وهذا الكتاب يظهر تأثر الكاتب به تأثر كبيرا في أكثر كتاباته.
وخصوصا مقال " الصحوة الإسلامية .. خواطر في فقه المنهج "
المنشور في مجلة المنار الجديد العدد 18
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[18 - 01 - 05, 03:18 ص]ـ
بعد أن تأكدنا بما مر؛ أن الكاتب قد خالف منهج أهل السنة والجماعة في طريقة تناولهم لتاريخ الصحابة، ونسف القواعد المنهجية لتي بينوا أنه يجب على الكاتب أن يراعيها، وهو يكتب عن تلك الفترة، وذلك الجيل. بقي سؤال يحق للقارئ الكريم أن يطرحه، من أين استقى الكاتب هذا المنهج.
في هذه الوقفة سنحاول أن نبين من أين استقى هذا المنهج، يرى المطلع على ساحة الثقافية، أن كثيرا من الكتاب الكبار الذين تتمدح بهم الصحف، وتلمعهم وسائل الإعلام الأخر، قد سرت في كتاباتهم سموم المستشرقين، وتلامذتهم من المستغربين، وقد يظن قليل الإطلاع أن هذا الداء قد سلم منه الكتاب الإسلاميين، وأنا أقول له على رسلك، كلا. فهذه السموم قد سرت في كتابات كثير من الإسلاميين، ولعل لاتجاه العصراني أو ضح مثال لذلك، بل جل اهتماماته هي تطويع الإسلام للمبادئ الغربية، ووصم كل ما لا يتماشى معها، بأنه فهم خاطئ للإسلام، والكاتب كما لا يخفى هو أحد أصحاب هذا الاتجاه، وأكبر دليل على ذلك، تصدر كتابه بمقدمة كتبها أحد رواد هذا الاتجاه، وهو راشد الغنوشي، فلا عجب أن كان، متأثرا في منهجه، بمنهج المستشرقين، وتلامذتهم، فقد رأينا في كتابه تطابقا كبيرا بين ما كتب، وما كتبوا. وسأحاول أن أبين في هذه الوقفة بعض التشابه الذي وجدته، وسأختصر، لأني أقصد التمثيل لا لاستقصاء.
قال المستشرق فلها وزن: " ولكن أحد لم ينس أبدا للأمويين أنهم كانوا أول أمرهم أخطر أعداء النبي وأنهم لم يعتنقوا الإسلام إلا في الساعة الأولى مكرهين، وأنهم عرفوا بعد ذلك كيف يجنون لأنفسهم ثمرة انتصاره وسيادته، وذلك من طريق استغلال ضعف عثمان أولا، ومن طريق المهارة في استغلال مقتله بعد ذلك.
ولقد كان أصل الأمويين لا يجعلهم أهلا لقيادة الأمة المحمدية، وكان من السخرية فكرة الحكومة الثيوقراطية أن يظهر الأمويون يمثلها الأغلبية، فهم كانوا مغتصبين، وظلوا كذلك، ولم يكونوا يستندون إلا إلى قوتهم الخاصة إلى قوة الشام.
تاريخ الدولة العربية ص 59
فهذا المستشرق يرى أن الأمويين وهو يقصد بهم بعاوية، ومن معه، توافرت لهم عدة أمور استغلوها، من أجل الملك. وهي ضعف عثمان، استغلال مقتله، قوت أهل الشام.
ولو قام إنسان بمقارنة هذا الكلام، بكلام الشنقيطي الآتي، لو جد تشابها كبيرا.
وقال في ص 224
وأسوأ ما في دور مروان في تلك الفتن السياسية أمور أربعة:
"أولهما تأثيره على ذي النورين عثمان رضي الله عنه، ودوره الجوهري في إيثار بني أمية بالسلطة والثروة في أيامه، خصوصا مع كبر عثمان في السن، وضعفه الفطري".
فهذا هو استغلال ضعف عثمان الذي ذكره المستشرق.
وقال في ص 125
وتفسير حرب صفين بأسبابها الحقيقية وهي مطامح الملك لدي معاوية وعمرو، وتجوزهما حدود الشرع في الدماء والجنايات في الطريقة التي طلبا بها الأخذ بدم عثمان.
فهذا هو استغلال مقتل عثمان.
وقال ص 175
وبعد أن ذكر مراسلة بين معاوية وأبي موسى الأشعري.
"وتكشف هذه المراسلة عن الفرق بين تصور أبي موسى الأشعري لموضوع الخلافة الذي اعتبره جسيم أمر هذه الأمة. يخاف ربه إذا سأله عنه، وبين تصور معاوية الذي لم يكن يرى بأسا بالاستيلاء عليها بتوزيع العطايا والمناصب وإشهار السيوف والرماح".
وهذا هو الاستيلاء بالقوة الذي ذكره المستشرق.
فكرة الكتاب بكل بساطة هي أن معاوية رضي الله عنه أرغم الأمة على لاستبداد بقتاله وشرائه الذمم من أجل الملك، وكرس هذا المبدأ بولايته العهد لابنه يزيد، و سن ذلك لمن جاء بعده من الملوك فصار يولى أهل بيته. وتولد من ذلك ظلم كبير للأمة على معاوية وزره ما عمل به إلى يوم القيامة، فمعاوية لم يقاتل علي من أجل قتلة عثمان، وإنما قاتل من أجل الملك.
وكل القواعد المذكور في الكتاب هي لتقرير هذه القضية أو في الهجوم على من يردها أو ادعاء لتقبلها أو نزع كل ما يمنع منها.
ولأن معاوية من الصحابة و الطعن فيه طعن في أحد من الصحابة، عنون كتابه
"الخلافات السياسية بين الصحابة "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/179)
ثم صاغ تلك القواعد التي أراد أن يصل من خلالها إلى ما أراد من طعن في معاوية وعمرو بن العاص.
فالقاعدة ـ الرابعة. ـ والخامسة. ـ والسادسة. ـ والسابعة ـ والثالثة عشرة ـ والرابعة عشرة ـ والسابعة عشرة ـ والثامنة عشرة والقواعد الثلاث الأخيرة فهي كلها في تبرير هذا الطعن والتقعيد له.
والقاعدة ـ الخامسة عشرة وـ السادسة عشرة و ـ التاسعة عشرة فهي في إزالة كل عائق شرعي يقف في وجه هذا الطعن.
وأما القاعدة ـ الحادية عشرة فهي لبيان حدود هذا الطعن
وأما القاعدة ـ التاسعة ـ والثانية عشرة ووقفة ملاحظات على منهج ابن تيمية وحوار مع مدرسة التشيع السني، فهي في الهجوم على كل من لا يرى في الصحابة رأي المؤلف وخاصة في الطعن على معاوية.
وجميع الطعون التي طعن بها المؤلف في معاوية مأخوذة من كتب معروفة.
فنظرية تأثر معاوية بالحكم الجاهلي في عهده إلى يزيد بالملك أخذها عن أحمد أمين "يوم الإسلام "ص 66 و أحمد رمصان "الخلافة في الحضارة الإسلامية "ص 84 وسعيد الأفغاني "عائشة والسياسة" ص 278
وأما نظرية ارتكابه بهذا العهد كبيرة من الكبائر يضيفها إلى ذنوبه الأخرى فأخذها الكاتب من كل من.
أحمد الشريف "دور الحجاز في الحياة السياسية" ص 417
وأمين الريحاني في الأعمال الكاملة 6/ 36
وأكبر شاه خان "تاريخ الإسلام "2/ 48
وأن عليه أثمها وأثم من عمل بها أخذها من عبد القادر عودة كما في كتابه " الإسلام و أوضاعنا السياسية" ص 159
وفي الكتاب رائحة العلمانية ويتضح ذلك من جعله الخلافة منصبا دنيويا وكل من يطلبه يطلبه من أجل الدنيا، مع أن منصب الإمامة عند المسلمين منصب ديني لا دنيوي كما يأتي من تعريف أهل العلم لها.
قال في ص 71
ومن الاعتراف بحدود الكمال البشري عدم تنزيه غير المعصوم عن الهوى والطموح الدنيوي مهما سمت مكانته، وعلا كعبه.
وقال في ص72
وقد طبق ابن تيمية هذا المبدأ على موقف سعد ليلة السقيفة ..
والآن نعرض كلام أهل العلم في موضوع الإمامة الموضح أنها منصب ديني لا دنيوي.
قال الماوردي:
" الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا به "
الأحكام السلطانية ص 5
وقال إمام الحرمين:
" الإمامة رياسة تامة، وزعامة تتعلق بالخاصة والعامة في مهمات الدين و الدنيا "
غياث الأمم في التياث الظلم ص 15
وقال العلامة ابن خلدون:
" هي حمل الكافة علي مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها، إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إلى اعتبار بمصالح الآخرة، فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به "
مقدمة ابن خلدون ص 190
ولتأكيد ما ذكرنا من أن منصب الإمامة منصب ديني ينظر مقاصد الإمامة في كتاب "الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة " للشيخ الدميجي
ص 69 ـ 122
الفكرة العامة للكتاب،أخذها الكاتب من كتاب "الحريّات العامّة" لراشد الغنوشي: كما قال فيه متحدثا عن طرق الوصول إلى الحكم وهو يتكلم عن الاستخلاف: "ويشعر المرء بالقرف من استمرار هذا العفن قائماً في تراثنا الديني وفكرنا السياسي، ويضع يده مباشرة على هذه الألغام التي قوّضت حضارة الإسلام وأسلمتنا إلى الانحطاط، إنّه من غير ثورة شاملة تطيح بهذه السموم التي لا تزال تجري في دماء الأمّة وتشلّ طاقتها وتجهض انتفاضتها، وتحبط أحلام نهضتها، فلا أمل في انطلاقة متينة قويّة قاصدة منتجة الحضارة من جديد في أمّتنا). [ص162].
ويقول: (فويل لتاريخ الازدهار من ليالي الانحطاط، هل نحن أهل لوراثة الخلافة الراشدة ونحن نلقي عليها بمزابل انحطاطنا؟). [نفس الصفحة].
يقول عن معاوية رضي الله عنه: (الوالي المنشق معاوية بن أبي سفيان، وقد غلبت عليه - غفر الله له - شهوة الملك وعصبيّة القبيلة، فلم يكتف بأن انتزع الأمر من أهله بل ومضى في الغيّ!! لا يلوي على شيءٍ حتّى صمّم على توريثه كما يوّرث المتاع لابنه وعشيرته، فجمع في قصّته المشهورة ثلّة من المرشّحين للخلافة من الجيل الثّاني من الصحابة، وأمام ملأ من النّاس قام أحد أعوانه يخطب بصفاقة ... وحينئذ بدأ مسلسل الشّر والفساد، مكرّساً الدكتاتوريّة والوصاية والعصمة، مقصياً الأمّة عن حقّها، مبدّداً طاقتها في جدلٍ عقيم حول الخلافة والاستخلاف ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/180)
قلت ولا يخفى ما في هذا الكلام من الهراء.
وقارن كلام الشيخ بكلام التلمذ تجد تطابقا تاما.
قال الشنقيطي
" إن كل هذه النصوص تدل على أن معاوية سعى إلى الملك بالفعل وبالقول، وصرح بمطامعه في قيادة الأمة دون للبس. فالقول بعد ذلك أنه لم ينازع عليا الخلافة ولا سعى إليها .. تكلف بارد كان لأولى بشيخ الإسلام ابن تيمية أن يتنزه عنه.
على أن دور معاوية أكبر من مجرد الخروج على الجماعة ومنازعة الأمر أهله. فهو الذي أرسى نظام الملك بديلا عن دولة الخلافة، فسن في الإسلامي تلك السنة السيئة، وفتح بها أبوابا من المظلم التي لم تتوقف، ومن الدماء آلتي لم تجف منذ أربعة عشر قرنا، وأخر بناء السلطة من إطار مبادئ الشرع: كالشورى والبيعة والعدل .. إلى منطق القوة وقانون الغاب، وهو أمر لا يزال المسلون يعيشون مساوئه إلى اليوم.
فسواء تأولنا لمعاوية في مواقفه خلال الفتنة أم لم نتأول، فإن سلوكه السياسي اللاحق ليس مما يمكن التأويل له، وهو سلوك كان بعد على الإسلام و المسلمين من الفتنة ذاتها، بل من أي حدث تارخي خلال أربعة عشرة المنصرمة. فقد كانت الفتنة التي قادها معاوية هدما لأركان الخلافة الراشدة، لكن ما فعله معاوية بعد الفتنة من توريث السلطة لابنه بالترغيب والترهيب كان سوأ أثرا، لأنه إرساء لبناء جديد منحرف على أنقاض تلك الخلافة، وسد لبواب استردادها. فليتكلف المتكلفون ما شاءوا في تأويلهم لما حدث أثناء الفتنة، لكنهم لن يجدوا ما يتأولونه لما حدث بعد ذلك، إذا كانوا حقا ممن يجعل قدسية المبادئ فوق مكانة الأشخاص. "
وبعضها من مالك بن نبي كما في كتابه وجهة العالم الإسلامي ص 25
وهذا الكتاب يظهر تأثر الكاتب به تأثر كبيرا في أكثر كتاباته.
وخصوصا مقال " الصحوة الإسلامية .. خواطر في فقه المنهج "
المنشور في مجلة المنار الجديد العدد 18
وأعتذر للأخو المتابعين عن تأخر هذه الحلقة وأخص الشيخ سليمان الخراش حفظه الله وذلك لأمرين أولها طلب المشرف مني التوقف ريثما يحاول مع الأستاذ الشنقيطي أن يعود للمحاورة، وثانيهما ظرف خاص بي.
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[28 - 01 - 05, 04:37 ص]ـ
في هذه الوقفات القادمة سنناقش الشنقيطي فيما ادعاه من التزام العلم والعدل في كتابه، ونبين إن شاء الله تعالى كيف أنه لم يلتزمهما وإن ادعاهما؛ لتهيئة جو نفسي معين للقارئ، يجعله يتقبل ما يقول، وكيف لا يقبله من يدعي له أنه يتكلم بعلم وعدل، وكل من يخالفه يتكلم بجهل، أو ظلم.
قال الشنقيطي:
"وقد بين ابن تيمية منهجه في تناول مسائل الخلاف التي مزقت الأمة، وهو منهج أساسه العلم والعدل. ودعا المسلمين إلى انتهاج هذا النهج. ولم يكن ليخفى على شيخ الإسلام – وقد عايش خلافات الأمة طويلا وخاض غمارها – أن آفة الخائضين في هذه الخلافات دائما تنحصر في أمرين اثنين:
الجهل بموضوع الخلاف، والتفريط في بحثه واستقرائه استقراء كافيا، يحرر نقطة النزاع، ويتحرى الصدق في الرواية، وينقب عن خلفيات الوقائع وبواعثها. والخوض مع الجهل مخالفة لتحذير الخالق سبحانه:» ولا تقف ما ليس لك به علم «كما هو مخالفة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم حول القضاة الثلاثة، حيث جعل القاضي بجهلٍ في النار.
الظلم لأحد الطرفين المختلفين، تعصبا ضده وتجاوزا، أو إغضاء عن الطرف الآخر ومجاملة، رغم أن الله تعالى حذرنا من أن نندفع مع غريزة العداء، أو أن تستخفنا الخصومة، فنتجاوز حدود بيان الحق و الأخذ به، إلى الظلم والتعدي على المخالفين. كما أمرنا بالشهادة بالقسط، ولو على أنفسنا أو الوالدين والأقربين، فقال تعالى:» ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى «وقال جل من قائل:» يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا «.
تلك هي المعاني التي استصحبها ابن تيمية، فأوصى أن لا يخوض في هذا الموضوع إلا من تسلح بالعلم والعدل، وإلا فليترك الأمر لأهله، ويفوض الخلافات إلى رب العباد الحكَم العدل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/181)
وقد حرصنا هنا على انتهاج نهج علماء الجرح والتعديل، لا في تثبتهم في الرواية والنقل فحسب، بل في منطلقهم الفكري الذي تأسس على الإيمان برجحان المبدإ على الشخص، على نحو ما برر به الإمام مسلم جرح الرواة في مقدمة صحيحه، من أنه "ليس من الغِيبة المحرمة، بل من الذب عن الشريعة المكرمة".
إن المنهج الذي ندعو إليه في هذه الدراسة، ونرى شيخ الإسلام ابن تيمية وبعض أهل الحديث خيرَ من نظَّر له وطبقه، هو منهج قائم على التوازن بين احترام مكانة الأشخاص والتقيد بقدسية المبادئ. وهو يراعي الترجيح الذي يصبح ضرورة شرعية وعملية أحيانا، حين لا يكون الجمع بين الأمرين متاحا، فيتحيز للمبادئ دون لجلجة.
بعد هذه المقدمة من كلام الشنقيطي حول التزام العلم والعدل، ودعائه أنه سينهج في كتابه هذا منهج أهل الحديث في التثبت في الرواية. يلزمه أن يكون عالما بعلوم الحديث التي تأهله أن يفهم منهجهم في التعامل مع الرواية أولا، ثم يطبقه عمليا. والحقيقة التي أبداها كتاب الأستاذ الشنقيطي أنه ليس من طلاب هذا العلم الذين يفهمونه، فضلا أن يكون من علمائه، وتضح ذلك من خلال المسائل التي تعرض لها من هذا العلم في كتابه.
وأولها مسألة العدالة عند المحدثين وقد تقدم الكلام عنها في أول وقفة من هذه الوقفات.
ثانيها مسألة منهجية المحدثين في تأليف كتبهم، وقد اتضح ذلك من خلال نقله كلاما للأمام النووي ونسبه إلى الأمام مسلم، وسبب في ذلك هو الجهل بنهج مسلم في تأليف كتابه، وأنه لم يبوبه.
قال في ص 26 على نحو ما برر به الإمام مسلم جرح الرواة في مقدمة صحيحه من أنه" ليس من الغيبة المحرمة بل من الذب عن الشريعة المكرمة ".
وقال في ص 47 وهو ما عبر عنه مسلم في مقدمة صحيحه بالقول: "باب بيان أن الإسناد من الدين وأن الرواية لا تكون إلا عن الثقات وإن جرح الرواة بما هو فيهم جائز بل واجب وأنه ليس من الغيبة المحرمة بل من الذب عن الشريعة المكرمة "
وهذا الكلام الإمام النووي كما في شرحه على مسلم:
باب بيان أنالاسناد من الدين وأن الرواية لا تكون إلا عن الثقات
وأن جرح الرواة بما هو فيهم جائز بل واجب وأنه ليس من الغيبة المحرمة بل من الذب عن الشريعة المكرمة.
شرح النووي على صحيح مسلم ج 1 ص 84
ومن المعلوم لدى طلاب علم الحديث المبتدئين فيه أن الإمام مسلم لم يبوب كتابه وإنما بوبه الشراح.
قال الإمام ابن الصلاح رحمه الله: " ثم إن مسلما رحمه الله وإيانا رتب كتابه على الأبواب، فهو مبوب في الحقيقة، ولكنه لم يذكر تراجم الأبواب؛ لئلا يزداد حجم الكتاب، أو لغير ذلك.
صيانة صحيح مسلم ص 101
والنسخة المشهورة من صحيح مسلم المتداولة هي نسخة محمد فؤاد عبد الباقي قد أدخل في صلب الكتاب تبويبات النووي كما فعل بعض النساخ للكتاب قديما وهو فعل منتقد من أهل العلم.
قال الشيخ محمد بن الشيخ علي بن آدم الأتيوبي:
لقد أساء في هذا الصنيع بعض من نسخ الكتاب، منهم الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي، حيث أدخل التراجم في صلب الكتاب، فأوهم القارئ أنه من صنيع المصنف، فبئسما صنع فليتنبه لهذا الخطأ.
"قرا عين المحتاج في شرج مقدمة صحيح مسلم بن الحجاج " 1/ 51
واتضح ذلك من خلال تبنه لرأي قيل قبله وشاع عند المتأخرين وهو أن ابن حبان يوثق المجاهيل، ويصحح أحاديثهم. مع أن كلام ابن حبان المبرئ له من هذه التهمة واضح.
قال في ص 205
"إن لابن حبان منهجا في التصحيح شذ فيه عن منهج أهل الحديث الآخرين فهو يقول بتوثيق المجهولين من الرواة "
وهذا الكلام يرده كلام ابن حبان نفسه فقال مبينا أنه لا يوثق المجاهيل كما في ترجمة عبد الله بن المؤمل:
559 عبد الله بن المؤمل المخزومي شيخ من أهل مكة يروي عن أبي الزبير
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/182)
لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد لأنه لم يتبين عندنا عدالته فيقبل ما انفرد به وذاك أنه قليل الحديث لم يتهيأ اعتبار حديثه بحديث غيره لقلته فيحكم له بالعدالة أو الجرح ولا يتهيأ إطلاق العدالة على من ليس نعرفه بها يقينا فيقبل ما انفرد به فعسى نحل الحرام ونحرم الحلال برواية من ليس بعدل أو نقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل اعتمادا منا على رواية من ليس بعدل عندنا كما لا يتهيأ إطلاق الجرح على من ليس يستحقه بإحدى الأسباب التي ذكرناها من أنواع الجرح في أول الكتاب وعائذ بالله من هذين الخصلتين أن نجرح العدل علم أو نعدل المجروح يقين ونسأل الله الستر
المجروحين ج: 2 ص: 27 ـ المجروحين ج: 2 ص: 28
وقال:
وأماشرطنا في نقلة ما أودعناه كتابنا هذا من السنن، فإنا لم نحتج فيه إلا بحديث اجتمع في كل شيخ من رواته خمسة أشياء:
الأول العدالة في الدين بالستر الجميل.
والثاني الصدق في الحديث بالشهرة فيه.
والثالث العقل بما يحدث من الحديث.
والرابع العلم بما يحيل من معاني ما يروي.
والخامس المتعرى خبره عن التدليس. فكل من اجتمع فيه هذه الخصال الخمس، احتججنا بحديثه وبنينا الكتاب على روايته، وكل من تعرى عن خصلة من هذه الخصال الخمس لم نحتج به، والعدالة في الإنسان: هو أن يكون أكثر أحواله طاعة الله، لأنا متى ما لم نجعل العدل إلا من لم يوجد منه معصية بحال؛ أدانا ذلك إلى أن ليس في الدنيا عدل، إذ الناس لا تخلو أحوالهم من ورود خلل الشيطان فيها، بل العدل من كان ظاهر أحوله طاعة الله، والذي يخالف العدل من كان كثر أحواله معصية الله.
صحيح ابن حبان 1/ 151
لكن المنهج الذي انتهجه ابن حبان أنه أورد في كتابه الثقات كل من لا يعلم فيه جرحا.
واتضح ذلك من خلال كلامه في الرجال عندما اتهم عكرمة بن عمار بالكذب.
قال في ص 111
"هذا حديث معلول المتن، وفي سنده متهم بالكذب، رغم أنه في صحيح مسلم، فقد أعله العديد من أهل العلم، منهم ابن حزم وابن الجوزي اللذان جزما بإن الحديث موضوع، واتهما أحد رواته (عكرمة بن عمار) بالكذب.
قال كاتب المقال عفا الله عنه:
عكرمة بن عمار لم يتهمه أحد من أئمة الحديث بالكذب إطلاقا، ونحن نقول أئمة الحديث فإن ابن حزم وإن كان إماما في كثير من العلوم إلا أنه لم يكن عالما بعلم الجرح والتعديل ولذلك كثر خطأه في الكلام على الرجال وابن حزم وحده هو الذي اتهم عكرمة بن عمار بالكذب وقد رد عليه ابن الصلاح ردا قويا كما سيأتي في ترجمة عكرمة.
أما حال عكرمة بن عمار فقد لخصها الذهبي بقوله:
عكرمة بن عمار الحنفي اليمامي عن الهرماس وله صحبة وعن طاووس وجماعة وعنه شعبة والقطان وعبد الرزاق ثقة إلا في يحيى بن أبي كثير فمضطرب وكان مجاب الدعوة مات 159 م 4
الكاشف ج 2 /ص 33
هذه خلاصة كلام أهل العلم فيه وقد فصل الحافظ ابن حجر كلامهم فيه فقال:
"عكرمة بن عمار العجلي أبو عمار اليمامي بصري روى عن الهرماس بن زياد وله صحبة .. قال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه عن عكرمة مضطرب الحديث عن يحيى بن أبي كثير وقال أيضاعن أبيه عكرمة مضطرب الحديث عن غير إياس بن سلمة وكان حديثه عن إياس صالحا وقال أبو زرعة الدمشقي سمعت أحمد يضعف رواية أيوب بن عتبة وعكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير وقال عكرمة أوثق الرجلين وقال الفضل بن زياد سألت أبا عبد الله هل كان باليمامة أحد يقدم على عكرمة اليمامي مثل أيوب بن عتبة وملازم بن عمرو وهؤلاء فقال عكرمة فوق هؤلاء أو نحو هذا ثم قال روى عنه شعبة أحاديث وقال معاوية بن صالح عن يحيى بن معين ثقة وقال الغلابي عن يحيى ثبت وقال بن أبي خيثمة عن بن معين صدوق ليس به بأس وقال أبو حاتم عن بن معين كان أميا وكان حافظا وقال عثمان الدارمي قلت لابن معين أيوب بن عتبة أحب إليك أو عكرمة بن عمار فقال عكرمة أحب إلي وأيوب ضعيف وقال بن المديني أحاديث عكرمة عن يحيى بن أبي كثير ليست بذاك مناكير كان يحيى بن سعيد يضعفها وقال في موضع آخر كان يحيى يضعف رواية أهل اليمامة مثل عكرمة وضربه وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن علي بن المديني كان عكرمة عند أصحابنا ثقة ثبتا وقال العجلي ثقة يروي عنه النضر بن محمد ألف حديث وقال البخاري مضطرب في حديث يحيى بن أبي كثير ولم يكن عنده كتاب وقال الآجري عن أبي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/183)
داود ثقة وفي حديثه عن يحيى بن أبي كثير اضطراب كان يقدم عليه ملازم بن عمرو وقال النسائي ليس به بأس إلا في حديث يحيى بن أبي كثير وقال أبو حاتم كان صدوقا وربما وهم في حديثه وربما دلس وفي حديثه عن يحيى بن أبي كثير بعض الأغاليط وقال الساجي صدوق وثقه أحمد ويحيى إلا أن يحيى بن سعيد ضعفه في أحاديثه عن يحيى بن أبي كثير وقدم ملازما عليه وقال عكرمة بن عمار ثقة عندهم وروى عنه بن مهدي ما سمعت فيه إلا خيرا وقال في موضع آخر هو أثبت من ملازم وهو شيخ أهل اليمامة وقال علي بن محمد الطنافسي ثنا وكيع عن عكرمة بن عمار وكان ثقة وقال صالح بن محمد الأسدي كان يتفرد بأحاديث طوال ولم يشركه فيها أحد قال وقدم البصرة فاجتمع إليه الناس فقال ألا أراني فقيها وأنالا أشعر وقال صالح بن محمد أيضاإن عكرمة بن عمار صدوق إلا أن في حديثه شيئا روى عنه الناس وقال إسحاق بن أحمد بن خلف البخاري ثقة روى عنه الثوري وذكره بالفضل وكان كثير الغلط ينفرد عن إياس بأشياء وقال بن خراش كان صدوقا وفي حديثه نكرة وقال الدارقطني ثقة وقال بن عدي مستقيم الحديث إذا روى عنه ثقة وقال عاصم بن علي كان مستجاب الدعوة قال معاوية بن صالح مات في إمارة المهدي وقال بن معين وغيره مات سنة 159 قلت وكذا ذكر بن حبان في الثقات وقال في روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب كان يحدث من غير كتابة وقال أبو أحمد الحاكم جل حديثه عن يحيى وليس بالقائم وقال يعقوب بن شيبة كان ثقة ثبتا وقال بن شاهين في الثقات قال أحمد بن صالح أناأقول أنه ثقة واحتج به وبقوله
تهذيب التهذيب ج 7 /ص 232 ـ تهذيب التهذيب ج 7 /ص 233
وقال سبط بن العجلي:
[534] عكرمة بن عمار خت م ع أبو عمار العجلي اليمامي إمام ثقة له ترجمة في الميزان وفي آخرها وفي صحيح مسلم قد ساق له أصلا منكرا عن سماك الحنفي عن بن عباس في الثلاثة التي طلبها أبو سفيان انتهى واعلم أن الحافظ أبا محمد بن حزم الظاهري قال في روايته عنه أنه موضوع قال والافة فيه من عكرمة بن عمار وقد أنكر بن الصلاح الحافظ أبو عمرو علي بن حزم وبالغ في الشناعة عليه قال وهذا القول من جسارته فأنه كان هجوما على تخطئه الأئمة الكبار وإطلاق اللسان فيهم قال ولا نعلم أحدا من أئمة الحديث نسب عكرمة إلىوضع الحديث وقد وثقه وكيع وابن معين وغيرهما وكان مجاب الدعوة انتهى ولولا أن شرطي أن أذكر كل من وقفت عليه أنه وضع أو قيل فيه ذلك لما ذكرته والله أعلم
الكشف الحثيث ج 1 /ص 192
ومن أراد مزيد مراجعة في ترجمته فيمكنه مراجعة المراجع التالية.
الكامل في الضعفاء ج 5 /ص 272
الضعفاء الكبير ج 3 /ص 378
الثقات ج 5 /ص 233
معرفة الثقات ج 2 /ص 144
الجرح والتعديل ج 7 /ص 10
تاريخ بغداد ج 12 /ص 257
التاريخ الكبير ج 7 /ص 50
وتضح ذلك من خلال نسبته للأهل الحديث القول بأن مجال الرواية مجال ظن، وهو محض تقول على أهل الحديث.
قال:
"لقد انطلق أهل الحديث من التسليم بعدالة الرواية لدى جميع الصحابة، دون حاجة إلى البحث في خلفياتهم، وقد أحسنوا في ذلك، لأن مجال الرواية مجال ظني، ويكفي من تحصيل الظن بالصدق هنا غلبة الخير على جيل الصحابة، واستعظام الناس للكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الجيل ".
وخير من بحث هذه القضية بنوع من التفصيل شيخنا الشيخ حاتم الشريف وفقه الله لكل خير، فقال ـ في كتابه الماتع " المنهج المقترح لفهم المصطلح ":
" بعد تقرير التقسيم الآنف الذكر ـ وهو التقسيم الذي رضيه المحدثون ـ تبين أن كل الأحاديث المسندة (أخبار آحاد). و (خبر الواحد) العدل عند الأصوليين لا يفيد ـ بذاته ـ إلا الظن، فهل هذا الحكم لـ (خبر الواحد) هو نفسه حكم المحدثين عليه أيضاً؟
لذلك كان واجباً علي بيان حكم (خبر الواحد) العدل عند المحدثين.
فأقول: أولاً: لست أريد استيعاب كل ما يتعلق بهذه المسألة، فهذا أمر عظيم، لكنه ليس بحثي. لذلك فسأتجوز في هذه المسألة ما استطعت ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/184)
وثانياً: أنه مع أن الأحاديث النبوية عند أهل الحديث قسم واحد، فكلها (خبر آحاد)، كما سبق تقريره = إلا أن المحدثين أعرف الناس بتفاوت مراتبها في الصحة، وأدراهم باختلاف درجاتها في القوة، وألحظهم لدقيق فروق ثبوتها. ولهم في ذلك صولات وجولات، لها في علمهم ساحات مباركات، لا تخفى على من نخاطبه ويدري الخطاب
لكن عدم اعتبار المحدثين لهذا التفاوت ولتلك الفروق في درجات الصحة والقوة مسوغاً لتقسيم الأحاديث على أساسه، يدل دلالةً واضحةً على أن تلك الفروق في درجات الثبوت لم تبلغ درجة التأثير على حجية الأخبار، فجميعها يشملها حكم واحد يستفاد منها، لكن تتفاوت مراتب هذا الحكم الواحد.
وعندها نقول: إذا استفاد اليقين و (العلم) من بعض الأحاديث النبوية المتكلمون والجهلاء بالسنة وبعض من أعدائها وبعض من تأثر بهم في مثل ما أسموه بـ (المتواتر) وهو عند المحدثين من (الآحاد)، وفي بعض (الآحاد) أيضاً إذا احتفت به القرائن عند المحققين في أصول الفقه (1) = إذا استفادوا (العلم) من بعضها، فالمحدثون الذين هم حملة الآثار وأمناء الوحي وورثة النبوة أولى بما يربو على ذلك ويزيد
فكل ما يفيد (العلم) عند الأصوليين يفيده عند المحدثين من باب أولى.
لكن بقي ما قال الأصوليون إنه يفيد (الظن الموجب للعمل دون العلم) بذاته، وهو (الآحاد) عندهم. غير أن المحققين منهم قالوا بإفادة (الآحاد) لـ (العلم) إذا احتفت به قرائن تقوية، و (العلم) حينها نظري عندهم، كما سبق آنفاً.
فنقول لهم: رضينا بهذا القدر منكم، فاثبتوا عليه
والحمد لله أن الأصوليين لم يتدخلوا في تحديق القرائن؛ إنما ضربوا أمثلةً عليها
قال بدر الدين الزركشي (محمد بن بهادر بن عبد الله الشافعي، المتوفى سنة 794هـ) في كتابه (البحر المحيط في أصول الفقه): ((لم يتعرضوا لضابط القرائن، وقال المازري: لا يمكن أن يشار إليها بعبارة تضبطها. قلت (القائل الزركشي): ويمكن أن يقال: هي ما لا يبقى معها احتمال، وتسكن النفس عنده، مثل مكونها إلى الخبر المتواتر أو قريباً منه)) (2).
قلت: وكل هذا يرضاه المحدثون من الأصوليين
فإن صحح المحدثون حديثاً، مما تفرد بروايته راوٍ واحد، وهم (أعني المحدثين) أهل هذه الصنعة، وأعرف الناس بقواعدها وجزئياتها، وأخبرهم بأصولها وفروعها؛ ثم تصحيحهم ذلك الحديث معناه أنه انتفت عنه كل: العلل الظاهرة (من طعن في الرواة أو سقط في الإسناد) والعلل الباطنة (من شذوذ وتفرد من لا يحتمل التفرد بمثل ما تفرد به)، وقف عند العلل الباطنة، وقلب وجوهها ومعانيها عند المحدثين؛ لتعلم بعد ذلك كله، أنه إذا صحح المحدثون حديثاً (غريباً) (فرداً) = أنه أفاد العلم عندهم، لأنه استحال عندهم بعد النظر والاستدلال احتمال الكذب والغلط، ولاحت قرائن تفيد اليقين بذلك
ولا يعترض على المحدثين: بأن الأصوليين أو الفقهاء (غير المحدثين) لا يستفيدون (العلم) من ذلك الخبر، لأن عدم استفادتهم منه (العلم) لا ينفي أن غيرهم ممن الشأن شأنهم والفن فنهم والعلم علمهم = قد استفاد منه العلم
ولئن كان (المتواتر) منه ما هو عام يعرفه العامة، ومنه ما هو خاص لا يعرفه إلا الخاصة من أهل العلم (1). فكذلك القرائن: منها ماه و عام يعرفها الأصوليون والمحدثون، ومنها ما هو خاص لا يعرفه إلا المحدثون.
وما أشبه ذلك بـ (المتواتر) أيضاً، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في (علم الحديث): ((وعلماء الحديث يتواتر عندهم ما لا يتواتر عند غيرهم، لكونهم سمعوا ما لم يسمع به غيرهم، وعلموا من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يعلم غيرهم)) (2).
يقول ابن قيم الجوزية في (الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة): ((وكما أن العلم بالتواتر ينقسم إلى عام وخاص، فيتواتر عند الخاصة ما لا يكون معلوماً لغيرهم، فضلاً أن يتواتر عندهم= فأهل الحديث: لشدة عنايتهم بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وضبطهم لأقواله وأفعاله وأحواله، يعلمون من ذلك علماً لا يكون فيه، مما لا شعور لغيرهم به البتة)) (3).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/185)
وكان قد قال (رحمه الله) قل ذلك: ((وخصومهم ـ يعني خصوم أهل الحديث ـ إما أن ينكروا حصول (العمل) لأنفسهم، أو لأهل الحديث. فإن أنكروا حصوله لأنفسهم، لم يقدح ذلك في حصوله لغيرهم. وإن أنكروا حصوله لأهل الحديث، كانوا مكابرين لهم على ما يعملونه من نفوسهم، بمنزلة من يكابر غيره على ما يجده في نفسه من فرحه وألمه وخوفه وحبه. والمناظرة إذا انتهت إلى هذا الحد لم يبق فيها فائدة، وينبغي العدول إلى ما أمر الله به رسوله من المباهلة)) (4)
واسمع الإمام مسلماً وهو يقول في كتابه (التمييز): ((واعلم ـ رحمك الله ـ أن صناعة الحديث، ومعرفة أسبابه من الصحيح والسقيم، إنما هي لأهل الحديث خاصة؛ لأنهم الحفاظ لروايات الناس، العارفون بها دون غيرهم. إذ الأصل الذي يعتمدون لأديانهم: السنن والآثار المنقولة، من عصر إلى عصر، من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا هذا. فلا سبيل لمن نابذهم من الناس، وخالفهم في المذهب، إلى: معرفة الحديث، ومعرفة الرجال من علماء الأمصار فيما مضى من الأعصار من نقال الأخبار وحمال الآثار. وأهل الحديث هم الذين يعرفونهم ويميزونهم، حتى ينزلوهم منازلهم في التعديل والتجريح)) (1).
ثم قف على هذا الفصل النوراني، وسأنقله لك على طوله من كلام الإمام أبي المظفر منصور بن محمد التميمي السمعاني الشافعي (ت 489هـ). يقول (رحمه الله) في كتابه (الانتصار لأهل السنة): ((واعلم أن الخبر وإن كان يحتمل الصدق والكذب والظن وللتجوز فيه مدخل، ولكن هذا الذي قلناه (يعني من إفادة خبر الواحد للعلم) لا يناله أحد، إلا بعد أن يكون معظم أوقاته وأيامه مشتغلاً بالحديث، والبحث عن سيرة النقلة والرواة، ليقف على رسوخهم في هذا العلم، وكنه معرفتهم به، وصدق ورعهم في أقوالهم وأفعالهم، وشدة حذرهم من الطغيان والزلل، وما بذلوه من شدة العناية في تمهيد هذا الأمر، والبحث عن أحوال الرواة، والوقوف على صحيح الأخبار وسقيمها. ولقد كانوا بحيث لو قتلوا لم يسامحوا أحداً في كلمةٍ واحدةٍ يتقولها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا فعلوا هم بأنفسهم ذلك. وقد نقلوا هذا الدين إلينا كما نقل إليهم، وأدوا كما أدى إليهم. وكانوا في صدق العناية والاهتمام بهذا الشأن: ما يجل عن الوصف، ويقصر دونه الذكر. وإذا وقف المرء على هذا من شأنهم، وعرف حالهم، وخبر صدقهم وورعهم وأمانتهم، ظهر له العلم فيما نقلوه ورووه.
والذي يزيد ما قلنا إيضاحاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الفرقة الناجية قال: ((ما أنا عليه وأصحابي)) (2)، فلا بد من تعرف ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه، وليس طريق معرفته إلا النقل، فيجب الرجوع إلى ذلك. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تنازعوا الأمر أهله)) (3)، بكما يرجع في معرفة مذاهب الفقهاء الذين صاروا قدوةً في هذه الأمة إلى أهل الققه، ويرجع في معرفة اللغة إلى أهل اللغة، وفي النحو إلى أهل النحو= كذا يرجع في معرفة ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى أهل الرواية والنقل، لأنهم عنوا بهذا الشأن، واشتغلوا بحفظه والفحص عنه ونقله، ولولاهم لا ندرس علم النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقف أحد على سنته وطريقته!
فإن قالوا: فقد كثرت الآثار في أيدي الناس واختلط عليهم؟
قلنا: ما اختلط إلا على الجاهلين بها، فأما العلماء بها فإنهم ينتقدونها انتقاد الجهابذة الدراهم والدنانير، فيميزون زيوفها، ويأخذون جيادها. ولئن دخل في أغمار الرواة من وسم بالغلط في الأحاديث، فلا يروج ذلك على جهابذة الحديث ورتوت (1). العلماء، حتى إنهم عدوا أغاليط من غلط في الأسانيد والمتون. بل تراهم يعدون على كل واحدٍ منهم في كم حديث غلط، وفي كم حرفٍ حرف، وماذا صحف.
(إلى أن قال:) فتدبر ـ رحمك الله ـ أيجعل حكم من أفنى عمره في طلب آثار النبي صلى الله عليه وسلم شرقاً وغرباً، براً وبحراً، وارتحل في الحديث الواحد فراسخ؛ واتهم أباه وأدناه في خبر يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان موضع التهمة، ولم يحابه في مقال ولا خطاب، غضباً لله، وحميةً لدينه؛ ثم ألف الكتب في معرفة المحدثين: أسمائهم وأنسابهم، وقدر أعمارهم، وذكر أصارهم، وشمائلهم وأخبارهم؛ وفصل بين الرديء والجيد، والصحيح والسقيم، حباً لله ورسوله، وغيرةً على الإسلام والسنة؛ ثم استعمل آثاره كلها، حتى فيما عدا العبادات، من أكله وطعامه وشرابه ونومه ويقظته وقيامه وقعوده ودخوله وخروجه، وجميع سيرته وسننه، حتى في خطواته ولحظاته؛ ثم دعا الناس إلى ذلك، وحثهم عليه، وندبهم إلى استعماله، وحبب إليهم ذلك بكل ما يمكنه، حتى في بذلك ماله ونفسه = كمن أفنى عمره في أتباع أهوائه وآرائه وخواطره وهواجسه؟!!! (2))).
إذن فالأصل في (خبر الآحاد) الذي يصححه المحدثون أنه يفيد (العلم) عندهم، لأن تصحيح الحديث يقتضي عندهم: ادتماع غلبة الظن بصدق الخبر، مع قرائن إثباته. لأن غلبة الظن تحصل بمجرد صحة السند، أي بانتفاء العلل الظاهرة. أما انتفاء العلل الباطنة، فهو قرائن الإثبات وعلامات مطابقة الخبر لواقع الحال، وهو (العلم).
إذا علمت ذلك، بعد قراءتك كلام أبي المظفر السمعاني الآنف الذكر، فلا بد أنك توافقه وتوافقني في أن المرجع في تمييز الثابت من المشكوك فيه من سنة النبي صلى الله عليه وسلم هم المحدثون، وأنهم القضاة الذين يحتكم إليهم في ذلك، وأنه لا يحق لمن ليس منهم أن ينازعهم شأنهم وأمرهم.
وفي الوقفة القادمة سنرى بعض أحكامه على الأحاديث، وتخريجه لها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/186)
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[03 - 02 - 05, 04:04 ص]ـ
بعد أن بينا في الحلقة الماضية مدا جهل الكاتب بقواعد علم الحديث النظرية، نبين في هذه الحلقة ما ترتب على ذلك من جهل بتطبيقها، وهذا الجانب يتناول ثلاثة محاور الأول منها طريقة تخريجه للأحاديث، والثاني منها حكمه عليها، والثلاث منها قلة الأمانة العلمية في نقله لكلام أهل العلم حول بعضها.
أولا تخرجه للأحاديث تخريج من لم يعرف كيفية التخريج فتارة يخرج من كتب التاريخ وتارة من كتب الشروح وتارة من كتب المجاميع أي الكتب التي جمعت كتبا معينة مع حذف أسانيدها، وحتى عندما يخرج من الكتب الأصول لا تجد له منهجا معينا فتراه مثلا يخرج حديثا في صحيح مسلم من بن حبان ولا يشير إلى أنه في مسلم وتراه مرة أخرى يخرج حديثا من الأصول ومعها الكتب لتي ليست أصولا فيقدمها عليها في التخريج.
فحديث كلاب الحوأب خرجه من سير أعلام النبلاء.
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب؟ «.
حديث صحيح.انظر: سير أعلام النبلاء 2/ 177ـ 178
وأحد روايات قصة سعد بن أبي وقاص مع معاوي، أخرجه من فتح الباري.
وعند أبي يعلى عن سعد من وجه آخر لا بأس به قال: لو وضع المنشار على مفرقي على أن أسب عليا ما سببته أبدا «
فتح الباري 7/ 74
وحديث المغفرة لأهل بدر خرج من شرح المبارك فوري للترمذي وفتح الباري والتمهيد.
لن يدخل النار أحد شهد بدرا
رواه أحمد بإسناد على شرط مسلم، انظر المباركفوري: تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي 9/ 142وابن عبد البر: التمهيد لما في الموطإ من المعاني والأسانيد 6/ 355 وفتح الباري 7/ 305
وحديث قل الحق ولوكان مرا خرجه من مجمع الزوائد وهو كما يعلم كل طلاب علم الحديث ليس تخريجا.
مجمع الزوائد 7/ 265 وقال الهيثمي: "رواه الطبراني في الصغير، والكبير بنحوه … ورجاله رجال الصحيح غير سلام أبي المنذر، وهو ثقة، ورواه البزار"
وحديث دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم الهداية أخرجه من ابن حبان مع أنه في مسلم دون أن يشير إلى ذلك.
"اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون .. اهدني لما اختُلف فيه من الحق، فإنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم"
صحيح ابن حبان 6/ 335
وحديث القضاة، أخرجه من كتب أصلية وثانوية فمثلا كتاب الترمذي كتاب أصلى في التخريج فهو كتاب راية يروي بالإسناد وكتب البيهقي كتب تروي من كتب الرواية فهو قدم الثانوي في التخريج على الأصلي.
"القضاة ثلاثة: قاضيان في النار، وقاض في الجنة. رجل علم الحق وقضى به فهو في الجنة، ورجل قضى للناس على جهل، فهو في النار، ورجل علم الحق وقضى بخلافه فهو في النار"
، وحديث "القضاة ثلاثة .. " رواه بألفاظ مختلفة: الحاكم 4/ 101 والبيهقي في الكبرى 10/ 117 وفي الشعب 6/ 73 والترمذي 3/ 613 والطبراني في الأوسط 7/ 39 وفي الكبير 2/ 21
كل ما مر نماذج وليس هو جميع ما أخطأ فيه في طريقة التخريج بل كل تخريجاته من هذا المعجن.
وأما المحور الثاني وهو أخطاءه في حكمه على بعض الأحاديث.
إيراده لبعض الآثار والأحاديث الضعيفة ناسفا بذلك ما قرره في القاعدة الأولى من قواعده وهي التثبت في النقل والرواية، ونساق مع ما حذر منه من خلط الوقائع بالمشاعر، والسكوت على الضعيف ما دام يؤيد رأي.
من ذلك قبوله لأثر عائشة في فقصة تسمية الناس القتال الأول بيوم الجمل.
قال عن عائشة في ص 137
"محمد بن قيس قال ذكر لعائشة يوم الجمل، قالت والناس يقولون يوم الجمل؟ قالوا: نعم قالت: وددت أني جلست كما جلس أصحابي، فكان أحب إلي من أن أكون ولدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة، كلهم مثل عبد الرحمن بن هشام وعبد الله الزبير "
هذا الأثر قال عنه الحافظ بن حجر بعد أن ساقه
وفي سنده أبو معشر نجيح المدني وفيه ضعف
فتح الباري ج 13 ص 55
ومن الأخطاء الحديثية في الحكم على الحديث تصحيحه لقصة الوليد بن عقبة مع بن المصطلق وأنها سبب نزول قوله تعالى يأيها الذين آمنوا إنجاءكم فاسق بنبأ.
قال في ص 196 ـ 197
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/187)
معلقا على تضعيف الأستاذ محب الدين الخطيب للقصة: "ويبدوا أن الشيخ الخطيب قد خانه الاستقراء فقد أخرج هذا الحديث أحمد وابن أبي حاتم والطبراني وابن منده وابن مردويه عن الحارث بن ضرار، وهو صحابي ووالد أم المؤمنين جويرية، كما أنه شاهد عيان، إذ هو سيد قبيلة بن المصطلق التي أرسل إليهم الوليد، وهذا غير رواية أم سلمة، وغير الأخبار الموقوفة التي ركز عليها الشيخ الخطيب ".
ونحن نقول إن العلم قد خان الكاتب هنا فإن هذه الرواية التي فرح بها مدارها على دينار والد عيس بن دينار وهو مجهول لا يعرف كما قال ابن معين.
فالرواية ضعيفة إلا إذا كان الكاتب يريد أن يتبنى الرأي الذي نسبه لابن حبان وانتقده وهو تصحيح أحاديث المجاهيل.والقصة مخرجة
مسند الإمام أحمد بن حنبل ج 4 ص 279 ـ المعجم الكبير ج 3 ص 274
الآحاد والمثاني ج 4 ص 309 ـ
ومن الأحاديث التي أوردها في البحث وهي ضعيفة دون أن ينبه على ضعفها حديث علي رضي الله عليه في المسند " عن على رضي الله عنه قال قيل يا رسول الله من يؤمر بعدك قال إن تؤمروا أبا بكر رضي الله عنه تجدوه أمينا زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة وإن تؤمروا عمر رضي الله عنه تجدوه قويا أمينا لا يخاف في الله لومة لائم وإن تؤمروا عليا رضي الله عنه ولا أراكم فاعلين تجدوه هاديا مهديا يأخذ بكم الطريق المستقيم "
مسند الإمام أحمد بن حنبل ج 1 ص 108
وهو حديث ضعيف ينظر كلام الدار قطني عليه في العلل 3/ 216 وابن الجوزي في العلل المتناهية 1/ 253 والخطيب في تاريخ بغداد 3/ 302
ومن الأحاديث الضعيفة التي أوردها في البحث مستشهدا بها حديث علي في قصة ضرب الوليد بن عقبة لزوجه واستجارتها بالرسول صلى الله عليه وسلم وإجارته لها وعدم اكتراث الوليد بذلك. وهذه القصة مخرجة في مسند الإمام أحمد بن حنبل ج 1 ص 152
ومسند أبي يعلى ج 1 ص 253 ـ مسند أبي يعلى ج 1 ص 289
وهي ضعيفة مدارها على أبي مريم قيس أبو مريم الثقفي المدائني وهو مجهول
610] قيس أبو مريم الثقفى المدائني روى عن على وعمار روى عنه نعيم وعبد الملك ابنا حكيم سمعت أبى يقول ذلك.
الجرح والتعديل ج 7 /ص 106
تاريخ بغداد ج 12 /ص 455
التاريخ الكبير ج 7 /ص 151
ومن أخطائه الحديثية المتعلق بالحكم على الأسانيد قبوله لقصة خبر أبي سفيان مع علي ولومه له على قبولي تول أبي بكر للخلافة والأثر ضعيف أخرجه عبد الرزاق "عن بن أبجر قال لما بويع لأبي بكر رضي الله عنه جاء أبو سفيان إلى علي فقال غلبكم على هذا الأمر أذل أهل بيت في قريش أما والله لأملأنها خيلا ورجالا قال فقلت مازلت عدوا للإسلام وأهله فما ضر ذلك الإسلام وأهله شيئا أنا رأينا أبا بكر لها أهلا"
مصنف عبد الرزاق ج 5 ص 451
وهو ضعيف منقطعة من رواية ابن أبجر وهو من أتباع التابعين.
قال الحافظ ابن حجر
عبد الملك ين سعيد بن حيان، بالتحتانية، بن أبجر، بموحدة جيم، الكوفي، ثقة عابد، من السادسة.
تقريب التهذيب الترجمة رقم 4181
وقد بين الحافظ في مقدمة كتابه تقريب التهذيب أن أصحاب الطبقة السادسة "لم يثب لهم لقاء أحد من الصحابة.
التقريب ص 97
ومن أخطائه الحديثية المتعلقة بالحكم على الأحاديث تضعيفه لقصة مبايعة علي الأبي بكر في أول الأمر دون أي حجة مع أن القصة صححها كثير من أهل العلم.
وسنقل هنا كلام الحافظ ابن كثير على القصة قال ابن كثير في: " عن ابي سعيد الخدري قال قبض رسول الله واجتمع الناس في دار سعد بن عبادة وفيهم أبو بكر وعمر قال فقام خطيب الانصار فقال أتعلمون أن رسول الله كان من المهاجرين وخليفته من المهاجرين ونحن كنا أنصار رسول الله ونحن أنصار خليفته كما كنا أنصاره قال فقام عمر بن الخطاب فقال صدق قائلكم أما لو قلتم على غير هذا لم نبايعكم وأخذ بيد أبي بكر وقال هذا صاحبكم فبايعوه فبايعه عمر وبايعه المهاجرون والانصار قال فصعد ابو بكر المنبر فنظر في وجوه القوم فلم ير الزبير قال فدعا بالزبير فجاء فقال قلت ابن عمة رسول الله وحواريه أردت أن تشق عصا المسلمين فقال لا تثريب يا خليفة رسول الله فقام فبايعه ثم نظر في وجوه القوم فلم ير عليا فدعا بعلي بن أبي طالب فجاء فقال قلت ابن عم رسول الله وختنه على ابنته أردت أن تشق عصا المسلمين قال لا تثريب يا خليفة رسول الله فبايعه هذا أو معناه وقال أبو علي الحافظ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/188)
سمعت محمد بن اسحاق بن خزيمة يقول جاءني مسلم بن الحجاج فسألني عن هذا الحديث فكتبته له في رقعة وقرأته عليه وهذا حديث يسوى بدنة بل يسوى بدرة وقد رواه البيهقي عن الحاكم وأبي محمد بن حامد المقري كلاهما عن أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم عن جعفر بن محمد بن شاكر عن عفان بن سلم عن وهيب به ولكن ذكر أن الصديق هو القائل لخطيب الانصار بدل عمر وفيه أن زيد بن ثابت أخذ بيد أبي بكر فقال هذا صاحبكم فبايعوه ثم انطلقوا فلما قعد أبو بكر على المنبر نظر في وجوه القوم فلم ير عليا فسأل عنه فقام ناس من الانصار فأتوا به فذكر نحو ما تقدم ثم ذكر قصة الزبير بعد على فالله أعلم وقد رواه على بن عاصم عن الجريري عن أبى نضرة عن أبى سعيد الخدري قذكر نحو ما تقدم وهذا اسناد صحيح محفوظ من حديث أبي نضرة المنذر بن مالك بن قطعة عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري وفيه فائدة جليلة وهي مبايعة علي بن أبي طالب أمافي أول يوم أو في اليوم الثاني من الوفاة وهذا حق فإن علي بن أبي طالب لم يفارق الصديق في وقت من الأوقات ولم ينقطع في صلاة من الصلوات خلفه كما سنذكره وخرج معه إلىذي القصة لما خرج الصديق شاهرا سيفه يريد قتال أهل الردة كما سنبينه قريبا ولكن لما حصل من فاطمة رضي الله عنها عتب على الصديق بسبب ما كانت متوهمة من أنها تستحق ميراث رسول الله ولم تعلم بما أخبرها به الصديق رضي الله عنه أنه قال لا نورث ما تركنا فهو صدقة فحجبها وغيرها من أزواجه وعمه عن الميراث بهذا النص الصريح كما سنبين ذلك في موضعه فسألته أن ينظر علي في صدقة الأرض التي بخيبر وفدك فلم يجبها إلىذلك لأنه رأى أن حقا عليه أن يقوم في جميع ما كان يتولاه رسول الله وهو الصادق البار الراشد التابع للحق رضي الله عنه فحصل لها وهي امرأة من البشر ليست براجيبة العصمة عتب وتغضب ولم تكلم الصديق حتى ماتت واحتاج علي أن يراعي خاطرها بعض الشيء فلما ماتت بعد ستة أشهر من وفاة أبيها رأى علي أن يجدد البيعة مع أبي بكر رضي الله عنه كما سنذكره من الصحيحين وغيرهما فيما بعد إن شاء الله تعالىمعما تقدم له من البيعة قبل دفن رسول الله ويزيد ذلك صحة قول موسى بن عقبة في مغازيه عن سعد بن ابراهيم حدثني ابي أن أباه عبد الرحمن بن عوف كان مع عمر وأن محمد بن مسلمة كسر سيف الزبير ثم خطب ابو بكر واعتذ إلىالناس وقال ما كنت حريصا على الامارة يوما ولا ليلة ولا سالتها في سر ولا علانية فقبل المهاجرون مقالته وقال علي والزبير ما غضبنا إلا لأنااخرنا عن المشورة وأنانرى أن أبا بكر احق الناس بها إنه لصاحب الغار وإنالنعرف شرفه وخبره ولقد امره رسول الله أن يصلي بالناس وهو حي اسناد جيد ولله الحمد والمنة "
البداية والنهاية ج: 5 ص: 249
الحديث قد صححه ابن كثير وبنى عليه.
وقد تلا عب الكاب عفا الله عنه بكلام الحافظ ابن حجر حول هذا الحديث وبتر منه ما لا يخدم فكرته، وقول الحافظ ما لم يقل.
قال في ص 104 ـ 205
لقد كان في وسع الشيخ محب الدين والشيخ الاستانبولي الاستشهاد لرأيهما ـ على ما فيه من تكلف ـ بما ذكره بن حجر قال: " وقد صحح بن حبان وغيره من حديث أبي سعيد الخدري وغيره أن عليا بايع أبا بكر في أول الأمر "
يعني البيعة العامة التي كانت في المسجد في اليوم التالي لبيعة السقيفة. فهذه الرواية أقوى من روايات الطبري، وإن كان يشوش عليها أمران:
تساهل بن حبان في تصحيحاته، حتى أعرض معظم علماء الحديث والمعاصرين عن تصحيحاته.
.. وفي ترك بن حجر وهو الناقد المدقق العهدة على ابن حبان في هذا إشارة كافية إلىضعف هذا الخبر ".
أنقل هنا كلام الحافظ ابن حجر ليتبين لعب الكاتب بنصه ثم أعقب عليه ببيان المآخذ على الكاتب في تصرفه في النص.
قال الحافظ:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/189)
"وقد تمسك الرافضة بتأخر علي عن بيعة أبي بكر إلى أن ماتت فاطمة وهذيانهم في ذلك مشهور وفي هذا الحديث ما يدفع في حجتهم وقد صحح بن حبان وغيره من حديث أبي سعيد الخدري وغيره أن عليا بايع أبا بكر في أول الأمر وأما ما وقع في مسلم عن الزهري أن رجلا قال له لم يبايع على أبا بكر حتى ماتت فاطمة قال لا ولا أحد من بني هاشم فقد ضعفه البيهقي بإن الزهري لم يسنده وأن الرواية الموصولة عن أبي سعيد أصح وجمع غيره بأنه بايعه بيعة ثانية مؤكدة للأولى لإزالة ما كان وقع بسبب الميراث كما تقدم وعلى هذا فيحمل قول الزهري لم يبايعه علي في تلك الأيام على إرادة الملازمة له والحضور عنده وما أشبه ذلك فإن في انقطاع مثله عن مثله ما يوهم من لا يعرف باطن الأمر أنه بسبب عدم الرضا بخلافته فأطلق من أطلق ذلك وبسبب ذلك أظهر على المبايعة التي بعد موت فاطمة عليها السلام لإزالة هذه الشبهة ".
والمؤاخذات على تصرف الكاتب في هذا النص في نقطتين.
أولا لم يسق الكاتب النص في سياقه بل بتر منه ما أراد ليبني عليه حكمه وهو تضعيف الحافظ ابن حجر للحديث، فسياق النص لا يخدم فكرة تضعيف ابن حجر للحديث إذ هو في سياق رده على الرافضة استدلالهم بحديث البخاري في تأخر علي رضي الله عنه في بيعة أبي بكر وأنه كان يطلب حقه في الإمامة التي أخذها منه أبو بكر والصحابة الآخرين، ثم يستشهد الحافظ ابن حجر عليهم بالحديث الذي ذكر عن ابن حبان أنه صححه.
النقطة الثاني أن الحافظ لم يترك العهدة في تصحح الحديث على ابن حبان كما زعم الكاتب، بل في النص الذي نقل عنه الكاتب قال فيه " وقد صحح بن حبان وغيره" ويا سبحان الله أنا غابت هذه اللفظة عن الكاتب حتى يزعم أن الحافظ ترك العهدة على ابن حبان مع أنه ذكر معه غيره مما يدل على أنا الحافظ لم يترك العهدة على بن حبان وحده.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر في الجزء الذي بتر الكاتب من كلامه تصحيح البيهقي للحديث ورده به كلام الزهري أن عليا وبني هاشم لم يبايعوا عليا مدة حيات فاطمة.
وتصرف الحافظ مع الحديث يدل على تصحيحه له، فلم يرده بحديث البخاري بل جمع بينها ولو كان ضعفا عنه لما جمع بينهما ولبين ضعفه ومعارضته لما في البخاري والأصل في العالم إذا نقل عن أحد من أهل العلم تصحيح حديث ولم يتعقبه أنه موافقا له في تصحيحه.
تنبيه لم أجد هذا الحديث في صحيح ابن حبان الذي بين أيدينا، ولم يعزه له ابن كثر فلينتبه لذلك.
والحديث في المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 80 ـ سنن البيهقي الكبرى ج 8 ص 143.
ومن قلة أمانته العلمية في نقل كلام أهل العلم في الحديث إيهام القارئ أن ابن تيمية يضعف قصة مجادلة أبي بكر لسعد بن عبادة في قضية الإمارة وأنها في قريش واعتراف سعد بذلك.
فقال في ص 95
"وحين ما أورد بن تيمة حديث الحميري في بعض نسخ "المنهاج " صرح بإرساله كما تقتضه الأمانة العلمية .. "
نعم صرح ابن تيمية بإرساله ولكن صححه وبنى عليه أن سعدا بايع أبا بكر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمة: "وهذا مرسل حسن، ولعل حميدا أخذه عن بعض الصحابة الذين شهدوا ذلك، وفيه فائدة جليلة جدا، وهي أن سعد بن عبادة نزل عن مقامه الأول في دعوة الإمارة، وأذعن للصديق بالإمارة، فرضي الله عنهم أجمعين ".
منهاج السنة 1/ 536
ومن قلة أمانته العلمية في نقل كلام أهل العلم حول الحديث، إيهام القارئ أن الترمذي يضعف حديث دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاوية "اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به " والحق أن الترمذي قد أخرج الحديث من طريقين حسن واحدة منها وضعف الأخرى فكان المستحسن من باب الأمانة العلمية أن ينقل الكاتب الحكمين لا أن ينقل واحدا منهما ويدع الآخر.
[3842] عن عبد الرحمن بن أبي عميرة وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمعاوية اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب
سنن الترمذي ج 5 ص 687
[3843] عن أبي إدريس الخولاني قال لما عزل عمر بن الخطاب عمير بن سعد عن حمص ولى معاوية فقال الناس عزل عميرا وولى معاوية فقال عمير لا تذكروا معاوية إلا بخير فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم أهد به قال أبو عيسى هذا حديث غريب قال وعمرو بن واقد يضعف
سنن الترمذي ج 5 ص 687
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/190)
والحديث روه الإمام أحمد في المسند (4/ 216) و صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (3/ 236) وقال في الصحيحة (4/ 615) بعد أن ذكر طرقه: رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، فكان حقه أن يصحح .. وقال: وبالجملة فالحديث صحيح وهذه الطرق تزيده قوة على قوة ..
من قلة أما نته العلمية نسبته لفظة "ويح عما تقتله الفئة الباغية" للبخاري على الإطلاق دون أن يبين أن كثير من أهل العم أنكر أن تكون في البخاري وأنها لا توجد في أكثر نسخه.
قال في ص 143:
" ورواية البخاري للحديث لا تدع لبسا حول بغي أهل الشام في تلك الحرب "
قال الحافظ ابن حجر:
"ولفظه ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم الحديث وأعلم أن هذه الزيادة لم يذكرها الحميدي في الجمع وقال إن البخاري لم يذكرها أصلا وكذا قال أبو مسعود قال الحميدي ولعلها لم تقع للبخاري أو وقعت فحذفها عمدا قال وقد أخرجها الإسماعيلي والبرقاني في هذا الحديث قلت ويظهر لي أن البخاري حذفها عمدا وذلك لنكتة خفية وهي أن أبا سعيد الخدري اعترف أنه لم يسمع هذه الزيادة من النبي صلى الله عليه وسلم فدل على أنها في هذه الرواية مدرجة والرواية التي بينت ذلك ليست على شرط البخاري وقد أخرجها البزار من طريق داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد فذكر الحديث في بناء المسجد وحملهم لبنة لبنة وفيه فقال أبو سعيد فحدثني أصحابي ولم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يا بن سمية تقتلك الفئة الباغية أه وبن سمية هو عمار وسمية اسم أمه وهذا الإسناد على شرط مسلم وقد عين أبو سعيد من حدثه بذلك ففي مسلم والنسائي من طريق أبي سلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال حدثني من هو خير مني أبو قتادة فذكره فاقتصر البخاري على القدر الذي سمعه أبو سعيد من النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره وهذا دال على دقة فهمه وتبحره في الاطلاع على علل الأحاديث "
فتح الباري ج 1 ص 543
وقال شيخ الإسلام:
"وكذلك حديث عمار بن ياسر تقتلك الفئة الباغية قد رواه مسلم في صحيحه من غير وجه ورواه البخاري لكن في كثير من النسخ لم يذكره تاما "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 413
وكذلك قلة الأمانة في نقل كلام أهل العلم في رواية الحسن عن سمرة، وإيهام القارئ أن أهل العلم لم يختلفوا في قبولها.
قال في ص 188
قلت" هذا الحديث الذي ضعفه ابن عربي هو صحيح أخرجه النسائي وأبو داود .. قال البخاري عن علي ابن المديني " سماع الحسن من سمرة صحيح "، وأخذ بهذا الحديث. وقال البخاري: " أناأذهب إليه ". فلو لم يصح الحديث لما ذهب إليه هذان إمامان، وحسبك بهما ".
مع أنها هذه المسألة من أشهر المسائل خلافا بين أهل الحديث، ولهم فيها خمسة أقول تنظر في البحث الماتع الذي خصصه لها شيخنا الشريف حاتم في الجزء الثالث من كتاب المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس.
ومن قلة أمانته في نقل كلام أهل العلم حول الحديث محاولة إيهام القارئ بصحة أحاديث لعن الوليد ومروان وذريته مع أن أهل العلم قد قالوا فيها قولتهم الصريحة المخالفة لما يريد الكاتب من إيهام القراء بصحتها.
قال ابن القيم:
" أحاديث ذم الوليد ومروان بن الحكم كذب "
المنار المنيف ص (117)
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[05 - 02 - 05, 05:35 ص]ـ
في هذه الوقفة سنتناول أحكام المؤلف التاريخية، ونرى مدى التزامه فيها بالعلم والعدل.
وأول مسألة نبحث فيها ذلك عنوان كتابه الخلا فات السياسية بين الصحابة.
والحق أنه لا خلاف سياسي بين الصحابة كما بين أهل العلم.
قال ابن حزم رحمه الله:
" قال أبو محمد وأماأمر معاوية رضي الله عنه فبخلاف ذلك ولم يقاتله علي رضي الله عنه لامتناعه من بيعته لأنه كان يسعه في ذلك ما وسع ابن عمر وغيره لكن قاتله لامتناعه من إنفاذ أوامره في جميع أرض الشام وهو الإمام الواجبة طاعته فعلى المصيب في هذا ولم ينكر معاوية قط فضل علي واستحقاقه الخلافة لكن اجتهاده أداه إلىأن رأى تقديم أخذ القود من قتلة عثمان رضي الله عنه على البيعة ورأى نفسه أحق بطلب دم عثمان والكلام فيه عن ولد عثمان وولد الحكم ابن أبي العاص لسنه ولقوته على الطلب بذلك كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الرحمن بن سهل أخا عبد الله بن سهل المقتول بخيبر بالسكوت وهو أخو المقتول وقال له كبر كبر وروى الكبر الكبر فسكت عبد الرحمن وتكلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/191)
محيصة وحويصة أبناء مسعود وهما أبنا عم المقتول لأنهما كان أسن من أخيه فلم يطلب معاوية من ذلك إلا ما كان له من الحق أن يطلبه وأصاب في ذلك الأثر الذي ذكرنا وإنما أخطأ في تقديمه ذلك على البيعة فقط فله أجر الاجتهاد في ذلك ولا إثم عليه فيما حرم من الإصابة كسائر المخطئين في اجتهادهم الذين أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لهم أجرا واحدا وللمصيب أجرين ولا عجب أعجب ممن يجيز الاجتهاد في الدماء وفي الفروج والأنساب والأموال والشرائع التي يدان الله بها من تحريم و إيجاب ويعذر المخطئين في ذلك ويرى ذلك مباحا لليث والبتي أبي حنيفة والثوري ومالك والشافعي وأحمد وداود وإسحاق وأبي ثور وغيرهم كزفر وأبي يوسف ومحمد بن الحسن والحسن بن زياد وابن القاسم وأشهب وابن الماجشون والمزني وغيرهم فواحد من هؤلاء يبيح دم هذا الإنسان وآخر منهم يحرمه كمن حارب ولم يقتل أو عمل عمل قوم لوط وغير هذا كثير وواحد منهم يبيح هذا الفرج وآخر منهم يحرمه كبكر أنكحها أبوها وهي بالغة عاقلة بغير إذنها ولا رضاها وغير هذا كثير وكذلك في الشرائع والأوامر والأنساب وهكذا فعلت المعتزلة بشيوخهم كواصل وعمرو وسائر شيوخهم وفقهائهم وهكذا فعلت الخوارج بفقهائهم ومفتيهم ثم يضيقون ذلك على من له الصحبة والفضل والعلم والتقدم والاجتهاد كمعاوية وعمرا ومن معهما من الصحابة رضي الله عنه وإنما اجتهد في مسائل دماء كالتي اجتهد فيها المفتون وفي المفتين من يرى قتل الساحر وفيهم من لا يراه وفيهم من يرى قتل الحر بالعبد وفيهم من يرى قتل المؤمن بالكافر وفيهم من لا يراه فأي فرق بين هذه الاجتهادات واجتهاد معاوية وعمرو وغيرهما لولا الجهل والعمى والتخليط بغير علم وقد علمنا أن من لزمه حق واجب وامتنع من أدائه وقاتل دونه فإنه يجب على الإمام أن يقاتله وإن كان منا وليس ذلك بمؤثر في عدالته وفضله ولا بمحب له فبالمقابل هو مأجور لاجهاده ونيته في طلب الخير فبهذا قطعنا على صواب علي رضي الله عه وصحة أمامته وأنه صاحب الحق وأن له اجرين اجر الاجتهاد واجر الإصابة وقطعنا إن معاوية رضي الله عنه ومن معه مخطئون مجتهدون مأجورون أجرا واحدا وأيضا وأهل العدل المبغي عليهم والمأمورين بالإصلاح بينهم وبينهم ولم يصفهم عز وجل بفسق من اجل ذلك التقاتل ولا ينقص إيمان وإنما هم مخطئون باغون ولا يريد واحدا منهم قتل آخر "
الفصل في الملل ج: 4 ص: 124
قال النووي رحمه الله:
وأمامعاوية رضي الله عنه فهو من العدول الفضلاء والصحابة النجباء رضي الله عنه وأماالحروب التي جرت فكانت لكل طائفة شبهة اعتقدت تصويب انفسها بسببها وكلهم عدول رضي الله عنهم ومتأولون في حروبهم وغيرها ولم يخرج شئ من ذلك احدا منهم عن العدالة لأنهم مجتهدون اختلفوا في مسائل من محل الاجتهاد كما يختلف المجتهدون بعدهم في مسائل من الدماء وغيرها ولا يلزم من ذلك نقص أحد منهم واعلم أن سبب تلك الحروب أن القضايا كانت مشتبهة فلشدة اشتباهها اختلف اجتهادهم وصاروا ثلاثة اقسام قسم ظهر لهم بالاجتهاد أن الحق في هذا الطرف وأن مخالفه باغ فوجب عليهم نصرته وقتال الباغي عليه فيما اعتقدوه ففعلوا ذلك ولم يكن يحل لمن هذه صفته التأخر عن مساعدة امام العدل في قتال البغاة في اعتقاده وقسم عكس هؤلاء ظهر لهم بالاجتهاد أن الحق في الطرف الآخر فوجب عليهم مساعدته وقتال الباغي عليه وقسم ثالث اشتبهت عليهم القضية وتحيروا فيها ولم يظهر لهم ترجيح أحد الطرفين فاعتزلوا صليت وكان هذا الاعتزال هو الواجب في حقهم لأنه لا يحل الاقدام على قتال مسلم حتى يظهر أنه مستحق لذلك ولو ظهر لهؤلاء رجحان أحد الطرفين وأن الحق معه لما جاز لهم التأخر عن نصرته في قتال البغاة عليه فكلهم معذورون رضي الله عنهم ولهذا اتفق اهل الحق ومن يعتد به في الاجماع على قبول شهاداتهم ورواياتهم وكمال عدالتهم رضي الله عنهم اجمعين
شرح النووي على صحيح مسلم ج: 15 ص: 149
قال شيخ الإسلام:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/192)
"فالقتال الذي كان في زمن علي لم يكن على الإمامة فإن أهل الجمل وصفين والنهروان لم يقاتلوا على نصب إمام غير على ولا كان معاوية يقول أنا الإمام دون على ولا قال ذلك طلحة والزبير فلم يكن أحد ممن قاتل عليا قبل الحكمين نصب إماما يقاتل علي طاعته فلم يكن شيء من هذا القتال على قاعدة من قواعد الإمامة المنازع فيها لم يكن أحد من المقاتلين يقاتل طعنا في خلافة الثلاثة ولا ادعاء للنص على غيرهم ولا طعنا في جواز خلافة علي ... "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 327
ويقول عمر بن شبه: ((إن أحدا لم ينقل أن عائشة ومن معها نازعوا عليا في الخلافة، ولا دعوا أحدا ليولوه الخلافة، وإنما أنكروا على علي منعه من قتال قتلة عثمان وترك الاقتصاص منهم)). (أخبار البصرة لعمر بن شبه نقلا عن فتح الباري 13/ 56).
قال الحافظ ابن حجر:
"وقد ذكر يحيى بن سليمان الجعفي أحد شيوخ البخاري في كتاب صفين في تأليفه بسند جيد عن أبي مسلم الخولاني أنه قال لمعاوية أنت تنازع عليا في الخلافة أو أنت مثله قال لا وأني لأعلم أنه أفضل مني وأحق بالأمر ولكن ألستم تعلمون ان عثمان قتل مظلوما وأنا بن عمه ووليه أطلب بدمه فأتوا عليا فقولوا له يدفع لنا قتلة عثمان فأتوه فكلموه فقال يدخل في البيعة ويحاكمهم الي فامتنع معاوية "
فتح الباري ج 13 ص 86
وفي مصنف ابن أبي شيبة بسند حسن
"عن أبي بردة قال قال معاوية ما قاتلت عليا إلا في أمر عثمان"
مصنف ابن أبي شيبة ج 6 ص 187
ولم ينقض عجبي كيف لم ينقل الكاتب هذا الكلام الصحيح عن معاوية الصريح في أنه لم يقاتل عليا من أجل الملك وإنما من أجل الطلب بقلتل قتلة عثمان أو تسليمهم له.
وينقل نصوصا محتلملة في المعنى وبعضها مجهول التاريخ.
وهذا يؤكد على أن المولف وقع فيما حذر منه. في ص 48
"الجهل بموضع الخلاف، والتفريط في بحثه واستقرائه استقراء كافيا، يحرر نقطة النزاع، ويتحر الصدق في الرواية، وينقب عن خلفيات الوقائع وبواعثها. والخوض مع الجهل مخالفة لتحذير الخالق سبحانه: {ولا تقف ما ليس لك به علم .. كما هو مخالفة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم حول القضاة الثلاثة، حيث جعل القاض بجهل في النار. "
ومن أحكامه التاريخية التي أرى أن المؤلف قد جانب فيها العلم أو العدل زعمه أن عثمان آثر قاربه بالمال والمناصب هي فرية طال ما رددها المستشرقون وأذنابهم من مثقف العرب الذين سرت في كتاباتهم سموم الثقافة الغرية.
وهذه الفرية يردها كلام عثمان رضي الله عنه كما عند الطبري " قالوا: إني أحب أهل بيتي وأعطيهم .. فأما حبي لهم؛ لم يمل معهم إلى جور، بل أحمل الحقوق عليهم ... وأما إعطاؤهم؛ فإني لا أستحل أموال المسلمين لنفسي، ولا لأحد من الناس، وقد كنت أعطي العطية الكبيرة الرعية من صلب مالي أزمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، وأنا يومئذ شحيح حريص، أفحين أتيت على أسنان أهل بيتي، وفني عمري، وودعت الذي في أهلي؛ قال الملحدون ما قالوا؟
تاريخ الطبري (5/ 356)
والأمانة العلمية كانت تقتضي من الكاتب أ ن ينقل نقلا صحيا صريحا واضحا لا لبس فيه، يبين أن عثمان كان يستأثر هو وأقاربه بالثروة والمناصب، دون المسلمين، وأنه كان يعطيهم من بيت مال المسلمين ما لا يستحقون، أما الاتهام المجازف العاري عن الدليل فذاك من أخلاق أهل البهت والظلم والجهل، كحال المستشرقين ومن سار في ركابهم.
وأما فرية إيثارهم بالمناصب فلا تقف أما الحق الناصع الذي يبديه التاريخ، فرجوعنا إلى التاريخ للبحث عن ولاة عثمان نجد أن عددهم أربعة وثلاثون، وحصة أقاربه منها ست ولاة فقط ليسوا في وقت واحد، فأين الإيثار المزعوم ثلاثة من هؤلاء الولاة ولاهم عمر.
والسؤال المهم المفروض أن يطرح هل عثمان ولى هؤلاء لقرابتهم أم لكفاءتهم؟ والتاريخ هو الذي يجيب.
الأول منهم وهو معاوية بن أبي سفيان.
قال شيخ الإسلام:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/193)
"ومعاوية ممن حسن إسلامه باتفاق أهل العلم ولهذا ولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه موضع أخيه يزيد بن أبي سفيان لما مات أخوه يزيد بالشام وكان يزيد بن أبي سفيان من خيار الناس وكان أحد الأمراء الذين بعثهم أبو بكر وعمر لفتح الشام يزيد بن أبي سفيان وشرحبيل ابن حسنة وعمرو بن العاص مع أبي عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد فلما توفي يزيد بن أبي سفيان ولى عمر مكانه أخاه معاويه وعمر لم يكن تأخذه في الله لومة لائم وليس هو ممن يحابى في الولاية ولا كان ممن يحب أبا سفيان أباه بل كان من أعظم الناس عداوة لأبيه أبي سفيان قبل الإسلام حتى أنه لما جاء به العباس يوم فتح مكة كان عمر حريصا على قتله حتى جرى بينه وبين العباس نوع من المخاشنة بسبب بغض عمر لأبي سفيان فتولية عمر لابنه معاوية ليس لها سبب دنيوي ولولا استحقاقه للإمارة لما أمره ثم إنه بقى في الشام عشرين سنة أميرا وعشرين سنة خليفة ورعيته من أشد الناس محبة له وموافقة له وهو من أعظم الناس إحسانا إليهم وتأليفا لقلوبهم"
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 382
ثانيا الوليد ابن عقبة.
أي انتقاد يوجه إلى عثمان في توليته للولد ابن عقبة فيشترك فيه معه أبو بكر وعمر فكل منهم ولى الوليد.
فقد كان الوليد حامل الرسائل الحربية السرية التي كانت بين أبي بكر وخالد بن الوليد في وقعة المذار مع الفرس.
تاريخ الطبري 4/ 168
وولاه صدقات قضاعة.
وولاه عمر الجريرة.
تاريخ الطبري 5/ 28
وقد قال الإمام الشعبي ـ وهو من هو في علمه ودينه ـ عنه بعد أن ذكروا له غزو مسلمة بن عبد الملك " كيف لو أدركتم الوليد،وغزوه، وإمارته، إنه كان ليغزوا، فينتهي إلى كذا، وكذا، ما نقض، ولا انتقص عليه أحد حتى عزل عن عمله ".
وقد كان الوليد رضي الله عنه أحب الناس إلى الناس وأرفقهم بهم، وقد مضى خمس سنين، وليس في داره باب.
تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان ص 306
ولما ظهر من الوليد ما يكره لم يحابه عثمان فأقام حكم الله فيه وعزله عن عمله.
سعيد ابن العاص.
لن نطيل في أمره سأنقل كلمات للأمام الذهبي تبين حاله نكتفي بها.
قال الذهبي في ترجمة سعيد بن العاص: " كان أميرا شريفا جوادا ممدحا حليما وقورا ذا حزم وعقل يصلح للخلافة.
سير أعلام النبلاء 3/ 447
عبد الله بن سعد بن أبي السرح.
ومنتقد عثمان على توليته يلزمه نقد عمر فقد ولاه صعيد مصر، لكن ما ذا يقول التاريخ عن عبد الله بن سعد بن أبي السرح؟.
قال المقريزي عنه: " ومكث أميرا مدة ولاية عثمان رضي الله عنه كلها محمودا في ولايته "
الخطط 1/ 299
وقال عنه الذهبي: " لم يتعد،ولا فعل ما ينقم عليه، وكان أحد عقلاء الرجال، وأجوادهم ".
سير أعلام النبلاء 3/ 34
عبد الله بن عامر بن كريز.
تكشف سيرة هذا الفتى عن فراسة عثمان في الولاة. هذا الشاب الذي ولاه عثمان وهو في الخامسة والعشرين كان أهلا لما أولي من عمل، يحدثنا الدكتور أكرم ضياء الدين العمري عنه: " وقد قام هذا الوالي الشاب بإصلاحات كثيرة في نظم الري والزراعة بشق ترع والأنهار وتنظيم مدينة البصرة وتوسيع مسجدها وسوقها وتوفير المياه في طريق الحج لأهلها، ازدهرت الصرة اقتصاديا، ومتد نفوذ واليها إلى عمان والبحرين وسجستان وخراسان وفارس والأهواز، حيث عين عبد الله بن عامر الولاة على هذه البلدان، وقد حافظ عبد الله بن عامر على مكانته عند أهل البصرة حتى نهاية ولا يته مما يدل على مقدرة عالية في القيادة والسياسة رغم أنه تولى البصرة وهو في الخامسة والعشرين من عمره ".
عصر الخلافة الراشدة ص 133
ومن أهم أعماله الكبار قضاءه على دولة الفرس بقضائه على آخر ملكهم يزدرجرد فتلاشت بعده آمال الفرس في إعادة مملكتهم.
أما مروان فنؤجل الكلام عليه إلى وقفة مدرسة التشيع السني.
وبعد هذا النقل الواضح المبين أن عثمان لم يؤثر قرابته بالمناصب والأموال كما زعم الكاتب، وأنه لم يول منهم إلا من كان أهلا للولاية؛ تتلاشى مزاعم الكاتب عن أخطاء عثمان السياسية، فهو بناها على هذا الزعم وبعد أن دك التاريخ الصحيح أساسه فلابد من سقوط ما بني عليه.
وتطير رياح الحقيقة في الهوى قوله في ص 122
" فتأول ابن تيمية لعثمان ليس مبنيا على تصويب لسياسات عثمان رضي الله عنه، وإيثاره لأقاربه بالولايات والمال .. "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/194)
ومن أحكامه التاريخية التي نرى أنه جانب فيها العلم أو العدل تصوير معاوية رضي الله عنه على أنه ظالم مستبد، جعل عليه إثم كل من جار واستبد. والتاريخ يقول غير ما ذكر الكاتب.
وعن الزهري قال: عمل معاوية بسيرة عمر بن الخطاب سنين لا يخرم منها شيئاً. السنة للخلال (1/ 444) وقال المحقق إسناده صحيح.
وقال ابن كثير في ترجمة معاوية رضي الله عنه: "وأجمعت الرعايا على بيعته في سنة إحدى وأربعين .. فلم يزل مستقلاً بالأمر في هذه المدة إلى هذه السنة التي كانت فيها وفاته، والجهاد في بلاد العدو قائم وكلمة الله عالية، والغنائم ترد إليه من أطراف الأرض، والمسلمون معه في راحة وعدل وصفح وعفو ".
البداية والنهاية (8/ 119).
إذا فسنة معاوية هي العدل والجهاد هذا ما سنه أيام حكمه، فالمستن به من كانت هذه سيرته ومن لم يستن به في هذا فلم يستن به.
نظرت أجلاء الصحابة لمعاوية.
ابن عمر
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: ما رأيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسود - من السيادة – من معاوية، فقيل: ولا أبوك؟ قال: أبي عمر رحمه الله خير من معاوية، وكان معاوية أسود منه. الخلال في السنة (1/ 443) والذهبي في السير (3/ 152) وابن كثير في البداية (8/ 137).
ابن عباس.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما رأيت رجلاً كان أخلق للملك من معاوية، كان الناس يردون منه على أرجاء واد رحب، و لم يكن بالضيق الحصر العصعص المتغضب. رواه عبد الرزاق في المصنف (برقم 20985) بسند صحيح. وابن كثير في البداية (8/ 137).
وفي صحيح البخاري برقم (3765) أنه قيل لابن عباس: هل لك في أمير معاوية فأنه ما أوتر إلا بواحدة، قال: إنه فقيه.
ابن الزبير.
وعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه أنه قال: لله در ابن هند – يعني معاوية رضي الله عنه – إناكنا لَنَفْرَقه – من الفَرَق: وهو الخوف والفزع – وما الليث على براثنه بأجرأ منه، فيتفارق لنا، وإن كنا لنخادعه وما ابن ليلة من أهل الأرض بأدهى منه، فيتخادع لنا، والله لوددت أنامُتعنا به مادام في هذا الجبل حَجَر، وأشار إلىأبي قبيس. أورده ابن كثير في البداية (8/ 138).
وأما ما هول به من عهده بالخلافة ليزيد وجعل ذلك ذنبا لا يمكن أن يتأول لمعاوية، وردة ارتد بها بعاوية عن بعض الدين، سببها بقايا الجاهلية العربية الأولى التي لم يتخلص منها معاوية، وأضاف إليها ما تعلمه من جاهلية الروم في توريثهم الحكم لأولادهم.
وقال عنه في ص 80
تحت عنوان الإقرار بثقل الإرث الجاهلي.
ولقد كان للأعراف الاجتماعية والتاريخية تأثيرا بالغا في إشعال الفتن السياسية بين الصحابة رضي الله عنهم وليس مما يستغرب أن يكون معاوية هو أول من حول الخلافة إلى ملك، فقد أمضى شطر عمره في بيت السيادة في قريش، وشطره الثاني على حدود دولة الروم.
قال في رده على ابن تيمية قوله إن معاوية وعمر لم يقاتلا من أجل الملك في ص 181
" لقد كان حري بابن تيمية هنا أن يعترف ـ كما فعل دائما ـ بالطبيعة المركبة للفتنة، وباختلاط الشبهات والشهوات فيها، ويقبل أن دوافع معاوية وعمرو لم تكن مجرد شبهة الاقتصاص للخليفة الشهيد، بل خالطتها شهوة الملك وحب الدنيا.
وقال ردا على ابن تيمية قوله المتقدم ص 178
" إن كل هذه النصوص تدل على أن معاوية سعى إلى الملك بالفعل وبالقول، وصرح بمطامعه في قيادة الأمة دون للبس. فالقول بعد ذلك أنه لم ينازع عليا الخلافة ولا سعى إليها .. تكلف بارد كان لأولى بشيخ الإسلام ابن تيمية أن يتنزه عنه.
على أن دور معاوية أكبر من مجرد الخروج على الجماعة ومنازعة الأمر أهله. فهو الذي أرسى نظام الملك بديلا عن دولة الخلافة، فسن في الإسلامي تلك السنة السيئة، وفتح بها أبوابا من المظلم التي لم تتوقف، ومن الدماء آلتي لم تجف منذ أربعة عشر قرنا، وأخرج بناء السلطة من إطار مبادئ الشرع: كالشورى والبيعة والعدل .. إلى منطق القوة وقانون الغاب، وهو أمر لا يزال المسلون يعيشون مساوئه إلى اليوم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/195)
فسواء تأولنا لمعاوية في مواقفه خلال الفتنة أم لم نتأول، فإن سلوكه السياسي اللاحق ليس مما يمكن التأويل له، وهو سلوك كان بعد على الإسلام و المسلمين من الفتنة ذاتها، بل من أي حدث تارخي خلال أربعة عشرة المنصرمة. فقد كانت الفتنة التي قادها معاوية هدما لأركان الخلافة الراشدة، لكن ما فعله معاوية بعد الفتنة من توريث السلطة لابنه بالترغيب والترهيب كان سوأ أثرا، لأنه إرساء لبناء جديد منحرف على أنقاض تلك الخلافة، وسد لبواب استردادها. فليتكلف المتكلفون ما شاءوا في تأويلهم لما حدث أثناء الفتنة، لكنهم لن يجدوا ما يتأولونه لما حدث بعد ذلك، إذا كانوا حقا ممن يجعل قدسية المبادئ فوق مكانة الأشخاص. "
هذا الكلام ساقط جملة وتفصيلا وستعرف بعد منا قشته أنه لا يعدو كونه تهويل عاطفي وتنميق إنشائي لا يستند إلى دليل من التاريخ والواقع.
أولا نبين الدافع الحقيقي لمعاوية أن يعهد بالخلافة ليزيد حتى تتضح الصورة ثم بعد ذلك نناقش دعاوى الكاتب دعوة دعوة
قال ابن خلدون: " الفصل الثلاثون في ولاية العهد اعلم أنا قدمنا الكلام في الإمامة ومشروعيتها لما فيها من المصلحة وأن حقيقتها للنظر في مصالح الأمة لدينهم ودنياهم فهو وليهم والأمين عليهم ينظر لهم ذلك في حياته ويتبع ذلك أن ينظر لهم بعد مماته ويقيم لهم من يتولى أمورهم كما كان هو يتولاها ويثقون بنظره لهم في ذلك كما وثقوا به فيما قبل وقد عرف ذلك من الشرع بإجماع الأمة على جوازه وانعقاده إذ وقع بعهد أبي بكر رضي الله عنه لعمر بمحضر من الصحابة وأجازوه وأوجبوا على أنفسهم به طاعة عمر رضي الله عنه وعنهم وكذلك عهد عمر في الشورى إلى الستة بقية العشرة وجعل لهم أن يختاروا للمسلمين ففوض بعضهم إلى بعض حتى أفضى ذلك إلى عبد الرحمن بن عوف فاجتهد وناظر المسلمين فوجدهم متفقين على عثمان وعلى علي فآثر عثمان بالبيعة على ذلك لموافقته إياه على لزوم الاقتداء بالشيخين في كل ما يعن دون اجتهاده فانعقد أمر عثمان لذلك وأوجبوا طاعته والملأ من الصحابة حاضرون للأولى والثانية ولم ينكره أحد منهم فدل على أنهم متفقون على صحة هذا العهد عارفون بمشروعيته والإجماع حجة كما عرف ولايتهم الإمام في هذا الأمر وإن عهد إلى أبيه أو ابنه لأنه مأمون على النظر لهم في حياته فأولى أن لا يحتمل فيها تبعة بعد مماته خلافا لمن قال باتهامه في الولد والوالد أو لمن خصص التهمة بالولد دون الوالد فإنه بعيد عن الظنة في ذلك كله لا سيما إذا كانت هناك داعية تدعو إليه من إيثار مصلحة أو توقع مفسدة فتنتفي الظنة في ذلك رأسا كما وقع في عهد معاوية لابنه يزيد وإن كان فعل معاوية مع وفاق الناس له حجة في الباب والذي دعا معاوية لإيثار ابنه يزيد بالعهد دون من سواه إنما هو مراعاة المصلحة في اجتماع الناس واتفاق أهوائهم باتفاق أهل الحل والعقد عليه حينئذ من بني أمية إذ بنو أمية يومئذ لا يرضون سواهم وهم عصابة قريش وأهل الملة أجمع وأهل الغلب منهم فآثره بذلك دون غيره ممن يظن أنه أولى بها وعدل عن الفاضل إلى المفضول حرصا على الاتفاق واجتماع الأهواء الذي شأنه أهم عند الشارع وإن كان لا يظن بمعاوية غير هذا فعدالته وصحبته مانعة من سوى ذلك وحضور أكابر الصحابة لذلك وسكوتهم عنه دليل على انتفاء الريب فيه فليسوا ممن يأخذهم في الحق هوادة وليس معاوية ممن تأخذه العزة في قبول الحق فإنهم كلهم أجل من ذلك وعدالتهم مانعة منه وفرار عبد الله ابن عمر من ذلك إنما هو محمول على تورعه من الدخول في شيء من الأمور مباحا كان أو محظورا كما هو معروف عنه ولم يبق في المخالفة لهذا العهد الذي اتفق عليه الجمهور إلا ابن الزبير وندور المخالف معروف ثم إنه وقع مثل ذلك من بعد معاوية من الخلفاء الذين كانوا يتحرون الحق ويعملون به مثل عبد الملك وسليمان من بني أمية والسفاح والمنصور والمهدي والرشيد من بني العباس وأمثالهم ممن عرفت عدالتهم وحسن رأيهم للمسلمين والنظر لهم ولا يعاب عليهم إيثار أبنائهم وإخوانهم وخروجهم عن سنن الخلفاء الأربعة في ذلك فشأنهم غير شأن أولئك الخلفاء فإنهم كانوا على حين لم تحدث طبيعة الملك وكان الوازع دينيا فعند كل أحد وازع من نفسه فعهدوا إلى من يرتضيه الدين فقط وآثروه على غيره ووكلوا كل من يسمو إلى ذلك إلى وازعه وأما من بعدهم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/196)
من لدن معاوية فكانت العصبية قد أشرفت على غايتها من الملك والوازع الديني قد ضعف واحتيج إلى الوازع السلطاني والعصباني فلو عهد إلى غير من ترتضيه العصبية لردت ذلك العهد وانتقض أمره سريعا وصارت الجماعة إلى الفرقة والاختلاف سأل رجل عليا رضي الله عنه ما بال المسلمين اختلفوا عليك ولم يختلفوا على أبي بكر وعمر فقال لأن أبا بكر وعمر كانا واليين على مثلي وأنا اليوم وال على مثلك يشير إلى وازع الدين أفلا ترى إلى المأمون لما عهد إلى علي بن موسى بن جعفر الصادق وسماه الرضا كيف أنكرت العباسية ذلك ونقضوا بيعته وبايعوا لعمه إبراهيم بن المهدي وظهر من الهرج والخلاف وانقطاع السبل وتعدد الثوار والخوارج ما كاد أن يصطلم الأمر حتى بادر المأمون من خراسان إلى بغداد ورد أمرهم لمعاهده فلا بد من اعتبار ذلك في العهد فالعصور تختلف باختلاف ما يحدث فيها من الأمور والقبائل والعصبيات وتختلف باختلاف المصالح ولكل واحد منها حكم يخصه لطفا من الله بعباده وأما أن يكون القصد بالعهد حفظ التراث على الأبناء فليس من المقاصد الدينية.
مقدمة ابن خلدون ج: 1 ص: 210 ـ 211
ونقلت كلام ابن خلدون مع طوله لأهميته و تبيينه للقضية من جميع جوانبها.
ونستفيد من كلام ابن خلدون السابق منهجا مهما في دراسة حيات الصحابة، هو أن الدارس لحياتهم لا بد أن يعلم أن منها ما هو محكم ومنها ما هو متشابه، والمحكم منها ما دل عليه النص من عدالتهم وفضلهم وقصدهم الله بأفعالهم، والمتشابه منها الفعل المحتمل أن يكن فعلهم له قصد به الله والدار الآخرة، ويحتمل أن يكن من أخطاء البشر التي جبلوا عليها، فالعمل هنا هو البناء على المحكم، ورد المتشابه إليه وهذا ما فعله العلامة ابن خلدون عند ما تكلم عن ولاية العهد التي عهد بها معاوية لولده، فوفق وأصاب الحق، وأما الكاتب فترك المحكم وبنا على المتشابه فأخطأ في الحكم والتحليل.
وقد أشاد كثير من المؤرخين بفعل معاوية هذا وجعلوه من فضائله وحسن نظره للمسلمين منهم محمد علي كرد في كتابه: الإسلام والحضارة العربية (2/ 395)، و إبراهيم شعوط في: أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ (ص 334)، و يوسف العش في: الدولة الأموية (ص 164)، و مقال للدكتور: عمارة نجيب في مجلة الجندي المسلم (ص 58).
وأما زعمه خروج معاوية عن مبادئ الشرع كالشورى والبيعة والعدل فهو أمر لايثبت أما الحقيقة التي تظهر للباحث المجد المنقب عن الحقائق بإخلاص وبدون حكم مسبق على الوقائع، فالترايخ يثبت أن معاوية استشار أهل الأمصار في تولية يزيد؛ فواقوا إلا نفرا قليلا من أهل الحجاز بين ابن خلدون سبب رفضهم للمبايعة.
يراجع تاريخ خليفة بن خياط ص 211 وتاريخ الإسلام للذهبي حوادث سنة 14 60 ص 22 والعقد الفريد 4/ 369
وأما العدل فقد مر معك كلام ابن كثير عن عدل معاوية، وكان يغرسه في يزيد ويسأله رضي الله عنه إذا ولي ما ذا سيفعل فكان يقول له: " (كنت والله يا أبت عاملاً فيهم عمل عمر بن الخطاب ". ابن عاصم في الآحاد والمثاني (1/ 375) بسند حسن.
فأنت ترى أن العدل والتأكيد عليه كان ديدن معاوية، ويزيد يأكد له حرصه عليه.
هل كان يزد أهلا لما ولاه معاوية، إن معاوية لم يول يزد حتى عرفه وتأكد من إمكانياته في قيادة الأمة، فقد أمره على أول جيش غزا به المسلمون عاصمة النصارى القسطنطينية، وهو الجيش الذي أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه مغفور له، وقد أظهر يزيد في قيادته لذلك الجيش مقدرة وكفاءة عالية على القيادة، كان معه في ذلك الجيش عدد من أفاضل الصحابة من أمثال عبد الله بن الزبير و عبد الله بن عباس و أبو أيوب الأنصاري.
ومن أحكامة الي جانب فيها العدل أو العلم تقييمه لشخصية يزبد فتاريخ الصحيح يذكر عنه غير ما ذكر الكاتب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/197)
روي البلاذري أن محمد بن علي بن أبي طالب - المعروف بابن الحنفية - دخل يوماً على يزيد بن معاوية بدمشق ليودعه بعد أن قضى عنده فترة من الوقت، فقال له يزيد، و كان له مكرماً: يا أبا القاسم، إن كنت رأيت مني خُلُقاً تنكره نَزَعت عنه، و أتيت الذي تُشير به علي؟ فقال: والله لو رأيت منكراً ما وسعني إلاّ أن أنهاك عنه، وأخبرك بالحق لله فيه، لما أخذ الله على أهل العلم عن أن يبينوه للناس ولا يكتموه، وما رأيت منك إلاّ خيراً. أنساب الأشراف للبلاذري (5/ 17).
و شهد له بحسن السيرة والسلوك حينما أراده بعض أهل المدينة على خلعه والخروج معهم ضده، فيروي ابن كثير أن عبد الله بن مطيع – كان داعية لابن الزبير - مشى من المدينة هو و أصحابه إلى محمد ابن الحنفية فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم، فقال ابن مطيع: إن يزيد يشرب الخمر و يترك الصلاة و يتعدى حكم الكتاب، فقال محمد ما رأيت منه ما تذكرون، قد حضرته و أقمت عنده فرأيته مواظباً على الصلاة متحرياً للخير يسأل عن الفقه ملازماً للسنة، قالوا: ذلك كان منه تصنعاً لك، قال: و ما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر إليّ الخشوع؟ ثم أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر، فلئن كان أطلعكم على ذلك فإنكم لشركاؤه، و إن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا، قالوا: أنه عندنا لحق و إن لم نكن رأيناه، فقال لهم: أبى الله ذلك على أهل الشهادة، و لست من أمركم في شيء .. الخ. البداية و النهاية (8/ 233) و تاريخ الإسلام – حوادث سنة 61 - 80هـ – (ص274) و حسن محمد الشيباني إسناده، انظر مواقف المعارضة من خلافة يزيد بن معاوية (ص384).
وقد شهد له ابن عباس رضي الله عنه بالفضيلة وبايعه، كما في أنساب الأشراف (4/ 289 – 290) بسند حسن.
وما اتهمه به الكاتب من تناول المسكر يحتاج إلى دليل صحيح صريح من التارخ، ويزيد على العموم مسلم، وأعراض المسلمين حفرة من حفر النار.
ونحن هنا لا نأيد ما فعله معاوية من تولية العهد ليزيد وإنما قصدنا بيان أن هناك تأويلات صحيحة لما فعل معاوية رضي الله عنه ودوافع لها وجه من النظر.
ومن الأحكام التاريخية التي جانب فيها العلم أو العدل حكمه على أبي الغادية، الصحابي.
إن الذي يسوي بين عمار بن ياسر وبين قاتله أبي الغادية الجهني في العدالة وفي الاجتهاد المأجور صاحبه سواء أخطأ أم أصاب .. لهو ممن لا بصيرة لهم. علمًا بأن أبا الغادية صحابي، بالمعنى الاصطلاحي المتوسع الذي يأخذ به أهل الحديث. وقد ترجم الحافظ الذهبي لأبي الغادية في "سير أعلام النبلاء" تحت عنوان: "أبو الغادية الصحابي" و» قال البخاري: له صحبة «وقال مسلم:» له صحبة «ومع ذلك قال الحافظ ابن حجر في ترجمة أبي الغادية:» أبو الغادية الجهني: اسمه يسار بن سبع، سكن الشام ونزل واسط، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه قوله: "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض" روى عنه كلثوم بن جبر وغيره، وكان محبا لعثمان، وهو الذي قتل عمار بن ياسر، وكان إذا استأذن على معاوية وغيره يقول: "قاتل عمار بالباب" يتبجح بذلك. وانظر إلى العجب: يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم النهى عن القتل ثم يقتل مثل عمار «وقد روى الإمام أحمد عن أبي الغادية حديث:» إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام «قال ابن حجر:» فكانوا يتعجبون منه أنه سمع "إن دماءكم وأموالكم [عليكم] حرام" ثم يقتل عمارا «. وقد قال كلثوم بن جبر عن أبي الغادية، وهو الذي روى عنه تبجحه بقتل عمار:» لم أر رجلا أبْيَن ضلالة منه «.
قال كاتب الاعتراض أبو الغادية ممن شهد بيعة الرضوان وأخبر الله أنه علم ما في قلبه عليه و أنه رضي عنه وقال الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لا يدخل النار، فلم يبق لأهل السنة إلا أن يعتقدوا عدالته مادام أخبر بها الله ورسوله وإن وصفهم محمد بن المختار " ممن لا بصيرة لهم."
قال ابن حزم:
"وعمار رضي الله عنه قتله أبو العادية يسار ابن سبع السلمي شهد بيعة الرضوان فهو من شهد الله له بأنه علم ما في قلبه وانزل السكينة عليه ورضي عنه فأبو العادية رضي الله عنه متأول مجتهد مخطئ فيه باغ عليه مأجور أجرا واحدا"
الفصل في الملل ج: 4 ص: 124 الفصل
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/198)
والذي قتل عمار بن ياسر هو أبو الغادية وقد قيل أنه من أهل بيعة الرضوان ذكر ذلك ابن حزم فنحن نشهد لعمار بالجنة ولقاتله إن كان من أهل بيعة الرضوان بالجنة.
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 205
وكان على الكاتب من باب المانة العلمية أن ينقل تعليق الحافظ ابن حجر على قول ذلك الراوي:
"والظن بالصحابة في تلك الحروب أنهم كانوا فيها متأولين وللمجتهد المخطيء أجر وإذا ثبت هذا في حق آحاد الناس فثبوته للصحابة بالطريق الأولى"
الإصابة ج: 7 ص: 312
فهؤلاء الأئمة ممن لا بصيرة لهم عند الكاتب على حد قوله:
"إن الذي يسوي بين عمار بن ياسر وبين قاتله أبي الغادية الجهني في العدالة وفي الاجتهاد المأجور صاحبه سواء أخطأ أم أصاب .. لهو ممن لا بصيرة لهم."
ومن الأحكامه التاريخية التي جانب فيها العدل أو العلم.
نفيه لابن سبإ وتشكيكه في وجوده والحق أن ابن سبإ حقيقة لم يشكك فيها إلا بعض المستشرقين، ومن تتلمذ عليهم من زنادقة العرب وبعض ملا حدة الشيعة المعاصرين، بغير برهان أتوا به إلا اتباع الهوى وتشكيك في مصادر التاريخ الإسلامي.فابن سبإ ذكرته جميع المصادر الإسلامية من تاريخية وأدبية وكتب المقالات تغص بأقواله وأقوال أتباعه من الفرقة السبإية، وهو مذكو في كتب الأنساب.
وقد رد عليهم افتراؤهم هذا المحققون من العلماء المعاصرين بالحجة والبرهان.
وسنقف هنا وقو قفة متأنية نبين فيها من هو عبد الله بن سبإ وهل، هو حقيقة أم خيال، ومن أثبت حقيقته، ومن أول من نفا وجوده وما حجته، و هل هي حجة ناهضة أم داحضة، وأطلب من أخي القارئ شيئا من الصبر وتيقظ، والملاحظة، وعدم العجلة وأخذ الأمور بجد وحزم لا بعجلة وطيش.
من هو عبد الله بن سبأ
هو عبد الله بن وهب السبئي اليهودي.
ومعظم أهل العلم ينسبون ابن سبأ من جهة أبيه إلىسبأ، فيقولون: (عبد الله بن سبأ)، ومن هؤلاء البلاذري في أنساب الأشراف (3/ 382) ابن قتيبة في المعارف (ص 622) و الطبري في التاريخ (4/ 340) وأبو الحسن الأشعري في مقالات الإسلاميين (1/ 86)، والشهرستاني في الملل والنحل (1/ 174)، والذهبي في الميزإن (2/ 426) وابن حجر في لسان الميزان (3/ 290)، وابن عبد ربه في العقد الفريد (2/ 405) و شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (28/ 483)، وابن حبان في المجروحين (2/ 253) والجوزجاني في أحوال الرجال (ص38) و المقدسي في البدء والتاريخ (5/ 129) والخوارزمي في مفاتيح العلوم (ص 22) وابن حزم في الفصل في الملل والنحل (4/ 186) و الأسفرايني في التبصرة في الدين (ص 108) وابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 3)، والسمعاني في الأنساب (7/ 24) و ابن الأثير في اللّباب (2/ 98)، و غيرهم الكثير. و من الرافضة: الناشئ الأكبر في مسائل الإمامة (ص 22 - 23)، و الأشعري القمي في المقالات والفرق (ص 20) و النوبختي في فرق الشيعة (ص 22).
وبعض أهل العلم ينسبونه إلى أمه.
أما نسب ابن سبأ (لأمه) فهو من أم حبشية، كما عند الطبري في التاريخ (4/ 326 - 327) و ابن حبيب في المحبر (ص 308)، و لذلك فكثيراً ما يطلق عليه (ابن السوداء) ففي البيان والتبيين (3/ 81): ( ... فلقيني ابن السوداء) و في تاريخ الطبري (4/ 326): (و نزل ابن السوداء على حكيم بن جبلة في البصرة)، وفي تاريخ الإسلام للذهبي (2/ 122): (ولما خرج ابن السوداء إلى مصر)، و هم بهذا يتحدثون عن عبد الله بن سبأ، و لذلك قال المقريزي في الخطط (2/ 356): (عبد الله بن وهب بن سبأ المعروف بابن السوداء)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 8) من قول علي رضي الله عنه: (من يعذرني من هذا الحميت الأسود الذي يكذب على الله ورسوله يعني ابن السوداء). و مثل هذا كثير ...
ولهذا كان ابن سبأ أسود اللون أخذ السواد عن أمه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/199)
ذكر ابن عساكر في تاريخه (29/ 7 - 8): عن عمار الدهني قال: سمعت أبا الطفيل يقول: رأيت المسيب بن نجبة أتى به ملببة – أي ملازمه - يعني ابن السوداء و علي على المنبر، فقال علي: ما شأنه؟ فقال: يكذب على الله وعلى رسوله، و جاء من طريق زيد بن وهب عن علي قال: ما لي ومال هذا الحميت الأسود، و من طريق سلمة قال: سمعت أبا الزعراء يحدث عن علي، قال: ما لي ومال هذا الحميت الأسود، و جاء أيضامن طريق زيد قال: قال علي بن أبي طالب: ما لي ولهذا الحميت الأسود، يعني عبد الله بن سبأ وكان يقع في أبي بكر و عمر.
وأماقبيلته سبأ فقد اختلف العلماء من أي القبائل العربية هي فذكر بعضهم أنها من حمير وقال آخرون هي من همدان، قال بالقول الأول أنها من حمير ابن حزم والحموي، وبالثاني أنها من همدان البلا رذي والأشعري والقمي والفرزدق.
كتابه الفصل في الملل والأهواء (5/ 46)
معجم البلدان لياقوت الحموي (2/ 306).
أنساب الأشراف (5/ 240)، و الأشعري القمي في المقالات والفرق (ص 20)، والفرزدق في ديوانه (ص 242 - 243)
حقيقة وجود عبد الله بن سبأ أولا الأدلة على وجوده.
أخرج البخاري في صحيحه عن عكرمة.
[6524] عن عكرمة قال أتى علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم فبلغ ذلك بن عباس فقال لو كنت أنالم أحرقهم لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعذبوا بعذاب الله ولقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه
صحيح البخاري ج 6 ص 2537
لم يختلف المؤرخون و أصحاب كتب المقالات أن الذين حرقهم على هم أتباع عبد الله بن سبأ.
ذكر الجوزجاني أن السبئية غلت في الكفر فزعمت أن علياً إلهاً حتى حرقهم بالنار إنكاراً عليهم واستبصاراً في أمرهم حين يقول:
لما رأيت الأمر أمراً منكرا أججت ناري و دعوت قنبرا.
أحوال الرجال (ص 38)
و يقول ابن قتيبة: (إن عبد الله بن سبأ ادّعى الربوبية لعلي، فأحرق علي أصحابه بالنار.
تأويل مختلف الحديث (ص 73)
قال الملطي: (ففي عهد علي رضي الله عنه جاءت السبئية إليه وقالوا له: أنت أنت!!، قال: من أنا؟ قالوا: الخالق البارئ، فاستتابهم، فلم يرجعوا، فأوقد لهم ناراً عظيمة وأحرقهم.
التنبيه و الرد على أهل الأهواء و البدع (ص 18)
و ذكر أبو حفص ابن شاهين أن علياً حرّق جماعة من غلاة الشيعة ونفى بعضهم، و من المنفيين عبد الله بن سبأ. أورده ابن تيمية في منهاج السنة (1/ 7).
و ذكر البغدادي في الفرق بين الفرق (ص 15 و ما بعدها): أن فرقة السبئية أظهروا بدعتهم في زمان علي رضي الله عنه فأحرق قوماً منهم و نفى ابن سبأ إلىسباط المدائن إذ نهاه ابن عباس رضي الله عنهما عن قتله حينما بلغه غلوه فيه وأشار عليه بنفيه إلىالمدائن حتى لا تختلف عليه أصحابه، لاسيما و هو عازم على العودة إلىقتال أهل الشام.
قال ابن حزم: (و القسم الثاني من الفرق الغالية الذين يقولون بالإلهية لغير الله عز وجل فأولهم قوم من أصحاب عبد الله بن سبأ الحميري لعنه الله، أتوا إلىعلي بن أبي طالب فقالوا مشافهة: أنت هو، فقال لهم: ومن هو؟ فقالوا: أنت الله، فاستعظم الأمر و أمر بنار فأججت وأحرقهم بالنار).
الفصل في الملل والنحل (4/ 186)
و يؤكد فخر الدين الرازي في كتابه اعتقادات فرق المسلمين والمشركين (ص 57)، كغيره من أصحاب المقالات والفرق خبر إحراق علي لطائفة من السبئية.
وروى ابن أبي عمر العدني في كتاب الإيمان عن الحسن بن محمد بن الحنفية قوله: (و من خصومة هذه السبئية التي أدركنا، إذ يقولون هُدينا لوحي ضل عنه الناس). كتاب الإيمان (ص 249).
وأكد ابن عبد ربه أن ابن سبأ و طائفته السبئية قد غلوّ في علي حينما قالوا: هو الله خالقنا، كما غلت النصارى في المسيح ابن مريم عليه السلام. العقد الفريد (2/ 405).
16 - و يذكر أبو الحسن الأشعري في مقالات الإسلاميين (1/ 85) عبد الله بن سبأ وطائفته من ضمن أصناف الغلاة، إذ يزعمون أن علياً لم يمت، و أنه سيرجع إلىالدنيا فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً.
و يذكر ابن حبان في كتاب المجروحين (2/ 253): (أن الكلبي سبئياً من أصحاب عبد الله بن سبأ، من أولئك الذين يقولون: إن علياً لم يمت، وأنه راجع إلىالدنيا قبل قيام الساعة).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/200)
18 – يقول المقدسي في كتابه البدء والتاريخ (5/ 129): (إن عبد الله بن سبأ قال للذي جاء ينعي إليه موت علي بن أبي طالب: لو جئتنا بدماغه في صرة لعلمنا أنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه).
يقول الأسفرايني في التبصرة في الدين (ص 108): (إن ابن سبأ قال بنبوة علي في أول أمره، ثم دعا إلىألوهيته، و دعا الخلق إلىذلك فأجابته جماعة إلىذلك في وقت علي).
و يتحدث الشهرستاني في الملل والنحل (2/ 116، 155) عن ابن سبأ فيقول: (و منه انشعبت أصناف الغلاة)، و يقول في موضع آخر: (إن ابن سبأ هو أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي).
و يقول نشوان الحميري في كتابه الحور العين (ص 154): (فقالت السبئية إن علياً حي لم يمت، ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، و يردّ الناس على دين واحد قبل يوم القيامة).
و ذكر السّكْسَكي في كتابه البرهاني معرفة عقائد أهل الأديان: (أن ابن سبأ و جماعته أول من قالوا بالرجعة إلىالدنيا بعد الموت).
و يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 727هـ) أن أصل الرفض من المنافقين الزنادقة، فإنه ابتدعه ابن سبأ الزنديق، و أظهر الغلو في علي بدعوى الإمامة والنص عليه، وادعى العصمة له. أنظر مجموع الفتاوى (4/ 435) و (28/ 483)
و قد نقل الإمام الطبري في تفسيره (3/ 119) رأياً لقتادة بن دعامة السدوسي البصري، في النص التالي: {فأماالذين في قلوبهم زيغ فيتبعون م تشابه منه ابتغاء الفتنة} [آل عمرإن7]، و كان قتادة إذا قرأ هذه الآية قال: (إن لم يكونوا الحرورية والسبئية فلا أدري).
وصار كل من يقول بهذه الأقوال الكفرية ينسب إلىابن يبأ اليهودي.
و ينسب السمعاني في كتابه الأنساب (7/ 24) السبئية إلىعبد الله بن سبأ.
و ترجم ابن عساكر في تاريخه (29/ 3) لابن سبأ بقوله: عبد الله بن سبأ الذي تنسب إلىالسبئية، و هم الغلاة من الرافضة، أصله من اليمن، و كان يهودياً وأظهر الإسلام.
و يذكر ابن الأثير (ت 630هـ) في كتابه اللباب (ص 2/ 98) ارتباط السبئية من حيث النسبة بعبد الله بن سبأ. كما وأن هأورد روايات الطبري بعد حذف أسانيدها في كتابه الكامل (3/ 114، 144، 147، 147، 154 إلىغيرها من الصفحات).
و يعرف الجُرجاني في كتابه التعريفات (ص 79) عبد الله بن سبأ بأن هرأس الطائفة السبئية .. و أن أصحابه عندما يسمعون الرعد يقولون: عليك السلام يا أمير المؤمنين.
وجاءت هذه النسبة أيضا على لسان أعشى همدان في ديوانه (ص 148) و تاريخ الطبري (6/ 83) و قد هجى المختار بن أبي عبيد الثقفي و أنصاره من أهل الكوفة بعدما فرّ مع أشراف قبائل الكوفة إلىالبصرة بقوله:
شهدت عليكم أنكم سبئية * و أني بكم يا شرطة الكفر عارف
والفرزدق أيضايهجو في ديوانه (ص 242 - 243)، أشارف العراق ومن انضم إلىثورة عبد الرحمن بن الأشعث في معركة دير الجماجم، و يصفهم بالسبئية، حيث يقول:
كأن على دير الجماجم منهم * حصائد أو أعجاز نخل تَقَعّرا
تَعَرّفُ همدانية سبئية * و تُكره عينيها على ما تنكرا
رأته مع القتلى و غيّر بعلها * عليها تراب في دم قد تعفّرا
أراحوه من رأس وعينين كانتا * بعيدن طرفا بالخيانة أحزرا
من الناكثين العهد من سبئية * وأمازبيري من الذئب أغدرا
ولو أنهم إذ نافقوا كان منهم * يهوديهم كانوا بذلك أعذرا
و أكد السيوطي في كتابه لب الألباب في تحرير الأنساب (1/ 132) نسبة السبئية إلىعبد الله بن سبأ.
وقد ترجم لابن سبأ أهل العلم الذين اهتموا بالتراجم للرجال.
قال الذهبي في كتابه المغني في الضعفاء (1/ 339) و في الميزإن (2/ 426): (عبد الله بن سبأ من غلاة الشيعة، ضال مضل)، و ذكره أيضافي تاريخ الإسلام (2/ 122 - 123).
وذكر الصفدي في كتبه الوافي بالوفيات (17/ 20) في ترجمة ابن سبأ: (عبد الله بن سبأ رأس الطائفة السبئية .. قال لعلي أنت الإله، فنفاه إلىالمدائن، فلما قتل علي رضي الله عنه زعم ابن سبأ أن هلم يمت لإن فيه جزءاً إلهياً وأن ابن ملجم إنما قتل شيطأنا تصوّر بصورة علي، و أن علياً في السحاب، و الرعد صوته، و البرق سوطه، وأنه سينزل إلىالأرض).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/201)
و قد سرد الحافظ بن حجر في كتابه لسإنالميزإن (3/ 290) أخبار ابن سبأ من غير طريق سيف بن عمر، ثم قال: (و أخبار عبد الله بن سبأ شهيرة في التواريخ، و ليس له رواية و الحمد لله).
و ذكر العيني في كتابه عقد الجمان (9/ 168): (إن ابن سبأ دخل مصر وطاف في كورها، و أظهر الأمر بالمعروف، و تكلم في الرجعة، و قررها في قلوب المصريين.
بعد أن جلنا جولة في كتب أهل العلم من أهل السنة، رأينا من خلا لها إطباقهم على إثبات وجود شخصية عبد الله بن سبأ، فلا بأس أن نجول جولة أخرى في كتب الشيعة نرى فيها موقفهم من وجود بن سبأ إثباتا أو نفيا، وذلك أن أكثر النافين لوجوده في هذا العصر والمروجين لمقلة أنه خيال لا حقية هم الشيعة.
أورد الناشئ الأكبر في كتابه مسائل الإمامة (ص 22 - 23) ما يلي: (و فرقة زعموا أن علياً رضي الله عنه حي لم يمت، و أن هلا يموت حتى يسوق العرب بعصاه، و هؤلاء هم السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ، و كان عبد الله بن سبأ رجلاً من أهل صنعاء يهودياً .. و سكن المدائن .. ).
و نقل القمي في كتابه المقالات و الفرق (ص 20 طهرإن1963 م تحقيق الدكتور محمد جواد مشكور فيروي) أن عبد الله بن سبأ أول من أظهر الطعن على أبي بكر و عمر و عثمان والصحابة، و تبرأ منهم، وادّعى أن علياً أمره بذلك. و (أن السبئية قالوا للذي نعاه (أي علي بن أبي طالب): كذبت ياعدو الله لو جئتنا والله بدماغه خربة فأقمت على قتله سبعين عدلاً ما صدقناك ولعلمنا أن لم يمت ولم يقتل وأن لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه ويملك الأرض ثم مضوا …)
و يتحدث النوبختي في كتابه فرق الشيعة (ص 23) عن أخبار ابن سبأ فيذكر أنه لما بلغ ابن سبأ نعي علي بالمدائن، قال للذي نعاه: كذبت لو جئتنا بدماغه في سبعين صرة و أقمت على قتله سبعين عدلاً لعلمنا أنهلم يمت و لم يقتل، و لا يموت حتى يملك الأرض.
و يقول في (ص 44) وحكى جماعة من أهل العلم من أصحاب علي عليه السلام أن عبدالله بن سبأ كان يهودياً فأسلم ووإلىعلياً عليه السلام وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصي بعد موسى على نبينا وآله وعليهما السلام بالغلو فقال في إسلامه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام بمثل ذلك وهو أول من شهر القول بفرض إمامة علي عليه السلام وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه. يقول النوبختي: فمن هنا قال من خالف الشيعة إن أصل الرفض مأخوذ من اليهود.
و يقول أبو حاتم الرازي في كتابه الزينة في الكلمات الإسلامية (ص 305): (إن عبد الله بن سبأ و من قال بقوله من السبئية كانوا يزعمون أن علياً هو الإله، و أن هيحيي الموتى، وادعوا غيبته بعد موته.
و روى الكشي في الرجال (ص 98 - 99) بسنده إلىأبي جعفر محمد الباقر قوله: إن عبد الله بن سبأ كان يدّعي النبوة، و يزعم أن أمير المؤمنين – عليه السلام – هو الله، تعالىعن ذلك علواً كبيراً. و هناك أقوال مشابه عن جعفر الصادق و علي بن الحسين تلعن فيها عبد الله بن سبأ في (ص 70، 100) من نفس الكتاب.
و يروي الكشي في (رجال الكشي ص 98 ط مؤسسة الأعلمي للمطبوعات كربلاء) بسنده إلىأبي جعفر (أن عبدالله بن سبأ كان يدعي النبوة وزعم أن أمير المؤمنين هو الله تعالىالله عن ذلك علواً كبيرا فبلغ ذلك أمير المؤمنين فدعاه وسأله فأقر بذلك وقال: نعم أنت هو وقد كان لقي في روعي أنك أنت الله وأني نبي فقال له أمير المؤمنين: ويلك قد سخر منك الشيطإن فارجع عن هذا ثكلتك أمك وتب فأبى فحبسه واستتابه ثلاثة أيام فلم يتب فأحرقه بالنار والصواب أن هنفاه بالمدائن …)
و يذكر أبو جعفر الصدوق بن بابويه القمي في كتاب من لا يحضره الفقه (1/ 213)، موقف ابن سبأ و هو يعترض على علي رضي الله عنه رفع اليدين إلىالسماء أثناء الدعاء.
و جاء عند الشيخ المفيد في كتاب شرح عقائد الصدور (ص 257) ذكر الغلاة من المتظاهرين بالإسلام – يقصد السبئية – الذين نسبوا أمير المؤمنين علي والأئمة من ذريته إلىالألوهية والنبوة، فحكم فيهم أمير المؤمنين بالقتل والتحريق بالنار.
و قال أبو جعفر الطوسي في كتبه تهذيب الأحكام (2/ 322) إن ابن سبأ رجع إلىالكفر وأظهر الغلو.
ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب (1/ 227 - 228).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/202)
و ذكر ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (2/ 99) ما نصه: (فلما قتل أمير المؤمنين – عليه السلام – أظهر ابن سبأ مقالته، و صارت له طائفة و فرقه يصدقونه و يتبعونه.
و أشار الحسن بن علي الحلّي في كتابه الرجال (2/ 71) إلىابن سبأ ضمن أصناف الضعفاء.
و يرى ابن المرتضى و هو من أئمة الشيعة الزيدية -، أن أصل التشيع مرجعه إلىابن سبأ، لأنه أول من أحدث القول بالنص في الإمامة. تاج العروس لابن المرتضى (ص 5، 6).
و يرى الأردبيلي في كتاب جامع الرواة (1/ 485) أن ابن سبأ غال ملعون يزعم ألوهية علي و نبوته.
المجلسي في بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار (25/ 286 - 287).
يقول نعمة الله الجزائري (ت 1112هـ) في كتابه الأنوار النعمانية (2/ 234): (قال عبد الله بن سبأ لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أنت الإله حقاً فنفاه علي عليه السلام إلىالمدائن و قيل أنه كان يهودياً فأسلم وكان في اليهودية يقول في يوشع بن نون و في موسى مثل ما قال في علي.
طاهر العاملي (ت 1138هـ) في مقدمة مرآة الأنوار و مشكاة الأسرار في تفسير القرآن (ص 62).
و عند المامقاني (ت 1323هـ) في كتابه تنقيح المقال في أحوال الرجال (2/ 183) جاء ذكر ابن سبأ ضمن نقولات عدة ساقها المؤلف من مصادر شيعية متقدمة عليه.
أمامحمد حسين المظفري (ت 1369هـ) و هو من الشيعة المعاصرين الذين لا ينكرون وجود ابن سبأ وإن كان ينفي أن يكون للشيعة به أي اتصال. تاريخ الشيعة (ص 10).
أماالخوانساري فقد جاء ذكر ابن سبأ عنده على لسان جعفر الصادق الذي لعن ابن سبأ لاتهامه بالكذب والتزوير. روضات الجنات (3/ 141).
هكذا لم تماري كتب الشيعة القديمة في وجود بن سبأ.
لذلك قال سعدي الهاشمي بعد أن نقل نقولا من كتب الشيعة فيها أخبار ابن سبأ ملزما بها من أنكره من الشيعة المعاصرين: (و بهذه النقول والنصوص الواضحة المنقولة من كتب القوم (الشيعة) تتضح لنا حقيقة شخصية ابن سبأ اليهودي، و من طعن من الشيعة في ذلك فقد طعن في كتبهم التي نقلت لعنات الأئمة المعصومين – عندهم – على هذا اليهودي (ابن سبأ) و لا يجوز و لا يتصور أن تخرج اللعنات من المعصوم على مجهول، و كذلك لا يجوز في معتقد القوم تكذيب المعصوم). ابن سبأ حقيقة لا خيال (ص 76).
هذا قليل من كثر من كتب أهل العلم سنية وشيعية في إثبات شخصية عبد الله بن يبسبأ لا يمارون في ذلك ولا يشكون.
كما وأن هناك الكثير من المثبتين لهذه الشخصية من المعاصرين، راجع للأهمية كتاب: العنصرية اليهودية وآثارها في المجمع الإسلامي و الموقف منها للدكتور أحمد بن عبد الله بن إبراهيم الزغيبي (2/ 530 - 531)، حيث ذكر عدداً كبيراً من المثبتين لشخصية ابن سبأ من المعاصرين.
حج من أنكر وجود عبد الله بن سبأ
حجة من أنكر ابن سبئ أن مصدر أخباره كلها من طريق سيف ابن عمر وقد تركه أئمة الحديث، حتى وصل الحال ببن حبان إلى أن يتهمه بالزندقة.
جوابا عن هذا الدليل نقول ما الدعاه النافون ليس صحيحا فأصل قصية ابن سبأ في البخاري كما مر في أول دليل للمثبتين، ثانيا هناك سبع روايات في تاريخ دمشق لابن عساكر تروي قصصا لابن سبأ ليس في سندها سيف بن عمر، ثالثا سيف بن عمر وإن كان متروكا في الحديث إلا أنه غير مدفوع في التاريخ.
يقول الذهبي في ميزان الاعتدال (2/ 255): (كان أخبارياً عارفاً). و يقول ابن حجر في تقريب التهذيب (1/ 344): (عمدة في التاريخ). أمااتهام ابن حبان لسيف بالزندقة فيجيب عنه ابن حجر في التقريب (1/ 344) بقوله: (أفحش ابن حبان القول فيه).
حول رواية سيف ابن عمر للقصة ابن سبأ واتساقها مع الروايات الصحيحة يراججع كتاب: استشهاد عثمانو وقعة الجمل رواية سيف بن عمر، للدكتور خالد بن محمد الغيث (ص 19 - 40)
وحول دوريه الخبيث في الفتنة الذي أنكره الكاتب، يراجع كتاب: عبد الله بن سبأ و أثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام للدكتور سليمان العودة.
وقداستفدت في قضية ابن سبأ من بحث بعنوان عبد الله بن سبأ مؤسس دين الرافضة، لا يوجد عليه اسم كاتب معين.
أخاف أن يكون الكاتب متأثر بطه حسين في نفيه لابن سبإ.
فإن الناظر إلى قوله في ص 124: " وقد وجد هؤلاء في شخصية عبد الله بن سبإ لأحسن تفسير لكل ما جرى. لكن هؤلاء نسوا أنهم بذلك يغضون من قدر الصحابة رضي الله عنهم ـ من حيث لا يشعرون ـ حينما يصورونهم في صورة جماعة من المغفلين يتلاعب به يهودي مجهول النسب والأصل، ويدفع بعضهم إلى قتال بعض دون علم منهم أو فطنة .. "
وقول طه حسين في كتاب الفتنة الكبرى ص 134
ولنكبر المسلمين في صدر الإسلام أن يعبصث بدينهم وسياستهم وعقولهم ودولتهم رجل من أقبل من صنعاء، ...
يجد تطابقا في المعنا وتشابها في الفظ.
وإلى حلقة أخرى من حلقات هذا النقاش نستودعكم الله.
محبكم / عبد الله الشنقيطي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/203)
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[08 - 02 - 05, 11:06 ص]ـ
في هذه الوقفة سأتناول موقف شيخ الإسلام من الصحابة، وهل له موقف مخالف لأهل السنة والجماعة، وهل الكاتب انتهج منهج الشيخ في الكتابة فيما يتعلق باختلاف الصحابة.
لا يختلف منهج شيخ الإسلام في تناوله لقضية الصحابة عن غيره من أهل العلم من أهل السنة والجماعة؛ فهو يرى عدالة الصحابة العدالة الدينية، ويرى الإمساك عما شجر بينهم وأنه هو منهج أهل السنة والجماعة. فقال في العقيدة الواسطية:
"ويمسكون عما شجر من الصحابة ويقولون إن هذه الآثار المروية في مساوئهم منها ما هو كذب ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغير عن وجهه والصحيح ومنه هم فيه معذورون أما مجتهدون مصيبون وأما مجتهدون مخطئون وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر عنهم إن صدر حتى أنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات مما ليس لمن بعدهم وقد ثبت بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم خير القرون وأن المد من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبا ممن بعدهم ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه أو أتى بحسنات تمحوه أو غفر له بفضل سابقته أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم الذي هم أحق الناس بشفاعته أو ابتلي ببلاء الدنيا كفر به عنه فإذا كان هذا في الذنوب المحققة فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا فلهم أجر واحد والخطأ مغفور ثم القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نزر مغفور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله والهجرة والنصرة والعلم النافع والعمل الصالح ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة وما من الله عليهم به من الفضائل علم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كانولا يكون مثلهم وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله ".
وقال:
"ولهذا أوصوا بالإمساك عما شجر بينهم لأنالا نسأل عن ذلك كما قال عمر بن عبد العزيز تلك دماء طهر الله منها يدي فلا أحب أن أخضب بها لساني وقال آخر تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون سورة البقرة 134 لكن إذا ظهر مبتدع يقدح فيهم بالباطل فلا بد من الذب عنهم وذكر ما يبطل حجته بعلم وعدل"
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 254
وقال:
"ولهذا كان من مذاهب أهل السنة الإمساك عما شجر بين الصحابة فإنه قد ثبتت فضائلهم ووجبت موالاتهم ومحبتهم وما وقع منه ما يكون لهم فيه عذر يخفى على الإنسان ومنه ما تاب صاحبه منه ومنه ما يكون مغفورا فالخوض فيما شجر يوقع في نفوس كثير من الناس بغضا وذما ويكون هو في ذلك مخطئا بل عاصيا فيضر نفسه ومن خاض معه في ذلك كما جرى لأكثر من تكلم في ذلك فإنهم تكلموا بكلام لا يحبه الله ولا رسوله إما من ذم من لا يستحق الذم وإما من مدح أمور لا تستحق المدح ولهذا كان الإمساك طريقة أفاضل السلف"
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 448
وقال:
"وكذلك نؤمن بالإمساك عما شجر بينهم ونعلم أن بعض المنقول في ذلك كذب وهم كانوا مجتهدين إما مصيبين لهم أجران أو مثابين على عملهم الصالح مغفور لهم خطؤهم وما كان لهم من السيئات وقد سبق لهم من الله الحسنى فإن الله يغفرها لهم إما بتوبة أو بحسنات ماحية أو مصائب مكفرة أو غير ذلك فإنهم خير قرون هذه الأمة كما قال صلى الله عليه وسلم خير القرون قرني الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم وهذه خير أمة أخرجت للناس "
مجموع الفتاوى ج: 3 ص: 406
وأما ما يتعلق بالعدالة فقد بين شيخ الإسلام عدالة الصحابة بتفصيل شامل واضح فبين أنهم أفضل من آمن بالله فقال:
"والصحابة الذين يشهدون أن لا إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن القرآن حق، هم أفضل من جاء بالصدق وصدق به بعد الأنبياء."
منهاج السنة النبوية ج: 2 ص: 11
وأوضح أن هذا الفضل شامل لجميع الصحابة فقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/204)
" وقال تعالى وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون سورة النور 55 فقد وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالاستخلاف كما وعدهم في تلك الآية مغفرة وأجرا عظيما والله لا يخلف الميعاد فدل ذلك على أن الذين استخلفهم كما استخلف الذين من قبلهم ومكن لهم دين الإسلام وهو الدين الذي ارتضاه لهم كما قال تعالى ورضيت لكم الإسلام دينا سورة المائدة 3 وبدلهم من بعد خوفهم أمنا لهم منه المغفرة والأجر العظيم وهذا يستدل به من وجهين يستدل به على أن المستخلفين مؤمنون عملوا الصالحات لأن الوعد لهم لا لغيرهم ويستدل به على أن هؤلاء مغفور لهم ولهم مغفرة وأجر عظيم لأنهم آمنوا وعملوا الصالحات فتناولتهم الآيتان آية النور وآية الفتح ومن المعلوم أن هذه النعوت منطبقة على الصحابة على زمن أبي بكر وعمر وعثمان فإنه إذ ذاك حصل الاستخلاف وتمكن الدين والأمن بعد الخوف لما قهروا فارس والروم وفتحوا الشام والعراق ومصر وخراسان وإفريقية ولما قتل عثمان وحصلت الفتنة لم يفتحوا شيئا من بلاد الكفار بل طمع فيهم الكفار بالشام وخراسان وكان بعضهم يخاف بعضا وحينئذ فقد دل القرآن على إيمان أبي بكر وعمر وعثمان ومن كان معهم في زمن الاستخلاف والتمكين والأمن والذين كانوا في زمن الاستخلاف والتمكين والأمن وأدركوا زمن الفتنة كعلي وطلحة والزبير وأبي موسى الأشعري ومعاوية وعمرو بن العاص دخلوا في الآية لأنهم استُخلِفوا ومُكِّنوا وأمنوا "
منهاج السنة النبوية ج: 2 ص: 36
وقال:
" وفي الجملة كل ما في القرآن من خطاب المؤمنين والمتقين والمحسنين ومدحهم والثناء عليهم فهم أول من دخل في ذلك من هذه الأمة وأفضل من دخل في ذلك من هذه الأمة كما استفاض عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه أنه قال خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم "
منهاج السنة النبوية ج: 2 ص: 49
وقال:
"فإنهم خير هذه الأمة كما تواترت بذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم وهم أفضل الأمة الوسط الشهداء على الناس الذين هداهم الله لما اختلف فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم فليسوا من المغضوب عليهم الذين يتبعون أهواءهم ولا من الضالين الجاهلين كما قسمهم هؤلاء المفترون إلى ضلال وغواة بل لهم كمال العلم وكمال القصد إذا لو لم يكن كذلك للزم أن لا تكون هذه الأمة خير الأمم وأن لا يكونوا خير الأمة وكلاهما خلاف الكتاب والسنة ...
والصحابة أكمل الأمة في ذلك بدلالة الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار ولهذا لا تجد أحدا من أعيان الأمة إلا وهو معترف بفضل الصحابة عليه وعلى أمثاله وتجد من ينازع في ذلك كالرافضة من أجهل الناس "
منهاج السنة النبوية ج: 2 ص: 79
وبين عدالتهم عند أهل الحديث والفقه فقال:
"ولهذا كان الصحابة كلهم ثقات باتفاق أهل العلم بالحديث والفقه"
منهاج السنة النبوية ج: 2 ص: 457
وقال:
" وخيار هذه الأمة هم الصحابة فلم يكن في الأمة أعظم اجتماعا على الهدى ودين الحق ولا أبعد عن التفرق والاختلاف منهم ...
