ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[11 - 05 - 05, 06:25 م]ـ
وسئل أيضا في الملتقى حفظه الله:
ما الفرق بين المرجئة ومرجئة الفقهاء؟
الجواب: الحمد لله، اسم المرجئة مأخوذ من الإرجاء، وهو التأخير وسمي المرجئة بذلك لتأخيرهم الأعمال عن مسمى الإيمان، وهم طوائف كثيرة، وأشهرهم الغلاة، وهم الذين يقولون: إن الإيمان هو المعرفة ـ أي معرفة الخالق ـ.
وهذا هو المشهور عن جهم بن صفوان إمام المعطلة نفاة الأسماء والصفات، وإمام الجبرية، وغلاة المرجئة.
والثانية:هم من يعرفون بمرجئة الفقهاء، وهم الذين يقولون: إن الإيمان هو تصديق بالقلب، أو هو التصديق بالقلب واللسان يعني مع الإقرار، وأما الأعمال الظاهرة والباطنة؛ فليست من الإيمان، ولكنهم يقولون: بوجوب الواجبات، وتحريم المحرمات، وأن ترك الواجبات أو فعل المحرمات مقتضي للعقاب الذي توعد الله به من عصاه، وبهذا يظهر الفرق بين مرجئة الفقهاء، وغيرهم خصوصا الغلاة، فإن مرجئة الفقهاء يقولون: إن الذنوب تضر صاحبها، وأما الغلاة فيقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب، كما لا ينفع مع الكفر طاعة. والله أعلم.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[11 - 05 - 05, 06:27 م]ـ
ومن أجوبته على أسئلة الملتقى له جاء ضمن أحد الأجوبة ..
استعمالات اليد في اللغة والفروق بينها
لفظ اليد مثناة لها في اللغة العربية استعمالات:
فتارة تستعمل غير مضافة، وتلزم الألف، وهذه هي التي بمعنى القدرة، تقول: لا يدان لي بهذا الأمر، أي لا قدرة لي عليه.
وتارة تستعمل مضافة إلى ضمير من قامت به، أو اسمه الظاهر كقولك: بيديّ، أو بيديه، أو بيدي محمد، ويجري فيها إعراب المثنى.
وهي في هذا الاستعمال لا تكون بمعنى القدرة، بل يتعين أن يراد بهما: اليدان اللتان يكون بهما الفعل، والأخذ، ومن شأنهما القبض، والبسط.
وبهذا يظهر ألا تعارض بين أنكراهما على النفاة تأويل اليدين بمعنى القدرة، لأن ذلك لم يرد في اللغة العربية، وبين استعمالهما (اليدان) بمعنى القدرة.
وهناك استعمالان آخران لليدين في اللغة العربية:
أحدهما: أن يعبر بهما عن الفاعل للفعل، وإن لم يكن باشره بيديه كقولك هذا ما فعلت يداك، ومنه قوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ} [(10) سورة الحج]، ويأتي لفظ اليدين مجموعا إذا أضيف إلى ضمير الجمع كقوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} [(182) سورة آل عمران]، ومنه قوله تعالى {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} [(71) سورة يس].
الثاني: استعماله مضافا إليه بعد (بين)، فيكون بمعنى أمام، كقولك: جلس بين يديه، و مشى بين يديه، ويجري هذا الاستعمال في العاقل، وغير العاقل كقوله تعالى: {لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} [(64) سورة مريم] وقوله {وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ} [(12) سورة سبأ] وقوله {بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} [(57) سورة الأعراف] ونظائر ذلك كثيرة.
فهذه أربعة وجوه من الاستعمالات:
ثلاثة منها مجاز وهي: الأول، والثالث، والرابع.
والثاني: حقيقة.
ويمتنع المجاز في اليدين إذا أسند الفعل لفاعل، وعدي إلى اليدين بالباء كقولك: عملت بيدي، ومنه قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [(75) سورة ص].
وأما إذا أسند الفعل إلى اليدين كقولك: هذا ما فعلت يداك، فهو من قبيل المجاز العقلي؛ لأنه عبر باليدين عن الفعل مطلقا، وإن لم يكن فعل بيديه.
وبهذا يظهر الفرق بين قوله تعالى {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} [(71) سورة يس]، وقوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [(75) سورة ص]، فلا تدل الآية الأولى على خلق الأنعام باليدين،
وتدل الآية الثانية على خلقِ اللهِ آدم َ بيديه؛ فتثبت له هذه الخصوصية على سائر الناس.
فمن جعل آية "ص" نظيرا لآية "يس"؛ فقد أخطأ فبين الآيتين فروق:
ففي آية "ص" أضاف الله الفعل إلى نفسه، وعداه إلى اليدين بالباء، وذكر اليدين بلفظ التثنية، وأضافهما إلى ضمير المفرد.
وفي آية "يس" أضاف سبحانه الفعل إلى اليدين بلفظ الجمع، وذكر نفسه بلفظ الجمع الدال على التعظيم.
فيجب التفريق بين المختلفات من الألفاظ، والمعاني، والتسوية بين المتماثلات، والله أعلم.
وبهذا يظهر الفرق بين قوله تعالى {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} [(71) سورة يس]، وقوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [(75) سورة ص]، فلا تدل الآية الأولى على خلق الأنعام باليدين،
وتدل الآية الثانية على خلقِ اللهِ آدم َ بيديه؛ فتثبت له هذه الخصوصية على سائر الناس.
فمن جعل آية "ص" نظيرا لآية "يس"؛ فقد أخطأ فبين الآيتين فروق:
ففي آية "ص" أضاف الله الفعل إلى نفسه، وعداه إلى اليدين بالباء، وذكر اليدين بلفظ التثنية، وأضافهما إلى ضمير المفرد.
وفي آية "يس" أضاف سبحانه الفعل إلى اليدين بلفظ الجمع، وذكر نفسه بلفظ الجمع الدال على التعظيم.
فيجب التفريق بين المختلفات من الألفاظ، والمعاني، والتسوية بين المتماثلات، والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/21)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[11 - 05 - 05, 06:33 م]ـ
الفرق بين النبي والرسول
مسألة الفرق بين النبي والرسول، والفرق المشهور، أن النبي من أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه، والرسول من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه، هذا التعريف المشهور.
ولكن هذا في الحقيقة غير مستقيم.
فإن تعريف النبي بما ذكر يقتضي أن النبي لا يعلم ولا يأمر ولا ينهي ولا يبلغ، وهذا غير صحيح، بل الأنبياء أرسلهم الله يحكمون بين الناس ويعلمون الناس ويأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر، كما قال الله تعالى في أنبياء بني إسرائيل: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ (44) سورة المائدة
والأنبياء -يعني- لهم حظ من الإرسال، وهو الإرسال الشرعي، الإرسال العام الشرعي، كما قال تعالى:
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} (52) سورة الحج
فالنبي مرسل، مكلف، مأمور، يعني يعلم ويدعو وينهي، ولهذا التعريف أو الفرق السديد ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب النبوات: أن الرسول بالمعنى الخاص هو من أرسل إلى قوم مكذبين، والنبي من أرسل إلى قوم مؤمنين يعلمهم ويذكرهم ويحكم بينهم كما في الآيات.
[من شرح حائية ابن أبي داود للشيخ البراك]
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[11 - 05 - 05, 06:35 م]ـ
القرآن وكلام الله، ما الفرق بينهما؟
الفرق بينهما أن كلام الله أعم من القرآن، فالقرآن هو كلام الله، ـ يعني ـ:أن الله تكلم به، ولكن كلام الله أعم من القرآن، يشمل ما سبق مما أنزله من الكتب فالتوراة والإنجيل والقرآن كلها كلام الله، وتكليمه لموسى وتكليمه للملائكة، وندائه للأبوين كل ذلك داخل في كلام الله؛ فالله تعالى لم يزل يتكلم بما شاء كيف شاء إذا شاء، ومن كلام الله القرآن.
[من شرح حائية ابن أبي داود للشيخ البراك]
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[11 - 05 - 05, 06:36 م]ـ
الفرق بين قول السالمية والأشاعرة في كلام الله
كلهم يتفقون على أن كلام الله قديم، وأنه لا تتعلق به المشيئة، لكن السالمية يقولون: إنه حروف، وأصوات قديمة.
والأشاعرة يقولون: إنه معنى فقط، معنى واحد ليس فيه تعدد.
[من شرح حائية ابن أبي داود للشيخ البراك]
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[11 - 05 - 05, 06:40 م]ـ
سئل مالفرق بين قول القلب وعمله وقول اللسان وعمله؟
بعضهم يقول: اللسان مع الجوارح، يقول: قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح، فيصير اللسان مع الجوارح هذه سهلة،
لكن السؤال يقول: ما الفرق بين قول القلب وعمله؟
قول القلب هو الاعتقاد، وعمل القلب عمل وليس باعتقاد، فمثلا الإيمان يعني تصديق، التصديق بأن الله خالق كل شيء، وأنه بيده الخير وبيده العطاء والمنع، الإيمان والتصديق بهذا = هذا اعتقاد قول هذا قول اللسان، التوكل على الله هذا عمل القلب، تجد هذا التوكل ثمرة للتصديق الأول، التصديق بأن محمدا رسول الله هذا قول القلب، طاعة الرسول أو العزم على متابعة الرسول هذا من عمل القلب، الانقياد انقياد القلب واستسلامه هذا عمل القلب، الإيمان بأن الله شديد العقاب هذا من قول القلب، الخوف من عمل القلب.
وأما قول اللسان وعمل اللسان قول اللسان: هو الإقرار، الإقرار الأول يعني: افرض أن واحدا كافر ودعوناه للإسلام فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، هذا قول اللسان، وهو الإقرار الذي يدخل به في الإسلام، بعد ذلك إذا قال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله هذا عمل اللسان.
[من شرح حائية ابن أبي داود للشيخ البراك]
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[11 - 05 - 05, 06:42 م]ـ
ما الفرق بين موالاة الكفار وتوليهم؟ وما حكم كل منهما بالتفصيل؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/22)
الحمد لله، لقد نهى الله عباده المؤمنين عن اتخاذ الكفار أولياء في آيات عدة كما قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً" [النساء:144]، وقال: "لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً" الآية
[آل عمران: 28]، وقال سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" [المائدة:51]، فاتخاذهم أولياء هو اعتبارهم أصدقاء وأحباباً وأنصاراً، وذلك يظهر بالحفاوة بهم وإكرامهم وتعظيمهم، ومما يوضح ذلك قوله -سبحانه وتعالى-: "لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ" الآية [المجادلة: 22] وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ" الآية [الممتحنة: 1] فدلت الآيتان على أن اتخاذهم أولياء يتضمن مودتهم، وجاء ذكر التولي في آية واحدة وهي قوله تعالى: "وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ" الآية [المائدة: 51]، والذي يظهر أن توليهم هو معنى اتخاذهم أولياء، وفسر "التولي" في قوله تعالى: "وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ" بنصرتهم على المسلمين، ولهذا كانت مظاهرة الكفار ومعاونتهم ضد المسلمين من أنواع الردة، لأن ذلك يتضمن مقاومة الإسلام، والرغبة في اضمحلاله، وذل أهله، وأما الموالاة فلم يأت لفظها في القرآن فيما أذكر، والذي يظهر أن الموالاة والتولي معناهما واحد أو متقارب، ولكن من العلماء من فرق بينهما فخصَّ الموالاة بتقديم الخدمات للكفار حفاوة بهم وإكراماً والتولي بنصرتهم على المسلمين، وأن الموالاة كبيرة، والتولي ردة كما تقدم، فالواجب على المسلمين أن يبغضوا الكافرين وأن يعادوهم في الله، وأن يجاهدوهم بالله ولإعلاء كلمة الله، وهذا لا يمنع من معاملتهم في أمور الحياة كالتجارة، ولا يوجب الغدر بما أعطوا من عهد، بل يجب الوفاء بعهدهم كما قال تعالى: "إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ" [التوبة:4] فبغض الكفار والبراءة منهم هي من أصول الدين، وهي مقتضى الإيمان بالله والكفر بالطاغوت، ولكن ذلك لا يوجب ولا يبيح الخيانة أو الظلم، فالظلم حرام، ونقض العهد حرام، " ... تلك حدود الله فلا تقربوها ... " [البقرة: 187] نسأل الله أن ينصر دينه ويعز المؤمنين ويذل الكافرين، والله أعلم.
[من أسئلة موقع الإسلام اليوم للشيخ البراك]
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[11 - 05 - 05, 06:44 م]ـ
الفرق بين الشرك الكبر والأصغر
.. وأما الفرق بين الشرك الأكبر والأصغر، فالشرك الأكبر هو اتخاذ المخلوق نداً لله في العبادة، كما قال سبحانه وتعالى: "فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون" [البقرة: 22]، وقال: "ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله" [البقرة: 165]، وقال – صلى الله عليه وسلم- لابن مسعود – رضي الله عنه- لما سأله: "أي الذنب أعظم، قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك" البخاري (4477)، ومسلم (86)، وأما الشرك الأصغر فهو ما يكون في الألفاظ كقول الرجل: ما شاء الله وشئت، وكالحلف بغير الله، ومنه ما يكون بالقلب كالرياء وكالاعتماد على الأسباب، فذلك كله من الشرك الأصغر، جنبنا الله الشرك كله صغيره وكبيره، والله أعلم.
[جاء في أثناء جواب لسؤال من أسئلة موقع الإسلام اليوم للشيخ البراك]
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[11 - 05 - 05, 06:46 م]ـ
ما الفرق بين الجبرية وأهل السنة؟
الجبرية يقولون: إنك أنت الآن في قيامك وقعودك، وذهابك ومجيئك وصلاتك وركوعك مثل الشجرة، ما لك إرادة، ولا قدرة، يعني: حركتك في قيامك وذهابك مثل حركة المصاب بالرعشة: المرتعش، فهذا مذهب الجبرية، الإنسان ما له اختيار، ولا إرادة، ولا قدرة، ولا شيء، هو مسلوب، مثل الذي يسقط من شاهق، ما له إرادة، يقولون: إن حركة الإنسان المكلف كحركة الأشجار، وحركة المرتعش، وحركة النائم.
أما أهل السنة يقولون: لا، هذه حركة إرادية، لا أن أنتم وكل عاقل يقسم حركة الإنسان إلى قسمين: حركة إرادية، وحركة لا إرادية، فقيامه وقعوده، وذهابه ومجيئه وكلامه حركة إرادية، وأما حركته نائما فهي حركة لا إرادية، يتحرك بلا إرادة منه.
كذلك المقهور، المكره على الشيء الذي يُلقى من مكان شاهق، حركته من فوق لتحت حركة إرادية؟ حركة لا إرادية، إلى آخره، الأمثلة كثيرة.
[سؤال عرض على الشيخ البراك حين شرحه لكلمة الإخلاص لابن رجب]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/23)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[11 - 05 - 05, 06:48 م]ـ
الفرق بين المحبة الدينية والطبيعية
هل يصح الاستدلال على جواز محبة الكفار بقول الله تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} حيث قالوا: إنه يجوز للمسلم أن يتزوج بالكتابية ,وهي كافرة , والمودة لازمة الحصول بينهم؟ هل المودة تعني الحب؟
الحمد لله، قد فرض الله موالاة المؤمنين، وحرم مولاة الكافرين قال الله تعالى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [(71) سورة التوبة]
وقال تعالى {وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [(73) سورة الأنفال]
وقال تعالى {لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ} [(28) سورة آل عمران]
وقال تعالى {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ .. الآية} [(22) سورة المجادلة]
والود، والمودة بمعنى المحبة، والمحبة نوعان: محبة طبيعية كمحبة الإنسان لزوجته، وولده، وماله.
وهي المذكورة في قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [(21) سورة الروم]
ومحبة دينية؛ كمحبة الله ورسوله ومحبة ما يحبه الله، ورسوله من الأعمال، والأقوال، والأشخاص.
قال تعالى {فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [(54) سورة المائدة]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد .. الحديث ".
ولا تلازم بين المحبتين بمعنى: أن المحبة الطبيعية قد تكون مع بغض ديني؛ كمحبة الوالدين المشركين فإنه يجب بغضهما في الله، ولا ينافي ذلك محبتهما بمقتضى الطبيعة، فإن الإنسان مجبول على حب والديه، وقريبة، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب عمه لقرابته مع كفره قال الله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء} [(56) سورة القصص]
ومن هذا الجنس محبة الزوجة الكتابية فإنه يجب بغضها لكفرها بغضا دينيا، ولا يمنع ذلك من محبتها المحبة التي تكون بين الرجل وزوجه، فتكون محبوبة من وجه، ومبغوضة من وجه، وهذا كثير، فقد تجتمع الكراهة الطبيعية مع المحبة الدينية كما في الجهاد فإنه مكروه بمقتضى الطبع، ومحبوب لأمر الله به، ولما يفضي إليه من العواقب الحميدة في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} [(216) سورة البقرة].
ومن هذا النوع محبة المسلم لأخيه المسلم الذي ظلمه فإنه يحبه في الله، ويبغضه لظلمه له؛ بل قد تجتمع المحبة الطبيعية، والكراهة الطبيعية كما في الدواء المر: يكرهه المريض لمرارته، ويتناوله لما يرجو فيه من منفعة.
وكذلك تجتمع المحبة الدينية مع البغض الديني كما في المسلم الفاسق فإنه يحب لما معه من الإيمان، ويبغض لما فيه من المعصية.
والعاقل من حكّم في حبه، وبغضه الشرع، والعقل المتجرد عن الهوى، والله أعلم.
[من أجوبة الشيخ البراك على أسئلة ملتقى]
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[11 - 05 - 05, 06:51 م]ـ
الفرق بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية
قال أهل العلم إن الفرق بين الإرادتين من وجهين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/24)
أما الإرادة الكونية فإنها عامة لكل الموجودات فهي شاملة لما يحب -سبحانه- وما لا يحب، فكل ما في الوجود فهو حاصل بإرادته الكونية سواء في ذلك ما يحبه الله أو يغضبه فكل ما في الوجود فهو حاصل بإرادته -تعالى- الكونية التي هي بمعنى المشيئة فإنه لا يخرج عن مشيئته أو إرادته الكونية شيء ألبتة.
أما الإرادة الشرعية فإنها تختص بما يحبه سبحانه فالطاعات مرادة لله شرعًا أما المعاصي فليست مرادة شرعًا وما وقع من الطاعات ما حصل منها فإذا صليت مثلًا نقول: هذه الصلاة تتعلق بها الإرادتان: الإرادة الكونية والإرادة الشرعية. ماذا تقول؟ .. أقول ما يقع من الصلاة إذا صلى الإنسان أو أي طاعة تفعلها فإنها واقعة بالإرادة الكونية ومتعلق كذلك للإرادة الشرعية فهي مرادة لله كونًا وشرعًا. أما المعاصي فهذه مرادة لله كونًا؛ لأنها لا يقع في الوجود شيء البتة إلا بإرادته ومشيئته -سبحانه- لكن هل المعاصي محبوبة لله؟ لا بل هي مبغوضة وإن كانت واقعة بإرادته فهذا هو الفرق بين الإرادتين.
فرق بين الإرادتين من وجهين. الأول: أن الإرادة الكونية عامة لما يحبه الله وما لا يحبه لكل ما في الوجود، فكل ما في الوجود فهو مراد الله كونًا وهو حاصل بمشيئته -سبحانه وتعالى- أما الإرادة الشرعية فإنها إنما تتعلق بما يجب -سبحانه وتعالى- فقط قال أهل العلم: "فتجتمع الإرادتان في إيمان المؤمن وطاعة المطيع تجتمع الإرادتان كما في المثال المتقدم.
وتنفرد الإرادة الشرعية في إيمان الكافر أليس الكافر مطلوب منه الإيمان؟ نعم لكنه لم يحصل فهو مراد لله شرعًا لكنه غير مراد كونًا إذ لو شاء الله لاهتدى وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا وكذلك الطاعة التي أُمِرَ بها العبد ولم يفعلها هذه مرادة لله شرعًا لكنها لم تتعلق بها الإرادة الكونية؛ إذ لو تعلقت بها الإرادة الكونية لحصل؛ لأن ما في إرادة الله كونًا. هذا من الفروق.
وفرق ثالث: وهو أن الإرادة الكونية لا يتخلف مرادها أبدًا، أما الإرادة الشرعية فقد يقع مرادها وقد لا يقع فالله أراد الإيمان من الناس كلهم أراده شرعًا يعني. أمرهم به وأحب ذلك منهم ولكن منهم من آمن ومنهم من كفر.
فالإرادة الكونية لا يتخلف مرادها، أما الإرادة الشرعية فقد يحصل مرادها وقد لا يحصل.
وقال أيضا في موضع آخر من الشرح:
ويفرق العلماء بين الإرادتين من وجوه:
أولاً: أن الإرادة الكونية عامة، فجميع ما في الوجود مراد لله، وواقع بمشيئته، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فلا يقع في الوجود إلا ما شاء سبحانه وتعالى، ولا يكون إلا ما يريد أبداً، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فالذي وقع نقول فيه: شاءه الله، وما لم يقع لا ندري عنه.
نقول: إن شاء الله يعني: ما فعلته اليوم، أو أمس هل شاءه الله؟. نعم شاءه، لكن ما تنوي فعله غداً لا ندري عنه، فإن وقع علمنا أن الله قد شاءه، وإذا لم يقع علمنا أن الله لم يشأه.
عامة الإرادة الكونية عامة بمعنى: المشيئة عامة، تشمل كل ما في الوجود، من خير وشر، كله بمشيئته سبحانه وتعالى، وهذا يرجع إلى كمال ملكه، إلى كمال الملك، فله الملك كله، فكل ما في الوجود فإنه واقع بمشيئته وقدرته تعالى،
أما الإرادة الشرعية فليست عامة، بل هي مختصة بما يحبه الله، فالله يريد من عباده الإيمان والطاعة، إذا كان يريد من عباده الإيمان والطاعة، فهذا معناه الإرادة الشرعية.
وهذه الإرادة تتضمن المحبة، فالله يحب الإيمان والمؤمنين، ويحب التوابين ويحب المتطهرين، يريد من عباده الأعمال الصالحة، ويحبها الله، يحب التقوى والتوبة لله أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم براحلته … الحديث.
فهذان فرقان الأول: أن هذه عامة، والإرادة الشرعية خاصة هذا فرق.
الفرق الثاني: أن الإرادة الكونية لا يتخلف مُرَادُها يعني: لا بد أن يقع ما أراده الله، فلا بد أن يقع لأنه تعالى لا يعجزه شيء في الأرض، ولا في السماء، ما شاء الله كان.
وأما الإرادة الشرعية؛ فقد يقع المراد، وقد لا يقع، فليس كل ما أراده الله كونه شرعا يكون.
فتجتمع الإرادتان في إيمان المؤمن؛ فإيمان المؤمن مراد لله كونا وشرعا، وتنفرد الإرادة الكونية بكفر الكافر، فكفر الكافر ومعصية العاصي أليست واقعة بمشيئة الله؟
هل وقع شيء من ذلك قهرا على الله؟
لا، فتستقل به الإرادة الكونية والمشيئة.
وأما الإرادة الشرعية فتنفرد بإيمان الكافر؛ لأنه ما وقع، لكن الله أراده منه، وأمره ودعاه إلى الإيمان؛ فهذا مما بينه أهل العلم للفرق بين الإرادتين، الإرادة الكونية والإرادة الشرعية.
فإذا رأينا مثلاً شيئا من الحوادث العامة، يعني رأينا شيئا من المخلوقات نقول: هذا واقع بقدر الله بمشيئته -سبحانه وتعالى- وإرادته يعني: الإرادة الكونية، لكن إذا صلى العبد وأطاع ربه فصلاته واقعة بالإرادتين، وإذا لم يصل عصى، ولم يصل فهو مأمور بالصلاة، والله يريد منه الصلاة، الإرادة الكونية، ولكنه لم يفعل، والله أحكم الحاكمين،
وبهذا يعلم أن الله قد يشاء ما لا يحب، ككفر الكافر، ويحب ما لا يشاء كإيمان الكافر، الذي لم يحصل.
فعلى كل حال ينبغي الفرق بين الإرادتين، فالمسلمون الآن يعلمون هذا ولله الحمد بفطرتهم، وبما علموه من كتاب الله، وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام- فإذا رأوا أيَّ أمر قالوا: هذا بقدر الله، وبمشيئة الله وبإرادته، يعلمون أنه لا يكون إلا ما يشاء، ويقولون: إنه تعالى يحب من عباده الإيمان والطاعة، هذه أمور محبوبة له سبحانه وتعالى، فليس كل ما في الوجود محبوبا له كما تقول الجهمية والجبرية، وليس شيء من الوجود خارجا عن الإرادة كما تقول القدرية. القدرية ينفون عموم المشيئة، ويخرجون أفعال العباد عن مشيئة الله، هؤلاء القدرية مجوس هذه الأمة.
[من شرح الواسطية للبراك]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/25)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[11 - 05 - 05, 06:53 م]ـ
الفرق بين اسمي الله تعالى: الرحمن والرحيم
هذان الاسمان من أسماء الله الحسنى فهو الرحمن وهو الرحيم.
والمشهور في الفرق بينهما أن الرحمن يدل على الرحمة العامة والرحيم يدلُّ على الرحمة الخاصة بالمؤمنين، وقال بعضهم: الرحمن يعني في الدنيا والآخرة والرحيم يعني في الآخرة وهذا قريب من الذي قبله والحق أنه -سبحانه وتعالى- الرحمن الرحيم في الدنيا والآخرة.
وجاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: الرحمن الرحيم اسمان رقيقان يعني يدلان على الرحمة وهي معنًى فيه رقَّة يعني فيه الرحمة تقتضي الإحسان والإنعام والإكرام ولا يقال: إن هذا تفسير للرحمة؛ لأنها صفة معقولة المعنى وضد الرحمة القسوة وضد الرحمة العذاب: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ.
وفرَّق ابن القيم في الفرق بين هذين الاسمين بأن الرحمن يدل على الرحمة الذاتية والرحيم يدل على الرحمة الفعلية، الرحمة الذاتية للرب سبحانه فإنه -تعالى- لم يزل ولا يزال متصفًا بالرحمة فالرحمة من صفاته الذاتية وهو موصوف بالرحمة الفعلية التي تتعلق بها مشيئته هذه هي الرحمة الفعلية صفة فعلية يرحم مَن يشاء فلا يزال يرحم مَن يشاء كيف يشاء وتقول: لا يزال الله -سبحانه وتعالى- رحيمًا لا يزال موصوفًا بالرحمة، لم يزل ولا يزال موصوفًا بالرحمة -سبحانه وتعالى- هذا اسمان عظيمان.
[من شرح الواسطية للبراك]
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[11 - 05 - 05, 06:56 م]ـ
ما الفرق بين الجبرية والقدرية؟
الجبرية والقدرية ضدان، القدرية يقولون: إن العبد يخلق أفعاله ويتصرف بمحض مشيئته، ولا علاقة لمشيئة الله، ولا علاقة لقدرة الله بأفعاله، هؤلاء هم القدرية النفاة.
أما الجبرية فيقولون: إن العبد لا مشيئة له، ولا قدرة له فحركاته وقيامه وقعوده كلها بمشيئة الله وبقدرة الله، ولا مشيئة للعبد ولا قدرة للعبد، فحركة الإنسان ذهابا ومجيئا وقياما وقعودا وصعودا وهبوطا، كل ذلك بغير مشيئة ولا اختيار، إنكار للحس.
فأفعال المخلوق، أفعال العبد كحركة المرتعش مثل المصاب بالرعشة بيده، المرتعش له إرادة في هز يده؟ لا، لكن أنت إذ هززت يدك تتكلم تقول: اسمعوا = هذه حركة إرادية وإلا غير إرادية؟ هذه إرادية.
وحركة المرتعش لا إرادية، وحركة النائم لا إرادية، فالجبرية يقولون: الإنسان مجبور على أفعاله؛ إذ ليس له فيها إرادة، ما له إرادة، وهذا باطل شرعا وعقلا وحسا.
وهذا يقتضي أن الإنسان إذا فعل فعلاً لا يلام؛ ولهذا يرد عليهم أهل السنة يقولون: إذا صح لكم هذا فإذا اعتدى أحد عليكم فماذا تفعلون به؟ إذا قلتم: إن الإنسان مجبور، واحتججتم بالقدر على المعاصي التي تفعلونها فإذا اعتدى شخص على واحد منهم بالضرب والأذى، هل يقبل منه أن يقول: هذا بقدر، وأنا غير مختار هل يقبل هذا منه؟ لا يمكن.
ما تستقيم ومذهبهم باطل لا يستقيم عليه أمر الدنيا ولا الآخرة، والجبرية يسمون المشركية؛ لأنهم يشبهون الذين قالوا: لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا و كل من احتج بالقدر على المعاصي فهو يجنح إلى الجبر، السارق إذا جاء وأخذناه وقلنا له: لِمَ تسرق؟ قال: هذا قدري، هذا ليس بإرادتي، هذا قدر، هل نقبل منه ذلك؟ القائل نقبل منه يحتج بالقدر، ويقول: أنا مجبور.
لا، بل نقتل القاتل عمدا، ونقطع يد السارق. كما جاء عن عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه احتج عليه سارق بالقدر، فقال: إنما سرقتُ بقدر الله. قال عمر: ونحن نقطع يدك بقدر الله.
[من الأسئلة أثناء شرح الواسطية للشيخ البراك]
ـ[عبد]ــــــــ[11 - 05 - 05, 10:36 م]ـ
اختيار موفق جزاك الله خيرا
موضوع الفروق قضية مهمة وهي محط أنظار علماء النفس والاجتماع وخبراء التعليم وعندهم قاعدة معروفة وهي أن أجودالناس تعلّماً أكثرهم قدرة على ملاحظة الفروق. وقد نبه إلى ذلك الأئمة كشيخ الاسلام وتلميذه ابن القيم بعبارتهم المشهورة:" الجمع بين المتماثلات والتفريق بين المختلفات".
بارك الله في عمل الشيخ وعلمه ونفع الله بي وبك.
ـ[عبدالقاهر]ــــــــ[12 - 05 - 05, 01:42 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/26)
أباعبدالله:احسنت في اختيار الموضوع فجزاك الله خيراً.
الفرق بين الإيمان المطلق ومطلق الإيمان
قال الشيخ ابن عثيمين: (والفرق بين مطلق الشيء والشيء المطلق أن الشيء المطلق هو الشيء الكامل،ومطلق الشيء يعني أصل الشيء وإن كان ناقصاً.
فالفاسق الملّي لايعطى الاسم المطلق في الإيمان وهو الاسم الكامل، ولايسلب مطلق الاسم فلا نقول:ليس بمؤمن بل نقول: مؤمن ناقص الإيمان أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته.
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ (8/ 586) وهذا المجلد شرح العقيدة الواسطية.
الفرق بين الفأل والطيرة
قال ابن تيمية:
(الفأل هو أن يفعل أمراً أو يعزم عليه متوكلاً على الله فيسمع الكلمة الحسنة التى تسره مثل أن يسمع يا نجيح يا مفلح يا سعيد يا منصور ونحو ذلك، وأما الطيرة بأن يكون قد فعل أمراً متوكلاً على الله أو يعزم عليه فيسمع كلمة مكروهة مثل ما يتم أو ما يفلح ونحو ذلك فيتطير ويترك الأمر فهذا منهى عنه).
مجموع الفتاوى (23/ 67،66) بتصرف.
وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي في القول السديد تحت باب الطيرة
(والفرق بينهما أن الفال الحسن لا يخل بعقيدة الإنسان ولا بعقله وليس فيه تعليق القلب بغير الله بل فيه من المصلحة النشاط والسرور وتقوية النفوس على المطالب النافعة , وصفة ذلك أن يعزم العبد على سفر أو زواج أو عقد من العقود أو على حالة من الأحوال المهمة ثم يرى في تلك الحال ما يسره: أو يسمع كلاما يسره مثل يا راشد أو سالم أو غانم , فيتفاءل ويزداد طمعه في تيسير ذلك الأمر الذي عزم عليه: فهذا كله خير , وآثاره خير , وليس فيه من المحاذير شيء.
وأما الطيرة فإنه إذا عزم على فعل شيء من ذلك من الأمور النافعة في الدين أو في الدنيا , فيرى أو يسمع ما يكره أثر في قلبه أحد أمرين أحدهما أعظم من الآخر. (أحدهما): أن يستجيب لذلك الداعي , فيترك ما كان عازما على فعله أو بالعكس فيتطير بذلك , وينكص عن الأمر الذي كان عازما عليه , فهذا كما ترى قد علق قلبه بذلك المكروه غاية التعليق وعمل عليه , وتصرف ذلك المكروه في إرادته وعزمه وعمله فلا شك أنه على هذا الوجه أثر على إيمانه , وأخل بتوحيده وتوكله. ثم بعد هذا لا تسأل عما يحدثه له هذا الأمر من ضعف القلب ووهنه وخوفه من المخلوقين وتعلقه بالأسباب وبأمور ليست أسبابا , وانقطاع قلبه من تعلقه بالله. وهذا من ضعف التوحيد والتوكل , ومن طرق الشرك ووسائله ومن الخرافات المفسدة للعقل.
الأمر الثاني: أن لا يستجيب لذلك الداعي ولكنه يؤثر في قلبه حزنا وهما وغما , فهذا وإن كان دون الأول لكنه شر وضرر على العبد , وضعف لقلبه وموهن لتوكله وربما أصابه مكروه فظن أنه من ذلك الأمر فقوي تطيره , وربما تدرج به إلى الأمر الأول ... ).
وقد أحسن الكلام حول هذه المسألة الدكتور عبدالله الدميجي في كتابه (التوكل على الله تعالى وعلاقته بالأسباب صـ246 - 249).
ـ[عبد]ــــــــ[12 - 05 - 05, 03:34 م]ـ
ولو سمحت لي بإضافة رغبة في المثوبة ... أثابك الله
الفرق بين العلم واليقين:
قال أبو هلال العسكري رحمه الله في معجم الفروق اللغوية:
"الفرق بين العلم واليقين: أن العلم هو إعتقاد الشئ على ما هو به على سبيل الثقة، واليقين هو سكون النفس وثلج الصدر بما علم، ولهذا لا يجوز أن يوصف الله تعالى باليقين، ويقال ثلج اليقين وبرد اليقين ولا يقال ثلج العلم وبرد العلم، وقيل الموقن العالم بالشئ بعد حيرة الشك، والشاهد أنهم يجعلونه ضد الشك فيقولون شك ويقين وقلما يقال شك وعلم، فاليقين ما يزيل الشك دون غيره من أضداد العلوم، والشاهد قول الشاعر:
وأيقن أنا لاحقان بقيصرا" أ. هـ
وقال في الفرق بين الجحد الإنكار:
" الفرق بين الجحد والانكار: أن الجحد أخص من الانكار وذلك أن الجحد انكار الشئ الظاهر، والشاهد قوله تعالى " باياتنا يجحدون " (1) فجعل الجحد مما تدل عليه الآيات ولا يكون ذلك إلا ظاهرا وقال تعالى " يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها " (2) فجعل الانكار للنعمة لان النعمة قد تكون خافية، ويجوز أن يقال الجحد هو انكار الشئ مع العلم به والشاهد قوله " وجحدوا بها وإستيقنتها أنفسهم " (3) فجعل الجحد مع اليقين، والانكار يكون مع العلم وغير العلم." أ. هـ.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[12 - 05 - 05, 04:00 م]ـ
جزاكم الله خيرا، ونفع بكم، ونرجو من الإخوة إضافة ما يقفون عليه ليعم النفع ..
قال ابن القيم في كتاب الروح ص262:
الفرق بين إثبات حقائق الأسماء والصفات وبين التشبيه والتمثيل
ما قاله الإمام أحمد، ومن وافقه من أئمة الهدى: أن التشبيه والتمثيل أن تقول: يد كيدي، أو سمع كسمعي، أو بصر كبصري، ونحو ذلك.
وأما إذا قلت: سمع وبصر ويد ووجه واستواء لا يماثل شيئا من صفات المخلوقين، بل بين الصفة، والصفة من الفرق كما بين الموصوف، والموصوف فأي تمثيل ههنا؟ وأي تشبيه؟ لولا تلبيس الملحدين، فمدار الحق الذي اتفقت عليه الرسل على أن يوصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تشبيه ولا تمثيل إثبات الصفات ونفى مشابهه المخلوقات، فمن شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد حقائق ما وصف الله به نفسه فقد كفر، ومن أثبت له حقائق الأسماء والصفات، ونفى عنه مشابهة المخلوقات فقد هدى إلى صراط مستقيم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/27)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[12 - 05 - 05, 04:11 م]ـ
قال ابن القيم في كتاب الروح ص232:
الفرق بين خشوع الإيمان وخشوع النفاق
أن خشوع الإيمان هو خشوع القلب لله بالتعظيم والإجلال والوقار والمهابة والحياء = فينكسر القلب لله كسرة ملتئمة من الوجل والخجل والحب والحياء وشهود نعم الله وجناياته هو، فيخشع القلب لا محالة، فيتبعه خشوع الجوارح.
وأما خشوع النفاق؛ فيبدو على الجوارح تصنعا، وتكلفا والقلب غير خاشع، وكان بعض الصحابة يقول: أعوذ بالله من خشوع النفاق، قيل له: وما خشوع النفاق؟ قال: أن يرى الجسد خاشعا، والقلب غير خاشع؛ فالخاشع لله عبد قد خمدت نيران شهوته، وسكن دخانها عن صدره فانجلى الصدر، وأشرق فيه نور العظمة = فماتت شهوات النفس للخوف، والوقار الذي حشي به، وخمدت الجوارح وتوقر القلب واطمأن إلى الله، وذكره بالسكينة التي نزلت عليه من ربه، فصار مخبتا له، ـ والمخبت: المطمئن، فإن الخبت من الأرض ما اطمأن فاستنقع فيه الماء ـ فكذلك القلب المخبت قد خشع، واطمأن كالبقعة المطمئنة من الأرض التي يجري إليها الماء فيستقر فيها وعلامته أن يسجد بين يدي ربه إجلالا، وذلا وانكسارا بين يديه سجدة لا يرفع رأسه عنها حتى يلقاه.
وأما القلب المتكبر فإنه قد اهتز بتكبره، وربا فهو كبقعة رابية من الأرض لا يستقر عليها الماء فهذا خشوع الإيمان.
وأما التماوت، وخشوع النفاق فهو: حال عند تكلف إسكان الجوارح تصنعا، ومراءاة، ونفسه في الباطن شابة طرية ذات شهوات وإرادات، فهو يخشع في الظاهر وحية الوادي، وأسد الغابة رابض بين جنبيه ينتظر الفريسة!.
ـ[الفضيل]ــــــــ[12 - 05 - 05, 08:19 م]ـ
فائدة:
سجل أحد الإخوة من طلبة العلم من سلطنة عُمان موضوعا لمرحلة الماجستير في الجامعة الإسلامية بعنوان (الفروق العقدية)
ولكن حصلت له بعض الظروف فلم يتمكن من مواصلة الدراسة
ولا أدري هل هو مستمر في جمع المادة العلمية أم لا؟
والله أعلم
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[12 - 05 - 05, 08:33 م]ـ
الفرق بين العلو، والاستواء
1 - العلو: طريق العلم به: الكتاب، والسنة، والإجماع، والعقل، والفطرة.
والاستواء: طريق العلم به: الكتاب، والسنة، والإجماع. والاستواء دليل على العلو.
2 - الاستواء متعلق بالعرش فلا يقال: مستو على السماء الدنيا مثلا، وأما العلو فالله تعالى عال على كل شيء تقول: الله فوق العرش، وفوق السماء، وفوق عباده، فوق كل شيء ..
3 - الاستواء صفة فعلية تتلعق بالمشيئة، فالله استوى على العرش حين شاء، وقد أخبر أنه استوى على العرش بعد خلق السموات، والأرض، وهو مستو بذاته تعالى.
وأما العلو فهو صفة ذاتية؛ فالعلو لا ينفك عن ذاته فله العلو المطلق دائما، وأبدا سبحانه وتعالى.
مستفاد مما ذكره الشيخ البراك في شرح التدمرية ص237، وفي شرحه للوامع الأنوار لابن شكر. ونحوه في مجموع الفتاوي 5/ 523.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[12 - 05 - 05, 08:41 م]ـ
التفريق بين الشبهة والاعتراض الصحيح
لاشك أن الفوارق بين الحق والباطل كثيرة يراها من نوّر الله بصيرته بالعلم والإيمان، ولكن من أظهر ما يميز به الاعتراض الصحيح على القول المقرر بدليل عن الشبهة، هو أن الاعتراض الصحيح يكون محله صحة الدليل أو الاستدلال، موجهاً للنص أو ما استنبط منه، أما الشبهة فإنها تتوجه نحو القول المقرر بالأدلة الصحية الثابتة لتبطله بقياس أو إلحاق أو إلزام بقول آخر دون تعرض لصحة الدليل أو الاستدلال. فالشبهة اشتباه أو التباس بين أمرين يعجز البعض عن التفريق بينهما فيجمعهما في الحكم. مقدماً الرأي في حكمه على ما استقر بالشرع.
كتبه أخونا الشيخ حارث همام هنا ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=29179&highlight=%C3%E4%DD%DA+%E6%D5%ED%C9)
ـ[عبد]ــــــــ[13 - 05 - 05, 12:34 ص]ـ
قال أبو هلال العسكري في معجم الفروق، في الفرق بين المسألة والدعاء:
"الفرق بين المسألة والدعاء: أن المسألة يقارنها الخضوع والاستكالة ولهذا قالوا المسألة ممن دونك والامر ممن فوقك والطلب ممن يساويك، فأما قوله تعالى " ولا يسألكم أموالكم " (1) فهو يجري مجرى الرفق في الكلام واستعطاف السامع به ومثله قوله تعالى " إن تقرضوا الله قرضا حسنا " (2) فأما قول الحصين بن المنذر ليزيد بن المهلب والحصين بن حيدة:
وكان من التوفيق قتل إبن هاشم ===أمرتك أمرا جازما فعصيتني
فهو على وجه الازدراء بالمخاطب والتخطئة له ليقبل لرأيه الا دلال عليه أو غير ذلك مما يجري مجراه، والامر في هذا الموضع هو المشورة وسميت المشورة أمرا لانها على صيغة الامر ومعلوم أن التابع لا يأمر المتبوع ثم يعنفه على مخالفته أمره، لا يجوز ذلك في باب الدين والدنيا ألا ترى أنه لا يجوز أن يقال إن المسكين أمر الامير بإطعامه وإن كان المسكين أفضل من الامير في الدين، والدعاء إذا كان لله تعالى فهو مثل المسألد معه إستكانة وخضوع وإذا كان لغير الله جاز أن يكون معه خضوع وجاز أن لا يكون معه ذلك كدعاء النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم أبا جهل إلى الاسلام لم يكن فيه إستكانة، ويعدى هذا الضرب من الدعاء بإلى فيقال دعاه إليه، وفي الضرب الاول بالباء
فيقال دعاه به تقول دعوت الله بكذا ولا تقول دعوته إليه لان فيه معنى مطالبته به وقوده إليه" أ. هـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/28)
ـ[عبد]ــــــــ[13 - 05 - 05, 04:31 ص]ـ
المشرف: أخي عبد شكر الله لك، وجزاك خيرا، على التنبيه،وتم إصلاح الخطأ.
ـ[المحب الكبير]ــــــــ[14 - 05 - 05, 02:01 ص]ـ
موضوع شيق. جزيت خيرا
ـ[عبدالقاهر]ــــــــ[14 - 05 - 05, 07:13 ص]ـ
الفرق بين الهم والإرادة
قال ابن تيمية: (والفصل فى ذلك أن يقال فرق بين الهم والارادة فالهم قد لا يقترن به شيء من الأعمال الظاهرة فهذا لا عقوبة فيه بحال بل إن تركه لله كما ترك يوسف همه أثيب على ذلك كما أثيب يوسف ولهذا قال أحمد: (الهم همان هم خطرات وهم إصرار) ولهذا كان الذي دل عليه القرآن أن يوسف لم يكن له فى هذه القضية ذنب أصلا بل صرف الله عنه السوء والفحشاء أنه من عباده المخلصين مع ما حصل من المراودة والكذب والإستعانة عليه بالنسوة وحبسه وغير ذلك من الأسباب التى لا يكاد بشر يصبر معها عن الفاحشة ولكن يوسف اتقى الله وصبر فأثابه الله برحمته فى الدنيا (ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون) وأما الإرادة الجازمة فلابد أن يقترن بها مع القدرة فعل المقدور ولو بنظرة أو حركة رأس أو لفظة أو خطوة أو تحريك بدن وبهذا يظهر معنى قوله صلى الله عليه وسلم (إذا إلتقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فى النار)، فإن المقتول أراد قتل صاحبه فعمل ما يقدر عليه من القتال وعجز عن حصول المراد وكذلك الذي قال لو أن لي مثل ما لفلان لعملت فيه مثل ما يعمل فلان فإنه أراد فعل ما يقدر عليه وهو الكلام ولم يقدر على ذلك ولهذا كان من دعا إلى ضلالة كان عليه مثل أوزار من إتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا لأنه أراد ضلالهم ففعل ما يقدر عليه من دعائهم إذ لا يقدر إلا على ذلك).
مجموع الفتاوى (7/ 527)
ـ[أبو لقمان]ــــــــ[14 - 05 - 05, 08:58 ص]ـ
الفرق بين حديث النفس و عمل القلب
عمل القلب يتصف بالجزم و القصد, و لا يمكن حصوله إلا بالقلب
فمن خاف خوف تعبد كفر إن كان لغير الله, و من أحب كافرا كفر و لو لم ينطق به
و حديث النفس يتصف بعدم الجزم و القصد, و يحصل بغير القلب
[من دروس الشيخ سليمان الرحيلي في القواعد]
و يؤيده من كلام شيخ الإسلام ما يلي:
المجموع 7/ 133
وأيضا ففى الصحيحين عن النبى أنه قال ان الله تجاوز لأمتى عما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل به فقد أخبر أن الله عفا عن حديث النفس الا أن تتكلم ففرق بين حديث النفس وبين الكلام وأخبر أنه لا يؤاخذ به حتى يتكلم به والمراد حتى ينطق به اللسان باتفاق العلماء فعلم أن هذا هو الكلام فى اللغة لأن الشارع كما قرر انما خاطبنا بلغة العرب
وقال 10/ 760 - 762
ولهذا قال)) إن الله تجاوز لأمتى عما حدثت به أنفسها ما لم تكلم به او تعمل به ((
والعفو عن حديث النفس إنما وقع لأمة محمد المؤمنين بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فعلم أن هذا العفو هو فيما يكون من الأمور التى لا تقدح فى الإيمان
فأما ما نافى الإيمان فذلك لا يتناوله لفظ الحديث لأنه إذا نافى الإيمان لم يكن صاحبه من أمة محمد في الحقيقة ويكون بمنزلة المنافقين فلا يجب أن يعفى عما في نفسه من كلامه أو عمله وهذا فرق بين يدل عليه الحديث وبه تأتلف الأدلة الشرعية وهذا كما عفا الله لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان كما دل عليه الكتاب والسنة فمن صح إيمانه عفى له عن الخطأ والنسيان وحديث النفس كما يخرجون من النار بخلاف من ليس معه الإيمان فإن هذا لم تدل النصوص على ترك مؤاخذته بما فى نفسه وخطئه ونسيانه ولهذا جاء نية المؤمن خير من عمله هذا الأثر رواه أبو الشيخ الأصبهانى فى كتاب الأمثال من مراسيل ثابت البنانى وقد ذكره ابن القيم فى النية من طريق عن النبى ثم ضعفها فالله أعلم
فإن النية يثاب عليها المؤمن بمجردها وتجرى مجرى العمل إذا لم يمنع من العمل بها إلا العجز ويمكنه ذلك فى عامة أفعال الخير وأما عمل البدن فهو مقيد بالقدرة وذلك لا يكون إلا قليلا ولهذا قال بعض السلف قوة المؤمن فى قلبه وضعفه فى بدنه وقوة المنافق فى بدنه وضعفه فى قلبه
وقد دل على هذا الأصل قوله تعالى وإن تبدوا ما فى أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء الآية
و 10/ 765
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/29)
ثم هنا مسائل كثيرة فيما يجتمع في القلب من الإرادات المتعارضة كالاعتقادات المتعارضة وإرادة الشىء وضده مثل شهوة النفس للمعصية وبغض القلب لها ومثل حديث النفس الذى يتضمن الكفر إذا قارنه بعض ذلك والتعوذ منه كما شكا أصحاب رسول الله إليه فقالوا أن أحدنا يجد فى نفسه ما لأن يحترق حتى يصير حممة أو يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يتكلم به فقال أو قد وجدتموه فقالوا نعم قال ذلك صريح الإيمان رواه مسلم من حديث إبن مسعود و ابى هريرة وفيه الحمد لله الذى رد كيده إلى الوسوسة وحين كتبت هذا الجواب لم يكن عندى من الكتب ما يستعان به على الجواب فإن له موارد واسعة فهنا لما إقترن بالوسواس هذا البغض وهذه الكراهة كان هو صريح الإيمان وهو خالصه ومحضه لأن المنافق والكافر لا يجد هذا البغض وهذه الكراهة مع الوسوسة بذلك بل إن كان فى الكفر البسيط وهو الإعراض عما جاء به الرسول وترك الإيمان به وإن لم يعتقد تكذيبه فهذا قد لا يوسوس له الشيطان بذلك إذ الوسوسة بالمعارض المنافى للإيمان إنما يحتاج إليها عند وجود مقتضيه فإذا لم يكن معه ما يقتضي الإيمان لم يحتج إلى معارض يدفعه وإن كان في الكفر المركب وهو التكذيب فالكفر فوق الوسوسة وليس معه إيمان يكره به ذلك
14/ 127
وأما من قال إنه لا يؤاخذ بالعزم القلبى فاحتجوا بقوله صلى الله عليه و سلم ان الله تجاوز لأمتى عما حدثت به أنفسها و هذا ليس فيه أنه عاف لهم عن العزم بل فيه أنه عفى عن حديث النفس الى أن يتكلم أو يعمل فدل على أنه مالم يتكلم أو يعمل لا يؤاخذ و لكن ظن من ظن أن ذلك عزما و ليس كذلك بل مالم يتكلم أو يعمل لا يكون عزما فان العزم لابد أن يقترن به المقدور و إن لم يصل العازم الى المقصود فالذى يعزم على القتل أو الزنا أو نحوه عزما جازما لابد أن يتحرك و لو برأسه أو يمش أو يأخذ آلة أو يتكلم كلمة أو يقول أو يفعل شيئا فهذا كله ما يؤاخذ به كزنا العين و اللسان و الرجل فان هذا يؤاخذ به و هو من مقدمات الزنا التام
----- ------
و قال ابن القيم في عدة الصابرين 46
الثانى عشر كف الباطل عن حديث النفس واذا مرت به الخواطر نفاها ولا يؤويها ويساكنها فإنها تصير أمانى وهى رءوس أموال المفاليس ومتى ساكن الخواطر صارت أمانى ثم تقوى فتصير هموما ثم تقوى فتصير ارادات ثم تقوى فتصير عزما يقترن به المراد فدفع الخاطر الأول أسهل وأيسر من دفع أثر المقدور بعد وقوعه وترك معاودته
ـ[أبو لقمان]ــــــــ[14 - 05 - 05, 09:01 ص]ـ
الروح 1/ 245
فصل والفرق بين الرجاء والتمني
أن الرجاء يكون مع بذل الجهد واستفراغ الطاقة في الإتيان بأسباب الظفر والفوز والتمني حديث النفس بحصول ذلك مع تعطيل الأسباب الموصلة إليه قال تعالى إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله
ـ[أبو لقمان]ــــــــ[14 - 05 - 05, 09:04 ص]ـ
وفرق بين العزم على الشىء وبين حقيقته
قال في المدارج 2/ 124
ومنه: اشتباه الرضى عن الله بكل ما يفعل بعبده مما يحبه ويكرهه بالعزم على ذلك وحديث النفس به وذلك شيء والحقيقة شيء آخر كما يحكى عن أبي سليمان أنه قال: أرجو أن أكون أعطيت طرفا من الرضى لو أدخلني النار لكنت بذلك راضيا
فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: هذا عزم منه على الرضى وحديث نفس به ولو أدخله النار لم يكن من ذلك شيء وفرق بين العزم على الشىء وبين حقيقته
ـ[عبدالقاهر]ــــــــ[24 - 05 - 05, 12:26 ص]ـ
الفرق بين الإيمان والتوحيد والعقيدة
س: الإيمان والتوحيد والعقيدة أسماء لمسميات هل تختلف في مدلولاتها؟.
جـ: نعم، تختلف بعض الاختلاف، ولكنها ترجع إلى شيء واحد. التوحيد هو إفراد الله بالعبادة، والإيمان هو الإيمان بأنه مستحق للعبادة، والإيمان بكل ما أخبر به سبحانه، فهو أشمل من كلمة التوحيد، التي هي مصدر وحد يوحد، يعني أفرد الله بالعبادة وخصه بها؛ لإيمانه بأنه سبحانه هو المستحق لها؛ لأنه الخلاق؛ لأنه الرزاق؛ ولأنه الكامل في أسمائه وصفاته وأفعاله؛ ولأنه مدبر الأمور والمتصرف فيها، فهو المستحق للعبادة، فالتوحيد هو إفراده بالعبادة ونفيها عما سواه، والإيمان أوسع من ذلك يدخل فيه توحيده والإخلاص له، ويدخل فيه تصديقه في كل ما أخبر به رسوله عليه الصلاة والسلام، والعقيدة تشمل الأمرين، فالعقيدة تشمل التوحيد، وتشمل الإيمان بالله وبما أخبر به سبحانه أو أخبر به رسوله، والإيمان بأسمائه وصفاته،
والعقيدة: هي ما يعتقده الإنسان بقلبه ويراه عقيدة يدين الله بها ويتعبده بها، فيدخل فيها كل ما يعتقده من توحيد الله والإيمان بأنه الخلاق الرزاق وبأنه له الأسماء الحسنى والصفات العلى، والإيمان بأنه لا يصلح للعبادة سواه، والإيمان بأنه حرم كذا وأوجب كذا وشرع كذا ونهى عن كذا، فهي أشمل. (ابن باز).
المرجع ( http://www.binbaz.org.sa/last_resault.asp?hID=1670)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/30)
ـ[مروة]ــــــــ[24 - 05 - 05, 09:12 ص]ـ
احسن الله اليك يا شيخنا الفاضل و جزاك الله عنا خيرا
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[18 - 11 - 05, 02:08 م]ـ
جزاكم الله خيرا
السؤال الأول من الفتوى رقم (1653):
س 1: ما الفرق بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر من حيث التعريف والأحكام؟
ج 1: الشرك الأكبر: أن يجعل الإنسان لله ندا; إما في أسمائه وصفاته، فيسميه بأسماء الله ويصفه بصفاته، قال الله تعالى: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ومن الإلحاد في أسمائه تسمية غيره باسمه المختص به أو وصفه بصفته كذلك.
وإما أن يجعل له ندا في العبادة بأن يضرع إلى غيره تعالى من شمس أو قمر أو نبي أو ملك أو ولي مثلا بقربة من القرب صلاة أو استغاثة به في شدة أو مكروه أو استعانة به في جلب مصلحة أو دعاء ميت أو غائب لتفريج كربة أو تحقيق مطلوب أو نحو ذلك هو من اختصاص الله سبحانه- فكل هذا وأمثاله عبادة لغير الله واتخاذ لشريك مع الله، قال الله تعالى: قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا وأمثالها من آيات توحيد العبادة كثير.
وإما أن يجعل لله ندا في التشريع، بأن يتخذ مشرعا له سوى الله أو شريكا لله في التشريع يرتضي حكمه ويدين به في التحليل والتحريم; عبادة وتقربا وقضاء وفصلا في الخصومات، أو يستحله وإن لم يره دينا، وفي هذا يقول تعالى في اليهود والنصارى: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون وأمثال هذا من الآيات والأحاديث التي جاءت في الرضا بحكم سوى حكم الله أو الإعراض عن التحاكم إلى حكم الله والعدول عنه إلى التحاكم إلى قوانين وضعية، أو عادات قبلية، أو نحو ذلك، فهذه الأنواع الثلاثة هي:
الشرك الأكبر الذي يرتد به فاعله أو معتقده عن ملة الإسلام،
فلا يصلى عليه إذا مات،
ولا يدفن في مقابر المسلمين،
ولا يورث عنه ماله، بل يكون لبيت مال المسلمين،
ولا تؤكل ذبيحته
ويحكم بوجوب قتله و
يتولى ذلك ولي أمر المسلمين إلا أنه يستتاب قبل قتله، فإن تاب قبلت توبته ولم يقتل وعومل معاملة المسلمين.
أما الشرك الأصغر: فكل ما نهى عنه الشرع مما هو ذريعة إلى الشرك الأكبر ووسيلة للوقوع فيه، وجاء في النصوص تسميته شركا كالحلف بغير الله، فإنه مظنة للانحدار إلى الشرك الأكبر; ولهذا نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، ومن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت بل سماه: مشركا، روى ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حلف بغير الله فقد أشرك رواه أحمد والترمذي والحاكم بإسناد جيد لأن الحلف بغير الله فيه غلو في تعظيم غير الله، وقد ينتهي ذلك التعظيم بمن حلف بغير الله إلى الشرك الأكبر.
ومن أمثلة الشرك الأصغر أيضا: ما يجري على ألسنة كثير من المسلمين من قولهم: ما شاء الله وشئت، لولا الله وأنت، ونحو ذلك، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وأرشد من قاله إلى أن يقول: ما شاء الله وحده -أو- ما شاء الله ثم شئت سدا لذريعة الشرك الأكبر من اعتقاد شريك لله في إرادة حدوث الكونيات ووقوعها، وفي معنى ذلك قولهم: توكلت على الله وعليك، وقولهم: لولا صياح الديك أو البط لسرق المتاع، ومن أمثلة ذلك: الرياء اليسير في أفعال العبادات وأقوالها، كأن يطيل في الصلاة أحيانا ليراه الناس، أو يرفع صوته بالقراءة أو الذكر أحيانا ليسمعه الناس فيحمدوه، روى الإمام أحمد بإسناد حسن عن محمود بن لبيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر: الرياء أما إذا كان لا يأتي بأصل العبادة إلا رياء ولولا ذلك ما صلى ولا صام ولا ذكر الله ولا قرأ القرآن فهو مشرك شركا أكبر، وهو من المنافقين الذين قال الله فيهم: إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء الآية، إلى أن قال: إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما وصدق فيهم قوله تعالى في الحديث القدسي: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه رواه مسلم في صحيحه.
والشرك الأصغر لا يخرج من ارتكس فيه من ملة الإسلام
ولكنه أكبر الكبائر بعد الشرك الأكبر; ولذا قال عبد الله بن مسعود: (لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا)، وعلى هذا فمن أحكامه:
أن يعامل معاملة المسلمين فيرثه أهله، ويرثهم حسب ما ورد بيانه في الشرع،
ويصلي عليه إذا مات ويدفن في مقابر المسلمين
وتؤكل ذبيحته إلى أمثال ذلك من أحكام الإسلام،
ولا يخلد في النار إن أدخلها كسائر مرتكبي الكبائر عند أهل السنة والجماعة، خلافا للخوارج والمعتزلة.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد, وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو، عضو، نائب رئيس اللجنة، الرئيس
عبد الله بن قعود، عبد الله بن غديان، عبد الرزاق عفيفي، عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/31)
ـ[المسيطير]ــــــــ[18 - 11 - 05, 07:39 م]ـ
جزى الله الشيخ عبدالرحمن السديس خير الجزاء.
وهذا روابط قد تفيد:
الفرق بين التوحيد والعقيدة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=29123&highlight=%283%2F992%29
الفروق بين الخوارج والبغاة
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=9188&highlight=266%29
الفروق بين توحيد الربوبية والألوهية ... دعوةٌ للمشاركة
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=11196&highlight=10262
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[06 - 03 - 06, 03:41 ص]ـ
بارك الله فيكم جميعاً
وللشيخ عبدالرحمن السديس.
هذه بعض الفروق - واسأل الله أن تكون موافقة لشرط الموضوع-:
الفروق في اختلاف تعريف الإيمان عند السلف.
من كتاب الإيمان الكبير:
قال ابن تيمية:
(والمقصود هنا أن من قال من السلف: الإيمان قول وعمل أراد قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح؛ ومن أراد الاعتقاد رأى أن لفظ القول لا يفهم منه إلا القول الظاهر أو خاف ذلك فزاد الاعتقاد بالقلب ومن قال: قول وعمل ونية قال: القول يتناول الاعتقاد وقول اللسان وأما العمل فقد لا يفهم منه النية فزاد ذلك ومن زاد اتباع السنة فلأن ذلك كله لا يكون محبوبا لله إلا باتباع السنة وأولئك لم يريدوا كل قول وعمل إنما أرادوا ما كان مشروعا من الأقوال والأعمال ولكن كان مقصودهم الرد على " المرجئة " الذين جعلوه قولا فقط فقالوا: بل هو قول وعمل والذين جعلوه " أربعة أقسام " فسروا مرادهم كما سئل سهل بن عبد الله التستري عن الإيمان ما هو؟ فقال: قول وعمل ونية وسنة لأن الإيمان إذا كان قولا بلا عمل فهو كفر وإذا كان قولا وعملا بلا نية فهو نفاق وإذا كان قولا وعملا ونية بلا سنة فهو بدعة.اهـ
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[06 - 03 - 06, 03:44 ص]ـ
الفرق بين أمر الشارع قتال الخوارج ونهي الشارع قتل الولاة الظلمة
الإيمان الكبير
قال ابن تيمية:
وكلما كان الإنسان أعظم رغبة في العلم والعبادة وأقدر على ذلك من غيره بحيث تكون قوته على ذلك أقوى ورغبته وإرادته في ذلك أتم؛ كان ما يحصل له إن سلمه الله من الشيطان أعظم؛ وكان ما يفتتن به إن تمكن منه الشيطان أعظم. ولهذا قال الشعبي: كل أمة علماؤها شرارها إلا المسلمين فإن علماءهم خيارهم. وأهل السنة في الإسلام؛ كأهل الإسلام في الملل؛ وذلك أن كل أمة غير المسلمين فهم ضالون وإنما يضلهم علماؤهم؛ فعلماؤهم شرارهم والمسلمون على هدى وإنما يتبين الهدى بعلمائهم فعلماؤهم خيارهم؛ وكذلك أهل السنة أئمتهم خيار الأمة وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب. ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الخوارج؛ ونهى عن قتال الولاة الظلمة؛ وأولئك لهم نهمة في العلم والعبادة؛ فصار يعرض لهم من الوساوس التي تضلهم - وهم يظنونها هدى فيطيعونها - ما لا يعرض لغيرهم ومن سلم من ذلك منهم كان من أئمة المتقين مصابيح الهدى وينابيع العلم؛ كما قال ابن مسعود لأصحابه: كونوا ينابيع العلم مصابيح الحكمة سرج الليل؛ جدد القلوب أحلاس البيوت خلقان الثياب؛ تعرفون في أهل السماء وتخفون على أهل الأرض. اهـ
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[06 - 03 - 06, 03:47 ص]ـ
الفرق بين لفظ "المجمل" ولفظ" المطلق" عند الأئمة المتقدمين وعند المتأخرينالإيمان الكبير
ابن تيمية:
لفظ المجمل والمطلق والعام كان في اصطلاح الأئمة كالشافعي وأحمد وأبي عبيد وإسحاق وغيرهم سواء لا يريدون بالمجمل ما لا يفهم منه كما فسره به بعض المتأخرين وأخطأ في ذلك بل المجمل ما لا يكفي وحده في العمل به وإن كان ظاهره حقا كما في قوله تعالى {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} فهذه الآية ظاهرها ومعناها مفهوم ليست مما لا يفهم المراد به؛ بل نفس ما دلت عليه لا يكفي وحده في العمل فإن المأمور به صدقة تكون مطهرة مزكية لهم هذا إنما يعرف ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم ولهذا قال أحمد يحذر المتكلم في الفقه هذين " الأصلين ": المجمل والقياس. وقال: أكثر ما يخطئ الناس من جهة التأويل والقياس يريد بذلك ألا يحكم بما يدل عليه العام والمطلق قبل النظر فيما يخصه ويقيده ولا يعمل بالقياس قبل النظر في دلالة النصوص هل تدفعه فإن أكثر خطأ الناس تمسكهم بما يظنونه من دلالة اللفظ والقياس؛ فالأمور الظنية لا يعمل بها حتى يبحث عن المعارض بحثا يطمئن القلب إليه وإلا أخطأ من لم يفعل ذلك وهذا هو الواقع في المتمسكين بالظواهر والأقيسة ولهذا جعل الاحتجاج بالظواهر مع الإعراض عن تفسير النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه طريق أهل البدع. وله في ذلك مصنف كبير.اهـ
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[06 - 03 - 06, 03:50 ص]ـ
الفرق بين لفظ النقص والزيادة في "الإيمان" عند المرجئة وبينه عند الجهمية
الإيمان الكبير
ابن تيمية:
ولهذا كانت المرجئة تنفر من لفظ النقص أعظم من نفورها من لفظ الزيادة؛ لأنه إذا نقص لزم ذهابه كله عندهم إن كان متبعضا متعددا عند من يقول بذلك وهم الخوارج والمعتزلة. وإما الجهمية فهو واحد عندهم لا يقبل التعدد؛ فيثبتون واحدا لا حقيقة له؛ كما قالوا مثل ذلك في وحدانية الرب ووحدانية صفاته عند من أثبتها منهم. اهـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/32)
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[06 - 03 - 06, 03:54 ص]ـ
أثر مسألة الإيمان عند المعتزلة في عدم التفريق بين المنافق والمؤمن المذنب.
الإيمان الكبير
ابن تيمية:
وقد ثبت بالكتاب والسنة والإجماع التفريق بين المنافق الذي يكذب الرسول في الباطن وبين المؤمن المذنب فالمعتزلة سووا بين أهل الذنوب وبين المنافقين في أحكام الدنيا والآخرة في نفي الإسلام والإيمان عنهم بل قد يثبتونه للمنافق ظاهرا وينفونه عن المذنب باطنا وظاهرا. اهـ
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[11 - 03 - 06, 02:39 ص]ـ
بارك الله فيكم شيخنا عبدالرحمن وأجزل الله لكم المثوبةوالأجر على هذا الموضوع النافع:
-التفريق بين استثناء السلف في الإيمان واستنثاء المتأخرين:
قال ابن تيمية -رحمه الله - في الإيمان الكبير:
وأما مذهب سلف أصحاب الحديث كابن مسعود وأصحابه والثوري وابن عيينة وأكثر علماء الكوفة ويحيى بن سعيد القطان فيما يرويه عن علماء أهل البصرة وأحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة فكانوا يستثنون في الإيمان. وهذا متواتر عنهم لكن ليس في هؤلاء من قال: أنا أستثني لأجل الموافاة وأن الإيمان إنما هو اسم لما يوافي به العبد ربه؛ بل صرح أئمة هؤلاء بأن الاستثناء إنما هو لأن الإيمان يتضمن فعل الواجبات فلا يشهدون لأنفسهم بذلك كما لا يشهدون لها بالبر والتقوى؛ فإن ذلك مما لا يعلمونه وهو تزكية لأنفسهم بلا علم؛ كما سنذكر أقوالهم إن شاء الله في ذلك. وأما الموافاة؛ فما علمت أحدا من السلف علل بها الاستثناء ولكن كثير من المتأخرين يعلل بها من أصحاب الحديث من أصحاب أحمد ومالك والشافعي وغيرهم؛ كما يعلل بها نظارهم كأبي الحسن الأشعري وأكثر أصحابه لكن ليس هذا قول سلف أصحاب الحديث. اهـ
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[11 - 03 - 06, 02:41 ص]ـ
-الفرق بين الاستثناء بالمشيئة في معنى الطلب وبينه وبين الاستثناء بالمشيئة في معنى خبر الطلب:
قال ابن تيمية في الإيمان الكبير:
والاستثناء بالمشيئة يحصل في الخبر المحض وفي الخبر الذي معه طلب؛ فالأول إذا حلف على جملة خبرية لا يقصد به حضا ولا منعا بل تصديقا أو تكذيبا كقوله: والله ليكونن كذا إن شاء الله أو لا يكون كذا. والمستثني قد يكون عالما بأن هذا يكون أو لا يكون كما في قوله: {لتدخلن} فإن هذا جواب غير محذوف. والثاني: ما فيه معنى الطلب، كقوله: والله لأفعلن كذا أو لا أفعله إن شاء الله؛ فالصيغة صيغة خبر ضمنها الطلب ولم يقل: والله إني لمريد هذا ولا عازم عليه بل قال: والله ليكونن. فإذا لم يكن فقد حنث لوقوع الأمر بخلاف ما حلف عليه فحنث فإذا قال: " إن شاء الله " فإنما حلف عليه بتقدير: إن يشأ الله لا مطلقا.اهـ
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[11 - 03 - 06, 02:44 ص]ـ
الفرق بين الزنديق عند الفقهاء وبينه عند أهل الكلام:
قال ابن تيمية في "الإيمان الأوسط"ليس الكبير:
تكلموا بلفظ " الزنديق " وشاعت في لسان الفقهاء وتكلم الناس في الزنديق: هل تقبل توبته؟ في الظاهر: إذا عرف بالزندقة ودفع إلى ولي الأمر قبل توبته فمذهب مالك وأحمد في أشهر الروايتين عنه وطائفة من أصحاب الشافعي وهو أحد القولين في مذهب أبي حنيفة: أن توبته لا تقبل. والمشهور من مذهب الشافعي: قبولها كالرواية الأخرى عن أحمد وهو القول الآخر في مذهب أبي حنيفة ومنهم من فصل. والمقصود هنا: أن " الزنديق " في عرف هؤلاء الفقهاء هو المنافق الذي كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وهو أن يظهر الإسلام ويبطن غيره سواء أبطن دينا من الأديان: كدين اليهود والنصارى أو غيرهم. أو كان معطلا جاحدا للصانع والمعاد والأعمال الصالحة. ومن الناس من يقول: " الزنديق " هو الجاحد المعطل. وهذا يسمى الزنديق في اصطلاح كثير من أهل الكلام والعامة ونقلة مقالات الناس؛ ولكن الزنديق الذي تكلم الفقهاء في حكمه: هو الأول؛ لأن مقصودهم هو التمييز بين الكافر وغير الكافر والمرتد وغير المرتد ومن أظهر ذلك أو أسر. اهـ
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[17 - 03 - 06, 07:26 م]ـ
الفرق بين أن يكون العمل جزء من الايمان أو أن يكون لازماً له
قال ابن تيمية-رحمه الله - في الايمان الأوسط:
أن العمل الظاهر: هل هو جزء من مسمى الإيمان يدل عليه بالتضمن، أو لازم لمسمى الإيمان؟
والتحقيق أنه تارة يدخل في الاسم، وتارة يكون لازمًا للمسمى ـ بحسب إفراد الاسم واقترانه ـ فإذا قرن الإيمان بالإسلام كان مسمى الإسلام خارجًا عنه، كما في حديث جبريل، وإن كان لازمًا له، وكذلك إذا قرن الإيمان بالعمل، كما في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البينة: 7] فقد يقال: اسم الإيمان لم يدخل فيه العمل وإن كان لازمًا له، وقد يقال: بل دخل فيه وعطف عليه عطف الخاص على العام، وبكل حال فالعمل تحقيق لمسمى الإيمان وتصديق له؛ ولهذا قال طائفة من العلماء ـ كالشيخ أبي إسماعيل الأنصاري، وغيره ـ: الإيمان كله تصديق، فالقلب يصدق ما جاءت به الرسل، واللسان يصدق ما في القلب، والعمل يصدق القول، كما يقال: صدق عمله قوله. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (العينان تزنيان وزناهما النظر، والأذنان تزنيان وزناهما السمع، واليد تزني وزناها البَطْش، والرجل تزني وزناها المشي، والقلب يتمنى ويشتهي، والفَرْج يصدق ذلك أو يكذبه)، والتصديق يستعمل في الخبر، وفي الإرادة، يقال: فلان صادق العزم وصادق المحبة، وحملوا حملة صادقة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/33)
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[17 - 03 - 06, 07:29 م]ـ
الفرق بين الجاحد والمشرك:
قال الامام ابن تيمية -رحمه الله - في الايمان الأوسط:
وقد قال تعالى: {وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك قال سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون}. فإن قيل: كيف يكون قوم فرعون مشركين؟ وقد أخبر الله عن فرعون أنه جحد الخالق فقال: {وما رب العالمين} وقال: {ما علمت لكم من إله غيري} وقال: {أنا ربكم الأعلى} وقال عن قومه: {فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين} {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا} والإشراك لا يكون إلا من مقر بالله وإلا فالجاحد له لم يشرك به. قيل: لم يذكر الله جحود الصانع إلا عن فرعون موسى وأما الذين كانوا في زمن يوسف فالقرآن يدل على أنهم كانوا مقرين بالله وهم مشركون به ولهذا كان خطاب يوسف للملك وللعزيز ولهم: يتضمن الإقرار بوجود الصانع كقوله: {أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار} {ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة} إلى قوله {إن ربي بكيدهن عليم} {وأن الله لا يهدي كيد الخائنين} إلى قوله: {إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم} وقد قال مؤمن آل - حم - {ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا} فهذا يقتضي: أن أولئك الذين بعث إليهم يوسف كانوا يقرون بالله. ولهذا كان إخوة يوسف يخاطبونه قبل أن يعرفوا أنه يوسف ويظنونه من آل فرعون بخطاب يقتضي الإقرار بالصانع كقولهم: {تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين} وقال لهم: {أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون} وقال: {معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده} وقالوا له: {يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين} وذلك أن فرعون الذي كان في زمن يوسف أكرم أبويه وأهل بيته لما قدموا إكراما عظيما مع علمه بدينهم واستقراء أحوال الناس يدل على ذلك. فإن جحود الصانع لم يكن دينا غالبا على أمة من الأمم قط وإنما كان دين الكفار الخارجين عن الرسالة هو الإشراك وإنما كان يجحد الصانع بعض الناس وأولئك كان علماؤهم من الفلاسفة الصابئة المشركين الذين يعظمون الهياكل والكواكب والأصنام والأخبار المروية من نقل أخبارهم وسيرهم كلها تدل على ذلك؛ ولكن فرعون موسى: {فاستخف قومه فأطاعوه} وهو الذي قال لهم - دون الفراعنة المتقدمين -؛ {ما علمت لكم من إله غيري} ثم قال لهم بعد ذلك: {أنا ربكم الأعلى} {فأخذه الله نكال الآخرة والأولى} نكال الكلمة الأولى. ونكال الكلمة الأخيرة وكان فرعون في الباطن عارفا بوجود الصانع وإنما استكبر كإبليس وأنكر وجوده ولهذا قال له موسى: {لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر} فلما أنكر الصانع وكانت له آلهة يعبدها بقي على عبادتها ولم يصفه الله تعالى بالشرك وإنما وصفه بجحود الصانع وعبادة آلهة أخرى. اهـ
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[17 - 03 - 06, 07:31 م]ـ
الفرق بين أصل الإيمان وأصل الإسلام
قال الامام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في الايمان الأوسط:
وأصل الايمان القلب وكماله العمل الظاهر بخلاف الإسلام فإن أصله الظاهر وكماله القلب.اهـ
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[25 - 03 - 06, 05:52 م]ـ
الفرق بين كلمات الله الكونية وكلماته الدينية:
ج8 (وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ تَفْصِيلِ " الْإِرَادَةِ " وَ " الْإِذْنِ .. الخ) قال شيخ الاسلام: فَالْكَلِمَاتُ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ لَيْسَتْ هِيَ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ الشَّرْعِيَّيْنِ فَإِنَّ الْفُجَّارَ عَصَوْا أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ بَلْ هِيَ الَّتِي بِهَا يَكُونُ الْكَائِنَاتُ. وَأَمَّا الْكَلِمَاتُ الدِّينِيَّةُ الْمُتَضَمِّنَةُ لِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ الشَّرْعِيَّيْنِ فَمِثْلُ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ: التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَالْقُرْآنِ وَقَالَ تَعَالَى: {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا}. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/34)
وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ} وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} فَإِنَّهُ يَعُمُّ النَّوْعَيْنِ.
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[25 - 03 - 06, 05:54 م]ـ
الفرق بين المأمور والمقدور بالنسبة للعبد:
ج8:
معنى حديث إن الله قبض قبضتين: والعبد له في المقدور " حالان " حال قبل القدر. و " حال " بعده فعليه قبل المقدور أن يستعين بالله ويتوكل عليه ويدعوه فإذا قدر المقدور بغير فعله فعليه أن يصبر عليه أو يرضى به وإن كان بفعله وهو نعمة حمد الله على ذلك وإن كان ذنبا استغفر إليه من ذلك. وله في المأمور " حالان ": حال قبل الفعل وهو العزم على الامتثال والاستعانة بالله على ذلك. وحال بعد الفعل وهو الاستغفار من التقصير وشكر الله على ما أنعم به من الخير وقال تعالى: {فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك} أمره أن يصبر على المصائب المقدرة ويستغفر من الذنب وإن كان استغفار كل عبد بحسبه فإن حسنات الأبرار سيئات المقربين. وقال تعالى: {وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور} وقال يوسف: {إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين} فذكر الصبر على المصائب والتقوى بترك المعائب وقال النبي صلى الله عليه وسلم {احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا. ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان}. فأمره إذا أصابته المصائب أن ينظر إلى القدر. ولا يتحسر على الماضي. بل يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه. وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه. فالنظر إلى القدر عند المصائب. والاستغفار عند المعائب؛ قال تعالى: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير} {لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم} وقال تعالى: {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه} قال علقمة: وغيره هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم. والله سبحانه وتعالى أعلم.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[27 - 03 - 06, 11:36 ص]ـ
الأخ المكرم طلال وفقه الله
جزاك الله خيرا على هذا الجهد الطيب، وليتك تتكرم بذكر رقم الصفحة إن تيسير.
ـ[أبوصالح]ــــــــ[04 - 04 - 06, 04:37 ص]ـ
الشيخ الفاضل عبدالرحمن السديس ..
أبشر إن شاء الله، حالياً متعسر لعدم توفر نسخة، وقراءتي من نسخة "حرف"، لكني سا أجتهد في البحث عن نسخة لوضع عدد الصفحات.
دمت موفقاً مسدداً.
هذه بعض الفروق التي دونتها من شرح التدمرية للشيخ العلامة أبوعبدالله عبدالرحمن البرّاك - أطال الله عمره على عمل صالح -:
ملاحظة: الاحالة على النسخة الالكترونية من موقع الشيخ.
ص91:الفرق بين القديم والأزلي:
والفرق بين القديم والأزلي أن القديم ما لا بداية لوجوده، والأزلي ما لا بداية له وجوداً أو عدماً فهو أعم من القديم.
ص117 الفرق بين مشئية الله ومشيئة العبد:
من الفروق بين مشيئة الله تعالى، ومشيئة العبد، أن مشيئة الله تعالى صفة له وهي نافذة، أما مشيئة العبد فهي مخلوقة ومقيدة. فقد يشاء العبد ما لا يكون، ويكون ما لا يشاء، وكل شيء بمشيئة الله تعالى.
ص117 الفرق بين الرضا والمحبة:
بين صفة الرضا والمحبة تقارب وتلازم، ولكن لا يلزم من التلازم وحده اتحاد المعنى، ولا يصح تفسير أحدهما بالآخر، فالرضا ضد السخط، والمحبة ضد البغض والكراهة.
الفرق بين العلة الغائية والعلة الفاعلية ص133:
والعلة الغائية هي: الحكمة، وهي ما يفعل الشيء لأجله، وتدخل عليها لام التعليل، ويقابلها العلة الفاعلية وهي: التي يكون بها الشيء، وتدخل عليها باء السببية. فإذا كتبت فائدة علمية، فيدك وقلمك والقرطاس هذه علة فاعلية أي يكون بها الشيء، ونفس الفائدة العلمية علة غائية أي لأجلها حصلت الكتابة.
الفرق بين قياس الشمول وقياس التمثيل ص175:
فقياس الشمول مصطلح منطقي معروف وهو الدليل المكون من مقدمتين فأكثر، والمقدمة هي القضية التي تكون جزء الدليل.
وقياس التمثيل هو القياس المعروف عند الأصوليين، وهو إلحاق فرع بأصل في حكم لعلة جامعة بينهما؛ وحقيقة القياسين واحدة، إلا أنهما مختلفان في الأسلوب والصيغة.
وتقريب هذا بالمثال التالي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/35)
فمثال القياس الفقهي -قياس التمثيل- إلحاق النبيذ بالخمر في التحريم لجامع الإسكار، فالنبيذ فرع، والخمر أصل، والحكم التحريم، والعلة الإسكار.
وهذا القياس يمكن أن يصاغ بصيغة قياس الشمول فيقال:
النبيذ مسكر، وكل مسكر حرام، فالنبيذ حرام.
فلا يجوز استعمال قياس التمثيل ولا الشمول في حق الله تعالى، فلوازم صفات المخلوق لا تلزم في صفات الله تعالى.
ـ[أبوصالح]ــــــــ[04 - 04 - 06, 04:47 ص]ـ
أثر (الفرق بين العلم الانفعالي الذي له أثر والعلم الانفعالي الذي ليس أثر):
ج8 عند مسألة (سئل شيخ الإسلام ـ قدس الله روحه ـ عن قوم قد خصوا بالسعادة، وقوم قد خصوا بالشقاوة):
قال ابن تيمية: أن العلم بأن الشيء سيكون والخبر عنه بذلك وكتابة ذلك لا يوجب استغناء ذلك عما به يكون من الأسباب التي لا يتم إلا بها؛ كالفاعل وقدرته ومشيئته، فإن اعتقاد هذا غاية في الجهل، إذ هذا العلم ليس موجبًا بنفسه لوجود المعلوم باتفاق العلماء، بل هو مطابق له على ما هو عليه لا يكسبه صفة ولا يكتسب منه صفة بمنزلة علمنا بالأمور التي قبلنا كالموجودات التي كانت قبل وجودنا؛ مثل علمنا بالله وأسمائه وصفاته، فإن هذا العلم ليس مؤثرًا في وجود المعلوم باتفاق العلماء، وإن كان من علومنا ما يكون له تأثير في وجود المعلوم كعلمنا بما يدعونا إلى الفعل ويعرفنا صفته وقدره، فإن الأفعال الاختيارية لا تصدر إلا ممن له شعور وعلم؛ إذ الإرادة مشروطة بوجود العلم، وهذا التفصيل الموجود في علمنا بحيث ينقسم إلى علم فعلى له تأثير في المعلوم، وعلم انفعالي لا تأثير له في وجود المعلوم، هو فصل الخطاب في العلم.
فإن من الناس من يقول: العلم: صفة انفعالية لا تأثير له في المعلوم، كما يقوله طوائف من أهل الكلام، ومنهم من يقول: بل هو صفة فعلية له تأثير في المعلوم، كما يقوله طوائف من أهل الفلسفة والكلام.
والصواب أنه نوعان، كما بيناه، وهكذا علم الرب ـ تبارك وتعالى ـ فإن علمه بنفسه ـ سبحانه ـ لا تأثير له في وجود المعلوم، وأما علمه بمخلوقاته التي خلقها بمشيئته وإرادته مما له تأثير في وجود معلوماته.
ـ[أبوصالح]ــــــــ[04 - 04 - 06, 04:51 ص]ـ
الفرق بين الاستطاعة المشترطة للفعل والاستطاعة المقترنة للفعل:
ج8 عند (سئل شيخ الإسلام ـ قدس الله روحه ـ عن قوم قد خصوا بالسعادة، وقوم قد خصوا بالشقاوة .. ):
الاستطاعة المشترطة للفعل، وهي مناط الأمر والنهي كقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]، وقوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]، وقوله: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} الآية [النساء: 25]، {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: 4]، وقوله: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 148]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: (صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب). فإن الاستطاعة في هذه النصوص لو كانت لا توجد إلا مع الفعل؛ لوجب ألا يجب الحج إلا على من حج، ولا يجب صيام شهرين إلا على من /صام، ولا القيام في الصلاة إلا على من قام، وكان المعنى: على الذين يصومون الشهر طعام مسكين، والآية إنما أنزلت لما كانوا مخيرين بين الصيام والإطعام في شهر رمضان.
والاستطاعة التي يكون معها الفعل، قد يقال: هي المقترنة بالفعل الموجبة له، وهي النوع الثاني، وقد ذكروا فيها قوله تعالى: {الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا} [الكهف: 101]، وقوله تعالى: {يُضَاعَفُ لَهُمْ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ} [هود: 20]، ونحو ذلك قوله: {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ. وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} [يس:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/36)
8، 9].
فإن الاستطاعة المنفية هنا ـ سواء كان نفيها خبرًا أو ابتداء ـ ليست هي الاستطاعة المشروطة في الأمر والنهي، فإن تلك إذا انتفت انتفى الأمر والنهي، والوعد والوعيد، والحمد والذم، والثواب والعقاب، ومعلوم أن هؤلاء في هذه الحال مأمورون منهيون موعودون متوعدون، فعلم أن المنفية هنا ليست المشروطة في الأمر والنهي المذكورة في قوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16].
ـ[أبوصالح]ــــــــ[07 - 04 - 06, 11:41 ص]ـ
-أثر الفرق بين معاني (القدر) بين اسم المصدر واسم المفعول:
ضمن (ج8، سئل شيخ الاسلام في أفعال العباد: هل هي قديمة، أم مخلوقة حين خلق الإنسان؟)
قال ابن تيمية (رحمه الله):
اسم القدر، والأمر، والشرع، يراد به المصدر ويراد به المفعول ففي قوله: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38]، المراد به المأمور به المقدور، وهذا مخلوق، وأما في قوله: {ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ} [الطلاق: 5]، فأمره كلامه إذ لم ينزل إلينا الأفعال التي أمرنا بها وإنما أنزل القرآن، وهذا كقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58]، فهذا الأمر هو كلامه.
فإذا احتج الجهمي الذي يؤول أمره إلى أن يجعله حالاً في المخلوقات بقوله: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} قيل له: المراد به المأمور به، كما في قوله: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: 1]، وكما يقال عن الحوادث التي يحدثها الله: هذا أمر عظيم، وإذا احتج الحلولي الذي يجعل صفات الرب تقارن ذاته، وتحل في المخلوقات بقوله: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا}، وقال الأفعال قدره وأمره، وأمره غير مخلوق، وقدره غير مخلوق، قيل له: أمره وقدره الذي هو صفته كمشيئته وكلامه غير مخلوق، فأما أمره الذي هو قدر مقدور فمخلوق، فالمقدور مخلوق، والمأمور به مخلوق، وإن سميا أمرًا وقدرًا.
ـ[أبوصالح]ــــــــ[09 - 04 - 06, 04:07 ص]ـ
بارك الله فيكم
فرق دقيق بين المتفقهة والمتصوفة ..
(وجه تعلقه بالعقيدة أنه من سلوك القلوب)
ج1:ص15
قال الامام ابن تيمية (رحمه الله):
فنجد كثيرًا من المتفقهة، والمتعبدة، إنما همته طهارة البدن فقط، ويزيد فيها على المشروع؛ اهتماما، وعملا. ويترك من طهارة القلب ما أمر به، إيجابًا، أو استحبابًا، ولا يفهم من الطهارة إلا ذلك. ونجد كثيرًا من المتصوفة، والمتفقرة، إنما همته طهارة القلب فقط، حتى يزيد فيها على المشروع، اهتماما وعملا. ويترك من طهارة البدن ما أمر به، إيجابا، أو استحبابًا.
فالأولون يخرجون إلى الوسوسة المذمومة فى كثرة صب الماء، وتنجيس ما ليس بنجس، واجتناب ما لا يشرع اجتنابه، مع اشتمال قلوبهم على أنواع من الحسد والكِبْر، والغِلِّ لإخوانهم، وفى ذلك مشابهة بَيِّنةٌ لليهود.
والآخرون يخرجون إلى الغفلة المذمومة، فيبالغون فى سلامة الباطن حتى يجعلوا الجهل بما تجب معرفته، من الشر ـ الذى يجب اتقاؤه ـ من سلامة الباطن، ولا يفرقون بين سلامة الباطن من إرادة الشر المنهى عنه، وبين سلامة القلب من معرفة الشر المعرفة المأمور بها، ثم مع هذا الجهل والغفلة قد لا يجتنبون النجاسات، ويقيمون الطهارة الواجبة مضاهاة للنصارى.
ـ[أبوصالح]ــــــــ[09 - 04 - 06, 04:11 ص]ـ
ج2 ضمن (فصل: في تمهيد الأوائل وتقرير الدلائل ببيان أصل العلم والإيمان)
الفرق بين المنهاج النبوي والمنهاج الكلامي في إثبات العقائد:
قال ابن تيمية رحمه الله:
في مفارقة الطريقة القرآنية الكلامية -: أن اللّه أمر بعبادته التي هي كمال النفوس، وصلاحها، وغايتها، ونهايتها، لم يقتصر على مجرد الإقرار به، كما هو غاية الطريقة الكلامية، فلا وافقوا لا في الوسائل، ولا في المقاصد، فإن الوسيلة القرآنية قد أشرنا إلى أنها فطرية قريبة، موصلة إلى عين المقصود، وتلك قياسية بعيدة، ولا توصل إلا إلى نوع المقصود، لا إلى عينه.
وأما المقاصد، فالقرآن أخبر بالعلم به والعمل له، فجمع بين قوتي الإنسان العلمية، والعملية: الحسية، والحركية، الإرادية الإدراكية، والاعتمادية: القولية، والعملية، حيث قال: {اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ} فالعبادة لابد فيها من معرفته، والإنابة إليه، والتذلل له، والافتقار إليه، وهذا هو المقصود. والطريقة الكلامية، إنما تفيد مجرد الإقرار، والاعتراف بوجوده.
وهذا إذا حصل من غير عبادة وإنابة كان وبالا على صاحبه، وشقاء له، كما جاء في الحديث: (أشد الناس عذابًا يوم القيامة: عالم لم ينفعه اللّه بعلمه).
ـ[أبوصالح]ــــــــ[09 - 04 - 06, 04:13 ص]ـ
ج2فصل: في تمهيد الأوائل وتقرير الدلائل ببيان أصل العلم والإيمان
- الفرق بين الصوفي والعالم بالسنة:
وقد اعترف الغزالي بأن طريق الصوفية هو الغاية؛ لأنهم يطهرون قلوبهم مما سوى اللّه، ويملؤونه بذكر اللّه، وهذا مبدأ دعوة الرسول، لكن الصوفي الذي ليس معه الأثارة النبوية مفصلة، يستفيد بها إيمانا مجملا، بخلاف صاحب الأثارة النبوية، فإن المعرفة عنده مفصلة. فتدبر طرق العلم والعمل، ليتميز لك طريق أهل السنة والإيمان من طريق أهل البدعة والنفاق، وطريق العلم والعرفان، من طريق الجهل والنكران.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/37)
ـ[أبوصالح]ــــــــ[09 - 04 - 06, 04:14 ص]ـ
ج6: فصل تقرب العبد إلى الله
فرق دقيق بين الصفة ومتعلق الصفة ونفس التعلق:
قال ابن تيمية:
فإن الله تعالى لما أخبر بقوله: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس 82] وقال: {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْر} [الأعراف 54] واستدل طوائف من السلف على أن الأمر غير مخلوق بل هو كلامه وصفة من صفاته بهذه الآية وغيرها صار كثير من الناس يطرد ذلك في لفظ الأمر حيث ورد فيجعله صفة طردا للدلالة ويجعل دلالته على غير الصفة نقضا لها وليس الأمر كذلك؛ فبينت في بعض رسائلي: أن الأمر وغيره من الصفات يطلق على الصفة تارة وعلى متعلقها أخرى؛ ـ فالرحمة ـ صفة لله ويسمى ما خلق رحمة والقدرة من صفات الله تعالى ويسمى ـ المقدور ـ قدرة ويسمى تعلقها ـ بالمقدور ـ قدرة والخلق من صفات الله تعالى ويسمى خلقا والعلم من صفات الله ويسمى المعلوم أو المتعلق علما؛ فتارة يراد الصفة وتارة يراد متعلقها وتارة يراد نفس التعلق. و ـ الأمر ـ مصدر فالمأمور به يسمى أمرا ومن هذا الباب سمي عيسى - صلى الله عليه وسلم - كلمة؛ لأنه مفعول بالكلمة وكائن بالكلمة وهذا هو الجواب عن سؤال الجهمية لما قالوا: عيسى كلمة الله فهو مخلوق والقرآن إذا كان كلام الله لم يكن إلا مخلوقا؛ فإن عيسى ليس هو نفس كلمة الله وإنما سمي بذلك لأنه خلق بالكلمة على خلاف سنة المخلوقين فخرقت فيه العادة وقيل له: كن فكان. والقرآن نفس كلام الله. فمن تدبر ما ورد في ـ باب أسماء الله تعالى وصفاته ـ وإن دلالة ذلك في بعض المواضع على ذات الله. أو بعض صفات ذاته لا يوجب أن يكون ذلك هو مدلول اللفظ حيث ورد حتى يكون ذلك طردا للمثبت ونقضا للنافي؛ بل ينظر في كل آية وحديث بخصوصه وسياقه وما يبين معناه من القرآن والدلالات فهذا أصل عظيم مهم نافع في باب فهم الكتاب والسنة والاستدلال بهما مطلقا ونافع في معرفة الاستدلال والاعتراض والجواب وطرد الدليل ونقضه فهو نافع في كل علم خبري أو إنشائي وفي كل استدلال أو معارضة: من الكتاب والسنة وفي سائر أدلة الخلق.
ـ[محمد الشنو]ــــــــ[20 - 04 - 06, 03:51 م]ـ
جزاكم الله خيراً
أول مره أعرف هذه الفروق وكم من مرةٍ دارة هذه الفروق في خلدي فلم أجد لها جواباً ....
ما أحوجنا إلى العقيده وأتمنى لو أن هناك موقع في العقيده نزيه نستفيد منه
ـ[توبة]ــــــــ[12 - 07 - 07, 12:59 ص]ـ
موضوع قيم و نافع، يستحق التثبيت; جازاكم الله خيرا.
و ننتظر المزيد من شرح الفروق، على هذا المنوال.
ـ[أبو الحارث البقمي]ــــــــ[13 - 07 - 07, 09:08 ص]ـ
جزاكم الله خيراً ..
نحن في انتظار المزيد من الفروق ...
ـ[صالح العقل]ــــــــ[29 - 10 - 07, 12:08 م]ـ
للفائدة(31/38)
الفصول والغايات ليس في محاذاة السوروالآيات
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[12 - 05 - 05, 12:24 ص]ـ
الفصول والغايات ليس في محاذاة السوروالآيات
إعلم هداني الله وإياك للحق من الجدل، وجنبنا مزالق القول والعمل، ووفقنا للقيام بالأمر الجلل، وجنبنا موقف المعرة والندم، ورزقنا حسن التأدب مع أزكى الكلم، وعصمنا من هذر القول مع فشو القلم.
أني لست في هذه المقالة بصدد التعريف بأبي العلاء،أو التصدي لترجمته أو الدفاع عنه فذاك من البلاء، فالحديث معه وعنه حديث طويل الذيل كبيرالنيل، ولاتلازم بين حبك لأدب أديب وما يعتقده أو ينتهجه في حياته، فمن يكابرويزعم أن مثل رهين المحبسين، ومصنف أخلاق الوزيرين، وصاحب التبيين ذو العينين الجاحظتين، ومن هو على شاكلتهم أو سار سيرتهم، ممن امتار الناس في أمرهم، وتباروا في حكمهم، لم يكونوا من أفراد الدهر وأذكياء الزمان، وكبار الكتاب وأساطين الأدب، حتى ملأو الدنيا وشغلوا الناس.
إن الحديث عن صاحب المعرة حديث ذو طعم خاص، وحقا إنك لتصاب بالذهول من قوة حافظته، وسعة علمه، و حدة ذكائه، وبليغ عبارته، وكثرة مصنفاته، حتى عد من أذكياء الدنيا، وفرسان الشعر* والأدب.
لقد كتب عنه الكثير، وطبعت بعض كتبه ورسائله في فترة متأخرة، وكان من بينها كتاب يتذرع به للطعن فيه وفي دينه، واتهامه بالإلحاد والزندقة لأمور كان من أعظمها هذا الكتاب، وما قيل حول سبب تصنيفه له، وهو كتاب (الفصول والغايات) بزعمهم أنه صنعه في محاذاة السور والآيات، وقد صدقت الأمر في أوله وقلت: والله لقد أتى عظيمة وبتك من القلائد نظيمة، وذكروا في ترجمته أنه قيل له: أين هذا من القرآن؟ فقال: لم تصقله المحاريب أربع مئة سنة.
فإن كان حقا ماقيل: فما يغني البكاء ولا العويل، وإن قامت له هنا المعاذير فلن تغنيه يوم النذير، ومن الطريف مانقله ياقوت في ترجمة شيخه ابن الدهان، أن خازن دار الكتب برباط المأمونية غسل كتاب الفصول وتبجح بصنيعه هذا بحضرته فخطأه ابن الدهان، محتجا بأنه إن كان خيرا من القرآن ـ وحاش لله أن يكون ـ فلا يجب أن يفرط في مثله وإن كان دونه فتركه معجزة للقرآن.
مرت الأيام وأنا أفكر في هذا الكتاب الخطير، الذي كان في عداد المفقود من كتبه، وكان لا يمر بي شئ يتعلق بصاحب المعرة إلا تذكرت كتابه هذا، ولكن لم أكلف نفسي عناء البحث أو السؤال عنه، لما علق بذهني من فقدانه، فقلت: حيل بين العير ونزوانه.
وشاء الله أن يقع بين يدي كتاب فيه تعريف بأبي العلاء (1)، للعلامة الكبير عبد العزيز الميمني الراجكوتي الهندي رحمه الله، فأخذت الكتاب وتصفحته، فإذا فيه تحقيق يليق بعلم الرجل رحمه الله، وانتقلت سريعا للنظر في ما كتبه عن كتاب الفصول , فوجدت الإنصاف وحديث العقل وتجنب الفضول، فماكان رهين المحبسين بدرجة من الغباء تكفي أن يفكر في مثل هذا ألأمر، مع حفظه لكتاب الله وفهم معانيه، وتبحره في لغة العرب ومعرفة أساليبها، وعجز البلغاء الأقحاح أرباب الفصاحة واللسن من قبله وفي زمن التحدي، عن أن يأتوا بسورة أو آية من مثله، خاصة وأن النقول في ترجمته تتدامغ، وأهل الفضل في زمنه على بابه تتدافع.
إزداد تشوفي للكتاب، وخشيت من السؤال عنه وماسيعود به من العتاب، وفي يوم من ألأيام وأثناء مطالعتي لأرفف بعض المكتبات، وإذ بهذا العنوان يلوح أمام ناظري (الفصول والغايات) لأبي العلاء المعري صاحب اللزوميات.
فأخذت كل النسخ الموجودة، وقلت: والله هذه ساعة محمودة، لأنظر الكفر المزعوم، وأغسل يدي من هذا الرجل المشؤم، وأقبلت على الكتاب أنظر فيه وأتصفحه،وأحضنه من كل أنحائه الأربعة، وويح أمه من كان يحوي هذا العلم أجمعه، فما وجدت إلا وعظ وإرشاد ولغة وأدب وفقه وفلسفه، كتاب أدب ولغة نعم، لكن لا ككل الكتب المدونة، لاحتطاب ليل أو دردعة، أوتشبع بالقول أو هذرمة، فأين الثرى من الثريا، وأين من يفرد ومن يأتي في الحمد ثنيا، ثم أعدت الكرة، وقلت لن تسلم الجرة، لعلي أظفر بشئ من المحاذاة التي قد تكون أخف من المعارضة، فرأيت فرقا بين الكلامين، كما بين المخلوق وخالق القمرين، تعالى الله العظيم وتعالت صفاته، فتيقنت من أن هناك ثلة لم ينصفها الناس، وعند الله تجتمع الخصوم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/39)
واستمع له بالله وهو يقول: (علم ربنا ماعلم، أني الفت الكلم،آمل رضاه المسلم، واتقي سخطه المؤلم، فهب لي ما أبلغ به رضاك من الكلم والمعاني الغراب. غاية.
ما تصنع أيه الإنسان، بالسنان، إنك لمغتر بالغرار، كفت المنية ثائرا ماأراد، ليت قناتك بسيف عمان، وحسامك ما ولج حديده النار، وريش سهامك في أجنحة نسور الإيار، ليستيقظ جفنك في تقوى الله ويهجع نصلك في القراب. غاية.
مالك عن الصلاة وانيا، قم إن كنت ممانيا، فشم البارق يمانيا، سار لتهامة مدانيا، يجتذب عارضا سانيا، سبح لربه عانيا، وهطل بإذنه سبعا أو ثمانيا، واقترب وهو لماع الأقراب. غاية.) أهـ (2)
إن العرانين تلقاها محسدة ... ولاترى للئام الناس حساد
لقد كان الرجل موضع الرمية من أهل عصره ومصره، رموه عن قوس واحدة، وقالوا من جرف إلى هاوية، ذاعوا بكثير من البهتان والزور، وإن كانوا قد أقذعوا القول فما جانبوا الحق في بعض المزبور، لقد اختط لحياته مسلكا مباينا لبني جنسه، في أكله ونومه وعبادته وزهده وتقشفه ولبسه وفرشه ... فكان كالخطيطة في كل أمره، وكان لابد أن يجد من ينتجع لرأيه، ويحيد عن خطيطته التي ألزمها نفسه، ويبقى بين قيعانه مبتهلا أن يلزمها إلى يوم رمسه.
ومن دعا الناس إلى ذمه ... ذموه بالحق وبالباطل
فهذا كتاب الفصول، وهذه غايته، كتاب رتبه على حروف المعجم، وقد طبع ماوجد منه من أثناء حرف الهمزة حتى منتهى حرف الخاء، ملأه بالتالد والطريف من لغة وأدب ونحو وفلسفة وفقه وتاريخ، فيه مواعظ وأذكار وآيات وأخبار ... سلك فيه مسلكا غريبا بديعا لا أعلم له نظيرا، ذلك أنه يملي الفقرة منه على طلابه ثم يختم ما أملاه بالغاية، وهي عنده بمنزلة القافية من الشعر، ثم يملي تفسيرا لما لعله خفي معناه عليهم مما أملاه من غاية، فإذا انتهى من التفسير، وأراد العودة إلى ما كان فيه من غاية، قال: رجع، فليس فيه معارضة للقرآن أو مناقضته أومجاراته من قبيل ولادبير.
ولعلي أجمل القول بتلخيص ماذكره الميمني رحمه الله في نقاط:
1ـ أن الموجود في ثبت مصنفاته إنما هو كتاب الفصول والغايات فقط.
2ـ هذه الزيادة إنما وردت عند بعض من ترجم له بصيغة التمريض والزعم.
3ـالذي يظهر أنها كانت من أعدائه وحساده الذين حاولوا تشويه صورته وإلصاق تهمة الزندقة به.
4ـ إن صحت هذ الزيادة فلا تفيد أكثر من المحاذاة لا المعارضة، أي عمل شئ حذاء شي كماصنع الشريف كتابا في محاذاة الآثار النبوية!.
هاهو الكتاب بين أيدينا، أو الجز الموجود منه والذي يبلغ في المطبوع منه ما يناهز الخمس مئة صفحة، ليس فيه مايوحي بما زعم عنه، بل النقيض من ذلك، من تسبيح الله وتمجيده , والثناء عليه، بل ولاعتراف بإعجاز كتابه.
ولعل صاحب المعرة بنفسه يخبرنا عن موقفه من إعجاز القرآن قائلا: (وأجمع ملحد ومهتد، وناكب عن المحجة ومقتد، أن هذا الكتاب الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم بهر بالإعجاز، ولقي عدوه بالإرجاز، ماحذي على مثال، ولا أشبه غريب الأمثال، ماهو من القصيد الموزون، ولا الرجز من سهل وحزون، ولاشاكل خطابة العرب ولا سجع الكهنة ذوي الأرب وجاء كالشمس اللائحة، نور للمسرة والبائحة، لوفهمه الضب الراكد لتصدع، أو الوعول المعصمة لراق الفادرة والصدع، (وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون) وإن ألآية منه أو بعض الأية، لتعترض في أفصح كلم يقدر عليه المخلوقون، فتكون فيه كالشهاب المتلألئ في جنح غسق، والزهرة البادية في جدوب ذات نسق) أهـ (3)
والله أعلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
1ـ كتاب أبو العلاء وماإليه، كتاب قيم، فيه إنصاف وتحقيق لكثير من المسائل المتعلقة بالمترجم له، خاصة في مايتعلق بدينه ومعتقده، وقد قرض من كبارعلماء عصره كالمحدث الكبير محمد شاكر رحمه الله، والعلامة محمد الخضر حسين، وكل كتب العلامة الميمني وتحقيقاته مضرب المثل رحم الله الجميع.
2ـ الفصول والغايات 62ـ63
3ـ رسالة الغفران تحقيق بنت الشاطئ 472ـ473
*وشعره في الذروة، بل له منه مسكتات كقصيدته التي مطلعها:
ياساهر البرق أيقظ راقد السمر ... لعل بالجزع أعوانا على السهر
قصيدة طويلة بديعة،أفردها الشيخ المتفنن أبوعبدالرحمن بن عقيل الظاهري برسالة مستقلة مع تعليقه عليها، وإن كان في شعره كذلك مايصعب الاعتذار معه، فإلى الله مرجعنا ومرجعه.
ـ[أبو طعيمة]ــــــــ[30 - 04 - 08, 03:49 م]ـ
جزاك الله خيرا ..
و أحيلك للفائدة إلى كتاب أباطيل و أسمار للعلامة محود شاكر ..(31/40)
ومن العلماء الذين أفنوا أنفسهم في الدفاع عن العقيدة الشيخ أبو بكر خوقير
ـ[عبد الرحمن بن علي]ــــــــ[13 - 05 - 05, 02:55 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع الثامن: الشيخ أبو بكر خوقير
هو الشيخ التقي المحقق أبو بكر بن محمد بن عارف إمام المسجد الحرام ولد – رحمه الله – سنة 1284هـ بمكة المكرمة كان شغوفاً بكتب الحديث والعكوف على مطالعتها كان – رحمه الله – يسافر إلى الهند لجلب كتب السلف ونشرها في مكة المكرمة تقلى العلم عن علماء الهند الأعلام يقول رحمه الله (رويت عن مشايخ معروفين مشهورين بعلو الإسناد منهم الشيخ عبد الرحمن سراج مفتي مكة، كنت أحضر درسه في التفسير وكان له فيه طريق عجيب، يقرأ الآية ويتكلم عليها بوجوه في سبب نزولها وفي ارتباطها بما قبلها بأنواع المناسبات وفي إعرابها ومعناها وما اشتملت عليه من أنواع البلاغة، وفيما يؤخذ منها من الأحكام عكف الشيخ أبو بكر خوقير على مؤلفات شيخ الإسلام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب فشغلت ذهنه مسألة التوحيد التي هي عماد الإسلام التي تبلورت في لا إله إلا الله والتي تميز الإسلام بها عما سواه فأدرك أن التوحيد أساس الاعتقاد بأن الله وحده هو خالق العالم المسيطر عليه والمشرع له وليس في الخلق من يشاركه في خلقه ولا في حكمه ولا من يعنه على تصريف أموره لأنه تعالى ليس في حاجة إلى عون أحد مهما كان من المقربين إليه هو الذي بيده النفع والضر وحده لاشريك له ليس في الوجود ذو سلطة حقيقية غير الله وليس في الوجود من يستحق العبادة والتعظيم غير الله، شرع أبو بكر خوقير يدعو إلى توحيد الربوبية الذي أقر به الكفّار وأنه تعالى هو الخالق الرازق المحيي المميت مدبر الأمور ومنزل الغيث، وشرع يبين توحيد الألوهية وبيان عبادة الله التي شرعها كالدعاء والذبح والنذر والاستغاثة، وبينا أن هذا هو التوحيد الذي جحده الكفار وشرع في تبين توحيد الصفات وأنه الإيمان بكل ماورد في القرآن والأحاديث بما وصف الله به نفسه من صفات حقيقتها دون التعرض لها بشيء من التكييف والتمثيل أو التشبيه والتأويل أو التحريف والتعطيل، وكان شديد الإنكار على الذين يشدون الرحال للأولياء ويقدمون النذور لهم ويتمسحون بالمقابر ويتذللون لها ويطلبون منها جلب الخير لهم أو دفع الشر عنهم، وكان يوصي بقراءة صحيح البخاري ويقول: إني قرأت البخاري وعرفت شرح الحديث بعضه ببعض، كما استفدت من مسند إمامنا أحمد بن حنبل وروايته مع مراجعة الغريب وضبط اللفظ، ويقول لطلابه إنه يكفي الطالب المبتدئ بلوغ المرام وعمدة الأحكام وللطالب المنتهي المشكاة والمنتقى فإنهما جمعا مافي الكتب الصحاح مع بيان الصحيح من السقيم بلغ ولاة الأمور قبل دخول الملك عبد العزيز – رحمه الله – مكة دعوة الشيخ أبي بكر إلى محاربة البدع والخرافات فضيقوا عليه سبل الدعوة ومنعوه من التدريس ولما رأوا تمسكه بعقيدته عقيدة التوحيد الخالص ورأوا ثباته في دعوته أمروا بالقبض عليه وسجنه في غرفة وحده سنة 1339هـ سجن دون تحقيق أو حكم وظل في سجنه إلى أن دخل الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – رحمه الله - مكة المكرمة فأفرج عنه مع كثير من السجناء المظلومين وذلك سنة 1334هـ، رحم الله الشيخ أبو بكر خوقير رحمة واسعة. المرجع مشاهير علماء نجد وغيرهم ص300
ـ[العوضي]ــــــــ[16 - 05 - 05, 02:42 م]ـ
بارك الله فيك على هذه الترجمة
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[16 - 05 - 05, 02:52 م]ـ
جاء في ترجمته
في الليلة التي سبقت الإفراج عنه وتخليصه بسبب الملك عبدالعزيز ومن معه من الإخوان، أنه رآى رؤيا كأن الصحابة رضوان الله عليهم دخلوا عليه وخلصوه، فما أن أصبح حتى دخل عليه أهل التوحيد وفكوا قيوده، فرحمهم الله جميعاً وألحقنا بهم مع الأنبياء والصالحين(31/41)
التصوف الصحيح عين التوحيد .. أم عين الوحدة .. ؟!.
ـ[لطف الله خوجه]ــــــــ[15 - 05 - 05, 10:15 ص]ـ
في ملحق جريدة المدينة "الرسالة" بتاريخ 20/ 3/1426هـ: نقل عن فضيلة الشيخ الدكتور عبد العزيز القاري وفقه الله وأعلى نزله قوله: "التصوف الصحيح هو عين التوحيد".!! ..
وهذه فكرة جديرة بالمدارسة:
* * *
الدارسون للتصوف على مذهبين:
الأول: مذهب يرى التصوف أجنبيا عن الإسلام في: أصله، ونشأته، وأفكاره.
وعليه: فهو فكر منحرف كله.
وهذا رأي فريق يرفض التصوف جملة وتفصيلا.
الثاني: مذهب يرى التصوف إسلاميا في: أصله، ونشأته، وأفكاره. دخل عليه الفلسفة لاحقا، فتلبس به.
وعليه: فمنه الإسلامي (= المعتدل، السني)، ومنه الفلسفي (= الغالي، البدعي).
وهذا رأي فريقين:
- فريق من المتصوفة.
- وفريق من غير المتصوفة، يعلن قبوله بما يراه: إسلاميا، معتدلا، سنيا. ويدعو إليه.
فهل يوجد فريق يعلن أن: التصوف كله حسن: أوله، وآخره، بدايته، ونهايته، وكل المنتسبين له؟.
نعم، هذا الفريق موجود، وهم الفريق الثاني من المتصوفة، الذين يرون كل ما في التصوف حسن، ليس فيه أي شيء غير ذلك، وهم الذين لم يعرف عنهم أي نقد لأي مسلك من مسالك الصوفية، بل صوبوها كلها، وقالوا: "الطريق إلى الله عدد أنفاس الخلائق".
* * *
من ذلك يتبين: أن المتصوفة وغير المتصوفة منقسمون حيال التصوف نفسه .. ؟!.
فمن المتصوفة من يقر بوجود فكر منحرف، خارج عن الإسلام، داخل المذهب الصوفي، لكنه يتبرأ منه، ويقول: إنه دخيل، طرأ لاحقا، فتلبس بالتصوف. ويعلن تمسكه بالكتاب والسنة.
وآخرون لا يقرون بشيء من ذلك.
ومن غير المتصوفة من يعتقد أن في التصوف جانبا معتدلا، سنيا، إسلاميا، يجب أن يعتنى به، وينمى.
وآخرون يرفضون هذا الرأي، ويعتقدون بطلانه.
فطائفتان متفقتان علما ونظرا، وإن كانتا مختلفتين عملا وتطبيقا.
وطائفتان مختلفتان علما ونظرا، وعملا وتطبيقا.
* * *
لكن هل ثمة مستند عند الفريقين؟.
من قال بالتصوف المعتدل، سواء من المتصوفة أو من غيرهم، فإنه استند إلى ما يلي:
1 - نسبة التصوف إلى الصوف. والصوف لباس مشروع.
2 - تعريف التصوف بأنه الزهد. والزهد مشروع.
3 - تعريف التصوف بأنه خلق وسلوك. والخلق والسلوك مشروع.
4 - الثناء على أئمة التصوف، وسلوكهم. بأنهم كانوا قمما في الزهد والسلوك.
وأما من قال بأن التصوف فلسفي، ليس فيه اعتدال، فإنه استند إلى ما يلي:
1 - إنكار نسبة التصوف إلى الصوف.
2 - إنكار أن يكون موضوع التصوف هو الزهد.
3 - القول بأن التصوف خلق، لكنه طريق خاص في الخلق.
4 - التفريق بين التصوف والمنتسبين إليه في الحكم على التصوف.
وهذا موضع التحرير .. !.
فمن ثبت دليله فقوله هو الحق، لا من بطل دليله .. ؟.
* * *
الدليل الأول: النسبة إلى الصوف.
قالوا: التصوف نسبة إلى الصوف، مشتق منه، وهذا ثابت من حيث اللغة، يقال: تصوف. إذا لبس الصوف. وتقمص، إذا لبس القميص. والصوف لباس الزهاد، والزهد موجود في الإسلام.
قيل: لا علاقة بين التصوف والصوف، والنسبة اللغوية وحدها لا تكفي لإثبات النسبة، والأدلة ما يلي:
1 - لم يشتهر المتصوفة بلبس الصوف، وبهذا قال القشيري: "القوم لم يختصوا بلبس الصوف"، وأنكر أن يكون مشتقا من الصوف، فقال: "وليس يشهد لهذا الاسم من حيث العربية، قياس ولا اشتقاق، والأظهر فيه أنه كاللقب" [الرسالة القشيرية 2/ 550 - 551]، ومما يعطي هذا الرأي قيمة: أن أحدا من المتصوفة لم ينكره، ولم يرده، ولولا أنه يعبر عن الحقيقة ما سكتوا.
2 - الهجويري كذلك أنكر النسبة إلى الصوف، ومنع أن يكون له اشتقاق لغوي.
3 - المتتبع والدارس تعريفات المتصوفة الأولين، المؤسسين، منذ بداية التصوف، وحتى منتصف القرن الخامس (200 - 440هـ)، يلحظ خلوها من ذكر الصوف، إلا تعريفا يتيما أو تعريفين من بين حوالي ثمانين تعريفا، ذكرها القشيري في رسالته، ونيكلسون في بحث له، ينقلها من: تذكرة الأولياء للعطار، ونفحات الأنس للجامي، والرسالة للقشيري. [في التصوف الإسلامي وتاريخه ص28 - 41]، فلو كانت النسبة صحيحة، فلم أعرضوا عن ذكره في هذه التعريفات .. ؟!.
والحقيقة أنها كلمة يونانية، أصلها "سوفيا"، دليله توافق أصول الفكرتين "الصوفية" و "السوفية".
الدليل الثاني: التصوف هو الزهد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/42)
قالوا: التصوف هو الزهد؛ فإن الصوفية لما رأوا إقبال الناس على الدنيا: آثروا الزهد فيها.
قيل: تفسير التصوف بالزهد، وتعريفه به، ليس له مستند، والأدلة تعارضه:
1 - في تعريفات الأئمة المؤسسين للمذهب الصوفي: لا نجد ذكرا لكلمة "الزهد"، ومعلوم أن المعرّف لمصطلح ما، جديد غير معروف: يحرص كل الحرص، على أن يستل من اللغة الكلمة الأوفق، والأوضح، فإذا كان كذلك، فلم أعرضوا عن كلمة "الزهد"، واستعاضوا عنه بعبارات من قبيل: إيثار الله .. قلة الطعام .. الفقر .. ؟! .. هل غابت الكلمة عن قاموسهم؟!، كلا، بل حاضرة، لكن لما لم يكن حقيقة التصوف هو الزهد: أعرضوا عنه.
2 - ورد التصريح من الأئمة بأن التصوف ليس هو الزهد، قال السهروردي: "التصوف غير الفقر، والزهد غير الفقر، والتصوف غير الزهد، فالتصوف: اسم جامع لمعاني الفقر، ومعاني الزهد، مع مزيد أوصاف وإضافات، لا يكون بدونها الرجل صوفيا، وإن كان زاهدا فقيرا". [عوارف المعارف، ملحق بالإحياء 5/ 79]، فالتصوف لا يختص بالزهد، ولا الزهد هو التصوف، وهكذا قال: ابن الجوزي، نيكلسون، عبد الحليم محمود، سعاد الحكيم، محمد زكي إبراهيم.
فإذا لم يكن هو الزهد، فما هو إذن؟ .. الجواب سيأتي فيما يلي:
الدليل الثالث: التصوف خلق وسلوك.
قالوا: التصوف أخلاق وسلوك، لتهذيب النفس، وتصفية الروح، والتخلص من الأخلاق السيئة.
قيل: نعم هو خلق وتخلق، لكن أي خلق، وأي تخلق .. ؟!.
هو خلق وتخلص خاص، كما فسره أئمة التصوف: النوري، والغزالي، وابن عربي، والجيلي، والقاشاني: "التخلق بأخلاق الله"، ليس هو التخلق المتبادر إلى الذهن، بل مشاكلة للصفات الإلهية .. وهل يمكن هذا.؟!.
قالوا: كلا، بل تخلق في حدود البشرية.
قيل: هذه دعوى، فكتب الصوفية طافحة، مليئة بإثبات أنه تخلق كامل، لا نقص فيه، حتى يضاهي الصفات الإلهية، سواء بسواء؛ ولذا قالوا: الفناء عن الصفات البشرية، والبقاء بالصفات الإلهية. أو الفناء عن البشرية، والبقاء بالإلهية. فالفناء هو لب الفكرة الصوفية، شهد بذلك الأئمة الأولون، ثم المصنفون منهم: الطوسي، والهجويري، وأبو المواهب الشاذلي .. ومن المعاصرين الدكتور أبو الوفا التفتازاني شيخ مشايخ الطرق الصوفية، والشيخ محمد زكي إبراهيم، شيخ العشيرة المحمدية .. فهل في الصحابة من يقول بالفناء؟!.
وهل الفناء عن الأوصاف البشرية، أو البشرية: توحيد. أم توحّد مع الأوصاف الإلهية، والذات الإلهية، حتى تتحدا، فتكون شيئا واحدا .. ؟!.
فهذه الحقيقة من البروز والظهور بحيث يعسر سترها، كما قال المستشرق الباحث في التصوف نيكلسون: "وتحول معنى التوحيد إلى وحدة الوجود، فحلت محل صورة الله الواحد، المنزه عن صفات المحدثات، صورةُ الوجود الواحد المطلق (الحق)، الظاهر في كل مظهر من مظاهر الخلق، المتجلي في صورة الصوفي عند فنائه عن نفسه في حال وجده، وهذه العقيدة مهما حاول الصوفية سترها: أساس التصوف وجوهره". [في التصوف الإسلامي وتاريخه ص73]، والعبارات في هذا المعنى، المثبتة لهذه الحقيقة أكثر من أن تحصى، سواء عن الأئمة أنفسهم: أولين، وآخرين. أو عن الكتاب المتخصصين في التصوف.
الدليل الرابع: أئمة التصوف فيهم من له قدم صدق في الإسلام.
قالوا: أين أنتم من الأئمة، المتقيدين بالكتاب والسنة، والذين أثنى عليهم الأئمة كابن تيمية، أليس الثناء عليهم ثناء على التصوف؟.
قيل: هذا هو موضع البحث والنظر ..
فإن أكثر النزاع من هذه الحيثية؛ فإن الذين صححوا التصوف بنوا قولهم نظرا منهم إلى المنتسبين إلى التصوف، وما جاء من الثناء عليهم، خصوصا عن ابن تيمية. لكنهم لم ينظروا من جهة الفكرة نفسها، وهذا خطأ .. ومثله كمن صحح النصرانية؛ لأن فيهم قسيسين ورهبانا، وأنهم لا يستكبرون .. !!.
والصواب: أن يفرق بين الفكرة والمنتسبين إليها. فليست كل أفعال المتصوفة صادرة عن الفكرة الصوفية، بل فيها ما هو صادر عن اتباع وتسنن، فهذا ينسب إلى الإسلام. وفيها ما هو صادر عن فكرة صوفية، معروفة من قديم، في الثقافات القديمة، فهذا ينسب إلى الصوفية ..
أما نسبة كل ما يصدر عن الأئمة إلى التصوف، فمثل نسبة كل ما يصدر عن المسلمين إلى الإسلام .. !!.
* * *
فهذا ما سمح به المقام لمناقشة هذه الفكرة ..
فهل يصح بعد هذا العرض أن يقال: إن التصوف الصحيح هو عين التوحيد؟.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/43)
بعد ما تبين أنه يقوم على فكرة غريبة عن الإسلام، هي: الفناء. الفناء عن الأوصاف البشرية، والبقاء بالأوصاف الإلهية، أو الفناء عن البشرية، والبقاء بالإلهية ذاتا؟.
بعد ما تبين أنه لا يقوم على الزهد، ولا على الفقر، ولا علاقة له بالصوف .. مع أن الزهد، والفقر، ولبس الصوف ليس دالا على التزام تعاليم الإسلام في كل حال؟.
إن توثيق بعض الناس للتصوف يدفع إليه أحد أمرين:
- إما خطأ في فهم حقيقة التصوف. فيُعتقد لأجله صحته .. وهو خطأ يرده البحث العلمي.
- وإما مقصد دعوي محض. فيُعتقد بطلان التصوف، لكن يراد تصحيحه من الداخل، بقسمته إلى: سني، وفلسفي. وقبول الموصوف بالسني منه.
فأما الأول، فقد تقدم الكلام عنه، وأما الثاني: فهو من باب الحكمة في الدعوة والإصلاح.
ولا يخفى أن الحكمة هي التي يكون عنها الأثر الحسن، فإن كان الأثر سيئا، فحينئذ لا حكمة، بل فتنة ..
فعلى أي أساس بنى أصحاب هذا الاتجاه رأيهم في أنه الحكمة؟.
الواضح أنه بني على أساس منع الصدمة؛ فإن النفوس تضجر من صدمتها بالحق، فتعرض، فهي تحتاج إلى: ملاينة، ومداراة، وسياسة. حتى لا تكره، فتشرد. فالمنتسبون إلى التصوف يحسبون ما هم عليه هو الدين القويم، فليس من السهل تركه إذن.!.
وإذا كانت النقولات عن أئمتهم قد تضمنت: التنبيه على التقيد بالكتاب والسنة .. إذن، فلم لا نصحح التصوف من هذه الجهة؟ ..
فيعلن أن ما قاله الأئمة من وجوب التقيد بالكتاب والسنة هو: التصوف الصحيح، وما عداه باطل.
وبذلك تستنقذ جموع من المتصوفة، بجذبهم إلى الحق، دونما اصطدام قد جُرّب، فاكتوت الأمة به.
وهذا تعليل وجيه، لو وقفنا عند الآثار الحسنة لهذا الرأي، دون النظر فيما قد يكون من أثر سيء عنه.
فالرافض لهذا الرأي له أن يقول: إن الآثار السيئة لهذه الطريقة بادية، فمنها:
1 - إعطاء التصوف شهادة براءة من كل ما نسب إليه؛ ومشايخ الطرق لا يطمعون في أكثر من هذا، فإنه ما من انحراف إلا تبرءوا منه وقالوا: ليس هذا تصوفنا. فتبقى البراءة، ويبقى الانحراف .. !!.
2 - تشجيع عوام المتصوفة على البقاء في التصوف، فإذا كان منه الحسن والموافق للشريعة، فلم يخرجون منه؟!، والمهم هنا: أن الحسن عندهم هو ما تلقوه عن مشايخهم، فحسب .. ؟!!.
3 - تشجيع غير المتصوفة على اعتناق التصوف، فما دام منه الحسن والموافق للشريعة، وهو عين التوحيد، فلم لا يلتحق به الناس .. وكيف يتركون لب التوحيد وعينه وهم قادرون عليه؟!.
4 - التذبذب في المواقف: فبالأمس كان يُقرر بطلان التصوف، واليوم انقلب توثيقا، بمبالغة .. !!. هكذا يقال .. وقد يتسبب هذا في فقدان الثقة، وعدم الاطمئنان مستقبلا لأصحاب هذا الرأي.
فإذا حصلت المقارنة بين آثار القولين، فأيهما الذي سيرجح حينئذ .. ؟.
يحصل الجواب لبعض الناس من أول نظرة، وآخرون في حاجة إلى تأمل .. والعقل الصحيح يهتدي.
لكن قد يقول أصحاب الاتجاه الأول: إذا فرضنا أن الآثار السيئة أغلب، فكيف إذن لنا أن نوضح الحق للمتصوفة، مع ضمان عدم نفورهم؟.
فجواب الفريق الثاني: الحق لا يقوم له شيء، وكل بعيد عنه، وهو يتمناه ويرجوه، فلا بد أن يقترب منه، ويأتي إليه يوما ما، كما يأتي الظمآن إلى الماء، ولو كان في المكان الوعر، يأتيه بكل رغبة ورضا.
ومن أسباب حصول هذا الخير: ثبات أصحاب الحق عليه، وعدم التنازل عن شيء منه، ولو أحدث ذلك ألما، فإن العاقبة للحق، والأصل في الحق: أن يعلن كما هو، مع اللين، واللطف، والحسنى. فإن كان ثمة ضرورة فقد أذن الشرع في السكوت حينا، وإبلاغ بعض الحق، وتأخير بعضه، حتى يفهم الناس.
ولا بد أن نفرق بين مسلك يؤخر بيان الحق حينا، تدرجا في التعليم، ومسلك يتسبب في ضياع الحق، وعدم الاهتداء إليه، وذلك متوقع وحاصل عند تزكية كل فكر ثبت انحرافه؛ فإن في ذلك عونا على ترسيخه، وزيادة أنصاره، وضرر هذا أكبر من فائدة إصلاح ذلك الفكر من الداخل.
* * *
وبعد: فما سبق كانت مشاركة مني لما تفضل به الشيخ الدكتور عبد العزيز القارئ حفظه الله وأعلى نزله، ولم يكن القصد مناقشته، فالرأي الذي دعا إليه، لا يتمثّل فيه وحده، بل يشاركه فيه جمع من الفضلاء.
أسال الله تعالى أن يهب لنا قلوبا مطمئنة، ونفوسا راضية، وعلما نافعا، وعملا صالحا .. والله أعلم، وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا، وعلى آله وصحبه. والحمد لله رب العالمين.
لطف الله خوجه
الأستاذ المساعد بقسم العقيدة بجامعة أم القرى
5/ 4/1246هـ
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[15 - 05 - 05, 11:53 ص]ـ
إن الواقع ليشهد بضلال المتصوفة المعاصرين .. فلو سلم التقسيم، فلا نرى الآن إلا قسما واحدا قد ضل عن سواء السبيل .. ونجدهم أقرب لفرق الغناء الاستعراضي .. نفس الرقصات .. نفس الآلات .. بل نجد الفرق المعلنة بالفسق أكثر خجلا و اعتدالا من هؤلاء المغتطرسين الراقصين على النغمات القبيحة .. عاملهم الله تعالى بما يستحقون .. آمين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/44)
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[16 - 05 - 05, 12:46 ص]ـ
احسن الله اليكم يا شيخ لطف الله خوجة
واجزل الله لكم الاجر والمثوبة
ـ[محمد محمود الشنقيطى]ــــــــ[16 - 05 - 05, 12:55 ص]ـ
أخى الغالى لايشك عاقل أن أوائل المتصوفة أحسن حالا من المتأخرين وتلاحظ
ذلك بالنظر إلى قلة العلماء فى المتأخرين ...... نعم وانا أقصد العلماء ومن باب
الفائدة أضيف لك هذه الأبيات وهى للعلامة أحمد بن أحمذى الحسنى الشنقيطى
يقول حول قول الله تعلى [ورهبانية ابتدعوها] الآية:
فى هذه الآية لابتداع ************أهل التصوف والإنقطاع
عن كل ما فيه الحظوظ والغفول *****من قال زيد ويزيد قديقول
وككذا وككذا من كلما ***********ليست له نتيجة فتعتمى
ملتزمى وظائف العباده *********مؤملى نتيجة السعادة
مكتسبى أنس وسوق لازم *********إلى الإله وغرام دائم
أقوى دليل أنه مرضى **********لدى العلى جل إذ العلى
ذم على ترك الرعاية لما *******من بدعة الرهبان قد تقدما
لكنما طريقة التصوف **********دخلها نوع من التكلف
ومن دعاو كاذبات وبدع**********مخالفات للذى الله شرع
فليست اليوم على مثال ما ... كانت عليه عند ماض القدما
فقل من له النفوس تسلم ******اليوم فى البلاد أو منعدم
فشيخك الذ فيه لا ترتاب******* حديث خير الخلق والكتاب
يلقنان كل خير فاقبل *******تلقين خير مرسل ومرسل
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[16 - 05 - 05, 05:14 ص]ـ
أخى الغالى لايشك عاقل أن أوائل المتصوفة أحسن حالا من المتأخرين
أختلف معك أخي الشيخ الفاضل , فليس هذا على إطلاقه ....
فلو بحثنا في تاريخهم ودققنا فيه جيداً لوجدنا بأن المتأخرين ماهم إلا امتداد لمدرسة المتقدمين.
وأضرب على ذلك مثالاً , وهو (رابعة العدوية) ـ من المتقدمين ـ , وهي حجر أساس في بناء المذهب الصوفي العفن , وهي أحد منشئي مذهب الحلول والاتحاد العاطفي.
وكذلك الحلاج , أو ابن العربي الحاتمي .... إلخ ـ من المتأخرين ـ , وهم أصحاب هذه المدرسة بله هم المنافحون عنها.
ولو أردنا التعمق في هذا المذهب جيداً , وطبقات رجالاته , لخرجنا بنتيجة لا تقل عن 85% إلى 90% من أن المتمسكين به في القديم أو الحديث من المنحرفين عقدياً.
نسأل الله السلامة والعافية.(31/45)
الأشاعرة وموقف أهل السنة منهم للأخ (الرئيسي)
ـ[العوضي]ــــــــ[16 - 05 - 05, 01:26 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد النبي الصادق الأمين وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً، أما بعد:
سلف الأشاعرة:
قبل أن أذكر مواقف أهل العلم من ادعاء الأشاعرة أنهم أهل السنة، أرى أن نتعرف على سلف الأشاعرة، وموقف علماء أهل السنة من السلف منهم.
تشير المصادر التي بين أيدينا بما فيها كتب الأشاعرة أنفسهم - إلى أن سلفهم في مقالتهم هو عبد الله بن سعيد بن كلاب [1]، وأبو العباس القلانسي [2]، والحارث المحاسبي [3].
يقول الشهرستاني (479 - 548هـ) - بعد أن بين أن جماعة كثيرة من السلف كانوا يثبتون صفات الله عز وجل من غير تفرقة بين الصفات الذاتية منها والصفات الفعلية ... -: (حتى انتهى الزمان إلى عبد الله بن سعيد الكلابي، وأبي العباس القلانسي، والحارث بن أسد المحاسبي. وهؤلاء كانوا من جملة السلف إلا أنهم باشروا علم الكلام، وأيدوا عقائد السلف بحجج كلامية، وبراهين أصولية، وصنف بعضهم، ودرس بعض، حتى جرى بين أبي الحسن الأشعري وبين أستاذه [4] مناظرة في مسائل من مسائل الصلاح والأصلح فتخاصما، وانحاز الأشعري إلى هذه الطائفة، فأيد مقالتهم بمناهج كلامية، وصار ذلك مذهباً لأهل السنة والجماعة، وانتقلت سمة الصفاتية إلى الأشعرية" [5].
وكلام الشهرستاني يفيد صراحة؛ أن مذهب الأشعرية إنما تلتمس أصوله لدى جماعة من الصفاتية باشروا الكلام وأثبتوا الصفات من أمال الكلابي، والقلانسي والمحاسبي [6].
ويعتبر الأشاعرة ابن كلاب، إمام أهل السنة في عصره، ويعدونه شيخهم الأول فيقولون: (ذهب شيخنا الكلابي عبد الله بن سعيد إلى ... ) [7].
كما يذكرونه وكذا القلانسي في كتبهم مشيرين إلى أنهما من أصحابهم [8].
فهؤلاء هم سلف الأشعرية، وقد كانوا من جملة السلف، ثم باشروا علم الكلام، فجرهم ذلك إلى مخالفة السلف في بعض ما يقولون وموافقة المعتزلة في بعض أصولهم، وأشهر ما خالفوا فيه السلف ووافقوا المعتزلة مسألة قيام الأفعال الاختيارية بذات الله تعالى.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (وكان الناس قبل أبي محمد بن كلاب صنفين:
فأهل السنة والجماعة: يثبتون ما يقوم بالله تعالى من الصفات والأفعال التي يشاؤها ويقدر عليها.
والجهمية من المعتزلة وغيرهم: تنكر هذا، وهذا.
فأثبت ابن كلاب: قيام الصفات اللازمة به، ونفى أن يقوم به ما يتعلق بمشيئته وقدرته من الأفعال وغيرها ووافقه على ذلك أبو العباس القلانسي وأبو الحسن الأشعري [9] وغيرهما) [10].
فوافق السلف والأئمة من أهل السنة في إثبات الصفات، ووافق الجهمية في نفي قيام الأفعال الاختيارية وما يتعلق بمشيئته وقدرته.
فكان في مسلكهم ميل إلى البدع ومخالفة للسنة ومفارقة للكلام مما جعل علماء السلف من أهل السنة يحذرون منهم.
وقد كان الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة (164 - 241هـ) من أشدهم في ذلك، فقد هجر الحارث بن أسد المحاسبي لأجل ذلك. كما يقول: أبو القاسم النصر أباذي [11]: (بلغني أن الحارث المحاسبي تكلم في شيء من الكلام فهجره أحمد بن حنبل فاختفى، فلما مات لم يصل عليه؛ إلا أربعة نفر) [12].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما الحارث المحاسبي فكان ينتسب إلى قول ابن كلاب، ولهذا أمر أحمد بهجره، وكان أحمد يحذر عن ابن كلاب وأتباعه ... ) [13].
وقال: (والإمام أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة كانوا يحذرون عن هذا الأصل الذي أحدثه ابن كلاب ويحذرون عن أصحابه.
وهذا هو سبب تحذري الإمام أحمد عن الحارث المحاسبي ونحوه من الكلابية) [14].
وقال الإمام أبو بكر ابن خزيمة (ت 311هـ) لما قال له أبو علي الثقفي [15]: (ما الذي أنكرت أيها الأستاذ من مذاهبنا حتى نرجع عنه؟
قال: ميلكم إلى مذهب الكلابية، فقد كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله بن سعيد بن كلاب، وعلى أصحابه مثل الحارث وغيره) [16].
وكان ابن خزيمة رحمه الله شيخ الإسلام وإمام الأئمة في زمنه، شديداً على الكلابية، منابذاً لهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/46)
فإذا كان هذا موقف إمام أهل السنة أحمد بن حنبل من الكلابية الذين هم سلف الأشاعرة، مع موافقتهم لأهل السنة في أكثر أقوالهم كما يدل عليه قول أبي الحسن الأشعري: (فأما أصحاب عبد الله بن سعيد القطان، فإنهم يقولون بأكثر ما ذكرناه عن أهل السنة ... ) [17].
وكان ابن كلاب والمحاسبي يثبتون لله صفة العلو، والاستواء على العرش، كما يثبتون الصفات الخبرية كالوجه واليدين وغيرهما [18].
فكيف بمتأخري الأشاعرة الذين يؤولون ذلك لكه، ويوافقون المعتزلة والجهمية في كثير من أقوالهم، مخالفين بذلك أئمة السلف من أهل السنة بل مخالفين سلفهم ابن كلاب وأصحابه.
فما هو موقف علماء أهل السنة منهم؟ وهل أقروهم على دعواهم أنهم أهل السنة؟
موقف علماء أهل السنة من دعوى الأشاعرة أنهم أهل السنة:
بتتبع كلام أهل العلم من العلماء أهل السنة نجد أقوالهم في ذلك متفاوتة ما بين متشدد، دعاه لذلك ما وقف عليه من مخالفة القول للسنة، وموافقتهم للجهمية والمعتزلة في بعض أقوالهم، فبدعهم وحذر منهم ولم ير استحقاقهم للقب "أهل السنة" الذي يدعونه.
وبين متساهل معدهم من أهل السنة، لما رأى من موافقتهم للسنة في بعض المسائل.
وبين هؤلاء وهؤلاء حاول بعض أهل العلم التدقيق في المسألة، والقول فيها بشيء من التفصيل.
وفرق بعض أهل العلم بين متقدميهم ومتأخريهم، فعد المتقدمين منهم أقرب إلى أهل الحديث والسنة، والمتأخرين أقرب إلى الجهمية والمعتزلة.
وإليك تفصيل أقوالهم مرتبة حسب التصنيف الذي ألمحنا إليه:
القول الأول:
قول بعض أهل العلم: أن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة وإنما هم أهل كلام، عدادهم في أهل البدعة.
وممن ذهب إلى ذلك: الإمام أبو نصر السجزي [19] (ت 444هـ). حيث يرى أنهم محدثة وليسوا أهل سنة، فيقول في فصل عقدة لبيان السنة ما هي؟ ويم يصير المرء من أهلها؟
( ... فكل مدع للسنة يجب أن يطالب بالنقل الصحيح بما يقوله، فإن أتى بذلك علم صدقه، وقبل قوله، وإن لم يتمكن من نقل ما يقوله عن السلف، عُلم أنه محدث زائغ، وأنه لا يستحق أن يصغا إليه أو ينظر في قوله، وخصومنا المتكلمون معلوم منهم أجمع اجتناب النقل والقول به بل تمحينهم لأهله ظاهر، ونفورهم عنهم بين، وكتبهم عارية عن إسناد بل يقولون: قال الأشعري، وقال ابن كلاب، وقال القلانسي، وقال الجبائي ...
ومعلوم أن القائل بما ثبت من طريق النقل الصحيح عن الرسول – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – لا يسمى محدثاً بل سنياً متبعاً، وأن من قال في نفسه قولاً وزعم أنه مقتضى عقله، وأن الحديث المخالف لا ينبغي أن يلتفت إليه، لكونه من أخبار الآحاد، وهي لا توجب علماً، وعقله موجب للعلم يستحق أن يسمى محدثاً مبتدعاًـ ومخالفاً، ومن كان له أدنى تحصيل أمكنه أن يفرق بيننا ونبين مخالفينا بتأمل هذا الفصل في أول وهلة، ويعلم أن أهل السنة نحن دونهم، وأن المبتدعة خصومنا دوننا) [20].
بل يذهب رحمه الله أبعد من ذلك فيرى أن ضررهم أكثر من ضرر المعتزلة، فيقول: (ثم بلي أهل السنة بعد هؤلاء؛ - أي: المعتزلة – بقوم يدعون أنهم من أهل الاتباع، وضررهم أكثر من ضرر المعتزلة وغيرهم وهم أبو محمد بن كلاب وأبو العباس القلانسي، وأبو الحسن الأشعري ... ) [21].
معللاً رأيه هذا بقوله: (فهؤلاء يردون على المعتزلة بعض أقاويلهم ويردون على أهل الأثر أكثر مما ردوه على المعتزلة) [22]. وقوله: ( ... لأن المعتزلة قد أظهرت مذهبها ولم تستقف ولم تُمَوِّه.
بل قالت: إن الله بذاته في كل مكان وإنه غير مرئي، وإنه لا سمع له ولا بصر ... فعرف أكثر المسلمين مذهبهم وتجنبوهم وعدوهم أعداء. والكلابية، والأشعرية قد أظهروا الرد على المعتزلة والذب عن السنة وأهلها، وقالوا في القرآن وسائر الصفات ما ذكرنا بعضه [23]) [24].
وممن عدهم من أهل البدع محمد بن احمد بن خويز منداد المصري المالكي [25]، فقد روى عنه ابن عبد البر: أنه قال في كتاب الشهادات من كتابه "الخلاف"، في تأويل قول مالك: لا تجوز شهادة أهل البدع والأهواء [26] قال: (أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام، فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع أشعرياً كان أو غير أشعري، ولا تقبل له شهادة في الإسلام أبداً، ويهجر ويؤدب على بدعته ... ) [26].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/47)
ومن المتأخرين: الشيخ ابن سمحان [27]، والشيخ عبد الله أبو بطين [28] كما سيأتي ذكر قولهما في ذلك في معرض ردهما على السفاريني في اعتباره الأشاعرة والماتريدية من أهل السنة.
القول الثاني:
السفاريني (1114 - 1188)؛ حيث قسم أهل السنة إلى ثلاث فرق فقال: (أهل السنة والجماعة ثلاث فرق:
1) الأثرية: وإمامهم أحمد بن حنبل ...
2) والأشعرية: وإمامهم أبو الحسن الأشعري [31].
3) والماتريدية: وإمامهم أبو منصور الماتريدي) [32].
ولم يُسَلّم ذلك له فقد تعقبه في الحاشية بعض أهل العلم ولعله الشيخ ابن سمحان فقال: (هذا مصانعة من المصنف رحمه الله تعالى في إدخاله الأشعرية والماتريدية في أهل السنة والجماعة، فكيف يكون من أهل السنة والجماعة من لا يثبت علو الرب سبحانه فوق سماواته، واستواءه على عرشه ويقول: حروف القرآن مخلوقة، وإن الله لا يتكلم بحرف وصوت، ولا يثبت رؤية المؤمنين ربهم في الجنة بأبصارهم، فهم يقرون بالرؤية ويفسرونها بزيادة علم يخلقه الله في قلب الرائي. ويقول: الإيمان مجرد التصديق وغير ذلك من أقوالهم المعروفة المخالفة لما عليه أهل السنة والجماعة) [33].
كما علق على ذلك أيضاً الشيخ عبد الله بابطين (ت 1282هـ) بقوله: (تقسيم أهل السنة إلى ثلاث فرق فيه نظر، فالحق الذي لا ريب فيه أن أهل السنة فرقة واحدة، وهي الفرقة الناجية التي بينها النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – حين سئل عنها بقوله: (هي الجماعة)، وفي رواية: (من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)، أو (من كان على ما أنا عليه وأصحابي). قال: وبهذا عرف أنهم المجتمعون على ما كان عليه النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وأصحابه ولا يكونون سوى فرقة واحدة. – قال -: والمؤلف نفسه يرحمه الله لما ذكر في المقدمة هذا الحديث، قال في النظم:
وليس هذا النص جزماً يعتبر = في فرقة إلا على أهل الأثر
يعني بذلك: الأثرية. وبهذا عرف أن أهل السنة والجماعة هم فرقة واحدة الأثرية والله أعلم) [34].
وممن ذهب مذهب السفاريني. الأستاذ: أحمد عصام الكاتب، فقال في بيان أهل السنة من هم: (وبالجملة فهم: أهل الحديث، والأشاعرة، والماتريدية؛ لأنهم جميعاً التزموا أسس العقيدة وأصولها ... ) [35].
ولا يخفى ما في هذا الكلام من تجوز وتساهل، فإن الخلاف بينهم ولاسيما بين أهل الحديث، وبين الأشعرية والماتريدية، هو في أسس العقيدة وأصولها، ومن أهم هذه الأسس مسألة النقل [36].
ومن هؤلاء الدكتور/ أحمد محمود صبحي. حيث قال في كتابه "في علم الكلام": ( ... ولكن ليس للأشعرية حق الإدعاء أنها تعبر عن فرقة أهل السنة والجماعة، وإنما تجاذب هذه الفرقة فريقان:
1) مذهب السلف من أهل السنة منذ الإمام أحمد بن حنبل إلى أن بلغ به ابن تيمية ذروة التبلور والتماسك.
2) مذهب الخلف من أهل السنة وتشارك الصفاتية والأشعرية فيه مذاهب أخرى أهمها الماتريدية) [37].
فعد الأشعرية من أهل السنة، وإن كان لا يرى انفرادها بذلك.
القول الثالث:
قول من يرى أنهم من أهل السنة فيما وافقوا فيه أهل السنة من أبوب الاعتقاد. وممن قال بذلك:
الشيخ عبد العزيز بن باز حيث قال جواباً على قول الصابوني: (أن التأويل لبعض الصفات لا يخرج المسلم عن جماعة أهل السنة).
قال: (صحيح في الجملة فالمتأول لبعض الصفات كالأشاعرة لا يخرج بذلك عن جماعة المسلمين ولا عن جماعة أهل السنة في غير باب الصفات [38]، ولكنه لا يدخل في جماعة أهل السنة عند ذكر إثباتهم للصفات وإنكارهم للتأويل.
فالاشاعرة وأشباههم لا يدخلون في أهل السنة في إثبات الصفات لكونهم قد خالفوهم في ذلك وسلكوا غير منهجهم، وذلك يقتضي الإنكار عليهم وبيان خطئهم في التأويل، وأن ذلك خلاف منهج الجماعة ... كما أنه لا مانع أن يقال: إن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة في باب الأسماء والصفات، وإن كانوا منهم في الأبواب الأخرى [39]، حتى يعلم الناظر في مذهبهم أنهم قد أخطأوا في تأويل بعض الصفات وخالفوا أصحاب النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وأتباعهم بإحسان في هذه المسألة، تحقيقاً للحق وإنكاراً للباطل وإنزالاً لكل من أهل السنة والأشاعرة في منزلته التي هو عليها ... ) [40].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/48)
وممن ذهب إلى ذلك الدكتور/ صالح الفوزان، حيث قال في تعقيبه على مقالات الصابوني: (نعم هم – يعني: الأشاعرة – من أهل السنة والجماعة في بقية أبواب الإيمان والعقيدة التي لم يخالفوهم فيها، وليسوا منهم في باب الصفات وما خالفوا فيه، لاختلاف مذهب الفريقين في ذلك) [41].
القول الرابع:
اعتبارهم من أهل الإثبات والتفريق بين أئمتهم المتقدمين ومتأخريهم.
وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية الذي يرى: أنهم يعدون من أهل الإثبات؛ لكونهم يثبتون بعض الصفات، وأنهم أقرب إلى أهل السنة من باقي الطوائف، على أنه يفرق بين أئمتهم المتقدمين وبين متأخريهم فعد المتقدمين أقرب إلى السلف وأهل السنة، وجعل المتأخرين أقرب إلى الجهمية والمعتزلة، لعظم موافقتهم لهم في كثير من أقوالهم.
يقول رحمه الله في معرض كلامه عن درجات الجهمية: (وأما الدرجة الثالثة فهم: الصفاتية المثبتون المخالفون للجهمية لكن فيهم نوع من التجهم كالذين يقرون بأسماء الله وصفاته في الجملة، لكن يردون طائفة من أسمائه وصفاته الخبرية، أو غير الخبرية ويتأولونها كما تأول الأولون صفاته كلها، ومن هؤلاء من يقر بصفاته الخبرية الواردة في القرآن دون الحديث كما عليه كثير من أهل الكلام.
ومنهم من يقر بالصفات الواردة في الأخبار أيضاً في الجملة لكن مع نفي وتعطيل لبعض ما ثبت بالنصوص وبالمعقول وذلك كأبي محمد بن كلاب، ومن اتبعه وفي هذا القسم يدخل أبو الحسن الأشعري [42] وطوائف من أهل الفقه والكلام والحديث والتصوف، وهؤلاء إلى أهل السنة المحضة أقرب منهم إلى الجهمية والرافضة والخوارج، لكن انتسب إليهم طائفة هم إلى الجهمية أقرب منهم إلى أهل السنة المحضة، فإن هؤلاء ينازعون المعتزلة نزاعاً عظيماً فيما يثبتونه من الصفات ... ، وأما المتأخرون فإنهم والوا المعتزلة وقاربوهم وقدموهم على أهل السنة والإثبات وخالفوا أوليهم ... ) [43].
وقال في "شرح الأصفهانية": (وأن الأشعرية أقرب إلى السلف والأئمة وأهل الحديث. – وقال - عن كتأخري الأشاعرة: فإن كثيراً من متأخري أصحاب الأشعري خرجوا عن قوله إلى قول المعتزلة أو الجهمية أو الفلاسفة ... ) [44].
-------
قال الدكتور/ محمد باكريم محمد باعبد الله: والذي أراه أنه لابد من التفصيل التالي في اعتبار الأشاعرة من أهل السنة أو إخراجهم عنهم، ولا يطلق عليهم أنهم أهل السنة أو من أهل السنة بإطلاق؛ لأنهم ليسوا على السنة المحضة في كثير من أمور السنة في الاعتقاد، ولا يطلق أنهم ليسوا من أهل السنة؛ لأنهم يدخلون في مسمى أهل السنة بالاعتبارات الآتية:
1) هم من أهل السنة: بالمعنى العام [45] لمصطلح أهل السنة، والذي يدخل فيه جميع المنتسبين إلى الإسلام عدى الرافضة.
2) وهم من أهل السنة: في أمور العبادات العمليات؛ لأن السنة تشمل أمور الاعتقاد والعبادة والأعمال. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ولفظ السنة في كلام السلف يتناول السنة في العبادات، وفي الاعتقادات ... ) [46].
والأشاعرة في أمور العبادات ليس لهم من الأقوال ما يخرجهم عن أهل السنة في الجملة [47].
فبهذه الاعتبارات يعد: الأشاعرة من أهل السنة.
ولكن لما كان اسم (أهل السنة) إذا أطلق فُهم منه أمور العبادات والاعتقادات جميعاً، بل هو بأمور الاعتقاج أخص، كما قال شيخ الإسلام في معنى "أهل السنة": (وقد يراد به: أهل الحديث والسنة المحضة، فلا يدخل فيه إلا من يثبت الصفات لله تعالى، ويقول القرآن غير مخلوق، وإن الله يرى في الآخرة، ويثبت القدر وغير ذلك من الأمور المعروفة عند أهل الحديث والسنة) [48].
ورأينا الأشاعرة ليسوا على السنة المحضة في كل أبواب الاعتقاد، ومسائله التي ذكر الإمام أحمد طرفاً منها وبين أن من خالف فيها لا يعد من أهل السنة كما سيأتي فهل نقول: هم من أهل السنة؛ لأنهم وافقوا السنة في بعض أبواب ومسائل العقيدة، أم نسحب عنهم هذا الاسم لمخالفتهم للسنة في بعض المسائل والأبواب؟ هذا مناط الخلاف في كونهم من أهل السنة أو ليسوا من أهلها.
فمن تغاضى عن المسائل التي خالفوا فيها أهل السنة، قال هم من أهل السنة؛ لأنهم من أهل السنة في أبواب العبادات ولم يخرجوا عن اعتقاد أهل السنة في كل أبواب الاعتقاد. وعلى هذا يخرج عد السفاريني وغيرهم إياهم من أهل السنة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/49)
ومن رأى أنه لا يستحق اسم "أهل السنة" إلا من وافق السنة في أمور العبادات والاعتقادات، ومن خالف مذاهب أهل السنة وسلف الأمة في شيء من ذلك ولاسيما في أبواب الاعتقاد، فإنه يستحق اسم "أهل السنة".
قال: ليس الأشاعرة من أهل السنة، وعلى هذا يخرج قول من قال: ليسوا من أهل السنة كالإمام السجزي والشيخ بابطين وغيرهما.
وربما وجد ما يؤيد هذا الاتجاه من كلام أئمة السلف، حيث عدد كثير منهم مسائل الاعتقاد التي يكون المرء إذا استكملها من أهل السنة، وإن أخل بشيء منها فليس هو من أهل السنة، وذلك مثل:
قول الإمام أحمد: (هذا مذاهب أهل العلم، وأصحاب الأثر وأهل السنة المتمسكين بعروتها المعروفين بها، المقتدي بهم فيها من لدن أصحاب النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – إلى يومنا هذا، وأدركت من علماء الحجاز، والشام وغيرهما عليها، فمن خالف شيئاً من هذه المذاهب أو طعن فيها، أو عاب قائلها فهو مخالف مبتدع وخارج عن الجماعة زايل عن منهج السنة وسبيل الحق، فكان قولهم: أن الإيمان قول وعمل ونية وتمسك بالسنة، والإيمان يزيد وينقص ... ) [49]. ثم ذكر جملة اعتقاد أهل السنة.
وقول علي المديني: ( ... السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقلها، أو يؤمن بها لم يكن من أهلها: الإيمان بالقدر خيره وشره ثم تصديق الأحاديث والإيمان بها ... إلى آخر الاعتقاد) [50].
وقول عبد الله بن المبارك: (أصل اثنين وسبعين هوى: أربعة أهواء فمن هذه الأربعة الأهواء تشعبت الاثنان وسبعون هوى: القدرية والمرجئة والشيعة والخوارج.
فمن قدم أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً على أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – ولم يتكلم في الباقين إلا بخير ودعا لهم، فقد خرج من التشيع أوله وآخره.
ومن قال: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص فقد خرج من الإرجاء أوله وآخره.
ومن قال الصلاة خلف كل بر وفاجر، والجهاد مع كل خليفة، ولم ير الخروج على السلطان بالسيف ودعا لهم بالصلاح فقد خرج من قول الخوارج أوله وآخره.
ومن قال: المقادير كلها من الله عز وجل خيرها وشرها يضل من يشاء ويهدي من يشاء؛ فقد خرج من قول القدرية أوله وآخره، وهو صاحب سنة ... ) [51].
وقول عبيد الله بن بطة العكبري: (ونحن ذاكرون شرح السنة ووصفها، ومت هي في نفسها، وما الذي إذا تمسك به العبد ودان الله به سمى بها واستحق الدخول في جملة أهلها، وما إن خالفه أو شيئاً منه دخل في جملة من عبناه وذكرناه وحذر منه من أهل البدع والزيع فما أجمع على شرحنا له أهل الإسلام وسائر الأمة منذ بعث نبيه – صلى الله عليه وعلى آله وسلم - إلى وقتنا هذا. – ثم ذكر الإيمان والصفات والقدر وغيرها من أمور الاعتقاد - ... ) [52].
فكلام هؤلاء الأئمة المعتبرين المقتدى بهم صريح في أن أحداً لا يرقى ولا يتأهل لحمل لقب "صاحب سنة" أو أنه "من أهل السنة"؛ إلا إذا تحققن فيه خصال السنة التي أجمعوا عليها.
أما من رأى من أهل العلم أن من خالف السنة في باب من أبواب الاعتقاد ووافقها في باب آخر فهو من أهل السنة فيما وافق فيه السنة، وليس منهم فيما خالفهم فيه، وذلك من باب أن المرء يمدح بقدر ما فيه من موافقة السنة، ويذم بقدر ما فيه من مخالفتها، وأن إخراج قوم من مسمى "أهل السنة"؛ لأنهم خالفوا السنة في باب دون باب، فيه مجانبة للعدل والإنصاف، من رأى هذا الرأي قال مثلاً: الأشاعرة من أهل السنة في أبواب الإيمان والعقيدة التي لم يخالفوهم فيها، وليسوا منهم في باب الصفات وما خالفوا فيه.
والذي أميل إليه: أن لا يقال: (الأشاعرة من أهل السنة) إلا بقيد، فيقال: هم من أهل السنة في كذا، في الأبواب التي لم يخالفوا فيها مذهب أهل السنة.
لأننا إذا أطلقنا القول بأنهم من "أهل السنة" التبس الأمر وظن من لا دراية له بحالهم أنهم على مذهب أهل السنة والسلف في كل خصال السنة، والواقع أنهم ليسوا كذلك. بل في أقوالهم ما يخالف السنة في كثير من أبواب الاعتقاد. فليسوا على السنة المحضة في كل اعتقاداتهم.
وإذا أطلقنا القول بأنهم ليسوا من أهل السنة، كان ذلك حكماً بأنهم خالفوا السنة في كل أبواب الاعتقاد، والأمر ليس كذلك فقد وافقوا أهل السنة في أبواب الصحابة والإمامة وبعض السمعيات.
فالعدل والإنصاف يقتضي أن يحكم على كلٍ بما يستحق على ضوء ما رضي لنفسه من قول واختلط من نهج.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/50)
والله تعالى أعلم.
المصدر:
كتاب: وسطية أهل السُنة بَينَ الفرق (ص72 - 89)، تأليف الدكتور/ محمد باكريم محمد باعبد الله، ط. الأولى 1415هـ - 1994م، دار الراية للنشر والتوزيع.
الهوامش:
[1] وهو: أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب القطان، صاحب التصانيف في الرد على المعتزلة، وربما وافقهم. وكلاب مثل خطاف وزنا ومعنى، لقب به لقوته في المناظرة؛ لأنه كان يجر الخصم إلى نفسه ببيانه وبلاغته، وأصحابه هم الكلابية، أدرك بعضهم أبو الحسن الأشعري، توفي بعد الأربعين ومائتين.
انظر ترجمته في: الفهرست لابن النديم (230)، والسير للذهبي (11/ 174).
[2] وهو أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن خالد القلانسي الرازي.
انظر: ابن عساكر، تبيين كذب المفتري (ص398).
[3] وهو: الحارث بن أسد المحاسبي البغدادي، من الزهاد المتكلمين على العبادة والزهد ... ، وكان فقيهاً متكلماً، توفي سنة 243هـ.
انظر ترجمته في: الفهرست لابن النديم (236)، وميزان الاعتدال للذهبي (1/ 430 - 431)، والكامل لابن الأثير (5/ 298).
[4] وهو شيخه: أبو علي الجبائي.
[5] الملل والنحل (1/ 93).
[6] د. أحمد محمود صبحي. في علم الكلام (ص422).
[7] الشهرستاني، نهاية الإقدام (302).
[8] انظر: البغدادي، أصول الدين (ص87، 97، 234)، والجويني الإرشاد (ص119).
[9] أبو الحسن الأشعري رحمه الله ثبت رجوعه إلى مذهب السلف في ذلك على ما جاء في كتابي الإبانة والمقالات.
[10] درء التعارض العقل والنقل (2/ 6).
[11] وهو إبراهيم بن محمد بن أحمد بن محمويه الخراساني النصر أباذي، كان عالماً بالحديث، وكان من شيوخ الصوفية في وقته، نزل مكة وتوفي بها سنة 367هـ.
انظر ترجمته: الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد (6/ 169)، والسمعاني، الأنساب (5/ 492)، والذهبي، سير أعلام النبلاء (16/ 263).
[12] الذهبي، ميزان الاعتدال (1/ 430)، وابن حجر، تهذيب التهذيب (2/ 153).
[13] درء تعارض العقل والنقل (2/ 6).
[14] الفتاوى (12/ 368).
[15] وهو: محمد بن عبد الوهاب بن عبد الرحمن، أبو علي الثقفي، ذكر الحاكم أنه كان إماماً في الفقه والكلام، والوعظ والورع، روى عنه أبو بكر ابن إسحاق (ابن خزيمة)، مات سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة.
انظر: تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي، طبقات الشافعية الكبرى (3/ 192)، (بتحقيق محمود الطانحي، وعبد الفتاح الحلو، ط. الأولى 1383هـ-1964م).
[16] الذهبي، سير أعلام النبلاء، ترجمة ابن خزيمة (14/ 380).
[17] مقالات الإسلاميين (1/ 350).
[18] انظر: ابن تيمية، درء التعارض (3/ 380 - 381، 5/ 248، 6/ 119).
[19] هو: عبيد الله بن سعيد بن حاتم الوايلي، له كتاب الإبانة في الرد على الزائغين، وكتاب الرد على من أنكر الحرف والصوت، توفي سنة 444هـ. وقد قدم الدكتور/ محمد باكريم محمد باعبد الله عنه دراسة موسعة في مقدمة تحقيق كتاب الرد على من أنكر الحرف والصوت، الذي نال به درجة الماجستير من الجامعة الإسلامية، ونشره المجلس العلمي بها.
[20] انظر: الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص100 - 101)، وانظر: (ص62) من هذا الرسالة.
[21] نفس المصدر (222).
[22] نفس المصدر (223).
[23] الاستقفاء: الاتيان من الخلف يقال: اقتفيه بالعصا، واستقفيته ضربت قفاه بها.
انظر: لسان العرب (15/ 193).
[24] يشير رحمه الله إلى ما ذكره عنهم من قولهم في القرآن إن اله تكلم به بلا حرف ولا صوت، وتأويلهم للصفات كالاستواء والنزول والفوقية وغير ذلك.
انظر مثلاً (ص82، 106، 107، 173)، وما بعدها من رسالة "الرد على من أنكر الحرف والصوت".
[25] الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص177، 178).
[26] قال ابن فرحون: هو محمد بن أحمد بن عبد الله ورأيت على كتبه بخطه: محمد بن أحمد بن علي بن إسحاق، تفقه على الأبهري، وله كتاب كبير في الخلاف ... وكان يجانب الكلام، وينافر أهله، حتى يؤدي ذلك إلى منافرة المتكلمين من أهل السنة، ويحكم على الكل منهم بأنهم من أهل الأهواء الذين قال مالك في مناكحتهم وشهادتهم وإمامتهم وتنافرهم ما قال.
الديباج المذهب، (بتحقيق د. محمد الأحمدي أبو النور، نشر: دار التراث بالقاهرة)، (2/ 229).
[27] في قبول شهادة أهل الأهواء والبدع أوردها عدة أقوال لأهل العلم ملخصها ما يلي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/51)
أولاً: من عرف من أهل البدع بالكذب واستحلال شهادة الزور على الخصوم فترد شهادته باتفاق، وذلك كغلاة الروافض كما قال الإمام الشافعي فيما رواه البيهقي: (أجيز شهادة أهل الأهواء كلهم؛ ألا الرافضة فإنه يشهد بعضهم لبعض)، وقال: (لم أر أشهد بالزور من الرافضة).
ثانياً: أما سار أهل الأهواء ففي قبول شهادتهم ثلاثة أقوال:
1) القبول مطلقاً.
2) الرد مطلقاً.
3) تقبل إذا لم يكن المبتدع داعية لبدعته، وترد إذا كان داعية إلى ذلك. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وهذا لقول هو الغالب على أهل الحديث لا يرون الرواية عن الداعية إلى البدع ولا شهادته).
راجع في هذا: منهاج السنة (1/ 62)، ط. جامعة الإمام، وسنن البيهقي (10/ 52 - 53 (، وشرح السنة للبغوي (1/ 228).
[28] انظر: جامع بيان العلم وفضله (2/ 117) ط. الثانية 1388، نشر: المكتبة السلفية بالمدينة المنورة.
[29] وهو: سليمان بن مصلح بن حمدان الخثعمي العسيري أصلاً ومولداً، ولد سنة 1266هـ ببلاد عسير، ثم رحل مع أبيه إلى نجد، وأخذ على علمائها، له عدة مصنفات في الدفاع عن العقيدة السلفية شعراً ونثراً، ما في الرياض سنة 1349هـ.
انظر: عبد الله بن عبد الرحمن البسام، علماء نجد (1/ 279 - 281)، ط. الأولى عام 1398هـ. نشر: مكتبة ومطبعة النهضة الحديثة بمكة.
[30] وهو: عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن أبو بطين. أحد أكابر علماء نجد ولي القضاء في عدة أماكن منها. له مصنفات وردود على المخالفين، منها: الفتاوى، وتأسيس التقديس في الرد على ابن جرجيس، ولد في روضة سدير عام 1194هـ، وتوفي بعنيزة سنة 1282هـ.
انظر: المصدر السابق (2/ 567).
[31] ثبت رجوع أبي الحسن عما عليه الأشعرية إلى مذهب الإمام أحمد فلا يعد إماماً لهم في مذهبهم الذي هم عليه لرجوعه عنه.
[32] لوامع الأنوار البهية (1/ 73).
[33] لوامع الأنوار البهية (1/ 73) حاشية رقم (4).
[34] المصدر السابق (1/ 73) حاشية رقم (4) أيضاً.
[35] عقيدة التوحيد في فتح الباري (ص86)، ط. الأولى 1403هـ. نشر: دار الأفاق الجديدة – بيروت.
[36] المراد بالنقل: نصوص الكتاب والسنة.
[37] (ص426 - 427).
[38] من الأبواب التي يخالفوهم فيها.
[39] أي: التي لم يخالفوهم فيها، فإن مخالفة الأشاعرة لأهل السنة ليست مقصورة على باب الأسماء والصفات، فقد خالفوهم في أبواب أخرى كالإيمان، والقدر، فهم ليسوا من أهل السنة فيها، كما أنهم ليسوا منهم في باب الأسماء والصفات.
[40] تنبيهات هامة على ما كتبه محمد علي الصابوني في صفات الله عز وجل (ص37 - 38)، ط. الأولى 1404هـ. نشر: الدار السلفية – الكويت.
[41] البيان لأخطاء بعض الكتاب (ص28).
[42] قبل رجوعه إلى مذهب السلف.
[43] رسالة "التسعينية" ضمن المجلد الخامس من الفتاوى الكبرى (ص40 - 42) ط. كردستان العلمية بالقاهرة سنة 1329هـ.
[44] شرح الأصفهانية، بتقديم: حسنين محمد مخلوف (ص77 - 78)، نشر: دار الكتاب الحديثة بمصر.
[45] المعنى العام يدخل فيه جميع المنتسبين إلى الإسلام عدى الرافضة، فيقال: هذا رافضي، وهذا سني، وهذا هو اصطلاح العامة؛ (لأن الرافضة هم المشهورون عندهم بمخالفة السنة فجمهور العامة لا تعرف ضد السني إلا الرافضي، فإذا قال أحدهم: أنا سني فإنما؛ معناه: لست رافضياً).
انظر: ابن تيمية، الفتاوى (3/ 356).
وقد ورد عن بعض السلف ما يشير إلى هذا المعنى فقد قيل لسفيان الثوري: (يا أبا عبد الله! وما موافقة السنة؟ قال: تقدمة الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما)، فالسني عنده من قدمهما على غيرهما في الخلافة والفضل، ومن لم يقدمهما فليس بسني، ولم يؤخرهما عن مرتبتهما إلا الرافضة.
انظر: اللالكائي في "شرح أصول أهل السنة" (1/ 152). من كتاب "وسطية أهل السنة بين الفرق" للدكتور/ محمد باكريم محمد باعبد الله (ص46 - 47).
[46] قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" (ص77): ولفظ السنة في كلام السلف يتناول السنة في العبادات، وفي الاعتقادات، وإن كثير ممن صنف في السنة يقصدون الكلام في الاعتقادات.
وهذا كقول: ابن مسعود، وأبي بن كعب، وأبي الدرداء رضي الله عنهم: (اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة).
الأثر أخرجه الدارمي عن ابن مسعود بلفظ: (القصد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة) (1/ 72)، والبيهقي، انظر: السنن الكبرى (3/ 19)، قال الألباني: وهذا الأثر صحيح. انظر صلاة التراويح (ص6).
[47] أقول في الجملة؛ لأن بعض أئمتهم ولاسيما المتأخرين منهم، ابتلوا بشيء الابتداع في العبادات، وأغرق بعضهم في التصوف المنحرف، فابتعدوا عن السنة والاتباع في العبادات أيضاً كما ابتعدوا عنها في مسائل الاعتقاد.
[48] وانظر: منهاج السنة (2/ 163).
[49] السنة (ص33).
[50] اللالكائي، شرح أصول أهل السنة (1/ 165).
[51] ابن أبي يعلى، طبقات الحنابلة (2/ 40).
[52] الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة (175 - 176).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/52)
ـ[الأحمدي]ــــــــ[16 - 05 - 05, 07:53 م]ـ
جزاك الله خير شيخنا العوضي
وهناك كتاب كان الشيخ العثيمين يوصي به في هذا الموضوع وهو:
الفرق بين أهل السنة والأشاعرة
للشيخ: سفر الحوالي.
