في النقاش والجدال، مجاهد بقلمه ولسانه في بلاده تركيا وفي مصر. مؤلفاته التي سار بها الركبان، وتحدث عنها الأعيان دليل عظيم واضح على علو كتب هذا الإمام، ورسوخ قدميه، وطول باعه في العلوم مع تحقيق وتدقيق وتحبير وتحرير، وله المقالات الكبرى، والمؤلفات العديدة رحمه الله رحمة واسعة" انتهى.
قلت: قال الله في كتابه الكريم في سورة البقرة مخاطبا اليهود عليهم لعائن الله تعالى: {وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} وقال أيضا جل وعلا في سورة آل عمران: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}
والآيتان الأخريان أشار إليها الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله تعالى عنه في حديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده بإسناد حسن فقال: "إن الناس يقولون: أكثر أبوهريرة، والله لولا آيتان في كتاب الله ما حدثت حديثا، ثم تلا هاتين الآيتين".
قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ} (البقرة:159).
فأقول أنا أيضا: والله لولا هذه الآيات الكريمات والأخرى في معناها، وكذا الأحاديث النبوية في هذا المعنى لما تعرضت لما كتبه الدكتور محمد العلوي في رسالته آنفة الذكر.
وهذه الآيات نص صريح في وجوب بيان العلم، وعدم كتمانه عن الناس، خصوصا في هذه الأمور التي يلتبس فيها الحق بالباطل.
ولقد ترك الرجلان - أعني الكوثري والدحلان - من المؤلفات التي أشرتم إليها بقولكم "سار بها الركبان وتحدث عنها الأعيان"
وفيها من الكفر والإلحاد والشر والطعن في أئمة السنة النبوية ما لا يعلم ضررها إلا الله جل وعلا على الأمة الإسلامية وعلى جميع الناس.
أردت أن أقول كلمة الحق التي أعلمها في حق هذين الرجلين اللذين أطلقت عليهما من الأوصاف البراقة، وهما في بعد بمكان وأنت على كل حال مأجور إن شاء الله تعالى إن كنت لا تعلم عن حالهما وحقيقتهما.
وأنا سوف أضع أمامك وأمام من لا يعلم حالهما هذه الحقائق العلمية الثابتة ناقلا عن كتبهما ومؤلفاتهما التي مجدتموها ثم الرد عليها بما يناسب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/245)
ثم أنت حري أخي الفاضل الكريم بما أنعم الله تعالى عليك من مكانة علمية في حرمة المقدس في الظاهر بالرجوع إلى الحق، أو تثبت لنا أنهما رجعا عن تلك العقيدة الفاسدة التي كانا عليها، ودعيا لها.
قال الشيخ محمد زاهد الكوثري في المقالات الكبرى التي أشرتم إليها في ترجمته قال: تحت عنوان "بدعة الصوتية حول القرآن"
ثم قال: "والواقع أن القرآن في اللوح، وفي لسان جبريل عليه الصلاة والسلام، وفي لسان النبي صلى الله عليه وسلم وألسنة سائر التالين، وقلوبهم، وألواحهم، مخلوق حادث محدث ضرورة، ومن ينكر ذلك يكون مسفسطا ساقطا من مرتبة الخطاب"
ثم قال بعد كلام طويل: "وبهذا نتبين شهادة ابن تيمية في حق العلماء، وليس عنده سوى ألفاظ مرصوصة، لا إفادة تحتها في بحوثه الشاذة كلها. وغير المفيد لا يعد كلاما ولم يصح في نسبة الصوت إلى الله حديث".
قلت: حاصل كلام الكوثري أن هذا القرآن الكريم الذي بين أيدي المسلمين مهما كانت صفته فهو مخلوق عنده، وأنه لا يثق ببحوث شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
فإذا كانت بحوث شيخ الإسلام عليه رحمة الله شاذة في نظره ولذا لا أحب أن أنقل له من كلامه شيئا من كتبه ومؤلفاته التي سوف يأتي الوصف الدقيق عنها فيما بعد إن شاء الله تعالى، وإنما سأنقل له شفاء لمرضه ومرض أتباعه عن مؤلفات الأئمة من السلف الذين مضت بينهم وبين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهم الله تعالى جميعا مئات السنين.
فمثلا هذا الإمام العلامة أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي المتوفى 280هـ والذي لا تخفى منزلته العلمية على أحد ممن ينتسب إلى العلم قال عنه الذهبي في تذكرة الحفاظ: "الحافظ، الإمام الحجة محدث هراة أو تلك البلاد، أخذ الحديث عن المديني ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية، وأكثر الترحال في طلب الحديث"
يقول في كتابه البارع الفذ الرد على الجهمية باب الاحتجاج للقرآن أنه غير مخلوق ثم قال رحمه الله تعالى: "فمن ذلك ما أخبر الله تعالى في كتابه عن زعيم هؤلاء الأكبر وإمامهم الأكفر الذي ادعى أولا أنه مخلوق وهو الوحيد، واسمه الوليد بن المغيرة، فأخبر الله تعالى عن الكافر ودعواه، وردها ووعده بالنار أن ادعى أن قول الله قول البشر وقوله {إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ} (المدثر:25) وقول الجهمية هو مخلوق واحد لا فرق بينهما فبئس التابع وبئس المتبوع، وقال تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً} (المدثر:11) إلى قوله: {ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} (المدثر:22 - 26) "
يعني أنه ليس بقول البشر كما ادعى الوليد، ولكنه قول الله تعالى، ثم ساق الأحاديث بأسانيدها، وهي نص صريح على أن القرآن هو كلام الله تعالى تكلم به جل وعلا حقا وحقيقة، ثم قال رحمه الله تعالى: "فهذا ينبئك أنه نفس كلام الله تعالى، وأنه غير مخلوق، لأن الله لم يخلق كلاما إلا على لسان مخلوق، فلو كان القرآن مخلوقا كما يزعم هؤلاء المعطلون لكان إذا من كلام المخلوقين".
وقال الحافظ الإمام أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الرازي اللالكائي في كتابه البارع العظيم شرح السنن المتوفى في بدينور سنة 418هـ تحت عنوان سياق ما روي من المأثور عن السلف في جمل اعتقاد أهل السنة والتمسك بها والوصية لحفظها قرنا بعد قرن
ثم قال: "اعتقاد أبي عبد الله سفيان بن سعيد الثوري رضي الله تعالى عنه"، ثم قال رحمه الله تعالى: "أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن العباس قال حدثنا أبو الفضل شعيب بن محمد بن الراجيان. قال حدثنا علي بن حرب الموصلي بسر من رأى سنة سبع وخمسين ومائتين، قال: سمعت شعيب بن حرب يقول: "قلت لأبي عبد الله سفيان بن سعيد الثوري حدثني بحديث من السنة ينفعني الله عز وجل، فإذا وقفت بين يدي الله تبارك وتعالى، وسألني عنه فقال لي من أين أخذت هذا؟ قلت: يا رب حدثني بهذا الحديث سفيان الثوري وأخذته عنه، فأنجو أنا وتؤخذ أنت. فقال لي: يا شعيب هذا توكيد وأي توكيد؟ اكتب بسم الله الرحمن الرحيم، القرآن كلام الله غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، من قال غير هذا فهو كافر، والإيمان قول وعمل ونية، يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية"؛ ثم ذكر بقية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/246)
العقيد بتمامها.
نقل الإمام العلامة الذهبي في تذكرة الحفاظ هذا الكلام بنصه في ترجمة سفيان بن سعيد الثوري ثم قال: "وهذا ثابت عن سفيان كما قال الحافظ اللالكائي في كتاب السنة".
وقال الإمام العلامة بقية السلف الصالح، إمام المحدثين في عصره الحافظ الجليل أبوبكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي المتوفى سنة ثمان وخمسين وأربعمائة في كتابه الأسماء والصفات،: "باب ما روي عن الصحابة والتابعين، وأئمة المسلمين رضي الله تعالى عنهم أن القرآن كلام لله غير مخلوق، ثم ساق إسناده إلى أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه الله قال: "إن أبابكر رضي الله تعالى عنه قادل قوما من أهل مكة على أن الروم تغلب فارس، فغلبت الروم فارس فقرأها عليهم، فقالوا: كلامك هذا! أم كلام صاحبك، فقال: ليس بكلامي ولا كلام صاحبي ولكنه كلام الله عز وجل"
ثم قال الإمام البيهقي: "تابعه محمد بن يحيى الذهلي عن شريح ابن النعمان، إلا أنه قال: فقال رؤساء مشركي مكة: يا ابن أبي قحافة: هذا مما أتى به صاحبك؟ قال لا: ولكنه كلام الله وقوله"، ثم قال: "وهذا إسناد صحيح".
وهكذا نقل الإمام البيهقي هذا المعنى بأسانيده عن جملة كبيرة من الصحابة والتابعين رحمهم الله تعالى، ثم قال: "وعن عامر بن شهر قال: كنت عند النجاشي فقرأ ابن له آية من الإنجيل فضحكت، فقال النجاشي: أتضحك من كلام الله عز وجل؟ "
وهكذا نقل بمثل هذه القصة عن خباب الأرث رضي الله تعالى عنه. وعن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: "إن القرآن كلام الله تعالى، فمن كذب على القرآن فإنما كذب على الله عز وجل".
وعن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: "قرآنا عربيا غير ذي عوج: قال: غير مخلوق" وقد أطال الإمام البيهقي رحمه الله تعالى الكلام،
وانتقل في هذا الباب عن أئمة السلف من الصحابة والتابعين، ومن تبعهم رحمهم الله تعالى جميعا. وقال الإمام العلامة أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة المصري الحنفي المتوفى سنة320هـ في عقيدته "إن القرآن كلام الله منه بدأ بلا كيفية قولا، وأنزله على رسوله وحيا، وصدقه المؤمنون على ذلك حقا، وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة، ليس بمخلوق ككلام البرية، فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر، وقد ذمه الله تعالى وعابه، وواعده بالسقر، حيث قال جل وعلا: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} (المدثر:26) فلما أوعد بسقر لمن قال {إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ} (المدثر:25) علمنا وأيقنا أنه قول خالق البشر، ولا يشبهه قول البشر"
وعقد الإمام أبو داوود السجستاني في كتابه السنن بابا مهما عظيما فقال: "باب في القرآن"، ثم ساق بأسانيده ستة أحاديث وهي نص صريح على أن القرآن غير مخلوق ثم قال الإمام أبو داوود في نهاية هذه الأحاديث: "وهذا دليل على أن القرآن ليس بمخلوق".
ولقد جاد وأفاد العلامة الشيخ شرف الحق شارح السنن في الكلام على هذه الأحاديث، وفند دعوى الجهمية وأبطلها. وهكذا صنع الإمام العلامة ناصر السنة، وقامع البدعة الشيخ أبو محمد حسين بن مسعود البغوي في كتابه العظيم النافع شرح السنة، فوضع بابا مهما بعنوان باب الرد على من قال بخلق القرآن، ثم ساق تحته الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، والآثار الموقوفة والمقطوعة، ثم قال رحمه الله تعالى: "وقد مضى سلف هذه الأمة وعلماء السنة على أن القرآن كلام الله ووحيه ليس بخالق ولا مخلوق، والقول بخلق القرآن ضلالة، وبدعة لم يتكلم بها أحد في عهد الصحابة والتابعين رحمهم الله تعالى، وخالف الجماعة الجعد بن درهم فقتله خالد بن عبد الله القسري، قال سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال: "سمعت مشائخنا منذ سبعين سنة يقولون: إن القرآن كلام الله ليس بمخلوق". وعن جعفر بن محمد الصادق أنه سئل عن القرآن فقال: "أقول فيه ما يقول أبي وجدي: ليس بخالق ولا مخلوق، ولكنه كلام الله". قال يحيى بن خلف المقرئ: "كنت جالسا عند مالك بن أنس فجاء رجل فقال: ما تقول فيمن يقول القرآن مخلوق فقال: عندي كافر فاقتلوه". وعن ابن المبارك وليث بن سعد وسفيان بن عيينة، وهشيم بن بشير، وعلي بن عاصم، وحفص بن غياث ووكيع بن الجراح مثله. قيل لعبد الرحمن بن مهدي: "إن الجهمية يقولون إن القرآن مخلوق فقال: إن الجهمية أرادوا أن ينفوا أن يكون الرحمن على العرش استوى، وأرادوا أن ينفوا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/247)
أن يكون الله كلم موسى. وأرادوا أن ينفوا أن يكون القرآن كلام الله، أرى أن يستتابوا فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم".
وقال الإمام العلامة الشيخ أبوبكر محمد بن حسين الآجري التلميذ الرشيد للإمام أبي داوود السجستاني في كتابه العظيم "الشريعة": "القرآن كلام الله عز وجل، وأن كلامه جل وعلا ليس بمخلوق، ومن زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر"، ثم قال رحمه الله تعالى: "اعلموا رحمنا الله تعالى وإياكم أن قول المسلمين الذين لم تزغ قلوبهم عن الحق، ووفقوا للرشاد قديما وحديثا، أن القرآن كلام الله عز وجل ليس بمخلوق، لأن القرآن من علم الله تعالى عز وجل، وعلمه لا يكون مخلوقا تعالى عز وجل عن ذلك، دل على ذلك الكتاب والسنة، وقول الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وقول أئمة المسلمين رحمة الله عليهم، ولا ينكر هذا إلا جهمي خبيث، والجهمية عند العلماء كفرة".
ثم بدأ بإيراد الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة فأجاد وأفاد رحمه الله رحمة واسعة.
وقال الإمام أبو داوود السجستاني صاحب السنن في كتابه الفذ المبارك "مسائل الإمام أحمد" تحت باب في الجهمية: "أخبرنا أبوبكر قال أبو داوود: سمعت أحمد قال: "سمعت عبد الرحمن بن مهدي أيام صنع بشر المريس ما صنع يقول: من زعم أن الله لم يكلم موسى يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه".
وقال الإمام الحافظ الكبير محمد بن إسحاق بن خزيمة صاحب الصحيح في كتابه العظيم كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب… باب ذكر البيان من كتاب ربنا المنزل على نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومن سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على الفرق بين كلام الله عز وجل الذي به يكون خلقه، وبين خلقه الذي يكون بكلامه وقوله، والدليل على نبذ قول الجهمية الذين يزعمون أن كلام الله مخلوق، جل ربنا وعز عن ذلك؛ ثم ساق الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على ذلك
ثم قال رحمه الله تعالى: "فاسمع الآن الأخبار الثابتة الصحيحة بنقل العدل عن العدل موصولا إلى النبي صلى الله عليه وسلم الدالة على أن كلمات ربنا ليست بمخلوقة على ما زعمت المعطلة الجهمية، عليهم لعائن الله". وبعد سياقه الروايات الكثيرة قال: "أفليس العلم محيطا - يا ذوي الحجا - أنه غير جائز أن يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتعوذ بخلق الله من شر خلقه، هل سمعت عالما يجيز أن يقول: أعوذ بالكعبة من شر خلق الله، أو يجيز أن يقول: أعوذ بالصفا والمروة، أو أعوذ بعرفات ومنى من شر ما خلق الله، هذا لا يقوله ولا يجيز القول به مسلم يعرف دين الله محال أن يستعيذ مسلم بخلق الله من شر خلقه" ثم قال: "ولذكر القرآن أنه غير مخلوق مسألة طويلة تأتي في موضعها من هذا الكتاب إن وفق الله ذلك لإملائها".
قلت: وقد ألف الإمام أبو عبد الرحمن عبد الله بن الإمام أحمد بن محمد بن حنبل كتابا عظيما جليلا وسماه السنة، وقد طبع لأول مرة على نفقة جلالة الإمام المغفور له - إن شاء الله - عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود المعظم، وهو جدير بهذا الشأن الخطير.
فهذه بعض النقول عن أئمة السلف رحمهم الله تعالى نصت على أن القرآن كلام الله تعالى حقيقة وليس بمخلوق، ومن يذهب خلاف هذا المذهب فهو كافر عندهم كما جاء عن الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى، وعن غيره من أئمة الإسلام السابقين
ولا أزيد على هذه النقول إلا كلمة واحدة وهي: أشهد الله تعالى على أنها حق وصدق ودين أدين الله بها فأقول- وإن كنت لست ممن يعتمد على كلامه -: إن القائل بخلق القرآن كافر مرتد حلال الدم والمال، يفرق بينه وبين زوجته المسلمة.
وأما قول الشيخ الكوثري في شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وفي بحوثه كما مر بكم آنفا من كلامه فأقول: ليس هذا أول سهام مسمومة توجه إلى حامل لواء السنة النبوية، وقد سبق الكوثري في هذا الشيخ الهيتمي المكي في كتبه ورسائله التي وصفها العلامة الإمام أبي المعالي محمود شكري الألوسي في كتابه غاية الأماني في الرد على النبهاني بقوله: "وأما كتب ابن حجر "المكي" التي فرح بها الزائغ، فإنها لا تصلح عند من له بصيرة ونظر لغير العطار والإسكاف، فهي إما مزاود للعقاقير، وإما بطائن للخفاف، حيث إنها قشور لا لب فيها، وهكذا كتب السبكي وابنه".
قلت: وهكذا بعض كتب أحمد زيني دحلان ومحمد زاهد الكوثري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/248)
وقال عن كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "إن كتب الشيخ بحمد الله محفوظة عند أهلها من أهل الحديث، وناصري السنة، وأتباع الإمام أحمد نضر الله وجهه في الهند وبلاد نجد ومصر والشام والعراق، وهذه هي الكتب التي لا نظير لها، وإنها مما يتنافس بها المتنافسون، فليت شعري أي كتاب فقد منها ولم يوجد منه نسخ كثيرة، وليت هذا الزائغ راجع دفاتر خزائن دار السلطنة المحروسة، ودفاتر خزائن كتب مصر الخديوية وغيرها، وخزائن كتب الشام والعراق والهند وغير ذلك.
قلت: إن كلام الشيخ الكوثري في حق شيخ الإسلام ابن تيمية وفي حق بحوثه لا وجه له، بل هو دليل على جهله ويعقبه للباطل، واتباعه لهواه، وإن قوله هذا لا يصدر عن طفل مبتدئ في العلم، ولكن الله تعالى فضحه بسبب تطاوله على خير عالم في الزمان الأخير، ولم يلتفت إلى ما هو فيه من المسلك والحال الذي ينبغي أن يرثى له.
وقد سبقه رجل آخر وهو زنديق واسمه محمد بن محمد العلاء البخاري، فقد ألف كتابا خبيثا وسماه "من سمى ابن تيمية شيخ الإسلام كان كافرا" فرد عليه الإمام الحافظ محمد بن أبي بكر ابن ناصر الدين الدمشقي الشافعي ردا جليلا علميا سماه "الرد الوافر" وقد حققه الأستاذ الشيخ محمد زهير الشاويش، صاحب المكتب الإسلامي ببيروت ودمشق، وطبعه في عام 1393هـ وهو كتاب فريد في بابه، سلك فيه مؤلفه العلامة ابن ناصر الدين الدمشقي رحمه الله تعالى مسلكا فريدا دافع فيه عن شيخ الإسلام "ابن تيمية" بطريقة بلغت الغاية في بيان فضل شيخ الإسلام، إذ جمع أسماء جمهرة كبيرة من العلماء الذين عاصروا "ابن تيمية" أو جاءوا بعده ولقبوه بـ "شيخ الإسلام" وترجم لكل واحد منهم ترجمة وافية جمع فيها فضائله، ومؤلفاته، وشيئا من سيرته، بحيث أصبحت تراجم هؤلاء الأعلام في هذا الكتاب من أفضل ما ترجم لهم به.
ولقد شاهدت عرضا لهذا الكتاب المبارك في بعض أعداد جريدة الدعوة الإسلامية التي تصدر بمدينة الرياض، ويقول العلامة ابن ناصر الدين في كتابه هذا تحت عنوان وسبب تأليف الكتاب: "وجمهور النقاد، وأئمة السنة أهل الإسناد، كلامهم منقسم في الجرح والتعديل إلى قوي ومتوسط، وكلام فيه تسهيل وفي عصرنا هذا الذي قل فيه من يدري هذا الفن، أو يرويه، أو يحقق تراجم من رأى من أهل مصره، فضلا عمن لم يره، أو مات قبل عصره، قد نطق فيه من لا خبرة له بتراجم الرجال، ولا عبرة له فيما تقلده من سوء المقال، ولا فكرة له فيما تطرق به إلى تكفير خلق من الأعلام بأن قال: من سمى ابن تيمية شيخ الإسلام كان كافرا لا تصح الصلاة وراءه" وهذا القول الشنيع الذي نرجو من الله العظيم أن يعجل لقائله جزاءه، قد أبان قدر قائله في الفهم، وأفصح عن مبلغه من العلم، وكشف عن حمله من الهوى، ووصف كيف اتباعه لسبيل الهدى ولا يرد بأكثر من روايته عنه ونسبته إليه، فكلام الإنسان عنوان عقله، يدل عليه، أما علم هذا القائل أن لفظة "شيخ الإسلام" تحتمل وجوها من معاني الكلام"
وقال الإمام العلامة الذهبي في حق شيخ الإسلام ابن تيمية: "الشيخ الإمام العلامة الحافظ الناقد الفقيه المجتهد، المفسر البارع شيخ الإسلام، علم الزهاد، نادرة العصر، تقي الدين أبو العباس أحمد ابن مفتي شهاب الدين عبد الحليم ابن الإمام المجتهد شيخ الإسلام مجد الدين عبد السلام بن عبد الله بن القاسم الحراني، أحد الأعلام، ولد في ربيع الأول سنة إحدى وستين وستمائة، ثم ذكر عمن أخذ ثم قال: "وعني بالحديث، ونسخ الأجزاء، ودار على الشيوخ وخرج، وانتقى وبرع في الرجال وعلل الحديث وفقهه، وفي علوم الإسلام وعلم الكلام وغير ذلك. وكان من بحور العلم من الأذكياء المعدودين والزهاد الأفراد، والشجعان الكبار، والكرماء الأجواد، أثنى عليه الموافق والمخالف، وسارت بتصانيفه الركبان، لعلها ثلاث مائة مجلد".
قلت: اللهم إلا الكوثري والسبكي وابنه، والدحلان تكلموا فيه حسدا وعدوانا، وبغضا فأنت حسيبهم.
وأما الحديث الذي زعم الكوثري عدم صحته، وهو حديث نسبة الصوت إلى الله تعالى، فإذا كان الرجل ينكر أن يكون هذا القرآن هو كلام الله تعالى ووحيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزعم أنه مخلوق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/249)
فكيف بهذا الحديث المبارك الذي صح عند جماهير أهل الحديث؛ منهم الحافظ الإمام أبو عبد الله البخاري رحمه الله تعالى وإن كان ليس على شرطه في الجامع الصحيح، فقد أورده رحمه الله في جامعه معلقا في موضعين في كتاب العلم، وفي كتاب التوحيد، وأخرجه بإسناده في كتاب الأدب المفرد، وأخرجه أيضا الإمامان الجليلان أحمد بن حنبل، وأبو يعلى الموصلي في مسنديهما، وأخرجه أيضا الحافظ تمام الرازي في فوائده، وأخرجه أيضا الإمام ابن أبي عاصم النبيل "أحمد بن عمرو" في كتاب العلم، والحافظ الإمام الحارث بن أبي أسامة في مسنده، وأخرجه أيضا الإمام نصر المقدس في كتابه الحجة، والخطيب البغدادي في رسالته الرحلة في طلب الحديث؛ كلهم من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل بن جابر رضي الله تعالى عنه، وهذا نصه: عن جابر عن عبد الله بن أنس رضي الله تعالى عنهما قال: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يحشر العباد يوم القيامة عراة، غرلا، بُهْمًا" قال قلنا: وما بهما؟ قال: "ليس معهم شيء، ثم يناديهم بصوت يسمعه من قرب ومن بعد، أنا الملك، أنا الديان." ثم ذكر الحديث بطوله، وتكلم عليه الحافظ في الفتح في الموضعين، وعبد الله بن محمد بن عقيل وإن كان اختلف في الاحتجاج بأحاديثه كما حكى ذلك الحافظ في الفتح، إلا أنه توبع بمتابعة تامة، تابعه محمد بن المنكدر، عن جابر وهو في مسند الشاميين للإمام أبي القاسم الطبراني.
وله طريق ثالث أخرجها الخطيب البغدادي في طلب الحديث من طريق أبي الجارود العبسي، وصحح الحافظ ابن حجر هذا الحديث بقوله في الفتح بعد أن قال: "وأصل الاحتجاج للنفي الرجوع إلى القياس على أصوات المخلوقين، لأنها التي عهد أنها ذات مخارج، ولا يخفى ما فيه، إذ الصوت قد يكون من غير مخارج كما أن الرؤية قد تكون من غير اتصال أشعة كما سبق، ولكن تمنع القياس المذكور، صفات الخالق لا تقاس على صفة المخلوقين، وإذا ثبت الصوت بهذه الأحاديث الصحيحة وجب الإيمان به".
قلت: ومن هنا كانت دعوى الشيخ الكوثري كاذبة المائة في المائة، أو مجازفة قبيحة
وقد جمع العلامة أبو الحسن بن الفضل جزءا مهما في أحاديث الصوت، أشار إليها الحافظ في الفتح، فلو وجدت لكانت قاصمة الظهر للمنكر؛ وأما قول الحافظ: "إذ الصوت قد يكون من غير مخارج" فنعم فهو صحيح. قال الله تعالى في محكم كتابه في حق السماء والأرض: {فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} فهذا خطابه جل وعلا للسماء والأرض، وأمره لهما وهما مخلوقان جامدان لا مخارج لها في الحس، مع أنهما أجابا ربهما بقولهما {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} فإذا كان المخلوق الجامد يسمع منه الصوت بدون مخارج معهودة، فكيف الخالق جل جلاله، وبهذا المعنى ثبت عن المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه سمع صوت الجذع، أي جذع النخلة عندما فارقها إلى المنبر الخشبي الذي صنع له صلى الله عليه وسلم. قال الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب إلى جذع قبل أن يتخذ المنبر، فلما اتخذ المنبر، وتحول إليه حن عليه، فأتاه فاحتضنه فسكن. قال: "ولو لم أحتضنه لحن إلي يوم القيامة." والحديث أخرجه البخاري والترمذي، والنسائي، وابن ماجة بألفاظ متغايرة. وقال الحافظ في الفتح: "وقد نقل ابن أبي حاتم في مناقب الشافعي، عن أبيه، عن عمرو ابن سواد، عن الشافعي قال: ما أعطى الله نبيا ما أعطى محمدا، فقلت: أعطى عيسى إحياء الموتى، قال: أعطى محمدا حنين الجذع حتى سمع صوته، فهذا أكبر من ذلك".
قلت: وبهذا عرف أن المخلوق الجامد قد يصدر منه الصوت بدون مخارج معهودة، فكيف الإنكار في حق الخالق! وللشيخ محمد العربي التباني المالكي رسالة قيمة سماها تبنية الباحث السري عما في مقالات الكوثري، فعليك أن تطالع هذه الرسالة حتى تقف على حقيقة ناصعة من أمر هذا الرجل الذي وصفته بالبراعة في فن الحديث ورجاله.
وأما ما قام به الشيخ الكوثري كتابه في "التأنيب" من مغالطات فاحشة قبيحة، وخيانة علمية كبرى لم يسبق لها مثيل في تاريخ العلم، فانظر بدقة فائقة، ونظرة فاحصة فيما رد عليه العلامة الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي في كتابه الفذ البارع "التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل"
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/250)
وأنا سوف أنقل لك من الكتاب المذكور مثالا واحدا حتى تكون على بصيرة تامة مما أطلقت في حقه من عبارات طويلة عريضة من إمامة في العلم، وبصارة في النقد والتحرير، وبراعة في الحديث ورجاله وهو لا يستحق شيئا من ذلك إلا إذا قلنا: "إنه كان مع سعة اطلاعه وعلمه كذوبا خائنا متعصبا لما يذهب إليه من إنكار صفات الباري جل وعلا، وطاعنا في أئمة السنة وحماتها وحفاظها - كما سوف يأت - فقد أضله الله على علم" فهذا لا بأس به.
وقد كشفه العلامة عبد الرحمن بن يحيى المعلمي في "التنكيل" إذ قال رحمه الله تعالى في مقدمة التنكيل: "فرأيت الأستاذ قد تعدى ما لا يوافقه أهل العلم من توقير أبي حنيفة، وحسن الذب عنه إلى ما لا يرضاه عالم متثبت من المغالطات المضادة للأمانة العلمية، ومن التخليط في القواعد، والطعن في أئمة السنة ونقلتها، حتى تناول بعض أفاضل الصحابة والتابعين، والأئمة الثلاثة ,مالكا والشافعي وأحمد وأضرابهم، وكبار أئمة الحديث وثقات نقلته، ورد الأحاديث الصحيحة الثابتة، والعيب للعقيدة السلفية، فأساء في ذلك جدا حتى إلى الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى".
ثم قال العلامة المعلمي: "وطعن الكوثري في الأئمة الرواة وهم نحو ثلاثمائة، وفيهم أنس بن مالك رضي الله عنه، فمن أوابده تبديل الرواة، يتكلم في الأسانيد التي يسوقها الخطيب طاعنا في رجالها واحدا واحدا، فيمر به الرجل الثقة الذي لا يجد فيه طعنا مقبولا، فيفتش الأستاذ عن رجل آخر يوافق ذلك الثقة في الاسم واسم الأب ويكون مقدوحا فيه، فإذا ظفر به زعم أنه هو الذي في السند". ثم أورد العلامة المعلمي على ذلك أمثلة كثيرة جدا، وبذلك ظهرت براعة الكوثري في الحديث ورجاله بالمعنى الذي ذكره العلامة المعلمي، وإليك المثال المذكور آنفا. قال في طليعة التنكيل (1 - 2): "صالح بن أحمد ومحمد بن أيوب. قال الخطيب في تاريخ بغداد: "أخبرنا محمد بن عيسى بن عبد العزيز البزاز بهمذان، حدثنا صالح بن أحمد التميمي الحافظ، حدثنا القاسم بن أبي صالح، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا إبراهيم بن بشار، قال: سمعت سفيان بن عيينة …" قال العلامة المعلمي: "تكلم الأستاذ في هذه الرواية في ص97 من التأنيب فقال: "في سنده صالح بن أحمد التميمي، وهو ابن أبي مقاتل القيراطي هروي الأصل، ذكر الخطيب عن ابن حبان أنه كان يسرق الحديث… والقاسم بن أبي صالح الحذاء ذهبت كتبه بعد الفتنة، فكان يقرأ عن كتب الناس، وكف بصره كما قاله العراقي، ونقله ابن حجر في لسان الميزان، ومحمد بن أيوب ابن هشام الرازي كذبه أبو حاتم، ولا أدري كيف يسوق الخطيب مثل ذلك الخبر بمثل السند المذكور، لعل الله سبحانه وتعالى طمس بصيرته ليفضحه فيما يدعي أنه المحفوظ عند النقلة بخذلانه المكشوف في كل خطوة" قلت: فقد ظهر أدبه في النقاش والجدال، وننظر الآن من الذي خذله الله تعالى وهتك ستره، وفضحه، وطمس بصيرته ووسمه بعار الخيانة العظمى؟ قال العلامة عبد الرحمن المعلمي ذاكرا عدة أمور إسنادية لا تخفى على أحد من طلبة العلم، وهي قوية اعتمد عليها، واطلع بها على خيانة كبيرة ارتكبها الأستاذ الكوثري في ترجمة صالح بن أحمد المذكور الذي بدله الكوثري برجل آخر وهو: صالح بن أحمد التميمي الحافظ الهمذاني الثقة الثبت"، ثم قال أخيرا رحمه الله تعالى: "المقصود هنا إثبات أن الكوثري قد عرف يقينا أن صالح بن أحمد الواقع في السند ليس هو بالقيراطي، بل هو ذاك الحافظ الفهم الثقة الثبت، ولكن الكوثري كان مضطرا إلى الطعن في تلك الرواية ولم يجد في ذاك الحافظ مغمزا، ووقعت بيده ترجمة القيراطي المطعون فيه، وعرف أن هذا الفن أصبح في غاية الغربة، فغلب على ظنه أنه إذا زعم أن الواقع في السند هو القيراطي لا يرد عليه أحد، والله تعالى له معه حساب آخر والله المستعان". قلت: وهكذا صنع الأستاذ الكوثري في محمد بن أيوب بن يحيى بن الضريس الإمام. ولا أريد أن أطول عليك في مثل هذا المقام، فقد تعدى الكوثري عن الوصف الدقيق فيه تعصبه وبغضه لأهل السنة، فإن كنت ذا فهم وبصر في فن الرجال، فعليك أن تدرس كتاب التنكيل كله من أوله إلى آخره حتى تطلع على الخبايا من الزوايا، والله ما أريد التشنيع بهذه الكتابة، وإنما القصد إن شاء الله تعالى بيان الحق من أمر الأستاذ الكوثري، وما آل إليه أمره، ومساعيه في رد السنة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/251)
النبوية الصحيحة، وطعنه في أئمتها الأخيار الأبرار الذين حفظ الله بهم هذا الكيان المبارك.
وإليك أيها الأخ الفاضل هذا الكلام نقلا عن العلامة الشيخ المعلمي فيما يتعلق بجرأة الكوثري في غير الحق، قال رحمه الله تعالى في التنكيل: "ومن ذلك أن الخطيب ساق عدة روايات عن الثوري، والأوزاعي" قال:… فقال الأستاذ الكوثري في التأنيب ص72: "لو كان هذا الخبر ثبت عن الثوري والأوزاعي، لسقطا بتلك الكلمة وحدها في هوة الهوى والمجازفة، كما سقط مذهباهما لبعدهما سقوطا لا نهوض لها أمام الفقه الناضج، وقد ورد لا شئوم في الإسلام، وعلى مزمن أن الشئوم يوجد في غير الثلاث الوارد في السنة، وأن صاحبنا مشئوم فمن أين لها معرفة أنه في أعلى درجات المشئومين"؟.
أجاب العلامة المعلمي بكلام طويل أنقل منه ما يأتي: "شاهد الثوري والأوزاعي طرفا من ذلك، ودلتهما الحال على ما سيصير إليه الأمر، فكان كما ظنا، هل كانت المحنة في زمان المأمون، والمعتصم، والواثق إلا على يدي أصحابكم؟ ينسبون أقوالهم إلى صاحبكم؟ وفي كتاب قضاة مصر طرف من ذلك. وهل جر إلى استفحال تلك المقالات إلا تلك المحنة؟ وأي ضرر نزل بالأمة أشد من هذه المقالات؟ وأما سقوط مذهبيهما فخيرة اختارها الله تعالى لهما، فإن المجتهد قد يخطئ خطأ لا يخلو من تقصير، وقد يقصر في زجر أتباعه عن تقليده هذا التقليد الذي نرى عليه كثيرا من الناس منذ زمن طويل الذي يتعسر، أو يتعذر الفرق بينه وبين اتخاذ الأحبار والرهبان أربابا من دون الله، فقد يلحق المجتهد كفل تلك التبعات، فسلم الله تعالى الثوري والأوزاعي من ذلك، فأما ما يرجى من الأجر على الأتباع في الحق، فلهما من ذلك النصيب الأوفر مما نشراه من السنة علما وعملا، وهذه الأحاديث الواردة في الأمهات الست المتداولة بين الناس حافلة بالأحاديث المروية عن طريقهما، وليس فيها لصاحبكم ومشاهير أصحابه حديث واحد. وقال الإمام أبو عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه الكبير في ترجمة الثوري: "قال لنا عبدان عن ابن المبارك، كنت إذا شئت رأيت سفيان مصليا، وإذا شئت رأيته محدثا في غامض الفقه". قلت: والأوزاعي لا تقل درجته العلمية عن أمير المؤمنين في الحديث سفيان الثوري، فهو إمام أهل الشام وشيخ الإسلام. قال الإمام الذهبي: "ربي يتيما فقيرا في حجر أمه تعجز الملوك أن تؤدب أولادها أدبه في نفسه، ما سمعت منه كلمة فاضلة إلا احتاج مستمعها إلى إثباته عنه. قال الوليد بن مزيد: "ولا رأيته ضاحكا يقهقه، ولقد كان إذا أخذ في ذكر المعاد أقول ما ترى في المجلس قلب إلا وهو يبكي". قال إسماعيل بن عياش: "سمعتهم يقولون سنة أربعين ومائة: الأوزاعي اليوم عالم الأمة". وقال الخريبي: "كان الأوزاعي أفضل أهل زمانه، وكان يصلح للخلافة". فقال أبو إسحاق الفزاري: "لو خيرت هذه الأمة لاخترت لها الأوزاعي". قال بشر بن المنذر: "رأيت الأوزاعي كأنه عمي من الخشوع". وكان الوليد يقول: "ما رأيت أكثر اجتهادا في العبادة منه". وقال أبو مهر: "كان الأوزاعي يحيي الليل صلاة وقرآنا وبكاء". وقال محمد بن كثير المصيصي: "سمعت الأوزاعي يقول: كنا والتابعون متوافرون- نقول: إن الله تعالى فوق عرشه، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته". قال الحاكم: "الأوزاعي إمام عصره عموما، وإمام أهل الشام خصوصا". قال الوليد: "سمعت الأوزاعي يقول: عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك ورأس الرجال وإن زخرفوه بالقول، فإن الأمر ينجلي وأنت على طريق مستقيم". قال عامر بن يساف: "سمعت الأوزاعي يقول: إذا بلغك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث فإياك أن تقول بغيره، فإنه كان مبلغا عن الله". قال أبو إسحاق الفزاري عن الأوزاعي كان يقول: "خمسة كان عليها الصحابة والتابعون: لزوم الجماعة، واتباع السنة، وعمارة المساجد، والتلاوة، والجهاد".
قلت: ومن هنا كان تطاول الكوثري على الأوزاعي لدفاعه عن السنة النبوية والاستماتة في سبيلها. نقل الحافظ في التهذيب عن بقية بن الوليد قال: "إنا لنمتحن الناس بالأوزاعي، فمن ذكره بخير عرفنا أنه صاحب سنة".
وقد أطلت عليك أيها الأخ الفاضل فيما يتعلق بالشيخ الكوثري،
وبقي معك حديث طويل فيما يتعلق بالأستاذ أحمد زيني دحلان الذي أفردت له ذكرا في رسالتك فقلت في حقه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/252)
"الفصل الثالث- المبحث الأول", ثم قلت: "وذكر السيد أحمد دحلان، وعمن أخذ، واتصال الوالد به، وقد أفردته بالذكر دون غيره، لأنه مدار الرواية في الحجاز وغيره لهذا العصر، مع ترجمة موجزة جدا له: "فهو شيخ الإسلام، ومفتي الأنام، وأحد مجددي هذا الدين الحنيف، وأساطينه، وباعث النهضة العلمية المتينة في الحجاز، العابد الزاهد الناسك، الإمام، الحجة، المشارك، السيد أحمد بن زيني دحلان المولود بمكة سنة 1231هـ، المتوفى بالمدينة سنة 1304هـ. تولى الافتاء بمكة واشتغل بالعلوم والتدريس، وقامت بجهوده في عصره نهضات علمية، فأنشئت أول مطبعة بمكة في أيامه واكن متوليا نظارتها، وقد تخرج على يده علماء أماثل، فهو أستاذ أمة، ومربي جيل، وله في كل العلوم باع طويل، وقدم راسخة، ومؤلف أو رسالة، ومن أهم مؤلفاته الفتوحات، وخلاصة الكلام في أمراء البلد الحرام".
قلت: هكذا وصفت الرجل يا أخي فمجدته، ورفعت شأنه، ولعلك قد اطلعت على جميع مؤلفاته، أو على الأقل على أكثرها، ومنها: خلاصة الكلام في أمراء البلد الحرام، وهي من أهمها في نظركم كما أشرتم إليها، وتوجد منه نسخة في مكتبة الحرم المكي العامرة،
يقول فيها الشيخ أحمد زيني دحلان بعد كلام طويل لا فائدة في نقله: "ثم أمر محمد بن سعود علماء مكة أن يدرسوا عقيدته التي ألفها محمد بن عبد الوهاب، وسماها كشف الشبهات، ووقع فيها شيء من الكفريات، فقرءوها ورأوا ما فيها من التلبيس الذي هو من وساوس إبليس، ولم يقدروا على الإنكار".
قلت: أهكذا الرجل الذي وصفته بشيخ الإسلام، ومفتي الأنام، وأحد مجددي هذا الدين الحنيف، وأساطينه في نظرك في غير ذلك من الألقاب الفارغة يعبر عما في كتاب كشف الشبهات مع وجازته، واختصاره من علم نافع عظيم جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، إن هذه العبارة القبيحة الصادرة من أحمد زيني دحلان في حق شيخ الإسلام، وناصر السنة الشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله تعالى لدليل واضح على خباثة نفسية الرجل، وما تحمل من حقد وبغض وحسد نحو دعاة الحق والهدى،
والله إنها رزية كل الرزية أن تطلع على كلامه هذا الخبيث القبيح ثم تصفه بما وصفته من ألقاب كاذبة فارغة لا تفيده بشيء إلا الاشتهار بدعوته النكرة الخبيثة إلى الإلحاد والكفر والزندقة والعياذ بالله، أهكذا الإسلام الصحيح الذي جاء به المصطفى صلى الله عليه وسلم؟
أهذه دعوته صلى الله عليه وسلم من دعاء الأموات والاستغاثة بهم، والتي دعا إليها أحمد زيني دحلان! ستقف بين يدي الجبار غدا،
فاتق الله في نفسك إن كنت يا أخي فيما زين لك من أمور هذه الدنيا الفانية، والرجوع إلى الحق أفضل من التمادي في الباطل، وقد تكون المناقشة هنا معك حادة بالنسبة لما مضى من الكلام، لأنك فيما يبدو لي أنك اطلعت على كتب الدحلان كلها أو جلها، وقد تكون أكثرها عندكم في البيت حتى أحطت بها علما، ثم حكمت على الدحلان عليه من الله ما يستحق بما حكمت بتلك الأوصاف الضخمة، أو قلدت أحدا ولا يخلو شأنك من أحد الأمرين، ولا أظن بك الأول، وإن كان الثاني فالمشكلة لا تزال قائمة، فهذا التقليد قد أعمى البصيرة وسد الطريق، وأغلق الباب، أي باب العلم، وما كان المسلمون الأوائل يطلقون العبارات الفارغة البراقة دون أن يكون هناك حقائق علمية ثابتة في الرجل، فيعتبر عملك هذا عملا شاذا مرتجلا مبنيا على الأوهام الخطيرة التي أحاطت بك من كل جانب، أطلعني في كتاب كشف الشبهات لشيخ الإسلام، ومجدد الملة المحمدية، وناصر السنة وقامع البدعة، الإمام العلامة محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى تلك الكفريات التي زعمها - ولعلك اطلعت على كلامه - أحمد زيني دحلان.
وإليك فهرست كتاب كشف الشبهات:
1 - بيان إفراد الله بالعبادة. 2 - الفرح بفضل الله. 3 - بيان أن الطريق إلى الله لابد من أعداء. 4 - الجواب المجمل. 5 - الجواب المفصل. 6 - الشبه الثلاث هي أكبر ما عند المشركين. 7 - النبي صلى الله عليه وسلم لا يشفع إلا بإذن الله. 8 - بيان عبادة الأصنام. 9 - حكم من صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وجحد ركنا من أركان الإسلام. 10 - شبهة أخرى للمشركين. 11 - حكم الاستغاثة. 12 - المسألة المهمة. انتهى الفهرست.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/253)
قال الله تعالى في سورة النساء: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً}
فارجع إلى تفسير هذه الآية الكريمة، وإلى سبب نزولها فسوف تجد إن شاء الله تعالى أن صاحبك أحمد زيني دحلان داخل في هذه الآية الكريمة، فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو مذهب أهل الأصول.
فعليك أيها الأخ الفاضل أن تدرس دراسة وافية حرة نزيهة لهذه الرسالة القيمة التي ألفها الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى ثم الخروج منها بفوائد علمية إذا كنت ذا بصر وفهم، وطابق بما فيها من المعاني بالقرآن الكريم، والسنة النبوية الصحيحة.
وستجد إن شاء الله تعالى أمام كل مسألة دليلها من الكتاب والسنة، وإجماع الأمة.
ثم انظر مرة أخرى ما تفوه به الشيخ أحمد زيني دحلان في رسائله، وكتبه ضد الدعوة المحمدية وهي دعوة التوحيد الخالص التي دعا إليها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى،
والأحرى أن تحلل عبارات الرسالة "كشف الشبهات" تحليلا علميا، فقد حملت بحمد الله أعظم شهادة من جامعة الأزهر وهي العالمية - الدكتوراه - وسوف تجد إن شاء الله تعالى إن جردت نفسك بتوفيق المولى جل وعلا عن التعصب والتقليد، أن مضمون الرسالة المذكورة الأخذ عن معان الكتاب والسنة، وإجماع الأمة جميعا إلا الشاذ منهم، ولم يخرج شيخ الإسلام عن هذه الثلاث.
وهذا كتاب التوحيد إذا نظرت فيه بنظرة علمية دقيقة، ستجد إن شاء الله تعالى أن الرجل العظيم عليه رحمة الله تعالى لسار فيه وسائر تواليفه المباركة سيرا مباركا كسائر المحدثين القدماء في الإسلام، يعقد بابا ثم يأتي بالآية القرآنية، ثم بالأحاديث النبوية تقوية للباب الذي عقده، وهكذا صنع رحمه الله تعالى رحمة واسعة، ونور مرقده، وجعل الجنة مثواه في جميع تواليفه المباركة كما ذكرت آنفا.
وإني لعلى علم أنك قد اطلعت على كتاب "صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ الدحلان" لمؤلفه المحدث الشيخ العلامة بشير السهواني الهندي رحمه الله تعالى.
يقول الأستاذ الكبير صاحب المنار، الشيخ رشيد رضا معرفا هذا التأليف المبارك في مقدمته التي وضعها على كتاب "صيانة الإنسان" قال: "وكان أشهر هؤلاء الطاعنين - يعني في دعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - مفتي مكة المكرمة، الشيخ أحمد زيني دحلان المتوفى سنة 1304هـ، ألف رسالة في ذلك تدور جميع مسائلها على قطبين اثنين، قطب الكذب والافتراء على الشيخ، وقطب الجهل بتخطئته فيما هو مصيب فيه"
ثم ذكر أشياء وبعده قال: "ومما أجملناه أن قواعد الجهل التي بنى عليها الشيخ أحمد دحلان رده على الوهابية إباحة دعاء لغير الله تعالى من الأنبياء، والصالحين الميتين، والاستغاثة بهم، وشد الرحال إلى قبورهم لدعائهم عندها، وطلب قضاء الحوائج منهم ثلاث قواعد:
1 - الروايات الباطلة وما في معناها من الحكايات والمنامات والأشعار، وهي لا قيمة لها عند أحد من علماء الملة، وإنما تروج بضاعتها في سوق العوام.
2 - الاستدلال بالنصوص على ما لا تدل عليه شرعا؛ كاستدلاله بالسلام على أهل القبور، وبخطاب النبي صلى الله عليه وسلم بقتلى المشركين ببدر، واحتال ذلك قياسا على حياة الموتى، وجواز دعائهم، ومطالبتهم بقضاء الحوائج، ودفع المصائب، ووجه الجهل في هذا أنه يقيس حياة البرزخ على حياة الدنيا، وعالم الغيب على عالم الشهادة، وهو قياس باطل عند علماء أصول الشرع، وعند جميع العقلاء، ويترتب عليه عقائد وأحكام تعبدية لا تثبت إلا بنص الشارع الحكيم عليه الصلاة والسلام، مع كون الذي يثبتها مقلدا للغير ليس من أهل الاجتهاد، وباعترافه واعتراف متبعيه في جهله هذا.
3 - قلب الحقائق، وتعكيس القضية فيما ورد من الترغيب في اتباع جماعة المسلمين، والترهيب عن مفارقة الجماعة بزعمه، ومقتضى جهله هم الأكثرون في العدد في كل عصر". وهذه الدعوى مخالفة لنصوص القرآن، والأحاديث الصحيحة، وآثار السلف، والواقع ونفس الأمر في كثير من البلاد والأزمنة، وقد فند المؤلف – أي مؤلف صيانة الإنسان - هذه الدعوى بما أوتي من سعة الاطلاع على كتب الحديث والآثار، فبين ما ورد من الآيات والروايات فيها، وما قاله الأئمة العلماء في تفسيرها وما في معناها من فشو البدع،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/254)
ثم يقول العلامة الشيخ رشيد رضا: "وجملة ما يقال عن هذا الكتاب أنه ليس ردا على الشيخ دحلان وحده، ولا على من احتج بما نقله عنهم من الفقهاء مما لا حجة فيه، كالشيخ تقي الدين السبكي، والشيخ ابن حجر الهيتمي المكي، بل هو رد على جميع القبوريين، والمبتدعة، حتى الذين جاءوا بعده إلى زماننا هذا".
قلت: هكذا وصف العلامة الشيخ رشيد رضا هذا الرد المحكم، فوجب عليك أن تطالعه، وكتاب غاية الأماني في الرد على النبهاني، للعلامة الإمام أبي المعالي محمود شكري الألوسي، وأن تجرد نفسك عن التعصب لأحد كائنا من كان إلا للحق وحده، والله جل وعلا سوف يفتح عليك، ويشرح صدرك للحق.
ولا أريد أن أنقل لك الأمثلة الكثيرة التي استدل بها الشيخ دحلان على دعواه الباطلة من مخالفته طريق الحق والصواب في كتابه" الدرر السنية في الرد على الوهابية" وقد رد عليه العلامة بشير في كتابه هذا المبارك "صيانة الإنسان" وعلى كل دليل باطل استدل به على زعمه الباطل، فأورد لك مثالا واحدا، فانظر ثم انظر كيف استدل به على دعواه الباطلة من جواز نداء الأموات.
قال العلامة بشير في صيانة الإنسان: "قوله "أي قول الدحلان" وروى البخاري عن أنس رضي الله تعالى عنه، أن فاطمة رضي الله تعالى عنها قالت لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبتاه" إلى قوله: ففي هذا الحديث أيضا نداؤه صلى الله عليه وسلم بعد وفاته…".
أجابه العلامة بشير رحمه الله تعالى بقوله: "هذا ليس من النداء في شيء، بل هو ندبة، يرشدك إلى هذا كون هذا الكلام صادرا وقت الوفاة، ووقوع لفظ النعي فيه، وزيادة الألف في آخره لمد الصوت المطلوب في الندبة، فالقول بكونه نداء أدل دليل على جهل قائله".
قلت: هذا الحديث أخرجه البخاري، والإمام أحمد في المسند، والنسائي وابن ماجة، والدارمي في سننهم , وتكلم عليه الحافظ في الفتح بقوله: " (يا أبتاه) كأنها قالت: يا أبي، والمثناة بدل من التحتانية، والألف للندبة، ولمد الصوت، والهاء للسكت".
قلت: هكذا مبلغ علم دحلان في السنة النبوية وعلمه في اللغة العربية ومع ذلك فهو شيخ الإسلام وحجة الأنام، ومفتي الأنام. فلا حول ولا قوة إلا بالله العظيم، ولقد صدق المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديثه الصحيح الذي أخرجه البخاري من الجامع الصحيح وكذا مسلم، والإمام أحمد في مسنده، والترمذي في الجامع وكذا ابن ماجة، والدارمي في سننه من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينزعه عن الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤساء جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا".
هكذا كانت الأحوال في مكة المكرمة وغيرها من المدن الإسلامية بسيطرة هؤلاء الجهلة على مناصب هامة من الدولة، وعن طريقهم فشت البدعة، وظهرت الفتن والشرك، وخفي على الناس أمر دينهم الصحيح الذي أنزل الله تعالى به الكتب، وأرسل الرسل.
استدل هذا شيخ الإسلام، ومفتي الأنام المزعوم على جواز نداء الميت بعد الموت بحديث ضعيف أخرجه الإمام أبو القاسم الطبراني في معجمه الكبير، عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه بسياقة طويلة، وفيه التلقين للميت بعد الموت. قال الشيخ دحلان: "وفي التلقين الخطاب والنداء، وقد ذكره كثير من الفقهاء، واستندوا في ذلك على هذا الحديث، فكيف يمنعون النداء مطلقا؟ ".
أجابه العلامة بشير بجواب مفصل ومقنع، واستند رحمه الله تعالى على عدم صحة هذا الخبر، ونقل عن أئمة الجرح والتعديل ما يكفي ويشفي في هذا الباب، ثم نقل عن الإمام ابن القيم من كتابه "الروح" أنه قال: "وحاصل كلام الأئمة أنه حديث ضعيف، والعمل به بدعة، ولا يغتر بكثرة من يفعله, وفي نزل الأبرار: "وقد أنكر هذا التلقين جماعة من أهل العلم وبدعوه"؛ انظر ذلك في الهدي النبوي وغيره، كثمار التنكيت للمؤلف. قلت: والحديث أورده صاحب مجمع الزوائد وقال في نهاية الحديث: "رواه الطبراني في الكبير، وفيه من لم أعرفه جماعة". قلت: لأن في سنده عاصم بن عبد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي أيضا. قال الذهبي: "ضعفه مالك". وقال يحيى: "ضعيف لا يحتج به". وقال ابن حبان: "كثير الوهم، فاحش الخطأ فترك". وقال أحمد: "قال ابن عيينة: كان الأشياخ يتقون حديثه". وقال النسائي: "ضعيف". وقال أبو زرعة وأبو حاتم: "منكر الحديث". وقال الدار قطني: "يترك، وهو مغفل".
وفي الختام أدعو الله جل وعلا، وأتضرع إليه سبحانه وتعالى أن يهدينا جميعا صراطه المستقيم، ويرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، ويجعلنا من دعاة الحق وأنصاره {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} (الحشر: من الآية10)
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
منقووول
وتفضل وحمل المقال من المرفقات على هيئة ملف وورد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/255)
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[10 - 12 - 05, 02:11 م]ـ
وهذه قصيدة كتبها الشاعر عبيد آل رمال الشمري جزاه الله خيرا بعد أن اطلع على النصيحة المزعومة التي كتبها يوسف بن هاشم الرفاعي الخرافي الكويتي إلى علماء نجد، والتي
كتب مقدمة لها محمد بن سعيد بن رمضان البوطي أنقلها من أحد المواقع:
وهي بعنوان " نظم القصيد في الدفاع عن أهل التوحيد وقمع أهل الشرك والتنديد " حيث قال فيها جزاه الله خيراً:
عناوين بزور الشهد تبدو ** بها السم الزعاف لنا يعدُّ
مزخرفة مزوقة بنصح ** عجوز جملت والخد جعدُ
وقد لبس الخؤون ثياب ودٍ ** وتحت ثيابه الخصم الألدُّ
وأبدا الذئب إشراق ابتسامٍ ** وفي فكيه أنياب وحدُّ
وإبليس الطريد يقول نصحاً ** لآدم (كل فذاك الأكل خلدُ)
وفرعون المريد يقول أخشى ** يبدل دينكم موسى ويعدو
وما أهديكم إلا رشاداً ** ووعظي فيكم نصح ورشدُ
ويأتينا قبوري مهين ** رفاعي له في الصدر حقدُ
يقول: نصيحتي علماءَ نجد ** نصيحة من له في القلب وُدُّ
دعوا الأوثان تعبدها البرايا ** دعوا قبر النبي فمنه مدُّ
دعوا آثار أحمد نجتبيها ** فزلفانا بأحمد تُستمدُّ
نريد الشرك عندكم ولكن ** يلاقينا بكم عن ذاك سدُّ
لعمري سدكم سد منيع ** يواجهنا قبيل السد جندُ
دياركم ديار مقفرات ** من الإشراك والتنديد جردُ
فآثار الكرام محقتموها ** وما من مشهد إلا يُهَدُّ
فلا بئر ولا بيت ودار ** ولا قبر يحج له ولحدُ
فأي عقيدة تدعو لهذا ** وأي شريعة في ذاك تبدو؟!!
تتبعنا، بحثنا، بل نبشنا ** شريعة أحمد فلها المَرَدُّ!
فلم نر قط فيها من دليل ** يؤيد فعلكم أو ما يشدُّ
مغامرة، مؤامرة، وكيد ** وظلم منكم يعلوه حِقدُ
ألا يا أمة جارت علينا ** وتقطع للطريق وتَسْتَبِدُّ
تكلمنا لأنا قد أمتنا ** غطارفة على التوحيد رَصدُ
فما بكم (ابن سحمان) المثنى ** ولا (عبداللطيف) بكم (وسعدُ)
وليس (حمود) فيكم (وابن باز) (** (وألبانيكم) ما عاد يبدو
أجيبكم أيا عمرو الخزاعي ** وأعجلك الجواب فذاك نقدُ
أصوغ قصيدة عصماء جاءت ** كصعق البرق يتلو الصعق رعدُ
تزلزل عرشكم وتهد صرحاً ** لكم فيغيظ صوفي عُرُدُّ
عليك دوائر السوء استدارت ** وساء لكم بذاك الشرك وِرْدُ
تحاول جاهداً إحياء دين ** له الرسل الكرام أتت تقدُّ
وتدعو للتنكب عن هدانا ** لكي يحيا (يعوق) بنا (وَوَدُّ)
إذا شئت الجحيم فذا سبيل ** مضى فيه من الكفار حشد
فتلك (ثمود) تسبقكم و (عاد) ** إلى ما كان أخزى فاستعدوا
رأيت عبادة الأوثان تحلو ** لكل مذبذب بالزيغ يعدو
فتألفها قلوب كافرات ** تملكها بذل الشرك قيدُ
وجوه خاشعات عاملات ** يُرى من كدها نسك وزهد
جهنم دارها تصلى وتُسقى ** حميماً لا يطاق ولا يُرَدُّ
لهم فيها خلود لا فناء ** وليس لهم بذاك الخلدِ حَدُّ
مجدد ملة الأوثان فيها ** يجر بحرها قصباً تُمَدُّ
هو ابن لحي الفتان قدماً ** نعم ولأنت للفتان عَضدُ
ورثت الشرك عن سادات كفر ** فبئس الإرث شرك يُسْتَجَدُّ
بعيد عن ضحى التوحيد ساعٍ ** بليل الكفر إذ عيناك رُمْدُ
ولغتم في بلاد الله حتى ** شكى من رجسكم"هند" و"سندُ"
و"شام"و" العراق"و"مصر"تشكو ** بل " الحرمان " يشكو ما يُنَدُّ
إذا الصوفي حل بأرض قوم ** فما للقوم إلا أن يشدُّوا
لأن روائح الصوفي تؤذي ** وهل بمعاطن الخنزير وَرْدُ
أيا ثور الكويت ملكت قرناً ** كسيراً لا يسن ولا يحدُّ
تجابه فيه أهل الحق طُرّاً ** فهل ينهد من قرنيك طودُ
أأعلفك الردى " البوطي " حتى ** سكرت بسكرة فغشاك مَيدُ
رماه الله ثم رماك أخرى ** بثالثة الأثافي ذو تقدُّ
فما " البوطي " ذا علم شريف ** ولا يرجى به القول الأَسدُّ
ضرير للضرير مضى دليلاً ** فهل للعمي بعد التيه عودُ
مقدمة تزيدك كيل غي ** وقبضة سامري منك تبدو
أعباد القبور أذاك حق ** لربي أن يساوى فيه ندُّ
أذاك الحق أن يُدعى ضعيف ** ويعرض عن كريم لا يَرُدُّ
قريب قادر رب رحيم ** غني واحد أحد وفردُ
أفاض على العباد من العطايا ** وفضل الله لا يحصيه عدُّ
فلا حق الإله عرفتموه ** وليس لكم عن الكفران بدُّ
رغبتم عن عبادته فزغتم ** وساوركم من الكفران إدُّ
أقول نعم .. ! لنا سد منيع ** هو التوحيد ذا الأمر الأشدُّ
لنا نور ونبراس مضيء ** لنا عز ومفخرة ومجدُ
به قامت سماوات وأرض ** به انقسم الأنام شقاً وسعدُ
ورايات الجهاد به تسامت ** وللرايات غايات وقصدُ
أجيبوني لماذا الرسل جائت ** وفي أي الخصومات اسْتُبِدُّوا
وما لرسولنا يدعو فيَؤُذى ** ويلفيه من الأقوام طرد
أكانوا منكرين فعال ربي ** وهل للرَّزق والإنعام جُحْدُ
فلا والله بل كل مُقِرُّ ** ولكن في ألوهته يَنِدُّوا
وأنتم بالألوهة قد كفرتم ** وكل منكموا بالشرك يحدو
خسرتم في تنسككم فأنتم ** كذات الغزل تنقض ما تَشدُّ
فمن شاء الإله هداه رُشداً ** ومن أشقاه ما عقباه حَمْدُ
فتباً للألي حادوا فزاغوا ** عن النور المبين وعنه صُدُّوا
وتباً للعداة دعاة شرك ** لهم في جملة البلدان جِدُّ
فلن يروى غليل القوم حتى ** تُرى الأكوان بالإشراك تبدو
أما يكفيهمو من ذاك شرك ** بمقبرة البقيع نراه يغدو
أما في المسجد النبوي صوت ** بتلك البردة الرعناء يشدو
أما للمصطفى نرنوا دعاء ** ونحو ضريحه الأيدي تُمَدُّ
أما في مكة للشرك رأسٌ ** وطاغوت على الإسلام ضدُّ
هو العلوي لا أعلاه ربي ** بل الزنديق من بالشرك جَلْدُ
وذا قارون كامل (واليماني) ** فللأقوام في الإعلام جُهدُ
أليس لهم مع (التبليغ) فرع ** وفي (الإخوان) تأسيس مُعَدُّ
أيا صوفية رميت بشهب ** ثواقب من شريعتنا تَهُدُّ
ألا موتي بغيظك إن فينا ** غطارفة على التوحيد رَصدُ
أجبتكموا أيا عمرو الخزاعي ** وخذ مني القصيد فذاك نَقدُ
ترقب في غدٍ سترى علانا ** وإن تنعر بأنفك يا عُرُدُّ
بل ارقب يا عدو الله سيفاً ** قريباً لا يرق فذاك وعدُ
منقول
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/256)
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[10 - 12 - 05, 03:56 م]ـ
الله أكبر جزاك الله خيرا يا أبا عبد الله و جعلك للمتقين اماما و هدى الله كل الزائغين من اخواننا فوالله أنا آسف عليهم فقد جربت العيش في الخرافة و المنامات الزائفة و القصص الواهية و البعد خير الهدي
الحمد لله الذي هدانا و جزى الله من ثبتنا خيرا
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[10 - 12 - 05, 09:32 م]ـ
آمين, وإياك جزى الله خيرا أخي أبا الحسن
وتفضلوا وحملوا هذه الأشرطة:
شطحات الصوفية للشيخ مسعد أنور (وهو شريط جميل):
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=37592
الصوفية وطرقها للشيخ ممدوح الحربي:
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=48375
حوار مع صوفي للشيخ عبدالرحمن بن عبدالخالق:
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=371
علاقة الصوفية بالتشيع للشيخ إحسان إلهي ظهير فاضح الرافضة والصوفية رحم الله:
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=18308
ـ[العكاشى]ــــــــ[11 - 12 - 05, 02:10 ص]ـ
السلام عليكم اخوانى
جزاكم الله خيرا جميعا على هذا الموضوع الذى قل من يتكلم عنه
وبهذه المناسبة اروى لكم قصة طريفة حدثت معى منذ حوالى عشرين سنة
كان لى احد الاقارب يقيم حفلا لاحد الاولياء (كما يزعمون)
ـ[العكاشى]ــــــــ[11 - 12 - 05, 02:17 ص]ـ
وفى احد المرات جلسة الى امامهم وكان لا يصلى فى المسجد وبجانه نساء عن اليمين والشمال
قاعدين فقلت له من المحرمات على من النساء
قال ما ذكر فى سورة النساء
فقلت له اذكرهم لى
فقرا الاية
ثم قلت له فهؤلاء لا يحلو لى ابدا فقال نعم
فقلت له فما بال هؤلاء يجلسون بجوارك ويخدموك وليسوا لك بمحارم
فشتمنى وصاح بصوت عالى وكاد ان يضربنى
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[23 - 12 - 05, 03:47 م]ـ
(تحذير من حملة الكاف الصوفية ... منقول)
الحمدُ للهِ وبعدُ؛
إلى معالي وزيرِ الحجِ فؤاد فارسي حفظهُ اللهُ.
السلامُ عليكم ورحمةُ اللهُ وبركاتهُ وبعد؛؛؛
بدايةً نشكرُ جهودَ وزارتكم الواضحة للعيانِ في الاستعدادِ لحجِ هذا العامِ، وتنظيمِ حملاتِ حجِ الداخلِ بما يتناسبُ مع الجميعِ.
ومن هذا المنبرِ أريدُ التنبيهَ إلى نقطةٍ مهمةٍ تتعلقُ بحملاتِ حجاجِ الداخلِ، وكما تعلمون يا معالي الوزير أن حملات حجاجِ الداخلِ تعكسُ صورةً طيبةً لحجاجِ الخارجِ، ويحجُ مع حملاتِ حجاجِ الداخلِ عددٌ كبيرٌ من العلماءِ والدعاةِ وطلابِ العلمِ الذين يُعَلِّمون الناسَ طريقة الحجِ التي فعلها رسولُ اللهُ صلى اللهُ عليه وسلم وقال: " خذوا عني مناسككم ".