وكما أنه لم يكن في القرون أكمل من قرن الصحابة فليس في الطوائف بعدهم أكمل من أتباعهم فكل من كان للحديث والسنة وآثار الصحابة أتبع كان أكمل وكانت تلك الطائفة أولى بالاجتماع والهدى والاعتصام بحبل الله وأبعد عن التفرق "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 366
وقال:
"فالصحابة أعلم الأمة وأفقهها وأدينها ولهذا أحسن الشافعي رحمه الله في قوله هم فوقنا في كل علم وفقه ودين وهدى وفي كل سبب ينال به علم وهدى ورأيهم لنا خير من رأينا لأنفسنا أو كلاما هذا معناه "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 81
وحكم شيخ الإسلام على كل من لم يقل بعدالة الصحابة العدالة الدينة على ما فصل الشيخ وأوضح أنه قائل بظلم وجهل.
فقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/205)
" والله تعالى قد حرم القول بغير علم فكيف إذا كان المعروف ضد ما قاله فلو لم نكن نحن عالمين بأحوال الصحابة لم يجز أن نشهد عليهم بما لا نعلم من فساد القصد والجهل بالمستحق قال تعالى ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أؤلئك كان عنه مسئولا سورة الإسراء 36 وقال تعالى ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم سورة آل عمران 66 فكيف إذا كنا نعلم أنهم كانوا أكمل هذه الأمة عقلا وعلما ودينا "
منهاج السنة النبوية ج: 2 ص: 76
وقال:
"ما علم بالكتاب والسنة والنقل المتواتر من محاسن الصحابة وفضائلهم لا يجوز أن يدفع بنقول بعضها منقطع وبعضها محرف وبعضها لا يقدح فيما علم فإن اليقين لا يزول بالشك ونحن قد تيقنا ما دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف قبلنا وما يُصدق ذلك من المنقولات المتواترة من أدلة العقل من أن الصحابة رضي الله عنهم أفضل الخلق بعد الأنبياء فلا يقدح في هذا أمور مشكوك فيها فكيف إذا علم بطلانها "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 305
وجلى بوضح لا يقبل التأويل أنهم جميعا من أهل الجنة،وأن ما يروى عنهم من المآخذ أكثره كذب، والباقي هم فيه مجتهدون معذورون؛ ولكن كثير من الناس لا يدركون وجه اجتهادهم، وعلى فرض أنه من الذنوب المحققة فهو مغفور لهم، فصار الطعن عليهم به من الظلم والجهل.
قال:
" فيقولون ما يذكر عن الصحابة من السيئات كثير منه كذب وكثير منه كانوا مجتهدين فيه ولكن لم يعرف كثير من الناس وجه اجتهادهم وما قدر أنه كان فيه ذنب من الذنوب لهم فهو مغفور لهم إما بتوبة وإما بحسنات ماحية وإما بمصائب مكفرة وإما بغير ذلك فإنه قد قام الدليل الذي يجب القول بموجبه أنهم من أهل الجنة فامتنع أن يفعلوا ما يوجب النار لا محالة وإذا لم يمت أحد منهم على موجب النار لم يقدح ما سوى ذلك في استحقاقهم للجنة ونحن قد علمنا أنهم من أهل الجنة ولو لم يعلم أن أولئك المعينين في الجنة لم يجز لنا أن نقدح في استحقاقهم للجنة بأمور لا نعلم أنها توجب النار فهذا لا يجوز في آحاد المؤمنين الذين لم يعلم أنهم يدخلون الجنة ليس لنا أن نشهد لأحد منهم بالنار لأمور محتملة لا تدل على ذلك فكيف يجوز مثل ذلك في خيار المؤمنين والعلم بتفاصيل أحوال كل واحد منهم باطنا وظاهرا وحسناته وسيئاته واجتهاداته أمر يتعذر علينا معرفته فكان كلامنا في ذلك كلاما فيما لا نعلمه والكلام بلا علم حرام فلهذا كان الإمساك عما شجر بين الصحابة خيرا من الخوض في ذلك بغير علم بحقيقة الأحوال إذ كان كثير من الخوض في ذلك أو أكثره كلاما بلا علم وهذا حرام لو لم يكن فيه هوى ومعارضة الحق المعلوم فكيف إذا كان كلاما بهوى يطلب فيه دفع الحق المعلوم وقد قال النبي صلى الله عليه
وسلم القضاة ثلاثة قاضيان في النار وقاض في الجنة رجل علم الحق وقضى به فهو في الجنة ورجل علم الحق وقضى بخلافه فهو في النار ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار فإذا كان هذا في قضاء بين اثنين في قليل المال أو كثيره فكيف بالقضاء بين الصحابة في أمور كثيرة فمن تكلم في هذا الباب بجهل أو بخلاف ما يعلم من الحق كان مستوجبا للوعيد ولو تكلم بحق لقصد اتباع الهوى لالو لوجه الله تعالى أو يعارض به حقا آخر لكان أيضا مستوجبا للذم والعقاب ومن علم ما دل عليه القران والسنة من الثناء على القوم ورضا الله عنهم واستحقاقهم الجنة وأنهم خير هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس لم يعارض هذا المتيقن المعلوم بأمور مشتبهة منها ما لا يعلم صحته ومنها ما يتبين كذبه ومنها ما لا يعلم كيف وقع ومنها ما يعلم عذر القوم فيه ومنها ما يعلم توبتهم منه ومنها ما يعلم أن لهم من الحسنات ما يغمره فمن سلك سبيل أهل السنة استقام قوله وكان من أهل الحق والاستقامة والاعتدال وإلا حصل في جهل وكذب وتناقض كحال هؤلاء الضلال
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 310
وقال:
"ما ينقل عن الصحابة من المثالب فهو نوعان أحدهما ما هو كذب إما كذب كله وإما محرف قد دخله من الزيادة والنقصان ما يخرجه إلى الذم والطعن وأكثر المنقول من المطاعن الصريحة هو من هذا الباب يرويها الكذابون المعروفون بالكذب مثل أبي مخنف لوط بن يحيى ومثل هشام بن محمد بن السائب الكلبي وأمثالهما من الكذابين ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/206)
النوع الثاني ما هو صدق وأكثر هذه الأمور لهم فيها معاذير تخرجها عن أن تكون ذنوبا وتجعلها من موارد الاجتهاد التي إن أصاب المجتهد فيها فله أجران وإن أخطأ فله أجر وعامة المنقول الثابت عن الخلفاء الراشدين من هذا الباب وما قدر من هذه الأمور ذنبا محققا فإن ذلك لا يقدح فيما علم من فضائلهم وسوابقهم وكونهم من أهل الجنة "
منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 81
وقال:
" نحن نبسط هذا وننبه بالأدنى على الأعلى فنقول كلام الذام للخلفاء ولغيرهم من الصحابة من رافضي وغيره هو من باب الكلام في الأعراض وفيه حق لله تعالى لما يتعلق به من الولاية والعداوة والحب والبغض وفيه حق للآدميين أيضا ومعلوم أنا إذا تكلمنا فيمن هو دون الصحابة مثل الملوك المختلفين على الملك والعلماء والمشايخ المختلفين في العلم والدين وجب أن يكون الكلام بعلم وعدل لا بجهل وظلم فإن العدل واجب لكل أحد على كل أحد في كل حال والظلم محرم مطلقا لا يباح قط بحال "
منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 126
"والله تعالى قد حرم ظلم المسلمين أحيائهم وأمواتهم وحرم دماءهم وأموالهم وأعراضهم وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت ألا ليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع وقد قال تعالى والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا سورة الأحزاب 58 فمن آذى مؤمنا حيا أو ميتا بغير ذنب يوجب ذلك فقد دخل في هذه الآية ومن كان مجتهدا لا إثم عليه فإذا آذاه مؤذ فقد آذاه بغير ما اكتسب ومن كان مذنبا وقد تاب من ذنبه أو غفر له بسبب آخر بحيث لم يبق عليه عقوبة فآذاه مؤذ فقد آذاه بغير ما اكتسب وإن حصل له بفعله مصيبة "
منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 135
"لكن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين أعظم حرمة وأجل قدرا وأنزه أعراضا وقد ثبت من فضائلهم خصوصا وعموما ما لم يثبت لغيرهم فلهذا كان كلام الذي فيه ذمهم على ما شجر بينهم أعظم إثما من الكلام في غيرهم"
منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 147
وأوضح أن الصحابة غير معصومين من الخطأ والذنوب، ولكن هم بين أجر الاجتهاد ومغفرة الذنب فصار القادح عليهم بخطئهم منحرف عن طريق العلم والعدل.
فقال:
"والقاعدة الكلية في هذا أن لا نعتقد أن أحدا معصوم بعد النبي صلى الله عليه وسلم بل الخلفاء وغير الخلفاء يجوز عليهم الخطأ والذنوب التي تقع منهم قد يتوبون منها وقد تكفر عنهم بحسناتهم الكثيرة وقد يبتلون أيضا بمصائب يكفر الله عنهم بها ...
فهذه القاعدة تغنينا أن نجعل كل ما فعل واحد منهم هو الواجب أو المستحب من غير حاجة بنا إلى ذلك والناس المنحرفون في هذا الباب صنفان القادحون الذين يقدحون في الشخص بما يغفره الله له والمادحون الذين يجعلون الأمور المغفورة من باب السعي المشكور"
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 196
وقال:" فائدة ومما ينبغي أن يعلم أنه وان كان المختار الإمساك عما شجر بين الصحابة والاستغفار للطائفتين جمعيا وموالاتهم فليس من الواجب اعتقاد أن كل واحد من العسكر لم يكن إلا مجتهدا متأولا كالعلماء بل فيهم المذنب والمسيء وفيهم المقصر في الاجتهاد لنوع من الهوى لكن إذا كانت السيئة في حسنات كثيرة كانت مرجوحة مغفورة وأهل السنة تحسن القول فيهم وتترحم عليهم وتستغفر لهم لكن لا يعتقدون العصمة من الإقرار على الذنوب وعلى الخطأ في الاجتهاد إلا لرسول الله ومن سواه فيجوز عليه الإقرار على الذنب والخطأ لكن لهم كما قال تعالى أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم الآية وفضائل الأعمال إنما هي بنتائجها وعواقبها لا بصورها "
مجموع الفتاوى ج: 4 ص: 434
وهذه هي الأصول التي بين الشيخ أن من لم يراعيها في كلامه عن الصحابة وقع في ظلم وجهل في الكليات وكذب وجهل في الجزئيات.
فقال:
"ونحن نذكر قاعدة جامعة في هذا الباب لهم ولسائر الأمة فنقول لا بد أن يكون مع الإنسان أصول كلية يرد إليها الجزئيات ليتكلم بعلم وعدل ثم يعرف الجزيئات كيف وقعت وإلا فيبقى في كذب وجهل في الجزئيات وجهل وظلم في الكليات فيتولد فساد عظيم"
منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 83
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/207)
و بين الشيخ أن من علامة سوء طوية الإنسان أن يكون في قلبه على الصحابة شيء.
فقال:
"ومن أعظم خبث القلوب أن يكون في قلب العبد غل لخيار المؤمنين وسادات أولياء الله بعد النبيين ولهذا لم يجعل الله تعالى في الفيء نصيبا لمن بعدهم إلا الذين يقولون ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف"
منهاج السنة النبوية ج: 1 ص: 22
وأوجب الانتصار لهم ممن تكلم فيهم. فقال:
" والواجب على كل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله أن يكون أصل قصده توحيد الله بعبادته وحده لا شريك له وطاعة رسوله يدور على ذلك ويتبعه أين وجده ويعلم أن أفضل الخلق بعد الأنبياء هم الصحابة فلا ينتصر لشخص انتصارا مطلقا عاما إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لطائفة انتصارا مطلقا عاما إلا للصحابة رضي الله عنهم أجمعين فإن الهدى يدور مع الرسول حيث دار ويدور مع أصحابه دون أصحاب غيره حيث داروا فإذا أجمعوا لم يجمعوا على خطأ قط بخلاف أصحاب عالم من العلماء فإنهم قد يجمعون على خطأ "
منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 261
هذا في الصحابة عموما أما آحاد الصحابة الذين تكلم عليهم شيخ الإسلام فبين فضلهم ورد الطعون الموجه إليهم.
فقد رد الطعون الموجهة إلى عثمان، وبين أنها كذب وما كان فيها منحق لم يأل جهدا في تحر الحق فيه.
فقال:
" وبعض المسلمين أنكر عليه بعض الأمور وكثير من ذلك يكون الصواب فيه مع عثمان وبعضه يكون فيه مجتهدا ومنه ما يكون المخالف له مجتهدا إما مصيبا وإما مخطئا"
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 297
فقال:
"النوع الثاني ما هو صدق وأكثر هذه الأمور لهم فيها معاذير تخرجها عن أن تكون ذنوبا وتجعلها من موارد الاجتهاد التي إن أصاب المجتهد فيها فله أجران وإن أخطأ فله أجر" وعامة المنقول الثابت عن الخلفاء الراشدين من هذا الباب "
منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 81
و رد المفتريات المكذوبة عليه من طرف أعداء الصحابة فقال:
"وأما قوله وكان يؤثر أهله بالأموال الكثيرة من بيت المال حتى أنه دفع إلى أربعة نفر من قريش زوجهم بناته أربعمائة ألف دينار ودفع إلى مروان ألف ألف دينار فالجواب أولا أن يقال أين النقل الثابت بهذا نعم كان يعطي أقاربه عطاء كثيرا ويعطي غير أقاربه أيضا وكان محسنا إلى جميع المسلمين وأما هذا القدر الكثير فيحتاج إلى نقل ثابت ثم يقال ثانيا هذا من الكذب البين فإنه لا عثمان ولا غيره من الخلفاء الراشدين أعطوا أحدا ما يقارب هذا المبلغ"
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 249
وأوضح أن عثمان لم يول بني أمية لأنهم قرابته بل لكفاءتهم لما ولاهم.
فقال
"فإن عثمان يقول إن بني أمية كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعملهم في حياته واستعملهم بعده من لا يتهم بقرابة فيهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه ولا نعرف قبيلة من قبائل قريش فيها عمال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من بني عبد شمس لأنهم كانوا كثيرين وكان فيهم شرف وسؤدد "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 192
ودافع عن ولاته وحدا واحدا فقال:
"وكذلك قوله إنه استعمل سعيد بن العاص على الكوفة وظهر منه ما أدى إلى أن أخرجه أهل الكوفة منها فيقال مجرد إخراج أهل الكوفة لا يدل على ذنب يوجب ذاك فإن القوم كانوا يقومون على كل وال قد قاموا على سعد بن أبي وقاص وهو الذي فتح البلاد وكسر جنود كسرى وهو أحد أهل الشورى ولم يتول عليهم نائب مثله وقد شكوا غيره مثل عمار بن ياسر وسعد بن أبي وقاص والمغيرة بن شعبة وغيرهم ودعا عليهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال اللهم إنهم قد لبسوا علي فلبس عليهم "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 243
وقال عن مراون:
"وليس مروان أولى بالفتنة والشر من محمد بن أبي بكر ولا هو أشهر بالعلم والدين منه بل أخرج أهل الصحاح عدة أحاديث عن مروان وله قول مع أهل الفتيا واختلف في صحبته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/208)
ومروان من أقران ابن الزبير فهو قد أدرك حياة النبي صلى الله عليه وسلم ويمكن أنه رآه عام فتح مكة أو عام حجة الوداع والذين قالوا لم ير النبي صلى الله عليه وسلم قالوا إن أباه كان بالطائف فمات النبي صلى الله عليه وسلم وأبوه بالطائف وهو مع أبيه ومن الناس من يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم نفى أباه إلى الطائف وكثير من أهل العلم ينكر ذلك ويقول إنه ذهب باختياره وإن نفيه ليس له إسناد وهذا إنما يكون بعد فتح مكة فقد كان أبوه بمكة مع سائر الطلقاء وكان هو قد قارب سن التمييز وأيضا فقد يكون أبوه حج مع الناس فرآه في حجة الوداع ولعله قدم إلى المدينة فلا يمكن الجزم بنفي رؤيته للنبي صلى الله عليه وسلم وأما أقرانه كالمسور بن مخرمة وعبد الله بن الزبير فهؤلاء كانوا بالمدينة وقد ثبت أنهم سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 245
وقال عن معاوية:
"وأما قوله ولى معاوية الشام فأحدث من الفتن ما أحدثه فالجواب أن معاوية إنما ولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما مات أخوه يزيد بن أبي سفيان ولاه عمر مكان أخيه واستمر في ولاية عثمان وزاده عثمان في الولاية وكانت سيرة معاوية مع رعيته من خيار سير الولاة وكانت رعيته يحبونه وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم الذين تبغضونه ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم وإنما ظهر الأحداث من معاوية في الفتنة لما قتل عثمان ولما قتل عثمان كانت الفتنة شاملة لأكثر الناس لم يختص بها معاوية بل كان معاوية أطلب للسلامة من كثير منهم وأبعد عن الشر من كثير منهم"
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 246
وقال عن عبد الله بن كريز:
"وأما قوله وولى عبد الله بن عامر البصرة ففعل من المناكير ما فعل فالجواب أن عبد الله بن عامر له من الحسنات والمحبة في قلوب الناس مالا ينكر وإذا فعل منكرا فذنبه عليه فمن قال إن عثمان رضي بالمنكر الذي فعله "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 248
وبين أنه لم يحاب منهم أحدا في الله فلما شرب الوليد الخمر أقام عليه الحد وعزله عن عمله.
فقال:
"فيقال لا جرم طلبه وأقام عليه الحد بمشهد من علي بن أبي طالب وقال لعلي قم فاضربه فأمر علي الحسن بضربه فامتنع وقال لعبد الله بن جعفر قم فاضربه فضربه أربعين ثم قال امسك ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلي رواه مسلم وغيره فإذا أقام الحد برأي علي وأمره فقد فعل الواجب
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 243
ورد الطعون في معاوية وعمر بن العاص ومبينا أنهم من أهل الجنة وأن المنقول عنهم أكثره اجتهاد.
فقال:
"وكان يزيد بن أبى سفيان على الشام إلى أن ولى عمر فمات يزيد بن أبى سفيان فاستعمل عمر معاوية مكان أخيه يزيد بن أبى سفيان وبقى معاوية على ولايته تمام خلافته وعمر ورعيته تشكره وتشكر سيرته فيهم وتواليه وتحبه لما رأوا من حلمه وعدله حتى أنه لم يشكه منهم مشتك ولا تظلمه منهم متظلم .. وقد شهد معاوية وأخوه يزيد وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام وغيرهم من مسلمة الفتح مع النبي غزوة حنين ودخلوا في قوله تعالى ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين وكانوا من المؤمنين الذين أنزل الله سكينته عليهم مع النبي وغزوة الطائف لما حاصروا الطائف ورماها بالمنجنيق وشهدوا النصارى بالشام وأنزل الله فيها سورة براءة وهي غزوة العسرة التي جهز فيها عثمان بن عفان رضي الله عنه جيش العسرة بألف بعير في سبيل الله تعالى فأعوزت وكملها بخمسين بعيرا فقال النبي ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم ....
وهؤلاء المذكورون دخلوا في قوله تعالى لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك اعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى فإن هؤلاء الطلقاء مسلمة الفتح هم ممن أنفق من بعد الفتح وقاتل وقد وعدهم الله الحسنى فإنهم أنفقوا بحنين والطائف وقاتلوا فيهما رضى الله عنهم وهم أيضا داخلون فيمن رضي الله عنه حيث قال تعالى والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه
....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/209)
وفي هذا الحديث بيان إن الله يغفر لهؤلاء السابقين كأهل بدر والحديبية من الذنوب العظيمة بفضل سابقتهم وإيمانهم وجهادهم ما لا يجوز لأحد أن يعاقبهم بها كما لم تجب معاقبة حاطب مما كان منه وهذا مما يستدل به على أن ما جرى بين على وطلحة والزبير ونحوهم فإنه أما أن يكون اجتهادا لا ذنب فيه فلا كلام فقد ثبت عن النبي أنه قال إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر وإن كان هناك ذنب فقد ثبت أن هؤلاء رضي الله عنهم وغفر لهم ما فعلوه فلا يضرهم ما وقع منهم من الذنوب إن كان قد وقع ذنب بل إن وقع من أحدهم ذنب كان الله محاه بسبب قد وقع من الأسباب التي يمحص الله بها الذنوب مثل أن يكون قد كفر عنه ببلاء ابتلاه به فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي أنه قال ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا غم ولا حزن ولا أذى إلا كفر الله من خطاياه وأما من بعد هؤلاء السابقين الأولين وهم الذين أسلموا بعد الحديبية فهؤلاء دخلوا في قوله تعالى وكلا وعد الله الحسنى وفى قوله تعالى والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه وقد أسلم قبل فتح مكة خالد ابن الوليد وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة الحجبى وغيرهم وأسلم بعد الطلقاء أهل الطائف وكانوا آخر الناس إسلاما وكان منهم عثمان ابن أبى العاص الثقفى الذى أمره النبى صلى الله عليه وسلم على أهل الطائف وكان من خيار الصحابة مع تأخر إسلامه
وقد الله تعالى والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض إلى قوله تعالى والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم فهذه عامة وقال تعالى للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون والذين تبوؤا الدار الإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم فهذه الآية والتي قبلها تتناول من دخل فيها بعد السابقين الأولين إلى يوم القيامة فكيف لا يدخل فيهاأصحاب رسول الله الذين آمنوا به وجاهدوا معه ...
وقد قال تعالى محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوارة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجر عظيما فهذا يتناول الذين آمنوا مع الرسول مطلقا "
مجموع الفتاوى ج: 4 ص: 457 ـ مجموع الفتاوى ج: 4 ص: 462
وقال:
"ومعاوية ممن حسن إسلامه باتفاق أهل العلم ولهذا ولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه موضع أخيه يزيد بن أبي سفيان لما مات أخوه يزيد بالشام وكان يزيد بن أبي سفيان من خيار الناس وكان أحد الأمراء الذين بعثهم أبو بكر وعمر لفتح الشام يزيد بن أبي سفيان وشرحبيل ابن حسنة وعمرو بن العاص مع أبي عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد فلما توفي يزيد بن أبي سفيان ولى عمر مكانه أخاه معاويه وعمر لم يكن تأخذه في الله لومة لائم وليس هو ممن يحابى في الولاية ولا كان ممن يحب أبا سفيان أباه بل كان من أعظم الناس عداوة لأبيه أبي سفيان قبل الإسلام حتى أنه لما جاء به العباس يوم فتح مكة كان عمر حريصا على قتله حتى جرى بينه وبين العباس نوع من المخاشنة بسبب بغض عمر لأبي سفيان فتولية عمر لابنه معاوية ليس لها سبب دنيوي ولولا استحقاقه للإمارة لما أمره ثم إنه بقى في الشام عشرين سنة أميرا وعشرين سنة خليفة ورعيته من أشد الناس محبة له وموافقة له وهو من أعظم الناس إحسانا إليهم وتأليفا لقلوبهم حتى أنهم قاتلوا معه على بن أبي طالب وصابروا عسكره حتى قاوموهم وغلبوهم وعلى أفضل منه وأعلى درجة وهو أولى بالحق منه باتفاق الناس وعسكر معاوية يعلمون أن عليا أفضل منه وأحق بالأمر ولا ينكر ذلك منهم إلا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/210)
معاند أو من أعمى الهوى قلبه ولم يكن معاوية قبل تحكيم الحكمين يدعى الأمر لنفسه ولا يتسمى بأمير المؤمنين بل إنما ادعى ذلك بعد حكم الحكمين وكان غير واحد من عسكر معاوية يقول له لما ذا تقاتل عليا وليس لك سابقته ولا فضله ولا صهره وهو أولى بالأمر منك فيعترف لهم معاوية بذلك لكن قاتلوا مع معاوية لظنهم أن عسكر على فيه ظلمة يعتدون عليهم كما اعتدوا على عثمان وأنهم يقاتلونهم دفعا لصيالهم عليهم وقتال الصائل جائز ولهذا لم يبدؤوهم بالقتال حتى بدأهم أولئك ولهذا قال الأشتر النخعي إنهم ينصرون علينا لأنا نحن بدأناهم بالقتال "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 382
وقال:
" فلم يكن من ملوك المسلمين ملك خير من معاوية ولا كان الناس في زمان ملك من الملوك خيرا منهم في زمن معاوية إذا نسبت أيامه إلى أيام من بعده وأما إذا نسبت إلى أيام أبي بكر وعمر ظهر التفاضل وقد روى أبو بكر الأثرم ورواه ابن بطة من طريقه حدثنا محمد بن عمرو بن جبلة حدثنا محمد بن مروان عن يونس عن قتادة قال لو أصبحتم في مثل عمل معاوية لقال أكثركم هذا المهدي وكذلك رواه ابن بطة بإسناده الثابت من وجهين عن الأعمش عن مجاهد قال لو أدركتم معاوية لقلتم هذا المهدي ورواه الأثرم حدثنا محمد بن حواش حدثنا أبو هريرة المكتب قال كنا عند الأعمش فذكروا عمر بن عبد العزيز وعدله فقال الأعمش فكيف لو أدركتم معاوية قالوا في حلمة قال لا والله بل في عدله وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق قال لما قدم معاوية فرض للناس على أعطيه آبائهم حتى انتهى إلي فأعطاني ثلثمائة درهم وقال عبد الله أخبرنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو أسامة ثنا الثقفي عن أبي إسحاق يعني السبيعي أنه ذكر معاوية فقال لو أدركتموه أو أدركتم أيامه لقلتم كان المهدي وروى الأثرم حدثنا محمد بن العلاء عن أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق قال ما رأيت بعده مثله يعني معاوية وقال البغوي حدثنا سويد بن سعيد حدثنا ضمام بن إسماعيل عن أبي قيس قال كان معاوية قد جعل في كل قبيل رجلا وكان رجل منا يكنى أبا يحيى يصبح كل يوم فيدور على المجالس هل ولد فيكم الليلة ولد هل حدث الليلة حدث هل نزل اليوم بكم نازل قال فيقولون نعم نزل رجل من أهل اليمن بعياله يسمونه وعياله فإذا فرغ من القبيل كله أتى الديوان فأوقع أسماءهم في الديوان وروى محمد بن عوف الطائي حدثنا أبو المغيرة حدثنا أبن أبي مريم عن عطية بن قيس قال سمعت معاوية بن أبي سفيان يخطبنا يقول إن في بيت مالكم فضلا بعد أعطياتكم وإني قاسمه بينكم فإن كان يأتينا فضل عاما قابلا قسمناه عليكم وإلا فلا عتبة علي فإنه ليس بمالي وإنما هو مال الله الذي أفاء عليكم وفضائل معاوية في حسن السيرة والعدل والإحسان كثيرة وفي الصحيح أن رجلا قال لابن عباس هل لك في أمير المؤمنين معاوية إنه أوتر بركعة قال أصاب إنه فقيه وروى البغوي في معجمه بإسناده ورواه ابن بطة من وجه آخر كلاهما عن سعيد بن عبد العزيز عن إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر عن قيس بن الحارث عن الصنابحي عن أبي الدرداء قال ما رأيت أحدا أشبه صلاة بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من إمامكم هذا يعني معاوية فهذه شهادة الصحابة بفقهه ودينه والشاهد بالفقه ابن عباس وبحسن الصلاة أبو الدرداء وهما هما والآثار الموافقة لهذا كثيرة "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 232
وقارن مذكرته لك عن شيخ الإسلام في دراسته لأحوال الصحابة وما ذكرته لك عن المؤلف لتدرك أن قول المؤلف في ص 40
" إن المنهج الذي ندعوا إليه في هذه الدراسة، ونرى شيخ الإسلام ابن تيمية وبعض أهل الحديث خير من نظَّرله وطبقه .. "
مجرد الدعاء ينقضه الكلام السابق نقله عن شيخ الإسلام ابن تيمية.
وكذا قوله في ص 45
" أن كثيرا ممن ينتسبون إلى مدرسته شيخ الإسلام ـ هذه الأيام ـ يعلنون تبني منهجه في هذا الشأن، ولم يدرسوا ما كتبه في هذا الشأن دراسة استقرائية مستوعبة، ولم يدركوا خاصية الاتزان والاعتدال التي اتسم بها منهجه. فاشتط بعضهم في مجادلات مع الشيعة، ودافعوا عن الحق بالباطل حينا، قدموا صورة شوهاء للمبادئ السياسية الإسلامية حيانا، حرصا منهم على الدفاع عن الصحب الكرام. "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/211)
وبان أن الذي لم يدرس منهج شيخ الإسلام في تناول مسألة الصحابة والفتن التي وقعت بينهم هو المؤلف لا من ينتمي إلى مدرسة شيخ الإسلام.
وهذا الادعاء من المؤلف لم يقدم عليه دليلا ولا نموذجا من أحد من مدرسة شيخ الإسلام يصدق ما ادعاه.
وفي الحلقة القادمة نبين بعضا من قلة أمانة الكاتب في نسبة بعض الأقوال لشيخ الإسلام لم يقل لها الشيخ.
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[10 - 02 - 05, 04:28 ص]ـ
في هذه الوقفة سأتناول بعض الأقوال التي نسب الكاتب إلى شيخ الإسلام ابن تيمية ولكن بالرجوع إلى كلام الشيخ نجد أنه مجرد ادعاءات تخالف ما في كلام شيخ الإسلام
من ذلك قوله في ص 49
"ولم يجعل ابن تيمية مسألة "الكف عما شجر بين الصحابة " مسألة اعتقادية ـ كما فعل من لا يميز بين الوحي والتاريخ ـ وإنما بين أن جماع الأمر كله العلم والعدل، فلا مانع عنده أن يخوض المسلم في ذلك " إن أمكن الكلام بينهما بعلم وعدل وإلا تكلم بما يعلم من فضلهما ودينهما وكان ما شجر بينهما وتنازعا فيه أمره إلىالله "
هذا الكلام تدليس واضح من الكاتب على القارئ واستخفاف بعقله وثقافته. فابن تيمية قد جعل الكف عما شجر بين الصحابة أصلا من أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة في أصغر كتبه وأكثرها انتشارا. (العقيدة الواسطية)
قال شيخ الإسلام:
"ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وصفهم الله به في قوله تعالىوالذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم في قوله لا تسبوا أصحابي فوالدي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة والإجماع من فضائلهم ومراتبهم ويفضلون من أنفق من قبل الفتح وهو صلح الحديبية وقاتل على من أنفق من بعد وقاتل ويقدمون المهاجرين على الأنصار ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم وبأنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بل لقد رضي الله عنهم ورضوا عنه وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم كالعشرة وثابت بن قيس بن شماس وغيرهم من الصحابة ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ويثلثون بعثمان ويربعون بعلي رضي الله عنهم كما دلت الآثار وكما أجمع الصحابة على تقديم عثمان بالبيعة مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي رضي الله عنهما بعد اتفاقهم على تقديم أبي بكر وعمر أيهما أفضل فقدم قوم عثمان وسكتوا وربعوا بعلي وقدم قوم عليا وقوم توقفوا لكن استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان ثم علي وإن كانت هذه المسألة مسألة عثمان وعلي ليست من الأصول التي يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة لكن التي يضلل فيها مسألة الخلافة وذلك أنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر ثم عثمان ثم علي ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال يوم غدير خم أذكركم الله في أهل بيتي وقال أيضاللعباس عمه وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم فقال والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي وقال إن الله اصطفى بني إسماعيل واصطفى من بني إسماعيل كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم ويتولون أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين ويؤمنون بأنهن أزواجه في الآخرة خصوصا خديجة رضي الله عنها أم أكثر أولاده أول من آمن به وعاضده على أمره وكان لها منه المنزلة العالية والصديقة بنت الصديق رضي الله عنها التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ويتبرءون من طريقة الروافض الذين يبغضون أهل البيت بقول أو عمل ويمسكون عما شجر من الصحابة ويقولون إن هذه الآثار المروية في مساوئهم منها ما هو كذب ومنها ما قد زيد فيه ونقص
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/212)
وغير عن وجهه والصحيح منه هم فيه معذورون أما مجتهدون مصيبون وأما مجتهدون مخطئون وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر عنهم إن صدر حتى أنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم لإن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات مما ليس لمن بعدهم وقد ثبت بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم خير القرون وأن المد من أحدهم إذا تصدق به كان فضل من جبل أحد ذهبا ممن بعدهم ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه أو أتى بحسنات تمحوه أو غفر له بفضل سابقته أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم الذي هم أحق الناس بشفاعته أو ابتلي ببلاء الدنيا كفر به عنه فإذا كان هذا في الذنوب المحققة فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا فلهم أجر واحد والخطأ مغفور ثم القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نزر مغفور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله والهجرة والنصرة والعلم النافع والعمل الصالح ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة وما من الله عليهم به من الفضائل علم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كانولا يكون مثلهم وأنهمالصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله.
هذا ما قاله شيخ الإسلام في عقيدته التي قال إنه لم يؤلفها على مذهب أحد من الأئمة بل هي معتقد جميع السلف الماضين من أهل السنة، وقد أمهل خصومه في زمانه ثلاث سنوات إن جاءوا عن السلف بحرف واحد في لاعتقاد يخالف ما ذكره فيها؛ فلم يستطيعوا.
وهذا النص يبن عدم صدق الكتب في قوله في ص 134
" وأما شيخ الإسلام ابن تيمية، فلم يلزم نفسه بمذهب مخصوص، بل خاض في الأمر عن دراية، وتأول ـ من غير تكلف في الأغلب ـ في مواطن، وانتقد نقدا صريحا في مواطن أرخرى، وعرف للرجال خقهم وللحق حقه. وتجنب التعميم والتهويل .. "
وأما النص الذي أتى به الكاتب لشيخ الإسلام وظن أنه يؤيد ما نقله عن شيخ الإسلام، فهو نص اقتطعه الكاتب من سياقه الذي يوضح معناه، ونحن واردوه لك إن شاء الله في سياقه الذي أورده فيه ابن تيمية ليتضح معناه، بعد أن نورد منه ما احتج الكاتب به.
"إن أمكن الكلام بينهما بعلم وعدل وإلا تكلم بما يعلم من فضلهما ودينهما وكانما شجر بينهما وتنازعا فيه أمره إلىالله "
هذا النص اقتنصه الكاتب من كلام طويل لشيخ الإسلام ابن تيمية يرد فيه فرية من مفتريات الرافضي الخبيث ابن المطهر الحلي على الصحابة، وهي إفكه على ابن مسعود أنه كفر عثمان.
وأما قوله: " وكان ابن مسعود يطعن عليه ويكفره" هذا أفك ابن المطهر.
قال شيخ الإسلام:
" فالجواب أن هذا من الكذب البين على ابن مسعود فإن علماء أهل النقل يعلمون أن ابن مسعود ما كان يكفر عثمان بل لما ولى عثمان وذهب ابن مسعود إلى الكوفة قال ولينا أعلانا ذا فوق ولم نأل وكان عثمان في السنين الأول من ولايته لا ينقمون منه شيئا ولما كانت السنين الآخرة نقموا منه أشياء بعضها هم معذورون فيه وكثير منها كان عثمان هو المعذور فيه من جملة ذلك أمر ابن مسعود فإن ابن مسعود بقي في نفسه من أمر المصحف لما فوض كتابته إلى زيد دونه وأمر الصحابة أن يغسلوا الصحف فندب عثمان من ندبه أبو بكر وعمر وكان زيد بن ثابت قد حفظ العرضة الأخيرة فكان اختيار تلك أحب إلى الصحابة فإن جبريل عارض النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن في العام الذي قبض فيه مرتين وأيضا فكان ابن مسعود أنكر على الوليد بن عقبة لما شرب الخمر وقد قدم ابن مسعود إلى المدينة وعرض عليه عثمان النكاح وهؤلاء المبتدعة غرضهم التكفير أو التفسيق للخلفاء الثلاثة بأشياء لا يفسق بها واحد من الولاة فكيف يفسق بها أولئك ومعلوم أن مجرد قول الخصم في خصمه لا يوجب القدح في واحد منهما وكذلك كلام أحد المتشاجرين في الآخر ثم يقال بتقدير أن يكون ابن مسعود طعن على عثمان رضي الله عنهما فليس جعل ذلك قدحا في عثمان بأولى من جعله قدحا في ابن مسعود وإذا كان كل واحد منهما مجتهدا فيما قاله أثابه الله على حسناته وغفر له خطأه وإن كان صدر من أحدهما ذنب فقد علمنا أن كلا منهما ولى لله وأنه من أهل الجنة وأنه لا يدخل النار فذنب كل واحد منهما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/213)
لا يعذبه الله عليه في الآخرة وعثمان أفضل من كل من تكلم فيه هو أفضل من ابن مسعود وعمار وأبي ذر ومن غيرهم من وجوه كثيرة كما ثبت ذلك بالدلائل الكثيرة فليس جعل كلام المفضول قادحا في الفاضل بأولى من العكس بل إن أمكن الكلام بينهما بعلم وعدل وإلا تكلم بما يعلم من فضلهما ودينهما وكان ما شجر بينهما وتنازعا فيه أمره إلى الله ولهذا أوصوا بالإمساك عما شجر بينهم لأنالا نسأل عن ذلك كما قال عمر بن عبد العزيز تلك دماء طهر الله منها يدي فلا أحب أن أخضب بها لساني وقال آخر تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون سورة البقرة 134 لكن إذا ظهر مبتدع يقدح فيهم بالباطل فلا بد من الذب عنهم وذكر ما يبطل حجته بعلم وعدل"
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 252 ـ منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 254
وأنت ترى أن شيخ الإسلام لا يؤصل لقضية الكلام في ما شجر بين الصحابة،كما قصد في العقيدة الواسطية، وإنما ذكر هنا مسألة معينة؛ وهي أن هذا المتكلمة ما دام تكلم في الصحابة كان الواجب عليه أن يتكلم بعلم وعدل، ويبين ذلك استخدامه لضمير التثنية مما يدل على انه يتكلم عن كلام هذا المتكم في ابن مسعود وعثمان،ثم بين بعد ذلك أن السكوت عما شجر بينهم هو المطلوب، ولكن وهي حالة الاستثناء إذا تكلم فيهم، مبتدع كما فعل ابن المطهر لا بد من الرد عليه ودحض شبهه الباطلة التي يلقي على الناس. وهذا ما فعله رحمه الله في كتابه القيم (منهاج السنة)
فأين هذا مما ادعاه الكاتب من أن شيخ الإسلام لا يرى حرجا على المسلم أن يتكلم في ما شجر بين الصحابة، ولماذا بتر النص ولم يتركه حتى يفهم في سياقه إن كان يؤيد ما ذكر.
تشخيص شيخ الإسلام للحرب بين الصحابة.
قال:
" قال حذيفة ما أحد من الناس تدركه الفتنة إلا أنا أخافها عليه إلا محمد بن مسلمة فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تضرك الفتنة قال أبو داود حدثنا عمرو بن مرزوق حدثنا شعبة عن الأشعث بن سليم عن أبي بردة عن ثعلبة بن ضبيعة قال دخلنا على حذيفة فقال إني لأعرف رجلا لا تضره الفتن شيئا قال فخرجنا فإذا فسطاط مضروب فدخلنا فإذا فيه محمد بن مسلمة فسألناه عن ذلك فقال ما أريد أن يشتمل علي شيء من أمصاركم حتى تجلى عما انجلت فهذا الحديث يبين أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن محمد بن مسلمة لا تضره الفتنة وهو ممن اعتزل في القتال فلم يقاتل لا مع علي ولا مع معاوية كما اعتزل سعد بن أبي وقاص وأسامة بن زيد وعبد الله ابن عمر وأبو بكرة وعمران بن حصين وأكثر السابقين الأولين وهذا يدل على أنه ليس هناك قتال واجب ولا مستحب إذ لو كان كذلك لم يكن ترك ذلك مما يمدح به الرجل بل كان من فعل الواجب أو المستجب أفضل ممن تركه ودل ذلك على أن القتال قتال فتنة كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي خير من الساعي والساعي خير من الموضع وأمثال ذلك من الأحاديث الصحيحة التي تبين أن ترك القتال كان خيرا من فعله من الجانبين وعلى هذا جمهور أئمة أهل الحديث والسنة وهذا مذهب مالك والثوري وأحمد وغيرهم "
منهاج السنة النبوية ج: 1 ص: 542
وقال:
"والنصوص الثابته عن النبي صلى الله عليه وسلم تقتضي أن ترك القتال كان خيرا للطائفتين وأن القعود عن القتال كان خيرا من القيام فيه وأن عليا مع كونه أولى بالحق من معاوية وأقرب إلى الحق عن معاوية لو ترك القتال لكان أفضل وأصلح وخيرا وأهل السنة يترجمون على الجميع ويستغفرون لهم كما أمرهم الله تعالى بقوله والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبوقنا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا إنك رؤوف رحيم "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 389
وقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/214)
"ومنهم من يقول كان الصواب أن لا يكون قتال وكان ترك القتال خيرا للطائفتين فليس في الاقتتال صواب ولكن علي كان أقرب إلى الحق من معاوية والقتال قتال فتنة ليس بواجب ولا مستحب وكان ترك القتال خيرا للطائفتين مع أن عليا كان أولى بالحق وهذا هو قول أحمد وأكثر أهل الحديث وأكثر أئمة الفقهاء وهو قول أكابر الصحابة والتابعين لهم بإحسان وهو قول عمران بن حصين رضي الله عنه وكان ينهى عن بيع السلاح في ذلك القتال ويقول هو بيع السلاح في الفتنة وهو قول أسامة بن زيد ومحمد بن مسلمة وابن عمر وسعد بن أبي وقاص وأكثر من بقى من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم ولهذا كان من مذاهب أهل السنة الإمساك عما شجر بين الصحابة فإنه قد ثبتت فضائلهم ووجبت موالاتهم ومحبتهم وما وقع منه ما يكون لهم فيه عذر يخفى على الإنسان ومنه ما تاب صاحبه منه ومنه ما يكون مغفورا فالخوض فيما شجر يوقع في نفوس كثير من الناس بغضا وذما ويكون هو في ذلك مخطئا بل عاصيا فيضر نفسه ومن خاض معه في ذلك كما جرى لأكثر من تكلم في ذلك فإنهم تكلموا بكلام لا يحبه الله ولا رسوله إما من ذم من لا يستحق الذم وإما من مدح أمور لا تستحق المدح ولهذا كان الإمساك طريقة أفاضل السلف "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 448
وبين أن تشخيصه لهذا القتال مبني على جمع جميع النصوص الواردة في الموضوع لا على نص واحد فقال:
"ولهذا كان قتال علي رضي الله عنه للخوارج ثابتا بالنصوص الصريحة وبإجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر علماء المسلمين وأما قتال الجمل وصفين فكان قتال فتنة كرهه فضلاء الصحابة والتابعين له بإحسان وسائر العلماء كما دلت عليه النصوص حتى الذين حضروه كانوا كارهين له "
منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 153
فقال:
"وأما قتال الجمل وصفين فقد ذكر علي رضي الله عنه أنه لم يكن معه نص من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما كان رأيا وأكثر الصحابة لم يوافقوه على هذا القتال بل أكثر أكابر الصحابة لم يقاتلوا لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء كسعد بن أبي وقاص وابن عمر وأسامة بن زيد ومحمد بن مسلمة وأمثالهم من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان مع أنهم معظمون لعلي يحبونه ويوالونه ويقدمونه على من سواه ولا يرون أن أحدا أحق بالإمامة منه في زمنه لكن لم يوافقوه في رأيه في القتال وكان معهم نصوص سمعوها من النبي صلى الله عليه وسلم تدلهم على أن ترك القتال والدخول في الفتنة خير من القتال وفيها ما يقتضى النهي عن ذلك والآثار بذلك كثيرة معروفة وأما معاوية فلم يقاتل معه من السابقين الأولين المشهورين أحد بل كان مع علي بعض السابقين ولم يكن مع معاوية أحد وأكثرهم اعتزلوا الفتنة وقيل كان مع معاوية بعض السابقين الأولين وإن قاتل عمار بن ياسر هو أبو الغادية وكان ممن بايع تحت الشجرة وهم السابقون الأولون ذكر ذلك ابن حزم وغيره "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 333
وقال:
"فيقال الذي ثبت بلا شك عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح أنه قال عن الحسن إن ابني هذا سيد وإن الله سيصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين وثبت عنه في الصحيح أنه كان يقعده وأسامه بن زيد على فخذه ويقول اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما وهذا يدل على أن ما فعله الحسن من ترك القتال على الإمامة وقصد الاصلاح بين المسلمين كان محبوبا يحبه الله ورسوله ولم يكن ذلك مصيبة بل كان ذلك أحب إلى الله ورسول من اقتتال المسلمين ولهذا أحبه وأحب أسامه بن زيد ودعا لهما فإن كلاهما كان يكره القتال في الفتنة فأما أسامة فلم يقاتل لا مع علي ولا مع معاوية والحسن كان دائما يشير على علي بترك القتال "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 39
وهذا الكلام المتعدد من شيخ الإسلام في جعل جميع القتال الذي كان بين الصحابة قتال فيتنة سواء ما كان منه في الجمل أو صفين، يبين عدم صدق الكاتب في قوله في ص 135
" إن ابتعاد شيخ الإسلام عن أسلوب التعميم والتسيط جعله يتعامل مع الفتنة من منطلق التمييز بين السابقين وغيرهم. وهو يميل إلى اعتماد القول القائل إن حرب " الجمل " كانت قتال فتنة، وأن حرب " صفين " كانت قتالا بين أهل بغي وعدل. "
كما بين شيخ الإسلام أن القتال الذي حصل بين الصحابة لم يكن على الملك كما زعم الكاتب.
فقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/215)
"فالقتال الذي كان في زمن علي لم يكن على الإمامة فإن أهل الجمل وصفين والنهروان لم يقاتلوا على نصب إمام غير علي ولا كان معاوية يقول أنا الإمام دون على ولا قال ذلك طلحة والزبير فلم يكن أحد ممن قاتل عليا قبل الحكمين نصب إماما يقاتل علي طاعته فلم يكن شىء من هذا القتال على قاعدة من قواعد الإمامة المنازع فيها لم يكن أحد من المقاتلين يقاتل طعنا في خلافة الثلاثة ولا ادعاء للنص على غيرهم ولا طعنا في جواز خلافة علي ...
وإنما كان القتال قتال فتنة عند كثير من العلماء وعند كثير منهم هو من باب قتال أهل العدل والبغي وهو القتال بتأويل سائغ لطاعة غير الإمام لا على قاعدة دينية "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 327
وقال:
"معاوية لم يبايعه أحد لما مات عثمان على الإمامة ولا حين كان يقاتل عليا بايعه أحد على الإمامة ولا تسمى بأمير المؤمنين ولا سماه أحد بذلك ولا ادعى معاوية ولاية قبل حكم الحكمين وعلي يسمى نفسه أمير المؤمنين في مدة خلافته والمسلمون معه"
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 330
وقال:
"والمقصود أن الصحابة رضوان الله عليهم لم يقتتلوا قط لاختلافهم في قاعدة من قواعد الإسلام أصلا ولم يختلفوا في شىء من قواعد الإسلام لا في الصفات ولا في القدر ولا مسائل الأسماء والأحكام ولا مسائل الإمامة لم يختلفوا في ذلك بالاختصام بالأقوال فضلا عن الاقتتال بالسيف "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 336
وبين أن الحرب بينهم كانت عن اجتهاد وطلب للحق وأنه لا يجوز لأحد أن يتهم أحدا منهم بالفسق بسبب تلك الحرب.
فقال:
"ولهذا اتفق أهل السنة على أنه لا تفسق واحدة من الطائفتين وإن قالوا في إحداهما إنهم كانوا بغاة لأنهم كانوا متأولين مجتهدين والمجتهد المخطىء لا يكفر ولا يفسق وإن تعمد البغي فهو ذنب من الذنوب والذنوب يرفع عقابها بأسباب متعددة كالتوبة والحسنات الماحية والمصائب المكفرة وشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ودعاء المؤمنين وغير ذلك "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 394
وبين أن وصف أهل الشام في الحديث بأنهم بغاة لا ينافي كونهم مجتهدون.
فقال:
"فيقال له أولا الباغي قد يكون متأولا معتقدا أنه على حق وقد يكون متعمدا يعلم أنه باغ وقد يكون بغيه مركبا من شبهة وشهوة وهو الغالب وعلى كل تقدير فهذا لا يقدح فيما عليه أهل السنة فإنهم لا ينزهون معاوية ولا من هو أفضل منه من الذنوب فضلا عن تنزيههم عن الخطأ في الاجتهاد "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 385
وقال:
" فإن قال الذاب عن علي هؤلاء الذين قاتلهم علي كانوا بغاة فقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمار بن ياسر رضي الله عنه تقتلك الفئة الباغية وهم قتلوا عمارا فههنا للناس أقوال منهم من قدح في حديث عمار ومنهم من تأوله على أن الباغي الطالب وهو تأويل ضعيف وأما السلف والأئمة فيقول أكثرهم كأبي حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم لم يوجد شرط قتال الطائفة الباغية فإن الله لم يأمر بقتالها ابتداء بل أمر إذا اقتتلت طائفتان أن يصلح بينهما ثم إن بغت إحداهما على الأخرى قوتلت التي تبغي وهؤلاء قوتلوا ابتداء قبل أن يبدؤوا بقتال "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 390
وبين معنا الحديث الصحيح.
فقال:
"ولهذا كان القول الثالث في هذا الحديث حديث عمار إن قاتل عمار طائفة باغية ليس لهم أن يقاتلوا عليا ولا يمتنعوا عن مبايعته وطاعته وإن لم يكن على مأمورا بقتالهم ولا كان فرضا عليه قتالهم لمجرد امتناعهم عن طاعته مع كونهم ملتزمين شرائع الإسلام وإن كان كل من المقتتلتين متأولين مسلمين مؤمنين وكلهم يستغفر لهم ويترحم عليهم عملا بقوله تعالى والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبوقنا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا إنك رؤوف رحيم "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 426
وبين أنه هناك أحاديث في مدح الطائفة الشامية كان ينبغي أ تظهر وتذكر، ويجمع بينها وبين حدث ويح عمار تقتله الفئة الباغية.
قال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/216)
"فإذا دلت هذه النصوص على أن الطائفة القائمة بالحق من أمته التي لا يضرها خلاف المخالف ولا خذلان الخاذل هي بالشام كان هذا معارضا لقوله تقتل عمارا الفئة الباغية ولقوله تقتلهم أولى الطائفتين بالحق وهذا من حجة من يجعل الجميع سواء والجميع مصيبين أو يمسك عن الترجيح وهذا اقرب وقد احتج به من هؤلاء على أولئك لكن هذا القول مرغوب عنه وهو من أقوال النواصب فهو مقابل بأقوال الشيعة والرافض هؤلاء أهل الأهواء وإنما نتكلم هنا مع أهل العلم والعدل ولا ريب أن هذه النصوص لا بد من الجمع بينها والتأليف فيقال أما قوله لايزال أهل الغرب ظاهرين ونحو ذلك مما يدل على ظهور أهل الشام وانتصارهم فهكذا وقع وهذا هو الأمر فإنهم ما زالوا ظاهرين منتصرين وأما قوله عليه السلام لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله ومن هو ظاهر فلا يقتضي أن لا يكون فيهم من فيه بغى ومن غيره أولى بالحق منهم بل فيهم هذا وهذا وأما قوله تقتلهم أولى الطائفتين بالحق فهذا دليل على أن عليا ومن معه كان أولى بالحق إذ ذاك من الطائفة الأخرى وإذا كان الشخص أو الطائفة مرجوحا في بعض الأحوال لم يمنع أن يكون قائما بأمر الله وأن يكون ظاهرا بالقيام بأمر الله عن طاعة الله ورسوله وقد يكون الفعل طاعة وغيره أطوع منه وأما كون بعضهم باغيا في بعض الأوقات مع كون بغيه خطأ مغفورا أو ذنبا مغفورا فهذا أيضا لا يمنع ما شهدت به النصوص وذلك أن النبي أخبر عن جملة أهل الشام وعظمتهم ولا ريب أن جملتهم كانوا أرجح في عموم الأحوال .. و النصوص التي في كتاب الله وسنة رسوله وأصحابه في فضل الشام وأهل الغرب على نجد والعراق وسائر أهل المشرق أكثر من أن تذكر هنا ...
والنبي ميز أهل الشام بالقيام بأمر الله دائما إلى آخر الدهر وبأن الطائفة المنصورة فيهم إلى آخر الدهر فهو إخبار عن أمر دائم مستمر فيهم مع الكثرة والقوة وهذا الوصف ليس لغير الشام من أرض الإسلام فإن الحجاز التي هي أصل الإيمان نقص في آخر الزمان منها العلم والإيمان والنصر والجهاد وكذلك اليمن والعراق والمشرق وأما الشام فلم يزل فيها العلم والإيمان ومن يقاتل عليه منصورا مؤيدا في كل وقت فهذا هذا والله أعلم وهذا يبين رجحان الطائفة الشامية من بعض الوجوه مع أن عليا كان أولى بالحق ممن فارقه ومع أن عمارا قتلته الفئة الباغية كما جاءت به النصوص فعلينا أن نؤمن بكل ما جاء من عند الله ونقر بالحق كله ولا يكون لنا هوى ولا نتكلم بغير علم بل نسلك سبل العلم والعدل وذلك هو اتباع الكتاب والسنة فأما من تمسك ببعض الحق دون بعض فهذا منشأ الفرقة والاختلاف "
مجموع الفتاوى ج: 4 ص: 447
وما قدمت لك من كلام شيخ الإسلام في الكلام عن الصحابة هو جل كلامه فيهم بل يكاد يكون تسعين في المائة منه، وما بقي منه لا يخرج عما ذكرته لك. ومن خلا له تدرك عدم صدق المؤلف في قوله في ص 44
" جهد شيخ الإسلام متميز من حيث الكم. فهو كتب في مناقشة الخلافات بين الصحابة رضي الله عنهم ما لم يكتبه غيره. ولا نعلم أيا من علماء الإسلام كتب في هذا الموضوع كتبا بحجم " منهاج السنة النبوية " بمجلداته التسعة، أو في حجم المجلدات العديدة من " الفتاوى " التي خصصها ابن تيمة لهذا الموضوع. ..
نقول هذا كلام إنشائي عار عن الدليل كأكثر ككلام الكاتب في مؤلفه،فإن شيخ الإسلام لم يخصص للكلام على الصحابة مجلدا واحدا من مجلدات الفتاوى فضلا عن عدة مجلدات بل هي فتاوى أجاب عنها في آخر الجزء الرابع، أو ما ذكره من اعتقاد أهل السنة فيهم في العقيدة الواسطية في الجزء الثالث، وما ذكره في الجزء الخامس والثلاثين في نحو ثلاثين صفحة.
وأما منهاج السنة فلم يؤلفه شيخ الإسلام ابتداء وإنما ألفه انتصار للصحابة من افتراءات الشيعي الملحد ابن المطهر الحلي. وأكثره في وجوه العقائد من الأسماء والصفات والقدر وإثبات الخالق، وفيه بحوث فقهية، ورد لما قاله الرافضي من طعون على الصحابة، وهو لا يعدل خمس الكتاب.
وقال في ص 46
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/217)
" وان ابن تيمية ميز بين الخلافة والملك بوضوح لم يسبقه إليه أحد، وأعلن أ " خبره {صلى الله عليه وسلم} بانقصاء خلا فة النبوة فيه ذم للملك والعيب له " وأن الملك " متضمن ترك بعض الدين الواجب " ورفض تفسير الاستخلاف الذي وقع من أبي بكر وعمر بما يخدم فكرة توريث السلطة كما سنرى فيما بعد .. وذلك هو الفصل بين المبدإ والشخص وبين الوحي والتاريخ الذي نقصده."
كلام شيخ الإسلام الذي ذكره المؤلف لا يمثل النظرة الحقيقة لشيخ الإسلام في الموضوع فهو كلام اقتطعه من كلام لا يفهم إلا في سياقه جميعا، وأنا لا أنقله لطوله وكون المراد لا يفهم إلا بقراءة الكلام كاملا، ولكن نذكر موضوعه ليراجعه من أراد وهو في مجموع الفتاوى ج 35 ص 18 ـ 35
وهو أيضا لم يكن أمينا في ما نقله منه.
قال شيخ الإسلام:
" وأيضا فكون النبي صلى الله عليه وسلم استاء للملك بعد خلافة النبوة دليل على أنه متضمن ترك بعض الدين الواجب "
مجموع الفتاوى ج: 35 ص: 24
وقال أيضا:
" وهكذا كانت خلافة الخلفاء الاربعة ومعاوية قد شابها الملك وليس هذا قادحا في خلافته كما أن ملك سليمان لم يقدح في نبوته وان كان غيره من الانبياء فقيرا قلت فهذا يقتضي أن شوب الخلافة بالملك جائز في شريعتنا وأن ذلك لا ينافى العدالة وان كانت الخلافة المحضة افضل "
مجموع الفتاوى ج: 35 ص: 27
ولمؤلف كان يقصد بنقله الأول أن يوهم القارئ أن شيخ الإسلام يطعن في شرعية خلافة معاوية وغيره من ملوك الإسلام.
وأما ادعاءه أن شيخ الإسلام لم يسبقه أحد في التفريق بين الملك والخلافة فهو كلام لا يستحق الرد لأن أهل العلم كلهم يفرقون بينهم.
ومن زيف ادعاءاته قوله في ص 77
" وقد علل شيخ الإسلام بعض الأحداث السياسية في ذلك العصر بثقل المواريث السياسية الجاهلية وكثافة معاييرها الاجتماعية العرفية "
والمبين له النقل الذي نقله هو عن ابن تيمية " وفي الجملة جميع من نقل عنه من الأنصار وبني عبد مناف أنه طلب تولية غير أبي بكر لم يحتج بحجة شرعية، ولا ذكر أن غير أبي بكر أحق وأفضل من أبي بكر. وإنما نشأ كلامه عن حب لقومه وقبيلته، وإرادة منه أن تكون الإمامة في قبيلته. ومعلوم أن مثل هذا ليس من الأدلة الشرعية، والطرق الدينية، ولا هو مما أمر الله ورسوله المؤمنين باتباعه، بل هو شعبة من الجاهلية، ونوع عصبية للأنساب والقبائل، ومما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بهجره وإبطاله "
قلت:فهناك فرق هائل بين قول شيخ الإسلام "شعبة من الجاهلية " وقول الكاتب "بثقل المواريث السياسية الجاهلية وكثافة معاييرها الاجتماعية العرفية "
وابن تيمية ليس في مأمن أن يصب عليه الكاتب جام غضبه إذا خالف رأيه كغيره من أهل العلم الذين أصابهم حظ وافر من تنقصه لهم واتهامهم بالبعد عن العلم والعدل كشعبة وابن كثير وابن عساكر. فقال في حق ابن تيمة في ص 69
" فلا يعدم القارئ المتأمل ردود أفعال عنيفة أحيانا في كتابات شيخ الإسلام، بعضها يرجع إلى عنف التهمة وشناعتها، وبعضها يرجع إلى مزاج الشيخ وطبعه.
لماذا ابن تيمية.
بين المقدم للكتاب الغرض من تركيز الكاتب على ابن تيمية وادعائه أنه ينهج نفس منهجه في الكلام على الصحابة، أن ذلك ليس اقتناعا بابن تيمة ومنهجه السلفي بل لغرض آخر وهو تجريد أهل السنة من أحد أقوى أسلحتهم التي يلجمون بها أهل البدع وهي كتابات شيخ الإسلام الرائدة في تفنيد شبههم. فأراد الأستاذ الشنقيطي أن يبين لهم أنهم ليسوا على منهج شيخ الإسلام على الأقل في هذه القضية، وهي على كل حال دعوى أثبت هذا البحث أنها متهافتة وأن منهج شيخ الإسلام في الكلام عن الصحابة في وادي السنة وكلام الكاتب في وادي البدعة.
قال مقدم الكتاب ص 24:
" ورغم أن شيخ الإسلام رحمه الله وجزاه الله كل خير عن الاسلام وأهله أهل للتنويه والتقدير في أبواب كثيرة تفرد بالإبداع فيها، ومنها مسائل الاختلاف بين الأصحاب والأئمة، إلا أنه أخذ يداخلني بعض الحرج من شدة تكثيف التمركز حول تراثه، كأنه في كفة وبقية علماء الاسلام في كفة، وقد يرجحهم .. وهي مبالغة قد تكون مفيدة للغرض الذي ابتغاه الأستاذ الشنقيطي في تجريد الغلو والتشدد من أهم أسلحته التي يستطيل بها على الأمة: سلاح علم الرواية وتراث شيخ الإسلام ابن تيمية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/218)
فأن يجرد التشدد والتكفير والتفسير التآمري للتاريخ وشرعنة الاستبداد من هذين السلاحين، خدمة لاجتماع والاعتدال والوسطية الشورى الديمقراطية، فذلك فضل يحسب للأستاذ الشنقطي إذ هدي إليه .. "
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[10 - 02 - 05, 03:01 م]ـ
في هذا الوقفة أتناول ما ذكر الكاتب عن مدرسة التشيع السني.
وصف الكاتب أصحاب التشيع السني بأنهم:
" مذهب المغالين في الدفاع، المنفعلين بردة الفعل، المتأولين للصحابة ولغير الصحابة، بحق وبغير حق. وهذا الذي أدعوه " التشيع السني ". ويمثله ابن العربي وتلامذته المعاصرون ".
أقول ادعى ثم عجز أن يقيم البينة.
كتاب أبو بكر بن العربي كتاب جم الفائدة، مزيف لكثير من الهراء الذي افترته الرافضة على الصحابة، وبني أمية بالبرهان الناصع والحجة الدامغة، وهو كتاب يخرج مع كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية الذي احتفى به الكاتب من مشكاة واحدة، والكاتب لم يتعرض لفكرة الكتاب، وهذا جور في الحكم فكان ينبغي أن يبين فكرة الكتاب وهي دفع سهام التنقص عن الصحابة.
ولم نر في كتاب أبي بكر تأولا لأحد من الصحابة وغيرهم إلا ما أجمع عليه أهل السنة من التأول لأهل الجمل وصفين من الصحابة، وهو تأويل لم ينفرد به أبو بكر، بل يشاركه فيه جميع أهل العلم بمن فيهم شيخ الإسلام ابن تيمية الذي يمدح الكاتب منهج تناوله لقضية ما جرى بين الصحابة.
وأما القضيا الأخرى فهو قد أنكرها، وفرق كبير بين التأويل والإنكار، ولذلك لم يأت المؤلف بنص واحد لابن العربي تأول فيه لأحد ممن ذكر، وإنما أتى بإنكار لبعض القضايا التي يرى المؤلف أنه جانب الصواب في إنكارها.
فقال في ص 194:
" أنكر ابن العربي أن مروان ابن الحكم هوالذي قتل طلحة يوم الجمل .. "
نقول كان ما ذا لم يثبت عنده أنه قتله، وأما ما نقله المؤلف من تصحيح ابن حجر والذهبي للقصة فلا يلزم ابن العربي فهو يتكل بمبلغ علمه، فإن كان الأثر صحيحا فلم يبلغه من وجهه الصحيح، أو كان اطلع على ما وقفا عليه ولم يصح عنده وهو أيضا معذور، ومعروف لدى طلبة العلم أن مسألة التصحيح والتضعيف من موارد الاجتهاد فقد يصحح العالم سند ا ويضعفه الآخر، ولم ينفرد ابن العربي بإنكار قتل مروان لطلحة، فهذا ابن كثير المؤرخ الثقة، والمحدث الفحل، ينكرها أيضا. فقال ـ وهو يتحدث عن موت طلحة ـ:
"ويقال إن الذي رماه بهذا السهم مروان بن الحكم وقال لأبان بن عثمان قد كفيتك رجلا من قتلة عثمان وقد قيل إن الذي رماه غيره وهذا عندي أقرب وإن كان الأول مشهورا والله أعلم"
البداية والنهاية ج: 7 ص: 248
وإنكار أبو بكر لكلاب الحوأب ليس فيه تأول الأحد بحق ولا باطل، فهو خارج عن موضع النقاش.
ثم هو لم ينفرد بإنكاره، فقد أنكره إمام أهل الحديث في زمانه يحي بن سعيد القطان، وطعن به في راويه قيس ابن حازم.
قال الذهبي:
" قيس بن أبي حازم أبو عبد الله البجلي تابعي كبير فاتته الصحبة بليال سمع أبا بكر وعمر وعنه بيان بن بشر وإسماعيل بن أبي خالد وخلق وثقوه وقال بن المديني عن يحيى بن سعيد منكر الحديث ثم ذكر له حديث كلاب الحوأب مات 98 ع "
الكاشف ج 2 ص 138
أما ما ذكر من تضعيف أبو بكر بن العربي لقصة الولد بن عقبة مع بن المصطلق فالصواب فيها مع أبي بكر كما بينا في وقفة الأخطاء الحديثية.
وأما قوله في ص 199:
" لكن الشيخ الخطيب أغفل أمرين هنايقتضي البحث العلمي عدم إغفالهما .. "
وقد بينا في وقفة الأخطاء الحديثية أن المؤلف أغفل كلاما للترمذي على أحد طريقي الحديث كانت الأمانة العليمة تقتضي ذكره، وبذكره يزول الاعتراض على الشيخ الخطيب، وذلك أن الحديث إذا صح أحد طرقه جاز الاحتجاج به.
وأما اعتراضه على الشيخ الخطيب في قوله أن بيعة على بعد ستة أشهر هي البيعة الثانية فقد بينا أن هذا قول كثير من أهل العلم منهم ابن كثير والبيهقي وابن خزيمة، وابن حجر.
وأما اعتراضه حول تقيم ابن العربي لمروان بن الحكم.
والحق أن كل أهل العلم مع ابن العربي في ما قال عن مروان.
وقال شيخ الإسلام عن مراون:
"وليس مروان أولى بالفتنة والشر من محمد بن أبي بكر ولا هو أشهر بالعلم والدين منه بل أخرج أهل الصحاح عدة أحاديث عن مروان وله قول مع أهل الفتيا واختلف في صحبته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/219)
ومروان من أقران ابن الزبير فهو قد أدرك حياة النبي صلى الله عليه وسلم ويمكن أنه رآه عام فتح مكة أو عام حجة الوداع والذين قالوا لم ير النبي صلى الله عليه وسلم قالوا إن أباه كان بالطائف فمات النبي صلى الله عليه وسلم وأبوه بالطائف وهو مع أبيه ومن الناس من يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم نفى إباه إلى الطائف وكثير من أهل العلم ينكر ذلك ويقول إنه ذهب باختياره وإن نفيه ليس له إسناد وهذا إنما يكون بعد فتح مكة فقد كان أبوه بمكة مع سائر الطلقاء وكان هو قد قارب سن التمييز وأيضا فقد يكون أبوه حج مع الناس فرآه في حجة الوداع ولعله قدم إلى المدينة فلا يمكن الجزم بنفي رؤيته للنبي صلى الله عليه وسلم وأما أقرانه كالمسور بن مخرمة وعبد الله بن الزبير فهؤلاء كانوا بالمدينة وقد ثبت أنهم سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 245
قال الحافظ ابن حجر:
"مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي أبو عبد الملك وهو بن عم عثمان وكاتبه في خلافته يقال ولد بعد الهجرة بسنتين وقيل بأربع وقال بن شاهين مات النبي صلى الله عليه وسلم وهو بن ثمان سنين فيكون مولده بعد الهجرة بسنتين قال وسمعت بن داود يقول ولد عام أحد يعني سنة ثلاث وقال بن أبي داود وقد كان في الفتح مميزا وفي حجة الوداع ولكن لا يدرى أسمع من النبي صلى الله عليه وسلم شيئا أم لا وقال بن طاهر ولد هو والمسور بن مخرمة بعد الهجرة بسنتين لا خلاف في ذلك كذا قال وهو مردود والخلاف ثابت وقصة إسلام أبيه ثابتة في الفتح لو ثبت أنه في ذلك السنة مولده لكان حينئذ مميزا فيكون من شرط القسم الأول لكن لم أر من جزم بصحبته فكأنه لم يكن حينئذ مميزا ومن بعد الفتح أخرج أبوه إلى الطائف وهو معه فلم يثبت له أزيد من الرؤية وأرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عن غير واحد من الصحابة ".
الإصابة ج 6 /ص 257
والمؤلف قد أقر بأنه ثقة في الرواية وقد قدمنا أن كل من كان ثقة في الرواية فهو ثقة في الدين، فبطل تشغيبه على ابن العربي بتوثيقه لمروان.
وأما كونه فقيها ومعدودا في عداد أهل العلم، فهذا كتاب مالك الموطأ الذي جمع فيه علم أهل المدينة، قد ملأه بفقه مروان وفتاويه، فلا ضير على ابن عربي في عده بعد ذلك من الفقهاء.
وأما ادعاءه أنه لم ير من شرفه برؤية النبي صلى الله عليه وسلم إلا الواقدي فهذا ابن حجر يثبتها له كما مر، وكذا ابن تيبمية ويقول بأن من نفاها عنه ليس معه حجة يستراح لها.
وأما قول ابن العربي عن مراون أنه صحابي فقول مشهر عن بعض أهل العلم في مروان.
قال ابن كثير:
" وهو صحابي عند طائفة كثيرة؛ لأنه ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسم "
البداية والنهاية 8/ 259
فجميع المسائل التي ذكرها الكاتب ليس فيها تأويل من ابن العربي بحق ولا بباطل، وكلها خارجة عن صميم البحث الذي ادعاه.
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[13 - 02 - 05, 10:11 م]ـ
في هذه الوقفة سنتناول المصطلحات التي استخدمها الكاتب في التعبير عن أمور شرعية لنرى مدى التزامه بالمصطلحات الشرعية، التي يجب على الكاتب للمسلمين في أمور دينهم أن يلتزم بها كما قال شارح العقيد الطحاوية:
" التعبير عن الحق بالألفاظ الشرعية النبوية الإلهية، هو سبيل أهل السنة والجماعة"
70 ـ 71 ص
وهذا ما سنرى أن المؤلف لم يلتزم به في كتابة. المصطلح الأول 000
1
المبدأ والشخص.
لفظ المدأ ليس لفظا شرعيا، وإنما هو لفظ فلسفي كان الأولى بالمؤلف وهو يكتب لأهل الإسلام عن دينهم أن يلتزم مصطلحات الشرع، وهي عدم التقدم بين يدي الله ورسوله، والرد عند التنازع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتقديمهما على رأي كل من خالفهم في اجتهاد من أهل العلم كائنا من كان، وهذا هو منهج أهل العلم قديما وحديثا.
وقد صاغ ذلك الإمام مالك رحمه الله في قاعدته الموفقة: " ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر "
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/220)
"وليس لأحد أن يتبع زلات العلماء، كما ليس له أن يتكلم في أهل العلم والإيمان إلا بما هم له أهل؛ فإن الله تعالى عفا للمؤمنين عما أخطؤوا كما قال تعالى: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) قال الله:قد فعلت. وأمرنا أن نتبع ما أنزل إلينا من ربنا ولا نتبع من دونه أولياء، وأمرنا أن لا نطيع مخلوقا في معصية الخالق، ونستغفر لإخواننا الذي سبقونا بالإيمان. فنقول: (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذي سبقونا بالإيمان) الآية.وهذا أمر واجب على المسلمين في كل ما كان يشبه هذا من الأمور. ونعظم أمره تعالى بالطاعة لله ورسوله؛ ونرعى حقوق المسلمين؛ لا سيما أهل العلم منهم، كما أمر الله ورسوله. ومن عدل عن هذه الطريق فقد عدل عن اتباع الحجة إلى اتباع الهوى في التقليد، وآذى المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا: فهو من الظالمين. ومن عظم حرمات الله وأحسن إلى عباد الله كان من أولياء الله المتقين.والله سبحانه أعلم"
(مجموع الفتاوى ج: 32 ص: 239)
2 التاريخ والوحي.
لم أفهم إطلاقا هذه الفقرة من الكتاب ولا ما أراد الكاتب منها، فهو لم يشرح فكرته ولم يبينها، وإنما قال كلاما إنشائيا فلسفيا زاد المسألة تعقيدا، وقربها من ألا معقول من المعقول.
فإن كان المقصود بالتاريخ ما سنه الخلفاء الراشدون من سياسة الحكم، و فهم السلف الصالح للنص وتطبي-قهم له فهذا بلاشك من الدين ومن اتباع سبيل المؤمنين، فقد زكى الله فهمهم للنص وعملهم به في نصوص كثيرة، تراجع في كلام أهل العلم في كتب العقائد، وكتب الأصول عند كلامهم على الإجماع.
وإن أراد أن أهل العلم جعلوا التاريخ من مصادر الإسلام أو قدموه على النص فهذا كلام بلغ من وضوح البطلان حدا يكتفى بنقله عن رده.
3 الردة السياسية.
هذا المصطلح مصطلح جديد، جاء به الكاتب من كيسه، وغير به مصطلحا شرعيا نصيا ورد في السنة، وتداوله أهل العلم جيلا بعد جيل، وهو مصطلح أئمة الجور والفسق، ولهم أحكام مشهورة في كتب الفقه والعقائد.
كما أن حكام الردة لهم أحكام أخرى، وهذ المصطلح يؤدي إلى لبس في القضية.
وما ادعاه الكاتب من خطورة الردة السياسية وهي " جور الحكام " وأنها لا تقل خطرا عن الردة العقدية، يرده أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم المبينة لخطورة الردة العقدية، فحكمت بحل دماء أهلها، ونهت عن مقاتلة أئمة الجور وأوصت بالصبر على جوره، وإنكار ما أتوا منه ومن غيره من المعاصي.
وللوقوف على فقه المسألة ينظر كتاب " الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة " للشيخ الدميجي. ص 490 ـ 548
4
المثلية والمثال
وهذا لشك مصطلح فلسفي لم يطلبه الله من العباد وإنما طلب منهم التقوى وبين حدود المطلوب منه وهو ما كان في مقدور البشر فقال: " فاتقوا الله ما استطعتم " وطلب منهم إذا زل أحدهم أن يبادر إلى التوبة. فقال تعالى: " وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات "
وهذا ما وصى به الرسول صلى الله عليه وسلم معاذا حين أرسله إلى اليمن فقال: " اتق الله حيث ما كنت وأتبع السيئة الحسنة "
المقصد الأساسي للكاتب من الكتاب هو نقد عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة وهذا هو أخطر ما في الكتاب، ولعل متعجلا يقول أن هذا فهما فهمناه نحن لم يخطر على بال المؤلف، نقول له على رسلك هذا ما صرح به أحد قراء لكتاب في عرضه له في موقع الجزيرة نت.
فقال:
"على أن أطرف ما في الكتاب – وربما أصعبه تحقيقا أيضا- أنه ينسف القراءة السلفية لفتن القرن الأول الهجري، لكن بأسلوب وحِجاج سلفي!! فقد التزم المؤلف بمنهج كلاسيكي صارم، جعله يغترف أغلب مادة كتابه من كتب ابن تيمية، ويلتزم التزاما صارما بمنهج أهل الحديث في قبول الروايات التاريخية، لكنه توصل في ذات الوقت إلى نتائج هي أبعد ما تكون عن النتائج الراسخة لدى أتباع ابن تيمية من السلفيين المعاصرين، ولدى أساتذة وطلاب كليات الحديث في الجامعات الإسلامية اليوم. وهنا تكمن "حكمة" المؤلف، كما دعاها الأستاذ الغنوشي في ختام تقديمه للكتاب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/221)
لعل كتاب "الخلافات السياسية بين الصحابة" يهز الرؤية السلفية لتاريخ صدر الإسلام، ويدفع السلفيين إلى مراجعة منطلقاتهم النظرية في وقت تواترت فيه الدعوة إلى ذلك، وتكاتف الضغط لتحقيقه، من جهات شتى وبدوافع شتى. وبقدر ما سيصدم الكتاب بعض الرؤى السلفية، فإنه يقدم لها خدمة جليلة وهو يفتح لها أبوابا لمراجعة ذاتها من داخل تراثها الخاص، قبل أن يتم إلزامها بذلك بقوة القانون أو قوة الحراب".
وقد بينا في وقفاتنا السابقة أن لمؤلف أبعد الناس عن منهج أهل الحديث وأجهلهم به، وكذلك بينا أن ادعاءه الإلتزام بمنهج ابن تيمية كلام ينقضه واقع كلام ابن تيمية.
في الكتاب مساوئ منهجية كثيرة تقد م بعضها في بيان ما فيه من الأخطاء العلمية.
وفيه مع ذلك لاستخفاف بأهل العلم ووصف كل من خالف منهم المؤلف في رأيه أنه يجانب منهج العلم والعدل، ولعل قاعدة الخلط بين الوقائع والمشاعر، يتضح فيها ذلك بجلاء.
ومن أخطائه المنهجية، كتابته بلغة صحفية بعيدة عن لغة العلم والتعقل، بل بلغة تخاطب العاطفة بمسلمات، كثير منها خاطئ، بأسلوب منفعل.
ومن أخطائه المنهجية، عدم استيفائه حجج من يناقش، ويظهرهم كأنهم ناس يتكلمون بالهوى والجهل والظلم.
ومن أخطائه المنهجية الادعاء العريض دون أدنى بينة، وهذا واضح في كتابه، إن لم نقل جل كتابه من هذا القبيل.
وما أشبه الكتاب وصاحبه بالذين يقول فيهم فقيد اللغة والأدب أبو فهر محمود شاكر رحمه الله:
" يوشك تاريخ الإسلام أن يصبح لهوا على الأسنة، ولغوا في الصحف، ومرتعا للظن المتسرع دون اليقين المتثبت، وهدفا لكل متقحم على الحق بمثل جراءة الباطل، ومخاضة يخوض فيها كل من ملك لسانا ينطق، أو عقلا يفكر، أو قلما يخط. وإنما ابتلي زماننا بهذا لأسباب كثيرة، أولها: أن العصر الذي نعيش فيه يعجل الناس عن تحقيق معنى الدين نفسه في حقيقة قلوبهم. وآخرها: أن المسلمين في زماننا بلغوا من العجز والقلة والهوان على أنفسهم مبلغا مهّد لشياطين الإنس والجن مسالك كثيرة إلى مقر الغرور في بعض الأفئدة، فسول لأصحابها فيما يسول أن فهموا الإسلام " فهما جديدا " فكان لهذه الكلمة سحرها حين مست مكان الغرور والكبرياء من نفوسهم، واحتملهم هذا الغرور على أن يسيئوا الظن بما يفهمون من ماضيهم، جله أو كله، وخيل لهم سوء الظن أن ذلك هو طريق الحق لإحياء دين الله في نفوسهم وإقامة شريعته في أرضه. بمجرد النظرة الخاطفة المتعسفة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي تاريخ أسلافهم من المسلمين.
ولا أظن أنني أخطئ شيئا في التقدير إذا زعمت أن هذه النابتة، لم يبتل الإسلام بمثلها قط، على كثرة ما انتابه من النوابت المتتابعة على مدى عصوره كلها؛ في حال بسه وسطوته، وفي حال ضعفه وفترته. وهي عندي أخطر النوابت جميعا وأخوفها على دين الله ..
مجلة المسلمون العدد الأول 1371 هـ ص 43
هذا بعض الملا حظات التي كتبتها على هذا الكتاب بعجل، وفيه كثر من الملا حظات الأخرى التي لم يسعف الوقت لتبيينها.
وفي الحلقة القادمة سنبين الأسس التي يجب على كل من يكتب عن الصحابة أن يلتزم ها.
ولايخرج عنها فإن خرج عنها ولا بد أن يخطئ.
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[13 - 02 - 05, 10:27 م]ـ
في هذه الوقفة سنتناول المصطلحات التي استخدمها الكاتب في التعبير عن أمور شرعية لنرى مدى التزامه بالمصطلحات الشرعية، التي يجب على الكاتب للمسلمين في أمور دينهم أن يلتزم بها كما قال شارح العقيد الطحاوية:
" التعبير عن الحق بالألفاظ الشرعية النبوية الإلهية، هو سبيل أهل السنة والجماعة"
70 ـ 71 ص
وهذا ما سنرى أن المؤلف لم يلتزم به في كتابة. المصطلح الأول 000
1
المبدأ والشخص.
لفظ المدأ ليس لفظا شرعيا، وإنما هو لفظ فلسفي كان الأولى بالمؤلف وهو يكتب لأهل الإسلام عن دينهم أن يلتزم مصطلحات الشرع، وهي عدم التقدم بين يدي الله ورسوله، والرد عند التنازع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتقديمهما على رأي كل من خالفهما في اجتهاد من أهل العلم كائنا من كان، وهذا هو منهج أهل العلم قديما وحديثا.
وقد صاغ ذلك الإمام مالك رحمه الله في قاعدته الموفقة: " ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر "
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/222)
"وليس لأحد أن يتبع زلات العلماء، كما ليس له أن يتكلم في أهل العلم والإيمان إلا بما هم له أهل؛ فإن الله تعالى عفا للمؤمنين عما أخطؤوا كما قال تعالى: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) قال الله:قد فعلت. وأمرنا أن نتبع ما أنزل إلينا من ربنا ولا نتبع من دونه أولياء، وأمرنا أن لا نطيع مخلوقا في معصية الخالق، ونستغفر لإخواننا الذي سبقونا بالإيمان. فنقول: (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذي سبقونا بالإيمان) الآية.وهذا أمر واجب على المسلمين في كل ما كان يشبه هذا من الأمور. ونعظم أمره تعالى بالطاعة لله ورسوله؛ ونرعى حقوق المسلمين؛ لا سيما أهل العلم منهم، كما أمر الله ورسوله. ومن عدل عن هذه الطريق فقد عدل عن اتباع الحجة إلى اتباع الهوى في التقليد، وآذى المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا: فهو من الظالمين. ومن عظم حرمات الله وأحسن إلى عباد الله كان من أولياء الله المتقين.والله سبحانه أعلم"
(مجموع الفتاوى ج: 32 ص: 239)
2 التاريخ والوحي.
لم أفهم إطلاقا هذه الفقرة من الكتاب ولا ما أراد الكاتب منها، فهو لم يشرح فكرته ولم يبينها، وإنما قال كلاما إنشائيا فلسفيا زاد المسألة تعقيدا، وقربها من ألا معقول من المعقول.
فإن كان المقصود بالتاريخ ما سنه الخلفاء الراشدون من سياسة الحكم، و فهم السلف الصالح للنص وتطبيقهم له فهذا بلاشك من الدين ومن اتباع سبيل المؤمنين، فقد زكى الله فهمهم للنص وعملهم به في نصوص كثيرة، تراجع في كلام أهل العلم في كتب العقائد، وكتب الأصول عند كلامهم على الإجماع.
وإن أراد أن أهل العلم جعلوا التاريخ من مصادر الإسلام أو قدموه على النص فهذا كلام بلغ من وضوح البطلان حدا يكتفى بنقله عن رده.
3 الردة السياسية.
هذا المصطلح مصطلح جديد، جاء به الكاتب من كيسه، وغير به مصطلحا شرعيا نصيا ورد في السنة، وتداوله أهل العلم جيلا بعد جيل، وهو مصطلح أئمة الجور والفسق، ولهم أحكام مشهورة في كتب الفقه والعقائد.
كما أن حكام الردة لهم أحكام أخرى، وهذ المصطلح يؤدي إلى لبس في القضية.
وما ادعاه الكاتب من خطورة الردة السياسية وهي " جور الحكام " وأنها لا تقل خطرا عن الردة العقدية، يرده أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم المبينة لخطورة الردة العقدية، فحكمت بحل دماء أهلها، ونهت عن مقاتلة أئمة الجور وأوصت بالصبر على جوره، وإنكار ما أتوا منه ومن غيره من المعاصي.
وللوقوف على فقه المسألة ينظر كتاب " الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة " للشيخ الدميجي. ص 490 ـ 548
4
المثلية والمثال
وهذا لشك مصطلح فلسفي لم يطلبه الله من العباد وإنما طلب منهم التقوى وبين حدود المطلوب منه وهو ما كان في مقدور البشر فقال: " فاتقوا الله ما استطعتم " وطلب منهم إذا زل أحدهم أن يبادر إلى التوبة. فقال تعالى: " وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات "
وهذا ما وصى به الرسول صلى الله عليه وسلم معاذا حين أرسله إلى اليمن فقال: " اتق الله حيث ما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها "
المقصد الأساسي للكاتب من الكتاب هو نقد عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة وهذا هو أخطر ما في الكتاب، ولعل متعجلا يقول إن هذا فهما فهمناه نحن لم يخطر على بال المؤلف، نقول له على رسلك هذا ما صرح به أحد قراء لكتاب في عرضه له في موقع الجزيرة نت.
فقال:
"على أن أطرف ما في الكتاب – وربما أصعبه تحقيقا أيضا- أنه ينسف القراءة السلفية لفتن القرن الأول الهجري، لكن بأسلوب وحِجاج سلفي!! فقد التزم المؤلف بمنهج كلاسيكي صارم، جعله يغترف أغلب مادة كتابه من كتب ابن تيمية، ويلتزم التزاما صارما بمنهج أهل الحديث في قبول الروايات التاريخية، لكنه توصل في ذات الوقت إلى نتائج هي أبعد ما تكون عن النتائج الراسخة لدى أتباع ابن تيمية من السلفيين المعاصرين، ولدى أساتذة وطلاب كليات الحديث في الجامعات الإسلامية اليوم. وهنا تكمن "حكمة" المؤلف، كما دعاها الأستاذ الغنوشي في ختام تقديمه للكتاب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/223)
لعل كتاب "الخلافات السياسية بين الصحابة" يهز الرؤية السلفية لتاريخ صدر الإسلام، ويدفع السلفيين إلى مراجعة منطلقاتهم النظرية في وقت تواترت فيه الدعوة إلى ذلك، وتكاتف الضغط لتحقيقه، من جهات شتى وبدوافع شتى. وبقدر ما سيصدم الكتاب بعض الرؤى السلفية، فإنه يقدم لها خدمة جليلة وهو يفتح لها أبوابا لمراجعة ذاتها من داخل تراثها الخاص، قبل أن يتم إلزامها بذلك بقوة القانون أو قوة الحراب".
وقد بينا في وقفاتنا السابقة أن لمؤلف أبعد الناس عن منهج أهل الحديث وأجهلهم به وكل الأحكام هو مقلد فيها الم يدرس أي إسناد ربما قلد من ليس بأهل لأن يقلد كمحقيقي الكتب وأمثلة مذكرت لك واضح في الطبعة الثانية للكتاب التي أبان الكاتب فيها مصادره، وكذلك بينا أن ادعاءه الإلتزام بمنهج ابن تيمية كلام ينقضه واقع كلام ابن تيمية.
في الكتاب مساوئ منهجية كثيرة تقد م بعضها في بيان ما فيه من الأخطاء العلمية.
وفيه مع ذلك لاستخفاف بأهل العلم ووصف كل من خالف منهم المؤلف في رأيه أنه يجانب منهج العلم والعدل، ولعل قاعدة الخلط بين الوقائع والمشاعر، يتضح فيها ذلك بجلاء.
ومن أخطائه المنهجية، كتابته بلغة صحفية بعيدة عن لغة العلم والتعقل، بل بلغة تخاطب العاطفة بمسلمات، كثير منها خاطئ، بأسلوب منفعل.
ومن أخطائه المنهجية، عدم استيفائه حجج من يناقش، ويظهرهم كأنهم ناس يتكلمون بالهوى والجهل والظلم.
ومن أخطائه المنهجية الادعاء العريض دون أدنى بينة، وهذا واضح في كتابه، إن لم نقل جل كتابه من هذا القبيل.
وما أشبه الكتاب وصاحبه بالذين يقول فيهم فقيد اللغة والأدب أبو فهر محمود شاكر رحمه الله:
" يوشك تاريخ الإسلام أن يصبح لهوا على الأسنة، ولغوا في الصحف، ومرتعا للظن المتسرع دون اليقين المتثبت، وهدفا لكل متقحم على الحق بمثل جراءة الباطل، ومخاضة يخوض فيها كل من ملك لسانا ينطق، أو عقلا يفكر، أو قلما يخط. وإنما ابتلي زماننا بهذا لأسباب كثيرة، أولها: أن العصر الذي نعيش فيه يعجل الناس عن تحقيق معنى الدين نفسه في حقيقة قلوبهم. وآخرها: أن المسلمين في زماننا بلغوا من العجز والقلة والهوان على أنفسهم مبلغا مهّد لشياطين الإنس والجن مسالك كثيرة إلى مقر الغرور في بعض الأفئدة، فسول لأصحابها فيما يسول أن فهموا الإسلام " فهما جديدا " فكان لهذه الكلمة سحرها حين مست مكان الغرور والكبرياء من نفوسهم، واحتملهم هذا الغرور على أن يسيئوا الظن بما يفهمون من ماضيهم، جله أو كله، وخيل لهم سوء الظن أن ذلك هو طريق الحق لإحياء دين الله في نفوسهم وإقامة شريعته في أرضه. بمجرد النظرة الخاطفة المتعسفة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي تاريخ أسلافهم من المسلمين.
ولا أظن أنني أخطئ شيئا في التقدير إذا زعمت أن هذه النابتة، لم يبتل الإسلام بمثلها قط، على كثرة ما انتابه من النوابت المتتابعة على مدى عصوره كلها؛ في حال بسه وسطوته، وفي حال ضعفه وفترته. وهي عندي أخطر النوابت جميعا وأخوفها على دين الله ..
مجلة المسلمون العدد الأول 1371 هـ ص 43
هذا بعض الملا حظات التي كتبتها على هذا الكتاب بعجل، وفيه كثر من الملا حظات الأخرى التي لم يسعف الوقت لتبيينها.
وفي الحلقة القادمة سنبين الأسس التي يجب على كل من يكتب عن الصحابة أن يلتزم ها.
ولايخرج عنها فإن خرج عنها ولا بد أن يخطئ.
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[14 - 02 - 05, 06:34 ص]ـ
أثابكم الله يا شيخ عبدالله على هذا الجهد المبارك الذي سددتم به مكانًا مهمًا يليق بأمثالكم ..
وحال فراغكم من الرسالة سوف ننشرها بإذن الله على ملف وورد في (صيد الفوائد) إن شاء الله؛ لتعم فائدتها.
فلعلك ترسلها كاملة بعد الفراغ منها كحلقات على بريدي.
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[15 - 02 - 05, 03:45 ص]ـ
في هذه الحلقة الأخيرة من حلقات الوقفات العلمية مع كتاب الخلافات السياسية بين الصحابة نتناول الأسس التي يجب على الكاتب عن حياة الصحابة أن يراعيها أثناء كتابته عنهم وهي ثلاثة أسس رئيسية الأولى منها عدالة الصحابة وأنهم جميعا من أهل الجنة، الثانية وهي مبنية على الأخرى وهي حسن الظن بهم، الثالثة لابتعاد عن المصادر المعادية أو من تأثر بها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/224)
أولا عدالة الصحابة العدالة الدينة وأنهم جميعا من أهل الجنة دلت عليه نصوص كثيرة من الكتاب والسنة وأجمع على ذلك أهل العلم وذكروه في جمل قطعيات الدين التي يجب على المسلم أن يعتقدها.
فمن الآيات الدالة على ذلك.
{محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم رُكعاً سُجدا يبتغون فضلاً من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مَثَلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سُوقه يُعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً} (سورة الفتح: 29).
وجه الدلالة من الآية على عدالة الصحابة العدالة الدينة، أن الله تعالى أخبر أن كل الصحابة الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم متصفون بكل الأوصاف التي يحبها الله من بغض أعدائه وجهادهم وحب أوليائه وموالاتهم، وعبادته سبحانه وتعالى ابتغاء مرضاته، لا رياء ولا سمعة.
قال البغوي رحمه الله:
أشداء على الكفار غلاظ عليهم كالأسد على فريسته لا تأخذهم فيهم رأفة رحماء بينهم متعاطفون متوادون بعضهم لبعض كالولد مع الوالد كما قال أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين تراهم ركعا سجدا أخبر عن كثرة صلاتهم ومداومتهم عليها يبتغون فضلا من الله أن يدخلهم الجنة ورضوانا أن يرضى عنهم سيماهم أي علامتهم في وجوههم من أثر السجود.
تفسير البغوي ج4/ص206
قال القرطبي رحمه الله:
وهذا مثل ضربه الله تعالى لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعني أنهم يكونون قليلا ثم يزدادون ويكثرون وهوصلى الله عليه وسلم حين بدأ بالدعاء إلى دينه ضعيفا فأجابه الواحد بعد الواحد حتى قوي أمره كالزرع يبدو بعد البذر ضعيفا فيقوى حالا بعد حال حتى يغلظ نباته وأفراخه فكان هذا من أصح مثل وأقوى بيان وقال قتادة مثل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في الإنجيل مكتوب أنه سيخرج من قوم ينبتون نبات الزرع يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فآزره أي قواه وأعانه وشده أي قوى الشطء الزرع وقيل بالعكس أي قوى الزرع الشطء وقراءة العامة آزره بالمد وقرأ بن ذكوانوأبو حيوة وحميد بن قيس فآزره مقصورة مثل فعله والمعروف المد
قال امرؤ القيس:
بمحنية قد آزر الضال نبتها**** مجر جيوش غانمين وخيب
فاستوى على سوقه على عوده الذي يقوم عليه فيكون ساقا له والسوق جمع الساق يعجب الزراع أي يعجب هذا الزرع زراعه وهو مثل كما بينا فالزرع محمد صلى الله عليه وسلم والشطء أصحابه كانوا قليلا فكثروا وضعفاء فقووا قاله الضحاك وغيره ليغيظ بهم الكفار اللام متعلقة بمحذوف أي فعل الله هذا لمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ليغيظ بهم الكفار الرابعة قوله تعالى وعد الله الذين آمنوا أي وعد الله هؤلاء الذين مع محمد وهم المؤمنون الذين أعمالهم صالحة مغفرة وأجرا عظيما أي ثوابا لا ينقطع وهو الجنة وليست من في قوله منهم مبعضة لقوم من الصحابة دون قوم ولكنها عامة.
تفسير القرطبي ج:16 ص:295
قال ابن كثير رحمه الله:
يخبر تعالى عن محمد صلى الله عليه وسلم أنه رسوله حقا بلا شك ولا ريب فقال محمد رسول الله وهذا مبتدأ وخبر وهو مشتمل على وصف كل جميل ثم ثنى بالثناء على أصحابه رضي الله عنهم فقال والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم كما قال عز وجل فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين وهذه صفة المؤمنين أن يكون أحدهم شديدا عنيفا على الكفار رحيما برا بالأخيار غضوبا عبوسا في وجه الكافر ضحوكا بشوشا في وجه أخيه المؤمن كما قال تعالى يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة.
تفسير ابن كثير ج: 4 ص: 204
قال الشيخ السعدي رحمه الله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/225)
يخبر تعالى عن نبيه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين معه من أصحابه من المهاجرين والأنصار أنهما بأكمل الصفات وأجل الأحوال وأنهم أشداء على الكفار أي جادون ومجتهدون في نصرتهه وساعون في ذلك بغاية جهدهم فلم ير الكفار منهم إلا الغلظة والشدة فلذلك ذل أعداؤهم لهم وانكسروا وقهرهم المسلمون رحماء بينهم أي متحابون متراحمون متعاطفون كالجسد الواحد يحب أحدهم لأخيه ما يحب لنفسه هذه معاملتهم مع الخلق وأما معاملتهم مع الخالق فإنك تراهم ركعا سجدا أي وصفهم كثرة الصلاة التي أجل أركانها الركوع والسجود يبتغون بتلك العبادة فضلا من الله ورضوانا أي هذا مقصودهم بلوغ رضا ربهم والوصول إلى ثوابه سيماهم في وجوههم من أثر السجود أي قد أثرت العبادة ـ من كثرتها وحسنها ـ في وجوههم حتى استنارت لما استنارت بالصلاة بواطنهم واستنارت بالجلال ظواهر هم ذلك المذكور مثلهم في التوراة أي هذا وصفهم الذي وصفهم الله به مذكور بالتوراة هكذا ومثلهم في الإنجيل بوصف آخر وأنه موفي كمالهم وتعاونهم كزرع أخرج شطأه فآزره أي أخرج أفرخه فوازرته فراخه في الثبات والاستواء فاستغلظ ذلك الزرع أي قوي وغلظ فاستوى أي قوي واستقام على سوقه جمع ساق أي أصوله والمراد أنه قوي وقام على قضبانه يعجب الزراع من كماله واستوائه وحسنه واعتداله كذلك الصحابة رضي الله عنهم هم كالزرع في نفعهم للخلق واحتياج الناس إليهم فقوة إيمانهم وأعمالهم بمنزلة قوة عروق الزرع وسوقه وكون الصغير والمتأخر إسلامه قد لحق الكبير السابق ووازره وعاونه على ما هو عليه من إقامة دين الله والدعوة إليه كالزرع الذي أخرج شطأه فآزره فاستغلظ ولهذا قال ليغيظ بهم الكفار حين يرون اجتماعهم وشدتهم على أعداء دينهم وحين يتصادمون معهم في معارك النزال ومعامع القتال وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما فالصحابة رضي الله عنهم الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح قد جمع الله لهم بين المغفرة التي من لوازمها وقاية شرور الدنيا والآخرة والأجر العظيم في الدنيا والآخرة
تفسير السعدي ج:1 ص:795
ولهذه الأوصاف الشريفة التي وصف الله بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل؛ كان أهل الكتاب الذين عندهم أثارة من علم الأنبياء إذا رأوا أحدا من أصحاب النيبي صلى الله عليه وسلم = يعظمونه ويعترفون أنهم أفضل من كل أصحاب الأنبياء المتقدمين.
قال ابن كثير رحمه الله
"الصحابة رضي الله عنهم خلصت نياتهم وحسنت أعمالهم فكل من نظر إليهم أعجبوه في سمتهم وهديهم.ثم ذكر عن مالك ابن أنس رحمه الله أنه قال: ((بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة -رضي الله عنهم- الذين فتحوا الشام، يقولون: والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا. وصدقوا في ذلك؛ فان هذه الأمة معظمة في الكتب المتقدمة، وأعظهما وأفضلها أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد نوه الله تبارك وتعالى بذكرهم في الكتب المنزلة والأخبار المتداولة؛ ولهذا قال سبحانه وتعالى هنا: {ذلك مثلهم في التوراة}. ثم قال: {ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه} أي فراخه. {فآزره} أي: شده {فاستغلظ} أي: شب وطال. {فاستوى على سوقه يعجب الزراع} أي فكذلك أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آزروه وأيدوه ونصروه، فهو معهم كالشطء مع الزراع ليغيظ بهم الكفار))
تفسير ابن كثير: 4/ 204
الآية الثانية قوله تعالى:
{لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى} (سورة الحديد: 11).
وجه الدلالة أن الله أخبر في هذه الآية الكريمة أن جميع الصحابة من أسلم قبل الفتح أو بعده قد قاموا بتقديم أعز ما يملكون لهذا الدين وهو المال والنفس فأنفقوا أموالهم في سبيل نصرته وقدموا أنفسهم من أجل عزته وبهذا استحقوا جميعا كرامة الله لأوليائه وهي الجنة.
قال الزمخشري:
وكلا وكل واحد من الفريقين وعد الله الحسنى أي المثوبة الحسن وهي الجنة مع تفاوت الدرجات
الكشاف - الزمخشري ج4/ص473
قال الشيخ السعدي:
أي الذين أسلموا وقاتلوا وأنفقوا من قبل الفتح وبعده كلهم وعده الله الجنة وهذا يدل على فضل الصحابة كلهم رضي الله عنهم حيث شهد الله لهم بالإيمان ووعدهم الجنة
تفسير السعدي ج1/ص839
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/226)
d â دن! # tچs)àےù= د9 tûï جچة f»yg كJّ9$# tûï د%©! $# (#qم_جچ÷ zé& ` د B ِNدdجچ» tƒ دٹ َOخgد9؛ uq ّ Br&ur tbq نَ tG ِ6 tƒ Wxô ز sù z` د iB «!$# $ZR؛uqô تح‘ ur tbrçژ فا Ztƒur ©!$# ے¼ م& s!q ك™ u‘ur 4 ڑپ ح´¯» s9'ré& م Nèd tbqè% د‰» ¢ء9$# ارب tûï د%©! $# ur râ ن qt7s? u‘#O$!$# z`»yJƒM}$#ur ` د B ِ/إ‰د=ِ7 s% tbq™7 دtن† ô`tB tچy_$yd ِNحkِژ s9 خ) ں wur tbr ك‰إ gs† ’ خ û ِNدdح‘rك‰ك¹ Zpy_%tn !$£J د iB (#qè?ré& ڑcr مچد O÷s مƒ ur #’n?t م ِNحkإ¦ àےRr& ِ qs9ur tb%x. ِNحkح5 × p|¹$| ء yz 4 `tBur s-q مƒ £xن© ¾دmإ، ّے tR ڑپ ح´¯» s9'ré'sù م Nèd ڑcq كsخ=ّےكJّ9$# ازب ڑْïد%©! $# ur râ ن! % y` .` د B ِNدdد‰÷ èt/ ڑcq ن9 qà)tƒ $uZ/u‘ ِچدےّ î$# $oYs9 $oY د R؛uq÷z\}ur ڑ ْïد%©! $# $ tRqà)t7y™ ا`» yJƒM}$$ خ/ ں wur ِ@ yè ّ grB ’ خ û $uZ خ/ qè=è% yx د î tûï د%©#د j9 (#q م ZtB#u ن! $ oY/u‘ y7¨R خ) ش$ râ ن u‘ îL ىد m‘ اتةب ل
(الحشر 008 - 010)
هذه الآية بينت فضل الصحابة وأنهم آثر الله ورضاه ونصرة دينه على كل شيء فليس للمؤمن الصادق الإيمان أن يقول فيهم إلا ما أمره الله به ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا.
أخرج الحاكم وصححه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال: "الناس على ثلاث منازل، فمضت منزلتان، وبقيت واحدة، فأحسن ما أنتم عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت. قال: ثم قرأ: {للفقراء المهاجرين} إلى قوله: {رضوانا} فهؤلاء المهاجرون. وهذه منزلة قد مضت {والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم} إلى قوله: {ولو كان بهم خصاصة}. قال: هؤلاء الأنصار. وهذه منزلة قد مضت. ثم قرأ: {والذين جاءوا من بعدهم} إلى قوله: {ربنا إنك رءوف رحيم} قد مضت هاتان وبقيت هذه المنزلة، فأحسن ما أنتم كائنون عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت. يقول: أن تستغفروا لهم" رواه الحاكم 2/ 3484 وصححه ووافقه الذهبي).
قال ابن كثير رحمه الله:
"ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا أي بغضا وحسدا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم وما أحسن ما استنبط الإمام مالك رحمه الله من هذه الآية الكريمة أن الرافضي الذي يسب الصحابة ليس له في مال الفيء نصيب لعدم اتصافه بما مدح الله به هؤلاء في قولهم ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم"
(تفسير ابن كثير 4/ 340)
قال ابن أبي العز في شرح العقيد الطحاوية ـ بعد سياق بعض الآيات الدالة على فضل الصحابة ـ:
وهذه الآيات تتضمن الثناء على المهاجرين والأنصار وعلى الذين جاءوا من بعدهم يستغفرون لهم ويسألون الله أن لا يجعل في قلوبهم غلا لهم وتتضمن أن هؤلاء هم المستحقون للفيء فمن كان في قلبه غل للذين آمنوا ولم يستغفر لهم لا يستحق في الفيء نصيبا
شرح العقيدة الطحاوية ج: 1 ص: 528
هذا غيض من فيض مما تضمنه القران من تعديل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والثناء عليهم.
ورحم الله الشيخ الإمام حافظ حكمي إذ يقول:
فكلهم في محكم القرآن ... أثنى عليهم خالق الأكوان
في مواضع من كتابه كالفتح أي سورة الفتح من أولها إلى آخرها و سورة الحديد كقوله تعالى فيها فآمنوا بالله ورسوله وأن
فقوا مما جعلكم مستخلفين فيه إلى قوله وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقتلوا وكلا وعد الله الحسنى الحديد 10 الآيات و سورة القتال كقوله تعالى والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم محمد 3 الآيات و سورة الحشر إلى آخرها وقد رتب تعالى فيها الصحابة على منازلهم وتفاضلهم ثم أر دفهم بذكر التابعين فقال تعالى للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/227)
للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم الحشر 8 10 أخرج الله بهده الآية وغيرها شاتم الصحابة من جميع الفرق الذين في قلوبهم غل لهم إلى يوم القيامة ولهذا منعهم كثير من الأئمة الفيء وحرموه عليهم في سورة التوبة و سورة الأنفال بكمالها تارة في الثناء عليهم وتارة في تحذيرهم من عدوهم ووصف المشركين والمنافقين بأنواع هم وسماهم ليحذروهم وتارة في حثهم على الطاعة والجماعة والجهاد في سبيل الله والإثخان في الكفار والثبات لهم عند لقائهم إياهم وعدم فرارهم منهم ووعده تعالى إياهم بالنصر على عدوهم وتارة بتذكيرهم بنعم الله عليهم وامتن عليهم أنه هداهم للإسلام وجنبهم السبل المضلة وألف بين قلوبهم وآواهم وأيدهم بنصرة بعد إذ كانوا مستضعفين أذلة وتارة يخبرهم ويهيجهم ويشوقهم بما أعد لهم في الدار الآخرة على قيامهم بطاعته تعالى وطاعة رسوله وجهادهم بأموالهم في سبيله وله الحمد والمنة وغير ذلك من سور القرآن وآياته كذلك في التوراة الكتاب المنزل على موسى عليه السلام و الإنجيل الكتاب المنزل على عيسى عليه السلام صفاتهم التي جعلهم الله عليها معلومة التفصيل كما أخبر الله تعالى عن ذلك بقوله عز وجل محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة الفتح 29 هنا تم الكلام ثم قال تعالى ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما الفتح 29 وتقدم قول الأسقف لعمر ووصفه الخلفاء رضي الله عنهم وغير ذلك وذكرهم بالمناقب الجمة والفضائل الكثيرة في سنة المختار محمد صلى الله عليه وسلم عموما وخصوصا من الأحاديث الصحاح والحسان.
معارج القبول (3/ 1204)
و الأدلة على عدالة الصحابة من السنة كثيرة نذكر منها بعضا على سبيل الاختصار تبعا للمنهجية للتي اخترتها في هذا البحث.
قال البخاري في صحيحه:
بسم الله الرحمن الرحيم كتاب فضائل الصحابة
باب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم ومن صحب النبي صلى الله عليه سلم أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه
[3449] عن عمرو قال سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول حدثنا أبو سعيد الخدري قال: قال:سول الله صلى الله عليه وسلم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقولون فيكم من صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال هل فيكم من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم.
صحيح البخاري (3/ 1335)
وجه الدلالة من الحديث على عدالة الصحابة أنهم بلغوا من القرب من الله بأعمالهم الصالحة درجة صار الله ينزل بسبهم النصر على الجيش الذي يكونون فيه وكذلك من ربوه أوتربا على أيد من ربوه وما أعظمها من منزلة.
3451 عن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته قال إبراهيم وكانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار.
صحيح البخاري (3/ 1335)
وجه الدلالة من هذا الحديث على عدالة الصحابة العدالة الدينية، هو ما صرح به رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم خير المؤمنين هم وتلامذتهم وتلامذة تلامذتهم.
[2531] عن أبي بردة عن أبيه قال صلينا المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا لو جلسنا حتى نصلى معه العشاء قال فجلسنا فخرج علينا فقال ما زلتم هاهنا قلنا يا رسول الله صلينا معك المغرب ثم قلنا نجلس حتى نصلى معك العشاء قال أحسنتم أو أصبتم قال فرفع رأسه إلى السماء وكان كثيرا مما يرفع رأسه إلى السماء فقال النجوم آمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد وأناآمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون وأصحابي آمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون
صحيح مسلم ج 4 ص 1961
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/228)
وجه الدلالة من الحديث على عدالة الصحابة العدالة الدينية أن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل فهمهم للدين علما وعملا عاصما لمن اتبعه من الضلال فما داموا في الأمة يعلمونها الدين الصحيح ويردون ضلال المضلين فإذا ماتوا بدأ أهل الضلال ينشرون فهم الباطل للدين ويضلون به الناس.
قال الإمام النووي:
"قوله صلى الله عليه وسلم وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون معناه من ظهور البدع والحوادث في الدين والفتن فيه وطلوع قرن الشيطان وظهور الروم وغيرهم عليهم وانتهاك المدينة ومكة وغير ذلك وهذه كلها من معجزاته صلى الله عليه وسلم".
شرح النووي على صحيح مسلم ج 16 ص 83
[3470] عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال: النبي صلى الله عليه وسلم لا تسبوا أصحابي فلوا إن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه
صحيح البخاري ج 3 ص 1343
وجه الدلالة من الحديث على عدالة الصحابة العدالة الدينة أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن التعرض لهم بسوء، وأخبر أن العامل ممن جاء بعدهم مهما عمل من العمل لا يدرك فضلهم ولا يقرب منه.
قال النووي رحمه الله:
"قوله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا أصحابي فوالدي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه ... ومعناه لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ ثوابه في ذلك ثواب نفقة أحد أصحابي مدا ولا نصف مد قال القاضي ويؤيد هذا ما قدمناه في أول باب فضائل الصحابة عن الجمهور من تفضيل الصحابة كلهم على جميع من بعدهم وسبب تفضيل نفقتهم أنها كانت في وقت الضرورة وضيق الحال بخلاف غيرهم ولإن إنفاقهم كان في نصرته صلى الله عليه وسلم وحمايته وذلك معدوم بعده وكذا جهادهم وسائر طاعاتهم وقد قال الله تعالىلا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة الآية هذا كله مع ما كان في أنفسهم من الشفقة والتودد والخشوع والتواضع والإيثار والجهاد في الله حق جهاده وفضيلة الصحبة ولو لحظة لا يوازيها عمل ولا تنال درجتها بشيء والفضائل لا تؤخذ بقياس ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء "
شرح النووي على صحيح مسلم ج: 16 ص: 93
[32417] عن واثلة بن الأسقع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني والله لا تزالون بخير ما دام فيكم من رأى من رآني وصاحب من صاحبني ".
إسناده صحيح.
مصنف ابن أبي شيبة ج 6 ص 405
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعد أن ذكر بعض الأحاديث المتقدم ذكرها: وهذه الأحاديث مستفيضة بل متواترة في فضائل الصحابة والثناء عليهم وتفضيل قرنهم على من بعدهم من القرون، والقدح فيهم قدح في القرءان والسنة. مجموع الفتاوى (4/ 430)
قال ابن كثير رحمه الله:
"والأحاديث في فضل الصحابة رضي الله عنهم والنهي عن التعرض لهم بمساويهم كثيرة ويكفيهم ثناء الله عليهم ورضاه عنهم ثم قال تبارك وتعالى وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم من هذه لبيان الجنس مغفرة أي لذنوبهم وأجرا عظيما أي ثوابا جزيلا ورزقا كريما ووعد الله حق وصدق ولا يخلف ولا يبدل وكل من اقتفى أثر الصحابة رضي الله عنهم فهو في حكمهم ولهم الفضل والسبق والكمال الذي لا يلحقهم فيه أحد من هذه الأمة رضي الله عنهم وأرضاهم وجعل جنات الفردوس مأواهم وقد فعل "
تفسير ابن كثير (4/ 206)
كلام أهل العلم في عدالة الصحابة والثناء عليهم.
وقال علي رضي الله عنه كما رواه أبو نعيم في الحلية بإسناده إلى أبي أراكة قال: صلى علي الغداة ثم لبث في مجلسه حتى ارتفعت الشمس قيد رمح كأن عليه كآبة، ثم قال: لقد رأيت أثراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما أرى أحداً يشبههم والله إن كانوا ليصبحون شعثاً غبراً صفراً بين أعينهم مثل ركب المعزي قد باتوا يتلون كتاب الله يراوحون بين أقدامهم وجباههم، إذا ذكر الله مادوا كما تميد الشجرة في يوم ريح، فانهملت أعينهم حتى تبل والله ثيابهم والله لكأن لقوم باتوا غافلين. الحلية (1/ 76).
وقال علي رضي الله عنه أيضا: أولئك مصابيح الهدى يكشف الله بهم كل فتنة مظلمة، سيدخلهم الله في رحمة منه، ليس أولئك بالمذاييع – أي الذين يشيعون الفاحشة ويذيعونها – البذر ولا الجفاة المرائين. الحلية (1/ 77).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/229)
قال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إن الله نظر إلى قلوب العباد، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه، فما رأى المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رأوا سيئاً فهو عند الله سيئ المسند (1/ 379).
روى أبو نعيم بإسناده إلى الحسن البصري .. أن بعض القوم قال له أخبرنا صفة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فبكى وقال: ظهرت منهم علامات الخير والسيماء والسمت والهدي والصدق وخشونة ملابسهم بالاقتصاد وممشاهم بالتواضع، ومنطقهم بالعمل ومطعمهم و مشربهم بالطيب من الرزق، وخضوعهم بالطاعة لربهم تعالى، واستفادتهم للحق فيما أحبوا وكرهوا، وإعطاؤهم الحق من أنفسهم، ظمئت هوا جرهم ونحلت أجسامهم واستخفوا بسخط المخلوقين في رضى الخالق، ولم يفرطوا في غضب ولم يحيفوا ولم يجاوزا حكم الله تعالى في القرآن، شغلوا الألسن بالذكر، بذلوا دماءهم حين استنصرهم وبذلوا أموالهم حين استقرضهم ولم يمنعهم خوفهم من المخلوقين، حسنت أخلاقهم وهانت مؤنتهم وكفاهم اليسير من دنياهم إلى آخرتهم. الحلية (2/ 150).
وفي السنة للخلال.
766 أخبرنا أبو بكر المروذي قال سمعت زهيرا يقول حدثنا عبد الرزاق قال سمعت معمرا يقول "أصحاب محمد عليه السلام أصابتهم نفحة من النبوة ".
إسناده صحيح
السنة للخلال ج: 2 ص: 480
فيها أيضا
756 وأخبرنا أبو بكر المروذي قال سمعت أبا عبدالله وذكر له أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رحمهم الله أجمعين إسناده صحيح
قال الطحاوي في عقيدته:
"ونحب أصحاب رسول الله ولا نفرط في حب أحد منهم ولا نتبرأ من أحد منهم ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم ولا نذكرهم إلا بخير وحبهم دين وإيمان وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان "
شرح العقيدة الطحاوية ج: 1 ص: 528
قال ابن بطة:
"وكل الصحابة أئمة مأمونون غير متهمين في الدين وقد أثنى الله ورسوله على جميعهم وتعبدنا بتوقيرهم وتعظيمهم وموالاتهم والتبري من كل من ينقص أحدا منهم رضي الله عنهم أجمعين".
الأبانة ج: 1 ص: 260
قال ابن عبد البر في الاستيعاب حاشية على الإصابة (1/ 8):" و نحن وإن كان الصحابة رضي الله عنهم قد كفينا البحث عن أحوالهم لإجماع أهل الحق من المسلمين و هم أهل السنة والجماعة على أنهم كلهم عدول فواجب الوقوف على أسمائهم ".
قال الغزالي:
"واعتقاد أهل السنة تزكية جميع الصحابة والثناء عليهم كما أثنى الله سبحانه وتعالى ورسوله عليهم وما جرى بين معاوية وعلي رضي الله عنهما كان مبنيا على الاجتهاد لا منازعة من معاوية في الإمامة إذ ظن علي رضي الله عنه أن تسليم قتلة عثمان مع كثرة عشائرهم واختلاطهم بالعسكر يؤدي إلى اضطراب أمر الإمامة في بدايتها فرأى التأخير أصوب وظن معاوية أن تأخير أمرهم مع عظم جنايتهم يوجب الإعزاء بالأئمة ويعرض الدماء للسفك وقد قال أفاضل العلماء كل مجتهد مصيب وقال قائلون المصيب واحد ".
قواعد العقائد ج: 1 ص: 227
قال الحافظ ابن حجر في الإصابة (1/ 17):" اتفق أهل السنة على إن الجميع – أي الصحابة - عدول و لم يخالف ذلك إلا شذوذ من المبتدعة ".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه:
" وقال تعالى وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون سورة النور 55 فقد وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/230)
ستخلاف كما وعدهم في تلك الآية مغفرة وأجرا عظيما والله لا يخلف الميعاد فدل ذلك على أن الذين استخلفهم كما استخلف الذين من قبلهم ومكن لهم دين الإسلام وهو الدين الذي ارتضاه لهم كما قال تعالى ورضيت لكم الإسلام دينا سورة المائدة 3 وبدلهم من بعد خوفهم أمنا لهم منه المغفرة والأجر العظيم وهذا يستدل به من وجهين يستدل به على أن المستخلفين مؤمنون عملوا الصالحات لأن الوعد لهم لا لغيرهم ويستدل به على أن هؤلاء مغفور لهم ولهم مغفرة وأجر عظيم لأنهم آمنوا وعملوا الصالحات فتناولتهم الآيتان آية النور وآية الفتح ومن المعلوم أن هذه النعوت منطبقة على الصحابة على زمن أبي بكر وعمر وعثمان فإنه إذ ذاك حصل الاستخلاف وتمكن الدين والأمن بعد الخوف لما قهروا فارس والروم وفتحوا الشام والعراق ومصر وخراسان وإفريقية ولما قتل عثمان وحصلت الفتنة لم يفتحوا شيئا من بلاد الكفار بل طمع فيهم الكفار بالشام وخراسان وكان بعضهم يخاف بعضا وحينئذ فقد دل القرآن على إيمان أبي بكر وعمر وعثمان ومن كان معهم في زمن الاستخلاف والتمكين والأمن والذين كانوا في زمن الإستخلاف والتمكين والأمن وأدركوا زمن الفتنة كعلي وطلحة والزبير وأبي موسى الأشعري ومعاوية وعمرو بن العاص دخلوا في الآية لأنهم استُخلِفوا ومُكِّنوا وأمنوا "
منهاج السنة النبوية ج: 2 ص: 36
قال السفارين رحمه الله:
وليس في الأمة كالصحابة ... في الفضل والمعروف والإصابة
فإنهم قد شاهدوا المختارا ... وعاينوا الأسرار والأنوارا
وجاهدوا في الله حتى بانا ... دين الهدى وقد سما الأديانا
وقد أتى في محكم التنزيل ... من فضلهم ما يشفي للغليل
وفي الأحاديث وفي الآثار ... وفي كلام القوم والأشعار
ما قد ربا من أن يحيط نظمي ... عن بعضه فاقنع وخذ عن علم
العقيدة السفارينية ج: 1 ص: 88
الوقفة الثانية إحسان الظن بالصحابة، وهي مبنية على الوقفة التي قبلها؛ لإن العدل الأصل في أفعاله الخير والصلاح فإذا رئي منه خالف ذلك فلا بد من استصحاب الأصل وهو أنه لا يريد بفعله إلا الخير.
وقد أكد علماؤنا هذه النقطة وطبقوها.
قال ابن أبي زيد: ((والإمساك عما شجر بينهم، وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج، ويظن بهم أحسن المذاهب)).
مقدمة رسالة بن أبي زيد ص8 طبعة جامعة الإمام.
قال الأشعري:
"الإجماع الثامن والأربعون وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به وعلى أنهم أحق أن ينشر محاسنهم ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج وأن نظن بهم أحسن الظن".
رسالة إلى أهل الثغر ج: 1 ص: 303
قال أبو نعيم: ((فالإمساك عن ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر زللهم، ونشر محاسنهم ومناقبهم، وصرف أمورهم إلى أجمل الوجوه، من أمارات المؤمنين المتبعين لهم بإحسإن، الذين مدحهم الله عز وجل بقوله: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان)).
قال الغزالي:
"وأن يعتقد فضل الصحابة رضي الله عنهم وترتيبهم وأن أفضل الناس بعد النبي أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم وأن يحسن الظن بجميع الصحابة ويثنى عليهم كما أثنى الله عز وجل ورسوله وعليهم أجمعين فكل ذلك مما وردت به الأخبار وشهدت به الآثار فمن اعتقد جميع ذلك موقنا به كان من أهل الحق وعصابة السنة وفارق رهط الضلال وحزب البدعة ".
قواعد العقائد ج: 1 ص: 70
قال الآمدي:
"الواجب أن يحسن الظن بأصحاب الرسول وأن يكف عما جرا بينهم وألا يحمل شئ مما فعلوه أو قالوه إلا على وجهة الخير وحسن القصد وسلامة الاعتقاد وأنه مستند إلى الاجتهاد لما استقر في الأسماع وتمهد في الطباع ووردت به الأخبار والآثار متواترة وآحاد من غرر الكتاب والسنة واتفاق الأمة على مدحهم والثناء عليهم بفضلهم مما هو في اشتهاره يغنى عن إظهاره وأن أكثر ما ورد في حقهم من الأفعال الشنيعة والأمور الخارجة عن حكم الشريعة فلا أصل لها إلا تخر صات أهل الأهواء وتصنعات الأعداء كالروافض والخوارج وغيرهم من السفساف ومن لا خلاق له من الأطراف وما ثبت نقله ولا سبيل إلى الطعن فيه فما كان يسوغ فيه الاحتمال والتأويل فيه بحال فالواجب أن يحمل على أحسن الاحتمالات وأن ينزل على أشرف التنزيلات وإلا الكف عنه والانقباض منه وأن يعتقد أن له تأويلا لم يوصل إليه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/231)
ولم يوقف عليه إذ هو الأليق بأرباب الديانات وأصحاب المروءات وأسلم من الوقوع في الزلات ولكون سكوت الإنسان عما لا يلزمه الكلام فيه أرجى له من أن يخوض فيما لا يعنيه لا سيما إذا احتمل ذلك الزلل والوقوع بالظن والرجم بالغيب في الخطل ".
غاية المرام ج: 1 ص: 390
وقال ابن دقيق العيد: ((وما نقل عنهم فيما شجر بينهم واختلفوا فيه، فمنه ما هو باطل وكذب، فلا يلتفت إليه، وما كان صحيحا أولناه تأويلا حسنا، لإن الثناء عليهم من الله سابق، وما ذكر من الكلام اللاحق محتمل للتأويل، والمشكوك والموهوم لا يبطل المحق المعلوم)). (أصحاب رسول الله ومذاهب الناس فيهم لعبد العزيز العجلإنص360).
بواسطة كتاب اعتقاد أهل السنة في الصحابة.
قال القحطاني
قل خير قول في صحابة أحمد ... وامدح جميع الآل والنسوان
دع ما جرى بين الصحابة في الوغى ... بسيوفهم يوم التقى الجمعان
فقتيلهم منهم وقاتلهم لهم**** وكلاهما في الحشر مرحومان
والله يوم الحشر ينزع كل ما ... تحوي صدورهم من الأضغان
نونية القحطاني ج: 1 ص: 23
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"ما علم بالكتاب والسنة والنقل المتواتر من محاسن الصحابة وفضائلهم لا يجوز أن يدفع بنقول بعضها منقطع وبعضها محرف وبعضها لا يقدح فيما علم فإن اليقين لا يزول بالشك ونحن قد تيقنا ما دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف قبلنا وما يُصدق ذلك من المنقولات المتواترة من أدلة العقل من أن الصحابة رضي الله عنهم أفضل الخلق بعد الأنبياء فلا يقدح في هذا أمور مشكوك فيها فكيف إذا علم بطلانها "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 305
وقال:
" فيقولون ما يذكر عن الصحابة من السيئات كثير منه كذب وكثير منه كانوا مجتهدين فيه ولكن لم يعرف كثير من الناس وجه اجتهادهم وما قدر أنه كان فيه ذنب من الذنوب لهم فهو مغفور لهم إما بتوبة وإما بحسنات ماحية وإما بمصائب مكفرة وإما بغير ذلك فإنه قد قام الدليل الذي يجب القول بموجبه أنهم من أهل الجنة فامتنع أن يفعلوا ما يوجب النار لا محالة وإذا لم يمت أحد منهم على موجب النار لم يقدح ما سوى ذلك في استحقاقهم للجنة ونحن قد علمنا أنهم من أهل الجنة ولو لم يعلم أن أولئك المعينين في الجنة لم يجز لنا أن نقدح في استحقاقهم للجنة بأمور لا نعلم أنها توجب النار فهذا لا يجوز في آحاد المؤمنين الذين لم يعلم أنهم يدخلون الجنة ليس لنا أن نشهد لأحد منهم بالنار لأمور محتملة لا تدل على ذلك فكيف يجوز مثل ذلك في خيار المؤمنين والعلم بتفاصيل أحوال كل واحد منهم باطنا وظاهرا وحسناته وسيئاته واجتهاداته أمر يتعذر علينا معرفته فكان كلامنا في ذلك كلاما فيما لا نعلمه والكلام بلا علم حرام فلهذا كان الإمساك عما شجر بين الصحابة خيرا من الخوض في ذلك بغير علم بحقيقة الأحوال إذ كان كثير من الخوض في ذلك أو أكثره كلاما بلا علم وهذا حرام لو لم يكن فيه هوى ومعارضة الحق المعلوم فكيف إذا كان كلاما بهوى يطلب فيه دفع الحق المعلوم وقد قال النبي صلى الله عليه
وسلم القضاة ثلاثة قاضيان في النار وقاض في الجنة رجل علم الحق وقضى به فهو في الجنة ورجل علم الحق وقضى بخلافه فهو في النار ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار فإذا كان هذا في قضاء بين اثنين في قليل المال أو كثيره فكيف بالقضاء بين الصحابة في أمور كثيرة فمن تكلم في هذا الباب بجهل أو بخلاف ما يعلم من الحق كان مستوجبا للوعيد ولو تكلم بحق لقصد اتباع الهوى ولو لوجه الله تعالى أو يعارض به حقا آخر لكان أيضا مستوجبا للذم والعقاب ومن علم ما دل عليه القران والسنة من الثناء على القوم ورضا الله عنهم واستحقاقهم الجنة وأنهم خير هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس لم يعارض هذا المتيقن المعلوم بأمور مشتبهة منها ما لا يعلم صحته ومنها ما يتبين كذبه ومنها ما لا يعلم كيف وقع ومنها ما يعلم عذر القوم فيه ومنها ما يعلم توبتهم منه ومنها ما يعلم أن لهم من الحسنات ما يغمره فمن سلك سبيل أهل السنة استقام قوله وكان من أهل الحق والاستقامة والاعتدال وإلا حصل في جهل وكذب وتناقض كحال هؤلاء الضلال ".
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 310
ولعل من أسباب مجانبة الكاتب للصواب في بحثه ابتعاده عن هاتين الركيزتين.
الركيزة الثالثة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/232)
لابتعاد عن المصادر المعادية للصحابة مما كتبه عنهم أعداء هذا الدين من الرافضة والمستشرقين وعلمانيي وزنادقة العرب، الساعين في إقناع المجتمعات المسلمة أن تترك دينها بشتى الوسائل وكان من هذه الوسائل محاولة إقناعها أن الدين خرافة لا يمكن أن يتحقق في الواقع، ولما كان الصحابة في أعين المجتمعات المسلمة هم المثال الحي للتدين الصحيح وأنهم قد بلغوا فيه الغاية الممكنة للبشر، فلابد عند هؤلاء الشياطين من إقناع هذه المجتمعات بإن هذا الذي يذكر عن الصحابة خرافة، فتختلق من أجل هذا المبدأ الخبيث الأكاذيب في مثالب الصحابة، وتفسير أعمالهم إلى أسوأ احتمال، من تكالب على الدنيا، وحرص عليها وعلى لذاتها كغيرهم من البشر.
قال الشيخ محمد قطب حفظه الله:
" وهذه الأمة ـ أو قل بالتحديد قرونها المفضلة الأولى ـ قامت بتطبيق مثالي لهذا الدين في عالم الواقع، فارتفعت إلى عالم المثال ـ مع بشريتها الكاملة ـ وأثبتت في الوقت ذاته واقعية هذا الدين، وقابليته للتطبيق في عالم الواقع.
وتلك هي القيمة الحقيقة لهذه الفترة من التاريخ.
إن هذه الأجيال الأولى ـ وخاصة الجيل الأول الفريد ـ قد لا يتكرر مرة أخرى في واقع الأرض. ولكنها تبقى مع ذلك رصيدا واقعيا لهذه الأمة في جميع أجيالها، يحفزها على محاولة العودة إلى تطبيق الإسلام. وهذه المحاولة ذاتها عمل إيجابي مثمر، ولو لم يصل إلى كل النتيجة المطلوبة.
تصور إنسانا عند سفح جبل، يعلم يقينا إن هناك من صعد هذا الجبل إلى قمته، فهو يحاول أن يصعد مثله، وقد يصل إلى منتصفه وقد يصل إلى ربعه، وقد يفلس جهده بعد أن يرقى بضع درجات ...
وتصور إنسانا آخر وقف على سفح جبل يتطلع إلى قمته وهو يقول في نفسه: إن هذا مستحيل مستحيل أن يفكر إنسان في صعود هذا الجبل الشاهق، فلنكف عن التطلع، ولنرض بالبقاء في السفح أيهما أنفع للبشرية؟ وأيهما أفضل في ذات نفسه؟
ثم .. أي دور يؤده ذلك الذي صعد إلى القمة أول مرة، في حياة كل الذين يجيئون بعده، ويحاولون أن يصعدوا مثله، ولو وصلوا إلى المنتصف، ولو إلى ربع الطريق .. ولو أفلس جهدهم بعد رقي بعض الدرجات؟
إنه دور ضخم في عالم الواقع ..
ولهذا نحتفي حفاوة بالغة بذلك الجيل الفريد، وبتلك القرون المفضلة،لأنها المدد الحي الذي يدفع الأجيال كلها إلى محاولة الصعود، بدلا من أن تتنتكس إلى أسفل، وتخلد إلى الأرض عند السفح وربما كان هذا هو السبب الذي يجعل المستشرقين يجهدون أنفسهم لمحاولة تشويه تلك الفترة بالذات، لعلهم يطفئون بريقها، ويحجبون نورها عن الأجيال المتأخرة لكي لا تفكر أبدا في معاودة الصعود من جديد:
" يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله تم نوره ولو كره الكافرون ". (الصف آية: 8)
كيف نكتب التاريخ الإسلام ص 88
قال الإمام الذهبي رحمه الله مؤكدا هذه القضية وهي الابتعاد عن المصادر المعادية للصحابة:
"كما تقرر الكف عن كثير مما شجر بين الصحابة وقتالهم رضي الله عنهم أجمعين وما زال يمر بنا ذلك في الدواوين والكتب والأجزاء ولكن أكثر ذلك منقطع وضعيف وبعضه كذب وهذا فيما بأيدينا وبين علمائنا فينبغي طيه وإخفاؤه بل إعدامه لتصفو القلوب وتتوفر على حب الصحابة والترضي عنهم وكتمان ذلك متعين عن العامة وآحاد العلماء وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوة للعالم المنصف العري من الهوى بشرط أن يستغفر لهم كما علمنا الله تعالىحيث يقول والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا الحشر 10 فالقوم لهم سوابق وأعمال مكفرة لما وقع منهم وجهاد محاء وعبادة ممحصة ولسنا ممن يغلو في أحد منهم ولا ندعي فيهم العصمة .. فأما ما تنقله الرافضة وأهل البدع في كتبهم من ذلك فلا نعرج عليه ولا كرامة فأكثره باطل وكذب وافتراء فدأب الروافض رواية الأباطيل أو رد ما في الصحاح والمسانيد ومتى إفاقة من به سكران"
سير أعلام النبلاء ج: 10 ص: 92
هذا ما أردت بيانه من أخطاء الشنقيطي في كتابه وبقي منها بعض رأيت أن ما مضى يغني عنه فإن كان لدى الأحبة لمتابعين أي مشاركة أو تعليق أو معارضة فليتحفونا به مشكورين.
أخوكم ومحبكم / عبد الله الشنقيطي.ِ
ـ[أبو وائل المصرى]ــــــــ[10 - 03 - 05, 10:56 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/233)
بالله عليكم من ه>ا الكاتب؟ لا أخاله محمد بن محمد المختار الشنقيطى ابن صاحي أضواء البيان! أفيدونا بسرعة أفادكم الله
ـ[يُوشع عابد الرّب]ــــــــ[01 - 06 - 05, 02:02 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
الحقيقة، ردٌ ماتعٌ، فيه تفصيلٌ وإجمال.
وأقولُ: حُقَّ للشناقطةِ أن يفخروا برجالهم.
ـ[أبو أنس العلي]ــــــــ[02 - 06 - 05, 11:42 ص]ـ
إخواني. هل توقفت المناظرة؟؛ لأنني افتقدتها منذ زمن
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[03 - 06 - 05, 03:38 م]ـ
أخي الفاضل عبدالله الشنقيطي وفقه الله في الحقيقة طلبتَ التعقيب على كلامكم وفي الحقيقة أنا مؤيد لكثير من كلامك في الذب عن الصحابة الأجلاء رضي الله عنهم لكن هناك بعض المسائل التي ينبغي التوقف عندها علماً بأني لم أطلع على كتاب (الخلافات السياسية بين الصحابة) لمؤلفه محمد المختار الشنقيطي وليست لدي أي سابق معرفة به ولست بصدد المحاكمة بينكما وإنما هي ملحوظات على كلامكم قد أكون مصيباً وقد تكون أنت المصيب وهذا ما أتمناه وفقنا جميعاً لما يحب ويرضى والحق أحق أن يتبع
قلتم: (من قلة أما نته العلمية نسبته لفظة "ويح عما تقتله الفئة الباغية" للبخاري على الإطلاق دون أن يبين أن كثير من أهل العم أنكر أن تكون في البخاري وأنها لا توجد في أكثر نسخه.
قال في ص 143:
" ورواية البخاري للحديث لا تدع لبسا حول بغي أهل الشام في تلك الحرب "
قال الحافظ ابن حجر:
"ولفظه ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم الحديث وأعلم أن هذه الزيادة لم يذكرها الحميدي في الجمع وقال إن البخاري لم يذكرها أصلا وكذا قال أبو مسعود قال الحميدي ولعلها لم تقع للبخاري أو وقعت فحذفها عمدا قال وقد أخرجها الإسماعيلي والبرقاني في هذا الحديث قلت ويظهر لي أن البخاري حذفها عمدا وذلك لنكتة خفية وهي أن أبا سعيد الخدري اعترف أنه لم يسمع هذه الزيادة من النبي صلى الله عليه وسلم فدل على أنها في هذه الرواية مدرجة والرواية التي بينت ذلك ليست على شرط البخاري وقد أخرجها البزار من طريق داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد فذكر الحديث في بناء المسجد وحملهم لبنة لبنة وفيه فقال أبو سعيد فحدثني أصحابي ولم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يا بن سمية تقتلك الفئة الباغية أه وبن سمية هو عمار وسمية اسم أمه وهذا الإسناد على شرط مسلم وقد عين أبو سعيد من حدثه بذلك ففي مسلم والنسائي من طريق أبي سلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال حدثني من هو خير مني أبو قتادة فذكره فاقتصر البخاري على القدر الذي سمعه أبو سعيد من النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره وهذا دال على دقة فهمه وتبحره في الاطلاع على علل الأحاديث "
فتح الباري ج 1 ص 543
وقال شيخ الإسلام:
"وكذلك حديث عمار بن ياسر تقتلك الفئة الباغية قد رواه مسلم في صحيحه من غير وجه ورواه البخاري لكن في كثير من النسخ لم يذكره تاما "منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 413)
قال أبو حاتم: في الحقيقة اتهام خصمكم بقلة الأمانة في هذه المسألة بالذات غير وارد عندي لأن الرجل ربما لم يعرف أن هذه الزيادة مختلف فيها ولو عرف ربما لم يأخذ بها ولم تترجح عنده
والأخ أخذ بالظاهر وهو أن هذه الرواية موجودة في صحيح البخاري وقد سبقه بذلك جمع من الأئمة منهم
1 - قال النووي: وثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويح عمار تقتله الفئة الباغية وكانت الصحابة يوم صفين يتبعونه حيث توجه لعلمهم بأنه مع الفئة العادلة لهذا الحديث قالوا وكان عمار أول
هل يقال للنووي لماذ لم تذكر أن هذه الزيادة غير صحيحة؟!
2 - قال ابن عساكر إ (أبي سعيد الخدري واسمعا من حديثه قال فانطلقنا فإذا هو في حائط له فلما رآنا آخذ رداءه فجاء فقعد فأنشأ يحدثنا حتى أتى على ذكر بناء المسجد فقال كنا نحمل لبنة لبنة وعمار بن ياسر يحمل لبنتين قال فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل ينفض التراب عنه ويقول يا عمار ألا تحمل لبنة كما يحمل أصحابك قال إني أريد الأجر من الله قال فجعل ينفض التراب عنه ويقول ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار قال فجعل عمار يقول أعوذ بالرحمن من الفتن
رواه البخاري عن إبراهيم بن موسى عن الثقفي وعن مسدد عن ابن عبدالعزيز بن المختار جميعا عن خالد)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/234)
انظر ألى ابن عساكر أحال على البخاري ولم يذكر أي خلاف في هذه المسألة هل هذا من قلة الأمانة؟!