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[16 - 05 - 05, 08:06 م]ـ
واوصى به الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله - في شرحه على الاربعين النووية طبعة مؤسسة ابن عثيمين الخيرية
ـ[العوضي]ــــــــ[21 - 05 - 05, 01:59 م]ـ
اضغط هنا واستمع لكلام الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - ( http://www.islamgold.com/rmdata/11_othyameen_ketabSafar.rm)(31/53)
ما هي عقيدة الإمام عبدالرزاق الصنعاني؟
ـ[محمد الشعراوي]ــــــــ[17 - 05 - 05, 09:39 م]ـ
ما هي العقيدة التي كان عليها عبد الرزاق الصنعاني في الصفات خاصة الاستواء هل في تفسيره شيئ يدل على موقفه من تلك الصفة؟ أفيدونا بارك الله فيكم(31/54)
عقيدة الأئمة الأربعة في الأسماء والصفات
ـ[محمد أحمد أحمد]ــــــــ[18 - 05 - 05, 07:14 م]ـ
عقيدة الأئمة الأربعة في الأسماء والصفات
الإمام أبو حنيفة
) قال الإمام أبو حنيفة: لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين، وغضبه ورضاه صفتان من صفاته بلا كيف، وهو قول أهل السنة والجماعة، وهو يغضب ويرضى ولا يقال: غضبه عقوبته، ورضاه ثوابه. ونصفه كما وصف نفسه أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، حي قادر سميع بصير عالم، يد الله فوق أيديهم، ليست كأيدي خلقه، ووجهه ليس كوجوه خلقه. [الفقه الأبسط ص56]
2) قال الإمام أبو حنيفة: وله يد ووجه ونفس كما ذكره الله تعالى في القرآن، فما ذكره الله تعالى في القرآن، من ذكر الوجه واليد والنفس فهو له صفات بلا كيف، ولا يقال: إن يده قدرته أو نعمته؛ لأن فيه إبطالَ الصفة، وهو قول أهل القدر والاعتزال… [الفقه الأكبر ص302]
3) قال البزدوي: العلم نوعان علم التوحيد والصفات، وعلم الشرائع والأحكام. والأصل في النوع الأول هو التمسُّك بالكتاب والسُّنة ومجانبة الهوى والبدعة ولزوم طريق السنُّة والجماعة، وهو الذي عليه أدركنا مشايخنا وكان على ذلك سلفنا أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وعامة أصحابهم. وقد صنف أبو حنيفة - رضي الله عنه - في ذلك كتاب الفقه الأكبر، وذكر فيه إثبات الصفات وإثبات تقدير الخير والشر من الله. [أصول البزدوي ص3، كشف الأسرار هن أصول البزدوي ج1 ص7، 8]
4) قال الإمام أبو حنيفة: لا ينبغي لأحد أن ينطق في ذات الله بشيء، بل يصفه بما وصف به نفسه، ولا يقول فيه برأيه شيئاً تبارك الله تعالى ربّ العالمين. [شرح العقيدة الطحاوية ج2 ص427 تحقيق د. التركي وجلاء العينين ص368]
5) سئل الإمام أبو حنيفة عن النزول الإلهي، فقال: ينزل بلا كيف. [عقيدة السلف أصحاب الحديث ص42، الأسماء والصفات للبيهقي ص456، وسكت عليه الكوثري، شرح الطحاوية ص245، شرح الفقه الأكبر للقاري ص60]
6) قال الملاَّ علي القاري بعد ذكره قول الإمام مالك: "الاستواء معلوم والكيف مجهول…": اختاره إمامنا الأعظم – أي أبو حنيفة – وكذا كل ما ورد من الآيات والأحاديث المتشابهات من ذكر اليد والعين والوجه ونحوها من الصفات. فمعاني الصفات كلها معلومة وأما كيفيتها فغير معقولة؛ إذْ تَعقُّل الكيف فرع العلم لكيفية الذات وكنهها. فإذا كان ذلك غير معلوم؛ فكيف يعقل لهم كيفية الصفات. والعصمة النَّافعة من هذا الباب أن يصف الله بما وصف به نفسه، ووصفه به رسوله من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل يثبت له الأسماء والصفات وينفي عنه مشابهة المخلوقات، فيكون إثباتك منزهاً عن التشبيه، ونفيك منزَّهاً عن التعطيل. فمن نفى حقيقة الاستواء فهو معطل ومن شبَّهه باستواء المخلوقات على المخلوق فهو مشبِّه، ومن قال استواء ليس كمثله شيء فهو الموحِّد المنزه. [مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ج8 ص251]
7) قال الإمام أبو حنيفة: ولا يقال إن يده قدرته أو نعمته لأنَّ فيه إبطال صفة، وهو قول أهل القدر والاعتزال. [الفقه الأكبر ص302]
8) قال الألوسي الحنفيُّ: أنت تعلم أن طريقة كثير من العلماء الأعلام وأساطين الإسلام الإمساك عن التأويل مطلقاً مع نفي التَّشبيه والتجسيم. منهم الإمام أبو حنيفة، والإمام مالك، والإمام أحمد، والإمام الشافعيَّ، ومحمد بن الحسن، وسعد بن معاذ المروزيُّ، وعبد الله بن المبارك، وأبو معاذ خالد بن سليمان صاحب سفيان الثوري، وإسحاق بن راهُويه، ومحمد بن إسماعيل البخاري، والترمذي، وأبو داود السجستاني .. [روح المعاني ج6 ص156]
9) قال الإمام أبو حنيفة: ولا يشبه شيئاً من الأشياء من خلقه، ولا يشبهه شيء من خلقه، لم يزل ولا يزال بأسمائه وصفاته ... [الفقه الأكبر ص301]
10) قال الإمام أبو حنيفة: وصفاته بخلاف صفات المخلوقين يعلم لا كعلمنا، ويقدر لا كقدرتنا، ويرى لا كرؤيتنا، ويسمع لا كسمعنا، ويتكلَّم لا ككلامنا ... [الفقه الأكبر ص302]
11) قال الإمام أبو حنيفة: لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين. [الفقه الأبسط ص56]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/55)
12) قال الإمام أبو حنيفة: وصفاته الذاتية والفعلية: أما الذاتية فالحياة والقدرة والعلم والكلام والسمع والبصر والإرادة، وأما الفعلية فالتخليق والترزيق والإنشاء والإبداع والصنع وغير ذلك من صفات الفعل لم يزل ولا يزال بأسمائه وصفاته. [الفقه الأكبر ص301]
13) قال الإمام أبو حنيفة: ولم يزل فاعلاً بفعله، والفعل صفة في الأزل، والفاعل هو الله تعالى، والفعل صفة في الأزل والمفعول مخلوق وفعل الله تعالى غير مخلوق. [الفقه الأكبر ص301]
14) قال الإمام أبو حنيفة: من قال لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض فقد كفر، وكذا من قال إنه على العرش، ولا أدري العرش أفي السماء أم في الأرض. [الفقه الأبسط ص49، مجموع الفتاوى لابن تيمية ج5 ص48، اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم ص139، العلو للذهبي ص101، 102، العلو لابن قدامة ص116، شرح الطحاوية لابن أبي العز ص301]
15) قال الإمام أبو حنيفة للمرأة التي سألته أين إلهك الذي تعبده؟ قال: إن الله سبحانه وتعالى في السماء دون الأرض، فقال رجل: أرأيت قول الله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ} [سورة الحديد: الآية 4] قال: هو كما تكتب للرجل إني معك وأنت غائب عنه. [الأسماء والصفات ص429]
16) قال الإمام أبو حنيفة: والقرآن غير مخلوق. [الفقه الأكبر ص301]
17) قال الإمام أبو حنيفة: ونقر بأن القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق. [الجواهر المنفية في شرح وصية الإمام ص10]
18) قال الإمام أبو حنيفة: ونقر بأن الله تعالى على العرش استوى من غير أن يكون له حاجة. [شرح الوصية ص10]
الإمام مالك
) سئل مالك عن الكلام والتوحيد؛ فقال مالك: محال أن يُظنَّ بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أنه علَّم أمَّته الاستنجاء، ولم يعلمهم التوحيد، والتوحيد ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله. فما عُصم به المال والدم حقيقة التوحيد. [ذم الكلام ق - 210]
2) عن وليد بن مسلم قال: سألت مالكاً، والثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد عن الأخبار في الصفات؛ فقالوا أمِرّوها كما جاءت. [الصفات للدارقطني ص75، الشريعة للآجري ص314، الأعتقاد للبيهقي ص118، التمهيد لابن عبد البر ج7 ص149]
3) قال ابن عبد البر: سئل مالك أيُرى الله يوم القيامة؟ فقال: نعم يقول الله عزَّ وجلَّ: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ {22} إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [سورة القيامة: الآيتان 22، 23] وقال لقوم آخرين: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} [سورة المطففين: الآية 15]. [الانتقاء ص36]
4) عن ابن نافع، وأشهب، وأحدهما قال: يزيد على الآخر: يا أبا عبد الله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ {22} إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [سورة القيامة: الآيتان 22، 23]، ينظرون إلى الله؟ قال: نعم بأعينهم هاتين؛ فقلت له: فإن قوماً يقولون: لا ينظر إلى الله، إنَّ {نَاظِرَةٌ} بمعنى منتظرة الثواب. قال: كذبوا بل ينظر إلى الله أما سمعت قول موسى عليه السلام: {رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ} [سورة الأعراف: الآية 143] أفترى موسى سأل ربه محالاً؟ فقال الله: {لَن تَرَانِي} [سورة الأعراف: الآية 143] أي في الدنيا لأنها دار فناء ولا ينظر ما يبقى بما يفنى فإذا صاروا إلى دار البقاء نظروا بما يبقى إلى ما يبقى وقال الله: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} [سورة المطففين: الآية 15]. [ترتيب المدارك للقاضي عياض ج2 ص42]
5) عن جعفر بن عبد الله قال: كنا عند مالك بن أنس فجاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله، {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [سورة طه: الآية 5] كيف استوى؟ فما وجد - جاء في لسان العرب ج3 ص446: وجد عليه في الغضب يُجِدُ وجداً ومَوْجِدَة ووجداناً غضب، وفي حديث الإيمان، إني سائلك فلا تجد عليَّ أي لا تغضب من سؤالي - مالك من شيء ما وجد من مسألته، فنظر إلى الأرض، وجعل ينكت بعودٍ في يده علاه الرحضاء - يعني العرق - ثم رفع رأسه ورمى بالعود، وقال: الكيف منه غير معقول، والاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وأظنك صاحب بدعة وأمر به فأخرج. [الحلية لابي نعيم ج6 ص325، عقيدة السلف أصحاب الحديث للصابوني ص17 - 18، التمهيد ج7 ص151، الأسماء والصفات للبيهقي ص407، قال الحافظ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/56)
ابن حجر في الفتح ج13 ص406، 407: إسناده جيد. وصححه الذهبي في العلو ص103]
6) عن يحيى بن الربيع قال: كنت عند مالك ابن أنس، ودخل عليه رجل فقال: يا أبا عبد الله، ما تقول فيمن يقول القرآن مخلوق؟ فقال مالك: زنديق فاقتلوه. فقال: يا أبا عبد الله، إنما أحكي كلاماً سمعته. فقال: لم أسمعه من أحد، إنما سمعته منك، وعظَّم هذا القول. [الحلية لابي نعيم ج6 ص325، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي ج1 ص249، ترتيب المدارك للقاضي عياض ج2 ص44]
7) عن عبد الله بن نافع قال: كان مالك بن أنس يقول: من قال القرآن مخلوق، يوجع ضرباً، ويحبس حتى يتوب. [الانتقاء ص35]
8) عن عبد الله بن نافع قال: قال مالك: الله في السماء، وعلمه في كل مكان. [مسائل الإمام أحمد لأبي داود ص263، السنة لعبد الله بن أحمد ص11 (الطبعة القديمة)، التمهيد لابن عبد البر ج7 ص138]
الإمام الشافعي
1) عن الربيع بن سليمان قال: قال الشافعي: من حلف باللهِ، أو باسم من أسمائه، فحنث؛ فعليه الكفارة. ومن حلف بشيء غير اللهِ، مثل أن يقول الرجل: والكعبة، وأبي، وكذا وكذا ما كان، فحنث؛ فلا كفارة عليه. ومثل ذلك قوله: لعمري .. لا كفارة عليه. ويمين بغير اللهِ فهي مكروهة، منهي عنها من قبل قول الرسول - صلى الله عليه وسلم: إن اللهَ عزَّ وجلَّ نهاكم أن تحلِفوا بأبائكم، فمن كان حالفاً فليحلِف بالله أو ليسكت. [مناقب الشافعي ج1 ص405] وعلل الشافعي ذلك بأن أسماء اللهِ غير مخلوقة؛ فمن حلف باسم اللهِ، فحنث؛ فعليه الكفارة. [آداب الشافعي لابن أبي حاتم ص193، الحلية لابي نعيم ج9 ص112، السنن الكبرى للبيهقي ج10 ص28، الأسماء والصفات للبيهقي ص255، 256، شرح السنة للبغوي ج1 ص188، والعلو للذهبي ص121، ومختصره للألباني ص77]
2) عن الشافعي أنه قال: القول في السنة التي أنا عليها، ورأيت أصحابنا عليها، أهل الحديث الذين رأيتهم، وأخذت عنهم مثل سفيان، ومالك، وغيرهما: الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأن اللهَ تعالى على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء، وأن الله تعالى ينزل إلى سماء الدنيا كيف شاء. [اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم ص165، إثبات صفة العلو ص124، مجموع الفتاوى ج4 ص181 - 183، والعلو للذهبي ص120، ومختصره للألباني ص176]
3) عن المزني قال: قلت إن كان أحد يخرج ما في ضميري، وما تعلَّق به خاطري من أمر التوحيد؛ فالشافعي، فصرت إليه وهو في مسجد مصر، فلما جثوت بين يديه، قلت: هجس في ضميري مسألة في التوحيد، فعلمت أن أحداً لا يعلم علمك، فما الذي عندك؟ فغضب ثم قال: أتدري أين أنت؟ قلت: نعم. قال: هذا الموضع الذي أغرق اللهُ فيه فرعون، أبلغك أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أمر بالسؤال عن ذلك؟ قلت: لا، قال: هل تكلم فيه الصحابة؟ قلت: لا، قال: أتدري كم نجماً في السماء؟ قلت: لا، قال: فكوكب منها تعرف جنسه، طلوعه، أفوله، ممَّ خُلِق؟ قلت: لا، قال: فشيءٌ تراه بعينك من الخلق لست تعرفه تتكلم في علم خالقه؟ ثم سألني عن مسألة في الوضوء فأخطأت فيها، ففرَّعها على أربعة أوجهٍ، فلم أصب في شيء منه، فقال: شيءٌ تحتاج إليه في اليوم خمس مرات؛ تدع عِلْمَهُ وتتكلف علم الخالق إذا هجس في ضميرك ذلك. فارجع إلى قول اللهِ تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ {163} إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ} [سورة البقرة: الآيتان 163، 164] فاستدل بالمخلوق على الخالق، ولا تتكلف على ما لم يبلغه عقلك. [سير أعلام النبلاء ج10 ص31]
4) عن يونس بن عبد الأعلى، قال: سمعت الشافعي يقول: إذا سمعت الرجل يقول الاسم غير المُسمى، أو الشيء غير الشيء، فاشهد عليه بالزندقة. [الانتقاء ص79، مجموع الفتاوى ج6 ص187]
5) قال الشافعي في كتابه الرسالة: والحمد لله ... الذي هو كما وصف به نفسه، وفوق ما يصفه به خلقه. [الرسالة ص7، 8]
6) عن الشافعي أنه قال: نثبت هذه الصفات التي جاء بها القرآن، ووردت بها السنة، وننفي التشبيه عنه، كما نفى عن نفسه، فقال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [سورة الشورى: الآية 11] [السير للذهبي ج20 ص341]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/57)
7) عن الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي يقول في قول الله عزَّ وجلَّ: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} [سورة المطففين: الآية 15] أعلمنا بذلك أن ثم قوماً غير محجوبين، ينظرون إليه، لا يضامون في رؤيته. [الانتقاء ص79]
8) عن الربيع بن سليمان قال: حضرت محمد ابن إدريس الشافعي، جاءته رقعة من الصعيد فيها: ما تقول في قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} [سورة المطففين: الآية 15] قال الشافعي: فلما حجبوا هؤلاء في السخط؛ كان هذا دليلاً على أنه يرونه في الرضا. قال الربيع: قلت يا أبا عبد الله وبه تقول؟ قال: نعم به أدين اللهَ. [شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي ج2 ص506]
9) عن الجارودي قال: ذُكر عند الشافعي، إبراهيم بن إسماعيل بن عُلَيَّة [قال عنه الذهبي: جهمي هالك كان يناظر ويقول بخلق القرآن. ميزان الاعتدال ج1 ص20، وانظر ترجمته في لسان الميزان ج1 ص34، 35] فقال: أنا مخالف له في كل شيء، وفي قوله لا إله إلا الله، لست أقول كما يقول. أنا أقول: لا إله إلا الله الذي كلَّم موسى عليه السلام تكليماً من وراء حجاب، وذاك يقول لا إله إلا اللهُ الذي خلق كلاماً أسمعه موسى من وراء حجاب. [الانتقاء ص79، والقصة ذكرها الحافظ عن مناقب الشافعي للبيهقي، اللسان ج1 ص35]
10) عن الربيع بن سليمان، قال الشافعي: من قال القرآن مخلوق؛ فهو كافر. [شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي ج1 ص252]
11) عن أبي محمد الزبيري قال: قال رجل للشافعي، أخبرني عن القرآن خالق هو؟ قال الشافعي: اللهم لا، قال: فمخلوق؟ قال الشافعي: اللهم لا. قال: فغير مخلوق؟ قال الشافعي: اللهم نعم، قال: فما الدليل على أنه غير مخلوق؟ فرفع الشافعي رأسه وقال: تقر بأن القرآن كلام الله؟ قال: نعم. قال الشافعي: سبقت في هذه الكلمة، قال الله تعالى ذكره: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ} [سورة التوبة: الآية 6] {وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} [سورة النساء: الآية 164] قال الشافعي: فتقر بأن الله كان، وكان كلامه؟ أو كان الله، ولم يكن كلامه؟ فقال الرجل: بل كان الله، وكان كلامه. قال: فتبسم الشافعي وقال: يا كوفيون إنكم لتأتوني بعظيم من القول إذا كنتم تقرُّون بأن الله كان قبل القبل، وكان كلامه. فمن أين لكم الكلام: إن الكلام اللهُ، أو سوى اللهِ، أو غير اللهِ، أو دون اللهِ؟ قال: فسكت الرجل وخرج. [مناقب الشافعي ج1 ص407، 408]
12) وفي جزء الاعتقاد المنسوب للشافعي - من رواية أبي طالب العُشاري - ما نصه قال: وقد سئل عن صفات الله عزَّ وجلَّ، وما ينبغي أن يؤمن به، فقال: للهِ تبارك وتعالى أسماء وصفات، جاء بها كتابه وخبَّر بها نبيه - صلى الله عليه وسلم - أمته، لا يسع أحداً من خلق الله عزَّ وجلَّ قامت لديه الحجَّة أن القرآن نزل به، وصحَّ عنده قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما روى عنه، العدل خلافه، فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجَّة عليه، فهو كافر بالله عزَّ وجلَّ. فأما قبل ثبوت الحجة عليه من جهة الخبر؛ فمعذور بالجهل؛ لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل، ولا بالدراية والفكر. ونحو ذلك إخبار الله عزَّ وجلَّ أنه سميع وأن لد يدين بقوله عزَّ وجلَّ: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [سورة المائدة: الآية 64] وأن له يميناً بقوله عزَّ وجلَّ: {وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [سورة الزمر: الآية 67] وأن له وجهاً بقوله عزَّ وجلَّ: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [سورة القصص: الآية 88] وقوله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [سورة الرحمن: الآية 27] وأن له قدماً بقوله - صلى الله عليه وسلم: "حتى يضع الرب عزَّ وجلَّ فيها قدَمه." يعني جهنم؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - للذي قُتِل في سبيل الله عزَّ وجلَّ أنه: "لقي الله عزَّ وجلَّ وهو يضحك إليه." وأنه يهبط كل ليلة إلى السماء الدنيا، بخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك، وأنه ليس بأعور لقوله النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ ذكر الدجال فقال: "إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور"، وأن المؤمنين يرون ربهم عزَّ وجلَّ يوم القيامة بأبصارهم كما يرون القمر ليلة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/58)
البدر، وأن له إصبعاً بقوله - صلى الله عليه وسلم: "ما من قلب إلاَّ هو بين إصبعين من أصابع الرحمن عزَّ وجلَّ" وإن هذه المعاني التي وصف الله عزَّ وجلَّ بها نفسه، ووصفه بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تُدرَك حقيقتها تلك بالفكر والدراية، ولا يكفر بجهلها أحد إلا بعد انتهاء الخبر إليه به، وإن كان الوارد بذلك خبراً يقول في الفهم مقام المشاهدة في السَّماع؛ وجبت الدينونة على سامعه بحقيقته والشهادة عليه، كما عاين وسمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم، ولكن نثبت هذه الصفات، وننفي التشبيه كما نفى ذلك عن نفسه تعالى ذكره فقال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [سورة الشورى: الآية 11] ... آخر الاعتقاد. [ذم التأويل لابن قدامة ص124، الطبقات لابن أبي يعلى ج1 ص283، اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم ص165، السير للذهبي.
الإمام أحمد
) إن الإمام أحمد سئل عن التوكل، فقال: قطع الاستشراف بالإياس من الخلق. [طبقات الحنابلة ج1 ص416]
2) قال الإمام أحمد: لم يزل الله عزَّ وجلَّ متكلماً، والقرآن كلام الله عزَّ وجلَّ، غير مخلوق، وعلى كل جهة، ولا يوصف الله بشيءٍ أكثر مما وصف به نفسه، عزَّ وجلَّ. [كتاب المحنة لحنبل ص68]
3) عن أبي بكر المروذي قال: سألت أحمد بن حنبل عن الأحاديث التي تردها الجهمية في الصفات والرؤية والإسراء وقصة العرش فصححها، وقال: تلقتها الأمة بالقبول وتمر الأخبار كما جاءت. [مناقب الشافعي لابن أبي حاتم ص182]
4) قال عبد الله بن أحمد: إن أحمد قال: من زعم أن الله لا يتكلم فهو كافر، إلاَّ أننا نروي هذه الأحاديث كما جاءت. [طبقات الحنابلة ج1 ص56]
5) عن حنبل أنه سأل الإمام أحمد عن الرؤية فقال: أحاديث صحاح، نؤمن بها، ونقر، وكل ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأسانيد جيدة نؤمن به ونقر. [شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي ج2 ص507، السنة ص71]
6) أورد ابن الجوزي في المناقب كتاب أحمد بن حنبل لمسدَّد وفيه: صفوا الله بما وصف به نفسه، وانفُوا عن الله ما نفاه عن نفسه ... [سير أعلام النبلاء ج10 ص591، تهذيب التهذيب ج10 ص107]
7) قال الإمام أحمد: وزعم - جهم بن صفوان - أن من وصف الله بشيءٍ مما وصف به نفسه في كتابه، أو حدَّث عنه رسوله كان كافراً وكان من المشبِّهة. [مناقب الإمام أحمد ص221]
8) قال الإمام أحمد: نحن نؤمن بأن الله على العرش، كيف شاء، وكما شاء، بلا حد، ولا صفة يبلغها واصف أو يحده أحد؛ فصفات اللهِ منه وله، وهو كما وصف نفسه، لا تدركه الأبصار. [درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية ج2 ص30]
9) قال الإمام أحمد: من زعم أن اللهَ لا يُرى في الآخرة فهو كافر مكذب بالقرآن. [طبقات الحنابلة ج1 ص59، 145]
10) عن عبد الله بن أحمد، قال: سألت أبي عن قوم يقولون: لما كلم اللهُ موسى، لم يتكلم بصوت فقال أبي: تكلم اللهُ بصوت، وهذه الأحاديث نرويها كما جاءت. [طبقات الحنابلة ج1 ص185]
11) عن عبدوس بن مالك العطار، قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: ... والقرآن كلام اللهِ، وليس بمخلوق، ولا تضعف أن تقول ليس بمخلوق؛ فإن كلام اللهِ منه، وليس منه شيء مخلوق. [شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي ج1 ص157]
والله أسأل أن يكون هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن يوفقنا جميعاً لهدي كتابه والسير على سنَّة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[18 - 05 - 05, 08:30 م]ـ
هناك كتاب رائع ماتع
للشيخ الدكتور محمد الخميس في هذا الموضوع
ـ[العوضي]ــــــــ[21 - 05 - 05, 08:50 ص]ـ
هناك كتاب رائع ماتع
للشيخ الدكتور محمد الخميس في هذا الموضوع
تفضل هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=12920(31/59)
من هو أول من قسم التوحيد الى ثلاث أنواع من السلف
ـ[ابن المبارك]ــــــــ[21 - 05 - 05, 02:55 ص]ـ
توحيد الربوبية
الالوهية
الاسماء والصفات؟
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[21 - 05 - 05, 09:49 ص]ـ
تجد في هذا الرابط فوائد وإحالات على عدة كتب:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=23394
وهناك رابط في ملتقى أهل التفسير لكن الموقع لم يفتح معي الآن فلعله يضاف إن فتح.
ـ[المسيطير]ــــــــ[21 - 05 - 05, 01:42 م]ـ
روابط قد تفيد:
اول من قسم التوحيد الى ثلاثة اقسام.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=14821&highlight=%CA%DE%D3%ED%E3+%C7%E1%CA%E6%CD%ED%CF
أقسام التوحيد؟؟؟؟
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5102
الفروق بين توحيد الربوبية والألوهية ... دعوةٌ للمشاركة (المشاركة 8 ومابعدها)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=11196&highlight=%CA%DE%D3%ED%E3+%C7%E1%CA%E6%CD%ED%CF
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[21 - 05 - 05, 11:08 م]ـ
وهذا الرابط في ملتقى أهل التفسير فيه فوائد:
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=3146
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[22 - 05 - 05, 12:43 ص]ـ
http://www.islamtoday.net/questions/show_question_*******.cfm?id=68932
هل لتقسيم التوحيد ثلاثة أقسام دليل؟
د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي
ـ[ابن المبارك]ــــــــ[22 - 05 - 05, 04:14 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ونفع بعلمكم(31/60)
أيهما أفضل الكسبي أم الوهبي عند أهل السنة؟
ـ[أبو لمى]ــــــــ[22 - 05 - 05, 11:29 م]ـ
أحبتي الكرام قد وقع نظري على مكتوب لأحد طلبة العلم وهو في صدد الكلام عن هذه القاعدة وقال كلاما مفاده:
أن الذين قالوا بتفضيل الولي على النبي إعتمدوا هذه القاعدة و البعض شنع على المقولة ولم يعرف مرادهم أ. هـ
قلت متسائلا ماهو المراد؟!! ... وهل هناك من أهل السنة من قاله به؟؟!!.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[23 - 05 - 05, 12:22 ص]ـ
الذي يقول بأن الولي أفضل من النبي كافر مشرك.
والعلم الكسبي غير معصوم بل قد يدخله الشك والإبطال بخلاف الوحي الذي ينزله الله على أنبيائه فهو معصوم غير قابل للشك والإبطال.
ـ[أبو لمى]ــــــــ[23 - 05 - 05, 08:59 ص]ـ
أهلاً بك أخي عبد الرحمن الفقيه وجزاك الله خيراً
نعم ماذكرته صحيح لانزاع حوله, ولكن المشكل هو: هل تخريج المقولة على هذاه الجهة يسلم به , وهل من أهل السنة من وافق على هذا التخريج.
لللإيضاح: من سلم بأن النبي أفضل من الولي وله العصمة .... لخ لكن قال: لو نظرنا إلى الولي من جهت أن الولاية حصلة له من كسبه ومن إجتهاده ......
هنا محل بحثنا
وأشكر لك شيخي عبد الرحمن
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[23 - 05 - 05, 11:41 ص]ـ
بارك الله فيكم
فضل الله سبحانه وتعالى واسع فهو يتفضل على بعض خلقه بالنبوة (الله أعلم حيث يجعل رسالته) ويصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس ويتخذ شهداء ويفضل بعض الأيام والليالي والأوقات والشهور
فالله فضل شهر رمضان على غيره من الشهور، فمهما صام أحد في الأشهر الأخرى لايبلغ فضل صيام رمضان،وذلك ان الله اصطفى هذا الشهر على غيره، فدل هذا على أن الاصطفاء منزلة عظيمة وفضيلة لاتنال إلا من الله وحده سبحانه، فالنبوة فضيلة عظيمة واصفاء من الله سبحانه وتعالى لايبلغها عمل من أحد ولايفضل عليها لأن الله هو الذي فضلها واصطفى أهلها على غيرهم،فلا يبلغها عمل عامل ولايفضل عليها كسب من الأعمال الصالحة، وبهذا يتبين غلط وضلال من يقول بأن ولاية النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من نبوته،وهذا يفتح بابا من الشر والمروق من الإسلام، وذلك بتوصلهم بهذا القول إلى تفضيل الولي على النبي، وابن عربي المارق وغيره من الملاحدة يذهبون إلى ذلك.
فالفضل من الله وحده (ذلك الفضل من الله) فقد يفضل الله القليل على الكثير، وحديث التسبيح بعد الصلوات للتجار كذلك (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم).
(ويتخذ منكم شهداء)، وقد يكون غيرهم يعمل اكثر منهم، ولكن الله فضلهم عليهم باطفائه واجتبائه.
ـ[أبو لمى]ــــــــ[24 - 05 - 05, 12:12 م]ـ
شكرا أخي عبد الرحمن فأرجو منك ومن الإخوة الكرام حل الإشكال وهذه صورته:
هل بحث هذه المسألة في حق النبي الذي إجتمعت فيه له وجهه من النظر؟! ومن الذي بحثها من أهل السنة؟
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[24 - 05 - 05, 01:29 م]ـ
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله:
أن الرسول أفضل من النبي الذي ليس برسول والنبي أفضل من الولي الذي ليس بنبي والرسالة تنتظم النبوة والولاية كما ان النبوة تنتظم الولاية وأن أفضل الأولياء أكملهم تلقيا عن الأنبياء وهو أبو بكر الصديق فإنه أفضل من عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وعمر كان كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أنه قد كان في الأمم .....
وذلك لان بعض اتباع ابن عربي تكلفوا في تأويل كلام شيخهم.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[24 - 05 - 05, 01:45 م]ـ
بل إن الرافضة ـ كما هو معلوم ـ هم من ينصر هذا الرأي , وعلى رأسهم الخبيث المجرم المأفون الخميني لعنه الله تعالى.
وانظر كتاب (الخميني وتفضيل الأئمة على الأنبياء) , وهو من تأليف شيخنا العلامة محمد مال الله رحمه الله تعالى.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[24 - 05 - 05, 02:27 م]ـ
جزاكم الله خيرا
أحبتي الكرام قد وقع نظري على مكتوب لأحد طلبة العلم وهو في صدد الكلام عن هذه القاعدة وقال كلاما مفاده:
أن الذين قالوا بتفضيل الولي على النبي إعتمدوا هذه القاعدة و البعض شنع على المقولة ولم يعرف مرادهم أ. هـ
قلت متسائلا ماهو المراد؟!! ... وهل هناك من أهل السنة من قاله به؟؟!!.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/61)
المشهور حفظك الله ان الذين يقولون بتفضل الولي على النبي لايعتمدون على هذه القاعدة وإنما يعتمدون على حديث اللبنة وموضعها ونحوها
فما هو مصدر هذا الأخ في نسبته للقائلين بالتفضل بالأخذ بقاعدة (الوهبي والكسبي)!
قال الإمام ابن تيمية رحمه الله في بغية المرتاد ص 386 - 387
ولما كان هؤلاء المتفلسفة ومن سلك سبيلهم يجعلون كلام الله كله لموسى وغيره من الأنبياء ما يفيض على نفوسهم من العقل الفعال زادت الإتحادية درجة أخرى فجعلوا كلامه كل ما يظهر من شيء من الموجودات
وهؤلاء يصرح أحدهم بأن ما يسمعه من بشر مثله أعظم من تكليم الله لموسى لأن ذلك بزعمهم كلام الله من الشجرة وهي جماد وهذا كلام الله من الحيوان والحيوان أعظم من الجماد
وطائفة أخرى منهم يقولون إن الإلهام المجرد وهي المعاني التي تتنزل على قلوبهم أعظم من تكليم الله موسى لأن هذا بزعمهم خطاب محض بلا واسطة ولا حجاب وموسى خوطب بحجاب الحرف الصوت وأمثال هذا الكلام الذي يتضمن ترفع أحدهم عن تكليم الله لموسى الذي علم بالإضطرار من دين أهل الملل المسلمين واليهود والنصارى أنه أعظم من خطابه وإيحائه لسائر الأنبياء والمرسلين ولهذا يقولون إن الولاية أعظم من النبوة والنبوة أعظم من الرسالة وينشدون
مقام النبوة في برزخ
فويق الرسول ودون الولي
ويقولون إن ولاية النبي أعظم من نبوته ونبوته أعظم من رسالته
ثم قد يدعي أحدهم أن ولايته وولاية سائر الأولياء تابعة لولاية خاتم الأولياء وأن جميع الأنبياء والرسل من حيث ولايتهم هي عندهم أعظم من نبوتهم ورسالتهم وإنما يستفيدون العلم بالله الذي هو عندهم القول بوحدة الوجود من مشكاة خاتم الأولياء وشبهتهم في أصل ذلك أن قالوا الولي يأخذ عن الله بغير واسطة والنبي والرسول بواسطة ولهذا جعلوا ما يفيض في نفوسهم ويجعلونه من باب المخاطبات الإلهية والمكاشفات الربانية أعظم من تكليم موسى بن عمران وهو في الحقيقة إيحاءات شيطانية ووساوس نفسانية (وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم)
ولو هدوا لعلموا أن أفضل ما عند الولي ما يأخذه عن الرسول لا ما يأخذه عن قلبه وأن أفضل الأولياء الصديقون وأفضلهم أبو بكر وكان هو أفضل من عمر مع أن عمر كان محدثا كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال قد كان في الأمم قبلكم محدثون فإن يكن في أمتي أحد فعمر ... )
الصفدية ج2/ص252
ولهذا قال من سلك سبيلهم كابن عربي إن الولي أو خاتم الأولياء أفضل من الرسل والانبياء وإن الولاية أفضل من النبوة قالوا لأن الذي سموه خاتم الأولياء يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحى به إلى الرسول فإن الرسول يأخذ عندهم عن الخيال الذي في نفسه وهو جبريل عندهم والخيال يأخذ عن المعقولات الصريحة والولي بزعمهم يأخذ عن تلك المعقولات ويزعمون أن الملائكة التي أخبرت بها الرسل هي هذه العقول العشرة أو الصور الخيالية التي تمثل في نفوس الناس)
ـ[أبو لمى]ــــــــ[25 - 05 - 05, 09:38 ص]ـ
بارك الله فيكم , لقد سررت كثيراً أخي عبد الرحمن من نقلك لكلام شيخ الإسلام فهو ماأريده أما قولي: المشاركة الأصلية بواسطة أبو لمى
أحبتي الكرام قد وقع نظري على مكتوب لأحد طلبة العلم وهو في صدد الكلام عن هذه القاعدة وقال كلاما مفاده:
أن الذين قالوا بتفضيل الولي على النبي إعتمدوا هذه القاعدة و البعض شنع على المقولة ولم يعرف مرادهم أ. هـ
قلت متسائلا ماهو المراد؟!! ... وهل هناك من أهل السنة من قاله به؟؟!!.
فكان سوء فهم لما كتبه الرجل, وإنما الذي ذكره هو ماكان في حق النبي الولي فأيهما أفضل الوهبي أم الكسبي.
وسأعود لاحقا لذكر كلامه نصاً من كتبه لأن هناك مايُشكل: إذ أنه جعل القول بتفضيل الكسبي هو قو الإئمة والجمهور .... فلعلكم تنتظرون النقل بحروف الرجل ...
بارك الله في أعمارنا .. وأوقاتنا .. آمين
ـ[أبو لمى]ــــــــ[26 - 05 - 05, 02:15 م]ـ
أولاً: أشكر أخي مجدي أبوعيشة فقد أفادني بذكر كلام شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ فهو جزء مهم من ما أبحث عنه فجزاه الله خيرا.
أما كلام طالب العلم فأنقله بحروفه:
.. فالنبي مقامه وهبي , أي الله يهب لمن يشاء النبوة ولا تكون إلا في رجل شرعاً , و الولاية كسبية عادة , أي: الإنسان يكتسبها , وأي المقامين أفضل من يث النظر إلى الكسب أو الوهب؟
الكسب هو أولى من الوهب على ماعليه الجمهور , ولذلك ذكر جماعة من الأئمة أن النبوة دون الولاية , ومرادهم فيمن اجتمع فيه هذان الشيئان , أي أي من كان نبياً ولياً , فأيهما أولى من الآخر فيه , هل هو الكسبي أم الوهبي: الجمهور على أنه الكسبي وليس الوهبي و فظن بعض الناس أن الخلاف هل الأولياء أفضل أم الأنبياء , وهذا محل إجماع لا خلاف فيه , فإنه لاخلاف أن الأنبياء أفضل من الأولياء مطلقاً: عند اهل السنة وعند الفقهاء , إنما الخلاف فيمن اجتمع فيه الولاية والنبوة , أيهما أفضل فيه هل الوهبي أم الكسبي: فالجمهور على أنه الكسبي أفضل من الوهبي , ولذالك قالوا: الولاية افضل من النبوة من هذه الجهة , فتبه. أ. هـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/62)
ـ[أبو لمى]ــــــــ[26 - 05 - 05, 02:25 م]ـ
هل من أهل السنة من بحث هذه المسألة على ماذكره الشيخ في تقريره.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[26 - 05 - 05, 02:54 م]ـ
هل هناك نبي ليس بولي؟!
{أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ} (62 - 63) سورة يونس.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[26 - 05 - 05, 03:46 م]ـ
أما كلام طالب العلم فأنقله بحروفه:
.. فالنبي مقامه وهبي , أي الله يهب لمن يشاء النبوة ولا تكون إلا في رجل شرعاً , و الولاية كسبية عادة , أي: الإنسان يكتسبها , وأي المقامين أفضل من يث النظر إلى الكسب أو الوهب؟
الكسب هو أولى من الوهب على ماعليه الجمهور , ولذلك ذكر جماعة من الأئمة أن النبوة دون الولاية , ومرادهم فيمن اجتمع فيه هذان الشيئان , أي أي من كان نبياً ولياً , فأيهما أولى من الآخر فيه , هل هو الكسبي أم الوهبي: الجمهور على أنه الكسبي وليس الوهبي و فظن بعض الناس أن الخلاف هل الأولياء أفضل أم الأنبياء , وهذا محل إجماع لا خلاف فيه , فإنه لاخلاف أن الأنبياء أفضل من الأولياء مطلقاً: عند اهل السنة وعند الفقهاء , إنما الخلاف فيمن اجتمع فيه الولاية والنبوة , أيهما أفضل فيه هل الوهبي أم الكسبي: فالجمهور على أنه الكسبي أفضل من الوهبي , ولذالك قالوا: الولاية افضل من النبوة من هذه الجهة , فتبه. أ. هـ
هذا الكلام فيه تخاليط عجيبة!
فمن هم جمهور طالب العلم هذا؟ الذي قالوا بأن الكسبي أفضل من الوهبي؟ فليتك تذكر مراجعه التي اعتمد عليها في حكمه بأن هذا قول الجمهور؟
وقوله (ولذلك ذكر جماعة من الأئمة أن النبوة دون الولاية)
من هؤلاء الأئمة الذين يقصدهم (طالب العلم) هل هم ابن عربي وإخوانه من الزنادقة الذين قالوا بهذا القول؟ الرجاء التوضيح مع ذكر مراجع (طالب العلم)
قوله (و فظن بعض الناس أن الخلاف هل الأولياء أفضل أم الأنبياء , وهذا محل إجماع لا خلاف فيه , فإنه لاخلاف أن الأنبياء أفضل من الأولياء مطلقاً: عند اهل السنة وعند الفقهاء , إنما الخلاف فيمن اجتمع فيه الولاية والنبوة , أيهما أفضل فيه هل الوهبي أم الكسبي: فالجمهور على أنه الكسبي أفضل من الوهبي , ولذالك قالوا: الولاية افضل من النبوة من هذه الجهة , فتبه)
قوله هذا محل إجماع لاخلاف فيه: عند أهل السنة وعند الفقهاء!!!
كلامه غير واضح؟ وهل يقصد بأهل السنة والفقهاء أهل الشريعة دون الحقيقة فيما يزعمون
قوله (إنما الخلاف فيمن اجتمع فيه الولاية والنبوة , أيهما أفضل فيه هل الوهبي أم الكسبي: فالجمهور على أنه الكسبي أفضل من الوهبي , ولذالك قالوا: الولاية افضل من النبوة من هذه الجهة , فتبه)
فقد ذكر الشيخ عبدالرحمن بن صالح السديس حفظه الله الإيراد على هذا الكلام بقوله (هل هناك نبي ليس بولي؟!)
قوله (فالجمهور على أنه الكسبي أفضل من الوهبي , ولذالك قالوا: الولاية افضل من النبوة من هذه الجهة , فتبه)
نطالب أيضا بذكر مراجعه التى اعتمد عليها في ذكر الجمهور؟ وماذا يقصد بالجمهور هنا؟
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[26 - 05 - 05, 04:09 م]ـ
فائدة:
الذين قالوا بأن الولاية أفضل من النبوة هم ابن عربي الزنديق ومن على شاكلته
يقول الملا علي القاري في الرد على القائلين بوحدة الوجود
العشرون قوله (يعني ابن عربي) في الفص العزيري إن ولاية الرسول أفضل من نبوته انتهى
ولا يترتب عليه كفر ولا فسق ولا بدعة كما لا يخفى لأن هذه مسألة اختلف فيها الصوفية
وأصل وضعها أنه يقال ولاية الرسول أفضل من رسالته لأن ولايته المختلف فيها هي في زمان نبوته وأما ولايته الكائنة قبل نبوته فلا يصح أن يقال أفضل من نبوته فإنه كفر بلا خلاف إذ لا يكون الولي أفضل من النبي كما حقق في محله أن من قال الولي أفضل من النبي يكفر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/63)
وإنما بقي الكلام في نبوته المعبر عنها بولايته ورسالته واختلاف لأفضليته في أي نسبة فقال بعضهم إن ولايته أفضل لكون توجهه حينئذ إلى الحق بخلاف رسالته فإنه متوجه في حالته إلى الخلق وهذا التفصيل من هذه الحيثية في التفضيل لا بأس به عند أهل التحصيل إلا أنه يلزم منه أن يكون النبي الذي لم يؤمر بتبليغ الوحي إلى الخلق يكون أفضل وأكمل ممن أوحي إليه وأمر بتبليغ ما لديه وهو خلاف الإجماع اللهم إلا أن يقال المراد بيان أفضلية النسبتين المجموعتين في الرسول بطريق الانفراد فإن مرتبة جمع الجمع أكمل عند جميع العباد ولذا قال بعض العلماء إن مقام رسالة نبينا أفضل من مقام ولايته وإنما أدرجه المؤول وجعله من قبيل القول المشكل ليوهم العوام أن سائر الاعتراضات مثله في قبول التأويل المحتمل نعم ذكر بعضهم أن نهاية النبي بداية الولي وظاهره الكفر إلا أنه له تأويلا حسنا وتوجيها مستحسنا وهو أن الولي لا يصير وليا باهرا إلا إذا عمل بجميع ما أتى به النبي أولا وآخرا وظاهرا وباطنا) انتهى.
يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى ج4/ص171
هذا ابن عربي يصرح في فصوصه أن الولاية أعظم من النبوة بل أكمل من الرسالة ومن كلامه مقام النبوة في برزخ **فويق الرسول ودون الولي
وبعض أصحابه يتأول ذلك بأن ولاية النبي أفضل من نبوته وكذلك ولاية الرسول أفضل من رسالته أو يجعلون ولايته حاله مع الله ورسالته حاله مع الخلق وهذا من بليغ الجهل
فإن الرسول إذا خاطب الخلق وبلغهم الرسالة لم يفارق الولاية بل هو ولي الله في تلك الحال كما هو ولي الله في سائر أحواله فإنه ولي الله ليس عدوا له في شيء من أحواله وليس حاله في تبليغ الرسالة دون حاله إذا صلى ودعا الله وناجاه
وأيضا فما يقول هذا المتكلف في قول هذا المعظم إن النبي صلى الله عليه وسلم لبنة من فضة وهو لبنتان من ذهب وفضة ويزعم أن لبنة محمد هي العلم الظاهر ولبنتاه الذهب علم الباطن والفضة علم الظاهر وأنه يتلقى ذلك بلا واسطة ويصرح في فصوصه أن رتبة الولاية أعظم من رتبة النبوة لأن الولي يأخذ بلا واسطة والنبي بواسطة فالفضيلة التي زعم أنه امتاز بها على النبي أعظم عنده مما شاركه فيه
وبالجملة فهو لم يتبع النبي في شيء فإنه أخذ بزعمه عن الله ما هو متابعة فيه في الظاهر كما يوافق المجتهد المجتهد والرسول الرسول فليس عنده من اتباع الرسول والتلقي عنه شيء أصلا لا في الحقائق الخبرية ولا في الحقائق الشرعية
وأيضا فإنه لم يرض أن يكون معه كموسى مع عيسى وكالعالم مع العالم في الشرع الذي وافقه فيه بل ادعى أنه يأخذ ما أقره عليه من الشرع من الله في الباطن فيكون أخذه للشرع عن الله أعظم من أخذ الرسول
وأما ما ادعى امتيازه به عنه وافتقار الرسول إليه وهو موضع اللبنة الذهبية فزعم أنه يأخذه عن المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحى به إلى الرسول
فهذا كما ترى في حال هذا الرجل وتعظيم بعض المتأخرين له
وصرح الغزالي بأن قتل من ادعى أن رتبة الولاية أعلى من رتبة النبوة أحب إليه من قتل مائة كافر لأن ضرر هذا في الدين أعظم
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[26 - 05 - 05, 04:47 م]ـ
وإضافة إلى ما سبق من بيان فضل الله وهبته لعباده وأنها أفضل من كسب الإنسان لنفسه فقد جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ليس أحد منكم بنجيه عمله) قالوا ولا أنت؟ يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه بمغفرة ورحمة
فأين كسب الإنسان من فضل الله ورحمته وإحسانه.
{وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} (55) سورة الإسراء
{إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} (33) سورة آل عمران
{قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} (59) سورة النمل
{لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَّاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاء سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} (4) سورة الزمر
{اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (75) سورة الحج
ـ[طارق الحربي]ــــــــ[28 - 05 - 05, 10:19 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخوتي الكرام
إن نفي ضلالات المبتدعة على علو مكانته في الذب عن الدين كما في حديث يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله 0000 الحديث ربما كان من فقه إعماله أن لايبادر أهل السنة بالتحريفات والانتحالات والتأويلات ثم ينفونها.
فإن كثيرا من مباحث الصفات والقدر وأسماء الدين والايمان والصحابة والوعد والوعيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتنازع الناس في بعض ذلك ماكان لأئمة أهل السنة الخوض فيها لولا أن المبتدعة اضطروهم في ذلك والا فإن العلم نقطة كثرها الجهلاء كما المروي عن علي رضي الله عنه.
وعليه فإن مبحث الكسبي والوهبي أو المكتسب والموهوب يدخل في هذا الباب.
من أول من أطلق هذا؟
ثم عند التأمل فإن المكتسب في حقيقته هو من فضل الله تعالى وهبته ورحمته أن هدى هذا المكلف لتلك الحال أو هذا العمل والآيات والأحاديث في ذلك متصلة متضافرة مثل:
(ولكن الله يمن على من يشاء من عباده)
(بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين) فإيماننا الذي نظن أنه من كسبنا هو في حقيقته منة وهبة من الله تعالى.
ثم في حديث إن فيك خصلتان يحبهما الله ورسوله .... الحلم والأناة .. قال أهما خصلتان أتخلق بهما أم قد جبلني الله عليهما قال بل جبلك الله عليهما قال رضي الله عنه الحمد لله الذي جبلني على مايحب الله ورسوله كما في الحديث ولم يكن عند الصحابة رضي الله عنهم ذلك التمحل والتكلف فيسأل وأيهما أفضل أن أتصف بخلق جبلي وهبي أم أتصف بخلق تصنعي كسبي.
اللهم زدنا علما وهدى وتقى وخشية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/64)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[28 - 05 - 05, 11:47 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على ما تفضلتم به
ولا شك ان مباحث التفضيل والمفاضلة واردة في الكتاب والسنة وقد تكلم عليها أهل العلم وبحثوها
كالمفاضلة بين الملائكة وصالحي البشر، والتفضيل بين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، والتفضيل بين الصحابة، والتفضيل بين العبادات، والتفضيل بين أركان الصلاة، ونحوها
فبحث هذه المسائل والمفاضلة بينها لاغضاضة فيه إذا كان على علم وهدى وسنة.
وأما الوهبي والكسبي، فنحن نطالب الأخ الكريم أبو لمى حفظه الله ان ينقل لنا مراجع كاتب الموضوع الذي نقله عنه لأنه نسب إلى الجمهور تفضيل الكسبي على الوهبي؟
فمن أين أتى بهذا؟ وما هي مراجعه في ذلك؟
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[28 - 05 - 05, 01:40 م]ـ
قال ابن حزم في الفصل:
"أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم سآء ما يحكمون
قال أبو محمد فلا يخلوا مخالفنا الذي يجيز أن يكون الأنبياء عليهم السلام قد اجترحوا السيئات من أحد وجهين لا ثالث لهما أما أن يقول أن في سائر الناس من لم يعص ولا اجترح سيئة قيل له فمن هؤلاء الذين نفى الله عنهم أن يكون الذين اجترحوا السيئات مثلهم إذا كانوا غير موجودين في العالم فلا بد من أن يجعل كلام الله عز وجل هذا فارغا لا معنى له وهذا كفر من قائله أو يقول هم الملائكة فإن قال ذلك رد قوله هذا قول الله تعالى في الآية نفسها سواء محياهم ومماتهم سآء ما يحكمون ولا نص ولا إجماع على أن الملائكة تموت ولو جاء بذلك نص لقلنا به بل البرهان موجب أن لا يموتوا لأن الجنة دار لا موت فيها والملائكة سكان الجنان فيها خلقوا وفيها يخلدون أبدا وكذلك الحور العين وأيضا فإن الموت إنما هو فراق النفس للجسد المركب وقد نص رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على أن الملائكة خلقوا من نور فليس فيهم شيء يفارق شيئا فيسمى موتا فإن اعترض معترض بقوله كل نفس ذائقة الموت لزمه أن حمل هذه الآية على عمومها أن الحور العين يمتن فيجعل الجنة دار موت وقد أبعدها الله تعالى عنه قال الله تعالى وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون فعلمنا بهذا النص أن قوله تعالى كل نفس ذائقة الموت إنما عني به من كان في غير الجنة من الجن والإنس وسائر الحيوان المركب الذي يفارق روحه جسده وبالله تعالى التوفيق ويرد أيضا قوله أن قال بهذا قول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ما من أحد إلا وقد ألم أو كاد إلا يحيى بن زكريا أو يقول إن في الناس من لم يجترح سيئة قط وإن من اجترح السيئات لا يساويهم كما قال عز وجل فإن قال ذلك فإن الأنبياء عليهم السلام عنده يجترجون السيئات وفي سائر الناس من لا يجترحها فوجب أن يكون في الناس من هو أفضل من الأنبياء عليهم السلام وهذا كفر وما قدرنا أن أحدا ممن ينتمي إلى أهل الإسلام ولا إلى أهل الكتاب ينطلق لسانه بهذا حتى رأينا المعروف بابن الباقلاني فيما ذكر عنه صاحبه أبو جعفر السمناني قاضي الموصل أنه قد يكون في الناس بعد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من هو أفضل من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من حيث يبعث إلى حين يموت فاستعظمنا ذلك وهذا شرك مجرد وقدح في النبوة لاخفاء به وقد كنا نسمع عن قوم من الصوفية أنهم يقولون أن الولي أفضل من النبي وكنا لا نحقق هذا على أحد يدين بدين الإسلام إلى أن وجدنا هذا الكلام كما أوردنا فنعوذ بالله من الإرتداد.
قال أبو محمد ولو أن هذا الضال المضل يدري ما معنى لفظة أفضل ويدري فضيلة النبوة لما انطلق لسانه بهذا الكفر وهذا التكذيب للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إذ يقول إني لأتقاكم لله واني لست كهيئتكم واني لست مثلكم فإذ قد صح بالنص أن في الناس من لم يجترح السيئة وأن من اجترح السيآت لا يساويهم عند الله عز وجل فالأنبياء عليهم السلام أحق بهذه الدرجة وبكل فضيلة بلا خلاف من أحد من أهل الإسلام بقول الله عز وجل الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس فأخبر تعالى أن الرسل صفوته من خلقه"
ـ[مسعر العامري]ــــــــ[28 - 05 - 05, 02:26 م]ـ
مشايخنا الكرام:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/65)
لا شك أن النبي أفضل من الولي (باعتبار المعنى الخاص أي من غير النبوة)
ومن قال غير هذا ونسبه إلى الشيوخ فإنما شيخه في ذلك أبو مرة [كنية إبليس]
والكسبي والوهبي مما يلهج به أهل التصوف ليلجون به إلى تقرير عقائدهم ..
حتى إن بعض طرقهم الصوفيةلها سندان: كسبي ووهبي .. !!
خذ مثلاً سند الطريقة "السعدية" نسبة لسعد الدين الجباوي بسندهم المرفوع [!]، إلى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وحاشاه منهم ..
قالوا:
[[ولهذا السند طريقان متصلان: الكسب، والوَهب
1/ فالسَّند الكسبي: هو: تلقِّي القُطب الرَّباني والهيكل النُّوراني ذو العِلم والتَّمكين الشيخ سعد الدِّين الشَّيْبِي الجباوي عن والِده السيد يونس الشَّيباني، عن الشيخ أبي البركات، عن الشيخ أبي الفضل البغدادي، عن الشيخ أحمد الغزالي، عن الشيخ أبي البركات خير النّسَّاج، عن الشيخ أبي القاسم الجرجاني، عن الشيخ أبي عثمان المُغْرَبي، عن الشيخ أبي علي الكاتب، عن الشيخ علي الرّوذباري، عن سيد الطَّائفة والطَّريقة وقطب المعارف والحقيقة الإمام أبي القاسم الجنيد البغدادي.
وهو عن أستاذه وخالِه السَّريّ السَّقَطِي، عن شيخه معروف الكرخي، عن الإمام علي بن موسى الرِّضا، عن والِده الإمام موسى الكاظِم، عن والده الإمام جعفر الصَّادِق، عن والده الإمام محمد الباقِر، عن والده الإمام علي زين العابدين، عن والده الشهيد أبي عبد الله الحُسَيْن، عن والده أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب، عن ابن عمِّه سيدنا المُصطفى المُختار رسول الله محمد قطب الأقطاب والأخيار سيما مَن ذُكر في السند مِنَ الأحبار.
2/ والسَّنَد الوهبي: هو: تلقِّي القُطب الرَّباني والهيكل النُّوراني ذو العِلم والتَّمكين الشيخ سعد الدِّين الشَّيْبِي الجباوي –قدس الله سره- مباشرة عن سيدنا رسول الله محمد المُصطفى المُختار سيما مَن ذُكر في السند الكَسبي مِنَ الأحبار؛ حيث كوشف –قدس الله سره- به ومعه: أميرُ المؤمنين الزَّاهد أبو بكر الصِّديق وأميرُ المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب فأمر سيدُنا رسول الله محمد سيِّدَنا أميرَ المؤمنين عليّاً الشريف أنْ يُطْعِمَه ثلاثَ تمراتٍ، ففعل، فأغمي عليه أياماً ثمَّ لم يَفِق إلا وقد فَتَح الله تعالى عليه.]]]
انتهى!!
والحمد لله عافانا مما ابتلاهم به، وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً ..
هذا شيء ..
لكن إن وجد كلام لأهل السنة في الوهبي والكسبي فإنها ألفاظ مشتركة أو متواطئة، ولها عندهم معنى خاص ..
وذلك أن بعض أهل السنة –كالإمام ابن القيم رحمه الله تعالى- ذكر في مواضع من كتبه المفاضلة بين من يترك الشهوة وهو يجد ميلاً إليها، ومن يتركها وهو يكرهها ..
فربما فضل بعضهم الكسبي على الوهبي من هذه الجهة مع تساوي الجهات الأخرى ..
أما جعل الكسبي خيراً من الوهبي من جميع الجهات فهو جنون ..
وجعل الكمالات تنال جميعها بطريق الكسب هو من قول الفلاسفة الملاحدة، وهو قول له فروعه للأسف بين المنتسبين إلى الإسلام، ولعلي أضرب بعض الأمثلة إذا اتسع الوقت ..
وكما قال الشيخ عبدالرحمن::: ((فنحن نطالب الأخ الكريم أبو لمى حفظه الله ان ينقل لنا مراجع كاتب الموضوع الذي نقله عنه لأنه نسب إلى الجمهور تفضيل الكسبي على الوهبي؟
فمن أين أتى بهذا؟ وما هي مراجعه في ذلك؟)))(31/66)
تجلية موقف شيخ الإسلام ابن تيمية من تارك الصلاة
ـ[محمد معطى الله]ــــــــ[24 - 05 - 05, 03:05 ص]ـ
تجلية موقف شيخ الإسلام ابن تيمية من تارك الصلاة:
الحلقة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد:
فقد كنت سمعت منذ سنوات من بعض المشتغلين بالعلم، أن شيخ الإسلام ابن تيمية ليس لديه كلام واضح بخصوص مسألة تارك الصلاة، وكنت أستغرب من هذا الكلام لكثرة كتب شيخ الإسلام وفتاويه، حتى قدر الله لي الوقوف على أكثر كتب الشيخ فعزمت على تتبع تلك الكتب للوقوف على مذهب الشيخ في المسألة من خلال عباراته الواضحة، فيسر الله لي جمع ما ستراه إن شاء الله.
وأظن بأني قد جمعت ولله الحمد جل عبارات شيخ الإسلام الواضحة في المسألة، بما يجلي للقاري حقيقة موقف هذا الإمام الجليل من هذه المسألة العظيمة.
ولقد وقفت على رسالة مطبوعة بعنوان: " حكم تارك الصلاة " منسوبة لشيخ الإسلام ابن تيمية، ضبط نصها واعتنى بها أبو عبد الله النعماني الأثري من مطبوعات دار بن حزم.
وهي عبارة عن مقدمة من خمس وثمانين صفحة للأخ النعماني ألحق بها فتاوى لشيخ الإسلام ضمنها تعليقات وتخريجات له في ست وأربعين صفحة، لو وضعت الفتاوى لوحدها لما تجاوزت عشرين صفحة تقريبا، فجاء الكتاب في مائة وأربعين صفحة ليس لشيخ الإسلام منه سوى السبع تقريبا.
فاستغل الكاتب اسم شيخ الإسلام لنشر الكتاب الذي هو في الحقيقة له وليس لشيخ الإسلام.
وأسوأ ما في الأمر أنه أقام الكتاب على مخالفة شيخ الإسلام في هذه المسألة، ثم إنه لم يتخير من فتاوى الشيخ وكلامه ما يوضح قوله، فأهمل أهم موطن في المسألة وهو ما جاء في كتاب شرح العمدة الجزء الثاني من ص (66) وحتى ص (94) وكلامه صريح جدا في بيان مذهبه، إضافة إلى إهماله ما جاء في مواضع من المجموع وغيره.
ويكفي في بيان حقيقة هذا الكتاب وما اشتمل عليه من الزور أنه كتب لبيان
موقف شيخ الإسلام في المسألة بما يخالف مذهبه، بل لو اعتبرنا مقدمته وتعليقاته التي تعتبر ستة أضعاف الأصل تقريبا ردا على ما ذهب إليه شيخ الإسلام في المسألة لكان أقرب من كونه كتابا لشيخ الإسلام.
وهذا وحده كاف في بيان حقيقته، أضف إليه ما وقع فيه الكاتب من الخلط في توجيه الأدلة وما سطره من الأجوبة السقيمة على بعضها.
وسأكتفي في هذه المقدمة ببعض الأمثلة التي تبين لك ما عليه الكتاب وكاتبه من البعد عن أصول البحث العلمي النزيه مذكرا أن رسالتنا هذه: " تجلية موقف شيخ الإسلام" لم تكتب ردا على هذا الكاتب ولكنها تغني عن الرد فإليك بعض الأمثلة على ما ذكرت:
1 - ذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " العهد الذي بيننا ... " فقال ص (73 - 74):
" إذ كلمة (كفر) هنا بلفظ الفعل ... وليس هو الكفر المطلق المخرج من الإسلام "
ثم علق في الهامش على هذا فقال:
" ومثله الأثر المروي عن عبد الله بن شقيق أنه قال كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة "
إذ أنه قد عبر هنا بلفظ: " كفر " منكرا غير معرف وهو بنفسه لا يدل على أن المراد حقيقة الكفر أيضا كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاقتضاء
ص (70) " ا. هـ
هكذا قال النعماني في كتابه، فهو يحمل أثر بن شقيق على الكفر الأصغر ويستدل بشيخ الإسلام، بينما شيخ الإسلام يرى أنه في الكفر المخرج من الملة وقد نقل هذا النعماني نفسه في كتابه ص (111) حيث نقل استدلاله بأثر ابن شقيق على الكفر الأكبر وعلق بنفسه هناك ص (112) عليه بأن شيخ الإسلام حمله مع غيره من الأدلة على من ترك الصلاة حتى يقتل.
بل قد نص شيخ الإسلام في شرح العمدة (2/ 72) فقال:
" قوله كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيء من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة، لا يجوز أن يراد به إلا الكفر الأعظم "
فكلام شيخ الإسلام ظاهر في أنه يرى أن الأثر لا يحتمل غير الكفر الأكبر فكيف يجرؤ هذا النعماني و يستدل بشيخ الإسلام في صرف الأثر إلى الكفر الأصغر بينما شيخ الإسلام لا يرى بهذا، فهو قد ترك كلام شيخ الإسلام
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/67)
الخاص بالأثر وذهب إلى كلامه العام الوارد في الاقتضاء حول الكفر المنكر والمعرف والذي لا علاقة له بالأثر، أليس هذا عبثا بالعلم وفي العلم وبآراء أهل العلم؟!
2 - كل من نظر في كتب شيخ الإسلام أو تباحث هذه المسألة مع بعض المشتغلين بالطلب يعلم أن شيخ الإسلام يحكم بكفر من كان تارك للصلاة تركا كليا بحيث لم يصل قط طول عمره، ومع هذا أعرض النعماني عن ذكر ذلك عن شيخ الإسلام، بل قرر أثناء تعليقه على كلام الشيخ عدم كفر هذا التارك كما في ص (114 - 115 - 116) فماذا يسمى هذا الصنيع منه.
3 - حمل كل الأدلة الواردة في الترك على الكفر الأصغر كما في ص (47) بينما شيخ الإسلام يرى أنها في الكفر الأكبر كما في شرح العمدة (2/ 71 - 72) والمجموع (22/ 48) فلم لم ينقل هذا عن شيخ الإسلام.
4 - من خلطه في توجيه الأدلة ما ذكره ص (56) عن حديث عبادة عندما تعرض لتوجيه ما جاء في بعض الروايات: " ومن أتى بهن وقد انتقص منهن شيئا ".
فذكر فلسفة تدل على سوء في الفهم، يكفي في بيانها أن الرجل احتمل من قوله: " ومن أتى بهن وقد انتقص منهن " ترك الفرائض جميعها وسماه انتقاصا.
فأين ذهب بقوله " ومن أتى بهن " وأين صرف قوله:" انتقص منهن " كل هذا الهراء لا أدري كيف خطر بباله، وكيف استطاع أن يسطره في كتاب ليقرأه الناس من بعده.
ثم احتمل من هذا اللفظ أمرا آخر أطال الكلام فيه دون أن يستقر على جواب فيما يتعلق بلفظ الانتقاص، ثم رجع إلى اللفظ الآخر:" ومن لم يأت بهن " وختم به هذا المبحث كاتما عجزه عن الجواب.
ولو قرأت كتابه كاملا لعلمت حقيقته (فما راء كما سمع) وإني لأستغرب من حال هذا الرجل وأمثاله كيف يتجرؤون على الكتابة بهذه الصورة دون أن يضعوا اعتبارا لمن يطلع على كتاباتهم من القراء وفيهم العالم وطالب العلم والذكي والنبيه وغيرهم.
بل لو وضع أمثال هؤلاء تقوى الله نصب أعينهم لما وقعوا فيما وقعوا فيه.
وليس الحرج على أحد في أن يخطئ في مسألة ما إذا ما أخدا بالأسباب لطلب الحق، فكلنا معرض للخطأ، ولكن الحرج كل الحرج أن يسلك الباحث في
المسألة مسالك أهل الجهل والهوى والتعصب، فلا يعطي الأدلة حقها من النظر ولا النقول نصيبها من التتبع والتدقيق في الفهم، ولا مقام الكتابة حقه من التريث والحرص.
ولأجل هذا عاتبت الأخ النعماني على ما جاء في كتابه أسأل الله لي وله الهداية والتوفيق إنه أكرم مسؤول.
فإليك أخي الكريم ما يسر الله جمعه من كلام شيخ الإسلام في هذه المسألة والله أعلم
مذهب شيخ الإسلام في النصوص الواردة في كفر تارك الصلاة:
يرى شيخ الإسلام، أن النصوص التي جاء فيها وصف التارك للصلاة بالكفر، إنما المراد بها الكفر الأكبر المخرج من الملة.
وقد نص على هذا بكلام في مواضع متفرقة من كتبه.
قال رحمه الله في كتابه شرح العمدة (2/ 71) فما بعدها:
" فصل: ويقتل لكفره في إحدى الروايتين، وفي الأخرى يقتل كما يقتل الزاني والمحارب مع ثبوت إسلامه حدا محضا وهي اختيار ابن بطة ...
والرواية الأولى [وهي الكفر] اختيار أكثر الأصحاب مثل أبى بكر وابن شاقلا وابن حامد القاضي وأصحابه، وهو المنقول عن جماهير السلف لقول الله تعالى (فإن تابوا و أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين) ...
ولما روى جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة " رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي،وفى رواية لمسلم " بين الرجل وبين الشرك ترك الصلاة " وفى رواية صحيحة لأحمد: " ليس بين العبد والكفر إلا ترك الصلاة ".
وعن بريدة الأسلمي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول" العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والترمذي وصححه، وهو على شرط مسلم.
وعن ثوبان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بين العبد وبين الكفر والإيمان الصلاة فإذا تركها فقد أشرك" رواه هبة الله الطبري وقال: إسناده صحيح على شرط مسلم.
وعن عبادة بن الصامت قال: أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال: " لا تشركوا بالله شيئا ولا تتركوا الصلاة تعمدا فمن تركها تعمدا فقد خرج من الملة"
رواه ابن أبي حاتم في سننه ونحوه من حديث معاذ وأبي الدرداء ...
وقال عبد الله بن شقيق:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/68)
" كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة"
إلى أن قال:
"فهنا إنما أراد الكفر المخالف للإيمان، كما نص عليه في الحديث، وكما سيأتي تفسيره إن شاء الله تعالى، وأما تأويله بكفر النعمة فساقط في جميع هذه المواضع، ولذلك لم ينقل هذا عن السلف "
ثم قال في نفس السياق:
" لكن الكفر الوارد في الصلاة هو الكفر الأعظم لوجوه:
أحدها أن الكفر المطلق هو الكفر الأعظم المخرج عن الملة ...
الرابع: أن قوله: " ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة " وقوله:
" كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة " لا يجوز أن يراد به إلا الكفر الأعظم ...
السابع: أنه بين أن الصلاة هي العهد الذي بيننا وبين الكفار، وهم خارجون عن الملة ليسوا داخلين فيها، واقتضى ذلك أن من ترك هذا العهد فقد كفر، كما أن من أتى به فقد دخل في الدين ولا يكون هذا إلا في الكفر الخارج عن الملة " ا. هـ
وهذا الكلام منه في غاية الصراحة.
وقال أيضا في المجموع (22/ 48) بعد أن ذكر صورة من صور الترك التي يكفر شيخ الإسلام أصحابها:
"وهذا كافر باتفاق المسلمين كما استفاضت الآثار عن الصحابة بكفر هذا، ودلت عليه النصوص الصحيحة كقوله صلى الله عليه وسلم: " ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة " رواه مسلم
وقوله: " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" وقول عبد الله بن شقيق: كان أصحاب محمد لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة ... " ا. هـ
وانظر المجموع (7/ 611 - 612) و (22/ 25)
فشيخ الإسلام يرى أن النصوص الواردة في كفر تارك الصلاة هي في الكفر الأكبر المخرج عن الملة، خلافا لمن حملها على الكفر الأصغر، وكلامه ظاهر جدا في هذا.
وعليه فشيخ الإسلام يقينا يرى بكفر تارك الصلاة، وسيأتي التفصيل في هذا عنه رحمه الله، وبيان الصور التي يحكم على أصحابها بذلك.
حكمه رحمه الله بإجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة:
لقد أيد شيخ الإسلام في كتابه " شرح العمدة " صحة الإجماع المحكي عن الصحابة، فعزز بهذا نقولات بعض الأئمة في حكاية هذا الإجماع، كالعلامة إسحاق بن راهويه وتلميذه محمد بن نصر المروزي.
وصحح بهذا ما حكاه جابر بن عبد الله عما كان مستقرا في عهدهم بشأن التارك، وما حكاه التابعي الكبير عبد الله بن شقيق عنهم أيضا، وكذا ما حكاه الحسن البصري.
وأيضا ما نقله العلامة ابن القيم عن أئمة الدين القائلين بكفر التارك، حيث نقل عنهم الإجماع في كتاب الصلاة.
وما نقله الإمام أيوب السختياني من نفي الخلاف في هذا إلى وقته.
في تأييده رحمه الله لكل هؤلاء قال في شرح العمدة (4/ 75): بعد استدلاله بالأحاديث المرفوعة على كفر تارك الصلاة كفرا أكبر قال:
" ولأن هذا إجماع الصحابة، قال عمر رضى الله عنه لما قيل له وقد خرج إلى الصلاة:
" نعم ولاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة " وقصته في الصحيح وفى رواية عنه قال: " لا إسلام لمن لا يصل " رواه النجاد.
وهذا قاله بمحضر من الصحابة، وقال علي عليه السلام: " من لم يصل فهو كافر " رواه البخاري في تاريخه، وذكر ابن عبد البر مثله عن أبي الدرداء وابن عباس وجابر، وقال عبد الله بن مسعود " من ترك الصلاة فهو كافر" وفى رواية عنه في إضاعة الصلاة قال: " هو إضاعة مواقيتها ولو تركوها لكانوا كفارا " وقال أبو الدرداء: " لا إيمان لمن لا صلاة له ... " رواهما البخاري وهبة الله الطبري وغيرها.
ورأى حذيفة رجلا يصلى وهو لا يتم ركوعه ولا سجوده فقال لما قضى صلاته " ما صليت ولو مت، مت على غير الفطرة التي فطر الله عليها محمدا صلى الله عليه وسلم " رواه البخاري
وعن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال له طبيب حين وقع في عينه الماء استلق سبع أيام لا تصل، قال ابن عباس: من ترك الصلاة كفر " رواه النجاد.
وقال عبد الله بن شقيق: " كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة " رواه الترمذي، وقال الحسن بلغني: " أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون: "بين العبد وبين أن يشرك فيكفر أن يترك الصلاة من غير عذر" رواه النجاد وهبه الله الطبري"ا. هـ
وهذا تصريح منه بالإجماع.
نقله عن جماهير السلف القول بكفر تارك الصلاة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/69)
ذكر شيخ الإسلام في أكثر من موطن أن تكفير تارك الصلاة هو قول جماهير السلف وجمهورهم فقال في شرح العمدة (4/ 73):
"وهو المنقول عن جماهير السلف لقول الله تعالى: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة ... )
وقال رحمه الله كما في المجموع (20/ 97):
"وتكفير تارك الصلاة هو المشهور المأثور عن جمهور السلف من الصحابة والتابعين"
وقال كما في دقائق التفسير (1/ 211):
" ثم أكثرهم يوجبون قتل تارك الصلاة، وهل يقتل كافرا مرتدا، أو فاسقا على قولين في مذهب أحمد وغيره والمنقول عن أكثر السلف يقتضي كفره، وهذا مع الإقرار بالوجوب فإنه مع جحود الوجوب فهو كافر بالاتفاق "
وقال كما في المجموع (7/ 610):
" ... والثالث لا يكفر إلا بترك الصلاة، وهي الرواية الثالثة عن أحمد وقول كثير من السلف "
فشيخ الإسلام يرى أن الأدلة الواردة في وصف تارك الصلاة بالكفر هي في الكفر الأكبر، وأن هذا هو إجماع الصحابة، وهو الذي عليه قول جماهير السلف.
الباب الذي من خلاله حكم شيخ الإسلام بالكفر على التارك:
لقد نص شيخ الإسلام في كتبه على أن كفر تارك الصلاة هو من باب ترك الانقياد لا من باب ترك الاعتقاد، وأنه من كفر التولي وليس هو من كفر الجحد ولا التكذيب.
قال شيخ الإسلام في المجموع (7/ 611 - 612) وذلك في سياق الاستدلال على كفر تارك الصلاة:
" وكذلك ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم يعرف أمته يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء، فدل ذلك على أن من لم يكن غرا محجلا لم يعرف النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يكون من أمته وقوله تعالى: ( ... وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون)، وقوله تعالى: ( ... وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون ... )، وكذلك قوله تعالى: (فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى) وكذلك قوله تعالى: ( ... لم نك من المصلين ... ).
فوصفه بترك الصلاة كما وصفه بترك التصديق ووصفه بالتكذيب والتولي، والمتولي هو العاصي الممتنع من الطاعة ...
إلى أن قال: " مع أن النصوص علقت الكفر بالتولي كما تقدم" ا. هـ
فنوع الكفر هنا بصريح عبارة شيخ الإسلام هو كفر التولي الذي هو ترك الطاعة، وليس من باب التكذيب وترك الاعتقاد، فهذا مقابل للأول.
وقال كما في شرح العمدة (2/ 86) في سياق استدلاله على كفر التارك:
" فإن الإيمان عند أهل السنة والجماعة قول وعمل كما دل عليه الكتاب والسنة وأجمع عليه السلف وعلى ما هو مقرر في موضعه، فالقول تصديق الرسول والعمل تصديق القول، فإذا خلا العبد عن العمل بالكلية لم يكن مؤمنا، والقول الذي يصير به مؤمنا قول مخصوص وهو الشهادتان، فكذلك العمل هو الصلاة ... "
إلى أن قال:
"وأيضا فإن حقيقة الدين هو الطاعة والانقياد، وذلك إنما يتم بالفعل لا بالقول فقط، فمن لم يفعل لله شيئا فما دان لله دينا ومن لا دين له فهو كافر" ا. هـ
فهنا استدل شيخ الإسلام على كفر تارك الصلاة من خلال بيانه للحد الذي يثبت به أصل الإيمان، والصلاة تمثل في هذا الحد الانقياد الظاهر، فاعتبر شيخ الإسلام ترك الصلاة تركا للانقياد الظاهر، وبالتالي كان استدلاله على كفر تاركها، فكان هذا من شيخ الإسلام بيانا لنوع الكفر الحاصل بترك الصلاة والذي هو ترك الانقياد لا ترك الاعتقاد.
وقد نص على هذا في شرح العمدة أيضا (2/ 82) فقال:
" إن في بعض الأحاديث فقد خرج عن الملة، وفي بعضها بينه وبين الإيمان، وفي بعضها بينه وبين الكفر، وهذا كله يقتضي أن الصلاة حد تدخله إلي الإيمان إن فعله وتخرجه عنه إن تركه " ا. هـ
فقوله: " وتخرجه عنه إن تركه " ظاهر في أن سبب الكفر وبابه ترك الفعل والانقياد لا غير.
وقال أيضا (2/ 91 - 92):
" قال الإمام أحمد: " إذا قال لا أصلى فهو كافر ... " لأن هذا كفره بترك الفعل، فإذا فعله عاد إلى الإسلام، كما أن من كفره بترك الإقرار إذا أتى بالإقرار عاد إلى الإسلام".
وهذا قاله الشيخ عند تعرضه لأحد صور الترك.
فقوله: " لأن هذا كفره بترك الفعل" واضح في أن الشيخ يبين بهذا الكلام سبب كفر هذا التارك، وأنه ترك الفعل لاغير فثبت المقصود بذلك.
وقد أكد شيخ الإسلام هذا بتناوله للمسألة من جهة أخرى، وهي نفيه للجحود عن التارك مع إثبات الكفر في حقه، وإثبات إقراره بالوجوب، بل و إثبات التزامه لفعلها (1) فأغلق بهذا كل الأبواب
ليبين أن التارك إنما خرج من باب الانقياد فقط (2)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/70)
فقال رحمه الله كما في دقائق التفسير (1/ 211):
" ... ثم أكثرهم يوجبون قتل تارك الصلاة، وهل يقتل كافرا مرتدا أو فاسقا على قولين في مذهب أحمد وغيره، والمنقول عن أكثر السلف يقتضي كفره وهذا مع الإقرار بالوجوب فإنه مع جحود الوجوب فهو كافر بالاتفاق "ا. هـ
وقال كما في المجموع (20/ 96 - 97):
" وذلك أن من الأئمة من يقتله ويكفره بترك كل واحدة من الخمس لأن الإسلام بني عليها ... ومنهم من لا يقتله ولا يكفره إلا بترك الصلاة والزكاة ... ومنهم من يقتله بهما ولا يكفره إلا بالصلاة، وتكفير تارك الصلاة هو المشهور المأثور عن جمهور السلف من الصحابة والتابعين، ومورد النزاع هو فيمن أقر بوجوبها والتزم فعلها ولم يفعلها، وأما من لم يقر بوجوبها فهو كافر باتفاقهم "
وقال بعدها:
"بل هنا ثلاثة أقسام:
أحدها إن جحد وجوبها فهو كافر بالاتفاق
والثاني: ألا يجحد وجوبها لكنه ممتنع من التزام فعلها كبرا أو حسدا أو بغضا لله ورسوله، فيقول: أعلم أن الله أوجبها على المسلمين، والرسول صادق في تبليغ القرآن، ولكنه ممتنع عن التزام الفعل، استكبارا أو حسدا للرسول، أو عصبية لدينه، أو بغضا لما جاء به الرسول، فهذا أيضا كافر بالاتفاق ...
الثالث: أن يكون مقرا ملتزما، لكن تركها كسلا أو تهاونا، أو اشتغالا بأغراض له عنها، فهذا مورد النزاع، كمن عليه دين وهو مقر بوجوبه ملتزم لأدائه، لكنه يمطل بخلا أو تهاونا " ا. هـ
فنفي الجحود وإثبات الإقرار والالتزام، وذكر الترك والكسل، كل هذا برهان على أن الكفر عند الشيخ بابه ترك الانقياد لاترك الاعتقاد.
والمراد من كل ما تقدم أن ينتبه القارئ جيدا لكلام شيخ الإسلام، فسيأتي ذكره لصور الترك التي يكفر أصحابها، فلا يخلط القارئ بين صورة وأخرى، لأنه رحمه الله تعرض لبيان نوع الكفر في بعض الصور، وما ذكرناه هنا من بيانه لنوع الكفر عند التارك يساعد على تمييز كلامه.
الكفر الوارد في تارك الصلاة خاص بها دون بقية الفرائض:
يقرر شيخ الإسلام في أكثر من موطن من كتبه، أن نوع الكفر في التارك للصلاة إنما هو خاص بالصلاة فقط، فقد قال في شرح العمدة (2/ 84):
" ... وأيضا قوله: " كانوا لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر ... " وقوله: " ليس بين العيد وبين الكافر ... " وغير ذلك مما يوجب اختصاص الصلاة بذلك، وترك الجحود لا فرق فيه بين الصلاة وغيرها، ولأن الجحود نفسه هو الكفر من غير ترك حتى لو فعلها مع ذلك لم ينفعه، فكيف يعلق الحكم على ما لم يذكر " ا. هـ
وقال أيضا (2/ 83):
" ولا يقال: فقد يخرج عن الملة بأشياء غير الصلاة، لأنا نقول هذا ذكر في سياق ما كان من الأعمال المفروضة وعلى العموم يوجب تركه الكفر، وما سوى ذلك من الاعتقادات فإنه ليس من الأعمال الظاهرة "
إلي أن قال: " الخامس: أنه خرج هذا الكلام مخرج تخصيص الصلاة" ا. هـ
وقال أيضا (287/):
" و بكل حال فالصلاة لها شأن انفردت به على سائر الأعمال وتبيين ذلك من وجوه ... "
ثم ذكرها وكل هذا في سياق تكفيره لتارك الصلاة.
وقد سبق قوله: " والقول الذي يصير به مؤمنا قول مخصوص وهو الشهادتان، فكذلك العمل هو الصلاة "
أي العمل الذي هو مخصوص أيضا كالقول
وكل هذه النقول تدل على أن شيخ الإسلام يرى أنه لا يوجد عمل من أعمال الجوارح يكفر الإنسان به من جهة الترك إلا الصلاة فقط.
هذا بالنسبة لعمل بمفرده،أما عن ترك الأعمال كلها فالكفر فيها أوكد.
صور وحالات الترك التي كفر شيخ الإسلام أصحابها:
من خلال ما تقدم عن شيخ الإسلام من ترجيحه لأدلة تكفير تارك الصلاة وأنها في الكفر الأكبر، ونقله إجماع الصحابة على ذلك، ونسبة ذلك لجماهير السلف، قد يظن من وقف على ذلك أن شيخ الإسلام يكفر كل من ترك الصلاة ولو صلاة واحدة، أو أخرها عن وقتها الضروري.
أو أنه يصم بالكفر كل من وصف بالترك وبأي ترك.
و لربما إذا وقف على تروكات لا يكفر شيخ الإسلام أصحابها، يظن أن ذلك اضطرابا من شيخ الإسلام، أو تراجعا منه عما تقدم.
أو قد يتعلق بهذا من ألف البعد عن الإنصاف، فيزعم لأجلها أن شيخ الإسلام لا يكفر تارك الصلاة مطلقا، ويغلق عينيه عن بقية الكلام.
فليعلم أن شيخ الإسلام يطلق القول بكفر تارك الصلاة، ولا يريد بذلك مطلق الترك، فهو رحمه الله قد بين بكلامه صور وحالات الترك التي يكفر بها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/71)
وإليك أخي الكريم هذه الصور التي وصف شيخ الإسلام أصحابها بالكفر، وذلك من خلال كلماته وعباراته:
أ - صورة من ترك الصلاة تركا كليا مع انعدام نية الفعل:
وهذه الصورة تشمل كل من ترك الصلاة ولم يصل طول عمره إلى أن مات دون نية فعلها ولا التسويف بذلك.
قال شيخ الإسلام في شرح العمدة (2/ 93):
"فمن لم يصل ولم ير أن يصلي قط ومات على ذلك من غير توبة فهذا
تارك الصلاة مندرج في عموم الأحاديث وإن لم يظهر في الدنيا حكم كفره " ا. هـ
" لم يصل " في الماضي، " ولم ير أن يصلي" في المستقبل.
وقال في شرح العمدة أيضا (2/ 85):
" فأما من لا يصلي قط في طول عمره ولا يعزم على الصلاة، ومات على غير توبة أو ختم له بذلك، فهذا كافر قطعا"
فقوله في العبارتين: " لم ير أن يصلي"، " لا يعزم على الصلاة " ظاهر في أن هذا التارك الذي لم يسجد لله قط لا نية عنده للقيام بالصلاة.
ب - صورة من ترك الصلاة تركا كليا مع تسويفه بفعلها:
فقد ذهب الشيخ إلى أن من ترك الصلاة تركا كليا فلم يصل طول عمره إلى أن مات، أن هذا كافر وإن كان مسوفا لفعلها مادام أنه لم يفعل.
قال رحمه الله في شرح العمدة (2/ 83):
" إن قول عمر لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة أصرح شيء في خروجه عن الملة، وكذلك قول ابن مسعود وغيره، مع أنه بين أن إخراجها عن الوقت ليس هو الكفر، وإنما هو الترك بالكلية، وهذا لا يكون إلا فيما يخرج عن الملة " ا. هـ
وقال في موطن آخر (2/ 85):
" ... وكما فسره ابن مسعود وبين أن تأخيرها عن وقتها من الكبائر وأن تركها بالكلية كفر " ا. هـ
و من تركها طول عمره فلا شك أن تركه كلي.
وقال أيضا رحمه الله (2/ 86):
" ... فالقول تصديق الرسول، والعمل تصديق القول، فإذا خلا العبد عن العمل بالكلية لم يكن مؤمنا، والقول الذي يصير به مؤمنا قول مخصوص وهو الشهادتان، فكذلك العمل هو الصلاة ... وأيضا فإن حقيقة الدين هو الطاعة والانقياد، وذلك إنما يتم بالفعل لا بالقول فقط، فمن لم يفعل لله شيئا فما دان لله دينا ومن لا دين له فهو كافر" ا. هـ
وقد ذكر هذا شيخ الإسلام عند استدلاله على كفر تارك الصلاة و رده على من خالف.
وقوله: "خلا العبد عن العمل بالكلية " ثم تفسيره للعمل بالصلاة ظاهر في تكفيره لمن ترك الصلاة تركا كليا، وكذا قوله: "فمن لم يفعل لله شيئا "
فذكر الشيخ من ترك تركا كليا ولم يصفه بانعدام نية الفعل أو العزم على عدم الفعل كما في الصورة الأولى، ومع هذا نص على كفره فدل على أن هذه الصورة غير الأولى وأن صاحبها كافر.
وقال رحمه الله في المجموع (35/ 106):
"وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: تلك صلاة المنافق ... يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا.
فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الذي يؤخر الصلاة وينقرها منافق، فكيف بمن لا يصلي، وقد قال تعالى (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ... ) قال العلماء: الساهون عنها الذين يؤخرونها عن وقتها والذين يفرطون في واجباتها، فإذا كان هؤلاء المصلون الويل لهم فكيف بمن لا يصلي وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه يعرف أمته بأنهم غر محجلون من آثار الوضوء.
وإنما تكون الغرة والتحجيل لمن توضا وصلى، فابيض وجهه بالوضوء وابيضت يداه ورجلاه بالوضوء فصلى أغر محجلا، فمن لم يتوضأ ولم يصل لم يكن أغر ولا محجلا.
فلا يكون عليه سيما المسلمين التي هي الرنك للنبي صلى الله عليه وسلم مثل الرنك الذي يعرف به المقدم أصحابه، ولا يكن (3) هذا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ...
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليس بين العبد وبين الشرك إلا ترك الصلاة " وقال: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" (4) ا. هـ
والشيخ في هذا الكلام إنما يعني التارك بالكلية، وذلك صريح قوله: "لا يصلي" وقوله: "لم يصل " بصيغتي الحاضر والماضي ويؤكده السياق.
وحكم عليه بالكفر بدليل قوله: " لا يكن هذا من أمة محمد" ثم استدلاله بالأحاديث الواردة في الكفر.
وقال أيضا في شرح العمدة (2/ 82):
" ... الثالث: أن في بعض الأحاديث: "فقد خرج من الملة" وفي بعضها: "وبينه وبين الإيمان" وفي بعضها: " بينه وبين الكفر" وهذا كله يقتضي أن الصلاة حد تدخله إلى الإيمان إن فعله وتخرجه عنه وإن تركه"ا. هـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/72)
ولا شك أن من ترك الصلاة تركا كليا وإن كان مسوفا لفعلها لم يأت بالحد الأدنى للإيمان فهو كافر عند الشيخ.
وقال في المجموع (22/ 49):
" فأما من كان مصرا على تركها لا يصلي قط، ويموت على هذا الإصرار والترك فهذا لا يكون مسلما، لكن أكثر الناس يصلون تارة ويتركونها تارة، فهؤلاء ليسوا يحافظون عليها وهؤلاء تحت الوعيد"ا. هـ
هذا بالنسبة لمن نشأ على ترك الصلاة حتى مات، فلم يصل طيلة عمره، وتكفير شيخ الإسلام له ظاهر، والنصوص الواردة في كفر التارك تشمله بلا إشكال.
وإن كان هذا التارك مظهرا للإقرار بوجوبها والالتزام بفعلها، وإن كان فعلها أحب إليه من تركها لكنه لم يفعل، أو كان يسوف بالفعل ولم يفعل، فهو كافر لأجل تركه.
وكل عبارات شيخ الإسلام المتقدمة تشمل هذه الصورة بلا شك ولا تحتمل استثناءها.
نوع الكفر في هذه الصورة:
لقد أشار شيخ الإسلام في المجموع إلى أن الكفر في هذه الصورة هو من كفر الباطن، وهو أشد من كفر الظاهر فقال (7/ 610) عند كلامه على من ترك الأركان الأربعة، وتعرض من خلالها لمن ترك الصلاة فقط فقال:
" وهذه المسألة لها طرفان:
أحدهما: في إثبات الكفر الظاهر
والثاني: في إثبات الكفر الباطن
فأما الطرف الثاني فهو مبني على مسألة كون الإيمان قولا وعملا كما تقدم ... "
فذكر من ترك الأركان الأربعة ثم عاد للكلام على من ترك الصلاة فقال:
" وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة وأبي سعيد وغيرهما ...
" وبقي ظهر من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة مثل الطبق لا يستطيع السجود".
فإذا كان هذا حال من سجد رياء فكيف حال من لم يسجد قط؟ "ا. هـ
وقد تقدم أن تارك الصلاة بالكلية لم يأت بالعمل المخصوص في الحد الأدنى للإيمان بنص كلام الشيخ في شرح العمدة (2/ 82 - 86).
وهذا هو الذي بنى عليه شيخ الإسلام الحكم بكفر الباطن كما هو صريح قوله: " فأما الطرف الثاني] وهو كفر الباطن [فهو مبني على مسألة كون الإيمان قولا وعملا كما تقدم".
ويكفى أن شيخ الإسلام مثل بتارك الصلاة في تتمة كلامه هذا فتبين المقصود والحمد لله.
ج- صورة من ختم له بالترك الكلي بعد أن كان قد صلى:
هذه الصورة تغاير الصورة السابقة في كون صاحبها قد صلى في أول عمره أو فترة من عمره ثم تركها بالكلية حتى مات، فكانت الخاتمة هي الترك، فهذا يدل على تكفيره من كلام شيخ الإسلام النقل الأول والثاني السابقان في الصورة الماضية وهو قوله: " بين أن تأخيرها عن وقتها من الكبائر وأن تركها بالكلية كفر " ومثله النقل الأخر
فبعد أن ذكر فيهما تأخير الصلاة عن الوقت وبين أنه من الكبائر (والتأخير هو الفعل في غير الوقت) حكم على الصورة الأخرى المغايرة للتأخير وهي عدم الفعل لا في الوقت ولا في غير الوقت وهي الترك مطلقا فعدها من الكفر.
فدل هذا الترتيب على أن حكم الكفر شامل لمن ترك تركا مطلقا وكان قد صلى من قبل، إذ لو لم يشمل هذا لما كان للسياق بهذا الترتيب أي معنى لأن من لم يكن قد صلى من قبل أبدا لا يذكر في مقابل من كان يصلي إلا أنه حصل منه تأخير، لأنه لم يحصل منه فعل، والتأخير إنما هو فعل الشيء في غير وقته، فكيف يقابل من لم يفعل مطلقا بمن يفعل متأخرا
فالأولى بهذا الخطاب من كان يفعل "يصلى" لكنه متهاون من جهة الوقت ثم ترك تركا مطلقا.
لذلك كان كلام شيخ الإسلام السابق دليلا على كفر صاحب هذه الصورة، وهو من قد صلى قبل ثم ترك تركا كليا إلى أن مات ويدل عليه أيضا
قوله في شرح العمدة (2/ 85):
"فأما من لا يصلي قط طول عمره، ولا يعزم على الصلاة، ومات على غير توبة أو ختم له بذلك، فهذا كافر قطعا " ا. هـ
فقوله: " أو ختم له بذلك " صريح في أن المراد من كان يصلي ثم ترك، فكانت الخاتمة الترك.
وأيضا قوله في شرح العمدة (2/ 73) عند تقريره لكفر تارك للصلاة:
" ... لقول الله تعالى (فان تابوا أقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فإخوانكم في الدين) فعلق الأخوة في الدين على التوبة من الشرك وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، والمعلق بالشرط ينعدم عند عدمه فمن لم يفعل ذلك فليس بأخ في الدين، ومن ليس بأخ في الدين فهو كافر" ا. هـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/73)
فقوله: "والمعلق بالشرط ينعدم عند عدمه" صريح في أن من كان يصلي فإن أخوته لأهل الإسلام تنعدم ويكفر بتركه لهذا الشرط وهو الصلاة، وهذا عين ما أردت تقريره، والمتأمل في عبارات شيخ الإسلام الأخرى يلمس معنى مؤيدا لما سبق، فهو رحمه الله عندما يتعرض لحكم التارك لا أعلم موطنا واحدا استثنى فيه تاركا من الكفر إلا صنفا واحدا من التاركين لم يستثن غيرهم فيما وقفت عليه من كلامه، وهو من كان يصلي ويترك ولم يستمر على الترك وإنما يصلى أحيانا ويدع أحيانا كما في قوله في المجموع (7/ 616):
" ... فإن كثيرا من الناس، بل أكثرهم في كثير من الأمصار لا يكونون محافظين على الصلوات الخمس، ولا هم تاركيها بالجملة، بل يصلون أحيانا ويدعون أحيانا، فهؤلاء فيهم إيمان ونفاق، وتجري عليهم أحكام الإسلام الظاهر " ا. هـ
فاستثناؤه هنا هذا الصنف من الكفر دون من تركها بالجملة، دليل على أن من كان يصلي ثم ترك واستقر أمره على الترك حتى مات كافر، لأنه ممن تركها بالجملة ولأنه ليس من الصنف المستثنى.
ونص عليهم أيضا في قوله كما في المجموع (22/ 49):
" لكن أكثر الناس يصلون تارة ويتركونها تارة، فهؤلاء ليسوا يحافظون عليها وهؤلاء تحت الوعيد " ا. هـ
وكان قد قال قبلها كما سبق:
"فأما من كان مصرا على تركها لا يصلي قط، ويموت على هذا الإصرار والترك فهذا لا يكون مسلما، لكن أكثر الناس ... " فذكرهم.
وقال أيضا في المجموع (24/ 288):
" ... وتارك الصلاة أحيانا وأمثاله من المتظاهرين بالفسق ... " (5)
فالخلاصة أن كل ما تقدم عن شيخ الإسلام كاف في إثبات تكفيره لأصحاب هذه الصورة والله أعلم.
د- صورة الاستمرار على ترك بعض الشرائط والأركان التي لا يسوغ فيها الخلاف:
يرى شيخ الإسلام أن من كان يظهر فعل الصلاة وهو تارك لشرط من شروطها والتي لا تصح الصلاة إلا بها، أو تارك لركن من الأركان مما لا يسوغ فيه الخلاف، فهو كافر حكمه حكم التارك للصلاة من أصلها يقول رحمه الله كما في شرح العمدة (2 (94 - 93/وذلك عندما تعرض لبيان الكفر الباطن:
" ... فمن لم يصل ولم ير أن يصلي ... فهذا تارك للصلاة مندرج في عموم الأحاديث وإن لم يظهر في الدنيا حكم كفره ... إلى أن قال:
"وأما من أخل بشيء من شرائطها وأركانها التي لا يسوغ فيها الخلاف، فهذا بمنزلة التارك لها فيما ذكره أصحابنا كما تقدم من حديث حذيفة، (6) ولأن هذه الصلاة وجودها كعدمها في منع الاكتفاء" ا. هـ
وقوله رحمه الله:" كما تقدم من حديث حذيفة " يعني به ما جاء في ص (76) من نفس الكتاب، فقد استدل فيه بحديث حذيفة على كفر التارك.
وهذا يؤكد تكفيره لهذه الحالة، إضافة لما دل عليه قوله: "فهذا بمنزلة التارك" أي في الحكم وهو ظاهر، ويؤيده أيضا قوله في المجموع
(22/ 60):
"كما يقتل إذا قال أصلي بغير وضوء أو إلى غير القبلة، وكل فرض من فرائض الصلاة المجمع عليها إذا تركه عمدا فإنه يقتل بتركه كما أنه يقتل بترك الصلاة " ا. هـ
ومراده بالفرائض الأركان والشروط، بدليل ما مثل به قبلها (7).
والإمام ابن قدامة مع مخالفته في أصل المسألة، قد قرر بأنه ينبغي إعطاء هذه الصورة من الحكم حكم أصل المسألة فقال في المغني (3/ 359):
" ومن ترك شرطا مجمعا على صحته، أو ركنا كالطهارة والركوع والسجود فهو كتركها، حكمه حكمه، لأن الصلاة مع ذلك وجودها كعدمها"
أما حديث حذيفة المشار إليه آنفاً فقد قال عنه الحافظ في الفتح (2/ 219) " استدل به على تكفير تارك الصلاة، لأن ظاهره أن حذيفة نفى الإسلام عمن أخل ببعض أركانها، فيكون نفيه عمن أخل بها كلها أولى، وهذا بناء على أن المراد بالفطرة الدين، وقد أطلق الكفر على من لم يصل كما رواه مسلم" (8) ا. هـ
وقد جاء عن بلال أيضا ما يؤيد أثر حذيفة.
فعن بلال أنه رأى رجلا يصلي لا يتم ركوعا ولا سجودا، فقال بلال:
يا صحاب الصلاة لو مت الآن ما مت على ملة عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام (9)
ومن مات على غير ملة عيسى بن مريم عليه السلام فهو كافر.
فترك الشرائط والأركان المتفق عليها والاستمرار على ذلك، يصير الصلاة باطلة غير معتبرة، وبالتالي صاحبها تاركا للصلاة الشرعية فيكون كافرا.
.................................................. .....
التزام فعلها أن يضيف الإنسان إلى جانب اعتقاده بأن الله أوجبها الأمور التالية: (1)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/74)
أ-أن هذا الوجوب يشمله شرح العمدة (2/ 52)
ب- أن الإيجاب صحيح في ذاته (لأن هناك من يسلم بأن الله أوجب الشيء لكنه يعتقد أن إيجابه خطأ عافانا الله)
ج-أن لا يمنعه من الاستجابة الفعلية كبر أو نحوه عن ذات الفعل (العمدة)
د-أن ينتفي في حقه العزم على الترك بالكلية أو تحصل عنده نية الفعل
(العمدة 2/ 60 - 61)
هذا هو الالتزام الذي ورد في عبارات شيخ الإسلام حول هذه المسألة
(2) الكلام عمن ترك الصلاة فقط، أما من احتف بتركه قرائن أخرى تدل على حصول نوع آخر من أنواع الكفر، فهذا أمره غير الذي نتكلم عنه.
كذا في الأصل. (3)
(4) استدلالات الشيخ الواردة في هذا النقل لا تصدق إلا على من ترك الصلاة ترك كليا مما يبرهن لك صحة الاستشهاد به هنا.
سأنقل هذه الفتوى كاملة فيما يأتي لأهميتها (5)
و أضيف هنا بأن شيخ الإسلام استثنى من الكفر صنفين آخرين لم أذكرهما باعتبارهما ليسا من التاركين في الحقيقة:
الأول: من أخرها عن وقتها وفعلها فيما بعد.
الثاني: من كان يصلى وليس بتارك إلا أنه أخر صلاة عن وقتها فمات قبل أن يقضيها.
وقد جاء ذكرهما في شرح العمدة (2/ 93) حيث قال:
" فأما إن أخرها عن وقتها وفعلها فيما بعد فمات، أو كان ممن يلزمه أن يفعلها فيما بعد فمات، فهذا مع أنه فاسق من أهل الكبائر ليس بكافر، كالأمراء الذين يؤخرون الصلاة حتى يخرج الوقت "
فالأول واضح، أما الثاني فهو ممن كان يصلى وليس بتارك، بدليل أنه علق فسقه على تأخير صلاة واحدة، ولو كان تاركا للزمته صلوات، وبدليل تشبيهه له بالأمراء المؤخرين للصلوات، والأمراء لم يكونوا من التاركين كما ذكر ذلك شيخ الإسلام في المجموع (7/ 614) وفي شرح العمدة (2/ 85).
ومثل هذه الاستثناءات تبين لك جيدا تصور شيخ الإسلام للمسألة والله أعلم.
(6) الذي أخرجه البخاري في صحيحه (1/ 256) أن حذيفة بن اليمان رأى رجلا لا يتم الركوع والسجود فقال له: ما صليت ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله عليها محمدا صلى الله عليه وسلم
ونحوه أيضا في المجموع (3/ 429) وسيأتي قريبا (7)
(8) مع أن الحافظ لا يرى تكفير تارك الصلاة وقد نقل تأويل بعض أهل العلم له
(9) أخرجه ابن نصر في تعظيم قدر الصلاة (943 - 944) والخلال (94) في السنة بسند صحيح وإن أعله بعضهم بالانقطاع فليس هذا موطن بيانه
وهذا أخر الحلقة الأولى وستتلوها إن شاء الله الحلقة الثانية
كتبه / أبو عبد الرحمن محمد بن خليفة الهاشمي
ـ[أبو لمى]ــــــــ[24 - 05 - 05, 11:57 ص]ـ
بارك الله فيك أخي أبا عبد الرحمن جهد تشكر عليه أثابك الله وسأنتظر الحلقة الثانية بصبر وتصبر
ـ[مسعر العامري]ــــــــ[02 - 06 - 05, 01:54 م]ـ
جمع مبارك بارك الله فيه وفيك
ولي عودة إن شاء الله للتدقيق.(31/75)
مسئلة:الإخبار عن الله عزوجل و بعض ضوابطه
ـ[ابوالمنذر]ــــــــ[24 - 05 - 05, 08:08 ص]ـ
الإخبار عن الله عزوجل
تعريف الخبر في اللغة: الخبر: محركة: النبأ وفي التهذيب: الخبر: ما أتاك من نبإ عمن تستخبر (1)، و الخبر: هو العلم بكنه المعلومات على حقائقها ففيه معنى زائد على العلم، وإنما هو من قولك خبرت الشئ إذا عرفت حقيقة خبره وأنا خابر وخبير من قولك خبرت الشئ إذا عرفت حقيقة خبره وأنا خابر وخبير من قولك خبرت الشئ إذا عرفته مبالغة مثل عليم وقدير ثم كثر حتى أستعمل في معرفة كنهه وحقيقته (2)، أي هو ما يدل عن المُخْبَر عنه ذاتاً و صفاتاً وحالاً، وكأن الإخبار عن الله عزوجل هو الكلام بمضامين ما تحمله الأسماء والصفات (3) من معاني، ولا يُصف الله عزوجل بهذه المضامين فضلاً من أن يُسمى عزوجل (4).
ونضرب لذلك مثلاً وهو سؤال أجاب عنه الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عزوجل:
السؤال: ما حكم قول بعض الناس: يا ساتر؟
الجواب: هم لو أخبروا خبراً لقلنا صحيح، لكن إذا قالوا: يا ساتر دعاء، فالله عزوجل يقول (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) (لأعراف: من الآية180) فلا يُدعى الله تعالى إلا بأسمائه الحسنى أو بالصفات التي لا يتصف بها إلا هو.
السؤال: كيف يخبروا بها؟
الجواب: ما قصدهم الخبر، لو قالوا: إن الله ساتر فهذا صحيح لأن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال " من ستر مسلماً ستره الله " (5)، فأضاف الستر إلى الله، لكن إذا دعوه بها فإنه لا يُدعى إلا بأسمائه أو صفاته التي لا يتصف بها إلا هو.
مثل قول الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (اللهم مُنزل الكتاب ومُجرى السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم) (6)، فدعا الله عزوجل بالصفات التى لا يتصف بها إلا هو. (7)
الفرق بين الإخبار والأسماء والصفات:
قال شيخ الإسلام رحمه الله عزوجل (8)
فصل
قال الله تعالى ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون فى أسمائه وقال تعالى قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيما تدعوا فله الأسماء الحسنى وقال تعالى الله لا اله إلا هو له الأسماء الحسنى وقال تعالى هو الله الخالق البارىء المصور له الأسماء الحسنى و الحسنى المفضلة على الحسنة والواحد الاحاسن ثم هنا ثلاثة أقوال:
إما أن يقال ليس له من الأسماء إلا الأحسن ولا يدعى إلا به.
و إما أن يقال لا يدعى إلا بالحسنى وان سمي بما يجوز وان لم يكن من الحسنى وهذان قولان معروفان
و إما أن يقال بل يجوز فى الدعاء والخبر وذلك إن قوله (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) وقال (ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيما تدعوا فله الأسماء الحسنى) أثبت له الأسماء الحسنى وأمر بالدعاء بها فظاهر هذا ان له جميع الاسماء الحسنى.
وقد يقال جنس الأسماء الحسنى بحيث لا يجوز نفيها عنه كما فعله الكفار وأمر بالدعاء بها وأمر بدعائه مسمى بها خلاف ما كان عليه المشركون من النهى عن دعائه باسمه الرحمن فقد يقال قوله (فادعوه بها) أمر ان يدعى بالأسماء الحسنى وان لا يدعى بغيرها كما قال (ادعوهم لآبائهم) فهو نهى ان يدعوا لغير آبائهم.
ويفرق بين دعائه و الإخبار عنه فلا يدعى إلا بالأسماء الحسنى وأما الإخبار عنه فلا يكون باسم سيء لكن قد يكون باسم حسن او باسم ليس بسيئ وان لم يحكم بحسنه مثل اسم شيء وذات وموجود إذا أريد به الثابت وأما إذا أريد به الموجود عند الشدائد فهو من الأسماء الحسنى وكذلك المريد والمتكلم فان الإرادة والكلام تنقسم الى محمود ومذموم فليس ذلك من الأسماء الحسنى بخلاف الحكيم والرحيم والصادق ونحو ذلك فان ذلك لا يكون الا محمودا (9)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/76)
وهكذا كما فى حق الرسول حيث قال (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا فأمرهم ان يقولوا يا رسول الله يا نبى الله كما خاطبه الله بقوله يا أيها النبي يا ايها الرسول لا يقول يا محمد يا أحمد يا أبا القاسم وان كانوا يقولون فى الأخبار كالأذان ونحوه اشهد ان محمدا رسول الله كما قال تعالى (محمد رسول الله) وقال (ومبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد) وقال (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله) فهو سبحانه لم يخاطب محمدا الا بنعت التشريف كالرسول و النبي و المزمل والمدثر وخاطب سائر الأنبياء بأسمائهم مع انه فى مقام الإخبار عنه قد يذكر اسمه فقد فرق سبحانه بين حالتى الخطاب فى حق الرسول وامرنا بالتفريق بينهما فى حقه وكذلك هو المعتاد فى عقول الناس اذا خاطبوا الأكابر من الأمراء والعلماء والمشايخ والرؤساء لم يخاطبوهم ويدعوهم الا باسم حسن وان كان فى حال الخبر عن أحدهم يقال هو انسان وحيوان ناطق وجسم ومحدث ومخلوق ومربوب ومصنوع وابن انثى ويأكل الطعام ويشرب الشراب لكن كل ما يذكر من أسمائه وصفاته فى حال الإخبار عنه يدعى به فى حال مناجاته ومخاطبته وان كانت أسماء المخلوق فيها ما يدل على نقصه وحدوثه وأسماء الله ليس فيها ما يدل على نقص ولا حدوث بل فيها الأحسن الذى يدل على الكمال وهى التى يدعى بها وان كان اذا اخبر عنه يخبر باسم حسن أو باسم لا ينفى الحسن ولا يجب أن يكون حسنا وأما فى الأسماء المأثورة فما من اسم الا وهو يدل على معنى حسن فينبغى تدبر هذا للدعاء وللخبر المأثور وغير المأثور الذى قيل لضرورة حدوث المخالفين للتفريق بين الدعاء والخبر وبين المأثور الذى يقال او تعريفهم لما لم يكونوا به عارفين وحينئذ فليس كل اسم ذكر فى مقام يذكر فى مقام بل يجب التفريق.إ.هـ
وقال ابن القيم رحمه الله عزوجل:
ويجب أن تعلم هنا أمور
أحدها أن ما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته كالشيء والموجود والقائم بنفسه فإنه يخبر به عنه ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا
الثاني أن الصفة إذا كانت منقسمة إلى كمال ونقص لم تدخل بمطلقها في أسمائه بل يطلق عليه منها كمالها وهذا كالمريد والفاعل والصانع فإن هذه الألفاظ لا تدخل في أسمائه ولهذا غلط من سماه بالصانع عند الإطلاق بل هو الفعال لما يريد فإن الإرادة والفعل والصنع منقسمة ولهذا إنما أطلق على نفسه من ذلك أكمله فعلا وخبرا
الثالث أنه لا يلزم من الإخبار عنه بالفعل مقيدا أن يشتق له منه اسم مطلق كما غلط فيه بعض المتأخرين فجعل من أسمائه الحسنى المضل الفاتن الماكر تعالى الله عن قوله فإن هذه الأسماء لم يطلق عليه سبحانه منها إلا أفعال مخصوصة معينة فلا يجوز أن يسمى بأسمائها إ هـ. (10)
وقال أيضاً:
السابع أن ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفا كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه هل هي توقيفية أو يجوز أن يطلق عليه منها بعض ما لم يرد به السمع
الثامن أن الاسم إذا أطلق عليه جاز أن يشتق منه المصدر والفعل فيخبر به عنه فعلا ومصدرا ونحو السميع البصير القدير يطلق عليه منه السمع والبصر والقدرة ويخبر عنه بالأفعال من ذلك نحو قد سمع الله المجادلة 1 وقدرنا فنعم القادرون المرسلات 23 هذا إن كان الفعل متعديا فإن كان لازما لم يخبر عنه به نحو الحي بل يطلق عليه الاسم والمصدر دون الفعل فلا يقال حي. (11)
وقال أيضاً:
فإن الفعل أوسع من الاسم ولهذا أطلق الله على نفسه أفعالا لم يتسم منها بأسماء الفاعل كأراد وشاء وأحدث ولم يسم بالمريد و الشائي والمحدث كما لم يسم نفسه بالصانع والفاعل والمتقن وغير ذلك من الأسماء التي أطلق أفعالها على نفسه فباب الأفعال أوسع من باب الأسماء وقد أخطأ أقبح خطأ من اشتق له من كل فعل اسما وبلغ بأسمائه زيادة على الألف فسماه الماكر والمخادع والفاتن والكائد ونحو ذلك وكذلك باب الإخبار عنه بالاسم أوسع من تسميته به فإنه يخبر عنه بأنه شيء وموجود ومذكور ومعلوم ومراد ولا يسمى بذلك فأما الواجد فلم تجيء تسميته به إلا في حديث تعداد الأسماء الحسنى والصحيح أنه ليس من كلام النبي ومعناه صحيح فإنه ذو الوجد والغنى فهو أولى بأن يسمى به من
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/77)
الموجود ومن الموجد أما الموجود فإنه منقسم إلى كامل وناقص وخير وشر وما كان مسماه منقسما لم يدخل اسمه في الأسماء الحسنى كالشيء والمعلوم ولذلك لم يسم بالمريد ولا بالمتكلم وإن كان له الإرادة والكلام لانقسام مسمى المريد والمتكلم وأما الموجد فقد سمي نفسه بأكمل أنواعه وهو الخالق البارئ المصور فالموجد كالمحدث والفاعل والصانع وهذا من دقيق فقه الأسماء الحسنى فتأمله وبالله التوفيق. إ هـ (12)
قال مقيده عفا الله عنه:مما سبق من كلام أهل العلم تتضح لنا بعض الضوابط والقواعد في الإخبار عن الله عزوجل ومنها ما يلي:
1 - الإخبار تشتق من الأسماء والصفات والأفعال الثابتة لله عزوجل وغيرها، ويُخبر عن الله بها ولا تجرى كأسماء عليها (13).
2 - باب الإخبار أوسع الأبواب، فهو أوسع من باب الأسماء ومن باب الصفات لأنه احتواها وزاد عليها (14).
3 - باب الإخبار توفيقياً، غير بابا الأسماء والصفات فإنهما توقيفيان (15).
4 - باب الإخبار عن لا يكون باسم سيء لكن قد يكون باسم حسن أو باسم ليس بسيئ وان لم يحكم بحسنه مثل اسم شيء وذات وموجود إذا أريد به الثابت وكذلك المريد والمتكلم فان الإرادة والكلام تنقسم إلى محمود ومذموم (16).
5 - بناءاً على السابق فانه لا يجوز الدعاء بكل ما ورد بالأخبار (17) لأن الله أمر بدعائه بأسمائه الحسنى (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) (الأعراف: من الآية180)، ولأن الأخبار فيها الحسنى فيها الخبر المجرد كقولنا الموجود و المتكلم والصانع وغيرها.
نختم هذا الباب بعبارات لمشايخ الإسلام ’ أن الأولى استخدام الألفاظ الشرعية المعصومة الواردة في الكتاب العزيز والسنة المشرفة دون الإلتفات إلي هذه الألفاظ التي لم ترد فيهما فهي ألفاظ غير معصومة إنما جرت علي الألسنة يوم خضنا مع أهل الكلام أخذاً و رداً، إليك أخي الحبيب نقولات أهل العلم رحمهم الله عزوجل.
أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عزوجل:
القاعدة الثانية (18):
أن ما أخبر به الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عن ربه عزوجل فانه يجب الإيمان به سواء عرفنا معناه أو لم نعرف لأنه الصادق المصدوق فما جاء فى الكتاب والسنة وجب على كل مؤمن الإيمان به وإن لم يفهم معناه،كذلك ماثبت باتفاق سلف الأمة وأئمتها مع ان هذا الباب يوجد عامته منصوصا فى الكتاب والسنة متفق عليه بين سلف الأمة، وما تنازع فيه المتأخرون نفيا وإثباتا فليس على أحد بل ولا له ان يوافق أحدا على إثبات لفظه أو نفيه حتى يعرف مراده فإن أراد حقا قبل وإن أراد باطلا رد وان اشتمل كلامه على حق وباطل لم يقبل مطلقا ولم يرد جميع معناه بل يوقف اللفظ ويفسر المعنى. أ.هـ
وقال رحمه الله عزوجل (19):
وأما السلف والأئمة فلم يدخلوا مع طائفة من الطوائف فيما ابتدعوه من نفى او اثبات بل اعتصموا بالكتاب والسنة وراوا ذلك هو الموافق لصريح العقل فجعلوا كل لفظ جاء به الكتاب والسنة من اسمائه وصفاته حقا يجب الأيمان به وان لم تعرف حقيقة معناه وكل لفظ احدثه الناس فاثبته قوم ونفاه اخرون فليس علينا ان نطلق اثباته ولا نفيه حتى نفهم مراد المتكلم فان كان
مراده حقا موافقا لما جاءت به الرسل والكتاب والسنة من نفى او اثبات قلنا به وان كان باطلا مخالفا لما جاء به الكتاب والسنة من نفى او اثبات منعنا القول به وراوا ان الطريقة التى جاء بها القرآن هى الطريقة الموافقة لصريح المعقول وصحيح المنقول وهى طريقة الأنبياء والمرسلين.ا. هـ
ابن أبى العز الحنفي رحمه الله عزوجل (20):
(التعبير عن الحق بالألفاظ الشرعية النبوية الإلهية هو سبيل أهل السنة والجماعة، والمعطلة يعرضون عما قاله الشارع من الأسماء والصفات، و لا يتدبرون معانيها، ويجعلون ما ابتدعوه من المعاني والألفاظ هو المحكم الذى يجب اعتقاده، وأما أهل الحق والسنة والإيمان فيجعلون ما قاله الله ورسوله هو الحق الذى يجيب اعتقاده واعتماده) ا. هـ
ويقول العلامة ابن باز رحمه الله عزوجل (21):
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/78)
قوله (قديم بلا ابتداء) هذا اللفظ لم يرد في أسماء الله الحسنى كما نبه الشارح رحمه الله وغيره، وإنما ذكره كثير من علماء الكلام ليثبتوا به وجوده قبل كل شيء وأسماء الله توقيفية لا يجوز إثبات شيء منها إلا بالنص من الكتاب العزيز أو السنة الصحيحة، ولا يجوز إثبات شيء منها بالرأي كما نص على ذلك أئمة السلف الصالح، ولفظ القديم لا يدل على المعنى الذي أراده أصحاب الكلام، لأنه يقصد به في اللغة العربية المتقدم على غيره وإن كان مسبوقا بالعدم كما في قوله سبحانه) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) (يّس:39) وإنما يدل على المعنى الحق بالزيادة التي ذكرها المؤلف وهو قوله (قديم بلا ابتداء) ولكن لا ينبغي عده في أسماء الله الحسنى، لعدم ثبوته من جهة النقل ويغني عنه اسمه سبحانه الأول كما قال عز وجل:) هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ) (الحديد: من الآية3) الآية والله ولي التوفيق.
وكذا قال العلامة الألباني رحمه الله عزوجل:
في نفس الموضع فى التعليق على الطحاوية:
اعلم أنه ليس من أسماء الله تعالى: (القديم) وإنما هو من استعمال المتكلمين فإن القديم في لغة العرب التي نزل بها القرآن - هو المتقدم على غيره فيقال: هذا قديم للعتيق وهذا جديد للحديث ولم يستعملوا هذا الاسم إلا في المتقدم على غيره لا فيما لم يسبقه عدم كما قال تعالى: (حتى عاد كالعرجون القديم) [يس: 39] والعرجون القديم: الذي يبقى إلى حين وجود العرجون الثاني فإذا وجد الجديد قيل للأول قديم وإن كان مسبوقا بغيره كما حققه شيخ الإسلام ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " (1/ 245) والشارح في " شرحه " لكن أفاد الشيخ ابن مانع هنا فيما نقله عن ابن القيم في " البدائع " أنه يجوز وصفه سبحانه بالقدم بمعنى أنه يخبر عنه بذلك وباب الأخبار أوسع من باب الصفات التوقيفية. ا. هـ
كل هذا في اعتصام السلف بالألفاظ الشرعية فى بابي الأسماء والصفات،لذا قال الشيخ عمر سليمان الأشقر (22) (أقول والأفضل في باب الإخبار أن يُصار إلي اللفظ الوارد في الكتاب والسنة عند وجود مثل هذا اللفظ، فنقول: الأول بدل القديم، ونقول القيوم بدل القيام بالنفس، ونقول الآخر بدل الأزلي والأبدي، فالتعبير بالمنصوص أولى و أحري) أ. هـ
و الله عزوجل أعلى واعلم وأعز وأحكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
(1) تاج العروس
(2) الفروق اللغوية
(3) بكل أنواعها السابق ذكرها
(4) ويكون بذلك دخل فيه الأسماء والصفات وزاد عليها
(5) أخرجه مسلم 2699
(6) متفق عليه من عبد الله بن أبى أوفى 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -
(7) شرح العقيدة السفارينية صـ167،166
(8) مجموع الفتاوى جـ6 ص143:141
(9) ألفاظ تدل على الكمال لكن تحمل النقص بالتقدير الذهني كالمتكلم، والمريد، والفاعل والشائي (الذي يشاء)
مثاله: المتكلم قد يتكلم بخير وقد يتكلم بشر فلا يسمى الله به لأن أسماءه لا تحمل النقص ولو بالتقدير.
ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الأصفهانية ص 5: (وأما تسميته سبحانه بأنه مريد وأنه متكلم فإن هذين الاسمين لم يردا في القرآن ولا في الأسماء الحسنى المعروفة، ومعناهما حق، ولكن الأسماء الحسنى المعروفة هى التي يدعى الله بها وهي التي جاءت في الكتاب والسنة وهي التي تقتضي المدح والثناء بنفسها والعلم والقدرة والرحمة ونحو ذلك هي في نفسها صفات مدح والأسماء الدالة عليها أسماء مدح وأما الكلام والإرادة فلما كان جنسه ينقسم إلى محمود كالصدق والعدل وإلى مذموم كالظلم والكذب والله تعالى لا يوصف إلا بالمحمود دون المذموم جاء ما يوصف به من الكلام والإرادة في أسماء تخص المحمود كاسمه الحكيم والرحيم والصادق والمؤمن والشهيد والرؤوف والحليم والفتاح ونحو ذلك 0
فلهذا لم يجىء في أسمائه الحسنى المأثورة المتكلم المريد ا0هـ باختصار المُجلى د كاملة الكوارى0
(10) بدائع الفوائد جـ1 صـ170،169
(11) بدائع الفوائد جـ1 صـ170
(12) مدارج السالكين جـ 3 صـ416،415
(13) راجع كلام الشيخ العثيمين ’
(14) راجع كلام ابن تيمية ’ وابن القيم ’ ((باب الأخبار أوسع من باب الصفات، وما يطلق عليه من الأخبار؛ لا يجب أن يكون توقيفياً؛ كالقديم، والشيء، والموجود .... )) ().
(15) كما سبق
(16) راجع كلام شيخ الإسلام ابن تيمية
(17) انظر رقم 1
(18) مجموع الفتاوى جـ3 صـ41
(19) مجموع الفتاوى جـ6 صـ 36
(20) شرح العقيدة الطحاوية
(21) التعليق على الطحاوية
(22) أسماء الله وصفاته في معتقد أهل السنة والجماعة صـ133
ـ[أبو هداية]ــــــــ[27 - 01 - 08, 05:13 م]ـ
أحسنت ..
أحسن الله إليك وإلى والديك وكل من له حق عليك، وبورك فيك كما بورك في الزيت أكلاً ودهناً وإضاءةً في المنزل.
استفدت من موضوعك أيما فائدة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/79)
ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[09 - 11 - 09, 08:27 م]ـ
للرفع
ـ[ابو الحسن الأكاديري]ــــــــ[09 - 11 - 09, 11:24 م]ـ
لي بحث في المسألة كتبته من سنتين تقريبا أو يزيد، سميته: "تحقيق الدليل في مسألة الإخبار عن الجليل".
وقد بلَّغتُ ضبط المسألة بتسع ضوابط.
والله الموفق و المسدد والمعين.
ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[10 - 11 - 09, 06:33 ص]ـ
حبذا لو وضعت البحث .. في هذا الملتقى المبارك ..
حتى يستفيدَ منه الإخوان ..(31/80)
هل كان ابن حجر أشعرياً؟
ـ[حافظ عبدالمنان]ــــــــ[27 - 05 - 05, 05:54 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الكرام حفظكم الله ورعاكم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إنه عندي سؤال مهم، وأرجوا منكم أن تستفيدوني بارك الله فيكم. وهو ذا:
((ما هي عقيدة ابن حجر العسقلاني رحمه الله، أهو كان من أهل السنة والجماعة أم كان أشعرياً؟
وسبب ذلك بأني وجدت بعض العلماء هم يتهمونه بأنه كان أشعرياً!!
كما وجدت عبارة الشيخ علي حسن بن عبدالحميد الحلبي الأثري حفظه الله في نكته على شرح النخبة حيث قال في مقدمته (ص/13): فإن ابن حجر كان ذا عقيدة يشوبها التمشعر، فكان من الخائضين – مثلا – في تأويل صفات الباري جل وعز، مع اضطراب في ذلك أحياناً)).
ومع ذلك كنت اعتقد قبله فيه بأنه هو من أهل السنة والجماعة، وإمام في حديث، وذو رأي سديد، ولكن منذ وجدت عبارة الشيخ الحلبي أجد في نفسي غير ما كان قبله.
فأنا أرجوا منكم أن تفيدوني بما هو الحق؛ لأعتقد فيه ما كان لائقا به، فإن كان من أسلافنا فيملأ صدري بحبه إن شاء الله كما كان قبله، وإلا له ما له.
ابنكم في العلم
حافظ عبدالمنان الزاهدي – باكستان
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[27 - 05 - 05, 06:16 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي حافظ بارك الله فيك وزادك من العلم والهدى والتقى والعفاف والغنى
قبل أن أجيبك على هذا السؤال أريد أن تعرف أن للعلماء قدرهم ومكانتهم فهم مصابيح الهدى وبدور الدجى ثم اعلم بأن العلماء غير معصومين من الخطأ فالعالم مهما بلغ من العلم والفهم والذكاء فإنه لابد وأن يقع في الخطأ قال بعض أهل العلم في تعليل هذا: ليتبين للناس الفرق بين النبي وغيره فالنبي معصوم من الوقوع في الخطأ في التشريع وأما غيره فليس بمعصوم.
وأما الجواب عن سؤالك فقد سمعته من شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله حيث ذكر أن ابن حجر رحمه الله متذبذب حيث ينقل أحيانا مذهب الأشاعرة وأحيانا ينقل مذهب أهل السنة
قلت: ولو استعرضت فتح الباري مع تعليقات الشيخ ابن باز رحمه الله وتعليقات تلميذه الشيخ علي الشبل لوجدت ذلك واضحا
هذا ماعندي فأرجو ممن عنده زيادة أو تصحيح ألا يبخل علي بذلك وإني له لمن الناصحين
ـ[مسعر العامري]ــــــــ[27 - 05 - 05, 06:40 ص]ـ
الأشاعرة يخالفون أهل السنة في أكثرين من عشرين باباً من أبواب العقيدة ..
فكون ابن حجر يوافق الأشاعرة في (بعض) الأحيان في (بعض المسائل) من باب واحد (هو الصفات) فلا يعني أنه أشعري .. !
وهذا الكلام يجري على النووي والقرافي .. وجماعة ..
والذي يظهر أن الأمر كما قاله شيخنا ابن عثيمين أن ابن حجر متذبذب ..
وخاصة في مسألتي الصفات والإيمان ..
فليس هو أشعرياً؛ بل قد انتقد الأشاعرة في مواضع متعددة من الفتح لا أستحضرها الآن ..
وهناك رسالة -أظنها ماجستير - عن عقيدة ابن حجر؛ لا أدري طبعت أم لا؟
هذه كلمة على عجل.
فطب نفساً يا أخي .. وانتفع بابن حجر،
لكن إن كان المسألة في في العقيدة فتحرز يسيراً ..
وانتفع بتعليقات شيخنا ابن باز على الفتح وإكمال الشيخ الشبل - رحمة الله على علماء المسلمين وطلاب العلم أحياء وأمواتاً-
ـ[سيف 1]ــــــــ[27 - 05 - 05, 06:48 ص]ـ
لا يقدح هذا البتة في مكانة هؤلاء الأئمة وغفر الله لهم أجمعين
وقال الذهبي فيما معناه لو تركنا كل امام أخطأ لما بقى لنا امام
وكثير من العلماء المشهورين الأعلام لم يسلموا من الأضطراب في باب الصفات
كالبيهقي وابن حزم رحمهما الله تعالى
وابن حجر كان اماما عظيما جليل القدر ما جاء بعده مثله ويغفر الله لهم ان شاء بما أفادوا به هذه الأمة ونصحوا لها وبينوا ونافحوا
ـ[لطفي بن محمد الزغير]ــــــــ[27 - 05 - 05, 07:53 ص]ـ
حتى ولو كان أشعرياً - وهو ليس كذلك كما قدم الأخوة - فخذ أخي الكريم علمه الغزير وما رأيته لا يوافق فيه مذهب أهل السنة فاطرحه، وهذا النوع من الأسئلة لا أحبه، وحبذا لو كان
اسؤال بطريقة أخرى، ولقد قرأت في موقع مهجور سؤال لمن هو ليس اهلاً للجواب: ((هل كان البخاري مجسماً؟!) سبحان الله!! ولقد قرأت مداخلات جيدة في منتدى الدراسات الشرعية حول هذا الموضع لا يحضرني رابطها الآن فمن وجده فليضعه مأجوراً.
ـ[النصري]ــــــــ[28 - 05 - 05, 12:29 ص]ـ
توجد رسالة علمية بعنوان: منهج الحافظ ابن حجر العسقلاني في العقيدة، من خلال كتابه (فتح الباري) للباحث محمد إسحاق كندو، في ثلاث أجزاء، ولعلي أنقل ملخصها فيما بعد.
ـ[مسعر العامري]ــــــــ[28 - 05 - 05, 01:32 ص]ـ
وهناك رسالة -أظنها ماجستير - عن عقيدة ابن حجر؛ لا أدري طبعت أم لا؟
أحسنت يا النصري فهذه الرسالة التي أبحث عنها ..
لعلك تنقل شيئاً منها ..
وهناك رسالة للحوالي حول منهج الأشاعرة ..
رد فيها على الصابوني حين نسب ابن حجر للأشاعرة ..
فليتك تضيفها أيضاً ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/81)
ـ[أبو محمد]ــــــــ[28 - 05 - 05, 01:59 ص]ـ
سؤال الأخ لا إشكال فيه .. ولا أدري لم هذا التحسس من البحث في هذا الموضوع .. نحن في ملتقى لطلاب العلم، ومعرفة مثل هذه المسألة مما ينبغي أن يطلع عليها طالب العلم حتى يكون على حذر مما قد يكون أخطأ فيه ابن حجر رحمه الله.
والمقصود أنه ينبغي التوسط في هذه المسألة: لسنا مع من يمنع الاستفادة منه ويمنع الترحم عليه كما عليه بعض الغلاة .. ولسنا مع الطرف الآخر الذي يتحسس من أي نقد علمي يوجه له رحمه الله ... والعقيدة السلفية أحب إلينا.
أحب أن أنبه إلى الفرق البين بين ابن حجر والنووي .. فابن حجر مضطرب وكثيرا ما ينقل كلام الأشاعرة ويسكت، أما النووي فيسلك في باب الصفات -لا سيما الخبرية- مسلك التأويل دون اضطراب، فالأشعرية في واضحة.
ـ[النصري]ــــــــ[29 - 05 - 05, 01:34 ص]ـ
خلاصة ما كتبه الشيخ محمد إسحاق كندو في كتابه السابق الذكر بتصرف يسير:
الحافظ ابن حجر من العلماء الأفذاذ الذين خدموا السنة وذادوا عنها، وكتب الله لمصنفاته القبول لدى عامة المسلمين، وكتابه فتح الباري من كبار كتب العلم التي لا يستغني عنها عالم فضلا عن طالب العلم.
لقد كان الحافظ ذاباً عن السنة محبا للسلف، ذاماً للبدعة مبغضاً للمبتدعة وله في ذلك كلام صريح واضح.
لم تتمحض دراسة الحافظ لعلم العقيدة على المنهج السلفي الصافي، لأن أكثر مشايخه الذين درس عليهم كانوا على غير منهج السلف في العقيدة، بل كانوا أشاعرة تبعاً لحالة العصر، وإنما يتمثل الجانب السلفي في تلك الكتب التي يرويها عن بعض مشايخه مما صنفه علماء السلف في بيان العقيدة الصحيحة والرد على المخالفين فيها كما يجدها المطالع على فهرس مروياته من الكتب والأجزاء.
اعتماد الحافظ في تقرير مسائل العقيدة لشرحه للبخاري على شراح البخاري ومسلم ومنهم البيهقي والخطابي وابن بطال والقاضي عياض والقرطبي والنووي، ولا يخفى على أهل العلم تأثر هؤلاء في تقرير العقيدة على طريقة الأشاعرة، ونقله عن هؤلاء ليس نقل تقليد بل نقل اجتهاد واقتناع.
لم يكن في تقريره لمسائل الاعتقاد في كتابه (الفتح) على منهج واحد، وإنما كان منهجه متأرجحاً بين السلفية والأشعرية.
وهذا كلام الشيخ سفر في كتابه: منهج الأشاعرة في العقيدة، وقد تعرض لموقف ابن حجر من الأشاعرة قائلا:
موقف ابن حجر من الأشاعرة:
من المعلوم أن إمام الأشعرية المتأخر الذي ضبط المذهب وقعد أصوله هو الفخر الرازي (ت 606 هـ) ثم خلفه الآمدي (631 هـ) والآرموي (682 هـ) فنشرا فكره في الشام ومصر واستوفيا بعض القضايا في المذهب (وفكر هؤلاء الثلاثة هو الذي كان الموضوع الرئيسي في كتاب درء التعارض) وأعقبهم الأيجي صاحب المواقف (الذي كان معاصراً لشيخ الإسلام ابن تيمية) فألف ((المواقف)) الذي هو تقنين وتنظيم لفكر الرازي ومدرسته وهذا الكتاب هو عمدة المذهب قديماً وحديثاً.
وقد ترجم الحافظ الذهبي – رحمه الله – في الميزان وغيره للرازي والآمدي بما هم أهله، ثم جاء السبكي – ذلك الأشعري المتعصب – فتعقبه وعنف عليه ظلماً، ثم جاء ابن حجر – رحمه الله – فألف لسان الميزان فترجم لها بطبيعة الحال – ناقلاً كلام ابن السبكي ونقده للذهبي – ولم يكن يخاف عليه مكانتهما وإمامتهما في المذهب كما ذكر طرفاً من شنائع الآرموي ضمن ترجمة الرازي.
فإذا كان موقف ابن حجر لأن موقفه هو الذي يحدد انتماءه لفكر هؤلاء القوم أو عدمه؟ إن الذي يقرأ ترجمتيهما في اللسان لا يمكن أن يقول إن ابن حجر على مذهبهما أبداً، كيف وقد أورد نقولاً كثيرة موثقة عن ضلالهما وشنائعهما التي لا يقرها أي مسلم فضلاً عمن هو في علم الحافظ وفضيلته؟
على أنه قال في آخر ترجمة الرازي: ((أوصى بوصية تدل على أنه حسّن اعتقاده)).
وهذه العبارة التي قد يفهم منها أنها متعاطفة مع الرازي ضد مهاجميه هي شاهد لما نقول نحن هنا، فإن وصية الرازي التي نقلها ابن السبكي نفسه صريحة في رجوعه إلى مذهب السلف.
فبعد هذا نسأل:
أكان ابن حجر يعتقد أو يؤيد عقيدة الرازي التي في كتبه أم عقيدته التي في وصيته؟
الإجابة واضحة من عبارته نفسها.
هذه واحدة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/82)
والأخرى: أن الحافظ في الفتح قد نقد الأشاعرة باسمهم الصريح وخالفهم فيما هو من خصائص مذهبهم، فمثلاً خالفهم في الإيمان، وإن كان تقريره لمذهب السلف فيه يحتاج لتحرير، ونقدهم في مسألة المعرفة وأول واجب على المكلف في أول كتابه وآخره.
كما أنه نقد شيخهم في التأويل ((ابن فورك)) في تأويلاته التي نقلها عنه في شرح كتاب التوحيد من الفتح وذم التأويل والمنطق مرجحاً منهج الثلاثة القرون الأولى كما أنه يخالفهم في الاحتجاج بحديث الآحاد في العقيدة وغيرها من الأمور التي لا مجال لتفصيلها هنا.
والذي أراه أن الحافظ – رحمه الله – أقرب شيء إلى عقيدة مفوضة الحنابلة كأبي يعلى ونحوه ممن ذكرهم شيخ الإسلام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل، ووصفهم بمحبة الآثار والتمسك بها، لكنهم وافقوا بعض أصول المتكلمين وتابعوهم ظانين صحتها عن حسن نية.
وقد كان من الحنابلة من ذهب إلى أبعد من هذا كابن الجوزي وابن عقيل وابن الزاغوني، ومع ذلك فهؤلاء كانوا أعداء الداء للأشاعرة، ولا يجوز بحال أن يعتبروا أشاعرة فما بالك بأولئك.
والظاهر أن سبب هذا الاشتباه في نسبة بعض العلماء للأشاعرة أو أهل السنة والجماعة هو أن الأشاعرة فرقة كلامية انشقت عن أصلها ((المعتزلة)) ووافقت السلف في بعض القضايا وتأثرت بمنهج الوحي، في حين أن بعض من هم على مذهب أهل السنة والجماعة في الأصل تأثروا بسبب من الأسباب بأهل الكلام في بعض القضايا وخالفوا فيها مذهب السلف.
فإذا نظر الناظر إلى المواضع التي يتفق فيها هؤلاء وهؤلاء ظن أن الطائفين على مذهب واحد، فهذا التداخل بينهما هو مصدر اللبس.
وكثيراً ما تجد في كتب الجرح والتعديل – ومنها لسان الميزان للحافظ ابن حجر – قولهم عن الرجل أنه وافق المعتزلة في أشياء من مصنفاته أو وافق الخوارج في بعض أقوالهم وهكذا، ومع هذا لا يعتبرونه معتزلياً أو خارجياً، وهذا المنهج إذا طبقناه على الحافظ وعلى النووي وأمثالهما لم يصح اعتبارهم أشاعرة وإنما يقال وافقوا الأشاعرة في أشياء، مع ضرورة بيان هذه الأشياء واستدراكها عليهم حتى يمكن الاستفادة من كتبهم بلا توجس في موضوعات العقيدة.
ـ[مسعر العامري]ــــــــ[29 - 05 - 05, 05:33 ص]ـ
هذا ما أريد ..
جزاك الله خيرا.
ـ[العوضي]ــــــــ[29 - 05 - 05, 05:58 ص]ـ
تحقيق نسبة ابن حجر وأمثاله لمذهب الأشاعرة
...... على أن الموضوع الذي يجب التنبيه إليه هو التفريق بين متكلمي الأشاعرة، كالرازي والآمدي والشهرستاني والبغدادي والإيجي ونحوهم، وبين من تأثر بمذهبهم عن حسن نية واجتهاد، أو متابعة خاطئة، أو جهل بعلم الكلام، أو لاعتقاده أنه لا تعارض بين ما أخذ منهم وبين النصوص.
ومن هذا القسم أكثر الأفاضل الذين يحتج بذكرهم الصابوني وغيره وعلى رأسهم الحافظ ابن حجر -رحمه الله-.
ولست أشك أن الموضوع يحتاج لبسط وإيضاح، ومع هذا فإنني أقدم للقراء لمحة موجزة عن موقف ابن حجر من الأشاعرة:
من المعلوم أن إمام الأشعرية المتأخر الذي ضبط المذهب وقعد أصوله هو الفخر الرازي [606 هـ] ثم خلفه الآمدي [631 هـ] والأرموي [655هـ] فنشرا فكره في الشام ومصر واستوفيا بعض القضايا في المذهب.
ونَقْدُ فكر هؤلاء الثلاثة هو الموضوع الرئيسي في كتاب درء التعارض لشَيْخ الإِسْلامِ.
وأعقبهم الإيجي صاحب المواقف - الذي كان معاصراً لشَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية - فألف "المواقف " الذي هو تقنين وتنظيم لفكر الرازي ومدرسته، وهذا الكتاب هو عمدة المذهب قديماً وحديثاً.
وقد ترجم الحافظ الذهبي رحمه الله في الميزان وغيره للرازي والآمدي بما هم أهله، ثم جاء ابن السبكي -ذلك الأشعري المتعصب- فتعقبه وعنف عليه ظلماً.
ثم جاء ابن حجر رحمه الله فألف لسان الميزان فترجم لهما بطبيعة الحال - ناقلاً كلام ابن السبكي ونقده للذهبي 1. ولم يكن يخفى عليه مكانتهما وإمامتهما في المذهب كما ذكر طرفاً من شنائع الأرموي ضمن ترجمة الرازي.
فماذا كان موقف ابن حجر؛ لأن موقفه هو الذي يحدد انتماءه لفكر هؤلاء القوم أو عدمه؟
إن الذي يقرأ ترجمتيهما في اللسان لا يمكن أن يقول: إن ابن حجر على مذهبهما أبداً، كيف وقد أورد نقولاً كثيرة موثقة عن ضلالهما وشنائعهما التي لا يقرها أي مسلم فضلاً عمن هو في علم الحافظ وفضله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/83)
على أنه قال في آخر ترجمة الرازي "أوصى بوصية تدل على أنه حسن اعتقاده".
وهذ العبارة التي قد يفهم منها أنها متعاطفة مع الرازي ضد مهاجميه هي شاهد لما نقول نحن هنا، فإن وصية الرازي التي نقلها ابن السبكي نفسه صريحة في رجوعه إلى مذهب السلف.
فبعد هذا نسأل:
أكان ابن حجر يعتقد أو يؤيد عقيدة الرازي التي في كتبه، أم عقيدته التي في وصيته؟
الإجابة واضحة من عبارته نفسها. هذه واحدة.
الوجه الآخر: أن الحافظ في الفتح قد نقد الأشاعرة باسمهم الصريح وخالفهم فيما هو من خصائص مذهبهم فمثلاً:
خالفهم في الإيمان، وإن كان تقريره لمذهب السلف فيه يحتاج لتحرير.
ونقدهم في مسألة المعرفة، وأول واجب على المكلف في أول كتابه وآخره. 2. كما أنه نقد شيخهم في التأويل "ابن فورك " في تأويلاته التي نقلها عنه في شرح كتاب التوحيد من الفتح، وذم التأويل والمنطق مرجحاً منهج الثلاثة القرون الأولى.
كما أنه يخالفهم في الاحتجاج بحديث الآحاد في العقيدة /3 وغيرها من الأمور التي لا مجال لتفصيلها هنا.
والذي أراه أن الحافظ -رحمه الله- أقرب شيء إلى عقيدة مفوضة الحنابلة كأبي يعلى ونحوه ممن ذكرهم شَيْخ الإِسْلامِ في درء تعارض العقل والنقل، ووصفهم بمحبة الآثار والتمسك بها لكنهم وافقوا بعض أصول المتكلمين وتابعوهم ظانين صحتها عن حسن نية.
وقد كان من الحنابلة من ذهب إلى أبعد من هذا كابن الجوزي وابن عقيل وابن الزاغوني، ومع ذلك فهؤلاء كانوا أعداء ألدّاء للأشاعرة، ولا يجوز بحال أن يعتبروا أشاعرة فما بالك بأولئك!!
والظاهر أن سبب هذا الاشتباه في نسبة بعض العلماء للأشاعرة أو أهل السنة والجماعة هو أن الأشاعرة فرقة كلامية انشقت عن أصلها "المعتزلة " ووافقت السلف في بعض القضايا وتأثرت بمنهج الوحي، في حين أن بعض من هم على مذهب أهل السنة والجماعة في الأصل تأثروا بسبب من الأسباب بأهل الكلام في بعض القضايا وخالفوا فيها مذهب السلف.
فإذا نظر الناظر إلى المواضع التي يتفق فيها هؤلاء وهؤلاء ظن أن الطائفتين على مذهب واحد، فهذا التداخل بينهما هو مصدر اللبس.
وكثيراً ما تجد في كتب الجرح والتعديل -ومنها لسان الميزان للحافظ ابن حجر - قولهم عن الرجل: إنه وافق المعتزلة في أشياء من مصنفاته أو وافق الخوارج في بعض أقوالهم وهكذا، ومع هذا لا يعتبرونه معتزلياً أو خارجياً.
وهذا المنهج إذا طبقناه على الحافظ وعلى النووي وأمثالهما لم يصح اعتبارهم أشاعرة؛ وإنما يقال: وافقوا الأشاعرة في أشياء، مع ضرورة بيان هذه الأشياء واستدراكها عليهم حتى يمكن الاستفادة من كتبهم بلا توجس في موضوعات العقيدة. /4
خامساً: قال فضيلة الشيخ الفوزان عن الأشاعرة: [نعم هم من أهل السنة والجماعة في بقية أبواب الإيمان والعقيدة وليسوا منهم في باب الصفات].
وهذا سبق قلم من فضيلته، ومثل هذه الدعوى هي التي يهش لها الأشاعرة المعاصرون ويروجونها، لأنه إذا كان الفارق هو الصفات فقط قالوا: إن الخلاف فيها أصله الاجتهاد والكل متفقون على التنزيه فكأنه لا خلاف إذاً! وربما قالوا: نحن مستعدون أن نثبت لله يداً وعيناً وسائر الصفات في سبيل توحيد الصف ووحدة الكلمة!!!
وليكن معلوماً أن ابتداء أمر الأشاعرة أنهم توسلوا إلى أهل السنة أن يكفوا عن هجرهم وتبديعهم وتضليلهم وقالوا: نحن معكم ندافع عن الدين وننازل الملحدين، /5 فاغتر بهذا بعض علماء أهل السنة وسكتوا عنهم، فتمكن الأشاعرة في الأمة ثم في النهاية استطالوا على أولئك واستأثروا بهذا الاسم دون أهله، وأصبحوا هم يضللون أهل السنة ويضطهدونهم ويلقبونهم بأشنع الألقاب، فحتى لا تتكرر هذه المشكلة وإحقاقاً للحق رأيتُ من واجبي أن أسهم بتفصيل مذهب الأشاعرة في كل أبواب العقيدة؛ ليتضح أنهم على منهج فكري مستقل في كل الأبواب والأصول، ويختلفون مع أهل السنة والجماعة من أول مصدر التلقي حتى آخر السمعيات ما عدا قضية واحدة فقط.
المصدر: منهج الاشاعرة في العقيدة للشيخ الدكتور سفر الحوالي
منقول من الأخ (عامر المديني - حفظه الله)
ـ[الرايه]ــــــــ[29 - 05 - 05, 01:58 م]ـ
هناك رسالة ماجستير في الجامعة الاسلامية بالمدينة نوقشت في 11/ 11 / 1416هـ
-طبعت -
عنوانها
منهج الحافظ ابن حجر في العقيدة من خلال كتابه (فتح الباري)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/84)
للباحث / محمد إسحاق كندو
ملخص الرسالة:
تمهيد، وبابين، وخاتمة.
ذكر في المقدمة أهمية الموضوع وجهود من سبقه بهذا الموضوع وخطة البحث ومنهجه فيه.
وفي الباب التمهيدي: تطرق للتعريف بالحافظ ابن حجر وكتابه فتح الباري،
وأدرج تحته أربعة فصول: التعريف بالحافظ ابن حجر: عصره وحياته الشخصية وحياته العلمية،
التعريف بكتابه فتح الباري (اسمه، سبب تأليفه، زمن تأليفه وطريقته، منهجه في الشرح، ميزاته والملاحظات عليه، مكانته العلمية وأقوال العلماء فيه) موارد الحافظ ابن حجر في العقيدة في كتابه فتح الباري، منهج الحافظ ابن حجر في الاستدلال على مسائل العقيدة في كتابه فتح الباري.
وفي الباب الأوّل: بين الباحث منهج الحافظ ابن حجر في توحيد الله تعالى، وأدرج تحته خمسة فصول:
منهجه في تعريف التوحيد، منهجه في توحيد الربوبية، منهجه في توحيد الأسماء والصفات، منهجه في توحيد الألوهية، منهجه في نواقض التوحيد.
وفي الباب الثاني: بين منهج الحافظ في بقية مسائل العقيدة،
وأدرج تحته تمهيداً وأربعة فصول:
منهجه في مباحث الإيمان، منهجه في الإيمان بالنبوات (الملائكة والكتب والرسل) منهجه في الإيمان بالمعاد، منهجه في الصحابة والإمامة، منهجه في الكلام على البدع والفرق المبتدعة.
ثم ختم الباحث رسالته بذكر أهم النتائج الَّتي توصل إليها، ملخصها:
أن الحافظ ابن حجر –رحمه الله- عالم جليل له مكانته ومنزلته في العلم والذب عن السنة ومحاربة البدع والأهواء، ولكنه تأثر بالبيئة الَّتي نشأ فيها، فتأرجح في مسائل العقيدة بين مذهب السلف الصالح ومذهب الأشعرية المتكلمين،
فوافقهم في أشياء منها:- القول بالكسب الأشعري،
والتحسين والتقبيح العقليين ومنع تسلسل الحوادث في الماضي،
وجواز التأويل والتفويض في الصفات،
ونفي الجهة،
وجواز الاستشفاع والتبرك بالصالحين بعد موتهم، وشد الرحال إلى قبورهم.
ووافق منهج السلف في:- حجية خبر الواحد وتقديم النقل على العقل، وتعريف التوحيد والإيمان.
وأن معرفة الله تعالى فطرية وصحة إيمان المقلد إذا سلم من الشبهات،
وفي تعريف القضاء والقدر وعدم وجوب شيء على الله تعالى،
وأن أسماء الله لا تنحصر في عدد وأنها توقيفية وكذلك الصفات،
وأقر بقاعدة أن الأسماء والصفات تحذو حذو الذات فلا تشبه صفات المخلوقين،
وأثبت رؤية المؤمنين لربهم ولكنه نفى الجهة،
وكذلك وافق السلف في تعريف الإيمان
ومباحث النبوات ومباحث الصحابة والإمامة.
وكذلك يترحم عليه ويعرف له فضله ويستغفر له ولا يقر على زلة أو خطأ.
المصدر
http://www.iu.edu.sa/arabic/daleel/rasail/details.asp?ID=439
ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[06 - 03 - 06, 08:19 م]ـ
قال جمال الدين بن عبد الهادي في ترجمة ابن حجر من الرياض اليانعة: " كان محبًا للشيخ تقي الدين ابن تيمية معظمًا له جاريًا في أصول الدين على قاعدة المحدثين ".
ـ[حسن باحكيم]ــــــــ[01 - 12 - 06, 08:30 م]ـ
جزاك الله خيرا(31/85)
ما هي عقيدة ابن رشد؟
ـ[شبيب السلفي]ــــــــ[05 - 06 - 05, 08:04 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد,,
ما هي عقيدة ابن رشد الأندلسي؟
من عنده علم فلا يبخل به جزاكم الله خيرا
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[05 - 06 - 05, 08:23 م]ـ
الجد أم الحفيد؟
ـ[الطنجي]ــــــــ[05 - 06 - 05, 09:42 م]ـ
إن كنت تقصد القاضي أبا الوليد الحفيد، صاحب (بداية المجتهد)، فالرجل فيلسوف، من اكبر الفلاسفة (الإسلاميين)، وهو مترجم (أرسطو)، ولولاه لما فهم الغرب كتب (المعلم الأول).
وإذا أردت أن تعرف عقيدته عن قرب، فاقرأ كتابه النفيس: (الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة)، فقد نقض فيه منهج المتكلمين، خصوصا الأشاعرة، بطريقة رائعة، وأسلوب سلس كأنه جدول ماء يترقرق، وما ذلك بغريب على أهل الأندلس، إلا أنه، ويا للأسف، جار فيه على مذهب الفلاسفة الرديء، نسأل الله العافية.
ورأي شيخ الإسلام في الرجل سيء، مثله في ذلك مثل كثير من العلماء، حتى من المالكية، بل إن كثيرا من علماء الأندلس المعاصرين له قد رموه بالزندقة، وأوقعوا به عند السلطان، وأفتوا بحرق كتبه، وناله في ذلك محنة شديدة مشهورة، ولولا الكسل لأتيتك ببعض أقاويلهم فيه.
والله أعلم.
ـ[شبيب السلفي]ــــــــ[07 - 06 - 05, 01:58 ص]ـ
أقصد الحفيد شيخي الفاضل زياد
وجزاك الله خيرا أخي الطنجي , ولو تكرمت وأخبرتني عن الكتب التي تكلمت في عقيدته أكون شاكرا لك
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[07 - 06 - 05, 02:15 ص]ـ
منقول من مجلة الجامعة الإسلامية
العقل والنقل عند ابن رشد
بقلم فضيلة الشيخ محمد أمان بن علي الجامي
عميد كلية الحديث الشريف والدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلامية
تمهيد
من هو ابن رشد؟
قبل أن نتحدث عن موقف ابن رشد من العقل والنقل يحسن بنا أن نقول شيئاً عن ابن رشد:
عن حياته، عن فلسفته، لكي نعرف الظروف التي نشأ فيها حتى صار أحد أساطين الفلسفة، وما الذي عرضه لذلك الاضطهاد والعسف والتشريد، والاتهام بالإلحاد والزندقة أحياناً؟!!
ولد أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد في مدينة قرطبة سنة خمسمائة وعشرين من الهجرة الموافق عام ستة وعشرين بعد الألف ميلاديا، وترعرع في حب العلم وأهله في كنف والده الذي كان من كبار علماء قرطبة وقضاتها، وشغف في حداثة سنه بدراسة الطب والشريعة وتطلع إلى العلوم الماورائية، فظهر منه نبوغ عجيب لفت إليه النظار، والعجيب من أمر هذا الفيلسوف الكبير أنه لا يُدرى أين درس الفلسفة والعلوم الماورائية، ومن أستاذه في هذه العلوم؟
يرى بعض الناس أنه اتخذها عن ابن ماجه - الفيلسوف المشهور - إلا أن الواقع التاريخي يأبى ذلك، لأن وفاة ابن ماجه كانت سنة 1138م وكان ابن رشد في هذا التاريخ في الثانية عشرة من عمره، فليس في الإمكان أن يدرس الفلسفة في هذا السن المبكر، بل كان يدرس مبادئ العلوم الشرعية في هذا التاريخ كالفقه وعلم الكلام على والده. ويرى البعض الآخر أنه تتلمذ على ابن طفيل, ولكن التاريخ يثبت أن ابن طفيل ما كان يعرف ابن رشد معرفة شخصية إلا في الوقت الذي ذاعت فيه شهرته وطار صيته في الآفاق، كفيلسوف وطبيب، هذا ما يستنتج من وصفه لحاله عندما دخل على السلطان يوسف بن يعقوب لأول مرة، وعنده ابن طفيل، يقول ابن رشد: "لما دخلت على أمير المؤمنين ابن يعقوب وجدته هو وأبا بكر بن طفيل، فأخذ أبو بكر يثني عليّ ويذكر بيتي وسلفي، ويضم إلى ذلك بفضله أشياء لا يبلغها قدري .. "إلى آخر كلامه ..
وهذا يدل على أن ابن طفيل إنما عرف ابن رشد من صيته الطويل، ولا يعرفه قبل ذلك، فضلاً عن أن يتتلمذ عليه.
هكذا يثبت بالواقع التاريخي أن ابن رشد لم يأخذ فلسفته عن ابن طفيل كما أثبت من قبل أنه لم يأخذها عن ابن ماجه، فيبقى أستاذه في الفلسفة غير معروف ولعله بدراسته لمبادئ العلوم الشرعية وعلم الكلام عكف على دراسة كتب أرسطو وتتلمذ عليه بواسطة كتبه، كما يظهر من تأثره البالغ بفلسفته، وعلى أي حال فهو فيلسوف كبير يكتنفه الغموض وتحيط به الاستفهامات من كل جانب، أهو فيلسوف متهور؟ كما يقول بعض الكتاب؟ أهو فيلسوف جامع بين الفلسفة والدين كما يظهر من بعض كتبه؟ أهو أشعري في عقيدته؟ أو واقفيٌ؟ أو مفوض؟ أو هو .. أو هو .. أهو باطنيٌ الخ. والذي جعل ابن رشد يقع تحت هذه الاستفهامات ويعيش هذا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/86)
الغموض أنه كان كثير المداراة ويحاول أن يعيش مع الجمهور بظاهره، وأما في حقيقته فهو في عالم آخر .. عالم الخواص، الذي يزعم أنه يفهم من نصوص الشريعة فهماً خاصاً لا يفهمه الجمهور ويعذر الجمهور في مفهومه السطحي - على زعمه - ولا يبيح للعلماء أو الخواص أن يقفوا عند مفهوم الجمهور، ولابن رشد اصطلاح خاص قد ينفرد في هذا المعنى، وهو أنه يثبت فريقاً ليسوا من العلماء، وهم فوق الجمهور، وهم علماء الكلام من المعتزلة والأشاعرة والماتريدية ومن يدور في فلكهم، يطلق عليهم (جدليون) ويتبعون ما تشابه من النصوص ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله.
فابن رشد شخصية غريبة يحتار المرء في تحديده، فتراه فقيهاً واسع الاطلاع على أقوال الفقهاء وكثيراً ما يحاول ترجيح قول على قول، أو تقديم رأي على رأي فيقارع الحجج بالحجج، وقد تراه يتحدث عن مذهب السلف حديث مطلع ومقتنع ويثني عليه خيراُ لأنه لا يأول النصوص بل يبقيها على ظاهرها على ما يليق بالله, ثم تراه وقد انزلق مع الفلاسفة المتهورين ويدعو إلى تحكيم البراهين, ويعتبرها هي الأصل في باب الإلهيات مع الاكتراث بالأدلة النقلية، ويقول بقدم العالم كما يبدو من بعض كتبه [1].
بين يدي البحث
قبل أن أشرع في البحث أحب أن أضع بين يدي القارئ النقاط التالية:
1 – مما يجب الاتفاق عليه بين المسلمين (وحدة المصدر في معرفة العقيدة الإسلامية) واعتماد ذلك المصدر في بحث أي معنى من معاني العقيدة الإسلامية، وعدم إغفاله، وبذلك تسلم عقيدة المسلم من الزيف والإلحاد والضلال.
2 – لا يجوز تعطيل العقل في مجال العقيدة وغيرها؛ لأن العقل أساس التكليف ومناط الأهلية، إلا أنه لا يجوز أن يتجاوز العقل حدوده ويتجاهل وظيفته ويجمع في مجال الخيال الفاسد والأوهام الكاذبة، والخيالُ والأوهامُ لا يصلحان أساساً للعقيدة والمعرفة الصحيحة حتماً.
3 – دعوتنا إلى وحدة المصدر للعقيدة الإسلامية حقيقة دل عليها الشرع بالقواطع من الأدلة النقلية، والعقل السليم لا يعارضها، على القاعدة التي تقول: (العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح)
4 – إذا كان العقل هو الذي دلنا على معرفة الله عز وجل وعلى أن محمداً رسول الله حقاً فأي معارضة تفرض بين العقل وبين ما جاء به الكتاب والسنة، أورد خبر الله وخبر رسوله بحجة مخالفتهما للعقل، يعتبر كل ذلك مناقصة صريحة لما دل عليه العقل نفسه.
5 – العقل نور جعله الله في قلبك ليكشف لك عن الأشياء الموجودة والحقائق الواقعة ولتفهم به عن الله ورسوله، هذه وظيفة العقل، فلو أردت منه أن يريك كل ما تحبه وتتخيله من المعدومات قلا يجد إلى ذلك سبيلاً، اللهم إلا إذا كان على سبيل الوهم والخيال، وسبق أن قلنا: إن الوهم والخيال لا يصلحان للمعرفة الصحيحة والعقيدة السليمة، والله هو الهادي إلى سواء السبيل. [2]
تعريف العقل
يقال: عقل الشيء فهمه معقول أي مفهوم، العقل نور روحانيٌ تدرك به النفس الأمور الضرورية، والفطرية وابتداء وجوده عند اجتنان الولد في الرحم، ثم لا يزال ينمو إلى أن يكمل عند البلوغ [3].
ويقال للأدلة النظرية الأدلة العقلية: لأنها تدرك بالعقل، حيث عن الإنسان يستعمل العقل في ترتيبه وتكوينه وتنظيمه، وسمي العقل عقلاً لأنه يعقل صاحبه لئلا يقع فيما ينبغي من اعتقاد فاسد أو فعل قبيح، ومن ذلك "اعقلها وتوكل على الله" أي احبسها.
تعريف النقل
يقال: نقل الشيء أي أخذة من مكان إلى مكان، ونَقَلَةُ الحديث هم الذي يدونون الأحاديث وينقلونها ويسندونها إلى مصادرها.
ويقال لأدلة الكتاب والسنة: الأدلة النقلية، ويقال لها السمعية ويقال لها: الخبرية والأدلة المأثورة، وكلها بمعنى واحد، وهي الأدلة المسموعة المنقولة عن كتاب الله العزيز والسنة المطهرة أو الأدلة التي نقلها إلينا نقلة الحديث والرواة.
العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح
هذا العنوان يجب أن يكون المحور لبحثنا وقاعدة ننطلق منها في دراستنا لآراء أبي الوليد في الإلهيات ومناقشتها، لنتبين مذهبه على حقيقته إن استطعنا إلى ذلك سبيلا، وهو أمر عسير غير يسير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/87)
وذلك لأن العقل هو الذي دلنا على وجود الخالق، وصحة رسالة رسوله الذي أيده بالمعجزات تلك المعجزات التي تدل على صدق نبوة الأنبياء باستعمال الفكر والنظر, ويقول شيخ الإسلام بن تيمية: "المعقول الصريح لا يخالف المنقول الصحيح"وله كتاب خاص بهذا المعنى تحت عنوان: (موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول)، وقد يسايرنا أبو الوليد في هذا الخط فترة من الزمن غير طويلة إلا أنه لا يستطيع أن يواصل سيره معنا بل سرعان ما يتركنا في وسط الطريق، ليعود إلى غموضه متناقضاً ومُطْلقاً على ما نحن عليه مذهب الجمهور أو مذهب العوام. الواقع أن ابن رشد يساير أيضاً علماء الكلام بل يوافقهم في الحقيقة، ويتظاهر بمخالفتهم في الظاهر أو في طريق التطبيق، فتجده يعتب على علماء الكلام في تأويلهم لنصوص الكتاب والسنة، ويعلن أمام الرأي العام أن تأويلهم هو الذي غير الشريعة وبدل معالمها، وأفسد على الناس مفهومها, وإذا قلبت النظر في أمره فتجد أن عتابه لا ينصب على التأويل من حيث هو تأويل, ولكنه ينصب على التصريح به للجمهور، فهو يبيح من التأويل للعلماء ما لا يبيح للجمهور شريطة ألا يصرح العلماء للجمهور بذلك التأويل لأنهم حرفيون على حد تعبيره.
هكذا عاش ابن رشد غير واضح في عقيدته وفلسفته ويسمى هذا الموقف: التوفيق بين الفلسفة والشريعة أو بين الحكمة والدين، وكان مقتنعاً بصحة هذا المذهب ولذا نراه يعتب على الإمام الغزالي وينقم منه تصريحه أمام الجمهور ما لا ينبغي أن يصرخ به إلا أمام الخواص في منهج القوم!!
فلسفة ابن رشد
مما لا يختلف فيه اثنان أن ابن رشد فيلسوف كبير وخطير، ومن الصعوبة بمكان أن يحدد المرء معالم فلسفته ومذهبه كما قلت آنفاً حيث اختار لنفسه الغموض في حياته، ولا أقول إن ابن رشد لا يملك الجرأة الكافية التي تمكنه من الإعلان عما يتفاعل في نفسه من آراء عرفانية ولكني أقول: عن ابن رشد لم يستخدم أو لم يرد أن يستخدم جرأته في الإعلان عن مذهبه, والثبات عليه بشكر واضح ودائم بل قد اضطر أحياناً إلى مسايرة الناس في خلاف ما يعتقد, ْ وخصوصاً بعد أن نكب على يد السلطان المنصور ابن أبي يعقوب، سلطان الموحدين وأحرقت كتبه في الفلسفة، ورمي بالإلحاد، ومما يروى في سبب تلك النكبة أنه أنكر بحضرة والي قرطبة وجود قوم عاد الذين ورد ذكرهم في الكتاب العزيز، هكذا الرواية - والعهدة على الراوي - وعلى الرغم مما قيل فإن الدارس لآراء ابن رشد يشهد له بالعمق وأنه من أوسع الفلاسفة الإسلاميين في العلوم الماورائية، وله محاولة في ربط الفلسفة بالشريعة في حدود تصوره للشريعة.
وقد قام ابن رشد بشرح عدة كتب من كتب الفلاسفة الإسلاميين وغيرهم، وانتقد بعض أولئك الفلاسفة وفند آراءهم ونظر في علم الكلام فوقف عنده كثيراً ولم يستسغ آراءهم وتأويلهم فأخذ ينقد تأويل الأشاعرة والمعتزلة والماتريدية وحكم عليهم كلهم بأنهم خصمون يجادلون بالباطل حتى تخضع النصوص لآرائهم وعقلياتهم، فرأى أنه لا بد له أن يشق له طريقاً وحده ويطلق العنان لجواد فلسفته لينطلق كما يريد إلا أن جواده لم يسلم كبوة - لكل جواد كبوة - ومن كبوة جواده وهفوة ذهنه أنه يرى:
إذا وجدت بعض الآيات في الكتاب العزيز تضاد الفلسفة يجب تفسيرها تفسيراً شعبياً باعتبار أن لكل آية معنيين: حرفي شعبي وروحي خاص، فالحرفي للشعب، والروحي للفلاسفة. بل يقول ما هو أدهى من هذا وأمر؛ إذا يقول: "كما أن الأنبياء يتقبلون الوحي فيبلغونه للشعب، وكذلك الفلاسفة وهم أنبياء الطبقة العالمة".
لذلك يجب أن يوفق بين الدين والعلم, وعلى العلماء أن يجمعوا بين الحكمة والشريعة وأن يعلموا من الشريعة بما يوافق الحكمة حتى يكون علمهم في كل شيء موافقاً للحكمة. ومن أقواله المأثورة: "الحق لا يضاد الحق بل يوافقه ويشهد له".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/88)
هذه - كما ترى - كبوة خطيرة، بل انزلاقة قاتلة، وقولة منكرة في الإسلام، لا أعلم أنه سبق إليها؛ إذ هي سخرية ساخرة من مقام النبوة, والنبوة منزلة خاصة لا تنبغي إلا لأولئك المصطفين المختارين الذين اختارهم الله وجعلهم واسطة بينه وبين عباده في تبليغ الرسالة إليهم ونصحهم وهدايتهم, أولهم آدم وآخرهم خاتم النبيين محمد بن عبد الله العربي الهاشمي، وقد صرح الكتاب العزيز أنه خاتم النبيين حيث يقول الرب تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (الأحزاب: 40).
وادعاء النبوة لأحد بعده مصادمة لهذه الآية والأحاديث الصحيحة التي جاءت في هذا المعنى كقوله عليه الصلاة والسلام: "أنا خاتم النبيين لا نبي بعدي"، وابن رشد قد قال قولاً شططاً بادعاء النبوة للفلاسفة، بل إنه يجعلهم نخبة ممتازة من الأنبياء ومرسلة إلى نخبة ممتازة من الناس - إذ يقول: "وكذلك الفلاسفة وهم أنبياء السبقة العالمة", ولست أدري ما مفهوم النبوة عند ابن رشد؟ حتى تبيح له فلسفته مثل هذا الادعاء علماً بأنه من الفلاسفة الذين يشملهم ادعاؤه فلاسفةُ اليونان من غير المسلمين مثل أستاذه أفلاطون ومثل أرسطو فهل تبيح فلسفة ابن رشد أن يكون أمثال هؤلاء من قدماء الفلاسفة وحدثائهم من المسلمين وغير المسلمين من أنبياء الله تعالى؟!! والله المستعان.
نعود إلى قول ابن رشد: "الحق لا يضاده الحق بل يوافقه ويشهد له". وهو حق بقطع النظر عما أراد به أبو الوليد، وسبق أن نقلنا عن بعض المحققين قوله: "العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح"، [4] وعندما يحصل الاختلاف بين العقل والنقل لا بد من أحد أمرين:
أحدهما: أن النقل غير صحيح في نفسه أو أسيء فهمه وفسر تفسيراً غير صحيح.
ثانيهما: المعقول الذي ادعى أن النقل يخالفه غير صريح وغير سليم, بل إنه أصيب بأدران الشبهة أو الهوى الذي غيّره حتى فقد العقل سلامته, بل هو إما مريض أو ملوث ولا محالة، ولو كان العقل يتمتع بعافيته وسلامته, والنقل يتمتع بصحته وقوته لا يكاد أن يختلفان.
وهذه قاعدة عظيمة ونافعة بإذن الله، ومقبولة لدى العقلاء المنصفين، بل لا يكاد يتردد فيها كل من نظر في العقليات، وله اطلاع على النقليات، ورزق التجرد عن التعصب والهوى والتحيز.
وقد أشار أبو الوليد بن رشد إلى هذه القاعدة في كتابه (منهاج الأدلة) في غير ما موضع في أثناء منقاشته لبعض علماء الكلام في تأويلهم البعيد عن روح الإسلام وفي رد شبههم التي عرضوها على الشريعة ليعارضوها بها، ومما قاله أبو الوليد في هذا الصدد قوله:
"وأشد ما عرض على الشريعة من هذا الصنف أنهم تأولوا كثيراً مما ظنوه ليس على ظاهره, وقالوا إن التأويل ليس هو المقصود به, وإنما أتى الله به في صورة المتشابه ابتلاء لعباده، واختباراً لهم"ثم قال أبو الوليد: "نعوذ بالله من هذا الظن بالله, بل نقول: إن كتاب الله العزيز إنما جاء معجزاً من جهة الوضوح والبيان"إلى أن قال: "وما أبعد عن مقصد الشرع من قال: فيما ليس بمتشابه أنه متشابه، ثم إنه أول ذلك المتشابه بزعمه وقال لجميع الناس: إن فرضكم هو اعتقاد هذا التأويل، مثل ما قالوه في آية الاستواء على العرش, وغير ذلك مما قالوا إن ظاهره متشابه"يشير أبو الوليد إلى بعض آيات الصفات التي حرفها كثير من علماء الكلام، وتبعهم كثير من الناس في تحريفهم باسم التأويل كآية مجيء الرب يوم القيامة {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} (الفجر:22) , وصفة المحبة {فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه} (المائدة: 54) , وصفة الرحمة التي دل عليها قوله عليه الصلاة والسلام: "الراحمون يرحمهم الرحمن"، و "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"، وصفة الرضاء المأخوذة من قوله تعالى: {رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (المائدة: 119) وغير ما ذكر من نصوص الصفات التي جاءت في الكتاب العزيز والسنة المطهرة, والتي سلط عليها أهل الكلام وكثير من الفلاسفة صنوف التأويل البعيدة عن مراد المتكلم بها، والتي أبعدت كثيراً من الناس عن المفهوم الصحيح لنصوص الصفات، ويضرب أبو الوليد مثالاً رائعاً لهذا الصنف من الناس فيقول: "ومثال من أوّل شيئاً من الشرع وزعم أنّ ما أوله هو ما قصده الشرع، وصرح بذلك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/89)
التأويل للجمهور ـ مثال من أتي إلى دواء قد ركبه طبيب ماهر ليحفظ صحة الناس أو الأكثر، فجاء رجل فلم يلائمه ذلك الدواء المركب الأعظم لرداءة مزاج كان به ليس يعرض إلا للأقل من الناس فزعم أن بعض تلك الأدوية التي صرح باسمه الطبيب الأول في ذلك الدواء العام المنفعة المركب لم يرد به ذلك الدواء الذي جرت العادة في اللسان أن يدل بذلك الاسم عليه، وإنما أريد بد دواء آخر مما يمكن أن يدل عليه بذلك الاسم باستعارة بعيدة، فأزال ذلك الدواء الأول عن دلك المركب الأعظم، وجعل بدله الدواء الذي ظن أنه الذي قصده الطبيب وقال للناس هذا هو الذي قصده الطبيب الأول، فاستعمل الناس ذلك الدواء المركب على الوجه الذي تأوله عليه هذا المتأول ففسدت به أمزجة كثير من الناس فجاء آخرون شعروا فساد أمزجة الناس عن ذلك الدواء المركب، فراموا إصلاحه, بأن بدلوا بعض أدويته بدواء غير الدواء الأول فعرض للناس من ذلك نوع من المرض غير النوع الأول، فجاء ثالث فتأول من أدوية ذلك المركب غير التأويل الأول والثاني فعرض للناس من ذلك نوع ثالث من المرض غير النوعين المتقدمين فجاء متأول رابع فتأول دواء آخر غير الأدوية المتقدمة، فلما طال الزمان بهذا المركب الأعظم وسلط الناس التأويل على أدويته وغيروها وبدلوها عرض للناس منه أمراض شتى، حتى فسدت المنفعة المقصودة بهذا الدواء المركب في حق أكثر الناس. وهذا هي حال الفرق الحادثة في هذه الطريقة مع الشريعة، وذلك أن كل فرقة منهم تأولت في الشريعة تأويلاً غير التأويل الذي تأولته الفرقة الأخرى، وزعمت أنه الذي قصده صاحب الشريعة حتى تمزق الشرع كل ممزق وبعد جداً عن موضعه الأول.
ولما علم صاحب الشرع - عليه الصلاة والسلام - أن مثل هذا يعرض ولا بد في شريعته قال: "ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة" يعني بالواحدة التي سلكت ظاهر الشرع ولم تأوله تأويلاً صرحت به للناس، وإذا تأملت ما في هذه الشريعة في هذا الوقت من الفساد العارض فيها من قبل التأويل تبينت أن هذا المثال صحيح، وأول من غير هذا الدواء الأعظم هم الخوارج، ثم المعتزلة بعدهم، ثم الأشعرية ثم الصوفية". إلى آخر كلامه في هذا المعنى، حقاً إنه لمثال صحيح وسليم لو سلم من شيء واحد وهو ما جاء في تفسير أبي الوليد للحديث الذي استشهد به، إذ يقول: وهو يصف الفرقة التي تنجو من النار وتفوز بدخول الجنة وحدها "يعني بالواحدة التي سلكت ظاهر الشرع ولم تأوله تأويلاً صرحت به للناس"يفهم من هذا التفسير الغريب أن التأويل المذموم ـ في نظر ابن رشد، هو التأويل الذي يصرح به للجمهور فقط، وأما لو أول العلماء نصوص الكتاب والسنة في دائرتهم الخاصة وخرجوا بها عن ظاهرها, واعتقدوا صحة ذلك التأويل مع مخالفته لظاهر الشرع ومصادمته له فلا حرج عليهم، ولا يخرجهم عن عموم الفرقة الناجية، إنها لفلسفة جريئة, وابن رشد - كما علمنا - يثبت للشرع مفهومين اثنين، وكلاهما صحيح في بابه، مفهوم يخص العلماء [5] وهو الذي يتم بتأويل نصوص الشرع ليوافق الحكمة مع عدم التصريح به للجمهور وهم عامة الناس غير العلماء بل هو مفهوم خاص بالخاصة، ولا يجوز لهم البقاء مع ظاهر الشرع حين يخالف ظاهر الشرع الحكمة - في زعمهم - ويسمى ذلك عندهم التوفيق بين الشريعة والحكمة. المفهوم الثاني: مفهوم يخص الجمهور، وهم عوام الناس غير العلماء كما تقدم, وواجبهم التمسك بظاهر الشرع قبل أن يحيدوا عنه، ولا يجوز لهم التأويل بل يخبرون عنه. هذه هي فلسفة ابن رشد في هذه المسألة، وقد وقع فيما هو أقبح مما عابه على أهل الكلام حيث زعم أن للشريعة الإسلامية معنيين، معنى جمهوري أو شعبي ومعنى فلسفي خاص بالحكماء، وادعى أن كلا المعنيين صحيح، ومراد للشارع، وسبق أن صرح - فيما نقلنا عنه - أن مثل هذا الادعاء تغيير للشريعة وإفساد على الناس، ويعد ابن رشد علماء الشريعة من العوام أو الجمهور ولا يطلق لقب العلماء إلا على الفلاسفة الذين يسمونهم حكماء أحياناً.
ولست أدري كيف غاب عن هذا الفيلسوف الكبير أن الحق لا يتعدد، بل هو واحد بلا نزاع، فماذا بعد الحق إلا الضلال؟!!.
يذكرني موقف ابن رشد هذا قول الشاعر العربي:
عار عليك إذا فعلت عظيم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/90)
بل ما فعله ابن رشد أقبح مما فعله علماء الكلام في هذا المقام بالذات, قبل أن نضيف سخريته من علماء الشريعة والاستخفاف بهم حيث يعدهم من العوام.
وجود الله عند ابن رشد
لم أعثر فيما قرأت لابن رشد على رأي صريح ينكر فيه وجود الله الخالق المصور المبدع بل على العكس من ذلك، نراه يرسم معالم الطريق لمعرفة الله تعالى، ويقيم الأدلة العقلية على وجود الله وينبه على الآيات الكونية الأفقية والنفسية بصورة واضحة ولكنه كما قسم الناس في مفهوم الشريعة - كما رأينا آنفاً - يقسمهم مرة أخرى في مجال الاستدلال بالآيات الكونية على وجود الله فيقول: "إن الأدلة على وجود الله الصانع تنحصر في هذين الجنسين:
1 – دلالة العناية.
2 – دلالة الاختراع.
يقوم دليل العناية على أن يفكر الإنسان جيداً وينظر فيما يحيط به من حماية وعناية ربانية ونعم لا تعد ولا تحصى، وقد خلق الله من أجله أكثر الموجودات، بل جميع ما في السموات وما في الأرض، وذلك في قوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ} (الجاثية:13).
ويقوم دليل الاختراع على النظر الدقيق في الموجودات والمصنوعات التي تدل لا على وجود الخالق فحسب، بل على قدرته وعظمته ووحدانيته, كأثر يدل على المؤثر, وصفة تدل على الصانع الحكيم، ويرى أبو الوليد أن لكل دلالة من الدلالتين جماعة من الناس تفهمها وتختص بفهمها وإدراكها، ويجعل دلالة العناية طريقة الجمهور لأنها حسية, كما يجعل دلالة الاختراع خاصة بالعلماء والخواص؛ لأنهم يزيدون على ما يدركه الحس ما يدركونه بالبرهان الذي يتم بالنظر واستعمال الفكر، وينظروا في ملكوت السموات والأرض, وإلى هذا الإشارة بقوله تعالى: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ, وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ, وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ, وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} , ليستدلوا على وجود الله وقدرته وحكمته بالنظر في أسرار هذه المخلوقات إذ كان ذلك في استطاعتهم دون الجمهور {لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إلاّ وُسْعَهَا} (البقرة: 286) ولنستمع الآن إلى أبي الوليد وهم يتقدم إلى الجمهور بإرشاده كي يعرفوا الاستدلال على وجود الله تعالى: فيقول:
"الطريق التي نبه بها الكتاب العزيز عليها, ودعا الكل من بابها تنحصر في جنسين:
1 – في العناية بالإنسان وخلق جميع الأشياء من أجله، ولنسم هذا دليل العناية.
2 – ثم ما يظهر من اختراع جواهر الأشياء مثل اختراع الحياة في الجماد والإدراكات الحسية والعقل، ولنسم هذا دليل اختراع".
ويرى ابن رشد أن هذين الدليلين هما دليل الشرع، ثم يقول أبو الوليد: "إن جميع الموجودات في هذا الكون مناسبة ومفيدة لوجود الإنسان، كوجود الشمس والقمر والنبات والحيوان والأمطار والبحار والهواء والنار, بل في أعضاء الإنسان ذاتها دليل على أن موجد هذا العالم قدير حكيم عليم لطيف بعباده"، ثم يواصل تحليله البديع فيقول: "لما كانت جميع هذه الموجودات مخترعة من العدم بعد أن لم تكن دل على أنه لا بد من وجود مبدع صانع لهذا الكون قادر على الاختراع لاستحالة تحولها من العدم إلى الوجود بنفسها، وذلك المبدع الخالق هو الله لا إله إلا هو ولا رب سواه".
الوحدانية عند ابن رشد
تبينا فيما سبق أن ابن رشد لا يثار الغبار حوله في باب إثبات وجود الله تعالى، لا أقول: إنه على يقين تام من وجود الله فحسب، بل هو على استعداد تام لإقناع غيره ممن يخالطه شك أو ليس على يقين من وجود الله تعالى بأدلة عقلية وآيات كونية بأسلوبه القوي الممتاز، كما رأينا فيما سبق من الأبواب, فلنستمع إليه وهو يسوق الأدلة النقلية والعقلية, ويحلل المسألة كعادته, إذ يثبت بأنه تعالى واحد فرد صمد اعتماداً على الآيات القرآنية مثل قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ, اللهُ الصَّمَدُ, لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ, وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} (الإخلاص:1 - 4) , ويقول أبو الوليد: "إن من نظر في كلمة (لا إله إلا الله) وصدق المعنيين الواردين فيها وهما الإقرار بوجود الباري ونفي الإلهية عما سواه، فهو المسلم الحقيقي", ويثبت ابن رشد من ناحية إدراكه الفلسفي بأن الله هو الصانع الخالق الأول, صنع كل ما في العالم لحكمة على نظام ترتيب وقانون، صدرت عنه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/91)
جميع الموجودات المتغايرة صدوراً أولياً أزلياً ودفعة واحدة، ويرى ابن رشد أن الفاعل الأول واحد، والوحدانية ذاتية إذ لا يمكن أن تكون الوحدانية زائدة على ذاته التي هي في الوقت نفسه وجوده.
وهذا يعني أن الصفات قائمة بذات الله ومتحدة معها وليست زائدة عليها، وسيأتي لهذه المسألة مزيد إيضاح - إن شاء الله - ماذا يريد أبو الوليد بهذه (الرطانة الفلسفية)، بعد أن أثبت وجود الله ووحدانيته اعتماداً على الآيات القرآنية، وبعد أو وفق في تفسير كلمة التوحيد تفسيراً سلفياً أثبت فيه الربوبية والألوهية معاً بطريقة رائعة ودقيقة، وصرح بأن المسلم الحقيقي ذلك الذي يقر بوحدانية الله في ربوبيته وألوهيته.
بعد هذا كله أبت عليه فلسفته إلا أن يستعمل أسلوباً مغلقاً ملتوياً بأن الفيلسوف قد اختلط عليه الأمر، ولعل هذا التخبط أثر من آثار فلسفة أرسطو وزملائه الذي تتلمذ على كتبهم وتأثر بهم. وهم يعتقدون بقدم العالم وأزليته ويثبتون تأثيراً لغير الله في هذا العالم في الأفلاك وغيرها على سبيل الاستقلال، ويشبهون الله عز وجل بملك في مدينة ما يعطي الاستقلال في التصرف في المدينة لمن تحته لحاجته إليه في التعاون معه .. سبحان الله عن الشريك والوزير المساعد!! بل هو الواحد الأحد سبحانه. وهؤلاء الفلاسفة الذين تأثر ابن رشد بفلسفتهم يعتقدون بأن الله إنما خلق العقل الأول فقط، والعقل الأول خلق العقل الثاني، وهكذا إلى آخر, كلام ركيك ومليء بالإلحاد والقول على الله بغير علم، وليس فيه مسكة من تقدير الله حق قدرته, سبحانك ما أحلمك يا رب العالمين!!
وقد تورط ابن رشد في هذا الاعتقاد في هذه المسألة كما ترى وكما سيتضح فيما سيأتي من كلامه. ثم أخذ ابن رشد يخوض في مسألة طالما خاض فيها علماء الكلام، وهي هل الصفات زائدة على الذات أم هي عين الذات، إذ يقرر أن ذات الله ووجوده ووحدانيته كلمات يختلف معناها، ولكن دلالتها فيما يتعلق بالله واحدة. فالله قديم لأن الواحد بما هو واحد سابق على كل مركب، وهذا الأول القديم بذاته باق مطلقاُ وصفات الله من الحكمة والقدرة والوحدانية وغيرها ليست زائدة على الذات.
وتحقيق هذا المقام يتطلب نوعاً من التفصيل حتى يتضح الحق بإذن الله.
فنقول: يمكن أن يقال: الصفة عين الذات ويصح هذا الحكم, بمعنى أن الصفات لا تنفك عن الذات إذ لا نستطيع أن نتصور علماً بغير عالم, وقدرة قائمة وحدها بغير قادر, أو إرادة قائمة بنفسها دون مريد، وهكذا وبهذا الاعتبار نقول: الصفات عين الذات.
كما أنه من الممكن أن نقول: الصفة غير الذات فيصح الحكم أيضاً باعتبار آخر، وهو أن للصفة معنى وللذات معنى مغاير لمعنى الصفة، وبهذا الاعتبار أن الصفة غير الذات قطعاً، وما قيل في هذه المسألة يقال في مسألة هل الاسم عين المسمى أن غير المسمى؟. وعلى هذا المعنى يخرج كلام أبي الوليد, إذ يقول: إن صفات الله ليست زائدة على الذات"والله أعلم.
ومثل هذا البحث يعده أبو الوليد إذا صدر من غيره بدعة محدثة غير معروفة عند السلف، إذ لا يكادون يزيدون على ما دل عليه الكتاب والسنة، بل يؤمنون بأن الله موصوف بصفات الكمال كالعلم والقدرة والرحمة والاستواء، وغير ذلك من الصفات ذاتية أو فعلية، ولا يسألون هل هي عين الذات أو غير الذات.
وهي الطريقة السليمة، وتدل على عمق علم السلف ودقتهم وبعدهم عن التكلف والقول على الله بغير علم، والمعروف عنهم أنهم لا يتجاوزون الكتاب العزيز والسنة المطهرة في المطالب الإلهية خشية القول على الله بغير علم, والخوض في حقائق ذاته وصفاته وأسمائه وتسليط الوهم والخيال عليها فأمر جد خطير، إذ لا يصف الله أعلم من الله، ولا يصفه من خلقه أعلم من رسوله عليه الصلاة والسلام الذي أذن له أن يصفه وأمره أن يبلغ عنه ما نزل عليه، ومن جملة ما نزل عليه صفات الله عز وجل، ومن بعدهم عن التكليف أنهم لا يتطلعون إلى إدراك حقائق الصفات والأسماء إيماناً منهم بأن المخلوق لا يحيط بالخالق، علماً مهما أوتي من علم وذكاء لأن علم المخلوق محدود {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاّ قَلِيلاً} (الإسراء: 85) , ولا يقاس بغيره بأي نوع من أنواع القياس، إذ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (الشورى: 11)، {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} (مريم: 65)، {وَلَمْ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/92)
يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}، والملاحظ أن ابن رشد قد يتسامح مع نفسه ما لا يتسامح مع غيره كما رأينا فيما سبق، فيطلق لنفسه حرية الخوض والتأويل بينما هو يعيب كل ذلك لو صدر من غيره، ويعده بدعة محدثة.
ومن الإنصاف - والإنصاف من الإيمان - أن يعد هذا التصرف بدعة في حق كل أحد حتى في حق أبي الوليد، وعلى العموم يلاحظ الدارس لكتب ابن رشد أنه يورد من الأدلة العقلية والنقلية في حواره ونقاشه في الإلهيات ما يدل على اطلاعه الواسع ومقدرته الرائعة وذكائه الخارق.
العلم عند ابن رشد
يقول أبو الوليد في بعض كتبه: "أما الأوصاف التي صرح بها الكتاب العزيز التي وصف الصانع الموجد للعالم بها، فهي أوصاف الكمال الموجودة للإنسان، إلى أن قال: أما العلم فقد نبه الكتاب العزيز على وجه الدلالة عليه في قوله تعالى: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الملك:14) , وهي أن المصنوعات تدل - من جهة الترتيب الذي في أجزائه، ومن جهة كونها صنع بعضها من أجل بعض آخر، ومن جهة موافقتها جميعها للمنفعة المقصودة بذلك المصنوع انه لم يحدث عن صانع هو (طبيعة) كما لم يحدث (صدفة) وإنما حدث عن صانع رتب ما قبل الغاية قبل الغاية فوجب أن يكون عالماً به، مثال ذلك:
إن الإنسان إذا نظر إلى البيت فأدرك أن الأساس إنما صنع من أجل الحائط، وأن الحائط إنما أقيم من أجل السقف، يتيقن أن البيت إنما وجد عن عالم بصناعة البناء.
يقول أبو الوليد: "إن من نظر في أجزاء الموجودات وفي ترتيبها وتنظيمها وارتباط أجزائها وحاجة بعض أجزائها إلى البعض الآخر، يدرك تماماً أنّ هذا المصنوع إنما صنعه صانع عليم حكيم، هذا الدليل الذي ساقه ابن رشد والمثال الذي ذكره والأسلوب الذي استعمله يقطع مجموع ذلك دابر ذلك الزعم بأن العالم وجد (صدفة) أو أوجدته (الطبيعة) إذ يأبى العقل الصريح والفطرة السليمة صدور هذا المصنوع العجيب عن طبيعة ليست هي أكثر من الشيء نفسه، أو صفة من صفات الشيء، والشيء لا يوجد نفسه، وأما صفة الشيء فهي تابعة للشيء، لأنها عرض قائم بالشيء، كما هو معروف لدى العقلاء", ثم يواصل ابن رشد حديثه في صفة العلم فيقول:
"وهذه الصفة هي صفة قديمة، إذ كان لا يجوز عليه سبحانه ألا يتصف بها وقتاً ما، ولكن لا ينبغي أن يتعمق في هذا، فيقال: ما يقوله المتكلمون"، ثم أخذ أبو الوليد يناقش أهل الكلام في بدعتهم التي أحدثوها في هذه الصفة كعادتهم: وهي قولهم: "هل الله يعلم المحدث في وقت حدوثه بعلم قديم أو بعلم حديث؟!! ", إلى آخر خوضهم الذي يدل على عدم تقديرهم الخالق حق قدره, فيقول أبو الوليد في تعليقه على هذا الخوض: "وهذا شيء لم يصرح به الشرع، بل المصرح به خلافه , وهو أنه تعالى يعلم المحدثات حين حدوثها كما قال تعالى: {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاّ يَعْلَمُهَا} (الأنعام: 59).