وهناك بعضُ حملاتِ حجاجِ الداخلِ يصحبها بعضُ الدعاةِ يجعلون من موسم الحجِ سوقاً لنشرِ أفكارهم في أطهرِ البقاعِ التي أقامها إبراهيمُ عليه السلام على التوحيدِ، وطهرها محمدٌ صلى اللهُ عليه وسلم من الشركِ، فيأتي هؤلاءِ الدعاةُ - هداهم الله إلى الصوابِ - لترويجِ أفكارهم المستغربةِ من بعض العوامِ الذين يحجون معهم ربما لأولِ مرةٍ، ولم يسمعوا بها من قبلُ فتحصلُ لديهم الحيرةُ والنفورُ، وأنتم يا معالي الوزير من أحرص الناسِ على أن يظهرَ موسم الحجِ بأفضلِ صورةٍ من جميعِ الجوانبِ.
فليته يكون هناك لجنة مراقبة على المخيماتِ التي تقومُ بنشرِ أفكارها أياً كانت تلك الأفكار، والتي تخالفُ المقصود الأسمى من الحجِ.
وقد وضعتُ ملفَ فيديو مثالاً لما يحصلُ في أحد مخيماتِ حجاجِ الداخلِ مع الأسف.
نسألُ اللهَ أن يوفقَكم لكلّ ما فيه خير الإسلام والمسلمين.
http://hdrmoty.com/borda.rm
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[01 - 01 - 06, 11:43 م]ـ
هنا كتب عن الصوفية:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=35756
ـ[أحمد طه]ــــــــ[18 - 01 - 06, 11:54 م]ـ
تنبيه من المشرف:
هداك الله وأصلح بالك أيها الكاتب، فكلامك عاطفي بعيد عن الأدلة الشرعية، فإن كان عندك حجج شرعية تستطيع أن ترد بها على ما سبق فاذكرها، أما السباب والشتام فهذا يستطيعه كل أحد.
ـ[الرسلاني]ــــــــ[19 - 01 - 06, 12:38 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزى الله الاخوه خير الجزاء
وبارك في سعيهم وغفر لهم
ولكن
تنتشر وبشكل شبه منتظم في مصر مؤلفات الطريقه العزميه لمحاربة اهل السنه والسلفيين وتباع هذه الكتب باقل الاسعار وتوزعها اكبر دور توزيع ونشر في مصر
ومكمن الخطر ليس على اهل السنه ولكن على العامه
والمدهش حقا ان اهل العلم في مصر على كثرتهم لم يتطوع احدا منهم ان يعقد لواء الرد على اي من هذه الكتب مع كونها تصدر دووريا.
ـ[أحمد طه]ــــــــ[19 - 01 - 06, 09:31 ص]ـ
ألم أقل إنهم سوف يحذفون المشاركة
!!!!!!!!!!!!!!!
المشرف
لماذا تحذف مشاركتي لأن فيها سباب وشتائم
ولم تحذف مشاركات هؤلاء مع أنها مليئة بالسباب والشتائم؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!
أم أنك وااحد منهم؟؟؟؟
إترك المشاركات كما هي يا شييييييييخ
أ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/257)
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[19 - 01 - 06, 12:41 م]ـ
للفائدة:
موقع الصوفية:
http://www.alsoufia.com/
ـ[أبوالمقدادالمنبجي]ــــــــ[19 - 01 - 06, 01:24 م]ـ
أين السباب في المشاركات السابقة كلها ردود بالأدلة فان كنت تنكره فأنكره بالدليل لا بالكلام الغوغائي وان كان عندك شبه اعرضها فالإخوة هنا صدورهم واسعة للإجابة لكن يجب أن يكون سؤالك سؤال الطالب للحق لا سؤال المتصيد المتبجح. ولو ترك المشرف جزاه الله خير مشاركاتكم كا هي على طلبك أصبح المنتدى يعج بمن يتمسحون ويسبون كما حدث في سجل الزوار في موقع الرد على الجفري فقط سب وشتم و ان عرض لهم الدليل بقال الله و قال رسول الله قالوا قال عمر حفيظ وقال الجفري ويحتجون ولولا الأستحياء من نور العلم والحق لاحتجوا علينا بالأساطير اليونانية و خرافات المجاذيب والأحلام.فاتق الله والنصيحة عامة
منابر الصوفية على الشبكة كثيرة وتكلمت في اهل السنة ما يعيب ذكره بغير دليل ولا علم فقط أوهام وأحلام وفرعون وهامان. فلا تتمثلوا بالأدب و أنتم له فاقدون وهنا منبر لكشف اختلاطات الصوفية و بعض معتقداتهم الشركية الخطيرة على الأمة.
هداني الله واياك للحق.
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[19 - 01 - 06, 03:52 م]ـ
أحمد طه وفقه الله للسنة والهداية
كلامك كان عن اتهام أهل التوحيد بأنهم منافقون في الدرك الأسفل من النار وأنهم أعداء الرسول صلى الله عليهم وسلم وأنهم المرجفون في المدينة ووو
وهذا عار وشنار عليك لو كنت تعلم
فنسأل الله أن يهديك للتوحيد والعقيدة الصحيحة، وإذا كان عندك علم تستطيع أن تحاجج به فاذكره، وأما السباب والشتام وتكفير المسلمين فحسابك عند ربك.
ـ[ياسر شعيب الأزهرى]ــــــــ[24 - 03 - 09, 03:06 م]ـ
تعالوا لتروا ضريحه في الخانكة كيف يمجده الناس هو وغيره من أصحاب المقامات ...
ـ[أبو عبد الرحمن الشريف]ــــــــ[26 - 03 - 09, 04:02 ص]ـ
جزاكم الله خير الجزاء وجعلكم من الخلف العدول الذين يذبون عن الدين(32/258)
بحث في إثبات دخول اليهود والنصاري للنار وعدم دخولهم الجنة
ـ[أبو عمر المقدسي]ــــــــ[02 - 12 - 05, 06:54 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هل سيدخل اليهود والنصارى الجنة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ..
يتجلّى الجواب ببيان الأصول العقدية التالية:
الأصل الأول: دين الأنبياء جميعاً واحد وهو الاسلام من آدم عليه السلام وإلى محمد صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى:" إن الدين عند الله الاسلام " وقال سبحانه " ومن يبتغ غير الاسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ".
فنوح يقول لقومه " وأمرت أن أكون من المسلمين "، والاسلام هو الدين الذي أمر الله به أبا الأنبياء إبراهيم " إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين " ويوصي كل من إبراهيم ويعقوب أبناءه قائلاً " فلا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون " وأبناء يعقوب يجيبون أباهم " نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهاً واحداً ونحن له مسلمون " وموسى يقول لقومه " يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين "والحواريون يقولون لعيسى " آمنا واشهد بأنا مسلمون "وحين سمع فريق من أهل الكتاب القرآن " قالوا آمنا به إنه الحقّ من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين ".
فهذا هو الاسلام العام الذي يتناول أسلام كل أمة متبعة لنبي من أنبياء الله الذي بعث فيهم، فيكونون مسلمين حنفاء على ملة إبراهيم بعبادتهم لله وحده واتباعهم لشريعة من بعثه الله فيهم، فأهل التوراة قبل النسخ والتبديل مسلمون حنفاء على ملة إبراهيم، فهم على دين الإسلام قال تعالى " ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون "، ثم بعث الله نبيه عيسى عليه السلام فإن مَن آمن مِن أهل التوراة بعيسى واتبعه فيما جاء به فهو مسلم حنيف على ملة إبراهيم، ومن كذّب منهم بعيسى عليه السلام فهو كافر لا يوصف بالاسلام، قال تعالى " إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إليّ ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتّبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة "، ثم لما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم وهو خاتمهم وشريعته خاتمة الشرائع ورسالته خاتمة الرسالات وهي عامة لأهل الأرض، وجب على أهل الكتابين وغيرهم اتباع شريعته وما بعثه الله به لا غير، فمن لم يتبعه فهو كافر لا يوصف بالاسلام ولا أنه حنيف ولا أنه على ملة إبراهيم، ولا ينفعه ما يتمسك به من يهودية أو نصرانية ولا يقبله الله منه، فبقي اسم الاسلام عند الاطلاق منذ بعثة محمد صلى الله عليه وسلم حتى يرث الله الأرض ومن عليها مختصاً بمن يتبعه لا غير. وهذا هو الاسلام الخاص الذي لا يجوز اطلاقه على دين سواه، فكيف وما سواه دائر بين التحريف والنسخ؟ قال تعالى " يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيراً لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض وكان الله عليماً حكيماً "، وقال تعالى " قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون " وقال تعالى " إنّ الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شرّ البريّة ".
الأصل الثاني: أن التوحيد الذي دعت إليه الرسل ونزلت به الكتب ليس هو مجرد الاقرار بوجود الله سبحانه وأنه الخالق لهذا العالم وإنما هو عبادة الله وحده لا شريك له، فإن المشركين من العرب كانوا يقرون بأن خالق السماوات والأرض واحد كما أخبر تعالى عنهم بقوله " ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولنّ الله " وقال سبحانه " قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبّر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون " وقال سبحانه " قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعاً وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم مشركون " وقال سبحانه " وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون " قال الامام الطبري في تفسيره {حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال: سمعت ابن زيد يقول " وما يؤمن أكثرهم بالله .. "الآية قال: ليس أحد يعبد مع الله غيره إلا وهو مؤمن بالله، ويعرف أن الله ربه وأن الله خالقه ورازقه، وهو يشرك به .. }.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/259)
قال تعالى " وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرنّ ودّاً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً " قال الامام البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما {هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم: أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصاباً وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك وتنسّخ العلم: عبدت} وسبب عبادتهم إياهم - كما زعموا – بينه الله تعالى في قوله " والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى" أي ليشفعوا لهم ويقربوهم عنده منزلة، كما في قوله تعالى " فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة بل ضلوا عنهم وذلك إفكهم وما كانوا يفترون ".
فإرسال الله تعالى الرسل كان للدعوة إلى توحيد الله وعبادته وحده دون ما سواه " ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت " وقال تعالى " وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ".
فمن أقر بالله رباً ثم أشرك به فهو كافر مشرك من الخالدين في النار " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء"، " ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنّ عملك ولتكوننّ من الخاسرين ".
- نواقض الايمان بالله لدى اليهود: إن اليهود قبحهم الله هم بيت الإلحاد والتطاول الخطير – تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً -.
وهذا بعض ما في القرآن الكريم من عقائدهم الإلحادية وكفرهم بالله عز وجل:
فمنهم طائفة يدّعون أنّ لله ولداً قال الله تعالى " وقالت اليهود عزير ابن الله "، وقال تعالى " لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء" وقال سبحانه " وقالت اليهود يد الله مغلولة غلّت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ".
- نواقض الايمان بالله لدى النصارى:
فمنهم من جعل المسيح عليه السلام هو الله كما ذكر الله عز وجل قولهم هذا وأكفرهم به فقال " لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم".
ومنهم من جعله ابناً لله سبحانه وتعالى عما يقول المبطلون " وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنّى يؤفكون".
ومنهم من يقول أنه شريك لله وجزء من ثلاثة يتكون منها الإله كما ذكر الله قولهم هذا وأكفرهم به أيضاً " لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عمّا يقولون ليمسّنّ الذين كفروا منهم عذاب أليم ".
وجعلوا مريم عليها السلام آلهة لأنها أم الله بزعمهم " وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك .. ".
الأصل الثالث: الايمان بالكتب المنزلة.
من أركان الإيمان وأصول الاعتقاد الايمان بجميع كتب الله المنزلة على أنبيائه ورسله، قال تعالى " آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله .. " [سورة البقرة285] وقال تعالى" الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزّل عليك الكتاب بالحق مصدّقاً لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدىً للناس وأنزل الفرقان .. ".
وأن كتاب الله القرآن الكريم هو آخر كتب الله نزولاً وآخرها عهداً برب العالمين نزل به جبريل الأمين من عند رب العالمين على نبيه ورسوله الأمين محمد صلى الله عليه وسلم. وأنه ناسخ لكل كتاب أنزل من قبل: الزبور والتوراة والإنجيل وغيرها، ومهيمن عليه، فلم يبق كتاب منزّل يُتَعبَّد الله به ويُتَّبع سوى القرآن العظيم. ومن يكفر به فقد قال الله تعالى في حقه " ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده ".
ومن الحقائق العقدية المتعين بيانها هنا: ان من الكتب المنسوخة بشريعة الاسلام التوراة والإنجيل وقد لحقهما التحريف والتبديل بالزيادة والنقصان والنسيان كما جاء ذلك في آيات من كتاب الله نعالى منها عن التوراة قول الله تعالى " فبما نقضهم ميثاقهم لعنّاهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرّفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظاً مما ذكّروا به ولا تزال تطّلع على خائنة منهم إلا قليلاً منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/260)
وقال سبحانه عن الإنجيل " ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظاً مما ذكّروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبّئهم الله بما كانوا يصنعون".
وأن ما في أيدي اليهود والنصارى اليوم من التوراة والأناجيل المتعددة ليست هي عين التوراة المنزلة على موسى عليه السلام ولا عين الإنجيل المنزل على عيسى عليه السلام لانقطاع أسانيدها واحتوائها على كثير من التحريف والتبديل والاغاليط والاختلاف فيها واختلاف أهلها عليها واضطرابهم فيها وان ما كان منها صحيحاً فهو منسوخ بالاسلام وما عداه فهو محرف مبدّل فهي دائرة بين النسخ والتحريف.
نواقض الايمان بهذا الأصل لدى اليهود والنصارى:
لم يسلم الايمان بهذا الأصل العقدي والركن الايماني إلا لأهل الاسلام وأما أمة الغضب: اليهود، وأمة الضلال: النصارى، فقد كفروا به إذ لا يؤمنون بالقرآن ولا بنسخه لما قبله وينسبون ما في أيديهم من بقايا التوراة والإنجيل مع ما أضيف إليهما من التحريف والتبديل والتغيير إلى الله تعالى بل فيهما من الافتراء نسبة أشياء من القبائح إلى عدد من الأنبياء – حاشاهم من فرى الأفّاكين -.
من ذلك أن نسبت اليهود الردة إلى نبي الله سليمان عليه السلام وأنه عبد الأصنام – سفر الملوك الأول الاصحاح/11 عدد/5.
ونسبوا إلى نبي الله هارون عليه السلام صناعة العجل وعبادته له – الاصحاح /32 عدد/1 من سفر الخروج.
ونسبوا إلى خليل الله إبراهيم عليه السلام أنّه قدّم امرأته سارة إلى فرعون لينال الخير بسببها- الاصحاح/12 العدد/14 من سفر التكوين.
ونسبوا إلى لوط عليه السلام شرب الخمر حتى سكر ثم زنى بابنته كما في سفر التكوين الاصحاح /19 العدد/30. إلى غير ذلك قبحهم الله وأخزاهم.
ونسبت النصارى جد سليمان وداود فارض من نسل يهوذا بن يعقوب من نسل الزنى – انجيل متى، الاصحاح/1 العدد/10.
ونسبوا إلى يسوع إهانة أمه في وسط جمع من الناس – انجيل يوحنّا، الاصحاح/2 العدد/4
وقالوا ان يسوع شهد بأن جميع الأنبياء الذين قاموا في بني إسرائيل هم سراق ولصوص – انجيل يوحنّا، الاصحاح/10 عدد/8.
إن هذا كفر بالله من جهتين: من جهة نسبته إلى الوحي، ومن جهة الكذب على الأنبياء والرسل بذلك.
الأصل الرابع: الايمان بالرسل.
من أركان الايمان وأصول الاعتقاد الايمان بالرسل ايماناً جامعاً عاماً مؤتلفاً لا تفريق فيه ولا تبعيض ولا اختلاف، وهو يتضمن تصديقهم وإجلالهم وتعظيمهم كما شرع الله في حقهم وطاعتهم فيمن بعثوا به في الأمر والنهي والترغيب والترهيب وما جاؤوا به عن الله كافة.
قال تعالى " آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرّق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ".
والكفر برسول واحد كفر بجميع الرسل، قال تعالى " كذّبت قوم نوح المرسلين " وقال " كذّبت عادٌ المرسلين " وقال " كذّبت ثمود المرسلين " وقال " كذّبت قوم لوط المرسلين "، ومن المعروف أن كل أمة كذبت رسولها إلا أن التكذيب برسول واحد يعدّ تكذيباً بالرسل كلهم، ذلك أن الرسل حملة رسالة واحدة ودعاة دين واحد ومرسلهم واحد فهم وحدة يبشر المتقدم منهم بالمتأخر، ويصدق المتأخر المتقدم.
ومن هنا كان الايمان ببعض الرسل والكفر ببعض كفراً بهم جميعاً وقد وسَمَ الله من هذا حاله بالكفر " إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرّقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً أولئك هم الكافرون حقاً ".
عموم بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وبيان أنه خاتم الأنبياء والمرسلين:
وقد دلّت الآيات والأحاديث على عموم بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إلى الناس جميعاً، قال تعالى " وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون " وقال تعالى " قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً " وقال تعالى " تبارك الذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً" وقال تعالى" وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين ءأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/261)
وقال صلى الله عليه وسلم {أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي ... وكان النبيّ يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة} متفق عليه، وقال عليه الصلاة والسلام " والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار} رواه مسلم.
وقد ختم الله عز وجل به الأنبياء والرسل فلا نبيّ ولا رسول بعده، قال تعالى " ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ".
وقال صلى الله عليه وسلم {إن لي أسماء: أنا محمد وأنا أحمد ... وأنا العاقب الذي ليس بعده نبيّ} متفق عليه، وقال عليه الصلاة والسلام {وأرسلت إالى الخلق كافة وختم بي النبيون .. } رواه مسلم، وقال عليه الصلاة والسلام {سيكون من أمتي كذّابون ثلاثون كلّهم يزعم أنه نبيّ وأنا خاتم النبيين لا نبيّ بعدي} رواه أبو داود وصححه الألباني.
فلم يبق رسول يجب اتباعه سوى محمد صلى الله عليه وسلم ولو كان أحد من أنبياء الله ورسله حيّاً لما وسعه إلا اتباعه صلى الله عليه وسلم وأنه لا يسع أتباعهم إلا ذلك كما قال الله تعالى " وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدّق لما معكم لتؤمننّ به ولتنصرنّه قال ءأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين "، وقال الله تعالى " الذين يتبعون الرسول النبيّ الأميّ الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل ". ونبيّ الله عيسى عليه الصلاة والسلام إذا نزل في آخر الزمان يكون تابعاً لمحمد صلى الله عليه وسلم وحاكماً بشريعته.
- من نواقض هذا الأصل لدى اليهود والنصارى:
- نسبة القبائح والكبائر إلى الأنبياء والرسل كصناعة الأصنام والردة والزنا وشرب الخمر والسرقة ... كما مضى شيء من ذلك في الأصل السابق، فمن نسب أي قبيحة من تلك القبائح ونحوها إلى أي نبيّ أو رسول فهو كافر مخلد في النار، مثل كفره بالله وجحده له.
- ومن نواقض هذا الأصل عدم الايمان بعموم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع أهل الأرض عربهم وعجمهم ولإنسهم وجنهم.
قال الامام الشافعي - رحمه الله -: (والاقرار بالايمان وجهان، فمن كان من أهل الأوثان ومن لا دين له يدّعي أنه دين نبوة وكتاب، فإذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فقد أقرّ بالايمان ومتى رجع عنه قتل.
ومن كان على دين اليهودية والنصرانية فهؤلاء يدّعون دين موسى وعيسى – صلوات الله وسلامه عليهما – وقد بدّلوا منه، وقد أخذ عليهم فيهما الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم فكفروا بترك الايمان به واتباع دينه، مع ما كفروا به من الكذب على الله قبله.
فقد قيل لي: إن فيهم من هو مقيم على دينه، يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ويقول: لم يبعث إلينا. فإن كان فيهم أحد هكذا فقال أحد منهم: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله. لم يكن هذا مستكمل الاقرار بالايمان حتى يقول: وأن دين محمد حق أو فرض، وأبرأ مما خالف دين محمد صلى الله عليه وسلم أو خالف دين الاسلام. فإذا قال هذا فقد استكمل الاقرار بالايمان، فإذا رجع عنه استتيب فإن تاب وإلا قتل) الأم 6/ 158.
مما يؤخذ من قول الامام الشافعي:
1 - كفر اليهود والنصارى لعدم إيمانهم بحمد صلى الله عليه وسلم.
2 - أنهم كفروا بكذبهم على الله قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم – يعني من كفر منهم -.
3 - من أقر بالشهادتين مع ادّعاء أن محمداً صلى الله عليه وسلم بعث إلى العرب خاصة فلا ينفعه هذا الاقرار حتى يشهد أن دين محمد صلى الله عليه وسلم فرض وأن يبرأ من كل دين يخالف الاسلام.
وننبه هنا للفائدة: أن من صدّق أحد أدعياء النبوة مع شهادته للرسول صلى الله عليه وسلم بالنبوة فهو كافر بنص الكتاب والسنة والاجماع، كالأحمدية القاديانية والبهائية ..
والخلاصة: أن اليهود والنصارى اليوم كفار لعدة أمور منها: اشراكهم بالله، كفرهم ببعض الكتب واتباعهم لكتب دائرة بين التحريف والنسخ، الكفر ببعض الرسل ونسبة القبائح للرسل، لذا حكم الله عليهم بالخلود في النار " إنّ الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شرّ البريّة " [البينة 6].
تنبيهات ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/262)
1 - لا أحد أحبّ إليه العذر من الله عز وجلّ:
قال تعالى: " وما كنا معذّبين حتى نبعث رسولاً " [الإسراء 15]، قال الامام ابن كثير: (اخبار عن عدله تعالى، وأنه لا يعذّب أحد إلا بعد قيام الحجة عليه بإرسال الرسول إليه، كقوله تعالى:" كلّما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزّل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير " وكذا قوله " وسيق الذين كفروا إلى جهنّم زمراً حتّى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين " وقال تعالى " وهم يصطرخون فيها ربّنا أخرجنا نعمل صالحاً غير الذي كنّا نعمل أو لم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير " إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن الله تعالى لا يدخل أحداً النار إلا بعد إرسال الرسول إليه)، وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { .. ولا أحد أحب إليه العذر من الله من أجل ذلك بعث النبيين مبشرين ومنذرين}.
2 - لا يلزم من تكفير اليهود والنصارى عدم المعاملة بالحسنى:
قال تعالى:" لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين " [الممتحنة 8].
قال الامام ابن جرير في تفسيره: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين من جميع أصناف الملل والأديان أن تبروهم وتصلوهم وتقسطوا إليهم)، وقال ابن كثير: (أي لا ينهاكم عن الإحسان إلى الكفرة الذين لم يقاتلوكم في الدين كالنساء والضعفة منهم " أن تبرّوهم" أي تحسنوا إليهم " وتقسطوا إليهم " أي تعدلوا " إن الله يحب المقسطين ").
ولكن كما قال الحافظ ابن حجر: (البر والصلة والاحسان لا يستلزم التحابب والتوادد المنهي عنه في قوله تعالى " لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حاد الله ورسوله " فإنها عامة في حقّ من قاتل ومن لم يقاتل).
3 - من لم يكفّر اليهود والنصارى فهو كافر:
نقل الامام النووي عن القاضي عياض قوله: (وأن من لم يكفّر من دان بغير الإسلام كالنصارى، أو شك في تكفيرهم، أو صحح مذهبهم فهو كافر وإن أظهر مع ذلك الإسلام واعتقده) روضة الطالبين [7/ 290]، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (من اعتقد أن الكنائس بيوت الله، وأن الله يعبد فيها، أو أن ما يفعله اليهود والنصارى عبادة لله وطاعة لرسوله، أو أنه يحب ذلك ويرضاه، أو أعانهم على فتحها وإقامة دينهم، وأن ذلك قربة أو طاعة فهو كافر)، وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة في السعوديّة (ومن زعم أن اليهود على حق أو النصارى على حق سواء كان منهم أو من غيرهم فهو مكذّب لكتاب الله تعالى وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة، وهو مرتد عن الإسلام إن كان يدّعي الإسلام بعد إقامة الحجة عليه، إن كان مثله ممن يخفى عليه ذلك) فتوى برقم [21413]. - هذا وقد ذكر العلماء أن من الغلو التسرع في تكفير المسلم المعين دون مراعاةٍ لتحقق الشروط وانتفاء الموانع فتنبه -.
جواب شبهات ...
- الاحتجاج بتخصيص الشرع أهل الكتاب ببعض الأحكام:
ولا حجة في ذلك والله سبحانه الذي خصهم ببعض الأحكام هو سبحانه الذي حكم بكفر أهل الكتاب،وتخصيصه سبحانه لهم ببعض الأحكام فيه حكم كثيرة فعلى سبيل المثال أجاز التزوج من المحصنات من أهل الكتاب وذلك لأن الكتابية – وقد آمنت -في الجملة- بالله وبعض كتبه واليوم الآخر - وبعض الرسل – قد تميل إلى الإسلام إذا عرفت حقيقته، فرجاء إسلامها أقرب من رجاء إسلام الوثنية، كما قال الكاساني: (إلا أنه يجوز نكاح الكتابية لرجاء إسلامها، لأنها آمنت بكتب الأنبياء والرسل في الجملة، وإنما نقضت الجملة بالتفصيل، بناء على أنها أخبرت عن الأمر على خلاف حقيقته. فالظاهر أنها متى نبهت على حقيقة الأمر تنبهت، وتأتي بالإيمان على التفصيل، على حسب ما كانت أتت به في الجملة، وهذا هو الظاهر من حال التي بُنِيَ أمرها على الدليل دون الهوى والطبع، والزوج يدعوها إلى الإسلام وينبهها على حقيقة الأمر، فكان في نكاح المسلم إياها رجاء إسلامها، فيجوز نكاحها لهذه العاقبة الحميدة، بخلاف
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/263)
المشركة، فإنها في اختيارها الشرك، ما ثبت أمرها على الحجة، بل على التقليد بوجود الآباء على ذلك …) [بدائع الصنائع (3/ 1414)]. وقال في حاشية المنهاج للنووي: (وقد ذكر القفال أن الحكمة في إباحة الكتابية ما يرجى من ميلها إلى دين زوجها، إذ الغالب على النساء الميل إلى أزواجهن وإيثارهم على الآباء والأمهات، ولهذا حرمت المسلمة على المشرك) [المنهاج مع الحاشية (3/ 187)].
- الاحتجاج باستغفار بعض الشيوخ لبعض أهل الكتاب:
قال الله تعالى " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم " قال الشيخ الدكتور حسام الدين عفانة: ( .. ما تدل عليه الآية الكريمة وهو تحريم الاستغفار والترحم على من مات كافراً من المغضوب عليهم ومن الضالين المضلين الذين ينطبق عليهم قوله تعالى " إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين " [سورة البقرة 161]، وقوله تعالى " إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين " [آل عمران 91].
وهذا محل اتفاق بين أهل العلم ولا يغترنّ أحد بما يقوله بعض الشيوخ الذين انزلقوا في هذا المنزلق الخطير فخالفوا الأدلة الصريحة من الكتاب والسنة قال الله تعالى " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم " قال القرطبي (هذه الآية تضمنت قطع موالاة الكفار حيهم وميتهم فان الله لم يجعل للمؤمنين أن يستغفروا للمشركين فطلب الغفران للمشرك مما لا يجوز) تفسير القرطبي 8/ 273 وقال تعالى ولا تصلّ على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره انهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون " [التوبة 84]) يسألونك.
- الاحتجاج بوصف بعض الشيوخ أهل الكتاب بأنهم اخوة لنا:
وقد سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن وصف الكافر بأنه أخ؟
فأجاب بقوله: لا يحل للمسلم أن يصف الكافرـ أيّاً كان نوع كفره سواء كان نصرانياً، أم يهودياً، أم مجوسياً، أم ملحداًـ لا يجوز له أن يصفه بالأخ أبداً، فاحذر يا أخي مثل هذا التعبير. فإنه لا أخوة بين المسلمين وبين الكفار أبداً، الأخوة هي الأخوة الإيمانية كما قال الله - عز وجل -: " إنما المؤمنون إخوة ". وإذا كانت قرابة النسب تنتفي باختلاف الدين فكيف تثبت الأخوة مع اختلاف الدين وعدم القرابة؟ قال الله - عز وجل - عن نوح وابنه لما قال نوح، عليه الصلاة والسلام: " رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين. قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح".
فلا أخوة بين المؤمن والكافر أبداً، بل الواجب على المؤمن ألا يتخذ الكافر ولياً كما قال تعالى:" يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ".
فمن هم أعداء الله؟ أعداء الله هم الكافرون. قال الله تعالى: " من كان عدواً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين".
وقال ـ سبحانه وتعالى ـ: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ". [مجموع فتاوى ابن عثيمين سؤال رقم (402)].
والله تعالى أعلم
أهم المراجع:
- الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان: د. بكر بن عبد الله أبو زيد.
- الرسل والرسالات: د. عمر سليمان الأشقر
- وسطية أهل السنة بين الفرق: د. محمد با كريم محمد با عبد الله
- حكم زواج المسلم بالكتابية: د. عبد الله قادري الأهدل
http://www.h-alali.net/npage/zowar_open.php?id=638
ـ[محمد سعيد]ــــــــ[03 - 12 - 05, 03:32 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[03 - 12 - 05, 03:58 ص]ـ
جزاك الله خيرا و سدد خطاك
ـ[أبو عمر المقدسي]ــــــــ[03 - 12 - 05, 07:36 ص]ـ
وإياكم
ـ[أبو عمر المقدسي]ــــــــ[05 - 02 - 07, 07:26 ص]ـ
للرفع
ـ[صخر]ــــــــ[05 - 02 - 07, 11:15 ص]ـ
بارك الله فيك(32/264)
سؤال عن عقيدة بن ابي جمرة
ـ[ابن ماكولا]ــــــــ[05 - 12 - 05, 04:35 م]ـ
سؤال عن عقيدة بن ابي جمرة صاحب شرح مختصر البخاري
أفادكم الله
وأفضل طبعات الكتاب
ـ[أبو عدنان]ــــــــ[06 - 12 - 05, 02:43 ص]ـ
يغلب عليه التصوّف ....
و ذلك جليٌّ في شرحه مختصر الصحيح.
أما السؤال عن الطبعات، فتجد الجواب - بإذن الله - في منتدى التعريف بالكتب.
زادك الله حرصاً.(32/265)
التعليقات على مقال الشيخ محمد الأمين حول الإمام مالك وانتشار المذهب المالكي
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[11 - 12 - 05, 08:58 ص]ـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه:
وبعد: ففي هذا الملف المرفق إتمام ما سبق الوعد به من التعليق على مقال الشيخ محمد الأمين حول (الإمام مالك وانتشار المذهب المالكي). وقد تأخر نشره لما رجوته من وفاء الشيخ بما وعدنا به من إعادة النظر فيما كتبه، ولما لم يتم ذلك – باستثناء تغيير طفيف تقع الإشارة إليه أثناء التعليقات – فقد رأيت نشر التعقيبات في الملتقى كما وعدت، وكما أشار به المشرفون بالملتقى.
وقد أبقيت التعليقات تحت العنوان الذي اختاره الأخ محمد رشيد – حفظه الله – وهو (ما هكذا يترجم للإمام مالك) لسبقه، ولإعجابي به.
وكما ذكرت في مقدمة هذه التعليقات فلم أكتب ما كتبت دعوة لمذهبية، ولا انتصارا لتقليد شخص بعينه ... وإنما هو التصحيح لأخطاء رأيت أخي الشيخ محمدا الأمين وقع فيها، ولا ينبغي السكوت عليها، و كنت قد نصحت له قبل ذلك سرا وعلنا أن يعيد النظر فيما كتب فلم يلق بالا لما ذكرته به.
والمرجو من إخواننا المشرفين أن لا يستعجلوا علينا بإغلاق النقاش في هذا الموضوع متى ما فتح بابه، فليس بهذا يستفيد طلبة العلم، وهناك بعض المسائل فيه تقبل الأخذ والرد كما في غيره من المواضيع، ومن حقهم على الجميع التزام الأدب الإسلامي مع علمائنا الكرام، وكذا مع إخوانهم في الملتقى.
وأنا أقدم شديد الاعتذار سلفا لأخي محمد الأمين من أي شيء يزعجه في هذه التعليقات، ويشهد الله في عليائه أني كنت أتمنى عليه أن يصلح هو ما أخطأ فيه في حق الإمام مالك – رحمه الله – وأن لا أكون كتبت حرفا مما كتبت. ولكن قدر الله وما شاء فعل. ورجائي عنده – إذا تكرم بقراءة ما كتبت وعلق عليه – أن يجيب على الأسئلة المتناثرة في ثنايا التعليقات فهذا مهم عندي.
كما أرجو من المشايخ الكرام في الملتقى أن لا يحرمون من فوائدهم ومشاركاتهم، بالشرط المعتبر عندهم، وعندي رجاء لمن أراد الإطلاع على ما كتبته، وهو أن يقرأ قبل - جيدا – ما كتبه أخي محمد في مقاله، ثم ينظر فيما كتبت، ومرحبا بكل تعليق ونقد لما يراه إخواننا من خلل في التعليقات، وفي التنسيق الشكلي للكتابة – وهو لا بد كائن -. والله من وراء القصد.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[11 - 12 - 05, 09:56 ص]ـ
#2 10 - 12 - 2004, 01:59 PM
شهاب الدين
عضو مخضرم تاريخ التّسجيل: Jan 2004
المشاركات: 1,268
--------------------------------------------------------------------------------
السلام عليكم
جزاكم الله عنا خيرا
--------------------------------------------------------------------------------
#3 10 - 12 - 2004, 03:29 PM
الفهم الصحيح
عضو مميز تاريخ التّسجيل: Apr 2004
المشاركات: 874
--------------------------------------------------------------------------------
وعليكم السلام ورحمة الله.
بارك الله فيك أخي وأحسن الله إليك.
--------------------------------------------------------------------------------
#4 12 - 12 - 2004, 03:43 AM
أبو المعاطي
عضو نشيط تاريخ التّسجيل: Nov 2004
المشاركات: 442
رأي للنظر
--------------------------------------------------------------------------------
أخي الكريم
رزقك الله تعالى فهمًا صحيحًا في دينه.
واسمح أن أقرأ معك ملخصًا للملف في كلمات:
1ـ أنت عبت على الذين يتهكمون في الرد على الآخرين، ولا يتخلقون بأخلاق الإسلام في الحوار.
ألا تذكر معي يوم فعلت ذلك مع مريم، وقلتَ لها: هناك من يضحك عليكم؟!!
2ـ أسأل الله أن يجعل وقفتك لهذا العالِم العلَم، مالك بن أنس، رضي الله عنه، سترًا لك يوم تلقى الله، وحصنا لك من خزي يوم القيامة.
3ـ طول الملف، والإفراط في السرد، قطعا العلاقة بين مفردات الرد، وهذا على الأقل بالنسبة لفهمي.
4ـ لو تم اختصار هذا الملف إلى الربع، مع التركيز على ما ورد من قدر هذا العالِم، لنفع كثيرا.
أما هديتي إليك، أُذَكِّرك بها، ولا أذكرها لك، لاعتقادي أنك تعرفها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/266)
هي تتصل بحديث البيعان بالخيار
فما من إنسان إلا وأخطأ، وما من عالمٍ إلا وزلت قدمه مرات ومرات، ومن أكرمه الله وفقه للرجوع عن هذا الخطأ.
وقد رجع مالك عن هذا الخطأ في رد الحديث.
ارجع معي إلى الإرشاد لأبي يعلى الخليلي (39)، ذكر الخليلي أن أبا مصعب الزهري هو آخر من روى عن مالك الموطأ.
وقال ابن حزم: آخر ما روي عن مالك موطأ أبي مصعب، وموطأ أبي حذافة .. تذكرة الحفاظ 2/ 483.
وإذا رجعت إلى رواية يحيى، وإلى حديث: المتبايعان بالخيار، لوجدت خلفه: قال مالك: وليس لهذا عندنا حدٌّ معروف، ولا أمر معمول به فيه.
وهذا خطأ شديد من مالك، بلا شك، عليه رحمة الله ورضوانه.
ولكن؛ إذا رجعت إلى رواية أبي مصعب، رقم (2664) وهي آخر ماقُرئ على مالك، وآخر ما كان عليه مالك، لا تجد هذا القول.
وهذه كانت مركز الثقل، وقاصمة الظهر، في كلام الأستاذ محمد الأمين، ولو ثبتت لكان معه كل الحق، والحمد لله؛ ثبتت، وتراجع عنها مالك، وكل مسلم، من الصحابة، إلى قيام الساعة عرضة لهذا الأمر، أن يعتقد شيئا ويرجع عنه.
5ـ ولكن الحوار حول إن كان مالكا عربيا، أو من الموالي، ونصول ونجول في ساحة فارغة، فما الذي ضَرَّ نافعًا شيخ مالك، وهو مولىً؟!
يا إخوتي، نحن في أمة محمد، أكرمها عند الله أتقاها، ابن النبي، وابن البغي، سيان، الأول يتأخر إن عصى، ولا ينفعه حسبُه، والثاني يتقدم بطاعته، ولا يضره نسبُهُ.
أخيرا ...
السلام عليكم
اللهم إني أعوذ بك من السباب، والشتائم، أما التجهيل، فأنا أهلٌ له ...
==============================================
#5 12 - 12 - 2004, 04:08 PM
الفهم الصحيح
عضو مميز تاريخ التّسجيل: Apr 2004
المشاركات: 874
--------------------------------------------------------------------------------
أخي أبا المعطي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أحسن الله إليك إذ قرأت هذه التعليقات.
وقد لفت نظري ما جاء في أول كلامك وآخره، فأحب -أحسن الله إليك - أن تشرح لي مرادك به، أو يقوم بشرحه أحد من إخواننا ممن اطلع عليه. فهذا مما يهمني حقا.
ـ أنت عبت على الذين يتهكمون في الرد على الآخرين، ولا يتخلقون بأخلاق الإسلام في الحوار.
ألا تذكر معي يوم فعلت ذلك مع مريم، وقلتَ لها: هناك من يضحك عليكم؟!!
اللهم إني أعوذ بك من السباب، والشتائم، أما التجهيل، فأنا أهلٌ له ...
أما ما بين أوله وآخره فأنا لن أعلق عليه الآن حتى تقوم – أخي بارك الله فيك – بقراءة مقال الشيخ محمد الأمين جيدا، ثم تنظر في التعليقات وتتمعن فيها، وليس عليك من طول الكلام – فلعلك تجد جواب ذلك في مقدمة التعليقات - فخذ ما ينفع – إن كان – ودع الزبد يذهب جفاء. فإذا تفطنت لسبب كتابة المقال، وطريقته في إثبات الدعاوى الكثيرة فيه، ثم تأملت في التعليقات وعرفت سبب كتابتها، وطريقة كاتبها فيها، هناك لعلك تعلم أن في رأيك هذا شيئا يحتاج لإعادة النظر.
بارك الله فيك مرة أخرى على ما أبديته، وأنا في انتظار المزيد مما يرشدني إذا ضللت الصواب.
--------------------------------------------------------------------------------
#6 12 - 12 - 2004, 06:07 PM
أبو المعاطي
عضو نشيط تاريخ التّسجيل: Nov 2004
المشاركات: 442
توضيح
--------------------------------------------------------------------------------
السلام عليك ورحمة الله
الأخ الكريم
اما قولي عن السباب والشتائم، فعلم الله أني لم أقصدك به، وأنت، إن شاء الله، أرفع من ذلك، ولا أزكيك على الله، وقد شاهدت ذلك من خلال مقالك الطيب، لا أقول في الدفاع عن مالك، لأنك في الحقيقة لم تدافع عنه، بل عن الحديث الشريف عامة.
ولكنك تتفق معي في أن الواحد منا صار إذا كتب شيئًا، لا لفرضه، ولكن لعرضه على إخوانه، فجأة يجد من يتطوع لغمزه ولمزه، وشتمه وسبه، ولعلك تعرضت لذلك، والكثيرون أيضًا، فهذا ما قصدته.
أما موضوع مريم، ففي مشاركة الرفع والتكميل، التي وفق الله المشرفين في إغلاقها، رأيتك تقول لمريم ما نصه: (وفي المنتدى قوم يضحكون منكم، إي والله. فاعقلي ما أقول)، مع أنها كانت تجيب على سؤال.
وكان بإمكانك تقديم النصيحة لها، والتوجيه، أو مناقشتها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/267)
أخي الكريم؛ وما زال قولي للمناقشة؛ أقول:
أحيانا يكون الصمت في بعض المواقف أسلم
وأنت تعرف أن مالكا، رضي الله عنه، ليس هو هذا المتهم الذي يحتاج إلى دفاع طويل، وجيش من المدافعين.
وأقول، وأنا أعي وأفهم ما أقول: لو سقط مالك، لسقطت السنة والحديث.
لأنه يلزمنا هنا أن نُسقط كل الرجال الذين هم دونه.
والحمد لله عشت سنتين من حياتي دارسًا لموطأ مالك، خادما له، حتى وفق الله في إخراج آخر موطأ قُرئ عليه، وإن كنا قد قصرنا في إخراجه لظروف الغربة، وأشياء لا تقال هنا.
وعرفتُ أن مالكًا هو مالك، وإن كان عبدًا حبشيا، وإن كان شريفًا قرشيا.
الأولى لا تؤخره، والثانية لا تقدمه.
والحقيقة أنا لا أعرف أين مقال أخي محمد الأمين حتى أقرأه، لبس لنقده، أو الرد عليه، ولكن أيضا من أجل أن نتعلم، فربما أدرك هو شيئًا فات الكثيرين، وأقول هذا بصدق، وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين.
وأخيرا؛ بارك الله فيك، وفي هذا الجهد الذي بذلت، دفاعًا عن رجل حمل الحديث الشريف.
أما صاحب المذهب فأنا لا أعرفه.
والسلام عليك
===========
#7 12 - 12 - 2004, 08:31 PM
الفهم الصحيح
عضو مميز تاريخ التّسجيل: Apr 2004
المشاركات: 874
--------------------------------------------------------------------------------
أخي العزيز تجد المقال في هذا الرابط
http://www.ibnamin.com/malik.htm
وبارك الله فيك على توضيحك، وبالنسبة لموضوع الأخت فهو ليس متعلقا فقط بالسؤال والجواب، بل به وبما قبله فتفطن لهذا بارك الله فيك. وكلامي لها خرج مخرج النصيحة والتنبيه - لاتشك في هذا -.
--------------------------------------------------------------------------------
#8 13 - 12 - 2004, 01:45 PM
أحمد عسكر
عضو جديد تاريخ التّسجيل: Dec 2004
المشاركات: 23
عودة من هناك
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله
أخي / الفهم الصحيح
السلام عليك
لقد رجعتُ إليك بعد أن أرسلتَ أبا المعاطي لقراءة المذكور في الرابط، وسرتُ عشرة أسطر تقريبا، فوجدتُ الكوثري يتكلم في مالك، نعم: (الكوثري، في مالك)، فأخَذْتُنِي وخرجتُ، وحذفتُ، ونصحني بعض الإخوة بعمل ( Format ) للجهاز، ولمنزلي، وأولادي ... والقرى المجاورة.
فكان أولَ القصيدة: الكوثريُّ ..
وإنني أقع لله ساجدًا، بل أعجز عن شكره، أن رزقني حُبَّ أهل الحديث الشريف، وبغض الرأي وأهله.
وربما يسمح ليَ مالك بن أنس أن أقول له: الأمرُ هَيٌِّن، وسهلٌ، فقد سَبَّ خبثاءُ الشيعة وجيفُها، ثاني اثنين إذ هما في الغار.
معذرةً، صاحبَ الزهري، فهذا نصيبُنا، أن تتكلم فيك الموقوذةُ، والمترديةُ، والنطيحةُ.
ومعذرة؛ فكل ما صدر لك، أو لغيرك من آراء في دين الله، فهي مرفوضة شكلا، وموضوعًا، فالرأي كله سواء في السوء.
وبعد أن رأيتُ اسم هذا المذبوح على النُّصُب، أقول لك: ليتك ما كتبت حرفًا، وتركتَ الأمر يموت، والحمد لله يكفي لأي طفل يزحف على أربع، اشتم رائحة الحديث الشريف، أن يرى اسم الكوثري في بداية القصيدة، فسوف يذكر لك الوزن، والبحر، والقافية، والحقد الأسود على الحديث وأهله، وصاحبه.
لا تحسبن أن مالكًا هو الهدف، الهدف: حدثنا، وأخبرنا، وقال رسول الله.
وإنني الآن خائف على الأخ أبي المعاطي الذي أرسلتَه إلى هناك، لأنه ربما لا يستطيع العودة، فهناك ظلماتٌ بعضها تحت بعض، وكنا نتمنى أن لا يجازف حتى ينتهي من تحميل المسند الجامع، ثم يذهب ليرى الكوثري ... و: قيل ... و: يُقال، ونحن الآن في انتظار عودته، سترها الله معه.
=================================
#9 13 - 12 - 2004, 02:38 PM
أبو المعاطي
عضو نشيط تاريخ التّسجيل: Nov 2004
المشاركات: 442
العودة
--------------------------------------------------------------------------------
أخي أحمد
اطمئن، فقد رجعت من هناك قبلك
أنت سرت عشرة أسطر، أنا قرأتُ كلمة واحدة، والحمد لله بمجرد ضغط الرابط رأيت اسم هذا الذي ذكرتَه، وانتهى كل شيءٍ.
والسلام عليك، وعلى أخي صاحب الفهم الذي فعلا كان صحيحًا، وعلى عباد الله الصالحين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/268)
وقد أحسن المشرفون صنعًا عندما أغلقوا هذا الأمر من قبل، وليتهم يفعلوها ثانيةً.
==============================
#10 13 - 12 - 2004, 04:47 PM
الفهم الصحيح
عضو مميز تاريخ التّسجيل: Apr 2004
المشاركات: 874
--------------------------------------------------------------------------------
لا يا أخي لا تقل هذا، لا ينبغي إغلاق الحوار، فللشيخ محمد الحق في الكلام والدفاع عن رأيه، ففي المقال أمور هي أشد من ذكر الكوثري فيه، تحتاج إلى جواب من الشيخ محمد الأمين، وأرجو - إخواني - التريث والصبر، وأدب الإسلام في الحوار، فأنا مستعد لسماع رأي الشيخ محمد الأمين مهما كان، ومحاورته في ما تنفع فيه المحاورة، فلا تعجلوا علينا إخواني - بارك الله فيكم - وأدعوكم إلى قراءة المقال كاملا. فلعلكم تجدون فيه ما لم أجده.
--------------------------------------------------------------------------------
#11 15 - 12 - 2004, 06:40 AM
ابن سبيل
عضو جديد تاريخ التّسجيل: Oct 2004
المشاركات: 16
--------------------------------------------------------------------------------
السلام عليكم /
سامحوني .. سأخرج عن الموضوع -وأنا متابع له- وأعلق على عبارة للأخ الكريم أحمد عسكر
وهي: ظلماتٌ بعضها تحت بعض اهـ
لماذا يا أخي اخترت التعبير بـ "تحت" على خلاف التعبير القرآني؟
إن كان لأنه أبلغ فقد أخطأتَ والله أعلم .. أو ما رأيك.؟
ولا إخالك تختار النزول والسفول في البيان!
المهم أنا أرى أن لهذا الاختيار ظلالاً ليست بالجيدة .. !
مجرد تعلقة .. أقلقتني
والمعذرة.
أصلح الله أحوالنا
===========================
#12 17 - 12 - 2004, 04:14 AM
أحمد عسكر
عضو جديد تاريخ التّسجيل: Dec 2004
المشاركات: 23
أستغفر الله
--------------------------------------------------------------------------------
السلام عليك
أخي الكريم
بارك الله فيك، وجزاك خيرًا على نصيحتك، وأستغفر الله تعالى أن يكون مر على خاطري مجرد خيال أن أقع في هذه الجريمة، بأن أخالف الوصف القرآني
وأنت تقول
إن كان لأنه أبلغ فقد أخطأتَ والله أعلم .. أو ما رأيك.؟
بل أخطأتُ والله يعلم أن ذلك لجهل مني
وأقول: ظلمات بعضها فوق بعض
سمعنا وأطعنا
أسأل الله أن يجزيك عني خيرا، وأن يحشرك مع عباده المصلحين
آمين
===========================
#13 17 - 12 - 2004, 11:22 AM
الفهم الصحيح
عضو مميز تاريخ التّسجيل: Apr 2004
المشاركات: 874
--------------------------------------------------------------------------------
تنبيه مهم
قام محمد الأمين بتعديل لبعض الفقرات في مقاله في اليومين الماضيين، وهذا شئ متوقع منه، مع إبقائه المقال كما هو - بأخطائه العلمية -روحا ومعنى، بل أزعم أنه زاد في أخطائه العلمية والمنهجية، ولم يجب عن العديد من الأسئلة المتناثرة في المقال، مما يدل على عجزه عن ذلك، وأن قصد التشغيب و الإساءة للإمام من مقاصد هذا المقال.
ولكن الأمر الذي ينبغي الإنتباه له هو أن محمدا الأمين قام بإصلاح بعض التغييرات التي وجدت في نصوص نقلها في مقاله دون أن ينبه على أنها كانت خلاف ما هي عليه في مقاله قبل التعديل، وكذلك قام بحذف بعض الكلمات، نبهه كاتب التعليقات على خطائه فيها، وهذا منه زيادة في التلبيس على القراء حيث يظنون أمرا لا ينبغي في من كتب التعليقات، والحال أنه كتب ذلك منبها محمدا الأمين على أخطائه العلمية، ولافتا نظره لهذه التغييرات الموجودة في بعض النقول في المقال.
ثم إن هناك أمورا أخرى لم يبين محمد الأمين حجته فيها، ونصوصا لم يبين مصادره فيها أيضا، وأهمها ما نسبه ظلما للإمام، وجعل مصدره في ذلك كتاب الخطيب [رواةمالك] كما سماه، فالنص عند مصادر أهل السنة وكذا عند أهل الضلال من الشيعة الذين أخذ محمد الأمين عنهم هذا النص = ليس كما ذكره، فإن كان اعتماده على الكتاب المذكور مباشرة فليذكر لنا رقم الصفحة فيه ومصدره. وإن كان غيره فليذكر ذلك.
--------------------------------------------------------------------------------
#14 17 - 12 - 2004, 12:22 PM
د. م. موراني
مستشرق ألماني تاريخ التّسجيل: May 2004
المشاركات: 495
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/269)
--------------------------------------------------------------------------------
الفهم الصحيح ,
وما هي هذه التغييرات , فأين الطعن في المقال؟
فأرجوك تفريغ صندوق البريد الخاص لك
==========================
#15 17 - 12 - 2004, 12:37 PM
الفهم الصحيح
عضو مميز تاريخ التّسجيل: Apr 2004
المشاركات: 874
--------------------------------------------------------------------------------
د: موراني - هداك الله -
محمد الأمين يعرف جيدا أين التغييرات، والطعن في المقال تعرفه أنت جيدا من حيث الأسلوب، أما طريقة البحث ومنهجه، فقد وافق فيه من لا يحسن الخوض في هذه الأمور، ولذلك وافقهم في النتائج، فإن أعجبك المقال فحيهلا د: موراني قم بالدفاع عن الطعون في هذا المقال، وهي كثيرة، ولا تخص بحثك في جانب دون آخر، وإن كان المهم عندي أولا هو منهج البحث وطريقته في إثبات دعواه، أما رأيه وغيره في الإمام فليقل ما شاء، فهو مسؤل عن ذلك بين يدى طلبة العلم اليوم، وغدا مسؤل بين يدى الله عن ما نسبه للإمام ظلما في عدة مواطن.
--------------------------------------------------------------------------------
#16 17 - 12 - 2004, 12:41 PM
د. م. موراني
مستشرق ألماني تاريخ التّسجيل: May 2004
المشاركات: 495
--------------------------------------------------------------------------------
الرجاء تفريغ صندوقك الخاص!
د. م. موراني
=====================================
#17 17 - 12 - 2004, 03:48 PM
الفهم الصحيح
عضو مميز تاريخ التّسجيل: Apr 2004
المشاركات: 874
--------------------------------------------------------------------------------
أهل الحديث الأحباب – حفظ الله الجميع –
حتى لا يكون كلامي السابق عن زيادة أخطاء محمد الأمين العلمية والمنهجية – في تغييراته الجديدة في مقاله - دعوى بدون دليل، انظروا إلى هذا – أحسن الله إليكم – نقل عن لسان العرب نصا ليؤكد به نسبة اللحن للإمام مالك - رحمه الله – فقال: جاء في لسان العرب (11|237) عن كلمة "دجال": «لم يجمعه على "دجاجلة" إِلا مالك بن أَنس». ثم ذكر الكلمة الصحيحة مستشهداً بما قاله النبي ? «في حديثه الصحيح فقال: "يكون في آخر الزمان دَجَّالون" أَي كَذَّابون مُمَوِّهون، وقال: "إِن بينَ يَدَي الساعة دَجَّالين كَذَّابين فاحذروهم". وقد تكرر ذكر الدجال في الحديث، وهو الذي يظهر في آخر الزمان يَدَّعي الإِلهيَّة. وفَعَّال من أَبنية المبالغة أَي يكثر منه الكذب والتلبيس. قال الأَزهري: "كل كَذَّاب فهو دَجَّال، وجمعه دَجَّالون"».
والنص كما في اللسان، مادة [دجل]: (قال – ابن خالويه كما يظهر من السياق -: وليس أَحد جَمَعه إِلا مالك بن أَنَس في قوله هؤلاء الدَّجاجِلة؛ ورأَيت هنا حاشية قال: صوابه أَن يقول لم يجمعه على دجاجلة إِلا مالك بن أَنس، إِذ قد جمعه النبي، صلى الله عليه وسلم، في حديثه الصحيح فقال: يكون في آخر الزمان دَجَّالون أَي كَذَّابون مُمَوَّهون، وقال: إن بين يَدَي الساعة دَجَّالين كَذَّابين فاحذروهم. وقد تكرر ذكر الدجال في الحديث، وهو الذي يظهر في آخر الزمان يَدَّعي الإِلهيَّة؛ وفَعَّال من أَبنية المبالغة أَي يكثر منه الكذب والتلبيس. الأَزهري: كل كَذَّاب فهو دَجَّال، وجمعه دَجَّالون). منقول من أحد المواقع، فالجزء الذي فيه هذه اللفظة ليس بين يدي الآن.
فكلام ابن خالويه – والظاهر أنه في كتاب [ليس] ولايوجد في المطبوع - الذي ينقله ابن منظور واضح أنه يتكلم فيه صاحبه عن جمع هذه اللفظة فقط، ولم يتعرض لصيغة الجمع هل هي صحيحة أم لا، وقد صحح البعض عبارته إلى ما ذكر في النص، وهو تصحيح معقول، لأن ابن خالويه ليس بالذي يخفى عليه مثل هذا.
ثم جاء محمد الأمين فحذف من الكلام ما حذف، وقوّل – كما هي عادته - صاحب اللسان ما لم يقل، ونسب له ما جاء في الحاشية التي ذكرها ابن منظور، ثم فهم أن ما جاء في الحاشية ذُكر لتصحيح عبارة الإمام، ونسبه أيضا لابن منظور – ولا يخفى لماذا - وهذا كله لم يكن، لأن صاحب الحاشية لا يتكلم عن هذا أصلا، وإنما يتكلم عن مجرد جمع كلمة [دجال].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/270)
فانظر إلى هذا النقل كيف جمع بين الخطأ في الفهم، والخطأ المنهجي في التعامل مع النصوص، والخطأ في نسبة الكلام لغير قائله.
والأكبر من ذلك هو أنه يريد أن يرد بهذا على ما ذكرته له من تصريح إمام من أئمة اللغة: أن هذا الجمع مسموع عن العرب، كما نقله صاحب التاج عن شيخه أبي الطيب الفاسي – رحمهما الله – وكما جاء ذكر هذا الجمع في المعجم الوسيط، مقتصرين عليه.
والأسوأ من هذا كله إصرار محمد الأمين على نسبة اللحن للإمام بهذه الطرق، ثم ادعاؤه أن اللحن ليس عيبا، مع أن مقاله كله في ذكر أمور يعيب بها الإمام، فهل هناك أعجب من هذا؟!!
--------------------------------------------------------------------------------
#18 17 - 12 - 2004, 04:03 PM
د. م. موراني
مستشرق ألماني تاريخ التّسجيل: May 2004
المشاركات: 495
--------------------------------------------------------------------------------
هل لهذه الأمور , مثل نسب مالك ولحنه أو عدم لحنه , أهمية كبرى؟
قبل ثلالثة أيام طلب مني الأمين أن أبدي برأيي في دراسته.
وكتبت له في الخاص عدة ملاحظات.
بسبب أعمالي الأخرى لا يمكنني أن أقارن الأصل بالفقرات المغيرة كما تزعم في الدراسة.
ربما أدرج فيها أمورا مما كتبته اليه.
محمد الأمين لم يتصل به مرة أخرى.
د. م. موراني
====================================
#19 17 - 12 - 2004, 06:05 PM
الفهم الصحيح
عضو مميز تاريخ التّسجيل: Apr 2004
المشاركات: 874
--------------------------------------------------------------------------------
- د: موراني:
أما بالنسبة لما ذكرت فهو أمر غير مبحوث فيه الآن، الذي يهمني – حقا – هو طريقة إثبات محمد الأمين للدعاوى التي يدعيها، هذا الذي أبحث فيه. الكلام في المنهج وطريقة الاستدلال، وكيفية فهم النصوص التي يقرؤها، وماذا يخرج به منها ....
أما بالنسبة لرأيك دكتور- مع كامل الاحترام لك - فهو مهم في أمر واحد، أشرت به أنا على محمد الأمين، وذكرته في مقدمة التعليقات، وإن لم أخصك بالاسم، وذلك بإبداء رأيك أو غيرك في أسلوب محمد الأمين في مقاله. ولكن محمد الأمين شغله أمر آخر عن تدبر ما يقرأ. فذهب يسألك عن رأيك في المقال عامة، وهذا لم أقصده، لأني - بفضل الله - أعرف رأي معظم المستشرقين - ممن كتب في هذا - في الإمام مالك سلفا، فلا أطلب رأيهم فيه، إضافة لأمر آخر لا يخفى عليك.
فاسمع دكتور ما قلته له في الصفحة الرابعة من التعليقات: ( ... وحيث رفض الشيخ الرجوع إلى أهل العلم وأخذ آرائهم في هذا الأمر، مع إصراره على أن هذا ليس تنقصا من الإمام، وإبقائه المقال في موقعه الخاص حيث يقرأه العالم والعامي، فأنا أدعوه إلى عرض كلامه هذا على بعض المستشرقين ممن درسوا العلوم الإسلامية، وليحكموا على هذا الكلام من حيث الأسلوب، هل هو كلام علمي نزيه، أم هو تنقص وازدراء؟!!).
أما إذ قلت إنه طلب رأيك في المقال عموما، فاسمع دكتور - هديت رشدك – لهذا واحكم بعدل وإنصاف. ونحن هنا لا نذيع سرا.
قال محمد الأمين في مقاله أول الأمر: (ونقل ابن عبد البر المالكي في "جامع بيان العلم وفضله" (2\ 1109) عن سلمة بن سليمان (ثقة ثبت) قال: قلت لابن المبارك (فقيه خراسان): «وضعتَ في رأي أبي حنيفة، ولم تضع في رأي مالك؟». قال: «لم أره عالماً».
ثم قال ثانيا بعد أن نبهته: (ونقل ابن عبد البر المالكي في "جامع بيان العلم وفضله" (2\ 1109) عن سلمة بن سليمان (ثقة ثبت) قال: قلت لابن المبارك (فقيه خراسان): «وضعتَ من رأي أبي حنيفة، ولم تضع من رأي مالك؟». قال: «لم أره عالماً»).
ثم قال ثالثا بعد التعليقات ... : (ونقل ابن عبد البر المالكي في "جامع بيان العلم وفضله" (2|1109) عن سلمة بن سليمان (ثقة ثبت) قال: قلت لابن المبارك (فقيه خراسان): «وضعتَ من رأي أبي حنيفة، ولم تضع من رأي مالك؟». قال: «لم أره (أي: رأي مالك) عِلْماً»).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/271)
وقال أولا وثانيا: (قال الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (1\ 223): «قد ذكر بعض العلماء أن مالكاً عابه جماعة من أهل العلم في زمانه، بإطلاق لسانه في قوم معروفين بالصلاح والديانة والثقة والأمانة»، ثم ذكر أمثلة على ذلك. ثم ذكر ممن عابه: ابن أبي ذؤيب، وعبد العزيز الماجشون، وابن أبي حازم، ومحمد بن إسحاق. كما قد تكلّم في مالك: إبراهيم بن سعد، وكان يدعو عليه. وناظره عمر بن قيس –في شيء من أمر الحج بحضرة هارون– فقال عمر لمالك: «أنت أحياناً تخطئ، وأحياناً لا تصيب». فقال مالك: «كذاك الناس».
وقال بعد التعليقات: (قال الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (1|223): «قد ذكر بعض العلماء أن مالكاً عابه جماعة من أهل العلم في زمانه، بإطلاق لسانه في قوم معروفين بالصلاح والديانة والثقة والأمانة»، ثم ذكر أمثلة على ذلك. ثم ذكر ممن عابه: ابن أبي ذئب، وعبد العزيز الماجشون، وابن أبي حازم، ومحمد بن إسحاق. وقد ناظره عمر بن قيس –في شيء من أمر الحج بحضرة هارون– فقال عمر لمالك: «أنت أحياناً تخطئ، وأحياناً لا تصيب». فقال مالك: «كذاك الناس»!
حذف ما كتب الحمرة.
وذكر أولا وثانيا: (قال الدهلوي في "حجة الله البالغة" (1\ 151): «فأي مذهب كان أصحابه مشهورين واُسند إليهم القضاء والإفتاء واشتهرت تصانيفهم في الناس، ودرسوا درساً ظاهراً انتشر في أقطار الأرض، لم يزل ينتشر كل حين).
ثم بعد التعليقات غيّره فقال: (قال الدهلوي في "حجة الله البالغة" (1|152): «فأي مذهب كان أصحابه مشهورين وسُدَّ إليهم القضاء والإفتاء واشتهرت تصانيفهم في الناس، ودرسوا درساً ظاهراً انتشر في أقطار الأرض: لم يزل ينتشر كل حين).
وقال أولا وثانيا: (وكان إسلوب مالك في الإفتاء بأن يجيب بنعم أو لا، حلال أو حرام. ولم يكن يذكر أدلة على أقواله.
بعد التعليقات: (وكان أسلوب مالك في الإفتاء بأن يجيب بنعم أو لا. ولم يكن يذكر أدلة على أقواله).
أين ما لونته بالأحمر؟ ذهب لغير رجعة.
وقال أولا وثانيا: (وهذا انسحب بعده على تلامذته. فتراهم يكرهون المناظرة ولا يعرفون إيراد الأدلة، إلا بعض العراقيين منهم .. ).
وبعد التعليقات قال: (وهذا انسحب بعده على تلامذته. فتراهم يكرهون المناظرة ولا يحبون إيراد الأدلة، إلا بعض العراقيين منهم).
وقال أولا وثانيا: (وكانت له فتاوى غريبة، أنكرها عليه علماء عصره. فقد أفتى بأن الحمل قد يستمر في بطن أمه ثلاث سنوات. ولقد سخر منه بعض خصومه وزعموا أنه يشجع على الفساد نساء غير صالحات من المطلقات أو ممن يغيب أو يموت عنهن الأزواج. جاء في المحلى (10\ 132): «وذهب الإمام مالك إلى أن أقصى مدة الحمل سبع سنين! فلو طلَّق الرجل امرأته أو مات عنها، فلم تنكح زوجاً آخر، ثم جاءت بولد بعد سبع سنين من الوفاة أو الطلاق، لحقه الولد، وانقضت العدة به!».
وبعد التعليقات قال: (وكانت له فتاوى غريبة، أنكرها عليه علماء عصره. فقد أفتى بأن الحمل قد يستمر في بطن أمه ثلاث سنوات (وفي رواية أخرى سبع سنوات). فلو طلَّق الرجل امرأته أو مات عنها، فلم تنكح زوجاً آخر، ثم جاءت بولد بعد سبع سنين من الوفاة أو الطلاق، لحقه الولد، وانقضت العدة به! ولقد سخر منه بعض خصومه وزعموا أنه يشجع على الفساد نساء غير صالحات من المطلقات أو ممن يغيب أو يموت عنهن الأزواج. قال ابن حزم في المحلى (10|317): «واحتج مقلدوه بأن مالكاً ولد لثلاثة أعوام! وأن نساء بني العجلان ولدن لثلاثين شهراً ... وقال مالك: "بلغني عن امرأة حملت سبع سنين". قال أبو محمد: وكل هذه أخبار مكذوبة راجعة إلى من لا يصدق، ولا يعرف من هو. ولا يجوز الحكم في دين الله تعالى بمثل هذا».