3 - قال المناوي:
ويح عمار بالجر على الإضافة وهو ابن ياسر تقتله الفئة الباغية قال القاضي في شرح المصابيح يريد به معاوية وقومه اه وهذا صريح في بغي طائفة معاوية الذين قتلوا عمارا في وقعة صفين وأن الحق مع علي وهو من الإخبار بالمغيبات يدعوهم أي عمار يدعو الفئة وهم أصحاب معاوية الذين قتلوه بوقعة صفين في الزمان المستقبل إلى الجنة أي إلى سببها وهو طاعة الإمام الحق ويدعونه إلى سبب النار وهو عصيانه ومقاتلته قالوا وقد وقع ذلك في يوم صفين دعاهم فيه إلى الإمام الحق ودعوه إلى النار وقتلوه فهو معجزة للمصطفى وعلم من أعلام نبوته وإن قول بعضهم المراد أهل مكة الذين عذبوه أول الإسلام فقد تعقبوه بالرد قال القرطبي وهذا الحديث من أثبت الأحاديث وأصحها ولما لم يقدر معاوية على إنكاره قال إنما قتله من أخرجه فأجابه علي بأن رسول الله إذن قتل حمزة حين أخرجه
قال ابن دحية وهذا من علي إلزام مفحم لا جواب عنه وحجة لا اعتراض عليها
وقال الإمام عبد القاهر الجرجاني في كتاب الإمامة (أجمع فقهاء الحجاز والعراق من فريق الحديث والرأي منهم مالك والشافعي وأبو حنيفة والأوزاعي والجمهور الأعظم من المتكلمين والمسلمين أن عليا مصيب في قتاله لأهل صفين كما هو مصيب في أهل الجمل وأن الذين قاتلوه بغاة ظالمون له لكن لا يكفرون ببغيهم)
وقال الإمام أبو منصور في كتاب الفرق في بيان عقيدة أهل السنة أجمعوا أن عليا مصيب في قتاله أهل الجمل طلحة والزبير وعائشة بالبصرة وأهل صفين معاوية وعسكره اه
فهل يوصف المناوي بقلة الأمانة لأنه لم يذكر الخلاف في هذه الزيادة؟!
4 - قال العجلوني:
(ويح عمار تقتله الفئة الباغية) متفق عليه عن أبي سعيد ولفظ البخاري يدعوهم الى الجنة ويدعونه الى النار
5 - وربما اتهمكم خصومكم بقلة الأمانة (وحاشاكم!) لأنكم لم تذكروا بقية كلام ابن حجر رحمه الله:
فائدة روى حديث تقتل عمارا الفئة الباغية جماعة من الصحابة منهم قتادة بن النعمان كما تقدم وأم سلمة عند مسلم وأبو هريرة عند الترمذي وعبد الله بن عمرو بن العاص عند النسائي وعثمان بن عفان وحذيفة وأبو أيوب وأبو رافع وخزيمة بن ثابت ومعاوية وعمرو بن العاص وأبو اليسر وعمار نفسه وكلها عند الطبراني وغيره وغالب طرقها صحيحة أو حسنة وفيه عن جماعة آخرين يطول عدهم 000000000
: وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة وفضيلة ظاهرة لعلي ولعمار ورد على النواصب الزاعمين أن عليا لم يكن مصيبا في حروبه قوله في آخر الحديث يقول عمار أعوذ بالله من الفتن فيه دليل على استحباب الاستعاذة من الفتن ولو علم المرء أنه متمسك فيها بالحق لأنها قد تفضي إلى وقوع من لا يرى وقوعه قال بن بطال وفيه رد للحديث الشائع لاتستعيذوا بالله من الفتن فإن فيها حصاد المنافقين قلت وقد سئل بن وهب قديما عنه فقال إنه باطل وسيأتي في كتاب الفتن ذكر كثير من احكامها وما ينبغي من العمل عند وقوعها أعاذنا الله تعالى مما ظهر منها وما بطن
وبالنسبة لموضوع مروان بن الحكم فقد سبق أن ناقشنا هذه المسألة بإسهاب على هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=12266
وللحديث بقية!!
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[04 - 06 - 05, 11:25 ص]ـ
قال الشيخ الفاضل عبدالله الشنقيطي:
كتاب أبو بكر بن العربي كتاب جم الفائدة، مزيف لكثير من الهراء الذي افترته الرافضة على الصحابة، وبني أمية بالبرهان الناصع والحجة الدامغة، وهو كتاب يخرج مع كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية الذي احتفى به الكاتب من مشكاة واحدة، والكاتب لم يتعرض لفكرة الكتاب، وهذا جور في الحكم فكان ينبغي أن يبين فكرة الكتاب وهي دفع سهام التنقص عن الصحابة.
ولم نر في كتاب أبي بكر تأولا لأحد من الصحابة وغيرهم إلا ما أجمع عليه أهل السنة من التأول لأهل الجمل وصفين من الصحابة، وهو تأويل لم ينفرد به أبو بكر، بل يشاركه فيه جميع أهل العلم بمن فيهم شيخ الإسلام ابن تيمية الذي يمدح الكاتب منهج تناوله لقضية ما جرى بين الصحابة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/235)
وأما القضيا الأخرى فهو قد أنكرها، وفرق كبير بين التأويل والإنكار، ولذلك لم يأت المؤلف بنص واحد لابن العربي تأول فيه لأحد ممن ذكر، وإنما أتى بإنكار لبعض القضايا التي يرى المؤلف أنه جانب الصواب في إنكارها.
قال أبو حاتم:
وأما كتاب ابن العربي المالكي الأندلسي (العواصم من القواصم) \
ففي الحقيقة لدي انتقادات عليه مع التسليم بأنه فيه الكثير من الفوائد العلمية
لكنه جانب الصواب في أكثر من مسألة وربما أذكر هذه الانتقادات قريباً
قال ابن العربي:
وما خرج اليه احد الا بتأويل ولا قاتلوه الا بما سمعوا من جده المهيمن على الرسل المخبر بفسادالحال المحذر عن الدخول في الفتن وأقواله في ذلك كثيرة منها ما روى مسلم عن زياد بن علاقة عن عرفجة بن شريح قوله صلى الله عليه وسلم إنه ستكون هنات وهنات فمن أراد ان يفرق أمر هذه الامة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان فما خرج الناس الا بهذا وأمثاله ولو ان عظيمها وابن عظيمها وشريفها وابن شريفها الحسين يسعه بيته او ضيعته او ابله ولو جاء الخلق يطلبونه ليقوم بالحق وفي جملتهم ابن عباس وابن عمر لم يلتفت اليهم وحضره ما أنذر به النبي صلى الله عليه وسلم وما قال في أخيه ورأى انها قد خرجت عن اخيه ومعه جيوش الارض وكبار الخلق يطلبونه فكيف ترجع اليه بأوباش الكوفة وكبار الصحابة ينهونه وينأون عنه و ما أدرى في هذا الا التسليم لقضاء الله والحزن على ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بقية الدهر ولولا معرفة اشياخ الصحابة وأعيان الامة بأنه أمر صرفه الل عن أهل البيت وحال من الفتنة لا ينبغي لاحد ان يدخلها ما أسلموه ابدا
وما خرج إليه (الحسين) إلا بتأويل ولا قاتلوه (الحسين) إلا بما سمعوا من جده المهيمن على الرسل!!!
قلت: وقد رد العلماء على هذا الكلام السخيف والذي لاينبغي أن يقال في سيد شباب أهل الجنة حب رسول وريحانته والكثير من المتأخرين تابعوا ابن العربي المالكي في هذا الكلام
وهذا أمر عجيب من أجل الدفاع عن يزيد بن معاوية الناصبي البغيض (كما وصفه الذهبي وابن كثير
وغيرهما) يطعنون في ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال شيخ الإسلام:والحسين رضي الله عنه قتل مظلوما شهيدا،وقتلَته ظالمون متعدون،وإن كان بعض الناس يقول: إنه قتل بحق،ويحتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من جاءكم وأمركم على رجل واحد؛يريد أن يفرق بين جماعتكم: فاضربوا عنقه بالسيف كائنا من كان " رواه مسلم،فزعم هؤلاء أن الحسين أتى الأمة وهم مجتمعون؛فأراد أن يفرق الأمة،فوجب قتله،وهذا بخلاف من يتخلف عن بيعة الإمام،ولم يخرج عليه،فإنه لايجب قتله،كما لم يقتل الصحابة سعد بن عبادة مع تخلفه عن بيعة أبي بكر وعمر،وهذا كذب وجهل؛فإن الحسين رضي الله عنه لم يقتل حتى أقام الحجة على من قتله،وطلب أن يذهب إلى يزيد،أو يرجع إلى المدينة،أو يذهب إلى الثغر،وهذا لو طلبه آحاد الناس لوجب إجابته،فكيف لايجب إجابة الحسين رضي الله عنه إلى ذلك،وهو يطلب الكف والإمساك.
وأما أصل مجيئه فإنما كان لأن قوما من أهل العراق من الشيعة كتبوا إليه كتبا كثيرة يشتكون فيها من تغير الشريعة،وظهور الظلم،وطلبوا منه أن يقدم؛ليبايعوه ويعاونوه على إقامة الشرع والعدل،وأشار عليه أهل الدين والعلم،كابن عباس،وابن عمر،وأبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام بأن لايذهب إليهم،وذكروا له أن هؤلاء يغرُّونه،وأنهم لايوفون بقولهم،ولايقدر على مطلوبه،وأن أباه كان أعظم حرمة منه وأتْباعا؛ولم يتمكن من مراده،فظن الحسين أنه يبلغ مراده،فأرسل ابن عمه: مسلم بن عقيل،فآووه أولا،ثم قتلوه ثانيا،فلما بلغ الحسين ذلك طلب الرجوع،فأدركته السرية الظالمة،فلم تمكنه من طاعة الله ورسوله،لا من ذهابه إلى يزيد،ولا من رجوعه إلى بلده،ولا إلى الثغر،وكان يزيد – لو يجتمع بالحسين – مِن أحرص الناس على إكرامه،وتعظيمه،ورعاية حقه،ولم يكن في المسلمين عنده أجلُّ من الحسين،فلما قتله أولئك الظلمة حملوا رأسه إلى قدّام عبيدالله بن زياد،فنكت بالقضيب على ثناياه،وكان في المجلس: أنس بن مالك،فقال: (إنك تنكت بالقضيب حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبّل)،هكذا ثبت في الصحيح،وفي المسند: أن أبا برزة الأسلمي كان – أيضا – شاهدا،فهذا كان بالعراق عند ابن زياد.
قال ابن خلدون:
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[04 - 06 - 05, 12:16 م]ـ
قال ابن خلدون:
وقد غلط القاضي أبو بكر بن العربي المالكي في هذا فقال في كتابه الذي سماه بالعواصم والقواصم ما معناه إن الحسين قتل بشرع جده وهو غلط حملته عليه الغفلة عن اشتراط الإمام العادل ومن أعدل من الحسين في زمانه في إمامته وعدالته في قتال أهل الآراء؟!
قال السخاوي:
قال ابن حجر:وقد كان شيخنا الحافظ أبو الحسن يعني الهيثمي يبالغ في الغض منه (يعني ابن
خلدون) فلما سألته عن سبب ذلك ذكر لي أنه بلغه أنه ذكر الحسين بن علي رضي الله عنهما في تاريخه فقال قتل بسيف جده
ولما نطق شيخنا بهذه اللفظة أردفها بلعن ابن خلدون وسبه وهو يبكي قال شيخنا في رفع الأصر ولم توجد هذه الكلمة في التاريخ الموجود الآن وكأنه كان ذكرها في النسخة التي رجع عنها
قال أبو حاتم:
وفي الحقيقة أنا لا أُحب الخوض فيما جرى بين الصحابة الأجلاء وربما يظن بعض الناس أن هذا هو ديدني!! وأنا أقول هذا خلاف الواقع وأنا أتضايق عندما أتطرق لهذه الأمور بغض النظر عن المصيب والمخطئ ولكن أحيانا اضطر للرد على بعض الإخوة الذين لديهم بعض الأفكار المغلوطة
وكتاب ابن العربي المالكي هو عمدة كثير من المتأخرين وما قاله ابن العربي هو الصحيح وما خالفه غير صحيح وفيه دخن!!
والكثير من الإخوة من طلاب العلم مصدرهم واحد وليس عندهم تنوع في المصادر
وأقول أ خيراً ً أنا لا أحمل في نفسي تجاه إي أحد من الإخوة الكرام ممن يكتب في هذا المنتدى والكل مجتهد ويتوخى الحق
والحق أحق أن يتبع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/236)
ـ[عبد]ــــــــ[04 - 06 - 05, 12:30 م]ـ
وهذا أمر عجيب من أجل الدفاع عن يزيد بن معاوية الناصبي البغيض (كما وصفه الذهبي وابن كثير وغيرهما) يطعنون في ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولكنك أيضاً أخي نَقَلتَ عن ابن تيمية أنه قال: ((وكان يزيد – لو يجتمع بالحسين – مِن أحرص الناس على إكرامه،وتعظيمه،ورعاية حقه،ولم يكن في المسلمين عنده أجلُّ من الحسين)). أ. هـ.
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[04 - 06 - 05, 03:56 م]ـ
ومن أين عرفنا أن يزيد كان حريصا على إكرام ريحانة رسول الله؟ 1
لو كان حريصا على إكرامه لما سمح بقتله وجز رأسه والتمثيل به والعبث برأسه!!
والقول بأن يزيد لم يكن يعلم بما جرى فأنا أظن أن هذا قول غير صحيح فهذه حرب ويزيد ليس مغفلاً وساذجاً يتصرف عبيدالله بن زياد بما شاء وكيف شاء
ومعلوم مذهب أهل الشام فكل من خالف الحاكم ولو بأمر يسير فالقتل جزاؤه
لو كان حريصا على إكرامه لعزل عبيدالله بن زياد وكل من شارك في قتل ابن رسول الله ولحاسبهم
وهذا أقل شيء يصنع بعبيدالله بن زياد وأعوانه أما أن يتركه من غير محاسبة فهذا يدل على أن يزيد بن معاوية شريك لعبيدالله بن زياد في قتل ريحانة رسول الله وراضٍ عما فعله
وهذا عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - يعزل الولاة لمجرد أن قيل في أحدهم شيئا يسيرا ولو كان غير صحيح فما بالك بأمر عظيم وشنيع مثل هذا
سئل الإمام أحمد بن حنبل: عن عمر بن سعد بن أبي وقاص قال: لا ينبغي أن يحدِّث عنه، قلت: مَن هو؟، قال: أخو عامر بن سعد وأخو مصعب بن سعد،
قلت: لِمَ، قال: لأنه صاحب الجيوش وصاحب الدماء ().
قال ابن عبد البر (): ((إنما نسب قتل الحسين إلى عمر بن سعد لأنه كان الأمير على الخيل التي أخرجها عبيد الله بن زياد إلى قتال الحسين، ووعدَه أن يوليَه الري إن ظفر بالحسين وقتله؛ وكان في تلك الخيل والله أعلم قوم من مضر واليمن)).
قال ابن كثير: ((فكلُّ مسلم ينبغي له أن يحزنه هذا الذي وقع من قتله ـ رضي الله عنه ـ؛ فإنه من سادات المسلمين وعلماء الصحابة، وابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم التي هي أفضلُ بناته، وقد كان عابدًا، شجاعًا، سخيًّا؛ ولكن لا يحسن ما يفعله الشيعة من إظهار الجزع والحزن الذي لعل أكثره تصنّع ورياء)) ().
وقال أحمد بن حنبل: ((يزيد بن معاوية فعل بالمدينة ما فعل))، قلت - يعني الراوي -: وما فعل؟، قال: قتل بالمدينة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وفعل، وما فعل، قال: نهبها، قلت: فيذكر عنه الحديث؟، قال: لا يذكر عنه الحديث، ولا ينبغي لأحد أن يكتب عنه حديثًا)) ().
وعن أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق السبيعي قال: كان شمر بن ذي الجوشن الضبابي يصلِّي معنا الفجر، ثم يقعد حتى يصبح، ثم يصلِّي، ثم يقول: اللهم إنك شريف تحب الشرف، وإن لتعلم أني شريف فاغفر لي، قال: قلت: كيف يغفرُ الله لك وقد خرجت إلى ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعنتَ على قتله؟!،
قال: ويحك فكيف نصنعُ؟، إن إمراؤنا هؤلاء أمرونا بأمرٍ فلم نخالفهم ولو خالفناهم كنا شرًّا من هذه الحمر السقاءات)) ().
قال الذهبي: ((إن هذا لعذر قبيح؛ فإنما الطاعة في المعروف)).
وقال: ((ليس بأهلٍ للرواية فإنه أحد قتلة الحسين ـ رضي الله عنه ـ، وقد قتله أعوان المختار)) ().
والله المستعان
وللحديث بقية
!
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[04 - 06 - 05, 04:36 م]ـ
قال ابن كثير رحمه الله:
قلت الناس في يزيد بن معاوية أقسام فمنهم من يحبه ويتولاه وهم طائفة من أهل الشام من النواصب
وأما الروافض فيشنعون عليه ويفترون عليه أشياء كثيرة ليست فيه ويتهمه كثير منهم بالزندقة ولم يكن كذلك
وطائفة أخرى لا يحبونه ولا يسبونه لما يعلمون من أنه لم يكن زنديقا كما تقوله الرافضة ولما وقع في زمانه من الحوادث الفظيعة والأمور المستنكرة البشعة الشنيعة فمن أنكرها قتل الحسين بن علي بكربلاء
ولكن لم يكن ذلك من علم منه ولعله لم يرض به ولم يسؤه وذلك من الأمور المنكرة جدا ووقعة الحرة كانت من الأمور القبيحة بالمدينة النبوية
وللحديث بقية
ـ[خطاب بن علي الشنقيطي]ــــــــ[05 - 06 - 05, 12:40 ص]ـ
###حرر ###
أخي الكريم لعلك ترسل المقال برسالة خاصة له، ولا تنشره هنا.
المشرف.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[05 - 06 - 05, 09:47 ص]ـ
ما رأيكم بمشاركات الإخوة الأخيرة؟
هل تترك مع ما فيها من خروج عن المناظرة واستطرادات فرعية؟
أو تحذف، أو يغلق الموضوع؟
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[05 - 06 - 05, 10:02 ص]ـ
المختار الشنقيطي انسحب من المناظرة قبل أن تبدأ ... والإدارة اتخذت قراراً من قبل بعدم استمرار المناظرة.
فلا يليق أن تضاف إليها مشاركات.
فسأقوم بتجزئة الموضوع وفتح موضوع جديد فيه مناقشة عبدالله الشنقيطي للمختار وأضع لها عنواناً آخر.
وأما الخروج عن آداب المناظرة فالأمر فيه للأخ السديس يفعل فيه ما يراه مناسباً ... لكن من الخبرة السابقة أقول: مهما فعل المشرف فإنه لن يغير من الأمر شيئاً، ونصيحتي أن يغلق الموضوع.(29/237)
المناظرة (2) حول كتاب (الخلافات السياسية بين الصحابة)
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[31 - 12 - 04, 07:04 م]ـ
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
كنتُ قد كتبت حلقتين من سلسلة حلقات أتناول فيها كتاب الأستاذ محمد المختار الشنقيطي: (الخلافات السياسية بين الصحابة) بالنقد لما جاء فيه من أخطاء ومخالفات لمنهج أهل السنة عند تناولهم لهذا الموضوع.
ثم أعلمني أحد الإخوة أن الشيخ عبدالله الشنقيطي حفظه الله قد فرغ من رد له على هذا الكتاب؛ مما دعاني للتوقف، والتنسيق مع الشيخ عبدالله أن أنشر كتابه على شكل حلقات، وأضيف إليه ما لم يتعرض له من أخطاء صاحب الكتاب.
===========
ثم كما علم الإخوة سجل صاحب الكتاب في الملتقى طالبًا المناظرة العلمية حول كتابه، واعدًا بتعديل أي خطأ يتبين له؛ جزاه الله خيرًا.
وقد أخبرتُ الشيخ عبدالله بهذا؛ فطلب هو مناظرته، وقد سجل لأجل هذا.
==========
ولهذا فإننا في الملتقى نفتح باب المناظرة العلمية الهادفة بين الأخوين - وفقهما الله -؛ مذكرهم بوجوب التحلي بأدب النقاش العلمي الموثق البعيد عن الإنشاء أو التطويل.
=========
ومن ناحيتي سأضيف ما أراه مكملا للموضوع؛ لأن صاحب الكتاب رغب أن يعرف ملاحظاتي أيضًا.
ربنا اهدنا لما اختُلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[31 - 12 - 04, 08:21 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله أيها الأحبة في ملتقى أهل الحديث
من أراد منكم الحصول من كتابي: "الخلافات السياسية بين الصحابة" فهذا عنوان الناشر في جدة.
مركز الراية للتنمية الفكرية
جدة – حي الصفا
شارع أم القرى - مكتبة بستان المعرفة
ص. ب 41547 الرمز البريدي 21523
هاتف: 96622720729
ومن أراد أن يكتب لي شخصيا حول الكتاب مصححا أو مراجعا أو معدلا أو مقرا، فهذا بريدي االكتروني
shinqiti2002@yahoo.com
أخوكم/ محمد بن المختار الشنقيطي
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[31 - 12 - 04, 08:23 م]ـ
السلام عليكم أهلا وسهلا بمنظرة أخوينا الشيخ سليمان والشيخ عبد الله
وأنتظر ما عندهما، وفقني الله وإياكم لقول الحق والعمل به.
أخوكم/ محمد بن المختار الشنقيطي
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[31 - 12 - 04, 08:40 م]ـ
السلام عليكم أيها الأحبة المشرفون على ملقتى أهل الحديث المبارك
أرجو تعليمي طريقة إضافة نص الكتاب إلى الموقع، لأضيفه إليه، فيكون قراؤنا الأكارم على اطلاع عليه، ونستفيد من ملاحظاتهم على الكتاب وعلى المناظرة.
بارك الله في جهودكم ووفقكم لكل خير
أخوكم/ محمد بن المختار الشنقيطي
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[31 - 12 - 04, 11:53 م]ـ
الإخوة الفضلاء:
أرجو عدم التعليق على مناظرة الأخوين بأي تعليق؛ ريثما ينتهيان مما عندهما .. ومن لديه سؤال أو تنبيه فليرسله مشكورًا إلي في رسالة خاصة.
مع تنبيه الأستاذ الشنقيطي إلى أن تعقباتي أنا والشيخ عبدالله كانت على الطبعة الأولى المنتشرة.
وكنا نتمنى أن لا يطبع الكتاب مرة ثانية حتى يستفيد ما قد يراه مناسبًا من مثل هذه المناقشات. لا سيما وقد أخبرته في رسالة علىبريده الألكتروني عنها؛ قبل أن أنشر أول حلقة بفترة من الزمن.
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 05:34 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبيه المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فيسرني أن أدخل مع الأستاذ الفاضل محمد بن المختار الشنقيطي في نقاش علمي، حول كتابه الخلافات السياسية بين الصحابة، ملتزما في هذا النقاش، بالعلم والعدل، بغيتي الحق لا المغالبة، أو الجدل المذموم.
ويعلم الله لو بان لي الحق فيما يقول لاتبعته مجاهرا بذللك، غير مخفيه ولا متردد فيه.
وأرجوا أن يكون عنده هو من الشجاعة و محبة الخير ما لو رأى الحق في ما أقول أن يراجع الحق.
وأذكره قول عمر لأبي موسى: " ولا يمنعك قضاء قضيت فيه اليوم فراجعت فيه رأيك فهديت فيه لرشدك أن تراجع فيه الحق؛ فإن الحق قديم لا يبطله شيء، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/238)
وأول نقطة أناقش فيها الأستاذ الفاضل في كتابه، قوله إن عدالة الصحبة التي يحكي المحدثون عليها الإجماع، هي ما يتعلق بالرواية، لا العدالة الدينية التي يذكرها الفقهاء.
قلتم في ص 150
"ومن المصطلحات التي وقع فيها اللبس واستحالت حاجزا ذهنيا ونفسيا أمام دراسة تلك الحقبة مصطلح "عدالة الصحابة " فقد خلط كثيرون بين عدالة الرواية ـ والمطلوب فيها هو الصدق والتدقيق في المروي ـ وعدالة السلوك بمعناها الفقهي القضائي التي تستلزم "اجتناب الكبائر وعدم الوقوع في الصغائر إلا نادرا، واجتناب المباح القادح في المروءة "كما يقول الفقهاء.
وعدالة الصحابة التي يتحدث عنها أهل الحديث عدالة الرواية ... "
وقلتم في ص 152
"لكن بعض المتأخرين أساء فهم عدالة الصحابة، وفهموا من هذا المصطلح أن الصحابي لا يذنب إلا متأولا، وأن كل ما صدر عن بعضهم من اختلاف واقتتال مجرد اجتهاد، ولا مجال فيه للهوى و المطامح الدنيوية. وهذا غلو وتنكر لحقائق الشرع والتاريخ والطبيعة البشرية ".
وقلتم في ص 154
" فإن تحويل عدالة الرواية هنا إلى عدالة في السلوك يشمل كل الصحابة خلط في الاصطلاح، وتنكر للحقيقة الساطعة لا يليق بالمسلم الذي يؤثر الحق على الخلق مهما سموا."
وقلتم:
"إن الذي يسوي بين عمار بن ياسر وبين قاتله أبي الغادية الجهني في العدالة وفي الاجتهاد المأجور صاحبه سواء أخطأ أم أصاب .. لهو ممن لا بصيرة لهم."
النقاط موضع النقاش هي:
1ـ العدالة عند المحدثين هل هي ما ذكر تم من عدم إدخالهم فيها الجانب السلوكي، ويكتفون فيها بأن يكون الموصوف بها صادقا في ما يحدث به مدققا فيه.
2ـ هل هناك فرق بين العدالة عند المحدثين والفقهاء كما قلتم.
3ـ عدالة الصحابة عند المحدثين.
العدالة عند المحدثين كما ذكرها عنهم الأستاذ " الصدق والتدقيق في المروي " لا علاقة لها بالعدالة الدينية التي يذكرها الفقهاء.
ولم تذكروا لما قلتم نقلا واحدا عن أهل الحديث تحتجون به لما ذكرتم عنهم، لأنكم لن تجدوه فأهل الحديث مجمعون على أن أهم جانب في العدالة هو الجانب السلوكي، والجرح به أشد من الجرح بالجوانب الأخرى من الغفلة وسو ء الحفظ.
وهذه بعض النقول عنهم تدل على خلاف ما ذكرتم عنهم.
قال الشافعي:
"ولا تقوم الحجة بخبر الخاصة حتى يجمع أمورا منها أن يكون من حدث به ثقة في دينه، معروفا بالصدق في حديثه، عاقلا لما يحدث به، عالما بما يحيل معاني الحديث من اللفظ، وأن يكون ممن يؤدي الحديث بحروفه كما سمع، لا يحدث به على المعنى، لأنه إذا حدث به على المعنى وهو غير عالم بما يحيل معناه ـ: لم يدر لعله يحيل الحلال إلى حرام. وإذا أداه بحروفه فلم يبق وجه يخاف فيه إحالته الحديث، حافظا إذا حدث به من حفظه، حافظا لكتابه إذا حدث من كتابه. إذا شَرِك أهل الحفظ في حديث وافق حديثهم، بريا من أن يكون مدلسا: يحدث عن من لقي ما لم يسمع منه، ويحدث عن النبي ما يحدث الثقات خلافه عن النبي".
الرسالة ص370
وقال ابن أبي حاتم:
قال أبو محمد: " فلما لم نجد سبيلا إلى معرفة شيء من معاني كتاب الله ولا من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من جهة النقل والرواية وجب أن نميز بين عدول الناقلة والرواة وثقاتهم وأهل الحفظ والثبت والإتقان منهم، وبين أهل الغفلة والوهم وسوء الحفظ والكذب واختراع الأحاديث الكاذبة.
ولما كان الدين هو الذي جاءنا عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وسلم بنقل الرواة حق علينا معرفتهم ووجب الفحص عن الناقلة والبحث عن أحوالهم، وإثبات الذين عرفناهم بشرائط العدالة والتثبت في الرواية مما يقتضيه حكم العدالة في نقل الحديث وروايته، بأن يكونوا أمناء في أنفسهم علماء بدينهم، أهل ورع وتقوى وحفظ للحديث وإتقان به وتثبت فيه، وأن يكونوا أهل تمييز وتحصيل لا يشوبهم كثير من الغفلات، ولا تغلب عليهم الأوهام فيما قد حفظوه ووعوه، ولا يشبه عليهم بالأغلوطات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/239)
وأن يعزل عنهم الذين جرحهم أهل العدالة وكشفوا لنا عن عوراتهم في كذبهم وما كان يعتريهم من غالب الغفلة وسوء الحفظ وكثرة الغلط والسهو والاشتباه، ليعرف به أدلة هذا الدين وأعلامه وأمناء الله في أرضه على كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهم هؤلاء أهل العدالة، فيُتمسك بالذي رووه، ويعتمد عليه، ويحكم به، وتجري أمور الدين عليه "
الجرح والتعديل 1/ 5
وقال ابن حبان:
وأماشرطنا في نقلة ما أودعناه كتابنا هذا من السنن، فإنا لم نحتج فيه إلا بحديث اجتمع في كل شيخ من رواته خمسة أشياء:
الأول العدالة في الدين بالستر الجميل.
والثاني الصدق في الحديث بالشهرة فيه.
والثالث العقل بما يحدث من الحديث.
والرابع العلم بما يحيل من معاني ما يروي.
والخامس المتعرى خبره عن التدليس. فكل من اجتمع فيه هذه الخصال الخمس، احتججنا بحديثه وبنينا الكتاب على روايته، وكل من تعرى عن خصلة من هذه الخصال الخمس لم نحتج به، والعدالة في الإنسان: هو أن يكون أكثر أحواله طاعة الله، لأنا متى ما لم نجعل العدل إلا من لم يوجد منه معصية بحال؛ أدانا ذلك إلى أن ليس في الدنيا عدل، إذ الناس لا تخلو أحوالهم من ورود خلل الشيطان فيها، بل العدل من كان ظاهر أحوله طاعة الله، والذي يخالف العدل من كان أكثر أحواله معصية الله.
صحيح ابن حبان 1/ 151
قال الحاكم:
"وقد ذكرت في كتاب المدخل إلى معرفة كتاب الإكليل: أنواع العدالة على خمسة أقسام، والجرح على عشرة أقسام، وتكلمت في هذه الكتب على الجرح والتعديل مما يغنى عن إعادته،واستشهدت بأقاويل الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين.
وأصل عدالة المحدث: أن يكون مسلما،لا يدعو إلى بدعة، ولا يعلن من أنواع المعاصي ما تسقط به عدالته، فإن كان مع ذلك حافظا لحديثه فهي أرفع درجات المحدثين ".
معرفة علوم الحديث ج 1 ص 53
قال الخطيب البغدادي:
حدثني أبو الفضل محمد بن عبيد الله المالكي أنه قرأ على القاضى أبى بكر محمد بن الطيب قال:"والعدالة المطلوبة في صفة الشاهد والمخبر، هى العدالة الراجعة إلى استقامة دينه وسلامة مذهبه، وسلامته من الفسق وما يجرى مجراه مما اتفق على أنه مبطل العدالة من أفعال الجوارح والقلوب المنهى عنها، والواجب أن يقال في جميع صفات العدالة إنها اتباع أوامر الله تعالى والانتهاء عن ارتكاب ما نهى عنه مما يسقط العدالة، وقد علم مع ذلك أنه لا يكاد يسلم المكلف من البشر من كل ذنب ... فيجب لذلك أن يقال إن العدل هو من عرف بأداء فرائضه ولزوم ما أمر به وتوقى ما نهى عنه وتجنب الفواحش المسقطة وتحرى الحق الواجب في أفعاله ومعاملته والتوقى في لفظه مما يثلم الدين والمروءة فمن كانت هذه حاله فهو الموصوف بأنه عدل في دينه.
الكفاية في علم الرواية ج 1 ص 52
قال الحازمي
" وصفة العدالة هي اتباع أوامر الله تعالى والانتهاء عن ارتكاب ما نهى عنه، وتجنب الفواحش المسقطة، وتحري الحق، والتوقي في اللفظ مما يثلم الدين والمروءة، وليس يكفي في ذلك اجتناب الكبائر حتى يجتنب الإصرار على الصغائر، فمتى وجدت هذه الصفات كان المتحلي بها عدلا مقبول الشهادة والرواية."
شروط الأئمة الخمسة ص 184
==============
ذكرتم أنه يوجد فرق بين العدالة عند أهل الحديث والفقهاء.
فقلتم " فقد خلط كثيرون بين عدالة الرواية ـ والمطلوب فيها هو الصدق والتدقيق في المروي ـ وعدالة السلوك بمعناها الفقهي القضائي التي تستلزم "اجتناب الكبائر وعدم الوقوع في الصغائر إلا نادرا، واجتناب المباح القادح في المروءة "كما يقول الفقهاء.
ولم تنقلوا دليلا من كلام أحد من الفريقين أهل الحديث وأهل الفقه.
وهذه نقول عن بعض أهل العلم من الفريقين ترد ما ذكرتم.
قال ابن جماعة:
" الأول أجمع جماهير أئمة العلم بالحديث والفقه والأصول على أنه يشترط فيمن يحتج بحديثه العدالة والضبط فالعدالة أن يكون مسلما بالغا عاقلا سليما من الفسق وخوارم المروءة."
المنهل الروي ج: 1 ص: 63
قال الآمدي:
"الشرط الرابع أن يكون الراوي متصفا بصفة العدالة، وذلك يتوقف على معرفة العدل لغة وشرعا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/240)
أما العدل في اللغة: فهو عبارة عن المتوسط في الأمور من غير إفراط في طرفي الزيادة والنقصان ومنه قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) أي عدلا، فالوسط والعدل بمعنى واحد، وقد يطلق في اللغة ويراد المقابل للجور، وهو اتصاف الغير بفعل ما يجب له، وترك ما لا يجب، والجور في مقابلته، وقد يطلق ويراد به ما كان من الأفعال الحسنة يتعدى الفاعل إلى غيره، ومنه يقال للملك المحسن إلى رعيته: عادل.
وأما في لسان المتشرعة، فقد يطلق ويراد به أهلية قبول الشهادة والرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال الغزالي في معنى هذه الأهلية إنها عبارة عن استقامة السريرة والدين، وحاصلها يرجع إلى هيئة راسخة في النفس تحمل على ملازمة التقوى والمروءة جميعا، حتى تحصل ثقة النفوس بصدقه.
وذلك إنما يتحقق باجتناب الكبائر وبعض الصغائر وبعض المباحات ....
وأما بعض المباحات فما يدل على نقص المروءة، ودناءة الهمة، كالأكل في السوق، والبول في الشوارع، وصحبة الأراذل والإفراط في المزح، ونحو ذلك مما يدل على سرعة الإقدام على الكذب، وعدم الاكتراث به. ولا خلاف في اعتبار اجتناب هذه الأمور في العدالة المعتبرة في قبول الشهادة والرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأن من لا يجتنب هذه الأمور أحرى أن لا يجتنب الكذب، فلا يكون موثوقا بقوله، ولا خلاف أيضا في اشتراط هذه الأمور الأربعة في الشهادة"
الإحكام للآمدي ج: 2 ص: 88
================
عدالة الصحابة عند المحدثين هل هي عدالة رواية كما ذكرتم، أم أنها عدالة ديانة؟
ونترك أعلم الناس بمذاهبهم يحدثنا عن ذلك، ولكن بعد أن نعرف القراء مكانته بين أهل هذا الشأن علماء الحديث.
المتحدث إلينا عن ذلك هو الخطيب البغدادي.
قال الحافظ ابن حجر في نزهة النظر وهو يتحدث عن التأليف في علوم الحديث: ثم جاء من بعدهم الخطيب أبو بكر البغدادي، فصنف في قوانين الرواية كتابا سماه "الكفاية " وفي آدابها كتابا سماه "الجامع لآداب الشيخ والسامع " وقل فن من فنون الحديث إلا وقد صنف فيه كتابا مفردا، فكان كما قال الحافظ أبو بكر بن نقطة: " كل من أنصف علم أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه "
كفى بها شهادة من الحافظ ابن نقطة للخطيب وموافقة الحافظ ابن حجر له عليها.
قال الخطيب البغدادي:
"ما جاء في تعديل الله ورسوله للصحابة
وانه لا يحتاج إلى سؤال عنهم وإنما يجب فيمن دونهم كل حديث اتصل إسناده بين من رواه وبين النبي صلى الله عليه وسلم لم يلزم العمل به إلا بعد ثبوت عدالة رجاله ويجب النظر في أحوالهم سوى الصحابي الذي رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم واختياره لهم في نص القرآن فمن ذلك قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) وقوله: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) وهذا اللفظ وان كان عاما فالمراد به الخاص وقيل هو وارد في الصحابة دون غيرهم. وقوله: (لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا) وقوله تعالى: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه) وقوله تعالى: (والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم) وقوله: (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) وقوله تعالى: (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون والذين تبوأوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/241)
في آيات يكثر إيرادها ويطول تعدادها ووصف رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة مثل ذلك وأطنب في تعظيمهم وأحسن الثناء عليهم فمن الأخبار المستفيضة عنه في هذا المعنى ما أخبرنا أبو نعيم الحافظ ثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا شعبة عن منصور والأعمش عن إبراهيم عن عبيدة السلماني عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خير امتى قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجىء قوم تسبق ايمانهم شهادتهم ويشهدون قبل ان يستشهدوا وأخبرنا أبو بكر أحمد بن على بن محمد اليزدى الحافظ بنيسابور انا أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان ثنا عبد الله بن محمد بن شيرويه ثنا محمد بن بشار ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبى بشر عن عبد الله بن شقيق عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خيركم قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم قال أبو هريرة فلا ادرى ذكره مرتين أو ثلاثا ثم يخلف من بعدهم قوم يحبون السمانة ويشهدون ولا يستشهدون " أخبرنا الحسن بن أبى بكر ثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم املاء قال ثنا محمد بن يونس قال ثنا أبو الربيع سليمان بن داود ثنا منصور بن أبى الأسود عن الأعمش عن على بن مدرك عن هلال بن يساف عن عمران بن حصين قال قال:" رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يخلف قوم تسبق ايمانهم شهادتهم ثم يظهر فيهم السمن " أخبرنا القاضى أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبى صالح عن أبى سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تسبوا أصحابي فوالذى نفسي بيده لو انفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه " ..
والأخبار في هذا المعنى تتسع وكلها مطابقة لما ورد في نص القرآن وجميع ذلك يقتضى طهارة الصحابة والقطع على تعديلهم ونزاهتهم فلا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله تعالى لهم المطلع على بواطنهم الى تعديل أحد من الخلق له فهو على هذه الصفة الا ان يثبت على أحد ارتكاب ما لا يحتمل الا قصد المعصية والخروج من باب التأويل فيحكم بسقوط العدالة وقد برأهم الله من ذلك ورفع اقدارهم عنه على انه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله فيهم شيء مما ذكرناه لاوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد والنصرة وبذل المهج والاموال وقتل الآباء والاولاد والمناصحة في الدين وقوة الإيمان واليقين القطع على عدالتهم والاعتقاد لنزاهتهم وانهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين الذين يجيؤن من بعدهم ابد الآبدين هذا مذهب كافة العلماء ومن يعتد بقوله من الفقهاء وذهبت طائفة من أهل البدع الى ان حال الصحابة كانت مرضية الى وقت الحروب التي ظهرت بينهم وسفك بعضهم دماء بعض فصار أهل تلك الحروب ساقطى العدالة ولما اختلطوا باهل النزاهة وجب البحث عن أمور الرواة منهم وليس في أهل الدين والمتحققين بالعلم من يصرف إليهم خبر ما لا يحتمل نوعا من التأويل وضربا من الاجتهاد فهم بمثابة المخالفين من الفقهاء المجتهدين في تأويل الاحكام لاشكال الأمر والتباسه ويجب ان يكونوا على الأصل الذي قدمناه من حال العدالة والرضا إذ لم يثبت ما يزيل ذلك عنهم أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى الهمذاني ثنا صالح بن أحمد الحافظ قال سمعت أبا جعفر أحمد بن عبدل يقول سمعت أحمد بن محمد بن سليمان التستري يقول سمعت أبا زرعة يقول إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم انه زنديق وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق وانما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وانما يريدون ان يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة "
الكفاية في علم الرواية 46 ـ الكفاية في علم الرواية ـ 51
==============
قال الإمام ابن أبي حاتم:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/242)
" فأما أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فهم الذين شهدوا الوحي والتنزيل وعرفوا التفسير والتأويل وهم الذين اختارهم الله - عز وجل - لصحبة نبيه – صلى الله عليه وسلم – ونصرته وإقامة دينه وإظهار حقه فرضيهم له صحابة وجعلهم لنا أعلأماوقدوة فحفظوا عنه – صلى الله عليه وسلم – ما بلغهم عن الله - عز وجل - وما سن وما شرع وحكم وقضى وندب وأمر ونهى وأدب، ووعوه وأتقنوه ففقهوا في الدين وعلموا أمر الله ونهيه ومراده بمعاينة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومشاهدتهم منه تفسير الكتاب وتأويله وتلقفهم منه واستنباطهم عنه، فشرفهم الله - عز وجل - بما مَنَّ عليهم وأكرمهم به من وضعه إياهم موضع القدوة فنفى عنهم الشك والكذب والغلط والريبة والغمز وسماهم عدول الأمة، فقال - عز ذكره - في محكم كتابه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (البقرة آية (143) ففسر النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الله - عز ذكره - قوله: (وسطاً قال: عدلاً، فكانوا عدول الأمة وأئمة الهدى وحجج الدين ونقلة الكتاب والسنة. وندب الله -عز وجل - إلى التمسك بهديهم والجري على منهاجهم والسلوك لسبيلهم والاقتداء بهم فقال: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى ... } (النساء آية (115
كتاب الجرح والتعديل (1/ 7).
==============
قال ابن عبد البر:
"الصحابة كلهم عدول، مرضيون، ثقات، أثبات، وهو أمر مجتمع عليه عند أهل العلم بالحديث".
التمهيد 22/ 47
قال القرطبي:
"وهكذا القول في الصحابة إن شاء الله تعالىاشتركوا في الصحبة ثم تباينوا في الفضائل بما منحهم الله من المواهب والوسائل فهم متفاضلون بتلك من أن الكل شملتهم الصحبة والعدالة والثناء عليهم وحسبك بقول الحق (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار) إلىآخر السورة وقال: (وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها) ثم قال: (لايستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل) وقال: (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) فعم وخص ونفى عنهم الشين والنقص رضي الله عنهم أجمعين ونفعنا بحبهم آمين"
تفسير القرطبي 3/ 264
قال القرطبي:
"العدالة هي الاعتدال في الأحوال الدينية وذلك يتم بأن يكون مجتنبا للكبائر محافظا على مروءته وعلى ترك الصغائر.
================
قلت: فالصحابة كلهم عدول أولياء الله تعالى وأصفياؤه وخيرته من خلقه بعد أنبيائه ورسله هذا مذهب أهل السنة والذي عليه الجماعة من أئمة هذه الأمة. وقد ذهبت شرذمة لا مبالاة بهم إلى أن حال الصحابة كحال غيرهم فيلزم البحث عن عدالتهم ومنهم من فرق بين حالهم في بداءة الأمر فقال إنهم كانوا على العدالة إذ ذاك ثم تغيرت بهم الأحوال فظهرت فيهم الحروب وسفك الدماء فلا بد من البحث وهذا مردود فإن خيار الصحابة وفضلاءهم كعلي وطلحة والزبير وغيرهم رضي الله عنهم ممن أثنى الله عليهم وزكاهم ورضي عنهم وأرضاهم ووعدهم الجنة بقوله تعالى (مغفرة وأجرا عظيما) وخاصة العشرة المقطوع لهم بالجنة بإخبار الرسول هم القدوة مع علمهم بكثير من الفتن والأمور الجارية عليهم بعد نبيهم بإخبارهم لهم بذلك، وذلك غير مسقط من مرتبتهم وفضلهم إذ كانت تلك الأمور مبنية على الاجتهاد ... ".
تفسير القرطبي 16/ 254
قال النووي:
"ولهذا اتفق أهل الحق ومن يعتد به في الإجماع على قبول شهاداتهم ورواياتهم وكمال عدالتهم رضي الله عنهم أجمعين".
شرح مسلم 15/ 149
قال ابن حزم:
"والصحابة كلهم عدول رضي الله عنهم لثناء الله تعالى عليهم".
المحلى 5/ 92
=============
فبان بما قدمنا أن عدالة الصحابة العدالة الدينية بمعناها السلوكي، وهو اجتناب الكبائر والإصرار على الصغائر، واجتناب ما يقدح في المروءة، إجماع من المتقدمين من أهل الحديث والفقه والأصول، لا كما أردتم أن تصوروا للناس من أنه فهم خاطئ للمتأخرين.
وكل يوم نناقش ملحوظة من الملحوظات التي أرى أنكم جانبتم فيها الصواب.
محبكم /عبد الله الشنقيطي.
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 04:00 م]ـ
السلام عليكم أيها الأحبة ..
قبل الإجابة على ملاحظات الأخوين سليمان وعبد الله لدي تحفظات ثلاثة:
1 - طلبت من الأخوين التعريف بأنفسهما أكثر من مرة، لأن ما نتحدث فيه دين، ولا مكان فيه للهواة والمجاهيل. ولم يفعلا حتى الآن.
2 - كتبت عنوان ناشر الكتاب مرتين بعد طلب أحد الإخوة ذلك، وفي كلتا المرتين يتم حذفه. وكنت أعتقد أني أتحاور مع طلاب علم لا مع ضباط شرطة. وما قيمة حوار بدأ بالمصادرة؟
3 - طلبت من إدارة الملتقى مساعدتي فنيا على نشر نص الكتاب كاملا على الموقع، تفاديا للتعب التكرار، لأن أكثر الاعتراضات تمت الإجابة عنها في الكتاب، فلم تجب إدارة الملتقى ذلك.
(تنبيه من المشرف لايسمح بالدعاية أو بوضع رابط للكتاب حتى تتم المناظرة) والله الموفق لكل خير.
أخوكم/ محمد بن المختار الشنقيطي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/243)
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 05:23 م]ـ
من يناظرك طلبة علم بأسمائهم الصريحة. فدع عنك التهرب.
ولا نسمح لك بالدعاية لكتابك الذي احتوى على انحرافات ستُبين لك إن شاء الله؛ إلا بعد تعديله؛ ثم نعدك أن نعمل له تعريفًا ودعاية مجانية!
=======
فدع التهرب وأكمل ما طالبتنا به ..
ـ[الشافعي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 07:25 م]ـ
(تم الحذف من قبل المشرف)
(الأخ الشافعي:
1 - أرجو ترك التعليق كما ذكرت سابقًا حتى يفرغ أهل المناظرة من مناظرتهم.
2 - يظهر أنك لم تقرأ كلام الشنقيطي عن طبعته الجديدة وإلا لما استعجلت في قولك بأننا نعتمد على طبعة مبتورة .... الخ كلامك!!
الشنقيطي يقول لك ولغيرك بصريح العبارة في تعليق له سابق:
(((أما الرسالة فلم أغير فيها حرفا واحدا في طبعتها الجديدة، كل ما في الأمر أن الناشر أثبت الإحالات بعد أن غضبت عليه من حذفها)))!!!
ونحن لم ننازعه في الإحالات، إنما نازعناه في المضمون ..
فلا تتعجل وفقك الله، وزن كلامك.
رابط كلام الشنقيطي http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=23404&page=2
تعليق 23
وفقك الله للخير ..
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 08:26 م]ـ
السلام عليكم أخي الكريم المشرف العام والأخوين سليمان وعبد الله
هنيئا لكم النصر من غير قتال ..
لقد وعد النبي صى الله عليه وسلم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وهو محق، وذلك البيت أحب إلي من الكتاب وما فيه. لقدوجدت أن طريقتكم في الذب عن السنة هي ما رأيت من حجب حديث المحاور، والتستر على هوية أصحابكم بعد أن نشرتم تعريفا طويلا عريضا بشخصي المتواضع، رغم أن الأخوين اللذين ردا علي - إن كانا موجودين فعلا- ليسا معروفين بنشر علمي يعرفهما به القاصي والداني، رغم احترامي لهما ولكل مسلم ...
فلم تعد لدي رغبة في المناظرة مع من هدفه المراء وأسلوبه المصادرة.
ومرة أخرى هنيئا لكم النصر من غير قتال. وستجد السنة من يذب عنها ممن هو أكثر تواضعا وأقل تبجحا.
أما الراغبون في قراءة الكتاب وإبداء الملاحظات العلمية عليه فسيجدونه على الإنترنت قريبا بإذن الله.
والله يحفظكم
أخوكم/ محمد بن المختار الشنقيطي
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 09:38 م]ـ
هل نعد هذا تهربًا منك يا أستاذ محمد؟!
كان الأحرى بك أن تتواضع للحق ولإخوانك، وتتقبل ملحوظاتهم على رسالتك بعد أن يبينوا لك بالأدلة ما وقعت فيه من أخطاء وتجاوزات.
ومع هذا فقد تنزلنا معك عندما طلبت المناظرة، فوافقنا عليها على الفور.
ثم ها أنت تتعنت بأنني والأخ عبدالله غير معروفين لديك!
ولا أدري: هل من شروط قَبول الحق إذا ما بُين بأدلته أن يُعرف (أصل) صاحبه و (فصله) كما يُقال؟!
======
ومع هذا: سنتنزل معك في هذه؛ وأقول لك عن نفسي: راجع صفحتي على هذا الرابط فلعل فيها ما يفيدك: http://saaid.net/Warathah/Alkharashy/index.htm
=====
وأما عن الأخ عبدالله فليعرف بنفسه.
=====
وأما عن رسالتك فنحن لسنا في مقام الدعاية لها؛ حتى تُصلح ما بها من أخطاء؛ ثم أبشر بما يسرك.
وفقك الله للحق ..
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[02 - 01 - 05, 12:43 ص]ـ
وأذكرك بقول شيخ الإسلام - رحمه الله - وهو عمدتك في رسالتك؛ عندما قال في "الحموية" ص 153 من مجموعة "شذرات البلاتين" ط/ دار القلم:
(وليس كل من ذكرنا شيئاً من قوله من المتكلمين وغيرهم، نقول بجميع ما يقول في هذا وغيره، ولكن الحق يُقْبل من كل من تكلم به، وكان معاذ يقول في كلامه المشهور عنه الذي رواه أبو داود في "سننه": "اقبلوا الحق من كل من جاء به، وإن كان كافراً –أو قال فاجراً-).
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[02 - 01 - 05, 02:24 ص]ـ
عبد الله بن الشيخ بن أربيه الملقب: (ابن عمر).
من مواليد 1394.
حافظ لكتاب الله، وطلبت العلم على عدة مشايخ من الشناقطة.
أخذت عنهم النحو وبعض المتون الفقهية على مذهب مالك.
وأخذت علم الحديث عن الشيخ حاتم الشريف.
وأنا معروف يعرفني شيخك الشيخ محمد الحسن الددو جيدا، وجميع أصحابك الموجودين في الحجاز.
ويعرفني أكثر الشباب السلفي في موريتانيا، وكثير من مرتادي هذا المنتدى المبارك يعرفونني.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/244)
وللعلم ما اعتذرت به غير مقبول لأن طالب الحق لا ينظر إلى الرجال وإنما ينظر إلى ما قالوا هل هو حق أو باطل؟ وكما قيل أعرف الحق تعرف أهله، وأعرف الرجال بالحق ولا تعرف الحق بالرجال.
وعلى العموم، أنا لم آت بشيء من عندي، وإنما نقلت أقوال أهل العلم: الشافعي، وابن أبي حاتم، وابن حبان، والخطيب البغدادي هل هؤلاء مجاهيل لا يؤخذ عنهم العلم.
أم الأمر أمر الثعلب والعنب لما عجز عنه، قال إنه مر.
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[03 - 01 - 05, 10:45 ص]ـ
في هذه الوقفة سأ تناول ما طرح المؤلف حول مصطلح سب الأصحاب وقصره على اللعن دون غيره من باقي أنواع السب.
قال في ص 149
"إن مصطلحات " السب " و " الشتم " و " الذم " في سياق الفتن السياسية في صدر الإسلام لا تعني شيئا آخر غير اللعن، رغم إن هذه الألفاظ في وضعها اللغوي تشمل ما دون ذلك من أية أوصاف مستهجنة ".
والنقاش سيتركز على النقاط التالية.
1ـ هل للكاتب سلف في هذا القول.
2ـ خطورة هذا القول والكاتب نموذج.
3ـ مناقشة تمويهات الكاتب في استدلالاته لما ذكر.
لن أ ناقش المؤلف في المعنى اللغوي للسب ب فقد اعترف أنه في معناه اللغوي يشمل اللعن وغيره من الأوصاف المستهجنة، لكن أنا قشه في إخراجه المعنى اللغوي دون أي دليل، ومعلوم أن الألفاظ الشرعية واردة بلغة العرب، فالأصل بقاء المعنى اللغوي حتى يأتي ما يدل على نقله إلى المعنى الشرعي، أو العرفي، ولا بد لمن ادعى أحد المعنيين المتقدمين أن يأتي لما قال بدليل شرعي إن كان المعنى شرعيا، أو عرفي عن أهل الاصطلاح الذين جعلوه مصطلحا عرفيا ولم يأت الكاتب بأي من الدليلين فيبقى المعنى على ما تدل عليه اللغة.
===========
والحقيقة المؤلمة أنني لم أجد للكاتب في هذا القول سلفا، مع خطورة القضية ووجود نص صحيح صريح فيها، وكثرة بحث أهل العلم لها، واختلافهم في تكفير الساب، مما يجعل توضيح القضية واجبا عليهم، فهم مطبقون على أن كل ما يسمى سبا يحرم التلفظ به في جانب الصحابة،وعدوه كبيرة من الكبائر، وفصلوا أنواع السب تفصيلا بينا، فلو كان السب المحرم في جانب الصحابة هو اللعن فقط ولم يبينه هؤلاء العلماء وينصوا عليه لكانوا للعلم كاتمين ولعباد الله ظالمين إذ كفروهم بغير مكفر، وفسقوهم بغير ذنب.
===========
وهذه نصوصهم على خلاف ما ذكر الكاتب. وفي تفسير القرطبي
"وقيل لمالك بن أنس رضي الله عنه من السفلة قال الذي يسب الصحابة "
تفسير القرطبي 9/ 24
: قال الإمام أحمد رحمه الله: " لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساوئهم، ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا بنقص، فمن فعل ذلك وجب على السلطان تأديبه وعقوبته، ليس له أن يعفو عنه، بل يعاقبه ويستتيبه، فإن تاب قبل منه، وإن ثبت عاد عليه بالعقوبة، وخلده الحبس حتى يموت أو يرجع ". طبقات الحنابلة 1/ 24
السنة للخلال.
وقال أبو عبدالله من تنقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينطوي إلا على بلية وله خبيئة سوء إذا قصد إلىخير الناس وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حسبك
وفي الكفاية للخطيب البغدادي:
" أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى الهمذاني ثنا صالح بن احمد الحافظ قال سمعت أبا جعفر أحمد بن عبدل يقول سمعت احمد بن محمد بن سليمان التستري يقول سمعت أبا زرعة يقول إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق وانما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وانما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة "
الكفاية في علم الرواية ج 1 ص 51
وقال الإمام أبو نعيم رحمه الله: " فلا يتتبع هفوات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وزللهم ويحفظ عليهم ما يكون منهم حال الغضب والموجدة إلا مفتون القلب في دينه ". (الإمامة لأبي نعيم 344).
قال البهيقي رحمه الله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/245)
"وإذا ظهر أن حب الصحابة من الإيمان فحبهم أن يعتقد فضائلهم ويعترف لهم بها ويعرف لكل ذي حق منهم حقه ولكل ذي غناه في الإسلام منهم غناه ولكل ذي منزلة ثم رسرل الله ص منزلته وينشر محاسنهم ويدعو بالخير لهم ويقتدي بما جاء في أبواب الدين عنهم ولا يتبع زلاتهم وهفواتهم وتعمد تخير أحد منهم ببنيه عنه ويسكت عما لا تقع ضرورة إلىالخوض فيه مما كان بينهم وبالله التوفيق
عن أبي بكر بن عياش في أوصاف أهل السنة والجماعة ومن كف عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيما اختلفوا فيه فلم يذكر أحدا منهم إلا بخير "
شعب الإيمان 2/ 192
قال شيخ الإسلام:
"قال القاضي: ابو يعلى فقد اطلق القول فيه أنه يكفر بسبه لاحد من الصحابة وتوقف في رواية عبد الله وابي طالب عن قتله وكمال الحد وايجاب التعزير يقتضي أنه لم يحكم بكفره قال فيحتمل أن يحمل قوله ما اراه على الاسلام اذا استحل سبهم بأنه يكفر بلا خلاف ويحمل اسقاط القتل على من لم يستحل ذلك بل فعله مع اعتقاده لتحريمه كمن ياتي المعاصي قال ويحتمل أن يحمل قوله ما اراه على الاسلام على سب يطعن في عدالتهم نحو قوله ظلموا وفسقوا بعد النبي واخذوا الامر بغير حق ويحمل قوله في اسقاط القتل على سب لا يطعن في دينهم نحو قوله كان فيهم قلة علم وقلة معرفة بالسياسة والشجاعة وكان فيهم شح ومحبة للدنيا ونحو ذلك قال ويحتمل أن يحمل كلامه على ظاهره فتكون في سابهم روايتان احداهما يكفر والثانية يفسق وعلى هذا استقر قول القاضي وغيره حكوا في تكفيرهم روايتين.
الصارم المسلول ج: 3 ص: 1065
قال القرطبي في تفسيره:
"الخامسة روى أبو عروة الزبيري من ولد الزبير كنا عند مالك بن أنس فذكروا رجلا ينتقص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ مالك هذه الآية محمد"
ثم قال _ بعد أن ذكر الأدلة المحرمة لسبهم ـ:
"والأحاديث بهذا المعنى كثيرة فحذار من الوقوع في أحد منهم"
تفسير القرطبي ج16/ص298
قال القرطبي:
"الثانية هذه الآية دليل على وجوب محبة الصحابة لأنه جعل لمن بعدهم حظا في الفيء ما أقاموا على محبتهم وموالاتهم والاستغفار لهم وأن من سبهم أو واحدا منهم أو اعتقد فيه شرا أنه لا حق له في الفيء روى ذلك عن مالك وغيره قال مالك من كان يبغض أحدا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أو كان في قلبه عليهم غل فليس له حق في فيء المسلمين ثم قرأ والذين جاءوا من بعدهم "
تفسير القرطبي 18/ 32 قال النووي:
"واعلم أن سب الصحابة رضي الله عنهم حرام من فواحش المحرمات سواء من لابس الفتن منهم وغيره لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون كما أوضحناه في أول فضائل الصحابة من هذا الشرح قال القاضي وسب أحدهم من المعاصي الكبائر ومذهبنا ومذهب الجمهور أنه يعزر ولا يقتل وقال بعض المالكية يقتل"
شرح النووي على صحيح مسلم 16/ 93
قال شيخ الإسلام بن تيمية:
"ونحن نرتب الكلام في فصلين احدهما في حكم سبهم مطلقا والثاني في تفصيل احكام السب أماالاول فسب أصحاب رسول الله حرام بالكتاب والسنة أماالاول فلإن الله سبحانه يقول ولا يغتب بعضكم بعضا وأدنى أحوال الساب لهم أن يكون مغتابا وقال تعالىويل لكل همزة لمزة والطاعن عليهم همزة لمزة ..... "
الصارم المسلول 3/ 1067
ثم ذكر شيخ الإسلام الأدلة من القرآن والسنة على حرمة سب الصحابة وعقوبة الساب وأدلة كل من قال أنه يؤدب ومن قال يقتل، ولا زم قول الساب من الطعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبسط المسألة بما لا يسع المقام ذكره هنا.
قال:
"وأما من سبهم سبا لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم أو عدم الزهد ونحو ذلك فهذا هو الذي يستحق التاديب والتعزير ولا يحكم بكفره بمجرد ذلك وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من العلماء وأمامن لعن وقبح مطلقا فهذا محل الخلاف فيهم لتردد الامر بين لعن الغيظ ولعن الاعتقاد"
الصارم المسلول 3/ 1110
وقد عد الذهبي سب الصحابة من الكبائر في كتابه الكبائر (ص233 - 237)
قال ابن كثير:
"وقد ذهب طائفة من العلماء إلىتكفير من سب الصحابة وهو رواية عن مالك بن أنس رحمه الله وقال محمد بن سيرين ما أظن أحدا يبغض أبا بكر وعمر وهو يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه الترمذي 3685
تفسير ابن كثير ج: 1 ص: 487
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/246)
قال ابن السبكي: ((أجمع القائلون بعدم تكفير من سب الصحابة على أنهم فساق)). فتاوى السبكي 2/ 580
قال الشيخ سليمان العلوان:
"ولا أحسب أحداً ينقب عن عثرات الصحابة ويبحث لهم عن الزلات المبنية على الشبه الواهية إلا وقد رخص عليه دينه".
الاستنفار للذب عن الصحابة الأخيار ص 50
===============
فاتضح بهذه النصوص: أن أهل العلم جعلوا كل تنقص للصحابة سبا، وأمروا بتأديب فاعله فأين ما ادعاه الكاتب من أن اللعن فقط هو السب المنهي عنه؟؟ ليفتح الباب أمام كل متطاول على الصحابة أن يقول فيهم ما يشاء من السب، لكن لا يلعن كما فعل هو!!
خطورة القول الذي تبناه الكاتب، تحايل على النص النبوي الناهي عن سب الصحابة، تسوغ سب الصحابة لكن لا تلعن وقل بعد ذلك ما شئت من أنواع السب، واتهم أبا بكر بأنه قاتل أهل الردة من أجل الملك، ووو، ولا أظن أن الرافضة كانوا يحلمون في يوم من الأيام أن يأتي سني ويهدي لهم هذه الهدية، لا بأس بشتم الصحابة ما لم يكن هناك لعن.
==================
و الكاتب مثالا لما تقدم فهو أول ضحايا قاعدته هذه فقد سب بعض الصحابة وجدع وهذه أمثلة من كتابه، بين الكاتب أنه ألف كتابه لبيان كيف أدخل معاوية هذه الأمة في تيه الاستبداد وبدون هذا الإدراك؛فإن الأمة ستظل في هذا التيه، فهي لا يمكن أن تخرج منه إلا إذا فضحت المستبدين، ولا يمكن ذلك إذا كان المستبدين من الصحابة الذين أدخلوها في هذا التيه مسكوت عنهم بل يبرر ما فعلوا، كذا زعم.
قال في مقدمة كتابه ص 29
"فإن الأولوية اليوم هي كشف فضائح المستبدين، وتجريدهم من أي شرعية أخلاقية أو تاريخية.
... لكن كشف فضائح المستبدين المعاصرين غير ممكن ما دام الحديث عن الانحرافات السياسية التي بدأت في عصر الصحابة مطبوع بطابع التبرير والدفاع، لا بطابع الدراسة المجردة الهادفة إلى الاعتبار، وما دام الحديث عن تلك الفتن والخلافات السياسية يتحكم فيه فقه التحفظ، لا التقويم."!!!
وقال في ص 37
"ومهما يرهق الباحث نفسه في تأصيل العدل في الحكم والقسم، فسيحج من المصابين بداء التجسيد من يحتج عليه قولا أو فعلا بعمل بعض الأكابر الذين آثروا أقاربهم بالولايات والأموال. ومهما يرهق نفسه في الحديث عن حق الأمة في اختيار قادتها، فسيجد من يحاججه قولا أو فعلا بعمل بعض الأكابر الذين ورثوا أبناءهم السلطة.
وليس من حل لهذه الأزمة الفكرية والعلمية سوى التقيد بوصية النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه " قول الحق وإن كان مرا "، وتسمية الأخطاء بأسمائها دون مواربة، وخصوصا أخطاء الأكابر الذين هم محل القدوة والأسوة من أجيال الأمة. "
هذان النصان واضحان يبين فيهما الكاتب أنه إنما قصد بتأليف كتابه ذكر هفوات الصحابة، والطعن بها عليهم، وهو ما فعله في كتابه.
وقد تركز طعنه على شخصيتين هما معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاصي رضي الله عنهما.
قال عن معاوية في 68
والآخذين بالمنهج التأصيلي يحاكمونه إلى المبادئ الإسلامية الأصيلة التي انبنت عليها دولة النبوة والخلافة الراشدة فيميلون إلىانتقاده. وهذا أمر منطقي كذلك نظرا للثغرات الكبيرة التي دخلت على نظام الحكم الإسلامي على يديه.
وقال عنه في ص 80
تحت عنوان الإقرار بثقل الإرث الجاهلي.
ولقد كان للأعراف الاجتماعية والتاريخية تأثيرا بالغا في إشعال الفتن السياسية بين الصحابة رضي الله عنهم وليس مما يستغرب أن يكون معاوية هو أول من حول الخلافة إلى ملك، فقد أمضى شطر عمره في بيت السيادة في قريش، وشطره الثاني على حدود دولة الروم.
ص 125
وتفسير حرب صفين بأسبابها الحقيقية وهي مطامح الملك لدي معاوية وعمرو، وتجاوزهما حدود الشرع في الدماء والجنايات في الطريقة التي طلبا بها الأخذ بدم عثمان.
وقوله ص 175 بعد أن ذكر مراسلة بين معاوية وأبي موسى الأشعري.
وتكشف هذه المراسلة عن الفرق بين تصور أبي موسى الأشعري لموضوع الخلافة الذي اعتبره جسيم أمر هذه الأمة. يخاف ربه إذا سأله عنه، وبين تصور معاوية الذي لم يكن يرى بأسا بالاستيلاء عليها بتوزيع العطايا والمناصب وإشهار السيوف والرماح.
وقوله في ص 179
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/247)
وهو يتحدث عما أحدث معاوية من خرق في الحكم: وأخرج بناء السلطة من إطار مبادئ الشرع: كالشورى والبيعة والعدل .. إلى منطق القوة وقانون الغاب.
وقال في ص 85 فلو أن دارسا يكتب في نطاق صفة القوة مثل الخبرة العسكرية أو العبقرية الإدارية أو الدهاء السياسي، لوجد لدى شخصيات مثل عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان ما يستحق الإشادة والثناء دون ريب بل لوجدهم على قمة من عرفهم التاريخ البشري من القادة السياسيين والعسكريين والإداريين. لكن نفس الدارس لو كتب عن موضوعات تدخل في نطاق الأمانة مثل الشرعية السياسية، أو العدل في القسم والحكم، أو الزهد في الولايات العامة، وعدم الإيثار أو الاستئثار بها .. لوجد لدى تلك الشخصيات ذاتها ما يستحق النقد حقا لا ادعاء.
وقال عن خالد بن الوليد في ص84
إن منطق التكامل هو الذي دفع الصديق إلى التشبث بخالد في وقت ارتداد العرب ورميهم الإسلام عن قوس واحدة، رغم أنه كان لدى الصديق مآخذ على خالد منها سيفه المرهق وتصرفه في المال وتقدمه على الخليفة.
ورفض بعض فضائل معاوية كتولية عمر له.
قال في ص 109
صحيح إن مجرد تولية عمر لأي شخص لا تعني براءته من ارتكاب ظلم أو إتيان معصية، ..
وقال في ص 143
عن عثمان أنه آثر أهله وأقرباءه بالمناصب والمال.
ووصل به الاندفاع إلى حد جعله يجعل معاوية وعمرو بن العاص أشد خطرا في جانب الانحراف المتعلق بالخلافة من الخوارج.
قال في ص 157
ـ وهو يتحدث عن أخطاء علي رضي الله عنه السياسية ومنها عدم مدارات الخوارج ـ
" وأن يداري الخوارج ويخليهم وشأنهم وهو مهدد من طرف عدو أقوى منهم وأحسن تنظيما وتخطيطا، وأخطر على نظام الخلافة الذي كان لخوارج ـ على انحرافهم يؤمنون به إيمانا راسخا.
ولا تنس أن الخوارج كفروا عليا وكل الصحابة فما أدري ما هذه الخلافة التي يؤمنون بها ومن سيكون الخليفة فيها.
وأكبر مناقب علي التي امتدحه الرسول صلى الله بها وطائفته قتالهم للخوارج الذي جعله الكاتب من أخطئه السياسية.
قال في رده على ابن تيمية قوله إن معاوية وعمر لم يقاتلا من أجل الملك في ص 181
" لقد كان حري بابن تيمية هنا أن يعترف ـ كما فعل دائما ـ بالطبيعة المركبة للفتنة، وباختلاط الشبهات والشهوات فيها، ويقبل أن دوافع معاوية وعمرو لم تكن مجرد شبهة الاقتصاص للخليفة الشهيد، بل خالطتها شهوة الملك وحب الدنيا.
وقال ردا على ابن تيمية قوله المتقدم ص 178
" إن كل هذه النصوص تدل على أن معاوية سعى إلى الملك بالفعل وبالقول، وصرح بمطامعه في قيادة الأمة دون لبس. فالقول بعد ذلك أنه لم ينازع عليا الخلافة ولا سعى إليها .. تكلف بارد كان الأولى بشيخ الإسلام ابن تيمية أن يتنزه عنه.
على أن دور معاوية أكبر من مجرد الخروج على الجماعة ومنازعة الأمر أهله. فهو الذي أرسى نظام الملك بديلا عن دولة الخلافة، فسن في الإسلامي تلك السنة السيئة، وفتح بها أبوابا من المظلم التي لم تتوقف، ومن الدماء آلتي لم تجف منذ أربعة عشر قرنا، وأخرج بناء السلطة من إطار مبادئ الشرع: كالشورى والبيعة والعدل .. إلى منطق القوة وقانون الغاب، وهو أمر لا يزال المسلون يعيشون مساوئه إلى اليوم.
فسواء تأولنا لمعاوية في مواقفه خلال الفتنة أم لم نتأول، فإن سلوكه السياسي اللاحق ليس مما يمكن التأويل له، وهو سلوك كان أبعد على الإسلام و المسلمين من الفتنة ذاتها، بل من أي حدث تارخي خلال أربعة عشرة المنصرمة. فقد كانت الفتنة التي قادها معاوية هدما لأركان الخلافة الراشدة، لكن ما فعله معاوية بعد الفتنة من توريث السلطة لابنه بالترغيب والترهيب كان أسوأ أثرا، لأنه إرساء لبناء جديد منحرف على أنقاض تلك الخلافة، وسد لأبواب استردادها. فليتكلف المتكلفون ما شاءوا في تأويلهم لما حدث أثناء الفتنة، لكنهم لن يجدوا ما يتأولونه لما حدث بعد ذلك، إذا كانوا حقا ممن يجعل قدسية المبادئ فوق مكانة الأشخاص. "
=================
ليس القصد من هذه النقول هنا الرد عليها، وإنما المقصود منها إثبات أن محمد بن المختار الشنقيطي ألف كتابه من أجل سب الصحابة وتنقصهم وقد فعل ذلك شاء من شاء وأبى من أبى.
=================
تمويه المؤلف:
لما أراد المؤلف أن يؤصل لقاعدته المتقدمة لم تسعفه النصوص الشرعية، ولا الفقهية ولا كلام شراح الحديث ولا كتب المقالات، ففكر وقدر؛ فوجد حديثا في صحيح مسلم، في قصة أحد أمراء بني أمية طلب من سهل بن سعد أن يشتم عليا فأبى، فلعن الأمير عليا، فطار بها وجعلها دليلا مع أنه لا دلالة فيها. واستعجل أن يراجع بعض طرق الحديث لتبيين ما طلبه الأمير من سهل، فقد بينت رواية ابن حبان للقصة ما طلب الأمير من سهل " عن سهل بن سعد أن رجلا جاءه فقال هذا فلان أمير من أمراء المدينة يدعوك لتسب عليا على المنبر قال أقول ماذا قال تقول له أبو تراب فضحك سهل فقال والله ما سماه إياه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان لعلي اسم أحب إليه منه دخل علي على فاطمة ثم خرج فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة فقال أين بن عمك قالت هو ذا مضطجع في المسجد فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فوجد رداءه قد سقط عن ظهره فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح التراب عن ظهره ويقول اجلس أبا تراب والله ما كان سم أحب إليه منه ما سماه إياه إلا رسول الله صلى لله عليه وسلم.
صحيح ابن حبان ج 15 ص 368
فهو لم يطلب منه إلا أن يسمي عليا باسم ظن أن له فيه تنقصا.
ثم موه بقصة يزيد ولا دليل فيها لعدة أمور، أولا يزيد ليس صحابيا، ثانيا لا يعد الخلاف حول لعنه الخلاف في لعن المعين المسلم.
فلا علاقة للقصة بسب الصحابة، وقصره على اللعن كما أراد الكاتب.
والله أعلم وإلى وقفة أخرى من هذه الوقفات المباركة.
وأعتذر للمتابعين الكرام عن تأخر هذه الوقفة، وسبب ذلك أنا كنا ننتظر جواب الكاتب على الوقفة السابقة.
محبكم / عبد الله الشنقيطي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/248)
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[06 - 01 - 05, 03:27 ص]ـ
في هذه الوقفة سنتناول إخراج المؤلف مسألة فضل الصحابة، وعدالتهم من جمل قطعيات الدين، وزعمه أن المدخل لها في ذلك غال لا يميز بين الوحي والتاريخ.
قال في ص 130
"وإذا كان الصحابة رضي الله عنهم وهم يتقاتلون لم يصوغوا خلا فاتهم السياسية بلغة الكفر والإيمان، فحري بالباحثين اليوم أن يتقيدوا بذلك، ولا يخلطوا بين الوحي والتاريخ.
فحسن التناول يقتضي من الدارس للخلافات السياسية بين الصحابة ـ وبين المسلمين عموما ـ أن يضع حدا فاصلا بين كليات العقيدة وفروع الدين، وأن لا يحول الفرع إلى أصل، فيقع في الغلو، ويحيد عن الجادة ".
و المسائل موضع النقاش.
1 ـ تقسيم الدين إلى فروع وأصول.
2ـ ما ذا يقصد الكاتب بقوله إن الصحابة لم يصوغوا خلافاتهم لغة الكفر والإيمان.
3ـ هل مسألة فضل الصحابة وعدالتهم من جمل قطعيات الدين.
أولا تقسيم الدين إلى أصول وفروع من خزعبلات المتكلمين التي لم يدل عليها كتاب ولا سنة ولا قول صاحب، بل كل هذه الأصول تدل على خلافه.
وأفضل من بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية فقال مبينا هذه القضية:
"والفرق بين مسائل الأصول والفروع إنما هو من أقوال أهل البدع من أهل الكلام من المعتزلة والجهمية ومن سلك سبيلهم. وانتقل هذا القول إلى أقوام تكلموا بذلك في أصول الفقه، ولم يعرفوا حقيقة هذا القول ولا غوره.
قالوا: والفرق في ذلك بين مسائل الأصول والفروع كما أنه بدعة محدثة في الإسلام، لم يدل عليها كتاب ولا سنة ولا إجماع، بل ولا قالها أحد من السلف والأئمة، فهي باطلة عقلا؛ فإن المفرقين بين ما جعلوه مسائل أصول ومسائل فروع لم يفرقوا بينهما بفرق صحيح يميز بين النوعين، بل ذكروا ثلاثة فروق أو أربعة كلها باطلة.
فمنهم من قال: مسائل الأصول هي العلمية الاعتقادية التي يطلب فيها العلم والاعتقاد فقط، ومسائل الفروع هي العملية التي يطلب فيها العمل.
قالوا: وهذا فرق باطل فإن المسائل العملية فيها ما يكفر جاحده، مثل وجوب الصلوات الخمس والزكاة وصوم شهر رمضان وتحريم الزنا والربا والظلم والفواحش. وفي المسائل العلمية مالا يأثم المتنازعون فيه، كتنازع الصحابة: هل رأى محمد ربه؟ وكتنازعهم في بعض النصوص: هل قاله النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ وما أراد بمعناه؟ وكتنازعهم في بعض الكلمات: هل هي من القرآن أم لا؟ وكتنازعهم في بعض معاني القرآن والسنة: هل أراد الله ورسوله كذا وكذا؟ وكتنازع الناس في دقيق الكلام: كمسألة الجوهر الفرد، وتماثل الأجسام، وبقاء الأعراض، ونحو ذلك؛ فليس في هذا تكفير ولا تفسيق.
قالوا: والمسائل العملية فيها علم وعمل، فإذا كان الخطأ مغفورا فيها، فالتي فيها علم بلا عمل أولى أن يكون الخطأ فيها مغفورا.
ومنهم من قال: المسائل الأصولية هي ما كان عليها دليل قطعي، والفرعية ما ليس عليها دليل قطعي.
قال أولئك: وهذا الفرق خطأ أيضا، فإن كثيرا من المسائل العملية عليها أدلة قطعية عند من عرفها، وغيرهم لم يعرفها، وفيها ما هو قطعي بالإجماع، كتحريم المحرمات الظاهرة، ووجوب الواجبات الظاهرة ..
ومنهم من فرق بفرق ثالث، وقال: المسائل الأصولية هي المعلومة بالعقل، فكل مسألة علمية استقل العقل بدركها، فهي من مسائل الأصول التي يكفر أو يفسق مخالفها. والمسائل الفروعية هي المعلومة بالشرع. قالوا: فالأول كمسائل الصفات والقدر، والثاني كمسائل الشفاعة وخروج أهل الكبائر من النار.
فيقال لهم: ما ذكرتموه بالضد أولى؛ فإن الكفر والفسق أحكام شرعية، ليس ذلك من الأحكام التي يستقل بها العقل. فالكافر من جعله الله ورسوله كافرا، والفاسق من جعله الله ورسوله فاسقا، كما أن المؤمن والمسلم من جعله الله ورسوله مؤمنا ومسلما، والعدل من جعله الله ورسوله عدلا، والمعصوم الدم من جعله الله ورسوله معصوم الدم، والسعيد في الآخرة من أخبر الله ورسوله عنه أنه سعيد في الآخرة، والشقي فيها من أخبر الله ورسوله عنه أنه شقي فيها، والواجب من الصلاة والصيام والصدقة والحج ما أوجبه الله ورسوله، والمستحقون لميراث الميت من جعلهم الله ورسوله وارثين، والذي يقتل حدا أو قصاصا من جعله الله ورسوله مباح الدم بذلك،والمستحق للفيء والخمس من جعله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/249)
الله ورسوله مستحقا لذلك، والمستحق للموالاة والمعاداة من جعله الله ورسوله مستحقا للموالاة والمعاداة، والحلال ما أحله الله ورسوله، والحرام ما حرمه الله ورسوله، والدين ما شرعه الله ورسوله فهذه المسائل كلها ثابتة بالشرع.
وأما الأمور التي يستقل بها العقل فمثل الأمور الطبيعية، مثل كون هذا المرض ينفع فيه الدواء الفلاني، فإن مثل هذا يعلم بالتجربة والقياس وتقليد الأطباء الذين علموا ذلك بقياس أو تجربة. وكذلك مسائل الحساب والهندسة ونحو ذلك، هذا مما يعلم بالعقل. "
منهاج السنة النبوية ج: 5/ 87 / 91
ولنأخذ مثلا من التعريفات التي ذكر شيخ الإسلام، قضية القطعية، فلا شك أن فضل الصحابة وعدالتهم قطعية فقد وردت في القرآن، ولا شك في قطعية كل ما ورد في القرآن، وتواترت بها السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكرها العلماء في جمل قطعيات الدين؛ ولهذا وضع الذين قسموا الدين إلى أصول وفروع مسألة الصحابة من الأصول كما فعل الغزالي في قواعد العقائد ج: 1 ص: 227
والآمدي غاية المرام ج: 1 ص: 390
والأشعري في رسالة إلى أهل الثغر ج: 1 ص: 303
وأما قوله إن الصحابة لم يصوغوا خلافاتهم السياسية لغة الكفر والإيمان. إن كان يقصد أنهم لم يكفر بعضهم بعضا فهذا صحيح. ونحن نقول لا يجوز اعتقاد فسق أحد منهم فضلا عن تكفيره.
أو كان يقصد أنهم لم يجعلوا ما جعله الأئمة من العقيدة من وجوب السكوت عن سبهم، أو تنقص من شارك منهم في الفتنة، واعتقاد فضل الصحابة وعدالتهم، ووجوب حبهم؛ فهذا خطأ بين على الصحابة تبين المنقولات التالية عنهم خطأه.
أخرج الحاكم وصححه عن سعيد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال: "الناس على ثلاثة منازل، فمضت منزلتان، وبقيت واحدة، فأحسن ما أنتم عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت. قال: ثم قرأ: {للفقراء المهاجرين} إلىقوله: {رضوانا} فهؤلاء المهاجرون. وهذه منزلة قد مضت {والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم} إلىقوله: {ولو كان بهم خصاصة}. قال: هؤلاء الأنصار. وهذه منزلة قد مضت. ثم قرأ: {والذين جاءوا من بعدهم} إلىقوله: {ربنا إنك رءوف رحيم} قد مضت هاتان وبقيت هذه المنزلة، فأحسن ما أنتم كائنون عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت. يقول: أن تستغفروا لهم" رواه الحاكم 2/ 3484 وصححه).
وقالت عائشة رضي الله عنها: ((أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فسبوهم)) (رواه مسلم في كتاب التفسير-حديث [3022] صحيح مسلم 4/ 2317).
وعن مجاهد، عن ابن عباس، قال: ((لا تسبوا أصحاب محمد، فإن الله قد أمر بالاستغفار لهم، وقد علم أنهم سيقتتلون)) رواه أحمد في الفضائل رقم (18)
قال ابن عمر: ((لا تسبوا أصحاب محمد، فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم أربعين سنة)). (رواه أحمد في فضائل الصحابة 1/ 61 وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة 1/ 32).
وروى مسلم في صحيحه (3/ 1461) بإسناده إلىالحسن بن عائذ بن عمرو وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، دخل على عبيد الله بن زياد فقال: أي بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن شر الرعاء الحطمة)، فإياك أن تكون منهم، فقال له اجلس فإنما أنت من نخالة – أي من قشور أو حثالة - أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: وهل كانت لهم نخالة، إنما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم.
كون عدالة الصحابة، وفضلهم، وحرمة سبهم، ووجوب محبتهم، وحمل أعمالهم إلى أحسن الوجوه من كليات الدين وقطعياته لا شك فيه لهذا فقد ذكرها جميع أهل العلم الذين صنفوا في جمل الدين وقطعياته التي يجب على المسلم أن يعتقدها.
قال محمد بن عبد الله في كتابه اعتقاد أهل السنة في الصحابة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/250)
ولا يمكن أن نجد كتاباً من كتب أهل السنة التي تبحث جوانب العقيدة المختلفة إلا ونجد هذا المبحث؛ ككتاب ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة)) اللالكائي و ((السنة)) لابن أبي عاصم، و ((السنة)) لعبد الله أحمد بن حنبل، و ((الأبانة)) لابن بطة، و ((عقيدة السلف أصحاب الحديث)) للصابوني. . وغيرها. بل كل إمام من أئمة السنة حينما يذكر عقيدته ولو في ورقة واحدة أو أقل، لا بد وأن يشير إلى موضوع الصحابة؛ إما من جهة فضلهم، أو فضل الخلفاء الراشدين، أو من جهة عدالتهم، والنهي عن سبهم والطعن فيهم، أو الإشارة إلى الكف والإمساك عما شجر بينهم. . الخ (راجع على سبيل المثال: ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة)) للألكائي (ت 418 هـ) (10/ 151 - 186) حيث ذكر المؤلف عقيدة عشرة من كبار أئمة أهل السنة، أشاروا إلى ما ذكرت، وقد حققه د. أحمد سعد حمدان الغامدي).
قال راقم هذه الحروف: وقد صنف شيخ الإسلام العقيدة الواسطية، وقال عنها إنها عقيدة جميع السلف والصحابة، وذكر فيها مسألة الكف عما شجر بين الصحابة.
وليضف الكاتب جميع أهل العلم الذين ذكر ابن تيمية أنهم أدخلوا مسألة الصحابة في الاعتقاد إلى خانة الغلاة.
قال شيخ الإسلام ـ في مناظرته مع الفقهاء الذين أنكروا عليه بعض الأشياء في العقيدة الواسطية ـ:
"ولما رأى هذا الحاكم العدل: ممالاتهم، وتعصبهم، ورأى قلة العارف الناصر، وخافهم قال: أنت صنفت اعتقاد الإمام أحمد، فنقول هذا اعتقاد احمد، يعنى والرجل يصنف على مذهبه فلا يعترض عليه ن فإنه ذا مذهب متبوع، وغرضه بذلك قطع مخاصمة الخصوم.
فقلت: ما جمعت إلا عقيدة السلف الصالح جميعهم، ليس للإمام أحمد اختصاص بهذا، والإمام أحمد إنما هو مبلغ العلم الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، ولو قال أحمد من تلقاء نفسه ما لم يجئ به الرسول لم نقبله، وهذه عقيدة محمد صلى الله عليه وسلم!!
وقلت مرات: قد أمهلت كل من خالفني في شيء منها ثلاث سنين، فإن جاء بحرف واحد عن أحد من القرون الثلاثة ـ التي أثنى عليها النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: "خير القرون القرن الذي بعثت فيه، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" يخالف ما ذكرته فأنا أرجع عن ذلك"
مجموع فتاوى ابن تيمية ج: 3 ص: 169
وقد بين شيخ الإسلام أن هذه المسألة من جملة قطعيات الدين التي تقاتل الجماعة التي لا تلتزم بهذه العقيدة حتى تلتزمها.
فقال:
"كل طائفة خرجت عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين وإن تكلمت بالشهادتين. فإذا أقروا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلوات الخمس وجب قتالهم حتى يصلوا. وإن امتنعوا عن الزكاة وجب قتالهم حتى يؤدوا الزكاة. وكذلك إن امتنعوا عن صيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق. وكذلك أن امتنعوا عن تحريم الفواحش، أو الزنا، أو الميسر، أو الخمر، أو غير ذلك من محرمات الشريعة. وكذلك إن امتنعوا عن الحكم في الدماء والأموال والأعراض والأبضاع ونحوها بحكم الكتاب والسنة. وكذلك إن امتنعوا عن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر،وجهاد الكفار إلى أن يسلموا ويؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون. وكذلك إن أظهروا البدع المخالفة للكتاب والسنة واتباع سلف الأمة وأئمتها؛ مثل أن يظهروا الألحاد في أسماء الله وآياته، أو التكذيب بأسماء الله وصفاته، أو التكذيب بقدره وقضائه، أو التكذيب بما كان عليه جماعة المسلمين على عهد الخلفاء الراشدين، أو الطعن في السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، أو مقاتلة المسلمين حتى يدخلوا في طاعتهم التي توجب الخروج عن شريعة الإسلام وأمثال هذه الأمور".
مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 511
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[08 - 01 - 05, 08:41 م]ـ
في هذه الوقفة سأتناول ما ذكر المؤلف عن موقف أهل السنة مما جرى بين الصحابة.
يقول في ص 133
(والذي يستقرئ موقف أهل السنة من الفتنة فلن يجد مذهبا واحدا، كما يريد أن يقنعنا به أصحاب التهويل والتعميم، بل سيجد مذاهب خمسة على الأقل:
1 ـ مذهب الممسكين عن الخوض مطلقا وهذا الذي عليه متكلموا أهل السنة، ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/251)
2 ـ مذهب الداعين إلى الإمساك عنه مع الخوض فيه، كالذهبي في "تاريخ الإسلام"و" سير أعلام النبلاء " وابن كثير في "البداية والنهاية ". ويحل خوضهم على أنه ترخص لغرض تعليمي، وأن المراد بالخوض عندهم ما كان على سبيل الذم والقدح.
3 ـ مذهب الخائضين في الخلاف مع التأول لكل الأطراف بإن كلا منها مجتهد مأجور، وهذا مذهب مشهور ذائع اتبعه جماهير الأمة عبر القرون، خصوصا غير المتمكنين من خلفيات الأحداث ومراميها.
4ـ مذهب الخائضين دون تأويل، وقد اشتهر من أهله بعض علماء التابعين أمثال الحسن البصري والربيع بن نافع …
5 ـ مذهب المغالين في الدفاع، المنفعلين بردة الفعل، المتأولين للصحابة ولغير الصحابة، بحق وبغير حق. وهذا الذي أدعوه " التشيع السني ". ويمثله ابن العربي وتلامذته المعاصرون. وهذا المذهب الأخير هو الأعلى صوتا اليوم، وأقوى نبرة، لأسباب سياسية ومذهبية كثيرة ليس هذا مكان عرضها. كما يغذه جهل أبناء الأمة بتاريخها في هذا العصر).
قال في ص 155
"ومن المصطلحات المثيرة للبس في أذهان طلاب العلم وعمامة المسلمين مصلح " الكف عما شجر بين الصحابة " الذي تردد ذكره في العقائد والمقولات والفرق، حتى أصبح يعد أصلا من أصول أهل السنة والجماعة. وقد ذكر اللالكائي من " اعتقاد أهل السنة " " الترحم على جميع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم والكف عما شجر بينهم "
مرد اللبس هنا أيضا هو عدم فهم المصلح في السياق الزمني الذي استخدمه علماء الإسلام فيه. فقد أراد أعلام الإسلام بهذا المصطلح معنيين: أحدهما إلجام من لم يتسلح بتفاصيل تلك الأحداث ودقائقها من المصادر الموثوقة عن الخوض فيها أصلا، حذرا من المجازفة في النقل والكذب على الأصحاب، والثاني: النهي عن الخوض المؤدي إلى لعن الصحابة أو تكفيرهم .. مما اعتاد المبتدعة على فعله".
ولكن الخلف فهموا من كلام السلف هنا غير ما أرادوا، وأوله بإن المراد به الإمساك مطلقا عن الحديث في الموضوع أو تناوله ولو لغرض التأصيل الشرعي والاعتبار التاريخي، فضيقوا واسعا، وألزموا الناس بما لا يلزم.
====================
النقاط موضع النقاش:
1ـ هل لأهل لأهل السنة مما جرى بين صحابة عدة مذاهب كما ادعى الكاتب؟
2ـ وهل المقصود بأمرهم الكف عن ذلك ناس معينون كما قال؟
هذا الكلام الذي ادعاه المؤلف عن أهل السنة في الموقف من ذكر ما جرى بين الصحة، مجرد ادعاء لم يقم عليه المؤلف دليلا من كلام أهل السنة، فأهل السنة لم يختلفوا في قضية الكلام فيما جرى ين الصحابة، بل موقفهم فيه واضح؛ وتحريره: أن ذكر ما جرى بين الصحابة على وجه التاريخ دون طعن على أحد منهم فهذا مكروه عندهم، لأنه لا عمل تحته، ويخاف أن يجر صاحبه إلى المحذور، فنهيهم عنه من باب صد الذرائع.
، وهذا وجيه من الناحية الشرعية والعقلية، فلا يشك شاك أن الإنسان لو كف عن عمل لا ينفعه، وقد يضره دل كفه على كمال عقله وتورع لدينه، وأن فعله له يدل على ضعف في عقله، وقلة احتياط لدينه.
وأما ذكره على وجه الطعن عليهم به، والكلام فيهم بما ينافي فضلهم فلا شك في حرمته، ولم يختلف أهل السنة في تحريمه وتبديع فاعله، وهذا الإجماع مبني على نصوص كثيرة من الكتاب والسنة تبين فضل الصحابة، ومتانة دينهم وحسن استقامتهم، وتنهى عن سبهم وتنقصهم.
وهذا ذكر كلامهم الذي يدل على ما ذكرت عنهم:
====================
في السنة للخلال
723 أخبرني عصمة بن عصام قال قال حنبل أردت أن أكتب كتاب صفين والجمل عن خلف بن سالم فأتيت أبا عبد الله أكلمه في ذاك وأسأله فقال وما تصنع بذاك وليس فيه حلال ولا حرام وقد كتبت مع خلف حيث كتبه فكتبت الأسانيد وتركت الكلام وكتبها خلف وحضرت غندر واجتمعنا عنده فكتبت أسانيد حديث شعبة وكتبها خلف على وجهها قلت له ولم كتبت الأسانيد وتركت الكلام قال أردت إنأعرف ما روى شعبة منها قال حنبل فأتيت خلف فكتبتها فبلغ أبا عبدالله فقال لأبي خذ الكتاب فاحبسه عنه ولا تدعه ينظر فيه
إسناده صحيح
السنة للخلال ج: 2 ص: 464
وجه الدلالة على ما ذكرنا: أن أحمد بن حنبل لم يقل له هذا حرام، ولم يبدعه فيما فعل، ولكن كره له ذلك وبين له وجه كراهيته له.
وقد حرر الإمام الذهبي هذه المسألة في سير أعلام النبلاء فقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/252)
"كما تقرر الكف عن كثير مما شجر بين الصحابة وقتالهم رضي الله عنهم أجمعين وما زال يمر بنا ذلك في الدواوين والكتب والأجزاء ولكن أكثر ذلك منقطع وضعيف وبعضه كذب وهذا فيما بأيدينا وبين علمائنا فينبغي طيه وإخفاؤه بل إعدامه لتصفو القلوب وتتوفر على حب الصحابة والترضي عنهم وكتمان ذلك متعين عن العامة وآحاد العلماء وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوة للعالم المنصف العري من الهوى بشرط أن يستغفر لهم كما علمنا الله تعالىحيث يقول والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا الحشر 10 فالقوم لهم سوابق وأعمال مكفرة لما وقع منهم وجهاد محاء وعبادة ممحصة ولسنا ممن يغلو في أحد منهم ولا ندعي فيهم العصمة .. فأما ما تنقله الرافضة وأهل البدع في كتبهم من ذلك فلا نعرج عليه ولا كرامة فأكثره باطل وكذب وافتراء فدأب الروافض رواية الأباطيل أو رد ما في الصحاح والمسانيد ومتى إفاقة من به سكران"
سير أعلام النبلاء ج: 10 ص: 92
====================
وقال السفاريني:
واحذر من الخوض الذي قد يزري ... بفضلهم مما جرى لو تدري
فإنه عن اجتهاد قد صدر ... فاسلم أذل الله من لهم هجر
فبين أن الخوض المحرم هو الخوض المؤدي إلى انتقاص أحد من الصحابة أو سبه.
قال الشوكاني رحمه في جوابه لمن سأله عما جرى بين الصحابة:
إن كان هذا السائل طالبا للنجاة، فليدع الاشتغال بهذه الأمور في هذا المضيق الذي تاهت فيه الأفكار، فإن هؤلاء الذين تبحث عن حوادثهم وتتطلع لمعرفة ما شجر بينهم قد صاروا تحت أطباق الثرى ولقوا ربهم في المائة الأولى من البعثة وهانحن الان في المائة الثالثة عشر، فما لنا والاشتغال بهذا الشأن الذي لا يعنينا " ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنه " وأي فائدة لنا في الدخول في الأمور التي فيها ريبة، وقد أرشدنا إلىأن ندع ما يريبنا إلىما لا يريبنا.ويكفينا في تلك القلاقل والزلازل، أن نعتقد أنهم خير القرون وأفضل الناس .... فرحم الله امرئا اشتغل بما أوجبه الله عليه وطلبه منه، وترك ما لا يعود عليه بنفع لا في الدنيا ولا في الآخرة، بل يعود عليه بالضرر، ومن ظن خلاف هذا فهو مغرور مخدوع، قاصر الباع عن إدراك الحقائق، ومعرفة الحق على وجهه كائنا من كان.
إرشاد السائل إلىدلائل المسائل ص 45 ـ 46
فهذا الكلام رد لطيف على قول المؤلف " ولو لغرض التأصيل الشرعي والاعتبار التاريخي، فضيقوا واسعا، وألزموا الناس بما لا يلزم."
وهذا الكلام باطل من وجوه: أحدها أن التأصيل العلمي لكل القضايا الشرعية قد قام به علماء الأصول في كلامهم على مصادر الشريعة، فكل فعل أو قول خالف الكتاب والسنة مردود ولو قاله من قاله أو فعله من فعله.
وأما الاعتبار بحياتهم فقد قام به أهل العلم خير قيام فنشروا مناقبهم التي بلغوا بها ما بلغوا من الإيمان الصادق والعمل الصالح فمكن الله لهم من العز في الدنيا ما قد علمه القاصي والداني و وعدهم عليها من حسن الجزاء في الآخرة ما الله به عليم، وتركوا ذكر أعمالهم التي ليست موضع قدوة فهم بشر لا يخلون من خطئ لكن خطأهم نقطة في بحر فضائلهم، وهذا هو المنهج الصحيح.
قال أبو نعيم: " لم يأمرهم بالإمساك عن ذكر محاسنهم وفضائلهم، وإنما أمروا بالإمساك عن ذكر أفعالهم وما يفرط منهم في ثورة الغضب وعارض الوجدة ". (الإمامة 347).
وفي السنة للخلال:
825وأخبرني محمد بن جعفر ومحمد بن أبي هارون إن أبا الحارث قال جاءنا عدد ومعهم ذكروا أنهم من الرقة فوجهنا بها إلى أبي عبد الله ما تقول فيمن زعم أنه مباح له أن يتكلم في مساوئ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو عبدالله هذا كلام سوء رديء يجانبون هؤلاء القوم ولا يجالسون ويبين أمرهم للناس
إسناده صحيح
======================
قال الأشعري:
الإجماع الثامن والأربعون
وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به وعلى أنهم أحق أن ينشر محاسنهم ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج وأن نظن بهم أحسن الظن.
رسالة إلى أهل الثغر ج: 1 ص: 303
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/253)
وقال أبو نعيم: "فمن أسوأ حالاً ممن خالف الله ورسوله وآب بالعصيان لهما والمخالفة عليهما. ألا ترى أن الله تعالى أمر نبيه -صلى الله عليه وسلم- بإن يعفو عن أصحابه ويستغفر لهم ويخفض لهم الجناح، قال تعالى: {ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر} (سورة آل عمران: 159). وقال: {واخفض جناحك لمن تبعك من المؤمنين} (سورة الشعراء: 215).
فمن سبهم وأبغضهم وحمل ما كان من تأويلهم وحروبهم على غير الجميل الحسن، فهو العادل عن أمر الله تعالى وتأديبه ووصيته فيهم. لا يبسط لسأنه فيهم إلا من سوء طويته في النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته والإسلام والمسلمين" (الإمامة: ص 375 - 37).
قال الداني: " من قولهم أن يحسن القول في السادة الكرام، أصحاب محمد عليه السلام وأن تذكر فضائلهم وتنشر محاسنهم، ويمسك عما سوى ذلك مما شجر بينهم ..
الرسالة الوفية ص 132
وقال الصابوني: " ويرون الكف عما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتطهير الألسن عن ذكر يتضمن عيبا لهم ونقصا فيهم."
عقيدة الصلف أصحاب الحديث ص 294
قال حافظ حكمي:
"ثم السكوت واجب عما جرى ... بينهم من فعل ما قد قدرا
فكلهم مجتهد مثاب ... وخطؤهم يغفره الوهاب
أجمع أهل السنة والجماعة الذين هم أهل الحل والعقد الذين يعتد بإجماعهم على وجوب السكوت عن الخوض في الفتن التي جرت بين الصحابة رضي الله عنهم بعد قتل عثمان رضي الله عنه والاسترجاع على تلك المصائب التي أصيبت بها هذه الأمة والاستغفار للقتلى من الطرفين والترحم عليهم وحفظ فضائل الصحابة والاعتراف لهم بسوابقهم ونشر مناقبهم، عملا بقول الله عز وجل "والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان " (الحشر 10) الآية، واعتقاد أن الكل منهم مجتهد إن أصاب فله أجران، أجر على اجتهاده وأجر على إصابته، وإن أخطأ فله أجر الاجتهاد والخطأ مغفور، ولا نقول أنهم معصومون بل مجتهدون إما مصيبون وإما مخطئون لم يتعمدوا الخطأ في ذلك، وما روى من الأحاديث في مساويهم الكثير منه مكذوب، ومنه ما قد زيد فيه أو نقص مه وغير عن وجهه، والصحيح منه هم فيه معذورون".
معارج القبول 3/ 1208
====================
وبعد هذه النقل التوضيحي لمذهب أهل السنة، في الخوض فيما شجر بين الصحابة وأنهم مجمعون على حرمة الخوض المؤدي إلى الطعن فيهم أو سبهم أو تنقصهم.
وعند التأمل تجد أن الكاتب أخذ هذا القول وشققه، فإن أربعة من الأقوال الخمسة التي ذكر تجمع على عدم الخوض في ما شجر بين الصحابة بما يتضمن تنقصا لهم أو عيبا.
بقي القول الذي ذكره عن الحسن فنقول متى كان يؤخذ من حوادث العين مذهبا، مع ما ذكره أهل العلم من إجماعات لم يستثنوا منها الحسن،والحسن من الشهرة بمكان، فلو كان له مذهب خاص به دون أهل العلم لذكروه في المقالات التي ينقلون عن أهل العلم، فلما لم يذكروا له مذهبا خاصا دل ذلك على عدم وجود مذهب له في ذكر ما جرى بين الصحابة خارج عن مذهب أهل العلم الآخرين.
وقد نقل عن الحسن نفسه ما يؤكد أنه على مذهب أهل العلم الآخرين.
نقل القرطبي في تفسيره قال: " سئل الحسن البصري رحمه الله تعالىعن قتال الصحابة فيما بينهم فقال: قتال شهده أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وغبنا، وعلموا وجهلنا، واجتمعوا فاتبعنا، واختلفوا فوقفنا.
تفسير القرطبي 16/ 332
فلم يبق هناك بعد هذا الكلام الواضح من الحسن البصري لأهل السنة إلا موقف واحد من الفتنة التي وقعت من الصحابة، وهو ما يذكره أهل السنة والجماعة في كتبهم عنها.
قال الحافظ: "واتفق أهل السنة على وجوب منع الطعن على أحد من الصحابة بسبب ما وقع لهم من ذلك ولو عرف المحق منهم لأنهم لم يقاتلوا في تلك الحروب إلا عن اجتهاد وقد عفا الله تعالى عن المخطئ في الاجتهاد بل ثبت أنه يؤجر أجرا واحدا وأن المصيب يؤجر أجرين "
فتح الباري ج 13 ص 34
أو مذهب أهل البدع الخوض فيما شجر بينهم بنية الوقيعة في بعضهم أو في أحدهم كما فعل الكاتب في كتيبه. وأهل السنة منه براء.
هل المقصود بما ذكر من مذهب أهل العلم في الكف عما شجر بين الصحابة، ناس دون ناس، لا يشك أي إنسان أن قول أهل السنة في هذه المسألة عقيدة قطعية دل عليها الكتاب والسنة وأجمع عليها أهل السنة، فمثل هذا دين قطعي، والدين القطعي يعم جميع المكلفين.
====================
وأما قوله:
"مرد اللبس هنا أيضا هو عدم فهم المصطلح في السياق الزمني الذي استخدمه علماء الإسلام فيه".
فهذا النص تشم منه رائحة كلام العلمانيين حين يدعون إلى قراءة النص الديني كما قالوا قراءة تاريخية، ويعنون بذلك قاتلهم الله أن القرآن والسنة ناسبا الحياة البشرية وتكيفت معهما في فترة معينة وولت هذه الفترة أما الفترة المعاصرة فلا يصلحان لها، وفي هذا القول من الزندقة ما لا يخفى على ذي عين. ومع ما ذكر نعيذ الكاتب من هذا القول ونظن به الخير، وهو وإن وافقهم في الفظ إلا أننا نعتقد أنه لا يوافقهم في المعنى على الإطلاق. أما هذا المصطلح فهو مصطلح شرعي مبني على كثير من النصوص الشرعية كتابا وسنة، وقد مر معك بعضها مما يجعله شاملا للزمن كله، وما ذكره الكاتب من قوله:
"فقد أراد أعلام الإسلام بهذا المصطلح معنيين: أحدهما إلجام من لم يتسلح بتفاصيل تلك الأحداث ودقائقها من المصادر الموثوقة عن الخوض فيها أصلا، حذرا المجازفة في النقل والكذب على الأصحاب، والثاني: النهي عن الخوض المؤدي إلى لعن الصحابة أو تكفيرهم .. مما اعتاد المبتدعة على فعله".
وهل الواقع اليوم من الكلام في الصحابة إلا ما ذكره الكاتب، فكان على الفهم الذي اختاره الكاتب لكلام السلف يجب أن يوصي بغلق باب الكلام فيهم، أما رأى الكاتب كلام المستشرقين في الصحابة، وكلام الرافضة، وكلام بعض المنتسبين إلى الدعوة، كله من هذا المعجن وحتى كلام الكاتب في كتابه هو لا يخرج عن ما ذكر.
محبكم / عبد الله الشنقيطي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/254)
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[04 - 04 - 07, 10:13 م]ـ
للرفع
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[05 - 04 - 07, 11:04 ص]ـ
تابعت تك المناظرة.لكن لا أدري هل توقفت؟ أو انتقلت إلى موقع آخر؟
هل من جديد؟
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[05 - 04 - 07, 11:39 ص]ـ
من يدعو للمناظرة يا أخينا محمد الشنقيطي لا يهرب!!!!
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[17 - 05 - 07, 09:06 م]ـ
مناظرة رائعة
ـ[فوزي زماري]ــــــــ[18 - 05 - 07, 02:53 ص]ـ
لست أرى مناظرة فالشيخ محمد الشنقيطي ما ناظر بل انسحب منذ البداية وتذرع بدعاوى لا تقبل
ـ[ابو شعيب]ــــــــ[18 - 05 - 07, 09:45 ص]ـ
المؤسف في الأمر أننا كُنا ننتظر الإجابات الشافية الوافية من الأخ صاحب كتاب " الصحابة والخلافات السياسية " فأندهشت بأجوبةٍ لا تصدر من صغار طلبة العلم كالتعلل بعدم المعرفة، والهروب المبكر من النقاش، وهذهِ دلالةٌ واضحةٌ على أنّ الكِتاب يحوي مغالطات كبيرة لا يملك كاتبه دفعها وردها بالأسلوب العلمي الصحيح، إلا اللهم الدعاية للكتاب والأجوبة التي تجعلك تظن أننا في ساحة قتال لا مناظرة كما هو رد المؤلف أعلاه محمد بن المختار الشنقيطي
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[18 - 05 - 07, 11:09 ص]ـ
الجزء الأول هنا: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=64591(29/255)
مناظرة حول كتاب (الخلافات السياسية بين الصحابة) لمحمد المختار الشنقيطي
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[31 - 12 - 04, 07:04 م]ـ
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
كنتُ قد كتبت حلقتين من سلسلة حلقات أتناول فيها كتاب الأستاذ محمد المختار الشنقيطي: (الخلافات السياسية بين الصحابة) بالنقد لما جاء فيه من أخطاء ومخالفات لمنهج أهل السنة عند تناولهم لهذا الموضوع.
ثم أعلمني أحد الإخوة أن الشيخ عبدالله الشنقيطي حفظه الله قد فرغ من رد له على هذا الكتاب؛ مما دعاني للتوقف، والتنسيق مع الشيخ عبدالله أن أنشر كتابه على شكل حلقات، وأضيف إليه ما لم يتعرض له من أخطاء صاحب الكتاب.
===========
ثم كما علم الإخوة سجل صاحب الكتاب في الملتقى طالبًا المناظرة العلمية حول كتابه، واعدًا بتعديل أي خطأ يتبين له؛ جزاه الله خيرًا.
وقد أخبرتُ الشيخ عبدالله بهذا؛ فطلب هو مناظرته، وقد سجل لأجل هذا.
==========
ولهذا فإننا في الملتقى نفتح باب المناظرة العلمية الهادفة بين الأخوين - وفقهما الله -؛ مذكرهم بوجوب التحلي بأدب النقاش العلمي الموثق البعيد عن الإنشاء أو التطويل.
=========
ومن ناحيتي سأضيف ما أراه مكملا للموضوع؛ لأن صاحب الكتاب رغب أن يعرف ملاحظاتي أيضًا.
ربنا اهدنا لما اختُلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[31 - 12 - 04, 08:23 م]ـ
السلام عليكم أهلا وسهلا بمنظرة أخوينا الشيخ سليمان والشيخ عبد الله
وأنتظر ما عندهما، وفقني الله وإياكم لقول الحق والعمل به.
أخوكم/ محمد بن المختار الشنقيطي
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[31 - 12 - 04, 08:40 م]ـ
السلام عليكم أيها الأحبة المشرفون على ملقتى أهل الحديث المبارك
أرجو تعليمي طريقة إضافة نص الكتاب إلى الموقع، لأضيفه إليه، فيكون قراؤنا الأكارم على اطلاع عليه، ونستفيد من ملاحظاتهم على الكتاب وعلى المناظرة.
بارك الله في جهودكم ووفقكم لكل خير
أخوكم/ محمد بن المختار الشنقيطي
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[31 - 12 - 04, 11:53 م]ـ
الإخوة الفضلاء:
أرجو عدم التعليق على مناظرة الأخوين بأي تعليق؛ ريثما ينتهيان مما عندهما .. ومن لديه سؤال أو تنبيه فليرسله مشكورًا إلي في رسالة خاصة.
مع تنبيه الأستاذ الشنقيطي إلى أن تعقباتي أنا والشيخ عبدالله كانت على الطبعة الأولى المنتشرة.
وكنا نتمنى أن لا يطبع الكتاب مرة ثانية حتى يستفيد ما قد يراه مناسبًا من مثل هذه المناقشات. لا سيما وقد أخبرته في رسالة علىبريده الألكتروني عنها؛ قبل أن أنشر أول حلقة بفترة من الزمن.
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 05:34 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبيه المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فيسرني أن أدخل مع الأستاذ الفاضل محمد بن المختار الشنقيطي في نقاش علمي، حول كتابه الخلافات السياسية بين الصحابة، ملتزما في هذا النقاش، بالعلم والعدل، بغيتي الحق لا المغالبة، أو الجدل المذموم.
ويعلم الله لو بان لي الحق فيما يقول لاتبعته مجاهرا بذللك، غير مخفيه ولا متردد فيه.
وأرجوا أن يكون عنده هو من الشجاعة و محبة الخير ما لو رأى الحق في ما أقول أن يراجع الحق.
وأذكره قول عمر لأبي موسى: " ولا يمنعك قضاء قضيت فيه اليوم فراجعت فيه رأيك فهديت فيه لرشدك أن تراجع فيه الحق؛ فإن الحق قديم لا يبطله شيء، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل "
وأول نقطة أناقش فيها الأستاذ الفاضل في كتابه، قوله إن عدالة الصحبة التي يحكي المحدثون عليها الإجماع، هي ما يتعلق بالرواية، لا العدالة الدينية التي يذكرها الفقهاء.
قلتم في ص 150
"ومن المصطلحات التي وقع فيها اللبس واستحالت حاجزا ذهنيا ونفسيا أمام دراسة تلك الحقبة مصطلح "عدالة الصحابة " فقد خلط كثيرون بين عدالة الرواية ـ والمطلوب فيها هو الصدق والتدقيق في المروي ـ وعدالة السلوك بمعناها الفقهي القضائي التي تستلزم "اجتناب الكبائر وعدم الوقوع في الصغائر إلا نادرا، واجتناب المباح القادح في المروءة "كما يقول الفقهاء.
وعدالة الصحابة التي يتحدث عنها أهل الحديث عدالة الرواية ... "
وقلتم في ص 152
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/256)
"لكن بعض المتأخرين أساء فهم عدالة الصحابة، وفهموا من هذا المصطلح أن الصحابي لا يذنب إلا متأولا، وأن كل ما صدر عن بعضهم من اختلاف واقتتال مجرد اجتهاد، ولا مجال فيه للهوى و المطامح الدنيوية. وهذا غلو وتنكر لحقائق الشرع والتاريخ والطبيعة البشرية ".
وقلتم في ص 154
" فإن تحويل عدالة الرواية هنا إلى عدالة في السلوك يشمل كل الصحابة خلط في الاصطلاح، وتنكر للحقيقة الساطعة لا يليق بالمسلم الذي يؤثر الحق على الخلق مهما سموا."
وقلتم:
"إن الذي يسوي بين عمار بن ياسر وبين قاتله أبي الغادية الجهني في العدالة وفي الاجتهاد المأجور صاحبه سواء أخطأ أم أصاب .. لهو ممن لا بصيرة لهم."
النقاط موضع النقاش هي:
1ـ العدالة عند المحدثين هل هي ما ذكر تم من عدم إدخالهم فيها الجانب السلوكي، ويكتفون فيها بأن يكون الموصوف بها صادقا في ما يحدث به مدققا فيه.
2ـ هل هناك فرق بين العدالة عند المحدثين والفقهاء كما قلتم.
3ـ عدالة الصحابة عند المحدثين.
العدالة عند المحدثين كما ذكرها عنهم الأستاذ " الصدق والتدقيق في المروي " لا علاقة لها بالعدالة الدينية التي يذكرها الفقهاء.
ولم تذكروا لما قلتم نقلا واحدا عن أهل الحديث تحتجون به لما ذكرتم عنهم، لأنكم لن تجدوه فأهل الحديث مجمعون على أن أهم جانب في العدالة هو الجانب السلوكي، والجرح به أشد من الجرح بالجوانب الأخرى من الغفلة وسو ء الحفظ.
وهذه بعض النقول عنهم تدل على خلاف ما ذكرتم عنهم.
قال الشافعي:
"ولا تقوم الحجة بخبر الخاصة حتى يجمع أمورا منها أن يكون من حدث به ثقة في دينه، معروفا بالصدق في حديثه، عاقلا لما يحدث به، عالما بما يحيل معاني الحديث من اللفظ، وأن يكون ممن يؤدي الحديث بحروفه كما سمع، لا يحدث به على المعنى، لأنه إذا حدث به على المعنى وهو غير عالم بما يحيل معناه ـ: لم يدر لعله يحيل الحلال إلى حرام. وإذا أداه بحروفه فلم يبق وجه يخاف فيه إحالته الحديث، حافظا إذا حدث به من حفظه، حافظا لكتابه إذا حدث من كتابه. إذا شَرِك أهل الحفظ في حديث وافق حديثهم، بريا من أن يكون مدلسا: يحدث عن من لقي ما لم يسمع منه، ويحدث عن النبي ما يحدث الثقات خلافه عن النبي".
الرسالة ص370
وقال ابن أبي حاتم:
قال أبو محمد: " فلما لم نجد سبيلا إلى معرفة شيء من معاني كتاب الله ولا من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من جهة النقل والرواية وجب أن نميز بين عدول الناقلة والرواة وثقاتهم وأهل الحفظ والثبت والإتقان منهم، وبين أهل الغفلة والوهم وسوء الحفظ والكذب واختراع الأحاديث الكاذبة.
ولما كان الدين هو الذي جاءنا عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وسلم بنقل الرواة حق علينا معرفتهم ووجب الفحص عن الناقلة والبحث عن أحوالهم، وإثبات الذين عرفناهم بشرائط العدالة والتثبت في الرواية مما يقتضيه حكم العدالة في نقل الحديث وروايته، بأن يكونوا أمناء في أنفسهم علماء بدينهم، أهل ورع وتقوى وحفظ للحديث وإتقان به وتثبت فيه، وأن يكونوا أهل تمييز وتحصيل لا يشوبهم كثير من الغفلات، ولا تغلب عليهم الأوهام فيما قد حفظوه ووعوه، ولا يشبه عليهم بالأغلوطات.
وأن يعزل عنهم الذين جرحهم أهل العدالة وكشفوا لنا عن عوراتهم في كذبهم وما كان يعتريهم من غالب الغفلة وسوء الحفظ وكثرة الغلط والسهو والاشتباه، ليعرف به أدلة هذا الدين وأعلامه وأمناء الله في أرضه على كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهم هؤلاء أهل العدالة، فيُتمسك بالذي رووه، ويعتمد عليه، ويحكم به، وتجري أمور الدين عليه "
الجرح والتعديل 1/ 5
وقال ابن حبان:
وأماشرطنا في نقلة ما أودعناه كتابنا هذا من السنن، فإنا لم نحتج فيه إلا بحديث اجتمع في كل شيخ من رواته خمسة أشياء:
الأول العدالة في الدين بالستر الجميل.
والثاني الصدق في الحديث بالشهرة فيه.
والثالث العقل بما يحدث من الحديث.
والرابع العلم بما يحيل من معاني ما يروي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/257)
والخامس المتعرى خبره عن التدليس. فكل من اجتمع فيه هذه الخصال الخمس، احتججنا بحديثه وبنينا الكتاب على روايته، وكل من تعرى عن خصلة من هذه الخصال الخمس لم نحتج به، والعدالة في الإنسان: هو أن يكون أكثر أحواله طاعة الله، لأنا متى ما لم نجعل العدل إلا من لم يوجد منه معصية بحال؛ أدانا ذلك إلى أن ليس في الدنيا عدل، إذ الناس لا تخلو أحوالهم من ورود خلل الشيطان فيها، بل العدل من كان ظاهر أحوله طاعة الله، والذي يخالف العدل من كان أكثر أحواله معصية الله.
صحيح ابن حبان 1/ 151
قال الحاكم:
"وقد ذكرت في كتاب المدخل إلى معرفة كتاب الإكليل: أنواع العدالة على خمسة أقسام، والجرح على عشرة أقسام، وتكلمت في هذه الكتب على الجرح والتعديل مما يغنى عن إعادته،واستشهدت بأقاويل الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين.
وأصل عدالة المحدث: أن يكون مسلما،لا يدعو إلى بدعة، ولا يعلن من أنواع المعاصي ما تسقط به عدالته، فإن كان مع ذلك حافظا لحديثه فهي أرفع درجات المحدثين ".
معرفة علوم الحديث ج 1 ص 53
قال الخطيب البغدادي:
حدثني أبو الفضل محمد بن عبيد الله المالكي أنه قرأ على القاضى أبى بكر محمد بن الطيب قال:"والعدالة المطلوبة في صفة الشاهد والمخبر، هى العدالة الراجعة إلى استقامة دينه وسلامة مذهبه، وسلامته من الفسق وما يجرى مجراه مما اتفق على أنه مبطل العدالة من أفعال الجوارح والقلوب المنهى عنها، والواجب أن يقال في جميع صفات العدالة إنها اتباع أوامر الله تعالى والانتهاء عن ارتكاب ما نهى عنه مما يسقط العدالة، وقد علم مع ذلك أنه لا يكاد يسلم المكلف من البشر من كل ذنب ... فيجب لذلك أن يقال إن العدل هو من عرف بأداء فرائضه ولزوم ما أمر به وتوقى ما نهى عنه وتجنب الفواحش المسقطة وتحرى الحق الواجب في أفعاله ومعاملته والتوقى في لفظه مما يثلم الدين والمروءة فمن كانت هذه حاله فهو الموصوف بأنه عدل في دينه.
الكفاية في علم الرواية ج 1 ص 52
قال الحازمي
" وصفة العدالة هي اتباع أوامر الله تعالى والانتهاء عن ارتكاب ما نهى عنه، وتجنب الفواحش المسقطة، وتحري الحق، والتوقي في اللفظ مما يثلم الدين والمروءة، وليس يكفي في ذلك اجتناب الكبائر حتى يجتنب الإصرار على الصغائر، فمتى وجدت هذه الصفات كان المتحلي بها عدلا مقبول الشهادة والرواية."
شروط الأئمة الخمسة ص 184
==============
ذكرتم أنه يوجد فرق بين العدالة عند أهل الحديث والفقهاء.
فقلتم " فقد خلط كثيرون بين عدالة الرواية ـ والمطلوب فيها هو الصدق والتدقيق في المروي ـ وعدالة السلوك بمعناها الفقهي القضائي التي تستلزم "اجتناب الكبائر وعدم الوقوع في الصغائر إلا نادرا، واجتناب المباح القادح في المروءة "كما يقول الفقهاء.
ولم تنقلوا دليلا من كلام أحد من الفريقين أهل الحديث وأهل الفقه.
وهذه نقول عن بعض أهل العلم من الفريقين ترد ما ذكرتم.
قال ابن جماعة:
" الأول أجمع جماهير أئمة العلم بالحديث والفقه والأصول على أنه يشترط فيمن يحتج بحديثه العدالة والضبط فالعدالة أن يكون مسلما بالغا عاقلا سليما من الفسق وخوارم المروءة."
المنهل الروي ج: 1 ص: 63
قال الآمدي:
"الشرط الرابع أن يكون الراوي متصفا بصفة العدالة، وذلك يتوقف على معرفة العدل لغة وشرعا.
أما العدل في اللغة: فهو عبارة عن المتوسط في الأمور من غير إفراط في طرفي الزيادة والنقصان ومنه قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) أي عدلا، فالوسط والعدل بمعنى واحد، وقد يطلق في اللغة ويراد المقابل للجور، وهو اتصاف الغير بفعل ما يجب له، وترك ما لا يجب، والجور في مقابلته، وقد يطلق ويراد به ما كان من الأفعال الحسنة يتعدى الفاعل إلى غيره، ومنه يقال للملك المحسن إلى رعيته: عادل.
وأما في لسان المتشرعة، فقد يطلق ويراد به أهلية قبول الشهادة والرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال الغزالي في معنى هذه الأهلية إنها عبارة عن استقامة السريرة والدين، وحاصلها يرجع إلى هيئة راسخة في النفس تحمل على ملازمة التقوى والمروءة جميعا، حتى تحصل ثقة النفوس بصدقه.
وذلك إنما يتحقق باجتناب الكبائر وبعض الصغائر وبعض المباحات ....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/258)
وأما بعض المباحات فما يدل على نقص المروءة، ودناءة الهمة، كالأكل في السوق، والبول في الشوارع، وصحبة الأراذل والإفراط في المزح، ونحو ذلك مما يدل على سرعة الإقدام على الكذب، وعدم الاكتراث به. ولا خلاف في اعتبار اجتناب هذه الأمور في العدالة المعتبرة في قبول الشهادة والرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأن من لا يجتنب هذه الأمور أحرى أن لا يجتنب الكذب، فلا يكون موثوقا بقوله، ولا خلاف أيضا في اشتراط هذه الأمور الأربعة في الشهادة"
الإحكام للآمدي ج: 2 ص: 88
================
عدالة الصحابة عند المحدثين هل هي عدالة رواية كما ذكرتم، أم أنها عدالة ديانة؟
ونترك أعلم الناس بمذاهبهم يحدثنا عن ذلك، ولكن بعد أن نعرف القراء مكانته بين أهل هذا الشأن علماء الحديث.
المتحدث إلينا عن ذلك هو الخطيب البغدادي.
قال الحافظ ابن حجر في نزهة النظر وهو يتحدث عن التأليف في علوم الحديث: ثم جاء من بعدهم الخطيب أبو بكر البغدادي، فصنف في قوانين الرواية كتابا سماه "الكفاية " وفي آدابها كتابا سماه "الجامع لآداب الشيخ والسامع " وقل فن من فنون الحديث إلا وقد صنف فيه كتابا مفردا، فكان كما قال الحافظ أبو بكر بن نقطة: " كل من أنصف علم أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه "
كفى بها شهادة من الحافظ ابن نقطة للخطيب وموافقة الحافظ ابن حجر له عليها.
قال الخطيب البغدادي:
"ما جاء في تعديل الله ورسوله للصحابة
وانه لا يحتاج إلى سؤال عنهم وإنما يجب فيمن دونهم كل حديث اتصل إسناده بين من رواه وبين النبي صلى الله عليه وسلم لم يلزم العمل به إلا بعد ثبوت عدالة رجاله ويجب النظر في أحوالهم سوى الصحابي الذي رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم واختياره لهم في نص القرآن فمن ذلك قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) وقوله: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) وهذا اللفظ وان كان عاما فالمراد به الخاص وقيل هو وارد في الصحابة دون غيرهم. وقوله: (لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا) وقوله تعالى: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه) وقوله تعالى: (والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم) وقوله: (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) وقوله تعالى: (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون والذين تبوأوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون)
في آيات يكثر إيرادها ويطول تعدادها ووصف رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة مثل ذلك وأطنب في تعظيمهم وأحسن الثناء عليهم فمن الأخبار المستفيضة عنه في هذا المعنى ما أخبرنا أبو نعيم الحافظ ثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا شعبة عن منصور والأعمش عن إبراهيم عن عبيدة السلماني عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خير امتى قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجىء قوم تسبق ايمانهم شهادتهم ويشهدون قبل ان يستشهدوا وأخبرنا أبو بكر أحمد بن على بن محمد اليزدى الحافظ بنيسابور انا أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان ثنا عبد الله بن محمد بن شيرويه ثنا محمد بن بشار ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبى بشر عن عبد الله بن شقيق عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خيركم قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم قال أبو هريرة فلا ادرى ذكره مرتين أو ثلاثا ثم يخلف من بعدهم قوم يحبون السمانة ويشهدون ولا يستشهدون " أخبرنا الحسن بن أبى بكر ثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم املاء قال ثنا محمد بن يونس قال ثنا أبو الربيع سليمان بن داود ثنا منصور بن أبى الأسود عن الأعمش عن على بن مدرك عن هلال بن يساف عن عمران بن حصين قال قال:" رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس قرنى ثم الذين يلونهم ثم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/259)
الذين يلونهم ثم يخلف قوم تسبق ايمانهم شهادتهم ثم يظهر فيهم السمن " أخبرنا القاضى أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبى صالح عن أبى سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تسبوا أصحابي فوالذى نفسي بيده لو انفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه " ..
والأخبار في هذا المعنى تتسع وكلها مطابقة لما ورد في نص القرآن وجميع ذلك يقتضى طهارة الصحابة والقطع على تعديلهم ونزاهتهم فلا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله تعالى لهم المطلع على بواطنهم الى تعديل أحد من الخلق له فهو على هذه الصفة الا ان يثبت على أحد ارتكاب ما لا يحتمل الا قصد المعصية والخروج من باب التأويل فيحكم بسقوط العدالة وقد برأهم الله من ذلك ورفع اقدارهم عنه على انه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله فيهم شيء مما ذكرناه لاوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد والنصرة وبذل المهج والاموال وقتل الآباء والاولاد والمناصحة في الدين وقوة الإيمان واليقين القطع على عدالتهم والاعتقاد لنزاهتهم وانهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين الذين يجيؤن من بعدهم ابد الآبدين هذا مذهب كافة العلماء ومن يعتد بقوله من الفقهاء وذهبت طائفة من أهل البدع الى ان حال الصحابة كانت مرضية الى وقت الحروب التي ظهرت بينهم وسفك بعضهم دماء بعض فصار أهل تلك الحروب ساقطى العدالة ولما اختلطوا باهل النزاهة وجب البحث عن أمور الرواة منهم وليس في أهل الدين والمتحققين بالعلم من يصرف إليهم خبر ما لا يحتمل نوعا من التأويل وضربا من الاجتهاد فهم بمثابة المخالفين من الفقهاء المجتهدين في تأويل الاحكام لاشكال الأمر والتباسه ويجب ان يكونوا على الأصل الذي قدمناه من حال العدالة والرضا إذ لم يثبت ما يزيل ذلك عنهم أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى الهمذاني ثنا صالح بن أحمد الحافظ قال سمعت أبا جعفر أحمد بن عبدل يقول سمعت أحمد بن محمد بن سليمان التستري يقول سمعت أبا زرعة يقول إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم انه زنديق وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق وانما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وانما يريدون ان يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة "
الكفاية في علم الرواية 46 ـ الكفاية في علم الرواية ـ 51
==============
قال الإمام ابن أبي حاتم:
" فأما أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فهم الذين شهدوا الوحي والتنزيل وعرفوا التفسير والتأويل وهم الذين اختارهم الله - عز وجل - لصحبة نبيه – صلى الله عليه وسلم – ونصرته وإقامة دينه وإظهار حقه فرضيهم له صحابة وجعلهم لنا أعلأماوقدوة فحفظوا عنه – صلى الله عليه وسلم – ما بلغهم عن الله - عز وجل - وما سن وما شرع وحكم وقضى وندب وأمر ونهى وأدب، ووعوه وأتقنوه ففقهوا في الدين وعلموا أمر الله ونهيه ومراده بمعاينة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومشاهدتهم منه تفسير الكتاب وتأويله وتلقفهم منه واستنباطهم عنه، فشرفهم الله - عز وجل - بما مَنَّ عليهم وأكرمهم به من وضعه إياهم موضع القدوة فنفى عنهم الشك والكذب والغلط والريبة والغمز وسماهم عدول الأمة، فقال - عز ذكره - في محكم كتابه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (البقرة آية (143) ففسر النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الله - عز ذكره - قوله: (وسطاً قال: عدلاً، فكانوا عدول الأمة وأئمة الهدى وحجج الدين ونقلة الكتاب والسنة. وندب الله -عز وجل - إلى التمسك بهديهم والجري على منهاجهم والسلوك لسبيلهم والاقتداء بهم فقال: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى ... } (النساء آية (115
كتاب الجرح والتعديل (1/ 7).
==============
قال ابن عبد البر:
"الصحابة كلهم عدول، مرضيون، ثقات، أثبات، وهو أمر مجتمع عليه عند أهل العلم بالحديث".
التمهيد 22/ 47
قال القرطبي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/260)
"وهكذا القول في الصحابة إن شاء الله تعالىاشتركوا في الصحبة ثم تباينوا في الفضائل بما منحهم الله من المواهب والوسائل فهم متفاضلون بتلك من أن الكل شملتهم الصحبة والعدالة والثناء عليهم وحسبك بقول الحق (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار) إلىآخر السورة وقال: (وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها) ثم قال: (لايستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل) وقال: (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) فعم وخص ونفى عنهم الشين والنقص رضي الله عنهم أجمعين ونفعنا بحبهم آمين"
تفسير القرطبي 3/ 264
قال القرطبي:
"العدالة هي الاعتدال في الأحوال الدينية وذلك يتم بأن يكون مجتنبا للكبائر محافظا على مروءته وعلى ترك الصغائر.
================
قلت: فالصحابة كلهم عدول أولياء الله تعالى وأصفياؤه وخيرته من خلقه بعد أنبيائه ورسله هذا مذهب أهل السنة والذي عليه الجماعة من أئمة هذه الأمة. وقد ذهبت شرذمة لا مبالاة بهم إلى أن حال الصحابة كحال غيرهم فيلزم البحث عن عدالتهم ومنهم من فرق بين حالهم في بداءة الأمر فقال إنهم كانوا على العدالة إذ ذاك ثم تغيرت بهم الأحوال فظهرت فيهم الحروب وسفك الدماء فلا بد من البحث وهذا مردود فإن خيار الصحابة وفضلاءهم كعلي وطلحة والزبير وغيرهم رضي الله عنهم ممن أثنى الله عليهم وزكاهم ورضي عنهم وأرضاهم ووعدهم الجنة بقوله تعالى (مغفرة وأجرا عظيما) وخاصة العشرة المقطوع لهم بالجنة بإخبار الرسول هم القدوة مع علمهم بكثير من الفتن والأمور الجارية عليهم بعد نبيهم بإخبارهم لهم بذلك، وذلك غير مسقط من مرتبتهم وفضلهم إذ كانت تلك الأمور مبنية على الاجتهاد ... ".
تفسير القرطبي 16/ 254
قال النووي:
"ولهذا اتفق أهل الحق ومن يعتد به في الإجماع على قبول شهاداتهم ورواياتهم وكمال عدالتهم رضي الله عنهم أجمعين".
شرح مسلم 15/ 149
قال ابن حزم:
"والصحابة كلهم عدول رضي الله عنهم لثناء الله تعالى عليهم".
المحلى 5/ 92
=============
فبان بما قدمنا أن عدالة الصحابة العدالة الدينية بمعناها السلوكي، وهو اجتناب الكبائر والإصرار على الصغائر، واجتناب ما يقدح في المروءة، إجماع من المتقدمين من أهل الحديث والفقه والأصول، لا كما أردتم أن تصوروا للناس من أنه فهم خاطئ للمتأخرين.
وكل يوم نناقش ملحوظة من الملحوظات التي أرى أنكم جانبتم فيها الصواب.
محبكم /عبد الله الشنقيطي.
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 04:00 م]ـ
السلام عليكم أيها الأحبة ..
قبل الإجابة على ملاحظات الأخوين سليمان وعبد الله لدي تحفظات ثلاثة:
1 - طلبت من الأخوين التعريف بأنفسهما أكثر من مرة، لأن ما نتحدث فيه دين، ولا مكان فيه للهواة والمجاهيل. ولم يفعلا حتى الآن.
2 - كتبت عنوان ناشر الكتاب مرتين بعد طلب أحد الإخوة ذلك، وفي كلتا المرتين يتم حذفه. وكنت أعتقد أني أتحاور مع طلاب علم لا مع ضباط شرطة. وما قيمة حوار بدأ بالمصادرة؟
3 - طلبت من إدارة الملتقى مساعدتي فنيا على نشر نص الكتاب كاملا على الموقع، تفاديا للتعب التكرار، لأن أكثر الاعتراضات تمت الإجابة عنها في الكتاب، فلم تجب إدارة الملتقى ذلك.
(تنبيه من المشرف لايسمح بالدعاية أو بوضع رابط للكتاب حتى تتم المناظرة) والله الموفق لكل خير.
أخوكم/ محمد بن المختار الشنقيطي
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 09:38 م]ـ
أقول لك عن نفسي: راجع صفحتي على هذا الرابط فلعل فيها ما يفيدك: http://saaid.net/Warathah/Alkharashy/index.htm
=====
وأما عن الأخ عبدالله فليعرف بنفسه.
وفقك الله للحق ..
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[02 - 01 - 05, 02:24 ص]ـ
عبد الله بن الشيخ بن أربيه الملقب: (ابن عمر).
من مواليد 1394.
حافظ لكتاب الله، وطلبت العلم على عدة مشايخ من الشناقطة.
أخذت عنهم النحو وبعض المتون الفقهية على مذهب مالك.
وأخذت علم الحديث عن الشيخ حاتم الشريف.
وأنا معروف يعرفني شيخك الشيخ محمد الحسن الددو جيدا، وجميع أصحابك الموجودين في الحجاز.
ويعرفني أكثر الشباب السلفي في موريتانيا، وكثير من مرتادي هذا المنتدى المبارك يعرفونني.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/261)
وللعلم ما اعتذرت به غير مقبول لأن طالب الحق لا ينظر إلى الرجال وإنما ينظر إلى ما قالوا هل هو حق أو باطل؟ وكما قيل أعرف الحق تعرف أهله، وأعرف الرجال بالحق ولا تعرف الحق بالرجال.
وعلى العموم، أنا لم آت بشيء من عندي، وإنما نقلت أقوال أهل العلم: الشافعي، وابن أبي حاتم، وابن حبان، والخطيب البغدادي هل هؤلاء مجاهيل لا يؤخذ عنهم العلم.
أم الأمر أمر الثعلب والعنب لما عجز عنه، قال إنه مر.
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[03 - 01 - 05, 10:45 ص]ـ
في هذه الوقفة سأ تناول ما طرح المؤلف حول مصطلح سب الأصحاب وقصره على اللعن دون غيره من باقي أنواع السب.
قال في ص 149
"إن مصطلحات " السب " و " الشتم " و " الذم " في سياق الفتن السياسية في صدر الإسلام لا تعني شيئا آخر غير اللعن، رغم إن هذه الألفاظ في وضعها اللغوي تشمل ما دون ذلك من أية أوصاف مستهجنة ".
والنقاش سيتركز على النقاط التالية.
1ـ هل للكاتب سلف في هذا القول.
2ـ خطورة هذا القول والكاتب نموذج.
3ـ مناقشة تمويهات الكاتب في استدلالاته لما ذكر.
لن أ ناقش المؤلف في المعنى اللغوي للسب ب فقد اعترف أنه في معناه اللغوي يشمل اللعن وغيره من الأوصاف المستهجنة، لكن أنا قشه في إخراجه المعنى اللغوي دون أي دليل، ومعلوم أن الألفاظ الشرعية واردة بلغة العرب، فالأصل بقاء المعنى اللغوي حتى يأتي ما يدل على نقله إلى المعنى الشرعي، أو العرفي، ولا بد لمن ادعى أحد المعنيين المتقدمين أن يأتي لما قال بدليل شرعي إن كان المعنى شرعيا، أو عرفي عن أهل الاصطلاح الذين جعلوه مصطلحا عرفيا ولم يأت الكاتب بأي من الدليلين فيبقى المعنى على ما تدل عليه اللغة.
===========
والحقيقة المؤلمة أنني لم أجد للكاتب في هذا القول سلفا، مع خطورة القضية ووجود نص صحيح صريح فيها، وكثرة بحث أهل العلم لها، واختلافهم في تكفير الساب، مما يجعل توضيح القضية واجبا عليهم، فهم مطبقون على أن كل ما يسمى سبا يحرم التلفظ به في جانب الصحابة،وعدوه كبيرة من الكبائر، وفصلوا أنواع السب تفصيلا بينا، فلو كان السب المحرم في جانب الصحابة هو اللعن فقط ولم يبينه هؤلاء العلماء وينصوا عليه لكانوا للعلم كاتمين ولعباد الله ظالمين إذ كفروهم بغير مكفر، وفسقوهم بغير ذنب.