هكذا يقرر أبو الوليد شمول علم الله تعالى، وأنه يعلم الأشياء قبل أن تكون على أنها ستكون، وكيف تكون، وإذا كانت على أنها كانت، وهو بكل شيء عليم، كيف لا؟ وهو الخالق البارئ المصور، وهذا مفهوم علم الله عند المسلمين سلفاً وخلفاً، بعيداً عن تكلف المتكلفين وتشبيه المشبهين، وتنطع أهل الكلام الذين يهرفون ما لا يعرفون، وقد ابتليت الأمة الإسلامية بهذه الطائفة أيما بلاء. والله المستعان.
محاولة ابن رشد الحل الوسط
في قضية قدم العالم
ناقش ابن رشد الخلاف القائم بين القائلين بأن العالم مخلوق محدث بعد أن لم يكن، وبين الفلاسفة القائلين بأن العالم قديم أزلي مع الاعتراف بأنه مخلوق. فيقول ابن رشد أن الخلاف في هذه المسألة يعود إلى اللفظ، أي خلاف لفظي غير جوهري، لأن في الوجود طرفين وواسطة لقد اتفق الجميع على الطرفين وهما:
أولاً: هناك واحد بالعدد قديم ـ الأول الذي ليس قبله شيء.
ثانياً: هناك على الطرف الآخر كائنات مكونة، وهي عند الجميع محدثة، ولكنهم اختلفوا في هذا العالم بجملته أقديم هو أم محدث؟ فيواصل الفيلسوف مناقشته قائلاً: "إن العالم في الحقيقة ليس محدثاً حقيقياً ولا قديماً حقيقياً لأن القول: إنه محدث حقيقي فاسد ضرورة لأن العالم ليس من طبيعته أن يفنى أي لا تنعدم مادته، والقدم الحقيقي ليس له علة والعالم له علة!!.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/93)
إذاً العالم محدث إذا نظرنا إليه من أنه معلول من الله، والعالم قديم إذا اعتبرنا أنه وجد عن الله منذ الأزل من غير تراخ في زمن، الخلاصة أن العالم بالإضافة إلى الله محدث، وبالإضافة إلى أعيان الموجودات قديم".
هكذا ينهي الفيلسوف ابن رشد مناقشته لهذه القضية العويصة حقاً. وقد اضطرب فيها كثير من حذاق الفلاسفة وأساطين أهل الكلام، والخوض في مثل هذه المسألة يعد من فضول الكلام، كما قال غير واحد من المحققين المعتدلين، ويكفي المرء أن يقول جملتين اثنتين مع الفهم والفقه وهما:
1 – الله خالق كل شيء وهو المبدئ المعيد.
2 – ما سوى الله مخلوق محدث بعد أن لم يكن. وكفى ..
وشبهة ابن رشد في تردده في هذه المسألة في أمرين اثنين هما:
1 – أن الله لن يزل فعالاً وخلاقاً.
2 – أن مادة العالم باقية ولا تفنى.
الجواب عن الشبهة الأولى أن يقال: إن الله تعالى له معنى الربوبية قبل أن يخلق المربوب، وله معنى الخالق قبل أن يخلق، وهو الرازق قبل أن يخلق الرزق والمرزوق، أي هو موصوف بجميع صفات الكمال أزلاً وأبداً، ولم تتجدد له بإيجاد خلقه صفة لم تكن له ولا يجوز أن يعتقد بأنه تعالى تجددت له صفة لم يكن متصفاً بها من قبل؛ لأن صفاته تعالى صفات كمال وفقدها صفة نقص، ولا يجوز أن يعتقد أنه حصل له الكمال بعد أن لم يكن.
وهذا واضح في الصفات الذاتية، وأما الصفات الفعلية كالخلق والتصوير والإحياء والإماتة والمجيء والنزول والاستواء والغضب والرضاء، وإن كانت هذه الأحوال والأفعال تتجدد وتحدث في وقت دون وقت كما في حديث الشفاعة، حيث يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله" لأن هذا التجدد والحدوث بهذا الاعتبار غير ممتنع، ولا يطلق عليه أنه حدث بعد أن لم يكن، ألا ترى أن من [6] تكلم اليوم وكان متكلماً بالأمس لا يقال بأنه حدث له الكلام، بل في حال تكلمه يقال: إنه متكلم بالفعل، وفي حال سكوته يقال: إنه متكلم بالقوة، وكذلك من كان قادراً على الكتابة يقال: كاتب بالفعل في حال كتابته وفي الحالة الأخرى يقال: كاتب بالقوة، فالله تعالى: خالق, رازق, محيي, مميت, معطي, قبل أن يخلق خلقه وعباده الذين يرزقهم ويعطيهم ويحييهم ويميتهم؛ لأنه قادر على ذلك كله أزلاً ولم يكن فاقداً صفة من هذه الصفات أو عاجزاً عن فعل من هذه الأفعال، بل هو على كل شيء قدير، ولعل في هذا المقدار غنية لطالب الحق، ومحاولة الإحاطة بالله تعالى محاولة فاشلة لقصور علمنا وعجزنا الذاتي {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاّ قَلِيلاً} (الإسراء: 85)، {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً} (طه: 110)، {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاّ بِمَا شَاءَ} (البقرة: 255). هكذا يتم الجواب على الشبهة الأولى من الشبهتين اللتين جعلتا ابن رشد يتردد في هل العالم محدث أو قديم، فلنجب الآن على الشبهة الثانية بمعونة الله وتوفيقه، وهي أن مادة العالم لا تفنى ولا تنعدم وذلك دليل قدم العالم، كأن ابن رشد يحاول أن يستنتج من بقاء شيء من أجزاء العالم وعدم فنائه، يستنتج من ذلك أن العالم قديم أزلي.
الجواب: صحيح أن بعض المخلوقات لا تفنى بل تبقى بإبقاء الله إياها، ويجاب عن بقائها بجوابين:
أولاً: لا يلزم من عدم فنائها أزليتها، إذ لا تلازم بين عدم فنائها وأزليتها.
ثانياً: أن بقاء ما يبقى من المخلوقات ليس بقاؤه ذاتياً، وإنما يبقى بإبقاء الله إياه كالجنة وأهلها والنار وسكانها، وعجب الذنب من ابن آدم، وأما الباقي الذي البقاء وصف ذاتي له فهو الله، لا يشاركه أحد في بقائه كما لم يشاركه أحد في سائر صفاته وان اتحدت الأسماء أحياناً في بعض الصفات.
فهو الأول الذي ليس قبله شيء, وهو الآخر الذي ليس بعده شيء، هذا والأمر في غاية الوضوح لطالب الحق, والحمد لله رب العالمين وله المنة وحده.
صفة الحياة والقدم والإرادة عند الفيلسوف ابن رشد
يثبت ابن رشد عدداً معيناً من صفات الله تعالى، على الطريقة الأشعرية على الرغم من الحملات العنيفة التي يشنها عليهم أحياناً.
ومن الصفات التي يثبتها: صفة الحياة والإرادة والقدم، يثبت هذه الصفات بدليل عقلي مؤيد بالأدلة النقلية، وإن كان الاعتماد عنده على الأدلة العقلية على طريقة أهل الكلام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/94)
بل يرى أن الاعتماد على الأدلة النقلية والوقوف عندها طريقة الجمهور, والجمهور في اصطلاح ابن رشد هم من ليسوا بالفلاسفة الذين يسميهم (الحكماء).
فيقول - في إثبات هذه الصفات بعد أن تحدث عن صفة العلم -: إنّ صفة الحياة والإرادة والقدرة، وجودها ظاهر في صفة العلم، وذلك يظهر في الشاهد أن من شرط العلم الحياة والإرادة والقدرة، والشرط عند المتكلمين يجب أن ينتقل فيه الحكم إلى الغائب، وما قالوه صواب، وهذا التصويب يعتبر إنصافاً من ابن رشد، وعلى الرغم من كثرة مناقشته الحادة للأشاعرة والمعتزلة يعترف لهم بالفضل فيما أصابوا فيه لأن الحق ضالة المؤمن أخذها أين وجدها ولو كانت عند المتكلمين.
وبعد: فقد لاحظنا فيما سبق أن الفيلسوف بن رشد كثيراً ما يناقض نفسه، إذ رأيناه غير مرة يقف مواقف كان يعيبها على أهل الكلام، من التأويل ودعوته المعنى الجمهوري، والمعنى الخاص لبعض النصوص، ولا عجب في ذلك لأن التناقض يكاد يكون وصفاً ذاتياً للفلاسفة كلهم، إلا ما شذ أو من شذ وقليل ما هم.
فليس أبو الوليد بدعاً من الفلاسفة، هذا ما يهون الأمر علينا، وقديماً قيل: "إذا عمت هانت"
الكلام عند ابن رشد
يسلك ابن رشد في إثبات صفة الكلام، المسلك الذي سلكه في إثبات صفة الحياة والقدرة والإرادة، وهو الاستدلال بثبوت صفة العلم لأن الكلام في فلسفة ابن رشد ليس شيئاً أكثر من أن يفعل المتكلم فعلاً يدل به المخاطب على العلم الذي في نفسه أو الفعل الذي يصير المخاطب بحيث ينكشف له ذلك العلم الذي في نفسه، وذلك فعل جملة الأفعال وأغرب من هذا قوله: "وقد يكون من كلام الله ما يلقيه الله إلى العلماء الذين هم ورثة الأنبياء بواسطة البراهين، وبهذه الحجة صح عند العلماء أن القرآن كلام الله".
وقد توسع ابن رشد في مفهوم الكلام إلى أن أدخل في مسمى كلام الله ما يتكلم به علماء الفلاسفة بدعوى أن الله ألقى إليهم الكلام بواسطة البراهين.
يقف أبو الوليد في هذه المسألة موقفاً شاذاً خطيراً، لم يسبق إليه - فيما نعلم - وذلك أنه خالف الأشعرية القائلة بالكلام النفسي واللفظي معاً على أن النفسي هو الكلام الحقيقي لله، واللفظي دال عليه أو ترجمة له، أو عبارة عنه، والقرآن عند الأشعرية ليس بكلام الله حقيقة، ولكنه دال على كلام الله الحقيقي الذي هو الكلام النفسي فلذا يجب احترامه إلى آخر الكلام المعروف عندهم.
وأبو الوليد لم يلتزم هذا المذهب التزاماً كلياً ولم يرفضه رفضاً باتاً، وهو في الوقت نفسه يخالف المعتزلة التي لا تثبت كلاماً نفسياً، بل تصرح بأن كلام الله مخلوق، ومعنى أن الله متكلم عندهم أنه خالق للكلام, فالقرآن مخلوق من مخلوقات الله عندهم وعند الأشعرية, ونقطة الخلاف بينهم التصريح بالقول بأنه مخلوق وعدم التصريح به، فالطائفتان متفقتان في العقيدة الداخلية - إن صح التعبير - ومختلفتان في السياسة الخارجية.
إذ ترى المعتزلة أن يصرح بذلك لدى الجمهور، لأن القضية قضية العقيدة يستوي فيها العامة والخاصة، بينما ترى الأشاعرة عدم التصريح إلا في مقام التعليم، وكأنها عقيدة تخص الخاصة دون العامة، وهو موقف يشبه موقف ابن رشد من حيث التفريق بين العامة والخاصة في بعض الواجبات والاعتقادات - كما رأينا - إلا أنه يختار لنفسه طريقة أخرى من هذه المسألة كما أشرنا، وكما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله، هذا ما عنيناه بقولنا: إن موقفه شاذ وخطير. وما أهل السنة والجماعة الذين اكتفوا بما كان عليه سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين، الذي يتجاوزون الكتاب العزيز والسنة المطهرة فهم يعتقدون بأن الله يتكلم حقيقة كما يليق به بكيفية لا نعلمها، إذ لا نحيط به علماً {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً}، {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاّ بِمَا شَاءَ} , وهم لا يخوضون في كيفية تكلمه كما لم يخوضوا في كيفية جميع صفاته وكيفية ذاته تعالى، وإذا كان إيمانهم بالله إيمان تسليم لا إيمان تكييف فيجب أن يكون إيمانهم بصفاته كذلك إيمان تسليم بما في ذلك صفة الكلام، لأن الكلام في الصفات كالكلام في الذات, والكلام في بعض الصفات كالكلام في البعض الآخر يحذو حذوه فلا تكييف، ولا تمثيل، ولا تعطيل، أو تحريف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/95)
أما القرآن فمن جملة كلام الله غير مخلوق كسائر كلامه، وقد أخبرنا الله في الكتاب العزيز أن القرآن كلامه، حيث يقول: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ} [7] وما من شك أن الكلام الذي سمعه ذلك المشرك المستأمن هو هذا القرآن الذي في المصحف, المحفوظ في الصدور، المكتوب في الألواح، ولذلك نستشهد به قائلين: "قال الله تعالى: كذا وكذا". وكلماته تعالى لا نفاد لها إذ يقول الرب جل من قائل: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً} [8].
هذا هو اعتقاد أهل السنة في كلام الله وموقفهم من القرآن الكريم. وهم - كما لا يخفى على المنصف - خير هذه الأمة على الإطلاق بشهادة المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى عليه الصلاة والسلام فهو يقول عنهم: "خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم", والخيرية تستلزم قطعاً صلاح العقيدة وصحتها ضرورة بحكم أنهم شاقوا صاحب الرسالة محمداً عليه الصلاة والسلام وأخذوا عنه دينهم وعقيدتهم.
وإذا كنا نؤمن بأنه عليه الصلاة والسلام بلّغ رسالة ربه كاملة قبل أن يكتم شيئاً منها في أصول الدين وفروعه، ونؤمن ثانياً بأن الصحابة فهموا ما بلّغهم الرسول عليه الصلاة والسلام فهماً صحيحاً وشاملاً وتحمّلوا أمانة التبليغ لمن بعدهم فبلغوهم فعلاً قبل أن يكتموا شيئاً مما بُلِّغُوا، إذا كنا نؤمن إيماناً كهذا يلزمنا أن نعتقد أن كل خير في اتباعهم فيما كانوا عليه لأنهم على هدى وعلى صراط مستقيم ومخالفتهم تعد إحداث بدعة في الدين مع ادعاء أن الدين لم يتم بعد بل هو في حاجة إلى زيادة أو تعديل أو تحسين، وكل ذلك تحدٍ سافر لشهادة الله تعالى لنبيه وأتباعه أنه أكمل لهم الدين وأتم عليهم نعمة الإسلام إذ يقول الله جل من قائل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ, وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي, وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً} (المائدة: 3) وقد نزلت هذه الشهادة من السماء في آخر حياته عليه الصلاة والسلام، وكان نزولها في حجة الوداع على رؤوس الأشهاد في أعظم تجمع حصل في تاريخ الإسلام.
وكل الذي أقصده بهذا الاستطراد، أن الصواب في هذه المسألة وغيرها من مسائل الدين بما في ذلك البحث الذي حول القرآن هو ما كان عليه سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وكل مل خالف ما كانوا عليه فهو باطل ضرورة (إن الحق واحد لا يتعدد) هذه هي الطوائف الثلاثة في هذه المسألة، ولا نعلم لها رابعة - فيما نعلم - ولكننا فوجئنا في أثناء دراستنا لكتب ابن رشد بقول غريب لم يسبق إليه، وذلك في تعريفه للكلام - وقد ذكرناه فيما تقدم - وقد انتهى كلامه إلى القول: "بأن حروف القرآن التي في المصحف إنما هي من صنعنا نحن بإذن الله، وإنما وجب لها التعظيم لأنها دالة على المخلوق لله، وعلى المعنى الذي ليس بمخلوق" [9].
مناقشة ابن رشد في رأيه
يمكن أن نوجز فلسفة ابن رشد في هذه المسألة في نقطتين اثنتين:
1 – تعريفه للكلام بأنه فعل يفعله المتكلم إلى آخر كلامه ..
2 – الادعاء بأن الحروف التي في المصحف صنفان، صنف مصنوع لنا، وصنف مخلوق لله, وأن الصنف الذي من صنعنا يدل على اللفظ المخلوق وعلى المعنى غير المخلوق.
تعليقي على النقطة الأولى: بأنه كلام لا معنى له، بل تأباه اللغة العربية ويأباه الواقع إذ لا يعرف في اللغة العربية: أن الكلام هو الفعل، فيقول النحاة عندما يعرفون الكلام: (هو اللفظ المركب المفيد بالوضع)، وذلك يعني أن الكلام هو ذلك الملفوظ المنطوق، وفي الواقع أن الناس يفرقون بين الكلام والفعل طبعاً، وأكتفي بهذا المقدار في هذه النقطة لوضوحها فيما أحسب.
وأما النقطة الثانية: فادعاء ابن رشد صنفين من الحروف للقرآن فكلام خال وفارغ عن المعنى في نظرنا، وعلى أي حال فقد وقع ابن رشد في البدعة التي كان يشنعها على أهل الكلام، ولم يقف مع ظاهر الشرع كما يدعو إليه وكما هو المتحتم على كل مسلم وبعد:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/96)
فكم كان جديراً بابن رشد أن يطبق القاعدة التي يذكرها دائماً في بحثه وهي: (لا يحق للباحث في مسائل الدين أن يطبق الاعتبارات الإنسانية على الأمور الإلهية)، ولكنه خالفها ولم يلتزم بها - وللأسف - والملاحظ أن ابن رشد قد خالف علماء الكلام في مواقفهم من صفات الله، وأنكر عليهم تأويلهم وشدد الإنكار عليهم، وكان يرى أن تبقى نصوص الصفات على ظاهرها - كما يليق بالله - ويدعو إلى ذلك بكل صراحة، وهي دعوى حق طبعاً، ولكنه قلب ظهر المجن - كما يقولون - لهذه الطريقة في صفة الكلام، وانحاز إلى الطريقة الأشعرية وهي القول بخلق القرآن مع إثبات الكلام النفسي بل زاد عليهم حيث ادعى أن للقرآن حرفين، حرف مخلوق لله وحرف مصنوع للعباد دال على الحرف المخلوق، وهو موقف - كما ترى - في غاية الغرابة، بل انزلاقة خطيرة يخشى منها على إيمان صاحبها، والله المستعان.
موقف ابن رشد من مثبتة الصفات
جرت عادة معطلة الصفات الذين تعودوا أن يسلطوا ألواناً من التأويل على صفات الله تعالى، إذا خالفت المعقول وأوهمت التشبيه - في زعمهم - جرت عادة هؤلاء بأن يلقبوا مثبتة الصفات بالألقاب التالية:
أ – المشبهة.
ب – المجسمة.
جـ – الحشوية.
وفي زعم هؤلاء أن الإثبات يستلزم التشبيه والتجسيم، وهو زعم فاسد لا يعتمد على قاعدة علمية ونظر سليم، وإنما هو زعم يتوارثه أهل الكلام بعضهم من بعض مبعثه إما الجهل، أو هوى في النفس، وإلا فإن التشبيه أو التجسيم أمر زائد على الإثبات فلا يلزم من إثبات العلم لله مثلاً ـ تشبيه الله بخلقه في علمه، ضرورة أن علم الخالق ليس كعلم المخلوق، لأن علم المخلوق يناسب حال المخلوق محدث مثله، محدود لا يحيط بالمعلومات، ومعرض للنسيان والغفلة والذهول، ثم إنه غير باق، ضرورة زوال الصفة بزوال الموصوف، وهذه الأعراض التي ذكرناها لعلم المخلوق ينزه عنها علم الخالق لأنه علم يليق به تعالى قديم قدم ذاته، محيط بكل شيء لا يلحقه نسيان أو ذهول، أو غفلة وهو باق بقاء الذات العلية، فإثبات صفات الله تعالى عند المثبتة على غرار قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (الشورى: 11)، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} (الإخلاص: 4)، {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً} (طه: 110)، {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} (مريم: 65) , وما قيل في صفة العلم يقال في سائر الصفات الذاتية والفعلية، هكذا يثبت لدى المصنف أن الإثبات شيء والتشبيه شيء آخر والله ولي التوفيق.
وقد استخدم أبو الوليد بعض تلك الألقاب التي تقدم ذكرها في حق المثبتة جرياً على عادة القوم، وكان المتوقع من أبي الوليد أن يقف موقف البصير المنصف فيضع الأمور في نصابها، ويلحق الألقاب بأهلها، فيقول لمن أثبت صفات الله كما يليق به أنه مثبت، ولمن أول وحرف أنه مؤول، ولمن شبه صفات الله بصفات خلقه أنه مشبه.
وقد أثبتنا - فيما سبق - أن المثبتة ليسوا بمشبهين ولا مجسمين، بل طريقتهم وسط بين التشبيه والتعطيل، كما وضحنا آنفاً، وإذا كانت المشبهة قد غلت في إثبات صفات الله فأثبتوها معتقدين أنها صفات كصفات المخلوقين، بدعوى أنهم لا يعقلون من صفات الله إلا كما يعقلون صفات المخلوقين، فقدرة الله عندهم كقدرة المخلوقين, وإرادته كإرادتهم, واستواؤه كاستوائهم، كذلك محبته ورضاؤه، غلت المعطلة في التنزيه من الطرف الآخر فنفت وعطلت صفات الله تعالى أو بعضها، بدعوى التنزيه معتقدين أن إثبات الصفات يؤدي إلى التشبيه فأهل السنة والجماعة فقد هداهم الله إلى سواء السبيل ووفقهم فسلكوا مسلكاً وسطاً، فأثبتوا ونزهوا - أثبتوا لله ما أثبت لنفسه أو أثبته له رسوله من صفات الكمال - وجميع صفاته كمال - إثباتاً بلا تشبيه أو تمثيل في ضوء قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/97)
وقد أثنى أبو الوليد على هذه الطريقة في غير ما موضع في بعض كتبه [10] ولكنه يراها أنها إنما تناسب الجمهور فقط دون العلماء فإنهم لا يقفون عندها، بل عليهم أن يغوصوا في بحار الفلسفة، فيكشفوا حقائق لا يدركها الجمهور، مع التكتم [11] الشديد وعدم التصريح بتلك الحقائق أمام الجمهور، فلو التزم أبو الوليد طريقة معينة في إصدار الأحكام على الناس لسهل علينا أن نصغي إلى أحكامه ثم ننقاشه، ولكنه صعب المنال وكثير التقلب, فبينما تراه يتحدث في باب الأسماء والصفات حديث سلفي مثبت الصفات واقف على ظاهر الشريعة فإذا هو يخطب على منصة أهل الكلام فيؤول وينفر عن الإثبات، ولو عرّجت على نادي الفلاسفة لوجدته في طليعة الحكماء الذين يعيشون في مخيم الغموض ويضربون في بيداء الأوهام والخيال، ولا تكاد تفقه كثيراً مما يقولون، ولو مررت بمجموعة الفقهاء لرأيته في وسطهم يقارع الحجج بالحجج فيؤصل ويفرع، وربما دخل مجالس المحدثين ليتشبه بهم، على حد قول القائل:
تشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
فإن التشبه بالرجال فلاح
والصفة البارزة في ابن رشد أنه يرى نفسه أنه محلق في سماء الفلسفة مع مجموعة الحكماء تاركاً الجمهور في سذاجتهم - فيما يظن -.
ابن رشد يثبت المعاد بالأدلة العقلية والنقلية
يقول أبو الوليد: "والمعاد مما اتفقت على وجوده الشرائع، وقامت عليه البراهين عند العلماء، وإنما اختلفت الشرائع في صفة وجوده، ولم تختلف في الحقيقة في وجوده" يشير ابن رشد إلى أن المعاد لم يكن محل نزاع بين الشرائع السماوية، أو لدى العقلاء والحكماء، بل كان محل اتفاق في المجالين الشرعي والفلسفي - إن صح التعبير - وإنما اختلفت الناس في أمرين في شأن المعاد:
1 – أهو روحاني فقط، أو روحاني وجسماني معاً، ثم يسوق ابن رشد الدليل فيقول: "والاتفاق على هذه المسألة مبني على اتفاق روحي في ذلك، واتفاق قيام البراهين الضرورية عند الجميع على ذلك"هكذا يصرح ابن رشد بأن الأدلة النقلية المأخوذة من الشرائع السماوية، والبراهين العقلية اتفقت على أن للإنسان سعادتين اثنتين:
1 - دنيوية.
2 - أخروية.
ويحلل ابن رشد المسألة قائلاً: "وانبنى ذلك عند الجميع على أصول يعترف بها عند الكل منها:
أ - أن الإنسان أشرف من كثير من الموجودات.
ب - إذا كان كل موجود يظهر من أمره انه لم يخلق عبثاً، وأنه إنما خلق لفعل مطلوب منه، وهو ثمرة وجوده، فالإنسان أحرى بذلك، وقد نبه الله تعالى على وجود هذا المعنى في جميع الموجودات في الكتاب العزيز فقال: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} (ص: 27) , وقال جل من قائل وهو يثني على عباده الذين يدركون هذه الغاية المطلوبة من الوجود: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (آل عمران:191) ".
ثم يقول أبو الوليد: "ووجود الغاية في الإنسان أظهر منها في جميع الموجودات، وقد نبه الله تعالى عليها في غير مرة ما آية في كتابه العزيز فقال: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} (المؤمنون: 115) , وقال: {أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً} (القيامة: 36) , وقال: {وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (يس: 22)، وقال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ} (الذريات: 56) , ثم يقول أبو الوليد - وهو يبين اتفاق الأدلة النقلية والعقلية على المعاد-: "ولما كان الوحي فد أنذر في الشرائع كلها بأن النفس باقية، وقامت البراهين عند العلماء على ذلك، وكانت النفوس يلحقها بعد الموت أن تتعرى عن الشهوات الجسمانية فإن كانت زكية تضاعف زكاؤها بتعريتها عن الشهوات، وإن كانت خبيثة زادتها المفارقة خبثاً لأنها تتأذى بالرذائل التي كانت قد اكتسبت وتشتد حسرتها على ما فاتها من التزكية عند مفارقتها للبدن، لأنها لا يمكنها الاكتساب إلا مع هذا البدن، وإلى هذا المقام الإشارة بقوله تعالى: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/98)
فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} (الزمر: 56) , هكذا يقرر أبو الوليد: أن المعاد مما جاءت به الشرائع ونادت به الأدلة النقلية والعقلية بيد أن الموضوع لم يسلم من الاختلاف فيه، بل اختلفوا، ويمكن أن توجز اختلافهم في الآتي:
1 – هل ذلك الوجود الذي بعد الموت هو هذا الوجود بعينه، بمعنى أن ما في ذلك الوجود من النعيم واللذات متحد مع ما في هذا الوجود الذي قبل الموت، وإنما يختلفان في الانقطاع والدوام، أي أن ذلك دائم وهذا منقطع؟؟!!.
2 – أن الوجود الجسماني الذي هناك مخالف لهذا الوجود، وإنما يتفقان في اسم الوجود الجسماني فقط، مع اختلاف الحقائق مستدلين بقول ابن عباس فيما روي عنه: "ليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء". ويرى أبو الوليد أن هذا الرأي الثاني أليق بالخواص.
3 – ترى طائفة من الفلاسفة: أن المعاد روحاني فقط، وإنما مثل به لإرادة البيان، والعجيب من أمر ابن رشد أنه يرى أصحاب هذا الرأي لهم حجج كثيرة في الشريعة إلا أنه لم يذكر منها حجة واحدة مع دعوى الكثرة، وابن رشد يختلف مع الإمام الغزالي في هذه المسألة، إذ يرى الغزالي وجوب القول بمعاد الأجسام ويحكم بالكفر على من أنكر ذلك وقال بمعاد الأرواح فقط، وقد كفر الغزالي بعض الفلاسفة بهذا القول, كالكندي والفارابي وابن سينا إضافة إلى قولهم بأن الله يعلم الكليات فقط دون الجزئيات، وقولهم بقدم العالم وأزليته.
هكذا يتبين أن ابن رشد متساهل، بل متناقض في هذا الباب على خطورته بل ولم يقف عند التساهل والتناقض، بل إنه يذهب بعيداً إذ يعد هذه المسألة مسألة اجتهادية إذ يقول:
"والحق في هذه المسألة أن فرض كل إنسان فيها هو ما أدى إليه نظره فيها، بعد ألا يكون نظراً يفضي إلى إبطال الأصل جملة، وهو إنكار الوجود جملة، فإن هذا النحو من الاعتقاد يوجب تكفير صاحبه لكون العلم بوجود هذه الحال للإنسان معلوماً للناس بالشرائع والعقول".
خلاصة رأي ابن رشد في هذه المسألة أن الواجب هو الإيمان بالبعث بعد الموت, وأن هناك معاداً، وأما كون المعاد يكون للأرواح أو للأجسام فليس بمهم عند ابن رشد بل لكل إنسان أن يعتقد ما أدى إليه نظره واجتهاده.
والحق أن هذه المسألة من المسائل التي لم يوفق فيها ابن رشد بل أخطأ في دعوى أن المقام مقام اجتهاد بل الصواب أن المقام مقام نص، ولا اجتهاد مع النص طبعاً، فنصوص الكتاب والسنة تصرخ دون خفاء وبأعلى صوت: بأن المعاد للأجسام والأرواح معاً، فلنستمع إلى الآيات التالية وهي تستنكر على الإنسان حين ينسى أو يتناسى بأن الله خلقه من نطفة ويستصعب متسائلاً من يحيي العظام وهي رميم!!؟
{أَوَلَمْ يَرَ الإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ, وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ. قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ. الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ}. [12] والآية التالية وهي تصف يوم القيامة {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}، [13] وإلى قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى} (الروم: 27).
وإذا انتقلنا إلى السنة نجدها تصرح بالمعاد الجسماني بما لا يترك مجالاً للشك أو الجدل, من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "تبعث أمتي يوم القيامة غراً محجلين", وقوله: "يبعث الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً بهماً".
دلالة الحديث الأول على البعث الجسماني واضحة جداً، لأن الوصف بالغرة والتحجيل إنما هو وصف للجسم والروح تابعة طبعاً!.
وأما الحديث الثاني فلا تقل دلالته على المراد من الحديث الأول؛ لأن الأوصاف الأربعة كلها أوصاف لا تليق إلا بالجسم كما لا يخفى, والروح تدخل تبعاً, والله ولي التوفيق.
وبعد:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/99)
أعتقد أن الموضوع قد وضح، وليس بحاجة إلى تعداد أدلة أخرى غير ما تقدم من أدلة الكتاب والسنة، والعقل لا يستبعد ذلك طبعاً، لأنه لم يستبعد المبدأ, ولقد رأينا كيف ربطت بعض الآيات السابقة المعاد بالمبدأ: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}.
الخلاصة
1 – ثبت بالأدلة النقلية والعقلية أن المعاد جسماني.
2 – ثبت أن المقام مقام نص لا مقام اجتهاد.
3 – إنكار المعاد الجسماني تكذيب لنصوص الكتاب والسنة وخروج على مقتضى العقل وتكذيب نصوص الكتاب والسنة الصريحة كفر لا ريب فيه. والله المستعان ..
القضاء والقدر عند ابن رشد
مما لا يختلف فيه اثنان أن الإيمان بالقضاء والقدر جانب مهم من جوانب العقيدة الإسلامية، ولهذا الإيمان أثره الواضح في سلوك المرء وتصرفاته وفي موقفه من الوقائع والأحداث التي تفاجئ الإنسان في هذه الحياة، ويجب أن يقوم هذا الإيمان على المعنى الصحيح للقضاء والقدر، ولا يوجد ذلك المعنى الصحيح إلا في الوحي الإلهي المتمثل في القرآن الكريم والسنة المطهرة ولا يجوز بوجه من الوجوه الاستعاضة عن هذا المصدر ولا إشراك غيره معه كمصدر أصيل.
معنى القدر والقضاء وأيهما أسبق
اختلف أهل العلم أيهما أسبق على الآخر, القضاء أو القدر ..
والذي تطمئن إليه النفس وتؤيده الأدلة، هو قول أبي حاتم الرازي وغيره من بعض أهل العلم وخلاصته: أن القدر هو التقدير، وأن القضاء هو التفصيل، ومن الشواهد التي ذكرها أبو حاتم على ما ذهب إليه قوله تعالى:
{قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَان} ِ (يوسف: 41) , معناه: الفراغ, وقوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْض} ِ (الجمعة: 10) أي فرغ منها، والقضاء والقدر بمنزلة الثوب الذي يقدره الخياط فهو قبل أن يفصله يقدر هو ويزيد وينقص, ويوسع ويضيق، وإذا فصله فقد قضاه وفاته, ولا يمكنه أن يزيد أو ينقص وذلك مثل القضاء والقدر, والله أعلم، وهناك تعريفات أخرى، وقد يعكس بعضهم فيقدم القضاء على القدر, والله أعلم.
وسواء كان هذا أو ذاك فإن الله تعالى سبق علمه بكل مخلوق وكتب مقاديره وأوجده وفق ما قدره له, وشاء ما يصدر عنه بعد وجوده من خير أو شر, ولا يخرج عن ذلك شيء لا أفعال الإنسان ولا غيرها، وكذلك ما يصيب الإنسان من الحوادث والكوارث, والعبد بجملته مخلوق جسمه وروحه وصفاته وأفعاله وأحواله فهو مخلوق خلق نشأة وصفة يتمكن بها من إحداث إرادته وأفعاله بتلك النشأة، بمشيئة الله وقدرته وتكوينه، فهو الذي خلقه وكوّنه كذلك، فتقع حركته بقدرة العبد المخلوقة، وإرادته التي جعلها الله فيه, فالله سبحانه إذا أراد فعل العبد خلق له القدرة والداعي إلى فعله, فيضاف الفعل إلى قدرة العبد إضافة المسبب إلى سببه، ويضاف إلى الله إضافة المخلوق إلى الخالق، فالمقدور واقع بقدرة العبد الحادثة وقوع المسبب بسببه، والسبب والمسبب والفاعل والآلة أثر قدرة الله [14] تعالى، فلا نعطل قدرة الله عن شمولها وكمالها وتناولها لكل ممكن، وليس في الوجود شيء مستقل بالتأثير سوى مشيئة الله وقدرته ولا نعطل قدرة العبد التي خلقها له وجعلها صالحة لمباشرة الأفعال.
هذه طريقة أهل السنة والجماعة في هذا الباب، وهي التي كان عليها سلف هذه الأمة وهي وسط بين طريقة الجبرية والقدرية كما ترى، وكما سيتضح قريباً إن شاء الله.
وهذه المسألة من أعوص المسائل الشرعية، كما يقول أبو الوليد، لما يظهر من التعارض بين الأدلة، مما أدى إلى تفرق الناس إلى ثلاث فرق، طرفين ووسط:
الطرف الأول: الجبرية .. وعلى رأسهم جهم بن صفوان، فقد ذهبت هذه الفرقة إلى أن العبد مجبور على عمله من خير وشر، وتنسب إليه الأعمال مجازاً كما تنسب إلى الجماد، والإنسان إنما يخالف الجماد في المظهر فقط، فكتب فلان (مثلا) وقرأ وقام وقعد، مجاز، كما يقال: ماج البحر وتحرك الجمل، وأثمرت الشجرة، والذي دفعهم إلى هذا فرارهم من الوقوع فيما وقعت فيه القدرية من القول: إن العبد يخلق أفعاله، كما سيأتي إن شاء الله.
والجبرية نظرت إلى العبد وهو منفعل فقالوا: إنه مجبور غير مختار، وفاتهم أنه منفعل وفاعل.
ما ينتج من هذا القول
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/100)
يترتب على هذا المذهب إبطال التكليف والثواب والعقاب على الأعمال، كما ينتج منه أن إرسال الرسل وإنزال الكتب عبث، وهو مذهب باطل ومرفوض - كما ترى - عقلاً وشرعاً:
أما عقلاً: فإنه لا يستساغ أن يعطى العامل أجر عمل لم يعمله باختياره حقيقة، وإنما ينسب إليه مجازاً، هذا من حيث الثواب.
وأما العقاب فليس من العدل أن يعاقب العامل على خطيئة ارتكبها تحت الإجيار وبدون اختيار منه بل أتاه كمُكْرَهٍ، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فيصبح إنزال الترغيب والترهيب في الكتاب والسنة وإنذار الرسل كلاماً لا معنى له.
هذا ما يترتب على قول الجبرية بإيجاز.
الطرف الثاني: المعتزلة القدرية:
هذه الفرقة ترى أن العبد يخلق أفعاله بقدرته مستقلاً عن قدرة الله، ويريد ويدبر بإرادته الحرة قبل أن تتدخل إرادة الله تعالى في إرادته أو مع إرادته.
وجهة نظرهم
والذي حمل هؤلاء على هذا القول الخطير، لما رأوا أن العبد يفعل ويترك باختياره الحر، وأثبت له الشرع الثواب على الحسنات، والعقاب على السيئات ثم لا حظوا الفرق بين حركة اليد العادية، وحركة اليد المرتعشة، حيث تكون الأولى اختياراً والثانية اضطرارية، وما ندركه من الفرق بين حركة الصاعد إلى المنارة والساقط منها إذ تكون الأولى بقدرة العبد واختياره بينما لا قدرة له ولا إرادة في الأخرى.
لاحظ القوم هذه الملاحظات في أفعال وحركات العبد، ونظروا إليه فاعلاً، وغفلوا أنه فاعل ومنفعل فزعموا أن العبد هو الذي يخلق أفعاله بقدرته قبل أن تتدخل قدرة الله، تعالى الله عن شريك يشاركه في ربوبيته وخلقه، وفاتهم أن العبد بجسمه وروحه وإرادته وقدرته مخلوق لله، فالله تعالى هو الذي يخلق له القدرة على العمل وإرادة العمل, ويجعله فاعلاً يفعل بالإرادة المخلوقة المحدودة والقدرة المحدثة حتى ينسب إليه العمل، ويضاف إليه إضافة المسبب في الوقت الذي يضاف عمله إلى الله إضافة المخلوق إلى الخالق.
ما أبعد هذا الطرف عن ذلك الطرف حيث العبد مجبور هناك وخالق هنا, وكلا الفريقين ضل الطريق وضاع الصواب بينهما، وعثر عليه أهل السنة والجماعة بتوفيق الله تعالى وقد تقدم بيان مذهبهم.
كسب الأشعري
حاول أبو الحسن الأشعري أن يأتي بحل وسط بين الجبرية والقدرية إلا أنه لم يوفق حيث جعل مناط التكليف: الكسب، والكسب هو العمل - كما يتبادر- بل هو إرادة تحصل عند الفعل، وقعوا في هذا المضيق لئلا يقولوا: إن العبد هو الفاعل الحقيقي مستقلاً كما هو مذهب القدرية، أو يقولوا إنه مجبور وليست له إرادة كما تقول الجبرية، ولكنهم لم يأتوا بجديد بل طريقتهم هذه هي الجبر بعينها والخلاف بينهم وبين الجبرية خلاف لفظي وليس بجوهري - كما ترى -، بل طريقتهم أكثر غموضاً، بل قد عد كسب الأشعري من المحالات, ومحالات الكلام ثلاثة - كما يقولون -:
1 – كسب الأشعري.
2 – أحوال أبي هاشم.
3 – طفرة النظام.
أما كسب الأشعري فقد تحدثنا عنه، وملخصه: أن العبد ليس هو الفاعل حقيقة ولكن عند إرادته للفعل يخلق الله الفعل. نقدر أن نقول: إنها جبرية متطورة أو متسترة.
أما أحوال أبي هاشم: المراد بها الصفات المعنوية التي انفرد بإثباتها أبو هاشم دون سائر المعتزلة من نفيه لصفات المعاني، أي أنه ينفي العلم والقدرة والإرادة إلى آخر الصفات ثم يثبت كونه عالماً وقادراً ومريداً، وهذه (الكوكنة) هي الأحوال [15].
وأما طفرة النظام: فهي (انزلاقة) انفرد بها النظام المعتزلي دون سائر المعتزلة وهي القول بأن الله خلق هذه الموجودات دفعة واحدة على ما هي عليه الآن، من نبات وحيوان وجبال وبحار، ولم يتقدم خلق آدم على ذريته غير أن الله (أكمن) بعضها في بعض, فالتقدم والتأخر إنما يقع في ظهور هذه الموجودات في أماكنها دون حدوثها ووجودها.
وقد زعم النظام ما زعم متأثراً بأصحاب الكمون والظهور، من الفلاسفة وهي طفرة لم يسبقه إليها أحد قبله.
خلاصة رأي ابن رشد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/101)
يقول ابن رشد - وهو يلخص بحثه الطويل في مسألة القضاء والقدر -: "ولما كان ترتيب الأسباب ونظامها هو الذي يقتضي وجود الشيء في وقت ما، في ذلك الوقت، وجب أن يكون العلم بأسباب شيء ما هو العلم بوجود ذلك الشيء أو عدمه في وقت ما, والعلم بالأسباب على الإطلاق هو العلم بما يوجد منها، أو ما يعدم في وقت من أوقات جميع الزمان, فسبحان الذي أحاط اختراعاً وعلماً بجميع أسباب الموجودات وهذه هي مفاتح الغيب في قوله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاّ هُو} ـ الآية. (الأنعام: 59).
وإذا كان هذا كله كما وصفنا فقد تبين لك كيف لنا اكتساب، وكيف جميع مكتسباتنا بقضاء وقدر سابق, وهذا الجمع هو الذي قصده الشرع بتلك الآيات العامة والأحاديث التي يظن بها التعارض، وهي إذا خصصت عمومتها بهذا المعنى، انتفى عنها التعارض, وبهذا أيضاً تنحل جميع الشكوك التي قيلت في ذلك، أعني الحجج المتعارضة العقلية أعني أن كون الأشياء الموجودة عن إرادتنا يتم وجودها بالأمرين معاً, أعني بإرادتنا وبالأسباب التي من خارج، فإذا نسبت الأفعال إلى واحد من هذين على الإطلاق لحقت الشكوك المتقدمة.
وابن رشد - كما ترى - يدندن حول مذهب أهل السنة والجماعة في هذا المسألة وهو معافى من داء الجبرية والقدرية ومن كسب الأشعري, بل هو يثبت للعبد قدرة وإرادة، وفي الوقت نفسه يقرر أن الأشياء توجد بقضاء وقدر سابق، بل يقرر أنه لا بد من اجتماع الأمرين معاً القضاء والقدر ويسميها (السبب الخارجي) وإرادة العبد وهي السبب الداخلي وتوجد الأشياء بإذن الله تعالى، بتوفر الأمرين معاً.
وذلك يعني أن العبد يعمل بإرادته وقدرته واختياره، ولكنه هو وإرادته وقدرته والآلة التي استعملها بل وعقله كل ذلك مخلوق لله {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ} (فاطر: 3) , فتضاف الأعمال إلى العبد حقيقة إضافة المسبب إلى السبب لأن العبد بإرادته وقدرته هو سبب وجود تلك الأعمال، وقد جعل الله لكل شيء سبباً، فهي تضاف إلى الله إضافة المخلوق إلى الخالق, هذه هي طريقة أهل السنة والجماعة كما تقدم، فليهنأ ابن رشد بهذا التوفيق في هذه المسألة العويصة كما وصفها هو نفسه في كتابه منهاج الأدلة في عقائد الملل.
وبعد هذا الملخص والتعليق عليه يحسن بنا أن نسرد بعض الآيات القرآنية التي أشار إليها ابن رشد لنرى كيف تتفق ولا تختلف وبالتوفيق بينهما تزول جميع الشكوك إن شاء الله.
المجموعة الأولى من الآيات المشار إليها:
أ – {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (الكهف: 29)، {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} (التكوير: 28)، {ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ} (البقرة: 281)، {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (البقرة: 286)، {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} (آل عمران: 182).
هذه المجموعة وما في معناها من نصوص الكتاب والسنة تفيد أن أفعال الإنسان تقع بإرادته ومشيئته واختياره.
ومما يؤيد هذا المعنى أن المجنون لا يسأل عن أفعاله بإجماع؛ لأنها لم تقع منه بإرادته أو بإرادة معتبرة.
ب – المجموعة الثانية: {وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ} (يس:42)، {وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ} (النحل: 80)، {وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (الصافات: 96).
تفيد هذه المجموعة وما شاكلها من نصوص الوحي أن الإنسان وإن كان فاعلاً لأفعاله حقيقة لا مجازاً وله إرادة ومشيئة ولكن إرادته ومشيئته مخلوقتان لله، وهما سببان فقط لإيجاد فعل الإنسان، والله خلق السبب والمسبب معاً، وكون الإنسان يفعل بإرادته، لا يخرج فعله من عموم مخلوقات الله فالسفينة يصنعها الإنسان بيده، ولكن الله خالقه وخالق يده وإرادته، وكذلك البيوت والجلود المذكورات في المجموعة الثانية والله ولي التوفيق.
هكذا تتفق الآيات التي ظاهرها التعارض, ولا تعارض في واقع الأمر إذ دلت المجموعة الأولى أن للإنسان تدخلاً في أعماله بحيث يثاب على الحسنة ويعاقب على السيئة، فتضاف إليه أعمال حقيقة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/102)
ودلت المجموعة الثانية أن الإنسان وأعماله مخلوقات لله تعالى وهو الخالق وحده سبحانه.
سر القدر
فطالما خضنا في هذا المبحث الخطير فلا بد أن نقول شيئاً في محاولة الإجابة على سؤال خطير يتردد في الأذهان، وربما ظهر على بعض الألسنة أحياناً والسؤال يتكون من فقرتين، ونص السؤال هكذا:
إذا شاء الله من الإنسان المعصية ولم يشأ منه الطاعة فلم يحاسبه على ما لم يشأ منه؟
ولم لم يشأ منه الطاعة كما شاءها من غيره؟
الجواب على الفقرة الأولى من السؤال: سبق أن تحدثنا أن في الأصول القطعية عند أهل السنة أن الهداية والضلال, والطاعة والمعصية بمشيئة الله وأن الإنسان سبب في وقوعها، ومسئوليته عن أفعاله أصل قطعي آخر من هذه الزاوية، فالقاعدة التي يتفق عليها العقلاء أن القطعيات لا تتناقص في نفسها، وإن بدت لنا متناقضة لقصور إدراكنا.
فحسبنا أن نقف عند هذه القطعيات ونؤمن بها جميعاً، ولا نرد منها شيئاً ولو لم نحط بها علماً، لأن مسألة القضاء والقدر لها تعلق بصفات الله تعالى: كعلمه وحكمته وإرادته، وحيث أننا نعجز عن الإحاطة بصفات الله تعالى, فكذلك نعجز عن الإحاطة بسر القدر، وسر القدر هو أن الله تعالى أضل وهدى وأسعد وأشقى، وأمات وأحيا غير ذلك كل ذلك لحكمة يعلمها ولا نعلمها، ها هنا السر!!!
وهو العليم الحكيم، فسبحان الذي أحاط كل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً.
ولا يضير المرء في إيمانه عجزه عن الإحاطة بسر القدر لأن ذلك ليس بمستطاع ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ولكن الذي يضيره أن يبني على عجزه أحكاماً ويتصرف على غير هدى. من ذلك رد بعض الأصول القطعية في القدر، وضرب النصوص بعضها ببعض.
وللجواب على الفقرة الثانية في السؤال نورد قول علي رضي الله عنه: "القدر سر الله فلا نكشفه"ومن سر القدر عجزنا عن جواب: (لم شاء الله الطاعة من زيد ووفقه، بينما لم يشأ من عمرو ولم يوفقه؟) , بل الجواب الذي ليس بعده جواب قوله تعالى: {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} (الانبياء: 23)، ومما لا نزاع فيه بين العقلاء أن المالك له أن يتصرف في ملكه كيف يشاء، ولا يلزم ليكون تصرفه سليماً أن يدرك غيره الحكمة الباعثة, والعلة في تصرفاته, وليس لأحد حق الاعتراض عليه في تصرفه، إذا لم يعلم السر في أفعاله.
فلو رأينا صاحب بستان يحتوي بستانه على أنواع من الأشجار لو رأيناه يقطع هذه الشجرة ويترك تلك ويهذب هذه وينظمها ويهمل تلك دون تهذيب أو إصلاح، فهل لأحد حق الاعتراض على هذه الأعمال المختلفة؟ فالجواب: لا, طبعا؛. لأننا لا ندري ما هو الباعث له على ما فعل أو ترك، هذا هو معنى قول علي رضي الله عنه: "القدر سر الله فلا نكشفه"أي فلا نحاول كشفه لندرك حقيقة ذلك السر المكتوم لأنه تكلف بلا نتيجة ومن حاول إدراك غير المستطاع نتيجة محاولته:
كناطح صخرة يوماً ليوهنها
فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
من ثمرات الإيمان بالقدر
صاحب الإيمان الصحيح بالقدر يباشر الأسباب المباحة بيده، ويبذل معه في الأخذ بالأسباب ولا يعجز ولا يتواكل ولكنه يعتمد على الله وحده في نجاح تلك الأسباب المبذولة لا على الأسباب ذاتها، ولقد كان كذلك سيد المرسلين وإمام المتوكلين محمد عليه الصلاة والسلام، فقد اختفى عليه الصلاة والسلام في الغار يوم الهجرة، وهذا منه عليه الصلاة والسلام يعتبر تعليماً للأمة في الأخذ بالأسباب ومباشرتها, وقد فعل ذلك في سبيل التخلص من شر المشركين ولكنه لم يكن اعتماده في الخلاص على السبب نفسه، وإنما كان اعتماده على الله العلي القدير، قال تعالى: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} (التوبة: 40) , وذلك يعني أن ثقته كانت في الله واطمئنانه وسكينته بسبب تلك المعية الخاصة، إلا أنه لم يهمل السبب بناء على الثقة والاعتماد الصادق على الله، وقد رأيناه عليه الصلاة والسلام مرة أخرى في معركة (بدر) يباشر السبب, إذ رأيناه ينظم الجيش كسبب مادي لا بد من مباشرته، ثم يرجع إلى العريش الذي ضرب له في أرض المعركة فيدعو الله ويلح في الدعاء ويكثر فيطلب النصر من الله، وكان عليه الصلاة والسلام يحث أصحابه على البيع والشراء، وكان من أصحابه المزارعون والتجار الذين يزاولون البيع والشراء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/103)
هذا هو المفهوم الصحيح للتوكل. وهو ثمرة من ثمرات الإيمان الصحيح بالقدر {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (يس: 83) ..
خاتمة
تم بتوفيق الله وعونه إعداد هذه العجالة التي تحدثنا فيها عن موقف الفيلسوف ابن رشد من العقل والنقل, ورأينا في هذا البحث معالجة ابن رشد التوفيق بين الشريعة والحكمة ومناقشته الحادة لعلماء الكلام في التأويل الذي يسلطه أهل الكلام على نصوص الصفات ليتبعوا ما تشابه من النصوص ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وما يعلم تأويله إلا الله، ولقد بينا في هذه العجالة ضرورة توحيد المصدر للعقيدة الإسلامية وذلك المصدر هو الوحي الإلهي، فقط قبل أن يشاركه أي مصر آخر لا الفلسفة ولا علم الكلام ولا القياس بأنواعه.
وبعد هذا كله من الحماقة بمكان أن يقال:
بأن الشرع لم يفصل أمور العقيدة، فالرجوع إلى الفلسفة أمر ضروري لمعرفة التفصيل، وهو قول عار عن الحقيقة بل هو تمويه على السذج من الناس لأن أمور العقيدة كما أوضحنا في صلب البحث من أهم مطالب الذين بعثت بها الرسل وأنزلت من أجلها الكتب.
ومن المستحيل عقلاً أن يهمل الشارع بيان هذا المطلب الذي هو أهم المطالب على الإطلاق دون بيان شاف بالتفصيل اللازم فيحيل الناس على مصدر آخر في معرفته، في الوقت الذي بين فيه فروع الشريعة وأوضح سننها وآدابها, ولقد رأينا كيف بين الوضوء ونواقضه وكيفية التيمم وغير ذلك من الفروع.
ومن تتبع آيات القرآن وتدبرها واطلع على المقدار الكافي من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام مع دراستها ما كان يفهمه الرعيل الأول من النصوص، يدرك تماماً ودون شك أن بيان العقيدة قد وقع بياناً يغني أهله عن الحاجة إلى سفسطة أهل الكلام وخوض الفلاسفة.
والحمد لله رب العالمين ..
--------------------------------------------------------------------------------
[1] منهاج الأدلة.
[2] من كتاب القضاء والقدر للدكتور عبد الكريم زيدان بتصرف.
[3] قاموس المحيط ..
[4] موافقة صريحة المعقول لصحيح المنقول ـ لابن تيمية.
[5] العلماء في اصطلاح ابن رشد: الحكماء أي الفلاسفة.
[6] من شرح الطحاوية بتصرف.
[7] سورة براءة. الآية: 6.
[8] سورة الكهف. الآية: 109.
[9] منهاج الأدلة لابن رشد.
[10] منهاج الأدلة لابن رشد.
[11] وهي طريقة الباطنية.
[12] سورة يس.
[13] سورة الأنبياء.
[14] موافقة المعقول ـ لابن تيمية.
[15] والتناقض واضح في هذا التصرف لأنه ليس بمعقول ولا مفهوم نفي الإرادة مثلاً مع إثبات كونه تعالى مريداً.
ـ[عبد]ــــــــ[07 - 06 - 05, 02:38 م]ـ
جزاك الله خيراً شيخنا عبدالرحمن، ومن أشهر مقالات ابن رشد الفاسدة القول بقدم العالم، ومن المقال السابق يعلّل لذلك - والعهدة على نقولات الشيخ الجامي -:
"إن العالم في الحقيقة ليس محدثاً حقيقياً ولا قديماً حقيقياً لأن القول: إنه محدث حقيقي فاسد ضرورة لأن العالم ليس من طبيعته أن يفنى أي لا تنعدم مادته، والقدم الحقيقي ليس له علة والعالم له علة!!.
ولكن يدُلك على اضطرابه تناقضه إذ يقول في موضع سابق:
"لما كانت جميع هذه الموجودات مخترعة من العدم بعد أن لم تكن دل على أنه لا بد من وجود مبدع صانع لهذا الكون قادر على الاختراع لاستحالة تحولها من العدم إلى الوجود بنفسها، وذلك المبدع الخالق هو الله لا إله إلا هو ولا رب سواه".
وهذا هو ديدن من عميّت بصيرته، ومن لم يجعل الله له من نور فماله من نور.
ـ[شبيب السلفي]ــــــــ[07 - 06 - 05, 06:33 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[محمد الناصري]ــــــــ[07 - 06 - 05, 07:58 م]ـ
أخي شبيب السلفي أتمنى عليك قراءة كتاب (موقف ابن تيمية من فلسفة ابن رشد) للطبلاوي.
ـ[شبيب السلفي]ــــــــ[10 - 06 - 05, 06:28 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي محمد , وأفعل إنشاء الله تعالى
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[10 - 06 - 05, 11:48 ص]ـ
أخي عبد:لانه نسب القدم للعبد فعبارته العالم ليس من طبيعته أن يفنى أي لا تنعدم مادته تكون صحيحة بان الله عز وجل يخلق خلقا من بعد خلق وانه اوجد في العالم نظام متقنا فلا شيء يوجد من العدم الا بأذنه وقوله تعالى واضح في قوله تعالى:"منها خلقناكم وفيها نعيدكم وفيها نخرجكم تارة اخرى"
لانه يتكلم عن طبيعة المخلوقات لا عن طبيعة الخلق.
فخلق الانسان من تراب وعودته له فهي خلق ما لم يكن من شيء كائن وهو قبل ذلك لم يكن مخلوقا بشريا ولكنه كان تراب كقوله تعالى لزكريا عليه السلام انه خلقه ولم يكن شيئا وشيئا هنا لا يقصد بها المخلوق عامة وانما شيئا يخص ويذكر ونما كان شيئلاغير مذكورا.
اما الخلق المطلق من العدم فهو قد سلم به كما نقلت عنه ولكن هذه العبارات المطاطة تجعلك لا تعي ما يقوله الكثير منهم فلا تميز بين سقيم كلامه وصحيحه , وليست الاشكالية لماذا تكلموا بهذه المصطلحات ,لانهم انما ارادوا القول بان العالم مخلوق. وكان ردهم على الفلاسفة لذلك دخلوا شعابهم ولم يخرجوا منها.
لذا كان كلام الشيخ عما يجب على المسلم فهمه كافيا , وكان فعل ابن رشد تكلفا. والمتكلف يقع في مشاكل كثيرة ولعل الاشكال في تكلفه ما لا يفهم الا بقدم العالم من جهة وبحدوثه من جهة اخرى (كلام لا يحقق عقلا ولا شرعا) فالمشكلة في النقل عنه بانه قال:
والعالم قديم إذا اعتبرنا أنه وجد عن الله منذ الأزل من غير تراخ في زمن
فكيف يوجد شيء من شيء من غير تراخ في الزمن؟
لهذا لا يجب على الانسان التكلف بما لم يعلم:قال تعالى
مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً
والله تعالى أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/104)
ـ[حميد الهلالي]ــــــــ[22 - 06 - 05, 12:46 ص]ـ
الرجل أشعري على طريقة متقدميهم إثبات الصفات إلا الاختيارية
ـ[منهاج السنة]ــــــــ[19 - 08 - 05, 10:05 م]ـ
ابحث هنا اخي الكريم
http://arabic.islamicweb.com/Books/taimiya.asp?book=381
ـ[أبو عامر الصقر]ــــــــ[01 - 06 - 07, 12:10 م]ـ
شكرا لشيخنا الأخ عبد الرحمن الغامدي،،
لقد استفدت كثيرا من مقالتك، وكنت أظن أن كتاب (: بداية المجتهد ونهاية المقتصد) لإبن رشد الجد المثنى عليه عند أهل العلم بينما الفيلسوف هو الحفيد ... وقد كنت أظن أن هذا معنى الذي قرأته منذ أكثر من 10سنوات في الفتاوى ....
فجزاك الله خيرا
ـ[ابو سلمان]ــــــــ[27 - 04 - 08, 09:50 ص]ـ
يقول ابن تيمية مجموع الفتاوى (17/ 295)
و قد ذكر طائفة من أهل الكلام أن قولهم بالعلة و المعلول من جنس قول غيرهم بالوالد و الولد و أرادوا بذلك أن يجعلوهم من جنسهم فى الذم و هذا تقصير عظيم بل أولئك خير من هؤلاء و هؤلاء اذا حققت ما يقوله من هو أقر بهم الى الإسلام كابن رشد الحفيد و جدت غايته أن يكون الرب شرطا فى و جود العالم لا فاعلا له و كذلك من سلك مسلكهم من المدعين للتحقيق من ملاحدة الصوفية كابن عربى و ابن سبعين حقيقة قولهم أن هذا العالم موجود و اجب أزلى ليس له صانع غير نفسه و هم يقولون الوجود و احد و حقيقة قولهم أنه ليس في الوجود خالق خلق موجودا آخر و كلامهم فى المعاد و النبوات و التوحيد شر من كلام اليهود و النصارى و عباد الأصنام فإن هؤلاء يجوزون عبادة كل صنم فى العالم لا يخصون بعض الأصنام بالعبادة ا. ه
ـ[محمد بشري]ــــــــ[27 - 04 - 08, 03:01 م]ـ
ابن رشد طريقته طريقة المشائين،وهو مبياين للأشاعرة مخالف لهم في كثير من أصولهم الكلية، وللرجل تأثير عجيب على الفكر الغربي وعلى المدارس الفلسفية في أوروبا، و قد عد المنتسب آنذاك للفكر الرشدي متحررا من سلطان الكنيسة، ودرست كتبه ومنهجه في أعتى الجامعات الأوروبية كجامعة بادوفا في إيطاليا ..........
ولمعلرفة المدى الذي وصل إليه التأثير الرشدي على المناهج الفكرية في أوروبا يمكن مراجعة كتاب:ابن رشد والرشدية لإرنست رينان.
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[29 - 04 - 08, 12:06 ص]ـ
أخي شبيب السلفي أتمنى عليك قراءة كتاب (موقف ابن تيمية من فلسفة ابن رشد) للطبلاوي.
الناشر تكرمًا؟؟
ـ[محمد بشري]ــــــــ[29 - 04 - 08, 12:37 ص]ـ
الكتاب يوجد في المكتبات خلف الأزهر،والغالب أنه صادر عن مكتبة الكليات الأزهرية .................
ـ[آبو ريّان الفيفي]ــــــــ[18 - 01 - 09, 09:12 م]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ عبدالرحمن، ورحم الله شيخنا الجامي.
ـ[العوضي]ــــــــ[30 - 05 - 10, 08:49 م]ـ
بعض المآخذ في عقيدة ابن رشد الحفيد
السؤال: ما هي عقيدة الإمام ابن رشد، وما حقيقة خلافه مع الإمام أبي حامد الغزالي؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب:
الحمد لله
أولا:
ابن رشد اسم مشترك بين ابن رشد الحفيد، وابن رشد الجد، وكلاهما يُكنَى بأبي الوليد، وكلاهما يحمل اسم: محمد بن أحمد، كما أن كلا منهما تولى قضاء قرطبة.
والمقصود في السؤال هو ابن رشد الحفيد، المتوفى سنة (595هـ)، المشهور باشتغاله وتأليفه في الفلسفة، أما ابن رشد الجد فلم يشتغل بها، وتوفي سنة (520هـ).
قال الأبار:
لم ينشأ بالأندلس مثله كمالا وعلما وفضلا، وكان متواضعا، منخفض الجناح، يقال عنه: إنه ما ترك الاشتغال مذ عقل سوى ليلتين: ليلة موت أبيه، وليلة عرسه، وإنه سود في ما ألف وقيد نحوا من عشرة آلاف ورقة، ومال إلى علوم الحكماء، فكانت له فيها الإمامة. وكان يُفزع إلى فتياه في الطب كما يفزع إلى فتياه في الفقه، مع وفور العربية، وقيل: كان يحفظ ديوان أبي تمام والمتنبي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/105)
ومن أشهر مصنفاته: (بداية المجتهد) في الفقه، و (الكليات) في الطب، و (مختصر المستصفى) في الأصول، ومؤلفات أخرى كثيرة في الفلسفة، اهتم فيها بتلخيص فكر فلاسفة اليونان، فألف: كتاب (جوامع كتب أرسطوطاليس)، وكتاب (تلخيص الإلهيات) لنيقولاوس، كتاب (تلخيص ما بعد الطبيعة) لأرسطو، ولخص له كتبا أخرى كثيرة يطول سردها، حتى عرف بأنه ناشر فكر أرسطو وحامل رايته، وذلك ما أدى به في نهاية المطاف إلى العزلة، فقد هجره أهل عصره لما صدر منه من مقالات غريبة، وعلوم دخيلة.
قال شيخ الشيوخ ابن حمويه:
لما دخلت البلاد، سألت عن ابن رشد، فقيل: إنه مهجور في بيته من جهة الخليفة يعقوب، لا يدخل إليه أحد، لأنه رفعت عنه أقوال ردية، ونسبت إليه العلوم المهجورة، ومات محبوسا بداره بمراكش.
يمكن مراجعة سيرته في " سير أعلام النبلاء " (21/ 307 - 310)
ثانيا:
قد طال الجدل حول حقيقة عقائد ابن رشد، وكثرت المؤلفات ما بين مؤيد ومعارض، واضطربت الأفهام في تحديد عقائده ومذاهبه.
ولضيق المقام ههنا عن الدراسة المفصلة لعقائد ابن رشد، سنكتفي بذكر بعض المآخذ المجملة التي كانت مثار جدل في مؤلفاته:
1 - تأويل الشريعة لتوافق الفلسفة الآرسطية:
لعل الاطلاع على ترجمة ابن رشد الموجزة السابقة كاف للدلالة على هذه التوجهات الفكرية لدى ابن رشد، فقد أُخِذَ بفكر أرسطو، حتى قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " هو من أتبع الناس لأقوال آرسطو " انتهى. " بيان تلبيس الجهمية " (1/ 120)، وحاول جاهدا شرحه وبيانه وتقريره للناس بأسلوب عربي جديد، وهو - خلال ذلك - حين يرى مناقضة فكر أرسطو مع ثوابت الشريعة الإسلامية، يحاول سلوك مسالك التأويل البعيدة التي تعود على الشريعة بالهدم والنقض، وكأن فلسفة أرسطو قرين مقابل لشريعة رب العالمين المتمثلة في نصوص الكتاب والسنة، ولذلك كتب كتابه المشهور: " فصل المقال في تقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال ".
2 - اعتقاده بالظاهر والباطن في الشريعة:
يقول ابن رشد:
" الشريعة قسمان: ظاهر ومؤول، والظاهر منها هو فرض الجمهور، والمؤول هو فرض العلماء، وأما الجمهور ففرضهم فيه حمله على ظاهره وترك تأويله، وأنه لا يحل للعلماء أن يفصحوا بتأويله للجمهور، كما قال علي رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يفهمون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله " انتهى.
" الكشف عن مناهج الأدلة " (ص/99) طبعة مركز دراسات الوحدة العربية.
وقد استغرق ابن رشد في تقرير هذه الفكرة الباطنية في كتبه، حتى إنه جعل من أبرز سمات الفرقة الناجية من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أنها هي " التي سلكت ظاهر الشرع، ولم تؤوله تأويلا صرحت به للناس " انتهى. " الكشف عن مناهج الأدلة " (ص/150).
ولذلك توسع شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الرد على خصوص كلام ابن رشد في هذا الكتاب، وبيان بطلان التفسير الباطني لنصوص الشريعة، وذلك في كتابيه العظيمين: " بيان تلبيس الجهمية "، ودرء تعارض العقل والنقل.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" وابن سينا وأمثاله لما عرفوا أن كلام الرسول لا يحتمل هذه التأويلات الفلسفية؛ بل قد عرفوا أنه أراد مفهوم الخطاب: سلك مسلك التخييل، وقال: إنه خاطب الجمهور بما يخيل إليهم؛ مع علمه أن الحق في نفس الأمر ليس كذلك. فهؤلاء يقولون: إن الرسل كذبوا للمصلحة. وهذا طريق ابن رشد الحفيد وأمثاله من الباطنية " انتهى.
" مجموع الفتاوى " (19/ 157).
3 - مال في باب " البعث والجزاء "، إلى قول الفلاسفة أنه بعث روحاني فقط، بل وقع هنا في ضلالة أعظم من مجرد اعتقاده مذهب الفلاسفة في البعث الروحاني؛ حيث جعل هذه المسألة من مسائل الاجتهاد، وأن فرض كل ناظر فيها هو ما توصل إليه. قال:
" والحق في هذه المسألة أن فرض كل إنسان فيها هو ما أدى إليه نظره فيها " انتهى.
" الكشف عن مناهج الأدلة " (ص/204)
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" وأولئك المتفلسفة أبعد عن معرفة الملة من أهل الكلام:
فمنهم من ظن أن ذلك من الملة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/106)
ومنهم من كان أخبر بالسمعيات من غيره، فجعلوا يردون من كلام المتكلمين ما لم يكن معهم فيه سمع، وما كان معهم فيه سمع كانوا فيه على أحد قولين: إما أن يقروه باطنا وظاهرا إن وافق معقولهم، وإلا ألحقوه بأمثاله، وقالوا إن الرسل تكلمت به على سبيل التمثيل والتخييل للحاجة، وابن رشد ونحوه يسلكون هذه الطريقة، ولهذا كان هؤلاء أقرب إلى الإسلام من ابن سينا وأمثاله، وكانوا في العمليات أكثر محافظة لحدود الشرع من أولئك الذين يتركون واجبات الإسلام، ويستحلون محرماته، وإن كان في كل من هؤلاء من الإلحاد والتحريف بحسب ما خالف به الكتاب والسنة، ولهم من الصواب والحكمة بحسب ما وافقوا فيه ذلك.
ولهذا كان ابن رشد في مسألة حدوث العالم ومعاد الأبدان مظهرا للوقف، ومسوغا للقولين، وإن كان باطنه إلى قول سلفه أميل، وقد رد على أبي حامد في تهافت التهافت ردا أخطأ في كثير منه، والصواب مع أبي حامد، وبعضه جعله من كلام ابن سينا لا من كلام سلفه، وجعل الخطأ فيه من ابن سينا، وبعضه استطال فيه على أبي حامد، ونسبه فيه إلى قلة الإنصاف لكونه بناه على أصول كلامية فاسدة، مثل كون الرب لا يفعل شيئا بسبب ولا لحكمة، وكون القادر المختار يرجح أحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح، وبعضه حار فيه جميعا لاشتباه المقام " انتهى.
" منهاج السنة " (1/ 255)
4 - ولعل من أبرز سمات منهج ابن رشد في كتبه، وفي الوقت نفسه من أبرز أسباب أخطائه هو عدم العناية بالسنة النبوية مصدرا من مصادر التشريع.
يقول الدكتور خالد كبير علال حفظه الله:
" ابن رشد لم يُعط للسنة النبوية مكانتها اللائقة بها كمصدر أساسي للشريعة الإسلامية بعد القرآن الكريم، ولم يتوسع في استخدامها في كتبه الكلامية والفلسفية، ففاتته أحاديث كثيرة ذات علاقة مباشرة بكثير من المواضيع الفكرية التي تطرق إليها، كما أن الأحاديث التي استخدمها في تلك المصنفات كثير منها لم يفهمه فهما صحيحا، وأخضعه للتأويل التحريفي خدمة لفكره وأرسطيته " انتهى.
" نقد فكر الفيلسوف ابن رشد " (ص/97)
هذه بعض الخطوط العريضة التي يمكن أن توضح بعض مآخذ العلماء على عقيدة ابن رشد الحفيد، وهي في محصلها ترجع إلى إلغاء كثير من موازين الشريعة التي ضبط بها الشارع حدودها، والدعوة إلى سلوك التأويل والاجتهاد في بعض مسلماتها، انطلاقا من أفكار دخيلة جاءت من حضارات قديمة بائدة.
ولأجل ذلك احتفى به كثير من المحسوبين على التوجهات العلمانية والليبرالية المتحررة اليوم، حتى نسبوا ريادة الفكر التنويري للفيلسوف ابن رشد، وهم يعلمون أن كثيرا من العلوم الواردة في كتبه تعد من العلوم البائدة التي يجزم العلم الحديث بخطئها، ولكن غرضهم تمجيد كل فكر متحرر من ثوابت الشريعة، متحرر من حقائق نصوصها إلى المجازات والتأويلات، وفي الوقت نفسه يلبس لبوس الدين والعلم والفقه، فرأوا في ابن رشد ضالتهم، وفي كتبه رائدا لهم، وإن كنا نحسب أن في كتبه من إظهار التمسك بالشريعة والرجوع إليها ما لا نجده في كتب هؤلاء القوم، وكان عنده من لزوم الجانب العملي في الشريعة، وتعظيمها في الفقه والقضاء والفتيا ما لا يعجب القوم، ولا يبلغون معشاره: قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ!!
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
ـ[ابو علي الفلسطيني]ــــــــ[30 - 05 - 10, 11:16 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
"منها خلقناكم وفيها نعيدكم وفيها نخرجكم تارة اخرى"
الاية بالشكل الصحيح .. مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى [طه: 55]
بارك الله فيكم(31/107)
هل التبرك بالقبر فقط يعتبر شركا .. ؟؟
ـ[أبو حذيفة الحنبلىّ]ــــــــ[07 - 06 - 05, 09:06 م]ـ
اخوانى بارك الله فيكم ..
هل مجرد التبرك بالقبر شرك ... ؟؟
يعنى شخص جاء و مسح يده فى قبر الحسين و مسح جسمه و قال آخذ البركة ...
هل هذا الفعل شرك ..
أم أنّه بدعة و ذريعة للشرك .. !!!
و هل اذا تجمع اناس عند قبر معين مثلا لأنّه كان مثلا رمز الوطنية مثلا مثلا أو رمز العصيان المدنى مثلا ...
!!!!
هل هذا التجمع فقط يعتبر شرك ان لم يشوبه شىء آخر ..
أم هو أيضا من الذرائع الى الشرك و من البدع .. !!
و جزاكم الله خيرا
ـ[أيوب بن عبدالله العماني]ــــــــ[08 - 06 - 05, 06:08 م]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته أخي في الله أبا حذيفة الحنبلي ..
كل ما تفضّلت به حكم الشيخ الإمام علّامة الفقه الشيخ محمد بن صالح العثيمين بان فاعله واقع في الشرك الاكبر في شرحه لكتابه (عقيدة اهل السنة والجماعة) واستدل على ما لم يكن من باب العبادة والتقرّب كقبر الحسين 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وغيره - كمثالك حول قبر أحد الرموز الوطنية - فإنه شرك واستدل بسورة نوح عندما اتخذوا الأصنام ليتذكروهم ,. وهذا مشابه لذاك ...
والله أعلم
ـ[أبو حذيفة الحنبلىّ]ــــــــ[08 - 06 - 05, 09:51 م]ـ
يا أخى بارك الله فيك جزاكم الله خيرا و لكنه لم يرتكب شركا أكبر من دعاء لصاحب القبر أو طلب الشفاعة منه أو شىء من هذا القبيل.!!
فهم فقط تجمعوا عند هذا القبر لأنّ هذا مثلا كان زعيم حركتهم
فتجمعوا حوله ليفعلوا مظاهرة مثلا أو تجمعوا حوله ليتذكروه و لينطلقوا من عنده .. :فهل هذا يعتبر شركا .. ؟؟؟
ـ[أيوب بن عبدالله العماني]ــــــــ[09 - 06 - 05, 02:17 م]ـ
مضبوط اخي في الله أبا حذيفة الحنبلي .. ملاحظة جميلة جدا .. ولكن::
ولكن الا نسأل أنفسنا: لماذا اختاروا القبر كرمز وطني؟ وما معنى رمز وطني؟
ولماذا يجعلون لأناس دون غيرهم رمزا وطنيا؟ أليس ليتذكّروهم؟ فما الفرق بين هؤلاء وبين قوم نوح - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ بل إن هذا آكد - فيما أفهم - على منعه لسببين:
أولا ............. هؤلاء لم يكونوا صالحين بل كانوا (شوية) منافقين وعلمانيين و تغريبيين.
ثانيا ........... المنع في القبر عام ولا اظن أن هنا ما يستثنيه ... فإن كان للتذكّر فقوم نوح ما فعلوهم في البدء إلا ليتذكّروهم!!
قد تفضّلتم بارك الله فيكم بأنه كان (زعيم حركتهم) فما هذه الحركة؟ هل هي تحرير المرأة؟ أم هي للمطالبة بحقوق العمّال؟ أم هي للمطالبة بمسايرة النصارى؟ أم هي للحدّ من نفوذ العلماء؟
وهل يلزم من المنع أن ينطقوا بأنهم يقدّسوا صاحب القبر؟ أفليس رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: (ألم يحلوا ما حرم الله وحرّموا ما أحلّ الله فأطعتموهم؟ قال: نعم , قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فتلك عبادتهم)
فإن كان عندك علم في ذلك فابذله .. فإنما نحن نتذاكر ونستفيد!
والله أعلم
ـ[أبو المنذر النقاش]ــــــــ[09 - 06 - 05, 02:46 م]ـ
الأخوان الحبيبان أبو حذيفة والعماني بارك الله تعالى فيهما:
المسألة هنا لها مآخذ:
المأخذ الأول: مجرد إيتان القبر للتجمع والإنطلاق من عنده.
لا شك أن مجرد الإتيان عند القبر للتجمع عنده ونحوه لا يعد شركا، لكنه بلا مثنوية من البدع المحدثة فليس هذا من هدي الصحابة ولا التابعين ولا تابعي التابعين ولم يعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد غزوا أو نحوه ذهب لقبر للإنطلاق منه وقد كان هناك مصعب بن عمير وحمزة وغيرهم من صناديد الإسلام وقد قبروا فلم يفعل ذلك والمقبرة عنه ليست ببعيد.
ولم يعهد عن أحد من الصحابة أنهم إذا أرادوا غزوا أو نحوه أتوا إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم لينطلقوا من عنده.
ولا شك أن الداعي إلى ا لفعل وهو الحماسة والإنطلاق موجود ولم يفعل منهم فهذا برهان الوصف بالبدعة.
أما المأخذ الثاني:
فنقول: أن وصف الفعل بالشرك يختلف بحسب المتواجدين عند القبر:
فمن أتى للقبر بدون أن يحضر في قلبه أي معنى من المعاني المعروفة مثل استمداد القوة والإنطلاقة لما يريدونه ونحوه وإنما كان الأمر روتينا بحتا فهذا قد وقع في البدعة المتقدم بيانها ولا يوصف مجرد فعله بالشرك وإلا للزم وصف من يأتي قبر أباه مثلا ويجلس عنده أو يتذكره مشرك وهذا لا قائل به.
ومن أتى القبر وفي قلبه استحضار القوة والإعانة والمدد من صاحب القبر كان يقال إننا نتنسم من بركاته وأنفاسه ... الخ هذا الكلام فهذا لا شك من الشرك.
أما المأخذ الثالث:
فهو أن هذا الفعل من الذرائع للشرك كما أوضح أخي العماني حفظه الله تعالى مستدلا بكلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى واستدلاله بفعل قوم نوح وأنهم كانوا في أول الأمر يأتون عندهم ليتذكروا أفعالهم ومآثهم ثم صمموا على أشكالهم أصناما وليس في نيتهم الشرك ولا غيره ولا دعائهم ولا التوسل بهم ... الخ ثم مع تقلب الزمان وصل بهم الأمر إلى عبادتهم.
ولا شك أن سد الذرائع المؤدية إلى الشرك من أوجب الواجبات وأكثر المتحتمات للحفاظ على جناب التوحيد نقيا خالصا طاهرا.
وجزاكما الله تعالى خير الجزاء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/108)
ـ[أبو حذيفة الحنبلىّ]ــــــــ[09 - 06 - 05, 03:55 م]ـ
أخى أبو المنذر جزاكم الله خيرا كفيت و وفيت
أخى العمانى بارك الله فيك و جزاكم الله خيرا و انى أحبك فى الله
ـ[شبيب السلفي]ــــــــ[10 - 06 - 05, 04:27 ص]ـ
وعندي سؤال بارك الله فيكم
هل يجوز التبرك بغير آثار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟
من الأولياء الصاحين ,,, ملابسهم وادواتهم تبركا بها؟
ـ[أبو المنذر النقاش]ــــــــ[10 - 06 - 05, 02:17 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الحبيب النجيب شبيب حفظه الله تعالى:
هذه فتوى للشيخ ابن باز رحمه الله تعالى رادا على سؤال وجه إليه بشأن التبرك بالصالحين وآثارهم وهذا نص السؤال والفتوى بارك الله تعالى فيكم:
السؤال:-
هناك من يرى جواز التبرك بالعلماء والصالحين وآثارهم مستدلا بما ثبت من تبرك الصحابة- رضي الله عنهم- بالنبي، صلى الله عليه وسلم، فما حكم ذلك؟ ثم أليس فيه تشبيه لغير النبي، صلى الله عليه وسلم، بالنبي، صلى الله عليه وسلم؟ وهل يمكن التبرك بالنبي، صلى الله عليه وسلم، بعد وفاته؟ وما حكم التوسل إلى الله- تعالى- ببركة النبي، صلى الله عليه وسلم؟
الجواب:-
لا يجوز التبرك بأحد غير النبي، صلى الله عليه وسلم، لا بوضوئه، ولا بشعره، ولا بعرقه، ولا بشيء من جسده؟ بل هذا كله خاص بالنبي، صلى الله عليه وسلم، لما جعل الله في جسده وما مسه من الخير والبركة.
ولهذا لم يتبرك الصحابة- رضي الله عنهم- بأحد منهم، لا في حياته ولا بعد وفاته، صلى الله عليه وسلم، لا مع الخلفاء الراشدين ولا مع غيرهم. فدل ذلك على أنهم قد عرفوا أن ذلك خاص بالنبي، صلى الله عليه وسلم، دون غيره، ولأن ذلك وسيلة إلى الشرك وعبادة غير الله سبحانه .. وهكذا لا يجوز التوسل إلى الله- سبحانه- بجاه النبي، صلى الله عليه وسلم، أو ذاته أو صفته أو بركته لعدم الدليل على ذلك؟ ولأن ذلك من وسائل الشرك به والغلو فيه عليه الصلاة والسلام، ولأن ذلك أيضا لم يفعله أصحابه- رضي الله عنهم- ولو كان خيرا لسبقونا إليه؟ ولأن ذلك خلاف الأدلة الشرعية، فقد قال الله - عز وجل-: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) (1). ولم يأمر بدعائه- سبحانه- بجاه أحد أو حق أحد أو بركة أحد.
ويلحق بأسمائه- سبحانه- التوسل بصفاته كعزته، ورحمته، وكلامه وغير ذلك.
ومن ذلك ما جاء في الأحاديث الصحيحة من التعوذ بكلمات الله التامات، والتعوذ بعزة الله وقدرته. ويلحق بذلك أيضا التوسل بمحبة الله- سبحانه- ومحبة رسوله، صلى الله عليه وسلم، وبالإيمان بالله وبرسوله، والتوسل بالأعمال الصالحات، كما في قصة أصحاب الغار الذين آواهم المبيت والمطر إلى غار فدخلوا فيه فانحدرت عليهم صخرة من الجبل فسدت عليهم باب الغار، ولم يستطيعوا دفعها، فتذاكروا بينهم في وسيلة الخلاص منها، واتفقوا بينهم على أنه لن ينجيهم منها إلا أن يدعوا الله بصالح أعمالهم، فتوسل أحدهم إلى الله- سبحانه- في ذلك ببر والديه، فانفرجت الصخرة شيئا لا يستطيعون الخروج منه. ثم توسل الثاني بعفته عن الزنا بعد القدرة عليه، فانفرجت الصخرة بعض الشيء لكنهم لا يستطيعون الخروج من ذلك. ثم توسل الثالث بأداء الأمانة فانفرجت الصخرة وخرجوا.
وهذا الحديث ثابت في الصحيحين عن النبي، صلى الله عليه وسلم، من أخبار من قبلنا لما فيه من العظة لنا والتذكير.
وقد صرح العلماء- رحمهم الله- بما ذكرته في هذا الجواب .. كشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم، والشيخ العلامة عبد الرحمن بن حسن في فتح المجيد شرح كتاب التوحيد وغيرهم. وأما حديث توسل الأعمى بالنبي، صلى الله عليه وسلم، في حياته، صلى الله عليه وسلم، فشفع فيه النبي، صلى الله عليه وسلم، ودعا له فرد الله عليه بصره، فهذا توسل بدعاء النبي وشفاعته وليس ذلك بجاهه وحقه، كما هو واضح في الحديث. وكما يتشفع الناس به يوم القيامة في القضاء بينهم. وكما يتشفع به يوم القيامة أهل الجنة في دخولهم الجنة. وكل هذا توسل به في حياته الدنيوية والأخروية. وهو توسل بدعائه وشفاعته لا بذاته وحقه كما صرح بذلك أهل العلم، ومنهم من ذكرنا آنفا.
أسأل الله تعالى أن ينفعكم بذلك.
أخوكم: أبو المنذر النقاش
ـ[ابو محمد 99]ــــــــ[11 - 06 - 05, 03:27 ص]ـ
اخي العزيز ابو حذيفة الحنبلي للشيخ البراك تفصيل في المسألة في شرحه المسجل لكتاب التوحيد باب من تبرك بشجر او حجر وكذلك الشيخ صالح ال الشيخ في نفس الباب وهو مسجل
وسانقلها لاحقا باذن الله لانني مشغول الان بالاختبارات
دعواتكم ..........
ـ[شبيب السلفي]ــــــــ[11 - 06 - 05, 03:42 ص]ـ
جزاك الله خيرا شيخي الفاضل أبو المنذر , وقد استفدت بارك الله فيكم
ووفقك الله أبا محمد
ميسرة إنشاء الله
ـ[أبو المنذر النقاش]ــــــــ[11 - 06 - 05, 09:12 ص]ـ
وجزاك الله تعالى أيها الحبيب المحترم شبيب السلفي خير الجزاء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/109)
ـ[أبو حذيفة الحنبلىّ]ــــــــ[13 - 06 - 05, 08:25 ص]ـ
و جزاكم الله خيرا على الإفادة(31/110)
التعليقات المفيدة على أخطاء شائعة في العقيدة لأبي محمد الألفي حفظه الله
ـ[أبو حازم فكرى زين]ــــــــ[11 - 06 - 05, 06:08 م]ـ
الحمد لله ثم اما بعد
صدر حديثاً عن دار العقيدة بالأسكندرية
كتابٌ طيب، وبحثٌ جيد للشيخ / أبو عمار أحمد بن السيد بن على بعنوان " أخطاء شائعة في العقيدة "
بتقديم الشيخين الجليلين أبي محمد أحمد محمد شحاته الألفي السكندري، و الدكتور ياسر برهامي " حفظهما الله"
وكانت للشيخ أبي محمد الألفي تعليقاتٌ نفيسة، ودررٌ بهية، و بحوث جيدة في ثنايا هذا الكتاب الجيد، فرأيت أن أنقل بعضها تقريباً للنفع، و إكمالاً للفائدة، حتى ينتفع بها اخواني رواد هذا الملتقى المبارك " ملتقى أهل الحديث"
قال الشيخ أحمد السيد (ص 77): قال شيخنا الشيخ أبو محمد أحمد شحاته السكندري – حفظه الله -: ربما يتوهم من لا معرفة له بدلائل الأخبار، أن من الدليل على جواز الاستعانة بالميت و دعائه و ندائه، ما أخرجه علي بن الجعد ((المسند)) (1/ 369/2539) قال: أنا زهير عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن سعد قال: كنت عند ابن عمر فخَدِرت رجله، فقلت له: يا أبا عبد الرحمن! ما لرجلك؟ قال: اجتمع عصبها من هاهنا، قلت: ادع أحبَّ الناس إليك، قال: يا محمد، فانبسطت.
وللرد على هذا الدليل، نقول و الله المستعان:
أولاً: هكذا روى زهير بن معاوية هذا الحديث بهذا اللفظ: " ادع" و خالفه سفيان الثوري على لفظه، وإن وافقه على إسناده و سياقته، فقد قال " اذكر " و فيه قال ابن عمر " محمد " و لم يقل " يا محمد " كما قال زهير.
فقد أخرجه البخاري ((الأدب المفرد)) (964): حدثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن سعد قال: خَدِرت رجل ابن عمر، فقال له رجل: اذكر أحبَّ الناس اليك! فقال: محمد
و سفيان الثوري أضبط و أحفظ الناس لحديث أبي إسحاق السبيعي، ولا يعدل به زهير بن معاوية، وإن لم يتخلف عن التوثيق و العدالة، وكلاهما احتج به الشيخان في " صحيحيهما " في رواية عن السبيعي. وهناك تفاوت واضح بين لفظتي " اذكر" و "ادع" في المعنى والدلالة و الحكم المستفاد، ففي الأول جواز ذكر أحب الناس عند حلول البلاء، فلعله يعني لئن أصابك البلاء فلقد ابتلى أحبَّ الناس إليك فلتصبر كما صبر، ولهذا بادر ابن عمر بتذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولربما يستفاد منه مشروعية الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم عند اشتداد البلاء.ثانياً: إذا بان أن المعنى الصحيح هو تذكر أحب الناس على وجه التأسي و الاقتداء، لئلا يعتقد المبتلى أنه متفرد في سبيل الابتلاء، فقد انتفى ما توهمه من لا معرفة له بدلالة الحديث، من أن معناه جواز دعاء الميت و سؤاله، سيما و الصحيح أن ابن عمر قال " محمد" و لم يقل " يا محمد"
ثالثاً: هذا المعنى الصحيح الذي قررناه هو الموافق للأصول ((أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ)) (النمل:62) ((وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ)) (الأنعام: 17).
وقد صح من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له " يا غلام احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله و إذا استعنت فاستعن بالله "
صحيح: أخرجه أحمد (1/ 293)، والترمذي (2516)، وبو يعلى (4/ 430/2556)، والطراني ((الكبير)) (12/ 238/12988) و اللالكائي ((أصول الاعتقاد)) (1595)، والبيهقي ((شعب الإيمان)) (1/ 217/195)، وابن منده ((معرفة أرداف النبي)) (ص 24)، والضياء المقدسي ((الأحاديث المختارة)) (10/ 22/12) من طرق عن الليث بن سعد حدثني قيس بن الحجج عن حنش الصنعاني عن ابن عباس به. و يروى من غير وجه عن ابن عباس، وليس ذا موضع بسط تخريجه.
و أما ما يروى عن عتبة بن غزوان عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إذا ضل أحدكم شيئاً أو أراد أحدكم غوثاً، فليقل: يا عباد الله أغيثوني ... يا عباد الله أغيثوني. فإن لله عباداً لا نراهم " رواه الطبراني.
فللرد على هذا الدليل نقول و الله المستعان:
يتبع بإذن الله تعالى
ونقله محبكم
أبو حازم فكري زين العابدين السكندري.
.
ـ[أبو علي]ــــــــ[11 - 06 - 05, 06:52 م]ـ
ما يتعلًَّق بحديثِ ابن عمرَ -رضيَ الله عنهُ-:
من عادة العرب أنَّ من خدرت رجله تذكّر من يحبّ ليذهب ما بها.
ولهم في ذلك أشعار كثيرة قال النّوويُّ في الأذكار: (وروينا فيه –أي ابن السني- عن إبراهيم بن المنذر الحزامي أحدِ شيوخ البخاري الذين روى عنهم في صحيحه قال: أهلُ المدينة يَعجبون من حُسن بيت أبي العتاهية:
وتَخْدرُ في بعضِ الأحايينِ رِجْلُهُ ... فإنْ لم يَقلْ يا عُتْب لم يذهبِ الخَدَر)
وسبب ذلك أنَّ ذكر الحبيب يولِّد حرارةً في الجسم وهذه تدفع الطبيعة.
وقد بسط هذه المسألة الألوسيُّ -رحمه الله تعالى- في كتابه العجاب (بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب) وأكثر من الاستشهاد لها من أشعار العرب.
والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/111)
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[12 - 06 - 05, 09:46 م]ـ
ما يتعلًَّق بحديثِ ابن عمرَ -رضيَ الله عنهُ-:
أهلُ المدينة يَعجبون من حُسن بيت أبي العتاهية:
وتَخْدرُ في بعضِ الأحايينِ رِجْلُهُ ... فإنْ لَمْ يَقلْ يا عُتْب لَمْ يَذْهَبِ الخَدَرُ
أترانا فِي ذا الموضع نحتجُّ بالبراهين النَّيِّرات، والْحُجَجِ الواضحات، كقول الله عَزَّ وَجَلَّ ((أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ))، ((وَإِن يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ))، وقَوْلِهِ تَعَالَى ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ))، وقَوْلِهِ تَعَالَى توبيخاً لِمْنَ دعا من لا يملك لنفسه نَفْعَاً ولا ضَرَّاً ((قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً))، وقَوْلِهِ تَعَالَى ((وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُورًا)).
وكقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ)).
أمْ نحتجُّ بأبيات التشبيب والغزل بالنَّساء، كقول جَمِيلِ بُثَيْنَةَ:
إِذَا خَدِرَتْ رِجْلِي وَقِيلَ شِفَاؤُهَا ... دُعَاءُ حَبِيبٍ كُنْتِ أَنْتِ دُعَائِيَا
إِذَا مَا لَدِيغٌ أَبْرَأَ الْحَلِيُ دَاءَهُ ... فَحَلْيُكِ أَمْسَى يَا بُثَينَةُ دَائِيَا
وكقول عُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَاجِنِ:
إِذا خَدِرَتْ رِجْلِي أَبُوحُ بِذِكْرِهَا ... لِيَذهَبَ عَنْ رِجْلِي الْخُدُورُ فَيَذْهَبُ
إِذا خَلَجَتْ عَيْنِي أَقُولُ لَعَلَّها ... لِرُؤيَتِهَا تَهْتَاجُ عَيْنِي وَتَضْرِبُ
وكقول بَشَّارِ بْنِ بُردٍ:
إِذا خَدِرَتْ رِجْلِي شَفَيْتُ بِذِكْرِهَا ... أَذَاهَا فَأَهفُو بِاِسْمِهَا حِينَ تُنْكَبُ
وكقول العبَّاسِ بْنِ الأَحْنَفِ:
يا قُرَّةَ الْعَينِ يَا مَنْ لا أُسمّيهِ ... يَا مَنُ إِذَا خَدِرَت رِجْلِي أُنَادِيهِ
فيا عبَّاس .. ويا بَشَّار .. ويا جَمِيل .. يا من تنادون أصمَّ غَائِبَاً والله الذي لا إله غيره، لو ناديتموهن ألف سنةٍ ما استجبن لكم ((إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ الله عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ))، ((قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً)).
ـ[أبو علي]ــــــــ[12 - 06 - 05, 10:37 م]ـ
(أمْ نحتجُّ بأبيات التشبيب والغزل بالنَّساء، كقول جَمِيلِ بُثَيْنَةَ:)
من أمرك بذلك؟!!؟!
من الوسائل المعينة على فهم أفعال بعض الصَّحابة معرفة أحوال العرب كفعل ابن عمر هذا؛ والَّذي يوضِّحُ أنَّه لم يكن يقصد الدُّعاء بقوله: (محمَّد)، أو (يا محمَّد)؛ بل كان يقصد التَّذكُّر؛ كما هي عادة العرب.
وتوضِّح أيضًا فعل ابن عمر لمَّا قبَّل يده؛ وغيرها ...
أمَّا عدم فهم الكلام، ثمَّ الرُّجوع للمصادر الَّتي ذكرتُها ونقل الأبيات منها، والرَّدُّ على موضوعٍ آخر فليس من سمات من يحبُّ العلمَ. بل الأولى التَّأمُّل في كلام من نقل منه الأبيات أعني الألوسيَّ.
والله أعلم
ـ[أبو علي]ــــــــ[14 - 06 - 05, 05:30 م]ـ
يا أخوان نحن في نقاش علميّ، واتركوا العواطف في المجالس الخاصَّة
وأمَّا (الأخ الحبيب تمهل هذا الشيخ أبو محمد الألفي)
فهذا خارجٌ عن الموضوع، ويذكر علماء البحث والمناظرة أنَّ الخروج عن البحث لا يجوز.
وقولكم حفظكم الله (أبا علِيٍّ. أما مقالتك: أما عدم فهم الكلام، فَقَدْ:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/112)
جَحَدْتُهَا وَكَتَمتُ السَهمَ في كَبِدِي ... جُرْحُ الأَحِبَّةِ عِنْدِي غَيرُ ذِي أَلَمِ
رُزِقْتَ أَسمَحَ مَا فِي النَّاسِ مِنْ خُلُقٍ ... إِذَا رُزِقْتَ اِلتِمَاسَ العُذْرِ فِي الشِّيمِ)
لا أعلم ما المقصود بها، وكان الأولى متابعة النّقاش
وأمَّا (الشيخ الكريم / أبو محمد الألفى ..
لله درك من ناصح مشفق رفيق ..
أسأل الله أن يعلى قدرك فى الدارين) فلسنا في مقام مناصحةٍ.
ولم أر تصحيحًا لقولي: (أمَّا عدم فهم الكلام ... )
ولا توضيحًا لقول الأخ الألفيّ: (أترانا فِي ذا الموضع نحتجُّ بالبراهين النَّيِّرات، والْحُجَجِ الواضحات، كقول الله عَزَّ وَجَلَّ ... ) إلى قوله: (أمْ نحتجُّ بأبيات التشبيب والغزل بالنَّساء ... )
ولست أعلم هل يجب أن يكون النّقاش واضحًا بالحجج، أم لابد من المبالغة في (المدح) حتّى ينفق الكلام عند المناقش، ويقبل كلام المادح. هذا أمرٌ عجيب جدًّا.
قال الأخ:
(إذا بان أن المعنى الصحيح هو تذكر أحب الناس على وجه التأسي و الاقتداء، لئلا يعتقد المبتلى أنه متفرد في سبيل الابتلاء ... )
قوله: (على وجه التَّأسّي والاقتداء) لم يذكر دليلاً عليه. والمذكور في الأثر (أذكر من تحبّ)
قوله: (لئلا يعتقد المبتلى أنه متفرد في سبيل الابتلاء) أظنَّ أن الرّجل إذا خدرت فإنَّه الأمر لم يصل إلى حدِّ الابتلاء.
وما ذكرته في قولي: (وسبب ذلك أنَّ ذكر الحبيب يولِّد حرارةً في الجسم وهذه تدفع الطبيعة) هو المذكور في الأثر، والمعروف عند العرب، والمتبادر إلى الذّهن. ومن أراد الاستزادة فعليه بكتاب الألوسيّ.
ويدلُّ عليه أيضًا ما ساقه الأخ من أبيات للعرب لم يقصدوا فيها دعاء أحد، ويتّضح ذلك بتدقيق النّظر.
وقد تبعت فيما قلت عالمين جليلين، وأمَّا الأخ الألفي فليته يذكر من وافقه على هذه المسألة.
وأخيرًا أتمنّى أن يكون النّقاش علميًّا لا عاطفيًّا.
والله أعلم
ـ[أبو حازم فكرى زين]ــــــــ[16 - 06 - 05, 12:55 ص]ـ
قال الشيخ أبو محمد الألفي حفظه الله:
و أما ما يروى عن عتبة بن غزوان عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إذا ضل أحدكم شيئاً أو أراد أحدكم غوثاً، فليقل: يا عباد الله أغيثوني ... يا عباد الله أغيثوني. فإن لله عباداً لا نراهم " رواه الطبراني.
فللرد على هذا الدليل نقول و الله المستعان:
أولاً: أخرج هذا الحديث الطبراني ((الأوسط)) (17/ 117/290) من طريق عبد الرحمن بن شريك حدثني أبي عن عبد الله بن عيسى عن زيد بن على عن عتبة به.
وهذا إسناد ضعيف جداً و له ثلاث علل:
الأولى: زيد بن علي هو ابن الحسين بن على ابن أبي طالب لم يدرك عتبة بن غزوان و لا رآه، ولا تصح له عنه رواية. قال الحافظ " التقريب" (1/ 224): " زيد بن علي ابن الحسين بن على ابن أبي طالب الهاشمي، وهو الذي ينسب اليه الزيدية. خرج في خلافة هشام بن عبد الملك، فقُتل بالكوفة سنة اثنتين وعشرين، وكان مولده سنة ثمانين ".
وقال (1/ 381): " عتبة بن غزوان بن جابر المازني. مات سنة سبع عشرة و يقال بعدها ".
فبين وفاة عتبة ابن غزوان وولادة زيد ما يزيد على نصف القرن من الزمان!!
فالحديث بهذا الإسناد منقطع.
الثانية: عبد الرحمن بن شريك هو ابن عبد الله النخعي الكوفي، صودق ربما أخطأ.
الثالثة: أبو شريك بن عبد الله النخعي، ليس بالقوي، قال أبو حاتم: في حديثه بعض الغلط. و قال إبراهيم بن سعيد الجوهري: أخطأ شريك في نحو أربعمائة حديث.
ثانياً: و مع ضعف الحديث، فليس فيه دليل على ما توهمه مَنْ جوّز الاستعامة بالموتى فإن قوله " لله عباداً لا نراهم " دال على وجود خلق أحياء، ولكنهم غير مرئيين، و إنما يصدق هذا المعنى في حق الملائكة.
و يؤيد هذا المعنى ما ورد في تعيينهم من حديث عبد الله ابن عباس موقوفاً قال: " إن لله عز وجل ملائكة في الأرض سوى الحفظة، يكتبون ما يسقط من ورق الشجر، فإذا أصابت أحدكم عرجة بأرض فلاة، فليناد: يا عباد الله أعينوني ".
أخرجه ابن أبي شيبة (6/ 91/29721) عن أبي خالد الأحمر، و البيهقي ((شعب الإيمان)) (1/ 183/167) عن عبد الله بن فروخ، (6/ 128/7697) عن روح بن عبادة و جعفر بن عون، أربعتهم ـ روح وجعفر والأحمر و ابن فروخ ـ عن أسامة بن زيد الليثي عن أبان بن صالح عن مجاهد عن ابن عباس قوله.
و خالف أربعتهم حاتم بن إسماعيل المدني فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فقد أخرجه البزار (ص 303 زوائد) قال: حدثنا موسى بن إسحاق ثنا منجاب بن الحارث ثنا حاتم ابن إسماعيل عن أسامة بن زيد عن أبان بن صالح عن مجاهد عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.
قلت: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات على رسم مسلم، وحاتم بن إسماعيل المدني ثقة ثبت متقن، لكنه خولف على رفعه، ورواية الجماعة أرجح و أثبت لجواز الوهم.
و ممن أجاز العمل بمقتضى هذا الحديث و احتج به أحمد بن حنبل. فقد أخرج البيهقي (6/ 128/7697) عن عبد الله بن أحمد سمعت أبي يقول: حججت خمس حجج، اثنتين راكباً وثلاثة ماشياً، أو ثلاثة راكباً واثنتين ماشياً، فضللت الطريق في حجة و كنت ماشياً، فجعلت أقول: يا عباد الله دلونا على الطريق، فلم أزل أقول ذلك حتى وقعت على الطريق".
فهذا الحديث مفسر للمراد بقوله " عباداً لا نراهم " بأنهم ملائكة سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر، وأما الموتى ـ ولو كانوا أنبياء أو أولياء ـ فلا يسمعون دعاءً ولا يجيبون نداءً، كما قال عز وجل ((إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ)) (فاطر: 14).
انتهت الفائدة الأولى بفضل الله
يتبع بإذن الله تعالى
ونقله محبكم أبو حازم فكري زين العابدين السكندري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/113)
ـ[عمر رحال]ــــــــ[26 - 06 - 08, 01:04 ص]ـ
بارك الله فيكم، وأجزل لكم المثوبة.
ـ[ابي حفص المسندي]ــــــــ[05 - 07 - 08, 03:41 م]ـ
حُذف
للضعف العلمي
## المشرف ##(31/114)
هل من يشرح القاعدة الرابعة من القواعد المثلى
ـ[رائد محمد]ــــــــ[14 - 06 - 05, 12:41 ص]ـ
أرجو من الاخوة المساعدة في شرح (القاعدة الرابعة) من القواعد المثلى، على أن يكون الشرح مركزا بدون استطرادات، وأن تضرب الأمثلة السهلة لبيان المراد من المقال.على أن لا يكون منقولا من كتاب قد شرح القواعد المثلى لأنني اطلعت عليها، فهي إما أنها كثيرة الاستطراد والتعقيد وذكر كلام المناطقة، وإما مختصرة لا تفي بفك المستعصي من الكلام.
وجزاكم الله كل خير
ـ[رائد محمد]ــــــــ[15 - 06 - 05, 06:34 ص]ـ
هل من نافع لأخيه؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[15 - 06 - 05, 12:15 م]ـ
أي قاعدة تقصد في الأسماء أم الصفات.
قال رحمه الله في قواعد الأسماء: القاعدة الرابعة: دلالة أسماء الله تعالى على ذاته وصفاته تكون بالمطابقة وبالتضمن وبالالتزام.
* مثال ذلك: "الخالق" يدل على ذات الله، وعلى صفة الخلق بالمطابقة، ويدل على الذات وحدها وعلى صفة الخلق وحدها بالتضمن، ويدل على صفتي العلم والقدرة بالالتزام.
ولهذا لما ذكر الله خلق السموات والأرض قال: (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) (18) ودلالة الالتزام مفيدة جداً لطالب العلم إذا تدبر المعنى ووفقه الله تعالى فهماً للتلازم، فإنه بذلك يحصل من الدليل الواحد على مسائل كثيرة.
واعلم أن اللازم من قول الله تعالى، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا صح أن يكون لازماً فهو حق؛ وذلك لأن كلام الله ورسوله حق، ولازم الحق حق، ولأن الله تعالى عالم بما يكون لازماً من كلامه وكلام رسوله فيكون مراداً.
وأما اللازم من قول أحدٍ سوى قول الله ورسوله، فله ثلاث حالات:
الأولى: أن يذكر للقائل ويلتزم به، مثل أن يقول من ينفي الصفات الفعلية لمن يثبتها: يلزم من إثباتك الصفات الفعلية لله – عز وجل – أن يكون من أفعاله ما هو حادث. فيقول المثبت: نعم، وأنا ألتزم بذلك فإن الله تعالى لم يزل ولا يزال فعالاً لما يريد ولا نفاد لأقواله وأفعاله كما قال تعالى: (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً) (19). وقال: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (20). وحدوث آحاد فعله تعالى لا يستلزم نقصاً في حقه.
الحال الثانية: أن يذكر له ويمنع اللازم بينه وبين قوله، مثل أن يقول النافي للصفات لمن يثبتها: يلزم من إثباتك أن يكون الله تعالى مشابهاً للخلق في صفاته. فيقول المثبت: لا يلزم ذلك، لأن صفات الخالق مضافة إليه لم تذكر مطلقة حتى يمكن ما ألزمت به، وعلى هذا فتكون مختصة به لائقة به، كما أنك أيها النافي للصفات تثبت لله تعالى ذاتاً وتمنع أن يكون مشابهاً للخلق في ذاته، فأي فرق بين الذات والصفات؟!.
وحكم اللازم في هاتين الحالتين ظاهر.
الحال الثالثة: أن يكون اللازم مسكوتاً عنه، فلا يذكر بالتزام ولا منع، فحكمه في هذه الحال ألا ينسب إلى القائل، لأنه يحتمل لو ذكر له أن يلتزم به أو يمنع التلازم، ويحتمل لو ذكر له فتبين له لزومه وبطلانه أن يرجع عن قوله؛ لأن فساد اللازم يدل على فساد الملزوم. ولورود هذين الاحتمالين لا يمكن الحكم بأن لازم القول قول.
فإن قيل: إذا كان هذا اللازم لازماً من قوله، لزم أن يكون قولاً له، لأن ذلك هو الأصل، لاسيما مع قرب التلازم.
قلنا: هذا مدفوع بأن الإنسان بشر، وله حالات نفسية وخارجية توجب الذهول عن اللازم، فقد يغفل، أو يسهو، أو ينغلق فكره، أو يقول القول في مضايق المناظرات من غير تفكير في لوازمه، ونحو ذلك.).
و أما في الصفات: القاعدة الرابعة: الصفات الثبوتية صفات مدح وكمال، فكلما كثرت وتنوعت دلالتها ظهر من كمال الموصوف بها ما هو أكثر.
ولهذا كانت الصفات الثبوتية التي أخبر الله بها عن نفسه أكثر بكثير من الصفات السلبية، كما هو معلوم.
أما الصفات السلبية فلم تذكر غالباً إلا في الأحوال التالية:
الأولى: بيان عموم كماله كما في قوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (83)، (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (84).
الثانية: نفي ما ادعاه في حقه الكاذبون، كما في قوله: (أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً* وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) (85).
الثالثة: دفع توهم نقص من كماله فيما يتعلق بهذا الأمر المعين، كما في قوله: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ) (86). وقوله: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ) (87).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/115)
ـ[عمر السنيدي]ــــــــ[15 - 06 - 05, 01:33 م]ـ
لقد شرح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله هذه الرسالة
وهذا رابط شرح الموضع الذي سألت عنه (وهو في الشريط الأول (الوجه الثاني)
الاستماع ادخل على هذا الرابط
http://www.ibnothaimeen.com/publish/cat_index_75.shtml
الحفظ (الحجم= 5.4 ميقا)
http://www.binothaimeen.com/sound/snd/a0065/A0065-1B.rm
ـ[رائد محمد]ــــــــ[26 - 07 - 05, 02:33 ص]ـ
الأخ عمر السنيدي و الأخ عبدالرحمن المخلف
جزاكم الله خير الجزاء
لكن هل من أمثلة أخرى على دلالة: المطابقة والتضمن والالتزام.
كل دلالة على حدة، بأمثلة سهلة مبسطة (بيان هذه الدلالات بالمعنى العام، بعيدا عن العقيدة والأسماء الحسنى).
وجزاكم الله خيرا.
ـ[ابو محمد 99]ــــــــ[26 - 07 - 05, 03:39 ص]ـ
دلالة المطابقة:
مثل دلالة البيت على جميع البيت اي كل ما يدخل في البيت من مطبخ وغرف النوم والمجلس وغيرها.
دلالة التضمن:
مثل دلالة البيت على غرفة الجلوس مثلا أو اي غرفة في البيت.
دلالة الالتزام:
مثل دلالة البيت على الرجل الذي قام ببناءه. وما يدلل عليه بالتزام يكون خارج معنى اللفظ والتضمن بعضه اما المطابقة كله.
وبعبارة اخرى:
كتاب الفقه مثلا يدل على ان فيه باب المياه دلالة تضمن
ويدل على جميع ابواب الفقه دلالة مطابقة
ويدل على المؤلف الذي الف الكتاب دلالة التزام.
واتمنى ان اكون وفقت للصواب
ولو طرحت السؤال في منتدى اللغة العربية بطلب شرح الدلالات (المطابقة والالتزام والتضمن)
ـ[ابو محمد 99]ــــــــ[26 - 07 - 05, 03:40 ص]ـ
دلالة المطابقة:
مثل دلالة البيت على جميع البيت اي كل ما يدخل في البيت من مطبخ وغرف النوم والمجلس وغيرها.
دلالة التضمن:
مثل دلالة البيت على غرفة الجلوس مثلا أو اي غرفة في البيت.
دلالة الالتزام:
مثل دلالة البيت على الرجل الذي قام ببناءه. وما يدلل عليه بالتزام يكون خارج معنى اللفظ والتضمن بعضه اما المطابقة كله.
مثال آخر:
كتاب الفقه مثلا يدل على ان فيه باب المياه دلالة تضمن
ويدل على جميع ابواب الفقه دلالة مطابقة
ويدل على المؤلف الذي الف الكتاب دلالة التزام.
واتمنى ان اكون وفقت للصواب
ولو طرحت السؤال في منتدى اللغة العربية بطلب شرح الدلالات (المطابقة والالتزام والتضمن) فهو افضل
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[26 - 07 - 05, 07:42 م]ـ
دلالة التضمن:
-اشترى رجل من صاحب مكتبة كتاب التوحيد ..... فلما أراد أن يسلمه له البائع نزع منه غلافه .... فاعترض عليه المشترى وأبى أن يأخذ الكتاب بدون غلاف ... لكن صاحب المكتبة أصر على إتمام البيع محتجا بأن المشترى طلب كتاب التوحيد وهو بين يديه. أما الغلاف فلا يسمى كتابا. فهو غير داخل في مسمى كتاب التوحيد الذي طلبه المشتري.
لو كنت أخي رائد محمد قاضيا كيف تحكم في النازلة؟
لا بد أن تحكم لفائدة المشتري ..... لأنه اشترى الغلاف أيضا من خلال قوله: اعطني الكتاب .... إذ يدخل في تركيب الكتاب: أوراقه وجلده وخيطه .... واسم الكتاب يشمل الكل كما يشمل الجزء ضمن الكل ........ فدلالته على الكل بالمطابقة ودلالته على الغلاف وحده دلالة تضمن ..
دلالة الالتزام:
قال الاب- الذي كان مع أخيه في حمام تركي- لابنه احضر القلم لناخذ رقم جوال عمك ........
جاء الابن بعد ربع ساعة وسلم قلما لأبيه ......
فنهره نهرا شديدا قائلا: أين الورقة؟ أنت غبي ......
فاحتج الغلام: لكنك أمرتني بإحضار القلم فقط ولم تتلفظ أبدا بكلمة ورقة.
قال الأب: لقد علمت أنني أريد الكتابة وتلزم الورقة لذلك الغرض والقلم وحده لا فائدة فيه ... فلما قلت لك أحضر القلم فكأنني قلت لك وأحضر معه الورقة ايضا .... اكتفيت بذكرالقلم معولا على فهمك.لكنك تعرف دلالة المطابقة ولا تعرف دلالة اللزوم ....
أرجو أن أكون قد بسطت المسألة .... فلا أحسن غير هذا.(31/116)
النبوة ليست بصفة ذاتية للنبي هل يوافق منهج
ـ[محمد الناصري]ــــــــ[15 - 06 - 05, 12:35 ص]ـ
يقول أبو بكر بن العربي المالكي في كتابه المحصول في أصول الفقه
( ..... وذلك كالنبوة ليست بصفة ذاتية للنبي،وإنما هي مكاشفة بالوحي ...... ) ص153ط دار البيارق
وكلامه في معرض تصويب قول بعض الأصوليين أن كل مجتهد مصيب.
وكذلك قال قبل هذا الكلام (التحليل والتحريم ليسا بصفات للمحللات ولا للمحرمات وإنما هي عبارات عن قول الشارع فيما شرع،وعن قول المفتي فيما أفتى،وذلك كالنبوة .... )
سؤالي للإخوة:هل في ماذكره ابن العربي ما بعض ما يؤاخذعليه من جهة موافقة الأشاعرة.
أفيدونا أفادكم الله.
ـ[محمد الناصري]ــــــــ[15 - 06 - 05, 01:07 م]ـ
أرجو الاجابة لمسيس الحاجة وفقكم الله.(31/117)
عقدية الإئمة الأربعة
ـ[مبارك محمد]ــــــــ[16 - 06 - 05, 02:11 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الهادي الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
طلب مني أحد الأخوة الأفاضل أن أعاونه في الحصول على مراده.
الأخ جمع مادة بالتعاون مع بعض الأخوة (وليس مشروعا جديدا ولكن يرغبون في تطويره) هي مقارنة بين عقيدة الأئمة الأربعة وعقائد المحدثين من الصوفية والأشاعرة، وهؤلاء الذين يدعون انهم يتبعون الإئمة الأربعة ويتعصبون لهم كما تعلمون، يخالفونهم في المناهج العقيدية، فيرتضون إماما كأبي حنية ومالك والشافعي في الفقه وينتحلون عقيدة الأشاعرة والماتريدية في العقيدة.
قام الأخوة بجمع أهم هذه المواد، وهم بحاجة ملحة لاستكمال بعض ما فاتهم.
هذا المشروع سيجلي أفهام الكثير من الناس، وذلك بتقريب الناس إلى هدي الأئمة وعقيدتهم، بدل من الضحك عليهم بعقائد المتأخرين.
المطلوب:
من يستطيع أن يعاوننا فيما آتاه الله من العلم والفهم وتوافر المادة نريد منه التالي:
(1) ينظر إلى حيث لم يستطع جامع المادة أن يعبئ الفراغات في رأي الأئمة، فيوفر لنا من أقوالهم وأقوال اتباعهم ما يعتضد به رأي السلف.
(2) يرسل الرد على العنوان التال mrar@naseeh.com.
(3) يحوي الرد رقم المسألة، والمسألة، والإمام، ويحاول قدر الإمكان أن يكون دقيقا في الإيعاز للمصدر باسم الكتاب والمجلد والصفحة.
أسأل الله لنا ولكم التوفيق وأدناه المادة.
http://www.arabhardware.net/aqeedah/1.png
http://www.arabhardware.net/aqeedah/2.png
http://www.arabhardware.net/aqeedah/3.png
http://www.arabhardware.net/aqeedah/4.png
http://www.arabhardware.net/aqeedah/5.png
http://www.arabhardware.net/aqeedah/6.png
http://www.arabhardware.net/aqeedah/7.png
http://www.arabhardware.net/aqeedah/8.png
http://www.arabhardware.net/aqeedah/9-11.png
http://www.arabhardware.net/aqeedah/12-13.png
http://www.arabhardware.net/aqeedah/14-16.png
http://www.arabhardware.net/aqeedah/17-18.png
http://www.arabhardware.net/aqeedah/19-20.png
ـ[العوضي]ــــــــ[16 - 06 - 05, 02:38 ص]ـ
مشروع ناجح بارك الله فيكم وسدد خطاكم
لعل هذا الكتاب يفيدك , وهو اعتقاد الأئمة الأربعة للدكتور محمد بن عبدالرحمن الخميس
http://www.geocities.com/baspren2/Desktop.zip
ملاحظة: ارجوا عمل قص ولصق للعنوان لكي يتم التحميل
وبالتوفيق
ـ[مبارك محمد]ــــــــ[18 - 06 - 05, 09:45 ص]ـ
حياك الله أخي العوضي
وشكرا على هذا الرابط القيم، وإن كان سبق الاستفادة منه، نحن نرغب في مساهمة كافة الأخوة لأن هذا المشروع سينفعنا فوق ما تتصورون، حتى الآن لم تصلنا رسائل من الأخوة، ولا زلنا بحاجة لعونهم.(31/118)
السيف البتار في نحر العنيد المعثار، وصاحبه الزنيم الثرثار (أحمد الغماري)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[16 - 06 - 05, 05:15 م]ـ
السيف البتار في نحر العنيد المعثار (أحمد الغماري)، وصاحبه الزنيم الثرثار (محمود سعيد ممدوح).
بسم الله الرحمن الرحيم
إخواني الكرام .............
أقدم لكم اليوم كتابًا يفضح بجلاء المدعو أحمد بن الصديق الغماري، ومن تابعه كـ (محمود سعيد ممدوح)، ألا وهو كتاب: ((كشف الأستار المسبلة، وتبيين الأوهام المسلسلة الواقعة في رسالة عبد الحي الكتاني، المسماة: بالرحمة المرسلة في شأن حديث البسملة))، والمنسوبة زورًا وبهاتاناً وكذباً إلى أبي الحسن علي بن أحمد بن أبي بكر الجراح الشافعي، أحد تلاميذ أحمد بن الصديق الغماري، وسأرفق لاحقًا مستندًا هامًّا يوضح بجلاء أن الكتاب لأحمد بن الصديق الغماري، وليس للجراح هذا.
وهذه الوثيقة كتبها عزت العطار وأحمد خيري وهما من كبار تلاميذ أحمد بن الصديق الغماري ومن ملازميه.
والرجاء من الإخوة الكرام النظر جيدًا فيما تحته خط، فسيجد كل قارئ منصف مدى كراهية هذا الرجل المدعو بأحمد بن الصديق الغماري للشيخ عبد الحي الكتاني.
فقد وصفه بأوصاف لا تخرج قط من فم مسلم، وسبه سبًّا رهيبًا، وقد نسى قول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصحيح: ((سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر)).
فالناظر جيدًا في هذه الرسالة يعلم علم اليقين أن هذا الرجل كان بذيئًا لدرجة يخجل منها القارئ الكريم أن يكمل عباراته التي لا تخرج إلا من نفسٍ شريرةٍ، لا تخاف من الله، فتراه يسب الرجل بأبشع السباب، ويقذفه ويرميه بأشد التهم، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ولن أتكلم كثيرًا، بل أترككم مع هذا الكتاب والوثيقة التي سأرفقها لاحقًا، حتى تنظروا في أقوال هذا المدعو بالعلم والإمامة في السبّ واللعن والقذف، والله أسأله العون والتوفيق.
محبكم
خالد الأنصاري
ـ[مسعد الحسيني]ــــــــ[16 - 06 - 05, 06:26 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
عندما قرأتُ هذا الموضوع انتابني ذهول شديد، فالكتاب ملئ بالسب والقذف واللعن، وليس كتاب نقد، ولمن هذا السب والقذف واللعن، لرجل المفترض أنه من العلماء!!!!، ولكن اتضح أنه من العلماء الذين تخصصوا في السب واللعن والقذف، وليس ممن تخصصوا في العلوم الشرعية.
وهكذا انكشف لنا هذا الرجل، ومن هو على شاكلته، وضح لنا الأمر بجلاء، فماذا بعد الليل إلا النهار.
وأقول لمن تابعه: يبدو أنكم تحبون لسان هذا الرجل وما يخرج منه من سبّ وقذف ولعن، قد تعلمتم منه هذا الأمر جيدًا، وأصبحتم فيه أئمة!!!!!!!!!!!!!!
فاتقوا الله وتذكروا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر)).
وتذكروا عقاب الله يوم العرض عليه، ولا تنسوا أن كل كلمة تخرج من أفواهكم مكتوبة عليكم، وستحاسبون عليها، ارجعوا لرشدكم، ولا تتبعوا الهوى.
اللهم سلم سلم، اللهم سلم سلم، اللهم سلم سلم
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[16 - 06 - 05, 06:28 م]ـ
بُوركَ هذا الجهاد.
ـ[خالد الفارس]ــــــــ[16 - 06 - 05, 06:53 م]ـ
جزاك الله الجنة شيخنا خالد
ـ[المستشار]ــــــــ[16 - 06 - 05, 07:34 م]ـ
بدايةً: شكر الله هذه الجهود المباركة في نشر السنة والدفاع عن الحديث وأهله، وكشف البدعة والمبتدعين، ولكن ..
لابد لنا أن لا نرفع أحدًا فوق منزلته، وهؤلاء الغمارية وأذنابهم أمثال محمود سعيد ممدوح وغيره ليسوا في مصافِّ أهل العلم، ولا نعرفهم به صراحةً، ومن أنكر ذلك فليأتِ بكتابٍ لهم فيه أثارة علمٍ لم يُخْلَط بتخليط، أو لم يُشب بتدليس وكذبٍ وتلفيقٍ تقشعر منه أبدان الحريصين على العلم والعارفين بأسبابه وطرقه.
أما مجرد (القص واللصق) أو (الظهور على الأكتاف والظهور) فهذا مما يحسنه عامة الناس ورعاعهم.
وهؤلاء لابد من وضعهم عند الرد عليهم مع عامة الناس ورعاعهم.
بإمكاني الآن أن أضع لكم كتابًا من مائة مجلد في يومين لو أردتُ، فهل أصبح به عالمًا خريتًا؟!!
بالطبع لا، وألف لا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/119)
لدينا موسوعة صخر للكتب، وغيرها من الموسوعات، بإمكاننا الآن في نصف ساعة وبأوامر معروفة أن نطبع كافة هذه الموسوعات، بل وبعض الكتب التي على الشبكة مشكولة ومخرجة، فأين جهد التنقيب عن الفكرة واستخراجها من غير سابقةٍ؟!!
حجم الكتب لا يدل أبدًا على علمٍ ولا جهل؛ وإنما حجم الفكرة وكيفية إبداعها من غير سبق مثال هو الذي يضع الشخص في مصافِّ أهل العلم.
فهاتوا أروني ما أبدعه هؤلاء حتى نتحدث عنهم أو معهم كعلماء ..
أين ما أبدعوه من أفكارٍ وعلوم على غير سبق مثالٍ؟!
إمام الجهمية الكوثري المنبوذ من أهل السنة بحقٍّ، وهو أيضًا منبوذٌ من الغمارية، ومع ذلك .. فهذا الجهمي المقيت كان مُبْدِعًا في أفكاره وطرق تلبيسه للمسائل، ذكيًّا في عرض نجاساته على الناس بطرقٍ ملتوية وخبيثة، ربما لم يفطن لها إلا القلائل في بداية الأمر، ثم تنبه الجميع لها بعد ذلك، ولعل الفضل بعد الله عز وجل يرجع إلى الشيخ المعلمي اليماني رحمة الله عليه في تنكيله بأباطيل هذا الكوثري الخبيث.
نعم في كتابات الكوثري المقيتة والخبيثة إبداعٌ في التلبيس والتزوير وقلب الحقائق وتزييفها، بخلاف كتابات الغماري ومحمود سعيد الهوجاء التي لا تشم منها رائحة إبداع، وإنما حشوٌ في حشوٍ، وكلام فارغ غير ذي محتوى، مما يدل على شخصية فارغة تقف خلف هذه الكتابات.
ولذلك فأنا أنصح إخواننا الكرام عند الرد على هؤلاء السوقة أن يضعوهم في مصاف عامة الناس وسوقتهم، بخلاف الكوثري مثلا، فلابد عند الرد عليه أن نضعه في مصاف من علماء الضلال وأئمة البدعة، مثله مثل الجاحظ وغيره ممن يتشدق الأدباء بالنقل عنه.
الكل أهل بدع وضلال، ولكنا نود التفريق في طريقة التعامل لا أكثر.
لأننا لاحظنا أن كثيرًا من الأقلام قد رفعت الغمارية ومحمود سعيد إلى مصاف طلبة العلم ثم صارت تبين ضلالاتهم؛
كلا؛ ليسوا بطلبة علم ولا علماء.
وعلى المخالف الدليل.
والإجازات الوهمية لا تفيد شيئًا في هذا المجال.
نعم؛ لا قيمة لإجازة الشيخ (خلبوص) ولا سميه (كلبوذ) في مجال العلم؛ لأنَّا لا نعرف من هذا (الخلبوص) كما ولا نعرف (الكلبوذ) أيضًا بعلمٍ، ولم يشتهر أحدٌ من هؤلاء بتصريف العلوم.
ولا زلتُ أعجب صراحة كيف لم يفطن بعض الناس لهذا؟!
ثم لا زلتُ أعجب صراحة كيف رفع الناس الغمارية الدراويش وتلامذتهم كمحمود سعيد وغيره هذا الارتفاع العجيب.
بل لعلي لم أكتب ما هنا إلا نصيحة لإخواننا من أهل السنة الكرام؛ أما الغمارية وأذنابهم كمحمود سعيد وغيره؛ فأنا أعيذ بالله قلمي وفكري أن يتلبس باعتقاد استحقاقهم للرد ولو للحظات، فهم أقل من هذا بكثييييييييييييييييييييييير!
نسأل الله السلامة والعافية.
ـ[أبو المنذر النقاش]ــــــــ[16 - 06 - 05, 09:37 م]ـ
بارككم الله تعالى أخي الحبيب المستشار:
صدقت أخي الحبيب فوالله إن المطالع لكتبهم يرى هذا بينا جدا فهؤلاء الناس مدعومين ممن؟ لا أعلم، لكن الحاصل أن لديهم إمكانات مادية كبيرة تسمح لهم بجلب أنوع من الكتب في مختلف التخصصات العلمية، وشغلهم فيها القص واللصق فيما يرون أنه يصلح كشاهد لما يدللون عليه.
هذا ما تبين لي بعد قراءة كتاب هذا الرجل المدعو بممدوح سعيد المعنون بـ " أوهام من قسم السنن .. الخ " فقد فرزته فرزا وجردته جردا، فتأكد لي أنه مجرد ناقل لا حظ له من فهم ولا علم ولا تدقيق، وإن كان الناظر لأول وهلة في كتبهم يظن - وخصوصا إذا لم يكن من أهل التخصص - أنهم على علم واتساع إدراك.
فبارككم الله تعالى وحياكم على تلك الملاحظة القوية الدالة على الفهم والعلم، وهذا هو قول الأنصاري أيضا بل لعله أشد حطا على هؤلاء مني ومنكم، لكن لهم معجبون ومحبون فلا حول ولا قوة إلا بالله ولكن كما قال الشاعر وهو شعار الأنصاري:
إذا لم يكن للمرء عين صحيحة - - - فلا غرو أن يرتاب والصبح مسفر
ومن يتبع لهواه أعمى بصيرة - - - ومن كان أعمى في الدُّجى كيف يبصر
فيريد الأنصاري بذلك فضحهم وبيان خذلانهم.
وفققكم الله تعالى وبارك فيكم وجعلكم من الهاديين المهديين القائلين بالحق العاملين به.
ـ[العوضي]ــــــــ[17 - 06 - 05, 02:23 ص]ـ
بارك الله فيك أخي العزيز خالد على ما تقوم به , وأسأل الله أن يرد كيف هؤلاء في نحروهم ويخلص العباد من شرورهم , وأن يهديهم إلى الحق والصواب
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[17 - 06 - 05, 01:17 م]ـ
شيخنا خالد صندوق رسائلكم ممتليء!
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[17 - 06 - 05, 01:42 م]ـ
شيخنا خالد صندوق رسائلكم ممتليء!
الآن تستطيع الإرسال أخي الحبيب.
محبكم / أبومحمد.
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[17 - 06 - 05, 10:22 م]ـ
جزاك الله خيراً يا شيخ خالد، ونفع بك.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[18 - 06 - 05, 03:11 ص]ـ
جزاك الله خيراً يا شيخ خالد، ونفع بك.
وجزاك أخي الحبيب خيراً , وجمعنا بكم قريباً بإذنه تعالى.
محبكم والداعي لكم / أبومحمد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/120)
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[18 - 06 - 05, 01:03 م]ـ
الآن تستطيع الإرسال أخي الحبيب.
محبكم / أبومحمد.
أرسلتُ.
وجزاك الله خيراً.
ـ[أبو محمد الحراني]ــــــــ[19 - 06 - 05, 09:01 ص]ـ
مع كل الحب والتقدير لأخي الشيخ خالد الأنصاري والسلام عليه أقول|
الرسالة التي ذكرهاأخونا الانصاري رأيتها وليس عايها اسم الغماري بل عليها اسم رجل هو الجراحي ومهما قال فلان انها للغماري فالنسبة غير صحيحة
ه
ذا ذكرته انتصارا للحق وليس للغماري0
ولكم شكري على اتاحة هذه الفرصة للكتابة
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[19 - 06 - 05, 01:31 م]ـ
مع كل الحب والتقدير لأخي الشيخ خالد الأنصاري والسلام عليه أقول
الرسالة التي ذكرهاأخونا الانصاري رأيتها وليس عايها اسم الغماري بل عليها اسم رجل هو الجراحي ومهما قال فلان انها للغماري فالنسبة غير صحيحة
هذا ذكرته انتصارا للحق وليس للغماري0
ولكم شكري على اتاحة هذه الفرصة للكتابة
جزاك الله خيراً أخي الحبيب , وأحبك الله الذي أحببتني فيه من أجله.
وأقول: بأن الرسالة ثابتة النسبة إلى أحمد الغماري , وعندنا الدليل على ذلك وهو من أقرب المقربين إلى الغماري وهو تلميذه الشيخ (أحمد خيري) , وكذلك الأستاذ (عزت العطار) , وقد استخرجت هذه الوثيقة من مكتبة أحمد خيري رحمه الله تعالى وعليها ختمه.
فليس هناك مجال لإنكار نسبتها إلى الغماري , ومن عنده الدليل على خلاف ما ذكرنا؛ فليأت به , ونحن مستعدون للإعلان عن ذلك على الملأ.
ولعلي بإذن الله تعالى أنشط اليوم لإخراج هذه الوثيقة ولأول مرة وبعد مرور كل هذه الأعوام المديدة؛ إلى حيز الوجود وعلى صفحات ملتقانا الحبيب.
كتبه الداعي لكم / أبومحمد.
ـ[أبو محمد الحراني]ــــــــ[19 - 06 - 05, 01:41 م]ـ
أخي الحبيب الأريب خالد الأنصاري
كلامك على عيني ورأسي ولكن الحق أحب إلينا وأعلى، والمسألة ينظر فيها إلى المكتوب على طرة الكتاب.
أما كلام أحمد خيري فأنت تعلم أن أحمد خيري كان من المشايعين للكوثري، وكلامه ليس بحجة لوجود الظن المتحقق، وهو المخالفة والمعاصرة، فلا نترك الراجح بظن مرجوح. وإذا اتبعنا هذه الطريقة يمكن أن يشكك الناس ي كتب كثير من السلف باتباع الشبه، خاصة وأننا نظرنا لقائمة مؤلفات الغماري التي كتبها بنفسه وكتبها مترجموه له، فلم نجد ذكراً لهذا الكتاب، ومن عادتهم مدحا في شيخهم الغماري أنهم يذكرون كل كتبه حتى التي لم يتمها.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[19 - 06 - 05, 02:06 م]ـ
أخي الحبيب الأريب خالد الأنصاري
كلامك على عيني ورأسي ولكن الحق أحب إلينا وأعلى، والمسألة ينظر فيها إلى المكتوب على طرة الكتاب.
أما كلام أحمد خيري فأنت تعلم أن أحمد خيري كان من المشايعين للكوثري، وكلامه ليس بحجة لوجود الظن المتحقق، وهو المخالفة والمعاصرة، فلا نترك الراجح بظن مرجوح. وإذا اتبعنا هذه الطريقة يمكن أن يشكك الناس في كتب كثير من السلف باتباع الشبه، خاصة وأننا نظرنا لقائمة مؤلفات الغماري التي كتبها بنفسه وكتبها مترجموه له، فلم نجد ذكراً لهذا الكتاب، ومن عادتهم مدحا في شيخهم الغماري أنهم يذكرون كل كتبه حتى التي لم يتمها.
أخي الحبيب /
نعم الكتاب لم يذكر في قائمة مؤلفات أحمد الغماري التي تجاوزت المائة الثانية , وهناك كثير من الكتب لم تذكر في قائمة مؤلفاته وتحقيقاته والتي أخبر عنها في ثنايا كتبه , فلا يلزم من ذلك عدم ثبوته له.
وأما كون أحمد خيري من المناصرين أو المشايعين للكوثري , فهناك إخوة أحمد الغماري كذلك من المشايعين بله من المعظمين للكوثري وعلى رأسهم (عبدالله بن الصديق) , وليس هناك ظن متحقق , بل هناك دليل واضح ناصع وهو من اثنين ممن صحبا الغماري حتى فارق هذه الحياة الدنيا.
كتبه الداعي لكم / أبومحمد.
ـ[المستشار]ــــــــ[19 - 06 - 05, 02:34 م]ـ
إثبات نِسْبَة الكتب إلى مُصَنِّفِيها تكون بإحدى طرقٍ لا مدخل للظن فيها؛ منها:
ـ أن يربطها صاحبها به، ويوثقها بشخصه، بالنص على ذلك، أو النقل عنها في كتبٍ أخرى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/121)
ـ ومنها إقراره بأنه إنما ألَّفها ونشرها باسمٍ مستعارٍ، أو باسم أحد تلامذته، وهذا الأخير يحتاج إلى شهادة اثنين كباقي الشهادات لتقوم به الحجة، ولابد أن يكونا من العارفين بهذا المقر، ولا تكفي فيهما العدالة فقط، بل لابد من معرفتهما بالمقر والمشهود عليه.
وهناك طرق عديدة لإثبات الكتب، ولكنَّا نقتصر على ما مضى، والذي يهمنا هو الثاني هنا؛ لوجود الخلاف حوله الآن.
فإن كان الغماري قد أقرَّ بالرسالة ونسبها لنفسه أمام المقربين له المذكورين أعلاه، وهما رجلان، فلا مجال لإنكار الشهادة أبدًا، لاستيفاء أركان الشهادة، فقد شهد بها رجلان، ثبتت معاصرتهما للمشهود عليه، ومعرفتهما به، فلا مجال للطعن في الشهادة أبدًا؛ إلا بطريقِ شهادةٍ أخرى، كأن يشهد اثنان آخران على الغماري نفسه بإخباره بنفي هذه الرسالة عن نفسه، وفي هذه الحالة يتوجب البحث في عدالة الشهود وضبطهم وحداثة الخط والكاغد .. إلخ؛ والترجيح بين الشهادتين بناءً على ذلك.
أما الآن فالشهادة على الإثبات قائمة مستوفاة لشروطها، وعلينا قبولها؛ لأن المثبت مقدم على النافي، وإلا صِرْنا ممن يرد الشهادات بلا بينة ولا برهان، نعوذ بالله من هذا.
ولاشك أن شهادة الرجلين أقوى من شهادة الرجل الواحد، وأن الدوافع عند الشهود هنا متوافرة على إثبات هذا الكتاب للغماري مدحًا له؛ لأنهما من المقربين له، وقد اشتهر لدى كثيرٍ من الناس أن الغماري ينشر بعض كتبه وأبحاثه بأسماء آخرين.
ولدينا السقاف ومحمود سعيد وغيرهما ممن كتب لهما الغماري بعض كتبهم، أو على الأقل كانت له اليد الطولى فيها، وإلا فها هي كتبهم، وأمامنا أشخاصهم، لا يلتقيان أبدًا!!
وانظر مثلا إلى بعض ما نشره محمود سعيد ممدوح قبل موت الغماري، ثم قارن بما يكتبه وينشره الآن، رغم فارق السن والخبرة، فهل يلتقيان؟!!
وأنا أرجو قبل الأخذ والرد أن يرجع الناس لكتب الرجل أولا ثم يدلي من شاء بدلوه عن خبرةٍ ودرايةٍ، لا عن احتمالٍ وقيلٍ وقال!
فها هي كتبه القديمة والجديدة لا تلتقي أبدًا في نظر الباحث، والقديمة أرفع قدمًا من الجديدة بمراحل، مع أن قديمه وجديده لا يساوي شيئًا في سوق العلم؛ ومع هذا فقديمه أعلى من جديده، وهذا لا يستقيم أبدًا مع فارق السن والخبرة!! فهاتوا اذكروا لي السبب الذي يقف خلف هذا الأمر؛ إلا أن يصدق قول القائلين: إن الغماري كان يكتب له أو يمده ببعض أبحاثه، أو كانت للغماري اليد الطولى في قديم محمود سعيد والسقاف وأمثالهما، فلما مات ماتوا!!
مع ملاحظة وهاء القديم والجديد في سوق العلم كما أشرتُ.
بقي أن نقول: إن شهد رجلان على الغماري بنسبته للرسالة إلى نفسه، فإما أن نصدق بما في شهادتهما فننسبها إليه، ثم نحاكمه على ما فيها، وإما أن نصدقهما في نقلهما عن الغماري أنه نسب الرسالة لنفسه ونكذبه هو؛ لأنهما الأكثر عددًا والأوفى من حيث شروط الشهادة الشرعية، وشهادة الاثنين هنا مقدمة على شهادة الواحد.
فإما أن يكون صادقًا في نسبة الرسالة إليه، وهذا يقتضي محاكمته على ما فيها، أو يكون كاذبًا فيما أخبرهما به، فيسقط جملةً وتفصيلاً؛ لأنه لا كرامة لكذابٍ!!
فعلى أي الحالين نبكي أو نتباكى؟!!
ولي أن أسأل محبي هذا الغماري قاتله الله: إذا لم يكن الرجل قد ترك خلفه شرحًا للبخاري ولا لمسلم ولا لغيرهما من كتب السنن، ولا وجدنا له كتابًا في العلل، ولا في الحديث يُعتَمد عليه، ويشار إليه بالبنان، لأنا ما وجدنا سوى تخبيط وخلط وأوساخ لا حصر لها، فإذا برأتم قائدكم إلى الفتنة والغواية قاتلكم الله جميعًا من أوساخه فماذا يبقى له؟
سنذهب معكم جدلاً ونبرأه من كافة الأوساخ، ولكن ماذا سيبقى له؟! هل ثمة من بتدبَّر ثم يجيب؟!
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[19 - 06 - 05, 03:08 م]ـ
قلتَ أخي الحراني: (والمسألة ينظر فيها إلى المكتوب على طرة الكتاب) اهـ.
هذا الكلام محل نظر، إذ أننا نجد في القديم والحديث، كتب نُسبت إلى غير أصحابها، بسبب ما ذكرتَ!، وعند التحقيق وجمع الأدلة يتبن صحة النسبة.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[19 - 06 - 05, 03:26 م]ـ
جزاكما الله خيراً , أخي المستشار , وأخي أشرف , وبارك فيكما.
أقول:
أسلوب الحراني في الكتابة , يذكرني بأسلوب المدعو (باز 11).
وقد نبهني إلى هذا الأمر أحد مشايخنا الفضلاء جزاه الله خيراً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/122)
وينظر إلى هذا الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=174052#post174052
والله أعلم.
ـ[المستشار]ــــــــ[19 - 06 - 05, 06:00 م]ـ
وإذا اتبعنا هذه الطريقة يمكن أن يشكك الناس ي كتب كثير من السلف باتباع الشبه، خاصة وأننا نظرنا لقائمة مؤلفات الغماري التي كتبها بنفسه وكتبها مترجموه له، فلم نجد ذكراً لهذا الكتاب.
أولاً: السلف لم تكن من عادتهم الكتابة بالأسماء المستعارة أو التكنية عن أنفسهم، بل كانت من عادة أسلافنا العظام التكنية عن الضعيف.
لديك سيرة وكيع وأحمد وغيرهما من كبار أئمة الحديث والسنة والسلف العظام، ستجد فيها قولهم: (ولم يسمِّ فلانًا استضعافًا له) (ترك تسميته لضعفه) (كنَّاه لضعفه)، وغيرها من العبارات.
فقول الكاتب هنا: (يمكن أن يشكك الناس في كتب كثير من السلف) خطأ محض، أخشى أن يقف وراءه شيءٌ ما لا نعلمه!
فالمقارنة هنا خطأ، والكلام في غير محله؛ وإنما تصح المقارنة لو كان من عادة السلف التكنية عن أنفسهم، أو نشر كتبهم بأسماء تلاميذهم كما هو ثابتٌ على الغماري الآن من شهادة المذكورين أعلاه.
فالقياس ناقص لأحد طرفيه، غير مستوجبٍ لحكمه، ولا منتجٍ لأثره، فأرجو أن تتحلَّى جميع الأقلام بالإنصاف والتروي وتحري الصدق والصحة في القول، طلبًا للمصداقية؛ لأنَّ من أظهر لنا عورته فقد أساء إلى نفسه، ولم يترك لنا مجالا في الاعتذار عنه.
ثانيًا: سبق جواب شيخنا وأستاذنا الجليل خالد الأنصاري أدام الله توفيقه على عدم وجود الكتاب في مؤلفات الغماري.
ولعل مما يضاف هنا: أن الرجل قد ينسى بعض كتبه، وقد يؤلف شيئًا بعد الترجمة لنفسه، فلا دلالة في ذلك البتة في ردِّ شهادة الشهود الثابتة، وإنما يستدل بذلك مع قرائن أخرى، وغالبًا ما يكون الاستدلال بمثل هذا في الإثبات لا النفي؛ لأن عدم وجود الكتاب في قائمة مؤلفات الرجل لا تعني عدم صحة النسبة إليه بالضرورة.
هذا من حيث الجواب الإجمالي على أصل المسألة.
أما من حيث الغماري خاصة؛ فالاستدلال بعدم وجود هذا الكتاب في مؤلفات الغماري التي ذكرها هو لنفسه أو نسبها له مترجموه يدل على أمرين:
الأول: محاولة التدليس على القراء، وقلب الحقائق أمامهم؛ لأن شيخنا الجليل الأنصاري أدام الله توفيقه لم يقل: هذا الكتاب مما نشره الغماري باسمه، ولو نشره الغماري باسمه الصريح لذكره في مؤلفاته، ولذكره له مترجموه، لكنه على عادة أمثاله كتبه، ونشره باسمٍ آخر.
ولو أراد أن يُنْسَب إليه أو يذكره في قائمة كتبه لما نشره باسمٍ آخر أصلاً، فمعنى أن ينشره باسمٍ آخر يعني أنه لن يذكره في قائمة مؤلفاته، ولن يذكره له مترجموه، ولا يريد هذا أصلا، وهذا من البدهيات التي لا ينبغي التغافل عنها.
فهو نشره باسمٍ آخر ليوصل رسالة ما، مع ضمان قطع الصلة بينه وبينها، إمعانًا في التدليس والتزييف، وعملا بمنطق الجبن عن المقارعة والملاحة بوضوحٍ يوازي وضوح وشجاعة اللفظ العربي، الذي لا زلتُ أظنُّه ـ يعني اللفظ العربي ـ يبكي حتى الساعة لاستخدامه في هيئة تنافي الشجاعة اللفظية والأدبية والإنسانية!!
وترى شجاعة العربية وألفاظها مشروحًا لدى إمام عربيتنا محمود محمد شاكر أنعم الله عليه بالرضى التام، وأعلى درجته.
وصنيع هذا الغماري يُعيد للذاكرة صنيع الأعظمي حين نشر كتابه في سب الألباني باسم (أرشد السلفي)، فالشبه واحد ..
الثاني: محاولة للدفاع عن الغماري بغير سيفٍ، وقد ظهر ذلك من البند السابق.
ـ[المستشار]ــــــــ[19 - 06 - 05, 06:02 م]ـ
جزاكما الله خيراً , أخي المستشار , وأخي أشرف , وبارك فيكما.
آمين ولكم بمثله أستاذي الجليل، ونفع الله بكم، وسدد خطاكم.
وأرجو أن تكونوا بخير وعافية.
واسلم لمحبيك.
والسلام.
ـ[المستشار]ــــــــ[20 - 06 - 05, 02:47 ص]ـ
أستاذي الجليل ((النقاش)) نفع الله بكم.
ربما فهمتُ من عبارتكم أنني لا أُحَبِّذ الاشتغال بالرد على هؤلاء.
فإن كان ما فهمتُه صحيحًا، فاعلم أنني لا أُحَبِّذ الاشتغال به لنفسي، لضحالتهم عندي جدًا، واسأل مجرب، فقد عاينتُ بعض كتبهم معاينة فحصٍ ودرسٍ، فكدتُ أجزم بقلةِ عقلٍ، أما قلة الدين فمما لا شك فيه.
لكني في الوقت نفسه أدعم الرد عليهم لغيري، غير أني أرجو من يشتغل بالرد عليهم أن يضعهم في موضعهم اللائق بهم مع السوقة والعامة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/123)
وانظر قول المعلمي رحمة الله عليه للهالك الكوثري: ((قال الأستاذ)) بينما قال المعلمي رحمة الله عليه لأبي رية في بعض المواضع:
ستعلم إذا ما انجلى الغبار .... أفرس تحتك أم حمار!!
مع أنه لا فرق في الضلال بين الكوثري وأبي رية، ولكن الأول ضلَّ مع علمٍ، بخلاف الثاني، فهو رجلٌ أهوجٌ وقعتْ له بعض الاطلاعات، فأساء استخدامها بعدُ.
فهذا ما أرجوه.
وأرجو أن تكون الآن بخير.
واسلم لمحبيك.
والسلام.
ـ[أبو المنذر النقاش]ــــــــ[20 - 06 - 05, 11:09 ص]ـ
فضيلة الشيخ المحترم الحبيب في الله تعالى: المستشار بارك الله تعالى في عمره ودينه وأهله:
لا لم أقصد ذلك أخي الحبيب، وأنا وافقك تمام الموافقة في مداخلتك الأخيرة تلك ومما يدل على صحة ووجاهة ما تقوله طريقة الدارمي رحمه الله تعالى في كتابه في الرد على الكلب المعثر بشر المريسي، وإنما أقصد أن الأخ المحترم: خالد التفت لتلك المسألة وانظر كلامه عن الغماري قبل ذلك في معرض رده على ممدوح سعيد فقد حط عليه غاية الحط فإما أردت البيان أن هذا الخطأ الذي نبهت أنتم عليه وهو رفعة هؤلاء عن رتبتهم ليست من خالد وإنما قد تكون من غيره، وحقيقة فإن بعض الأطروحات هنا تقلقني في أحيان وقد أشار الأنصاري خالد إلى اسم كلما رأيته على مداخلة داخلني الشك فإذا دخلتها وجدت دائما من يدندن حول أن هءؤلاء المبتدعة علماء وكل يؤخذ منه ويرد ... الخ هذا الكلام الملغي اعتباره عند أهل الحديث والأثر الأمجاد.
فهؤلاء من قصدت أخي الحبيب.
وقصدت أيضا التدليل على السبب في كثرة نقولهم في كتبهم والتي يظن من ينظر فيها إذا لم يكن من أهل التخصص أنهم على علم، وإنما هم مجرد نقلة بلا فهم ولا علم، ولكن عندهم أمكانات مادية تسمح لهم بذلك، ممن؟ الله تعالى أعلم.
وأما قلة الدين التي أشرت إليها آنفا فقد عاينتها بنفسي، وفي هذا تدليلا على صحة قولكم بأنهم مجرد نقلة قص ولصق كما عبرت.
فأنا أوافقكم أخي الحبيب في كل ما تقوله، وأطروحاتكم هي نعم القدوة لي ولمثلي.
بارك الله فيكم ونفعنا بعلومكم.
ـ[المستشار]ــــــــ[20 - 06 - 05, 04:23 م]ـ
يا أبا المنذر السعيد لا خلاف معكم في حرفٍ مما قلتموه، والحمد لله، وما قصدتُ سوى ما تفضَّلْتُم بالإشارة إليهم، غير أني خشيتُ أن تقلقكم بعض عباراتي، أو ترون مني ما تكرهونه، فأهمني ذلك جدًا؛ ليقيني أن حبكم يدفعني للمواصلة، ووصالكم يزيدني شوقًا لرؤياكم، وولعًا بشخصكم النبيل.
وأما شيخنا الجليل الأنصاري فالإحسان ليس جديدًا على الأنصار، فهم أهل الفضل والعلم والكرم، نصروا النبي صلى الله عليه وسلم قديمًا، وها هو حفيدهم ينصرنا الآن، فاللهم ارضَ عن الأنصار وأبناء الأنصار وأحفاد الأنصار ومحبي الأنصار.
ولولا بُعْدُ الديار وصعوبة التنقُّل في الأمصار لما تركتُ رأس أنصاريِّنا حتى أقبِّله، حبًّا بما يصنع.
فهؤلاء صحبي وأحبابي .... إذا تفاخرت بالأصحاب المجامع
واسلم لمحبِّك.
وأرجو أن تكون الآن بخير وعافية.
والسلام.
ـ[أبو داود الكناني]ــــــــ[26 - 06 - 05, 01:29 م]ـ
شيخنا خالد لا نملك لك إلا أن نقول جزاك الله خيرا و قد قيل من لا يشكر الناس لا يشكر الله
فهذا السيف المسلول الذي رفعته على هؤلاء الشرذمة و أذنابهم جعلهم يدرجون إلى جحورهم مرة أخرى بعد أن أردوا أن يستطيلوا على العلم و أهله -و ذلك اثر وفاة أسد السنة و شيخ الإسلام ناصر الدين الألباني-بحجة أسانيدهم المهلهلة و صوفيتهم المخزية و ألفاظهم المخجلة
فجزاكم الله خيرا و أنا أعود و أكرر مطالبتي لكبجمع إنحرافتهم العقدية و تبويبها و طبعها فإن في نشرها النصح للأمة من الإغترار بهؤلاء و لا حول و لا قوة إلا بالله
و سامحنا على الإنقطاع فذلك للظروف التي أخبرتك بها-
و بارك الله لك في العلم و المال و الأهل و الولد و العافية
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[26 - 06 - 05, 02:56 م]ـ
شيخنا خالد لا نملك لك إلا أن نقول جزاك الله خيرا و قد قيل من لا يشكر الناس لا يشكر الله.
فهذا السيف المسلول الذي رفعته على هؤلاء الشرذمة و أذنابهم جعلهم يدرجون إلى جحورهم مرة أخرى بعد أن أردوا أن يستطيلوا على العلم و أهله -و ذلك اثر وفاة أسد السنة و شيخ الإسلام ناصر الدين الألباني-بحجة أسانيدهم المهلهلة و صوفيتهم المخزية و ألفاظهم المخجلة
فجزاكم الله خيرا و أنا أعود و أكرر مطالبتي لك بجمع إنحرافتهم العقدية و تبويبها و طبعها فإن في نشرها النصح للأمة من الإغترار بهؤلاء و لا حول و لا قوة إلا بالله
و سامحنا على الإنقطاع فذلك للظروف التي أخبرتك بها-
و بارك الله لك في العلم و المال و الأهل و الولد و العافية
حياك الله وبياك أخي الحبيب , فوالله الذي لا إله إلا هو؛ لكم افتقدناك.
وأبشرك أخي الحبيب بأني ماض فيما أنا بصدده , وأرجو من الله تعالى العون والتوفيق , وقد من الله عليّ قريباً بأخوة أحد النجباء الصالحين , والأتقياء الورعين ـ نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً ـ , واتفقنا سوياً على خطة البحث , وقسمنا العمل فيما بيننا.
وقد فرّغنا واستخرجنا ـ ولله الحمد والمنة ـ أغلب المادة , وما أن ننتهي , سنعمل على صياغة الرد.
والحمدلله أولاً وآخراً.
كتبه محبكم / أبومحمد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/124)
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[20 - 07 - 05, 10:00 ص]ـ
جزاكم الله خيرا شيخنا الأنصاريّ
وأعانكم على ما أنتم بصدده ....
ثم:
لو تكرمتم بمراجعة بريدكم الخاص بالملتقى بقد أرسلت لكم رسالتين ...
ـ[عماد الجيزى]ــــــــ[24 - 12 - 07, 03:02 ص]ـ
فرغكم الله لطاعته(31/125)
أرجو الافادة أود من الاخوة الاعزاء اثراءي عن مسألة التقليد في الاعتقاد
ـ[أبو خالد الصاعدي]ــــــــ[19 - 06 - 05, 02:37 ص]ـ
الأخوة الاعزاء في ملتقى أهل الحديث
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسرني ويسعدني أن أنضم الى هذه الكوكبة المباركه ممن أنعم الله عليهم بالسنة علما وعملا
-والله حسيبكم -وهذه أول مشاركة أبعثها الى هذا الموقع المبارك لكوني أحد المنضمين الجدد
الى هذا الموقع
وطلبي:
1 - أود من الاخوة الاعزاء اثراءي عن مسألة التقليد في الاعتقاد
2 - ثم أود ان آخذ رأيكم في هذا المقول الذي قلته: وهو أن المسميات والألفاظ في باب الفقه لاتنزل على أبواب الاعتقاد , فكما ان الاجماع الفقهي لايكون بتلك الصورة الموجودة في الاجماع
العقدي , فعند حكاية الاجماع الفقهي فالمراد به اجماع الامة وأما الاجماع العقدي فالمراد به اجماع اهل السنة والجماعة وكذا يقال في الخلاف
وعليه فلا يتصور التقليد في باب الاعتقاد لأن الاعتقاد مبناه التسليم للنص ولا يجوز فيه الاجتهاد
وأما الفقه فالاجتهاد جائز فيه وعندما يقلد العامي المجتهد في اجتهاده يقال انه مقلد لذاك الامام
واما الاعتقاد فهو اخبار المجتهد للعامي بما حواه النص فلا يقال انه مقلد للامام بل هو معتقد لما حواه النص
ولكم جزيل الشكر
ـ[النصري]ــــــــ[19 - 06 - 05, 12:47 م]ـ
لشيخ الاسلام كلام جميل في (النبوات) بين فيه أن الاعتقاد لابد وأن يكون عن اقتناع لا عن تقليد، في معرض رده على المعتزلة والأشاعرة الذين أوجبوا النظر، وبين أن الدليل الذي عرفوا به صحة ما دعا إليه الرسول هو صدق الرسول صلى الله عليه وسلم مع موافقة ما في فطرهم من الاقرار بوحدانية الله عزوجل، ولعلك ترجع لهذا السفر المبارك للجبل الأشم. أنزله ربي منازل الشهداء والصالحين في أعلى عليين ..
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[19 - 06 - 05, 01:05 م]ـ
من أجوبة الشيخ البراك على أسئلة رواد الملتقى:
22 - ما حكم التقليد في العقيدة؟
23 - وهل يجب على الإنسان أن يستدل على مسائل العقيدة الضرورية حتى يصح إسلامه؟
24 - وما مراد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في قوله (معرفة دين الإسلام بالأدلة)؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، الإيمان بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، والعلم به إجمالا فرض عين على كل مكلف، ومعرفة ذلك تفصيلا هو فرض كفاية على عموم الملة إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، ومن علم من ذلك شيئاً وجب عليه الإيمان به تفصيلا، وقد يصير فرض الكفاية فرض عين على بعض الناس بأسباب تقتضي ذلك فالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر واجب كفائي لكن إذا لم يعلم بهذا المنكر، ويقدر على تغييره مثلا إلا واحد أو جماعة معينة تعين عليهم لاختصاصهم بالعلم به، والقدرة على تغييره، وكل واجب في الدين فإنه مشروط بالاستطاعة لقوله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [(16) سورة التغابن] وقوله تعالى {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [(286) سورة البقرة]، فمعرفة مسائل الدين العلمية الاعتقادية، والعملية وأدلتها واجب الاستطاعة، ولا فرق في ذلك بين المسائل الاعتقادية، والمسائل العملية فعلى المسلم أن يعرف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، ويجتهد في ذلك، ولا يتخذ له إماما يتبعه في كل شيء إلا الرسول صلى الله عليه، ومن المعلوم أنه ليس كل أحد يقدر على معرفة كل ما دل عليه القرآن، والسنة من مسائل دين الإسلام، بل يمكن أن يقال:ليس في الأمة واحد معين يكون محيطا بكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وبما دل عليه القرآن فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فلا أحد من العلماء يدعي ذلك لنفسه، ولا يجوز أن يُدعّى ذلك لأحد منهم، فهم في العلم بما جاء به الرسول في منازلهم حسب ما آتاهم الله من فضله، لكن العلماء يختصون بالاجتهاد في معرفة الأدلة، وفي الاستنباط؛ فمنهم المصيب، والمخطئ، والكل مأجور كما صح بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:" إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر". وإذا كان هذا شأن العلماء فكيف بغيرهم ممن قل علمه، أو كان من عوام المسلمين الذين لا يعرفون الأدلة، ولا يفهمونها، فهم عاجزون عن الاجتهاد، فلا يسعهم إلا التقليد، ولا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/126)
فلاق في ذلك بين المسائل الاعتقادية، والمسائل العملية فهذا مقدورهم لكن عليهم أن يقلدوا من العلماء من يثقون بعلمه، ودينه متجردين عن إتباع الهوى، والتعصب هذا هو الصواب في هذه المسألة، وأما القول بتحريم التقليد في مسائل الاعتقاد فهو قول طوائف من المتكلمين من المعتزلة وغيرهم، وهو يقتضي أن عوام المسلمين آثمون أو غير مسلمين، وهذا ظاهر الفساد.
وأما قول الشيخ محمد بن عبد الوهاب: ومعرفة دين الإسلام بالأدلة فهو كما قال، فإن الواجب أن يعرف المسلم أمور دينه بأدلتها من الكتاب، والسنة إذا كان مستطيعا لذلك، وهذا هو الواجب، إما أن يكون فرض عين في مسائل، وإما أن يكون فرض كفاية في مسائل أخرى.
وأصل دين الإسلام هو معرفة الله والإيمان به، وهو يحصل بالنظر، والاستدلال ويحصل بمقتضى الفطرة التي فطر الله الناس عليها إذا سلمت من التغيير، واختلف الناس في اشتراط النظر والاستدلال في معرفة الله، وهل يصح إسلام العبد بدونه أو لا؟
على مذاهب ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: تنازع النظار في مسألة وجوب النظر المفضي إلى معرفة الله تعالى على ثلاثة أقوال: فقالت طائفة من الناس: إنه يجب على كل أحد.
وقالت طائفة: لا يجب على أحد.
وقال الجمهور: إنه يجب على بعض الناس دون بعض فمن حصلت له المعرفة لم يجب عليه، ومن لم تحصل له المعرفة ولا الإيمان إلا به وجب عليه، وذكر غير واحد أن هذا قول جمهور المسلمين، كما ذكر ذلك أبو محمد بن حزم في كتابه المعروف " بالفصل في الملل والنحل" فقال: في مسألة: هل يكون مؤمنا من اعتقد الإسلام دون استدلال أم لا يكون مؤمنا مسلما إلا من استدل؟
وفيه، قال: سائر أهل الإسلام كل من اعتقد بقلبه اعتقادا لا يشك فيه، وقال بلسانه: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأن كل ما جاء به حق، وبريء من كل دين سوى دين محمد؛ فإنه مسلم مؤمن ليس عليه غير ذلك.
انتهى مختصرا من درء تعارض العقل والنقل 7/ 405 - 407.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[19 - 06 - 05, 02:21 م]ـ
وانظر: لوامع الأنوار للسفاريني 1/ 267، عند قوله في المنظومة:
فصل
وكل ما يُطْلَبُ فيه الجزم * فَمَنْعُ تقليد بذاك حتم
لأنه لا يُكتفى بالظن * لذي الحجا في قول أهل الفن
وقيل: يكفي الجزم إجماعا بما * يُطْلَبُ فيه عند بعض العلما
فالجازمون من عوام البشر * فمسلمون عند أهل الأثر
وفي شرح العلامة ابن عثيمين على الدرة المضية للسفاريني التي حققها مجموعة من طلبة العلم في الكويت ...
عند قول المؤلف السابق:
فصل
في إيمان المقلد (1)
54 – وكل ما يُطْلَبُ فيه الجزم * فَمَنْعُ تقليد بذاك حتم
كل شيء يطلب فيه الجزم يجب أن يجتهد الإنسان فيه كل شيء يطلب فيه الجزم فإنك لا تقلد فيه يجب أن تعرف الحكم من الكتاب والسنة،
وعلى هذا فالعوام الآن الذين يؤمنون بالله ورسوله واليوم الآخر، لو قالوا: نحن لا نعرف، لكن نسمع علماؤنا يقولون هكذا فآمنا،
نقول على كلام المؤلف: أن إيمانهم ليس بصحيح،
لأن الذي يطلب فيه الجزم لا بد أن يكون عن اجتهاد ولا يصح أن يكون عن تقليد،
لكن هذا القول ضعيف جداً،
ولهذا قال:
وقيل: يكفي الجزم إجماعاً بما * يطلب فيه عند بعض العلما
يعني: قال بعض العلماء: بل يصح التقليد فيما يطلب فيه الجزم وهذا القول هو الراجح،
المسائل العملية يجوز فيها التقليد بالاتفاق (2)، كالوضوء والصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك، فهذه يجوز فيها التقليد بالاتفاق، ولا يمكن أن يلزم الإنسان الناس بالاجتهاد، لأن الاجتهاد في هذا صعب، والعامة لا يمكن أن يقرؤوا كتب الفقه،
أما مسائل العقيدة التي يجب على الإنسان فيها الجزم:
فقد اختلف العلماء: هل يجوز فيها التقليد أو لا بد من الوقوف على الدليل؟
ولا شك أن الوقوف على الدليل أولى حتى في المسائل العملية،
لأن الإنسان إذا بني عقيدته أو عمله على الدليل استراح وصار يعلم الآن أنه يمشي في طريق صحيح،
لكن إذا لم يمكن فهل يكفي التقليد أو لا يكفي؟
في هذا خلاف بين أهل العلم:
1. فمنهم من قال: إنه يكفي (3)،
2. ومنهم من قال: إنه لا يكفي (4)،
ولكن الحقيقة أنه لا يمكن أن نقول: إن جميع مسائل العقيدة يجب فيها اليقين،
لأن من مسائل العقيدة ما اختلف فيه العلماء،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/127)
وما كان مختلفاً فيه بين أهل العلم فليس يقينياً، لأن اليقين لا يمكن نفيه أبداً،
فمثلاً اختلف العلماء في عذاب القبر هل هو على البدن أو على الروح؟
واختلف العلماء في الذي يوزن هل هي الأعمال أو صحائف الأعمال أو صاحب العمل؟
واختلف العلماء في الجنة التي أسكنها آدم هل هي جنة الخلد أو جنة في الدنيا؟
واختلف العلماء في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه هل رآه بعينه – يعني في الحياة – أو رآه بقلبه؟ (5)
واختلف العلماء في النار هل هي مؤبدة أو مؤمدة؟
وكل هذه من العقائد، والقول: بأن (العقيدة ليس فيها خلاف على الإطلاق) غير صحيح،
فيه من مسائل العقيدة ما يعمل فيه الإنسان بالظن،
مثلاً: في قوله تعالى: (من تقرب إلي شبراً تقربت منه ذراعاً) (6)، لا يجزم الإنسان بأن المراد القرب الحسي، فإن الإنسان لا شك ينقدح في ذهنه أن المراد بذلك القرب المعنوي،
(من أتاني يمشي أتيته هرولة)، هذا أيضاً لا يجزم الإنسان بأن الله يمشي مشياً حقيقياً هرولة، ينقدح في ذهنه أن المراد الإسراع في إثابته وأن الله تعالى إلى الإثابة أسرع من الإنسان إلى العمل،
ولهذا اختلف علماء أهل السنة في هذه المسألة هل هو هذا أو هذا؟
فأنت إذا قلت هذا أو هذا لست تتيقنه كما تتيقن نزول الله عز وجل الذي قال فيه الرسول عليه الصلاة والسلام: (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا) (7) هذا لا يشك فيه الإنسان أنه نزول حقيقي،
وكما في قوله: {استوى على العرش} (الأعراف 54)، لا يشك الإنسان أنه استواء حقيقي،
فالحاصل: أن مسائل العقيدة ليست كلها مما لا بد فيه من اليقين،
لأن اليقين أو الظن حسب تجاذب الأدلة وتجاذب الأدلة حسب فهم الإنسان وعلمه،
قد يكون هذان الدليلان متجاذبين عند شخص، ولكن عند شخص آخر ليس بينهما تجاذب إطلاقاً وقد اتضح عنده أن هذا له وجه وهذا له وجه،
فمثل هذا الأخير ليس عنده إشكال في المسألة بل عنده يقين، والأول يكون عنده إشكال،
وإذا رجّح أحد الطرفين فإنما يرجحه بغلبة الظن،
لهذا لا يمكن أن نقول: إن جميع مسائل العقيدة مما يتعين فيه الجزم، ومما لا خلاف فيه،
لأن الواقع خلاف ذلك، ففي مسائل العقيدة ما فيه خلاف،
وفي مسائل العقيدة ما لا يستطيع الإنسان أن يجزم به، لكن يترجح عنده،
إذًا هذه الكلمة التي نسمعها بأن (مسائل العقيدة لا خلاف فيها) هذه ليست على إطلاقها،
لأن الواقع يخالف ذلك، كذلك مسألة العقيدة بحسب اعتقاد الإنسان ليس كل مسائل العقيدة مما يجزم فيه الإنسان جزماً لا احتمال فيه في بعض المسائل حديث أو آيات قد يشك الإنسان فيها،
فمثلاً: {يوم يُكشف عن ساقٍ} (القلم 42).
هذه من مسائل العقيدة وقد اختلف فيها السلف:
هل المراد ساقه عز وجل أو المراد الشدة (8)؟
وعلى هذا فقس،،،
نرجع الآن إلى كلام المؤلف:
فقوله: (كل ما يطلب فيه الجزم): يريد بذلك مسائل العقيدة وغيرها،
كل شيء يطلب فيه الجزم،
قوله: (فمنع تقليد بذاك حتم): مما يجب فيه الجزم أن نجزم بأن الصلوات الخمس مفروضة،
ولهذا لو أنكر الإنسان فرضية الصلوات الخمس كفر، يجب أن نجزم بأنها مفروضة وأن الزكاة مفروضة وأن الصيام مفروض وأن الحج مفروض وجوباً،
******************
55 – لأنه لا يُكتفى بالظن * لذي الحجا في قول أهل الفن
ثم علل المؤلف فقال: (لأنه لا يكتفي بالظن): لأن التقليد ظن،
ولهذا تقول للمقلِّد: هل تجزم بهذا؟ قال لك: يقوله فلان،
إذن ليس عنده جزم،
التقليد يفيد الظن ولو حسن ظن المقلد بالمقلد ما قلده،
إذن نقول:كل شيء يطلب فيه الجزم فلا تقلد فيه، لأن هذا ينافي المطلوب،
فالمطلوب الجزم، والتقليد يفيد الظن فلا يجوز أن نقلد،
56 – وقيل: يكفي الجزم إجماعا بما *يُطْلَبُ فيه عند بعض العلما
يعني: قول ثاني: أنه يكفي الجزم بما يطلب فيه الجزم ولو عن طريق التقليد،
فالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، هذا مما يجب فيه الجزم،
ولكن هل العامي يدرك ذلك بدليله؟
الجواب: لا يدرك ذلك بدليله،
ومع ذلك نصحح إيمانه، ونقول: هو مؤمن وإن كان لا يدرك ذلك بدليله،
قوله: (يكفي الجزم إجماعاً بما يطلب فيه): يعني يكفي الجزم بما يطلب فيه الجزم بالإجماع،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/128)
وقال هذا بعض العلماء ولهذا قال: (عند بعض العلماء)، وهذا القول هو الصحيح،
والدليل على ذلك:
1 - أن الله أحال على سؤال أهل العلم في مسألة من مسائل الدين التي يجب فيها الجزم، فقال: {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} (النحل 43) ونسألهم لنأخذ بقولهم،
ومعلوم أن الإيمان بأن الرسل رجال من العقيدة ومع ذلك أحالنا الله فيه إلى أهل العلم،
2 - وقال تعالى: {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك} (يونس 94)، ويسألهم ليرجع إليهم،
وإذا كان الخطاب هذا للرسول ولم يشك فنحن إذا شككنا في شيء من أمور الدين نرجع إلى الذين يقرؤون الكتاب إلى أهل العلم لنأخذ بما يقولون،
إذن هذا عام يشمل مسائل العقيدة،
3 - ثالثاً: أننا لو ألزمنا العامي بمنع التقليد والتزام الأخذ بالاجتهاد لألزمناه بما لا يطيق،
وقد قال تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} (البقرة 286).
وقال: {أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون، ولا نكلف نفساً إلا وسعها} (المؤمنون 61 – 62).
فالصواب المجزوم به القول الثاني: أن ما يطلب فيه الجزم يكتفي فيه بالجزم سواء عن طريق الدليل أو عن طريق التقليد،
******************
57 – فالجازمون من عوام البشر * فمسلمون عند أهل الأثر،
قوله: (فالجازمون من عوام البشر): يعني الذين يجزمون من العوام ليس عندهم علم، عوام!!!،
قوله: (فمسلمون): وإنْ كانوا لم يأخذوا ما يطلب فيه الجزم عن طريق الاجتهاد،
قوله: (عند أهل الأثر): وكفى بهم قدوة أهل الأثر،
إذا كان أهل الأثر يرون أنه يجوز التقليد فيما يطلب فيه الجزم - والمقصود أن يحصل الجزم سواءاً عن طريق التقليد أو عن طريق الاجتهاد إذا كان هذا ما يراه أهل الأثر - فهو الذي نراه نحن فهو الصحيح،
بقي في كلام المؤلف رحمه الله إشكال:
قوله: (فمسلمون): إعراب (مسلمون): خبر لقوله: (فالجازمون)،
ودخلت الفاء في الخبر،
لأن (الجازمون) فيه (أل) الموصولة،
والموصول يشبه الشرط في العموم،
فيجوز أنْ تدخل الفاء في الخبر إذا كان المبتدأ اسماً موصولاً،
ومنه: قوله (الذي يأتيني فله درهم)،
ودليل ذلك في القرآن: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية فلهم أجرهم} (البقرة 274).
فهنا جاءت الفاء في خبر المبتدأ الموصول لأنه يشبه الشرط في العموم،
---------------------------
1 - درء تعارض العقل والنقل (7/ 353، 406 – 461) (8/ 6 – 7، 21) ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (16/ 328 – 358) (20/ 202، 225 – 226) والنبوات (1/ 249) والاستقامة (1/ 142) والتسعينية (1/ 195 وما بعدها) وكتاب الإيمان ص 68 والفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص 274 وفتح الباري للحافظ ابن حجر (1/ 70، 77) (6/ 341) (13/ 349 – 354، 361) والبحر المحيط للزركشي (8/ 325)،
2 - قال الشيخ موفق الدين ابن قدامة: (وأما التقليد في الفروع فهو جائز إجماعاً)، وخالف بعض المعتزلة – بعض معتزلة بغداد – ذلك فقالوا: أنه يلزم العامي النظر في الدليل في الفروع، قال ابن قدامة: (وهو باطل بإجماع الصحابة،،،،)، انظر روضة الناظر (3/ 1018) والتمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب الكلوذاني (4/ 399) والإحكام في أصول الأحكام للآمدي (4/ 197) والتلخيص في أصول الفقه لأبي المعالي الجويني (3/ 433) وتيسير التحرير لأمير بادشاه (4/ 246) والمسودة في أصول الفقه لأبي البركات ابن تيمية ص 458 والبحر المحيط للزركشي (8/ 332) والتقرير والتحبير في شرح التحرير لابن أمير الحاج (3/ 342 – 344) والموسوعة الفقهية (13/ 160 – 162).
3 - وهو قول بعض الشافعية وبعض المتكلمين، انظر التحبير شرح التحرير للمرداوي (8/ 4018) والفروع لابن مفلح (6/ 566)،
4 - وهو قول الإمام أحمد والقاضي أبا يعلى وابن عقيل وأبو المعالي الجويني وهو قول جمهور العلماء،
لمزيد من الفائدة في مسألة التقليد في العقيدة: انظر: العدة في أصول الفقه لأبي يعلى (4/ 1217) والتحبير شرح التحرير للمرداوي (8/ 4017) والبلبل في أصول الفقه للطوفي ص 183 والتمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب الكلوذاني (4/ 396) وروضة الناظر لابن قدامة (3/ 1017) والمسودة في أصول الفقه لأبي البركات ابن تيمية ص 457 وشرح تنقيح الفصول للقرافي ص 430 والتلخيص في أصول الفقه لأبي المعالي الجويني (3/ 427) والإحكام في أصول الأحكام للآمدي (4/ 223) ونهاية السول للإسنوي (3/ 264) والمعتمد في أصول الفقه لأبي الحسين البصري (2/ 941) وتيسير التحرير لأمير بادشاه (4/ 243) والإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (2/ 261) والمحصول في أصول الفقه للفخر الرازي (6/ 73) والبحر المحيط للزركشي (8/ 325 – 328) والأحكام السلطانية للماوردي ص 85 والفتاوى الكبرى (6/ 347) وحاشية العطار (2/ 433)،
5 - مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (2/ 335) (6/ 506 - 512) ومنهاج السنة النبوية (6/ 384 – 387) وبغية المرتاد ص 470 – 471،
6 - حديث قدسي أخرجه البخاري (7098) ومسلم (2675)،
7 - أخرجه البخاري (1094) ومسلم (758)،
8 - الرد على البكري ص 287،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/129)
ـ[النصري]ــــــــ[21 - 06 - 05, 02:36 م]ـ
جزيت خيرا ياشيخ عبد الرحمن على هذا النقل الطيب.(31/130)
حديث الصورة رواية ودراية
ـ[العوضي]ــــــــ[19 - 06 - 05, 08:35 ص]ـ
حديث الصورة رواية ودراية
بقلم الشيخ الدكتور بندر بن نافع العبدلي
جامعة الإمام بالقصيم
قسم السنة
مجلة الحكمة العدد 27
ـ[العوضي]ــــــــ[19 - 06 - 05, 08:39 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مذهب أهل السنة والجماعة إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات , من غير تحريف ولا تعطيل , ومن غير تكييف ولا تمثيل , بل يؤمنون بأن الله سبحانه (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) (الشورى 11) فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه , ولا يحرفون الكلم عن مواضعه , متبعين في ذلك كتاب الله والسنة وما ورد عن سلف الأمة , ثم هم ينكرون على من حرَّف صفات الله أو مثَّل الله بخلقه , لأن ذلك تعدٍّ على النصوص وقول على الله بلا علم , إذ الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات , فكما أنه عز وجل لم يخبرنا عن كيفية ذاته , فكذلك لا نعلم كيفية صفاته , لكننا نثبتها كما يليق بجلاله وعظمته.
قال نعيم بم حماد الخزاعي (من شبه الله بخلقه فقد كفر , ومن أنكر ما وصف الله به نفسه فقد كفر , وليس ما وصف الله به نفسه ورسوله تشبيه).
وقال الإمام مالك - لما سئل عن الاستواء كيف هو – (الاستواء معلوم , والكيف غير معقول , والإيمان به واجب , والسؤال عنه بدعة) ثم قال للسائل (ما أراك إلا مبتدعا) فأمر به فأُخرج.
فقوله رحمه الله (والسؤال عنه بدعة) أي السؤال عن الكيفية بدعة , لأن سلف الأمة وأئمتها من الصحابة والتابعين ما سألوا عنها , وهم أتقى لله وأحرص منَّا على العلم.
ولكن لا شك أنهم – أعني السلف – كانوا يفهمون معاني ما أنزل الله على رسوله من الصفات , وإلا لم يكن للأمر بتدبر القرآن فائدة , وقد نقلت عنهم عبارات تدل على ذلك. فقد أخرج اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة رقم (875) عن الوليد بن مسلم أنه قال (سألت الأوزاعي وسفيان الثوري ومالك بن أنس والليث بن سعد عن هذه الأحاديث التي فيها الرؤية , فقالوا: أمرَّوها بلا كيف).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتوى الحموية ص (41) بعد ذكره عبارات الأئمة في هذا المعنى (ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه – على ما يليق الله – لما قالوا: الاستواء غير مجهول , والكيف غير معقول , ولما قالوا: أمرُّوها كما جاءت بلا كيف , فإن الاستواء حينئذٍ لا يكون معلوماً بل مجهولاً بمنزلة حروف المعجم , وأيضاً: فإنه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ معنى , وإنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا أثبت الصفات , وأيضاً: فإن من ينفي الصفات الخبرية , أو الصفات مطلقاً لا يحتاج إلى أن يقول: بلا كيف , فمن قال: إن الله على العرش , لا يحتاج أن يقول: بلا كيف , كان مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر لما قالوا: بلا كيف , وأيضاً فقولهم: أمروُّها كما جاءت يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه , فإنها جاءت ألفاظ دالة على معانٍ , فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال: أمرُّوا لفظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد , أو أمرُّوا لفظها مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة , و حينئذٍ فلا تكون قد أمرت كما جاءت و لا يقال حينئذ: بلا كيف , إذ نفي الكيف عما ليس بثابت لغو من القول) ا هـ.
فتبين من كلام الشيخ رحمه الله أن سلف الأمة يثبتون لآيات الصفات وأحاديثها معنى من وجهين:
الوجه الأول: من قولهم (أمروها كما جاءت) وهي لم تأت عبثاً , بل جاءت لمعنى , فإذا أمروها كما جاءت لزم من ذلك أن يثبت لها معنى.
الوجه الثاني: من قولهم (بلا كيف) لأن نفي الكيفية بدل على إثبات أصل المعنى , إذ نفي الكيف عما ليس لغو وعبث.
وقد ذكر العلماء رحمهم الله أن صفات الله عز وجل تنقسم إلى صفات ذاتية: وهي التي لم يزل ولا يزال الله متصفاً بها , وصفات فعلية وهي المتعقلة بالمشيئة , وذكروا أن الصفات الذاتية تنقسم إلى معنوية مثل: الحياة والعلم والقدرة وغيرها , وخبرية مثل: اليدين , والوجه , والعينين , وما أشبه ذلك مما مسماه بالنسبة لنا أجزاء وأبعاض , وبسط هذه الصفات وأدلتها من الكتاب والسنة في كتب العقيدة.
وقد وقع في بعض أحاديث الصفات خلاف بين الأئمة في إثبات ما دلَّت عليه لله من عدمه من أن جمهورهم على إثبات ما دلت عليه مع نفي التمثيل والتكييف.
ومن هذه الأحاديث حديث (إن الله خلق آدم على صورته) فقد كثر الكلام حول هذا الحديث , واختُلف في مرجع الضمير في قوله (صورته) على من يعود؟ وإني في هذا البحث المختصر أُبين تخريج الحديث وبيان ألفاظه وطرقه , وخلاف الأئمة في تفسيره مع بيان القول الذي اختاره جمهور أئمة أهل السنة , وأسأل الله العون والتوفيق والتسديد , إنه جواد كريم.
وقد جعلت هذا الموضوع في ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: سرد حديث الصورة بطرقه وألفاظه.