لاحظ الفرق بين النصين. فالتغيير فيهما مهم – بغض النظر عن المسألة – لأنه استقى هذا النص من مصدر شيعي ضال، نسب فيه الشيعي كلاما لابن حزم ما أظنه قاله، فتبعه محمد الأمين عليه، وهو في التغيير الجديد نسب هذا القول لنفسه، وأتي بالنص عن ابن حزم من الجزء والصفحة الصحيحة، بعد أن تبع الشيعي في ذكر جزء وصفحة أخرى، وفي الكلام ظلمات تجد تفصيل ردها في التعليقات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/272)
دكتور موراني أظن أن في هذا كفاية، وهناك تغييرات أخرى تركتها - وانظر مثلا آخر في مداخلتي السابقة - ولعل في ما يستقبل من الأيام تأتينا أخرى فكن دكتور موراني متفطنا، ثم انظر في المقال بإنصاف وأسمعنا رأيك في أسلوب محمد الأمين، وطريقته في القيام على دعاويه، فقط لا غير بالنسبة لي.
--------------------------------------------------------------------------------
#20 17 - 12 - 2004, 07:27 PM
د. م. موراني
مستشرق ألماني تاريخ التّسجيل: May 2004
المشاركات: 495
--------------------------------------------------------------------------------
ان كانت معاملته النصوص كما تقدمت بها , يا (الفهم الصحيح) فهذا لا يجوز
أما تمسككم بالموضوع فهو الآراء المختلفة في مالك بن أنس فلا يقبل قول بعضهم في البعض ... كما قال عبد الله بن وهب. الخلاف بين العلماء وارد عبر العصور. فوقع ما وقع بين مالك والماجشون (وأنت تسكت عن ذلك) وما روى ابن وهب من قول الماجشون: اياك أن تعلم مالكا أنك تأتيني فلا يحدّثك (ترتيب المدارك و 2 , ص 29)
بالنسبة للبحث العلمي في المذهب وانتشار المذهب ليست لهذه الأخبار أهمية كبيرة.
بعد ما ألقيت محاضرة حول المخطوط للماجشون برواية سحنون في المغرب وقلت _ كما جاء ذلك عند ابن عبد البر وغيره) أنّ كتاب الماجشون سابق على الموطأ لمالك , تعرضت لكلام شديد من جانب بعض المتعصبين بالمذهب المالكي الذين تمسكوا بموقفهم أنّ أول كتاب ظهر على وجه الأرض بعد القرآن هو موطأ مالك.
هذا الانحياز لمالك ليس وليد عصرنا هذا , بل هو جزء هذا المذهب , اذ يقول ابن عبد البر (على سبيل المثال) في الاستذكار , ج 5 , الرقم 7389:
وذكر أبو مصعب في مختصره عن مالك قال: لا يؤم الناس أحد قاعدا فان أمّهم قاعدا فسدت صلاته وصلاتهم.
ورد هذا الكلام حرفا حرفا في المختصر (مخطوط القرويين , ص 31 , تأريخ النسخ 359 ه) بدون ذكر مالك بن أنس.
أما القاضي عياض فهو يعتبر هذا المختصر (أقاويل مالك بن أنس) غير أن مالك لا ذكر له في الكتاب ألا اربع أو خمس مرات على مضى 348 صفحة!
وهناك عدة أمثلة أخرى يتبين من خلالها أن الآراء مالك الفقهية ومسائله لم تكن السائدة بالمدينة في عصره بالضرورة , بل كانت هناك اتجاهات كما ورد ذلك في سماع شبطون وسماع ابن القاسم.
هذا ما يهم في البحث.
د. م. موراني
==================================
#21 18 - 12 - 2004, 12:42 AM
د. م. موراني
مستشرق ألماني تاريخ التّسجيل: May 2004
المشاركات: 495
--------------------------------------------------------------------------------
فذهب يسألك عن رأيك في المقال عامة، وهذا لم أقصده، لأني - بفضل الله - أعرف رأي معظم المستشرقين - ممن كتب في هذا - في الإمام مالك سلفا، فلا أطلب رأيهم فيه، إضافة لأمر آخر لا يخفى
وهذا كلام (الفهم الصحيح)
اذا , فما تريد أن يقال في مالك بن أنس؟
فما هو الأمر الآخر لا يخفى؟
البحث أولا , والحماسة أخيرا ...................
د. م. موراني
===================================
#22 18 - 12 - 2004, 04:22 AM
رشيد
عضو جديد تاريخ التّسجيل: May 2004
الإقامة: chicago
المشاركات: 38
--------------------------------------------------------------------------------
وهناك عدة أمثلة أخرى يتبين من خلالها أن الآراء مالك الفقهية
ومسائله لم تكن السائدة بالمدينة في عصره بالضرورة , بل كانت هناك اتجاهات كما ورد ذلك في سماع شبطون وسماع ابن القاسم
1 - دكتور موراني هل لديك امثلة على هذا الموضوع؟
عندي رغبة في معرفة مراحل تطور أراء مالك رحمه الله
2 - هل قرأت كتاب عمل أهل المدينة لياسين دوتن؟ ومارأيك فيه
أخي الفهم الصحيح جزاك الله خيرا على هذا الجهد الطيب
--------------------------------------------------------------------------------
#23 18 - 12 - 2004, 11:27 AM
الفهم الصحيح
عضو مميز تاريخ التّسجيل: Apr 2004
المشاركات: 874
--------------------------------------------------------------------------------
بارك الله فيك أخي رشيد وأحسن الله إليك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/273)
د: موراني لا أريد أن يقال في مالك وغيره وفيك إلا الحق، وما يدل عليه العلم الصحيح الذي يؤتى من بابه. والبحث والحماس قرينان بهما ترتقي المعارف، فلولاهما خمدت العلوم منذ زمن، ولا يخفى عليك -أيضا - أن المقصود هنا الحماسة الرشيدة المنضبطة وليست الهوجاء ... فهذه صفة قوم آخرين، ما أظنك تجدهم في أهل الحديث الغر الميامين.
ولا تذهبن بك الظنون بعيدا، فقد قلت: لا يخفى عليك، وهذا أتركه لفطنتك، وفيما صرحت به إشارة إليه.
أقول لك الصدق د: لقد كان في مقدمة التعليقات بعض الكلمات القاسية عن بعض المستشرقين - يستحقونها ولا شك عندي - ليست سبا ولا شتما، قد حذفتها احتراما للإخوة المشرفين ولك، فتفطن لهذا أرجوك.
وهذا تعليقي على مشاركتك السابقة:
د: موراني:
الأمر كما ذكرته لك، وليس لي فيه إلا النسخ واللصق، لا تشك في ذلك البتة.
وخلاف أهل العلم أمر معروف غير منكور، ولست عنه أبحث حتى أذكره، الكلام يا دكتور عن فهم هذا الخلاف وأسبابه وطبيعته، ومدى تأثيره في نظرتنا لاجتهاد المجتهدين، محمد الأمين يجعل من هذا الاختلاف – الشخصي أحيانا - الناتج عن خلاف فقهي، أو ناتج عن خلاف على تصدر ... أو غير ذلك، يجعل منه محمد الأمين سببا لتنقص الإمام، وسببا لإخراجه من أهل الحديث، وسببا لكونه لا يمثل فقه أهل المدينة، وهذه حسب فهمه هو لتمثيلهم، حتى جعل الأمر يؤول للقول بعصمة الإمام وإن كان لا قائل به عنده، والذي يفهمه كل الناس من التمثيل معنى غير ما يدندن حوله محمد الأمين، وقد ذكرت له بعض نصوص القدماء في هذا المعنى، وحتى إن وجد محمد الأمين بعض من يرى مثل ما يدعيه فليس له الحق أن ينسب ذلك للمالكية عموما، لأنهم ما فتئوا يذكرون مذهب إمامهم ومذهب ابن الماجشون وفلان وفلان من أهل المدينة ويفرقون بين هذا وهذا، ويأخذون بقول غير إمامهم ويعتمدونه ويفتون به.
والبحث في المذهب وانتشاره ليس من صلب العلم هذا أمر مسلم، أكرر على مسامعك دكتور طريقة البحث هي المهمة، منهج الاستدلال وطريقة فهم النصوص ونقلها والتعامل معها هو المهم، الدعوى بالنسبة لي كيفما كانت ليست مهمة، كل سيحاسب على دعواه، وقد ذكرت شيئا من هذا في مقدمة التعليقات. وما جاء في التعليقات مما ظاهره يعارض قولي هذا، فينبغي أن يفهم على هذا الأساس.
فليس بحثي في أن مالكا تم احتواؤه من قبل بني العباس وأصبح يدور في فلكهم، أو أن مالكا ليس من أهل الحديث، أو أن له فتاوى غريبة، أو ليست له قواعد واضحة، أو أنه شيخ يفتي ...
المهم عندي كيف توصل الباحث لكل هذه النتائج الباطلة – علما وواقعا - الذي تبين لي أنه وصلها بالإعراض عن العشرات من النصوص المخالفة لكل هذه الدعاوى العريضة، وبتر الكثير من النصوص من سياقها وسباقها، والتغيير اللفظي الذي حصل في بعضها، والدخول على الموضوع بفكرة مسبقة كان الهدف منها (وضع ما شمخ من الإمام) وغير ذلك من الأخطاء المنهجية.
أما الحديث عن التعصب والعصبية فذلك مما أستعذ الله منه في يومي وأمسي وما يستقبل من أيامي إن عشت إلى قابل – إن شاء الله – وهو مرض قديم كما أصاب بعض المسلمين أصاب غيرهم من أهل الكفر والضلال، وقد سبق وأن قلت لك:إن هذه التهمة أقل ما أتوقعه عند الخوض في مثل هذا، وليس أسهل من رميها على كل متحدث في هذا الباب، ولو فتحت معك باب البحث حول بعض أئمة الاستشراق من أمثال جولدتسيهر أو شاخت وذكرت لك فنونا من أخطائهم العلمية والمنهجية، ثم قمت تدافع عن آرائهم، إما مباشرة أو عن طريقة الدفاع عن طرائقهم في البحث والدرس، فما أسهل أن أصفك بالتعصب لهم والانحياز إليهم.
دكتور موراني التعصب المقيت لا يبقي المذاهب والأفكار والأمم حية مئات السنين إذا لم يصحب ذلك علم وحجة تذود عن تلك المذاهب ... فما كان التعصب يوما جزءا من مذهب مالك ولا غيره، بل هو مرض موجود في عقول ونفوس من قل فهمه وعلمه، ولم يزد ذلك المذاهب حجة ولا قوة، بل علم أصحاب المذاهب وفهمهم الصحيح لمعنى المذهب هو الذي مدها بالقوة والبقاء، فانظر حواليك دكتور موراني كم من معجب بالاستشراق وأعلامه الأوائل من أمثال من ذكرت لك وغيرهم، وتعصبهم لهم، واعتمادهم في جل دراساتهم على بحوثهم السابقة، وازدرائهم بكل من يذكرهم بغير ما يحبون، هل ينفع هذا التعصب والإعجاب الدراساتِ الاستشراقية شيئا، وهل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/274)
الحال في زمان أولئك كما هو اليوم، في الدرس والتحصيل والبحث والجد في هذا الأمر، أم أنك وحدك اليوم مع نفر يعدون على أصابع اليد الواحدة.
والمثال الذي تذكره على التعصب أو غيره هو المشكل في طريقة البحث، فأنت تبني حكما كبيرا ودعوى عريضة على مثال واحد أو حتى عدة أمثلة، وهذا لا يكفي، ثم إن المثال أصلا لا يصلح دليلا من حيث هو لإثبات ما تقوله، وتفصيل ذلك ليس هذا محله، ولو شئت البحث في هذا فلا مانع لدي، بعد أن توضح رأيك وأدلتك جيدا.
وآراء مالك - رحمه الله – لم تكن سائدة يوم كان شيوخه أحياء - عليهم رحمات ربي تترى – أو يوم كان أقرانه من أهل العلم معه في المدينة، أما بعد ذلك فعليه دارت الفتوى، وآراء مالك هي السائدة واجتهادا ته يميل لها الناس في المدينة وغيرها، حتى قيل: (لا يفتى ومالك في المدينة) وإن كان القائل بعض عمال السلطان، فلم نسمع أحدا من أهل العلم اعترض هذا، وكل ذلك لا يعني أبدا أن كل ما قاله مالك – رحمه الله – واجتهد فيه صواب، وغيره من أقوال أهل العلم خطأ، ولا يعني أن الاجتهاد والفتوى حكر على مالك وغيره ممنوع من ذلك، فهذا كله لم يكن بحمد الله. ولم يفهم أحد ممن له عقل يسير به الأمر هكذا، إذاً انقطع العلم، وذهب الدين، ولكن الذي نشاهده غير ذلك، فالدين باق – والحمد لله – والفقهاء بعد مالك كثير، والعلم النافع وصلنا حيا طريا.
عموما دكتور موراني أتمنى أن تنظر في التعليقات ثم إن بدا لك شئ يحتاج إلى البحث فمرحبا، وأنا ما جئت هنا إلا لأتعلم وأستفيد، لا لأتعصب لأحد كي أموت حيا.
--------------------------------------------------------------------------------
#24 18 - 12 - 2004, 01:10 PM
أحمد عسكر
عضو جديد تاريخ التّسجيل: Dec 2004
المشاركات: 23
تقدير ودعاء
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم / الفهم الصحيح
السلام عليك ورحمة الله
جزاك الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وبارك لك في أهلك ومالك.
فقد كشف الله بك التدليس والافتراء، وكنتَ مرابطًا على ثغرٍ من ثغور الإسلام.
وأسأل الله أن يهدي إخواننا وأهلنا المسؤولين، والمشرفين على هذا الموقع الطيب، لدراسة ما وقع هنا، وهناك، من تدليسٍ مُتعمدٍ، وتحريفٍ ظهر أنه مدروسٌ ومقصودٌ، للطعن في حديث رسول الله.
وقد تعلمنا على مدار التاريخ أن الذين يريدون هدم الحديث الشريف يحتالون من ألف طريق، طعنا مرةً في أبي هريرة، وأُخرى في البخاري، وثالثةً في حدثنا وأخبرنا، وفي كل مرةٍ يعودون من المعركة بخُفَّيْ خيبر.
وهؤلاء يكتبون دائمًا على أساس أن هذه الأُمة لا تقرأ، وإذا قرأت لا تُراجع، ولا تدقق، وإذا راجَعَت وقرأَت، وتكلمت، اتهموها بالتعصب، والحماسة، والإرهاب، وطلبوا منها قتل النخوة، والحماسة لدينها.
ولكن هذه الأمة لن تموت، لأنها ليست من نسل، وسلالة القِردة والخنازير، إنها أُمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
لقد غير، من سمَّى نفسه بالأمين، وبَدَّل في مقالته، الطاعنة في الإمام مالك، أكثر من ثلاث مرات، عندما شعر أن الجريمة قد انكشف غبارها، بفضل الله الذي وفق الفهم الصحيح بالصبر، والتدقيق والبحث، وراء كل حرف.
وكنت أتمنى من إخواننا الكرام، الذين لهم صولات وجولات، ان يستشعروا ما حدث، وأن يقفوا وقفة رجل واحدٍ في مواجهة الفتنة.
راجعوا ما كتبه الفهم الصحيح، وما أظهره وكشفه من تحريف وتدليس وقع من إنسان خدع الجميع وسمى نفسه بالأمين.
أخي / الفهم الصحيح؛
بارك الله فيك، وجعل فهمك صحيحا، واصبر، وصابر، ورابط، لعلك تكون من المفلحين.
====================================
#25 18 - 12 - 2004, 01:23 PM
د. م. موراني
مستشرق ألماني تاريخ التّسجيل: May 2004
المشاركات: 495
--------------------------------------------------------------------------------
الفهم الصحيح , بارك الله فيك
لا أود أن أخوض حوارا حول ما قال البعض في فئة المستشرقين حول مالك وغيره , كما لا أتدخل فيما قال أحمد أمين فيه ومذهبه. فلا أقول لك الا بالصدق أن شاخت وغيره في الاستشراق المعاصر موضوع النقد بصورة عامة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/275)
ولا أدافع عنه أنا كما ا أدافع عن جولدزيهر (غير أن القليل من قرأ كتبه ودراساته بالأصل!).
كما أنني لا أدافع عن مالك بن أنس ولا أنطلق من الموقف المنحاز بل أود أن أحدد مكانته في الفقه المدنيين من خلال الموطأ برواياته المختلفة ومن خلال ما جاء في النسخ الخطية القديمة من التعليقات عليه ومن التعديلات. وهل في ذلك نية في الطعن؟ كلا.
لقد جاء بعض الآراء في ذلك في رسالتي الخاصة الى محمد الأمين , فاليك بها ببعض التعديلات والتصحيحات في نصها وأيضا ببعض الاضافات:
أما دراستك فلم أجد فائدة كبيرة على الصفحات الأربعة الأولى: كل ما ذكرت هناك معلوم جيدا وورد في كتب الطبقات وغيرها وأنت لم تخرج مما جاء ذكره هناك الا أن هناك الفرصة لاتخاذ موقف من هذه الأخبار: مثلا:
ما هو السبب للنقاش حول أصل مالك؟ ما هو الذي دفع الناس للتعمق في هذه القضية؟
وكذلك لحن مالك في الحديث: هل لهذا كله أهمية في نظرة علمية على المذهب أو على مكانة مالك بين المدنيين؟ ان كانت الاجابة (نعم) , فعلى باحث أن يقوم بتحليل هذه الأخبار , بل يتساءل في مصداقية هذه الأخبار.
أما ما جاء على ص 5 الفقرة 2: (وهنا يجب التنبيه .... الخ) وهذا الكلام صحيح من أوله الى آخره. كثيرا ما نجد عند الأفارقة والأندلسيين الاشارة الى أقوال (المدنيين) الى جانب أقوال مالك وأصحابه , بل عبارة (المدنيين) هي الغالب في طبقات الأفارقة. لم يكن مالك بين المدنيين الشيخ السائد الذي حدد الاتجاهات العامة في المسائل الفقهية , انما كان واحد منهم في عصره.
ص 6 الفقرة 3: (قال المنصور للامام مالك .... ):
أتمنى ألا تغضب علي: هذا الخبر من الحكايات الكثيرة التي نشأت حول شخصية مالك ولا تأريخية له. ألم يكن هناك فقهاء أخرون ألفوا كتبا في الفقه قبل تأليف مالك موطئه؟ مثل ابن أبي ذئب الذي روي كتابه في الأندلس برواية متصلة في القرن الرابع بالأندلس , أو كتاب الماجشون (عبد العزيز) الذي ألف كتابه في الفقه قبل الموطأ (أنظر التمهيد , ج 1 , ص 86 , طبع الرباط). ومن هذا الكتاب للماجشون لدينا عدة أوراق على الرق برواية سحنون بالقيروان. قد ذكرته في أحد الروابط في الملتقى).
هل صنف مالك الموطأ على الطلب من جانب الخليفة؟ كما يخيل ذلك الينا ما جاء في ترتيب المدارك وفي غيره, في حينه أنه من المسلم يه أن الموطأ كما هو بين يدينا في رواياته المختلفة زيادة ونقصا (!) ليس الا نتيجة تطوره عبر العقود في عصر مالك فمن المستحيل أن وضع مالك كتابا كاملا بين يدي المنصور قائلا: خذ , هذا الموطأ!!
ص 7 الفقرة 2 (روى أبو نعيم .... ) اذن .... فكان الكتاب قد كمّل وكان جاهزا لتعليقه في الكعبة؟ لا أساس لهذا الخبر أيضا , ألا ترى فيه الانحياز الكامل لكي يكون على الجانب القرآن كما جمعه عثمانكتاب آخر وهو الموطأ كما ألفه مالك على شكله النهائي (؟) لكي يعلقه هارون أو المأمون (؟) في الكعبة. صراحة: هل تعتقد أن وراء هذا الخبر شيء من الوقائع التاريخية؟ ان كان الاجابة نعم فعليك بالأدلة ويجب عليك أن تخرج من مجرد اعادة ذكر هذه الأخبار بغير التعليق عليه. وفان كانت الاجابة (لا) فهي الأقرب فسيرجع نفي صحة الخبر الى أنه لم يكن هناك موطأ بل كانت هناك موطاءات على صيغتها المختلفة. فبما , اذن , رضي الخليفة , بأي نسخة كاملة؟
استنتاجك في هذا الموضع غلط في نظري: لم يصر الموطأ (دستورا للحكومة) فلم يحمل بقوة السلطان على أهل العراق. هل أصبح العرق مالكيا؟ لا.
وفي حديثك حول انتشار الموطأ بالأندلس تزعم (مع ابن حزم) أن يحيى بن يحيى فرض على الناس مذهب مالك بن أنس ومنع الآخرين من الافتاء وذلك بسبب قربه من حكام بني أمية .....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/276)
ألا ترى بين الخبرين التناقد المنطقي والتاريخي؟ كيف يصر خلافاء بني العباس في المشرق على الموطأ في حين يصر أمراء بني أمية بالأندلس على نفس الكتاب! ألا يتبين من خلال ذلك الاتجاه المشترك بين سياسة بني العباس وبني أمية , وهو غير معقول؟ هل يعقل ذلك؟ كلا! هذا يثبت فقط أن الأخبار حول ابراز الموطأ لدى السلطة في العراق لا أساس لها تاريخيا أما اصرار يحيى بن يحيى على الموطأ فهو يرجع الى أنه لم يرو كتابا آخر ذا ذكر أو شهرة في بلاده , وأراد التركز على ما لديه: هكذا كان العلماء فلم يزالوا الى يومنا هذا.
لم يفلح يحيى بن يحيى بما طلب اذ رويت بالاندلس عدة كتب فقهية في زمنه وهو شخصيا اعتمد على شبطون في أبواب الاعتكاف وبعد وفاته لم تتركز على الموطأ بل تركزت على شرح المدونة (فلا على نص المدونة والأحكام فيه). لقد أخرج المذهب بالأندلس وبالقيروان وبمصر عدة كتب نعرفها مخطوطة أو على الحواشي في عدة أجزاء من المدونة في مكتبة القرويين.قد ألف جميعها ما بين الموطأ والمدونة لسحنون. علق العلماء في القرن الثالث والرابع تعاليق حسنة وقيمة على المدونة وعلى أقوال مالك وابن القاسم فيها وتحركوا قدما في تاريخ المذهب: لا يشك في ذلك أحد من اطلع على هذه التعليقات الثمينة.
فهناك أتساءل مرة أخرى: أين الجمود الفكري عند المالكية (ص 9 , السطر الأول)؟
انتهى.
الاتجاه العام , يا (الفهم الصحيح) أن مالكا كان محدثا , والمطأ كتاب حديث وفقه معا. فأنا أقول: هذا الأخير صحيح أما الأول فلا: لم يرو مالك أحاديث كثيرة لأن العمل كان على خلافه وهذا يتبين من خلال كتبه ومسائله الكثيرة. انظر في البيان والتحصيل وفي المدونة: ما هي نسبة الأحاديث من الأقاويل؟ وهكذا الأمر عند أشهب بن عبد العزيز وابن أبي الغمر وفي السماع لابن القاسم. وكذا الأمر في سماع شبطون على 4 أوراق (الرق) , على كل صفحة 44 سطرا وفيه 13 بابا.
تخبرنا كتب الطبقات بأن للشبطون (زياد بن عبد الرحمن) سماع من مالك. في هذا الخبر أيضا نظر اذ يروي شبطون في الغالب عن عثمان بن كنانة أضعاف ما يروي من الأقاويل عن مالك التي لا تزيد في النسخة على 22 مسألة. ليس في هذه النسخة حديث واحد كله رأي المدنيين في مسائل البيوع.
كذلك السماع لابن القاسم العتقي الذي يحتوي على النذور: لا حديث فيه الا مرتين بغير اسناد.
فما موقفك من قول الجرح والتعديل دفاعا عن مالك بن أنس: اذا قال مالك بلغني فهو اسناد قوي؟ فأين الاسناد؟
د. م. موراني
====================================
#26 18 - 12 - 2004, 08:31 PM
ابوحمزة
عضو نشيط تاريخ التّسجيل: Dec 2003
المشاركات: 473
--------------------------------------------------------------------------------
الاخ محمد جمع اشياء عن الامام مالك
لم استطع ان اصدقها
ويا ليت لم يكتبها ...
قال في رسالته:
ومما نقموا عليه كذلك فتواه بجواز إتيان المرأة في دبرها، وروي أنه كان يفعل ذلك بنفسه. إذ أخرج الخطيب في "رواة مالك" عن أبي سليمان الجرجاني قال: سألت مالك بن أنس عن وطء الحلائل في الدبر، فقال لي: «الساعة غسلت رأس ذَكَري منه». انتهي
قال روي بصيغة التمريض فلم يذكر صحة هذا الكلام
وهل يقول أمام من ائمة الاسلام هذا الكلام ولو صح لما كان عليك ان تضع علي انترينت
اريد الاخوة ان يعقلوا علي صحة هذا الخبر ... وان ينظروا في اسناده ...
والسلام عليكم
--------------------------------------------------------------------------------
#27 19 - 12 - 2004, 12:19 AM
الفهم الصحيح
عضو مميز تاريخ التّسجيل: Apr 2004
المشاركات: 874
--------------------------------------------------------------------------------
أخي أحمد عسكر بارك الله فيك، ولكن أرجو أن لا تصل الأمور إلى هذا، فلعل أخانا محمدا الأمين له عذر فيما وقع فيه، فعلينا أن ننتظر إيضاحه وبيانه حتى بعد حين.
بارك الله فيك أخي أبا حمزة، وأضف إلى معلوماتك أن كلمة (روي) أضيفت حديثا بعد التعليقات، أما قبل ذلك فالأمر كان قطعيا عند محمد الأمين.
وهذا يؤكد الخلل المنهجي الذي يعاني منه محمد الأمين في مقاله، فالضعيف والواهي ليس لهما مكان في البحوث العلمية، والمقالات المفيدة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/277)
--------------------------------------------------------------------------------
#28 20 - 12 - 2004, 08:43 AM
الفهم الصحيح
عضو مميز تاريخ التّسجيل: Apr 2004
المشاركات: 874
--------------------------------------------------------------------------------
د: موراني - هداك الله للحق -
وكذلك أنا لا أود الحديث فيما يقوله المستشرقون في الإمام، ولكن إذا دعت الضرورة لذلك لا أتأخر -إن شاء الله -
وأحمد أمين لا يعبأ بكلامه في هذا لأنه صدى لكلام المستشرقين غالبا، وهو يكاد ينقل كلامهم حرفيا.
والانتقاد الموجه الآن لمن ذكرت سطحي، و بعض ما خالف فيه المتأخرون الأوائل من المستشرقين فرضه عليهم الواقع مثل كلامهم حول التدوين المبكر للسنة، خالفوا فيه الأوائل منهم بعد ظهور الصحف الحديثية القديمة، أما النقد العميق القوي فما وجد بعدُ، فهل وجدنقد مثلا - لما بدأه جولدزيهر في قوله بنظرية (تطور الحديث) و ما اشتهر به شاخت في توسيع وتطوير هذا النظرية الباطلة، ومثل ما أظهره جولدزيهر من نسبة وضع الحديث للخلفاء ... ومثل التحريف اللفظي لبعض النصوص الذي يوجد في بعض كتب جولدزيهر، وغير ذلك، فهل وصل النقد إلى هذا؟ ما أظن ذلك.
والنصوص المترجمة كافية في معرفة ما في كتب القوم لدقتها، وهي مرجع حتى لبعض المستشرقين ممن يتقن اللغات التي كتبت بها، وانظر مثلا رجوع المستشرق (ينبل) لترجمة كتابي جولدزيهر [الشريعة والعقيدة] و [مذاهب التفسير] في كتابه عن الأحاديث النبوية.
وما ذكرته أنت لمحمد الأمين في رسالتك إليه تجد شبيها له في تعليقاتي على مقاله، فليتك تنظر فيها جيدا، ثم بعد ذلك نتباحث في ما تحب.
والإمام مالك من كبار فقهاء المحدثين، فهو إمام في الحديث والفقه، هذا ما عليه أهل العلم الذين يعلمون هذا الأمر جيدا، وليس رأيي ولا رأي محمد الأمين ولا رأيك بمفيد في هذا، ولن نضيف جديدا، والواقع أمامننا خير فيصل.
وما ذكرته عن الموطأ رأي قاله بعض المستشرقين وتبعهم عليه بعض من تأثر بقولهم من أمثال فؤاد سزكين وغيره، فإن أحببت مناقشته فحيهلا.
وما تذكره عن البيان والتحصيل وغيره، تجد جوابه مفصلا في التعليقات، عند الحديث عن الاستدلال عند المالكية.
والإيراد الأخير الذي ذكرته أضعف ما يكون، لأن قائل ذلك لا يقصد أن الاسناد لا معنى له مثلا، أو لا يوجد، بل العمدة في ذلك كله عليه، وعلماء الحديث لا يقبلون من مالك - رحمه الله - حديثا إلا وإسناده معه، فإن قال الإمام بلغني وصح عنه النقل بذلك، وقفوا ونظروا لأنهم على يقين من أن مالكا لا يقول ذلك إلا وقد صح عنده الخبر، وليس بالذي يلقى القول هكذا، فهم لا بد - إن شاء الله - واجدون ذلك متصلا بالاسناد الصحيح، وخير من يدلك على ذلك ابن عبد البر في كتابه التمهيد، وهذا من أسباب تأليفه لكتابه، فانظره غير مأمور، وتأمل عنوانه يظهر لك ما قلته. فإن لم يجد أهل الحديث السند - وهذا مما ينذر جدا - قالوا حكمهم الذي يمليه عليهم علمهم الذي قعدوا قواعده، وأصلوا أصوله غير وجلين، ومالك بشر من البشر - رحمه الله -.
والقوم قد سبروا أحاديث الإمام، وعلموا طريقته في رواية السنة، فخرجوا بعدة أمور منها: أن الإمام من أشد الناس انتقادا للرجال فلذلك لا يروي إلا عن ثقة، إلا الواحد أو الاثنين ممن أتاك خبرهم.
ومنها قوة حفظه وضبطه، وكثرة تحصيله في هذا الشأن - رحمه الله -. حتى فاق الكثير من أقرانه، ولم يكن محتاجا للرحلة في ذلك - على أهميتها - لأن العلم المقصود بالرحلة عنده في المدينة المنورة، والقوم كلهم آتون إليه، إما حاجا وإما معتمرا، وإما طالبا للعلم يروون عنه ما فاتهم من الأحاديث والسنة، وهو بالمقابل ينظر لعله يجد عندهم شيئا مما فاته في ذلك، بل بلغ من سعة مروياته أن احتاج إليه في هذا بعض مشايخه، وخبر ذلك عندك في المدارك.
ومنها: أنه إذا شك في حديث طرحه كله.
ومنها شدة تحريه في رواية السنة عموما، فلم يكن يكثر من الرواية، وكان يجلس مجلسا خاصا لها، يعلم تلاميذه شدة إحترام حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وغير ذلك مما عرف به الإمام من دقة وضبط. لا يخفى على مثلك.
فما الإشكال عندك دكتور؟
--------------------------------------------------------------------------------
#29 20 - 12 - 2004, 08:45 AM
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/278)
الفهم الصحيح
عضو مميز تاريخ التّسجيل: Apr 2004
المشاركات: 874
--------------------------------------------------------------------------------
د: موراني - هداك الله للحق -
وكذلك أنا لا أود الحديث فيما يقوله المستشرقون في الإمام، ولكن إذا دعت الضرورة لذلك لا أتأخر -إن شاء الله -
وأحمد أمين لا يعبأ بكلامه في هذا لأنه صدى لكلام المستشرقين غالبا، وهو يكاد ينقل كلامهم حرفيا.
والانتقاد الموجه الآن لمن ذكرت سطحي، و بعض ما خالف فيه المتأخرون الأوائل من المستشرقين فرضه عليهم الواقع مثل كلامهم حول التدوين المبكر للسنة، خالفوا فيه الأوائل منهم بعد ظهور الصحف الحديثية القديمة، أما النقد العميق القوي فما وجد بعدُ، فهل وجدنقد مثلا - لما بدأه جولدزيهر في قوله بنظرية (تطور الحديث) و ما اشتهر به شاخت في توسيع وتطوير هذا النظرية الباطلة، ومثل ما أظهره جولدزيهر من نسبة وضع الحديث للخلفاء ... ومثل التحريف اللفظي لبعض النصوص الذي يوجد في بعض كتب جولدزيهر، وغير ذلك، فهل وصل النقد إلى هذا؟ ما أظن ذلك.
والنصوص المترجمة كافية في معرفة ما في كتب القوم لدقتها، وهي مرجع حتى لبعض المستشرقين ممن يتقن اللغات التي كتبت بها، وانظر مثلا رجوع المستشرق (ينبل) لترجمة كتابي جولدزيهر [الشريعة والعقيدة] و [مذاهب التفسير] في كتابه عن الأحاديث النبوية.
وما ذكرته أنت لمحمد الأمين في رسالتك إليه تجد شبيها له في تعليقاتي على مقاله، فليتك تنظر فيها جيدا، ثم بعد ذلك نتباحث في ما تحب.
والإمام مالك من كبار فقهاء المحدثين، فهو إمام في الحديث والفقه، هذا ما عليه أهل العلم الذين يعلمون هذا الأمر جيدا، وليس رأيي ولا رأي محمد الأمين ولا رأيك بمفيد في هذا، ولن نضيف جديدا، والواقع أمامننا خير فيصل.
وما ذكرته عن الموطأ رأي قاله بعض المستشرقين وتبعهم عليه بعض من تأثر بقولهم من أمثال فؤاد سزكين وغيره، فإن أحببت مناقشته فحيهلا.
وما تذكره عن البيان والتحصيل وغيره، تجد جوابه مفصلا في التعليقات، عند الحديث عن الاستدلال عند المالكية.
والإيراد الأخير الذي ذكرته أضعف ما يكون، لأن قائل ذلك لا يقصد أن الاسناد لا معنى له مثلا، أو لا يوجد، بل العمدة في ذلك كله عليه، وعلماء الحديث لا يقبلون من مالك - رحمه الله - حديثا إلا وإسناده معه، فإن قال الإمام بلغني وصح عنه النقل بذلك، وقفوا ونظروا لأنهم على يقين من أن مالكا لا يقول ذلك إلا وقد صح عنده الخبر، وليس بالذي يلقى القول هكذا، فهم لا بد - إن شاء الله - واجدون ذلك متصلا بالاسناد الصحيح، وخير من يدلك على ذلك ابن عبد البر في كتابه التمهيد، وهذا من أسباب تأليفه لكتابه، فانظره غير مأمور، وتأمل عنوانه يظهر لك ما قلته. فإن لم يجد أهل الحديث السند - وهذا مما ينذر جدا - قالوا حكمهم الذي يمليه عليهم علمهم الذي قعدوا قواعده، وأصلوا أصوله غير وجلين، ومالك بشر من البشر - رحمه الله -.
والقوم قد سبروا أحاديث الإمام، وعلموا طريقته في رواية السنة، فخرجوا بعدة أمور منها: أن الإمام من أشد الناس انتقادا للرجال فلذلك لا يروي إلا عن ثقة، إلا الواحد أو الاثنين ممن أتاك خبرهم.
ومنها قوة حفظه وضبطه، وكثرة تحصيله في هذا الشأن - رحمه الله -. حتى فاق الكثير من أقرانه، ولم يكن محتاجا للرحلة في ذلك - على أهميتها - لأن العلم المقصود بالرحلة عنده في المدينة المنورة، والقوم كلهم آتون إليه، إما حاجا وإما معتمرا، وإما طالبا للعلم يروون عنه ما فاتهم من الأحاديث والسنة، وهو بالمقابل ينظر لعله يجد عندهم شيئا مما فاته في ذلك، بل بلغ من سعة مروياته أن احتاج إليه في هذا بعض مشايخه، وخبر ذلك عندك في المدارك.
ومنها: أنه إذا شك في حديث طرحه كله.
ومنها شدة تحريه في رواية السنة عموما، فلم يكن يكثر من الرواية، وكان يجلس مجلسا خاصا لها، يعلم تلاميذه شدة إحترام حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وغير ذلك مما عرف به الإمام من دقة وضبط. لا يخفى على مثلك.
فما الإشكال عندك دكتور؟ إن أردت الكلام حول نظرية الاسناد عند جولدزيهر وغيره، وقوله: بتركيب هذه الأسانيد فلك ذلك.
--------------------------------------------------------------------------------
#30 20 - 12 - 2004, 11:26 AM
د. م. موراني
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/279)
مستشرق ألماني تاريخ التّسجيل: May 2004
المشاركات: 495
--------------------------------------------------------------------------------
هل فهمت كلامك؟
هل تقول أن ما قال فيه (بلغنا) فهو اسناد؟
فلماذا لم يذكره؟
هل فهمتك أن ما في المدونة من أقاويل مالك وراء كلها حديث واسناد؟
بهذه البساطة؟؟؟
وما ترك من الأحاديث بسبب أنها خالفت العمل عنده؟ فالعمل كله يعتمد على الحديث؟
ايّاك وتبسيط الأمور!
================================
#31 20 - 12 - 2004, 12:20 PM
الفهم الصحيح
عضو مميز تاريخ التّسجيل: Apr 2004
المشاركات: 874
--------------------------------------------------------------------------------
د: موراني
كلامي واضح جدا، وأنا لا أبسط الأمور ولا أخلطها.
ولم أقل قط إن قول الإمام بلغني إسناد. ارجع إلى قولي وتأمله جيدا، ثم احكم. وقد يترك الإمام أو غيره من أئمة أهل الحديث ذكر الاسناد لأمر ما، فتجد المحدث أحيانا ينشط فيصل الحديث وأحيانا لا فيرسله، وأحيانا يذكره معلقا وأحيانا أخرى يسنده، وهذا أمر معروف عندهم فما الغريب فيه؟ وبالبحث يعلم إسناده، أو لا يعلم فيحكم أهل الحديث عليه بما يستحق.
وما في المدونة لم أتكلم عنه البتة، فذلك شأن آخر يتعلق في أحد جانبيه بالرواية و الإسناد من حيث توثيق أقوال الإمام، وفي الجانب الآخر يتعلق بفتوى الإمام وجوابه عن المسائل، وهذا تحكمه ضوابط أخرى تتعلق بطرق الاستنباط، والاجتهاد في معرفة الأحكام الشرعية.
وعلاقة العمل بالحديث تجد الكلام عليه مفصلا في التعليقات.
وعمل المسلمين كلهم يقوم على الحديث والكتاب الكريم، فهم لا يقدمون على أمر حتى يعلموا حكم الله فيه من خلالهما. وهذا كلام عام. أما الخاص فتجده حيث ذكرت لك.
--------------------------------------------------------------------------------
#32 20 - 12 - 2004, 02:16 PM
د. م. موراني
مستشرق ألماني تاريخ التّسجيل: May 2004
المشاركات: 495
--------------------------------------------------------------------------------
خلاصة قولي في هذا الموضوع , يا (الفهم الصحيح)
كان مالك أكثر فقيها منه محدثا وهذا واضح كل الوضوح بما جاء عنه أو نسب اليه في أمهات كتب المذهب.
فاذا لم يرو حديثا لأنه خالف العمل (كما روي ذلك عنه) فان في قولك الأخير (وعمل المسلمين كلهم يقوم على الحديث) نظر. فمن هنا فأنت في واد وأنا في واد أخر اذ ضربت لك أمثلة حول المسائل غير المعتمدة على الحديث عند أشهب وفي كتابين في السماع , أي في أقدم أمهات المذهب.
د. م. موراني
================================
#33 20 - 12 - 2004, 05:19 PM
الفهم الصحيح
عضو مميز تاريخ التّسجيل: Apr 2004
المشاركات: 874
التعليقات على مقال الشيخ محمد الأمين حول الأمام مالك وانتشار المذهب المالكي
--------------------------------------------------------------------------------
د: موراني
أنت معذور د: في قولك هذا عن الإمام لأنك لا تعرفه إلا من خلال المخطوطات التي تدرسها، والمتعلقة بالمسائل الفقهية وأجوبته عنها في كتب تلاميذه، وتلاميذ تلاميذه، أما إذا قرأت ترجمة الإمام عند أهل الحديث فستعرف مالكا المحدث جيدا، وتعلم حينها أنه كما كان يجلس للفتوى وجواب المسائل كان يجلس للتحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وكما كان الطلبة يأتونه لمعرفة الأحكام الشرعية من خلال المسائل التي كانوا يطرحونها عليه = كانوا يرحلون إليه لرواية الحديث عنه.
أيهما أكثر هذا يحتاج إلى إحصاء دقيق، لكن المعروف أن للإمام الكثير من الحديث الذي انفرد به عن غيره، وعندما نقول إن مالكا روى مثلا ألف حديث لا يعني أنه روى ذلك في أيام أو شهور ثم جلس ولم يفعل شيئا بعدُ، بل هو قرابة ستين سنة يروي لتلاميذه هذه الأحاديث، يكرر هذا ويعيده لتجدد التلاميذ الذين يحملون العلم عنه. فلا تحتج عليّ بأن الإمام نقل عنه جواب سبعين ألف مسألة مثلا أو أكثر، وتقارن هذا بما في الموطأ من الحديث، فانظر إلى تكراره للحديث الواحد خلال ستين سنة. وهذا إذا نظرنا إلى الأمر من الناحية الفنية خالصة، أما إذا نظرت إلى أن فتاوى الإمام هي من خلال نظره في كتاب الله، وفهمه للحديث، أو هي بلفظ الحديث أحيانا أو معناه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/280)
وإن لم يسنده - وهذا الواقع - فالأمر يتغير كثيرا دكتور أليس كذلك؟
ثم لو ذهبت تعدد الكتب الحديثية التي كتبت حول مرويات الإمام في القديم لأعياك العد، في مشايخه والرواة عنه، وصحيح حديثه وغريبه مثلا. وهذا كله داخل في علم الحديث.
أما اليوم وأنت تنظر بين يديك فالكتب التي فيها مسائل الإمام أكثر من الكتب التي فيها حديثه تدري لماذا د:؟ لأن الحديث محدود ومعروف ومضبوط، أما المسائل فكثيرة، ورواتها أكثر، ولو عاش الإمام أكثر مما عاش لجاءت أكثر من ذلك. فلا تقس الأمور هكذا دكتور. ثم إنك مشكور إذ تقول إن الإمام من أهل الحديث ولكنه فقيه أكثر منه محدثا، أما غيرك فيقول إنه من أهل الرأي وليس من أهل الحديث. وهذه كانت بداية البحث في هذا الأمر، وأظنك تفهم جيدا ماذا يعني هذا التحول لو ثبت.
ومسألة العمل أنا أفهم جيدا د: ما تعنيه منها، وقد ذكرت شيئا من ذلك في التعليقات، فانظره ثم أخبرني ما المشكل عندك تحديدا وأنا أحاول أن أناقشك فيه. و لعلي أستفيد منك.
وقولي: وعمل المسلمين ... واضح ومفهوم حيث أردفته بقولي وهذا كلام عام، وأنا أعرف جيدا أنك تريد بحث عمل أهل المدينة وعلاقته بالحديث، راجع التعليقات ثم نتحدث في ذلك. ولك الشكر.
--------------------------------------------------------------------------------
#34 20 - 12 - 2004, 05:45 PM
د. م. موراني
مستشرق ألماني تاريخ التّسجيل: May 2004
المشاركات: 495
ما ظنك بي وفقك الله؟
هل تظن بي انني أتجاهل تراجم مالك بن أنس؟
لكي أعرف الرجل (أيا كان) أعتمد أولا على ما روي عنه من الحديث والفقه وما جاء الموطأ من هذا وذاك
أما كلام الآخرين في كتب الطبقات فهذا لا يساعدني كثيرا لكي أتعرف على منهجية مالك أو غيره.
ليس موقفي هكذا: قال فلان بن فلان: كان مالك بن أنس كذا وكذا ..... وبعد ذلك آخذ بكلام هذا الفلاني .....
بل آخذ الكتاب الذي روي عنه (الموطأ) وكل ما روى عنه تلاميذه من الفقه (أحيانا منسوبا اليه كما رأينا!).
هذا ما يهم , ولا كلام الآخرين الذين قالوا عبر القرون ما قالوا. ....
د. م. موراني
============================
#35 20 - 12 - 2004, 07:30 PM
الفهم الصحيح
عضو مميز تاريخ التّسجيل: Apr 2004
المشاركات: 874
--------------------------------------------------------------------------------
أنا لا أظن بك شيئا دكتور، وأعرف أنك رجل مطلع كثيرا، ولكن اطلاعك أغلبه على ما يروى عن مالك من مسائل فقهية.
كيف نعرف الرجل دكتور، لا شك أن المعرفة من خلال كتبه ومصنفاته أبين وأحسن، ولكن هذا لايعني أن نغض الطرف عن الذين يترجمونه ويحكون واقعه، وطريقته في العلم وغير ذلك. هؤلاء أيضا يعتمدون على كتب الإمام وما يروى عن الإمام، واطلاعهم أكثر منك ومني.
الآن دكتور ما هو خلافنا أنت تقول: إن مالكا - رحمه الله - فقيه أكثر منه محدث، أليس كذلك؟
أنا أقول هو محدث وفقيه، كما عرف بهذا عرف بهذا، وكتابه الموطأ فيه آراء فقهية لا شك، لكن الحديث أغلب.
صحيح البخاري كتاب حديث فيه آراء فقهية، أظنك توافق، كتاب الإمام الترمذي كذلك بل هو أوسع في هذا بحكايته لمذاهب أهل العلم بعد ذكر الأحاديث، فهل نعد كتاب الإمام البخاري كتاب فقه وحديث لوجود بعض الآراء الفقهية فيه، وكذا جامع الإمام الترمذي؟
ثم سؤال دكتور موراني: أيهم أكثر في نظرك من روى الحديث عن الإمام أم من روى عنه الفقه؟
الخلاصة دكتور نجدها عند أهل الاختصاص وهم علماء هذا الفن، الإمام مالك عندهم إمام في السنة وإمام في الفقه، قالوا هذا بعد دراسة وافية لفقه الرجل وحديثه، لم يقولوا ذلك من فراغ أو انحيازا له.
أعود وأكرر دكتور إذا نظرت إلى الكم فلا شك أن المسائل الفقهية عن الإمام كثيرة جدا - تجد ذكر عدد مجلداتها في مقدمة الذخيرة - والسبب أن المسائل لا تنتهي إلا بانتهاء الدنيا. والحديث معروف ثابت لا أحد يستطيع أن يزيد فيه حرفا فضلا عن كلمة. من هنا جاءت محدودية ما يروى من الحديث مقابل ما يروى من المسائل. أما من حيث الواقع العملي فالإمام - كما تقدم- له مجالس لهذا ومجالس لهذا. تبقى مسألة عدم ذكر الحديث مع الجواب عن المسائل وأظن أن هذه هي التي تشوش عليك د: وجوابها في التعليقات واضح وجلي، فارجع إليها مشكورا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/281)
وأنت دكتور تعرف الإمام من خلال بعض مرويات تلاميذه الأندلسيين والمغاربة والمصريين .. ، وما فاتك من هذا أكثر مما رأيته بأضعاف كثيرة. فهل وقفت - مثلا - على كتاب [الاستيعاب الكبير] الذي بدأه القاضي إسماعيل وأتمه أبوبكر المعيطي القرشي وأحمد بن عبد الملك الإشبيلي الشهير بابن المكوى، جمعوا فيه آرآء الإمام التي لا يشاركه فيها أحد من تلاميذه؟
ولكن أين كتب شيوخ مالك، وأين كتب الرواة عن مالك، وأين كتب اختلاف الموطآت، وأين كتب غرائب مالك، ومرويات مالك في غير الموطأ، بل أين ما ترك الإمام التحديث به - وأظن هذا يعنيك أيضا وتبحث عن أسباب ذلك - وأين وأين .... مما يتعلق بعلم الحديث خاصة. أغلبها فقد وما بقي إلا القليل.
--------------------------------------------------------------------------------
#36 20 - 12 - 2004, 09:47 PM
د. م. موراني
مستشرق ألماني تاريخ التّسجيل: May 2004
المشاركات: 495
--------------------------------------------------------------------------------
فيما يتعلق بالاستيعاب المذكور فتقول:
جمعوا فيه آرآء الإمام التي لا يشاركه فيها أحد من تلاميذه
هذا كلام صحيح , كما يرويه القاضس عياض في ترتيب المدارك.
نعم: الآراء ..... ولا الأحاديث!
أما أبو عمر المكوي فيروي عنه القنازعي في تفسير الموطأ له اذ كان شيخه.
في اتحاف السالك لابن ناصر الدين تجد أحاديث قليلة التى رواها رواة الموطأ عن مالك خارج الموطأ
أما غرائب مالك فهي أحاديث غريبة فالبعض يذكر أنها غرائب الموطأ لغة. منه جزء من تأليف ابن وهب وأجزاء لأخفش بشرح الألفاظ الغريبة في الموطأ. غير أنك كما أظن تقصد الأحاديث الغريبة.
المقارنة بين الترمذي ومالك شيء كبير منك! هناك محدث بالأحاديث وبتعليقه عليه حسب علم الحديث. وهذا ليس منهج مالك أبدا. هذا كأنك قارنت تمرا بزبيب.
هذا ليس مسألة الأحصاءات , بل ما يجدر البحث فيه بحثا مقارنا هو المنهج في عرض الحديث من ناحية (أو عدم عرضه!) وشرح عمل أهل المدينة من ناحية أخرى.
أين الحديث في كتاب الفرائض مثلا؟ هناك ذكر حديث واحد كما أذكر في الكلالة. أما الباقي: عمل أهل المدينة , آثار , وما أدرك مالك من أهل بلدنا ..... الأبواب كلها: قال مالك ..... قال مالك .... وهلم جرا.
أين هنا منهج المحدث؟ أنا لا أعارض هذا المنهج من جانب الفقيه العالم غير أنني أعارض القول ان مالكا من أصحاب الحديث.
أعتقد اننا سنكتفي بهذا.
د. م. موراني
==============================
#37 21 - 12 - 2004, 01:20 AM
الفهم الصحيح
عضو مميز تاريخ التّسجيل: Apr 2004
المشاركات: 874
--------------------------------------------------------------------------------
د: موراني:
ما معنى أنك ستكتفي بهذا، هل هكذا تعلمون الطلبة عندكم، تبتدؤن المناقشة متي شئتم، وتتوقفون متى شئتم!!
دكتور هداك الله أنت لم تزل لم تفرق بين عمل المحدث وعمل الفقيه، أنا أقول لك إن الإمام مالك يجمع بينهما، وأنت تقول مرة هو فقيه أكثر منه محدثا أليس هكذا معنى كلامك في المداخلة 32، ثم تأتي الآن وتقول: إنك تعارض القو ل إن مالكا من أصحاب الحديث.
هنا دكتور حدد لنا من هو المحدث ومن هو الفقيه؟ فرق بينهما ولننظر بعد.
وكلامي عن الاستيعاب الكبير نعم أقصد به آراء مالك = اجتهادات الإمام المبنية على فقه الكتاب والحديث، والعمل عند الإمام من الحديث لا تغفل عن هذا دكتور، كما لا تغفل عن أن العمل هو المتوارث بالمدينة من عمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس كما يفهمه شاخت أو جولدزيهر، في تفصيل آخر تجده في التعليقات وأصله في المدارك وغيره من كتب ابن الفخار والقاضي عبد الوهاب.
المشكلة عندك دكتور هو أنك تظن المحدث من يقول: قال رسول الله كذا وكذا ويسكت، ولا يجتهد في فهم الحديث.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/282)
طيب دكتور الإمام أحمد عندك من أهل الحديث وأظن أنك تراه ليس من أصحاب المدارس الفقهية، هل رجعت إلى أقواله في مصادرها ونظرت، هل كلها قال رسول الله كذا، أم أنك تجد الإمام المبجل - رحمه الله - يذكر الحكم ولا يذكر الحديث كثيرا؟! الفرق بينه وبين الإمام مالك أن الإمام أحمد يكثر من ذكر الحديث الإمام لا يكثر من ذلك لأسباب ذكرتها في التعليقات، ومع هذا هو مستحضر لمعنى الحديث في ذهنه، وبناء عليه يصدر حكمه.
وكلامي عن الإمام مالك والترمذي والبخاري هو لأبين لك توافق منهجم في التأليف، وأنهم يشابهون منهج الإمام في التصنيف. فتنبه لهذا.
و المحدث إذا أعوزته الأحاديث هل تراه يسكت؟ لا يذهب يتطلب الحكم الشرعي من بقية الأدلة هناك الآثار كما ذكرت، وهناك العمل الذي هو التطبيق العملي للحديث النبوي عنده فهو يحتج به، وأنت ضربت مثلا بالباب الذي ليس فيه الكثير من الأحاديث، لماذا لم تذكر شيئا من أبواب الصلاة أو غيرها، وتنظر كم هي الأحاديث التي يوردها الإمام في هذا.
وهذا الأمر تجده أحيانا في صحيح البخاري يذكر الباب ولا يذكر فيه حديثا، بماذا تفسر هذا، الإمام مالك امام مجتهد ويمارس مهمة شرعية وهي الافتاء ابتلي بها لمدة ستين سنة، يجتهد لأن الواقع أمامه يلح عليه في إيجاد الحكم الشرعي، الإمام البخاري موقفه ليس كذلك، فمن الممكن أن ينتظر. حتى يجد مبتغاه.
هكذا يبدو لي الأمر.
المهم هنا التفريق بين الفقيه فقط والمحدث فقط، والذي جمع بين الاثنين مثل مالك وأحمد ....
ثم معرفة معنى الرأي الذي تدندن حوله، و معرفة المراد بالعمل الذي تذكره المرة بعد المرة فإذا أحكمت معنى ذلك ما أظنك تتوه بعدها. وتذكر دائما أن مالكا يجمع بين الأمرين باقتدار عجيب.
--------------------------------------------------------------------------------
#38 21 - 12 - 2004, 03:53 AM
صعيدي
ضيف المشاركات: n/a
استدراك
--------------------------------------------------------------------------------
هذه أول مشاركة لي في هذا الملتقى
وقد تابعت ما دار هنا من حوار، وما دار هناك من قبل
أعتقد أن هناك من يريد صرف الموضوع إلى وجهةٍ تغطي على هدفه
الموضوع هو أن محمدًا الأمين كتب مقالة حول الإمام مالك بن أنس، هو حرٌّ في رأيه، وسوف يحاسب عليه، بالخير أو بالشر، هذا لم يناقشه الفهم الصحيح، ولا يريد مناقشته، لكي لا يتفرع الأمر، ويختفي التدليس.
قام الفهم الصحيح، بما لا يدع مجالا للشك، بإثبات أن (الأمين)، وأنا أكتبها مجازًا، دلَّس في النقل، وغير، وحرف.
هنا بدأ الأمين في تغيير التحريف، عندما ظهر أن هناك من يتعقب المصادر التي ينقل عنها، ويدققها، ويظهر مواطن التحريف فيها.
وقد تم تغيير التحريف والتدليس ثلاث مرات.
هذه هي المشكلة، لكي لا نقوم بالتدليس مرة ثانية، وإدخال القارئ في خلاف حول هل كان مالك من الفقهاء، أو من المحدثين.
والرجا من الفهم الصحيح أن يثبت على موقفه في بيان التدليس والتحريف، حصرًا.
وإذا أراد أن يناقش أحدًا من المسلمين، في كون مالك بن أنس فقيها أو محدثا أو مفسرأ، فليفتح صفحة أخرى لهذا الحوار.
وإلا، فإن تشعب الموضوع هنا سيكون لمصلحة التدليس، والكذب
صعيدي
===============================
#39 21 - 12 - 2004, 09:38 AM
الفهم الصحيح
عضو مميز تاريخ التّسجيل: Apr 2004
المشاركات: 874
--------------------------------------------------------------------------------
بارك الله فيك أخي صعدي، وأنا أفطن لما تقول جيدا، وإنما أعطي فرصة لمحمد الأمين يلتقط فيها أنفاسه كي يجيب عن ما ذكر في التعليقات، وفيها غير ما ذكرت - أخي - أشياء أخري تحتاج إلى جواب وبيان، منها: التقول على بعض الأئمة ما لم يقولوه، وبتر النصوص، والاستفادة من مصادر شيعية، ونسبة أشياء للإمام مالك ظلما ما قالها وما فعلها، وغير ذلك مما هو مثبت في التعليقات.
وليكن معلوما لكل الأحباب في الملتقى أني قد أعذرت لمحمد الأمين مرارا وتكرارا، وأرسلت إليه عدة رسائل على الخاص ليتلافي هو ما وقع فيه من أخطاء علمية ومنهجية، ولكن كان يقابل كل ذلك بالاعراض - ولا زال - ويأبي أن يرد على الأسئلة والاعتراضات، وهو يسلك هذا حتى في مشاركاته اليومية مع بقية إخوانه في الملتقى، مما يجعل الحديث معه والمناقشة غير ذات جدوى.
عموما أخي بارك الله فيك على التنبيه، ولنا عودة قريبا - إن شاء الله - فهناك أشياء أخرى تحتاج إلى بحث لعل أوانها قد حان.
--------------------------------------------------------------------------------
#40 26 - 12 - 2004, 03:35 PM
عبد الرحمن السديس
عضو مخضرم تاريخ التّسجيل: Mar 2003
الإقامة: الرياض
المشاركات: 1,815
--------------------------------------------------------------------------------
الأخ الشيخ الفاضل الفهم الصحيح
جزاك الله خيرا، ونفع بك، وجعل ما تكتبه في ميزان حسناتك.
--------------------------------------------------------------------------------
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/283)
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[17 - 12 - 05, 09:25 ص]ـ
هذا رابط لهذه الصفحة ... عثرت عليه بعد جهد عن طريق محرك البحث قوقل:
http://66.102.9.104/search?q=cache:uvOity1Y_XEJ:ahlalhdeeth.com/vb/printthread.php%3Ft%3D24563+%D9%88%D9%82%D8%AF+%D8 %AA%D9%85+%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D9%8A%D8%B1+%D8%A7%D9 %84%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D9%81+%D9%88%D8%A7%D9% 84%D8%AA%D8%AF%D9%84%D9%8A%D8%B3+%D8%AB%D9%84%D8%A 7%D8%AB+%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AA&hl=ar
ولعل بعض الأحباب يساعدوني في العثور على الصفحة الثانية من التعليقات فقد فقدتها ... وإن لم أفقد - بحمد الله - ما كتبتُه من تعليقات رئيسة.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[17 - 12 - 05, 09:59 ص]ـ
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
لقد عثرت بحمد الله على رابط الصفحة الثانية من التعليقات ... فإليكموها مهذبة مشذبة ... كما هي:
http://66.102.9.104/search?q=cache:fnmN4lss6BEJ:www.ahlalhdeeth.com/vb/printthread.php%3Ft%3D28962%26page%3D2%26pp%3D40+% D9%88%D9%8A%D9%86%D8%B3%D8%A8+%D9%84%D9%84%D8%A5%D 9%85%D8%A7%D9%85+%D9%85%D8%A7+%D8%A8%D8%B1%D8%A3%D 9%87+%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87+%D9%85%D9%86%D9%87&hl=ar
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[26 - 12 - 05, 10:46 ص]ـ
الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
الروابط لا تعمل للأسف الشديد ... وقد كانت في أحسن حال يوم وضعتُها ... فهل هناك أمل في رجوعها للعمل ... أم أعيد نسخ المشاركات ولصقها مما عندي؟
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[26 - 12 - 05, 05:18 م]ـ
بارك الله جهودكم أخي الفهم
حقيقة فعلماؤنا المتقدمون لابد وأن تكن مكانتهم محفوظة لا يسهل الطعن فيهم لا لآحاد من أسانيد تين فضلهم، بل لتواتر الأمة عليهم .. فلو هدمنا المتواتر المتوارث، فما يبقى لنا؟!
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[26 - 12 - 05, 10:17 م]ـ
وفقك الله.
يبقى لنا مثل ذلك الأحمق الذي كتب ظالما جاهلا جناياته الثلاث ... زكريا أوزون ... مسكين ظن أن الإصلاح يأتي بنحت العناوين المشبوهة ... والمعاني الغريبة ... متشدقا باستعمال العقل وخطابه ... وما درى أن أؤلئك أكبر عقلا ... وأعظم فهما ... وأقوى حجة ... قد أوتو زكاء قبل أن يؤتوا ذكاء ... فكان على أيديهم النماء والخير ... وجاء مع مثل هذا الظلام والضلال ... فغريب أن يكون الهدم على يدي من يدعي البناء ... أليس هذا من ذهاب الأبصار ... وعمى البصائر؟
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[30 - 12 - 05, 02:50 ص]ـ
الحمد لله.
عثرت على رابط الصفحة الثانية من المشاركات حول موضوع < التعليقات على مقال .... > وهذا هو:
http://66.102.9.104/search?q=cache:fnmN4lss6BEJ:www.ahlalhdeeth.com/vb/printthread.php%3Ft%3D28962%26page%3D2%26pp%3D40+&hl=ar
ولكن تحسبا لأي طارئ سأقوم - بعون الله - بتنزيل المشاركات كلها مرة أخرى .... وربما عدلت تعديلا طفيفا في بعض مشاركاتي ... أقول ربما.
=================================
الفهم الصحيح 27 - 12 - 2004 04:42 PM مشاركة 41.
بارك الله فيك شيخي عبد الرحمن السديس، وأحسن الله إليك.
أهل الحديث الأحباب: السلام عليكم ورحمة الله.
لازالت تعديلات محمد الأمين على مقاله المفيد!! (الإمام مالك وانتشار المذهب المالكي) تتابع علينا، ولكن للآسف الشديد للأسوأ وليس للأحسن، وكان الظن به غير هذا، فلا حول ولا قوة إلا بالله، فبينما كنت آخذ عليه استفادته المباشرة من بعض المصادر الشيعية، إذا به يستفيد مباشرة من أقوال بعض المستشرقين دون أن يراجع أو يمحص.
أقول: لقد كان من ضمن أقاويل محمد الأمين في مقاله كلام غليظ في حق تلاميذ الإمام مالك – رحمه الله – لحمته وسداه نسبة الكذب لهم جملة، فهو يزعم أن تلاميذه قاموا بإجراء تعديلات على مذهبه، وسمّى جماعة منهم، وأنهم نسبوا إليه آراء ما قالها، ولم يسم أحدا هنا، وهذا مشكل لما فيه من التعميم، وكنت قد غضضت الطرف عن دلالة قوله السيئة في حق أئمة وثقهم أهل العلم، وعرفوا لهم فضلهم وعلمهم، وكان بعضهم من أئمة نقلة الحديث النبوي للأمة جمعاء، وقلت لعل كاتب المقال لا يقصد معنى ما يكتب ولا يدري أبعاده، وقد طالبته في التعليقات بأدلة الإثبات على قوله ذاك، منبها له على خطورة تلك الدعوى، وبينت له هناك معنى كلمة (مذهب) عند
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/284)
المالكية. وكان قد نقل كلاما عن شيخي الإسلام ابن تيمية وأبي زرعة الرازي، وآخر عن ابن خلدون فبينت له وجه كلامهم ومعناه، وأنه لا يفيده في دعواه الباطلة تلك.
ثم هاهو محمد الأمين يعود – ولم يستفد شيئا مما ذكرته به، ولم يحسن بعدُ أن يفرق بين (قول مالك خاصة) وبين (المذهب المالكي) - ويظن أنه قد أتى بما يؤيد دعواه الباطلة تلك، فنقل كلاما عن الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله - لم يعزه إلى مصدر، وما أظنه جوّد نقله، فقال: (قال أحمد في رواية المروذي: «كان مالك يُسأل عن الشيء، فيقدم، ويؤخر يبهت. وهؤلاء يقيسون على قوله ويقولون: "قال مالك"».
والحق يقال: إني لم أقف بعدُ على كلام الإمام أحمد هذا، وقد بلوت من محمد الأمين ما يدعوني إلى الانتظار حتى أعرف معنى كلام الإمام أحمد هذا جيدا، ومن هم المشار إليهم بهؤلاء. (أرجو من إخواني ممن يقف على هذا في أحد المصادر أن يرسل إلىّ به مشكورا).
والذي يعزز توقفي أني نقلت لمحمد الأمين شيئا من كلام شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى 20/ 309 - 310، يقول فيه عن الإمام أحمد: ( ... وكان يفتي على مذهب أهل المدينة ويقدمه على مذهب أهل العراق تقريرا كثيرا، وكان يدل المستفتي على مذاهب أهل الحديث ومذهب أهل المدينة، ويدل المستفتي على إسحق وأبي عبيد وأبي ثور، ونحوهم من فقهاء أهل الحديث، ويدله على حلقة المدنيين حلقة أبي مصعب الزهري ونحوه، وأبو مصعب هو آخر من مات من رواة الموطأ عن مالك، مات بعد أحمد بسنة، سنة اثنتين وأربعين ومائتين، وكان أحمد يكره أن يرد على أهل المدينة كما يرد على أهل الرأي، ويقول: إنهم اتبعوا الآثار).