===========
وهذه نصوصهم على خلاف ما ذكر الكاتب. وفي تفسير القرطبي
"وقيل لمالك بن أنس رضي الله عنه من السفلة قال الذي يسب الصحابة "
تفسير القرطبي 9/ 24
: قال الإمام أحمد رحمه الله: " لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساوئهم، ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا بنقص، فمن فعل ذلك وجب على السلطان تأديبه وعقوبته، ليس له أن يعفو عنه، بل يعاقبه ويستتيبه، فإن تاب قبل منه، وإن ثبت عاد عليه بالعقوبة، وخلده الحبس حتى يموت أو يرجع ". طبقات الحنابلة 1/ 24
السنة للخلال.
وقال أبو عبدالله من تنقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينطوي إلا على بلية وله خبيئة سوء إذا قصد إلىخير الناس وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حسبك
وفي الكفاية للخطيب البغدادي:
" أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى الهمذاني ثنا صالح بن احمد الحافظ قال سمعت أبا جعفر أحمد بن عبدل يقول سمعت احمد بن محمد بن سليمان التستري يقول سمعت أبا زرعة يقول إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق وانما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وانما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة "
الكفاية في علم الرواية ج 1 ص 51
وقال الإمام أبو نعيم رحمه الله: " فلا يتتبع هفوات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وزللهم ويحفظ عليهم ما يكون منهم حال الغضب والموجدة إلا مفتون القلب في دينه ". (الإمامة لأبي نعيم 344).
قال البهيقي رحمه الله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/262)
"وإذا ظهر أن حب الصحابة من الإيمان فحبهم أن يعتقد فضائلهم ويعترف لهم بها ويعرف لكل ذي حق منهم حقه ولكل ذي غناه في الإسلام منهم غناه ولكل ذي منزلة ثم رسرل الله ص منزلته وينشر محاسنهم ويدعو بالخير لهم ويقتدي بما جاء في أبواب الدين عنهم ولا يتبع زلاتهم وهفواتهم وتعمد تخير أحد منهم ببنيه عنه ويسكت عما لا تقع ضرورة إلىالخوض فيه مما كان بينهم وبالله التوفيق
عن أبي بكر بن عياش في أوصاف أهل السنة والجماعة ومن كف عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيما اختلفوا فيه فلم يذكر أحدا منهم إلا بخير "
شعب الإيمان 2/ 192
قال شيخ الإسلام:
"قال القاضي: ابو يعلى فقد اطلق القول فيه أنه يكفر بسبه لاحد من الصحابة وتوقف في رواية عبد الله وابي طالب عن قتله وكمال الحد وايجاب التعزير يقتضي أنه لم يحكم بكفره قال فيحتمل أن يحمل قوله ما اراه على الاسلام اذا استحل سبهم بأنه يكفر بلا خلاف ويحمل اسقاط القتل على من لم يستحل ذلك بل فعله مع اعتقاده لتحريمه كمن ياتي المعاصي قال ويحتمل أن يحمل قوله ما اراه على الاسلام على سب يطعن في عدالتهم نحو قوله ظلموا وفسقوا بعد النبي واخذوا الامر بغير حق ويحمل قوله في اسقاط القتل على سب لا يطعن في دينهم نحو قوله كان فيهم قلة علم وقلة معرفة بالسياسة والشجاعة وكان فيهم شح ومحبة للدنيا ونحو ذلك قال ويحتمل أن يحمل كلامه على ظاهره فتكون في سابهم روايتان احداهما يكفر والثانية يفسق وعلى هذا استقر قول القاضي وغيره حكوا في تكفيرهم روايتين.
الصارم المسلول ج: 3 ص: 1065
قال القرطبي في تفسيره:
"الخامسة روى أبو عروة الزبيري من ولد الزبير كنا عند مالك بن أنس فذكروا رجلا ينتقص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ مالك هذه الآية محمد"
ثم قال _ بعد أن ذكر الأدلة المحرمة لسبهم ـ:
"والأحاديث بهذا المعنى كثيرة فحذار من الوقوع في أحد منهم"
تفسير القرطبي ج16/ص298
قال القرطبي:
"الثانية هذه الآية دليل على وجوب محبة الصحابة لأنه جعل لمن بعدهم حظا في الفيء ما أقاموا على محبتهم وموالاتهم والاستغفار لهم وأن من سبهم أو واحدا منهم أو اعتقد فيه شرا أنه لا حق له في الفيء روى ذلك عن مالك وغيره قال مالك من كان يبغض أحدا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أو كان في قلبه عليهم غل فليس له حق في فيء المسلمين ثم قرأ والذين جاءوا من بعدهم "
تفسير القرطبي 18/ 32 قال النووي:
"واعلم أن سب الصحابة رضي الله عنهم حرام من فواحش المحرمات سواء من لابس الفتن منهم وغيره لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون كما أوضحناه في أول فضائل الصحابة من هذا الشرح قال القاضي وسب أحدهم من المعاصي الكبائر ومذهبنا ومذهب الجمهور أنه يعزر ولا يقتل وقال بعض المالكية يقتل"
شرح النووي على صحيح مسلم 16/ 93
قال شيخ الإسلام بن تيمية:
"ونحن نرتب الكلام في فصلين احدهما في حكم سبهم مطلقا والثاني في تفصيل احكام السب أماالاول فسب أصحاب رسول الله حرام بالكتاب والسنة أماالاول فلإن الله سبحانه يقول ولا يغتب بعضكم بعضا وأدنى أحوال الساب لهم أن يكون مغتابا وقال تعالىويل لكل همزة لمزة والطاعن عليهم همزة لمزة ..... "
الصارم المسلول 3/ 1067
ثم ذكر شيخ الإسلام الأدلة من القرآن والسنة على حرمة سب الصحابة وعقوبة الساب وأدلة كل من قال أنه يؤدب ومن قال يقتل، ولا زم قول الساب من الطعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبسط المسألة بما لا يسع المقام ذكره هنا.
قال:
"وأما من سبهم سبا لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم أو عدم الزهد ونحو ذلك فهذا هو الذي يستحق التاديب والتعزير ولا يحكم بكفره بمجرد ذلك وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من العلماء وأمامن لعن وقبح مطلقا فهذا محل الخلاف فيهم لتردد الامر بين لعن الغيظ ولعن الاعتقاد"
الصارم المسلول 3/ 1110
وقد عد الذهبي سب الصحابة من الكبائر في كتابه الكبائر (ص233 - 237)
قال ابن كثير:
"وقد ذهب طائفة من العلماء إلىتكفير من سب الصحابة وهو رواية عن مالك بن أنس رحمه الله وقال محمد بن سيرين ما أظن أحدا يبغض أبا بكر وعمر وهو يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه الترمذي 3685
تفسير ابن كثير ج: 1 ص: 487
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/263)
قال ابن السبكي: ((أجمع القائلون بعدم تكفير من سب الصحابة على أنهم فساق)). فتاوى السبكي 2/ 580
قال الشيخ سليمان العلوان:
"ولا أحسب أحداً ينقب عن عثرات الصحابة ويبحث لهم عن الزلات المبنية على الشبه الواهية إلا وقد رخص عليه دينه".
الاستنفار للذب عن الصحابة الأخيار ص 50
===============
فاتضح بهذه النصوص: أن أهل العلم جعلوا كل تنقص للصحابة سبا، وأمروا بتأديب فاعله فأين ما ادعاه الكاتب من أن اللعن فقط هو السب المنهي عنه؟؟ ليفتح الباب أمام كل متطاول على الصحابة أن يقول فيهم ما يشاء من السب، لكن لا يلعن كما فعل هو!!
خطورة القول الذي تبناه الكاتب، تحايل على النص النبوي الناهي عن سب الصحابة، تسوغ سب الصحابة لكن لا تلعن وقل بعد ذلك ما شئت من أنواع السب، واتهم أبا بكر بأنه قاتل أهل الردة من أجل الملك، ووو، ولا أظن أن الرافضة كانوا يحلمون في يوم من الأيام أن يأتي سني ويهدي لهم هذه الهدية، لا بأس بشتم الصحابة ما لم يكن هناك لعن.
==================
و الكاتب مثالا لما تقدم فهو أول ضحايا قاعدته هذه فقد سب بعض الصحابة وجدع وهذه أمثلة من كتابه، بين الكاتب أنه ألف كتابه لبيان كيف أدخل معاوية هذه الأمة في تيه الاستبداد وبدون هذا الإدراك؛فإن الأمة ستظل في هذا التيه، فهي لا يمكن أن تخرج منه إلا إذا فضحت المستبدين، ولا يمكن ذلك إذا كان المستبدين من الصحابة الذين أدخلوها في هذا التيه مسكوت عنهم بل يبرر ما فعلوا، كذا زعم.
قال في مقدمة كتابه ص 29
"فإن الأولوية اليوم هي كشف فضائح المستبدين، وتجريدهم من أي شرعية أخلاقية أو تاريخية.
... لكن كشف فضائح المستبدين المعاصرين غير ممكن ما دام الحديث عن الانحرافات السياسية التي بدأت في عصر الصحابة مطبوع بطابع التبرير والدفاع، لا بطابع الدراسة المجردة الهادفة إلى الاعتبار، وما دام الحديث عن تلك الفتن والخلافات السياسية يتحكم فيه فقه التحفظ، لا التقويم."!!!
وقال في ص 37
"ومهما يرهق الباحث نفسه في تأصيل العدل في الحكم والقسم، فسيحج من المصابين بداء التجسيد من يحتج عليه قولا أو فعلا بعمل بعض الأكابر الذين آثروا أقاربهم بالولايات والأموال. ومهما يرهق نفسه في الحديث عن حق الأمة في اختيار قادتها، فسيجد من يحاججه قولا أو فعلا بعمل بعض الأكابر الذين ورثوا أبناءهم السلطة.
وليس من حل لهذه الأزمة الفكرية والعلمية سوى التقيد بوصية النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه " قول الحق وإن كان مرا "، وتسمية الأخطاء بأسمائها دون مواربة، وخصوصا أخطاء الأكابر الذين هم محل القدوة والأسوة من أجيال الأمة. "
هذان النصان واضحان يبين فيهما الكاتب أنه إنما قصد بتأليف كتابه ذكر هفوات الصحابة، والطعن بها عليهم، وهو ما فعله في كتابه.
وقد تركز طعنه على شخصيتين هما معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاصي رضي الله عنهما.
قال عن معاوية في 68
والآخذين بالمنهج التأصيلي يحاكمونه إلى المبادئ الإسلامية الأصيلة التي انبنت عليها دولة النبوة والخلافة الراشدة فيميلون إلىانتقاده. وهذا أمر منطقي كذلك نظرا للثغرات الكبيرة التي دخلت على نظام الحكم الإسلامي على يديه.
وقال عنه في ص 80
تحت عنوان الإقرار بثقل الإرث الجاهلي.
ولقد كان للأعراف الاجتماعية والتاريخية تأثيرا بالغا في إشعال الفتن السياسية بين الصحابة رضي الله عنهم وليس مما يستغرب أن يكون معاوية هو أول من حول الخلافة إلى ملك، فقد أمضى شطر عمره في بيت السيادة في قريش، وشطره الثاني على حدود دولة الروم.
ص 125
وتفسير حرب صفين بأسبابها الحقيقية وهي مطامح الملك لدي معاوية وعمرو، وتجاوزهما حدود الشرع في الدماء والجنايات في الطريقة التي طلبا بها الأخذ بدم عثمان.
وقوله ص 175 بعد أن ذكر مراسلة بين معاوية وأبي موسى الأشعري.
وتكشف هذه المراسلة عن الفرق بين تصور أبي موسى الأشعري لموضوع الخلافة الذي اعتبره جسيم أمر هذه الأمة. يخاف ربه إذا سأله عنه، وبين تصور معاوية الذي لم يكن يرى بأسا بالاستيلاء عليها بتوزيع العطايا والمناصب وإشهار السيوف والرماح.
وقوله في ص 179
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/264)
وهو يتحدث عما أحدث معاوية من خرق في الحكم: وأخرج بناء السلطة من إطار مبادئ الشرع: كالشورى والبيعة والعدل .. إلى منطق القوة وقانون الغاب.
وقال في ص 85 فلو أن دارسا يكتب في نطاق صفة القوة مثل الخبرة العسكرية أو العبقرية الإدارية أو الدهاء السياسي، لوجد لدى شخصيات مثل عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان ما يستحق الإشادة والثناء دون ريب بل لوجدهم على قمة من عرفهم التاريخ البشري من القادة السياسيين والعسكريين والإداريين. لكن نفس الدارس لو كتب عن موضوعات تدخل في نطاق الأمانة مثل الشرعية السياسية، أو العدل في القسم والحكم، أو الزهد في الولايات العامة، وعدم الإيثار أو الاستئثار بها .. لوجد لدى تلك الشخصيات ذاتها ما يستحق النقد حقا لا ادعاء.
وقال عن خالد بن الوليد في ص84
إن منطق التكامل هو الذي دفع الصديق إلى التشبث بخالد في وقت ارتداد العرب ورميهم الإسلام عن قوس واحدة، رغم أنه كان لدى الصديق مآخذ على خالد منها سيفه المرهق وتصرفه في المال وتقدمه على الخليفة.
ورفض بعض فضائل معاوية كتولية عمر له.
قال في ص 109
صحيح إن مجرد تولية عمر لأي شخص لا تعني براءته من ارتكاب ظلم أو إتيان معصية، ..
وقال في ص 143
عن عثمان أنه آثر أهله وأقرباءه بالمناصب والمال.
ووصل به الاندفاع إلى حد جعله يجعل معاوية وعمرو بن العاص أشد خطرا في جانب الانحراف المتعلق بالخلافة من الخوارج.
قال في ص 157
ـ وهو يتحدث عن أخطاء علي رضي الله عنه السياسية ومنها عدم مدارات الخوارج ـ
" وأن يداري الخوارج ويخليهم وشأنهم وهو مهدد من طرف عدو أقوى منهم وأحسن تنظيما وتخطيطا، وأخطر على نظام الخلافة الذي كان لخوارج ـ على انحرافهم يؤمنون به إيمانا راسخا.
ولا تنس أن الخوارج كفروا عليا وكل الصحابة فما أدري ما هذه الخلافة التي يؤمنون بها ومن سيكون الخليفة فيها.
وأكبر مناقب علي التي امتدحه الرسول صلى الله بها وطائفته قتالهم للخوارج الذي جعله الكاتب من أخطئه السياسية.
قال في رده على ابن تيمية قوله إن معاوية وعمر لم يقاتلا من أجل الملك في ص 181
" لقد كان حري بابن تيمية هنا أن يعترف ـ كما فعل دائما ـ بالطبيعة المركبة للفتنة، وباختلاط الشبهات والشهوات فيها، ويقبل أن دوافع معاوية وعمرو لم تكن مجرد شبهة الاقتصاص للخليفة الشهيد، بل خالطتها شهوة الملك وحب الدنيا.
وقال ردا على ابن تيمية قوله المتقدم ص 178
" إن كل هذه النصوص تدل على أن معاوية سعى إلى الملك بالفعل وبالقول، وصرح بمطامعه في قيادة الأمة دون لبس. فالقول بعد ذلك أنه لم ينازع عليا الخلافة ولا سعى إليها .. تكلف بارد كان الأولى بشيخ الإسلام ابن تيمية أن يتنزه عنه.
على أن دور معاوية أكبر من مجرد الخروج على الجماعة ومنازعة الأمر أهله. فهو الذي أرسى نظام الملك بديلا عن دولة الخلافة، فسن في الإسلامي تلك السنة السيئة، وفتح بها أبوابا من المظلم التي لم تتوقف، ومن الدماء آلتي لم تجف منذ أربعة عشر قرنا، وأخرج بناء السلطة من إطار مبادئ الشرع: كالشورى والبيعة والعدل .. إلى منطق القوة وقانون الغاب، وهو أمر لا يزال المسلون يعيشون مساوئه إلى اليوم.
فسواء تأولنا لمعاوية في مواقفه خلال الفتنة أم لم نتأول، فإن سلوكه السياسي اللاحق ليس مما يمكن التأويل له، وهو سلوك كان أبعد على الإسلام و المسلمين من الفتنة ذاتها، بل من أي حدث تارخي خلال أربعة عشرة المنصرمة. فقد كانت الفتنة التي قادها معاوية هدما لأركان الخلافة الراشدة، لكن ما فعله معاوية بعد الفتنة من توريث السلطة لابنه بالترغيب والترهيب كان أسوأ أثرا، لأنه إرساء لبناء جديد منحرف على أنقاض تلك الخلافة، وسد لأبواب استردادها. فليتكلف المتكلفون ما شاءوا في تأويلهم لما حدث أثناء الفتنة، لكنهم لن يجدوا ما يتأولونه لما حدث بعد ذلك، إذا كانوا حقا ممن يجعل قدسية المبادئ فوق مكانة الأشخاص. "
=================
ليس القصد من هذه النقول هنا الرد عليها، وإنما المقصود منها إثبات أن محمد بن المختار الشنقيطي ألف كتابه من أجل سب الصحابة وتنقصهم وقد فعل ذلك شاء من شاء وأبى من أبى.
=================
تمويه المؤلف:
لما أراد المؤلف أن يؤصل لقاعدته المتقدمة لم تسعفه النصوص الشرعية، ولا الفقهية ولا كلام شراح الحديث ولا كتب المقالات، ففكر وقدر؛ فوجد حديثا في صحيح مسلم، في قصة أحد أمراء بني أمية طلب من سهل بن سعد أن يشتم عليا فأبى، فلعن الأمير عليا، فطار بها وجعلها دليلا مع أنه لا دلالة فيها. واستعجل أن يراجع بعض طرق الحديث لتبيين ما طلبه الأمير من سهل، فقد بينت رواية ابن حبان للقصة ما طلب الأمير من سهل " عن سهل بن سعد أن رجلا جاءه فقال هذا فلان أمير من أمراء المدينة يدعوك لتسب عليا على المنبر قال أقول ماذا قال تقول له أبو تراب فضحك سهل فقال والله ما سماه إياه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان لعلي اسم أحب إليه منه دخل علي على فاطمة ثم خرج فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة فقال أين بن عمك قالت هو ذا مضطجع في المسجد فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فوجد رداءه قد سقط عن ظهره فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح التراب عن ظهره ويقول اجلس أبا تراب والله ما كان سم أحب إليه منه ما سماه إياه إلا رسول الله صلى لله عليه وسلم.
صحيح ابن حبان ج 15 ص 368
فهو لم يطلب منه إلا أن يسمي عليا باسم ظن أن له فيه تنقصا.
ثم موه بقصة يزيد ولا دليل فيها لعدة أمور، أولا يزيد ليس صحابيا، ثانيا لا يعد الخلاف حول لعنه الخلاف في لعن المعين المسلم.
فلا علاقة للقصة بسب الصحابة، وقصره على اللعن كما أراد الكاتب.
والله أعلم وإلى وقفة أخرى من هذه الوقفات المباركة.
وأعتذر للمتابعين الكرام عن تأخر هذه الوقفة، وسبب ذلك أنا كنا ننتظر جواب الكاتب على الوقفة السابقة.
محبكم / عبد الله الشنقيطي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/265)
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[06 - 01 - 05, 03:27 ص]ـ
في هذه الوقفة سنتناول إخراج المؤلف مسألة فضل الصحابة، وعدالتهم من جمل قطعيات الدين، وزعمه أن المدخل لها في ذلك غال لا يميز بين الوحي والتاريخ.
قال في ص 130
"وإذا كان الصحابة رضي الله عنهم وهم يتقاتلون لم يصوغوا خلا فاتهم السياسية بلغة الكفر والإيمان، فحري بالباحثين اليوم أن يتقيدوا بذلك، ولا يخلطوا بين الوحي والتاريخ.
فحسن التناول يقتضي من الدارس للخلافات السياسية بين الصحابة ـ وبين المسلمين عموما ـ أن يضع حدا فاصلا بين كليات العقيدة وفروع الدين، وأن لا يحول الفرع إلى أصل، فيقع في الغلو، ويحيد عن الجادة ".
و المسائل موضع النقاش.
1 ـ تقسيم الدين إلى فروع وأصول.
2ـ ما ذا يقصد الكاتب بقوله إن الصحابة لم يصوغوا خلافاتهم لغة الكفر والإيمان.
3ـ هل مسألة فضل الصحابة وعدالتهم من جمل قطعيات الدين.
أولا تقسيم الدين إلى أصول وفروع من خزعبلات المتكلمين التي لم يدل عليها كتاب ولا سنة ولا قول صاحب، بل كل هذه الأصول تدل على خلافه.
وأفضل من بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية فقال مبينا هذه القضية:
"والفرق بين مسائل الأصول والفروع إنما هو من أقوال أهل البدع من أهل الكلام من المعتزلة والجهمية ومن سلك سبيلهم. وانتقل هذا القول إلى أقوام تكلموا بذلك في أصول الفقه، ولم يعرفوا حقيقة هذا القول ولا غوره.
قالوا: والفرق في ذلك بين مسائل الأصول والفروع كما أنه بدعة محدثة في الإسلام، لم يدل عليها كتاب ولا سنة ولا إجماع، بل ولا قالها أحد من السلف والأئمة، فهي باطلة عقلا؛ فإن المفرقين بين ما جعلوه مسائل أصول ومسائل فروع لم يفرقوا بينهما بفرق صحيح يميز بين النوعين، بل ذكروا ثلاثة فروق أو أربعة كلها باطلة.
فمنهم من قال: مسائل الأصول هي العلمية الاعتقادية التي يطلب فيها العلم والاعتقاد فقط، ومسائل الفروع هي العملية التي يطلب فيها العمل.
قالوا: وهذا فرق باطل فإن المسائل العملية فيها ما يكفر جاحده، مثل وجوب الصلوات الخمس والزكاة وصوم شهر رمضان وتحريم الزنا والربا والظلم والفواحش. وفي المسائل العلمية مالا يأثم المتنازعون فيه، كتنازع الصحابة: هل رأى محمد ربه؟ وكتنازعهم في بعض النصوص: هل قاله النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ وما أراد بمعناه؟ وكتنازعهم في بعض الكلمات: هل هي من القرآن أم لا؟ وكتنازعهم في بعض معاني القرآن والسنة: هل أراد الله ورسوله كذا وكذا؟ وكتنازع الناس في دقيق الكلام: كمسألة الجوهر الفرد، وتماثل الأجسام، وبقاء الأعراض، ونحو ذلك؛ فليس في هذا تكفير ولا تفسيق.
قالوا: والمسائل العملية فيها علم وعمل، فإذا كان الخطأ مغفورا فيها، فالتي فيها علم بلا عمل أولى أن يكون الخطأ فيها مغفورا.
ومنهم من قال: المسائل الأصولية هي ما كان عليها دليل قطعي، والفرعية ما ليس عليها دليل قطعي.
قال أولئك: وهذا الفرق خطأ أيضا، فإن كثيرا من المسائل العملية عليها أدلة قطعية عند من عرفها، وغيرهم لم يعرفها، وفيها ما هو قطعي بالإجماع، كتحريم المحرمات الظاهرة، ووجوب الواجبات الظاهرة ..
ومنهم من فرق بفرق ثالث، وقال: المسائل الأصولية هي المعلومة بالعقل، فكل مسألة علمية استقل العقل بدركها، فهي من مسائل الأصول التي يكفر أو يفسق مخالفها. والمسائل الفروعية هي المعلومة بالشرع. قالوا: فالأول كمسائل الصفات والقدر، والثاني كمسائل الشفاعة وخروج أهل الكبائر من النار.
فيقال لهم: ما ذكرتموه بالضد أولى؛ فإن الكفر والفسق أحكام شرعية، ليس ذلك من الأحكام التي يستقل بها العقل. فالكافر من جعله الله ورسوله كافرا، والفاسق من جعله الله ورسوله فاسقا، كما أن المؤمن والمسلم من جعله الله ورسوله مؤمنا ومسلما، والعدل من جعله الله ورسوله عدلا، والمعصوم الدم من جعله الله ورسوله معصوم الدم، والسعيد في الآخرة من أخبر الله ورسوله عنه أنه سعيد في الآخرة، والشقي فيها من أخبر الله ورسوله عنه أنه شقي فيها، والواجب من الصلاة والصيام والصدقة والحج ما أوجبه الله ورسوله، والمستحقون لميراث الميت من جعلهم الله ورسوله وارثين، والذي يقتل حدا أو قصاصا من جعله الله ورسوله مباح الدم بذلك،والمستحق للفيء والخمس من جعله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/266)
الله ورسوله مستحقا لذلك، والمستحق للموالاة والمعاداة من جعله الله ورسوله مستحقا للموالاة والمعاداة، والحلال ما أحله الله ورسوله، والحرام ما حرمه الله ورسوله، والدين ما شرعه الله ورسوله فهذه المسائل كلها ثابتة بالشرع.
وأما الأمور التي يستقل بها العقل فمثل الأمور الطبيعية، مثل كون هذا المرض ينفع فيه الدواء الفلاني، فإن مثل هذا يعلم بالتجربة والقياس وتقليد الأطباء الذين علموا ذلك بقياس أو تجربة. وكذلك مسائل الحساب والهندسة ونحو ذلك، هذا مما يعلم بالعقل. "
منهاج السنة النبوية ج: 5/ 87 / 91
ولنأخذ مثلا من التعريفات التي ذكر شيخ الإسلام، قضية القطعية، فلا شك أن فضل الصحابة وعدالتهم قطعية فقد وردت في القرآن، ولا شك في قطعية كل ما ورد في القرآن، وتواترت بها السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكرها العلماء في جمل قطعيات الدين؛ ولهذا وضع الذين قسموا الدين إلى أصول وفروع مسألة الصحابة من الأصول كما فعل الغزالي في قواعد العقائد ج: 1 ص: 227
والآمدي غاية المرام ج: 1 ص: 390
والأشعري في رسالة إلى أهل الثغر ج: 1 ص: 303
وأما قوله إن الصحابة لم يصوغوا خلافاتهم السياسية لغة الكفر والإيمان. إن كان يقصد أنهم لم يكفر بعضهم بعضا فهذا صحيح. ونحن نقول لا يجوز اعتقاد فسق أحد منهم فضلا عن تكفيره.
أو كان يقصد أنهم لم يجعلوا ما جعله الأئمة من العقيدة من وجوب السكوت عن سبهم، أو تنقص من شارك منهم في الفتنة، واعتقاد فضل الصحابة وعدالتهم، ووجوب حبهم؛ فهذا خطأ بين على الصحابة تبين المنقولات التالية عنهم خطأه.
أخرج الحاكم وصححه عن سعيد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال: "الناس على ثلاثة منازل، فمضت منزلتان، وبقيت واحدة، فأحسن ما أنتم عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت. قال: ثم قرأ: {للفقراء المهاجرين} إلىقوله: {رضوانا} فهؤلاء المهاجرون. وهذه منزلة قد مضت {والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم} إلىقوله: {ولو كان بهم خصاصة}. قال: هؤلاء الأنصار. وهذه منزلة قد مضت. ثم قرأ: {والذين جاءوا من بعدهم} إلىقوله: {ربنا إنك رءوف رحيم} قد مضت هاتان وبقيت هذه المنزلة، فأحسن ما أنتم كائنون عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت. يقول: أن تستغفروا لهم" رواه الحاكم 2/ 3484 وصححه).
وقالت عائشة رضي الله عنها: ((أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فسبوهم)) (رواه مسلم في كتاب التفسير-حديث [3022] صحيح مسلم 4/ 2317).
وعن مجاهد، عن ابن عباس، قال: ((لا تسبوا أصحاب محمد، فإن الله قد أمر بالاستغفار لهم، وقد علم أنهم سيقتتلون)) رواه أحمد في الفضائل رقم (18)
قال ابن عمر: ((لا تسبوا أصحاب محمد، فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم أربعين سنة)). (رواه أحمد في فضائل الصحابة 1/ 61 وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة 1/ 32).
وروى مسلم في صحيحه (3/ 1461) بإسناده إلىالحسن بن عائذ بن عمرو وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، دخل على عبيد الله بن زياد فقال: أي بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن شر الرعاء الحطمة)، فإياك أن تكون منهم، فقال له اجلس فإنما أنت من نخالة – أي من قشور أو حثالة - أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: وهل كانت لهم نخالة، إنما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم.
كون عدالة الصحابة، وفضلهم، وحرمة سبهم، ووجوب محبتهم، وحمل أعمالهم إلى أحسن الوجوه من كليات الدين وقطعياته لا شك فيه لهذا فقد ذكرها جميع أهل العلم الذين صنفوا في جمل الدين وقطعياته التي يجب على المسلم أن يعتقدها.
قال محمد بن عبد الله في كتابه اعتقاد أهل السنة في الصحابة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/267)
ولا يمكن أن نجد كتاباً من كتب أهل السنة التي تبحث جوانب العقيدة المختلفة إلا ونجد هذا المبحث؛ ككتاب ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة)) اللالكائي و ((السنة)) لابن أبي عاصم، و ((السنة)) لعبد الله أحمد بن حنبل، و ((الأبانة)) لابن بطة، و ((عقيدة السلف أصحاب الحديث)) للصابوني. . وغيرها. بل كل إمام من أئمة السنة حينما يذكر عقيدته ولو في ورقة واحدة أو أقل، لا بد وأن يشير إلى موضوع الصحابة؛ إما من جهة فضلهم، أو فضل الخلفاء الراشدين، أو من جهة عدالتهم، والنهي عن سبهم والطعن فيهم، أو الإشارة إلى الكف والإمساك عما شجر بينهم. . الخ (راجع على سبيل المثال: ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة)) للألكائي (ت 418 هـ) (10/ 151 - 186) حيث ذكر المؤلف عقيدة عشرة من كبار أئمة أهل السنة، أشاروا إلى ما ذكرت، وقد حققه د. أحمد سعد حمدان الغامدي).
قال راقم هذه الحروف: وقد صنف شيخ الإسلام العقيدة الواسطية، وقال عنها إنها عقيدة جميع السلف والصحابة، وذكر فيها مسألة الكف عما شجر بين الصحابة.
وليضف الكاتب جميع أهل العلم الذين ذكر ابن تيمية أنهم أدخلوا مسألة الصحابة في الاعتقاد إلى خانة الغلاة.
قال شيخ الإسلام ـ في مناظرته مع الفقهاء الذين أنكروا عليه بعض الأشياء في العقيدة الواسطية ـ:
"ولما رأى هذا الحاكم العدل: ممالاتهم، وتعصبهم، ورأى قلة العارف الناصر، وخافهم قال: أنت صنفت اعتقاد الإمام أحمد، فنقول هذا اعتقاد احمد، يعنى والرجل يصنف على مذهبه فلا يعترض عليه ن فإنه ذا مذهب متبوع، وغرضه بذلك قطع مخاصمة الخصوم.
فقلت: ما جمعت إلا عقيدة السلف الصالح جميعهم، ليس للإمام أحمد اختصاص بهذا، والإمام أحمد إنما هو مبلغ العلم الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، ولو قال أحمد من تلقاء نفسه ما لم يجئ به الرسول لم نقبله، وهذه عقيدة محمد صلى الله عليه وسلم!!
وقلت مرات: قد أمهلت كل من خالفني في شيء منها ثلاث سنين، فإن جاء بحرف واحد عن أحد من القرون الثلاثة ـ التي أثنى عليها النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: "خير القرون القرن الذي بعثت فيه، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" يخالف ما ذكرته فأنا أرجع عن ذلك"
مجموع فتاوى ابن تيمية ج: 3 ص: 169
وقد بين شيخ الإسلام أن هذه المسألة من جملة قطعيات الدين التي تقاتل الجماعة التي لا تلتزم بهذه العقيدة حتى تلتزمها.
فقال:
"كل طائفة خرجت عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين وإن تكلمت بالشهادتين. فإذا أقروا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلوات الخمس وجب قتالهم حتى يصلوا. وإن امتنعوا عن الزكاة وجب قتالهم حتى يؤدوا الزكاة. وكذلك إن امتنعوا عن صيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق. وكذلك أن امتنعوا عن تحريم الفواحش، أو الزنا، أو الميسر، أو الخمر، أو غير ذلك من محرمات الشريعة. وكذلك إن امتنعوا عن الحكم في الدماء والأموال والأعراض والأبضاع ونحوها بحكم الكتاب والسنة. وكذلك إن امتنعوا عن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر،وجهاد الكفار إلى أن يسلموا ويؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون. وكذلك إن أظهروا البدع المخالفة للكتاب والسنة واتباع سلف الأمة وأئمتها؛ مثل أن يظهروا الألحاد في أسماء الله وآياته، أو التكذيب بأسماء الله وصفاته، أو التكذيب بقدره وقضائه، أو التكذيب بما كان عليه جماعة المسلمين على عهد الخلفاء الراشدين، أو الطعن في السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، أو مقاتلة المسلمين حتى يدخلوا في طاعتهم التي توجب الخروج عن شريعة الإسلام وأمثال هذه الأمور".
مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 511
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[08 - 01 - 05, 08:41 م]ـ
في هذه الوقفة سأتناول ما ذكر المؤلف عن موقف أهل السنة مما جرى بين الصحابة.
يقول في ص 133
(والذي يستقرئ موقف أهل السنة من الفتنة فلن يجد مذهبا واحدا، كما يريد أن يقنعنا به أصحاب التهويل والتعميم، بل سيجد مذاهب خمسة على الأقل:
1 ـ مذهب الممسكين عن الخوض مطلقا وهذا الذي عليه متكلموا أهل السنة، ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/268)
2 ـ مذهب الداعين إلى الإمساك عنه مع الخوض فيه، كالذهبي في "تاريخ الإسلام"و" سير أعلام النبلاء " وابن كثير في "البداية والنهاية ". ويحل خوضهم على أنه ترخص لغرض تعليمي، وأن المراد بالخوض عندهم ما كان على سبيل الذم والقدح.
3 ـ مذهب الخائضين في الخلاف مع التأول لكل الأطراف بإن كلا منها مجتهد مأجور، وهذا مذهب مشهور ذائع اتبعه جماهير الأمة عبر القرون، خصوصا غير المتمكنين من خلفيات الأحداث ومراميها.
4ـ مذهب الخائضين دون تأويل، وقد اشتهر من أهله بعض علماء التابعين أمثال الحسن البصري والربيع بن نافع …
5 ـ مذهب المغالين في الدفاع، المنفعلين بردة الفعل، المتأولين للصحابة ولغير الصحابة، بحق وبغير حق. وهذا الذي أدعوه " التشيع السني ". ويمثله ابن العربي وتلامذته المعاصرون. وهذا المذهب الأخير هو الأعلى صوتا اليوم، وأقوى نبرة، لأسباب سياسية ومذهبية كثيرة ليس هذا مكان عرضها. كما يغذه جهل أبناء الأمة بتاريخها في هذا العصر).
قال في ص 155
"ومن المصطلحات المثيرة للبس في أذهان طلاب العلم وعمامة المسلمين مصلح " الكف عما شجر بين الصحابة " الذي تردد ذكره في العقائد والمقولات والفرق، حتى أصبح يعد أصلا من أصول أهل السنة والجماعة. وقد ذكر اللالكائي من " اعتقاد أهل السنة " " الترحم على جميع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم والكف عما شجر بينهم "
مرد اللبس هنا أيضا هو عدم فهم المصلح في السياق الزمني الذي استخدمه علماء الإسلام فيه. فقد أراد أعلام الإسلام بهذا المصطلح معنيين: أحدهما إلجام من لم يتسلح بتفاصيل تلك الأحداث ودقائقها من المصادر الموثوقة عن الخوض فيها أصلا، حذرا من المجازفة في النقل والكذب على الأصحاب، والثاني: النهي عن الخوض المؤدي إلى لعن الصحابة أو تكفيرهم .. مما اعتاد المبتدعة على فعله".
ولكن الخلف فهموا من كلام السلف هنا غير ما أرادوا، وأوله بإن المراد به الإمساك مطلقا عن الحديث في الموضوع أو تناوله ولو لغرض التأصيل الشرعي والاعتبار التاريخي، فضيقوا واسعا، وألزموا الناس بما لا يلزم.
====================
النقاط موضع النقاش:
1ـ هل لأهل لأهل السنة مما جرى بين صحابة عدة مذاهب كما ادعى الكاتب؟
2ـ وهل المقصود بأمرهم الكف عن ذلك ناس معينون كما قال؟
هذا الكلام الذي ادعاه المؤلف عن أهل السنة في الموقف من ذكر ما جرى بين الصحة، مجرد ادعاء لم يقم عليه المؤلف دليلا من كلام أهل السنة، فأهل السنة لم يختلفوا في قضية الكلام فيما جرى ين الصحابة، بل موقفهم فيه واضح؛ وتحريره: أن ذكر ما جرى بين الصحابة على وجه التاريخ دون طعن على أحد منهم فهذا مكروه عندهم، لأنه لا عمل تحته، ويخاف أن يجر صاحبه إلى المحذور، فنهيهم عنه من باب صد الذرائع.
، وهذا وجيه من الناحية الشرعية والعقلية، فلا يشك شاك أن الإنسان لو كف عن عمل لا ينفعه، وقد يضره دل كفه على كمال عقله وتورع لدينه، وأن فعله له يدل على ضعف في عقله، وقلة احتياط لدينه.
وأما ذكره على وجه الطعن عليهم به، والكلام فيهم بما ينافي فضلهم فلا شك في حرمته، ولم يختلف أهل السنة في تحريمه وتبديع فاعله، وهذا الإجماع مبني على نصوص كثيرة من الكتاب والسنة تبين فضل الصحابة، ومتانة دينهم وحسن استقامتهم، وتنهى عن سبهم وتنقصهم.
وهذا ذكر كلامهم الذي يدل على ما ذكرت عنهم:
====================
في السنة للخلال
723 أخبرني عصمة بن عصام قال قال حنبل أردت أن أكتب كتاب صفين والجمل عن خلف بن سالم فأتيت أبا عبد الله أكلمه في ذاك وأسأله فقال وما تصنع بذاك وليس فيه حلال ولا حرام وقد كتبت مع خلف حيث كتبه فكتبت الأسانيد وتركت الكلام وكتبها خلف وحضرت غندر واجتمعنا عنده فكتبت أسانيد حديث شعبة وكتبها خلف على وجهها قلت له ولم كتبت الأسانيد وتركت الكلام قال أردت إنأعرف ما روى شعبة منها قال حنبل فأتيت خلف فكتبتها فبلغ أبا عبدالله فقال لأبي خذ الكتاب فاحبسه عنه ولا تدعه ينظر فيه
إسناده صحيح
السنة للخلال ج: 2 ص: 464
وجه الدلالة على ما ذكرنا: أن أحمد بن حنبل لم يقل له هذا حرام، ولم يبدعه فيما فعل، ولكن كره له ذلك وبين له وجه كراهيته له.
وقد حرر الإمام الذهبي هذه المسألة في سير أعلام النبلاء فقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/269)
"كما تقرر الكف عن كثير مما شجر بين الصحابة وقتالهم رضي الله عنهم أجمعين وما زال يمر بنا ذلك في الدواوين والكتب والأجزاء ولكن أكثر ذلك منقطع وضعيف وبعضه كذب وهذا فيما بأيدينا وبين علمائنا فينبغي طيه وإخفاؤه بل إعدامه لتصفو القلوب وتتوفر على حب الصحابة والترضي عنهم وكتمان ذلك متعين عن العامة وآحاد العلماء وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوة للعالم المنصف العري من الهوى بشرط أن يستغفر لهم كما علمنا الله تعالىحيث يقول والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا الحشر 10 فالقوم لهم سوابق وأعمال مكفرة لما وقع منهم وجهاد محاء وعبادة ممحصة ولسنا ممن يغلو في أحد منهم ولا ندعي فيهم العصمة .. فأما ما تنقله الرافضة وأهل البدع في كتبهم من ذلك فلا نعرج عليه ولا كرامة فأكثره باطل وكذب وافتراء فدأب الروافض رواية الأباطيل أو رد ما في الصحاح والمسانيد ومتى إفاقة من به سكران"
سير أعلام النبلاء ج: 10 ص: 92
====================
وقال السفاريني:
واحذر من الخوض الذي قد يزري ... بفضلهم مما جرى لو تدري
فإنه عن اجتهاد قد صدر ... فاسلم أذل الله من لهم هجر
فبين أن الخوض المحرم هو الخوض المؤدي إلى انتقاص أحد من الصحابة أو سبه.
قال الشوكاني رحمه في جوابه لمن سأله عما جرى بين الصحابة:
إن كان هذا السائل طالبا للنجاة، فليدع الاشتغال بهذه الأمور في هذا المضيق الذي تاهت فيه الأفكار، فإن هؤلاء الذين تبحث عن حوادثهم وتتطلع لمعرفة ما شجر بينهم قد صاروا تحت أطباق الثرى ولقوا ربهم في المائة الأولى من البعثة وهانحن الان في المائة الثالثة عشر، فما لنا والاشتغال بهذا الشأن الذي لا يعنينا " ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنه " وأي فائدة لنا في الدخول في الأمور التي فيها ريبة، وقد أرشدنا إلىأن ندع ما يريبنا إلىما لا يريبنا.ويكفينا في تلك القلاقل والزلازل، أن نعتقد أنهم خير القرون وأفضل الناس .... فرحم الله امرئا اشتغل بما أوجبه الله عليه وطلبه منه، وترك ما لا يعود عليه بنفع لا في الدنيا ولا في الآخرة، بل يعود عليه بالضرر، ومن ظن خلاف هذا فهو مغرور مخدوع، قاصر الباع عن إدراك الحقائق، ومعرفة الحق على وجهه كائنا من كان.
إرشاد السائل إلىدلائل المسائل ص 45 ـ 46
فهذا الكلام رد لطيف على قول المؤلف " ولو لغرض التأصيل الشرعي والاعتبار التاريخي، فضيقوا واسعا، وألزموا الناس بما لا يلزم."
وهذا الكلام باطل من وجوه: أحدها أن التأصيل العلمي لكل القضايا الشرعية قد قام به علماء الأصول في كلامهم على مصادر الشريعة، فكل فعل أو قول خالف الكتاب والسنة مردود ولو قاله من قاله أو فعله من فعله.
وأما الاعتبار بحياتهم فقد قام به أهل العلم خير قيام فنشروا مناقبهم التي بلغوا بها ما بلغوا من الإيمان الصادق والعمل الصالح فمكن الله لهم من العز في الدنيا ما قد علمه القاصي والداني و وعدهم عليها من حسن الجزاء في الآخرة ما الله به عليم، وتركوا ذكر أعمالهم التي ليست موضع قدوة فهم بشر لا يخلون من خطئ لكن خطأهم نقطة في بحر فضائلهم، وهذا هو المنهج الصحيح.
قال أبو نعيم: " لم يأمرهم بالإمساك عن ذكر محاسنهم وفضائلهم، وإنما أمروا بالإمساك عن ذكر أفعالهم وما يفرط منهم في ثورة الغضب وعارض الوجدة ". (الإمامة 347).
وفي السنة للخلال:
825وأخبرني محمد بن جعفر ومحمد بن أبي هارون إن أبا الحارث قال جاءنا عدد ومعهم ذكروا أنهم من الرقة فوجهنا بها إلى أبي عبد الله ما تقول فيمن زعم أنه مباح له أن يتكلم في مساوئ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو عبدالله هذا كلام سوء رديء يجانبون هؤلاء القوم ولا يجالسون ويبين أمرهم للناس
إسناده صحيح
======================
قال الأشعري:
الإجماع الثامن والأربعون
وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به وعلى أنهم أحق أن ينشر محاسنهم ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج وأن نظن بهم أحسن الظن.
رسالة إلى أهل الثغر ج: 1 ص: 303
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/270)
وقال أبو نعيم: "فمن أسوأ حالاً ممن خالف الله ورسوله وآب بالعصيان لهما والمخالفة عليهما. ألا ترى أن الله تعالى أمر نبيه -صلى الله عليه وسلم- بإن يعفو عن أصحابه ويستغفر لهم ويخفض لهم الجناح، قال تعالى: {ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر} (سورة آل عمران: 159). وقال: {واخفض جناحك لمن تبعك من المؤمنين} (سورة الشعراء: 215).
فمن سبهم وأبغضهم وحمل ما كان من تأويلهم وحروبهم على غير الجميل الحسن، فهو العادل عن أمر الله تعالى وتأديبه ووصيته فيهم. لا يبسط لسأنه فيهم إلا من سوء طويته في النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته والإسلام والمسلمين" (الإمامة: ص 375 - 37).
قال الداني: " من قولهم أن يحسن القول في السادة الكرام، أصحاب محمد عليه السلام وأن تذكر فضائلهم وتنشر محاسنهم، ويمسك عما سوى ذلك مما شجر بينهم ..
الرسالة الوفية ص 132
وقال الصابوني: " ويرون الكف عما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتطهير الألسن عن ذكر يتضمن عيبا لهم ونقصا فيهم."
عقيدة الصلف أصحاب الحديث ص 294
قال حافظ حكمي:
"ثم السكوت واجب عما جرى ... بينهم من فعل ما قد قدرا
فكلهم مجتهد مثاب ... وخطؤهم يغفره الوهاب
أجمع أهل السنة والجماعة الذين هم أهل الحل والعقد الذين يعتد بإجماعهم على وجوب السكوت عن الخوض في الفتن التي جرت بين الصحابة رضي الله عنهم بعد قتل عثمان رضي الله عنه والاسترجاع على تلك المصائب التي أصيبت بها هذه الأمة والاستغفار للقتلى من الطرفين والترحم عليهم وحفظ فضائل الصحابة والاعتراف لهم بسوابقهم ونشر مناقبهم، عملا بقول الله عز وجل "والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان " (الحشر 10) الآية، واعتقاد أن الكل منهم مجتهد إن أصاب فله أجران، أجر على اجتهاده وأجر على إصابته، وإن أخطأ فله أجر الاجتهاد والخطأ مغفور، ولا نقول أنهم معصومون بل مجتهدون إما مصيبون وإما مخطئون لم يتعمدوا الخطأ في ذلك، وما روى من الأحاديث في مساويهم الكثير منه مكذوب، ومنه ما قد زيد فيه أو نقص مه وغير عن وجهه، والصحيح منه هم فيه معذورون".
معارج القبول 3/ 1208
====================
وبعد هذه النقل التوضيحي لمذهب أهل السنة، في الخوض فيما شجر بين الصحابة وأنهم مجمعون على حرمة الخوض المؤدي إلى الطعن فيهم أو سبهم أو تنقصهم.
وعند التأمل تجد أن الكاتب أخذ هذا القول وشققه، فإن أربعة من الأقوال الخمسة التي ذكر تجمع على عدم الخوض في ما شجر بين الصحابة بما يتضمن تنقصا لهم أو عيبا.
بقي القول الذي ذكره عن الحسن فنقول متى كان يؤخذ من حوادث العين مذهبا، مع ما ذكره أهل العلم من إجماعات لم يستثنوا منها الحسن،والحسن من الشهرة بمكان، فلو كان له مذهب خاص به دون أهل العلم لذكروه في المقالات التي ينقلون عن أهل العلم، فلما لم يذكروا له مذهبا خاصا دل ذلك على عدم وجود مذهب له في ذكر ما جرى بين الصحابة خارج عن مذهب أهل العلم الآخرين.
وقد نقل عن الحسن نفسه ما يؤكد أنه على مذهب أهل العلم الآخرين.
نقل القرطبي في تفسيره قال: " سئل الحسن البصري رحمه الله تعالىعن قتال الصحابة فيما بينهم فقال: قتال شهده أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وغبنا، وعلموا وجهلنا، واجتمعوا فاتبعنا، واختلفوا فوقفنا.
تفسير القرطبي 16/ 332
فلم يبق هناك بعد هذا الكلام الواضح من الحسن البصري لأهل السنة إلا موقف واحد من الفتنة التي وقعت من الصحابة، وهو ما يذكره أهل السنة والجماعة في كتبهم عنها.
قال الحافظ: "واتفق أهل السنة على وجوب منع الطعن على أحد من الصحابة بسبب ما وقع لهم من ذلك ولو عرف المحق منهم لأنهم لم يقاتلوا في تلك الحروب إلا عن اجتهاد وقد عفا الله تعالى عن المخطئ في الاجتهاد بل ثبت أنه يؤجر أجرا واحدا وأن المصيب يؤجر أجرين "
فتح الباري ج 13 ص 34
أو مذهب أهل البدع الخوض فيما شجر بينهم بنية الوقيعة في بعضهم أو في أحدهم كما فعل الكاتب في كتيبه. وأهل السنة منه براء.
هل المقصود بما ذكر من مذهب أهل العلم في الكف عما شجر بين الصحابة، ناس دون ناس، لا يشك أي إنسان أن قول أهل السنة في هذه المسألة عقيدة قطعية دل عليها الكتاب والسنة وأجمع عليها أهل السنة، فمثل هذا دين قطعي، والدين القطعي يعم جميع المكلفين.
====================
وأما قوله:
"مرد اللبس هنا أيضا هو عدم فهم المصطلح في السياق الزمني الذي استخدمه علماء الإسلام فيه".
فهذا النص تشم منه رائحة كلام العلمانيين حين يدعون إلى قراءة النص الديني كما قالوا قراءة تاريخية، ويعنون بذلك قاتلهم الله أن القرآن والسنة ناسبا الحياة البشرية وتكيفت معهما في فترة معينة وولت هذه الفترة أما الفترة المعاصرة فلا يصلحان لها، وفي هذا القول من الزندقة ما لا يخفى على ذي عين. ومع ما ذكر نعيذ الكاتب من هذا القول ونظن به الخير، وهو وإن وافقهم في الفظ إلا أننا نعتقد أنه لا يوافقهم في المعنى على الإطلاق. أما هذا المصطلح فهو مصطلح شرعي مبني على كثير من النصوص الشرعية كتابا وسنة، وقد مر معك بعضها مما يجعله شاملا للزمن كله، وما ذكره الكاتب من قوله:
"فقد أراد أعلام الإسلام بهذا المصطلح معنيين: أحدهما إلجام من لم يتسلح بتفاصيل تلك الأحداث ودقائقها من المصادر الموثوقة عن الخوض فيها أصلا، حذرا المجازفة في النقل والكذب على الأصحاب، والثاني: النهي عن الخوض المؤدي إلى لعن الصحابة أو تكفيرهم .. مما اعتاد المبتدعة على فعله".
وهل الواقع اليوم من الكلام في الصحابة إلا ما ذكره الكاتب، فكان على الفهم الذي اختاره الكاتب لكلام السلف يجب أن يوصي بغلق باب الكلام فيهم، أما رأى الكاتب كلام المستشرقين في الصحابة، وكلام الرافضة، وكلام بعض المنتسبين إلى الدعوة، كله من هذا المعجن وحتى كلام الكاتب في كتابه هو لا يخرج عن ما ذكر.
محبكم / عبد الله الشنقيطي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/271)
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[16 - 01 - 05, 09:40 م]ـ
بعد أن تأكدنا بما مر؛ أن الكاتب قد خالف منهج أهل السنة والجماعة في طريقة تناولهم لتاريخ الصحابة، ونسف القواعد المنهجية لتي بينوا أنه يجب على الكاتب أن يراعيها، وهو يكتب عن تلك الفترة، وذلك الجيل. بقي سؤال يحق للقارئ الكريم أن يطرحه، من أين استقى الكاتب هذا المنهج.
في هذه الوقفة سنحاول أن نبين من أين استقى هذا المنهج، يرى المطلع على ساحة الثقافية، أن كثيرا من الكتاب الكبار الذين تتمدح بهم الصحف، وتلمعهم وسائل الإعلام الآخر، قد سرت في كتاباتهم سموم المستشرقين، وتلامذتهم من المستغربين، وقد يظن قليل الإطلاع أن هذا الداء قد سلم منه الكتاب الإسلاميين، وأنا أقول له على رسلك، كلا. فهذه السموم قد سرت في كتابات كثير من الإسلاميين، ولعل لاتجاه العصراني أو ضح مثال لذلك، بل جل اهتماماته هي تطويع الإسلام للمبادئ الغربية، ووصم كل ما لا يتماشى معها، بأنه فهم خاطئ للإسلام، والكاتب كما لا يخفى هو أحد أصحاب هذا الاتجاه، وأكبر دليل على ذلك، تصدر كتابه بمقدمة كتبها أحد رواد هذا الاتجاه، وهو راشد الغنوشي، فلا عجب أن كان، متأثرا في منهجه، بمنهج المستشرقين، وتلامذتهم، فقد رأينا في كتابه تطابقا كبيرا بين ما كتب، وما كتبوا. وسأحاول أن أبين في هذه الوقفة بعض التشابه الذي وجدته، وسأختصر، لأني أقصد التمثيل لا لاستقصاء.
قال المستشرق فلها وزن: " ولكن أحد لم ينس أبدا للأمويين أنهم كانوا أول أمرهم أخطر أعداء النبي وأنهم لم يعتنقوا الإسلام إلا في الساعة الأولى مكرهين، وأنهم عرفوا بعد ذلك كيف يجنون لأنفسهم ثمرة انتصاره وسيادته، وذلك من طريق استغلال ضعف عثمان أولا، ومن طريق المهارة في استغلال مقتله بعد ذلك.
ولقد كان أصل الأمويين لا يجعلهم أهلا لقيادة الأمة المحمدية، وكان من السخرية فكرة الحكومة الثيوقراطية أن يظهر الأمويون يمثلها الأغلبية، فهم كانوا مغتصبين، وظلوا كذلك، ولم يكونوا يستندون إلا إلى قوتهم الخاصة إلى قوة الشام.
تاريخ الدولة العربية ص 59
فهذا المستشرق يرى أن الأمويين وهو يقصد بهم بعاوية، ومن معه، توافرت لهم عدة أمور استغلوها، من أجل الملك. وهي ضعف عثمان، استغلال مقتله، قوت أهل الشام.
ولو قام إنسان بمقارنة هذا الكلام، بكلام الشنقيطي الآتي، لو جد تشابها كبيرا.
وقال في ص 224
وأسوأ ما في دور مروان في تلك الفتن السياسية أمور أربعة:
"أولهما تأثيره على ذي النورين عثمان رضي الله عنه، ودوره الجوهري في إيثار بني أمية بالسلطة والثروة في أيامه، خصوصا مع كبر عثمان في السن، وضعفه الفطري".
فهذا هو استغلال ضعف عثمان الذي ذكره المستشرق.
وقال في ص 125
وتفسير حرب صفين بأسبابها الحقيقية وهي مطامح الملك لدي معاوية وعمرو، وتجوزهما حدود الشرع في الدماء والجنايات في الطريقة التي طلبا بها الأخذ بدم عثمان.
فهذا هو استغلال مقتل عثمان.
وقال ص 175
وبعد أن ذكر مراسلة بين معاوية وأبي موسى الأشعري.
"وتكشف هذه المراسلة عن الفرق بين تصور أبي موسى الأشعري لموضوع الخلافة الذي اعتبره جسيم أمر هذه الأمة. يخاف ربه إذا سأله عنه، وبين تصور معاوية الذي لم يكن يرى بأسا بالاستيلاء عليها بتوزيع العطايا والمناصب وإشهار السيوف والرماح".
وهذا هو الاستيلاء بالقوة الذي ذكره المستشرق.
فكرة الكتاب بكل بساطة هي أن معاوية رضي الله عنه أرغم الأمة على لاستبداد بقتاله وشرائه الذمم من أجل الملك، وكرس هذا المبدأ بولايته العهد لابنه يزيد، و سن ذلك لمن جاء بعده من الملوك فصار يولى أهل بيته. وتولد من ذلك ظلم كبير للأمة على معاوية وزره ما عمل به إلى يوم القيامة، فمعاوية لم يقاتل علي من أجل قتلة عثمان، وإنما قاتل من أجل الملك.
وكل القواعد المذكور في الكتاب هي لتقرير هذه القضية أو في الهجوم على من يردها أو ادعاء لتقبلها أو نزع كل ما يمنع منها.
ولأن معاوية من الصحابة و الطعن فيه طعن في أحد من الصحابة، عنون كتابه
"الخلافات السياسية بين الصحابة "
ثم صاغ تلك القواعد التي أراد أن يصل من خلالها إلى ما أراد من طعن في معاوية وعمرو بن العاص.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/272)
فالقاعدة ـ الرابعة. ـ والخامسة. ـ والسادسة. ـ والسابعة ـ والثالثة عشرة ـ والرابعة عشرة ـ والسابعة عشرة ـ والثامنة عشرة والقواعد الثلاث الأخيرة فهي كلها في تبرير هذا الطعن والتقعيد له.
والقاعدة ـ الخامسة عشرة وـ السادسة عشرة و ـ التاسعة عشرة فهي في إزالة كل عائق شرعي يقف في وجه هذا الطعن.
وأما القاعدة ـ الحادية عشرة فهي لبيان حدود هذا الطعن
وأما القاعدة ـ التاسعة ـ والثانية عشرة ووقفة ملاحظات على منهج ابن تيمية وحوار مع مدرسة التشيع السني، فهي في الهجوم على كل من لا يرى في الصحابة رأي المؤلف وخاصة في الطعن على معاوية.
وجميع الطعون التي طعن بها المؤلف في معاوية مأخوذة من كتب معروفة.
فنظرية تأثر معاوية بالحكم الجاهلي في عهده إلى يزيد بالملك أخذها عن أحمد أمين "يوم الإسلام "ص 66 و أحمد رمصان "الخلافة في الحضارة الإسلامية "ص 84 وسعيد الأفغاني "عائشة والسياسة" ص 278
وأما نظرية ارتكابه بهذا العهد كبيرة من الكبائر يضيفها إلى ذنوبه الأخرى فأخذها الكاتب من كل من.
أحمد الشريف "دور الحجاز في الحياة السياسية" ص 417
وأمين الريحاني في الأعمال الكاملة 6/ 36
وأكبر شاه خان "تاريخ الإسلام "2/ 48
وأن عليه أثمها وأثم من عمل بها أخذها من عبد القادر عودة كما في كتابه " الإسلام و أوضاعنا السياسية" ص 159
وفي الكتاب رائحة العلمانية ويتضح ذلك من جعله الخلافة منصبا دنيويا وكل من يطلبه يطلبه من أجل الدنيا، مع أن منصب الإمامة عند المسلمين منصب ديني لا دنيوي كما يأتي من تعريف أهل العلم لها.
قال في ص 71
ومن الاعتراف بحدود الكمال البشري عدم تنزيه غير المعصوم عن الهوى والطموح الدنيوي مهما سمت مكانته، وعلا كعبه.
وقال في ص72
وقد طبق ابن تيمية هذا المبدأ على موقف سعد ليلة السقيفة ..
والآن نعرض كلام أهل العلم في موضوع الإمامة الموضح أنها منصب ديني لا دنيوي.
قال الماوردي:
" الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا به "
الأحكام السلطانية ص 5
وقال إمام الحرمين:
" الإمامة رياسة تامة، وزعامة تتعلق بالخاصة والعامة في مهمات الدين و الدنيا "
غياث الأمم في التياث الظلم ص 15
وقال العلامة ابن خلدون:
" هي حمل الكافة علي مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها، إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إلى اعتبار بمصالح الآخرة، فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به "
مقدمة ابن خلدون ص 190
ولتأكيد ما ذكرنا من أن مصب الإمامة منصب ديني ينظر مقاصد الإمامة في كتاب "الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة " للشيخ الدميجي
ص 69 ـ 122
الفكرة العامة للكتاب،أخذها الكاتب من كتاب "الحريّات العامّة" لراشد الغنوشي: كما قال فيه متحدثا عن طرق الوصول إلى الحكم وهو يتكلم عن الاستخلاف: "ويشعر المرء بالقرف من استمرار هذا العفن قائماً في تراثنا الديني وفكرنا السياسي، ويضع يده مباشرة على هذه الألغام التي قوّضت حضارة الإسلام وأسلمتنا إلى الانحطاط، إنّه من غير ثورة شاملة تطيح بهذه السموم التي لا تزال تجري في دماء الأمّة وتشلّ طاقتها وتجهض انتفاضتها، وتحبط أحلام نهضتها، فلا أمل في انطلاقة متينة قويّة قاصدة منتجة الحضارة من جديد في أمّتنا). [ص162].
ويقول: (فويل لتاريخ الازدهار من ليالي الانحطاط، هل نحن أهل لوراثة الخلافة الراشدة ونحن نلقي عليها بمزابل انحطاطنا؟). [نفس الصفحة].
يقول عن معاوية رضي الله عنه: (الوالي المنشق معاوية بن أبي سفيان، وقد غلبت عليه - غفر الله له - شهوة الملك وعصبيّة القبيلة، فلم يكتف بأن انتزع الأمر من أهله بل ومضى في الغيّ!! لا يلوي على شيءٍ حتّى صمّم على توريثه كما يوّرث المتاع لابنه وعشيرته، فجمع في قصّته المشهورة ثلّة من المرشّحين للخلافة من الجيل الثّاني من الصحابة، وأمام ملأ من النّاس قام أحد أعوانه يخطب بصفاقة ... وحينئذ بدأ مسلسل الشّر والفساد، مكرّساً الدكتاتوريّة والوصاية والعصمة، مقصياً الأمّة عن حقّها، مبدّداً طاقتها في جدلٍ عقيم حول الخلافة والاستخلاف ".
قلت ولا يخفى ما في هذا الكلام من الهراء.
وبعضها من مالك بن نبي كما في كتابه وجهة العالم الإسلامي ص 25
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/273)
وهذا الكتاب يظهر تأثر الكاتب به تأثر كبيرا في أكثر كتاباته.
وخصوصا مقال " الصحوة الإسلامية .. خواطر في فقه المنهج "
المنشور في مجلة المنار الجديد العدد 18
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[18 - 01 - 05, 03:18 ص]ـ
بعد أن تأكدنا بما مر؛ أن الكاتب قد خالف منهج أهل السنة والجماعة في طريقة تناولهم لتاريخ الصحابة، ونسف القواعد المنهجية لتي بينوا أنه يجب على الكاتب أن يراعيها، وهو يكتب عن تلك الفترة، وذلك الجيل. بقي سؤال يحق للقارئ الكريم أن يطرحه، من أين استقى الكاتب هذا المنهج.
في هذه الوقفة سنحاول أن نبين من أين استقى هذا المنهج، يرى المطلع على ساحة الثقافية، أن كثيرا من الكتاب الكبار الذين تتمدح بهم الصحف، وتلمعهم وسائل الإعلام الأخر، قد سرت في كتاباتهم سموم المستشرقين، وتلامذتهم من المستغربين، وقد يظن قليل الإطلاع أن هذا الداء قد سلم منه الكتاب الإسلاميين، وأنا أقول له على رسلك، كلا. فهذه السموم قد سرت في كتابات كثير من الإسلاميين، ولعل لاتجاه العصراني أو ضح مثال لذلك، بل جل اهتماماته هي تطويع الإسلام للمبادئ الغربية، ووصم كل ما لا يتماشى معها، بأنه فهم خاطئ للإسلام، والكاتب كما لا يخفى هو أحد أصحاب هذا الاتجاه، وأكبر دليل على ذلك، تصدر كتابه بمقدمة كتبها أحد رواد هذا الاتجاه، وهو راشد الغنوشي، فلا عجب أن كان، متأثرا في منهجه، بمنهج المستشرقين، وتلامذتهم، فقد رأينا في كتابه تطابقا كبيرا بين ما كتب، وما كتبوا. وسأحاول أن أبين في هذه الوقفة بعض التشابه الذي وجدته، وسأختصر، لأني أقصد التمثيل لا لاستقصاء.
قال المستشرق فلها وزن: " ولكن أحد لم ينس أبدا للأمويين أنهم كانوا أول أمرهم أخطر أعداء النبي وأنهم لم يعتنقوا الإسلام إلا في الساعة الأولى مكرهين، وأنهم عرفوا بعد ذلك كيف يجنون لأنفسهم ثمرة انتصاره وسيادته، وذلك من طريق استغلال ضعف عثمان أولا، ومن طريق المهارة في استغلال مقتله بعد ذلك.
ولقد كان أصل الأمويين لا يجعلهم أهلا لقيادة الأمة المحمدية، وكان من السخرية فكرة الحكومة الثيوقراطية أن يظهر الأمويون يمثلها الأغلبية، فهم كانوا مغتصبين، وظلوا كذلك، ولم يكونوا يستندون إلا إلى قوتهم الخاصة إلى قوة الشام.
تاريخ الدولة العربية ص 59
فهذا المستشرق يرى أن الأمويين وهو يقصد بهم بعاوية، ومن معه، توافرت لهم عدة أمور استغلوها، من أجل الملك. وهي ضعف عثمان، استغلال مقتله، قوت أهل الشام.
ولو قام إنسان بمقارنة هذا الكلام، بكلام الشنقيطي الآتي، لو جد تشابها كبيرا.
وقال في ص 224
وأسوأ ما في دور مروان في تلك الفتن السياسية أمور أربعة:
"أولهما تأثيره على ذي النورين عثمان رضي الله عنه، ودوره الجوهري في إيثار بني أمية بالسلطة والثروة في أيامه، خصوصا مع كبر عثمان في السن، وضعفه الفطري".
فهذا هو استغلال ضعف عثمان الذي ذكره المستشرق.
وقال في ص 125
وتفسير حرب صفين بأسبابها الحقيقية وهي مطامح الملك لدي معاوية وعمرو، وتجوزهما حدود الشرع في الدماء والجنايات في الطريقة التي طلبا بها الأخذ بدم عثمان.
فهذا هو استغلال مقتل عثمان.
وقال ص 175
وبعد أن ذكر مراسلة بين معاوية وأبي موسى الأشعري.
"وتكشف هذه المراسلة عن الفرق بين تصور أبي موسى الأشعري لموضوع الخلافة الذي اعتبره جسيم أمر هذه الأمة. يخاف ربه إذا سأله عنه، وبين تصور معاوية الذي لم يكن يرى بأسا بالاستيلاء عليها بتوزيع العطايا والمناصب وإشهار السيوف والرماح".
وهذا هو الاستيلاء بالقوة الذي ذكره المستشرق.
فكرة الكتاب بكل بساطة هي أن معاوية رضي الله عنه أرغم الأمة على لاستبداد بقتاله وشرائه الذمم من أجل الملك، وكرس هذا المبدأ بولايته العهد لابنه يزيد، و سن ذلك لمن جاء بعده من الملوك فصار يولى أهل بيته. وتولد من ذلك ظلم كبير للأمة على معاوية وزره ما عمل به إلى يوم القيامة، فمعاوية لم يقاتل علي من أجل قتلة عثمان، وإنما قاتل من أجل الملك.
وكل القواعد المذكور في الكتاب هي لتقرير هذه القضية أو في الهجوم على من يردها أو ادعاء لتقبلها أو نزع كل ما يمنع منها.
ولأن معاوية من الصحابة و الطعن فيه طعن في أحد من الصحابة، عنون كتابه
"الخلافات السياسية بين الصحابة "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/274)
ثم صاغ تلك القواعد التي أراد أن يصل من خلالها إلى ما أراد من طعن في معاوية وعمرو بن العاص.
فالقاعدة ـ الرابعة. ـ والخامسة. ـ والسادسة. ـ والسابعة ـ والثالثة عشرة ـ والرابعة عشرة ـ والسابعة عشرة ـ والثامنة عشرة والقواعد الثلاث الأخيرة فهي كلها في تبرير هذا الطعن والتقعيد له.
والقاعدة ـ الخامسة عشرة وـ السادسة عشرة و ـ التاسعة عشرة فهي في إزالة كل عائق شرعي يقف في وجه هذا الطعن.
وأما القاعدة ـ الحادية عشرة فهي لبيان حدود هذا الطعن
وأما القاعدة ـ التاسعة ـ والثانية عشرة ووقفة ملاحظات على منهج ابن تيمية وحوار مع مدرسة التشيع السني، فهي في الهجوم على كل من لا يرى في الصحابة رأي المؤلف وخاصة في الطعن على معاوية.
وجميع الطعون التي طعن بها المؤلف في معاوية مأخوذة من كتب معروفة.
فنظرية تأثر معاوية بالحكم الجاهلي في عهده إلى يزيد بالملك أخذها عن أحمد أمين "يوم الإسلام "ص 66 و أحمد رمصان "الخلافة في الحضارة الإسلامية "ص 84 وسعيد الأفغاني "عائشة والسياسة" ص 278
وأما نظرية ارتكابه بهذا العهد كبيرة من الكبائر يضيفها إلى ذنوبه الأخرى فأخذها الكاتب من كل من.
أحمد الشريف "دور الحجاز في الحياة السياسية" ص 417
وأمين الريحاني في الأعمال الكاملة 6/ 36
وأكبر شاه خان "تاريخ الإسلام "2/ 48
وأن عليه أثمها وأثم من عمل بها أخذها من عبد القادر عودة كما في كتابه " الإسلام و أوضاعنا السياسية" ص 159
وفي الكتاب رائحة العلمانية ويتضح ذلك من جعله الخلافة منصبا دنيويا وكل من يطلبه يطلبه من أجل الدنيا، مع أن منصب الإمامة عند المسلمين منصب ديني لا دنيوي كما يأتي من تعريف أهل العلم لها.
قال في ص 71
ومن الاعتراف بحدود الكمال البشري عدم تنزيه غير المعصوم عن الهوى والطموح الدنيوي مهما سمت مكانته، وعلا كعبه.
وقال في ص72
وقد طبق ابن تيمية هذا المبدأ على موقف سعد ليلة السقيفة ..
والآن نعرض كلام أهل العلم في موضوع الإمامة الموضح أنها منصب ديني لا دنيوي.
قال الماوردي:
" الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا به "
الأحكام السلطانية ص 5
وقال إمام الحرمين:
" الإمامة رياسة تامة، وزعامة تتعلق بالخاصة والعامة في مهمات الدين و الدنيا "
غياث الأمم في التياث الظلم ص 15
وقال العلامة ابن خلدون:
" هي حمل الكافة علي مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها، إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إلى اعتبار بمصالح الآخرة، فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به "
مقدمة ابن خلدون ص 190
ولتأكيد ما ذكرنا من أن منصب الإمامة منصب ديني ينظر مقاصد الإمامة في كتاب "الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة " للشيخ الدميجي
ص 69 ـ 122
الفكرة العامة للكتاب،أخذها الكاتب من كتاب "الحريّات العامّة" لراشد الغنوشي: كما قال فيه متحدثا عن طرق الوصول إلى الحكم وهو يتكلم عن الاستخلاف: "ويشعر المرء بالقرف من استمرار هذا العفن قائماً في تراثنا الديني وفكرنا السياسي، ويضع يده مباشرة على هذه الألغام التي قوّضت حضارة الإسلام وأسلمتنا إلى الانحطاط، إنّه من غير ثورة شاملة تطيح بهذه السموم التي لا تزال تجري في دماء الأمّة وتشلّ طاقتها وتجهض انتفاضتها، وتحبط أحلام نهضتها، فلا أمل في انطلاقة متينة قويّة قاصدة منتجة الحضارة من جديد في أمّتنا). [ص162].
ويقول: (فويل لتاريخ الازدهار من ليالي الانحطاط، هل نحن أهل لوراثة الخلافة الراشدة ونحن نلقي عليها بمزابل انحطاطنا؟). [نفس الصفحة].
يقول عن معاوية رضي الله عنه: (الوالي المنشق معاوية بن أبي سفيان، وقد غلبت عليه - غفر الله له - شهوة الملك وعصبيّة القبيلة، فلم يكتف بأن انتزع الأمر من أهله بل ومضى في الغيّ!! لا يلوي على شيءٍ حتّى صمّم على توريثه كما يوّرث المتاع لابنه وعشيرته، فجمع في قصّته المشهورة ثلّة من المرشّحين للخلافة من الجيل الثّاني من الصحابة، وأمام ملأ من النّاس قام أحد أعوانه يخطب بصفاقة ... وحينئذ بدأ مسلسل الشّر والفساد، مكرّساً الدكتاتوريّة والوصاية والعصمة، مقصياً الأمّة عن حقّها، مبدّداً طاقتها في جدلٍ عقيم حول الخلافة والاستخلاف ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/275)
قلت ولا يخفى ما في هذا الكلام من الهراء.
وقارن كلام الشيخ بكلام التلمذ تجد تطابقا تاما.
قال الشنقيطي
" إن كل هذه النصوص تدل على أن معاوية سعى إلى الملك بالفعل وبالقول، وصرح بمطامعه في قيادة الأمة دون للبس. فالقول بعد ذلك أنه لم ينازع عليا الخلافة ولا سعى إليها .. تكلف بارد كان لأولى بشيخ الإسلام ابن تيمية أن يتنزه عنه.
على أن دور معاوية أكبر من مجرد الخروج على الجماعة ومنازعة الأمر أهله. فهو الذي أرسى نظام الملك بديلا عن دولة الخلافة، فسن في الإسلامي تلك السنة السيئة، وفتح بها أبوابا من المظلم التي لم تتوقف، ومن الدماء آلتي لم تجف منذ أربعة عشر قرنا، وأخر بناء السلطة من إطار مبادئ الشرع: كالشورى والبيعة والعدل .. إلى منطق القوة وقانون الغاب، وهو أمر لا يزال المسلون يعيشون مساوئه إلى اليوم.
فسواء تأولنا لمعاوية في مواقفه خلال الفتنة أم لم نتأول، فإن سلوكه السياسي اللاحق ليس مما يمكن التأويل له، وهو سلوك كان بعد على الإسلام و المسلمين من الفتنة ذاتها، بل من أي حدث تارخي خلال أربعة عشرة المنصرمة. فقد كانت الفتنة التي قادها معاوية هدما لأركان الخلافة الراشدة، لكن ما فعله معاوية بعد الفتنة من توريث السلطة لابنه بالترغيب والترهيب كان سوأ أثرا، لأنه إرساء لبناء جديد منحرف على أنقاض تلك الخلافة، وسد لبواب استردادها. فليتكلف المتكلفون ما شاءوا في تأويلهم لما حدث أثناء الفتنة، لكنهم لن يجدوا ما يتأولونه لما حدث بعد ذلك، إذا كانوا حقا ممن يجعل قدسية المبادئ فوق مكانة الأشخاص. "
وبعضها من مالك بن نبي كما في كتابه وجهة العالم الإسلامي ص 25
وهذا الكتاب يظهر تأثر الكاتب به تأثر كبيرا في أكثر كتاباته.
وخصوصا مقال " الصحوة الإسلامية .. خواطر في فقه المنهج "
المنشور في مجلة المنار الجديد العدد 18
وأعتذر للأخو المتابعين عن تأخر هذه الحلقة وأخص الشيخ سليمان الخراش حفظه الله وذلك لأمرين أولها طلب المشرف مني التوقف ريثما يحاول مع الأستاذ الشنقيطي أن يعود للمحاورة، وثانيهما ظرف خاص بي.
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[28 - 01 - 05, 04:37 ص]ـ
في هذه الوقفات القادمة سنناقش الشنقيطي فيما ادعاه من التزام العلم والعدل في كتابه، ونبين إن شاء الله تعالى كيف أنه لم يلتزمهما وإن ادعاهما؛ لتهيئة جو نفسي معين للقارئ، يجعله يتقبل ما يقول، وكيف لا يقبله من يدعي له أنه يتكلم بعلم وعدل، وكل من يخالفه يتكلم بجهل، أو ظلم.
قال الشنقيطي:
"وقد بين ابن تيمية منهجه في تناول مسائل الخلاف التي مزقت الأمة، وهو منهج أساسه العلم والعدل. ودعا المسلمين إلى انتهاج هذا النهج. ولم يكن ليخفى على شيخ الإسلام – وقد عايش خلافات الأمة طويلا وخاض غمارها – أن آفة الخائضين في هذه الخلافات دائما تنحصر في أمرين اثنين:
الجهل بموضوع الخلاف، والتفريط في بحثه واستقرائه استقراء كافيا، يحرر نقطة النزاع، ويتحرى الصدق في الرواية، وينقب عن خلفيات الوقائع وبواعثها. والخوض مع الجهل مخالفة لتحذير الخالق سبحانه:» ولا تقف ما ليس لك به علم «كما هو مخالفة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم حول القضاة الثلاثة، حيث جعل القاضي بجهلٍ في النار.
الظلم لأحد الطرفين المختلفين، تعصبا ضده وتجاوزا، أو إغضاء عن الطرف الآخر ومجاملة، رغم أن الله تعالى حذرنا من أن نندفع مع غريزة العداء، أو أن تستخفنا الخصومة، فنتجاوز حدود بيان الحق و الأخذ به، إلى الظلم والتعدي على المخالفين. كما أمرنا بالشهادة بالقسط، ولو على أنفسنا أو الوالدين والأقربين، فقال تعالى:» ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى «وقال جل من قائل:» يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا «.
تلك هي المعاني التي استصحبها ابن تيمية، فأوصى أن لا يخوض في هذا الموضوع إلا من تسلح بالعلم والعدل، وإلا فليترك الأمر لأهله، ويفوض الخلافات إلى رب العباد الحكَم العدل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/276)
وقد حرصنا هنا على انتهاج نهج علماء الجرح والتعديل، لا في تثبتهم في الرواية والنقل فحسب، بل في منطلقهم الفكري الذي تأسس على الإيمان برجحان المبدإ على الشخص، على نحو ما برر به الإمام مسلم جرح الرواة في مقدمة صحيحه، من أنه "ليس من الغِيبة المحرمة، بل من الذب عن الشريعة المكرمة".
إن المنهج الذي ندعو إليه في هذه الدراسة، ونرى شيخ الإسلام ابن تيمية وبعض أهل الحديث خيرَ من نظَّر له وطبقه، هو منهج قائم على التوازن بين احترام مكانة الأشخاص والتقيد بقدسية المبادئ. وهو يراعي الترجيح الذي يصبح ضرورة شرعية وعملية أحيانا، حين لا يكون الجمع بين الأمرين متاحا، فيتحيز للمبادئ دون لجلجة.
بعد هذه المقدمة من كلام الشنقيطي حول التزام العلم والعدل، ودعائه أنه سينهج في كتابه هذا منهج أهل الحديث في التثبت في الرواية. يلزمه أن يكون عالما بعلوم الحديث التي تأهله أن يفهم منهجهم في التعامل مع الرواية أولا، ثم يطبقه عمليا. والحقيقة التي أبداها كتاب الأستاذ الشنقيطي أنه ليس من طلاب هذا العلم الذين يفهمونه، فضلا أن يكون من علمائه، وتضح ذلك من خلال المسائل التي تعرض لها من هذا العلم في كتابه.
وأولها مسألة العدالة عند المحدثين وقد تقدم الكلام عنها في أول وقفة من هذه الوقفات.
ثانيها مسألة منهجية المحدثين في تأليف كتبهم، وقد اتضح ذلك من خلال نقله كلاما للأمام النووي ونسبه إلى الأمام مسلم، وسبب في ذلك هو الجهل بنهج مسلم في تأليف كتابه، وأنه لم يبوبه.
قال في ص 26 على نحو ما برر به الإمام مسلم جرح الرواة في مقدمة صحيحه من أنه" ليس من الغيبة المحرمة بل من الذب عن الشريعة المكرمة ".
وقال في ص 47 وهو ما عبر عنه مسلم في مقدمة صحيحه بالقول: "باب بيان أن الإسناد من الدين وأن الرواية لا تكون إلا عن الثقات وإن جرح الرواة بما هو فيهم جائز بل واجب وأنه ليس من الغيبة المحرمة بل من الذب عن الشريعة المكرمة "
وهذا الكلام الإمام النووي كما في شرحه على مسلم:
باب بيان أنالاسناد من الدين وأن الرواية لا تكون إلا عن الثقات
وأن جرح الرواة بما هو فيهم جائز بل واجب وأنه ليس من الغيبة المحرمة بل من الذب عن الشريعة المكرمة.
شرح النووي على صحيح مسلم ج 1 ص 84
ومن المعلوم لدى طلاب علم الحديث المبتدئين فيه أن الإمام مسلم لم يبوب كتابه وإنما بوبه الشراح.
قال الإمام ابن الصلاح رحمه الله: " ثم إن مسلما رحمه الله وإيانا رتب كتابه على الأبواب، فهو مبوب في الحقيقة، ولكنه لم يذكر تراجم الأبواب؛ لئلا يزداد حجم الكتاب، أو لغير ذلك.
صيانة صحيح مسلم ص 101
والنسخة المشهورة من صحيح مسلم المتداولة هي نسخة محمد فؤاد عبد الباقي قد أدخل في صلب الكتاب تبويبات النووي كما فعل بعض النساخ للكتاب قديما وهو فعل منتقد من أهل العلم.
قال الشيخ محمد بن الشيخ علي بن آدم الأتيوبي:
لقد أساء في هذا الصنيع بعض من نسخ الكتاب، منهم الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي، حيث أدخل التراجم في صلب الكتاب، فأوهم القارئ أنه من صنيع المصنف، فبئسما صنع فليتنبه لهذا الخطأ.
"قرا عين المحتاج في شرج مقدمة صحيح مسلم بن الحجاج " 1/ 51
واتضح ذلك من خلال تبنه لرأي قيل قبله وشاع عند المتأخرين وهو أن ابن حبان يوثق المجاهيل، ويصحح أحاديثهم. مع أن كلام ابن حبان المبرئ له من هذه التهمة واضح.
قال في ص 205
"إن لابن حبان منهجا في التصحيح شذ فيه عن منهج أهل الحديث الآخرين فهو يقول بتوثيق المجهولين من الرواة "
وهذا الكلام يرده كلام ابن حبان نفسه فقال مبينا أنه لا يوثق المجاهيل كما في ترجمة عبد الله بن المؤمل:
559 عبد الله بن المؤمل المخزومي شيخ من أهل مكة يروي عن أبي الزبير
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/277)
لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد لأنه لم يتبين عندنا عدالته فيقبل ما انفرد به وذاك أنه قليل الحديث لم يتهيأ اعتبار حديثه بحديث غيره لقلته فيحكم له بالعدالة أو الجرح ولا يتهيأ إطلاق العدالة على من ليس نعرفه بها يقينا فيقبل ما انفرد به فعسى نحل الحرام ونحرم الحلال برواية من ليس بعدل أو نقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل اعتمادا منا على رواية من ليس بعدل عندنا كما لا يتهيأ إطلاق الجرح على من ليس يستحقه بإحدى الأسباب التي ذكرناها من أنواع الجرح في أول الكتاب وعائذ بالله من هذين الخصلتين أن نجرح العدل علم أو نعدل المجروح يقين ونسأل الله الستر
المجروحين ج: 2 ص: 27 ـ المجروحين ج: 2 ص: 28
وقال:
وأماشرطنا في نقلة ما أودعناه كتابنا هذا من السنن، فإنا لم نحتج فيه إلا بحديث اجتمع في كل شيخ من رواته خمسة أشياء:
الأول العدالة في الدين بالستر الجميل.
والثاني الصدق في الحديث بالشهرة فيه.
والثالث العقل بما يحدث من الحديث.
والرابع العلم بما يحيل من معاني ما يروي.
والخامس المتعرى خبره عن التدليس. فكل من اجتمع فيه هذه الخصال الخمس، احتججنا بحديثه وبنينا الكتاب على روايته، وكل من تعرى عن خصلة من هذه الخصال الخمس لم نحتج به، والعدالة في الإنسان: هو أن يكون أكثر أحواله طاعة الله، لأنا متى ما لم نجعل العدل إلا من لم يوجد منه معصية بحال؛ أدانا ذلك إلى أن ليس في الدنيا عدل، إذ الناس لا تخلو أحوالهم من ورود خلل الشيطان فيها، بل العدل من كان ظاهر أحوله طاعة الله، والذي يخالف العدل من كان كثر أحواله معصية الله.
صحيح ابن حبان 1/ 151
لكن المنهج الذي انتهجه ابن حبان أنه أورد في كتابه الثقات كل من لا يعلم فيه جرحا.
واتضح ذلك من خلال كلامه في الرجال عندما اتهم عكرمة بن عمار بالكذب.
قال في ص 111
"هذا حديث معلول المتن، وفي سنده متهم بالكذب، رغم أنه في صحيح مسلم، فقد أعله العديد من أهل العلم، منهم ابن حزم وابن الجوزي اللذان جزما بإن الحديث موضوع، واتهما أحد رواته (عكرمة بن عمار) بالكذب.
قال كاتب المقال عفا الله عنه:
عكرمة بن عمار لم يتهمه أحد من أئمة الحديث بالكذب إطلاقا، ونحن نقول أئمة الحديث فإن ابن حزم وإن كان إماما في كثير من العلوم إلا أنه لم يكن عالما بعلم الجرح والتعديل ولذلك كثر خطأه في الكلام على الرجال وابن حزم وحده هو الذي اتهم عكرمة بن عمار بالكذب وقد رد عليه ابن الصلاح ردا قويا كما سيأتي في ترجمة عكرمة.
أما حال عكرمة بن عمار فقد لخصها الذهبي بقوله:
عكرمة بن عمار الحنفي اليمامي عن الهرماس وله صحبة وعن طاووس وجماعة وعنه شعبة والقطان وعبد الرزاق ثقة إلا في يحيى بن أبي كثير فمضطرب وكان مجاب الدعوة مات 159 م 4
الكاشف ج 2 /ص 33
هذه خلاصة كلام أهل العلم فيه وقد فصل الحافظ ابن حجر كلامهم فيه فقال:
"عكرمة بن عمار العجلي أبو عمار اليمامي بصري روى عن الهرماس بن زياد وله صحبة .. قال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه عن عكرمة مضطرب الحديث عن يحيى بن أبي كثير وقال أيضاعن أبيه عكرمة مضطرب الحديث عن غير إياس بن سلمة وكان حديثه عن إياس صالحا وقال أبو زرعة الدمشقي سمعت أحمد يضعف رواية أيوب بن عتبة وعكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير وقال عكرمة أوثق الرجلين وقال الفضل بن زياد سألت أبا عبد الله هل كان باليمامة أحد يقدم على عكرمة اليمامي مثل أيوب بن عتبة وملازم بن عمرو وهؤلاء فقال عكرمة فوق هؤلاء أو نحو هذا ثم قال روى عنه شعبة أحاديث وقال معاوية بن صالح عن يحيى بن معين ثقة وقال الغلابي عن يحيى ثبت وقال بن أبي خيثمة عن بن معين صدوق ليس به بأس وقال أبو حاتم عن بن معين كان أميا وكان حافظا وقال عثمان الدارمي قلت لابن معين أيوب بن عتبة أحب إليك أو عكرمة بن عمار فقال عكرمة أحب إلي وأيوب ضعيف وقال بن المديني أحاديث عكرمة عن يحيى بن أبي كثير ليست بذاك مناكير كان يحيى بن سعيد يضعفها وقال في موضع آخر كان يحيى يضعف رواية أهل اليمامة مثل عكرمة وضربه وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن علي بن المديني كان عكرمة عند أصحابنا ثقة ثبتا وقال العجلي ثقة يروي عنه النضر بن محمد ألف حديث وقال البخاري مضطرب في حديث يحيى بن أبي كثير ولم يكن عنده كتاب وقال الآجري عن أبي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/278)
داود ثقة وفي حديثه عن يحيى بن أبي كثير اضطراب كان يقدم عليه ملازم بن عمرو وقال النسائي ليس به بأس إلا في حديث يحيى بن أبي كثير وقال أبو حاتم كان صدوقا وربما وهم في حديثه وربما دلس وفي حديثه عن يحيى بن أبي كثير بعض الأغاليط وقال الساجي صدوق وثقه أحمد ويحيى إلا أن يحيى بن سعيد ضعفه في أحاديثه عن يحيى بن أبي كثير وقدم ملازما عليه وقال عكرمة بن عمار ثقة عندهم وروى عنه بن مهدي ما سمعت فيه إلا خيرا وقال في موضع آخر هو أثبت من ملازم وهو شيخ أهل اليمامة وقال علي بن محمد الطنافسي ثنا وكيع عن عكرمة بن عمار وكان ثقة وقال صالح بن محمد الأسدي كان يتفرد بأحاديث طوال ولم يشركه فيها أحد قال وقدم البصرة فاجتمع إليه الناس فقال ألا أراني فقيها وأنالا أشعر وقال صالح بن محمد أيضاإن عكرمة بن عمار صدوق إلا أن في حديثه شيئا روى عنه الناس وقال إسحاق بن أحمد بن خلف البخاري ثقة روى عنه الثوري وذكره بالفضل وكان كثير الغلط ينفرد عن إياس بأشياء وقال بن خراش كان صدوقا وفي حديثه نكرة وقال الدارقطني ثقة وقال بن عدي مستقيم الحديث إذا روى عنه ثقة وقال عاصم بن علي كان مستجاب الدعوة قال معاوية بن صالح مات في إمارة المهدي وقال بن معين وغيره مات سنة 159 قلت وكذا ذكر بن حبان في الثقات وقال في روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب كان يحدث من غير كتابة وقال أبو أحمد الحاكم جل حديثه عن يحيى وليس بالقائم وقال يعقوب بن شيبة كان ثقة ثبتا وقال بن شاهين في الثقات قال أحمد بن صالح أناأقول أنه ثقة واحتج به وبقوله
تهذيب التهذيب ج 7 /ص 232 ـ تهذيب التهذيب ج 7 /ص 233
وقال سبط بن العجلي:
[534] عكرمة بن عمار خت م ع أبو عمار العجلي اليمامي إمام ثقة له ترجمة في الميزان وفي آخرها وفي صحيح مسلم قد ساق له أصلا منكرا عن سماك الحنفي عن بن عباس في الثلاثة التي طلبها أبو سفيان انتهى واعلم أن الحافظ أبا محمد بن حزم الظاهري قال في روايته عنه أنه موضوع قال والافة فيه من عكرمة بن عمار وقد أنكر بن الصلاح الحافظ أبو عمرو علي بن حزم وبالغ في الشناعة عليه قال وهذا القول من جسارته فأنه كان هجوما على تخطئه الأئمة الكبار وإطلاق اللسان فيهم قال ولا نعلم أحدا من أئمة الحديث نسب عكرمة إلىوضع الحديث وقد وثقه وكيع وابن معين وغيرهما وكان مجاب الدعوة انتهى ولولا أن شرطي أن أذكر كل من وقفت عليه أنه وضع أو قيل فيه ذلك لما ذكرته والله أعلم
الكشف الحثيث ج 1 /ص 192
ومن أراد مزيد مراجعة في ترجمته فيمكنه مراجعة المراجع التالية.
الكامل في الضعفاء ج 5 /ص 272
الضعفاء الكبير ج 3 /ص 378
الثقات ج 5 /ص 233
معرفة الثقات ج 2 /ص 144
الجرح والتعديل ج 7 /ص 10
تاريخ بغداد ج 12 /ص 257
التاريخ الكبير ج 7 /ص 50
وتضح ذلك من خلال نسبته للأهل الحديث القول بأن مجال الرواية مجال ظن، وهو محض تقول على أهل الحديث.
قال:
"لقد انطلق أهل الحديث من التسليم بعدالة الرواية لدى جميع الصحابة، دون حاجة إلى البحث في خلفياتهم، وقد أحسنوا في ذلك، لأن مجال الرواية مجال ظني، ويكفي من تحصيل الظن بالصدق هنا غلبة الخير على جيل الصحابة، واستعظام الناس للكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الجيل ".
وخير من بحث هذه القضية بنوع من التفصيل شيخنا الشيخ حاتم الشريف وفقه الله لكل خير، فقال ـ في كتابه الماتع " المنهج المقترح لفهم المصطلح ":
" بعد تقرير التقسيم الآنف الذكر ـ وهو التقسيم الذي رضيه المحدثون ـ تبين أن كل الأحاديث المسندة (أخبار آحاد). و (خبر الواحد) العدل عند الأصوليين لا يفيد ـ بذاته ـ إلا الظن، فهل هذا الحكم لـ (خبر الواحد) هو نفسه حكم المحدثين عليه أيضاً؟
لذلك كان واجباً علي بيان حكم (خبر الواحد) العدل عند المحدثين.
فأقول: أولاً: لست أريد استيعاب كل ما يتعلق بهذه المسألة، فهذا أمر عظيم، لكنه ليس بحثي. لذلك فسأتجوز في هذه المسألة ما استطعت ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/279)
وثانياً: أنه مع أن الأحاديث النبوية عند أهل الحديث قسم واحد، فكلها (خبر آحاد)، كما سبق تقريره = إلا أن المحدثين أعرف الناس بتفاوت مراتبها في الصحة، وأدراهم باختلاف درجاتها في القوة، وألحظهم لدقيق فروق ثبوتها. ولهم في ذلك صولات وجولات، لها في علمهم ساحات مباركات، لا تخفى على من نخاطبه ويدري الخطاب
لكن عدم اعتبار المحدثين لهذا التفاوت ولتلك الفروق في درجات الصحة والقوة مسوغاً لتقسيم الأحاديث على أساسه، يدل دلالةً واضحةً على أن تلك الفروق في درجات الثبوت لم تبلغ درجة التأثير على حجية الأخبار، فجميعها يشملها حكم واحد يستفاد منها، لكن تتفاوت مراتب هذا الحكم الواحد.
وعندها نقول: إذا استفاد اليقين و (العلم) من بعض الأحاديث النبوية المتكلمون والجهلاء بالسنة وبعض من أعدائها وبعض من تأثر بهم في مثل ما أسموه بـ (المتواتر) وهو عند المحدثين من (الآحاد)، وفي بعض (الآحاد) أيضاً إذا احتفت به القرائن عند المحققين في أصول الفقه (1) = إذا استفادوا (العلم) من بعضها، فالمحدثون الذين هم حملة الآثار وأمناء الوحي وورثة النبوة أولى بما يربو على ذلك ويزيد
فكل ما يفيد (العلم) عند الأصوليين يفيده عند المحدثين من باب أولى.
لكن بقي ما قال الأصوليون إنه يفيد (الظن الموجب للعمل دون العلم) بذاته، وهو (الآحاد) عندهم. غير أن المحققين منهم قالوا بإفادة (الآحاد) لـ (العلم) إذا احتفت به قرائن تقوية، و (العلم) حينها نظري عندهم، كما سبق آنفاً.
فنقول لهم: رضينا بهذا القدر منكم، فاثبتوا عليه
والحمد لله أن الأصوليين لم يتدخلوا في تحديق القرائن؛ إنما ضربوا أمثلةً عليها
قال بدر الدين الزركشي (محمد بن بهادر بن عبد الله الشافعي، المتوفى سنة 794هـ) في كتابه (البحر المحيط في أصول الفقه): ((لم يتعرضوا لضابط القرائن، وقال المازري: لا يمكن أن يشار إليها بعبارة تضبطها. قلت (القائل الزركشي): ويمكن أن يقال: هي ما لا يبقى معها احتمال، وتسكن النفس عنده، مثل مكونها إلى الخبر المتواتر أو قريباً منه)) (2).
قلت: وكل هذا يرضاه المحدثون من الأصوليين
فإن صحح المحدثون حديثاً، مما تفرد بروايته راوٍ واحد، وهم (أعني المحدثين) أهل هذه الصنعة، وأعرف الناس بقواعدها وجزئياتها، وأخبرهم بأصولها وفروعها؛ ثم تصحيحهم ذلك الحديث معناه أنه انتفت عنه كل: العلل الظاهرة (من طعن في الرواة أو سقط في الإسناد) والعلل الباطنة (من شذوذ وتفرد من لا يحتمل التفرد بمثل ما تفرد به)، وقف عند العلل الباطنة، وقلب وجوهها ومعانيها عند المحدثين؛ لتعلم بعد ذلك كله، أنه إذا صحح المحدثون حديثاً (غريباً) (فرداً) = أنه أفاد العلم عندهم، لأنه استحال عندهم بعد النظر والاستدلال احتمال الكذب والغلط، ولاحت قرائن تفيد اليقين بذلك
ولا يعترض على المحدثين: بأن الأصوليين أو الفقهاء (غير المحدثين) لا يستفيدون (العلم) من ذلك الخبر، لأن عدم استفادتهم منه (العلم) لا ينفي أن غيرهم ممن الشأن شأنهم والفن فنهم والعلم علمهم = قد استفاد منه العلم
ولئن كان (المتواتر) منه ما هو عام يعرفه العامة، ومنه ما هو خاص لا يعرفه إلا الخاصة من أهل العلم (1). فكذلك القرائن: منها ماه و عام يعرفها الأصوليون والمحدثون، ومنها ما هو خاص لا يعرفه إلا المحدثون.
وما أشبه ذلك بـ (المتواتر) أيضاً، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في (علم الحديث): ((وعلماء الحديث يتواتر عندهم ما لا يتواتر عند غيرهم، لكونهم سمعوا ما لم يسمع به غيرهم، وعلموا من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يعلم غيرهم)) (2).
يقول ابن قيم الجوزية في (الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة): ((وكما أن العلم بالتواتر ينقسم إلى عام وخاص، فيتواتر عند الخاصة ما لا يكون معلوماً لغيرهم، فضلاً أن يتواتر عندهم= فأهل الحديث: لشدة عنايتهم بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وضبطهم لأقواله وأفعاله وأحواله، يعلمون من ذلك علماً لا يكون فيه، مما لا شعور لغيرهم به البتة)) (3).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/280)
وكان قد قال (رحمه الله) قل ذلك: ((وخصومهم ـ يعني خصوم أهل الحديث ـ إما أن ينكروا حصول (العمل) لأنفسهم، أو لأهل الحديث. فإن أنكروا حصوله لأنفسهم، لم يقدح ذلك في حصوله لغيرهم. وإن أنكروا حصوله لأهل الحديث، كانوا مكابرين لهم على ما يعملونه من نفوسهم، بمنزلة من يكابر غيره على ما يجده في نفسه من فرحه وألمه وخوفه وحبه. والمناظرة إذا انتهت إلى هذا الحد لم يبق فيها فائدة، وينبغي العدول إلى ما أمر الله به رسوله من المباهلة)) (4)
واسمع الإمام مسلماً وهو يقول في كتابه (التمييز): ((واعلم ـ رحمك الله ـ أن صناعة الحديث، ومعرفة أسبابه من الصحيح والسقيم، إنما هي لأهل الحديث خاصة؛ لأنهم الحفاظ لروايات الناس، العارفون بها دون غيرهم. إذ الأصل الذي يعتمدون لأديانهم: السنن والآثار المنقولة، من عصر إلى عصر، من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا هذا. فلا سبيل لمن نابذهم من الناس، وخالفهم في المذهب، إلى: معرفة الحديث، ومعرفة الرجال من علماء الأمصار فيما مضى من الأعصار من نقال الأخبار وحمال الآثار. وأهل الحديث هم الذين يعرفونهم ويميزونهم، حتى ينزلوهم منازلهم في التعديل والتجريح)) (1).
ثم قف على هذا الفصل النوراني، وسأنقله لك على طوله من كلام الإمام أبي المظفر منصور بن محمد التميمي السمعاني الشافعي (ت 489هـ). يقول (رحمه الله) في كتابه (الانتصار لأهل السنة): ((واعلم أن الخبر وإن كان يحتمل الصدق والكذب والظن وللتجوز فيه مدخل، ولكن هذا الذي قلناه (يعني من إفادة خبر الواحد للعلم) لا يناله أحد، إلا بعد أن يكون معظم أوقاته وأيامه مشتغلاً بالحديث، والبحث عن سيرة النقلة والرواة، ليقف على رسوخهم في هذا العلم، وكنه معرفتهم به، وصدق ورعهم في أقوالهم وأفعالهم، وشدة حذرهم من الطغيان والزلل، وما بذلوه من شدة العناية في تمهيد هذا الأمر، والبحث عن أحوال الرواة، والوقوف على صحيح الأخبار وسقيمها. ولقد كانوا بحيث لو قتلوا لم يسامحوا أحداً في كلمةٍ واحدةٍ يتقولها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا فعلوا هم بأنفسهم ذلك. وقد نقلوا هذا الدين إلينا كما نقل إليهم، وأدوا كما أدى إليهم. وكانوا في صدق العناية والاهتمام بهذا الشأن: ما يجل عن الوصف، ويقصر دونه الذكر. وإذا وقف المرء على هذا من شأنهم، وعرف حالهم، وخبر صدقهم وورعهم وأمانتهم، ظهر له العلم فيما نقلوه ورووه.
والذي يزيد ما قلنا إيضاحاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الفرقة الناجية قال: ((ما أنا عليه وأصحابي)) (2)، فلا بد من تعرف ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه، وليس طريق معرفته إلا النقل، فيجب الرجوع إلى ذلك. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تنازعوا الأمر أهله)) (3)، بكما يرجع في معرفة مذاهب الفقهاء الذين صاروا قدوةً في هذه الأمة إلى أهل الققه، ويرجع في معرفة اللغة إلى أهل اللغة، وفي النحو إلى أهل النحو= كذا يرجع في معرفة ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى أهل الرواية والنقل، لأنهم عنوا بهذا الشأن، واشتغلوا بحفظه والفحص عنه ونقله، ولولاهم لا ندرس علم النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقف أحد على سنته وطريقته!
فإن قالوا: فقد كثرت الآثار في أيدي الناس واختلط عليهم؟
قلنا: ما اختلط إلا على الجاهلين بها، فأما العلماء بها فإنهم ينتقدونها انتقاد الجهابذة الدراهم والدنانير، فيميزون زيوفها، ويأخذون جيادها. ولئن دخل في أغمار الرواة من وسم بالغلط في الأحاديث، فلا يروج ذلك على جهابذة الحديث ورتوت (1). العلماء، حتى إنهم عدوا أغاليط من غلط في الأسانيد والمتون. بل تراهم يعدون على كل واحدٍ منهم في كم حديث غلط، وفي كم حرفٍ حرف، وماذا صحف.
(إلى أن قال:) فتدبر ـ رحمك الله ـ أيجعل حكم من أفنى عمره في طلب آثار النبي صلى الله عليه وسلم شرقاً وغرباً، براً وبحراً، وارتحل في الحديث الواحد فراسخ؛ واتهم أباه وأدناه في خبر يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان موضع التهمة، ولم يحابه في مقال ولا خطاب، غضباً لله، وحميةً لدينه؛ ثم ألف الكتب في معرفة المحدثين: أسمائهم وأنسابهم، وقدر أعمارهم، وذكر أصارهم، وشمائلهم وأخبارهم؛ وفصل بين الرديء والجيد، والصحيح والسقيم، حباً لله ورسوله، وغيرةً على الإسلام والسنة؛ ثم استعمل آثاره كلها، حتى فيما عدا العبادات، من أكله وطعامه وشرابه ونومه ويقظته وقيامه وقعوده ودخوله وخروجه، وجميع سيرته وسننه، حتى في خطواته ولحظاته؛ ثم دعا الناس إلى ذلك، وحثهم عليه، وندبهم إلى استعماله، وحبب إليهم ذلك بكل ما يمكنه، حتى في بذلك ماله ونفسه = كمن أفنى عمره في أتباع أهوائه وآرائه وخواطره وهواجسه؟!!! (2))).
إذن فالأصل في (خبر الآحاد) الذي يصححه المحدثون أنه يفيد (العلم) عندهم، لأن تصحيح الحديث يقتضي عندهم: ادتماع غلبة الظن بصدق الخبر، مع قرائن إثباته. لأن غلبة الظن تحصل بمجرد صحة السند، أي بانتفاء العلل الظاهرة. أما انتفاء العلل الباطنة، فهو قرائن الإثبات وعلامات مطابقة الخبر لواقع الحال، وهو (العلم).
إذا علمت ذلك، بعد قراءتك كلام أبي المظفر السمعاني الآنف الذكر، فلا بد أنك توافقه وتوافقني في أن المرجع في تمييز الثابت من المشكوك فيه من سنة النبي صلى الله عليه وسلم هم المحدثون، وأنهم القضاة الذين يحتكم إليهم في ذلك، وأنه لا يحق لمن ليس منهم أن ينازعهم شأنهم وأمرهم.
وفي الوقفة القادمة سنرى بعض أحكامه على الأحاديث، وتخريجه لها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/281)
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[03 - 02 - 05, 04:04 ص]ـ
بعد أن بينا في الحلقة الماضية مدا جهل الكاتب بقواعد علم الحديث النظرية، نبين في هذه الحلقة ما ترتب على ذلك من جهل بتطبيقها، وهذا الجانب يتناول ثلاثة محاور الأول منها طريقة تخريجه للأحاديث، والثاني منها حكمه عليها، والثلاث منها قلة الأمانة العلمية في نقله لكلام أهل العلم حول بعضها.
أولا تخرجه للأحاديث تخريج من لم يعرف كيفية التخريج فتارة يخرج من كتب التاريخ وتارة من كتب الشروح وتارة من كتب المجاميع أي الكتب التي جمعت كتبا معينة مع حذف أسانيدها، وحتى عندما يخرج من الكتب الأصول لا تجد له منهجا معينا فتراه مثلا يخرج حديثا في صحيح مسلم من بن حبان ولا يشير إلى أنه في مسلم وتراه مرة أخرى يخرج حديثا من الأصول ومعها الكتب لتي ليست أصولا فيقدمها عليها في التخريج.
فحديث كلاب الحوأب خرجه من سير أعلام النبلاء.
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب؟ «.
حديث صحيح.انظر: سير أعلام النبلاء 2/ 177ـ 178
وأحد روايات قصة سعد بن أبي وقاص مع معاوي، أخرجه من فتح الباري.
وعند أبي يعلى عن سعد من وجه آخر لا بأس به قال: لو وضع المنشار على مفرقي على أن أسب عليا ما سببته أبدا «
فتح الباري 7/ 74
وحديث المغفرة لأهل بدر خرج من شرح المبارك فوري للترمذي وفتح الباري والتمهيد.
لن يدخل النار أحد شهد بدرا
رواه أحمد بإسناد على شرط مسلم، انظر المباركفوري: تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي 9/ 142وابن عبد البر: التمهيد لما في الموطإ من المعاني والأسانيد 6/ 355 وفتح الباري 7/ 305
وحديث قل الحق ولوكان مرا خرجه من مجمع الزوائد وهو كما يعلم كل طلاب علم الحديث ليس تخريجا.
مجمع الزوائد 7/ 265 وقال الهيثمي: "رواه الطبراني في الصغير، والكبير بنحوه … ورجاله رجال الصحيح غير سلام أبي المنذر، وهو ثقة، ورواه البزار"
وحديث دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم الهداية أخرجه من ابن حبان مع أنه في مسلم دون أن يشير إلى ذلك.
"اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون .. اهدني لما اختُلف فيه من الحق، فإنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم"
صحيح ابن حبان 6/ 335
وحديث القضاة، أخرجه من كتب أصلية وثانوية فمثلا كتاب الترمذي كتاب أصلى في التخريج فهو كتاب راية يروي بالإسناد وكتب البيهقي كتب تروي من كتب الرواية فهو قدم الثانوي في التخريج على الأصلي.
"القضاة ثلاثة: قاضيان في النار، وقاض في الجنة. رجل علم الحق وقضى به فهو في الجنة، ورجل قضى للناس على جهل، فهو في النار، ورجل علم الحق وقضى بخلافه فهو في النار"
، وحديث "القضاة ثلاثة .. " رواه بألفاظ مختلفة: الحاكم 4/ 101 والبيهقي في الكبرى 10/ 117 وفي الشعب 6/ 73 والترمذي 3/ 613 والطبراني في الأوسط 7/ 39 وفي الكبير 2/ 21
كل ما مر نماذج وليس هو جميع ما أخطأ فيه في طريقة التخريج بل كل تخريجاته من هذا المعجن.
وأما المحور الثاني وهو أخطاءه في حكمه على بعض الأحاديث.
إيراده لبعض الآثار والأحاديث الضعيفة ناسفا بذلك ما قرره في القاعدة الأولى من قواعده وهي التثبت في النقل والرواية، ونساق مع ما حذر منه من خلط الوقائع بالمشاعر، والسكوت على الضعيف ما دام يؤيد رأي.
من ذلك قبوله لأثر عائشة في فقصة تسمية الناس القتال الأول بيوم الجمل.
قال عن عائشة في ص 137
"محمد بن قيس قال ذكر لعائشة يوم الجمل، قالت والناس يقولون يوم الجمل؟ قالوا: نعم قالت: وددت أني جلست كما جلس أصحابي، فكان أحب إلي من أن أكون ولدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة، كلهم مثل عبد الرحمن بن هشام وعبد الله الزبير "
هذا الأثر قال عنه الحافظ بن حجر بعد أن ساقه
وفي سنده أبو معشر نجيح المدني وفيه ضعف
فتح الباري ج 13 ص 55
ومن الأخطاء الحديثية في الحكم على الحديث تصحيحه لقصة الوليد بن عقبة مع بن المصطلق وأنها سبب نزول قوله تعالى يأيها الذين آمنوا إنجاءكم فاسق بنبأ.
قال في ص 196 ـ 197
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/282)
معلقا على تضعيف الأستاذ محب الدين الخطيب للقصة: "ويبدوا أن الشيخ الخطيب قد خانه الاستقراء فقد أخرج هذا الحديث أحمد وابن أبي حاتم والطبراني وابن منده وابن مردويه عن الحارث بن ضرار، وهو صحابي ووالد أم المؤمنين جويرية، كما أنه شاهد عيان، إذ هو سيد قبيلة بن المصطلق التي أرسل إليهم الوليد، وهذا غير رواية أم سلمة، وغير الأخبار الموقوفة التي ركز عليها الشيخ الخطيب ".
ونحن نقول إن العلم قد خان الكاتب هنا فإن هذه الرواية التي فرح بها مدارها على دينار والد عيس بن دينار وهو مجهول لا يعرف كما قال ابن معين.
فالرواية ضعيفة إلا إذا كان الكاتب يريد أن يتبنى الرأي الذي نسبه لابن حبان وانتقده وهو تصحيح أحاديث المجاهيل.والقصة مخرجة
مسند الإمام أحمد بن حنبل ج 4 ص 279 ـ المعجم الكبير ج 3 ص 274
الآحاد والمثاني ج 4 ص 309 ـ
ومن الأحاديث التي أوردها في البحث وهي ضعيفة دون أن ينبه على ضعفها حديث علي رضي الله عليه في المسند " عن على رضي الله عنه قال قيل يا رسول الله من يؤمر بعدك قال إن تؤمروا أبا بكر رضي الله عنه تجدوه أمينا زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة وإن تؤمروا عمر رضي الله عنه تجدوه قويا أمينا لا يخاف في الله لومة لائم وإن تؤمروا عليا رضي الله عنه ولا أراكم فاعلين تجدوه هاديا مهديا يأخذ بكم الطريق المستقيم "
مسند الإمام أحمد بن حنبل ج 1 ص 108
وهو حديث ضعيف ينظر كلام الدار قطني عليه في العلل 3/ 216 وابن الجوزي في العلل المتناهية 1/ 253 والخطيب في تاريخ بغداد 3/ 302
ومن الأحاديث الضعيفة التي أوردها في البحث مستشهدا بها حديث علي في قصة ضرب الوليد بن عقبة لزوجه واستجارتها بالرسول صلى الله عليه وسلم وإجارته لها وعدم اكتراث الوليد بذلك. وهذه القصة مخرجة في مسند الإمام أحمد بن حنبل ج 1 ص 152
ومسند أبي يعلى ج 1 ص 253 ـ مسند أبي يعلى ج 1 ص 289
وهي ضعيفة مدارها على أبي مريم قيس أبو مريم الثقفي المدائني وهو مجهول
610] قيس أبو مريم الثقفى المدائني روى عن على وعمار روى عنه نعيم وعبد الملك ابنا حكيم سمعت أبى يقول ذلك.
الجرح والتعديل ج 7 /ص 106
تاريخ بغداد ج 12 /ص 455
التاريخ الكبير ج 7 /ص 151
ومن أخطائه الحديثية المتعلق بالحكم على الأسانيد قبوله لقصة خبر أبي سفيان مع علي ولومه له على قبولي تول أبي بكر للخلافة والأثر ضعيف أخرجه عبد الرزاق "عن بن أبجر قال لما بويع لأبي بكر رضي الله عنه جاء أبو سفيان إلى علي فقال غلبكم على هذا الأمر أذل أهل بيت في قريش أما والله لأملأنها خيلا ورجالا قال فقلت مازلت عدوا للإسلام وأهله فما ضر ذلك الإسلام وأهله شيئا أنا رأينا أبا بكر لها أهلا"
مصنف عبد الرزاق ج 5 ص 451
وهو ضعيف منقطعة من رواية ابن أبجر وهو من أتباع التابعين.
قال الحافظ ابن حجر
عبد الملك ين سعيد بن حيان، بالتحتانية، بن أبجر، بموحدة جيم، الكوفي، ثقة عابد، من السادسة.
تقريب التهذيب الترجمة رقم 4181
وقد بين الحافظ في مقدمة كتابه تقريب التهذيب أن أصحاب الطبقة السادسة "لم يثب لهم لقاء أحد من الصحابة.
التقريب ص 97
ومن أخطائه الحديثية المتعلقة بالحكم على الأحاديث تضعيفه لقصة مبايعة علي الأبي بكر في أول الأمر دون أي حجة مع أن القصة صححها كثير من أهل العلم.
وسنقل هنا كلام الحافظ ابن كثير على القصة قال ابن كثير في: " عن ابي سعيد الخدري قال قبض رسول الله واجتمع الناس في دار سعد بن عبادة وفيهم أبو بكر وعمر قال فقام خطيب الانصار فقال أتعلمون أن رسول الله كان من المهاجرين وخليفته من المهاجرين ونحن كنا أنصار رسول الله ونحن أنصار خليفته كما كنا أنصاره قال فقام عمر بن الخطاب فقال صدق قائلكم أما لو قلتم على غير هذا لم نبايعكم وأخذ بيد أبي بكر وقال هذا صاحبكم فبايعوه فبايعه عمر وبايعه المهاجرون والانصار قال فصعد ابو بكر المنبر فنظر في وجوه القوم فلم ير الزبير قال فدعا بالزبير فجاء فقال قلت ابن عمة رسول الله وحواريه أردت أن تشق عصا المسلمين فقال لا تثريب يا خليفة رسول الله فقام فبايعه ثم نظر في وجوه القوم فلم ير عليا فدعا بعلي بن أبي طالب فجاء فقال قلت ابن عم رسول الله وختنه على ابنته أردت أن تشق عصا المسلمين قال لا تثريب يا خليفة رسول الله فبايعه هذا أو معناه وقال أبو علي الحافظ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/283)
سمعت محمد بن اسحاق بن خزيمة يقول جاءني مسلم بن الحجاج فسألني عن هذا الحديث فكتبته له في رقعة وقرأته عليه وهذا حديث يسوى بدنة بل يسوى بدرة وقد رواه البيهقي عن الحاكم وأبي محمد بن حامد المقري كلاهما عن أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم عن جعفر بن محمد بن شاكر عن عفان بن سلم عن وهيب به ولكن ذكر أن الصديق هو القائل لخطيب الانصار بدل عمر وفيه أن زيد بن ثابت أخذ بيد أبي بكر فقال هذا صاحبكم فبايعوه ثم انطلقوا فلما قعد أبو بكر على المنبر نظر في وجوه القوم فلم ير عليا فسأل عنه فقام ناس من الانصار فأتوا به فذكر نحو ما تقدم ثم ذكر قصة الزبير بعد على فالله أعلم وقد رواه على بن عاصم عن الجريري عن أبى نضرة عن أبى سعيد الخدري قذكر نحو ما تقدم وهذا اسناد صحيح محفوظ من حديث أبي نضرة المنذر بن مالك بن قطعة عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري وفيه فائدة جليلة وهي مبايعة علي بن أبي طالب أمافي أول يوم أو في اليوم الثاني من الوفاة وهذا حق فإن علي بن أبي طالب لم يفارق الصديق في وقت من الأوقات ولم ينقطع في صلاة من الصلوات خلفه كما سنذكره وخرج معه إلىذي القصة لما خرج الصديق شاهرا سيفه يريد قتال أهل الردة كما سنبينه قريبا ولكن لما حصل من فاطمة رضي الله عنها عتب على الصديق بسبب ما كانت متوهمة من أنها تستحق ميراث رسول الله ولم تعلم بما أخبرها به الصديق رضي الله عنه أنه قال لا نورث ما تركنا فهو صدقة فحجبها وغيرها من أزواجه وعمه عن الميراث بهذا النص الصريح كما سنبين ذلك في موضعه فسألته أن ينظر علي في صدقة الأرض التي بخيبر وفدك فلم يجبها إلىذلك لأنه رأى أن حقا عليه أن يقوم في جميع ما كان يتولاه رسول الله وهو الصادق البار الراشد التابع للحق رضي الله عنه فحصل لها وهي امرأة من البشر ليست براجيبة العصمة عتب وتغضب ولم تكلم الصديق حتى ماتت واحتاج علي أن يراعي خاطرها بعض الشيء فلما ماتت بعد ستة أشهر من وفاة أبيها رأى علي أن يجدد البيعة مع أبي بكر رضي الله عنه كما سنذكره من الصحيحين وغيرهما فيما بعد إن شاء الله تعالىمعما تقدم له من البيعة قبل دفن رسول الله ويزيد ذلك صحة قول موسى بن عقبة في مغازيه عن سعد بن ابراهيم حدثني ابي أن أباه عبد الرحمن بن عوف كان مع عمر وأن محمد بن مسلمة كسر سيف الزبير ثم خطب ابو بكر واعتذ إلىالناس وقال ما كنت حريصا على الامارة يوما ولا ليلة ولا سالتها في سر ولا علانية فقبل المهاجرون مقالته وقال علي والزبير ما غضبنا إلا لأنااخرنا عن المشورة وأنانرى أن أبا بكر احق الناس بها إنه لصاحب الغار وإنالنعرف شرفه وخبره ولقد امره رسول الله أن يصلي بالناس وهو حي اسناد جيد ولله الحمد والمنة "
البداية والنهاية ج: 5 ص: 249
الحديث قد صححه ابن كثير وبنى عليه.
وقد تلا عب الكاب عفا الله عنه بكلام الحافظ ابن حجر حول هذا الحديث وبتر منه ما لا يخدم فكرته، وقول الحافظ ما لم يقل.
قال في ص 104 ـ 205
لقد كان في وسع الشيخ محب الدين والشيخ الاستانبولي الاستشهاد لرأيهما ـ على ما فيه من تكلف ـ بما ذكره بن حجر قال: " وقد صحح بن حبان وغيره من حديث أبي سعيد الخدري وغيره أن عليا بايع أبا بكر في أول الأمر "
يعني البيعة العامة التي كانت في المسجد في اليوم التالي لبيعة السقيفة. فهذه الرواية أقوى من روايات الطبري، وإن كان يشوش عليها أمران:
تساهل بن حبان في تصحيحاته، حتى أعرض معظم علماء الحديث والمعاصرين عن تصحيحاته.
.. وفي ترك بن حجر وهو الناقد المدقق العهدة على ابن حبان في هذا إشارة كافية إلىضعف هذا الخبر ".
أنقل هنا كلام الحافظ ابن حجر ليتبين لعب الكاتب بنصه ثم أعقب عليه ببيان المآخذ على الكاتب في تصرفه في النص.
قال الحافظ:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/284)
"وقد تمسك الرافضة بتأخر علي عن بيعة أبي بكر إلى أن ماتت فاطمة وهذيانهم في ذلك مشهور وفي هذا الحديث ما يدفع في حجتهم وقد صحح بن حبان وغيره من حديث أبي سعيد الخدري وغيره أن عليا بايع أبا بكر في أول الأمر وأما ما وقع في مسلم عن الزهري أن رجلا قال له لم يبايع على أبا بكر حتى ماتت فاطمة قال لا ولا أحد من بني هاشم فقد ضعفه البيهقي بإن الزهري لم يسنده وأن الرواية الموصولة عن أبي سعيد أصح وجمع غيره بأنه بايعه بيعة ثانية مؤكدة للأولى لإزالة ما كان وقع بسبب الميراث كما تقدم وعلى هذا فيحمل قول الزهري لم يبايعه علي في تلك الأيام على إرادة الملازمة له والحضور عنده وما أشبه ذلك فإن في انقطاع مثله عن مثله ما يوهم من لا يعرف باطن الأمر أنه بسبب عدم الرضا بخلافته فأطلق من أطلق ذلك وبسبب ذلك أظهر على المبايعة التي بعد موت فاطمة عليها السلام لإزالة هذه الشبهة ".
والمؤاخذات على تصرف الكاتب في هذا النص في نقطتين.
أولا لم يسق الكاتب النص في سياقه بل بتر منه ما أراد ليبني عليه حكمه وهو تضعيف الحافظ ابن حجر للحديث، فسياق النص لا يخدم فكرة تضعيف ابن حجر للحديث إذ هو في سياق رده على الرافضة استدلالهم بحديث البخاري في تأخر علي رضي الله عنه في بيعة أبي بكر وأنه كان يطلب حقه في الإمامة التي أخذها منه أبو بكر والصحابة الآخرين، ثم يستشهد الحافظ ابن حجر عليهم بالحديث الذي ذكر عن ابن حبان أنه صححه.
النقطة الثاني أن الحافظ لم يترك العهدة في تصحح الحديث على ابن حبان كما زعم الكاتب، بل في النص الذي نقل عنه الكاتب قال فيه " وقد صحح بن حبان وغيره" ويا سبحان الله أنا غابت هذه اللفظة عن الكاتب حتى يزعم أن الحافظ ترك العهدة على ابن حبان مع أنه ذكر معه غيره مما يدل على أنا الحافظ لم يترك العهدة على بن حبان وحده.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر في الجزء الذي بتر الكاتب من كلامه تصحيح البيهقي للحديث ورده به كلام الزهري أن عليا وبني هاشم لم يبايعوا عليا مدة حيات فاطمة.
وتصرف الحافظ مع الحديث يدل على تصحيحه له، فلم يرده بحديث البخاري بل جمع بينها ولو كان ضعفا عنه لما جمع بينهما ولبين ضعفه ومعارضته لما في البخاري والأصل في العالم إذا نقل عن أحد من أهل العلم تصحيح حديث ولم يتعقبه أنه موافقا له في تصحيحه.
تنبيه لم أجد هذا الحديث في صحيح ابن حبان الذي بين أيدينا، ولم يعزه له ابن كثر فلينتبه لذلك.
والحديث في المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 80 ـ سنن البيهقي الكبرى ج 8 ص 143.
ومن قلة أمانته العلمية في نقل كلام أهل العلم في الحديث إيهام القارئ أن ابن تيمية يضعف قصة مجادلة أبي بكر لسعد بن عبادة في قضية الإمارة وأنها في قريش واعتراف سعد بذلك.
فقال في ص 95
"وحين ما أورد بن تيمة حديث الحميري في بعض نسخ "المنهاج " صرح بإرساله كما تقتضه الأمانة العلمية .. "
نعم صرح ابن تيمية بإرساله ولكن صححه وبنى عليه أن سعدا بايع أبا بكر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمة: "وهذا مرسل حسن، ولعل حميدا أخذه عن بعض الصحابة الذين شهدوا ذلك، وفيه فائدة جليلة جدا، وهي أن سعد بن عبادة نزل عن مقامه الأول في دعوة الإمارة، وأذعن للصديق بالإمارة، فرضي الله عنهم أجمعين ".
منهاج السنة 1/ 536
ومن قلة أمانته العلمية في نقل كلام أهل العلم حول الحديث، إيهام القارئ أن الترمذي يضعف حديث دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاوية "اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به " والحق أن الترمذي قد أخرج الحديث من طريقين حسن واحدة منها وضعف الأخرى فكان المستحسن من باب الأمانة العلمية أن ينقل الكاتب الحكمين لا أن ينقل واحدا منهما ويدع الآخر.
[3842] عن عبد الرحمن بن أبي عميرة وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمعاوية اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب
سنن الترمذي ج 5 ص 687
[3843] عن أبي إدريس الخولاني قال لما عزل عمر بن الخطاب عمير بن سعد عن حمص ولى معاوية فقال الناس عزل عميرا وولى معاوية فقال عمير لا تذكروا معاوية إلا بخير فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم أهد به قال أبو عيسى هذا حديث غريب قال وعمرو بن واقد يضعف
سنن الترمذي ج 5 ص 687
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/285)
والحديث روه الإمام أحمد في المسند (4/ 216) و صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (3/ 236) وقال في الصحيحة (4/ 615) بعد أن ذكر طرقه: رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، فكان حقه أن يصحح .. وقال: وبالجملة فالحديث صحيح وهذه الطرق تزيده قوة على قوة ..
من قلة أما نته العلمية نسبته لفظة "ويح عما تقتله الفئة الباغية" للبخاري على الإطلاق دون أن يبين أن كثير من أهل العم أنكر أن تكون في البخاري وأنها لا توجد في أكثر نسخه.
قال في ص 143:
" ورواية البخاري للحديث لا تدع لبسا حول بغي أهل الشام في تلك الحرب "
قال الحافظ ابن حجر:
"ولفظه ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم الحديث وأعلم أن هذه الزيادة لم يذكرها الحميدي في الجمع وقال إن البخاري لم يذكرها أصلا وكذا قال أبو مسعود قال الحميدي ولعلها لم تقع للبخاري أو وقعت فحذفها عمدا قال وقد أخرجها الإسماعيلي والبرقاني في هذا الحديث قلت ويظهر لي أن البخاري حذفها عمدا وذلك لنكتة خفية وهي أن أبا سعيد الخدري اعترف أنه لم يسمع هذه الزيادة من النبي صلى الله عليه وسلم فدل على أنها في هذه الرواية مدرجة والرواية التي بينت ذلك ليست على شرط البخاري وقد أخرجها البزار من طريق داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد فذكر الحديث في بناء المسجد وحملهم لبنة لبنة وفيه فقال أبو سعيد فحدثني أصحابي ولم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يا بن سمية تقتلك الفئة الباغية أه وبن سمية هو عمار وسمية اسم أمه وهذا الإسناد على شرط مسلم وقد عين أبو سعيد من حدثه بذلك ففي مسلم والنسائي من طريق أبي سلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال حدثني من هو خير مني أبو قتادة فذكره فاقتصر البخاري على القدر الذي سمعه أبو سعيد من النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره وهذا دال على دقة فهمه وتبحره في الاطلاع على علل الأحاديث "
فتح الباري ج 1 ص 543
وقال شيخ الإسلام:
"وكذلك حديث عمار بن ياسر تقتلك الفئة الباغية قد رواه مسلم في صحيحه من غير وجه ورواه البخاري لكن في كثير من النسخ لم يذكره تاما "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 413
وكذلك قلة الأمانة في نقل كلام أهل العلم في رواية الحسن عن سمرة، وإيهام القارئ أن أهل العلم لم يختلفوا في قبولها.
قال في ص 188
قلت" هذا الحديث الذي ضعفه ابن عربي هو صحيح أخرجه النسائي وأبو داود .. قال البخاري عن علي ابن المديني " سماع الحسن من سمرة صحيح "، وأخذ بهذا الحديث. وقال البخاري: " أناأذهب إليه ". فلو لم يصح الحديث لما ذهب إليه هذان إمامان، وحسبك بهما ".
مع أنها هذه المسألة من أشهر المسائل خلافا بين أهل الحديث، ولهم فيها خمسة أقول تنظر في البحث الماتع الذي خصصه لها شيخنا الشريف حاتم في الجزء الثالث من كتاب المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس.
ومن قلة أمانته في نقل كلام أهل العلم حول الحديث محاولة إيهام القارئ بصحة أحاديث لعن الوليد ومروان وذريته مع أن أهل العلم قد قالوا فيها قولتهم الصريحة المخالفة لما يريد الكاتب من إيهام القراء بصحتها.
قال ابن القيم:
" أحاديث ذم الوليد ومروان بن الحكم كذب "
المنار المنيف ص (117)
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[05 - 02 - 05, 05:35 ص]ـ
في هذه الوقفة سنتناول أحكام المؤلف التاريخية، ونرى مدى التزامه فيها بالعلم والعدل.
وأول مسألة نبحث فيها ذلك عنوان كتابه الخلا فات السياسية بين الصحابة.
والحق أنه لا خلاف سياسي بين الصحابة كما بين أهل العلم.
قال ابن حزم رحمه الله:
" قال أبو محمد وأماأمر معاوية رضي الله عنه فبخلاف ذلك ولم يقاتله علي رضي الله عنه لامتناعه من بيعته لأنه كان يسعه في ذلك ما وسع ابن عمر وغيره لكن قاتله لامتناعه من إنفاذ أوامره في جميع أرض الشام وهو الإمام الواجبة طاعته فعلى المصيب في هذا ولم ينكر معاوية قط فضل علي واستحقاقه الخلافة لكن اجتهاده أداه إلىأن رأى تقديم أخذ القود من قتلة عثمان رضي الله عنه على البيعة ورأى نفسه أحق بطلب دم عثمان والكلام فيه عن ولد عثمان وولد الحكم ابن أبي العاص لسنه ولقوته على الطلب بذلك كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الرحمن بن سهل أخا عبد الله بن سهل المقتول بخيبر بالسكوت وهو أخو المقتول وقال له كبر كبر وروى الكبر الكبر فسكت عبد الرحمن وتكلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/286)
محيصة وحويصة أبناء مسعود وهما أبنا عم المقتول لأنهما كان أسن من أخيه فلم يطلب معاوية من ذلك إلا ما كان له من الحق أن يطلبه وأصاب في ذلك الأثر الذي ذكرنا وإنما أخطأ في تقديمه ذلك على البيعة فقط فله أجر الاجتهاد في ذلك ولا إثم عليه فيما حرم من الإصابة كسائر المخطئين في اجتهادهم الذين أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لهم أجرا واحدا وللمصيب أجرين ولا عجب أعجب ممن يجيز الاجتهاد في الدماء وفي الفروج والأنساب والأموال والشرائع التي يدان الله بها من تحريم و إيجاب ويعذر المخطئين في ذلك ويرى ذلك مباحا لليث والبتي أبي حنيفة والثوري ومالك والشافعي وأحمد وداود وإسحاق وأبي ثور وغيرهم كزفر وأبي يوسف ومحمد بن الحسن والحسن بن زياد وابن القاسم وأشهب وابن الماجشون والمزني وغيرهم فواحد من هؤلاء يبيح دم هذا الإنسان وآخر منهم يحرمه كمن حارب ولم يقتل أو عمل عمل قوم لوط وغير هذا كثير وواحد منهم يبيح هذا الفرج وآخر منهم يحرمه كبكر أنكحها أبوها وهي بالغة عاقلة بغير إذنها ولا رضاها وغير هذا كثير وكذلك في الشرائع والأوامر والأنساب وهكذا فعلت المعتزلة بشيوخهم كواصل وعمرو وسائر شيوخهم وفقهائهم وهكذا فعلت الخوارج بفقهائهم ومفتيهم ثم يضيقون ذلك على من له الصحبة والفضل والعلم والتقدم والاجتهاد كمعاوية وعمرا ومن معهما من الصحابة رضي الله عنه وإنما اجتهد في مسائل دماء كالتي اجتهد فيها المفتون وفي المفتين من يرى قتل الساحر وفيهم من لا يراه وفيهم من يرى قتل الحر بالعبد وفيهم من يرى قتل المؤمن بالكافر وفيهم من لا يراه فأي فرق بين هذه الاجتهادات واجتهاد معاوية وعمرو وغيرهما لولا الجهل والعمى والتخليط بغير علم وقد علمنا أن من لزمه حق واجب وامتنع من أدائه وقاتل دونه فإنه يجب على الإمام أن يقاتله وإن كان منا وليس ذلك بمؤثر في عدالته وفضله ولا بمحب له فبالمقابل هو مأجور لاجهاده ونيته في طلب الخير فبهذا قطعنا على صواب علي رضي الله عه وصحة أمامته وأنه صاحب الحق وأن له اجرين اجر الاجتهاد واجر الإصابة وقطعنا إن معاوية رضي الله عنه ومن معه مخطئون مجتهدون مأجورون أجرا واحدا وأيضا وأهل العدل المبغي عليهم والمأمورين بالإصلاح بينهم وبينهم ولم يصفهم عز وجل بفسق من اجل ذلك التقاتل ولا ينقص إيمان وإنما هم مخطئون باغون ولا يريد واحدا منهم قتل آخر "
الفصل في الملل ج: 4 ص: 124
قال النووي رحمه الله:
وأمامعاوية رضي الله عنه فهو من العدول الفضلاء والصحابة النجباء رضي الله عنه وأماالحروب التي جرت فكانت لكل طائفة شبهة اعتقدت تصويب انفسها بسببها وكلهم عدول رضي الله عنهم ومتأولون في حروبهم وغيرها ولم يخرج شئ من ذلك احدا منهم عن العدالة لأنهم مجتهدون اختلفوا في مسائل من محل الاجتهاد كما يختلف المجتهدون بعدهم في مسائل من الدماء وغيرها ولا يلزم من ذلك نقص أحد منهم واعلم أن سبب تلك الحروب أن القضايا كانت مشتبهة فلشدة اشتباهها اختلف اجتهادهم وصاروا ثلاثة اقسام قسم ظهر لهم بالاجتهاد أن الحق في هذا الطرف وأن مخالفه باغ فوجب عليهم نصرته وقتال الباغي عليه فيما اعتقدوه ففعلوا ذلك ولم يكن يحل لمن هذه صفته التأخر عن مساعدة امام العدل في قتال البغاة في اعتقاده وقسم عكس هؤلاء ظهر لهم بالاجتهاد أن الحق في الطرف الآخر فوجب عليهم مساعدته وقتال الباغي عليه وقسم ثالث اشتبهت عليهم القضية وتحيروا فيها ولم يظهر لهم ترجيح أحد الطرفين فاعتزلوا صليت وكان هذا الاعتزال هو الواجب في حقهم لأنه لا يحل الاقدام على قتال مسلم حتى يظهر أنه مستحق لذلك ولو ظهر لهؤلاء رجحان أحد الطرفين وأن الحق معه لما جاز لهم التأخر عن نصرته في قتال البغاة عليه فكلهم معذورون رضي الله عنهم ولهذا اتفق اهل الحق ومن يعتد به في الاجماع على قبول شهاداتهم ورواياتهم وكمال عدالتهم رضي الله عنهم اجمعين
شرح النووي على صحيح مسلم ج: 15 ص: 149
قال شيخ الإسلام:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/287)
"فالقتال الذي كان في زمن علي لم يكن على الإمامة فإن أهل الجمل وصفين والنهروان لم يقاتلوا على نصب إمام غير على ولا كان معاوية يقول أنا الإمام دون على ولا قال ذلك طلحة والزبير فلم يكن أحد ممن قاتل عليا قبل الحكمين نصب إماما يقاتل علي طاعته فلم يكن شيء من هذا القتال على قاعدة من قواعد الإمامة المنازع فيها لم يكن أحد من المقاتلين يقاتل طعنا في خلافة الثلاثة ولا ادعاء للنص على غيرهم ولا طعنا في جواز خلافة علي ... "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 327
ويقول عمر بن شبه: ((إن أحدا لم ينقل أن عائشة ومن معها نازعوا عليا في الخلافة، ولا دعوا أحدا ليولوه الخلافة، وإنما أنكروا على علي منعه من قتال قتلة عثمان وترك الاقتصاص منهم)). (أخبار البصرة لعمر بن شبه نقلا عن فتح الباري 13/ 56).
قال الحافظ ابن حجر:
"وقد ذكر يحيى بن سليمان الجعفي أحد شيوخ البخاري في كتاب صفين في تأليفه بسند جيد عن أبي مسلم الخولاني أنه قال لمعاوية أنت تنازع عليا في الخلافة أو أنت مثله قال لا وأني لأعلم أنه أفضل مني وأحق بالأمر ولكن ألستم تعلمون ان عثمان قتل مظلوما وأنا بن عمه ووليه أطلب بدمه فأتوا عليا فقولوا له يدفع لنا قتلة عثمان فأتوه فكلموه فقال يدخل في البيعة ويحاكمهم الي فامتنع معاوية "
فتح الباري ج 13 ص 86
وفي مصنف ابن أبي شيبة بسند حسن
"عن أبي بردة قال قال معاوية ما قاتلت عليا إلا في أمر عثمان"
مصنف ابن أبي شيبة ج 6 ص 187
ولم ينقض عجبي كيف لم ينقل الكاتب هذا الكلام الصحيح عن معاوية الصريح في أنه لم يقاتل عليا من أجل الملك وإنما من أجل الطلب بقلتل قتلة عثمان أو تسليمهم له.
وينقل نصوصا محتلملة في المعنى وبعضها مجهول التاريخ.