المبحث الثاني: كلام الأئمة على الضمير في قوله (على صورته) إلى من يعود؟
المبحث الثالث: في إثبات الصورة لله جل جلاله.
يتبع إن شاء الله تعالى ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/131)
ـ[علي الأسمري]ــــــــ[21 - 06 - 05, 03:08 م]ـ
جزاك الله خيرا
هل من الممكن وضعه كملف وورد أخي العوضي
ـ[ابو البراء عامر]ــــــــ[21 - 06 - 05, 06:44 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[العوضي]ــــــــ[22 - 06 - 05, 09:33 ص]ـ
وفقكما الله
إن شاء الله سأضعه على ملف وورد ولكن بعد الانتهاء من طرحه هنا.
ـ[العوضي]ــــــــ[22 - 06 - 05, 09:42 ص]ـ
المبحث الأول
سرد حديث الصورة بطرقه و ألفاظه
هذا الحديث ورد من عدة طرق:
1. فقد ورد من طريق عبدالرزاق , حدثنا معمر , عن همام بن منبه , عن أبي هريرة بلفظ (خلق الله عز وجل آدم على صورته , طوله ستون ذراعاً , فلما خلقه قال: اذهب فسلم على أولئك النفر – وهم نفر من الملائكة جلوس – فاستمع ما يحيُّونك , فإنها تحيتك وتحية من بعدك ... ) الحديث.
أخرجه عبدالرزاق (19435) والبخاري (3326 , 6227) , ومسلم (2841) , وابن خزيمة في التوحيد (1/ 93 – 94) وابن حبان (6162) وابن منده في الرد على الجهمية ص (41 – 42) و اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (711 , 712) و البيهقي في الأسماء والصفات
(635 , 636) و البغوي في شرح السنة (3298).
2. ومن طريق سفيان بن عيينة ,عن أبي الزناد , عن الأعرج , عن أبي هريرة بلفظ (إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه , فإن الله خلق آدم على صورته).
أخرجه الحميدي (1121) , ومسلم (2612) , وأحمد (2/ 244) , وابنه عبدالله في السنة (496) وابن حبان (5605) , و الآجري في الشريعة (721) , و البيهقي في الأسماء والصفات (638) , وفي السنن (8/ 327). ولفظ مسلم مختصر ليس فيه (فإن الله ... ).
3. ومن طريق المثنى بن سعيد , عن قتادة , عن أبي أيوب , عن أبي هريرة بلفظ (إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه , فإن الله خلق آدم على صورته).
أخرجه مسلم (2612 , 115) و الطيالسي (2681) , وإسحاق بن راهويه في مسنده (131) , وأحمد
(9961) , وابن خزيمة في التوحيد (1/ 84) و البيهقي في الأسماء والصفات (637).
ورواية الطيالسي وابن راهويه مقتصرة على الشطر الأول فقط.
وأخرجه أحمد (8556 , 9962) من طريق همام بن يحيى عن قتادة به.
4. ومن طريق محمد بن عجلان , عن سعيد المقبري , عن أبي هريرة.
أخرجه الحميدي (1120) , و أحمد (2/ 251 – 434) وابن أبي عاصم (532) وابن خزيمة في التوحيد (1/ 82 – 83) , و الآجري في الشريعة (724) , و اللالكائي (715) , و البيهقي في الأسماء و الصفات (639) والخطيب في تاريخ بغداد (2/ 220 – 221) من طريق يحيى بن سعيد القطان , وابن أبي عاصم (531) و, وابن خزيمة (1/ 81) من طريق الليث بن سعد كلاهما عن ابن عجلان به.
لفظ حديث يحيى (إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه , ولا يقل: قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك , فإن الله تعالى خلف آدم على صورته).
ولفظ الليث (لا يقولن أحدكم لأحد قبح الله وجهك , ووجها أسبه وجهك , فإن الله خلق آدم على صورته).
5. ومن طريق الأعمش , عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاء , عن ابن عمر بلفظ (لا تقبحوا الوجه , فإن الله خلق آدم على صورة الرحمن).
أخرجه عبدالله بن أحمد في السنة (498) , وابن أبي عاصم في السنة (529) , وابن خزيمة في التوحيد
(1/ 85) , و الآجري في الشريعة (725) و الدارقطني في الصفات (45 , 48) , و البيهقي في الأسماء والصفات (640) كلهم من طريق جرير عن الأعمش به.
يتبع إن شاء الله تعالى ...
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[24 - 06 - 05, 04:15 ص]ـ
هل لك رضي الله عنك وضعه في ملف وورد لمن يريد حفظه
ـ[العوضي]ــــــــ[25 - 06 - 05, 08:14 ص]ـ
إن شاء الله أخي الكريم سأضعه ولكن بعد الانتهاء من طرحه على صورة حلقات , والله الموفق
ـ[العوضي]ــــــــ[25 - 06 - 05, 09:17 ص]ـ
وقد أعل ابن خزيمة هذا اللفظ من هذا الطريق بثلاث علل:
إحداها: أن الثوري قد خالف الأعمش في إسناده , فأرسله الثوري ولم يقل – عن ابن عمر -.
قلت: أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (1/ 86) من طريق سفيان الثوري , عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاء مرسلاً , لم يذكر فيه ابن عمر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/132)
وفي المنتخب من العلل للخلال لابن قدامة ص (265) قال المروذي: قلت لأبي عبدالله: كيف تقول في حديث النبي صلى الله عليه وسلم (خلق آدم على صورته؟)
قال الأعمش: يقول: عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاء , عن ابن عمر (إن الله خلق آدم على صورته) فأما الثوري فأوقفه – يعني حديث ابن عمر.
قلت: وهذا مشكل , اللهم إلا أن يكون مراد الإمام أحمد بالموقوف أي المرسل , يعني الراوي وقف به عند عطاء ولم يجاوزه , أو يكون هذا من اختلاف الرواة على الثوري.
الثانية: أن الأعمش مدلس لم يذكر أنه سمعه من حبيب بن أبي ثابت.
الثالثة: أن حبيب بن أبي ثابت أيضاً مدلس لم يعلم أنه سمعه من عطاء.
وقد ذكر الألباني رحمه الله هذه العلل في " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ".
وزاد علة رابعة , وهي: جرير بن عبدالحميد فإنه وإن كان ثقة , فقد ذكر الذهبي في ترجمته من الميزان أن البيهقي في سننه في ثلاثين حديثاً لجرير بن عبدالحميد قال (وقد نسب في آخر عمره إلى سوء الحفظ)
ومما يؤيد ذلك أنه رواه مرة عند ابن أبي عاصم (530) – وكذا اللالكائي برقم (716) – بلفظ (على صورته) ولم يذكر (الرحمن) وهذا الصحيح المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم من الطرق الصحيحة عن أبي هريرة (2).
قال أخونا طارق عوض الله في حاشيته على المنتخب من العلل للخلال (وهذه العلة قوية جداً , لأن بهذا يسقط الحديث عن الأعمش أصلاً , ولا يبقى إلا حديث الثوري , وقد عرفت حاله , ومما يؤكد قوة هذه العلة: أن الإمام الدارقطني ذكر هذا الحديث في الأفراد والغرائب له , كما في أطرافه لابن طاهر (3136) وقال الدارقطني: تفرد به جرير بن عبدالحميد , عن الأعمش , عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاء) (3).
قلت: وقد وقفت على علة خامسة يعلل بها حديث ابن عمر (على صورة الرحمن) , وهي الانقطاع في الإسناد , فإن عطاء بن أبي رباح لم يسمع من ابن عمر , نص على ذلك الإمام أحمد وعلي بن المديني , كما في جامع التحصيل للعلائي ص (237) رقم (520).
وفي المراسيل لابن أبي حاتم ص (128) قال أبو عبدالله – يعني الإمام أحمد – (عطاء – يعني ابن أبي رباح – قد رأى ابن عمر ولم يسمع منه).
وقد حاول الشيخ حمود التويجري رحمه الله أن يجيب عن العلل الأربعة في كتابه عقيدة أهل الإيمان من عدة أوجه , وفي بعض أجوبته نظر! ومما ذكره من الأوجه (قال: الوجه الثاني: أن يقال إن الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه قد صححا حديث ابن عمر رضي الله عنه الذي فيه (إن الله خلق آدم على صورة الرحمن) ... ) إلخ.
ثم قال (وإذا علم أن الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه قد صححا حديث ابن عمر رضي الله عنه الذي جاء فيه (إن الله خلق آدم على صورة الرحمن) فلا ينبغي أن يلتفت إلى تضعيف ابن خزيمة له فصلاً عن تضعيف الألباني له تقليداً لابن خزيمة , وذلك لأن أحمد وإسحاق أعلم بالأسانيد والعلل ممن أقدم على تضعيف الحديث بغير مستند صحيح) (4).
قلت: هذا الوجه الذي ذكره الشيخ رحمه الله ليس حجة قوية , أما إسحاق بن راهويه فقد ثبت عنه تصحيح الحديث , كما صرح بذلك حرب الكرماني في كتاب السنة , وليس كل إنسان يعتمد على تصحيحه , إذا قد يصححه تبعاً لغيره ولو لم تظهر له علته.
وأما تصحيح الإمام أحمد للحديث فليس على أنه ثابت , وإنما لأجل أن يحتجَّ به على أن الضمير في قوله صلى الله عليه وسلم (على صورته) يعود إلى الله عز وجل , على أنه قد تقدم عن الإمام أحمد ما يدل على عدم صحة رواية (صورة الرحمن) فيما حكاه المروذي عنه.
وأما الجواب عما نقله الذهبي في الميزان في ترجمة حمدان بن علي الوراق فقد أجاب عنه أخونا الشيخ طارق عوض الله في حاشيته على المنتخب من العلل للخلال ص (267) بجواب نفيس قال (ويصعب أن نفهم من كلام أحمد الذي حكاه الذهبي أنه يصحح الحديث المذكور , وإن كان في بعض كلامه ما قد يوهم ذلك , وذلك قوله: فأين الذي يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله خلق آدم على صورة الرحمن)؟! حيث قال هذا في معرض الرد على من فسر حديث (على صورته) بأن معناه: على صورة آدم , فقد يوهم ذلك صحة الحديث عنده , غير أن المتأمل لكلام الإمام أحمد يظهر له بجلاء أن الإمام لا يعتمد على هذا الحديث في نقض التأويل , حتى يصح أن يقال: إنه احتج به واعتمد عليه , فالظاهر للمتأمل غير ذلك , وإن الإمام إنما يستأنس به فحسب , فالمعروف من عادة العلماء في باب الاستشهاد التسامح في سوق الروايات الضعيفة إذا لم تكن منكرة , وكانت موافقة لظاهر الروايات الصحيحة التي في الباب , فيستأنسون بها لبيان ما يدل عليه ظاهر الأحاديث الصحيحة , وصنيعهم هذا لا يدل على اعتمادهم على تلك الروايات الضعيفة , ولا يدل – أيضا- على أنهم اعتمدوا عليها في تفسير الحديث الصحيح الذي ربما يكون معناه محتملاً لهذا المعنى الذي تضمنه هذا الحديث الضعيف ولغيره من المعاني ... وقد قيل: إن رواية (على صورة الرحمن) مما رواه بعض الرواة بالمعنى , فإن صح هذا فليس في الإسناد إلا إمام من أئمة أهل السنة , فالأخذ بتأويله وبفهمه أولى من الأخذ بتأويل المتأخر) أ هـ.
يتبع إن شاء الله تعالى ...
ـــــــــــــــ
2) سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (1176).
3) المنتخب من العلل للخلال لابن قدامة ص (269).
4) عقيدة أهل الإيمان ص (22 – 37).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/133)
ـ[أبو شعبة الأثرى]ــــــــ[03 - 07 - 05, 04:10 م]ـ
أخى العوضي ... جزاك الله خيرا على النقل الطيب ...
أكمل اخي بارك الله فيك ... لمَ توقفت؟؟!
ـ[العوضي]ــــــــ[03 - 07 - 05, 06:29 م]ـ
وإياك أخي الكريم , وإن شاء الله سأكمل الموضوع , ولكن في هذه الأيام مشغول قليلاً.
زادك الله حرصاً وعلما.
ـ[العوضي]ــــــــ[09 - 07 - 05, 12:09 م]ـ
وقد ورد لحديث ابن عمر هذا شواهد:
· منها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه , فإن الله خلق آدم على صورة وجهه).
أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (528) من طريق سعيد بن أبي عروبة , عن قتادة , عن أبي رافع , عن أبي هريرة.
وإسناده صحيح إلا أن لفظه (على صورة وجهه) غير محفوظة , بل المحفوظ في الطرق الصحيحة (على صورته)
قال الألباني رحمه الله في تعليقه على كتاب السنة (ثم إن سعيد بن أبي عروبة قد خولف في إسناده عن قتادة , فقال المثنى بن سعيد عن قتادة , عن أبي أيوب , عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ (على صورته) أخرجه مسلم وأحمد وابن خزيمة والبيهقي , وتابعه همام حدثنا قتادة به سنداً ولفظاً , أخرجه مسلم وأحمد , فهذا هو المحفوظ عن قتادة إسناداً ومتناً).
· ومنها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قاتل فليجتنب الوجه , فإن صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن).
أخرجه ابن أبي عاصم (533) من طريق ابن أبي مريم , حدثنا ابن لهيعة , عن أبي يونس سليم بن جبير , عن أبي هريرة.
وإسناده ضعيف , لضعف ابن لهيعة , والمحفوظ في الحديث عن أبي هريرة هو (على صورته).
فالخلاصة: أن حديث ابن عمر (على صورة الرحمن) لا يصح , لأنه معلول بعلل خمس , والمحفوظ في الحديث هو (فإن الله خلق آدم على صورته).
يتبع إن شاء الله تعالى ...
ـ[العوضي]ــــــــ[13 - 07 - 05, 11:27 ص]ـ
المبحث الثاني
كلام الأئمة على الضمير في قولته (على صورته) إلى من يعود؟
اختُلف في ذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن الضمير يعود على المضروب.
وإلى هذا ذهب ابن خزيمة رحمه الله في كتاب التوحيد , حيث قال (توهم بعض من لم يتحر العلم أن قوله (على صورته) يريد صورة الرحمن عز ربنا وجل عن أن يكون هذا معنى الخبر , بل معنى قوله (خلق آدم على صورته) الهاء في هذا الموضع كناية عن اسم المضروب والمشتوم , أراد صلى الله عليه وسلم أن الله خلق آدم على صورة هذا المضروب , الذي أمر الضارب باجتناب وجهه بالضرب , والذي قبح وجهه , فزجر صلى الله عليه وسلم أن يقول: ووجه من أشبه وجهك , لأن وجه آدم شبيه وجوه بنيه , فإذا قال الشاتم لبعض بني آدم: قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك , كان مقبحاً وجه آدم – صلوات الله عليه وسلامه – الذي وجوه بنيه شبيهة بوجه أبيهم , فتفهموا رحمكم الله معنى الخبر , لا تغلطوا فتضلوا عن سواء السبيل , وتحملوا على القول بالتشبيه الذي هو ضلال) أ هـ (5).
ومثله قال أبو حاتم ابن حبان حيث قال – بعد تخريج هذا الحديث – (يريد به صورة المضروب , لأن الضارب إذا ضرب وجه أخيه المسلم ضرب وجهاً خلق الله آدم على صورته) (6).
قال ابن حجر (واختلف في الضمير على من يعود؟ فالأكثر على أنه يعود على المضروب لما تقدم من الأمر بإكرام وجهه , ولولا أن المراد التعليل بذلك لم يكن لهذه الجملة ارتباط بما قبلها) (7).
وقد ردَّ هذا القول وأبطلوه:
قال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث – في سرد لأقوال الأئمة في تأويل هذا الحديث – ومنها (أن المراد أن الله خلق آدم على صورة الوجه , قال: وهذا لا فائدة فيه , والناس يعلمون أن الله تبارك وتعالى خلق آدم على خلق ولده , وجهه على وجوههم , وزاد قوم في الحديث أنه عليه الصلاة والسلام مر برجل يضرب وجه رجل آخر , فقال (لا تضربه , فإن الله تعالى خلق آدم عليه الصلاة والسلام على صورته) أي صورة المضروب , وفي هذا القول من الخلل ما في الأول) (8).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/134)
قلت: هذه الزيادة التي ذكرها ابن قتيبة في حديث الصورة وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ برجل يضرب رجل آخر , فقال (لا تضربه). لم أقف عليها , وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (هذا شيء لا أصل له , ولا يعرف في شيء من كتب الحديث) (9).
وقد قال الطبراني في كتاب السنة: حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل قال (قال رجل لأبي: إن رجلاً قال: خلق الله آدم على صورته , أي صورة الرجل , فقال: كذب , هذا قول الجهمية , وأي فائدة في هذا) (10).
وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية عن الشيخ محمد الكرخي الشافعي أنه قال في كتابه " الفصول في الأصول عن الأئمة الفحول إلزاماً لذوي البدع والفضول " ما نصه (فأما تأويل من لم يتابعه عليه الأئمة فغير مقبول , وإن صدر ذلك عن إمام معروف غير مجهول , نحو ما ينسب إلى أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة في تأويل الحديث (خلق آدم على صورته) فإنه يفسر ذلك بذلك التأويل , ولم يتابعه عليه من قبله من أئمة الحديث , لما رويناه عن أحمد رحمه الله , ولم يتابعه أيضاً من بعد ... )
ثم قال شيخ الإسلام (قلت: فقد ذكر الحافظ أبو موسى المديني فيما جمعه من مناقب الإمام المقلب بقوام السنة أبي القاسم إسماعيل بن محمد التميمي صاحب كتاب الترغيب والترهيب , قال: سمعته يقول: أخطأ محمد بن إسحاق بن خزيمة في حديث الصورة , ولا يطعن عليه بذلك بل لا يؤخذ عنه فحسب. قال أبو موسى: أشار بذلك إلى أنه قلَّ من إمام إلا وله زلة , فإذا ترك ذلك الإمام لأجل زلته , ترك كثير من الأئمة , وهذا لا ينبغي أن يفعل) (11).
وقال الذهبي رحمه الله في السير – في ترجمة محمد بن إسحاق بن خزيمة – (وكتابه في التوحيد مجلد كبير , وقد تأول في ذلك حديث الصورة , فليعذر من تأول بعض الصفات , وأما السلف فما خاضوا في التأويل بل آمنوا وكفوا , وفوضوا علم ذلك إلى الله ورسوله , ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده – مع صحة إيمانه وتوخيه لاتباع الحق – أهدرناه , وبدعناه , لقل من يسلم من الأئمة معنا , رحم الله الجميع بمنه وكرمه) (12).
وقد ساق شيخ الإسلام ابن تيمية في نقض التأسيس ثلاثة عشر وجهاً لإبطال هذا القول:
· منها: أنه في مثل هذا لا يصلح إفراد الضمير , فإن الله خلق آدم على صورة بنيه كلهم فتخصيص واحد لم يتقدم له ذكر بأن الله خلق آدم على صورته في غاية البعد , لا سيما وقوله (وإذا قاتل أحدكم .. وإذا ضرب أحدكم) عام في كل مضروب , والله خلق آدم على صورهم جميعهم , فلا معنى لإفراد الضمير , وكذلك قوله (لا يقولن أحدكم قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك) عام في كل مخاطب , والله قد خلقهم كلهم على صورة آدم.
· ومنها: أن ذرية آدم خلقوا على صورة آدم , لم يخلق آدم على صورهم , فإن مثل هذا الخطاب إنما يقال فيه: خلق الثاني المتأخر في الوجود على صورة الأول المتقدم وجوده , لا يقال: إنه خلق الأول على صورة الثاني المتأخر في الوجود , كما يقال: خلق الخلق على غير مثال أو نسيج هذا على منوال هذا.
· ومنها: أنه إذا أريد مجرد المشابهة لآدم وذريته لم يحتج إلى لفظ خلق على كذا , فإذ هذه العبارة إنما تستعمل فيما فطر على مثال غيره , بل يقال إن وجهه يشبه وجه آدم , أو فإن صورته تشبه صورة آدم.
· ومنها: أنه لو كانت علة النهي عن شتم الوجه وتقبيحه أنه يشبه وجه آدم لنهى أيضاً عن الشتم والتقبيح وسائر الأعضاء , لا يقولن أحدكم قطع الله يدك ويد من أشبه يدك ... إلخ ما ذكره (13).
يتبع إن شاء الله تعالى ...
ـــــــــــــــ
5) التوحيد لابن خزيمة (1/ 84 - 85).
6) صحيح ابن حبان – كما في الإحسان – (12/ 420).
7) فتح الباري (5/ 183).
8) تأويل مختلف الحديث ص (319).
9) نقض التأسيس ج3 (مخطوط).
10) ميزان الاعتدال (1/ 603).
11) نقض التأسيس ج3 (مخطوط).
12) سير أعلام النبلاء (14/ 374).
13) نقض التأسيس ج3 (مخطوط).
ـ[العوضي]ــــــــ[16 - 07 - 05, 08:24 ص]ـ
القول الثاني: أن الضمير يعود إلى آدم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/135)
وهو مروي عن أبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي , ذكره القاضي أبو الحسين في طبقات الحنابلة في ترجمة محمد بن علي الجرجاني , المعروف بحمدان أنه قال (سألت أبا ثور عن قول النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله خلق آدم على صورته) فقال: على صورة آدم) (14).
ونقله الإمام أحمد عن بعض محدثي البصرة , كما في نقض التأسيس لشيخ الإسلام ابن تيمية.
وذكره البيهقي في الأسماء والصفات عن أبي سليمان الخطابي وأقرَّه (15).
ونسبه ابن قتيبة إلى أهل الكلام , فقال (فقال قوم من أصحاب الكلام: أراد خلق آدم على صورة آدم لم يزد على ذلك) (16) , وإليه ذهب العراقي في طرح التثريب (17).
وقد رد الأئمة هذا القول وأبطلوه وبدعوا قائله:
فقد قال الإمام أحمد – لما ذكر له قول أبي ثور المتقدم – (من قال: إن الله خلق آدم على صورة آدم فهو جهمي , وأيُّ صورة كانت لآدم قبل أن يخلقه؟) (18).
وقال ابن قتيبة – بعد ذكره لهذا القول – (ولو كان المراد هذا , ما كان في الكلام فائدة , ومن يشك في أن الله تعالى خلق الإنسان على صورته , والسباع على صورها , الأنعام على صورها) (19).
وقد ساق شيخ الإسلام ابن تيمية لفساد هذا القول تسعة أوجه في كتابه نقض التأسيس , أذكر منها ثلاثة وهي كافية في إبطاله:
· أحدها: أنه إذا قيل: إذا فاتل أحدكم فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورة آدم , أولا تقبحوا الوجه , ولا يقل أحدكم قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك ,فإن الله خلق آدم على صورة آدم , كان هذا من أفسد الكلام , فإنه لا يكون بين العلة والحكم مناسبة أصلاً , فإن كون آدم مخلوقاً على صورة آدم , فأي تفسير فسر به فليس في ذلك مناسبة للنهي عن ضرب وجوه بنية , ولا عن تقبيحها وتقبيح ما يشبهها , وإنما دخل التلبيس بهذا التأويل حيث فرق الحديث المروي (إذا قاتل أحدكم فليتق الوجه) مفرداً , وروي قوله (إن الله خلق آدم على صورته) مفرداً , أما مع أداء الحديث على وجهه فإن عود الضمير إلى آدم يمنع فيه , وذلك أن خلق آدم على صورة آدم سواء كان فيه تشريف لآدم أو كان فيه إخبار مجرد بالواقع فلا بناسب هذا الحكم.
· الوجه الثاني: أن الله خلق سائر أعضاء آدم على صورة آدم , فلو كان مانعاً من ضرب الوجه أو تقبيحه لوجب أن يكون مانعاً من ضرب سائر الوجوه وتقبيح سائر الصور , وهذا معلوم الفساد في العقل والدين , وتعليل الحكم الخاص بالعلة المشتركة من أقبح الكلام , وإضافة ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا يصدر إلا عن جهل عظيم أو نفاق شديد , إذ لا خلاف في علمه وحكمته وحسن كلامه وبيانه.
· الوجه الثالث: أن هذا تعليل للحكم بما يوجب نفيه , وهذا من أعظم التناقض , وذلك أنهم تأولوا الحديث على أن آدم لم يخلق من نطفة وعلقة ومضغة , وعلى أنه لم يتكون في مدة طويلة بواسطة العناصر , بَنوه قد خلقوا من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة , وخلقوا في مدة عناصر الأرض , فإن كانت العلة المانعة من ضرب الوجه وتقبيحه كونه خلق على ذلك الوجه , وهذه العلة منتفية في بينه , فينبغي أن يجوز ضرب وجوه بنيه وتقبيحها لانتفاء العلة فيها أن آدم هو الذي خلق على صورة دونهم , إذ هم لم يخلقوا كما خلق لآدم على صورهم التي هم عليها بل نقلوا من نطفة إلى علقة إلى مضغة .. إلخ (20).
والعجب أن ابن حجر في الفتح قال (وزعم بعضهم أن الضمير يعود على آدم , أي على صفته , أي خلقه موصوفاً بالعلم الذي فضل به الحيوان وهذا محتمل) (21).
قال الشيخ التويجري رحمه الله (وما أبعده من الاحتمال وإنما هو قول باطل مردود بالنص على أن الله خلق آدم على صورة الرحمن) (22).
قلت: وهو كما قال , إلا أن حديث (على صورة الرحمن) قد تقدم أنه لا يصح.
يتبع إن شاء الله تعالى ...
ــــــــــــــ
14) طبقات الحنابلة (1/ 309).
15) الأسماء والصفات (2/ 61 - 62).
16) تأويل مختلف الحديث ص (318).
17) طرح التثريب (8/ 104).
18) طبقات الحنابلة (1/ 309).
19) تأويل مختلف الحديث ص (318).
20) بيان تأسيس الجهمية ج3 (مخطوط).
21) فتح الباري (5/ 183).
22) عقيدة أهل الإيمان ص (15).
ـ[العوضي]ــــــــ[21 - 07 - 05, 09:48 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/136)
وقد ذكر الإمام أحمد هذا القول فيما أملاه على بعض أصحابه من أقوال أهل السنة والجماعة , قال القاضي أبو الحسين في طبقات الحنابلة – في ترجمة أبي جعفر محمد بن عوف بن سفيان الطائي الحمصي – (نقلت من خط أحمد الشنجي بإسناده قال: سمعت محمد بن عوف يقول: أملى عليَّ أحمد بن حنبل – فذكر جملة من المسائل التي أملاها عليه مما يعتقده أهل السنة والجماعة , ومنها – وأن آدم صلى الله عليه وسلم خلق على صورة الرحمن كما جاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) (23).
وحكاه شيخ الإسلام ابن تيمية عن جمهور السلف:
وقال ابن جحر (وقال القرطبي: أعاد بعضهم الضمير على الله متمسكاً بما ورد في بعض طرقه (إن الله خلق آدم على صورة الرحمن).
قلت: هذا الطريق ضعيف , ولكن لا شك أن هذا هو المراد , وهو مذهب أهل السنة والجماعة , أن الله عز وجل خلق آدم على صورته , ولا يلزم من ذلك مماثلة الخالق بالمخلوق , فإن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
قال ابن قتيبة رحمه الله (والذي عندي – والله تعالى أعلم – أن الصورة ليست بأعجب من اليدين , والأصابع , والعين , وإنما وقع الإلف لتلك لمجيئها في القرآن , ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت في القرآن , ونحن نؤمن بالجميع , ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حد) (24).
وقد انتصر لهذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية في نقض التأسيس.
وقد ذهب بعض أهل السنة والجماعة إلى أن إضافة الصورة إلى الله من باب التشريف والتكريم , كقوله تعالى (ناقة الله) (25) وكما يقال في الكعبة بيت الله ونحو ذلك (26).
إلا أن إجراء النص على ظاهره مع نفي التمثيل أولى , كما هو مذهب جمهور السلف.
يتبع إن شاء الله تعالى ...
ـــــــــــــــــــــــ
23) طبقات الحنابلة (1/ 313).
24) تأويل مخلف الحديث ص (318).
25) الأعراف الآية (73).
26) انظر: طرح التثريب (8/ 105) , وهو أحد الأجوبة التي أجاب بها شيخنا ابن عثيمين – رحمه الله - عن الحديث. انظر شرح العقيدة الواسطية (1/ 109).
ـ[العوضي]ــــــــ[22 - 07 - 05, 09:32 م]ـ
المبحث الثالث
في إثبات الصورة لله عز وجل
وردت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في إثبات الصورة لله عز وجل أكتفي بذكر حديث واحد مشهور وهو:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنا ناساً قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال عليه الصلاة والسلام (هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر؟) قالوا: لا يا رسول الله! , وفيه (يجمع الله الناس يوم القيامة , فيقول: من كان يعبد شيئاً فليتبعه , فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس , ويتبع من كان يعبد القمر القمر , ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت , وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله تبارك وتعالى في صورة غير صورته التي يعرفون , فيقول: أنا ربكم , فيقولون: نعوذ بالله منك , هذا مكاننا يأتينا ربنا , فإذا جاء ربنا عرفناه , فيأتيهم الله تعالى في صورته التي يعرفون , فيقول: أنا ربكم , فيقولون: أنت ربنا , فيتبعونه ... ).
أخرجه البخاري (6573 , 7437) , ومسلم (182).
هذا ما أردت بيانه وإيضاحه , والله أسأل أن يرزقنا الاقتداء بنبينا صلى الله عليه وسلم , وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه , وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه , وإن سميع مجيب.
والحمد لله رب العالمين , وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[العوضي]ــــــــ[26 - 07 - 05, 10:35 ص]ـ
البحث على صيغة الورود
والله الموفق
ـ[النصري]ــــــــ[26 - 07 - 05, 03:11 م]ـ
لا حرمك ربي الأجر.
ـ[العوضي]ــــــــ[27 - 07 - 05, 07:51 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفاضل
ـ[أبو معاذ الأسمري]ــــــــ[02 - 08 - 05, 06:28 م]ـ
عضد ا ً لما سبق بيانه ونقله من خلال الأخ الفاضل (العوضي) وزيادة في العلم بالنسبة لحديث الصورة فإن هنالك قولاً رابعاً وقد ذ كره شيخنا أبن عثيمين رحمه الله تعالى:
(وهناك جواب آخر: وهو أن الإضافة هنا من باب إضافة المخلوق إلى خالقه كقوله تعالى عن آدم (ونفخت فيه من روحي) ولا يمكن أن يكون الله أعطى آدم جزءاً من روحه لكن روح الله يعني بها الروح التي خلقها الله عز وجل
لكن إضافتها إلى الله من باب التشريف كما نقول (عباد الله) فهذه إضافة عامة لكننا لو قلنا (محمد بن عبد الله)
فهذه إضافة خاصة ليست كالعبودية السابقة
فإذاً صورة الله يعني صورة من الصور التي خلقها الله وصورها (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) فالتصوير سابق على القول للملائكة
إذا: فآدم صورة الله يعني أن الله هو صوره على هذه الصورة التي تعتبر أحسن صورة في المخلوقات فأضاف الله الصورة إليه من باب التشريف كأنه عز وجل اعتنى بهذه الصورة ومن أجل ذلك " لا تضرب الوجه " فيقبح حساً "ولا تقبحه" فتقول قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك فتعيبه معنى.
فمن أجل أنه الصورة التي صورها الله وأضافها إلي نفسه تشريفاً وتكريما ًلا تقبيحها بعيب حسي ولا بعيب معنوي فصار هذا نظير "بيت الله ـ عبد الله " لأن هذه الصورة منفصلة بائنة من الله وكل شيء أضافه إلى نفسه وهو منفصل بائن عنه فهو من المخلوقات.
المرجع: شرحه العقيدة الواسطية1/ 67ـ69
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/137)
ـ[العوضي]ــــــــ[16 - 08 - 05, 01:50 م]ـ
وفقك الله أخي الكريم (الأسمري) على ما تفضلت به من كلام العلامة ابن عثيمين رحمه الله
ـ[محمد سفر العتيبي]ــــــــ[28 - 12 - 05, 03:44 م]ـ
بقلم الشيخ الدكتور بندر بن نافع العبدلي
--------------
تعليق: بحث كتبه صاحبه بنية مايريد كتابته سلفاً. بحث لايعتد به, مع وافر الاحترام والتقدير لشخص مؤلفه.
1)) يبدو أنه يجهل رد بعض كبار الأئمة له, ((ابن خزيمة, ابن تيمية, النووي, ابن بطة الحنبلي واخرين))
2)) معنى الحديث ظاهر من مناسبته, وتمتلئ به كتب الحديث.
3)) بما يشبه اليقين: د. بندر, سيفهم كلامي هذا كلغز, فقد فاته امور مايجب أن تفوته. فهود صدق مباشرة مانسب لاحمد واسحاق مفترضاً أن عبد الله بن احمد بن حنبل لاتنطبق عليه ((ولو كان من عند غير الله لوجودوا فيه اختلافا كثيرا)) اي ان هذا الدكتور يفتقد للذكاء والنباهة والفطنة. فنحن لانقبل حديث رسول الله الا بعد التثبت, فكيف بمن لايقارن به. وليته دلنا على حديث صورة الرحمن في مسند ابن راهويه او مسند احمد ذي ال30000 حديث.
4)) مشكلتنا ليست في حبنا للسنة والذب عنها, ولا صدقنا, ولكن في رؤوسنا, فقدراتنا الذهنية لاتساعد للارتقاء لمستوى قال الله وقال رسوله والعقل عن الله, ورحم الله امرءاً فكر
5)) معذرة على اللغة الانفعالية
والى الله المشتكى ولاحول ولاقوة الا بالله, واللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[28 - 12 - 05, 05:15 م]ـ
كتبه صاحبه بنية مايريد كتابته سلفاً
بحث لايعتد به
يجهل رد بعض كبار الأئمة له
هذا الدكتور يفتقد للذكاء والنباهة والفطنة
ومع ذلك يقول: مع وافر الاحترام والتقدير لشخص مؤلفه!!
أقول: تستطيع إيصال ما عندك بأدب يا محمد سفر.
وشيخنا الشيخ بندر من المتميزين في علمهم، وخُلُقهم، ودينهم، نحسبه كذلك والله حسيبه.
ولا أدري هل قدَّمت ما قدَّم - أو شيئًا مما قدَّم - حتى تصل إلى مستوى أن تتهمه في نيَّته، وأنه كتب ما كتب محدِّدًا النتيجة سلفًا؟!
أم أن ما قدَّمته هو تُرَّهات وجهالات تكتبها في الساحة السياسية، وحسب؟!
المشكلة أن عندك تعظيمًا لما يوحي إليك به عقلك، لا أدري هل تعتدُّ بصحة الأسانيد معه أو لا؟!
تفضل يا محمد سفر، ردَّ بردٍّ علمي مؤدَّب .. أو اسكت.
الآية ((ولو كان من عند غير الله لوجودوا فيه اختلافا كثيرا))
(لوجدوا).
ـ[محمد سفر العتيبي]ــــــــ[28 - 12 - 05, 08:11 م]ـ
المشكلة أن عندك تعظيمًا لما يوحي إليك به عقلك، لا أدري هل تعتدُّ بصحة الأسانيد معه أو لا؟!
تفضل يا محمد سفر، ردَّ بردٍّ علمي مؤدَّب .. أو اسكت.
الآية ((ولو كان من عند غير الله لوجودوا فيه اختلافا كثيرا))
(لوجدوا).
مرحبا
شكراً تصحيح الآية ولو أنه خطأ مطبعي, وصحة الأسانيد أهم شيئ يعتد به في تثبت المتأخرين والتححق من الصواب, والا فالكلام الجميل الذي يطرب الاذن كثير.
حدد وجه اعتراضك على ردي, فأنت لم تجب على فقرة واحدة منه, بل تطرقت لبعض العبارات النابية تبعاً لانفعال وقتي مضى.
وايضا احب معيار تقييم ماقدمه الشخص لامته, بما انها تتكرر على الاسلن كثيرا وفي بعض الاوقات نسمعها اكثر من لهجة الالسنة بذكر الله. وتقبل سالف الشكر والتقدير
ننتظر
ـ[العوضي]ــــــــ[04 - 03 - 06, 07:48 ص]ـ
الشيخ عبد العزيز الراجحي
فوائد في إثبات الصورة لله تعالى
أحاديث الصورة:
فيها إثبات الصورة لله تعالى، والمراد الصورة التي يدخل فيها الوجه، والصورة من صفات الله تعالى، وإن كانت الصورة قد يراد بها الوجه كحديث: ويحرم الله صورهم على النار.
أي: وجوههم، لكن المراد بالصورة في أحاديث الصورة: الصورة التي يدخل فيها الوجه.
الأحاديث الواردة في الصورة ثلاثة أنواع:
النوع الأول: الأحاديث في خلق آدم على صورة الله:
إذا قاتل أحدكم أو ضرب أحدكم فليجتنب الوجه؛ فإن الله خلق آدم على صورته.
خلق الله آدم على صورته طوله في السماء ستون ذراعًا.
فالضمير في (صورتِهِ) يعود إلى الله، وهذا يقتضي نوعًا من المشابهة فقط، وهو المشابهة في مطلق الصورة ولا يقتضي تماثلا في حقيقة ولا قَدْرٍ، إذ التشابه في الحقيقة والقدر منفي بالنص والإجماع والأدلة العقلية الصحيحة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/138)
والإضافة تتنوع دلالتها بحسب المضاف إليه، فلما قال في آخر الحديث: فكل من يدخل الجنة على صورة آدم طوله ستون ذراعًا كان هذا يقتضي المشابهة في الجنس والقدر؛ لأن صورة المضاف من جنس صورة المضاف إليه، وحقيقتهما واحدة.
وأما قوله في الحديث: خلق آدم على صورته فهذا يقتضي نوعًا من المشابهة، ولا يقتضي تماثلا في حقيقة ولا قدر.
ومن المعلوم أن الشيئين المخلوقين قد يكون أحدهما على صورة الآخر مع التفاوت العظيم بين جنس ذواتهما وقدر
ذواتهما، وقد تظهر السماوات والقمر في صورة ماء أو مرآة في غاية الصغر، ويقال هذه صورتها، مع العلم بأن حقيقة السماوات والأرض والقمر أعظم من ذلك بما لا نسبة لأحدهما إلى الآخر، وكذلك المصوِّر الذي يصور السماوات والكواكب والشمس والقمر والجبال والبحار، مع أن الذي يصوره -وإن شابه ذلك- فإنه أبعد شيء عن حقيقته وقدْره.
ومن المعلوم كذلك أن الصورة قائمة بالشيء، فصورة الله كوجه الله و يد الله وقدرة الله، ومشيئة الله، وكلام الله، قائمة به ويمتنع أن تقوم بغيره.
وثبوت الوجه والصورة لله قد جاءت في نصوص كثيرة من الكتاب والسنة المتواترة، واتفق على ذلك سلف الأمة.
ففي حديث الصورة: إذا قاتل أحدكم أو ضرب فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته نهى عن ضرب الوجه؛ لأن الله خلق آدم على صورته، فلو كان المراد مجرد خلقه عالمًا قادرًا، ونحو ذلك لم يكن للوجه بذلك اختصاص، بل لا بد أن يريد الصورة التي يدخل فيها الوجه، ولو كانت الإضافة (على صورته) إضافة خلق لكان سائر الأعضاء مشاركة للصورة التي هي الوجه في كون الله خلق ذلك.
ثم إن الأدلة الشرعية والعقلية التي تثبت بها صفات الله يثبت بنظيرها هذه الصورة، فإن وجود ذات ليس لها صفات ممتنع، وثبوت الصفات الكمالية معلوم بالشرع والعقل، وثبوت المشابهة من بعض الوجوه في الأمور الكمالية معلوم بالشرع والعقل، وكما أنه لا بد لكل موجود من صفات تقوم به، فلا بد لكل موجود قائم بنفسه من صورة يكون عليها.
كون الإنسان على صورة الله -إذا أقر الحديث كما جاء- فيه نوع من المشابهة أكثر من المشابهة في تأويل الحديث على أن الصورة بمعنى الصفة أو الصورة المعنوية، أو الروحانية ونحو ذلك، فمسمى التشبيه لازم على التقديرين، والتشبيه المنفي بالنص والإجماع والأدلة العقلية الصحيحة منتف على التقديرين.
قال الإمام أحمد في رواية أبي القاسم الجيلي عن حنبل والذي جاء به الشرع في هذا النص من قوله: خلق آدم على صورته ونحوه، فإنه أخص مما يعلم بمجرد العقل من ثبوت القدْر المشترك بينه وبين كل موجود وكل حي، فإن هذا
المدلول عليه بالنص لا يعلم بالعقل والقياس، وإنما يعلم أصل ذلك مجملا.
أما قول بعض أهل البدع كالرازي وغيره إن الضمير في الحديث: خلق الله آدم على صورته يعود إلى آدم أو إلى المضروب فهذا باطل، وقد ناقشهم المؤلف شيخ الإسلام ورد عليهم من وجوه متعددة.
وكذلك قول بعض أهل الحديث - كابن خزيمة إن الضمير يعود إلى المضروب باطل ردّ عليه المؤلف من وجوه متعددة،
وكذلك تضعيف ابن خزيمة لرواية الحديث خلق الله آدم على صورة الرحمن رد عليه المؤلف وبين أنها ثابتة كما أثبتها
الحافظ ابن حجر في فتح الباري.
رقم الفتوى: 2359
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د. عبدالله الفقيه
عنوان الفتوى: معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله خلق آدم على صورته.
تاريخ الفتوى: 16 صفر 1420
السؤال: أرجو التكرم بتوضيح معنى الحديث (إن الله خلق آدم على صورته) وهل هذا الحديث يقتضي التشبيه وإذا كان معنى الحديث يُفسر بالتأويل فلماذا لا نقول بالتأويل في جميع آيات الصفات. وجزاكم الله خيراً ..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح أن الله تعالى يوصف بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله، من غير تشبيه ولا تمثيل، ومن غير تأويل ولا تعطيل. ومعاذ الله أن يكون في نصوص الوحي ما يقتضي تشبيهاً أو تمثيلاً، فإن الله تعالى يقول: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير). [الشورى: 11].ولو كان في شيء من النصوص ما يقتضي ذلك لما كانت دالة على الهدى داعية إلى الرشد. وهذا الحديث ثابت في الصحيحين، ولفظ مسلم: " إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/139)
الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته". وقد ذهب جماعة من السلف والخلف إلى أن الحديث على ظاهره، وأنه لا يستلزم تشبيهاً ولا تمثيلاً، وممن بين هذا ووضحه الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله حيث قال: " الحديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث - وهذا لا يلزم منه التشبيه والتمثيل.والمعنى عند أهل العلم: أن الله خلق آدم سميعاً بصيراً متكلماً، إذا شاء، وهذا هو وصف الله تعالى، فإنه سميعٌ بصيرٌ متكلمٌ إذا شاء، وله وجه جلّ وعلا. وليس المعنى التشبيه والتمثيل، بل الصورة التي له غير الصورة التي للمخلوق وإنما المعنى أنه سميع بصير متكلم إذا شاء، وهكذا خلق الله آدم سميعاً
صيراً، ذا وجه ويد وذا قدم، ولكن ليس السمع كالسمع، وليس البصر كالبصر، وليس المتكلم كالمتكلم، بل لله جلّ وعلا صفاته التي تليق بجلاله وعظمته، وللعبد صفاته التي تليق به، صفات يعتريها الفناء والنقص، وصفات الله سبحانه كاملة لا يعتريها نقص ولا زوال ولا فناء، ولهذا قال الله عزوجل ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) [الشورى:11].وقال سبحانه: (ولم يكن له كفواً أحد) [الإخلاص: 4]. انتهى.فهذا التعبير: " على صورته " لا يقتضي مماثلة الصورة للصورة، ولا الصفة للصفة، ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أضوء كوكب في السماء ". متفق عليه، ومعلوم أن هذه الزمرة ليست مماثلة للقمر. والله أعلم.
موقع الإسلام سؤال وجواب
www.islam-qa.com
سؤال رقم: 21949
العنوان: معنى حديث خلق الله آدم على صورته
الجذر > العقيدة > التوحيد > الأسماء والصفات >
السؤال: أسأل عن الفهم الصحيح لحديث (خلق آدم على صورة الرحمن)؟
الجواب: الحمد لله عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ .. ) رواه البخاري (6227) ومسلم (2841) أما حديث: (لا تقبِّحوا الوجه، فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن) فقد ضعّفه الألباني في السلسلة الضعيفة رقم (1176). ولعل السائل أشكل عليه فهم هذا الحديث مع قول الله تعالى: (ليس كمثله شيء) الشورى /25.
وقد أجاب العلماء عن هذا الإشكال بجوابين:
الأول: جواب مجمل. الثاني: جواب مفصل.
أما الجواب المجمل: فهو أنه لا يمكن أن يناقض هذا الحديث قوله تعالى: (ليس كمثله شيء) الشورى/11، فإن يسّر الله لنا التوفيق بينهما، وإلا فإننا نقول: (ءَامَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلْبَابِ) آل عمران / 7، وعقيدتنا أن الله لا مثيل له، وبهذا نسلم أمام الله عز وجل. وهذا كلام الله , وهذا كلام رسوله والكل حقّ ولا يمكن أن يكذِّب بعضه بعضاً. فنقول الآية فيها نفي مماثلة الخلق لله تعالى، والحديث فيه إثبات الصورة لله عز وجل، والكل حق نؤمن به، ونقول كل من عند ربنا، ونسكت، وهذا غاية ما نستطيع.
انظر شرح الواسطية لابن عثيمين.
وأما الجواب المفصل:
فهذا الحديث يثبت أن الله تعالى له صورة، وأن آدم عليه السلام خلقه الله تعالى على صورته.
ولكن ليس في هذا الحديث ما يدل على أن صورة آدم عليه السلام مماثلة لصورة الله تعالى، بل هذا المعنى باطل قطعاً، ولم يرده الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن الله تعالى يقول: (ليس كمثله شيء) ولا يلزم من تشبيه شيء بشيء أن يون مثله مطابقاً له من كلِّ وجه، بل تحصل المشابهة بالاشتراك في بعض الصفات ولا يشترط تطابق كل الصفات وتماثلها.
ودليل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ "رواه البخاري (3327) ومسلم (2834)
فليس معنى هذا الحديث أنهم دخلوا الجنة وصورتهم مطابقة لصورة القمر من كلّ وجه، وإلا لزم من ذلك أنهم دخلوا الجنة وليس لهم أعين ولا أفواه، وإن شئنا قلنا: دخلوا وهم أحجار!!
وإنما معنى الحديث أنهم على صورة القمر في الحسن والوضاءة والجمال واستنارة الوجه، وما أشبه ذلك.
فإذا قلت: ما هي الصورة التي تكون لله عز وجل ويكون آدم عليها؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/140)
قلنا: إن الله عز وجل له وجه وله عين وله يد وله رجل عز وجل، لكن لا يلزم من أن تكون هذه الأشياء مماثلة للإنسان فهناك شيء من الشبه، لكن ليس على سبيل المماثلة، كما أن الزمرة الأولى من أهل الجنة فيها شبه بالقمر، لكن بدون مماثلة. وبهذا يصدق ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة، من أن جميع صفات الله سبحانه وتعالى ليست مماثلة لصفات المخلوقين من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
انظر شرح العقيدة الواسطية للشيخ محمد بن صالح العثيمين ج/1 ص/107 - 110.
الإسلام سؤال وجواب ( www.islam-qa.com)
فتاوى نور على الدرب (نصية): التفسير لفضيلة الشيخ: محمد
العثيمين -رحمه الله -:
السؤال: جزاكم الله خيراً هذه الأخت السائلة تستفسر عن حديث تقول نرجو توضيح معنى الحديث إن الله خلق آدم على صورته وهذه الهاء تعود على من؟
الجواب: (الهاء تعود على الله عز وجل أي أن الله خلق آدم على صورته تبارك وتعالى كما جاء ذلك مفسرا في بعض الروايات (على صورة الرحمن) ولا يلزم من هذا أن يكون مماثلاً لله عز وجل لأن الله قال (ليس كمثله شئ وهو السميع البصير) فنقول إن الله خلق آدم على صورته دون مماثلة وهذا ليس بغريب فهؤلاء الزمرة الأولى من أهل الجنة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر بدون مماثلة فإذا جاز هذا بين المخلوقين فبين الخالق والمخلوق من باب أولى. واعلم أن ما ورد في الكتاب والسنة في كتاب الله (1) الواجب إجراؤه على ظاهره بدون تمثيل ولا يحق لنا أن نتصرف فيه بتحريفٍ عن معناه بل نقول بإثبات المعنى وننفي المماثلة وبذلك نسلم من الشر ومن تحريف الكلم عن مواضعه) اهـ.
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_7180.shtml
خلق آدم
يسأل سائل عن معنى الحديث "خلق الله آدم على صورته" وهل هذا الحديث يُعد حجة لمن يشبهون ويمثلون في باب الصفات؟
الجواب: هذا الحديث ثابت وصحيح وقد أخرجه البخاري وغيره، وأهل السنة والجماعة يؤمنون بجميع النصوص الواردة في صفات الله تعالى ويفوضون علم الحقيقة والكيفية لله تعالى، ومثل هذا الحديث لا يعد حجة للمشبهة والممثلة، لأن الله ليس كمثله شيء ولا تشبه صفاته أو تكيف بصفات خلقه سبحانه وتعالى.
قال الإمام الذهبي رحمه الله في الميزان: أما معنى حديث الصورة فنرد علمه إلى الله ورسوله ونسكت كما سكت السلف مع الجزم بأن الله تعالى ليس كمثله شيء.
منقول للأخ (نصاح) في منتدى أنا المسلم
ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[04 - 03 - 06, 08:44 ص]ـ
عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن
للعلامة حمود التويجري ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=73269&highlight=%DA%DE%ED%CF%C9+%C7%E1%C5%ED%E3%C7%E4+%C 7%E1%CA%E6%ED%CC%D1%ED ععع)
ـ[أبو الفرج الكناني]ــــــــ[17 - 04 - 06, 07:31 ص]ـ
كتبه صاحبه بنية مايريد كتابته سلفاً
بحث لايعتد به
يجهل رد بعض كبار الأئمة له
هذا الدكتور يفتقد للذكاء والنباهة والفطنة
ومع ذلك يقول: مع وافر الاحترام والتقدير لشخص مؤلفه!!
أقول: تستطيع إيصال ما عندك بأدب يا محمد سفر.
وشيخنا الشيخ بندر من المتميزين في علمهم، وخُلُقهم، ودينهم، نحسبه كذلك والله حسيبه.
ولا أدري هل قدَّمت ما قدَّم - أو شيئًا مما قدَّم - حتى تصل إلى مستوى أن تتهمه في نيَّته، وأنه كتب ما كتب محدِّدًا النتيجة سلفًا؟!
أم أن ما قدَّمته هو تُرَّهات وجهالات تكتبها في الساحة السياسية، وحسب؟!
المشكلة أن عندك تعظيمًا لما يوحي إليك به عقلك، لا أدري هل تعتدُّ بصحة الأسانيد معه أو لا؟!
تفضل يا محمد سفر، ردَّ بردٍّ علمي مؤدَّب .. أو اسكت.
الآية ((ولو كان من عند غير الله لوجودوا فيه اختلافا كثيرا))
(لوجدوا).
جزاك الله خيرا يا شيخ محمد، وليتك ترد عليه هنا: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=76376
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[15 - 04 - 08, 06:08 م]ـ
عضد ا ً لما سبق بيانه ونقله من خلال الأخ الفاضل (العوضي) وزيادة في العلم بالنسبة لحديث الصورة فإن هنالك قولاً رابعاً وقد ذ كره شيخنا أبن عثيمين رحمه الله تعالى:
(وهناك جواب آخر: وهو أن الإضافة هنا من باب إضافة المخلوق إلى خالقه كقوله تعالى عن آدم (ونفخت فيه من روحي) ولا يمكن أن يكون الله أعطى آدم جزءاً من روحه لكن روح الله يعني بها الروح التي خلقها الله عز وجل
لكن إضافتها إلى الله من باب التشريف كما نقول (عباد الله) فهذه إضافة عامة لكننا لو قلنا (محمد بن عبد الله)
فهذه إضافة خاصة ليست كالعبودية السابقة
فإذاً صورة الله يعني صورة من الصور التي خلقها الله وصورها (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) فالتصوير سابق على القول للملائكة
إذا: فآدم صورة الله يعني أن الله هو صوره على هذه الصورة التي تعتبر أحسن صورة في المخلوقات فأضاف الله الصورة إليه من باب التشريف كأنه عز وجل اعتنى بهذه الصورة ومن أجل ذلك " لا تضرب الوجه " فيقبح حساً "ولا تقبحه" فتقول قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك فتعيبه معنى.
فمن أجل أنه الصورة التي صورها الله وأضافها إلي نفسه تشريفاً وتكريما ًلا تقبيحها بعيب حسي ولا بعيب معنوي فصار هذا نظير "بيت الله ـ عبد الله " لأن هذه الصورة منفصلة بائنة من الله وكل شيء أضافه إلى نفسه وهو منفصل بائن عنه فهو من المخلوقات.
المرجع: شرحه العقيدة الواسطية1/ 67ـ69
هذا أحسن ما سمعته في تفسير هذا الحديث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/141)
ـ[أبو يزيد التهامي]ــــــــ[01 - 05 - 08, 09:02 م]ـ
جزى الله الأخوة خيرا
ـ[موسى الغنامي]ــــــــ[03 - 05 - 08, 02:45 م]ـ
ألا يدل هذا النص على تصحيح الإمام أحمد للحديث
وقد ذكر الإمام أحمد هذا القول فيما أملاه على بعض أصحابه من أقوال أهل السنة والجماعة , قال القاضي أبو الحسين في طبقات الحنابلة – في ترجمة أبي جعفر محمد بن عوف بن سفيان الطائي الحمصي – (نقلت من خط أحمد الشنجي بإسناده قال: سمعت محمد بن عوف يقول: أملى عليَّ أحمد بن حنبل – فذكر جملة من المسائل التي أملاها عليه مما يعتقده أهل السنة والجماعة , ومنها – وأن آدم صلى الله عليه وسلم خلق على صورة الرحمن كما جاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
ـ[موسى الغنامي]ــــــــ[03 - 05 - 08, 02:51 م]ـ
ألا يدل هذا النص على تصحيح الإمام أحمد للفظة صورة الرحمن
وقد ذكر الإمام أحمد هذا القول فيما أملاه على بعض أصحابه من أقوال أهل السنة والجماعة , قال القاضي أبو الحسين في طبقات الحنابلة – في ترجمة أبي جعفر محمد بن عوف بن سفيان الطائي الحمصي – (نقلت من خط أحمد الشنجي بإسناده قال: سمعت محمد بن عوف يقول: أملى عليَّ أحمد بن حنبل – فذكر جملة من المسائل التي أملاها عليه مما يعتقده أهل السنة والجماعة , ومنها – وأن آدم صلى الله عليه وسلم خلق على صورة الرحمن كما جاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم(31/142)
تصريحات الأئمة الأربعة بمخالفة الأشاعرة الصوفية - ارجو العون
ـ[مبارك محمد]ــــــــ[19 - 06 - 05, 01:15 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الهادي الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
بناء على ما سبق أن طرحته ولم أجد التعاون الكافي من الأخوة، اطرح الطلب مرة أخرا راجيا من الله أن يسخر لنا من يساعدنا فيه:
نهدف من هذا المشرع إلى تبيين حقيقة مخالفة الأشاعرة الصوفية للأئمة الأربعة في بعض أبواب العقيدة، وأدناه صور للمشروع، والمطلوب تعبئة الفراغات من أقوال الأئمة الأربعة وإضافة مسائل توجد مقولات للأئمة فيها.
أرجو الرد هنا ولكم جزيل الشكر والثناء.
إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم
ومن كان لديه علم فلا يكتمه حتى لا يقع في المحضور الشرعي.
http://www.arabhardware.net/aqeedah/1.png
http://www.arabhardware.net/aqeedah/2.png
http://www.arabhardware.net/aqeedah/3.png
http://www.arabhardware.net/aqeedah/4.png
http://www.arabhardware.net/aqeedah/5.png
http://www.arabhardware.net/aqeedah/6.png
http://www.arabhardware.net/aqeedah/7.png
http://www.arabhardware.net/aqeedah/8.png
http://www.arabhardware.net/aqeedah/9-11.png
http://www.arabhardware.net/aqeedah/12-13.png
http://www.arabhardware.net/aqeedah/14-16.png
http://www.arabhardware.net/aqeedah/17-18.png
http://www.arabhardware.net/aqeedah/19-20.png[/QUOTE]
ـ[بن حسن الاثرى]ــــــــ[19 - 06 - 05, 08:13 م]ـ
انكر بعض المبتدعة الاشاعرة نسبة القول فى السنة التى انا عليها للشافعى فهل لديكم سند صحيحوفقكم الله؟
ـ[بن حسن الاثرى]ــــــــ[19 - 06 - 05, 08:24 م]ـ
انكر بعض المبتدعة الاشاعرة نسبة القول فى السنة التى انا عليها للشافعى فهل لديكم سند صحيحوفقكم الله؟
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[20 - 06 - 05, 09:44 ص]ـ
يجب العودة لكتاب العلو(31/143)
شبهات حول مسالة التفويض
ـ[أبو معاذ الأسمري]ــــــــ[20 - 06 - 05, 07:16 م]ـ
Question شاع لدى بعض الباحثين ان مذهب السلف هو التفويض وليس الاثبات والحق خلاف ذلك وهو ان مذهب السلف هو الاثبات ونثبت ذلك بعدة امور: 1_ الايات القرانية التي ذكرت الاستواء والمجي والرضا والغضب ان لم يكن الغرض منها الاثبات فماالمراد ا ذن؟ 2_احاديث الرسول وسؤالة لبعض الصحابة عن بعض الصفات ونورد بعض الاحاديث: قولة علية الصلاة و السلام (الا تا منوني وانا امين من في السما ء) حديث احتجاج موسئ على أدم (انت أدم الذي خلقك اللة بيدة) الاثار الواردة عن الصحابة والتابعين: قول عائشة في عثمان (ولكن علم اللة من فوق عرشة أني لم احب قتلة) وكذلك قول الاوزاعي (كنا والتابعون نقول ان اللة على عرشة) واخرج البيهقي ان الثوري وشعبة وحماد بن زيد يروون الحديث ولايقولون كيف،ولم يقل بلا معنى فتدبر رعاك اللة)) وكذلك من الادلة ان المصنفون في كتب العقيدة وضعوا ابواب فيها: (باب في اثبات وجة اللة) (باب اثبات السماع والرؤية) (باب اثبات اليد) ,قال ابن عبد البر:اهل السنة مجمعون على الاقرار بهذة الصفات. والقول بان مذهب السلف التفويض يؤدي الى ان الرسول لا يعرف معنى الايات والاحاديث ,وكذلك زعم الرازي ان الصفات من المتشابة ويجب تفويض المعنى ولكن ابن جرير تطرق في تفسيرة ان احد من السلف لم يقل بان الصفات من المتشابة , والمعلوم ان الشهرستاني اول من نقل ان مذهب السلف هو التفويض وتبعة الجويني والرازي(31/144)
ما معنى صفة اليد والوجه القدم؟
ـ[عبدالواحد]ــــــــ[22 - 06 - 05, 05:15 م]ـ
من عقيدة أهل السنة الجماعة في باب الأسما والصفات معرفت معنى الصفة وعدم معرفت كيفيتها فمثلا صفة الاستواء معناها العلو والأستقرار وأما كيفيتها فلا يعلمها الا الله سؤالي ما معنى صفة اليد والوجة القدم
ـ[النصري]ــــــــ[22 - 06 - 05, 06:13 م]ـ
أخي الكريم: قلت أن من عقيدة أهل السنة معرفة معنى الصفة وعدم معرفة كيفيتها، فاستعمل هذه القاعدة في جميع الصفات يسلم لك دينك.
ـ[الجندى المسلم]ــــــــ[22 - 06 - 05, 06:25 م]ـ
أخي الكريم: قلت أن من عقيدة أهل السنة معرفة معنى الصفة وعدم معرفة كيفيتها، فاستعمل هذه القاعدة في جميع الصفات يسلم لك دينك.
صحيح أخى النصرى فمن فرق بين صفة وأخرى فقد تناقض.
والله أعلم
ـ[عبدالواحد]ــــــــ[22 - 06 - 05, 08:27 م]ـ
أخي الكريم: قلت أن من عقيدة أهل السنة معرفة معنى الصفة وعدم معرفة كيفيتها، فاستعمل هذه القاعدة في جميع الصفات يسلم لك دينك.
اخي كلامك صحيح ولكن ما معنى قول العلماء معلومة المعنى مجهولة الكيف
ـ[أبو المنذر النقاش]ــــــــ[23 - 06 - 05, 01:01 ص]ـ
الأخ المحترم عبد الواحد رزقه الله تعالى تنزيه الواحد على مذهب أهل السنة والجماعة:
معنى قول العلماء معلومة المعنى مجهولة الكيف:
انعقد إجماع أهل السنة والجماعة أهل الحديث والأثر الأمجاد على القول: بأن ما وصف الله تعالى به نفسه هو وصف على الحقيقة.
واتفقوا كذلك على أن كيفية هذه الصفة الحقيقية مفوض إلى الله تعالى، وليس لنا الكلام فيها.
وحاصل مسألتك أنك تستشكل معنى قول أهل السنة أن صفة الله تعالى حقيقية أو لابد من إثباتها على الحقيقة، ثم بعد ذلك يقولون نفوض الكيف، أليس كذلك؟
فاسمع ما يلي:
قصد العلماء رحمهم الله تعالى من أنه يجب إثبات صفة الله تعالى على الحقيقة: أي أن هذه اليد التي أثبتها موجودة حقيقة ليست مجازا ولا كناية ولا غيره، وإنما قلنا ذلك: لأن الأصل في خطاب الله تعالى الحقيقة ولا يصرف إلى غيره إلا لقرينة من كلامه هو، أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
فهذا هو معنى لفظ الحقيقة عند السلف.
فما الكيفية إذن؟
إن الكيفية هي الوصفية، يعنى: الهيئة والشكل والمقدار والطول والعرض والعمق والقياس وغيرها.
والقاعدة: أن المغيب إنما يخبر به بمقدار ما عرفنا عنه، واليد صفة لله تعالى حقيقية كما قلنا، لكن هذه الصفة الحقيقية مغيبة عنا لم نرها، فلا يجوز لنا وصفها لا بهيئة ولا بشكل ولا بمقدار ولا بطول ولا بعرض ولا بعمق ولا بقياس فنقول:
فنقول: أما إن الله له يد حقيقية فنعم، أما كيفيتها فلا نعلم من ذلك شيئا لأن الإخبار عن الكيفية يستلزم الرؤية أو أن عندنا من ذلك علم، وليس ثمة، وإنما توقف العلم عندنا عند الإخبار من الله بوجود الصفة على الحقيقة، فوجب التوقف عند الإثبات على ذلك، وتفويض معنى الكيفية إلى الله تعالى.
ومثال ذلك:
أنك تثبت لنفسك نفسا حقيقية وروحا حقيقية أي لها وجود فليست نفسك على المجاز ولا روحك على المجاز، لكن لو قلت لك صف لي روحك هل تستطيع، فستقول: لا لا أستطيع لأنها غير مرئية، فهذه هي الكيفية.
فإذا كان هذا هو المسلك في الروح وهي مخلوقة فما بالك بالله تعالى، وله المثل الأعلى.
وهذا الإستشكال الذي أشكلته أيها الأخ المحترم إنما يمشى على قاعدة الجهمية ومن نحا نحوهم من أن الحقيقة هي اللفظ المستعمل فيما وضع له، ثم يبنون على ذلك أن الحقيقة بكل مناحيها خاصة بالمخلوق، فمتى أثبت شيئا خاصا بالله تعالى على الحقيقة فقد شبهته بالمخلوق وهذا خطأ ومكابرة من جهات كثيرة لا أطيل بذكرها وإنما أردت فقط تعريفك بأصل الشبهة وأعطيك مثالا يتضح لك به وجه الشبهة والرد عليها:
أن يقال لك: ما تقول في وجود الله تعالى أهو حقيقي أم ماذا؟
فإن أجبت بأي إجابة بخلاف قولك حقيقي كفرت إجماعا، فوجب أن لا يخرج قولك عن أن وجود الله تعالى حقيقي.
فإن قيل لك: لكن وجود الإنسان أيضا حقيقي فيلزمك التشبيه؟
فتقول: إنما يكون تفسير اللفظ بحسب ما أضيف إليه فإذا أضفت الوجود إلى الإنسان فهو وجود حقيقي لكنه ناقص ينقص بالفناء والمرض والهزال ... الخ، ووجود الله حقيقي أيضا لكنه كامل لا يعتريه نقص ولا خلل، وإنما يكون التشبيه إذا قلت وجود الله الحقيقي مثل وجود المخلوق الحقيقي أو يد الله كيد المخلوق .. وهكذا، ونحن لم نقل هذا بل نكفر من شبه الله تعالى بخلقه كما قال نعيم بن حماد: من شبه الله بخلقه كفر، ومن نفى ما وصف الله به نفسه كفر.
فنقول لك: فكذلك إذا أثبت لله وجودا حقيقيا فأثبت له صفات حقيقية ولا يلزم من ذلك المشابهة للمخلوق.
أرجو أن أكون قد أصبت ما تريد، وجزاك الله تعالى خيرا.
ـ[النصري]ــــــــ[23 - 06 - 05, 05:50 ص]ـ
جواب مفصل مشكور أخي أبوالمنذر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/145)
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[23 - 06 - 05, 07:26 ص]ـ
وليتك أخي عبد الواحد تطالع كتب أهل السنة سيما كتب شيخ الإسلام وابن القيم في هذا الباب وأنصحك بألا تسمع للمبتدعة من الأشاعرة وغيرهم خاصة وأنت في أول الطريق والقلوب ضعيفة والشبه خطافة فهذه محض النصيحة لك والله لاسيما وقد شممت من سؤالك رائحة لم تعجبني ولعلي مخطئ لكن هذه الشبهة أثيرت علي مرارا من بعض تلامذة المبتدع أبي لمعة علي بن جمعة فكأنهم يتواصون بها. وقاك الله شرهم وثبتنا وإياك على الحق ولست أتهمك لكن أنصح لك.
ـ[عبدالواحد]ــــــــ[23 - 06 - 05, 09:32 ص]ـ
جزاك الله خير أخي أبو المنذر ولكن قصدي من السؤال معرفة المعنى الغوي لصفت اليد والوجة والقدم ولا أدري أذا كنت مصيبا أو مخطا في طرح مثل هذا السؤال واما بالنسة للاخ الحنبلي السلفي فأنا لم أقصد من سؤالي الا طلب العلم وأنا لم التقي بلاشاعرة ولا أعرف أحد منهم كما أني ولله الحمد اقرأ كتب شيخ الاسلام وتلميذة ابن القيم وهذا السؤال قام في ذهني من خلال قرائت كتب العقيدة وعلى ماقررة العلماء فيها ولن يزعز عقيدتي لا أشعري ولاغيرة واذا كان لايجوز طرح مثل هذا السؤال نبهوني على ذالك وأسأل الله لي ولكم حسن الخاتمة
ـ[عبد العزيز بن الحسن]ــــــــ[23 - 06 - 05, 06:57 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم:
الاخوة المشاركون: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مداخلة من طرف الاخ عبد العزيز بن الحسن تتعلق بتوضيح معنى صفة اليد والوجه والقدم: يبدو لي ان الاخ السائل عبد الواحد لم يفصح جيدا عما يريده من سؤاله او ما يخالج نفسه في مسألة الصفات, وحبدا لو استطاع ان يفعل حتى يرتفع هذا الغموض او الالتباس في السؤال, خاصة وأن جواب الاخ الفاضل ابو المنذر النقاش كان كافيا بل وشافيا حتى, في توضيح معنى صفة اليد والوجه والقدم عند اهل السنة والجماعة. وبالمناسبة أشكره على هذا الرد الجيد وأريد اضافة ملا حظة الى ماجاء به بخصوص معنى هذه الصفات لعلها تحمل الاجابة عن تساؤل الاخ عبدالواحد , ولا اظن أن الأخ النقاش سيخالفني في هذا التوضيح.
لقد جاء في كلام الاخ النقاش مايلي:
"قصد العلماء رحمهم الله تعالى من انه يجب اثبات صفة الله تعالى على الحقيقة اي ان هذه اليد الذي أثبتها الله موجودة حقيقة ليست مجازا ولا كناية ولا غيره, وانما قلنا ذلك: لان الاصل في خطاب الله تعالى الحقيقة ولا يصرف الى غيره الا لقرينةمن كلامه او كلام رسوله صلى الله عليه وسلم"
فاذا كان هذا الاجماع من علماء اهل السنة والجماعة على المعنى الحقيقي للصفة فهذا لا يعني ان نلغي باقي المعاني مثلا المجازية التي قد تحتملها هذه الصفة في استعمالاتنا اللغوية, فعلى سبيل المثال لا الحصر فان اليد قد تستعمل للتعبير عن الجود والكرم او البخل والشح علما ان محل الجود يتعلق بالنفس الطيبة وأن محل البخل يرتبط بالنفس الشحيحة وليس باليد التي تعتبر فقط أداتا طيعة معبرة عن طبيعة النفس. ولنا في هاتين الآيتين ما قد يفيد هذين المعنيين, الحقيقي والمجازي, يقول سبحنه وتعالى:
"وقالت اليهود يد الله مغلولة ,غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا, بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء "
"ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا "
وما يقال عن اليد يمكن أن يقال عن الوجه الذي قد يقصد به اخلاص العبد لله في كل اعماله من غير ان يبتغي عرض الدنيا مصداقا لقوله تعالى:"انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا "
اتمنى في الاخير ان أكون قد وفقت في هذا التوضيح الموجز وفي نفس الوقت في الاجابة عن تساؤل الاخ عبد الواحد.
وفقنا الله لما فيه خير امة محمد صلى الله عليه وسلم
ـ[عبد العزيز بن الحسن]ــــــــ[23 - 06 - 05, 07:03 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم:
الاخوة المشاركون: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مداخلة من طرف الاخ عبد العزيز بن الحسن تتعلق بتوضيح معنى صفة اليد والوجه والقدم: يبدو لي ان الاخ السائل عبد الواحد لم يفصح جيدا عما يريده من سؤاله او ما يخالج نفسه في مسألة الصفات, وحبدا لو استطاع ان يفعل حتى يرتفع هذا الغموض او الالتباس في السؤال, خاصة وأن جواب الاخ الفاضل ابو المنذر النقاش كان كافيا بل وشافيا حتى, في توضيح معنى صفة اليد والوجه والقدم عند اهل السنة والجماعة. وبالمناسبة أشكره على هذا الرد الجيد وأريد اضافة ملا حظة الى ماجاء به بخصوص معنى هذه الصفات لعلها تحمل الاجابة عن تساؤل الاخ عبدالواحد , ولا اظن أن الأخ النقاش سيخالفني في هذا التوضيح.
لقد جاء في كلام الاخ النقاش مايلي:
"قصد العلماء رحمهم الله تعالى من انه يجب اثبات صفة الله تعالى على الحقيقة اي ان هذه اليد الذي أثبتها الله موجودة حقيقة ليست مجازا ولا كناية ولا غيره, وانما قلنا ذلك: لان الاصل في خطاب الله تعالى الحقيقة ولا يصرف الى غيره الا لقرينةمن كلامه او كلام رسوله صلى الله عليه وسلم"
فاذا كان هذا الاجماع من علماء اهل السنة والجماعة على المعنى الحقيقي للصفة فهذا لا يعني ان نلغي باقي المعاني مثلا المجازية التي قد تحتملها هذه الصفة في استعمالاتنا اللغوية, فعلى سبيل المثال لا الحصر فان اليد قد تستعمل للتعبير عن الجود والكرم او البخل والشح علما ان محل الجود يتعلق بالنفس الطيبة وأن محل البخل يرتبط بالنفس الشحيحة وليس باليد التي تعتبر فقط أداتا طيعة معبرة عن طبيعة النفس. ولنا في هاتين الآيتين ما قد يفيد هذين المعنيين, الحقيقي والمجازي, يقول سبحنه وتعالى:
"وقالت اليهود يد الله مغلولة ,غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا, بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء "
"ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا "
وما يقال عن اليد يمكن أن يقال عن الوجه الذي قد يقصد به اخلاص العبد لله في كل اعماله من غير ان يبتغي عرض الدنيا مصداقا لقوله تعالى:"انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا "
اتمنى في الاخير ان أكون قد وفقت في هذا التوضيح الموجز وفي نفس الوقت في الاجابة عن تساؤل الاخ عبد الواحد.
وفقنا الله لما فيه خير امة محمد صلى الله عليه وسلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/146)
ـ[عبدالواحد]ــــــــ[23 - 06 - 05, 08:15 م]ـ
الاخ عبدالعزيز جزاك الله خيرا الأشكال الذي قام في نفسي هو ذكر العلماء رحمهم الله للمعنى اللغوي لصفة الاستوى وهو العلو والاستقرار وعدم ذكر المعاني اللغوية لباقي الصفات 0 وأرجو الا تنزعجو مني لأ0ني اطلب العلم من الكتب وليس لي عالم ارجع اليه أسئل الله لي ولكم الثبات
ـ[أبو المنذر النقاش]ــــــــ[25 - 06 - 05, 10:48 ص]ـ
جزاك الله تعالى أخي عبد العزيز هذا كلام رائق في غير الإطلاقات الشرعية أما الإطلاقات الشرعية فالأصل الحقيقة حتى يأتي صارف وإنما قيدت التقييد الأخير مراعاة لأخي الحبيب عبد الواحد.
وأما الحبيبان الحنبلي والنصري فلم يريدا بنصحك أخي عبد الواحد إلا الخير وانطلاقا من قوله صلى الله عليه وسلم " الدين النصيحة " فجزاهما الله تعالى خيرا.
ـ[حارث همام]ــــــــ[26 - 06 - 05, 01:04 ص]ـ
بدءاً شكر الله للإخوة مداخلاتهم، ولعل المقام لايناسب تعليقاً شاملاً يأتي على كل ما ذُكر ولهذا أقتصر على جواب ما سأل عنه الأخ الكريم عبد الواحد، والجواب بأن يقال:
أولاً:
هذه الصفات صفات ذاتية لاتنفك عن ذات الله جل جلاله، يراها المؤمنون الذين يقرون بها بغير بلكفة، يوم القيامة مستشرفين على جبال مشرفة، وإليك هذا النقل العزيز قال عبدالعزيز بن عبدالله بن أبي سلمة الماجشون الإمام نظير مالك في كلامه المشهور الذي رد فيه على الجهمية ومن خالفها قال: "فأما الذي جحد ما وصف الرب من نفسه تعمقاً وتكلفاً فقد استهوته الشياطين فى الأرض حيران، فصار يستدل بزعمه على جحد ما وصف الرب وسمى من نفسه بأن قال لابد أن كان له كذا من أن يكون له كذا، فعمى عن البين بالخفى، فجحد ما سمى الرب من نفسه بصمت الرب عما لم يسم منها، فلم يزل يملي له الشيطان حتى جحد قول الله تعالى: (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) فقال لا يراه أحد يوم القيامة فجحد والله أفضل كرامة الله التى أكرم بها أولياءه يوم القيامة من النظر الى وجهه ونضرته"
إلى أن قال –وهو الشاهد من كلام السلف الذي فيه بيان أنها صفة حقيقية ترى يوم القيامة: "وإنما جحد رؤية الله يوم القيامة إقامة للحجة الضالة المضلة، لأنه قد عرف أنه إذا تجلى لهم يوم القيامة رأوا منه ما كانوا به قبل ذلك مؤمنين وكان له جاحداً ... "
ثم ذكر إثبات شيئ من تلك الصفات الذاتية ومنها ما سألتم عن معناه.
ثانياً: المعنى الذي نثبته لصفات الباري فمكون من شقين:
1 - (الأول) أصل المعنى أو ما يسمى بالمعنى اللغوي المشترك الكلي الذي لا وجود له إلاّ في الأذهان ولايوجد خارج الذهن إلاّ مقيداً بموصوف، فإذا قلت مثلاً (وسوف أحصر الأمثلة في الصفات التي عنها سألت):
الوجه: ما تحصل به المقابلة أو المواجهة من حيث أصل المعنى اللغوي، فقد أثبت الجزء الأول من المعنى لله تبارك وتعالى.
وتكون قد ذكرت معنى مشتركاً كلياً لايمكن تصوره إلى بالإضافة، فإن قلت: وجه الذبابة تخصص ذلك المعنى المشترك إلى حقيقة أخص، وإذا قلت وجه القرد تخصص نحو حقيقة أخر ى، فإذا قلت وجه الإنسان تخصص إلى حقيقة ثالثة، وإذا قلت وجه الله تخصص إلى حقيقة تليق بصاحب الذات المقدسة جل في علاه نثبت من معناها الخاص ما أثبته لنفسه ويأتي توضيح هذه في المسألة في بيان الشق الآخر من المعنى المثبت.
وكذلك يقال في القدم هي من حيث أصل المعنى أصل واحد يدل على سبق ورعف، منه القِدم ومنه القدَم ومنه أخر، وقد سميت القدم قدماً لأنها أول ما يُوطأ به فتكون سابقة في الوطأ.
وهذا المعنى معنى مشترك كلي لاوجود له بهذا الإطلاق إلاّ في الذهن ويتخصص إلى حقائق متباينة إذا أضيف فإذا قلت قدم الطائر سبقت إلى الذهن حقيقة معينة، وإذا قلت قدم الفيل سبقت إلى الذهن حقيقة أخرى، وإذا قلت قدم الإنسان سبقت إلى الذهن حقيقة ثالة، وإذا قلت قدم الله تخصص إلى حقيقة تليق بذات الباري جل جلاله يأتي بيان شيء منها عند الكلام على الشق الآخر من مرادهم بالمعنى.
2 - الشق الثاني من المعنى المثبت للباري هو المعنى الحقيقي المضاف إلى ذاته تباركوتعالى والذي نقول فيه: يليق بجلاله وجماله وكماله، فنثبت أن للصفة معنى مختص بالله تبارك وتعالى، وهو قسمين معروف لنا ومجهول؛ فنعرف منه ما أخبرنا الله به، ولانتمحل فنخوض في ما سكت عنه ربنا سبحانه نفياً أو إثباتاً.
ولنأت على تفصيل ذلك في الصفات المسؤول عنها:
فأهل السنة يثبتون لله وجها ويثبتون له المعنى المشترك الكلي، وعلموا من النصوص قدراً زائداً مختص بالخالق سبحانه ومن ذلك أن له سبحات لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره تبارك وتعالى، وأن له نورا أشرقت له الظلمات، وقد"وصفه بالجلال والإكرام في قوله: (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)، ونفى عنه الهلاك إذا أهلك الله ما قد قضى عليه الهلاك مما قد خلقه الله للفناء لا للبقاء (جل ربنا) عن أن يهلك شيء منه مما هو من صفات ذاتة"، وبين صلى الله عليه وسلم أن الله يقبل به على عبده في الصلاة، وأن للنظر إليه يوم القيامة لذة ... إلى آخر ما أثبتته النصوص لوجه الكريم من معاني الجلال والكمال.
وكذلك يثبتون أن لله قدمين هما من صفات ذاته، يفعل الله بهما ما شاء، فيجعل الكرسي موضعهما، وأن الله يطأ بقدمه النار يوم القيامة حتى تقول قط قط.
وأيضاً يثبتون لله يداً هي من صفات ذاته، يفعل بها؛ يقبض ويبسط ويطوي ويخلق ويكتب ويحثو، لها راحة وقبضة وأصابع وكل ذلك قد ثبتت به السنة ولا أريد الإطالة في بيان ذلك ولعلك -أخي الكريم- تراجع هذا الرابط فله تعلق بالموضوع:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=14407
هذا هو معنى ما سألت عنه باختصار ولو لا الضعف وضيق الوقت لفصلت في المسألة بذكر النقول، ولعل في ما قدم فائدة تفي بجواب السؤال، والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/147)
ـ[النصري]ــــــــ[26 - 06 - 05, 03:01 م]ـ
جزيت الجنة أخي حارث، وأكبرت فيك صبرك في المناظرة مع الأخ عبدالعزيز الجزري.
وحقيقة ما أجدر بطلاب العلم بالتحلي بالصبر وخاصة في باب المناظرة والمحاورة، حيث أن عصرنا هذا والذي انفتح فيه العالم بعضه على بعض لم يعد يفلح فيه التلقين إلا بالحجة والدليل والبرهان، فعلى طلبة العلم وخاصة أهل السنة أن يتعلموا طرق المناظرة وعرض الأدلة الصحيحة ودفع الشبه ورد الباطل بالطرق الشرعية العقلية، وهذا ولله الحمد غير منضبط إلا لأهل الحق من أهل السنة والجماعة.
ـ[أبو المنذر الأثري]ــــــــ[27 - 06 - 05, 01:19 ص]ـ
الشيخ حارث: عندي سؤال
وهو أنك ذكرت في ردك (وكذلك يثبتون أن لله قدمين هما من صفات ذاته)
وقد بحثت عن نص في هذه المسألة فلم أظفر بغير أثر ابن عباس رضي الله عنه وقوله (الكرسي موضع قدمي
الرحمن)، والسؤال ان النصوص جاءت بذكر القدم كما في حديث أنس عند البخاري ولم تأتي بذكر القدمين
فهل هناك دليل آخر غير أثر ابن عباس في هذه المسأله.؟
جزاك الله خيرا
ـ[سيف 1]ــــــــ[29 - 06 - 05, 11:45 م]ـ
جزاكم الله خيرا وأحسن اليكم
فما معنى قولنا انها ليست يد جارحة او قدم جارحة وكيف نوفق بين هذا وبين المعنى المشترك الكلي في ان القدم واليد والوجه ابدا جارحة في الأذهان؟ فهذه حقا تشغلني من فترة
ـ[عبد العزيز بن الحسن]ــــــــ[30 - 06 - 05, 04:29 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ولي عودة إن شاء الله
ـ[حارث همام]ــــــــ[30 - 06 - 05, 10:21 م]ـ
الإخوة الكرام ..
شكر الله لكم مداخلاتكم، واعذروني في اختصار الرد فلا أكاد أجد من الوقت ما يفي بالكتابة هذه الأيام ولعله بعد حين ييسر الله لي ذلك.
أخي الكريم النصري، شكر الله لك كلماتك الطيبة ودعواتك التي أحسبها صادقة وأقول لك ولعل ملكاً قالها من قبلي: ولك بمثل. وأما الصبر على هؤلاء فلعلمي بأن كثيرا منهم مساكين أرادوا الخير فأخطأوا طريقه، وأعلم أن التعصب يصم ويعمي ولا دواء أملكه إلاّ الرفق والصبر والذين لاأزعم التزامي بهما ولكنها المحاولة وإنما الصبر بالتصبر.
أخي الكريم أبو المنذر أما القدمين فلا أذكر الآن من النصوص غير أثر ابن عباس وهو مروي عن أبي موسى أيضاً، وأذكر من كلام أهل العلم في إثباتهما كلاما لأبي عبيد القاسم بن سلام. وكما لايخفاكم أثر ابن عباس وأبي موسى في مثل هذا المقام له حكم المرفوع، كما لايخفاكم كذلك عدم التعارض بين التثنية والإفراد فالتثنية في العربية لاتفيد غير الحقيقة بخلاف الإفراد فقد يراد به الجنس، وجزاكم الله خيراً.
الأخ الفاضل سيف1 إطلاق لفظ الجارحة إثباتاً أو نفياً أمر زائد على المعنى المشترك الكلي (أصل المعنى اللغوي) فليس من أصل معنى الوجه ولا القدم ولا اليد في اللغة -وقد سبق نقل أصولها اللغوية كما ترى- إثبات كونها جارحة، وإنما جاء الاقتران بين الجارحة وبين يد المخلوق خاصة، فأدخلو لفظ الجارحة في تعريفها لأمر زائد خارج عن الأصل اللغوي أو المعنى المشترك الكلي لوحظ في حق بعض الخلق، ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلام بديع قرر فيه أن قولهم في معنى اليد: الجارحة عند المخلوق. هذا القيد ليس من خصيصة الصفة (اليد) ولكن ذكروه لأنه ثبت بالإضافة للذات في حق الحيوان المحدث. وبين أن هذه الإضافة جاءت من تسميت الحيوانات المصيودة كسباع الطير والبهائم جوارح لأنها تكتسب الصيود بها، والباري مستغن عن الاكتساب فلا يتصور استحقاقه لتسميته جارحة لغة. وكلام شيخ الإسلام مفصل في بيان تلبيس الجهمية ص37، فأرجو أن تنظره.
وما أشرت إليه مشكلة شائعة عند كثيرين يفتح أحدهم لسان العرب مثلاً أو غيره من كتب اللغة التي تجمع ذكر استعمالات اللفظ اللغوية، ولاتعتني بتقرير الأصل اللغوي، وفرق بين الأصل وبين الاستعمالات، فيظن أن الاستعمال المذكور هو المعنى المراد فيقع في الإشكال؛ فإما يشبه، وإما يشبه فيعطل.
ولمعرفة الأصل اللغوي لابد من الرجوع إلى كتب المتقدمين من أئمة اللغة والعربية فبين طياتها بيان كثير من الأصول اللغوية، وأحسن ما يعين الطالب على معرفة الأصول مع ذكر بعض الاستعمالات أحد أعلام اللغة وأئمتها الأثبات وهو ابن فارس في معجمه الفريد مقاييس اللغة فقد اعتنى بالأصول فيه عناية كبيرة.
هذا ولايفوتني أن أذكرك بأن لفظ الجارحة أوالعضو أوالجزء أوالتركيب ونحوها ألفاظ لم ترد في كتاب الله ولافي سنة رسوله نفياً ولا إثباتاً، وعليه فلا يخاض فيها بنفي ولا إثبات ابتداء، فإن ذكرها أحدهم سئل عن مراده فإن عني معنى صحيحاً قيل به وأثبت المعنى دون اللفظ، وإن عنى معنى باطلاً رد المعنى واللفظ.
وفي الختام أقول لأخي عبدالعزيز أنتظر -وأخال الإخوان كذلك- عودتكم وأسأل الله أن يكثر فوائدكم وأن يبارك فيكم.
ـ[سيف 1]ــــــــ[02 - 07 - 05, 12:28 ص]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا الكريم حارث همام. وارجوا ان تفيدني ايضا عن هذه النقطة مع علمي بضيق وقتكم الكريم ولا تثريب عليكم ان شاء الله وان لم يكن انت فغيرك من مشائخنا واخواننا الكرام ان شاء الله
لو قلنا ان المعنى المشترك الكلي للقدم مثلا لا يلزم منه كونها جارحة في الاطلاق اللهم الا اذا اضفناها لمحدث مخلوق كالكواسر وابن آدم
وعلمنا ان معناها اللغوي باطلاق هي (هي من حيث أصل المعنى أصل واحد يدل على سبق ورعف، منه القِدم ومنه القدَم ومنه أخر، وقد سميت القدم قدماً لأنها أول ما يُوطأ به فتكون سابقة في الوطأ.)
الا يجعل هذا الأختلاف بيننا وبين الأشاعرة والمعطلة شكلي لا غير. فنحن اثبتنا شئ لا نتخيله اصلا وهم عطلوا وتوقفوا وقالوا معنى القدم واليد في علم الله .. هذا شئ اشكل على جدا فافيدوني بارك الله فيكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/148)
ـ[حارث همام]ــــــــ[02 - 07 - 05, 11:52 ص]ـ
أخي الكريم ..
الأشاعرة الآن فريقان فريق اتبع سبيل التأويل وآخر اتبع سبيل التفويض، وكلا الفريقين لانجتمع معهم في هذا، أما المأولة فيقولون -على سبيل المثال- اليد القوة أو النعمة أوالقدرة .. على سبيل المجاز وليست يداً حقيقية، ويقطعون بأن هذا المعنى هو المراد بالنصوص، أما أهل السنة فيعتقدون أنها صفة ذاتية لها حقيقة تليق بالباريء سبحانه وتعالى وإن جهلنا كنهها. بينما يرى المفوضة منهم أن اليد شيء أثبته الله لنفسه لانعلم ما هو، كما قالوا في الاستواء فعل فعله الله فوق العرش سماه استواء لاندري ماهو، فهم يسلبون الألفاظ التي خاطبنا بها الشارع وبين أنها عربية مبينة معانيها العربية المبينة.
والذي يجمع المأولة والمفوضة هو نفي معنى اليد الذي يثبته أهل السنة، ثم يدعون أن سبب النفي لزوم إثبات الجوارح والأعضاء أو القول بالتجزئة أو التعضية أو التركيب، ونحو ذلك من الألفاظ المحدثة التي يؤول مرادهم منها إلى نفي الصفة التي أخبر الله بها فأثبتها أهل السنة وإن لم يتخيلوا كيف هي.
والحاصل أن أهل السنة يرون أن تصديق الله في ما أخبر والإقرار به واعتقاده واجب، وأن تأويل كلامه تحريف في الحقيقة وإن كان قصد فاعله التنزيه، وأما التفويض فهو معارضة لإخبار الله عن كتابه أنه بين واضح وأنه جاء بلسان عربي مبين.
وفرق بين من يقول القدم صفة حقيقية ذاتية يراها المؤمنون يوم القيامة، يفعل الله بها ما شاء، وبين من يقول لا نعلم ما هي أو يؤولها ثم يريد أن يلزمنا عند القول بالمعنى الحقيقي بلوازم لاتثبت في حق الخالق سبحانه وتعالى وإن ثبتت في حق بعض الخلق.
فنحن قد أثبتنا صفة عرفنا معناها الكلي بالإضافة إلى معرفتنا بشيء مما أضافه الله تعالى لها وأخبرنا به، وأثبتنا أن لها حقيقة تليق بجلاله وجماله وإن لم نتصور كيفها، لانقطاع سبل معرفة الكيف الثلاثة؛ عدم الرؤية وعدم الإخبار به و عدم رؤية مثيل، وهذه الثلاثة انتفت عن كافة الغيبيات فجهلنا كيفياتها جميعاً. وهؤلاء ينفون ما نثبته ويقولن بغيره إما مجازاً أو توقفاً وتفويضاً.
فالخلاف معهم حقيقي مؤثر في ما يعتقده العبد في ربه جل جلاله وفي ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، مما يجب اعتقاده.
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[03 - 11 - 10, 08:43 ص]ـ
يا أخي نحن - فيما أفهم - لم نثبت شيء من الصفات التي تشبه في معانيها أعضاء البشر (كاليد والقدم والساق - والوجه - .. ) فقد قلتم أننا نثبت معني كلي مشترك لا وجود له إلا في الذهن وعندما سأل الأخ سيف 1 أن هذا المعني يوجد في أذهاننا علي أنه جارحة لإنه إرتبط بها نتيجة لعدم رؤيتنا لها إلا في صورة جارحة ولا يقول أحد يد الباب ويد السيف فهذه معاني مجازية قطعا فإذا أثبتنا معني كلي مشترك لليد علي أنها ليست جارحة فأين هذا المعني في الذهن؟ إننا بهذا نكون أثبتنا معني لا يمكننا تصوره وهل تستطيع أن تتصور معني لليد ليس بجارحة؟ وأما الجزء الثاني من المعني المثبت للصفة فهو كما نقول عنه أنه كما يليق يجلاله وكماله وهذا أيضا لا نعرفه ولا نعرف إلا ما ذكر منه في كتاب أو سنة من أن وجه الله له نور وسبحات .. الخ
ألا تعد نتيجة هذا أننا أثبتنا ما أثبته القرأن وفوضنا المعني اللذي هو في مثل هذه الصفات عين الكيف؟
فكلنا يعلم معني اليد ولكن كلنا يجهل معني اليد المنسوبة لله
فما أدين لله به أني أثبت لله يدا حقيقة هي صفة لذاته أعلم منها ما ذكره الله في كتابه وسنة نبيه من أن الله
خلق بها أدم وأنه يقبض بها وكتب بها التوراه ... الخ غير أني أفوض معني هذه الصفة -الذي هو في نظري عين الكيف- فلا أدرك من معني هذه الصفة إذا نسب إلي الله إلا ما ذكره الله وذكره رسوله وكما قالوا معرفة الشيء فرع عن تصوره وإن كان لا يوجد تصور لما هو مغيب عنا فلا معرفة لنا به إلا بالخبر الصادق
والله لقد أطلت البحث والتدبر في الأمر وهذا ما هداني الله إليه فالتفويض الذي أعنيه ليس معناه أن الصفات كالطلاسم ولكن معناه ما ذكرت أرجو من الإخوة التفاعل والنقاش معي وجزاكم الله خيرا
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[03 - 11 - 10, 09:10 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/149)
أرجوا من الأخوة أن يحرروا عقولهم من كلام شيخ الإسلام رحمه الله فهو بشر يصيب ويخطئ فلا نتعامل معه علي أنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فوالله إني لست أشعريا وإنما سلفيا كما أنني ضد التأويل تماما الذي هو عين التحريف فلا نجمد علي إنكار المجاز بالكلية خاصة إذا كان هذا الرأي علي حد علمي ليس رأي جمهور اللغويين وعدم إنكاري للمجاز فائدته هنا هي كي لا يقول أحدا أن يد السيف ويد الباب من معاني اليد وحتي إن قبلنا ذلك فيد السيف ويد الباب وإن لم تكن جوارح فهي لا تنفك عن كونها أجساما فإن أثبتنا هذا المعني الكلي المشترك المزعوم أثبتنا لله جسما لا محاله وهو مالا نثبته ولا ننفيه ولكن إثباته لازم لنا إن قلنا بهذا المعنيي الكلي المشترك كما أن التوقف في التجسيم لا أقول به ولا أرضي به وإدعاء أن الجسم كلمة مجملة تحتاج إلي تفصيل لا أوافق عليه أيضا فالجسم كل ما له كتلة ويشغل حيز من الفراغ وهو معني واضح محسوس ملموس لنا ولعل الأمر يحتاج إلي موضوع مستقل المهم فأنا أؤمن تماما أننا ننزه الله حق التنزيه ولكن الإشكال في الإسلوب والتعبير عن هذا التنزيه فالكلام عن الغيبيات في الصفات المشكلة ليس سهلا لا علي العقل ولا علي اللغة نفسها ولا يأتي أحد ويقول لا توجد صفات مشكلة فوالله ما أراه إلا قد جانب الصواب والدليل الأتي:
إذهب لأي رجل من العوام الذين ليس له إشتغال بهذه المسائل وقل له الله سبحانه وتعالي يقول (وكان الله سميعا بصيرا) فالله تعالي له سمع وبصر ويقول تعالي (والله بكل شئ عليم) فالله تعالي له علم ستري الرجل بكل بساطة يجيبك أن نعم طبعا له علم وسمع وبصر.
فإن قلت له قال تعالي (بل يداه مبسوطتان) و (لما خلقت بيدي) فالله تعالي له يدان وحديث الأعور يدل علي أن له عينان وحديث النار (حتي يضع فيها الجبار قدمه) يدل علي أن له قدم ستري هذا العامي إرتبك بشده وعلته الرحضاء ولن تراه ينفي أو يثبت فهو لا ينفي القرأن ولا يثبت الجوارح المعتادة في البشر لله تعالي.
فهذا دليل علي أنها صفات مشكلة وإلا فلما حدث الإختلاف في هذه الصفات بالذات
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[03 - 11 - 10, 09:39 ص]ـ
أرجوا من الأخوة أن يحرروا عقولهم من كلام شيخ الإسلام رحمه الله فهو بشر يصيب ويخطئ فلا نتعامل معه علي أنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فوالله إني لست أشعريا وإنما سلفيا كما أنني ضد التأويل تماما الذي هو عين التحريف فلا نجمد علي إنكار المجاز بالكلية خاصة إذا كان هذا الرأي علي حد علمي ليس رأي جمهور اللغويين وعدم إنكاري للمجاز فائدته هنا هي كي لا يقول أحدا أن يد السيف ويد الباب من معاني اليد وحتي إن قبلنا ذلك فيد السيف ويد الباب وإن لم تكن جوارح فهي لا تنفك عن كونها أجساما فإن أثبتنا هذا المعني الكلي المشترك المزعوم أثبتنا لله جسما لا محاله وهو مالا نثبته ولا ننفيه ولكن إثباته لازم لنا إن قلنا بهذا المعنيي الكلي المشترك كما أن التوقف في التجسيم لا أقول به ولا أرضي به وإدعاء أن الجسم كلمة مجملة تحتاج إلي تفصيل لا أوافق عليه أيضا فالجسم كل ما له كتلة ويشغل حيز من الفراغ وهو معني واضح محسوس ملموس لنا ولعل الأمر يحتاج إلي موضوع مستقل المهم فأنا أؤمن تماما أننا ننزه الله حق التنزيه ولكن الإشكال في الإسلوب والتعبير عن هذا التنزيه فالكلام عن الغيبيات في الصفات المشكلة ليس سهلا لا علي العقل ولا علي اللغة نفسها ولا يأتي أحد ويقول لا توجد صفات مشكلة فوالله ما أراه إلا قد جانب الصواب والدليل الأتي:
إذهب لأي رجل من العوام الذين ليس له إشتغال بهذه المسائل وقل له الله سبحانه وتعالي يقول (وكان الله سميعا بصيرا) فالله تعالي له سمع وبصر ويقول تعالي (والله بكل شئ عليم) فالله تعالي له علم ستري الرجل بكل بساطة يجيبك أن نعم طبعا له علم وسمع وبصر.
فإن قلت له قال تعالي (بل يداه مبسوطتان) و (لما خلقت بيدي) فالله تعالي له يدان وحديث الأعور يدل علي أن له عينان وحديث النار (حتي يضع فيها الجبار قدمه) يدل علي أن له قدم ستري هذا العامي إرتبك بشده وعلته الرحضاء ولن تراه ينفي أو يثبت فهو لا ينفي القرأن ولا يثبت الجوارح المعتادة في البشر لله تعالي.
فهذا دليل علي أنها صفات مشكلة وإلا فلما حدث الإختلاف في هذه الصفات بالذات
أهلا وسهلا!
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[03 - 11 - 10, 01:15 م]ـ
أهلا بك يا أخ عمرو بسيوني في إنتظار رد علي مشاركتي الأخيرة وفقنا الله وإياكم
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[03 - 11 - 10, 01:38 م]ـ
حاضر ..
لكن بالراحة جدا، ونقطة نقطة
أقول إن لله يدا على الحقيقة
ما يلزم من هذا؟
ـ[أبو عبدالله السكندري]ــــــــ[03 - 11 - 10, 01:40 م]ـ
حيا الله شيخنا عمرو بسيوني
أهلا وسهلا!
ابتسامة
ولاخينا مصطفاوي كلام اقتبس منه هذه
غير أني أفوض معني هذه الصفة -الذي هو في نظري عين الكيف-
اللبس اتاك من عدم التفريق بين المعني والكيف لو لم نقل في اللغة لقلنا في اصطلاح علماء العقائد
أرجوا من الأخوة أن يحرروا عقولهم من كلام شيخ الإسلام رحمه الله فهو بشر يصيب ويخطئ فلا نتعامل معه علي أنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه
نظن في كثير من الاخوة الذين خاطبتهم بأنهم مثلما طلبت
الخوف اشد الخوف ان تخالفه فيما عنده من الحق
والتفريق بين الكيف والمعني سابق لشيخ الاسلام بقرون
تجده في الاثار الواردة عن الامام مالك وغيره
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/150)
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[03 - 11 - 10, 01:45 م]ـ
إسمحو لي أرد علي نفسي
إقتباس:
(وحتي إن قبلنا ذلك فيد السيف ويد الباب وإن لم تكن جوارح فهي لا تنفك عن كونها أجساما فإن أثبتنا هذا المعني الكلي المشترك المزعوم أثبتنا لله جسما)
فالرد: وكذالك صفة الحياة لله تعالي إذا أثبتها بمعني كلي مشترك فستجد نفسك لا تعرف حي إلا جسما فإنف عن ربك الحياة أو فوضها وتكون قد كفرت برب الأرض والسماوات
فأقول أستغفر الله العظيم قد أذهب الله عني وساوس شيطاني المفوض وهذا الرابط كان سببا في تبديد شبهاتي أتركه للفائدة
http://www.asha3ira.co.cc/2010/07/blog-post_12.html
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[03 - 11 - 10, 01:54 م]ـ
بارك الله فيك يا حبيبي ..
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[03 - 11 - 10, 02:03 م]ـ
وفيك بارك أخي عمرو:
أسف هناك رابط أخر هو ما كنت أقصده وهو شبه مناظرة طويلة ولكنها قوية جدا ومفيدة جدا بين مجموعة من الأخوة السلفيين و أخت أشعرية أسمها جومانة وهو نقاش غاية في الرقي لولا تهكم بعض الأخوة علي الأشاعرة في بداية النقاش ولكن ولله الحمد ولحسن خلق الأخت جمانة فقد أخذ النقاش منحي علمي جاد رصين أرجوا من جميع الأخوة دخول الرابط فهو والله من خير و أعمق ما قرأت في هذا الباب
وهذا هو الرابط الصحيح:
http://alagidah.com/vb/showthread.php?p=20348
ـ[أبو بسام الدمشقي]ــــــــ[03 - 11 - 10, 02:32 م]ـ
قصد العلماء رحمهم الله تعالى من أنه يجب إثبات صفة الله تعالى على الحقيقة: أي أن هذه اليد التي أثبتها موجودة حقيقة ليست مجازا ولا كناية ولا غيره، وإنما قلنا ذلك: لأن الأصل في خطاب الله تعالى الحقيقة ولا يصرف إلى غيره إلا لقرينة من كلامه هو، أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
فهذا هو معنى لفظ الحقيقة عند السلف.
.
السلام عليكم أخي أبا المنذر:
هل يمكنك عزو هذا الكلام (بأن الصفات على الحقيقة) إلى أحد من الأئمة الأربعة، أو على الأقل اإلى عالم من علماء القرون الثلاثة الأول، لأني أحتاج هذا النقل ضروري جداً، بارك الله فيك
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[03 - 11 - 10, 02:44 م]ـ
الأخ فرحات التدلاوي تقول:
(ما أوقع الكثير في اللبس هو عدم التصريح بالحقائق
اليد جزء من الله تعالى
والقدم جزء من الله تعالى)
من قال بما قلت من السلف قبل العلامة الشيخ بن عثيمين من قال بالجزء في حق الله؟!
(وبهذا صرح أئمة السلف المتأخرين كالعلامة ابن عثيمين)
أين قال الشيخ العلامة بن عثيمين هذا الكلام وما دليله علي ذلك فهذه أمور غيبية لا إجتهاد فيها ولا مصادر لتلقيها دون الكتاب الكريم والسنة الصحيحة فأين قال الله أو رسولة أن يدي جزء مني أو قدمي جزء مني؟! بل من قال بالجزئية والتبعيض؟!
والله خلق آدم على صورته حقيقة، ومن لازم هذه الحقيقة أن يكون لله يدان وقدم وكف وغيرها، لكن الكيفية مختلفة، ولا يعلم كيفية يد الله وقدمه وكفه وغيرها إلا الله.)
هل نفهم من قولك أننا نثبت لله أذن ورموش وحواجب وشفتان وقواطع وانياب وأضراس وشعر وخدود وجبهة بل وهيكل عظمي وساق بل قل وجهاز هضمي ودوري وعصبي وتنفسي و ... (تناسلي)!!!
لأن الله خلق أدم علي صورته!! بالله عليك يا أخي أنتبه لما تقول!! وهل بعد ما قلت تمثيل وتشبيه!! اليس الحديث عن الصفات توقيفيا!!!
(ونحن في زمن لابد فيه من الجهر بالحقيقة دون خشية من يهول على عقيدة السلف بالتجسيم وغيرها، فالجسمية كما بين شيخ الإسلام لفظ مجمل، والسلف لا يقصدون بالجسمية اللحم والدم والشعر، وأما كون الله جسما بمعنى أنه في مكان وجهة وأن له يدان وقدم وغيرها من الصفات التي أجزاء ذاته فهو حق، ولا ينبغي التستر من إظهاره لأنه ستر للحق وتلبيس على عقيدة أهل السنة بحيث تشتبه مع عقيدة اهل التجهيل الذي يسمونه تفويضا)
لماذا تتناقض يا أخي!! ألم تذكر من الله خلق أدم علي صورته حقيقة فيكون له ما لأدم من يدان وقدم وكف و (غيرها) فلماذا لا تثبت له لحم لا كلحمنا ودم لا كدمنا وشعر لا كشعرنا؟!!
ثم تقول (أما كون الله جسما بمعني انه في مكان وجهة وأن له يدان وقدم وغيرها التي هي أجزاء من صفاته فهو حق)
فأقول: من أين لك أن لله مكان؟! أين ذلك في الكتاب أو السنة الصحيحة؟! إن قلت هو في السماء فبهذا يكون في مكان فأقول لك ما فهم بهو في السماء؟! فإن قلت أي يسكن السماء فأقول لك الله تعالي لا يحل في مخلوق فأين كان قبل أن يخلق السماء؟! و إن قلت: فوق السماء خارج العالم فأقول لك من أين علمت أن خارج العالم مكان؟! ما دليلك علي ذلك فخارج العالم لا يوجد إلا الله تعالي لا زمان ولا مكان فكلاهما مخلوقان فإن قلت بالمكان العدمي فأقول لك ما الدليل علي وجود المكان العدمي وهذه أمور غيبية لا تعلم إلا من الكتاب والسنة الصحيحة وإن كنت تعنقد أن المكان العدمي - الذي لا وجود له- غير مخلوق فكيف وجد إذن هل هو من أوجد نفسه هل الله عندك يوجد في حيز؟ ومن صنع هذا الحيز؟ تدبر أخي ما تقول
وإثبات لفظ الجهة قد أشكل علي فإن قلت هو في جهة فوق فأنت تعلم أن الأرض كرية الشكل فجهة فوق من الأرض تكون بالضرورة كرية الشكل أيضا فلا يكون الله في جهة فوق إلا إذا كان كري الشكل محيط بالكرة الأرضية!! ألا يتعارض هذا مع كون الله خلق أدم علي صورته ومن المعلوم أن أدم ليس كري الشكل فتدبر.
من قال أن معني أن لله يدان وقدم أنه جسم أو أن هذا يفهم من معني جسم؟ في أي قاموس لغوي هذا
معني الجسم (هو كل ما له كتلة ويشغل حيز من الفراغ) فلا علاقة بين اليدان وبين الجسم أبدا
ثم تكرر وتقول التي هي أجزاء من صفاته فمن أين لك بلفظة أجزاء هذه؟ ما دليلها؟!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/151)
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[03 - 11 - 10, 02:48 م]ـ
ما أوقع الكثير في اللبس هو عدم التصريح بالحقائق
اليد جزء من الله تعالى
والقدم جزء من الله تعالى
وبهذا صرح أئمة السلف المتأخرين كالعلامة ابن عثيمين
والله خلق آدم على صورته حقيقة، ومن لازم هذه الحقيقة أن يكون لله يدان وقدم وكف وغيرها، لكن الكيفية مختلفة، ولا يعلم كيفية يد الله وقدمه وكفه وغيرها إلا الله.
ونحن في زمن لابد فيه من الجهر بالحقيقة دون خشية من يهول على عقيدة السلف بالتجسيم وغيرها، فالجسمية كما بين شيخ الإسلام لفظ مجمل، والسلف لا يقصدون بالجسمية اللحم والدم والشعر، وأما كون الله جسما بمعنى أنه في مكان وجهة وأن له يدان وقدم وغيرها من الصفات التي أجزاء ذاته فهو حق، ولا ينبغي التستر من إظهاره لأنه ستر للحق وتلبيس على عقيدة أهل السنة بحيث تشتبه مع عقيدة اهل التجهيل الذي يسمونه تفويضا
1 ـ قال شيخ الإسلام: " والأحسن في هذا الباب مراعاة ألفاظ النصوص فيثبت ما أثبت الله ورسوله باللفظ الذي أثبته وينفي ما نفاه الله ورسوله كما نفاه "
وقال: " فلفظ الجسم لم يتكلم به أحد من الأئمة والسلف في حق الله لا نفيا ولا إثباتا ولا ذموا أحدا ولا مدحوه بهذا الاسم ولا ذموا مذهبا ولا مدحوه بهذا الاسم وإنما تواتر عنهم ذم الجهمية الذين ينفون هذه الصفات وذم طوائف منهم كالمشبهة وبينوا مرادهم بالمشبهة
وأما لفظ الجزء فما علمت أنه روي عن أحد من السلف نفيا ولا إثباتا ولا أنه أطلقه على الله أحد من الحنبلية ونحوهم في الإثبات كما لا أعلم أن أحدا منهم أطلق عليه لفظ الجسم في الإثبات وإن كان أهل الإثبات لهذه الصفات منهم ومن غيرهم من يثبت المعاني التي يسميها منازعوهم تجسيما وتجزئة وتبعيضا وتركيبا وتأليفا ويذكرون عنهم أنهم مجسمة بهذا الاعتبار لإثباتهم الصفات التي هي أجسام في اصطلاح المنازع "
2 ـ الاستدلال بحديث الصورة ـ بل ونصوص أهل الكتاب السابقة عن خلق البشر على صورتنا كشبهنا إذ وقع لنا من مسالك الإثبات والتأويل فيها ما وقع لهم وفق حديث ابتاع السنن ـ الاستدلال بهذا الحديث على طريقة أهل السنة هو استدلال إجمالي مفهومي، ما صدقاته نصوص الصفات، لا يتعداها إلى غير ذلك البتة ..
والاستدلال بها بالطريقة المذكورة فوق يشبه استدلال المجسمة وغلاة الإثبات به، أن تقول: " ومن لازم هذه الحقيقة أن يكون لله يدان وقدم وكف وغيرها، لكن الكيفية مختلفة، ولا يعلم كيفية يد الله وقدمه وكفه وغيرها إلا الله "، فقولك وغيرها: هل يعود على المنصوص أم غير المنصوص من الصفات؟
إن كان الأول فإن الاستدلال بهذا الحديث استدلال إجمالي عمومي، كما قررنا، وبقي التخصيص بالتنصيص على الصفة منهوضا به بالدليل الخاص بإزاءه ..
وإن كان الثاني حصل الإشكال العضال، ولزم الخوض بإثبات ما لم يأذن به الله ورسله مع القول بالمفارقة في الكيفيات فقط ..
وهذا قول طوائف من المشبهة وغلاة الإثبات ـ مع المفارقة بين هل يلتزمون اتفاق الكيفية أم الجهل بها ـ ..
وهذا قول كفري ..
وبالمناسبة ـ كما أشرت ـ فإن الخلاف في تفسير نص التكوين (نخلق بشرا على صورتنا) من جنس الخلاف في هذا، فإن من النصارى ـ كتوما الأكويني في (الخلاصة اللاهوتية) ـ من يستدل به على تجسد الله، ويقول ما معناه إن الخلق لا يحصل على الصورة كاملا إلا في المسيح، فهو عنوان الماصدقية للنص المفهومي في الخارج ـ عياذا بالله ـ ..
3 ـ في كلامك نفس حار يشعر كأننا نتستر من اعتقادنا، ونخاف المعتزلة والأشعرية، وكذا
ولا أدري من أين اعتقدت هذا؟! ..
فهؤلاء أهل السنة في كل عصر ومصر، ينافحون عن الاعتقاد، ويألفون فيه ابتداء وردا ..
والله أعلم
ـ[احمد جاويش]ــــــــ[03 - 11 - 10, 02:58 م]ـ
الاخ المكرم عبد الواحد حياك الباري
الذي فهمته من سؤالك انك تريد ان تفهم معنى صفة اليد والوجه والقدم ونحوها.
لكن قبل ان اجيبك _ ايها الحبيب_ اريد منك ان تنتبه لنقطة هامه، الاشاعرة حين يسمعون لفظ اليد يقولون: اليد معناها الجارحة.
وهذا جهل مركب منهم لو تفطنوا، لان الجارحة ليست معنى وانما كيف
فاليد جارحة، والقدم، والوجه ووو، كلها يقال عنها جارحه، فهل اليد هي القدم والوجه؟!
فمعنى اليد او القدم ونحو ذلك: هو مجموع افعالها
فيد الانسان ما معناها؟ سيقولون جارحة يقبض بها ويبسط وووو، ولو تاملت ستجد ان هذه افعالها لا معناها
فمعنى اليد هو مجموع افعالها
فيد الله صفة ذاتية يقبض بها ويبسط ومسح بها على ظهر ادم، وكتب التوراة بها ووو.
فمعناها هو اثباتها حقيقة بالاضافة لافعالها. هذا المجموع هو معنااها
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[03 - 11 - 10, 03:23 م]ـ
الاخ عمرو بسيوني بارك الله فيك وسدد قلمك في الدفاع عن عقيدة السلف الصحيحة بلا إفراط ولا تفريط فما أروع ردكم السابق
1 - فقد أثبت من كلام شيخ الإسلام عدم ورود لفظة الجسم والجزء عن السلف لا بإثبات ولا بنفي ولكن لي إستدراك بسيط علي كلام شيخ الإسلام - وما أنا بنقطة في بحر علمه - وهو أن من يقول علي الله بغير علم يجب ذمه كائنا من كان فمن يطلق الجسمية أو الجزء في حق الله فهو يتكلم علي الله بغير دليل
2 - ردكم بخصوص حديث الصورة ومن خلال كلام شيخ الإسلام أكثر من رائع أيضا فهذا هو ميزان الإعتدال الحق والتوقف مع ما توقف عنده العلم لدينا وعدم تسور حجب الغيب
3 - حقا كلامك أعلق أيضا بأنه لا يقابل التعصب والتطرف الأشعري المعتزلي الجهمي النافي للصفات بتطرف وغلو ثبوتي لها فنحن بحمد الله أمة وسط
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/152)
ـ[احمد جاويش]ــــــــ[03 - 11 - 10, 04:15 م]ـ
اخي الحبيب كلام الشيخ العثيمين رحمه الله واضح
فالشيخ يقول: نظيره أبعاض وأجزاء لنا.
فهو يتكلم هنا عن تخصيص اللفظ المجرد
فلفظ اليد لفظ مجرد عن التخصيص، يعطى معنى كليا في الذهن لا يتحقق في الخارج الا بالاضافة والتخصيص، كما شرح ذلك شيخ الاسلام في التدمرية وغيرها
فاذا اضيف اللفظ للمخلوق افاد معنى الجزء والبعض.
لكن اذا اضيف الى الله فلا يقال اجزاء وابعاض لا نفيا ولا اثباتا
لان الالفاظ المجملة تحتمل حقا وباطلا. فلا تثبت ولا تنفى. كما قرر ذلك اهل السنة
فاين اطلق علماء السلف الاجزاء والابعاض في حق الله؟
تنبه اخي حفظك الله لمثل هذه الاطلاقات
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[03 - 11 - 10, 04:16 م]ـ
الشيخ يقول لا نطلقه، وهو المطلوب إثباته فوق والحمد لله ..
أما أنت فتطلقها، وتدعونا للثورة والتصريح بالحقيقة، وكأننا نخفيها ..
ـ[احمد جاويش]ــــــــ[03 - 11 - 10, 04:19 م]ـ
منور ياشيخ عمرو
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[03 - 11 - 10, 04:23 م]ـ
نورك حبيبي في الله ...
شوية وحدخل ...
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[03 - 11 - 10, 04:24 م]ـ
أخي فرحات
قلت: (نظيره أبعاض وأجزاء لنا)
يا أخي أفهم عن الشيخ جيدا ولا تتسرع
يتكلم عن نظيره اجزاء لنا هل تعلم معني كلمة (لنا) أي لنا نحن البشر فيتكلم عن ما نظيره أجزاء للبشر فكيف تنسب له أنه قال بالجزء في حق الله؟ سبحان الله تدبر يا أخي الكلام جيدا
يا أخي قد أخطأت الفهم والله فلا تلج هذه المواضيع إن لم تكن أهلا لفهم ما تورد من نقول!!!
فلم يطلق أصلا أحد من علماء السلف المعتبرين أصلا كلمة أجزاء وأبعاض علي الله ولا حتي الشيخ بن عثيمين وهذا واضح كالشمس ولكن ماذا أملك لك إن كنت لا تري الشمس؟!!! تدبر يا أخي (نظيره أجزاء وأبعاض لنا) ولم يقل (نظير يدنا أجزاء وأعضاء له) فالفرق واضح كالشمس
(وينبغي التنبه إلى أننا لو لم نعتقد أن اليدان والقدم والعينين وغيرها أجزاء لله تعالى لكنه لا تنفك عن ذاته لكان الاعتقاد بأنها صفات كالقدرة والعلم ليست أجزاء مماثلا لاعتقاد الجهمية وأهل التجهيل.)
واضح جدا يا أخي أنك لا تعلم شيئا عن عقيدة الجهمية ولا المفوضة ولا تحسن حتي العقيدة السلفية فأنصحك أن تتعلم العقيدة علي يد من يحسنها ولا تعتمد علي القراءة فقط أو تبقي عاميا في هذا الباب فهذا أسلم لدينك من هذا التخبط وهل يعتقد الجهمية بالعلم القدرة؟ فضلا عن اليد القدم والساق؟!! يا أخي تعلم العقيدة ولا تأتي بالعجائب
وما نعتقده با أخي الفاضل يجب أن يكون بالدليل الشرعي من الكتاب والسنة وليس كما تقول بتحكيم عقلك فهذا عين التكييف وليس من منهج السلف في شيء فإعتقاد أن اليدين والقدم .. الخ أجزاء لا يقوم عليه دليل من كتاب أو سنه وهو من القول علي الله بغير علم فمثله كمثل ما قالوه المشركين أن الملائكة بنات الله فذمهم الله في كتابه علي قولهم ما ليس لهم به علم فقال (أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون) هذا في حق الملائكة فما بالك بحق الله تعالي وحتي لا تسيء الظن فأنا أضرب لك مثلا كي أقرب لك خطورة المسلك الذي تسلكه
(فهي أجزاء لله معنى، وإن كان لفظ الجزء لم يرد في الشرع، فلا نطلقه، ولكن لا يمنع ذلك من اعتقاده.)
قد أطلقت اللفظ بالفعل أم أنك غير مدرك لما قلت (اليد جزء من الله تعالي) أليس هذا كلامك؟!! اليس هذا إطلاق أم مجرد إعتقاد فأنظر كيف تتناقض!!
ولا يجوز إعتقاد ما لم يأتي الشرع به ولم يقوم عليه دليل في أي شيء من فروع الدين فما بالك بالعقائد؟
فلا تعتقد في الله بالظن والتخيل وأن تقول يجب أن يكون له كذا حتي يكون كذا أو حتي لا يكون كذا فأنت عبدا لله تتعبد له بما أمرك به وتعقد فيه ما أبلغ عنه في كتابه أو علي لسان رسوله ووصلك بالنقل الصحيح من ثقة عن ثقة
وأرجوا أن أكون قد أوضحت ما قاله الشيخ بن عثيمين وأسأت فهمه
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[03 - 11 - 10, 04:35 م]ـ
أخي فرحات
قلت: (نظيره أبعاض وأجزاء لنا)
يا أخي أفهم عن الشيخ جيدا ولا تتسرع
يتكلم عن نظيره اجزاء لنا هل تعلم معني كلمة (لنا) أي لنا نحن البشر فيتكلم عن ما نظيره أجزاء للبشر فكيف تنسب له أنه قال بالجزء في حق الله؟ سبحان الله تدبر يا أخي الكلام جيدا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/153)
يا أخي قد أخطأت الفهم والله فلا تلج هذه المواضيع إن لم تكن أهلا لفهم ما تورد من نقول!!!
فلم يطلق أصلا أحد من علماء السلف المعتبرين أصلا كلمة أجزاء وأبعاض علي الله ولا حتي الشيخ بن عثيمين وهذا واضح كالشمس ولكن ماذا أملك لك إن كنت لا تري الشمس؟!!! تدبر يا أخي (نظيره أجزاء وأبعاض لنا) ولم يقل (نظير يدنا أجزاء وأعضاء له) فالفرق واضح كالشمس
(وينبغي التنبه إلى أننا لو لم نعتقد أن اليدان والقدم والعينين وغيرها أجزاء لله تعالى لكنه لا تنفك عن ذاته لكان الاعتقاد بأنها صفات كالقدرة والعلم ليست أجزاء مماثلا لاعتقاد الجهمية وأهل التجهيل.)
واضح جدا يا أخي أنك لا تعلم شيئا عن عقيدة الجهمية ولا المفوضة ولا تحسن حتي العقيدة السلفية فأنصحك أن تتعلم العقيدة علي يد من يحسنها ولا تعتمد علي القراءة فقط أو تبقي عاميا في هذا الباب فهذا أسلم لدينك من هذا التخبط وهل يعتقد الجهمية بالعلم القدرة؟ فضلا عن اليد القدم والساق؟!! يا أخي تعلم العقيدة ولا تأتي بالعجائب
وما نعتقده با أخي الفاضل يجب أن يكون بالدليل الشرعي من الكتاب والسنة وليس كما تقول بتحكيم عقلك فهذا عين التكييف وليس من منهج السلف في شيء فإعتقاد أن اليدين والقدم .. الخ أجزاء لا يقوم عليه دليل من كتاب أو سنه وهو من القول علي الله بغير علم فمثله كمثل ما قالوه المشركين أن الملائكة بنات الله فذمهم الله في كتابه علي قولهم ما ليس لهم به علم فقال (أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون) هذا في حق الملائكة فما بالك بحق الله تعالي وحتي لا تسيء الظن فأنا أضرب لك مثلا كي أقرب لك خطورة المسلك الذي تسلكه
(فهي أجزاء لله معنى، وإن كان لفظ الجزء لم يرد في الشرع، فلا نطلقه، ولكن لا يمنع ذلك من اعتقاده.)
قد أطلقت اللفظ بالفعل أم أنك غير مدرك لما قلت (اليد جزء من الله تعالي) أليس هذا كلامك؟!! اليس هذا إطلاق أم مجرد إعتقاد فأنظر كيف تتناقض!!
ولا يجوز إعتقاد ما لم يأتي الشرع به ولم يقوم عليه دليل في أي شيء من فروع الدين فما بالك بالعقائد؟
فلا تعتقد في الله بالظن والتخيل وأن تقول يجب أن يكون له كذا حتي يكون كذا أو حتي لا يكون كذا فأنت عبدا لله تتعبد له بما أمرك به وتعقد فيه ما أبلغ عنه في كتابه أو علي لسان رسوله ووصلك بالنقل الصحيح من ثقة عن ثقة
وأرجوا أن أكون قد أوضحت ما قاله الشيخ بن عثيمين وأسأت فهمه
ـ[احمد جاويش]ــــــــ[03 - 11 - 10, 04:35 م]ـ
جزاك الله خيرا اخي مصطفاوي على التوضيح، واؤيدك في النصيحة للاخ
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[03 - 11 - 10, 04:43 م]ـ
أخواني فالله هناك أمر أشكل علي أرجو من الأخوة مناقشته معي وهو بخصوص الجهة فقد قلت:
وإثبات لفظ الجهة قد أشكل علي فإن قلت هو في جهة فوق فأنت تعلم أن الأرض كرية الشكل فجهة فوق من الأرض تكون بالضرورة كرية الشكل أيضا فلا يكون الله في جهة فوق إلا إذا كان كري الشكل محيط بالكرة الأرضية!!
وأزيد أنني إن كنت قد كيفت الجهة بهذا الوصف والمطلوب إثباتها بلا كيف وأن نقول هو في جهة تليق به ونسكت وهي فوق العالم فهل نكون بذلك قد فوضنا معني الجهة والفوقية فأنا أعلم أن كثير من السلف قالوا بالجهة ولكن ما كان قصدهم بها وكيف يحل الإشكال الأنف ذكره؟
أم أن الصحيح أن نعتقد أن الله في السماء بمعني فوقها وفقط ولا نثبت أو ننفي شيء أخر كالجهة والفوقية
أرجو من الاخوة الرد
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[03 - 11 - 10, 04:44 م]ـ
على سبيل الفائدة العلمية: ورد عن بعض السلف استخدام البعض، أما الجزء فلم يرد، ولا يعلم شيخ الإسلام كما قال ...
ولكنه كما قلنا لفظ مجمل لا يطلق ابتداء، وإنما يستفصل عن معناه من قائله، فماكان صوابا يثبت مع الإرجاع للفظ الشرعي، وماكان باطلا ينفى ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/154)
قال: " قال نعيم بن حماد: لا يقال بعضه على العرض، وبعضه على الأرض، يدرك بالآيات ويثبت بالعلامات هو الكبير المتعال تبارك وتعالى" وقال: " وهو ـ نعيم ـ قد نفى تبعيضه بالمعنى الذي فسره، وهذا ما لا يستريب فيه المسلمون، وهذا مما دل عليه قوله تعالى: {قل هو الله أحد * الله الصمد} .. ، ولا ريب أن لفظ البعض والجزء والغير ألفاظ مجملة فيها إيهام وإبهام فإنه قد يقال ذلك على ما يجوز أن يوجد منه شيء دون شيء بحيث يجوز أن يفارق بعضه بعضا وينفصل بعضه عن بعض أو يمكن ذلك فيه، كما يقال: حد الغيرين ما جاز مفارقة أحدهما للآخر كصفات الأجسام المخلوقة من أجزائها وأعراضها فإنه يجوز أن تتفرق وتنفصل والله سبحانه منزه عن ذلك كله مقدس عن النقائص والآفات "
وقال: " وقد يراد بذلك ما يُعلَمُ منه شيء دون شيء،، فيكون المعلوم ليس هو غير المعلوم وإن كان لازما له لا يفارقه، والتغاير بهذا المعنى ثابت لك موجود، فإن العبد قد يعلم وجود الحق ثم يعلم أنه قادر ثم أنه عالم ثم أنه سميع بصير، وكذلك رؤيته تعالى كالعلم به، فمن نفى عنه وعن صفاته التغاير والتبعيض بهذا المعنى فهو معطل جاحد للرب فإن هذا التغاير لا ينتفي إلا عن المعدوم، وهذا قد بسطناه في كتاب بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية في الكلام على سورة الإخلاص وغير ذلك بسطا بينا، ومن علم ذلك زالت عنه الشبهات في هذا الباب، فقول السلف والأئمة ما وصف الله من الله وصفاته منه وعلم الله من الله وله نحو ذلك مما استعملوا فيه لفظ" من" وإن قال قائل معناها التبعيض فهو تبعيض بهذا الإعتبار، كما يقال إنه تغاير بهذا الاعتبار ثم كثيرا من الناس يمتنع أو ينفي لفظ التغاير والتبعيض ونحو ذلك وبعض الناس لا يمتنع من لفظ التغاير ويمتنع من لفظ التعيض وبعضهم لا يمتنع من اللفظين إذا فسر المعنى وأزيلت عنه الشبهة والإجمال الذي في اللفظ"
وقال ابن تيمية في منهاج السنة النبوية:" وأما إذا قيل المراد بالإنقسام أو التركيب أن يتميز منه شيء عن شيء مثل تميز علمه عن قدرته أو تميز ذاته عن صفاته أو تميز ما يرى منه عما لا يرى، كما قاله السلف في قوله تعالى: {لا تدركه الأبصار .. }، قالوا: لا تحيط به، وقيل لابن عباس رضي الله عنه: أليس الله تعالى يقول: {لا تدركه الأبصار} قال: ألست ترى السماء قال بلى قال أفكلها ترى قال لا فذكر أن الله يرى ولا يدرك أي لا يحاط به ونحو ذلك .. "، ثم قال:" فهذا الوجه من الإمتياز متفق على إثباته، كما أن الأول متفق على نفيه، وأما الإمتياز في نفس الأمر من غير قبول تفرق وانفصال، كتميز العلم عن القدرة وتميز الذات عن الصفة وتميز السمع عن البصر وتميز ما يرى منه عما لا يرى ونحو ذلك وثبوت صفات له وتنوعها، فهذا مما تنفيه الجهمية نفاة الصفات، وهو مما أنكر السلف والأئمة نفيهم له، كما ذكر ذلك أئمة المسلمين المصنفين في الرد على الجهمية كالإمام أحمد رضي الله عنه في رده على الجهمية وغيره من أئمة المسلمين"
وقال: " وأما أهل السنة والإثبات فقد ظهر كذب النقل عنهم، وأما إطلاق القول بأن الصفة بعض الموصوف، أو أنها ليست غيره، ـ أي ليست غير الله ـ فقد قال ذلك طوائف من أئمة أهل الكلام وفرسانهم، ....... ، بل كثير من المنازعات يكون لفظيا أو اعتباريا، فمن قال إن الأعراض بعض الجسم، أو أنها ليست غيره، ومن قال إنها غيره يعود النزاع بين محققيهم إلى لفظ واعتبار وإختلاف اصطلاح في مسمى بعض وغيره كما قد أوضحنا ذلك في بيان تلبيس الجهمية"
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[03 - 11 - 10, 04:51 م]ـ
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
((لقسم الثالث: صفات خبرية: يعني: أننا نعتمد فيها على مجرد الخبر، ليست من المعاني المعقولة بل المدركة بالسمع المجرد،
ونظير مسماها بالنسبة إلينا أبعاض وأجزاء كاليد والوجه والعين والقدم والإصبع هذه نسميها الصفات الخبرية لأنها ليست معنى من المعاني، فاليد غير القوة، القوة معنى واليد صفة من نوع آخر صفة مسماها بالنسبة إلينا أبعاض وأجزاء، فاليد بعض منا أو جزء منا، والوجه كذلك،
لكن بالنسبة لله لا نقول: إنها جزء أو بعض 192،
لأن البعضية والجزئية لم ترد بالنسبة إلى الله لا نفياً ولا إثباتاً،
ولهذا نقول لمن قال: إن الله واحد لا يتجزأ ولا ينقسم وما أشبه ذلك،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/155)
نقول: هذه ألفاظ بدعية،
من قال لك تصف الله بهذا النفي؟ هل أنت أعلم بالله من الله؟ هل أنت أعلم بالله من أصحاب رسول الله؟
ما قال واحد منهم قط: إنه لا يتبعض ولا يتجزأ،
فاحبس لسانك عما حبسوا ألسنتهم عنه،
ولا أحد يتصور أن الله يتجزأ حتى تنفيه أتركه!!
إنما ينفى مثل هذا الكلام،
لو أن أحدًا قاله، أما ولم يقله أحد،
فقل: لله يد وله وجه وله عين ودع عنك لا يتجزأ ولا يتبعض،
أحد تعبدك بهذا؟
ما أحد أبدًا تعبدك بهذا،
ما قال الله: قولوا في الله إنه لا يتبعض ولا يتجزأ،
ولا قال: قولوا في الله إنه يتبعض ويتجزأ،
بل قال: {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحدٍ منهم ونحن له مسلمون}.
وقال: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} (البقرة 255).
وقال: {قل هو الله أحد، الله الصمد} (الإخلاص 1 - 2).
فالحاصل: أن الصفات الخبرية هي التي مسماها أبعاض وأجزاء لنا،
لكن بالنسبة لله ما نقول: إنها بعض أو جزء،
لأن إثبات البعضية أو الجزئية أو نفي البعضية أو الجزئية بالنسبة لله من الألفاظ المبتدعة التي يجب على الإنسان أن يتحاشاها)) شرح السفارينية.
وقال أيضًا:
((الصفات الخبرية: وهي التي تدل على مسمى هو أبعاض لنا وأجزاء، مثل: الوجه، واليد، والقدم، والأصابع، والعين، كل هذه ألفاظ تدل على مسميات، هي بالنسبة إلينا أبعاض وأجزاء، أما بالنسبة لله ما نقول إنها أبعاض وأجزاء،
لأن البعض والجزء: (ما يمكن انفصال بعضه عن بعض) وهذا بالنسبة لله عز وجل مستحيل
ولهذا لم نرى أحداً يقول: إن يد الله بعض منه أو جزء منه، لا يقال هكذا في حق الله عز وجل لأن البعض والجزء: (ما صح انفصاله عن الأصل)، وهذا بالنسبة لله أمر مستحيل.
إذن نسميها يداً ووجهاً وعيناً وإصبعاً وقدماً وما أشبه ذلك، لكننا لا نسميها بعضاً أو جزءً)) شرح السفارينية.
وقال أيضًا:
((أن لله تعالى رِجلاً وقدماً حقيقية، لا تماثل أرجل المخلوقين، ويسمي أهل السنة هذه الصفة: الصفة الذاتية الخبرية، لأنها لم تُعلم إلا بالخبر، ولأن مسماها أبعاض لنا وأجزاء، لكن لا نقول بالنسبة لله: إنها أبعاض وأجزاء، لأن هذا ممتنع على الله عزَّ وجلَّ)) شرح الواسطية.
((العشرون: معرفة ذكر الوجه، يعني: وجه الله تعالى، وهو صفة من صفاته الخبرية الذاتية التي مسماها بالنسبة لنا أبعاض وأجزاء؛ لأن من صفات الله تعالى ما هو معنى محض، ومنه ما مسماه بالنسبة لنا أبعاض وأجزاء، ولا نقول بالنسبة لله تعالى أبعاض؛ لأننا نتحاشى كلمة التبعيض في جانب الله تعالى الله)). القول المفيد على كتاب التوحيد.
وقال أيضًا رحمه الله تعالى:
((والخبرية: هي أبعاض وأجزاء بالنسبة لنا، أما بالنسبة لله، فلا يقال هكذا، بل يقال: صفات خبرية ثبت بها الخبر من الكتاب والسنة، وهي ليست معنىً ولا فعلاً، مثل: الوجه، والعين، والساق، واليد.
))
وهذا موضوع جيد فيه نقول أيضا منها نقول الشيخ العثيمين وكلام ابن تيمية السابق وأكثر منه:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=57467
ـ[أبو نسيبة السلفي]ــــــــ[03 - 11 - 10, 04:56 م]ـ
يا أخي أفهم عن الشيخ جيدا ولا تتسرع
يا أخي قد أخطأت الفهم والله فلا تلج هذه المواضيع إن لم تكن أهلا لفهم ما تورد من نقول!!!
فلم يطلق أصلا أحد من علماء السلف المعتبرين أصلا كلمة أجزاء وأبعاض علي الله ولا حتي الشيخ بن عثيمين وهذا واضح كالشمس ولكن ماذا أملك لك إن كنت لا تري الشمس؟!!!
واضح جدا يا أخي أنك لا تعلم شيئا عن عقيدة الجهمية ولا المفوضة ولا تحسن حتي العقيدة السلفية فأنصحك أن تتعلم العقيدة علي يد من يحسنها ولا تعتمد علي القراءة فقط أو تبقي عاميا في هذا الباب فهذا أسلم لدينك من هذا التخبط وهل يعتقد الجهمية بالعلم القدرة؟ فضلا عن اليد القدم والساق؟!! يا أخي تعلم العقيدة ولا تأتي بالعجائب
وأرجوا أن أكون قد أوضحت ما قاله الشيخ بن عثيمين وأسأت فهمه
جزاكم الله خيرا جميعا لقد استفدت من مشاركاتكم ومن وجود الضيف "فرحات". فقد كانت استشكالاته مفيدة فعلا ولو أنني آخذ عليه عدم التصريح بعقيدته وعدم نقل النصوص كاملة ليتضح الكلام.
بالنسبة لأخي الفاضل مصطفاوي
أحب أن أهمس في أذنه بأن المنتدى مفتوح للكتابة والاستشكال لأهل السنة والاشاعرة على السواء فربما تضع هذا في الاعتبار عند المباشرة بالتعليق.
وليت الضيف فرحات يجيب عن سؤال الشيخ فيصل فإنني متشوق لمعرفة إجابته في هذا الموضوع الرائع:
حبة حبة يا أخي الكريم فرحات
"ومما يدل على أن الله فوق الأشياء، وأنه مستو على عرشه كما أخبر في كتابه عن نفسه: أن المسلمين يشيرون بالدعاء إلى السماء وإلى جهة العلو ولا يشيرون إلى جهة الأرض وهذا إجماع منهم"
ما رأيك؟ أرجو التعليق
ولي استفسار للضيف فرحات بحكم أنه في عقيدته هو , أنه يثبت معنى الجزء بحسب فهمه هو لكلام العلامة العثيمين والان يطلب بأن لا نخشى ونصرح بما في صدورنا فنثبت اللفظ. ويقول هو بأن لازم الحق حق.
أليس عندك الجزء يجوز عليه الانفصال والاتصال؟ أليس هذا ما يرغب في الوصول اليه بعض الاشاعرة ,, مثلا؟
فحسب عقيدتك أنت أرغب في معرفة ردك عليهم طالما أنك أثبت المعنى و اللفظ. وفي حالة فهمت كلامك على غير مرادك - لأنني لست بطالب علم مثلك - فأوضح لنا عقيدتك في الجزء و كيف ترد الشبهات على عقيدتك. طالما أن لازم الحق حق.
وشكرا جزيلا لك فمشاركاتك جيدة من ناحية المدارسة.
===
إضافة ملاحظة: لم أطلع على مشاركات الشيخ عمرو بسيوني الاخيرة إلا بعد أن أضفت تعليقي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/156)
ـ[احمد جاويش]ــــــــ[03 - 11 - 10, 05:03 م]ـ
الاخ المكرم مصطفاوي حفظك الله
قولك: قلت هو في جهة فوق فأنت تعلم أن الأرض كرية الشكل فجهة فوق من الأرض تكون بالضرورة كرية الشكل أيضا فلا يكون الله في جهة فوق إلا إذا كان كري الشكل محيط بالكرة الأرضية!!
هذا التصور لا يصح _ ايها الحبيب_، ذلك ان انعدام الجهات في الشكل الكري انما هو بالنسبة لمن كان بداخله
فالكره كما هو معلوم ليس لها جهات بالنسبة لمن هو بداخلها، اما من هو خارج عنها فهو في جهة الفوق منها بالكليه.
اضرب مثالا يتضح به ما اريد
لو جئنا بكرة اخي ووضعنها على الارض تحت السقف، وسالتك اين السقف بالنسبة للكره؟
لا شك ان السقف فوق الكره ومن بداخلها، ايا كان الذي في داخلها في اي مكان فيها
فانعدام الجهات بالنسبة لمن بداخلها هو بالنسبة للكرة، لا من بخارجها
ارجوان يكون كلامي واضح احسن الله اليك
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[03 - 11 - 10, 05:08 م]ـ
جزاك الله خيرا يا أخ عمرو بسيوني فقد أتيت بالنقل كاملا وقد وفي واوفي فيه الشيخ بالتوضيح والتفصيل ما لا يبقي بعده إبهام
ـ[أبو نسيبة السلفي]ــــــــ[03 - 11 - 10, 05:10 م]ـ
مع العلم أن الاشاعرة يحرمون إطلاق لفظ الواحد في حق الله تعالى. فعندهم الله سبحانه وتعالى لا يُعد.
وأقترح على الاخوة الافاضل فتح موضوع آخر عن الجهة وغيرها من المسائل وإبقاء هذا الموضوع في صفات اليد والوجه الخ. فهذا أفضل للقارئ والله اعلم.
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[03 - 11 - 10, 05:14 م]ـ
وصلتني همستك يا أبو نسيبة السلفي ووعيتها تماما
ـ[احمد جاويش]ــــــــ[03 - 11 - 10, 05:15 م]ـ
جزاكم الله خيرا شيخ عمرو على نقل كلام الشيخ ابن عثيمين
ولا ادرى ما مراد الاخ فرحات من بتر النقل عن ابن عثيمين
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[03 - 11 - 10, 05:15 م]ـ
الأخ أحمد جاويش محدثك مهندس مدني وأنت المخطئ يا أخي وسأرد عليك بعد أن أصلي المغرب
ـ[احمد جاويش]ــــــــ[03 - 11 - 10, 05:17 م]ـ
اذا ساتراجع عن كلامي مباشرة، فاهل الفن ادرى، نفع الله بكم ياغالي. ابتسامة
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[03 - 11 - 10, 05:39 م]ـ
سأوضح لك أخي الفاضل ما أشكل علي بتفصيل أكبر
الأرض كرية الشكل وكل ما علي سطحها ينجذب إلي مركزها بقوة الجاذبية وإي إشارة إلي جهة (فوق) علي سطح هذه الكرة سيكون عموديا علي هذا السطح مشيرا لمستوي كري أيضا محيط بالكرة الأرضية ففي مثالك الذي ذكرت فعلا سيكون السقف في جهة فوق من الكرة كما ذكرت ولكن أنا أتكلم علي جهة فوق لمن علي سطح الكرة يعني تخيل كرة تخرج منها أسهم علي كامل سطحها عمودية علي هذا السطح هل ستشير تلك الأسهم إلي السقف الذي ذكرت؟ الأجابة لا (حاول أن تتخيل) إلا إن كان هذا السقف كريا محيط بهذه الكرة من جميع الجهات.
في هذه الحالة فقط سيكون كل من يشير لجهة فوق من من هم علي سطح تلك الكرة سيكون مشيرا إلي السقف
وبهذا يكون الله تعالي - بهذا الفهم السابق - كريا!! بل والعالم داخله أيضا
أرجو أن أكون قد أوضحت الإشكال جيدا
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[03 - 11 - 10, 05:48 م]ـ
هل يوجد من يقدر علي رفع هذا الإشكال بارك الله فيكم؟! أظنك قد تراجعت حقا ألان يا أخ احمد جاويش أم أن الإبتسامة لم تراوح شفتيك؟
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[03 - 11 - 10, 05:56 م]ـ
للأسف أنا مضطر للخروج الأن وأنتظر الإجابة لعلي أجدها غدا بحول الله وجزا الله جميع الأخوة خير الجزاء
ـ[أبو نسيبة السلفي]ــــــــ[03 - 11 - 10, 06:11 م]ـ
طالما أن مسألة الجهة لم تناقش في موضوع مستقل فأضع ردا من مشاركة سابقة وذلك للفائدة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الرد الهندسي على شبهة كروية الارض في نفي العلو ( http://www.asha3ira.co.cc/2010/06/blog-post_3091.html)
هذا المقال القصير عبارة عن مشاركة تم التصرف فيها من هذا المقال الاصلي
( http://www.blogger.com/goog_426101396)
الرد على من اتهم الإمام الدارمي رحمه الله بالتجسيم. ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=58595)
http://4.bp.blogspot.com/_vwHa2yuveM4/TCetDyIWBuI/AAAAAAAAAMs/nzToytYw9ig/s320/Sphericity+and+Essence+Heighness.png (http://4.bp.blogspot.com/_vwHa2yuveM4/TCetDyIWBuI/AAAAAAAAAMs/nzToytYw9ig/s1600/Sphericity+and+Essence+Heighness.png)
تحديث:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/157)
وصف الشكل: شكل يمثل الكرة الارضية. علي يمين الشكل الكعبة على الارض. وعلى شمال الشكل رجلان على الارض. أحدهما يقف على الارض ويبدو في الشكل أنه ينظر الى الاعلى و الاخر عكسه تماما يقف على الارض معطيا ظهره للاول ويبدو في الشكل انه ينظر الى اسفل الشكل. وكل من الرجلين يصلى. فهندسيا -بالخطوط المستقيمة - الاول يصلى الى اعلى الشكل لا الى يمين الشكل حيث الكعبة والاخر عكسه تماما يصلى نحو اسفل الشكل المسطح لا الى يمين الشكل حيث الكعبة. أما بالخطوط المنحنية او -الكروية- فاتجاه القبلة يأخذ سطح الارض بين المصلي والكعبة فيكون منحنيا اذا رسمته. هل توجد اتجاهات منحنية؟ هذا يحتاج الى تأمل أو هل نقل جرت العادة (على قول الاشاعرة) على أن الاتجاهات مستقيمة ولو شاء الله لجعلها كروية!
المصلي باعتبار الخطوط المستقيمة ((وهي علة القبوريين!)) * لا يصلي الى الكعبة. فهو في واد والكعبة في واد آخر. ولو كانت الكعبة هي معبوده لما كان يصلي اليها بهذا الاعتبار!!
* علة القبوريين: هي رسم خط ((مستقيم)) بين كل داعٍ يرفع يديه وخالقه (في اكثر من مكان على الارض) بالتصريح الفصيح! (فوقية الخط المستقيم).
يعني الذات تحيط بالكرة الارضية من كل جانب وعليه تكون الارض والكون تبعا داخل الذات وهذا واضح لا يحتاج الى شرح أكثر من ذلك. وبالتالي ينفون العلو.
فهل كان وجود الكعبة في واد (في طرف من الارض) و المصلين في أودية اخرى كل في اتجاه مانعا لاعتبار أنهم يصلون اليها حقيقة!
المقصد إذا كان هذا حال المصلين مع الكعبة المخلوقة فكيف بحال الداعين مع خالق المصلين والكعبة الذي ليس كمثله شئ؟ وهذا في ظني كقياس الاولى والله اعلم.
وليعلم أن لا احدا يعلم كيفية الله سبحانه وتعالى وطالما هذه هي الحقيقة فكل من ياتي بحجة عقلية سيرد عليه بحجة عقلية مضادة تدحضها.
سأل احد الاخوة ممن يريد محاورة الجهمية قائلا:
"اولا: سوف يحتج بكروية الارض ويقول عندما نكون مثلا في جنوب افريقيا فلا يعني رفع الايدي في الدعاء ان الله في السماء ... بل يعني ان الله في كل مكان هذه واحدة " ا. هـ
فرد عليه احد الاخوة الفضلاء قائلا:
"مال كروية الارض برفع يدى الى السماء اخى الحبيب انا اخص السماء عندما ارفع يدى فهل ارفع يدى لعدم .... ؟! (يعنى شئ مو موجود ارفع يدى اليه.)) مثال الكعبة اننا نتوجه اليها فى الصلاة فاذا لم تكن الكعبة متواجدة هل اصلى [إلى] لعدم .. ((اى لشئ غير موجود)) .. ؟ " ا. هـ
في الصلاة لم يتركنا الله تعالى نصلي الى السماء او الى أي مكان بل أمرنا الى شئ موجود معين حقيقي لامجازي نصلي "اليه" ولجواز إمكان وقوعه في أي مكان حدده بالنص وهو الكعبة.
والدعاء هو العبادة (كالحج عرفة!) فأين هو الشئ الموجود (المعين) الحقيقي الذي نتجه بكلنا "اليه" ولم يحتج الى نص في مد الايدي (له واليه)؟
هل هو احد الكواكب؟
ام احد النجوم؟
ام العرش؟
أم الفضاء!؟
أم الفراغ!؟
أم العدم!؟
أم السماء بمعنى المخلوق (وبالتالي الى كل ما فيها من الكواكب والنجوم وما فيها من جان وملائكة و غيرها)
أم السماء بمعنى العلو المطلق؟
هذا والله اعلم
للمزيد:
شبهة كروية العالم ودوران الأرض في نفي العلو ( http://www.asha3ira.co.cc/2010/05/blog-post_20.html)
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[03 - 11 - 10, 06:12 م]ـ
1 ـ العلو لا ينفي الإحاطة ..
والإحاطة من صفات الله تعالى ..
والسماء محيطة بالأرض من كل اتجاه، وفوقها من كل اتجاه، بلا منافاة ولا تناقض، وهذا المثال ضربه ابن القيم في الصواعق ..
2 ـ الاتجاهات الواقعية اثنان، سفل محض، وهو قلب الكون ونقطة مركزه (أسفل سافلين)، وعلو محض ما فوقه مطلقا ...
فالذي على النقطة أ في القطب الشمالي ليس فوق الذي على النقطة ب في القطب الجنوبي، لأنه لو قدر أن يسيرا بخط مستقيم إلى السفل لالتقيا في (المركز)، فكلاهما (في الحقيقة) عال على المركز، ولا يتصور أن يكون أحدهما فوق الآخر إلا لو قدر أن يخرق الذي في نقطة أ المركز إلى النقطة ب، وساعتها لن يكون علوه على الآخر حقيقيا، بل يكون مثله كمثل من وضع منكسا، ورجله إلى السماء، ثم قذف بمدفعية إلى السماء، فهو صاعد إلى السماء برجله، فهي تحته نسبيا، لكن الاتجاه الواقعي أنه في العلو ..
وهذا معنى حديث الإدلاء كما يقول شيخ الإسلام، أنه افتراضي، يعني لو قدر أن يدلى حبل فينفذ من السفل إلى العلو لهبط على الله، وأن لفظ الهبوط في الحديث مراعاة لظاهر حاله، كالرجل الصاعد إلى السماء قفزا برجله ...
أما سائر الاتجاهات الأربعة الأخرى فكلها نسبي لا حقيقي ...
3 ـ الله أكبر من كل شيء، والعالمون كلاشيء له تقدس وتعالى ...
و معروف حديث الحلقة في فلاة ..
ولو قدر أن يجعل رجل في يده حمصة، لم يقل عاقل إن يده تحت الحمصة وفوقها، أو يقل إن الحمصة حالة فيه ..
فالله أعلى وأجل، له المثل الأعلى ...
و قال تعالى (وماقدروا الله حق قدره، والأرض جميعا قبضته يوم القيامة، والسماوات مطويات بيمينه)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/158)
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[03 - 11 - 10, 07:04 م]ـ
لازم الحق حق
ماهذا الكلام يا أخي؟
من قال بهذا من أهل العلم؟
من قال من أهل العلم (إن الله كري الشكل) صحيح من حيث المعنى، لكن اللفظ ممنوع!!
الله أكبر!
وسبحان الله!
ـ[أبو نسيبة السلفي]ــــــــ[03 - 11 - 10, 10:25 م]ـ
لو فهمتم قصدي لما اعترضتم عليّ
صدقني فهمت قصدك منذ البداية يا ضيفنا العزيز. لكن نرغب في التفصيل فقط.
لازم الحق حق
يا ضيف! طالما أن ربك أجزاء وأبعاض و (لازم الحق حق) عندك فعليه جوازا تنفصل اجزاؤه قطعا قطعا! لكنك هنا أنكرت هذا اللازم الحق على قواعدك أنت! فقلت حاشى أن ينفصل. رغم أنه يلزمك.
والان تعود الى تطبيق لازمك فاستلزمت كرّية وأقررتها حيث لم نجد هذا اللازم هنا!
فطالما أنك شجاع وتتكلم بلسان أهل السنة الذي لم ينطق 14 قرنا خوفا من الجهمية كما تزعم فأكمل التصريح بعقيدتنا كما تتصورونها. فبقي شيئا تقطعونه لنا ألا وهو:
هل الكرية هنا بمعنى أننا داخل ذات ربك أنت لكن بدون حلول؟
بين لنا بنعم أم لا. وهل هذه هي عقيدة السلف كما فهمتموها أيضا بنعم أم لا.
ـ[أبو نسيبة السلفي]ــــــــ[03 - 11 - 10, 11:26 م]ـ
عزيزي فرحات التدلاوي الاشعري الاسمري
كفاك تهريجا فقد سقط قناعك بل هو ساقط عندي من أول مرة.
لقد أقررت تفسير الكرية بأن العالم داخل ذات الله سبحانه وتعالى وهو- الفهم - الذي استنكره الاخ مصطفاوي ولكنك لم تنكره بل أقررته في مشاركتك رقم 61
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=1399315&postcount=61
فيمكن الرجوع الى مشاركة الاخ مصطفاوي التي يبين فيها وجود العالم كله في ذات الله (لكن بغير امتزاج). يعني كالكرة الصغيرة داخل كرة أخرى أكبر منها!!!
فلا داعي للمراوغة والاستخفاف بعقل القارئ فمشاركاتك مكشوفة الان لجميع طلبة العلم. فلو بينت للاشراف أنك أشعري اسمري وتريد أن يجيب طلبة العلم عن الزاماتك بأدب لكان أفضل لك. لكن التقية الاسمرية معروفة قد سقاكم اياها صالح الاسمري وهو الاشعري القبوري.
لا أعتقد أنه حبشي يا شيخ عمرو!
بل هو أشعري أسمري وهو ما بدى لي منذ البداية ولم أتوقع مطلقا أنه حبشي. ولكي يبعد الشبهة عن نفسه ذهب (أو قل لم يذهب فالراجح أنه أتى من هناك أصلا!) الى منتدى الاسمريين القبوري ممثلا دور السلفي هناك وذلك بعد مدة ساعتين من تنبيهي للاخ مصطفاوي في موضوع:
ما معنى صفة اليد والوجه القدم؟
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=1399220&postcount=47
يمكن النظر في تواريخ المشاركات هنا وهناك للتأكيد. والان قد مضى 3 ساعات تقريبا على تعليقه في منتدى الاسمريين. وخمس ساعات ونصف أو ست ساعات الا ربع منذ تنبيهي.
لم يحبك المسرحية بشكل جيد.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[03 - 11 - 10, 11:58 م]ـ
الله تعالى يبسط يداه كما يشاء ويقبضهما، فهل المبسوط والمقبوض هو كل ذات الله تعالى أو تلك الأجزاء المخصوصة التي هي اليدان؟
استبدل كلمة "أجزاء" بـ"صفات"، فالأول يضيف معنا زائدًا على معنى الصفة، وذلك المعنى باطل.
فاليدان أجزاء من الله
فاليدان صفات لله
أما بالنسبة لاعتقاد الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في هذا، فهاك أقواله التي تدل على أن ما قلته عنه باطل:
قال في شرح العقيدة الواسطية:
((الصفات الذاتية؛ كالحياة والقدرة، والعلم .. وما أشبه ذلك، وتنقسم إلى: ذاتية معنوية، وذاتية خبرية، وهي التي مسماها أبعاض لنا وأجزاء؛ كاليد والوجه، والعين، فهذه يسميها العلماء: ذاتية خبرية، ذاتية: لأنها لا تنفصل ولم يزل الله ولا يزال متصفًا بها. خبرية: لأنه متلقاة بالخبر؛ فالعقل لا يدل على ذلك، لولا أن الله أخبرنا أن له يدًا؛ ما علمنا بذلك، لكنه أخبرنا بذلك، بخلاف العلم والسمع والبصر، فإن هذا ندركه بعقولنا مع دلالة السمع، لهذا نقول في مثل هذه الصفات اليد والوجه وما أشبهها: إنها ذاتية خبرية، ولا نقول: أجزاء وأبعاض، بل نتحاشى هذا اللفظ لكن مسماها لنا أجزاء وأبعاض؛ لأن الجزء والبعض ما جاز انفصاله عن الكل؛ فالرب عز وجل لا يتصور أن شيئًا من هذه الصفات التي وصف بها نفسه - كاليد - أن تزول أبدًا؛ لأنه موصوف بها أزلًا وأبدًا ولهذا لا نقول: إنه أبعاض وأجزاء))
وقال في موضع آخر من الشرح:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/159)
((رابعا: أن لله تعالى رجلا وقدما حقيقية، لا تماثل أرجل المخلوقين، ويسمي أهل السنة هذه الصفة: الصفة الذاتية الخبرية؛ لأنها لم تعلم إلا بالخبر، ولأن مسماها أبعاض لنا وأجزاء، لكن لا نقول بالنسبة لله: إنها أبعاض وأجزاء؛ لأن هذا ممتنع على الله عز وجل.))
ـ[أبو نسيبة السلفي]ــــــــ[04 - 11 - 10, 01:22 ص]ـ
أبو نسبية تنحى جانبا، وحاول الاستفادة من النقاش، فإنك لا تحسن الكلام ..
العالم له اتجاهان حقيقيان فقط وهم العلو والسفل
والله محيط به، وتلك الإحاطة ذاتية لكن بلا امتزاج، ومثال الكرة تكييف لم أنطق به أبدا، وإنما المعنى شيء والتكييف شيء آخر
بل أقررت استنكار الاخ مصطفاوي 100% والان بعد أن وقعت تحاول التملص وأراك قد بدأت تتخبط بعد أن تم تعريتك فحتى تسجيلك في منتدى الاسمريين القبوري جديد!
وعدد مشاركاتك 2 فقط!
وفي موضوع واحد!
وتوقيت مشاركتيك الوحيدتين هناك كان منذ حوالي ساعتين (بعد وليس قبل) أن نبهت الاخ مصطفاوي لأشعريتك بالتلميح وهو للعاقل االفاهم في حكم التصريح.
فبعدما نبهت الاخ هرعت مسرعا لتفتح حسابا هناك وتضع مشاركتيك. فأخبرنا ما هو معرفك الحقيقي هناك؟
اذا لم تدخل من خلال بروكسي فلعل الاشراف يجد أن رقم الايبي خاصتك من السعودية!
الحمد لله مشاركتك السابقة رقم 61 والتي أقررت فيها بوجود العالم كالكرة (((داخل))) ذات الله سبحانه وتعالى بدون امتزاج موجودة لا تستطيع التنصل منها بمثال الحمصة الذي جاء متأخرا كثيرا في مشاركة الشيخ عمرو! فشتان بين احاطة اليد بالحمصة و وجود الحمصة الكروية داخل الذات!!!!!!
فمثال الاخ مصطفاوي حجة عقلية رياضية قاطعة لا تحتمل التأويل إلا عند المسفسطين!!!! وإلا فاحرج نفسك مرة أخرى واشرح للناس الفرق بين المعنى والكيف في وجود الكرة داخل الذات!!! حسب ما جاء في مشاركة الاخ مصطفاوي التي تورطت فيها بالاقرار!!!
وقولك أنك لم تنطق بها فهذه حجة مثل حجج الاطفال الصغار فقد سبق أن أقررت بفهم الكرة داخل الذات فمشاركة الاخ مصطفاوي موجودة خاصة وأنت من لا يشترط التصريح كما سبق!! فقد افتريت على السلف من قبل وأخذت لسان العلامة ابن عثيمين بعد موته وصرحت به بأنه يقول في صفات الله تعالى بمعنى الجزء والبعض!
بترت كلامه لتدلس عليه فاستنكر الجميع فعلك ممن أحسن الظن بك!
كفاك تهريجا ضيفنا فقد وصلت حججك الاخيرة الى درجة السذاجة فلا تنطلي إلا على الغافل أو الساذج .. ونحن هنا بخطابنا لك نبين للعقلاء فقط فنلفت انتباه القارئ الكريم لا غير. فنحن نعلم مدى حقد الاسمريين القبوريين الذين يسألون الاموات من دون الله تعالى على أهل السنة. وأهل السنة بالمرصاد لمعشر القبوريين.
أبو نسبية تنحى جانبا، وحاول الاستفادة من النقاش، فإنك لا تحسن الكلام ..
لقد أضحكت الناس عليك!
كيف تحسن الكلام وأنت تقول أبو نسيبة؟!!
حتى تتعلم كيف تحسن الكلام سأتركك تسأل أهل العلم قائلا: لماذا سخر مني أبو نسيبة!
العالم له اتجاهان حقيقيان فقط وهم العلو والسفل
والله محيط به، وتلك الإحاطة ذاتية لكن بلا امتزاج، ومثال الكرة تكييف لم أنطق به أبدا، وإنما المعنى شيء والتكييف شيء آخر
اشرح لنا معنى الاحاطة الذاتية؟ مبينا الفرق بين اقرارك السابق و فهمك الجديد؟
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[04 - 11 - 10, 03:06 م]ـ
الأخ فرحات التدلاوي إنتظر قليلا حتي أرد علي الأخوة ثم سأرد عليك لاحقا
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[04 - 11 - 10, 03:28 م]ـ
الأخ أبو نسيبة السلفي
مثال الكرة والكعبة والمصلي أفهمه جيدا لكنه لا يحل الإشكال بشكل كامل. لماذا؟
المثال شرح أن المسارات المستقيمة لا تصل إلي الكعبة وإنما المسارات المنحية هي التي توصلنا إليها وهذا واضح
وعليه فالإتجاه للقبلة يكون مساره منحنيا وبالتالي بطلت دعوي وجوب أن يكون الإتجاه مستقيما
وهذا لا خلاف فيه
ولكن عندما نكون نتكلم عن علو ذات الله وفوقيته ونشير بإصبعنا إلي السماء هل نقصد بذلك مسارا مستقيما أم منحنيا أم شيئا أخر غير معلوم لدينا!!!
الجواب الصحيح - وبعد تأمل - فإني أري أن الثالثة هي الصحيحة أي أنه شيئا أخر غير معلوم لدينا وذلك لبطلان الأول: وهو أن يكون المسار مستقيما - وهي الفوقية الطبيعية المعلومة عندنا والمشاهدة من فوقية الأجسام علي بعضها - وذلك للمثال الذي ذكرت والذي مفاده أن هذا التصور سيجعلنا نعتقد أن الله كري الشكل محيطا بالكون وأنه خلقه داخله - سواء قلنا بمماسة أو إمتزاج أو نفيناها- فهو باطل في حق الله وينافي صمديته سبحانه وتعالي
والثاني: وهو القول بأن المسارات منحنية وهو أيضا باطل لإنه قول علي الله بغير علم وأعلم ان الأخ قد ساق هذا المثال من باب ضرب الامثال للتقريب للأذهان ولاكني أحكي بطلانه من باب التفصيل ليس إلا
والثالث: أن نقول أن فوقيته شيئا أخر لا نعلمه وهو الصواب. لماذا؟
لا يخفي أن القولان الأول والثاني هما خوض في الكيفيات فكيفية فوقية الله تعالي علي خلقه غير معلومة وفهمها بالمسارات المستقيمة أو غيرها أو بالخردة في يد الإنسان كلها كلام في الكيفيات التي نفوضها ولا نحيط بها علما
فالصحيح الذي أراه أننا نقول أن الله تعالي له فوقية وعلو حقيقيان لكنهما تختلفان تماما عما نعلمه من علو وفوقية الأجسام علي بعضها فحقيقة علوه تختلف تماما عن حقيقة العلو والفوقية المعهودة لنا ولكن هناك معني كلي مشترك بين علو الله تعالي وفوقيته والعلو المعهود لنا وهذا المعني هو الذي جعل وصفه بهاتين الصفتين صحيحا كما هو سبحانه يتصف بالحياة والقوة والقدرة والرحمة وهي صفات معهوده لنا وجامعا المشترك في الاذهان معروف وأي خوض وتعمق في فهم الصفة سيقودنا للكيفية لا محالة فنمر علي المعني المشترك الذي نحسه وتفهمه عقولنا مرور الكرام من غير طول توقف ولا تعمق ولذا قال السلف (أمروها كما جائت)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/160)
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[04 - 11 - 10, 03:46 م]ـ
الأخ عمرو بسيوني:
قلت:
(ـ العلو لا ينفي الإحاطة ..
والإحاطة من صفات الله تعالى ..
والسماء محيطة بالأرض من كل اتجاه، وفوقها من كل اتجاه، بلا منافاة ولا تناقض، وهذا المثال ضربه ابن القيم في الصواعق .. )
هذا في شأن السماء وهي يجوز عليها القول بالكرية فما قولك في الله فما حللت إشكالا
(هذا معنى حديث الإدلاء كما يقول شيخ الإسلام، أنه افتراضي، يعني لو قدر أن يدلى حبل فينفذ من السفل إلى العلو لهبط على الله، وأن لفظ الهبوط في الحديث مراعاة لظاهر حاله، كالرجل الصاعد إلى السماء قفزا برجله .. )
مع إجلالي الشديد لشيخ الإسلام إلا أن هذا القول أظنه قد أبعد النجعة فيه للأتي
1 - أنه يخالف مبانيه وقواعده الأساسية من نفي للمجاز فكيف نقول (إفتراضي) فإفتراضي = مجازي لإنها تعني أن المعني الحقيقي المتبادر غير مقصود
2 - ظاهر الحديث ينسب لله جهه السفل وذلك بألفاظه (دليتم - هبط) فكيف جعلت السفل علوا وما الدليل من الحديث نفسه علي عكس ألفاظه فجعلتم دليتم = رفعتم و هبط = بلغ (من البلوغ من سفل إلي العلو)
(ولو قدر أن يجعل رجل في يده حمصة، لم يقل عاقل إن يده تحت الحمصة وفوقها، أو يقل إن الحمصة حالة فيه)
كلا لو قدر أن رجل في يده حمصة يحيط بها من جميع الجهات لكانت الحمصة حالة في جزء من ذاته بلا إمتزاج ولكن بتماس فإنتبه فأي مثال توضيحي سيقود للتكييف والقياس عن الله ممتنع فلن تصل إلي شيء فهو سبحانه غيب
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[04 - 11 - 10, 04:01 م]ـ
الأخ فرحات التدلاوي قلت:
ا (ما الإحاطة الذاتية بلا امتزاح ولا اختلاط فهي الحق بنص القرآن: (الا إنه بكل شيء محيط))
فهمك للأحاطة الذاتية بوجود الكون داخل الله بغير إمتزاج هذا تكييف للإحاطة فقد أخبرنا الله بإحاطته بكل شيء ولكن لم يخبرنا بكيفية ذلك ففهما بالمثال السابق الذي ذكرته - إن كنت قد فهمته حقا - تكييف لإحاطة الله بالكون و إثبات لحلول الكون في الله - وإن نفينا حتي الأمتزاج فإنه حلول لا محالة لا يجادل فيه إلا أهل السفسطة فهو من البديهيات العقلية كأن تقول أنك داخل الغرفة فهي محيطة بك من كل إتجاه فتكون بذلك حالا في الغرفة ولا يجادل في هذا إلا مسفسط.
فإحاطة الله بالكون هي إحاطة تليق بجلاله تختلف تماما عن إحاطتة الأجسام المعهودة لنا ببعضها فكل ما دار ببالك فالله بخلاف ذلك
(وإن كنت تقصد بالكرية الامتزاج والاختلاط فهو باطل لفظا ومعنى.)
هل هذا هيلوغريفي؟ من قال في الدينا أن الكرية ممكن ان يعني بها الإمتزاج والأختطلات
هل تؤمن أن الكون داخل الله مثل كرة داخل كرة أكبر منها بلا إمتزاج او إختلاط بين الكرتين؟ وتري أن هذا حق ويجب إعتقاده؟ وبعد هذا تعتقد أنك لم تكييف ذات الله؟
الله أعلم بإعتقادك وبالنيات لكن أنصحك أن تخلص لله في طلب الحق فبترك لنص العلامة بن عثيمين ظننت في البداية - محسننا الظن بك - أنه عن جهل وتهور وقلة إشتغال بهذه الأمور - ولكني بعد ما رأيت مشاركاتك التالية ورأيت جدلك علمت أنها ليست غفلة وتهور فالله أعلم بحالك أصلحنا الله وإياك
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[04 - 11 - 10, 04:33 م]ـ
أولا خلاف غير لفظي قطعا وقد بينت هذا ولا داعي لإعادة الكلام
ثانيا: ما ذلت تصر علي الكذب علي الشيخ بن عثيمين حتي بعد أن نقل الأخ عمرو بسيوني كلام الشيخ بتمامه وأعيد نقل طرفا منه لبيان كذبك وتدليسك ليس إلا
قال الشيخ بن عثيمين:
((الصفات الخبرية: وهي التي تدل على مسمى هو أبعاض لنا وأجزاء، مثل: الوجه، واليد، والقدم، والأصابع، والعين، كل هذه ألفاظ تدل على مسميات، هي بالنسبة إلينا أبعاض وأجزاء، أما بالنسبة لله ما نقول إنها أبعاض وأجزاء،
لأن البعض والجزء: (ما يمكن انفصال بعضه عن بعض) وهذا بالنسبة لله عز وجل مستحيل
ولهذا لم نرى أحداً يقول: إن يد الله بعض منه أو جزء منه، لا يقال هكذا في حق الله عز وجل لأن البعض والجزء: (ما صح انفصاله عن الأصل)، وهذا بالنسبة لله أمر مستحيل.
إذن نسميها يداً ووجهاً وعيناً وإصبعاً وقدماً وما أشبه ذلك، لكننا لا نسميها بعضاً أو جزءً)) شرح السفارينية
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[04 - 11 - 10, 04:35 م]ـ
أعيد عليك السؤال الذي تجاهلته مرة أخري
هل تؤمن أن الكون داخل الله مثل كرة داخل كرة أكبر منها بلا إمتزاج او إختلاط بين الكرتين؟ وتري أن هذا حق ويجب إعتقاده؟ وبعد هذا تعتقد أنك لم تكييف ذات الله؟
ـ[أبو نسيبة السلفي]ــــــــ[04 - 11 - 10, 06:01 م]ـ
تلميذ القبوري الاسمري: فرحات التدلاوي الاشعري
سأنشغل الان بأمر يمنعني من المتابعة حتى مساء الجمعة او صباح السبت ولا اريد ان افوت فرصة الهروب من الورطة التي اوقعت نفسك فيها وبها ستبقى اشعريتك مكشوفة للجميع.
بالمناسبة لقد تم حذف موضوعك عن الامام الطبري وسياسة الحذف سياسة ضعيفة لا أحبها وهي تطبق في المنتديات السنية عندنا والمنتديات القبورية عندكم للاسف كالفضيحة المضاعفة التي وقع فيها منتداكم الخوار الاستسلامي بالامس. لذا ان كنت تملك نسخة من الحوار فارسلها لي على مدونة الاشاعرة الوجه الاخر وانا اشكر من يساعدني حتى لو كان اشعريا قبوريا.
اخي مصطفاوي المثال كان للتقريب كما هو مصرح وما كان للتقريب فلا يخوض في الغيب.
أعيد عليك السؤال الذي تجاهلته مرة أخري
هل تؤمن أن الكون داخل الله مثل كرة داخل كرة أكبر منها بلا إمتزاج او إختلاط بين الكرتين؟ وتري أن هذا حق ويجب إعتقاده؟ وبعد هذا تعتقد أنك لم تكييف ذات الله؟
هذه هي الورطة التي لن يخرج منها ولن يجيب عليها ... وسيتجاهل كما لم يجب عن خطابه لي ب== ابو نسيبة ==!!
والا سيصرح بجهله باللفظ كما كشف عن جهله بالمعنى!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/161)
ـ[أبو أويس العمامري]ــــــــ[04 - 11 - 10, 07:03 م]ـ
وجه الدلالة في كلام أخينا وصاحبنا عمرو علي بسيوني:
ما دام ليس هناك تعارض بين علو السماء وإحاطتها بالأرض مع علمنا بكيفية علوها وإحاطتها.
فمن باب أولى امتناع تعارض علو الله وإحاطته بالكون ونحن نجهل كيفيتهما ..
ومن تدبر هذا الكلام عرف حقيقة ما يرمي إليه الإخوة في دفع شبهة الكرة:))
وتحية إلى كل الإخوة وصاحبنا عمرو D=
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[06 - 11 - 10, 07:59 ص]ـ
الأخ أبو أويس العمامري
أوافقك الرأي تماما ولكن هل أوافقك في النتيجة؟
خلاصة ما أفهمه مما دار من حوار بخصوص هذا الأمر هو اننا نعتقد بعلو لله حقيقيا وفوقية حقيقية ولكنها تختلف تماما عن حقيقية علو المخلوقات وفوقيتها.
فعلوه وفوقيته - سبحانه وتعالي تليقان به وبكماله فهو ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته.
وبذلك لا يصح لنا أن نقول علوا مكانيا فالمكان مخلوق وعلوه لا تحيط به أفهامنا ولا تدركه عقولنا فإن قلنا علوا مكانيا نكون قد كيفنا العلو وكذا فإن علو الله أزلي فأين كان قبل خلق المكان
فقال الرسول (كان الله ولم يكن شيئا معه أو غيره أو قبله) والمعاني الثلاثة صحيحة فلا مكان ولا زمان أزلي مع الله بحال
هل أصبت في كلامي؟
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[06 - 11 - 10, 08:09 ص]ـ
(ما دام ليس هناك تعارض بين علو السماء وإحاطتها بالأرض مع علمنا بكيفية علوها وإحاطتها.
فمن باب أولى امتناع تعارض علو الله وإحاطته بالكون ونحن نجهل كيفيتهما .. )
كلام صحيح متين ولكن العلو والإحاطة المتصورة للسماء وصلا بنا للكرة وهو ما لا يليق بالله تعالي وعليه يكون علوه وإحاطته شيئا أخر غير ما نفهمه من علو الأجسام وإحاطتها ببعضها وإلا أدي لنفس النتيجة فعلو الله لا نقول عنه علو مكاني ولكن ننتهي حيث إنتهي بنا كلام ربنا كما قال (سبح إسم ربك الأعلي) وقال (ألا إنه بكل شيء محيط) فنقول هو علي محيط له علو وإحاطة فقط ولا نزيد حرفا علي ذلك
هل أصبت في كلامي؟
ـ[أبو نسيبة السلفي]ــــــــ[07 - 11 - 10, 02:19 ص]ـ
(ما دام ليس هناك تعارض بين علو السماء وإحاطتها بالأرض مع علمنا بكيفية علوها وإحاطتها.
فمن باب أولى امتناع تعارض علو الله وإحاطته بالكون ونحن نجهل كيفيتهما .. )
كلام صحيح متين ولكن العلو والإحاطة المتصورة للسماء وصلا بنا للكرة وهو ما لا يليق بالله تعالي وعليه يكون علوه وإحاطته شيئا أخر غير ما نفهمه من علو الأجسام وإحاطتها ببعضها وإلا أدي لنفس النتيجة فعلو الله لا نقول عنه علو مكاني ولكن ننتهي حيث إنتهي بنا كلام ربنا كما قال (سبح إسم ربك الأعلي) وقال (ألا إنه بكل شيء محيط) فنقول هو علي محيط له علو وإحاطة فقط ولا نزيد حرفا علي ذلك
هل أصبت في كلامي؟
أخي مصطفاوي
في الحديث:
صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما. ثم إنصرف فقال:
" يا فلان! ألا تحسن صلاتك؟ ألا ينظر المصلي إذا صلى كيف يصلي؟ فإنما يصلي لنفسه.
إني والله لأبصر من ورائي كما أبصر من بين يدي ".
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 423 خلاصة حكم المحدث: صحيح
فهل يشترط للناظر أن يكون المرئي أمام عينيه؟
فها أنت ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبصر من كان أمامه (بين يديه) ومن كان وراءه (خلفه) وهو يصلي (يعني ليست رؤية منامية).
وهل يشترط عندما تصلى (إلى) الكعبة أن ترى الكعبة أمامك .. أو تنظر (إلي) الكعبة؟
كما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة من خلفه يصلون يمكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يراهم وإن كانوا هم في القطب الجنوبي وهو - صلى الله عليه وسلم - في القطب الشمالي!
فمن كان يظن أن لو وقف المسلمون في كل أرجاء الارض - الكروية - ليروا ربهم للزم منه أن يكونوا جميعا كمن على كرة صغيرة داخل ذات تحيط بهم ككرة كبيرة لأنهم في جهات شتى من الارض الكروية فهذا لازم فاسد - ليس بلازم.
وسبحان ربي الاعلى.
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[07 - 11 - 10, 08:30 ص]ـ
الأخ أبو نسيبة السلفي حياك الله وبياك
وأزيدك أخي من الشعر بيتا بمثال ملموس وهو أمكانية أن أراك في أي مكان في العالم علي شاشة التلفاز بدون مواجهة ولا إتصال شعاع هذا معلوم إضطرارا لكل أحد في زماننا الحاضر ولكن هل إذا أشرت لصورتك علي التلفاز أكون مشير لك حقيقة؟ كلا. فإني أشير لصورة ذاتك وليس ذاتك نفسها ولا يقول عاقل بغير هذا فقولنا أن الله يشار إليه حقيقة لا مجازا لا أراه يثبت إلا بدليل شرعي فإن ثبت قلنا به وفوضنا كيفيته إلي الله وإن لم يثبت لم نقل به بإجتهاد بحال وذلك لإستحالة قياس الله بمقايسنا المعروفة ومثال الكرة دليل علي فساد ذلك القياس
وبفرض ثبوت هذه الإشارة بالدليل الشرعي علي وجه الحقيقة فإننا نقول فيها ما نقوله في الصفات أي نقول أنها إشارة حقيقية للملك جل وعلا تختلف عن حقيقة الإشارات المعروفة لنا ليس من لوازمها خروج شعاع مستقيم من المشير ليصل إلي المشار إليه بل الأمر غير ذلك فكل ما دار ببالك فالله بخلاف ذلك بهذا فقط يكون الإثبات والتنزيه والخروج من الإشكالات العقلية وعدم الخروج عن معتقد السلف فيجب الإنتباه إلي كل ما يضاف إلي الله من أوصاف لم ترد في السنة لإنها قد تنطوي علي شيئا من التكييف للصفات الوارده وهو من الكلام علي الله بغير علم فرحم الله الإمامان مالك والترمزي عندما قال الأول الإستواء معقول والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة و قال الثاني النزول معقول والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/162)
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[07 - 11 - 10, 08:45 ص]ـ
أخي أبو نسيبة
((وهل يشترط عندما تصلى (إلى) الكعبة أن ترى الكعبة أمامك .. أو تنظر (إلي) الكعبة))
وهل يشطرت عندما تتوجه أو تسافر إلي أمريكا أن تري إلي أمريكا؟ يا أخي هذا ليس له علاقة بموضوعنا البته
ما علاقة أن تصلي إلي الكعبة بأن تراها أو لا تراها؟
لعلك تقصد أنك عندما تتوجه إلي الكعبة فأنه لا يصلك بها خط مستقيم وإنما منحني كما ذكر في مشاركة سابقة
فأقول لك وهل إن أشرت صوب القبلة تستطيع أن تقول إني أشير إلي الكعبة حقيقة؟ هذا يعتمد علي مدي علمك بكروية الأرض وثقافتك فإن كان المشير رجلا متعلما يعلم أنه علي سطح كرة و أن أي خط مستقيم علي سطحها يعتبر مماس لها سيعلم يقيننا أنه لا يشير إلي الكعبة حقيقة وإنما هو يشير إلي طريقها علي الأرض ويعلم أن إستدارة الأرض لا يشعر بها الراي للطفها ونسبة المشير إلي هذه الإستدارة بسيطة جدا لا تجعله يشعر بها فهو يشير بإعتبار المستوي المرجعي الجامع بينه وبين الهدف (الكعبة)
واما إن كان المشير جاهلا سيظن أن الأرض منبسطة وأن إشارته لو أمتدت بشكل مستقيم ستصل إلي الكعبة
فالإشارة للكعبة إشارة مجازية كأن تقول مثلا هذا إتجاه الرياض وأنت تعلم يقينا أنك لا تري سوي الافق علي بعد من 8 إلي 12 كيلو متر ولا تري الرياض ولا تشير إلي الرياض حقيقة وإنما تشير إليها بإعتبار المستوي الجامع بينك وبينها وهو الكرة الأرضية
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[07 - 11 - 10, 09:01 ص]ـ
أضيف أنه يمكننا القول أن الإشارة إلي الكعبة مجازية بإعتبار الفراغ المشتمل علي الكرة الأرضية وحقيقية بإعتبار المستوي الجامع وهو الكرة الأرضية
وهذا يفيدنا بالقول إن هذه الأشارة حقيقية بإعتبار ومجازية بإعتبار أخر هذا في الأشارة في حد ذاتها
أما إذا إعتقدنا أن الأشارة للكعبة تكون بخط مستقيم (تكييف الإشارة) سيؤدي هذا لجعل الأشارة غير حقيقية علي الأعتبارين (سواء بإعتبار الفراغ أو بعتبار الكرة)
هذا فيما علمنا فمن باب أولي ترك تكييف الإشارة في حق من لا نعلم حقيقتة ولا يعلم حقيقته إلا هو
فقولنا أن الله يشار إليه يجب أن يعتقد فيه أن الإشارة لا كالإشارات - لها حقيقة تختلف عن حقيقة الإشارات المعروفة لنا - هذا إن ثبتت الإشارة إلي الله تعالي علي - والله تعالي أعلم
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[07 - 11 - 10, 01:25 م]ـ
يقول الإمامُ العلامةُ المُحَدِّثُ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله رحمةً واسعة - في اختصاره لكتاب (العلو للعلي الغفار) للإمام الذهبي - رحمه الله- في الطبعة الأولى
((العبد إذا أيقن أن الله تعالى فوق السماء، عال على عرشه بلا حصر ولا كيفية، وأنه الآن في صفاته كما كان في قدمه، صار لقلبه قبلة في صلاته وتوجهه ودعاءه، ومن لا يعرف ربه بأنه فوق سماواته على عرشه؛ فإنه يبقى ضائعاً لا يعرف وجهة معبوده، ولكن لو عرف بسمعه وبصره وقدمه، وتلك بلا هذا [الإيقان] معرفة ناقصة، بخلاف من عرف أن إلهه الذي يعبده فوق الأشياء، فإذا دخل في الصلاة وكبّر؛ توجه قلبه إلى جهة العرش، منزهاً ربه تعالى عن الحصر مفرداً له، كما أفرده بقدمه وأزليته، عالماً أن هذه الجهات من حدودنا ولوازمنا، ولا يمكننا الإشارة إلى ربنا في قدمه وأزليته إلا بها، لأننا محدثون، والمحدث لا بد له من إشارته إلى جهة، فتقع تلك الإشارة إلى ربه، كما يليق بعظمته، لا كما يتوهم هو من نفسه، ويعتقد أنه في علوه قريب من خلقه، هو معهم بعلمه وسمعه وبصره، و إحاطته وقدرته ومشيئته، و ذاته فوق الأشياء، فوق العرش، ومتى شعر قلبه بذلك في الصلاة أو التوجه أشرق قلبه، واستنار، وأضاء بأنوار المعرفة والإيمان، وعكسته أشعة العظمة على عقله وروحه ونفسه، فانشرح لذلك صدره، وقوي إيمانه ونزه ربه عن صفات خلقه من الحصر والحلول، وذاق حينذاك شيئاً من أذواق السابقين المقربين))
ـ[أبو نسيبة السلفي]ــــــــ[08 - 11 - 10, 10:33 ص]ـ
أراك اخي مصطفاوي قد أغرقت في الكيلومترات والخطوط و المسافات ربما بسبب تخصصك في الهندسة المدنية!