قلت: مع أن أبا مصعب هذا – رحمه الله – قد كان له ميل إلى الاجتهاد بالرأي، مما دعا ابن أبي خيثمة – رحمه الله – أن يدعو ابنه إلى عدم أخذ الحديث عنه، وهو أي أبو مصعب الزهري – مع إجماعهم على ثقته وإخراج الجماعة لحديثه - ممن ينسبهم محمد الأمين إلى القول على الإمام مالك ما لم يقله، ففي دليل جديد استفاده محمد الأمين من المستشرق الدكتور موراني أثناء مناقشتي له حول الإمام مالك بين الحديث والرأي، يقول محمد الأمين – وبدون أن يعزو هذا للدكتور موراني مستدلا لدعواه الباطلة تلك: (والأمثلة على ذلك كثيرة. فمثلاً: يقول ابن عبد البر (على سبيل المثال) في الاستذكار (ج5 #7389): «وذكر أبو مصعب في مختصره عن مالك قال: لا يؤم الناس أحد قاعدا فان أمّهم قاعدا فسدت صلاته وصلاتهم». ورد هذا الكلام حرفاً حرفاً في المختصر (مخطوط القرويين، ص31، تأريخ النسخ 359هـ) بدون ذكر مالك بن أنس. أما القاضي عياض فهو يعتبر هذا المختصر "أقاويل مالك بن أنس". مع أن مالكَ لا ذكر له في الكتاب إلا أربع أو خمس مرات على مضى 348 صفحة!
وهذا كله كلام الدكتور موراني – كما في مشاركته رقم 20 في هذا الرابط - حاشا كلمة والأدلة على ذلك كثيرة، أو علامة التعجب في آخره.
وقد استفدنا من هذا – حسب زعم الدكتور موراني ومن تبعه مغترا بكلامه كما تبع ضلال الشيعة من قبلُ – شيئا لم يذكره لنا سلفنا الصالح من قبل، وهو كذب أبي مصعب، وسكوت الحافظ أبي عمر ابن عبد البر على ذلك، أو أنه جهل هذا ولم يفرق حياتَه بين قول إمامه مالك وكلام غيره، وأعوذ بالله من قول يفضي إلى ذلك، وحتى لا أظلم محمدا الأمين أنقل لإخواني كلامه كله بسباقه وسياقه فليصبروا عليّ – أما محمد الأمين فلا يحتمل الطول ولذلك عري من التحقيق العلمي – قال في مقاله النسخة الرابعة: (بعد موت مالك أسس تلامذته مذهبه وأصبح لمالك مذهب دون أن يدري أنه سيخلد كصاحب مذهب، ففي الوقت الذي مات فيه مالك نادماً على الفتاوى التي أفتاها جُمعت تلك الفتاوى وفق مذهب سُمي باسمه على يد تلامذته (خاصة من الأفارقة والأندلسيين). وكما أجرى تلامذة أبو حنيفة تعديلات على مذهبه، فعل كذلك تلامذة مالك تعديلات على مذهبه، أمثال أسد بن الفرات وعبد الملك بن حبيب ومحمد بن إبراهيم بن زياد الإسكندري (انظر مقدمة ابن خلدون ص285، ط دار الهلال). قال أحمد في رواية المروذي: «كان مالك يُسأل عن الشيء، فيقدم، ويؤخر يبهت. وهؤلاء يقيسون على قوله ويقولون: "قال مالك"».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/285)
والأمثلة على ذلك كثيرة. فمثلاً: يقول ابن عبد البر (على سبيل المثال) في الاستذكار (ج5 #7389): «وذكر أبو مصعب في مختصره عن مالك قال: لا يؤم الناس أحد قاعدا فان أمّهم قاعدا فسدت صلاته وصلاتهم». ورد هذا الكلام حرفاً حرفاً في المختصر (مخطوط القرويين، ص31، تأريخ النسخ 359هـ) بدون ذكر مالك بن أنس. أما القاضي عياض فهو يعتبر هذا المختصر "أقاويل مالك بن أنس". مع أن مالكَ لا ذكر له في الكتاب إلا أربع أو خمس مرات على مضى 348 صفحة!
الجديد في الطبعة الرابعة من المقال هو تغيير رقم الصفحة من مقدمة ابن خلدون وذكر دار النشر، وهذا لم يغير شيئا لأن ابن خلدون لم يقل ذلك أبدا لا في هذه الطبعة من كتابه ولا في الطبعة السابقة.
والجديد أيضا هو كلام الإمام أحمد – رحمه الله – وما بعده، فهل حقا ما يزعمه الدكتور موراني وتبعه عليه محمد الأمين تقليدا؟!! والتقليد عيب، وخاصة في قول يلزم منه ما تقدم.
أئمتنا من أهل العلم والصدق الذين هم أعرف الناس بهذه الأمور يقول أحدهم: (وله كتاب مختصر في قول مالك مشهور). القاضي عياض في المدارك 3/ 347، ويذكر في كتابه [الغنية] روايته لهذا المختصر عن بعض شيوخه 102، وابن عبد البر – رحمه الله – وهو الصادق الأمين - ينقل عن هذا المختصر ويقول بدون أدني تحفظ إن أبا مصعب يذكر عن مالك ...
دليل الدكتور موراني على ما يدعيه هو عدم ذكر اسم الإمام مالك قبل كل قول في الكتاب، باستثناء أربع أو خمس مرات، ونحن لا نستغرب هذا منه، لأن أساتذته يقولون: (يجب ألا يؤخذ كل حديث من أحاديث الأحكام عن النبي على أنه رواية صحيحة تصح عن زمنه أو زمن صحابته، حتى يثبت العكس، ولو كان الحديث غير مشتهر، بل يؤخذ على أنه صياغة لحكم شرعي مختلفة صيغت في وقت لاحق) ويسيرون على قاعدة: (السكوت عن الحديث في موطن الاحتجاج دليل على عدم وجوده). فكيف به مع أقوال الإمام مالك – رحمه الله – فهو يسير على منهج اختطه لنفسه فلا تثريب عليه. وإن كنا – معاشر المسلمين - نراه باطلا شكلا ومضمونا.
أما صاحبنا الذي ينتسب لأهل الحديث، فما كان ينبغي له أن يقول هذا أو يوافق عليه، لأنه يعلم يقينا أن أئمتنا ما كانوا يجرؤون على فعل ذلك البتة – وإن وقع شئ من ذلك فمحمول على السهو والغلط لا شك عندهم- أما أن ينسبوا لأحد ما لم يقله فكبيرة عندهم تسقط صاحبها.
فيا دكتور موراني: هل إذا عرف أصل الكتاب وسبب جمعه، وكلام من الذي في أوله وآخره، يحتاج صاحبه أن يقول في كل مسألة ينقلها عنه: قال فلان؟
ثم هل ذكرت لنا بأدلة علمية أن الكلام الذي في مختصر أبي مصعب إذ لم يكن من كلام مالك كلام من هو؟
ثم هل قابلت كلام أبي مصعب الذي ينسبه لمالك – رحمه الله – بكلامه الذي نقله عنه تلامذته الآخرون وقارنت لعلك تجده مطابقا، فتعلم حينئذ صحة نسبة ما في مختصر أبي مصعب جملة للإمام مالك.
ولنأخذ مثلا على ذلك ما نقله الدكتور عن الحافظ ابن عبد البر في الاستذكار 5/ 393 - 394 أنه قال: (وذكر أبو مصعب في مختصره عن مالك قال: لا يؤم الناس أحد قاعدا، فإن أمهم قاعدا فسدت صلاته وصلاتهم.
قال: فإن كان الإمام عليلا تمت صلاته وفسدت صلاة من خلفه.
قال: ومن صلى قاعدا من غير علة أعاد الصلاة.
فعلى رواية أبي مصعب – لا حظ – هذه عن مالك تجب الإعادة على من صلّى خلف إمام مريض جالس في والوقت وبعده.
وقد روي عن مالك أنهم يعيدون في الوقت خاصة).
هذا كله ما نقله ابن عبد البر، وما علق به عليه. والدكتور يأخذ على ابن عبد البر أن نسب هذا لمالك، وليس في المخطوط الذي بين يديه ذكر لمالك، ونحن إذا تجاوزنا أن عدم ذكره في المخطوط الذي بين يدي الدكتور = لا يعني أبدا عدم ذكره في المخطوط الذي ينقل منه الحافظ ابن عبد البر. و ذهبنا إلى المدونة 1/ 81 طبعة ساسي المغربي التونسي، لوجدنا ابن القاسم يذكر عن الإمام مالك: (لا ينبغي لأحد أن يؤم في النافلة قاعدا، قال: ومن نزل به شئ وهو إمام حتى صار لا يستطيع أن يصلي بهم إلا قاعدا فليستخلف غيره يصلي بالقوم، ويرجع هو إلى الصف فيصلي بصلاة الإمام مع القوم، وسألنا مالكا عن المريض الذي لا يستطيع القيام يصلي جالسا ويصلي بصلاته ناس، قال: لا ينبغي لأحد أن يفعل ذلك).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/286)
وهذا قول جار على مقتضى المذهب حيث القيام ركن عندهم، فلا يصح الإقتداء بمن عجز عنه كالقراءة، فما بالك بمن تركه وهو قادر عليه.
وأما قول أبي مصعب عن مالك: فإن كان الإمام عليلا تمت صلاته وفسدت صلاة من خلفه.
فمعروف من قول مالك، قال ابن رشد في البيان 1/ 299 - 300: (فإن أم المريض جالسا بالأصحاء قياما، على ما في رواية ابن القاسم عن مالك: أجزأته، وأعاد القوم أبدا).
وقال في النوادر 1/ 260: ( ... وقال ابن الماجشون، ومطرف: وإن صلى بهم جالسا أجزأه هو، وعليهم الإعادة أبدا، وذكر مثله ابن حبيب عن مالك، وقال مالك في المجموعة من رواية عليّ مثله ... ).
وقول أبي مصعب عن مالك: ومن صلى قاعدا من غير علة أعاد الصلاة.
جاء في المدونة 1/ 79: (قلت: أرأيت من صلى قاعدا وهو يقدر على القيام أيعيد في قول مالك، قال: نعم عليه الإعادة وإن ذهب الوقت).
فأين المشكل دكتور، كل ما نسبه أبو مصعب لمالك، أو ما فهمه علماؤنا أنه من قول مالك في مختصر أبي مصعب = معروف من قول مالك من رواية غيره، فإن انفرد فهو إمام ثقة فقيه صحيح النقل، ولا يقال أبدا إنه نسب لمالك ما ليس من قوله، إلا إذا أردنا إحداث علم جديد، واجتهاد جديد، في فهم كتب سلفنا الصالح، وطريقة تصنيفهم واصطلاحهم في ذلك، فعليك وعلى من قلدك أن تضعا لنا أصوله وقواعده، أم نكتفي بما قعده جولدتسيهر وشاخت ... والذي أبطله علماؤنا منذ زمن بعيد.
وفي المشاركة القادمة سأتحدث – إن شاء الله - عن أمر أقلق محمدا الأمين، فراح يبدي فيه ويعيد، وكأنه أصاب مقتلا من الإمام مالك - رحمه الله ورزقه الطمأنينة والسلام في مرقده -.
=============================
عبد الرحمن السديس 28 - 12 - 2004 05:33 PM مشاركة 42.
--------------------------------------------------------------------------------
إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة الفهم الصحيح
فنقل كلاما عن الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله - لم يعزه إلى مصدر، وما أظنه جوّد نقله، فقال: (قال أحمد في رواية المروذي: «كان مالك يُسأل عن الشيء، فيقدم، ويؤخر يبهت. وهؤلاء يقيسون على قوله ويقولون: "قال مالك"».
والحق يقال: إني لم أقف بعدُ على كلام الإمام أحمد هذا، وقد بلوت من محمد الأمين ما يدعوني إلى الانتظار حتى أعرف معنى كلام الإمام أحمد هذا جيدا، ومن هم المشار إليهم بهؤلاء. (أرجو من إخواني ممن يقف على هذا في أحد المصادر أن يرسل إلىّ به مشكورا) ..
هذا الكلام نقله الأمين من مشاركة لي قبل أيام، وأجرى بعض التعديلات على علامات الترقيم، وهي على هذا الرابط:
إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة عبد الرحمن السديس
فائدة:
في الآداب الشرعية لابن مفلح 2/ 61
وقال أحمد في رواية المروذي: كان مالك يسأل عن الشيء، فيقدم، ويؤخر يبهت، وهؤلاء يقيسون على قوله ويقولون: قال مالك.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newre...wreply&p=122362
والاطلاع على الكتاب يبن وجه الكلام، والاطلاع على الرابط يبين وجه ذكري لها.
وجزاك الله خيرا.
=======================
أحمد عسكر 28 - 12 - 2004 06:49 PM مشاركة 43.
رواية المروذي
أخي الفهم الصحيح
السلام عليك
لا تتعجب، فإن الهداية بيد الله، والذي في الضلالة سيمد له الرحمن مدًّا، ولا تظن أنه مهما ذكرتَ من حقٍ، وسقتَ من إدلةٍ، أنه سيرجع عن تدليسه وتحريفه، فالأمر ليس بيدك، وليس في أدلتك؛ واقرأ قوله تعالى:
وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ
وقد نقل، ولا تطاوعني عقيدتي أن أقول: الأمين، نقل ـ كما ذكرتَ ـ عن رواية المروذي لأحمد بن حنبل، رضي الله عنه؛ كان مالك يُسأل عن الشيء، فيقدم، ويؤخر يبهت. وهؤلاء يقيسون على قوله ويقولون: ((قال مالك)).
والظاهر أنه نقلها من كتاب ألف ليلة وقيس، أو مغامرات جحا ...
وإليك كل ماجاء في رواية المروذي عن أحمد، بخصوص الإمام مالك حصرًا:
ـ قال المروذي: قال أبو عبد الله ـ أحمد بن حنبل ـ: مالك حجة. ((سؤالاته)) (45).
ـ وقال المروذي: سَمِعتُهُ يقول (يعني أبا عبد الله أحمد بن حنبل): مالك بن أنس عندي إمام من أئمة المسلمين. ((سؤالاته)) (205).
فانظر، وفقك الله، ماذا فعل العمى بأهله؟!!
واطلب أنت منه الآن، أو يطلب أصحاب هذا الملتقى، من هذا، أن يذكر لكم الإسناد ـ أكرر: الإسناد ـ لأنه ماهر في التدليس والتعمية، وهذه شهادة له، الإسناد الذي وصل به إلى المروذي الذي نقل هذا عن الإمام أحمد.
فإذا لم يفعل؛ فإنني العبد الضعيف، عابر السبيل، أطلب من أهلي، أصحاب هذا الموقع، أن يتقوا الله في اختيار من يكتب هنا، ومراجعة كل مايُكتب، قبل أن يتحول الموقع إلى ملجأ للطاعنين في أهل الحديث الأمناء الثقات.
أما الطعن في الكذابين والمجروحين والضعفاء، ممن سلف، فهذا ليس طعنا في سلف الأمة الصالح، بل في السلف المنحرف، الذي تجنب حديث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، واتخذ الرأي دينًا.
أما ماجاء في مشاركة الشيخ الفاضل / السديس، من أنه ذكر له أن هذا جاء عند ابن مفلح، فليسق لكم هذا الذي سمى نفسه أمينا إسناد ابن مفلح إلى المروذي
وإلا، فنحن عندنا الأصل، وهي رواية المروذي
واطمئنوا فقد حصرت مافيها حرفا بحرف
والسلام عليكم ورحمة الله إخوتي الشيخ السديس، والفهم الصحيح، حصرا أيضا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/287)
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[31 - 12 - 05, 10:13 ص]ـ
28 - 12 - 2004, 05:13 PM المشاركة 44
عبد الرحمن السديس المشاركات: n/a
--------------------------------------------------------------------------------
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
في ترجمة عبد الملك بن عبد الحميد الميموني صاحب الإمام أحمد في طبقات الحنابلة كلام (قد
) يوضح وجه كلام أحمد.
وثناء أحمد وغيره من أئمة المسلمين على مالك أشهر من أن يذكر، ورحم الله الحافظ العراقي إذ يقول في الألفية:
َوصَحَّحُوا استِغْنَاءَ ذِي الشُّهْرَةِ عَنْ
تَزكِيَةٍ، كـ (مَالكٍ) نَجْمِ السُّنَنْ
-------------------------------------------------
عبدالله المزروع المشاركات: 45
28 - 12 - 2004, 06:46 PM
أين محمد (الأمين!)؟
خرج، ولن يعود!
==================================
-12 - 2004, 11:02 PM مشاركة 46
الفهم الصحيح.
عضو نشيط تاريخ الإنضمام: Apr 2004
المشاركات: 333
--------------------------------------------------------------------------------
أيها الأحباب الكرام بارك الله فيكم على الإفادة والتواصل، وبالنسبة لمحمد الأمين فأنا - بفضل الله - أفطن لكثير من نقله عن أهل الملتقي هنا، وتوظيفه ذلك في غير بابه، ولعلي أذكر شيئا من ذلك فيما يأتي من المشاركات - إن شاء الله - ولكن المشكل حقا هو نقله من مصادر مريبة أشياء لم يقف عليها بنفسه، وبذا لا يعرف حقيقتها، أو لا يفهمها حق فهمها، ثم يستعملها في ظلم أناس برأهم الله مما يقول هو وغيره من أهل الضلال. وقد دفعه حنقه غير المبرر على الإمام مالك وتلامذته إلى تعديل وإضافة خامسة لمقاله، جاء فيها بما لا يحسن فهمه ولا نقله. والأغرب من هذا كله عودته لما ذكرته له في التعليقات من أمر استدلاله بمن يقول فيهم قولا منكرا - وقد برأهم الله من قوله - يخرجهم به من دائرة أهل العلم، ثم تراه يرجع و يستدل بأقوالهم على الإمام مالك وغيره. فهذا حقيقة مما لا أفهمه من طريقة محمد الأمين، إلا أن يكون قاصدا لما ذكرته له من ضرب أئمة أهل العلم بعضهم ببعض، ولا يخفى على طلبة العلم أسلوب مَن هذا.
=========================
-01 - 2005, 07:08 PM مشاركة 47
الفهم الصحيح.
عضو نشيط تاريخ الإنضمام: Apr 2004
المشاركات: 333
--------------------------------------------------------------------------------
أيها الأفاضل الكرام:
تنبيه: ذكرت في المداخلة قبل الأخيرة: أن القاضي عياض يروي مختصر أبي مصعب الزهري في كتابه الغنية عن أحد شيوخه، والصواب أن الذي يرويه هو ابن عطية في فهرسه، والذي أدى إلى هذا الخطأ عدم تقييد العلم، فالعفو أيها الكرام.
ألأخوان عبد الرحمن السديس وأحمد عسكر - بارك الله فيكما - لقد وقفت على ما ذكرتما، وانتفعت به، ولعلي أذكر شيئا من فوائد ذلك بعد حين.
أيها الأحباب:
وهكذا يستمر محمد الأمين في خلطه وخبطه في مقاله عن الإمام مالك بن أنس – رحمه الله – وبدل أن يعود على مقاله بالنقض والإبطال، ويعيدصياغته من جديد كما أخبرته، لكثرة الأخطاء العلمية والمنهجية فيه = إذا به يستمر في الكلام في أمور لا يحسنها ولا يفهمها، وهو بذلك يستعمل أسلوب الهروب إلى الأمام، ولا يحسن استعمال أسلوب طلبة العلم الذين يألفون العودة للحق، واللجوء إلى ركنه الوثيق.
والسؤال لا زال مطروحا: على أي أساس أثبت محمد الأمين ما ذكره من نصوص محرفة في النسخة الأولى والثانية ... في مقاله، ثم على أي أساس غيّرها على الجادة بعد جهد؟!!
ثم ما قوله في ما ذكّرته به مرارا، من تقوّله على بعض أئمة أهل العلم ما لم يقولوه، ونسبته إليهم – ظلما - أشياء ما تفوهوا بها، ولم يقصدوا إليها ألبتة؟!! لماذا لا يرجع عن ذلك أيضا. بدلا من استمراره – كما سيأتي - في التقول عليهم جهلا، وتقليدا لمن أضلهم الله.
وإذا كان هذا حاله مع النصوص المنقولة، فكيف حال ما أثبته في مقاله بناء على فهم عاطل لنصوص لم يتبينها، ولم يحسن وضعها في سياقها الصحيح؟!! وهذا كثير في مقاله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/288)
ثم في تعديل له رابع وخامس يطالعنا بأشياء تدل بجلاء على أنه قد سقط في يده، فأصبح يهرف بما لا يعرف، ويتكلم في أمور لا يدريها أبدا، ويقول وينقل أمورا يظن أن فيها إساءة بالغة لبعض من أهل السنة والجماعة، قد برأهم الله منها، وفيها تضليل لكثير من الناس الذين يتأثرون بنسبة أي قول لأحد الأئمة المتبوعين من أمثال مالك، ويرون في ذلك حجة لفعل ما أفتوا بجوازه، ولو كان اجتهادا خاطئا منهم - رحمهم الله - وأحرص الناس على نشر هذا والاهتمام به، هم أهل الضلال من الشيعة وغيرهم، أما أئمة أهل السنة فينفون هذا - بعلم - عن أئمتنا، أو يتركون الخوض فيه بناء على أنها زلة عالم لا تؤخذ عنه، وهذا لا يخلو منه بشر حاشا من عصمه الله من النبيين والمرسلين عليهم أفضل الصلاة والسلام.
ومن أمثلة أخطائه العلمية الجديدة: قوله بعد أن ذكرت له، وذكر له قبلي الشيخ ابن وهب عن الشيخ المعلمي في التنكيل إبطال ما يروى عن الأصمعي في قصة لحن الإمام = فقال: (وهذا أخرجه الخطيب أيضاً في كتاب "الفقيه والمتفقه" (2|29) من وجه آخر عن الأصمعي، مما يعضد الرواية الأولى ويقويها).
قلت: وهذه أخذها - كعادته – من مشاركة لأحد الإخوة في موضوع كتبه حول مَن نسب إلى اللحن من الأئمة، وقد كنت رددت تلك الرواية مبينا حال بعض رواتها.
فإذا بمحمد الأمين يأتي بها هنا مدعيا تقويتها للرواية السابقة التي فيها كذاب متهم، مما يدل دلالة واضحة على عدم معرفته بهذا العلم الشريف، وأنه يتكلم فيما لا يحسنه، فكيف بالله عليكم يقوم بتدريسه على طلبة صغار لا يفرقون بين الغث والسمين، أليس هذا مصداق ما أخبر عنه المصطفي الأمين، فيما صح عنه في الخبر المشهور: (إن الله لا يقبض ... )؟!!
فكيف يعضد الكاذبُ الكاذبَ أيها الأحباب؟ أم كيف يقويه؟ أليس العكس هو ما يقوله أهل العلم؟
أليسوا يستدلون بتواطؤ الكذبة على رواية ما، على بطلانها ووهائها؟
أم اختلطت الأمور على محمد الأمين، فظن أن قول بعض علمائنا الأفذاذ ضعيف + ضعيف = ثقة، فظن هذا من هذا؟ أم حسب أن كلامهم على تقوية الحديث الضعيف بكثرة طرقه يدخل فيه حتى تقوية أخبار الكذابين والوضاعين؟ ألم يفرق بين الراوي الضعيف بسبب سوء الحفظ أو قبول التلقين، أو الجهالة ... الذي يجبر ضعفه بآخر ضعيف، وبين من يوصف بالكذب؟ فتطرح روايته أبدا.
وقد ذكرني حاله هذا بشخص ينتسب للفتوى، قيل له: عن حديث إنه موضوع، فقال: يعمل به في فضائل الأعمال!!
و من أخطائه العلمية والمنهجية والدعوية، و أوابده التي تحتاج لتقييد، كلامه عن مسألة إتيان النساء في المحل المكروه، فلا أدري لماذا يصر عليه محمد الأمين، ويتوسع في ذلك مع علمه بضرره على من يقرأه ممن لم يتأهل بعد – مثله – لفهم كلام العلماء في هذا، أوْ لم يطلع على أدلتهم البينة في حرمته.
وأنا هنا لست معنيا كما ذكرت في التعليقات ببحث المسائل الفقهية الخلافية والاجتهادية، فذلك أمر له كتب معروفة وقواعد مشهورة، وإنما بحثي مع محمد الأمين في منهج الدراسة وكيفية عرضه للمواضيع.
ففي النسخة الأولى والثانية والثالثة من مقاله كان يقول: (ومما نقموا عليه كذلك فتواه بجواز إتيان المرأة في دبرها، وكان يفعل ذلك بنفسه. إذ أخرج الخطيب في "رواة مالك" عن أبي سليمان الجرجاني قال: سألت مالك بن أنس عن وطء الحلائل في الدبر، فقال لي: «الساعة غسلت رأس ذَكَري منه».
ثم إذا به يقول في آخر تعديل: (ومما نقموا عليه كذلك فتواه بجواز إتيان المرأة في دبرها، وروي أنه كان يفعل ذلك بنفسه. إذ أخرج الخطيب في رواة مالك عن أبي سليمان الجوزجاني قال: سألت مالك بن أنس عن وطء الحلائل في الدبر، فقال لي: «الساعة غسلت رأسي منه».
فمن أين استقى نقله الأول لا أحد يعلم؟!! ومن أين كان نقله الأخير لا أحد يعلم؟! وكيف كانت نسبة هذا للإمام جزما ابتداء، ثم تحولت ظنا انتهاء لا أحد يعلم؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/289)
ثم هو يصر ويلح في إثبات ذلك للإمام و بعض أتباعه، وينقل ما يثبت توثيق نقله ذاك، فإذا جاء من ينفي ذلك عن الإمام بعلم، يرده بقوة وينقل عن بعضهم أن هذا لا يفيد، اسمع إليه في الإضافة الجديدة ما ذا ينقل – وهو يظن أنه تحصل على نص ثمين يدمغ به الإمام وأتباعه -: (وفي أحكام القرآن للجصاص (2|40) قال: «المشهور عن مالك إباحة ذلك (إتيان المرأة في دبرها) وأصحابه ينفون عنه هذه المسألة لقبحها وشناعتها. وهي عنه أشهر من أن يندفع بنفيهم عنه».
قلت: هل يعتمد العلماء في إثبات الأقوال لأصحابها على صحة ذلك عنهم وبقاء القول به، أم على شهرة نسبة الأقوال لأي كان؟! فكم من قول اشتهرت نسبته لأناس وهم أبرياء منه؟ أو ثبت رجوعهم عنه، وكم من حديث اشتهر على ألسنة العلماء فضلا عن العامة وهو ضعيف أو موضوع، فكان ماذا؟ وكأني بمحمد الأمين لم يعرف قط مبحث الغلط على الأئمة الذي تكلم عليه مرارا وتكرارا شيخ الإسلام وتلميذه النجيب ابن القيم – رحمهما الله – ولم يعرف يوما بعض الكتب المؤلفة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة، وفيها الموضوع والواهي.
ومحمد الأمين إذ ينقل هذا يتعامى عن أقاويل أهل العلم من غير المالكية، في نفي هذا عن الإمام، من ذلك قول العلامة ابن القيم – رحمه الله – في تكذيبه نسبة ذلك للإمام مالك خاصة، وأتباعه عامة، في كتابه [إغاثة اللهفان في مصائد الشيطان] 2/ 859 من طبعة دار ابن الجوزي، قال: ( ... وسبب غلط هذا وأمثاله: أنه قد نسب إلى مالك – رحمه الله تعالى- القول بجواز وطء الرجل امرأته في دبرها! وهو كذب على مالك وعلى أصحابه، فكتبهم كلها مصرحة بتحريمه).
وقوله في الزاد 4/ 257: (وأما الدبر فلم يبح قط على لسان نبي من الأنبياء، ومن نسب إلى بعض السلف إباحة وطء الزوجة في دبرها فقد غلط عليه).
وقال الإمام ابن كثير في تفسيره في آية البقرة: (وقد حكي عن بعض فقهاء المدينة، حتى حكوه عن مالك وفي صحته نظر .... – ثم ذكر عن الطحاوي شيئا مما روي عن ابن القاسم في إباحة ذلك، وقد برأه الله منه – قال: وقد روى الحاكم والدارقطني والخطيب البغدادي عن الإمام مالك ما يقتضي إباحة ذلك، ولكن في الأسانيد ضعف شديد، وقد استقصاها شيخنا أبو عبد الله الذهبي في جزء جمعه في ذلك والله أعلم).
وهذا الجزء الذي يشير إليه الحافظ ابن كثير، أظنه المصنَّف الكبير الذي ذكره الذهبي في السير 14/ 127: (قلت: قد تيقنا بطرق لا محيد عنها نهي النبي – صلى الله عليه و آله وسلم – عن أدبار النساء، وجزمنا بتحريمه، ولي في ذلك مصنف كبير).
وقال أيضا في السير 5/ 100: (وقد أوضحنا المسألة في مصنف مفيد، لا يطالعه عالم إلا ويقطع بتحريم ذلك).
وأخيرا وليس آخرا يتعامي عن قوله هو محمد الأمين نفسه، إذ قال في هذا الرابط: بعنوان: من أحاديث إتيان المرأة في الدبر، للشيخ أبوتيمية إبراهيم، من أعضاء الملتقى – حفظه الله -.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=782&highlight
:( وقد قال بالجواز مالك ... في مذهبهم القديم، ثم رجعوا عنه.
وما يرويه ابن وهب عن مالك فهذا مذهبه القديم. وما ينقله ... ... فهو مذهبه الجديد.
فهل رأيتم إخواني أعجب من هذا؟!!
ثم بعدما أورد محمد الأمين مجموعة من الروايات في نسبة ذلك للإمام، ونسبة فعله للإمام بنفسه – ظلما وجهلا – متشفيا من الإمام، شارقا بغيظه عليه، يقول محمد الأمين كأنه يتحدى – ولا أدري من يتحدى -: (وهناك روايات أخرى تركتها لعدم الإطالة، وهي مشهورة).
قلت: نعم هي مشهورة عند من وصفتهم بقولك: (أما إخواننا من الشيعة) في مقالك عن شحرور. أما أهل السنة والجماعة فقد تقدم ذكر أقاويلهم في نفي ذلك عن الإمام، وسيأتي قريبا نفي أتباعه وتلاميذه عنه ذلك بعلم. ثم أقول لك – يا محمد الأمين –: لماذا لا تورد هذه الروايات المشهورة من مصادرها مع أسانيدها ليحكم عليها أهل الحديث الأماجد، ويبينوا لك عوارها حتى تطيب نفسك، ويذهب عنها بعض هذا الغيظ عن أئمة السنة الميامين.
ثم قال محمد الأمين – ولم يبين مصدره كعادته -: (وروى المالكية خبراً يفيد رجوع الإمام مالك عن الإباحة، لكن الخبر مروي من طريق إسماعيل بن حصن، وهو واهي الحديث).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/290)
قلت: المالكية لا يعتمدون على هذا فقط في نفي ذلك عن إمامهم، بل هم يذكرون هذا عن ابن وهب عن مالك، كما ذكره الإمام الخليلي في الإرشاد عنه 1/ 206.
وكذلك ينقلونه عن أبي الحسن علي بن زياد الإسكندراني – وليس التونسي – قال القاضي عياض - رحمه الله – في المدارك 3/ 290 طبعة المغرب: (من رواة مالك المشهورين وأهل الخير والزهد، يعرف بالمحتسب، ولم يشتهر في الفقهاء من أصحاب مالك، لكن له رواية عن مالك في الحديث والمسائل، وهو الذي روى عن مالك إنكار مسألة وطء النساء في أدبارهن.
قال بعض رواة مالك: حضرت علي بن زياد يسأل مالكا فقال: عندنا يا أبا عبد الله بمصر قوم يتحدثون عنك أنك نجيز وطء النساء في أدبارهن فقال مالك: كذبوا عليّ عافاك الله).
وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره: (وروى معمر بن عيسى عن مالك أن ذلك حرام).
وقال عقب ذكر الرواية التي أشار إليها محمد الأمين: (هذا هو الثابت عنه) يعني حرمته ولم يشر – رحمه الله لتضعيف إسماعيل بن حصن.
وفي تلخيص الحبير3/ 212: ( ... وقال أحمد بن أسامة التجيبي نا أبي سمعت الربيع بن سليمان الجيزي يقول: أنا أصبغ، قال: سئل ابن القاسم عن هذه المسألة وهو في الجامع فقال: لو جعل لي ملء هذا المسجد ذهبا ما فعلته. قال: ونا أبي سمعت الحارث بن مسكين يقول: سألت ابن القاسم عنه فكرهه لي، قال: وسأله غيري فقال: كرهه مالك).
ثم قال محمد الأمين – ناقلا هذا وغيره من مصادر الشيعة لأن ما ينقلون عنه ما أظنه وقف عليه، ولذلك لا يسميه وحتى إن سماه فما أظنه يعرف مصدره الأصلي-: (وقد انسحب هذا على عدد من المالكية الذين أباحوا نكاح المرأة في دبرها. قال القاضي عياض: كان القاضي أبو محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي (ت 392هـ) يجيزه ويذهب فيه إلى أنه غير محرم. وصنف في إباحته محمد بن سحنون (ت259هـ)، ومحمد بن شعبان (ت355هـ)، ونقلا ذلك عن جمع كثير من التابعين. وفي كلام ابن العربي (543هـ) والمازري (ت526هـ) ما يومئ إلى جواز ذلك أيضاً. وحكى ابن بزيزة في تفسيره، عن عيسى بن دينار (ت212، وهو من مفاخر مالكية الأندلس!) أنه كان يقول: «هو أحل من الماء البارد».
قلت: هكذا ينجر محمد الأمين وراء من يريد الطعن على علماء أهل السنة، فينسب للقاضي عياض مالم يقله – وهذا ديدن محمد الأمين – ويظلم الأصيلي الإمام – رحمه الله – فينسب إليه ما ليس من مذهبه، ويغمز الإمامين الجليلين ابن العربي والمازري بما لم يتفوها به، بل لعله لم يخطر لهما على بال قط.
فأول ما يفهمه من وقف على هذا الكلام، أنه كله من كلام القاضي عياض، وأنا هنا أطالب محمدا الأمين أن يذكر لنا مصدر هذا الكلام عن القاضي عياض من خلال أحد كتبه المطبوعة أو المخطوطة، أو يذكر مصدرا معتمدا من كتب المالكية ذكر هذا عنه، وما أظنه يفعل بل سيحيلنا – إن تواضع – على مصدر آخر لم يره محمد الأمين، نقل منه بعض الشيعة هذا الكلام. فلعله يذكر هذا المصدر في تعديل جديد في مقاله.
وهذا النقل كاملا عن القاضي ما أظنه يصح أبدا، وإنما له الجملة الأولى على غلط ناقلها عنه - وإن كان إماما مقدما – والذي نقل هذا عن الإمام المشار إليه هو الشيخ مرتضى الزبيدي في شرحه على الإحياء، وعليه اعتمد ضلال الشيعة، وأوهموا أنه كله من كلام القاضي عياض، حتى يصدق الناس هذا لأنه مالكي المذهب، وهذا ما يوحي به صنيع محمد الأمين هنا أيضا.
وقد فاتهم جميعا أن القاضي قد ذكر رأي الأصيلي في المدارك 7/ 141 فقال: ( ... ويرد القول بإتيان النساء في أعجازهن كراهة من غير تحريم، على أن الآثار في ذلك شديدة، وقد ورد في بعضها التحريم ولعن فاعله).
وقال الإمام الذهبي في السير 16/ 560 في ترجمة الأصيلي عن عياض: (يرى النهي عن إتيان أدبار النساء على الكراهية). ونقل نص القاضي أيضا الصفدي في الوافي 17/ 7.
هذا هو المعروف المنقول من رأي الأصيلي – رحمه الله – فأين الكراهة من الجواز؟!!.
والذي يبطل نسبة النص المتقدم كاملا للقاضي عياض أيضا ذكر ابن بزيزة فيه، إذ قد ولد ابن بزيزة عبد العزيز بن إبراهيم بن أحمد القرشي أبو محمد التميمي التونسي سنة 606 هجرية وتوفي 662. فأين هو من القاضي عياض المتوفى قبل مولد ابن بزيزة بقرابة الستين سنة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/291)
وأما القول بأن في كلام ابن العربي والمازري ما يشير إلى جوازه؛ فهذه كتبهم بين أيدينا فليبين لنا محمد الأمين ذلك مشكورا. وإن كان قد فهم هذا من ذكرهم الخلاف في المسألة، فما أبعده من فهم، وهل هذه إلا طريقة الفحول من أهل العلم؟
وأما نسبته إلى عيسى بن دينار فمما انفرد به ابن بزيزة إن صح النقل عنه، ولم أجد من ذكر هذا عنه – ابن دينار - مع شدة البحث في ترجمته – رحمه الله – فالله أعلم بالحال.
والذي يغلب على الظن أن هذا من رواية عيسى بن دينار – رحمه الله – وليس من رأيه، فالعبارة المنقولة عنه منسوبة في البيان والتحصيل لغيره، والذي يساعد على هذا ما رأيته في المطبوع من تفسير الإمام ابن عرفة من رواية تلميذه الأبي – رحمه الله – حيث قال 2/ 648: (قال ابن بزيزة في شرح الجمل .... وأسند عنه عيسى بن دينار فقال: ... ) وذكر العبارة التي ينسبها محمد الأمين لعيسى بن دينار. فالله أعلم.
ووضْع محمد الأمين علامة التعجب، بعد قوله عن عيسى بن دينار: (من مفاخر مالكية الأندلس!) يدل على شدة حنقه على علماء المالكية، ولا ندري إلى يومنا هذا سببه، وما أظن أننا نعرف ذلك إلى يوم القيامة، والرجل - رحمه الله – إمام علامة قال ابن حزم – رحمه الله – عن أحد كتبه منصفا: (وألفت عندنا تآليف في غاية الحسن، لنا خطر السبق في بعضها، منها: كتاب [الهداية] لعيسى بن دينار، وهى أرفع كتب جمعت في معناها على مذهب مالك وابن القاسم، وأجمعها للمعاني الفقهية على المذهب .. ). فضائل الأندلس 12، طبعة صلاح الدين المنجد.
ووصفه الإمام الذهبي في السير عند ترجمته في الجزء العاشر بقوله: (فقيه الأندلس ومفتيها).
فما يضيره - رحمه الله – بعد هذه الشهادات، أن وضع محمد الأمين علامة التعجب بعد ذكر اسمه والثناء عليه؟!!
وأما قول ابن سحنون وابن شعبان – رحمهما الله – بجواز هذا، فيحتاج لتوثيق، فليس مجرد التأليف في ذلك بدليل على أنهما يريان جواز هذا، يؤكد ذلك أن الكتاب الذي ينقل عنه أهل الضلال وفي نفس الصفحة التي يشيران إليها، 6/ 182 من إتحاف السادة المتقين للزبيدي، طبعة دار الكتب العلمية، جاء فيها: (و ضيق في إباحته محمد بن سحنون ... ) فما الذي غيّره إلى: وصنف في إباحته ... ، مع العلم أن الكثير من أهل العلم ممن ترجم لهذين لم يذكروا عنهما القول بإباحته، ولو كان معروفا عنهما لذكر، أما التأليف في ذلك فلا يدل على شئ، خصوصا أن عنوان كتاب ابن شعبان هو (جماع النسوان) وهذا الاسم يدل على أنه لم يؤلف كتابه لهذه المسألة خاصة، وإن كان قد أفاض فيها القول.
وقد قال أبو بكر ابن العربي في الأحكام 1/ 172: ( ... وقد جمع ذلك ابن شعبان في كتاب جماع النسوان وأحكام القرآن ... ) فليس في كلامه ولا كلام الكثير غيره مما وقفت عليه ما يشير إلى اختياره للجواز، وكذلك الحال مع ابن سحنون فالله أعلم. وكان أبوه سحنون – رحمه الله – يفتي بأن من أتي امرأته في دبرها يجلد دون الحد، كما في أحكام الشعبي المالقي، ص 199 دار الغرب الإسلامي.
تنبيه: لا يعترض عليّ محمد الأمين أني نقلت بعض كلام ابن العربي، وكذا بعض كلام ابن عرفة - مع ملاحظة عدم تأثير المحذوف على المراد فهمه - وتركتُ أوله وآخره لأني فعلت ذلك عن عمد، مراعاة للمصلحة، مقتصرا على الغرض من النقل فقط.
وأخيرا فإن ألف ابن شعبان وابن سحنون في ذلك حسب ما يدعي محمد الأمين، فقد ألف في إبطال ذلك عن الإمام مالك – رحمه الله – العلامة أبو العباس القرطبي – صاحب الشيوخ المجاهيل لعلك تذكره محمدا الأمين – فقال في المفهم4/ 157: (وقد تواردت – لاحظ هذه الكلمة - روايات أصحاب مالك عنه بإنكار ذلك القول وتكذيبه لمن نقل ذلك عنه، وقد حكينا نص ما نقل عن مالك من ذلك في جزء كتبناه في هذه المسألة سميناه [إظهار إدبار من أجاز الوطء في الأدبار] وذكرنا فيه غاية أدلة الفريقين ... ).
ثم ذكر محمد الأمين كلاما لابن العربي، لا أدري عرف مصدره أم اكتفى بنقله عن أهل الضلال، قال: (قال أبو بكر بن العربي في "سراج المريدين": «والمسألة مشهورة. صنّف فيها محمد بن سحنون جزءاً، وصنف فيها ابن شعبان كتاباً، وبيّن أن حديث ابن عمر ... ).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/292)
قلت: تركت جزأ من كلامه إتباعا للإمام البخاري – رحمه الله – كما في صحيحه، وكلام ابن العربي هذا يؤكد ما قلته في التوقف عن نسبة هذا القول لابن سحنون وابن شعبان، فلو كانا يقولان به لنسبه القاضي ابن العربي إليهما صراحة.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[01 - 01 - 06, 02:26 ص]ـ
-01 - 2005, 08:46 PM مشاركة 48
الفهم الصحيح.
عضو نشيط تاريخ الإنضمام: Apr 2004
المشاركات: 333
التعليقات على مقال
--------------------------------------------------------------------------------
السلام على أهل الحديث الأماجد:
ذكرت في المشاركة 41 دعوى محمد الأمين نسبته لتلاميذ الإمام مالك تقولهم علي إمامهم ما لم يقله، وإدخالهم تعديلات على مذهبه حسب دعواه، وكان أول الأمر في مقاله لم يذكر دليلا على قوله ذاك العاطل الباطل، ثم في تعديل لمقاله أورد ما يظنه دليلا من مشاركة لأخي عبد الرحمن السديس، وهو كلام للإمام المبجل أحمد بن حنبل – رحمه الله – ذكره عنه الإمام المفلح ابن مفلح – رحمه الله - في كتابه الطيب الآداب الشرعية 2/ 61 طبعة مؤسسة الرسالة، في فصل [في قول العالم: لا أدري، واتقاء التهجم على الفتوى] وهذا لفظه: (وقال أحمد في رواية المروذي: كان مالك يسأل عن الشئ فيقدم ويؤخر يبهت، وهؤلاء يقيسون على قوله، ويقولون: قال مالك).
وقبل بيان معنى قول الإمام أحمد، هنا سؤال لمحمد الأمين: هل كلام الإمام أحمد هنا ينطبق عليه ما ذكرته عن أقواله الفقهية في مقالك (الإمام أحمد بن حنبل وانتشار المذهب الحنبلي) حيث قلتَ: (لكن المعضلة الكبرى التي واجهت فقهاء الحنابلة، هو كثرة الروايات المتعارضة عن الإمام أحمد، بسبب كثرة تغييره لرأيه. وقلّ أن تجد مسألة خلافية إلا وله فيها أكثر من رأي).
فهل هذا القول الذي تحتج به هنا داخل ضمن الروايات المتعارضة أم لا؟ وبالتالي هل نظرت قبل استدلالك به لعل الإمام – رحمه الله – قد غير رأيه في هذا أيضا!!
قلت: ما يتعلق بمعنى كلام أحمد في مالك: فيقدم ويؤخر يبهت .. يفهم من خلال ما أورده القاضي عياض في آخر الجزء الأول من طبعة المغرب من المدارك1/ 177 - 197 [باب تحريه في العلم والفتيا والحديث وورعه فيه وإنصافه].
أما قوله – رحمه الله -: وهؤلاء يقيسون على قوله ... فهو وإن كان معلوما للإمام أحمد من هم المشار إليهم بهؤلاء، لكنهم غير معلومين بالنسبة لنا لما في اسم الإشارة من الإبهام، فحتى يصح لمحمد الأمين أن يستدل بكلام الإمام في إثبات دعواه المحددة بتلاميذ الإمام مالك – رحمه الله - فعليه أن يأتي بنص من كلام الإمام أحمد نفسه يوضح الإبهام في كلامه، وإلا فكلامه يحتمل أنه يريد به بعض الفقهاء في زمانه أو قبله، أو يريد به بعض المحدثين، أو بعض تلاميذ الإمام. فالإمام مالك كان إمام الكل في ذلك الزمن، إما مباشرة وإما بواسطة بعض الأئمة، وكلامه يعرفه الجميع، ويرغب فيه ويحتج به الجميع فقهاء ومحدثون ومفسرون وغيرهم، فمن المراد بقول الإمام؟ هذا يحتاج إلى نص من الإمام أحمد يزيل الإبهام.
ثم في تعديل آخر أورد محمد الأمين ما يظنه دليلا في إثبات دعواه السالفة، وهذه المرة كلام للمستشرق د: موراني مرة أخرى، كان قد طرحه الدكتور في مشاركة له بعنوان [اختلافات في نص المدونة] تحت هذا الرابط http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=24368&highlight=%
وقد قام الشيخ ابن وهب بمناقشة الدكتور حول هذا الأمر في موضوع آخر طرحه الدكتور موراني تحت عنوان [جاء في المغني لابن قدامة .. ] في هذا الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=24441&page=1
ولم تكتمل المناقشة للأسف الشديد، لعدم توضيح الدكتور لمفهوم تطور النص في المدونة. وإن كان كلامه يؤول إلى ما صرح به محمد الأمين هنا، ولكن الشيخ ابن وهب أراد أخذ تصريح صريح من الدكتور بهذا لتتم المناقشة على أساسه، ولكن الدكتور تردد ولم يفصح، لعلمه بخطأ هذا القول وعدم استطاعته الاحتجاج له بأدلة بينة، أما محمد الأمين فلا تنقصه الجرأة غير المنضبطة فادعى ما ادعى، ولم يستدل على كلامه بشئ أصلا، ثم لما طالبته بأدلة على كلامه ظن أنه وجد ضالته في كلام الإمام أحمد – رحمه الله – وقد سبق بيانه، وفي ما ذكره الدكتور موراني بشأن مختصر أبي مصعب الزهري وتقدم توضيحه أيضا – بفضل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/293)
الله – وهاهو يأتينا بكلام الدكتور موراني حول اختلاف نسخ المدونة.
فأقول: الحديث في هذا طويل، ومحمد الأمين لا يعرف هذا الأمر، لأنه ليس له اعتناء بكتب أهل العلم المطبوعة – وخاصة كتب المالكية - فكيف به مع ما غاب عنه من المخطوط منها، وقد كنت قد بدأت في كتابة رد على الدكتور موراني في هذا، ثم تركته لما رأيت المباحثة معه توقفت.
ولكن ليكن معلوما لدى محمد الأمين أن هنا أشياء ينبغي أن يتفطن لها، قد سبقت الإشارة إلى بعضها:
أولا: الحديث عن اختلاف النسخ في الكتب الفقهية، واتهام أهل العلم بأنهم من قام بتغيير ذلك، يجر إلى الحديث عن كتب السنة في هذا، لأن النقلة في الغالب هم هم، و بعض الاختلاف كما في كتب الفقه هو في كتب السنة، ولهما أسباب يعرفها أهل العلم جيدا، و الدقة في ضوابط حفظ السنة هي نفسها المستعملة في حفظ كتب الفقه.
يقول أحد الباحثين المجدين: (واكبت حركة التصنيف الفقهي حركة مهمة لتدويل الكتب والمصنفات وإيصالها إلى مجالس الدرس في كل الأقطار والأمصار.
وقد انتهض لهذه المهمة علماء الرحلة وطلابها، إذ كانوا السبب في التواصل العلمي وكانوا الشريان الحي الذي يوصل المعرفة الفقهية، ويربط بين أطرافها في المشارق والمغارب، وهم الذين يذكرون في أسانيد كتب الفهارس والمعاجم والمشيخات والبرامج.
وكان الدرس العلمي يعتمد تدريس الكتب والمصنفات بشكل أساس، مما أعطى لعمل الجلابين لها موقعا مهما في عملية التعليم والتصنيف معا، قال الشاطبي: «وإذا ثبت أنه لا بد من أخذ العلم من أهله فلذلك طريقان: أحدهما المشافهة .. الطريق الثاني مطالعة كتب المصنفين ومدوني الدواوين وهو أيضا نافع في بابه» الموافقات 1/ 96 - 97.
ونظرا لموقعها الخطر فإن الخدمة الروائية للمصنفات لم تكن سائمة الحركة ولا طليقة العنان، بل كان وراءها نقد علمي صارم ومتابعة جادة مستندة إلى معايير الرواية في القبول والرد التي أسسها علماء الحديث.
وقد كان لعلماء الرحلة وطلابها - الذين يدخلون المصنفات إلى أقطارهم- من القيمة والاعتماد في أخذها عنهم ما يحدده له ضبطهم ومروءتهم معا.
وقد صنفت لنا هذه المعايير درجات من رواة الكتب متراتبة وفق درجاتهم في الضبط والتحصيل والخلق والعدالة.
فكل العلماء الذين يتصلون بالمصنفات سماعا وإسماعا أو جلبا وإيرادا، كانوا موضوعين تحت عين الرقابة العلمية، بحيث تعتمد المصنفات في مجالس الدرس بقدر تحقيقها لشروط النقل السليم.
ولذلك لم تكن المصنفات على درجة واحدة من الاعتماد والتداول في مجالس الدرس وطبقات السماع، بل كان هناك نسخ معتمدة وأخرى أقل اعتمادا وثالثة مهملة، حسب خضوعها لمعايير الرواية.
ومن خلال استقراء المصطلحات المستعملة من طرف العلماء في مجالس تناقل المصنفات الفقهية وتقويم رجالها ودرجات عملهم، يمكننا أن نقارب المعايير التي أسندت أحكام النقاد على المصنفات وحركتها في المدارس، وفق خمس في مراتب في التعديل، وهي على التقريب كما يلي: (1 - الضبط 2 - الثقة 3 - العلم 4 - جودة الخط 5 - العلو أو بعض الميزات الخاصة للمصنف المسموع .. ). - هذا الاستقراء قمت به من خلال كتاب تاريخ العلماء والرواة بالأندلس لابن الفرضي ثم من صلته لابن بشكوال ولكتاب جذوة المقتبس للحميدي، وهي كلها نماذج محصورة في المجال الأندلسي -.
وهكذا كانت أرقى درجات الرواية ما استجمع هذه الشرائط أو أغلبها، ثم ما كان أقرب إلى كمالها.
-1 - وقد عرف التقويم العلمي أفرادا من العلماء تحققت فيهم جل هذه الشروط، وكانوا على درجات عليا من الوثوق، مما أدى إلى أن عددا من المصنفات كانت تمر أسانيدها عليهم، مهملة أسانيد أخرى موازية لم تلق نفس التعديل والاعتماد).
ثم ذهب الفاضل يمثل لمن اتصف بصفات القبول عند أهل العلم، وبعد ذلك عرج على بعض أناس وصفوا بغير ما يجب أن يكون عليه نقلة تلك الأسفار العظام.
قلت: وكمثال على ما سبق ولبيان دقة أهل العلم في هذا الأمر = فقد جاء في ترجمة إبراهيم بن محمد بن باز - الذي جاء ذكره في مسألتنا هذه في كلام القاضي عياض في التنبيهات – (كان فاضلا زاهدا حافظا للمذهب متقنا له، ربما قرئت عليه المدونة والأسمعة ظاهرا فيرد الواو والألف) المدارك 4/ 443.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/294)
ثانيا: في المسألة المشار إليها عندنا ثلاثة كتب الأول: الأسدية الكتاب الثاني: المدونة، الثالث: تهذيب البرادعي للمدونة.
أما الأسدية: فهي لأسد بن الفرات بن سنان القروي ت 213 هجرية، أحد تلاميذ الإمام مالك، جاءه من القيروان بعد أن تحصل على شئ غير قليل من الفقه الحنفي على أساتذته بها، وكان شغوفا بالعلم حريصا على كثرة الأسئلة، مكثرا من الأسئلة الافتراضية التي كان الإمام لا يحب الإكثار منها، فلما رأي منه الإمام ذلك، وعلم حرصه وحبه للعلم، قال له إن أردت ذلك فعليك بالعراق، وهناك كانت له صولات وجولات مع تلميذ أبي حنيفة الفقيه محمد بن الحسن – رحمه الله -، فجمع عنه الكثير من المسائل، بعد محاورات ومناقاشات طويلة، ودون كل ذلك، قال القاضي في المدارك 3/ 295: (قال محمد بن حارث وأبو إسحاق الشيرازي ويحيي بن إسحاق – وبعضهم يزيد على بعض -: رحل أسد إلى العراق فتفقه بأصحاب أبي حنيفة، ثم نعي مالك فارتجت العراق لموته، قال أسد: فوالله ما بالعراق حلقة إلا وذكر مالك فيها، كلهم يقول مالك، مالك، إنا لله وإنا إليه راجعون. [/ CENTER]
قال أسد: فلما رأيت شدة وجدهم عليه، واجتماعهم على ذلك ذكرته لمحمد بن الحسن، وهو المنظور فيهم، وقلت له لأختبره: ما كثرة ذكركم لمالك على أنه خالفكم كثيرا؟
فالتفت إليّ وقال لي: اسكت، كان والله أمير المؤمنين في الآثار.
فندم أسد على ما فاته منه، وأجمع أمره على الانتقال إلى مذهبه فقدم مصر). تدبر هذا جيدا يا محمد الأمين حتى تعلم مكانة الإمام عند أهل العراق.
قلت: وهناك دُلّ على ابن القاسم أفقه تلاميذ مالك وأكثرهم له ملازمة، فعارضه ما دونه في العراق، وكان قد كتب بأسئلة صيغت صياغة عراقية، ولب جوابها من فقه الإمام أبي حنيفة – رحمه الله – فأجابه ابن القاسم – رحمه الله – بفقه مالك وأهل المدينة. وطلب منه في نهاية المطاف أن يعرض جوابه على أصوله المسموعة، ليحرر الروايات ويدقق السماع.
ولما عاد أسد بما حمل من علم إلى القيروان سرعان ما انتشرت كتبه بين الطلاب، وحصل لأسد بسببها رئاسة عظيمة، وتنافس بعضهم على نسخها وسماعها، بينما أنكر آخرون ما أتى به أسد بن الفرات، وقالوا: ( ... جئتنا بإخال وأحسب، وتركت الآثار وما عليه السلف).
قال بعض الأفاضل: (إلا أن الأسدية وبالرغم من الجهد المبذول فيها حوت نقائص كان لا بد من استدراكها، وأهم ما لوحظ عليها من ذلك ما يلي:
- نقص التوثيق النقلي، إذ الراجح أن ابن القاسم أملى جلها من حفظه لمسموعاته عن مالك، بدليل أنه «أجاب فيما حفظ من قول مالك بقوله، وفيما شك بإخال وأحسب وأظن .. » وبدليل أن ابن القاسم طلب من أسد مقابلة الكتاب بعد تمامه بأصوله المسموعة، استدراكا للخلاف والوهم.
- الاختلاط، فقد كانت الأسدية غير تامة التبويب.
- نقص الآثار والحديث).
قلت: فانبرى لإكمال هذا النقص الإمام سحنون بن سعيد – رحمه الله – والذي أنجز عمله فيما عرف بعدُ بالمدونة التي هي عمدة فقه المالكية بعد الموطأ، فقد أخذ – رحمه الله – نسخة من الأسدية ورحل بها إلى ابن القاسم في مصر، وقد تم عمله هذا على مرحليتين:
(المرحلة الأولى: رحل فيها سحنون إلى ابن القاسم لإتمام التوثيق النقلي والمقابلة بأصول سماعات ابن القاسم، قال: "فأخذ الكتب مني، ونظر إليها وتصفحها، وضرب على كثير منها وأبدل كثيرا". أخبار الفقهاء والمحدثين بالأندلس ص: 271."فبدأ بالسماع عليه حتى استكملها، وأسقط منها ابن القاسم: وأظن مالكا قال في هذه المسألة كذا وكذا، وإخال مالكا قال كذا وكذا، وقال لابن القاسم: ما وقفت عليه من قول مالك كتبته، وما لم تقف عليه تركته، وتكلمت فيه بما يظهر لك من ذلك، والله يعينك. فأجاب عبد الرحمن إلى ذلك وتمم له ما أراد". رياض النفوس 1/ 263.
وكان سحنون بمستوى رفيع من العلم ودرجة عليا من الفقه استطاع بها أن يتعاون مع ابن القاسم بأدوات علمية تامة، قال ابن حارث: «رحل سحنون إلى ابن القاسم وقد تفقه في علم مالك، فكاشف ابن القاسم من هذه الكتب مكاشفة فقيه يفهم، فهذبها مع سحنون». ترتيب المدارك 2/ 298.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/295)
المرحلة الثانية: مرحلة التدوين والتبويب، ثم الاستشهاد الأثري، وإضافة خلاف كبار أصحاب مالك، وقد اعتمد في الاستشهاد الأثري على موطأ علي بن زياد وابن وهب ووكيع وجامع الثوري وغيرهم كما يستشف من المدونة.
وكان أهم الأصحاب الذين أضاف خلافهم أشهب وابن نافع وعلي بن زياد وابن وهب وغيرهم.
وبعد تدوين الأسدية من جديد أصبح اسمها [المدونة والمختلطة] "انتشر ذكرها في الآفاق، وعول الناس عليها وأعرضوا عن الأسدية، وغلب عليها اسم سحنون ". رياض النفوس 1/ 263.
وبهذا ظهر للوجود الكتاب الثاني وهو المدونة أو المختلطة، وإنما سميت المختلطة لبقاء بعض أبوابها على أصل السماع لم ترتب، قال القاضي عياض في المدارك 3/ 299: (قال الشيرازي: «ونظر فيها سحنون نظرا آخر فهذبها وبوبها ودونها وألحق فيها من خلاف الأصحاب ما اختار ذكره، وذيل أبوابها بالحديث والآثار، إلا كتبا منها بقيت على اختلاطها في السماع، فهذه هي كتب سحنون المدونة والمختلطة، وهي أصل المذهب ... ).وبذا كانت المدونة نتيجة لجهود ثلاثة أئمة: أسد بن الفرات عالم المذهبين المالكي والحنفي، وابن القاسم الفقيه المالكي، الذي حوى جل علم الإمام مالك، وسحنون بن سعيد عالم القيروان.
أما الكتاب الثالث: فهو تهذيب المدونة للبرادعي – رحمه الله –:
والذي نفهمه من كلمة تهذيب أن هذا العمل هو اختصار لأصل، يعتمد إيجاز اللفظ وتقليل العبارة مع المحافظة على الأصل دون أي إضافة أو تعديل، ولكن من يتابع عمل الأوائل في هذا المجال يجد أن الاختصار والتهذيب عندهم كان يعني شيئا آخر غير ما نفهمه بادئ ذي بدء. فنجدهم يقولون مثلا عن مختصر الواضحة لابن حبيب لفضل بن سلمة – رحمه الله – ت319: (له .. مختصر الواضحة زاد فيه من فقهه وتعقب على ابن حبيب كثيرا من قوله، وهو أحسن كتب المالكيين) المدارك 5/ 222. وكذلك الحال بالنسبة لمختصر ابن أبي زيد للمدونة فقد حوى مع الاختصار زيادات على الأصل من العتبية والواضحة والموازية مما أدى إلى امتناع الطلبة عن دراسته، وهناك أمثلة أخرى لهذا يقف عليها كل من عرف كتب المالكية المصنفة في القرن الثالث و الرابع والخامس.
ثالثا: أوضح النص الذي في التنبيهات، وما نقله الدكتور موراني عن نسخ القيروان توضيحا جليا أن عبارة: (يقومها أهل دينهم). جاءت في الأسدية، والأسدية قد صححها الإمام سحنون على ابن القاسم كما تقدم، ويبدو جليا أن هذه العبارة من ضمن ما صحح، يعلم هذا من قول صاحب التنبيهات: قال أحمد بن خالد: كذلك أصلحت وكانت في الأسدية خطأ.
وقبله قال: (وحوق عليه ابن المرابط وقال: ضرب عليه عند يحيى , وكذلك في أصل الأسدية).
والنص في المدونة كما هو في الطبعة الثانية من المدونة (يقومها من يعرف القيمة من المسلمين). 4/ 190 مصورة دار الفكر، وقبله قال القاضي عياض كما في التنبيهات: (وفي نسخ: يقومها من يعرف القيمة من المسلمين , وكذا في كتاب ابن سهل من رواية الدباغ في حاشية ابن المرابط وعليه اختصر أكثر المختصرين. قال فضل – هو ابن سلمة الجهني -: وهي روايتنا عند عبد الرحيم). قلت: وهي كذلك في نسخ القيروان التي رجع إليها الدكتور موراني.
ونهاية كلام القاضي في التنبيهات: (والقولان معروفان , وفيها أقوال أخر كلها ترجع الى معنى واحد الا ما هاهنا). هكذا العبارة في النسخة التي نقل منها الدكتور، وهي كذلك في نسخة القيروان رقم 333، وكذا في نسخة أسبانيا بالأسكوريال ص 117ب. وأما في هامش مطبوعة السعادة من المدونة 14/ 75: ( ... ترجع إلى معنى واحد إلى ما ها هنا).
ونسخة مطبعة السعادة نجهل للأسف الأصول التي طبعت عليها، ولم يتم تحقيقها وفق قواعد التحقيق المعروفة الآن للباحثين، ولكن كان لديهم أهم شئ عند طباعتها: وهو الأمانة العلمية، وحسن الفهم لما يقرأون.
إذا علم ما تقدم فالذي يعتمد عليه في هذه المسألة هو المشهور من لفظ المدونة لاغير، أما الأسدية فقد تركت فلا يستشكل بما فيها على ما جاء في المدونة لأنها مقدمة عليها، وهي التي حوت أقاويل الإمام مالك موثقة محررة، أما تهذيب البرادعي فإليه ينسب وهو كتابه هو، وما فيه من زيادة لفظ أو تغيير في عبارة الأصل فكلام البرادعي، وليس كلام الإمام، وعلماء المالكية يعلمون ذلك جيدا، ويضعون كل حرف ولفظ في موضعه، وينسبونه لصاحبه، فلا لبس، ولا تطور، ولا تغيير يُشكل ويدعوا إلى أن ينسب لأحد ما ليس له. والله الموفق لارب غيره و لا إله سواه.
=============================
09 - 01 - 2005, 11:35 AM المشاركة 49
أبو عمر السمرقندي
عضو مخضرم تاريخ الإنضمام: Dec 2002
المشاركات: 1430
--------------------------------------------------------------------------------
الأخ الفاضل .. الفهم الصحيح
أحسنت ...
بارك الله في جهودك وسددها ...
واصل وصلك الله بطاعته، ففي موضوعك هذا فوائد تترى من جوانب عدة، يدركها كل منصف.
==============================
12 - 01 - 2005, 08:29 AM المشاركة 50
الأزهري السلفي المشاركات: n/a
--------------------------------------------------------------------------------
الحمد لله وحده ...
أخي الحبيب الشيخ: الفهم الصحيح.
جزاك الله خيراً
و أحسنت، بارك الله فيك، وفي عمرك، وفي أهلك، وفي مالك، وفي ولدك.
ونوَّر قلبك، وغفر ذنبك، ورفع درجتك، وزكّى نفسك.
ورزقك إخلاصاً تامّاً، به تكتب حسناتك كاملات، غير ناقصات.
آمين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/296)
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[03 - 01 - 06, 09:46 ص]ـ
17 - 01 - 2005, 01:15 PM مشاركة 51
الفهم الصحيح.
عضو نشيط تاريخ الإنضمام: Apr 2004
المشاركات: 333
--------------------------------------------------------------------------------
أخوي الكريمين أبا عمر السمرقندي وعبد الرحمن السديس- حفظكما الله وتولاكما، وسدد خطاكما ورعاكما – شكرا لكما على التفاعل والمواصلة.
والأمر كما ترون – إخواني – فقد ابتلي محمد الأمين بي وابتليت به، ولن يزايل – بإذن الله – بياضي سواده حتى يترك ما هو عليه من تهجمه على العلم بدون روية، ويترك الإساءة لأهل العلم وحامليه، فهو لا يحسن التعريض إلاّ ثلبا، ولا العلم إلا تحريفا ونهبا.
أهل الحديث الكرام:
لا زلنا في هذه المسامرة مع محمد الأمين ومقاله عن (الإمام مالك وانتشار المذهب المالكي).
وقد بدا واضحا الآن لكل ذي عينين أن محمدا الأمين لم يذكر أي دليل على معظم الدعاوى التي أتى بها في مقاله، بل هو ينتظر مشاركات الأحباب في الملتقى، فينتقي منها ما عساه يساعده في إثبات ما يدعيه، وليته يحسن ذلك، بل للأسف الشديد إلى الآن لم يتعلم طرق الاستدلال والحجاج لما يرومه من التشنيع على الإمام مالك – رحمه الله -.