وهذا يؤكد على أن المولف وقع فيما حذر منه. في ص 48
"الجهل بموضع الخلاف، والتفريط في بحثه واستقرائه استقراء كافيا، يحرر نقطة النزاع، ويتحر الصدق في الرواية، وينقب عن خلفيات الوقائع وبواعثها. والخوض مع الجهل مخالفة لتحذير الخالق سبحانه: {ولا تقف ما ليس لك به علم .. كما هو مخالفة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم حول القضاة الثلاثة، حيث جعل القاض بجهل في النار. "
ومن أحكامه التاريخية التي أرى أن المؤلف قد جانب فيها العلم أو العدل زعمه أن عثمان آثر قاربه بالمال والمناصب هي فرية طال ما رددها المستشرقون وأذنابهم من مثقف العرب الذين سرت في كتاباتهم سموم الثقافة الغرية.
وهذه الفرية يردها كلام عثمان رضي الله عنه كما عند الطبري " قالوا: إني أحب أهل بيتي وأعطيهم .. فأما حبي لهم؛ لم يمل معهم إلى جور، بل أحمل الحقوق عليهم ... وأما إعطاؤهم؛ فإني لا أستحل أموال المسلمين لنفسي، ولا لأحد من الناس، وقد كنت أعطي العطية الكبيرة الرعية من صلب مالي أزمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، وأنا يومئذ شحيح حريص، أفحين أتيت على أسنان أهل بيتي، وفني عمري، وودعت الذي في أهلي؛ قال الملحدون ما قالوا؟
تاريخ الطبري (5/ 356)
والأمانة العلمية كانت تقتضي من الكاتب أ ن ينقل نقلا صحيا صريحا واضحا لا لبس فيه، يبين أن عثمان كان يستأثر هو وأقاربه بالثروة والمناصب، دون المسلمين، وأنه كان يعطيهم من بيت مال المسلمين ما لا يستحقون، أما الاتهام المجازف العاري عن الدليل فذاك من أخلاق أهل البهت والظلم والجهل، كحال المستشرقين ومن سار في ركابهم.
وأما فرية إيثارهم بالمناصب فلا تقف أما الحق الناصع الذي يبديه التاريخ، فرجوعنا إلى التاريخ للبحث عن ولاة عثمان نجد أن عددهم أربعة وثلاثون، وحصة أقاربه منها ست ولاة فقط ليسوا في وقت واحد، فأين الإيثار المزعوم ثلاثة من هؤلاء الولاة ولاهم عمر.
والسؤال المهم المفروض أن يطرح هل عثمان ولى هؤلاء لقرابتهم أم لكفاءتهم؟ والتاريخ هو الذي يجيب.
الأول منهم وهو معاوية بن أبي سفيان.
قال شيخ الإسلام:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/288)
"ومعاوية ممن حسن إسلامه باتفاق أهل العلم ولهذا ولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه موضع أخيه يزيد بن أبي سفيان لما مات أخوه يزيد بالشام وكان يزيد بن أبي سفيان من خيار الناس وكان أحد الأمراء الذين بعثهم أبو بكر وعمر لفتح الشام يزيد بن أبي سفيان وشرحبيل ابن حسنة وعمرو بن العاص مع أبي عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد فلما توفي يزيد بن أبي سفيان ولى عمر مكانه أخاه معاويه وعمر لم يكن تأخذه في الله لومة لائم وليس هو ممن يحابى في الولاية ولا كان ممن يحب أبا سفيان أباه بل كان من أعظم الناس عداوة لأبيه أبي سفيان قبل الإسلام حتى أنه لما جاء به العباس يوم فتح مكة كان عمر حريصا على قتله حتى جرى بينه وبين العباس نوع من المخاشنة بسبب بغض عمر لأبي سفيان فتولية عمر لابنه معاوية ليس لها سبب دنيوي ولولا استحقاقه للإمارة لما أمره ثم إنه بقى في الشام عشرين سنة أميرا وعشرين سنة خليفة ورعيته من أشد الناس محبة له وموافقة له وهو من أعظم الناس إحسانا إليهم وتأليفا لقلوبهم"
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 382
ثانيا الوليد ابن عقبة.
أي انتقاد يوجه إلى عثمان في توليته للولد ابن عقبة فيشترك فيه معه أبو بكر وعمر فكل منهم ولى الوليد.
فقد كان الوليد حامل الرسائل الحربية السرية التي كانت بين أبي بكر وخالد بن الوليد في وقعة المذار مع الفرس.
تاريخ الطبري 4/ 168
وولاه صدقات قضاعة.
وولاه عمر الجريرة.
تاريخ الطبري 5/ 28
وقد قال الإمام الشعبي ـ وهو من هو في علمه ودينه ـ عنه بعد أن ذكروا له غزو مسلمة بن عبد الملك " كيف لو أدركتم الوليد،وغزوه، وإمارته، إنه كان ليغزوا، فينتهي إلى كذا، وكذا، ما نقض، ولا انتقص عليه أحد حتى عزل عن عمله ".
وقد كان الوليد رضي الله عنه أحب الناس إلى الناس وأرفقهم بهم، وقد مضى خمس سنين، وليس في داره باب.
تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان ص 306
ولما ظهر من الوليد ما يكره لم يحابه عثمان فأقام حكم الله فيه وعزله عن عمله.
سعيد ابن العاص.
لن نطيل في أمره سأنقل كلمات للأمام الذهبي تبين حاله نكتفي بها.
قال الذهبي في ترجمة سعيد بن العاص: " كان أميرا شريفا جوادا ممدحا حليما وقورا ذا حزم وعقل يصلح للخلافة.
سير أعلام النبلاء 3/ 447
عبد الله بن سعد بن أبي السرح.
ومنتقد عثمان على توليته يلزمه نقد عمر فقد ولاه صعيد مصر، لكن ما ذا يقول التاريخ عن عبد الله بن سعد بن أبي السرح؟.
قال المقريزي عنه: " ومكث أميرا مدة ولاية عثمان رضي الله عنه كلها محمودا في ولايته "
الخطط 1/ 299
وقال عنه الذهبي: " لم يتعد،ولا فعل ما ينقم عليه، وكان أحد عقلاء الرجال، وأجوادهم ".
سير أعلام النبلاء 3/ 34
عبد الله بن عامر بن كريز.
تكشف سيرة هذا الفتى عن فراسة عثمان في الولاة. هذا الشاب الذي ولاه عثمان وهو في الخامسة والعشرين كان أهلا لما أولي من عمل، يحدثنا الدكتور أكرم ضياء الدين العمري عنه: " وقد قام هذا الوالي الشاب بإصلاحات كثيرة في نظم الري والزراعة بشق ترع والأنهار وتنظيم مدينة البصرة وتوسيع مسجدها وسوقها وتوفير المياه في طريق الحج لأهلها، ازدهرت الصرة اقتصاديا، ومتد نفوذ واليها إلى عمان والبحرين وسجستان وخراسان وفارس والأهواز، حيث عين عبد الله بن عامر الولاة على هذه البلدان، وقد حافظ عبد الله بن عامر على مكانته عند أهل البصرة حتى نهاية ولا يته مما يدل على مقدرة عالية في القيادة والسياسة رغم أنه تولى البصرة وهو في الخامسة والعشرين من عمره ".
عصر الخلافة الراشدة ص 133
ومن أهم أعماله الكبار قضاءه على دولة الفرس بقضائه على آخر ملكهم يزدرجرد فتلاشت بعده آمال الفرس في إعادة مملكتهم.
أما مروان فنؤجل الكلام عليه إلى وقفة مدرسة التشيع السني.
وبعد هذا النقل الواضح المبين أن عثمان لم يؤثر قرابته بالمناصب والأموال كما زعم الكاتب، وأنه لم يول منهم إلا من كان أهلا للولاية؛ تتلاشى مزاعم الكاتب عن أخطاء عثمان السياسية، فهو بناها على هذا الزعم وبعد أن دك التاريخ الصحيح أساسه فلابد من سقوط ما بني عليه.
وتطير رياح الحقيقة في الهوى قوله في ص 122
" فتأول ابن تيمية لعثمان ليس مبنيا على تصويب لسياسات عثمان رضي الله عنه، وإيثاره لأقاربه بالولايات والمال .. "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/289)
ومن أحكامه التاريخية التي نرى أنه جانب فيها العلم أو العدل تصوير معاوية رضي الله عنه على أنه ظالم مستبد، جعل عليه إثم كل من جار واستبد. والتاريخ يقول غير ما ذكر الكاتب.
وعن الزهري قال: عمل معاوية بسيرة عمر بن الخطاب سنين لا يخرم منها شيئاً. السنة للخلال (1/ 444) وقال المحقق إسناده صحيح.
وقال ابن كثير في ترجمة معاوية رضي الله عنه: "وأجمعت الرعايا على بيعته في سنة إحدى وأربعين .. فلم يزل مستقلاً بالأمر في هذه المدة إلى هذه السنة التي كانت فيها وفاته، والجهاد في بلاد العدو قائم وكلمة الله عالية، والغنائم ترد إليه من أطراف الأرض، والمسلمون معه في راحة وعدل وصفح وعفو ".
البداية والنهاية (8/ 119).
إذا فسنة معاوية هي العدل والجهاد هذا ما سنه أيام حكمه، فالمستن به من كانت هذه سيرته ومن لم يستن به في هذا فلم يستن به.
نظرت أجلاء الصحابة لمعاوية.
ابن عمر
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: ما رأيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسود - من السيادة – من معاوية، فقيل: ولا أبوك؟ قال: أبي عمر رحمه الله خير من معاوية، وكان معاوية أسود منه. الخلال في السنة (1/ 443) والذهبي في السير (3/ 152) وابن كثير في البداية (8/ 137).
ابن عباس.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما رأيت رجلاً كان أخلق للملك من معاوية، كان الناس يردون منه على أرجاء واد رحب، و لم يكن بالضيق الحصر العصعص المتغضب. رواه عبد الرزاق في المصنف (برقم 20985) بسند صحيح. وابن كثير في البداية (8/ 137).
وفي صحيح البخاري برقم (3765) أنه قيل لابن عباس: هل لك في أمير معاوية فأنه ما أوتر إلا بواحدة، قال: إنه فقيه.
ابن الزبير.
وعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه أنه قال: لله در ابن هند – يعني معاوية رضي الله عنه – إناكنا لَنَفْرَقه – من الفَرَق: وهو الخوف والفزع – وما الليث على براثنه بأجرأ منه، فيتفارق لنا، وإن كنا لنخادعه وما ابن ليلة من أهل الأرض بأدهى منه، فيتخادع لنا، والله لوددت أنامُتعنا به مادام في هذا الجبل حَجَر، وأشار إلىأبي قبيس. أورده ابن كثير في البداية (8/ 138).
وأما ما هول به من عهده بالخلافة ليزيد وجعل ذلك ذنبا لا يمكن أن يتأول لمعاوية، وردة ارتد بها بعاوية عن بعض الدين، سببها بقايا الجاهلية العربية الأولى التي لم يتخلص منها معاوية، وأضاف إليها ما تعلمه من جاهلية الروم في توريثهم الحكم لأولادهم.
وقال عنه في ص 80
تحت عنوان الإقرار بثقل الإرث الجاهلي.
ولقد كان للأعراف الاجتماعية والتاريخية تأثيرا بالغا في إشعال الفتن السياسية بين الصحابة رضي الله عنهم وليس مما يستغرب أن يكون معاوية هو أول من حول الخلافة إلى ملك، فقد أمضى شطر عمره في بيت السيادة في قريش، وشطره الثاني على حدود دولة الروم.
قال في رده على ابن تيمية قوله إن معاوية وعمر لم يقاتلا من أجل الملك في ص 181
" لقد كان حري بابن تيمية هنا أن يعترف ـ كما فعل دائما ـ بالطبيعة المركبة للفتنة، وباختلاط الشبهات والشهوات فيها، ويقبل أن دوافع معاوية وعمرو لم تكن مجرد شبهة الاقتصاص للخليفة الشهيد، بل خالطتها شهوة الملك وحب الدنيا.
وقال ردا على ابن تيمية قوله المتقدم ص 178
" إن كل هذه النصوص تدل على أن معاوية سعى إلى الملك بالفعل وبالقول، وصرح بمطامعه في قيادة الأمة دون للبس. فالقول بعد ذلك أنه لم ينازع عليا الخلافة ولا سعى إليها .. تكلف بارد كان لأولى بشيخ الإسلام ابن تيمية أن يتنزه عنه.
على أن دور معاوية أكبر من مجرد الخروج على الجماعة ومنازعة الأمر أهله. فهو الذي أرسى نظام الملك بديلا عن دولة الخلافة، فسن في الإسلامي تلك السنة السيئة، وفتح بها أبوابا من المظلم التي لم تتوقف، ومن الدماء آلتي لم تجف منذ أربعة عشر قرنا، وأخرج بناء السلطة من إطار مبادئ الشرع: كالشورى والبيعة والعدل .. إلى منطق القوة وقانون الغاب، وهو أمر لا يزال المسلون يعيشون مساوئه إلى اليوم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/290)
فسواء تأولنا لمعاوية في مواقفه خلال الفتنة أم لم نتأول، فإن سلوكه السياسي اللاحق ليس مما يمكن التأويل له، وهو سلوك كان بعد على الإسلام و المسلمين من الفتنة ذاتها، بل من أي حدث تارخي خلال أربعة عشرة المنصرمة. فقد كانت الفتنة التي قادها معاوية هدما لأركان الخلافة الراشدة، لكن ما فعله معاوية بعد الفتنة من توريث السلطة لابنه بالترغيب والترهيب كان سوأ أثرا، لأنه إرساء لبناء جديد منحرف على أنقاض تلك الخلافة، وسد لبواب استردادها. فليتكلف المتكلفون ما شاءوا في تأويلهم لما حدث أثناء الفتنة، لكنهم لن يجدوا ما يتأولونه لما حدث بعد ذلك، إذا كانوا حقا ممن يجعل قدسية المبادئ فوق مكانة الأشخاص. "
هذا الكلام ساقط جملة وتفصيلا وستعرف بعد منا قشته أنه لا يعدو كونه تهويل عاطفي وتنميق إنشائي لا يستند إلى دليل من التاريخ والواقع.
أولا نبين الدافع الحقيقي لمعاوية أن يعهد بالخلافة ليزيد حتى تتضح الصورة ثم بعد ذلك نناقش دعاوى الكاتب دعوة دعوة
قال ابن خلدون: " الفصل الثلاثون في ولاية العهد اعلم أنا قدمنا الكلام في الإمامة ومشروعيتها لما فيها من المصلحة وأن حقيقتها للنظر في مصالح الأمة لدينهم ودنياهم فهو وليهم والأمين عليهم ينظر لهم ذلك في حياته ويتبع ذلك أن ينظر لهم بعد مماته ويقيم لهم من يتولى أمورهم كما كان هو يتولاها ويثقون بنظره لهم في ذلك كما وثقوا به فيما قبل وقد عرف ذلك من الشرع بإجماع الأمة على جوازه وانعقاده إذ وقع بعهد أبي بكر رضي الله عنه لعمر بمحضر من الصحابة وأجازوه وأوجبوا على أنفسهم به طاعة عمر رضي الله عنه وعنهم وكذلك عهد عمر في الشورى إلى الستة بقية العشرة وجعل لهم أن يختاروا للمسلمين ففوض بعضهم إلى بعض حتى أفضى ذلك إلى عبد الرحمن بن عوف فاجتهد وناظر المسلمين فوجدهم متفقين على عثمان وعلى علي فآثر عثمان بالبيعة على ذلك لموافقته إياه على لزوم الاقتداء بالشيخين في كل ما يعن دون اجتهاده فانعقد أمر عثمان لذلك وأوجبوا طاعته والملأ من الصحابة حاضرون للأولى والثانية ولم ينكره أحد منهم فدل على أنهم متفقون على صحة هذا العهد عارفون بمشروعيته والإجماع حجة كما عرف ولايتهم الإمام في هذا الأمر وإن عهد إلى أبيه أو ابنه لأنه مأمون على النظر لهم في حياته فأولى أن لا يحتمل فيها تبعة بعد مماته خلافا لمن قال باتهامه في الولد والوالد أو لمن خصص التهمة بالولد دون الوالد فإنه بعيد عن الظنة في ذلك كله لا سيما إذا كانت هناك داعية تدعو إليه من إيثار مصلحة أو توقع مفسدة فتنتفي الظنة في ذلك رأسا كما وقع في عهد معاوية لابنه يزيد وإن كان فعل معاوية مع وفاق الناس له حجة في الباب والذي دعا معاوية لإيثار ابنه يزيد بالعهد دون من سواه إنما هو مراعاة المصلحة في اجتماع الناس واتفاق أهوائهم باتفاق أهل الحل والعقد عليه حينئذ من بني أمية إذ بنو أمية يومئذ لا يرضون سواهم وهم عصابة قريش وأهل الملة أجمع وأهل الغلب منهم فآثره بذلك دون غيره ممن يظن أنه أولى بها وعدل عن الفاضل إلى المفضول حرصا على الاتفاق واجتماع الأهواء الذي شأنه أهم عند الشارع وإن كان لا يظن بمعاوية غير هذا فعدالته وصحبته مانعة من سوى ذلك وحضور أكابر الصحابة لذلك وسكوتهم عنه دليل على انتفاء الريب فيه فليسوا ممن يأخذهم في الحق هوادة وليس معاوية ممن تأخذه العزة في قبول الحق فإنهم كلهم أجل من ذلك وعدالتهم مانعة منه وفرار عبد الله ابن عمر من ذلك إنما هو محمول على تورعه من الدخول في شيء من الأمور مباحا كان أو محظورا كما هو معروف عنه ولم يبق في المخالفة لهذا العهد الذي اتفق عليه الجمهور إلا ابن الزبير وندور المخالف معروف ثم إنه وقع مثل ذلك من بعد معاوية من الخلفاء الذين كانوا يتحرون الحق ويعملون به مثل عبد الملك وسليمان من بني أمية والسفاح والمنصور والمهدي والرشيد من بني العباس وأمثالهم ممن عرفت عدالتهم وحسن رأيهم للمسلمين والنظر لهم ولا يعاب عليهم إيثار أبنائهم وإخوانهم وخروجهم عن سنن الخلفاء الأربعة في ذلك فشأنهم غير شأن أولئك الخلفاء فإنهم كانوا على حين لم تحدث طبيعة الملك وكان الوازع دينيا فعند كل أحد وازع من نفسه فعهدوا إلى من يرتضيه الدين فقط وآثروه على غيره ووكلوا كل من يسمو إلى ذلك إلى وازعه وأما من بعدهم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/291)
من لدن معاوية فكانت العصبية قد أشرفت على غايتها من الملك والوازع الديني قد ضعف واحتيج إلى الوازع السلطاني والعصباني فلو عهد إلى غير من ترتضيه العصبية لردت ذلك العهد وانتقض أمره سريعا وصارت الجماعة إلى الفرقة والاختلاف سأل رجل عليا رضي الله عنه ما بال المسلمين اختلفوا عليك ولم يختلفوا على أبي بكر وعمر فقال لأن أبا بكر وعمر كانا واليين على مثلي وأنا اليوم وال على مثلك يشير إلى وازع الدين أفلا ترى إلى المأمون لما عهد إلى علي بن موسى بن جعفر الصادق وسماه الرضا كيف أنكرت العباسية ذلك ونقضوا بيعته وبايعوا لعمه إبراهيم بن المهدي وظهر من الهرج والخلاف وانقطاع السبل وتعدد الثوار والخوارج ما كاد أن يصطلم الأمر حتى بادر المأمون من خراسان إلى بغداد ورد أمرهم لمعاهده فلا بد من اعتبار ذلك في العهد فالعصور تختلف باختلاف ما يحدث فيها من الأمور والقبائل والعصبيات وتختلف باختلاف المصالح ولكل واحد منها حكم يخصه لطفا من الله بعباده وأما أن يكون القصد بالعهد حفظ التراث على الأبناء فليس من المقاصد الدينية.
مقدمة ابن خلدون ج: 1 ص: 210 ـ 211
ونقلت كلام ابن خلدون مع طوله لأهميته و تبيينه للقضية من جميع جوانبها.
ونستفيد من كلام ابن خلدون السابق منهجا مهما في دراسة حيات الصحابة، هو أن الدارس لحياتهم لا بد أن يعلم أن منها ما هو محكم ومنها ما هو متشابه، والمحكم منها ما دل عليه النص من عدالتهم وفضلهم وقصدهم الله بأفعالهم، والمتشابه منها الفعل المحتمل أن يكن فعلهم له قصد به الله والدار الآخرة، ويحتمل أن يكن من أخطاء البشر التي جبلوا عليها، فالعمل هنا هو البناء على المحكم، ورد المتشابه إليه وهذا ما فعله العلامة ابن خلدون عند ما تكلم عن ولاية العهد التي عهد بها معاوية لولده، فوفق وأصاب الحق، وأما الكاتب فترك المحكم وبنا على المتشابه فأخطأ في الحكم والتحليل.
وقد أشاد كثير من المؤرخين بفعل معاوية هذا وجعلوه من فضائله وحسن نظره للمسلمين منهم محمد علي كرد في كتابه: الإسلام والحضارة العربية (2/ 395)، و إبراهيم شعوط في: أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ (ص 334)، و يوسف العش في: الدولة الأموية (ص 164)، و مقال للدكتور: عمارة نجيب في مجلة الجندي المسلم (ص 58).
وأما زعمه خروج معاوية عن مبادئ الشرع كالشورى والبيعة والعدل فهو أمر لايثبت أما الحقيقة التي تظهر للباحث المجد المنقب عن الحقائق بإخلاص وبدون حكم مسبق على الوقائع، فالترايخ يثبت أن معاوية استشار أهل الأمصار في تولية يزيد؛ فواقوا إلا نفرا قليلا من أهل الحجاز بين ابن خلدون سبب رفضهم للمبايعة.
يراجع تاريخ خليفة بن خياط ص 211 وتاريخ الإسلام للذهبي حوادث سنة 14 60 ص 22 والعقد الفريد 4/ 369
وأما العدل فقد مر معك كلام ابن كثير عن عدل معاوية، وكان يغرسه في يزيد ويسأله رضي الله عنه إذا ولي ما ذا سيفعل فكان يقول له: " (كنت والله يا أبت عاملاً فيهم عمل عمر بن الخطاب ". ابن عاصم في الآحاد والمثاني (1/ 375) بسند حسن.
فأنت ترى أن العدل والتأكيد عليه كان ديدن معاوية، ويزيد يأكد له حرصه عليه.
هل كان يزد أهلا لما ولاه معاوية، إن معاوية لم يول يزد حتى عرفه وتأكد من إمكانياته في قيادة الأمة، فقد أمره على أول جيش غزا به المسلمون عاصمة النصارى القسطنطينية، وهو الجيش الذي أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه مغفور له، وقد أظهر يزيد في قيادته لذلك الجيش مقدرة وكفاءة عالية على القيادة، كان معه في ذلك الجيش عدد من أفاضل الصحابة من أمثال عبد الله بن الزبير و عبد الله بن عباس و أبو أيوب الأنصاري.
ومن أحكامة الي جانب فيها العدل أو العلم تقييمه لشخصية يزبد فتاريخ الصحيح يذكر عنه غير ما ذكر الكاتب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/292)
روي البلاذري أن محمد بن علي بن أبي طالب - المعروف بابن الحنفية - دخل يوماً على يزيد بن معاوية بدمشق ليودعه بعد أن قضى عنده فترة من الوقت، فقال له يزيد، و كان له مكرماً: يا أبا القاسم، إن كنت رأيت مني خُلُقاً تنكره نَزَعت عنه، و أتيت الذي تُشير به علي؟ فقال: والله لو رأيت منكراً ما وسعني إلاّ أن أنهاك عنه، وأخبرك بالحق لله فيه، لما أخذ الله على أهل العلم عن أن يبينوه للناس ولا يكتموه، وما رأيت منك إلاّ خيراً. أنساب الأشراف للبلاذري (5/ 17).
و شهد له بحسن السيرة والسلوك حينما أراده بعض أهل المدينة على خلعه والخروج معهم ضده، فيروي ابن كثير أن عبد الله بن مطيع – كان داعية لابن الزبير - مشى من المدينة هو و أصحابه إلى محمد ابن الحنفية فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم، فقال ابن مطيع: إن يزيد يشرب الخمر و يترك الصلاة و يتعدى حكم الكتاب، فقال محمد ما رأيت منه ما تذكرون، قد حضرته و أقمت عنده فرأيته مواظباً على الصلاة متحرياً للخير يسأل عن الفقه ملازماً للسنة، قالوا: ذلك كان منه تصنعاً لك، قال: و ما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر إليّ الخشوع؟ ثم أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر، فلئن كان أطلعكم على ذلك فإنكم لشركاؤه، و إن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا، قالوا: أنه عندنا لحق و إن لم نكن رأيناه، فقال لهم: أبى الله ذلك على أهل الشهادة، و لست من أمركم في شيء .. الخ. البداية و النهاية (8/ 233) و تاريخ الإسلام – حوادث سنة 61 - 80هـ – (ص274) و حسن محمد الشيباني إسناده، انظر مواقف المعارضة من خلافة يزيد بن معاوية (ص384).
وقد شهد له ابن عباس رضي الله عنه بالفضيلة وبايعه، كما في أنساب الأشراف (4/ 289 – 290) بسند حسن.
وما اتهمه به الكاتب من تناول المسكر يحتاج إلى دليل صحيح صريح من التارخ، ويزيد على العموم مسلم، وأعراض المسلمين حفرة من حفر النار.
ونحن هنا لا نأيد ما فعله معاوية من تولية العهد ليزيد وإنما قصدنا بيان أن هناك تأويلات صحيحة لما فعل معاوية رضي الله عنه ودوافع لها وجه من النظر.
ومن الأحكام التاريخية التي جانب فيها العلم أو العدل حكمه على أبي الغادية، الصحابي.
إن الذي يسوي بين عمار بن ياسر وبين قاتله أبي الغادية الجهني في العدالة وفي الاجتهاد المأجور صاحبه سواء أخطأ أم أصاب .. لهو ممن لا بصيرة لهم. علمًا بأن أبا الغادية صحابي، بالمعنى الاصطلاحي المتوسع الذي يأخذ به أهل الحديث. وقد ترجم الحافظ الذهبي لأبي الغادية في "سير أعلام النبلاء" تحت عنوان: "أبو الغادية الصحابي" و» قال البخاري: له صحبة «وقال مسلم:» له صحبة «ومع ذلك قال الحافظ ابن حجر في ترجمة أبي الغادية:» أبو الغادية الجهني: اسمه يسار بن سبع، سكن الشام ونزل واسط، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه قوله: "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض" روى عنه كلثوم بن جبر وغيره، وكان محبا لعثمان، وهو الذي قتل عمار بن ياسر، وكان إذا استأذن على معاوية وغيره يقول: "قاتل عمار بالباب" يتبجح بذلك. وانظر إلى العجب: يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم النهى عن القتل ثم يقتل مثل عمار «وقد روى الإمام أحمد عن أبي الغادية حديث:» إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام «قال ابن حجر:» فكانوا يتعجبون منه أنه سمع "إن دماءكم وأموالكم [عليكم] حرام" ثم يقتل عمارا «. وقد قال كلثوم بن جبر عن أبي الغادية، وهو الذي روى عنه تبجحه بقتل عمار:» لم أر رجلا أبْيَن ضلالة منه «.
قال كاتب الاعتراض أبو الغادية ممن شهد بيعة الرضوان وأخبر الله أنه علم ما في قلبه عليه و أنه رضي عنه وقال الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لا يدخل النار، فلم يبق لأهل السنة إلا أن يعتقدوا عدالته مادام أخبر بها الله ورسوله وإن وصفهم محمد بن المختار " ممن لا بصيرة لهم."
قال ابن حزم:
"وعمار رضي الله عنه قتله أبو العادية يسار ابن سبع السلمي شهد بيعة الرضوان فهو من شهد الله له بأنه علم ما في قلبه وانزل السكينة عليه ورضي عنه فأبو العادية رضي الله عنه متأول مجتهد مخطئ فيه باغ عليه مأجور أجرا واحدا"
الفصل في الملل ج: 4 ص: 124 الفصل
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/293)
والذي قتل عمار بن ياسر هو أبو الغادية وقد قيل أنه من أهل بيعة الرضوان ذكر ذلك ابن حزم فنحن نشهد لعمار بالجنة ولقاتله إن كان من أهل بيعة الرضوان بالجنة.
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 205
وكان على الكاتب من باب المانة العلمية أن ينقل تعليق الحافظ ابن حجر على قول ذلك الراوي:
"والظن بالصحابة في تلك الحروب أنهم كانوا فيها متأولين وللمجتهد المخطيء أجر وإذا ثبت هذا في حق آحاد الناس فثبوته للصحابة بالطريق الأولى"
الإصابة ج: 7 ص: 312
فهؤلاء الأئمة ممن لا بصيرة لهم عند الكاتب على حد قوله:
"إن الذي يسوي بين عمار بن ياسر وبين قاتله أبي الغادية الجهني في العدالة وفي الاجتهاد المأجور صاحبه سواء أخطأ أم أصاب .. لهو ممن لا بصيرة لهم."
ومن الأحكامه التاريخية التي جانب فيها العدل أو العلم.
نفيه لابن سبإ وتشكيكه في وجوده والحق أن ابن سبإ حقيقة لم يشكك فيها إلا بعض المستشرقين، ومن تتلمذ عليهم من زنادقة العرب وبعض ملا حدة الشيعة المعاصرين، بغير برهان أتوا به إلا اتباع الهوى وتشكيك في مصادر التاريخ الإسلامي.فابن سبإ ذكرته جميع المصادر الإسلامية من تاريخية وأدبية وكتب المقالات تغص بأقواله وأقوال أتباعه من الفرقة السبإية، وهو مذكو في كتب الأنساب.
وقد رد عليهم افتراؤهم هذا المحققون من العلماء المعاصرين بالحجة والبرهان.
وسنقف هنا وقو قفة متأنية نبين فيها من هو عبد الله بن سبإ وهل، هو حقيقة أم خيال، ومن أثبت حقيقته، ومن أول من نفا وجوده وما حجته، و هل هي حجة ناهضة أم داحضة، وأطلب من أخي القارئ شيئا من الصبر وتيقظ، والملاحظة، وعدم العجلة وأخذ الأمور بجد وحزم لا بعجلة وطيش.
من هو عبد الله بن سبأ
هو عبد الله بن وهب السبئي اليهودي.
ومعظم أهل العلم ينسبون ابن سبأ من جهة أبيه إلىسبأ، فيقولون: (عبد الله بن سبأ)، ومن هؤلاء البلاذري في أنساب الأشراف (3/ 382) ابن قتيبة في المعارف (ص 622) و الطبري في التاريخ (4/ 340) وأبو الحسن الأشعري في مقالات الإسلاميين (1/ 86)، والشهرستاني في الملل والنحل (1/ 174)، والذهبي في الميزإن (2/ 426) وابن حجر في لسان الميزان (3/ 290)، وابن عبد ربه في العقد الفريد (2/ 405) و شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (28/ 483)، وابن حبان في المجروحين (2/ 253) والجوزجاني في أحوال الرجال (ص38) و المقدسي في البدء والتاريخ (5/ 129) والخوارزمي في مفاتيح العلوم (ص 22) وابن حزم في الفصل في الملل والنحل (4/ 186) و الأسفرايني في التبصرة في الدين (ص 108) وابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 3)، والسمعاني في الأنساب (7/ 24) و ابن الأثير في اللّباب (2/ 98)، و غيرهم الكثير. و من الرافضة: الناشئ الأكبر في مسائل الإمامة (ص 22 - 23)، و الأشعري القمي في المقالات والفرق (ص 20) و النوبختي في فرق الشيعة (ص 22).
وبعض أهل العلم ينسبونه إلى أمه.
أما نسب ابن سبأ (لأمه) فهو من أم حبشية، كما عند الطبري في التاريخ (4/ 326 - 327) و ابن حبيب في المحبر (ص 308)، و لذلك فكثيراً ما يطلق عليه (ابن السوداء) ففي البيان والتبيين (3/ 81): ( ... فلقيني ابن السوداء) و في تاريخ الطبري (4/ 326): (و نزل ابن السوداء على حكيم بن جبلة في البصرة)، وفي تاريخ الإسلام للذهبي (2/ 122): (ولما خرج ابن السوداء إلى مصر)، و هم بهذا يتحدثون عن عبد الله بن سبأ، و لذلك قال المقريزي في الخطط (2/ 356): (عبد الله بن وهب بن سبأ المعروف بابن السوداء)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 8) من قول علي رضي الله عنه: (من يعذرني من هذا الحميت الأسود الذي يكذب على الله ورسوله يعني ابن السوداء). و مثل هذا كثير ...
ولهذا كان ابن سبأ أسود اللون أخذ السواد عن أمه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/294)
ذكر ابن عساكر في تاريخه (29/ 7 - 8): عن عمار الدهني قال: سمعت أبا الطفيل يقول: رأيت المسيب بن نجبة أتى به ملببة – أي ملازمه - يعني ابن السوداء و علي على المنبر، فقال علي: ما شأنه؟ فقال: يكذب على الله وعلى رسوله، و جاء من طريق زيد بن وهب عن علي قال: ما لي ومال هذا الحميت الأسود، و من طريق سلمة قال: سمعت أبا الزعراء يحدث عن علي، قال: ما لي ومال هذا الحميت الأسود، و جاء أيضامن طريق زيد قال: قال علي بن أبي طالب: ما لي ولهذا الحميت الأسود، يعني عبد الله بن سبأ وكان يقع في أبي بكر و عمر.
وأماقبيلته سبأ فقد اختلف العلماء من أي القبائل العربية هي فذكر بعضهم أنها من حمير وقال آخرون هي من همدان، قال بالقول الأول أنها من حمير ابن حزم والحموي، وبالثاني أنها من همدان البلا رذي والأشعري والقمي والفرزدق.
كتابه الفصل في الملل والأهواء (5/ 46)
معجم البلدان لياقوت الحموي (2/ 306).
أنساب الأشراف (5/ 240)، و الأشعري القمي في المقالات والفرق (ص 20)، والفرزدق في ديوانه (ص 242 - 243)
حقيقة وجود عبد الله بن سبأ أولا الأدلة على وجوده.
أخرج البخاري في صحيحه عن عكرمة.
[6524] عن عكرمة قال أتى علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم فبلغ ذلك بن عباس فقال لو كنت أنالم أحرقهم لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعذبوا بعذاب الله ولقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه
صحيح البخاري ج 6 ص 2537
لم يختلف المؤرخون و أصحاب كتب المقالات أن الذين حرقهم على هم أتباع عبد الله بن سبأ.
ذكر الجوزجاني أن السبئية غلت في الكفر فزعمت أن علياً إلهاً حتى حرقهم بالنار إنكاراً عليهم واستبصاراً في أمرهم حين يقول:
لما رأيت الأمر أمراً منكرا أججت ناري و دعوت قنبرا.
أحوال الرجال (ص 38)
و يقول ابن قتيبة: (إن عبد الله بن سبأ ادّعى الربوبية لعلي، فأحرق علي أصحابه بالنار.
تأويل مختلف الحديث (ص 73)
قال الملطي: (ففي عهد علي رضي الله عنه جاءت السبئية إليه وقالوا له: أنت أنت!!، قال: من أنا؟ قالوا: الخالق البارئ، فاستتابهم، فلم يرجعوا، فأوقد لهم ناراً عظيمة وأحرقهم.
التنبيه و الرد على أهل الأهواء و البدع (ص 18)
و ذكر أبو حفص ابن شاهين أن علياً حرّق جماعة من غلاة الشيعة ونفى بعضهم، و من المنفيين عبد الله بن سبأ. أورده ابن تيمية في منهاج السنة (1/ 7).
و ذكر البغدادي في الفرق بين الفرق (ص 15 و ما بعدها): أن فرقة السبئية أظهروا بدعتهم في زمان علي رضي الله عنه فأحرق قوماً منهم و نفى ابن سبأ إلىسباط المدائن إذ نهاه ابن عباس رضي الله عنهما عن قتله حينما بلغه غلوه فيه وأشار عليه بنفيه إلىالمدائن حتى لا تختلف عليه أصحابه، لاسيما و هو عازم على العودة إلىقتال أهل الشام.
قال ابن حزم: (و القسم الثاني من الفرق الغالية الذين يقولون بالإلهية لغير الله عز وجل فأولهم قوم من أصحاب عبد الله بن سبأ الحميري لعنه الله، أتوا إلىعلي بن أبي طالب فقالوا مشافهة: أنت هو، فقال لهم: ومن هو؟ فقالوا: أنت الله، فاستعظم الأمر و أمر بنار فأججت وأحرقهم بالنار).
الفصل في الملل والنحل (4/ 186)
و يؤكد فخر الدين الرازي في كتابه اعتقادات فرق المسلمين والمشركين (ص 57)، كغيره من أصحاب المقالات والفرق خبر إحراق علي لطائفة من السبئية.
وروى ابن أبي عمر العدني في كتاب الإيمان عن الحسن بن محمد بن الحنفية قوله: (و من خصومة هذه السبئية التي أدركنا، إذ يقولون هُدينا لوحي ضل عنه الناس). كتاب الإيمان (ص 249).
وأكد ابن عبد ربه أن ابن سبأ و طائفته السبئية قد غلوّ في علي حينما قالوا: هو الله خالقنا، كما غلت النصارى في المسيح ابن مريم عليه السلام. العقد الفريد (2/ 405).
16 - و يذكر أبو الحسن الأشعري في مقالات الإسلاميين (1/ 85) عبد الله بن سبأ وطائفته من ضمن أصناف الغلاة، إذ يزعمون أن علياً لم يمت، و أنه سيرجع إلىالدنيا فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً.
و يذكر ابن حبان في كتاب المجروحين (2/ 253): (أن الكلبي سبئياً من أصحاب عبد الله بن سبأ، من أولئك الذين يقولون: إن علياً لم يمت، وأنه راجع إلىالدنيا قبل قيام الساعة).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/295)
18 – يقول المقدسي في كتابه البدء والتاريخ (5/ 129): (إن عبد الله بن سبأ قال للذي جاء ينعي إليه موت علي بن أبي طالب: لو جئتنا بدماغه في صرة لعلمنا أنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه).
يقول الأسفرايني في التبصرة في الدين (ص 108): (إن ابن سبأ قال بنبوة علي في أول أمره، ثم دعا إلىألوهيته، و دعا الخلق إلىذلك فأجابته جماعة إلىذلك في وقت علي).
و يتحدث الشهرستاني في الملل والنحل (2/ 116، 155) عن ابن سبأ فيقول: (و منه انشعبت أصناف الغلاة)، و يقول في موضع آخر: (إن ابن سبأ هو أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي).
و يقول نشوان الحميري في كتابه الحور العين (ص 154): (فقالت السبئية إن علياً حي لم يمت، ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، و يردّ الناس على دين واحد قبل يوم القيامة).
و ذكر السّكْسَكي في كتابه البرهاني معرفة عقائد أهل الأديان: (أن ابن سبأ و جماعته أول من قالوا بالرجعة إلىالدنيا بعد الموت).
و يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 727هـ) أن أصل الرفض من المنافقين الزنادقة، فإنه ابتدعه ابن سبأ الزنديق، و أظهر الغلو في علي بدعوى الإمامة والنص عليه، وادعى العصمة له. أنظر مجموع الفتاوى (4/ 435) و (28/ 483)
و قد نقل الإمام الطبري في تفسيره (3/ 119) رأياً لقتادة بن دعامة السدوسي البصري، في النص التالي: {فأماالذين في قلوبهم زيغ فيتبعون م تشابه منه ابتغاء الفتنة} [آل عمرإن7]، و كان قتادة إذا قرأ هذه الآية قال: (إن لم يكونوا الحرورية والسبئية فلا أدري).
وصار كل من يقول بهذه الأقوال الكفرية ينسب إلىابن يبأ اليهودي.
و ينسب السمعاني في كتابه الأنساب (7/ 24) السبئية إلىعبد الله بن سبأ.
و ترجم ابن عساكر في تاريخه (29/ 3) لابن سبأ بقوله: عبد الله بن سبأ الذي تنسب إلىالسبئية، و هم الغلاة من الرافضة، أصله من اليمن، و كان يهودياً وأظهر الإسلام.
و يذكر ابن الأثير (ت 630هـ) في كتابه اللباب (ص 2/ 98) ارتباط السبئية من حيث النسبة بعبد الله بن سبأ. كما وأن هأورد روايات الطبري بعد حذف أسانيدها في كتابه الكامل (3/ 114، 144، 147، 147، 154 إلىغيرها من الصفحات).
و يعرف الجُرجاني في كتابه التعريفات (ص 79) عبد الله بن سبأ بأن هرأس الطائفة السبئية .. و أن أصحابه عندما يسمعون الرعد يقولون: عليك السلام يا أمير المؤمنين.
وجاءت هذه النسبة أيضا على لسان أعشى همدان في ديوانه (ص 148) و تاريخ الطبري (6/ 83) و قد هجى المختار بن أبي عبيد الثقفي و أنصاره من أهل الكوفة بعدما فرّ مع أشراف قبائل الكوفة إلىالبصرة بقوله:
شهدت عليكم أنكم سبئية * و أني بكم يا شرطة الكفر عارف
والفرزدق أيضايهجو في ديوانه (ص 242 - 243)، أشارف العراق ومن انضم إلىثورة عبد الرحمن بن الأشعث في معركة دير الجماجم، و يصفهم بالسبئية، حيث يقول:
كأن على دير الجماجم منهم * حصائد أو أعجاز نخل تَقَعّرا
تَعَرّفُ همدانية سبئية * و تُكره عينيها على ما تنكرا
رأته مع القتلى و غيّر بعلها * عليها تراب في دم قد تعفّرا
أراحوه من رأس وعينين كانتا * بعيدن طرفا بالخيانة أحزرا
من الناكثين العهد من سبئية * وأمازبيري من الذئب أغدرا
ولو أنهم إذ نافقوا كان منهم * يهوديهم كانوا بذلك أعذرا
و أكد السيوطي في كتابه لب الألباب في تحرير الأنساب (1/ 132) نسبة السبئية إلىعبد الله بن سبأ.
وقد ترجم لابن سبأ أهل العلم الذين اهتموا بالتراجم للرجال.
قال الذهبي في كتابه المغني في الضعفاء (1/ 339) و في الميزإن (2/ 426): (عبد الله بن سبأ من غلاة الشيعة، ضال مضل)، و ذكره أيضافي تاريخ الإسلام (2/ 122 - 123).
وذكر الصفدي في كتبه الوافي بالوفيات (17/ 20) في ترجمة ابن سبأ: (عبد الله بن سبأ رأس الطائفة السبئية .. قال لعلي أنت الإله، فنفاه إلىالمدائن، فلما قتل علي رضي الله عنه زعم ابن سبأ أن هلم يمت لإن فيه جزءاً إلهياً وأن ابن ملجم إنما قتل شيطأنا تصوّر بصورة علي، و أن علياً في السحاب، و الرعد صوته، و البرق سوطه، وأنه سينزل إلىالأرض).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/296)
و قد سرد الحافظ بن حجر في كتابه لسإنالميزإن (3/ 290) أخبار ابن سبأ من غير طريق سيف بن عمر، ثم قال: (و أخبار عبد الله بن سبأ شهيرة في التواريخ، و ليس له رواية و الحمد لله).
و ذكر العيني في كتابه عقد الجمان (9/ 168): (إن ابن سبأ دخل مصر وطاف في كورها، و أظهر الأمر بالمعروف، و تكلم في الرجعة، و قررها في قلوب المصريين.
بعد أن جلنا جولة في كتب أهل العلم من أهل السنة، رأينا من خلا لها إطباقهم على إثبات وجود شخصية عبد الله بن سبأ، فلا بأس أن نجول جولة أخرى في كتب الشيعة نرى فيها موقفهم من وجود بن سبأ إثباتا أو نفيا، وذلك أن أكثر النافين لوجوده في هذا العصر والمروجين لمقلة أنه خيال لا حقية هم الشيعة.
أورد الناشئ الأكبر في كتابه مسائل الإمامة (ص 22 - 23) ما يلي: (و فرقة زعموا أن علياً رضي الله عنه حي لم يمت، و أن هلا يموت حتى يسوق العرب بعصاه، و هؤلاء هم السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ، و كان عبد الله بن سبأ رجلاً من أهل صنعاء يهودياً .. و سكن المدائن .. ).
و نقل القمي في كتابه المقالات و الفرق (ص 20 طهرإن1963 م تحقيق الدكتور محمد جواد مشكور فيروي) أن عبد الله بن سبأ أول من أظهر الطعن على أبي بكر و عمر و عثمان والصحابة، و تبرأ منهم، وادّعى أن علياً أمره بذلك. و (أن السبئية قالوا للذي نعاه (أي علي بن أبي طالب): كذبت ياعدو الله لو جئتنا والله بدماغه خربة فأقمت على قتله سبعين عدلاً ما صدقناك ولعلمنا أن لم يمت ولم يقتل وأن لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه ويملك الأرض ثم مضوا …)
و يتحدث النوبختي في كتابه فرق الشيعة (ص 23) عن أخبار ابن سبأ فيذكر أنه لما بلغ ابن سبأ نعي علي بالمدائن، قال للذي نعاه: كذبت لو جئتنا بدماغه في سبعين صرة و أقمت على قتله سبعين عدلاً لعلمنا أنهلم يمت و لم يقتل، و لا يموت حتى يملك الأرض.
و يقول في (ص 44) وحكى جماعة من أهل العلم من أصحاب علي عليه السلام أن عبدالله بن سبأ كان يهودياً فأسلم ووإلىعلياً عليه السلام وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصي بعد موسى على نبينا وآله وعليهما السلام بالغلو فقال في إسلامه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام بمثل ذلك وهو أول من شهر القول بفرض إمامة علي عليه السلام وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه. يقول النوبختي: فمن هنا قال من خالف الشيعة إن أصل الرفض مأخوذ من اليهود.
و يقول أبو حاتم الرازي في كتابه الزينة في الكلمات الإسلامية (ص 305): (إن عبد الله بن سبأ و من قال بقوله من السبئية كانوا يزعمون أن علياً هو الإله، و أن هيحيي الموتى، وادعوا غيبته بعد موته.
و روى الكشي في الرجال (ص 98 - 99) بسنده إلىأبي جعفر محمد الباقر قوله: إن عبد الله بن سبأ كان يدّعي النبوة، و يزعم أن أمير المؤمنين – عليه السلام – هو الله، تعالىعن ذلك علواً كبيراً. و هناك أقوال مشابه عن جعفر الصادق و علي بن الحسين تلعن فيها عبد الله بن سبأ في (ص 70، 100) من نفس الكتاب.
و يروي الكشي في (رجال الكشي ص 98 ط مؤسسة الأعلمي للمطبوعات كربلاء) بسنده إلىأبي جعفر (أن عبدالله بن سبأ كان يدعي النبوة وزعم أن أمير المؤمنين هو الله تعالىالله عن ذلك علواً كبيرا فبلغ ذلك أمير المؤمنين فدعاه وسأله فأقر بذلك وقال: نعم أنت هو وقد كان لقي في روعي أنك أنت الله وأني نبي فقال له أمير المؤمنين: ويلك قد سخر منك الشيطإن فارجع عن هذا ثكلتك أمك وتب فأبى فحبسه واستتابه ثلاثة أيام فلم يتب فأحرقه بالنار والصواب أن هنفاه بالمدائن …)
و يذكر أبو جعفر الصدوق بن بابويه القمي في كتاب من لا يحضره الفقه (1/ 213)، موقف ابن سبأ و هو يعترض على علي رضي الله عنه رفع اليدين إلىالسماء أثناء الدعاء.
و جاء عند الشيخ المفيد في كتاب شرح عقائد الصدور (ص 257) ذكر الغلاة من المتظاهرين بالإسلام – يقصد السبئية – الذين نسبوا أمير المؤمنين علي والأئمة من ذريته إلىالألوهية والنبوة، فحكم فيهم أمير المؤمنين بالقتل والتحريق بالنار.
و قال أبو جعفر الطوسي في كتبه تهذيب الأحكام (2/ 322) إن ابن سبأ رجع إلىالكفر وأظهر الغلو.
ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب (1/ 227 - 228).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/297)
و ذكر ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (2/ 99) ما نصه: (فلما قتل أمير المؤمنين – عليه السلام – أظهر ابن سبأ مقالته، و صارت له طائفة و فرقه يصدقونه و يتبعونه.
و أشار الحسن بن علي الحلّي في كتابه الرجال (2/ 71) إلىابن سبأ ضمن أصناف الضعفاء.
و يرى ابن المرتضى و هو من أئمة الشيعة الزيدية -، أن أصل التشيع مرجعه إلىابن سبأ، لأنه أول من أحدث القول بالنص في الإمامة. تاج العروس لابن المرتضى (ص 5، 6).
و يرى الأردبيلي في كتاب جامع الرواة (1/ 485) أن ابن سبأ غال ملعون يزعم ألوهية علي و نبوته.
المجلسي في بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار (25/ 286 - 287).
يقول نعمة الله الجزائري (ت 1112هـ) في كتابه الأنوار النعمانية (2/ 234): (قال عبد الله بن سبأ لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أنت الإله حقاً فنفاه علي عليه السلام إلىالمدائن و قيل أنه كان يهودياً فأسلم وكان في اليهودية يقول في يوشع بن نون و في موسى مثل ما قال في علي.
طاهر العاملي (ت 1138هـ) في مقدمة مرآة الأنوار و مشكاة الأسرار في تفسير القرآن (ص 62).
و عند المامقاني (ت 1323هـ) في كتابه تنقيح المقال في أحوال الرجال (2/ 183) جاء ذكر ابن سبأ ضمن نقولات عدة ساقها المؤلف من مصادر شيعية متقدمة عليه.
أمامحمد حسين المظفري (ت 1369هـ) و هو من الشيعة المعاصرين الذين لا ينكرون وجود ابن سبأ وإن كان ينفي أن يكون للشيعة به أي اتصال. تاريخ الشيعة (ص 10).
أماالخوانساري فقد جاء ذكر ابن سبأ عنده على لسان جعفر الصادق الذي لعن ابن سبأ لاتهامه بالكذب والتزوير. روضات الجنات (3/ 141).
هكذا لم تماري كتب الشيعة القديمة في وجود بن سبأ.
لذلك قال سعدي الهاشمي بعد أن نقل نقولا من كتب الشيعة فيها أخبار ابن سبأ ملزما بها من أنكره من الشيعة المعاصرين: (و بهذه النقول والنصوص الواضحة المنقولة من كتب القوم (الشيعة) تتضح لنا حقيقة شخصية ابن سبأ اليهودي، و من طعن من الشيعة في ذلك فقد طعن في كتبهم التي نقلت لعنات الأئمة المعصومين – عندهم – على هذا اليهودي (ابن سبأ) و لا يجوز و لا يتصور أن تخرج اللعنات من المعصوم على مجهول، و كذلك لا يجوز في معتقد القوم تكذيب المعصوم). ابن سبأ حقيقة لا خيال (ص 76).
هذا قليل من كثر من كتب أهل العلم سنية وشيعية في إثبات شخصية عبد الله بن يبسبأ لا يمارون في ذلك ولا يشكون.
كما وأن هناك الكثير من المثبتين لهذه الشخصية من المعاصرين، راجع للأهمية كتاب: العنصرية اليهودية وآثارها في المجمع الإسلامي و الموقف منها للدكتور أحمد بن عبد الله بن إبراهيم الزغيبي (2/ 530 - 531)، حيث ذكر عدداً كبيراً من المثبتين لشخصية ابن سبأ من المعاصرين.
حج من أنكر وجود عبد الله بن سبأ
حجة من أنكر ابن سبئ أن مصدر أخباره كلها من طريق سيف ابن عمر وقد تركه أئمة الحديث، حتى وصل الحال ببن حبان إلى أن يتهمه بالزندقة.
جوابا عن هذا الدليل نقول ما الدعاه النافون ليس صحيحا فأصل قصية ابن سبأ في البخاري كما مر في أول دليل للمثبتين، ثانيا هناك سبع روايات في تاريخ دمشق لابن عساكر تروي قصصا لابن سبأ ليس في سندها سيف بن عمر، ثالثا سيف بن عمر وإن كان متروكا في الحديث إلا أنه غير مدفوع في التاريخ.
يقول الذهبي في ميزان الاعتدال (2/ 255): (كان أخبارياً عارفاً). و يقول ابن حجر في تقريب التهذيب (1/ 344): (عمدة في التاريخ). أمااتهام ابن حبان لسيف بالزندقة فيجيب عنه ابن حجر في التقريب (1/ 344) بقوله: (أفحش ابن حبان القول فيه).
حول رواية سيف ابن عمر للقصة ابن سبأ واتساقها مع الروايات الصحيحة يراججع كتاب: استشهاد عثمانو وقعة الجمل رواية سيف بن عمر، للدكتور خالد بن محمد الغيث (ص 19 - 40)
وحول دوريه الخبيث في الفتنة الذي أنكره الكاتب، يراجع كتاب: عبد الله بن سبأ و أثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام للدكتور سليمان العودة.
وقداستفدت في قضية ابن سبأ من بحث بعنوان عبد الله بن سبأ مؤسس دين الرافضة، لا يوجد عليه اسم كاتب معين.
أخاف أن يكون الكاتب متأثر بطه حسين في نفيه لابن سبإ.
فإن الناظر إلى قوله في ص 124: " وقد وجد هؤلاء في شخصية عبد الله بن سبإ لأحسن تفسير لكل ما جرى. لكن هؤلاء نسوا أنهم بذلك يغضون من قدر الصحابة رضي الله عنهم ـ من حيث لا يشعرون ـ حينما يصورونهم في صورة جماعة من المغفلين يتلاعب به يهودي مجهول النسب والأصل، ويدفع بعضهم إلى قتال بعض دون علم منهم أو فطنة .. "
وقول طه حسين في كتاب الفتنة الكبرى ص 134
ولنكبر المسلمين في صدر الإسلام أن يعبصث بدينهم وسياستهم وعقولهم ودولتهم رجل من أقبل من صنعاء، ...
يجد تطابقا في المعنا وتشابها في الفظ.
وإلى حلقة أخرى من حلقات هذا النقاش نستودعكم الله.
محبكم / عبد الله الشنقيطي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/298)
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[08 - 02 - 05, 11:06 ص]ـ
في هذه الوقفة سأتناول موقف شيخ الإسلام من الصحابة، وهل له موقف مخالف لأهل السنة والجماعة، وهل الكاتب انتهج منهج الشيخ في الكتابة فيما يتعلق باختلاف الصحابة.
لا يختلف منهج شيخ الإسلام في تناوله لقضية الصحابة عن غيره من أهل العلم من أهل السنة والجماعة؛ فهو يرى عدالة الصحابة العدالة الدينية، ويرى الإمساك عما شجر بينهم وأنه هو منهج أهل السنة والجماعة. فقال في العقيدة الواسطية:
"ويمسكون عما شجر من الصحابة ويقولون إن هذه الآثار المروية في مساوئهم منها ما هو كذب ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغير عن وجهه والصحيح ومنه هم فيه معذورون أما مجتهدون مصيبون وأما مجتهدون مخطئون وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر عنهم إن صدر حتى أنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات مما ليس لمن بعدهم وقد ثبت بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم خير القرون وأن المد من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبا ممن بعدهم ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه أو أتى بحسنات تمحوه أو غفر له بفضل سابقته أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم الذي هم أحق الناس بشفاعته أو ابتلي ببلاء الدنيا كفر به عنه فإذا كان هذا في الذنوب المحققة فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا فلهم أجر واحد والخطأ مغفور ثم القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نزر مغفور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله والهجرة والنصرة والعلم النافع والعمل الصالح ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة وما من الله عليهم به من الفضائل علم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كانولا يكون مثلهم وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله ".
وقال:
"ولهذا أوصوا بالإمساك عما شجر بينهم لأنالا نسأل عن ذلك كما قال عمر بن عبد العزيز تلك دماء طهر الله منها يدي فلا أحب أن أخضب بها لساني وقال آخر تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون سورة البقرة 134 لكن إذا ظهر مبتدع يقدح فيهم بالباطل فلا بد من الذب عنهم وذكر ما يبطل حجته بعلم وعدل"
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 254
وقال:
"ولهذا كان من مذاهب أهل السنة الإمساك عما شجر بين الصحابة فإنه قد ثبتت فضائلهم ووجبت موالاتهم ومحبتهم وما وقع منه ما يكون لهم فيه عذر يخفى على الإنسان ومنه ما تاب صاحبه منه ومنه ما يكون مغفورا فالخوض فيما شجر يوقع في نفوس كثير من الناس بغضا وذما ويكون هو في ذلك مخطئا بل عاصيا فيضر نفسه ومن خاض معه في ذلك كما جرى لأكثر من تكلم في ذلك فإنهم تكلموا بكلام لا يحبه الله ولا رسوله إما من ذم من لا يستحق الذم وإما من مدح أمور لا تستحق المدح ولهذا كان الإمساك طريقة أفاضل السلف"
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 448
وقال:
"وكذلك نؤمن بالإمساك عما شجر بينهم ونعلم أن بعض المنقول في ذلك كذب وهم كانوا مجتهدين إما مصيبين لهم أجران أو مثابين على عملهم الصالح مغفور لهم خطؤهم وما كان لهم من السيئات وقد سبق لهم من الله الحسنى فإن الله يغفرها لهم إما بتوبة أو بحسنات ماحية أو مصائب مكفرة أو غير ذلك فإنهم خير قرون هذه الأمة كما قال صلى الله عليه وسلم خير القرون قرني الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم وهذه خير أمة أخرجت للناس "
مجموع الفتاوى ج: 3 ص: 406
وأما ما يتعلق بالعدالة فقد بين شيخ الإسلام عدالة الصحابة بتفصيل شامل واضح فبين أنهم أفضل من آمن بالله فقال:
"والصحابة الذين يشهدون أن لا إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن القرآن حق، هم أفضل من جاء بالصدق وصدق به بعد الأنبياء."
منهاج السنة النبوية ج: 2 ص: 11
وأوضح أن هذا الفضل شامل لجميع الصحابة فقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/299)
" وقال تعالى وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون سورة النور 55 فقد وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالاستخلاف كما وعدهم في تلك الآية مغفرة وأجرا عظيما والله لا يخلف الميعاد فدل ذلك على أن الذين استخلفهم كما استخلف الذين من قبلهم ومكن لهم دين الإسلام وهو الدين الذي ارتضاه لهم كما قال تعالى ورضيت لكم الإسلام دينا سورة المائدة 3 وبدلهم من بعد خوفهم أمنا لهم منه المغفرة والأجر العظيم وهذا يستدل به من وجهين يستدل به على أن المستخلفين مؤمنون عملوا الصالحات لأن الوعد لهم لا لغيرهم ويستدل به على أن هؤلاء مغفور لهم ولهم مغفرة وأجر عظيم لأنهم آمنوا وعملوا الصالحات فتناولتهم الآيتان آية النور وآية الفتح ومن المعلوم أن هذه النعوت منطبقة على الصحابة على زمن أبي بكر وعمر وعثمان فإنه إذ ذاك حصل الاستخلاف وتمكن الدين والأمن بعد الخوف لما قهروا فارس والروم وفتحوا الشام والعراق ومصر وخراسان وإفريقية ولما قتل عثمان وحصلت الفتنة لم يفتحوا شيئا من بلاد الكفار بل طمع فيهم الكفار بالشام وخراسان وكان بعضهم يخاف بعضا وحينئذ فقد دل القرآن على إيمان أبي بكر وعمر وعثمان ومن كان معهم في زمن الاستخلاف والتمكين والأمن والذين كانوا في زمن الاستخلاف والتمكين والأمن وأدركوا زمن الفتنة كعلي وطلحة والزبير وأبي موسى الأشعري ومعاوية وعمرو بن العاص دخلوا في الآية لأنهم استُخلِفوا ومُكِّنوا وأمنوا "
منهاج السنة النبوية ج: 2 ص: 36
وقال:
" وفي الجملة كل ما في القرآن من خطاب المؤمنين والمتقين والمحسنين ومدحهم والثناء عليهم فهم أول من دخل في ذلك من هذه الأمة وأفضل من دخل في ذلك من هذه الأمة كما استفاض عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه أنه قال خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم "
منهاج السنة النبوية ج: 2 ص: 49
وقال:
"فإنهم خير هذه الأمة كما تواترت بذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم وهم أفضل الأمة الوسط الشهداء على الناس الذين هداهم الله لما اختلف فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم فليسوا من المغضوب عليهم الذين يتبعون أهواءهم ولا من الضالين الجاهلين كما قسمهم هؤلاء المفترون إلى ضلال وغواة بل لهم كمال العلم وكمال القصد إذا لو لم يكن كذلك للزم أن لا تكون هذه الأمة خير الأمم وأن لا يكونوا خير الأمة وكلاهما خلاف الكتاب والسنة ...
والصحابة أكمل الأمة في ذلك بدلالة الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار ولهذا لا تجد أحدا من أعيان الأمة إلا وهو معترف بفضل الصحابة عليه وعلى أمثاله وتجد من ينازع في ذلك كالرافضة من أجهل الناس "
منهاج السنة النبوية ج: 2 ص: 79
وبين عدالتهم عند أهل الحديث والفقه فقال:
"ولهذا كان الصحابة كلهم ثقات باتفاق أهل العلم بالحديث والفقه"
منهاج السنة النبوية ج: 2 ص: 457
وقال:
" وخيار هذه الأمة هم الصحابة فلم يكن في الأمة أعظم اجتماعا على الهدى ودين الحق ولا أبعد عن التفرق والاختلاف منهم ...
وكما أنه لم يكن في القرون أكمل من قرن الصحابة فليس في الطوائف بعدهم أكمل من أتباعهم فكل من كان للحديث والسنة وآثار الصحابة أتبع كان أكمل وكانت تلك الطائفة أولى بالاجتماع والهدى والاعتصام بحبل الله وأبعد عن التفرق "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 366
وقال:
"فالصحابة أعلم الأمة وأفقهها وأدينها ولهذا أحسن الشافعي رحمه الله في قوله هم فوقنا في كل علم وفقه ودين وهدى وفي كل سبب ينال به علم وهدى ورأيهم لنا خير من رأينا لأنفسنا أو كلاما هذا معناه "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 81
وحكم شيخ الإسلام على كل من لم يقل بعدالة الصحابة العدالة الدينة على ما فصل الشيخ وأوضح أنه قائل بظلم وجهل.
فقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/300)
" والله تعالى قد حرم القول بغير علم فكيف إذا كان المعروف ضد ما قاله فلو لم نكن نحن عالمين بأحوال الصحابة لم يجز أن نشهد عليهم بما لا نعلم من فساد القصد والجهل بالمستحق قال تعالى ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أؤلئك كان عنه مسئولا سورة الإسراء 36 وقال تعالى ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم سورة آل عمران 66 فكيف إذا كنا نعلم أنهم كانوا أكمل هذه الأمة عقلا وعلما ودينا "
منهاج السنة النبوية ج: 2 ص: 76
وقال:
"ما علم بالكتاب والسنة والنقل المتواتر من محاسن الصحابة وفضائلهم لا يجوز أن يدفع بنقول بعضها منقطع وبعضها محرف وبعضها لا يقدح فيما علم فإن اليقين لا يزول بالشك ونحن قد تيقنا ما دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف قبلنا وما يُصدق ذلك من المنقولات المتواترة من أدلة العقل من أن الصحابة رضي الله عنهم أفضل الخلق بعد الأنبياء فلا يقدح في هذا أمور مشكوك فيها فكيف إذا علم بطلانها "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 305
وجلى بوضح لا يقبل التأويل أنهم جميعا من أهل الجنة،وأن ما يروى عنهم من المآخذ أكثره كذب، والباقي هم فيه مجتهدون معذورون؛ ولكن كثير من الناس لا يدركون وجه اجتهادهم، وعلى فرض أنه من الذنوب المحققة فهو مغفور لهم، فصار الطعن عليهم به من الظلم والجهل.
قال:
" فيقولون ما يذكر عن الصحابة من السيئات كثير منه كذب وكثير منه كانوا مجتهدين فيه ولكن لم يعرف كثير من الناس وجه اجتهادهم وما قدر أنه كان فيه ذنب من الذنوب لهم فهو مغفور لهم إما بتوبة وإما بحسنات ماحية وإما بمصائب مكفرة وإما بغير ذلك فإنه قد قام الدليل الذي يجب القول بموجبه أنهم من أهل الجنة فامتنع أن يفعلوا ما يوجب النار لا محالة وإذا لم يمت أحد منهم على موجب النار لم يقدح ما سوى ذلك في استحقاقهم للجنة ونحن قد علمنا أنهم من أهل الجنة ولو لم يعلم أن أولئك المعينين في الجنة لم يجز لنا أن نقدح في استحقاقهم للجنة بأمور لا نعلم أنها توجب النار فهذا لا يجوز في آحاد المؤمنين الذين لم يعلم أنهم يدخلون الجنة ليس لنا أن نشهد لأحد منهم بالنار لأمور محتملة لا تدل على ذلك فكيف يجوز مثل ذلك في خيار المؤمنين والعلم بتفاصيل أحوال كل واحد منهم باطنا وظاهرا وحسناته وسيئاته واجتهاداته أمر يتعذر علينا معرفته فكان كلامنا في ذلك كلاما فيما لا نعلمه والكلام بلا علم حرام فلهذا كان الإمساك عما شجر بين الصحابة خيرا من الخوض في ذلك بغير علم بحقيقة الأحوال إذ كان كثير من الخوض في ذلك أو أكثره كلاما بلا علم وهذا حرام لو لم يكن فيه هوى ومعارضة الحق المعلوم فكيف إذا كان كلاما بهوى يطلب فيه دفع الحق المعلوم وقد قال النبي صلى الله عليه
وسلم القضاة ثلاثة قاضيان في النار وقاض في الجنة رجل علم الحق وقضى به فهو في الجنة ورجل علم الحق وقضى بخلافه فهو في النار ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار فإذا كان هذا في قضاء بين اثنين في قليل المال أو كثيره فكيف بالقضاء بين الصحابة في أمور كثيرة فمن تكلم في هذا الباب بجهل أو بخلاف ما يعلم من الحق كان مستوجبا للوعيد ولو تكلم بحق لقصد اتباع الهوى لالو لوجه الله تعالى أو يعارض به حقا آخر لكان أيضا مستوجبا للذم والعقاب ومن علم ما دل عليه القران والسنة من الثناء على القوم ورضا الله عنهم واستحقاقهم الجنة وأنهم خير هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس لم يعارض هذا المتيقن المعلوم بأمور مشتبهة منها ما لا يعلم صحته ومنها ما يتبين كذبه ومنها ما لا يعلم كيف وقع ومنها ما يعلم عذر القوم فيه ومنها ما يعلم توبتهم منه ومنها ما يعلم أن لهم من الحسنات ما يغمره فمن سلك سبيل أهل السنة استقام قوله وكان من أهل الحق والاستقامة والاعتدال وإلا حصل في جهل وكذب وتناقض كحال هؤلاء الضلال
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 310
وقال:
"ما ينقل عن الصحابة من المثالب فهو نوعان أحدهما ما هو كذب إما كذب كله وإما محرف قد دخله من الزيادة والنقصان ما يخرجه إلى الذم والطعن وأكثر المنقول من المطاعن الصريحة هو من هذا الباب يرويها الكذابون المعروفون بالكذب مثل أبي مخنف لوط بن يحيى ومثل هشام بن محمد بن السائب الكلبي وأمثالهما من الكذابين ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/301)
النوع الثاني ما هو صدق وأكثر هذه الأمور لهم فيها معاذير تخرجها عن أن تكون ذنوبا وتجعلها من موارد الاجتهاد التي إن أصاب المجتهد فيها فله أجران وإن أخطأ فله أجر وعامة المنقول الثابت عن الخلفاء الراشدين من هذا الباب وما قدر من هذه الأمور ذنبا محققا فإن ذلك لا يقدح فيما علم من فضائلهم وسوابقهم وكونهم من أهل الجنة "
منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 81
وقال:
" نحن نبسط هذا وننبه بالأدنى على الأعلى فنقول كلام الذام للخلفاء ولغيرهم من الصحابة من رافضي وغيره هو من باب الكلام في الأعراض وفيه حق لله تعالى لما يتعلق به من الولاية والعداوة والحب والبغض وفيه حق للآدميين أيضا ومعلوم أنا إذا تكلمنا فيمن هو دون الصحابة مثل الملوك المختلفين على الملك والعلماء والمشايخ المختلفين في العلم والدين وجب أن يكون الكلام بعلم وعدل لا بجهل وظلم فإن العدل واجب لكل أحد على كل أحد في كل حال والظلم محرم مطلقا لا يباح قط بحال "
منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 126
"والله تعالى قد حرم ظلم المسلمين أحيائهم وأمواتهم وحرم دماءهم وأموالهم وأعراضهم وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت ألا ليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع وقد قال تعالى والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا سورة الأحزاب 58 فمن آذى مؤمنا حيا أو ميتا بغير ذنب يوجب ذلك فقد دخل في هذه الآية ومن كان مجتهدا لا إثم عليه فإذا آذاه مؤذ فقد آذاه بغير ما اكتسب ومن كان مذنبا وقد تاب من ذنبه أو غفر له بسبب آخر بحيث لم يبق عليه عقوبة فآذاه مؤذ فقد آذاه بغير ما اكتسب وإن حصل له بفعله مصيبة "
منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 135
"لكن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين أعظم حرمة وأجل قدرا وأنزه أعراضا وقد ثبت من فضائلهم خصوصا وعموما ما لم يثبت لغيرهم فلهذا كان كلام الذي فيه ذمهم على ما شجر بينهم أعظم إثما من الكلام في غيرهم"
منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 147
وأوضح أن الصحابة غير معصومين من الخطأ والذنوب، ولكن هم بين أجر الاجتهاد ومغفرة الذنب فصار القادح عليهم بخطئهم منحرف عن طريق العلم والعدل.
فقال:
"والقاعدة الكلية في هذا أن لا نعتقد أن أحدا معصوم بعد النبي صلى الله عليه وسلم بل الخلفاء وغير الخلفاء يجوز عليهم الخطأ والذنوب التي تقع منهم قد يتوبون منها وقد تكفر عنهم بحسناتهم الكثيرة وقد يبتلون أيضا بمصائب يكفر الله عنهم بها ...
فهذه القاعدة تغنينا أن نجعل كل ما فعل واحد منهم هو الواجب أو المستحب من غير حاجة بنا إلى ذلك والناس المنحرفون في هذا الباب صنفان القادحون الذين يقدحون في الشخص بما يغفره الله له والمادحون الذين يجعلون الأمور المغفورة من باب السعي المشكور"
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 196
وقال:" فائدة ومما ينبغي أن يعلم أنه وان كان المختار الإمساك عما شجر بين الصحابة والاستغفار للطائفتين جمعيا وموالاتهم فليس من الواجب اعتقاد أن كل واحد من العسكر لم يكن إلا مجتهدا متأولا كالعلماء بل فيهم المذنب والمسيء وفيهم المقصر في الاجتهاد لنوع من الهوى لكن إذا كانت السيئة في حسنات كثيرة كانت مرجوحة مغفورة وأهل السنة تحسن القول فيهم وتترحم عليهم وتستغفر لهم لكن لا يعتقدون العصمة من الإقرار على الذنوب وعلى الخطأ في الاجتهاد إلا لرسول الله ومن سواه فيجوز عليه الإقرار على الذنب والخطأ لكن لهم كما قال تعالى أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم الآية وفضائل الأعمال إنما هي بنتائجها وعواقبها لا بصورها "
مجموع الفتاوى ج: 4 ص: 434
وهذه هي الأصول التي بين الشيخ أن من لم يراعيها في كلامه عن الصحابة وقع في ظلم وجهل في الكليات وكذب وجهل في الجزئيات.
فقال:
"ونحن نذكر قاعدة جامعة في هذا الباب لهم ولسائر الأمة فنقول لا بد أن يكون مع الإنسان أصول كلية يرد إليها الجزئيات ليتكلم بعلم وعدل ثم يعرف الجزيئات كيف وقعت وإلا فيبقى في كذب وجهل في الجزئيات وجهل وظلم في الكليات فيتولد فساد عظيم"
منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 83
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/302)
و بين الشيخ أن من علامة سوء طوية الإنسان أن يكون في قلبه على الصحابة شيء.
فقال:
"ومن أعظم خبث القلوب أن يكون في قلب العبد غل لخيار المؤمنين وسادات أولياء الله بعد النبيين ولهذا لم يجعل الله تعالى في الفيء نصيبا لمن بعدهم إلا الذين يقولون ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف"
منهاج السنة النبوية ج: 1 ص: 22
وأوجب الانتصار لهم ممن تكلم فيهم. فقال:
" والواجب على كل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله أن يكون أصل قصده توحيد الله بعبادته وحده لا شريك له وطاعة رسوله يدور على ذلك ويتبعه أين وجده ويعلم أن أفضل الخلق بعد الأنبياء هم الصحابة فلا ينتصر لشخص انتصارا مطلقا عاما إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لطائفة انتصارا مطلقا عاما إلا للصحابة رضي الله عنهم أجمعين فإن الهدى يدور مع الرسول حيث دار ويدور مع أصحابه دون أصحاب غيره حيث داروا فإذا أجمعوا لم يجمعوا على خطأ قط بخلاف أصحاب عالم من العلماء فإنهم قد يجمعون على خطأ "
منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 261
هذا في الصحابة عموما أما آحاد الصحابة الذين تكلم عليهم شيخ الإسلام فبين فضلهم ورد الطعون الموجه إليهم.
فقد رد الطعون الموجهة إلى عثمان، وبين أنها كذب وما كان فيها منحق لم يأل جهدا في تحر الحق فيه.
فقال:
" وبعض المسلمين أنكر عليه بعض الأمور وكثير من ذلك يكون الصواب فيه مع عثمان وبعضه يكون فيه مجتهدا ومنه ما يكون المخالف له مجتهدا إما مصيبا وإما مخطئا"
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 297
فقال:
"النوع الثاني ما هو صدق وأكثر هذه الأمور لهم فيها معاذير تخرجها عن أن تكون ذنوبا وتجعلها من موارد الاجتهاد التي إن أصاب المجتهد فيها فله أجران وإن أخطأ فله أجر" وعامة المنقول الثابت عن الخلفاء الراشدين من هذا الباب "
منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 81
و رد المفتريات المكذوبة عليه من طرف أعداء الصحابة فقال:
"وأما قوله وكان يؤثر أهله بالأموال الكثيرة من بيت المال حتى أنه دفع إلى أربعة نفر من قريش زوجهم بناته أربعمائة ألف دينار ودفع إلى مروان ألف ألف دينار فالجواب أولا أن يقال أين النقل الثابت بهذا نعم كان يعطي أقاربه عطاء كثيرا ويعطي غير أقاربه أيضا وكان محسنا إلى جميع المسلمين وأما هذا القدر الكثير فيحتاج إلى نقل ثابت ثم يقال ثانيا هذا من الكذب البين فإنه لا عثمان ولا غيره من الخلفاء الراشدين أعطوا أحدا ما يقارب هذا المبلغ"
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 249
وأوضح أن عثمان لم يول بني أمية لأنهم قرابته بل لكفاءتهم لما ولاهم.
فقال
"فإن عثمان يقول إن بني أمية كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعملهم في حياته واستعملهم بعده من لا يتهم بقرابة فيهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه ولا نعرف قبيلة من قبائل قريش فيها عمال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من بني عبد شمس لأنهم كانوا كثيرين وكان فيهم شرف وسؤدد "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 192
ودافع عن ولاته وحدا واحدا فقال:
"وكذلك قوله إنه استعمل سعيد بن العاص على الكوفة وظهر منه ما أدى إلى أن أخرجه أهل الكوفة منها فيقال مجرد إخراج أهل الكوفة لا يدل على ذنب يوجب ذاك فإن القوم كانوا يقومون على كل وال قد قاموا على سعد بن أبي وقاص وهو الذي فتح البلاد وكسر جنود كسرى وهو أحد أهل الشورى ولم يتول عليهم نائب مثله وقد شكوا غيره مثل عمار بن ياسر وسعد بن أبي وقاص والمغيرة بن شعبة وغيرهم ودعا عليهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال اللهم إنهم قد لبسوا علي فلبس عليهم "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 243
وقال عن مراون:
"وليس مروان أولى بالفتنة والشر من محمد بن أبي بكر ولا هو أشهر بالعلم والدين منه بل أخرج أهل الصحاح عدة أحاديث عن مروان وله قول مع أهل الفتيا واختلف في صحبته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/303)
ومروان من أقران ابن الزبير فهو قد أدرك حياة النبي صلى الله عليه وسلم ويمكن أنه رآه عام فتح مكة أو عام حجة الوداع والذين قالوا لم ير النبي صلى الله عليه وسلم قالوا إن أباه كان بالطائف فمات النبي صلى الله عليه وسلم وأبوه بالطائف وهو مع أبيه ومن الناس من يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم نفى أباه إلى الطائف وكثير من أهل العلم ينكر ذلك ويقول إنه ذهب باختياره وإن نفيه ليس له إسناد وهذا إنما يكون بعد فتح مكة فقد كان أبوه بمكة مع سائر الطلقاء وكان هو قد قارب سن التمييز وأيضا فقد يكون أبوه حج مع الناس فرآه في حجة الوداع ولعله قدم إلى المدينة فلا يمكن الجزم بنفي رؤيته للنبي صلى الله عليه وسلم وأما أقرانه كالمسور بن مخرمة وعبد الله بن الزبير فهؤلاء كانوا بالمدينة وقد ثبت أنهم سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 245
وقال عن معاوية:
"وأما قوله ولى معاوية الشام فأحدث من الفتن ما أحدثه فالجواب أن معاوية إنما ولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما مات أخوه يزيد بن أبي سفيان ولاه عمر مكان أخيه واستمر في ولاية عثمان وزاده عثمان في الولاية وكانت سيرة معاوية مع رعيته من خيار سير الولاة وكانت رعيته يحبونه وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم الذين تبغضونه ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم وإنما ظهر الأحداث من معاوية في الفتنة لما قتل عثمان ولما قتل عثمان كانت الفتنة شاملة لأكثر الناس لم يختص بها معاوية بل كان معاوية أطلب للسلامة من كثير منهم وأبعد عن الشر من كثير منهم"
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 246
وقال عن عبد الله بن كريز:
"وأما قوله وولى عبد الله بن عامر البصرة ففعل من المناكير ما فعل فالجواب أن عبد الله بن عامر له من الحسنات والمحبة في قلوب الناس مالا ينكر وإذا فعل منكرا فذنبه عليه فمن قال إن عثمان رضي بالمنكر الذي فعله "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 248
وبين أنه لم يحاب منهم أحدا في الله فلما شرب الوليد الخمر أقام عليه الحد وعزله عن عمله.
فقال:
"فيقال لا جرم طلبه وأقام عليه الحد بمشهد من علي بن أبي طالب وقال لعلي قم فاضربه فأمر علي الحسن بضربه فامتنع وقال لعبد الله بن جعفر قم فاضربه فضربه أربعين ثم قال امسك ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلي رواه مسلم وغيره فإذا أقام الحد برأي علي وأمره فقد فعل الواجب
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 243
ورد الطعون في معاوية وعمر بن العاص ومبينا أنهم من أهل الجنة وأن المنقول عنهم أكثره اجتهاد.
فقال:
"وكان يزيد بن أبى سفيان على الشام إلى أن ولى عمر فمات يزيد بن أبى سفيان فاستعمل عمر معاوية مكان أخيه يزيد بن أبى سفيان وبقى معاوية على ولايته تمام خلافته وعمر ورعيته تشكره وتشكر سيرته فيهم وتواليه وتحبه لما رأوا من حلمه وعدله حتى أنه لم يشكه منهم مشتك ولا تظلمه منهم متظلم .. وقد شهد معاوية وأخوه يزيد وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام وغيرهم من مسلمة الفتح مع النبي غزوة حنين ودخلوا في قوله تعالى ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين وكانوا من المؤمنين الذين أنزل الله سكينته عليهم مع النبي وغزوة الطائف لما حاصروا الطائف ورماها بالمنجنيق وشهدوا النصارى بالشام وأنزل الله فيها سورة براءة وهي غزوة العسرة التي جهز فيها عثمان بن عفان رضي الله عنه جيش العسرة بألف بعير في سبيل الله تعالى فأعوزت وكملها بخمسين بعيرا فقال النبي ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم ....
وهؤلاء المذكورون دخلوا في قوله تعالى لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك اعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى فإن هؤلاء الطلقاء مسلمة الفتح هم ممن أنفق من بعد الفتح وقاتل وقد وعدهم الله الحسنى فإنهم أنفقوا بحنين والطائف وقاتلوا فيهما رضى الله عنهم وهم أيضا داخلون فيمن رضي الله عنه حيث قال تعالى والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه
....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/304)
وفي هذا الحديث بيان إن الله يغفر لهؤلاء السابقين كأهل بدر والحديبية من الذنوب العظيمة بفضل سابقتهم وإيمانهم وجهادهم ما لا يجوز لأحد أن يعاقبهم بها كما لم تجب معاقبة حاطب مما كان منه وهذا مما يستدل به على أن ما جرى بين على وطلحة والزبير ونحوهم فإنه أما أن يكون اجتهادا لا ذنب فيه فلا كلام فقد ثبت عن النبي أنه قال إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر وإن كان هناك ذنب فقد ثبت أن هؤلاء رضي الله عنهم وغفر لهم ما فعلوه فلا يضرهم ما وقع منهم من الذنوب إن كان قد وقع ذنب بل إن وقع من أحدهم ذنب كان الله محاه بسبب قد وقع من الأسباب التي يمحص الله بها الذنوب مثل أن يكون قد كفر عنه ببلاء ابتلاه به فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي أنه قال ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا غم ولا حزن ولا أذى إلا كفر الله من خطاياه وأما من بعد هؤلاء السابقين الأولين وهم الذين أسلموا بعد الحديبية فهؤلاء دخلوا في قوله تعالى وكلا وعد الله الحسنى وفى قوله تعالى والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه وقد أسلم قبل فتح مكة خالد ابن الوليد وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة الحجبى وغيرهم وأسلم بعد الطلقاء أهل الطائف وكانوا آخر الناس إسلاما وكان منهم عثمان ابن أبى العاص الثقفى الذى أمره النبى صلى الله عليه وسلم على أهل الطائف وكان من خيار الصحابة مع تأخر إسلامه
وقد الله تعالى والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض إلى قوله تعالى والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم فهذه عامة وقال تعالى للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون والذين تبوؤا الدار الإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم فهذه الآية والتي قبلها تتناول من دخل فيها بعد السابقين الأولين إلى يوم القيامة فكيف لا يدخل فيهاأصحاب رسول الله الذين آمنوا به وجاهدوا معه ...
وقد قال تعالى محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوارة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجر عظيما فهذا يتناول الذين آمنوا مع الرسول مطلقا "
مجموع الفتاوى ج: 4 ص: 457 ـ مجموع الفتاوى ج: 4 ص: 462
وقال:
"ومعاوية ممن حسن إسلامه باتفاق أهل العلم ولهذا ولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه موضع أخيه يزيد بن أبي سفيان لما مات أخوه يزيد بالشام وكان يزيد بن أبي سفيان من خيار الناس وكان أحد الأمراء الذين بعثهم أبو بكر وعمر لفتح الشام يزيد بن أبي سفيان وشرحبيل ابن حسنة وعمرو بن العاص مع أبي عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد فلما توفي يزيد بن أبي سفيان ولى عمر مكانه أخاه معاويه وعمر لم يكن تأخذه في الله لومة لائم وليس هو ممن يحابى في الولاية ولا كان ممن يحب أبا سفيان أباه بل كان من أعظم الناس عداوة لأبيه أبي سفيان قبل الإسلام حتى أنه لما جاء به العباس يوم فتح مكة كان عمر حريصا على قتله حتى جرى بينه وبين العباس نوع من المخاشنة بسبب بغض عمر لأبي سفيان فتولية عمر لابنه معاوية ليس لها سبب دنيوي ولولا استحقاقه للإمارة لما أمره ثم إنه بقى في الشام عشرين سنة أميرا وعشرين سنة خليفة ورعيته من أشد الناس محبة له وموافقة له وهو من أعظم الناس إحسانا إليهم وتأليفا لقلوبهم حتى أنهم قاتلوا معه على بن أبي طالب وصابروا عسكره حتى قاوموهم وغلبوهم وعلى أفضل منه وأعلى درجة وهو أولى بالحق منه باتفاق الناس وعسكر معاوية يعلمون أن عليا أفضل منه وأحق بالأمر ولا ينكر ذلك منهم إلا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/305)
معاند أو من أعمى الهوى قلبه ولم يكن معاوية قبل تحكيم الحكمين يدعى الأمر لنفسه ولا يتسمى بأمير المؤمنين بل إنما ادعى ذلك بعد حكم الحكمين وكان غير واحد من عسكر معاوية يقول له لما ذا تقاتل عليا وليس لك سابقته ولا فضله ولا صهره وهو أولى بالأمر منك فيعترف لهم معاوية بذلك لكن قاتلوا مع معاوية لظنهم أن عسكر على فيه ظلمة يعتدون عليهم كما اعتدوا على عثمان وأنهم يقاتلونهم دفعا لصيالهم عليهم وقتال الصائل جائز ولهذا لم يبدؤوهم بالقتال حتى بدأهم أولئك ولهذا قال الأشتر النخعي إنهم ينصرون علينا لأنا نحن بدأناهم بالقتال "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 382
وقال:
" فلم يكن من ملوك المسلمين ملك خير من معاوية ولا كان الناس في زمان ملك من الملوك خيرا منهم في زمن معاوية إذا نسبت أيامه إلى أيام من بعده وأما إذا نسبت إلى أيام أبي بكر وعمر ظهر التفاضل وقد روى أبو بكر الأثرم ورواه ابن بطة من طريقه حدثنا محمد بن عمرو بن جبلة حدثنا محمد بن مروان عن يونس عن قتادة قال لو أصبحتم في مثل عمل معاوية لقال أكثركم هذا المهدي وكذلك رواه ابن بطة بإسناده الثابت من وجهين عن الأعمش عن مجاهد قال لو أدركتم معاوية لقلتم هذا المهدي ورواه الأثرم حدثنا محمد بن حواش حدثنا أبو هريرة المكتب قال كنا عند الأعمش فذكروا عمر بن عبد العزيز وعدله فقال الأعمش فكيف لو أدركتم معاوية قالوا في حلمة قال لا والله بل في عدله وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق قال لما قدم معاوية فرض للناس على أعطيه آبائهم حتى انتهى إلي فأعطاني ثلثمائة درهم وقال عبد الله أخبرنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو أسامة ثنا الثقفي عن أبي إسحاق يعني السبيعي أنه ذكر معاوية فقال لو أدركتموه أو أدركتم أيامه لقلتم كان المهدي وروى الأثرم حدثنا محمد بن العلاء عن أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق قال ما رأيت بعده مثله يعني معاوية وقال البغوي حدثنا سويد بن سعيد حدثنا ضمام بن إسماعيل عن أبي قيس قال كان معاوية قد جعل في كل قبيل رجلا وكان رجل منا يكنى أبا يحيى يصبح كل يوم فيدور على المجالس هل ولد فيكم الليلة ولد هل حدث الليلة حدث هل نزل اليوم بكم نازل قال فيقولون نعم نزل رجل من أهل اليمن بعياله يسمونه وعياله فإذا فرغ من القبيل كله أتى الديوان فأوقع أسماءهم في الديوان وروى محمد بن عوف الطائي حدثنا أبو المغيرة حدثنا أبن أبي مريم عن عطية بن قيس قال سمعت معاوية بن أبي سفيان يخطبنا يقول إن في بيت مالكم فضلا بعد أعطياتكم وإني قاسمه بينكم فإن كان يأتينا فضل عاما قابلا قسمناه عليكم وإلا فلا عتبة علي فإنه ليس بمالي وإنما هو مال الله الذي أفاء عليكم وفضائل معاوية في حسن السيرة والعدل والإحسان كثيرة وفي الصحيح أن رجلا قال لابن عباس هل لك في أمير المؤمنين معاوية إنه أوتر بركعة قال أصاب إنه فقيه وروى البغوي في معجمه بإسناده ورواه ابن بطة من وجه آخر كلاهما عن سعيد بن عبد العزيز عن إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر عن قيس بن الحارث عن الصنابحي عن أبي الدرداء قال ما رأيت أحدا أشبه صلاة بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من إمامكم هذا يعني معاوية فهذه شهادة الصحابة بفقهه ودينه والشاهد بالفقه ابن عباس وبحسن الصلاة أبو الدرداء وهما هما والآثار الموافقة لهذا كثيرة "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 232
وقارن مذكرته لك عن شيخ الإسلام في دراسته لأحوال الصحابة وما ذكرته لك عن المؤلف لتدرك أن قول المؤلف في ص 40
" إن المنهج الذي ندعوا إليه في هذه الدراسة، ونرى شيخ الإسلام ابن تيمية وبعض أهل الحديث خير من نظَّرله وطبقه .. "
مجرد الدعاء ينقضه الكلام السابق نقله عن شيخ الإسلام ابن تيمية.
وكذا قوله في ص 45
" أن كثيرا ممن ينتسبون إلى مدرسته شيخ الإسلام ـ هذه الأيام ـ يعلنون تبني منهجه في هذا الشأن، ولم يدرسوا ما كتبه في هذا الشأن دراسة استقرائية مستوعبة، ولم يدركوا خاصية الاتزان والاعتدال التي اتسم بها منهجه. فاشتط بعضهم في مجادلات مع الشيعة، ودافعوا عن الحق بالباطل حينا، قدموا صورة شوهاء للمبادئ السياسية الإسلامية حيانا، حرصا منهم على الدفاع عن الصحب الكرام. "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/306)
وبان أن الذي لم يدرس منهج شيخ الإسلام في تناول مسألة الصحابة والفتن التي وقعت بينهم هو المؤلف لا من ينتمي إلى مدرسة شيخ الإسلام.
وهذا الادعاء من المؤلف لم يقدم عليه دليلا ولا نموذجا من أحد من مدرسة شيخ الإسلام يصدق ما ادعاه.
وفي الحلقة القادمة نبين بعضا من قلة أمانة الكاتب في نسبة بعض الأقوال لشيخ الإسلام لم يقل لها الشيخ.
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[10 - 02 - 05, 04:28 ص]ـ
في هذه الوقفة سأتناول بعض الأقوال التي نسب الكاتب إلى شيخ الإسلام ابن تيمية ولكن بالرجوع إلى كلام الشيخ نجد أنه مجرد ادعاءات تخالف ما في كلام شيخ الإسلام
من ذلك قوله في ص 49
"ولم يجعل ابن تيمية مسألة "الكف عما شجر بين الصحابة " مسألة اعتقادية ـ كما فعل من لا يميز بين الوحي والتاريخ ـ وإنما بين أن جماع الأمر كله العلم والعدل، فلا مانع عنده أن يخوض المسلم في ذلك " إن أمكن الكلام بينهما بعلم وعدل وإلا تكلم بما يعلم من فضلهما ودينهما وكان ما شجر بينهما وتنازعا فيه أمره إلىالله "
هذا الكلام تدليس واضح من الكاتب على القارئ واستخفاف بعقله وثقافته. فابن تيمية قد جعل الكف عما شجر بين الصحابة أصلا من أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة في أصغر كتبه وأكثرها انتشارا. (العقيدة الواسطية)
قال شيخ الإسلام:
"ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وصفهم الله به في قوله تعالىوالذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم في قوله لا تسبوا أصحابي فوالدي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة والإجماع من فضائلهم ومراتبهم ويفضلون من أنفق من قبل الفتح وهو صلح الحديبية وقاتل على من أنفق من بعد وقاتل ويقدمون المهاجرين على الأنصار ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم وبأنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بل لقد رضي الله عنهم ورضوا عنه وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم كالعشرة وثابت بن قيس بن شماس وغيرهم من الصحابة ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ويثلثون بعثمان ويربعون بعلي رضي الله عنهم كما دلت الآثار وكما أجمع الصحابة على تقديم عثمان بالبيعة مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي رضي الله عنهما بعد اتفاقهم على تقديم أبي بكر وعمر أيهما أفضل فقدم قوم عثمان وسكتوا وربعوا بعلي وقدم قوم عليا وقوم توقفوا لكن استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان ثم علي وإن كانت هذه المسألة مسألة عثمان وعلي ليست من الأصول التي يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة لكن التي يضلل فيها مسألة الخلافة وذلك أنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر ثم عثمان ثم علي ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال يوم غدير خم أذكركم الله في أهل بيتي وقال أيضاللعباس عمه وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم فقال والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي وقال إن الله اصطفى بني إسماعيل واصطفى من بني إسماعيل كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم ويتولون أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين ويؤمنون بأنهن أزواجه في الآخرة خصوصا خديجة رضي الله عنها أم أكثر أولاده أول من آمن به وعاضده على أمره وكان لها منه المنزلة العالية والصديقة بنت الصديق رضي الله عنها التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ويتبرءون من طريقة الروافض الذين يبغضون أهل البيت بقول أو عمل ويمسكون عما شجر من الصحابة ويقولون إن هذه الآثار المروية في مساوئهم منها ما هو كذب ومنها ما قد زيد فيه ونقص
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/307)
وغير عن وجهه والصحيح منه هم فيه معذورون أما مجتهدون مصيبون وأما مجتهدون مخطئون وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر عنهم إن صدر حتى أنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم لإن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات مما ليس لمن بعدهم وقد ثبت بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم خير القرون وأن المد من أحدهم إذا تصدق به كان فضل من جبل أحد ذهبا ممن بعدهم ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه أو أتى بحسنات تمحوه أو غفر له بفضل سابقته أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم الذي هم أحق الناس بشفاعته أو ابتلي ببلاء الدنيا كفر به عنه فإذا كان هذا في الذنوب المحققة فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا فلهم أجر واحد والخطأ مغفور ثم القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نزر مغفور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله والهجرة والنصرة والعلم النافع والعمل الصالح ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة وما من الله عليهم به من الفضائل علم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كانولا يكون مثلهم وأنهمالصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله.
هذا ما قاله شيخ الإسلام في عقيدته التي قال إنه لم يؤلفها على مذهب أحد من الأئمة بل هي معتقد جميع السلف الماضين من أهل السنة، وقد أمهل خصومه في زمانه ثلاث سنوات إن جاءوا عن السلف بحرف واحد في لاعتقاد يخالف ما ذكره فيها؛ فلم يستطيعوا.
وهذا النص يبن عدم صدق الكتب في قوله في ص 134
" وأما شيخ الإسلام ابن تيمية، فلم يلزم نفسه بمذهب مخصوص، بل خاض في الأمر عن دراية، وتأول ـ من غير تكلف في الأغلب ـ في مواطن، وانتقد نقدا صريحا في مواطن أرخرى، وعرف للرجال خقهم وللحق حقه. وتجنب التعميم والتهويل .. "
وأما النص الذي أتى به الكاتب لشيخ الإسلام وظن أنه يؤيد ما نقله عن شيخ الإسلام، فهو نص اقتطعه الكاتب من سياقه الذي يوضح معناه، ونحن واردوه لك إن شاء الله في سياقه الذي أورده فيه ابن تيمية ليتضح معناه، بعد أن نورد منه ما احتج الكاتب به.
"إن أمكن الكلام بينهما بعلم وعدل وإلا تكلم بما يعلم من فضلهما ودينهما وكانما شجر بينهما وتنازعا فيه أمره إلىالله "
هذا النص اقتنصه الكاتب من كلام طويل لشيخ الإسلام ابن تيمية يرد فيه فرية من مفتريات الرافضي الخبيث ابن المطهر الحلي على الصحابة، وهي إفكه على ابن مسعود أنه كفر عثمان.
وأما قوله: " وكان ابن مسعود يطعن عليه ويكفره" هذا أفك ابن المطهر.
قال شيخ الإسلام:
" فالجواب أن هذا من الكذب البين على ابن مسعود فإن علماء أهل النقل يعلمون أن ابن مسعود ما كان يكفر عثمان بل لما ولى عثمان وذهب ابن مسعود إلى الكوفة قال ولينا أعلانا ذا فوق ولم نأل وكان عثمان في السنين الأول من ولايته لا ينقمون منه شيئا ولما كانت السنين الآخرة نقموا منه أشياء بعضها هم معذورون فيه وكثير منها كان عثمان هو المعذور فيه من جملة ذلك أمر ابن مسعود فإن ابن مسعود بقي في نفسه من أمر المصحف لما فوض كتابته إلى زيد دونه وأمر الصحابة أن يغسلوا الصحف فندب عثمان من ندبه أبو بكر وعمر وكان زيد بن ثابت قد حفظ العرضة الأخيرة فكان اختيار تلك أحب إلى الصحابة فإن جبريل عارض النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن في العام الذي قبض فيه مرتين وأيضا فكان ابن مسعود أنكر على الوليد بن عقبة لما شرب الخمر وقد قدم ابن مسعود إلى المدينة وعرض عليه عثمان النكاح وهؤلاء المبتدعة غرضهم التكفير أو التفسيق للخلفاء الثلاثة بأشياء لا يفسق بها واحد من الولاة فكيف يفسق بها أولئك ومعلوم أن مجرد قول الخصم في خصمه لا يوجب القدح في واحد منهما وكذلك كلام أحد المتشاجرين في الآخر ثم يقال بتقدير أن يكون ابن مسعود طعن على عثمان رضي الله عنهما فليس جعل ذلك قدحا في عثمان بأولى من جعله قدحا في ابن مسعود وإذا كان كل واحد منهما مجتهدا فيما قاله أثابه الله على حسناته وغفر له خطأه وإن كان صدر من أحدهما ذنب فقد علمنا أن كلا منهما ولى لله وأنه من أهل الجنة وأنه لا يدخل النار فذنب كل واحد منهما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/308)
لا يعذبه الله عليه في الآخرة وعثمان أفضل من كل من تكلم فيه هو أفضل من ابن مسعود وعمار وأبي ذر ومن غيرهم من وجوه كثيرة كما ثبت ذلك بالدلائل الكثيرة فليس جعل كلام المفضول قادحا في الفاضل بأولى من العكس بل إن أمكن الكلام بينهما بعلم وعدل وإلا تكلم بما يعلم من فضلهما ودينهما وكان ما شجر بينهما وتنازعا فيه أمره إلى الله ولهذا أوصوا بالإمساك عما شجر بينهم لأنالا نسأل عن ذلك كما قال عمر بن عبد العزيز تلك دماء طهر الله منها يدي فلا أحب أن أخضب بها لساني وقال آخر تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون سورة البقرة 134 لكن إذا ظهر مبتدع يقدح فيهم بالباطل فلا بد من الذب عنهم وذكر ما يبطل حجته بعلم وعدل"
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 252 ـ منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 254
وأنت ترى أن شيخ الإسلام لا يؤصل لقضية الكلام في ما شجر بين الصحابة،كما قصد في العقيدة الواسطية، وإنما ذكر هنا مسألة معينة؛ وهي أن هذا المتكلمة ما دام تكلم في الصحابة كان الواجب عليه أن يتكلم بعلم وعدل، ويبين ذلك استخدامه لضمير التثنية مما يدل على انه يتكلم عن كلام هذا المتكم في ابن مسعود وعثمان،ثم بين بعد ذلك أن السكوت عما شجر بينهم هو المطلوب، ولكن وهي حالة الاستثناء إذا تكلم فيهم، مبتدع كما فعل ابن المطهر لا بد من الرد عليه ودحض شبهه الباطلة التي يلقي على الناس. وهذا ما فعله رحمه الله في كتابه القيم (منهاج السنة)
فأين هذا مما ادعاه الكاتب من أن شيخ الإسلام لا يرى حرجا على المسلم أن يتكلم في ما شجر بين الصحابة، ولماذا بتر النص ولم يتركه حتى يفهم في سياقه إن كان يؤيد ما ذكر.
تشخيص شيخ الإسلام للحرب بين الصحابة.
قال:
" قال حذيفة ما أحد من الناس تدركه الفتنة إلا أنا أخافها عليه إلا محمد بن مسلمة فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تضرك الفتنة قال أبو داود حدثنا عمرو بن مرزوق حدثنا شعبة عن الأشعث بن سليم عن أبي بردة عن ثعلبة بن ضبيعة قال دخلنا على حذيفة فقال إني لأعرف رجلا لا تضره الفتن شيئا قال فخرجنا فإذا فسطاط مضروب فدخلنا فإذا فيه محمد بن مسلمة فسألناه عن ذلك فقال ما أريد أن يشتمل علي شيء من أمصاركم حتى تجلى عما انجلت فهذا الحديث يبين أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن محمد بن مسلمة لا تضره الفتنة وهو ممن اعتزل في القتال فلم يقاتل لا مع علي ولا مع معاوية كما اعتزل سعد بن أبي وقاص وأسامة بن زيد وعبد الله ابن عمر وأبو بكرة وعمران بن حصين وأكثر السابقين الأولين وهذا يدل على أنه ليس هناك قتال واجب ولا مستحب إذ لو كان كذلك لم يكن ترك ذلك مما يمدح به الرجل بل كان من فعل الواجب أو المستجب أفضل ممن تركه ودل ذلك على أن القتال قتال فتنة كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي خير من الساعي والساعي خير من الموضع وأمثال ذلك من الأحاديث الصحيحة التي تبين أن ترك القتال كان خيرا من فعله من الجانبين وعلى هذا جمهور أئمة أهل الحديث والسنة وهذا مذهب مالك والثوري وأحمد وغيرهم "
منهاج السنة النبوية ج: 1 ص: 542
وقال:
"والنصوص الثابته عن النبي صلى الله عليه وسلم تقتضي أن ترك القتال كان خيرا للطائفتين وأن القعود عن القتال كان خيرا من القيام فيه وأن عليا مع كونه أولى بالحق من معاوية وأقرب إلى الحق عن معاوية لو ترك القتال لكان أفضل وأصلح وخيرا وأهل السنة يترجمون على الجميع ويستغفرون لهم كما أمرهم الله تعالى بقوله والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبوقنا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا إنك رؤوف رحيم "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 389
وقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/309)
"ومنهم من يقول كان الصواب أن لا يكون قتال وكان ترك القتال خيرا للطائفتين فليس في الاقتتال صواب ولكن علي كان أقرب إلى الحق من معاوية والقتال قتال فتنة ليس بواجب ولا مستحب وكان ترك القتال خيرا للطائفتين مع أن عليا كان أولى بالحق وهذا هو قول أحمد وأكثر أهل الحديث وأكثر أئمة الفقهاء وهو قول أكابر الصحابة والتابعين لهم بإحسان وهو قول عمران بن حصين رضي الله عنه وكان ينهى عن بيع السلاح في ذلك القتال ويقول هو بيع السلاح في الفتنة وهو قول أسامة بن زيد ومحمد بن مسلمة وابن عمر وسعد بن أبي وقاص وأكثر من بقى من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم ولهذا كان من مذاهب أهل السنة الإمساك عما شجر بين الصحابة فإنه قد ثبتت فضائلهم ووجبت موالاتهم ومحبتهم وما وقع منه ما يكون لهم فيه عذر يخفى على الإنسان ومنه ما تاب صاحبه منه ومنه ما يكون مغفورا فالخوض فيما شجر يوقع في نفوس كثير من الناس بغضا وذما ويكون هو في ذلك مخطئا بل عاصيا فيضر نفسه ومن خاض معه في ذلك كما جرى لأكثر من تكلم في ذلك فإنهم تكلموا بكلام لا يحبه الله ولا رسوله إما من ذم من لا يستحق الذم وإما من مدح أمور لا تستحق المدح ولهذا كان الإمساك طريقة أفاضل السلف "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 448
وبين أن تشخيصه لهذا القتال مبني على جمع جميع النصوص الواردة في الموضوع لا على نص واحد فقال:
"ولهذا كان قتال علي رضي الله عنه للخوارج ثابتا بالنصوص الصريحة وبإجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر علماء المسلمين وأما قتال الجمل وصفين فكان قتال فتنة كرهه فضلاء الصحابة والتابعين له بإحسان وسائر العلماء كما دلت عليه النصوص حتى الذين حضروه كانوا كارهين له "
منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 153
فقال:
"وأما قتال الجمل وصفين فقد ذكر علي رضي الله عنه أنه لم يكن معه نص من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما كان رأيا وأكثر الصحابة لم يوافقوه على هذا القتال بل أكثر أكابر الصحابة لم يقاتلوا لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء كسعد بن أبي وقاص وابن عمر وأسامة بن زيد ومحمد بن مسلمة وأمثالهم من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان مع أنهم معظمون لعلي يحبونه ويوالونه ويقدمونه على من سواه ولا يرون أن أحدا أحق بالإمامة منه في زمنه لكن لم يوافقوه في رأيه في القتال وكان معهم نصوص سمعوها من النبي صلى الله عليه وسلم تدلهم على أن ترك القتال والدخول في الفتنة خير من القتال وفيها ما يقتضى النهي عن ذلك والآثار بذلك كثيرة معروفة وأما معاوية فلم يقاتل معه من السابقين الأولين المشهورين أحد بل كان مع علي بعض السابقين ولم يكن مع معاوية أحد وأكثرهم اعتزلوا الفتنة وقيل كان مع معاوية بعض السابقين الأولين وإن قاتل عمار بن ياسر هو أبو الغادية وكان ممن بايع تحت الشجرة وهم السابقون الأولون ذكر ذلك ابن حزم وغيره "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 333
وقال:
"فيقال الذي ثبت بلا شك عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح أنه قال عن الحسن إن ابني هذا سيد وإن الله سيصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين وثبت عنه في الصحيح أنه كان يقعده وأسامه بن زيد على فخذه ويقول اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما وهذا يدل على أن ما فعله الحسن من ترك القتال على الإمامة وقصد الاصلاح بين المسلمين كان محبوبا يحبه الله ورسوله ولم يكن ذلك مصيبة بل كان ذلك أحب إلى الله ورسول من اقتتال المسلمين ولهذا أحبه وأحب أسامه بن زيد ودعا لهما فإن كلاهما كان يكره القتال في الفتنة فأما أسامة فلم يقاتل لا مع علي ولا مع معاوية والحسن كان دائما يشير على علي بترك القتال "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 39
وهذا الكلام المتعدد من شيخ الإسلام في جعل جميع القتال الذي كان بين الصحابة قتال فيتنة سواء ما كان منه في الجمل أو صفين، يبين عدم صدق الكاتب في قوله في ص 135
" إن ابتعاد شيخ الإسلام عن أسلوب التعميم والتسيط جعله يتعامل مع الفتنة من منطلق التمييز بين السابقين وغيرهم. وهو يميل إلى اعتماد القول القائل إن حرب " الجمل " كانت قتال فتنة، وأن حرب " صفين " كانت قتالا بين أهل بغي وعدل. "
كما بين شيخ الإسلام أن القتال الذي حصل بين الصحابة لم يكن على الملك كما زعم الكاتب.
فقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/310)
"فالقتال الذي كان في زمن علي لم يكن على الإمامة فإن أهل الجمل وصفين والنهروان لم يقاتلوا على نصب إمام غير علي ولا كان معاوية يقول أنا الإمام دون على ولا قال ذلك طلحة والزبير فلم يكن أحد ممن قاتل عليا قبل الحكمين نصب إماما يقاتل علي طاعته فلم يكن شىء من هذا القتال على قاعدة من قواعد الإمامة المنازع فيها لم يكن أحد من المقاتلين يقاتل طعنا في خلافة الثلاثة ولا ادعاء للنص على غيرهم ولا طعنا في جواز خلافة علي ...
وإنما كان القتال قتال فتنة عند كثير من العلماء وعند كثير منهم هو من باب قتال أهل العدل والبغي وهو القتال بتأويل سائغ لطاعة غير الإمام لا على قاعدة دينية "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 327
وقال:
"معاوية لم يبايعه أحد لما مات عثمان على الإمامة ولا حين كان يقاتل عليا بايعه أحد على الإمامة ولا تسمى بأمير المؤمنين ولا سماه أحد بذلك ولا ادعى معاوية ولاية قبل حكم الحكمين وعلي يسمى نفسه أمير المؤمنين في مدة خلافته والمسلمون معه"
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 330
وقال:
"والمقصود أن الصحابة رضوان الله عليهم لم يقتتلوا قط لاختلافهم في قاعدة من قواعد الإسلام أصلا ولم يختلفوا في شىء من قواعد الإسلام لا في الصفات ولا في القدر ولا مسائل الأسماء والأحكام ولا مسائل الإمامة لم يختلفوا في ذلك بالاختصام بالأقوال فضلا عن الاقتتال بالسيف "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 336
وبين أن الحرب بينهم كانت عن اجتهاد وطلب للحق وأنه لا يجوز لأحد أن يتهم أحدا منهم بالفسق بسبب تلك الحرب.
فقال:
"ولهذا اتفق أهل السنة على أنه لا تفسق واحدة من الطائفتين وإن قالوا في إحداهما إنهم كانوا بغاة لأنهم كانوا متأولين مجتهدين والمجتهد المخطىء لا يكفر ولا يفسق وإن تعمد البغي فهو ذنب من الذنوب والذنوب يرفع عقابها بأسباب متعددة كالتوبة والحسنات الماحية والمصائب المكفرة وشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ودعاء المؤمنين وغير ذلك "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 394
وبين أن وصف أهل الشام في الحديث بأنهم بغاة لا ينافي كونهم مجتهدون.
فقال:
"فيقال له أولا الباغي قد يكون متأولا معتقدا أنه على حق وقد يكون متعمدا يعلم أنه باغ وقد يكون بغيه مركبا من شبهة وشهوة وهو الغالب وعلى كل تقدير فهذا لا يقدح فيما عليه أهل السنة فإنهم لا ينزهون معاوية ولا من هو أفضل منه من الذنوب فضلا عن تنزيههم عن الخطأ في الاجتهاد "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 385
وقال:
" فإن قال الذاب عن علي هؤلاء الذين قاتلهم علي كانوا بغاة فقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمار بن ياسر رضي الله عنه تقتلك الفئة الباغية وهم قتلوا عمارا فههنا للناس أقوال منهم من قدح في حديث عمار ومنهم من تأوله على أن الباغي الطالب وهو تأويل ضعيف وأما السلف والأئمة فيقول أكثرهم كأبي حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم لم يوجد شرط قتال الطائفة الباغية فإن الله لم يأمر بقتالها ابتداء بل أمر إذا اقتتلت طائفتان أن يصلح بينهما ثم إن بغت إحداهما على الأخرى قوتلت التي تبغي وهؤلاء قوتلوا ابتداء قبل أن يبدؤوا بقتال "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 390
وبين معنا الحديث الصحيح.
فقال:
"ولهذا كان القول الثالث في هذا الحديث حديث عمار إن قاتل عمار طائفة باغية ليس لهم أن يقاتلوا عليا ولا يمتنعوا عن مبايعته وطاعته وإن لم يكن على مأمورا بقتالهم ولا كان فرضا عليه قتالهم لمجرد امتناعهم عن طاعته مع كونهم ملتزمين شرائع الإسلام وإن كان كل من المقتتلتين متأولين مسلمين مؤمنين وكلهم يستغفر لهم ويترحم عليهم عملا بقوله تعالى والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبوقنا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا إنك رؤوف رحيم "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 426
وبين أنه هناك أحاديث في مدح الطائفة الشامية كان ينبغي أ تظهر وتذكر، ويجمع بينها وبين حدث ويح عمار تقتله الفئة الباغية.
قال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/311)
"فإذا دلت هذه النصوص على أن الطائفة القائمة بالحق من أمته التي لا يضرها خلاف المخالف ولا خذلان الخاذل هي بالشام كان هذا معارضا لقوله تقتل عمارا الفئة الباغية ولقوله تقتلهم أولى الطائفتين بالحق وهذا من حجة من يجعل الجميع سواء والجميع مصيبين أو يمسك عن الترجيح وهذا اقرب وقد احتج به من هؤلاء على أولئك لكن هذا القول مرغوب عنه وهو من أقوال النواصب فهو مقابل بأقوال الشيعة والرافض هؤلاء أهل الأهواء وإنما نتكلم هنا مع أهل العلم والعدل ولا ريب أن هذه النصوص لا بد من الجمع بينها والتأليف فيقال أما قوله لايزال أهل الغرب ظاهرين ونحو ذلك مما يدل على ظهور أهل الشام وانتصارهم فهكذا وقع وهذا هو الأمر فإنهم ما زالوا ظاهرين منتصرين وأما قوله عليه السلام لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله ومن هو ظاهر فلا يقتضي أن لا يكون فيهم من فيه بغى ومن غيره أولى بالحق منهم بل فيهم هذا وهذا وأما قوله تقتلهم أولى الطائفتين بالحق فهذا دليل على أن عليا ومن معه كان أولى بالحق إذ ذاك من الطائفة الأخرى وإذا كان الشخص أو الطائفة مرجوحا في بعض الأحوال لم يمنع أن يكون قائما بأمر الله وأن يكون ظاهرا بالقيام بأمر الله عن طاعة الله ورسوله وقد يكون الفعل طاعة وغيره أطوع منه وأما كون بعضهم باغيا في بعض الأوقات مع كون بغيه خطأ مغفورا أو ذنبا مغفورا فهذا أيضا لا يمنع ما شهدت به النصوص وذلك أن النبي أخبر عن جملة أهل الشام وعظمتهم ولا ريب أن جملتهم كانوا أرجح في عموم الأحوال .. و النصوص التي في كتاب الله وسنة رسوله وأصحابه في فضل الشام وأهل الغرب على نجد والعراق وسائر أهل المشرق أكثر من أن تذكر هنا ...
والنبي ميز أهل الشام بالقيام بأمر الله دائما إلى آخر الدهر وبأن الطائفة المنصورة فيهم إلى آخر الدهر فهو إخبار عن أمر دائم مستمر فيهم مع الكثرة والقوة وهذا الوصف ليس لغير الشام من أرض الإسلام فإن الحجاز التي هي أصل الإيمان نقص في آخر الزمان منها العلم والإيمان والنصر والجهاد وكذلك اليمن والعراق والمشرق وأما الشام فلم يزل فيها العلم والإيمان ومن يقاتل عليه منصورا مؤيدا في كل وقت فهذا هذا والله أعلم وهذا يبين رجحان الطائفة الشامية من بعض الوجوه مع أن عليا كان أولى بالحق ممن فارقه ومع أن عمارا قتلته الفئة الباغية كما جاءت به النصوص فعلينا أن نؤمن بكل ما جاء من عند الله ونقر بالحق كله ولا يكون لنا هوى ولا نتكلم بغير علم بل نسلك سبل العلم والعدل وذلك هو اتباع الكتاب والسنة فأما من تمسك ببعض الحق دون بعض فهذا منشأ الفرقة والاختلاف "
مجموع الفتاوى ج: 4 ص: 447
وما قدمت لك من كلام شيخ الإسلام في الكلام عن الصحابة هو جل كلامه فيهم بل يكاد يكون تسعين في المائة منه، وما بقي منه لا يخرج عما ذكرته لك. ومن خلا له تدرك عدم صدق المؤلف في قوله في ص 44
" جهد شيخ الإسلام متميز من حيث الكم. فهو كتب في مناقشة الخلافات بين الصحابة رضي الله عنهم ما لم يكتبه غيره. ولا نعلم أيا من علماء الإسلام كتب في هذا الموضوع كتبا بحجم " منهاج السنة النبوية " بمجلداته التسعة، أو في حجم المجلدات العديدة من " الفتاوى " التي خصصها ابن تيمة لهذا الموضوع. ..
نقول هذا كلام إنشائي عار عن الدليل كأكثر ككلام الكاتب في مؤلفه،فإن شيخ الإسلام لم يخصص للكلام على الصحابة مجلدا واحدا من مجلدات الفتاوى فضلا عن عدة مجلدات بل هي فتاوى أجاب عنها في آخر الجزء الرابع، أو ما ذكره من اعتقاد أهل السنة فيهم في العقيدة الواسطية في الجزء الثالث، وما ذكره في الجزء الخامس والثلاثين في نحو ثلاثين صفحة.
وأما منهاج السنة فلم يؤلفه شيخ الإسلام ابتداء وإنما ألفه انتصار للصحابة من افتراءات الشيعي الملحد ابن المطهر الحلي. وأكثره في وجوه العقائد من الأسماء والصفات والقدر وإثبات الخالق، وفيه بحوث فقهية، ورد لما قاله الرافضي من طعون على الصحابة، وهو لا يعدل خمس الكتاب.
وقال في ص 46
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/312)
" وان ابن تيمية ميز بين الخلافة والملك بوضوح لم يسبقه إليه أحد، وأعلن أ " خبره {صلى الله عليه وسلم} بانقصاء خلا فة النبوة فيه ذم للملك والعيب له " وأن الملك " متضمن ترك بعض الدين الواجب " ورفض تفسير الاستخلاف الذي وقع من أبي بكر وعمر بما يخدم فكرة توريث السلطة كما سنرى فيما بعد .. وذلك هو الفصل بين المبدإ والشخص وبين الوحي والتاريخ الذي نقصده."
كلام شيخ الإسلام الذي ذكره المؤلف لا يمثل النظرة الحقيقة لشيخ الإسلام في الموضوع فهو كلام اقتطعه من كلام لا يفهم إلا في سياقه جميعا، وأنا لا أنقله لطوله وكون المراد لا يفهم إلا بقراءة الكلام كاملا، ولكن نذكر موضوعه ليراجعه من أراد وهو في مجموع الفتاوى ج 35 ص 18 ـ 35
وهو أيضا لم يكن أمينا في ما نقله منه.
قال شيخ الإسلام:
" وأيضا فكون النبي صلى الله عليه وسلم استاء للملك بعد خلافة النبوة دليل على أنه متضمن ترك بعض الدين الواجب "
مجموع الفتاوى ج: 35 ص: 24
وقال أيضا:
" وهكذا كانت خلافة الخلفاء الاربعة ومعاوية قد شابها الملك وليس هذا قادحا في خلافته كما أن ملك سليمان لم يقدح في نبوته وان كان غيره من الانبياء فقيرا قلت فهذا يقتضي أن شوب الخلافة بالملك جائز في شريعتنا وأن ذلك لا ينافى العدالة وان كانت الخلافة المحضة افضل "
مجموع الفتاوى ج: 35 ص: 27
ولمؤلف كان يقصد بنقله الأول أن يوهم القارئ أن شيخ الإسلام يطعن في شرعية خلافة معاوية وغيره من ملوك الإسلام.
وأما ادعاءه أن شيخ الإسلام لم يسبقه أحد في التفريق بين الملك والخلافة فهو كلام لا يستحق الرد لأن أهل العلم كلهم يفرقون بينهم.
ومن زيف ادعاءاته قوله في ص 77
" وقد علل شيخ الإسلام بعض الأحداث السياسية في ذلك العصر بثقل المواريث السياسية الجاهلية وكثافة معاييرها الاجتماعية العرفية "
والمبين له النقل الذي نقله هو عن ابن تيمية " وفي الجملة جميع من نقل عنه من الأنصار وبني عبد مناف أنه طلب تولية غير أبي بكر لم يحتج بحجة شرعية، ولا ذكر أن غير أبي بكر أحق وأفضل من أبي بكر. وإنما نشأ كلامه عن حب لقومه وقبيلته، وإرادة منه أن تكون الإمامة في قبيلته. ومعلوم أن مثل هذا ليس من الأدلة الشرعية، والطرق الدينية، ولا هو مما أمر الله ورسوله المؤمنين باتباعه، بل هو شعبة من الجاهلية، ونوع عصبية للأنساب والقبائل، ومما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بهجره وإبطاله "
قلت:فهناك فرق هائل بين قول شيخ الإسلام "شعبة من الجاهلية " وقول الكاتب "بثقل المواريث السياسية الجاهلية وكثافة معاييرها الاجتماعية العرفية "
وابن تيمية ليس في مأمن أن يصب عليه الكاتب جام غضبه إذا خالف رأيه كغيره من أهل العلم الذين أصابهم حظ وافر من تنقصه لهم واتهامهم بالبعد عن العلم والعدل كشعبة وابن كثير وابن عساكر. فقال في حق ابن تيمة في ص 69
" فلا يعدم القارئ المتأمل ردود أفعال عنيفة أحيانا في كتابات شيخ الإسلام، بعضها يرجع إلى عنف التهمة وشناعتها، وبعضها يرجع إلى مزاج الشيخ وطبعه.
لماذا ابن تيمية.
بين المقدم للكتاب الغرض من تركيز الكاتب على ابن تيمية وادعائه أنه ينهج نفس منهجه في الكلام على الصحابة، أن ذلك ليس اقتناعا بابن تيمة ومنهجه السلفي بل لغرض آخر وهو تجريد أهل السنة من أحد أقوى أسلحتهم التي يلجمون بها أهل البدع وهي كتابات شيخ الإسلام الرائدة في تفنيد شبههم. فأراد الأستاذ الشنقيطي أن يبين لهم أنهم ليسوا على منهج شيخ الإسلام على الأقل في هذه القضية، وهي على كل حال دعوى أثبت هذا البحث أنها متهافتة وأن منهج شيخ الإسلام في الكلام عن الصحابة في وادي السنة وكلام الكاتب في وادي البدعة.
قال مقدم الكتاب ص 24:
" ورغم أن شيخ الإسلام رحمه الله وجزاه الله كل خير عن الاسلام وأهله أهل للتنويه والتقدير في أبواب كثيرة تفرد بالإبداع فيها، ومنها مسائل الاختلاف بين الأصحاب والأئمة، إلا أنه أخذ يداخلني بعض الحرج من شدة تكثيف التمركز حول تراثه، كأنه في كفة وبقية علماء الاسلام في كفة، وقد يرجحهم .. وهي مبالغة قد تكون مفيدة للغرض الذي ابتغاه الأستاذ الشنقيطي في تجريد الغلو والتشدد من أهم أسلحته التي يستطيل بها على الأمة: سلاح علم الرواية وتراث شيخ الإسلام ابن تيمية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/313)
فأن يجرد التشدد والتكفير والتفسير التآمري للتاريخ وشرعنة الاستبداد من هذين السلاحين، خدمة لاجتماع والاعتدال والوسطية الشورى الديمقراطية، فذلك فضل يحسب للأستاذ الشنقطي إذ هدي إليه .. "
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[10 - 02 - 05, 03:01 م]ـ
في هذا الوقفة أتناول ما ذكر الكاتب عن مدرسة التشيع السني.
وصف الكاتب أصحاب التشيع السني بأنهم:
" مذهب المغالين في الدفاع، المنفعلين بردة الفعل، المتأولين للصحابة ولغير الصحابة، بحق وبغير حق. وهذا الذي أدعوه " التشيع السني ". ويمثله ابن العربي وتلامذته المعاصرون ".
أقول ادعى ثم عجز أن يقيم البينة.
كتاب أبو بكر بن العربي كتاب جم الفائدة، مزيف لكثير من الهراء الذي افترته الرافضة على الصحابة، وبني أمية بالبرهان الناصع والحجة الدامغة، وهو كتاب يخرج مع كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية الذي احتفى به الكاتب من مشكاة واحدة، والكاتب لم يتعرض لفكرة الكتاب، وهذا جور في الحكم فكان ينبغي أن يبين فكرة الكتاب وهي دفع سهام التنقص عن الصحابة.
ولم نر في كتاب أبي بكر تأولا لأحد من الصحابة وغيرهم إلا ما أجمع عليه أهل السنة من التأول لأهل الجمل وصفين من الصحابة، وهو تأويل لم ينفرد به أبو بكر، بل يشاركه فيه جميع أهل العلم بمن فيهم شيخ الإسلام ابن تيمية الذي يمدح الكاتب منهج تناوله لقضية ما جرى بين الصحابة.
وأما القضيا الأخرى فهو قد أنكرها، وفرق كبير بين التأويل والإنكار، ولذلك لم يأت المؤلف بنص واحد لابن العربي تأول فيه لأحد ممن ذكر، وإنما أتى بإنكار لبعض القضايا التي يرى المؤلف أنه جانب الصواب في إنكارها.
فقال في ص 194:
" أنكر ابن العربي أن مروان ابن الحكم هوالذي قتل طلحة يوم الجمل .. "
نقول كان ما ذا لم يثبت عنده أنه قتله، وأما ما نقله المؤلف من تصحيح ابن حجر والذهبي للقصة فلا يلزم ابن العربي فهو يتكل بمبلغ علمه، فإن كان الأثر صحيحا فلم يبلغه من وجهه الصحيح، أو كان اطلع على ما وقفا عليه ولم يصح عنده وهو أيضا معذور، ومعروف لدى طلبة العلم أن مسألة التصحيح والتضعيف من موارد الاجتهاد فقد يصحح العالم سند ا ويضعفه الآخر، ولم ينفرد ابن العربي بإنكار قتل مروان لطلحة، فهذا ابن كثير المؤرخ الثقة، والمحدث الفحل، ينكرها أيضا. فقال ـ وهو يتحدث عن موت طلحة ـ:
"ويقال إن الذي رماه بهذا السهم مروان بن الحكم وقال لأبان بن عثمان قد كفيتك رجلا من قتلة عثمان وقد قيل إن الذي رماه غيره وهذا عندي أقرب وإن كان الأول مشهورا والله أعلم"
البداية والنهاية ج: 7 ص: 248
وإنكار أبو بكر لكلاب الحوأب ليس فيه تأول الأحد بحق ولا باطل، فهو خارج عن موضع النقاش.
ثم هو لم ينفرد بإنكاره، فقد أنكره إمام أهل الحديث في زمانه يحي بن سعيد القطان، وطعن به في راويه قيس ابن حازم.
قال الذهبي:
" قيس بن أبي حازم أبو عبد الله البجلي تابعي كبير فاتته الصحبة بليال سمع أبا بكر وعمر وعنه بيان بن بشر وإسماعيل بن أبي خالد وخلق وثقوه وقال بن المديني عن يحيى بن سعيد منكر الحديث ثم ذكر له حديث كلاب الحوأب مات 98 ع "
الكاشف ج 2 ص 138
أما ما ذكر من تضعيف أبو بكر بن العربي لقصة الولد بن عقبة مع بن المصطلق فالصواب فيها مع أبي بكر كما بينا في وقفة الأخطاء الحديثية.
وأما قوله في ص 199:
" لكن الشيخ الخطيب أغفل أمرين هنايقتضي البحث العلمي عدم إغفالهما .. "
وقد بينا في وقفة الأخطاء الحديثية أن المؤلف أغفل كلاما للترمذي على أحد طريقي الحديث كانت الأمانة العليمة تقتضي ذكره، وبذكره يزول الاعتراض على الشيخ الخطيب، وذلك أن الحديث إذا صح أحد طرقه جاز الاحتجاج به.
وأما اعتراضه على الشيخ الخطيب في قوله أن بيعة على بعد ستة أشهر هي البيعة الثانية فقد بينا أن هذا قول كثير من أهل العلم منهم ابن كثير والبيهقي وابن خزيمة، وابن حجر.
وأما اعتراضه حول تقيم ابن العربي لمروان بن الحكم.
والحق أن كل أهل العلم مع ابن العربي في ما قال عن مروان.
وقال شيخ الإسلام عن مراون:
"وليس مروان أولى بالفتنة والشر من محمد بن أبي بكر ولا هو أشهر بالعلم والدين منه بل أخرج أهل الصحاح عدة أحاديث عن مروان وله قول مع أهل الفتيا واختلف في صحبته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/314)
ومروان من أقران ابن الزبير فهو قد أدرك حياة النبي صلى الله عليه وسلم ويمكن أنه رآه عام فتح مكة أو عام حجة الوداع والذين قالوا لم ير النبي صلى الله عليه وسلم قالوا إن أباه كان بالطائف فمات النبي صلى الله عليه وسلم وأبوه بالطائف وهو مع أبيه ومن الناس من يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم نفى إباه إلى الطائف وكثير من أهل العلم ينكر ذلك ويقول إنه ذهب باختياره وإن نفيه ليس له إسناد وهذا إنما يكون بعد فتح مكة فقد كان أبوه بمكة مع سائر الطلقاء وكان هو قد قارب سن التمييز وأيضا فقد يكون أبوه حج مع الناس فرآه في حجة الوداع ولعله قدم إلى المدينة فلا يمكن الجزم بنفي رؤيته للنبي صلى الله عليه وسلم وأما أقرانه كالمسور بن مخرمة وعبد الله بن الزبير فهؤلاء كانوا بالمدينة وقد ثبت أنهم سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 245
قال الحافظ ابن حجر:
"مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي أبو عبد الملك وهو بن عم عثمان وكاتبه في خلافته يقال ولد بعد الهجرة بسنتين وقيل بأربع وقال بن شاهين مات النبي صلى الله عليه وسلم وهو بن ثمان سنين فيكون مولده بعد الهجرة بسنتين قال وسمعت بن داود يقول ولد عام أحد يعني سنة ثلاث وقال بن أبي داود وقد كان في الفتح مميزا وفي حجة الوداع ولكن لا يدرى أسمع من النبي صلى الله عليه وسلم شيئا أم لا وقال بن طاهر ولد هو والمسور بن مخرمة بعد الهجرة بسنتين لا خلاف في ذلك كذا قال وهو مردود والخلاف ثابت وقصة إسلام أبيه ثابتة في الفتح لو ثبت أنه في ذلك السنة مولده لكان حينئذ مميزا فيكون من شرط القسم الأول لكن لم أر من جزم بصحبته فكأنه لم يكن حينئذ مميزا ومن بعد الفتح أخرج أبوه إلى الطائف وهو معه فلم يثبت له أزيد من الرؤية وأرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عن غير واحد من الصحابة ".
الإصابة ج 6 /ص 257
والمؤلف قد أقر بأنه ثقة في الرواية وقد قدمنا أن كل من كان ثقة في الرواية فهو ثقة في الدين، فبطل تشغيبه على ابن العربي بتوثيقه لمروان.
وأما كونه فقيها ومعدودا في عداد أهل العلم، فهذا كتاب مالك الموطأ الذي جمع فيه علم أهل المدينة، قد ملأه بفقه مروان وفتاويه، فلا ضير على ابن عربي في عده بعد ذلك من الفقهاء.
وأما ادعاءه أنه لم ير من شرفه برؤية النبي صلى الله عليه وسلم إلا الواقدي فهذا ابن حجر يثبتها له كما مر، وكذا ابن تيبمية ويقول بأن من نفاها عنه ليس معه حجة يستراح لها.
وأما قول ابن العربي عن مراون أنه صحابي فقول مشهر عن بعض أهل العلم في مروان.
قال ابن كثير:
" وهو صحابي عند طائفة كثيرة؛ لأنه ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسم "
البداية والنهاية 8/ 259
فجميع المسائل التي ذكرها الكاتب ليس فيها تأويل من ابن العربي بحق ولا بباطل، وكلها خارجة عن صميم البحث الذي ادعاه.
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[13 - 02 - 05, 10:11 م]ـ
في هذه الوقفة سنتناول المصطلحات التي استخدمها الكاتب في التعبير عن أمور شرعية لنرى مدى التزامه بالمصطلحات الشرعية، التي يجب على الكاتب للمسلمين في أمور دينهم أن يلتزم بها كما قال شارح العقيد الطحاوية:
" التعبير عن الحق بالألفاظ الشرعية النبوية الإلهية، هو سبيل أهل السنة والجماعة"
70 ـ 71 ص
وهذا ما سنرى أن المؤلف لم يلتزم به في كتابة. المصطلح الأول 000
1
المبدأ والشخص.
لفظ المدأ ليس لفظا شرعيا، وإنما هو لفظ فلسفي كان الأولى بالمؤلف وهو يكتب لأهل الإسلام عن دينهم أن يلتزم مصطلحات الشرع، وهي عدم التقدم بين يدي الله ورسوله، والرد عند التنازع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتقديمهما على رأي كل من خالفهم في اجتهاد من أهل العلم كائنا من كان، وهذا هو منهج أهل العلم قديما وحديثا.
وقد صاغ ذلك الإمام مالك رحمه الله في قاعدته الموفقة: " ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر "
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/315)
"وليس لأحد أن يتبع زلات العلماء، كما ليس له أن يتكلم في أهل العلم والإيمان إلا بما هم له أهل؛ فإن الله تعالى عفا للمؤمنين عما أخطؤوا كما قال تعالى: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) قال الله:قد فعلت. وأمرنا أن نتبع ما أنزل إلينا من ربنا ولا نتبع من دونه أولياء، وأمرنا أن لا نطيع مخلوقا في معصية الخالق، ونستغفر لإخواننا الذي سبقونا بالإيمان. فنقول: (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذي سبقونا بالإيمان) الآية.وهذا أمر واجب على المسلمين في كل ما كان يشبه هذا من الأمور. ونعظم أمره تعالى بالطاعة لله ورسوله؛ ونرعى حقوق المسلمين؛ لا سيما أهل العلم منهم، كما أمر الله ورسوله. ومن عدل عن هذه الطريق فقد عدل عن اتباع الحجة إلى اتباع الهوى في التقليد، وآذى المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا: فهو من الظالمين. ومن عظم حرمات الله وأحسن إلى عباد الله كان من أولياء الله المتقين.والله سبحانه أعلم"
(مجموع الفتاوى ج: 32 ص: 239)
2 التاريخ والوحي.
لم أفهم إطلاقا هذه الفقرة من الكتاب ولا ما أراد الكاتب منها، فهو لم يشرح فكرته ولم يبينها، وإنما قال كلاما إنشائيا فلسفيا زاد المسألة تعقيدا، وقربها من ألا معقول من المعقول.
فإن كان المقصود بالتاريخ ما سنه الخلفاء الراشدون من سياسة الحكم، و فهم السلف الصالح للنص وتطبي-قهم له فهذا بلاشك من الدين ومن اتباع سبيل المؤمنين، فقد زكى الله فهمهم للنص وعملهم به في نصوص كثيرة، تراجع في كلام أهل العلم في كتب العقائد، وكتب الأصول عند كلامهم على الإجماع.
وإن أراد أن أهل العلم جعلوا التاريخ من مصادر الإسلام أو قدموه على النص فهذا كلام بلغ من وضوح البطلان حدا يكتفى بنقله عن رده.
3 الردة السياسية.
هذا المصطلح مصطلح جديد، جاء به الكاتب من كيسه، وغير به مصطلحا شرعيا نصيا ورد في السنة، وتداوله أهل العلم جيلا بعد جيل، وهو مصطلح أئمة الجور والفسق، ولهم أحكام مشهورة في كتب الفقه والعقائد.
كما أن حكام الردة لهم أحكام أخرى، وهذ المصطلح يؤدي إلى لبس في القضية.
وما ادعاه الكاتب من خطورة الردة السياسية وهي " جور الحكام " وأنها لا تقل خطرا عن الردة العقدية، يرده أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم المبينة لخطورة الردة العقدية، فحكمت بحل دماء أهلها، ونهت عن مقاتلة أئمة الجور وأوصت بالصبر على جوره، وإنكار ما أتوا منه ومن غيره من المعاصي.
وللوقوف على فقه المسألة ينظر كتاب " الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة " للشيخ الدميجي. ص 490 ـ 548
4
المثلية والمثال
وهذا لشك مصطلح فلسفي لم يطلبه الله من العباد وإنما طلب منهم التقوى وبين حدود المطلوب منه وهو ما كان في مقدور البشر فقال: " فاتقوا الله ما استطعتم " وطلب منهم إذا زل أحدهم أن يبادر إلى التوبة. فقال تعالى: " وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات "
وهذا ما وصى به الرسول صلى الله عليه وسلم معاذا حين أرسله إلى اليمن فقال: " اتق الله حيث ما كنت وأتبع السيئة الحسنة "
المقصد الأساسي للكاتب من الكتاب هو نقد عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة وهذا هو أخطر ما في الكتاب، ولعل متعجلا يقول أن هذا فهما فهمناه نحن لم يخطر على بال المؤلف، نقول له على رسلك هذا ما صرح به أحد قراء لكتاب في عرضه له في موقع الجزيرة نت.
فقال:
"على أن أطرف ما في الكتاب – وربما أصعبه تحقيقا أيضا- أنه ينسف القراءة السلفية لفتن القرن الأول الهجري، لكن بأسلوب وحِجاج سلفي!! فقد التزم المؤلف بمنهج كلاسيكي صارم، جعله يغترف أغلب مادة كتابه من كتب ابن تيمية، ويلتزم التزاما صارما بمنهج أهل الحديث في قبول الروايات التاريخية، لكنه توصل في ذات الوقت إلى نتائج هي أبعد ما تكون عن النتائج الراسخة لدى أتباع ابن تيمية من السلفيين المعاصرين، ولدى أساتذة وطلاب كليات الحديث في الجامعات الإسلامية اليوم. وهنا تكمن "حكمة" المؤلف، كما دعاها الأستاذ الغنوشي في ختام تقديمه للكتاب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/316)
لعل كتاب "الخلافات السياسية بين الصحابة" يهز الرؤية السلفية لتاريخ صدر الإسلام، ويدفع السلفيين إلى مراجعة منطلقاتهم النظرية في وقت تواترت فيه الدعوة إلى ذلك، وتكاتف الضغط لتحقيقه، من جهات شتى وبدوافع شتى. وبقدر ما سيصدم الكتاب بعض الرؤى السلفية، فإنه يقدم لها خدمة جليلة وهو يفتح لها أبوابا لمراجعة ذاتها من داخل تراثها الخاص، قبل أن يتم إلزامها بذلك بقوة القانون أو قوة الحراب".