الامثال تضرب للتقريب من باب ولله المثل الاعلى وليس للتمثيل وإلا لم يكن هناك فارق وكان ما نضربه هو حقيقة ولم يكن للمثل حاجة. فلم ير احدا ربه حتى نستطيع أن نصف لأحد الكيفية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/163)
الكعبة اخي الكريم تشير اليها حقيقة لأنك تشير الى الجهة التي فيها الكعبة وانت عندما تصلى الى الكعبة فأنت تجتهد قدر المستطاع في معرفة الاتجاه الذي فيه الكعبة وليس بالضرورة أن تكون على خط لو وصلته الى الكعبة لكان في منتصف الحائط بالضبط لا يحيد عنه!
وليس ضروريا أن يكون ما تفعله مع الكعبة هو عين ما تفعله في الرؤية او رفع اليدين في الدعاء او الاشارة.
انتبه الان لما سيأتي بارك الله فيك:
1 - المقصد أنك تصلى حيث .. توجد الكعبة وانت في ذهنك أن الكعبة في تلك الجهة بغض النظر عن أنت مواجه لها تماما أم لا. فالكعبة في جهة أنت تقصدها في كل الاحوال وإلا لصليت كل مرة عشوائيا أو صليت الى فوق وتحت الخ وأصبحت الكعبة مجرد صورة في ذهنك لا تقصدها في الخارج.
بل أحيانا حين لا تعرف اتجاه الكعبة متيقنا ربما تصلى في اتجاه ربع دورة عن اتجاه الكعبة لكنك تصلي الى الكعبة في كل الاحوال. لان الذي - في نفسك - هو حيث الكعبة. هذا ليس معناه أن لا تبحث عن جهة القبلة وتصلي الى أي مكان وتقول طالما انا أصلي فأنا أصلي حقيقة الى الكعبة. لا ادري هل الفرق واضح أم لا. المهم المسألة عملية وقلبية معا. لا قلبية فقط.
2 - فالذي يرفع يديه الى السماء إنما يريد الله سبحانه وتعالى. فمثلا عندما يسأل شحاتٌ بصيرٌ أو أعمى رجلا غنيا (أمامه) فإنه يمد يديه الى حيث يرى او يظن مكان الغني لا يمد يديه الى الخلف أو تحته او فوقه. النقطة هنا أنه يمد يديه حيث يقصد الذي يرغب منه.
ولله المثل الاعلى. فمن يرفع يديه الى السماء فهو يمد يديه قاصدا العلو. والله سبحانه وتعالى في العلو المطلق فوق كل شئ. فوق السماوات وفوق العرش وفوق كل الخلق جميعا. والله سبحانه استوى على عرشه لا على أرضه أو تحت عرشه فنستحضر أنه فوق العرش و (فوق كل خلقه) حين نرفع أيدينا ندعوه.
فليس هناك إلا خالق و مخلوق. والخالق فوق المخلوق حتما. وعلو المخلوقات ينتهي الى حيث العرش. و الله سبحانه فوق عرشه بكل أنواع الفوقيات المعنوية و الذاتية.
فإن استشكلت - واظنك تفعل -:
1 - فاخبرني عن معنى الرحمن على العرش استوى. (*)
2 - واخبرني لماذا ترفع يديك الى السماء عندما تناجي الله تعالى داعيا اياه. (*)
(*) --- وذلك في إطار الصفات المعنوية و الذاتية ---
فالمقصد من ضربي لمثال الكعبة و الكرة الارضية والخطوط هو من باب التقريب. وكلامك عن مجازية الكعبة كلام أراه بعيدا لأن الحقيقة هنا هو انك تصلى في الاتجاه الذي فيه الكعبة والحقيقة ليست بحفر نفق الى الكعبة لكي يكون هناك خطا مستقيما!!!
هذا هو الواقع = وهو الذي يقع حقيقة = انك تصلى الى الكعبة ومن الذي قال أن الصلاة الى الكعبة لكي تكون حقيقة يجب أن تكون في خط مستقيم؟ رغما عن كروية الارض وإلا اعتبرت مجازا؟
الواقع الذي تعيشه الان وانت تصلى الى الكعبة هو الحقيقة. ولو حفرت نفقا لكي تكون في خط مستقيم فهو في تلك اللحظة أيضا حقيقة = لكنك - لست انت بالذات! - تكون قد تنطعت في الدين وهلكت هذا اذا استطعت ان تفعل نظريا!!
هذا مع العلم اننا عندما نمد أيدينا (إلى) الله سبحانه وتعالى (لا إلى صفاته) فإننا نقصد العلو و نستحضر ذلك لكن لا نتخيل الذات ولا نستطيع أن نفعل ذلك كما في الكعبة لاننا نعرفها -رؤيةً- وذلك بحكم ان ذات الله تعالى غيب بالنسبة لنا ونتعبد بالقدر المشترك الذي تكلم شخصكم عنه سابقا فلا نمثل أن الخالق كالكعبة نقطة فوق العرش ولا نقول أننا كالكرة الصغيرة داخل الكرة الكبيرة = في ذات الخالق (سبحانه وتعالى) كما يفتري الاشعري الاسمري القبوري الكذاب صاحب المعرف (فرحات التدلاوي)!
وكما أنك لا يشترط لك أن تثقب الارض لكي تصلي الى الكعبة حقيقة كذلك لا يشترط لك أن تثقب الارض أو أي كوكب آخر انت عليه لكي تمد يداك الى حيث فوق العرش حيث العلو المطلق -باعتبار ان العرش سقف المخلوقات- لكي تدعو حقيقة. مع العلم أن هناك نصوصا اخرى عن وضع السموات على اصبع والارضين على اصبع و القبض الخ.
عموما الفارق بين الصلاة الى المخلوق (الكعبة) ورفع اليدين الى الخالق فارق كبير وكان الغرض التقريب كما ذكرنا مرارا.
فقد قال تعالى:
وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الزمر: 67]
وفي النهاية لا يوجد الا خالق ومخلوق بائن ونرفع ايدينا اليه هو - ذاته - لا إلى صفاته المعنوية كعلمه مثلا- و الرحمن على العرش استوى وءآمنتم من في السماء و حديث الجارية.
هذا ما عندي ولله المثل الاعلى والخوض في اكثر من ذلك خوض في غيب وكلام بدون علم وتكلف لسنا مطالبين برؤية الله تعالى جهرة حتى نعبده وإنما نتعبد بالنصوص كما فهمها العرب - وجواريهم! - لا المتكلمون.
ومن عنده تصويب فليفعل ومن معه علم فليأت به نستفيد.
== ملحق ==
لقد وجدت في النقاش كلاما عن المكان. فربما ترغب في الاطلاع على هذين المقالين:
هل لله تعالى مكان؟ ( http://www.asha3ira.co.cc/2010/08/blog-post_22.html)
وهذا قد يفيد لكنني لم أتأمله جيدا في ما سبق لانشغالي وكان فيه سقط.
مسألة عن نسبة الباري إلى العلو من جميع الجهات المخلوقة ( http://www.asha3ira.co.cc/2010/06/blog-post_30.html)
هذا والله اعلم وسبحانك اللهم بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/164)
ـ[أبو نسيبة السلفي]ــــــــ[08 - 11 - 10, 09:16 م]ـ
بالمناسبة:
لماذا لا نرى تعليقات من طلبة العلم؟؟؟
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[09 - 11 - 10, 10:35 ص]ـ
أخي الكريم أبي نسيبة السلفي
لو أنك قرأت مشاركتي قبل الأخير بتمعن لفهمت قصدي وزال الإشكال. وأعيدها مرة أخري
(أضيف أنه يمكننا القول أن الإشارة إلي الكعبة مجازية بإعتبار الفراغ المشتمل علي الكرة الأرضية وحقيقية بإعتبار المستوي الجامع وهو الكرة الأرضية
وهذا يفيدنا بالقول إن هذه الأشارة حقيقية بإعتبار ومجازية بإعتبار أخر هذا في الأشارة في حد ذاتها
أما إذا إعتقدنا أن الأشارة للكعبة تكون بخط مستقيم (تكييف الإشارة) سيؤدي هذا لجعل الأشارة غير حقيقية علي الأعتبارين (سواء بإعتبار الفراغ أو بعتبار الكرة)
هذا فيما علمنا فمن باب أولي ترك تكييف الإشارة في حق من لا نعلم حقيقتة ولا يعلم حقيقته إلا هو
فقولنا أن الله يشار إليه يجب أن يعتقد فيه أن الإشارة لا كالإشارات - لها حقيقة تختلف عن حقيقة الإشارات المعروفة لنا - هذا إن ثبتت الإشارة إلي الله تعالي علي - والله تعالي أعلم)
فلم أقل أخي الحبيب أن الإشارة للكعبة مجازية بإطلاق وإنما فصلت التفصيل السابق ونبهت علي خطورة تكييف الإشارة لله تعالي وعلي وجوب تنزيهه سبحانه وتعالي عن أن تكون الأشارة إليه كالإشارات المعروفة والمعتادة لنا
ولكننا نؤمن أيضا أنها حقيقية ولكن الأحقائق تختلف بإختلاف متعلقها.
قلت:
(فإن استشكلت - واظنك تفعل -:)
أحسن الظن بي حبيبي فالله فوالله إني لا أستشكل علو الله وفوقيته وإستواءه علي عرشه مطلقا ولكني أحذر من تكييف ذلك من حيث لا ندري.
فمحاولة فهم العلو بالطرق المنطقية النظرية هي في حق الله مقدمات باطلة تنتهي بنا بنتائج أكثر بطلانا ومثال الكرة خير شاهد وليس معني هذا نفي حقيقة العلو - حاشا لله- وإنما نفي قدرتنا علي إدراك هذا العلو فلسنا مؤهلين لإدراك كل الحقائق وفهمها وهذا لا يمنع كونها حقائق البتة فمن منا يدرك الأبدية والأزلية وان الزمان والمكان مخلوقان من يستطيع أن يستوعب ذلك بعقله ولكنا نحن المسلمين يكفينا الخبر الصادق من المعصوم في الإيمان والإذعان للملك القدير
وأركز أيضا أننا نفهم من العلو معني كلي مشترك لا يوجد إلا في الأذهان ولا يوجد خارجها إلا مقيدا بموصوف وهذا المعني المشترك هو: ضد السفول
وفي النهاية أقول أن حال المؤمن في صفات ربه كطائر محلق بجناحين أحدهما الإثبات والأخر التنزيه فإن كسر أي منهما سقط من حالق لا محالة إما في اوحال التعطيل أو في أوحال التشبيه والتمثيل
ـ[أبو حبيب التتاري]ــــــــ[09 - 11 - 10, 08:03 م]ـ
ربما هو أشعري يتظاهر بالسلفية ويريد أن يلبس ويُخرج منكم كلمة والله أعلم
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[10 - 11 - 10, 07:56 ص]ـ
الأخ أبو حبيب التتاري
(يا أيها الذين أمنوا إجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم)
إن كان في جعبتك شيء فأت به وإلا فلا تتكلم وترمي الناس بالباطل وإن كنت لا تعي ما أكتب في مشاركاتي فإذهب لطالب علم يشرح لك ليبين لك إن كنت اشعريا أم لا (سبحانك هذا بهتان عظيم)
وفي النهاية أسألك هل لم تجد غير التتار لتنتسب إليهم؟ أنصح بتغيير أسمك أو أن توضح لي معني (التتاري)
ـ[أبو حبيب التتاري]ــــــــ[11 - 11 - 10, 12:05 ص]ـ
هههه
لم اقصدك يا أخي مصطفاوي فلم يظهر منك ما يوجب الريبة
قصدت الأخ فرحات التدلاوي الذي يريد أن يستخرج الكلام عن الأبعاض والأجزاء ولكن الإخوة فطنوا له
أما كوني تتاريا فكان أمر الله مقضيا فإلى من أنتسب فالقوم قومي
نحن قوم تتار ليس الذين دمروا بغداد بالعكس أجدادنا هم الذين قتلوا هولاكو
ونحن في الأصل بلغار أسلمنا أيام المقتدر بالله سنة حوالي 300 للهجرة
ـ[مصطفاوي]ــــــــ[14 - 11 - 10, 12:55 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الحبيب أبو حبيب وأعتذر منك عن سوء التفاهم فسامحني أخي الحبيب إن كنت أغلظت لك القول
والمسلمون كلهم أخوة لا فضل لعربي علي أعجمي إلا بالتقوي زادك الله إيمانا وتقوي وجمعنا وإياكم في جنات العلي
ـ[أبو حبيب التتاري]ــــــــ[15 - 11 - 10, 03:00 ص]ـ
لا أبدا ما في مشكلة أخي)
بارك الله في عيدكم وتقبل أعمالكم وفرح ذراريكم وأزواجكم جميعا أيها الإخوة الكرام!!!
ـ[ابو سعد الجزائري]ــــــــ[19 - 11 - 10, 07:36 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/165)
اخي الكريم حارث همام زادك الله نفعا وحرصا على الخير.
والله لقد استفدت من مشاركة الطيبة في هذا الموضوع فان عين ما تكلمت فيه واشرت اليه كان منه ما اشكل علي منذ مدة
لذا كان علي ان اتتبع ما كتبت لفظة لفظة لاستوقفك على بعض عبارتك التي تهمني في مسالتي لعلك تبسط الكلام وتوضح المراد الذي يزول معه الاشكال باذن الله.
قلت حفظك الله ورعاك - (الأول) أصل المعنى أو ما يسمى بالمعنى اللغوي المشترك الكلي الذي لا وجود له إلاّ في الأذهان ولايوجد خارج الذهن إلاّ مقيداً بموصوف -
السؤال - هل يوجد المطلق الكلي خارج الذهن مقيد بموصوف. فقد قرات لشيخ الاسلام رحمه الله انه لا يوجد ابدا في الخارج.
وقلت - الوجه: ما تحصل به المقابلة أو المواجهة من حيث أصل المعنى اللغوي، فقد أثبت الجزء الأول من المعنى لله تبارك وتعالى-
السؤال
- اصل المعنى اللغوي من اين نعرفه بمعنى ان الانسان يعرف المعاني الكلية بما هو معلوم في المخلوق فان اثبت هذه المعاني لله عز وجل يكون قد جعل اصل المعنى الذي علمه من المخلوق جعله للخالق. اقول هذا لاني قرات لبعض العلماء انه قال ان صفات الخلق يحصل بينها تشابه خارج الذهن لان كل منها مخلوق فيقاس على بعض كان تقول علم زيد وعمر. لكن صفات الخالق لا تشابه بينها بين المخلوق خارج الذهن لان الله عز وجل لا يقاس بخلقه. فنفى التشابه حتى في القدر التي يفرق فيه بين صفة وصفة.
فنحن ان اثبتنا الجزء الاول الذي ذكرته يلزم ان نكون اثبتنا قدرا من التشابه خارج الذهن لكل من وجد فيه هذا المعنى.
- هل الجزء المثبت لله تعالى من المعنى موجود في الخارج في الصفة وهل هذا الجزء يثبت لكل المعاني التي تعود الى ذاك المطلق المشترك. وهل يوجد تشابه في الخارج في هذا الجزء.
قلت رحمني الله واياك - فأهل السنة يثبتون لله وجها ويثبتون له المعنى المشترك الكلي
السؤال - كيف يثبت اذا قلنا ان المطلق الكلي ذهني والصفة وجودا يكون خارج الذهن.
هذا ما اردت ان اوقفك عليه اخي الكريم وانا في انتظار مشاركاتك وتعليقاتك على ماذكرت.(31/166)
لماذا يقول القحطاني (والآن أهجو الأشعري) أليس الأشعري إماما ويجب حفظ مكانته؟؟
ـ[أبو جهاد السلفي]ــــــــ[25 - 06 - 05, 12:12 ص]ـ
غريب أني قرأت قول القحطاني في نونيته الجميله والرائعة قوله (والآن أهجو الأشعري وحزبه)
ثم أخذ يقول بما يظهر غضبه عليهم وهجاءه لهم
وإن كان هذا لا بأس به في حق الأشاعرة فهم أهل بدع لكن كيف يقول بهذا عن الإمام أبو الحسن الأشعري رحمة الله عليه أليس هذا تعديا على إمام من أئمة الدين؟؟
أفيدوني بارك الله فيكم
ـ[نواف البكري]ــــــــ[25 - 06 - 05, 05:08 ص]ـ
السلام على الجميع بعد الغيبة الطويلة
والذي أعرفه أن الأشعري لم يرجع إلى عقيدة أهل السنة الصافية فقد علقت به بعض العقائد المخالفة؛ ولم يتفرد القحطاني بذمه فقد ذمه جماعة منهم أبو نصر السجزي والأهوازي وغيرهم ممن ذكرهم ابن عساكر في أول بيان كذب المفتري وقرأت أخباراً في ذم الكلام للهروي خطيرة جدا عن الأشعري حتى إنهم وصفوه بالزندقة وإنه ما يتوضأ للصلاة وغير ذلك فلتراجعه إن شئت؛ وأحسن شي لو تذهب إلى محركات بحث فتاوى ابن تيمية وتنظر قوله في الأشعري.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[25 - 06 - 05, 05:20 ص]ـ
الإمام الأشعري لا يعرف بفقه ولا بزهد ولا بفضل ولا بعلم إلا علم الكلام! كما أشار لذلك ابن قدامة رحمه الله.
ـ[العوضي]ــــــــ[25 - 06 - 05, 07:50 ص]ـ
لعل القحطاني ألف هذه الأبيات قبل رجوع الاشعري عن اعتقاده ,والله أعلم
ـ[العاصمي]ــــــــ[25 - 06 - 05, 11:28 ص]ـ
.
الصواب أن القحطاني هجا الأشعري بعد وفاته؛ فهو متأخر عنه ... و قد كان القحطاني في عصر أبي العلاء المعري، و قد هجا هذا – أيضا – بقصيدتين ... كما ذكر في نونيته.
و القحطاني من علماء الأ ثر الذين عز الوقوف على أخبارهم و تراجمهم، و جزم من جزم أنه محمد بن صالح المترجم عند ابن الفرضي، فيه نظر، يحتاج إلى تنقيب، لم يتحرر إلى الآن.
ـ[العوضي]ــــــــ[25 - 06 - 05, 03:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
--------------------------------------------------------------------------------
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وبعد.
يقول العبد الضعيف الفقير إلى الله أبو حمزة السلفي غفر له ذنبه وعفا عنه ولوالديه.
هذه ترجمة للإمام القحطاني رحمه الله أقدمها للأخ السائل ولكل من سئل عنها من قبل ولم يجدها.
قال السمعاني في الأنساب (1)
القحطاني: بفتح القاف وسكون الحاء وفتح الطاء المهملتين وفي آخرها النون.
هذه النسبة إلى قحطان، ونزل اليمن، وهو من ملوكها، وهو قحطان بن عابر بن أبي شالخ، وهو أول من سلم عليه وحيي ب "أبيت اللعن"، وقحطان هو الذي ينتسب جميع الأنصار إليه، واليمن كلها، وهم بنو يعرب بن يشجب بن قحطان، واسمه يقطن بن عامر بن شالخ بن أرفحشد بن بسام بن نوح. قال ذلك ابن الكلبي. وقيل اسمه يقطان. وقال إسماعيل بن أبي اويس: اسم قحطان مهزم سمي قحطان لأنه كان أول من تجبر وغصب وظلم وقحط أموال الناس من ملوك العرب. وقيل: هو قحطان بن الهميسع بن تيمن بن نبت بن إسماعيل بن إبراهيم. وهو قحطان جرثومة العرب واختص جماعة بالانتساب إليه؛ منهم:
أبو عبد الله محمد بن صالح بن السمح بن صالح بن هاشم بن غريب القحطاني المالكي المعاركي الأندلسي. وقال غنجار، في "تاريخ بخارى": هو محمد بن صالح بن محمد بن السمح المعافري الأندلسي، كان فقيهاً حافظاً، جمع تاريخاً لأهل الأندلس. روى عن محمد بن رفاعة، ومحمد بن الوضاح، وإبراهيم بن القزاز، والحسن بن سعد، وأحمد بن حزم، والقاسم بن أصبغ، الأندلسيين. وسمع بالشام خثيمة بن سليمان الأطرابلس، وببغداد إسماعيل بن محمد الصفار. ذكره أبو سعد الإدريسي في تاريخ سمرقند وقال: أبو عبد الله الفقيه القحطاني، قدم علينا سمرقند قبل الخمسين والثلاثمائة، وكتبت بها عن مشايخنا للأندلسيين، سمعناه منه بسمرقند، وكان من أفضل الناس، ومن ثقاتهم، جمع منه الحديث شيئاً لا يوصف، من مشايخ الأندلس والمغرب والشام والحجاز والعراق والجبال وخراسان ما وراء النهر، مات رحمه الله ببخارى في نيف وسبعين وثلاثمائة. ذكره الحاكم أبو عبد الله في التاريخ لنيسابور فقال: محمد بن صالح بن محمد بن سعد بن نزار بن عمر بن ثعلبة القحطاني المعافري الفقيه الأندلسي المالكي، وكان ممن رحل من المغرب إلى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/167)
المشرق، وإنا اجتمعنا بهمذان، في شوال سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، فتوجه منها إلى أصبهان وقد كان سمع في بلاده وبمصر من أصحاب يونس بن عبد الأعلى وأبي إبراهيم المزني، وبالحجاز من أبي سعيد بن الإعرابي، وبالشام من خيثمة بن سليمان، وبالجزيرة من أصحاب عليّ بن حرب، وببغداد من إسماعيل الصفار، ورد نيسابور في ذي الحجة سنة إحدى وأربعين، سمع الكثير، ثم خرج إلى مرون ومنها إلى أبي بكر بن حنيف فبقي بها إلى أن توفي رحمه الله ببخارى، في رجب سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة. وقال غنجار: توفي أبو عبد الله الأندلسي ببخارى، سنة تسع وسبعين وثلاثمائة. إنتهى من الأنساب.
قال ابن الفرضي في تاريخ علماء الأندلس (2)
محمد بن صالح المُعافري: من أهل قرطبة.
سمع بقرطبة: من قاسم بن أصبغ وغيره، ورحل إلى المشرِق فسمع بمكة: من ابن الأَعرابيّ ومن غيره من المكييّن ودخل العراق فكتبَ بها عن كثير من مُحَدِّثيها. وكان كتّابة للحديث، ورحل إلى خُراسَان فتَرَدّد بها، واستوطن بُخَارَى ولم يزل مقيماً فيها إلى أن تُوفِّيَ رحمه الله: سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة فيما ذكره عبد الرحمن بن عبد الله التَّاجر. إنتهى من تاريخ إبن الفرضي.
وقال أحمد بن المقري التلمساني في نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب (3)
أبو عبد الله محمد بن صالح القحطاني، المعافري الأندلسي المالكي رحل إلى المشرق فسمع بالشام خيثمة بن سليمان، وبمكّة أبا سعيد ابن الأعرابي، وببغداد إسماعيل بن محمد الصفّار، وسمع بالمغرب بكر ابن حماد التّاهرتي ومحمد بن وضاح وقاسم بن أصبغ، وبمصر جماعة من أصحاب يونس والمزني. روى عنه أبو عبد الله الحاكم وقال: اجتمعنا به بهمذان، مات ببخارى سنة 383، وقيل: سنة ثمان، وقيل: سنة تسع وسبعين. وقال فيه أبو سعيد الإدريسي: إنّه كان من أفاضل الناس، ومن ثقاتهم. وقال غنجار: إنّه كان فقيهاً حافظاً، جمع تاريخاً لأهل الأندلس. وقال السمعاني فيه: كان فقيهاً حافظاً، رحل في طلب العلم إلى المشرق والمغرب، رحمه الله تعالى. إنتهى من نفح الطيب للتلمساني.
والله تعالى أعلى وأعلم.
--------------------------------------------------------------------------------
1) في باب القاف والحاء ج ص 3/ 495 الترقيم كما هو الكتاب المنسوخ على الورد.
2) 2: 91:1355.
3) 1: 395.
منقول
ـ[السدوسي]ــــــــ[25 - 06 - 05, 03:40 م]ـ
لعل القحطاني لم يبلغه رجوع الأشعري.
والقول بما ذكره الأخ محمد الأمين مما يفرح الأشاعرة لأنه يؤكد لهم عدم رجوع الأشعري وعدم صحة الكتب المنسوبة إليه بعد رجوعه.
ـ[طارق بن سعود]ــــــــ[25 - 06 - 05, 03:46 م]ـ
السلام عليكم
الاخ محمد الأمين
لعلك لم تقرا كتاب القواعد المثلي
أرجع الية للفائدة
ـ[عبدالله العبداللطيف]ــــــــ[25 - 06 - 05, 04:27 م]ـ
الأخ العوضي لعلك تتأكد أكثر من هذه الترجمة هل هي لهذا العلك أم غيره فلقد ذكر كثير من العلماء أن هذا الأمام لايعرف له تاريخ
بارك الله فيك
ـ[عبدالله العبداللطيف]ــــــــ[25 - 06 - 05, 09:20 م]ـ
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على نبي الرحمة وبعد.
فإن الناس تنازعو في عودة الأشعري للسنة وقد ذكر ابن تيمية رحمه الله طرفا من هذا الكلام
ولم اراد كلام شيخ الإسلام وغيره من أهل العلم المحققين وتفصيل القول في ذلك فليرجع لشرح الحموية لشيخنا الدكتور يوسف لغفيص فقد ابدع وافاض في هذه المسألة وذكر جملة من كلام العلماء في هذا العلم ومن ذلك كلام ابن تيمية رحمة الله على الجميع
ـ[أبو جهاد السلفي]ــــــــ[25 - 06 - 05, 09:52 م]ـ
ألم يذكر شيخ الإسلام بن تيميه أن أبو الحسن الأشعري قد عاد في نهاية حياته سالكا درب أئمة الهدى وعلى رأسهم أحمد بن حنبل وقال إنه ذكر ذلك في كتابه (الإبانه)
ـ[أبو ابراهيم الكويتي]ــــــــ[26 - 06 - 05, 01:14 ص]ـ
أخي العوضي
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا على تقديم هذه الترجمه وقد بحثت عنها كثيرا ولم اجدها
ولكن أخي الكريم لدي استشكال في هذه الترجمة وهي أن ابي عبدالله الاندلسي توفي كما طرحته انت لنا اعلاه بين 379 و378 هجري
وابي العلاء المعري كما جاء ذكره بالقصيدة بأنه ولد بمعرة النعمان سنة ثلاث وستين وثلاثمائة هجري
فالحاصل أن الفارق العمري بينهما هو 16 أو 15 سنة
السؤال هو هل ابو العلاء المعري اشتهر شعره ووصل امره وهو ابن خمسة عشر عاما
مع ان اكثر المترجمين له ذكروا بان شعره نبغ في السنة الحادية عشر
فالاستشكال هو هل هذا السن المبكر من عمره كفيل بأن يشتهر شعره وترتفع مكانته ويتسع صيته
مما جعل الاندلسي يذكره بقصيدته ويترك كثير من الشعراء في عصره
أتمنى أن اجد منك الاجابة لانني حريص على ترجمته
ـ[العوضي]ــــــــ[26 - 06 - 05, 01:44 م]ـ
بارك الله فيكم أخوتي الأفاضل
هذه الترجمة حصلت عليها في إحدى المنتديات , وحفظتها على الجهاز ولما رأيت الموضوع أضفته إلى هنا لأني رأيت صاحب الموضوع قد ذكر مصادر الترجمة , والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/168)
ـ[المسترشد]ــــــــ[27 - 06 - 05, 01:54 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد:
فلعل القحطاني رحمه الله تعالى أراد بقوله: [والآن أهجو الأشعري وحزبه] مفرد الأشعري وحزبه أو من انتسب لما ذهب إليه الأشعري وحزبه قبل الرجوع لا مراده الإمام رحم الله الجميع.
إذن يحمل لفظ الأشعري في قوله: [والآن أهجو الأشعري وحزبه] على أنه أصبح علم على كل من ينتسب لما ذهب إليه الإمام الأشعري في بداية حياته وقبل رجوعه والياء فيه ياء النسب فكأنه أراد بقوله [والآن أهجو الأشعري وحزبه] يعني والآن أهجوا كل من انتسب للأشعرية وحزبهم لأن مفرد الأشعرية أشعري والله تعالى أعلم.
اخوكم ابو محمد
ـ[أبو جهاد السلفي]ــــــــ[27 - 06 - 05, 03:17 ص]ـ
أنا أيضا أميل إلى ما ذهبت إليه يا أبا محمد (المسترشد) لكن حبذا لو تأكدنا من أن هذا هو مراده يكون أفضل؟
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[27 - 06 - 05, 03:39 ص]ـ
ما ذكره الأخ المسترشد وجيه، لذلك تجد كتب العقائد يقولون: ومذهب الأشعري كذا، يقصدون الأشاعرة، لا الأشعري نفسه.
ـ[أبو عبدالرحمن الغريب]ــــــــ[27 - 06 - 05, 05:09 ص]ـ
هدا الله الأخ محمدا الأمين وما أظن ابن قدامة قال مثلما قلت
وأما رجوع أبي الحسن الاشعري إلى مذهب السلف فهو رجوع بإجمال كما قال الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله ولذا بقيت لديه أمور منتقدة. غفر الله له وألحقه بجده
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[27 - 06 - 05, 10:15 ص]ـ
قد لا يكون قال ذلك بالضبط لأني أنقل عن رجل ينقل عن ابن قدامة. لكن أليست تلك المقالة صحيحة؟ هل للأشعري جهاد أم مؤلفات فقهية مهمة أم روايات حديثية قيمة؟
أم ترى كل انتاجه هو عن العقائد والفلسفات؟ أطرح الأمر للتباحث.
ـ[الحمادي]ــــــــ[27 - 06 - 05, 02:59 م]ـ
الأخ محمد الأمين:
اذكر المصدر الذي نقلتَ عنه حتى نتثبَّت من صحة النقل.
ثم لماذا جزمتَ بما ذكرتَ في المشاركة رقم (3) بينما جعلتَ الأمر للتباحث في المشاركة رقم (18)؟
أرجو التوضيح.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[27 - 06 - 05, 06:11 م]ـ
قد لا يكون قال ذلك بالضبط لأني أنقل عن رجل ينقل عن ابن قدامة. لكن أليست تلك المقالة صحيحة؟ هل للأشعري جهاد أم مؤلفات فقهية مهمة أم روايات حديثية قيمة؟
أم ترى كل انتاجه هو عن العقائد والفلسفات؟ أطرح الأمر للتباحث.
أعذرني يا أخ محمد , إن قلت بأن في كلامك تخبطاً واضحاً , وتناقضاً عجيباً , فنحن نطالبك بالدليل , فإن كنت ناقلاً (فاسم الكتاب والجزء والصفحة).
فلا تتجاهل مطالبنا , وأجب.
ومن ثم اطرح ما لديك للتباحث!!!
كتبه / خالد الأنصاري.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[28 - 06 - 05, 07:26 ص]ـ
أعذرني يا أخ محمد , إن قلت بأن في كلامك تخبطاً واضحاً.
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يُحرَم الرِّفقَ يُحرم الخير
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[28 - 06 - 05, 07:31 ص]ـ
الأخ محمد الأمين:
اذكر المصدر الذي نقلتَ عنه حتى نتثبَّت من صحة النقل.
ثم لماذا جزمتَ بما ذكرتَ في المشاركة رقم (3) بينما جعلتَ الأمر للتباحث في المشاركة رقم (18)؟
أرجو التوضيح.
أخي الفاضل الحمادي
نقل الأخ الفاضل أبو الحسن الشامي عن الإمام ابن قدامة المقدسي أنه قال عن الأشعري: ليس معروفا بديانة ولا تقوى ولا علم إلا علم الكلام.
وأبو الحسن ثقة أعرفه معرفة جيدة، وهو ممن يتحرى الدقة في نقله. وإن كان ينقل بالمعنى كما يظهر، فلا أظنه قد أخطأ فيه. والذي جعلته للتباحث هو مدى مصداقية هذه المقولة لا صحة نسبتها.
والسؤال الآن: هل للأشعري جهاد أم مؤلفات فقهية مهمة أم روايات حديثية قيمة؟ أم ترى كل انتاجه هو عن العقائد والفلسفات؟
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[28 - 06 - 05, 07:34 ص]ـ
وقرأت أخباراً في ذم الكلام للهروي خطيرة جدا عن الأشعري حتى إنهم وصفوه بالزندقة وإنه ما يتوضأ للصلاة وغير ذلك فلتراجعه إن شئت.
هل تقصد قول الهروي: رأيت يحيى بن عمار مالا أحصي مرة على منبره يشهد على أبي الحسن الأشعري بالزندقة؟ أم تقصد قوله قد شاع في المسلمين أن علي بن إسماعيل الأشعري كان لا يستنجي ولا يتوضأ ولا يصلي؟
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[28 - 06 - 05, 10:36 ص]ـ
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يُحرَم الرِّفقَ يُحرم الخير
أنا لم أحرم الرفق كما زعمت يا غلام ـ أم أنك بدأت تتخبط وتهذي ـ , ومن كان قريباً مني يعلم هذا جيداً , وشدتي تكون على أهل الزيغ ومن في قلوبهم مرض.
ولو لاحظت أيها الأمين ـ وأرجو أن تكون كذلك ـ بأني استعملت معك لفظت (أخي) , فلو كنت من هذه الفئة لوجدت مني ما لايسرك.
وقد كنا طالبناك بالدليل ـ فلم المكابرة ـ فتبين لنا بأنك غير مؤتمن وإسمك لا يدل على حقيقتك , وقد وضح لنا وبالدليل بأنك مجرد ناقل , ولا تتمتع بشيء من العلمية , وقد لاحظنا عليك أيضاً بأنك تشغب على كثير من الإخوة , ولك اعتراضات سقيمة , ومما لاحظناه عليك أيضاً أنك تجمع بين خصلتين (الجهل والسفاهة) , ولن أرد عليك بحديث ـ كما فعلت ـ كرامة للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , ولكنني سأرد عليك بقول الإمام الشافعي , حيث قال رحمه الله:
أعرض عن الجاهل السفيه - فكل ما قال فهو فيه.
وما ضر بحر الفرات يوماً - وإن خاضت بعض الكلاب فيه.
وفي الختام , أرجو أن يقرأ الغلام كلامي جيداً , فيعقله , والله أسأل أن يهديه ويرده إلى صوابه.
كتبه الداعي لك بالهداية / خالد الأنصاري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/169)
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[28 - 06 - 05, 11:59 م]ـ
- من باب إفادة الإخوة فقط، ومع صرف النظر عن تأثير هذا النقل فيما تقدَّم من وجوب الأمانة في النقل والعزو وعدم هجو الأشعري:
@ فإنَّ الإمام موفق الدين ابن قدامة رحمه الله تعالى كان شديد الخطاب واللوم والتقريع للأشاعرة وإمامهم أبي الحسن في كتابه حكاية المناظرة في القرآن في بضع مواضع بل أكثر.
@ ومن ذلك قول الموفق في الكتاب المتقدِّم (ص/51) وهو الذي أشار إليه بعض الناس: "وليس في أهل البدع كلهم من يتظاهر بخلاف ما يعتقده غيرهم، وغير من أشبههم من الزنادقة.
ومن العجب أنَّ إمامهم الذي أنشأ هذه البدعة رجلٌ لم يُعرَف بدينٍ ولا وَرَعٍ، ولا شيءٍ من علوم الشريعة ألبتَّة، ولا يُنسَبُ إليه من العلم إلاَّ علم الكلام المذموم ... الخ".
- وأما المسألة المبحوثة ههنا فلا يوافق ابن قدامة رحمه الله على غلظته تلك مع أبي الحسن وأتباعه بمثل تلك العبارات النارية القاسية ولو كانت صحيحة، إلاَّ على وجه المغالبة في المناظرة (فقط) وهي بحسب المصلحة، لا على الإطلاق!
- وقد وقعت النفرة والوحشة بين الأشاعرة والحنابلة (السلفية) بمثل هذه العبارات التي تحاشاها الشيخ ابن تيمية رحمه الله وبيَّن خطأ التعامل بها.
@ قال الشيخ ابن تيمية رحمه الله [كما في مجموع الفتاوى: 3/ 227 - 229]: ((والناس يعلمون أنه كان بين الحنبلية والأشعرية وحشة ومنافرة، وأنا كنت من أعظم الناس تأليفاً لقلوب المسلمين، وطلبا لاتفاق كلمتهم، واتباعاً لما أمرنا به من الاعتصام بحبل الله، وأزلت عامة ما كان فى النفوس من الوحشة، وبيَّنت لهم أن الأشعرى كان من أجلِّ المتكلمين المنتسبين إلى الإمام أحمد - رحمه الله - ونحوه المنتصرين لطريقه؛ كما يذكر الأشعرى ذلك فى كتبه.
وكما قال أبو اسحاق الشيرازي: (إنما نفقت الأشعرية عند الناس بانتسابهم الى الحنابلة).
وكان أئمة الحنابلة المتقدمين - كأبى بكر عبد العزيز وأبى الحسن التميمى ونحوهما -يذكرون كلامه فى كتبهم؛ بل كان عند متقدميهم - كابن عقيل عند المتأخرين - لكن ابن عقيل له اختصاص بمعرفة الفقة وأصوله.
وأما الأشعرى فهو أقرب الى أصول أحمد من ابن عقيل واتبع لها؛ فإنه كلما كان عهد الانسان بالسلف أقرب كان أعلم بالمعقول والمنقول.
وكنت أقرِّر هذا للحنبلية، وأبيِّن أن الأشعرى وإن كان من تلامذة المعتزلة ثم تاب - فإنه تلميذ الجبائى - ومال الى طريقة ابن كلاب، وأخذ عن زكريا الساجى أصول الحديث بالبصرة، ثم لما قدم بغداد أخذ عن حنبلية بغداد أموراً أخرى، وذلك آخر أمره كما ذكره هو وأصحابه فى كتبهم.
وكذلك ابن عقيل كان تلميذ ابن الوليد وابن التبان المعتزليين ثم تاب من ذلك، وتوبته مشهورة بحضرة الشريف ابى جعفر.
وكما أن فى أصحاب أحمد من يبغض ابن عقيل ويذمُّه، فالذين يذمُّون الأشعرى ليسوا مختصين بأصحاب أحمد؛ بل فى جميع الطوائف من هو كذلك.
ولما أظهرت كلام الأشعرى ورآه الحنبلية قالوا: هذا خير من كلام الشيخ الموفَّق! ... الخ".
@ فالقضيَّة إذن لها ملحظ جهات:
1 - هل كلام ابن قدامة في نفيه العلم والورع عن أبي الحسن صحيحٌ؟
- الطريقة التي يتمُّ بها البحث هو الرجوع إلى ترجمة الرََّجل لإنصافه دون الاكتفاء بنقل كلامٍ من هنا أو هناك.
2 - ثم إنَّ الرجل مسلمٌ عرضه حرامٌ! فكيف إن كان إماماً متَّبِعَاً للحقِّ لكنه أخطأه مع بذل وسعه فيه، وعدم استنكافه في رجوعه عن خطئه (بخلاف بعض الناس!)، كما هو معروف في ترجمته.
- أليس كل هذا يتنافى مع (عدم الورع) الذي رُمِيَ به.
@ ثم قول الشيخ ابن تيمية رحمه الله: "وأخذ عن زكريا الساجى أصول الحديث بالبصرة، ثم لما قدم بغداد أخذ عن حنبلية بغداد أموراً أخرى ".
ألا يثبت العلميَّة للرجل؟!
- ثم كون الرجل لم يُعرف بعلم ٍ لا يبيح ذلك عِرضَهُ ويجيز هجوه.
@ وللموضوع صلةٌ أخرى من جهة أخرى للفائدة على هذا الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=6906&highlight=%C7%E1%E3%DE%C7%CF%D3%C9
- ومن العجب أن ينكر بعض الناس على غيره عدم الرِّفق، وهو يناقض نفسه بنقل كلامٍ غليظٍ ليس فيه ترفُّقٌ مع أبي الحسن الأشعري وأتباعه؟
أم أنَّ الأمر تقليدٌ فقط؟!
ثم أين رفقك بنفسك في البحث والمطارحة للعلم؟!
ـ[ابن وهب]ــــــــ[29 - 06 - 05, 12:24 ص]ـ
فائدة
مقصود
ابن قدامة بالورع
الزهادة
فلم ينقل ان الاشعري كان من ائمة الزهاد
هذا هو مقصود ابن قدامة
واما العلم فمقصوده علوم الشرع من فقه وحديث
فلم بنقل تميزه بعلم
فلا يعد من الفقهاء ولامن المحدثين
واخذه لبعض اصول الحديث من الساجي لايجعله من المحدثين
هذا هو مفهوم كلام ابن قدامة
تنبيه
شرحت مقصود ابن قدامة فقط
ولم اتكلم عن الأشعري او ابن قدامة رحمهما الله بشيء فليعلم
والله أعلم بالصواب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/170)
ـ[الحمادي]ــــــــ[29 - 06 - 05, 12:44 ص]ـ
بارك الله فيك يا أبا عمر، فقد أجدتَ الإفادةَ -كعادتك- فجزاك الله خيراً.
وأعودُ إلى التنبيه على الخلل العلمي في كلام الأخ محمد الأمين -وفقه الله وهداه- فأقول:
###ليس الموضوع حول الخلل العلمي عند محمد الأمين، فبقية مشاركتك تعدّ خروجاً عن الموضوع، وإذا أردت النصح للأمين فراسله [المشرف] ###
ـ[الحمادي]ــــــــ[29 - 06 - 05, 07:53 ص]ـ
الأخ المشرف:
المشاركات الآتية كلها خارجة عن الموضوع:
(6) للأخ الشيخ العوضي.
(24) للأخ الشيخ خالد الأنصاري، وفيها -أيضاً- لمزٌ ظاهرٌ لخليلك.
(25) للأخ الشيخ أبي عمر السمرقندي، فجزءٌ منها خارج عن أصل الموضوع.
وهناك مداخلاتٌ يبعد تعلُّقها بالموضوع.
أنا لاأدعو لحذف هذه المشاركات المفيدة أبداً، ولكني أدعو إلى:
(نزاهة المشرف المحرِّر، حتى لايُتَّهم أويُضحِك عليه القراء).
ويبدو لي أنَّ الذي في خاطري قد آذاك كثيراً، والحمد لله على كلِّ حال، ولعلي أرسلُ لمحمد الأمين النصيحة في رسالةٍ خاصة، ولكني أخشى أن يكون مصيرُها مصيرَ تلك الرسالة التي أرسلتُها إليك.
ـ[ابو سليمان الوهبي]ــــــــ[29 - 06 - 05, 06:14 م]ـ
قال الحافظ الذهبي في سيره 15/ 87:
ولأبي الحسن ذكاء مفرط، وتبحر في العلم، وله أشياء حسنة، وتصانيف جمة تقضي له بسعة العلم.
وفيه: وأخذ عن أبي خليفة الجمحي، وأبي علي الجبائي، وزكريا الساجي، وسهل بن نوح، وطبقتهم يروي عنهم بالإسناد في تفسيره كثيرا.انتهى.
والأشعري له مؤلفات كثيرة في عدة علوم تدل على مكانة في علوم الشريعة.
انظروها في تبيين كذب المفتري لابن عساكر وغيره.
أما شرح الأخ الجليل ابن وهب لكلام المؤفق ففيه نظر
فنص ابن قدامة: أنَّ إمامهم الذي أنشأ هذه البدعة رجلٌ لم يُعرَف بدينٍ ولا وَرَعٍ، ولا شيءٍ من علوم الشريعة ألبتَّة، ولا يُنسَبُ إليه من العلم إلاَّ علم الكلام المذموم. انتهى
فابن قدامة وصفه بأنه لا يعرف بدين، وهذه اعرضت عنها.
ولا ورع وفسرتها بالزهد، وأنه ليس من أئمة الزهاد، وبينهما فرق؛ فليس كل من لم يكن من أئمة الزهاد لم يكن زاهدا. مع أن الرجل وصف بالزهد والورع والعباده.
تاريخ الخطيب11/ 357 وتبيين كذب المفتري ص/141 - 142والعبر 2/ 203.
ثم قال الأخ الجليل ابن وهب: واما العلم فمقصوده علوم الشرع من فقه وحديث
فلم بنقل تميزه بعلم فلا يعد من الفقهاء ولا من المحدثين. انتهى
أما تفسيرك للعلم فما أدري موجبه؛ لأنه قد نص ابن قدامة على مراده بقوله: ولا شيءٍ من علوم الشريعة ألبتَّة. ثم استثنى فقط علم الكلام.
وهذا فيه نظر، ومن نظر مؤلفات هذا الرجل علم صحة قول الذهبي وعدله.
مع ملاحظة معنى: "شيء " من علوم الشريعة التي استخدمها الموفق رحم الله الجميع.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[29 - 06 - 05, 06:37 م]ـ
أخي الحبيب الوهبي
بارك الله فيك
أخطأت ُ وأصبت َ
نفع الله بك
ولكن في قلبي شي من كلام الامام الذهبي - رحمه الله
(تقضي له بسعة العلم.) مامقصوده بالعلم
يتبع بإذن الله
ـ[الشافعي]ــــــــ[29 - 06 - 05, 07:00 م]ـ
لماذا يقول القحطاني (والآن أهجو الأشعري)
أخطأ رحمه الله.
ولإثراء الموضوع:
أخي الكريم أبا عائشة /
هذا الرجل بُحِثَ عن ترجمتهِ فلم يُوقَفْ لهُ على أَثَر ,,,
وأذكرُ أنّي كُنتُ في مجلسِ شيخِنا الحافظ عبد الله بن عبد الرحمن السَعد .. فَأفَادَ شيخُنا أنّه لم يَقِفْ لهُ على ترجمة @
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[30 - 06 - 05, 12:00 ص]ـ
للتأمُّل .. مع ثبوت ما قيل أو مع عدم ثبوته ..
- وأما المسألة المبحوثة ههنا فلا يوافق ابن قدامة رحمه الله على غلظته تلك مع أبي الحسن وأتباعه بمثل تلك العبارات النارية القاسية ولو كانت صحيحة، إلاَّ على وجه المغالبة في المناظرة (فقط) وهي بحسب المصلحة، لا على الإطلاق!
- ثم إنَّ الرجل مسلمٌ، عرضه حرامٌ! فكيف إن كان إماماً متَّبِعَاً للحقِّ لكنه أخطأه مع بذل وسعه فيه، وعدم استنكافه في رجوعه عن خطئه (بخلاف بعض الناس!)، كما هو معروف في ترجمته.
- ثم كون الرجل لم يُعرف بعلم ٍ لا يبيح ذلك عِرضَهُ ويجيز هجوه.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[30 - 06 - 05, 12:04 ص]ـ
لله درك أخي الحبيب الرقيق ابن وهب.
جزاكم الله عنا كل الخير.(31/171)
فوائد مختصرة في الدعوة إلى الله من خلال شروح كتاب التوحيد
ـ[محبة السلف]ــــــــ[27 - 06 - 05, 03:52 ص]ـ
فوائد مختصرة في الدعوة إلى الله من خلال شروح كتاب التوحيد
على طريق الدعوة
أفرد المؤلف ـ رحمه الله ـ محمد بن عبد الوهاب باباً بعنوان: (الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله) بعد أن ذكر وجوب التوحيد وفضله وما يوجب الخوف من ضده.
قال ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ: (هذا الترتيب الذي ذكره المؤلف من أحسن ما يكون)؛ لأن مَن عرف التوحيد لا ينبغي له أن يقتصر على نفسه؛ بل يدعو إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة؛ فهذا هو سبيل المرسلين وأتباعهم.
قال الحسن البصري ـ حين تلا قوله تعالى:
{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}
قال: " هذا حبيب الله .. هذا ولي الله .. هذا صفوة الله .. هذا خيرة الله .. هذا أحبُّ أهل الأرض إلى الله؛ أجاب اللهَ في دعوته، ودعا الناسَ إلى ما أجاب اللهَ فيه مِن دعوته، وعمِل صالحاً في إجابته، وقال إنني من المسلمين ".
ويعني بذلك: أنّ من علامات الصدق في حبِّ العبدِ لله وطاعته وعبادته؛ أن يدعوَ إلى الله وأن يجاهد لأجل إعلاء كلمة الله. فمن أحبَّ اللهَ؛ أحبَّ كلَّ ما يحبه و كره ما كرِه ومَن كره، فهو يحب أن يكون كلُّهم معه في حُب الله.
فما هي صفات هذه الدعوة؟
لا بد أن تكون هذه الدعوة دعوة صافية خالصة لله عز وجل؛ كما قال تعالى:
{قُلْ هَذِهِ سَبيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنٍي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.
كما قال ابن عثيمين رحمه الله:
لأنه لا يتم الإيمان إلا إذا دعا إلى التوحيد. قال تعالى:
{وَالْعَصْرِ ـ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ـ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُواْ، وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ، وَتَوَاصَواْ بِالْحَقِّ وَتَوَاصَواْ بِالصَّبْرِ}.
فلا بد ـ مع التوحيد ـ من الدعوة إليه، وإلا كان ناقصاً.
ولا ريب أن هذا الذي سلك سبيل التوحيد لم يسلكه إلا وهو يرى أنه أفضل سبيل، وإذا كان صادقاً في اعتقاده؛ فلا بد أن يكون داعياً إليه، والدعاء إلى شهادة أن لا اله إلا الله من تمام التوحيد، ولا يتم التوحيد إلا به.
ويتمثل في دعوته الإخلاص فهو يدعو إلى الله لا إلى مَلَكٍ مقرَّب، ولا إلى حظ أو مال أو شيطان أو شأن من شؤون الدنيا.
بل هي دعوة خالصة صافية لله عز وجل
أقسام الدعوة إلى الله:
1 - قسم يدعو إلى الله تعالى فهو مخلص، يريد أن يوصل الناس إلى الله وإلى معرفته وتوحيده؛ إذ إن الأعمال لا تصح إلا بالتوحيد، وكل عمل لا ينفع بل هو حابط مع الشرك؛ ولأن معرفة معنى الشهادة من أول الواجبات التي على العباد؛ فكان على الداعية أن يبدأ به.
2 - قسم يدعو إلى الحق لكنه يدعو إلى نفسه، ولأجل أن يعظَّم بين الناس، فهو يغضب إذا لم يفعل الناس ما أمرهم به، ولكنه في المقابل لا يغضب لو ارتكبوا نهياً أعظم منه، لكنه لم يدع إلى تركه.
وقد تكون دعوته إما إلى رئيس أو إلى فرقة أو حزب أو طائفة أو جماعة ..
فهؤلاء دعوا إلى غير الله.
ما الشروط الواجب توافرها في دعوتك أيها الداعية؟
1 - الإخلاص. كما قال تعالى: {أَلَا لِلَّه الدِّينُ الْخَالِصُ}.
2 - الصدق. كما قال تعالى: {اتَّقُواْ اللهَ وكونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}.
3 - المتابعة. قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ}.
فلِواحدٍ؛ كنْ واحداً، في واحدٍ أعني: سبيل الحق، والإيمان
الداعية إلى الله يُعلّم الناس الدين الصحيح، ولا يدعو إلى تفرقٍ أو تحزب فكلهم مسلمين.
قال تعالى:
{هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ}.
وقد قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
" من دعا إلى جاهلية فهو من جثاء جهنم ".
وحين قال بعض الصحابة من الأنصار في زمن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: يا للمهاجرين! وقال المهاجرون: يا للأنصار! قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم:
" أبدَعْوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؛ دعوها فإنها منتنة ".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:- لا يجوز أن ينصب شخص يوالى و يعادى عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/172)
ما هي طريقة الدعوة الصحيحة؟
أن السائر على طريق الدعوة إلى الله ويتيقن في دعوته أن عليه أن يبدأ بالأهم فالمهم ويتدرج في دعوته ليكون أدعى إلى قبولها.
فيبدأ بالتوحيد الذي هو أوجب المهمات فلا يبدل التوحيد بغيره من أمور الدنيا الفانية. فنحن بحاجة إلى التوحيد، فالتوحيد أولا و آخراً.
وبعد أن يتعلم الناس التوحيد: نتوجه إلى تعليمهم أمور دينهم و دنياهم، فقد يعيش المسلم في حياته ويسمع في أمور الحياة الكثير الكثير؛ لكنه لا يعرف كيف يصلي ولا يعلم كيفية الوضوء.
وقد يقول القائل:
نحن موحدون لله، فلسنا بحاجة لتعلم التوحيد.
فأقول:
كم منا من يجهل كثيرا من أمور التوحيد ويقع في خلافها، كم هم الذين يذهبون للسحرة؟ هم الذين يقعون في أخطاء من التبرك وقد يكون بعضهم من أهل التدين؟ كم منا من يقع في الخطأ في أسماء الله وصفاته وهو لا يشعر؟ فالله عز وجل لا يوصف بغير اسم له أو صفة ـ وإن اشتهرت بين الناس ـ. فمثلاً: قولنا: يا ستار؛ هذا خطأ عظيم، فستّار ليس اسماً من أسماء الله، بل هو:
" سِتِّير ".
شرط الدعوة إلى الله:
أن على الداعية إلى الله عز وجل أن يدعو {عَلَى بَصِيرَةٍ}.
قال ابن كثير رحمه الله:- " يدعو إلى الله بشهادة أن لا اله إلا الله على بصيرة من ذلك و يقين و برهان هو وكل من اتبعه يدعو إلى ما دعا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم على بصيرة و برهان شرعي، فيدعو على علم و هدى فتتضمن دعوته الإخلاص والعلم لان اكثر ما يفسد الدعوة عدم الإخلاص أو عدم العلم و يشمل العلم بالشرع و العلم بحال المدعو و العلم بالسبيل الموصل إلى المقصود وهو الحكمة.
كيف نتعامل مع المدعوين:
ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى مراتب الدعوة وجعلها ثلاثة أقسام بحسب حال المدعو:
قال العلامة ابن القيم في معنى قوله تعالى: {اُدْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}
1 - إما أن يكون طالباً للحق محباً له مؤثراً له على غيره إذا عرفه، فهذا يُدعى بالحكمة و لا يحتاج إلى موعظة و جدال
2 - إما أن يكون مشتغلاً بضد الحق لكن لو عرفه آثره واتبعه؛ فهذا يحتاج إلى الموعظة بالترغيب و الترهيب.
3 - إما أن يكون معانداً معارضاً؛ فهذا يجادَل بالتي هي أحسن.
أهمية معرفة أحوال المدعوين:
كلما تهيأ الداعية للدعوة، وتعرف على أحوال من يريد دعوتهم؛ فإن ذلك يمكنه من مناظرتهم.
ولئلا يُبتلى بمَن يورِد شبهة؛ فعليه الاحتراز من الشبه والحرص على طلب العلم، ودليل ذلك أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين بعث معاذاً إلى اليمن قال له: " إنك تأتي قوماً أهل كتاب "؛ فهيأه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليستعد لمناظرتهم.
ما هو أسلوب الداعية في دعوته؟
على الداعية و السائر على طريق الدعوة أن يستعمل الرفق واللين في دعوته.
فقد ورد في الصحيحين أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين بعث معاذاً وأبا موسى الأشعري ـ رضي الله عنهما ـ إلى اليمن أوصاهما فقال: " يَسِّرا ولا تُعسرا، بشّرَا ولا تُنَفّرا، تطاوعا ولا تخالفا ".
قال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله تعالى ـ: " الأصل في الدعوة اللين، ونحن بحاجة في عصرنا إلى اللين لأن الناس بعدوا عن الدين، و الشدة في موضعها، فليست الدعوة كلها لين، وليست كلها شدة ".
وقد قال تعالى لموسى و هارون حين بعثهما لدعوة فرعون: {فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أوْ يَخْشَى}.
وعلى الداعية أن يتأنى في دعوته، ويترك العجلة في الأمور، وأن يستعمل الرفق والتأني، ولكن بدون ضعف؛ لأن مقام الدعوة خطير.
وقد أوصى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ علياً ـ رضي الله عنه ـ حين بعثه:- " انفذ على رسلك ": أي عليك بالهوينة. ثم قال في وصيته: " ثم ادعهم إلى الإسلام ".
قال ابن باز ـ رحمه الله ـ: " دل على أن المشرك يُدعى إلى التوحيد؛ فإن أجاب دُعي إلى الصلاة، فإن أجاب دُعي إلى الزكاة ".
كذلك دل على التدرج في أمر الدعوة.
على الداعية أن لا ييأس في دعوته:
قال ابن باز رحمه الله: " و يستحب التكرار إذا دعت الحاجة خاصة اليهود الذين يعرفون الحق ولكنهم يحبون الدنيا و يحسدون المؤمنين ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/173)
فلا ييأس الداعية إذا رأى الناس فارين و يترك الدعوة بل يعلم أن اجره عظيم و يسعى سعياً حثيثاً في دعوته ِلمَاله من اجر عظيم كما قال صلى الله عليه وسلم: " فوالله لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيراً لك من حُمُر النعم " [رواه البخاري ومسلم].
صبر الداعية على المدعوين::
عليه أن يعلم أن الله معه فيصبر على ما يصيبه من الأذى في سبيل الدعوة. قال تعالى: {يَا بُنَيّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَاْنْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاْصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}.
فمن حمّل نفسه هذا العمل الجليل العظيم؛ عليه أن يتفقد رعيته فيسأل عنهم و ينظر المحتاج و يقف إلى جانبه ومن به حاجة للمال فيعطيه تأليفاً لقلبه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع صفوان بن أمية فقد كان يعطيه من الإبل حتى صار احب الناس إليه. ولا بأس باستعمال المحفزات و لكن عليه أن يراعي تربية الناس في دعوته على كسب الأجر من الله و إيثار الباقي على الفاني و ليس لأجل عرض من الدنيا قليل.
قال تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا}.
سلوا الله الأجر فالله يعطيكم.
فالغاية جل الغاية من دعوته أن تكون دعوة إلى عقيدة صافية خالصة صحيحة فَرُسل الله تعالى كانت دعوتهم لأقوامهم: {أَنِ اعْبُدُواْ اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}.
وقال عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إلَا نُوحِي إِلَيْهِ أنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاْعْبُدُونِ}.
ومن شروط الدعوة الخالصة الصادقة:
1 - أن تكون خالصة لله تعالى من الشرك الأكبر والأصغر، وهذا مقتضى (لا إله إلا الله)؛ فإن مقتضاها إخلاص العبادة لله، وعدم الإشراك به.
2 - أن تكون صواباً على سنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهذا مقتضى أن (محمد رسول الله) فإن مقتضاها وجوب طاعة الرسول و اتباع ما شرعه وترك البدع و الخرافات و المعاصي أيضاً.
و أخيراً وصيتي إلى إخواني الدعاة:
نقول لإخواننا الدعاة:
يا سائرين على طريق الدعوة:
إن الأمر ليس بالهين، ولن نجد الأرض مفروشة بالورود، بل ستكون هناك عراقيل وصعوبات و مشاق، ولكن هناك رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، يستعذبون كل شقاء وكل تعب في سبيل نشر هذا الدين وإعلاء كلمته .. رجال يبيعون كل غالٍ و رخيص في سبيل هذا الدين .. رجال اشتروا الآخرة و باعوا الدنيا محتسبين صابرين ..
نعم إن هذا لمن عزم الأمور.
نسأل الله تعالى أن يجعل عملنا خالصاً لوجهه .. صواباً على سنة رسوله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأن يعز دينه، ويذل أعداءه .. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والحمد لله رب العالمين
منقول/ عن شيخنا ابوعاصم عبدالله الغامدي جزاه الله خيرآ
ـ[طويلبة علم]ــــــــ[01 - 07 - 05, 06:08 م]ـ
بارك الله فيك أختي الفاضلة محبة السلف على هذا النقل المفيد
وجزى الله الشيخ ابوعاصم عبدالله الغامدي خيرالجزاء
ـ[سلفية حنبلية]ــــــــ[03 - 07 - 05, 01:15 ص]ـ
هل ممكن أن أنقل لكم المخالفات التي إتبعها شراح هذا الكتاب , مع المذهب الحنبلي؟؟
ألستن أتباع أحمد بن حنبل؟؟ أم أتباع الشراح لهذا اكتاب؟؟
ودمتن
ـ[محبة السلف]ــــــــ[05 - 07 - 05, 03:12 ص]ـ
بارك الله فيك اختي الفاضله سلفية حنبلية انا لست من أتباع احمد ابن حنبل ولا الشافعي ولا الامام مالك ولاابوحنيفة رحم الله الجميع، ولكني من اتباع القران والسنه قال الله وقال رسول الله من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم، فأن وافق قولهم قول رسول الله اخذت به وان لم يوافقه تركته وهذا ما اوصانابه هؤالأ الأئمة ونشهد الله على حبنا لهم، وتعصبي للكتاب والسنه فقط.
فليكن اخواتي الفاضلات طريقنا هو طريق صحابة رسوال الله صلى الله عليه وسلم " قال الله قال رسول الله" لم يكن لهم طرق اخرى او مذاهب او تحزبات او اشخاص يقدم قولهم على الكتاب والسنة.
فهل من عوده الى النبع الصافي الصحيح لهذا الدين بعد ان تشعبت بنا الطرق وضل كثير من المسلمين الطريق بسبب هذه الاختلافات بين المذاهب حتى انه والله قد تراجع بعض ممن اراد الدخول في الاسلام عن ذلك بسبب هذه الاختلافات في المذاهب وليست العله والله في الائمة وعلمهم ومذاهبهم ولكن في من اتى بعدهم وتعصب لهم وقدم قولهم على الكتاب والسنة.فالله المستعان ولاحولا ولا قوة إلا بالله.(31/174)
هل تصح نسبة هذه المقولة الى الامام لشافعي؟؟
ـ[المقدادي]ــــــــ[29 - 06 - 05, 05:08 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخواننا الاعزاء
هل تصح نسبة هذه المقولة الى الامام لشافعي؟؟
((من انتهض لمعرفة مدبره فانتهى إلى موجود ينتهي إليه فكره فهو مشبه، وإن اطمأن إلىالعدم الصرف فهو معطل، وإن اطمأن إلى موجود واعترف بالعجز عن إدراكه فهو موحّد))
وهل هذه المقولة فيها اي لبس عقدي؟؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[العاصمي]ــــــــ[29 - 06 - 05, 12:12 م]ـ
يبعد أن تصح هذه العبارات السمجة الغثة إلى إمام البيان و ناصر السنة الشافعي، رحمه الله تعالى، و ليس عليها أثر من مسحة بيانه، و لا هي من جنس كلامه، وأسلوب الإمام متميز لا يلتبس ...
ـ[المقدادي]ــــــــ[29 - 06 - 05, 09:40 م]ـ
جزاك الله اخي العاصمي
للرفع
ـ[العاصمي]ــــــــ[30 - 06 - 05, 01:20 ص]ـ
بارك الله فيك أخي المقدادي، و جزاك خيرا.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[30 - 06 - 05, 02:53 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزى الله الشيخ العاصمي خيرا على ما تفضل به، ولاشك في نكارة وبطلان نسبة هذه المقولة للإمام الشافعي، ومن أثبتها فعليه ذكر موضعها من كتب الشافعي أو من كتب أهل العلم الموثقة التي تنقل عنه، ولن يجد ذلك.
ـ[العاصمي]ــــــــ[30 - 06 - 05, 03:44 م]ـ
جزى الله الشيخ أبا عمر الفقيه خير الجزاء، و زاده توفيقا، و أدام النفع بعلمه.
ـ[الشافعي]ــــــــ[30 - 06 - 05, 06:53 م]ـ
هذه العبارة معروفة لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني (ت478)، قالها في كتابه (((العقيدة
النظامية))) ونصه: (((ونحن الآن نذكر عبارة حَرِيَّةً بأن يتخذها مولانا في هذا الباب هجيراً فهي لعمري
المنجية في دنياه وأخراه، فنقول: من نهض لطلب مدبره، فإن اطمأن إلى وجده انتهى إليه فكره فهو
مشبه وإن اطمأن إلى النفي المحض فهو معطل، وإن قطع بموجود واعترف بالعجز عن درك حقيقته
فهو موحد)))
أما عزوها للشافعي رضي الله عنه فأقدم ما وقفت عليه كلام الزمخشري (ت 538) في (((ربيع
الأبرار)))، وكذا نسبها إليه شرف الدين الواسطي على لسان أحمد الرفاعي (ت578) فيما علقه عنه
من مجالس وعظه في (((البرهان المؤيد))).
وكلاهما -الزمخشري والرفاعي- ممن لايؤخذ عنهم هذا العزو لا سيما مع عدم الإسناد.
والله تعالى أعلم
ـ[أبو داود الكناني]ــــــــ[30 - 06 - 05, 07:34 م]ـ
هذه عبارة أبي المعالي بلا مراء و هي مشهورة عنه كما ذكر أخونا أبو عبد الله الشافعي و هذا أحمد بن محمد الشهير بالمقري المغربي المالكي الأشعري يثبت نسبتها له في كتابه نفح الطيب (ج5/ 286) أما إمامنا الشافعي فيبرأ إلى الله من هذا التخبط الذي كان يعيشه إمام الحرمين الجويني-رجمة الله عليهم أجمعين-(31/175)
نماذج من تحريفات العلمانيين لنصوص الكتاب والسنة (1)
ـ[عبدالإله النرجس]ــــــــ[30 - 06 - 05, 03:21 م]ـ
النص الأول:
قوله تعالى (لا إكراه في الدين):
ويستدلون بهذه الآية على أنه:
1 - (لا يجوز إكراه أحد في دينه، قال الله تعالى: (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) (البقرة:256)، بل إن الإسلام نفسه لا يصح مع الإكراه).
2 - (أن لكل شعب قيمه وتقاليده الخاصة التي اختارها، فنحن لا نكرهه على تركها، ذلك أن ديننا علمنا أن لا إكراه في الدين).
3 - (أن تبنّي الدولة (أيُ دولة) للدين الإسلامي ليس معناه التدخل في خصوصيات الأقليات وإجبارها على التخلي عن دينها وإكراهها على الدخول في الإسلام فقد استقر في وعي المسلم وعُلِمَ من صريح آيات القرآن أن لا إكراه في الدين).
* والكلام على هذا من وجوه:
الوجه الأول: أن الإكراه على الدين قد يراد به الإكراه على (الاعتقاد)، وقد يراد به الإكراه على (الالتزام بالحكم):
فقد دلت الآية نفسها على أن المراد بعدم الإكراه هنا هو (الإكراه على الاعتقاد)، وذلك بقرينة قوله تعالى بعد هذا (قد تبين الرشد من الغي)، وذلك إنما يدل على إرادة الاعتقاد، ويبقى الإكراه على الالتزام بحكم الإسلام قائماً لم يخصه دليل، لقوله تعالى (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) ونحوها من آيات القتال والجهاد.
قال ابن حزم رحمه الله تعالى على هذه الآية:
" والدين في القرآن واللغة: يكون الشريعة، ويكون الحكم، ويكون الجزاء:
1 - فالجزاء في الآخرة: إلى الله تعالى لا إلينا.
2 - والشريعة: قد صح أن نقرهم على ما يعتقدون إذا كانوا أهل كتاب.
3 - فبقي الحكم: فوجب أن يكون كله حكم الله كما أمر".
وقال القرطبي رحمه الله:
"قوله تعالى (لا إكراه في الدين): الدين في هذه الآية: المعتقد والملة؛ بقرينة قوله (قد تبين الرشد من الغي) ".
فعلى هذا: فقولهم (إننا لا نكره شعباً على التخلي عن قيمه الخاصة)، و (لا نتدخل في خصوصيات الأقليات) غير صحيح، بل يلزمون بالامتثال لشريعة الإسلام فيما يتعلق بأحكام أهل الذمة كما مر.
على أن نفي الإكراه على الاعتقاد أيضاً لا يصح، وهذا هو:
الوجه الثاني: وهو أن إطلاق القول بعدم الإكراه في الدين باطل، وذلك أن مسألة الإكراه في الدين على قسمين:
القسم الأول: الإكراه على الدخول في الإسلام:
القسم الثاني: الإكراه على التزام حكم الإسلام:
أما القسم الأول: وهو الإكراه على الدخول في الإسلام:
فينقسم إلى ثلاثة أقسام:
قسم يكره فيه بالاتفاق، وقسم يكره فيه عند الجمهور، وقسم لا يكره فيه بالاتفاق:
أما الأول: فهو نوعان:
1 - المرتد عن الإسلام:
فإنه يقتل بالإجماع إذا ارتد، ووقع الخلاف في الاستتابة قبل القتل، وفيمن تقبل منه التوبة، إلا أن الإجماع وقع على عدم تركه.
ومن أشهر أعمال الصحابة رضي الله عنهم بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم حروب المرتدين، وهي الحروب التي عناها قوله تعالى - كما ذكر كثير من المفسرين - (ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون) فلم يذكر غير هذين الخيارين.
2 - المشرك العربي:
قال أبو عبيد رحمه الله:
" تتابعت الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده في العرب من أهل الشرك أن من كان منهم ليس من أهل الكتاب فإنه لا يقبل منه إلا الإسلام أو القتل".
وقال ابن جرير الطبري رحمه الله:
" أجمعوا على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبى أخذ الجزية من عبدة الأوثان من العرب، ولم يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف ".
وقال ابن حزم رحمه الله:
" لم يختلف مسلمان في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقبل من الوثنيين من العرب إلا الإسلام أو السيف إلى أن مات عليه السلام فهو إكراه في الدين".
فهذا النوعان يكره فيهما بالاتفاق، ويدل عليه أدلة كثيرة منها:
قوله تعالى (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم).
وقوله تعالى (ستدعون إلى قومٍ أولي بأسٍ شديد تقاتلونهم أو يسلمون) كما سبق.
والحديث المتفق عليه مرفوعاً (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ... الحديث).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/176)
وما في البخاري أيضاً مرفوعاً (من بدل دينه فاقتلوه)، وغيرها من النصوص.
وأما الثاني: فهو الكافر من غير أهل الكتاب والمجوس:
فقد ذهب الشافعية والحنابلة والظاهرية وبعض المالكية إلى أن كل كافر ليس كتابياً أو مجوسياً فإنه يقاتل حتى يسلم، فلا يقر على دينه ولو بالجزية مطلقاً.
ودليلهم في ذلك قوله تعالى (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم)، وآيات الجهاد والقتال في سبيل الله المطلقة.
وحديث ابن عمر المشهور مرفوعاً (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإن فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها)، ونحوها من النصوص.
وقالوا: إن آية الجزية إنما خصت أهل الكتاب في قوله تعالى (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون).
فيبقى غير أهل الكتاب على الأصل في عدم قبول غير الإسلام منهم.
وأما الثالث: فهو الكافر من أهل الكتاب والمجوسي:
فقد وقع الاتفاق في الجملة على أنه يقر على دينه بالجزية، وهو الالتزام بأحكام الإسلام وهو المراد بـ:
القسم الثاني: وهو الإكراه على التزام حكم الإسلام:
فيكره جميع الكفار – ممن تقبل منهم الجزية – على التزام أحكام الإسلام المعروفة عند أهل العلم بـ (أحكام أهل الذمة).
ويدل عليه قوله تعالى (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون).
وما ثبت في صحيح مسلم من حديث بريدة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا، ثم قال: (اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال - أو خلال - فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم).
ويبقى هاهنا تنبيه:
وهو أن هذا الإقرار بالجزية تحت حكم الإسلام إنما هو حكم مؤقت إلى نزول المسيح عليه السلام، كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، وحتى تكون السجدة الواحدة خيرا له من الدنيا وما فيها) وفي رواية (يقاتل الناس على الإسلام).
وعلى ذلك فيكون الإكراه على الدخول في الإسلام ذلك الوقت على جميع الكفار، فلا يقبل منهم إلا الإسلام، أو السيف.
الوجه الثالث: أن هذه الآية ليست على ظاهرها بإجماع المسلمين _ وهذ يظهر مما سبق _ سواء قيل بنسخها أو لا، ولم يستدل بها أحد من علماء الإسلام على ترك الإكراه على الدين بإطلاق، ولم يستدل بها أحد على ترك الإلزام بأحكام أهل الذمة لمن أقر منهم في بلاد الإسلام بالجزية، وقد ذكر في معنى الآية نحواً من ستة أقوال، و ليس فيها قول واحد أخذ بظاهرها في جميع الكفار، وقد قال ابن جرير رحمه الله تعالى بعد أن ذكر الأقوال في الآية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/177)
"وأولى هذه الأقوال بالصواب: قول من قال: نزلت هذه الآية في خاص من الناس، وقال: عنى بقوله تعالى ذكره (لا إكراه في الدين) أهل الكتابين والمجوس وكل من جاء إقراره على دينه المخالف دين الحق وأخذ الجزية منه، وأنكروا أن يكون شيء منها منسوخا، وإنما قلنا: هذا القول أولى الأقوال في ذلك بالصواب؛ لما قد دللنا عليه في كتابنا (كتاب اللطيف من البيان عن أصول الأحكام): من أن الناسخ غير كائن ناسخاً إلا ما نفى حكم المنسوخ فلم يجز اجتماعهما، فأما ما كان ظاهره العموم من الأمر والنهي وباطنه الخصوص فهو من الناسخ والمنسوخ بمعزل، وإذ كان ذلك كذلك، وكان غير مستحيل أن يقال لا إكراه لأحد ممن أخذت منه الجزية في الدين، ولم يكن في الآية دليل على أن تأويلها بخلاف ذلك، وكان المسلمون جميعا قد نقلوا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أنه أكره على الإسلام قوماً فأبى أن يقبل منهم إلا الإسلام، وحكم بقتلهم إن امتنعوا منه، وذلك كعبدة الأوثان من مشركي العرب، وكالمرتد عن دينه دين الحق إلى الكفر، ومن أشبههم، وأنه ترك إكراه آخرين على الإسلام بقبوله الجزية منه وإقراره على دينه الباطل، وذلك كأهل الكتابين ومن أشبههم، كان بينّاً بذلك أن معنى قوله (لا إكراه في الدين) إنما هو لا إكراه في الدين لأحد ممن حل قبول الجزية منه بأدائه الجزية ورضاه بحكم الإسلام".
وقال ابن حزم رحمه الله عن هذه الآية:
"لم يختلف أحد من الأمة كلها في أن هذه الآية ليست على ظاهرها؛ لأن الأمة مجمعة على إكراه المرتد عن دينه ".
الوجه الرابع: قولهم (إن الإسلام نفسه لا يصح مع الإكراه) لا يصح على إطلاقه كما سبق:
فإسلام المرتد والوثني من العرب يصح منه بالإجماع، والكافر غير الكتابي والمجوسي يصح منه عند الجمهور.
قال ابن رجب رحمه الله:
" وأما الإكراه بحق: فهو غير مانع من لزوم ما أكره عليه، فلو أكره الحربي على الإسلام فأسلم، صح إسلامه ".
الوجه الخامس: قولهم (وقيم خاصة بشعب معين آثرها واختارها فنحن لا نكرهه على تركها، ذلك أن ديننا علمنا أن لا إكراه في الدين)، وقولهم (وتبنّي الدولة للدين الإسلامي ليس معناه التدخل في خصوصيات الأقليات)، لا يصح أيضاً:
وذلك أن الكفار الذين يقرون على دينهم في بلاد الإسلام يلزمون بأحكام (أهل الذمة) وهي أحكام معروفة في كتب الفقه وأجمع عليها الصحابة ومن بعدهم من أهل العلم في الجملة ومن أحكام أهل الذمة التدخل في خصوصيات الأقليات، والإجبار على ترك بعض القيم، فمن الشروط العمرية المشهورة عليهم: (ولا نبيع الخمور، وأن نجز مقادم رءوسنا، وأن نلزم زينا حيثما كان، وأن نشد الزنانير على أوساطنا، وأن لا نظهر الصليب على كنائسنا، ولا نظهر صليبا، ولا كتبا من كتب ديننا في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم، ولا نضرب بنواقيسنا في كنائسنا إلا ضربا خفيفا، ولا نرفع أصواتنا مع موتانا، ولا نظهر النيران معهم في شيء من طرق المسلمين) وغيرها.
(أنظر التنكيل للفهد رفع الله قدره)
ـ[عبدالإله النرجس]ــــــــ[27 - 01 - 06, 02:07 ص]ـ
من جديد
ـ[سيف 1]ــــــــ[27 - 01 - 06, 04:06 ص]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيك
ـ[عبدالإله النرجس]ــــــــ[01 - 02 - 06, 10:36 م]ـ
وفيك أخي الحبيب
ـ[شتا العربي]ــــــــ[01 - 07 - 07, 02:23 ص]ـ
جزاكم الله خير الجزاء وبارك فيكم(31/178)
هل مثل هذا الاعتقاد هو عقيدة اهل السنة والجماعة!!!!!
ـ[ابو البراء على]ــــــــ[30 - 06 - 05, 05:25 م]ـ
السلام عليكم اخوانى فى الله
اما بعد
فان الناظر الان الى ما احاط بالامة من فتن دفع بعض الصغار الى الرد
والمناظرة عن اهل السنة بما ليس هو عند اهل السنة اصلا
وانا هنا انقل لكم ورقه جاءتنى
وتقول هذه الورقة
هذه عقيدتنا فى الصحابة اجمعين رضى الله عنهم وهذا الذى ندعوا اليه
1ــ نعتقد اعتقدا جازما. ان ما جرى بين الصحابة من الفتن فقد صدر عن تأويل اجتهدوا فيه،
فمن كان منهم مصيبا كان له اجران ومن كان منهم مخطئا فله اجر واحد (وخطؤه مغفور له)
2ـ نعتقد اعتقادا جازما ان الامام على 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وان امير المؤمنين معاوية 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ومن معهم من اصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (كانوا جميعا على الحق).
3ـ ان جميع الصحابة بدون استثناء من اهل الجنة مقطوع بذلك!!!!!!!!
ـ[ابو البراء على]ــــــــ[30 - 06 - 05, 09:56 م]ـ
للاجابة
هل هذا هو معتقد اهل السنة؟
ـ[أبو المنذر النقاش]ــــــــ[01 - 07 - 05, 06:15 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم:
قلتم أخي الحبيب:
1ــ نعتقد اعتقدا جازما. ان ما جرى بين الصحابة من الفتن فقد صدر عن تأويل اجتهدوا فيه، فمن كان منهم مصيبا كان له اجران ومن كان منهم مخطئا فله اجر واحد (وخطؤه مغفور له).
نعم يعتقد أهل السنة رحمهم الله تعالى أن ما جرى بين الصحابة رضوان الله تعالى عليهم بناء عن تأويل اجتهدوا فيه.
أما كون الخطأ مغفور أو غير مغفور فهذا ما لا يدخلون فيه.
وقلتم أخي الحبيب:
2ـ نعتقد اعتقادا جازما ان الامام على وان امير المؤمنين معاوية ومن معهم من اصحاب رسول الله (كانوا جميعا على الحق).
لا، ليس هذا مذهب أهل السنة، اللهم إلا إن قصد بكلمة الحق المعنى العام لحالهم فنقول: نعم كلهم على الحق المبين والإسلام المستبين غير أن أهل السنة رحمهم الله تعالى ووفق من يعيش منهم يقولون:
بأن عليا كان على الصواب، وأنه رحمه الله تعالى كان أفضل من يطأ الحصى في عهده، وأن مخالفوه كانوا على الخطأ وأنهم تأولوا في ذلك،ولا نزد على أكثر من هذا ولا يحبون الكلام فيه ولا التعمق في أبعاده، وينكرون على من يتكلم في هذا ويعتبرونه بابا يلج منه أهل البدع والزيع والحقد على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقلتم أخي الحبيب:
3ـ ان جميع الصحابة بدون استثناء من اهل الجنة مقطوع بذلك.
فأهل السنة يجزمون بالجنة لمن جزم الله تعالى ورسوله لهم بذلك فمنهم:
1 - العشرة المبشرون بالجنة.
2 - من بشر بالجنة وليس من العشرة كبلال وثابت بن قيس ونحوهم.
3 - ومن بايع تحت الشجرة وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة وهم أهل بيعة الرضوان، وهي البيعة التي حصلت في الحديبية حين صد المشركون رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن دخول مكة قال صلى الله عليه وسلم: كما في صحيح مسلم: لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة.
4 - ويؤمنون بأن الله تعالى قال لأهل بدر: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.
وهذا لعلم الله تعالى أنهم يموتون على الإسلام والسنة كما حقق ابن القيم رحمه الله تعالى الفوائد.
أما من كان من الصحابة ولم يكن ممن ذكروا سابقا فيجزم أهل السنة والجماعة أنهم من أفضل الأمة وأبذلها للدين بعد من ذكروا، لكنهم لا يجزمون لهم بجنة ولا نار، لأن هذا أمر غيبي يتوقف على الإعلام المعصوم وليس ثمة، لكن يرجون لهم بفضل سابقتهم ويترضون عنهم ويبغضون من يتكلم فيهم بأي نوع من أنواع الكلام.
والله تعالى أعلم.
ـ[ابو البراء على]ــــــــ[01 - 07 - 05, 06:45 م]ـ
جزاك الله اخى الكريم ابو المنذر النقاش كل الخير وانعم الله عليكم بنعمة العلم والفهم الصحيح لدين الله
ولى طلب عندك انت واخوانك المجتهدون فى الملتقى ان تفيدونا اكثر بالادلة من كلام اهل العلم الافاضل
وجزاك الله خيرا مرة ثانية على تعبك وسعيك لتبيين الحق
ـ[ابو البراء على]ــــــــ[01 - 07 - 05, 06:48 م]ـ
ولى سؤال اخر زيادة علىما قلت
وهو هل من معتقدنا اهل السنة ان سيدنا معاوية بن ابى سفيان ومن معه قد قاتل على من اجل الثأر لسيدنا ذو النورين عثمان رضى الله عنه
ـ[أبو المنذر النقاش]ــــــــ[01 - 07 - 05, 08:46 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/179)
الأخ الحبيب الكريم: علي
أصل الخلاف بين معاوية وعلي رضي الله عنه هو ما تفضلت بذكره، وأن عليا رضي الله عنه - وهو أفهم وأسد وأكبر - باتفاق أهل السنة رأى تأجيل الأخذ بالقصاص من قتلة علي وكان ذلك لأمور:
الأول: أن قتلة عثمان عليهم من الله تعالى ما عليهم كانوا ذوي شوكة وعصبية شديدة، وانضم إليهم أعراب كثر ممن في قلوبهم ما فيها، فقتالهم في وقت كان الخليفة عثمان فيها مقتولا والأعداء يتربصون بالأمة فيه من الفساد ما فيه، فرأى علي رضي الله عنه أن يؤجل هذا حتى يستتب الأمر في الدولة.
وأكبر برهان على ذلك هو أن معاوية رضي الله عنه لما تولى خلافة المسلمين لم يعرف عنه أنه أخذ القصاص من قتلة عثمان ولا تتبعهم، وإنما هذا لمباشرته الأمر ورؤيته ما لم يكن يراه حيث لم يكن مكان علي فلما صار مكانه عرف ما عرفه علي سابقا وإنما كان هذا لما أصلناه أن عليا رضي الله عنه كان أكبر وأعلم وأفهم من معاوية باتفاق أهل السنة.
يقول ابن كثير في البداية (7/ 239):
ولما استقر أمر بيعة على دخل عليه طلحة والزبير ورؤس الصحابة رضي الله عنهم وطلبوا منه إقامة الحدود والأخذ بدم عثمان فاعتذر إليهم بأن هؤلاء لهم مدد وأعوان وأنه لا يمكنه ذلك يومه.
فبين رضي الله عنه عذره وأصاب.
الثاني: أنه أيضا بعد ذلك ما استطاع رضي الله عنه المضي في هذا الأمر لتوالي الفتن والإحن وخروج الخوارج البغاة فاضطر إلى قتالهم، وكان ما كان حتى قتل شهيدا سعيدا رضيا كريما.
وإذا أردت التوسع في هذا فعليك بتقريرات ابن تيمية رحمه الله تعالى في منهاج السنة النبوية وكذلك كتاب ابن العربي العواصم من القواصم ففيها من ذلك الشيء الطيب الذي تكتفي به.
وأما هنا فنصيحة أخ لك يحبك في الله تعالى وإن لم يرك إي والله نحبك في الله أن تترك البحث فيها فإنها ولا شك ستدخلنا فيما نهى عنه أهل السنة والجماعة باركهم الله تعالى أحياءا وأمواتا، إلا على الجهة التعليمية البحتة لنفسك مع نفسك ولو أدمنت المطالعة في منهاج السنة لابن تيمية لكفاك في هذا الباب إن شاء الله تعالى، وقد أرفقت لك كتابا أظنه مفيدا في هذا الباب جملة إن شاء الله تعالى.
بارك الله تعالى فيكم ووفقكم لإصابة الحق.
ـ[ابن دحيان]ــــــــ[01 - 07 - 05, 08:47 م]ـ
الجواب من عدة نقاط
النقطة الأولى: معاوية لم يخرج على علي رضي الله عنهما ولم ينازعه الخلافة والسلطة ولم يقل هذا ابدا حتى علي رضي الله عنه شهد له بهذا.
النقطة الثانية: هو كان يريد قتلة عثمان وقد اخطأ في هذا كما ذكر ذلك علماء السنة لكنه متأول ومجتهد وقد اخطأ وله محاسن تطغى على هذا الخطأ فكان الواجب تسليم الأمر إلى خليفة المسلمين وهو علي رضي الله عنه فإن عليا لا يرضى بالظلم وهو لا شك كان يريد القبض على هؤلاء القتلة لكن بعد أن تهدئ الأمور وكانت نظرة علي رضي الله عنه ثاقبة وهي من فقهه وحسن إدارته، ومعاوية رضي الله عنه ولي لعثمان كما قال الله تعالى" وقد جعلنا لوليه سلطانا"
النقطة الثالثة: وبعد أن استتب الأمر واراد معاوية وعلي ومن معهم رضي الله عنه التفاهم والوصول إلى نتيجة مرضية تدخل شرذمة من أهل الكوفة ممن في قلبه مرض وحقد على الأمة فأشعول النار في مخيم جيش علي ومخيم معاوية ومن معه فظن كل طرف أن الطرف الاخرى يهاجمه فحصلت الفتنة التي لم يكن في يد علي ولا معاوية إقافها لحكمة اراده الله.
والله تعالى يقول في النهج الذي ينبغي أن نسير عليه" وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا "
وقال بعدها:"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ "
فسماهم أهل إيمان وأنهم إخوة
ـ[ابو البراء على]ــــــــ[02 - 07 - 05, 01:42 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ولكن هل من مزيد ان شاء الله تعالى
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[02 - 07 - 05, 12:39 م]ـ
قال ابن حبان:
ذكر الخبر الدال على أن علي بن أبي طالب 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - كان في تلك الوقعة على الحق
أخبرنا سهل بن عبد الله بن أبي سهل بواسط قال حدثنا الفضل بن داود الطرازي قال حدثنا عبد الصمد قال حدثنا شعبة عن عوف عن الحسن عن أمه
عن أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تقتل عمارا الفئة الباغية
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[02 - 07 - 05, 10:17 م]ـ
اعتقاد أهل السنة فى الصحابة:
أصل الأصول: عدم الخوض فى ما شجر بينهم. سدا لباب الشيطان.
فليكن الإخوة على ذكر منه.
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[04 - 07 - 05, 07:41 م]ـ
أخي الفاضل الحبيب ابن دحيان تقول أن معاوية 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قد بايع علياً
من أين أتيت بهذا الكلام؟
ولي عودة مرة أُخرى
قال شارح الطحاوية:فالخلافة ثبتت لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد عثمان رضي الله عنه بمبايعة الصحابة سوى معاوية مع أهل الشام والحق مع علي رضي الله عنه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/180)
ـ[ابو البراء على]ــــــــ[07 - 07 - 05, 03:59 م]ـ
فى القول:" إن جميع الصحابة بدون استثناء من أهل الجنة مقطوع بذلك ".
من الذى قال ذلك؟ ومن الذى قطع بذلك؟
وما دليله على ذلك؟
فان هذا من الأمور الغيبية التى لا تؤخذ بالرأي.
وهذا القول:" ان جميع الصحابة بدون استثناء من أهل الجنة مقطوع بذلك ".
فيه تكذيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ورد للأحاديث الصحيحة فى شأن الحوض عند البخارى ومسلم وغيريهما من أصحاب السنن.
فقد اخرج البخارى فى الصحيح كتاب الرقاق (6576) من حديث شعبة عن المغيرة قال: سمعت أبا وائل عن عبد الله رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " أنا فرطكم على الحوض وليرفعن رجال منكم ثم ليختلجن دونى فأقول: يارب اصحابى فيقال: انك لا تدرى ما أحدثوا بعدك ".
واخرج أيضا (6582) من حديث انس رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " ليردن على ناس من اصحابى الحوض حتى عرفتهم اختلجوا دونى فأقول: اصحابى فيقول: لا تدرى ما أحدثوا بعدك.
وفى الباب عن ابى سعيد الخدرى، وابى هريرة، وأسماء بنت ابى بكر، ..... رضى الله عنهم جميعا.
وعند مسلم (2779) قول عمار رضى الله عنه: ولكن حذيفة اخبرني عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: النبى صلى الله عليه وسلم: " فى اصحابى اثنا عشر منافقا. فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل فى سم الخياط ... الحديث.
وقال ابن العماد الحنبلي فى شذرات الذهب (1/ 124):
وذكر ابن عبد البر، والذهبي وغيرهما مخازي مروان بأنه أول من شق عصا المسلمين بلا شبهة، وقتل النعمان بن بشير أول مولود من الأنصار،وخرج على ابن الزبير بعد أن بايعه على الطاعة، وقتل طلحة بن عبيد الله يوم الجمل، والى هؤلاء المذكورين، والوليد بن عقبة، والحكم ابن ابى العاص، ونحوهم، الإشارة بما ورد فى حديث المحشر وفيه: " فأقول: يارب اصحابى فيقال: انك لا تدرى ما أحدثوا بعدك " ولا يرد على ذلك ما ذكره العلماء من الإجماع على عدالة الصحابة، وان المراد به الغالب وعدم الاعتداد بالنادر، والذين ساءت أحوالهم ولابسوا الفتن بغير تأويل ولا شبهة.
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[11 - 07 - 05, 10:02 م]ـ
والقول ان الطائفتين ـ أهل العراق وأهل الشام ـ كانوا جميعا على الحق!
هذا القول لم يقل به احد من أهل السنة والجماعة ولكن القول الصحيح هو ان عليا ومن معه كانوا على الحق
ذكر من قال ذلك:
عبد العزيز بن باز فتاوى ومقالات متنوعة:
قال فى حديث عمار: " تقتل عمارا الفئة الباغية ". فقتله معاوية وأصحابه فى موقعة صفين، فمعاوية وأصحابه بغاة، لكن مجتهدون ظنوا إنهم مصيبون فى المطالبة بدم عثمان.
* قال شيخ الإسلام ابن تيمية فى الفتاوى (3/ 528) فى حديث عمار " تقتله الفئة الباغية يدعوهم الى الجنة ويدعونه الى النار ". وهذا أيضا يدل على صحة إمامة علىّ، ووجوب طاعته، وان الداعي الى طاعته داع الى الجنة والداعي الى مقاتلته داع الى النار ـ وان كان متأولا ـ وهو دليل على انه لم يكن يجوز قتال علىّ وعلى هذا فمقاتله مخطئأ، وان كان متأولا أو باغ بلا تأويل وهو اصح القولين لا صحابنا.
* قال ابن العماد الحنبلي فى شذرات الذهب (1/ 76)
وكان فى جانب على جماعة من البدريين وأهل بيعة الرضوان، ورايات رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإجماع منعقد على إمامته وبغي الطائفة الأخرى، ولا يجوز تكفيرهم كسائر البغاة، واستدل أهل السنة والجماعة على ترجيح جانب على بدلائل، أظهرها وأثبتها قوله صلى الله عليه وسلم لعمار بن ياسر: " تقتلك الفئة الباغية " وهو حديث ثابت. ولما بلغ معاوية ذلك قال: إنما قتله من أخرجه، فقال على: إذا قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة لأنه أخرجه. وهو الزام لا جواب عليه وحجة لا اعتراض عليها، وكان شبهة معاوية ومن معه الطلب بدم عثمان، وكان الواجب عليهم شرعا الدخول فى البيعة ثم الطلب من وجوهه الشرعية وولى الدم فى الحقيقة أولاد عثمان مع ان قتلة عثمان لم يتعينوا. اهـ
*وروى عن الأعمش، عن ابى عبد الرحمن السلمى، قال: شهدنا مع على رضى الله عنه صفين، فرأيت عمار بن ياسر لا يأخذ فى ناحية ولا واد من أودية صفين الا رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يتبعونه، كأنه علم لهم، وسمعت عمارا يقول يومئذ لهاشم بن عقبة: يا هاشم، تقدم الجنة تحت الابارقة، اليوم ألقى الأحبة محمدا وحزبه، والله لو هزمونا حتى بلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا انا على الحق وأنهم على الباطل.
فكيف يقال للبغاة إنهم على الحق!
ـ[عبدالعزيز الضاحي]ــــــــ[12 - 07 - 05, 06:19 ص]ـ
من معاني الفتنة: إلتباس الحق بالباطل؛ فلا يتميز أحدهما، وهذا ماوقع بينهم؛ وقد رضي الله عنهم وأرضاهم عالما بما سيكون منهم من خطأ وصواب، فقبل الصالح من عملهم، وغفر ما عداه، وتاب عليهم أجمعين، وأعد لهم الجنة، فلا يسعنا إلا الترضي عنهم
وما أجمل كلام محب الدين الطبري عنهم في مقدمة كتابه "الرياض النضرة "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/181)
ـ[ابن دحيان]ــــــــ[17 - 07 - 05, 12:13 ص]ـ
بسم الله
يا ابا حاتم وفقك الله لكل خير وصلاح وهدى وفلاح ـ آمين ـ
نعم هذه عجلة مني أخي الكريم وليس عندي نص صحيح في اثبات بيعة معاوية لعلي رضي الله عنهما.
لكن يحضرني الرسالة التي بعثها معاوية إلى ملك الروم وجاء فيها " اضع يدي في يد أخي ـ ويقصد علي رضي الله عنه"
فجزاك الله خيرا وبورك فيك
ومن أمثالك نستفيد
ـ[أبو عبدالرحمن المقدسي]ــــــــ[17 - 07 - 05, 11:56 ص]ـ
ابو البراء على
سالت عن معتقد اهل السنة والجماعة واجابك الاخوة فلماذا اوردت هذه الاحاديث مالذي تقصده؟
ـ[ابو البراء على]ــــــــ[20 - 07 - 05, 07:25 م]ـ
الاخ أبو عبد الرحمن المقدسى
انا طرحت هذه الاسئلة وقد اجاب على بعضها الاخوة بالمنتدى مشكورين
ولكنى اضفت بعض ما وقفت عليه من الاحاديث التى قد تسهم فى الاجابة عن هذه الاسئلة.
وبقى هناك سؤال لم يتم الاجابة عليه
وهو حول القتال فى صفين هل كان من اجل الثار لدم عثمان رضى الله عنه؟
فمن لديه جديد فليفدنا به مشكورا.
ـ[أبو عبدالرحمن المقدسي]ــــــــ[16 - 08 - 05, 02:31 م]ـ
الاخ أبو عبد الرحمن المقدسى
انا طرحت هذه الاسئلة وقد اجاب على بعضها الاخوة بالمنتدى مشكورين
ولكنى اضفت بعض ما وقفت عليه من الاحاديث التى قد تسهم فى الاجابة عن هذه الاسئلة.
وبقى هناك سؤال لم يتم الاجابة عليه
وهو حول القتال فى صفين هل كان من اجل الثار لدم عثمان رضى الله عنه؟
فمن لديه جديد فليفدنا به مشكورا.
الاخ ابو البراء اوردت حديثا عن المنافقين فما علاقة هؤلاء المنافقين بالصحابة رضي الله عنهم؟
واما الفتنة التي وقعت بين الصحابة رضي الله عنهم فهذا لن يسالنا ربنا عنه بل نحن مطالبين بالاستغفار لهم والترضي عنهم (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون، والذين تبوءوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولايجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون، والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولاتجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم)(31/182)
إشكال في منهاج السنة لابن تيمية رحمه الله
ـ[الفهدي1]ــــــــ[01 - 07 - 05, 02:33 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن أحاديث افتراق الأمة وهو يرد على الرافضي الحلي في استدلاله بهذا الحديث في ج3 ص455:
الوجه الرابع أن يقال أولا أنتم قوم لا تحتجون بمثل هذه الأحاديث فإن هذا الحديث إنما يرويه أهل السنة بأسانيد أهل السنة والحديث نفسه ليس في الصحيحين بل قد طعن فيه بعض أهل الحديث كابن حزم وغيره ولكن قد رواه أهل السنن كأبي داود والترمذي وابن ماجه ورواه أهل الأسانيد كالإمام أحمد وغيره
فمن أين لكم على أصولكم ثبوته حتى تحتجوا به وبتقدير ثبوته فهو من أخبار الأحاد فكيف يجوز أن تحتجوا في أصل من أصول الدين وإضلال جميع المسلمين إلا فرقة واحد بأخبار الآحاد التي لا يحتجون هم بها في الفروع العلمية
وهل هذا إلا من أعظم التنافض والجهل. اهـ
الإشكال: كيف قال ابن تيمية رحمه الله أن هذه الخبر خبر آحاد وقد رواه أكثر من صحابي
سنن أبي داود ج2 ص 608:
4596 - حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة وتفرقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ".
سنن ابن ماجة ج2 ص1322:
3992 - حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي. حدثنا عباد بن يوسف. حدثنا صفوان بن عمرو عن راشد بن سعد عن عوف بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة. فواحدة في الجنة. وسبعون في النار
وافترقت النصارى على ثنتيين وسبعين فرقة. فإحدى وسبعون في النار وواحدة في الجنة. والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة. واحدة في الجنة وسبعون في النار)
قيل يا رسول الله من هم؟ قال (الجماعة)
سنن ابن ماجة ج2 ص 1322:
3993 - حدثنا هشام بن عمار. حدثنا الوليد بن مسلم. حدثنا أبو عمرو حدثنا قتادة عن أنس ابن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: (إن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة. وإن أمتي ستفترق على ثنتين وسبعين فرقة. كلها في النار إلا واحدة. وهي الجماعة)
المستدرك ج1 ص217:
443 - و منها: ما حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق الصغاني ثنا أبو اليمان الحكم بن نافع البهراني ثنا صفوان بن عمرو عن الأزهر بن عبد الله عن أبي عامر عبد الله بن يحيى قال: حججنا مع معاوية بن أبي سفيان فلما قدمنا مكة أخبر بقاص يقص على أهل مكة مولى لبني فروخ فأرسل إليه معاوية فقال: أمرت بهذه القصص؟ قال: لا قال: فما حملك على أن تقص بغير إذن؟ قال: ننشىء علما علمناه الله عز و جل فقال معاوية: لو كنت تقدمت إليك لقطعت منك طائفة ثم قام حين صلى الظهر بمكة فقال: قال النبي صلى الله عليه و سلم: إن أهل الكتاب تفرقوا في دينهم على اثنتين و سبعين ملة و تفترق هذه الأمة على ثلاث و سبعين كلها في النار إلا واحدة و هي الجماعة و يخرج في أمتي أقوام تتجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه فلا يبقى منه عرق و لا مفصل إلا دخله و الله يا معشر العرب لئن لم تقوموا بما جاء به محمد صلى الله عليه و سلم لغير ذلك أحرى أن لا تقوموا به
هذه أسانيد تقام به الحجة في تصحيح هذا الحديث و قد روي هذا الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص و عمرو بن عوف المزني بإسنادين تفرد بأحدهما عبد الرحمن زياد الأفريقي و الآخر كثير بن عبد الله المزني و لا تقوم بها الحجة
وكذلك عن أبي أمامة
فهل هذا وهم من شيخ الإسلام رحمه الله؟
ـ[ابن تميم الظاهري]ــــــــ[01 - 07 - 05, 02:46 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
لا أدري أخي الفاضل لأن النص ليس عندي كله ..
لكن قد يكون الشيخ لديه حد وعدد في اعتبار الخبر متواتراً ..
وقد يكون الشيخ يعلم أن الرافضة لهم حد معين وهذه الروايات لم تبلغ ذلك الحد ليحكموا عليه أنه متواتر ..
وبعض الفرق رفضت العمل بخبر الآحاد في العقائد ..
وهذه مسألة اعتقادية لأنه يضللون كل الفرق إلا فرقة واحدة ..
فعلى أصلهم لا يصح الاستدلال بهذه الأخبار ..
طبعاً هذا إن كان عندهم الخبر المتواتر هو ما رواه أربعة مثلاً أو خمسة أو أكثر ..
فحاول أن ترجع لكتب الرافضة لمعرفة الخبر المتواتر عنده والعدد الذي يعتبر به الخبر متواتراً ..
وكذلك ابن تيميه رحمه الله ..
فقد يفيدك هذا ..
لأنه لا يخفاك أن الحد والعدد لبعض أهل العلم كلام فيه ..
هذا مما قد ينفع في مسألتك ويمكن أن يكون غير هذا ..
فقد ذكرت هذه المسألة ..
وقد يكون الشيخ وهِم ..
وهو بعيد أظن كذلك ..
لأنه ذكر قوله: (ولكن قد رواه أهل السنن كأبي داود والترمذي وابن ماجه ورواه أهل الأسانيد كالإمام أحمد وغيره) ..
مما يدل على وقوفه على هذه الروايات ..
والله أعلم يفيدك الأخوان ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/183)
ـ[الفهدي1]ــــــــ[01 - 07 - 05, 03:23 ص]ـ
بارك الله فيك أخي ابن تميم على هذه التنبيهات
بانتظار تعليقات الأخوة
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[01 - 07 - 05, 03:52 ص]ـ
الإشكال: كيف قال ابن تيمية رحمه الله أن هذه الخبر خبر آحاد وقد رواه أكثر من صحابي
ليس بوهم.
أولا: شيخ الأسلام في سبيل الزامهم على مقتضى أصولهم، وهذا ظاهر جدا.
ثانيا: أحاديث الآحاد على أقسام، ومنها ما يرويه جماعة لم يصل عددهم الى حد الكثرة المانعة من وقوع الوهم او تعمد الكذب.
وما ذكرتَ من عدد غير مخرج له من كونه من آحاديث الآحاد.
ثالثا: من المشهور أختيار شيخ الأسلام رحمه الله المتعلق بمسألة الآحاد والمتواتر من الحديث وأختياره في المتواتر النسبي الواقع على بعض اجناس حديث الآحاد على مقتضى تعريف أهل الأصول ومن وافقهم من أهل الأصطلاح.
ـ[فهَّاد]ــــــــ[01 - 07 - 05, 04:02 ص]ـ
السلام عليكم ,,
بسم الله الرحمن الحيم.
نعم هذا حديث آحاد. فيجب على المحاور معرفة ماهو الحديث المتواتر.
الحديث المتواتر:
المتواتر من الأحاديث هو الذي ينقله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع لا يتصور معه تواطؤهم على الكذب، ثم ينقل عن هؤلاء جمع في طبقة ثانية ثم ثالثة بنفس الشروط إلى آخر الإسناد، والعدد المقصود في الجمع قد يكون خمسة أو عشرة أو أكثر على خلاف في الرأي
سؤال: هل كل طبقة من طبقات السند توفرت فيه الشروط؟!
والآحاد: هو ما لم يتحقق فيه شرط التواتر في أي من طبقاته ومن أنواعه
إضافة مهمة:
ينقسم الآحاد إلى ثلاث أقسام:
ومنها المشهور:الحديث المشهور وهو الذي عدد رواته في كل طبقة ثلاثة فأكثر دون حد التواتر
أعتقد أخي الفهدي هذا هو سؤالك الذي تريد أن ترسله لي في منتدى الدفاع
أخوك الصغير أبو عبيدة
ـ[الفهدي1]ــــــــ[01 - 07 - 05, 04:18 ص]ـ
بارك الله فيكم
أخي الحبيب فهاد
ليس هذا سؤالي فقط
بل عندي أسئلة أخرى مهمة جدا
فهل تريد ان ابعثها لك هنا او هناك
فالموضوع الذي أريد أن اسألك عنه ضروري بالنسبة لي
جزاك الله خيرا
ـ[عدو المشركين]ــــــــ[01 - 07 - 05, 02:46 م]ـ
السلام عليكم
و أيضا في منهاج السنة 8/ 229:
(((وعثمان جمع القرآن كلّه بلا ريب، وكان أحياناً يقرؤه في ركعة، وعلي قد اختلف فيه هل حفظ القرآن كلّه أم لا؟))).
والأسئلة هي:
1 - من أين علم ابن تيمية أن عثمان بن عفان كان يقرأ القرآن أحياناً في ركعة واحدة؟ وما هو مصدر قوله هذا هل توجد رواية صحيحة تثبت ذلك؟
2 - من أين علم ابن تيمية أن علياً بن أبي طالب لم يحفظ القرآن الكريم كلّه؟ وما هو مصدر قوله هذا هل هو قول لأحد علماء أهل السنة أو رواية صحيحة تثبت ذلك؟
هذه أسئلة الرافضي
وقد كان الجواب على السؤال الأول
الاستذكار ج2/ص475
وقد كان عثمان وتميم الداري وعلقمة وغيرهم يقرؤون القرآن كله في ركعة
وكان سعيد بن جبير وجماعة يختمون القرآن مرتين وأكثر في ليلة
مصنف ابن أبي شيبة ج1/ص323
3700 حدثنا يزيد بن هارون عن محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن عثمان قال قمت خلف المقام أصلي وأنا أريد أن لايغلبني عليه أحد تلك الليلة فإذا رجل يغمزني من خلفي فلم التفت ثم غمزني فالتفت فإذا عثمان بن عفان فتنحيت وتقدم فقرأ القرآن في ركعة ثم انصرف
الزهد لابن المبارك ج1/ص452
1275 أخبركم أبو عمر بن حيوية قال حدثنا يحيى قال حدثنا الحسين قال أخبرنا ابن المبارك قال أخبرنا ابن لهيعة قال حدثني بكير بن الأشج عن سليمان بن يسار أن عثمان بن عفان قام بعد العشاء فقرأ القرآن كله في ركعة لم يصل قبلها ولا بعدها أخرجه ابن النصر
تاريخ مدينة دمشق ج39/ص233
ونا ابن المبارك أنا ابن لهيعة حدثني بكير بن الأشج عن سليمان بن يسار أن عثمان بن عفان قام بعد العشاء فقرأ القرآن كله في ركعة لم يصل قبلها ولا بعدها
فهل هذه الأسانيد صحيحة؟ وما هو جواب السؤال الثاني؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[فهَّاد]ــــــــ[01 - 07 - 05, 06:05 م]ـ
السلام عليكم ,,
شيخي الحبيب عدو المشركين.
قال الجبل: علي أختلف فيه هل حفظ القرآن كله أم لا. وهذا يدل على أن الإختلاف حاصل ولم يقطع بعدم حفظ علي للقرآن كامل.
بل إن هناك شواهد تؤكد أن علي كان لا يجيد الحفظ حتى شكى ذلك لرسول محمد.
أخرج الترمذي وحسنه والحاكم وصححه وابن مردويه، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -
قال جاء علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال
"بأبي أنت وأمي، تفلت هذا القرآن من صدري. فما أجدني أقدر عليه؟ …
والحديث طويل ...... حتى علمه الرسول كلامت ثبت الخفظ عنده بعد ذلك.
وهذا لا يدل إلا على أن علي بن أبي طالب كان يجد صعوبة في خفظ القرآن , وهذا يؤدي إلى الإختلاف في حفظه كاملاً
وأيضاً: لم نرى أبو بكر خص علي بجمع القرآ ن بل بزيد بن ثابت , مع أفضلية علي بن أبي طالب وقربه من الرسول , وهذا يقوي إحتمال أن علي لم يكن يحفظ القرآن كاملاً.
المهم أن الجبل لم يقطع بذلك بل أورد الإختلاف في أن علي لم يحفظ القرآن , وأيضاً لم يورد الجبل في أي عصر ورد الإختلاف هل هو في زمانه أم في زمن السلف , ولقد أختلف في أمر أهم من ذلك وهو في تولية أبي بكر الخلافة , في عصر الصحابة الذين عرفوا فضل أبو بكر.
أخوك أبو عبيدة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/184)
ـ[عدو المشركين]ــــــــ[01 - 07 - 05, 09:36 م]ـ
شيخنا أبا عبيدة
جزاك الله خيرا
لا شك ان الجبل لم يجزم بعدم حفظ الخليفة علي رضي الله عنه .. و إنما كان البحث عن مصدر القول، وهل اجد مصدرا يذكر الإختلاف في أنه حفظ القرآن أم لا؟؟
وهل روايات قراءة شهيد الدار للقرآن في ركعة صحيحة السند أم لا؟؟
ـ[فهَّاد]ــــــــ[01 - 07 - 05, 11:25 م]ـ
السلام عليم ,,
الشيخي الحبيب:
معلوم عند الرافضة أن علي بن أبي طالب جمع القرآن بعد وفاه الرسول ناسخه ومنسوخه.
أقول وهذا دليل على عدم حفظه للقرآن لأن المنسوخ التلاوة ليس قرآن , لقول الحق: {ما ننسخ من آية أو
ننسها نأت بخير منها أو مثلها}. فإذا عرفنا أن القرآن محفوظ من التحريف بالزيادة والنقصان.
فهذا يستلزم أمرين أحلاهما مر.
1 - إن علي بن أبي طالب لايحفظ القرآن لأنه لا يفرق بين الناسخ والمنسوخ ونرآه خلط بين ما يتعبد بتلاوته في الصلاة وغيرة , وبين المنسوخ الذي سقط الإحتجاج والإستدلال والتعبد بتلاوته.
2 - إن القرآن الموجود عندنا محرف وبذلك تتكشف عقيدة التقية.
ـ[الفهدي1]ــــــــ[01 - 07 - 05, 11:49 م]ـ
السلام عليكم
تنبيه: أخي فهَّاد بعثت لك برسالة على الخاص
بارك الله فيك
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[03 - 07 - 05, 07:59 م]ـ
قال شيخ الاسلام رحمه الله (المنهاج: 4/ 110):
وكذلك الكلام فى تفضيل الصحابة يتقى فيه نقص احد عن رتبته او النقص عن درجته،
أو دخول الهوى، والفرية فى ذلك كما فعلت الرافضة والنواصب الذين يبخسون بعض الصحابة حقوقهم. انتهى
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[09 - 02 - 07, 05:05 ص]ـ
الحمد لله
فهَّاد
بل إن هناك شواهد تؤكد أن علي كان لا يجيد الحفظ حتى شكى ذلك لرسول محمد.
أخرج الترمذي وحسنه والحاكم وصححه وابن مردويه، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -
قال جاء علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال
"بأبي أنت وأمي، تفلت هذا القرآن من صدري. فما أجدني أقدر عليه؟ …
والحديث طويل ...... حتى علمه الرسول كلامت ثبت الخفظ عنده بعد ذلك.
وهذا لا يدل إلا على أن علي بن أبي طالب كان يجد صعوبة في خفظ القرآن , وهذا يؤدي إلى الإختلاف في حفظه كاملاً
كيف يعلِّم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عليّ كلاماً يثبّت الحفظ عنده، ثم يأتي من يقول أنه لا يحفظ القرآن؟!
أو انه أُختلف في حفظه للقرآن؟!
والحديث المستشهد به موضوع
(سنن الترمذي)
حدثنا أحمد بن الحسن حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي حدثنا الوليد ابن مسلم حدثنا ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح وعكرمة مولى ابن عباس عن ابن عباس أنه قال بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه علي بن أبي طالب فقال بأبي أنت وأمي تفلت هذا القرآن من صدري فما أجدني أقدر عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا الحسن أفلا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن وينفع بهن من علمته ويثبت ما تعلمت في صدرك قال أجل يا رسول الله فعلمني قال إذا كان ليلة الجمعة فإن استطعت أن تقوم في ثلث الليل الآخر فإنها ساعة مشهودة والدعاء فيها مستجاب وقد قال أخي يعقوب لبنيه (سوف أستغفر لكم ربي) يقول حتى تأتي ليلة الجمعة فإن لم تستطع فقم في وسطها فإن لم تستطع فقم في أولها فصل أربع ركعات تقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب وسورة يس وفي الركعة الثانية بفاتحة الكتاب وحم الدخان وفي الركعة الثالثة بفاتحة الكتاب والم تنزيل السجدة وفي الركعة الرابعة بفاتحة الكتاب وتبارك المفصل فإذا فرغت من التشهد فاحمد الله وأحسن الثناء على الله وصل علي وأحسن وعلى سائر النبيين واستغفر للمؤمنين والمؤمنات ولإخوانك الذين سبقوك با لإيمان ثم قل في آخر ذلك اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني وارحمني أن أتكلف ما لا يعنيني وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني اللهم بديع السموات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام أسألك يا ألله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني اللهم بديع السموات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام أسألك يا ألله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تنور بكتابك بصري وأن تطلق به لساني وأن تفرج به عن قلبي وأن تشرح به صدري وأن تغسل به بدني فإنه لا يعينني على الحق غيرك ولا يؤتيه إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم يا أبا الحسن تفعل ذلك ثلاث جمع أو خمسا أو سبعا تجب بإذن الله والذي بعثني بالحق ما أخطأ مؤمنا قط قال عبد الله بن عباس فوالله ما لبث علي إلا خمسا أو سبعا حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك المجلس فقال يا رسول الله إني كنت فيما خلا لا آخذ إلا أربع آيات أو نحوهن وإذا قرأتهن على نفسي تفلتن وأنا أتعلم اليوم أربعين آية أو نحوها وإذا قرأتها على نفسي فكأنما كتاب الله بين عيني ولقد كنت أسمع الحديث فإذا رددته تفلت وأنا اليوم أسمع الأحاديث فإذا تحدثت بها لم أخرم منها حرفا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك مؤمن ورب الكعبة يا أبا الحسن.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم.
تحقيق الألباني:
موضوع، التعليق الرغيب (2/ 214)، الضعيفة (3374)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/185)
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[09 - 02 - 07, 05:19 ص]ـ
الحمد لله
إن علي بن أبي طالب لايحفظ القرآن لأنه لا يفرق بين الناسخ والمنسوخ ونرآه خلط بين ما يتعبد بتلاوته في الصلاة وغيرة , وبين المنسوخ الذي سقط الإحتجاج والإستدلال والتعبد بتلاوته
قال ابن تيمية في المنهاج (4/ 243):
ولكن المعروف أن عليا دخل المسجد فوجد قاصاً يقص، فقال: ما اسمك؟ قال: أبو يحيى، قال: تعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا، قال: هلكت، وأهلكت إنما أنت أبو عرفوني. ثم أخذ بإذنه فأخذه من المسجد، فروى أبو حاتم في كتاب الناسخ والمنسوخ، حدثنا الفضل بن دكين، حدثنا سفيان عن أبي حصين، عن أبي عبد الرحمن السلمي، قال: انتهى عليّ إلى قاص وهو يقص، فقال:أعلمت الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا، قال: هلكت وأهلكت، قال: وحدثنا زهير بن عباد الرواسي، حدثنا أسد بن حمران عن جويبر عن الضحاك أن علي بن أبي طالب دخل مسجد الكوفة، فإذا قاص يقص، فقام على رأسه فقال: يا هذا أتعرف الناسخ من النسوخ؟ قال: لا، قال: أفتعرف مدني القرآن من مكيه؟ قال: لا، قال: هلكت وأهلكت، قال: أتدرون من هذا؟، هذا يقول اعرفوني اعرفوني.اهـ
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[09 - 02 - 07, 07:46 ص]ـ
اقتباس: [الإشكال: كيف قال ابن تيمية رحمه الله أن هذه الخبر خبر آحاد وقد رواه أكثر من صحابي]
الجواب:
لا يلزم من كونه قد رواه أكثر من صحابي أن يكون متواترا.
فحد التواتر أن يرويه عدة من الرواة يُقطع فيه معهم بعدم جواز تواطئهم على الكذب عقلاً.
و المقصود بالرواة مَن بعد الصحابة للقطع بعدالتهم رضي الله عنهم.
و كم من حديث رواه عدة من الصحابة و ليس متواترا، بل أغلب السنة بهذه الصفة، بل المتواتر قليل، و هذا و الحمدلله ظاهر.
================================================== ======
ـ[أبو الحسن الغامدي]ــــــــ[09 - 02 - 07, 06:52 م]ـ
أخي العزيز:
الخبر المتواتر في الاصطلاح: ما رواه جمع كثير تحيل العادة تواطؤهم على الكذب، واستندوا في أخبارهم إلى الحس.
وقد ذكر العلماء أن صفة التواتر لا تتحقق في الخبر إلا بالشروط التالية:
أ ـ أن يرويه عدد كثير، وقد اختلف في أقل الكثرة، والراجح عند بعض المحققين أنه ليس هناك عدد محدد لحصول التواتر، فحيث حصل عدد مع توفر بقية الشروط تحقق وصف التواتر.
ب ـ أن تحصل هذه الكثرة من العدد في جميع طبقات السند.
ج ـ أن يحكم العقل عادة باستحالة اتفاق الرواة على اختلاق هذا الخبر.
د ـ أن يكون مستند خبرهم الحس بأن يقولوا: سمعنا، أو رأينا، أو لمسنا، أو شممنا، وليس مجرد العقل، كالقول بحدوث الخلق.
ولو رجعنا للحديث الذي ذكرته لوجدنا عدم تحقق الشرط الثالث فمحمد بن عمرو بن علقمة والذي عليه مدار الحديث متكلم فيه قال أبو بكر بن أبي خيتمة سئل يحيى بن معين عن محمد بن عمرو، فقال: مازال الناس يتقون حديثه، قيل له: وما علة ذلك؟ قال: كان يحدث مرة عن أبي سلمة بالشيء من رأيه ثم يحدث به مرة أخرى عن أبي سلمة عن أپي هريرة.
وقال إبراهيم بن يعقوب السعدي الجوزجاني: ليس يقوي الحديث، وينتهي حديثه.
وقال إسحاق بن حكيم: قال يحيى القطان: محمد بن عمرو رجل صالح، ليس بأحفظ الناس للحديث.
وقال الحافظ المرّي في تهذيب الكمال عن أئمة الجرح والتعديل: سأل عنه علي بن المديني: يحيى بن سعيد بن القطان: محمد بن عمرو كيف هو: قال: تريد العفو أم تشدد؟ قال: لا بل أشدد. قال: ليس هو ممن تريد. كان يقول: حدثنا أشياخنا أبو سلمة، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب. قال يحيى: وسألت مالكا عن محمد بن عمرو فقال: فيه نحوا مما قلت لك.
وهذا الإمام اليمني المجتهد، ناصر السنة، الذي جمع بين المعقول والمنقول، محمد بن إبراهيم (ت 40هـ) يقول في كتابه "العواصم والقواصم" أثناء سرده للأحاديث التي رواها معاوية، فكان منها (الحديث الثامن): "حديث افتراق الأمة إلى نيف وسبعين فرقة، كلها في النار، إلا فرقة واحدة، قال: وفي سنده ناصبي، فلم يصح عنه أ. هـ .... قلت (ولاأعلم من يقصد بالناصبي)
قال أپو محمد ابن حزم: هذان حديثان لا يصحان أصلا من طريق الإسناد، وما كان هكذا فليس حجة عند من يقول بخبر الواحد، فكيف من لا يقول به؟ (الفصل في الملل والنحل)
أرجو أن أكون قد أفدتك بهذا النقل(31/186)
ابن جرير السني وابن جرير الرافضي .... رجاءً انتبه!!!
ـ[أبو مهند الشمري]ــــــــ[02 - 07 - 05, 01:47 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: " وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ " [الأنعام: 55].
قال ابن كثير: " أَيْ وَلِتَظْهَر طَرِيقُ الْمُجْرِمِينَ الْمُخَالِفِينَ لِلرُّسُلِ وَقُرِئَ " وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلَ الْمُجْرِمِينَ " أَيْ وَلِتَسْتَبِينَ يَا مُحَمَّد أَوْ يَا مُخَاطَب سَبِيلَ الْمُجْرِمِينَ.ا. هـ.
إن من الأمورِ المهمةِ لأهلِ السنةِ أن يحذروا من طرقِ أهلِ البدعِ في التلبيسِ والتدليسِ عليهم.
وفي هذا الموضوع أود أن أبينَ لأهلِ السنةِ طريقةً من طرقِ المبتدعةِ عموماً، والرافضةِ خصوصاً في تلبيسهم وتدليسهم على أهلِ السنةِ.
أما المكيدةُ التي يتبعها الرافضةُ في التدليسِ والتلبيسِ على أهلِ السنةِ هي أنهم يدخلون علينا عن طريقِ السنةِ ويقولون: قال العالمُ الفلاني كذا، وقال العالمُ الآخرُ كذا ... " ويضعون أسماءً تشابه أسماءَ علماءٍ معتبرين عند أهلِ السنةِ، وهم في الأصلِ رافضةٌ.
قال الألوسي في " مختصر التحفة الإثنى عشرية " (ص 32): " ومن مكايدهم أنهم ينظرون في أسماءِ المعتبرين عند أهلِ السنةِ فمن وجدوهُ موافقاً لأحدٍ منهم في الاسمِ واللقبِ أسندوا روايةَ حديثِ ذلك الشيعي إليه، فمن لا وقوف له من أهلِ السنةِ يعتقدُ أنهُ إمامٌ من أئمتهم فيعتبرُ بقولهِ ويعتدُ بروايتهِ ... ".ا. هـ. ثم ذكر أمثلةً لذلك نأتي عليها بشيءٍ من التفصيلِ.
[محمد بن جرير الطبري]
محمد بن جرير الطبري رجلان أحدهما سني والآخر رافضي.
أما السني فهو محمد بن جرير بن يزيد بن كثير الآملي الطبري أبو جعفر المؤرخ المفسر الإمام، ولد في آمل طبرستان، واستوطن ببغداد وتوفي بها في 310 هـ، له عدة مصنفات من أشهرها: " جامع البيان عن تأويل آي القرآن "، وقد أثنى على تفسيره كثير من العلماء منهم الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " (2/ 163) حيث قال: " لم يصنف أحد مثله ". وقال الخطيب أيضا (12/ 163) عن أبي حامد الإسفراييني: " لو سافر رجل إلى الصين في تحصيل تفسير ابن جرير لم يكن كثيرا ". وصنف أيضا " تهذيب الآثار "، و " تاريخ الرسل والملوك "، و " اختلاف الفقهاء "، وقد كان الإمام الطبري صاحب مذهب مستقل كالمذاهب الأربعة المعروفة، وله أنصار وأتباع، ودرس مذهبه في الفقه كثير من العلماء، ومن أشهرهم أبو الفرج المُعافي بن زكريا النهرواني المعروف بالجريري نسبة إلى مذهب أبي جعفر.
فائدةٌ:
الإمام ابن جرير الطبري لم يتزوج ولم يكن له ولد يكنى به فقد حل ضيفا على الربيع بن سليمان في مصر عندما جاءه أصحاب الربيع في مكان سكناه وقالوا له: تحتاج قَصْرِيِّة وزير – وعاء يعمل فيه الماء -، وحمارين، فقال لهم: أما القصرية فأنا لا ولد لي وما حللت سراويلي على حرام ولا حلال قط.
أما الطبري الرافضي فقد ترجم له الإمام الذهبي في " الميزان " (3/ 499) فقال: " رافضي له تواليف، منها كتاب " الرواة عن أهل البيت "، رماه بالرفض عبد العزيز الكناني.ا. هـ.
وترجم له أيضا في " السير " (14/ 282) فقال: " قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ الكتَّانِيّ: هُوَ مِنَ الرَّوَافض، صَنّف كتباً كَثِيْرَة فِي ضلاَلتهِم، لَهُ كِتَاب: " الرُّوَاة عَنْ أَهْلِ البَيْت "، وَكِتَاب: " المسترشد فِي الإِمَامَة ".ا. هـ.
وقد خلط بعض علماء التراجم بينه وبين طبري أهل السنة كما ذكر ذلك الحافظ الذهبي في " الميزان " (3/ 499) فقال عند ترجمة طبري أهل السنة: " أقذع أحمدُ بنُ علي السليماني الحافظَ فقال: " كان يضع للروافض، كذا قال السليماني، وهذا رجم بالظن الكاذب، بل ابن جرير من كبار أئمة الإسلام المعتمدين، وما ندعي عصمته عن الخطأ، ولا يحل لنا أن نؤذيه بالباطل والهوى؛ فإن كلام العلماء بعضهم في بعض ينبغي أن يُتَأنى فيه، ولا سيما في مثل إمام كبير، فلعل السليماني أراد الآتي.ا. هـ.
والآتي هو محمد بن جرير بن رستم الرافضي.
وقال الحافظ ابن حجر في " اللسان " (5/ 115) عن أحد شيوخه ممن اغتر بكلام السليماني فقال: ولو حلفت أن السليماني ما أراد إلا الآتي – يقصد محمد بن جرير بن رستم الرافضي – لبررت ... وقد اغتر شيخ شيوخنا أبو حيان بكلام السليماني فقال في الكلام على الصراط في أوائل تفسيره: وقال أبو جعفر الطبري وهو إمام أئمة الإمامية: الصراط بحرف الصاد من لغة قريش ... إلى آخر المسألة، ونبهت عليه لئلا يغتر به، فقد ترجمه – أي الإمام ابن جرير – أئمة النقل في عصره وبعده، فلم يصفوه بذلك، وإنما ضره الاشتراك في اسمه واسم لقبه ونسبته وكنيته ومعاصرته وكثرة تصانيفه، والعلم عند الله تعالى، قاله الخطيب.ا. هـ.
وقد نسبت كتب إلى ابن جرير أهل السنة كتبا صنفها الروافض من ذلك كتاب " بشارة المصطفى "، وهو كتاب في منزلة التشيع، ودرجات الشيعة، وكرامات الأولياء كما ذكر ذلك سزكين في " تاريخ التراث العربي " (1/ 291)، والكتاب لأبي جعفر محمد بن علي الطبري ثالث من فقهاء الشيعة ترجم له أغابزرك الطهراني في " الذريعة إلى تصانيف الشيعة " (3/ 117).
والإمام ابن جرير قد ابتلي بتهمة الرفض لأسباب ذكرها الدكتور محمد أمحزون في كتاب " تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة من روايات الطبري والمحدثين " (1/ 187 – 201) فليرجع إليه فهو مبحث نفيس جدا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/187)
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[02 - 07 - 05, 06:05 ص]ـ
جزاك الله خيرا على التنبيه
ـ[العوضي]ــــــــ[02 - 07 - 05, 02:08 م]ـ
أقوال العلماء في عقيدة الطبري
(1) أبو القاسم اللالكائي:
قال رحمه الله:سياق ماروي من المأثور عن السلف في جمل اعتقاد أهل السنة والتمسك بها والوصية بحفضها قرناً بعد قرن ثم ذكر رحمه الله عقيدة الثوري والأوزاعي وابنعينية وابن حنبل وابن المديني وأبي ثور والبخاري وأبي زرعة وأبي حاتم والتتري وابن جرير الطبري.
ثم ذكر طرفاً من عقيدته التي رواها عنه اللالكائي بالإسناد الصحيح وبقيتها مطبوعة في صريح السنة.
(شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي، والتصبير في معالم الدين مقدمة المحقق 29).
(2) ابن تيمية:
أشار إلى عقيدة الطبري الشيخ ابن تيمية في قاعدة الاسم والمسمى من مجموع الفتاوى 6/ 187 فقال: ( ... كما ذكره أبو جعفر الطبري في الجزء الذي سماه "صريح السنة" ذكر مذهب أهل السنة في القران والرؤية،والإيمان والقدر والصحابة وغير ذلك.
وذكر أن مسألة اللفظ ليس لأحد من المتقدمين فيها كلام؛كما قال لم نجد فيها كلاماً عن صحابي مضى ولا عن تابعي قفا إلا عمن في كلامه الشفاء والغناء، ومن يقوم لدينا مقام الأئمة الأولى أبو عبد الله أحمد بن حنبل فإنه كان يقول:اللفظية جهمية.ويقول:من قال لفظي بالقران مخلوق فهو جهمي ومن قال غير مخلوق فهو مبتدع.
وذكر ان القول في الاسم والمسمى من الحماقات المبتدعة التى لايعرف فيها قول لأحد من الأئمة .... ) ا. هـ
(3) الذهبي:
ذكره من ضمن السلف الذين يثبتون علوالله عزوجل واستواءه على العرش ونقول قول الطبري بالإسناد: (وحسب امرئ أن يعلم أن ربه هو الذي على العرش استوى فمن تجاوز ذلك فقد خاب وخسر)
ثم قال وتفسير ابن جرير مشحون بأقوال السلف على الأثبات.
(العلو للعلي الغفار للذهبي، ومختصر العلو للذهبي تحقيق الألباني)
(4) ابن القيم:
قال ابن القيم في كتابه اجتماع الجيوش الإسلامية: قول الإمام أبي جعفر محمد بن جرير الطبري الإمام في الفقه والتفسير والحديث والتاريخ واللغة والنحو والقران قال في كتاب صريح السنة ونقل كلامه وعده من جملة السلف الذي يرجع لأقوالهم في مسائل الاعتقاد. . (اجتماع الجيوش الإسلامية /194)
(5) عبد الله بن عبد العزيز المصلح ال شاكر:
قال: (الطبري سلفي المعتقد وله مع أهل الزيغ صولات وجولات).
الإمام الطبري لعبد الله المصلح
(6) علي بن عبد العزيز الشبل:
قال:الإمام محمد بن جرير الطبري من كبار أئمة أهل السنة والجماعة المتبعين منهج وعقيدة السلف الصالح في أنواع توحيد الله سبحانه وبقية أصول الإيمان وما يتبعه من مسائله والصحابة والإمامة.
فهو في الكل على مذهب أهل الحديث، مذهب الطائفية الناجية والفرقة المنصورة، لم يعرف عنه غير هذا وتفسيره مليئ بكل ماذكرت،بل هو مصدر تفسير أهل السنة والجماعة.
(مقدمة كتاب التبصير في معالم الدين للمحقق علي الشبل)
(7) محمد الحمود النجدي:
قال:له كتاب في عقيدة أهل السنة والجماعة أسماه (صريح السنة) أما عقيدته في التفسير فهو إمام متبع، نصر مذهب السلف واحتج له ودافع عنه،ولكنه في صفة الغضب والحياء ذكر أقوال المفسرين دون أن يرجح شيئاً منها.
(القول المختصر المبين في مناهج المفسرين 10)
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
منقول من ملتقى أهل التفسير
ـ[العوضي]ــــــــ[02 - 07 - 05, 02:11 م]ـ
اتهام الطبري بالتشيع ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=2156)
ـ[السدوسي]ــــــــ[02 - 07 - 05, 04:10 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفاضل.
وأذكر أن عند الرافضة محدثا يقال له البخاري ومن تلبيسهم أنهم يذكرون حديثا رواه البخاري الرافضي فيقولون رواه البخاري.
ولعل أحد الإخوة ينشط ويأتي لنا بترجمة بخاريهم.
ـ[خالد الفارس]ــــــــ[03 - 07 - 05, 03:30 م]ـ
هناك رسالة علمية في عقيدته(31/188)
هل من شرح واف لمعنى خلق أفعال العباد
ـ[أبو عبد الباري]ــــــــ[03 - 07 - 05, 06:46 م]ـ
لقد قرأت لغير واحد من العلماء معنى خلق أفعال العباد وممن قرأت له الحافظ ابن الوزير في العواصم، لكن كأني بحاجة إلى زيادة في التوضيح من المشايخ وخيرة الطلبة، فهل من فائدة حول هذه المسألة؟
أخوكم/ أبو عبد الباري
ـ[أبو عبد الباري]ــــــــ[09 - 07 - 05, 05:29 م]ـ
هل من مجيب؟
ـ[عبدالرحمن برهان]ــــــــ[09 - 08 - 05, 04:06 ص]ـ
اهلا باخي ابو عبدالباري ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
انقل لك من كتاب شرح العقيدة الوسطية للشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى (2/ 67):
((الاصل الثاني: أفعال الله:
قال المؤلف _ اي ابن تيمية رحمة الله تعالى _ " وهم وسط في باب أفعال الله بين الجبرية والقدرية "
الشرح:
في باب القدر انقسم الناس إلى ثلاثة أقسام:
_ قسم امنوا بقدر الله عز وجل وغلوا في اثباته، حتى سلبوا الانسان قدرته واختياره، وقالوا: ان الله فاعل كل شئ وليس للعبد اختيار ولا قدرة، وانما يفعل الفعل مجبرا عليه، بل ان بعضهم ادعى ان فعل العبد هو فعل الله، ولهذا دخل من بابهم اهل الاتحاد والحلول وهؤلاء هم الجبريه.
_ والقسم الثاني قالوا: ان العبد مستقل بفعله وليس لله فيه مشيئة ولا تقدير حتى غلا بعضهم، فقال: ان الله لا يعلم فعل العبد الا اذا فعله،اما قبل، فلا يعلم عنه شيئا وهؤلاء هم القدرية مجوس هذه الامة.
فالاولون غلوا في اثبات افعال الله وقدره وقالوا: ان الله عزوجل يجبر الانسان على فعله وليس للانسان اختيار.
والاخرون غلوا في اثبات قدرة العبد وقالوا: ان القدرة الالهية والمشيئة الالهية لا علاقه لها في فعل العبد فهو الفاعل المطلق الاختيار.
_ والقسم الثالث: اهل السنة والجماعة، قالوا: نحن ناخذ بالحق الذي مع الجانبين، فنقول: ان فعل العبد واقع بمشيئة الله وخلق الله، ولا يمكن ان يكون في ملك الله ما لا يشاؤه ابدا والانسان له اختيار وارادة، ويفرق بين الفعل الذي يضطر اليه والفعل الذي يختاره، فافعال العباد باختيارهم وارادتهم ومع ذلك فهي واقعة بمشيئة الله وخلقه.
* ولكن سيبقى عندنا إشكال: كيف يكون خلقا لله وهي فعل الانسان؟!
والجواب ان افعال العباد صدرت بارادة وقدرة والذي خلق فيه الارادة والقدرة هو الله عز وجل.
لو شاء الله تعالى لسلبك القدرة فلم تستطع.
ولو ان احدا قادرا لم يرد فعلا لم يقع الفعل منه.
كل انسان قادر يفعل الفعل فانه بارادته، اللهم الا من اكره.
فنحن نفعل باختيارنا وقدرتنا والذي خلق فينا الاختيار والقدرة هو الله.)) ا. هـ
ـ[أبو ابراهيم الكويتي]ــــــــ[09 - 08 - 05, 03:14 م]ـ
وأفعال العباد خلق الله وكسب من العباد.
أفعال العباد خلق الله وكسب من العباد: هذا معتقد أهل السنة والجماعة، أن أفعال العباد، الله -تعالى- خلقها، والعباد باشروها مختارين، فصاروا بها عصاة ومطيعين، فإذن أفعال العباد من الله خلقا وتقديرا، ومن العبد فعلا، وتسببا وكسبا ومباشرة، هذا معتقد أهل السنة والجماعة.
يقولون: إن أفعال العباد، أفعالك، أيها العبد خلقها الله، ولكن أنت الذي باشرتها وكسبتها، فهي تنسب إليك؛ لأنك أنت المباشر، وأنت الكاسب، وأنت الذي فعلتها باختيارك، فتصير بها مطيعا، وتصير بها عاصيا تنسب إليك، وإن كان الله خلقها، فهي من الله خلقا وإيجادا وتقديرا، ومن العبد تسببا وفعلا وكسبا ومباشرة، هذا معتقد أهل السنة والجماعة.
وهناك مذهبان آخران:
المذهب الأول: مذهب الجبرية، قالوا: إن الأفعال هي أفعال الله والعباد مجبورون على أفعالهم، فالعباد ليس لهم من الأمر شيء، بل هم مجبورون على الأفعال، والأفعال أفعال الله، فالله هو المصلي وهو الصائم، ولكن العباد وعاء للأفعال، فهم كالكوز الذي يصب فيه الماء، فالعباد كوب، والله كصباب الماء فيه، العباد ما لهم اختيار، وليس لهم أفعال، ولا تنسب الأفعال إليهم، بل الأفعال أفعال الله؛ لأن الله أجبرهم على ذلك، وتجري الأفعال على أيديهم اضطرارا لا اختيار لهم في ذلك.
واضح هذا؟.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/189)
يقولون: فجميع أفعال العباد اضطرارية، يفعلها العبد بدون إرادة اضطرارا، كحركات المرتعش والنائم ونبض العروق، وحركات الأشجار، والعبد لا قدرة له، ولا عمل له أصلا، وكون الأفعال تضاف إلى العباد هذا من باب المجاز، وإلا فالله -تعالى- في الحقيقة هو الفاعل، فهي على حسب ما يضاف الشيء إلى محله، كما يقال: طلعت الشمس، طلع النهار، والشمس ليس لها اختيار، وليس لها شيء، إنما يضاف إليها الشيء مجازا، وهذا مذهب الجهمية ورئيسهم الجهم بن صفوان يقولون: ما في شيء اختيار للعبد، ما في فرق بين الأفعال التي يفعلها الإنسان كحركات المرتعش، والأفعال التي يفعلها اختيارا، ما في شيء اختيار، كل الأفعال اضطرار.
المذهب الثالث: مذهب المعتزلة والقدرية، قالوا: بالعكس، مذهبهم عكس مذهب الجهمية، قالوا: أفعال العباد اختيارية، بل زادوا على ذلك، وقالوا: هم الذين خلقوا أفعالهم، والله لا يقدر على أفعالهم، لا يقدر الله على خلق أفعال العباد، فالعباد هم الذين خلقوا الطاعات والمعاصي، وخلقوا الخير والشر، وباشروها وخلقوها وأوجدوا أفعالهم؛ ولذلك يجب على الله أن يثيب المطيع؛ لأنه هو الذي خلق فعله، وهو حينما يفعل الحسنات كالأجير، والأجير يجب إعطاؤه أجرة، فيجب على الله أن يثيب المؤمنين، هكذا يقولون، أوجبوا على الله.
والعاصي هو الذي خلق الشر والمعصية بنفسه، وتوعده الله بالنار، فيجب على الله أن ينفذ وعيده، وأن يخلده في النار، هكذا مذهب كل من المعتزلة والقدرية، عكس مذهب الجبرية.
وهدى الله أهل السنة والجماعة، فقالوا: إن الأفعال التي تصدر من العباد تنقسم إلى قسمين: أفعال اضطرارية، فهذه تكون صفة للعباد، وليست تكون صفة لهم، وليست أفعالا لهم كحركات المرتعش والنائم ونبض العروق والأشجار، هذه اضطرارية الإنسان ما له، ليس له اختيار. فيه النوع الثاني من أفعال العباد الاختياري، وهو الذي يفعله الإنسان باختياره، له فعله، وله تقريره كالقيام والقعود، أنت الآن تحس من نفسك، تستطيع أن تقوم، وتستطيع أن تقعد، وتستطيع أن تحضر الدورة، وتستطيع أن لا تحضر، تأكل وتشرب، وتتكلم، وتذهب وتجيء، وتسافر، أليست هذه الأفعال باختيارك؟ هذه أفعال اختيارية، هل هي مثل حركات المرتعش والنائم؟ ليست مثلها إذن.
الأفعال قسمان: قسم اضطراري، ما للعبد فيه صنع ولا اختيار، مثل حركات المرتعش، هل يستطيع يمسك نفسه، ما يستطيع نبض العروق هل يستطيع يمسك العروق حتى لا ينبض؟ ما يستطيع، حركات النائم كذلك، أما الأفعال التي يفعلها الإنسان اختيارية، يقوم، ويقعد، ويذهب، ويتكلم، ويأكل، ويشرب، ويسافر، ويخاصم هذه أفعال اختيارية، قد فطر الله الناس على هذا، فمحل النزاع معهم: الأفعال الاختيارية، أما الأفعال الاضطرارية هذه ليست محلا للنزاع، كل الطوائف الثلاث اتفقوا على أنها ليست -أيش أنها تكون صفة لهم- وليست أفعالا لهم، أما الأفعال الاختيارية: هذه محل الخلاف.
الْهِدَايَةُ الرَّبَّانِيَّةُ فِي شَرْحِ الْعَقِيدَةِ الطَّحَاوِيَّةِ
ـ[أبو محمد العبدي]ــــــــ[09 - 08 - 05, 04:08 م]ـ
للعلامة عبد الرحمن السعدي شرح نفيس للقصيدة التائية المنسوبة لشيخ الإسلام ابن تيمية، قال في مقدمتها مبرزاً شَأْوَ النظمِ:
((وهذا النظم: قد أتى فيه الشيخ بالعجب العجاب، وبَيَّن الحق الصريح، وكشف الشكوك والشبهات؛ التي طالما خالطت قلوب أذكياء العلماء، وحيَّرت كثيراً من أهل العلم الفضلاء)).
والرسالة بعنوان [الدُّرَّة البهيَّة شرحُ القصيدة التائية في حَلِّ المشكلةِ القدريَّةِ].(31/190)
الدرُّ النضيد من فروق وتقاسيم القول المفيد على كتاب التوحيد
ـ[المسيطير]ــــــــ[06 - 07 - 05, 11:08 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد،،
فقد منّ الله تعالى على كاتب السطور بقراءة كتاب:" القول المفيد على كتاب التوحيد " للشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى، فأعجبني وتعجبتُ من شرح الشيخ وما منّ الله تعالى عليه من حسن التعليم، وبيان الشرح، وإيصال العلم بأيسر طريق وأجمل أسلوب، فيفهم شرحه ويستفيد من عرضه طالبُ العلم والعاميُ، بل وحتى البليد.
وقد كنت أركز على التقاسيم والفروق التي يذكرها الشيخ رحمه الله أثناء شرحه لأبواب كتاب التوحيد، وأسجلها على طرّة الكتاب، فاجتمع لي فيها خير كثير.
فرأيت أن أجمع هذه الفروق والتقاسيم البديعة - كل باب على حِدة - ليسهل حفظ بعض مقاصد الباب، ويتيسر ضبطها.
وسأشير إلى رقم الصفحة ليسهل في ذلك مراجعة المسألة وفهمها - إن لم تتضح -، فقد يكون للمسألة ذيول تلحق بها، ولا بد من ضبطها وحفظها.
وليس لي من ذلك إلا الجمع والترتيب.
والله تعالى الموفق.
والعذر عند أصحاب الفضل مأمول.
ولا غنى لي عن نصحكم وتوجيهاتكم.
تنويه:
الطبعة التي أعتمدت عليها في المراجعة: طبعة دار ابن الجوزي 1421
إعتذار:
العنوان مقتبس من عدة كتب منها:
1 - الدر النضيد شرح كتاب التوحيد تأليف الشيخ أحمد بن حسن النجدي.
2 - الدر النضيد في شرح كتاب التوحيد - تأليف الشيخ سليمان بن عبدالرحمن بن حمدان (وأثنى على هذا الشرح الشيخ بكر أبوزيد حفظه الله فقال: لهذا كان شرحه"الدر النضيد" من أنفس شروح كتاب التوحيد).
3 - الدر النضيد على كتاب التوحيد للشيخ سعد بن عبدالعزيز الجندول.
4 - الدر النضيد في تخريج كتاب التوحيد للشيخ صالح بن عبدالله العصيمي.
المرجع في اقتباس العنوان: كتاب عناية العلماء بكتاب التوحيد للشيخ /عبدالإله بن عثمان الشايع.
ـ[المسيطير]ــــــــ[06 - 07 - 05, 11:24 م]ـ
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى في مقدمة شرحه لكتاب التوحيد:
كتاب التوحيد:
أقسامه:
ينقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام:
1 - توحيد الربوبية.
2 - توحيد الألوهية.
3 - توحيد الأسماء والصفات.
وقد اجتمعت في قوله تعالى: (رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سمياً) [مريم: 65].
(ج1/ 9)
-----
القسم الثاني:
توحيد الألوهية: ويقال له: توحيد العبادة باعتبارين:
- فاعتبار إضافته إلى الله يسمى: توحيد الألوهية.
- وباعتبار إضافته إلى الخلق يسمى توحيد العبادة. (ج1/ 14)
-----
والعبادة تطلق على شيئين:
الأول: التعبد: بمعنى التذلل لله - عز وجل - بفعل أوامره واجتناب نواهيه؛ محبة وتعظيماً.
الثاني: المتعبد به؛ فمعناها كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة".
مثال ذلك: الصلاة؛ ففعلها عبادة، وهو التعبد، ونفس الصلاة عبادة، وهو المتعبد به.
(ج1/ 14)
ـ[المسيطير]ــــــــ[07 - 07 - 05, 12:02 ص]ـ
القسم الثالث:
توحيد الأسماء والصفات: وهو إفراد الله - عز وجل - بما له من الأسماء والصفات.
وهذا يتضمن شيئين:
الأول: الإثبات، وذلك بأن نثبت لله - عز وجل - جميع أسمائه وصفاته التي أثبتها لنفسه في كتابه أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
الثاني: نفى المماثلة، وذلك بأن لا نجعل لله مثيلاً في أسمائه وصفاته؛ كما قال تعالى: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) [الشورى: 11].
فدلت هذه الآية على أن جميع صفاته لا يماثله فيها أحد من المخلوقين؛ فهي وإن اشتركت في أصل المعنى، لكن تختلف في حقيقة الحال:
- فمن لم يثبت ما أثبته الله لنفسه؛ فهو معطل، وتعطيله هذا يشبه تعطيل فرعون.
- ومن أثبتها مع التشبيه صار مشابهاً للمشركين الذين عبدوا مع الله غيره.
- ومن أثبتها بدون مماثلة صار من الموحدين.
(ج1/ 17)
-----
- فالتحريف في النصوص.
- والتعطيل في المعتقد.
- والتكييف في الصفة.
- والتمثيل في الصفة، إلا أنه أخص من التكييف؛ فكل ممثل مكيف، ولا عكس،.
فيجب أن تبرأ عقيدتنا من هذه الأمور الأربعة.
(ج1/ 18)
ـ[المقرئ]ــــــــ[07 - 07 - 05, 12:13 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/191)
شيخنا المسيطير وفقه الله
نفع الله بك ونحن عالة على فوائدكم وموائدكم ولهذا الموضوع خاصة متابعة مستمرة فلا تتأخر علينا وجزاك الله خيرا على بذلك لصيدك وإلا فأعتقد أن العائد القريب مفقود والعائد البعيد مدخر فسر على بركة الله والله يحفظك
محبك: المقرئ
ـ[المسيطير]ــــــــ[07 - 07 - 05, 12:37 ص]ـ
الشيخ الكريم ابن الكرام / المقرئ
جزاك الله خير الجزاء، وأعتذر عن التقدم بين يدي أمثالكم من طلاب الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى، ولكن كما ذكرتُ لكم من قبل: حسبكم أننا في آخر الزمان.
ولا غنى لي عن نصحكم وإرشادكم وتوجيهكم - شيخنا -.
----
قال الشيخ رحمه الله تعالى:
كتاب التوحيد:
الآية الثانية قوله تعالى: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) [النحل: 36].
وتطلق الأمة في القرآن على أربعة معانٍ:
أ- الطائفة: كما في هذه الآية.
ب- الإمام، ومنه قوله تعالى: (إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله) [النحل: 120].
ج- الملة: ومنه قوله تعالى: (إنا وجدنا آباءنا على أمة) [الزخرف: 23].
د- الزمن: ومنه قوله تعالى: (وادكر بعد أمة) [يوسف: 45].
(ج1/ 27)
----
والتوحيد لا يتم إلا بركنين، هما:
1 - الإثبات.
2 - النفي.
إذ النفي المحض تعطيل محض، والإثبات المحض لا يمنع المشاركة.
مثال ذلك:
- زيد قائم، يدل على ثبوت القيام لزيد، لكن لا يدل على انفراده به.
- ولم يقم أحد، هذا نفي محض.
- ولم يقم إلا زيد، هذا توحيد له بالقيام؛ لأنه اشتمل على إثبات ونفي.
(ج1/ 29)
-----
الآية الثالثة قوله تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ... ) الآية.
قوله: (قضى) قضاء الله - عز وجل - ينقسم إلى قسمين:
1 - قضاء شرعي.
2 - قضاء كوني.
فالقضاء الشرعي: يجوز وقوعه من المقضي عليه وعدمه، ولا يكون إلا فيما يحبه الله. مثال ذلك: هذه الآية: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) [الإسراء: 23]؛ فتكون قضى بمعنى: شرع، أو بمعنى: وصى، وما أشبههما.
والقضاء الكوني: لابد من وقوعه، ويكون فيما أحبه الله، وفيما لا يحبه. مثال ذلك: قوله تعالى: (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيراً) [الإسراء: 4] فالقضاء هنا كوني؛ لأن الله لا يشرع الفساد في الأرض، ولا يحبه.
(1/ 30)
ـ[المسيطير]ــــــــ[07 - 07 - 05, 06:47 م]ـ
قال الشيخ رحمه الله تعالى:
إذا قيل: ثبت أن الله قضى كوناً ما لا يحبه؛ فكيف يقضي الله ما لا يحبه؟ فالجواب: أن المحبوب قسمان:
1 - محبوب لذاته.
2 - محبوب لغيره.
فالمحبوب لغيره قد يكون مكروهاً لذاته، ولكن يحب لما فيه من الحكمة والمصلحة؛ فيكون حينئذ محبوباً من وجه، مكروهاً من وجه آخر.
مثال ذلك: الفساد في الأرض من بني إسرائيل في حد ذاته مكروه إلى الله؛ لأن الله لا يحب الفساد، ولا المفسدين، ولكن للحكمة التي يتضمنها يكون بها محبوباً إلى الله - عز وجل - من وجه آخر.
ومن ذلك: القحط، والجدب، والمرض، والفقر؛ لأن الله رحيم لا يحب أن يؤذي عباده بشيء من ذلك، بل يريد بعباده اليسر، لكن يقدره للحكم المترتبة عليه؛ فيكون محبوباً إلى الله من وجه، مكروهاً من وجه آخر. قال الله تعالى: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) [الروم: 41].
(1/ 30)
-----
أقسام العبودية:
تنقسم العبودية إلى ثلاثة أقسام:
1 - عامة: وهي عبودية الربوبية، وهي لكل الخلق، قال تعالى: (إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً) [مريم: 93]، ويدخل في ذلك الكفار.
2 - عبودية خاصة: وهي عبودية الطاعة العامة، قال تعالى: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً) [الفرقان: 63]، وهذه تعم كل من تعبد لله بشرعه.
3 - خاصّة الخاصّة: وهي عبودية الرسل عليهم الصلاة والسلام، قال تعالى عن نوح: (إنه كان عبداً شكوراً) [الإسراء: 3]، وقال عن محمد: (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا) [البقرة: 23]، وقال في آخرين من الرسل: (وأذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار) [ص: 45]. فهذه العبودية المضافة إلى الرسل خاصة الخاصة؛ لأنه لا يباري أحد هؤلاء الرسل في العبودية.
(1/ 33)
ـ[المسيطير]ــــــــ[07 - 07 - 05, 07:52 م]ـ
بابٌ فَضْلُ التَّوحِيدِ ومَا يُكَفِّر من الذُّنُوبِ
وقول الله تعالى: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) الآية [الأنعام: 82].
والظلم أنواع:
1 - أظلم الظلم، وهو الشرك في حق الله.
2 - ظلم الإنسان نفسه؛ فلا يعطيها حقها، مثل أن يصوم فلا يفطر، ويقوم فلا ينام.
3 - ظلم الإنسان غيره، مثل أن يتعدى على شخص بالضرب، أو القتل، أو أخذ مال، أو ما أشبه ذلك.
(1/ 61)
----
قوله: (وهم مهتدون)، أي: في الدنيا إلى شرع الله بالعلم والعمل.
- فالاهتداء بالعلم: هداية الإرشاد.
- والاهتداء بالعمل: هداية توفيق.
(ج1/ 62)
----
قوله: "من شهد أن لا اله إلا الله": الشهادة لا تكون إلا عن علم سابق، قال تعالى: (إلا من شهد بالحق وهم يعلمون) [الزخرف: 86]، وهذا العلم:
- قد يكون مكتسباً.
- وقد يكون غريزياً.
فالعلم بأنه لا إله إلا الله غريزيٌ، قال صلى الله عليه وسلم: "كل مولودٍ يولد على الفطرة" (2).
وقد يكون مكتسباً، وذلك بتدبر آيات الله، والتفكر فيها.
(ج1/ 63)
----
فالمعاصي من حيث المعنى العام أو الجنس العام يمكن أن نعتبرها من الشرك.
وأما بالمعنى الأخص؛ فتنقسم إلى أنواع:
1 - شرك أكبر.
2 - شرك أصغر.
3 - معصية كبيرة.
4 - معصية صغيرة.
وهذه المعاصي منها:
- ما يتعلق بحق الله.
- ومنها ما يتعلق بحق الإنسان نفسه.
- ومنها ما يتعلق بحق الخلق.
(ج1/ 66)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/192)
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[07 - 07 - 05, 08:48 م]ـ
1 - الدر النضيد شرح كتاب التوحيد تأليف الشيخ أحمد بن حسن النجدي.
2 - الدر النضيد في شرح كتاب التوحيد - تأليف الشيخ سليمان بن عبدالرحمن بن حمدان (وأثنى على هذا الشرح الشيخ بكر أبوزيد حفظه الله فقال: لهذا كان شرحه"الدر النضيد" من أنفس شروح كتاب التوحيد).
3 - الدر النضيد على كتاب التوحيد للشيخ سعد بن عبدالعزيز الجندول.
4 - الدر النضيد في تخريج كتاب التوحيد للشيخ صالح بن عبدالله العصيمي.
جزاكم الله خيراً.
فائدة:
للإمام الشوكاني رحمه الله رسالة بعنوان:
" الدر النضيد في إخلاص [كلمة] التوحيد " اهـ البدر الطالع 1/ 437.
ـ[المسيطير]ــــــــ[07 - 07 - 05, 08:51 م]ـ
الأخ الحبيب / أشرف بن محمد
جزاك الله خير الجزاء، ولا غنى لي عن إفاداتكم.
------------------
قال الشيخ رحمه الله تعالى:
ولهذا كان أولئك الغلاة ليلة المولد إذا تلى التالي "المخرّف" كلمة المصطفى قاموا جميعاً قيام رجل واحد، يقولون: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حضر مجلسنا بنفسه، فقمنا إجلالاً له، والصحابة رضي الله عنهم أشدّ إجلالاً منهم ومنا، ومع ذلك إذا دخل عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم وهو حيٌ يكلمهم لا يقومون له، وهؤلاء يقومون إذا تخيلوا أو جاءهم شبح إن كانوا يشاهدون شيئاً، فانظر كيف بلغت بهم عقولهم إلى هذا الحد! فهؤلاء ما شهدوا أن محمداً عبدالله ورسوله.
وهؤلاء المخرفون مساكين:
- إن نظرنا إليهم بعين القدر؛ فنرق لهم، ونسأل الله لهم السلامة والعافية.
- وإن نظرنا إليهم بعين الشرع؛ فإننا يجب أن ننابذهم بالحجة حتى يعودوا إلى الصراط المستقيم.
(ج1/ 69 - 70)
-----
فالمبتدعون قد يقال:
- إنهم يثابون على حسن نيتهم إذا كانوا لا يعلمون الحق، ولكننا نخطّئهم فيما ذهبوا إليه.
- أما أئمتهم الذين علموا الحق، ولكن ردّوه ليبقوا جاههم؛ ففيهم شبه بأبي جهل، وعتبة بن ربيعة، والوليد بن المغيرة، وغيرهم الذين قابلوا رسالة النبي صلى الله عليه وسلم بالرد إبقاءً على رئاستهم وجاههم.
أما بالنسبة لأتباع هؤلاء الأئمة؛ فينقسمون إلى قسمين: -
- القسم الأول: الذين جهلوا الحق، فلم يعلموا عنه شيئاً، ولم يحصل منهم تقصير في طلبه، حيث ظنّوا أن ما هم عليه هو الحق؛ فهؤلاء معذورون.
- القسم الثاني: من علموا الحق، ولكنهم ردّوه تعصّباً لأئمتهم؛ فهؤلاء لا يعذرون، وهم كمن قال الله فيهم: (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنّا على آثارهم مهتدون) [الزخرف: 22].
(ج1/ 71)
----
فشريعة من قبلنا لها ثلاث حالات:
- الأولى: أن تكون مخالفة لشريعتنا؛ فالعمل على شرعنا.
- الثانية: أن تكون موافقة لشريعتنا؛ فنحن متبعون لشريعتنا.
- الثالثة: أن يكون مسكوتاً عنها في شريعتنا، وفى هذه الحال اختلف علماء الأصول: هل نعمل بها، أو ندعها؟ والصحيح أنها شرع لنا، ودليل ذلك: قوله تعالى: (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) [الأنعام: 90].
(ج1/ 72)
----
وأعلم أن ما أضافه الله إلى نفسه ينقسم إلى ثلاثة أقسام: - الأول: العين القائمة بنفسها، وإضافتها إليه من باب إضافة المخلوق إلى خالقه.
وهذه الإضافة:
- قد تكون على سبيل عموم الخلق؛ كقوله تعالى: (وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه) [الجاثية: 13]، وقوله تعالى: (إن أرضي واسعة) [العنكبوت: 56].
- وقد تكون على سبيل الخصوص لشرفه، كقوله تعالى: (وطهر بيتي للطائفين) [الحج: 26]، وكقوله تعالى: (ناقة الله وسقياها) [الشمس: 13]، وهذا القسم مخلوق.
الثاني: أن يكون شيئاً مضافاً إلى عين مخلوقة يقوم بها، مثاله قوله تعالى: (وروح منه) [النساء: 171]؛ فإضافة هذه الروح إلى الله من باب إضافة المخلوق إلى خالقه تشريفاً؛ فهي روح من الأرواح التي خلقها الله، وليست جزءً أو روحاً من الله؛ إذ أنّ هذه الروح حلت في عيسى عليه السلام، وهو عين منفصلة عن الله، وهذا القسم مخلوق أيضاً.
الثالث: أن يكون وصفاً غير مضاف إلى عين مخلوقة، مثال ذلك قوله تعالى: (إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي) [الأعراف: 144]، فالرسالة والكلام أضيفا إلى الله من باب إضافة الصفة إلى الموصوف، فإذا أضاف الله لنفسه صفة؛ فهذه الصفة غير مخلوقة.
وبهذا يتبين أن هذه الأقسام الثلاثة:
قسمان منها مخلوقان، وقسم غير مخلوق.
- فالأعيان القائمة بنفسها والمتصل بهذه الأعيان مخلوقة.
- والوصف الذي لم يذكر له عين يقوم بها غير مخلوق؛ لأنه يكون من صفات الله، وصفات الله غير مخلوقة.
(ج1/ 75)
-----
قوله: "أدخله الله الجنة".
إدخال الجنة ينقسم إلى قسمين:
- الأول: إدخال كامل لم يسبق بعذاب لمن أتمّ العمل.
- الثاني: إدخال ناقص مسبوق بعذاب لمن نقص العمل.
فالمؤمن إذا غلبت سيئاته حسناته إن شاء الله عذّبه بقدر عمله، وإن شاء لم يعذّبه، قال الله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) [النساء: 116].
(ج1/ 76)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/193)
ـ[المسيطير]ــــــــ[08 - 07 - 05, 10:19 م]ـ
قال رحمه الله تعالى:
ومن المعلوم أن بين القرآن والحديث القدسي فروق كثيرة:
1 - منها: أن الحديث القدسي لا يتعبد بتلاوته، بمعنى أن الإنسان لا يتعبد لله تعالى بمجرد قراءته؛ فلا يثاب على كل حرف منه عشر حسنات، والقرآن يتعبد بتلاوته بكل حرف منه عشر حسنات.
2 - ومنها: أن الله تعالى تحدى أن يأتي الناس بمثل القرآن أو آية منه، ولم يرد مثل ذلك في الأحاديث القدسية.
3 - ومنها: أن القرآن محفوظ من عند الله تعالى؛ كما قال سبحانه: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) [الحجر: 9]، والأحاديث القدسية بخلاف ذلك؛ ففيها الصحيح والحسن، بل أضيف إليها ما كان ضعيفاً أو موضوعاً، وهذا وإن لم يكن منها لكن نسب إليها وفيها التقديم والتأخير والزيادة والنقص.
4 - ومنها: أن القرآن لا تجوز قراءته بالمعنى بإجماع المسلمين، وأما الأحاديث القدسية، فعلى الخلاف في جواز نقل الحديث النبوي بالمعنى والأكثرون على جوازه.
5 - ومنها: أن القرآن تشرع قراءته في الصلاة ومنه ما لا تصح الصلاة بدون قراءته، بخلاف الأحاديث القدسية.
6 - ومنها: أن القرآن لا يمسه إلا طاهر على الأصح، بخلاف الأحاديث القدسية.
7 - ومنها: أن القرآن لا يقرؤه الجنب حتى يغتسل على القول الراجح، بخلاف الأحاديث القدسية.
8 - ومنها: أن القرآن ثبت بالتواتر القطعي المفيد للعلم اليقيني، فلو أنكر منه حرفاً أجمع القراء عليه؛ لكان كافراً، بخلاف الأحاديث القدسية؛ فإنه لو أنكر شيئاً منها مدعياً أنه لم يثبت؛ لم يكفر، أما لو أنكره مع علمه أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله؛ لكان كافراً لتكذيبه النبي صلى الله عليه وسلم.
(ج1/ 82)
----
وليس الخلاف في هذا كالخلاف بين الأشاعرة وأهل السنة في كلام الله تعالى؛ لأن الخلاف بين هؤلاء في أصل كلام الله تعالى؛
- فأهل السنة يقولون: كلام الله تعالى كلام حقيقي مسموع يتكلم سبحانه بصوت وحرف.
- والأشاعرة لا يثبتون ذلك، وإنما يقولون: كلام الله تعالى هو المعنى القائم بنفسه وليس بحرف وصوت، ولكن الله تعالى يخلق صوتاً يعبر به عن المعنى القائم بنفسه، ولا شك في بطلان قولهم، وهو في الحقيقة قول المعتزلة،
لأن المعتزلة يقولون: القرآن مخلوق، وهو كلام الله.
وهؤلاء يقولون: القرآن مخلوق، وهو عبارة عن كلام الله، فقد اتفق الجميع على أن ما بين دفتي المصحف مخلوق.
(ج1/ 83)
----
ـ[أبو البراء]ــــــــ[12 - 07 - 05, 01:00 م]ـ
جهد مبارك وفكرة حسنة ..
دعني أشاركك وأقول شيئا في نفسي عن هذا الكتاب الفريد "القول المفيد"
فقد كانت تشكل علي مسائل في كتاب التوحيد طيلة دراستي لها وحضوري عند بعض العلماء، ولم أجد من يجليها لي، أو يفهمنيها الفهم الصحيح.
حتى قرأت ذلك الكتاب الفريد والذي بحق جلى كثيرا من الغموض الذي يشكل على طالب العلم، مثلافي فهم الشرك ومتى يكون شركا مخرجا أو غير مخرج.
ولعلي أذكر أمثلة عن ذلك لاحقا وبالله التوفيق.
ـ[أبو عدنان]ــــــــ[12 - 07 - 05, 02:50 م]ـ
أخي في الله المسيطر ... لاحرمنا الله من درركم.
مشاركتكم في غاية الإمتاع و الإبداع.
فالرجاء الاستمرار .. بننفس النفس والحماسة.
جزاك الله خيرا
ـ[أبو حذيفة الحنبلىّ]ــــــــ[12 - 07 - 05, 11:41 م]ـ
'جزاكم الله خيرا يا أخونا الكبير ...
أكمل بالله عليك
هذه التقاسيم نافعه جدا .. !!!!
بارك الله فيك
ـ[المسيطير]ــــــــ[13 - 07 - 05, 12:02 ص]ـ
الإخوة الأكارم / أباالبراء، وكيع بن الجراح، أباحذيفة الحنبلي
جزاكم الله خير الجزاء، وبارك فيكم، وأشكر لكم مشاركتكم وتأييدكم.
حفظكم الله تعالى.
إعتذار:
تأخرت في الإكمال لأني نسيت نسختي التي أنقل منها في منزلي الآخر، ولعله يتيسر لي إكمال المشروع في نهاية كل أسبوع بإذن الله.
الأخ الكريم /أبا حذيفة الحنبلي
بل أنا أخوك الصغير:).
ـ[أبو حذيفة الحنبلىّ]ــــــــ[13 - 07 - 05, 04:22 ص]ـ
أخى الصغير .. ؟؟
لا و الله يا أخى بل انت كبير جدا:)
انا مواليد 86:)
كبير انت فى المقام و فى السن يا حبيب
ـ[العوضي]ــــــــ[13 - 07 - 05, 10:56 ص]ـ
بارك الله في الأخ (المسيطير) على هذا الموضوع الرائع بحق , واسأل الله أن يرزقك الجنة على ما تقدم.
هل تسمح لي بأن أنقله لأي منتدى آخر؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/194)
ـ[المسيطير]ــــــــ[13 - 07 - 05, 10:28 م]ـ
الأخ الفاضل / العوضي وفقه الله
خُذ، وانسخ، وأرسل، ودع ما بدا لك مما أكتبه، فهو لك وأنت صاحب الفضل عليّ - بعد الله تعالى -.
جزاك الله حير الجزاء على دعائك، أسأل الله تعالى أن يستجيب لي ولك ولجميع الإخوة.
ـ[المسيطير]ــــــــ[13 - 07 - 05, 10:58 م]ـ
بابٌ مَنْ حَقَّقَ التَّوحيدَ دَخَلَ الجنَّةَ بغيرِ حِسَاب
قال رحمه الله تعالى:
وتحقيق التوحيد: تخليصة من الشرك، ولا يكون إلا بأمور ثلاثة:
الأول: العلم؛ فلا يمكن أن تحقق شيئاً قبل أن تعلمه، قال الله تعالى: (فاعلم أنه لا إله إلا الله) [محمد: 19].
الثاني: الاعتقاد، فإذا علمت ولم تعتقد واستكبرت؛ لم تحقق التوحيد، قال الله تعالى عن الكافرين: (أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب). [ص:5]؛ فما اعتقدوا انفراد الله بالألوهية.
الثالث: الانقياد، فإذا علمت واعتقدت ولم تنقد؛ لم تحقق التوحيد، قال تعالى: (إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون* ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون) [الصافات: 35/ 36].
فإذا حصل هذا وحقق التوحيد؛ فإن الجنة مضمونة له بغير حساب، ولا يحتاج أن نقول إن شاء الله؛ لأن هذا حكاية حكم ثابت شرعاً، ولهذا جزم المؤلف رحمه الله تعالى بذلك في الترجمة دون أن يقول: إن شاء الله. أما بالنسبة للرجل المعين؛ فإننا نقول: إن شاء الله.
(ج1/ 91)
------
الآية الأولى: قوله تعالى: (إن إبراهيم كان أمة ... ) الآية.
قوله: (أمة)، أي: إماماً، وقد سبق أن أمة تأتي في القرآن على أربعة أوجه:
1 - إمام.
2 - ودهر.
3 - وجماعة.
4 - ودين.
(ج1/ 92)
-----
ويجب أن نعلم أن ثناء الله على أحد من خلقه لا يقصد منه أن يصل إلينا الثناء فقط، لكن يقصد منه أمران هامان:
الأول: محبة هذا الذي أثنى الله عليه خيراً، كما أن من أثنى الله عليه شراً، فإننا نبغضه ونكرهه، فنحب إبراهيم عليه السلام؛ لأنه كان إماماً حنيفاً قانتاً لله ولم يكن من المشركين، ونكره قومه؛ لأنهم كانوا ضالين، ونحب الملائكة وإن كانوا من غير جنسنا؛ لأنهم قائمون بأمر الله، ونكره الشياطين، لأنهم عاصون لله وأعداء لنا ولله، ونكره أتباع الشياطين؛ لأنهم عاصون لله أيضاً وأعداء لله ولنا.
الثاني: أن نقتدي به في هذه الصفات التي أثنى الله بها عليه؛ لأنها محل الثناء، ولنا من الثناء بقدر ما اقتدينا به فيها، قال تعالى: (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب) [يوسف: 111]، وقال تعالى: (قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه) [الممتحنة: 4]، وقال تعالى: (لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر) [الممتحنة:6].
وهذه مسألة مهمة؛ لأن الإنسان أحياناً يغيب عن باله الغرض الأول، وهو محبة هذا الذي أثنى الله عليه خيراً، ولكن لا ينبغي أن يغيب؛ لأن الحب في الله، والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان.
(ج1/ 94)
-----
فائدة أخرى:
قال الإمام أحمد: ثلاثة ليس لها أصل:
1 - المغازي.
2 - والملاحم.
3 - والتفسير.
فهذه الغالب فيها أنها تذكر بدون إسناد، ولهذا؛ فإن المفسرين يذكرون قصة آدم، (فلما آتاهما صالحاً) [الأعراف: 190]، وقليل منهم من ينكر القصة المكذوبة في ذلك.
فالقاعدة إذاً: أنه لا أحد يعلم عن الأمم السابقة شيئاً إلا من طريق الوحي، قال تعالى: (ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله) [إبراهيم: 9].
(ج1/ 95)
------
قوله: "انقض البارحة":
أي: سقط البارحة، والبارحة: أقرب ليلة مضت، وقال بعض أهل اللغة: تقول فعلنا الليلة كذا إن قلته قبل الزوال، وفعلنا البارحة كذا إن قلته بعد الزوال.
وفي عرفنا:
- فمن طلوع الشمس إلى الغروب نقول: البارحة لليلة الماضية.
- ومن غروب الشمس إلى طلوعها نقول: الليلة لليلة التي نحن فيها.
بل بعض العامة يتوسع متى قام من الليل قال: البارحة؛ وإن كان في ليلته.
(ج1/ 97)
-----
ويستعمل للعين طريقة أخرى:
1 - غير الرقية.
2 - وهو الاستغسال، وهي أن يؤتي بالعائن، ويطلب منه أن يتوضأ، ثم يؤخذ ما تناثر من الماء من أعضائه، ويصب على المصاب، ويشرب منه، ويبرأ بإذن الله.
3 - وهناك طريقة أخرى، ولا مانع منها أيضاً، وهي أن يؤخذ شيء من شعاره، أي: ما يلي جسمه من الثياب، كالثوب، والطاقية، والسروال، وغيرها، أو التراب إذا مشى عليه وهو رطب، ويصب على ذلك ماء يرش به المصاب أو يشربه، وهو مجرب.
وأما العائن؛ فينبغي إذا رأى ما يعجبه أن يبرّك عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعامر بن ربيعة لما عان سهل بن حنيف: "هلا برّكت عليه"؛ أي: قلت: بارك الله عليك.
(ج1/ 99)
---
أي لا يطلبون من أحد أن يقرأ عليهم، لما يلي:
1 - لقوة اعتمادهم على الله.
2 - لعزة نفوسهم عن التذلل لغير الله.
3 - ولما في ذلك من التعلق بغير الله.
(ج1/ 103)
-----
قال رحمه الله: فيه مسائل .... ثم قال:
الخامسة عشرة: ثمرة هذا العلم، وهو عدم الاغترار بالكثرة، وعدم الزهد في القلة:
فإن الكثرة قد تكون ضلالاً، قال الله تعالى: (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) [الأنعام: 116]، وأيضاً الكثرة من جهة أخرى إذا اغتر الإنسان بكثرة وظن لن يغلب أو أنّه منصور؛ فهذا أيضاً سبب للخذلان؛ فالكثرة إن نظرنا إلى أن أكثر أهل الأرض ضلال لا تغتر بهم، فلا تقل: إن الناس على هذا، كيف أنفرد عنهم؟. كذلك أيضاً لا تغتر بالكثرة إذا كان معك أتباع كثيرون على الحق؛
فكلام المؤلف له وجهان:
الوجه الأول: أن لا نغتر بكثرة الهالكين فنهلك معهم.
الوجه الثاني: أن لا نغتر بكثرة الناجين فيلحقنا الإعجاب بالنفس وعدم الزهد في القلة، أي أن لا نزهد بالقلة؛ فقد تكو القلة خيراً من الكثرة.
(ج1/ 110)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/195)
ـ[المسيطير]ــــــــ[14 - 07 - 05, 01:05 ص]ـ
بابٌ الخَوْفُ مِنَ الشِّرْكِ
قوله: (إن الله لا يغفر أن يشرك به):
قال رحمه الله تعالى:
قوله: (إن الله لا يغفر أن يشرك به).
فالشرك لا يغفره الله أبداً، لأنه جناية على حق الله الخاص، وهو التوحيد.
أما المعاصي، كالزنى والسرقة، فقد يكون للإنسان فيها حظ نفس بما نال من شهوة.
أما الشرك، فهو اعتداء على حق الله تعالى، وليس للإنسان فيه حظ نفس، وليس شهوة يريد الإنسان أن ينال مراده، ولكنه ظلم، ولهذا قال الله تعالى: (إن الشرك لظلم عظيم) [لقمان: 13].
وهل المراد بالشرك هنا الأكبر، أم مطلق الشرك؟.
قال بعض العلماء:
إنه مطلق يشمل كل شرك لو أصغر، كالحلف بغير الله، فإن الله لا يغفره.
أما بالنسبة لكبائر الذنوب، كالسرقة والخمر، فإنها تحت المشيئة، فقد يغفرها الله.
وشيخ الإسلام ابن تيمية المحقق في هذه المسائل اختلف كلامه في هذه المسألة:
فمرة قال: الشرك لا يغفره الله ولو كان أصغر.
ومرة قال: الشرك الذي لا يغفره الله هو الشرك الأكبر.
وعلى كل حال فيجب الحذر من الشرك مطلقاً، لأن العموم يحتمل أن يكون داخلاً فيه الأصغر، لأن قوله: (أن يشرك به) أن وما بعدها في تأويل مصدر، تقديره: إشراكاً به، فهو نكرة في سياق النفي، فتفيد العموم.
(ج1/ 114)
----
قوله: (أن نعبد الأصنام).
والأصنام: جمع صنم، وهو ما جعل على صورة إنسان أو غيره يعبد من دون الله.
أما الوثن: فهو ما عبد من دون الله على أي وجه كان.
وفي الحديث: "لا تجعل قبري وثناً يعبد"، فالوثن أعم من الصنم.
(ج1/ 116)
----
قوله: "وفي الحديث".
الحديث: ما أضيف إلى الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
والخبر: ما أضيف إليه والى غيره.
والأثر: ما أضيف إلى غير الرسول صلى الله عليه وسلم، أي: إلى الصحابي فمن بعده، إلا إذا قيد فقيل: وفي الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكون على ما قيد به.
(ج1/ 117)
----
ـ[المسيطير]ــــــــ[14 - 07 - 05, 01:38 ص]ـ
قوله: "الرياء"، مشتق من الرؤية مصدر راءى يرائي، والمصدر رياء، كقاتل يقاتل قتالاً.
والرياء:
أن يعبد الله (1) ليراه الناس فيمدحوه على كونه عابداً،
وليس (2) يريد أن تكون العبادة للناس، لأنه لو أراد ذلك، لكان شركاً أكبر.
(3) وقد يكون سماعاً، أي يقصد بعبادته أن يسمعه الناس فيثنوا عليه، فهذا داخل في الرياء، فالتعبير بالرياء من باب التعبير بالأغلب.
أما إن أراد بعبادته (4) أن يقتدي الناس به فيها، فليس هذا رياء، بل هذا من الدعوة إلى الله - عز وجل ـ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "فعلت هذا لتأتموا بي وتعلموا صلاتي".
(ج1/ 117)
----
والرياء ينقسم باعتبار إبطاله للعبادة إلى قسمين:
الأول: أن يكون في أصل العبادة، أي ما قام يتعبد إلا للرياء، فهذا عمله باطل مردود عليه لحديث أبي هريرة في "الصحيح" مرفوعاً، قال الله تعال: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه".