انظروا إليه عندما تكلم عن عمل أهل المدينة كيف تناقض حوله، فبينما يجعله حجة في مشاركته في موضوع (إحفاء الشارب) و في مقاله هذا، حيث يقول: ( ... إلا أن الشذوذ في مذهب مالك أقل، لاعتماده –في الغالب– على عمل أهل المدينة).= إذا به يرجع هنا في مقاله مرة أخرى ويأتي برواية ذكرها أحد الإخوة في مشاركة له في موضوع (مراعاة ما جرى به العمل) للشيخ أبي عبد الله النجدي، يريد أن يستدل بها على عدم حجية العمل، وهي ما أخرج الخطيب البغدادي في " الفقيه والمتفقه" (1|380 ط. ابن الجوزي) من طريق عبد الله بن إسحاق الجعفري قال: (كان عبد الله بن الحسن يكثر الجلوس إلى ربيعة. قال: فتذاكروا يوماً السنن. فقال رجلٌ كان في المجلس: «ليس العمل على هذا»! فقال عبد الله: «أرأيت إنْ كثُرَ الجهال حتى يكونوا هم الحكام، أَفَهُم الحجة على السنة؟». قال ربيعة: «أشهد أنَّ هذا كلام أبناء الأنبياء».
قلت: لن أبحث في توثيق هذه الرواية لأن محمدا الأمين لا يراعي هذا أبدا، ولا يعرج عليه، إلا إذا أراد الرد على مخالف له، وبذا يصبح انتسابه لأهل الحديث اسميا فقط.
ثم إن ما ذكره من قول عبد الله بن الحسن – رحمه الله – لا شك أن له مفهوما، هو ما يسميه أهل العلم مفهومَ المخالفة (دليل الخطاب) وهو حجة عند كثيرين، فمتى كان أهل العلم هم القدوة في ذلك = فالعمل صحيح حينئذ، والحجة به قائمة، قلت: وهذا ما كان يسير عليه الإمام مالك – رحمه الله – فما كان يجالس السفهاء، ولا يأخذ دينه عن الأغبياء، ولا الظلمة الأشقياء، بل عن الأئمة الفحول العدول أخذ، وبعملهم اهتدى. فأي حجة لمحمد الأمين في هذا؟ قال الإمام الشاطبي في الموافقات: (وكان – الإمام مالك - ممن أدرك التابعين وراقب أعمالهم، وكان العمل المستمر فيهم مأخوذا عن العمل المستمر في الصحابة، ولم يكن مستمرا فيهم إلا وهو مستمر في عمل رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم- أو في قوة المستمر).
وليسمح لي محمد الأمين أن أنقل عنه نصا ذكره عن شيخ الإسلام في مبحث (الزيارة) يفيدنا هنا، ومقابل استفادتي من النص أنبهه على تحريف وقع فيه يفسد – على غير طلبة العلم – معناه،: قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (18|342): «وقد كره الإمام مالك –وهو من أعلم الناس بحقوق رسول الله وبالنسبة التي عليها أهل مدينته من الصحابة والتابعين وتابعيهم– كَرِهَ أن يقال: "زرت قبر رسول الله". ولو كان هذا اللفظ ثابتاً عن رسول الله معروفاً عند علماء المدينة، لم يَكره مالك ذلك. وأما إذا قال: "سَلَّمْتُ على رسول الله ?"، فهذا لا يُكره بالاتفاق». والصواب (وبالسنة التي عليها أهل المدينة ... ). أليس هكذا الصواب محمدا الأمين، أم ترى شيخ الإسلام مبالغا أو محابيا للإمام مالك؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/297)
ثم يقول محمد الأمين: وكان الإمام مالك يروي الحديث الصحيح ثم يقول: "ليس على هذا العمل"، دون توضيح السبب. قلت: صغار الولدان في المدارس يعلمون من طريقة مالك – رحمه الله – تقديمه للعمل بالمدينة إذا خالف الخبر، فإن لم يكن هذا توضيحا للسبب عند محمد الأمين، فهو توضيح مشهور للسبب عند أهل العلم، منذ عرف الناس مالكا ومذهبه، أما كونه مسلّما له أو غير مسلّم، فذلك أمر آخر.
ثم قال: ويبرر ذلك المالكية بأنه يعتقد أن الحديث منسوخ لتعارضه مع عمل أهل المدينة. مع إقرارهم في بعض الحالات بعدم وجود الناسخ. وهذا محال، فكيف يحفظ الله لنا الحديث المنسوخ، ولا يحفظ لنا الحديث الناسخ؟!
قلت: التعميم من الأخطاء المنهجية التي تكثر في كلام محمد الأمين، فليس كل المالكية يعللون رد الأحاديث المعارضة للعمل بذلك، بل هذا يقع من البعض اجتهادا، ويوردونه احتمالا، ويعلل غيرهم ذلك بطريقة أخرى.
أصحها أنه يقدم العمل بالمدينة عملا بقاعدة تقديم أقوى الدليلين عند التعارض.
ثم أردف محمد الأمين هذا التعميم الظالم بما قصده ابتداء من كلامه هذا كله، وهو التشنيع على مالك وأتباعه في مسألة شريفة لا يحسن محمد الأمين فهمها ولا الحديث فيها أصلا، وأخذ يجلب من مشاركات بعض أعضاء الملتقى في موضوع (التعارض بين نص وإجماع) الذي كتبه الأخ الأزهري السلفي = ما يظنه محصلا لمقصوده. وفي كلام الإخوة المشاركين في ذلك الموضوع رد كاف على كلامه هذا.
ثم قال: وقال العلامة ابن القيم في "إعلام الموقعين" (4|188): «وأقبح من ذلك عذره في جهله، إذ يعتقد أن الإجماع منعقد على مخالفة تلك السنة. وهذا سوء ظن بجماعة المسلمين، إذ ينسبهم إلى اتفاقهم على مخالفة سنة رسول الله ?». وقال الإمام ابن حزم في الإحكام (4|549): «إجماع الناس على خلاف النص الوارد -من غير نسخ أو تخصيص له وَرَدا قبل موت رسول الله ?- فهذا كفر مجرد».
فلو طالبته بنص عن بعض علماء المالكية يدعون فيه الإجماع مقابل نص صحيح صريح من السنة = لكاع ولم يجد إلى ذلك سبيلا، أما مقابل دعوى إجماع أهل المدينة فذلك أمر آخر، وهو غير كلام ابن حزم وابن القيم الذين يحتج بهما الآن.
ثم قال:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (33|94): «وقد نُقِلَ عن طائفة كعيسى بن أبان، وغيره من أهل الكلام و الرأي من: المعتزلة، وأصحاب أبي حنيفة، و مالك: "أن الإجماع ينسخ به نصوص الكتاب والسنة". وكنا نتأول كلام هؤلاء على أن مرادهم أن الإجماع يدل على نص ناسخ. فوجدنا من ذَكَر عنهم أنهم يجعلون الإجماع نفسه ناسخاً. فإن كانوا أرادوا ذلك، فهذا قول يجوز تبديل المسلمين دينهم بعد نبيهم كما تقول النصارى».
قلت: هذا وما قبله عن ابن القيم وابن حزم نقله محمد الأمين من مشاركات بعض الإخوة، وليس له فيه إلا النسخ واللصق وسوء الفهم فقط لا غير.
ثم زيادة في بيان سوء فهمه، و زيادة في قصد التشنيع على الإمام وضع خطا تحت اسم الإمام، ليفهم القارئ لكلامه أن الإمام مالكا نفسه بشحمه ولحمه يقول بذلك، وهذا من الباطل المقطوع به - إن شاء الله – لأسباب لا تخفى على من له أدنى مسكة من عقل. أقربها أن هذا لو صح لكان من أهم ما ينقله علماء الأصول في كتبهم، ولكن لا تجد له أثرا عن الإمام فيها، فدل ذلك على بطلانه قطعا. ولو وُجد عنه أو عن غيره من أهل السنة = لكان محمولا على أن الناسخ هو مستند الإجماع، أو أن النسخ مراد به رفع دلالة العام والمطلق ... كما هو معروف من إطلاق بعض السلف للنسخ والمراد به ما ذكر، وهذا يعرفه كل طلبة العلم الذين جالستهم واستفدت منهم.
وفوق ذلك هو ليس قولا لأحد من علماء المالكية المعروفين، ولا قولا لأغلب أصحاب أبي حنيفة – رحمه الله – فضلا أن يكون لكلهم، ولو كان لذكر في كتبهم، وأشاروا إليه في مباحثهم، وكتب الأصول كلها مصرحة بأن قول الجمهور: إن الإجماع لا يُنْسَخ ولا يَنْسَخ، بل الناسخ هو مستند الإجماع، وشيخ الإسلام - رحمه الله – كان دقيقا إذ ذكر ذلك بصيغة المجهول التي تدل على ضعف المنقول غالبا. وقال: فإن أرادوا ذلك ... وهذا شك في مرادهم، فهل لعاقل أن يبني على ذلك وينسب هذا لأئمة الإسلام على وجه القطع؟!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/298)
ثم في تعديل جديد ألصق محمد الأمين في مقاله جملة نسبها الإمام الزركشي في البحر المحيط خطأ للإمام الشافعي وهي من كلام مناظره، أخذها محمد الأمين من مشاركة للشيخ أبي عبد الرحمن مبارك في موضوع (سؤال عن أصل: الأخذ بعمل أهل المدينة ... ) كتبه الشيخ هيثم حمدان.
قال محمد الأمين: (وقال كذلك في كتاب "اختلاف الحديث" عن إجماع أهل المدينة: «قال بعض أصحابنا (يعرض بمالك): "إنه حُجة". وما سمعت أحداً ذكر قوله، إلا عابه. وإن ذلك عندي معيب».).
وقد ذكرت هناك أني بحثت في كتاب اختلاف الحديث للشافعي سراعا ولم أجد هذه الجملة، وذكرت من كتاب [جماع العلم] للإمام الشافعي ما عساه يصحح هذا النقل.
وقد كتب بعدي الشيخ الفاضل ابن وهب يؤيد ذلك، وأنا هنا أطلب من محمد الأمين أن يذكر لنا رقم الصفحة التي بها هذه الجملة، فإن لم يستطع – ولن يستطيع بإذن الله – فليحذف ذلك خيرا له. وإلا أصبح هذا دليلا جديدا على تقوّله على أهل العلم ما لم يقولوه، وهذا في مقاله كثير.
ثم يقول محمد الأمين: وكمثال على ما سبق نذكر مسألة المتبايعان بالخيار.
قلت: ثم أخذ محمد الأمين يصول ويجول في هذا، ولولا ما أخذته على نفسي من عدم مناقشة المسائل الفقهية، وتركها لمظان ذلك وهو كتب الخلاف المعروفة = لذكرت لمحمد الأمين شيئا من كلام المالكية في بيان هذه المسألة، وسقت له ما يتعرف به على طريقة إيرادهم لحججهم وأدلتهم في هذا، وكيفية فهمهم للنصوص وتعاملهم معها.
والذي يهمني هنا هو قوله: (وأما محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، فقد كان أحسن أدباً مع حديث النبي ?، فقال بعد أن روى هذا الحديث عن مالك: «وبهذا نأخذ». لكنه أوّل الحديث بالتفرقة بالكلام، على خلاف ظاهر الحديث).
قلت: هذه مثل قوله في أحد مشاركاته في الملتقى عن الإمام مالك: إنه أكثر مخالفة للآثار من أبي حنيفة - رحمه الله – فهل يصدق هذا محمد الأمين فضلا عن غيره؟ أم هي مجرد الرغبة في الطعن على مالك والتشغيب عليه؟!!
ثم أليس مالك يقول: بهذا أيضا وهو أن التفرق في الحديث بالأقوال، فما الفرق بينهما، إذا كانت النتيجة واحدة؟
ولعل قائلا يقول: إن مالكا في هذا أحسن حالا، لأنه رجع في فهم الحديث إلى العمل المستمر في أهل المدينة، وهذا قلل الشذوذ في مذهبه بناء على قول محمد الأمين نفسه وفي مقاله هذا، ولكنه ينسى، فتضعف حجته، ويطيش سهمه. أما محمد بن الحسن فرجع إلى اللغة وأشياء أخر لعلها أضعف من العمل حجية.
وقوله: وقال بعض المالكيين المتعصبين: «دفعه مالك بإجماع أهل المدينة على ترك العمل به وذلك عنده أقوى من خبر الرجال»!! وزاد بعض من لم يتورع عن الكذب بأن هذا هو مذهب فقهاء المدينة السبعة وإجماعهم. ولا شك أن تلك الفرية لا تصح. إذ لم يُرْوَ عن أحد ترك العمل به نصّاً إلاَّ عن مالك. فأين النقل عن فقهاء المدينة حتى تزعموا إجماعهم؟
قلت: لو أردنا أن نستعمل نفس أسلوب محمد الأمين الذي يُجابه به أهل العلم الذين برأهم الله مما يقول ويزعم، في الحكم على آرائه الشاذة التي يخرج بها على الناس، ونقوله المحرفة المبتورة، والضعيفة والواهية = لكان كل ما يقوله في حق أهل العلم الذين يشير إليهم به ألصق، وإليه أقرب.
وذلك أن بين أيدينا عدة نصوص محرفة ذكرها محمد الأمين في مقاله، وعدة نصوص مبتورة، وهناك عدة أقوال نسبها إلى بعض الأئمة لم يقولوها.
والتعصب المقيت، والتحامل الشديد في مقاله على الإمام مالك أوضح من أن يستدل له، وخصوصا بعد ما رآه من التعليقات على مقاله من كاتب هذه الأسطر وغيره، بينما أهل العلم الذين يشير إليهم من الممكن أن يتأول لكلامهم ذاك بعدة تأويلات بدل الجرأة الهوجاء والرغبة الملحة في نسبتهم إلى الكذب، والتعصب وغير ذلك من الألفاظ التي لا تليق.
والنقل عن بعض أهل المدينة ذكره العلماء العدول، قال ابن عبد البر – رحمه الله – في الاستذكار20/ 227: (وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وقول إبراهيم النخعي وأهل الكوفة، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، وطائفة من أهل المدينة.
وهو قول سفيان الثوري في رواية عبد الرزاق عنه).
وقال أيضا 20/ 333: (لا يصح دعوى إجماع أهل المدينة في هذه المسألة لأن الاختلاف فيها بالمدينة معلوم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/299)
وهل جاء فيها منصوصا الخلاف إلا عن أبي الزناد وربيعة ومالك ومن تبعه، وقد اختلف فيها أيضا عن ربيعة فيما ذكر بعض الشافعيين).
وما هول به ابن حزم – رحمه الله – مما نقلتَه عنه – مع أنه ليس من أهل الفقه ولا الحديث عندك - تجد رده في الكتاب الذي تسأل عنه [إعلاء السنن] 14/ 8 - 38 ومناقشة ابن حزم في الصفحات 17 - 19 – 20 - 23 - 24 – 28 – 30 وفيها الكلام عن أثر إبراهيم، 31 – 32 - 35.
ثم ماذا بعد: لقد قام محمد الأمين بحذف ما ذكره قبلُ عن المستشرق الدكتور موراني في ما يتعلق بنص المدونة، ليثبت به تقوّل تلاميذ الإمام وأتباعه عليه ما لم يقله، واستبدله بقوله: (وقد أضافوا له الكثير من الأقوال والمعتقدات الفاسدة التي حاربها ونص على خلافها. فزعموا أنه يجيز شد الرحال لزيارة القبر النبوي، مع أنه نص على خلاف ذلك. ونسبوا له تجويز التوسل بالأموات، وهو كذب عليه. ونقلوا أنه قال: «من تفقه ولم يتصوف فقد تزندق!!»، ولم يكن قد عرف مصطلح التصوف في المدينة في زمنه. لكن نسبة الأقوال الخاطئة له بدأ في مرحلة مبكرة جداً. قال الإمام أحمد في رواية المروذي: «كان مالك يُسأل عن الشيء، فيقدم، ويؤخر يبهت. وهؤلاء يقيسون على قوله ويقولون: "قال مالك"».
قلت: هكذا يتهافت محمد الأمين على نسبة الكذب لبعض علماء الأمة ظلما وزورا، لا يتورع عن ذلك ألبتة، ثم يقول بعد ذلك: أكثر ما في الرابط كذب علي.
فأرنا إن كنت صادقا مَن مِن تلاميذ الإمام نسب ما ذكرت لمالك – رحمه الله – اذكر لنا ذلك بالسند الصحيح عنهم، إن كنت حقا تعرف معنى الانتساب لأهل الحديث.
وارجع إلى حيث أخذت هذا الكلام من الروابط في الملتقى تجد رد ما افتريته على تلاميذ مالك – رحم الله الجميع -.
ولا تقل: إنك قد عنيت بقولك هذا أتباع الإمام من المتأخرين، فسياق كلامك وسباقه عن تلاميذ الإمام وتلاميذ تلاميذه فقط، ولم يجر في قولك ذكر للمتأخرين الذين شابهوا في نسبة هذا للإمام غيرهم من علماء المذاهب الأخرى.
قال شيخ الإسلام – رحمه الله – في كتابه [قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة] نسخة الشيخ ربيع بن هادي 124 - 125: (وهذه الحكاية – لمالك مع أبي جعفر المنصور العباسي – لم يذكرها أحد من أصحاب مالك المعروفين بالأخذ عنه، ومحمد بن حميد ضعيف عند أهل الحديث إذا أسند، فكيف إذا أرسل حكاية لا تعرف إلا من جهته، هذا إن ثبتت عنه، وأصحاب مالك متفقون على أنه بمثل هذا النقل لا يثبت عن مالك قول له في مسألة في الفقه ... ) إلى آخر كلامه - رحمه الله – في نفي ذلك عن الإمام مالك وتلاميذه.
وأما عن عبارة: من تفقه .. فانظر ما ذكره الشيخ الفاضل عبد الرحمن الفقيه عنها في هذا الرابط.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=22267&highlight=%CA%DD%DE%
E5
وهذا أيضا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showt...75512#post75512
__________________
#52 17-01-2005, 01:56 PM
أبو عمر السمرقندي
عضو مخضرم تاريخ الإنضمام: Dec 2002
المشاركات: 1430
--------------------------------------------------------------------------------
إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة الفهم الصحيح
والأمر كما ترون – إخواني – فقد ابتلي محمد الأمين بي وابتليت به، ولن يزايل – بإذن الله – بياضي سواده حتى يترك ما هو عليه من تهجمه على العلم بدون روية، ويترك الإساءة لأهل العلم وحامليه، فهو لا يحسن التعريض إلاّ ثلبا، ولا العلم إلا تحريفا ونهبا.
بل البلاء عام -حتى معي ومع غيري ممن يعرفهم ابن الأمين - فليهنك الجهد الذي تقوم به وتزيحه عن إخوانك.
إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة الفهم الصحيح
قلت: لو أردنا أن نستعمل نفس أسلوب محمد الأمين الذي يجابه به أهل العلم الذين برأهم الله مما يقول ويزعم، في الحكم على آرائه الشاذة التي يخرج بها على الناس، ونقوله المحرفة المبتورة، والضعيفة والواهية = لكان كل ما يقوله في حق أهل العلم الذين يشير إليهم به ألصق، وإليه أقرب.
وذلك أن بين أيدينا عدة نصوص محرفة ذكرها محمد الأمين في مقاله، وعدة نصوص مبتورة، وهناك عدة أقوال نسبها إلى بعض الأئمة لم يقولوها.
أما قضية بتر النصوص وتحريفها، والكذب على أهل العلم بنسبة شيءٍ إليهم لم ولن ولا يقولوه = فقد مرَّ عليَّ مثله عن هذا الرجل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/300)
ولعل الخطأ الذي يقع فيه الباحث مشترك بين كل الباحثين لكن الجديد في أمر هذا الرجل = هو عدم التراجع والتنصل من الأخطاء المتتالية.
وأذكر رابطين لموضوعين فقط!، حتى يعرف الأخوة مدى تجاوزات هذا الرجل في هذا المنتدى:
الأول: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=5673&highlight=%C7%E1%D5%ED%CF+%DB%DD%E1
وفيه: تحريف وبتر كلام الحافظ ابن حجر، ونسبة كلام باطل إلى ابن رجب.
الثاني: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=11001&highlight=%E3%D2%E6%C7%CC%C7%F0+%E3%D8%E1%C7%DE%C7 %F0
وفيه بتره لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية.
والله الهادي !
-----------------------------------------------------
#53 18 - 01 - 2005, 12:09 AM
ابوحمزة المشاركات: n/a
--------------------------------------------------------------------------------
جزاك الله خيرا
ذب الله عن عرضك كما دافعت عن عرض الإمام مالك
واتمني الاخ محمد الامين ان يتراجع ويغير اقواله
فاننا نحب له الخير
--------------------------------------------------------
#54 27 - 01 - 2005, 06:21 AM
ابن سبيل
عضو جديد تاريخ الإنضمام: Oct 2004
المشاركات: 11
--------------------------------------------------------------------------------
جزاك الله خيرا أخي الفهم الصحيح
ذبّ الله عن عرضك كما دافعت عن عرض الإمام مالك.
ونسأل الله أن ينوّر قلبك ويفتح عليك ويزيدك علماً وهدى .. آمين
ونتمنى من الأخ محمد الأمين أن يتواضح ويراجع الحق والصواب، فإننا نحب له الخير.
--------------------------------------------------
#55 27 - 01 - 2005, 08:08 AM
ابو الوفا العبدلي المشاركات: n/a
--------------------------------------------------------------------------------
الاخ الفهم الصحيح
جزيت خيرا على ذبك عن عرض الامام مالك , نسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتك.
أما - الفينيقي - فقد جربناه وخبرناه , شيخه الانترنت.
ويصدق في هذا المدعي قول أبي لبطة:
لو كان عبدالرحمن مولى هجوته ×××××× لكن عبدالرحمن مولى مواليا
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[22 - 02 - 06, 02:12 ص]ـ
بارك الله في جميع الأحباب على تواصلهم وتشجيعهم.
ويستمر بنا الحديث مع محمد الأمين في مقاله المفيد!! عن (الإمام مالك وانتشار المذهب المالكي).
مع علمي أن الرد والدحض والتفنيد ليست بأدوات كافية - مهما بلغت من قوة الحجة، ووضوح الدليل لهداية الناس، وردهم عن تخوضهم في الباطل الذي نهوا عن إتيانه، فالانفتاح على الحق، والخضوع له عملية معقدة تحتاج إلى نظافة كل الملكات النفسية والأخلاقية والقلبية والعقلية .. وقبل وبعد ذلك كله تحتاج إلى توفيق من الله وحده = حتى تتم عملية الاهتداء للحق والعمل به، والكف عن الباطل واجتناب أسبابه.
وهذه المرة تعود بنا المسامرة إلى الحديث عن نسب الإمام، حيث أورد محمد الأمين – في إضافة جديدة له - ما استشهد أو قل ما استدل به الكوثري الهالك!! – رحمه الله – لطعنه في نسب الإمام مالك، وهو قول الإمام الزهري – رحمه الله - الذي جاء في سياق سند حديث أخرجه الإمام البخاري – رحمه الله – في صحيحه أول كتاب الصوم، باب [هل يقال شهر رمضان ... ] حيث قال الإمام الزهري: (حدثني ابن أبي أنس مولى التيميين .. ).
ولم يكتف محمد الأمين بالخلط والتلبيس الذي أتى به في حديثه عن نسب الإمام، حتى زعم – جهلا - أن هذا الأمر قد اختلف فيه اختلافا كبيرا أو كثيرا، وقد بينت له في التعليقات حقيقة الأمر في نسب الإمام، ومع هذا يصر على دعواه العاطلة الباطلة، ويقوّل أهل العلم ما لم يقولوا، وهذا الإصرار منه – والله – خلة ما رأيتها قبل في أحد انتسب لأهل الحديث، لما حباهم الله من فهم لطيف، وحب للحق، وفيء إليه متى ما لاحت لهم بوادره، فرضي الله عنهم، فما بال محمد الأمين يصر على ما قامت الأدلة الدامغة على بطلانه؟ ثم يعود ويزعم أن هذا لا يضر الإمام، ويحتج لذلك بقوله تعالى إن أكرمكم عند الله أتقاكم. فإذا كان الأمر كذلك - وهو فعلا كذلك - فلم هذا الإصرار على أن في عربية الإمام اختلافا كبيرا؟ ولم هذا التكلف في إيراد قول الكوثري الهالك - عندك- والإتيان بشواهده؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/301)
وقدكان حق محمد الأمين - لمّا علم أن هذا طعن في نسب الإمام ظلما وعدوانا - أن يعرض عنه من أول الأمر، لما علمه من قول نبينا – صلى الله عليه وآله وسلم -: (أربع بقين في أمتي من أمر الجاهلية ليسوا بتاركيها: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب ... ) انظر في تخريجه سلسلة الأحاديث الصحيحة حديث 734 - 735. ولكن غلب علي محمد الأمين حب التشغيب على الإمام، والرغبة الملحة في تنقصه جهلا وظلما، فجاء يذكر ما استشهد به الكوثري على ظلمه للإمام، خوفا علي الكوثري أن ينسب إلى التقول على الإمام في هذا، ومستكثرا - من طرف خفي - من عدد الذين تكلموا في نسب الإمام، وجهل محمد الأمين أو تجاهل أن هذا أمر قد فرغ منه أهل العلم من قرون عديدة، بل أعرض النسابة عن هذا منذ سمعوه، وقد علموا من أين أتي من قال مثل قول الإمام الزهري – رحمه الله – فلم يلتفتوا إلى قوله هذا وقول محمد بن إسحاق – رحمهما الله – واتفقوا كما ذكر غير واحد من أهل العلم: أن آل الإمام مالك عرب أصبحيون صليبة، وبسبب حلفهم مع آل تيم من قريش، ومصاهرتهم لهم نسبهم البعض إليهم.
وكذلك تجد جماعة من شراح البخاري – ابن حجر والكرماني والقسطلاني - أعرضوا عن ظاهر هذه العبارة، وذكروا نسب الإمام على الجادة، وأضافوا أن آله حلفاء تيم بن مرة القرشيين، كأنهم بذلك يبينون مراد الإمام الزهري بكلمة مولى.
ثم جاء ابن بجدتها العلامة المعلمي اليماني – رحمه الله – فقال في التنكيل 1/ 382 وهو بصدد رد عدوان الكوثري على الإمام مالك: (أقول: كلمة مولى تطلق في لسان العرب على معاني مختلفة منها: الحليف، وذلك معروف مشهور في كلامهم وأشعارهم، وهو المراد هنا كما بينه مالك وغيره، وابن أبي أنس الذي روى عنه الزهري هو نافع بن مالك بن أبي عامر، وقال البخاري في تاريخه [8/ 86] في ترجمة نافع هذا: الأصبحي حليف بني تيم من قريش.
وقال في ترجمة أبيه مالك بن أبي عامر [7/ 305]: الأصبحي حليف عثمان بن عبيد الله التيمي.
وهكذا قال [7/ 310] في ترجمة مالك الإمام، فأما ابن إسحاق فيظهر أنه إنما كان يطلق أن مالكا مولى، يريد أنه حليف، ولكن يحب أن يوهم خلاف ذلك لكدورة بينه وبين مالك).
ثم ختم الشيخ المعلمي كلامه بهذه الجمل التي تقال اليوم لمحمد الأمين – كما قيلت سابقا للكوثري -: (ولا نلوم الأستاذ في التشبث بالشبهات فإنه قد أقام نفسه مقاما يضطره إلى ذلك، ولكننا كنا نود لو أعرض عن الشبهات التي سُبق إليها فحُلَّت وانحلت واضمحلت، واقتصر على الشبهات الأبكار التي يجد لذة في اختراعها، ويجد أهل العلم لذة في افتراعها).
يتبع - إن شاء الله -.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[22 - 02 - 06, 02:13 ص]ـ
#57 17 - 02 - 2005, 04:45 AM
رضا أحمد صمدي
عضو مميز تاريخ الإنضمام: May 2002
المشاركات: 589
الأخ الحبيب الفهم الصحيح ...
لعلك تذكر حينما قلت لك يوما ونحن نتناقش في موضوع الأهلة وقد لمتني على
شدتي على محمد الأمين؛ قلت لك فيما معناه: لي معه سابقة ولعلك سترى ذلك
بنفسك منه ... والحمد لله الذي اراك .. ولعلك عرجت على موضوعات الأخرى في
موقعه وتخصيصه مقالا خاصا عني ملأه بالأكاذيب وفحش القول ولكنه حين يواجهني
لا يجرؤ على أن يصارحني بمثل ما في مقاله هذا .....
والرجل قد نبهنا إلى عجائبه وغرائبه منذ زمن بعيد ... وقد حدثت مواجهة
بيننا أدت إلى إغلاق بعض الموضوعات وكان أغلبها ينحاش محمد الأمين إلى
الصمت وعدم الرد ...
وحسبنا الله ونعم الوكيل ...
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[22 - 02 - 06, 02:21 ص]ـ
نعم أخي الفاضل لقد رأيت ما ينقضي منه العجب، وإن كنت إلى جانب اللين والرفق أميل.
وقد بالغ - هداه الله - في حقده وغيظه على الإمام مالك وأتباعه، وركب كل صعب وذلول، وما أظنه ترك لأهل الكفر والفسوق شيئا ليعيبوا به أمة عظيمة من أهل الإسلام.
وقد أعرضت عنه هذه المدة، استجابة لكلام بعض الأحباب رجاء أن يكف أذيته عن علماء المسلمين، فلم يفعل لساعتنا هذه، وها هو يعود وقد بلغ منه الحقد والغل مبلغا عظيما على المالكية جملة، فراح يتلقط ما سقط من المرويات، ويستدعي ما خمل ذكره من الأخبار، ويلقي به على المسلمين يطعن في بعض أفاضلهم، فيظن أن أحدا سيصدقه، ولكن هيهات هيهات .. فلناس عقول وفهوم تقاصر عنها صاحب المقال.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/302)
وهو بفعله هذا يتشفى من أناس برأهم الله مما يقول ويزعم ويفتري، ويظن - جهلا - أن ما حصل له عند إنزال التعليقات في المنتدى - والتي أصابت منه مقتلا - كان بسبب المالكية، ويحسب أني أتكلم باسمهم، وما درى أنهم في غفلة عنه وعن إفكه هذا، ولسان حالهم يترنم قائلا:
ولقد أمر على اللئيم يسبني - - فمضيت ثمت قلت لا يعنيني
وإنما هو أمر رأيته فاجتهدت أن أبين عجره وبجره، ففعلت بتوفيق الله، فكان - حقا - عليه والحالة هذه أن يدع الناس في حالهم، ويتكلم معي - إن كان عنده شئ من العلم - ولكن ...
فاسمع آخر عواقره، قال - وقد بلغ منه الحنق مبلغا عظيما -:
(وسيأتي في ترجمة الإمام الشافعي كيف نكّل المالكية به بسبب هذا.
إذ أنه لما ألف الإمام الشافعي كتاباً يرد به على الإمام مالك وفقهه، فغضب منه المالكيون المصريون بسبب الكتاب وأخذوا يحاربون الشافعي، وتعرض للشتم القبيح المنكَر من عوامهم، والدعاء عليه من علمائهم. يقول الكندي في "القضاة" (ص428): «لما دخل الشافعي مصر، كان ابن المنكدر يصيح خلفه: "دخلتَ هذه البلدة وأمرنا واحد، ففرّقت بيننا وألقيت بيننا الشر. فرّقَ الله بين روحك وجسمك"». وهذا فيه تحريض مبطّن لعوام المالكية لاغتيال الإمام الشافعي وتصفيته جسدياً. بل كان فقيههم "فتيان" يدخل المسجد ويشتم الشافعي بأقذع الشتائم أمام طلابه، والإمام الشافعي يتابع درسه ولا يجيبه. وقد قال الإمام موضحاً السبب لتلاميذه:
إِذا سَبَّني نَذلٌ تَزايَدتُ رِفعَةً * وَما العَيبُ إِلّا أَن أَكونَ مُسابِبُه
وَلَو لَم تَكُن نَفسي عَلَيَّ عَزيزَةً * لَمَكَنتُها مِن كُلِّ نَذلٍ تُحارِبُه
وقال كذلك:
إِذا نَطَقَ السَفيهُ فَلا تَجِبهُ * فَخَيرٌ مِن إِجابَتِهِ السُكوتُ
فَإِن كَلَّمتَهُ فَرَّجتَ عَنهُ * وَإِن خَلَّيتَهُ كَمَداً يَموتُ
واصطدم الإمام الشافعي كذلك بأحد تلاميذ مالك المقربين ممن ساهم بنشر مذهبه في مصر، وهو أشهب بن عبد العزيز. وكان أشهب –لشدة حقده على الإمام الشافعي– يدعو عليه في سجوده بالموت! ثم قام المالكية بضرب الإمام الشافعي ضرباً عنيفاً بالهراوات حتى تسبب هذا بقتله –رحمه الله–. وقد اشتهر المالكية عبر التاريخ بتصفية خصومهم بالقوة. فالإمام مالك تكلم في قاضي المدينة سعد لأنه وعظه. وأخرج ابن إسحاق (قال مالك: "نحن أخرجناه من المدينة") وكذبه لأنه اتبع شيخه الزهري في نسب مالك. وقد مر طعنه في الإمامين أبي حنيفة والأوزاعي. وانسحب هذا على أتباعه المالكية. وقد مر معنا كيف قضوا على مذهب إمام مصر الليث بن سعد. وفعلوا ما فعلوا بالإمام الشافعي. وضيعوا مذهب الإمام الأوزاعي بالأندلس. ولما طالبهم ابن حزم بالأدلة "كاعوا" (بإقرار أحد متعصبيهم) وعجزوا عن الحوار، لكنهم استعملوا السوط والسندان، وقاموا بإحراق كتبه .... ).
وغدا سيعلم الأحباب كيف يتكلم الكبار بعد أن سمعوا كلام الأصاغر.
وآسف لنقل هذا الضلال، ولكن حتى يعلم الجميع إلى أي مبلغ وصل حال صاحب المقال المفيد!!
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[22 - 02 - 06, 02:38 ص]ـ
قالت كليلة: ألم يمت الكوثري؟
فقالت دمنة: ألم تسمعي لقول صاحبنا: إن الفكرة لا تموت بموت أصحابها.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[23 - 02 - 06, 08:03 م]ـ
###
وبعدُ ففي ما تقدم ذكره بعضُ بيان لمنهج أهل العلم في التعامل مع مثل ما ينقله صاحب المقال فإن نفعه الله به فبها ونعمت، وإلا فما عليّ من سبيل، وأعود للحديث عن مفردات ما أورده من باطل، وهي قسمان:
القسم الأول: أشياء اخترعها من خياله – فالله حسيبه عليها – لا أصل لها في كتب أهل العلم، وهو مطالب بإثباتها، فإن لم يفعل فالحكم عليه متروك لأهل الحديث:
الأولي قوله: وقد اشتهر المالكية عبر التاريخ بتصفية خصومهم بالقوة.
الثانية: فالإمام مالك تكلم في قاضي المدينة سعد لأنه وعظه. فليأتنا بنص من كتب التراجم أن الإمام تكلم في سعد بن إبراهيم قاضي المدينة. ولن يجد أكثر من أن الإمام لم يرو عنه.
الثالثة: وقد مر معنا كيف قضوا على مذهب إمام مصر الليث بن سعد. وهذا لم يمر في مقاله أصلا إلا دعوى مجردة كما هنا، وما قاله أحد يعتد به من أهل العلم.
الرابعة: وضيعوا مذهب الإمام الأوزاعي بالأندلس. فمن ذكر مثل هذا من أهل العلم؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/303)
الخامسة: بل كان فقيههم "فتيان" يدخل المسجد ويشتم الشافعي بأقذع الشتائم أمام طلابه، والإمام الشافعي يتابع درسه ولا يجيبه. وقد قال الإمام موضحاً السبب لتلاميذه:
فأين يجد أن فتيان فقيه المالكية إذ ذاك، أو في ما أتى من الزمان، بل لو سأل سائل اليوم أحدا من فقهاء المالكية أو متفقهتهم عن فتيان هذا لما عرفه، ولظنه جمع فتىً. بل هو التهويل والرغبة في التشنيع، فعل الجهلة الأغمار.
وكيف يكون فقيههم وهو يفعل ما نسبه إليه صاحب المقال؟!! فأبن لنا أين تجد مثل هذه الحكايات، وإلا حلت عليك عقوبة المتعمد.
القسم الثاني: أشياء موجودة في كتب التراجم هى أشبه بحديث خرافة:
الأولى: دعاء أشهب على الإمام وهذا مذكور في مدارك القاضي عياض و توالي التأسيس، وفي الشذرات، وفي مرآة اليافعي ..
ومعلوم أن هذه المصادر تذكر كثيرا من الأشياء، منها ما صح ومنها ما توارثه الخلق وهو من المفتريات المكذوبات، وعذرهم في إيرادهم لها إحالتهم على المصادر، أو ذكرهم للأسانيد، والتمحيص متروك لمن ألقى السمع وهو شهيد، والجاهل المتعصب لا يرده شئ، فإن لم يجد مثل هذه الترهات يتسلى بها، ويشفي بها غيظه؛ عمد إلى الاختلاق والافتراء، وتضخيم الصغير من المحقرات ليبوء بإثمها، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
وهذا الذي تقدم أصل في كل ما تراه – أيها المحب - من قبيل هذه المفتريات في بعض المصادر، فليكن نظرك إليه على هذا الأساس، وقد قال القائل محذرا ومنبها:
واعلم بأن السيرا - - تجمع ما صح وما قد أنكرا
ومما يزيدك يقينا في بطلان أمر هذا الدعاء – مع شهرته – أن الجويني في [مغيث الخلق .. ] نسب هذا الدعاء على الإمام الشافعي لمحمد بن الحسن وأبي يوسف – رحمهما الله –.
فإن أبى صاحب المقال كل هذا – مع عدم وجود إسناد بين يديه لهذه القصة – فليسعه قول الإمام الذهبي في السير 9/ 503: (ودعاء أشهب على الشافعي من باب كلام المتعاصرين، بعضهم في بعض لا يعبأ به، بل يترحم على هذا وعلى هذا، ويستغفر لهما، وهو باب واسع أوله موت عمر، وآخره رأيناه عيانا، وكان يقال لعمر: قفل الفتنة). هكذا يتكلم العلماء الأكابر، لا كما يدعي صاحب المقال ظلما: أن ذلك كان من أشهب لشدة حقده.
ولماذا يحقد أشهب - خاصة - على الشافعي - رحمه الله - وقد كان أشهب في العلم بمكان رفيع ... وما كان متعصبا لشيخه مالك ... بل كان يخالف إمامه كثيرا ...
الثانية: قوله: (يقول الكندي في "القضاة" (ص428): «لما دخل الشافعي مصر، كان ابن المنكدر يصيح خلفه: "دخلتَ هذه البلدة وأمرنا واحد، ففرّقت بيننا وألقيت بيننا الشر. فرّقَ الله بين روحك وجسمك"».
وهذه يقال فيها ما قيل في أختها الأولى، ومما يبين لك بطلانها أن ابن المنكدر هذا تولى القضاء بعد موت الإمام الشافعي – رحمه الله بسنوات – فلو كان على هذه الصفة من الجهل كيف يولى أمر المسلمين، ثم إن الذي دفع به عند الوالي ليتولى تلك المهمة العظيمة هو الإمام البويطي – رحمه الله كما في رفع الإصر – فلو علمه بتلك الحال هل كان يقترحه على الوالي ليتولى ذلك المنصب الرفيع؟
وقد استنبط صاحب المقال من هذه الخرافة بذكائه المفرط ما عبر عنه بهذه العبارات الثورية الشيطانية، فقال: ( ... وهذا فيه تحريض مبطّن لعوام المالكية لاغتيال الإمام الشافعي وتصفيته جسدياً).
ولكن يبدو أن الذي قام بالمهمة حسب ما أورده بعضهم هم علماء المالكية وليس عوامهم، وهذه:
الثالثة: (ثم قام المالكية بضرب الإمام الشافعي ضرباً عنيفاً بالهراوات حتى تسبب هذا بقتله –رحمه الله–).
وقد سبق أن أخبرته في التعليقات أن هذا من الباطل الذي يتورع طلبة العلم عن حكايته إلا على سبيل الإنكار، وأظن أنني نقلت له ما ذكره الإمام الحافظ ابن حجر – رحمه الله - في توالي التأسيس ص86، بعد أن ذكر ما ينسب لفتيان أنه ضرب الإمام بمفتاح حديد، فقال: (ولم أر ذلك من وجه يعتمد).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/304)
وقد ذكرت له هناك أن الكوثري قد كتب مقالة بعنوان [رد أسطورة في سبب وفاة الإمام الشافعي – رضي الله عنه -] يجدها في مقالاته 570 - 574 ومما جاء فيها: (وكل تلك الأقاصيص أساطير ملفقة لا أصل لها، وإن شوه بها بعض المؤلفين كتبهم، ومما يؤسف له كثرة اختلاق روايات في صدد التحزب لهذه الطائفة من الفقهاء وتخليدها في الكتب بدون أسانيد من أناس متطفلين على الفقه، إلى أن يبلغ الأمر ببعضهم إلى عزو صنوف من الاعتداء إلى علماء أبرياء، وما ذلك منهم إلاّ من رقة الدين وضعف اليقين). هذا قوله – رحمه الله – أما فعله فشئ آخر، أليس هذا – التنافر بين القول والفعل - من أوجه الشبه بين الكوثري وصاحب المقال؟
ثم فرع صاحب المقال على هذا النص الذي ذكره من مخيلته قوله: وقد اشتهر المالكية عبر التاريخ بتصفية خصومهم بالقوة.
فالله سائله على ذلك، فليعد للسؤال جوابا، وللبلاء جلبابا.
الرابعة: قوله: وقد مر طعنه في الإمامين أبي حنيفة والأوزاعي.
قلت: أما كلام الإمام في أبي حنيفة – رحمه الله – فقد ذكر في مقاله شيئا منه، و لبعض المالكية كلام في هذا ذكره عنهم الكوثري في تأنيبه، فكان حق صاحب المقال أن يقف عنده ولا يتجاوزه، ولكن غلبت عليه رغبته في إثارة الفتن والتشغيب على الإمام، فالله حسيبه، وهذا إن صح عن الإمام مالك فهو إمام مجتهد، فإن أصاب أُجر مرتين، وإن أخطأ فله أجر واحد، والعمد مدفوع عنه بأدلة لا يفقهها صاحب المقال.
وأما الإمام الأوزاعي فما علمت إلا ثناء الإمام عليه، وما ذكر صاحب المقال حرفا في مقاله من كلام مالك على الأوزاعي الذي يدعيه، فأين هو؟ أم أنه أصبح يتخيل ما لا وجود له؟ أم يتمنى وجوده وهو غير موجود؟!! فليذكره إن كان.
الخامسة: وأما أمر ابن حزم - رحمه الله - مفخرة الأندلس وعالمها، فكيف يبكيه صاحب المقال وهو القائل في حقه في موقعه الخاص - ظلما وجهلا وعدوانا -: (وقد بلغ الجمود الفكري والظاهرية الشديدة وتحريم القياس عند ابن حزم إلى أنه أنكر الواضحات، وصار يأخذ بالأقوال الشاذة والغريبة المخالفة للإجماع).
والقائل عنه: (وكان ابن حزم يظن أنه بحدة لسانه سيسكت خصومه. ولكن انقلب السحر على الساحر، وتسبب له ذلك بإحراق كتبه وطرده من منصبه وقلة رواج أفكاره، حتى لا نجد له أتباعاً إلا من بعض الطلبة الذين يتعلمون الحديث قبل أن يتعلمون الفقه وأصوله ..... وقد حَذّرَ جماعةٌ من المشايخِ والمؤدّبين من أن يقرأ المبتدئُ في مؤلّفاتِ ابن حزمٍ لا سيّما "المُحَلّى". وهي منهم نصيحةٌ في مَحلّها. فإنّ الأدبَ مع أهل العلمِ يقتضي ذلك. فإذا ما أتقنَ الطالبُ التأدّبَ مع أهلِ العلمِ، فلا حَرجَ حينئذٍ من الاستفادة من ذلك الكتاب، على حَذَرٍ من شُذوذاتٍ وغرائبَ وَقَعَ فيها أبو محمّد رحمه الله).
http://www.ibnamin.com/Manhaj/ibn_hazm.htm
ويقول في هذا الرابط في الملتقى أكثر من هذا عن ابن حزم – رحمه الله – والظاهرية:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=21936&highlig
أما كان الأولى له أن يترحم على الأندلسيين – لو كان الحال على ما يذكره عن ابن حزم - بدل أن يعيبهم باستعمال السوط والسندان؟!! ولكن كل ذلك لم يكن، وما فعله بعض الرعاع لمصنفات ابن حزم وقع مثله من بعض جهلة الظاهرية لكتب المالكية عموما، بل وقع هذا أيضا لمن يصفهصاحب المقال (بأحد متعصبيهم) حيث تسور عليه بعض الأغمار جدار بيته، ووقع غيره لغيرهم في شتى بقاع الأرض، فكان ماذا؟
السادسة: قوله: (يقول الإمام الذهبي في كتابه الشهير "زغل العلم": «الفقهاء المالكية على خير واتباع وفضل، إن سلم قضاتهم ومفتوهم من التسرع في الدماء والتكفير! فإن الحاكم والمفتي يتعين عليه أن يراقب الله تعالى ويتأنى في الحكم بالتقليد ولا سيما في إراقة الدماء).
قلت: هذه من مسائل الاجتهاد وكل عالم ينظر لها من خلال قواعد مذهبه وأصول الاجتهاد عنده، ولو ذهبنا نبحث في تفصيل ذلك لوجدنا بعض الخلل في هذا عند الجميع، وليس المالكية بدعا في هذا.
وكلام الإمام الذهبي نصح مقبول، أسأل الله أن يوفق كل العلماء للعمل به – وإن كان اليوم في أغلب أرض الإسلام لا قضاة ولا مفتين وإنما هي القوانين الوضعية -.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/305)
وكان على صاحب المقال قبل أن يسوق هذا الكلام مساق الشامت، أن ينظر في رسالة شيخ الإسلام التي وضعها في موقعه [صحة أصول أهل المدينة] والتي حاول إفساد أولها بتعليقات ساذجة فجة، حتى إذا وصل شيخ الإسلام إلى مواطن التفضيل الحقيقية كاع صاحب المقال ولم ينبس ببنت شفة – كما يقولون – فمِن كلام شيخ الإسلام فيما أشار إليه الذهبي – رحمه الله – قوله 20/ 381: (وأما العقوبات والأحكام فمذهب أهل المدينة أرجح من مذهب أهل الكوفة من وجوه:
أحدها: أنهم يوجبون القود في القتل بالمثقل كما جاءت بذلك السنة وكما تدل عليه الأصول. بل بالغ مالك حتى أنكر الخطأ شبه العمد، وخالفه غيره في ذلك لهجر الشبه، لكنه في الحقيقة نوع من الخطأ امتاز بمزيد حكم فليس هو قسما من الخطأ المذكور في القرآن .... ).
و قوله 384: (ومن ذلك أن أهل المدينة يرون [العقوبات المالية] مشروعة حيث مضت بها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه الراشدين كما أن العقوبات البدنية مشروعة حيث مضت بها السنة، وقد أنكر العقوبات المالية من أنكرها من أهل الكوفة ومن اتبعهم وادعوا أنها منسوخة، ومن أين يأتون على نسخها بحجة؟ وهذا يفعلونه كثيرا إذا رأوا حديثا صحيحا يخالف قولهم. وأما علماء أهل المدينة وعلماء الحديث فرأوا السنن والآثار قد جاءت بالعقوبات المالية كما جاءت بالعقوبات البدنية: مثل كسر دنان الخمر؛ وشق ظروفها؛ وتحريق حانوت الخمار. كما صنع موسى بالعجل، وصنع النبي صلى الله عليه وسلم بالأصنام، وكما أمر عليه السلام عبد الله بن عمرو بتحريق الثوبين المعصفرين، وكما أمرهم عليه السلام بكسر القدور التي فيها لحم الحمر ثم أذن لهم في غسلها، وكما ضعف القود على من سرق من غير الحرز، وفي حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب غرم الضالة المكتومة وضعف ثمن دية الذمي المقتول عمدا ... ).
وقوله 20/ 393: ( ... وكذلك كانت الأمصار التي ظهر فيها مذهب أهل المدينة، يكون فيها من الحكم بالعدل ما ليس في غيرها، من جعل صاحب الحرب متبعا لصاحب الكتاب، مالا يكون في الأمصار التي ظهر فيها مذهب أهل العراق ومن اتبعهم؛ حيث يكون في هذه والي الحرب غير متبع لصاحب العلم. وقد قال الله تعالى في كتابه: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ. . .} الآية، فقوام الدين بكتاب يهدي وسيف ينصر،) وكفى بربك هاديا ونصيرا).
ودين الإسلام أن يكون السيف تابعا للكتاب، فإذا ظهر العلم بالكتاب والسنة وكان السيف تابعا لذلك كان أمر الإسلام قائما، وأهل المدينة أولى الأمصار بمثل ذلك. أما على عهد الخلفاء الراشدين فكان الأمر كذلك، وأما بعدهم فهم في ذلك أرجح من غيرهم.
وأما إذا كان العلم بالكتاب فيه تقصير، وكان السيف تارة يوافق الكتاب وتارة يخالفه، كان دين من هو كذلك بحسب ذلك، وهذه الأمور من اهتدى إليها وإلى أمثالها تبين له أن أصول أهل المدينة أصح من أصول أهل المشرق بما لا نسبة بينهما ... ).
وقوله: 395 - 396 (وأهل المدينة والسنة فرقوا بين ما فرق الله بينه واتبعوا النص الصحيح والقياس المستقيم العادل. فإن القياس الصحيح من العدل وهو التسوية بين المتماثلين والتفريق بين المتخالفين.
وأهل المدينة أحق الناس بإتباع النص الصحيح والقياس العادل، وهذا باب يطول استقصاؤه وقد ذكرنا من ذلك ما شاء الله من القواعد الكبار في القواعد الفقهية وغير ذلك، وإنما هذا جواب فتيا نبهنا فيه تنبيها على جمل يعرف بها بعض فضائل أهل المدينة النبوية، فإن معرفة هذا من الدين لاسيما إذا جهل الناس مقدار علمهم ودينهم، فبيان هذا يشبه بيان علم الصحابة ودينهم إذا جهل ذلك من جهله. فكما أن بيان السنة وفضائل الصحابة وتقديمهم الصديق والفاروق من أعظم أمور الدين عند ظهور بدع الرافضة ونحوهم، فكذلك بيان السنة ومذاهب أهل المدينة وترجيح ذلك على غيرها من مذاهب أهل الأمصار أعظم أمور الدين عند ظهور بدع الجهال المتبعين للظن وما تهوى الأنفس والله أعلم).
إلى غير ذلك من بيانه وإنصافه – رحمه الله -.
وأخيرا:
وما من كاتب إلا سيلقى - - غداة الحشر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شئ - - يسرك في القيامة أن تراه
ـ[أبو فالح عبدالله]ــــــــ[20 - 03 - 06, 03:14 ص]ـ
جزاكم الله تعالى خيراً ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/306)
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[21 - 03 - 06, 02:00 ص]ـ
وإياك أخي الفاضل ... ونفع بك يا أبا فالح.
###
قال صاحب المقال: (وكان مالك قد أفتى بجواز ضرب المتَّهم، فلقي أثر تلك الفتوى الاستحسان لدى الخلفاء العباسيين، وعُرف ذلك فيما بعد بالمصالح المرسلة في الفقه المالكي).
قلت: فلما طالبتُه بتوثيق النقل عن الإمام في هذا الأمر؛ لم يقم بتوثيقه كما يفعل كل عاقل يحترم العلم، ويحترم من ينقل إليهم العلم، بل أضاف في مقاله – بعد مدة – قائلا: (ومنها – أي فتاوى الإمام الغريبة - أن الإمام مالك بن أنس أجاز ضرب المتهم بالسرقة للحصول على اعترافه، حماية للأموال. وتساءل الإمام الليث بما معناه: وماذا إذا ثبت أن المتهم بريء؟ إن حماية البريء أولى من عقاب المذنب. ولأن يفلت عشرة مذنبين خير من ظلم بريء واحد. ثم إن الضرب في ذاته عقوبة لا يقضى بها إلا بعد ثبوت الجريمة، وإلا فالضارب والآمر بالضرب ومن أفتى بجوازه كلهم مسؤولون).
قلت: قال شيخ الإسلام – رحمه الله -: ( .. والعلم يحتاج إلى نقل مصدق ونظر محقق.
والمنقول عن السلف والعلماء يحتاج إلى معرفة بثبوت لفظه ومعرفة دلالته، كما يحتاج إلى ذلك المنقول عن الله ورسوله .. ).
وقد اشتهر عن أهل العلم أنهم يقولون: إذا كنت ناقلا فالصحة، وإن كنت مدعيا فالدليل.
وصغار الولدان اليوم يعلمون أن من القواعد المقررة في آداب البحوث العلمية: الأمانة في النقل والدقة ...
وقد عري المقال من هذين وغيرهما من أساسيات البحوث العلمية تماما، ولما نبهته لهذا أعرض في ظاهر الأمر، بل تفاخر أنه معرض عني، وهذا لا يضيرني بحمد الله، ولكن من أعرض عن الأخذ بالعلم وأسبابه، وأتبع نفسه هواها ما حاله؟ ثم هو يحاول بطريق ملتو أن يرد، فجاء بكلام نسبه للإمام الليث – رحمه الله – لم يذكر له مصدرا، يوحي من خلاله أن تساؤله – رحمه الله – يتضمن ردا على شخص معاصر له، يرى هذا القول، والنتيجة أن يكون ذلك الشخص مالكا – رحمه الله - أو هكذا حاول أن يفهم القراء.
وصدقني يا هذا لو أتيت بكلام الغزالي في المنخول، وكلام السبكي الصغير في جمع الجوامع، وكلام شراحه أجمعين، وكلام كل من كتب من المتأخرين في تاريخ التشريع، ما كان فيه إثبات لما تقول، حتى تأتي بنص صريح عن الإمام من الكتب التي اعتنت بنقل أقواله عن طريق تلاميذه الذين عرفوا مذهبه حقا واجتهاداته صدقا.
وغير ذلك لا يقبل منك، ولو تنكبتَ طرق التوثيق المعتمدة في نقل أقوال المجتهدين، و فعلت غير ما يدل عليه العلم = فما هو إلا التقليد بدون حجة الذي نهاك عنه ابن عبد الحكم. وما أراك بخارج منه، وأنت على هذه الحال من الإصرار و ... الذي ترمي به غيرك، وهو لاحقك.
وأزيدك ما يبطل نسبة ذلك للإمام – مع اشتهاره عنه – فقد قال – رحمه الله – كما في كتاب السرقة من المدونة 16/ 93 [باب القطع مما يجب على الصبي، وفيمن أقر بسرقة بتهديد ... ]: (قلت: أرأيت إن أقر بشيء من الحدود بعد التهديد أو القيد أو الوعيد أو الضرب أو السجن , أيقام عليه الحد أم لا في قول مالك؟ قال: قال مالك: من أقر بعد التهديد أُقيل , فالوعيد والقيد والتهديد والسجن والضرب تهديد عندي كله، وأرى أن يُقال. قلت: والوعيد والتهديد عند مالك بمنزلة السجن والضرب؟ قال: قد أخبرتك بقوله في التهديد فما سألت عنه عندي مثله .. ).
فهل من يقول مثل هذا يرى الرأي الذي نسبتَه إليه؟ أين العلم والعقل والفهم التي تحتاجها حتى تعيش ما قاله ابن عبد الحكم واقعا ملموسا، لا دعوى تتفاخر بها على غيرك وأنت منها عري؟!!
ثم هذا القول الذي تنسبه للإمام على أنه من غرائبه، ألم أدلك على من انتصر له من أهل العلم في التعليقات؟ لماذا لا ترجع إلى أقوالهم حتى تعلم مدى قوة هذا القول؟ وعلى أي حجة استند من ذهب إليه - وهم أئمة فحول - وما الضوابط والقيود التي وضعوها لقولهم ... فلعل الغرابة حينئذ - لو أنصفت - ترتفع عنه.
أنا في انتظار توثيقك لهذا القول عن الإمام مالك، فربما أتيت بما عجز عنه غيرك.
يتبع – إن شاء الله -.
ـ[هادي بن سعيد]ــــــــ[21 - 03 - 06, 07:02 م]ـ
عذراً أخي الكريم "الفهم الصحيح" على المقاطعة:
أورد هنا فقط نصا على عجالة لِما عاينته من آخر مشاركة، دون غيره لأني لم أتابع المسألة من بدايتها، ـ ولأنَّ ما أعرفُه عن الإمام مالك ـ رحمه الله ـ أنه لا يحب طريقة رد الشبهات، والأصوب التلهي عنها.
قال الإمام الشاطبي ـ رحمه الله ـ في الاعتصام في الباب الثامن في الفرق بين البدع والمصالح المرسلة:
"إن العلماء اختلفوا في الضرب بالتهم، وذهب مالك إلى جواز السجن في التهم، وإن كان السجن نوعاً من العذاب، ونص أصحابه على جواز الضرب، وهو عند الشيوخ من قبيل تضمين الصناع، فإنه لو لم يكن الضرب والسجن بالتهم لتعذر استخلاص الأموال من أيدي السراق والغصاب، إذ قد يتعذر إقامة البينة، فكانت المصلحة في التعذيب وسيلة إلى التحصيل بالتعيين والإقرار."
ثم ذكر كلاما يؤيد ما سبق، وذكر فائدتين لهذه الوسيلة (الاجتهادية)، ثم قال:
"قال الغزالي بعدما حكى عن الشافعي أنه لا يقول بذلك: وعلى الجملة فالمسألة في محل الاجتهاد، قال [يعني الغزالي]: ولسنا نحكم بمذهب مالك على القطع، فإذا وقع النظر في المصالح كان ذلك قريباً من النظر في تعارض الأقيسة المؤثرة" (ص368،369 من الطبعة المليئة بالأخطاء والتصحيفات ومكتوب على غلافها تحقيق فلان)
تعليق صغير: من قال بمشروعية هذه الوسيلة من العلماء لم يقل بها على إطلاقها لكل شخص، بل فيمن ثبتت فيه التهمة بالقرائن والأمارات، ولم تثبت فيه بعد بالبينة القاطعة، فهو نوع من السياسات، ويقول العلماء "باب السياسات أوسع من باب القضاء" ـ والله أعلم ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/307)
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[21 - 03 - 06, 10:18 م]ـ
الأمر لله من قبلُ ومن بعد ... سمعت وأطعتُ ... وأسأل الله الصدق والإخلاص للجميع.
أخي الفاضل سعيد - أسعدك الله بطاعته - البحث هنا عن شيئ واحد فقط: نسبة القول بضرب المتهم وليس حبسه ... للإمام مالك خاصة من عدمه ...
فنسبة القول بضرب المتهم لمالك - رحمه الله - هي التي يتم بها التشنيع عليه ... وهي التي تثير جماعات حقوق الإنسان!!! ... أما حبسه فذلك أمر أقرته الشرائع والدساتير المعاصرة فلا يستغرب، ولا يتم به التشنيع على القائل به ... أرجو أن تكون قد فقهتَ قولي ...
وقد ذكرتُ قول الإمام وفتواه من كتاب المالكيين المعتمد عندهم على الإطلاق ... فمن كان له قول آخر فليأت بنص عن الإمام في مثل قوة ذلك دلالة وثبوتا ...
وكنت في أصل التعليقات قد قلت: ( ... وأما فتوى الإمام بجواز ضرب المتهم - لو صح ذلك عنه - فصادرة من إمام له أهلية الاجتهاد، فما اعتراض الشيخ؟!
وبنوالعباس في هذا ليسوا بحاجة للإمام، فعندهم من يقول لهم اقتله ودمه في أعناقنا، وليس اضربه فقط. ومن قال بهذا القول يستدل له بما أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 9/ 137 في قصة قتال خيبر، عندما أخفوا على المسلمين بعض ما تعهدوا بتسليمه .... وفيها [فدفعه إلى الزبير فمسه بعذاب].
ويستدل له كذلك بالمصلحة المرسلة، المستندة إلى القاعدة الكلية في حفظ أموال الناس.
وإطلاق الشيخ للضرب بدون تقييده بضرب لا يؤدي إلى إتلاف عضو، أو كسر عظم، أو إتلاف حاسة من الحواس فيه ظلم للقائلين به، وكذلك الإطلاق في كلمة متهم، بدون تقييدها بمتهم قويت التهمة في حقه، أو متهم معروف بالفجور ظلم آخر لهم. ووضع ذلك كله في هذا السياق ونسبته للإمام ظلم آخر أشد وأشنع، مع ملاحظة - وهذا مهم - أن هذه النسبة فيها شك كبير، فليوثق لنا الشيخ نسبة هذا القول بجواز ضرب المتهم للإمام من مصدر معتمد، تكون فيه نسبة هذه الفتوى للإمام صريحة، وليس لأحد من تلاميذه أو أتباع مذهبه، وما أظنه فاعلا ...... وينبغي وضع هذه مع الفتوى بعنصرية، ثم تقديمهما إلى لجنة ..... حتى ترى رأيها في الإمام، فهذا الزمان زمن لجان ... والله يتولى الصالحين.
هذا وقد بين هذه المسألة غاية البيان إمامان جليلان - رحمهما الله - وانتصرا لها غاية الانتصار، وهما الإمام الشاطبي في الاعتصام 2/ 120، وشيخ الإسلام ابن تيمية، فيما نقله عنه تلميذه البار ابن القيم - رحمه الله - في السياسة الشرعية ص93 وحتى 108، وانظر الأحكام السلطانية للما وردي ص286، تحقيق أحمد البغدادي. وإعلام الموقعين في شرح كتاب أبي موسى الأشعري، عند قوله: الفهم الفهم فيما أدلي إليك).
في كتاب السرقة من المدونة 16/ 93 [باب القطع مما يجب على الصبي، وفيمن أقر بسرقة بتهديد ... ]: (قلت: أرأيت إن أقر بشيء من الحدود بعد التهديد أو القيد أو الوعيد أو الضرب أو السجن , أيقام عليه الحد أم لا في قول مالك؟ قال: قال مالك: من أقر بعد التهديد أُقيل , فالوعيد والقيد والتهديد والسجن والضرب تهديد عندي كله، وأرى أن يُقال. قلت: والوعيد والتهديد عند مالك بمنزلة السجن والضرب؟ قال: قد أخبرتك بقوله في التهديد فما سألت عنه عندي مثله .. ).
ـ[عمر علي الزيداني]ــــــــ[14 - 06 - 07, 01:30 ص]ـ
جزاك الله كل خير اخي الفهم الصحيح على التبيين وتطيير الشبهات عن امام دار الهجرة وثقة الاسلام وجعلها الله في ميزان حسناتك
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[23 - 07 - 09, 09:52 م]ـ
بارك الله فيكم شيخنا الفهم سانظر في الموضوع لعلي ارد بعض هذا الكلام
بالمناسبة
اين شيخنا الفهم حفظه الله ورده الينا سالما غانما
وفقكم الله
ـ[رشيد]ــــــــ[24 - 07 - 09, 03:09 ص]ـ
لعل هذا البحث يفيد الأخ السائل
ـ[رشيد]ــــــــ[24 - 07 - 09, 03:16 ص]ـ
عفوا أدرجت الملف بالخطإ(32/308)
تعليقات الشيخ البراك على المخالفات العقدية في فتح الباري (مأخوذة من طبعة دار طيبة)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[15 - 12 - 05, 02:10 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله أرسل رسوله بالهدى ودين الحقِّ ليظهرَه على الدِّين كُلِّه ولو كره المشركون، وصلى الله على نبينا محمد وآله، وسلم تسليما كثيرا أما بعد:
فلا يخفى عليكم أن كتاب "فتح الباري شرح صحيح البخاري" للحافظ ابن حجر العسقلاني من أعظم كتب المسلمين ..
إلا أن عمل البشر ـ مهما بلغ صاحبه من العلم ـ لا بد فيه من النقص .. وهذا النقص يختلف من كتاب لآخر كما، ونوعا ..
ومن المعلوم أنّ من النقص الذي لا يحسن التساهل معه هو:
ما كان متعلقا بالعقيدة؛ إذ هي أغلى ما يملك العبد، وأولى ما يحافظ عليه.
ولما أراد الإخوة في دار طيبة إخراج الكتاب بتحقيق الشيخ أبي قتيبة نظر الفاريابي، كان في مقدمة اهتماماتهم التعليق على المسائل التي وقعت فيها مخالفة من الحافظ ابن حجر لمذهب أهل السنة والجماعة بسبب تأثره ـ غفر الله له ـ بعقائد الأشاعرة؛ فكان أن يسر الله لهذه المهمة الكريمة الشيخ عبد العزيز الجليل، فقام بعرض فكرة التعليق على الشيخ العلامة عبد الرحمن البراك، وعرض مشروع التحقيق عليه = فشرح الله صدره لذلك، فعلق على مواضع كثيرة بيَّن فيها الحق ـ مذهب أهل السنة والجماعة ـ بيانا شافيا، ومعلوم إمامة الشيخ في هذه الباب فقد أمضى حفظه الله قرابة نص قرن من الزمان في تدريس العقيدة السلفية، ونشرها للناس؛ فجزاه الله عن المسلمين خير الجزاء.