وقد بينا في وقفاتنا السابقة أن لمؤلف أبعد الناس عن منهج أهل الحديث وأجهلهم به، وكذلك بينا أن ادعاءه الإلتزام بمنهج ابن تيمية كلام ينقضه واقع كلام ابن تيمية.
في الكتاب مساوئ منهجية كثيرة تقد م بعضها في بيان ما فيه من الأخطاء العلمية.
وفيه مع ذلك لاستخفاف بأهل العلم ووصف كل من خالف منهم المؤلف في رأيه أنه يجانب منهج العلم والعدل، ولعل قاعدة الخلط بين الوقائع والمشاعر، يتضح فيها ذلك بجلاء.
ومن أخطائه المنهجية، كتابته بلغة صحفية بعيدة عن لغة العلم والتعقل، بل بلغة تخاطب العاطفة بمسلمات، كثير منها خاطئ، بأسلوب منفعل.
ومن أخطائه المنهجية، عدم استيفائه حجج من يناقش، ويظهرهم كأنهم ناس يتكلمون بالهوى والجهل والظلم.
ومن أخطائه المنهجية الادعاء العريض دون أدنى بينة، وهذا واضح في كتابه، إن لم نقل جل كتابه من هذا القبيل.
وما أشبه الكتاب وصاحبه بالذين يقول فيهم فقيد اللغة والأدب أبو فهر محمود شاكر رحمه الله:
" يوشك تاريخ الإسلام أن يصبح لهوا على الأسنة، ولغوا في الصحف، ومرتعا للظن المتسرع دون اليقين المتثبت، وهدفا لكل متقحم على الحق بمثل جراءة الباطل، ومخاضة يخوض فيها كل من ملك لسانا ينطق، أو عقلا يفكر، أو قلما يخط. وإنما ابتلي زماننا بهذا لأسباب كثيرة، أولها: أن العصر الذي نعيش فيه يعجل الناس عن تحقيق معنى الدين نفسه في حقيقة قلوبهم. وآخرها: أن المسلمين في زماننا بلغوا من العجز والقلة والهوان على أنفسهم مبلغا مهّد لشياطين الإنس والجن مسالك كثيرة إلى مقر الغرور في بعض الأفئدة، فسول لأصحابها فيما يسول أن فهموا الإسلام " فهما جديدا " فكان لهذه الكلمة سحرها حين مست مكان الغرور والكبرياء من نفوسهم، واحتملهم هذا الغرور على أن يسيئوا الظن بما يفهمون من ماضيهم، جله أو كله، وخيل لهم سوء الظن أن ذلك هو طريق الحق لإحياء دين الله في نفوسهم وإقامة شريعته في أرضه. بمجرد النظرة الخاطفة المتعسفة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي تاريخ أسلافهم من المسلمين.
ولا أظن أنني أخطئ شيئا في التقدير إذا زعمت أن هذه النابتة، لم يبتل الإسلام بمثلها قط، على كثرة ما انتابه من النوابت المتتابعة على مدى عصوره كلها؛ في حال بسه وسطوته، وفي حال ضعفه وفترته. وهي عندي أخطر النوابت جميعا وأخوفها على دين الله ..
مجلة المسلمون العدد الأول 1371 هـ ص 43
هذا بعض الملا حظات التي كتبتها على هذا الكتاب بعجل، وفيه كثر من الملا حظات الأخرى التي لم يسعف الوقت لتبيينها.
وفي الحلقة القادمة سنبين الأسس التي يجب على كل من يكتب عن الصحابة أن يلتزم ها.
ولايخرج عنها فإن خرج عنها ولا بد أن يخطئ.
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[13 - 02 - 05, 10:27 م]ـ
في هذه الوقفة سنتناول المصطلحات التي استخدمها الكاتب في التعبير عن أمور شرعية لنرى مدى التزامه بالمصطلحات الشرعية، التي يجب على الكاتب للمسلمين في أمور دينهم أن يلتزم بها كما قال شارح العقيد الطحاوية:
" التعبير عن الحق بالألفاظ الشرعية النبوية الإلهية، هو سبيل أهل السنة والجماعة"
70 ـ 71 ص
وهذا ما سنرى أن المؤلف لم يلتزم به في كتابة. المصطلح الأول 000
1
المبدأ والشخص.
لفظ المدأ ليس لفظا شرعيا، وإنما هو لفظ فلسفي كان الأولى بالمؤلف وهو يكتب لأهل الإسلام عن دينهم أن يلتزم مصطلحات الشرع، وهي عدم التقدم بين يدي الله ورسوله، والرد عند التنازع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتقديمهما على رأي كل من خالفهما في اجتهاد من أهل العلم كائنا من كان، وهذا هو منهج أهل العلم قديما وحديثا.
وقد صاغ ذلك الإمام مالك رحمه الله في قاعدته الموفقة: " ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر "
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/317)
"وليس لأحد أن يتبع زلات العلماء، كما ليس له أن يتكلم في أهل العلم والإيمان إلا بما هم له أهل؛ فإن الله تعالى عفا للمؤمنين عما أخطؤوا كما قال تعالى: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) قال الله:قد فعلت. وأمرنا أن نتبع ما أنزل إلينا من ربنا ولا نتبع من دونه أولياء، وأمرنا أن لا نطيع مخلوقا في معصية الخالق، ونستغفر لإخواننا الذي سبقونا بالإيمان. فنقول: (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذي سبقونا بالإيمان) الآية.وهذا أمر واجب على المسلمين في كل ما كان يشبه هذا من الأمور. ونعظم أمره تعالى بالطاعة لله ورسوله؛ ونرعى حقوق المسلمين؛ لا سيما أهل العلم منهم، كما أمر الله ورسوله. ومن عدل عن هذه الطريق فقد عدل عن اتباع الحجة إلى اتباع الهوى في التقليد، وآذى المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا: فهو من الظالمين. ومن عظم حرمات الله وأحسن إلى عباد الله كان من أولياء الله المتقين.والله سبحانه أعلم"
(مجموع الفتاوى ج: 32 ص: 239)
2 التاريخ والوحي.
لم أفهم إطلاقا هذه الفقرة من الكتاب ولا ما أراد الكاتب منها، فهو لم يشرح فكرته ولم يبينها، وإنما قال كلاما إنشائيا فلسفيا زاد المسألة تعقيدا، وقربها من ألا معقول من المعقول.
فإن كان المقصود بالتاريخ ما سنه الخلفاء الراشدون من سياسة الحكم، و فهم السلف الصالح للنص وتطبيقهم له فهذا بلاشك من الدين ومن اتباع سبيل المؤمنين، فقد زكى الله فهمهم للنص وعملهم به في نصوص كثيرة، تراجع في كلام أهل العلم في كتب العقائد، وكتب الأصول عند كلامهم على الإجماع.
وإن أراد أن أهل العلم جعلوا التاريخ من مصادر الإسلام أو قدموه على النص فهذا كلام بلغ من وضوح البطلان حدا يكتفى بنقله عن رده.
3 الردة السياسية.
هذا المصطلح مصطلح جديد، جاء به الكاتب من كيسه، وغير به مصطلحا شرعيا نصيا ورد في السنة، وتداوله أهل العلم جيلا بعد جيل، وهو مصطلح أئمة الجور والفسق، ولهم أحكام مشهورة في كتب الفقه والعقائد.
كما أن حكام الردة لهم أحكام أخرى، وهذ المصطلح يؤدي إلى لبس في القضية.
وما ادعاه الكاتب من خطورة الردة السياسية وهي " جور الحكام " وأنها لا تقل خطرا عن الردة العقدية، يرده أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم المبينة لخطورة الردة العقدية، فحكمت بحل دماء أهلها، ونهت عن مقاتلة أئمة الجور وأوصت بالصبر على جوره، وإنكار ما أتوا منه ومن غيره من المعاصي.
وللوقوف على فقه المسألة ينظر كتاب " الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة " للشيخ الدميجي. ص 490 ـ 548
4
المثلية والمثال
وهذا لشك مصطلح فلسفي لم يطلبه الله من العباد وإنما طلب منهم التقوى وبين حدود المطلوب منه وهو ما كان في مقدور البشر فقال: " فاتقوا الله ما استطعتم " وطلب منهم إذا زل أحدهم أن يبادر إلى التوبة. فقال تعالى: " وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات "
وهذا ما وصى به الرسول صلى الله عليه وسلم معاذا حين أرسله إلى اليمن فقال: " اتق الله حيث ما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها "
المقصد الأساسي للكاتب من الكتاب هو نقد عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة وهذا هو أخطر ما في الكتاب، ولعل متعجلا يقول إن هذا فهما فهمناه نحن لم يخطر على بال المؤلف، نقول له على رسلك هذا ما صرح به أحد قراء لكتاب في عرضه له في موقع الجزيرة نت.
فقال:
"على أن أطرف ما في الكتاب – وربما أصعبه تحقيقا أيضا- أنه ينسف القراءة السلفية لفتن القرن الأول الهجري، لكن بأسلوب وحِجاج سلفي!! فقد التزم المؤلف بمنهج كلاسيكي صارم، جعله يغترف أغلب مادة كتابه من كتب ابن تيمية، ويلتزم التزاما صارما بمنهج أهل الحديث في قبول الروايات التاريخية، لكنه توصل في ذات الوقت إلى نتائج هي أبعد ما تكون عن النتائج الراسخة لدى أتباع ابن تيمية من السلفيين المعاصرين، ولدى أساتذة وطلاب كليات الحديث في الجامعات الإسلامية اليوم. وهنا تكمن "حكمة" المؤلف، كما دعاها الأستاذ الغنوشي في ختام تقديمه للكتاب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/318)
لعل كتاب "الخلافات السياسية بين الصحابة" يهز الرؤية السلفية لتاريخ صدر الإسلام، ويدفع السلفيين إلى مراجعة منطلقاتهم النظرية في وقت تواترت فيه الدعوة إلى ذلك، وتكاتف الضغط لتحقيقه، من جهات شتى وبدوافع شتى. وبقدر ما سيصدم الكتاب بعض الرؤى السلفية، فإنه يقدم لها خدمة جليلة وهو يفتح لها أبوابا لمراجعة ذاتها من داخل تراثها الخاص، قبل أن يتم إلزامها بذلك بقوة القانون أو قوة الحراب".
وقد بينا في وقفاتنا السابقة أن لمؤلف أبعد الناس عن منهج أهل الحديث وأجهلهم به وكل الأحكام هو مقلد فيها الم يدرس أي إسناد ربما قلد من ليس بأهل لأن يقلد كمحقيقي الكتب وأمثلة مذكرت لك واضح في الطبعة الثانية للكتاب التي أبان الكاتب فيها مصادره، وكذلك بينا أن ادعاءه الإلتزام بمنهج ابن تيمية كلام ينقضه واقع كلام ابن تيمية.
في الكتاب مساوئ منهجية كثيرة تقد م بعضها في بيان ما فيه من الأخطاء العلمية.
وفيه مع ذلك لاستخفاف بأهل العلم ووصف كل من خالف منهم المؤلف في رأيه أنه يجانب منهج العلم والعدل، ولعل قاعدة الخلط بين الوقائع والمشاعر، يتضح فيها ذلك بجلاء.
ومن أخطائه المنهجية، كتابته بلغة صحفية بعيدة عن لغة العلم والتعقل، بل بلغة تخاطب العاطفة بمسلمات، كثير منها خاطئ، بأسلوب منفعل.
ومن أخطائه المنهجية، عدم استيفائه حجج من يناقش، ويظهرهم كأنهم ناس يتكلمون بالهوى والجهل والظلم.
ومن أخطائه المنهجية الادعاء العريض دون أدنى بينة، وهذا واضح في كتابه، إن لم نقل جل كتابه من هذا القبيل.
وما أشبه الكتاب وصاحبه بالذين يقول فيهم فقيد اللغة والأدب أبو فهر محمود شاكر رحمه الله:
" يوشك تاريخ الإسلام أن يصبح لهوا على الأسنة، ولغوا في الصحف، ومرتعا للظن المتسرع دون اليقين المتثبت، وهدفا لكل متقحم على الحق بمثل جراءة الباطل، ومخاضة يخوض فيها كل من ملك لسانا ينطق، أو عقلا يفكر، أو قلما يخط. وإنما ابتلي زماننا بهذا لأسباب كثيرة، أولها: أن العصر الذي نعيش فيه يعجل الناس عن تحقيق معنى الدين نفسه في حقيقة قلوبهم. وآخرها: أن المسلمين في زماننا بلغوا من العجز والقلة والهوان على أنفسهم مبلغا مهّد لشياطين الإنس والجن مسالك كثيرة إلى مقر الغرور في بعض الأفئدة، فسول لأصحابها فيما يسول أن فهموا الإسلام " فهما جديدا " فكان لهذه الكلمة سحرها حين مست مكان الغرور والكبرياء من نفوسهم، واحتملهم هذا الغرور على أن يسيئوا الظن بما يفهمون من ماضيهم، جله أو كله، وخيل لهم سوء الظن أن ذلك هو طريق الحق لإحياء دين الله في نفوسهم وإقامة شريعته في أرضه. بمجرد النظرة الخاطفة المتعسفة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي تاريخ أسلافهم من المسلمين.
ولا أظن أنني أخطئ شيئا في التقدير إذا زعمت أن هذه النابتة، لم يبتل الإسلام بمثلها قط، على كثرة ما انتابه من النوابت المتتابعة على مدى عصوره كلها؛ في حال بسه وسطوته، وفي حال ضعفه وفترته. وهي عندي أخطر النوابت جميعا وأخوفها على دين الله ..
مجلة المسلمون العدد الأول 1371 هـ ص 43
هذا بعض الملا حظات التي كتبتها على هذا الكتاب بعجل، وفيه كثر من الملا حظات الأخرى التي لم يسعف الوقت لتبيينها.
وفي الحلقة القادمة سنبين الأسس التي يجب على كل من يكتب عن الصحابة أن يلتزم ها.
ولايخرج عنها فإن خرج عنها ولا بد أن يخطئ.
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[14 - 02 - 05, 06:34 ص]ـ
أثابكم الله يا شيخ عبدالله على هذا الجهد المبارك الذي سددتم به مكانًا مهمًا يليق بأمثالكم ..
وحال فراغكم من الرسالة سوف ننشرها بإذن الله على ملف وورد في (صيد الفوائد) إن شاء الله؛ لتعم فائدتها.
فلعلك ترسلها كاملة بعد الفراغ منها كحلقات على بريدي.
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[15 - 02 - 05, 03:45 ص]ـ
في هذه الحلقة الأخيرة من حلقات الوقفات العلمية مع كتاب الخلافات السياسية بين الصحابة نتناول الأسس التي يجب على الكاتب عن حياة الصحابة أن يراعيها أثناء كتابته عنهم وهي ثلاثة أسس رئيسية الأولى منها عدالة الصحابة وأنهم جميعا من أهل الجنة، الثانية وهي مبنية على الأخرى وهي حسن الظن بهم، الثالثة لابتعاد عن المصادر المعادية أو من تأثر بها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/319)
أولا عدالة الصحابة العدالة الدينة وأنهم جميعا من أهل الجنة دلت عليه نصوص كثيرة من الكتاب والسنة وأجمع على ذلك أهل العلم وذكروه في جمل قطعيات الدين التي يجب على المسلم أن يعتقدها.
فمن الآيات الدالة على ذلك.
{محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم رُكعاً سُجدا يبتغون فضلاً من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مَثَلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سُوقه يُعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً} (سورة الفتح: 29).
وجه الدلالة من الآية على عدالة الصحابة العدالة الدينة، أن الله تعالى أخبر أن كل الصحابة الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم متصفون بكل الأوصاف التي يحبها الله من بغض أعدائه وجهادهم وحب أوليائه وموالاتهم، وعبادته سبحانه وتعالى ابتغاء مرضاته، لا رياء ولا سمعة.
قال البغوي رحمه الله:
أشداء على الكفار غلاظ عليهم كالأسد على فريسته لا تأخذهم فيهم رأفة رحماء بينهم متعاطفون متوادون بعضهم لبعض كالولد مع الوالد كما قال أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين تراهم ركعا سجدا أخبر عن كثرة صلاتهم ومداومتهم عليها يبتغون فضلا من الله أن يدخلهم الجنة ورضوانا أن يرضى عنهم سيماهم أي علامتهم في وجوههم من أثر السجود.
تفسير البغوي ج4/ص206
قال القرطبي رحمه الله:
وهذا مثل ضربه الله تعالى لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعني أنهم يكونون قليلا ثم يزدادون ويكثرون وهوصلى الله عليه وسلم حين بدأ بالدعاء إلى دينه ضعيفا فأجابه الواحد بعد الواحد حتى قوي أمره كالزرع يبدو بعد البذر ضعيفا فيقوى حالا بعد حال حتى يغلظ نباته وأفراخه فكان هذا من أصح مثل وأقوى بيان وقال قتادة مثل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في الإنجيل مكتوب أنه سيخرج من قوم ينبتون نبات الزرع يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فآزره أي قواه وأعانه وشده أي قوى الشطء الزرع وقيل بالعكس أي قوى الزرع الشطء وقراءة العامة آزره بالمد وقرأ بن ذكوانوأبو حيوة وحميد بن قيس فآزره مقصورة مثل فعله والمعروف المد
قال امرؤ القيس:
بمحنية قد آزر الضال نبتها**** مجر جيوش غانمين وخيب
فاستوى على سوقه على عوده الذي يقوم عليه فيكون ساقا له والسوق جمع الساق يعجب الزراع أي يعجب هذا الزرع زراعه وهو مثل كما بينا فالزرع محمد صلى الله عليه وسلم والشطء أصحابه كانوا قليلا فكثروا وضعفاء فقووا قاله الضحاك وغيره ليغيظ بهم الكفار اللام متعلقة بمحذوف أي فعل الله هذا لمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ليغيظ بهم الكفار الرابعة قوله تعالى وعد الله الذين آمنوا أي وعد الله هؤلاء الذين مع محمد وهم المؤمنون الذين أعمالهم صالحة مغفرة وأجرا عظيما أي ثوابا لا ينقطع وهو الجنة وليست من في قوله منهم مبعضة لقوم من الصحابة دون قوم ولكنها عامة.
تفسير القرطبي ج:16 ص:295
قال ابن كثير رحمه الله:
يخبر تعالى عن محمد صلى الله عليه وسلم أنه رسوله حقا بلا شك ولا ريب فقال محمد رسول الله وهذا مبتدأ وخبر وهو مشتمل على وصف كل جميل ثم ثنى بالثناء على أصحابه رضي الله عنهم فقال والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم كما قال عز وجل فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين وهذه صفة المؤمنين أن يكون أحدهم شديدا عنيفا على الكفار رحيما برا بالأخيار غضوبا عبوسا في وجه الكافر ضحوكا بشوشا في وجه أخيه المؤمن كما قال تعالى يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة.
تفسير ابن كثير ج: 4 ص: 204
قال الشيخ السعدي رحمه الله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/320)
يخبر تعالى عن نبيه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين معه من أصحابه من المهاجرين والأنصار أنهما بأكمل الصفات وأجل الأحوال وأنهم أشداء على الكفار أي جادون ومجتهدون في نصرتهه وساعون في ذلك بغاية جهدهم فلم ير الكفار منهم إلا الغلظة والشدة فلذلك ذل أعداؤهم لهم وانكسروا وقهرهم المسلمون رحماء بينهم أي متحابون متراحمون متعاطفون كالجسد الواحد يحب أحدهم لأخيه ما يحب لنفسه هذه معاملتهم مع الخلق وأما معاملتهم مع الخالق فإنك تراهم ركعا سجدا أي وصفهم كثرة الصلاة التي أجل أركانها الركوع والسجود يبتغون بتلك العبادة فضلا من الله ورضوانا أي هذا مقصودهم بلوغ رضا ربهم والوصول إلى ثوابه سيماهم في وجوههم من أثر السجود أي قد أثرت العبادة ـ من كثرتها وحسنها ـ في وجوههم حتى استنارت لما استنارت بالصلاة بواطنهم واستنارت بالجلال ظواهر هم ذلك المذكور مثلهم في التوراة أي هذا وصفهم الذي وصفهم الله به مذكور بالتوراة هكذا ومثلهم في الإنجيل بوصف آخر وأنه موفي كمالهم وتعاونهم كزرع أخرج شطأه فآزره أي أخرج أفرخه فوازرته فراخه في الثبات والاستواء فاستغلظ ذلك الزرع أي قوي وغلظ فاستوى أي قوي واستقام على سوقه جمع ساق أي أصوله والمراد أنه قوي وقام على قضبانه يعجب الزراع من كماله واستوائه وحسنه واعتداله كذلك الصحابة رضي الله عنهم هم كالزرع في نفعهم للخلق واحتياج الناس إليهم فقوة إيمانهم وأعمالهم بمنزلة قوة عروق الزرع وسوقه وكون الصغير والمتأخر إسلامه قد لحق الكبير السابق ووازره وعاونه على ما هو عليه من إقامة دين الله والدعوة إليه كالزرع الذي أخرج شطأه فآزره فاستغلظ ولهذا قال ليغيظ بهم الكفار حين يرون اجتماعهم وشدتهم على أعداء دينهم وحين يتصادمون معهم في معارك النزال ومعامع القتال وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما فالصحابة رضي الله عنهم الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح قد جمع الله لهم بين المغفرة التي من لوازمها وقاية شرور الدنيا والآخرة والأجر العظيم في الدنيا والآخرة
تفسير السعدي ج:1 ص:795
ولهذه الأوصاف الشريفة التي وصف الله بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل؛ كان أهل الكتاب الذين عندهم أثارة من علم الأنبياء إذا رأوا أحدا من أصحاب النيبي صلى الله عليه وسلم = يعظمونه ويعترفون أنهم أفضل من كل أصحاب الأنبياء المتقدمين.
قال ابن كثير رحمه الله
"الصحابة رضي الله عنهم خلصت نياتهم وحسنت أعمالهم فكل من نظر إليهم أعجبوه في سمتهم وهديهم.ثم ذكر عن مالك ابن أنس رحمه الله أنه قال: ((بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة -رضي الله عنهم- الذين فتحوا الشام، يقولون: والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا. وصدقوا في ذلك؛ فان هذه الأمة معظمة في الكتب المتقدمة، وأعظهما وأفضلها أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد نوه الله تبارك وتعالى بذكرهم في الكتب المنزلة والأخبار المتداولة؛ ولهذا قال سبحانه وتعالى هنا: {ذلك مثلهم في التوراة}. ثم قال: {ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه} أي فراخه. {فآزره} أي: شده {فاستغلظ} أي: شب وطال. {فاستوى على سوقه يعجب الزراع} أي فكذلك أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آزروه وأيدوه ونصروه، فهو معهم كالشطء مع الزراع ليغيظ بهم الكفار))
تفسير ابن كثير: 4/ 204
الآية الثانية قوله تعالى:
{لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى} (سورة الحديد: 11).
وجه الدلالة أن الله أخبر في هذه الآية الكريمة أن جميع الصحابة من أسلم قبل الفتح أو بعده قد قاموا بتقديم أعز ما يملكون لهذا الدين وهو المال والنفس فأنفقوا أموالهم في سبيل نصرته وقدموا أنفسهم من أجل عزته وبهذا استحقوا جميعا كرامة الله لأوليائه وهي الجنة.
قال الزمخشري:
وكلا وكل واحد من الفريقين وعد الله الحسنى أي المثوبة الحسن وهي الجنة مع تفاوت الدرجات
الكشاف - الزمخشري ج4/ص473
قال الشيخ السعدي:
أي الذين أسلموا وقاتلوا وأنفقوا من قبل الفتح وبعده كلهم وعده الله الجنة وهذا يدل على فضل الصحابة كلهم رضي الله عنهم حيث شهد الله لهم بالإيمان ووعدهم الجنة
تفسير السعدي ج1/ص839
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/321)
d â دن! # tچs)àےù= د9 tûï جچة f»yg كJّ9$# tûï د%©! $# (#qم_جچ÷ zé& ` د B ِNدdجچ» tƒ دٹ َOخgد9؛ uq ّ Br&ur tbq نَ tG ِ6 tƒ Wxô ز sù z` د iB «!$# $ZR؛uqô تح‘ ur tbrçژ فا Ztƒur ©!$# ے¼ م& s!q ك™ u‘ur 4 ڑپ ح´¯» s9'ré& م Nèd tbqè% د‰» ¢ء9$# ارب tûï د%©! $# ur râ ن qt7s? u‘#O$!$# z`»yJƒM}$#ur ` د B ِ/إ‰د=ِ7 s% tbq™7 دtن† ô`tB tچy_$yd ِNحkِژ s9 خ) ں wur tbr ك‰إ gs† ’ خ û ِNدdح‘rك‰ك¹ Zpy_%tn !$£J د iB (#qè?ré& ڑcr مچد O÷s مƒ ur #’n?t م ِNحkإ¦ àےRr& ِ qs9ur tb%x. ِNحkح5 × p|¹$| ء yz 4 `tBur s-q مƒ £xن© ¾دmإ، ّے tR ڑپ ح´¯» s9'ré'sù م Nèd ڑcq كsخ=ّےكJّ9$# ازب ڑْïد%©! $# ur râ ن! % y` .` د B ِNدdد‰÷ èt/ ڑcq ن9 qà)tƒ $uZ/u‘ ِچدےّ î$# $oYs9 $oY د R؛uq÷z\}ur ڑ ْïد%©! $# $ tRqà)t7y™ ا`» yJƒM}$$ خ/ ں wur ِ@ yè ّ grB ’ خ û $uZ خ/ qè=è% yx د î tûï د%©#د j9 (#q م ZtB#u ن! $ oY/u‘ y7¨R خ) ش$ râ ن u‘ îL ىد m‘ اتةب ل
(الحشر 008 - 010)
هذه الآية بينت فضل الصحابة وأنهم آثر الله ورضاه ونصرة دينه على كل شيء فليس للمؤمن الصادق الإيمان أن يقول فيهم إلا ما أمره الله به ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا.
أخرج الحاكم وصححه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال: "الناس على ثلاث منازل، فمضت منزلتان، وبقيت واحدة، فأحسن ما أنتم عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت. قال: ثم قرأ: {للفقراء المهاجرين} إلى قوله: {رضوانا} فهؤلاء المهاجرون. وهذه منزلة قد مضت {والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم} إلى قوله: {ولو كان بهم خصاصة}. قال: هؤلاء الأنصار. وهذه منزلة قد مضت. ثم قرأ: {والذين جاءوا من بعدهم} إلى قوله: {ربنا إنك رءوف رحيم} قد مضت هاتان وبقيت هذه المنزلة، فأحسن ما أنتم كائنون عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت. يقول: أن تستغفروا لهم" رواه الحاكم 2/ 3484 وصححه ووافقه الذهبي).
قال ابن كثير رحمه الله:
"ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا أي بغضا وحسدا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم وما أحسن ما استنبط الإمام مالك رحمه الله من هذه الآية الكريمة أن الرافضي الذي يسب الصحابة ليس له في مال الفيء نصيب لعدم اتصافه بما مدح الله به هؤلاء في قولهم ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم"
(تفسير ابن كثير 4/ 340)
قال ابن أبي العز في شرح العقيد الطحاوية ـ بعد سياق بعض الآيات الدالة على فضل الصحابة ـ:
وهذه الآيات تتضمن الثناء على المهاجرين والأنصار وعلى الذين جاءوا من بعدهم يستغفرون لهم ويسألون الله أن لا يجعل في قلوبهم غلا لهم وتتضمن أن هؤلاء هم المستحقون للفيء فمن كان في قلبه غل للذين آمنوا ولم يستغفر لهم لا يستحق في الفيء نصيبا
شرح العقيدة الطحاوية ج: 1 ص: 528
هذا غيض من فيض مما تضمنه القران من تعديل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والثناء عليهم.
ورحم الله الشيخ الإمام حافظ حكمي إذ يقول:
فكلهم في محكم القرآن ... أثنى عليهم خالق الأكوان
في مواضع من كتابه كالفتح أي سورة الفتح من أولها إلى آخرها و سورة الحديد كقوله تعالى فيها فآمنوا بالله ورسوله وأن
فقوا مما جعلكم مستخلفين فيه إلى قوله وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقتلوا وكلا وعد الله الحسنى الحديد 10 الآيات و سورة القتال كقوله تعالى والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم محمد 3 الآيات و سورة الحشر إلى آخرها وقد رتب تعالى فيها الصحابة على منازلهم وتفاضلهم ثم أر دفهم بذكر التابعين فقال تعالى للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/322)
للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم الحشر 8 10 أخرج الله بهده الآية وغيرها شاتم الصحابة من جميع الفرق الذين في قلوبهم غل لهم إلى يوم القيامة ولهذا منعهم كثير من الأئمة الفيء وحرموه عليهم في سورة التوبة و سورة الأنفال بكمالها تارة في الثناء عليهم وتارة في تحذيرهم من عدوهم ووصف المشركين والمنافقين بأنواع هم وسماهم ليحذروهم وتارة في حثهم على الطاعة والجماعة والجهاد في سبيل الله والإثخان في الكفار والثبات لهم عند لقائهم إياهم وعدم فرارهم منهم ووعده تعالى إياهم بالنصر على عدوهم وتارة بتذكيرهم بنعم الله عليهم وامتن عليهم أنه هداهم للإسلام وجنبهم السبل المضلة وألف بين قلوبهم وآواهم وأيدهم بنصرة بعد إذ كانوا مستضعفين أذلة وتارة يخبرهم ويهيجهم ويشوقهم بما أعد لهم في الدار الآخرة على قيامهم بطاعته تعالى وطاعة رسوله وجهادهم بأموالهم في سبيله وله الحمد والمنة وغير ذلك من سور القرآن وآياته كذلك في التوراة الكتاب المنزل على موسى عليه السلام و الإنجيل الكتاب المنزل على عيسى عليه السلام صفاتهم التي جعلهم الله عليها معلومة التفصيل كما أخبر الله تعالى عن ذلك بقوله عز وجل محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة الفتح 29 هنا تم الكلام ثم قال تعالى ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما الفتح 29 وتقدم قول الأسقف لعمر ووصفه الخلفاء رضي الله عنهم وغير ذلك وذكرهم بالمناقب الجمة والفضائل الكثيرة في سنة المختار محمد صلى الله عليه وسلم عموما وخصوصا من الأحاديث الصحاح والحسان.
معارج القبول (3/ 1204)
و الأدلة على عدالة الصحابة من السنة كثيرة نذكر منها بعضا على سبيل الاختصار تبعا للمنهجية للتي اخترتها في هذا البحث.
قال البخاري في صحيحه:
بسم الله الرحمن الرحيم كتاب فضائل الصحابة
باب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم ومن صحب النبي صلى الله عليه سلم أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه
[3449] عن عمرو قال سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول حدثنا أبو سعيد الخدري قال: قال:سول الله صلى الله عليه وسلم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقولون فيكم من صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال هل فيكم من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم.
صحيح البخاري (3/ 1335)
وجه الدلالة من الحديث على عدالة الصحابة أنهم بلغوا من القرب من الله بأعمالهم الصالحة درجة صار الله ينزل بسبهم النصر على الجيش الذي يكونون فيه وكذلك من ربوه أوتربا على أيد من ربوه وما أعظمها من منزلة.
3451 عن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته قال إبراهيم وكانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار.
صحيح البخاري (3/ 1335)
وجه الدلالة من هذا الحديث على عدالة الصحابة العدالة الدينية، هو ما صرح به رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم خير المؤمنين هم وتلامذتهم وتلامذة تلامذتهم.
[2531] عن أبي بردة عن أبيه قال صلينا المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا لو جلسنا حتى نصلى معه العشاء قال فجلسنا فخرج علينا فقال ما زلتم هاهنا قلنا يا رسول الله صلينا معك المغرب ثم قلنا نجلس حتى نصلى معك العشاء قال أحسنتم أو أصبتم قال فرفع رأسه إلى السماء وكان كثيرا مما يرفع رأسه إلى السماء فقال النجوم آمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد وأناآمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون وأصحابي آمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون
صحيح مسلم ج 4 ص 1961
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/323)
وجه الدلالة من الحديث على عدالة الصحابة العدالة الدينية أن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل فهمهم للدين علما وعملا عاصما لمن اتبعه من الضلال فما داموا في الأمة يعلمونها الدين الصحيح ويردون ضلال المضلين فإذا ماتوا بدأ أهل الضلال ينشرون فهم الباطل للدين ويضلون به الناس.
قال الإمام النووي:
"قوله صلى الله عليه وسلم وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون معناه من ظهور البدع والحوادث في الدين والفتن فيه وطلوع قرن الشيطان وظهور الروم وغيرهم عليهم وانتهاك المدينة ومكة وغير ذلك وهذه كلها من معجزاته صلى الله عليه وسلم".
شرح النووي على صحيح مسلم ج 16 ص 83
[3470] عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال: النبي صلى الله عليه وسلم لا تسبوا أصحابي فلوا إن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه
صحيح البخاري ج 3 ص 1343
وجه الدلالة من الحديث على عدالة الصحابة العدالة الدينة أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن التعرض لهم بسوء، وأخبر أن العامل ممن جاء بعدهم مهما عمل من العمل لا يدرك فضلهم ولا يقرب منه.
قال النووي رحمه الله:
"قوله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا أصحابي فوالدي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه ... ومعناه لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ ثوابه في ذلك ثواب نفقة أحد أصحابي مدا ولا نصف مد قال القاضي ويؤيد هذا ما قدمناه في أول باب فضائل الصحابة عن الجمهور من تفضيل الصحابة كلهم على جميع من بعدهم وسبب تفضيل نفقتهم أنها كانت في وقت الضرورة وضيق الحال بخلاف غيرهم ولإن إنفاقهم كان في نصرته صلى الله عليه وسلم وحمايته وذلك معدوم بعده وكذا جهادهم وسائر طاعاتهم وقد قال الله تعالىلا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة الآية هذا كله مع ما كان في أنفسهم من الشفقة والتودد والخشوع والتواضع والإيثار والجهاد في الله حق جهاده وفضيلة الصحبة ولو لحظة لا يوازيها عمل ولا تنال درجتها بشيء والفضائل لا تؤخذ بقياس ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء "
شرح النووي على صحيح مسلم ج: 16 ص: 93
[32417] عن واثلة بن الأسقع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني والله لا تزالون بخير ما دام فيكم من رأى من رآني وصاحب من صاحبني ".
إسناده صحيح.
مصنف ابن أبي شيبة ج 6 ص 405
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعد أن ذكر بعض الأحاديث المتقدم ذكرها: وهذه الأحاديث مستفيضة بل متواترة في فضائل الصحابة والثناء عليهم وتفضيل قرنهم على من بعدهم من القرون، والقدح فيهم قدح في القرءان والسنة. مجموع الفتاوى (4/ 430)
قال ابن كثير رحمه الله:
"والأحاديث في فضل الصحابة رضي الله عنهم والنهي عن التعرض لهم بمساويهم كثيرة ويكفيهم ثناء الله عليهم ورضاه عنهم ثم قال تبارك وتعالى وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم من هذه لبيان الجنس مغفرة أي لذنوبهم وأجرا عظيما أي ثوابا جزيلا ورزقا كريما ووعد الله حق وصدق ولا يخلف ولا يبدل وكل من اقتفى أثر الصحابة رضي الله عنهم فهو في حكمهم ولهم الفضل والسبق والكمال الذي لا يلحقهم فيه أحد من هذه الأمة رضي الله عنهم وأرضاهم وجعل جنات الفردوس مأواهم وقد فعل "
تفسير ابن كثير (4/ 206)
كلام أهل العلم في عدالة الصحابة والثناء عليهم.
وقال علي رضي الله عنه كما رواه أبو نعيم في الحلية بإسناده إلى أبي أراكة قال: صلى علي الغداة ثم لبث في مجلسه حتى ارتفعت الشمس قيد رمح كأن عليه كآبة، ثم قال: لقد رأيت أثراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما أرى أحداً يشبههم والله إن كانوا ليصبحون شعثاً غبراً صفراً بين أعينهم مثل ركب المعزي قد باتوا يتلون كتاب الله يراوحون بين أقدامهم وجباههم، إذا ذكر الله مادوا كما تميد الشجرة في يوم ريح، فانهملت أعينهم حتى تبل والله ثيابهم والله لكأن لقوم باتوا غافلين. الحلية (1/ 76).
وقال علي رضي الله عنه أيضا: أولئك مصابيح الهدى يكشف الله بهم كل فتنة مظلمة، سيدخلهم الله في رحمة منه، ليس أولئك بالمذاييع – أي الذين يشيعون الفاحشة ويذيعونها – البذر ولا الجفاة المرائين. الحلية (1/ 77).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/324)
قال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إن الله نظر إلى قلوب العباد، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه، فما رأى المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رأوا سيئاً فهو عند الله سيئ المسند (1/ 379).
روى أبو نعيم بإسناده إلى الحسن البصري .. أن بعض القوم قال له أخبرنا صفة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فبكى وقال: ظهرت منهم علامات الخير والسيماء والسمت والهدي والصدق وخشونة ملابسهم بالاقتصاد وممشاهم بالتواضع، ومنطقهم بالعمل ومطعمهم و مشربهم بالطيب من الرزق، وخضوعهم بالطاعة لربهم تعالى، واستفادتهم للحق فيما أحبوا وكرهوا، وإعطاؤهم الحق من أنفسهم، ظمئت هوا جرهم ونحلت أجسامهم واستخفوا بسخط المخلوقين في رضى الخالق، ولم يفرطوا في غضب ولم يحيفوا ولم يجاوزا حكم الله تعالى في القرآن، شغلوا الألسن بالذكر، بذلوا دماءهم حين استنصرهم وبذلوا أموالهم حين استقرضهم ولم يمنعهم خوفهم من المخلوقين، حسنت أخلاقهم وهانت مؤنتهم وكفاهم اليسير من دنياهم إلى آخرتهم. الحلية (2/ 150).
وفي السنة للخلال.
766 أخبرنا أبو بكر المروذي قال سمعت زهيرا يقول حدثنا عبد الرزاق قال سمعت معمرا يقول "أصحاب محمد عليه السلام أصابتهم نفحة من النبوة ".
إسناده صحيح
السنة للخلال ج: 2 ص: 480
فيها أيضا
756 وأخبرنا أبو بكر المروذي قال سمعت أبا عبدالله وذكر له أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رحمهم الله أجمعين إسناده صحيح
قال الطحاوي في عقيدته:
"ونحب أصحاب رسول الله ولا نفرط في حب أحد منهم ولا نتبرأ من أحد منهم ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم ولا نذكرهم إلا بخير وحبهم دين وإيمان وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان "
شرح العقيدة الطحاوية ج: 1 ص: 528
قال ابن بطة:
"وكل الصحابة أئمة مأمونون غير متهمين في الدين وقد أثنى الله ورسوله على جميعهم وتعبدنا بتوقيرهم وتعظيمهم وموالاتهم والتبري من كل من ينقص أحدا منهم رضي الله عنهم أجمعين".
الأبانة ج: 1 ص: 260
قال ابن عبد البر في الاستيعاب حاشية على الإصابة (1/ 8):" و نحن وإن كان الصحابة رضي الله عنهم قد كفينا البحث عن أحوالهم لإجماع أهل الحق من المسلمين و هم أهل السنة والجماعة على أنهم كلهم عدول فواجب الوقوف على أسمائهم ".
قال الغزالي:
"واعتقاد أهل السنة تزكية جميع الصحابة والثناء عليهم كما أثنى الله سبحانه وتعالى ورسوله عليهم وما جرى بين معاوية وعلي رضي الله عنهما كان مبنيا على الاجتهاد لا منازعة من معاوية في الإمامة إذ ظن علي رضي الله عنه أن تسليم قتلة عثمان مع كثرة عشائرهم واختلاطهم بالعسكر يؤدي إلى اضطراب أمر الإمامة في بدايتها فرأى التأخير أصوب وظن معاوية أن تأخير أمرهم مع عظم جنايتهم يوجب الإعزاء بالأئمة ويعرض الدماء للسفك وقد قال أفاضل العلماء كل مجتهد مصيب وقال قائلون المصيب واحد ".
قواعد العقائد ج: 1 ص: 227
قال الحافظ ابن حجر في الإصابة (1/ 17):" اتفق أهل السنة على إن الجميع – أي الصحابة - عدول و لم يخالف ذلك إلا شذوذ من المبتدعة ".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه:
" وقال تعالى وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون سورة النور 55 فقد وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/325)
ستخلاف كما وعدهم في تلك الآية مغفرة وأجرا عظيما والله لا يخلف الميعاد فدل ذلك على أن الذين استخلفهم كما استخلف الذين من قبلهم ومكن لهم دين الإسلام وهو الدين الذي ارتضاه لهم كما قال تعالى ورضيت لكم الإسلام دينا سورة المائدة 3 وبدلهم من بعد خوفهم أمنا لهم منه المغفرة والأجر العظيم وهذا يستدل به من وجهين يستدل به على أن المستخلفين مؤمنون عملوا الصالحات لأن الوعد لهم لا لغيرهم ويستدل به على أن هؤلاء مغفور لهم ولهم مغفرة وأجر عظيم لأنهم آمنوا وعملوا الصالحات فتناولتهم الآيتان آية النور وآية الفتح ومن المعلوم أن هذه النعوت منطبقة على الصحابة على زمن أبي بكر وعمر وعثمان فإنه إذ ذاك حصل الاستخلاف وتمكن الدين والأمن بعد الخوف لما قهروا فارس والروم وفتحوا الشام والعراق ومصر وخراسان وإفريقية ولما قتل عثمان وحصلت الفتنة لم يفتحوا شيئا من بلاد الكفار بل طمع فيهم الكفار بالشام وخراسان وكان بعضهم يخاف بعضا وحينئذ فقد دل القرآن على إيمان أبي بكر وعمر وعثمان ومن كان معهم في زمن الاستخلاف والتمكين والأمن والذين كانوا في زمن الإستخلاف والتمكين والأمن وأدركوا زمن الفتنة كعلي وطلحة والزبير وأبي موسى الأشعري ومعاوية وعمرو بن العاص دخلوا في الآية لأنهم استُخلِفوا ومُكِّنوا وأمنوا "
منهاج السنة النبوية ج: 2 ص: 36
قال السفارين رحمه الله:
وليس في الأمة كالصحابة ... في الفضل والمعروف والإصابة
فإنهم قد شاهدوا المختارا ... وعاينوا الأسرار والأنوارا
وجاهدوا في الله حتى بانا ... دين الهدى وقد سما الأديانا
وقد أتى في محكم التنزيل ... من فضلهم ما يشفي للغليل
وفي الأحاديث وفي الآثار ... وفي كلام القوم والأشعار
ما قد ربا من أن يحيط نظمي ... عن بعضه فاقنع وخذ عن علم
العقيدة السفارينية ج: 1 ص: 88
الوقفة الثانية إحسان الظن بالصحابة، وهي مبنية على الوقفة التي قبلها؛ لإن العدل الأصل في أفعاله الخير والصلاح فإذا رئي منه خالف ذلك فلا بد من استصحاب الأصل وهو أنه لا يريد بفعله إلا الخير.
وقد أكد علماؤنا هذه النقطة وطبقوها.
قال ابن أبي زيد: ((والإمساك عما شجر بينهم، وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج، ويظن بهم أحسن المذاهب)).
مقدمة رسالة بن أبي زيد ص8 طبعة جامعة الإمام.
قال الأشعري:
"الإجماع الثامن والأربعون وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به وعلى أنهم أحق أن ينشر محاسنهم ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج وأن نظن بهم أحسن الظن".
رسالة إلى أهل الثغر ج: 1 ص: 303
قال أبو نعيم: ((فالإمساك عن ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر زللهم، ونشر محاسنهم ومناقبهم، وصرف أمورهم إلى أجمل الوجوه، من أمارات المؤمنين المتبعين لهم بإحسإن، الذين مدحهم الله عز وجل بقوله: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان)).
قال الغزالي:
"وأن يعتقد فضل الصحابة رضي الله عنهم وترتيبهم وأن أفضل الناس بعد النبي أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم وأن يحسن الظن بجميع الصحابة ويثنى عليهم كما أثنى الله عز وجل ورسوله وعليهم أجمعين فكل ذلك مما وردت به الأخبار وشهدت به الآثار فمن اعتقد جميع ذلك موقنا به كان من أهل الحق وعصابة السنة وفارق رهط الضلال وحزب البدعة ".
قواعد العقائد ج: 1 ص: 70
قال الآمدي:
"الواجب أن يحسن الظن بأصحاب الرسول وأن يكف عما جرا بينهم وألا يحمل شئ مما فعلوه أو قالوه إلا على وجهة الخير وحسن القصد وسلامة الاعتقاد وأنه مستند إلى الاجتهاد لما استقر في الأسماع وتمهد في الطباع ووردت به الأخبار والآثار متواترة وآحاد من غرر الكتاب والسنة واتفاق الأمة على مدحهم والثناء عليهم بفضلهم مما هو في اشتهاره يغنى عن إظهاره وأن أكثر ما ورد في حقهم من الأفعال الشنيعة والأمور الخارجة عن حكم الشريعة فلا أصل لها إلا تخر صات أهل الأهواء وتصنعات الأعداء كالروافض والخوارج وغيرهم من السفساف ومن لا خلاق له من الأطراف وما ثبت نقله ولا سبيل إلى الطعن فيه فما كان يسوغ فيه الاحتمال والتأويل فيه بحال فالواجب أن يحمل على أحسن الاحتمالات وأن ينزل على أشرف التنزيلات وإلا الكف عنه والانقباض منه وأن يعتقد أن له تأويلا لم يوصل إليه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/326)
ولم يوقف عليه إذ هو الأليق بأرباب الديانات وأصحاب المروءات وأسلم من الوقوع في الزلات ولكون سكوت الإنسان عما لا يلزمه الكلام فيه أرجى له من أن يخوض فيما لا يعنيه لا سيما إذا احتمل ذلك الزلل والوقوع بالظن والرجم بالغيب في الخطل ".
غاية المرام ج: 1 ص: 390
وقال ابن دقيق العيد: ((وما نقل عنهم فيما شجر بينهم واختلفوا فيه، فمنه ما هو باطل وكذب، فلا يلتفت إليه، وما كان صحيحا أولناه تأويلا حسنا، لإن الثناء عليهم من الله سابق، وما ذكر من الكلام اللاحق محتمل للتأويل، والمشكوك والموهوم لا يبطل المحق المعلوم)). (أصحاب رسول الله ومذاهب الناس فيهم لعبد العزيز العجلإنص360).
بواسطة كتاب اعتقاد أهل السنة في الصحابة.
قال القحطاني
قل خير قول في صحابة أحمد ... وامدح جميع الآل والنسوان
دع ما جرى بين الصحابة في الوغى ... بسيوفهم يوم التقى الجمعان
فقتيلهم منهم وقاتلهم لهم**** وكلاهما في الحشر مرحومان
والله يوم الحشر ينزع كل ما ... تحوي صدورهم من الأضغان
نونية القحطاني ج: 1 ص: 23
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"ما علم بالكتاب والسنة والنقل المتواتر من محاسن الصحابة وفضائلهم لا يجوز أن يدفع بنقول بعضها منقطع وبعضها محرف وبعضها لا يقدح فيما علم فإن اليقين لا يزول بالشك ونحن قد تيقنا ما دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف قبلنا وما يُصدق ذلك من المنقولات المتواترة من أدلة العقل من أن الصحابة رضي الله عنهم أفضل الخلق بعد الأنبياء فلا يقدح في هذا أمور مشكوك فيها فكيف إذا علم بطلانها "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 305
وقال:
" فيقولون ما يذكر عن الصحابة من السيئات كثير منه كذب وكثير منه كانوا مجتهدين فيه ولكن لم يعرف كثير من الناس وجه اجتهادهم وما قدر أنه كان فيه ذنب من الذنوب لهم فهو مغفور لهم إما بتوبة وإما بحسنات ماحية وإما بمصائب مكفرة وإما بغير ذلك فإنه قد قام الدليل الذي يجب القول بموجبه أنهم من أهل الجنة فامتنع أن يفعلوا ما يوجب النار لا محالة وإذا لم يمت أحد منهم على موجب النار لم يقدح ما سوى ذلك في استحقاقهم للجنة ونحن قد علمنا أنهم من أهل الجنة ولو لم يعلم أن أولئك المعينين في الجنة لم يجز لنا أن نقدح في استحقاقهم للجنة بأمور لا نعلم أنها توجب النار فهذا لا يجوز في آحاد المؤمنين الذين لم يعلم أنهم يدخلون الجنة ليس لنا أن نشهد لأحد منهم بالنار لأمور محتملة لا تدل على ذلك فكيف يجوز مثل ذلك في خيار المؤمنين والعلم بتفاصيل أحوال كل واحد منهم باطنا وظاهرا وحسناته وسيئاته واجتهاداته أمر يتعذر علينا معرفته فكان كلامنا في ذلك كلاما فيما لا نعلمه والكلام بلا علم حرام فلهذا كان الإمساك عما شجر بين الصحابة خيرا من الخوض في ذلك بغير علم بحقيقة الأحوال إذ كان كثير من الخوض في ذلك أو أكثره كلاما بلا علم وهذا حرام لو لم يكن فيه هوى ومعارضة الحق المعلوم فكيف إذا كان كلاما بهوى يطلب فيه دفع الحق المعلوم وقد قال النبي صلى الله عليه
وسلم القضاة ثلاثة قاضيان في النار وقاض في الجنة رجل علم الحق وقضى به فهو في الجنة ورجل علم الحق وقضى بخلافه فهو في النار ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار فإذا كان هذا في قضاء بين اثنين في قليل المال أو كثيره فكيف بالقضاء بين الصحابة في أمور كثيرة فمن تكلم في هذا الباب بجهل أو بخلاف ما يعلم من الحق كان مستوجبا للوعيد ولو تكلم بحق لقصد اتباع الهوى ولو لوجه الله تعالى أو يعارض به حقا آخر لكان أيضا مستوجبا للذم والعقاب ومن علم ما دل عليه القران والسنة من الثناء على القوم ورضا الله عنهم واستحقاقهم الجنة وأنهم خير هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس لم يعارض هذا المتيقن المعلوم بأمور مشتبهة منها ما لا يعلم صحته ومنها ما يتبين كذبه ومنها ما لا يعلم كيف وقع ومنها ما يعلم عذر القوم فيه ومنها ما يعلم توبتهم منه ومنها ما يعلم أن لهم من الحسنات ما يغمره فمن سلك سبيل أهل السنة استقام قوله وكان من أهل الحق والاستقامة والاعتدال وإلا حصل في جهل وكذب وتناقض كحال هؤلاء الضلال ".
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 310
ولعل من أسباب مجانبة الكاتب للصواب في بحثه ابتعاده عن هاتين الركيزتين.
الركيزة الثالثة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/327)
لابتعاد عن المصادر المعادية للصحابة مما كتبه عنهم أعداء هذا الدين من الرافضة والمستشرقين وعلمانيي وزنادقة العرب، الساعين في إقناع المجتمعات المسلمة أن تترك دينها بشتى الوسائل وكان من هذه الوسائل محاولة إقناعها أن الدين خرافة لا يمكن أن يتحقق في الواقع، ولما كان الصحابة في أعين المجتمعات المسلمة هم المثال الحي للتدين الصحيح وأنهم قد بلغوا فيه الغاية الممكنة للبشر، فلابد عند هؤلاء الشياطين من إقناع هذه المجتمعات بإن هذا الذي يذكر عن الصحابة خرافة، فتختلق من أجل هذا المبدأ الخبيث الأكاذيب في مثالب الصحابة، وتفسير أعمالهم إلى أسوأ احتمال، من تكالب على الدنيا، وحرص عليها وعلى لذاتها كغيرهم من البشر.
قال الشيخ محمد قطب حفظه الله:
" وهذه الأمة ـ أو قل بالتحديد قرونها المفضلة الأولى ـ قامت بتطبيق مثالي لهذا الدين في عالم الواقع، فارتفعت إلى عالم المثال ـ مع بشريتها الكاملة ـ وأثبتت في الوقت ذاته واقعية هذا الدين، وقابليته للتطبيق في عالم الواقع.
وتلك هي القيمة الحقيقة لهذه الفترة من التاريخ.
إن هذه الأجيال الأولى ـ وخاصة الجيل الأول الفريد ـ قد لا يتكرر مرة أخرى في واقع الأرض. ولكنها تبقى مع ذلك رصيدا واقعيا لهذه الأمة في جميع أجيالها، يحفزها على محاولة العودة إلى تطبيق الإسلام. وهذه المحاولة ذاتها عمل إيجابي مثمر، ولو لم يصل إلى كل النتيجة المطلوبة.
تصور إنسانا عند سفح جبل، يعلم يقينا إن هناك من صعد هذا الجبل إلى قمته، فهو يحاول أن يصعد مثله، وقد يصل إلى منتصفه وقد يصل إلى ربعه، وقد يفلس جهده بعد أن يرقى بضع درجات ...
وتصور إنسانا آخر وقف على سفح جبل يتطلع إلى قمته وهو يقول في نفسه: إن هذا مستحيل مستحيل أن يفكر إنسان في صعود هذا الجبل الشاهق، فلنكف عن التطلع، ولنرض بالبقاء في السفح أيهما أنفع للبشرية؟ وأيهما أفضل في ذات نفسه؟
ثم .. أي دور يؤده ذلك الذي صعد إلى القمة أول مرة، في حياة كل الذين يجيئون بعده، ويحاولون أن يصعدوا مثله، ولو وصلوا إلى المنتصف، ولو إلى ربع الطريق .. ولو أفلس جهدهم بعد رقي بعض الدرجات؟
إنه دور ضخم في عالم الواقع ..
ولهذا نحتفي حفاوة بالغة بذلك الجيل الفريد، وبتلك القرون المفضلة،لأنها المدد الحي الذي يدفع الأجيال كلها إلى محاولة الصعود، بدلا من أن تتنتكس إلى أسفل، وتخلد إلى الأرض عند السفح وربما كان هذا هو السبب الذي يجعل المستشرقين يجهدون أنفسهم لمحاولة تشويه تلك الفترة بالذات، لعلهم يطفئون بريقها، ويحجبون نورها عن الأجيال المتأخرة لكي لا تفكر أبدا في معاودة الصعود من جديد:
" يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله تم نوره ولو كره الكافرون ". (الصف آية: 8)
كيف نكتب التاريخ الإسلام ص 88
قال الإمام الذهبي رحمه الله مؤكدا هذه القضية وهي الابتعاد عن المصادر المعادية للصحابة:
"كما تقرر الكف عن كثير مما شجر بين الصحابة وقتالهم رضي الله عنهم أجمعين وما زال يمر بنا ذلك في الدواوين والكتب والأجزاء ولكن أكثر ذلك منقطع وضعيف وبعضه كذب وهذا فيما بأيدينا وبين علمائنا فينبغي طيه وإخفاؤه بل إعدامه لتصفو القلوب وتتوفر على حب الصحابة والترضي عنهم وكتمان ذلك متعين عن العامة وآحاد العلماء وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوة للعالم المنصف العري من الهوى بشرط أن يستغفر لهم كما علمنا الله تعالىحيث يقول والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا الحشر 10 فالقوم لهم سوابق وأعمال مكفرة لما وقع منهم وجهاد محاء وعبادة ممحصة ولسنا ممن يغلو في أحد منهم ولا ندعي فيهم العصمة .. فأما ما تنقله الرافضة وأهل البدع في كتبهم من ذلك فلا نعرج عليه ولا كرامة فأكثره باطل وكذب وافتراء فدأب الروافض رواية الأباطيل أو رد ما في الصحاح والمسانيد ومتى إفاقة من به سكران"
سير أعلام النبلاء ج: 10 ص: 92
هذا ما أردت بيانه من أخطاء الشنقيطي في كتابه وبقي منها بعض رأيت أن ما مضى يغني عنه فإن كان لدى الأحبة لمتابعين أي مشاركة أو تعليق أو معارضة فليتحفونا به مشكورين.
أخوكم ومحبكم / عبد الله الشنقيطي.ِ
ـ[أبو وائل المصرى]ــــــــ[10 - 03 - 05, 10:56 ص]ـ
بالله عليكم من ه>ا الكاتب؟ لا أخاله محمد بن محمد المختار الشنقيطى ابن صاحي أضواء البيان! أفيدونا بسرعة أفادكم الله
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[04 - 04 - 07, 10:13 م]ـ
للرفع
ـ[نايف أبو محمد]ــــــــ[06 - 04 - 07, 03:23 ص]ـ
هل الرد أفرد في كتاب
ـ[فايز العريني]ــــــــ[07 - 04 - 07, 09:45 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد بارك الله فيك اخي الشيخ عبدالله على جهدك المبارك واثاب الله اخينا الشيخ سليمان على هذا الموضوع الهام جدا ولقد قرات كتاب اخينا الاستاذ محمد وقد وجدت به ملاحظات كثيره وللاسف قرات ايضا رد للدكتور منير الغضبان لم يحالفه الصواب فيه ذالك ان الدكتور منير اعتمد على نقل الاستاذ محمد عن شيخ الاسلام ولم يرجع للمنهاج ويقف على كلام شيخ الاسلام حقا ولذالك كان الاستاذ محمد ينقل بعض اقوال شيخ الاسلام المناسب لفهمه هو والدكتور منير ينقض قول الاستاذ وجعل فهم الاستاذ هو قول شيخ الاسلام وهنا المشكل والله المستعان. وفق الله الجميع للخير
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/328)
ـ[الطائفي]ــــــــ[07 - 04 - 07, 07:19 م]ـ
تنبيه للأخوة ليس المذكور هو العلامة الدكتور محمد بن محمد المختار الشنقيطي شارح الزاد
ـ[محمد سمير]ــــــــ[13 - 04 - 07, 02:57 م]ـ
اين نجد الكتاب على ملف للتحميل؟ بارك الله فيكم
ـ[طالب علوم الحديث]ــــــــ[15 - 05 - 07, 08:24 م]ـ
تنبيه للأخ أبو وائل المصري إن الشيخ محمد المختار الشنقيطي ليس ابن العلامة محمد الأمين الشنقيطي و إنما أبوه أيضا اسمه محمد المختار الشنقيطي وهو أيضا عالم و قد ذكر اسمه و سيرته باختصار في شريط بعنوان علماء المدينة.
و لكن عندي استفسار لمزيد التأكد هل المذكور أعلاه هو الشيخ محمد المختار الشنقيطي المدرس في المسجد النبوي أم شخص ثاني نتمنى أن تعلمونا لأني لا أظن أنه هو!!
ـ[خطاب القاهرى]ــــــــ[15 - 05 - 07, 08:46 م]ـ
و لكن عندي استفسار لمزيد التأكد هل المذكور أعلاه هو الشيخ محمد المختار الشنقيطي المدرس في المسجد النبوي أم شخص ثاني نتمنى أن تعلمونا لأني لا أظن أنه هو!!
لا يا أخى الكريم ليس هو, و لكنه على ما أذكر كاتب فى إحدى المجلات.
ـ[الأشفقي]ــــــــ[16 - 05 - 07, 07:08 ص]ـ
ليس هو،ولكنه ابن عمه فالثلاثة أعني:
1 - الشيخ محمد الأمين بن محمد المختار؛صاحب أضواء البيان
2 - محمد بن محمد المختار؛المدرس بالمسجد النبوي الشريف
3 - محمد المختار صاحب هذا الكتاب
هؤلاء الثلاثة كلهم "جكنيون " والنسبة إليهم:جكني" 0
ـ[أبو حاتم المهاجر]ــــــــ[16 - 05 - 07, 03:00 م]ـ
بارك الله فيكم
ـ[طالب علوم الحديث]ــــــــ[17 - 05 - 07, 03:32 ص]ـ
جزاكما الله خيرا على الجواب يا أخواي خطاب و الأشفقي
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[20 - 05 - 07, 07:01 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رفض الأحبة في الملتقى نشر نص الكتاب عليه، حتى يطلع القارئ على المردود عليه مع الرد. ومع هذا يسمون ما ينشرونه عنه مناظرة!!!
ولكن يمكنكم الاطلاع عليه على موقعي "الفقه السياسي"
أخوكم/ محمد بن المختار الشنقيطي
تنبيه من المشرف:
في هذه المناظرة كانت لك الحرية أن تكتب فيها ما تشاء من ردودو ونقولات من كتابك، وأما وضع رابط الكتاب الآن فليس بجيد ولافائدة منه لأن القصد من المناظرة التحذير من هذا الكتاب.
وإذا أردت مناظرة جديدة حول كتابك فيمكنك طلب ذلك في موقعنا الجديد للمناظرات على هذا الرابط
http://www.alaqida.com/vb/index.php (http://www.alaqida.com/vb/index.php)
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[20 - 05 - 07, 07:30 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
كان الأجمل بك أخي الدكتور محمد أن تستفيد من ملحوظات بلديك الأخ عبدالله، فتعيد النظر في أخطاء الكتاب.
كما أن دفاعك عن " طوام " الترابي أمر لا يليق بك، لا سيما بعد أن لفظه الجميع، حتى جماعته الأولى، بعد أن تجاوز حدود الإسلام. (ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم .. ) الآية.
وفقك الله لما يحب ويرضى ..
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[20 - 05 - 07, 07:33 م]ـ
رفض الأحبة في الملتقى نشر نص الكتاب عليه، حتى يطلع القارئ على المردود عليه مع الرد. ومع هذا يسمون ما ينشرونه عنه مناظرة!!!
ما دخل نشر الكتاب بالمناظرة؟ المناظرة تقوم على ردك على خصومك كل فقرة بمثلها، أما وضع الكتاب فلا علاقة له بالمناظرة.
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[20 - 05 - 07, 07:34 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل سليمان الخراشي.
ـ[محمد عمارة]ــــــــ[21 - 05 - 07, 07:53 م]ـ
بالله عليكم لا أخاله محمد بن محمد المختار الشنقيطى
الحمد لله رب العالمين أنه ليس هو
و الله كدنا نفجع
نرجوا من الإخوة أن يوضحوا الأمور لكيلا يختلط الأمر على طلبة العلم
و جزى الله خيرا شيوخنا الأفاضل الأكارم
و حفظ الله الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي
وهدى الشيخ محمد الشنقيطي كاتب الكتاب
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[25 - 05 - 07, 05:40 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال مالك بن أنس: الذين يشتمون أصحاب رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- ليس له سهم أو قال نصيب في الإسلام (الإبانة لابن بطه)
وقال عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي: ((من شتم أبا بكر الصديق رضي
الله عنه فقد ارتد عن دينه وأباح دمه)) (الإبانة ص 162).
وقال أبو بكر المروزي: ((سألت أبا عبد الله عمن شتم أبا بكر وعمر
وعثمان وعائشة رضي الله عنهم فقال: ما اراه على الإسلام))
ـ[أبو عبدالله الشيباني]ــــــــ[26 - 05 - 07, 03:04 ص]ـ
كثيرا ما يخلط الاخوة بين أسماء المشايخ الشناقطة
لذا وضعت هذا الرسم التوضيحي حتى يتنبه الاخوة لذلك وبناء على هذا لا يخلطون في نسب شئ إلى قائله .......
(علما بأن الدكتور محمد الشنقيطي صاحب كتاب *الخلافات السياسية بين الصحابة* لم يشمله الرسم التوضيحي)
أتمنى أن أكون وفقت في ذلك ................
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/329)
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[26 - 05 - 07, 05:13 م]ـ
جزاكم الله خيرًا أخي الشابي ..
المشكلة أنهم يحبون اسم محمد ولقب المختار! (ابتسامة)
ـ[محمد بن صادق]ــــــــ[26 - 05 - 07, 06:55 م]ـ
بارك الله فى الشيخين عبدالله الشنقيطى والخراشى
وهدى الله محمد الشنقيطى
ـ[أبو عائش وخويلد]ــــــــ[02 - 06 - 07, 10:32 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
الإخوة الذين يتسائلون عن الأخ محمد بن المختار الشنقيطي هل هو نفسه الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي المدرس في الحرم المدني. هل جننتم؟
الملتقى آدَبٌ من أن يحاور الشيخ بهذه الطريقة، هذا إن افترضنا أن الشيخ سيخطر في باله أن يدخل الأنترنيت ما بالكم بالإشتراك بالمنتديات.
والأخ صاحب الكتاب من تلامذة الشيخ الددو حفظه الله.
ـ[معاذ القيسي]ــــــــ[22 - 06 - 07, 10:39 ص]ـ
السلام عليكم
لعلكم لا تعرفون الشنقيطي! اذهبوا الى موقع مجلة العصر وستعرفون ماذا يريد الشنقيطي؟
انه نفس مدرسة الأحمري الجديدة في موقفهم من الشيعة، والأمر يحتاج الى كلام طويل!!
ـ[ابوبنان]ــــــــ[23 - 06 - 07, 07:11 ص]ـ
أيها الأحبة وافق صاحب الكتاب على المناظرة وأخذ على نفسه الرجوع عما يتبين من خطئه
فلماذا اللمز والهمز والرجل بينكم!!
والرجل يقول يريد أن يضع كتابه بينكم ليعرف سبب المناقشة والمناظرة وترفضون مع أن الكتاب يباع في كل مكان، ومع وجود طلبة العلم والكتاب مدار المناظرة والتحليل في كل ما أشكل
قرأت كتاب الشنقيطي وأخالفه في بعض ماقال وما وصل إليه وأعجبني نقاش منير الغضبان له
وما يطرحة الشيخ عبدالله هنا لكن أعطوا الرجل فرصه فقدأخذ على نفسه الرجوع عن كل خطئ ياتضح له وهذ دليل على حرصه وحبه للحق
أبو بنان
ـ[صلاح السعيد]ــــــــ[26 - 06 - 07, 08:46 ص]ـ
سليمان، عبدالله.
حفظكما الله.
ـ[صالح الديحاني]ــــــــ[17 - 07 - 07, 03:28 م]ـ
لماذا لم أر حتى الآن تعقيباً له على الردود والملاحظات؟؟ هل هناك مشكلة؟
ـ[الزبيدي]ــــــــ[17 - 07 - 07, 11:07 م]ـ
أتمنى من الشيخ محمد المختار الشنقيطي أن لا يبرر هروبه من المناظرة بمثل هذا العذر
فالكتاب نجده في زاوية في الانترنت لو أردنا وليكن هدفه الحق
ـ[محمود العماري]ــــــــ[26 - 07 - 07, 01:50 م]ـ
لا حول ولا قوة الا بالله
بارك الله فيك يا شيخ عبد الله الشنقيطي وجزاك الله خيرا وهدانا واياك لما تحبه وترضاه
...................
أخي محمد الشنقيطي صاحب الكتاب
والله أنه قد ارتسمت البسمة على وجهي عند قرائتي لبداية الموضوع
اعجابا بك وبالإخوة الكرام
لما وجدته منكم من بحث عن الحق
ولكن لا أجد ما أقوله الآن وأنا أجدك تهرب من مواجهة الحق بأعذار واهية
ـ[سيدي محمد اندي]ــــــــ[08 - 10 - 08, 08:46 ص]ـ
d â دن! # tچs)àےù= د9 tûï جچة f»yg كJّ9$# tûï د%©! $# (#qم_جچ÷ zé& ` د B ِNدdجچ» tƒ دٹ َOخgد9؛ uq ّ Br&ur tbq نَ tG ِ6 tƒ Wxô ز sù z` د iB «!$# $ZR؛uqô تح‘ ur tbrçژ فا Ztƒur ©!$# ے¼ م& s!q ك™ u‘ur 4 ڑپ ح´¯» s9'ré& م Nèd tbqè% د‰» ¢ء9$# ارب tûï د%©! $# ur râ ن qt7s? u‘#O$!$# z`»yJƒM}$#ur ` د B ِ/إ‰د=ِ7 s% tbq™7 دtن† ô`tB tچy_$yd ِNحkِژ s9 خ) ں wur tbr ك‰إ gs† ’ خ û ِNدdح‘rك‰ك¹ Zpy_%tn !$£J د iB (#qè?ré& ڑcr مچد O÷s مƒ ur #’n?t م ِNحkإ¦ àےRr& ِ qs9ur tb%x. ِNحkح5 × p|¹$| ء yz 4 `tBur s-q مƒ £xن© ¾دmإ، ّے tR ڑپ ح´¯» s9'ré'sù م Nèd ڑcq كsخ=ّےكJّ9$# ازب ڑْïد%©! $# ur râ ن! % y` .` د B ِNدdد‰÷ èt/ ڑcq ن9 qà)tƒ $uZ/u‘ ِچدےّ î$# $oYs9 $oY د R؛uq÷z\}ur ڑ ْïد%©! $# $ tRqà)t7y™ ا`» yJƒM}$$ خ/ ں wur ِ@ yè ّ grB ’ خ û $uZ خ/ qè=è% yx د î tûï د%©#د j9 (#q م ZtB#u ن! $ oY/u‘ y7¨R خ) ش$ râ ن u‘ îL ىد m‘ اتةب ل
(الحشر 008 - 010)
هذه الآية بينت فضل الصحابة وأنهم آثروا الله ورضاه ونصرة دينه على كل شيء
أخوكم ومحبكم / عبد الله الشنقيطي.ِ
ما هي الخطوط التي كتبت بها هذه الايات
السؤال موجه لكم جميعا وصاحب الموضوع لا يستطيع الاجابة لانه مسجون
اسال الله ان يفك اسره
ـ[موسى الكاظم]ــــــــ[09 - 10 - 08, 02:05 ص]ـ
هذا الرجل (محمد المختار) ليس من شيخا ولا طالب علم، إنما هو كاتب ومحلل سياسي .. أمثال "إبراهيم عيسى " وغيره ... يعني يمكن اعتباره ممن يسمون أنفسهم "المفكرين" (وما أدراك ما المفكرين!)
وما إسمه إلا للتمويه على الناس فقط!
قلت هذا، حتى لا يشط عقل أحدكم إلى بعيد ويظن أن هناك خلافا بين العلماء في هذه المسائل العقدية!!!!!!!!
والقوا نظرة في موقعه ستجدوا العجب العجاب!!!
####
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[10 - 10 - 08, 03:55 م]ـ
وصاحب الموضوع لا يستطيع الاجابة لانه مسجون
لكن الموضوع قديم، وفي وقتها لم يكن مسجونا ولم يجب.
ـ[سيدي محمد اندي]ــــــــ[10 - 10 - 08, 04:52 م]ـ
لكن الموضوع قديم، وفي وقتها لم يكن مسجونا ولم يجب.
اخي الفاضل السؤال لم يطرح الا منذ يومين اي بعد سجن الشيخ بنحو ستتة اشهر
فلم افهم القصد من مداخلتكم بارك الله فيكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/330)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[10 - 10 - 08, 06:05 م]ـ
عفوا أخطأت وكنت فهمت كلامك غلطا.
فأرجو المسامحة.
ـ[أمين حماد]ــــــــ[18 - 10 - 08, 02:45 ص]ـ
أرجو من أخينا محمد المختار إن كان عنده رد على الشيخ عبد الله أن يتفضل مشكورا
وإلا يعلن رجوعه إلى الحق وذلك أحرى به ولا تأخذه العزة بالإثم وهو كما هومسطور في كتابه حافظ لكتاب الله
فليعرض نفسه على كتاب الله ويراجعها
أما مسئلة دفاعه عن الترابي فخارجة عن موضوعنا الآن وهي وصمة يعسر الخلاص منها إلا بمراجعة هي الأخرى
وكتابك أخي موجود ببعض المكتبات بجدة لمن أراد أن يقرأه
وقد قرأه أكثر من مرة بلديك فضيلة الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد المدرس بدار الحديث بمكة الكرمة
وقال لنا في محاضرة كل مرة أجد فيه طامة أكبر من أختها ولعل تلك الطوام هي التي تناولها الشيخ عبد الله آنفا
ـ[أبوراكان الوضاح]ــــــــ[21 - 05 - 09, 08:20 ص]ـ
أيها الأحبة وافق صاحب الكتاب على المناظرة وأخذ على نفسه الرجوع عما يتبين من خطئه
فلماذا اللمز والهمز والرجل بينكم!!
والرجل يقول يريد أن يضع كتابه بينكم ليعرف سبب المناقشة والمناظرة وترفضون مع أن الكتاب يباع في كل مكان، ومع وجود طلبة العلم والكتاب مدار المناظرة والتحليل في كل ما أشكل
قرأت كتاب الشنقيطي وأخالفه في بعض ماقال وما وصل إليه وأعجبني نقاش منير الغضبان له
وما يطرحة الشيخ عبدالله هنا لكن أعطوا الرجل فرصه فقدأخذ على نفسه الرجوع عن كل خطئ ياتضح له وهذ دليل على حرصه وحبه للحق
أبو بنان
بارك الله فيك أبوبنان على ماتفضلت به ...
ولكن الكتاب قرأه المشايخ الفضلاء وأبدوا الملاحظات عليه وطرحوا المناظرة وذكروا المقاطع التي وجدوا الأخطاء عليها ونقلوها بنصها من كتابه وفنّدوا ماعندهم وناقشوه نقاشاً علمياً لاغبار عليه مع ذكر النصوص والأدلة والمراجع ... والأخ محمد هداه الله صاحب الكتاب .. قد قَبِل المناظرة ... فننتظر ماعنده ليجيب عن أجوبة مشايخنا الكرام بدون أعذار خالفت ماقاله في بداية المناظرة ... والحق أحق أن يتبع ... والتجرد للحق ومخالفة الهوى وقمع شهوات النفس هي من سمات و أخلاق الكبار الذين أنفوا تعبيد النفوس لشهواتها ....
بارك الله فيكم ونفع بكم ...
ـ[أبو معاذ السلفي المصري]ــــــــ[29 - 09 - 09, 12:13 ص]ـ
الحمد لله
علي توضيح الاسماء
وبا رك الله في الشيخ محمد المختار الشنقيطي (اني والله احبه في الله)
ليس طبعا صاحب الكتاب
وادعو لصاحب الكتاب بالهدايه الي الصواب
ـ[أبو عبد الله المعهدي]ــــــــ[05 - 02 - 10, 12:57 م]ـ
لا أجد أن من الوجيه منع نشر رابط الكتاب؛ لأن ذلك لن يمنع القراء من الاطلاع عليه، وهو بالمناسبة واسع الانتشار وقد طبقت شهرته الآفاق، وكان الأولى بالإخوة القائمين على الموقع أن يقطعوا عذر الشنقيطي بتركه وما أراده من نشر الرابط حتى يستمر في المناظرة، ونعرف ما عنده من ردود على ما وُجه إلى كتابه من نقد.
ثم إن عندي وجهة نظر -أنا بصدد اختبار صحتها من خلال إعادة النظر فيها وسؤال أهل الذكر عن رأيهم فيها- ووجهة النظر هذه أن قواعد الحسبة ينبغي أن تتغير بسبب تغير الظروف الحالية (تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور)، ومن هنا ألا ترون أن منع الكتب والمنشورات هو تصرف يؤدي إلى نقيض ما أريد به؛ حيث يرغب الناس في الاطلاع على هذا الممنوع ويتملكهم الفضول تجاهه. وهذا أمر معلوم أثبتته التجربة.
ثم إن منع المطبوعات في هذا العصر وسهولة الحصول عليها من الشبكة العنكبوتية يشبه إلى حد بعيد ما جاء في المثل الشعبي من أمر السيدة التي أغلقت باب الحظيرة على الغربان فطاروا من فضائها.
أرجو أن يدلي الإخوة بآرائهم حول هذا الموضوع مشكورين مأجورين إن شاء الله.
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[05 - 02 - 10, 10:11 م]ـ
بورك فيكم ..
جزاكم الله خيرًا أخي الكريم: أباعبدالله المعهدي:
ماقولكم فيمن سيقول: (إن منع المُسكرات في هذا العصر وسهولة الحصول عليها من أماكن كثيرة يشبه إلى حد بعيد ما جاء في المثل الشعبي من أمر السيدة التي أغلقت باب الحظيرة على الغربان فطاروا من فضائها)؟
إن قيل: الأمر يختلف ..
قيل:
إن لم يكن خمر الجسوم فإنهُ
خمر العقولِ مماثلٌ ومضاهي
وفقكم الله ..(29/331)
نقاش علمي حول كتاب الخلافات السياسية بين الصحابة
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 05:34 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبيه المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فيسرني أن أدخل مع الأستاذ الفاضل محمد بن المختار الشنقيطي في نقاش علمي، حول كتابه الخلافات السياسية بين الصحابة، ملتزما في هذا النقاش، بالعلم والعدل، بغيتي الحق لا المغالبة، أو الجدل المذموم.
ويعلم الله لو بان لي الحق فيما يقول لاتبعته مجاهرا بذللك، غير مخفيه ولا متردد فيه.
وأرجوا أن يكون عنده هو من الشجاعة و محبة الخير ما لو رأى الحق في ما أقول أن يراجع الحق.
وأذكره قول عمر لأبي موسى: " ولا يمنعك قضاء قضيت فيه اليوم فراجعت فيه رأيك فهديت فيه لرشدك أن تراجع فيه الحق؛ فإن الحق قديم لا يبطله شيء، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل "
وأول نقطة أناقش فيها الأستاذ الفاضل في كتابه، قوله إن عدالة الصحبة التي يحكي المحدثون عليها الإجماع، هي ما يتعلق بالرواية، لا العدالة الدينية التي يذكرها الفقهاء.
قلتم في ص 150
"ومن المصطلحات التي وقع فيها اللبس واستحالت حاجزا ذهنيا ونفسيا أمام دراسة تلك الحقبة مصطلح "عدالة الصحابة " فقد خلط كثيرون بين عدالة الرواية ـ والمطلوب فيها هو الصدق والتدقيق في المروي ـ وعدالة السلوك بمعناها الفقهي القضائي التي تستلزم "اجتناب الكبائر وعدم الوقوع في الصغائر إلا نادرا، واجتناب المباح القادح في المروءة "كما يقول الفقهاء.
وعدالة الصحابة التي يتحدث عنها أهل الحديث عدالة الرواية ... "
وقلتم في ص 152
"لكن بعض المتأخرين أساء فهم عدالة الصحابة، وفهموا من هذا المصطلح أن الصحابي لا يذنب إلا متأولا، وأن كل ما صدر عن بعضهم من اختلاف واقتتال مجرد اجتهاد، ولا مجال فيه للهوى و المطامح الدنيوية. وهذا غلو وتنكر لحقائق الشرع والتاريخ والطبيعة البشرية ".
وقلتم في ص 154
" فإن تحويل عدالة الرواية هنا إلى عدالة في السلوك يشمل كل الصحابة خلط في الاصطلاح، وتنكر للحقيقة الساطعة لا يليق بالمسلم الذي يؤثر الحق على الخلق مهما سموا."
وقلتم:
"إن الذي يسوي بين عمار بن ياسر وبين قاتله أبي الغادية الجهني في العدالة وفي الاجتهاد المأجور صاحبه سواء أخطأ أم أصاب .. لهو ممن لا بصيرة لهم."
النقاط موضع النقاش هي:
1ـ العدالة عند المحدثين هل هي ما ذكر تم من عدم إدخالهم فيها الجانب السلوكي، ويكتفون فيها بأن يكون الموصوف بها صادقا في ما يحدث به مدققا فيه.
2ـ هل هناك فرق بين العدالة عند المحدثين والفقهاء كما قلتم.
3ـ عدالة الصحابة عند المحدثين.
العدالة عند المحدثين كما ذكرها عنهم الأستاذ " الصدق والتدقيق في المروي " لا علاقة لها بالعدالة الدينية التي يذكرها الفقهاء.
ولم تذكروا لما قلتم نقلا واحدا عن أهل الحديث تحتجون به لما ذكرتم عنهم، لأنكم لن تجدوه فأهل الحديث مجمعون على أن أهم جانب في العدالة هو الجانب السلوكي، والجرح به أشد من الجرح بالجوانب الأخرى من الغفلة وسو ء الحفظ.
وهذه بعض النقول عنهم تدل على خلاف ما ذكرتم عنهم.
قال الشافعي:
"ولا تقوم الحجة بخبر الخاصة حتى يجمع أمورا منها أن يكون من حدث به ثقة في دينه، معروفا بالصدق في حديثه، عاقلا لما يحدث به، عالما بما يحيل معاني الحديث من اللفظ، وأن يكون ممن يؤدي الحديث بحروفه كما سمع، لا يحدث به على المعنى، لأنه إذا حدث به على المعنى وهو غير عالم بما يحيل معناه ـ: لم يدر لعله يحيل الحلال إلى حرام. وإذا أداه بحروفه فلم يبق وجه يخاف فيه إحالته الحديث، حافظا إذا حدث به من حفظه، حافظا لكتابه إذا حدث من كتابه. إذا شَرِك أهل الحفظ في حديث وافق حديثهم، بريا من أن يكون مدلسا: يحدث عن من لقي ما لم يسمع منه، ويحدث عن النبي ما يحدث الثقات خلافه عن النبي".
الرسالة ص370
وقال ابن أبي حاتم:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/332)
قال أبو محمد: " فلما لم نجد سبيلا إلى معرفة شيء من معاني كتاب الله ولا من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من جهة النقل والرواية وجب أن نميز بين عدول الناقلة والرواة وثقاتهم وأهل الحفظ والثبت والإتقان منهم، وبين أهل الغفلة والوهم وسوء الحفظ والكذب واختراع الأحاديث الكاذبة.
ولما كان الدين هو الذي جاءنا عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وسلم بنقل الرواة حق علينا معرفتهم ووجب الفحص عن الناقلة والبحث عن أحوالهم، وإثبات الذين عرفناهم بشرائط العدالة والتثبت في الرواية مما يقتضيه حكم العدالة في نقل الحديث وروايته، بأن يكونوا أمناء في أنفسهم علماء بدينهم، أهل ورع وتقوى وحفظ للحديث وإتقان به وتثبت فيه، وأن يكونوا أهل تمييز وتحصيل لا يشوبهم كثير من الغفلات، ولا تغلب عليهم الأوهام فيما قد حفظوه ووعوه، ولا يشبه عليهم بالأغلوطات.
وأن يعزل عنهم الذين جرحهم أهل العدالة وكشفوا لنا عن عوراتهم في كذبهم وما كان يعتريهم من غالب الغفلة وسوء الحفظ وكثرة الغلط والسهو والاشتباه، ليعرف به أدلة هذا الدين وأعلامه وأمناء الله في أرضه على كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهم هؤلاء أهل العدالة، فيُتمسك بالذي رووه، ويعتمد عليه، ويحكم به، وتجري أمور الدين عليه "
الجرح والتعديل 1/ 5
وقال ابن حبان:
وأماشرطنا في نقلة ما أودعناه كتابنا هذا من السنن، فإنا لم نحتج فيه إلا بحديث اجتمع في كل شيخ من رواته خمسة أشياء:
الأول العدالة في الدين بالستر الجميل.
والثاني الصدق في الحديث بالشهرة فيه.
والثالث العقل بما يحدث من الحديث.
والرابع العلم بما يحيل من معاني ما يروي.
والخامس المتعرى خبره عن التدليس. فكل من اجتمع فيه هذه الخصال الخمس، احتججنا بحديثه وبنينا الكتاب على روايته، وكل من تعرى عن خصلة من هذه الخصال الخمس لم نحتج به، والعدالة في الإنسان: هو أن يكون أكثر أحواله طاعة الله، لأنا متى ما لم نجعل العدل إلا من لم يوجد منه معصية بحال؛ أدانا ذلك إلى أن ليس في الدنيا عدل، إذ الناس لا تخلو أحوالهم من ورود خلل الشيطان فيها، بل العدل من كان ظاهر أحوله طاعة الله، والذي يخالف العدل من كان أكثر أحواله معصية الله.
صحيح ابن حبان 1/ 151
قال الحاكم:
"وقد ذكرت في كتاب المدخل إلى معرفة كتاب الإكليل: أنواع العدالة على خمسة أقسام، والجرح على عشرة أقسام، وتكلمت في هذه الكتب على الجرح والتعديل مما يغنى عن إعادته،واستشهدت بأقاويل الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين.
وأصل عدالة المحدث: أن يكون مسلما،لا يدعو إلى بدعة، ولا يعلن من أنواع المعاصي ما تسقط به عدالته، فإن كان مع ذلك حافظا لحديثه فهي أرفع درجات المحدثين ".
معرفة علوم الحديث ج 1 ص 53
قال الخطيب البغدادي:
حدثني أبو الفضل محمد بن عبيد الله المالكي أنه قرأ على القاضى أبى بكر محمد بن الطيب قال:"والعدالة المطلوبة في صفة الشاهد والمخبر، هى العدالة الراجعة إلى استقامة دينه وسلامة مذهبه، وسلامته من الفسق وما يجرى مجراه مما اتفق على أنه مبطل العدالة من أفعال الجوارح والقلوب المنهى عنها، والواجب أن يقال في جميع صفات العدالة إنها اتباع أوامر الله تعالى والانتهاء عن ارتكاب ما نهى عنه مما يسقط العدالة، وقد علم مع ذلك أنه لا يكاد يسلم المكلف من البشر من كل ذنب ... فيجب لذلك أن يقال إن العدل هو من عرف بأداء فرائضه ولزوم ما أمر به وتوقى ما نهى عنه وتجنب الفواحش المسقطة وتحرى الحق الواجب في أفعاله ومعاملته والتوقى في لفظه مما يثلم الدين والمروءة فمن كانت هذه حاله فهو الموصوف بأنه عدل في دينه.
الكفاية في علم الرواية ج 1 ص 52
قال الحازمي
" وصفة العدالة هي اتباع أوامر الله تعالى والانتهاء عن ارتكاب ما نهى عنه، وتجنب الفواحش المسقطة، وتحري الحق، والتوقي في اللفظ مما يثلم الدين والمروءة، وليس يكفي في ذلك اجتناب الكبائر حتى يجتنب الإصرار على الصغائر، فمتى وجدت هذه الصفات كان المتحلي بها عدلا مقبول الشهادة والرواية."
شروط الأئمة الخمسة ص 184
==============
ذكرتم أنه يوجد فرق بين العدالة عند أهل الحديث والفقهاء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/333)
فقلتم " فقد خلط كثيرون بين عدالة الرواية ـ والمطلوب فيها هو الصدق والتدقيق في المروي ـ وعدالة السلوك بمعناها الفقهي القضائي التي تستلزم "اجتناب الكبائر وعدم الوقوع في الصغائر إلا نادرا، واجتناب المباح القادح في المروءة "كما يقول الفقهاء.
ولم تنقلوا دليلا من كلام أحد من الفريقين أهل الحديث وأهل الفقه.
وهذه نقول عن بعض أهل العلم من الفريقين ترد ما ذكرتم.
قال ابن جماعة:
" الأول أجمع جماهير أئمة العلم بالحديث والفقه والأصول على أنه يشترط فيمن يحتج بحديثه العدالة والضبط فالعدالة أن يكون مسلما بالغا عاقلا سليما من الفسق وخوارم المروءة."
المنهل الروي ج: 1 ص: 63
قال الآمدي:
"الشرط الرابع أن يكون الراوي متصفا بصفة العدالة، وذلك يتوقف على معرفة العدل لغة وشرعا.
أما العدل في اللغة: فهو عبارة عن المتوسط في الأمور من غير إفراط في طرفي الزيادة والنقصان ومنه قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) أي عدلا، فالوسط والعدل بمعنى واحد، وقد يطلق في اللغة ويراد المقابل للجور، وهو اتصاف الغير بفعل ما يجب له، وترك ما لا يجب، والجور في مقابلته، وقد يطلق ويراد به ما كان من الأفعال الحسنة يتعدى الفاعل إلى غيره، ومنه يقال للملك المحسن إلى رعيته: عادل.
وأما في لسان المتشرعة، فقد يطلق ويراد به أهلية قبول الشهادة والرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال الغزالي في معنى هذه الأهلية إنها عبارة عن استقامة السريرة والدين، وحاصلها يرجع إلى هيئة راسخة في النفس تحمل على ملازمة التقوى والمروءة جميعا، حتى تحصل ثقة النفوس بصدقه.
وذلك إنما يتحقق باجتناب الكبائر وبعض الصغائر وبعض المباحات ....
وأما بعض المباحات فما يدل على نقص المروءة، ودناءة الهمة، كالأكل في السوق، والبول في الشوارع، وصحبة الأراذل والإفراط في المزح، ونحو ذلك مما يدل على سرعة الإقدام على الكذب، وعدم الاكتراث به. ولا خلاف في اعتبار اجتناب هذه الأمور في العدالة المعتبرة في قبول الشهادة والرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأن من لا يجتنب هذه الأمور أحرى أن لا يجتنب الكذب، فلا يكون موثوقا بقوله، ولا خلاف أيضا في اشتراط هذه الأمور الأربعة في الشهادة"
الإحكام للآمدي ج: 2 ص: 88
================
عدالة الصحابة عند المحدثين هل هي عدالة رواية كما ذكرتم، أم أنها عدالة ديانة؟
ونترك أعلم الناس بمذاهبهم يحدثنا عن ذلك، ولكن بعد أن نعرف القراء مكانته بين أهل هذا الشأن علماء الحديث.
المتحدث إلينا عن ذلك هو الخطيب البغدادي.
قال الحافظ ابن حجر في نزهة النظر وهو يتحدث عن التأليف في علوم الحديث: ثم جاء من بعدهم الخطيب أبو بكر البغدادي، فصنف في قوانين الرواية كتابا سماه "الكفاية " وفي آدابها كتابا سماه "الجامع لآداب الشيخ والسامع " وقل فن من فنون الحديث إلا وقد صنف فيه كتابا مفردا، فكان كما قال الحافظ أبو بكر بن نقطة: " كل من أنصف علم أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه "
كفى بها شهادة من الحافظ ابن نقطة للخطيب وموافقة الحافظ ابن حجر له عليها.
قال الخطيب البغدادي:
"ما جاء في تعديل الله ورسوله للصحابة
وانه لا يحتاج إلى سؤال عنهم وإنما يجب فيمن دونهم كل حديث اتصل إسناده بين من رواه وبين النبي صلى الله عليه وسلم لم يلزم العمل به إلا بعد ثبوت عدالة رجاله ويجب النظر في أحوالهم سوى الصحابي الذي رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم واختياره لهم في نص القرآن فمن ذلك قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) وقوله: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) وهذا اللفظ وان كان عاما فالمراد به الخاص وقيل هو وارد في الصحابة دون غيرهم. وقوله: (لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا) وقوله تعالى: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه) وقوله تعالى: (والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم) وقوله: (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) وقوله تعالى: (للفقراء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/334)
المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون والذين تبوأوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون)
في آيات يكثر إيرادها ويطول تعدادها ووصف رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة مثل ذلك وأطنب في تعظيمهم وأحسن الثناء عليهم فمن الأخبار المستفيضة عنه في هذا المعنى ما أخبرنا أبو نعيم الحافظ ثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا شعبة عن منصور والأعمش عن إبراهيم عن عبيدة السلماني عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خير امتى قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجىء قوم تسبق ايمانهم شهادتهم ويشهدون قبل ان يستشهدوا وأخبرنا أبو بكر أحمد بن على بن محمد اليزدى الحافظ بنيسابور انا أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان ثنا عبد الله بن محمد بن شيرويه ثنا محمد بن بشار ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبى بشر عن عبد الله بن شقيق عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خيركم قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم قال أبو هريرة فلا ادرى ذكره مرتين أو ثلاثا ثم يخلف من بعدهم قوم يحبون السمانة ويشهدون ولا يستشهدون " أخبرنا الحسن بن أبى بكر ثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم املاء قال ثنا محمد بن يونس قال ثنا أبو الربيع سليمان بن داود ثنا منصور بن أبى الأسود عن الأعمش عن على بن مدرك عن هلال بن يساف عن عمران بن حصين قال قال:" رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يخلف قوم تسبق ايمانهم شهادتهم ثم يظهر فيهم السمن " أخبرنا القاضى أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبى صالح عن أبى سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تسبوا أصحابي فوالذى نفسي بيده لو انفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه " ..
والأخبار في هذا المعنى تتسع وكلها مطابقة لما ورد في نص القرآن وجميع ذلك يقتضى طهارة الصحابة والقطع على تعديلهم ونزاهتهم فلا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله تعالى لهم المطلع على بواطنهم الى تعديل أحد من الخلق له فهو على هذه الصفة الا ان يثبت على أحد ارتكاب ما لا يحتمل الا قصد المعصية والخروج من باب التأويل فيحكم بسقوط العدالة وقد برأهم الله من ذلك ورفع اقدارهم عنه على انه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله فيهم شيء مما ذكرناه لاوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد والنصرة وبذل المهج والاموال وقتل الآباء والاولاد والمناصحة في الدين وقوة الإيمان واليقين القطع على عدالتهم والاعتقاد لنزاهتهم وانهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين الذين يجيؤن من بعدهم ابد الآبدين هذا مذهب كافة العلماء ومن يعتد بقوله من الفقهاء وذهبت طائفة من أهل البدع الى ان حال الصحابة كانت مرضية الى وقت الحروب التي ظهرت بينهم وسفك بعضهم دماء بعض فصار أهل تلك الحروب ساقطى العدالة ولما اختلطوا باهل النزاهة وجب البحث عن أمور الرواة منهم وليس في أهل الدين والمتحققين بالعلم من يصرف إليهم خبر ما لا يحتمل نوعا من التأويل وضربا من الاجتهاد فهم بمثابة المخالفين من الفقهاء المجتهدين في تأويل الاحكام لاشكال الأمر والتباسه ويجب ان يكونوا على الأصل الذي قدمناه من حال العدالة والرضا إذ لم يثبت ما يزيل ذلك عنهم أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى الهمذاني ثنا صالح بن أحمد الحافظ قال سمعت أبا جعفر أحمد بن عبدل يقول سمعت أحمد بن محمد بن سليمان التستري يقول سمعت أبا زرعة يقول إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم انه زنديق وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق وانما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وانما يريدون ان يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة "
الكفاية في علم الرواية 46 ـ الكفاية في علم الرواية ـ 51
==============
قال الإمام ابن أبي حاتم:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/335)
" فأما أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فهم الذين شهدوا الوحي والتنزيل وعرفوا التفسير والتأويل وهم الذين اختارهم الله - عز وجل - لصحبة نبيه – صلى الله عليه وسلم – ونصرته وإقامة دينه وإظهار حقه فرضيهم له صحابة وجعلهم لنا أعلأماوقدوة فحفظوا عنه – صلى الله عليه وسلم – ما بلغهم عن الله - عز وجل - وما سن وما شرع وحكم وقضى وندب وأمر ونهى وأدب، ووعوه وأتقنوه ففقهوا في الدين وعلموا أمر الله ونهيه ومراده بمعاينة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومشاهدتهم منه تفسير الكتاب وتأويله وتلقفهم منه واستنباطهم عنه، فشرفهم الله - عز وجل - بما مَنَّ عليهم وأكرمهم به من وضعه إياهم موضع القدوة فنفى عنهم الشك والكذب والغلط والريبة والغمز وسماهم عدول الأمة، فقال - عز ذكره - في محكم كتابه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (البقرة آية (143) ففسر النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الله - عز ذكره - قوله: (وسطاً قال: عدلاً، فكانوا عدول الأمة وأئمة الهدى وحجج الدين ونقلة الكتاب والسنة. وندب الله -عز وجل - إلى التمسك بهديهم والجري على منهاجهم والسلوك لسبيلهم والاقتداء بهم فقال: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى ... } (النساء آية (115
كتاب الجرح والتعديل (1/ 7).
==============
قال ابن عبد البر:
"الصحابة كلهم عدول، مرضيون، ثقات، أثبات، وهو أمر مجتمع عليه عند أهل العلم بالحديث".
التمهيد 22/ 47
قال القرطبي:
"وهكذا القول في الصحابة إن شاء الله تعالىاشتركوا في الصحبة ثم تباينوا في الفضائل بما منحهم الله من المواهب والوسائل فهم متفاضلون بتلك من أن الكل شملتهم الصحبة والعدالة والثناء عليهم وحسبك بقول الحق (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار) إلىآخر السورة وقال: (وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها) ثم قال: (لايستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل) وقال: (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) فعم وخص ونفى عنهم الشين والنقص رضي الله عنهم أجمعين ونفعنا بحبهم آمين"
تفسير القرطبي 3/ 264
قال القرطبي:
"العدالة هي الاعتدال في الأحوال الدينية وذلك يتم بأن يكون مجتنبا للكبائر محافظا على مروءته وعلى ترك الصغائر.
================
قلت: فالصحابة كلهم عدول أولياء الله تعالى وأصفياؤه وخيرته من خلقه بعد أنبيائه ورسله هذا مذهب أهل السنة والذي عليه الجماعة من أئمة هذه الأمة. وقد ذهبت شرذمة لا مبالاة بهم إلى أن حال الصحابة كحال غيرهم فيلزم البحث عن عدالتهم ومنهم من فرق بين حالهم في بداءة الأمر فقال إنهم كانوا على العدالة إذ ذاك ثم تغيرت بهم الأحوال فظهرت فيهم الحروب وسفك الدماء فلا بد من البحث وهذا مردود فإن خيار الصحابة وفضلاءهم كعلي وطلحة والزبير وغيرهم رضي الله عنهم ممن أثنى الله عليهم وزكاهم ورضي عنهم وأرضاهم ووعدهم الجنة بقوله تعالى (مغفرة وأجرا عظيما) وخاصة العشرة المقطوع لهم بالجنة بإخبار الرسول هم القدوة مع علمهم بكثير من الفتن والأمور الجارية عليهم بعد نبيهم بإخبارهم لهم بذلك، وذلك غير مسقط من مرتبتهم وفضلهم إذ كانت تلك الأمور مبنية على الاجتهاد ... ".
تفسير القرطبي 16/ 254
قال النووي:
"ولهذا اتفق أهل الحق ومن يعتد به في الإجماع على قبول شهاداتهم ورواياتهم وكمال عدالتهم رضي الله عنهم أجمعين".
شرح مسلم 15/ 149
قال ابن حزم:
"والصحابة كلهم عدول رضي الله عنهم لثناء الله تعالى عليهم".
المحلى 5/ 92
=============
فبان بما قدمنا أن عدالة الصحابة العدالة الدينية بمعناها السلوكي، وهو اجتناب الكبائر والإصرار على الصغائر، واجتناب ما يقدح في المروءة، إجماع من المتقدمين من أهل الحديث والفقه والأصول، لا كما أردتم أن تصوروا للناس من أنه فهم خاطئ للمتأخرين.
وكل يوم نناقش ملحوظة من الملحوظات التي أرى أنكم جانبتم فيها الصواب.
محبكم /عبد الله الشنقيطي.
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[03 - 01 - 05, 10:45 ص]ـ
في هذه الوقفة سأ تناول ما طرح المؤلف حول مصطلح سب الأصحاب وقصره على اللعن دون غيره من باقي أنواع السب.
قال في ص 149
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/336)
"إن مصطلحات " السب " و " الشتم " و " الذم " في سياق الفتن السياسية في صدر الإسلام لا تعني شيئا آخر غير اللعن، رغم إن هذه الألفاظ في وضعها اللغوي تشمل ما دون ذلك من أية أوصاف مستهجنة ".
والنقاش سيتركز على النقاط التالية.
1ـ هل للكاتب سلف في هذا القول.
2ـ خطورة هذا القول والكاتب نموذج.
3ـ مناقشة تمويهات الكاتب في استدلالاته لما ذكر.
لن أ ناقش المؤلف في المعنى اللغوي للسب ب فقد اعترف أنه في معناه اللغوي يشمل اللعن وغيره من الأوصاف المستهجنة، لكن أنا قشه في إخراجه المعنى اللغوي دون أي دليل، ومعلوم أن الألفاظ الشرعية واردة بلغة العرب، فالأصل بقاء المعنى اللغوي حتى يأتي ما يدل على نقله إلى المعنى الشرعي، أو العرفي، ولا بد لمن ادعى أحد المعنيين المتقدمين أن يأتي لما قال بدليل شرعي إن كان المعنى شرعيا، أو عرفي عن أهل الاصطلاح الذين جعلوه مصطلحا عرفيا ولم يأت الكاتب بأي من الدليلين فيبقى المعنى على ما تدل عليه اللغة.
===========
والحقيقة المؤلمة أنني لم أجد للكاتب في هذا القول سلفا، مع خطورة القضية ووجود نص صحيح صريح فيها، وكثرة بحث أهل العلم لها، واختلافهم في تكفير الساب، مما يجعل توضيح القضية واجبا عليهم، فهم مطبقون على أن كل ما يسمى سبا يحرم التلفظ به في جانب الصحابة،وعدوه كبيرة من الكبائر، وفصلوا أنواع السب تفصيلا بينا، فلو كان السب المحرم في جانب الصحابة هو اللعن فقط ولم يبينه هؤلاء العلماء وينصوا عليه لكانوا للعلم كاتمين ولعباد الله ظالمين إذ كفروهم بغير مكفر، وفسقوهم بغير ذنب.
===========
وهذه نصوصهم على خلاف ما ذكر الكاتب. وفي تفسير القرطبي
"وقيل لمالك بن أنس رضي الله عنه من السفلة قال الذي يسب الصحابة "
تفسير القرطبي 9/ 24
: قال الإمام أحمد رحمه الله: " لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساوئهم، ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا بنقص، فمن فعل ذلك وجب على السلطان تأديبه وعقوبته، ليس له أن يعفو عنه، بل يعاقبه ويستتيبه، فإن تاب قبل منه، وإن ثبت عاد عليه بالعقوبة، وخلده الحبس حتى يموت أو يرجع ". طبقات الحنابلة 1/ 24
السنة للخلال.
وقال أبو عبدالله من تنقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينطوي إلا على بلية وله خبيئة سوء إذا قصد إلىخير الناس وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حسبك
وفي الكفاية للخطيب البغدادي:
" أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى الهمذاني ثنا صالح بن احمد الحافظ قال سمعت أبا جعفر أحمد بن عبدل يقول سمعت احمد بن محمد بن سليمان التستري يقول سمعت أبا زرعة يقول إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق وانما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وانما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة "
الكفاية في علم الرواية ج 1 ص 51
وقال الإمام أبو نعيم رحمه الله: " فلا يتتبع هفوات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وزللهم ويحفظ عليهم ما يكون منهم حال الغضب والموجدة إلا مفتون القلب في دينه ". (الإمامة لأبي نعيم 344).
قال البهيقي رحمه الله:
"وإذا ظهر أن حب الصحابة من الإيمان فحبهم أن يعتقد فضائلهم ويعترف لهم بها ويعرف لكل ذي حق منهم حقه ولكل ذي غناه في الإسلام منهم غناه ولكل ذي منزلة ثم رسرل الله ص منزلته وينشر محاسنهم ويدعو بالخير لهم ويقتدي بما جاء في أبواب الدين عنهم ولا يتبع زلاتهم وهفواتهم وتعمد تخير أحد منهم ببنيه عنه ويسكت عما لا تقع ضرورة إلىالخوض فيه مما كان بينهم وبالله التوفيق
عن أبي بكر بن عياش في أوصاف أهل السنة والجماعة ومن كف عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيما اختلفوا فيه فلم يذكر أحدا منهم إلا بخير "
شعب الإيمان 2/ 192
قال شيخ الإسلام:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/337)
"قال القاضي: ابو يعلى فقد اطلق القول فيه أنه يكفر بسبه لاحد من الصحابة وتوقف في رواية عبد الله وابي طالب عن قتله وكمال الحد وايجاب التعزير يقتضي أنه لم يحكم بكفره قال فيحتمل أن يحمل قوله ما اراه على الاسلام اذا استحل سبهم بأنه يكفر بلا خلاف ويحمل اسقاط القتل على من لم يستحل ذلك بل فعله مع اعتقاده لتحريمه كمن ياتي المعاصي قال ويحتمل أن يحمل قوله ما اراه على الاسلام على سب يطعن في عدالتهم نحو قوله ظلموا وفسقوا بعد النبي واخذوا الامر بغير حق ويحمل قوله في اسقاط القتل على سب لا يطعن في دينهم نحو قوله كان فيهم قلة علم وقلة معرفة بالسياسة والشجاعة وكان فيهم شح ومحبة للدنيا ونحو ذلك قال ويحتمل أن يحمل كلامه على ظاهره فتكون في سابهم روايتان احداهما يكفر والثانية يفسق وعلى هذا استقر قول القاضي وغيره حكوا في تكفيرهم روايتين.
الصارم المسلول ج: 3 ص: 1065
قال القرطبي في تفسيره:
"الخامسة روى أبو عروة الزبيري من ولد الزبير كنا عند مالك بن أنس فذكروا رجلا ينتقص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ مالك هذه الآية محمد"
ثم قال _ بعد أن ذكر الأدلة المحرمة لسبهم ـ:
"والأحاديث بهذا المعنى كثيرة فحذار من الوقوع في أحد منهم"
تفسير القرطبي ج16/ص298
قال القرطبي:
"الثانية هذه الآية دليل على وجوب محبة الصحابة لأنه جعل لمن بعدهم حظا في الفيء ما أقاموا على محبتهم وموالاتهم والاستغفار لهم وأن من سبهم أو واحدا منهم أو اعتقد فيه شرا أنه لا حق له في الفيء روى ذلك عن مالك وغيره قال مالك من كان يبغض أحدا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أو كان في قلبه عليهم غل فليس له حق في فيء المسلمين ثم قرأ والذين جاءوا من بعدهم "
تفسير القرطبي 18/ 32 قال النووي:
"واعلم أن سب الصحابة رضي الله عنهم حرام من فواحش المحرمات سواء من لابس الفتن منهم وغيره لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون كما أوضحناه في أول فضائل الصحابة من هذا الشرح قال القاضي وسب أحدهم من المعاصي الكبائر ومذهبنا ومذهب الجمهور أنه يعزر ولا يقتل وقال بعض المالكية يقتل"
شرح النووي على صحيح مسلم 16/ 93
قال شيخ الإسلام بن تيمية:
"ونحن نرتب الكلام في فصلين احدهما في حكم سبهم مطلقا والثاني في تفصيل احكام السب أماالاول فسب أصحاب رسول الله حرام بالكتاب والسنة أماالاول فلإن الله سبحانه يقول ولا يغتب بعضكم بعضا وأدنى أحوال الساب لهم أن يكون مغتابا وقال تعالىويل لكل همزة لمزة والطاعن عليهم همزة لمزة ..... "
الصارم المسلول 3/ 1067
ثم ذكر شيخ الإسلام الأدلة من القرآن والسنة على حرمة سب الصحابة وعقوبة الساب وأدلة كل من قال أنه يؤدب ومن قال يقتل، ولا زم قول الساب من الطعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبسط المسألة بما لا يسع المقام ذكره هنا.
قال:
"وأما من سبهم سبا لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم أو عدم الزهد ونحو ذلك فهذا هو الذي يستحق التاديب والتعزير ولا يحكم بكفره بمجرد ذلك وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من العلماء وأمامن لعن وقبح مطلقا فهذا محل الخلاف فيهم لتردد الامر بين لعن الغيظ ولعن الاعتقاد"
الصارم المسلول 3/ 1110
وقد عد الذهبي سب الصحابة من الكبائر في كتابه الكبائر (ص233 - 237)
قال ابن كثير:
"وقد ذهب طائفة من العلماء إلىتكفير من سب الصحابة وهو رواية عن مالك بن أنس رحمه الله وقال محمد بن سيرين ما أظن أحدا يبغض أبا بكر وعمر وهو يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه الترمذي 3685
تفسير ابن كثير ج: 1 ص: 487
قال ابن السبكي: ((أجمع القائلون بعدم تكفير من سب الصحابة على أنهم فساق)). فتاوى السبكي 2/ 580
قال الشيخ سليمان العلوان:
"ولا أحسب أحداً ينقب عن عثرات الصحابة ويبحث لهم عن الزلات المبنية على الشبه الواهية إلا وقد رخص عليه دينه".
الاستنفار للذب عن الصحابة الأخيار ص 50
===============
فاتضح بهذه النصوص: أن أهل العلم جعلوا كل تنقص للصحابة سبا، وأمروا بتأديب فاعله فأين ما ادعاه الكاتب من أن اللعن فقط هو السب المنهي عنه؟؟ ليفتح الباب أمام كل متطاول على الصحابة أن يقول فيهم ما يشاء من السب، لكن لا يلعن كما فعل هو!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/338)
خطورة القول الذي تبناه الكاتب، تحايل على النص النبوي الناهي عن سب الصحابة، تسوغ سب الصحابة لكن لا تلعن وقل بعد ذلك ما شئت من أنواع السب، واتهم أبا بكر بأنه قاتل أهل الردة من أجل الملك، ووو، ولا أظن أن الرافضة كانوا يحلمون في يوم من الأيام أن يأتي سني ويهدي لهم هذه الهدية، لا بأس بشتم الصحابة ما لم يكن هناك لعن.
==================
و الكاتب مثالا لما تقدم فهو أول ضحايا قاعدته هذه فقد سب بعض الصحابة وجدع وهذه أمثلة من كتابه، بين الكاتب أنه ألف كتابه لبيان كيف أدخل معاوية هذه الأمة في تيه الاستبداد وبدون هذا الإدراك؛فإن الأمة ستظل في هذا التيه، فهي لا يمكن أن تخرج منه إلا إذا فضحت المستبدين، ولا يمكن ذلك إذا كان المستبدين من الصحابة الذين أدخلوها في هذا التيه مسكوت عنهم بل يبرر ما فعلوا، كذا زعم.
قال في مقدمة كتابه ص 29
"فإن الأولوية اليوم هي كشف فضائح المستبدين، وتجريدهم من أي شرعية أخلاقية أو تاريخية.
... لكن كشف فضائح المستبدين المعاصرين غير ممكن ما دام الحديث عن الانحرافات السياسية التي بدأت في عصر الصحابة مطبوع بطابع التبرير والدفاع، لا بطابع الدراسة المجردة الهادفة إلى الاعتبار، وما دام الحديث عن تلك الفتن والخلافات السياسية يتحكم فيه فقه التحفظ، لا التقويم."!!!
وقال في ص 37
"ومهما يرهق الباحث نفسه في تأصيل العدل في الحكم والقسم، فسيحج من المصابين بداء التجسيد من يحتج عليه قولا أو فعلا بعمل بعض الأكابر الذين آثروا أقاربهم بالولايات والأموال. ومهما يرهق نفسه في الحديث عن حق الأمة في اختيار قادتها، فسيجد من يحاججه قولا أو فعلا بعمل بعض الأكابر الذين ورثوا أبناءهم السلطة.
وليس من حل لهذه الأزمة الفكرية والعلمية سوى التقيد بوصية النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه " قول الحق وإن كان مرا "، وتسمية الأخطاء بأسمائها دون مواربة، وخصوصا أخطاء الأكابر الذين هم محل القدوة والأسوة من أجيال الأمة. "
هذان النصان واضحان يبين فيهما الكاتب أنه إنما قصد بتأليف كتابه ذكر هفوات الصحابة، والطعن بها عليهم، وهو ما فعله في كتابه.
وقد تركز طعنه على شخصيتين هما معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاصي رضي الله عنهما.
قال عن معاوية في 68
والآخذين بالمنهج التأصيلي يحاكمونه إلى المبادئ الإسلامية الأصيلة التي انبنت عليها دولة النبوة والخلافة الراشدة فيميلون إلىانتقاده. وهذا أمر منطقي كذلك نظرا للثغرات الكبيرة التي دخلت على نظام الحكم الإسلامي على يديه.
وقال عنه في ص 80
تحت عنوان الإقرار بثقل الإرث الجاهلي.
ولقد كان للأعراف الاجتماعية والتاريخية تأثيرا بالغا في إشعال الفتن السياسية بين الصحابة رضي الله عنهم وليس مما يستغرب أن يكون معاوية هو أول من حول الخلافة إلى ملك، فقد أمضى شطر عمره في بيت السيادة في قريش، وشطره الثاني على حدود دولة الروم.
ص 125
وتفسير حرب صفين بأسبابها الحقيقية وهي مطامح الملك لدي معاوية وعمرو، وتجاوزهما حدود الشرع في الدماء والجنايات في الطريقة التي طلبا بها الأخذ بدم عثمان.
وقوله ص 175 بعد أن ذكر مراسلة بين معاوية وأبي موسى الأشعري.
وتكشف هذه المراسلة عن الفرق بين تصور أبي موسى الأشعري لموضوع الخلافة الذي اعتبره جسيم أمر هذه الأمة. يخاف ربه إذا سأله عنه، وبين تصور معاوية الذي لم يكن يرى بأسا بالاستيلاء عليها بتوزيع العطايا والمناصب وإشهار السيوف والرماح.
وقوله في ص 179
وهو يتحدث عما أحدث معاوية من خرق في الحكم: وأخرج بناء السلطة من إطار مبادئ الشرع: كالشورى والبيعة والعدل .. إلى منطق القوة وقانون الغاب.
وقال في ص 85 فلو أن دارسا يكتب في نطاق صفة القوة مثل الخبرة العسكرية أو العبقرية الإدارية أو الدهاء السياسي، لوجد لدى شخصيات مثل عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان ما يستحق الإشادة والثناء دون ريب بل لوجدهم على قمة من عرفهم التاريخ البشري من القادة السياسيين والعسكريين والإداريين. لكن نفس الدارس لو كتب عن موضوعات تدخل في نطاق الأمانة مثل الشرعية السياسية، أو العدل في القسم والحكم، أو الزهد في الولايات العامة، وعدم الإيثار أو الاستئثار بها .. لوجد لدى تلك الشخصيات ذاتها ما يستحق النقد حقا لا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/339)
ادعاء.
وقال عن خالد بن الوليد في ص84
إن منطق التكامل هو الذي دفع الصديق إلى التشبث بخالد في وقت ارتداد العرب ورميهم الإسلام عن قوس واحدة، رغم أنه كان لدى الصديق مآخذ على خالد منها سيفه المرهق وتصرفه في المال وتقدمه على الخليفة.
ورفض بعض فضائل معاوية كتولية عمر له.
قال في ص 109
صحيح إن مجرد تولية عمر لأي شخص لا تعني براءته من ارتكاب ظلم أو إتيان معصية، ..
وقال في ص 143
عن عثمان أنه آثر أهله وأقرباءه بالمناصب والمال.
ووصل به الاندفاع إلى حد جعله يجعل معاوية وعمرو بن العاص أشد خطرا في جانب الانحراف المتعلق بالخلافة من الخوارج.
قال في ص 157
ـ وهو يتحدث عن أخطاء علي رضي الله عنه السياسية ومنها عدم مدارات الخوارج ـ
" وأن يداري الخوارج ويخليهم وشأنهم وهو مهدد من طرف عدو أقوى منهم وأحسن تنظيما وتخطيطا، وأخطر على نظام الخلافة الذي كان لخوارج ـ على انحرافهم يؤمنون به إيمانا راسخا.
ولا تنس أن الخوارج كفروا عليا وكل الصحابة فما أدري ما هذه الخلافة التي يؤمنون بها ومن سيكون الخليفة فيها.
وأكبر مناقب علي التي امتدحه الرسول صلى الله بها وطائفته قتالهم للخوارج الذي جعله الكاتب من أخطئه السياسية.
قال في رده على ابن تيمية قوله إن معاوية وعمر لم يقاتلا من أجل الملك في ص 181
" لقد كان حري بابن تيمية هنا أن يعترف ـ كما فعل دائما ـ بالطبيعة المركبة للفتنة، وباختلاط الشبهات والشهوات فيها، ويقبل أن دوافع معاوية وعمرو لم تكن مجرد شبهة الاقتصاص للخليفة الشهيد، بل خالطتها شهوة الملك وحب الدنيا.
وقال ردا على ابن تيمية قوله المتقدم ص 178
" إن كل هذه النصوص تدل على أن معاوية سعى إلى الملك بالفعل وبالقول، وصرح بمطامعه في قيادة الأمة دون لبس. فالقول بعد ذلك أنه لم ينازع عليا الخلافة ولا سعى إليها .. تكلف بارد كان الأولى بشيخ الإسلام ابن تيمية أن يتنزه عنه.
على أن دور معاوية أكبر من مجرد الخروج على الجماعة ومنازعة الأمر أهله. فهو الذي أرسى نظام الملك بديلا عن دولة الخلافة، فسن في الإسلامي تلك السنة السيئة، وفتح بها أبوابا من المظلم التي لم تتوقف، ومن الدماء آلتي لم تجف منذ أربعة عشر قرنا، وأخرج بناء السلطة من إطار مبادئ الشرع: كالشورى والبيعة والعدل .. إلى منطق القوة وقانون الغاب، وهو أمر لا يزال المسلون يعيشون مساوئه إلى اليوم.
فسواء تأولنا لمعاوية في مواقفه خلال الفتنة أم لم نتأول، فإن سلوكه السياسي اللاحق ليس مما يمكن التأويل له، وهو سلوك كان أبعد على الإسلام و المسلمين من الفتنة ذاتها، بل من أي حدث تارخي خلال أربعة عشرة المنصرمة. فقد كانت الفتنة التي قادها معاوية هدما لأركان الخلافة الراشدة، لكن ما فعله معاوية بعد الفتنة من توريث السلطة لابنه بالترغيب والترهيب كان أسوأ أثرا، لأنه إرساء لبناء جديد منحرف على أنقاض تلك الخلافة، وسد لأبواب استردادها. فليتكلف المتكلفون ما شاءوا في تأويلهم لما حدث أثناء الفتنة، لكنهم لن يجدوا ما يتأولونه لما حدث بعد ذلك، إذا كانوا حقا ممن يجعل قدسية المبادئ فوق مكانة الأشخاص. "
=================
ليس القصد من هذه النقول هنا الرد عليها، وإنما المقصود منها إثبات أن محمد بن المختار الشنقيطي ألف كتابه من أجل سب الصحابة وتنقصهم وقد فعل ذلك شاء من شاء وأبى من أبى.
=================
تمويه المؤلف:
لما أراد المؤلف أن يؤصل لقاعدته المتقدمة لم تسعفه النصوص الشرعية، ولا الفقهية ولا كلام شراح الحديث ولا كتب المقالات، ففكر وقدر؛ فوجد حديثا في صحيح مسلم، في قصة أحد أمراء بني أمية طلب من سهل بن سعد أن يشتم عليا فأبى، فلعن الأمير عليا، فطار بها وجعلها دليلا مع أنه لا دلالة فيها. واستعجل أن يراجع بعض طرق الحديث لتبيين ما طلبه الأمير من سهل، فقد بينت رواية ابن حبان للقصة ما طلب الأمير من سهل " عن سهل بن سعد أن رجلا جاءه فقال هذا فلان أمير من أمراء المدينة يدعوك لتسب عليا على المنبر قال أقول ماذا قال تقول له أبو تراب فضحك سهل فقال والله ما سماه إياه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان لعلي اسم أحب إليه منه دخل علي على فاطمة ثم خرج فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة فقال أين بن عمك قالت هو ذا مضطجع في المسجد فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فوجد رداءه قد سقط عن ظهره فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح التراب عن ظهره ويقول اجلس أبا تراب والله ما كان سم أحب إليه منه ما سماه إياه إلا رسول الله صلى لله عليه وسلم.
صحيح ابن حبان ج 15 ص 368
فهو لم يطلب منه إلا أن يسمي عليا باسم ظن أن له فيه تنقصا.
ثم موه بقصة يزيد ولا دليل فيها لعدة أمور، أولا يزيد ليس صحابيا، ثانيا لا يعد الخلاف حول لعنه الخلاف في لعن المعين المسلم.
فلا علاقة للقصة بسب الصحابة، وقصره على اللعن كما أراد الكاتب.
والله أعلم وإلى وقفة أخرى من هذه الوقفات المباركة.
وأعتذر للمتابعين الكرام عن تأخر هذه الوقفة، وسبب ذلك أنا كنا ننتظر جواب الكاتب على الوقفة السابقة.
محبكم / عبد الله الشنقيطي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/340)
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[06 - 01 - 05, 03:27 ص]ـ
في هذه الوقفة سنتناول إخراج المؤلف مسألة فضل الصحابة، وعدالتهم من جمل قطعيات الدين، وزعمه أن المدخل لها في ذلك غال لا يميز بين الوحي والتاريخ.
قال في ص 130
"وإذا كان الصحابة رضي الله عنهم وهم يتقاتلون لم يصوغوا خلا فاتهم السياسية بلغة الكفر والإيمان، فحري بالباحثين اليوم أن يتقيدوا بذلك، ولا يخلطوا بين الوحي والتاريخ.
فحسن التناول يقتضي من الدارس للخلافات السياسية بين الصحابة ـ وبين المسلمين عموما ـ أن يضع حدا فاصلا بين كليات العقيدة وفروع الدين، وأن لا يحول الفرع إلى أصل، فيقع في الغلو، ويحيد عن الجادة ".
و المسائل موضع النقاش.
1 ـ تقسيم الدين إلى فروع وأصول.
2ـ ما ذا يقصد الكاتب بقوله إن الصحابة لم يصوغوا خلافاتهم لغة الكفر والإيمان.
3ـ هل مسألة فضل الصحابة وعدالتهم من جمل قطعيات الدين.
أولا تقسيم الدين إلى أصول وفروع من خزعبلات المتكلمين التي لم يدل عليها كتاب ولا سنة ولا قول صاحب، بل كل هذه الأصول تدل على خلافه.
وأفضل من بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية فقال مبينا هذه القضية:
"والفرق بين مسائل الأصول والفروع إنما هو من أقوال أهل البدع من أهل الكلام من المعتزلة والجهمية ومن سلك سبيلهم. وانتقل هذا القول إلى أقوام تكلموا بذلك في أصول الفقه، ولم يعرفوا حقيقة هذا القول ولا غوره.
قالوا: والفرق في ذلك بين مسائل الأصول والفروع كما أنه بدعة محدثة في الإسلام، لم يدل عليها كتاب ولا سنة ولا إجماع، بل ولا قالها أحد من السلف والأئمة، فهي باطلة عقلا؛ فإن المفرقين بين ما جعلوه مسائل أصول ومسائل فروع لم يفرقوا بينهما بفرق صحيح يميز بين النوعين، بل ذكروا ثلاثة فروق أو أربعة كلها باطلة.
فمنهم من قال: مسائل الأصول هي العلمية الاعتقادية التي يطلب فيها العلم والاعتقاد فقط، ومسائل الفروع هي العملية التي يطلب فيها العمل.
قالوا: وهذا فرق باطل فإن المسائل العملية فيها ما يكفر جاحده، مثل وجوب الصلوات الخمس والزكاة وصوم شهر رمضان وتحريم الزنا والربا والظلم والفواحش. وفي المسائل العلمية مالا يأثم المتنازعون فيه، كتنازع الصحابة: هل رأى محمد ربه؟ وكتنازعهم في بعض النصوص: هل قاله النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ وما أراد بمعناه؟ وكتنازعهم في بعض الكلمات: هل هي من القرآن أم لا؟ وكتنازعهم في بعض معاني القرآن والسنة: هل أراد الله ورسوله كذا وكذا؟ وكتنازع الناس في دقيق الكلام: كمسألة الجوهر الفرد، وتماثل الأجسام، وبقاء الأعراض، ونحو ذلك؛ فليس في هذا تكفير ولا تفسيق.
قالوا: والمسائل العملية فيها علم وعمل، فإذا كان الخطأ مغفورا فيها، فالتي فيها علم بلا عمل أولى أن يكون الخطأ فيها مغفورا.
ومنهم من قال: المسائل الأصولية هي ما كان عليها دليل قطعي، والفرعية ما ليس عليها دليل قطعي.
قال أولئك: وهذا الفرق خطأ أيضا، فإن كثيرا من المسائل العملية عليها أدلة قطعية عند من عرفها، وغيرهم لم يعرفها، وفيها ما هو قطعي بالإجماع، كتحريم المحرمات الظاهرة، ووجوب الواجبات الظاهرة ..
ومنهم من فرق بفرق ثالث، وقال: المسائل الأصولية هي المعلومة بالعقل، فكل مسألة علمية استقل العقل بدركها، فهي من مسائل الأصول التي يكفر أو يفسق مخالفها. والمسائل الفروعية هي المعلومة بالشرع. قالوا: فالأول كمسائل الصفات والقدر، والثاني كمسائل الشفاعة وخروج أهل الكبائر من النار.
فيقال لهم: ما ذكرتموه بالضد أولى؛ فإن الكفر والفسق أحكام شرعية، ليس ذلك من الأحكام التي يستقل بها العقل. فالكافر من جعله الله ورسوله كافرا، والفاسق من جعله الله ورسوله فاسقا، كما أن المؤمن والمسلم من جعله الله ورسوله مؤمنا ومسلما، والعدل من جعله الله ورسوله عدلا، والمعصوم الدم من جعله الله ورسوله معصوم الدم، والسعيد في الآخرة من أخبر الله ورسوله عنه أنه سعيد في الآخرة، والشقي فيها من أخبر الله ورسوله عنه أنه شقي فيها، والواجب من الصلاة والصيام والصدقة والحج ما أوجبه الله ورسوله، والمستحقون لميراث الميت من جعلهم الله ورسوله وارثين، والذي يقتل حدا أو قصاصا من جعله الله ورسوله مباح الدم بذلك،والمستحق للفيء والخمس من جعله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/341)
الله ورسوله مستحقا لذلك، والمستحق للموالاة والمعاداة من جعله الله ورسوله مستحقا للموالاة والمعاداة، والحلال ما أحله الله ورسوله، والحرام ما حرمه الله ورسوله، والدين ما شرعه الله ورسوله فهذه المسائل كلها ثابتة بالشرع.
وأما الأمور التي يستقل بها العقل فمثل الأمور الطبيعية، مثل كون هذا المرض ينفع فيه الدواء الفلاني، فإن مثل هذا يعلم بالتجربة والقياس وتقليد الأطباء الذين علموا ذلك بقياس أو تجربة. وكذلك مسائل الحساب والهندسة ونحو ذلك، هذا مما يعلم بالعقل. "
منهاج السنة النبوية ج: 5/ 87 / 91
ولنأخذ مثلا من التعريفات التي ذكر شيخ الإسلام، قضية القطعية، فلا شك أن فضل الصحابة وعدالتهم قطعية فقد وردت في القرآن، ولا شك في قطعية كل ما ورد في القرآن، وتواترت بها السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكرها العلماء في جمل قطعيات الدين؛ ولهذا وضع الذين قسموا الدين إلى أصول وفروع مسألة الصحابة من الأصول كما فعل الغزالي في قواعد العقائد ج: 1 ص: 227
والآمدي غاية المرام ج: 1 ص: 390
والأشعري في رسالة إلى أهل الثغر ج: 1 ص: 303
وأما قوله إن الصحابة لم يصوغوا خلافاتهم السياسية لغة الكفر والإيمان. إن كان يقصد أنهم لم يكفر بعضهم بعضا فهذا صحيح. ونحن نقول لا يجوز اعتقاد فسق أحد منهم فضلا عن تكفيره.
أو كان يقصد أنهم لم يجعلوا ما جعله الأئمة من العقيدة من وجوب السكوت عن سبهم، أو تنقص من شارك منهم في الفتنة، واعتقاد فضل الصحابة وعدالتهم، ووجوب حبهم؛ فهذا خطأ بين على الصحابة تبين المنقولات التالية عنهم خطأه.
أخرج الحاكم وصححه عن سعيد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال: "الناس على ثلاثة منازل، فمضت منزلتان، وبقيت واحدة، فأحسن ما أنتم عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت. قال: ثم قرأ: {للفقراء المهاجرين} إلىقوله: {رضوانا} فهؤلاء المهاجرون. وهذه منزلة قد مضت {والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم} إلىقوله: {ولو كان بهم خصاصة}. قال: هؤلاء الأنصار. وهذه منزلة قد مضت. ثم قرأ: {والذين جاءوا من بعدهم} إلىقوله: {ربنا إنك رءوف رحيم} قد مضت هاتان وبقيت هذه المنزلة، فأحسن ما أنتم كائنون عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت. يقول: أن تستغفروا لهم" رواه الحاكم 2/ 3484 وصححه).
وقالت عائشة رضي الله عنها: ((أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فسبوهم)) (رواه مسلم في كتاب التفسير-حديث [3022] صحيح مسلم 4/ 2317).
وعن مجاهد، عن ابن عباس، قال: ((لا تسبوا أصحاب محمد، فإن الله قد أمر بالاستغفار لهم، وقد علم أنهم سيقتتلون)) رواه أحمد في الفضائل رقم (18)
قال ابن عمر: ((لا تسبوا أصحاب محمد، فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم أربعين سنة)). (رواه أحمد في فضائل الصحابة 1/ 61 وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة 1/ 32).
وروى مسلم في صحيحه (3/ 1461) بإسناده إلىالحسن بن عائذ بن عمرو وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، دخل على عبيد الله بن زياد فقال: أي بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن شر الرعاء الحطمة)، فإياك أن تكون منهم، فقال له اجلس فإنما أنت من نخالة – أي من قشور أو حثالة - أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: وهل كانت لهم نخالة، إنما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم.
كون عدالة الصحابة، وفضلهم، وحرمة سبهم، ووجوب محبتهم، وحمل أعمالهم إلى أحسن الوجوه من كليات الدين وقطعياته لا شك فيه لهذا فقد ذكرها جميع أهل العلم الذين صنفوا في جمل الدين وقطعياته التي يجب على المسلم أن يعتقدها.
قال محمد بن عبد الله في كتابه اعتقاد أهل السنة في الصحابة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/342)
ولا يمكن أن نجد كتاباً من كتب أهل السنة التي تبحث جوانب العقيدة المختلفة إلا ونجد هذا المبحث؛ ككتاب ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة)) اللالكائي و ((السنة)) لابن أبي عاصم، و ((السنة)) لعبد الله أحمد بن حنبل، و ((الأبانة)) لابن بطة، و ((عقيدة السلف أصحاب الحديث)) للصابوني. . وغيرها. بل كل إمام من أئمة السنة حينما يذكر عقيدته ولو في ورقة واحدة أو أقل، لا بد وأن يشير إلى موضوع الصحابة؛ إما من جهة فضلهم، أو فضل الخلفاء الراشدين، أو من جهة عدالتهم، والنهي عن سبهم والطعن فيهم، أو الإشارة إلى الكف والإمساك عما شجر بينهم. . الخ (راجع على سبيل المثال: ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة)) للألكائي (ت 418 هـ) (10/ 151 - 186) حيث ذكر المؤلف عقيدة عشرة من كبار أئمة أهل السنة، أشاروا إلى ما ذكرت، وقد حققه د. أحمد سعد حمدان الغامدي).
قال راقم هذه الحروف: وقد صنف شيخ الإسلام العقيدة الواسطية، وقال عنها إنها عقيدة جميع السلف والصحابة، وذكر فيها مسألة الكف عما شجر بين الصحابة.
وليضف الكاتب جميع أهل العلم الذين ذكر ابن تيمية أنهم أدخلوا مسألة الصحابة في الاعتقاد إلى خانة الغلاة.
قال شيخ الإسلام ـ في مناظرته مع الفقهاء الذين أنكروا عليه بعض الأشياء في العقيدة الواسطية ـ:
"ولما رأى هذا الحاكم العدل: ممالاتهم، وتعصبهم، ورأى قلة العارف الناصر، وخافهم قال: أنت صنفت اعتقاد الإمام أحمد، فنقول هذا اعتقاد احمد، يعنى والرجل يصنف على مذهبه فلا يعترض عليه ن فإنه ذا مذهب متبوع، وغرضه بذلك قطع مخاصمة الخصوم.
فقلت: ما جمعت إلا عقيدة السلف الصالح جميعهم، ليس للإمام أحمد اختصاص بهذا، والإمام أحمد إنما هو مبلغ العلم الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، ولو قال أحمد من تلقاء نفسه ما لم يجئ به الرسول لم نقبله، وهذه عقيدة محمد صلى الله عليه وسلم!!
وقلت مرات: قد أمهلت كل من خالفني في شيء منها ثلاث سنين، فإن جاء بحرف واحد عن أحد من القرون الثلاثة ـ التي أثنى عليها النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: "خير القرون القرن الذي بعثت فيه، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" يخالف ما ذكرته فأنا أرجع عن ذلك"
مجموع فتاوى ابن تيمية ج: 3 ص: 169
وقد بين شيخ الإسلام أن هذه المسألة من جملة قطعيات الدين التي تقاتل الجماعة التي لا تلتزم بهذه العقيدة حتى تلتزمها.
فقال:
"كل طائفة خرجت عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين وإن تكلمت بالشهادتين. فإذا أقروا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلوات الخمس وجب قتالهم حتى يصلوا. وإن امتنعوا عن الزكاة وجب قتالهم حتى يؤدوا الزكاة. وكذلك إن امتنعوا عن صيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق. وكذلك أن امتنعوا عن تحريم الفواحش، أو الزنا، أو الميسر، أو الخمر، أو غير ذلك من محرمات الشريعة. وكذلك إن امتنعوا عن الحكم في الدماء والأموال والأعراض والأبضاع ونحوها بحكم الكتاب والسنة. وكذلك إن امتنعوا عن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر،وجهاد الكفار إلى أن يسلموا ويؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون. وكذلك إن أظهروا البدع المخالفة للكتاب والسنة واتباع سلف الأمة وأئمتها؛ مثل أن يظهروا الألحاد في أسماء الله وآياته، أو التكذيب بأسماء الله وصفاته، أو التكذيب بقدره وقضائه، أو التكذيب بما كان عليه جماعة المسلمين على عهد الخلفاء الراشدين، أو الطعن في السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، أو مقاتلة المسلمين حتى يدخلوا في طاعتهم التي توجب الخروج عن شريعة الإسلام وأمثال هذه الأمور".
مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 511
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[08 - 01 - 05, 08:41 م]ـ
في هذه الوقفة سأتناول ما ذكر المؤلف عن موقف أهل السنة مما جرى بين الصحابة.
يقول في ص 133
(والذي يستقرئ موقف أهل السنة من الفتنة فلن يجد مذهبا واحدا، كما يريد أن يقنعنا به أصحاب التهويل والتعميم، بل سيجد مذاهب خمسة على الأقل:
1 ـ مذهب الممسكين عن الخوض مطلقا وهذا الذي عليه متكلموا أهل السنة، ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/343)
2 ـ مذهب الداعين إلى الإمساك عنه مع الخوض فيه، كالذهبي في "تاريخ الإسلام"و" سير أعلام النبلاء " وابن كثير في "البداية والنهاية ". ويحل خوضهم على أنه ترخص لغرض تعليمي، وأن المراد بالخوض عندهم ما كان على سبيل الذم والقدح.
3 ـ مذهب الخائضين في الخلاف مع التأول لكل الأطراف بإن كلا منها مجتهد مأجور، وهذا مذهب مشهور ذائع اتبعه جماهير الأمة عبر القرون، خصوصا غير المتمكنين من خلفيات الأحداث ومراميها.
4ـ مذهب الخائضين دون تأويل، وقد اشتهر من أهله بعض علماء التابعين أمثال الحسن البصري والربيع بن نافع …
5 ـ مذهب المغالين في الدفاع، المنفعلين بردة الفعل، المتأولين للصحابة ولغير الصحابة، بحق وبغير حق. وهذا الذي أدعوه " التشيع السني ". ويمثله ابن العربي وتلامذته المعاصرون. وهذا المذهب الأخير هو الأعلى صوتا اليوم، وأقوى نبرة، لأسباب سياسية ومذهبية كثيرة ليس هذا مكان عرضها. كما يغذه جهل أبناء الأمة بتاريخها في هذا العصر).
قال في ص 155
"ومن المصطلحات المثيرة للبس في أذهان طلاب العلم وعمامة المسلمين مصلح " الكف عما شجر بين الصحابة " الذي تردد ذكره في العقائد والمقولات والفرق، حتى أصبح يعد أصلا من أصول أهل السنة والجماعة. وقد ذكر اللالكائي من " اعتقاد أهل السنة " " الترحم على جميع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم والكف عما شجر بينهم "
مرد اللبس هنا أيضا هو عدم فهم المصلح في السياق الزمني الذي استخدمه علماء الإسلام فيه. فقد أراد أعلام الإسلام بهذا المصطلح معنيين: أحدهما إلجام من لم يتسلح بتفاصيل تلك الأحداث ودقائقها من المصادر الموثوقة عن الخوض فيها أصلا، حذرا من المجازفة في النقل والكذب على الأصحاب، والثاني: النهي عن الخوض المؤدي إلى لعن الصحابة أو تكفيرهم .. مما اعتاد المبتدعة على فعله".