الثاني: أن يكون الرياء طارئاً على العبادة، أي أن أصل العبادة لله، لكن طرأ عليها الرياء، فهذا ينقسم إلى قسمين:
الأول: أن يدافعه، فهذا لا يضره. مثاله: رجل صلى ركعة، ثم جاء أناس في الركعة الثانية، فحصل في قلبه شيء بأن أطال الركوع أو السجود أو تباكى وما أشبه ذلك، فإن دافعه، فإنه لا يضره لأنه قام بالجهاد.
القسم الثاني: أن يسترسل معه، فكل عمل ينشأ عن الرياء فهو باطل، كما لو أطال القيام، أو الركوع، أو السجود، أو تباكى، فهذا كل عمله حابط،.
ولكن هل هذا البطلان يمتد إلى جميع العبادة أم لا؟
نقول: لا يخلو هذا من حالين:
الحال الأولى: أن يكون آخر العبادة مبيناً على أولها، بحيث لا يصح أولها مع فساد آخرها، فهذه كلها فاسدة. وذلك مثل الصلاة، فالصلاة مثلاً لا يمكن أن يفسد آخرها ولا يفسد أولها، وحينئذ تبطل الصلاة كلها إذا طرأ الرياء في أثنائها ولم يدافعه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/196)
الحال الثانية: أن يكون أول العبادة منفصلاً عن آخرها، بحيث يصح أولها دون آخرها، فما سبق الرياء، فهو صحيح، وما كان بعده، فهو باطل. مثال ذلك: رجل عنده مئة ريال، فتصدق بخمسين بنية خالصة، ثم تصدق بخمسين بقصد الرياء، فالأولى مقبولة، والثانية غير مقبولة، لأن آخرها منفك عن أولها.
(ج1/ 118)
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[14 - 07 - 05, 01:44 ص]ـ
* * * * *
ـ[المسيطير]ــــــــ[14 - 07 - 05, 01:56 ص]ـ
أخي الفاضل / أشرف بن محمد
جزاك الله خير الجزاء، ولا زلت أتشوف وأتشوق لتعليقاتكم المفيدة والمشايخ الفضلاء.
-----
قال رحمه الله تعالى:
قوله: "يدعو من دون الله نداً"، أي: يتخذ لله نداً سواء دعاء عبادة أم دعاء مسألة، لأن الدعاء ينقسم إلى قسمين:
الأول: دعاء عبادة، مثاله: الصوم، والصلاة، وغير ذلك من العبادات، فإذا صلى الإنسان أو صام، فقد دعا ربه بلسان الحال أن يغفر له، وأن يجيره من عذابه، وأن يعطيه من نواله، وهذا في أصل الصلاة، كما أنها تتضمن الدعاء بلسان المقال. ويدل لهذا القسم قوله تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي) [غافر: 60]، فجعل الدعاء عبادة، وهذا القسم كله شرك، فمن صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله، فقد كفر كفراً مخرجاً له عن الملة، فلو ركع لإنسان أو سجد لشيء يعظمه كتعظيم الله في هذا الركوع أو السجود، لكان مشركاً، ولهذا منع النبي صلى الله عليه وسلم من الانحناء عن الملاقاة لما سئل عن الرجل يلقى أخاه أن يحني له؟ قال: "لا". خلافاً لما يفعله بعض الجهال إذا سلم عليك انحنى لك، فيجب على كل مؤمن بالله أن ينكره، لأنه عظمك على حساب دينه.
الثاني: دعاء المسألة، فهذا ليس كله شركاً، بل فيه تفصيل،:
- فإن كان المخلوق قادراً على ذلك، فليس بشرك، كقوله: اسقني ماء لمن يستطيع ذلك. قال صلى الله عليه وسلم: "من دعاكم فأجيبوه"، وقال تعالى: (وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه) [النساء: 8]. فإذا مد الفقير يده، وقال: ارزقني، أي: اعطني، فليس بشرك، كما قال تعال: (فارزقوهم منه).
- وأما أن دعا المخلوق بما لا يقدر عليه إلا الله، فإن دعوته شرك مخرج عن الملة. مثال ذلك: أن تدعو إنساناً أن ينزل الغيث معتقداً أنه قادر على ذلك. والمراد بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من مات وهو يدعو من دون لله نداً" المراد الند في العبادة، أما الند في المسألة، ففيه التفصيل السابق.
ومع الأسف، ففي بعض البلاد الإسلامية من يعتقد أن فلاناً المقبور الذي بقى جثة أو أكلته الأرض ينفع أو يضر، أو يأتي بالنسل لمن لا يولد لها، وهذا - والعياذ بالله - شرك أكبر مخرج من الملة، وإقرار هذا أشد من إقرار شرب الخمر والزنا واللواط، لأنه إقرار على كفر، وليس إقراراً على فسوق فقط.
(ج1/ 120)
----
وهناك من لا يبالي بالحلف بالله صادقاً أم كاذباً، ولكن لا يحلف بقوميته إلا صادقاً، ولهذا اختلف فيمن لا يبالي بالحلف بالله، ولكنه لا يحلف بقوميته إلا صادقا ً، ولهذا اختلف فيمن لا يبالي بالحلف بالله، ولكن لا يحلف بملته أو بما يعظمه إلا صادقاً، فلزمته يمين، هل يحلف بالله أو يحلف بهذا؟ فقيل:
- يحلف بالله ولو كذب، ولا يعان على الشرك، وهو الصحيح.
- وقيل: يحلف بغير الله، لأن المقصود الوصول إلى بيان الحقيقة، وهو إذا كان كاذباً لا يمكن أن يحلف.
لكن نقول: إن كان صادقاً حلف ووقع في الشرك.
(ج1/ 123)
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[14 - 07 - 05, 02:57 م]ـ
قوله: "الرياء"، مشتق من الرؤية مصدر راءى يرائي، والمصدر رياء، كقاتل يقاتل قتالاً.
والرياء:
أن يعبد الله (1) ليراه الناس فيمدحوه على كونه عابداً،
وليس (2) يريد أن تكون العبادة للناس، لأنه لو أراد ذلك، لكان شركاً أكبر.
(3) وقد يكون سماعاً، أي يقصد بعبادته أن يسمعه الناس فيثنوا عليه، فهذا داخل في الرياء، فالتعبير بالرياء من باب التعبير بالأغلب.
أما إن أراد بعبادته (4) أن يقتدي الناس به فيها، فليس هذا رياء، بل هذا من الدعوة إلى الله - عز وجل ـ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "فعلت هذا لتأتموا بي وتعلموا صلاتي".
(ج1/ 117)
بسط:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/197)
قال الإمام البخاري رحمه الله (6134): َحَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدَباً يَقُولُ، قَالَ النَّبِىُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَداً يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غَيْرَهُ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِى يُرَائِى اللَّهُ بِهِ}.
وقال رحمه الله (6733): حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِىُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنِ الْجُرَيْرِىِّ عَنِ طَرِيفٍ أَبِى تَمِيمَةَ، قَالَ: شَهِدْتُ صَفْوَانَ وَجُنْدَباً وَأَصْحَابَهُ وَهْوَ يُوصِيهِمْ، فَقَالُوا: هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْئاً؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: {مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}.
وعند الإمام مسلم رحمه الله (2986) من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ راءى، راءى اللَّهُ بِهِ}.
قال ابن حجر رحمه الله في الفتح 11/ 337:
(قُلْتُ: وَرَدَ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ التَّصْرِيحُ بِوُقُوعِ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ، فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. فَعِنْدَ أَحْمَدَ وَالدَّارِمِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هِنْدٍ الدَّارِيِّ، رَفَعَهُ: {مَنْ قَامَ مَقَامَ رِيَاءٍ وَسُمْعَةٍ رَاءَى اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَسَمَّعَ بِهِ}، وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَوْفٍ، وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ مَرْفُوعًا {مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُومُ فِي الدُّنْيَا مَقَامَ سُمْعَةٍ وَرِيَاءٍ، إِلَّا سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}.
وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ إِخْفَاءِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، لَكِنْ قَدْ يُسْتَحَبُّ إِظْهَارُهُ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ عَلَى إِرَادَتِهِ الِاقْتِدَاءَ بِهِ، وَيُقَدَّرُ ذَلِكَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يُسْتَثْنَى مِنِ اسْتِحْبَابِ إِخْفَاءِ الْعَمَلِ مَنْ يُظْهِرُهُ لِيُقْتَدَى بِهِ، أَوْ لِيُنْتَفَعَ بِهِ، كَكِتَابَةِ الْعِلْمِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ سَهْلٍ الْمَاضِي فِي الْجُمُعَةِ: {لِتَأْتَمُّوا بِي، وَلْتَعْلَمُوا صَلَاتِي}.
قَالَ الطَّبَرِيُّ: " كَانَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَجَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ: يَتَهَجَّدُونَ فِي مَسَاجِدِهِمْ وَيَتَظَاهَرُونَ بِمَحَاسِنِ أَعْمَالِهِمْ؛ لِيُقْتَدَى بِهِمْ. قَالَ: فَمَنْ كَانَ إِمَامًا يُسْتَنُّ بِعَمَلِهِ، عَالِمًا بِمَا لِلَّهِ عَلَيْهِ، قَاهِرًا لِشَيْطَانِهِ، اسْتَوَى مَا ظَهَرَ مِنْ عَمَلِهِ وَمَا خَفِيَ؛ لِصِحَّةِ قَصْدِهِ. وَمَنْ كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ، فَالْإِخْفَاءُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ ". وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى عَمَلُ السَّلَفِ:
فَمِنَ الْأَوَّلِ: حَدِيثُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: سَمِعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَجُلًا يَقْرَأُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالذِّكْرِ، فَقَالَ: {إِنَّهُ أَوَّابٌ}.قَالَ: فَإِذَا هُوَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ.أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ.
وَمِنَ الثَّانِي: حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: {قَامَ رَجُلٌ يُصَلِّي، فَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {لَا تُسْمِعْنِي، وَأَسْمِعْ رَبَّكَ} أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَسَنَدُهُ حَسَنٌ) اهـ
لفتة: الجزاء من جنس العمل، نسأل الله العافية.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[14 - 07 - 05, 07:19 م]ـ
بابٌ الخَوْفُ مِنَ الشِّرْكِ
قال رحمه الله تعالى:
فالشرك لا يغفره الله أبداً، لأنه جناية على حق الله الخاص، وهو التوحيد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/198)
قال الإمام البخاري 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - (2701): حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، سَمِعَ يَحْيَى بْنَ آدَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ مُعَاذٍ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -، قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى حِمَارٍ، يُقَالُ لَهُ: عُفَيْرٌ. فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {يَا مُعَاذُ، هَلْ تَدْرِى حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ؟}. قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: {فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ: أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِه شَيْئاً، وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ: أَنْ لاَ يُعَذِّبَ مَنْ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً}. فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلاَ أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ؟، قَالَ: {لاَ تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا}.
وقال 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - (97): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ -هُوَ ابْنُ سَلاَم-، حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِىُّ، قَالَ:حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ حَيَّانَ،قَالَ: قَالَ عَامِرٌ الشَّعْبِىُّ: حَدَّثَنِى أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:
{ثَلاَثَةٌ لَهُمْ أَجْرَانِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَالْعَبْدُ الْمَمْلُوكُ إِذَا أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَ حَقَّ مَوَالِيهِ ... } الحديث.
يقول الإمام الشاطبي - رحمه الله - في الموافقات 2/ 318 - 320:
(كل حكم شرعي ليس بخال عن حق الله تعالى، وهو جهة التعبد، فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وعبادته امتثال أوامره، واجتناب نواهيه بإطلاق، فإنْ جاء ما ظاهره: أنه حق للعبد مجرداً، فليس كذلك بإطلاق، بل جاء على تغليب حق العبد في الأحكام الدنيوية.
كما أنّ كل حكم شرعي: ففيه حق للعباد، إما عاجلاً، وإما آجلاً، بناءً على: أنّ الشريعة إنما وُضعت لمصالح العباد؛ ولذلك قال في الحديث: " حق العباد على الله إذا عبدوه ولم يشركوا به شيئا ألا يعذبهم ".
وعادتهم في تفسير:
حق الله: أنه " ما فُهم من الشرع، أنه لا خيرة فيه للمكلف، كان له معنى معقول أو غير معقول ".
وحق العبد: " ما كان راجعاً إلى مصالحه في الدنيا "، فإنْ كان من المصالح الأخروية: " فهو من جملة ما يطلق عليه أنه حق لله ".
ومعنى التعبد عندهم: " أنه ما لا يُعقل معناه على الخصوص ".
وأصل العبادات راجعة إلى: حق الله، وأصل العادات راجعة إلى: حقوق العباد.)
ويقول 2/ 318 - 319:
(الأفعال بالنسبة إلى حق الله أو حق الآدمي ثلاثة أقسام:
أحدها: ما هو حق لله خالصاً (كالعبادات).
والثانى: ما هو مشتمل على حق الله وحق العبد والمغلب فيه حق الله.
والثالث: ما اشترك فيه الحقان، وحق العبد هو المغلب.) اهـ مختصراً.
ويقول رحمه الله 2/ 338:
(القاعدة: أن كل تكليف، مشتمل على حق الله وحق العبد).
وقال 2/ 375: (كل ما كان من حقوق الله، فلا خيرة فيه للمكلف على حال، وأما ما كان من حق العبد في نفسه فله فيه الخيرة ... ) اهـ (مهم).
ـ[الطيّار]ــــــــ[15 - 07 - 05, 02:23 م]ـ
بارك الله فيك أخي المسيطير ونفع الله بعلمك.
وجزاك الله خيراً أخينا أشرف بن محمد، على التعقيب المكمل للفائدة، وبارك الله في علمك.
ـ[المسيطير]ــــــــ[15 - 07 - 05, 03:17 م]ـ
الأخ المبارك / أشرف بن محمد
الأخ الفاضل / الطيار
جزاكما الله خير الجزاء.
-------
بابٌ الدُعَاءُ إلى شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ
قوله: (قل هذه سبيلي)، المشار إليه ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الشرع عبادة ودعوة إلى الله.
سبيلي: طريقي.
وقوله: (إلى الله)، لأن الدعاة إلى الله ينقسمون إلى قسمين:
1 - داع إلى الله.
2 - داع إلى غيره.
- فالداعي إلى الله تعالى هو المخلص الذي يريد أن يوصل الناس إلى الله تعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/199)
- والداعي إلى غيره قد يكون داعياً إلى نفسه، يدعو إلى الحق لأجل أن يعظم بين الناس ويحترم، ولهذا تجده يغضب إذا لم يفعل الناس ما أمر به، ولا يغضب إذا ارتكبوا نهياً أعظم منه، لكن لم يدع إلى تركه.
(ج1/ 128)
----
قوله: (على بصيرة)، أي: علم، فتضمنت هذه الدعوة:
1 - الإخلاص.
2 - والعلم.
لأن أكثر ما يفسد الدعوة:
- عدم الإخلاص.
- أو عدم العلم.
وليس المقصود بالعلم في قوله (على بصيرة) العلم بالشرع فقط، بل يشمل:
1 - العلم بالشرع.
2 - والعلم بحال المدعو.
3 - والعلم بالسبيل الموصل إلى المقصود، وهو الحكمة.
فيكون بصيراً:
- بحكم الشرع.
- وبصيراً بحال المدعو.
- وبصيراً بالطريق الموصلة لتحقيق الدعوة.
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ: "إنك تأتي قوماً أهل كتاب".
(ج1/ 130)
----
قوله: "إنك تأتي قوماً من أهل كتاب"، قال ذلك مرشداً له، وهذا دليل على معرفته صلى الله عليه وسلم بأحوال الناس، وما يعلمه من أحوالهم، فله طريقان:
1 - الوحي.
2 - العلم والتجربة.
(ج1/ 132)
----
وأخبره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك*، لأمرين:
الأول: أن يكون بصيراً بأحوال من يدعو.
الثاني: أن يكون مستعداً لهم، لأنهم أهل كتاب، وعندهم علم.
---
* (أي أخبر معاذ بحال أهل اليمن)
---
(ج1/ 132)
----
من المسائل:
المسألة الثلاثون: الحلف على الفتيا. لقوله: "فوالله لأن يهدي الله .... " إلخ، فأقسم النبي صلى الله عليه وسلم هو لم يستقسم، والفائدة هي حثه على أن يهدي الله به والتوكيد عليه.
ولكن لا ينبغي الحلف على الفتيا إلا لمصلحة وفائدة، لأنه قد يفهم السامع أن المفتي لم يحلف إلا لشك عنده.
والإمام أحمد رحمه الله أحياناً يقول في إجابته: إي والله، وقد أمر الله رسوله بالحلف في ثلاثة مواضع من القرآن:
1 - في قوله تعالى: (ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق) [يونس: 53].
2 - وفي قوله تعالى: (زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن). [التغابن: 7].
3 - وفي قوله تعالى: (وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بل وربي لتأتينكم) [سبأ: 3].
فإذا كان في القسم:
- مصلحة ابتداءاً.
- أو جواباً لسؤال.
جاز وربما يكون مطلوباً.
(ج1/ 145)
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[15 - 07 - 05, 04:21 م]ـ
وقوله: (إلى الله)، لأن الدعاة إلى الله ينقسمون إلى قسمين:
1 - داع إلى الله.
2 - داع إلى غيره.
هذه الكلمة (إلى الله) زائدة، ولو صار الكلام هكذا، لكان أحسن:
لأن الدعاة ينقسمون إلى قسمين:
1 - داع إلى الله.
2 - وداع إلى غير الله.
--------
فائدة: يراجع تفسير الإمام القرطبي 7/ 314.
-----------
تنبيه: أنا أعرف أن هذا كلام الشيخ العثيمين رحمه الله.
ـ[أبو حذيفة الحنبلىّ]ــــــــ[15 - 07 - 05, 04:31 م]ـ
أكمل شيخنا أكمل
موضوع رائع ...
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[15 - 07 - 05, 04:32 م]ـ
من هنا حمِّل كتب الشيخ ابن عثيمين، منها: " القول المفيد ":
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=13925&highlight=%C7%E1%DE%E6%E1+%C7%E1%E3%DD%ED%CF
ـ[المسيطير]ــــــــ[16 - 07 - 05, 10:55 م]ـ
بابٌ تَفْسِيرُ التَّوحيدِ وشَهَادَةِ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ
قوله: (يدعون)، أي:
1 - دعاء مسألة: كمن يدعو علياً عند وقوعهم في الشدائد، وكمن يدعو النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم.
2 - وقد يكون دعاء عبادة: كمن يتذلل لهم بالتقرب، والنذر، والركوع، والسجود.
(ج1/ 148)
----
قوله: (إلا الذي فطرني): جمع بين النفي والإثبات:
1 - فالنفي: (براء مما تعبدون).
2 - والإثبات: (إلا الذي فطرنى).
فدل على أن التوحيد لا يتم إلا بالكفر بما سوى الله والإيمان بالله وحده، (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى)] البقرة: 256].
(ج1/ 150)
----
وفي قول إبراهيم صلى الله عليه وسلم: (إلا الذي فطرني)، ولم يقل إلا الله لفائدتان:
الأولى: الإشارة إلى علة إفراد الله بالعبادة، لأنه كما أنه منفرد بالخلق فيجب أن يفرد بالعبادة.
الثانية: الإشارة إلى بطلان عبادة الأصنام، لأنها لم تفطركم حتى تعبدوها، ففيها تعليل للتوحيد الجامع بين النفي والإثبات، وهذه من البلاغة التامة في تعبير إبراهيم عليه السلام.
يستفاد من الآية أن التوحيد لا يحصل بعبادة الله مع غيره، بل لا بد من إخلاصه لله، والناس في هذا المقام ثلاثة أقسام:
1 - قسم يعبد الله وحده.
2 - وقسم يعبد غيره فقط.
3 - وقسم يعبد الله وغيره.
والأول فقط هو الموحد.
(ج1/ 151)
----
والمحبة أنواع الأول:
1 - المحبة لله: وهذه لا تنافي التوحيد، بل هي من كماله، فأوثق عرى الإيمان: الحب في الله، والبغض في الله. والمحبة لله هي أن تحب هذا الشيء، لأن الله يحبه، سواء كان شخصاً أو عملاً، وهذا من تمام التوحيد.
الثاني: المحبة الطبيعية التي لا يؤثرها المرء على محبة الله، فهذه لا تنافي محبة الله، كمحبة الزوجة، والولد، والمال، ولهذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم: من أحب الناس إليك؟ قال: "عائشة". قيل: فمن الرجال؟ قال: "أبوها". ومن ذلك محبة الطعام والشراب واللباس.
الثالث: المحبة مع الله التي تنافي محبة الله، وهي أن تكون محبة غير الله كمحبة الله أو أكثر من محبة الله، بحيث إذا تعارضت محبة الله ومحبة غيره قدم محبة غير الله، وذلك إذا جعل هذه المحبة نداً لمحبة الله يقدمها على محبة الله أو يساويها بها.
(ج1/ 156)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/200)
ـ[الساري]ــــــــ[17 - 07 - 05, 03:43 م]ـ
الشيخ المسيطير - حفظه الله -:
هل كتاب الدر النضيد للشيخ صالح العصيمي مطبوع، وإن كان لا فهل يمكن أن أحصل عليه بطريقة أخرى
وجزاك الله خيرا ...
ـ[المسيطير]ــــــــ[17 - 07 - 05, 05:19 م]ـ
الأخ المسيطير - حفظه الله -:
هل كتاب الدر النضيد للشيخ صالح العصيمي مطبوع، وإن كان لا فهل يمكن أن أحصل عليه بطريقة أخرى
وجزاك الله خيرا ...
الأخ الكريم / الساري وفقه الله
كتاب الدر النضيد في تخريج كتاب التوحيد للشيخ/ صالح بن عبد الله العصيمي طبع عند دار ابن خزيمة 1413هـ ومجموع الأحاديث والآثار التي تكلم عليها في هذا الكتاب 161 كما ذكره الشيخ عبد الإله الشايع في كتابه عناية العلماء بكتاب التوحيد صفحة 38.
ودار ابن خزيمة في طريق الأحساء باتجاه الجنوب (أمام حديقة .... ).
وإن لم تجد الكتاب في دار ابن خزيمة فستجده - إن شاء الله تعالى - في مستودعات الجريسي خلف مصلحة معاشات التقاعد في طريق الوشم.
ـ[المسيطير]ــــــــ[17 - 07 - 05, 11:04 م]ـ
قوله: "فيه أكبر المسائل وأهمها، وهي تفسير التوحيد". فتفسير التوحيد أنه لا بد فه من أمرين:
الأول: نفى الألوهية عما سوى الله- عز وجل -.
الثاني: إثبات الألوهية لله وحده.
فلا بد من النفي والإثبات لتحقيق التوحيد، لأن التوحيد جعل الشيء واحداً بالعقيدة والعمل، وهذا لا بد فيه من النفي والإثبات.
فإذا قلت: زيد قائم، أثبت له القيام ولم توحده، لكن إذا قلت: لا قائم إلا زيد، أثبت له القيام ووحدته به.
وإذا قلت: الله إله أثبت له الألوهية، لكن لم تنفها عن غيره، فالتوحيد لم يتم، وإذا قلت: لا إله إلا الله، أثبت الألوهية لله ونفيتها عما سواه.
(ج1/ 158)
----
ودعاء المخلوق ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: جائز، وهو أن تدعو مخلوقاً بأمر من الأمور التي يمكن أن يدركها بأشياء محسوسة معلومة، فهذا ليس من دعاء العبادة، بل هو من الأمور الجائزة، قال صلى الله عليه وسلم: "وإذا دعاك فأجبه".
الثاني: أن تدعو مخلوقاً مطلقاً، سواء كان حياً أو ميتاً فيما لا يقدر عليه إلا الله، فهذا شرك أكبر لأنك جعلته ندأ لله فيما لا يقدر عليه إلا الله، مثل: يا فلان! اجعل ما في بطن امرأتي ذكراً.
الثالث: أن تدعو مخلوقاً ميتاً لا يجيب بالوسائل الحسية المعلومة، فهذا شرك أكبر أيضاً لأنه لا يدعو من كان هذه حالة حتى يعتقد أن له تصرفاً خفياً في الكون.
(ج1/ 159)
---
قال المؤلف: "فكيف بمن أحب الند أكبر من حسب الله؟! وكيف بمن لم يحب إلا الند وحده ولم يحب الله؟! ".
فالأقسام الأربعة:
الأول: أن يحب الله حباً أشد من غيره، فهذا هو التوحيد.
الثاني: أن يحب غير الله كمحبة الله، وهذا شرك.
الثالث: أن يحب غير الله أشد حباً من الله، وهذا أعظم مما قبله.
الرابع: أن يحب غير الله وليس في قلبه محبة لله تعالى، وهذا أعظم وأطم.
(ج1/ 162)
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[18 - 07 - 05, 06:12 ص]ـ
بابٌ الخَوْفُ مِنَ الشِّرْكِ
قوله: (إن الله لا يغفر أن يشرك به):
قال رحمه الله تعالى:
قوله: (إن الله لا يغفر أن يشرك به).
فالشرك لا يغفره الله أبداً، لأنه جناية على حق الله الخاص، وهو التوحيد.
أما المعاصي، كالزنى والسرقة، فقد يكون للإنسان فيها حظ نفس بما نال من شهوة.
أما الشرك، فهو اعتداء على حق الله تعالى، وليس للإنسان فيه حظ نفس، وليس شهوة يريد الإنسان أن ينال مراده، ولكنه ظلم، ولهذا قال الله تعالى: (إن الشرك لظلم عظيم) [لقمان: 13].
وهل المراد بالشرك هنا الأكبر، أم مطلق الشرك؟.
قال بعض العلماء:
إنه مطلق يشمل كل شرك لو أصغر، كالحلف بغير الله، فإن الله لا يغفره.
أما بالنسبة لكبائر الذنوب، كالسرقة والخمر، فإنها تحت المشيئة، فقد يغفرها الله.
وشيخ الإسلام ابن تيمية المحقق في هذه المسائل اختلف كلامه في هذه المسألة:
فمرة قال: الشرك لا يغفره الله ولو كان أصغر.
ومرة قال: الشرك الذي لا يغفره الله هو الشرك الأكبر.
وعلى كل حال فيجب الحذر من الشرك مطلقاً، لأن العموم يحتمل أن يكون داخلاً فيه الأصغر، لأن قوله: (أن يشرك به) أن وما بعدها في تأويل مصدر، تقديره: إشراكاً به، فهو نكرة في سياق النفي، فتفيد العموم.
(ج1/ 114)
----
تقييد:
يقول الإمام الطبري رحمه الله:
القول في تأويل قوله تعالى: {إِنّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلّ ضَلاَلاً بَعِيداً}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: إن الله لا يغفر لطعمة، إذْ أشرك، ومات على شركه بالله، ولا لغيره من خلقه بشركهم وكفرهم به {وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشاءُ} يقول: ويغفر ما دون الشرك بالله من الذنوب لمن يشاء , يعني بذلك جلّ ثناؤه: أن طعمة لولا أنه أشرك بالله، ومات على شركه، لكان في مشيئة الله على ما سلف من خيانته ومعصيته , وكان إلى الله أمره في عذابه والعفو عنه. وكذلك حكم كل من اجترم جرما , فإلى الله أمره , إلا أن يكون جرمه شركاً بالله وكفراً , فإنه ممن حتم عليه أنه من أهل النار إذا مات على شركه , فإذا مات على شركه , فقد حرّم الله عليه الجنة , ومأواه النار.
وقال السديّ في ذلك بما:
8325ـ حدثنا محمد بن الحسين, قال: حدثنا أحمد بن مفضل, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ: {إنّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أنْ يُشَرَكَ بِه وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذَلِكَ لَمِنْ يَشاءُ} يقول: من يجتنب الكبائر من المسلمين اهـ. 4/ 277.
-------
تنبيه: لا يُفَسّر قوله تعالى: {لمن يشاء} = لمن تاب؛ لأننا لو قلنا ذلك، لقلنا بأنه ليس للكافر حال حياته توبة، وإنما المراد، بقوله تعالى: {لمن يشاء} أي: لمن يشاء المغفرة له، بأن يدخله الجنة بلا عذاب، ومَن شاء عذبه من المؤمنين بذنوبه، ثم يدخله الجنة. يراجع الجلالين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/201)
ـ[أبو محمد]ــــــــ[19 - 07 - 05, 02:22 ص]ـ
بمناسبة قول الشيخ العثيمين رحمه الله إن كلام شيخ الإسلام اختلف في الشرك الأصغر فمرة قال يغفر ومرة قال لا يغفر .. هل وقف أحد من الأحبة على قوله إنه يغفر .. أي التنصيص على أن الذي لا يغفر هو الأكبر فقط؟ لقد بحثت عنه وفتشت كثيرا فلم أقف عليه، وذكر عدم الوقوف عليه بعض طلبة العلم .. مع أن الشيخ رحمه الله حجة في النقل .. فآمل ممن عنده فضل علم في هذا أن يتحفنا به جزاه الله خيرا.
(طلب من الشيخ المفيد المسيطير -لا حرمنا الله فوائده-: كلما قرأت توقيعك انتابني وجل .. فهلا أفدتنا أخي الكريم بمرجع هذين النقلين؟)
ـ[ Abou Anes] ــــــــ[19 - 07 - 05, 02:53 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي الشيخ المسيطر على هذه الفوائد القيمة، وسأسترشد بها في التدريس إن شاء الله.
فمن بركة هذا الكتاب أني عندما أدرسه للاخوة العجم أو العرب المستعجمة ـ ابتسامة ـ فأقول: هل فهمتم؟
فيقولون: نعم.
أقول: متأكدون؟
فيقولون: نعم، نحن متأكدون!
ثم يقومون بزيادة ضرب أمثلة قياسا على أمثلة الشيخ، فما أعظمه من شيخ جعل من المتعلم معلم.
ـ[المسيطير]ــــــــ[19 - 07 - 05, 05:49 ص]ـ
بمناسبة قول الشيخ العثيمين رحمه الله إن كلام شيخ الإسلام اختلف في الشرك الأصغر فمرة قال يغفر ومرة قال لا يغفر .. هل وقف أحد من الأحبة على قوله إنه يغفر .. أي التنصيص على أن الذي لا يغفر هو الأكبر فقط؟ لقد بحثت عنه وفتشت كثيرا فلم أقف عليه، وذكر عدم الوقوف عليه بعض طلبة العلم .. مع أن الشيخ رحمه الله حجة في النقل .. فآمل ممن عنده فضل علم في هذا أن يتحفنا به جزاه الله خيرا.
قال الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - محقق القول المفيد - (الطبعة الأولى - دار العاصمة) ص110 في الحاشية:
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى كما في جامع الرسائل 2/ 254:" وأعظم الذنوب عند الله الشرك به، وهو سبحانه لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، والشرك منه جليل ودقيق، وخفي وجلي ".
وقال في الرد على البكري ص146:" وقد يقال: الشرك لا يغفر منه شيء لا أكبر ولا أصغر على مقتضى القرآن، وإن كان صاحب الشرك - أي الأصغر -يموت مسلما، لكن شركه لا يغفر له، بل يعاقب عليه وإن دخل بعد ذلك الجنة ".
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان 1/ 98:" فأما نجاسة الشرك فهي نوعان: نجاسة مغلظة، ونجاسة مخففة، فالمغلظة الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله، فإن الله لا يغفر أن يشرك به، والمخففة الشرك الأصغر كيسير الرياء ".
----
أما توقيع صاحبك فأسأل الله تعالى أن ينفع كاتبه به - أولا - ثم ينفع قارئه.
وقد أشار الأخ الكريم أشرف بن محمد إلى موضع كلام ابن رجب رحمه الله تعالى على هذا الرابط في المشاركة (1، 2):
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=32371
---
الأخ الكريم / أبا أنس
جزاك الله خير الجزاء، وأسأل الله تعالى أن يوفقك أينما كنت وأن يبارك لك في علمك وعملك وأهلك وذريتك ومالك.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[19 - 07 - 05, 06:37 ص]ـ
بمناسبة قول الشيخ العثيمين رحمه الله إن كلام شيخ الإسلام اختلف في الشرك الأصغر فمرة قال يغفر ومرة قال لا يغفر .. هل وقف أحد من الأحبة على قوله إنه يغفر .. أي التنصيص على أن الذي لا يغفر هو الأكبر فقط؟ لقد بحثت عنه وفتشت كثيرا فلم أقف عليه، وذكر عدم الوقوف عليه بعض طلبة العلم .. مع أن الشيخ رحمه الله حجة في النقل .. فآمل ممن عنده فضل علم في هذا أن يتحفنا به جزاه الله خيرا.
فائدة:
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله (م19):
(وشيخ الإسلام ابن تيمية المحقق في هذه المسائل اختلف كلامه في هذه: المسألة
فمرة قال: الشرك لا يغفره الله ولو كان أصغر ... ).اهـ
مقصود القول بـ " لا يغفره "، هنا: أي أن صاحب الشرك الأصغر الذي يموت صاحبه مسلماً، مستحق للعقاب، وإنْ دخل الجنة بعد ذلك، وليس معناه: بأنه " لا يغفره "، بأن صاحبه يصير كافراً، فليس هذا المراد بيقين.
يقول شيخ الإسلام رحمه الله:
(الوعيد الموجود في الكتاب والسنة، قد بين الله في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أنه لا يلحق التائب بقوله: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53] أي لمن تاب. وقال في الآية الأخرى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [النساء: 116] فهذا في حق من لم يتب، فالشرك لا يغفر، وما دون الشرك إن شاء الله غفره. وإن شاء عاقب عليه.) اهـ، مجموع الفتاوى 11/ 648.
وقد بيّن شيخ الإسلام رحمه الله مراده بالشرك هنا، فقال، بعد ذكره آية النساء – الكريمة - بأعلى:
(ومن الشرك أن يدعو العبد غير الله، كمن يستغيث في المخاوف والأمراض والفاقات بالأموات، والغائبين. فيقول: يا سيدي الشيخ فلان، لشيخ ميت أو غائب، فيستغيث به، ويستوصيه، ويطلب منه ما يطلب من الله من النصر والعافية فإن هذا من الشرك الذي حرمه الله ورسوله باتفاق المسلمين. ... ) اهـ، مجموع الفتاوى 11/ 663 – 664.
وقال أيضاً رحمه الله:
(فإذا تقرر هذا، فالشرك إنْ كان شركاً يكفر به صاحبه، وهو نوعان:
شرك فى الإلهية، وشرك فى الربوبية:
فأما الشرك فى الإلهية فهو: أن يجعل لله نداً، أى: مثلا فى عبادته، أو محبته، أو خوفه، أو رجائه، أو إنابته، فهذا هو الشرك الذى لا يغفره الله إلا بالتوبة منه.
وأما النوع الثانى: فالشرك فى الربوبية، فإن الرب سبحانه ـ هو المالك المدبر، المعطى المانع، الضار النافع، الخافض الرافع، المعز المذل،فمن شهد أن المعطى أو المانع، أو الضار أو النافع، أو المعز أو المذل غيره، فقد أشرك بربوبيته.) اهـ، مختصراً مجموع الفتاوى 1/ 91.
وقال رحمه الله:
(قد يقال: الشرك لا يُغفر منه شيء لا أكبر و لا أصغر على مقتضى عموم القرآن، و إنْ كان صاحب الشرك الأصغر يموت مسلماً، لكن شركه لا يغفر له بل يعاقب عليه، وإنْ دخل بعد ذلك الجنة) اهـ، الرد على البكري 1/ 301.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/202)
ـ[أبو خليل النجدي]ــــــــ[19 - 07 - 05, 10:54 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ...
بارك الله فيك على هذه الدرر ... عمل عظيم ما شاء الله ...
أرجو المتابعة ... و إن أمكن أن تغوص في كتب الشيخ الأخرى ((كالشرح الممتع)) فتتحفنا بهذه النفائس ..
زادك الله علما ... و عملا ...
ـ[المسيطير]ــــــــ[20 - 07 - 05, 12:36 ص]ـ
الأخ الفاضل /أبا خليل النجدي
جزاك الله خير الجزاء، وفي البال أن أعود لثلاثة الأصول ثم كشف الشبهات ثم أكمل في الواسطية، وأسأل الله تعالى الإعانة والتوفيق وأن لا يكلني إلى نفسي طرفة عين.
--------------------
بابٌ من الشركِ لُبْسُ الحَلْقَةِ والخَيطِ ونَحْوِهِما لرَفْعِ البَلاءِ أَو دَفْعِهِ
ولبس هذه الأشياء:
- قد يكون أصغر.
- وقد يكون أكبر.
بحسب اعتقاد لابسها، وكان لبس هذه الأشياء من الشرك، لأن كل من أثبت سبباً لم يجعله الله سبباً شرعياً ولا قدرياً، فقد جعل نفسه شريكاً مع الله. (ج1/ 164)
----
والناس في الأسباب طرفان ووسط:
الأول: من ينكر الأسباب، وهم كل من قال بنفي حكمة الله، كالجبرية، والأشعرية.
الثاني: من يغلو في إثبات الأسباب حتى يجعلوا ما ليس بسبب سبباً، وهؤلاء هم عامة الخرافيين من الصوفية ونحوهم.
الثالثة: من يؤمن بالأسباب وتأثيراتها، ولكنهم لا يثبتون من الأسباب إلا ما أثبته الله سبحانه ورسوله، سواء كان سبباً شرعياً أو كونياً.
ولا شك أن هؤلاء هم الذين آمنوا بالله إيماناً حقيقياً، وآمنوا بحكمته، حيث ربطوا الأسباب بمسبباتها، والعلل بمعلولاتها، وهذا من تمام الحكمة.
(ج1/ 164)
----
ولبس الحلقة ونحوها:
1 - إن اعتقد لابسها أنها مؤثرة بنفسها دون الله، فهو مشرك شركاً أكبر في توحيد الربوبية، لأنه اعتقد أن مع الله خالقاً غيره.
2 - وإن اعتقد أنها سبب، ولكنه ليس مؤثراً بنفسه، فهو مشرك شركاً أصغر لأنه لما اعتقد أن ما ليس بسب سبباً فقد شارك الله تعالى في الحكم لهذا الشيء بأنه سبب، والله تعالى لم يجعله سبباً.
(ج1/ 165)
----
وطريق العلم بأن الشيء سبب:
1 - إما عن طريق الشرع، وذلك كالعسل (فيه شفاء للناس) [النحل: 69]، وكقراءة القرآن فيها شفاء للناس، قال الله تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) [الإسراء: 82].
2 - وإما عن طريق القدر، كما إذا جربنا هذا الشيء فوجدناه نافعاً في هذا الألم أو المرض، ولكن لا بد أن يكون أثره ظاهراً مباشراً، كما لو اكتوى بالنار فبرئ بذلك مثلاً، فهذا سبب ظاهر بين.
(ج1/ 165)
---
قوله: "لرفع البلاء، أو دفعه"، الفرق بينهما:
1 - أن الرفع بعد نزول البلاء.
2 - والدفع قبل نزول البلاء.
وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب لا ينكر السبب الصحيح للرفع أو الدفع، وإنما ينكر السبب غير الصحيح.
(ج1/ 166)
---
والمعنى أن المتوكل حقيقة هو المتوكل على الله، أما الذي يتوكل على الأصنام والأولياء والأضرحة، فليس بمتوكل على الله تعالى.
وهذا لا ينافي أن يوكل الإنسان إنساناً في شيء ويعتمد عليه، لأن هناك فرقاً بين:
- التوكل على الإنسان الذي يفعل لك شيئاً بأمرك.
- وبين توكلك على الله، لأن توكلك على الله اعتقادك أن بيده النفع والضر، وأنك متذلل، معتمد عليه، مفتقر إليه، مفوض أمرك إليه. (ج1/ 167)
---
فيه مسائل:
الثالثة: أنه لم يعذر بالجهالة. هذا فيه نظر، لأنه قوله صلى الله عليه وسلم: "لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً" ليس بصريح أنه لو مات قبل العلم، بل ظاهره: "لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً"، أي: بعد أن علمت وأمرت بنزعها.
وهذه المسألة تحتاج إلى تفصيل، فنقول:
الجهل نوعان:
1 - جهل يعذر فيه الإنسان.
2 - وجهل لا يعذر فيه.
- فما كان ناشئاً عن تفريط وإهمال مع قيام المقتضي للتعلم، فإنه لا يعذر فيه، سواء في الكفر أو في المعاصي.
- وما كان ناشئاً عن خلاف ذلك، أي أنه لم يهمل ولم يفرط ولم يقم المقتضي للتعلم بأن كان لم يطرأ على باله أن هذا الشيء حرام فإنه يعذر فيه فإن كان منتسباً إلى الإسلام، لم يضره، وإن كان منتسباً إلى الكفر، فهو كافر في الدنيا، لكن في الآخرة أمره إلى الله على القول الراجح، يمتحن، فإن أطاع دخل الجنة، وإن عصى دخل النار.
فعلى هذا من نشأ ببادية بعيد ليس عنده علماء ولم يخطر ببالة أن هذا الشيء حرام، أو أن هذا الشيء واجب، فهذا يعذر، وله أمثلة (ثم ذكرها رحمه الله).
(ج1/ 174)
---
ـ[أبو محمد]ــــــــ[20 - 07 - 05, 01:44 م]ـ
أخي الكريم المسيطير .. لست أريد أن أقطعك عن هذه السلسلة النافعة -نفع الله بك- .. لكن يبقى ما طلبه أخوكم لم يلب .. وذلكم أن ما نقلتموه يتعلق بالقول بعدم المغفرة .. لكن أطمح منكم ومن غيركم من الإخوان إلى الإفادة عن نقل عنه بالمغفرة .. سدد الله خطاكم وخطى الجميع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/203)
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[20 - 07 - 05, 07:18 م]ـ
قال شيخ الإسلام رحمه الله:
(إنْ كان مشركاً الشرك الأكبر: كان مخلداً في النار، و إنْ كان مشركاً الشرك الأصغر: فهو أيضا مذموم ممقوت مستحق للذم و العقاب (1)، وقد يقال: الشرك لا يُغفر منه شيء لا أكبر و لا أصغر على مقتضى عموم القرآن، و إنْ كان صاحب الشرك الأصغر يموت مسلماً، لكن شركه لا يغفر له بل يعاقب عليه، وإنْ دخل بعد ذلك الجنة (2)) اهـ، الرد على البكري 1/ 300 - 301.
وقال في شرح العمدة 4/ 82:
( ... ، الكفر المطلق، هو: الكفر الأعظم المخرج عن الملة، فينصرف الإطلاق إليه، و إنما صُرف في تلك المواضع ["الرياء هو الشرك الأصغر "، "من حلف بشيء دون الله فقد أشرك "، وغيرها، أنظرها في: شرح العمدة 4/ 77 – 79]، إلى غير ذلك [أي: إلى الشرك الأصغر]؛ لقرائن انضمت إلى الكلام) اهـ مختصراً.
--------------------------------
(1) فهنا قال رحمه الله: " مستحق للذم وللعقاب "، ولم يقل " يعاقب ".
(2) وهنا بيّن شيخ الإسلام أن مرتكب الشرك الأصغر، أنه: " يعاقب عليه، وإنْ دخل بعد ذلك الجنة ".
وعلى كلٍّ (أي سواء عوقب، أو عفا الله عنه - مع استحقاقه للعقوبة -): أنه مصيره إلى الجنة، ولكن ينبغي الحذر من الشرك جملة.
----------------
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، أثناء شرحه لرسالته " الأصول من علم الأصول " ص10، في تعريف المحرم: " يثاب تاركه امتثالاً، ويستحق العقاب فاعله "، فهنا قال الشيخ ما معناه: يستحق؛ لأنه قد لا يعاقب، لأسباب كثيرة ... اهـ قلتُ: وهذا من دقة الشيخ رحمه الله.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[20 - 07 - 05, 08:44 م]ـ
......
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[20 - 07 - 05, 10:26 م]ـ
أطمح منكم ومن غيركم من الإخوان إلى الإفادة عن نقل عنه بالمغفرة .. ، [وقولك في المشاركة (35)] = هل وقف أحد من الأحبة على قوله إنه يغفر .. أي التنصيص على أن الذي لا يغفر هو الأكبر فقط؟.
الإجابة هنا - إن شاء الله - أخي الحبيب:
يقول شيخ الإسلام رحمه الله:
(وقال في الآية الأخرى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [النساء: 116] فهذا في حق من لم يتب، فالشرك لا يغفر، وما دون الشرك إن شاء الله غفره. وإن شاء عاقب عليه.) اهـ، مجموع الفتاوى 11/ 648.
وقد بيّن شيخ الإسلام رحمه الله مراده بالشرك هنا، فقال، بعد ذكره آية النساء – الكريمة - بأعلى:
(ومن الشرك أن يدعو العبد غير الله، كمن يستغيث في المخاوف والأمراض والفاقات بالأموات، والغائبين. فيقول: يا سيدي الشيخ فلان، لشيخ ميت أو غائب، فيستغيث به، ويستوصيه، ويطلب منه ما يطلب من الله من النصر والعافية فإن هذا من الشرك الذي حرمه الله ورسوله باتفاق المسلمين. ... ) اهـ، مجموع الفتاوى 11/ 663 – 664
فالظاهر هنا أن شيخ الإسلام رحمه الله، قيّد الشرك في الآية، بالشرك الأكبر، والله أعلم.
----------------------------------------------------------------
والراجح والعلم عند الله، أن الشرك المذكور في الآية، الكريمة، بأعلى، هو الشرك الأكبر:
يقول العلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله:
(فأما نجاسة الشرك فهي نوعان: نجاسة مغلظة، ونجاسة مخففة: " فالمغلظة ": الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله عز وجل فإن الله لا يغفر أن يشرك به، و "المخففة ": الشرك الأصغر كيسير الرياء والتصنع) اهـ، إغاثة اللهفان 1/ 59.
وقال رحمه الله في " الصلاة وحكم تاركها ":
(الشرك شركان: شرك ينقل عن الملة، وهو: " الشرك الأكبر "، وشرك لا ينقل عن الملة، وهو: " الشرك الأصغر "، وهو: شرك العمل كالرياء.
قال تعالى في الشرك الأكبر {إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار} سورة المائدة / الآية 72، وقال {ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق} سورة الحج / الآية 31.
وفي شرك الرياء {فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً} سورة الكهف / الآية 110.
ومن هذا الشرك الأصغر، قوله صلى الله عليه وسلم: " من حلف بغير الله فقد أشرك " رواه أبو داود وغيره.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/204)
ومعلوم أن حلفه بغير الله، لا يخرجه عن الملة، ولا يوجب له حكم الكفار. ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم: " الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل ".
فانظر كيف انقسم الشرك والكفر والفسوق والظلم والجهل إلى: ما هو كفر ينقل عن الملة، وإلى ما لا ينقل عنها) اهـ
و يقول العلامة القرآني " محمد الأمين الشنقيطي "، في تحفته " أضواء البيان ":
({إِنَّ ?للَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ وَمَن يُشْرِكْ بِ?للَّهِ فَقَدِ ?فْتَرَى? إِثْماً عَظِيماً}
ذكر في هذه الآية الكريمة: أنه تعالى? لا يغفر الإشراك به، وأنه يغفر غير ذلك لمن يشاء، وأن من أشرك به فقد افترى إثمًا عظيمًا.
وذكر في مواضع أُخر: أن محل كونه لا يغفر الإشراك به، إذا لم يتب المشرك من ذلك، فإن تاب غفر له كقوله: {إِلاَّ مَن تَابَ وَءامَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَـ?لِحاً}، فإن الإستثناء راجع لقوله: {وَ?لَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ?للَّهِ إِلَـ?هَا ءاخَرَ}، وما عطف عليه؛ لأن معنى الكل جُمع في قوله: {وَمَن يَفْعَلْ ذ?لِكَ يَلْقَ أَثَاماً}، وقوله: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ}. وذكر في موضع آخر: أن من أشرك باللَّه قد ضلّ ضلالاً بعيدًا عن الحق، وهو قوله في هذه السورة الكريمة أيضًا: {إِنَّ ?للَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذ?لِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِ?للَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـ?لاً}، وصرّح بأن من أشرك باللَّه فالجنة عليه حرام ومأواه النار بقوله: {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِ?للَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ ?للَّهُ عَلَيهِ ?لْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ ?لنَّارُ}، وقوله: {وَنَادَى? أَصْحَـ?بُ ?لنَّارِ أَصْحَـ?بَ ?لْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ?لْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ?للَّهُ قَالُواْ إِنَّ ?للَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الكافرين}.
وذكر في موضع آخر أن المشرك لا يرجى له خلاص، وهو قوله: {وَمَن يُشْرِكْ بِ?للَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ ?لسَّمَاء فَتَخْطَفُهُ ?لطَّيْرُ أَوْ تَهْوِى بِهِ ?لرّيحُ فِى مَكَانٍ سَحِيقٍ}، وصرّح في موضع آخر: بأن الإشراك ظلم عظيم بقوله عن لقمان مقررًا له: {إِنَّ ?لشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}.
وذكر في موضع آخر أن الأمن التام والاهتداء، إنما هما لمن لم يلبس إيمانه بشرك، وهو قوله: {?لَّذِينَ ءامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَـ?نَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ ?لاْمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ}، وقد صحّ عنه صلى الله عليه وسلم أن معنى {بِظُلْمٍ} بشرك.) اهـ
ـ[المقرئ]ــــــــ[20 - 07 - 05, 11:38 م]ـ
شيخ الإسلام له قول يحتمل أنه يخصه بالأكبر
وقول آخر يحتمل أنه يخصه بالأصغر
المقرئ
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[20 - 07 - 05, 11:43 م]ـ
--------
ـ[المسيطير]ــــــــ[21 - 07 - 05, 08:33 م]ـ
بابٌ مَا جَاءَ في الرُّقَى والتَّمَائِمِ
قوله: "أسفاره"، السفر: مفارقة محل الإقامة، وسمي سفراً، لأمرين:
الأول: حسي، وهو أنه يسفر ويظهر عن بلده لخروجه من البنيان.
الثاني: معنوي، وهي أن يسفر عن أخلاق الرجال، أي: يكشف عنها وكثير من الناس لا تعرف أخلاقهم وعاداتهم وطبائعهم إلا بالأسفار.
(ج1/ 178)
----
قوله: "التولة"، شيء يعلقونه على الزوج، يزعمون أنه يحبب الزوجة إلى زوجها والزوج إلى امرأته، وهذا شرك، لأنه ليس بسبب شرعي ولا قدري للمحب.
ومثل ذلك الدبلة، والدبلة: خاتم يشترى عند الزواج يوضع في يد الزوج، وإذا ألقاه الزوج، قالت المرأة: إنه لا يحبها، فهم يعتقدون فيه النفع والضرر، ويقولون: إنه ما دام في يد الزوج، فإنه يعني أن العلاقة بينهما ثابتة، والعكس بالعكس.
1 - فإذا وجدت هذه النية، فإنه من الشرك الأصغر.
2 - وإن لم توجد هذه النية - وهي بعيدة ألا تصحبها ـ، ففيه تشبه بالنصارى، فإنها مأخوذة منهم.
3 - وإن كانت من الذهب، فهي بالنسبة للرجل فيها محذور ثالث، وهو لبس الذهب.
فهي:
- إما من الشرك.
- أو مضاهاة النصارى.
- أو تحريم النوع إن كانت للرجال.
- فإن خلت من ذلك، فهي جائزة لأنها خاتم من الخواتم.
(ج1/ 182)
----
وقوله: "شرك**"، هل هي شرك أصغر أو أكبر؟ نقول: بحسب ما يريد الإنسان منها:
1 - إن اتخذها معتقداً أن المسبب للمحبة هو الله، فهي شرك أصغر.
2 - وإن اعتقد أنها تفعل بنفسها، فهي شرك أكبر.
(ج1/ 182)
**"شرك": أي التولة.
-----
قوله: "وكل إليه"، أي: أسند إليه، وفوض.
أقسام التعلق بغير الله:
الأول: ما ينافي التوحيد من أصله، وهو أن يتعلق بشيء لا يمكن أن يمكن أن يكون له تأثير، ويعتمد عليه اعتماداً معرضاً عن الله، مثل تعلق عباد القبور بمن فيها عند حلول المصائب، ولهذا إذا مستهم الضراء الشديدة يقولون: يا فلان! أنقذنا، فهذا لا شك أنه شرك أكبر مخرج من الملة.
الثاني: ما ينافي كمال التوحيد، وهو أن يعتمد على سبب شرعي صحيح مع الغفلة عن المسبب، وهو الله - عز وجل -، وعدم صرف قلبه إليه، فهذا نوع من الشرك، ولا نقول شرك أكبر، لأن هذا السبب جعله الله سبباً.
الثالث: أن يتعلق بالسبب تعلقاً مجرداً لكونه سبباً فقط، مع اعتماده الأصلي على الله، فيعتقد أن هذا السبب من الله، وأن الله لو شاء لأبطل أثره، ولو شاء لأبقاه، وأنه لا أثر للسبب إلا بمشيئة الله - عز وجل ـ، فهذا لا ينافي التوحيد لا كمالاً ولا أصلاً، وعلى هذا لا إثم فيه.
ومع وجود الأسباب الشرعية الصحيحة ينبغي للإنسان أن لا يعلق نفسه بالسبب، بل يعلقها بالله.
فالموظف:
- الذي يتعلق قلبه بمرتبه تعلقاً كاملاً، مع الغفلة عن المسبب، وهو الله، قد وقع في نوع من الشرك.
- أما إذا اعتقد ان المرتب سبب، والمسبب هو الله - سبحانه وتعالى -، وجعل الاعتماد على الله، وهو يشعر أن المرتب سبب، فهذا لا ينافي التوكل. وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأخذ بالأسباب مع اعتماده على المسبب، وهو الله- عز وجل -.
(ج1/ 184)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/205)
ـ[المسيطير]ــــــــ[22 - 07 - 05, 01:40 ص]ـ
شروط جواز الرقية:
الأول: أن لا يعتقد أنها تنفع بذاتها دون الله، فإن اعتقد أنها تنفع بذاتها من دون الله، فهو محرم، بل شرك، بل يعتقد أنها سبب لا تنفع إلا بإذن الله.
الثاني: أن لا تكون مما يخالف الشرع، كما إذا كانت متضمنة دعاء غير الله، أو استغاثة بالجن، وما أشبه ذلك، فإنها محرمة، بل شرك.
الثالث: أن تكون مفهومة معلومة، فإن كانت من جنس الطلاسم والشعوذة، فإنها لا تجوز.
أما بالنسبة للتمائم، فإن كانت من أمر محرم، أو اعتقد أنها نافعة لذاتها، أو كانت بكتابة لا تفهم، فإنها لا تجوز بكل حال.
وإن تمت فيها الشروط الثلاثة السابقة في الرقية، فإن أهل العلم اختلفوا فيها كما سبق.
(ج1/ 187)
----
ـ[المسيطير]ــــــــ[22 - 07 - 05, 07:38 م]ـ
بابٌ مَنْ تَبَرَّكَ بِشَجَرٍ أو حَجَرٍ ونَحْوِهِمَا
قوله: "تبرك"، تفعل من البركة، والبركة: هي كثرة الخير وثبوته، وهي مأخوذة من البركة بالكسر، والبركة: مجمع الماء، ومجمع الماء يتميز عن مجرى الماء بأمرين:
1 - الكثرة.
2 - الثبوت.
والتبرك طلب البركة، وطلب البركة لا يخلو من أمرين:
1 - أن يكون التبرك بأمر شرعي معلوم، مثل القرآن، قال تعالى: (كتاب أنزلناه إليك مباركاً) [ص: 29]، فمن بركته أن من أخذ به حصل له الفتح، فأنقذ الله بذلك أمماً كثيرة من الشرك، ومن بركته أن الحرف الواحد بعشر حسنات، وهذا يوفر للإنسان الوقت والجهد، إلى غير ذلك من بركاته الكثيرة.
2 - أن يكون بأمر حسي معلوم، مثل: التعليم، والدعاء، ونحوه، فهذا الرجل يتبرك بعمله ودعوته إلى الخير، فيكون هذا بركة لأننا نلنا منه خيراً كثيراً.
وقال أسيد بن حضير: "ما هذه بأول بركتكم يا آل أبي بكر"، فإن الله يجري على بعض الناس من أمور الخير ما لا يجريه على يد الآخر.
(ج1/ 194)
----
قوله: (اللات)، تقرأ بتشديد التاء وتخفيفها، والتشديد قراءة ابن عباس، فعلى قراءة التشديد تكون اسم فاعل من اللت، وكان هذا الصنم أصله رجل يلت السويق للحجاج، أي: يجعل فيه السمن، ويطعمه الحجاج، فلما مات عكفوا على قبره وجعلوه صنماً. وأما على قراءة التخفيف، فإن اللات مشتقة من الله، أو من الإله، فهم اشتقوا من أسماء الله اسماً لهذا الصنم، وسموه اللات، وهي لأهل الطائف ومن حولهم من العرب.
وقوله: (العزى)، مؤنث أعز، وهو صنم يعبده قريش وبنو كنانة مشتق من اسم الله العزيز كان بنخلة بين مكة والطائف.
قوله: (ومناة)، قيل: مشتقة من المنان، وقيل: من منى، لكثرة ما يمنى عنده من الدماء بمعنى يراق، ومنه سميت منى، لكثرة ما يراق فيها من الدماء. وكان هذا الصنم بين مكة والمدينة لهذيل وخزاعة، وكان الأوس والخزرج يعظمونها ويهلون منها للحج.
(ج1/ 197)
----
فيه مسائل:
الحادية عشرة: أن الشرك فيه أصغر وأكبر، لأنهم لم يرتدوا بهذا، حيث لم يطلبوا جعل ذات الأنواط لعبادتها، بل للتبرك بها، والشرك فيه أصغر وأكبر، وفيه خفي وجلي.
فالشرك الأكبر: ما يخرج الإنسان من الله.
والشرك الأصغر: ما دون ذلك.
لكن كلمة (ما دون ذلك) ليس ميزاناً واضحاً. ولذلك اختلف العلماء في ضابط الشرك الأصغر على قولين:
القول الأول: أن الشرك الأصغر كل شيء أطلق الشارع عليه أنه شرك ودلت النصوص على أنه ليس من الأكبر، مثل: "من حلف بغير الله، فقد أشرك"، فالشرك هنا اصغر، لأنه دلت النصوص على أن مجرد الحلف بغير الله لا يخرج من الملة.
القول الثاني: أن الشرك الأصغر: ما كان وسيلة للأكبر، وإن لم يطلق الشرع عليه اسم الشرك، مثل: أن يعتمد الإنسان شيء كاعتماده على الله، لكنه لم يتخذه إلهاً، فهذا شرك أصغر، لأن هذا الاعتماد الذي يكون كاعتماده على الله يؤدي به في النهاية إلى الشرك الأكبر، وهذا التعريف أوسع من الأول، لأن الأول يمنع أن تطلق على شيء أنه شرك إلا إذا كان لديك دليل، والثاني يجعل كل ما كان وسيلة للشرك فهو شرك.
(ج1/ 206)
----
من المسائل:
الرابعة عشرة: سد الذرائع، الذرائع: الطرق الموصلة إلى الشيء، وذرائع الشيء: وسائله وطرقه.
والذرائع نوعان:
أ- ذرائع إلى أمور مطلوبة، فهذه لا تسد، بل تفتح وتطلب.
ب- ذرائع إلى أمور مذمومة، فهذه تسد، وهو مراد المؤلف رحمه الله تعالى.
وذات الأنواط وسيلة إلى الشرك الأكبر، فإذا وضعوا عليها أسلحتهم وتبركوا بها، يتدرج بهم الشيطان إلى عبادتها وسؤالهم حوائجهم منها مباشرة، فلهذا سد النبي صلى الله عليه وسلم الذرائع.
(ج1/ 209)
----
ـ[المسيطير]ــــــــ[22 - 07 - 05, 10:09 م]ـ
الأخ الكريم / الساري وفقه الله
كتاب الدر النضيد في تخريج كتاب التوحيد للشيخ/ صالح بن عبد الله العصيمي طبع عند دار ابن خزيمة 1413هـ ومجموع الأحاديث والآثار التي تكلم عليها في هذا الكتاب 161 كما ذكره الشيخ عبد الإله الشايع في كتابه عناية العلماء بكتاب التوحيد صفحة 38.
ودار ابن خزيمة في طريق الأحساء باتجاه الجنوب (أمام حديقة .... ).
وإن لم تجد الكتاب في دار ابن خزيمة فستجده - إن شاء الله تعالى - في مستودعات الجريسي خلف مصلحة معاشات التقاعد في طريق الوشم.
لم أجد الكتاب في دار ابن خزيمة، ووجدته في مستودعات الجريسي بكميات كبيرة، وسعره (15) ريال.
فائدة:
قال الشيخ/ صالح بن عبد الله العصيمي في المقدمة أنه عَرَضَ الكتاب على الشيخين الكريمين:
الشيخ المحدث عبدالله بن عبدالرحمن السعد حفظه الله.
ومعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله.
وقد زوّدا المؤلف ببعض الملحوظات والإفادات بعد عرضه عليهما.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/206)
ـ[ابو محمد 99]ــــــــ[26 - 07 - 05, 01:46 ص]ـ
شيخنا الفاضل اني احبك في الله واسال الله ان لا يحرمك الاجر وان يجمعنا بك تحت ظله يوم لا ظل الا ظله
اقترح لو تضع هذه الفوائد بعد الانتهاء منها في ملف حتى يسهل تحميلها
وعذرا على المقاطعة مع ان هذا الطلب سابق لأوانه
ولكن الحقيقة هو طلب ورغبة في رفع الموضوع ((حج وقضاء حاجة))
ـ[المسيطير]ــــــــ[27 - 07 - 05, 10:50 م]ـ
اقترح لو تضع هذه الفوائد بعد الانتهاء منها في ملف حتى يسهل تحميلها
وعذرا على المقاطعة مع ان هذا الطلب سابق لأوانه
ولكن الحقيقة هو طلب ورغبة في رفع الموضوع ((حج وقضاء حاجة))
أخي الكريم / أبامحمد99
جزاك الله خير الجزاء على دعائك ونصحك ورفعك.
أما بخصوص وضع ما تم نقله وترتيبه في ملف، فلعل الله تعالى أن ييسر ذلك، ولو كنت أعرف كيف يتم ذلك لبادرت - بعد الإنتهاء من الجمع -، ولن نعدم أخاً محبا للخير من أن يقوم بما تفضلت بطلبه.
زادك الله من فضله.
وأحبك الله الذي أحببتني فيه.
ـ[المسيطير]ــــــــ[27 - 07 - 05, 11:14 م]ـ
بابٌ مَا جَاءَ فِي الذَّبْحِ لِغَيْرِ اللهِ
قوله: "في الذبح"، أي: ذبح البهائم. قوله: "لغير الله"، اللام للتعليل، والقصد: أي قاصداً بذبحه غير الله.
والذبح لغير الله ينقسم إلى قسمين:
1 - أن يذبح لغير الله تقرباً وتعظيماً، فهذا شرك أكبر مخرج عن الملة.
2 - أن يذبح لغير الله فرحاً وإكراماً، فهذا لا يخرج من الملة، بل هو من الأمور العادية التي قد تكون مطلوبة أحياناً وغير مطلوبة أحياناً، فالأصل أنها مباحة.
ومراد المؤلف هنا القسم الأول.
فلو قدم السلطان إلى بلد، فذبحنا له، فإن كان تقرباً وتعظيماً، فإنه شرك أكبر، وتحرم هذه الذبائح، وعلامة ذلك: أننا نذبحها في وجهه ثم ندعها. أما لو ذبحنا له إكراماً وضيافة، وطبخت، وأكلت، فهذا من باب الإكرام، وليس بشرك.
(ج1/ 214)
----
فيه مسائل:
الرابعة: لعن من لعن والديه.
ولعن الرجل للرجل له معنيان:
الأول: الدعاء عليه باللعن.
الثاني: سبه وشتمه، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم فسره بقوله: "بسبب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه".
(ج1/ 225)
----
السابعة: الفرق بين لعن المعين ولعن أهل المعاصي على سبيل العموم:
فالأول: ممنوع.
والثاني: جائز.
فإذا رأيت من آوى محدثاً، فلا تقل: لعنك الله، بل قل: لعن الله من آوى محدثاً على سبيل العموم، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صار يلعن أناساً من المشركين من أهل الجاهلية بقولك: "اللهم العن فلاناً وفلاناً وفلاناً" نهي عن ذلك بقوله تعالى: (ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون) [آل عمران: 128].
فالمعين ليس لك أن تلعنه، وكم من إنسان صار على وصف يستحق به اللعنة ثم تاب فتاب الله عليه، إذن يؤخذ هذا من دليل منفصل.
وكأن المؤلف رحمه الله قال: الأصل عدم جواز إطلاق اللعن، فجاء هذا الحديث لاعناً للعموم، فيبقى الخصوص على أصله، لأن المسلم ليس بالطعان ولا باللعان، والرسول صلى الله عليه وسلم ليس طعاناً ولا لعاناً، ولعل هذا وجه أخذ الحكم من الحديث، وإلا؛ فالحديث لا تفريق فيه.
(ج1/ 226)
----
العاشرة: معرفة قدر الشرك في قلوب المؤمنين .. إلخ، وقد بينها المؤلف رحمه الله تعالى.
مسألة: هل الأولى للإنسان إذا أكره على الكفر أن يصبر ولو قتل، أو يوافق ظاهراً ويتأول؟.
هذه المسألة فيها تفصيل:
أولاً: أن يوافق ظاهراً وباطناً، وهذا لا يجوز لأنه ردة.
ثانياً: أن يوافق ظاهراً لا باطناً، ولكن يقصد التخلص من الإكراه، فهذا جائز.
ثالثاً: أن لا يوافق لا ظاهراً ولا باطناً ويقتل، وهذا جائز، وهو من الصبر.
لكن أيهما أولى أن يصبر ولو قتل، أو أن يوافق ظاهراً؟.
فيه تفصيل:
1 - إذا كان موافقة الإكراه لا يترتب عليه ضرر في الدين للعامة، فإن الأولى أن يوافق ظاهراً لا باطناً، لا سيما إذا كان بقاؤه فيه مصلحة للناس، مثل: صاحب المال الباذل فيما نفع أو العلم النافع وما أشبه ذلك، حتى وإن لم يكن فيه مصلحة، ففي بقائه على الإسلام زيادة عمل، وهو خير، وهو قد رخص له أن يكفر ظاهراً عند الإكراه، فالأولى أن يتأول، ويوافق ظاهراً لا باطناً.
2 - أما إذا كان في موافقته وعدم صبره ضرر على الإسلام، فإنه يصبر، وقد يجب الصبر، لأنه من باب الصبر على الجهاد في سبيل الله، وليس من باب إبقاء النفس، ولهذا لما شكى الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم ما يجدونه من مضايقة المشركين، قص عليهم قصة الرجل فيمن كان قبلنا بأن الإنسان كان يمشط ما بين لحمه وجلده بأمشاط الحديد ويصبر، فكأنه يقول لهم: اصبروا على الأذى. ولو حصل من الصحابة رضي الله عنهم في ذلك الوقت موافقة للمشركين وهم قلة، لحصل بذلك ضرر عظيم على الإسلام.
والإمام أحمد رحمه الله في المحنة المشهورة لو وافقهم ظاهراً، لحصل في ذلك مضرة على الإسلام.
(ج1/ 229)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/207)
ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[29 - 07 - 05, 12:46 ص]ـ
جزاك الله خير يا شيخنا المسيطير ونفعنا بعلمك
ـ[المسيطير]ــــــــ[04 - 08 - 05, 03:17 م]ـ
الأخ الفاضل / أبامهند النجدي وفقه الله
جزاك الله خير الجزاء.
----
بابٌ لا يُذْبَحُ لله بمَكانٍ يُذْبَحُ فيهِ لغَيْرِ الله
أقسام النذر:
الأول: ما يجب الوفاء به، وهو نذر الطاعة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله، فليطعه".
الثاني: ما يحرم الوفاء به، وهو نذر المعصية، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه"، وقوله: "فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله".
الثالث: ما يجري مجرى اليمين، وهو نذر المباح، فيخير بين فعله وكفارة اليمين، مثل لو نذر أن يلبس هذا الثوب، فإن شاء لبسه وإن شاء لم يلبسه، وكفّر كفارة يمين.
الرابع: نذر اللجاج والغضب، وسمّي بهذا الاسم، لأن اللجاج والغضب يحملان عليه غالباً، وليس بلازم أن يكون هناك لجاج وغضب، وهو الذي يقصد به معنى اليمين، الحث، أو المنع، أو التصديق، أو التكذيب.
مثل لو قال: حصل اليوم كذا وكذا، فقال الآخر: لم يحصل، فقال: إن كان حاصلاً، فعلي لله نذر أن أصوم سنة، فالغرض من هذا النذر التكذيب، فإذا تبين أنه حاصل، فالناذر مخير بين أن يصوم سنة، وبين أن يكفر كفارة يمين، لأنه إن صام فقد وفى بنذره، وإن لم يصف حنث، والحانث في اليمين يكفر كفارة يمين.
الخامس: نذر المكروه، فيكره الوفاء به، وعليه كفارة يمين.
السادس: النذر المطلق، وهو الذي ذكر فيه صيغة النذر، مثل أن يقول: لله علي نذر، فهذا كفارته كفارة يمين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين ".
(ج1/ 237 - 238)
-----
وقوله "ولا فيما لا يملك ابن آدم" الذي لا يملكه ابن آدم يحتمل معنيين:
الأول: ما لا يملك فعله شرعاً، كما لو قال: لله على أن أعتق عبد فلان، فلا يصح لأنه لا يملك إعتاقه.
الثاني: ما لا يملك فعله قدراً كما لو قال: لله عليّ نذر أن أطير بيدي فهذا لا يصح لأنه لا يملكه والفقهاء رحمهم الله يمثلون بمثل هذا للمستحيل. (ج1/ 240)
----
فيه مسائل:
الخامسة: أن تخصيص البقعة بالنذر لا بأس به إذا خلا من الموانع، لقوله: "أوف بنذرك"، وسواء كانت هذه الموانع واقعة أو متوقعة:
- فالواقعة: أن يكون فيها وثن أو عيد من أعياد الجاهلية.
- والمتوقعة: أن يخشى من الذبح في هذا المكان تعظيمه، فإذا خشي، كان ممنوعاً، مثل: لو أراد أن يذبح عند جبل، فالأصل أنه جائز، لكن لو خشي أن العوام يعتقدون أن في هذا المكان مزية، كان ممنوعاً. (ج1/ 242)
----
ـ[المسيطير]ــــــــ[04 - 08 - 05, 03:37 م]ـ
بابٌ من الشِّرْكِ النَّذْرُ لِغَيْرِ الله
النذر لغير الله:
مثل أن يقول: لفلان علي نذر، أو لهذا القبر علي نذر، أو لجبريل علي نذر، يريد بذلك التقرب إليهم، وما أشبه ذلك.
والفرق بينه وبين نذر المعصية:
- أن النذر لغير الله ليس لله أصلاً.
- ونذر المعصية لله، ولكنه على معصية من معاصيه، مثل أن يقول: لله على نذر أن أفعل كذا وكذا من معاصي الله، فيكون النذر والمنذور معصية.
ونظير هذا الحلف بالله على شيء محرم، والحلف بغير الله:
- فالحلف بغير الله مثل: والنبي، لأفعلن كذا وكذا، ونظيره النذر لغير الله.
- والحلف بالله على محرم، مثل: والله، لأسرقن، ونظيره نذر المعصية.
وحكم النذر لغير الله: شرك، لأنه عبادة للمنذور له، وإذا كان عبادة، فقد صرفها لغير الله، فيكون مشركاً.
وهذا النذر لغير الله لا ينعقد إطلاقاً، ولا تجب فيه كفارة، بل هو شرك تجب التوبة منه، كالحلف بغير الله فلا ينعقد وليس فيه كفارة.
وأما نذر المعصية، فينعقد، لكن لا يجوز الوفاء به، وعليه كفارة يمين، كالحلف بالله على المحرم ينعقد، وفيه كفارة.
(ج1/ 245)
----
قوله: "ومن نذر أن يعصي الله، فلا يعصه"، لا: ناهية، والنهي بحسب المعصية، فإن كانت المعصية حراماً، فالوفاء بالنذر حرام، وإن كانت المعصية مكروهة، فالوفاء بالنذر مكروه، لأن المعصية الوقوع فيما نهي عنه.
والمنهي عنه ينقسم عند أهل العلم إلى قسمين:
- منهي عنه نهي تحريم.
- ومنهي عنه نهي تنزيه.
(ج1/ 248)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/208)
ـ[المسيطير]ــــــــ[04 - 08 - 05, 07:10 م]ـ
بابٌ من الشِّركِ الاستِعَاذَةُ بِغَيْرِ الله
المتن:" وقول الله تعالى: (وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً) [الجن: 6].
قوله: (يعوذون)، الجملة خبر كان، ويقال: عاذ به ولاذ به.
- فالعياذ مما يخاف.
- واللياذ فيما يؤمل.
وعليه قول الشاعر يخاطب ممدوحة، ولا يصلح ما قاله إلا لله:
يا من ألوذ به فيما أأمله ... ومن أعوذ به مما أحاذره
لا يجبر الناس عظماً أنت كاسره ... ولا يهيضون عظماً أنت جابره
(ج1/ 250)
----
المتن:" وعن خولة بنت حكيم قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من نزل منزلاً، فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك" رواه مسلم.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: "التامات"، تمام الكلام بأمرين:
1 - الصدق في الأخبار.
2 - العدل في الأحكام.
قال الله تعالى: (وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً) [الأنعام: 115].
(ج1/ 253)
----
قوله: "من شر ما خلق"، أي: من شر الذي خلق، لأن الله خلق كل شيء: الخير والشر، ولكن الشر لا ينسب إليه، لأنه خلق الشر لحكمة، فعاد بهذه الحكمة خيرا ً، فكان خيراً.
وليس كل ما خلق الله فيه شر، لكن تستعيذ من شره إن كان فيه شر.
لأن مخلوقات الله تنقسم إلى ثلاثة أقسام هي:
1 - شر محض، كالنار وإبليس باعتبار ذاتيهما، أما باعتبار الحكمة التي خلقهما الله من أجلها، فهي خير.
2 - خير محض، كالجنة، والرسل، والملائكة.
3 - فيه شر وخير، كالإنس، والجن، والحيوان.
وأنت إنما تستعيذ من شر ما فيه شر.
(ج1/ 253 - 254)
----
وفي الحديث: "أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر"، وهنا استعاذ بعزة الله وقدرته، ولم يستعذ بالله، والعزة والقدرة من صفات الله، وهي ليست مخلوقة.
ولهذا يجوز القسم بالله وبصفاته، لأنها غير مخلوقة.
أما القسم بالآيات:
- فإن أراد الآيات الشرعية، فجائز.
- وإن أراد الآيات الكونية، فغير جائز.
(ج1/ 255)
----
أما الاستعاذة بالمخلوق، ففيها تفصيل:
- فإن كان المخلوق لا يقدر عليه، فهي من الشرك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "لا يجوز الاستعاذة بالمخلوق عند أحد من الأئمة"، وهذا ليس على إطلاقه، بل مرادهم مما لا يقدر عليه إلا الله، لأنه لا يعصمك من الشر الذي لا يقدر عليه إلا الله، سوى الله.
ومن ذلك أيضاً الاستعاذة بأصحاب القبور، فإنهم لا ينفعون ولا يضرون، فالاستعاذة بهم شرك أكبر، سواء كان عند قبورهم أم بعيداً عنهم.
أما الاستعاذة بمخلوق فيما يقدر عليه، فهي جائزة، وقد أشار إلى ذلك الشارح الشيخ سليمان في "تيسير العزيز الحميد"، وهو مقتضى الأحاديث الواردة في "صحيح مسلم":
- لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الفتن، قال: "فمن وجد من ذلك ملجأ، فليعذ به".
- وكذلك قصة المرأة التي عاذت بأم سلمة.
- والغلام الذي عاذ بالنبي صلى الله عليه وسلم.
- وكذلك في قصة الذين يستعيذون بالحرم والكعبة، وما أشبه ذلك. وهذا هو مقتضى النظر، فإذا اعترضني قطاع طريق، فعذت بإنسان يستطيع أن يخلصني منهم، فلا شيء فيه.
لكن تعليق القلب بالمخلوق لا شك أنه من الشرك، فإذا علقت قلبك ورجاءك وخوفك وجميع أمورك بشخص معين، وجعلته ملجأ، فهذا شرك، لأن هذا لا يكون إلا لله. (ج1/ 255)
ـ[المسيطير]ــــــــ[05 - 08 - 05, 10:11 م]ـ
بابٌ مِنَ الشِّركِ أنْ يَسْتَغِيثَ بغَيرِ اللهِ أوْ يدْعُو غَيْرَهُ
قوله: "من الشرك"، من: للتبعيض، فيدل على أن الشرك ليس مختصاً بهذا الأمر.
والاستغاثة: طلب الغوث، وهو إزالة الشدة.
وكلام المؤلف رحمه الله ليس على إطلاقه:
1 - بل يقيد بما لا يقدر عليه المستغاث به، إما لكونه ميتاً، أو غائباً، أو يكون الشيء مما لا يقدر على إزالته إلا الله تعالى، فلو استغاث بميت ليدافع عنه أو بغائب أو بحي حاضر لينزل المطر فهذا كله من الشرك.
2 - ولو استغاث بحي حاضر فيما يقدر عليه كان جائزاً، قال الله تعالى: (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه) [القصص: 15].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/209)
وإذا طلبت من أحد الغوث وهو قادر عليه، فإنه يجب عليك تصحيحاً لتوحيدك أن تعتقد أنه مجرد سبب، وأنه لا تأثير له بذاته في إزالة الشدة، لأنك ربما تعتمد عليه وتنسى خالق السبب، وهذا قادح في كمال التوحيد.
(ج1/ 260)
----
قوله: "أو يدعو غيره"، معطوف على قوله: "أن يستغيث"، فيكون المعنى: من الشرك أن يدعو غير الله، وذلك لأن الدعاء من العبادة، قال الله تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) [غافر: 60]، (عبادتي)، أي: دعائي، فسمى الله الدعاء عبادة. وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الدعاء هو العبادة".
والدعاء ينقسم إلى قسمين:
1 - ما يقع عبادة، وهذا صرفه لغير الله شرك، وهو المقرون بالرهبة والرغبة، والحب، والتضرع.
2 - ما لا يقع عبادة، فهذا يجوز أن يوجه إلى المخلوق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من دعاكم فأجيبوه"، وقال: "إذا دعاك فأجبه"، وعلى هذا، فمراد المؤلف بقوله "أو يدعو غيره" دعاء العبادة أو دعاء المسألة فيما لا يمكن للمسؤول إجابته.
(ج1/ 261)
----
وقوله: (ولا تدع من دون الله)، الدعاء: طلب ما ينفع، أو طلب دفع ما يضر.
وهو نوعان كما قال أهل العلم:
الأول: دعاء عبادة وهو أن يكون قائماً بأمر الله، لأن القائم بأمر الله - كالمصلي، والصائم، والمزكي - يريد بذلك الثواب والنجاة من العقاب، ففعله متضمن للدعاء بلسان الحال، وقد يصحب فعله هذا دعاء بلسان المقال.
الثاني: دعاء مسألة، وهو طلب ما ينفع، أو طلب دفع ما يضره.
فالأول لا يجوز صرفه لغير الله، والثاني فيه تفصيل سبق.
(ج1/ 262)
----
قوله: (واشكروا له) والشكر فسروه بأنه: القيام بطاعة المنعم.
وقالوا: إنه يكون في ثلاثة مواضع:
1 - في القلب، وهو أن يعترف بقلبه أن هذه النعمة من الله، فيرى لله فضلاً عليه بها، قال تعالى: (وما بكم من نعمة فمن الله) [النحل: 53]،
2 - اللسان، وهو أن يتحدث بها على وجه الثناء على الله والاعتراف وعدم الجحود، لا على سبيل الفخر والخيلاء والترفع على عباد الله، فيتحدث بالغنى لا ليكسر خاطر الفقير، بل لأجل الثناء على الله، وهذا جائز.
3 - الجوارح، وهو أن يستعملها بطاعة المنعم، وعلى حسب ما يختص بهذه النعمة. فمثلاً: شكر الله على نعمة العلم: أن تعمل به، وتعلمه الناس. وشكر الله على نعمة المال: أن تصرفه بطاعة الله، وتنفع الناس به.
(ج1/ 268)
----
ـ[المسيطير]ــــــــ[10 - 08 - 05, 11:09 م]ـ
بابٌ قولُ اللهِ تعالى: (أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون * ولا يستطيعون لهم نصراً) الآية.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
فبين الله عجز هذه الأصنام، أنها لا تصلح أن تكون معبودة من أربعة وجوه، هي:
1 - أنها لا تخلق، ومن لا يخلق لا يستحق أن يعبد.
2 - أنهم مخلوقون من العدم، فهم مفتقرون إلى غيرهم ابتداءً ودواماً.
3 - أنهم لا يستطيعون نصر الداعين لهم، وقوله: (لا يستطيعون) أبلغ من قوله: "لا ينصرونهم"، لأنه لو قال: "لا ينصرونهم"، فقد يقول قائل: لكنهم يستطيعون، لكن لما قال: (لا يستطيعون لهم نصراً) كان أبلغ لظهور عجزهم.
4 - أنهم لا يستطيعون نصر أنفسهم.
(ج1/ 285)
---
وقوله: (من قطمير)، القطمير: سلب نواة التمرة.
وفي النواة ثلاثة أشياء ذكرها الله في القرآن لبيان حقارة الشيء:
1 - القطمير: وهو اللفافة الرقيقة التي على النواة.
2 - الفتيل: وهو سلك يكون في الشق الذي في النواة. 3 - النقير: وهي النقرة التي تكون على ظهر النواة.
(ج1/ 285)
----
ـ[المسيطير]ــــــــ[11 - 08 - 05, 12:15 ص]ـ
باب قول الله تعالى: (حتى إذا فُزِّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير) [سبأ: 23].
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
قوله تعالى: (وهو العلي الكبير)، أي: العلي في ذاته وصفاته، والكبير: ذو الكبرياء وهي العظمة التي لا يدانيها شيء، أي العظيم الذي لا أعظم منه.
والعلو قسمان:
الأول: علو الصفات، وقد أجمع عليه كل من ينتسب للإسلام حتى الجهمية ونحوهم.
الثانية: علو الذات، وقد أنكره كثير من المنتسبين للإسلام مثل الجهمية وبعض الأشاعرة غير المحققين منهم، فإن المحققين منهم أثبتوا علو الذات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/210)
وعلوه لا ينافي كونه مع الخلق يعلمهم ويسمعهم ويراهم، لأنه ليس كمثله شيء في جميع صفاته.
(ج1/ 308)
----
الفرق بين الجهمية والأشاعرة في كلام الله عز وجل:
الجهمية يقولون: القرآن مخلوق وهو كلام الله.
الأشاعرة يقولون: القرآن مخلوق وهو عبارة عن كلام الله.
(ج1/ 309)
----
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
1 - وأما تفسير الصحابي، فإنه حجة عند أكثر المفسرين.2 - وأما التابعين، فإن أكثر العلماء يقول:إنه ليس بحجة إلا من اختص منهم بشيء، كمجاهد، فإنه عرض المصحف على ابن عباس عشرين مرة أو أكثر، يقف عند كل آية ويسأله عن معناها.
3 - وأما من بعد التابعين، فليس تفسيره حجة على غيره، لكن إن أيده سياق القرآن كان العمدة سياق القرآن.
فلا يقبل أن يقال: إذا فزع عن قلوب الناس يوم القيامة، بل نقول: الرسول صلى الله عليه وسلم فسر الآية بتفسير غيبي لا مجال للاجتهاد فيه، وما كان غيبياً وجاء به النص، فالواجب علينا قبوله.
- ولهذا نقول في مسألة ما يعذر فيه بالاجتهاد وما لا يعذر:
إنه ليس عائداً على أن هذا من الأصول وهذا من الفروع، كما قال بعض العلماء: الأصول لا مجال للاجتهاد فيها، ويخطئ المخالف مطلقاً بخلاف الفروع.
لكن شيخ الإسلام ابن تيمية أنكر تقسيم الدين إلى أصول وفروع، ويدل على بطلان هذا التقسيم: أن الصلاة عند الذين يقسمون من الفروع، مع أنها من أجل الأصول.
والصواب:
أن مدار الإنكار على:
1 - ما للاجتهاد فيه مجال.
2 - وما لا مجال فيه.
- فالأمور الغيبية ينكر على المخالف فيها ولا يعذر، سواء كانت تتعلق بصفات الله أو اليوم الآخر أو غير ذلك، لأنه لا مجال للاجتهاد فيها.
- أما الأمور العملية التي للاجتهاد فيها مجال، فلا ينكر على المخالف فيها إلا إذا خالف نصاً صريحاً، وإن كان يصح تضليله بهذه المخالفة.
(ج1/ 311)
-----
قوله: " ثم يلقيها الآخر إلى من تحته حتى يلقيها "، أي: يلقي الكلمة آخرهم الذي في الأرض على لسان الساحر أو الكاهن.
والسحر: عزائم ورقى وتعوذات تؤثر في بدن المسحور وقلبه وعقله وتفكيره.
والكاهن: هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل.
وقد التبس على بعض طلبة العلم، فظنوا أنه كل من يخبر عن الغيب ولو فيما مضى، فهو كاهن، لكن ما مضى مما يقع في الأرض ليس غيباً مطلقاً، بل هو غيب نسبي، مثل ما يقع في المسجد يعد غيباً بالنسبة لمن في الشارع، وليس غيباً بالنسبة لمن في المسجد.
وقد يتصل الإنسان بجني، فيخبره عما حدث في الأرض ولو كان بعيداً، فيستخدم الجن، لكن ليس على وجه محرم، فلا يسمى كاهناً، لأن الكاهن من يخبر عن المغيبات في المستقبل. وقيل: الذي يخبر عما في الضمير، وهو نوع من الكهانة في الواقع، إذا لم يستند إلى فراسة ثاقبة، أما إذا كان يخبر عما في الضمير استناداً إلى فراسة، فإنه ليس من الكهانة في شيء، لأن بعض الناس قد يفهم ما في الإنسان اعتماداً على أسارير وجهه ولمحاته، وإن كان لا يعلمه على وجه التفصيل، لكن يعلمه على سبيل الإجمال. (ج1/ 313)
----
قوله: "فربما أدركه الشهاب .... إلخ"، الشهاب: جزء منفصل من النجوم، ثاقب، قوي، ينفذ فيما يصطدم به.
- فالشهب: نيازك تنطلق من النجوم. وهي كما قال أهل الفلك: تنزل إلى الأرض، وقد تحدث تصدعاً فيها.
- أما النجم، فلو وصل إلى الأرض، لأحرقها.
(ج1/ 315)
----
من فوائد الحديث:
إثبات الإرادة لقوله: "إذا أراد الله"، وهي قسمان:
1 - شرعية.
2 - وكونية.
والفرق بينهما:
أولاً / من حيث المتعلق:
1 - فالإرادة الشرعية تتعلق بما يحبه الله - عز وجل ـ، سواء وقع أو لم يقع.
2 - وأما الكونية، فتتعلق بما يقع، سواء كان مما يحبه الله أو مما لا يحبه.
ثانياً / من حيث الحكم، أي حصول المراد:1 - فالشرعية لا يلزم منها وقوع المراد.
2 - أما الكونية، فيلزم منها وقوع المراد.
- فقوله تعالى: (والله يريد أن يتوب عليكم) [النساء: 27] هذه إرادة شرعية، لأنها لو كانت كونية لتاب على كل الناس، وأيضاً متعلقها فيما يحبه الله وهو التوبة.
- وقوله: (إن كان الله يريد أن يغويكم) [هود: 34] هذه كونية، لأن الله لا يريد الإغواء شرعاً، أما كوناً وقدراً، فقد يريده.
- وقوله: (يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم) [النساء: 26] هذه كونية، لكنها في الأصل شرعية، لأنه قال: (ويتوب عليكم) [النساء: 26]. وقوله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) [البقرة: 185] هذه شرعية، لأن قوله: (ولا يريد بكم العسر) لا يمكن أن تكون كونية، إذ إن العسر يقع ولو كان الله لا يريده قدراً وكوناً؛ لم يقع.
(ج1/ 320)
-----
8 - إثبات العزة والجلال لله - عز وجل ـ، لقوله: "عز وجل".
- والعزة بمعنى: الغلبة والقوة، وللعزيز ثلاثة معان:
1 - عزيز: بمعنى ممتنع أن يناله أحد بسوء.
2 - عزيز: بمعنى ذي قدر لا يشاركه فيه أحد.
3 - عزيز: بمعنى غالب قاهر. قال ابن القيم في النونية:
وهو العزيز فلن يرام جنابه ... أني يرام جناب ذي السلطان
وهو العزيز القاهر الغلاب لم ... يغلبه شيء هذه صفتان
وهو العزيز بقوة هي وصفه ... فالعز حينئذ ثلاث معان
(ج1/ 322)
-----
العشرون: إثبات الصفات خلافاً للأشعرية المعطلة.
- الأشعرية: هم الذين ينتسبون إلى أبي الحسن الأشعري وسموا معطلة لأنهم يعطلون النصوص عن المعنى المراد بها ويعطلون ما وصف الله به نفسه. والمراد تعطيل أكثر ذلك فإنهم يعطلون أكثر الصفات ولا يعطلون جميعها.
- بخلاف المعتزلة، فالمعتزلة: ينكرون الصفات ويؤمنون بالأسماء، هؤلاء عامتهم، وإلا، فغلاتهم ينكرون حتى الأسماء، وأما الأشاعرة، فهم معطلة اعتباراً بالأكثر، لأنهم لا يثبتون من الصفات إلى سبعاً، وصفاته وتعالى لا تحصى، وإثباتهم لهذه السبع ليس كإثبات السلف،
(ج1/ 326)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/211)
ـ[أبو حذيفة الحنبلىّ]ــــــــ[11 - 08 - 05, 08:29 ص]ـ
بارك الله فيك شيخنا ..
انّى أحبك فى الله
ـ[المسيطير]ــــــــ[12 - 08 - 05, 03:19 م]ـ
الأخ الكريم / أباحذيفة النجدي
جزاك الله خير الجزاء على دعائك ومتابعتك.
وأحبك الله الذي أحببتني له.
والنداء بـ (الأخ) أحب إلي- والله - من غيرها من الألقاب التي لا يستحقها إلا المشايخ الفضلاء.
----
ـ[المسيطير]ــــــــ[12 - 08 - 05, 03:43 م]ـ
بابٌ الشَّفَاعَةُ
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
ولكن يقصد بها (أي الشفاعة) أمران، هما:
1 - إكرام الشافع.
2 - نفع المشفوع له.
والشفاعة:
- لغة: اسم من شفع يشفع، إذا جعل الشيء اثنين، والشفع ضد الوتر، قال تعالى: (والشفع والوتر) [الفجر: 3].
- واصطلاحاً: التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة.
مثال جلب المنفعة: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الجنة بدخولها.
مثال دفعة المضرة: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لمن استحق النار أن لا يدخلها.
(ج1/ 330)
----
وقد قسم أهل العلم رحمه الله الشفاعة إلى قسمين رئيسيين، هما:
القسم الأول:
الشفاعة الخاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم، وهي أنواع:
النوع الأول: الشفاعة العظمى، وهي من المقام المحمود الذي وعده الله، فإن الناس يلحقهم يوم القيامة في ذلك الموقف العظيم من الغم والكرب ما لا يطيقونه.
النوع الثاني: شفاعته في أهل الجنة أن يدخلوها، لأنهم إذا عبروا الصراط ووصلوا إليها وجدوها مغلقة، فيطلبون من يشفع له، فيشفع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله في فتح أبواب الجنة لأهلها.
النوع الثالث: شفاعته صلى الله عليه وسلم في عمه أبي طالب أن يخفف عنه العذاب، وهذه مستثناة من قوله تعالى: (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) [المدثر: 48]، وهذه الشفاعة خاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم لا أحد يشفع في كافر أبداً إلا النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لم تقبل الشفاعة كاملة، وإنما هي تخفيف فقط.
القسم الثاني:
الشفاعة العامة له صلى الله عليه وسلم ولجميع المؤمنين. وهي أنواع:
النوع الأول: الشفاعة فيمن استحق النار أن لا يدخلها، وهذه قد يستدل لها بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً، إلا شفعهم الله فيه"، فإن هذه شفاعة قبل أن يدخل النار، فيشفعهم الله في ذلك.
النوع الثاني: الشفاعة فيمن دخل النار أن يخرج منها، وقد تواترت بها الأحاديث وأجمع عليها الصحابة، واتفق عليها أهل الملة ما عدا طائفتين، وهما:
1 - المعتزلة.
2 - والخوارج.
فإنهم ينكرون الشفاعة في أهل المعاصي مطلقاً لأنهم يرون أن فاعل الكبيرة مخلد في النار، ومن استحق الخلود، فلا تنفع فيه الشفاعة، فهم ينكرون أن النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره يشفع في أهل الكبائر أن لا يدخلوا النار، أو إذا دخولها أن يخرجوا منها، لكن قولهم هذا باطل بالنص والإجماع.
النوع الثالث: الشفاعة في رفع درجات المؤمنين، وهذه تؤخذ من دعاء المؤمنين بعضهم لبعض كما قال صلى الله عليه وسلم في أبي سلمة: "اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، وأفسح له في قبره، ونور له فيه، واخلفه في عقبه"، والدعاء شفاعة، كما قال صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً، إلا شفعهم الله فيه".
(ج1/ 332 - 334)
----
قوله: (إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى)، فللشفاعة شرطان، هما:
1 - الإذن من الله، لقوله: (أن يأذن الله).
2 - رضاه عن الشافع والمشفوع له، لقوله: (ويرضى)، وكما قال تعالى: (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) [الأنبياء: 28].
فلا بد من:
- إذنه تعالى.
- ورضاه عن الشافع.
- والمشفوع له، إلا في التخفيف عن أبي طالب، وقد سبق ذلك.
(ج1/ 336)
----
والحكمة من هذه الواسطة بيّنها بقوله: "ليكرمه وينال المقام المحمود"، ولو شاء الله لغفر لهم بلا شفاعة، ولكنه أراد بيان فضل هذا الشافع وإكرامه أمام الناس، ومن المعلوم أن من قبل الله شفاعته، فهو عنده بمنزلة عالية، فيكون في هذا إكرام للشافع من وجهين:
الأول: إكرام الشافع بقبول شفاعته.
الثاني: ظهور جاهه وشرفه عند الله تعالى.
(ج1/ 344)
-----
فيه مسائل:
الثانية: صفة الشفاعة المنفية، وهي ما كان فيها شرك، فكل شفاعة فيها شرك، فإنها منفية.
الثالثة: صفة الشفاعة المثبتة وهي شفاعة أهل التوحيد بشرط:
1 - إذن الله تعالى.
2 - ورضاه عن الشافع.
3 - والمشفوع له. (ج1/ 346)
---
ـ[المسيطير]ــــــــ[13 - 08 - 05, 01:16 ص]ـ
بابٌ قولُ اللهِ تعالى: (إنّك لا تَهدِي مَنْ أحْبَبْتَ) الآية
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
قوله تعالى: (إنك لا تهدي من أحببت) [القصص: 56].
- والهداية التي نفاها الله عن رسوله صلى الله عليه وسلم هداية التوفيق.
- والتي أثبتها له هداية الدلالة والإرشاد، ولهذا أتت مطلقة لبيان أن الذي بيده هو هداية الدلالة فقط، لا أن يجعله مهتدياً، قال تعالى: (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) [الشورى: 52].
(ج1/ 348)
----
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/212)
ـ[المسيطير]ــــــــ[13 - 08 - 05, 02:08 ص]ـ
بابٌ ما جَاءَ أنَّ سَبَبَ كُفْرِ بَنِي آدَمَ وَتَرْكِهمْ دِينَهُمْ هُوَ الغُلُوُّ فِي الصَّالِحينَ
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: "هو الغلو"، والغلو: هو مجاوزة الحد في الثناء مدحاً أو قدحاً.
(ج1/ 362)
----
واعلم أن الحقوق ثلاثة أقسام، وهي:
الأول: حق لله لا يشرك فيه غيره: لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، وهو ما يختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات. الثاني: حق خاص للرسل، وهو إعانتهم وتوقيرهم وتبجيلهم بما يستحقون.
الثالث: حق مشترك، وهو الإيمان بالله ورسله، وهذه الحقوق موجودة في الآية الكريمة، وهي قوله تعالى: (لتؤمنوا بالله ورسوله)، فهذا حق مشترك، (وتعزروه وتوقروه) هذا خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم، (وتسبحوه بكرة وأصيلاً) [الفتح: 9] هذا خاص بالله - سبحانه وتعالى -.
والذين يغلون في الرسول صلى الله عليه وسلم يجعلون حق الله له، فيقولون: (وتسبحوه)، أي: الرسول، فيسبحون الرسول كما يسبحون الله، ولا شك أنه شرك، لأن التسبيح من حقوق الله الخاصة به، بخلاف الإيمان، فهو من الحقوق المشتركة بين الله ورسوله. (ج1/ 371)
----
أقسام الناس في العبادة:
والناس في العبادة طرفان ووسط:
1 - فمنهم المفرط.
2 - ومنهم المفرط.
3 - ومنهم المتوسط.
فدين الله بين الغالي فيه والجافي عنه، وكون الإنسان معتدلاً لا يميل إلى هذا ولا إلى هذا هذا هو الواجب، فلا يجوز التشدد في الدين والمبالغة، ولا التهاون وعدم المبالاة، بل كن وسطاً بين هذا وهذا.
والغلو له أقسام كثيرة، منها:
- الغلو في العقيدة.
- الغلو في العبادة.
- الغلو في المعاملة.
- الغلو في العادات.
والأمثلة عليها كما يلي:
1 - أما الغلو في العقيدة: فمثل ما تشدق فيه أهل الكلام بالنسبة لإثبات الصفات، فإن أهل الكلام تشدقوا وتعمقوا حتى وصلوا إلى الهلاك قطعاً، حتى أدى بهم هذا التعمق إلى واحد من أمرين:
- إما التمثيل.
- أو التعطيل.
إما أنهم مثلوا الله بخلقه، فقالوا: هذا معنى إثبات الصفات، فغلوا في الإثبات حتى أثبتوا ما نفى الله عن نفسه.
أو عطلوه وقالوا: هذا معنى تنزيهه عن مشابهة المخلوقات، وزعموا أن إثبات الصفات تشبيه، فنفوا ما أثبته الله لنفسه.
لكن الأمة الوسط اقتصدت في ذلك، فلم تتعمق في الإثبات ولا في النفي والتنزيه، فأخذوا بظواهر اللفظ، وقالوا: ليس لنا أن نزيد على ذلك، فلم يهلكوا، بل كانوا على الصراط المستقيم.
2 - أما الغلو في العبادات:
- فهو التشدد فيها، بحيث يرى أن الإخلال بشيء منها كفر وخروج عن الإسلام، كغلو الخوارج والمعتزلة، حيث قالوا: إن من فعل كبيرة من الكبائر، فهو خارج عن الإسلام وحل دمه وماله، وأباحوا الخروج على الأئمة وسفك الدماء، وكذا المعتزلة، حيث قالوا: من فعل كبيرة، فهو بمنزلة بين المنزلتين: الإيمان والكفر، فهذا تشدد أدى إلى الهلاك.
- وهذا التشدد قابله تساهل المرجئة، فقالوا: إن القتل والزنا والسرقة وشرب الخمر ونحوها من الكبائر، لا تخرج من الإيمان، ولا تنقص من الإيمان شيئاً، وإنه يكفي في الإيمان الإقرار، وإن إيمان فاعل الكبيرة كإيمان جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لا يختلف الناس في الإيمان، وهؤلاء في الحقيقة يصلحون لكثير من الناس في هذا الزمان، ولا شك أن هذا تطرف بالتساهل، والأول تطرف بالتشدد.
- ومذهب أهل السنة أن الإيمان يزيد وينقص، وفاعل المعصية ناقص الإيمان بقدر معصيته، ولا يخرج من الإيمان إلا بما برهنت النصوص على أنه كفر.
3 - وأما الغلو في المعاملات:
- فهو التشدد في الأمور بتحريم كل شيء حتى ولو كان وسيلة، وأنه لا يجوز للإنسان أن يزيد عن واجبات حياته الضرورية، وهذا مسلك سلكه الصوفية، حيث قالوا: من اشتغل بالدنيا، فهو غير مريد للآخرة، وقالوا: لا يجوز أن تشتري ما زاد على حاجتك الضرورية، وما أشبه ذلك.
- وقابل هذا التشدد تساهل من قال: يحل كل شيء ينمي المال ويقوي الاقتصاد، حتى الربا والغش وغير ذلك. فهؤلاء - والعياذ بالله - متطرفون بالتساهل، فتجده يكذب في ثمنها وفي وصفها وفي كل شيء لأجل أن يكسب فلساً أو فلسين، وهذا لا شك أنه تطرف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/213)
- والتوسط أن يقال: تحل المعاملات وفق ما جاءت به النصوص، (وأحل الله البيع وحرم الربا) [البقرة: 275]، فليس كل شيء حراماً، فالنبي صلى الله عليه وسلم باع واشترى، والصحابة رضي الله عنهم يبيعون ويشترون، والنبي صلى الله عليه وسلم يقرهم.
4 - وأما الغلو في العادات:
- فإذا كانت هذه العادة يخشى أن الإنسان إذا تحول عنها انتقل من التحول في العادة إلى التحول في العبادة، فهذا لا حرج أن الإنسان يتمسك بها، ولا يتحول إلى عادة جديدة.
- أما إذا كان الغلو في العادة يمنعك من التحول إلى عادة جديدة مفيدة أفيد من الأولى، فهذا من الغلو المنهي عنه، فلو أن أحداً تمسك بعادته في أمر حدث أحسن من عادته التي هو عليها نقول: هذا في الحقيقة غال ومفرط في هذه العادة.
- وأما إن كانت العادات متساوية المصالح، لكنه يخشى أن ينتقل الناس من هذه العادة إلى التوسع في العادة التي قد تخل بالشرف أو الدين، فلا يتحول إلى العادة الجديدة.
(ج1/ 374 - 377)
----
الشهوة أشد من الشبهة:
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
وهكذا المعاصي، فالمعاصي لها تأثير قوي على القلب، وأشدها تأثيراً:
الشهوة فهي أشد من الشبهة.
- لأن الشبهة أيسر زوالاً على من يسرها الله عليه، إذ إن مصدرها الجهل، وهو يزول بالتعلم.
- أما الشهوة، وهي إرادة الإنسان الباطل، فهي البلاء الذي يقتل به العالم والجاهل.
ولذا كانت معصية اليهود أكبر من معصية النصارى، لأن معصية اليهود سببها الشهوة وإرادة السوء والباطل، والنصارى سببها الشبهة.
(ج1/ 385)
----
فيه مسائل:
الرابعة عشر: - وهي أعجب العجب - قراءتهم إياها في كتب التفسير والحديث.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
والعجب نوعان:
الأول: بمعنى الإستحسان، وهو ما إذا تعلق بمحمود، كقول عائشة رضي الله عنها في الحديث:" كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله، وترجله، وطهوره، وفي شأنه كله ".
الثاني: بمعنى الإنكار، وذلك فيما إذا تعلق بمذموم، قال تعالى:" وإن تعجب فعجب قولهم .. " الآية.
(ج1/ 388)
----
الفرق بين التنطع والغلو والإجتهاد:
- الغلو: مجاوزة الحد.
- التنطع: التشدق بالشئ والتعمق فيه، وهو من أنواع الغلو.
- الإجتهاد:بذل الجهد لإدراك الحق، وليس فيه غلو إلا إذا كان المقصود بالإجتهاد كثرة الطاعة غير المشروعة، فقد تؤدي إلى الغلو.
(ج1/ 391)
--
ـ[المسيطير]ــــــــ[03 - 09 - 05, 11:25 م]ـ
بابٌ ما جاءَ في التَّغْلِيظِ فيمَنْ عَبَدَ اللهَ عِنْدَ قَبْرِ رَجُلٍ صَالحٍ؛ فكيف إذا عَبَدَهُ؟!
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: "التغليظ"، التشديد. قوله: "من عبد الله عند قبر رجل صالح"، أي: عمل عملاً تعبد الله به من قراءة أو صلاة أو صدقة أو غير ذلك.
قوله: "فكيف إذا عبده؟ "، أي: يكون أشد وأعظم، وذلك لأن المقابر والقبور للصالحين أو من دونهم من المسلمين أهلها بحاجة إلى الدعاء، فهم يزارون ليُنفَعوا لا ليُنتفع بهم إلا باتباع السنة في زيارة المقابر، والثواب الحاصل بذلك، لكن هذا ليس انتفاعاً بأشخاصهم، بل انتفاع بعمل الإنسان نفسه بما أتى به من السنة.
1 - فالزيارة التي يقصد منها الانتفاع بالأموات زيارة بدعية.
2 - والزيارة التي يقصد بها نفع الأموات والاعتبار بحالهم زيارة شرعية.
(ج1/ 393)
----
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
اعتراض وجوابه:
إذا قال قائل: نحن الآن واقعون في مشكلة بالنسبة لقبر الرسول صلى الله عليه وسلم الآن، فإنه في وسط المسجد، فما هو الجواب؟
قلنا: الجواب على ذلك من وجوه:
الوجه الأول: أن المسجد لم يبن على القبر، بل بُني المسجد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدفن في المسجد حتى يقال: إن هذا من دفن الصالحين في المسجد، بل دفن في بيته.
الوجه الثالث: أن إدخال بيوت الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنها بيت عائشة مع المسجد ليس باتفاق من الصحابة، بل بعد أن انقرض أكثرهم ولم يبق منهم إلا القليل، وذلك عام 94هـ تقريباً، فليس مما أجازة الصحابة أو أجمعوا عليه، مع أن بعضهم خالف في ذلك، وممن خالف أيضاً سعيد بن المسيب من التابعين، فلم يرض بهذا العمل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/214)
الوجه الرابع: أن القبر ليس في المسجد، حتى بعد إدخاله، لأنه في حجرة مستقلة عن المسجد، فليس المسجد مبنياً عليه، ولهذا جعل هذا المكان محفوظاً ومحوطاً بثلاثة جدران، وجعل الجدار في زاوية منحرفة عن القبلة، أي مثلث، والركن في الزاوية الشمالية، بحيث لا يستقبله الإنسان إذا صلى لأنه منحرف.
فبهذا كله يزول الإشكال الذي يحتج به أهل القبور، ويقولون هذا منذ عهد التابعين إلى اليوم، والمسلمون قد أقرّوه ولم ينكروه، فنقول: إن الإنكار قد وجد حتى في زمن التابعين، وليس محل إجماع، وعلى فرض أنه إجماع، فقد تبين الفرق من الوجوه الأربعة التي ذكرناها.
(ج1/ 398)
----
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
ولا ريب أن أصل تحريم بناء المساجد على القبور أن المساجد مكان الصلاة، والناس يأتون إليها للصلاة فيها، فإذا صلى الناس في مسجد بني على قبر، فكأنهم صلوا عند القبر، والمحذور الذي يوجد في بناء المساجد على القبور يوجد فيما إذا اتخذ هذا المكان للصلاة، وإن لم يبن مسجد. فتبين بهذا أن اتخاذ القبور مساجد له معنيان:
الأول: أن تبنى عليها مساجد.
الثاني: أن تتخذ مكاناً للصلاة عندها وإن لم يبن المسجد، فإذا كان هؤلاء القوم مثلاً يذهبون إلى هذا القبر ويصلون عنده ويتخذونه مصلى، فإن هذا بمعنى بناء المساجد عليها، وهو أيضاً من اتخاذها مساجد. (ج1/ 403)
----
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: "الذين يتخذون القبور مساجد"، فهم من شرار الخلق، وإن لم يشركوا، لأنهم فعلوا وسيلة من وسائل الشرك، والوسائل لها أحكام المقاصد، وإن كانت دون مرتبتها، لكنها تعطى حكمها بالمعنى العام، فإن كانت وسيلة لواجب صارت واجبة، وإن كانت وسيلة لمحرم، فهي محرمة. فشر الناس في هذا الحديث ينقسمون إلى صنفين:
الأول: الذين تدركهم الساعة وهم أحياء.
الثاني: الذين يتخذون القبور مساجد.
(ج1/ 406)
ـ[المسيطير]ــــــــ[06 - 09 - 05, 01:56 ص]ـ
بابٌ ما جاءَ أنَّ الغُلُوَّ في قُبُورِ الصَّالِحِينَ يُصَيِّرُهَا أوْثاناً تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
هذا الباب له صلة بما قبله، وهو أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثاناً تعبد من دون الله. أي: يؤول الأمر بالغالين إلى أن يعبدوا هذه القبور أو أصحابها.
والغلو: مجاوزة الحد مدحاً أو ذماً، والمراد هنا مدحاً.
والقبور لها حق علينا من وجهين:
1 - أن لا نفرط فيما يجب لها من الاحترام، فلا تجوز إهانتها ولا الجلوس عليها، وما أشبه ذلك.
2 - أن لا نغلو فيها فتتجاوز الحد. (ج1/ 419)
----
قوله: "غضب الله"، فالغضب صفة حقيقية ثابتة لله تليق بجلاله لا تماثل غضب المخلوق، لا في الحقيقة ولا في الأثر.
وهناك فروق بين غضب المخلوق وغضب الخالق، منها:
1 - غضب المخلوق حقيقته هو: غليان دم القلب، وجمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم حتى يفور، أما غضب الخالق، فإنه صفة لا تماثل هذا، قال تعالى: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) [الشورى: 11].
2 - أن غضب الآدمي يؤثر آثاراً غير محمودة، فالآدمي إذا غضب قد يحصل منه ما لا يحمد، فيقتل المغضوب عليه، وربما يطلق زوجته، أو يكسر الإناء، ونحو ذلك، أما غضب الله، فلا يترتب عليه إلا آثار حميدة لأنه حكيم، فلا يمكن أن يترتب على غضبه إلا تمام الفعل المناسب الواقع في محله. فغضب الله ليس كغضب المخلوقين، لا في الحقيقة ولا في الآثار.
(ج1/ 422)
----
قوله: "زائرت القبور"، زائرت: جمع زائرة، والزيارة هنا معناها: الخروج إلى المقابر، وهي أنواع:
- منها ما هو سنة، وهي زيارة الرجال للاتعاظ والدعاء للموتى.
- ومنها ما هو بدعة، وهي زيارتهم للدعاء عندهم وقراءة القرآن ونحو ذلك.
- ومنها ما هو شرك، وهي زيارتهم لدعاء الأموات والاستنجاد بهم والاستغاثة ونحو ذلك.
(ج1/ 427)
----
ـ[المسيطير]ــــــــ[07 - 09 - 05, 07:03 م]ـ
بابٌ ما جاءَ في حِمَايَةِ المُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم جنابَ التَّوحِيدِ وسَدِّهِ كُلَ طَريقٍ يُوصِلُ إلى الشَّرْكِ
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: "المصطفى"، أصلها: المصتفى، من الصفوة، وهو خيار الشيء، فالنبي صلى الله عليه وسلم أفضل المصطفين لأنه أفضل أولي العزم من الرسل، والرسل هم المصطفون، والمراد به: محمد صلى الله عليه وسلم، والاصطفاء على درجات:
- أعلاها اصطفاء أولي العزم من الرسل.
- ثم اصطفاء الرسل.
- ثم اصطفاء الأنبياء.
- ثم اصطفاء الصديقين.
- ثم اصطفاء الشهداء.
- ثم اصطفاء الصالحين.
(ج1/ 437)
---
قوله: (حريص عليكم)، الحرص: بذل الجهد لإدراك أمر مقصود، والمعنى: باذل غاية جهده في مصلحتكم، فهو جامع بين أمرين:
1 - دفع المكروه الذي أفاده قوله: (عزيز عليه ما عنتم).
2 - وحصول المحبوب الذي أفاده قوله: (حريص عليكم).
فكان النبي صلى الله عليه وسلم جامعاً بين هذين الوصفين، وهذا من نعمة الله علينا وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون على هذا الخلق العظيم الممثل بقوله تعالى: (وإنك لعلى خلق عظيم) [القلم: 4].
(ج1/ 440)
----
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/215)
ـ[المسيطير]ــــــــ[07 - 09 - 05, 11:01 م]ـ
بابٌ ما جَاءَ أنَّ بَعْضَ هَذِهِ الأمَّةِ يَعْبُدُ الأوْثَانَ
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: "سنن من كان قبلكم"، فيها روايتان: "سُنَن" و "سَنَن". -
- أما "سُنن" بضم السين: جمع سنة، وهي الطريقة.
- وأما "سَنن"، بالفتح: فهي مفرد بمعنى الطريق.
(ج1/ 464)
---
قوله: " وأعطيت الكنزين: الأحمر والأبيض"، الذي أعطاه هو الله. والكنزان: هما الذهب والفضة كنوز كسرى وقيصر.
- فالذهب عند قيصر.
- والفضة عند كسرى.
وكل منهما عنده ذهب وفضة، لكن الأغلب على كنوز قيصر الذهب، وعلى كنوز كسرى الفضة.
(ج1/ 472)
----
قوله: "إذا قضيت قضاء، فإنه لا يرد"، اعلم أن قضاء الله نوعان:
1 - قضاء شرعي قد يرد، فقد يريده الله ولا يقبلونه.
2 - قضاء كوني لا يرد، ولابد أن ينفذ.
وكلا القضاءين قضاء بالحق، وقد جمعهما قوله تعالى: (والله يقضى بالحق) [غافر: 20].
ومثال القضاء الشرعي: قوله تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) [الإسراء: 23]، لأنه لو كان كونياً، لكان كل الناس لا يعبدون إلا الله.
ومثال القضاء الكوني: قوله تعالى: (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيراً) [الإسراء: 4]، لأن الله تعالى لا يقضي شرعاً بالفساد، لكنه يقضي به كوناً وإن كان يكرهه سبحانه، فإن الله لا يحب الفساد ولا المفسدين، لكنه يقضي بذلك لحكمة بالغة، كما قسم خلقه إلى مؤمنين وكافرين، لما يترتب على ذلك من المصالح العظيمة.
(ج1/ 474)
----
قوله: "ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين"، الحي: بمعنى القبيلة.
وهل المراد باللحوق هنا:
- اللحوق البدني، بمعنى أنه يذهب هذا الحي إلى المشركين ويدخلون فيهم.
- أو اللحوق الحكمي، بمعنى أن يعملوا بعمل المشركين.
أو الأمران معا ً؟ الظاهر أن المراد جميع ذلك.
(ج1/ 478)
----
فيه مسائل:
الثالثة عشرة: حصر الخوف على أمته من الأئمة المضلين، ووجه هذا الحصر أن الأئمة ثلاثة أقسام:
1 - أمراء.
2 - وعلماء.
3 - وعباد.
فهم الذين يخشى من إضلالهم لأنه متبوعون:
- فالأمراء لهم السلطة والتنفيذ.
- والعلماء له التوجيه والإرشاد.
- والعباد لهم تغرير الناس وخداعهم بأحوالهم.
فهؤلاء يطاعون ويقتدى بهم، فيخاف على الأمة منهم، لأنهم إذا كانوا مضلين ضل بهم كثير من الناس، وإذا كانوا هادين اهتدى بهم كثير من الناس.
(ج1/ 488)
ـ[المسيطير]ــــــــ[07 - 09 - 05, 11:42 م]ـ
بابٌ ما جَاءَ في السِّحْرِ
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
السحر لغة: ما خفي ولطف سببه، ومنه سمي السَّحَر لآخر الليل، لأن الأفعال التي تقع فيه تكون خفية، وكذلك سمي السحور، لما يؤكل في آخر الليل، لأنه يكون خفياً، فكل شيء خفي سببه يسمى سحراً.
وأما في الشرع، فإنه ينقسم إلى قسمين:
الأول: عقد ورقي، أي: قراءات وطلاسم يتوصل بها الساحر إلى استخدام الشياطين فيما يريد به ضرر المسحور، لكن قد قال الله تعالى: (وما هم بضآرين به من أحد إلا بإذن الله) [البقرة: 102].
الثاني: أدوية وعقاقير تؤثر على بدن المسحور وعقله وإرادته وميله، فتجده ينصرف ويميل، وهو ما يسمى عندهم بالصرف والعطف، فيجعلون الإنسان ينعطف على زوجته أو امرأة أخرى، حتى يكون كالبهيمة تقوده كما تشاء، والصرف بالعكس من ذلك، فيؤثر في بدن المسحور بإضعافه شيئاً فشيئاً حتى يهلك، وفي تصوره بأن يتخيل الأشياء على خلاف ما هي عليه، وفي عقله؛ فربما يصل إلى الجنون والعياذ بالله.
فالسحر قسمان:
أ- شرك، وهو الأول الذي يكون بواسطة الشياطين، يعبدهم ويتقرب إليهم ليسلطهم على المسحور.
ب- عدوان وفسق، وهو الثاني الذي يكون بواسطة الأدوية والعقاقير ونحوها.
وبهذا التقسيم الذي ذكرناه نتوصل به إلى مسألة مهمة، وهي: هل يكفر الساحر أو لا يكفر؟.
اختلف في هذا أهل العلم:
- فمنهم من قال: إنه يكفر.
- ومنهم من قال: إنه لا يكفر.
ولكن التقسيم السابق الذي ذكرناه يتبين به حكم هذه المسألة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/216)
- فمن كان سحره بواسطة الشيطان، فإنه يكفر لأنه لا يتأتى ذلك إلا بالشرك غالبا ً، لقوله تعالى: (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة لا تكفر ... ) إلى قوله: (وما هم بضآرين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق) [البقرة:102].
- ومن كان سحره بالأدوية والعقاقير ونحوها، فلا يكفر، ولكن يعتبر عاصياً معتدياً.
(ج1/ 489 - 490)
----
قوله: "وقتل النفس"، القتل: إزهاق الروح، والمراد بالنفس: البدن الذي فيه الروح، والمراد بالنفس هنا: نفس الآدمي وليس نفس البعير والحمار وما أشبهها.
والنفس المحرمة أربعة أنفس، هي:
1 - نفس المؤمن.
2 - والذمي.
3 - والمعاهد.
4 - والمستأمن، بكسر الميم: طالب الأمان.
- فالمؤمن لإيمانه.
- والذمي لذمته.
- والمعاهد لعهده.
- والمستأمن لتأمينه.
والفرق بين الثلاثة: الذمي، والمعاهد، والمستأمن:
1 - أن الذمي هو الذي بيننا وبينه ذمة، أي: عهد على أن يقيم في بلادنا معصوماً مع بذل الجزية.
2 - وأما المعاهد، فيقيم في بلاده، لكن بيننا وبينه عهد أن لا يحاربنا ولا نحاربه.
3 - وأما المستأمن، فهو الذي ليس بيننا وبينه ذمة ولا عهد، لكننا أمناه في وقت محدد، كرجل حربي دخل إلينا بأمان للتجارة ونحوها، أو ليفهم الإسلام، قال تعالى: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه) [التوبة: 6].
وهناك فرق آخر وهو:
- أن العهد يجوز من جميع الكفار.
- والذمة لا تجوز إلا من اليهود والنصارى والمجوس دون بقية الكفار، وهذا هو المشهور من المذهب، والصحيح: أنها تجوز من جميع الكفار.
فهذه الأنفس الأربع قتلها حرام، لكنها ليست على حد سواء في التحريم، فنفس المؤمن أعظم، ثم الذمي، ثم المعاهد، ثم المستأمن.
وهل المستأمن مثل المعاهد أو أعلى؟.
أشك في ذلك، لأن المستأمن من له عهد خاص، بخلاف المعاهدين، فالمعاهدون يتولى العهد أهل الحل والعقد منهم، فليس بيننا وبينهم عقود تأمينات خاصة، وأياً كان، فالحديث عام، وكل منهم معصوم الدم والمال.
(ج1/ 499)
----
ـ[المسيطير]ــــــــ[15 - 09 - 05, 01:06 ص]ـ
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: "وأكل الربا"، الربا في اللغة: الزيادة، ومنه قوله تعالى: (فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت) [الحج: 5]، يعني: زادت.
وفي الشرع: تفاضل في عقد بين أشياء يجب فيها التساوي، ونسأ في عقد بين أشياء يجب فيها التقابض.
والربا:
1 - ربا فضل، أي: زيادة.
2 - وربا نسيئة، أي: تأخير.
وهو يجري في ستة أموال بينها الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والتمر بالتمر، والشعير بالشعير، والملح بالملح "، فهذه هي الأموال الربوية بنص الحديث وإجماع المسلمين.
وهذه الأصناف الستة:
- إن بعت منها جنساً بمثله جرى فيه ربا الفضل وربا النسيئة.
- فلو زدت واحداً على آخر، فهو ربا فضل.
- أو سويته لكن أخرت القبض، فهو رباً نسيئة.
- وربما يجتمع النوعان كما لو بعت ذهباً متفاضلاً والقبض متأخر، فقد اجتمع في هذا العقد ربا الفضل وربا النسيئة، وعلى هذا، فإذا بعت جنساً بجنسه، فلا بد من أمرين:
1 - التساوي.
2 - والتقابض في مجلس العقد.
وإذا اختلفت الأجناس واتفقت العلة، أي: اتفق المقصود في العوضين، فإنه يجري ربا النسيئة دون ربا الفضل، فذهب بفضة متفاضلاً مع القبض جائز، وذهب بفضة متساوياً مع التأخير ربا لتأخر القبض. قال صلى الله عليه وسلم: "فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد ".
(ج1/ 500).
----
قوله: "وأكل مال اليتيم"، اليتيم: هو الذي مات أبوه قبل بلوغه، سواء كان ذكراً أم أنثى، أما من ماتت أمه قبل بلوغه، فليس يتيماً لا شرعاً ولا لغة.
لأن اليتيم مأخوذ من اليتم، وهو الإنفراد، أي: انفرد عن الكاسب له، لأن أباه هو الذي يكسب له.
(ج1/ 503)
----
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/217)
قوله "والتولي يوم الزحف". التولي: بمعنى الإدبار والإعراض، ويوم الزحف، أي: يوم تلاحم الصفين في القتال مع الكفار، وسمي يوم الزحف، لأن الجموع إذا تقابلت تجد أن بعضها يزحف إلى بعض، كالذي يمشي زحفاً كل واحد منهم يهاب الآخر، فيمشي رويداً رويداً.
والتولي يوم الزحف من كبائر الذنوب، لأنه يتضمن:
- الإعراض عن الجهاد في سبيل الله.
- وكسر قلوب المسلمين.
- وتقوية أعداء الله.
وهذا يؤدي إلى هزيمة المسلمين. لكن هذا الحديث خصصته الآية، وهي قوله تعالى: (ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله) [الأنفال: 16]. فالله سبحانه استثنى حالتين:
الأولى: أن يكون متحرفاً لقتال، أي: متهيئاً له، كمن ينصرف ليصلح من شأنه أو يهيئ الأسلحة ويعدها، ومنه الانحراف إلى مكان آخر يأتي العدو من جهته، فهذا لا يعد متولياً، إنما يعد متهيئاً.
الثانية: المتحيز إلى فئة كما إذا حصرت سرية للمسلمين يمكن أن يقضي عليها العدو، فانصرف من هؤلاء لينقذها، فهذا لا بأس به لدعاء الضرورة إليه، بشرط ألا يكون على الجيش ضرر، فإن كان على الجيش ضرر وذهبت طائفة كبيرة إلى هذه السرية بحيث توهن قوة الجيش وتكسره أمام العدو، فإنه لا يجوز، لأن الضرر هنا متحقق، وإنقاذ السرية غير متحقق، فلا يجوز لأن المقصود إظهار دين الله، وفي هذا إذلال لدين الله، إلا إذا كان الكفار أكثر من مثلي المسلمين، فيجوز الفرار حينئذ، لقوله تعالى: (الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مئة صابرة يغلبوا مئتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين) [الأنفال: 66]، أو كان عندهم عدة لا يمكن للمسلمين مقاومتها، كالطائرات إذا لم يكن عند المسلمين من الصواريخ ما يدفعها، فإذا علم أن الصمود يستلزم الهلاك والقضاء على المسلمين، فلا يجوز لهم أن يبقوا، لأن مقتضى ذلك أنهم يغررون بأنفسهم.
(ج1/ 504 - 505)
----
فيه مسائل:
السابعة: أنه يقتل ولا يستتاب. يؤخذ من قوله "حد الساحر ضربة بالسيف".
- والحد إذا بلغ الإمام لا يستتاب صاحبه، بل يقتل بكل حال.
- أما الكفر، فإنه يستتاب صاحبه.
وهذا هو الفرق بين الحد وبين عقوبة الكفر.
وبهذا نعرف خطأ من أدخل حكم المرتد في الحدود، وذكروا من الحدود قتل الردة.
- فقتل المرتد ليس من الحدود، لأنه يستتاب، فإذا تاب ارتفع عنه القتل.
- وأما الحدود، فلا ترتفع بالتوبة إلا أن يتوب قبل القدرة عليه.
- ثم إن الحدود كفارة لصاحبها وليس بكافر.
- والقتل بالردة ليس كفارة وصاحبها كافر، لا يصلى عليه، ولا يغسل، ولا يدفن في مقابر المسلمين. (ج1/ 512)
ـ[المسيطير]ــــــــ[15 - 09 - 05, 06:56 ص]ـ
بابٌ بَيَانُ شَيءٍ مِن أنْواعِ السِّحْرِ
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: "باب بيان شيء من أنواع السحر". أي: بيان حقائق هذه الأشياء مع حكمها. وقد سبق أن السحر ينقسم إلى قسمين:
1 - كفر.
2 - وفسق.
فإن كان باستخدام الشياطين وما أشبه ذلك، فهو كفر. وكذلك ما ذكره هنا من أنواع السحر:
- منها ما هو كفر.
- ومنها ما هو فسق.
حسب ما تقتضيه الأدلة الشرعية.
والأنواع: جمع نوع، والنوع أخص من الجنس، لأن:
الجنس اسم يدخل تحته:
أنواع والنوع يدخل تحته:
أفراد.
وقد يكون الجنس نوعاً باعتبار ما فوقه، والنوع جنساً باعتبار ما تحته.
فالإنسان نوع باعتبار الحيوان، والحيوان باعتبار الإنسان جنس، لأنه يدخل فيه الإنسان والإبل والبقر والغنم، والحيوان باعتبار الجسم نوع، لأن الجسم يشمل الحيوان والجماد.
(ج1/ 513)
----
المتن:" قال أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا عوف، عن حيان بن العلاء، حدثنا قطن بن قبيصة، عن أبيه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن العيافة، والطرق، والطيرة من الجبت ".
قال عوف: العيافة: زجر الطير، والطرق: الخط يخط بالأرض، والجبت: قال الحسن: رنة الشيطان.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: "العيافة"، مصدر عاف يعيف عيافة، وهي: زجر الطير للتشاؤم أو التفاؤل، فعند العرب قواعد في هذا الأمر، لأن زجر الطير له أقسام:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/218)
- فتارة يزجرها للصيد، كما قال أهل العلم في باب الصيد: إن تعليم الطير بأن ينزجر إذا زجر، فهذا ليس من هذا الباب.
- وتارة يزجر الطير للتشاؤم أو التفاؤل، فإذا زجر الطائر وذهب شمالاً تشاءم، وإذا ذهب يميناً تفاءل، وإن ذهب أماماً، فلا أدري أيتوقفون أم يعيدون الزجر؟ فهذا من الجبت.
(ج1/ 514)
----
المتن:" وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اقتبس شعبة من النجوم، فقد اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد". رواه أبو داود، وإسناده صحيح ".
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
وعلم النجوم ينقسم إلى قسمين:
الأول: علم التأثير، وهو أن يستدل بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية، فهذا محرم باطل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من اقتبس شعبة من النجوم، فقد اقتبس شعبة من السحر"، وقوله في حديث زيد بن خالد: "من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب"، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في الشمس والقمر: "إنهما آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته"، فالأحوال الفلكية لا علاقة بينها وبين الحوادث الأرضية.
الثاني: علم التسيير، وهو ما يستدل به على الجهات والأوقات، فهذا جائز، وقد يكون واجباً أحياناً، كما قال الفقهاء: إذا دخل وقت الصلاة يجب على الإنسان أن يتعلم علامات القبلة من النجوم والشمس والقمر، قال تعالى: (وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهاراً وسبلاً لعلكم تهتدون) [النحل: 15]، فلما ذكر الله العلامات الأرضية انتقل إلى العلامات السماوية، فقال تعالى: (وعلامات وبالنجم هم يهتدون) [النحل: 16]، فالاستدلال بهذه النجوم على الأزمات لا بأس به، مثل أن يقال: إذا طلع النجم الفلاني دخل وقت السيل ودخل وقت الربيع، وكذلك على الأماكن، كالقبلة، والشمال، والجنوب.
(ج1/ 520)
----
المتن:" وللنسائي من حديث أبي هريرة: "من عقد عقدة، ثم نفث فيها، فقد سحر، ومن سحر، فقد أشرك، ومن تعلق شيئاً، وكل إليه".
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: "ثم نفث فيها". النفث: النفخ بريق خفيف، والمراد هنا:
- النفث من أجل السحر.
- أما لو عقد عقدة، ثم نفث فيها من أجل أن تحتكم بالرطوبة، فليس بداخل في الحديث.
(ج1/ 521)
----
المتن:" ولهما عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن من البيان لسحراً" "
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: "إن من البيان". والبيان نوعان:
الأول: بيان لابد منه، وهذا يشترك فيه جميع الناس، فكل إنسان إذا جاع قال: إني جعت، وإذا عطش قال: إني عطشت، وهكذا.
الثاني: بيان بمعنى الفصاحة التامة التي تسبي العقول وتغير الأفكار، وهي التي قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن من البيان لسحراً".
وعلى هذا التقسيم تكون "من" للتبعيض، أي: بعض البيان ـ وهو البيان الكامل الذي هو الفصاحة ـ سحر.
أما إذا جعلنا البيان بمعنى الفصاحة فقط، صارت "من" لبيان الجنس.
(ج1/ 527)
----
وقوله: "إن من البيان لسحراً"، وهل هذا على سبيل الذم، أو على سبيل المدح، أو لبيان الواقع ثم ينظر إلى أثره؟ الجواب: الأخير هو المراد.
فالبيان من حيث هو بيان لا يمدح عليه ولا يذم، ولكن ينظر إلى أثره، والمقصود منه:
- فإن كان المقصود منه رد الحق وإثبات الباطل، فهو مذموم، لأنه استعمال لنعمة الله في معصيته.
- وإن كان المقصود منه إثبات الحق وإبطال الباطل، فهو ممدوح.
- وإذا كان البيان يستعمل في طاعة الله وفي الدعوة إلى الله، فهو خير من العي.
- لكن إذا ابتلي الإنسان ببيان ليصد الناس عن دين الله، فهذا لا خير فيه، والعي خير منه.
(ج1/ 528)
ـ[المسيطير]ــــــــ[15 - 09 - 05, 03:52 م]ـ
بابٌ ما جَاءَ في الكُهَّانِ وَنَحْوِهِمْ
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/219)
الكهان: جمع كاهن، والكهنة أيضاً جمع كاهن، وهم قوم يكونون في أحياء العرب يتحاكم الناس إليهم، وتتصل بهم الشياطين، وتخبرهم عما كان في السماء، تسترق السمع من السماء، وتخبر الكاهن به، ثم الكاهن يضيف إلى هذا الخبر ما يضيف من الأخبار الكاذبة، ويخبر الناس، فإذا وقع مما أخبر به شيء، اعتقده الناس عالماً بالغيب، فصاروا يتحاكمون إليهم، فهم مرجع للناس في الحكم، ولهذا يسمون الكهنة، إذ هم يخبرون عن الأمور في المستقبل، يقولون: سيقع كذا وسيقع كذا.
- وليس من الكهانة في شيء من يخبر عن أمور تدرك بالحساب، فإن الأمور التي تدرك بالحساب ليست من الكهانة في شيء، كما لو أخبر عن كسوف الشمس أو خسوف القمر، فهذا ليس من الكهانة، لأنه يدرك بالحساب، وكما لو أخبر أن الشمس تغرب في 20 من برج الميزان مثلاً في الساعة كذا وكذا، فهذا ليس من علم الغيب، وكما يقولون: إنه سيخرج في أول العام أو العام الذي بعده مذنب (هلي)، وهو نجم له ذنب طويل، فهذا ليس من الكهانة في شيء، لأنه من الأمور التي تدرك بالحساب، فكل شيء يدرك بالحساب، فإن الإخبار عنه ولو كان مستقبلاً لا يعتبر من علم الغيب، ولا من الكهانة.
(ج1/ 531)
---
قوله: "فسأله، لم تقبل له صلاة أربعين يوماً". ظاهر الحديث أن مجرد سؤاله يوجب عدم قبول صلاته أربعين يوماً، ولكنه ليس على إطلاقه، فسؤال العراف ونحوه ينقسم إلى أقسام:
القسم الأول: أن يسأله سؤالاً مجرداً، فهذا حرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أتى عرافاً ... "، فإثبات العقوبة على سؤاله يدل على تحريمه، إذ لا عقوبة إلا على فعل محرم.
القسم الثاني: أن يسأله فيصدقه، ويعتبر قوله: فهذا كفر لأن تصديقه في علم الغيب تكذيب للقرآن، حيث قال تعالى: (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله) [النمل: 65].
القسم الثالث: أن يسأله ليختبره: هل هو صادق أو كاذب، لا لأجل أن يأخذ بقوله، فهذا لا بأس به، ولا يدخل في الحديث. وقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم ابن صياد، فقال: "ماذا خبأت لك؟ قال: الدخ، فقال: اخسأ، فلن تعدو قدرك"، فالنبي صلى الله عليه وسلم سأله عن شيء أضمره، لأجل أن يختبره، فأخبره به.
القسم الرابع: أن يسأله ليظهر عجزه وكذبه، فيمتحنه في أمور يتبين بها كذبه وعجزه، وهذا مطلوب، وقد يكون واجباً. وإبطال قول الكهنة لا شك أنه أمر مطلوب، وقد يكون واجباً، فصار السؤال هنا ليس على إطلاقه، بل يفصل فيه هذا التفصيل على حسب ما دلت عليه الأدلة الشرعية الأخرى.
(ج1/ 533)
----
قوله: "لم تقبل له صلاة أربعين ليلة". نفي القبول هنا هل يلزم منه نفي الصحة أولا؟ نقول:
نفي القبول:
- إما أن يكون لفوات شرط.
- أو لوجود مانع.
ففي هاتين الحالين يكون نفي القبول نفياً للصحة، كما لو قلت: من صلى بغير وضوء لم يقبل الله صلاته، ومن صلى في مكان مغصوب لم يقبل الله صلاته عند من يرى ذلك.
وإن كان نفي القبول لا يتعلق بفوات شرط ولا وجود مانع، فلا يلزم من نفي القبول نفي الصحة، وإنما يكون المراد بالقبول المنفي:
- إما نفي القبول التام، أي: لم تقبل على وجه التمام الذي يحصل به تمام الرضا وتمام المثوبة.
- وإما أن يراد به أن هذه السيئة التي فعلها تقابل تلك الحسنة في الميزان، فتسقطها، ويكون وزرها موازياً لأجر تلك الحسنة، وإذا لم يكن له أجر صارت كأنها غير مقبولة، وإن كانت مجزئة ومبرئة للذمة، لكن الثواب الذي حصل بها قوبل بالسيئة فأسقطته. ومثله قوله صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمر، لم تقبل له صلاة أربعين يوماً".
(ج1/ 535)
----
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن استخدام الإنس للجن له ثلاث حالات:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/220)
الحال الأولى: أن يستخدم في طاعة الله، كأن يكون له نائباً في تبليغ الشرع، فمثلاً: إذا كان له صاحب من الجن مؤمن يأخذ عنه العلم، ويتلقى منه، وهذا شيء ثبت أن الجن قد يتعلمون من الإنس، فيستخدمه في تبليغ الشرع لنظرائه من الجن، أو في المعونة على أمور مطلوبة شرعاً، فهذا لا بأس به، بل إنه قد يكون أمراً محموداً أو مطلوباً، وهو من الدعوة إلى الله ـ عز وجل ـ، والجن حضروا النبي صلى الله عليه وسلم وقرأ عليهم القرآن، وولوا إلى قومهم منذرين، والجن فيهم الصلحاء والعباد والزهاد والعلماء، لأن المنذر لابد أن يكون عالماً بما ينذر، عابداً مطيعاً لله ـ سبحانه ـ في الإنذار.
الحال الثانية: أن يستخدمهم في أمور مباحة، مثل أن يطلب منهم العون على أمر من الأمور المباحة، قال: فهذا جائز بشرط أن تكون الوسيلة مباحة، فإن كانت محرمة، صار حراماً، كما لو كان الجني لا يساعده في أموره إلا إذا ذبح له أو سجد له أو ما أشبه ذلك. ثم ذكر ما ورد أن عمر تأخر ذات مرة في سفره، فاشتغل فكر أبي موسى، فقالوا له: إن امرأة من أهل المدينة لها صاحب من الجن، فلو أمرتها أن ترسل صاحبها للبحث عن عمر، ففعل، فذهب الجني، ثم رجع، فقال: إن أمير المؤمنين ليس به بأس، وهو يسم إبل الصدقة في المكان الفلاني، فهذا استخدام في أمر مباح.
الحال الثلاثة: أن يستخدمهم في أمور محرمة، كنهب أموال الناس وترويعهم، وما أشبه ذلك، فهذا محرم، ثم إن كان الوسيلة شركاً صار شركاً، وإن كان وسيلته غير شرك صار معصية، كما لو كان هذا المجني الفاسق يألف هذا الإنسي الفاسق ويتعاون معه على الإثم والعدوان، فهذا يكون إثماً وعدواناً، ولا يصل إلى حد الشرك.
ثم قال: إن من يسأل الجن، أو يسأل من يسأل الجن، ويصدقهم في كل ما يقولون، فهذا معصية وكفر، والطريق للحفظ من الجن هو قراءة آية الكرسي، فمن قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح، كما ثبت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم، وهي: (الله لا إله إلا هو الحي القيوم ... ) الآية.
(ج1/ 546)
----
وقال ابن عباس في قوم يكتبون (أباجاد) وينظرون في النجوم، ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق".
وقوله: "أباجاد". هي: أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضطغ ... وتعلم أباجاد ينقسم إلى قسمين:
الأول: تعلم مباح بأن نتعلمها لحساب الجمل، وما أشبه ذلك، فهذا لا بأس به، وما زال أناس يستعملونها، حتى العلماء يؤرخون بها، قال شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله في تاريخ بناء المسجد الجامع القديم:
جد بالرضا واعط المنى ... من ساعدوا في ذا البنا
تاريخه حيث انتهى ****قول المنيب اغفر لنا
والشهر في شوال يا ... رب تقبل سعينا
فقوله: "اغفر لنا" لو عددناها حسب الجمل صارت 1362هـ.
الثاني: محرم، وهو كتابة "أبا جاد" كتابة مربوطة بسير النجوم وحركتها وطلوعها وغروبها، وينظرون في النجوم ليستدلوا بالموافقة أو المخالفة على ما سيحدث في الأرض:
- إما على سبيل العموم، كالجذب والمرض والجرب وما أشبه ذلك.
- أو على سبيل الخصوص، كأن يقول لشخص: سيحدث لك مرض أو فقر أو سعادة أو نحس في هذا وما أشبه ذلك، فهم يربطون هذه بهذه، وليس هناك علاقة بين حركات النجوم واختلاف الوقائع في الأرض.
(ج1/ 548)
----
والنظر في النجوم ينقسم إلى أقسام:
الأول: أن يستدل بحركاتها وسيرها على الحوادث الأرضية، سواء كانت عامة أو خاصة:
- فهو شرك إن اعتقد أن هذه النجوم هي المدبرة للأمور، أو أن لها شركاً، فهو كفر مخرج عن الملة.
- وإن اعتقد أنها سبب فقط، فكفره غير مخرج من الملة، ولكن يسمى كفراً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم على إثر سماء كانت من الليل: "هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، أما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب". وقد سبق لنا أن هذا الكفر ينقسم إلى قسمين بحسب اعتقاد قائله.
الثاني: أن يتعلم علم النجوم ليستدل بحركاتها وسيرها على الفصول وأوقات البذر والحصاد والغرس وما أشبهه، فهذا من الأمور المباحة، لأنه يستعان بذلك على أمور دنيوية.
القسم الثالث: أن يتعلمها لمعرفة أوقات الصلوات وجهات القبلة، وما أشبه ذلك من الأمور المشروعة، فالتعلم هنا مشروع، وقد يكون فرض كفاية أو فرض عين.
(ج1/ 550)
----
فيه مسائل:
السابعة: ذكر الفرق بين الكاهن والعراف. وفي هذه المسألة خلاف بين أهل العلم:
القول الأول: أن العراف هو الكاهن، فمهما مترادفان، فلا فرق بينهما.
القول الثاني: أن العراف هو الذي يستدل على معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها، فهو أعم من الكاهن، لأنه يشمل الكاهن وغيره، فهما من باب العام والخاص.
القول الثالث: أن العراف يخبر عن أمور بمقدمات يستدل عليها، والكاهن هو الذي يخبر عما في الضمير، أو عن المغيبات في المستقبل.
فالعراف أعم، أو أن العراف يختص بالماضي، والكاهن بالمستقبل، فهما متباينان، والظاهر أنهما متباينان:
- فالكاهن من يخبر عن المغيبات في المستقبل.
- (والعراف من يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك).
غير واضح لأنهمالو كانا متباينين لقلنا: والعراف هو الذي يخبر عما في الضمير أو أن يكونا من باب العام والخاص فيقال في العراف ماهو مطبوع هنا بين القوسين.
(ج1/ 552)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/221)
ـ[المسيطير]ــــــــ[15 - 09 - 05, 11:16 م]ـ
بابٌ مَا جَاءَ فِي النُّشْرَةِ
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
تعريف النشرة في اللغة، بضم النون: فعلة من النشر، وهو التفريق. وفي الاصطلاح: حل السحر عن المسحور. لأن هذا الذي يحل السحر عن المسحور: يرفعه، ويزيله، ويفرقه.
أما حكمها، فهو يتبين مما قاله المؤلف رحمه الله، وهو من أحسن البيانات.
ولا ريب أن حل السحر عن المسحور من باب الدواء والمعالجة، وفيه فضل كبير لمن ابتغى به وجه الله لكن في القسم المباح منها.
لأن السحر له تأثير على:
- بدن المسحور، وعقله، ونفسه، وضيق الصدر، حيث لا يأنس إلا بمن استعطف عليه.
- وأحياناً يكون أمراضاً نفسية بالعكس، تنفر هذا المسحور عمن تنفره عنه من الناس.
- وأحياناً يكون أمراضاً عقلية.
فالسحر له تأثير إما على:
1 - البدن.
2 - أو العقل.
3 - أو النفس.
(ج1/ 553)
----
قوله في "عن النشرة". أل للعهد الذهني، أي: المعروفة في الجاهلية التي كانوا يستعملونها في الجاهلية، وذلك طريق من طرق حل السحر، وهي على نوعين:
الأول: أن تكون باستخدام الشياطين، فإن كان لا يصل إلى حاجته منهم إلا بالشرك، كانت شركاً، وإن كان يتوصل لذلك بمعصية دون الشرك، كان لها حكم تلك المعصية.
لثاني: أن تكون بالسحر، كالأدوية والرقى والعقد والنفث وما أشبه ذلك، فهذا له حكم السحر على ما سبق.
(ج1/ 554)
----
المتن:" وفي "البخاري" عن قتادة: "قلت لابن المسيب: رجل به طب أو يؤخذ عن امرأته، أيحل عنه أو ينشر؟ قال: لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع، فلم ينه عنه ".
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
كأن ابن المسيب رحمه الله قسم السحر إلى قسمين: ضار، ونافع:
- فالضار محرم، قال تعالى: (ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم) [البقرة: 102].
- والنافع لا بأس به.
وهذا ظاهر ما روي عنه، وبهذا أخذ أصحابنا الفقهاء، فقالوا: يجوز حل السحر بالسحر للضرورة، وقال بعض أهل العلم: إنه لا يجوز حل السحر بالسحر، وحملوا ما روي عن ابن المسيب بأن المراد به ما لا يعلم عن حاله: هل هو سحر، أم غير سحر؟ أما إذا علم أنه سحر، فلا يحل، والله أعلم. ولكن على كل حال حتى ولو كان ابن المسيب ومن فوق ابن المسيب ممن ليس قوله حجة يرى أنه جائز، فلا يلزم من ذلك أن يكون جائزاً في حكم الله حتى يعرض على الكتاب والسنة، وقد سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن النشرة؟ فقال: "هي من عمل الشيطان".
(ج1/ 557)
----
المتن:" قال ابن القيم: النشرة حل السحر عن المسحور وهي نوعان:
- أحدهما: حل بسحر مثله، وهو من عمل الشيطان، وعليه يحمل قول الحسن، فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب فيبطل عمله عن المسحور.
- والثاني: النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية والدعوات المباحة؛ فهذا جائز ".
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
هذا الكلام جيد ولا مزيد عليه.
(ج1/ 557)
ـ[المسيطير]ــــــــ[16 - 09 - 05, 03:47 م]ـ
بابٌ مَا جَاءَ فِي التَّطَيُّرِ
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
وإن شئت، فقل: التطير: هو التشاؤم بمرئي، أو مسموع، أو معلوم:
1 - بمرئي مثل: لو رأى طيراً فتشاءم لكونه موحشاً.
2 - أو مسموع مثل: من هم بأمر فسمع أحداً يقول لآخر: يا خسران، أو يا خائب، فيتشاءم.
3 - أو معلوم: كالتشاؤم ببعض الأيام أو بعض الشهور أو بعض السنوات.
(ج1/ 559)
----
والمتطير لا يخلو من حالين:
الأول: أن يحجم ويستجيب لهذه الطيرة ويدع العمل، وهذا من أعظم التطير والتشاؤم.
الثاني: أن يمضي لكن في قلق وهم وغم يخشى من تأثير هذا المتطير به، وهذا أهون.
وكلا الأمرين نقص في التوحيد وضرر على العبيد، بل انطلق إلى ما تريد بانشراح صدر وتيسير واعتماد على الله ـ عز وجل ـ، ولا تسيء الظن بالله ـ عز وجل ـ.
(ج1/ 560)
----
قوله: "لا نوء". واحد الأنواء، والأنواء: هي منازل القمر، وهي ثمان وعشرون منزلة، كل منزلة لها نجم تدور بمدار السنة.
وهذه النجوم بعضها يسمى:
1 - النجوم الشمالية، وهي لأيام الصيف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/222)
2 - وبعضها يسمى النجوم الجنوبية، وهي لأيام الشتاء.وأجرى الله العادة أن المطر في وسط الجزيرة العربية يكون أيام الشتاء، أما أيام الصيف، فلا مطر.
(ج1/ 568)
----
قوله: "لا يأتي بالحسنات إلا أنت". أي: لا يقدرها ولا يخلقها ولا يوجدها للعبد إلا الله وحده لا شريك له، وهذا لا ينافي أن تكون الحسنات بأسباب، لأن خالق هذه الأسباب هو الله، فإذا وجدت هذه الحسنات بأسباب خلقها الله، صار الموجد هو الله.
والمراد بالحسنات: ما يستحسن المرء وقوعه، ويحسن في عينه. ويشمل ذلك:
1 - الحسنات الشرعية، كالصلاة والزكاة وغيرها، لأنها تسر المؤمن.
2 - ويشمل الحسنات الدنيوية، كالمال والولد ونحوها.
(ج1/ 572)
----
المتن:" وعن ابن مسعود مرفوعاً: "الطيرة شرك، الطيرة شرك، وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل" رواه أبو داود والترمذي وصححه ".
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
وقوله: "شرك". أي: إنها من أنواع الشرك، وليس الشرك كله، وإلا لقال: الطيرة الشرك.
وهل المراد بالشرك هنا الشرك الأكبر المخرج من الملة، أو أنها نوع من أنواع الشرك؟.
نقول:
هي نوع من أنواع الشرك، كقوله صلى الله عليه وسلم: "اثنتان في الناس هما بهم كفر"، أي: ليس الكفر المخرج عن الملة، وإلا لقال: "هما بهم الكفر"، بل هما نوع من الكفر.
لكن في ترك الصلاة قال: "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة"، فقال: "الكفر".فيجب أن نعرف الفرق بين "أل" المعرفة أو الدالة على الاستغراق، وبين خلو اللفظ منها:
- فإذا قيل: هذا كفر، فالمراد أنه نوع من الكفر لا يخرج من الملة.
- وإذا قيل: هذا الكفر، فهو المخرج من الملة.
فإذا تطير إنسان بشيء رآه أو سمعه، فإنه لا يعد مشركاً شركاً يخرجه من الملة، لكنه أشرك من حيث إنه اعتمد على هذا السبب الذي لم يجعله الله سبباً، وهذا يضعف التوكل على الله ويوهن العزيمة، وبذلك يعتبر شركاً من هذه الناحية، والقاعدة:
" إن كل إنسان اعتمد على سبب لم يجعله الشرع سبباً، فإنه مشرك شركاً أصغر".
وهذا نوع من الإشراك مع الله:
- إما في التشريع إن كان هذا السبب شرعياً.
- وإما في التقدير إن كان هذا السبب كونياً.
لكن لو اعتقد هذا المتشائم المتطير أن هذا فاعل بنفسه دون الله، فهو مشرك شركاً أكبر، لأنه جعل لله شريكاً في الخلق والإيجاد.
(ج1/ 574)
----
المتن:" وله من حديث الفضل بن عباس: "إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك".
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: "ما أمضاك أو ردك". أما "ما ردك"، فلا شك أنه من الطيرة، لأن التطير يوجب الترك والتراجع. وأما "ما أمضاك"، فلا يخلو من أمرين:
الأول: أن تكون من جنس التطير، وذلك بأن يستدل لنجاحه أو عدم نجاحه بالتطير، كما لو قال: سأزجر هذا الطير، فإذا ذهب إلى اليمين، فمعنى ذلك اليمن والبركة، فيقدم، فهذا لا شك أنه تطير، لأن التفاؤل بمثل انطلاق الطير عن اليمين غير صحيح، لأنه لا وجه له، إذ الطير إذا طار، فإنه يذهب إلى الذي يرى أن وجهته، فإذا اعتمد عليه، فقد اعتمد على سبب لم يجعله الله سبباً، وهو حركة الطير.
الثاني: أن يكون سبب المضي كلاماً سمعه أو شيئاً شاهده يدل على تيسير هذا الأمر له، فإن هذا فأل، وهو الذي يعجب النبي صلى الله عليه وسلم، لكن إن اعتمد عليه وكان سبباً لإقدامه، فهذا حكمه حكم الطيرة، وإن لم يعتمد عليه ولكنه فرح ونشط وازداد نشاطاً في طلبه، فهذا من الفأل المحمود.
والحديث في سنده مقال، لكن على تقدير صحته هذا حكمه.
(ج1/ 580)
----
ـ[المسيطير]ــــــــ[16 - 09 - 05, 03:52 م]ـ
تم بحمد الله وفضله وكرمه
المجلد الأول
ويليه بإذن الله تعالى
المجلد الثاني
وأوله
باب ما جاء في التنجيم
ـ[المسيطير]ــــــــ[16 - 11 - 05, 08:46 م]ـ
بابٌ مَا جَاءَ فِي التَّنْجِيمِ
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
التنجيم: مصدر نجَّم بتشديد الجيم، أي: تعلم علم النجوم، أو اعتقد تأثير النجوم.
وعلم النجوم ينقسم إلى قسمين:
1 - علم التأثير.
2 - علم التسيير.
فالأول: علم التأثير:
وهذا ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/223)
أ- أن يعتقد أن هذه النجوم مؤثرة فاعلة، بمعنى أنها هي التي تخلق الحوادث والشرور، فهذا شرك أكبر، لأن من ادعى أن مع الله خالقاً، فهو مشرك شركاً أكبر، فهذا جعل المخلوق المسخر خالقاً مسخراً.
ب- أن يجعلها سبباً يدعي به علم الغيب، فيستدل بحركاتها وتنقلاتها وتغيراتها على أنه سيكون كذا وكذا، لأن النجم الفلاني صار كذا وكذا، مثل أن يقول: هذا الإنسان ستكون حياته شقاء، لأنه ولد في النجم الفلاني، وهذا حياته ستكون سعيدة لأنه ولد في النجم الفلاني.
فهذا اتخذ تعلم النجوم وسيلة لادعاء علم الغيب، ودعوى علم الغيب كفر مخرج عن الملة، لأن الله يقول: (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله) [النمل: 65]، وهذا من أقوى أنواع الحصر، لأنه بالنفي والإثبات، فإذا ادعى أحد علم الغيب، فقد كذب القرآن.
ج- أن يعتقدها سبباً لحدوث الخير والشر، أي أنه إذا وقع شيء نسبة إلى النجوم، ولا ينسب إلى النجوم شيئاً إلا بعد وقوعه، فهذا شرك أصغر.
(ج2/ 5)
----
الثاني: علم التيسير:
وهذا ينقسم إلى قسمين:
الأول: أن يستدل بسيرها على المصالح الدينية، فهذا مطلوب، وإذا كان يعين على مصالح دينية واجبة كان تعلمها واجباً، كما لو أراد أن يستدل بالنجوم على جهة القبلة، فالنجم الفلاني يكون ثلث الليل قبلة، والنجم الفلاني يكون ربع الليل قبلة، فهذا فيه فائدة عظيمة.
الثاني: أن يستدل بسيرها على المصالح الدنيوية، فهذا لا بأس به، وهو نوعان:
النوع الأول: أن يستدل بها على الجهات، كمعرفة أن القطب يقع شمالاً، والجدي وهو قريب منه يدور حوله شمالاً، وهكذا، فهذا جائز، قال تعالى: (وعلامات وبالنجم هم يهتدون) [النحل: 16].
النوع الثاني: أن يستدل بها على الفصول، وهو ما يعرف بتعلم منازل القمر، فهذا كرهه بعض السلف، وأباحه آخرون.
والذين كرهوه قالوا: يخشى إذا قيل: طلع النجم الفلاني، فهو وقت الشتاء أو الصيف؛ أن بعض العامة يعتقد أنه هو الذي يأتي بالبرد أو البحر أو بالرياح.
والصحيح عدم الكراهة، كما سيأتي إن شاء الله.
(ج2/ 6)
----
المتن:" قال البخاري في "صحيحه": " قال قتادة: خلق الله هذه النجوم لثلاث: زينة للسماء، ورجوماً للشياطين، وعلامات يهتدى بها، فمن تأول فيها غير ذلك، أخطِأ، وأضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به " انتهى.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
الثالثة: علامات يهتدى بها، تؤخذ من قوله تعالى: (وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهاراً وسبلاً لعلكم تهتدون * وعلامات وبالنجم هم يهتدون) [النحل: 16]، فذكر الله تعالى نوعين من العلامات التي يهتدى بها:
الأول: أرضية: وتشمل كل ما جعل الله في الأرض من علامة، كالجبال، والأنهار، والطرق، والأودية، ونحوها.
والثاني: أفقية في قوله تعالى: (وبالنجم هم يهتدون).
(ج2/ 9)
----
المتن:" وكره قتادة تعلم منازل القمر ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وقوله: " تعلم منازل القمر " يحتمل أمرين:
الأول: أن المراد به معرفة منزلة القمر، الليلة يكون في الشرطين، ويكون في الإكليل، فالمراد معرفة منازل القمر كل ليلة، لأن كل ليلة له منزلة حتى يتم ثمانياً وعشرين وفي تسع وعشرين وثلاثين لا يظهر في الغالب.
الثاني: أن المراد به تعلم منازل النجوم، أي: يخرج النجم الفلاني، في اليوم الفلاني وهذه النجوم جعلها الله أوقاتاً للفصول، لأنها [28] نجماً:
- منها [14] يمانية.
- و [14] شمالية.
فإذا حلت الشمس في المنازل الشمالية صار الحر، وإذا حلت في الجنوبية صار البرد، ولذلك كان من علامة دنو البرد خروج سهيل، وهو من النجوم اليمانية.
والصحيح أنه لا بأس بتعلم منازل القمر، لأنه لا شرك فيها، إلا أن تعلمها ليضيف إليها نزول المطر وحصول البرد، وأنها هي الجالبة لذلك، فهذا نوع من الشرك، أما مجرد معرفة الوقت بها: هل هو الربيع، أو الخريف، أو الشتاء، فهذا لا بأس به.
(ج2/ 10)
----
المتن:" وعن أبي موسى، قال رسول الله صلى الله علية وسلم: "ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر، وقاطع الرحم، ومصدق بالسحر " رواه أحمد وابن حبان في "صحيحه".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: "قاطع رحم".
الرحم: هم القرابة، قال تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض) [الأنفال: 75]، وليس كما يظنه العامة أنهم أقارب الزوجين، لأن هذه تسمية غير شرعية، والشرعية في أقارب الزوجين: أن يسموا أصهاراً.
ومعنى قاطع الرحم: أن لا يصله، والصلة جاءت مطلقة في الكتاب والسنة، قال تعالى: (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل) [الرعد: 21]، ومنه الأرحام وما جاء مطلقاً غير مقيد، فإنه يتبع فيه العرف كما قيل:
وكل ما أتى ولم يحدد ... بالشرع كالحرز فبالعرف احدد
فالصلة في زمن الجوع والفقر: أن يعطيهم ويلاحظهم بالكسوة والطعام دائماً، وفي زمن الغنى لا يلزم ذلك.
وكذلك الأقارب ينقسمون إلى:
1 - قريب.
2 - وبعيد.
فأقربهم يجب له من الصلة أكثر مما يجب للأبعد.
ثم الأقارب ينقسمون إلى قسمين من جهة أخرى:
1 - قسم من الأقارب يرى أن لنفسه حقاً لا بد من القيام به، ويريد أن تصله دائماً.
2 - وقسم آخر يقدر الظروف وينزل الأشياء منازلها، فهذا له حكم، وذلك له حكم.
وهل صلة الرحم حق لله أو للآدمي؟
الظاهر أنها حق للآدمي، وهي حق لله باعتبار أن الله أمر بها.
(ج2/ 12 - 13)
----
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/224)
ـ[أبو أسيد النجدي]ــــــــ[17 - 11 - 05, 02:51 م]ـ
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجزيك بهذا خير الجزاء وأن يرفع قدرك ويوسع عليك في الدنيا والآخرة .. بارك الله فيك ..
ـ[المسيطير]ــــــــ[17 - 11 - 05, 04:23 م]ـ
الأخ الكريم / أباأسيد النجدي
جزاكم الله خير الجزاء وأوفاه.
----
بابٌ مَا جَاءَ فِي الاسْتِسْقَاءِ بالأنْوَاءِ
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
الاستسقاء: طلب السقيا
كالاستغفار: طلب المغفرة
والاستعانة: طلب المعونة
والاستعاذة: طلب العوذ
والاستهداء: طلب الهداية
لأن مادة استفعل في الغالب تدل على الطلب، وقد لا تدل على الطلب، بل تدل على المبالغة في الفعل، مثل: استكبر، أي: بلغ في الكبر غايته، وليس المعنى طلب الكبر.
والاستسقاء بالأنواء، أي: أن تطلب منها أن تسقيك.
والاستسقاء بالأنواء ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: شرك أكبر، وله صورتان:
الأولى: أن يدعو الأنواء بالسقيا، كأن يقول: يا نوء كذا! اسقنا أو أغثنا، وما أشبه ذلك، فهذا شرك أكبر، لأنه دعا غير الله، ودعاء غير الله من الشرك الأكبر، قال تعالى: (ومن يدع مع الله إلها أخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون) [المؤمنون: 17]، وقال تعالى: (وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحداً) [الجن: 18]، وقال تعالى: (ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين) [يونس: 106].
إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة الدالة على النهي عن دعاء غير الله، وأنه من الشرك الأكبر.
الثانية: أن ينسب حصول الأمطار إلى هذه الأنواء على أنها هي الفاعلة بنفسها دون الله ولو لم يدْعُها، فهذا شرك أكبر في الربوبية، والأول في العبادة، لأن الدعاء من العبادة، وهو متضمن للشرك في الربوبية، لأنه لم يدْعُها إلا وهو يعتقد أنها تفعل وتقضي الحاجة.
القسم الثاني: شرك أصغر، وهو أن يجعل هذه الأنواء سبباً مع اعتقاده أن الله هو الخالق الفاعل، لأن كل من جعل سبباً لم يجعله الله سبباً لا بوحيه ولا بقدره، فهو مشرك شركاً أصغر.
(ج2/ 18 - 19)
----
المتن:" وقال الله تعالى (وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون) [الواقعة: 82].
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
واعلم أن التكذيب نوعان:
أحدهما: التكذيب بلسان المقال، بأن يقول هذا كذب، أو المطر من النوء ونحو ذلك.
والثاني: التكذيب بلسان الحال، بأن يعظم الأنواء والنجوم معتقداً أنها السبب، ولهذا وعظ عمر بن عبد العزيز الناس يوماً، فقال: " أيها الناس! إن كنتم مصدقين، فأنتم حمقى، وإن كنتم مكذبين، فأنتم هلكى ". وهذا صحيح، فالذي يصدق ولا يعمل أحمق، والمكذب هالك، فكل إنسان عاص نقول له الآن: أنت بين أمرين:
- إما أنك مصدق بما رتب على هذه المعصية.
- أو مكذب.
فإن كنت مصدقاً، فأنت أحمق، كيف لا تخاف فتستقيم؟ ! وإن كنت غير مصدق، فالبلاء أكبر، فأنت هالك كافر.
(ج2/ 20)
----
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
والمراد بالكوكب النجم، وكانوا ينسبون المطر إليه، ويقولون: إذا سقط النجم الفلاني جاء المطر، وإذا طلع النجم الفلاني جاء المطر، وليسوا ينسبونه إلى هذا نسبة وقت، وإنما نسبة سبب، فنسبة المطر إلى النوء تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1 - نسبة إيجاد، وهذه شرك أكبر.2 - نسبة سبب، وهذه شرك أصغر.3 - نسبة وقت، وهذه جائزة بأن يريد بقوله: مطرنا بنوء كذا، أي: جاءنا المطر فى هذا النوء أي فى وقته.
ولهذا قال العلماء: يحرم أن يقول: مطرنا بنوء كذا، ويجوز مطرنا في نوء كذا، وفرقوا بيهما أن الباء للسببية، و"في " للظرفية.
(ج2/ 31)
----
ـ[المسيطير]ــــــــ[18 - 11 - 05, 03:46 م]ـ
بابٌ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
والمحبة تنقسم إلى قسمين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/225)
القسم الأول: محبة عبادة، وهي التي توجب التذلل والتعظيم، وأن يقوم بقلب الإنسان من إجلال المحبوب وتعظيمه ما يقتضي أن يمتثل أمره ويجتنب نهيه، وهذه خاصة بالله، فمن أحب مع الله غيره محبة عبادة، فهو مشرك شركاً أكبر، ويعبر العلماء عنها بالمحبة الخاصة.
القسم الثاني: محبة ليست بعبادة في ذاتها، وهذه أنواع:
النوع الأول: المحبة لله وفي الله، وذلك بأن يكون الجالب لها محبة الله، أى: كون الشيء محبوباً لله تعالى من أشخاص، كالأنبياء، والرسل، والصديقين، والشهداء، والصالحين.
أو أعمال، كالصلاة، والزكاة، وأعمال الخير، أو غير ذلك.
وهذا النوع تابع للقسم الأول الذي هو محبة الله.
النوع الثاني: محبة إشفاق ورحمة، وذلك كمحبة الولد، والصغار، والضعفاء، والمرضى.
النوع الثالث: محبة إجلال وتعظيم لا عبادة، كمحبة الإنسان لوالده، ولمعلمه، ولكبير من أهل الخير.
النوع الرابع: محبة طبيعية، كمحبة الطعام، والشراب، والملبس، والمركب، والمسكن.
وأشرف هذه الأنواع النوع الأول، والبقية من قسم المباح، إلا إذا أقترن بها ما يقتضى التعبد صارت عبادة.
(ج2/ 45)
----
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قال شيخ الإسلام: " من كان مؤمناً تقياً كان لله ولياً ". والولاية سبق أنها النصرة والتأييد والإعانة.
والولاية تنقسم إلى:
1 - ولاية من الله للعبد.
2 - وولاية من العبد لله.
فمن الأولى قوله تعالى (الله ولي الذين آمنوا) [البقرة: 257] ومن الثانية قوله تعالى (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا ….) [المائدة: 56].
والولاية التي من الله للعبد تنقسم إلى:
- عامة.
- وخاصة.
فالولاية العامة هي: الولاية على العباد بالتدبير والتصريف، وهذه تشمل المؤمن والكافر وجميع الخلق، فالله هو الذي يتولى عباده بالتدبير والتصريف والسلطان وغير ذلك، ومنه قوله تعالى. (ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق آلا له الحكم وهو أسرع الحاسبين) [الأنعام: 62].
والولاية الخاصة: أن يتولى الله العبد بعنايته وتوفيقه وهدايته، وهذه خاصة بالمؤمنين، قال تعالى: (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجهم من النور إلى الظلمات) [البقرة: 257] وقال: (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولاهم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون) [يونس: 62].
(ج2/ 60)
----
ـ[المسيطير]ــــــــ[18 - 11 - 05, 05:58 م]ـ
بابٌ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى:" إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
والخوف أقسام:
الأول: خوف العبادة والتذلل والتعظيم والخضوع، وهو ما يسمى بخوف السر.وهذا لا يصلح إلا لله – سبحانه -، فمن أشرك فيه مع الله غيره؛ فهو مشرك شركاً أكبر، وذلك مثل: مَن يخاف من الأصنام أو الأموات، أو من يزعمونهم أولياء ويعتقدون نفعهم وضرهم؛ كما يفعله بعض عباد القبور: يخاف من صاحب القبر أكثر مما يخاف الله.
الثاني: الخوف الطبيعي والجبلي؛ فهذا في الأصل مباح، لقوله تعالى عن موسى: (فخرج منها خائفاً يترقب)، وقوله عنه أيضاً: (رب إني قتلت منهم نفساً فأخاف أن يقتلون)، لكن:
- إن حمل على ترك واجب أو فعل محرم؛ فهو محرم.
- وإن استلزم شيئاَ مباحاً كان مباحاً.
فمثلاً من خاف من شيء لا يؤثر عليه وحمله هذا الخوف على ترك صلاة الجماعة مع وجوبها؛ فهذا الخوف محرم، والواجب عليه أن لا يتأثر به.
وإن هدده إنسان على فعل محرم، فخافه وهو لا يستطيع أن ينفذ ما هدده به، فهذا خوف محرم لأنه يؤدي إلى فعل محرم بلا عذر، وإن رأى ناراً ثم هرب منها ونجا بنفسه؛ فهذا خوف مباح، وقد يكون واجباً إذا كان يتوصل به إلى إنقاذ نفسه.
وهناك ما يسمى بالوهم وليس بخوف، مثل أن يرى ظل شجرة تهتز فيظن أن هذا عدو يتهدده، فهذا لا ينبغي للمؤمن أن يكون كذلك، بل يطارد هذه الأوهام لأنه حقيقة لها، وإذا لم تطاردها؛ فإنها تهلكك.
(ج2/ 68)
----
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/226)
المتن: " وقوله: (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين) [التوبة: 18].
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: (وأقام الصلاة): أي: أتى بها على وجه قويم لا نقص فيه، والإقامة نوعان:
1 - إقامة واجبة: وهي التي يقتصر فيها على فعل الواجب من الشروط والأركان والواجبات.
2 - وإقامة مستحبة: وهي التي يزيد فيها على فعل ما يجب فيأتيى بالواجب والمستحب.
(ج2/ 72)
----
المتن:" قوله: (ولم يخش إلا الله).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
في هذه الآية حصر طريقة الإثبات والنفي. (لم يخش) نفي، (إلا الله) إثبات، والمعنى: أن خشيته انحصرت في الله – عز وجل -؛ فلا يخشى غيره.
والخشية نوع من الخوف، لكنها أخص منه، والفرق بينهما:
1 – أن الخشية تكون مع العلم بالمخشي وحاله، لقوله تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) [فاطر: 28]، والخوف قد يكون من الجاهل.
2 – أن الخشية تكون بسبب عظمة المخشي، بخلاف الخوف، فقد يكون من ضعف الخائف لا من قوة المخوف.
(ج2/ 72 - 73)
----
المتن:" وقوله: (ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله) [العنكبوت: 10] الآية.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وفي هذه الآية من الحكمة العظيمة، وهي ابتلاء الله العبد لأجل أن يمحص إيمانة، وذلك على قسمين:
الأول: ما يقدره الله نفسه على العبد؛ كقوله تعالى: (ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير أطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة) [الحج: 11] وقوله تعالى: (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون) [البقرة: 155، 156].
الثاني: ما يقدره الله على أيدي الخلق من الإيذاء امتحاناً واختباراً، وذلك كالآية التي ذكر المؤلف.
(ج2/ 75)
----
ـ[المسيطير]ــــــــ[08 - 03 - 06, 11:41 م]ـ
للفائدة، ولطلب ملحوظات الإخوة وتوجيهاتهم.
وأسأل الله تعالى الإعانة على إكمال الكتاب.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[14 - 03 - 06, 11:38 م]ـ
أثابك الله أبا محمد .. جهد مشكور،وعمل مبرور ـ إن شاء الله ـ ..
ولي عودة بإذن الله ..
سر فلا كبا بك الفرس ..
ـ[المسيطير]ــــــــ[19 - 04 - 06, 11:55 م]ـ
أثابك الله أبا محمد .. جهد مشكور،وعمل مبرور ـ إن شاء الله ـ ..
ولي عودة بإذن الله ..
سر فلا كبا بك الفرس ..
الشيخ المبارك / عمر المقبل
أنتظرك، وأشرف بملحوظاتك.
ـ[المسيطير]ــــــــ[20 - 04 - 06, 12:30 ص]ـ
بابٌ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: (وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
والتوكل: هو الإعتماد على الله – سبحانه وتعالى – في حصول المطلوب، ودفع المكروه، مع الثقة به وفعل الأسباب المأذون فيها، وهذا أقرب تعريف له، ولابد من أمرين:
الأول: أن يكون الاعتماد على الله اعتماداً صادقاً حقيقياً.
الثاني: فعل الأسباب المأذون فيها.
فمن جعل أكثر اعتماده على الأسباب، نقص توكله على الله، ويكون قادحاً في كفاية الله، فكأنه جعل السبب وحده هو العمدة فيما يصبو إليه من حصول المطلوب وزوال المكروه.
ومن جعل اعتماده على الله ملغياً للأسباب، فقد طعن في حكمة الله، لأن الله جعل لكل شيء سبباً، فمن اعتمد على الله اعتماداً مجرداً، كان قادحاً في حكمة الله، لأن الله حكيم، يربط الإسباب بمسبباتها، كمن يعتمد على الله في حصول الولد وهو لا يتزوج.
(ج2/ 87)
----
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
والتوكل ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: توكل عبادة وخضوع، وهو الإعتماد المطلق على من توكل عليه، بحيث يعتقد أن بيده جلب النفع ودفع الضر، فيعتمد عليه اعتماداً كاملاً، مع شعوره بافتقاره إليه، فهذا يجب إخلاصه لله تعالى، ومن صرفه لغير الله، فهو مشركاً أكبر، كالذين يعتمدون على الصالحين من الأموات والغائبين، وهذا لا يكون إلا ممن يعتقد أن لهؤلاء تصرفاً خفياً في الكون، فيعتمد عليهم في جلب المنافع ودفع المضار.
الثاني: الاعتماد على شخص في رزقه ومعاشه وغير ذلك، وهذا من الشرك الأصغر، وقال بعضهم: من الشرك الخفي، مثل اعتماد كثير من الناس على وظيفته في حصول رزقه، ولهذا تجد الإنسان يشعر من نفسه أنه معتمد على هذا اعتماد افتقار، فتجد في نفسه من المحاباة لمن يكون هذا الرزق عنده ما هو ظاهر، فهو لم يعتقد أنه مجرد سبب، بل جعله فوق السبب.
الثالث: أن يعتمد على شخص فيما فوض إليه التصرف فيه، كما لو وكلت شخصاً في بيع شيء أو شرائه، وهذا لا شيء فيه، لأنه أعتمد عليه وهو يشعر أن المنزلة العليا فوقه، لأنه جعله نائباً عنه، وقد وكل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على ابن أبي طالب أن يذبح ما بقي من هديه، ووكل أبا هريرة على الصدقة، ووكل عروة بن الجعد أن يشتري له شاة، وهذا بخلاف القسم الثاني، لأنه يشعر بالحاجة إلى ذلك، ويرى اعتماده علي المتوكَّل عليه اعتماد افتقار.
(ج2/ 89)
---
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/227)
ـ[بن حمد آل سيف]ــــــــ[30 - 08 - 06, 01:45 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو عميرة الأثري]ــــــــ[13 - 09 - 06, 02:31 ص]ـ
هل يتكرم احد الأخوة يتنسيق الموضوع فى ملف نصي؟
ـ[أبو فيصل بن صالح]ــــــــ[16 - 09 - 06, 10:51 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[صخر]ــــــــ[24 - 01 - 07, 04:51 ص]ـ
هل مازلت شيخنا تسرد التقاسيم؟
ـ[الجعفري]ــــــــ[24 - 01 - 07, 07:27 ص]ـ
جزاك الله خيراً أخانا المسيطير على ما بذلته من فوائد طيبة من كتاب طالما استفدنا منه.
هل يتكرم احد الأخوة يتنسيق الموضوع فى ملف نصي؟
وقد حاولت مع قلة خبرتي , وهذا للعرض فقط , وربما صاحب الموضوع قد جهزه نصاً , فأرجو أنا أكون افتأت عليه فليسامحني.
ـ[المسيطير]ــــــــ[25 - 01 - 07, 01:48 م]ـ
الإخوة الأفاضل /
بن حمد آل سيف
أباعميرة الأثري
أبافيصل بن صالح
صخر
جزاكم الله خير الجزاء، وأجزله، وأوفاه.
الأخ الكريم / الجعفري
جزاك الله خير الجزاء.
وليتكك تتكرم بإكماله، ولو كنت أعرف الطريقة لما ترددت لحظة في جعله على ملف وورد.
الأخ الكريم / أباالحسن الأكاديري
جزاك الله خير الجزاء على تواصلك.
وأسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يحفظك من كل مكروه.
ـ[المسيطير]ــــــــ[25 - 01 - 07, 02:24 م]ـ
باب قول الله تعالى: (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ)
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
هذا الباب اشتمل على موضوعين:
الأول: الأمن من مكر الله.
والثاني: القنوط من رحمة الله.
وكلاهما طرفا نقيض.
(ج2/ 100)
----
المتن: وقوله: (ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
فالقنوط من رحمة الله لا يجوز، لأنه سوء ظن بالله – عز وجل -، وذلك من وجهين:
الأول: أنه طعن في قدرته سبحانه، لأن من عَلِمَ أن الله على كل شيء قدير لم يستبعد شيئاً على قدرة الله.
الثاني: أنه طعن في رحمته سبحانه، لأن من علم أن الله رحيم لا يستبعد أن يرحمة الله - سبحانه -، ولهذا كان القانط من رحمة الله ضالاً.
(ج2/ 104)
----
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وتبين مما سبق أن المؤلف رحمة الله أراد أن يجمع الإنسان في سيره إلى الله تعالى بين:
- الخوف فلا يأمن مكر الله.
- وبين الرجاء فلا يقنط من رحمته.
- فالأمن من مكر الله ثلمٌ في جانب الخوف.
- والقنوط من رحمته ثلم في جانب الرجاء.
(ج2/ 104)
----
المتن: وعن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الكبائر؟ فقال: " الشرك بالله، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله "
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الكبائر ". جمع كبيرة، والمراد بها: كبائر الذنوب، وهذا السؤال يدل على أن الذنوب تنقسم إلى:
- صغائر.
- وكبائر.
وقد دل على ذلك القرآن، قال تعالى: (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم) [النساء: 31]، وقال تعالى: (الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش) [النجم: 32]، والكبائر ليست على درجة واحدة، فبعضها أكبر من بعض.
واختلف العلماء: هل هي معدودة أو محدودة؟.
فقال بعض أهل العلم: إنها معدودة، وصار يعددها ويتتبع النصوص الواردة في ذلك.
وقيل إنها محدودة، وقد حدّها شيخ الإسلام ابن تيميه رحمة الله، فقال: " كل ما رتب عليه عقوبة خاصة، سواء كانت في الدنيا أو الآخرة، وسواء كانت بفوات محبوب أو بحصول مكروه "، وهذا واسع جداً يشمل ذنوباً كثيرة.
ووجه ما قاله: أن المعاصي قسمان:
- قسم نُهي عنه فقط ولم يذكر عليه وعيد؛ فعقوبة هذا تأتي بالمعنى العام للعقوبات، وهذه المعصية مكفرة بفعل الطاعات، كقوله صلى الله عليه وسلم: " الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر "، وكذلك ما ورد في العمرة إلى العمرة، والوضوء من تكفير الخطايا، فهذه من الصغائر.
- وقسم رُتّب عليه عقوبة خاصة؛ كاللعن، أو الغضب، أو التبرؤ من فاعله، أو الحد في الدنيا، أو نفي الإيمان، وما أشبه ذلك، فهذه كبيرة تختلف في مراتبها.
(ج2/ 104 - 105)
----
المتن: قوله: " الشرك بالله "
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
ظاهر الإطلاق: أن المراد به الشرك الأصغر والأكبر، وهو الظاهر، لأن الشرك الأصغر أكبر من الكبائر، قال ابن مسعود: " لأن أحلف بالله كاذباً أحب إلى من أن أحلف بغيره صادقاً "، وذلك لأن سيئة الشرك أعظم من سيئة الكذب، فدل على أن الشرك من الكبائر مطلقاً.
والشرك بالله بتضمن الشرك:
- بربو بيته.
- أو بألوهيته.
- أو بأسمائه وصفاته.
(ج2/ 106)
----
المتن: وعن ابن مسعود، قال: " أكبر الكبائر: الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله ". رواه عبد الرزاق
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
والخلاصة: أن السائر إلى الله يعتريه شيئان يعوقانه عن ربه، وهما:
1 - الأمن من مكر الله.
2 - والقنوط من رحمة الله.