ولما كان من الصعب وصول الكتاب لإخواننا المسلمين في بعض البلاد، أو عدم قدرة بعضهم على اقتنائه = عقدت العزم على نقل تلك التعليقات النفيسة النافعة؛ ليعلقها الإخوة على نسخهم، وسأبدأ ـ بإذن الله ـ بنقلها هنا واحدا تلو الآخر .. أسأل الله الإعانة على ذلك.
تنبيه: العزو للطبعة السلفية الأولى.
والآن أبدأ:
1 - قال الحافظ في المقدمة ص 136:
قوله " استوى على العرش " هو من المتشابه الذي يفوض علمه إلى الله تعالى، ووقع تفسيره في الأصل.اهـ
قال الشيخ البراك: قوله: " هو من المتشابه ... الخ " إن أراد ما يشتبه معناه على بعض الناس فهذا حق؛ فإن نصوص الصفات ومنها الاستواء قد خفي معناها على كثير من الناس، فوقعوا في الاضطراب فيها وعلِم العلماء من السلف وأتباعهم معانيها المرادة منها، فأثبتوها، وفوضوا علم حقائقها وكيفياتها إلى الله تعالى؛ كما قال الإمام مالك وشيخه ربيعة لما سئل عن الاستواء: " الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب" وهذه قاعدة يجب اتباعها في جميع صفات الله تعالى، وقد فسر السلف الاستواء: بالعلو والارتفاع والاستقرار.
وإن أراد بالمتشابه: (ما لا يفهم معناه أحد، فيجب تفويض علم معناه إلى الله تعالى) فهذا قول أهل التفويض من النفاة المعطلة، وهو باطل؛ لأنه يقتضي أن الله سبحانه خاطب عباده بما لا يفهمه أحد، وهذا خلاف ما وصف الله به كتابه من البيان والهدى والشفاء.
وهذا الاحتمال الثاني هو الذي يقتضيه سياق الحافظ عفا الله عنه.
ـ[بيان]ــــــــ[15 - 12 - 05, 04:16 م]ـ
بارك الله فيك شيخنا ...
ولعله إكمالاً للفائدة تضاف تعليقات سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله والتي كانت مكتملة بعناية الشيخ الشبل والتي أضيفت مؤخراً إلى طبعة دار السلام، وكذلك تعليقات الشيخ الغنيمان على كتاب التوحيد من صحيح البخاري ...
ـ[عبدالقاهر]ــــــــ[15 - 12 - 05, 04:16 م]ـ
ولما كان من الصعب وصول الكتاب لإخواننا المسلمين في بعض البلاد، أو عدم قدرة بعضهم على اقتنائه = عقدت العزم على نقل تلك التعليقات النفيسة النافعة؛ ليعلقها الإخوة على نسخهم
أخي الغالي الشيخ: عبدالرحمن
جزاك الله خيراً على هذا الامر،وأسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتك.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[15 - 12 - 05, 05:05 م]ـ
ولعله إكمالاً للفائدة تضاف تعليقات سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله والتي كانت مكتملة بعناية الشيخ الشبل والتي أضيفت مؤخراً إلى طبعة دار السلام، وكذلك تعليقات الشيخ الغنيمان على كتاب التوحيد من صحيح البخاري ...
جزاك الله خيرا ..
بالنسبة لتعليقات العلامة ابن باز فهي مثبتة في جميع الطبعات فيما أظن، وليست مختصة بطبعة دار السلام.
وأما تعليقات الشيخ علي الشبل فأظن أن تعليقات الشيخ البراك تغني عنها.
والشيخ الغنيمان شرح كتاب التوحيد كاملا، وهو موجود في الشبكة لمن أراده، ولا يمكن نقله هنا.
وجزاك الله خيرا.
ـ[أبو عبد الله الروقي]ــــــــ[15 - 12 - 05, 05:59 م]ـ
بارك الله فيك يا أبا عبد الله ..
ومثل هذا العالِم الجليل جديرٌ بأن يستفيد الطالب من تعليقاته لا سيّما في أبواب الاعتقاد ..
و يحسن بالطالب قراءة كتاب (شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري) للعلاّمة الشيخ عبد الله الغنيمان فهو مفيدٌ في بابه .. و قد طُبِع مرّات ... وهو أيضاً على الشبكة لمن أراد تحميله ها هُنا:
http://saaid.net/book/open.php?cat=1&book=1838
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/309)
ـ[المقدادي]ــــــــ[15 - 12 - 05, 07:55 م]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ عبدالرحمن
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[15 - 12 - 05, 08:54 م]ـ
جزاكم الله خيرا
-------------------------
2 - قال الحافظ في المقدمة ص 208:
قوله: (أطولهن يدًا) أي: أسمحهن، ووقع ذكر اليد في القرآن والحديث مضافًا إلى الله تعالى، واتفق أهل السنة والجماعة على أنه ليس المراد باليد الجارحة التي هي من صفات المحدثات، وأثبتوا ما جاء من ذلك وآمنوا به؛ فمنهم من وقف ولم يتأول، ومنهم من حمل كل لفظ منها على المعنى الذي ظهر له، وهكذا عملوا في جميع ما جاء من أمثال ذلك. اهـ
قال الشيخ البراك: قوله: "واتفق أهل السنة والجماعة على أنه ليس المراد باليد الجارحة ... الخ": لفظ الجارحة لم يرد إطلاقه في الكتاب والسنة ولا في كلام السلف على صفة الرب سبحانه؛ لا نفيًا ولا إثباتًا، وهو لفظ مجمل، فيجب التفصيل فيه نفيًا وإثباتًا؛ فإن أريد بالجارحة اليد التي تماثل أيدي المخلوقين، فيد الله سبحانه ليست مثل يد أحد من الخلق.
وإن أريد بالجارحة اليد التي يكون بها الفعل، والأخذ، والعطاء، ومن شأنها القبض والبسط؛ فيد الله كذلك؛ فقد خلق آدم بيديه، ويأخذ أرضه وسماءه يوم القيامة بيديه، ويقبض يديه ويبسطهما كما جاء في الكتاب والسنة؛ فالنافي للمعنى الأول محق، والنافي للمعنى الثاني مبطل.
ولا ريب أن أهل السنة متفقون على نفي مماثلة الله لخلقه في شيء من صفاته ـ لا اليد ولا غيرها ـ بل يثبتونها لله سبحانه على الوجه اللائق به مع نفي التمثيل ونفي العلم بالكيفية.
وقول الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: "واتفق أهل السنة والجماعة": يدخل فيهم الأشاعرة ونحوهم من طوائف الإثبات كما يقتضيه آخر كلامه، ومذهبهم في صفة اليدين لله نفي حقيقتهما، ثم لهم في النصوص الواردة بذكر اليدين أحد منهجين:
إما التفويض، أي: تفويض المعنى.
وإما التأويل: بصرف لفظ اليد عن المعنى المتبادر ـ وهو الراجح ـ إلى معنى مرجوح كالقدرة والنعمة.
وهو صرف للكلام عن ظاهره بغير حجة صحيحة يسمونه تأويلاً، وهو في الحقيقة تحريف.
ـ[أمجد التركماني]ــــــــ[16 - 12 - 05, 01:11 ص]ـ
جزاك الله الجنة يا شيخ عبدالرحمن و نفع بك , لي إليك رجاء بعد إتمام كتابة الموضوع لو رأيتَ وضع ما كتبته في ملف وورد يكون حسناً بإذن الله و جزاك الله خيراً و بارك فيك و حفظك من كل سوء و مكروه
أخوك الصغير
أمجد التركماني
ـ[أبو أسيد النجدي]ــــــــ[16 - 12 - 05, 02:53 ص]ـ
جزاك الله خيراً ,, وبإنتظار المزيد من تعليقات العلامة ..
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[16 - 12 - 05, 02:54 م]ـ
جزاكم الله خيرا، الأخ أمجد سأفعل إن شاء الله.
3– قال الحافظ في الفتح 1/ 46:قوله: (وهو) أي الإيمان (قول وفعل يزيد وينقص) ... والمعتزلة قالوا: هو العمل والنطق والاعتقاد. والفارق بينهم وبين السلف أنهم جعلوا الأعمال شرطًا في صحته، والسلف جعلوها شرطًا في كماله.
قال الشيخ البراك: قوله: "والفارق بينهم وبين السلف .... الخ": هذا الفرق بين المعتزلة والسلف لا يستقيم سواء أريد بشرط الصحة أو شرط الكمال: جنس العمل، أو أنواع العمل الواجبة، أو الواجبة والمستحبة؛ فإن الأعمال المستحبة من كمال الإيمان المستحب، فلا تكون شرطاً لصحة الإيمان، ولا لكماله الواجب.
وأما الأعمال الواجبة: فليس منها شرط لصحة الإيمان عند جميع أهل السنة، بل بعضها شرط لصحة الإيمان عند بعض أهل السنة كالصلاة.
وأما عند المعتزلة: فالمشهور من مذهبهم ومذهب الخوارج أن ما كان تركه كبيرة فهو شرط لصحة الإيمان، وعلى هذا فلا يصح أن يقال: إن جنس العمل عندهم شرط لصحة الإيمان؛ لأن ذلك يقتضي أن الموجب للخروج عن الإيمان عندهم هو ترك جميع الأعمال، وليس كذلك، بل يثبت عندهم الخروج عن الإيمان بارتكاب ما هو كبيرة.
وأما عند السلف: فعمل الجوارح تابع لعمل القلب، وجنس عمل القلب شرط لصحة الإيمان، وجنس عمل الجوارح تابع أو لازم لعمل القلب، فيلزم من انتفاء اللازم انتفاء الملزوم؛ فإن الإعراض عن جميع الأعمال دليل على عدم انقياد القلب.
هذا، ولا أعلم أحدا من أئمة السلف أطلق القول بأن الأعمال شرط أو ليست شرطا لصحة الإيمان أو كماله، وإنما المأثور المشهور عنهم قولهم: "الإيمان قول وعمل" أو "قول وعمل ونية"؛ يقصدون بذلك الرد على المرجئة الذين أخرجوا الأعمال عن مسمى الإيمان، وخصوا الإيمان بالتصديق، أو التصديق والإقرار باللسان.
وبهذا يتبين أن ما ذكره الحافظ بإطلاق القول بأن الأعمال شرط لصحة الإيمان عند المعتزلة، وشرط لكماله عند السلف ليس بمستقيم لما تقدم.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[16 - 12 - 05, 09:32 م]ـ
4– قال الحافظ ابن حجر 1/ 157: " قوله " فاستحيا الله منه " أي رحمه ولم يعاقبه.
قوله: " فأعرض الله عنه " أي سخط عليه، وهو محمول على من ذهب معرضا لا لعذر، هذا إن كان مسلما، ويحتمل أن يكون منافقا، واطلع النبي صلى الله عليه وسلم على أمره، كما يحتمل أن يكون قوله صلى الله عليه وسلم: فأعرض الله عنه " إخبارا أو ادعاء.
قال الشيخ البراك: قوله: "فاستحيا الله منه أي رحمه"، وقوله: "فأعرض الله عنه أي سخط عليه": في هذا التفسير للاستحياء والإعراض من الله عدول عن ظاهر اللفظ من غير موجب، والحامل على هذا التفسير عند من قال به هو اعتقاده أن الله لا يوصف بالحياء أو الإعراض حقيقة؛ لتوهم أن إثبات ذلك يستلزم التشبيه، وليس كذلك بل القول في الاستحياء والإعراض كالقول في سائر ما أثبته الله عز وجل لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الصفات، والواجب في جميع ذلك هو الإثبات مع نفي مماثلة المخلوقات، وقد ورد في الحديث: "إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا" [أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه].
وفي ذكر الاستحياء والإعراض في هذا الحديث دليل على أن الجزاء من جنس العمل، وشواهده كثيرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/310)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[17 - 12 - 05, 04:25 م]ـ
5 – قال الحافظ في الفتح 1/ 229: قوله: "إن الله لا يستحيي من الحق" أي لا يأمر بالحياء في الحق.
قال الشيخ البراك: قوله: "أي لا يأمر بالحياء في الحق": ليس في هذا تفسير للاستحياء مضافا إلى الله عز وجل، ولا تفسير لنفي الاستحياء؛ فليس فيه تعرض لإثبات الاستحياء أو نفيه عن الله عز وجل، بل هو بيان للمراد من سياق هذا الخبر في قوله: "لا يستحيي من الحق"، وهو المعنى الذي قدمت به أم سليم لسؤالها. وانظر: التعليق رقم (4)
ـ[أبو معاذ باوزير]ــــــــ[17 - 12 - 05, 06:11 م]ـ
بارك الله فيك شيخنا عبدالرحمن وجعل ذلك في ميزان حسانتك.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[17 - 12 - 05, 09:01 م]ـ
جزاك الله خيرا
----------------------
6 - قال الحافظ في الفتح 1/ 352: "والمراد باليد هنا القدرة".
قال الشيخ البراك: قوله: "والمراد باليد القدرة": يريد في قول ابن مسعود: "والذي نفسي بيده"، وهذا القسم كثيراً ما يقسم به النبي صلى الله عليه وسلم، ومعناه: والذي نفسي في ملكه يتصرف فيها بقدرته ومشيئته. هذا هو معنى الكلام مركبا، فإذا أراد الحافظ أو غيره بقولهم: "المراد باليد هنا القدرة"
المعنى المراد من جملة القسم كان صحيحا، وإن أراد أن يد الله المراد بها قدرته؛ فهذا جار على مذهب أهل التأويل من نفاة الصفات الذين ينفون عن الله عز وجل حقيقة اليدين، ويؤولون ما ورد في النصوص بالقدرة أو النعمة. وهو تأويل باطل مبني على باطل، وهو: اعتقاد نفي حقيقة اليدين عن الله عز وجل. وهذا التأويل صرف للنصوص عن ظاهرها، كقوله تعالى: "ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي"، فلو كان المراد باليدين القدرة لما كان بين آدم وإبليس فرق؛ إذ الكل مخلوق بالقدرة. والحافظ رحمه الله جار في صفة اليد لله تعالى على طريق النفاة.
وانظر: تعليق رقم (2).
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[19 - 12 - 05, 11:34 م]ـ
7 - قال الحافظ في الفتح1/ 508:
"والمراد بالمناجاة من قبل العبد حقيقة النجوى، ومن قبل الرب لازم ذلك، فيكون مجازا، والمعنى: إقباله عليه بالرحمة والرضوان".
قال الشيخ البراك: قوله: "ومن قبل الرب لازم ذلك ... الخ": هذا القول يتضمن نفي حقيقة المناجاة عن الله عز وجل. والمناجاة هي المسارة في الحديث. وقد ثبتت إضافة المناجاة إلى الله عز وجل في قوله سبحانه: "وقربناه نجيا"؛ فالله عز وجل كلم موسى عليه السلام فناداه وناجاه، فهو كليم الله ونجيه. وليس في هذا الحديث ذكر للمناجاة من الله تعالى، بل المناجاة في الحديث من طرف العبد. ونفي حقيقة المناجاة هو مذهب من ينفي الكلام عن الله تعالى من الجهمية والمعتزلة، بل ومذهب من يقول إن كلام الله معنى نفسي ليس بحرف ولا صوت كالكلابية والأشاعرة. ومذهب أهل السنة والجماعة أن الله يتكلم إذا شاء متى شاء، ويكلم من شاء، فيسمعه كلامه؛ فموسى عليه السلام سمع كلام الله من الله. وهكذا الأبوان في قوله سبحانه: "وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة ... " الآية. والذي يظهر أن الحافظ رحمه الله تعالى مشى في صفة المناجاة على مذهب أهل التأويل من الأشاعرة.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[19 - 12 - 05, 11:35 م]ـ
8 - قال الحافظ ابن حجر 1/ 508: "وفيه الرد على من زعم أنه على العرش بذاته " [أي: حديث: إن ربه بينه وبين القبلة]
قال الشيخ البراك: وقوله: "وفيه الرد على من زعم أنه على العرش بذاته ... الخ": هذا صريح في أن الحافظ ـ عفا الله عنه ـ ينفي حقيقة استواء الله على عرشه؛ وهو علوه وارتفاعه بذاته فوق عرشه العظيم.
وهذا مذهب المعطلة من الجهمية والمعتزلة، بل ومذهب كل من ينفي علو الله على خلقه؛ ومنهم الماتريدية ومتأخرو الأشاعرة؛ وهو مذهب باطل مناقض لدلالة الكتاب والسنة والعقل والفطرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/311)
ومذهب سلف الأمة من الصحابة والتابعين وأئمة الدين وجميع أهل السنة والجماعة: أن الله عز وجل فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه؛ أي ليس حالاً في مخلوقاته، ولا ينافي ذلك أنه مع عباده أينما كانوا، وأنه تعالى يقرب مما شاء متى شاء كيف شاء. وكذلك لا ينافي علوه واستواؤه على عرشه ما جاء في هذا الحديث من أنه سبحانه قِِبل وجه المصلي، أو بينه وبين القبلة؛ فالقول فيه كالقول في القرب والمعية؛ كل ذلك لا ينافي علوه ولا يوجب حلوله تعالى في شيء من المخلوقات؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:
"ولا يحسب الحاسب أن شيئا من ذلك يناقض بعضه بعضا ألبتة; مثل أن يقول القائل: ما في الكتاب والسنة من أن الله فوق العرش يخالفه الظاهر من قوله: {وهو معكم أين ما كنتم}، وقوله صلى الله عليه وسلم: {إذ قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه}، ونحو ذلك؛ فإن هذا غلط؛ وذلك أن الله معنا حقيقة وهو فوق العرش حقيقة كما جمع الله بينهما في قوله سبحانه وتعالى: {هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير}؛ فأخبر أنه فوق العرش يعلم كل شيء وهو معنا أينما كنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الأوعال: {والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه}؛ وذلك أن كلمة (مع) في اللغة إذا أطلقت فليس ظاهرها في اللغة إلا المقارنة المطلقة من غير وجوب مماسة أو محاذاة عن يمين أو شمال، فإذا قيدت بمعنى من المعاني دلت على المقارنة في ذلك المعنى؛ فإنه يقال: ما زلنا نسير والقمر معنا أو والنجم معنا، ويقال: هذا المتاع معي لمجامعته لك; وإن كان فوق رأسك. فالله مع خلقه حقيقة وهو فوق عرشه حقيقة .... وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم:
{إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه فلا يبصق قبل وجهه} الحديث. حق على ظاهره وهو سبحانه فوق العرش وهو قبل وجه المصلي، بل هذا الوصف يثبت للمخلوقات؛ فإن الإنسان لو أنه يناجي السماء أو يناجي الشمس والقمر لكانت السماء والشمس والقمر فوقه وكانت أيضا قبل وجهه. وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم المثل بذلك - ولله المثل الأعلى - ولكن المقصود بالتمثيل بيان جواز هذا وإمكانه، لا تشبيه الخالق بالمخلوق؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {ما منكم من أحد إلا سيرى ربه مخليا به} فقال له أبو رزين العقيلي: كيف يا رسول الله وهو واحد ونحن جميع؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {سأنبئك بمثل ذلك في آلاء الله؛ هذا القمر: كلكم يراه مخليا به وهو آية من آيات الله ; فالله أكبر} أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم". [مجموع الفتاوى 5/ 102 – 107 باختصار].
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[19 - 12 - 05, 11:36 م]ـ
9 - قال الحافظ ابن حجر 1/ 514: " ويستفاد منه أن التحسين والتقبيح إنما هو بالشرع ... ".
قال الشيخ البراك: قوله: "ويستفاد منه أن التحسين والتقبيح إنما هو بالشرع": المراد بالتحسين والتقبيح: الحكم على الشيء بأنه حسن أو قبيح، وقد اختلف الناس فيما يعرف به حسن الأشياء وقبحها:
فمذهب المعتزلة: أن ذلك يعرف بالعقل، وأن حُسْن الحَسَنْ وقبح القبيح ذاتيان، وأن الشرع كاشف لذلك.
ومذهب الأشاعرة: أن الأشياء في ذاتها مستوية لاشتراكها في الصدور عن المشيئة، وإنما تكسب الحسن والقبح بالشرع؛ فالحسن ما أمر به الشرع، والقبيح ما نهى عنه، فالحسن والقبح عندهم شرعيان لا عقليان، ويجوز عندهم أن يأمر الله بما نهى عنه فيصير حسناً، وينهى عما أمر به فيصير قبيحاً. وهذا ظاهر الفساد.
ومذهب أهل السنة والجماعة: أن حسن الأشياء وقبحها يعرف بالعقل والشرع؛ فما أمر به الشرع فهو حسن في ذاته، وزاده الأمر به حسناً، وما نهى عنه الشرع قبيح وزاده النهي قبحاً؛ فالحُسْن والقبح عند أهل السنة شرعيان وعقليان، ولكن الحكم بالوجوب والتحريم، وترتب العقاب موقوف على الشرع.
وبهذا يتبين أن الحافظ رحمه الله تعالى يذهب في التحسين والتقبيح مذهب الأشاعرة، ودعواه أن ذلك مما يستفاد من الحديث، وتوجيه ذلك بأن جهة اليمين مفضلة على اليسار وأن اليد مفضلة على القَدَم - يعني في الشرع - دعوى غير صحيحة. وما ذكره من الدليل هو حجة على خلاف ما ذهب إليه؛ فإن تفضيل اليمين على الشمال، واليد على القدم كما قد دل عليه الشرع فقد شهد به العقل والفطرة؛ فكل عاقل يدرك قبل ورود الشرع فضل الوجه على الدبر، وفضل اليد على الرجل، وفضل اليمين على الشمال، فتطابق على ذلك الشرع والعقل.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[20 - 12 - 05, 08:09 م]ـ
10 - قال الحافظ: 1/ 514 " لأن الحق عند أهل السنة أن الرؤية لا يشترط لها عقلا عضو مخصوص، ولا مقابلة، ولا قرب ... ".
قال الشيخ البراك: قوله: "لأن الحق عند أهل السنة والجماعة أن الرؤية لا يشترط لها عقلا عضوا ... الخ":
مراد الحافظ بأهل السنة هنا الأشاعرة، وهو يشير ـ عفا الله عنه ـ بهذا الكلام إلى مذهبهم في الرؤية؛ أي في رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، وهو أنه سبحانه وتعالى يُرى لا في جهة؛ فلا يقولون إن المؤمنين يرونه من فوقهم، ولا بأبصارهم، ولامع مقابلة. وهذا كله مبني على نفي علوه سبحانه؛ فحقيقة قولهم في الرؤية موافق لمن ينفيها كالمعتزلة؛ فإن قولهم يُرى لا في الجهة معناه أنه يُرى لا من فوق، ولا من تحت، ولا من أمام، ولا من خلف، ولا عن يمين، ولا عن شمال؛ وحقيقة هذا نفي الرؤية، فكانوا بهذا الإثبات على هذا الوجه متناقضين موافقين في اللفظ لأهل السنة بدعوى إثباتهم للرؤية، وموافقين في المعنى للمعتزلة. وليس في الحديث دليل على جنس هذه الرؤية، بل في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم يراهم من أمامه ومن خلفه. وقوله صلى الله عليه وسلم: "إنكم سترون ربكم كما ترون الشمس والقمر" يدل على أن المؤمنين يرون ربهم عياناً بأبصارهم من فوقهم من غير إحاطة؛ فقد شبه الرؤية بالرؤية ولم يشبه المرئي بالمرئي، ولعل الحافظ يريد بأهل البدع المعتزلة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/312)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[21 - 12 - 05, 04:09 م]ـ
11– قال الحافظ 2/ 144: في قوله: " سبعة يظلهم الله في ظله " قال عياض: " إضافة الظل إلى الله إضافة ملك، وكل ظل فهو ملكه. كذا قال، وكان حقه أن يقول: إضافة تشريف ليحصل امتياز هذا على غيره .. ، وقيل: المراد بظله: كرامته وحمايته كما يقال: فلان في ظل الملك.
قال الشيخ البراك: قوله ?: "سبعة يظلهم الله في ظله": المتبادر أن المراد بالظل هنا ما يستظل به ويتقى به من الحر، وهو أثر الحائل المانع من شعاع الشمس، والظاهر أن المراد بالظل المضاف إلى الله عز وجل في الحديث هو ما يظل به عباده الصالحين يوم تدنو الشمس من رؤوس الخلائق، وهو أثر أعمالهم الصالحة كما في الحديث: "كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس ... ". [انفرد به أحمد وسنده متصل ورجاله ثقات].
وعلى هذا فهذا الظل مخلوق وإضافته إلى الله سبحانه إضافة ملك وتشريف كما قال عياض والحافظ رحمهما الله تعالى، وليس إضافة صفة إلى موصوف؛ فلا يقال: إن لذات الله ظلاً أخذاً من هذا الحديث؛ لأن الظل مخلوق كما قال سبحانه: "ألم تر إلى ربك كيف مد الظل"، والمخلوق ليس صفة للخالق، وقوله صلى الله عليه وسلم: "يوم لا ظل إلا ظله" يعني يوم القيامة. ومعناه: ليس لأحد ما يستظل به من حر الشمس إلا من له عمل صالح يجعل الله له به ظلا، وذلك من ثواب الله المعجل في عرصات القيامة.
هذا ولم أقف لأحد من أئمة السنة على تفسير للظل في هذا الحديث، وهل هو صفة او مخلوق، وما ذكرته هو ما ظهر لي، والله أعلم بالصواب.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[22 - 12 - 05, 11:20 ص]ـ
إذا أضفت المشاركة خرجت لي رسالة بعد انتظار طويل: أنت تتبع رابط خاطئ.
حاولت مرارا، وحصل في عدد من المواقع! وإذا كتبت غيرها قبل كما هنا!
فهل الخلل من المتصفح أو الاتصال أو غيرها .. ؟
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[22 - 12 - 05, 02:35 م]ـ
الحمد انتهت المشكلة
---------------------------
12– قال الحافظ: 3/ 158: " وفي هذا الحديث من الفوائد: – غير ما تقدم – جواز استحضار ذوي الفضل للمحتضر لرجاء بركتهم ودعائهم، وجواز القسم عليهم لذلك "
قال الشيخ البراك: قوله: "في هذا الحديث من الفوائد – غير ما تقدم – جواز استحضار ذوي الفضل للمحتضر .... الخ": في هذا الاستنباط نظر؛ فإن التي استحضرت الرسول صلى الله عليه وسلم ابنته، ويحتمل أن يكون استحضارها للرسول صلى الله عليه وسلم بمقتضى العادة وحكم القرابة ليسليها ويواسيها، ومما يؤكد رغبتها في ذلك أن أباها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي حضوره برد لحر المصاب، ولهذا أقسمت عليه بالمجيء، ولمَّا أقسمت عليه بر بقسمها. ولا ريب أنه يجوز استحضار من ينتفع بحضوره لدى المحتضر في أمر دين أو دنيا مما يعود إلى المحتضر أو أهله بالفائدة، ولا ريب أن استحضار من ينفع المحتضر وأهله بعلمه وتوجيهه مما يرغب فيه. وينبغي حمل قول الحافظ: "لرجاء بركتهم ودعائهم" على هذا؛ لأن مجالسة أهل العلم والصلاح فيها خير وبركة لمجالسيهم.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[22 - 12 - 05, 09:12 م]ـ
13– قال الحافظ 3/ 463: وقال المهلب: حديث عمر هذا يرد على من قال: إن الحجر يمين الله في الأرض يصافح بها عباده، ومعاذ الله أن يكون لله جارحة.
قال الشيخ البراك: قوله: "حديث عمر هذا يرد على من قال: إن الحجر يمين الله في الأرض يصافح بها عباده": هذا المعنى الذي نفاه قد جاء عن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعاً وموقوفاً، وقال فيه شيخ الإسلام ابن تيمية: إنما يعرف من قول ابن عباس. ولفظه: "إن الحجر يمين الله في الأرض، فمن استلمه وقبله فكأنما صافح الله و قبل يمينه". يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "قوله: (الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله وقبل يمينه) صريح في أن الحجر الأسود ليس هو صفة لله، ولا هو نفس يمينه؛ لأنه قال: (يمين الله في الأرض)، وقال: (فمن قبله وصافحه فكأنما صافح الله وقبل يمينه) ومعلوم أن المشبه غير المشبه به؛ ففي نص الحديث بيان أن مستلمه ليس مصافحاً لله، وأنه ليس هو نفس يمينه، فكيف يجعل ظاهره كفراً وأنه محتاج إلى تأويل؟! ".
[التدمرية ص: 73،72، ط العبيكان، تحقيق د. السعوي]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/313)
وقوله: "ومَعاذ الله أن يكون لله جارحة":
انظر: تعليق رقم (2).
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[22 - 12 - 05, 09:38 م]ـ
بودنا أخي عبد الرحمن أن تجمع فوائد كل جزء في ملف وورد أو مضغوط حتى تتم الاستفادة منها بشكل أفضل وأحسن.
وعشمنا في أخينا أن تجمع كل الفوائد في ملف ويوضع في مكتبة الموقع.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[23 - 12 - 05, 02:58 م]ـ
جزاك الله خيرا على الاقتراح، لكن جمع كل جزء في نظري غير مفيد؛ إذا بعض الأجزاء ليس به إلا تعليق واحد أو اثنين .. ، وستجعل بإذن الله في ملف وورد بعد الانتهاء وستنشر في عدد من المواقع والمكتبات الإلكترونية.
-------------------------------
14 - قال الحافظ 4/ 105 - 106 حديث رقم (1894): قوله: " أطيب عند الله من ريح المسك " اختلف في كون الخلوف أطيب عند الله من ريح المسك – مع أنه سبحانه وتعالى منزه عن استطابة الروائح؛ إذ ذاك من صفات الحيوان، ومع أنه يعلم الشيء على ما هو عليه – على أوجه:
قال المازري: هو مجاز؛ لأنه جرت العادة بتقريب الروائح الطيبة منا، فاستعير ذلك للصوم لتقريبه من الله، فالمعنى أنه أطيب عند الله من ريح المسك عندكم، أي يقرب إليه أكثر من تقريب المسك إليكم، وإلى ذلك أشار ابن عبد البر، وقيل: المراد أن ذلك في حق الملائكة وأنهم يستطيبون ريح الخلوف أكثر مما يستطيبون ريح المسك.
وقيل: المعنى أن حكم الخلوف والمسك عند الله على ضد ما هو عندكم، وهو قريب من الأول، وقيل: المراد أن الله تعالى يجزيه في الآخرة، فتكون نكهته أطيب من ريح المسك كما يأتي المكلوم وريح جرحه تفوح مسكاً.
وقيل: المراد أن صاحبه ينال من الثواب ما هو أفضل من ريح المسك لا سيما بالإضافة إلى الخلوف، حكاهما عياض.
وقال الداودي وجماعة: المعنى أن الخلوف أكثر ثواباً من المسك المندوب إليه في الجمع ومجالس الذكر، ورجح النووي هذا الأخير، وحاصله حمل معنى الطيب على القبول والرضا، فحصلنا على ستة أوجه".
قال الشيخ البراك: قوله: " ... مع أنه سبحانه تعالى منزه عن استطابة الروائح ... إلخ": هذا الجزم من الحافظ رحمه الله بنفي صفة الشم عن الله تعالى الذي هو إدراك المشمومات لم يذكر عليه دليلاً إلا قوله: "إذ ذاك من صفة الحيوان"، وهذه الشبهة هي بعينها شبهة كل من نفى صفة من صفات الله سبحانه من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة. وهي شبهة باطلة؛ فما ثبت لله تعالى من الصفات يثبت له على ما يليق به ويختص به كما يقال ذلك في سمعه وبصره وعلمه وسائر صفاته. وصفة السمع ليس في العقل ما يقتضي نفيها فإذا قام الدليل السمعي على إثباتها وجب إثباتها على الوجه اللائق به سبحانه، وهذا الحديث - وهو قوله: "لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" - ليس نصاً في إثبات الشم، بل هو محتمل لذلك، فلا يجوز نفيه من غير حجة، وحينئذ فقد يقال: إن صفة الشم لله تعالى مما يجب التوقف فيه لعدم الدليل البين على النفي أو الإثبات فليتدبر، والله أعلم بمراده ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم.
هذا وقد قال ابن القيم عند هذا الحديث: "بعد ذكر كلام الشراح في معنى طيبه وتأويلهم إياه بالثناء على الصائم والرضا بفعله، على عادة كثير منهم بالتأويل من غير ضرورة، حتى كأنه قد بورك فيه فهو موكل به. وأي ضرورة تدعو إلى تأويل كونه أطيب عند الله من ريح المسك بالثناء على فاعله والرضا بفعله، وإخراج اللفظ عن حقيقته؟ وكثير من هؤلاء ينشئ للفظ معنى ثم يدعي إرادة ذلك المعنى بلفظ النص من غير نظر منه إلى استعمال ذلك اللفظ في المعنى الذي عينه أو احتمال اللغة له. ومعلوم أن هذا يتضمن الشهادة على الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بأن مراده من كلامه كيت وكيت، فإن لم يكن ذلك معلوماً بوضع اللفظ لذلك المعنى أو عرف الشارع صلى الله عليه وسلم وعادته المطردة أو الغالبة باستعمال ذلك اللفظ في هذا المعنى أو تفسيره له به، وإلا كانت شهادة باطلة، وأدنى أحوالها أن تكون شهادة بلا علم.
ومن المعلوم أن أطيب ما عند الناس من الرائحة رائحة المسك، فمثل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الخلوف عند الله بطيب رائحة المسك عندنا وأعظم. ونسبة استطابة ذلك إليه سبحانه وتعالى كنسبة سائر صفاته وأفعاله إليه؛ فإنها استطابة لا تماثل استطابة المخلوقين، كما أن رضاه وغضبه وفرحه وكراهته وحبه وبغضه لا تماثل ما للمخلوق من ذلك، كما أن ذاته سبحانه وتعالى لا تشبه ذوات خلقه، وصفاته لا تشبه صفاتهم، وأفعاله لا تشبه أفعالهم، وهو سبحانه وتعالى يستطيب الكلم الطيب فيصعد إليه، والعمل الصالح فيرفعه، وليست هذه الاستطابة كاستطابتنا. ثم إن تأويله لا يرفع الإشكال؛ إذ ما استشكله هؤلاء من الاستطابة يلزم مثله في الرضا، فإن قال رضا ليس كرضا المخلوقين، فقولوا استطابة ليست كاستطابة المخلوقين، وعلى هذا جميع ما يجيء من هذا الباب. [الوابل الصيب، ص 44 – 45 ط دار الصحابة للتراث، ت: مصطفى العدوي]. ويلاحظ أن ابن القيم اقتصر على لفظ الاستطابة دون لفظ الشم وقوفاً مع لفظ الحديث.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/314)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[24 - 12 - 05, 10:05 م]ـ
15 – قال الحافظ ابن حجر 4/ 253 على حديث رقم (2010): " والتحقيق أنها إن كانت مما تندرج تحت مستحسن في الشرع فهي حسنة، وإن كانت مما تندرج تحت مستقبح في الشرع فهي مستقبحة، وإلا فهي من قسم المباح، وقد تنقسم إلى الأحكام الخمسة".
قال الشيخ البراك: قوله: "والتحقيق أنها إن كانت – أي البدعة – مما تندرج تحت مستحسن في الشرع فهي حسنة .... إلخ": تقسيم البدعة في الشرع إلى حسنة محمودة وسيئة مذمومة مذهب لبعض العلماء، وهو راجع إلى التوسع في معنى البدعة؛ وذلك بالنظر إلى معناها اللغوي، فإنه يشمل كل ما أحدث في الإسلام مما لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كانت أصول الشريعة تقتضيه. ويجري على ذلك قول عمر رضي الله عنه في جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد، وقد أدى هذا المذهب إلى التذرع به في تسويغ كل ما استحسنه الناس بآرائهم، وعَدُّوه من الدين.
والتحقيق أن كل بدعة في الدين فهي سيئة مذمومة لقوله صلى الله عليه وسلم: "وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، وعلى هذا فما تقتضيه أصول الشريعة مما أحدث بعد موته صلى الله عليه وسلم ليس بدعة شرعية بل لغوية.
16– قال الحافظ 5/ 183 على حديث رقم (2559): "وقد قال المازري: غلط ابن قتيبة فأجرى هذا الحديث على ظاهره، وقال: صورة لا كالصورة، انتهى.
وقد أخرج البخاري في الأدب المفرد، وأحمد من طريق ابن عجلان، عن سعيد، عن أبي هريرة مرفوعا: "لا تقولوا: قبح الله وجهك، ووجه من أشبه وجهك؛ فإن الله خلق آدم على صورته" وهو ظاهر في عود الضمير على المقول له ذلك ... ".
قال الشيخ البراك: قوله: "قال المازري: غلط ابن قتيبة فأجرى هذا الحديث على ظاهره .. إلخ": ابن قتيبة يعرف بخطيب أهل السنة، وله جهود في الرد على الزنادقة والمعتزلة كما في "تأويل مختلف الحديث" له. وما ذهب إليه ابن قتيبة رحمه الله تعالى من إثبات الصورة لله عز وجل، وأنها ليست كصورة أحد من الخلق ـ فله سبحانه وتعالى صورة لا كالصور ـ هو مذهب جميع أهل السنة المثبتين لكل ما أثبته لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فكما يقولون: له وجه لا كوجوه المخلوقين، يقولون: له صورة لا كصور المخلوقين، وقد دل على إثبات الصورة لله عز وجل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الطويل: "وتبقى هذه الأمة وفيها منافقوها، فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفونها"، وهو نص صريح لا يحتمل التأويل، فلهذا لم يخالف أحد من أهل السنة في دلالته.
وأما حديث: "فإن الله خلق آدم على صورته" فقد استدل به أكثر أهل السنة على إثبات الصورة أيضاً، وردوا الضمير إلى الله تعالى، وأيدوا ذلك برواية من رواياته بلفظ: "على صورة الرحمن". ومن رد الضمير إلى آدم عليه السلام أو إلى المقاتل - وقصده نفي الصورة عن الله تعالى - فهو جهمي كما قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
ونفي الصورة هو مذهب الجهمية والمعتزلة ومن تبعهم من الأشاعرة والماتريدية، ومنشأ ذلك هو توهم التشبيه في صفات الله تعالى، فزعموا أن إثبات الصورة أو الوجه أو اليدين ونحو ذلك يستلزم التشبيه بالمخلوقات، وهي حجة داحضة، وطردها يستلزم نفي وجود الله سبحانه وتعالى.
ومن رد من أهل السنة الضمير إلى آدم عليه السلام وضعَّف رواية " على صورة الرحمن " فليس مقصوده التوصل إلى نفي الصورة عن الله عز وجل، وليس من مذهبه ذلك، بل رأى لفظ هذا الحديث " خلق الله آدم على صورته " محتملا، فترجح عنده عود الضمير إلى آدم أو إلى المقاتل. وهو منازع في تضعيفه لتلك الرواية وفي هذا الترجيح.
وبهذا يتبين أن إثبات الصورة لله عز وجل لا يتوقف على دلالة حديث " خلق الله آدم على صورته "، ونقول: بل غلط المازري عفا الله عنه، ولم يغلط ابن قتيبة.
17 – قال الحافظ 5/ 292 على حديث رقم (2685): قوله: " أحدث الأخبار بالله " أي أقربها نزولا إليكم من عند الله عز وجل، فالحديث بالنسبة إلى المنزول إليهم، وهو في نفسه قديم ".
قال الشيخ البراك قوله: " فالحديث بالنسبة إلى المنزل إليهم، وهو في نفسه قديم ": يريد أن وصف القرآن بأنه (حديث) باعتبار نزوله إلى الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، وأما نفس القرآن، فهو قديم.
والقديم هو الذي لا بداية لوجوده، وهذا جار على مذهب الأشاعرة في كلام الله تعالى؛ فإن كلام الله عندهم هو معنى نفسي ليس هو حروف وأصوات، وهو معنى واحد لا تعدد فيه، وهو قديم لا تتعلق به مشيئة الله سبحانه، فعندهم أن هذا القرآن المسموع المتلو المكتوب ليس هو كلام الله حقيقة، بل هو عبارة عن ذلك المعنى النفسي.
وهذا خلاف ما عليه سلف الأمة وأئمتها وجميع أهل السنة؛ فعندهم أن الله لم يزل يتكلم بما شاء إذا شاء، كيف شاء، وأنه يُسمِع كلامه من يشاء؛ فموسى عليه السلام سمع كلام الله من الله سبحانه، فعندهم أن القرآن العربي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم هو كلام الله حقيقة حروفه ومعانيه، ليس كلام الله الحروف دون المعاني، ولا المعاني دون الحروف، كما قال تعالى: " وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله "، وهو منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود، وعلى هذا فأهل السنة لا يقولون: القرآن قديم، ولا يطلقون القول بأن كلام الله قديم، بل يقولون: إن الله لم يزل يتكلم إذا شاء بما شاء، أو يقولون: قديم النوع حادث الآحاد.
ومذهب الأشاعرة في كلام الله وفي القرآن هو أقرب إلى مذهب المعتزلة، وهو يتضمن تشبيه الله سبحانه بالأخرس، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/315)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[25 - 12 - 05, 07:51 م]ـ
18 – قال الحافظ 5/ 341 على الحديثين رقم (2731، 2732): " وفيه طهارة النخامة والشعر المنفصل، والتبرك بفضلات الصالحين الطاهرة ".
انظر: تعليق الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في هامش 1/ 327.
19 – قال الحافظ 5/ 351 على الحديثين رقم (2731، 2732)
" وفي رواية موسى بن عقبة، عن الزهري: فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بصير، فقدم كتابه وأبو بصير يموت، فمات وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده، فدفنه أبو جندل مكانه، وجعل عند قبره مسجدًا ... ".
قال الشيخ البراك قوله: " وجعل عند قبره مسجدًا ": هذه الرواية منكرة لا تصح سندًا ولامتنًا؛ فإن بناء المساجد على القبور مما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم تحذيرًا بالغًا؛ فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الذين يبنون المساجد على قبور الصالحين " أولئك شرار الخلق "؛ وذلك أن اتخاذ القبور مساجد من أعظم وسائل الشرك، فيمتنع مع هذا أن يبني أبو جندل مسجدًا عند قبر أبي بصير، كيف وهو في عصر النبوة، والمعروف أن بناء المساجد على القبور لم يعرف في الإسلام إلا بعد القرون المفضلة؟! والذي يظهر أن قوله: " وجعل عند قبره مسجدًا " ليس في أصل رواية موسى بن عقبة، وأن قوله " جُعل " مبني للمجهول، فيكون الفاعل غير أبي جندل، ولعلها من قول الحافظ أو غيره، وأن أصل العبارة " وقد جعل " فليحرر من مغازي موسى بن عقبة. اهـ
أضاف الناشر: في رواية معمر عن الزهري: ( ... ورد كتاب النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بصير في الموت يجود بنفسه، فأعطي الكتاب فجعل يقرأه ويُسرُّ به حتى قبض والكتاب على صدره، فبُني عليه هناك مسجد يرحمه الله) [الروض الأنف 7/ 79 ط. دار إحياء التراث العربي] فورد الفعل (بُني) بصيغة ما لم يسم فاعله، ووردت لفظة (مسجد) مرفوعة على أنها نائب فاعل، وهذا يعني أن بناء المسجد لم يكن من أبي جندل رضي الله عنه، ويحتمل أنه حدث بعد ذلك بزمن طويل.
وانظر "السيرة النبوية الصحيحة" للدكتور أكرم العمري 2/ 451،452 بالهامش حيث ذكر رواية الزهري من مخطوط، ولم يذكر فيها قصة بناء المسجد.
والذي في "الإصابة" في ترجمة أبي بصير (6/ 375): (وعند موسى بن عقبة في المغازي من الزيادة في قصته: ... ولما كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي جندل وأبي بصير أن يقدما عليه، ورد الكتاب وأبو بصير يموت، فمات وكتاب النبي صلى الله عليه وسلم في يده، فدفنه أبو جندل مكانه وصلى عليه). فلعله التبس على بعض النقلة عن موسى بن عقبة جملة: (وصلى عليه) بجملة: (بُني عليه هناك مسجد) أو جملة: (جعل عند قبره مسجدًا).
وانظر تعليق الشيخ عبد العزيز ابن باز هامش 1/ 525.
20 – قال الحافظ 6/ 40 على حديث رقم (2826) قوله: " يضحك الله إلى رجلين " قال الخطابي: الضحك الذي يعتري البشر عندما يستخفهم الفرح أو الطرب غير جائز على الله تعالى، وإنما هذه مثل ضرب لهذا الصنيع الذي يحل محل الإعجاب عند البشر فإذا رأوه أضحكهم، ومعناه الإخبار عن رضا الله بفعل أحدهما وقبوله للآخر ومجازاتهما على صنيعهما بالجنة مع اختلاف حاليهما.
قال: وقد تأول البخاري الضحك في موضع آخر على معنى الرحمة، وهو قريب، وتأويله على معنى الرضا أقرب، فإن الضحك يدل على الرضا والقبول.
قال: والكرام يوصفون عندما يسألهم السائل بالبشر وحسن اللقاء، فيكون المعنى في قوله: " يضحك الله " أي يجزل العطاء.
قال: وقد يكون معنى ذلك أن يعجب الله ملائكته ويضحكهم من صنيعهما، وهذا يتخرج على المجاز، ومثله في الكلام يكثر ".
قال الشيخ البراك: قول الخطابي: " الضحك الذي يعتري البشر عند ما يستخفهم الفرح أو الطرب .... إلخ ":
مذهب أهل السنة في الضحك المضاف إلى الله تعالى في هذا الحديث وغيره إثباته لله عز وجل على ما يليق به ويختص به، وأنه ضحك لا كضحك المخلوقين كما يقولون مثل ذلك في سائر ما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فعندهم أنه تعالى يضحك حقيقة، والضحك منه تعالى غير العجب، وغير الرحمة والرضا، لكنه يتضمن هذه المعاني أو يستلزمها.
ونفي حقيقة الضحك عن الله تعالى هو مذهب الجهمية والمعتزلة ومن تبعهم من الأشاعرة. وليس لهذا النفي من شبهة إلا من جنس ما تُنفى به سائر الصفات. ثم إن الذين نفوا الضحك عن الله عز وجل من الأشاعرة أو من وافقهم منهم من يسلك في النصوص طريقة التفويض فلا يفسرها، ولا يثبت ظاهرها إلا بلفظ دون معنى، ومنهم من يسلك فيها طريقة التأويل فيفسرها بما يخالف ظاهرها؛ وهذا هو الذي سلكه الخطابي فيما نقله عنه الحافظ رحمهما الله تعالى، وعفا عنهما.
ونقول: نعم، الضحك الذي يعتري البشر عند ما يستخفهم الفرح أو الطرب غير جائز على الله تعالى؛ فإن ذلك ضحك البشر وهو مختص بهم، وضحك الرب سبحانه مختص به. فليس الضحك كالضحك، كما يقال مثل ذلك في قدرته وإرادته وغير ذلك من صفاته سبحانه وتعالى.
وقول الخطابي: " وقد تأول البخاري الضحك في موضع آخر على معنى الرحمة " فيه نظر، والأشبه أن هذا لا يصح عن البخاري، ويؤيد ذلك قول الحافظ رحمه الله تعالى عندما نقل قول الخطابي عن البخاري في كتاب التفسير حديث (4889) حيث قال: "قال الخطابي: وقال أبو عبد الله: معنى الضحك هنا الرحمة" قلت: - أي الحافظ - ولم أر ذلك في النسخ التي وقعت لنا من البخاري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/316)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[26 - 12 - 05, 04:23 م]ـ
21 – قال الحافظ 6/ 40 على حديث رقم (2826): قال: " وقال ابن الجوزي: أكثر السلف يمتنعون من تأويل مثل هذا ويمرونه كما جاء، وينبغي أن يراعى في مثل هذا الإمرار اعتقاد أنه لا تشبه صفات الله صفات الخلق، ومعنى الإمرار عدم العلم بالمراد منه مع اعتقاد التنزيه.
قلت: ويدل على أن المراد بالضحك الإقبال بالرضا تعديته بإلى، تقول: ضحك فلان إلى فلان، إذا توجه إليه طلق الوجه، مظهرا للرضا عنه ".
قال الشيخ البراك: قول ابن الجوزي: " أكثر السلف يمتنعون من تأويل مثل هذا ويمرون كما جاء .... إلخ ":
المعروف عن ابن الجوزي نفي حقائق الصفات الخبرية - مثل الضحك والفرح - كما هو مذهب جمهور الأشاعرة. ثم إن كثيرًا منهم يفسر النصوص الواردة في تلك الصفات بما يخالف ظاهرها، كما فسروا المحبة والرضا بإرادة الإنعام.
وقد يفسرون الفرح والضحك بمثل ذلك، أو يفسرونهما بالرحمة والرضا. وهذه طريقة أهل التأويل منهم فيجمعون بين التعطيل والتحريف.
ومنهم من يذهب في نصوص الضحك والفرح ونحو ذلك مذهب التفويض؛ وهو إمرار ألفاظ النصوص من غير فهم لمعناها؛ فعندهم أنها لا تدل على شيء من المعاني. وهذا يقتضي أنه لا يجوز تدبرها لأن المتدبر يطلب فهم المعنى المراد، ولا سبيل إليه عندهم.
وقد زعم ابن الجوزي فيما نقله عنه الحافظ هنا أن هذا – أي التفويض – هو مذهب أكثر السلف. وهو باطل وغلط عليهم، بل إن السلف يثبتون ما أثبته الله عز وجل لنفسه أو أثبته له رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصفات.
ومن قال من السلف في نصوص الصفات: أمروها كما جاءت أو أمروها بلا كيف لا يريدون أنه لا معنى لها كما يدَّعي المفوضة من النفاة، بل يريدون إثبات ما يدل عليه ظاهرها وعدم العدول بها عن ظاهرها، فلا يجوز حمل كلامهم ذلك على ما يخالف المعروف من مذهبهم في صفاته سبحانه وتعالى.
22 – قال الحافظ 6/ 136 على حديث رقم (2994 – 2995): قال: "وقيل: مناسبة التسبيح في الأماكن المنخفضة من جهة أن التسبيح هو التنزيه، فناسب تنزيه الله عن صفات الانخفاض كما ناسب تكبيره عند الأماكن المرتفعة، ولا يلزم من كون جهتي العلو والسفل محال على الله ألا يوصف بالعلو من جهة المعنى، والمستحيل كون ذلك من جهة الحس، ولذلك ورد في صفته العالي والعلي والمتعالي، ولم يرد ضد ذلك، وإن كان قد أحاط بكل شيء علمًا جل وعز".
قال الشيخ البراك: قوله: "ولا يلزم من كون جهتي العلو والسفل محال على الله ألا يوصف بالعلو من جهة المعنى ... إلخ": مضمون هذا الكلام أن الله عز وجل كما يستحيل أن يكون في جهة السفل يستحيل أن يكون في جهة العلو، ولا يلزم من ذلك أن لا يوصف بالعلو المعنوي؛ فالمستحيل عليه هو العلو الحسي. ويراد بالعلو الحسي علو الذات، وبالمعنوي علو القدر والقهر. وهذا هو مذهب المعطلة من الجهمية والمعتزلة، ومن تبعهم من الأشاعرة؛ فإنهم جميعًا ينفون علو الله عز وجل بذاته فوق مخلوقاته، ولذا ينفون استواءه على عرشه، ثم إما أن يقولوا: إنه في كل مكان - وهذا هو القول بالحلول - وإما أن يقولوا: إنه لا داخل العالم ولا خارجه - وهذا يستلزم عدمه - وبهذا يعلم أن النزاع بين أهل السنة وبين أهل البدع إنما هو في علو الذات، وقد تضافرت كل أنواع الأدلة على إثبات أن الله سبحانه فوق سماواته على عرشه؛ فتطابق على ذلك الكتاب والسنة والعقل والفطرة، ومضى على ذلك سلف الأمة من الصحابة والتابعين، وقد أجمع على ذلك أهل السنة والجماعة، وبهذا يتبين أن ما ذكره الحافظ من نفي علو الذات واستحالته قول باطل، والذي يظهر أنه يرتضيه ويقول به عفا الله عنه.
23 – قال الحافظ 6/ 142على حديث رقم (3005): "هذا كله في تعليق التمائم وغيرها مما ليس فيه قرآن ونحوه، فأما ما فيه ذكر الله فلا نهي فيه؛ فإنه إنما يجعل للتبرك به، والتعوذ بأسمائه وذكره ... ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/317)
قال الشيخ البراك: قوله: " فأما ما فيه ذكر الله فلا نهي فيه": التمائم من القرآن قد اختلف فيها السلف؛ فرخص فيها بعضهم، منهم عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، ومنهم من لم يرخص فيها كعبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ قال إبراهيم النخعي رحمه الله: كانوا يكرهون التمائم من القرآن وغير القرآن - يريد أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه - وهذا هو الراجح؛ وذلك لأمور:
منها: أن أحاديث النهي عن التمائم عامة فلا تخص إلا بدليل.
ومنها: أن تعليق التمائم من القرآن يفضي إلى امتهانه.
ومنها: أن ذلك وسيلة إلى تعليق غيرها؛ إذ يمكن أن يدَّعي كل من علق تميمة أنها من القرآن. والحافظ رحمه الله تعالى قد اختار هنا القول بالجواز.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[27 - 12 - 05, 04:19 م]ـ
24 - قال الحافظ 6/ 145 على حديث رقم (3010) "وقد تقدم توجيه العجب في حق الله في أوائل الجهاد، وأن معناه الرضا، ونحو ذلك".
قال الشيخ البراك: قوله: " وأن معناه الرضا ": هذا يقتضي نفي حقيقة العجب، وقد ثبتت صفة العجب لله تعالى بالكتاب والسنة كما قُرئ: {بل عجبتُ ويسخرون}، وكما قال تعالى: {وإن تعجب فعجب قولهم}. وفي الحديث: " عجب ربك من قنوط عباده ". وأهل السنة والجماعة يثبتون العجب لله تعالى على ما يليق به، كما يثبتون الضحك، والفرح، والحب، والبغض. والنفاة ينفون حقائق هذه الصفات. ومعلوم أن العجب الذي يثبت لله تعالى ليس كعجب المخلوقين؛ لا في حقيقته، ولا في سببه؛ فإن عجب المخلوق يكون لخفاء السبب كما قيل: إذا ظهر السبب بطل العجب، أما العجب من الله تعالى فإنه واقع مع كمال العلم، لكنه يقتضي أن الشيء الذي عجب الله منه قد تميز عن نظائره.
وتفسير العجب بالرضا لا يصح؛ فإن الله يعجب من بعض ما يحب ويرضى، ويعجب من بعض ما يبغض ويسخط كما في الآيتين والحديث. ومن يفسر من النفاة العجب بالرضا يفسر الرضا بالإرادة؛ فيؤول الأمر إلى تفسير العجب بالإرادة؛ وهذا كله من صرف ألفاظ النصوص عن ظاهرها بغير حجة؛ وهذا هو التحريف الذي نهى الله عنه في كتابه وذم به اليهود في قوله تعالى: "يحرفون الكلم من بعد مواضعه".
25 – قال الحافظ 6/ 291 على حديث رقم (3194) قوله: (كتب في كتابه) أي أمر القلم أن يكتب في اللوح المحفوظ ... إلخ ".
قال الشيخ البراك قوله: " أي أمر القلم أن يكتب في اللوح المحفوظ ... إلخ ": هذا يقتضي أن الله تعالى لم يكتب بنفسه، بل أمر القلم أن يكتب، وأن هذه الكتابة هي الكتابة في اللوح المحفوظ، وأنه المراد بالكتاب في هذا الحديث.
وفي هذا نظر؛ فإنه لا موجب لصرف اللفظ هنا عن ظاهره، فإن الله تعالى يكتب بنفسه، بيده ما شاء إذا شاء، وهذا على مذهب أهل السنة المثبتين لقيام الأفعال الاختيارية به.
وأما نفاة الأفعال الاختيارية كالمعطلة من الجهمية والمعتزلة وكذا الأشاعرة، فإنهم ينفون قيام الكتابة به سبحانه، فلذا يتأولون كل ما ورد فيه إضافة الكتابة إليه. وإن كان يصح حمله على الأمر بالكتابة في بعض المواضع، فإن ذلك لا يصح في كل موضع؛ فإن اللفظ المحتمل يجب حمله على الظاهر ما لم يمنع منه مانع، أو يدل دليل يوجب صرفه عن ظاهره، وحمله على المعنى الآخر، وكذلك لا يتعين أن يكون المراد بالكتاب في هذا الحديث هو اللوح المحفوظ، بل يحتمل أن يكون كتابًا آخر كتب الله فيه ما شاء، ومنه قوله تعالى: " إن رحمتي غلبت غضبي "؛ فالواجب إمرار الحديث على ظاهره على مراد الله ومراد رسوله من غير تكييف ولا تحريف.
وأما قول الحافظ: " ويحتمل أن يكون الكتاب: اللفظ الذي قضاه .... إلخ " فهو أبعد من التأويل الذي قبله، ولا حجة له في قوله تعالى: " كتب الله لأغلبن أنا ورسلي "؛ فإنه لا يمتنع أن يكون كتب الله هذا الحكم فيما شاء، بل هذا هو الظاهر؛ فالآية نظير الحديث في نسبة الكتابة إلى الله عز وجل، ولا موجب لصرفهما عن ظاهرهما، إذ لم يدلا إلا على الحق.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[28 - 12 - 05, 06:41 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/318)
26 – قال الحافظ 6/ 291) على حديث رقم (3194) قوله: (فهو عنده فوق العرش)، قيل: معناه دون العرش، وهو كقوله تعالى: " بعوضة فما فوقها " والحامل على هذا التأويل استبعاد أن يكون شيء من المخلوقات فوق العرش، ولا محذور في إجراء ذلك على ظاهره؛ لأن العرش خلق من خلق الله. ويحتمل أن يكون المراد بقوله: " فهو عنده " أي ذكره أو علمه، فلا تكون العندية مكانية، بل هي إشارة إلى كمال كونه مخفيًا عن الخلق مرفوعًا عن حيز إدراكهم ".
قال الشيخ البراك: ما نقله الحافظ في شرح هذا الحديث تخبط الحامل عليه نفي علو الله بذاته على خلقه واستوائه على عرشه؛ فإن من ذهب إلى ذلك من الأشاعرة وغيرهم ينفون عن الله عز وجل عندية المكان، فليس بعض المخلوقات عنده دون بعض لأنه تعالى بزعمهم في كل مكان فلا اختصاص لشيء بالقرب منه، فلذا يتأولون كل ما ورد مما يدل ظاهره على خلاف ذلك؛ كقوله تعالى: "إن الذين عند ربك"، وكقوله في هذا الحديث: " فهو عنده فوق العرش"، فجرهم الأصل الفاسد إلى مثل هذه التأويلات المستهجنة التي ذكرها الحافظ وتعقب بعضها، وأهل السنة المثبتون للعلو والاستواء يجرون هذا الحديث وأمثاله على ظاهره، وليس عندهم بمشكل، فهذا الكتاب عنده فوق العرش، والله فوق العرش كما أخبر به سبحانه عن نفسه، وأخبر به أعلم الخلق به ?.
27 – قال الحافظ 6/ 292 على حديث رقم (3194): قال: " والمراد من الغضب لازمه، وهو إرادة إيصال العذاب إلى من يقع عليه الغضب، لأن السبق والغلبة باعتبار التعلق، أي تعلق الرحمة غالب سابق على تعلق الغضب، لأن الرحمة مقتضى ذاته المقدسة، وأما الغضب فإنه متوقف على سابق عمل من العبد الحادث ".
قال الشيخ البراك قوله: " المراد من الغضب لازمه .... إلخ ": صرف للفظ عن ظاهره من غير دليل يوجب ذلك، والموجب لذلك عند من تأوله هو امتناع حقيقة الغضب في حق الله تعالى؛ لأن ذلك بزعمهم يستلزم التشبيه. وبهذه الشبهة نفى الأشاعرة كثيرًا من الصفات، ونفى الجهمية المعتزلة جميع الصفات.
ومذهب أهل السنة والجماعة إثبات الغضب والرحمة وأنهما صفتان قائمتان بالله كسائر الصفات الذاتية والفعلية. ولا يستلزم شيء من ذلك مشابهته للمخلوق كما يقول الأشاعرة مثل ذلك في الصفات السبع التي يثبتونها. ولذلك يلزمهم أن يقولوا في سائر الصفات التي ينفونها نظير قولهم فيما أثبتوه.
والغضب الذي يفسر بأنه غليان دم القلب طلبًا للانتقام هو غضب المخلوق، وليس غضب الخالق كغضب المخلوق، وبهذا يتبين أنه لا موجب لتأويل الغضب بالإرادة أو العقوبة. ويلزم المتأول فيما تأوله نظير ما فر منه؛ إذ القول في الإرادة كالقول في الغضب.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[30 - 12 - 05, 02:51 م]ـ
28 – قال الحافظ 6/ 299 على حديث رقم (3199) قال: " قال ابن العربي: أنكر قوم سجودها وهو صحيح ممكن، وتأوله قوم على ما هي عليه من التسخير الدائم، ولا مانع أن تخرج عن مجراها فتسجد، ثم ترجع. قلت: إن أراد بالخروج الوقوف فواضح، وإلا فلا دليل على الخروج، ويحتمل أن يكون المراد بالسجود سجود من هو موكل بها من الملائكة، أو تسجد بصورة الحال، فيكون عبارة عن الزيادة في الانقياد والخضوع في ذلك الحين ".
قال الشيخ البراك: قوله: " قال ابن العربي: .... إلخ": دل القرآن على مثل ما دل عليه حديث أبي ذر من سجود الشمس؛ وذلك في قوله تعالى: "ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب"، كما دلت الآية على أن سجود هذه المخلوقات غير دلالتها بلسان الحال وصورة الحال على ربوبيته تعالى؛ إذ لو كان سجودها هو دلالتها على الخالق سبحانه أو تسخيرها وانقيادها للقدرة لما خص ذلك بكثير من الناس ونفاه عن كثير- وهم الذين حق عليهم العذاب - فإن الدلالة على الخالق سبحانه والانقياد لقدرته حاصلتان في جميع الناس وجميع المخلوقات، فالواجب إثبات سجود الشمس وما ذكر معها في الآية، وأنه سجود حقيقي يناسب هذه المخلوقات ولا يعلم العباد كيفيته، فإنكاره رد لما أخبر الله به ورسوله، وصرفه عن ظاهره لا موجب له، ولا دليل عليه، فإن هذه المخلوقات لها شعور بالعبودية لله تعالى تسبح وتسجد وتؤوب وتخشى كما قال تعالى: "وإن منها لما يهبط من خشية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/319)
الله"، وقال تعالى: "ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه". وقال: "وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم".
29 – قال الحافظ 6/ 353 على حديث رقم (3303) قال: "ويؤخذ منه استحباب الدعاء عند حضور الصالحين تبركا بهم .... إلخ".
قال الشيخ البراك: قوله: "ويؤخذ منه استحباب الدعاء .... ": في هذا الاستنباط نظر؛ فإن مأخذه قياس الصالحين على الملائكة. ولا يخفى أن للملائكة شأنًا ليس كشأن الآدميين، وليس لهذا الاستنباط ما يعضده من هدي السلف الصالح، وطرد هذا القياس استحباب التعوذ عند حضور الأشرار، فالأظهر أن ما ذكر في الحديث من السؤال والتعوذ تعبدي لا يقاس عليه.
30 – قال الحافظ 6/ 366 على حديث رقم (3326) قال: " وهذه الرواية تؤيد قول من قال: إن الضمير لآدم، والمعنى أن الله تعالى أوجده على الهيئة التي خلقه عليها .... إلخ ".
انظر التعليق رقم (16).
31– قال الحافظ 6/ 389 على باب 8 من كتاب أحاديث الأنبياء.
قال: " والخليل فعيل بمعنى فاعل .... وأما إطلاقه في حق الله تعالى فعلى سبيل المقابلة، وقيل: الخلة أصلها الاستصفاء، وسمي بذلك لأنه يوالي ويعادي في الله تعالى، وخلة الله له نصره، وجعله إماما .... إلخ".
قال الشيخ البراك: قوله: "والخليل: فعيل بمعنى فاعل .... إلخ": في هذا غلط على اللغة وعلى الشرع؛ فالخليل كالحبيب: فعيل بمعنى مفعول، وهذا هو الغالب في هذه الصيغة؛ فحبيب بمعنى محبوب، وخليل بمعنى محبوب غاية المحبة، ومن ذلك قول أبي هريرة رضي الله عنه: "أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم " يخبر بذلك عن حبه للرسول صلى الله عليه وسلم، لا عن حب الرسول له؛ فتفسير الخليل بمعنى المحب بناء على أن فعيل بمعنى فاعل مبني على نفي صفة المحبة عن الله عز وجل كما هو مذهب الجهمية والمعتزلة والأشاعرة، فجمعوا بين التعطيل والتحريف.