ولكن الخلف فهموا من كلام السلف هنا غير ما أرادوا، وأوله بإن المراد به الإمساك مطلقا عن الحديث في الموضوع أو تناوله ولو لغرض التأصيل الشرعي والاعتبار التاريخي، فضيقوا واسعا، وألزموا الناس بما لا يلزم.
====================
النقاط موضع النقاش:
1ـ هل لأهل لأهل السنة مما جرى بين صحابة عدة مذاهب كما ادعى الكاتب؟
2ـ وهل المقصود بأمرهم الكف عن ذلك ناس معينون كما قال؟
هذا الكلام الذي ادعاه المؤلف عن أهل السنة في الموقف من ذكر ما جرى بين الصحة، مجرد ادعاء لم يقم عليه المؤلف دليلا من كلام أهل السنة، فأهل السنة لم يختلفوا في قضية الكلام فيما جرى ين الصحابة، بل موقفهم فيه واضح؛ وتحريره: أن ذكر ما جرى بين الصحابة على وجه التاريخ دون طعن على أحد منهم فهذا مكروه عندهم، لأنه لا عمل تحته، ويخاف أن يجر صاحبه إلى المحذور، فنهيهم عنه من باب صد الذرائع.
، وهذا وجيه من الناحية الشرعية والعقلية، فلا يشك شاك أن الإنسان لو كف عن عمل لا ينفعه، وقد يضره دل كفه على كمال عقله وتورع لدينه، وأن فعله له يدل على ضعف في عقله، وقلة احتياط لدينه.
وأما ذكره على وجه الطعن عليهم به، والكلام فيهم بما ينافي فضلهم فلا شك في حرمته، ولم يختلف أهل السنة في تحريمه وتبديع فاعله، وهذا الإجماع مبني على نصوص كثيرة من الكتاب والسنة تبين فضل الصحابة، ومتانة دينهم وحسن استقامتهم، وتنهى عن سبهم وتنقصهم.
وهذا ذكر كلامهم الذي يدل على ما ذكرت عنهم:
====================
في السنة للخلال
723 أخبرني عصمة بن عصام قال قال حنبل أردت أن أكتب كتاب صفين والجمل عن خلف بن سالم فأتيت أبا عبد الله أكلمه في ذاك وأسأله فقال وما تصنع بذاك وليس فيه حلال ولا حرام وقد كتبت مع خلف حيث كتبه فكتبت الأسانيد وتركت الكلام وكتبها خلف وحضرت غندر واجتمعنا عنده فكتبت أسانيد حديث شعبة وكتبها خلف على وجهها قلت له ولم كتبت الأسانيد وتركت الكلام قال أردت إنأعرف ما روى شعبة منها قال حنبل فأتيت خلف فكتبتها فبلغ أبا عبدالله فقال لأبي خذ الكتاب فاحبسه عنه ولا تدعه ينظر فيه
إسناده صحيح
السنة للخلال ج: 2 ص: 464
وجه الدلالة على ما ذكرنا: أن أحمد بن حنبل لم يقل له هذا حرام، ولم يبدعه فيما فعل، ولكن كره له ذلك وبين له وجه كراهيته له.
وقد حرر الإمام الذهبي هذه المسألة في سير أعلام النبلاء فقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/344)
"كما تقرر الكف عن كثير مما شجر بين الصحابة وقتالهم رضي الله عنهم أجمعين وما زال يمر بنا ذلك في الدواوين والكتب والأجزاء ولكن أكثر ذلك منقطع وضعيف وبعضه كذب وهذا فيما بأيدينا وبين علمائنا فينبغي طيه وإخفاؤه بل إعدامه لتصفو القلوب وتتوفر على حب الصحابة والترضي عنهم وكتمان ذلك متعين عن العامة وآحاد العلماء وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوة للعالم المنصف العري من الهوى بشرط أن يستغفر لهم كما علمنا الله تعالىحيث يقول والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا الحشر 10 فالقوم لهم سوابق وأعمال مكفرة لما وقع منهم وجهاد محاء وعبادة ممحصة ولسنا ممن يغلو في أحد منهم ولا ندعي فيهم العصمة .. فأما ما تنقله الرافضة وأهل البدع في كتبهم من ذلك فلا نعرج عليه ولا كرامة فأكثره باطل وكذب وافتراء فدأب الروافض رواية الأباطيل أو رد ما في الصحاح والمسانيد ومتى إفاقة من به سكران"
سير أعلام النبلاء ج: 10 ص: 92
====================
وقال السفاريني:
واحذر من الخوض الذي قد يزري ... بفضلهم مما جرى لو تدري
فإنه عن اجتهاد قد صدر ... فاسلم أذل الله من لهم هجر
فبين أن الخوض المحرم هو الخوض المؤدي إلى انتقاص أحد من الصحابة أو سبه.
قال الشوكاني رحمه في جوابه لمن سأله عما جرى بين الصحابة:
إن كان هذا السائل طالبا للنجاة، فليدع الاشتغال بهذه الأمور في هذا المضيق الذي تاهت فيه الأفكار، فإن هؤلاء الذين تبحث عن حوادثهم وتتطلع لمعرفة ما شجر بينهم قد صاروا تحت أطباق الثرى ولقوا ربهم في المائة الأولى من البعثة وهانحن الان في المائة الثالثة عشر، فما لنا والاشتغال بهذا الشأن الذي لا يعنينا " ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنه " وأي فائدة لنا في الدخول في الأمور التي فيها ريبة، وقد أرشدنا إلىأن ندع ما يريبنا إلىما لا يريبنا.ويكفينا في تلك القلاقل والزلازل، أن نعتقد أنهم خير القرون وأفضل الناس .... فرحم الله امرئا اشتغل بما أوجبه الله عليه وطلبه منه، وترك ما لا يعود عليه بنفع لا في الدنيا ولا في الآخرة، بل يعود عليه بالضرر، ومن ظن خلاف هذا فهو مغرور مخدوع، قاصر الباع عن إدراك الحقائق، ومعرفة الحق على وجهه كائنا من كان.
إرشاد السائل إلىدلائل المسائل ص 45 ـ 46
فهذا الكلام رد لطيف على قول المؤلف " ولو لغرض التأصيل الشرعي والاعتبار التاريخي، فضيقوا واسعا، وألزموا الناس بما لا يلزم."
وهذا الكلام باطل من وجوه: أحدها أن التأصيل العلمي لكل القضايا الشرعية قد قام به علماء الأصول في كلامهم على مصادر الشريعة، فكل فعل أو قول خالف الكتاب والسنة مردود ولو قاله من قاله أو فعله من فعله.
وأما الاعتبار بحياتهم فقد قام به أهل العلم خير قيام فنشروا مناقبهم التي بلغوا بها ما بلغوا من الإيمان الصادق والعمل الصالح فمكن الله لهم من العز في الدنيا ما قد علمه القاصي والداني و وعدهم عليها من حسن الجزاء في الآخرة ما الله به عليم، وتركوا ذكر أعمالهم التي ليست موضع قدوة فهم بشر لا يخلون من خطئ لكن خطأهم نقطة في بحر فضائلهم، وهذا هو المنهج الصحيح.
قال أبو نعيم: " لم يأمرهم بالإمساك عن ذكر محاسنهم وفضائلهم، وإنما أمروا بالإمساك عن ذكر أفعالهم وما يفرط منهم في ثورة الغضب وعارض الوجدة ". (الإمامة 347).
وفي السنة للخلال:
825وأخبرني محمد بن جعفر ومحمد بن أبي هارون إن أبا الحارث قال جاءنا عدد ومعهم ذكروا أنهم من الرقة فوجهنا بها إلى أبي عبد الله ما تقول فيمن زعم أنه مباح له أن يتكلم في مساوئ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو عبدالله هذا كلام سوء رديء يجانبون هؤلاء القوم ولا يجالسون ويبين أمرهم للناس
إسناده صحيح
======================
قال الأشعري:
الإجماع الثامن والأربعون
وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به وعلى أنهم أحق أن ينشر محاسنهم ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج وأن نظن بهم أحسن الظن.
رسالة إلى أهل الثغر ج: 1 ص: 303
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/345)
وقال أبو نعيم: "فمن أسوأ حالاً ممن خالف الله ورسوله وآب بالعصيان لهما والمخالفة عليهما. ألا ترى أن الله تعالى أمر نبيه -صلى الله عليه وسلم- بإن يعفو عن أصحابه ويستغفر لهم ويخفض لهم الجناح، قال تعالى: {ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر} (سورة آل عمران: 159). وقال: {واخفض جناحك لمن تبعك من المؤمنين} (سورة الشعراء: 215).
فمن سبهم وأبغضهم وحمل ما كان من تأويلهم وحروبهم على غير الجميل الحسن، فهو العادل عن أمر الله تعالى وتأديبه ووصيته فيهم. لا يبسط لسأنه فيهم إلا من سوء طويته في النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته والإسلام والمسلمين" (الإمامة: ص 375 - 37).
قال الداني: " من قولهم أن يحسن القول في السادة الكرام، أصحاب محمد عليه السلام وأن تذكر فضائلهم وتنشر محاسنهم، ويمسك عما سوى ذلك مما شجر بينهم ..
الرسالة الوفية ص 132
وقال الصابوني: " ويرون الكف عما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتطهير الألسن عن ذكر يتضمن عيبا لهم ونقصا فيهم."
عقيدة الصلف أصحاب الحديث ص 294
قال حافظ حكمي:
"ثم السكوت واجب عما جرى ... بينهم من فعل ما قد قدرا
فكلهم مجتهد مثاب ... وخطؤهم يغفره الوهاب
أجمع أهل السنة والجماعة الذين هم أهل الحل والعقد الذين يعتد بإجماعهم على وجوب السكوت عن الخوض في الفتن التي جرت بين الصحابة رضي الله عنهم بعد قتل عثمان رضي الله عنه والاسترجاع على تلك المصائب التي أصيبت بها هذه الأمة والاستغفار للقتلى من الطرفين والترحم عليهم وحفظ فضائل الصحابة والاعتراف لهم بسوابقهم ونشر مناقبهم، عملا بقول الله عز وجل "والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان " (الحشر 10) الآية، واعتقاد أن الكل منهم مجتهد إن أصاب فله أجران، أجر على اجتهاده وأجر على إصابته، وإن أخطأ فله أجر الاجتهاد والخطأ مغفور، ولا نقول أنهم معصومون بل مجتهدون إما مصيبون وإما مخطئون لم يتعمدوا الخطأ في ذلك، وما روى من الأحاديث في مساويهم الكثير منه مكذوب، ومنه ما قد زيد فيه أو نقص مه وغير عن وجهه، والصحيح منه هم فيه معذورون".
معارج القبول 3/ 1208
====================
وبعد هذه النقل التوضيحي لمذهب أهل السنة، في الخوض فيما شجر بين الصحابة وأنهم مجمعون على حرمة الخوض المؤدي إلى الطعن فيهم أو سبهم أو تنقصهم.
وعند التأمل تجد أن الكاتب أخذ هذا القول وشققه، فإن أربعة من الأقوال الخمسة التي ذكر تجمع على عدم الخوض في ما شجر بين الصحابة بما يتضمن تنقصا لهم أو عيبا.
بقي القول الذي ذكره عن الحسن فنقول متى كان يؤخذ من حوادث العين مذهبا، مع ما ذكره أهل العلم من إجماعات لم يستثنوا منها الحسن،والحسن من الشهرة بمكان، فلو كان له مذهب خاص به دون أهل العلم لذكروه في المقالات التي ينقلون عن أهل العلم، فلما لم يذكروا له مذهبا خاصا دل ذلك على عدم وجود مذهب له في ذكر ما جرى بين الصحابة خارج عن مذهب أهل العلم الآخرين.
وقد نقل عن الحسن نفسه ما يؤكد أنه على مذهب أهل العلم الآخرين.
نقل القرطبي في تفسيره قال: " سئل الحسن البصري رحمه الله تعالىعن قتال الصحابة فيما بينهم فقال: قتال شهده أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وغبنا، وعلموا وجهلنا، واجتمعوا فاتبعنا، واختلفوا فوقفنا.
تفسير القرطبي 16/ 332
فلم يبق هناك بعد هذا الكلام الواضح من الحسن البصري لأهل السنة إلا موقف واحد من الفتنة التي وقعت من الصحابة، وهو ما يذكره أهل السنة والجماعة في كتبهم عنها.
قال الحافظ: "واتفق أهل السنة على وجوب منع الطعن على أحد من الصحابة بسبب ما وقع لهم من ذلك ولو عرف المحق منهم لأنهم لم يقاتلوا في تلك الحروب إلا عن اجتهاد وقد عفا الله تعالى عن المخطئ في الاجتهاد بل ثبت أنه يؤجر أجرا واحدا وأن المصيب يؤجر أجرين "
فتح الباري ج 13 ص 34
أو مذهب أهل البدع الخوض فيما شجر بينهم بنية الوقيعة في بعضهم أو في أحدهم كما فعل الكاتب في كتيبه. وأهل السنة منه براء.
هل المقصود بما ذكر من مذهب أهل العلم في الكف عما شجر بين الصحابة، ناس دون ناس، لا يشك أي إنسان أن قول أهل السنة في هذه المسألة عقيدة قطعية دل عليها الكتاب والسنة وأجمع عليها أهل السنة، فمثل هذا دين قطعي، والدين القطعي يعم جميع المكلفين.
====================
وأما قوله:
"مرد اللبس هنا أيضا هو عدم فهم المصطلح في السياق الزمني الذي استخدمه علماء الإسلام فيه".
فهذا النص تشم منه رائحة كلام العلمانيين حين يدعون إلى قراءة النص الديني كما قالوا قراءة تاريخية، ويعنون بذلك قاتلهم الله أن القرآن والسنة ناسبا الحياة البشرية وتكيفت معهما في فترة معينة وولت هذه الفترة أما الفترة المعاصرة فلا يصلحان لها، وفي هذا القول من الزندقة ما لا يخفى على ذي عين. ومع ما ذكر نعيذ الكاتب من هذا القول ونظن به الخير، وهو وإن وافقهم في الفظ إلا أننا نعتقد أنه لا يوافقهم في المعنى على الإطلاق. أما هذا المصطلح فهو مصطلح شرعي مبني على كثير من النصوص الشرعية كتابا وسنة، وقد مر معك بعضها مما يجعله شاملا للزمن كله، وما ذكره الكاتب من قوله:
"فقد أراد أعلام الإسلام بهذا المصطلح معنيين: أحدهما إلجام من لم يتسلح بتفاصيل تلك الأحداث ودقائقها من المصادر الموثوقة عن الخوض فيها أصلا، حذرا المجازفة في النقل والكذب على الأصحاب، والثاني: النهي عن الخوض المؤدي إلى لعن الصحابة أو تكفيرهم .. مما اعتاد المبتدعة على فعله".
وهل الواقع اليوم من الكلام في الصحابة إلا ما ذكره الكاتب، فكان على الفهم الذي اختاره الكاتب لكلام السلف يجب أن يوصي بغلق باب الكلام فيهم، أما رأى الكاتب كلام المستشرقين في الصحابة، وكلام الرافضة، وكلام بعض المنتسبين إلى الدعوة، كله من هذا المعجن وحتى كلام الكاتب في كتابه هو لا يخرج عن ما ذكر.
محبكم / عبد الله الشنقيطي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/346)
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[16 - 01 - 05, 09:40 م]ـ
بعد أن تأكدنا بما مر؛ أن الكاتب قد خالف منهج أهل السنة والجماعة في طريقة تناولهم لتاريخ الصحابة، ونسف القواعد المنهجية لتي بينوا أنه يجب على الكاتب أن يراعيها، وهو يكتب عن تلك الفترة، وذلك الجيل. بقي سؤال يحق للقارئ الكريم أن يطرحه، من أين استقى الكاتب هذا المنهج.
في هذه الوقفة سنحاول أن نبين من أين استقى هذا المنهج، يرى المطلع على ساحة الثقافية، أن كثيرا من الكتاب الكبار الذين تتمدح بهم الصحف، وتلمعهم وسائل الإعلام الآخر، قد سرت في كتاباتهم سموم المستشرقين، وتلامذتهم من المستغربين، وقد يظن قليل الإطلاع أن هذا الداء قد سلم منه الكتاب الإسلاميين، وأنا أقول له على رسلك، كلا. فهذه السموم قد سرت في كتابات كثير من الإسلاميين، ولعل لاتجاه العصراني أو ضح مثال لذلك، بل جل اهتماماته هي تطويع الإسلام للمبادئ الغربية، ووصم كل ما لا يتماشى معها، بأنه فهم خاطئ للإسلام، والكاتب كما لا يخفى هو أحد أصحاب هذا الاتجاه، وأكبر دليل على ذلك، تصدر كتابه بمقدمة كتبها أحد رواد هذا الاتجاه، وهو راشد الغنوشي، فلا عجب أن كان، متأثرا في منهجه، بمنهج المستشرقين، وتلامذتهم، فقد رأينا في كتابه تطابقا كبيرا بين ما كتب، وما كتبوا. وسأحاول أن أبين في هذه الوقفة بعض التشابه الذي وجدته، وسأختصر، لأني أقصد التمثيل لا لاستقصاء.
قال المستشرق فلها وزن: " ولكن أحد لم ينس أبدا للأمويين أنهم كانوا أول أمرهم أخطر أعداء النبي وأنهم لم يعتنقوا الإسلام إلا في الساعة الأولى مكرهين، وأنهم عرفوا بعد ذلك كيف يجنون لأنفسهم ثمرة انتصاره وسيادته، وذلك من طريق استغلال ضعف عثمان أولا، ومن طريق المهارة في استغلال مقتله بعد ذلك.
ولقد كان أصل الأمويين لا يجعلهم أهلا لقيادة الأمة المحمدية، وكان من السخرية فكرة الحكومة الثيوقراطية أن يظهر الأمويون يمثلها الأغلبية، فهم كانوا مغتصبين، وظلوا كذلك، ولم يكونوا يستندون إلا إلى قوتهم الخاصة إلى قوة الشام.
تاريخ الدولة العربية ص 59
فهذا المستشرق يرى أن الأمويين وهو يقصد بهم بعاوية، ومن معه، توافرت لهم عدة أمور استغلوها، من أجل الملك. وهي ضعف عثمان، استغلال مقتله، قوت أهل الشام.
ولو قام إنسان بمقارنة هذا الكلام، بكلام الشنقيطي الآتي، لو جد تشابها كبيرا.
وقال في ص 224
وأسوأ ما في دور مروان في تلك الفتن السياسية أمور أربعة:
"أولهما تأثيره على ذي النورين عثمان رضي الله عنه، ودوره الجوهري في إيثار بني أمية بالسلطة والثروة في أيامه، خصوصا مع كبر عثمان في السن، وضعفه الفطري".
فهذا هو استغلال ضعف عثمان الذي ذكره المستشرق.
وقال في ص 125
وتفسير حرب صفين بأسبابها الحقيقية وهي مطامح الملك لدي معاوية وعمرو، وتجوزهما حدود الشرع في الدماء والجنايات في الطريقة التي طلبا بها الأخذ بدم عثمان.
فهذا هو استغلال مقتل عثمان.
وقال ص 175
وبعد أن ذكر مراسلة بين معاوية وأبي موسى الأشعري.
"وتكشف هذه المراسلة عن الفرق بين تصور أبي موسى الأشعري لموضوع الخلافة الذي اعتبره جسيم أمر هذه الأمة. يخاف ربه إذا سأله عنه، وبين تصور معاوية الذي لم يكن يرى بأسا بالاستيلاء عليها بتوزيع العطايا والمناصب وإشهار السيوف والرماح".
وهذا هو الاستيلاء بالقوة الذي ذكره المستشرق.
فكرة الكتاب بكل بساطة هي أن معاوية رضي الله عنه أرغم الأمة على لاستبداد بقتاله وشرائه الذمم من أجل الملك، وكرس هذا المبدأ بولايته العهد لابنه يزيد، و سن ذلك لمن جاء بعده من الملوك فصار يولى أهل بيته. وتولد من ذلك ظلم كبير للأمة على معاوية وزره ما عمل به إلى يوم القيامة، فمعاوية لم يقاتل علي من أجل قتلة عثمان، وإنما قاتل من أجل الملك.
وكل القواعد المذكور في الكتاب هي لتقرير هذه القضية أو في الهجوم على من يردها أو ادعاء لتقبلها أو نزع كل ما يمنع منها.
ولأن معاوية من الصحابة و الطعن فيه طعن في أحد من الصحابة، عنون كتابه
"الخلافات السياسية بين الصحابة "
ثم صاغ تلك القواعد التي أراد أن يصل من خلالها إلى ما أراد من طعن في معاوية وعمرو بن العاص.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/347)
فالقاعدة ـ الرابعة. ـ والخامسة. ـ والسادسة. ـ والسابعة ـ والثالثة عشرة ـ والرابعة عشرة ـ والسابعة عشرة ـ والثامنة عشرة والقواعد الثلاث الأخيرة فهي كلها في تبرير هذا الطعن والتقعيد له.
والقاعدة ـ الخامسة عشرة وـ السادسة عشرة و ـ التاسعة عشرة فهي في إزالة كل عائق شرعي يقف في وجه هذا الطعن.
وأما القاعدة ـ الحادية عشرة فهي لبيان حدود هذا الطعن
وأما القاعدة ـ التاسعة ـ والثانية عشرة ووقفة ملاحظات على منهج ابن تيمية وحوار مع مدرسة التشيع السني، فهي في الهجوم على كل من لا يرى في الصحابة رأي المؤلف وخاصة في الطعن على معاوية.
وجميع الطعون التي طعن بها المؤلف في معاوية مأخوذة من كتب معروفة.
فنظرية تأثر معاوية بالحكم الجاهلي في عهده إلى يزيد بالملك أخذها عن أحمد أمين "يوم الإسلام "ص 66 و أحمد رمصان "الخلافة في الحضارة الإسلامية "ص 84 وسعيد الأفغاني "عائشة والسياسة" ص 278
وأما نظرية ارتكابه بهذا العهد كبيرة من الكبائر يضيفها إلى ذنوبه الأخرى فأخذها الكاتب من كل من.
أحمد الشريف "دور الحجاز في الحياة السياسية" ص 417
وأمين الريحاني في الأعمال الكاملة 6/ 36
وأكبر شاه خان "تاريخ الإسلام "2/ 48
وأن عليه أثمها وأثم من عمل بها أخذها من عبد القادر عودة كما في كتابه " الإسلام و أوضاعنا السياسية" ص 159
وفي الكتاب رائحة العلمانية ويتضح ذلك من جعله الخلافة منصبا دنيويا وكل من يطلبه يطلبه من أجل الدنيا، مع أن منصب الإمامة عند المسلمين منصب ديني لا دنيوي كما يأتي من تعريف أهل العلم لها.
قال في ص 71
ومن الاعتراف بحدود الكمال البشري عدم تنزيه غير المعصوم عن الهوى والطموح الدنيوي مهما سمت مكانته، وعلا كعبه.
وقال في ص72
وقد طبق ابن تيمية هذا المبدأ على موقف سعد ليلة السقيفة ..
والآن نعرض كلام أهل العلم في موضوع الإمامة الموضح أنها منصب ديني لا دنيوي.
قال الماوردي:
" الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا به "
الأحكام السلطانية ص 5
وقال إمام الحرمين:
" الإمامة رياسة تامة، وزعامة تتعلق بالخاصة والعامة في مهمات الدين و الدنيا "
غياث الأمم في التياث الظلم ص 15
وقال العلامة ابن خلدون:
" هي حمل الكافة علي مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها، إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إلى اعتبار بمصالح الآخرة، فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به "
مقدمة ابن خلدون ص 190
ولتأكيد ما ذكرنا من أن مصب الإمامة منصب ديني ينظر مقاصد الإمامة في كتاب "الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة " للشيخ الدميجي
ص 69 ـ 122
الفكرة العامة للكتاب،أخذها الكاتب من كتاب "الحريّات العامّة" لراشد الغنوشي: كما قال فيه متحدثا عن طرق الوصول إلى الحكم وهو يتكلم عن الاستخلاف: "ويشعر المرء بالقرف من استمرار هذا العفن قائماً في تراثنا الديني وفكرنا السياسي، ويضع يده مباشرة على هذه الألغام التي قوّضت حضارة الإسلام وأسلمتنا إلى الانحطاط، إنّه من غير ثورة شاملة تطيح بهذه السموم التي لا تزال تجري في دماء الأمّة وتشلّ طاقتها وتجهض انتفاضتها، وتحبط أحلام نهضتها، فلا أمل في انطلاقة متينة قويّة قاصدة منتجة الحضارة من جديد في أمّتنا). [ص162].
ويقول: (فويل لتاريخ الازدهار من ليالي الانحطاط، هل نحن أهل لوراثة الخلافة الراشدة ونحن نلقي عليها بمزابل انحطاطنا؟). [نفس الصفحة].
يقول عن معاوية رضي الله عنه: (الوالي المنشق معاوية بن أبي سفيان، وقد غلبت عليه - غفر الله له - شهوة الملك وعصبيّة القبيلة، فلم يكتف بأن انتزع الأمر من أهله بل ومضى في الغيّ!! لا يلوي على شيءٍ حتّى صمّم على توريثه كما يوّرث المتاع لابنه وعشيرته، فجمع في قصّته المشهورة ثلّة من المرشّحين للخلافة من الجيل الثّاني من الصحابة، وأمام ملأ من النّاس قام أحد أعوانه يخطب بصفاقة ... وحينئذ بدأ مسلسل الشّر والفساد، مكرّساً الدكتاتوريّة والوصاية والعصمة، مقصياً الأمّة عن حقّها، مبدّداً طاقتها في جدلٍ عقيم حول الخلافة والاستخلاف ".
قلت ولا يخفى ما في هذا الكلام من الهراء.
وبعضها من مالك بن نبي كما في كتابه وجهة العالم الإسلامي ص 25
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/348)
وهذا الكتاب يظهر تأثر الكاتب به تأثر كبيرا في أكثر كتاباته.
وخصوصا مقال " الصحوة الإسلامية .. خواطر في فقه المنهج "
المنشور في مجلة المنار الجديد العدد 18
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[18 - 01 - 05, 03:18 ص]ـ
بعد أن تأكدنا بما مر؛ أن الكاتب قد خالف منهج أهل السنة والجماعة في طريقة تناولهم لتاريخ الصحابة، ونسف القواعد المنهجية لتي بينوا أنه يجب على الكاتب أن يراعيها، وهو يكتب عن تلك الفترة، وذلك الجيل. بقي سؤال يحق للقارئ الكريم أن يطرحه، من أين استقى الكاتب هذا المنهج.
في هذه الوقفة سنحاول أن نبين من أين استقى هذا المنهج، يرى المطلع على ساحة الثقافية، أن كثيرا من الكتاب الكبار الذين تتمدح بهم الصحف، وتلمعهم وسائل الإعلام الأخر، قد سرت في كتاباتهم سموم المستشرقين، وتلامذتهم من المستغربين، وقد يظن قليل الإطلاع أن هذا الداء قد سلم منه الكتاب الإسلاميين، وأنا أقول له على رسلك، كلا. فهذه السموم قد سرت في كتابات كثير من الإسلاميين، ولعل لاتجاه العصراني أو ضح مثال لذلك، بل جل اهتماماته هي تطويع الإسلام للمبادئ الغربية، ووصم كل ما لا يتماشى معها، بأنه فهم خاطئ للإسلام، والكاتب كما لا يخفى هو أحد أصحاب هذا الاتجاه، وأكبر دليل على ذلك، تصدر كتابه بمقدمة كتبها أحد رواد هذا الاتجاه، وهو راشد الغنوشي، فلا عجب أن كان، متأثرا في منهجه، بمنهج المستشرقين، وتلامذتهم، فقد رأينا في كتابه تطابقا كبيرا بين ما كتب، وما كتبوا. وسأحاول أن أبين في هذه الوقفة بعض التشابه الذي وجدته، وسأختصر، لأني أقصد التمثيل لا لاستقصاء.
قال المستشرق فلها وزن: " ولكن أحد لم ينس أبدا للأمويين أنهم كانوا أول أمرهم أخطر أعداء النبي وأنهم لم يعتنقوا الإسلام إلا في الساعة الأولى مكرهين، وأنهم عرفوا بعد ذلك كيف يجنون لأنفسهم ثمرة انتصاره وسيادته، وذلك من طريق استغلال ضعف عثمان أولا، ومن طريق المهارة في استغلال مقتله بعد ذلك.
ولقد كان أصل الأمويين لا يجعلهم أهلا لقيادة الأمة المحمدية، وكان من السخرية فكرة الحكومة الثيوقراطية أن يظهر الأمويون يمثلها الأغلبية، فهم كانوا مغتصبين، وظلوا كذلك، ولم يكونوا يستندون إلا إلى قوتهم الخاصة إلى قوة الشام.
تاريخ الدولة العربية ص 59
فهذا المستشرق يرى أن الأمويين وهو يقصد بهم بعاوية، ومن معه، توافرت لهم عدة أمور استغلوها، من أجل الملك. وهي ضعف عثمان، استغلال مقتله، قوت أهل الشام.
ولو قام إنسان بمقارنة هذا الكلام، بكلام الشنقيطي الآتي، لو جد تشابها كبيرا.
وقال في ص 224
وأسوأ ما في دور مروان في تلك الفتن السياسية أمور أربعة:
"أولهما تأثيره على ذي النورين عثمان رضي الله عنه، ودوره الجوهري في إيثار بني أمية بالسلطة والثروة في أيامه، خصوصا مع كبر عثمان في السن، وضعفه الفطري".
فهذا هو استغلال ضعف عثمان الذي ذكره المستشرق.
وقال في ص 125
وتفسير حرب صفين بأسبابها الحقيقية وهي مطامح الملك لدي معاوية وعمرو، وتجوزهما حدود الشرع في الدماء والجنايات في الطريقة التي طلبا بها الأخذ بدم عثمان.
فهذا هو استغلال مقتل عثمان.
وقال ص 175
وبعد أن ذكر مراسلة بين معاوية وأبي موسى الأشعري.
"وتكشف هذه المراسلة عن الفرق بين تصور أبي موسى الأشعري لموضوع الخلافة الذي اعتبره جسيم أمر هذه الأمة. يخاف ربه إذا سأله عنه، وبين تصور معاوية الذي لم يكن يرى بأسا بالاستيلاء عليها بتوزيع العطايا والمناصب وإشهار السيوف والرماح".
وهذا هو الاستيلاء بالقوة الذي ذكره المستشرق.
فكرة الكتاب بكل بساطة هي أن معاوية رضي الله عنه أرغم الأمة على لاستبداد بقتاله وشرائه الذمم من أجل الملك، وكرس هذا المبدأ بولايته العهد لابنه يزيد، و سن ذلك لمن جاء بعده من الملوك فصار يولى أهل بيته. وتولد من ذلك ظلم كبير للأمة على معاوية وزره ما عمل به إلى يوم القيامة، فمعاوية لم يقاتل علي من أجل قتلة عثمان، وإنما قاتل من أجل الملك.
وكل القواعد المذكور في الكتاب هي لتقرير هذه القضية أو في الهجوم على من يردها أو ادعاء لتقبلها أو نزع كل ما يمنع منها.
ولأن معاوية من الصحابة و الطعن فيه طعن في أحد من الصحابة، عنون كتابه
"الخلافات السياسية بين الصحابة "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/349)
ثم صاغ تلك القواعد التي أراد أن يصل من خلالها إلى ما أراد من طعن في معاوية وعمرو بن العاص.
فالقاعدة ـ الرابعة. ـ والخامسة. ـ والسادسة. ـ والسابعة ـ والثالثة عشرة ـ والرابعة عشرة ـ والسابعة عشرة ـ والثامنة عشرة والقواعد الثلاث الأخيرة فهي كلها في تبرير هذا الطعن والتقعيد له.
والقاعدة ـ الخامسة عشرة وـ السادسة عشرة و ـ التاسعة عشرة فهي في إزالة كل عائق شرعي يقف في وجه هذا الطعن.
وأما القاعدة ـ الحادية عشرة فهي لبيان حدود هذا الطعن
وأما القاعدة ـ التاسعة ـ والثانية عشرة ووقفة ملاحظات على منهج ابن تيمية وحوار مع مدرسة التشيع السني، فهي في الهجوم على كل من لا يرى في الصحابة رأي المؤلف وخاصة في الطعن على معاوية.
وجميع الطعون التي طعن بها المؤلف في معاوية مأخوذة من كتب معروفة.
فنظرية تأثر معاوية بالحكم الجاهلي في عهده إلى يزيد بالملك أخذها عن أحمد أمين "يوم الإسلام "ص 66 و أحمد رمصان "الخلافة في الحضارة الإسلامية "ص 84 وسعيد الأفغاني "عائشة والسياسة" ص 278
وأما نظرية ارتكابه بهذا العهد كبيرة من الكبائر يضيفها إلى ذنوبه الأخرى فأخذها الكاتب من كل من.
أحمد الشريف "دور الحجاز في الحياة السياسية" ص 417
وأمين الريحاني في الأعمال الكاملة 6/ 36
وأكبر شاه خان "تاريخ الإسلام "2/ 48
وأن عليه أثمها وأثم من عمل بها أخذها من عبد القادر عودة كما في كتابه " الإسلام و أوضاعنا السياسية" ص 159
وفي الكتاب رائحة العلمانية ويتضح ذلك من جعله الخلافة منصبا دنيويا وكل من يطلبه يطلبه من أجل الدنيا، مع أن منصب الإمامة عند المسلمين منصب ديني لا دنيوي كما يأتي من تعريف أهل العلم لها.
قال في ص 71
ومن الاعتراف بحدود الكمال البشري عدم تنزيه غير المعصوم عن الهوى والطموح الدنيوي مهما سمت مكانته، وعلا كعبه.
وقال في ص72
وقد طبق ابن تيمية هذا المبدأ على موقف سعد ليلة السقيفة ..
والآن نعرض كلام أهل العلم في موضوع الإمامة الموضح أنها منصب ديني لا دنيوي.
قال الماوردي:
" الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا به "
الأحكام السلطانية ص 5
وقال إمام الحرمين:
" الإمامة رياسة تامة، وزعامة تتعلق بالخاصة والعامة في مهمات الدين و الدنيا "
غياث الأمم في التياث الظلم ص 15
وقال العلامة ابن خلدون:
" هي حمل الكافة علي مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها، إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إلى اعتبار بمصالح الآخرة، فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به "
مقدمة ابن خلدون ص 190
ولتأكيد ما ذكرنا من أن منصب الإمامة منصب ديني ينظر مقاصد الإمامة في كتاب "الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة " للشيخ الدميجي
ص 69 ـ 122
الفكرة العامة للكتاب،أخذها الكاتب من كتاب "الحريّات العامّة" لراشد الغنوشي: كما قال فيه متحدثا عن طرق الوصول إلى الحكم وهو يتكلم عن الاستخلاف: "ويشعر المرء بالقرف من استمرار هذا العفن قائماً في تراثنا الديني وفكرنا السياسي، ويضع يده مباشرة على هذه الألغام التي قوّضت حضارة الإسلام وأسلمتنا إلى الانحطاط، إنّه من غير ثورة شاملة تطيح بهذه السموم التي لا تزال تجري في دماء الأمّة وتشلّ طاقتها وتجهض انتفاضتها، وتحبط أحلام نهضتها، فلا أمل في انطلاقة متينة قويّة قاصدة منتجة الحضارة من جديد في أمّتنا). [ص162].
ويقول: (فويل لتاريخ الازدهار من ليالي الانحطاط، هل نحن أهل لوراثة الخلافة الراشدة ونحن نلقي عليها بمزابل انحطاطنا؟). [نفس الصفحة].
يقول عن معاوية رضي الله عنه: (الوالي المنشق معاوية بن أبي سفيان، وقد غلبت عليه - غفر الله له - شهوة الملك وعصبيّة القبيلة، فلم يكتف بأن انتزع الأمر من أهله بل ومضى في الغيّ!! لا يلوي على شيءٍ حتّى صمّم على توريثه كما يوّرث المتاع لابنه وعشيرته، فجمع في قصّته المشهورة ثلّة من المرشّحين للخلافة من الجيل الثّاني من الصحابة، وأمام ملأ من النّاس قام أحد أعوانه يخطب بصفاقة ... وحينئذ بدأ مسلسل الشّر والفساد، مكرّساً الدكتاتوريّة والوصاية والعصمة، مقصياً الأمّة عن حقّها، مبدّداً طاقتها في جدلٍ عقيم حول الخلافة والاستخلاف ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/350)
قلت ولا يخفى ما في هذا الكلام من الهراء.
وقارن كلام الشيخ بكلام التلمذ تجد تطابقا تاما.
قال الشنقيطي
" إن كل هذه النصوص تدل على أن معاوية سعى إلى الملك بالفعل وبالقول، وصرح بمطامعه في قيادة الأمة دون للبس. فالقول بعد ذلك أنه لم ينازع عليا الخلافة ولا سعى إليها .. تكلف بارد كان لأولى بشيخ الإسلام ابن تيمية أن يتنزه عنه.
على أن دور معاوية أكبر من مجرد الخروج على الجماعة ومنازعة الأمر أهله. فهو الذي أرسى نظام الملك بديلا عن دولة الخلافة، فسن في الإسلامي تلك السنة السيئة، وفتح بها أبوابا من المظلم التي لم تتوقف، ومن الدماء آلتي لم تجف منذ أربعة عشر قرنا، وأخر بناء السلطة من إطار مبادئ الشرع: كالشورى والبيعة والعدل .. إلى منطق القوة وقانون الغاب، وهو أمر لا يزال المسلون يعيشون مساوئه إلى اليوم.
فسواء تأولنا لمعاوية في مواقفه خلال الفتنة أم لم نتأول، فإن سلوكه السياسي اللاحق ليس مما يمكن التأويل له، وهو سلوك كان بعد على الإسلام و المسلمين من الفتنة ذاتها، بل من أي حدث تارخي خلال أربعة عشرة المنصرمة. فقد كانت الفتنة التي قادها معاوية هدما لأركان الخلافة الراشدة، لكن ما فعله معاوية بعد الفتنة من توريث السلطة لابنه بالترغيب والترهيب كان سوأ أثرا، لأنه إرساء لبناء جديد منحرف على أنقاض تلك الخلافة، وسد لبواب استردادها. فليتكلف المتكلفون ما شاءوا في تأويلهم لما حدث أثناء الفتنة، لكنهم لن يجدوا ما يتأولونه لما حدث بعد ذلك، إذا كانوا حقا ممن يجعل قدسية المبادئ فوق مكانة الأشخاص. "
وبعضها من مالك بن نبي كما في كتابه وجهة العالم الإسلامي ص 25
وهذا الكتاب يظهر تأثر الكاتب به تأثر كبيرا في أكثر كتاباته.
وخصوصا مقال " الصحوة الإسلامية .. خواطر في فقه المنهج "
المنشور في مجلة المنار الجديد العدد 18
وأعتذر للأخو المتابعين عن تأخر هذه الحلقة وأخص الشيخ سليمان الخراش حفظه الله وذلك لأمرين أولها طلب المشرف مني التوقف ريثما يحاول مع الأستاذ الشنقيطي أن يعود للمحاورة، وثانيهما ظرف خاص بي.
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[28 - 01 - 05, 04:37 ص]ـ
في هذه الوقفات القادمة سنناقش الشنقيطي فيما ادعاه من التزام العلم والعدل في كتابه، ونبين إن شاء الله تعالى كيف أنه لم يلتزمهما وإن ادعاهما؛ لتهيئة جو نفسي معين للقارئ، يجعله يتقبل ما يقول، وكيف لا يقبله من يدعي له أنه يتكلم بعلم وعدل، وكل من يخالفه يتكلم بجهل، أو ظلم.
قال الشنقيطي:
"وقد بين ابن تيمية منهجه في تناول مسائل الخلاف التي مزقت الأمة، وهو منهج أساسه العلم والعدل. ودعا المسلمين إلى انتهاج هذا النهج. ولم يكن ليخفى على شيخ الإسلام – وقد عايش خلافات الأمة طويلا وخاض غمارها – أن آفة الخائضين في هذه الخلافات دائما تنحصر في أمرين اثنين:
الجهل بموضوع الخلاف، والتفريط في بحثه واستقرائه استقراء كافيا، يحرر نقطة النزاع، ويتحرى الصدق في الرواية، وينقب عن خلفيات الوقائع وبواعثها. والخوض مع الجهل مخالفة لتحذير الخالق سبحانه:» ولا تقف ما ليس لك به علم «كما هو مخالفة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم حول القضاة الثلاثة، حيث جعل القاضي بجهلٍ في النار.
الظلم لأحد الطرفين المختلفين، تعصبا ضده وتجاوزا، أو إغضاء عن الطرف الآخر ومجاملة، رغم أن الله تعالى حذرنا من أن نندفع مع غريزة العداء، أو أن تستخفنا الخصومة، فنتجاوز حدود بيان الحق و الأخذ به، إلى الظلم والتعدي على المخالفين. كما أمرنا بالشهادة بالقسط، ولو على أنفسنا أو الوالدين والأقربين، فقال تعالى:» ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى «وقال جل من قائل:» يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا «.
تلك هي المعاني التي استصحبها ابن تيمية، فأوصى أن لا يخوض في هذا الموضوع إلا من تسلح بالعلم والعدل، وإلا فليترك الأمر لأهله، ويفوض الخلافات إلى رب العباد الحكَم العدل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/351)
وقد حرصنا هنا على انتهاج نهج علماء الجرح والتعديل، لا في تثبتهم في الرواية والنقل فحسب، بل في منطلقهم الفكري الذي تأسس على الإيمان برجحان المبدإ على الشخص، على نحو ما برر به الإمام مسلم جرح الرواة في مقدمة صحيحه، من أنه "ليس من الغِيبة المحرمة، بل من الذب عن الشريعة المكرمة".
إن المنهج الذي ندعو إليه في هذه الدراسة، ونرى شيخ الإسلام ابن تيمية وبعض أهل الحديث خيرَ من نظَّر له وطبقه، هو منهج قائم على التوازن بين احترام مكانة الأشخاص والتقيد بقدسية المبادئ. وهو يراعي الترجيح الذي يصبح ضرورة شرعية وعملية أحيانا، حين لا يكون الجمع بين الأمرين متاحا، فيتحيز للمبادئ دون لجلجة.
بعد هذه المقدمة من كلام الشنقيطي حول التزام العلم والعدل، ودعائه أنه سينهج في كتابه هذا منهج أهل الحديث في التثبت في الرواية. يلزمه أن يكون عالما بعلوم الحديث التي تأهله أن يفهم منهجهم في التعامل مع الرواية أولا، ثم يطبقه عمليا. والحقيقة التي أبداها كتاب الأستاذ الشنقيطي أنه ليس من طلاب هذا العلم الذين يفهمونه، فضلا أن يكون من علمائه، وتضح ذلك من خلال المسائل التي تعرض لها من هذا العلم في كتابه.
وأولها مسألة العدالة عند المحدثين وقد تقدم الكلام عنها في أول وقفة من هذه الوقفات.
ثانيها مسألة منهجية المحدثين في تأليف كتبهم، وقد اتضح ذلك من خلال نقله كلاما للأمام النووي ونسبه إلى الأمام مسلم، وسبب في ذلك هو الجهل بنهج مسلم في تأليف كتابه، وأنه لم يبوبه.
قال في ص 26 على نحو ما برر به الإمام مسلم جرح الرواة في مقدمة صحيحه من أنه" ليس من الغيبة المحرمة بل من الذب عن الشريعة المكرمة ".
وقال في ص 47 وهو ما عبر عنه مسلم في مقدمة صحيحه بالقول: "باب بيان أن الإسناد من الدين وأن الرواية لا تكون إلا عن الثقات وإن جرح الرواة بما هو فيهم جائز بل واجب وأنه ليس من الغيبة المحرمة بل من الذب عن الشريعة المكرمة "
وهذا الكلام الإمام النووي كما في شرحه على مسلم:
باب بيان أنالاسناد من الدين وأن الرواية لا تكون إلا عن الثقات
وأن جرح الرواة بما هو فيهم جائز بل واجب وأنه ليس من الغيبة المحرمة بل من الذب عن الشريعة المكرمة.
شرح النووي على صحيح مسلم ج 1 ص 84
ومن المعلوم لدى طلاب علم الحديث المبتدئين فيه أن الإمام مسلم لم يبوب كتابه وإنما بوبه الشراح.
قال الإمام ابن الصلاح رحمه الله: " ثم إن مسلما رحمه الله وإيانا رتب كتابه على الأبواب، فهو مبوب في الحقيقة، ولكنه لم يذكر تراجم الأبواب؛ لئلا يزداد حجم الكتاب، أو لغير ذلك.
صيانة صحيح مسلم ص 101
والنسخة المشهورة من صحيح مسلم المتداولة هي نسخة محمد فؤاد عبد الباقي قد أدخل في صلب الكتاب تبويبات النووي كما فعل بعض النساخ للكتاب قديما وهو فعل منتقد من أهل العلم.
قال الشيخ محمد بن الشيخ علي بن آدم الأتيوبي:
لقد أساء في هذا الصنيع بعض من نسخ الكتاب، منهم الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي، حيث أدخل التراجم في صلب الكتاب، فأوهم القارئ أنه من صنيع المصنف، فبئسما صنع فليتنبه لهذا الخطأ.
"قرا عين المحتاج في شرج مقدمة صحيح مسلم بن الحجاج " 1/ 51
واتضح ذلك من خلال تبنه لرأي قيل قبله وشاع عند المتأخرين وهو أن ابن حبان يوثق المجاهيل، ويصحح أحاديثهم. مع أن كلام ابن حبان المبرئ له من هذه التهمة واضح.
قال في ص 205
"إن لابن حبان منهجا في التصحيح شذ فيه عن منهج أهل الحديث الآخرين فهو يقول بتوثيق المجهولين من الرواة "
وهذا الكلام يرده كلام ابن حبان نفسه فقال مبينا أنه لا يوثق المجاهيل كما في ترجمة عبد الله بن المؤمل:
559 عبد الله بن المؤمل المخزومي شيخ من أهل مكة يروي عن أبي الزبير
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/352)
لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد لأنه لم يتبين عندنا عدالته فيقبل ما انفرد به وذاك أنه قليل الحديث لم يتهيأ اعتبار حديثه بحديث غيره لقلته فيحكم له بالعدالة أو الجرح ولا يتهيأ إطلاق العدالة على من ليس نعرفه بها يقينا فيقبل ما انفرد به فعسى نحل الحرام ونحرم الحلال برواية من ليس بعدل أو نقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل اعتمادا منا على رواية من ليس بعدل عندنا كما لا يتهيأ إطلاق الجرح على من ليس يستحقه بإحدى الأسباب التي ذكرناها من أنواع الجرح في أول الكتاب وعائذ بالله من هذين الخصلتين أن نجرح العدل علم أو نعدل المجروح يقين ونسأل الله الستر
المجروحين ج: 2 ص: 27 ـ المجروحين ج: 2 ص: 28
وقال:
وأماشرطنا في نقلة ما أودعناه كتابنا هذا من السنن، فإنا لم نحتج فيه إلا بحديث اجتمع في كل شيخ من رواته خمسة أشياء:
الأول العدالة في الدين بالستر الجميل.
والثاني الصدق في الحديث بالشهرة فيه.
والثالث العقل بما يحدث من الحديث.
والرابع العلم بما يحيل من معاني ما يروي.
والخامس المتعرى خبره عن التدليس. فكل من اجتمع فيه هذه الخصال الخمس، احتججنا بحديثه وبنينا الكتاب على روايته، وكل من تعرى عن خصلة من هذه الخصال الخمس لم نحتج به، والعدالة في الإنسان: هو أن يكون أكثر أحواله طاعة الله، لأنا متى ما لم نجعل العدل إلا من لم يوجد منه معصية بحال؛ أدانا ذلك إلى أن ليس في الدنيا عدل، إذ الناس لا تخلو أحوالهم من ورود خلل الشيطان فيها، بل العدل من كان ظاهر أحوله طاعة الله، والذي يخالف العدل من كان كثر أحواله معصية الله.
صحيح ابن حبان 1/ 151
لكن المنهج الذي انتهجه ابن حبان أنه أورد في كتابه الثقات كل من لا يعلم فيه جرحا.
واتضح ذلك من خلال كلامه في الرجال عندما اتهم عكرمة بن عمار بالكذب.
قال في ص 111
"هذا حديث معلول المتن، وفي سنده متهم بالكذب، رغم أنه في صحيح مسلم، فقد أعله العديد من أهل العلم، منهم ابن حزم وابن الجوزي اللذان جزما بإن الحديث موضوع، واتهما أحد رواته (عكرمة بن عمار) بالكذب.
قال كاتب المقال عفا الله عنه:
عكرمة بن عمار لم يتهمه أحد من أئمة الحديث بالكذب إطلاقا، ونحن نقول أئمة الحديث فإن ابن حزم وإن كان إماما في كثير من العلوم إلا أنه لم يكن عالما بعلم الجرح والتعديل ولذلك كثر خطأه في الكلام على الرجال وابن حزم وحده هو الذي اتهم عكرمة بن عمار بالكذب وقد رد عليه ابن الصلاح ردا قويا كما سيأتي في ترجمة عكرمة.
أما حال عكرمة بن عمار فقد لخصها الذهبي بقوله:
عكرمة بن عمار الحنفي اليمامي عن الهرماس وله صحبة وعن طاووس وجماعة وعنه شعبة والقطان وعبد الرزاق ثقة إلا في يحيى بن أبي كثير فمضطرب وكان مجاب الدعوة مات 159 م 4
الكاشف ج 2 /ص 33
هذه خلاصة كلام أهل العلم فيه وقد فصل الحافظ ابن حجر كلامهم فيه فقال:
"عكرمة بن عمار العجلي أبو عمار اليمامي بصري روى عن الهرماس بن زياد وله صحبة .. قال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه عن عكرمة مضطرب الحديث عن يحيى بن أبي كثير وقال أيضاعن أبيه عكرمة مضطرب الحديث عن غير إياس بن سلمة وكان حديثه عن إياس صالحا وقال أبو زرعة الدمشقي سمعت أحمد يضعف رواية أيوب بن عتبة وعكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير وقال عكرمة أوثق الرجلين وقال الفضل بن زياد سألت أبا عبد الله هل كان باليمامة أحد يقدم على عكرمة اليمامي مثل أيوب بن عتبة وملازم بن عمرو وهؤلاء فقال عكرمة فوق هؤلاء أو نحو هذا ثم قال روى عنه شعبة أحاديث وقال معاوية بن صالح عن يحيى بن معين ثقة وقال الغلابي عن يحيى ثبت وقال بن أبي خيثمة عن بن معين صدوق ليس به بأس وقال أبو حاتم عن بن معين كان أميا وكان حافظا وقال عثمان الدارمي قلت لابن معين أيوب بن عتبة أحب إليك أو عكرمة بن عمار فقال عكرمة أحب إلي وأيوب ضعيف وقال بن المديني أحاديث عكرمة عن يحيى بن أبي كثير ليست بذاك مناكير كان يحيى بن سعيد يضعفها وقال في موضع آخر كان يحيى يضعف رواية أهل اليمامة مثل عكرمة وضربه وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن علي بن المديني كان عكرمة عند أصحابنا ثقة ثبتا وقال العجلي ثقة يروي عنه النضر بن محمد ألف حديث وقال البخاري مضطرب في حديث يحيى بن أبي كثير ولم يكن عنده كتاب وقال الآجري عن أبي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/353)
داود ثقة وفي حديثه عن يحيى بن أبي كثير اضطراب كان يقدم عليه ملازم بن عمرو وقال النسائي ليس به بأس إلا في حديث يحيى بن أبي كثير وقال أبو حاتم كان صدوقا وربما وهم في حديثه وربما دلس وفي حديثه عن يحيى بن أبي كثير بعض الأغاليط وقال الساجي صدوق وثقه أحمد ويحيى إلا أن يحيى بن سعيد ضعفه في أحاديثه عن يحيى بن أبي كثير وقدم ملازما عليه وقال عكرمة بن عمار ثقة عندهم وروى عنه بن مهدي ما سمعت فيه إلا خيرا وقال في موضع آخر هو أثبت من ملازم وهو شيخ أهل اليمامة وقال علي بن محمد الطنافسي ثنا وكيع عن عكرمة بن عمار وكان ثقة وقال صالح بن محمد الأسدي كان يتفرد بأحاديث طوال ولم يشركه فيها أحد قال وقدم البصرة فاجتمع إليه الناس فقال ألا أراني فقيها وأنالا أشعر وقال صالح بن محمد أيضاإن عكرمة بن عمار صدوق إلا أن في حديثه شيئا روى عنه الناس وقال إسحاق بن أحمد بن خلف البخاري ثقة روى عنه الثوري وذكره بالفضل وكان كثير الغلط ينفرد عن إياس بأشياء وقال بن خراش كان صدوقا وفي حديثه نكرة وقال الدارقطني ثقة وقال بن عدي مستقيم الحديث إذا روى عنه ثقة وقال عاصم بن علي كان مستجاب الدعوة قال معاوية بن صالح مات في إمارة المهدي وقال بن معين وغيره مات سنة 159 قلت وكذا ذكر بن حبان في الثقات وقال في روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب كان يحدث من غير كتابة وقال أبو أحمد الحاكم جل حديثه عن يحيى وليس بالقائم وقال يعقوب بن شيبة كان ثقة ثبتا وقال بن شاهين في الثقات قال أحمد بن صالح أناأقول أنه ثقة واحتج به وبقوله
تهذيب التهذيب ج 7 /ص 232 ـ تهذيب التهذيب ج 7 /ص 233
وقال سبط بن العجلي:
[534] عكرمة بن عمار خت م ع أبو عمار العجلي اليمامي إمام ثقة له ترجمة في الميزان وفي آخرها وفي صحيح مسلم قد ساق له أصلا منكرا عن سماك الحنفي عن بن عباس في الثلاثة التي طلبها أبو سفيان انتهى واعلم أن الحافظ أبا محمد بن حزم الظاهري قال في روايته عنه أنه موضوع قال والافة فيه من عكرمة بن عمار وقد أنكر بن الصلاح الحافظ أبو عمرو علي بن حزم وبالغ في الشناعة عليه قال وهذا القول من جسارته فأنه كان هجوما على تخطئه الأئمة الكبار وإطلاق اللسان فيهم قال ولا نعلم أحدا من أئمة الحديث نسب عكرمة إلىوضع الحديث وقد وثقه وكيع وابن معين وغيرهما وكان مجاب الدعوة انتهى ولولا أن شرطي أن أذكر كل من وقفت عليه أنه وضع أو قيل فيه ذلك لما ذكرته والله أعلم
الكشف الحثيث ج 1 /ص 192
ومن أراد مزيد مراجعة في ترجمته فيمكنه مراجعة المراجع التالية.
الكامل في الضعفاء ج 5 /ص 272
الضعفاء الكبير ج 3 /ص 378
الثقات ج 5 /ص 233
معرفة الثقات ج 2 /ص 144
الجرح والتعديل ج 7 /ص 10
تاريخ بغداد ج 12 /ص 257
التاريخ الكبير ج 7 /ص 50
وتضح ذلك من خلال نسبته للأهل الحديث القول بأن مجال الرواية مجال ظن، وهو محض تقول على أهل الحديث.
قال:
"لقد انطلق أهل الحديث من التسليم بعدالة الرواية لدى جميع الصحابة، دون حاجة إلى البحث في خلفياتهم، وقد أحسنوا في ذلك، لأن مجال الرواية مجال ظني، ويكفي من تحصيل الظن بالصدق هنا غلبة الخير على جيل الصحابة، واستعظام الناس للكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الجيل ".
وخير من بحث هذه القضية بنوع من التفصيل شيخنا الشيخ حاتم الشريف وفقه الله لكل خير، فقال ـ في كتابه الماتع " المنهج المقترح لفهم المصطلح ":
" بعد تقرير التقسيم الآنف الذكر ـ وهو التقسيم الذي رضيه المحدثون ـ تبين أن كل الأحاديث المسندة (أخبار آحاد). و (خبر الواحد) العدل عند الأصوليين لا يفيد ـ بذاته ـ إلا الظن، فهل هذا الحكم لـ (خبر الواحد) هو نفسه حكم المحدثين عليه أيضاً؟
لذلك كان واجباً علي بيان حكم (خبر الواحد) العدل عند المحدثين.
فأقول: أولاً: لست أريد استيعاب كل ما يتعلق بهذه المسألة، فهذا أمر عظيم، لكنه ليس بحثي. لذلك فسأتجوز في هذه المسألة ما استطعت ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/354)
وثانياً: أنه مع أن الأحاديث النبوية عند أهل الحديث قسم واحد، فكلها (خبر آحاد)، كما سبق تقريره = إلا أن المحدثين أعرف الناس بتفاوت مراتبها في الصحة، وأدراهم باختلاف درجاتها في القوة، وألحظهم لدقيق فروق ثبوتها. ولهم في ذلك صولات وجولات، لها في علمهم ساحات مباركات، لا تخفى على من نخاطبه ويدري الخطاب
لكن عدم اعتبار المحدثين لهذا التفاوت ولتلك الفروق في درجات الصحة والقوة مسوغاً لتقسيم الأحاديث على أساسه، يدل دلالةً واضحةً على أن تلك الفروق في درجات الثبوت لم تبلغ درجة التأثير على حجية الأخبار، فجميعها يشملها حكم واحد يستفاد منها، لكن تتفاوت مراتب هذا الحكم الواحد.
وعندها نقول: إذا استفاد اليقين و (العلم) من بعض الأحاديث النبوية المتكلمون والجهلاء بالسنة وبعض من أعدائها وبعض من تأثر بهم في مثل ما أسموه بـ (المتواتر) وهو عند المحدثين من (الآحاد)، وفي بعض (الآحاد) أيضاً إذا احتفت به القرائن عند المحققين في أصول الفقه (1) = إذا استفادوا (العلم) من بعضها، فالمحدثون الذين هم حملة الآثار وأمناء الوحي وورثة النبوة أولى بما يربو على ذلك ويزيد
فكل ما يفيد (العلم) عند الأصوليين يفيده عند المحدثين من باب أولى.
لكن بقي ما قال الأصوليون إنه يفيد (الظن الموجب للعمل دون العلم) بذاته، وهو (الآحاد) عندهم. غير أن المحققين منهم قالوا بإفادة (الآحاد) لـ (العلم) إذا احتفت به قرائن تقوية، و (العلم) حينها نظري عندهم، كما سبق آنفاً.
فنقول لهم: رضينا بهذا القدر منكم، فاثبتوا عليه
والحمد لله أن الأصوليين لم يتدخلوا في تحديق القرائن؛ إنما ضربوا أمثلةً عليها
قال بدر الدين الزركشي (محمد بن بهادر بن عبد الله الشافعي، المتوفى سنة 794هـ) في كتابه (البحر المحيط في أصول الفقه): ((لم يتعرضوا لضابط القرائن، وقال المازري: لا يمكن أن يشار إليها بعبارة تضبطها. قلت (القائل الزركشي): ويمكن أن يقال: هي ما لا يبقى معها احتمال، وتسكن النفس عنده، مثل مكونها إلى الخبر المتواتر أو قريباً منه)) (2).
قلت: وكل هذا يرضاه المحدثون من الأصوليين
فإن صحح المحدثون حديثاً، مما تفرد بروايته راوٍ واحد، وهم (أعني المحدثين) أهل هذه الصنعة، وأعرف الناس بقواعدها وجزئياتها، وأخبرهم بأصولها وفروعها؛ ثم تصحيحهم ذلك الحديث معناه أنه انتفت عنه كل: العلل الظاهرة (من طعن في الرواة أو سقط في الإسناد) والعلل الباطنة (من شذوذ وتفرد من لا يحتمل التفرد بمثل ما تفرد به)، وقف عند العلل الباطنة، وقلب وجوهها ومعانيها عند المحدثين؛ لتعلم بعد ذلك كله، أنه إذا صحح المحدثون حديثاً (غريباً) (فرداً) = أنه أفاد العلم عندهم، لأنه استحال عندهم بعد النظر والاستدلال احتمال الكذب والغلط، ولاحت قرائن تفيد اليقين بذلك
ولا يعترض على المحدثين: بأن الأصوليين أو الفقهاء (غير المحدثين) لا يستفيدون (العلم) من ذلك الخبر، لأن عدم استفادتهم منه (العلم) لا ينفي أن غيرهم ممن الشأن شأنهم والفن فنهم والعلم علمهم = قد استفاد منه العلم
ولئن كان (المتواتر) منه ما هو عام يعرفه العامة، ومنه ما هو خاص لا يعرفه إلا الخاصة من أهل العلم (1). فكذلك القرائن: منها ماه و عام يعرفها الأصوليون والمحدثون، ومنها ما هو خاص لا يعرفه إلا المحدثون.
وما أشبه ذلك بـ (المتواتر) أيضاً، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في (علم الحديث): ((وعلماء الحديث يتواتر عندهم ما لا يتواتر عند غيرهم، لكونهم سمعوا ما لم يسمع به غيرهم، وعلموا من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يعلم غيرهم)) (2).
يقول ابن قيم الجوزية في (الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة): ((وكما أن العلم بالتواتر ينقسم إلى عام وخاص، فيتواتر عند الخاصة ما لا يكون معلوماً لغيرهم، فضلاً أن يتواتر عندهم= فأهل الحديث: لشدة عنايتهم بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وضبطهم لأقواله وأفعاله وأحواله، يعلمون من ذلك علماً لا يكون فيه، مما لا شعور لغيرهم به البتة)) (3).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/355)
وكان قد قال (رحمه الله) قل ذلك: ((وخصومهم ـ يعني خصوم أهل الحديث ـ إما أن ينكروا حصول (العمل) لأنفسهم، أو لأهل الحديث. فإن أنكروا حصوله لأنفسهم، لم يقدح ذلك في حصوله لغيرهم. وإن أنكروا حصوله لأهل الحديث، كانوا مكابرين لهم على ما يعملونه من نفوسهم، بمنزلة من يكابر غيره على ما يجده في نفسه من فرحه وألمه وخوفه وحبه. والمناظرة إذا انتهت إلى هذا الحد لم يبق فيها فائدة، وينبغي العدول إلى ما أمر الله به رسوله من المباهلة)) (4)
واسمع الإمام مسلماً وهو يقول في كتابه (التمييز): ((واعلم ـ رحمك الله ـ أن صناعة الحديث، ومعرفة أسبابه من الصحيح والسقيم، إنما هي لأهل الحديث خاصة؛ لأنهم الحفاظ لروايات الناس، العارفون بها دون غيرهم. إذ الأصل الذي يعتمدون لأديانهم: السنن والآثار المنقولة، من عصر إلى عصر، من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا هذا. فلا سبيل لمن نابذهم من الناس، وخالفهم في المذهب، إلى: معرفة الحديث، ومعرفة الرجال من علماء الأمصار فيما مضى من الأعصار من نقال الأخبار وحمال الآثار. وأهل الحديث هم الذين يعرفونهم ويميزونهم، حتى ينزلوهم منازلهم في التعديل والتجريح)) (1).
ثم قف على هذا الفصل النوراني، وسأنقله لك على طوله من كلام الإمام أبي المظفر منصور بن محمد التميمي السمعاني الشافعي (ت 489هـ). يقول (رحمه الله) في كتابه (الانتصار لأهل السنة): ((واعلم أن الخبر وإن كان يحتمل الصدق والكذب والظن وللتجوز فيه مدخل، ولكن هذا الذي قلناه (يعني من إفادة خبر الواحد للعلم) لا يناله أحد، إلا بعد أن يكون معظم أوقاته وأيامه مشتغلاً بالحديث، والبحث عن سيرة النقلة والرواة، ليقف على رسوخهم في هذا العلم، وكنه معرفتهم به، وصدق ورعهم في أقوالهم وأفعالهم، وشدة حذرهم من الطغيان والزلل، وما بذلوه من شدة العناية في تمهيد هذا الأمر، والبحث عن أحوال الرواة، والوقوف على صحيح الأخبار وسقيمها. ولقد كانوا بحيث لو قتلوا لم يسامحوا أحداً في كلمةٍ واحدةٍ يتقولها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا فعلوا هم بأنفسهم ذلك. وقد نقلوا هذا الدين إلينا كما نقل إليهم، وأدوا كما أدى إليهم. وكانوا في صدق العناية والاهتمام بهذا الشأن: ما يجل عن الوصف، ويقصر دونه الذكر. وإذا وقف المرء على هذا من شأنهم، وعرف حالهم، وخبر صدقهم وورعهم وأمانتهم، ظهر له العلم فيما نقلوه ورووه.
والذي يزيد ما قلنا إيضاحاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الفرقة الناجية قال: ((ما أنا عليه وأصحابي)) (2)، فلا بد من تعرف ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه، وليس طريق معرفته إلا النقل، فيجب الرجوع إلى ذلك. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تنازعوا الأمر أهله)) (3)، بكما يرجع في معرفة مذاهب الفقهاء الذين صاروا قدوةً في هذه الأمة إلى أهل الققه، ويرجع في معرفة اللغة إلى أهل اللغة، وفي النحو إلى أهل النحو= كذا يرجع في معرفة ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى أهل الرواية والنقل، لأنهم عنوا بهذا الشأن، واشتغلوا بحفظه والفحص عنه ونقله، ولولاهم لا ندرس علم النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقف أحد على سنته وطريقته!
فإن قالوا: فقد كثرت الآثار في أيدي الناس واختلط عليهم؟
قلنا: ما اختلط إلا على الجاهلين بها، فأما العلماء بها فإنهم ينتقدونها انتقاد الجهابذة الدراهم والدنانير، فيميزون زيوفها، ويأخذون جيادها. ولئن دخل في أغمار الرواة من وسم بالغلط في الأحاديث، فلا يروج ذلك على جهابذة الحديث ورتوت (1). العلماء، حتى إنهم عدوا أغاليط من غلط في الأسانيد والمتون. بل تراهم يعدون على كل واحدٍ منهم في كم حديث غلط، وفي كم حرفٍ حرف، وماذا صحف.
(إلى أن قال:) فتدبر ـ رحمك الله ـ أيجعل حكم من أفنى عمره في طلب آثار النبي صلى الله عليه وسلم شرقاً وغرباً، براً وبحراً، وارتحل في الحديث الواحد فراسخ؛ واتهم أباه وأدناه في خبر يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان موضع التهمة، ولم يحابه في مقال ولا خطاب، غضباً لله، وحميةً لدينه؛ ثم ألف الكتب في معرفة المحدثين: أسمائهم وأنسابهم، وقدر أعمارهم، وذكر أصارهم، وشمائلهم وأخبارهم؛ وفصل بين الرديء والجيد، والصحيح والسقيم، حباً لله ورسوله، وغيرةً على الإسلام والسنة؛ ثم استعمل آثاره كلها، حتى فيما عدا العبادات، من أكله وطعامه وشرابه ونومه ويقظته وقيامه وقعوده ودخوله وخروجه، وجميع سيرته وسننه، حتى في خطواته ولحظاته؛ ثم دعا الناس إلى ذلك، وحثهم عليه، وندبهم إلى استعماله، وحبب إليهم ذلك بكل ما يمكنه، حتى في بذلك ماله ونفسه = كمن أفنى عمره في أتباع أهوائه وآرائه وخواطره وهواجسه؟!!! (2))).
إذن فالأصل في (خبر الآحاد) الذي يصححه المحدثون أنه يفيد (العلم) عندهم، لأن تصحيح الحديث يقتضي عندهم: ادتماع غلبة الظن بصدق الخبر، مع قرائن إثباته. لأن غلبة الظن تحصل بمجرد صحة السند، أي بانتفاء العلل الظاهرة. أما انتفاء العلل الباطنة، فهو قرائن الإثبات وعلامات مطابقة الخبر لواقع الحال، وهو (العلم).
إذا علمت ذلك، بعد قراءتك كلام أبي المظفر السمعاني الآنف الذكر، فلا بد أنك توافقه وتوافقني في أن المرجع في تمييز الثابت من المشكوك فيه من سنة النبي صلى الله عليه وسلم هم المحدثون، وأنهم القضاة الذين يحتكم إليهم في ذلك، وأنه لا يحق لمن ليس منهم أن ينازعهم شأنهم وأمرهم.
وفي الوقفة القادمة سنرى بعض أحكامه على الأحاديث، وتخريجه لها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/356)
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[03 - 02 - 05, 04:04 ص]ـ
بعد أن بينا في الحلقة الماضية مدا جهل الكاتب بقواعد علم الحديث النظرية، نبين في هذه الحلقة ما ترتب على ذلك من جهل بتطبيقها، وهذا الجانب يتناول ثلاثة محاور الأول منها طريقة تخريجه للأحاديث، والثاني منها حكمه عليها، والثلاث منها قلة الأمانة العلمية في نقله لكلام أهل العلم حول بعضها.
أولا تخرجه للأحاديث تخريج من لم يعرف كيفية التخريج فتارة يخرج من كتب التاريخ وتارة من كتب الشروح وتارة من كتب المجاميع أي الكتب التي جمعت كتبا معينة مع حذف أسانيدها، وحتى عندما يخرج من الكتب الأصول لا تجد له منهجا معينا فتراه مثلا يخرج حديثا في صحيح مسلم من بن حبان ولا يشير إلى أنه في مسلم وتراه مرة أخرى يخرج حديثا من الأصول ومعها الكتب لتي ليست أصولا فيقدمها عليها في التخريج.
فحديث كلاب الحوأب خرجه من سير أعلام النبلاء.
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب؟ «.
حديث صحيح.انظر: سير أعلام النبلاء 2/ 177ـ 178
وأحد روايات قصة سعد بن أبي وقاص مع معاوي، أخرجه من فتح الباري.
وعند أبي يعلى عن سعد من وجه آخر لا بأس به قال: لو وضع المنشار على مفرقي على أن أسب عليا ما سببته أبدا «
فتح الباري 7/ 74
وحديث المغفرة لأهل بدر خرج من شرح المبارك فوري للترمذي وفتح الباري والتمهيد.
لن يدخل النار أحد شهد بدرا
رواه أحمد بإسناد على شرط مسلم، انظر المباركفوري: تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي 9/ 142وابن عبد البر: التمهيد لما في الموطإ من المعاني والأسانيد 6/ 355 وفتح الباري 7/ 305
وحديث قل الحق ولوكان مرا خرجه من مجمع الزوائد وهو كما يعلم كل طلاب علم الحديث ليس تخريجا.
مجمع الزوائد 7/ 265 وقال الهيثمي: "رواه الطبراني في الصغير، والكبير بنحوه … ورجاله رجال الصحيح غير سلام أبي المنذر، وهو ثقة، ورواه البزار"
وحديث دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم الهداية أخرجه من ابن حبان مع أنه في مسلم دون أن يشير إلى ذلك.
"اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون .. اهدني لما اختُلف فيه من الحق، فإنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم"
صحيح ابن حبان 6/ 335
وحديث القضاة، أخرجه من كتب أصلية وثانوية فمثلا كتاب الترمذي كتاب أصلى في التخريج فهو كتاب راية يروي بالإسناد وكتب البيهقي كتب تروي من كتب الرواية فهو قدم الثانوي في التخريج على الأصلي.
"القضاة ثلاثة: قاضيان في النار، وقاض في الجنة. رجل علم الحق وقضى به فهو في الجنة، ورجل قضى للناس على جهل، فهو في النار، ورجل علم الحق وقضى بخلافه فهو في النار"
، وحديث "القضاة ثلاثة .. " رواه بألفاظ مختلفة: الحاكم 4/ 101 والبيهقي في الكبرى 10/ 117 وفي الشعب 6/ 73 والترمذي 3/ 613 والطبراني في الأوسط 7/ 39 وفي الكبير 2/ 21
كل ما مر نماذج وليس هو جميع ما أخطأ فيه في طريقة التخريج بل كل تخريجاته من هذا المعجن.
وأما المحور الثاني وهو أخطاءه في حكمه على بعض الأحاديث.
إيراده لبعض الآثار والأحاديث الضعيفة ناسفا بذلك ما قرره في القاعدة الأولى من قواعده وهي التثبت في النقل والرواية، ونساق مع ما حذر منه من خلط الوقائع بالمشاعر، والسكوت على الضعيف ما دام يؤيد رأي.
من ذلك قبوله لأثر عائشة في فقصة تسمية الناس القتال الأول بيوم الجمل.
قال عن عائشة في ص 137
"محمد بن قيس قال ذكر لعائشة يوم الجمل، قالت والناس يقولون يوم الجمل؟ قالوا: نعم قالت: وددت أني جلست كما جلس أصحابي، فكان أحب إلي من أن أكون ولدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة، كلهم مثل عبد الرحمن بن هشام وعبد الله الزبير "
هذا الأثر قال عنه الحافظ بن حجر بعد أن ساقه
وفي سنده أبو معشر نجيح المدني وفيه ضعف
فتح الباري ج 13 ص 55
ومن الأخطاء الحديثية في الحكم على الحديث تصحيحه لقصة الوليد بن عقبة مع بن المصطلق وأنها سبب نزول قوله تعالى يأيها الذين آمنوا إنجاءكم فاسق بنبأ.
قال في ص 196 ـ 197
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/357)
معلقا على تضعيف الأستاذ محب الدين الخطيب للقصة: "ويبدوا أن الشيخ الخطيب قد خانه الاستقراء فقد أخرج هذا الحديث أحمد وابن أبي حاتم والطبراني وابن منده وابن مردويه عن الحارث بن ضرار، وهو صحابي ووالد أم المؤمنين جويرية، كما أنه شاهد عيان، إذ هو سيد قبيلة بن المصطلق التي أرسل إليهم الوليد، وهذا غير رواية أم سلمة، وغير الأخبار الموقوفة التي ركز عليها الشيخ الخطيب ".
ونحن نقول إن العلم قد خان الكاتب هنا فإن هذه الرواية التي فرح بها مدارها على دينار والد عيس بن دينار وهو مجهول لا يعرف كما قال ابن معين.
فالرواية ضعيفة إلا إذا كان الكاتب يريد أن يتبنى الرأي الذي نسبه لابن حبان وانتقده وهو تصحيح أحاديث المجاهيل.والقصة مخرجة
مسند الإمام أحمد بن حنبل ج 4 ص 279 ـ المعجم الكبير ج 3 ص 274
الآحاد والمثاني ج 4 ص 309 ـ
ومن الأحاديث التي أوردها في البحث وهي ضعيفة دون أن ينبه على ضعفها حديث علي رضي الله عليه في المسند " عن على رضي الله عنه قال قيل يا رسول الله من يؤمر بعدك قال إن تؤمروا أبا بكر رضي الله عنه تجدوه أمينا زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة وإن تؤمروا عمر رضي الله عنه تجدوه قويا أمينا لا يخاف في الله لومة لائم وإن تؤمروا عليا رضي الله عنه ولا أراكم فاعلين تجدوه هاديا مهديا يأخذ بكم الطريق المستقيم "
مسند الإمام أحمد بن حنبل ج 1 ص 108
وهو حديث ضعيف ينظر كلام الدار قطني عليه في العلل 3/ 216 وابن الجوزي في العلل المتناهية 1/ 253 والخطيب في تاريخ بغداد 3/ 302
ومن الأحاديث الضعيفة التي أوردها في البحث مستشهدا بها حديث علي في قصة ضرب الوليد بن عقبة لزوجه واستجارتها بالرسول صلى الله عليه وسلم وإجارته لها وعدم اكتراث الوليد بذلك. وهذه القصة مخرجة في مسند الإمام أحمد بن حنبل ج 1 ص 152
ومسند أبي يعلى ج 1 ص 253 ـ مسند أبي يعلى ج 1 ص 289
وهي ضعيفة مدارها على أبي مريم قيس أبو مريم الثقفي المدائني وهو مجهول
610] قيس أبو مريم الثقفى المدائني روى عن على وعمار روى عنه نعيم وعبد الملك ابنا حكيم سمعت أبى يقول ذلك.
الجرح والتعديل ج 7 /ص 106
تاريخ بغداد ج 12 /ص 455
التاريخ الكبير ج 7 /ص 151
ومن أخطائه الحديثية المتعلق بالحكم على الأسانيد قبوله لقصة خبر أبي سفيان مع علي ولومه له على قبولي تول أبي بكر للخلافة والأثر ضعيف أخرجه عبد الرزاق "عن بن أبجر قال لما بويع لأبي بكر رضي الله عنه جاء أبو سفيان إلى علي فقال غلبكم على هذا الأمر أذل أهل بيت في قريش أما والله لأملأنها خيلا ورجالا قال فقلت مازلت عدوا للإسلام وأهله فما ضر ذلك الإسلام وأهله شيئا أنا رأينا أبا بكر لها أهلا"
مصنف عبد الرزاق ج 5 ص 451
وهو ضعيف منقطعة من رواية ابن أبجر وهو من أتباع التابعين.
قال الحافظ ابن حجر
عبد الملك ين سعيد بن حيان، بالتحتانية، بن أبجر، بموحدة جيم، الكوفي، ثقة عابد، من السادسة.
تقريب التهذيب الترجمة رقم 4181
وقد بين الحافظ في مقدمة كتابه تقريب التهذيب أن أصحاب الطبقة السادسة "لم يثب لهم لقاء أحد من الصحابة.
التقريب ص 97
ومن أخطائه الحديثية المتعلقة بالحكم على الأحاديث تضعيفه لقصة مبايعة علي الأبي بكر في أول الأمر دون أي حجة مع أن القصة صححها كثير من أهل العلم.
وسنقل هنا كلام الحافظ ابن كثير على القصة قال ابن كثير في: " عن ابي سعيد الخدري قال قبض رسول الله واجتمع الناس في دار سعد بن عبادة وفيهم أبو بكر وعمر قال فقام خطيب الانصار فقال أتعلمون أن رسول الله كان من المهاجرين وخليفته من المهاجرين ونحن كنا أنصار رسول الله ونحن أنصار خليفته كما كنا أنصاره قال فقام عمر بن الخطاب فقال صدق قائلكم أما لو قلتم على غير هذا لم نبايعكم وأخذ بيد أبي بكر وقال هذا صاحبكم فبايعوه فبايعه عمر وبايعه المهاجرون والانصار قال فصعد ابو بكر المنبر فنظر في وجوه القوم فلم ير الزبير قال فدعا بالزبير فجاء فقال قلت ابن عمة رسول الله وحواريه أردت أن تشق عصا المسلمين فقال لا تثريب يا خليفة رسول الله فقام فبايعه ثم نظر في وجوه القوم فلم ير عليا فدعا بعلي بن أبي طالب فجاء فقال قلت ابن عم رسول الله وختنه على ابنته أردت أن تشق عصا المسلمين قال لا تثريب يا خليفة رسول الله فبايعه هذا أو معناه وقال أبو علي الحافظ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/358)
سمعت محمد بن اسحاق بن خزيمة يقول جاءني مسلم بن الحجاج فسألني عن هذا الحديث فكتبته له في رقعة وقرأته عليه وهذا حديث يسوى بدنة بل يسوى بدرة وقد رواه البيهقي عن الحاكم وأبي محمد بن حامد المقري كلاهما عن أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم عن جعفر بن محمد بن شاكر عن عفان بن سلم عن وهيب به ولكن ذكر أن الصديق هو القائل لخطيب الانصار بدل عمر وفيه أن زيد بن ثابت أخذ بيد أبي بكر فقال هذا صاحبكم فبايعوه ثم انطلقوا فلما قعد أبو بكر على المنبر نظر في وجوه القوم فلم ير عليا فسأل عنه فقام ناس من الانصار فأتوا به فذكر نحو ما تقدم ثم ذكر قصة الزبير بعد على فالله أعلم وقد رواه على بن عاصم عن الجريري عن أبى نضرة عن أبى سعيد الخدري قذكر نحو ما تقدم وهذا اسناد صحيح محفوظ من حديث أبي نضرة المنذر بن مالك بن قطعة عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري وفيه فائدة جليلة وهي مبايعة علي بن أبي طالب أمافي أول يوم أو في اليوم الثاني من الوفاة وهذا حق فإن علي بن أبي طالب لم يفارق الصديق في وقت من الأوقات ولم ينقطع في صلاة من الصلوات خلفه كما سنذكره وخرج معه إلىذي القصة لما خرج الصديق شاهرا سيفه يريد قتال أهل الردة كما سنبينه قريبا ولكن لما حصل من فاطمة رضي الله عنها عتب على الصديق بسبب ما كانت متوهمة من أنها تستحق ميراث رسول الله ولم تعلم بما أخبرها به الصديق رضي الله عنه أنه قال لا نورث ما تركنا فهو صدقة فحجبها وغيرها من أزواجه وعمه عن الميراث بهذا النص الصريح كما سنبين ذلك في موضعه فسألته أن ينظر علي في صدقة الأرض التي بخيبر وفدك فلم يجبها إلىذلك لأنه رأى أن حقا عليه أن يقوم في جميع ما كان يتولاه رسول الله وهو الصادق البار الراشد التابع للحق رضي الله عنه فحصل لها وهي امرأة من البشر ليست براجيبة العصمة عتب وتغضب ولم تكلم الصديق حتى ماتت واحتاج علي أن يراعي خاطرها بعض الشيء فلما ماتت بعد ستة أشهر من وفاة أبيها رأى علي أن يجدد البيعة مع أبي بكر رضي الله عنه كما سنذكره من الصحيحين وغيرهما فيما بعد إن شاء الله تعالىمعما تقدم له من البيعة قبل دفن رسول الله ويزيد ذلك صحة قول موسى بن عقبة في مغازيه عن سعد بن ابراهيم حدثني ابي أن أباه عبد الرحمن بن عوف كان مع عمر وأن محمد بن مسلمة كسر سيف الزبير ثم خطب ابو بكر واعتذ إلىالناس وقال ما كنت حريصا على الامارة يوما ولا ليلة ولا سالتها في سر ولا علانية فقبل المهاجرون مقالته وقال علي والزبير ما غضبنا إلا لأنااخرنا عن المشورة وأنانرى أن أبا بكر احق الناس بها إنه لصاحب الغار وإنالنعرف شرفه وخبره ولقد امره رسول الله أن يصلي بالناس وهو حي اسناد جيد ولله الحمد والمنة "
البداية والنهاية ج: 5 ص: 249
الحديث قد صححه ابن كثير وبنى عليه.
وقد تلا عب الكاب عفا الله عنه بكلام الحافظ ابن حجر حول هذا الحديث وبتر منه ما لا يخدم فكرته، وقول الحافظ ما لم يقل.
قال في ص 104 ـ 205
لقد كان في وسع الشيخ محب الدين والشيخ الاستانبولي الاستشهاد لرأيهما ـ على ما فيه من تكلف ـ بما ذكره بن حجر قال: " وقد صحح بن حبان وغيره من حديث أبي سعيد الخدري وغيره أن عليا بايع أبا بكر في أول الأمر "
يعني البيعة العامة التي كانت في المسجد في اليوم التالي لبيعة السقيفة. فهذه الرواية أقوى من روايات الطبري، وإن كان يشوش عليها أمران:
تساهل بن حبان في تصحيحاته، حتى أعرض معظم علماء الحديث والمعاصرين عن تصحيحاته.
.. وفي ترك بن حجر وهو الناقد المدقق العهدة على ابن حبان في هذا إشارة كافية إلىضعف هذا الخبر ".
أنقل هنا كلام الحافظ ابن حجر ليتبين لعب الكاتب بنصه ثم أعقب عليه ببيان المآخذ على الكاتب في تصرفه في النص.
قال الحافظ:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/359)
"وقد تمسك الرافضة بتأخر علي عن بيعة أبي بكر إلى أن ماتت فاطمة وهذيانهم في ذلك مشهور وفي هذا الحديث ما يدفع في حجتهم وقد صحح بن حبان وغيره من حديث أبي سعيد الخدري وغيره أن عليا بايع أبا بكر في أول الأمر وأما ما وقع في مسلم عن الزهري أن رجلا قال له لم يبايع على أبا بكر حتى ماتت فاطمة قال لا ولا أحد من بني هاشم فقد ضعفه البيهقي بإن الزهري لم يسنده وأن الرواية الموصولة عن أبي سعيد أصح وجمع غيره بأنه بايعه بيعة ثانية مؤكدة للأولى لإزالة ما كان وقع بسبب الميراث كما تقدم وعلى هذا فيحمل قول الزهري لم يبايعه علي في تلك الأيام على إرادة الملازمة له والحضور عنده وما أشبه ذلك فإن في انقطاع مثله عن مثله ما يوهم من لا يعرف باطن الأمر أنه بسبب عدم الرضا بخلافته فأطلق من أطلق ذلك وبسبب ذلك أظهر على المبايعة التي بعد موت فاطمة عليها السلام لإزالة هذه الشبهة ".
والمؤاخذات على تصرف الكاتب في هذا النص في نقطتين.
أولا لم يسق الكاتب النص في سياقه بل بتر منه ما أراد ليبني عليه حكمه وهو تضعيف الحافظ ابن حجر للحديث، فسياق النص لا يخدم فكرة تضعيف ابن حجر للحديث إذ هو في سياق رده على الرافضة استدلالهم بحديث البخاري في تأخر علي رضي الله عنه في بيعة أبي بكر وأنه كان يطلب حقه في الإمامة التي أخذها منه أبو بكر والصحابة الآخرين، ثم يستشهد الحافظ ابن حجر عليهم بالحديث الذي ذكر عن ابن حبان أنه صححه.
النقطة الثاني أن الحافظ لم يترك العهدة في تصحح الحديث على ابن حبان كما زعم الكاتب، بل في النص الذي نقل عنه الكاتب قال فيه " وقد صحح بن حبان وغيره" ويا سبحان الله أنا غابت هذه اللفظة عن الكاتب حتى يزعم أن الحافظ ترك العهدة على ابن حبان مع أنه ذكر معه غيره مما يدل على أنا الحافظ لم يترك العهدة على بن حبان وحده.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر في الجزء الذي بتر الكاتب من كلامه تصحيح البيهقي للحديث ورده به كلام الزهري أن عليا وبني هاشم لم يبايعوا عليا مدة حيات فاطمة.
وتصرف الحافظ مع الحديث يدل على تصحيحه له، فلم يرده بحديث البخاري بل جمع بينها ولو كان ضعفا عنه لما جمع بينهما ولبين ضعفه ومعارضته لما في البخاري والأصل في العالم إذا نقل عن أحد من أهل العلم تصحيح حديث ولم يتعقبه أنه موافقا له في تصحيحه.
تنبيه لم أجد هذا الحديث في صحيح ابن حبان الذي بين أيدينا، ولم يعزه له ابن كثر فلينتبه لذلك.
والحديث في المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 80 ـ سنن البيهقي الكبرى ج 8 ص 143.
ومن قلة أمانته العلمية في نقل كلام أهل العلم في الحديث إيهام القارئ أن ابن تيمية يضعف قصة مجادلة أبي بكر لسعد بن عبادة في قضية الإمارة وأنها في قريش واعتراف سعد بذلك.
فقال في ص 95
"وحين ما أورد بن تيمة حديث الحميري في بعض نسخ "المنهاج " صرح بإرساله كما تقتضه الأمانة العلمية .. "
نعم صرح ابن تيمية بإرساله ولكن صححه وبنى عليه أن سعدا بايع أبا بكر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمة: "وهذا مرسل حسن، ولعل حميدا أخذه عن بعض الصحابة الذين شهدوا ذلك، وفيه فائدة جليلة جدا، وهي أن سعد بن عبادة نزل عن مقامه الأول في دعوة الإمارة، وأذعن للصديق بالإمارة، فرضي الله عنهم أجمعين ".
منهاج السنة 1/ 536
ومن قلة أمانته العلمية في نقل كلام أهل العلم حول الحديث، إيهام القارئ أن الترمذي يضعف حديث دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاوية "اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به " والحق أن الترمذي قد أخرج الحديث من طريقين حسن واحدة منها وضعف الأخرى فكان المستحسن من باب الأمانة العلمية أن ينقل الكاتب الحكمين لا أن ينقل واحدا منهما ويدع الآخر.
[3842] عن عبد الرحمن بن أبي عميرة وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمعاوية اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب
سنن الترمذي ج 5 ص 687
[3843] عن أبي إدريس الخولاني قال لما عزل عمر بن الخطاب عمير بن سعد عن حمص ولى معاوية فقال الناس عزل عميرا وولى معاوية فقال عمير لا تذكروا معاوية إلا بخير فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم أهد به قال أبو عيسى هذا حديث غريب قال وعمرو بن واقد يضعف
سنن الترمذي ج 5 ص 687
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/360)
والحديث روه الإمام أحمد في المسند (4/ 216) و صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (3/ 236) وقال في الصحيحة (4/ 615) بعد أن ذكر طرقه: رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، فكان حقه أن يصحح .. وقال: وبالجملة فالحديث صحيح وهذه الطرق تزيده قوة على قوة ..
من قلة أما نته العلمية نسبته لفظة "ويح عما تقتله الفئة الباغية" للبخاري على الإطلاق دون أن يبين أن كثير من أهل العم أنكر أن تكون في البخاري وأنها لا توجد في أكثر نسخه.
قال في ص 143:
" ورواية البخاري للحديث لا تدع لبسا حول بغي أهل الشام في تلك الحرب "
قال الحافظ ابن حجر:
"ولفظه ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم الحديث وأعلم أن هذه الزيادة لم يذكرها الحميدي في الجمع وقال إن البخاري لم يذكرها أصلا وكذا قال أبو مسعود قال الحميدي ولعلها لم تقع للبخاري أو وقعت فحذفها عمدا قال وقد أخرجها الإسماعيلي والبرقاني في هذا الحديث قلت ويظهر لي أن البخاري حذفها عمدا وذلك لنكتة خفية وهي أن أبا سعيد الخدري اعترف أنه لم يسمع هذه الزيادة من النبي صلى الله عليه وسلم فدل على أنها في هذه الرواية مدرجة والرواية التي بينت ذلك ليست على شرط البخاري وقد أخرجها البزار من طريق داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد فذكر الحديث في بناء المسجد وحملهم لبنة لبنة وفيه فقال أبو سعيد فحدثني أصحابي ولم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يا بن سمية تقتلك الفئة الباغية أه وبن سمية هو عمار وسمية اسم أمه وهذا الإسناد على شرط مسلم وقد عين أبو سعيد من حدثه بذلك ففي مسلم والنسائي من طريق أبي سلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال حدثني من هو خير مني أبو قتادة فذكره فاقتصر البخاري على القدر الذي سمعه أبو سعيد من النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره وهذا دال على دقة فهمه وتبحره في الاطلاع على علل الأحاديث "
فتح الباري ج 1 ص 543
وقال شيخ الإسلام:
"وكذلك حديث عمار بن ياسر تقتلك الفئة الباغية قد رواه مسلم في صحيحه من غير وجه ورواه البخاري لكن في كثير من النسخ لم يذكره تاما "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 413
وكذلك قلة الأمانة في نقل كلام أهل العلم في رواية الحسن عن سمرة، وإيهام القارئ أن أهل العلم لم يختلفوا في قبولها.
قال في ص 188
قلت" هذا الحديث الذي ضعفه ابن عربي هو صحيح أخرجه النسائي وأبو داود .. قال البخاري عن علي ابن المديني " سماع الحسن من سمرة صحيح "، وأخذ بهذا الحديث. وقال البخاري: " أناأذهب إليه ". فلو لم يصح الحديث لما ذهب إليه هذان إمامان، وحسبك بهما ".
مع أنها هذه المسألة من أشهر المسائل خلافا بين أهل الحديث، ولهم فيها خمسة أقول تنظر في البحث الماتع الذي خصصه لها شيخنا الشريف حاتم في الجزء الثالث من كتاب المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس.
ومن قلة أمانته في نقل كلام أهل العلم حول الحديث محاولة إيهام القارئ بصحة أحاديث لعن الوليد ومروان وذريته مع أن أهل العلم قد قالوا فيها قولتهم الصريحة المخالفة لما يريد الكاتب من إيهام القراء بصحتها.
قال ابن القيم:
" أحاديث ذم الوليد ومروان بن الحكم كذب "
المنار المنيف ص (117)
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[05 - 02 - 05, 05:35 ص]ـ
في هذه الوقفة سنتناول أحكام المؤلف التاريخية، ونرى مدى التزامه فيها بالعلم والعدل.
وأول مسألة نبحث فيها ذلك عنوان كتابه الخلا فات السياسية بين الصحابة.
والحق أنه لا خلاف سياسي بين الصحابة كما بين أهل العلم.
قال ابن حزم رحمه الله:
" قال أبو محمد وأماأمر معاوية رضي الله عنه فبخلاف ذلك ولم يقاتله علي رضي الله عنه لامتناعه من بيعته لأنه كان يسعه في ذلك ما وسع ابن عمر وغيره لكن قاتله لامتناعه من إنفاذ أوامره في جميع أرض الشام وهو الإمام الواجبة طاعته فعلى المصيب في هذا ولم ينكر معاوية قط فضل علي واستحقاقه الخلافة لكن اجتهاده أداه إلىأن رأى تقديم أخذ القود من قتلة عثمان رضي الله عنه على البيعة ورأى نفسه أحق بطلب دم عثمان والكلام فيه عن ولد عثمان وولد الحكم ابن أبي العاص لسنه ولقوته على الطلب بذلك كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الرحمن بن سهل أخا عبد الله بن سهل المقتول بخيبر بالسكوت وهو أخو المقتول وقال له كبر كبر وروى الكبر الكبر فسكت عبد الرحمن وتكلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/361)
محيصة وحويصة أبناء مسعود وهما أبنا عم المقتول لأنهما كان أسن من أخيه فلم يطلب معاوية من ذلك إلا ما كان له من الحق أن يطلبه وأصاب في ذلك الأثر الذي ذكرنا وإنما أخطأ في تقديمه ذلك على البيعة فقط فله أجر الاجتهاد في ذلك ولا إثم عليه فيما حرم من الإصابة كسائر المخطئين في اجتهادهم الذين أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لهم أجرا واحدا وللمصيب أجرين ولا عجب أعجب ممن يجيز الاجتهاد في الدماء وفي الفروج والأنساب والأموال والشرائع التي يدان الله بها من تحريم و إيجاب ويعذر المخطئين في ذلك ويرى ذلك مباحا لليث والبتي أبي حنيفة والثوري ومالك والشافعي وأحمد وداود وإسحاق وأبي ثور وغيرهم كزفر وأبي يوسف ومحمد بن الحسن والحسن بن زياد وابن القاسم وأشهب وابن الماجشون والمزني وغيرهم فواحد من هؤلاء يبيح دم هذا الإنسان وآخر منهم يحرمه كمن حارب ولم يقتل أو عمل عمل قوم لوط وغير هذا كثير وواحد منهم يبيح هذا الفرج وآخر منهم يحرمه كبكر أنكحها أبوها وهي بالغة عاقلة بغير إذنها ولا رضاها وغير هذا كثير وكذلك في الشرائع والأوامر والأنساب وهكذا فعلت المعتزلة بشيوخهم كواصل وعمرو وسائر شيوخهم وفقهائهم وهكذا فعلت الخوارج بفقهائهم ومفتيهم ثم يضيقون ذلك على من له الصحبة والفضل والعلم والتقدم والاجتهاد كمعاوية وعمرا ومن معهما من الصحابة رضي الله عنه وإنما اجتهد في مسائل دماء كالتي اجتهد فيها المفتون وفي المفتين من يرى قتل الساحر وفيهم من لا يراه وفيهم من يرى قتل الحر بالعبد وفيهم من يرى قتل المؤمن بالكافر وفيهم من لا يراه فأي فرق بين هذه الاجتهادات واجتهاد معاوية وعمرو وغيرهما لولا الجهل والعمى والتخليط بغير علم وقد علمنا أن من لزمه حق واجب وامتنع من أدائه وقاتل دونه فإنه يجب على الإمام أن يقاتله وإن كان منا وليس ذلك بمؤثر في عدالته وفضله ولا بمحب له فبالمقابل هو مأجور لاجهاده ونيته في طلب الخير فبهذا قطعنا على صواب علي رضي الله عه وصحة أمامته وأنه صاحب الحق وأن له اجرين اجر الاجتهاد واجر الإصابة وقطعنا إن معاوية رضي الله عنه ومن معه مخطئون مجتهدون مأجورون أجرا واحدا وأيضا وأهل العدل المبغي عليهم والمأمورين بالإصلاح بينهم وبينهم ولم يصفهم عز وجل بفسق من اجل ذلك التقاتل ولا ينقص إيمان وإنما هم مخطئون باغون ولا يريد واحدا منهم قتل آخر "
الفصل في الملل ج: 4 ص: 124
قال النووي رحمه الله:
وأمامعاوية رضي الله عنه فهو من العدول الفضلاء والصحابة النجباء رضي الله عنه وأماالحروب التي جرت فكانت لكل طائفة شبهة اعتقدت تصويب انفسها بسببها وكلهم عدول رضي الله عنهم ومتأولون في حروبهم وغيرها ولم يخرج شئ من ذلك احدا منهم عن العدالة لأنهم مجتهدون اختلفوا في مسائل من محل الاجتهاد كما يختلف المجتهدون بعدهم في مسائل من الدماء وغيرها ولا يلزم من ذلك نقص أحد منهم واعلم أن سبب تلك الحروب أن القضايا كانت مشتبهة فلشدة اشتباهها اختلف اجتهادهم وصاروا ثلاثة اقسام قسم ظهر لهم بالاجتهاد أن الحق في هذا الطرف وأن مخالفه باغ فوجب عليهم نصرته وقتال الباغي عليه فيما اعتقدوه ففعلوا ذلك ولم يكن يحل لمن هذه صفته التأخر عن مساعدة امام العدل في قتال البغاة في اعتقاده وقسم عكس هؤلاء ظهر لهم بالاجتهاد أن الحق في الطرف الآخر فوجب عليهم مساعدته وقتال الباغي عليه وقسم ثالث اشتبهت عليهم القضية وتحيروا فيها ولم يظهر لهم ترجيح أحد الطرفين فاعتزلوا صليت وكان هذا الاعتزال هو الواجب في حقهم لأنه لا يحل الاقدام على قتال مسلم حتى يظهر أنه مستحق لذلك ولو ظهر لهؤلاء رجحان أحد الطرفين وأن الحق معه لما جاز لهم التأخر عن نصرته في قتال البغاة عليه فكلهم معذورون رضي الله عنهم ولهذا اتفق اهل الحق ومن يعتد به في الاجماع على قبول شهاداتهم ورواياتهم وكمال عدالتهم رضي الله عنهم اجمعين
شرح النووي على صحيح مسلم ج: 15 ص: 149
قال شيخ الإسلام:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/362)
"فالقتال الذي كان في زمن علي لم يكن على الإمامة فإن أهل الجمل وصفين والنهروان لم يقاتلوا على نصب إمام غير على ولا كان معاوية يقول أنا الإمام دون على ولا قال ذلك طلحة والزبير فلم يكن أحد ممن قاتل عليا قبل الحكمين نصب إماما يقاتل علي طاعته فلم يكن شيء من هذا القتال على قاعدة من قواعد الإمامة المنازع فيها لم يكن أحد من المقاتلين يقاتل طعنا في خلافة الثلاثة ولا ادعاء للنص على غيرهم ولا طعنا في جواز خلافة علي ... "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 327
ويقول عمر بن شبه: ((إن أحدا لم ينقل أن عائشة ومن معها نازعوا عليا في الخلافة، ولا دعوا أحدا ليولوه الخلافة، وإنما أنكروا على علي منعه من قتال قتلة عثمان وترك الاقتصاص منهم)). (أخبار البصرة لعمر بن شبه نقلا عن فتح الباري 13/ 56).
قال الحافظ ابن حجر:
"وقد ذكر يحيى بن سليمان الجعفي أحد شيوخ البخاري في كتاب صفين في تأليفه بسند جيد عن أبي مسلم الخولاني أنه قال لمعاوية أنت تنازع عليا في الخلافة أو أنت مثله قال لا وأني لأعلم أنه أفضل مني وأحق بالأمر ولكن ألستم تعلمون ان عثمان قتل مظلوما وأنا بن عمه ووليه أطلب بدمه فأتوا عليا فقولوا له يدفع لنا قتلة عثمان فأتوه فكلموه فقال يدخل في البيعة ويحاكمهم الي فامتنع معاوية "
فتح الباري ج 13 ص 86
وفي مصنف ابن أبي شيبة بسند حسن
"عن أبي بردة قال قال معاوية ما قاتلت عليا إلا في أمر عثمان"
مصنف ابن أبي شيبة ج 6 ص 187
ولم ينقض عجبي كيف لم ينقل الكاتب هذا الكلام الصحيح عن معاوية الصريح في أنه لم يقاتل عليا من أجل الملك وإنما من أجل الطلب بقلتل قتلة عثمان أو تسليمهم له.
وينقل نصوصا محتلملة في المعنى وبعضها مجهول التاريخ.
وهذا يؤكد على أن المولف وقع فيما حذر منه. في ص 48
"الجهل بموضع الخلاف، والتفريط في بحثه واستقرائه استقراء كافيا، يحرر نقطة النزاع، ويتحر الصدق في الرواية، وينقب عن خلفيات الوقائع وبواعثها. والخوض مع الجهل مخالفة لتحذير الخالق سبحانه: {ولا تقف ما ليس لك به علم .. كما هو مخالفة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم حول القضاة الثلاثة، حيث جعل القاض بجهل في النار. "
ومن أحكامه التاريخية التي أرى أن المؤلف قد جانب فيها العلم أو العدل زعمه أن عثمان آثر قاربه بالمال والمناصب هي فرية طال ما رددها المستشرقون وأذنابهم من مثقف العرب الذين سرت في كتاباتهم سموم الثقافة الغرية.
وهذه الفرية يردها كلام عثمان رضي الله عنه كما عند الطبري " قالوا: إني أحب أهل بيتي وأعطيهم .. فأما حبي لهم؛ لم يمل معهم إلى جور، بل أحمل الحقوق عليهم ... وأما إعطاؤهم؛ فإني لا أستحل أموال المسلمين لنفسي، ولا لأحد من الناس، وقد كنت أعطي العطية الكبيرة الرعية من صلب مالي أزمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، وأنا يومئذ شحيح حريص، أفحين أتيت على أسنان أهل بيتي، وفني عمري، وودعت الذي في أهلي؛ قال الملحدون ما قالوا؟
تاريخ الطبري (5/ 356)
والأمانة العلمية كانت تقتضي من الكاتب أ ن ينقل نقلا صحيا صريحا واضحا لا لبس فيه، يبين أن عثمان كان يستأثر هو وأقاربه بالثروة والمناصب، دون المسلمين، وأنه كان يعطيهم من بيت مال المسلمين ما لا يستحقون، أما الاتهام المجازف العاري عن الدليل فذاك من أخلاق أهل البهت والظلم والجهل، كحال المستشرقين ومن سار في ركابهم.
وأما فرية إيثارهم بالمناصب فلا تقف أما الحق الناصع الذي يبديه التاريخ، فرجوعنا إلى التاريخ للبحث عن ولاة عثمان نجد أن عددهم أربعة وثلاثون، وحصة أقاربه منها ست ولاة فقط ليسوا في وقت واحد، فأين الإيثار المزعوم ثلاثة من هؤلاء الولاة ولاهم عمر.
والسؤال المهم المفروض أن يطرح هل عثمان ولى هؤلاء لقرابتهم أم لكفاءتهم؟ والتاريخ هو الذي يجيب.
الأول منهم وهو معاوية بن أبي سفيان.
قال شيخ الإسلام:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/363)
"ومعاوية ممن حسن إسلامه باتفاق أهل العلم ولهذا ولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه موضع أخيه يزيد بن أبي سفيان لما مات أخوه يزيد بالشام وكان يزيد بن أبي سفيان من خيار الناس وكان أحد الأمراء الذين بعثهم أبو بكر وعمر لفتح الشام يزيد بن أبي سفيان وشرحبيل ابن حسنة وعمرو بن العاص مع أبي عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد فلما توفي يزيد بن أبي سفيان ولى عمر مكانه أخاه معاويه وعمر لم يكن تأخذه في الله لومة لائم وليس هو ممن يحابى في الولاية ولا كان ممن يحب أبا سفيان أباه بل كان من أعظم الناس عداوة لأبيه أبي سفيان قبل الإسلام حتى أنه لما جاء به العباس يوم فتح مكة كان عمر حريصا على قتله حتى جرى بينه وبين العباس نوع من المخاشنة بسبب بغض عمر لأبي سفيان فتولية عمر لابنه معاوية ليس لها سبب دنيوي ولولا استحقاقه للإمارة لما أمره ثم إنه بقى في الشام عشرين سنة أميرا وعشرين سنة خليفة ورعيته من أشد الناس محبة له وموافقة له وهو من أعظم الناس إحسانا إليهم وتأليفا لقلوبهم"
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 382
ثانيا الوليد ابن عقبة.
أي انتقاد يوجه إلى عثمان في توليته للولد ابن عقبة فيشترك فيه معه أبو بكر وعمر فكل منهم ولى الوليد.
فقد كان الوليد حامل الرسائل الحربية السرية التي كانت بين أبي بكر وخالد بن الوليد في وقعة المذار مع الفرس.
تاريخ الطبري 4/ 168
وولاه صدقات قضاعة.
وولاه عمر الجريرة.
تاريخ الطبري 5/ 28
وقد قال الإمام الشعبي ـ وهو من هو في علمه ودينه ـ عنه بعد أن ذكروا له غزو مسلمة بن عبد الملك " كيف لو أدركتم الوليد،وغزوه، وإمارته، إنه كان ليغزوا، فينتهي إلى كذا، وكذا، ما نقض، ولا انتقص عليه أحد حتى عزل عن عمله ".
وقد كان الوليد رضي الله عنه أحب الناس إلى الناس وأرفقهم بهم، وقد مضى خمس سنين، وليس في داره باب.
تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان ص 306
ولما ظهر من الوليد ما يكره لم يحابه عثمان فأقام حكم الله فيه وعزله عن عمله.
سعيد ابن العاص.
لن نطيل في أمره سأنقل كلمات للأمام الذهبي تبين حاله نكتفي بها.
قال الذهبي في ترجمة سعيد بن العاص: " كان أميرا شريفا جوادا ممدحا حليما وقورا ذا حزم وعقل يصلح للخلافة.
سير أعلام النبلاء 3/ 447
عبد الله بن سعد بن أبي السرح.
ومنتقد عثمان على توليته يلزمه نقد عمر فقد ولاه صعيد مصر، لكن ما ذا يقول التاريخ عن عبد الله بن سعد بن أبي السرح؟.
قال المقريزي عنه: " ومكث أميرا مدة ولاية عثمان رضي الله عنه كلها محمودا في ولايته "
الخطط 1/ 299
وقال عنه الذهبي: " لم يتعد،ولا فعل ما ينقم عليه، وكان أحد عقلاء الرجال، وأجوادهم ".
سير أعلام النبلاء 3/ 34
عبد الله بن عامر بن كريز.
تكشف سيرة هذا الفتى عن فراسة عثمان في الولاة. هذا الشاب الذي ولاه عثمان وهو في الخامسة والعشرين كان أهلا لما أولي من عمل، يحدثنا الدكتور أكرم ضياء الدين العمري عنه: " وقد قام هذا الوالي الشاب بإصلاحات كثيرة في نظم الري والزراعة بشق ترع والأنهار وتنظيم مدينة البصرة وتوسيع مسجدها وسوقها وتوفير المياه في طريق الحج لأهلها، ازدهرت الصرة اقتصاديا، ومتد نفوذ واليها إلى عمان والبحرين وسجستان وخراسان وفارس والأهواز، حيث عين عبد الله بن عامر الولاة على هذه البلدان، وقد حافظ عبد الله بن عامر على مكانته عند أهل البصرة حتى نهاية ولا يته مما يدل على مقدرة عالية في القيادة والسياسة رغم أنه تولى البصرة وهو في الخامسة والعشرين من عمره ".
عصر الخلافة الراشدة ص 133
ومن أهم أعماله الكبار قضاءه على دولة الفرس بقضائه على آخر ملكهم يزدرجرد فتلاشت بعده آمال الفرس في إعادة مملكتهم.
أما مروان فنؤجل الكلام عليه إلى وقفة مدرسة التشيع السني.
وبعد هذا النقل الواضح المبين أن عثمان لم يؤثر قرابته بالمناصب والأموال كما زعم الكاتب، وأنه لم يول منهم إلا من كان أهلا للولاية؛ تتلاشى مزاعم الكاتب عن أخطاء عثمان السياسية، فهو بناها على هذا الزعم وبعد أن دك التاريخ الصحيح أساسه فلابد من سقوط ما بني عليه.
وتطير رياح الحقيقة في الهوى قوله في ص 122
" فتأول ابن تيمية لعثمان ليس مبنيا على تصويب لسياسات عثمان رضي الله عنه، وإيثاره لأقاربه بالولايات والمال .. "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/364)
ومن أحكامه التاريخية التي نرى أنه جانب فيها العلم أو العدل تصوير معاوية رضي الله عنه على أنه ظالم مستبد، جعل عليه إثم كل من جار واستبد. والتاريخ يقول غير ما ذكر الكاتب.
وعن الزهري قال: عمل معاوية بسيرة عمر بن الخطاب سنين لا يخرم منها شيئاً. السنة للخلال (1/ 444) وقال المحقق إسناده صحيح.
وقال ابن كثير في ترجمة معاوية رضي الله عنه: "وأجمعت الرعايا على بيعته في سنة إحدى وأربعين .. فلم يزل مستقلاً بالأمر في هذه المدة إلى هذه السنة التي كانت فيها وفاته، والجهاد في بلاد العدو قائم وكلمة الله عالية، والغنائم ترد إليه من أطراف الأرض، والمسلمون معه في راحة وعدل وصفح وعفو ".
البداية والنهاية (8/ 119).
إذا فسنة معاوية هي العدل والجهاد هذا ما سنه أيام حكمه، فالمستن به من كانت هذه سيرته ومن لم يستن به في هذا فلم يستن به.
نظرت أجلاء الصحابة لمعاوية.
ابن عمر
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: ما رأيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسود - من السيادة – من معاوية، فقيل: ولا أبوك؟ قال: أبي عمر رحمه الله خير من معاوية، وكان معاوية أسود منه. الخلال في السنة (1/ 443) والذهبي في السير (3/ 152) وابن كثير في البداية (8/ 137).
ابن عباس.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما رأيت رجلاً كان أخلق للملك من معاوية، كان الناس يردون منه على أرجاء واد رحب، و لم يكن بالضيق الحصر العصعص المتغضب. رواه عبد الرزاق في المصنف (برقم 20985) بسند صحيح. وابن كثير في البداية (8/ 137).
وفي صحيح البخاري برقم (3765) أنه قيل لابن عباس: هل لك في أمير معاوية فأنه ما أوتر إلا بواحدة، قال: إنه فقيه.
ابن الزبير.
وعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه أنه قال: لله در ابن هند – يعني معاوية رضي الله عنه – إناكنا لَنَفْرَقه – من الفَرَق: وهو الخوف والفزع – وما الليث على براثنه بأجرأ منه، فيتفارق لنا، وإن كنا لنخادعه وما ابن ليلة من أهل الأرض بأدهى منه، فيتخادع لنا، والله لوددت أنامُتعنا به مادام في هذا الجبل حَجَر، وأشار إلىأبي قبيس. أورده ابن كثير في البداية (8/ 138).
وأما ما هول به من عهده بالخلافة ليزيد وجعل ذلك ذنبا لا يمكن أن يتأول لمعاوية، وردة ارتد بها بعاوية عن بعض الدين، سببها بقايا الجاهلية العربية الأولى التي لم يتخلص منها معاوية، وأضاف إليها ما تعلمه من جاهلية الروم في توريثهم الحكم لأولادهم.
وقال عنه في ص 80
تحت عنوان الإقرار بثقل الإرث الجاهلي.
ولقد كان للأعراف الاجتماعية والتاريخية تأثيرا بالغا في إشعال الفتن السياسية بين الصحابة رضي الله عنهم وليس مما يستغرب أن يكون معاوية هو أول من حول الخلافة إلى ملك، فقد أمضى شطر عمره في بيت السيادة في قريش، وشطره الثاني على حدود دولة الروم.
قال في رده على ابن تيمية قوله إن معاوية وعمر لم يقاتلا من أجل الملك في ص 181
" لقد كان حري بابن تيمية هنا أن يعترف ـ كما فعل دائما ـ بالطبيعة المركبة للفتنة، وباختلاط الشبهات والشهوات فيها، ويقبل أن دوافع معاوية وعمرو لم تكن مجرد شبهة الاقتصاص للخليفة الشهيد، بل خالطتها شهوة الملك وحب الدنيا.
وقال ردا على ابن تيمية قوله المتقدم ص 178
" إن كل هذه النصوص تدل على أن معاوية سعى إلى الملك بالفعل وبالقول، وصرح بمطامعه في قيادة الأمة دون للبس. فالقول بعد ذلك أنه لم ينازع عليا الخلافة ولا سعى إليها .. تكلف بارد كان لأولى بشيخ الإسلام ابن تيمية أن يتنزه عنه.
على أن دور معاوية أكبر من مجرد الخروج على الجماعة ومنازعة الأمر أهله. فهو الذي أرسى نظام الملك بديلا عن دولة الخلافة، فسن في الإسلامي تلك السنة السيئة، وفتح بها أبوابا من المظلم التي لم تتوقف، ومن الدماء آلتي لم تجف منذ أربعة عشر قرنا، وأخرج بناء السلطة من إطار مبادئ الشرع: كالشورى والبيعة والعدل .. إلى منطق القوة وقانون الغاب، وهو أمر لا يزال المسلون يعيشون مساوئه إلى اليوم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/365)
فسواء تأولنا لمعاوية في مواقفه خلال الفتنة أم لم نتأول، فإن سلوكه السياسي اللاحق ليس مما يمكن التأويل له، وهو سلوك كان بعد على الإسلام و المسلمين من الفتنة ذاتها، بل من أي حدث تارخي خلال أربعة عشرة المنصرمة. فقد كانت الفتنة التي قادها معاوية هدما لأركان الخلافة الراشدة، لكن ما فعله معاوية بعد الفتنة من توريث السلطة لابنه بالترغيب والترهيب كان سوأ أثرا، لأنه إرساء لبناء جديد منحرف على أنقاض تلك الخلافة، وسد لبواب استردادها. فليتكلف المتكلفون ما شاءوا في تأويلهم لما حدث أثناء الفتنة، لكنهم لن يجدوا ما يتأولونه لما حدث بعد ذلك، إذا كانوا حقا ممن يجعل قدسية المبادئ فوق مكانة الأشخاص. "
هذا الكلام ساقط جملة وتفصيلا وستعرف بعد منا قشته أنه لا يعدو كونه تهويل عاطفي وتنميق إنشائي لا يستند إلى دليل من التاريخ والواقع.
أولا نبين الدافع الحقيقي لمعاوية أن يعهد بالخلافة ليزيد حتى تتضح الصورة ثم بعد ذلك نناقش دعاوى الكاتب دعوة دعوة
قال ابن خلدون: " الفصل الثلاثون في ولاية العهد اعلم أنا قدمنا الكلام في الإمامة ومشروعيتها لما فيها من المصلحة وأن حقيقتها للنظر في مصالح الأمة لدينهم ودنياهم فهو وليهم والأمين عليهم ينظر لهم ذلك في حياته ويتبع ذلك أن ينظر لهم بعد مماته ويقيم لهم من يتولى أمورهم كما كان هو يتولاها ويثقون بنظره لهم في ذلك كما وثقوا به فيما قبل وقد عرف ذلك من الشرع بإجماع الأمة على جوازه وانعقاده إذ وقع بعهد أبي بكر رضي الله عنه لعمر بمحضر من الصحابة وأجازوه وأوجبوا على أنفسهم به طاعة عمر رضي الله عنه وعنهم وكذلك عهد عمر في الشورى إلى الستة بقية العشرة وجعل لهم أن يختاروا للمسلمين ففوض بعضهم إلى بعض حتى أفضى ذلك إلى عبد الرحمن بن عوف فاجتهد وناظر المسلمين فوجدهم متفقين على عثمان وعلى علي فآثر عثمان بالبيعة على ذلك لموافقته إياه على لزوم الاقتداء بالشيخين في كل ما يعن دون اجتهاده فانعقد أمر عثمان لذلك وأوجبوا طاعته والملأ من الصحابة حاضرون للأولى والثانية ولم ينكره أحد منهم فدل على أنهم متفقون على صحة هذا العهد عارفون بمشروعيته والإجماع حجة كما عرف ولايتهم الإمام في هذا الأمر وإن عهد إلى أبيه أو ابنه لأنه مأمون على النظر لهم في حياته فأولى أن لا يحتمل فيها تبعة بعد مماته خلافا لمن قال باتهامه في الولد والوالد أو لمن خصص التهمة بالولد دون الوالد فإنه بعيد عن الظنة في ذلك كله لا سيما إذا كانت هناك داعية تدعو إليه من إيثار مصلحة أو توقع مفسدة فتنتفي الظنة في ذلك رأسا كما وقع في عهد معاوية لابنه يزيد وإن كان فعل معاوية مع وفاق الناس له حجة في الباب والذي دعا معاوية لإيثار ابنه يزيد بالعهد دون من سواه إنما هو مراعاة المصلحة في اجتماع الناس واتفاق أهوائهم باتفاق أهل الحل والعقد عليه حينئذ من بني أمية إذ بنو أمية يومئذ لا يرضون سواهم وهم عصابة قريش وأهل الملة أجمع وأهل الغلب منهم فآثره بذلك دون غيره ممن يظن أنه أولى بها وعدل عن الفاضل إلى المفضول حرصا على الاتفاق واجتماع الأهواء الذي شأنه أهم عند الشارع وإن كان لا يظن بمعاوية غير هذا فعدالته وصحبته مانعة من سوى ذلك وحضور أكابر الصحابة لذلك وسكوتهم عنه دليل على انتفاء الريب فيه فليسوا ممن يأخذهم في الحق هوادة وليس معاوية ممن تأخذه العزة في قبول الحق فإنهم كلهم أجل من ذلك وعدالتهم مانعة منه وفرار عبد الله ابن عمر من ذلك إنما هو محمول على تورعه من الدخول في شيء من الأمور مباحا كان أو محظورا كما هو معروف عنه ولم يبق في المخالفة لهذا العهد الذي اتفق عليه الجمهور إلا ابن الزبير وندور المخالف معروف ثم إنه وقع مثل ذلك من بعد معاوية من الخلفاء الذين كانوا يتحرون الحق ويعملون به مثل عبد الملك وسليمان من بني أمية والسفاح والمنصور والمهدي والرشيد من بني العباس وأمثالهم ممن عرفت عدالتهم وحسن رأيهم للمسلمين والنظر لهم ولا يعاب عليهم إيثار أبنائهم وإخوانهم وخروجهم عن سنن الخلفاء الأربعة في ذلك فشأنهم غير شأن أولئك الخلفاء فإنهم كانوا على حين لم تحدث طبيعة الملك وكان الوازع دينيا فعند كل أحد وازع من نفسه فعهدوا إلى من يرتضيه الدين فقط وآثروه على غيره ووكلوا كل من يسمو إلى ذلك إلى وازعه وأما من بعدهم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/366)
من لدن معاوية فكانت العصبية قد أشرفت على غايتها من الملك والوازع الديني قد ضعف واحتيج إلى الوازع السلطاني والعصباني فلو عهد إلى غير من ترتضيه العصبية لردت ذلك العهد وانتقض أمره سريعا وصارت الجماعة إلى الفرقة والاختلاف سأل رجل عليا رضي الله عنه ما بال المسلمين اختلفوا عليك ولم يختلفوا على أبي بكر وعمر فقال لأن أبا بكر وعمر كانا واليين على مثلي وأنا اليوم وال على مثلك يشير إلى وازع الدين أفلا ترى إلى المأمون لما عهد إلى علي بن موسى بن جعفر الصادق وسماه الرضا كيف أنكرت العباسية ذلك ونقضوا بيعته وبايعوا لعمه إبراهيم بن المهدي وظهر من الهرج والخلاف وانقطاع السبل وتعدد الثوار والخوارج ما كاد أن يصطلم الأمر حتى بادر المأمون من خراسان إلى بغداد ورد أمرهم لمعاهده فلا بد من اعتبار ذلك في العهد فالعصور تختلف باختلاف ما يحدث فيها من الأمور والقبائل والعصبيات وتختلف باختلاف المصالح ولكل واحد منها حكم يخصه لطفا من الله بعباده وأما أن يكون القصد بالعهد حفظ التراث على الأبناء فليس من المقاصد الدينية.
مقدمة ابن خلدون ج: 1 ص: 210 ـ 211
ونقلت كلام ابن خلدون مع طوله لأهميته و تبيينه للقضية من جميع جوانبها.
ونستفيد من كلام ابن خلدون السابق منهجا مهما في دراسة حيات الصحابة، هو أن الدارس لحياتهم لا بد أن يعلم أن منها ما هو محكم ومنها ما هو متشابه، والمحكم منها ما دل عليه النص من عدالتهم وفضلهم وقصدهم الله بأفعالهم، والمتشابه منها الفعل المحتمل أن يكن فعلهم له قصد به الله والدار الآخرة، ويحتمل أن يكن من أخطاء البشر التي جبلوا عليها، فالعمل هنا هو البناء على المحكم، ورد المتشابه إليه وهذا ما فعله العلامة ابن خلدون عند ما تكلم عن ولاية العهد التي عهد بها معاوية لولده، فوفق وأصاب الحق، وأما الكاتب فترك المحكم وبنا على المتشابه فأخطأ في الحكم والتحليل.
وقد أشاد كثير من المؤرخين بفعل معاوية هذا وجعلوه من فضائله وحسن نظره للمسلمين منهم محمد علي كرد في كتابه: الإسلام والحضارة العربية (2/ 395)، و إبراهيم شعوط في: أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ (ص 334)، و يوسف العش في: الدولة الأموية (ص 164)، و مقال للدكتور: عمارة نجيب في مجلة الجندي المسلم (ص 58).
وأما زعمه خروج معاوية عن مبادئ الشرع كالشورى والبيعة والعدل فهو أمر لايثبت أما الحقيقة التي تظهر للباحث المجد المنقب عن الحقائق بإخلاص وبدون حكم مسبق على الوقائع، فالترايخ يثبت أن معاوية استشار أهل الأمصار في تولية يزيد؛ فواقوا إلا نفرا قليلا من أهل الحجاز بين ابن خلدون سبب رفضهم للمبايعة.
يراجع تاريخ خليفة بن خياط ص 211 وتاريخ الإسلام للذهبي حوادث سنة 14 60 ص 22 والعقد الفريد 4/ 369
وأما العدل فقد مر معك كلام ابن كثير عن عدل معاوية، وكان يغرسه في يزيد ويسأله رضي الله عنه إذا ولي ما ذا سيفعل فكان يقول له: " (كنت والله يا أبت عاملاً فيهم عمل عمر بن الخطاب ". ابن عاصم في الآحاد والمثاني (1/ 375) بسند حسن.
فأنت ترى أن العدل والتأكيد عليه كان ديدن معاوية، ويزيد يأكد له حرصه عليه.
هل كان يزد أهلا لما ولاه معاوية، إن معاوية لم يول يزد حتى عرفه وتأكد من إمكانياته في قيادة الأمة، فقد أمره على أول جيش غزا به المسلمون عاصمة النصارى القسطنطينية، وهو الجيش الذي أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه مغفور له، وقد أظهر يزيد في قيادته لذلك الجيش مقدرة وكفاءة عالية على القيادة، كان معه في ذلك الجيش عدد من أفاضل الصحابة من أمثال عبد الله بن الزبير و عبد الله بن عباس و أبو أيوب الأنصاري.
ومن أحكامة الي جانب فيها العدل أو العلم تقييمه لشخصية يزبد فتاريخ الصحيح يذكر عنه غير ما ذكر الكاتب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/367)
روي البلاذري أن محمد بن علي بن أبي طالب - المعروف بابن الحنفية - دخل يوماً على يزيد بن معاوية بدمشق ليودعه بعد أن قضى عنده فترة من الوقت، فقال له يزيد، و كان له مكرماً: يا أبا القاسم، إن كنت رأيت مني خُلُقاً تنكره نَزَعت عنه، و أتيت الذي تُشير به علي؟ فقال: والله لو رأيت منكراً ما وسعني إلاّ أن أنهاك عنه، وأخبرك بالحق لله فيه، لما أخذ الله على أهل العلم عن أن يبينوه للناس ولا يكتموه، وما رأيت منك إلاّ خيراً. أنساب الأشراف للبلاذري (5/ 17).
و شهد له بحسن السيرة والسلوك حينما أراده بعض أهل المدينة على خلعه والخروج معهم ضده، فيروي ابن كثير أن عبد الله بن مطيع – كان داعية لابن الزبير - مشى من المدينة هو و أصحابه إلى محمد ابن الحنفية فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم، فقال ابن مطيع: إن يزيد يشرب الخمر و يترك الصلاة و يتعدى حكم الكتاب، فقال محمد ما رأيت منه ما تذكرون، قد حضرته و أقمت عنده فرأيته مواظباً على الصلاة متحرياً للخير يسأل عن الفقه ملازماً للسنة، قالوا: ذلك كان منه تصنعاً لك، قال: و ما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر إليّ الخشوع؟ ثم أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر، فلئن كان أطلعكم على ذلك فإنكم لشركاؤه، و إن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا، قالوا: أنه عندنا لحق و إن لم نكن رأيناه، فقال لهم: أبى الله ذلك على أهل الشهادة، و لست من أمركم في شيء .. الخ. البداية و النهاية (8/ 233) و تاريخ الإسلام – حوادث سنة 61 - 80هـ – (ص274) و حسن محمد الشيباني إسناده، انظر مواقف المعارضة من خلافة يزيد بن معاوية (ص384).
وقد شهد له ابن عباس رضي الله عنه بالفضيلة وبايعه، كما في أنساب الأشراف (4/ 289 – 290) بسند حسن.
وما اتهمه به الكاتب من تناول المسكر يحتاج إلى دليل صحيح صريح من التارخ، ويزيد على العموم مسلم، وأعراض المسلمين حفرة من حفر النار.
ونحن هنا لا نأيد ما فعله معاوية من تولية العهد ليزيد وإنما قصدنا بيان أن هناك تأويلات صحيحة لما فعل معاوية رضي الله عنه ودوافع لها وجه من النظر.
ومن الأحكام التاريخية التي جانب فيها العلم أو العدل حكمه على أبي الغادية، الصحابي.
إن الذي يسوي بين عمار بن ياسر وبين قاتله أبي الغادية الجهني في العدالة وفي الاجتهاد المأجور صاحبه سواء أخطأ أم أصاب .. لهو ممن لا بصيرة لهم. علمًا بأن أبا الغادية صحابي، بالمعنى الاصطلاحي المتوسع الذي يأخذ به أهل الحديث. وقد ترجم الحافظ الذهبي لأبي الغادية في "سير أعلام النبلاء" تحت عنوان: "أبو الغادية الصحابي" و» قال البخاري: له صحبة «وقال مسلم:» له صحبة «ومع ذلك قال الحافظ ابن حجر في ترجمة أبي الغادية:» أبو الغادية الجهني: اسمه يسار بن سبع، سكن الشام ونزل واسط، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه قوله: "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض" روى عنه كلثوم بن جبر وغيره، وكان محبا لعثمان، وهو الذي قتل عمار بن ياسر، وكان إذا استأذن على معاوية وغيره يقول: "قاتل عمار بالباب" يتبجح بذلك. وانظر إلى العجب: يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم النهى عن القتل ثم يقتل مثل عمار «وقد روى الإمام أحمد عن أبي الغادية حديث:» إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام «قال ابن حجر:» فكانوا يتعجبون منه أنه سمع "إن دماءكم وأموالكم [عليكم] حرام" ثم يقتل عمارا «. وقد قال كلثوم بن جبر عن أبي الغادية، وهو الذي روى عنه تبجحه بقتل عمار:» لم أر رجلا أبْيَن ضلالة منه «.
قال كاتب الاعتراض أبو الغادية ممن شهد بيعة الرضوان وأخبر الله أنه علم ما في قلبه عليه و أنه رضي عنه وقال الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لا يدخل النار، فلم يبق لأهل السنة إلا أن يعتقدوا عدالته مادام أخبر بها الله ورسوله وإن وصفهم محمد بن المختار " ممن لا بصيرة لهم."
قال ابن حزم:
"وعمار رضي الله عنه قتله أبو العادية يسار ابن سبع السلمي شهد بيعة الرضوان فهو من شهد الله له بأنه علم ما في قلبه وانزل السكينة عليه ورضي عنه فأبو العادية رضي الله عنه متأول مجتهد مخطئ فيه باغ عليه مأجور أجرا واحدا"
الفصل في الملل ج: 4 ص: 124 الفصل
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/368)
والذي قتل عمار بن ياسر هو أبو الغادية وقد قيل أنه من أهل بيعة الرضوان ذكر ذلك ابن حزم فنحن نشهد لعمار بالجنة ولقاتله إن كان من أهل بيعة الرضوان بالجنة.
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 205
وكان على الكاتب من باب المانة العلمية أن ينقل تعليق الحافظ ابن حجر على قول ذلك الراوي:
"والظن بالصحابة في تلك الحروب أنهم كانوا فيها متأولين وللمجتهد المخطيء أجر وإذا ثبت هذا في حق آحاد الناس فثبوته للصحابة بالطريق الأولى"
الإصابة ج: 7 ص: 312
فهؤلاء الأئمة ممن لا بصيرة لهم عند الكاتب على حد قوله:
"إن الذي يسوي بين عمار بن ياسر وبين قاتله أبي الغادية الجهني في العدالة وفي الاجتهاد المأجور صاحبه سواء أخطأ أم أصاب .. لهو ممن لا بصيرة لهم."
ومن الأحكامه التاريخية التي جانب فيها العدل أو العلم.
نفيه لابن سبإ وتشكيكه في وجوده والحق أن ابن سبإ حقيقة لم يشكك فيها إلا بعض المستشرقين، ومن تتلمذ عليهم من زنادقة العرب وبعض ملا حدة الشيعة المعاصرين، بغير برهان أتوا به إلا اتباع الهوى وتشكيك في مصادر التاريخ الإسلامي.فابن سبإ ذكرته جميع المصادر الإسلامية من تاريخية وأدبية وكتب المقالات تغص بأقواله وأقوال أتباعه من الفرقة السبإية، وهو مذكو في كتب الأنساب.
وقد رد عليهم افتراؤهم هذا المحققون من العلماء المعاصرين بالحجة والبرهان.
وسنقف هنا وقو قفة متأنية نبين فيها من هو عبد الله بن سبإ وهل، هو حقيقة أم خيال، ومن أثبت حقيقته، ومن أول من نفا وجوده وما حجته، و هل هي حجة ناهضة أم داحضة، وأطلب من أخي القارئ شيئا من الصبر وتيقظ، والملاحظة، وعدم العجلة وأخذ الأمور بجد وحزم لا بعجلة وطيش.
من هو عبد الله بن سبأ
هو عبد الله بن وهب السبئي اليهودي.
ومعظم أهل العلم ينسبون ابن سبأ من جهة أبيه إلىسبأ، فيقولون: (عبد الله بن سبأ)، ومن هؤلاء البلاذري في أنساب الأشراف (3/ 382) ابن قتيبة في المعارف (ص 622) و الطبري في التاريخ (4/ 340) وأبو الحسن الأشعري في مقالات الإسلاميين (1/ 86)، والشهرستاني في الملل والنحل (1/ 174)، والذهبي في الميزإن (2/ 426) وابن حجر في لسان الميزان (3/ 290)، وابن عبد ربه في العقد الفريد (2/ 405) و شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (28/ 483)، وابن حبان في المجروحين (2/ 253) والجوزجاني في أحوال الرجال (ص38) و المقدسي في البدء والتاريخ (5/ 129) والخوارزمي في مفاتيح العلوم (ص 22) وابن حزم في الفصل في الملل والنحل (4/ 186) و الأسفرايني في التبصرة في الدين (ص 108) وابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 3)، والسمعاني في الأنساب (7/ 24) و ابن الأثير في اللّباب (2/ 98)، و غيرهم الكثير. و من الرافضة: الناشئ الأكبر في مسائل الإمامة (ص 22 - 23)، و الأشعري القمي في المقالات والفرق (ص 20) و النوبختي في فرق الشيعة (ص 22).
وبعض أهل العلم ينسبونه إلى أمه.
أما نسب ابن سبأ (لأمه) فهو من أم حبشية، كما عند الطبري في التاريخ (4/ 326 - 327) و ابن حبيب في المحبر (ص 308)، و لذلك فكثيراً ما يطلق عليه (ابن السوداء) ففي البيان والتبيين (3/ 81): ( ... فلقيني ابن السوداء) و في تاريخ الطبري (4/ 326): (و نزل ابن السوداء على حكيم بن جبلة في البصرة)، وفي تاريخ الإسلام للذهبي (2/ 122): (ولما خرج ابن السوداء إلى مصر)، و هم بهذا يتحدثون عن عبد الله بن سبأ، و لذلك قال المقريزي في الخطط (2/ 356): (عبد الله بن وهب بن سبأ المعروف بابن السوداء)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 8) من قول علي رضي الله عنه: (من يعذرني من هذا الحميت الأسود الذي يكذب على الله ورسوله يعني ابن السوداء). و مثل هذا كثير ...
ولهذا كان ابن سبأ أسود اللون أخذ السواد عن أمه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/369)
ذكر ابن عساكر في تاريخه (29/ 7 - 8): عن عمار الدهني قال: سمعت أبا الطفيل يقول: رأيت المسيب بن نجبة أتى به ملببة – أي ملازمه - يعني ابن السوداء و علي على المنبر، فقال علي: ما شأنه؟ فقال: يكذب على الله وعلى رسوله، و جاء من طريق زيد بن وهب عن علي قال: ما لي ومال هذا الحميت الأسود، و من طريق سلمة قال: سمعت أبا الزعراء يحدث عن علي، قال: ما لي ومال هذا الحميت الأسود، و جاء أيضامن طريق زيد قال: قال علي بن أبي طالب: ما لي ولهذا الحميت الأسود، يعني عبد الله بن سبأ وكان يقع في أبي بكر و عمر.
وأماقبيلته سبأ فقد اختلف العلماء من أي القبائل العربية هي فذكر بعضهم أنها من حمير وقال آخرون هي من همدان، قال بالقول الأول أنها من حمير ابن حزم والحموي، وبالثاني أنها من همدان البلا رذي والأشعري والقمي والفرزدق.
كتابه الفصل في الملل والأهواء (5/ 46)
معجم البلدان لياقوت الحموي (2/ 306).
أنساب الأشراف (5/ 240)، و الأشعري القمي في المقالات والفرق (ص 20)، والفرزدق في ديوانه (ص 242 - 243)
حقيقة وجود عبد الله بن سبأ أولا الأدلة على وجوده.
أخرج البخاري في صحيحه عن عكرمة.
[6524] عن عكرمة قال أتى علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم فبلغ ذلك بن عباس فقال لو كنت أنالم أحرقهم لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعذبوا بعذاب الله ولقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه
صحيح البخاري ج 6 ص 2537
لم يختلف المؤرخون و أصحاب كتب المقالات أن الذين حرقهم على هم أتباع عبد الله بن سبأ.
ذكر الجوزجاني أن السبئية غلت في الكفر فزعمت أن علياً إلهاً حتى حرقهم بالنار إنكاراً عليهم واستبصاراً في أمرهم حين يقول:
لما رأيت الأمر أمراً منكرا أججت ناري و دعوت قنبرا.
أحوال الرجال (ص 38)
و يقول ابن قتيبة: (إن عبد الله بن سبأ ادّعى الربوبية لعلي، فأحرق علي أصحابه بالنار.
تأويل مختلف الحديث (ص 73)
قال الملطي: (ففي عهد علي رضي الله عنه جاءت السبئية إليه وقالوا له: أنت أنت!!، قال: من أنا؟ قالوا: الخالق البارئ، فاستتابهم، فلم يرجعوا، فأوقد لهم ناراً عظيمة وأحرقهم.
التنبيه و الرد على أهل الأهواء و البدع (ص 18)
و ذكر أبو حفص ابن شاهين أن علياً حرّق جماعة من غلاة الشيعة ونفى بعضهم، و من المنفيين عبد الله بن سبأ. أورده ابن تيمية في منهاج السنة (1/ 7).
و ذكر البغدادي في الفرق بين الفرق (ص 15 و ما بعدها): أن فرقة السبئية أظهروا بدعتهم في زمان علي رضي الله عنه فأحرق قوماً منهم و نفى ابن سبأ إلىسباط المدائن إذ نهاه ابن عباس رضي الله عنهما عن قتله حينما بلغه غلوه فيه وأشار عليه بنفيه إلىالمدائن حتى لا تختلف عليه أصحابه، لاسيما و هو عازم على العودة إلىقتال أهل الشام.
قال ابن حزم: (و القسم الثاني من الفرق الغالية الذين يقولون بالإلهية لغير الله عز وجل فأولهم قوم من أصحاب عبد الله بن سبأ الحميري لعنه الله، أتوا إلىعلي بن أبي طالب فقالوا مشافهة: أنت هو، فقال لهم: ومن هو؟ فقالوا: أنت الله، فاستعظم الأمر و أمر بنار فأججت وأحرقهم بالنار).