فإذا أصيب بالضراء أو فات عليه ما يجب، تجده أن لم يتداركه ربه يستولي عليه القنوط ويستبعد الفرج ولا يسعى لأسبابه.
وأما الأمن من مكر الله، فتجد الإنسان مقيماً على المعاصي مع توافر النعم عليه، ويرى أنه على حق فيستمر في باطله، فلا شك أن هذا استدراج.
(ج2/ 107)
---
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/228)
ـ[الجعفري]ــــــــ[26 - 01 - 07, 11:09 م]ـ
أخي المسيطير: لعل الله ييسر والمسألة سهلة إنما هي نسخ ولصق في الوورد , هذا ما فعلته وربما تكون طريقة أحدث فأنا قليل الخبرة في الحاسب.
http://www.aln3mi.com/up/uploads/37af3f4db1.gif
ـ[عبدالله الطيب]ــــــــ[22 - 02 - 07, 01:41 ص]ـ
السلام عليكم
شيخنا المستطير مازلنا في انتظارك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[أبو أنس الطنطاوى]ــــــــ[04 - 03 - 07, 12:58 ص]ـ
برجاء من الأخ الفاضل
ذكر طبعة كتاب" الدر النضيد فى شرح كتا ب التوحيد للشيخ سليمان"
وجزاكم الله خيرا
ـ[المسيطير]ــــــــ[22 - 03 - 07, 10:25 ص]ـ
بابٌ منَ الإيمَانِ باللهِ الصَّبْرُ علَى أَقْدَارِ اللهِ
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
" الصبر ": في اللغة: الحبس، ومنه قولهم: " قتل صبراً "، أي: محبوساً مأسوراً.
وفي الاصطلاح: حبس النفس على أشياء وعن أشياء، وهو ثلاثة أقسام:
الأول: الصبر على طاعة الله، كما قال تعالى: (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها) [طه: 132] وقال تعالى: (إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلاً فأصبر لحكم ربك) [الإنسان: 23 - 24]، وهذا من الصبر على الأوامر، لأنه إنما نزل عليه القرآن ليُبلّغه، فيكون مأموراً بالصبر على الطاعة، وقال تعالى: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) [الكهف: 28]، وهذا صبر على طاعة الله.
الثاني: الصبر عن معصية الله، كصبر يوسف عليه السلام عن إجابة امرأة العزيز حيث دعته إلى نفسها في مكانة لها فيها العزة والقوة والسلطان عليه، ومع ذلك صبر وقال: (رب السجن أحب إلى مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين) [يوسف: 33]، فهذا صبر عن معصية الله.
الثالث: الصبر على أقدار الله، قال تعالى: (فاصبر لحكم ربك) [الإنسان: 24]، فيدخل في هذه الآية حكم الله القدري، ومنه قوله تعالى: (فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم) [الأحقاف: 35]، لأن هذا صبر على تبليغ الرسالة وعلى أذى قومه، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم لرسول إحدى بناته: " مرها، فلتصبر ولتحتسب ".
إذن الصبر ثلاثة أنواع:
- أعلاها الصبر على طاعة الله.
- ثم الصبر عن معصية الله.
- ثم الصبر على أقدار الله.
(ج2/ 109)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وكان الصبر على الطاعة أعلى، لأنه يتضمن إلزاماً وفعلاً، فتلزم نفسك الصلاة فتصلي، والصوم فتصوم، والحج فتحج .. فيه:
- إلزام
- وفعل.
- وحركة فيها نوع من المشقة والتعب.
ثم الصبر على المعصية لأن فيه كفاً فقط، أي: إلزاما للنفس بالترك.
أما الصبر على الأقدار، فلأن سببه ليس باختيار العبد، فليس فعلاً ولا تركاً، وإنما هو من قدر الله المحض.
(ج2/ 110)
----
المتن: قوله: " على أقدار الله "
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
جمع قَدَر، وتطلق:
- على المقدور.
- وعلى فعل المقدِّر، وهو الله تعالى.
- أما بالنسبة لفعل المُقدِر، فيجب على الإنسان الرضا به والصبر.
- وبالنسبة للمقدور، فيجب عليه الصبر ويستحب له الرضا.
مثال ذلك: قدر الله على سيارة شخص أن تحترق، فكون الله قدر أن تحترق هذا قدر يجب على الإنسان أن يرضي به، لأنه من تمام الرضا بالله رباً.
وأما بالنسبة للمقدور الذي هو احتراق السيارة، فالصبر عليه واجب، والرضا به مستحب وليس بواجب على القول الراجح.
والمقدور:
- قد يكون طاعات.
- وقد يكون معاصي.
- وقد يكون من أفعال الله المحضة.
فالطاعات: يجب الرضا بها.
والمعاصي: لا يجوز الرضا بها من حيث هي مقدور، أما من حيث كونها قدر الله، فيجب الرضا بتقدير الله بكل حال.
(ج2/ 111)
----
ـ[طالب علوم الحديث]ــــــــ[23 - 03 - 07, 05:18 م]ـ
جزاك الله خيرا يا أخ المسيطر على هذا الجهد المشكور، و نتمنى أن يجمع كاملا على ملف وورد هذا إذا انتهيت أما إذا لم تنتهي فلا يتم الاستعجال بجمعه في ملف إلا إذا أراد من سيجمع أن يجمعه و لا يضعه إلا بعد الانتهاء منه حتى يسهل عليه الجمع و التنسيق ثم يضعه.
ـ[المسيطير]ــــــــ[29 - 03 - 07, 01:06 م]ـ
الأخ الكريم / طالب علوم الحديث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/229)
جزاك الله خير الجزاء.
----
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
- فمن نظر بعين القضاء والقدر إلى رجل يعمل معصية، فعليه الرضا لأن الله هو الذي قدر هذا، وله الحكمة في تقديره.
- وإذا نظر إلى فعله، فلا يجوز له أن يرضي به لأنه معصية.
وهذا هو الفرق بين القدر والمقدور.
(ج2/ 111)
----
المتن / قوله: " النياحة على الميت ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
أي: أن يبكي الإنسان على الميت بكاء على صفة نَوح الحمام، لأن هذا يدل على التضجر وعدم الصبر، فهو مناف للصبر الواجب، وهذه الجملة هي الشاهد للباب.
والناس حال المصيبة على مراتب أربع:
الأولى: السخط، وهو إما أن يكون:
- بالقلب كأن يسخط على ربه ويغضب على قدر الله عليه، وقد يؤدى إلى الكفر، قال تعالى: (ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير أطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجه خسر الدنيا والآخرة) [الحج: 11].
- وقد يكون باللسان، كالدعاء بالويل والثبور وما أشبه ذلك.
- وقد يكون بالجوارح؛ كلطم الخدود، وشق الجيوب، ونتف الشعور، وما أشبه ذلك.
الثانية: الصبر، وهو كما قال الشاعر:
الصبر مثلُ اسمهِ مُرُّ مَذَاقتَه لكنْ عواقبُهُ أحلى من العَسَلِ
فيرى الإنسان أن هذا الشيء ثقيل عليه ويكرهه، لكنه يتحمله ويتصبر، وليس وقوعه وعدمه سواء عنده، بل يكره هذا ولكن إيمانه يحميه من السخط.
الثالثة: الرضا، وهو أعلى من ذلك، وهو أن يكون الأمران عنده سواء بالنسبة لقضاء الله وقدرة وإن كان قد يحزن من المصيبة، لأنه رجل يسبح في القضاء والقدر، أينما ينزل به القضاء والقدر فهو نازل به على سهل أو جبل، إن أصيب بنعمه أو أصيب بضدها، فالكل عنده سواء، لا لأن قلبه ميت، بل لتمام رضاه بربه – سبحانه وتعالى – يتقلب في تصرفات الرب – عز وجل -، ولكنها عنده سواء، إذ إنه ينظر إليها باعتبارها قضاء لربه، وهذا الفرق بين الرضا والصبر.
الرابعة: الشكر، وهو أعلى المراتب، وذلك أن يشكر الله على ما أصابه من مصيبة، وذلك يكون في عباد الله الشاكرين حين يرى أن هناك مصائب أعظم منها، وأن مصائب الدنيا أهون من مصائب الدين، وأن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وأن هذه المصيبة سبب لتكفير سيئاته وربما لزيادة حسناته شكر الله على ذلك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما يصيب المؤمن من همّ ولا غمّ ولا شيء إلا كفر له بها، حتى الشوكة يشاكها " رواه البخاري ومسلم.
(ج2/ 115)
---
ـ[عبادة السلفي]ــــــــ[01 - 04 - 07, 02:40 ص]ـ
بارك الله فيك كثيرا
ـ[المسيطير]ــــــــ[04 - 08 - 07, 05:46 م]ـ
الأخ الحبيب / عبادة السلفي
بارك الله فيك.
ـ[أبو عمرو المغربي]ــــــــ[18 - 08 - 07, 05:37 م]ـ
أخي المسيطر
أرجو أن تتمم هذا العمل المبارك إن شاء الله تعالى
ـ[حسام الدين الكيلاني]ــــــــ[19 - 08 - 07, 04:57 ص]ـ
جزاكم الله كل خير، وهلا تابعت هذه الدرر النضيدة والتقاسيم المفيدة .. !
ـ[السمرقنديه]ــــــــ[29 - 09 - 07, 02:22 ص]ـ
هل توجد هذه التقاسيم مجموعة في ملف واحد وكاملة؟؟
ـ[أبو عائش وخويلد]ــــــــ[21 - 10 - 07, 06:14 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
للرفع.
ـ[المسيطير]ــــــــ[25 - 10 - 07, 05:53 م]ـ
المتن: وعن أنس، أن رسول الله قال: " إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه، حتى يوافي به يوم القيامة "
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
والعقوبة أنواع كثيرة:
منها: ما يتعلق بالدين، وهي أشدها، لأن العقوبات الحسية قد ينتبه لها الإنسان، أما هذه؛ فلا ينتبه لها إلا من وفقه الله، وذلك كما لو خفت المعصية في نظر العاصي، فهذه عقوبة دينية تجعله يستهين بها، وكذلك التهاون بترك الواجب، وعدم الغيرة على حرمات الله، وعدم القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كل ذلك من المصائب، ودليله قوله تعالى: (فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم) [المائدة: 49].
ومنها: العقوبة بالنفس، وذلك كالأمراض العضوية والنفسية.
ومنها: العقوبة بالأهل، كفقدانهم، أو أمراض تصيبهم.
ومنها: العقوبة بالمال، كنقصه أو تلفه وغير ذلك.
(ج2/ 117)
----
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " حتى يوافيَ به يوم القيامة ". أي: يوافيه الله به: أي: يجازيه به يوم القيامة، وهو الذي يقوم فيه الناس من قبورهم لله رب العالمين.
وسمي بيوم القيامة لثلاثة أسباب:
1 - قيام الناس من قبورهم، لقوله تعالى: (يوم يقوم الناس لرب العالمين) [المطففين: 6].
2 - قيام الأشهاد، لقوله تعالى: (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد) [غافر: 51].
3 - قيام العدل، لقوله تعالى: (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة) [الأنبياء: 47]
(ج2/ 118)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
ومن ذلك يتضح لنا أمران:
1 - أن إصابة الإنسان بالمصائب تعتبر تكفيراً لسيئاته وتعجيلاً للعقوبة في الدنيا، وهذا خير من تأخيرها له في الآخرة.
2 - قد تكون المصائب أكبر من المعائب ليصل المرء بصبره أعلى درجات الصابرين، والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد.
(ج2/ 119 - 120)
---
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/230)
ـ[أبو عمرو المغربي]ــــــــ[12 - 11 - 07, 05:15 ص]ـ
بارك الله فيك و جزاك خيرا أخي المسيطر
أسأل الله تعالى العلي القدير أن ييسر لك إتمام هذا العمل المبارك
ـ[ mhamed] ــــــــ[12 - 11 - 07, 07:08 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[24 - 11 - 07, 05:32 ص]ـ
جزاكم الله كل خير
ـ[المسيطير]ــــــــ[24 - 11 - 07, 04:17 م]ـ
بَابٌ ما جَاءَ فِي الرِّيَاءِ
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
والرياء يبحث في مقامين:
المقام الأول: في حكمة.
فنقول: الرياء من الشرك الأصغر، لأن الإنسان قصد بعبادته غير الله وقد يصل إلى الأكبر، وقد مثل ابن القيم للشرك الأصغر، فقال: " مثل يسير الرياء "، وهذا يدل على أن الرياء كثير قد يصل إلى الأكبر.
المقام الثاني: في حكم العبادة إذا خالطها الرياء، وهو على ثلاثة أوجه:
الأول: أن يكون الباعث على العبادة مراءاة الناس من الأصل، كمن قام يصلي من أجل مراءاة الناس ولم يقصد وجه الله، فهذا شرك والعبادة باطلة.
الثاني: أن يكون مشاركاً للعبادة في أثنائها، بمعنى أن يكون الحامل له في أول أمره الإخلاص لله ثم يطرأ الرياء في أثناء العبادة.
- فإن كانت العبادة لا ينبني آخرها على أولها، فأولها صحيح بكل حال، والباطل آخرها.
مثال ذلك: رجل عنده مئة ريال قد أعدها للصدقة، فتصدق بخمسين مخلصاً وراءى في الخمسين الباقية، فالأولى حكمها صحيح، والثانية باطلة.
أما إذا كانت العبادة ينبني آخرها على أولها، فهي على حالين:
أ – أن يدافع الرياء ولا يسكن إليه، بل يعرض عنه ويكرهه، فإنه لا يؤثر عليه شيئاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله تجاوز عن آمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم ".
مثال ذلك: رجل قام يصلي ركعتين مخلصاً لله، وفي الركعة الثانية أحس بالرياء فصار يدافعه، فإن ذلك لا يضره ولا يؤثر على صلاته شيئاً.
ب - أن يطمئن إلى هذا الرياء ولا يدافعه، فحينئذ تبطل جميع العبادة لأن آخرها مبني على أولها ومرتبط به.
مثال ذلك: رجل قام يصلي ركعتين مخلصاً لله، وفي الركعة الثانية طرأ عليه الرياء لإحساسه بشخص ينظر إليه، فأطمأن لذلك ونزع إليه، فتبطل صلاته كلها لارتباط بعضها ببعض.
الثالث: ما يطرأ بعد انتهاء العبادة، فإنه لا يؤثر عليها شيئاً، اللهم إلا أن يكون فيه عدوان، كالمّن والأذي بالصدقة، فإن هذا العدوان يكون إثمه مقابلاً لأجر الصدقة فيبطلها، لقوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذي) [البقرة: 264].
وليس من الرياء أن يفرح الإنسان بعلم الناس بعبادته، لأن هذا إنما طرأ بعد الفراغ من العبادة.
وليس من الرياء أيضاً أن يفرح الإنسان بفعل الطاعة في نفسه، بل ذلك دليل على إيمانه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من سرته حسناته وساءته سيئاته فذلك المؤمن" وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: " تلك عاجل بشري المؤمن ".
(ج2/ 124 - 126)
----
ـ[المسيطير]ــــــــ[24 - 11 - 07, 04:56 م]ـ
تابع لباب ماجاء في الرياء:
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
فقوله تعالى: (فمن كان يرجو لقاء ربه) المراد بالرجاء: الطلب والأمل، أي: من كان يؤمل أن يلقى ربه، والمراد باللقيا هنا الملاقاة الخاصة، لأن اللقيا على نوعين:
الأول: عامة لكل إنسان، قال تعالى: (يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه) [الانشقاق: 6]، ولذلك قال مفرعاً على ذلك: (فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حساباً يسيراً) [الانشقاق: 7] (وأما من أوتي كتابه وراء ظهره … .. ) الآية [الانشقاق: 10].
الثاني: الخاصة بالمؤمنين، وهو لقاء الرضا والنعيم كما في هذه الآية، وتتضمن رؤيته تبارك وتعالى، كما ذكر بعض أهل العلم.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
فقوله: (فليعمل عملاً صالحاً) الفاء رابطة لجواب الشرط، والأمر للإرشاد، أي: من كان يريد أن يلقى الله على الوجه الذي يرضاه سبحانه، فليعمل عملاً صالحاً: والعمل الصالح ما كان خالصاً صواباً.
وهذا وجه الشاهد من الآية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/231)
فالخالص: ما قصد به وجه الله، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " إنما الأعمال بالنيات ".
والصواب: ما كان على شريعة الله، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا، فهو رد ".
ولهذا قال العلماء: هذان الحديثان ميزان الأعمال:
فالأول: ميزان الأعمال الباطنة.
والثاني: ميزان الأعمال الظاهرة.
(ج2/ 127).
----
المتن: وعن أبي سعيد مرفوعاً: " ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ ". قالوا: بلي. قال: " الشرك الخفي، يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته، لما يري من نظر رجل إليه " رواه أحمد
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " المسيح الدجال ". المسيح، أي: ممسوح العين اليمني، فذكر النبي صلى الله عليه وسلم عيبين في الدجال:
أحدهما: حسي، وهو أن الدجال أعور العين اليمني، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله لا يخفى عليكم، إنه ليس بأعور وإن الدجال أعور العين اليمنى ".
والثاني معنوي: وهو الدجال، فهو صيغة مبالغة، أو يقال بأنه نسبة إلى وصفه الملازم له، وهو الدجل والكذب والتمويه.
(ج 2/ 131).
----
قوله: " الشرك الخفي ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
الشرك قسمان:
1 - خفي.
2 - وجلي.
فالجلي:
- ما كان بالقول مثل: الحلف بغير الله أو قول ما شاء الله وشئت.
- أو بالفعل مثل: الانحناء لغير الله تعظيماً.
والخفي: ما كان في القلب، مثل: الرياء، لأنه لا يبين، إذ لا يعلم ما في القلوب إلا الله، ويسمي أيضاً " شرك السرائر "، وهذا هو الذي بينه الله بقوله: (يوم تبلى السرائر) [الطارق: 9]، لأن الحساب يوم القيامة على السرائر، قال تعالى: (أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور) [العاديات: 9، 10] وفي الحديث الصحيح فيمن كان يأمر بالمعروف ولا يفعله وينهى عن المنكر ويفعله: أنه " يلقى في النار حتى تندلق أقتاب بطنه، فيدور عليها كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع عليه أهل النار، فيسألونه، فيخبرهم أنه كان يأمر بالمعروف ولا يفعله، وينهي عن المنكر ويفعله ".
(ج2/ 133)
ـ[المسيطير]ــــــــ[24 - 11 - 07, 07:59 م]ـ
بابٌ من الشِّركِ إرَادَةُ الإنْسَانِ بِعَمَلِهِ الدُّنْيا
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وعنوان الباب له ثلاث احتمالات:
الأول: أن يكون مكرراً مع ما قبله، وهذا بعيد أن يكتب المؤلف ترجمتين متتابعتين لمعنى واحد.
الثاني: أن يكون الباب الذي قبله أخص من هذا الباب، لأنه خاص في الرياء، وهذا أعم، وهذا محتمل.
الثالث: أن يكون هذا الباب نوعاً مستقلاً عن الباب الذي قبله، وهذا هو الظاهر، لأن الإنسان في الباب السابق يعمل رياء يريد أن يمدح في العبادة، فيقال: هو عابد، ولا يريد النفع المادي.
وفي هذا الباب لا يريد أن يمدح بعبادته ولا يريد المراءاة، بل يعبد الله مخلصاً له، ولكنه يريد شيئاً من الدنيا، كالمال، والمرتبة، والصحة في نفسه وأهله وولده وما أشبه ذلك، فهو يريد بعمله نفعاً في الدنيا، غافلاً عن ثواب الآخرة.
(ج2/ 136).
----
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
· أمثلة تبين كيفية إرادة الإنسان بعمله الدنيا:
1 - أن يريد المال، كمن أذن ليأخذ راتب المؤذن، أو حج ليأخذ المال.
2 - أن يريد المرتبة، كمن تعلم في كلية ليأخذ الشهادة فترتفع مرتبته.
3 - أن يريد دفع الأذي والأمراض والآفات عنه، كمن تعبد لله كي يجزيه الله بهذا في الدنيا بمحبة الخلق له ودفع السوء عنه وما أشبه ذلك.
4 - أن يتعبد لله يريد صرف وجوه الناس إليه بالمحبة والتقدير.
(ج2/ 137)
----
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
فإن قيل: من أراد بعمله الدنيا كيف يقال إنه مخلص مع أنه أراد المال مثلاً؟.
أجيب:
- إنه أخلص العبادة ولم يرد بها الخلق إطلاقاً، فلم يقصد مراءاة الناس ومدحهم، بل قصد أمراً مادياً، فإخلاصه ليس كاملاً لأن فيه شركاً.
- ولكن ليس كشرك الرياء يريد أن يمدح بالتقرب إلى الله، وهذا لم يرد مدح الناس بذلك، بل أراد شيئاً دنيئاً غيره.
- ولا مانع أن يدعو الإنسان في صلاته ويطلب أن يرزقه الله المال، ولكن لا يصلي من أجل هذا الشيء، فهذه مرتبة دنيئة.
- أما طلب الخير في الدنيا بأسبابه الدنيوية، كالبيع، والشراء، والزراعة، فهذا لا شيء فيه.
والأصل أن لا نجعل في العبادات نصيباً من الدنيا، وقد سبق البحث في حكم العبادة إذا خالطها الرياء في باب الرياء.
(ج2/ 138)
---
المتن / وفي الصحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة؛ كان في الحراسة، وإن كان في الساقة؛ كان في الساقة، إن استأذن، لم يؤذن له، وأن شفع، لم يشفع ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
والحديث قسم الناس إلى قسمين:
الأول: ليس له هم إلا الدنيا، إما لتحصيل المال، أو لتجميل الحال، فقد استبعدت قلبه حتى أشغلته عن ذكر الله وعبادته.
الثاني: أكبر همه الآخرة، فهو يسعى لها في أعلى ما يكون مشقة وهو الجهاد في سبيل الله، ومع ذلك أدى ما يجب عليه من جميع الوجوه.
(ج2/ 146)
---
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/232)
ـ[المسيطير]ــــــــ[24 - 11 - 07, 08:42 م]ـ
بابٌ من أطَاعَ العُلمَاءَ والأمَرَاءَ في تَحْرِيمِ مَا أحَلَّ اللهُ أو تَحليلِ مَا حَرَّمَهُ فَقَدِ اتَّخَذَهُم أرْبَابَاً
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وأولو الأمر هم أولو الشأن:
- وهم العلماء؛ لأنه يستند إليهم في أمر الشرع والعلم به.
- والأمراء؛ لأنه يستند إليهم في تنفيذ الشرع وإمضائه.
وإذا استقام العلماء والأمراء استقامت الأمور، وبفسادهم تفسد الأمور، لأن العلماء أهل الإرشاد والدلالة، والأمراء أهل الإلزام والتنفيذ.
(ج2/ 149)
---
المتن / وعن عدي بن حاتم: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية: (أتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا أله إلا هو سبحانه عما يشركون) [التوبة: 31]، فقلت له: إنا لسنا نعبدهم. قال: " أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟ ". فقلت: بلى. قال: " فتلك عبادتهم ". رواه أحمد والترمذي وحسنه.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
واعلم أن اتباع العلماء أو الأمراء في تحليل ما حرم الله أو العكس ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: أن يتابعهم في ذلك راضياً بقولهم، مقدماً له، ساخطاً لحكم الله، فهو كافر لأنه كره ما أنزل الله فأحبط الله عمله، ولا تحبط الأعمال إلا بالكفر، فكل من كره ما أنزل الله؛ فهو كافر.
الثاني: أن يتابعهم في ذلك راضياً بحكم الله وعالماً بأنه أمثل وأصلح للعباد والبلاد، ولكن لهوى في نفسه أختاره، كأن يريد مثلاً وظيفة؛ فهذا لا يكفر، ولكنه فاسق وله حكم غيره من العصاة.
الثالث: أن يتابعهم جاهلاً، فيظن أن ذلك حكم الله، فينقسم إلى قسمين:
أ - أن يمكنه أن يعرف الحق بنفسه، فهو مفرط أو مقصر، فهو آثم، لأن الله أمر بسؤال أهل العلم عند عدم العلم.
ب - أن لا يكون عالماً ولا يمكنه التعلم فيتابعهم تقليداً ويظن أن هذا هو الحق، فهذا لا شيء عليه لأنه فعل ما أُمر به وكان معذوراً بذلك، ولذلك ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن " من أفتي بغير علم، فإنما إثمه على من أفتاه "، لو قلنا: بإثمه بخطأ غيره، للزم من ذلك الحرج والمشقة، ولم يثق الناس بأحد لاحتمال خطئه.
(ج 2/ 158).
--
ـ[المسيطير]ــــــــ[25 - 11 - 07, 11:33 ص]ـ
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
(*) فائدة:
وصف الله الحاكمين بغير ما أنزل الله بثلاثة أوصاف:
1 - قال تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) [المائدة: 44]
2 - وقال تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون) [المائدة: 45].
3 - وقال تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون) [المائدة: 47].
وأختلف أهل العلم مع ذلك:
فقيل: إن هذه الأوصاف لموصوف واحد، لأن الكافر ظالم، لقوله تعالى: (والكافرون هم الظالمون) [البقرة: 254]، وفاسق، لقوله تعالى: (وأما الذين فسقوا فمأواهم النار) [السجدة: 20]، أي: كفروا.
وقيل: إنها لموصوفين مُتعدِّدين، وإنها على حسب الحكم، وهذا هو الراجح.
- فتكون كافراً في ثلاثة أحوال:
أ – إذا اعتقد جواز الحكم بغير ما أنزل الله، بدليل قوله تعالى: (أفحكم الجاهلية يبغون) [المائدة: 50]، فكل ما خالف حكم الله، فهو من حكم الجاهلية، بدليل الإجماع القطعي على أنه لا يجوز الحكم بغير ما أنزل الله فالمُحل والمُبيح للحكم بغير ما أنزل الله مخالف لإجماع المسلمين القطعي، وهذا كافر مرتد، وذلك كمن اعتقد حلّ الزنا أو الخمر أو تحريم الخبز أو اللبن.
ب - إذا أعتقد أن حكم غير الله مثل حكم الله.
ج - إذا اعتقد أن حكم غير الله أحسن من حكم الله.
بدليل قوله تعالى: (ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون) [المائده: 50]، فتضمنت الآية أن حكم الله أحسن الأحكام، بدليل قوله تعالى مقرراً ذلك: (أليس الله بأحكم الحاكمين) [التين:8]، فإذا كان الله أحسن الحاكمين أحكاماً وهو أحكم الحاكمين؛، فمن أدعى أن حكم غير الله مثل حكم الله أو أحسن فهو كافر لأنه مُكذب للقرآن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/233)
- ويكون ظالماً: إذا اعتقد أن الحكم بما أنزل الله أحسن الأحكام، وأنه أنفع للعباد والبلاد، وأنه الواجب تطبيقة، ولكن حمله البغض والحقد للمحكوم عليه حتى حكم بغير ما أنزل الله، فهو ظالم.
- ويكون فاسقاً: إذا كان حكمه بغير ما أنزل الله لهوى في نفسه مع اعتقادة أن حكم الله هو الحق، لكن حكم بغيره لهوى في نفسه، أي محبة لما حكم به لا كراهية لحكم الله ولا ليضر أحداً به، مثل: أن يحكم لشخص لرشوة رُشِيَ إياها، أو لكونها قريباً أو صديقاً، أو يطلب من ورائه حاجة، وما أشبه ذلك مع اعتقاده بأن حكم الله هو الأمثل والواجب اتباعه، فهذا فاسق، وإن كان أيضاً ظالماً، لكن وصف الفسق في حقه أولى من وصف الظلم.
(ج2/ 158 - 160)
-----
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
أما بالنسبة لمن وضع قوانين تشريعية مع علمه بحكم الله وبمخالفة هذه القوانين لحكم الله، فهذا قد بدل الشريعة بهذه القوانين، فهو كافر لأنه لم يرغب بهذا القانون عن شريعة الله إلا وهو يعتقد أنه خير للعباد والبلاد من شريعة الله، وعندما نقول بأنه كافر، فنعني بذلك أن هذا الفعل يوصل إلى الكفر.
ولكن قد يكون الواضع له معذوراً، مثل أن يغرر به كأن يقال: إن هذا لا يخالف الإسلام، أو هذا من المصالح المرسلة، أو هذا مما رده الإسلام إلى الناس.
(ج2/ 160)
-----
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وتكفير الشخص يترتب عليه أحكام كثيرة، فيكون مباح الدم والمال، ويترتب عليه جميع أحكام الكفر، وكما لا يجوز أن نطلق الكفر على شخص معين حتى يتبين شروط التكفير في حقه يجب أن لا َنجبُن عن تكفير من كفره الله ورسوله.
ولكن يجب أن نفرق بين المُعَيّن وغير المُعَيَّن، فالمعين يحتاج الحكم بتكفيره إلى أمرين:
1) ثبوت أن هذه الخصلة التي قام بها مما يقتضي الكفر.
2) انطباق شروط التكفير عليه، وأهمها العلم بأن هذا مُكفِّر، فإن كان جاهلاً، فإنه لا يكفر، ولهذا ذكر العلماء أن من شروط إقامة الحد أن يكون عالماً بالتحريم، هذا وهو إقامة حد وليس بتكفير، والتحرز من التكفير أولى وأحرى.
قال تعالى: (رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) [النساء: 165] وقال تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً) [الإسراء: 15]، وقال تعالى: (وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون) [التوبة: 115].
ولابد مع توفر الشروط من عدم الموانع، فلو قام الشخص بما يقتضي الكفر إكراهاً أو ذهولا لم يكفر، لقوله تعالى: (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من إكراه وقلبه مطمئن بالإيمان) [النحل: 106]، ولقول الرجل الذي وجد دابته في مهلكة: " اللهم! أنت عبدي وأن ربك، أخطأ من شدة الفرح "، فلم يؤاخذ بذلك.
(ج2/ 163)
ـ[المسيطير]ــــــــ[25 - 11 - 07, 03:58 م]ـ
بابٌ قول الله تعالى: (ألَم تَرَ الَّذِينَ يَزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً) [النساء: 60] الآيات.
المتن / وقوله: (فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا أحساناً وتوفيقاً).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
الاستفهام هنا يراد به التعجب، أي: كيف حالهم إذا أصابتهم مصيبة، والمصيبة هنا تشمل المصيبة الشرعية والدنيوية لعدم تضاد المعنيين.
- فالدنيوية مثل: الفقر، والجدب، وما أشبه ذلك، فيأتون يشكون إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فيقولون: أصابتنا هذا المصائب ونحن ما أردنا إلا الإحسان والتوفيق.
- والشرعية: إذا أظهر الله رسوله على أمرهم، خافوا وقالوا: يا رسول الله! ما أردنا إلا الإحسان والتوفيق.
(ج2/ 169)
----
المتن / قوله: (وقل لهم في أنفسهم بليغاً).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وبلاغة القول تكون في أمور:
الأول: هيئة المتكلم بأن يكون إلقاؤه على وجه مؤثر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب، احمرَّت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيشاً، يقول: صبَّحكم ومَسَّاكم.
الثاني: أن تكون ألفاظه جزْلة مترابطة محدودة الموضوع.
الثالث: أن يبلغ من الفصاحة غايتها بحسب الإمكان، بأن يكون كلامه: سليم التركيب، موافقاً للغة العربية، مطابقاً لمقتضى الحال.
(ج2/ 171)
-----
المتن / الآية الثانية قوله تعالى: (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
الإفساد في الأرض نوعان:
الأول: إفساد حسي مادي: وذلك مثل هدم البيوت وإفساد الطرق وما أشبه ذلك.
الثاني: إفساد معنوي، وذلك بالمعاصي، فهي من أكبر الفساد في الأرض، قال تعالى: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) [الروم: 41].
(ج2/ 172)
----
المتن / الآية الرابعة قوله تعالى: (أفحكم الجاهلية يبغون).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
والإضافة للجاهلية تقتضي التقبيح والتنفير.
وكل حكم يخالف حكم الله، فهو جهل وجهالة.
- فإن كان مع العلم بالشرع، فهو جهالة.
- وإن كان مع خفاء الشرع، فهو جهل.
والجهالة هي العمل بالخطأ سفهاً لا جهلاً، قال تعالى: (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب) [النساء: 17].
وأما مَن يعمل السوء بجهل فلا ذنب عليه، لكن عليه أن يتعلم.
(ج2/ 174)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/234)
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[25 - 11 - 07, 05:18 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[ابو احمد الحسيني]ــــــــ[25 - 11 - 07, 06:44 م]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[المسيطير]ــــــــ[25 - 11 - 07, 06:55 م]ـ
بابٌ من جَحَدَ شَيْئاً مِن الأسْمَاءِ والصِّفَاتِ
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
الجحد: الإنكار، والإنكار نوعان:
الأول: إنكار تكذيب، وهذا كفر بلا شك، فلو أن أحداً أنكر أسماً من أسماء الله أو صفة من صفاته الثابتة في الكتاب والسنة، مثل أن يقول: ليس لله يد، أو أن الله لم يستو على عرشه، أو ليس له عين، فهو كافر بإجماع المسلمين، لأن تكذيب خبر الله ورسوله كفر مخرج عن المللة بالإجماع.
الثاني: إنكار تأويل، وهو أن لا ينكرها ولكن يتأولها إلى معني يخالف ظاهرها، وهذا نوعان:
1 - أن يكون للتأويل مُسَوِّغ في اللغة العربية، فهذا لا يُوجب الكفر.
2 - أن لا يكون له مُسَوِّغ في اللغة العربية، فهذا حكمه الكفر لأنه إذا لم يكن له مسوغ صار في الحقيقة تكذيباً، مثل أن يقول: المراد بقوله تعالى (تجري بأعيننا) [القمر: 14] تجري بأراضينا، فهذا كافر لأنه نفاها نفياً مطلقاً، فهو مُكذَّب.
(ج2/ 183)
-----
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
والمراد بالأسماء هنا أسماء الله عز وجل، وبالصفات صفات الله عز وجل.
والفرق بين الاسم والصفة:
- أن الاسم ما تسمي به الله.
- والصفة ما اتصف بها.
(ج2/ 184)
-----------
ـ[المسيطير]ــــــــ[25 - 11 - 07, 06:55 م]ـ
البحث في أسماء الله:
المبحث الأول:
أن أسماء الله أعلام وأوصاف، وليست أعلاماً محضة؛ فهي من حيث دلالتها على ذات الله تعالى أعلام، ومن حيث دلالتها على الصفة التي يتضمنها هذا الاسم أوصاف، بخلاف أسمائنا، فالإنسان يسمي ابنه محمداً وعلياً دون أن يلحظ معنى الصفة، فقد يكون اسمه علياً وهو من أوضع الناس، أو عبدالله وهو من أكفر الناس، بخلاف أسماء الله، لأنها متضمنة للمعاني، فالله هو العلي لعلو ذاته وصفاته، والعزيز يدل على العزة، والحكيم يدل على الحكمة، وهكذا.
ودلالة الاسم على الصفة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: دلالة مطابقة، وهي دلالته على جميع معناه المحيط به.
الثاني: دلالة تَضَمُّن، وهي دلالته على جزء معناه.
الثالث: دلالة التزام على أمر خارج لازم.
مثال ذلك:
- الخالق يدل على ذات الله وحده.
- وعلى صفة الخلق وحدها دلالة تضمن.
- ويدل على ذات الله وعلى صفة الخلق فيه دلاله مطابقة.
- ويدل على العلم والقدرة دلالة التزام.
كما قال الله تعالى: (الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً) [الطلاق: 12]، فَعَلمْنَا القدرة من كونه خلق السماوات والأرض، وعَلّمنَا العلم من ذلك أيضاً، لأن الخلق لابد فيه من علم، فمن لا يعلم لا يخلق، وكيف يخلق شيئاً لا يعلمه؟!.
---
المبحث الثاني:
أن أسماء الله مترادفة متباينة، المترادف: ما أختلف لفظه واتفق معناه، والمتباين: ما اختلف لفظه ومعناه.
- فأسماء الله مترادفة باعتبار دلالتها على ذات الله عز وجل لأنها تدل على مسمى واحد، فالسميع، البصير، العزيز، الحكيم، كلها تدل على شيء واحد هو الله.
- ومتباينة باعتبار معانيها، لأن معنى الحكيم غير معنى السميع وغير معنى البصير، وهكذا.
----
المبحث الثالث:
أسماء الله ليست محصورة بعدد معين، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود الحديث الصحيح المشهور: " اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك .. – إلى أن قال: أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك "، وما استأثر الله به في علم الغيب لا يمكن أن يُعلَم به، وما ليس بمعلوم فليس بمحصور.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: " أن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة "، فليس معناه أنه ليس له إلا هذه الأسماء، لكن معناه أن مَن أحصى من أسمائه هذه التسعة والتسعين فإنه يدخل الجنة، فقوله: " من أحصاها " تكميل للجمله الأولى، وليست استئنافية منفصلة، ونظير هذا قول القائل: عندي مئة فرس أعدتها للجهاد في سبيل الله، فليس معناه أنه ليس عنده إلا هذه المئة بل معناه أن هذه المئة مُعدَّة لهذا الشيء.
---
المبحث الرابع:
الاسم من أسماء الله يدل على الذات وعلى المعنى كما سبق، فيجب علينا أن نؤمن به اسماً من الأسماء، ونؤمن بما تَضَمَّنه من الصفة.
- ونؤمن بما تَدُلّ عليه هذه الصفة من الأثر والحكم إن كان الاسم متعدياُ، فمثلاً:
السميع نؤمن بأن من أسمائه تعالى السميع، وأنه دال على صفة السمع، وأن لهذا السمع حُكماً وأثراً وهو أنه يسمع به، كما قال تعالى: (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله و الله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير) [المجادلة: 1].
- أما إن كان الاسم غير متعد، كالعظيم، والحي، والجليل، فنثبت الاسم والصفة، ولا حكم له يتعدى إليه.
---
المبحث الخامس:
هل أسماء الله تعالى غيره، أو أسماء الله هي الله؟.
- إن أُريد بالاسم اللفظ الدال على المسمى، فهي غير الله عز وجل.
- وإن أُريد بالاسم مدلول ذلك اللفظ، فهي المسمى.
فمثلاً:
- الذي خلق السماوات والأرض هو الله، فالاسم هنا هو المُسَمَّى، فليست " اللام، والهاء " هي التي خلقت السماوات والأرض.
- وإذا قيل: اكتب بسم الله، فكتبت بسم الله، فالمراد به الاسم دون المسمى.
- وإذا قيل: اضرب زيداً، فضربت زيداً المكتوب في الورقة لم تكن ممتثلاً، لأن المقصود المسمى.
- وإذا قيل: اكتب زيد قائم، فالمراد الاسم الذي هو غير المسمى.
(ج2/ 184 - 187)
--
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/235)
ـ[المسيطير]ــــــــ[25 - 11 - 07, 08:01 م]ـ
البحث في صفات الله:
المبحث الأول:
تنقسم صفات الله إلى ثلاثة أقسام:
الأول: ذاتية ويقال معنوية.
الثاني: فعلية.
الثالث: خبرية.
فالصفات الذاتية: هي الملازمة لذات الله، والتي لم يزل ولا يزال متصفاً بها، مثل: السمع والبصر وهي معنوية، لأن هذه الصفات معاني.
والفعلية: هي التي تتعلق بمشيئته إن شاء فعلها وإن لم يشأ لم يفعلها، مثل: النزول إلى السماء الدنيا، والاستواء على العرش، والكلام من حيث آحاده، والخلق من حيث آحاده، لا من حيث الأصل، فأصل الكلام صفة ذاتية، وكذلك الخلق.
والخبرية: هي أبعاض وأجزاء بالنسبة لنا، أما بالنسبة لله، فلا يقال هكذا، بل يقال: صفات خبرية ثبت بها الخبر من الكتاب والسنة، وهي ليست معنىً ولا فعلاً، مثل: الوجه، والعين، والساق، واليد.
----
المبحث الثاني:
الصفات أوسع من الأسماء، لأن كل اسم متضمن لصفة، وليس كل صفة تكون اسماً، وهناك صفات كثيرة تطلق على الله وليست من أسمائه، فيوصف الله بالكلام والإرادة، ولا يسمي بالمتكلم أو المريد.
---
المبحث الثالث:
إن كل ما وصف الله به نفسه؛ فهو حق على حقيقته، لكن ينزه عن التمثيل والتكييف.
أما التمثيل: فلقوله تعالى: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) [الشورى: 11]، وقوله: (فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون) [النمل: 74].
والتعبير بنفي التمثيل أحسن من التعبير بنفي التشبيه، لوجوه ثلاثة:
أحدهما: أن التمثيل هو الذي جاء به القرآن وهو منفي مطلقاً، بخلاف التشبيه، فلم يأت القرآن بنفيه.
الثاني: أن نفي التشبيه على الإطلاق لا يصح، لأن كل مَوجودَيْن فلا بد أن يكون بينهما قَدُرٌ مشترك يشتبهان فيه ويتميز كل واحد بما يختص به، فـ: " الحياة " مثلاً وصف ثابت في الخالق والمخلوق، فبينهما قدر مشترك، ولكن حياة الخالق تليق به وحياة المخلوق تليق به.
الثالث: أن الناس اختلفوا في مسمى التشبيه، حتى جعل بعضهم إثبات الصفات التي أثبتها الله لنفسه تشبيهاً، فإذا قلنا من غير تشبيه، فَهمَ هذا البعض من هذا القول نفي الصفات التي أثبتها الله لنفسه.
وأما التكييف: فلا يجوز أن نُكيِّف صفات الله، فمن كيَّف صفة من الصفات، فهو كاذب عاص، كاذب لأنه قال بما لا علم عنده فيه، عاص لأنه واقع فيما نهى الله عنه وحَرّمه في قوله تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم) [الإسراء: 36]، وقوله تعالى: (وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) بعد قوله: (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن .. ) [الأعراف: 33] الآية، ولأنه لا يمكن إدراك الكيفية، لقوله تعالى: (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علماً) [طه: 110] وقوله: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) [الأنعام: 103].
وسواء كان التكييف:
- باللسان تعبيراً.
- أو بالجنان تقديراً.
- أو بالبيان تحريراً.
ولهذا قال مالك رحمه الله حين سئل عن كيفية الاستواء: " الكيف مجهول، والسؤال عنه بدعه "، وليس معنى هذا أن لا نعتقد أن لها كيفية، بل لها كيفية، ولكنها ليست معلومة لنا، لأن ما ليس له كيفية ليس بموجود.
فالاستواء والنزول واليد والوجه والعين لها كيفية، لكننا لا نعلمها.
ففرق بين أن نثبت كيفية معينه ولو تقديراً وبين أن نؤمن بأن لها كيفية غير معلومة، وهذا هو الواجب، فنقول: لها كيفية، لكن غير معلومة.
فإن قيل: كيف يُتَصَوَّر أن نعتقد للشيء كيفية ونحن لا نعلمها؟.
أجيب: إنه متصور، فالواحد منا يعتقد أن لهذا القصر كيفية من داخله، ولكن لا يعلم هذه الكيفية إلا إذا شاهدها، أو شاهد نظيرها، أو أخبره شخص صادق عنها.
(ج2/ 187 - 190)
-
ـ[المسيطير]ــــــــ[26 - 11 - 07, 09:04 ص]ـ
تابع لباب من جحد شيئا من الأسماء والصفات:
المتن / قوله: " ويهلكون عند متشابه ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
أي: متشابه القرآن.
- والمحكم: الذي اتضح معناه وتبين.
- والمتشابه: هو الذي يخفي معناه، فلا يعلمه الناس.
وهذا إذا جمع بين المحكم والمتشابه.
- وأما إذا ذكر المحكم مفرداً دون المتشابه، فمعناه المتقن الذي ليس فيه خلل: لا كذب في أخباره، ولا جور في أحكامه، قال تعالى: (وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً) [الأنعام: 115]، وقد ذكر الله الإحكام في القرآن دون المتشابه، وذلك مثل قوله تعالى: (تلك آيات الكتاب الحكيم) [يونس: 1]، وقال تعالى: (كتاب أحكمت آياته) [هود: 1].
- وإذا ذكر المتشابه دون المحكم صار المعنى أنه يشبه بعضه بعضاً في جودته وكماله، ويصدق بعضه بعضاً ولا يتناقض، قال تعالى (الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني) [الزمر: 23].
والتشابه نوعان:
1 - تشابه نسبي.
2 - وتشابه مطلق.
والفرق بينهما:
- أن المطلق يخفى على كل أحد.
- والنسبي يخفى على أحد دون أحد.
وبناء على هذا التقسيم ينبني الوقف في قوله تعالى: (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) [آل عمران: 7] فعلى الوقف على (إلا الله) يكون المراد بالمتشابه المتشابه المطلق، وعلى الوصل (إلا الله والراسخون في العلم) يكون المراد بالمتشابه المتشابه النسبي.
(ج2/ 195)
----
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/236)
ـ[المسيطير]ــــــــ[26 - 11 - 07, 09:43 ص]ـ
بابٌ قولُ الله تعالى: (يُعْرفُونُ نِعْمَةَ اللهِ ثُمَّ يُنكِرونَهَا)
المتن/ قال مجاهد ما معناه: " هو قول الرجل: هذا مالي، ورثته عن آبائي ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " هذا مالي ورثته عن آبائي ".
ظاهر هذه الكلمة أنه لا شيء فيها، فلو قال لك واحد: من أين لك هذا البيت؟ قلت: ورثته عن آبائي، فليس فيه شيء لأنه خبر محض.
لكن مراد مجاهد أن يضيف القائل تملكه للمال إلى السبب الذي هو الإرث متناسياً المسبب الذي هو الله، فبتقدير الله – عز وجل – أنعم على آبائك وملكوا هذا البيت، وبشرع الله – عز وجل – انتقل هذا البيت إلى ملكك عن طريق الإرث -، فكيف تتناسى المسبب للأسباب القدرية والشرعية فتضيف الأمر إلى ملك آبائك وإرثك إياه بعدهم؟! فمن هنا صار هذا القول نوعاً من كفر النعمة.
أما إذا كان قصد الإنسان مجرد الخبر كما سبق، فلا شيء في ذلك ولهذا ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له يوم الفتح: " أتنزل في دارك غداً؟ " فقال: " وهل ترك لنا عقيل من دار أو رباع " فبين صلى الله عليه وسلم أن هذه الدور انتقلت إلى عقيل بالإرث.
فتبين أن هناك فرقاً بين إضافة الملك إلى الإنسان على سبيل الخبر، وبين إضافته إلى سببه متناسياً المسبب وهو الله – عز وجل.
(ج2/ 203)
----
قوله: " وقال عون بن عبد الله: يقولون لولا فلان لم يكن كذا ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وهذا القول من قائله فيه تفصيل:
- إن أراد به الخبر وكان الخبر صدقاً مطابقاً للواقع، فهذا لا بأس به.
- وإن أراد بها السبب، فلذلك ثلاث حالات:
الأولى: أن يكون سبباً خفياً لا تأثير له إطلاقاً، كأن يقول: لولا الولي الفلاني ما حصل كذا وكذا، فهذا شرك أكبر لأنه يعتقد بهذا القول أن لهذا الولي تصرفاً في الكون مع أنه ميت، فهو تصرف سري خفي.
الثانية: أن يضيفه إلى سبب صحيح ثابت شرعاً أو حساً، فهذا جائز بشرط أن لا يعتقد أن السبب مؤثر بنفسه، وأن لا يتناسى المنعم بذلك.
الثالثة: أن يضيفه إلى سبب ظاهر، لكن لم يثبت كونه سبباً لا شرعاُ ولا حساً، فهذا نوع من الشرك الأصغر، وذلك مثل: التوله، والقلائد التي يقال أنها تمنع العين، وما أشبه ذلك، لأنه أثبت سبباً لم يجعله الله سببا، فكان مشاركاً لله في إثبات الأسباب.
ويدل لهذا التفصيل أنه ثبت إضافة (لولا) إلى السبب وحده بقول النبي صلى الله عليه وسلم في عمه أبي طالب: " لولا أنا، لكان في الدرك الأسفل من النار "، ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم أبعد الناس عن الشرك، وأخلص الناس توحيداً لله تعالى، فأضاف النبي صلى الله عليه وسلم الشيء إلى سببه، لكنه شرعي حقيقي، فإنه أُذن له بالشفاعة لعمه بأن يخفف عنه، فكان في ضحضاح من النار، عليه نعلان يغلي منهما دماغه لا يرى أن أحداً أشد منه عذاباً، لأنه لو يرى أن أحداً أشد منه عذاباً أو مثله هان عليه بالتسلي، كما قالت الخنساء في رثاء أخيها صخر:
ولولا كثرة الباكين حولي ... على إخوانهم لقتلت نفسي
ومايبكون مثل أخي ولكن ... أسلي النفس عنه بالتأسي
وابن القيم رحمه الله – وإن كان قول العالم ليس بحجة لكن يستأنس به – قال في القصيدة الميمية يمدح الصحابة:
أولئك أتباع النبي وحزبه ... ولولا هُمُو ماكان في الأرض مسلمُ
ولولا هُمُو كادت تميدُ بأهلها ... ولكن رواسيها وأوتادها همُ
ولولا هُمُو كانت ظلاماً بأهلها ... ولكن هُمُو فيها بدورٌ وأنجُمُ
فأضاف (لولا) إلى سبب صحيح.
(ج2/ 203 - 204)
-
ـ[المسيطير]ــــــــ[26 - 11 - 07, 04:42 م]ـ
بابٌ قولُ اللهِ تَعَالَى: (فَلا تَجْعَلُوا للهِ أَندَاداً وأنتُم تَعْلَمُونَ)
المتن / وقال ابن عباس في الآية: " الأنداد هو الشرك، أخفى من دبيب النمل على صفاة سوادء في ظلمة الليل، وهو أن تقول: والله وحياتك يا فلان، وحياتي، وتقول: لولا كليبة هذا، لأتانا اللصوص، ولولا البط في الدار، لأتى اللصوص، وقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله وشئت، وقول الرجل: لولا الله وفلان، لا تجعل فيها فلاناُ، هذا كله به شرك ". رواه ابن أبي حاتم ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/237)
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " وقال ابن عباس في الآية ": أي: في تفسيرها.
قوله: " هو الشرك ": هذا تفسير بالمراد، لأن التفسير تفسيران:
1 - تفسير بالمراد، وهو المقصود بسياق الجملة بقطع النظر عن مفرداتها.
2 - تفسير بالمعنى، وهو الذي يسمى تفسير الكلمات.
فعندنا الآن وجهان للتفسير:
أحدهما: التفسير اللفظي: وهو تفسير الكلمات، هذا يقال فيه: معناه كذا وكذا.
والثاني: التفسير بالمراد، فيقال: المراد بكذا وكذا، والأخير هنا هو المراد.
- فإذا قلنا: الأنداد الأشباه والنظراء، فهو تفسير بالمعنى.
- وإذا قلنا الأنداد الشركاء أو الشرك فهو تفسير بالمراد، يقول رضي الله عنه: " الأنداد هو الشرك " فإذاً الند الشريك المشارك لله _ سبحانه وتعالى _ فيما يختص به.
(ج2/ 209)
----
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وقوله: " والله وحياتك ": فيها نوعان من الشرك:
الأول: الحلف بغير الله.
الثاني: الإشراك مع الله بقوله: والله! وحياتك! فضمها إلى الله بالواو المقتضية للتسوية فيها نوع من الشرك.
- والقسم بغير الله إن اعتقد الحالف أن المقسم به بمنزلة الله في العظمة، فهو شرك أكبر.
- وإلا، فهو شرك أصغر.
(ج2/ 211)
----
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وقوله: " لولا كليبة هذا ":
- يكون فيه شرك إذا نظر إلى السبب دون السبب، وهو الله – عز وجل.
- أما الاعتماد على السبب الشرعي أو الحسي المعلوم، فقد تقدم أنه لا بأس به، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لولا أنا، لكان في الدرك الأسفل من النار ".
لكن قد يقع في قلب الإنسان إذا قال: لولا كذا لحصل كذا أو ما كان كذا، قد يقع في قلبه شيء من الشرك بالاعتماد على السبب بدون نظر إلى المسبِب، وهو الله عز وجل.
(ج2/ 211)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وقوله: " وقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله وشئت ": فيه شرك، لأنه شرك غير الله مع الله بالواو:
- فإن اعتقد أنه يساوي الله عز وجل في التدبير والمشيئة، فهو شرك أكبر.
- وإن لم يعتقد ذلك واعتقد أن الله سبحانه وتعالى فوق كل شيء؛ فهو شرك أصغر، وكذلك قوله: " لولا الله وفلان ".
(ج2/ 212)
----
المتن / وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ". رواه الترمذي وحسنه، وصححه الحاكم.
قوله: " وعن عمر ". صوابه عن ابن عمر، نبه عليه الشارح في " تيسير العزيز الحميد ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
والحلف: تأكيد الشيء بذكر معظم بصيغة مخصوصة بالباء أو التاء أو الواو.
وحروف القسم ثلاثة: الباء، والتاء، والواو.
1 - والباء: أعمها، لأنها تدخل على الظاهر والمضمر وعلى اسم الله وغيره، ويذكر معها فعل القسم ويحذف:
- فيذكر معها فعل القسم، كقوله تعالى: (وأقسموا بالله جهد أيمانهم) [الأنعام: 109].
- ويحذف مثل قولك: بالله لأفعلن.
- وتدخل على المضمر مثل قولك: الله عظيم أحلف به لأفعلن.
- وعلى الظاهر كما في الآية.
- وعلى غير لفظ الجلالة، مثل قولك: بالسميع لأفعلن.
2 - وأما الواو: فإنه لا يذكر معها فعل القسم، ولا تدخل على الضمير، ويُحلف بها مع كل اسم،.
3 - وأما التاء: فإنه لا يذكر معها فعل القسم وتختص بالله ورب، قال ابن مالك: " والتاء لله ورب ".
(ج2/ 213)
----
المتن / وقال ابن مسعود: " لأن أحلف بالله كاذباً أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقاً ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
فابن مسعود رضي الله عنه لا يحب لا هذا ولا هذا، ولكن الحلف بالله كاذباً أهون عليه من الحلف بغيره صادقاً، فالحلف كاذباً محرم من وجهين:
1 - أنه كذب، والكذب محرم لذاته.
2 - أن هذا الكذب قرن باليمين، واليمين تعظيم لله – عز وجل، فإذا كان على كذب صار فيه شيء من تنقص لله – عز وجل، حيث جعل اسمه مؤكداً لأمر كذب، ولذلك كان الحلف بالله كاذباً عند بعض أهل العلم من اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار.
وأما الحلف بغير الله صادقاً، فهو محرم من وجه واحد وهو الشرك، لكن سيئة الشرك أعظم من سيئة الكذب، وأعظم من سيئة الحلف بالله كاذباً، وأعظم من اليمين الغموس.
(ج2/ 218)
----
ـ[مهنَّد المعتبي]ــــــــ[26 - 11 - 07, 04:57 م]ـ
سدَّدك اللهُ أخي الشيخَ الكريمَ أبا محمدٍ
/
أسألُ اللهَ أن ينفعكَ، وينفعَ بك.
/
حشرنا اللهُ في زمرة المحققين للتوحيد ممن لا حساب عليهم ولا عقاب
/
محبكم في الله.
ـ[المسيطير]ــــــــ[26 - 11 - 07, 06:19 م]ـ
الإخوة الأكارم /
أباعمرو المغربي
حسام الدين الكيلاني
السمرقندية
أباعائش وخويلد
mhamed
محمد عامر ياسين
زكرياء توناني
أباأحمد الحسيني
مهند المعتبي
جزاكم الله خير الجزاء، وأجزله، وأوفاه.
أسأل الله أن يستجيب دعائكم، وأن ينفعنا جميعا بما كُتب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/238)
ـ[المسيطير]ــــــــ[26 - 11 - 07, 06:44 م]ـ
تابع لباب قول اللهِ تَعَالَى: (فَلا تَجْعَلُوا للهِ أَندَاداً وأنتُم تَعْلَمُونَ)
المتن / وجاء عن إبراهيم النخعي: " أنه يُكره: أعوذ بالله وبك، ويجوز أن يقول: بالله ثم بك ". قال: " ويقول: لولا الله ثم فلان، ولا تقولوا: لولا الله وفلان ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وقوله: " أعوذ بالله وبك ": هذا محرم، لأنه جمع بين الله والمخلوق بحرف يقتضي التسوية وهو الواو.
ويجوز "بالله ثم بك"، لأن " ثم " تدل على الترتيب والتراخي.
فإن قيل: سبق أن من الشرك الأستعادة بغير الله، وعلى هذا يكون قوله: أعوذ بالله ثم بك محرماً.
أجيب: أن الاستعاذة بمن يقدر على أن يعيذك جائزة، لقوله صلى الله عليه وسلم في " صحيح مسلم " وغيره: " من وجد ملجاً، فليعُذ به ".
لكن لو قال: أعوذ بالله ثم بفلان؛ وهو ميت، فهذا شرك أكبر لأنه لا يقدر على أن يعيذك.
(ج2/ 221)
----
فيه مسائل:
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
الخامسة: الفرق بين "الواو" و "ثم" في اللفظ:
- لأن "الواو" تقتضي المساواة، فتكون شركاً.
- و "ثم" تقتضي الترتيب والتراخي، فلا تكون شركاً.
(ج2/ 223)
-
ـ[المسيطير]ــــــــ[26 - 11 - 07, 07:51 م]ـ
بابٌ ما جَاءَ فِيمَنْ لمْ يَقْنَعْ بالحَلِفِ باللهِ
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد:
أن الاقتناع بالحلف بالله من تعظيم الله، لأن الحالف أكد ما حلف عليه بالتعظيم باليمين وهو تعظيم المحلوف به، فيكون من تعظيم المحلوف به أن يُصدَّق ذلك الحالف، وعلى هذا يكون عدم الاقتناع بالحلف بالله فيه شيء من نقص تعظيم الله، وهذا ينافي كمال التوحيد، والاقتناع بالحلف بالله لا يخلو من أمرين:
الأول: أن يكون ذلك من الناحية الشرعية، فإنه يجب الرضا بالحلف بالله فيما إذا توجهت اليمين على المدعى عليه فحلف، فيجب الرضا بهذا اليمين بمقتضى الحكم الشرعي.
الثاني: أن يكون ذلك من الناحية الحسية:
- فإن كان الحالف موضع صدق وثقة، فإنك ترضى بيمينه.
- وإن كان غير ذلك، فلك أن ترفض الرضا بيمينه.
ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم لحُوِّيصة ومُحَيِّصة: " تبرئكم يهود بخمسين يميناً. قالوا: كيف نرضي يا رسول الله بأيمان اليهود؟ ". فأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك.
(ج2/ 224)
----
المتن / عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تحلفوا بآبائكم، من حلف بالله؛ فليصدق، ومن حُلف له بالله؛ فليرض، ومن لم يرض، فليس من الله ". رواه ابن ماجه بسند حسن.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله صلى الله عليه وسلم: " من حلف بالله؛ فليصدق، ومن حلف له بالله، فليرض ".
هنا أمران:
الأمر الأول: للحالف؛ فقد أُمر أن يكون صادقاً.
الثاني: للمحلوف له، فقد أمر أن يرضى بيمين الحالف له.
فإذا قرنت هذين الأمرين بعضهما ببعض، فإن الأمر الثاني يُنَزّل على ما إذا كان الحالف صادقاً؛ لأن الحديث جمع أمرين:
- أمراً موجهاً للحالف.
- وأمراً موجها للمحلوف له.
فإذا كان الحالف صادقاً؛ وجب على المحلوف له الرضا.
(ج2/ 225)
--
فيه مسائل:
الرابعة: - ولم يذكرها المؤلف - أمر الحالف أن يصدُق لأن الصدق واجب في غير اليمين، فكيف باليمين؟!.
وقد سبق أن من حلف على يمين كاذبة أنه آثم، وقال بعض العلماء: إنها اليمين الغموس.
وأما بالنسبة للمحلوف له، فهل يلزمه أن يُصدِّق أم لا؟.
المسألة لا تخلو من أحوال خمس:
الأولى: أن يُعلم كذبه؛ فلا أحد يقول: إنه يلزم تصديقه.
الثانية: أن يترجح كذبه؛ فكذلك لا يلزم تصديقه.
الثالثة: أن يتساوى الأمران؛ فهذا يجب تصديقه.
الرابعة: أن يترجح صدقه، فيجب أن يصدق.
الخامسة: أن يعلم صدقه؛ فيجب أن يصدقه.
وهذا في الأمور الحسية، أما الأمور الشرعية في باب التحاكم، فيجب أن يرضى باليمين ويلتزم بمقتضاها، لأن هذا من باب الرضا بالحكم الشرعي، وهو واجب.
(ج2/ 227)
ـ[المسيطير]ــــــــ[26 - 11 - 07, 08:24 م]ـ
بابٌ قولُ: مَا شَاءَ اللهِ وشِئْتَ
مناسبة الباب لكتاب التوحيد
أن قول: (ماشاء الله وشئت) من الشرك الأكبر أو الأصغر:
- لأنه إن اعتقد أن المعطوف مساوٍ لله؛ فهو شرك أكبر.
- وإن اعتقد أنه دونه لكن أشرك به في اللفظ؛ فهو أصغر.
وقد ذكر بعض أهل العلم: أن من جملة ضوابط الشرك الأصغر أن ما كان وسيلة للأكبر فهو أصغر.
(ج2/ 228)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " أن يهودياً " اليهودي: هو المنتسب إلى شريعة موسى عليه السلام، وسموا بذلك:
- من قوله تعالى: (إنا هدنا إليك)، أي: رجعنا.
- أو لأن جدهم اسمه "يهوذا بن يعقوب"، فتكون التسمية من أجل النسب، وفي الأول تكون التسمية من أجل العمل، ولا يبعد أن تكون من الاثنين جميعاً.
(ج2/ 228)
---
فيه مسائل:
الخامسة: أن الرؤيا الصالحة من أقسام الوحي:
تؤخذ من حديث الطفيل، ولقوله صلى الله عليه وسلم: " الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة ".
وهذا موافق للواقع بالنسبة للوحي الذي أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لأن أول الوحي كان بالرؤيا الصالحة من ربيع الأول إلى رمضان، وهذا ستة أشهر، فإذا نسبت هذا إلى بقية زمن الوحي، كان جزءاً من ستة وأربعين جزءاً، لأن الوحي كان ثلاثاً وعشرين سنة وستة أشهر مقدمة له.
- والرؤيا الصالحة: هي التي تتضمن الصلاح، وتأتي منظمة، وليست بأضغاث أحلام.
- أما أضغاث الأحلام: فإنها مشوشة غير منظمة.
(ج2/ 237)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/239)
ـ[المسيطير]ــــــــ[27 - 11 - 07, 05:54 ص]ـ
بابٌ مَنْ سَبَّ الدَّهْرَ؛ فَقَدْ آذَى الله
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
السب: الشتم، والتقبيح، والذم، وما أشبه ذلك.
الدهر: هو الزمان والوقت.
وسب الدهر ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: أن يقصد الخبر المحض دون اللوم، فهذا جائز، مثل أن يقول: تعبنا من شدة حر هذا اليوم أو برده، وما أشبه ذلك، لأن الأعمال بالنيات، ومثل هذا اللفظ صالح لمجرد الخبر، ومنه قول لوط عليه الصلاة والسلام: (هذا يوم عصيب) [هود: 77].
الثاني: أن يسب الدهر على أنه هو الفاعل،، كأن يعتقد بسبه الدهر أن الدهر هو الذي يقلب الأمور إلى الخير والشر، فهذا شرك أكبر لأنه اعتقد أن مع الله خالقاً؛ لأنه نسب الحوادث إلى غير الله، وكل من اعتقد أن مع الله خالقاً؛ فهو كافر، كما أن من اعتقد أن مع الله إلهاً يستحق أن يعبد؛ فإنه كافر.
الثالث: أن يسب الدهر لا لاعتقاد أنه هو الفاعل، بل يعتقد أن الله هو الفاعل، لكن يسبه لأنه محل لهذا الأمر المكروه عنده، فهذا محرم، ولا يصل إلى درجة الشرك، وهو من السَّفه في العقل والضلال في الدين، لأن حقيقة سبِّه تعود إلى الله سبحانه، لأن الله تعالى هو الذي يصرف الدهر ويكون فيه ما أراد من خير أو شر، فليس الدهر فاعلاً، وليس هذا السب يُكفِّر، لأنه لم يسب الله تعالى مباشرة.
(ج2/ 240)
----
ـ[المسيطير]ــــــــ[27 - 11 - 07, 07:17 ص]ـ
بابٌ التَّسَمِّي بقَاضِي القُضَاةِ ونَحْوِه
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
مناسبة الباب لكتاب التوحيد:
أن من تسمى بهذا الاسم، فقد جعل نفسه شريكاً مع الله فيما لا يستحقه إلا الله، لأنه لا أحد يستحق أن يكون قاضي القضاة أو حاكم الحكام أو ملك الأملاك إلا الله – سبحانه وتعالى -، فالله هو القاضي فوق كل قاض، وهو الذي له الحكم، ويُرجع إليه الأمر كله كما ذكر الله ذلك في القرآن.
وقد تقدم أن قضاء الله ينقسم إلى قسمين:
1 - قضاء كوني.
2 - قضاء شرعي.
والقضاء الكوني لابد من وقوعه، ويكون فيما أحب الله وفيما كرهه، قال تعالى: (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين) [الإسراء: 4] فهذا قضاء كوني متعلق بما يكرهه الله، لأن الفساد في الأرض لا يحبه الله، والله لا يحب المفسدين، وهذا القضاء الكوني لابد أن يقع ولا معارض له إطلاقاً.
وأما النوع الثاني من القضاء، وهو القضاء الشرعي، فمثل قوله تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً) [الإسراء: 23]، والقضاء الشرعي لا يلزم منه وقوع المقضي، فقد يقع وقد لا يقع، ولكنه يتعلق فيما يحبه الله، وقد سبق الكلام عن ذلك.
(ج2 249 - 250)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
فإن قلت: إذا أضفنا (القضاة) وحصرناها بطائفة معينة، أو ببلد معين، أو بزمان معين، مثل أن يقال: قاضي القضاة في الفقه، أو قاضي قضاه المملكة العربية السعودية، أو قاضي قضاة مصر أو الشام، أو ما أشبه ذلك، فهل يجوز هذا؟.
فالجواب: أن هذا جائز، لأنه مقيد، ومعلوم أن قضاء الله لا يتقيد، فحينئذ لا يكون فيه مشاركة لله – عز وجل -، على أنه لا ينبغي أيضاً أن يتسمى الإنسان بذلك أو يسمَّى به وإن كان جائزاً، لأن النفس قد تصعب السيطرة عليها فيما إذا شعر الإنسان بأنه موصوف بقاضي قضاة الناحية الفلانية، فقد يأخذه الإعجاب بالنفس والغرور حتى لا يقبل الحق إذا خالف قوله، وهذه مسألة عظيمة لها خطرها إذا وصلت بالإنسان إلى الإعجاب بالرأي بحيث يرى أن رأيه مفروض على من سواه، فإن هذا خطر عظيم، فمع القول بأن ذلك جائز لا ينبغي أن يقبله اسماً لنفسه أو وصفاً له، ولا أن يتسمى به.
- فإذا قيد بزمان أو مكان ونحوهما، قلنا: إنه جائز، ولكن الأفضل ألا يفعل.
- لكن إذا قيد بفن من الفنون، هل يكون جائزاً؟.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/240)
مقتضى التقييد أن يكون جائزاً، لكن إن قيد بالفقه بأن قيل: (عالم العلماء في الفقه)، وقلنا: إن الفقه يشمل أصول الدين وفروعه على حد قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين "، صار فيه عموم واسع، ومعنى هذا أن مرجع الناس كلهم في الشرع إليه، فهذا في نفسي منه شيء، والأولى التنزه عنه.
- وأما إن قيد بقبيلة، فهو جائز، لكن يجب مع الجواز مراعاة جانب الموصوف أن لا يغتر ويعجب بنفسه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم للمادح: " قطعت عنق صاحبك ".
- وأما التسمي بـ (شيخ الإسلام)، مثل أن يقال: شيخ الإسلام ابن تيميه، أو شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، أي أنه الشيخ المطلق الذي يرجع إليه الإسلام، فهذا لا يصح، إذ إن أبا بكر رضي الله عنه أحق بهذا الوصف، لأنه أفضل الخلق بعد النبيين، ولكن إذا قصد بهذا الوصف أنه جدد في الإسلام وحصل له أثر طيب في الدفاع عنه، فلا بأس بإطلاقه.
- وأما بالنسبة للتسمية بـ (الإمام)، فهو أهون بكثير من التسمي بـ (شيخ الإسلام)، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمى إمام المسجد إماماً ولو لم يكن عنده إلا اثنان.
لكن ينبغي أن ينبه أنه لا يتسامح في إطلاق كلمة "إمام" إلا على من كان قدوة وله أتباع، كالإمام أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم ممن له أثر في الإسلام، لأن وصف الإنسان بما لا يستحق هضم للأمة، لأن الإنسان إذا تصور أن هذا إمام وهذا إمام هان الإمام الحق في عينه، قال الشاعر:
ألم تر أن السيف ينقص قدره ... إذا قيل إن السيف أمضى من العصا
- ومن ذلك أيضاً: (آية الله، حجة الله، حجة الإسلام)، فإنها ألقاب حادثة لا تنبغي لأنه لا حجة لله على عباده إلا الرسل.
وأما آية الله، فإن أريد به المعنى الأعم، فلا مدح فيه لأن كل شيء آية لله، كما قيل:
وفي كل شيء له آية ... تدل على أنه واحد
وإن أريد المعنى الأخص، أي: أن هذا الرجل آية خارقة، فهذا في الغالب يكون مبالغاً فيه، والعبارة السليمة أن يقال: عالم مفت، قاض، حاكم، إمام لمن كان مستحقاً لذلك.
(ج2/ 250 - 252)
-----
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
فيه مسائل:
الرابعة: التفطن أن هذا لأجل الله - سبحانه -: يؤخذ من قوله: " لا مالك إلا الله "، فالرسول صلى الله عليه وسلم أشار إلى العلة، وهي: " لا مالك إلا الله "، فكيف تقول: ملك الأملاك وهو لا مالك إلا الله عز وجل؟ .
الفرق بين ملك ومالك:
- ليس كل ملك مالكاً، وليس كل مالك ملكاً.
- فقد يكون الإنسان ملكاً، ولكنه لا يكون بيده التدبير.
- وقد يكون الإنسان مالكاً ويتصرف فيما يملكه فقط.
- فالملك من ملك السلطة المطلقة، لكن قد يملك التصرف فيكون ملكاً مالكاً.
- وقد لا يملك فيكون ملكاً وليس بمالك.
- أما المالك، فهو الذي له التصرف بشيء معين، كمالك البيت، ومالك السيارة وما أشبه ذلك، فهذا ليس بملك، يعني: ليس له سلطة عامة.
(ج2/ 256)
----
ـ[المسيطير]ــــــــ[27 - 11 - 07, 02:51 م]ـ
بابٌ احْتِرَامُ أسْمَاءِ اللهِ وتَغْيِيرُ الاسْمِ لأجْلِ ذلِكَ
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
أسماء الله - عز وجل - هي: التي سمَّى بها نفسه أو سماه بها رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقد سبق لنا الكلام فيها في مباحث كثيرة منها:
قال رحمه الله:
السادس: معنى إحصاء هذه التسعة والتسعين الذي يترتب عليه دخول الجنة ليس معنى ذلك أن تكتب في رقاع ثم تكرر حتى تحفظ فقط، ولكن معنى ذلك:
أولاً: الإحاطة بها لفظاً.
ثانياً: فهمها معنىً.
ثالثاً: التعبد لله بمقتضاها، ولذلك وجهان:
الوجه الأول: أن تدعو الله بها، لقوله تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) [الأعراف: 180] بأن تجعلها وسيلة إلى مطلوبك، فتختار الاسم المناسب لمطلوبك، فعند سؤال المغفرة تقول: يا غفور ! وليس من المناسب أن تقول: يا شديد العقاب! اغفر لي، بل هذا يشبه الاستهزاء، بل تقول: أجرني من عقابك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/241)
الوجه الثاني: أن تتعرض في عبادتك لما تقتضيه هذه الأسماء، فمقتضى الرحيم الرحمة، فاعمل الصالح الذي يكون جالباً لرحمة الله، ومقتضي الغفور المغفرة، إذاً افعل ما يكون سبباً في مغفرة ذنوبك، هذا هو معنى إحصائها، فإذا كان كذلك، فهو جدير لأن يكون ثمناً لدخول الجنة، وهذا الثمن ليس على وجه المقابلة، ولكن على وجه السبب، لأن الأعمال الصالحة سبب لدخول الجنة وليست بدلاً، ولهذا ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: " لن يدخل الجنة أحد بعمله. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته ".
(ج2/ 258)
----
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
الثامن: أسماء الله - عز وجل - لايتم الإيمان بها إلا بثلاثة أمور إذا كان الاسم متعدياً:
- الإيمان بالاسم اسماً لله.
- والإيمان بما تضمنه من صفة.
- وما تضمنه من أثر وحُكم.
فالعليم مثلاً لا يتم الإيمان به حتى:
- نؤمن بأن العليم من أسماء الله.
- ونؤمن بما تضمنه من صفة العلم.
- ونؤمن بالحُكم المرتب على ذلك، وهو أنه يعلم كل شيء.
وإذا كان الاسم غير متعد، فنؤمن بأنه من أسماء الله وبما يتضمنه من صفة.
(ج2/ 260)
----
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " باب احترام أسماء الله ": أي وجوب احترام أسماء الله، لأن احترامها احترام لله عز وجل ومن تعظيم الله عز وجل، فلا يسمى أحد باسم مختص بالله، وأسماء الله تنقسم إلى قسمين:
الأول: ما لا يصح إلا لله، فهذا لا يسمى به غيره، وإن سُمي وجب تغييره، مثل: الله، الرحمن، رب العالمين، وما أشبه ذلك.
الثاني: ما يصح أن يوصف به غير الله، مثل: الرحيم، والسميع، والبصير، فإن لوحظت الصفة منع من التسمي به، وإن لم تلاحظ الصفة جاز التسمي به على أنه علم محض.
(ج2/ 260)
----
المتن / عن أبي شريح، أنه كان يكنى أبا الحكم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله هو الحكم، وإليه الحكم ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وقوله: " وإليه الحكم ": الخبر فيه جار ومجرور مقدم، وتقديم الخبر يفيد الحصر، وعلى هذا يكون راجعاً إلى الله وحده.
وحكم الله ينقسم إلى قسمين:
الأول: كوني، وهذا لا راد له، فلا يستطيع أحد أن يرده، ومنه قوله تعالى: (فلن أبرح الأرض حتى بأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين) [يوسف: 80].
الثاني: شرعي، وينقسم الناس فيه إلى قسمين:
- مؤمن.
- وكافر.
- فمن رضيه وحكم به فهو مؤمن.
- ومن لم يرض به ولم يحكم به فهو كافر.
ومنه قوله تعالى: (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمة إلى الله) [الشوري: 10].
وأما قوله: (أليس الله بأحكم الحاكمين) [التين: 8]، وقوله تعالى: (ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون) [المائدة: 50]، فهو يشمل الكوني والشرعي، وإن كان ظاهر الآية الثانية أن المراد الحكم الشرعي، لأنه في سياق الحكم الشرعي، والشرعي يكون تابعاً للمحبة والرضا والكراهة والسخط، والكوني عام في كل شيء.
(ج2/ 262)
----
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " فأنت أبو شريح ". غيره النبي صلى الله عليه وسلم، لأمرين:
الأول: أن الحكم هو الله، فإذا قيل: يا أبا الحكم! كأنه قيل: يا أبا الله!.
الثاني: إن هذا الاسم الذي جعل كنية لهذا الرجل لوحظ فيه معنى الصفة وهي الحكم، فصار بذلك مطابقاً لاسم الله، وليس لمجرد العلمية المحضة، بل للعلمية المتضمنة للمعنى، وبهذا يكون مشاركاً لله – سبحانه وتعالى – في ذلك، ولهذا كناه النبي صلى الله عليه وسلم بما ينبغي أن يكنى به.
(ج2/ 263)
----
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
فائدة:
يجب على طالب العلم أن يعرف الفرق بين:
- التشريع الذي يجعل نظاماً يمشى عليه ويستبدل به القرآن.
- وبين أن يحكم في قضية معينة بغير ما أنزل الله، فهذا قد يكون كفراً أو فسقاً أو ظلماً.
- فيكون كفراً: إذا اعتقد أنه أحسن من حكم الشرع أو مماثل له.
- ويكون فسقاً: إذا كان لهوى في نفس الحاكم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/242)
- ويكون ظلماً: إذا أراد مضرة المحكوم عليه، وظهور الظلم في هذه أبين من ظهوره في الثانية، وظهور الفسق في الثانية أبين من ظهوره في الثالثة.
(ج2/ 266)
----
ـ[المسيطير]ــــــــ[27 - 11 - 07, 06:50 م]ـ
بابٌ مَنْ هَزَلَ بِشَيء فيهِ ذِكْرُ اللهِ أوِ القُرْآنِ أوِ الرَّسُولِ
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " من هزل ": سخر واستهزأ ورآه لعباً ليس جداً.
ومن هزل بالله أو بآياته الكونية أو الشرعية أو برسله، فهو كافر، لأن منافاة الاستهزاء للإيمان منافاة عظيمة.
كيف يسخر ويستهزئ بأمر يؤمن به؟! فالمؤمن بالشيء لابد أن يعظمه وأن يكون في قلبه من تعظيمه ما يليق به.
والكفر كفران:
- كفر إعراض.
- وكفر معارضة.
والمستهزئ كافر كفر معارضة، فهو أعظم ممن يسجد لصنم فقط، وهذه المسألة خطيرة جداً، ورب كلمة أوقعت بصاحبها البلاء بل والهلاك وهو لا يشعر، فقد يتكلم الإنسان بالكلمة من سخط الله عز وجل لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار.
- فمن استهزأ بالصلاة ولو نافلة، أو بالزكاة، أو الصوم، أو الحج، فهو كافر بإجماع المسلمين.
- كذلك من استهزأ بالآيات الكونية بأن قال مثلاً: إن وجود الحر في أيام الشتاء سفه، أو قال: إن وجود البرد في أيام الصيف سفه، فهذا كفر مخرج عن الملة، لأن الرب عز وجل كل أفعاله مبنية على الحكمة وقد لا نستطيع بلوغها بل لا نستطيع بلوغها.
(ج2/ 267)
-----
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
إلا أن ساب الرسول صلى الله عليه وسلم تقبل توبته ويجب قتله، بخلاف من سب الله، فإنها تقبل توبته ولا يقتل، لا لأن حق الله دون حق الرسول صلى الله عليه وسلم، بل لأن الله أخبرنا بعفوه عن حقه إذا تاب العبد إليه بأنه يغفر الذنوب جميعاً.
أما ساب الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه يتعلق به أمران:
الأول: أمر شرعي لكونه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن هذا الوجه تقبل توبته إذا تاب.
الثاني: أمر شخصي لكونه من المرسلين، ومن هذا الوجه يجب قتله لحقه صلى الله عليه وسلم ويقتل بعد توبته على أنه مسلم، فإذا قتل، غسلناه وكفناه وصلينا عليه ودفناه مع المسلمين.
(ج2/ 268)
----
قوله: (إنما كنا نخوض ونعلب): أي ما لنا قصد، ولكننا نخوض ونعلب:
- واللعب: يقصد به الهزء.
- وأما الخوض: فهو كلام عائم لا زمام له.
هذا إذا وصف بذلك القول، وأما إذا لم يوصف به القول، فإنه يكون الخوض في الكلام واللعب في الجوارح.
(ج2/ 270)
----
قوله: (قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون).
قوله: (وآياته): جمع آية، ويشمل:
- الآيات الشرعية: كالاستهزاء بالقرآن، بأن يقال: هذا أساطير الأولين - والعياذ بالله -، أو يستهزئ بشيء من الشرائع، كالصلاة والزكاة والصوم والحج.
- والآيات الكونية: كأن يسخر بما قدَّره الله تعالى، كيف يأتي هذا في هذا الوقت؟، كيف يخرج هذا الثمر من هذا الشيء؟، كيف يخلق هذا الذي يضر الناس ويقتلهم؟؛ استهزاء وسخرية.
(ج2/ 271)
----
فيه مسائل:
الثالثة: الفرق بين النميمة والنصيحة لله ولرسوله.
- النميمة: من نمَّ الحديث، أي: نقله ونسبه إلى غيره: وهي نقل كلام الغير للغير بقصد الإفساد، وهي من أكبر الذنوب، قال صلى الله علسه وسلم: " لا يدخل الجنة نمام " وأخبر عن رجل يعذب في قبره، لأنه كان يمشي بالنميمة.
- وأما النصحية لله ورسوله: فلا يقصد بها ذلك، وإنما يقصد بها احترام شعائر الله - عز وجل- وإقامة حدوده وحفظ شريعته، وعوف بن مالك نقل كلام هذا الرجل لأجل أن يقام عليه الحد أو ما يجب أن يقام عليه وليس قصده مجرد النميمة.
ومن ذلك لو أن رجلاً اعتمد على شخص ووثق به، وهذا الشخص يكشف سره ويستهزئ به في المجالس، فإنك إذا أخبرت هذا الرجل بذلك، فليس هذا من النميمة، بل من النصيحة.
(ج2/ 278)
----
ـ[المسيطير]ــــــــ[28 - 11 - 07, 07:28 ص]ـ
بابٌ قولُ اللهِ تَعَالَى: (وَلَئنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
مناسبة الباب لـ " كتاب التوحيد ":
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/243)
- أن الإنسان إذا أضاف النعمة إلى عمله وكسبه، ففيه نوع من الإشراك بالربوبية.
- وإذا أضافها إلى الله لكنه زعم أنه مستحق لذلك وأن ما أعطاه الله ليس محض تفضل، لكن لأنه أهل، ففيه نوع من التعلي والترفع في جانب العبودية.
(ج2/ 280)
----
المتن / الآية الثانية قوله تعالى: (إنما أوتيته على علم).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وشكر النعمة له ثلاثة أركان:
1. الاعتراف بها في القلب.
2. الثناء على الله باللسان.
3. العمل بالجوارح بما يرضي المنعم.
فمن كان عنده شعور في داخل نفسه أنه هو السبب لمهارته وجودته وحذقه، فهذا لم يشكر النعمة، وكذلك لو أضاف النعمة بلسانه إلى غير الله أو عمل بمعصية الله في جوارحه، فليس بشاكر لله تعالى.
(ج2/ 284)
----
قوله: (أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن):
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
السؤال هنا:
- ليس سؤال استخبار.
- بل سؤال استجداء.
لأن " سأل " تأتي بمعنى استجدى وبمعنى استخبر، تقول:
- سألته عن فلان، أي: استخبرته.
- وسألته مالاً، أي استجديته واستعطيته.
(ج2/ 289)
----
قوله: " فرد الله علي بصري ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
أعترف بنعمة الله، وهذا أحد أركان الشكر، والركن الثاني: العمل بالجوارح في طاعة المنعم، والركن الثالث: الاعتراف بالنعمة في القلب، قال الشاعر:
أفادتكم النعماءُ مني ثلاثة ... يدي ولساني والضمير المحجبا
(ج2/ 292)
----
قوله: " وسخط على صاحبيك ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وفي هذا الحديث من العبر شيء كثير، منها:
6. أن الإنسان لا يلزمه الرضاء بقضاء الله - أي بالمقضي -؛ لأن هؤلاء الذين أصيبوا قالوا: أحب إلينا كذا وكذا، وهذا يدل على عدم الرضا.
وللإنسان عند المصائب أربع مقامات:
- جزع: وهو محرم.
- صبر: وهو واجب.
- رضا: وهو مستحب.
- شكر: وهو أحسن وأطيب.
وهنا إشكال وهو: كيف يشكر الإنسان ربه على المصيبة وهي لا تلائمة؟.
أجيب: أن الإنسان إذا آمن بما يترتب على هذه المصيبة من الأجر العظيم عرف أنها تكون بذلك نعمة، والنعمة تشكر.
(ج2/ 294)
----
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: " فمن رضي؛ فله الرضا، ومن سخط؛ فعليه السخط ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
فالمراد بالرضا هنا الصبر، أو الرضا بأصل القضاء الذي هو فعل الله، فهذا يجب الرضا به لأن الله - عز وجل - حكيم، ففرق بين:
- فعل الله.
- والمقضي.
والمقضي ينقسم إلى:
- مصائب لا يلزم الرضا بها.
- وإلى أحكام شرعيه يجب الرضا بها.
(ج2/ 294)
----
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
16. أن من صفات الله - عز وجل - الرضا والسخط والإرادة، وأهل السنة والجماعة يثبتونها على المعنى اللائق بالله على أنها حقيقة.
وإرادة الله نوعان:
1 - كونية.
2 - وشرعية.
والفرق بينهما:
- أن الكونية: يلزم فيها وقوع المراد ولا يلزم أن يكون محبوباً لله، فإذا أراد الله شيئاً قال له: كن فيكون.
- وأما الشرعية: فإنه لا يلزم فيها وقوع المراد ويلزم أن يكون محبوباً لله.
ولهذا نقول:
- الإرادة الشرعية: بمعنى المحبة.
- والكونية: بمعنى المشيئة.
فإن قيل: هل الله يريد الخير والشر كوناً أو شرعاً؟.
أجيب:
- إن الخير إذا وقع؛ فهو مراد لله كوناً وشرعاً.
- وإذا لم يقع، فهو مراد لله شرعاً فقط.
- وأما الشر فإذا وقع، فهو مراد لله كوناً لا شرعاً.
- وإذا لم يقع، فهو غير مراد كوناً ولا شرعاً.
(ج2/ 296)
----
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
19. أن التذكير قد يكون:
- بالأقوال.
- أو الأفعال.
- أو الهيئات.
(ج2/ 297)
-
ـ[المسيطير]ــــــــ[29 - 11 - 07, 10:54 ص]ـ
بابٌ قولُ اللهِ تَعَالَى: (فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحَاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا)
قوله: (ليسكن إليها).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
سكون الرجل إلى زوجته ظاهر من أمرين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/244)
أولاً: لأن بينهما من المودة والرحمة ما يقتضي الأنس والاطمئنان والاستقرار.
ثانياً: سكون من حيث الشهوة، وهذا سكون خاص لا يوجد له نظير حتى بين الأم وابنها.
(ج2/ 299)
-----
قوله: (دعوا الله ربهما).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
أتى بالألوهية والربوبية؛ لأن الدعاء يتعلق به جانبان:
الأول: جانب الألوهية من جهة العبد أنه داع، والدعاء عبادة.
الثاني: جانب الربوبية، لأن في الدعاء تحصيلاً للمطلوب، وهذا يكون متعلقاً بالله من حيث الربوبية.
والظاهر أنهما قالا: اللهم ربنا، ويحتمل أن يكون بصيغة أخرى.
(ج2/ 301)
----
قوله: (لئن آتيتنا صالحاً).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
أي: أعطيتنا.
وقوله: " صالحاً "؛ هل المراد صلاح البدن أو المراد صلاح الدين، أي: لئن آتيتنا بشراً سوياً ليس فيه عاهة ولا نقص، أو صالحاً بالدين، فيكون تقياً قائماً بالواجبات؟.
الجواب: يشمل الأمرين جميعاً، وكثير من المفسرين لم يذكر إلا الأمر الأول، وهو الصلاح البدني، لكن لا مانع من أن يكون شاملاً للأمرين جميعاً.
(ج2/ 301)
----
وقوله: (جعلا له شركاء فيما آتاهما).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
فإن قيل: هذا الولد الذي آتاهما الله - عز وجل - كان واحداً، فكيف جعلا في هذا الولد الواحد شِرْكاً بل شركاء؟.
فالجواب أن نقول هذا على ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أن يعتقدا أن الذي أتى بهذه الولد هو الولي الفلاني والصالح الفلاني ونحو ذلك؛ فهذا شرك أكبر لأنهما أضافا الخلق إلى غير الله.
ومن هذا أيضا ما يوجد عند بعض الأمم الإسلامية الآن، فتجد المرأة التي لا يأتيها الولد تأتي إلى قبر الولي الفلاني، كما يزعمون أنه ولي الله - والله أعلم بولايته -، فتقول: يا سيدي فلان! ارزقني ولداً.
الوجه الثاني: أن يضيف سلامة المولود ووقايته إلى الأطباء وإرشاداتهم وإلى القوابل وما أشبه ذلك، فيقولون مثلاً: سَلِمَ هذا الولد من الطلق، لأن القابلة امرأة متقنة جيدة؛ فهنا أضاف النعمة إلى غير الله، وهذا نوع من الشرك ولا يصل إلى حد الشرك الأكبر، لأنه أضاف النعمة إلى السبب ونسي المسبب وهو الله - عز وجل -.
الوجه الثالث: أن لا يشرك من ناحية الربوبية، بل يؤمن أن هذا الولد خرج سالماً بفضل الله ورحمته، ولكن يشرك من ناحية العبودية؛ فيقدم محبته على محبة الله ورسوله، ويلهية عن طاعة الله ورسوله، قال تعالى: (إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم) [التغابن: 15]، فكيف تجعل هذا الولد نداً لله في المحبة، وربما قدمت محبته على محبة الله، والله هو المتفضل عليك به؟!.
(ج2/ 303 - 304)
----
المتن / قال ابن حزم: " اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله، كعبد عمرو، وعبد الكعبة، وما أشبه ذلك، حاشا عبد المطلب ".
قوله: " اتفقوا ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
أي: أجمعوا، والإجماع أحد الأدلة الشرعية التي ثبتت بها الأحكام، والأدلة هي:
1 - الكتاب.
2 - والسنة.
3 - والإجماع.
4 - والقياس.
(ج2/ 305)
----
ولكن الصواب تحريم التعبيد للمطلب، فلا يجوز لأحد أن يسمي ابنه "عبد المطلب"، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: " أنا ابن عبد المطلب "، فهو:
- من باب الإخبار.
- وليس من باب الإنشاء.
فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن له جداً اسمه عبد المطلب.
- ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم أنه سمى عبد المطلب.
- أو أنه أذن لأحد صحابته بذلك.
- ولا أنه أقر أحداً على تسميته عبد المطلب.
والكلام في الحكم لا في الإخبار، وفرق بين الإخبار وبين الإنشاء والإقرار، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنما بنو هاشم وبنو عبد المطلب شيء واحد "، وقال صلى الله عليه وسلم: " يا بني عبد مناف " ولا يجوز التسمي بعبد مناف.
وقد قال العلماء: إن حاكي الكفر ليس بكافر، فالرسول صلى الله عليه وسلم يتكلم عن شيء قد وقع وانتهى ومضى، فالصواب أنه لا يجوز أن يعبّد لغير الله مطلقاً؛ لا بعبد المطلب ولا غيره، وعليه؛ فيكون التعبيد لغير الله من الشرك.
(ج2/ 6 30)
----
فيه مسائل:
الخامسة: ذكر السلف الفرق بين الشرك في الطاعة والشرك في العبادة:
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وقبل ذلك نبين الفرق بين الطاعة وبين العبادة:
- فالطاعة إذا كانت منسوبة لله، فلا فرق بينهما وبين العبادة، فإن عبادة الله طاعته.
- وأما الطاعة المنسوبة لغير الله، فإنها غير العبادة، فنحن نطيع الرسول صلى الله عليه وسلم لكن لا نعبده، والإنسان قد يطيع ملكاً من ملوك الدنيا وهو يكرهه.
فالشرك بالطاعة: أنني أطعته لا حباً وتعظيماً وذلاً كما أحب الله وأتذلل له وأعظمة، ولكن طاعته اتباع لأمره فقط، هذا هو الفرق.
وبناء على القصة، فإن آدم وحواء أطاعا الشيطان ولم يعبداه عبادة، وهذا مبني على صحة القصة.
(ج2/ 312)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/245)
ـ[المسيطير]ــــــــ[29 - 11 - 07, 11:01 ص]ـ
بابٌ قولُ اللهِ تَعَالَى: (فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحَاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا)
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: (ليسكن إليها): سكون الرجل إلى زوجته ظاهر من أمرين:
أولاً: لأن بينهما من المودة والرحمة ما يقتضي الأنس والاطمئنان والاستقرار.
ثانياً: سكون من حيث الشهوة، وهذا سكون خاص لا يوجد له نظير حتى بين الأم وابنها.
(ج2/ 299)
-----
قوله: (دعوا الله ربهما).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
أتى بالألوهية والربوبية؛ لأن الدعاء يتعلق به جانبان:
الأول: جانب الألوهية من جهة العبد أنه داع، والدعاء عبادة.
الثاني: جانب الربوبية، لأن في الدعاء تحصيلاً للمطلوب، وهذا يكون متعلقاً بالله من حيث الربوبية.
والظاهر أنهما قالا: اللهم ربنا، ويحتمل أن يكون بصيغة أخرى.
(ج2/ 301)
----
قوله: (لئن آتيتنا صالحاً).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
أي: أعطيتنا.
وقوله: " صالحاً "؛ هل المراد صلاح البدن أو المراد صلاح الدين، أي: لئن آتيتنا بشراً سوياً ليس فيه عاهة ولا نقص، أو صالحاً بالدين، فيكون تقياً قائماً بالواجبات؟.
الجواب: يشمل الأمرين جميعاً، وكثير من المفسرين لم يذكر إلا الأمر الأول، وهو الصلاح البدني، لكن لا مانع من أن يكون شاملاً للأمرين جميعاً.
(ج2/ 301)
----
وقوله: (جعلا له شركاء فيما آتاهما).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
فإن قيل: هذا الولد الذي آتاهما الله - عز وجل - كان واحداً، فكيف جعلا في هذا الولد الواحد شِرْكاً بل شركاء؟.
فالجواب أن نقول هذا على ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أن يعتقدا أن الذي أتى بهذه الولد هو الولي الفلاني والصالح الفلاني ونحو ذلك؛ فهذا شرك أكبر لأنهما أضافا الخلق إلى غير الله.
ومن هذا أيضا ما يوجد عند بعض الأمم الإسلامية الآن، فتجد المرأة التي لا يأتيها الولد تأتي إلى قبر الولي الفلاني، كما يزعمون أنه ولي الله - والله أعلم بولايته -، فتقول: يا سيدي فلان! ارزقني ولداً.
الوجه الثاني: أن يضيف سلامة المولود ووقايته إلى الأطباء وإرشاداتهم وإلى القوابل وما أشبه ذلك، فيقولون مثلاً: سَلِمَ هذا الولد من الطلق، لأن القابلة امرأة متقنة جيدة؛ فهنا أضاف النعمة إلى غير الله، وهذا نوع من الشرك ولا يصل إلى حد الشرك الأكبر، لأنه أضاف النعمة إلى السبب ونسي المسبب وهو الله - عز وجل -.
الوجه الثالث: أن لا يشرك من ناحية الربوبية، بل يؤمن أن هذا الولد خرج سالماً بفضل الله ورحمته، ولكن يشرك من ناحية العبودية؛ فيقدم محبته على محبة الله ورسوله، ويلهية عن طاعة الله ورسوله، قال تعالى: (إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم) [التغابن: 15]، فكيف تجعل هذا الولد نداً لله في المحبة، وربما قدمت محبته على محبة الله، والله هو المتفضل عليك به؟!.
(ج2/ 303 - 304)
----
المتن / قال ابن حزم: " اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله، كعبد عمرو، وعبد الكعبة، وما أشبه ذلك، حاشا عبد المطلب ".
قوله: " اتفقوا ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
أي: أجمعوا، والإجماع أحد الأدلة الشرعية التي ثبتت بها الأحكام، والأدلة هي:
1 - الكتاب.
2 - والسنة.
3 - والإجماع.
4 - والقياس.
(ج2/ 305)
----
ولكن الصواب تحريم التعبيد للمطلب، فلا يجوز لأحد أن يسمي ابنه "عبد المطلب"، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: " أنا ابن عبد المطلب "، فهو:
- من باب الإخبار.
- وليس من باب الإنشاء.
فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن له جداً اسمه عبد المطلب.
- ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم أنه سمى عبد المطلب.
- أو أنه أذن لأحد صحابته بذلك.
- ولا أنه أقر أحداً على تسميته عبد المطلب.
والكلام في الحكم لا في الإخبار، وفرق بين الإخبار وبين الإنشاء والإقرار، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنما بنو هاشم وبنو عبد المطلب شيء واحد "، وقال صلى الله عليه وسلم: " يا بني عبد مناف " ولا يجوز التسمي بعبد مناف.
وقد قال العلماء: إن حاكي الكفر ليس بكافر، فالرسول صلى الله عليه وسلم يتكلم عن شيء قد وقع وانتهى ومضى، فالصواب أنه لا يجوز أن يعبّد لغير الله مطلقاً؛ لا بعبد المطلب ولا غيره، وعليه؛ فيكون التعبيد لغير الله من الشرك.
(ج2/ 6 30)
----
فيه مسائل:
الخامسة: ذكر السلف الفرق بين الشرك في الطاعة والشرك في العبادة:
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وقبل ذلك نبين الفرق بين الطاعة وبين العبادة:
- فالطاعة إذا كانت منسوبة لله، فلا فرق بينهما وبين العبادة، فإن عبادة الله طاعته.
- وأما الطاعة المنسوبة لغير الله، فإنها غير العبادة، فنحن نطيع الرسول صلى الله عليه وسلم لكن لا نعبده، والإنسان قد يطيع ملكاً من ملوك الدنيا وهو يكرهه.
فالشرك بالطاعة: أنني أطعته لا حباً وتعظيماً وذلاً كما أحب الله وأتذلل له وأعظمة، ولكن طاعته اتباع لأمره فقط، هذا هو الفرق.
وبناء على القصة، فإن آدم وحواء أطاعا الشيطان ولم يعبداه عبادة، وهذا مبني على صحة القصة.
(ج2/ 312)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/246)
ـ[المسيطير]ــــــــ[29 - 02 - 08, 04:52 م]ـ
باب قول الله تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ).الآية.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
هذا الباب يتعلق بتوحيد الأسماء والصفات، لأن هذا الكتاب جامع لأنواع التوحيد الثلاثة:
- توحيد العبادة.
- وتوحيد الربوبية.
- وتوحيد الأسماء والصفات.
وتوحيد الأسماء والصفات: هو إفراد الله عز وجل بما ثبت له من صفات الكمال على وجه الحقيقة، بلا تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل.
لأنك إذا عطلت لم تثبت، وإن مثلت لم توحد.
والتوحيد مركب من:
- إثبات.
- ونفي.
أي: إثبات الحكم للموَحَّد، ونفيه عما عداه، فمثلاً:
- إذا قلت: زيد قائم، لم توحده بالقيام.
- وإذا قلت: زيد غير قائم، لم تثبت له القيام.
- وإذا قلت: لا قائم إلا زيد، وحدته بالقيام.
وإذا قلت: لا إله إلا الله؛ وحَّدته بالألوهية:
-وإذا أثبتّ لله الأسماء والصفات دون أن يماثله أحد: فهذا هو توحيد الأسماء والصفات.
- وإن نفيتها عنه: فهذا تعطيل.
- وإن مثلت: فهذا إشراك.
(ج2/ 313)
-----
المتن: وقوله: " وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وقد سبق لنا مباحث قيمة في أسماء الله تعالى:
الأول: هل أسماء الله تعالى أعلام أو أوصاف؟.
الثاني: هل أسماء الله مترادفة أو متباينة؟.
الثالث: هل أسماء الله هي الله أو غيره؟.
الرابع: أسماء الله توفيقية.
الخامس: أسماء الله غير محصورة بعدد معين.
السادس: أسماء الله:
- إذا كانت متعدية: فإنه يجب أن تؤمن بالاسم والصفة وبالحكم الذي يسمى أحياناً بالأثر.
- وإن كانت غير متعدية: فإنه يجب أن تؤمن بالاسم والصفة.
السابع: إحصاء أسماء الله معناه:
1. الإحاطة بها لفظاً ومعنى.
2. دعاء الله بها، لقوله تعالى: (فادعوا بها)، وذلك بأن تجعلها وسيلة لك عند الدعاء، فتقول: يا ذا الجلال والإكرام!، يا حي يا قيوم!، وما أشبه ذلك.
3. أن تتعبد لله بمقتضاها، فإذا علمت أنه رحيم تتعرض لرحمته، وإذا علمت أنه غفور تتعرض لمغفرته، وإذا علمت أنه سميع اتقيت القول الذي يغضبه، وإذا علمت أنه بصير أجتنبت الفعل الذي لا يرضاه.
(ج2/ 314)
ـ[عبدالرحمن الناصر]ــــــــ[02 - 03 - 08, 06:14 م]ـ
بارك الله فيك أخي الحبيب " المسيطير " ..
جهد رائع تُشكر عليه ..
أسأل الله أن يكتب لك الأجر ..
ونتمنى من الإخوة تنسيق الموضوع ووضعه على صيغة الوورد.
ـ[أبو أميمة السلفي]ــــــــ[03 - 03 - 08, 08:30 م]ـ
جزاكم الله خير الجزاء
ـ[عبدالرحمن الناصر]ــــــــ[12 - 03 - 08, 02:54 ص]ـ
أكمل شيخنا الكريم ..
ـ[أبوعبدالرحمن المياسي]ــــــــ[14 - 03 - 08, 08:33 م]ـ
بارك الله فيك يا شيخ، ورفعك ربي في الجنة درجات.
ـ[المسيطير]ــــــــ[15 - 04 - 08, 05:32 م]ـ
الإخوة الأفاضل /
عبدالرحمن الناصر
أباأميمة السلفي
أباعبدالرحمن المياسي
جزاكم الله خير الجزاء، وأجزله، وأوفاه.
أسأل الله أن يستجيب دعائكم، وأن ينفعنا جميعا بما كُتب.
ـ[المسيطير]ــــــــ[15 - 04 - 08, 05:49 م]ـ
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
واعلم أن دعاء الله بأسمائه له معنيان:
الأول: دعاء العبادة، وذلك بأن تتعبد لله بما تقتضيه تلك الأسماء، ويطلق على الدعاء عبادة، قال تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي)، ولم يقل: عن دعائي، فدل على أن الدعاء عبادة.
فمثلاً: الرحيم يدل على الرحمة، وحينئذ تتطلع إلى إسباب الرحمة وتفعلها.
والغفور يدل على المغفرة، وحينئذ تتعرض لمغفرة الله عز وجل بكثرة التوبة والاستغفار كذلك وما أشبه ذلك.
الثاني: دعاء المسألة، وهو أن تقدمها بين يدي سؤالك متوسلاً بها إلى الله تعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/247)
مثلاً: يا حي، يا قيوم أغفر لي وارحمني، وقال صلى الله عليه وسلم: " فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم "، والإنسان إذا دعا وعلل، فقد أثنى على ربه بهذا الاسم طالباً أن يكون سبباً للإجابة، والتوسل بصفة المدعو المحبوبة له سبب للإجابة، فالثناء على الله بأسمائه من أسباب الإجابة.
(ج2/ 316)
----
المتن: " وذروا الذين يلحدون ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
والإلحاد: مأخوذ من اللحد، وهو الميل، لحد وألحد بمعنى مال، ومنه سمي الحفر بالقبر لحداً، لأنه مائل إلى جهة القبلة.
والإلحاد في أسماء الله: الميل بها عما يجب فيها، وهو أنواع:
الأول: أن ينكر شيئاً من الأسماء أو مما دلت عليه من الصفات أو الأحكام، ووجه كونه إلحاداً أنه مال بها عما يجب لها، إذ الواجب إثباتها وإثبات ما تتضمنه من الصفات والأحكام.
الثاني: أن يثبت لله أسماء لم يسم الله بها نفسه، كقول الفلاسفة في الله: إنه علة فاعلة في هذا الكون تفعل، وهذا الكون معلول لها، وليس هناك إله.
وبعضهم يسميه العقل الفعّال، فالذي يدير هذا الكون هو العقل الفعال، وكذلك النصاري يسمون الله أباً وهذا إلحاد.
الثالث: أن يجعلها دالة على التشبيه، فيقول: الله سميع بصير قدير، والإنسان سميع بصير قدير، اتفقت هذه الأسماء، فيلزم أن تتفق المسميات، ويكن الله سبحانه وتعالى ممائلاً للخلق، فيتدرج بتوافق الأسماء إلى التوافق بالصفات.
ووجه الإلحاد: أن أسماءه دالة على معان لائقة بالله لا يمكن أن تكون مشابهة لما تدل عليه من المعاني في المخلوق.
الرابع: أن يشتق من هذه الأسماء أسماء للأصنام، كتسمية اللات من الإله أو من الله، والعزى من العزيز، ومناة من المنان حتى يلقوا عليها شيئاَ من الألوهية ليبرروا ما هم عليه.
(ج2/ 318)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
واعلم أن التعبير بنفي التمثيل أحسن من التعبير بنفي التشبيه، لوجوه ثلاثة:
1. أنه هو الذي نفاه الله في القرآن، فقال: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).
2. أنه ما من شيئين موجودين إلا وبينهما تشابه من بعض الوجوه، واشتراك في المعني من بعض الوجوه.
فمثلاً: الخالق والمخلوق اشتركاً في معنى الوجود، لكن وجود هذا يخصه ووجود هذا يخصه، وكذلك العلم والسمع والبصر ونحوها اشترك فيها الخالق والمخلوق في أصل المعنى، ويتميز كل واحد منهما بما يختص به.
3. أن الناس اختلفوا في معنى التشبيه حتى جعل بعضهم إثبات الصفات تشبيهاً، فيكون معنى بلا تشبيه، أي: بلا إثبات صفات على اصطلاحهم.
(ج2/ 318)
ـ[ابن المسيب العتيبي]ــــــــ[16 - 04 - 08, 03:06 ص]ـ
أخي الحبيب المسيطير وفقه الله
بارك الله في علمكم وعملكم
وأثابكم على هذا العمل العظيم
ونحن في إنتظار إستكماله
أعانك الله وسددك وكتب أجرك إنه جواد كريم
ـ[أبو عبد المؤمن الجزائري]ــــــــ[24 - 04 - 08, 12:44 م]ـ
أرايتم شيخنا عدد الذين يدعون لكم، أسأل الله أن يستجيب لهم وأن يزيدكم من فضله
ـ[محمد عمارة]ــــــــ[25 - 04 - 08, 10:57 م]ـ
أثابكم الله و نفع بكم
ـ[المسيطير]ــــــــ[10 - 06 - 08, 06:03 ص]ـ
الإخوة الأفاضل /
ابن المسيب العتيبي
أباعبدالمؤمن الجزائري
محمد عمارة
جزاكم الله خير الجزاء، وأجزله، وأوفاه.
أسأل الله أن يستجيب دعائكم، وأن ينفعنا جميعا بما كُتب.
ـ[المسيطير]ــــــــ[10 - 06 - 08, 06:27 ص]ـ
المتن: ذكر ابن أبي حاتم عن ابن عباس: (يلحدون في أسمائه): " يشركون ". وعنه: " سموا اللات من الإله، والعزى من العزيز ". وعن الأعمش: " يدخلون فيها ما ليس منها".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قول ابن عباس: " يشركون ". تفسير للإلحاد، ويتضمن الإشراك بها في جهتين:
1. أن يجعلوها دالة على المماثلة.
2. أو يشتقوا منها أسماء للأصنام، كما في الرواية الثانية عن ابن عباس التي ذكرها المؤلف.
- فمن جعلها دالة على المماثلة؛ فقد أشرك لأنه جعل لله مثيلاً.
- ومن أخذ منها أسماء لأصنامه، فقد أشرك لأنه جعل مسميات هذه الأسماء مشاركة لله عز وجل.
(ج2/ 319).
----
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/248)
تتمة:
جاءت النصوص بالوعيد على الإلحاد في آيات الله تعالى كما في قوله تعالى: (إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا)، فقوله: (لا يخفون علينا) فيها تهديد، لأن المعنى سنعاقبهم، والجملة مؤكدة بـ (إن).
· وآيات الله تنقسم إلى قسمين:
1. آيات كونية: وهي كل المخلوقات من السماوات والأرض والنجوم والجبال والشجر والدواب وغير ذلك، قال الشاعر:
فواعجباً كيف يُعصى الإله ... أم كيف يجحده الجاحد
وفي كل شيء له آية ... تدل على أنه واحد
والإلحاد في الآيات الكونية ثلاثة أنواع:
1. اعتقاد أن أحداً سوى الله منفرد بها أو ببعضها.
2. اعتقاد أن أحداً مشارك لله فيها.
3. اعتقاد أن لله فيها مُعيناً في إيجادها وخلقها وتدبيرها.
والدليل قوله تعالى: (قل أدعو الذين زعمتهم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير)، ظهير، أي: معين.
وكل ما يخل بتوحيد الربوبية، فإنه داخل في الإلحاد في الآيات الكونية.
2. آيات شرعية، وهو ما جاءت به الرسل من الوحي كالقرآن، قال تعالى: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم).
والإلحاد في الآيات الشرعية ثلاثة أنواع:
1. تكذيبها فيما يتعلق بالأخبار.
2. مخالفتها فيما يتعلق بالأحكام.
3. التحريف في الأخبار والأحكام.
والإلحاد في الآيات الكونية والشرعية حرام.
- ومنه ما يكون كفراً، كتكذيبها، فمن كذَّب شيئاً مع اعتقاده أن الله ورسوله أخبَرا به؛ فهو كافر.
- ومنه ما يكون معصية من الكبائر، كقتل النفس والزنا.
- ومنه ما يكون معصية من الصغائر، كالنظر لأجنبية لشهوة.
· قال الله تعالى في الحرم: (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب إليم)، فسمّى الله المعاصي والظلم إلحاداً، لأنها ميل عما يجب أن يكون عليه الإنسان، إذ الواجب عليه السير على صراط الله تعالى، ومن خالف، فقد ألحد.
(ج2/ 320 - 321)
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[10 - 06 - 08, 10:14 ص]ـ
ما شاء الله تبارك الله.
بارك الله في جهودكم شيخ سامي، موضوع طيب من كاتب طيب وتنسيق طيب، فأسأل الله تعالى أن يطيب يوم القيامة.
لكن: مسكين موضوعي " خلاصة المستفيد "!! موضوعكم غطى عليه:)
أصبح كالولد مع الوالد:)
ـ[أبو عبدالرحمن السبيعي]ــــــــ[12 - 07 - 08, 07:49 ص]ـ
الأخ مسيطير جزاك الله خير على هذه التقاسيم الرائعة وأسال الله أن يكون ذلك في ميزان حسناتك يوم تلقاه
هل بتكمل هذه التقاسيم والفروق على هذا الكتاب
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[12 - 07 - 08, 10:04 ص]ـ
بسم الله والحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد ..
وشيخ الإسلام ابن تيمية المحقق في هذه المسائل اختلف كلامه في هذه المسألة:
فمرة قال: الشرك لا يغفره الله ولو كان أصغر.
ومرة قال: الشرك الذي لا يغفره الله هو الشرك الأكبر.
ان ما يقصده شيخ الاسلام والله أعلم:
انه مقيد بهذا القيد
ان من يموت وهو مُصرٌّ على الشرك الاصغر من غير توبة فانه لا يغفر
ـ[المسيطير]ــــــــ[21 - 07 - 08, 07:18 ص]ـ
الشيخ الكريم / علي الفضلي
جزاك الله خير الجزاء وأجزله وأوفاه، وأسأل الله أن ينفع بما تنقل وأنقل، وأن يجعله حجتنا لنا لا علينا، ونقولاتك عن الشيخ رحمه الله استفدت منها كثيرا، لا حرمك الله الأجر.
أما الإكمال ... فسأكمل بإذن الله.
وأسأل الله أن يعين وييسر.
ـ[المسيطير]ــــــــ[22 - 07 - 08, 07:41 ص]ـ
بابٌ: لا يُقالُ: السَّلامُ عَلَى اللهِ
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
والسلام له عدة معان:
1. التحية؛ كما يقال: سلم على فلان؛ أي: حيّاة بالسلام.
2. السلامة من النقص والآفات؛ كقولنا: " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ".
3. السلام: اسم من أسماء الله تعالى، قال تعالى: (الملك القدوس السلام) [الحشر: 23].
(ج2/ 324)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
والسلام: اسم ثبوتي سلبي.
فسلبي: أي أنه يراد به نفي كل نقص أو عيب يتصوره الذهن أو يتخيله العقل، فلا يلحقه نقص في ذاته أو صفاته أو أفعاله أو أحكامه.
وثبوتي: أي يراد به ثبوت هذا الاسم له، والصفة التي تضمنها وهي السلامة.
(ج2/ 325)
---
المتن: في الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: كنا إذا كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة؛ قلنا: السلام على الله من عباده، السلام على فلان وفلان. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تقولوا: السلام على الله، فإن الله هو السلام ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " قلنا: السلام على الله من عباده ". أي: يطلبون السلامة لله من الآفات، يسألون الله أن يسلم نفسه من الآفات، أو أن اسم السلام على الله من عباده، لأن قول الإنسان السلام عليكم خبر بمعني الدعاء، وله معنيان:
1. اسم السلام عليك، أي: عليك بركاته باسمه.
2. السلامة من الله عليك، فهو سلام بمعني تسليم، ككلام بمعني تكليم.
(ج2/ 326)
---
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/249)
ـ[المسيطير]ــــــــ[22 - 07 - 08, 08:15 ص]ـ
بابٌ قَولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إنْ شِئْتَ
المتن: في الصحيح عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يقل أحدكم: اللهم أغفر لي إن شئت. اللهم ارحمني إن شئت. ليعزم المسألة، فإن الله لا مُكره له ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " اللهم اغفر لي، اللهم ارحمني ".
- ففي الجملة الأولى: " أغفر لي " النجاة من المكروه.
- وفي الثانية: " ارحمني " الوصول إلى المطلوب.
فيكون هذا الدعاء شاملاً لكل ما فيه حصول المطلوب وزوال المكروه.
(ج2/ 331)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
والمحظور في هذا التعليق من وجوه ثلاثة:
الأول: أنه يُشعر بأن الله له مكره على الشيء، وأن وراءه من يستطيع أن يمنعه، فكأن الداعي بهذه الكيفية يقول: أنا لا أكرهك، إن شئت فاغفر وإن شئت فلا تغفر.
الثاني: أن قول القائل: " إن شئت " كأنه يرى أن هذا أمر عظيم على الله فقد لا يشاؤه لكونه عظيماً عنده، ونظير ذلك أن تقول لشخص من الناس - والمثال للصورة بالصورة لا للحقيقة بالحقيقة -، أعطني مليون ريال إن شئت، فإنك إذا قلت له ذلك، ربما يكون الشيء عظيماً يتثاقله، فقولك: إن شئت، لأجل أن تهون عليه المسألة، فالله عز وجل لا يحتاج أن تقول له: إن شئت، لأنه سبحانه وتعالى لا يتعاظمه شيء أعطاه، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: " وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه ".
الثالث: أنه يشعر بأن الطالب مستغن عن الله، كأنه يقول: إن شئت فافعل، وإن شئت فلا تفعل لا يهمني، ولهذا قال: " وليعظم الرغبة "، أي: يسأل برغبة عظيمة، والتعليق ينافي ذلك.
(ج2/ 331)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وهل يجزم بالإجابة؟.
الجواب: إذا كان الأمر عائدا إلى قدرة الله، فهذا يجب أن تجزم بأن الله قادر على ذلك، قال الله تعالى: (ادعوني أستجب لكم) [غافر: 60].
أما من حيث دعائك أنت باعتبار ما عندك من الموانع، أو عدم توافر الأسباب، فإنك قد تتردد في الإجابة، ومع ذلك ينبغي أن تحسن الظن بالله، لأن الله عز وجل قال (ادعوني أستجب لكم)، فالذي وفقك لدعائه أولاً سَيَمُنّ عليك بالإجابة آخراً، لا سيما إذا أتى الإنسان بأسباب الإجابة وتجنب الموانع.
ومن الموانع:
- الاعتداء في الدعاء، كأن يدعو بإثم أو قطيعة رحم.
- ومنها أن يدعو بما لا يمكن شرعاً أو قدراً:
فشرعاً: كأن يقول: اللهم اجعلني نبياً.
وقدراً: بأن يدعو الله تعالى بأن يجمع بين النقيضين، وهذا أمر لا يمكن، فالاعتداء بالدعاء مانع من إجابته، وهو محرم، لقوله تعالى: (ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين) [الأعراف: 55]، وهو أشبه ما يكون بالاستهزاء بالله سبحانه.
(ج2/ 333)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
مناسبة الباب للتوحيد: من وجهين:
1. من جهة الربوبية، فإن من أتى بما يشعر بأن الله له مكره لم يقم بتمام ربو بيته تعالى، لأن من تمام الربوبية أنه لا مكره له، بل إنه لا يسأل عما يفعل؛ كما قال تعالى: (لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون) [الأنبياء: 23].
وكذلك فيه نقص من ناحية الربوبية من جهة أخرى وهو أن الله يتعاظم الأشياء التي يعطيها فكان فيه قدح في جوده وكرمه.
2. من ناحية العبد؛ فإنه يشعر باستغنائه عن ربه، وهذا نقص في توحيد الإنسان، سواء من جهة الألوهية أو الربوبية أو الأسماء والصفات، ولهذا ذكره المصنف في الباب الذي يتعلق بالأسماء والصفات.
(ج2/ 333)
--
ـ[المسيطير]ــــــــ[06 - 08 - 08, 06:13 م]ـ
بَابٌ لا يَقُول: عَبْدِي وَأمَتِي
المتن: في الصحيح عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يقل أحدكم: أطعم ربك، وضيء ربك، وليقل: سيدي ومولاي. ولا يقل أحدكم: عبدي وأمتي. وليقل: فتاي وفتاتي وغلامي ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يقل ". الجملة نهي.
" عبدي "، أي: للغلام.
و " أمتي "، أي: للجارية.
والحكم في ذلك ينقسم إلى قسمين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/250)
الأول: أن يضيفه إلى غيره، مثل أن يقول: عبد فلان أو أمة فلان، فهذا جائز قال تعالى: (وأنكحوا الأيامي منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة ".
الثاني: أن يضيفه إلى نفسه، وله صورتان:
الأولى: أن يكون بصيغة الخبر، مثل: أطعمت عبدي، كسوت عبدي، أعتقت عبدي:
- فإن قاله في غيبة العبد أو الأمة، فلا بأس به
- وإن قاله في حضرة العبد أو الأمة، فإن ترتب عليه مفسدة تتعلق بالعبد أو السيد منع، وإلا فلا؛ لأن قائل ذلك لا يقصد العبودية التي هي الذل، وإنما يقصد أنه مملوك.
الثانية: أن يكون بصيغة النداء، فيقول السيد: يا عبدي! هات كذا، فهذا منهي عنه، وقد اختلف العلماء في النهي: هل هو للكراهة أو التحريم؟ والراجح التفصيل في ذلك، وأقل أحواله الكراهة.
(ج2/ 338)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يقل أحدكم: أطعم ربك … .. ألخ " أي: لا يقل أحدكم لعبد غيره، ويحتمل أن يشمل قول السيد لعبده حيث يضع الظاهر موضع المُضْمَر تعاظماً.
واعلم إن إضافة الرب إلى غير الله تعالى تنقسم إلى أقسام:
القسم الأول: أن تكون الإضافة إلى ضمير المُخاطَب، مثل: أطعم ربك، وضّيء ربك، فيكره ذلك للنهي عنه، لأن فيه محذورين:
1. من جهة الصيغة، لأنه يوهم معنى فاسداً بالنسبة لكلمة رب، لأن الرب من أسمائه سبحانه، وهو سبحانه يُطعِم ولا يطعَم، وإن كان بلا شك إن الرب هنا غير رب العالمين الذي يطعم ولا يطعم، ولكن من باب الأدب في اللفظ.
2. من جهة المعني أنه يشعر العبد أو الأمة بالذل، لأنه إذا كان السيد رباً كان العبد أو الأمة مربوباً.
القسم الثاني: أن تكون الإضافة إلى ضمير الغائب، فهذا لا بأس به، كقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أشراط الساعة، " أن تلد الأمة ربها ".
القسم الثالث: أن تكون الإضافة إلى ضمير المتكلم، بأن يقول العبد: هذا ربي، فهل يجوز هذا؟.
قد يقول قائل: إن هذا جائز، لأن هذا من العبد لسيده، وقد قال تعالى عن صاحب يوسف: (إنه ربي أحسن مثواي) [يوسف: 23] أي: سيدي، ولأن المحذور من قول (ربي) هو إذلال العبد، وهذا منتف، لأنه هو بنفسه يقول: هذا ربي.
القسم الرابع: أن يضاف إلى الاسم الظاهر، فيقال: هذا رب الغلام، فظاهر الحديث الجواز، وهو كذلك ما لم يوجد محذور فيمنع، كما لو ظن السامع أن السيد رب حقيقي خالق ونحو ذلك.
(ج2/ 339)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
وقوله " سيدي ". السيادة في الأصل علو المنزلة، لأنها من السؤدد والشرف والجاه وما أشبه ذلك.
والسيد يطلق على معان، منها:
- المالك.
- الزوج.
- والشريف المطاع.
وسيدي هنا مضافة إلى ياء المتكلم وليست على وجه الإطلاق، فالسيد على وجه الإطلاق لا يقال إلا لله عز وجل قال صلى الله عليه وسلم: " السيد الله ".
(ج2/ 341)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
قوله: " ومولاي ". أي: وليقل مولاي.
والولاية تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: ولاية مطلقة، وهذه لله عز وجل لا تصلح لغيره، كالسيادة المطلقة.
وولاية الله نوعان:
النوع الأول: عامة، وهي الشاملة لكل أحد، قال الله تعالى: (ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون)، فجعل له ولاية على هؤلاء المفترين، وهذه ولاية عامة.
النوع الثاني: خاصة بالمؤمنين، قال تعالى: (ذلك بأن الله مولي الذين آمنوا وأن الكافرون لا مولي لهم)، وهذه ولاية خاصة، ومقتضي السياق أن يقال: وليس مولى الكافرين، لكن قال: (لا مولى لهم)، أي: لا هو مولى للكافرين ولا أولياؤهم الذين يتخذونهم آلهة من دون الله موالي لهم لأنهم يوم القيامة يتبرءون منهم.
القسم الثاني: ولاية مقيدة مضافة، فهذه تكون لغير الله، ولها في اللغة معان كثيرة، منها الناصر، والمتولي للأمور، والسيد، والعتيق.
(ج2/ 342)
---
ـ[الغامدي المديني]ــــــــ[08 - 01 - 09, 10:13 م]ـ
اكمل فإن الله لا يضيع اجر المحسنين
الله يجعلنا و إياكم منهم
ـ[أبو عبد الوهاب الجزائري]ــــــــ[09 - 01 - 09, 01:27 ص]ـ
تقسيمات قيمة تدل على علم غزير و اطلاع وفير
اللهم ارحم الشيخ رحمة واسعة
بارك الله فيك أخي المسيطر
ـ[المسيطير]ــــــــ[21 - 07 - 09, 11:42 م]ـ
الأخوين الكريمين /
الغامدي المديني
أبا عبد الوهاب الجزائري
جزاكما الله خير الجزاء، وأجزله، وأوفاه، وأتمه، وأعلاه.
ـ[محمدالصغير]ــــــــ[30 - 07 - 09, 05:20 ص]ـ
شيخنا المسيطير: هل بالامكان وضعه في ملف
بوركت
ـ[أبو عبد المؤمن الجزائري]ــــــــ[01 - 08 - 09, 04:04 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أسأل الله أن يبارك لك في وقتك وفي علمك وفي أولادك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/251)
ـ[أبو معاذ السلفي المصري]ــــــــ[27 - 09 - 09, 07:36 ص]ـ
جزاكم الله خيراً.
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[17 - 01 - 10, 05:09 م]ـ
بارك الله فيك شيخنا الكريم
ـ[المسيطير]ــــــــ[24 - 07 - 10, 07:36 ص]ـ
بابٌ: لا يُرَدُّ مَنْ سَأَلَ باللهِ
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وقوله: " من سأل بالله ". أي: من سأل غيره بالله، والسؤال بالله ينقسم إلى قسمين:
أحدهما: السؤال بالله بالصيغة، مثل أن يقول: أسألك بالله كما تقدم في حديث الثلاثة حيث قال الملك: (أسالك بالذي أعطاك الجلد الحسن واللون الحسن بعيرًا).
الثاني: السؤال بشرع الله عز وجل، أي: يسأل سؤالًا يبيحه الشرع، كسؤال الفقير من الصدقة، والسؤال عن مسألة من العلم، وما شابه ذلك.
(ج2/ 347)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وأما إجابة السائل، فهو موضوع بابنا هذا، ولا يخلو السائل من أحد أمرين:
الأول: أن يسأل سؤالًا مجردًا، كأن يقول مثلا: يا فلان؛ أعطني كذا وكذا، فإن كان مما أباحه الشارع له فإنك تعطيه، كالفقير يسأل شيئًا من الزكاة.
الثاني: أن يسأل بالله، فهذا تجيبه وإن لم يكن مستحقًا، لأنه سأل بعظيم فإجابته من تعظيم هذا العظيم، لكن لو سأل إثمًا أو كان في إجابته ضرر على المسؤول؛ فإنه لا يجاب.
مثال الأول: أن يسألك بالله نقودًا ليشتري بها محرمًا كالخمر.
ومثال الثاني: أن يسألك بالله أن تخبره عما في سرك وما تفعله مع أهلك، فهذا لا يجاب لأن في الأول إعانة على الإثم، وإجابته في الثاني ضرر على المسؤول.
(ج2/ 349)
---
المتن: عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سأل بالله؛ فأعطوه، ومن استعاذ بالله؛ فأعيذوه، ومن دعاكم؛ فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفًا، فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه؛ فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه). رواه أبو داود والنسائي بسند صحيح.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " ومن دعاكم فأجيبوه ". " من " شرطية للعموم، والظاهر أن المراد بالدعوة هنا الدعوة للإكرام، وليس المقصود بالدعوة هنا النداء.
وظاهر الحديث وجواب إجابة الدعوة في كل دعوة، وهو مذهب الظاهرية.
وجمهور أهل العلم: أنها مستحبة إلا دعوة العرس، فإنها واجبة لقوله صلى الله عليه وسلم فيها: (شر الطعام طعام الوليمة، يدعي إليها من يأباها ويمنعها من يأتيها، ومن لم يجب، فقد عصي الله ورسوله).
وسواء قيل بالوجوب أو الاستحباب، فإنه يشترط لذلك شروط:
1. أن يكون الداعي ممن لا يجب هجره أو يسن.
2. إلا يكون هناك منكر في مكان الدعوة، فإن كان هناك منكر، فإن أمكنه إزالته، وجب عليه الحضور لسببين:
- إجابة الدعوة.
- وتغيير المنكر.
وإن كان لا يمكنه إزالته حرم عليه الحضور؛ لأن حضوره يستلزم إثمه، وما استلزم الإثم؛ فهو إثم.
3. أن يكون الداعي مسلمًا، وإلا لم تجب الإجابة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (حق المسلم على المسلم ست .. .)، وذكر منها: (إذا دعاك فأجبه). قالوا: وهذا مقيد للعموم الوارد.
4. أن لا يكون كسبه حرامًا، لأن إجابته تستلزم أن تأكل طعامًا حرامًا، وهذا لا يجوز، وبه قال بعض أهل العلم. (وذكر الشيخ رحمه الله الخلاف والراجح).
5. أن لا تتضمن الإجابة إسقاط واجب أو ما هو أوجب منها، فإن تضمنت ذلك حرمت الإجابة.
6. أن لا تتضمن ضررًا على المجيب، مثل أن تحتاج إجابة الدعوة إلى سفر أو مفارقة أهله المحتاجين إلى وجوده بينهم.
(ج2/ 351 - 352)
---
ـ[المسيطير]ــــــــ[24 - 07 - 10, 07:46 ص]ـ
بابٌ: لا يُسْألُ بِوَجْهِ اللهِ إلا الجَنَّةُ
لم يذكر الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى فروقا أو تقاسيم في هذا الباب، بل ذكر الاختلاف في معنى (لا يسأل بوجه الله إلا الجنة).
ـ[خليل الفائدة]ــــــــ[24 - 07 - 10, 08:28 ص]ـ
بارك الله فيك.
دُرَرٌ نضيدة، ومسائلُ مفيدة.
أفادك الله يا أبا محمَّد.
ـ[المسيطير]ــــــــ[24 - 07 - 10, 08:54 ص]ـ
بابٌ: ما جاء في الـ (لو)
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/252)
والمؤلف رحمه الله جعل الترجمة مفتوحة ولم يجزم بشيء؛ لأن " لو " تستعمل على عدة أوجه:
الوجه الأول: أن تستعمل في الأعتراض على الشرع، وهذا محرم، قال الله تعالى: {لو أطاعونا ما قتلوا}، في غزوة أحد حينما تخلف أثناء الطريق عبد الله بن أبي في نحو ثلث الجيش، فلما استشهد من المسلمين سبعون رجلًا اعترض المنافقون على تشريع الرسول صلى الله عليه وسلم، وقالوا: لو أطاعونا ورجعوا كما رجعنا ما قتلوا، فرأيُنا خير من شرع محمد، وهذا محرم وقد يصل إلى الكفر.
الثاني: أن تستعمل في الاعتراض على القدر، وهذا محرم أيضًا، قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا}، أي: لو أنهم بقوا ما قتلوا، فهم يعترضون على قدر الله.
الثالث: أن تستعمل للندم والتحسر، وهذا محرم أيضًا، لأن كل شيء يفتح الندم عليك فإنه منهي عنه، لأن الندم يكسب النفس حزنًا وانقباضًا، والله يريد منا أن نكون في انشراح وانبساط، قال صلى الله عليه وسلم: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء؛ فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا، فإن لو تفتح عمل الشيطان).
مثال ذلك: رجل حرص أن يشتري شيئًا يظن أن فيه ربحًا فخسر، فقال لو أني ما اشتريته ما حصل لي خسارة، فهذا ندم وتحسر، ويقع كثيرًا، وقد نهي عنه.
الرابع: أن تستعمل في الاحتجاج بالقدر على المعصية، كقول المشركين: {لو شاء الله ما أشركنا}، وقولهم: {لو شاء الرحمن ما عبدناهم}، وهذا باطل.
الخامس: أن تستعمل في التمني، وحكمه حسب التمني:
- إن كان خيرًا فخير.
- وإن كان شرًا فشر.
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة النفر الأربعة قال أحدهم: " لو أن لي مالًا لعملت بعمل فلان "؛ فهذا تمنى خيرًا، وقال الثاني: " لو أن لي مالًا لعملت بعمل فلان " فهذا تمنى شرًا فقال النبي صلى الله عليه وسلم في الأول: " فهو بنيته؛ فأجرهما سواء "، وقال في الثاني: " فهو بنيته؛ فوزرهما سواء ".
السادس: أن تستعمل في الخبر المحض؛ وهذا جائز، مثل: لو حضرت الدرس لاستفدت، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: " لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي، لأحللت معكم "، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لو علم أن هذا الأمر سيكون من الصحابة ما ساق الهدي ولأحل، وهذا هو الظاهر لي.
وبعضهم قال: إنه من باب التمني، كأنه قال: ليتني استقبلت من أمري ما استدبرت حتى لا أسوق الهدي.
لكن الظاهر: أنه خبر لما رأي من أصحابه، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يتمني شيئًا قدّر الله خلافه.
(ج2/ 361 - 362)
---
المتن: وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي اله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجزن، وإن أصابك شيء، فلا تقل: لو أني فعلت كذا، لكان كذا وكذا، ولكن قل: قَدَر الله وما شاء فعل؛ فإن " لو " تفتح عمل الشيطان).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " احرص على ما ينفعك ". الحرص: بذلك الجهد لنيل ما ينفع من أمر الدين أو الدنيا.
وأفعال العباد بحسب السبر والتقسيم لا تخلو من أربع حالات:
1. نافعة، وهذه مأمور بها.
2. ضارة، وهذه محذر منها.
3. فيها نفع وضرر.
4. لا نفع فيها ولا ضرر، وهذه لا يتعلق بها أمر ولا نهي، لكن الغالب أن لا تقع إلا وسيلة إلى ما فيه أمر أو نهي، فتأخذ حكم الغاية، لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
(ج2/ 367)
---
قوله: " إن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا؛ لكان كذا وكذا ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
هذه هي المرتبة الرابعة مما ذكر في هذا الحديث العظيم إذا حصل خلاف المقصود.
فالمرتبة الأولى: الحرص علي ما ينفع.
والمرتبة الثانية: الاستعانة بالله.
والمرتبة الثالثة: المضي في الأمر والاستمرار فيه وعدم التعاجز، وهذه المراتب إليك.
المرتبة الرابعة: إذا حصل خلاف المقصود؛ فهذه ليست إليك، وإنما هي بقدر الله، ولهذا قال: " وإن أصابك. . "، فَفَوِّض الأمر إلى الله تعالى.
(ج2/ 370)
---
قوله: " وإن أصابك شيء ". أي: مما لا تحبه ولا تريده ومما يعوقك عن الوصول إلى مرامك فيما شرعت فيه من نفع.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
فمن خالفه القدر ولم يأت على مطلوبه لا يخلو من حالين:
الأول: أن يقول: لو لم أفعل ما حصل كذا.
الثاني: أن يقول: لو فعلت كذا - لأمر لم يفعله - لكان كذا.
مثال الأول قول القائل: لو لم أسافر ما فاتني الربح.
ومثال الثاني أن يقول: لو سافرت لربحت.
(ج2/ 370)
ـ[أبو عبد الخالق]ــــــــ[24 - 07 - 10, 12:29 م]ـ
جزاك الله خيراً شيخنا الحبيب ((المسيطير)) .. وأسأل الله تعالى أن ينفع بك
قمت بجمع التقاسيم إلى باب (ما جاء في (لو) .. في ملف ورد واحد بلغت الصفحات تقريبا مائة وعشر صفحات ..
تحتاج إلى التنسيق والتصحيح .. إذا يسر الله لي أو لأحد من الأخوة فسيكون حسناً ولتعم الفائدة الجميع ..
لكن ما أدري هل سبقني أحد إلى الجمع .. ؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/253)
ـ[أبو الحسن الرفاتي]ــــــــ[24 - 07 - 10, 12:45 م]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[المسيطير]ــــــــ[24 - 07 - 10, 01:54 م]ـ
قمت بجمع التقاسيم إلى باب (ما جاء في (لو) .. في ملف ورد واحد بلغت الصفحات تقريبا مائة وعشر صفحات ..
تحتاج إلى التنسيق والتصحيح .. إذا يسر الله لي أو لأحد من الأخوة فسيكون حسناً ولتعم الفائدة الجميع ..
لكن ما أدري هل سبقني أحد إلى الجمع .. ؟
بارك الله فيك أخي الحبيب .. واستجاب الله دعاءك والدعاء لك.
- عرضتُ موضوع الفروق والتقاسيم على أخ الشيخ / محمد بن عثيمين رحمه الله .. ويقال له (أبوعدنان) .. وطلب مني عرضه عليه ..
- في النية عند إكماله .. عرضه عليه - بإذن الله - للموافقة أو الرد.
- وقد قاربت عندي حتى (باب: ماجاء في الـ " لو ") .. 130 صفحة.
- أما هل سبق أحد؟ ... فلا أعلم، وقد بحثت في الشبكة ولم أجد.
- ويبقى الأمر معروضا في الشبكة العنكبوتية .. وينتظر موافقة مؤسسة الشيخ لطباعته إن رأوا ذلك.
- علما أن الموضوع نُقل بألوانه في عدة منتديات دون الإشارة إلى كونه منقول من الملتقى!!.
ـ[المسيطير]ــــــــ[25 - 07 - 10, 09:08 ص]ـ
بابٌ: النَّهْي عَن سَبِ الرِّيحِ
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " الريح ". الهواء الذي يصرفه الله عز وجل، وجمعه رياح.
وأصولها أربعة:
- الشمال.
- والجنوب.
- والشرق.
- والغرب.
- وما بينهما يسمي النكباء، لأنها ناكبة عن الاستقامة في الشمال، أو الجنوب، أو الشرق، أو الغرب.
وتصريفها من آيات الله عز وجل:
- فأحيانًا تكون شديدة تقلع الأشجار، وتهدم البيوت، وتدفن الزروع، ويحصل معها فيضانات عظيمة.
- وأحيانًا تكون هادئة.
- وأحيانًا تكون باردة.
- وأحيانًا حارة.
- وأحيانًا عالية.
- وأحيانًا نازلة.
كل هذا بقضاء الله وقدره.
(ج2/ 378)
---
ـ[المسيطير]ــــــــ[25 - 07 - 10, 09:44 ص]ـ
باب قول الله تعالى: {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} الآية.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
ذكر المؤلف في هذا الباب آيتين:
الأولى قوله تعالى: {يظنون}: الضمير يعود على المنافقين، والأصل في الظن: أنه الاحتمال الراجح، وقد يطلق علي اليقين، كما في قوله تعالى: {الذين يطنون أنهم ملاقو ربهم}، أي: يتيقنون، وضد الراجح المرجوح، ويسمي وهما.
والظن بالله عز وجل على نوعين:
الأول: أن يظن بالله خيرًا.
الثاني: أن يظن بالله شرًا.
والأول له متعلقان:
1. متعلق بالنسبة لما يفعله في هذا الكون؛ فهذا يجب عليك أن تحسن الظن بالله عز وجل فيما يفعله سبحانه وتعالى في هذا الكون.
2. متعلق بالنسبة لما يفعله بك، فهذا يجب أن تظن بالله أحسن الظن، لكن بشرط أن يوجد لديك السبب الذي يوجب الظن الحسن.
(ج2/ 382)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: {قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم}. هذا رد لقولهم: لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا.
وهذا الاحتجاج لا حقيقة له؛ لأنه إذا كتب القتل على أحد، لم ينفعه تحصنه في بيته، بل لابد أن يخرج إلى مكان موته، والكتابة قسمان:
1. كتابة شرعية، وهذا لا يلزم منها وقوع المكتوب، مثل قوله تعالى: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا}، وقوله: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام}.
2. كتابة كونية، وهذه يلزم منها وقوع المكتوب كما في هذه الآية، ومثل قوله تعالى: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون}، وقوله {كتب الله لأغلبن أنا ورسلي}.
(ج2/ 384)
---
المتن: وقوله: {الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء} الآية: [الفتح: 6].
قال ابن القيم في الآية الأولى: " فُسر هذا الظن بأنه سبحانه لا ينصر رسوله، وأن أمره سيضمحل، وفُسر بأن ما أصابه لم يكن بقدر الله وحكمته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/254)
ففسر بإنكار الحكمة، وإنكار القدر، وإنكار أن يُتِمَّ أمرَ رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يظهره على الدين كله، وهذا هو ظن السوء الذي ظنه المنافقون والمشركون في سورة الفتح.
وأنما كان هذا ظن السوء؛ لأنه ظنُ غيرِ ما يليق به سبحانه، وما يليق بحكمته وحمده ووعده الصادق.
فمن ظن أنه يديل الباطل على الحق إدالة مستقرة يضمحل معها الحق، أو أنكر أن يكون ما جرى بقضائه وقدره، أو أنكر أن يكون قدره لحكمة بالغة يستحق عليها الحمد، بل زعم أن ذلك لمشيئة مجردة، فذلك ظن الذين كفروا، فويل للذين كفروا من النار.
وأكثر الناس يظنون بالله ظن السوء فيما يختص بهم، وفيما يفعله بغيرهم، ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله وأسماءه وصفاته وموجب حكمته وحمده.
فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا، وليتب إلى الله، وليستغفره من ظنه بربه ظن السوء.
ولو فتشت من فتشت؛ لرأيت عنده تعنتًا على القدر وملامة له، وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا، فمستقل ومستكثر، وفتش نفسك؛ هل أنت سالم؟.
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة === وإلا فإني لا إخالك ناجيًا
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وخلاصة ما ذكر ابن القيم في تفسير ظن السوء ثلاثة أمور:
الأول: أن يظن أن الله يديل الباطل على الحق إدالة مستقرة يضمحل معها الحق، فهذا هو ظن المشركين والمنافقين في سورة الفتح، قال تعالى: {بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدًا}.
الثاني: أن ينكر أن يكون ما جرى بقضاء الله وقدره؛ لأنه يتضمن أن يكون في ملكه سبحانه ما لا يريد، مع أن كل ما يكون في ملكه فهو بإرادته.
الثالث: أن ينكر أن يكون قدره لحكمة بالغة يستحق عليها الحمد، لأن هذا يتضمن أن تكون تقديراته لعبًا وسفهًا، ونحن نعلم علم اليقين أن الله لا يقدر شيئًا أو يشرعه إلا لحكمة، قد تكون معلومة لنا وقد تقصر عقولنا عن إدراكها، ولهذا يختلف الناس في علل الأحكام الشرعية اختلافًا كبيرًا بحسب ماعندهم من معرفة حكمة الله سبحانه وتعالى.
(ج2/ 389).
ـ[المسيطير]ــــــــ[25 - 07 - 10, 10:43 ص]ـ
بابٌ: ما جَاءَ في مُنْكِري القَدَر
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " القدر ". هو تقدير الله عز وجل للكائنات، وهو سر مكتوم لا يعلمه إلا الله أو من شاء من خلقه.
قال بعض أهل العلم: القدر سر الله عز وجل في خلقه، ولا نعلمه إلا بعد وقوعه؛ سواء كان خيرًا أو شرًا.
والقدر يطلق على معنيين:
الأول: التقدير؛ أي: إرادة الله الشيء.
الثاني: المقدر؛ أي: ما قدره الله عز وجل.
والتقدير يكون مصاحبًا للفعل وسابقًا له، فالمصاحب للفعل هو الذي يكون به الفعل، والسابق هو الذي قدره الله عز وجل في الأزل، مثال ذلك:
خلقُ الجنين في بطن الأم فيه تقدير سابق علمي قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وفيه تقدير مقارن للخلق والتكوين، وهذا الذي يكون به الفعل، أي: تقدير الله لهذا الشيء عند خلقه.
(ج2/ 396)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
والناس في القدر ثلاث طوائف:
الأولى: الجبرية الجهمية، أثبتوا قدر الله تعالى وغلوا في إثباته حتى سلبوا العبد اختياره وقدرته، وقالوا: ليس للعبد اختيار ولا قدرة في ما يفعله أو يتركه، فأكله وشربه ونومه ويقظته وطاعته ومعصيته كلها بغير اختيار منه ولا قدرة، ولا فرق بين أن ينزل من السطح عبر الدرج مختارًا وبين أن يلقى من السطح مكرهًا.
الطائفة الثانية: القدرية المعتزلة، أثبتوا للعبد اختيارا وقدرة في عمله وغلوا في ذلك حتى نفوا أن يكون لله تعالى في عمل العبد مشيئة أو خلق، ونفى غلاتهم علم الله به قبل وقوعه؛ فأكل العبد وشربه ونومه ويقظته وطاعته ومعصيته كلها واقعة باختياره التام وقدرته التامة وليس لله تعالى في ذلك مشيئة ولا خلق، بل ولا علم قبل وقوعه عند غلاتهم.
(وذكر الشيخ رحمه الله شبهاتهم ورد عليها)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/255)
الطائفة الثالثة: أهل السنة والجماعة، الطائفة الوسط، الذين جمعوا بين الأدلة وسلكوا في طريقهم خير ملة، فآمنوا بقضاء الله وقدره، وبأن للعبد اختيارًا وقدرة، فكل ما كان في الكون من حركة أو سكون أو وجود أو عدم، فإنه كائن بعلم الله تعالى ومشيئته، وكل ما كان في الكون فمخلوق لله تعالى، لا خالق إلا الله ولا مدبر للخلق إلا الله عز وجل، وآمنوا بأن للعبد مشيئة وقدرة، لكن مشيئته مربوطة بمشيئة الله تعالى، كما قال تعالى: {لمن شاء منكم أن يستقيم * وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين}، فإذا شاء العبد شيئًا وفعله، علمنا أن مشيئة الله تعالى قد سبقت تلك المشيئة.
(ج2/ 397 - 402)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
مراتب القدر:
المرتبة الأولى: العلم، وذلك بأن تؤمن بأن الله تعالى علم كل شيء جملة وتفصيلًا، فعلم ما كان وما يكون، فكل شيء معلوم لله، سواء كان دقيقًا أم جليلًا من أفعاله أو أفعال خلقه.
وأدلة ذلك في الكتاب كثيرة، منها: قوله تعالى: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين}، فالأوراق التي تتساقط ميتة؛ أي ورقة كانت صغيرة أو كبيرة في بر أو بحر، فإن الله تعالى يعلمها، والورقة التي تخلق يعلمها من باب أولى.
ثم قال رحمه الله:
ومنها قوله تعالى: {ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير}، ففي الآية أيضًا إثبات العلم وإثبات الكتابة.
المرتبة الثانية: الكتابة، وقد دلت عليها الآيتان السابقتان.
المرتبة الثالثة: المشيئة، وهي عامة، ما من شيء في السماوات والأرض إلا وهو كائن بإرادة الله ومشيئته، فلا يكون في ملكه ما لا يريد أبدًا، سواء كان ذلك فيما يفعله بنفسه أو يفعله المخلوق، قال تعالى: {إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون}، وقال تعالى: {ولو شاء ربك ما فعلوه}، وقال تعالى: {ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم. .} الآية.
المرتبة الرابعة: الخلق، فما من شيء في السماوات ولا في الأرض إلا الله خالقه ومالكه ومدبره وذو سلطانه، قال تعالى: {الله خالق كل شيء}، وهذا العموم لا مخصص له، حتى فعل المخلوق مخلوق لله، لأن فعل المخلوق من صفاته، وهو وصفاته مخلوقان، ولأن فعله ناتج عن أمرين:
1. إرادة جازمة.
2. قدرة تامة.
والله هو الذي خلق في الإنسان الإرادة الجازمة والقدرة التامة، ولهذا قيل لأعرابي: بم عرفت ربك؟.قال: بنقض العزائم، وصرف الهمم.
والعبد يتعلق بفعله شيئان:
1. خلق، وهذا يتعلق بالله.
2. مباشرة، وهذا يتعلق بالعبد وينسب إليه، قال تعالى: {جزاء بما كانوا يعملون}، وقال تعالى: {ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون} ولولا نسبة الفعل إلى العبد ما كان للثناء على المؤمن المطيع وإثابته فائدة، وكذلك عقوبة العاصي وتوبيخه.
وأهل السنة والجماعة يؤمنون بجميع هذه المراتب الأربع، وقد جمعت في بيت:
علمٌ كتابةُ مولانا مشيئتهُ ** وخَلْقُه وهو إيجادٌ وتكوينُ
(ج2/ 403)
--
يتبع بإذن الله.
ـ[خليل الفائدة]ــــــــ[25 - 07 - 10, 04:23 م]ـ
حبيبنا الغالي: ما صدر أمس يشمل البابين الأخيرين كذلك.
ـ[خليل الفائدة]ــــــــ[25 - 07 - 10, 04:26 م]ـ
بابٌ: لا يُرَدُّ مَنْ سَأَلَ باللهِ
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وقوله: " من سأل بالله ". أي: من سأل غيره بالله، والسؤال بالله ينقسم إلى قسمين:
أحدهما: السؤال بالله بالصيغة، مثل أن يقول: أسألك بالله كما تقدم في حديث الثلاثة حيث قال الملك: (أسالك بالذي أعطاك الجلد الحسن واللون الحسن بعيرًا).
الثاني: السؤال بشرع الله عز وجل، أي: يسأل سؤالًا يبيحه الشرع، كسؤال الفقير من الصدقة، والسؤال عن مسألة من العلم، وما شابه ذلك.
لم أُدْرِكْ وجهَ إدخال القسم الثاني في (السؤال بالله)؛ فمن يعلِّمني مما علَّمه الله؟
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[25 - 07 - 10, 06:53 م]ـ
لم أُدْرِكْ وجهَ إدخال القسم الثاني في (السؤال بالله)؛ فمن يعلِّمني مما علَّمه الله؟
الأخ الكريم خليل الأول ليس فيه إشكال فإنه استخدام لفظ الجلالة في السؤال فكان سؤالا بالله أما الثاني فقد استخدم ما شرع الله في السؤال فسؤال الفقير من الصدقة سؤال بقوله جل وعلى (ومما رزقناهم ينفقون) والسؤال في العلم سؤال بقوله جل وعلا (وقل رب زدني علماً)، هذا الذي ظهر لي والله أعلم
ـ[خليل الفائدة]ــــــــ[25 - 07 - 10, 11:47 م]ـ
الأخ الكريم خليل الأول ليس فيه إشكال فإنه استخدام لفظ الجلالة في السؤال فكان سؤالا بالله أما الثاني فقد استخدم ما شرع الله في السؤال فسؤال الفقير من الصدقة سؤال بقوله جل وعلى (ومما رزقناهم ينفقون) والسؤال في العلم سؤال بقوله جل وعلا (وقل رب زدني علماً)، هذا الذي ظهر لي والله أعلم
بارك الله فيك أخي أبا الحسن.
وما ذكرتَه واضحٌ لائحٌ؛ لكن، هل له علاقةٌ بالحديثِ: (من سأل بالله ... )؟
هذا ما أسأل عنه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/256)
ـ[المسيطير]ــــــــ[26 - 07 - 10, 08:21 ص]ـ
تابع لباب: لا يُرَدُّ مَنْ سَأَلَ باللهِ
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وهناك تقديرات أخرى نسبية:
- منها: تقدير عمري: حين يبلغ الجنين في بطن أمة أربعة أشهر يرسل إليه الملك؛ فينفخ فيه الروح، ويكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد.
- ومنها: التقدير الحولي: وهو الذي يكون في ليلة القدر، يكتب فيها ما يكون في السنة، قال الله تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم}.
- ومنها: التقدير اليومي كما ذكره بعض أهل العلم واستدل له بقوله تعالى: {يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن}، فهو كل يوم يغني فقيرًا، ويفقر غنيًا، ويوجد معدومًا، ويعدم موجودًا، ويبسط الرزق ويَقْدِرُه، وينشئ السحاب والمطر، وغير ذلك.
(ج2/ 405)
---
المتن: وقال ابن عمر: (والذي نفس ابن عمر بيده؛ لو كان لأحدهم مثل أحد ذهبًا، ثم أنفقه في سبيل الله، ما قبله الله منه، حتى يؤمن بالقدر)، ثم استدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر وتؤمن بالقدر خيره وشره " رواه مسلم.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " أن تؤمن بالله ". والإيمان بالله عز وجل يتضمن أربعة أمور:
1. الإيمان بوجوده.
2. وبربو بيته.
3. وبألوهيته.
4. وبأسمائه وصفاته.
فمن أنكر وجود الله، فليس بمؤمن، ومن أقر بوجوده وأنه رب كل شيء، لكنه أنكر أسماءه وصفاته، أو أنكر أن يكون مختصًا بها، فهو غير مؤمن بالله.
(ج2/ 409)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " وملائكته ". والإيمان بالملائكة يتضمن أربعة أمور:
1. الإيمان بوجودهم.
2. الإيمان باسم من عَلِمْنا اسمه منهم.
3. الإيمان بأفعالهم.
4. الإيمان بصفاتهم.
(ج2/ 410)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " وكتبه ". أي: الكتب التي أنزلها على رسله.
والإيمان بالكتب يتضمن ما يلي:
1. الإيمان بأنها حق من عند الله.
2. تصديق أخبارها.
3. التزام أحكامها ما لم تنسخ، وعلي هذا، فلا يلزمنا أن نلتزم بأحكام الكتب السابقة، لأنها كلها منسوخة بالقرآن، إلا ما أقره القرآن.
وكذلك لا يلزمنا العمل بما نسخ في القرآن، لأن القرآن فيه أشياء منسوخة.
4. الإيمان بما علمناه مُعيّنًا منها، مثل: التوراة، والإنجيل، والقرآن، والزبور، وصحف إبراهيم وموسى.
5. الإيمان بأن كل رسول أرسله الله معه كتاب؛ كما قال تعالى: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب}، وقال عيسى: {إني عبد الله آتاني الكتاب}، وقال عن يحيي كذلك.
* تنبيه:
الكتب التي بأيدي اليهود والنصارى اليوم قد دخلها التحريف والكتمان، فلا يوثق بها، والمراد بما سبق الإيمان بأصل الكتب.
(ج2/ 410 - 411)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " ورسله ". هم الذين أوحى الله إليهم وأرسلهم إلى الخلق ليبلغوا شريعة الله.
والإيمان بالرسل يتضمن ما يلي:
1. أن نؤمن بأنهم حق صادقون مصدقون.
2. أن نؤمن بما صح عنهم من الأخبار، وبما ثبت عنهم من الأحكام؛ ما لم تنسخ.
3. أن نؤمن بأعيان من علمنا أعيانهم، وما لم نعلمه، فنؤمن بهم على سبيل الإجمال، ونعلم أنه ما من أمة إلا خلا فيها نذير، وأن الله سبحانه وتعالى أرسل لكل أمة رسولًا تقوم به الحجة عليهم، كما قال تعالى: {رسلًا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل}.
(ج2/ 411)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " واليوم الآخر ". اليوم النهائي الأبدي الذي لا يوم بعده، وهو يوم القيامة الكبرى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: يدخل في الإيمان باليوم الآخر الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت، ذكر هذا في " العقيدة الواسطية "، وهو كتاب مختصر، لكنه مبارك من أفيد ما كتب في بابه.
وعلى هذا:
- فالإيمان بفتنة القبر، وعذابه، ونعيمه من الإيمان باليوم الآخر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/257)
- والإيمان بالنفخ في الصور، وقيام الناس من قبورهم لرب العالمين حفاة عراة غرلًا بهما من الإيمان باليوم الآخر.
- والإيمان بالموازين، والصحف، والصراط، والحوض، والشفاعة، والجنة وما فيها من النعيم، والنار وما فيها من العذاب الأليم؛ كل هذا من الإيمان باليوم الآخر.
- ومنه ما هو معلوم بالقرآن.
- ومنه ما هو معلوم بالسنة بالتواتر وبالآحاد فكل ما صحت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر اليوم الآخر، فإنه يجب علينا أن نؤمن به.
(ج2/ 412 - 413)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: (وتؤمن بالقدر خيره وشره). هنا أعاد الفعل ولم يكتف بواو العطف، لأن الإيمان بالقدر مهم، فكأنه مستقل برأسه.
والإيمان بالقدر هو:
- أن تؤمن بتقدير الله عز وجل للأشياء كلها، سواء ما يتعلق بفعله أو ما يتعلق بفعل غيره.
- وأن الله عز وجل قدرها وكتبها عنده قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.
وقوله: " خير وشره ". الخير: ما يلائم العبد، والشر: ما لا يلائمه.
ومعلوم أن المقدورات خير و شر، فالطاعات خير، والمعاصي شر، والغني خير، والفقر شر، والصحة خير، والمرض شر، وهكذا.
(ج2/ 413)
---
المتن: وفي رواية لأحمد: (إن أول ما خلق الله تعالى القلم، فقال له: اكتب، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " إلى يوم القيامة ": هو يوم البعث، وسمي يوم القيامة؛ لقيام أمور ثلاثة فيه:
الأول: قيام الناس من قبورهم لرب العالمين، كما قال تعالى: {ليوم عظيم * يوم يقوم الناس لرب العالمين}.
الثاني: قيام الأشهاد الذين يشهدون للرسل وعلى الأمم، لقوله تعالى: {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد}.
الثالث: قيام العدل، لقوله تعالى: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة}.
(ج2/ 424)
---
المتن: وفي رواية لابن وهب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره، أحرقه الله بالنار}.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وقوله: " أحرقه الله بالنار " بعد قوله: " فمن لم يؤمن " يدل على أن من أنكر أو شك فإنه يحرق بالنار؛ لأن لدينا ثلاث مقامات:
الأول: الإيمان والجزم بالقدر بمراتبه الأربع.
الثاني: إنكار ذلك.
وهذان واضحان، لأن الأول إيمان والثاني كفر.
الثالث: الشك والتردد.
فهذا يلحق بالكفر، ولهذا قال: " فمن لم يؤمن "، ودخل في هذا النفي من أنكر ومن شك.
(ج2/ 425)
ـ[المسيطير]ــــــــ[26 - 07 - 10, 09:22 ص]ـ
بابُ: ما جاء في المصورين
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
والتصوير له أحوال:
الحال الأولى: أن يصور الإنسان ما له ظل كما يقولون، أي: ما له جسم على هيكل إنسان أو بعير أو أسد أو ما أشبهها، فهذا أجمع العلماء فيما أعلم على تحريمه، فإن قلت: إذا صور الإنسان لا مضاهاة لخلق الله، ولكن صور عبثًا، يعني: صنع من الطين أو من الخشب أو من الأحجار شيئًا على صورة حيوان وليس قصده أن يضاهي خلق الله، بل قصده العبث أو وضعه لصبي ليهدئه به، فهل يدخل في الحديث؟.
فالجواب: نعم؛ يدخل في الحديث، لأنه خلق كخلق الله، ولأن المضاهاة لا يشترط فيها القصد، وهذا هو سر المسألة، فمتى حصلت المضاهاة ثبت حكمها، ولهذا لو أن إنسانًا لبس لبسًا يختص بالكفار ثم قال: أنا لا أقصد التشبه بهم، نقول: التشبه منك بهم حاصل أردته أم لم ترده، وكذلك لو أن أحدًا تشبه بامرأة في لباسها أو في شعرها أو ما أشبه ذلك وقال: ما أردت التشبه، قلنا له: قد حصل التشبه، سواء أردته أم لم ترده.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/258)
الحال الثانية: أن يصور صورة ليس لها جسم بل بالتلوين والتخطيط، فهذا محرم لعموم الحديث، ويدل عليه حديث النمرقة حيث أقبل النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته، فلما أراد أن يدخل رأى نمرقة فيها تصاوير، فوقف وتأثر، وعرفت الكراهة في وجهه، فقالت عائشة رضي الله عنها: ما أذنبت يا رسول الله؟ فقال: (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم)، فالصور بالتلوين كالصور بالتجسيم، وقوله في " صحيح البخاري ": (إلا رقمًا في ثوب)، إن صحت الرواية هذه، فالمراد بالاستثناء ما يحل تصويره من الأشجار ونحوها.
الحال الثالثة: أن تلتقط الصور التقاطًا بأشعة معينة بدون أي تعديل أو تحسين من الملتقط، فهذا محل خلاف بين العلماء المعاصرين. (وذكر الشيخ الخلاف والراجح).
الحال الرابعة: أن يكون التصوير لما لا روح فيه، وهذا على نوعين:
النوع الأول: أن يكون مما يصنعه الآدمي؛ فهذا لا بأس به بالاتفاق؛ لأنه إذا جاز الأصل جازت الصورة، مثل أن يصور الإنسان سيارته؛ فهذا يجوز، لأن صنع الأصل جائز، فالصورة التي هي فرع من باب أولى.
النوع الثاني: ما لا يصنعه الآدمي وإنما يخلقه الله، فهذا نوعان: نوع نام، ونوع غير نام:
- فغير النامي: كالجبال، والأودية، والبحار، والأنهار، فهذه لا بأس بتصويرها بالاتفاق.
- أما النوع الذي ينمو؛ فاختلف في ذلك أهل العلم، فجمهور أهل العلم على جواز تصويره لما سيأتي في الأحاديث.
(ج2/ 438 - 440)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وقوله: " أشد " مبتدأ، " والذين يضاهئون " خبره، ومعنى يضاهئون؛ أي: يشابهون.
" بخلق الله "، أي: بمخلوقات الله سبحانه وتعالى.
والذين يضاهئون بخلق الله هم المصورون، فهم يضاهئون بخلق الله سواء كانت هذا المضاهاة جسمية أو وصفية:
- فالجسمية: أن يصنع صورة بجسمها.
- والوصفية: أن يصنع صورة ملونة؛ لأن التلوين والتخطيط باليد وصف للخلق، وإن كان الإنسان ما خلق الورقة ولا صنعها لكن وضع فيها هذا التلوين الذين يكون وصفًا لخلق الله عز وجل.
(ج2/ 442)
---
المتن: ولمسلم عن أبي الهياج، قال: قال لي علي. (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أن لا تدع صورة، إلا طمستها، ولا قبرًا مشرفًا، إلا سويته).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " ولا قبرًا مشرفًا ". أي: عاليًا.
قوله: " إلا سويته ". له معنيان:
الأول: أي سويته بما حوله من القبور.
الثاني: جعلته حسنًا على ما تقتضيه الشريعة، قال تعالى: {الذي خلق فسوى}، أي: سوّى خلقه أحسن ما يكون، وهذا أحسن، والمعنيان متقاربان.
والإشراف له وجوه:
الأول: أن يكون مشرفا بكبر الأعلام التي توضع عليه، وتسمي عند الناس (نصائل) أو (نصائب)، ونصائب أصح لغة من نصائل.
الثاني: أن يبني عليه، وهذا من كبائر الذنوب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن المتخذين عليها المساجد والسرج).
الثالث: أن تُشرف بالتلوين، وذلك بأن يوضع على أعلامها ألوان مزخرفة.
الرابع: أن يرفع تراب القبر عما حوله فيكون بينًا ظاهرًا.
فكل شيء مشرف، أي: ظاهر على غيره متميز عن غيره يجب أن يسوى بغيره، لئلا يؤدي ذلك إلى الغلو في القبور والشرك.
(ج2/ 448)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
تؤخذ من حديث علي رضي الله عنه، وهو قوله: " أن لا تدع صورة إلا طمستها " أنه لا يجوز اقتناء الصور، وهذا محل تفصيل، فإن اقتناء الصور على أقسام:
القسم الأول: أن يقتنيها لتعظيم المصوَّر، لكونه ذا سلطان أو جاه أو علم أو عبادة أو أُبُوَّة أو نحو ذلك، فهذا حرام بلا شك، ولا تدخل الملائكة بيتًا فيه هذه الصورة، لأن تعظيم ذوي السلطة باقتناء صورهم ثلم في جانب الربوبية، وتعظيم ذوي العبادة باقتناء صورهم ثلم في جانب الألوهية.
القسم الثاني: اقتناء الصور للتمتع بالنظر إليها أو التلذذ بها، فهذا حرام أيضًا، لما فيه من الفتنة المؤدية إلى سفاسف الأخلاق.
القسم الثالث: أن يقتنيها للذكرى حنانًا أو تلطفًا، كالذين يصورون صغار أولادهم لتذكرهم حال الكبر، فهذا أيضًا حرام للحوق الوعيد به في قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الملائكة لا تدخل بيتًا في صورة).
القسم الرابع: أن يقتني الصور لا لرغبة فيها إطلاقًا، ولكنها تأتي تبعًا لغيرها، كالتي تكون في المجلات والصحف ولا يقصدها المقتني، وإنما يقصد ما في المجلات والصحف من الأخبار والبحوث العلمية ونحو ذلك، فالظاهر أن هذا لا بأس به، لأن الصور فيها غير مقصودة، لكن إن أمكن طمسها بلا حرج ولا مشقة، فهو أولى.
القسم الخامس: أن يقتني الصور على وجه تكون فيه مهانة ملقاة في الزبل، أو مفترشة، أو موطوءة؛ فهذا لا بأس به عند جمهور العلماء، وهل يلحق بذلك لباس ما فيه صورة لأن في ذلك امتهانًا للصورة ولا سيما إن كانت الملابس داخلية؟.
الجواب: نقول لا يحلق بذلك، بل لباس ما فيه الصور محرم على الصغار والكبار، ولا يلحق بالمفروش ونحوه؛ لظهور الفرق بينهما، وقد صرح الفقهاء رحمهم الله بتحريم لباس ما فيه صورة، سواء كان قميصًا أو سراويل أم عمامة أم غيرها.
وقد ظهر أخيرًا ما يسمي بالحفائظ، وهي خرقة تلف على الفرجين للأطفال والحائض لئلا يتسرب النجس إلى الجسم أو الملابس، فهل تلحق بما يلبس أو بما يمتهن؟.
هي إلى الثاني أقرب، لكن لما كان امتهانًا خفيًا وليس كالمفترش والموطوء صار استحباب التحرز منها أولى.
القسم السادس: أن يلجأ إلى اقتنائها إلجاءً، كالصور التي تكون في بطاقة إثبات الشخصية والشهادات والدراهم فلا إثم فيه لعدم إمكان التحرز منه، وقد قال الله تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج}.
(ج2/ 450)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/259)
ـ[المسيطير]ــــــــ[26 - 07 - 10, 10:47 ص]ـ
بابُ: ما جاء في كثرة الحلف
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله تعالى: {واحفظوا أيمانكم}. هذه الآية ذكرها الله في سياق كفارة اليمين، وكل يمين لها ابتداء وانتهاء ووسط:
- فالابتداء الحلف.
- والانتهاء الكفارة.
- والوسط الحنث؛ وهو أن يفعل ما حلف على تركه، أو يترك ما حلف على فعله.
(ج2/ 454)
---
والكفارة:
- إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم.
- أو كسوتهم.
- أو تحرير رقبة.
وهذا على سبيل التخيير، فمن لم يجد:
- فصيام ثلاثة أيام، وفي قراءة ابن مسعود متتابعة.
فحفظ اليمين له ثلاثة معان:
1. حفظها ابتداء، وذلك بعدم كثرة الحلف، وليعلم أن كثرة الحلف تضعف الثقة بالشخص وتوجب الشك في أخباره.
2. حفظها وسطًا، وذلك بعدم الحنث فيها، إلا ما استثني كما سبق.
3. حفظها انتهاء في إخراج الكفارة بعد الحنث.
ويمكن أن يضاف إلى ذلك معنى رابع، وهو أن لا يحلف بغير الله، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم سمى القسم بغير الله حلفًا.
(ج2/ 457)
---
المتن: وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الحلف منفقة للسلعة، ممحقة للكسب). أخرجاه.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " منفقة للسلعة " أي: ترويج للسلعة، مأخوذ من النّفاق وهو مضي الشيء ونفاذه، والحلف على السلعة قد يكون حلفًا على ذاتها أو نوعها أو وصفها أو قيمتها.
- الذات: كأن يحلف أنها من المصنع الفلاني المشهور بالجودة وليست منه.
- النوع: كأن يحلف أنها من الحديد، وهي من الخشب.
- الصفة: كأن يحلف أنها طيبة، وهي رديئة.
- القيمة: كأن يحلف أن قيمتها بعشرة، وهي بثمانية.
(ج2/ 457)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " ممحقة للكسب " أي: متلفة له، والإتلاف يشمل:
- الإتلاف الحسي: بأن يسلط الله على ماله شيئًا يتلفه من حريق أو نهب أو مرض يلحق صاحب المال فيتلفه في العلاج.
- والإتلاف المعنوي: بأن ينزع الله البركة من ماله فلا ينتفع به لا دينًا ولا دينا، وكم من إنسان عنده مال قليل، لكن نفعه الله به ونفع غيره ومن وراءه، وكم من إنسان عنده أموال لكن لم ينتفع بها صار - والعياذ بالله - بخيلًا يعيش عيشة الفقراء وهو غني، لأن البركة قد محقت.
(ج2/ 458)
---
المتن: وعن سلمان؛ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أشيمط زان، وعائل مستكبر، ورجل جعل الله بضاعته، لا يشتري إلا بيمينه، ولا يبيع إلا بيمينه). رواه الطبراني بسند صحيح.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " عائل مستكبر ". أي فقير، قال تعالى: {ووجدك عائلًا فأغنى}، فالمقابلة هنا في قوله: {فأغنى} بينت أن معني عائلًا: فقيرًا.
والاستكبار: الترفع والتعاظم، وهو نوعان:
- استكبار عن الحق بأن يرده أو يترفع عن القيام به.
- واستكبار على الخلق باحتقارهم واستذلالهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الكبر بطر الحق وغمط الناس).
(ج2/ 461)
---
ـ[المسيطير]ــــــــ[27 - 07 - 10, 02:05 ص]ـ
باب: مَا جَاءَ فِي ذِمَّةِ اللهِ وَذِمَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم
المتن: وعن بريدة؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرًا على جيش أو سرية؛ أوصاه بتقوى الله، وبمن معه من المسلمين خيرًا، فقال: " اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله. اغزوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدًا. وإذا لقيت عدوك من المشركين؛ فادعهم إلى ثلاث خصال (أو: خلال)، فأيتهن ما أجابوك؛ فاقبل منهم، وكف عنهم: ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك؛ فاقبل منهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك، فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها؛ فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله تعالى، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء، إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا؛ فاسألهم الجزية،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/260)
فإن هم أجابوك؛ فاقبل منهم وكف عنهم.
فإن هم أبوا؛ فاستعن بالله، وقاتلهم.
وإذا حاصرت أهل حصن؛ فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم أن تخفروا ذممكم وذمة أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة نبيه.
وإذا حاصرت أهل حصن؛ فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا ". رواه مسلم.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " أو سرية ". هذه ليست للشك، بل للتنويع، فإن الجيش ما زاد على أربع مئة رجل، والسرية ما دون ذلك.
والسرايا ثلاثة أقسام:
أ. قسم ينفذ من البلد، وهذا ظاهر، ويقسم ما غنمه كقسمة ما غنم الجيش.
ب. قسم ينفذ في ابتداء سفر الجهاد، وذلك بأن يخرج الجيش بكامله ثم يبعث سرية تكون أمامهم.
ت. قسم ينفذ في الرجعة، وذلك بعد رجوع الجيش.
وقد فرق العلماء بينهما من حيث الغنيمة:
- فلسرية الابتداء الربع بعد الخمس، لأن الجيش وراءها، فهو ردء لها وسيلحق بها.
- ولسرية الرجعة الثلث بعد الخمس، لأن الجيش قد ذهب عنها، فالخطر عليها أشد.
وهذا الذي تعطاه السريتان راجع إلى اجتهاد الإمام: إن شاء أعطى وإن شاء منع حسبما تقتضيه المصلحة.
(ج2/ 477)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " ولا تغدروا ". الغدر: الخيانة، وهذا هو الشاهد من الحديث، وهذا إذا عاهدنا، فإنه يحرم الغدر، أما الغدر بلا عهد، فلنا ذلك لأن الحرب خدعة، وقد ذُكر أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خرج إليه رجل من المشركين ليبارزه، فلما أقبل الرجل على علي صاح به علي: ما خرجت لأبارز رجلين، فالتفت المشرك يظن أنه جاء أحد من أصحابه ليساعده، فقتله علي رضي الله عنه.
وليعلم أن لنا مع المشركين ثلاث حالات:
الحال الأول: أن لا يكون بيننا وبينهم عهد؛ فيجب قتالهم بعد دعوتهم إلى الإسلام وإبائهم عنه وعن بذل الجزية، بشرط قدرتنا على ذلك.
الحال الثانية: أن يكون بيننا وبينهم عهد محفوظ يستقيمون فيه، فهنا يجب الوفاء لهم بعهدهم؛ لقوله تعالى: {فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين}، وقوله: {فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم}.
الحالة الثالثة: أن يكون بيننا وبينهم عهد نخاف خيانتهم فيه، فهنا يجب أن ننبذ إليهم العهد ونخبرهم أنه لا عهد بيننا وبينهم، لقوله تعالى: {وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين}.
(ج2/ 480)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين ". يعني: إذا لم يتحولوا إلى دار المهاجرين، فليس لهم في الغنيمة والفيء شيء.
والغنيمة: ما أخذ من أموال الكفار بقتال أو ما ألحق به.
والفيء: ما يصرف لبيت المال؛ كخمس خمس الغنيمة، والجزية، والخراج، وغيرها.
(ج2/ 485)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وقوله: " إلا أن يجاهدوا مع المسلمين ". يفيد أنهم إن جاهدوا مع المسلمين استحقوا من الغنيمة ما يستحقه غيرهم.
فإذا أسلموا فلهم ثلاث مراتب:
1. التحول إلى دار المهاجرين، وحينئذ يكون لهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين.
2. البقاء في أماكنهم مع الجهاد؛ فلهم ما للمجاهدين من الغنيمة وفي الفيء الخلاف.
3. البقاء في أماكنهم مع ترك الجهاد؛ فليس لهم من الغنيمة والفيء شيء.
(ج2/ 485)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
فيه إثبات الحكم لله عز وجل، وحكم الله ينقسم إلى قسمين:
أ. حكم كوني، وهو ما يتعلق بالكون، ولا يمكن لأحد أن يخالفه، ومنه قوله تعالى: {فلن أبرح الأرض حتى بأذن لي أبي أو يحكم الله لي}.
ب. حكم شرعي، وهو ما يتعلق بالشرع والعبادة، وهذا من الناس من يأخذ به ومنهم من لا يأخذ به، ومنه قوله تعالى: {ذلكم حكم الله يحكم بينكم}.
(ج2/ 493)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى في مسائل الباب:
السادسة: الفرق بين حكم الله وحكم العلماء: وفيه فرقان:
1. أن حكم الله مصيب بلا شك، وحكم العلماء قد يصيب وقد لا يصيب.
2. تنزيل أهل الحصن على حكم الله ممنوع؛ إما في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم فقط أو مطلقًا، وأما على حكم العلماء ونحوه، فهو جائز.
(ج2/ 495)
ـ[المسيطير]ــــــــ[27 - 07 - 10, 06:38 ص]ـ
باب مَا جَاءَ في الأِقْسَامِ عَلَى اللهِ
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
والحلف له عدة أسماء، هي:
- يمين.
- وأَلْيَة.
- وحلف.
- وقسم.
وكلها بمعنى واحد، قال تعالى: {فلا أقسم بمواقع النجوم}، وقال: {للذين يؤلون من نسائهم}، أي: يحلفون، وقال: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم}، وقال تعالى: {يحلفون بالله لكم ليرضوكم}، وقال تعالى: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم}.
(ج2/ 497)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
والقسم على الله ينقسم إلى أقسام:
الأول: أن يقسم على ما أخبر الله به ورسوله من نفي أو إثبات؛ فهذا لا بأس به، وهذا دليل على يقينه بما أخبر الله به ورسوله، مثل: والله؛ ليشفّعن الله نبيه في الخلق يوم القيامة، ومثل: والله؛ لا يغفر الله لم أشرك به.
الثاني: أن يقسم على ربه لقوة رجائه وحسن الظن بربه، فهذا جائز لإقرار النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في قصة الربيّع بنت النضر عمة أنس بن مالك رضي الله عنهما، " حينما كسرت ثنية جارية من الأنصار ".
القسم الثالث: أن يكون الحامل له هو الإعجاب بالنفس، وتَحَجُّر فضل الله عز وجل، وسوء الظن به تعالى؛ فهذا محرم وهو وشيك بأن يحبط الله عمل هذا المُقْسِم، وهذا القسم هو الذي ساق المؤلف الحديث من أجله.
(ج2/ 497 - 499)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/261)
ـ[المسيطير]ــــــــ[27 - 07 - 10, 06:48 ص]ـ
بابٌ لا يُسْتَشْفَعُ باللهِ عَلَى خَلْقِهِ
لم يذكر الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى فروقا أو تقاسيم في هذا الباب.
ـ[المسيطير]ــــــــ[27 - 07 - 10, 07:09 ص]ـ
بابُ ما جَاءَ فِي حِمَايَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِمَى التَّوْحِيدِ وسَدِّهِ طُرُقَ الشِّرْكِ
المتن: وعن أنس رضي الله عنه: (أن ناسًا قالوا: يا رسول الله؛ يا خيرنا وابن خيرنا! وسيدنا وابن سيدنا! فقال: " يا أيها الناس؛ قولوا بقولكم، ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل). رواه النسائي بسند جيد.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " ورسوله ". أي: المرسل من عنده إلى جميع الناس، كما قال تعالى: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعًا}.
وقد تَطَرَّف في الرسول صلى الله عليه وسلم طائفتان:
- طائفة غلت فيه حتى عبدته، وأعدته للسراء والضراء، وصارت تعبده وتدعوه من دون الله.
- وطائفة كذبته، وزعمت أنه كذاب، ساحر، شاعر، مجنون، كاهن، ونحو ذلك.
وفي قوله: " عبد الله ورسوله " رد على الطائفتين.
(ج2/ 521)
ـ[المسيطير]ــــــــ[27 - 07 - 10, 08:04 ص]ـ
باب ما جاء في قول الله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ} الآية.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: (والله فوق العرش). هذا نص صريح بإثبات علو الله تعالى علوًا ذاتيًا، وعلو الله ينقسم إلى قسمين:
أ. علو الصفة، وهذا لا ينكره أحد ينتسب للإسلام، والمراد به كمال صفات الله؛ كما قال تعالى: {للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم}.
ب. علو الذات، وهذا أنكره بعض المنتسبين للإسلام، فيقولون كل العلو الوارد المضاف إلى الله المراد به علو الصفة، فيقولون في قوله صلى الله عليه وسلم: (والله فوق العرش)، أي: في القوة والسيطرة والسلطان، وليس فوقه بذاته.
ولا شك أن هذا تحريف في النصوص وتعطيل في الصفات.
والذين أنكروا علو الله بذاته انقسموا إلى قسمين:
أ. من قال: إن الله بذاته في كل مكان، وهذا لا شك ضلال مقتض للكفر.
ب. من قال: إنه لا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ولا متصل بالخلق ولا منفصل عن الخلق، وهذا إنكار محض لوجود الله والعياذ بالله، ولهذا قال بعض العلماء: لو قيل لنا: صفوا العدم؛ ما وجدنا أبلغ من هذا الوصف.
ففروا من شيء دلت عليه النصوص والعقول والفطر إلى شيء تنكره النصوص والعقول والفطر.
(ج2/ 539)
---
المتن: وعن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هل تدرون كم بين السماء والأرض؟. قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: بينهما مسيرة خمسمائة سنة، ومن كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة سنة، وكثف كل سماء مسيرة خمسمائة سنة، وبين السماء السابعة والعرش بحر بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض، والله تعالى فوق ذلك، وليس يخفي عليه شيء من أعمال بني آدم). أخرجه أبو دواد وغيره.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قوله: " قلنا: الله ورسوله أعلم ". جاء العطف بالواو، لأن علم الرسول من علم الله، فهو الذي يُعلِّمه بما لا يدركه البشر.
وكذلك في المسائل الشرعية يقال: الله ورسوله أعلم، لأنه صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بشرع الله، وعلمه به من علم الله، وما قاله صلى الله عليه وسلم في الشرع فهو كقول الله، وليس هذا كقوله: (ما شاء الله وشئت)، لأن هذا في باب القدر والمشيئة، ولا يمكن أن يُجعل الرسول صلى الله عليه وسلم مشاركًا لله في ذلك، بل يقال: ما شاء الله، ثم يعطف بـ (ثم)، والضابط في ذلك أن الأمور الشرعية يصح فيها العطف بالواو، وأما الكونية؛ فلا.