وأقبح من هذا تفسير الخليل بالفقير على أن اللفظ مأخوذ من الخَلَّة بمعنى الحاجة.
ومذهب أهل السنة والجماعة أن الله عز وجل: يُحِبُّ ويُحَبُّ، كما في قوله تعالى: "يحبهم ويحبونه"، ومحبة الله لأوليائه ليست كمحبة المخلوق، وقد أنكر السلف والأئمة على الجهمية نفيهم للصفات، وأفتوا بقتل إمامهم الجعد بن درهم حين زعم أن الله عز وجل لم يكلم موسى تكليمًا، ولم يتخذ إبراهيم خليلاً.
والحافظ رحمه الله تعالى وعفا عنه جرى فيما ذكره في معنى الخليل على مذهب الأشاعرة؛ فإنهم ينفون حقيقة المحبة عن الله عز وجل، وكثير منهم يؤولون النصوص الواردة فيها بأنواع التأويلات المخالفة لظاهرها كما ذُكر هنا.
ـ[الحميداني المطيري]ــــــــ[31 - 12 - 05, 10:51 م]ـ
السلام عليكم جميعا والله احبك ياشيخ ليتني قريب منك او قصيرك اي جارك كان كل يوم اسير عليك
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[01 - 01 - 06, 07:58 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة اله وبركاته، أسأل أن يجعلنا من المتاحبين فيه ..
32 – قال الحافظ 6/ 436 على حديث رقم (3402)
قال: " وكانوا يرون أنه الخضر ... إلخ ".
قال الشيخ البراك: الخضر عبد من عباد الله الصالحين، وهذا الذي ذكره الله خبره مع موسى عليه السلام في سورة الكهف في قوله تعالى: " فوجدا عبدا من عبدنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما ".
وصح في خبره حديث ابن عباس، عن أُبي رضي الله عنهما كما رواه البخاري وغيره.
وقد اختلف الناس فيه هل هو نبي أو غير نبي على قولين أصحهما أنه نبي كما أوضح ذلك الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى في أضواء البيان (4/ 162)، ولابن حجر نفسه رسالة في إثبات ذلك اسمها: "الزهر النضر في نبأ الخضر".
كما اختلف الناس في حياته ووجوده في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعده، والذي رجحه الأئمة المتقدمون أنه قد مات، ولم يدرك عصر النبي صلى الله عليه وسلم، وقال كثير من المتأخرين بأنه حي، ولم يذكروا على ذلك دليلا يعول عليه في معارضة أدلة أهل القول الأول، بل كل ما ذكروه آثار لم يصح منها شيء، كما أوضح ذلك الحافظ رحمه الله تعالى في هذا الموضع، فالصواب، والله اعلم هو قول الأئمة كالبخاري وغيره.
وانظر أيضا تعليق الشيخ عبد العزيز بن باز ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/320)
33 – قال الحافظ 6/ 444 على حديث رقم (3408) قال: " لأن الأنبياء أحياء عند الله، وإن كانوا في صورة الأموات بالنسبة إلى أهل الدنيا .... إلخ ".
قال الشيخ البراك: قوله: " لأن الأنبياء أحياء عند الله ..... إلخ ": إن أراد أنهم أحياء حياة برزخية تخالف في حقيقتها وأحكامها حياتهم في الدنيا وحياتهم بعد البعث فهذا حق، ولا يخرجون بذلك عن الوصف بالموت الذي هو مفارقة هذه الحياة الدنيا، كما لا تثبت لهم بهذه الحياة البرزخية أحكام الحياة التي بعد البعث، كما لم نثبت لهم أحكام الحياة الدنيا.
وإن أراد أنهم أحياء في قبورهم كحياتهم في الدنيا إلا أنهم في صور الأموات بالنظر لأهل الدنيا فهذا باطل؛ فإن الشهداء تنكح نساؤهم، ويقسم ميراثهم، وينقطع تكليفهم، وهذه أحكام الميت.
34 – قال الحافظ 6/ 488 على حديث رقم (3441) وإذا ثبت أنهم أحياء ـ الأنبياء ـ من حيث النقل فإنه يقويه من حيث النظر كون الشهداء أحياء بنص القرآن، والأنبياء أفضل من الشهداء .... إلخ ".
انظر: التعليق (33)
35 – قال الحافظ 6/ 600 على حديث رقم (3581)
قال: " وفيه التبرك بطعام الأولياء والصلحاء .... إلخ ".
قال الشيخ البراك: قوله: " وفيه التبرك بطعام الأولياء والصلحاء ... ": ليس في القصة تبرك بطعام الأولياء؛ فإن الضيف لم يقصد بأكله التبرك بطعام أبي بكر، وأبو بكر لم يقصد بأكله التبرك بأثر ذلك الضيف، وإنما الذي في الحديث أن الله عز وجل بارك في طعام أبي بكر رضي الله عنه بأن كثَّره كرامة لأبي بكر رضي الله عنه حيث أضاف بعض أهل الصفة طاعة للرسول صلى الله عليه وسلم. وفيه معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم كما جرى مثل ذلك وأعظم منه من تكثير الطعام والشراب على يده صلى الله عليه وسلم.
وانظر في حكم التبرك بآثار الصالحين تعليق الشيخ عبد العزيز ابن باز - رحمه الله - في هامش 1/ 525
36 – قال الحافظ 7/ 23 على حديث رقم (3658) قال:" ... أما خلة الله للعبد فبمعنى نصره له ومعاونته .... إلخ ".
قال الشيخ البراك: في هذا صرف للكلام عن ظاهره بغير دليل. وانظر التعليق (31)
37 – قال الحافظ 7/ 29 على حديث رقم (3667)
قال: " والأنبياء أحياء في قبورهم .... إلخ ".
انظر التعليق (33)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[03 - 01 - 06, 08:27 م]ـ
38 – قال الحافظ 7/ 124 على حديث رقم (3803) قال: " وليس العرش بموضع استقرار الله .. ".
قال الشيخ البراك: لا وجه لهذا النفي؛ فإن الله عز وجل مستو على عرشه كما أخبر سبحانه في سبعة مواضع من كتابه أنه استوى على العرش. ومن عبارات السلف في تفسير (استوى): استقر. ولكن نفي أن يكون العرش موضع استقرار الله مبني على نفي حقيقة الاستواء، وهو مذهب الجهمية والمعتزلة ومن تبعهم من الأشاعرة؛ فعندهم أن الله في كل مكان، أو يقال: إنه لا خارج العالم ولا داخله، ثم الواجب عندهم في نصوص الاستواء إما التفويض وإما التأويل؛ مثل أن يقال في معنى (استوى): استولى. وهذا هو الغالب عليهم، فيجمعون بين التعطيل والتحريف. وكل هذا بلا حجة من عقل ولا سمع.
ومذهب أهل السنة إثبات الاستواء بمعناه المعلوم في اللغة مع نفي التمثيل، ونفي العلم بالكيفية، كما قال الإمام مالك: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول".
ومعلوم أن استواء الله عز وجل على عرشه لا يستلزم حاجته سبحانه إليه؛ لأنه الغني عن كل ما سواه، وهو سبحانه الممسك للعرش وما دون العرش.
39 – قال الحافظ 7/ 156 على حديث رقم (3803) قال: " ومع ذلك فمعتقد سلف الأئمة وعلماء السنة من الخلف أن الله منزه عن الحركة والتحول والحلول ليس كمثله شيء ... ".
قال الشيخ البراك: قوله: " أن الله منزه عن الحركة والتحول .... ": لفظ الحركة والتحول مما لم يرد في كتاب ولا سنة، فلا يجوز الجزم بنفيه، ونسبة نفيه إلى السلف والأئمة من أهل السنة والجماعة لا تصح. بل منهم من يجوز ذلك ويثبت معناه ويمسك عن إطلاق لفظه، ومنهم من يثبت لفظ الحركة، ولا منافاة بين القولين؛ فإن أهل السنة متفقون على إثبات ما هو من جنس الحركة كالمجيء، والنزول، والدنو، والصعود، مما جاء في الكتاب والسنة. والأولى: الوقوف مع ألفاظ النصوص.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/321)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: " وكذلك لفظ الحركة: أثبته طوائف من أهل السنة ... وقال: والمنصوص عن الإمام أحمد إنكار نفي ذلك، ولم يثبت عنه إثبات لفظ الحركة، وإن أثبت أنواعًا قد يدرجها المثبت في جنس الحركة" الاستقامة: 1/ 71 – 72.
ثم ذكر قول الفضيل بن عياض: " إذا قال لك الجهمي: أنا أكفر برب يزول عن مكانه. فقل: أنا أومن برب يفعل ما يشاء " الاستقامة: 1/ 77.
ونفي الحركة يتفق مع مذهب نفاة الأفعال الاختيارية من الأشاعرة وغيرهم، وهو الذي يقتضيه كلام الحافظ رحمه الله، وأما لفظ التحول فالقول فيه يشبه القول في لفظ الحركة.
40 – قال الحافظ 7/ 145 على حديث رقم (3827) قال: " والمراد بغضب الله إرادة إيصال العقاب ... ".
قال الشيخ البراك: الواجب إثبات حقيقة الغضب، وحقيقة اللعن قولا وفعلا على ما يليق به سبحانه كسائر الصفات والأفعال، وتأويل الغضب بإرادة العقاب هي طريقة أهل التأويل من الأشاعرة وغيرهم ممن يثبت بعض الصفات وينفي بعضها، فيلزمهم القول فيما نفوه نظير قولهم فيما أثبتوه، وإلا كانوا متناقضين مفرقين بين المتماثلات.
وانظر: التعليق (27)
41 – قال الحافظ 7/ 412 على حديث رقم (4121) قال: "لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع أرقعة" وأرقعة بالقاف جمع رقيع، وهو من أسماء السماء، قيل: سميت بذلك لأنها رقعت بالنجوم، وهذا كله يدفع ما وقع عن الكرماني (بحكم الملك) بفتح اللام وفسّره بجبريل؛ لأنه الذي ينزل بالأحكام.
قال السهيلي: قوله: "من فوق سبع سماوات" معناه أن الحكم نزل من فوق، قال: ومثله قول زينب بنت جحش: "زوجني الله من نبيه من فوق سبع سماوات" أي نزل تزويجها من فوق، قال: ولا يستحيل وصفه تعالى بالفوق على المعنى الذي يليق بجلاله، لا على المعنى الذي يسبق إلى الوهم من التحديد الذي يفضي إلى التشبيه ... ".
قال الشيخ البراك: قول السهيلي: "ولا يستحيل وصفه تعالى بالفوق ..... ": هذا يتضمن أن الفوقية منها ما يستحيل على الرب سبحانه فيجب نفيه، ومنها ما لا يستحيل عليه فلا مانع من إثباته، وعليه يحمل ما جاء من وصف الله تعالى بالفوقية. وهذا التفصيل مبني على نفي علو الله تعالى بذاته على خلقه واستوائه على عرشه؛ فالفوقية ثلاثة أنواع: فوقية الذات، وفوقية القدر، وفوقية القهر؛ فنفاة العلو من الجهمية ومن تبعهم يثبتون فوقية القدر والقهر دون فوقية الذات، وأهل السنة والجماعة يثبتون له سبحانه الفوقية بكل معانيها؛ كما قال تعالى: "وهو القاهر فوق عباده"، كما يقولون مثل ذلك في العلو؛ فعندهم أن الله سبحانه فوق سماواته على عرشه.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[07 - 01 - 06, 08:40 م]ـ
42 - قال الحافظ: 8/ 155 في كلامه على مقدمة كتاب التفسير قوله: "الرحمن الرحيم: اسمان من الرحمة" أي: مشتقان من الرحمة، والرحمة لغة: الرقة والانعطاف، وعلى هذا فوصفه بها تعالى مجاز عن إنعامه على عباده، وهي صفة فعل لا صفة ذات ..
قال الشيخ البراك: مضمون هذا نفي حقيقة الرحمة عن الله تعالى، وحمل ما ورد في ذلك على المجاز، وتفسير الرحمة من الله عز وجل إما بإرادة الإنعام أو بالإنعام، وهذا جمع بين التعطيل والتحريف، وهو سبيل الجهمية ومن تبعهم.
والصواب أن الله عز وجل موصوف بالرحمة حقيقة كما دل على ذلك إسماه تعالى: الرحمن الرحيم.
والقول في الرحمة في حقه تعالى كالقول في سائر صفاته من علمه وسمعه وبصره تُثبت له على ما يليق به سبحانه من غير تكييف ولا تمثيل.
وتفسير الرحمة بالرقة يناسب رحمة المخلوق، ورحمة الخالق ليست كرحمة المخلوق، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة، فالواجب اتباع سبيلهم، فإنه سبيل المؤمنين الذي قال الله عز وجل فيه: "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا".
43 - قال الحافظ 8/ 336 على حديث 4670: (قال: إنه منافق فصلى عليه) أما جزم عمر بأنه منافق فجرى على ما كان يطلع عليه من أحواله وإنما لم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بقوله وصلى عليه إجراء له على ظاهر حكم الإسلام كما تقدم تقريره واستصحابا لظاهر الحكم ولما فيه من إكرام ولده الذي تحققت صلاحيته ومصلحة الاستئلاف لقومه ودفع المفسدة .. الخ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/322)
قال الشيخ البراك: الصواب أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد بالصلاة على ابن أبي بن سلول، بل وتكفينه بقميصه، الاستجابة لرغبة ولده، وتطييب قلبه، وتأليف عشيرته؛ إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم مخيرًا بين الاستغفار وتركه كما في قوله تعالى: "استغفر لهم أو لا تستغفر لهم" فلما جاءه النهي انتهى؛ قال الله تعالى: "ولاتصل على أحد منهم".
44 – قال الحافظ: 8/ 336 على حديث رقم 4670 قال: "وتعقبه ابن المنير بأن الإيمان لا يتبعض، وهو كما قال .. ".
قال الشيخ البراك: هذا مبني على أن الإيمان هو التصديق، وأن العمل ليس من مسمى الإيمان؛ وهو مذهب المرجئة، وهو باطل، بل الإيمان كما قال أئمة السنة: قول وعمل، أو هو: اعتقاد بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالأركان.
وعلى هذا فالإيمان شعب كما قال صلى الله عليه وسلم: "الإيمان بضع وسبعون شعبة" وهذا يقتضي أنه يتبعض؛ فقد يترك العبد بعض تلك الشعب، أو كثيرا منها، وكذلك التصديق يتبعض باعتبار التفاوت في العلم بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما التصديق بما علم من خبر النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يتبعض ضرورة أنه يجب الإيمان بكل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا التصديق يتفاوت في القوة والضعف.
وبهذا يتبين أن إطلاق القول بأن الإيمان لا يتبعض لفظ مجمل يحتاج إلى تفصيل واستفصال عن مراد المتكلم، ولكن إذا عرف مذهبه في الإيمان عرف مراده، والله الهادي إلى سواء السبيل.
45 – قال الحافظ: 8/ 340 على حديث رقم (4672) قال: "وفيه جواز سؤال الموسر من المال من ترجى بركته شيئا من ماله لضرورة دينية".
قال الشيخ البراك: في هذا الاستنباط نظر؛ فإن عبد الله رضي الله عنه لم يقصد مطلق المال، وإنما قصد ما فيه أثر بركة النبي صلى الله عليه وسلم - وهو القميص - رجاء أن ينتفع والده بذلك، فموضع الاستدلال أخص من الاستنباط الذي ذكره الحافظ رحمه الله تعالى، وهو جار على سنن ما قبله من الاستدلال بمثل ذلك على التبرك بآثار الصالحين، وتقدم أن ذلك من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم فلا يقاس عليه غيره.
وانظر التعليق (35).
46 – قال الحافظ: 8/ 429 على حديث رقم (4731) قال: " وحكى ابن التين للداودي في هذا الموضع كلاما في استشكال نزول الوحي في القضايا الحادثة، مع أن القرآن قديم .. ".
قال الشيخ البراك: قوله: " فإن القرآن قديم ... ": هذا من إطلاقات الأشاعرة؛ فإن من مذهبهم أن كلام الله معنى نفسي واحد قديم، ومعنى ذلك أنه لا تتعلق به المشيئة، ولا بداية لشيء منه؛ فهذا القرآن المسموع المتلو عبارة عن ذلك المعنى النفسي، فإذا قالوا: القرآن قديم، فإنهم يريدون ذلك المعنى. وهذا مذهب باطل؛ لأن مقتضاه أن القرآن المحفوظ في الصدور المكتوب في المصاحف ليس كلام الله حقيقة. وهذا خلاف ما عليه أهل السنة من أن القرآن كلام الله حقيقة كيفما تصرف متلوًا ومحفوظًا ومكتوبًا ومسموعًا. والله عز وجل تكلم به بمشيئته، وكثير منه يتعلق بحوادث في عصر النبوة، فنزل في شأنها القرآن خبرًا وأمرًا كالسور والآيات المتعلقة بالغزوات كبدر وأحد والأحزاب.
وانظر: التعليق (17)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[23 - 01 - 06, 04:37 م]ـ
47 – قال الحافظ 8/ 505:والمراد بالوجه الذات، والعرب تعبر بالأشرف عن الجملة .. ".
قال الشيخ البراك: إن أراد بذلك التفسير نفي حقيقة الوجه الموصوف بالجلال والإكرام وبالأنوار فهو باطل، وهو مذهب المعطلة من الجهمية والمعتزلة، ووافقهم على ذلك متأخرو الأشاعرة، لذلك يتأولون كل ما ورد في الوجه لله عز وجل، ومن ذلك قولهم: المراد بالوجه الذات، وهذا هو الجاري على طريقة الحافظ في أكثر المواضع.
وإن أراد بهذا التفسير بيان أن المراد بالكلام إثبات وصف البقاء، وعدم الهلاك للرب سبحانه بذاته وصفاته، لا لخصوص الوجه، فتكون دالة على بقائه سبحانه، وعلى إثبات وجهه، فهذا هو الحق، وهو يستلزم بقاء ما أريد به وجهه، وسياق الآية يرشد إلى هذا المعنى، وذلك في قوله تعالى: "ولا تدع مع الله إله آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه".
48 – قال الحافظ 8/ 551 قال: "والأولى في هذه الأشياء الكف عن التأويل مع اعتقاد التنزيه". حديث (4811)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/323)
قال الشيخ البراك قوله "والأولى في هذه الأشياء الكف عن التأويل .. ": المراد بـ (ـهذه الأشياء): الصفات الخبرية كالإصبع واليد والعين.
وقوله: "الكف عن التأويل": يقال: بل الواجب في جميع صفات الله تعالى الكف عن تأويلها الذي هو صرف ألفاظ النصوص عن ظاهرها بغير دليل؛ فإن ذلك من تحريف الكلم عن مواضعه، فما ذهب إليه ابن فورك من تأويل الإصبع هو من ذلك، فهو باطل، بل هو من أقبح التحريف.
وقوله في العبارة: "مع اعتقاد التنزيه": إن أراد بالكف عن التأويل مع اعتقاد التنزيه إثبات هذه الصفات لله تعالى على ما يليق به فهو حق، وإن أراد نفي حقائقها مع تفويض معاني ما ورد في النصوص من ذلك فيكون مراده بهذا القول ترجيح طريقة التفويض على طريقة التأويل، وكلاهما باطل؛ لأن مبناهما على نفي حقائق هذه الصفات، وهو مذهب المعطلة من الجهمية والمعتزلة، ومن وافقهم من الأشاعرة وغيرهم.
وهذا التقدير هو الغالب على طريقة الحافظ والنووي – رحمهما الله - وأهل السنة والجماعة يثبتون الأصابع لله تعالى على ما دل عليه هذا الحديث وأنها من صفة اليد، وقولهم في الأصابع كقولهم في سائر الصفات؛ وهو: الإثبات ونفي التمثيل، ونفي العلم بالكيفية.
49 – قال الحافظ 8/ 580 قال: " قوله: (فأخذت) كذا للأكثر بحذف مفعول أخذت، وفي رواية ابن السكن: " فأخذت بحقو الرحمن "، وفي رواية الطبري: " بحقوي الرحمن " بالتثنية، قال القابسي: أبى أبو زيد المروزي أن يقرأ لنا هذا الحرف لإشكاله ... وقال عياض: الحقو معقد الإزار، وهو الموضع الذي يستجار به ويحتزم على عادة العرب، لأنه من أحق ما يحامى عنه ويدفع، كما قالوا: نمنعه مما نمنع منه أزرنا، فاستعير ذلك مجازا للرحم من استعاذتها بالله القطيعة. انتهى، وقد يطلق الحقو على الإزار نفسه ..
والمعنى على هذا صحيح مع اعتقاد تنزيه الله عن الجارحة، قال الطيبي: هذا القول مبني على الاستعارة التمثيلية؛ كأنه شبه حال الرحم وما هي عليه من الافتقار إلى الصلة والذب عنها بحال مستجير يأخذ بحقو المستجار به، ثم أسند على سبيل الاستعارة التخييلية ما هو لازم للمشبه به من القيام، فيكون قرينة مانعة من إرادة الحقيقة، ثم رشحت الاستعارة بالقول والأخذ وبلفظ الحقو، فهو استعارة أخرى، والتثنية فيه للتأكيد؛ لأن الأخذ باليدين آكد في الاستجارة من الأخذ بيد واحدة ". حديث (4830)
قال الشيخ البراك: ومن خير ما يقال في هذا المقام: قول الشافعي رحمه الله تعالى: " آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله".
وقول شيخ الإسلام في نقض التأسيس (3/ 127): "هذا الحديث في الجملة من أحاديث الصفات التي نص الأئمة على أنه يمر كما جاء، وردوا على من نفى موجبه".
50 – قال الحافظ 8/ 596 قال: " واختلف في المراد في القدم .. ، وقيل: المراد بالقدم الفرط السابق .. وقيل: المراد بالقدم قدم بعض المخلوقين. أو المراد بالقدم الأخير .. حتى يضع الرب فيها موضعًا .. وأنه يجعل مكان كل واحد منهم واحدا من الكفار بأن يعظم حتى يسد مكانه ومكان الذي خرج، وحينئذ فالقدم سبب للعظم المذكور .. قال: المراد بالقدم قدم إبليس .. يكون المراد بالرجل إن كانت محفوظة الجماعة .... ".
على حديث (4848)
قال الشيخ البراك: لم يختلف أهل السنة والجماعة في المراد بالقدم المذكور في الحديث؛ فالقدم عندهم هو قدم الرب سبحانه، والرجل كذلك؛ فالله تعالى موصوف بأن له قدمًا ورجلاً كما جاء في الحديث الصحيح، وكما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما في الكرسي أنه موضع قدمي الرب سبحانه. وقول أهل السنة في القدم لله تعالى كقولهم في العينين واليدين والوجه؛ وهو الإثبات لحقائقها اللائقة به سبحانه، وأنها لا تماثل صفات المخلوقين، ولا يعلم العباد كنهها؛ فمعانيها معلومة وكيفياتها مجهولة. ويقولون في النصوص الواردة فيها: أمروها كما جاءت بلا كيف؛ ومرادهم الإيمان بها، وبما تدل عليه من إثبات الصفات من غير تفسير لها بما يخالف ظاهرها، وهو التأويل المذموم الذي حقيقته التحريف.
والحافظ عفا الله عنه أكثر من نقل أقوال الشراح في تأويل القدم والرجل، وكلها أقوال مخالفة لظاهر الحديث ولمذهب السلف. ومبناها كلها على أنه ليس لله قدم حقيقة، كما أنه ليس له يدان حقيقة، ولا عينان حقيقة، ولا وجه، وهو مذهب المعطلة من الجهمية ومن تبعهم في تعطيل الصفات كلها أو بعضها، وليت الحافظ رحمه الله تعالى ضرب عن هذه الأقوال صفحًا؛ لأنها مخالفة كلها لظاهر الحديث، والمقصود منها دفع ظاهر الحديث - وهو إثبات القدم لله حقيقة - وهو مستحيل على الله عند النفاة؛ لأن ذلك بزعمهم يستلزم التشبيه، ولكن الحافظ ذكر أن مذهب السلف هو إمرار الحديث على ظاهره دون التعرض لتأويله.
ويظهر من سياق كلامه ترجيح هذه الطريقة. والغالب أن الحافظ يريد بطريقة السلف: التفويض في معاني النصوص لا إثبات ما تدل عليه من الصفات، فترجيحه لطريقة السلف لا يدل على أنه يثبت القدم لله حقيقة؛ يدل على ذلك قوله: (بل نعتقد استحالة ما يوهم النقص على الله).
وعند النفاة إثبات كل هذه الصفات نقص، فإضافتها إلى الله تعالى في هذه النصوص يوهم النقص عندهم، فيوجبون نفي ظاهرها، ثم يوجبون فيها:
إما التفويض، وإما التأويل مع اعتقاد أن ظاهرها غير مراد. وهو مخالف لمذهب السلف كما أسلفنا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/324)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[29 - 01 - 06, 08:32 م]ـ
51– قال الحافظ 8/ 632 - 633: قال: "قال الخطابي": إطلاق العجب على الله محال، ومعناه الرضا؛ فكأنه قال: إن ذلك الصنيع حل من الرضا عند الله حلول العجب عندكم، قال: وقد يكون المراد بالعجب هنا أن الله يعجب ملائكته من صنيعهما لندور ما وقع منهما في العادة، قال: وقال أبو عبد الله: معنى الضحك هنا الرحمة.
قلت: ولم أر ذلك في النسخ التي وقعت لنا من البخاري.
قال الخطابي: وتأويل الضحك بالرضا أقرب من تأويله بالرحمة؛ لأن الضحك من الكرام يدل على الرضا؛ فإنهم يوصفون بالبشر عند السؤال ... ".
حديث رقم 4889
قال الشيخ البراك: القول في العجب والرضا والضحك كالقول في سائر الصفات، والواجب إثباتها لله حقيقة على ما يليق به سبحانه.
وقول الخطابي: "إطلاق العجب على الله محال" يقتضي نفي صفة العجب عن الله تعالى، وصفة العجب ثابتة في الكتاب والسنة كما قال تعالى: " بل عجبتُ " بضم التاء على إحدى القراءتين، ومن السنة هذا الحديث، والعجب المثبت لله تعالى ليس كعجب المخلوق الذي منشأه أحيانا خفاء السبب؛ كما قيل: إذا ظهر السبب بطل العجب، وهذا النوع من العجب ممتنع على الله تعالى؛ لأنه لا تخفى عليه خافية، ولكن العجب من الله تعالى يدل على عظم الشيء وتميزه على أمثاله فيما يوجب مدحًا أو ذمًا.
وانظر التعليق (20) و (24).
52 – قال الحافظ 8/ 664: قال: " لا يظن أن الله ذو أعضاء وجوارح لما في ذلك من مشابهة المخلوقين تعالى الله عن ذلك، ليس كمثله شيء ".
حديث رقم 4919
قال الشيخ البراك: لفظ الأعضاء والجوارح من الألفاظ المحدثة في صفات الله تعالى، ولم يأت في الكتاب ولا في السنة إطلاق نفيها ولا إثباتها، ونفيها من الألفاظ المجملة؛ فمن أراد بذلك نفي التجزؤ عن الله تعالى فهو حق، ولكن اللفظ محدث، ومن أراد نفي حقيقة اليدين والعينين والساق والقدم فهو مبطل، وهذه الصفات لله تعالى لا يقال لها أعضاء ولا جوارح؛ لما في هذا اللفظ من الاحتمال الذي يتوصل به المعطل إلى مراده.
وقوله في هذا الحديث: "يكشف ربنا عن ساقه" نص في إثبات الساق لله تعالى، والقول فيه كالقول في سائر صفاته تعالى، والآية وإن لم تكن نصا في إثبات صفة الساق لأنها جاءت بلفظ التنكير فالحديث مفسر لها.
وإن صح أن يُختلف في دلالة الآية، فلا يصح أن يختلف في دلالة الحديث. وتأويل الساق في الحديث بالقدرة هو من سبيل أهل التأويل من النفاة لتلك الصفات، وهم بهذا التأويل يجمعون بين التعطيل والتحريف. وأهل السنة يمرون هذه الصفات على ظاهرها مؤمنين بما دلت عليه، ولا يكيفون ولا يمثلون صفاته سبحانه بصفات خلقه.
53 – قال الحافظ 8/ 703: قال: "وإسناد الاطمئنان إلى الله من مجاز المشاكلة، والمراد به لازمه من إيصال الخير ونحو ذلك ... ".
وذلك في كلامه في كتاب التفسير، سورة والفجر، باب 89.
قال الشيخ البراك: يقال: إسناد الاطمئنان إلى الله تعالى هو من لفظ الحسن البصري رحمه الله تعالى، والبخاري رحمه الله تعالى مقرر له، وخير ما يحمل عليه هذا اللفظ ما جاء في الحديث الصحيح: "من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه"؛ وذلك عند الموت كما بينه النبي صلى الله عليه وسلم في جوابه لعائشة رضي الله عنها، وعلى هذا فلا وجه لدعوى المجاز.
54 – قال الحافظ 9/ 69: قال: " وقال القرطبي: أصل الأذن بفتحتين أن المستمتع يميل بأذنه إلى جهة من يسمعه، وهذا المعنى في حق الله لا يراد به ظاهره، وإنما هو على سبيل التوسع على ما جرى به عرف المخاطب، والمراد به في حق الله تعالى إكرام القارئ وإجزال ثوابه؛ لأن ذلك ثمرة الإصغاء ... ".
حديث رقم 5023
قال الشيخ البراك: الأذن في معناه ثلاثة وجوه: منها ما هو حق، ومنها ما هو باطل؛ لأنه صرف للكلام عن ظاهره بغير دليل، ومنها ما لا يصح الجزم بإثباته و لا نفيه.
فالأول: هو الاستماع؛ وهو ثابت بالقرآن لقوله تعالى: "إنّا معكم مستمعون" وهذا هو الصواب في تفسير الأذن؛ فمعنى: "ما أذن الله " أي: ما استمع.
والثاني: تفسير الأذَن بإكرام القارئ؛ فإنه يتضمن نفي حقيقة الاستماع إلى الله عز وجل، مع مخالفته لمعنى الأذن في اللغة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/325)
والثالث: تفسير الأذَن بالإصغاء بالأذُن؛ فإن الأذُن لم يقم دليل على إثباتها ولا نفيها، فيجب الإمساك عن إضافتها إلى الله تعالى نفيًا وإثباتًا.
واقتصار القرطبي - والحافظ تبعًا له - على ذكر الثاني والثالث مع الجزم بإثبات الثاني ونفي الثالث غلط ظاهر، ولعل الحامل لهما على ذلك نفيهما للصفات الفعلية كما هو مذهب الأشاعرة؛ فإن الاستماع وفي معناه الأذن من الصفات الفعلية.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[29 - 01 - 06, 08:38 م]ـ
55 – قال الحافظ 9/ 320: قال: " قال عياض: ويحتمل أن تكون الغيرة في حق الله الإشارة إلى تغير حال فاعل ذلك، وقيل: الغيرة في الأصل الحمية والأنفة، وهو تفسير بلازم التغير فيرجع إلى الغضب، وقد نسب سبحانه وتعالى إلى نفسه في كتابه الغضب والرضا.
وقال ابن العربي: التغير محال على الله بالدلالة القطعية، فيجب تأويله بلازمه، كالوعيد أو إيقاع العقوبة بالفاعل، ونحو ذلك".
وذلك في كلامه على كتاب النكاح، باب 107.
قال الشيخ البراك: دل حديث ابن مسعود على إثبات صفة الغيرة لله تعالى، وأن غيرته أكمل وأعظم من غيرة كل أحد، فيجب أن يكون القول فيها كالقول في سائر الصفات؛ وهو الإيمان بأن الله تعالى يغار حقيقة، وأن غيرته ليست كغيرة المخلوقين، بل غيرة الله تليق به سبحانه. ويدل على أن الغيرة من الله حقيقة قوله صلى الله عليه وسلم في حديث سعد المذكور مع ترجمة الباب: "أتعجبون من غيرة سعد؟ لأنا أغير منه، والله أغير مني" والغيرة في مثل هذا السياق تتضمن الغضب لانتهاك الحرمة.
والله سبحانه يبغض ما حرم، ويغضب إذا انتهكت حرماته، وقول عياض: "ويحتمل أن تكون الغيرة في حق الله الإشارة إلى تغير حال فاعل ذلك" هو من التأويل المخالف لظاهر اللفظ بغير حجة، والحامل عليه الحذر من إضافة التغير إلى الله تعالى الذي يُشعِر به لفظ الغيرة، وهو ممتنع عنده وعند ابن العربي؛ ولهذا قال فيما نقله الحافظ ابن حجر: "التغير محال على الله بالدلالة القطعية". والحق أن التغير من الألفاظ المجملة المبتدعة في باب صفات الله تعالى؛ إذ لم يرد إطلاقه على الله تعالى نفيًا ولا إثباتًا، والواجب في مثل هذا التفصيل والاستفصال؛ فمن أراد بالإثبات أو النفي حقاً قُبل، وإن أراد باطلا رد؛ فالتغير إن أريد به النقص بعد الكمال، أو الكمال بعد النقص فهو ممتنع على الله عز وجل؛ لأنه منزه عن النقص أزلا وأبداً، وإن أريد به التغير في أفعاله تبعاً لمشيئته وحكمته - مثل أنه يحب ويبغض، ويغضب ويرضى - فذلك من كماله، وتسمية هذا تغيراً في ذاته ممنوع وباطل، والأسماء لا تغير الحقائق، والمعول في الأحكام على الحقائق والمعاني لا على الألفاظ والعبارات.
56 – قال الحافظ 10/ 100: قال: "والتبرك بآثار الصالحين .... ".
حديث رقم 5637
ينظر التعليق رقم (35)
57 – قال الحافظ 10/ 198: قال: " ... وفي الحديث التبرك بالرجل الصالح وسائر أعضائه، وخصوصا اليد اليمنى".
حديث 5735
قال الشيخ البراك: تقدم في مواضع أن ما جعل الله عز وجل في بدنه صلى الله عليه وسلم وآثاره من البركة، وما يتعلق بذلك من التبرك به هو من خصائصه، فلا يقاس عليه غيره من الصالحين مهما بلغ صلاحًا وتقوى؛ يدل على ذلك أن الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا يفعلون مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه وغيره من الصحابة والقرابة ما كانوا يفعلونه مع النبي صلى الله عليه وسلم من التبرك بآثاره المباركة.
وقول الحافظ: "وخصوصا اليد اليمنى" بأن المسح منه صلى الله عليه وسلم كان باليد اليمنى خاصة، وليس في لفظ الحديث ما يدل على هذا.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[08 - 02 - 06, 07:07 م]ـ
58 – قال الحافظ (10/ 207) على حديث رقم 5742
" قوله " أنت الشافي " يؤخذ منه جواز تسمية الله بما ليس في القرآن بشرطين: أحدهما: ألا يكون في ذلك ما يوهم نقصًا، والثاني: أن يكون له أصل في القرآن. وهذا من ذاك، فإن في القرآن " وإذا مرضت فهو يشفين ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/326)
قال الشيخ البراك: يريد ـ رحمه الله ـ أن أسماء الله تثبت بالسنة كما تثبت بالقرآن، وهذا حق، ولكن لا وجه للشرطين الذين ذكرهما؛ فكل ما سمى الرسول ?به ربه وجب أن نؤمن به ونثبته، ونسمي الله به ولو لم يكن للفظه أصل في القرآن؛ كالجميل والرفيق. وتوهم النقص لا يصلح أن يكون ضابطًا في ما ينفى عن الله تعالى؛ فقد يتوهم بعض الناس ما ليس بنقص نقصًا لقصور في إدراكه، أو لمذهب باطل بنى اعتقاده عليه.
59 – قال الحافظ (10/ 233) على حديث رقم 5765: وأخرجه الطبري في التهذيب من طريق يزيد بن زريع، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب" أنه كان لا يرى بأسا إذا كان بالرجل سحر أن يمشي إلى من يطلق عنه، فقال: هو صلاح" .. الخ
قال الشيخ البراك: تمسك بعض الناس بقول سعيد هذا: حل السحر بسحر مثله؛ وذلك بذهاب المسحور إلى ساحر يحل السحر عنه.
وقول سعيد ـ رحمه الله ـ تعالى ليس صريحا في هذا، بل هو مجمل؛ فإن النشرة، وهي حل السحر عن المسحور، نوعان كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
الأول: حل بسحر مثله، وعليه يحمل قول الحسن: لا يحل السحر إلا ساحر؛ فيتقرَّب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب، فيبطل عمله عن المسحور، وهذا النوع من النشرة حرام، وهي من عمل الشيطان كما في الحديث.
والثاني: حل السحر بالأدعية والتعويذات والأدوية المباحة؛ فهذا جائز بلا خلاف، وينبغي أن يحمل قول سعيد على هذا النوع. ومما يدل على تحريم الذهاب إلى الساحر لحل السحر قوله ?: "من أتى كاهنا أو عرافا، فسأله عن شيء، فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ?" [رواه الإمام أحمد، والأربعة]، والساحر من جنس الكاهن والعراف.
60 – قال الحافظ (10/ 258) على حديث رقم 5788
"قوله: (لا ينظر الله) أي لا يرحمه؛ فالنظر إذا أضيف إلى الله كان مجازًا، وإذا أضيف إلى المخلوق كان كناية، ويحتمل أن يكون المراد لا ينظر الله إليه نظر رحمة .. الخ
قال الشيخ البراك: النظر إلى الشيء يدل في اللغة على مجرد الرؤية عن إرادة، وقد يدل مع ذلك على العناية والمحبة والإكرام. وقد جاء مضافًا إلى الله تعالى على الوجه الأول في سياق الإثبات كما في قوله ?: "إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب".
ويشبه هذا النوع قوله سبحانه: "ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون" [يونس14]، كما يوضح ذلك قوله تعالى: "فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" [التوبة105].
وجاء مضافًا إلى الله تعالى على الوجه الثاني في سياق النفي؛ كما في قوله تعالى: "ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم" [آل عمران77]، وفي السنة من هذا النوع كثير، ومن ذلك هذا الحديث، ويشبه هذا النوع قوله ?: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأجسامكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم".
والواجب في ذلك كله: إثباته لله تعالى على ما يليق به كسائر صفاته؛ كعلمه وسمعه وبصره وإرادته وحياته، وكل صفاته؛ فهو تعالى ينظر إلى ما شاء ومن شاء كيف شاء.
وما ذكره الحافظ أو نقله عن الشراح في معنى النظر من الله كله من التأويل الباطل الذي حقيقته صرف الكلام عن ظاهره بغير حجة، والحامل لهم على ذلك أن من مذهبهم نفي حقيقة العينين عن الله تعالى، ونفي الأفعال الاختيارية التابعة لمشيئته سبحانه وتعالى ومنها النظر.
ومما تقدم يتبين أن معنى ?: "لا ينظر الله" أي نظر محبة وإكرام. وقريب من هذا ما جعله الحافظ احتمالا، وهو أقرب إلى الصواب؛ حيث قال: "ويحتمل أن يكون المراد لا ينظر الله إليه نظر رحمة"، والله أعلم.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[11 - 02 - 06, 11:14 م]ـ
61 – قال الحافظ (10/ 330) على حديث رقم 5879 "وفيه استعمال آثار الصالحين ولباس ملابسهم على جهة التبرك والتيمن بها".
تقدم في مواضع التنبيه على أن مثل هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم. التعليق رقم (18) و (35) و (57)
62 – قال الحافظ (10/ 394) على حديث رقم 5963 " واستدل به على أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى، للحوق الوعيد بمن تشبه بالخالق ... ". واستدل به على جواز التكليف بما لا يطاق. والجواب ما تقدم، وأيضا فنفخ الروح في الجماد قد ورد معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فهو يمكن وإن كان في وقوعه خرق عادة، والحق أنه خطاب تعجيز لا تكليف كما تقدم والله أعلم ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/327)
قوله: "واستدل به على جواز التكليف بما لا يطاق": في هذا الاستدلال نظر؛ فإن الأمر بنفخ الروح المذكور في الحديث أمر تعجيز لا تكليف كما ذكر الحافظ رحمه الله، وهو كما قال. وما لا يطاق قد يراد به: الممتنع لذاته؛ كالجمع بين النقيضين والضدين، فهذا لا يجوز التكليف به؛ لأنه لا يتصور. وقد يراد به: الممتنع لغيره، وإن كان في ذاته ممكنا؛ كإيمان الكافر الذي علم الله أنه لا يؤمن، واعتبار هذا مما لا يطاق هو مذهب الجبرية. وقد يراد به: ما يشق مشقة عظيمة فوق الوسع؛ فالتكليف بهذين جائز وواقع كما قال تعالى: "ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به .... الآية" [البقرة286]. وقد يراد بما لا يطاق: ما لا قدرة للعبد عليه أصلا؛ كالمشي من المقعد، والكتابة من أقطع اليد، وهذا جائز عقلاً غير واقع شرعًا.
63 – قال الحافظ (10/ 417) على حديث رقم 5987 "إن المراد بالحجزة هنا قائمة العرش .... ".
انظر التعليق رقم (49) 64 – قال الحافظ (10/ 418) على حديث رقم 5987 "قال ابن أبي جمرة: الوصل من الله كناية عن عظيم إحسانه، وإنما خاطب الناس بما يفهمون، ولما كان أعظم ما يعطيه المحبوب لمحبه الوصال، وهو القرب منه، وإسعافه بما يريد، ومساعدته على ما يرضيه، وكانت حقيقة ذلك مستحيلة في حق الله تعالى، عرف أن ذلك كناية عن عظيم إحسانه لعبده. قال: وكذا القول في القطع هو كناية عن حرمان الإحسان ... ".
قال الشيخ البراك: قوله صلى الله عليه وسلم: "أن أصل من وصلك .. " الوصل من الله عز وجل لمن يصل رحمه يدل على أن الجزاء من جنس العمل، وهذه سنة الله عز وجل في جزائه ثوابًا وعقابًا. والوصل من الله تعالى يكون بما شاء سبحانه وتعالى مما يدخل في معنى الوصل اللائق به سبحانه، وكلها تدخل في الإحسان، وهو سبحانه يحسن إلى المحسنين بمحبته وتقربه، وبأنواع المنافع والمحبوبات؛ قال تعالى: "وأحسنوا إن الله يحب المحسنين" [البقرة195]، وقال في الحديث القدسي: "ومن تقرب إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا"، وقال تعالى: "هل جزاء الإحسان إلا الإحسان" [الرحمن60]. وقصر معنى الوصل من الله تعالى على بعض أنواعه تقييد وتخصيص بغير حجة. وقول ابن أبي جمرة: "الوصل من الله كناية عن عظيم إحسانه ... إلخ" هذا كلام متناقض؛ فقد أثبت أن الوصل كناية عن الإحسان، ونفى أن يكون منه قرب الله من عبده، وإسعافه بما يريد، ومساعدته على ما يرضيه. وزعم أن ذلك مستحيل في حق الله تعالى، وهذه الأنواع من أعظم أنواع الإحسان التي يكرم الله بها أولياءه كما في حديث الولي؛ يقول الله تعالى: "ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه".
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[14 - 02 - 06, 08:54 م]ـ
65 – قال الحافظ (10/ 432) على حديث رقم 6000
"قلت: وحاصل كلامه أن الرحمة رحمتان، رحمة من صفة الذات وهي لا تتعدد، ورحمة من صفة الفعل وهي المشار إليه هنا .... ".
قال الشيخ البراك: دلت النصوص من الكتاب والسنة على أن الرحمة المضافة إلى الله تعالى رحمتان:
1 - رحمة هي صفته؛ وصفاته غير مخلوقة، وإضافتها إلى الله هي من إضافة الصفة إلى الموصوف؛ كما قال تعالى عن نبي الله سليمان عليه السلام: "وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين" [النمل19]، وقال تعالى: "وربك الغفور ذو الرحمة" [الكهف58]، وقال تعالى: "الرحمن الرحيم"؛ فهذان الاسمان متضمنان صفة الرحمة، فاسمه الرحمن يدل على الرحمة الذاتية التي لم يزل ولا يزال موصوفًا بها، واسمه الرحيم يدل على الرحمة الفعلية التابعة لمشيئته سبحانه وتعالى؛ كما قال تعالى: "إن يشأ يرحمكم" [الإسراء54]، وقال تعالى: "ويرحم من يشاء" [العنكبوت21].
وأهل السنة والجماعة يثبتون الرحمة لله تعالى صفة قائمة به سبحانه، والمعطلة ومن تبعهم ينفون حقيقة الرحمة عن الله تعالى - ومنهم الأشاعرة - ويؤولونها بالإرادة أو النعمة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/328)
2 - والرحمة الأخرى مما يضاف إليه تعالى: رحمة مخلوقة، وإضافتها إليه هي من إضافة المخلوق إلى خالقه، ومن شواهدها قوله تعالى: "فانظر إلى آثار رحمة الله" [الروم50]، وقوله تعالى: "وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون" [آل عمران107]، وقوله سبحانه للجنة كما في الحديث القدسي: " أنت رحمتي أرحم بك من أشاء".
والرحمة المذكورة في الحديث هي الرحمة المخلوقة، وهي التي جعلها الله عز وجل في مائة جزء. والرحمة
المخلوقة في الدنيا والآخرة هي أثر الرحمة التي هي صفته سبحانه وتعالى ومقتضاها.
66 – قال الحافظ (10/ 462) على حديث رقم 6040
" والمراد بالقبول في حديث الباب قبول القلوب له بالمحبة والميل والرضا عنه .. ، والمراد بمحبة الله إرادة الخير .... ".
قال الشيخ البراك: قوله"والمراد بمحبة الله إرادة الخير .. ": هذا صرف للفظ عن ظاهره بغير حجة صحيحة، وهذا هو التأويل المذموم الذي يسلكه نفاة الصفات، أو بعضهم كالأشاعرة؛ فإن مذهبهم نفي حقيقة المحبة عن الله تعالى زاعمين أن إثباتها يستلزم التشبيه. لكن الأشاعرة لما كانوا يثبتون الإرادة لله تعالى صار كثير منهم يَرُدُّ بعض الصفات إليها ويؤولها بها، مع أنه يلزمهم في الإرادة نظير ما فروا منه في المحبة، فلم يستفيدوا بهذا التأويل إلا التناقض والجمع بين التعطيل والتحريف.
والواجب إثبات كل ما أثبته الله تعالى لنفسه وأن الله سبحانه موصوف به حقيقة على الوجه الذي لا يماثل فيه أحدًا من خلقه. وهذا مذهب أهل السنة والجماعة؛ فيمرون النصوص مؤمنين بها، بلا تكييف ولا تمثيل لمعانيها.
67 – قال الحافظ (10/ 488) على حديث رقم 6070
"ويدنو المؤمن من ربه أي يقرب منه قرب كرامة، وعلو منزلة".
قال الشيخ البراك: يريد بقوله: "قرب كرامة وعلو منزلة" أن دنو المؤمن من ربه المذكور في الحديث دنو معنوي، لا أنه دنو بقرب المكان، بحيث يكون في مكان هو فيه أقرب إلى ربه. والأصل في القرب والدنو قرب المكان، وهذا هو المعنى المتبادر من لفظ الحديث وسياقه.
وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على أن الله سبحانه بذاته في العلو فوق كل شيء، وأنه سبحانه يقرب من بعض خلقه إذا شاء، كيف شاء، ويدني ويقرب من عباده من شاء، وأن من الملائكة ملائكة مقربين، فهم عنده.
وأهل السنة والجماعة يؤمنون بهذا كله لا يتأولون شيئا منه على خلاف ظاهره. وأما نفاة العلو القائلون بالحلول من الجهمية ومن وافقهم - ومنهم الأشاعرة - فعندهم أنه تعالى لا يقرب من شيء، ولا يقرب منه شيء، وأن نسبة جميع المخلوقات إليه نسبة واحدة. لذلك يلجأون إلى تأويل النصوص المخالفة لأصولهم، ومن ذلك دنو المؤمن من ربه أو إدناؤه له؛ فيؤولونه بقرب المكانة والمنزلة. وهذا هو الذي ذكره الحافظ، ومشى عليه في هذا الحديث ونحوه.
ـ[كريم أبو أمامة]ــــــــ[18 - 02 - 06, 04:01 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
الشيخ الفاضل عبد الرحمن السديس:
جزاكم الله خيرا على هذا المجهود المبارك، وجعل الله عز وجل ما تقومون به خالصا لوجهه الكريم، ونفعكم به في الدارين.
وصلى الله على حبيبنا محمد وعلى آله وصحبه.
ـ[ابو رائد المصري]ــــــــ[21 - 02 - 06, 12:09 ص]ـ
السلام عليكم
اذا قام أحد الأخوة بتجميعها في ملف واحد لطباعته وتوزيعه يرجى منه التفضل بإمدادنا به
جزيتم خيرا
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[21 - 02 - 06, 12:32 ص]ـ
جزاك الله خيرا على الاقتراح، لكن جمع كل جزء في نظري غير مفيد؛ إذا بعض الأجزاء ليس به إلا تعليق واحد أو اثنين .. ، وستجعل بإذن الله في ملف وورد بعد الانتهاء وستنشر في عدد من المواقع والمكتبات الإلكترونية.
-----------------------------
جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل عبد الرحمن ... ، رفع الله قدرك.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[22 - 02 - 06, 07:10 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، جزاكم الله خيرا، ووفقكم لطاعته.
عند الانتهاء من نقل جميع التعليقات ستجمع وتنشر إن شاء كما تقدم بيانه.
-----------------------------
68 – (11/ 3) قال: "والمراد بالصورة: الصفة .... ". على حديث رقم 6227
قال الشيخ البراك: قوله: " وقيل: الضمير لله…": هذا هو الذي عليه أئمة السنة، ومن مذهبهم إثبات الصورة لله حقيقة، وأنها لا تماثل صورة أحد من المخلوقات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/329)
وانظر التعليق (16)
69 – (11/ 101) على حديث رقم 6307
قال الحافظ: "وقد استشكل وقوع الاستغفار من النبي صلى الله عليه وسلم، وهو معصوم، والاستغفار يستدعي وقوع معصية.
وأجيب بعدة أجوبة: منها ما تقدم في تفسير الغين، ومنها قول ابن الجوزي: هفوات الطباع البشرية لا يسلم منها أحد، والأنبياء وإن عصموا من الكبائر، فلم يعصموا من الصغائر، كذا قال، وهو مفرع على خلاف المختار، والراجح عصمتهم من الصغائر أيضا .... ".
قال الشيخ البراك: قوله: "والراجح عصمتهم من الصغائر أيضاً": في هذا الترجيح نظر، بل الراجح جواز بل وقوع الصغائر منهم، والسهو والنسيان من باب أولى؛ فهذا آدم عليه السلام نسي وعصى، فقال تعالى: "ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما" [طه115]، وقال تعالى: "وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى" [طه121]، وهذا نوح عليه السلام سأله ربه ما ليس له أن يسأله كما قال تعالى: "فلا تسألني ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين قال ربي إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين" [هود46،47]، وهذا موسى عليه السلام قتل نفسًا لم يؤمر بقتلها فندم وقال: "رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم" [القصص16].
وإن كان هذا قبل الإرسال فهو وارد على القائلين بالعصمة مطلقًا، وقد عاتب الله عز وجل نبيه في مواضع من القرآن فقال: "عفا الله عنك لم أذنت لهم" [التوبة43]، وقال: "ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض" [الأنفال67]، وقال: "عبس وتولى" [عبس1].
والمقطوع به أنهم صلوات الله وسلامه عليهم معصومون فيما يبلغونه عن الله تعالى، ومن الإقرار على شيء من الذنوب أو الخطأ، ومعصومون من الذنوب التي تنفر عن دعوتهم. والمقتضي للاستغفار أعم من أن يكون ذنبًا، بل قد يكون تقصيرًا عما يطلب من الكمال، وقد يكون شعورًا بالتقصير وإن لم يكن، وهذا من الكمال، وبهذا يتحقق لهم كمال العبودية في سائر مقامات الدين والله أعلم.
70 – (11/ 106) قال الحافظ: " .. وإطلاق الفرح في حق الله مجاز عن رضاه".
على حديث رقم 6308
قال الشيخ البراك: قوله: "وإطلاق الفرح في حق الله مجاز عن رضاه ... " إلى آخر ما ذكره وأورده من النقول في تأويل الفرح: كل ما ذكره الحافظ ونقله في هذا الموضع جار على مذهب النفاة، وأهل التأويل منهم، وفي هذا كله صرف للفظ (الفرح) عن ظاهره؛ فمن المعلوم أن الفرح غير الرضا، والرضا غير المحبة، وكلها غير الإرادة؛ فإن الفرح ضده الحزن، والرضا ضده السخط، والمحبة ضدها البغض، وكل هذه الصفات التي وردت في النصوص إضافتها إلى الله تعالى تنفيها الأشاعرة، وأهل التأويل منهم يفسرونها بالإرادة.
وأهل السنة والجماعة لا يفرقون بين الصفات الواردة في الكتاب والسنة، بل يثبتونها لله عز وجل على ما يليق به سبحانه من غير تكييف ولا تمثيل، ويردون على الأشاعرة بأن حكم الصفات واحد، والتفريق بينها تفريق بين المتماثلات، ولهذا يلزمهم فيما أثبتوه نظير ما فروا منه فيما نفوه.
* وقول ابن العربي: "كل صفة تقتضي التغير لا يجوز أن يوصف الله بحقيقتها"
تقدم التعليق عليه، وبيان ما يحتمله لفظ التغير. انظر: التعليق (55).
71 – (11/ 106) قال الحافظ: "وقال ابن أبي جمرة: كنى عن إحسان الله للتائب وتجاوزه عنه بالفرح؛ لأن عادة الملك إذا فرح بفعل أحد أن يبالغ في الإحسان إليه .... ".
على حديث رقم 6308
انظر التعليق (70).
72 – (11/ 106) قال الحافظ: "وهذا القانون جار في جميع ما أطلقه الله تعالى على صفة من الصفات التي لا تليق به .... ". على حديث رقم 6308
تقدم التعليق على مثل ذلك؛ ينظر التعليق (70)
73 – (11/ 129) قال الحافظ: "وقال الكرماني: ... النزول محال على الله؛ لأن حقيقة الحركة من جهة العلو إلى السفل، وقد دلت البراهين القاطعة على تنزيهه عن ذلك، فليتأول ذلك بأن المراد نزول ملك الرحمة ونحوه، أو يفوض مع اعتقاد التنزيه .... ".
على حديث رقم 6321
قال الشيخ البراك: "وقال الكرماني: ... النزول محال على الله .... ": هذا قول منكر، وردٌّ لخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أعلم الخلق بربه، وقد تواتر عنه صلى الله عليه وسلم الخبر بنزوله سبحانه إلى السماء الدنيا كل ليلة؛ فقد نقل ذلك الجم الغفير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلقى ذلك أهل السنة والجماعة بالقبول فأثبتوا أنه سبحانه ينزل حقيقة كيف شاء، كما قالوا: إنه استوى على العرش وإنه يجيء يوم القيامة كما أخبر عن نفسه سبحانه وتعالى، فقول أهل السنة في النزول كقولهم في سائر أفعاله وصفاته سبحانه؛ وهو إثباتها مع نفي التمثيل ونفي العلم بالكيفية.
وقول الكرماني: (النزول محال على الله) هو مذهب المعطلة من الجهمية ومن تبعهم من المعتزلة والأشاعرة، ومن مذهبهم نفي علوه سبحانه بذاته واستوائه على عرشه، ونفي قيام الأفعال الاختيارية به.
ومن لا يثبت العلو يمتنع عليه أن يثبت النزول، والحامل لهم على هذا الباطل هو توهم التشبيه وقياس الخالق على المخلوق. وهو سبحانه وتعالى لا يقاس بخلقه، وما يثبت له من الصفات هو على ما يليق به لا يماثل صفات المخلوقين؛ فنزوله ليس كنزول المخلوق، كما أن علمه وسمعه وبصره ليس كعلم المخلوق وسمعه وبصره. وتأويل النفاة لنزوله سبحانه بنزول ملك، أو نزول الرحمة هو من تحريف الكلم عن مواضعه؛ فهل يجوز أن يقول الملك: "من يدعوني فاستجيب له، من يسألني فأعطيه"، فلفظ الحديث نص بأن الذي ينزل هو الله نفسه، وهو الذي يقول ذلك، فالذين تأولوا النزول بنزول ملك قد جمعوا بين التحريف والتعطيل فضلوا عن سواء السبيل.
وانظر التعليق (39)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/330)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[26 - 02 - 06, 02:49 م]ـ
74 – (11/ 208) قال الحافظ: "وقوله: "حبيتان إلى الرحمن" تثنية حبيبة وهي المحبوبة، والمراد أن قائلها محبوب لله، ومحبة الله للعبد إرادة إيصال الخير له والتكريم ... ".
على حديث رقم 6406
قال الشيخ البراك:قوله: "والمراد أن قائلها محبوب لله تعالى ... إلخ": هذا عدول عن ظاهر الحديث بلا موجب؛ فالحديث ظاهر في تعلق محبة الله تعالى بالكلمتين، فهو يفيد أن الله يحبهما، وفي هذا حث وترغيب في الاستكثار منهما، وأن ذلك من أسباب محبة الرب لعبده.
وقول الحافظ: "ومحبة الله للعبد إرادة إيصال الخير له والتكريم": تأويل يقتضي نفي حقيقة المحبة عن الله تعالى، وهو مذهب الأشاعرة وهو باطل؛ فإنه سبحانه يُحِبُّ ويُحَبُّ كما أخبر بذلك عن نفسه في كتابه، ومحبته لما شاء ولمن شاء لا تماثل محبة المخلوق؛ كما هو الشأن في سائر صفاته تعالى، فلا موجب لصرف الكلام عن ظاهره، وأهل السنة يثبتون المحبة له حقيقة على ما يليق به، وأنه تعالى كما أخبر عن نفسه يحب المتقين والتوابين والمتطهرين، ويحب هذه الخصال والأفعال.
75 – (11/ 223) قال الحافظ: "واختلف في الأسماء الحسنى هل هي توقيفية بمعنى أنه لا يجوز لأحد أن يشتق من الأفعال الثابتة لله أسماء إلا إذا ورد نص إما في الكتاب أو السنة؟ فقال الفخر: المشهور عن أصحابنا أنها توقيفية. وقالت المعتزلة والكرامية: إذا دل العقل على أن معنى اللفظ ثابت في حق الله جاز إطلاقه على الله. وقال القاضي أبو بكر والغزالي: الأسماء توقيفية دون الصفات، قال: وهذا هو المختار .... ".
على حديث رقم 6410
قال الشيخ البراك: الصواب أن أسماء الله عز وجل وصفاته توقيفية، ومعنى ذلك أنها مبنية على توقيف من الله تعالى أو رسوله r ؛ فلا يثبت له من الأسماء والصفات إلا ما جاء في الكتاب والسنة، فلا يسمى إلا بما سمى به نفسه أو سمّاه به رسوله r ، ولا يوصف إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسول الله r كما قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: "لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله؛ لا يتجاوز القرآن والحديث".
76 – (11/ 227) قال الحافظ: "ومعنى محبته له أنه أمر به وأثاب عليه ... ".
حديث رقم 6410
قال الشيخ البراك: هذا تأويل، وانظر: التعليق (74).
77 – (11/ 301) قال الحافظ: "قلت: المراد بالرحمة هنا ما يقع من صفات الفعل كما سأقرره فلا حاجة للتأويل .... ".
على حديث رقم 6469
قال الشيخ البراك: يريد الحافظ ـ رحمه الله ـ أن الرحمة في هذه الأحاديث هي الرحمة المخلوقة، وهي أمور منفصلة ليست قائمة بذات الرب سبحانه وتعالى، وهذا الذي قاله حق، ولكن إطلاقه الصفات على هذه المفعولات هو من الاضطراب في الفهم والتصور عند النفاة؛ إذ كيف يكون المفعول صفة للفاعل وهو لا يقوم به؟!
وبناء على الفهم الفاسد يؤول كثير منهم الصفات الفعلية كالمحبة والرضا والرحمة والغضب والسخط بما يخلقه الله من النعم والعقوبات.
وقوله: "فلا حاجة للتأويل": يريد به الرد على ابن الجوزي فيما نقله عنه هنا؛ فابن الجوزي فهم أن الرحمة المذكورة في الحديث هي صفة الرب سبحانه وتعالى القائمة بذاته، وأن ذكر الأجزاء تمثيل للتقريب، وهذا غلط منه رحمه الله تعالى؛ فالرحمة المذكورة في الحديث هي الرحمة المخلوقة لا الرحمة التي هي صفته سبحانه وتعالى، والحديث نص في هذا لا يحتمل غيره؛ فهو يدل على الرحمة المخلوقة بالنص وعلى الصفة بطريق اللزوم؛ لأن الأولى أثر الثانية.
وأهل السنة يثبتون الرحمة صفة لله تعالى حقيقة كما يثبتون سائر الصفات، وأنها لا تماثل رحمة المخلوقين و لا يعلم العباد كنهها.
وانظر التعليق (65)
ـ[أمجد التركماني]ــــــــ[26 - 02 - 06, 08:59 م]ـ
جزاكم الله خيراً شيخنا الفاضل و زادكم توفيقاً
سؤال: من يريد اقتناء فتح الباري و لا يجد الطبعة السلفية و مصوراتها , أيّ الطبعات الحديثة توصي بها طبعة دار السلام أم طبعة دار طيبة؟ و كذلك هناك غيرهما كما تعلمون مثل طبعة دار المعرفة و طبعة مكتبة الصفا فما هو رأيكم جزاكم الله خيراً
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[26 - 02 - 06, 11:32 م]ـ
وفقك الله: دار طيبة أفضل من غيرها بكثير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/331)
وانظر: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=41853&highlight=%DD%CA%CD+%C7%E1%C8%C7%D1%ED
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[06 - 03 - 06, 09:02 م]ـ
78 – (11/ 343) قال الحافظ: "قوله: (يتقرب إليَّ): التقرب طلب القرب؛ قال أبوالقاسم القشيري: قرب العبد من ربه يقع أولا بإيمانه، ثم بإحسانه. وقرب الرب من عبده ما يخصه به في الدنيا من عرفانه، وفي الآخرة من رضوانه، وفيما بين ذلك من وجوه لطفه وامتنانه. ولا يتم قرب العبد من الحق إلا ببعده من الخلق. قال: وقرب الرب بالعلم والقدرة عام للناس، وباللطف والنصرة خاص بالخواص، وبالتأنيس خاص بالأولياء .... ".
على حديث رقم 6502
انظر التعليق (67)
79 – (11/ 358) قال: "قال العلماء: محبة الله لعبده إرادته الخير له وهدايته إليه وإنعامه عليه، وكراهته له على الضد من ذلك".
وذلك في كلامه على كتاب الرقاق، باب 41 (من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه).
هذا تأويل وصرف للكلام عن ظاهره بغير دليل.
انظر: التعليق (66) و (74)
80 – (11/ 404) قال الحافظ: "ومعنى قوله: (لا يرضى) أي لا يشكره لهم، ولا يثيبهم عليه، فعلى هذا فهي صفة فعل، وقيل: معنى الرضا أنه لا يرضاه دينا مشروعا لهم، وقيل: الرضا صفة وراء الإرادة، وقيل: الإرادة تطلق بإزاء شيئين: إرادة تقدير، وإرادة رضا، والثانية أخص من الأولى، والله أعلم، وقيل: الرضا من الله إرادة الخير، كما أن السخط إرادة الشر ... ". على حديث رقم 6538
قال الشيخ البراك: الصواب أن الرضا ضده السخط كما قال تعالى: "ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم" [محمد28] والرضا يتضمن المحبة، والسخط يتضمن البغض؛ فمعنى قوله: "ولا يرضى لعباده الكفر" [الزمر7] أنه لا يرضاه و لا يحبه بل يسخطه ويبغضه، وتفسير نفي الرضا بعدم الشكر غير لائق؛ فإن ذلك لا يدل على قبح الكفر ولا يقتضي عقابًا بخلاف نفي المحبة والرضا، والله سبحانه قد وصف نفسه بالمحبة والرضا، وأنه يمقت الكافرين ويسخط عليهم، وأهل السنة والجماعة يثبتون هذه الصفات لله تعالى على الحقيقة اللائقة به سبحانه، وتأويلها بالإرادة أو ببعض المخلوقات هو طريقة أهل التأويل من الأشاعرة وغيرهم؛ لأن مذهبهم نفي هذه الصفات عن الله تعالى.
وقول من قال: "الرضا صفة وراء الإرادة": يعني أنها غيرها، وهو قول صحيح.
وقول من قال: "الإرادة تطلق بإزاء شيئين: إرادة تقدير، وإرادة رضا" هو معنى قول أهل السنة: الإرادة من الله نوعان: إرادة كونية؛ وهي المتعلقة بجميع الكائنات، وهي بمعنى المشيئة؛ كقوله تعالى: "فعال لما يريد" [البروج16]، وإرادة شرعية؛ وهي المتعلقة بما يحبه ويرضاه؛ كقوله تعالى: "يريد الله بكم اليسر و لا يريد بكم العسر" [البقرة185].