ومن هنا نعرف خطأ وجهل من يكتب على بعض الأعمال: {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله} بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم وتَعَذُّر رؤيته، فالله يرى، ولكن رسوله لا يرى، فلا تجوز كتابته لأنه كذب عليه صلى الله عليه وسلم.
(ج2/ 542)
---
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
وفي الحديث صفتان لله:
- ثبوتية: وهي العلو المستفاد من قوله: " والله فوق ذلك ".
- وسلبيه المستفاد من قوله: " ليس يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم ".
ولا يوجد في صفات الله عز وجل صفة سلبية محضة، بل صفاته السلبية التي هي النفي متضمنة لثبوت ضدها على وجه الكمال، فيُنفي عنه الخفاء لكمال علمه، ويُنفي عنه اللغوب لكمال قوته، ويُنفي عنه العجز لكمال قدرته، وما أشبه ذلك.
فإذا نفي الله عن نفسه شيئًا من الصفات، فالمراد انتفاء تلك الصفة عنه لكمال ضدها، كما قال تعالى: {لا تأخذه سنة ولا نوم}، السِّنة: النعاس، والنوم: الإغفاء العميق، وذلك لكمال حياته وقيوميته، إذ لو كان ناقص الحياة لا حتاج إلى النوم، ولو نام ما كان قيومًا على خلقه، لأنه حين ينام لا يكون هناك من يقوم عليهم، ولهذا كان أهل الجنة لا ينامون لكمال حياتهم، ولأن النوم في الجنة يذهب عليهم وقتًا بلا فرح ولا سرور ولا لذة؛ لأن السرور فيها دائم، ولأن النوم هو الوفاة الصغرى، والجنة لا موت فيها.
(ج2/ 545)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/262)
ـ[المسيطير]ــــــــ[27 - 07 - 10, 08:20 ص]ـ
تم بحمد الله تعالى وعونه وتوفيقه الانتهاء من جمع وترتيب وتفريغ (فروق وتقاسيم القول المفيد على كتاب التوحيد) للشيخ العلامة / محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى وأسكنه الفردوس الأعلى.
وكانت بداية الجمع والتفريغ: يوم الإربعاء الموافق 30/ 5 / 1426هـ
وكان نهاية الجمع بتاريخ: 15/ 8 / 1431 هـ
وكان التأخير بسبب التفريط والتسويف .. أسأل الله أن يصلح الحال.
وكما ذُكر سابقا .. سيتم عرض الموضوع على مؤسسة الشيخ ..
وعليه؛ فلا أسمح ولا أبيح بأن يستغل هذا العمل تجاريا .. أيا كانت الأسباب.
طلب /
أرجو ممن لديه خيرة في طريقة الجمع والتنسيق أن يساعد في إعادة صف هذا الجمع في ملف وورد ليسهل على الإخوة الاطلاع عليه.
ـ[المسيطير]ــــــــ[27 - 07 - 10, 08:37 ص]ـ
كما أرجو أن يتفضل فاضل كريم بإعادة تنسيق، وترتيب، وصف هذا الجمع على ملف وورد ليسهل الإفادة منه .. ولو كنت أعرف لما تأخرت:
بلوغ المأمول من فروق وتقاسيم شرح ثلاثة الأصول
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=74521)
ـ[فواز الشريف]ــــــــ[28 - 07 - 10, 07:00 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[المسيطير]ــــــــ[02 - 08 - 10, 12:37 ص]ـ
طلب /
أرجو ممن لديه خيرة في طريقة الجمع والتنسيق أن يساعد في إعادة صف هذا الجمع في ملف وورد ليسهل على الإخوة الاطلاع عليه.
--
بارك الله فيك أخي / فواز الشريف .. وأسعدك في الدارين.(31/263)
هل للشيخ سفر الحوالي كتابا مطولا في الرد التفصيلي على الأشاعرة
ـ[محمد الناصري]ــــــــ[07 - 07 - 05, 03:05 ص]ـ
هل للشيخ سفر الحوالي كتابا مطولا في الرد التفصيلي على الأشاعرة،عدا كتابه المختصر (منهج الأشاعرة في العقيدة.)
ـ[الحمادي]ــــــــ[07 - 07 - 05, 04:06 ص]ـ
الأخ محمد وفقه الله:
بلغني عن أحد طلاب العلم أنَّ للشيخ أبي عبدالرحمن سفر الحوالي كتاباً مطوَّلاً عن الأشاعرة، ويحتاجُ هذا البلاغُ إلى وَصْل.
ـ[العاصمي]ــــــــ[07 - 07 - 05, 12:28 م]ـ
قال الأخ الفاضل خضر بن سند في تباريحه في سيرة الشيخ سفر – شفاه الله -:
ومع أنه يرد على خصومه فهو لايكثر التشغيب وإطالة الردود، بل ربما أنجز رسالة صغيرة فتكون كقنبلة كبيرة ومن أشهر الأمثلة الرد على الأشاعرة فهي صغيرة في مبناها كبيرة في معناها شرق بها أرباب البدع والضلالة وهذه الرسالة الصغيرة كانت مقالة ثم نشرت في كتيب صغير ثم إن الشيخ وسعها في نحو مجلد كبير أعطاني صورة منه لو رآها الأشاعرة لجن جنونهم لهول ماجمع ونقل عنهم.
و المقال موجود هنا، و في الساحات؛ و لا أحسن الربط بالروابط، فيحتاج الموضوع إلى واصل يصل.
ـ[خضر بن سند]ــــــــ[18 - 10 - 05, 09:16 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,, وبعد:
فحبذا من سؤال وبلاغ ووصل.
واليكم الاسناد اما الكتاب الكبير فهو عندي مصور من أصل الشيخ وبقلمة وخطه الفاخر الرائع ,
وهوفي نحو مجلد كبير ,, ولم يبق منه إلا أن يكتب الشيخ المقدمة وقد شرع فيها ثم كان قدر الله بمرضه شافاه الله البارئ.
وهوموسع جدا وقد ادخل في جهاز الحاسب الالي وصف,, وفيه من النوادر والفوائد الكثير وبخاصة مقارنة الاشاعرة القدماء بالمعاصرين.
وقد كتبه الشيخ قبل السجن ,,,,وبعد خروجه بأربعة أشهر أوخمسة طلبته منه لخوفي من ضياعه أو فقدانه.
واكتفي بهذا الوصف إذ ليس من حقي التدخل في كتابه ولولا مرضه والله ماقلت هذا.
اللهم اشفه وارفع عنه ومتعه بالصحة والعافية.
ـ[محمد بشري]ــــــــ[18 - 10 - 05, 02:20 م]ـ
أخي نفع الله بك، هل الشيخ ينوي طبع الكتاب في القريب.
ـ[ابو سعد الحميّد]ــــــــ[18 - 10 - 05, 02:24 م]ـ
الكتاب موجود في موقع الشيخ بإمكانك تحميله كبقية مؤلفاته شفاه الله وعافاه والله تعالى أعلم.
ـ[السنافي]ــــــــ[18 - 10 - 05, 03:10 م]ـ
ما هو موقع الشيخ؟؟ أقصد ما اسم الموقع؟
و ياليت لو وضعتم رابطا لذلك الموقع؟
ـ[السنافي]ــــــــ[18 - 10 - 05, 03:34 م]ـ
نعم ... لقد اطلعت على الموقع.
و قرأت الرسالة فيه وهي ليست التي يتكلم عليها الأخوة!!
وإنما تلك الرسالة المختصرة المتداولة المعروفة بين طلبة العلم.
فيا أبا سعد الحميد _ هداك الله _ لقد ضلّلتني باستعجالك!
و الله المستعان.
ـ[ابو سعد الحميّد]ــــــــ[21 - 10 - 05, 04:00 م]ـ
رابط موقع الشيخ www.alhawali.com
أخي السنافي / أنا ضللتك (ابتسامه) أنا لم أقصد الإضلال ولم يكن إستعجال مني كما توقعت إنما هو وهم لأني لا أعلم أن للشيخ شفاه الله إلا هذه الرسالة في هذا الباب فإن أخطأت فمن نفسي والشيطان والله تعالى أعلم.
ـ[أبو يوسف العامري]ــــــــ[22 - 10 - 05, 04:45 م]ـ
رسالةٌ إلى إدارة الملتقى
لقد حذّرناكم من مشاركات هذا الأشعري الذي
يريد خلط السمن بالدسم ..
يا عبدالله (ان كان هذا هو بالفعل اسمك) اذا
اطلق اهل السنة و الجماعة فبالاعتبار الاخص
لا يراد بهم الاشعرية ولا الماتريدية
و في رسالة ابي الحسن الى اهل الثغر و ما ذكره
في الابانة ما يرد انتساب اصحابه المتاخرين
اليه
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[22 - 10 - 05, 05:39 م]ـ
جزاك الله خيرا على التنبيه وبارك الله فيك ونفع بك.
وهذا نص ما ذكره:
الكاتب: عبد الله شهاب
الأشاعرة هم أهل السنة فليتنبّه
-------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على نِعمه الوفيرة، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صاحبِ الخيرات الغزيرة، وعلى ءاله وأصحابه إلى يوم الحسرات الكثيرة.
أما بعد فأرجو من الجميع التنبه لأمر في غاية الأهمية ألا وهو الأشاعرة.
صحيح أن الإمام أبا الحسن الأشعري كان معتزليًا في بادىء أمره لكنه تاب وسلك طريق أهل السنة وحسُن إسلامه ويثبت هذا بمدح علماء أهل السنة الإمام الأشعري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/264)
واسمحوا لي ليس للشيخ الحوالي أو دمشقية أو غيره الذم بالإمام الأشعري فمن ذمّه فكأنه يتبرأ من أهل السنة.
وبالطبع الكل منا يعتقد بلا شك أن الحافظ السبكي إمام ثقة. كذلك الحافظ الزبيدي.
فاسمعوا معي ما قال هذين الحافظين في مدح الإمام الأشعري. (وهذا ليس على سبيل الحصر)
يقول تاج الدين السبكي المتوفى سنة 771هـ في كتابه "معيد النعم ومبيد النقم" صحيفة 62:"وهؤلاء الحنفية والشافعية والمالكية وفضلاء الحنابلة ـ ولله الحمد ـ في العقائد يدٌ واحدة كلهم على رأي أهل السنة والجماعة يدينون لله تعالى بطريقِ شيخ السُّنة أبي الحسن الأشعري رحمه الله".
ثم قال:"وبالجملة عقيدة الأشعري هي ما تضمنته عقيدةُ أبي جعفر الطحاويّ التي تلقاها علماءُ المذاهبِ بالقَبول ورضوها عقيدةً وقد ختمنا كتابنا جمع الجوامع بعقيدةٍ ذكرنا أن سلفَ الأمة عليها وهي عقيدةُ الطحاوي وعقيدة أبي القاسم القشيري والعقيدةُ المسماة بالمرشدة (رسالة ابن عساكر) مشترِكاتٌ في أصول أهل السنة والجماعة".
وقال الحافظ الزبيدي في الإتحاف الجزء الثاني صحيفة 6 الفصل الثاني:"إذا أطلق أهل السنّة والجماعة فالمرادُ بهم الأشاعرة والماتريدية".
فأرجو منكم التنبه من الوقوع في علماء أهل السنة الذين ثبت أنهم سلكوا طريق أهل السنة وماتوا عليه.
التعليق على ما ذكره:
أولا الأشاعرة ليسوا أهل السنة بالمعنى الخاص، بل أهل السنة هم من يتبع الكتاب والسنة على نهج الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وأما الأشاعرة فعنهدهم مخالفات عقدية متعددة خالفوا بها الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة.
وأما ما ذكره الكاتب من كون الحوالي أو دمشقية طعنا في أبي الحسن الأشعري فهذا غير صحيح ولايستطيع إثبات ذلك.
والكلام في الأشاعرة يختلف عن الكلام في أبي الحسن الأشعري نفسه، فهو قد عاد إلى منهج السلف في الجملة وكتب في ذلك كتبا متعددة مثل (مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين) وخاصة فيما ذكر في عقيدة أهل الحديث، وكذلك في رسالة إلى اهل الثغر وكذلك في الإبانة.
وأما الذين يتسمون الآن بالأشاعرة فهم مخالفون لأبي الحسن الأشعري فيما كتبه في كتبه السابقة، وهم على عقيدة ابن كلاب في إثباتهم لبعض الصفات دون بعض وغير ذلك.
وأما تاج الدين السبكي فليس بثقة في العقيدة وكذلك الزبيدي فكلامهما مردود عليهما.
وما ذكره المبتدع تاج الدين السبكي فباطل من عدة أوجه:
فكون بعض أتباع المذاهب يأخذ بعقائد الأشاعرة فإن هذا لايدل على صحة معتقدهم، وقد كان السلف الصالحة على عقيدة صحيحة سليمة ولم يكن عندهم خرافات الأشاعرة في الأسماء والصفات والكسب والقدر والموافاة وغير ذلك من العقائد الفاسدة التي ينتحلها من يسمون أنفسهم اشاعرة، وأبو الحسن الأشرعي بريء منهم.
وما ذكره الزبيدي فغير صحيح، بل أهل السنة هم أتباع السلف الصالح الذين ساروا على عقيدتهم ومنهجهم ولم يبدلوا تبديلا، وقد حصل من الأشاعرة والماتريدية تبديلا لما كان عليه السلف في إثبات الأسماء والصفات والإيمان بها دون تحريفها (بما يسمونه التأويل) والإيمان بعلو الله على خلقه الذي ينكره الأشاعرة والماتريدية مخالفين بذلك كتاب الله وسنة نبيه وإجماع السلف الصالح.
فليحذر المسلم من عقيدة الأشاعرة والماتريدية المخالفين لعقيدة سلف الأمة.
ـ[أبو يوسف العامري]ــــــــ[23 - 10 - 05, 03:21 ص]ـ
جزاك الله خيرا على هذا التجاوب فملتقى اهل الحديث لا ينبغي ان يدخل بينهم من يريد افساد عقيدة اهل الحديث
ـ[السنافي]ــــــــ[23 - 10 - 05, 03:33 م]ـ
أثابك الله أخي العامري ....... و أحسن إليك.
و جزاك الله خير الجزاء ...
ـ[عبد الله شهاب]ــــــــ[23 - 10 - 05, 05:23 م]ـ
الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وبعد:
إلى المشرف
أود التعليق على كلامك فيما يختص بالأشاعرة:
أولاً: قولك " أولا الأشاعرة ليسوا أهل السنة بالمعنى الخاص، بل أهل السنة هم من يتبع الكتاب والسنة على نهج الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. "
لما نقول الأشاعرة والماتريدية هم أهل السنة ليس معناه أنهم غير متبعين الكتاب والسنة أو على غير نهج الصحابة. فإنه لا شك فيه من لم يتبع القرءان أو السنة أو الصحابة كيف يكون مسلمًا؟!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/265)
وهذا هو معنى قول الحافظ الزبيدي رضي الله عنه في الإتحاف الجزء الثاني الفصل الثاني "إذا أطلق أهل السنة والجماعة فالمرام بهم الأشاعرة والماتريدية".
والأقول الأخرى التي ذكرتُها عن الحفاظ السنيين تؤيد هذا الكلام. وهو كلام واضح صريح لا حاجة لتأويله.
ثانيًا: قولك " وأما الأشاعرة فعنهدهم مخالفات عقدية متعددة خالفوا بها الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة.".
أقول: إذا خالف بعض الأفراد شريعة الله فليس معناه أن الأشاعرة بجملتهم مخالفون. وبالطبع لا إثبات على هذا الكلام، أي أن الأشاعرة كلهم مخالفون لكتاب الله تعالى، وكيف يكون جميعهم مخالفين وقد ثبت بأقوال الحفاظ التي ذكرناها (ويوجد غيرها) أن الأشاعرة هم أهل السنة والجماعة.
ثالثًا: قولك " وأما ما ذكره الكاتب من كون الحوالي أو دمشقية طعنا في أبي الحسن الأشعري فهذا غير صحيح ولايستطيع إثبات ذلك. "
أقول: طبعا أنا لا أجزم أن الحوالي ذم بالإمام الأشعري لكنني اعتمدت على قول أحد الكاتبين " بلغني عن أحد طلاب العلم أنَّ للشيخ أبي عبدالرحمن سفر الحوالي كتاباً مطوَّلاً عن الأشاعرة، ويحتاجُ هذا البلاغُ إلى وَصْل." لكنني لم أعتمد هذا سببًا لكتابة ردي وتوضيحي.
أما قولي عبد الرحمن دمشقية قد ذم الإمام الأشعري فاسمح لي فإنني ناقشته شخصيًا في منتداه بهذا الموضوع. وأيضًا لا يهمني إن صدقتم أم لا. إنما الهدف بيان من هو الإمام الأشعري إن ذم به هذين أم لا.
وليعلم أن كتاب الإبانة لا يعتمد عليه في الحكم على أبي الحسن الأشعري في في هذا الكتاب ما يخالف مواضع أخرى منه أو ما يخالف ما ذكره الإمام أبو الحسن في كتب أخرى. فلا شك أن هذا من الدس. وبعد ثبوت مدح الحفاظ هؤلاء له فكيف يكون هذا الكتاب الذي فيه دس معتمدًا؟!
وأخيرًا: أكتفي عند هذا القدر فإن قولك " وأما تاج الدين السبكي فليس بثقة في العقيدة وكذلك الزبيدي فكلامهما مردود عليهما. " فهو باطل مرود وهو تخوين لهؤلاء الحفاظ. معاذ الله أن يكون هذين الحافظين ليسا بثقة. يبدو أنك لم تطّلع يومًا على كتب التراجم المعروفة التي لم يذم أحد من مؤلفيها هذين الحافظين. فاتق الله. وإياك والذم بهما. والآن عرفتُ لم رددتَ هذا المدح والثناء في الإمام الأشعري.
بعد أن ذكرتُك بأن هذين الحافظين ثقة اتق الله في نفسك ولا تذم بالأشاعرة المتبعين لأهل السنة وإياك أن تذم الإمام الأشعري. وإلا فإنك متّبع للهوى، ومن تبِع الهوى هوى. وليس عندك أدنى دليل في نفي الثقة عن هذين الحافظين.
وعلى كلّ إليك مزيد أدلة في بيان وفضل الإمام الأشعري رضي الله عنه:
قال الحافظ ابن عساكر في كتابه الذي ألفه في الدفاع عن الشيخ أبي الحسن الأشعري مع ذكر مناقبه ومؤلفاته وثناء الأمة عليه، وقد أفرد قاضي القضاة الشيخ تاج الدين ابن الإمام قاضي القضاة تقي الدين السبكي فصلاً خاصًّا بذكر أكابر المنتسبين إلى الشيخ أبي الحسن الأشعري وذلك أثناء ترجمته في كتابه طبقات الشافعية. وقد افتتح ترجمته بقوله:"شيخنا وقدوتنا إلى الله تعالى الشيخ أبو الحسن الأشعري البصري شيخ طريقة أهل السنة والجماعة وإمام المتكلمين وناصر سنة سيد المرسلين والذاب عن الدين والساعي في حفظ عقائد المسلمين سعيًا يبقى أثره إلى يوم يقوم الناس لرب العالمين، إمام حبر وتقي برّ حمى جناب الشرع من الحديث المفترى وقام في نصرة ملة الإسلام فنصرها نصرًا مؤزرًا وما برح يدلج ويسير وينهض بساعد التشمير حتى نقَّى الصدور من الشُّبه كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ووقى بأنوار اليقين من الوقوع في ورطات ما التبس فلم يترك مقالاً لقائل وأزاح الأباطيل، والحقُّ يدفع تُرَّهاتِ الباطل" انتهى.
ولا شكّ أن الحافظ ابن عساكر وغيره أهل ثقة وهم أهل للحديث النبوي الشريف.
والحمد الله رب العالمين.
ـ[الطاهر عمر الطاهر]ــــــــ[23 - 10 - 05, 06:01 م]ـ
صدقت يا عبدالله
ـ[المستشار]ــــــــ[23 - 10 - 05, 08:37 م]ـ
مشرفنا الكريم: بدايات الأسطر لا تظهر هنا كما ينبغي، أرجو إصلاح الأمر لو تكرمتم رجاء. ولكم الشكر سلفًا.
الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وبعد:
ليكن كلامي بين سطورك ملونًا باللون الأحمر [المستشار]
إلى المشرف
أود التعليق على كلامك فيما يختص بالأشاعرة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/266)
أولاً: قولك " أولا الأشاعرة ليسوا أهل السنة بالمعنى الخاص، بل أهل السنة هم من يتبع الكتاب والسنة على نهج الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. "
لما نقول الأشاعرة والماتريدية هم أهل السنة ليس معناه أنهم غير متبعين الكتاب والسنة أو على غير نهج الصحابة. فإنه لا شك فيه من لم يتبع القرءان أو السنة أو الصحابة كيف يكون مسلمًا؟!!
وهذا هو معنى قول الحافظ الزبيدي رضي الله عنه في الإتحاف الجزء الثاني الفصل الثاني "إذا أطلق أهل السنة والجماعة فالمرام بهم الأشاعرة والماتريدية".
والأقول الأخرى التي ذكرتُها عن الحفاظ السنيين تؤيد هذا الكلام. وهو كلام واضح صريح لا حاجة لتأويله.
إذا أُطْلِق مصطلح ((أهل السنة)) فالمراد بهم من كان على عقيدة الصحابة الكرام والأئمة المهتدين أمثال مالك والشافعي وأحمد والبخاري وغيرهم من أئمة الهدى، خاصة في أبواب الإيمان والصفات الإلهية، أما إطلاق (أهل السنة) على الأشاعرة والماتردية فقد اشتهر هذا على ألسنة جماعة من المتأخرين خاصة، أمثال السبكي وكذا الزبيدي، وكذلك السبكي رئيس الجمعية الشرعية بمصر سابقًا وحسن السقاف الأردني في كتابه عقيدة أهل السنة والجماعة، فالمراد لدى كل هؤلاء: الأشعرية والماتردية ومن نحى نحوهم، بخلاف أئمة الهدى والرشاد فأهل السنة عندهم هم أحمد والبخاري وأمثالهما من الأئمة الذين ساروا على نهج الصحابة الكرام رضي الله عنهم.
وعلى المخالف أن يأتي لنا ولو بعشرة أمثلة من كلام الأئمة مالك والشافعي وأحمد والبخاري ونحوهم، تفيد خلاف ما ذكرناه هنا، أو تصرح بأن (الأشاعرة والماتردية) هم أهل السنة، فهل تقدر على هذا؟
في انتظار أمثلتك إن قدرتَ، وهيهات!
ثانيًا: قولك " وأما الأشاعرة فعنهدهم مخالفات عقدية متعددة خالفوا بها الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة.".
أقول: إذا خالف بعض الأفراد شريعة الله فليس معناه أن الأشاعرة بجملتهم مخالفون. وبالطبع لا إثبات على هذا الكلام، أي أن الأشاعرة كلهم مخالفون لكتاب الله تعالى، وكيف يكون جميعهم مخالفين وقد ثبت بأقوال الحفاظ التي ذكرناها (ويوجد غيرها) أن الأشاعرة هم أهل السنة والجماعة.
بداية من ذكرتهم ومن ستذكرهم ليسوا من الحفاظ في شيءٍ، فلا السبكي ولا الزبيدي ولا غيرهم ممن يقال في حقِّه حافظ مقارنةً بمثل أحمد والبخاري، نعم يقال في السبكي ونحوه حافظ بالنسبة لأهل عصره أو من تلاه، لكن لا يقارن بأئمة الدين أحمد والبخاري وأمثالهما أبدًا، حتى تنصب خلافًا لا واقع له.
ثانيًا: الكلام على الأعم الأغلب، فلا يعني عدم مخالفة بعض الأشاعرة في شيءٍ أنهم قد صاروا بذلك من الموافقين في كل شيءٍ.
ثم رأس الأشاعرة والماتردية على الدوام تخالف وتناقض الحق، فلا عبرة بذيلها بعد ذلك؛ لأن الذيل تابعٌ لا متبوعٌ، ويوم القيامة يستوي فرعون الرأس مع جنوده (الذيل) فانتبه (على رأي بعضهم)!
ثالثًا: قولك " وأما ما ذكره الكاتب من كون الحوالي أو دمشقية طعنا في أبي الحسن الأشعري فهذا غير صحيح ولايستطيع إثبات ذلك. "
أقول: طبعا أنا لا أجزم أن الحوالي ذم بالإمام الأشعري لكنني اعتمدت على قول أحد الكاتبين " بلغني عن أحد طلاب العلم أنَّ للشيخ أبي عبدالرحمن سفر الحوالي كتاباً مطوَّلاً عن الأشاعرة، ويحتاجُ هذا البلاغُ إلى وَصْل." لكنني لم أعتمد هذا سببًا لكتابة ردي وتوضيحي.
أما قولي عبد الرحمن دمشقية قد ذم الإمام الأشعري فاسمح لي فإنني ناقشته شخصيًا في منتداه بهذا الموضوع. وأيضًا لا يهمني إن صدقتم أم لا. إنما الهدف بيان من هو الإمام الأشعري إن ذم به هذين أم لا.
بداية فرصة سانحة لأطلب رابط منتدى الشيخ دمشقية فأنا أريده من مدة.
ثم أعود إليك حيث لا أدري ما أصف به كلامك هنا، تأتي بكلامٍ ذكره صاحبه بلاغًا، ثم تبني عليه، ثم ترجع فتقول: (لم أعتمد هذا سببًا لكتابة ردي وتوضيحي) ثم تقول للمشرف: (وأيضًا لا يهمني إن صدقتم أم لا إنما الهدف بيان من هو الإمام الأشعري إن ذم به هذين أم لا).
ما هذا الخلط العجيب، هنا قضية (من هو الإمام الأشعري) من حقك الكلام حولها، لكنك ادعيتَ قضية أخرى هي (طعن هذين الشيخين في أبي الحسن) وهي التي يحققها معك المشرف الآن، فكيف خلطتَ بين القضيتين.
أخشى أن يكون روغانًا من الاعتراف بالخطإ في النقل، أو الفهم، أو نحو هذا من كاتبه.
وليعلم أن كتاب الإبانة لا يعتمد عليه في الحكم على أبي الحسن الأشعري في في هذا الكتاب ما يخالف مواضع أخرى منه أو ما يخالف ما ذكره الإمام أبو الحسن في كتب أخرى. فلا شك أن هذا من الدس. وبعد ثبوت مدح الحفاظ هؤلاء له فكيف يكون هذا الكتاب الذي فيه دس معتمدًا؟!
كلما أمسك عليكم ماسكٌ قلتم: مدسوس، ما هذا؟ تخليطات الغماري أصبحت مدسوسة، كما أن صواب أبي الحسن ورجوعه للحق أصبح مدسوسًا، بل الأعجب من ذلك عند الشعور بالإفلاس عندكم تضيفون لرصيد الأشاعرة أسماءً أخرى لم تؤمن يومًا بالأشعرية والماتردية، بل ربما كانت من أشد الناس حربًا على هؤلاء، كما هو الحال مع كثيرين، منهم ابن كثيرٍ رحمة الله عليه الذي افتريتم عليه وحاولتم أخذه لكم، كما حاول الصوفية أخذ ابن القيم رحمة الله عليه.
لا بأس، سأتجاوز عن هذا كله، وأسألك هنا سؤالاً صريحًا وموجزًا، وأرجو أن لا نخرج منه حتى تجيبني عليه بوضوح تام، وهو:
ما هي المواضع التي ترى أنها مدسوسة في كتاب (الإبانة)؟ ومن هو الذي دسها؟ ومتى؟ وأين؟ ومن الذي نَبَّه على هذا الدس من أكابر العلماء؟
هل ستقدر على الجواب؟ أم ستريحنا من عنائك، وتستجيب لنداء الحق وعقيدة أحمد والبخاري؟
في انتظار جوابك.
وأخيرًا: أكتفي عند هذا القدر
وأنا أيضًا أقف هنا، ولن أعرج على بقية كلامك هنا فلا طائل من ورائه فيما أرى سوى تسويد الصفحات. والله المستعان
والحمد الله رب العالمين.
والحمد لله رب العالمين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/267)
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[23 - 10 - 05, 10:22 م]ـ
يا عبدالله شهاب
أفضل كلمة تقال لك على هذا الهراء ما قاله أخونا أبو عمر السمرقندي لأحدهم (طنين ذباب)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[23 - 10 - 05, 10:30 م]ـ
حبيبنا المشرف
لعلك تذكر أنني كنت أول من توجس خيفة من الأخ عبد الله.
وكي لا أطيل عليك أرجو الإسراع بطرد هذا العضو ما لم يلتزم بشروط الملتقى؛ لكي لا نبوء بإثم من قد يتأثر بشبهه من المبتدئين.
ودمت للمحب/أبو فهر
ـ[أبو الحسن السلفي]ــــــــ[24 - 10 - 05, 02:15 ص]ـ
وكي لا أطيل عليك أرجو الإسراع بطرد هذا العضو ما لم يلتزم بشروط الملتقى؛ لكي لا نبوء بإثم من قد يتأثر بشبهه من المبتدئين.
نعم من لا يلتزم بشروط المنتدى يجب طرده حتى لا يتأثر به المبتدئين
بارك الله فيكم
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[24 - 10 - 05, 03:25 ص]ـ
أحسنتم بارك الله فيكم، ولو أن هذا الرجل (عبدالله شهاب) يريد فعلا الوصول للحق بدون محاولة للتلبيس والفرار لأمكن مواصلة الحوار معه، ولكن نسأل الله أن يهدينا وإياه سواء السبيل.
وهذه نقولات متعددة للفائدة لعل الله أن يشرح صدر عبدالله شهاب ويقبل أقوال العلماء السلفيين ويبتعد عن الأشاعرة ومذهبهم الفاسد
- أهل السنة لهم إطلاقان كما قرر شيخ الإسلام:
أ- إطلاق عام: وهو كل من يقابل الشيعة، فالأشاعرة والمعتزلة بهذا الإطلاق داخل في التسمية.
ب- إطلاق خاص: ويطلق على كل من أثبت الأسماء والصفات على طريقة السلف. ويخرج بهذا جميع الطوائف عن دائرة أهل السنة ومن هذه الطوائف: الأشاعرة.
إذاً تبين أن الأشاعرة ليسوا أهل السنة والجماعة بالإطلاق الثاني، ولعله هو المقصود من سؤالك. وأما الإمامان الجليلان: النووي وابن حجر وإن كانا درسا المذهب الأشعري إلا أنهما لم يوافقا الأشاعرة في كل عقائدهم. وهما مثل مفوِّضة الحنابلة الذين وافقوا أهل السنة في أكثر المسائل. وأحيلك على كتاب الشيخ سفر الحوالي (منهج الأشاعرة في العقيدة) موجود في موقع صيد الفوائد. وإن أردت التوسع فاقرأ في كتاب (موقف ابن تيمية من الأشاعرة) للشيخ عبدالرحمن المحمود وهو رسالة دكتوراه: وهي مطبوعة.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=197375#post197375
فوائد منقوله من كتب ابن قدامة رحمه الله حول شدته وغلظته على الأشاعرة
تحريم النظر في كتب الكلام [صفحة 42]
وقال أحمد بن إسحاق المالكي أهل الأهواء والبدع عند أصحابنا هم أهل الكلام فكل متكلم من أهل الأهواء والبدع أشعريا كان أو غير أشعري لا تقبل له شهادة ويهجر ويؤدب على بدعته فإن تمادى عليها استتيب منها
المناظرة في القرآن [صفحة 47]
وعند الأشعري أنها مخلوقة فقوله قول المعتزلة لا محالة إلا أنه يريد التلبيس فيقول في الظاهر قولا يوافق أهل الحق ثم يفسره بقول المعتزلة فمن ذلك أنه يقول القرآن مقروء متلو محفوظ مكتوب مسموع ثم يقول القرآن في نفس الباري قائم به ليس هو سورا ولا آيات ولا حروفا ولا كلمات فكيف يتصور إذا قراءته وسماعه وكتابته ويقولون إن موسى سمع كلام الله من الله ثم يقولون ليس بصوت ويقولون إن القرآن مكتوب في المصاحف ثم يقولون ليس فيها إلا الحبر والورق
المناظرة في القرآن [صفحة 40]
ولم تزل هذه الأخبار وهذه اللفظة متداولة منقولة بين الناس لا ينكرها منكر ولا يختلف فيها أحد إلى ان جاء الأشعري فأنكرها وخالف الخلق كلهم مسلمهم وكافرهم ولا تأثير لقوله عند أهل الحق ولا تترك الحقائق وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة لقول الأشعري إلا من سلبه الله التوفيق وأعمى بصيرته واضله عن سواء السبيل
المناظرة في القرآن [صفحة 36]
ولم يتبين لهم الصحيح إلى أن جاء الأشعري فبينه وأوضح ما خفي على النبي صلى الله عليه وسلم وأمته وكشفه فهذه عقول سخيفة وآراء ضعيفة إذ يتصور فيها أن يضيع الحق عن النبي صلى الله عليه وسلم ويجده الأشعري ويغفل عنه كل الأمة وينتبه له دونهم وإن ساغ لهم هذا ساغ لسائر الكفار نسبتهم لنبينا عليه السلام وامته إلى أنهم ضاعوا عن الصواب وأضلوا عن الطريق وينبغي ان تكون شريعتهم غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ودينهم غير دين الإسلام لأن دين الإسلام هو الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وهذا إنما جاء به الأشعري وإن رضوا هذا واعترفوا به خرجوا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/268)
عن الإسلام بالكلية
المناظرة في القرآن [صفحة 35]
ولا نعرف في أهل البدع طائفة يكتمون مقالتهم ولا يتجاسرون على إظهارها الا الزنادقة والأشعرية
المناظرة في القرآن [صفحة 33]
ولا خلاف بين المسلمين أجمعين أن من جحد آية أو كلمة متفقا عليها أو حرفا متفقا عليه أنه كافر وقال علي رضي الله عنه من كفر بحرف منه فقد كفر به كله والأشعري يجحده كله ويقول ليس شيء منه قرآنا وإنما هو كلام جبريل ولا خلاف بين المسلمين كلهم في انهم يقولون قال الله كذا إذا أرادوا ان يخبروا عن آية أو يستشهدوا بكلمة من القرآن ويقرون كلهم بأن هذا قول الله وعند الأشعري ليس هذا قول الله وانما هو قول جبريل فكان ينبغي لهم أنهم يقولون قال جبريل أو قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا حكوا آية ثم إنهم قد أقروا ان القرآن كلام الله غير مخلوق فإذا لم يكن القرآن هذا الكتاب العربي الذي سماه الله قرآنا فما القرآن عندهم وبأي شيء علموا أن غير هذا يسمى قرآنا فإن تسمية القرآن إنما تعلم من الشرع أو النص
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=182161#post182161
سلف الأشاعرة:
قبل أن أذكر مواقف أهل العلم من ادعاء الأشاعرة أنهم أهل السنة، أرى أن نتعرف على سلف الأشاعرة، وموقف علماء أهل السنة من السلف منهم.
تشير المصادر التي بين أيدينا بما فيها كتب الأشاعرة أنفسهم - إلى أن سلفهم في مقالتهم هو عبد الله بن سعيد بن كلاب [1]، وأبو العباس القلانسي [2]، والحارث المحاسبي [3].
يقول الشهرستاني (479 - 548هـ) - بعد أن بين أن جماعة كثيرة من السلف كانوا يثبتون صفات الله عز وجل من غير تفرقة بين الصفات الذاتية منها والصفات الفعلية ... -: (حتى انتهى الزمان إلى عبد الله بن سعيد الكلابي، وأبي العباس القلانسي، والحارث بن أسد المحاسبي. وهؤلاء كانوا من جملة السلف إلا أنهم باشروا علم الكلام، وأيدوا عقائد السلف بحجج كلامية، وبراهين أصولية، وصنف بعضهم، ودرس بعض، حتى جرى بين أبي الحسن الأشعري وبين أستاذه [4] مناظرة في مسائل من مسائل الصلاح والأصلح فتخاصما، وانحاز الأشعري إلى هذه الطائفة، فأيد مقالتهم بمناهج كلامية، وصار ذلك مذهباً لأهل السنة والجماعة، وانتقلت سمة الصفاتية إلى الأشعرية" [5].
وكلام الشهرستاني يفيد صراحة؛ أن مذهب الأشعرية إنما تلتمس أصوله لدى جماعة من الصفاتية باشروا الكلام وأثبتوا الصفات من أمال الكلابي، والقلانسي والمحاسبي [6].
ويعتبر الأشاعرة ابن كلاب، إمام أهل السنة في عصره، ويعدونه شيخهم الأول فيقولون: (ذهب شيخنا الكلابي عبد الله بن سعيد إلى ... ) [7].
كما يذكرونه وكذا القلانسي في كتبهم مشيرين إلى أنهما من أصحابهم [8].
فهؤلاء هم سلف الأشعرية، وقد كانوا من جملة السلف، ثم باشروا علم الكلام، فجرهم ذلك إلى مخالفة السلف في بعض ما يقولون وموافقة المعتزلة في بعض أصولهم، وأشهر ما خالفوا فيه السلف ووافقوا المعتزلة مسألة قيام الأفعال الاختيارية بذات الله تعالى.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (وكان الناس قبل أبي محمد بن كلاب صنفين:
فأهل السنة والجماعة: يثبتون ما يقوم بالله تعالى من الصفات والأفعال التي يشاؤها ويقدر عليها.
والجهمية من المعتزلة وغيرهم: تنكر هذا، وهذا.
فأثبت ابن كلاب: قيام الصفات اللازمة به، ونفى أن يقوم به ما يتعلق بمشيئته وقدرته من الأفعال وغيرها ووافقه على ذلك أبو العباس القلانسي وأبو الحسن الأشعري [9] وغيرهما) [10].
فوافق السلف والأئمة من أهل السنة في إثبات الصفات، ووافق الجهمية في نفي قيام الأفعال الاختيارية وما يتعلق بمشيئته وقدرته.
فكان في مسلكهم ميل إلى البدع ومخالفة للسنة ومفارقة للكلام مما جعل علماء السلف من أهل السنة يحذرون منهم.
وقد كان الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة (164 - 241هـ) من أشدهم في ذلك، فقد هجر الحارث بن أسد المحاسبي لأجل ذلك. كما يقول: أبو القاسم النصر أباذي [11]: (بلغني أن الحارث المحاسبي تكلم في شيء من الكلام فهجره أحمد بن حنبل فاختفى، فلما مات لم يصل عليه؛ إلا أربعة نفر) [12].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما الحارث المحاسبي فكان ينتسب إلى قول ابن كلاب، ولهذا أمر أحمد بهجره، وكان أحمد يحذر عن ابن كلاب وأتباعه ... ) [13].
وقال: (والإمام أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة كانوا يحذرون عن هذا الأصل الذي أحدثه ابن كلاب ويحذرون عن أصحابه.
وهذا هو سبب تحذري الإمام أحمد عن الحارث المحاسبي ونحوه من الكلابية) [14].
وقال الإمام أبو بكر ابن خزيمة (ت 311هـ) لما قال له أبو علي الثقفي [15]: (ما الذي أنكرت أيها الأستاذ من مذاهبنا حتى نرجع عنه؟
قال: ميلكم إلى مذهب الكلابية، فقد كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله بن سعيد بن كلاب، وعلى أصحابه مثل الحارث وغيره) [16].
وكان ابن خزيمة رحمه الله شيخ الإسلام وإمام الأئمة في زمنه، شديداً على الكلابية، منابذاً لهم.
فإذا كان هذا موقف إمام أهل السنة أحمد بن حنبل من الكلابية الذين هم سلف الأشاعرة، مع موافقتهم لأهل السنة في أكثر أقوالهم كما يدل عليه قول أبي الحسن الأشعري: (فأما أصحاب عبد الله بن سعيد القطان، فإنهم يقولون بأكثر ما ذكرناه عن أهل السنة ... ) [17].
وكان ابن كلاب والمحاسبي يثبتون لله صفة العلو، والاستواء على العرش، كما يثبتون الصفات الخبرية كالوجه واليدين وغيرهما [18].
فكيف بمتأخري الأشاعرة الذين يؤولون ذلك لكه، ويوافقون المعتزلة والجهمية في كثير من أقوالهم، مخالفين بذلك أئمة السلف من أهل السنة بل مخالفين سلفهم ابن كلاب وأصحابه.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=161407#post161407
وينظر للفائدة هذه الروابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=181033#post181033
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=146850#post146850
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=161407#post161407
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=201432#post201432
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/269)
ـ[الجندى المسلم]ــــــــ[24 - 10 - 05, 03:29 ص]ـ
بداية فرصة سانحة لأطلب رابط منتدى الشيخ دمشقية فأنا أريده من مدة.
تفضل أخى المستشار رابط موقع الشيخ دمشقية
http://www.antihabashis.com/defaulton.htm
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[24 - 10 - 05, 03:31 ص]ـ
وإذا أراد معرفة كلام السلف في العقيدة السلفية الصافية فعليه بهذه الكتب
قال عبدالله الأثري في كتاب الوجيز
وقد قرر عقيدة السلف الصالح جمع كبير من علماء الأمة في مؤلفاتهم، منها على سبيل المثال لا بسط القول فيها:
((كتاب السنة)): الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله – 241هـ.
((كتاب السنة)): عبد الله ابن الإمام أحمد – 290هـ.
((كتاب السنة)): أبو بكر بن يزيد الخلال – 211هـ.
((كتاب السنة)): الحافظ أبو بكر بن أبي عاصم – 287هـ.
((كتاب السنة)): محمد بن نصر المروزي – 294هـ.
((شرح السنة)): الإمام حسن بن علي البربهاري – 329هـ.
((شرح السنة)): الإمام الحسين بن مسعود البغوي – 436هـ.
((كتاب أصل السنة واعتقاد الدين)): الإمام حسن بن علي البربهاري – 329هـ.
((صريح السنة)): الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري – 310هـ.
((شرح مذاهب أهل السنة ومعرفة شرائع الدين والتمسك بالسنن)): أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين – 279هـ.
((أصول السنة)): الإمام ابن أبي زمنين الأندلسي – 399هـ.
((كتاب النزول)).
((كتاب الصفات)).
((كتاب الرؤية)) الإمام الحافظ علي بن عمر الدارقطني – 385هـ.
((كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل)): الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة – 311هـ.
((مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة)): عبد الله بن أبي زيد القيرواني – 386هـ.
((الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة)): أبو عبد الله بن بطة العكبري الحنبلي – 387هـ.
((اعتقاد أئمة الحديث)): الإمام أبو بكر الإسماعيلي – 371هـ.
((الإبانة عن أصول الديانة)).
((رسالة إلى أهل الثغر)).
((مقالات الإسلاميين)): جميعها للإمام أبي الحسن الأشعري - 320هـ.
((عقيدة السلف أصحاب الحديث)): الإمام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني - 449هـ.
((المختار في أصول السنة)): الإمام أبو علي الحسن بن أحمد ابن البنا الحنبلي البغدادي - 471هـ.
((شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)): الإمام أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي - 418هـ.
((كتاب الأربعين في دلائل التوحيد)): أبو إسماعيل الهروي - 481هـ.
((كتاب العظمة)): أبو الشيخ الأصفهاني - 369هـ.
((الاعتقاد والهداية)): أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي - 458هـ.
((الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة)): أبو القاسم إسماعيل بن محمد التميمي الأصفهاني - 535هـ.
((العقيدة الطحاوية)): الإمام أحمد بن محمد بن سلامة أبو جعفر الطحاوي الأزدي الحنفي – 321هـ.
((لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد)): الإمام موفق الدين أبو محمد عبد الله بن قدامة المقدسي - 620هـ.
((النصيحة في صفات الرب جل وعلا)): الإمام أبو محمد عبد الله بن يوسف الجويني - 438هـ.
((كتاب التوحيد)): الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري - 256هـ.
((كتاب التوحيد ومعرفة أسماء الله وصفاته)): الإمام محمد بن إسحاق بن منده- 395هـ.
((كتاب الإيمان)): الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام - 224هـ.
((كتاب الإيمان)): الحافظ محمد بن يحيى بن عمر العدني - 243هـ.
((كتاب الإيمان)): الحافظ أبو بكر بن محمد بن أبي شيبة - 235هـ.
((كتاب الإيمان)): الحافظ محمد بن إسحاق بن منده- 395هـ.
((شعب الإيمان)): الحافظ أبو عبد الله الحليمي البخاري- 403هـ.
((مسائل الإيمان)): القاضي أبو يعلى - 458هـ.
((الرد على الجهمية)): الإمام الحافظ ابن منده - 359هـ.
((الرد على الجهمية)): الإمام عثمان بن سعيد الدارمي - 280هـ.
((الرد على الجهمية والزنادقة)): الإمام أحمد بن حنبل - 241هـ.
((الرد على من أنكر الحرف والصوت)): الإمام الحافظ أبو نصر عبيد الله بن سعد السجزي - 444هـ.
((الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة)): الإمام أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري - 276هـ.
((خلق أفعال العباد والرد على الجهمية وأصحاب التعطيل)): الإمام البخاري - 256هـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/270)
((مسألة العلو والنزول في الحديث)): الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي المعروف بـ ((ابن القيسرواني)) - 507هـ.
((العلو للعلي العظيم وإيضاح صحيح الأخبار من سقيمها)):
((الأربعين في صفات رب العالمين)): للإمام الذهبي - 748هـ.
((كتاب العرش وما روي فيه)): الحافظ بن عثمان بن أبي شيبة العبسي - 297هـ.
((إثبات صفة العلو)): الإمام موفق الدين ابن قدامة المقدسي - 620هـ.
((أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات)): الإمام زين الدين مرعي بن يوسف الكرمي المقدسي الحنبلي - 1033هـ.
((كتاب الأسماء والصفات)).
((البعث والنشور)).
((إثبات عذاب القبر)): الإمام البيهقي - 458هـ.
((التصديق بالنظر إلى الله تعالى في الآخرة)): الإمام أبو بكر الآجري - 360هـ.
((الاعتقاد الخالص من الشك والانتقاد)): الإمام علاء الدين ابن العطار - 724هـ.
((العيون والأثر في عقائد أهل الأثر)): الإمام عبد الباقي المواهلي الحنبلي - 1071هـ.
((قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر)).
((الدين الخالص)): محمد صديق خان القنوجي - 1307هـ.
((لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية)).
((لوامح الأنوار السنية ولواقح الأفكار السنية شرح قصيدة ابن أبي داود الحائية)) العلامة محمد بن أحمد السفاريني - 1188هـ.
((تجريد التوحيد المفيد)) الإمام أحمد بن علي المقريزي - 845هـ.
وفارس التأليف في علم الاعتقاد – الذي لا يختلف فيه اثنان من أهل السنة – شيخ الإسلام ابن تيمية (728هـ) فإنه رتب هذا العلم وقعد أصوله ومناهجه، ومؤلفاته كثيرة في هذا الباب منها:
((منهاج السنة النبوية)).
((درء تعارض العقل والنقل)).
((بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة وأهل الإلحاد)).
((اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم)).
((الصارم المسلول على شاتم الرسول)).
((كتاب الإيمان)).
((الرسالة التدمرية)).
((قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة)).
((الرد على المنطقيين)).
((العقيدة الواسطية)).
((العقيدة الحموية)).
((الرسالة التسعينية)).
((بيان تلبيس الجهمية)).
((النبوات)).
((شرح العقيدة الأصفهانية)).
((شرح حديث النزول)).
إضافة إلى هذا ((مجموع الفتاوى)) الذي جمع فيه كثير من مؤلفاته، وبلغ المجموع سبعة وثلاثين مجلدا.
والفارس الثاني في التأليف تلميذه: العالم الرباني ابن قيم الجوزية – 752هـ - صاحب الجهود المشكورة في الرد على الفرق الضالة، منها:
((الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة)).
((اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية)).
((القصيدة النونية)).
((شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل)).
((طريق الهجرتين وباب السعادتين)).
وغيرها من كتبه القيمة.
وكل ما ذكرناه من المؤلفات والكتب؛ فهي مطبوعة – ولله الحمد والمنة – وثمة كتب كثيرة لم نذكرها؛ منها ما هو مطبوع، ومنها ما هو في عالم المخطوطات.
http://saaid.net/book/open.php?cat=1&book=1798
فهذه الكتب تبين عقيدة السلف، وتبين مخالفة الأشاعرة لمعتقدهم، فأين السبكي والزبيدي من هؤلاء.
أنرد كلام هؤلاء الأمة الأجلاء ونأخذ بقول ابن السبكي!! أو الزبيدي؟؟
وابن السبكي والزبيدي لهم مخالفات عقدية متعددة.
فإن كنت صادقا في طلب الحق فدونه الكلام السابق والروابط السابقة فيها بيان عقيدة أهل السنة والرد على الأشاعرة.
ـ[عبد الله شهاب]ــــــــ[02 - 11 - 05, 04:04 م]ـ
نعيد لهؤلاء المتنطعين ذكر أقوال الحفاظ الثقات في مدح الإمام الأشعري رضي الله عنه:
يقول تاج الدين السبكي المتوفى سنة 771هـ في كتابه "معيد النعم ومبيد النقم" صحيفة 62:"وهؤلاء الحنفية والشافعية والمالكية وفضلاء الحنابلة ـ ولله الحمد ـ في العقائد يدٌ واحدة كلهم على رأي أهل السنة والجماعة يدينون لله تعالى بطريقِ شيخ السُّنة أبي الحسن الأشعري رحمه الله".
ثم قال:"وبالجملة عقيدة الأشعري هي ما تضمنته عقيدةُ أبي جعفر الطحاويّ التي تلقاها علماءُ المذاهبِ بالقَبول ورضوها عقيدةً وقد ختمنا كتابنا جمع الجوامع بعقيدةٍ ذكرنا أن سلفَ الأمة عليها وهي عقيدةُ الطحاوي وعقيدة أبي القاسم القشيري والعقيدةُ المسماة بالمرشدة (رسالة ابن عساكر) مشترِكاتٌ في أصول أهل السنة والجماعة".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/271)
وقال الحافظ الزبيدي في الإتحاف الجزء الثاني صحيفة 6 الفصل الثاني:"إذا أطلق أهل السنّة والجماعة فالمرادُ بهم الأشاعرة والماتريدية".
قال الحافظ ابن عساكر في كتابه الذي ألفه في الدفاع عن الشيخ أبي الحسن الأشعري مع ذكر مناقبه ومؤلفاته وثناء الأمة عليه، وقد أفرد قاضي القضاة الشيخ تاج الدين ابن الإمام قاضي القضاة تقي الدين السبكي فصلاً خاصًّا بذكر أكابر المنتسبين إلى الشيخ أبي الحسن الأشعري وذلك أثناء ترجمته في كتابه طبقات الشافعية. وقد افتتح ترجمته بقوله:"شيخنا وقدوتنا إلى الله تعالى الشيخ أبو الحسن الأشعري البصري شيخ طريقة أهل السنة والجماعة وإمام المتكلمين وناصر سنة سيد المرسلين والذاب عن الدين والساعي في حفظ عقائد المسلمين سعيًا يبقى أثره إلى يوم يقوم الناس لرب العالمين، إمام حبر وتقي برّ حمى جناب الشرع من الحديث المفترى وقام في نصرة ملة الإسلام فنصرها نصرًا مؤزرًا وما برح يدلج ويسير وينهض بساعد التشمير حتى نقَّى الصدور من الشُّبه كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ووقى بأنوار اليقين من الوقوع في ورطات ما التبس فلم يترك مقالاً لقائل وأزاح الأباطيل، والحقُّ يدفع تُرَّهاتِ الباطل" انتهى.
ماذا تقولون في الذهبي والمزي أليسا هما من الذين تعتمدون عليهم؟
فهذا الحافظ الجمال الدين المزي والحافظ الذهبي قد قرءا على تقي الدين السبكي وروى عنه الذهبي في معجمه كما قال صلاح الدين الصفدي في أعيان العصر وأعوان النصر ونقل أن الذهبي قال عن السبكي: ما صعد هذا المنبر ـ أي منبر الجامع الأموي بدمشق ـ بعد ابن عبد السلام أعظمَ منه. ونظم في ذلك الذهبي:
ليهنَ المنبرُ الأمَوِيُّ لمّا علاه الحاكمُ البرُّ التقيّ
شيوخُ العصرِ أحفظهم جميعًا وأخطَبُهم وأقضاهُم عليُّ
فما هذا التذبذب؟
ويكفي في الرد عليكم ما قاله قاضي القضاة تاج الدين السبكي لما ذكر والده في طبقات الفقهاء:
وما عليَّ إذا ما قلتُ معتقدي دع الحسودَ يظنُّ السوءَ عدوانا
هذا الذي تعرفُ الأملاكُ سيرتَهُ إذَا ادْلَهَمَّ دُجى لم يبقَ سَهرانا
هذا الذي يسرعُ الرحمنُ دعوتَهُ إذا تقارَب وقتُ الفجرِ أو حَانا
هذا الذي يسمعُ الرحمنُ صائحَهُ إذا بكى وأفاضَ الدمع ألوانا
هذا الذي لم يزلْ منْ حين نشأتِهِ يقطّعُ الليلَ تسبيحًا وقُرءانا
هذا الذي تعرفُ الصحراءُ جبهتَهُ من السجودِ طوالَ الليلِ عرفانا
هذا الذي لم يغادرْ سَيْلُ مدمَعِهِ أركانَ شيبتِهِ البيضاءِ أحيانا
والله والله والله العظيم ومَن أقامَهُ حجةً في العصرِ بُرهانا
وحافظًا لنظامِ الشرعِ ينصرُهُ نصرًا يُلقّيه من ذي العرشِ غُفرانا
كلُّ الذي قلتُ بعضٌ من مَناقبِهِ ما زدتُ إلا لعلي زدتُ نقصانا
على كل حال هذا دأبكم في الطعن بكل من يخالف معتقدكم الفاسد من أكابر العلماء ثم ترموننا بأننا نطعن بالعلماء فتحرمون علينا ذلك علمًا أننا نقل ما قاله الأئمة الثقات وتبيحون ذلك لأنفسكم.
فكفاكم ذلك خزيًا وعارًا.
وإن شئت المزيد فتعلم عند أهل السنة والجماعة الحق.
وإن كنتم تجهلون من هو الحافظ السبكي والزبيدي فراجعوا بطون كتب التراجم أم تغلقون أعينكم عنها؟!
فاستحوا واتقوا الله وارجعوا إلى الصواب. ننتظر الجواب
أخيرًا: عبد الرحمن دمشقية نفسه قال عن الإمام الأشعري إنه رجل فاضل من أفاضل المسلمين. وذلك في منتداه في موضع نقاش لي معه فهل تكفرونه أيضا؟
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[02 - 11 - 05, 05:27 م]ـ
يا عبدالله شهاب لماذا تغلق عينيك عن كل ما سبق في الرد عليك
لماذا تغلق عينيك في التفريق السابق بين أبي الحسن الأشعري وبين من ينتسب إليه؟
وفي الجملة لو أنك عاقل لأمكن مواصلة النقاش معك
فنسأل الله أن يرزقك عقلا تستطيع به فهم النقول السابقة في بيان ضلال الأشاعرة.
وأنت أيها المسكين تفرح بكلمة من هنا وهناك وتنسى أو تتناسى ما نقلته لك سابقا من كلام الأئمة الثقات في مذهب الأشاعرة.
وهذه هدية العيد لعبدالله شهاب
قال الإمام ابن قدامة المقدسي في كتابه ((تحريم النظر في كتب الكلام)) [صفحة 42]
وقال أحمد بن إسحاق المالكي (أهل الأهواء والبدع عند أصحابنا هم أهل الكلام،فكل متكلم من أهل الأهواء والبدع أشعريا كان أو غير أشعري لا تقبل له شهادة، ويهجر، ويؤدب على بدعته، فإن تمادى عليها استتيب منها) انتهى.
قال الإمام ابن سريج الملقب بالشافعي الثاني-رحمه الله- (لا نقول بتأويل المعتزلة و الأشاعرة و الجهمية و الملحدة و المجسمة و المشبهة و الكرامية و المكيفة بل نقبلها بلا تأويل و نؤمن بها بلا تمثيل).
ـ[قاسم القاهري]ــــــــ[02 - 11 - 05, 07:39 م]ـ
أحسن الله اليكم يا أهل الحديث.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[02 - 11 - 05, 10:26 م]ـ
جزاك الله خيرًا أخي أهل الحديث و زادك من علمه و فضله.
ـ[أبو يوسف العامري]ــــــــ[02 - 11 - 05, 10:59 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مثل هذه التصرفات هي ديدن الاشاعرة واذنابهم من الماتريدية
تتكلم معهم في نقطة وبعد قليل تراهم تركوا الرد وصاروا الي موضوع
اخر فلانستغرب من المدعو عبدالله شهاب مثل هذه التصرفات
ولن اطيل الكلام في الرد على الاشاعرة لان الكلام مع امثال عبدالله شهاب
ضايع ولن ننتهي الي امر والاخ المشرف قد كتب مافيه الكفايةو ولن ينتفع بكلام
الاخ المشرف الا من كان طالبا للحق و لا ادري لماذا الصبر على من يريد تعكير جو المنتدى
بهذه الشبه والترهات
ومن اراد العلم فاليترفع عن امثال عبد الله شهاب ومن معه
من الاشاعرة والماتريدية الذين هم يعلمون بالله اكثر من علمه
بنفسه واعلم من النبي صلى الله عليه وسلم
وخرجوا بعقيدة احسن من عقيدة الصحابة
والتابعين
ماشاء الله لاتكثر يا عبدالله من المشاركات
حتى لا يحسدك احد من الناس على هذا العلم
الجم الذي لم يتوصل إليه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولا الصحابة
فهنيئا لك وللاشاعرة
(ابتسامة ساخرة)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/272)
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[03 - 11 - 05, 12:11 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=23800&stc=1
ـ[عبد الله شهاب]ــــــــ[03 - 11 - 05, 01:31 ص]ـ
تم طرد عبدالله شهاب من الملتقى لحمقه.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[03 - 11 - 05, 02:08 ص]ـ
أسأل الله أن يهديَك، وإن لم؛ فأن يعميَ بصرك كما أعمى بصيرتك.
لو كان عندك ردٌّ لرددتَ، لكنك مفلس!
وقولك عن ابن باز - رحمه الله - هو قولُ من ران على قلبه ظلام التعصب والحقد، وإلا فحالك وإياه صوَّرها الأعشى بقوله:
كناطحٍ صخرةً يومًا ليوهنها ... فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
والأشعري - رحمه الله رحمةً واسعة - رجل فاضل، من أفاضل المسلمين، يكفيه شرفًا وفضلاً عودتُهُ إلى الحقِّ المبين - أثابه الله عليها أجزل الثواب -، ولم يتوجَّه إلى شخصِهِ كلامُ أهل السنة ممن انتقد الأشاعرة.
معلومة قد تفيد: هذا الملتقى للـ (وهابية)، فلا مكان لك ولأمثالك بيننا.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[03 - 11 - 05, 03:46 ص]ـ
قرار تأخر كثيرا.(31/273)
هل العقيدة الطحاويه تشمل كل مسائل العقيدة الواسطيه؟
ـ[خالد الحائلي]ــــــــ[07 - 07 - 05, 06:39 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يا إخوان جزاكم الله خير متن العقيدة الطحاويه تشمل كل مسائل العقيدة الواسطيه؟
وماذا عن المحلى لابن حزم هل تؤخذ منه العقيدة؟
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[08 - 07 - 05, 03:05 م]ـ
هل متن العقيدة الطحاويه يشمل كل مسائل العقيدة الواسطيه؟
الجواب: نعم يشملها، ولكن تارة بالتصريح، وتارة بالتلميح والإشارة بحيث يمكن لشارح الطحاوية أن يستخرج منها ما شاء من مسائل الاعتقاد
وعلى كل حال لا غنى لطالب العلم عن قراءة كلا المتنين والاطلاع على شروحهما
وماذا عن المحلى لابن حزم هل تؤخذ منه العقيدة؟
الجواب: لا تؤخذ منه العقيدة لسببين:
1 - لأنه كتاب في الفقه، والعقيدة تؤخذ من كتب العقيدة لا من كتب الفقه
2 - أن الإمام ابن حزم وإن كان من أئمة السنة في الجملة إلا أنه أخطأ في بعض أبواب الاعتقاد خاصة في مسائل الإيمان وفي مسائل الصفات
وننصح أخانا السائل الكريم أن يتدرج في دراسة الفقه فيبدأ أولا بحفظ متن فقهي مختصر في أي مذهب من المذاهب الأربعة، ثم يطلع على شرح متوسط لهذا المتن، ثم يواصل التدرج بالتوسع في المذهب الذي اختاره لكن عن طريق الكتب التي تعنى بالاستدلال والتعليل للمسائل، ثم يطلع على كتاب مقارن يقارن بين المذاهب مع الترجيح والاستدلال كالمغني لابن قدامة والمجموع للنووي، مع الاطلاع على كتب السنة وشروحها وكتب فقه الحديث وشروحها
وليجعل الاطلاع على المحلى في آخر تلك المراحل لأن الاطلاع عليه في البداية يورث طالب العلم المبتدئ جفاء وسوء أدب مع علماء الإسلام وانخداعا بما يحسبه دليلا وهو عند التحقيق لا شيء، بخلاف طالب العلم المنتهي فإنه يستفيد من المحلى وينتقي منه النافع ويجتنب الضار، والله أعلم(31/274)
هل الامام الذهبي مفوض؟
ـ[الأسيف]ــــــــ[09 - 07 - 05, 03:47 م]ـ
السلام عليكم اخوتي الكرام استشكلت علي عبارة للذهبي وهي قول الذهبي عن حديث الجارية (قال الذهبي في " العلو ":
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وغير واحد من الأئمة في تصانيفهم، يمرونه كما جاء ولا يتعرضون له بتأويل ولا تحريف، وهكذا رأينا كل من يسأل: أين الله؟، يبادر بفطرته ويقول: في السماء،) كم أرجو من فضيلتكم أن تبينوا لي الفرق بين الاثبات والتفويض وهل هناك بحث عن الاثبات والتفويض؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[ابن المبارك]ــــــــ[09 - 07 - 05, 06:17 م]ـ
أخي وفقك الله أما قضية التفويض فعليك بكتاب الشيخ أحمد القاضي حفظه الله وهو (مذهب أهل
التفويض في نصوص الصفات) دار العاصمة، وهناك طبعة مختصرة لنفس الكتاب دار ابن الجوزي
مناسب للمبتدئين.
أما بخصوص عقيدة الامام الذهبي فأرجع الى كتاب (العلو) للذهبي، دار الوطن، بتحقيق الدكتور عبدالله البراك فقال: (ومذهبه في آيات الصفات على طريقة السلف)
وقال: (ومن اعتقاده إثبات مادل عليه القرآن والسنةمن إثبات صفت العلو ولوازم هذه الصفة مثل:
الأستواء، والنزول،والرؤية) ص85
ومن جوانب عقيدته السلفية:
إثباته للصفات الخبرية الذاتيةمثل:اليدين الوجه والقدم الساق الأصابع. ص95
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[09 - 07 - 05, 06:37 م]ـ
وردت عبارات عن السلف كقول بعضهم أمروها كما جاءت ومرادهم أننا لانتعرض لتكييفها وتصويرها وإنما نمرها كما جاءت ومعلوم أنها جاءت لمعنى فليس في هذا تفويض لها وقد قرر هذا شيخنا محمد العثيمين رحمه الله في بعض كتبه ككتاب (القواعد المثلى) وكتاب (فتح رب البرية بتلخيص الحموية)
فلايفهم من كلام الذهبي رحمه الله الذي أوردته أنه يقول بالتفويض وإنما هو على مذهب السلف
ـ[بن حسن الاثرى]ــــــــ[09 - 07 - 05, 07:11 م]ـ
ذ كر بعض الاشاعرة ان الامام الذهبى يفو ض فى السير عند تر جمة الامام مالك حيث يقول فقو لنا فى ذالك وبابه الاقرار و تفو يض معناه الى قا يله الصادق المصدوق ارجو رد الاخوة واذا كان ذالك صحيحا؟
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[09 - 07 - 05, 08:59 م]ـ
سبحان الله، أهل البدع المفوضة الذين هم شر من الجهمية يحاولون جهدهم أن يجعلوا بعض الأئمة في صفهم، وهذه طريقة هزيلة، فالإمام الذهبي رحمه الله في باب الأسماء والصفات على مذهب السلف الصالح رضي الله عنهم في قبول الأخبار الصحيحة وعدم ردها أو تأويلها كما يفعل المبتدعة الضلال من الأشاعرة الأشرار وغيرهم، فالتفويض يكون للكيفية، فمثلا يثبت السلف الصالح رضي الله عنهم صفة اليد لله تعالى، وأنها يد حقيقة كما أثبتها الله لنفسه لاتشبه يد المخلوقين كما قال تعالى (ليس كمثله شيء) فليس كيده يد، ولاكسمعه سمع، ولا كنزوله نزول، وأما كيفية هذه الصفات فلا نعرفها ونفوض أمرها إلى علم الله تعالى.
وأيضا- على سبيل التنزل- فلو ثبت أن الإمام الذهبي رحمه الله ذهب إلى التفويض -برأه الله من ذلك- فالعبرة بالكتاب والسنة وأقوال السلف المثبتة للصفات.
فأهل البدع لضعف حججهم وظهور بطلانها يتلمسون أن يجدوا أحدا يوافقهم في ضلالهم حتى يقوى أمرهم بذلك في زعمهم
فتارة تجدهم يقولون إن ابن كثير مفوض، وقد سبق في الملتقى إبطال ضلالهم في ذلك، وتارة يقولون إن الإمام الذهبي مفوض، وهذا باطل كذلك
فأين صدقهم في طلب الحق، فلو كانوا يريدون الحق لأخذوا بكلام الإمام الذهبي رحمه الله في كتاب العلو وغيره، ولكنهم يتبعون ما تشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله.
ـ[الأسيف]ــــــــ[11 - 07 - 05, 02:01 ص]ـ
السلام عليكم
اخوتي الكرام .. ابن المبارك وأبو الدحمي وعبد الرحمان الفقيه نوركم الله كما نورتمونا ... وجزاكم الله عني خيرا
ـ[أبو تقي]ــــــــ[11 - 07 - 05, 03:24 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ـ[أبو تقي]ــــــــ[11 - 07 - 05, 03:26 ص]ـ
جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل الفقيه.
شيخنا الكريم، لعل أصل هذه الشبهة كلام للامام الذهبي قال -رحمه الله- في السير:
وننهى عن القول ينزل بذاته كما لا نقول ينزل بعلمه بل نسكت ولا نتفاصح على الرسول صلى الله عليه وسلم بعبارات مبتدعة والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/275)
وقال من آمن باحاديث رسول الله مفوضا معناه إلى الله ورسوله ولم يخض في التأويل ولا عمق فهو المسلم المتبع.
فهل يفيد هذا الكلام تفويض الامام الذهبي للمعنى؟ لا اظن ولكن ما الذي اراده الامام من هذا الكلام؟
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[11 - 07 - 05, 07:08 ص]ـ
وفق الله الجميع
للأسف نقلك عن الإمام الذهبي مبتور وغير دقيق
وهذا كلامه
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: لَمَّا وَردْتُ أَصْبَهَانَ، كَانَ مَا يَخْرُجُ مِنْ دَارِهِ إِلاَّ لِحَاجَةٍ مُهمَّةٍ، كَانَ شَيْخُهُ إِسْمَاعِيْلُ الحَافِظُ هَجَرَهُ، وَمَنَعَهُ مِنْ حُضُوْرِ مَجْلِسِهِ لِمَسْأَلَةٍ جَرَتْ فِي النُّزَولِ، وَكَانَ كُوتَاهُ يَقُوْلُ: النُّزُولُ بِالذَّاتِ، فَأَنْكَرَ إِسْمَاعِيْلُ هَذَا، وَأَمرَهُ بِالرُّجُوْعِ عَنْهُ، فَمَا فَعلَ.
قُلْتُ: وَقَدِ ارْتَحَلَ إِلَى نَيْسَابُوْرَ، وَسَمِعَ مِنْ عَبْدِ الغَفَّارِ الشِّيرَوِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ الشِّيْرَازِيُّ، وَطَائِفَةٌ.
وَرَوَتْ عَنْهُ: كَرِيْمَةُ الدِّمَشْقيَّةُ بِالإِجَازَةِ. (20/ 331)
قَالَ السَّمْعَانِيُّ أَبُو سَعْدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الخَالِقِ الشَّحَّامِيُّ، حَدَّثَنَا صَاعِدُ بنُ سَيَّارٍ الحَافِظُ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا عَبْدُ الجَلِيْل بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بِالمَدِيْنَةِ، أَخْبَرَنَا رَوْحُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الخَرجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ خُرَّزَادَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ رَوْحَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ، سَمِعْتُ شَيْبَانَ بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ:
مَا أَعْلَمُ طرِيقاً إِلَى الجَنَّةِ أَقصَدَ مِمَّنْ يَسلُكُ طَرِيْقَ الحَدِيْثِ.
مَاتَ كُوْتَاه: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَهُوَ مِنْ رُوَاةِ نُسْخَةِ لُوَيْنٍ، عَنِ ابْنِ مَاجَه الأَبْهَرِيِّ.
وَمَسْأَلَةُ النُّزَولِ فَالإِيْمَانُ بِهِ وَاجِبٌ، وَتَرْكُ الخوضِ فِي لوازِمِهِ أَوْلَى، وَهُوَ سَبِيْلُ السَّلَفِ، فَمَا قَالَ هَذَا: نُزُولُهُ بِذَاتِهِ، إِلاَّ إِرغَاماً لِمَنْ تَأَوَّلَهُ، وَقَالَ: نُزولُهُ إِلَى السَّمَاءِ بِالعِلْمِ فَقَطْ، نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ المِرَاءِ فِي الدِّينِ.
وَكَذَا قَوْلُهُ: {وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجرُ: 22]، وَنَحْوُهُ، فَنَقُوْلُ: جَاءَ، وَيَنْزِلُ وَننَهَى عَنِ القَوْلِ: يَنْزِلُ بِذَاتِهِ، كَمَا لاَ نَقُوْلُ: يَنْزِلُ بِعِلْمِهِ، بَلْ نَسكتُ، وَلاَ نَتفَاصَحُ عَلَى الرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعبَارَاتٍ مُبْتَدَعَةٍ - وَاللهُ أَعْلَمُ -. (20/ 332)
فلابد من الدقة والأمانة في نقل كلام العلماء، وخاصة فيما يتعلق بالعقيدة.
فتبين من النقل السابق أن الإمام الذهبي رحمه الله يثبت نزول الله تعالى على ما يليق به بخلاف المبتدعة الضلال الذين يقولون (تنزل رحمته!!!!)
ولكن بعض العبارات لم ينطق بها السلف مثل بذاته ونحوها، فهذه العبارات يرى الإمام الذهبي رحمه الله عدم ذكرها ابتداء، وإنما ذكرها بعض علماء السلف من باب الرد على المبتدعة.
وهذا النقل الثاني الذي ذكرته وللأسف فنقلك مبتور وغير دقيق
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ صَالِحِ بنِ هَانِئٍ، سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ:
مَنْ لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّ اللهَ عَلَى عَرشِه قَدِ اسْتوَى فَوْقَ سَبعِ سَمَاوَاتِه، فَهُوَ كَافِرٌ حَلاَلُ الدَّمِ، وَكَانَ مَالُهُ فَيْئاً.
قُلْتُ: مَنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ تَصْدِيْقاً لِكِتَابِ اللهِ، وَلأَحَادِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-وَآمَنَ بِهِ مُفَوِّضاً مَعْنَاهُ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ، وَلَمْ يَخُضْ فِي التَّأْوِيْلِ وَلاَ عَمَّقَ، فَهُوَ المُسْلِمُ المُتَّبِعُ، وَمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ، فَلَمْ يَدْرِ بِثُبُوْتِ ذَلِكَ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَهُوَ مُقَصِّرٌ وَاللهِ يَعْفُو عَنْهُ، إِذْ لَمْ يُوجِبِ اللهُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حِفظَ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ، وَمَنْ أَنكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ العِلْمِ، وَقَفَا غَيْرَ سَبِيْلِ السَّلَفِ الصَّالِحِ، وَتَمَعقَلَ عَلَى النَّصِّ، فَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ، نَعُوذُ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/276)
بِاللهِ مِنَ الضَّلاَلِ وَالهَوَى. (14/ 374)
وَكَلاَمُ ابْنِ خُزَيْمَةَ هَذَا-وَإِنْ كَانَ حَقّاً-فَهُوَ فَجٌّ، لاَ تَحْتَمِلُهُ نُفُوْسُ كَثِيْرٍ مِنْ مُتَأَخِّرِي العُلَمَاءِ.
قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ حَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ: سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ:
القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ-تَعَالَى-وَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَخْلُوْقٌ، فَهُوَ كَافِرٌ، يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلاَّ قُتِلَ، وَلاَ يُدفَنُ فِي مَقَابِرِ المُسْلِمِيْنَ.
وَلابْنِ خُزَيْمَةَ عَظَمَةٌ فِي النُّفُوْسِ، وَجَلاَلَةٌ فِي القُلُوْبِ؛ لِعِلمِهِ وَدِينِهِ وَاتِّبَاعِهِ السُّنَّةَ.
وَكِتَابُه فِي (التَّوحيدِ) مُجَلَّدٌ كَبِيْرٌ، وَقَدْ تَأَوَّلَ فِي ذَلِكَ حَدِيْثَ الصُّورَةِ. (14/ 375) ... (14/ 376)
فَلْيَعْذُر مَنْ تَأَوَّلَ بَعْضَ الصِّفَاتِ، وَأَمَّا السَّلَفُ، فَمَا خَاضُوا فِي التَّأْوِيْلِ، بَلْ آمَنُوا وَكَفُّوا، وَفَوَّضُوا عِلمَ ذَلِكَ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِه، وَلَوْ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَخْطَأَ فِي اجْتِهَادِهِ-مَعَ صِحَّةِ إِيْمَانِهِ، وَتَوَخِّيْهِ لاتِّبَاعِ الحَقِّ-أَهْدَرْنَاهُ، وَبَدَّعنَاهُ، لَقَلَّ مَنْ يَسلَمُ مِنَ الأَئِمَّةِ مَعَنَا، رَحِمَ اللهُ الجَمِيْعَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.
فالحمد لله الذي دحر شبه المبتدعة الذين يحاولون جعل الإمام الذهبي مبتدعا مفوضا
وتبين لنا مما سبق أن الإمام الذهبي رحمه الله على عقيدة السلف الصالح في الأسماء والصفات.
تبين أن المبتدعة يحاولون أخذ كلام الإمام الذهبي الذي فيه تشابه ويتركون كلامه المحكم في إثبات الصفات في كتاب العلو وفي غيره
يقول تعالى عنهم {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ} (7) سورة آل عمران
وجاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت
: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب}. قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم)
ـ[الجندى المسلم]ــــــــ[11 - 07 - 05, 07:33 ص]ـ
التأسيس في نقض التفويض
http://70.84.212.52/vb/showthread.php?t=1498
ـ[أبو تقي]ــــــــ[12 - 07 - 05, 02:01 ص]ـ
صدق وأمانة وتحذير .. الله المستعان .. ما سوء الظن هذا!!
قال الامام الذهبي في السير ج: 8 ص: 103
أبو أحمد بن عدي حدثنا أحمد بن علي المدائني حدثنا إسحاق ابن إبراهيم بن جابر حدثنا ابو زيد بن ابي الغمر قال قال ابن القاسم سألت مالكا عمن حدث بالحديث الذين قالوا إن الله خلق آدم على صورته والحديث الذي جاء إن الله يكشف عن ساقه وأنه يدخل يده في جهنم حتى يخرج من أراد فأنكر مالك ذلك انكارا شديدا ونهى أن يحدث بها أحد فقيل له إن ناسا من أهل العلم يتحدثون به فقال من هو قيل ابن عجلان عن أبي الزناد قال لم يكن ابن عجلان يعرف هذه الاشياء ولم يكن عالما وذكر أبا الزناد فقال لم يزل عاملا لهؤلاء حتىمات رواها مقدام الرعيني عن ابن أبي الغمر والحارث بن مسكين قالا حدثنا ابن القاسم قلت أنكر الإمام ذلك لأنه لم يثبت عنده ولا اتصل به فهو معذور كما أن صاحبي الصحيحين معذوران في إخراج ذلك! أعني الحديث الأول والثاني لثبوت سندهما وأما الحديث الثالث فلا أعرفه بهذا اللفظ فقولنا في ذلك وبابه الإقرار والإمرار وتفويض معناه إلى قائله الصادق المعصوم
عفا الله عنكم، ما الذي أراده الامام الذهبي من قوله "وتفويض معناه إلى قائله الصادق المعصوم"؟
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[12 - 07 - 05, 03:50 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الفاضل، والمعذرة فالقصد أن النقل الذي ذكرته يذكره أهل البدع في استدلالهم على ذلك، فأنت نقلت ما ذكروه، فالكلام وفقك الله على صاحب النقل
فالمعذرة حفظكم الله
وأما مقصود الإمام الذهبي فهو إقرار الصفة كصفة اليد لله تعالى وإمرارها كما وردت بدون تكييف أو تعطيل وتفويض كيفيتها إلى الله تعالى، فلا نعرف كيفية يد الله تعالى مع إثبات اليد لله تعالى على ما يليق به بدون تشبيه بيد المخلوقين، بل هي يد حقيقية لانعرف كيفيتها
فمثلا قوله تعالى (لما خلقت بيدي)
فنثت يد الله تعالى لأنه هو الذي ذكرها لنا في كتابه، وهو الذي حثنا على فهم القرآن وتدبره، فنفهم من هذه الآية وما شابهها إثبات هذه الصفة لله تعالى ولكن لانقول إنها كيد المخلوقين لأن الله تعالى ليس كمثله شيء، ونفوض كيفيتها إلى الله تعالى، فالقول في الصفات كالقول في الذات.
فمن كان صادقا منصفا يريد الحق فلينظر إلى كلام الإمام الذهبي فيما يتعلق بالأسماء والصفات كتبه ويجمعها ويخرج بنتيجة واضحة في عقيدته في الأسماء والصفات، وهي الموافقة للسلف الصالح في تفويض الكيفية مع الإقرار بالصفة وإمرارها كما جاءت، أما ما يفعله البعض من أخذ بعض العبارات الموهمة أو التي تحتمل عدة معان ويترك الكلام المحكم الواضح فهذا ممن يتبع المتشابه وفي قلبه زيغ كما قال سبحانه وتعالى، ونحذر منه كما وصانا النبي صلى الله عليه وسلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/277)
ـ[أبو تقي]ــــــــ[13 - 07 - 05, 08:42 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[خالد بن فيصل]ــــــــ[09 - 09 - 09, 02:47 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لعملهم يسندون أقاويلهم على الرسالة المزعومة الى ابن تيمية شيخ الاسلام وعلم الاعلام
فعلينا معاشر الاحبة ان ننظر الى الاساس اعني بذلك اننا نقارن قواعدهم بقواعد اهل السنة والجماعة فمثلا يقولون: (مؤمن بهذه الصفات ولكننا نعتقد ان ظاهرها غير مراد) انظر متشابه القرءان للقاضي عبد الجبار ص 14
وهذا عين قول الجوهري في البيتين الاتيتين
كل نص اوهم التشبيها اوله او فوض ورم تنزيها
وكذلك ما قاله الفخر الرازي في تأسيس التقديس ص 220_221:"ولما بطلت الأقسام الأربعة لم يبق إلا أن يقطع بمقتضى الدلائل العقلية القاطعة: بأن هذه الدلائل النقلية إما أن يقال أنها غير صحيحة، أويقال: إنها صحيحة، إلا أن المراد منها غير ظواهرها.
ثم إن جوزنا التأويل: اشتغلنا على سبيل التبرع بذكر تلك التأويلات على التفصيل، وإن لم نجوز التأويل فوضنا العلم بها إلى الله تعالى."
فهأولاء على اساس واحد الا وهو ان ظاهر ايات الصفات يوهم التشبيه وليس كذلك فإن نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري قدد ابان منهج السلف بقوله: "وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه فمن اثبت لله تعالى ما وردت به الايات الصريحة والاخبار الصحيحة على الوجه الذي يليق بجلال الله تعالى ونفى عن الله تعالى النقائض فقد سلك سبيل الهدى" تفسير ابن كثير ص 280
بل وقد ورد في اثر وصل الى غاية الصحة الذي رواه شيخ الاسلام ابو عثمان الصابوني في رسالته عقيدة السلف (و) اصحاب الحديث ص 64 عن محمد بن الحسن عن حماد ابن ابي حنيفة رحمه الله انه سئل بعض الجهمية عن مجيئ الله جل وعلا فقالوا: " قالوا: أما الملائكة فيجيئون صفا صفا، وأما الرب تعالى فإنا لا ندري ما عنى بذلك ولا ندري كيف جيئته"
فقولهم قول واحد مستند على اصل واحد وهو ان ظاهر الايات والاحاديث غير مراد فانظر رحمك الله الى قول الرازي كيف يقدم عقله على النقل سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم
واكتفي ان شاء الله بقول الخطيب البغدادي رحمه الله الدي رواه الحافظ الذهبي في السير المجلد 18 ص 283_284 ان الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات
قلت نثبت الصفة كما نثبت الذات اذ اثبات الذات اثبات وجود لا اثبات كيفية وكذالك اثبات الصفة اثبات وجود لا اثبات كيفية
فعلى المفوصة والمتأولة ان يثبتوا لنا ان القاعدة المذكورة هي ايضا قاعدة السلف الصالح
فالله اعلى واعلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[موسى الكاظم]ــــــــ[09 - 09 - 09, 03:21 م]ـ
*قال الحافظ الذهبي متحدثا عن الصفات: (وكما قال سفيان وغيره، قراءتها تفسيرها، يعني أنها بينة معروفة واضحة في اللغة لا يبتغى بهامضائق التأويل والتحريف وهذا هو مذهب السلف مع اتفاقهم أنها لا تشبه صفات البشر بوجه إذ الباري لا مثل له في ذاته ولا في صفاته) اهـ العلو
*وقال الذهبي أيضا ((هذا الذي علمت من مذهب السلف، والمراد بظاهرها أي لا باطن لألفاظ الكتاب والسنة غير ما وضعت له، كما قال مالك وغيره الاستواء معلوم، وكذلك القول في السمع والبصر والعلم والكلام والإرادة والوجه ونحو ذلك، هذه الأشياء معلومة فلا تحتاج إلى بيان وتفسير، لكن الكيف في جميعها مجهول عندنا)) العلو للحافظ الذهبي ج2 ص1337
====
أما قوله في السير (وتفويض معناها إلى الله) المعنى هنا يُقصد به حقيقة المعنى وهو = الكيفية
فالمعنى ينقسم إلى قسمين معنى لغوي معروف
ومعنى يليق بالموصوف
وهذا كقول الطحاوي رحمه الله (ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر)
وليس هذا محل الخلاف
ـ[أبو سعد البرازي]ــــــــ[09 - 09 - 09, 08:18 م]ـ
جزاكم الله خيرا
وهناك رسالة صغيرة في عقيدة الإمام الذهبي - إن لم أهم - للشيخ: سليمان الخراشي
فلعله ينقلها هنا مشكورا
ـ[خالد بن فيصل]ــــــــ[09 - 09 - 09, 08:22 م]ـ
السلام عليكم
بوركتم وتبوأتم من الجنة منزلة
هل من امكانكم ان ترفعوا هذا الكتاب حتى نستفيد منه جزاكم الله خيرا
ـ[خالد بن فيصل]ــــــــ[09 - 09 - 09, 08:25 م]ـ
السلام عليكم
http://ia301514.us.archive.org/2/items/dahabi_kharachhi/dahabi_kharachhi.pdf
ـ[ابو ثابت التويجري]ــــــــ[10 - 09 - 09, 06:34 ص]ـ
بارك اللله بالجهود ولا حرمنا اللله واياكم الاجر فالحق ابلج فلينتبه من هؤلاء المبتدعه ان يشككوننا بعقائد علمائنا ومشائخنا فلنحذر ولا نتستعجل من مجرد قراءة كلام من كلام احد الائمه حتى يعلم جميع اقواله واره بتك المساله التي قيلت ثم يحكم ولا يكون ذلك الا من المتضلع بالعلم رزقنا الله واياكم العلم النافع والعمل الصالح وعلينا ان نشد المأزر ونوقظ الاهل وان نجد ونجتهد في هذه الايام الفاضله التي فيها ليلة خير من الف شهر وليكن قدوتنا بذلك محمد بن عبدالله رسولنا عليه السلام بورك فيكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/278)
ـ[أبو تامر المصري]ــــــــ[22 - 09 - 09, 05:31 ص]ـ
وأما مقصود الإمام الذهبي فهو إقرار الصفة كصفة اليد لله تعالى وإمرارها كما وردت بدون تكييف أو تعطيل وتفويض كيفيتها إلى الله تعالى، فلا نعرف كيفية يد الله تعالى مع إثبات اليد لله تعالى على ما يليق به بدون تشبيه بيد المخلوقين، بل هي يد حقيقية لانعرف كيفيتها
فمثلا قوله تعالى (لما خلقت بيدي)
فنثت يد الله تعالى لأنه هو الذي ذكرها لنا في كتابه، وهو الذي حثنا على فهم القرآن وتدبره، فنفهم من هذه الآية وما شابهها إثبات هذه الصفة لله تعالى ولكن لانقول إنها كيد المخلوقين لأن الله تعالى ليس كمثله شيء، ونفوض كيفيتها إلى الله تعالى، فالقول في الصفات كالقول في الذات.
فمن كان صادقا منصفا يريد الحق فلينظر إلى كلام الإمام الذهبي فيما يتعلق بالأسماء والصفات كتبه ويجمعها ويخرج بنتيجة واضحة في عقيدته في الأسماء والصفات، وهي الموافقة للسلف الصالح في تفويض الكيفية مع الإقرار بالصفة وإمرارها كما جاءت، أما ما يفعله البعض من أخذ بعض العبارات الموهمة أو التي تحتمل عدة معان ويترك الكلام المحكم الواضح فهذا ممن يتبع المتشابه وفي قلبه زيغ كما قال سبحانه وتعالى، ونحذر منه كما وصانا النبي صلى الله عليه وسلم.
شيخنا الفاضل
اعذرني في الدخول الى الحوار،
فما حكم من قال نثبت ونقر صفات الله الواردة في كتاب الله وصحيح السنة كما جاءت،
ونفوض معناها لله ورسوله؟
جزاكم الله خيرا.
ـ[محمد معطى الله]ــــــــ[25 - 09 - 09, 03:27 ص]ـ
جزى الله الإخوة خيرا وأنصح إخواني بالتريث عند حكاية مذهب أي إمام وخاصة في مسائل التفويض فالألفاظ المشتركة توهم كثيرا
ـ[ابو الحسن احمد السكندري]ــــــــ[25 - 09 - 09, 03:53 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ونفع الله بكم(31/279)
لماذا لم يذكر ابن قدامة الأشاعرة في لمعة الأعتقاد
ـ[ابن المبارك]ــــــــ[10 - 07 - 05, 03:04 ص]ـ
من ضمن فرق الضلال التي ذكرها وحذر منها؟
فقال يرحمه الله: (وكل متسم بغير الأسلام والسنة مبتدع كالرافضة والجهمية والخوارج والقدرية والمرجئة والمعتزلة والكرامية والكلابية ونظائرهم، فهذه فرق الضلال وطوائف البدع أعاذنا الله منها)
أين الأشاعرة من هذه الفرق الضآلة؟
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[10 - 07 - 05, 04:35 ص]ـ
قال في النقل السابق الذي ذكرته (ونظائرهم) فمن نظائرهم؟
وكذلك فالمنتسبين إلى أبي الحسن الأشعري هم كلابية، وقد ذكرهم ابن قدامة في النقل السابق بقوله (والكلابية)
فوائد منقوله من كتب ابن قدامة رحمه الله حول شدته وغلظته على الأشاعرة
تحريم النظر في كتب الكلام [صفحة 42]
وقال أحمد بن إسحاق المالكي أهل الأهواء والبدع عند أصحابنا هم أهل الكلام فكل متكلم من أهل الأهواء والبدع أشعريا كان أو غير أشعري لا تقبل له شهادة ويهجر ويؤدب على بدعته فإن تمادى عليها استتيب منها
المناظرة في القرآن [صفحة 47]
وعند الأشعري أنها مخلوقة فقوله قول المعتزلة لا محالة إلا أنه يريد التلبيس فيقول في الظاهر قولا يوافق أهل الحق ثم يفسره بقول المعتزلة فمن ذلك أنه يقول القرآن مقروء متلو محفوظ مكتوب مسموع ثم يقول القرآن في نفس الباري قائم به ليس هو سورا ولا آيات ولا حروفا ولا كلمات فكيف يتصور إذا قراءته وسماعه وكتابته ويقولون إن موسى سمع كلام الله من الله ثم يقولون ليس بصوت ويقولون إن القرآن مكتوب في المصاحف ثم يقولون ليس فيها إلا الحبر والورق
المناظرة في القرآن [صفحة 40]
ولم تزل هذه الأخبار وهذه اللفظة متداولة منقولة بين الناس لا ينكرها منكر ولا يختلف فيها أحد إلى ان جاء الأشعري فأنكرها وخالف الخلق كلهم مسلمهم وكافرهم ولا تأثير لقوله عند أهل الحق ولا تترك الحقائق وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة لقول الأشعري إلا من سلبه الله التوفيق وأعمى بصيرته واضله عن سواء السبيل
المناظرة في القرآن [صفحة 36]
ولم يتبين لهم الصحيح إلى أن جاء الأشعري فبينه وأوضح ما خفي على النبي صلى الله عليه وسلم وأمته وكشفه فهذه عقول سخيفة وآراء ضعيفة إذ يتصور فيها أن يضيع الحق عن النبي صلى الله عليه وسلم ويجده الأشعري ويغفل عنه كل الأمة وينتبه له دونهم وإن ساغ لهم هذا ساغ لسائر الكفار نسبتهم لنبينا عليه السلام وامته إلى أنهم ضاعوا عن الصواب وأضلوا عن الطريق وينبغي ان تكون شريعتهم غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ودينهم غير دين الإسلام لأن دين الإسلام هو الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وهذا إنما جاء به الأشعري وإن رضوا هذا واعترفوا به خرجوا عن الإسلام بالكلية
المناظرة في القرآن [صفحة 35]
ولا نعرف في أهل البدع طائفة يكتمون مقالتهم ولا يتجاسرون على إظهارها الا الزنادقة والأشعرية
المناظرة في القرآن [صفحة 33]
ولا خلاف بين المسلمين أجمعين أن من جحد آية أو كلمة متفقا عليها أو حرفا متفقا عليه أنه كافر وقال علي رضي الله عنه من كفر بحرف منه فقد كفر به كله والأشعري يجحده كله ويقول ليس شيء منه قرآنا وإنما هو كلام جبريل ولا خلاف بين المسلمين كلهم في انهم يقولون قال الله كذا إذا أرادوا ان يخبروا عن آية أو يستشهدوا بكلمة من القرآن ويقرون كلهم بأن هذا قول الله وعند الأشعري ليس هذا قول الله وانما هو قول جبريل فكان ينبغي لهم أنهم يقولون قال جبريل أو قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا حكوا آية ثم إنهم قد أقروا ان القرآن كلام الله غير مخلوق فإذا لم يكن القرآن هذا الكتاب العربي الذي سماه الله قرآنا فما القرآن عندهم وبأي شيء علموا أن غير هذا يسمى قرآنا فإن تسمية القرآن إنما تعلم من الشرع أو النص
ـ[ابن المبارك]ــــــــ[07 - 04 - 06, 01:05 ص]ـ
[ quote= عبدالرحمن الفقيه] قال في النقل السابق الذي ذكرته (ونظائرهم) فمن نظائرهم؟
شيخنا الفاضل جزاك الله خير على هذا التوضيح ...
ولكن كان مقصدي لماذا لم يذكرهم بالتعيين كالفرق الاخرى؟
ـ[سعيد الحلبي]ــــــــ[07 - 04 - 06, 01:20 ص]ـ
شيخنا عبد الرحمن
ألا يمكن أن يقال إن ذلك
كان بسبب شدة تعصب صلاح الدين رحمه الله
ومن بعده من الأيوبيين لمذهب الأشاعرة؟
نرجو التوجيه سدد الله خطاكم
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[09 - 04 - 06, 01:04 ص]ـ
حفظكم الله، الأشاعرة كما قال العلامة صالح الفوزان، لا يقال لهم أشاعرة، فإنهم لم يتبعوا أبا الحسن الأشعري لما رجع إلى معتقد السلف، و إنما الأجدر ان يسموا كلابية.
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[09 - 04 - 06, 01:43 ص]ـ
هل من الممكن أن يقال لأن الأشعرية أحد القولين عندهم التفويض؟
ـ[ابن المبارك]ــــــــ[09 - 04 - 06, 02:03 ص]ـ
زكرياء توناني] حفظكم الله، الأشاعرة كما قال العلامة صالح الفوزان، لا يقال لهم أشاعرة، فإنهم لم يتبعوا أبا الحسن الأشعري لما رجع إلى معتقد السلف، و إنما الأجدر ان يسموا كلابية [/ COLOR].
أخي الكريم مذهب الأشاعرة معروف عند العلماء ويفرقون بينه وبين الكلابية ...
ولذلك تجد أغلب الرسائل العلمية المعاصرة في العقيدة يذكرون الأشاعرة كفرقة مستقلةومنها
(موقف ابن تيمية من الأشاعرة) للمحمود وغيرها كثير ....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/280)
ـ[نواف البكري]ــــــــ[09 - 04 - 06, 02:06 ص]ـ
لأنه في حقيقة الأمر لا أشعرية في الوجود!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
فإن سلك مذهب التأويل فهو جهمي مبطّن.
وإن سلك مسلك الإثبات فهو على عقيدة الأشعري والأشعري نص في الإبانة بأنه حنبلي العقيدة.
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[09 - 04 - 06, 03:30 م]ـ
يا إخواننا هذا هو المستقر في الدرس العقدى ولم ينكره أحد من أهله، وشيخ الإسلام يقول الأشعرية، ومن بعده ومن قبله يستعملون ذات المصطلح، فلا داع لإحداث قول غير معهود في فنه، ولا مشاحة في الاصطلاح.
ـ[محمود غنام المرداوي]ــــــــ[11 - 04 - 06, 04:47 م]ـ
ما هو موقف ابن قدامة الجماعيلي المقدسي من التفويض في لمعته بارك الله عليكم؟
ـ[محمود غنام المرداوي]ــــــــ[11 - 04 - 06, 04:48 م]ـ
لأنه في حقيقة الأمر لا أشعرية في الوجود!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
فإن سلك مذهب التأويل فهو جهمي مبطّن.
وإن سلك مسلك الإثبات فهو على عقيدة الأشعري والأشعري نص في الإبانة بأنه حنبلي العقيدة.
بارك الله عليكم ابا الحسن الاشعري، هو سلفي العقيدة كما بين في اخر حياته.
ـ[أبو الحسن الأنماري]ــــــــ[06 - 09 - 06, 04:36 ص]ـ
ما هو موقف ابن قدامة الجماعيلي المقدسي من التفويض في لمعته بارك الله عليكم؟
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=42561(31/281)
سؤال عقدى للمشايخ حول عبارة أدبية؟
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[10 - 07 - 05, 05:51 ص]ـ
مواليه: طلبنا حقيقة أنفسنا وحقيقة مَن حَوْلَنا وما حَوْلَنا.
أبو مذود: عَزَّتْ أَهْوالًا وجَلَّتْ!
مواليه: فَتَنازَعَتْنا الحقائِقُ!
أبو مذود: كيف - يا مساكين - وما ثَمَّ إلا حقيقةٌ واحدة عليها تدور الصور:
وَفي كلّ شَيْءٍ لَهُ آيَةٌ تَدُلُّ عَلى انه الْواحِدُ
لَكَأَنَّكُمْ ما طلبتم إلا الأوهام؛ فهاتوا ما عندكم
ا. هـ.
ماذا ترون؟
ـ[سيف 1]ــــــــ[10 - 07 - 05, 06:07 ص]ـ
الشبهة كلها في هذه العبارة (أبو مذود: كيف - يا مساكين - وما ثَمَّ إلا حقيقةٌ واحدة عليها تدور الصور)
فكأنما يقول القائل بوحدة الوجود وانه لا خالق ولا مخلوق وان الاله هو الوجود المطلق متمثلا في كل صور الموجودات من حشره الى بهيمة الى انسان الى جماد! وهذا قريب الى قول ابن العربي وأشياعه وقول من قال ان كل ممكن ثابت الوجود في العدم.
ولكن قد يصرف عن هذه العبارة ما فيها من الشبهة قوله بعدها (وَفي كلّ شَيْءٍ لَهُ آيَةٌ تَدُلُّ عَلى انه الْواحِدُ) وان كنت اراها لا تصرفها لما في كلام هؤلاء المبتدعة من تلبيس.
وانتظر رأي مشايخنا الكرام هنا فهم يفيدوك ان شاء الله
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[10 - 07 - 05, 07:08 ص]ـ
جزاك الله خيرا
كذا خطر لى
وأنتظر راى مشايخى
والعبارة لأستاذ فاضل بارك الله فيه
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[11 - 07 - 05, 08:56 ص]ـ
أعنى باقى مشايخى!
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[14 - 07 - 05, 01:10 م]ـ
أين مشايخنا الكرام؟!!!!!!!!
لو يتفضلون فيفيدونا ... أفادهم الله الخير كله
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[18 - 07 - 05, 08:01 ص]ـ
ألا من مجيب؟!
ـ[أبو المنذر النقاش]ــــــــ[18 - 07 - 05, 03:40 م]ـ
الأخ الحبيب المحترم الدارعمي بارك الله تعالى فيه:
قد طالعت كلام الرجل، فوجدت أنه لابد من الوقوف على حال الرجل ومعرفة منهجه وما هو عليه عموما لأن الكلام يحتمل معنى صحيحا ومعنى فاسدا.
ثم اهتممت لمراجعة كامل كلامه فلا أستطيع الحكم على كلامه من مقطع واحد فيه، هذا يكون فيه نوع تجني عليه، فلاحظت أطراف كلامه فوجدت أن له إطلاقات قد أخذها من غيره وضمنها وسط كلامه فيها وقفات شديدة، بحيث تعطي الناظر في كلامه قوة واندفاعا أن يتكلم فيه بلا تردد.
فمن ذلك:
كلامه الذي نقلته أنت بارك الله تعالى فيكم واستشكلته، وهو مشكل غير أني لا أراه يشير به إلى حلول واتحاد ولا غيره بل لعله لا يفهم ماهية الحلول والإتحاد بالمعنى الصوفي الجهمي المبتذل بدليل إردافه لكلامه بقول الشاعر وفي كل شيء له آية ... الخ، أو أنه يعلم المعنى واحتاج إلى تلك المقولة ولظروف المقالة البلاغية العروضية أضطر إليها فأردف عقبها من البيت ما يدفع عنه تهمة القول بالحلول.
وأظنه يقصد بالحقيقة ما لا يقصده أرباب الحلول والإتحاد والرجل واضح من مقالته أنه عروضي متسربل بالعروض يأكل ويشرب عروض، لحظت هذا من مقالته، وأظنه يقصد أي الوجود الحقيقي الذي لا فناء يجري عليه ولا نقص ولا خلل، بعكس المخلوق فهو من هذه الحيثية ليس موجودا وجود حقيقي، وإن كان ينبغي أن يتخير من الألفاظ ما لا يحتمل إلا معنى واحدا، ولا يوافق فيه أحد من أهل البدع، كي لا يفتح عليه باب الكلام والنقد وقد نهى الله تعالى الصحابة أن يقولوا راعنا لاحتمالها راعنا من الرعونة.
ومن ذلك:
قوله حاكيا عن محمود حسن إسماعيل قوله:
فالشعر لحن في يد الرحمن.
وهذا كلام قبيح تمام القبح يؤاخذ عليه تمام المؤاخذة.
ومن ذلك:
حكايته عن محمود حسن إسماعيل وصفه لملك الموت أنه يطوي في كفيه غدرا وهذا سوء أدب مع ملك الموت وما هو إلا مأمور لا يسعه إلا الطاعة فمن وصفه بالغدر فقد وصف من أمره بذلك حاشا لله ربنا وعز وجل وتعالى وتقدس عن كل عيب ونقص.
وكان ينبغي أن لا يذكر هذا وإن ذكره فإنما ليدل على خطأه، أما هكذا فلا.
ومن ذلك:
إدخاله للأيات وسط الحوارات الأدبية بطريقة غير لائقة، وقد كره هذا العلماء رحمهم الله تعالى، أي التمثل بالقرآن في الحياة العامة، وقد سمع أحمد رجلا يقول لآخر اسمه يحيى ويناوله كتابا: يا يحيى خذ الكتاب بقوة فنهره وقال: ما نزلت تلك في هذا.
والحاصل:
أن الصنعة الشاعرية العروضية واضحة تمام الوضوح على الرجل، وأظنه من المتمكنين في صنعة الشعر وفن العروض تطبيقا وآداءا بل لعله كذلك في العربية كلها فله كلام وترتيبات بلاغية غاية، إلا أنه كغيره من غالب الشعراء يدخلون فيما لا يعنيهم ويطلقون من الإطلاقات ما لا يصح إطلاقه.
ويظهر من اختياراته الشعرية في استدلالاته أن كثير القراءة لأرباب التصوف مثل ابن عربي ونحوه، وفي شعرهم ما فيه ولعله لا ينتبه إلى كثير مما فيها من المخالفات العقدية والتي تكلم العلماء فيها من قبل والله تعالى أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/282)
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[19 - 07 - 05, 12:24 م]ـ
جزاكم الله خيرا على هذا الرد الكريم .....
أما عن الكاتب فهو بالفعل متمكن في علوم العربية لا سيما العروض مع شاعريته ... بارك الله ونفع به وزاده من علمه وفضله
أما عن المؤاخذات فلو تتكرمون بذكر هذه المواضع تحديدا .. ولعل ذلك أولا يكون في رسالة خاصة لو أذنتم ... ثم لو رأيتم أن تكتبوا تعليقات تفصيلية على مقالته وغيرها له وأوصلها له يكن خيرا .. وهو أهل لقبول الحق بخلقه المعروف إن شاء الله
أنتظر ردكم الكريم على الخاص
بارك الله فيكم
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[23 - 07 - 05, 10:24 م]ـ
للرفع ... رفع الله قدركم
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[29 - 07 - 05, 01:32 ص]ـ
للرفع ... رفع الله قدركم
بانتظار رد الشيخ أبو المنذر والمشايخ ........(31/283)
هل يوصف الله عز وجل بالتعجب؟ ما رأيكم في هذه العبارة المنقولة؟
ـ[عبد السلام بن محمد - أبو ندى]ــــــــ[10 - 07 - 05, 10:46 ص]ـ
مشايخنا الكرام
السلام عليكم 00
وقعت على هذه العبارة في كتب (المعجم المفصل في النحو العربي) من مجموعة الخزانه اللغوية , إعداد: الدكتورة عزيزة فوال بابستي 0
مادة (التعجب)
" لغة: مصدر تعجّب: اندهش 0
وصطلاحا: هو شعور داخلي تنفعل به النفس حين تستعظم أمرا نادرا , أو لا مثيل له , مجهول الحقيقة , أو خفي السبب ,
ولا يتحقق التعجب إلا باجتماع هذه الأمور كلها 0
وقد يكون للشعور الداخلي آثار خارجية كالتي تظهر على الوجه , أو على غيره 0
ولا بد أن يكون سبب التعجب خفيّاً , لهذا يقال (إذا ظهر السبب بطل العجب)
ولهذا لا يوصف الله تعالى بأنه متعجب إذ لا يخفى عليه شئ , وإذا ظهر في قوله تعالى أو في الحديث الشريف ما ظاهره على أنه للتعجب فيكون المراد:
إما توجيه المراد إلى العجب والدهشة أو الرضا والتسليم بأمره تعالى 0 ا هـ
ما رأيكم حفظكم الله؟
ـ[حارث همام]ــــــــ[10 - 07 - 05, 12:34 م]ـ
الأخ الكريم ..
الكلام الذي ذكرته الدكتورة وفقها الله غير دقيق.
وفيه خلط -كخلط عامة النفاة- بين الأصل اللغوي وبين الاستعمال الظاهر الذي يجري في حق المخلوق. أما الظاهر المتعلق بالرب سبحانه وتعالى فيليق به لايلزم منه ما لزم بعض الخلق.
وبيان ذلك أن التعجب قد يكون معه اندهاش، وهذا قد يكون للإنسان، ولهذه العلاقة بين تعجب المرء واندهاشه عبر بعض اللغويين به عنه، فساغ استعماله في هذا المعنى، مع أن أصل معنيهما متباين كما سيأتي.
فالاندهاش من دهش وهي كلمة لايقاس عليها فيقال دُهش إذا بُهت. أفاده ابن فارس.
بينما التعجب من عجب وهو أصل يدل هنا على كبر أو استكبار، ومنه العُجب (التكبر) ومنه العَجب تقول عجِب يعجَب عَجباً وأمر عجيب إذا استكبرته واستعظمته.
هذا هو الأصل اللغوي كما أفاد ابن فارس، وأما استعماله في حق من بهت أو اندهش أو بدا له ما لم يكن يعلم فأمر زائد عن أصل المعنى اللغوي الذي نثبته لله تعالى كما أثبته لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم.
فأهل السنة يعنون بإثباتهم المعنى القدر المشترك الكلي وهو الذي يدل عليه أصل الوضع اللغوي لا الاستعمالات التي أجري فيها والتي يراعى فيها اقتران الفعل أو الصفة أو الاسم بالمخلوق الذي غالباً ما تضاف إليه. كما أنهم يثبتون لله تعالى معنا حقيقيا إضافة إلى المعنى المشترك الكلي يليق به سبحانه نعلم منه ما جاء النص به، ولا يتمحلون فيخضون فيما سكت النص عنه نفياً أو إثباتاً.
================================================== ==============
ومن باب تتميم الفائدة أنقل هنا كلام الشيخ علوي السقاف حول هذه الصفة في كتابه الماتع صفات الله عزوجل الواردة في الكتاب والسنة، قال حفظه الله: "الْعَجَبُ
صفةٌ من صفاتِ الله عَزَّ وجلَّ الفعليَّة الخبريَّة الثابتة له بالكتاب والسنة.
• الدليل من الكتاب:
1 - قوله تعالى: ?بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ? [الصافات: 12].
قال ابن جرير في ((التفسير)): ((قوله: ?بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ?؛ اختلفت القرَّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرَّاء الكوفة: ?بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ?؛ بضم التاء من ?عَجِبْتَ?؛ بمعنى: بل عظم عندي وكبر اتخاذهم لي شريكاً وتكذيبهم تَنْزيلي وهم يسخرون، وقرأ ذلك عامة قرَّاء المدينة والبصرة وبعض قرَّاء الكوفة ?عَجِبْتَ?؛ بفتح التاء؛ بمعنى: بل عجبت أنت يا محمد ويسخرون من هذا القرآن.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان في قرَّاء الأمصار، فبأيتهما قرأ القاريء؛ فمصيب.
فإن قال قائل: وكيف يكون مصيباً القاريء بهما مع اختلاف معنييهما؟! قيل: إنهما وإن اختلف معنياهما؛ فكلّ واحد من معنييه صحيح، قد عجب محمد مما أعطاه الله من الفضل، وسخر منه أهل الشرك بالله، وقد عجِب ربنا من عظيم ما قاله المشركون في الله، وسَخِر المشركونَ مما قالوه)) اهـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/284)
وقال أبو زرعة عبدالرحمن بن زنجلة في كتابه ((حجة القراءات)) (ص 606): ((قرأ حمزة والكسائي: ?بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ?؛ بضم التاء، وقرأ الباقون بفتح التاء 000))، ثم قال: ((قال أبو عبيد: قوله: ?بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ?؛ بالنصب: بل عجِبت يا محمد من جهلهم وتكذيبهم وهم يسخرون منك، ومن قرأ: ?عَجِبْتُ?؛ فهو إخبار عن الله عَزَّ وجلَّ)) اهـ.
وقد صحت القراءة بالضم عن ابن مسعود رضي الله عنه كما سيأتي.
2 - وقوله تعالى: ?وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قولهمْ أَءِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ? [الرعد: 5].
نقل ابن جرير في ((تفسير)) هذه الآية بإسناده إلى قتادة قوله: ((قوله: ?وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ?: إن عجِبت يا محمد؛ فعََجَبٌ ?قولهمْ أَءِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ?: عجِب الرحمن تبارك وتعالى من تكذيبهم بالبعث بعد الموت))
قال ابن زنجلة في ((حجة القراءت)) (ص 607) بعد ذكر قراءة ?بَلْ عَجِبْتُ? بالضم: ((قال أبو عبيد: والشاهد لها مع هذه الأخبار قوله تعالى: ?وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قولهمْ?، فأخبر جل جلاله أنه عجيب)).
• الدليل من السنة:
1 - حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((لقد عَجِبَ الله عَزَّ وجلَّ (أو: ضحك) من فلان وفلانة)). رواه البخاري (4889)، ومسلم (2054) بلفظ: ((قد عَجِب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة)).
2 - حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((عَجِبَ الله من قوم يدخلون الجنة
في السلاسل)). رواه البخاري (3010)
3 - روى الحاكم في ((المستدرك)) (2/ 430)، ومن طريقه البيهقي في ((الأسماء والصفات)) (2/ 225)؛ بسند صحيح عن الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة؛ قال: ((قرأ عبد الله (يعني: ابن مسعود) رضي الله عنه: ?بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ?؛ قال شريح: إنَّ الله لا يعجب من شيء، إنما يعجب من لا يعلم. قال الأعمش: فذكرت لإبراهيم، فقال: إنَّ شريحاً كان يعجبه رأيه، إنَّ عبدالله كان أعلم من شريح، وكان عبد الله يقرأها: ?بَلْ عَجِبْتُ?)). قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي)).
قال أبو يعلى الفراء في ((إبطال التأويلات)) (ص 245) بعد أن ذكر ثلاثة أحاديث في إثبات صفة العَجَب: ((اعلم أنَّ الكلام في هذا الحديث (يعني: الثالث) كالكلام في الذي قبله، وأنه لا يمتنع إطلاق ذلك عليه وحمله على ظاهره؛ إذ ليس في ذلك ما يحيل صفاته، ولا يخرجها عما تستحقه؛ لأنا لا نثبت عَجَبَاً هو تعظيم لأمر دَهَمَه استعظمه لم يكن عالماً به؛ لأنه مما لا يليق بصفاته، بل نثبت ذلك صفة كما أثبتنا غيرها من صفاته)).
وقال قوَّام السُّنَّة الأصبهاني في (الحجة)) (2/ 457): ((وقال قوم: لا يوصف الله بأنه يَعْجَبُ؛ لأن العَجَب ممَّن يعلم ما لم يكن يعلم، واحتج مثبت هذه الصفة بالحديث، وبقراءة أهل الكوفة: ?بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ?؛ على أنه إخبار من الله عَزَّ وجلَّ عن نفسه)).
وقال ابن أبي عاصم في ((السنة)) (1/ 249): ((باب: في تَعَجُّبِ ربنا من
بعض ما يصنع عباده مما يتقرب به إليه))، ثم سرد جملة من الأحاديث التي تثبت هذه الصفة لله عَزَّ وجلَّ.
وانظر إن شئت: ((مجموع الفتاوى)) لشيخ الإسلام ابن تيمية (4/ 181، 6/ 123و124) ".
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[10 - 07 - 05, 05:16 م]ـ
اللهم بارك في الشيخ حارث همام واحفظه وأحسن إليه. وبارك اللهم في أبي ندى فإن حسن السؤال نصف العلم.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[10 - 07 - 05, 08:35 م]ـ
ما رأيكم حفظكم الله؟
يراجع: معجم المناهي اللفظية، فتاوى ابن عثيمين (ما رأي الدين في كذا، ... ).
تنبيه: الأسماء والصفات من أصول الدين.
ـ[عبد السلام بن محمد - أبو ندى]ــــــــ[11 - 07 - 05, 10:41 ص]ـ
أحسن الله إليك شيخنا الفاضل حارث همام
وجزيت خيرا يا شيخ هيثم على حسن الثناء 0
وبارك الله فيك يا شيخ أشرف , وما زلتُ أستفيد منك الفائدة تلو الأخرى
ولو زدتني إيضاحا لتمّ - إن شاء الله- لك الأجر0
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[11 - 07 - 05, 12:10 م]ـ
جزاك الله خيراً.
-------
جاء في معجم المناهي اللفظية:
وهكذا من المصطلحات المولدة الفاسدة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/285)
رأي الدين: الرأي في أساسه مبني على التدبر والتفكر، ومنها قولهم: ((رأي الدين))، ((رأي الإسلام))، ((رأي الشرع))، وهي من الألفاظ الشائعة في أُخريات القرن الرابع عشر الهجري، وهو إطلاق مرفوض شرعاً، لأن ((رأي)) إذا تجاوزنا معناها اللغوي: (رأى البصيرِيَّة) إلى معناها اللغوية الآخر ((رأى العلميَّة)) والرأي يتردد بين الخطأ والصواب؛ صار من الواضح منع إطلاقها على ما قضى الله به في كتابه وسنة رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فهذا يقال فيه: ((دين الإسلام)) ((إن الدين عند الله الإسلام)) والله سبحانه يقول {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: من الآية36].
فتشريع الله لعباده يقال فيه: حكم الله، وأمره ونهيه وقضاؤه، وهكذا، وما كان كذلك فلا يقال فيه ((رأي)) والرأي مدرجة الظن والخطأ والصواب.
أما إذا كان بحكم صادر عن اجتهاد فلا يقال فيه: ((رأي الدين)) ولكن يقال: ((رأي المجتهد)) أو ((العالم))؛ لأن المختلف فيه بحق، يكون الحق فيه في أحد القولين أو الأقوال [(1)].
وانظر بحثاً مهماً في كتاب ((تنوير الأفهام لبعض مفاهيم الإسلام)) للشيخ محمد بن إيراهيم شقرة ص / 61 – 73. [(2)]) انتهى.
(1) سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -: عن حكم الدين في ... ؟.
فأجاب -حفظه الله – بقوله: أولاً أنا أكره أن يُوَجّه للشخص مثل هذا السؤال، بأن يقال: " ما حكم الدين، ما حكم الإسلام، وما أشبه ذلك "؛ لأن الواحد من الناس لا يُعبر عن الإسلام؛ إذْ قد يخطئ ويصيب، ونحن إذا قلنا: إنه يعبر عن الإسلام، معناه: أنه لا يخطئ؛ لأن الإسلام لا خطأ فيه. فالأولى في مثل هذا التعبير أن يُقال: ما تَرى في حكم من فعل كذا وكذا؟ أو ما ترى فيمن فعل كذا وكذا؟، أو ما ترى في الإسلام هل يكون كذا وكذا حكمه؟. المهم أن يُضاف السؤال إلى المسؤول فقط) انتهى.
(2) جاء فيه:
التبيين في مسألتي حكم الدِّين ورأي الدِّين:
كانت جريدة الدستور الغراءُ قد نشرت لي مقالاً بعنوان: (رأي الإسلام في الإجهاض).
وعجبت أشد العجب وأنا أقرأ هذا العنوان، الذي ما خطر ببالي يوماً أن أختاره عنواناً لمقالي هذا أو لغيره.
ولعل جميع القراء -وبخاصة الذين عرفوني من قرب- يعرفون هذا عني، لذا فقد اتصل بي عدد منهم يسألونني، لِمَ اخترت هذا العنوان؟! وهل يجوز شرعاً أن يعنون بكلمة (رأي الدين) أو (رأي الإسلام) أو (رأي الشرع)؟!
وإذا كان السائِلون قد عرفوا أنني لم أختر هذا العنوان لمقالي هذا، وأنه كان من تصرف إدارة التحرير، وأنه لم يكن منهم عن سوء قصد، فإن مئات القراء الذين لم يسألوا قد ظنُّوا صواب هذا العنوان، وعدوا سكوتي وعدم تعقيبي عليه فتوى بجواز استعمال كلمة (رأي الإسلام) وجعلها مرادفةً لكلمة (حكم الإسلام).
وبياناً للحقيقة، وإظهاراً لوجه الصواب إن شاءَ الله، وكشفاً لأمر خافٍ على الناس، فلا بدَّ من تعقيب على هذا العنوان، حتى وإن جاءَ متأخراً، فإن لكل أجل كتاباً، وعسى أن يكون في هذا التأخير شيءٌ من الفائِدة لمن يحرص على معرفة الحق، ولا يحرص إلا عليه فقط، وإن كان يحرص على معرفة الباطل فلأجل اجتنابه والبعد عنه.
• أولاً:
اعتاد كثير من الذين يعنون بالكتابة، التساهل في إيراد بعض الألفاظ والمصطلحات، فيما يكتبون، إما أن يكون ذلك منهم من باب خفاءِ الأمر عليهم، وإما أن يكون من باب مجاراة العامَّة عن غير قصد منهم لذلك، وإما من باب الأخذ بالشائع وإن كان باطلاً، ونبذ المهجور وإن كان حقّاً، وليس من هذه الثلاثة شيءٌ يصلح أن يكون مستنداً لأولئِك، فيأخذوا به راغبين عما هو صواب ظاهر الصواب، والذي يتتبع ما كتب أُولئِك الكتاب فسوف يجمع الكثير من هذه الألفاظ والمصطلحات، ليخرجها للناس مجموعة، مبيناً زغلها، وغربتها عن جواهر الإسلام. ومن هذه الألفاظ والمصطلحات التي شاعت: (رأي الدين)، أو (رأي الإسلام)، أو (رأي الشرع).
• ثانياً:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/286)
ولا يكفي للحكم على بطلان هذا اللفظ الشائع حتى بين خاصة المثقفين الإسلاميين ودعاتهم أن نقول: إنه باطل غريب، فالحكم بإطلاق الألفاظ والأحكام من غير دليل على ما فيها من صواب أو من خطإٍ هو شيءٌ يدخل في باب التساهل، بل في باب النكر، ولا يتجاوز ما أشرنا إليه من غربة وزغل، وهذا -على الأقل- محظور على من يتصدى لبيان وجه الحق في أي أمر من الأمور.
• ثالثاً:
وإذ الأمر كذلك، وإنه لا يكفي في الحكم على هذا اللفظ بالغربة والبطلان، بإطلاق ذلك عليه، فلا بُدَّ إذاً من إقامة الحجة، وتقديم الدليل على بطلان هذا المصطلح وغربته، وعلى فساده وعدم صحته. فكلمة (رأي) مصدر لرأى يرى، يقال: رآه يراه رأياً، أي: أبصره بحاسَّة البصر، واعتقده، ودبَّره، فتكون كلمة (رَأْي) مصدراً لـ (رأَى البصرية) و (رأَى العلمية) كما يقول اللغويون والنُّحاة، ولسنا هنا بصدد الحديث عن رأى البصرية ومصدرها، بل حديثنا يدور حول رَأى العلمية ومصدرها.
فحين يعمل الإنسانُ رأيه في أمر للوقوف عليه صحةً أو بطلاناً، قوةً أو ضعفاً، صواباً أو خطأً، يعمله وهو يعلم علم اليقين أن وقوفه على أحد وصفي الأمر الذي يُعمل رأيه فيه، يتردد بين الوصفين اللذين يوصف بهما الأمر نفسه، من صحة أو بطلان، وقوة أو ضعف، وصواب أو خطإٍ، لأن وقوفه عليه -وهو الحكم الذي ينتهي إليه على هذا الشيءِ - ناشئٌ من تقديره العقلي، والعقل خَلْق الله سبحانه، ولا يبلغ حدَّ الكمال بنفسه، ولا يرتكس إلى النقص بنفسه، فنقصه وتمامه، أمران نسبيان ينشأ بهما الحكم على الأشياء.
والرأي هو نوع من التدبير، بل هو التدبير عينه، وإعمال النظر، وإجالة التفكير في الأمور، والحكم الذي ينشأُ من ذلك، لا يكون مقطوعاً به يقيناً، بل يكون مظنوناً، والظن -راجحاً كان أم مرجوحاً- لا يخرج عن دائِرة الظن، وإن كان صاحبه قد وصل إليه بإعمال، وتدبير، وتفكير، وتسميته حكماً من باب التجوُّز ليس إلاَّ، وهو بهذا لا يكون إلا ظنّاً، والرأي، والظنُّ، والحكم في هذا، كلُّها مترادفات لشيء واحد.
وإذ ذلك كذلك فإنَّ كلمة (رأي) لا تصلح أن تُطلق، ويراد بها أمر قضى به الله سبحانه في كتابه أو في سنة نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، لأنهما -الكتاب والسُّنَّة - هما قوام دين الله، الذي قال فيه: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ الله الإِسْلاَمُ} و {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلاَمَ دِيناً}.
وكل أمر قضى به الله في الكتاب والسُّنَّة يقالُ فيه: هو من دين الله، ودين الله يخاطب به الله سبحانه خلقه جميعاً على لسان نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وقد عرَّف العلماء الحكم الشرعي بأنه: خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين، إما بالطلب، وإما بالكف، وإما بالتخيير، والله سبحانه لا يخاطب عباده بحكم مبني على التدبير، والتفكير، وإعمال النظر، بل يخاطبهم بحكمٍ ناشئٍ من علمه بما يصلح لعباده، وإرادته الصلاحَ لعباده، فيقضي به بكلمة كن، فيكون حكماً لله سبحانه، ليس الرأي شيئاً قريباً منه، وليس هو قريباً من الرأي، بل بينهما من البعد والفرق ما بين الرأي والحكم.
وتشريع الله أحكامه، وخطابه عباده بها يكون، بلفظ: (قضى) أو (حَكَم)، أو (أمر)، كقوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً}، وكقوله تعالى: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ الله وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ}، وكقوله تعالى: {إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}.
وهذه الألفاظ بمعانيها اللغوية لا تحتمل إلا وجهاً واحداً فقط، وهو إمضاءُ ما تحمل من حكمٍ وإنفاذُه، على مُراد الله سبحانه، ومرادُ الله في خطابه، لا ينكشفُ لعباده إلا بظهوره بأمره أو بقضائِه أو بحكمه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/287)
وأمر الله سبحانه عباده بأحكامه إما أن يكون بصريح لفظ (أمر) أو ما اشتق منه، وإما بألفاظ أخرى بصيغة طلب الأمر، كقوله تعالى: {حَافِظُواْ}، وكقوله: {فَاتَّبِعْهَا}، وكقوله: {قُلِ}. وإما بصيغة طلب النهي، كقوله تعالى: {لاَ تَكُونُواْ}، وكقوله: {لاَ تَقْرَبُواْ}، وكقوله: {لاَ تَشْتَرُواْ}.
وكلا الصيغتين: الأمر والنهي لهما صيغٌ أخرى، تفيد ما يفيده صريح الأمر والنهي، من طلب للشيءِ، أو طلب للكفِّ عنه، كقوله تعالى في الأمر: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}.
مما تقدَّم يستبين لنا أن الرأْي ليس له موردٌ قطعاً في أوامر الله ونواهيه، وأن ما قضى به الله سبحانه، أو حكم به، أو أمر، ونزل به الوحي على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إنما كان قضاءً أو حكماً أو أمراً عَلِم الله سبحانه به مصلحةً لعباده، فخاطبهم به خطاب العليم الحكيم الذي أحاط بكل شيء علماً منذ أن كان.
وقد يقول قائل: إنَّ الله سبحانه قد نسخ بعض الأحكام وشرع غيرها بدلاً منها، وأثبت ذلك في محكم تنزيله فقال: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}، وقال أيضاً: {وَإِذَا بَدَّلْنَآ آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَالله أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ} أفليس هذا يشبه أن يكون رأياً؟!
فأقول: هذا قول في دين الله سبحانه بغير علم، وليس يدَّعيه إلا من لم يؤْت أدنى حظٍّ من الفقه في الدين، أو كان مجانباً للحق، باغياً عليه، عادياً حدوده، إذ النسخ شيءٌ، والرأي شيءٌ، فالنسخ زوال حكم قضى به الله وأمر به عباده في زمان ما، بحكمٍ آخر، اقتضت حكمته - وهو أعلم بما يصلح لعباده- أن يكون خطابه لهم على هذا النحو، يُدْرَكُ ذلك بعد ظهور الحكم واستجابة العباد له، وإذعانهم له بالعمل به، فيعلمون أن خطابهم بالحكم، أو بالحكمين الناسخ والمنسوخ في زمانين متعاقبين، إنما كان من رحمة الله سبحانه بهم.
ثم إن من يقول بأن النسخ يشبهُ أن يكون رأياً، قد أوغل بعقله القاصر مَوْغِل بعض الفرق الشاردة عن مورد الهدى، تلك التي تقول وتعتقد بعقيدة «البَداء»، وهي عقيدة تكاد أن تكون اتهاماً صريحاً لله في علمه حاشاه، إذ معنى البَداءِ: «علم شيءٍ لم يكن الله يعلمه من قبل، فبدا له وظهر من حسن شيءٍ أو قبحه ما كان خافياً مستوراً»، وأيُّ ضلال أكبر من مثل هذا الاعتقاد المفترى على الله جلَّ جلاله، وهو الذي أحاط بكل شيءٍ منذ أن كان، وهو وحده أعلم كيف كان، وإلى أن تقوم الساعة.
فأيُّ فرق حينئذٍ بين من يرى أن النسخ يشبه أن يكون رأياً، وبين من يقول ويعتقد بعقيدة البداء؟! فهما شيءٌ واحد، واسم واحد، لمسمَّى واحد، وإن اختلفت صورتهما، وتباينت حروفهما.
والوحيان (الكتاب والسُّنَّة) شيءٌ واحد، مصدرهما الله سبحانه، نزل بهما جبريل على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وقد قطع الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الطريق على أُولئِك الذين أرادوا أن يفرقوا بين الوحيين، فقال: «يوشك الرجل متكئاً على أريكته يحدَّث بحديث من حديثي فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله عز وجلَّ، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرَّمناه، ألا وإن ما حرَّم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثل ما حرَّم الله»، وقال فيهما أيضاً: «ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض».
ولست هنا بصدد بيان مرتبة السُّنَّة من القرآن، والقرآن من السُّنَّة، فهذا يطول جداً، وقد أفردته في بحث خاص، أتيت فيه على مسائل نافعة إن شاء الله تعالى، يسَّر الله نشره، ولكنني بصدد بيان أنه لا يجوز إطلاق (الرأي) على السُّنَّة النبوية، كما لا يجوز إطلاقها على القرآن، فكلاهما وحيٌ من الله سبحانه، يدبِّر بهما أمر خلائِقه، الذين ذرأهم في الأرض ليعمروها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/288)
ومما يؤكد هذا أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - -مناط الوحي، ومعدنه المتلقيه، وحافظه ومُبْلغُهُ- قد علَّم الأُمة أن الرأي منه لا يكون وحياً، وأن الوحي لا يكون إلا وحياً، وأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بمحض بشريته لا يكون إلا بشراً فقال عليه السلام: «إذا أمرتكم بشيءٍ من رأيي فإنما أنا بشر»، فما يصدر عنه من رأي محض يظل رأياً، ربما كان رأي غيره مقدماً عليه، كما كان ذلك في تأبير النخل، وردِّه الأمر إليهم، وأنهم أعلم بأمور دنياهم، وما ذلك منه صلوات الله عليه وسلامه إلا إقراراً ببشريته، وإن فاق بشرية الناس بها، لكنه يظلُّ بشراً، يكون منه ما يكون من سائِر البشر، يدع لهم ما يحسبون أنهم على علم به لتجربة أو خبرة، فيقول لهم يوماً في سفر، وقد ظنوا أنهم فرَّطوا في صلاتهم: «ما تقولون؟ إن كان أمر دنياكم فشأنكم وإن كان أمر دينكم فإليَّ» إنه حقّاً لرسول بشر عظيم!!
وقد فَقه الصحابةُ رضوان الله عليهم هذا عن نبيهم عليه الصلاة والسلام، فما عدوه، ولا جاوزوه، بل وقفوا عنده، ولزموه، وكانوا به متبعين، آخذين به أنفسهم، فلم يقدِّموا الرأي، ولم يُقدموا على جعله سبيلاً إلى دين الله، إلا كان أحدهم يعجز عن إقامة الدليل على المسألة التي يفتي بها غيْره، متهماً نفسه أولاً، فهذا عمر رضي الله عنه، يخطب الناس يوماً فيقول: «يا أيها الناس، إنَّ الرأي إنما كان من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مصيباً؛ لأن الله كان يُريَه، وإنما هو منا الظنُّ والتكلف».
بمثل هذا النظر الدقيق المنبِئ عن تقوى في صدورهم كانوا يعرفون الفرق الكبير بين الوحي وبين الرأي، قبل أن يتقرر الوحي فيُمضى، لأنه وحي، أو يوقَفُ عنده، فلا يُمْضَى لأنه ليس بوحي.
وقد ظل الرأي مدرجة الظن والاتهام والخطإ عند الصحابة، ومن بعدهم، ممن أخذ عنهم أو أخذ ممن أخذ عنهم، لا يجدون فيه بَلالاً لعقولهم، التي ما كانت تجد ريّاً لظمئِها إلا في نصوص الوحي فحسب، حتى وفدت على دار الإسلام وأهله عقول، لم تكن بقادرة أن تُسيغ بعجمتها الفكرية سلامة الوحي، وصفاء آياته وكلماته، فأبعدت النجعة بآرائِها، وسارت بالأمة بعيداً عن صفاء الوحي وسلامته، وأخذت تزرع آراءَها العقلية، بين أظهر المسلمين، وكادت أن تجعل منها ديناً يعدل الوحي، ولكن أنى؟ وكيف؟ والوحي محفوظ بحفظ الله، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه!!
ولست بمُغْفِلٍٍ القولَ: إن الاجتهاد الذي حرَّك نصوص الوحي في عقول العلماء، وأدخلها عقول الملايين من طلاب العلم في شتى الأعصار والأمصار، وماج بها موجاً في عرصات المدارس والمساجد، وبنى صروحاً شامخة ضخمة في كل ديار الدنيا، انطلقت من فوقها نظريات وقواعد علمية جرت في الآفاق مجرى الليل والنهار، وفي الأنفس والعقول مجرى الهواء والدَّم، وبهرت أنظار العلماء من كل أُمم الأرض قاطبة، وحملتهم على حروفها ودلالاتها كما تحمل الطيور على الأغصان المونقة الخضراء.
أقول: إن هذا الاجتهاد كان، ولا زال، وسيظل أبرز سمات الإسلام نفسه وأعظمها، بل هو السمة الظاهرة الكبرى، التي تميزه من بين سائر الأديان والمذاهب، التي حملها الأنبياء والمصلحون البشر إلى شعوبهم وأُممهم.
ولكن الاجتهاد لا يعني سوى تقليب النظر، وإعمال التفكير في النصوص، أو في النص الواحد لاستنباط حكم لا يفيده النص صراحة، بحيث يقال فيه: لا اجتهاد مع النصِ، فيكون الاجتهاد على هذا النحو الذي ذكرنا رأياً للمجتهد، يُصيبُ فيه أو يخطئُ، وله بصوابه فيه أجران، ويخطئِه فيه أجر واحد، غيْر أنَّه لا يُقال لاجتهاد أيِّ مجتهد، مهما كانت قدمه راسخة في الاجتهاد: هذا رأيُ الدين، أو رأي الإسلام، بل يُمكن أن يقال: هذا رأيُ المجتهد فلان في هذه المسألة، مع القطع بأن اجتهاده لا يعني أنه هو الذي أصاب به الحق المراد لله سبحانه، وأن اجتهاد غيره هو الخطأ، الذي لم يصب الحق المراد لله سبحانه، إذ الاجتهاد كما تقدم هو إعمال التفكير وتقليب النظر في النص الواحد، أو في النصوص، وهذا يكون منه الخطأُ كما يكون منه الصواب، وإلا لكان المجتهدون كلهم مخطئين أو مصيبين، وهذا ليس من العقل في شيءٍ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/289)
ومع أنَّ الجلَّة من أهل العلم في كل عصر لم يجاوزوا باجتهادهم هذا الفهم، فإنهم جميعاً أو عامتهم كانوا يرون في الرأي شيئاً من الإثم، أو يكاد، يفرون منه إلى البحث عن النص الصريح في الدِّلالة أو غير الصريح، يأخذون منه الحكم في المسألة التي تعرض، فإذا عجزوا فاؤوا إلى الرأي الاجتهادي في حرج بالغ، وقد توافرت النصوص عنهم، التي تفيد رغبتهم الأكيدة عن الرأي وذمِّه، إلى النص وحده ومدحه، مع إيصائِهم الناس أن يكونوا من الرأْي على حذر، وأن يطَّرحوا الرأيَ بعيداً حين يجدون الدليل من كتاب الله، وسُنَّة نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، يقول إمام دار الهجرة مالك بن أنس: «إنما أنا بشر أُخطئُ وأُصيب، فانظروا في رأيي، فكل ما وافق الكتاب والسُّنَّة فخذوا به، وكل ما لم يوافق الكتاب والسُّنَّة فاتركوه». وقد اتفقوا جميعاً على هذه الكلمة، على اختلاف في ألفاظها وحروفها. فقالها الإمام الشافعي، وأبو حنيفة، والأوزاعي، وغيرهم، وكل واحد كان يقولها وهو يعلم أنّ علماً كثيراً من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يصله، وإن كان قد بذل جهداً في تحصيله وتعليمه الناس، ولم يدَّخر وُسْعاً أن يصيب منه قدراً ينيله تقوى الله، ويقفه تابعاً خلف نبيه صلوات الله وسلامه عليه.
وبدهي أن الرأي المذموم عند هذه الجلَّة الباهرة، ليس الرأي الذي يتعارض مع النص في صراحته أو دلالته القريبة أو البعيدة، فهذا شيءٌ كان عندهم أدنى إلى الكفر منه إلى الإيمان، لكنه الرأي الذي لا يجد باذله عنه مندوحة لتقرير مسألة، أو إظهار حكم الله في أمر يؤديه إليه اجتهاده، الذي يتقرب به إلى الله عبادة.
هذا الرأي كانوا يفرون منه، ويود أحدهم لو يلقى الله سبحانه وهو لم يفت مستفتٍ في مسألة واحدة، لكنه إذا لم يجد إلا أن يفتي فهو يقدم على الفتيا، وقد علت وجهه الرُّحضاء، وارتجف قلبه من خوف ما هو مقدم عليه، كأنما نار تتلظى يراها بناظريه، يكاد أنْ يكب فيها على وجهه، لأنه إنما يفتي موقعاً بفتياه عن الله عز وجل، فأي أرض تقله، وأي سماءٍ تظله، وأي مدخلٍ يأوي إليه، إن هو قال على الله مالم يرد، أو قال على نبيه عليه السلام ما لم يأذن به؟؟!!
من هنا ظلَّ الرأْي متهماً عندهم، لا يفصح عنه أحدهم إلا محذراً غيره، خائِفاً منه على نفسه، وهذا ابن سيرين رحمه الله، كان إذا سئِل عن شيءٍ قال: «ليس عندي فيه إلا رأي أتهمه، فيقال له: قل فيه على ذلك برأيك، فيقول: لو أعلم أنَّ رأيي يثبت لقلت فيه، ولكني أخاف أن أرى اليوم رأياً، وأرى غداً غيره، فأحتاج أن أتبع الناس في دورهم».
وكذلك قال سالم بن عبدالله بن عمر لرجل سأله عن شيءٍ: «لم أسمع في هذا بشيءٍ، فقال له الرجل: إني أرضى برأيك، فقال له سالم: أُخبرك برأي ثم تذهب، فأرى بعدك رأياً آخر غيره فلا أجدك».
ومن قبل هؤلاء قال الصحابة مثل قولهم، فكان قول المتأخرين موافقاً قول المتقدمين مطابقاً له، حتى لكأنهم ينطقون بلسان واحد، ويصدرون عن نظر واحد، ولا يخالف أحدهم الآخر إلا في اللفظ وحدهُ، وهذه منَّة امتن الله بها على هؤلاء النفر، الذين أُوتوا العلم بإخلاصهم، وصدق توجههم إلى ربهم، من ذلك ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا سئل عن شيءٍ لم يبلغه فيه شيءٌ قال: إن شئْتم أخبرتكم بالظن.
وكان الرأي عند أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غير مساغ قط حتى ولو كان صواباً، فلا يجد أحدهم بدّاً من نصح إخوانه أن يتهموا الرأي في الدين، وإذ الرأْي متهم فصاحبه مقدَّم في الاتهام. فهذا سهل بن حنيف رضي الله عنه يقول: «يا أيها الناس، اتهموا رأيكم عن دينكم، لقد رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أردَّ أمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لرددته، وما وضعنا سيوفنا على عواتقنا إلى أمر يفظِعنا إلا أسهَلْنَ بنا إلى أمرٍ نعرفه».
وكان هذا منهم ليس من عند أنفسهم، بل هو أخذ عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الذي قال لهم فيما يروي لنا عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما: «إن الله لا ينزع العلم بعد أن أعطاهموه انتزاعاً، ولكن ينتزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم، فيبقى ناسٌ جهَّال يستفتون، فيفتون برأيهم، فيُضلُّون ويَضِلُّون».
ولقد صدق أبو السمح حين قال: «إنه سيأتي على الناس زمان يُسْمِن الرجل راحلته، ثم يسير عليها حتى تهزل، يلتمس من يفتيه بسنَّة، فلا يجد إلا من يفتيه بالظن».
ولقد نبتت نابتة سوء في زماننا حين ألوى المشايخ أعنَّة عقولهم عن الإصغاء للحق وسماعه من نفر آتاهم الله حظّاً من فهم الكتاب والسُّنَّة، وأخذوا يعرضون على الناس هذا الفهم بأسلوب يجمع بين لغة الماضي ودقتها، وبين لغة الحاضر وسهولتها، فأصغت قلوب الكثيرين وعقولهم إليهم، فأوجد عليهم المشايخ، وأخذوا يريشون السهام ويشدون أوتار الأقواس، ويرمونهم من مكان خفي، لا يجرؤون على المواجهة الصريحة الشريفة، لعلمهم أنهم عاجزون أمام أُولئِك النفر، فأتوا من جهل وحسد في آن معاً، وشر الداء وأدوؤه ما يكون من جهل وحسد.
وأخيراً فإنني لا أحسب أحداً يجرؤُ أن يقول: رأي الله كذا، وأي فرق ظاهر بين قولنا مثلاً: رأي الله كذا، ورأي الدين أو الإسلام كذا، فإن الدين هو الوحي المنزل على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الذي قال الله فيه: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ الله الإِسْلاَمُ}. انتهى بنصه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/290)
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[11 - 07 - 05, 02:28 م]ـ
بارك الله فيكم ياإخواني الأفاضل على إفاداتكم
لكن ألا يقال إن الوارد في النصوص هو وصف الله بالعجب وليس فيها وصفه بالتعجب فنقف مع النص نفيا وإثباتا
وأذكر مثالا مقاربا لهذه المسألة وهو وصف الله بالنزول إلى السماء الدنيا وقد قال شيخنا محمد العثيمين رحمه الله إن الله يوصف بالنزول ولا يوصف بالتنزل فلا يقال إن الله يتنزل أو وقت التنزل الإلهي لأن الوارد في الأحاديث النزول وليس التنزل
أفلا يقال في مسألة العجب والتعجب ماقيل في مسألة النزول والتنزل
ـ[حارث همام]ــــــــ[11 - 07 - 05, 07:57 م]ـ
شكر الله لكم ..
وأقول لأخي هيثم جزاك الله خيراً ولعل ملكاً قبلي قال لك ولك بمثل، وإني لأرجو أن يكون ما أكتبه وكثير من الإخوة هنا من خير إن كان صواباً أن ينالك أجره فأنتم من تسببتم في مشاركتي وصبرتم على إزالة إشكالات في اشتراكي ولن أنسى لكم جميل صبركم فأسأل الله أن يثيبكم ويثبتكم.
وبخصوص مداخلة الأخ الكريم أشرف بن محمد فلعله لا إشكال في سؤال أبي ندى فإن مثلي يسأل عن رأيه ولايسئل عن رأي الدين مثلي ولا غيري، فلو قال ما رأي الدين لأشكل الأمر أما ما رأيكم فلا غبار فيها.
وأخيراً أقول لأخينا أبو الدحمي:
روى الهيثمي في موارد الظمآن من حديث عبدالله بن محمد بن سلم قال حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي عشانة عن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((تعجب ربنا)) من راعي غنم في رأس الشظية للجبل يؤذن بالصلاة ويصلي فيقول الله جل وعلا انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم الصلاة يخاف مني غفرت لعبدي وأدخلته الجنة.
قال حارث الهمام: هذا إسناد جيد، وحرملة بن يحيى مقدم في ابن وهب. وقد جاء اللفظ في غير هذا الحديث.
ولعل هذا يغني عن الخوض أصل المسألة، وإن نشطت عدت إليها.
جزاكم الله خيراً جميعاً ونفع بكم.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[11 - 07 - 05, 08:47 م]ـ
جزاكم الله خيراً.
-------
((إنما أنا بشر، إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به، و إذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر)) صحيح الجامع 2338.
قال العلماء: قوله صلى الله عليه وسلم: " من رأيي "، أي: في أمر الدنيا ومعايشها، لا على التشريع " اهـ النووى / مسلم.
قال في فيض القدير: " فإنما أنا بشر " يعني: أخطئ وأصيب، فيما لا يتعلق بالدين؛ لأن الإنسان محل السهو والنسيان، ومراده بالرأي: الرأي في أمور الدنيا. اهـ
المسألة التي نحن بصددها، لا دخل للآراء فيها، إنما هو حُكم الله، فالحق واحد، إذْ أنها ليست من مسائل الإجتهاد.
وإذا كان صلى الله عليه وسلم يقول: " و إذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر "
فغيره أولى.
الأسماء والصفات من أصول الدين، ليست من أمور الدنيا، ليست من مسائل الإجتهاد، الحق فيها واحد، لا دخل للآراء فيها، يقال فيها: ما حكم الله؟ ما حكم رسوله صلى الله عليه وسلم؟
ـ[حارث همام]ــــــــ[11 - 07 - 05, 11:28 م]ـ
أخي الكريم، لاشك أن الأسماء والصفات من أصول الدين، والحق عند التنازع فيها واحد، بل جميع مسائل الشرع من حكم الله، والحق فيها واحد على الصحيح عند اتحاد المتعلق، ولهذا لايقال رأي الدين كذا، فالدين لايعرض رأياً وإنما يلزم بحكم لايسعنا أن نقول فيه إلاّ سمعنا وأطعنا.
وفرق بين هذا وبين السؤال فالسائل عن أحكام الشرع لاينبغي أن يقول ما حكم الله أو ما حكم الدين، ولكن ينبغي أن يسأل -كما فعل أخينا عن رأي المسؤول- وإذا سئل المفتي عن حكم الله أو حكم الشرع فيكره له أن يقول حكم الله كذا أو حكم الشرع كذا وقد جعل الإمام ابن القيم محلاً في إعلام الموقعين تعرض فيه لهذا فقال فيه:
"وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أميره بريدة أن ينزل عدوه إذا حاصرهم على حكم الله، وقال فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا، ولكن أنزلهم على حكمك وحكم أصحابك.
فتأمل كيف فرق بين حكم الله وحكم الأمير المجتهد، ونهى أن يسمى حكم المجتهدين حكم الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/291)
ومن هذا لما كتب الكاتب بين يدي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حكما حكم به فقال: هذا ما أرى الله أمير المؤمنين عمر. فقال: لا تقل هكذا، ولكن قل: هذا ما رأى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.
وقال ابن وهب: سمعت مالكا يقول: لم يكن من أمر الناس ولا من مضى من سلفنا، ولا أدركت أحدا أقتدي به يقول في شيء: هذا حلال، وهذا حرام، وما كانوا يجترئون على ذلك، وإنما كانوا يقولون نكره كذا، ونرى هذا حسناً، فينبغي هذا، ولا نرى هذا. ورواه عنه عتيق بن يعقوب وزاد ولا يقولون حلال ولا حرام، أما سمعت قول الله تعالى: (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آ لله أذن لكم أم على الله تفترون) الحلال ما أحله الله ورسوله والحرام ما حرمه الله ورسوله ... ". ولشيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى 5/ 17 وما بعدها كلام له تعلق لا أريد أن أطيل بسرده فلينظر.
فالذي كرهه السلف هو أن يقول المفتي أو المجتهد إذا سئل عن مسألة هذا حكم الله، أما إذا قال رأيي كذا، أو أرى كذا فلا حرج ولا إشكال.
فما أعتقده أنا ويعتقده غيري فهو رأي له، قد يكون اجتهادياً وقد يكون قطعياً، وفي كليهما الصحيح والخطأ، ولا ينافي كونه اعتقادا قطعيا عندي أنه رأي لي ارتأيته وأنه خطأ عند غيري. كما أني أدين الله بخطأ المعتزلة مثلاً في الأسماء والصفات وأعتقد أن رأيهم باطل، ولهذا جاء في كلام أهل العلم قولهم رأي أهل السنة كذا، وقولهم في رأي أهل البدع خلافاً لرأي أهل السنة ونحو هذا.
وإنما قد يتوجه الذم لمن سأل ما حكم الله، أو ما حكم الشرع، وبالأخص إذا كان السؤال من مسائل الاجتهاد، وقد سمعت غير واحد من المشايخ الكبار ينكر على من يسأل عن حكم الشرع وحكم الله ويوجه السائل بأن يقول ما الحكم ونحو ذلك. ولو قال ما حكم الله الذي به تدينون أو الذي تعتقدون أو نحو ذلك لساغ.
أما من سألني عن رأيي فله ذلك وقد قرر شيخ الإسلام أنه ليس لنا أن نلزم الناس ما لم يلزمهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقوله لانصاً ولا استنباطاً.
فالذي يظهر أن لا إشكال في السؤال والله أعلم.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[12 - 07 - 05, 12:15 ص]ـ
جزاكم الله خيراً وبارك فيكم
------
معظم ما أوردتَ، يتعلق بمسائل الإجتهاد، وهذه لا أخالف فيها، بل جئتُ بما يقرر ذلك، فمنه: (أما إذا كان بحكم صادر عن اجتهاد فلا يقال فيه: ((رأي الدين)) ولكن يقال: ((رأي المجتهد)) أو ((العالم))؛ لأن المختلف فيه بحق، يكون الحق فيه في أحد القولين أو الأقوال) اهـ
-----
للفائدة:
أين أجد هذه في كتب المتقدمين من أهل السنة: (ولهذا جاء في كلام أهل العلم قولهم رأي أهل السنة كذا) اهـ، وعلى الأخص فيما يتعلق بباب الأسماء والصفات الذي نحن بصدده.
-----
(أما من سألني عن رأيي فله ذلك وقد قرر شيخ الإسلام أنه ليس لنا أن نلزم الناس ما لم يلزمهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقوله لانصاً ولا استنباطاً.) اهـ
هذا الكلام يحسن في أمور الإجتهاد كما مَرّ معنا.
أما باب الأسماء والصفات، فالإلزام حاصل.
فلا مجال للرأي هنا.
----
والله أعلم بالصواب.
ـ[حارث همام]ــــــــ[12 - 07 - 05, 12:27 م]ـ
الأخ الحبيب ..
نعم هو كذلك كثير مما أوردت يتعلق بمسائل الاجتهاد، وبعضها نصوص عامة تشمل الإثنين، أما كلام شيخ الإسلام المحال عليه فقد جمع الأمرين ونص فيه على المسائل العلمية، فقال بعد أن ذكر أضرباً من مسائل الفروع:
"فإذا كان هذا قولهم في الأصول العلمية، وفروع الدين، لا يستجيزون إلزام الناس بمذاهبهم مع استدلالهم عليها بالأدلة الشرعية، فكيف بإلزام الناس وإكراههم على أقوال لا توجد في كتاب الله، ولا في حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تؤثر عن الصحابة والتابعين، ولا عن أحد من أئمة المسلمين.
ولهذا قال الإمام أحمد لابن أبي دؤاد الجهمي الذي كان قاضي القضاة في عهد المعتصم، لما دعا الناس إلى التجهم، وأن يقولوا القرآن مخلوق، وأكرههم عليه بالعقوبة، وأمر بعزل من لم يجبه وقطع رزقه، إلى غير ذلك مما فعله في محنته المشهورة، فقال له في مناظرته لما طلب منه الخليفة أن يوافقه على أن القرآن مخلوق. ائتوني بشيء من كتاب الله أو سنة رسوله حتى أجيبكم به.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/292)
فقال له ابن أبي دؤاد: وأنت لا تقول إلا بما في كتاب الله أو سنة رسوله؟
فقال له: هب أنك تأولت تأويلا فأنت أعلم وما تأولت، فكيف تستجيز أن تكره الناس عليه بالحبس والضرب. فبين أن العقوبة لا تجوز إلا على ترك ما أوجبه الله، أو فعل ما حرمه الله فإذا كان القول ليس في كتاب الله وسنة رسوله لم يجب على الناس أن يقولوه؛ لأن الإيجاب إنما يتلقى من الشارع، وإن كان للقول في نفسه حقا، أو اعتقد قائله أنه حق، فليس له أن يلزم الناس أن يقولوا ما لم يلزمهم الرسول أن يقولوه لا نصا ولا استنباطا".
لقد قرر علماؤنا أن من المسائل العملية التي يسميها المتكلمون فروعاً أصولاً، كما أن بعض المسائل العلمية العقدية فروعاً، وقرروا أن الاجتهاد يقع في المسائل العملية وقد يقع في المسائل العلمية، وإذا كان هذا متقرراً لديكم فكلام الأئمة السابق يشمل الأصول ويشمل الفروع لأن أحكام الشرع العملية منها القسمين.
فهل بعد هذا يقال لمن سأل أحداً عن رأيه في مسألة قطعية عنده أنه مخطئ؟ هذا هو بيت القصيد؟
وإذا كان تقسيم الفروع والأصول على ما سبق متقرراً فهل يسوغ لمن سئل عن رأييه أن يقول حكم الله كذا في مسألة لم ينطق بها النص وفقاً لما قاله السلف؟
وما هو الإشكال في سؤال المرء عن رأيه في الأمور القطعية عنده؟ وبأي دليل منعتموه؟ مع ملاحظة أن رأيه هو ما يراه في المسألة كما أن قوله هو مايقوله فيها ولافرق بين الإثنين.
هذا وقد نقلتم فيما نقلتم -بارك الله فيكم- فتوى الشيخ ابن عثيمين ونصها: "سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -: عن حكم الدين في ... ؟.
فأجاب -حفظه الله – بقوله: أولاً أنا أكره أن يُوَجّه للشخص مثل هذا السؤال، بأن يقال: " ما حكم الدين، ما حكم الإسلام، وما أشبه ذلك "؛ لأن الواحد من الناس لا يُعبر عن الإسلام؛ إذْ قد يخطئ ويصيب، ونحن إذا قلنا: إنه يعبر عن الإسلام، معناه: أنه لا يخطئ؛ لأن الإسلام لا خطأ فيه. فالأولى في مثل هذا التعبير أن يُقال: ما تَرى في حكم من فعل كذا وكذا؟ أو ما ترى فيمن فعل كذا وكذا؟، أو ما ترى في الإسلام هل يكون كذا وكذا حكمه؟. المهم أن يُضاف السؤال إلى المسؤول فقط) انتهى". وهذا كلام عام لاتفريق فيه.
ونقلتم من كلام الأشقر ما يدور في فلك المنع من قول رأي الدين كذا، وأما سؤال الشخص عن رأيه -على ما قرره ابن القيم في الرأي الحسن- فلا أظن أن أحداً من أهل العلم يمنعه، والله أعلم.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[12 - 07 - 05, 02:45 م]ـ
جزاكم الله خيراً وبارك فيكم
أنا أتدارس لأستفيد من أصحاب الفضل أمثالكم
-----------
في الموطأ (1597)، وغيره، عن: (أبي سهيل بن مالك أنه قال:كنتُ أسير مع عمر بن عبد العزيز، فقال ما رأيك في هؤلاء القدرية؟، فقلتُ: رأيي أن تستتيبهم، فإن تابوا وإلا عرَضْتَهم على السيف. فقال عمر بن عبد العزيز: وذلك رأيي، قال مالك: وذلك رأيي).
قلتُ: أولاً: شأن العقوبة هنا، كان رأياً؛ لأنه يتعلق بعقوبة فرقة محدَِثة، ومن ثم كان من باب الإجتهاد.
ثانياً: قوله " فإن تابوا وإلا عرَضْتَهم على السيف "، هنا نَوعُ إلزام ظاهر.
-----------
خرّج الهروي في " ذم الكلام وأهله"، من طريق: " محمد بن يحيى، سمعتُ أبا الوليد يقول: وحدّث بحديثٍ إلى النبي صلى الله عليه و سلم "مرفوع "، فقيل له: ما رأيك؟، فقال: ليس لي مع النبي صلى الله عليه و سلم رأي " اهـ
قال أبو الوليد هذا، مع كَون أنّ رأيه هو موافق للحديث، ولكنه كره: " ما رأيك ".
-----------
وفي الحديث الذي أوردتُه أنفاً: " إنما أنا بشر، إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به، و إذا أمرتكم بشيء من رأيي، فإنما أنا بشر ".
فهنا فرّق بين ما هو: دين، وبين ما هو رأي.
--------------
وفي حديث جبريل، قال " ... فأخبرني عن الإيمان؟، ... "، وفي رواية " ... ما الإيمان؟، ... "،
ولم يقل مارأيكَ في الإيمان؟، مع أن المسؤول هو: صلى الله عليه وسلم.
وفي الحديث: " فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم " ومنه: كيفية عرض السؤال فيما يتعلق بمسائل الإيمان.
---------
وعلى العموم أنا لا أرتاح إلى هذه الصيغة، والله أعلم.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[12 - 07 - 05, 04:32 م]ـ
بالنسبة لكلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
1 - يلا حظ أني قمتُ بتلوينه باللون الأخضر في المشاركة (6)، وجعلته يسير في سياق كلام الشيخ بكر أبو زيد، الذي تم تلوينه أيضاً بالأخضر، وهذا مني مقصود، فنرجو مراجعة ذلك.
2 - قولكم في كلام الشيخ ابن عثيمين أنه (عام لاتفريق فيه.) اهـ
كلا بل هو مقيد بمسائل الإجتهاد يقيناً، بدليل قوله رحمه الله: (لأن الواحد من الناس لا يُعبر عن الإسلام؛ إذْ قد يخطئ ويصيب) اهـ
وهذا لا يكون إلا في مسائل الإجتهاد.
-----
تنبيه: سبق قلم منكم حفظكم الله (ونقلتم من كلام الأشقر)
صوابه: محمد بن إبراهيم شقرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/293)
ـ[حارث همام]ــــــــ[12 - 07 - 05, 06:02 م]ـ
شكر الله لكم، ولعل في المسألة تداخل ..
فالكلام لايتعلق بإلزام صاحب السلطان أياً كان ما يراه ديناً من يليه أمره، فهذا لا نزاع فيه. سواء كان ذلك في مسائل الفروع والحلال والحرام -كعامة مسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- أو مسائل الاعتقاد أصولها وفروعها إذا جزم في أي منها برأي بان له برهانه.
ولكن الحديث عن مسألة أخرى وهي إلزام الناس بقول أو منعهم من قول بم يسوغ؟ ماهو حكم قول القائل مثلاً: ما رأيكم في المسألة الفلانية من مسائل الاعتقاد. هل قوله ما رأيكم يمنع منه هل هو حلال أم حرام؟ يسوغ أو لايسوغ؟
الذي يظهر جواز ذلك فلا دليل يمنعه والنصوص المذكورة وكلام السلف في الذم لايتوجه إلاّ في حق من سأل مارأيكم في قول الله سبحانه كذا أو قول رسوله صلى الله عليه وسلم كيت، ونحو ذلك فإن هذا دين لا رأي لنا فيه غير الرضا والتسليم وإن ساغ التعليل والتماس الحكمة.
أما رأيي في مسألة شرعية فليس سؤال عن رأيي في نص آية أو حديث وليس رأيي في المسألة العقدية بنص معصوم وإن كنت أعتقد صوابه اعتقاداً جازماً بالبرهان الواضح وأرى أن الشرع يلزمني العمل به ودعوة الناس إليه وإن كنت ذا سلطان مخول بحمل الناس عليه لحملتهم عليه شريطة ألا يقتضي ذلك إلزامهم النطق بما لم ينطق به الشرع، أو منعهم من النطق بما نطق به الشرع.
وعوداً على تعليقكم السابق فقد قلتم في قول الشيخ: "لأن الواحد من الناس لا يُعبر عن الإسلام؛ إذْ قد يخطئ ويصيب" اهـ
وهذا لا يكون إلا في مسائل الإجتهاد.
ألا ترون -أحسن الله إليكم- أن الخطأ والصواب قد يكون في مسائل الاعتقاد، وأكبر دليل عليه حال الأمة وافتراقها إلى مذاهب عددا، فإن قلتم نعم ولكن ما يقوله المجتهد في مسائل الاعتقاد يعتقد أنه حق وصواب، أقول وكذلك المسائل العملية ما يقرره المجتهد يعتقد أنه حق وصواب، وهذا رأي رآه وذلك رأي رآه، قد نخالفه فيه وقد نوافقه. فمسألة أن للآخر رأي ولنا رأي واضحة، والذي يبين الأجدر بالصواب نصوص الوحي وطرق الاستنباط منها وإجماع السلف فهذا هو الذي يقضي بصواب أحد الرأيين، فإذا سأل سائل عن الرأي ذكرنا له قولنا، وهذا ما يسعه قبوله أو رده، فإذا ذكر له الدليل فلا يسعه رده ولابد له من قبوله، وعامة أهل الإسلام يقبلون الدليل ويخالفون في المدلول فما رأيته مدلولاً قد لايراه الآخر كذلك مع أنه يسلم للنصوص ولكن لايسلم لرأيك فيها، كما أني لا أسلم للأشعري مثلاً رأيه فيها مع تسليمي بها ولا أسلم له بأن ما يقوله هو قول أهل السنة بل ذلك زعمه ورأيه.
أرجو أن يكون مرادي قد بان ولا أظن أن عندي مزيدا.
وجزاكم الله خيراً ..
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[12 - 07 - 05, 07:04 م]ـ
شكر الله لكم، وجزاكم خيراً.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[13 - 07 - 05, 01:18 ص]ـ
بالنسبة لكلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
1 - يلا حظ أني قمتُ بتلوينه باللون الأخضر في المشاركة (6)، وجعلته يسير في سياق كلام الشيخ بكر أبو زيد، الذي تم تلوينه أيضاً بالأخضر، وهذا مني مقصود، فنرجو مراجعة ذلك.
2 - قولكم في كلام الشيخ ابن عثيمين أنه (عام لاتفريق فيه.) اهـ
كلا بل هو مقيد بمسائل الإجتهاد يقيناً، بدليل قوله رحمه الله: (لأن الواحد من الناس لا يُعبر عن الإسلام؛ إذْ قد يخطئ ويصيب) اهـ
وهذا لا يكون إلا في مسائل الإجتهاد.
من باب، تأكيد بيان مراد الشيخ رحمه الله فقط:
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
هل يجوز أن يقول الإنسان للمفتي: ما حكم الإسلام في كذا وكذا؟ أو ما رأي الإسلام؟
فأجاب بقوله: لا ينبغي أن يقال:" ما حكم الإسلام في كذا "، أو " ما رأي الإسلام في كذا "، فإنه قد يخطئ، فلا يكون ما قاله حكم الإسلام، لكن لو كان الحكم نصاً صريحاً فلا بأس مثل أن يقول: ما حكم الإسلام في أكل الميتة؟ فنقول: حكم الإسلام في أكل الميتة أنها حرام. اهـ
ـ[حارث همام]ــــــــ[13 - 07 - 05, 12:41 م]ـ
شكر الله لكم.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[18 - 07 - 05, 08:08 م]ـ
للفائدة:
في المجتبى (3354): عَنْ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ، قَالَا:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/294)
{أُتِيَ عَبْدُ اللَّهِ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا فَتُوُفِّيَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: سَلُوا هَلْ تَجِدُونَ فِيهَا أَثَرًا؟ قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا نَجِدُ فِيهَا - يَعْنِي أَثَرًا -، قَالَ: أَقُولُ بِرَأْيِي، فَإِنْ كَانَ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ، ... }.
وفي رواية عنه 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -، قَالَ: {سَأَقُولُ فِيهَا بِجَهْدِ رَأْيِي، فَإِنْ كَانَ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَمِنِّي وَمِنْ الشَّيْطَانِ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْهُ بُرَآءُ}.
وفي هذا المعنى آثار عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ...
وفي المقابل:
في سنن أبي داود، (4382)، وحسنه الألباني: {أَنَّ قَوْمًا مِنْ الْكَلَاعِيِّينَ سُرِقَ لَهُمْ مَتَاعٌ، فَاتَّهَمُوا أُنَاسًا مِنْ الْحَاكَةِ، فَأَتَوْا النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ صَاحِبَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَحَبَسَهُمْ أَيَّامًا، ثُمَّ خَلَّى سَبِيلَهُمْ، فَأَتَوْا النُّعْمَانَ، فَقَالُوا: خَلَّيْتَ سَبِيلَهُمْ بِغَيْرِ ضَرْبٍ وَلَا امْتِحَانٍ، فَقَالَ النُّعْمَانُ: مَا شِئْتُمْ، إِنْ شِئْتُمْ أَنْ أَضْرِبَهُمْ، فَإِنْ خَرَجَ مَتَاعُكُمْ فَذَاكَ، وَإِلَّا أَخَذْتُ مِنْ ظُهُورِكُمْ مِثْلَ مَا أَخَذْتُ مِنْ ظُهُورِهِمْ، فَقَالُوا: هَذَا حُكْمُكَ؟ فَقَالَ: هَذَا حُكْمُ اللَّهِ، وَحُكْمُ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم}
وفي الرسالة للشافعي رحمه الله ص476:
(قال: فمن أين قلتَ: يقال بالقياس فيما لا كتابَ فيه ولا سنةَ ولا إجماعَ؟ أفالقياس نصُّ خبٍر لازمٍ [يعني: هل القياس يقوم على نص؟ اهـ غنايم]؟
قلتُ: لو كان القياس نصَّ كتاب أو سنة، قيل: في كل ما كان نصَّ كتاب " هذا حُكمُ الله "، وفي كل ما كان نصَّ السنة " هذا حكم رسول الله "، ولم نَقُل له: " قياس ".
قال: فما القياس؟ أهو الاجتهاد؟ أم هما مفترقان؟
قلت: هما اسمان لمعنىً واحد)
ـ[عبد السلام بن محمد - أبو ندى]ــــــــ[21 - 07 - 05, 04:02 ص]ـ
الحمد لله والصلاة على رسول الله:
أحبتي في الله
ما شاء الله
ما شاء الله
ما شاء الله
طلبنا فائدة فأكرمتمونا بمائدة
شكر الله لكم
اللهم بارك لهم فيما رزقتهم
اللهم بارك لهم فيما رزقتهم
اللهم بارك لهم فيما رزقتهم
000
ـ[حارث همام]ــــــــ[21 - 07 - 05, 07:18 م]ـ
شكر الله لكم مع التنبيه إلى الفرق بين النص وفهمي أو فهمك للنص فهذا شيء وذاك شيء الأول يقال فيه هذا حكم الله والآخر هو رأيك أو رأيي.
فإذا قلت قال الله كذا أو حكم الله كذا بنص آية أو سنة فلا إشكال، أما إن قلت مقتضى النص كذا فهذا الذي جعلته مقتضى ليس بشرط أن يكون حكم الله وإنما هو فهمك قد يكون الحق خلافه وقد يوافق الحق. ومن تأمل أقوال الناس وجد ذلك ظاهراً.
ولا غضاضة أن أسأل عن رأيي الذي أعتقد أنه موافق للحق بقول القائل: ما رأيك في كذا؟ سواء أكان مسألة فرعية أو أصلية.
ولايوجد ما يسوغ منع سؤال أحد عن رأيه في مسألة شرعية من الأصول وتسويغه له في مسألة فرعية، طالما ان حكم الله فيهما واحد. وقد يصيب المسؤول في جواب أي منهما وقد يخطئ، مع أن جوابه في كليهما وفقاً لما اعتقد صوابه.
كما لايوجد ما نمنع به سؤال الناس عن الآراء، أو يلزمهم بقول صيغ معينة في أسئلتهم.
وتبعاً لما علقتم من قول الإمام الشافعي فلاشك أن القياس اجتهاد، ومن هذا الباب صح أن يكون القياس والاجتهاد معنى واحداً في مواطن، أما القول بأنهما معنى واحد مطلقاً فخلاف لما عليه عامة الأصوليين، فالاجتهاد أوسع من القياس يدخل فيه مع القياس غيره فالاجتهاد قد يكون:
1 - قياساً.
2 - ويكون في إثبات النصوص والحكم عليها من حيث القبول الرد.
3 - ويكون بمعرفة دلالات النصوص.
4 - ومعرفة الأحكام من أدلتها الأخرى غير القياس كقول الصحابة وما يراه الأصولون أدلة فرعية بشروطها كالاستحسان، والاستصحاب والاستصلاح ..
وهذا معلوم لكل من قرأ شيئاً في الأصول.
وجزاكم الله خيراً ..
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[21 - 07 - 05, 08:39 م]ـ
شكر الله لكم مع التنبيه إلى الفرق بين النص وفهمي أو فهمك للنص فهذا شيء وذاك شيء.
وتبعاً لما علقتم من قول الإمام الشافعي ...
وجزاكم الله خيراً ..
شيخنا الحبيب:
أولاً: أنا لم أعلق بشيء، الكلام كلام الإمام الشافعي رحمه الله، ولعلك تراجع الرسالة.
ثانياً: ما مراد الإمام الشافعي رحمه الله بقوله: (نَصَّ كتاب ... ، نصَّ سنة)؟(31/295)
هل يدل ذلك على أن الشيخ عبد البديع أبو هاشم (حفظه الله) ليس أشعريا؟
ـ[محمد محمود الحنبلي]ــــــــ[12 - 07 - 05, 01:07 ص]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم ..
سؤال:-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أرجو توضيح الفرق بين اعتقاد السلف وأهل السنة
في مسألة الاستواء على العرش وبين الفرق المنحرفة في هذا الباب من الأشاعرة
والمفوضة وأقترح أن التفسير بطريقة منهجية تناسب مستوى طالب العلم بخلاف طريقة ذكر
المتن المعنى العام الإجمالي وإنما عن طريق ذكر كلام صاحب التفسير الإمام ابن كثير
والتعليق عيها وجزاكم الله خير
يرجو أن توضح اعتقاد السلف في الاستواء والاعتقادات الآخرى المنحرفة؟
المفتي: الشيخ عبد البديع أبو هاشم (حفظه الله)
الجواب:
اعتقاد السلف في مسألة الاستواء وغيرها من الأمور المشتبهة أو المتشابهة أن السلف
كانوا يثبتون ما أثبته الله تعالى لنفسه مع تفويض العلم بحقيقة هذا الشيء إلى الله
تعالى حيث لا علم لنا به وأزيد جزئية فهماً عن العلماء - رحمهم الله تعالى- وعدم
فتح ملفات هذه الآيات وخاصة على الملأ كما فعل الإمام مالك -رحمه الله تعالى- حين
دخل عليه رجل فسأله عن قول الله تعالى ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ?
فقال - رحمه الله تعالى- "الاستواء معلوم" نعلم أن الله استوى على عرشه كما أخبرنا
في القرآن "والكيف مجهول" كيفية استواء الله على عرشه مجهول لم نره ولم ينقل لنا
وصفه أكثر من هذا ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? "والإيمان به واجب" لأنه
خبر في القرآن فلابد أن نؤمن بالأخبار القرآنية أن نصدق بها فلا بد أن نصدق أن
الرحمن مستوٍ على عرشه وإن لم نعلم طبيعة هذا الاستواء والإيمان به واجب "والسؤال
عنه بدعة" فكأنه يدعو إلى عدم التفصيل في هذه الأمور وخاصة بعيداً عن المتخصصين أما
في المجالس العامة والمحافل العامة والخطب والدروس التي يحضرها بسطاء الناس لا يحسن
الكلام في هذا مع أني أظن وأعتقد أن الحاضرين للإمام مالك طلاب العلم عنده لعلهم
أعلم من علماء عصرنا ومع ذلك قال فيما بينهم: والسؤال عنه بدعة وقال أيضاً:"ولا
أظنك إلا رجل سوء أخرجوه عني". وطرده من مجلسه فنؤمن بها كما جاءت دون تفصيل فيها،
استوى الرحمن على عرشه بما لا نعلمه، وبما يليق بذاته سبحانه وتعالى وهذا هو المذهب
السلفي وهو أحكم وأفضل وأسلم، أما الجزئية الثانية في السؤال وهو اقتراحك أن يكون
التفسير بطريقة منهجية إنما هذه هي الطريقة المنهجية العلمية أن يعرض التفسير هكذا،
أما قراءة كتاب محدد إذن فنقصر علمنا وفهمنا على كتاب معين في التفسير ولعلك تدري
أو لا تدري أن كل مفسر له صناعة أصلية الإمام ابن كثير -رحمه الله تعالى- كان
محدثاً قبل أن يكون مفسراً، الإمام القرطبي كان فقيهاً قبل أن يكون مفسراً الإمام
الرازي كان عالماً في العقيدة ومسائل الاعتقاد قبل أن يكون مفسراً حينما فسروا
القرآن غلبت عليهم صناعاتهم فلو اقتصرنا على كتاب واحد وأوقاتنا لا تتسع لاستعراض
كل الكتب فنأخذ تفسيراً واحداً فقط ومشرباً واحداً ورأياً واحداً وما ميزته عن غيره
حتى نستأثر به عن غيره، إنما هذه الطريقة يتم فيها جمع ما قاله المفسرون أو معظمهم
على الأقل وصياغة ذلك في أسلوب موحد فمن استمع إلى هذا الدرس وقرأ بعد ذلك في ابن
كثير يجد لما سمعه صدى وإذا قرأ في غيره كالقرطبي أو الرازي أو الألوسي أو نحو ذلك
من التفاسير الأخرى يجد لما استمع في المحاضرة ظلاً من الظلال موجودا وهكذا
فالمعلومة هنا تكون أعم وأسع وأشمل وكل يقرأ في التفاسير بما يستطيع وبما يتمكن فكل
يتيسر له تفسير ولا يتيسر له تفسير آخر فنرى أن هذه هي الطريقة الأمثل من القراءة
بتفسير معين إنما القراءة بتفسير خاص هذا يكون على يد عالم ومن متعلم يقرأ هذا
التفسير يقرأ غيره ثم يقرا غيره يدرس مدارس التفسير على مفسر معين وأوقاتنا في هذه
الأيام لا يتيسر فيها ذلك نرجوا أن ييسر الله لنا ولك وللسامعين جميعا الخير.
المصدر
http://www.islamacademy.net/library/bviewer.asp?fId=712&lang=Ar
السؤال قبل الأخير.
ـ[محبة القرآن والسنة]ــــــــ[13 - 07 - 05, 02:32 ص]ـ
سيرة الشيخ ومعلومات عن حياته:
" نقلا عن ساحة التفسير في الأكاديمية "
ولد الشيخ عام 1960 ميلادية، وتخرج من كلية أصول الدين عام 1983 ثم حصل على الماجستير فى الاتباع فى ميزان القرآن الكريم عام 1989، ثم على الدكتوراه في بحث رواية أبى أمامة فى تفسير القرآن الكريم عام 1992.
يتميز فضيلة الشيخ:
1 - التحدث بأبسط ألفاظ اللغة العربية الفصحى التي ضاعت منا.
2 - أسلوب بسيط جدا في التفسير لمعاني القراّن الكريم.
3 - جمال الصوت في التلاوة مع العلم الذي من الله به عليه.
4 - يتبع منهج السلف الصالح
أعاننا الله تعالى على الاستفادة من هذا الشيخ الجليل وجزاه الله كل خير على يقدم لخدمة الاسلام والمسلمين
صفحة الشيخ حفظه الله على الشبكة في موقع طريق الاسلام
http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=info&scholar_id=156
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/296)
ـ[العاصمي]ــــــــ[13 - 07 - 05, 02:59 ص]ـ
كلامه لا يدل على عدم أشعريته، بل فيه ما يفهم منه تفويض المعنى، و عد الاستواء من جنس المشتبهات و المتشابهات ... و قد جزم غير واحد من أهل بلده بأنه أشعري؛ فالعجب كيف يمكن أمثاله لنشر تمويهاته من مواقع أهل السنة ...
و أنا أناشد من بسط الله يده، أو له صلة بمن مكنوه ... أن يتداركوا الأمر قبل الفوت، و أن يقطعوا الطريق دون الأصاغر ... و الأمر جد، ليس بالهزل ...
اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[13 - 07 - 05, 03:13 ص]ـ
اخي العاصمي - بارك الله فيكم -
ذكرتم التالي
و قد جزم غير واحد من أهل بلده بأنه أشعري؛
فهولاء احسن احوالهم عند من يقرا كلامكم انهم مجهولو الحال
فما بالك لو كانوا ثقات وبا اسانيد متصلة لما اقتنعنا بكلامكم حتى تثبت لنا من منطوق المكتوب للشيخ عبدالبديع ابو هاشم
ثم انك بنيت كلامك على التحذير منه
علما ان الشيخ يظهر في قناة المجد والاخوة هناك نحسبهم لا يفوتهم هذا الامر
فا اقترح عليك التالي:
1 - مراسلة الاخوة في الاكاديمية العلمية في قناة المجد وتفيدنا بالخبر اليقين عن وضع الشيخ
2 - او ان تنجو باخوانك من الوقيعة في اعراض العلماء
اسال الله لك التوفيق والسداد
ـ[العاصمي]ــــــــ[13 - 07 - 05, 03:57 ص]ـ
اعلم أخي أن الأمر دين، و لست ممن يجازف ... و قد تأملت كلامه أكثر من مرة؛ فظهر لي ما ذكرته.
و أنصحك ألا تتسرع، و اسأل أهل العلم عن كلامه ...
و هاك بعض كلام أهل بلده، و هو موجود في الملتقى، و سأرفعه؛ لأنني لا أحسن الربط بالروابط ...
قال أخونا الفاضل الأزهري السلفي:
أخي الكريم محمد
الشيخ عبدالبديع أبو هاشم من مشايخي الذين درست عليهم التفسير
.
وهو متبحر في فنه جدا , وله اطلاع على الحديث وبخاصة كتب الشيخ الألباني
وذو غيرة على الإسلام حميدة.
لكنه ليس على مذهب السلف في الأسماء والصفات.
.
فهو دائر بين التفويض والتأويل للأسف.
.
وقد كانت بيني وبينه محاورات ومناقشات في الصفات.
فنسبته إلى أهل السنة خطأ لا شك فيه
اللهم إلا إن كان تغير
فإني لم ألقه منذ عامين
والله المستعان.
ثم قال أخونا أبو العبدين السلفي:
أخى الكريم الأزهري السلفي -حفظه المولى من شر ماخلق وزاده علما وعملا-
جزاكم المولى خيرا على هذا التنبيه الهام بخصوص الشيخ عبدالبديع أبو هاشم
لأنى دهشت من كلام أخي الكريم محمد بن علي المصري -جزاه الله خير الجزاء- خاصة بعد متابعة سابقة لدروس الشيخ الاسبوعية فى التفسير من موقع طريق الاسلام.
وجزاكما الله خير الجزاء.
و هما في المشاركتين 18 و 23.
ـ[العاصمي]ــــــــ[13 - 07 - 05, 04:39 ص]ـ
و تنظر المشاركات 18 و23 و 35 و 40 و41 من موضوع من لم يشتهر بين الناس من علماء مصر.
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[13 - 07 - 05, 05:16 ص]ـ
بارك الله فيكم
يظل السؤال قائما:
كيف بينت حكمك على عقيدة الشخص من دون حكم يقيني بذلك?
ـ[العاصمي]ــــــــ[13 - 07 - 05, 05:26 ص]ـ
يا أخي، أسألك ... هل قرأت كلامه المنقول ...
و كلامي مبني على ما صدر منه، و أكدت ذلك بما نقلته عمن جالسه ...
و هاك ما يعزز ما ذكرته، و أرجو أن تنعم النظر فيه، و تسأل أهل العلم عنه ...
قال الأخ محمد ين علي المصري في ترجمة عبد البديع:
انتهى ما دفعه الشيخ إلينا مطبوعا ثم زاد بيده كتابة:
المذهب العقدي: مذهب أهل السنة والجماعة، إثبات ما أثبته الله لنفسه مما يليق به مع التفويض لله فيما أراد.
وختم الأخ الأزهري السلفي الموضوع بقوله:
الحمد لله وحده ...
الشيخ عبد البديع وفقه الله لا يثبت الصفات على حقيقتها كما هو المذهب الحق بل يثبت الصفة كما وردت بلفظها في القرآن أو السنة مع التفويض الكامل.
وكنت قد تناقشت معه وأنا أدرس في كلية أصول الدين في رمضان قبل الماضي.
وأذكر جيدا أن ذلك كان حول صفة اليد.
فهو كالمفوضة يثبت لله يدا كما ورد ولكنه لا يقول يد الله يد حقيقية أو مجازية يقصد بها القدرة
بل يفوض تفويضا تاما.
وليس هذا هو مذهب أهل السنة بل هو مذهب المفوضة وهم شر من المتأولة لأن مذهبهم يتضمن تجهيل النبي صلى الله عليه وسلم فالصحابة كما ذكر شيخ الإسلام (أظن في منهاج السنة)
.
وأما كون الشيخ عبد البديع وفقه الله يدرس في معهد العزيز بالله فلا يترتب عليه الحكم على عقيدة الشيخ.
.
فالدكتور المسير يدرس (لا أدري ما يزال أم لا) في المعهد وهو أشعري إلى النخاع.
فقد درس لي لعامين
.
بل ويصف ابن تيمية وابن القيم بالأغبياء كما أخبرني من لا أتهم.
.................
ولو لا حظتما - أخواي الكريمان - إجاباته التي نقلها أخونا الكريم فوق وأنعمتما النظر لاتضح لكما أنه لم يثبت حقيقة الصفة مرة
ومعلوم أن إثبات الصفة على حقيقتها حد بين التفويض التام والتفويض للكيفية فقط.
..................
وأرجو ألا يكون الموضوع قد أخذ أكثر من حجمه.
والله يرعاكما.
و سأرفع الموضوع بتمامه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(31/297)