81 – (11/ 434) قال الحافظ: وقال عياض: استدل بهذا الحديث من جوز الخطايا على الأنبياء ..... واختلفوا فيما عدا ذلك كله من الصغائر، فذهب جماعة من أهل النظر إلى عصمتهم منها مطلقا .... ".على حديث رقم 6565
قال الشيخ البراك: أجمع العلماء على عصمة الأنبياء فيما يبلغونه عن الله تعالى، وأنهم معصومون من الإقرار على الخطأ، أو الإصرار على شيء من الذنوب. وجمهور العلماء على أنه تجوز عليهم الصغائر، وهذا التفصيل هو الصواب.
وانظر التعليق (69)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[07 - 03 - 06, 01:16 ص]ـ
الشيخ عبد الرحمن أرجو مراسلتك للأهمية على أي موقع من المواقع فقد ألغيت أنت خاصية المراسلة هنا وربما لا أستطيع مراسلتك عبر بريدك مباشرة.
فاختر إما الكاشف أو أنا المسلم.
في انتظار ردك
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[15 - 03 - 06, 05:42 م]ـ
82 – (11/ 441) قال الحافظ: "وفيه جواز إطلاق الغضب على الله، والمراد به ما يظهر من انتقامه ممن عصاه، وما يشاهده أهل الموقف من الأهوال التي لم يكن مثالها ولا يكون، كذا قرره النووي، وقال غيره: المراد بالغضب لازمه، وهو إرادة إيصال السوء للبعض .. ".
على حديث رقم 6565
قال الشيخ البراك: الحق أن الله سبحانه موصوف بالغضب حقيقة كما وصف به نفسه، ووصفه به رسوله r ، والقول فيه كالقول في سائر الصفات؛ وهو وجوب الإثبات ونفي التمثيل، ونفي العلم بالكيفية. وتأويله بإرادة إيصال السوء عدول عن ظاهر هذا اللفظ بغير موجب، وهذه طريقة كثير من الأشاعرة فيما ينفونه عن الله من الصفات زاعمين أن إثباتها يستلزم التشبيه مع إثباتهم للصفات السبع، فكانوا لذلك متناقضين ومفرقين بين المتماثلات؛ إذ القول في بعض الصفات كالقول في بعض.
83 – (11/ 444) قال الحافظ: "وقوله: (الله يستهزئ بهم) أي ينزل بهم جزاء سخريتهم واستهزائهم .. " على حديث رقم 6571.
قال الشيخ البراك: معنى هذا أن الله سبحانه لا يستهزئ بالمنافقين حقيقة، وإنما سمى جزاءه لهم استهزاء مشاكلة لفظية، والصواب أن الله تعالى يستهزئ بالمنافقين حقيقة، وتلك سنته في الجزاء؛ وهي أنه من جنس العمل.
ومثل الاستهزاء من الله تعالى الخداع والمكر؛ فقد أخبر سبحانه أنه يخدع المنافقين ويمكر بالكافرين؛ قال الله تعالى: "إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم" [النساء142]، وقال سبحانه: "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" [الأنفال30]. وكل هذه الأفعال من الله تعالى ذكرت جزاءً على خداع المنافقين واستهزائهم ومكر الكافرين، وهي من الله سبحانه عدل وكمال؛ لأنها من المجازاة بالمثل، وما قبوله تعالى لعلانية المنافقين وإعطائهم النور لهم يوم القيامة مع المؤمنين ثم إطفائه عليهم، وما استدراجه للكافرين والمنافقين إلا من ذلك المكر والاستهزاء جزاء وفاقًا.
84 – (11/ 444) قال الحافظ: قال البيضاوي: نسبة الضحك إلى الله تعالى مجاز بمعنى الرضا ... ". على حديث رقم 6571.
قال الشيخ البراك: الصواب أن الله تعالى يضحك حقيقة ضحكًا يليق بجلاله، والقول فيه كالقول في سائر الصفات.
وانظر التعليق (20) و (21)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/332)
ـ[أبو مجاهد المغربي]ــــــــ[15 - 03 - 06, 07:11 م]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيك
وللشيخ علوي السقاف كتاب في التنبيه على أخطاء الحافظ ابن حجر العقدية في الفتح بمراجعة الشيخ ابن باز وعدد من أفاضل العلماء
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[17 - 03 - 06, 06:58 م]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيك
وللشيخ علوي السقاف كتاب في التنبيه على أخطاء الحافظ ابن حجر العقدية في الفتح بمراجعة الشيخ ابن باز وعدد من أفاضل العلماء
جزاك الله خيرا.
لعلك تقصد الشيخ علي الشبل.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[17 - 03 - 06, 07:03 م]ـ
85 – قال الحافظ (11/ 447) "يقول (تضامون) بضم أوله وتشديد الميم يريد: لا تجتمعون لرؤيته في جهة ولا ينضم بعضكم إلى بعض؛ فإنه لا يرى في جهة، ومعناه بفتح أوله: "لا تتضامون في رؤيته بالاجتماع في جهة، وهو بغير تشديد من الضيم معناه: لا تظلمون فيه برؤية بعضكم دون بعض؛ فإنكم ترونه في جهاتكم كلها، وهو متعال عن الجهة ... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 6573، كتاب الرقاق، باب 52.
قال الشيخ البراك: قوله: "فإنه لا يرى في جهة ... ": معنى ذلك أنه لا يرى في العلو؛ فلا يرى من فوق و لا من تحت و لا أمام و لا خلف و لا يمين و لا شمال، وهذا قول باطل في العقل والشرع؛ فالمرئي رؤية بصرية لا بد أن يكون في جهة من الرائي، وهذا القول في الرؤية هو حقيقة قول الأشاعرة، وهو مبني على باطل، وهو نفي علو الله تعالى على خلقه واستوائه على عرشه، فكانوا في الرؤية متذبذبين بين النفاة والمثبتين، بل هم أقرب إلى نفاة الرؤية كالمعتزلة.
وقوله: "فإنكم ترونه في جهاتكم كلها": يناقض القول بأنه تعالى لا يرى في جهة، فتبين أن قول الأشاعرة في الرؤية متناقض ومناقض للعقل والشرع، وهذا شأن الباطل، وفي هذا الحديث دلالة على أنه سبحانه يراه المؤمنون في جهة العلو؛ لقوله: (فإنكم ترونه كذلك)، أي كما ترون الشمس والقمر، وهما يريان في العلو؛ فرؤيتهما بصرية ومن غير إحاطة والله تعالى يرى كذلك، كما أخبر بذلك أعلم الخلق به صلى الله عليه وسلم.
86 – (11/ 450) قال الحافظ: "وأما نسبة الإتيان إلى الله تعالى فقيل: هو عبارة عن رؤيتهم إياه؛ لأن العادة أن كل من غاب عن غيره لا يمكنه رؤيته إلا بالمجيء إليه، فعبر عن الرؤية بالإتيان مجازا، وقيل الإتيان فعل من أفعال الله تعالى يجب الإيمان به مع تنزيهه سبحانه وتعالى عن سمات الحدوث. وقيل: فيه حذف، وتقديره: يأتيهم بعض ملائكة الله، ورجحه عياض، قال: ولعل هذا الملك جاءهم في صورة أنكروها لما رأوا فيها من سمة الحدوث الظاهرة على الملك؛ لأنه مخلوق".
وذلك في كلامه على حديث رقم 6573، كتاب الرقاق، باب 52.
قال الشيخ البراك: الإتيان من الله تعالى والمجيء فعل من أفعاله سبحانه التي تكون بمشيئته كما قال تعالى: "فعال لما يريد" [البروج16]، وقال: "ويفعل الله ما يشاء" [إبراهيم27]. وقد أخبر سبحانه في كتابه الكريم أنه يجيء ويأتي، وتأتي ملائكته؛ وذلك للفصل بين عباده يوم القيامة؛ قال تعالى: "وجاء ربك والملك صفًا صفًا" [الفجر22]، وقال: "هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك ... الآية" [الأنعام158].
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن هذه الأمة تبقى فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون، ثم يأتيهم في الصورة التي يعرفون. وهذا كله حق على حقيقته ليس هناك ما يوجب صرفه عن ظاهره، فلذلك كان من مذهب أهل السنة إثبات المجيء لله عز وجل والإتيان، وإثبات الصورة له سبحانه، كما أثبتوا له سائر الصفات والأفعال؛ إثباتًا بلا تشبيه ولا تكييف. وأما نفي حقيقة المجيء والإتيان ونفي الصورة عن الله تعالى فهو مذهب الجهمية، وتبعهم على ذلك المعتزلة والأشاعرة؛ ولذلك احتاجوا إلى تأويل هذه النصوص بما ذكره الحافظ، وهي تأويلات حقيقتها تحريف الكلم عن مواضعه؛ إذ ليس لهم من دليل عقلي ولا نقلي يوجب صرف هذه النصوص عن ظاهرها إلا ما هو من جنس حجة الجهمية في نفي جميع الأسماء والصفات، وهي حجة داحضة، ومذهب ظاهر الفساد.
وأما قوله: "وقيل: الإتيان فعل من أفعال الله تعالى يجب الإيمان به مع تنزيهه ... إلخ": فيحتمل أنه حكاية لمذهب أهل السنة المثبتين لحقيقة الإتيان كما تقدم، ويحتمل أنه حكاية لمذهب أهل التفويض من النفاة؛ وهم الذين يثبتون اللفظ ويفوضون المعنى، وهو مذهب باطل كمذهب أهل التأويل؛ فإنهما يقومان على النفي والتعطيل.
87 – (11/ 450) قال الحافظ: "وعبر عن الصفة بالصورة .... بقوله: يكشف عن ساق: أي عن شدة ... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 6573، كتاب الرقاق، باب 52.
انظر التعليق: (16) (52).
88 – (11/ 451) قال الحافظ: "ومعنى كشف الساق زوال الخوف والهول ... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 6573، كتاب الرقاق، باب 52.
قال الشيخ البراك: تفسير الكشف عن الساق بزوال الخوف والهول فيه نظر؛ فإن المشهور في معنى يكشف عن ساق أنه كناية عن شدة الأمر والهول كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما، ويبدو أن الذي فسره بزوال الشدة توهمه من لفظ الكشف. والذي جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما محتمل في الآية، ولكن جاء في السنة ما يبين أن المراد كشف الله تعالى عن ساقه بلفظ الإضافة، فيدل على إثبات الساق لله سبحانه، وهو أولى ما تفسر به الآية؛ فإن سياق الحديث موافق لسياق الآية لفظًا ومعنى.
وانظر التعليق (52)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/333)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[21 - 03 - 06, 05:44 م]ـ
89 – (11/ 490) قال الحافظ: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" فمن لم يشرك فهو داخل في المشيئة. واستدل به الأشعري في تجويزه تكليف ما لا يطاق، لأنه دل على أن الله كلف العباد كلهم بالإيمان مع أنه قدر على بعضهم أن يموت على الكفر .. ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 6594، كتاب القدر، باب 1.
قال الشيخ البراك: قوله: "واستدل به الأشعري في تجويزه تكليف ما لا يطاق ... إلخ": تقدم أن ما لا يطاق يطلق على معان؛ ومنها: ما علم الله عز وجل أنه لا يكون وهو ممكن في ذاته ومما تعلق به القدرة؛ فالتكليف به من التكليف بما لا يطاق عند الجبرية. وما ذكر عن الأشعري من تجويز التكليف بما لا يطاق هو جار على هذا الأصل.
وانظر التعليق (62).
90 – (11/ 490) قال الحافظ: " وللعبد قدرة غير مؤثرة في المقدور، وأثبت بعضهم أن لها تأثيرًا لكنه يسمى كسبا، وبسط أدلتهم يطول .... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 6594، كتاب القدر، باب 1.
قال الشيخ البراك: معناه أن قدرة العبد غير مؤثرة في فعله، وما العلاقة بينهما إلا الاقتران. وهذا تحقيق قول الأشاعرة في أفعال العباد، وهذا يرجع إلى أصل كبير عندهم وهو نفي تأثير الأسباب في المسببات، وأن الأسباب محض أمارات على مسبباتها، وهذا مذهب الجبرية في الأسباب، وقول الأشاعرة في أفعال العباد راجع عند التحقيق إلى قول الجبرية؛ فإن إثبات قدرة ومشيئة لا تأثير لها لا معنى له. وأما أهل السنة والجماعة فيثبتون للعبد قدره ومشيئة مؤثرة في فعله، ولكن مشيئته موقوفة على مشيئة الله تعالى؛ كما قال عز وجل: "لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين" [التكوير28، 29]. فالعبد فاعل حقيقة، والله خالقه وخالق أفعاله؛ فهي أفعال للعبد حقيقة ومفعولة لله تعالى؛ فالعبد هو المصلي والصائم والبر والفاجر والمؤمن والكافر؛ كل ذلك حقيقة. وما ذكره الحافظ رحمه الله تعالى عن بعضهم أنه أثبت أن لها تأثيرًا لكنه يسمى كسبًا يشبه أن يقول: هو قول أهل السنة الذي تقدم ذكره، وهم يسمون أفعال البعاد كسبًا كما سماه الله سبحانه وتعالى؛ فهي أفعالهم وأعمالهم وأكسابهم كما قال تعالى: "لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت" [البقرة286]، وقوله سبحانه: "جزاء بما كانوا يعملون" [السجدة17]، وقوله عز وجل: "ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون" [الزمر70].
91 – (11/ 507) قال الحافظ: " ... وإضافة الله خلق آدم إلى يده في الآية إضافة تشريف.".
وذلك في كلامه على حديث رقم 6614، كتاب القدر، باب 11.
قال الشيخ البراك: أما إضافة الروح التي نفخت في آدم إلى الله فهي من إضافة المخلوق إلى خالقه، لا من إضافة الصفة إلى الموصوف؛ إذن فإضافتها إلى الله تعالى إضافة تشريف كما ذكر الحافظ رحمه الله تعالى.
وأما إضافة خلق آدم إلى يديه سبحانه فلأن خلقه كان باليدين، وفي هذا تشريف لآدم على سائر المخلوقات. وقد دل على هذه الفضيلة لآدم عليه السلام الكتاب والسنة المتواتر؛ قال تعالى: "ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي" [ص75]، وهذا التركيب لا يحتمل إلا الخلق باليدين، وهذا بينٌ على منهج أهل السنة والجماعة المثبتين لليدين وسائر صفات الله تعالى، وأما الذين ينفون حقيقة اليدين عن الله تعالى ويتأولونها في الآية بالقدرة أو النعمة، فعلى قولهم لا يكون لآدم خصوصية ومزية على غيره، فلا تكون إضافة الخلق إلى اليدين تشريف حقيقي بل تشريف لفظي.
وقول الحافظ في هذه الإضافة: "إضافة تشريف" لفظه يحتمل التشريف الحقيقي والتشريف اللفظي، وحمله على الثاني هو الموافق لطريقته رحمه الله تعالى، ولذلك لم يفرق بين إضافة خلق آدم ليده، وإضافة الروح إليه سبحانه.
92 – (11/ 527) قال الحافظ: "وفيه جواز تسمية الله تعالى بما ثبت من صفاته على الوجه الذي يليق به .. ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 6628، كتاب الأيمان والنذور، باب 3.
قال الشيخ البراك: في هذا الإطلاق نظر، والقاعدة الصحيحة أن الله عز وجل لا يسمى إلا بما سمى به نفسه أو سماه به الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن كل اسم ثبت لله تعالى فهو متضمن لصفة؛ فأسماؤه تعالى أعلام وصفات، ليست أعلامًا محضة كما تقول المعتزلة؛ فالعزيز دال على ذات الرب سبحانه وصفة العزة، والقدير دال على الذات وصفة القدرة، وهكذا سائر الأسماء، وأما الصفات فلا يشتق له تعالى من كل صفة اسم، بل يقتصر في ذلك على ما ورد؛ فلا يسمى سبحانه بالغاضب والراضي والمدمر والمهلك والماكر لورود هذه الأفعال في صفاته، والحديث إنما يدل على إثبات هذا الاسم: (مقلب القلوب) لا يدل على القاعدة التي أطلقها الحافظ رحمه الله تعالى، والحافظ نفسه قد منع ذلك.
وانظر التعليق (75).
ـ[أبو مجاهد المغربي]ــــــــ[21 - 03 - 06, 08:59 م]ـ
جزاك الله خيرا ياشيخ عبد الرحمان هو ذاك الحمد لله على تصحيح المعلومة
فقد حملت الكتاب من موقع الشيخ علوي السقاف منذ مدة فإلتبس علي الأمر و حسبت أنه هو المؤلف لطول العهد به
فجزاك الله خيرا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/334)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[23 - 03 - 06, 11:30 ص]ـ
93 – (11/ 562) قال الحافظ: "ولا ينظر الله إليه" قال في الكشاف: هو كناية عن عدم الإحسان إليه عند من يجوز عليه النظر، مجاز عند من لا يجوزه، والمراد بترك التزكية ترك الثناء عليه، وبالغضب إيصال الشر إليه ... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 6676، كتاب الأيمان والنذور، باب 17.
قال الشيخ البراك: الصواب أن الله تعالى ينظر إلى من يشاء حقيقة، ويغضب على من يشاء حقيقة، وما ذكره الحافظ عن صاحب الكشاف تأويل مخالف لظاهر اللفظ، وهو مناسب لمذهبه الاعتزالي، وهو نفي الصفات عن الله تعالى، ويوافقهم الأشاعرة على نفي حقيقة النظر، وحقيقة الغضب، وأكثر الصفات.
وانظر التعليق رقم (60)
94 – (12/ 428) قال الحافظ: " وقال المهلب في قوله: " كلف أن يعقد بين شعيرتين، حجة للأشعرية في تجويزهم تكليف ما لا يطاق، ومثله في قوله تعالى: " يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون " وأجاب من منع ذلك بقوله تعالى: " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " أو حملوه على أمور الدنيا، وحملوا الآية والحديث المذكورين على أمور الآخرة، انتهى ملخصا. والمسألة مشهورة فلا نطيل بها ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7042، كتاب التعبير، باب 45.
انظر تفصيل القول في تكليف ما لا يطاق في التعليق (62) (89).
95 – (13/ 203) قال الحافظ: " ومعنى لا ينظر إليهم: يعرض عنهم، ومعنى نظره لعباده: رحمته لهم ولطفه بهم ... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7212، كتاب الأحكام، باب 48.
انظر التعليق (60) (93).
96 – (13/ 254) قال الحافظ: " وقال ابن عبد السلام في أواخر القواعد: البدعة خمسة أقسام: " فالواجبة " كالاشتغال بالنحو الذي يفهم به كلام الله ورسوله، لأن حفظ الشريعة واجب، ولا يتأتى إلا بذلك، فيكون من مقدمة الواجب، وكذا شرح الغريب، وتدوين أصول الفقه، والتوصل إلى تمييز الصحيح والسقيم. " والمحرمة ": ما رتبه من خالف السنة من القدرية والمرجئة والمشبهة. " والمندوبة ": كل إحسان لم يعهد عينه في العهد النبوي كالاجتماع عند التراويح، وبناء المدارس والربط، والكلام في التصوف المحمود، وعقد مجالس المناظرة إن أريد بذلك وجه الله. " والمباحة " كالمصافحة عقب صلاة الصبح والعصر، والتوسع في المستلذات من أكل وشرب وملبس ومسكن، وقد يكون بعض ذلك مكروها أو خلاف الأولى، والله أعلم ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7277، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب 2.
قال الشيخ البراك: هذا التقسيم يصح باعتبار البدعة اللغوية، وأما البدعة في الشرع فكلها ضلالة كما قال صلى الله عليه وسلم: "وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة" ومع هذا العموم لا يجوز أن يقال: من البدع ما هو واجب، أو مستحب أو مباح، بل البدعة في الدين إما محرمة أو مكروهة، ومن المكروه مما قال عنها إنها بدعة مباحة: تخصيص الصبح والعصر بالمصافحة بعدهما.
وانظر التعليق (15)
97 – (13/ 344) قال الحافظ: "وأما أهل السنة، ففسروا التوحيد بنفي التشبيه والتعطيل. قال الجنيد فيما حكاه أبوالقاسم القشيري: (والتوحيد إفراد القديم من المحدث .. ) ". وذلك في كلامه على مقدمة كتاب التوحيد.
قال الشيخ البراك: يريد بأهل السنة في مقابل الجهمية والمعتزلة: الأشاعرة، ولا ريب أن الأشاعرة أقرب في باب الصفات إلى أهل السنة والجماعة؛ إذ يثبتون بعض الصفات كالحياة والسمع والبصر، لذلك لم يكونوا من المعطلة مطلقًا، وهم الذين ينفون جميع الصفات أو الصفات والأسماء؛ فالتحقيق أن الأشاعرة من المنتسبين للسنة لا من أهل السنة المحضة؛ لأنهم يخالفون أهل السنة في بعض أصول الاعتقاد: كنفيهم لأكثر الصفات، وأن الإيمان هو التصديق، وأن القرآن عبارة عن كلام الله تعالى.
وتفسير التوحيد الذي ذكره الحافظ عنهم قاصر ومجمل؛ إذ لم يتعرض فيه لتوحيد العبادة الذي هو المقصود الأعظم من شهادة "لا إله إلا الله" وكانت الخصومة فيه بين الرسل وأممهم.
وأما الإجمال؛ فإن نفي التشبيه تدَّعيه الجهمية والمعتزلة، ويريدون به نفي الصفات، ويسمون ذلك توحيدًا، ويسمون إثبات الصفات تشبيهًا، وقد شاركهم الأشاعرة هذا المعنى في أكثر الصفات. والصواب أن توحيد الأسماء والصفات هو إثبات ما أثبته الله لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، والله الهادي إلى سواء السبيل.
ـ[كريم أبو أمامة]ــــــــ[24 - 03 - 06, 01:58 ص]ـ
والله يا شيخ عبد الرحمن - لقد حز في نفسي كثيرا - عدم اقتنائي لهذه الطبعة من فتح الباري لبعدها الجيوغرافي عني، خصوصا بعدما قرأتُ ماكتبتم عنها، ولكن عندما أنزلتم هذه التعليقات تغير الحال وانشرحت النفس وعظم النفع.
فجزاكم الله خيرا، وبارك الله لكم في علمكم وعملكم وعمركم ومالكم وولدكم، وجعل الله الجنة منزلكم بعد طول عمر في طاعة ربكم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/335)
ـ[كريم أبو أمامة]ــــــــ[30 - 03 - 06, 06:30 م]ـ
في انتظار المزيد ...
وجزاكم الله خيرا.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[30 - 03 - 06, 08:14 م]ـ
أخي كريم وفقه الله جزاك الله خيرا على هذه الدعوات، وأسأل الله أن ينفعنا بما ننقل ونقرأ من كلام أهل العلم.
---------------------------
98 – (13/ 345) قال الحافظ: "وقال ابن بطال: تضمنت ترجمة الباب أن الله ليس بجسم، لأن الجسم مركب من أشياء مؤلفة .... ".
وذلك في كلامه على مقدمة كتاب التوحيد.
قال الشيخ البراك: إطلاق نفي الجسم عن الله تعالى هو من مذهب نفاة الصفات من الجهمية والمعتزلة وكذلك الأشاعرة، وأما أهل السنة والجماعة فلا يطلقون لفظ الجسم على الله تعالى لا نفيًا ولا إثباتًا؛ وذلك أنه لفظ مجمل لأن له عدة معانٍ منها: ما يجب إثباته لله تعالى كالموجود والقائم بنفسه، ومنها: ما يجب نفيه كالمركب من الجواهر المفردة. ولهذا كان الواجب في مثل هذا هو الاستفصال ممن تكلم به عن مراده؛ فإن أراد حقًا قبل، وإن أراد باطلاً ردّ. هذا ولفظ الجسم مما لم يرد في كتاب ولا سنة، وعلى هذا فإطلاق نفيه أو إثباته في صفات الله تعالى من المحدثات في باب الأسماء والصفات.
وقول ابن بطال: "وتضمنت ترجمة الباب أن الله ليس بجسم" يريد أن التوحيد الذي يجب لله تعالى يتضمن نفي أن يكون الله جسمًا؛ لأن الجسم عنده هو المركب من أشياء مؤلفة. وهذا هو معنى من قال: إن الجسم هو المركب من الجواهر المفردة، وهذا هو أحد معاني الجسم الاصطلاحية كما سبق.
وعند الجهمية والمعتزلة: الجسم: ما تقوم به الصفات، والأجسام عندهم متماثلة؛ فلذلك نفوا الصفات عن الله تعالى حذرًا من التجسيم والتشبيه، وسموا نفي الصفات توحيدًا، وسموا إثباتها تشبيهًا وتجسيمًا وتركيبًا. وكل ذلك من تشويه الحق وتزويق الباطل تمويهًا وتضليلاً.
99 – (13/ 357) قال الحافظ: "وقال المازري ومن تبعه: محبة الله لعباده إرادة ثوابهم وتنعيمهم، ـ إلى قوله ـ وفاعلها يرجع إلى إرادته إهانته ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7375، كتاب التوحيد، باب 1.
قال الشيخ البراك: تقدم في تعليقات سابقة أن من مذهب أهل السنة والجماعة أن الله يُحِبُّ ويُحَبُّ حقيقة، كما قال سبحانه وتعالى في القوم الذين أثنى عليهم: "فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه" [المائدة 54]، وقال: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله" [آل عمران 31]. وما ذكره الحافظ من الأقاويل في تفسير محبة الله لعباده أو محبتهم له هو من التأويل المذموم الذي هو صرف اللفظ عن ظاهره بغير حجة توجب ذلك. وهذه التأويلات مبنية على أن الله تعالى لا يُحِبُّ ولا يُحَبُّ حقيقة، وهذا عين ما تقوله الجهمية. وأما الأشاعرة فينفون المحبة من جهة الله تعالى، وأهل التأويل منهم يفسرونها بالإرادة أو الإثابة كما ذكر هنا. وأما المحبة من جهة العبد، فمنهم من يثبتها كما ذكر عن المازري، ومنهم من يتأولها كما ذكر عن ابن التين.
وانظر التعليقات (66) و (74)
100 – (13/ 358) قال الحافظ: " قال ابن بطال: .... والمراد برحمته إرادته نفع من سبق في علمه أنه ينفعه .... وقيل: يرجعان إلى معنى الإرادة، فرحمته إرادته تنعيم من يرحمه، وقيل: راجعان إلى تركه عقاب من يستحق العقوبة ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7377، كتاب التوحيد، باب 2.
قال الشيخ البراك: تفسير الرحمة بالإرادة يتضمن نفي حقيقة الرحمة عن الله تعالى، وهذا مصادم لما أخبر الله به ورسوله من اتصافه بالرحمة كما قال تعالى: "وربك الغفور ذو الرحمة" [الكهف 58]، وكما دل على ذلك الاسمان الكريمان: الرحمن الرحيم.
ونفي حقيقة الرحمة وتفسير ما ورد بالإرادة أو الإثابة جمع بين التعطيل والتحريف. وهذا منهج أهل التأويل من الأشاعرة ونحوهم في كل الصفات التي ينفونها كما سبق التنبيه على ذلك في مواضع سابقة، والواجب إثبات صفة الرحمة لله حقيقة على ما يليق به كما هو الواجب في إثبات ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم دون تفريق بين الصفات. وهذا هو ما مضى عليه السلف الصالح ومن تبعهم بإحسان.
وانظر التعليق (65) (77).
101 – (13/ 359) قال الحافظ: "ولو قال من ينسب إلى التجسيم من اليهود: لا إله إلا الذي في السماء لم يكن مؤمنا كذلك، إلا إن كان عاميًا لا يفقه معنى التجسيم فيكتفى منه بذلك، كما في قصة الجارية التي سألها النبي صلى الله عليه وسلم: "أنت مؤمنة؟ " قالت: نعم، قال: "فأين الله؟ " قالت: في السماء، فقال: "أعتقها فإنها مؤمنة"، وهو حديث صحيح أخرجه مسلم .... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7377، كتاب التوحيد، باب 2.
قال الشيخ البراك: معناه أن اليهود يقرون بأن الله في السماء - يعني في العلو- وهذا عند المعطلة نفاة العلو تجسيم؛ أي أن الله لو كان في السماء لزم أن يكون جسمًا، ومن مذهبهم أن الله تعالى ليس بجسم، فوجب نفي ما يستلزم الجسمية، ومن ذلك العلو على المخلوقات؛ فلذلك نسبوا اليهود إلى التجسيم والتشبيه. ونسبوا كذلك إلى التجسيم أهل السنة المثبتين للعلو وسائر الصفات، لذلك هم يشَبِّهون أهل السنة باليهود.
وإثبات اليهود للعلو هو من الحق الذي جاءهم به موسى عليه السلام، كما جاءت به سائر الرسل، وجاء به خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، وتنوعت أدلته في الكتاب والسنة، ودلت عليه الفطر والعقول السليمة. وكفر اليهود لا يقدح فيما يقرون به من الحق، وأما إطلاق لفظ الجسم على الله تعالى نفيًا أو إثباتًا فقد تقدم قريبًا القول فيه، وبينَّا هناك مذهب أهل السنة والجماعة في ذلك.
انظر التعليق (98).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/336)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[31 - 03 - 06, 05:39 م]ـ
102 – (13/ 368) قال الحافظ: "وفي الحديث إثبات اليمين صفة لله تعالى من صفات ذاته وليست جارحة، خلافًا للمجسمة. انتهى ملخصا ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7382، كتاب التوحيد، باب 6.
قال الشيخ البراك: لفظ الجارحة في صفات الله تعالى لفظ محدث؛ فلم يرد في الكتاب والسنة نفيه ولا إثباته، ولهذا أهل السنة يثبتون اليدين والعينين ونحوهما من الصفات لله تعالى، ويقولون: إن ذلك حقيقة، ولا تماثل صفات المخلوقين، ولا يقولون في هذه الصفات إنها ليست جارحة؛ لأنه لفظ محدث ومجمل، والغالب على من يقول عن هذه الصفات أنها ليست جارحة نفي حقائقها، ثم إما أن يثبت ألفاظها ويفوض معانيها، وإما أن يتأولها بخلاف ظاهرها كتأويل اليدين بالقدرة، والعينين بالرؤية، ومن أثبت هذه الصفات لله تعالى على حقيقتها اللائقة به سبحانه وقال: إنها ليست بجارحة، وأراد بالجارحة ما يماثل صفات المخلوقين فقد أصاب فيما أراد من النفي، ولكنه أخطأ في التعبير عن ذلك بلفظ محدث مجمل يحتمل حقاً وباطلاً.
وانظر التعليقات (2) و (6) و (13) و (53)
103 – (13/ 374 - 375) قال الحافظ: "وليس المراد قرب المسافة؛ لأنه منزه عن الحلول كما لا يخفى، ومناسبة الغائب ظاهرة من أجل النهي عن رفع الصوت ... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7386، كتاب التوحيد، باب 9.
قال الشيخ البراك: القرب في هذا الحديث هو القرب الخاص؛ وهو قربه سبحانه من عابديه وداعيه، ولا يلزم من هذا القرب حلول الرب سبحانه في شيء من المخلوقات، كما لا يلزم من نزوله سبحانه إلى السماء الدنيا كل ليلة علو سائر السماوات عليه؛ بل هو العلي الأعلى، وهو الظاهر الذي ليس فوقه شيء؛ فعلوه سبحانه فوق المخلوقات من لوازم ذاته، فنزوله وقربه لا ينافي علوه، بل هو سبحانه عال في دنوه قريب في علوه، فلا يقاس بخلقه، ولا يلزم من صفاته سبحانه ما يلزم في صفات المخلوقين، وعلى هذا فقوله: "وليس المراد قرب المسافة" احتراز لا حاجة إليه، وتقييد لا موجب له؛ لأنه مبني على أن قربه يستلزم الحلول، وهو ممنوع كما تقدم.
104 – (13/ 377) قال الحافظ: "وجواز اشتقاق الاسم له تعالى من الفعل الثابت".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7391، كتاب التوحيد، باب 11.
قال الشيخ البراك: هذا لا يصح على الإطلاق؛ فالقاعدة الصحيحة أن كل اسم من أسماء الله تعالى الثابتة في الكتاب والسنة متضمن لصفة من الصفات خلافاً للمعتزلة، وأما الصفات الفعلية فلا يشتق لله تعالى من كل صفة اسم؛ فلا يطلق على الله تعالى المدمر والمدمدم، والغاضب، والراضي لثبوت هذه الأفعال في حقه سبحانه تعالى، لكن ما ورد من الأسماء مشتق من بعض أفعاله وجب إثباته والاقتصار عليه؛ مثل: الخلاق، والرزاق، ومقلب القلوب.
وقد يسهل فيما مطلقه مدح من الأفعال؛ كالمنعم والمحسن من الإنعام والإحسان، وقد ورد لفظ المحسن في بعض الأحاديث.
105 – (13/ 379) قال الحافظ: "قوله: (باب السؤال بأسماء الله والاستعاذة بها) قال ابن بطال: مقصوده بهذه الترجمة تصحيح القول بأن الاسم هو المسمى ... ".
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 13.
قال الشيخ البراك: الجزم بأن هذا هو مقصود البخاري فيه نظر، ولم يذكر ابن بطال دليلاً على ما قال. نعم المراد بالأسماء في قول البخاري: السؤال بأسماء الله المسمى بها؛ فالمراد بقول الداعي: يا الله، يا رحمن، يا حي، يا قيوم: المسمى بهذه الأسماء، وهو رب العالمين، ولا يلزم من ذلك تصحيح البخاري للقول بأن الاسم هو المسمى مطلقاً؛ فإن الصواب في هذه المسألة أن الاسم قد يراد به المسمى، وقد يراد به غير المسمى، وهو اللفظ كقولك: الله مشتق، وأصله الإله، والرحمن عربي.
فأسماء الله تعالى إذا وردت في سياق الدعاء والاستعاذة فالمراد بها المسمى، وإذا وردت في مقام التعداد واختلاف الدلالات فالمراد بها الأسماء الدالة على المسمى؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: "إن لله تسعًا وتسعين اسمًا".
وقول ابن بطال: "فلذلك صحت الاستعاذة بالاسم كما تصح بالذات" هذا يقتضي أن الأصل في الاستعاذة الاستعاذة بذات الله تعالى؛ كأن يقول: أعوذ بذات الله. وهذا اللفظ لم يرد، نعم ورد معناه في قوله صلى الله عليه وسلم: "وأعوذ بك منك"، وأما غالب ما ورد من ألفاظ الاستعاذة فبأسماء الله وصفاته.
وقوله: "ويطلق الاسم ويراد به التسمية …إلخ" فيه نظر كذلك؛ فإن التسمية هي فعل المسمِّي، وهو وضع الاسم للمسمى، أو إطلاق الاسم على من سمي به. إذن فالأمور ثلاثة: 1 - الاسم: وهو اللفظ الدال.
2 - والمسمى: وهو المدلول.
3 - والتسمية: هي وضع الاسم للمسمى أو إطلاقه عليه كما تقدم.
وبهذا يعلم أنه ليس المراد بالاسم في حديث الأسماء: التسمية، خلافاً لما قال ابن بطال، بل المراد اللفظ الدال على ذات الرب، وصفته سبحانه كالعزيز، والحكيم، والسميع، والبصير.
فأسماء الله كلها دالة على ذاته، وكل اسم دال على صفة من صفاته؛ فهي متحدة في دلالتها على الذات متعددة متباينة في دلالتها على الصفات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/337)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[01 - 04 - 06, 10:11 م]ـ
106 – (13/ 382) قال: "قال ابن بطال: أسماء الله تعالى على ثلاثة أضرب .... والفرق بين صفات الذات وصفات الفعل أن صفات الذات قائمة به، وصفات الفعل ثابتة له بالقدرة، ووجود المفعول بإرادته جل وعلا ... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7402، كتاب التوحيد، باب 14.
قال الشيخ البراك: في هذا الكلام عدة مآخذ:
الأول: قوله:"أحدها يرجع إلى ذاته وهو الله": فإنه يقتضي أن هذا الاسم (الله) لا يدل إلا على ذات الرب سبحانه، ولا يدل على صفة؛ لأنه اسم جامد غير مشتق.
والصواب أنه مشتق من (أله) بمعنى: عبد، وأن أصل (الله): الإله، فحذفت الهمزة، وأدغمت اللام في اللام مفخمة، فمعناه: الإله أي المعبود، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: الله ذو الألوهية، وعلى هذا فهو دال على ذات الرب سبحانه وصفة الألوهية. ومع ذلك فهو عَلَم على الرب تعالى لا يطلق على سواه.
الثاني: قوله: "والفرق بين صفات الذات وصفات الفعل ... إلخ": هذا الفرق مضمونه: أن الصفات الفعلية لا تقوم به سبحانه، وهذا هو المعروف من مذهب الأشاعرة الذين لا يثبتون إلا سبعًا من الصفات، وما عداها يفسرونه ببعض الصفات السبع كالقدرة والإرادة، أو يفسرونه ببعض المفعولات أي المخلوقات؛ مثل المحبة، والرضا، والغضب، فإنهم يفسرونها إما بالإرادة أو ببعض المفعولات من النعم والعقوبات، فعندهم أنه تعالى لا يقوم به ما تتعلق به مشيئته.
ومذهب أهل السنة والجماعة أن صفات الله الفعلية قائمة به كالصفات الذاتية، والفرق بينهما أن الصفات الذاتية لا تتعلق بها المشيئة، فلا تنفك عنه سبحانه؛ مثل حياته وقدرته، ومثل وجهه ويديه سبحانه وتعالى.
وأما الصفات الفعلية: فهي التي تتعلق بها المشيئة؛ مثل استوائه على عرشه ونزوله إلى السماء الدنيا، ومثل محبته ورضاه.
ومن صفاته تعالى ما هو ذاتي وفعلي كالخلق والكلام؛ فإنه لم يزل خالقًا، ويخلق ما شاء إذا شاء، ولم يزل متكلمًا إذا شاء بما شاء، كيف شاء.
الثالث: قول ابن بطال: "وصفات الفعل ثابتة بالقدرة ... إلخ": تقدم أنه هذا يقتضي أن صفات الفعل غير قائمة به، وإذا لم تقم به فكيف يقال: إنها صفات له؟ إذ لا يعقل أن تقوم الصفة بغير الموصوف، وأن يوصف الشيء بغير ما قام به، والحقيقة أنهم لا يثبتون الصفات الفعلية لله تعالى؛ فإطلاقهم صفات الفعل لا حقيقة له، فهم لا يثبتون إلا الفاعل والمفعول؛ كالخالق والمخلوق، ولا يثبتون (الخلق) الذي هو فعل الرب سبحانه. والصواب: إثبات الفعل والفاعل والمفعول.
107 – (13/ 383) قال الحافظ: "والصواب الإمساك عن أمثال هذه المباحث والتفويض إلى الله في جميعها، والاكتفاء بالإيمان بكل ما أوجب الله في كتابه أو على لسان نبيه إثباته له أو تنزيهه عنه على الإجمال، وبالله التوفيق".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7402، كتاب التوحيد، باب 12.
قال الشيخ البراك: مقصوده ـ رحمه الله تعالى ـ الإمساك عن تأويل نصوص الصفات، وهو تفسيرها بما يخالف ظاهرها، وهذا في حد ذاته سديد؛ لأنه ترك للتأويل الباطل، ولكنه في مقابل ذلك رجح التفويض، وحقيقته: الإعراض عن فهم النصوص، والإيمان بلفظها وتفويض علم معانيها إلى الله تعالى؛ فالإثبات الذي يجب الإيمان به عند المفوضة هو إثبات ألفاظ النصوص دون إثبات ما يدل عليه ظاهرها من الصفات، بل ينفون ما يدل عليه ظاهرها، ومع ذلك يقولون: يجب إجراء النصوص على ظاهرها فيتناقضون، وبذلك يتبين أنه لا فرق بين أهل التأويل وأهل التفويض من حيث نفيهم للصفات التي دلت عليها النصوص من الكتاب والسنة. لكن أهل التأويل يفسرون النصوص بخلاف ظاهرها، وأهل التفويض يمسكون عن ذلك، ولا يثبتون ما تدل عليه. فالمذهبان باطلان، والحق ما عليه أهل السنة والجماعة؛ وهو إثبات ما تدل عليه هذه النصوص من صفات الله تعالى مع نفي مماثلة المخلوقات، وتفويض علم كيفيتها إلى الله تعالى.
108 – (13/ 384) قال الحافظ: قال الراغب: نفسه: ذاته ... وقيل: إن إضافة النفس هنا إضافة ملك، والمراد بالنفس نفوس عباده. انتهى ملخصًا، ولا يخفى بعد الأخير وتكلفه".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/338)
قال الشيخ البراك: ما قاله الراغب في تفسير النفس هو الصواب، والقول الثاني، وهو:"إن إضافة النفس هنا إضافة ملك ... إلخ" هو قول باطل؛ لأنه خلاف الآيات التي ورد فيها ذكر النفس، وقد أحسن الحافظ في قوله: "ولا يخفى بعد الأخير وتكلفه".
وقول الراغب: "سبحانه وتعالى عن الاثنينية من كل وجه": هذه من عبارات المعطلة لجميع الصفات كالمعتزلة؛ يقصدون بها أن الله تعالى ليس إلا ذاتًا مجردة عن جميع الصفات؛ لأن إثبات الصفات عندهم يلزم منه التعدد في ذاته. وهذه تنافي حقيقة التوحيد عندهم. وقولهم هذا مخالف للعقل والشرع؛ فقيام الصفات بالموصوف وتعددها لا ينافي أنه واحد؛ فالله تعالى بصفاته إله واحد.
109 - (13/ 384 – 385) قال الحافظ: "وقيل: غيرة الله كراهة إتيان الفواحش؛ أي عدم رضاه بها لا التقدير، وقيل: الغضب لازم الغيرة، ولازم الغضب إرادة إيصال العقوبة".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7403، كتاب التوحيد، باب 15.
قال الشيخ البراك: لا ريب أن غيرة الله سبحانه من الفعل تتضمن كراهته له، والغضب على فاعله، وهذا يدل على قبح الفعل عنده سبحانه، ولذلك يحرمه على عباده. يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن". والغيرة والكراهة والغضب صفات ثابتة لله تعالى على ما يليق به، وتأويلها بإرادة إيصال العقوبة هي طريقة الأشاعرة الذين لا يثبتون إلا الصفات السبع - ومنها الإرادة - ومعنى ذلك أنه لا يوصف عندهم بهذه الصفات على حقيقتها.
وقوله: "لا التقدير": يظهر أن في هذه اللفظة تصحيف، وأن أصلها: "لا التغير"؛ فإن ذلك هو المناسب لمادة الغيرة.
وانظر التعليق (55)
110 – (13/ 385) قال الحافظ: "والله منزه عن الحلول في المواضع؛ لأن الحلول عرض يفنى وهو حادث، والحادث لا يليق بالله .... ".
وقال ابن التين: "معنى العندية في هذا الحديث العلم بأنه موضوع على العرش ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7405، كتاب التوحيد، باب 15.
قوله صلى الله عليه وسلم "وهو وَضْعٌ عنده على العرش": هذا عند أهل السنة المثبتين لعلو الله على خلقه واستوائه على عرشه ليس بمشكل، بل هذا من أدلتهم على أن الله عز وجل بذاته فوق العرش، وأن هذا الكتاب عنده سبحانه فوق العرش، ولا يلزم من ذلك محذور في حقه سبحانه؛ لا حلول ولا حصر في شيء من مخلوقاته.
وإنما يُشْكِل هذا الحديث وأمثاله مِنْ وصْفِ بعض المخلوقات بأنها عنده على نفاة العلو والاستواء كالأشاعرة؛ فمن قال منهم بأنه سبحانه في كل مكان فقد تناقض أعظم تناقض، ومن قال منهم إنه لا داخل العالم ولا خارجه فقد وصف الله بالعدم؛ فإنه لا يوصف بذلك إلا المعدوم.
وقول ابن بطال وابن التين في تفسير الكتاب والعندية بالعلم في هذا الحديث هو من التأويل المذموم الذي حقيقته صرف الكلام عن ظاهره بغير حجة صحيحة؛ فقد جريا في ذلك على مذهب أهل التعطيل من نفاة العلو، وهو مذهب باطل تضمن التعطيل والتحريف؛ تعطيل الله عز وجل عن ما يجب إثباته له من علوه على خلقه، وتحريف النصوص الدالة على ذلك. ومذهب أهل السنة بريء من هذا وهذا.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[02 - 04 - 06, 08:30 م]ـ
111 – (13/ 386) قال الحافظ: "قوله: فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، أي إن ذكرني بالتنزيه والتقديس سرًا ذكرته بالثواب والرحمة سرًا، وقال ابن أبي جمرة: يحتمل أن يكون مثل قوله تعالى: "فاذكروني أذكركم" ومعناه: اذكروني بالتعظيم أذكركم بالإنعام".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7405، كتاب التوحيد، باب 15.
قال الشيخ البراك: هو من الأدلة على أن الجزاء من جنس العمل. والذكر من حيث هو يكون بالقول والفعل، وهو في مثل هذا السياق أظهر في القول، بل حمله على القول في هذا الحديث متعين، لقوله:"في نفسه ... في نفسي" وقوله: "في ملأ ... في ملأ خير منهم"، فبان بذلك أن الله تعالى يذكر عبده بكلام في نفسه، أي بدون أن يُعلم بذلك أحدًا من ملائكته، وقد يذكره بشهود من شاء من ملائكته مثل ثنائه عليه، والإخبار بأنه يحبه كما في الحديث المشهور: "إذا أحب الله عبدًا نادى جبريلَ إن الله يحب فلانًا فأحبه ... " وبهذا يتبين أن تأويل ذكر الله لعبده بالرحمة والثواب، أو الإنعام صرف للكلام عن ظاهره بلا حجة، وكأن الذي قال ذلك يذهب إلى أن الله تعالى لا يتكلم بكلام
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/339)
حقيقي يُسمِعه إذا شاء لمن شاء من عباده، وهذا موجب مذهب الأشاعرة في كلام الله سبحانه، وهو أن معنى كلام الله: معنى نفسي، ليس بحرف ولا صوت فلا يتصور سماعه منه، وهو ظاهر الفساد.
112 – (13/ 388 - 389) قال الحافظ: "وليس بجارحة ولا كالوجوه التي نشاهدها من المخلوقين .... ولو كانت صفة من صفات الفعل لشملها الهلاك كما شمل غيرها من الصفات وهو محال".
وذلك في كلامه في كتاب التوحيد، باب 16.
قال الشيخ البراك: دلّت الآية والحديث في هذا الباب على أن لله تعالى وجهًا، وأهل السنة والجماعة يثبتون ذلك ويقولون: لله تعالى وجه حقيقة لا كوجوه العباد موصوف بالجلال والإكرام وبالنور، وعلى هذا فما نقله الحافظ عن ابن بطال ظاهره جيد لولا قوله: "ليس بجارحة" فإن أهل السنة لا يطلقون لفظ الجارحة لا نفيًا ولا إثباتًا؛ لأن ذلك لم يرد، ولما فيه من الاحتمال والإجمال.
وأما تفسير الوجه بالذات؛ فإن أريد به أنه عبَّر بالوجه عن الذات مع إثبات حقيقة الوجه، وأنه من صفات الذات فلا مانع من ذلك، وإن أريد به نفي حقيقة الوجه، فهذا مذهب المعطلة نفاة الصفات. وصفة الوجه لله هي من الصفات التي يتفق على نفيها الجهمية والمعتزلة والأشاعرة، وأهل التأويل منهم يفسرون الوجه بالذات كما تقدم أو الثواب، وهذا من التأويل المذموم الذي حقيقته تحريف الكلم عن مواضعه؛ إذ ليس لهذا التعطيل والتأويل من حجة صحيحة.
وانظر التعليق (47)
113 – (13/ 390) قال الحافظ: " قال ابن المنير: وجه الاستدلال على إثبات العين لله تعالى ... وهو على سبيل التمثيل والتقريب للفهم، لا على معنى إثبات الجارحة".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7407، و 7408، كتاب التوحيد، باب 17.
قال الشيخ البراك: استدل البخاري بالآيتين والحديث على إثبات العين لله تعالى، وأهل السنة والجماعة يثبتون عينين لا تشبهان أعين المخلوقين، كقولهم في سائر الصفات، ويستدلون لذلك بمثل قوله تعالى:"تجري بأعيننا" وبحديث الدجال.
ووجه الاستدلال أن تنزيه الله تعالى عن العور في قوله صلى الله عليه وسلم: "إن ربكم ليس بأعور" يدل على إثبات العينين لله تعالى وسلامتهما؛ فإن العور هو عمى إحدى العينين، لا عدم العين، خلافًا لما قاله ابن المنير في بيانه لوجه الاستدلال؛ حيث قال: "العور عرفًا عدم العين، وضد العور ثبوت العين".
وأما قوله: "وهو على سبيل التمثيل والتقريب للفهم لا على معنى إثبات الجارحة": فمعناه نفي حقيقة العين عن الله تعالى، وهذا هو مذهب المعطلة من الجهمية والمعتزلة، ومن وافقهم من الأشاعرة.
ولفظ الجارحة لا يطلقه أهل السنة لا نفيًا ولا إثباتًا؛ لأنه من الألفاظ المجملة المبتدعة، فلا يقولون: إن عينه جارحة، أو ليست جارحة. والنافون لحقيقة العين منهم من يفسرها بالبصر كأهل التأويل، ومنهم من لا يتعرض لها بتأويل بل يثبت اللفظ من غير فهم لمعناه، وهم أهل التفويض.
114 – (13/ 390) قال الحافظ: " قال: ولأهل الكلام في هذه الصفات – كالعين والوجه واليد – ثلاثة أقوال، أحدها: أنها صفات ذات أثبتها السمع و لا يهتدي إليها العقل".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7407، و 7408، كتاب التوحيد، باب 17.
قال الشيخ البراك: الصواب من الأقوال الثلاثة التي حكاها ابن المنير هو القول الأول، ويتفق معه ما نقله الحافظ عن السهروردي، ومن بعده.
وأما القول الثاني والثالث فهما مذهب التأويل وأهل التفويض - كما تقدمت الإشارة إليهما- وأنهما مذهبان للنفاة.
115 – (13/ 390) قال الحافظ: "قال ابن بطال: احتجت المجسمة بهذا الحديث، وقالوا في قوله: (وأشار بيده إلى عينه) دلالة على أن عينه كسائر الأعين، وتعقب باستحالة الجسمية عليه؛ لأن الجسم حادث وهو قديم؛ فدل على أن المراد نفي النقص عنه" انتهى.
وذلك في كلامه على حديث رقم 7408، كتاب التوحيد، باب 17.
قال الشيخ البراك: قوله: "وأشار بيده إلى عينه": أي الرسول صلى الله عليه وسلم، بعد قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يخفى عليكم؛ إن الله ليس بأعور" هو نظير لما جاء في سنن أبي داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قرأ هذه الآية: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ... [إلى قوله تعالى] إن الله كان سميعًا بصيرًا} قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع إبهامه على أذنه، والتي تليها على عينه ... " [أخرجه أبو داود في سننه، كتاب السنة، باب (19) في الجهمية، ح 4728]، وهذه الإشارة من الرسول صلى الله عليه وسلم عند أهل السنة المثبتين للعين، والسمع، والبصر، لبيان إرادة الحقيقة؛ فهو يسمع حقيقة ويبصر حقيقة، وكذلك له عين حقيقة، وكل ذلك على ما يليق به ويختص به سبحانه، لا يماثل في شيء من ذلك صفات المخلوق، وهذا هو الواجب في جميع ما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم. ومثل هذه الإشارة ما جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل يقبض يديه ويبسطهما لما ذكر أن الله تعالى يأخذ السماوات بيديه، وأن الله تعالى يقبض يديه ويبسطهما ويقول: "أنا الملك ... " الحديث، ومعلوم بالضرورة أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يريد أن القبض والبسط من الله تعالى مثل قبضه صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم وبسطه ليديه، وإنما أراد بيان أن الله يقبض يديه ويبسطهما حقيقة، وأما من لم يثبت العينين، ولا اليدين لله تعالى، فلا بد أن يتأول هذه النصوص بتأويلات تخرجها عن ظاهرها، أو يمسك عن تدبرها معتقدًا أنه لا سبيل إلى فهمها. وهي طريقة أهل التفويض من النفاة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/340)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[05 - 04 - 06, 08:28 م]ـ
116 – (13/ 390) قال: " وقد سئلت هل يجوز لقارئ هذا الحديث أن يصنع كما يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأجبت وبالله التوفيق ... إلخ.
وذلك في كلامه على حديث رقم 7408، كتاب التوحيد، باب 17.
قال الشيخ البراك: حاصل جواب الحافظ عما سئل عنه أنه يجوز بشرطين:
الأول: أن يكون من بحضرته يعتقد التنزيه.
الثاني: أن يقصد بالإشارة محض التأسي.
وفي هذا الجواب نظر من وجهين:
أولاً: أن الإشارة إذا كان المراد بها محض التأسي لم يكن لها معنى بالنسبة للمخاطبين، ولا بالنسبة لمضمون الكلام.
ثانيًا: أن لفظ تنزيه الله عن صفات الحدوث يريد به المعطلة ومن وافقهم نفي الصفات عن الله؛ لأن الصفات عندهم تستلزم الحدوث.
وأما التنزيه الذي يقول به أهل السنة فهو تنزيهه سبحانه عن مماثلة المخلوقات مع إثبات الصفات إثباتًا بلا تشبيه وتنزيهًا بلا تعطيل.
والأشبه بطريقة الحافظ أنه أراد بالتنزيه المعنى الأول، ولو اقتصر رحمه الله تعالى على قوله: "والأولى به الترك" لكان أسلم له. وأما المعنى الذي ذكر أنه خطر له في معنى الإشارة في الحديث، ولم يره من شراح الحديث، وهو: "أن الإشارة إلى عينه صلى الله عليه وسلم إنما هي بالنسبة إلى عين الدجال" فهو معنى باطل يرده أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أشار بيده إلى عينه عند قوله: "إن الله ليس بأعور" لا عند قوله: "وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى". وكل هذا هروب من الاستدلال بالحديث على إثبات العين لله تعالى، وهو المعنى الذي قصده البخاري رحمه الله تعالى؛ فالبخاري في واد والحافظ في واد آخر؛ فهو في مثل هذه المواضع يخالف منهج البخاري وأهل السنة والجماعة. والأظهر في الجواب عن ذلك السؤال أن يقال: تجوز الإشارة عند ذكر هذه الأحاديث لنفس المعنى الذي أراده الرسول صلى الله عليه وسلم بإشارته - وهو إرادة تأكيد الحقيقة كما تقدم - يدل لذلك عموم قوله تعالى: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة" فيدخل في ذلك طرق البيان التي بين فيها الرسول صلى الله عليه وسلم، وبلغ بها رسالة ربه، ويمكن إذا خشي أن يتوهم أحد من الإشارة التشبيه أن يقصد المتحدث بإشارته حكاية فعل النبي صلى الله عليه وسلم، كأن يقول: وأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى عينه، فيشير إلى عينه ونحو ذلك، ويمكن رفع التوهم أيضًا ببيان مراد الرسول صلى الله عليه وسلم بإشارته. وما كان السلف الصالح يستوحشون من ذكر آيات وأحاديث الأسماء والصفات لأنهم يؤمنون بما دلت عليه على الوجه اللائق به سبحانه، ويقولون: أمروها كما جاءت بلا كيف. وأما الذين دخل عليهم مذهب التعطيل فإنهم يقفون من تلك النصوص موقف الرد إن أمكنهم، أو موقف التأويل أو التفويض؛ فهم لا يؤمنون بحقائقها، بل يرون أنه لا يجوز اعتقاد ظاهرها؛ فإن ظاهرها عندهم هو التشبيه، ومن عوفي فليحمد الله.
117 – (13/ 394) قال الحافظ: "باب قول الله تعالى: لما خلقت بيدي، قال ابن بطال: في هذه الآيات إثبات اليدين لله، وهما صفتان من صفات ذاته، وليستا بجارحتين، خلافًا للمشبهة من المثبتة، وللجهمية من المعطلة .... ".
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 19.
قال الشيخ البراك: قول ابن بطال رحمه الله تعالى: "في هذه الآيات إثبات اليدين لله تعالى ... إلخ" فيه خطأ وصواب؛ فأصاب في أول كلامه بقوله: "في هذه الآيات إثبات اليدين لله تعالى وهما صفتان من صفات ذاته"، وأصاب في آخر كلامه في الرد على الجهمية في نفيهم للقدرة، وفي رده على من يتأول اليدين بالقدرة.
ولكن قوله: "وليستا بجارحتين" من النفي المبتدع، ولفظ الجارحة لفظ مجمل؛ فإن أريد بنفي الجارحة نفي حقيقة اليدين التي يكون بهما الفعل، ومن شأنهما القبض والبسط فباطل، وإن أريد به نفي أن تكون يداه سبحانه مثل أيدينا كما يقول المشبه: له سمع كسمعي، وبصر كبصري، ويد كيدي، فهذا النفي حق. فالواجب إثبات اليدين لله تعالى مع نفي مماثلتهما للخلق، ونفي العلم بكيفيتهما مع إثبات ما ورد في صفاتهما كالقبض والبسط والأخذ والأصابع، والله أعلم.
118 – (13/ 394) قال الحافظ: "وقال غيره: هذا يساق مساق التمثيل للتقريب؛ لأنه عهد أن من اعتنى بشيء واهتم به باشره بيديه، فيستفاد من ذلك أن العناية بخلق آدم كانت أتم من العناية بخلق غيره".
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 19.
قال الشيخ البراك: معناه أن الله تعالى لم يخلق آدم عليه السلام بيديه حقيقة من بين سائر المخلوقات، وهذا يقوله من ينفي حقيقة اليدين عن الله عز وجل، وهم الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم من الأشاعرة وغيرهم. فمن هؤلاء من يجعل هذه الآية من قبيل المجاز التمثيلي الذي لا يقصد ظاهره، وإنما عبر به عن معنى آخر للمبالغة في تقريبه، وهذا أحد تأويلات أهل التأويل لهذه الآية، وذِكرُ الحافظ عفا الله عنه لمعاني اليدين والمبالغة في جمعها لا وجه له؛ فإن ذلك من طريقة النفاة لتشويش الفهم لنصوص الصفات بدعوى كثرة الاحتمالات، ونصوص الصفات بحمد الله تعالى هي نصوص لا تحتمل إلا ما أراده الله منها، وهي المعاني الثابتة له سبحانه، وهذه المعاني هي المعاني القريبة المتبادرة للأفهام السليمة التي لم تتكدر بشبه أهل التعطيل أو أهل التشبيه؛ فاليدان في الآية لا تحتمل إلا معنى واحدًا، وهي اليدان اللتان بهما الفعل والأخذ، ومن شأنهما القبض والبسط كما دلت على ذلك الآيات والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/341)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[06 - 04 - 06, 06:46 م]ـ
119 – (13/ 398) قال الحافظ: "قال ابن بطال: لا يحمل ذكر الإصبع على الجارحة، بل يحمل أنه صفة من صفات الذات .... وعن ابن فورك: يجوز أن يكون الإصبع خلقا يخلقه الله فيحمله الله ما يحمل الإصبع، ويحتمل أن يراد به القدرة والسلطان ... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7414، كتاب التوحيد، بآب 19.
قال الشيخ البراك: هذا الحديث يستدل به أهل السنة على إثبات الأصابع لله عز وجل، وأنها من صفة يديه؛ لأن هذا هو المفهوم من لفظ الإصبع في هذا السياق، وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم اليهودي على قوله كما فهم ابن مسعود رضي الله عنه بقوله: "فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبًا وتصديقًا له"، ويؤيد ذلك قراءة النبي صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: "وما قدروا الله حق قدره". وقول أهل السنة في الأصابع لله تعالى كقولهم في اليدين والوجه وغير ذلك من الصفات؛ وهو الإثبات مع نفي مماثلة المخلوقات، ونفي العلم بالكيفية على حد قول الأئمة في الاستواء: "الاستواء معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب". إذا ثبت هذا فما نقله الحافظ عن ابن بطال وابن فورك وابن التين دائر بين التفويض كما هو ظاهر قول ابن بطال، والتأويل كما هو ظاهر قول ابن فورك وابن التين.
وأهل التفويض والتأويل لا يثبتون المعاني الظاهرة من نصوص الصفات بل ينفونها. ثم منهم من يوجب في تلك النصوص التفويض، ومنهم من يوجب التأويل المخالف لظاهر اللفظ بغير حجة توجب ذلك، وهذه حقيقة التحريف كما هو ظاهر في تأويلات ابن فورك للإصبع المذكور في هذا الحديث، فنعوذ بالله من الضلال.
120 – (13/ 398) قال الحافظ: " وقد تقرر أن اليد ليست بجارحة .... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7414، كتاب التوحيد، باب 19.
انظر التعليقين (2) (102)
121 – (13/ 398) قال الحافظ: قال الخطابي " ولعل ذكر الأصابع من تخليط اليهودي؛ فإن اليهود مشبهة وفيما يدعونه من التوراة ألفاظ تدخل في باب التشبيه ولا تدخل في مذاهب المسلمين الخ
وقول القرطبي: هذا كله قول اليهودي، وهم يعتقدون التجسيم وأن الله شخص ذو جوارح كما يعتقده غلاة المشبهة من هذه الأمة، وضحك النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو للتعجب من جهل اليهودي .. الخ
وذلك في كلامه على حديث رقم 7414، كتاب التوحيد، باب 19.
قال الشيخ البراك: من العجب إفراط الحافظ عفا الله عنا وعنه في نقل أقوال المتأولين من النفاة لحقائق كثير من الصفات مع ما فيها من التمحلات والتكلفات في صرف الكلام عن وجهه بشبهات واهية؛ مثل التشكيك في تفسير ابن مسعود رضي الله عنه لضحك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "تصديقًا له"، وتخطئة ابن مسعود رضي الله عنه في خبره ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو المشاهد للقصة والأعلم بدلالة حال النبي صلى الله عليه وسلم ومقاله. هذا، ولو لم يرد هذا التفسير من ابن مسعود رضي الله عنه لكان ضحك النبي صلى الله عليه وسلم وتلاوته للآية كافيًا في تقرير ما قاله اليهودي من ذكر الأصابع، وجعل المخلوقات عليها. وأما الحمل في ذلك على اليهود، وأن اليهود مشبهة، فنعم اليهود مشبهة فيما نسبوه إلى الله تعالى من النقائص؛ كالفقر والإعياء والبكاء. وأما ما وصفوا الله به مما دل عليه القرآن والسنة فلا يجوز رده لوروده على بعض ألسنتهم؛ فلو لم يقرّ الرسول صلى الله عليه وسلم اليهودي بما قال لما صح الاستدلال بقول اليهودي على إثبات الأصابع، بل كان الواجب التوقف فيه كما هو الواجب في كل ما يحدث به بنو إسرائيل فيما لم يرد به دليل على ثبوته ولا نفيه.
وفي كلام الخطابي والقرطبي عفا الله عنهما تخبطٌ حملهما عليه أصلهما الفاسد الذي استقر في عقليهما وعقول كثير ممن لم يفهم حقيقة مذهب السلف الصالح.
وذلك الأصل الفاسد هو نفي حقائق هذه الصفات كالوجه واليدين والأصابع والعينين، وكالمحبة والرضا والغضب، والضحك والفرح إلى غير ذلك؛ بشبهة أن إثباتها يستلزم التشبيه، وهي عين الشبهة التي نفت بها الجهمية أسماء الله وصفاته. فما يرد به الأشاعرة - ونحوهم ممن يفرق بين الصفات - على الجهمية والمعتزلة هو ما يرد به أهل السنة عليهم فيما وافقوا فيه المعتزلة والجهمية.
فلا بد للأشاعرة ونحوهم من الرجوع إلى المذهب الحق البريء من التناقض - وهو مذهب أهل السنة والجماعة - أو الخروج إلى مذهب المعطلة من الجهمية والمعتزلة، فلا مخلص لهم من تناقضهم إلا بأحد الأمرين، فالواجب الاعتصام بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على فهم السلف الصالح الذين مذهبهم هو الأسلم والأعلم والأحكم خلافًا لما زعمه بعض الخلف، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
وبعد فقد أحسن الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في تعقبه على من خطَّأ ابن مسعود في فهمه من ضحك النبي صلى الله عليه وسلم تصديق قول اليهودي، وأحسن كذلك في إيراده تعقب ابن خزيمة لمن منع صفة الأصابع لله تعالى؛ ونص كلام ابن خزيمة كما ورد في كتاب التوحيد له: «وقد أجَلَّ الله قدر نبيه صلى الله عليه وسلم عن أن يوصف الخالق بحضرته بما ليس من صفاته فيسمعه فيضحك عنده، ويجعل بدل وجوب النكير والغضب على المتكلم به ضحكًا تبدو نواجزه تصديقًا وتعجبًا لقائله. لا يصف النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة مؤمن مصدق برسالته» [كتاب التوحيد 1/ 178 ط. الرشد] ويريد ابن خزيمة – رحمه الله – بذلك أنه يلزم من ينفي صفة الأصابع لله عز وجل مع ثبوت ضحك النبي صلى الله عليه وسلم تصديقًا لوصف اليهود لله تعالى بذلك؛ يلزم هذا النافي أن يصف النبي صلى الله عليه وسلم بالضحك وإقرار الباطل بدلاً من إنكار ذلك والغضب منه؛ فيصف النبي صلى الله عليه وسلم بترك الواجب وقد أجلَّه الله عن ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(32/342)