الفصل في الملل والنحل (4/ 186)
و يؤكد فخر الدين الرازي في كتابه اعتقادات فرق المسلمين والمشركين (ص 57)، كغيره من أصحاب المقالات والفرق خبر إحراق علي لطائفة من السبئية.
وروى ابن أبي عمر العدني في كتاب الإيمان عن الحسن بن محمد بن الحنفية قوله: (و من خصومة هذه السبئية التي أدركنا، إذ يقولون هُدينا لوحي ضل عنه الناس). كتاب الإيمان (ص 249).
وأكد ابن عبد ربه أن ابن سبأ و طائفته السبئية قد غلوّ في علي حينما قالوا: هو الله خالقنا، كما غلت النصارى في المسيح ابن مريم عليه السلام. العقد الفريد (2/ 405).
16 - و يذكر أبو الحسن الأشعري في مقالات الإسلاميين (1/ 85) عبد الله بن سبأ وطائفته من ضمن أصناف الغلاة، إذ يزعمون أن علياً لم يمت، و أنه سيرجع إلىالدنيا فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً.
و يذكر ابن حبان في كتاب المجروحين (2/ 253): (أن الكلبي سبئياً من أصحاب عبد الله بن سبأ، من أولئك الذين يقولون: إن علياً لم يمت، وأنه راجع إلىالدنيا قبل قيام الساعة).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/370)
18 – يقول المقدسي في كتابه البدء والتاريخ (5/ 129): (إن عبد الله بن سبأ قال للذي جاء ينعي إليه موت علي بن أبي طالب: لو جئتنا بدماغه في صرة لعلمنا أنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه).
يقول الأسفرايني في التبصرة في الدين (ص 108): (إن ابن سبأ قال بنبوة علي في أول أمره، ثم دعا إلىألوهيته، و دعا الخلق إلىذلك فأجابته جماعة إلىذلك في وقت علي).
و يتحدث الشهرستاني في الملل والنحل (2/ 116، 155) عن ابن سبأ فيقول: (و منه انشعبت أصناف الغلاة)، و يقول في موضع آخر: (إن ابن سبأ هو أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي).
و يقول نشوان الحميري في كتابه الحور العين (ص 154): (فقالت السبئية إن علياً حي لم يمت، ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، و يردّ الناس على دين واحد قبل يوم القيامة).
و ذكر السّكْسَكي في كتابه البرهاني معرفة عقائد أهل الأديان: (أن ابن سبأ و جماعته أول من قالوا بالرجعة إلىالدنيا بعد الموت).
و يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 727هـ) أن أصل الرفض من المنافقين الزنادقة، فإنه ابتدعه ابن سبأ الزنديق، و أظهر الغلو في علي بدعوى الإمامة والنص عليه، وادعى العصمة له. أنظر مجموع الفتاوى (4/ 435) و (28/ 483)
و قد نقل الإمام الطبري في تفسيره (3/ 119) رأياً لقتادة بن دعامة السدوسي البصري، في النص التالي: {فأماالذين في قلوبهم زيغ فيتبعون م تشابه منه ابتغاء الفتنة} [آل عمرإن7]، و كان قتادة إذا قرأ هذه الآية قال: (إن لم يكونوا الحرورية والسبئية فلا أدري).
وصار كل من يقول بهذه الأقوال الكفرية ينسب إلىابن يبأ اليهودي.
و ينسب السمعاني في كتابه الأنساب (7/ 24) السبئية إلىعبد الله بن سبأ.
و ترجم ابن عساكر في تاريخه (29/ 3) لابن سبأ بقوله: عبد الله بن سبأ الذي تنسب إلىالسبئية، و هم الغلاة من الرافضة، أصله من اليمن، و كان يهودياً وأظهر الإسلام.
و يذكر ابن الأثير (ت 630هـ) في كتابه اللباب (ص 2/ 98) ارتباط السبئية من حيث النسبة بعبد الله بن سبأ. كما وأن هأورد روايات الطبري بعد حذف أسانيدها في كتابه الكامل (3/ 114، 144، 147، 147، 154 إلىغيرها من الصفحات).
و يعرف الجُرجاني في كتابه التعريفات (ص 79) عبد الله بن سبأ بأن هرأس الطائفة السبئية .. و أن أصحابه عندما يسمعون الرعد يقولون: عليك السلام يا أمير المؤمنين.
وجاءت هذه النسبة أيضا على لسان أعشى همدان في ديوانه (ص 148) و تاريخ الطبري (6/ 83) و قد هجى المختار بن أبي عبيد الثقفي و أنصاره من أهل الكوفة بعدما فرّ مع أشراف قبائل الكوفة إلىالبصرة بقوله:
شهدت عليكم أنكم سبئية * و أني بكم يا شرطة الكفر عارف
والفرزدق أيضايهجو في ديوانه (ص 242 - 243)، أشارف العراق ومن انضم إلىثورة عبد الرحمن بن الأشعث في معركة دير الجماجم، و يصفهم بالسبئية، حيث يقول:
كأن على دير الجماجم منهم * حصائد أو أعجاز نخل تَقَعّرا
تَعَرّفُ همدانية سبئية * و تُكره عينيها على ما تنكرا
رأته مع القتلى و غيّر بعلها * عليها تراب في دم قد تعفّرا
أراحوه من رأس وعينين كانتا * بعيدن طرفا بالخيانة أحزرا
من الناكثين العهد من سبئية * وأمازبيري من الذئب أغدرا
ولو أنهم إذ نافقوا كان منهم * يهوديهم كانوا بذلك أعذرا
و أكد السيوطي في كتابه لب الألباب في تحرير الأنساب (1/ 132) نسبة السبئية إلىعبد الله بن سبأ.
وقد ترجم لابن سبأ أهل العلم الذين اهتموا بالتراجم للرجال.
قال الذهبي في كتابه المغني في الضعفاء (1/ 339) و في الميزإن (2/ 426): (عبد الله بن سبأ من غلاة الشيعة، ضال مضل)، و ذكره أيضافي تاريخ الإسلام (2/ 122 - 123).
وذكر الصفدي في كتبه الوافي بالوفيات (17/ 20) في ترجمة ابن سبأ: (عبد الله بن سبأ رأس الطائفة السبئية .. قال لعلي أنت الإله، فنفاه إلىالمدائن، فلما قتل علي رضي الله عنه زعم ابن سبأ أن هلم يمت لإن فيه جزءاً إلهياً وأن ابن ملجم إنما قتل شيطأنا تصوّر بصورة علي، و أن علياً في السحاب، و الرعد صوته، و البرق سوطه، وأنه سينزل إلىالأرض).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/371)
و قد سرد الحافظ بن حجر في كتابه لسإنالميزإن (3/ 290) أخبار ابن سبأ من غير طريق سيف بن عمر، ثم قال: (و أخبار عبد الله بن سبأ شهيرة في التواريخ، و ليس له رواية و الحمد لله).
و ذكر العيني في كتابه عقد الجمان (9/ 168): (إن ابن سبأ دخل مصر وطاف في كورها، و أظهر الأمر بالمعروف، و تكلم في الرجعة، و قررها في قلوب المصريين.
بعد أن جلنا جولة في كتب أهل العلم من أهل السنة، رأينا من خلا لها إطباقهم على إثبات وجود شخصية عبد الله بن سبأ، فلا بأس أن نجول جولة أخرى في كتب الشيعة نرى فيها موقفهم من وجود بن سبأ إثباتا أو نفيا، وذلك أن أكثر النافين لوجوده في هذا العصر والمروجين لمقلة أنه خيال لا حقية هم الشيعة.
أورد الناشئ الأكبر في كتابه مسائل الإمامة (ص 22 - 23) ما يلي: (و فرقة زعموا أن علياً رضي الله عنه حي لم يمت، و أن هلا يموت حتى يسوق العرب بعصاه، و هؤلاء هم السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ، و كان عبد الله بن سبأ رجلاً من أهل صنعاء يهودياً .. و سكن المدائن .. ).
و نقل القمي في كتابه المقالات و الفرق (ص 20 طهرإن1963 م تحقيق الدكتور محمد جواد مشكور فيروي) أن عبد الله بن سبأ أول من أظهر الطعن على أبي بكر و عمر و عثمان والصحابة، و تبرأ منهم، وادّعى أن علياً أمره بذلك. و (أن السبئية قالوا للذي نعاه (أي علي بن أبي طالب): كذبت ياعدو الله لو جئتنا والله بدماغه خربة فأقمت على قتله سبعين عدلاً ما صدقناك ولعلمنا أن لم يمت ولم يقتل وأن لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه ويملك الأرض ثم مضوا …)
و يتحدث النوبختي في كتابه فرق الشيعة (ص 23) عن أخبار ابن سبأ فيذكر أنه لما بلغ ابن سبأ نعي علي بالمدائن، قال للذي نعاه: كذبت لو جئتنا بدماغه في سبعين صرة و أقمت على قتله سبعين عدلاً لعلمنا أنهلم يمت و لم يقتل، و لا يموت حتى يملك الأرض.
و يقول في (ص 44) وحكى جماعة من أهل العلم من أصحاب علي عليه السلام أن عبدالله بن سبأ كان يهودياً فأسلم ووإلىعلياً عليه السلام وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصي بعد موسى على نبينا وآله وعليهما السلام بالغلو فقال في إسلامه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام بمثل ذلك وهو أول من شهر القول بفرض إمامة علي عليه السلام وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه. يقول النوبختي: فمن هنا قال من خالف الشيعة إن أصل الرفض مأخوذ من اليهود.
و يقول أبو حاتم الرازي في كتابه الزينة في الكلمات الإسلامية (ص 305): (إن عبد الله بن سبأ و من قال بقوله من السبئية كانوا يزعمون أن علياً هو الإله، و أن هيحيي الموتى، وادعوا غيبته بعد موته.
و روى الكشي في الرجال (ص 98 - 99) بسنده إلىأبي جعفر محمد الباقر قوله: إن عبد الله بن سبأ كان يدّعي النبوة، و يزعم أن أمير المؤمنين – عليه السلام – هو الله، تعالىعن ذلك علواً كبيراً. و هناك أقوال مشابه عن جعفر الصادق و علي بن الحسين تلعن فيها عبد الله بن سبأ في (ص 70، 100) من نفس الكتاب.
و يروي الكشي في (رجال الكشي ص 98 ط مؤسسة الأعلمي للمطبوعات كربلاء) بسنده إلىأبي جعفر (أن عبدالله بن سبأ كان يدعي النبوة وزعم أن أمير المؤمنين هو الله تعالىالله عن ذلك علواً كبيرا فبلغ ذلك أمير المؤمنين فدعاه وسأله فأقر بذلك وقال: نعم أنت هو وقد كان لقي في روعي أنك أنت الله وأني نبي فقال له أمير المؤمنين: ويلك قد سخر منك الشيطإن فارجع عن هذا ثكلتك أمك وتب فأبى فحبسه واستتابه ثلاثة أيام فلم يتب فأحرقه بالنار والصواب أن هنفاه بالمدائن …)
و يذكر أبو جعفر الصدوق بن بابويه القمي في كتاب من لا يحضره الفقه (1/ 213)، موقف ابن سبأ و هو يعترض على علي رضي الله عنه رفع اليدين إلىالسماء أثناء الدعاء.
و جاء عند الشيخ المفيد في كتاب شرح عقائد الصدور (ص 257) ذكر الغلاة من المتظاهرين بالإسلام – يقصد السبئية – الذين نسبوا أمير المؤمنين علي والأئمة من ذريته إلىالألوهية والنبوة، فحكم فيهم أمير المؤمنين بالقتل والتحريق بالنار.
و قال أبو جعفر الطوسي في كتبه تهذيب الأحكام (2/ 322) إن ابن سبأ رجع إلىالكفر وأظهر الغلو.
ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب (1/ 227 - 228).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/372)
و ذكر ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (2/ 99) ما نصه: (فلما قتل أمير المؤمنين – عليه السلام – أظهر ابن سبأ مقالته، و صارت له طائفة و فرقه يصدقونه و يتبعونه.
و أشار الحسن بن علي الحلّي في كتابه الرجال (2/ 71) إلىابن سبأ ضمن أصناف الضعفاء.
و يرى ابن المرتضى و هو من أئمة الشيعة الزيدية -، أن أصل التشيع مرجعه إلىابن سبأ، لأنه أول من أحدث القول بالنص في الإمامة. تاج العروس لابن المرتضى (ص 5، 6).
و يرى الأردبيلي في كتاب جامع الرواة (1/ 485) أن ابن سبأ غال ملعون يزعم ألوهية علي و نبوته.
المجلسي في بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار (25/ 286 - 287).
يقول نعمة الله الجزائري (ت 1112هـ) في كتابه الأنوار النعمانية (2/ 234): (قال عبد الله بن سبأ لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أنت الإله حقاً فنفاه علي عليه السلام إلىالمدائن و قيل أنه كان يهودياً فأسلم وكان في اليهودية يقول في يوشع بن نون و في موسى مثل ما قال في علي.
طاهر العاملي (ت 1138هـ) في مقدمة مرآة الأنوار و مشكاة الأسرار في تفسير القرآن (ص 62).
و عند المامقاني (ت 1323هـ) في كتابه تنقيح المقال في أحوال الرجال (2/ 183) جاء ذكر ابن سبأ ضمن نقولات عدة ساقها المؤلف من مصادر شيعية متقدمة عليه.
أمامحمد حسين المظفري (ت 1369هـ) و هو من الشيعة المعاصرين الذين لا ينكرون وجود ابن سبأ وإن كان ينفي أن يكون للشيعة به أي اتصال. تاريخ الشيعة (ص 10).
أماالخوانساري فقد جاء ذكر ابن سبأ عنده على لسان جعفر الصادق الذي لعن ابن سبأ لاتهامه بالكذب والتزوير. روضات الجنات (3/ 141).
هكذا لم تماري كتب الشيعة القديمة في وجود بن سبأ.
لذلك قال سعدي الهاشمي بعد أن نقل نقولا من كتب الشيعة فيها أخبار ابن سبأ ملزما بها من أنكره من الشيعة المعاصرين: (و بهذه النقول والنصوص الواضحة المنقولة من كتب القوم (الشيعة) تتضح لنا حقيقة شخصية ابن سبأ اليهودي، و من طعن من الشيعة في ذلك فقد طعن في كتبهم التي نقلت لعنات الأئمة المعصومين – عندهم – على هذا اليهودي (ابن سبأ) و لا يجوز و لا يتصور أن تخرج اللعنات من المعصوم على مجهول، و كذلك لا يجوز في معتقد القوم تكذيب المعصوم). ابن سبأ حقيقة لا خيال (ص 76).
هذا قليل من كثر من كتب أهل العلم سنية وشيعية في إثبات شخصية عبد الله بن يبسبأ لا يمارون في ذلك ولا يشكون.
كما وأن هناك الكثير من المثبتين لهذه الشخصية من المعاصرين، راجع للأهمية كتاب: العنصرية اليهودية وآثارها في المجمع الإسلامي و الموقف منها للدكتور أحمد بن عبد الله بن إبراهيم الزغيبي (2/ 530 - 531)، حيث ذكر عدداً كبيراً من المثبتين لشخصية ابن سبأ من المعاصرين.
حج من أنكر وجود عبد الله بن سبأ
حجة من أنكر ابن سبئ أن مصدر أخباره كلها من طريق سيف ابن عمر وقد تركه أئمة الحديث، حتى وصل الحال ببن حبان إلى أن يتهمه بالزندقة.
جوابا عن هذا الدليل نقول ما الدعاه النافون ليس صحيحا فأصل قصية ابن سبأ في البخاري كما مر في أول دليل للمثبتين، ثانيا هناك سبع روايات في تاريخ دمشق لابن عساكر تروي قصصا لابن سبأ ليس في سندها سيف بن عمر، ثالثا سيف بن عمر وإن كان متروكا في الحديث إلا أنه غير مدفوع في التاريخ.
يقول الذهبي في ميزان الاعتدال (2/ 255): (كان أخبارياً عارفاً). و يقول ابن حجر في تقريب التهذيب (1/ 344): (عمدة في التاريخ). أمااتهام ابن حبان لسيف بالزندقة فيجيب عنه ابن حجر في التقريب (1/ 344) بقوله: (أفحش ابن حبان القول فيه).
حول رواية سيف ابن عمر للقصة ابن سبأ واتساقها مع الروايات الصحيحة يراججع كتاب: استشهاد عثمانو وقعة الجمل رواية سيف بن عمر، للدكتور خالد بن محمد الغيث (ص 19 - 40)
وحول دوريه الخبيث في الفتنة الذي أنكره الكاتب، يراجع كتاب: عبد الله بن سبأ و أثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام للدكتور سليمان العودة.
وقداستفدت في قضية ابن سبأ من بحث بعنوان عبد الله بن سبأ مؤسس دين الرافضة، لا يوجد عليه اسم كاتب معين.
أخاف أن يكون الكاتب متأثر بطه حسين في نفيه لابن سبإ.
فإن الناظر إلى قوله في ص 124: " وقد وجد هؤلاء في شخصية عبد الله بن سبإ لأحسن تفسير لكل ما جرى. لكن هؤلاء نسوا أنهم بذلك يغضون من قدر الصحابة رضي الله عنهم ـ من حيث لا يشعرون ـ حينما يصورونهم في صورة جماعة من المغفلين يتلاعب به يهودي مجهول النسب والأصل، ويدفع بعضهم إلى قتال بعض دون علم منهم أو فطنة .. "
وقول طه حسين في كتاب الفتنة الكبرى ص 134
ولنكبر المسلمين في صدر الإسلام أن يعبصث بدينهم وسياستهم وعقولهم ودولتهم رجل من أقبل من صنعاء، ...
يجد تطابقا في المعنا وتشابها في الفظ.
وإلى حلقة أخرى من حلقات هذا النقاش نستودعكم الله.
محبكم / عبد الله الشنقيطي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/373)
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[08 - 02 - 05, 11:06 ص]ـ
في هذه الوقفة سأتناول موقف شيخ الإسلام من الصحابة، وهل له موقف مخالف لأهل السنة والجماعة، وهل الكاتب انتهج منهج الشيخ في الكتابة فيما يتعلق باختلاف الصحابة.
لا يختلف منهج شيخ الإسلام في تناوله لقضية الصحابة عن غيره من أهل العلم من أهل السنة والجماعة؛ فهو يرى عدالة الصحابة العدالة الدينية، ويرى الإمساك عما شجر بينهم وأنه هو منهج أهل السنة والجماعة. فقال في العقيدة الواسطية:
"ويمسكون عما شجر من الصحابة ويقولون إن هذه الآثار المروية في مساوئهم منها ما هو كذب ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغير عن وجهه والصحيح ومنه هم فيه معذورون أما مجتهدون مصيبون وأما مجتهدون مخطئون وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر عنهم إن صدر حتى أنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات مما ليس لمن بعدهم وقد ثبت بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم خير القرون وأن المد من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبا ممن بعدهم ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه أو أتى بحسنات تمحوه أو غفر له بفضل سابقته أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم الذي هم أحق الناس بشفاعته أو ابتلي ببلاء الدنيا كفر به عنه فإذا كان هذا في الذنوب المحققة فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا فلهم أجر واحد والخطأ مغفور ثم القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نزر مغفور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله والهجرة والنصرة والعلم النافع والعمل الصالح ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة وما من الله عليهم به من الفضائل علم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كانولا يكون مثلهم وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله ".
وقال:
"ولهذا أوصوا بالإمساك عما شجر بينهم لأنالا نسأل عن ذلك كما قال عمر بن عبد العزيز تلك دماء طهر الله منها يدي فلا أحب أن أخضب بها لساني وقال آخر تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون سورة البقرة 134 لكن إذا ظهر مبتدع يقدح فيهم بالباطل فلا بد من الذب عنهم وذكر ما يبطل حجته بعلم وعدل"
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 254
وقال:
"ولهذا كان من مذاهب أهل السنة الإمساك عما شجر بين الصحابة فإنه قد ثبتت فضائلهم ووجبت موالاتهم ومحبتهم وما وقع منه ما يكون لهم فيه عذر يخفى على الإنسان ومنه ما تاب صاحبه منه ومنه ما يكون مغفورا فالخوض فيما شجر يوقع في نفوس كثير من الناس بغضا وذما ويكون هو في ذلك مخطئا بل عاصيا فيضر نفسه ومن خاض معه في ذلك كما جرى لأكثر من تكلم في ذلك فإنهم تكلموا بكلام لا يحبه الله ولا رسوله إما من ذم من لا يستحق الذم وإما من مدح أمور لا تستحق المدح ولهذا كان الإمساك طريقة أفاضل السلف"
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 448
وقال:
"وكذلك نؤمن بالإمساك عما شجر بينهم ونعلم أن بعض المنقول في ذلك كذب وهم كانوا مجتهدين إما مصيبين لهم أجران أو مثابين على عملهم الصالح مغفور لهم خطؤهم وما كان لهم من السيئات وقد سبق لهم من الله الحسنى فإن الله يغفرها لهم إما بتوبة أو بحسنات ماحية أو مصائب مكفرة أو غير ذلك فإنهم خير قرون هذه الأمة كما قال صلى الله عليه وسلم خير القرون قرني الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم وهذه خير أمة أخرجت للناس "
مجموع الفتاوى ج: 3 ص: 406
وأما ما يتعلق بالعدالة فقد بين شيخ الإسلام عدالة الصحابة بتفصيل شامل واضح فبين أنهم أفضل من آمن بالله فقال:
"والصحابة الذين يشهدون أن لا إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن القرآن حق، هم أفضل من جاء بالصدق وصدق به بعد الأنبياء."
منهاج السنة النبوية ج: 2 ص: 11
وأوضح أن هذا الفضل شامل لجميع الصحابة فقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/374)
" وقال تعالى وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون سورة النور 55 فقد وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالاستخلاف كما وعدهم في تلك الآية مغفرة وأجرا عظيما والله لا يخلف الميعاد فدل ذلك على أن الذين استخلفهم كما استخلف الذين من قبلهم ومكن لهم دين الإسلام وهو الدين الذي ارتضاه لهم كما قال تعالى ورضيت لكم الإسلام دينا سورة المائدة 3 وبدلهم من بعد خوفهم أمنا لهم منه المغفرة والأجر العظيم وهذا يستدل به من وجهين يستدل به على أن المستخلفين مؤمنون عملوا الصالحات لأن الوعد لهم لا لغيرهم ويستدل به على أن هؤلاء مغفور لهم ولهم مغفرة وأجر عظيم لأنهم آمنوا وعملوا الصالحات فتناولتهم الآيتان آية النور وآية الفتح ومن المعلوم أن هذه النعوت منطبقة على الصحابة على زمن أبي بكر وعمر وعثمان فإنه إذ ذاك حصل الاستخلاف وتمكن الدين والأمن بعد الخوف لما قهروا فارس والروم وفتحوا الشام والعراق ومصر وخراسان وإفريقية ولما قتل عثمان وحصلت الفتنة لم يفتحوا شيئا من بلاد الكفار بل طمع فيهم الكفار بالشام وخراسان وكان بعضهم يخاف بعضا وحينئذ فقد دل القرآن على إيمان أبي بكر وعمر وعثمان ومن كان معهم في زمن الاستخلاف والتمكين والأمن والذين كانوا في زمن الاستخلاف والتمكين والأمن وأدركوا زمن الفتنة كعلي وطلحة والزبير وأبي موسى الأشعري ومعاوية وعمرو بن العاص دخلوا في الآية لأنهم استُخلِفوا ومُكِّنوا وأمنوا "
منهاج السنة النبوية ج: 2 ص: 36
وقال:
" وفي الجملة كل ما في القرآن من خطاب المؤمنين والمتقين والمحسنين ومدحهم والثناء عليهم فهم أول من دخل في ذلك من هذه الأمة وأفضل من دخل في ذلك من هذه الأمة كما استفاض عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه أنه قال خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم "
منهاج السنة النبوية ج: 2 ص: 49
وقال:
"فإنهم خير هذه الأمة كما تواترت بذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم وهم أفضل الأمة الوسط الشهداء على الناس الذين هداهم الله لما اختلف فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم فليسوا من المغضوب عليهم الذين يتبعون أهواءهم ولا من الضالين الجاهلين كما قسمهم هؤلاء المفترون إلى ضلال وغواة بل لهم كمال العلم وكمال القصد إذا لو لم يكن كذلك للزم أن لا تكون هذه الأمة خير الأمم وأن لا يكونوا خير الأمة وكلاهما خلاف الكتاب والسنة ...
والصحابة أكمل الأمة في ذلك بدلالة الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار ولهذا لا تجد أحدا من أعيان الأمة إلا وهو معترف بفضل الصحابة عليه وعلى أمثاله وتجد من ينازع في ذلك كالرافضة من أجهل الناس "
منهاج السنة النبوية ج: 2 ص: 79
وبين عدالتهم عند أهل الحديث والفقه فقال:
"ولهذا كان الصحابة كلهم ثقات باتفاق أهل العلم بالحديث والفقه"
منهاج السنة النبوية ج: 2 ص: 457
وقال:
" وخيار هذه الأمة هم الصحابة فلم يكن في الأمة أعظم اجتماعا على الهدى ودين الحق ولا أبعد عن التفرق والاختلاف منهم ...
وكما أنه لم يكن في القرون أكمل من قرن الصحابة فليس في الطوائف بعدهم أكمل من أتباعهم فكل من كان للحديث والسنة وآثار الصحابة أتبع كان أكمل وكانت تلك الطائفة أولى بالاجتماع والهدى والاعتصام بحبل الله وأبعد عن التفرق "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 366
وقال:
"فالصحابة أعلم الأمة وأفقهها وأدينها ولهذا أحسن الشافعي رحمه الله في قوله هم فوقنا في كل علم وفقه ودين وهدى وفي كل سبب ينال به علم وهدى ورأيهم لنا خير من رأينا لأنفسنا أو كلاما هذا معناه "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 81
وحكم شيخ الإسلام على كل من لم يقل بعدالة الصحابة العدالة الدينة على ما فصل الشيخ وأوضح أنه قائل بظلم وجهل.
فقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/375)
" والله تعالى قد حرم القول بغير علم فكيف إذا كان المعروف ضد ما قاله فلو لم نكن نحن عالمين بأحوال الصحابة لم يجز أن نشهد عليهم بما لا نعلم من فساد القصد والجهل بالمستحق قال تعالى ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أؤلئك كان عنه مسئولا سورة الإسراء 36 وقال تعالى ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم سورة آل عمران 66 فكيف إذا كنا نعلم أنهم كانوا أكمل هذه الأمة عقلا وعلما ودينا "
منهاج السنة النبوية ج: 2 ص: 76
وقال:
"ما علم بالكتاب والسنة والنقل المتواتر من محاسن الصحابة وفضائلهم لا يجوز أن يدفع بنقول بعضها منقطع وبعضها محرف وبعضها لا يقدح فيما علم فإن اليقين لا يزول بالشك ونحن قد تيقنا ما دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف قبلنا وما يُصدق ذلك من المنقولات المتواترة من أدلة العقل من أن الصحابة رضي الله عنهم أفضل الخلق بعد الأنبياء فلا يقدح في هذا أمور مشكوك فيها فكيف إذا علم بطلانها "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 305
وجلى بوضح لا يقبل التأويل أنهم جميعا من أهل الجنة،وأن ما يروى عنهم من المآخذ أكثره كذب، والباقي هم فيه مجتهدون معذورون؛ ولكن كثير من الناس لا يدركون وجه اجتهادهم، وعلى فرض أنه من الذنوب المحققة فهو مغفور لهم، فصار الطعن عليهم به من الظلم والجهل.
قال:
" فيقولون ما يذكر عن الصحابة من السيئات كثير منه كذب وكثير منه كانوا مجتهدين فيه ولكن لم يعرف كثير من الناس وجه اجتهادهم وما قدر أنه كان فيه ذنب من الذنوب لهم فهو مغفور لهم إما بتوبة وإما بحسنات ماحية وإما بمصائب مكفرة وإما بغير ذلك فإنه قد قام الدليل الذي يجب القول بموجبه أنهم من أهل الجنة فامتنع أن يفعلوا ما يوجب النار لا محالة وإذا لم يمت أحد منهم على موجب النار لم يقدح ما سوى ذلك في استحقاقهم للجنة ونحن قد علمنا أنهم من أهل الجنة ولو لم يعلم أن أولئك المعينين في الجنة لم يجز لنا أن نقدح في استحقاقهم للجنة بأمور لا نعلم أنها توجب النار فهذا لا يجوز في آحاد المؤمنين الذين لم يعلم أنهم يدخلون الجنة ليس لنا أن نشهد لأحد منهم بالنار لأمور محتملة لا تدل على ذلك فكيف يجوز مثل ذلك في خيار المؤمنين والعلم بتفاصيل أحوال كل واحد منهم باطنا وظاهرا وحسناته وسيئاته واجتهاداته أمر يتعذر علينا معرفته فكان كلامنا في ذلك كلاما فيما لا نعلمه والكلام بلا علم حرام فلهذا كان الإمساك عما شجر بين الصحابة خيرا من الخوض في ذلك بغير علم بحقيقة الأحوال إذ كان كثير من الخوض في ذلك أو أكثره كلاما بلا علم وهذا حرام لو لم يكن فيه هوى ومعارضة الحق المعلوم فكيف إذا كان كلاما بهوى يطلب فيه دفع الحق المعلوم وقد قال النبي صلى الله عليه
وسلم القضاة ثلاثة قاضيان في النار وقاض في الجنة رجل علم الحق وقضى به فهو في الجنة ورجل علم الحق وقضى بخلافه فهو في النار ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار فإذا كان هذا في قضاء بين اثنين في قليل المال أو كثيره فكيف بالقضاء بين الصحابة في أمور كثيرة فمن تكلم في هذا الباب بجهل أو بخلاف ما يعلم من الحق كان مستوجبا للوعيد ولو تكلم بحق لقصد اتباع الهوى لالو لوجه الله تعالى أو يعارض به حقا آخر لكان أيضا مستوجبا للذم والعقاب ومن علم ما دل عليه القران والسنة من الثناء على القوم ورضا الله عنهم واستحقاقهم الجنة وأنهم خير هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس لم يعارض هذا المتيقن المعلوم بأمور مشتبهة منها ما لا يعلم صحته ومنها ما يتبين كذبه ومنها ما لا يعلم كيف وقع ومنها ما يعلم عذر القوم فيه ومنها ما يعلم توبتهم منه ومنها ما يعلم أن لهم من الحسنات ما يغمره فمن سلك سبيل أهل السنة استقام قوله وكان من أهل الحق والاستقامة والاعتدال وإلا حصل في جهل وكذب وتناقض كحال هؤلاء الضلال
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 310
وقال:
"ما ينقل عن الصحابة من المثالب فهو نوعان أحدهما ما هو كذب إما كذب كله وإما محرف قد دخله من الزيادة والنقصان ما يخرجه إلى الذم والطعن وأكثر المنقول من المطاعن الصريحة هو من هذا الباب يرويها الكذابون المعروفون بالكذب مثل أبي مخنف لوط بن يحيى ومثل هشام بن محمد بن السائب الكلبي وأمثالهما من الكذابين ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/376)
النوع الثاني ما هو صدق وأكثر هذه الأمور لهم فيها معاذير تخرجها عن أن تكون ذنوبا وتجعلها من موارد الاجتهاد التي إن أصاب المجتهد فيها فله أجران وإن أخطأ فله أجر وعامة المنقول الثابت عن الخلفاء الراشدين من هذا الباب وما قدر من هذه الأمور ذنبا محققا فإن ذلك لا يقدح فيما علم من فضائلهم وسوابقهم وكونهم من أهل الجنة "
منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 81
وقال:
" نحن نبسط هذا وننبه بالأدنى على الأعلى فنقول كلام الذام للخلفاء ولغيرهم من الصحابة من رافضي وغيره هو من باب الكلام في الأعراض وفيه حق لله تعالى لما يتعلق به من الولاية والعداوة والحب والبغض وفيه حق للآدميين أيضا ومعلوم أنا إذا تكلمنا فيمن هو دون الصحابة مثل الملوك المختلفين على الملك والعلماء والمشايخ المختلفين في العلم والدين وجب أن يكون الكلام بعلم وعدل لا بجهل وظلم فإن العدل واجب لكل أحد على كل أحد في كل حال والظلم محرم مطلقا لا يباح قط بحال "
منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 126
"والله تعالى قد حرم ظلم المسلمين أحيائهم وأمواتهم وحرم دماءهم وأموالهم وأعراضهم وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت ألا ليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع وقد قال تعالى والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا سورة الأحزاب 58 فمن آذى مؤمنا حيا أو ميتا بغير ذنب يوجب ذلك فقد دخل في هذه الآية ومن كان مجتهدا لا إثم عليه فإذا آذاه مؤذ فقد آذاه بغير ما اكتسب ومن كان مذنبا وقد تاب من ذنبه أو غفر له بسبب آخر بحيث لم يبق عليه عقوبة فآذاه مؤذ فقد آذاه بغير ما اكتسب وإن حصل له بفعله مصيبة "
منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 135
"لكن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين أعظم حرمة وأجل قدرا وأنزه أعراضا وقد ثبت من فضائلهم خصوصا وعموما ما لم يثبت لغيرهم فلهذا كان كلام الذي فيه ذمهم على ما شجر بينهم أعظم إثما من الكلام في غيرهم"
منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 147
وأوضح أن الصحابة غير معصومين من الخطأ والذنوب، ولكن هم بين أجر الاجتهاد ومغفرة الذنب فصار القادح عليهم بخطئهم منحرف عن طريق العلم والعدل.
فقال:
"والقاعدة الكلية في هذا أن لا نعتقد أن أحدا معصوم بعد النبي صلى الله عليه وسلم بل الخلفاء وغير الخلفاء يجوز عليهم الخطأ والذنوب التي تقع منهم قد يتوبون منها وقد تكفر عنهم بحسناتهم الكثيرة وقد يبتلون أيضا بمصائب يكفر الله عنهم بها ...
فهذه القاعدة تغنينا أن نجعل كل ما فعل واحد منهم هو الواجب أو المستحب من غير حاجة بنا إلى ذلك والناس المنحرفون في هذا الباب صنفان القادحون الذين يقدحون في الشخص بما يغفره الله له والمادحون الذين يجعلون الأمور المغفورة من باب السعي المشكور"
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 196
وقال:" فائدة ومما ينبغي أن يعلم أنه وان كان المختار الإمساك عما شجر بين الصحابة والاستغفار للطائفتين جمعيا وموالاتهم فليس من الواجب اعتقاد أن كل واحد من العسكر لم يكن إلا مجتهدا متأولا كالعلماء بل فيهم المذنب والمسيء وفيهم المقصر في الاجتهاد لنوع من الهوى لكن إذا كانت السيئة في حسنات كثيرة كانت مرجوحة مغفورة وأهل السنة تحسن القول فيهم وتترحم عليهم وتستغفر لهم لكن لا يعتقدون العصمة من الإقرار على الذنوب وعلى الخطأ في الاجتهاد إلا لرسول الله ومن سواه فيجوز عليه الإقرار على الذنب والخطأ لكن لهم كما قال تعالى أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم الآية وفضائل الأعمال إنما هي بنتائجها وعواقبها لا بصورها "
مجموع الفتاوى ج: 4 ص: 434
وهذه هي الأصول التي بين الشيخ أن من لم يراعيها في كلامه عن الصحابة وقع في ظلم وجهل في الكليات وكذب وجهل في الجزئيات.
فقال:
"ونحن نذكر قاعدة جامعة في هذا الباب لهم ولسائر الأمة فنقول لا بد أن يكون مع الإنسان أصول كلية يرد إليها الجزئيات ليتكلم بعلم وعدل ثم يعرف الجزيئات كيف وقعت وإلا فيبقى في كذب وجهل في الجزئيات وجهل وظلم في الكليات فيتولد فساد عظيم"
منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 83
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/377)
و بين الشيخ أن من علامة سوء طوية الإنسان أن يكون في قلبه على الصحابة شيء.
فقال:
"ومن أعظم خبث القلوب أن يكون في قلب العبد غل لخيار المؤمنين وسادات أولياء الله بعد النبيين ولهذا لم يجعل الله تعالى في الفيء نصيبا لمن بعدهم إلا الذين يقولون ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف"
منهاج السنة النبوية ج: 1 ص: 22
وأوجب الانتصار لهم ممن تكلم فيهم. فقال:
" والواجب على كل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله أن يكون أصل قصده توحيد الله بعبادته وحده لا شريك له وطاعة رسوله يدور على ذلك ويتبعه أين وجده ويعلم أن أفضل الخلق بعد الأنبياء هم الصحابة فلا ينتصر لشخص انتصارا مطلقا عاما إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لطائفة انتصارا مطلقا عاما إلا للصحابة رضي الله عنهم أجمعين فإن الهدى يدور مع الرسول حيث دار ويدور مع أصحابه دون أصحاب غيره حيث داروا فإذا أجمعوا لم يجمعوا على خطأ قط بخلاف أصحاب عالم من العلماء فإنهم قد يجمعون على خطأ "
منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 261
هذا في الصحابة عموما أما آحاد الصحابة الذين تكلم عليهم شيخ الإسلام فبين فضلهم ورد الطعون الموجه إليهم.
فقد رد الطعون الموجهة إلى عثمان، وبين أنها كذب وما كان فيها منحق لم يأل جهدا في تحر الحق فيه.
فقال:
" وبعض المسلمين أنكر عليه بعض الأمور وكثير من ذلك يكون الصواب فيه مع عثمان وبعضه يكون فيه مجتهدا ومنه ما يكون المخالف له مجتهدا إما مصيبا وإما مخطئا"
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 297
فقال:
"النوع الثاني ما هو صدق وأكثر هذه الأمور لهم فيها معاذير تخرجها عن أن تكون ذنوبا وتجعلها من موارد الاجتهاد التي إن أصاب المجتهد فيها فله أجران وإن أخطأ فله أجر" وعامة المنقول الثابت عن الخلفاء الراشدين من هذا الباب "
منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 81
و رد المفتريات المكذوبة عليه من طرف أعداء الصحابة فقال:
"وأما قوله وكان يؤثر أهله بالأموال الكثيرة من بيت المال حتى أنه دفع إلى أربعة نفر من قريش زوجهم بناته أربعمائة ألف دينار ودفع إلى مروان ألف ألف دينار فالجواب أولا أن يقال أين النقل الثابت بهذا نعم كان يعطي أقاربه عطاء كثيرا ويعطي غير أقاربه أيضا وكان محسنا إلى جميع المسلمين وأما هذا القدر الكثير فيحتاج إلى نقل ثابت ثم يقال ثانيا هذا من الكذب البين فإنه لا عثمان ولا غيره من الخلفاء الراشدين أعطوا أحدا ما يقارب هذا المبلغ"
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 249
وأوضح أن عثمان لم يول بني أمية لأنهم قرابته بل لكفاءتهم لما ولاهم.
فقال
"فإن عثمان يقول إن بني أمية كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعملهم في حياته واستعملهم بعده من لا يتهم بقرابة فيهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه ولا نعرف قبيلة من قبائل قريش فيها عمال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من بني عبد شمس لأنهم كانوا كثيرين وكان فيهم شرف وسؤدد "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 192
ودافع عن ولاته وحدا واحدا فقال:
"وكذلك قوله إنه استعمل سعيد بن العاص على الكوفة وظهر منه ما أدى إلى أن أخرجه أهل الكوفة منها فيقال مجرد إخراج أهل الكوفة لا يدل على ذنب يوجب ذاك فإن القوم كانوا يقومون على كل وال قد قاموا على سعد بن أبي وقاص وهو الذي فتح البلاد وكسر جنود كسرى وهو أحد أهل الشورى ولم يتول عليهم نائب مثله وقد شكوا غيره مثل عمار بن ياسر وسعد بن أبي وقاص والمغيرة بن شعبة وغيرهم ودعا عليهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال اللهم إنهم قد لبسوا علي فلبس عليهم "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 243
وقال عن مراون:
"وليس مروان أولى بالفتنة والشر من محمد بن أبي بكر ولا هو أشهر بالعلم والدين منه بل أخرج أهل الصحاح عدة أحاديث عن مروان وله قول مع أهل الفتيا واختلف في صحبته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/378)
ومروان من أقران ابن الزبير فهو قد أدرك حياة النبي صلى الله عليه وسلم ويمكن أنه رآه عام فتح مكة أو عام حجة الوداع والذين قالوا لم ير النبي صلى الله عليه وسلم قالوا إن أباه كان بالطائف فمات النبي صلى الله عليه وسلم وأبوه بالطائف وهو مع أبيه ومن الناس من يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم نفى أباه إلى الطائف وكثير من أهل العلم ينكر ذلك ويقول إنه ذهب باختياره وإن نفيه ليس له إسناد وهذا إنما يكون بعد فتح مكة فقد كان أبوه بمكة مع سائر الطلقاء وكان هو قد قارب سن التمييز وأيضا فقد يكون أبوه حج مع الناس فرآه في حجة الوداع ولعله قدم إلى المدينة فلا يمكن الجزم بنفي رؤيته للنبي صلى الله عليه وسلم وأما أقرانه كالمسور بن مخرمة وعبد الله بن الزبير فهؤلاء كانوا بالمدينة وقد ثبت أنهم سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 245
وقال عن معاوية:
"وأما قوله ولى معاوية الشام فأحدث من الفتن ما أحدثه فالجواب أن معاوية إنما ولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما مات أخوه يزيد بن أبي سفيان ولاه عمر مكان أخيه واستمر في ولاية عثمان وزاده عثمان في الولاية وكانت سيرة معاوية مع رعيته من خيار سير الولاة وكانت رعيته يحبونه وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم الذين تبغضونه ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم وإنما ظهر الأحداث من معاوية في الفتنة لما قتل عثمان ولما قتل عثمان كانت الفتنة شاملة لأكثر الناس لم يختص بها معاوية بل كان معاوية أطلب للسلامة من كثير منهم وأبعد عن الشر من كثير منهم"
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 246
وقال عن عبد الله بن كريز:
"وأما قوله وولى عبد الله بن عامر البصرة ففعل من المناكير ما فعل فالجواب أن عبد الله بن عامر له من الحسنات والمحبة في قلوب الناس مالا ينكر وإذا فعل منكرا فذنبه عليه فمن قال إن عثمان رضي بالمنكر الذي فعله "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 248
وبين أنه لم يحاب منهم أحدا في الله فلما شرب الوليد الخمر أقام عليه الحد وعزله عن عمله.
فقال:
"فيقال لا جرم طلبه وأقام عليه الحد بمشهد من علي بن أبي طالب وقال لعلي قم فاضربه فأمر علي الحسن بضربه فامتنع وقال لعبد الله بن جعفر قم فاضربه فضربه أربعين ثم قال امسك ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلي رواه مسلم وغيره فإذا أقام الحد برأي علي وأمره فقد فعل الواجب
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 243
ورد الطعون في معاوية وعمر بن العاص ومبينا أنهم من أهل الجنة وأن المنقول عنهم أكثره اجتهاد.
فقال:
"وكان يزيد بن أبى سفيان على الشام إلى أن ولى عمر فمات يزيد بن أبى سفيان فاستعمل عمر معاوية مكان أخيه يزيد بن أبى سفيان وبقى معاوية على ولايته تمام خلافته وعمر ورعيته تشكره وتشكر سيرته فيهم وتواليه وتحبه لما رأوا من حلمه وعدله حتى أنه لم يشكه منهم مشتك ولا تظلمه منهم متظلم .. وقد شهد معاوية وأخوه يزيد وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام وغيرهم من مسلمة الفتح مع النبي غزوة حنين ودخلوا في قوله تعالى ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين وكانوا من المؤمنين الذين أنزل الله سكينته عليهم مع النبي وغزوة الطائف لما حاصروا الطائف ورماها بالمنجنيق وشهدوا النصارى بالشام وأنزل الله فيها سورة براءة وهي غزوة العسرة التي جهز فيها عثمان بن عفان رضي الله عنه جيش العسرة بألف بعير في سبيل الله تعالى فأعوزت وكملها بخمسين بعيرا فقال النبي ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم ....
وهؤلاء المذكورون دخلوا في قوله تعالى لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك اعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى فإن هؤلاء الطلقاء مسلمة الفتح هم ممن أنفق من بعد الفتح وقاتل وقد وعدهم الله الحسنى فإنهم أنفقوا بحنين والطائف وقاتلوا فيهما رضى الله عنهم وهم أيضا داخلون فيمن رضي الله عنه حيث قال تعالى والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه
....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/379)
وفي هذا الحديث بيان إن الله يغفر لهؤلاء السابقين كأهل بدر والحديبية من الذنوب العظيمة بفضل سابقتهم وإيمانهم وجهادهم ما لا يجوز لأحد أن يعاقبهم بها كما لم تجب معاقبة حاطب مما كان منه وهذا مما يستدل به على أن ما جرى بين على وطلحة والزبير ونحوهم فإنه أما أن يكون اجتهادا لا ذنب فيه فلا كلام فقد ثبت عن النبي أنه قال إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر وإن كان هناك ذنب فقد ثبت أن هؤلاء رضي الله عنهم وغفر لهم ما فعلوه فلا يضرهم ما وقع منهم من الذنوب إن كان قد وقع ذنب بل إن وقع من أحدهم ذنب كان الله محاه بسبب قد وقع من الأسباب التي يمحص الله بها الذنوب مثل أن يكون قد كفر عنه ببلاء ابتلاه به فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي أنه قال ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا غم ولا حزن ولا أذى إلا كفر الله من خطاياه وأما من بعد هؤلاء السابقين الأولين وهم الذين أسلموا بعد الحديبية فهؤلاء دخلوا في قوله تعالى وكلا وعد الله الحسنى وفى قوله تعالى والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه وقد أسلم قبل فتح مكة خالد ابن الوليد وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة الحجبى وغيرهم وأسلم بعد الطلقاء أهل الطائف وكانوا آخر الناس إسلاما وكان منهم عثمان ابن أبى العاص الثقفى الذى أمره النبى صلى الله عليه وسلم على أهل الطائف وكان من خيار الصحابة مع تأخر إسلامه
وقد الله تعالى والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض إلى قوله تعالى والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم فهذه عامة وقال تعالى للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون والذين تبوؤا الدار الإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم فهذه الآية والتي قبلها تتناول من دخل فيها بعد السابقين الأولين إلى يوم القيامة فكيف لا يدخل فيهاأصحاب رسول الله الذين آمنوا به وجاهدوا معه ...
وقد قال تعالى محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوارة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجر عظيما فهذا يتناول الذين آمنوا مع الرسول مطلقا "
مجموع الفتاوى ج: 4 ص: 457 ـ مجموع الفتاوى ج: 4 ص: 462
وقال:
"ومعاوية ممن حسن إسلامه باتفاق أهل العلم ولهذا ولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه موضع أخيه يزيد بن أبي سفيان لما مات أخوه يزيد بالشام وكان يزيد بن أبي سفيان من خيار الناس وكان أحد الأمراء الذين بعثهم أبو بكر وعمر لفتح الشام يزيد بن أبي سفيان وشرحبيل ابن حسنة وعمرو بن العاص مع أبي عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد فلما توفي يزيد بن أبي سفيان ولى عمر مكانه أخاه معاويه وعمر لم يكن تأخذه في الله لومة لائم وليس هو ممن يحابى في الولاية ولا كان ممن يحب أبا سفيان أباه بل كان من أعظم الناس عداوة لأبيه أبي سفيان قبل الإسلام حتى أنه لما جاء به العباس يوم فتح مكة كان عمر حريصا على قتله حتى جرى بينه وبين العباس نوع من المخاشنة بسبب بغض عمر لأبي سفيان فتولية عمر لابنه معاوية ليس لها سبب دنيوي ولولا استحقاقه للإمارة لما أمره ثم إنه بقى في الشام عشرين سنة أميرا وعشرين سنة خليفة ورعيته من أشد الناس محبة له وموافقة له وهو من أعظم الناس إحسانا إليهم وتأليفا لقلوبهم حتى أنهم قاتلوا معه على بن أبي طالب وصابروا عسكره حتى قاوموهم وغلبوهم وعلى أفضل منه وأعلى درجة وهو أولى بالحق منه باتفاق الناس وعسكر معاوية يعلمون أن عليا أفضل منه وأحق بالأمر ولا ينكر ذلك منهم إلا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/380)
معاند أو من أعمى الهوى قلبه ولم يكن معاوية قبل تحكيم الحكمين يدعى الأمر لنفسه ولا يتسمى بأمير المؤمنين بل إنما ادعى ذلك بعد حكم الحكمين وكان غير واحد من عسكر معاوية يقول له لما ذا تقاتل عليا وليس لك سابقته ولا فضله ولا صهره وهو أولى بالأمر منك فيعترف لهم معاوية بذلك لكن قاتلوا مع معاوية لظنهم أن عسكر على فيه ظلمة يعتدون عليهم كما اعتدوا على عثمان وأنهم يقاتلونهم دفعا لصيالهم عليهم وقتال الصائل جائز ولهذا لم يبدؤوهم بالقتال حتى بدأهم أولئك ولهذا قال الأشتر النخعي إنهم ينصرون علينا لأنا نحن بدأناهم بالقتال "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 382
وقال:
" فلم يكن من ملوك المسلمين ملك خير من معاوية ولا كان الناس في زمان ملك من الملوك خيرا منهم في زمن معاوية إذا نسبت أيامه إلى أيام من بعده وأما إذا نسبت إلى أيام أبي بكر وعمر ظهر التفاضل وقد روى أبو بكر الأثرم ورواه ابن بطة من طريقه حدثنا محمد بن عمرو بن جبلة حدثنا محمد بن مروان عن يونس عن قتادة قال لو أصبحتم في مثل عمل معاوية لقال أكثركم هذا المهدي وكذلك رواه ابن بطة بإسناده الثابت من وجهين عن الأعمش عن مجاهد قال لو أدركتم معاوية لقلتم هذا المهدي ورواه الأثرم حدثنا محمد بن حواش حدثنا أبو هريرة المكتب قال كنا عند الأعمش فذكروا عمر بن عبد العزيز وعدله فقال الأعمش فكيف لو أدركتم معاوية قالوا في حلمة قال لا والله بل في عدله وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق قال لما قدم معاوية فرض للناس على أعطيه آبائهم حتى انتهى إلي فأعطاني ثلثمائة درهم وقال عبد الله أخبرنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو أسامة ثنا الثقفي عن أبي إسحاق يعني السبيعي أنه ذكر معاوية فقال لو أدركتموه أو أدركتم أيامه لقلتم كان المهدي وروى الأثرم حدثنا محمد بن العلاء عن أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق قال ما رأيت بعده مثله يعني معاوية وقال البغوي حدثنا سويد بن سعيد حدثنا ضمام بن إسماعيل عن أبي قيس قال كان معاوية قد جعل في كل قبيل رجلا وكان رجل منا يكنى أبا يحيى يصبح كل يوم فيدور على المجالس هل ولد فيكم الليلة ولد هل حدث الليلة حدث هل نزل اليوم بكم نازل قال فيقولون نعم نزل رجل من أهل اليمن بعياله يسمونه وعياله فإذا فرغ من القبيل كله أتى الديوان فأوقع أسماءهم في الديوان وروى محمد بن عوف الطائي حدثنا أبو المغيرة حدثنا أبن أبي مريم عن عطية بن قيس قال سمعت معاوية بن أبي سفيان يخطبنا يقول إن في بيت مالكم فضلا بعد أعطياتكم وإني قاسمه بينكم فإن كان يأتينا فضل عاما قابلا قسمناه عليكم وإلا فلا عتبة علي فإنه ليس بمالي وإنما هو مال الله الذي أفاء عليكم وفضائل معاوية في حسن السيرة والعدل والإحسان كثيرة وفي الصحيح أن رجلا قال لابن عباس هل لك في أمير المؤمنين معاوية إنه أوتر بركعة قال أصاب إنه فقيه وروى البغوي في معجمه بإسناده ورواه ابن بطة من وجه آخر كلاهما عن سعيد بن عبد العزيز عن إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر عن قيس بن الحارث عن الصنابحي عن أبي الدرداء قال ما رأيت أحدا أشبه صلاة بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من إمامكم هذا يعني معاوية فهذه شهادة الصحابة بفقهه ودينه والشاهد بالفقه ابن عباس وبحسن الصلاة أبو الدرداء وهما هما والآثار الموافقة لهذا كثيرة "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 232
وقارن مذكرته لك عن شيخ الإسلام في دراسته لأحوال الصحابة وما ذكرته لك عن المؤلف لتدرك أن قول المؤلف في ص 40
" إن المنهج الذي ندعوا إليه في هذه الدراسة، ونرى شيخ الإسلام ابن تيمية وبعض أهل الحديث خير من نظَّرله وطبقه .. "
مجرد الدعاء ينقضه الكلام السابق نقله عن شيخ الإسلام ابن تيمية.
وكذا قوله في ص 45
" أن كثيرا ممن ينتسبون إلى مدرسته شيخ الإسلام ـ هذه الأيام ـ يعلنون تبني منهجه في هذا الشأن، ولم يدرسوا ما كتبه في هذا الشأن دراسة استقرائية مستوعبة، ولم يدركوا خاصية الاتزان والاعتدال التي اتسم بها منهجه. فاشتط بعضهم في مجادلات مع الشيعة، ودافعوا عن الحق بالباطل حينا، قدموا صورة شوهاء للمبادئ السياسية الإسلامية حيانا، حرصا منهم على الدفاع عن الصحب الكرام. "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/381)
وبان أن الذي لم يدرس منهج شيخ الإسلام في تناول مسألة الصحابة والفتن التي وقعت بينهم هو المؤلف لا من ينتمي إلى مدرسة شيخ الإسلام.
وهذا الادعاء من المؤلف لم يقدم عليه دليلا ولا نموذجا من أحد من مدرسة شيخ الإسلام يصدق ما ادعاه.
وفي الحلقة القادمة نبين بعضا من قلة أمانة الكاتب في نسبة بعض الأقوال لشيخ الإسلام لم يقل لها الشيخ.
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[10 - 02 - 05, 04:28 ص]ـ
في هذه الوقفة سأتناول بعض الأقوال التي نسب الكاتب إلى شيخ الإسلام ابن تيمية ولكن بالرجوع إلى كلام الشيخ نجد أنه مجرد ادعاءات تخالف ما في كلام شيخ الإسلام
من ذلك قوله في ص 49
"ولم يجعل ابن تيمية مسألة "الكف عما شجر بين الصحابة " مسألة اعتقادية ـ كما فعل من لا يميز بين الوحي والتاريخ ـ وإنما بين أن جماع الأمر كله العلم والعدل، فلا مانع عنده أن يخوض المسلم في ذلك " إن أمكن الكلام بينهما بعلم وعدل وإلا تكلم بما يعلم من فضلهما ودينهما وكان ما شجر بينهما وتنازعا فيه أمره إلىالله "
هذا الكلام تدليس واضح من الكاتب على القارئ واستخفاف بعقله وثقافته. فابن تيمية قد جعل الكف عما شجر بين الصحابة أصلا من أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة في أصغر كتبه وأكثرها انتشارا. (العقيدة الواسطية)
قال شيخ الإسلام:
"ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وصفهم الله به في قوله تعالىوالذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم في قوله لا تسبوا أصحابي فوالدي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة والإجماع من فضائلهم ومراتبهم ويفضلون من أنفق من قبل الفتح وهو صلح الحديبية وقاتل على من أنفق من بعد وقاتل ويقدمون المهاجرين على الأنصار ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم وبأنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بل لقد رضي الله عنهم ورضوا عنه وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم كالعشرة وثابت بن قيس بن شماس وغيرهم من الصحابة ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ويثلثون بعثمان ويربعون بعلي رضي الله عنهم كما دلت الآثار وكما أجمع الصحابة على تقديم عثمان بالبيعة مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي رضي الله عنهما بعد اتفاقهم على تقديم أبي بكر وعمر أيهما أفضل فقدم قوم عثمان وسكتوا وربعوا بعلي وقدم قوم عليا وقوم توقفوا لكن استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان ثم علي وإن كانت هذه المسألة مسألة عثمان وعلي ليست من الأصول التي يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة لكن التي يضلل فيها مسألة الخلافة وذلك أنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر ثم عثمان ثم علي ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال يوم غدير خم أذكركم الله في أهل بيتي وقال أيضاللعباس عمه وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم فقال والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي وقال إن الله اصطفى بني إسماعيل واصطفى من بني إسماعيل كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم ويتولون أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين ويؤمنون بأنهن أزواجه في الآخرة خصوصا خديجة رضي الله عنها أم أكثر أولاده أول من آمن به وعاضده على أمره وكان لها منه المنزلة العالية والصديقة بنت الصديق رضي الله عنها التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ويتبرءون من طريقة الروافض الذين يبغضون أهل البيت بقول أو عمل ويمسكون عما شجر من الصحابة ويقولون إن هذه الآثار المروية في مساوئهم منها ما هو كذب ومنها ما قد زيد فيه ونقص
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/382)
وغير عن وجهه والصحيح منه هم فيه معذورون أما مجتهدون مصيبون وأما مجتهدون مخطئون وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر عنهم إن صدر حتى أنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم لإن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات مما ليس لمن بعدهم وقد ثبت بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم خير القرون وأن المد من أحدهم إذا تصدق به كان فضل من جبل أحد ذهبا ممن بعدهم ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه أو أتى بحسنات تمحوه أو غفر له بفضل سابقته أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم الذي هم أحق الناس بشفاعته أو ابتلي ببلاء الدنيا كفر به عنه فإذا كان هذا في الذنوب المحققة فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا فلهم أجر واحد والخطأ مغفور ثم القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نزر مغفور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله والهجرة والنصرة والعلم النافع والعمل الصالح ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة وما من الله عليهم به من الفضائل علم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كانولا يكون مثلهم وأنهمالصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله.
هذا ما قاله شيخ الإسلام في عقيدته التي قال إنه لم يؤلفها على مذهب أحد من الأئمة بل هي معتقد جميع السلف الماضين من أهل السنة، وقد أمهل خصومه في زمانه ثلاث سنوات إن جاءوا عن السلف بحرف واحد في لاعتقاد يخالف ما ذكره فيها؛ فلم يستطيعوا.
وهذا النص يبن عدم صدق الكتب في قوله في ص 134
" وأما شيخ الإسلام ابن تيمية، فلم يلزم نفسه بمذهب مخصوص، بل خاض في الأمر عن دراية، وتأول ـ من غير تكلف في الأغلب ـ في مواطن، وانتقد نقدا صريحا في مواطن أرخرى، وعرف للرجال خقهم وللحق حقه. وتجنب التعميم والتهويل .. "
وأما النص الذي أتى به الكاتب لشيخ الإسلام وظن أنه يؤيد ما نقله عن شيخ الإسلام، فهو نص اقتطعه الكاتب من سياقه الذي يوضح معناه، ونحن واردوه لك إن شاء الله في سياقه الذي أورده فيه ابن تيمية ليتضح معناه، بعد أن نورد منه ما احتج الكاتب به.
"إن أمكن الكلام بينهما بعلم وعدل وإلا تكلم بما يعلم من فضلهما ودينهما وكانما شجر بينهما وتنازعا فيه أمره إلىالله "
هذا النص اقتنصه الكاتب من كلام طويل لشيخ الإسلام ابن تيمية يرد فيه فرية من مفتريات الرافضي الخبيث ابن المطهر الحلي على الصحابة، وهي إفكه على ابن مسعود أنه كفر عثمان.
وأما قوله: " وكان ابن مسعود يطعن عليه ويكفره" هذا أفك ابن المطهر.
قال شيخ الإسلام:
" فالجواب أن هذا من الكذب البين على ابن مسعود فإن علماء أهل النقل يعلمون أن ابن مسعود ما كان يكفر عثمان بل لما ولى عثمان وذهب ابن مسعود إلى الكوفة قال ولينا أعلانا ذا فوق ولم نأل وكان عثمان في السنين الأول من ولايته لا ينقمون منه شيئا ولما كانت السنين الآخرة نقموا منه أشياء بعضها هم معذورون فيه وكثير منها كان عثمان هو المعذور فيه من جملة ذلك أمر ابن مسعود فإن ابن مسعود بقي في نفسه من أمر المصحف لما فوض كتابته إلى زيد دونه وأمر الصحابة أن يغسلوا الصحف فندب عثمان من ندبه أبو بكر وعمر وكان زيد بن ثابت قد حفظ العرضة الأخيرة فكان اختيار تلك أحب إلى الصحابة فإن جبريل عارض النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن في العام الذي قبض فيه مرتين وأيضا فكان ابن مسعود أنكر على الوليد بن عقبة لما شرب الخمر وقد قدم ابن مسعود إلى المدينة وعرض عليه عثمان النكاح وهؤلاء المبتدعة غرضهم التكفير أو التفسيق للخلفاء الثلاثة بأشياء لا يفسق بها واحد من الولاة فكيف يفسق بها أولئك ومعلوم أن مجرد قول الخصم في خصمه لا يوجب القدح في واحد منهما وكذلك كلام أحد المتشاجرين في الآخر ثم يقال بتقدير أن يكون ابن مسعود طعن على عثمان رضي الله عنهما فليس جعل ذلك قدحا في عثمان بأولى من جعله قدحا في ابن مسعود وإذا كان كل واحد منهما مجتهدا فيما قاله أثابه الله على حسناته وغفر له خطأه وإن كان صدر من أحدهما ذنب فقد علمنا أن كلا منهما ولى لله وأنه من أهل الجنة وأنه لا يدخل النار فذنب كل واحد منهما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/383)
لا يعذبه الله عليه في الآخرة وعثمان أفضل من كل من تكلم فيه هو أفضل من ابن مسعود وعمار وأبي ذر ومن غيرهم من وجوه كثيرة كما ثبت ذلك بالدلائل الكثيرة فليس جعل كلام المفضول قادحا في الفاضل بأولى من العكس بل إن أمكن الكلام بينهما بعلم وعدل وإلا تكلم بما يعلم من فضلهما ودينهما وكان ما شجر بينهما وتنازعا فيه أمره إلى الله ولهذا أوصوا بالإمساك عما شجر بينهم لأنالا نسأل عن ذلك كما قال عمر بن عبد العزيز تلك دماء طهر الله منها يدي فلا أحب أن أخضب بها لساني وقال آخر تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون سورة البقرة 134 لكن إذا ظهر مبتدع يقدح فيهم بالباطل فلا بد من الذب عنهم وذكر ما يبطل حجته بعلم وعدل"
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 252 ـ منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 254
وأنت ترى أن شيخ الإسلام لا يؤصل لقضية الكلام في ما شجر بين الصحابة،كما قصد في العقيدة الواسطية، وإنما ذكر هنا مسألة معينة؛ وهي أن هذا المتكلمة ما دام تكلم في الصحابة كان الواجب عليه أن يتكلم بعلم وعدل، ويبين ذلك استخدامه لضمير التثنية مما يدل على انه يتكلم عن كلام هذا المتكم في ابن مسعود وعثمان،ثم بين بعد ذلك أن السكوت عما شجر بينهم هو المطلوب، ولكن وهي حالة الاستثناء إذا تكلم فيهم، مبتدع كما فعل ابن المطهر لا بد من الرد عليه ودحض شبهه الباطلة التي يلقي على الناس. وهذا ما فعله رحمه الله في كتابه القيم (منهاج السنة)
فأين هذا مما ادعاه الكاتب من أن شيخ الإسلام لا يرى حرجا على المسلم أن يتكلم في ما شجر بين الصحابة، ولماذا بتر النص ولم يتركه حتى يفهم في سياقه إن كان يؤيد ما ذكر.
تشخيص شيخ الإسلام للحرب بين الصحابة.
قال:
" قال حذيفة ما أحد من الناس تدركه الفتنة إلا أنا أخافها عليه إلا محمد بن مسلمة فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تضرك الفتنة قال أبو داود حدثنا عمرو بن مرزوق حدثنا شعبة عن الأشعث بن سليم عن أبي بردة عن ثعلبة بن ضبيعة قال دخلنا على حذيفة فقال إني لأعرف رجلا لا تضره الفتن شيئا قال فخرجنا فإذا فسطاط مضروب فدخلنا فإذا فيه محمد بن مسلمة فسألناه عن ذلك فقال ما أريد أن يشتمل علي شيء من أمصاركم حتى تجلى عما انجلت فهذا الحديث يبين أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن محمد بن مسلمة لا تضره الفتنة وهو ممن اعتزل في القتال فلم يقاتل لا مع علي ولا مع معاوية كما اعتزل سعد بن أبي وقاص وأسامة بن زيد وعبد الله ابن عمر وأبو بكرة وعمران بن حصين وأكثر السابقين الأولين وهذا يدل على أنه ليس هناك قتال واجب ولا مستحب إذ لو كان كذلك لم يكن ترك ذلك مما يمدح به الرجل بل كان من فعل الواجب أو المستجب أفضل ممن تركه ودل ذلك على أن القتال قتال فتنة كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي خير من الساعي والساعي خير من الموضع وأمثال ذلك من الأحاديث الصحيحة التي تبين أن ترك القتال كان خيرا من فعله من الجانبين وعلى هذا جمهور أئمة أهل الحديث والسنة وهذا مذهب مالك والثوري وأحمد وغيرهم "
منهاج السنة النبوية ج: 1 ص: 542
وقال:
"والنصوص الثابته عن النبي صلى الله عليه وسلم تقتضي أن ترك القتال كان خيرا للطائفتين وأن القعود عن القتال كان خيرا من القيام فيه وأن عليا مع كونه أولى بالحق من معاوية وأقرب إلى الحق عن معاوية لو ترك القتال لكان أفضل وأصلح وخيرا وأهل السنة يترجمون على الجميع ويستغفرون لهم كما أمرهم الله تعالى بقوله والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبوقنا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا إنك رؤوف رحيم "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 389
وقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/384)
"ومنهم من يقول كان الصواب أن لا يكون قتال وكان ترك القتال خيرا للطائفتين فليس في الاقتتال صواب ولكن علي كان أقرب إلى الحق من معاوية والقتال قتال فتنة ليس بواجب ولا مستحب وكان ترك القتال خيرا للطائفتين مع أن عليا كان أولى بالحق وهذا هو قول أحمد وأكثر أهل الحديث وأكثر أئمة الفقهاء وهو قول أكابر الصحابة والتابعين لهم بإحسان وهو قول عمران بن حصين رضي الله عنه وكان ينهى عن بيع السلاح في ذلك القتال ويقول هو بيع السلاح في الفتنة وهو قول أسامة بن زيد ومحمد بن مسلمة وابن عمر وسعد بن أبي وقاص وأكثر من بقى من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم ولهذا كان من مذاهب أهل السنة الإمساك عما شجر بين الصحابة فإنه قد ثبتت فضائلهم ووجبت موالاتهم ومحبتهم وما وقع منه ما يكون لهم فيه عذر يخفى على الإنسان ومنه ما تاب صاحبه منه ومنه ما يكون مغفورا فالخوض فيما شجر يوقع في نفوس كثير من الناس بغضا وذما ويكون هو في ذلك مخطئا بل عاصيا فيضر نفسه ومن خاض معه في ذلك كما جرى لأكثر من تكلم في ذلك فإنهم تكلموا بكلام لا يحبه الله ولا رسوله إما من ذم من لا يستحق الذم وإما من مدح أمور لا تستحق المدح ولهذا كان الإمساك طريقة أفاضل السلف "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 448
وبين أن تشخيصه لهذا القتال مبني على جمع جميع النصوص الواردة في الموضوع لا على نص واحد فقال:
"ولهذا كان قتال علي رضي الله عنه للخوارج ثابتا بالنصوص الصريحة وبإجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر علماء المسلمين وأما قتال الجمل وصفين فكان قتال فتنة كرهه فضلاء الصحابة والتابعين له بإحسان وسائر العلماء كما دلت عليه النصوص حتى الذين حضروه كانوا كارهين له "
منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 153
فقال:
"وأما قتال الجمل وصفين فقد ذكر علي رضي الله عنه أنه لم يكن معه نص من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما كان رأيا وأكثر الصحابة لم يوافقوه على هذا القتال بل أكثر أكابر الصحابة لم يقاتلوا لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء كسعد بن أبي وقاص وابن عمر وأسامة بن زيد ومحمد بن مسلمة وأمثالهم من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان مع أنهم معظمون لعلي يحبونه ويوالونه ويقدمونه على من سواه ولا يرون أن أحدا أحق بالإمامة منه في زمنه لكن لم يوافقوه في رأيه في القتال وكان معهم نصوص سمعوها من النبي صلى الله عليه وسلم تدلهم على أن ترك القتال والدخول في الفتنة خير من القتال وفيها ما يقتضى النهي عن ذلك والآثار بذلك كثيرة معروفة وأما معاوية فلم يقاتل معه من السابقين الأولين المشهورين أحد بل كان مع علي بعض السابقين ولم يكن مع معاوية أحد وأكثرهم اعتزلوا الفتنة وقيل كان مع معاوية بعض السابقين الأولين وإن قاتل عمار بن ياسر هو أبو الغادية وكان ممن بايع تحت الشجرة وهم السابقون الأولون ذكر ذلك ابن حزم وغيره "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 333
وقال:
"فيقال الذي ثبت بلا شك عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح أنه قال عن الحسن إن ابني هذا سيد وإن الله سيصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين وثبت عنه في الصحيح أنه كان يقعده وأسامه بن زيد على فخذه ويقول اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما وهذا يدل على أن ما فعله الحسن من ترك القتال على الإمامة وقصد الاصلاح بين المسلمين كان محبوبا يحبه الله ورسوله ولم يكن ذلك مصيبة بل كان ذلك أحب إلى الله ورسول من اقتتال المسلمين ولهذا أحبه وأحب أسامه بن زيد ودعا لهما فإن كلاهما كان يكره القتال في الفتنة فأما أسامة فلم يقاتل لا مع علي ولا مع معاوية والحسن كان دائما يشير على علي بترك القتال "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 39
وهذا الكلام المتعدد من شيخ الإسلام في جعل جميع القتال الذي كان بين الصحابة قتال فيتنة سواء ما كان منه في الجمل أو صفين، يبين عدم صدق الكاتب في قوله في ص 135
" إن ابتعاد شيخ الإسلام عن أسلوب التعميم والتسيط جعله يتعامل مع الفتنة من منطلق التمييز بين السابقين وغيرهم. وهو يميل إلى اعتماد القول القائل إن حرب " الجمل " كانت قتال فتنة، وأن حرب " صفين " كانت قتالا بين أهل بغي وعدل. "
كما بين شيخ الإسلام أن القتال الذي حصل بين الصحابة لم يكن على الملك كما زعم الكاتب.
فقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/385)
"فالقتال الذي كان في زمن علي لم يكن على الإمامة فإن أهل الجمل وصفين والنهروان لم يقاتلوا على نصب إمام غير علي ولا كان معاوية يقول أنا الإمام دون على ولا قال ذلك طلحة والزبير فلم يكن أحد ممن قاتل عليا قبل الحكمين نصب إماما يقاتل علي طاعته فلم يكن شىء من هذا القتال على قاعدة من قواعد الإمامة المنازع فيها لم يكن أحد من المقاتلين يقاتل طعنا في خلافة الثلاثة ولا ادعاء للنص على غيرهم ولا طعنا في جواز خلافة علي ...
وإنما كان القتال قتال فتنة عند كثير من العلماء وعند كثير منهم هو من باب قتال أهل العدل والبغي وهو القتال بتأويل سائغ لطاعة غير الإمام لا على قاعدة دينية "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 327
وقال:
"معاوية لم يبايعه أحد لما مات عثمان على الإمامة ولا حين كان يقاتل عليا بايعه أحد على الإمامة ولا تسمى بأمير المؤمنين ولا سماه أحد بذلك ولا ادعى معاوية ولاية قبل حكم الحكمين وعلي يسمى نفسه أمير المؤمنين في مدة خلافته والمسلمون معه"
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 330
وقال:
"والمقصود أن الصحابة رضوان الله عليهم لم يقتتلوا قط لاختلافهم في قاعدة من قواعد الإسلام أصلا ولم يختلفوا في شىء من قواعد الإسلام لا في الصفات ولا في القدر ولا مسائل الأسماء والأحكام ولا مسائل الإمامة لم يختلفوا في ذلك بالاختصام بالأقوال فضلا عن الاقتتال بالسيف "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 336
وبين أن الحرب بينهم كانت عن اجتهاد وطلب للحق وأنه لا يجوز لأحد أن يتهم أحدا منهم بالفسق بسبب تلك الحرب.
فقال:
"ولهذا اتفق أهل السنة على أنه لا تفسق واحدة من الطائفتين وإن قالوا في إحداهما إنهم كانوا بغاة لأنهم كانوا متأولين مجتهدين والمجتهد المخطىء لا يكفر ولا يفسق وإن تعمد البغي فهو ذنب من الذنوب والذنوب يرفع عقابها بأسباب متعددة كالتوبة والحسنات الماحية والمصائب المكفرة وشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ودعاء المؤمنين وغير ذلك "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 394
وبين أن وصف أهل الشام في الحديث بأنهم بغاة لا ينافي كونهم مجتهدون.
فقال:
"فيقال له أولا الباغي قد يكون متأولا معتقدا أنه على حق وقد يكون متعمدا يعلم أنه باغ وقد يكون بغيه مركبا من شبهة وشهوة وهو الغالب وعلى كل تقدير فهذا لا يقدح فيما عليه أهل السنة فإنهم لا ينزهون معاوية ولا من هو أفضل منه من الذنوب فضلا عن تنزيههم عن الخطأ في الاجتهاد "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 385
وقال:
" فإن قال الذاب عن علي هؤلاء الذين قاتلهم علي كانوا بغاة فقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمار بن ياسر رضي الله عنه تقتلك الفئة الباغية وهم قتلوا عمارا فههنا للناس أقوال منهم من قدح في حديث عمار ومنهم من تأوله على أن الباغي الطالب وهو تأويل ضعيف وأما السلف والأئمة فيقول أكثرهم كأبي حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم لم يوجد شرط قتال الطائفة الباغية فإن الله لم يأمر بقتالها ابتداء بل أمر إذا اقتتلت طائفتان أن يصلح بينهما ثم إن بغت إحداهما على الأخرى قوتلت التي تبغي وهؤلاء قوتلوا ابتداء قبل أن يبدؤوا بقتال "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 390
وبين معنا الحديث الصحيح.
فقال:
"ولهذا كان القول الثالث في هذا الحديث حديث عمار إن قاتل عمار طائفة باغية ليس لهم أن يقاتلوا عليا ولا يمتنعوا عن مبايعته وطاعته وإن لم يكن على مأمورا بقتالهم ولا كان فرضا عليه قتالهم لمجرد امتناعهم عن طاعته مع كونهم ملتزمين شرائع الإسلام وإن كان كل من المقتتلتين متأولين مسلمين مؤمنين وكلهم يستغفر لهم ويترحم عليهم عملا بقوله تعالى والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبوقنا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا إنك رؤوف رحيم "
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 426
وبين أنه هناك أحاديث في مدح الطائفة الشامية كان ينبغي أ تظهر وتذكر، ويجمع بينها وبين حدث ويح عمار تقتله الفئة الباغية.
قال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/386)
"فإذا دلت هذه النصوص على أن الطائفة القائمة بالحق من أمته التي لا يضرها خلاف المخالف ولا خذلان الخاذل هي بالشام كان هذا معارضا لقوله تقتل عمارا الفئة الباغية ولقوله تقتلهم أولى الطائفتين بالحق وهذا من حجة من يجعل الجميع سواء والجميع مصيبين أو يمسك عن الترجيح وهذا اقرب وقد احتج به من هؤلاء على أولئك لكن هذا القول مرغوب عنه وهو من أقوال النواصب فهو مقابل بأقوال الشيعة والرافض هؤلاء أهل الأهواء وإنما نتكلم هنا مع أهل العلم والعدل ولا ريب أن هذه النصوص لا بد من الجمع بينها والتأليف فيقال أما قوله لايزال أهل الغرب ظاهرين ونحو ذلك مما يدل على ظهور أهل الشام وانتصارهم فهكذا وقع وهذا هو الأمر فإنهم ما زالوا ظاهرين منتصرين وأما قوله عليه السلام لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله ومن هو ظاهر فلا يقتضي أن لا يكون فيهم من فيه بغى ومن غيره أولى بالحق منهم بل فيهم هذا وهذا وأما قوله تقتلهم أولى الطائفتين بالحق فهذا دليل على أن عليا ومن معه كان أولى بالحق إذ ذاك من الطائفة الأخرى وإذا كان الشخص أو الطائفة مرجوحا في بعض الأحوال لم يمنع أن يكون قائما بأمر الله وأن يكون ظاهرا بالقيام بأمر الله عن طاعة الله ورسوله وقد يكون الفعل طاعة وغيره أطوع منه وأما كون بعضهم باغيا في بعض الأوقات مع كون بغيه خطأ مغفورا أو ذنبا مغفورا فهذا أيضا لا يمنع ما شهدت به النصوص وذلك أن النبي أخبر عن جملة أهل الشام وعظمتهم ولا ريب أن جملتهم كانوا أرجح في عموم الأحوال .. و النصوص التي في كتاب الله وسنة رسوله وأصحابه في فضل الشام وأهل الغرب على نجد والعراق وسائر أهل المشرق أكثر من أن تذكر هنا ...
والنبي ميز أهل الشام بالقيام بأمر الله دائما إلى آخر الدهر وبأن الطائفة المنصورة فيهم إلى آخر الدهر فهو إخبار عن أمر دائم مستمر فيهم مع الكثرة والقوة وهذا الوصف ليس لغير الشام من أرض الإسلام فإن الحجاز التي هي أصل الإيمان نقص في آخر الزمان منها العلم والإيمان والنصر والجهاد وكذلك اليمن والعراق والمشرق وأما الشام فلم يزل فيها العلم والإيمان ومن يقاتل عليه منصورا مؤيدا في كل وقت فهذا هذا والله أعلم وهذا يبين رجحان الطائفة الشامية من بعض الوجوه مع أن عليا كان أولى بالحق ممن فارقه ومع أن عمارا قتلته الفئة الباغية كما جاءت به النصوص فعلينا أن نؤمن بكل ما جاء من عند الله ونقر بالحق كله ولا يكون لنا هوى ولا نتكلم بغير علم بل نسلك سبل العلم والعدل وذلك هو اتباع الكتاب والسنة فأما من تمسك ببعض الحق دون بعض فهذا منشأ الفرقة والاختلاف "
مجموع الفتاوى ج: 4 ص: 447
وما قدمت لك من كلام شيخ الإسلام في الكلام عن الصحابة هو جل كلامه فيهم بل يكاد يكون تسعين في المائة منه، وما بقي منه لا يخرج عما ذكرته لك. ومن خلا له تدرك عدم صدق المؤلف في قوله في ص 44
" جهد شيخ الإسلام متميز من حيث الكم. فهو كتب في مناقشة الخلافات بين الصحابة رضي الله عنهم ما لم يكتبه غيره. ولا نعلم أيا من علماء الإسلام كتب في هذا الموضوع كتبا بحجم " منهاج السنة النبوية " بمجلداته التسعة، أو في حجم المجلدات العديدة من " الفتاوى " التي خصصها ابن تيمة لهذا الموضوع. ..
نقول هذا كلام إنشائي عار عن الدليل كأكثر ككلام الكاتب في مؤلفه،فإن شيخ الإسلام لم يخصص للكلام على الصحابة مجلدا واحدا من مجلدات الفتاوى فضلا عن عدة مجلدات بل هي فتاوى أجاب عنها في آخر الجزء الرابع، أو ما ذكره من اعتقاد أهل السنة فيهم في العقيدة الواسطية في الجزء الثالث، وما ذكره في الجزء الخامس والثلاثين في نحو ثلاثين صفحة.
وأما منهاج السنة فلم يؤلفه شيخ الإسلام ابتداء وإنما ألفه انتصار للصحابة من افتراءات الشيعي الملحد ابن المطهر الحلي. وأكثره في وجوه العقائد من الأسماء والصفات والقدر وإثبات الخالق، وفيه بحوث فقهية، ورد لما قاله الرافضي من طعون على الصحابة، وهو لا يعدل خمس الكتاب.
وقال في ص 46
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/387)
" وان ابن تيمية ميز بين الخلافة والملك بوضوح لم يسبقه إليه أحد، وأعلن أ " خبره {صلى الله عليه وسلم} بانقصاء خلا فة النبوة فيه ذم للملك والعيب له " وأن الملك " متضمن ترك بعض الدين الواجب " ورفض تفسير الاستخلاف الذي وقع من أبي بكر وعمر بما يخدم فكرة توريث السلطة كما سنرى فيما بعد .. وذلك هو الفصل بين المبدإ والشخص وبين الوحي والتاريخ الذي نقصده."
كلام شيخ الإسلام الذي ذكره المؤلف لا يمثل النظرة الحقيقة لشيخ الإسلام في الموضوع فهو كلام اقتطعه من كلام لا يفهم إلا في سياقه جميعا، وأنا لا أنقله لطوله وكون المراد لا يفهم إلا بقراءة الكلام كاملا، ولكن نذكر موضوعه ليراجعه من أراد وهو في مجموع الفتاوى ج 35 ص 18 ـ 35
وهو أيضا لم يكن أمينا في ما نقله منه.
قال شيخ الإسلام:
" وأيضا فكون النبي صلى الله عليه وسلم استاء للملك بعد خلافة النبوة دليل على أنه متضمن ترك بعض الدين الواجب "
مجموع الفتاوى ج: 35 ص: 24
وقال أيضا:
" وهكذا كانت خلافة الخلفاء الاربعة ومعاوية قد شابها الملك وليس هذا قادحا في خلافته كما أن ملك سليمان لم يقدح في نبوته وان كان غيره من الانبياء فقيرا قلت فهذا يقتضي أن شوب الخلافة بالملك جائز في شريعتنا وأن ذلك لا ينافى العدالة وان كانت الخلافة المحضة افضل "
مجموع الفتاوى ج: 35 ص: 27
ولمؤلف كان يقصد بنقله الأول أن يوهم القارئ أن شيخ الإسلام يطعن في شرعية خلافة معاوية وغيره من ملوك الإسلام.
وأما ادعاءه أن شيخ الإسلام لم يسبقه أحد في التفريق بين الملك والخلافة فهو كلام لا يستحق الرد لأن أهل العلم كلهم يفرقون بينهم.
ومن زيف ادعاءاته قوله في ص 77
" وقد علل شيخ الإسلام بعض الأحداث السياسية في ذلك العصر بثقل المواريث السياسية الجاهلية وكثافة معاييرها الاجتماعية العرفية "
والمبين له النقل الذي نقله هو عن ابن تيمية " وفي الجملة جميع من نقل عنه من الأنصار وبني عبد مناف أنه طلب تولية غير أبي بكر لم يحتج بحجة شرعية، ولا ذكر أن غير أبي بكر أحق وأفضل من أبي بكر. وإنما نشأ كلامه عن حب لقومه وقبيلته، وإرادة منه أن تكون الإمامة في قبيلته. ومعلوم أن مثل هذا ليس من الأدلة الشرعية، والطرق الدينية، ولا هو مما أمر الله ورسوله المؤمنين باتباعه، بل هو شعبة من الجاهلية، ونوع عصبية للأنساب والقبائل، ومما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بهجره وإبطاله "
قلت:فهناك فرق هائل بين قول شيخ الإسلام "شعبة من الجاهلية " وقول الكاتب "بثقل المواريث السياسية الجاهلية وكثافة معاييرها الاجتماعية العرفية "
وابن تيمية ليس في مأمن أن يصب عليه الكاتب جام غضبه إذا خالف رأيه كغيره من أهل العلم الذين أصابهم حظ وافر من تنقصه لهم واتهامهم بالبعد عن العلم والعدل كشعبة وابن كثير وابن عساكر. فقال في حق ابن تيمة في ص 69
" فلا يعدم القارئ المتأمل ردود أفعال عنيفة أحيانا في كتابات شيخ الإسلام، بعضها يرجع إلى عنف التهمة وشناعتها، وبعضها يرجع إلى مزاج الشيخ وطبعه.
لماذا ابن تيمية.
بين المقدم للكتاب الغرض من تركيز الكاتب على ابن تيمية وادعائه أنه ينهج نفس منهجه في الكلام على الصحابة، أن ذلك ليس اقتناعا بابن تيمة ومنهجه السلفي بل لغرض آخر وهو تجريد أهل السنة من أحد أقوى أسلحتهم التي يلجمون بها أهل البدع وهي كتابات شيخ الإسلام الرائدة في تفنيد شبههم. فأراد الأستاذ الشنقيطي أن يبين لهم أنهم ليسوا على منهج شيخ الإسلام على الأقل في هذه القضية، وهي على كل حال دعوى أثبت هذا البحث أنها متهافتة وأن منهج شيخ الإسلام في الكلام عن الصحابة في وادي السنة وكلام الكاتب في وادي البدعة.
قال مقدم الكتاب ص 24:
" ورغم أن شيخ الإسلام رحمه الله وجزاه الله كل خير عن الاسلام وأهله أهل للتنويه والتقدير في أبواب كثيرة تفرد بالإبداع فيها، ومنها مسائل الاختلاف بين الأصحاب والأئمة، إلا أنه أخذ يداخلني بعض الحرج من شدة تكثيف التمركز حول تراثه، كأنه في كفة وبقية علماء الاسلام في كفة، وقد يرجحهم .. وهي مبالغة قد تكون مفيدة للغرض الذي ابتغاه الأستاذ الشنقيطي في تجريد الغلو والتشدد من أهم أسلحته التي يستطيل بها على الأمة: سلاح علم الرواية وتراث شيخ الإسلام ابن تيمية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/388)
فأن يجرد التشدد والتكفير والتفسير التآمري للتاريخ وشرعنة الاستبداد من هذين السلاحين، خدمة لاجتماع والاعتدال والوسطية الشورى الديمقراطية، فذلك فضل يحسب للأستاذ الشنقطي إذ هدي إليه .. "
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[10 - 02 - 05, 03:01 م]ـ
في هذا الوقفة أتناول ما ذكر الكاتب عن مدرسة التشيع السني.
وصف الكاتب أصحاب التشيع السني بأنهم:
" مذهب المغالين في الدفاع، المنفعلين بردة الفعل، المتأولين للصحابة ولغير الصحابة، بحق وبغير حق. وهذا الذي أدعوه " التشيع السني ". ويمثله ابن العربي وتلامذته المعاصرون ".
أقول ادعى ثم عجز أن يقيم البينة.
كتاب أبو بكر بن العربي كتاب جم الفائدة، مزيف لكثير من الهراء الذي افترته الرافضة على الصحابة، وبني أمية بالبرهان الناصع والحجة الدامغة، وهو كتاب يخرج مع كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية الذي احتفى به الكاتب من مشكاة واحدة، والكاتب لم يتعرض لفكرة الكتاب، وهذا جور في الحكم فكان ينبغي أن يبين فكرة الكتاب وهي دفع سهام التنقص عن الصحابة.
ولم نر في كتاب أبي بكر تأولا لأحد من الصحابة وغيرهم إلا ما أجمع عليه أهل السنة من التأول لأهل الجمل وصفين من الصحابة، وهو تأويل لم ينفرد به أبو بكر، بل يشاركه فيه جميع أهل العلم بمن فيهم شيخ الإسلام ابن تيمية الذي يمدح الكاتب منهج تناوله لقضية ما جرى بين الصحابة.
وأما القضيا الأخرى فهو قد أنكرها، وفرق كبير بين التأويل والإنكار، ولذلك لم يأت المؤلف بنص واحد لابن العربي تأول فيه لأحد ممن ذكر، وإنما أتى بإنكار لبعض القضايا التي يرى المؤلف أنه جانب الصواب في إنكارها.
فقال في ص 194:
" أنكر ابن العربي أن مروان ابن الحكم هوالذي قتل طلحة يوم الجمل .. "
نقول كان ما ذا لم يثبت عنده أنه قتله، وأما ما نقله المؤلف من تصحيح ابن حجر والذهبي للقصة فلا يلزم ابن العربي فهو يتكل بمبلغ علمه، فإن كان الأثر صحيحا فلم يبلغه من وجهه الصحيح، أو كان اطلع على ما وقفا عليه ولم يصح عنده وهو أيضا معذور، ومعروف لدى طلبة العلم أن مسألة التصحيح والتضعيف من موارد الاجتهاد فقد يصحح العالم سند ا ويضعفه الآخر، ولم ينفرد ابن العربي بإنكار قتل مروان لطلحة، فهذا ابن كثير المؤرخ الثقة، والمحدث الفحل، ينكرها أيضا. فقال ـ وهو يتحدث عن موت طلحة ـ:
"ويقال إن الذي رماه بهذا السهم مروان بن الحكم وقال لأبان بن عثمان قد كفيتك رجلا من قتلة عثمان وقد قيل إن الذي رماه غيره وهذا عندي أقرب وإن كان الأول مشهورا والله أعلم"
البداية والنهاية ج: 7 ص: 248
وإنكار أبو بكر لكلاب الحوأب ليس فيه تأول الأحد بحق ولا باطل، فهو خارج عن موضع النقاش.
ثم هو لم ينفرد بإنكاره، فقد أنكره إمام أهل الحديث في زمانه يحي بن سعيد القطان، وطعن به في راويه قيس ابن حازم.
قال الذهبي:
" قيس بن أبي حازم أبو عبد الله البجلي تابعي كبير فاتته الصحبة بليال سمع أبا بكر وعمر وعنه بيان بن بشر وإسماعيل بن أبي خالد وخلق وثقوه وقال بن المديني عن يحيى بن سعيد منكر الحديث ثم ذكر له حديث كلاب الحوأب مات 98 ع "
الكاشف ج 2 ص 138
أما ما ذكر من تضعيف أبو بكر بن العربي لقصة الولد بن عقبة مع بن المصطلق فالصواب فيها مع أبي بكر كما بينا في وقفة الأخطاء الحديثية.
وأما قوله في ص 199:
" لكن الشيخ الخطيب أغفل أمرين هنايقتضي البحث العلمي عدم إغفالهما .. "
وقد بينا في وقفة الأخطاء الحديثية أن المؤلف أغفل كلاما للترمذي على أحد طريقي الحديث كانت الأمانة العليمة تقتضي ذكره، وبذكره يزول الاعتراض على الشيخ الخطيب، وذلك أن الحديث إذا صح أحد طرقه جاز الاحتجاج به.
وأما اعتراضه على الشيخ الخطيب في قوله أن بيعة على بعد ستة أشهر هي البيعة الثانية فقد بينا أن هذا قول كثير من أهل العلم منهم ابن كثير والبيهقي وابن خزيمة، وابن حجر.
وأما اعتراضه حول تقيم ابن العربي لمروان بن الحكم.
والحق أن كل أهل العلم مع ابن العربي في ما قال عن مروان.
وقال شيخ الإسلام عن مراون:
"وليس مروان أولى بالفتنة والشر من محمد بن أبي بكر ولا هو أشهر بالعلم والدين منه بل أخرج أهل الصحاح عدة أحاديث عن مروان وله قول مع أهل الفتيا واختلف في صحبته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/389)
ومروان من أقران ابن الزبير فهو قد أدرك حياة النبي صلى الله عليه وسلم ويمكن أنه رآه عام فتح مكة أو عام حجة الوداع والذين قالوا لم ير النبي صلى الله عليه وسلم قالوا إن أباه كان بالطائف فمات النبي صلى الله عليه وسلم وأبوه بالطائف وهو مع أبيه ومن الناس من يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم نفى إباه إلى الطائف وكثير من أهل العلم ينكر ذلك ويقول إنه ذهب باختياره وإن نفيه ليس له إسناد وهذا إنما يكون بعد فتح مكة فقد كان أبوه بمكة مع سائر الطلقاء وكان هو قد قارب سن التمييز وأيضا فقد يكون أبوه حج مع الناس فرآه في حجة الوداع ولعله قدم إلى المدينة فلا يمكن الجزم بنفي رؤيته للنبي صلى الله عليه وسلم وأما أقرانه كالمسور بن مخرمة وعبد الله بن الزبير فهؤلاء كانوا بالمدينة وقد ثبت أنهم سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 245
قال الحافظ ابن حجر:
"مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي أبو عبد الملك وهو بن عم عثمان وكاتبه في خلافته يقال ولد بعد الهجرة بسنتين وقيل بأربع وقال بن شاهين مات النبي صلى الله عليه وسلم وهو بن ثمان سنين فيكون مولده بعد الهجرة بسنتين قال وسمعت بن داود يقول ولد عام أحد يعني سنة ثلاث وقال بن أبي داود وقد كان في الفتح مميزا وفي حجة الوداع ولكن لا يدرى أسمع من النبي صلى الله عليه وسلم شيئا أم لا وقال بن طاهر ولد هو والمسور بن مخرمة بعد الهجرة بسنتين لا خلاف في ذلك كذا قال وهو مردود والخلاف ثابت وقصة إسلام أبيه ثابتة في الفتح لو ثبت أنه في ذلك السنة مولده لكان حينئذ مميزا فيكون من شرط القسم الأول لكن لم أر من جزم بصحبته فكأنه لم يكن حينئذ مميزا ومن بعد الفتح أخرج أبوه إلى الطائف وهو معه فلم يثبت له أزيد من الرؤية وأرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عن غير واحد من الصحابة ".
الإصابة ج 6 /ص 257
والمؤلف قد أقر بأنه ثقة في الرواية وقد قدمنا أن كل من كان ثقة في الرواية فهو ثقة في الدين، فبطل تشغيبه على ابن العربي بتوثيقه لمروان.
وأما كونه فقيها ومعدودا في عداد أهل العلم، فهذا كتاب مالك الموطأ الذي جمع فيه علم أهل المدينة، قد ملأه بفقه مروان وفتاويه، فلا ضير على ابن عربي في عده بعد ذلك من الفقهاء.
وأما ادعاءه أنه لم ير من شرفه برؤية النبي صلى الله عليه وسلم إلا الواقدي فهذا ابن حجر يثبتها له كما مر، وكذا ابن تيبمية ويقول بأن من نفاها عنه ليس معه حجة يستراح لها.
وأما قول ابن العربي عن مراون أنه صحابي فقول مشهر عن بعض أهل العلم في مروان.
قال ابن كثير:
" وهو صحابي عند طائفة كثيرة؛ لأنه ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسم "
البداية والنهاية 8/ 259
فجميع المسائل التي ذكرها الكاتب ليس فيها تأويل من ابن العربي بحق ولا بباطل، وكلها خارجة عن صميم البحث الذي ادعاه.
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[13 - 02 - 05, 10:11 م]ـ
في هذه الوقفة سنتناول المصطلحات التي استخدمها الكاتب في التعبير عن أمور شرعية لنرى مدى التزامه بالمصطلحات الشرعية، التي يجب على الكاتب للمسلمين في أمور دينهم أن يلتزم بها كما قال شارح العقيد الطحاوية:
" التعبير عن الحق بالألفاظ الشرعية النبوية الإلهية، هو سبيل أهل السنة والجماعة"
70 ـ 71 ص
وهذا ما سنرى أن المؤلف لم يلتزم به في كتابة. المصطلح الأول 000
1
المبدأ والشخص.
لفظ المدأ ليس لفظا شرعيا، وإنما هو لفظ فلسفي كان الأولى بالمؤلف وهو يكتب لأهل الإسلام عن دينهم أن يلتزم مصطلحات الشرع، وهي عدم التقدم بين يدي الله ورسوله، والرد عند التنازع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتقديمهما على رأي كل من خالفهم في اجتهاد من أهل العلم كائنا من كان، وهذا هو منهج أهل العلم قديما وحديثا.
وقد صاغ ذلك الإمام مالك رحمه الله في قاعدته الموفقة: " ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر "
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/390)
"وليس لأحد أن يتبع زلات العلماء، كما ليس له أن يتكلم في أهل العلم والإيمان إلا بما هم له أهل؛ فإن الله تعالى عفا للمؤمنين عما أخطؤوا كما قال تعالى: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) قال الله:قد فعلت. وأمرنا أن نتبع ما أنزل إلينا من ربنا ولا نتبع من دونه أولياء، وأمرنا أن لا نطيع مخلوقا في معصية الخالق، ونستغفر لإخواننا الذي سبقونا بالإيمان. فنقول: (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذي سبقونا بالإيمان) الآية.وهذا أمر واجب على المسلمين في كل ما كان يشبه هذا من الأمور. ونعظم أمره تعالى بالطاعة لله ورسوله؛ ونرعى حقوق المسلمين؛ لا سيما أهل العلم منهم، كما أمر الله ورسوله. ومن عدل عن هذه الطريق فقد عدل عن اتباع الحجة إلى اتباع الهوى في التقليد، وآذى المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا: فهو من الظالمين. ومن عظم حرمات الله وأحسن إلى عباد الله كان من أولياء الله المتقين.والله سبحانه أعلم"
(مجموع الفتاوى ج: 32 ص: 239)
2 التاريخ والوحي.
لم أفهم إطلاقا هذه الفقرة من الكتاب ولا ما أراد الكاتب منها، فهو لم يشرح فكرته ولم يبينها، وإنما قال كلاما إنشائيا فلسفيا زاد المسألة تعقيدا، وقربها من ألا معقول من المعقول.
فإن كان المقصود بالتاريخ ما سنه الخلفاء الراشدون من سياسة الحكم، و فهم السلف الصالح للنص وتطبي-قهم له فهذا بلاشك من الدين ومن اتباع سبيل المؤمنين، فقد زكى الله فهمهم للنص وعملهم به في نصوص كثيرة، تراجع في كلام أهل العلم في كتب العقائد، وكتب الأصول عند كلامهم على الإجماع.
وإن أراد أن أهل العلم جعلوا التاريخ من مصادر الإسلام أو قدموه على النص فهذا كلام بلغ من وضوح البطلان حدا يكتفى بنقله عن رده.
3 الردة السياسية.
هذا المصطلح مصطلح جديد، جاء به الكاتب من كيسه، وغير به مصطلحا شرعيا نصيا ورد في السنة، وتداوله أهل العلم جيلا بعد جيل، وهو مصطلح أئمة الجور والفسق، ولهم أحكام مشهورة في كتب الفقه والعقائد.
كما أن حكام الردة لهم أحكام أخرى، وهذ المصطلح يؤدي إلى لبس في القضية.
وما ادعاه الكاتب من خطورة الردة السياسية وهي " جور الحكام " وأنها لا تقل خطرا عن الردة العقدية، يرده أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم المبينة لخطورة الردة العقدية، فحكمت بحل دماء أهلها، ونهت عن مقاتلة أئمة الجور وأوصت بالصبر على جوره، وإنكار ما أتوا منه ومن غيره من المعاصي.
وللوقوف على فقه المسألة ينظر كتاب " الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة " للشيخ الدميجي. ص 490 ـ 548
4
المثلية والمثال
وهذا لشك مصطلح فلسفي لم يطلبه الله من العباد وإنما طلب منهم التقوى وبين حدود المطلوب منه وهو ما كان في مقدور البشر فقال: " فاتقوا الله ما استطعتم " وطلب منهم إذا زل أحدهم أن يبادر إلى التوبة. فقال تعالى: " وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات "
وهذا ما وصى به الرسول صلى الله عليه وسلم معاذا حين أرسله إلى اليمن فقال: " اتق الله حيث ما كنت وأتبع السيئة الحسنة "
المقصد الأساسي للكاتب من الكتاب هو نقد عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة وهذا هو أخطر ما في الكتاب، ولعل متعجلا يقول أن هذا فهما فهمناه نحن لم يخطر على بال المؤلف، نقول له على رسلك هذا ما صرح به أحد قراء لكتاب في عرضه له في موقع الجزيرة نت.
فقال:
"على أن أطرف ما في الكتاب – وربما أصعبه تحقيقا أيضا- أنه ينسف القراءة السلفية لفتن القرن الأول الهجري، لكن بأسلوب وحِجاج سلفي!! فقد التزم المؤلف بمنهج كلاسيكي صارم، جعله يغترف أغلب مادة كتابه من كتب ابن تيمية، ويلتزم التزاما صارما بمنهج أهل الحديث في قبول الروايات التاريخية، لكنه توصل في ذات الوقت إلى نتائج هي أبعد ما تكون عن النتائج الراسخة لدى أتباع ابن تيمية من السلفيين المعاصرين، ولدى أساتذة وطلاب كليات الحديث في الجامعات الإسلامية اليوم. وهنا تكمن "حكمة" المؤلف، كما دعاها الأستاذ الغنوشي في ختام تقديمه للكتاب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/391)
لعل كتاب "الخلافات السياسية بين الصحابة" يهز الرؤية السلفية لتاريخ صدر الإسلام، ويدفع السلفيين إلى مراجعة منطلقاتهم النظرية في وقت تواترت فيه الدعوة إلى ذلك، وتكاتف الضغط لتحقيقه، من جهات شتى وبدوافع شتى. وبقدر ما سيصدم الكتاب بعض الرؤى السلفية، فإنه يقدم لها خدمة جليلة وهو يفتح لها أبوابا لمراجعة ذاتها من داخل تراثها الخاص، قبل أن يتم إلزامها بذلك بقوة القانون أو قوة الحراب".
وقد بينا في وقفاتنا السابقة أن لمؤلف أبعد الناس عن منهج أهل الحديث وأجهلهم به، وكذلك بينا أن ادعاءه الإلتزام بمنهج ابن تيمية كلام ينقضه واقع كلام ابن تيمية.
في الكتاب مساوئ منهجية كثيرة تقد م بعضها في بيان ما فيه من الأخطاء العلمية.
وفيه مع ذلك لاستخفاف بأهل العلم ووصف كل من خالف منهم المؤلف في رأيه أنه يجانب منهج العلم والعدل، ولعل قاعدة الخلط بين الوقائع والمشاعر، يتضح فيها ذلك بجلاء.
ومن أخطائه المنهجية، كتابته بلغة صحفية بعيدة عن لغة العلم والتعقل، بل بلغة تخاطب العاطفة بمسلمات، كثير منها خاطئ، بأسلوب منفعل.
ومن أخطائه المنهجية، عدم استيفائه حجج من يناقش، ويظهرهم كأنهم ناس يتكلمون بالهوى والجهل والظلم.
ومن أخطائه المنهجية الادعاء العريض دون أدنى بينة، وهذا واضح في كتابه، إن لم نقل جل كتابه من هذا القبيل.
وما أشبه الكتاب وصاحبه بالذين يقول فيهم فقيد اللغة والأدب أبو فهر محمود شاكر رحمه الله:
" يوشك تاريخ الإسلام أن يصبح لهوا على الأسنة، ولغوا في الصحف، ومرتعا للظن المتسرع دون اليقين المتثبت، وهدفا لكل متقحم على الحق بمثل جراءة الباطل، ومخاضة يخوض فيها كل من ملك لسانا ينطق، أو عقلا يفكر، أو قلما يخط. وإنما ابتلي زماننا بهذا لأسباب كثيرة، أولها: أن العصر الذي نعيش فيه يعجل الناس عن تحقيق معنى الدين نفسه في حقيقة قلوبهم. وآخرها: أن المسلمين في زماننا بلغوا من العجز والقلة والهوان على أنفسهم مبلغا مهّد لشياطين الإنس والجن مسالك كثيرة إلى مقر الغرور في بعض الأفئدة، فسول لأصحابها فيما يسول أن فهموا الإسلام " فهما جديدا " فكان لهذه الكلمة سحرها حين مست مكان الغرور والكبرياء من نفوسهم، واحتملهم هذا الغرور على أن يسيئوا الظن بما يفهمون من ماضيهم، جله أو كله، وخيل لهم سوء الظن أن ذلك هو طريق الحق لإحياء دين الله في نفوسهم وإقامة شريعته في أرضه. بمجرد النظرة الخاطفة المتعسفة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي تاريخ أسلافهم من المسلمين.
ولا أظن أنني أخطئ شيئا في التقدير إذا زعمت أن هذه النابتة، لم يبتل الإسلام بمثلها قط، على كثرة ما انتابه من النوابت المتتابعة على مدى عصوره كلها؛ في حال بسه وسطوته، وفي حال ضعفه وفترته. وهي عندي أخطر النوابت جميعا وأخوفها على دين الله ..
مجلة المسلمون العدد الأول 1371 هـ ص 43
هذا بعض الملا حظات التي كتبتها على هذا الكتاب بعجل، وفيه كثر من الملا حظات الأخرى التي لم يسعف الوقت لتبيينها.
وفي الحلقة القادمة سنبين الأسس التي يجب على كل من يكتب عن الصحابة أن يلتزم ها.
ولايخرج عنها فإن خرج عنها ولا بد أن يخطئ.
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[13 - 02 - 05, 10:27 م]ـ
في هذه الوقفة سنتناول المصطلحات التي استخدمها الكاتب في التعبير عن أمور شرعية لنرى مدى التزامه بالمصطلحات الشرعية، التي يجب على الكاتب للمسلمين في أمور دينهم أن يلتزم بها كما قال شارح العقيد الطحاوية:
" التعبير عن الحق بالألفاظ الشرعية النبوية الإلهية، هو سبيل أهل السنة والجماعة"
70 ـ 71 ص
وهذا ما سنرى أن المؤلف لم يلتزم به في كتابة. المصطلح الأول 000
1
المبدأ والشخص.
لفظ المدأ ليس لفظا شرعيا، وإنما هو لفظ فلسفي كان الأولى بالمؤلف وهو يكتب لأهل الإسلام عن دينهم أن يلتزم مصطلحات الشرع، وهي عدم التقدم بين يدي الله ورسوله، والرد عند التنازع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتقديمهما على رأي كل من خالفهما في اجتهاد من أهل العلم كائنا من كان، وهذا هو منهج أهل العلم قديما وحديثا.
وقد صاغ ذلك الإمام مالك رحمه الله في قاعدته الموفقة: " ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر "
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/392)
"وليس لأحد أن يتبع زلات العلماء، كما ليس له أن يتكلم في أهل العلم والإيمان إلا بما هم له أهل؛ فإن الله تعالى عفا للمؤمنين عما أخطؤوا كما قال تعالى: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) قال الله:قد فعلت. وأمرنا أن نتبع ما أنزل إلينا من ربنا ولا نتبع من دونه أولياء، وأمرنا أن لا نطيع مخلوقا في معصية الخالق، ونستغفر لإخواننا الذي سبقونا بالإيمان. فنقول: (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذي سبقونا بالإيمان) الآية.وهذا أمر واجب على المسلمين في كل ما كان يشبه هذا من الأمور. ونعظم أمره تعالى بالطاعة لله ورسوله؛ ونرعى حقوق المسلمين؛ لا سيما أهل العلم منهم، كما أمر الله ورسوله. ومن عدل عن هذه الطريق فقد عدل عن اتباع الحجة إلى اتباع الهوى في التقليد، وآذى المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا: فهو من الظالمين. ومن عظم حرمات الله وأحسن إلى عباد الله كان من أولياء الله المتقين.والله سبحانه أعلم"
(مجموع الفتاوى ج: 32 ص: 239)
2 التاريخ والوحي.
لم أفهم إطلاقا هذه الفقرة من الكتاب ولا ما أراد الكاتب منها، فهو لم يشرح فكرته ولم يبينها، وإنما قال كلاما إنشائيا فلسفيا زاد المسألة تعقيدا، وقربها من ألا معقول من المعقول.
فإن كان المقصود بالتاريخ ما سنه الخلفاء الراشدون من سياسة الحكم، و فهم السلف الصالح للنص وتطبيقهم له فهذا بلاشك من الدين ومن اتباع سبيل المؤمنين، فقد زكى الله فهمهم للنص وعملهم به في نصوص كثيرة، تراجع في كلام أهل العلم في كتب العقائد، وكتب الأصول عند كلامهم على الإجماع.
وإن أراد أن أهل العلم جعلوا التاريخ من مصادر الإسلام أو قدموه على النص فهذا كلام بلغ من وضوح البطلان حدا يكتفى بنقله عن رده.
3 الردة السياسية.
هذا المصطلح مصطلح جديد، جاء به الكاتب من كيسه، وغير به مصطلحا شرعيا نصيا ورد في السنة، وتداوله أهل العلم جيلا بعد جيل، وهو مصطلح أئمة الجور والفسق، ولهم أحكام مشهورة في كتب الفقه والعقائد.
كما أن حكام الردة لهم أحكام أخرى، وهذ المصطلح يؤدي إلى لبس في القضية.
وما ادعاه الكاتب من خطورة الردة السياسية وهي " جور الحكام " وأنها لا تقل خطرا عن الردة العقدية، يرده أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم المبينة لخطورة الردة العقدية، فحكمت بحل دماء أهلها، ونهت عن مقاتلة أئمة الجور وأوصت بالصبر على جوره، وإنكار ما أتوا منه ومن غيره من المعاصي.
وللوقوف على فقه المسألة ينظر كتاب " الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة " للشيخ الدميجي. ص 490 ـ 548
4
المثلية والمثال
وهذا لشك مصطلح فلسفي لم يطلبه الله من العباد وإنما طلب منهم التقوى وبين حدود المطلوب منه وهو ما كان في مقدور البشر فقال: " فاتقوا الله ما استطعتم " وطلب منهم إذا زل أحدهم أن يبادر إلى التوبة. فقال تعالى: " وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات "
وهذا ما وصى به الرسول صلى الله عليه وسلم معاذا حين أرسله إلى اليمن فقال: " اتق الله حيث ما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها "
المقصد الأساسي للكاتب من الكتاب هو نقد عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة وهذا هو أخطر ما في الكتاب، ولعل متعجلا يقول إن هذا فهما فهمناه نحن لم يخطر على بال المؤلف، نقول له على رسلك هذا ما صرح به أحد قراء لكتاب في عرضه له في موقع الجزيرة نت.
فقال:
"على أن أطرف ما في الكتاب – وربما أصعبه تحقيقا أيضا- أنه ينسف القراءة السلفية لفتن القرن الأول الهجري، لكن بأسلوب وحِجاج سلفي!! فقد التزم المؤلف بمنهج كلاسيكي صارم، جعله يغترف أغلب مادة كتابه من كتب ابن تيمية، ويلتزم التزاما صارما بمنهج أهل الحديث في قبول الروايات التاريخية، لكنه توصل في ذات الوقت إلى نتائج هي أبعد ما تكون عن النتائج الراسخة لدى أتباع ابن تيمية من السلفيين المعاصرين، ولدى أساتذة وطلاب كليات الحديث في الجامعات الإسلامية اليوم. وهنا تكمن "حكمة" المؤلف، كما دعاها الأستاذ الغنوشي في ختام تقديمه للكتاب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/393)
لعل كتاب "الخلافات السياسية بين الصحابة" يهز الرؤية السلفية لتاريخ صدر الإسلام، ويدفع السلفيين إلى مراجعة منطلقاتهم النظرية في وقت تواترت فيه الدعوة إلى ذلك، وتكاتف الضغط لتحقيقه، من جهات شتى وبدوافع شتى. وبقدر ما سيصدم الكتاب بعض الرؤى السلفية، فإنه يقدم لها خدمة جليلة وهو يفتح لها أبوابا لمراجعة ذاتها من داخل تراثها الخاص، قبل أن يتم إلزامها بذلك بقوة القانون أو قوة الحراب".
وقد بينا في وقفاتنا السابقة أن لمؤلف أبعد الناس عن منهج أهل الحديث وأجهلهم به وكل الأحكام هو مقلد فيها الم يدرس أي إسناد ربما قلد من ليس بأهل لأن يقلد كمحقيقي الكتب وأمثلة مذكرت لك واضح في الطبعة الثانية للكتاب التي أبان الكاتب فيها مصادره، وكذلك بينا أن ادعاءه الإلتزام بمنهج ابن تيمية كلام ينقضه واقع كلام ابن تيمية.
في الكتاب مساوئ منهجية كثيرة تقد م بعضها في بيان ما فيه من الأخطاء العلمية.
وفيه مع ذلك لاستخفاف بأهل العلم ووصف كل من خالف منهم المؤلف في رأيه أنه يجانب منهج العلم والعدل، ولعل قاعدة الخلط بين الوقائع والمشاعر، يتضح فيها ذلك بجلاء.
ومن أخطائه المنهجية، كتابته بلغة صحفية بعيدة عن لغة العلم والتعقل، بل بلغة تخاطب العاطفة بمسلمات، كثير منها خاطئ، بأسلوب منفعل.
ومن أخطائه المنهجية، عدم استيفائه حجج من يناقش، ويظهرهم كأنهم ناس يتكلمون بالهوى والجهل والظلم.
ومن أخطائه المنهجية الادعاء العريض دون أدنى بينة، وهذا واضح في كتابه، إن لم نقل جل كتابه من هذا القبيل.
وما أشبه الكتاب وصاحبه بالذين يقول فيهم فقيد اللغة والأدب أبو فهر محمود شاكر رحمه الله:
" يوشك تاريخ الإسلام أن يصبح لهوا على الأسنة، ولغوا في الصحف، ومرتعا للظن المتسرع دون اليقين المتثبت، وهدفا لكل متقحم على الحق بمثل جراءة الباطل، ومخاضة يخوض فيها كل من ملك لسانا ينطق، أو عقلا يفكر، أو قلما يخط. وإنما ابتلي زماننا بهذا لأسباب كثيرة، أولها: أن العصر الذي نعيش فيه يعجل الناس عن تحقيق معنى الدين نفسه في حقيقة قلوبهم. وآخرها: أن المسلمين في زماننا بلغوا من العجز والقلة والهوان على أنفسهم مبلغا مهّد لشياطين الإنس والجن مسالك كثيرة إلى مقر الغرور في بعض الأفئدة، فسول لأصحابها فيما يسول أن فهموا الإسلام " فهما جديدا " فكان لهذه الكلمة سحرها حين مست مكان الغرور والكبرياء من نفوسهم، واحتملهم هذا الغرور على أن يسيئوا الظن بما يفهمون من ماضيهم، جله أو كله، وخيل لهم سوء الظن أن ذلك هو طريق الحق لإحياء دين الله في نفوسهم وإقامة شريعته في أرضه. بمجرد النظرة الخاطفة المتعسفة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي تاريخ أسلافهم من المسلمين.
ولا أظن أنني أخطئ شيئا في التقدير إذا زعمت أن هذه النابتة، لم يبتل الإسلام بمثلها قط، على كثرة ما انتابه من النوابت المتتابعة على مدى عصوره كلها؛ في حال بسه وسطوته، وفي حال ضعفه وفترته. وهي عندي أخطر النوابت جميعا وأخوفها على دين الله ..
مجلة المسلمون العدد الأول 1371 هـ ص 43
هذا بعض الملا حظات التي كتبتها على هذا الكتاب بعجل، وفيه كثر من الملا حظات الأخرى التي لم يسعف الوقت لتبيينها.
وفي الحلقة القادمة سنبين الأسس التي يجب على كل من يكتب عن الصحابة أن يلتزم ها.
ولايخرج عنها فإن خرج عنها ولا بد أن يخطئ.
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[14 - 02 - 05, 06:34 ص]ـ
أثابكم الله يا شيخ عبدالله على هذا الجهد المبارك الذي سددتم به مكانًا مهمًا يليق بأمثالكم ..
وحال فراغكم من الرسالة سوف ننشرها بإذن الله على ملف وورد في (صيد الفوائد) إن شاء الله؛ لتعم فائدتها.
فلعلك ترسلها كاملة بعد الفراغ منها كحلقات على بريدي.
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[15 - 02 - 05, 03:45 ص]ـ
في هذه الحلقة الأخيرة من حلقات الوقفات العلمية مع كتاب الخلافات السياسية بين الصحابة نتناول الأسس التي يجب على الكاتب عن حياة الصحابة أن يراعيها أثناء كتابته عنهم وهي ثلاثة أسس رئيسية الأولى منها عدالة الصحابة وأنهم جميعا من أهل الجنة، الثانية وهي مبنية على الأخرى وهي حسن الظن بهم، الثالثة لابتعاد عن المصادر المعادية أو من تأثر بها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/394)
أولا عدالة الصحابة العدالة الدينة وأنهم جميعا من أهل الجنة دلت عليه نصوص كثيرة من الكتاب والسنة وأجمع على ذلك أهل العلم وذكروه في جمل قطعيات الدين التي يجب على المسلم أن يعتقدها.
فمن الآيات الدالة على ذلك.
{محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم رُكعاً سُجدا يبتغون فضلاً من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مَثَلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سُوقه يُعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً} (سورة الفتح: 29).
وجه الدلالة من الآية على عدالة الصحابة العدالة الدينة، أن الله تعالى أخبر أن كل الصحابة الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم متصفون بكل الأوصاف التي يحبها الله من بغض أعدائه وجهادهم وحب أوليائه وموالاتهم، وعبادته سبحانه وتعالى ابتغاء مرضاته، لا رياء ولا سمعة.
قال البغوي رحمه الله:
أشداء على الكفار غلاظ عليهم كالأسد على فريسته لا تأخذهم فيهم رأفة رحماء بينهم متعاطفون متوادون بعضهم لبعض كالولد مع الوالد كما قال أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين تراهم ركعا سجدا أخبر عن كثرة صلاتهم ومداومتهم عليها يبتغون فضلا من الله أن يدخلهم الجنة ورضوانا أن يرضى عنهم سيماهم أي علامتهم في وجوههم من أثر السجود.
تفسير البغوي ج4/ص206
قال القرطبي رحمه الله:
وهذا مثل ضربه الله تعالى لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعني أنهم يكونون قليلا ثم يزدادون ويكثرون وهوصلى الله عليه وسلم حين بدأ بالدعاء إلى دينه ضعيفا فأجابه الواحد بعد الواحد حتى قوي أمره كالزرع يبدو بعد البذر ضعيفا فيقوى حالا بعد حال حتى يغلظ نباته وأفراخه فكان هذا من أصح مثل وأقوى بيان وقال قتادة مثل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في الإنجيل مكتوب أنه سيخرج من قوم ينبتون نبات الزرع يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فآزره أي قواه وأعانه وشده أي قوى الشطء الزرع وقيل بالعكس أي قوى الزرع الشطء وقراءة العامة آزره بالمد وقرأ بن ذكوانوأبو حيوة وحميد بن قيس فآزره مقصورة مثل فعله والمعروف المد
قال امرؤ القيس:
بمحنية قد آزر الضال نبتها**** مجر جيوش غانمين وخيب
فاستوى على سوقه على عوده الذي يقوم عليه فيكون ساقا له والسوق جمع الساق يعجب الزراع أي يعجب هذا الزرع زراعه وهو مثل كما بينا فالزرع محمد صلى الله عليه وسلم والشطء أصحابه كانوا قليلا فكثروا وضعفاء فقووا قاله الضحاك وغيره ليغيظ بهم الكفار اللام متعلقة بمحذوف أي فعل الله هذا لمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ليغيظ بهم الكفار الرابعة قوله تعالى وعد الله الذين آمنوا أي وعد الله هؤلاء الذين مع محمد وهم المؤمنون الذين أعمالهم صالحة مغفرة وأجرا عظيما أي ثوابا لا ينقطع وهو الجنة وليست من في قوله منهم مبعضة لقوم من الصحابة دون قوم ولكنها عامة.
تفسير القرطبي ج:16 ص:295
قال ابن كثير رحمه الله:
يخبر تعالى عن محمد صلى الله عليه وسلم أنه رسوله حقا بلا شك ولا ريب فقال محمد رسول الله وهذا مبتدأ وخبر وهو مشتمل على وصف كل جميل ثم ثنى بالثناء على أصحابه رضي الله عنهم فقال والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم كما قال عز وجل فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين وهذه صفة المؤمنين أن يكون أحدهم شديدا عنيفا على الكفار رحيما برا بالأخيار غضوبا عبوسا في وجه الكافر ضحوكا بشوشا في وجه أخيه المؤمن كما قال تعالى يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة.
تفسير ابن كثير ج: 4 ص: 204
قال الشيخ السعدي رحمه الله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/395)
يخبر تعالى عن نبيه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين معه من أصحابه من المهاجرين والأنصار أنهما بأكمل الصفات وأجل الأحوال وأنهم أشداء على الكفار أي جادون ومجتهدون في نصرتهه وساعون في ذلك بغاية جهدهم فلم ير الكفار منهم إلا الغلظة والشدة فلذلك ذل أعداؤهم لهم وانكسروا وقهرهم المسلمون رحماء بينهم أي متحابون متراحمون متعاطفون كالجسد الواحد يحب أحدهم لأخيه ما يحب لنفسه هذه معاملتهم مع الخلق وأما معاملتهم مع الخالق فإنك تراهم ركعا سجدا أي وصفهم كثرة الصلاة التي أجل أركانها الركوع والسجود يبتغون بتلك العبادة فضلا من الله ورضوانا أي هذا مقصودهم بلوغ رضا ربهم والوصول إلى ثوابه سيماهم في وجوههم من أثر السجود أي قد أثرت العبادة ـ من كثرتها وحسنها ـ في وجوههم حتى استنارت لما استنارت بالصلاة بواطنهم واستنارت بالجلال ظواهر هم ذلك المذكور مثلهم في التوراة أي هذا وصفهم الذي وصفهم الله به مذكور بالتوراة هكذا ومثلهم في الإنجيل بوصف آخر وأنه موفي كمالهم وتعاونهم كزرع أخرج شطأه فآزره أي أخرج أفرخه فوازرته فراخه في الثبات والاستواء فاستغلظ ذلك الزرع أي قوي وغلظ فاستوى أي قوي واستقام على سوقه جمع ساق أي أصوله والمراد أنه قوي وقام على قضبانه يعجب الزراع من كماله واستوائه وحسنه واعتداله كذلك الصحابة رضي الله عنهم هم كالزرع في نفعهم للخلق واحتياج الناس إليهم فقوة إيمانهم وأعمالهم بمنزلة قوة عروق الزرع وسوقه وكون الصغير والمتأخر إسلامه قد لحق الكبير السابق ووازره وعاونه على ما هو عليه من إقامة دين الله والدعوة إليه كالزرع الذي أخرج شطأه فآزره فاستغلظ ولهذا قال ليغيظ بهم الكفار حين يرون اجتماعهم وشدتهم على أعداء دينهم وحين يتصادمون معهم في معارك النزال ومعامع القتال وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما فالصحابة رضي الله عنهم الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح قد جمع الله لهم بين المغفرة التي من لوازمها وقاية شرور الدنيا والآخرة والأجر العظيم في الدنيا والآخرة
تفسير السعدي ج:1 ص:795
ولهذه الأوصاف الشريفة التي وصف الله بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل؛ كان أهل الكتاب الذين عندهم أثارة من علم الأنبياء إذا رأوا أحدا من أصحاب النيبي صلى الله عليه وسلم = يعظمونه ويعترفون أنهم أفضل من كل أصحاب الأنبياء المتقدمين.
قال ابن كثير رحمه الله
"الصحابة رضي الله عنهم خلصت نياتهم وحسنت أعمالهم فكل من نظر إليهم أعجبوه في سمتهم وهديهم.ثم ذكر عن مالك ابن أنس رحمه الله أنه قال: ((بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة -رضي الله عنهم- الذين فتحوا الشام، يقولون: والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا. وصدقوا في ذلك؛ فان هذه الأمة معظمة في الكتب المتقدمة، وأعظهما وأفضلها أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد نوه الله تبارك وتعالى بذكرهم في الكتب المنزلة والأخبار المتداولة؛ ولهذا قال سبحانه وتعالى هنا: {ذلك مثلهم في التوراة}. ثم قال: {ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه} أي فراخه. {فآزره} أي: شده {فاستغلظ} أي: شب وطال. {فاستوى على سوقه يعجب الزراع} أي فكذلك أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آزروه وأيدوه ونصروه، فهو معهم كالشطء مع الزراع ليغيظ بهم الكفار))
تفسير ابن كثير: 4/ 204
الآية الثانية قوله تعالى:
{لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى} (سورة الحديد: 11).
وجه الدلالة أن الله أخبر في هذه الآية الكريمة أن جميع الصحابة من أسلم قبل الفتح أو بعده قد قاموا بتقديم أعز ما يملكون لهذا الدين وهو المال والنفس فأنفقوا أموالهم في سبيل نصرته وقدموا أنفسهم من أجل عزته وبهذا استحقوا جميعا كرامة الله لأوليائه وهي الجنة.
قال الزمخشري:
وكلا وكل واحد من الفريقين وعد الله الحسنى أي المثوبة الحسن وهي الجنة مع تفاوت الدرجات
الكشاف - الزمخشري ج4/ص473
قال الشيخ السعدي:
أي الذين أسلموا وقاتلوا وأنفقوا من قبل الفتح وبعده كلهم وعده الله الجنة وهذا يدل على فضل الصحابة كلهم رضي الله عنهم حيث شهد الله لهم بالإيمان ووعدهم الجنة
تفسير السعدي ج1/ص839
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/396)
d â دن! # tچs)àےù= د9 tûï جچة f»yg كJّ9$# tûï د%©! $# (#qم_جچ÷ zé& ` د B ِNدdجچ» tƒ دٹ َOخgد9؛ uq ّ Br&ur tbq نَ tG ِ6 tƒ Wxô ز sù z` د iB «!$# $ZR؛uqô تح‘ ur tbrçژ فا Ztƒur ©!$# ے¼ م& s!q ك™ u‘ur 4 ڑپ ح´¯» s9'ré& م Nèd tbqè% د‰» ¢ء9$# ارب tûï د%©! $# ur râ ن qt7s? u‘#O$!$# z`»yJƒM}$#ur ` د B ِ/إ‰د=ِ7 s% tbq™7 دtن† ô`tB tچy_$yd ِNحkِژ s9 خ) ں wur tbr ك‰إ gs† ’ خ û ِNدdح‘rك‰ك¹ Zpy_%tn !$£J د iB (#qè?ré& ڑcr مچد O÷s مƒ ur #’n?t م ِNحkإ¦ àےRr& ِ qs9ur tb%x. ِNحkح5 × p|¹$| ء yz 4 `tBur s-q مƒ £xن© ¾دmإ، ّے tR ڑپ ح´¯» s9'ré'sù م Nèd ڑcq كsخ=ّےكJّ9$# ازب ڑْïد%©! $# ur râ ن! % y` .` د B ِNدdد‰÷ èt/ ڑcq ن9 qà)tƒ $uZ/u‘ ِچدےّ î$# $oYs9 $oY د R؛uq÷z\}ur ڑ ْïد%©! $# $ tRqà)t7y™ ا`» yJƒM}$$ خ/ ں wur ِ@ yè ّ grB ’ خ û $uZ خ/ qè=è% yx د î tûï د%©#د j9 (#q م ZtB#u ن! $ oY/u‘ y7¨R خ) ش$ râ ن u‘ îL ىد m‘ اتةب ل
(الحشر 008 - 010)
هذه الآية بينت فضل الصحابة وأنهم آثر الله ورضاه ونصرة دينه على كل شيء فليس للمؤمن الصادق الإيمان أن يقول فيهم إلا ما أمره الله به ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا.
أخرج الحاكم وصححه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال: "الناس على ثلاث منازل، فمضت منزلتان، وبقيت واحدة، فأحسن ما أنتم عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت. قال: ثم قرأ: {للفقراء المهاجرين} إلى قوله: {رضوانا} فهؤلاء المهاجرون. وهذه منزلة قد مضت {والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم} إلى قوله: {ولو كان بهم خصاصة}. قال: هؤلاء الأنصار. وهذه منزلة قد مضت. ثم قرأ: {والذين جاءوا من بعدهم} إلى قوله: {ربنا إنك رءوف رحيم} قد مضت هاتان وبقيت هذه المنزلة، فأحسن ما أنتم كائنون عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت. يقول: أن تستغفروا لهم" رواه الحاكم 2/ 3484 وصححه ووافقه الذهبي).
قال ابن كثير رحمه الله:
"ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا أي بغضا وحسدا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم وما أحسن ما استنبط الإمام مالك رحمه الله من هذه الآية الكريمة أن الرافضي الذي يسب الصحابة ليس له في مال الفيء نصيب لعدم اتصافه بما مدح الله به هؤلاء في قولهم ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم"
(تفسير ابن كثير 4/ 340)
قال ابن أبي العز في شرح العقيد الطحاوية ـ بعد سياق بعض الآيات الدالة على فضل الصحابة ـ:
وهذه الآيات تتضمن الثناء على المهاجرين والأنصار وعلى الذين جاءوا من بعدهم يستغفرون لهم ويسألون الله أن لا يجعل في قلوبهم غلا لهم وتتضمن أن هؤلاء هم المستحقون للفيء فمن كان في قلبه غل للذين آمنوا ولم يستغفر لهم لا يستحق في الفيء نصيبا
شرح العقيدة الطحاوية ج: 1 ص: 528
هذا غيض من فيض مما تضمنه القران من تعديل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والثناء عليهم.
ورحم الله الشيخ الإمام حافظ حكمي إذ يقول:
فكلهم في محكم القرآن ... أثنى عليهم خالق الأكوان
في مواضع من كتابه كالفتح أي سورة الفتح من أولها إلى آخرها و سورة الحديد كقوله تعالى فيها فآمنوا بالله ورسوله وأن
فقوا مما جعلكم مستخلفين فيه إلى قوله وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقتلوا وكلا وعد الله الحسنى الحديد 10 الآيات و سورة القتال كقوله تعالى والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم محمد 3 الآيات و سورة الحشر إلى آخرها وقد رتب تعالى فيها الصحابة على منازلهم وتفاضلهم ثم أر دفهم بذكر التابعين فقال تعالى للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/397)
للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم الحشر 8 10 أخرج الله بهده الآية وغيرها شاتم الصحابة من جميع الفرق الذين في قلوبهم غل لهم إلى يوم القيامة ولهذا منعهم كثير من الأئمة الفيء وحرموه عليهم في سورة التوبة و سورة الأنفال بكمالها تارة في الثناء عليهم وتارة في تحذيرهم من عدوهم ووصف المشركين والمنافقين بأنواع هم وسماهم ليحذروهم وتارة في حثهم على الطاعة والجماعة والجهاد في سبيل الله والإثخان في الكفار والثبات لهم عند لقائهم إياهم وعدم فرارهم منهم ووعده تعالى إياهم بالنصر على عدوهم وتارة بتذكيرهم بنعم الله عليهم وامتن عليهم أنه هداهم للإسلام وجنبهم السبل المضلة وألف بين قلوبهم وآواهم وأيدهم بنصرة بعد إذ كانوا مستضعفين أذلة وتارة يخبرهم ويهيجهم ويشوقهم بما أعد لهم في الدار الآخرة على قيامهم بطاعته تعالى وطاعة رسوله وجهادهم بأموالهم في سبيله وله الحمد والمنة وغير ذلك من سور القرآن وآياته كذلك في التوراة الكتاب المنزل على موسى عليه السلام و الإنجيل الكتاب المنزل على عيسى عليه السلام صفاتهم التي جعلهم الله عليها معلومة التفصيل كما أخبر الله تعالى عن ذلك بقوله عز وجل محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة الفتح 29 هنا تم الكلام ثم قال تعالى ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما الفتح 29 وتقدم قول الأسقف لعمر ووصفه الخلفاء رضي الله عنهم وغير ذلك وذكرهم بالمناقب الجمة والفضائل الكثيرة في سنة المختار محمد صلى الله عليه وسلم عموما وخصوصا من الأحاديث الصحاح والحسان.
معارج القبول (3/ 1204)
و الأدلة على عدالة الصحابة من السنة كثيرة نذكر منها بعضا على سبيل الاختصار تبعا للمنهجية للتي اخترتها في هذا البحث.
قال البخاري في صحيحه:
بسم الله الرحمن الرحيم كتاب فضائل الصحابة
باب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم ومن صحب النبي صلى الله عليه سلم أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه
[3449] عن عمرو قال سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول حدثنا أبو سعيد الخدري قال: قال:سول الله صلى الله عليه وسلم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقولون فيكم من صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال هل فيكم من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم.
صحيح البخاري (3/ 1335)
وجه الدلالة من الحديث على عدالة الصحابة أنهم بلغوا من القرب من الله بأعمالهم الصالحة درجة صار الله ينزل بسبهم النصر على الجيش الذي يكونون فيه وكذلك من ربوه أوتربا على أيد من ربوه وما أعظمها من منزلة.
3451 عن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته قال إبراهيم وكانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار.
صحيح البخاري (3/ 1335)
وجه الدلالة من هذا الحديث على عدالة الصحابة العدالة الدينية، هو ما صرح به رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم خير المؤمنين هم وتلامذتهم وتلامذة تلامذتهم.
[2531] عن أبي بردة عن أبيه قال صلينا المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا لو جلسنا حتى نصلى معه العشاء قال فجلسنا فخرج علينا فقال ما زلتم هاهنا قلنا يا رسول الله صلينا معك المغرب ثم قلنا نجلس حتى نصلى معك العشاء قال أحسنتم أو أصبتم قال فرفع رأسه إلى السماء وكان كثيرا مما يرفع رأسه إلى السماء فقال النجوم آمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد وأناآمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون وأصحابي آمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون
صحيح مسلم ج 4 ص 1961
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/398)
وجه الدلالة من الحديث على عدالة الصحابة العدالة الدينية أن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل فهمهم للدين علما وعملا عاصما لمن اتبعه من الضلال فما داموا في الأمة يعلمونها الدين الصحيح ويردون ضلال المضلين فإذا ماتوا بدأ أهل الضلال ينشرون فهم الباطل للدين ويضلون به الناس.
قال الإمام النووي:
"قوله صلى الله عليه وسلم وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون معناه من ظهور البدع والحوادث في الدين والفتن فيه وطلوع قرن الشيطان وظهور الروم وغيرهم عليهم وانتهاك المدينة ومكة وغير ذلك وهذه كلها من معجزاته صلى الله عليه وسلم".
شرح النووي على صحيح مسلم ج 16 ص 83
[3470] عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال: النبي صلى الله عليه وسلم لا تسبوا أصحابي فلوا إن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه
صحيح البخاري ج 3 ص 1343
وجه الدلالة من الحديث على عدالة الصحابة العدالة الدينة أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن التعرض لهم بسوء، وأخبر أن العامل ممن جاء بعدهم مهما عمل من العمل لا يدرك فضلهم ولا يقرب منه.
قال النووي رحمه الله:
"قوله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا أصحابي فوالدي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه ... ومعناه لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ ثوابه في ذلك ثواب نفقة أحد أصحابي مدا ولا نصف مد قال القاضي ويؤيد هذا ما قدمناه في أول باب فضائل الصحابة عن الجمهور من تفضيل الصحابة كلهم على جميع من بعدهم وسبب تفضيل نفقتهم أنها كانت في وقت الضرورة وضيق الحال بخلاف غيرهم ولإن إنفاقهم كان في نصرته صلى الله عليه وسلم وحمايته وذلك معدوم بعده وكذا جهادهم وسائر طاعاتهم وقد قال الله تعالىلا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة الآية هذا كله مع ما كان في أنفسهم من الشفقة والتودد والخشوع والتواضع والإيثار والجهاد في الله حق جهاده وفضيلة الصحبة ولو لحظة لا يوازيها عمل ولا تنال درجتها بشيء والفضائل لا تؤخذ بقياس ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء "
شرح النووي على صحيح مسلم ج: 16 ص: 93
[32417] عن واثلة بن الأسقع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني والله لا تزالون بخير ما دام فيكم من رأى من رآني وصاحب من صاحبني ".
إسناده صحيح.
مصنف ابن أبي شيبة ج 6 ص 405
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعد أن ذكر بعض الأحاديث المتقدم ذكرها: وهذه الأحاديث مستفيضة بل متواترة في فضائل الصحابة والثناء عليهم وتفضيل قرنهم على من بعدهم من القرون، والقدح فيهم قدح في القرءان والسنة. مجموع الفتاوى (4/ 430)
قال ابن كثير رحمه الله:
"والأحاديث في فضل الصحابة رضي الله عنهم والنهي عن التعرض لهم بمساويهم كثيرة ويكفيهم ثناء الله عليهم ورضاه عنهم ثم قال تبارك وتعالى وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم من هذه لبيان الجنس مغفرة أي لذنوبهم وأجرا عظيما أي ثوابا جزيلا ورزقا كريما ووعد الله حق وصدق ولا يخلف ولا يبدل وكل من اقتفى أثر الصحابة رضي الله عنهم فهو في حكمهم ولهم الفضل والسبق والكمال الذي لا يلحقهم فيه أحد من هذه الأمة رضي الله عنهم وأرضاهم وجعل جنات الفردوس مأواهم وقد فعل "
تفسير ابن كثير (4/ 206)
كلام أهل العلم في عدالة الصحابة والثناء عليهم.
وقال علي رضي الله عنه كما رواه أبو نعيم في الحلية بإسناده إلى أبي أراكة قال: صلى علي الغداة ثم لبث في مجلسه حتى ارتفعت الشمس قيد رمح كأن عليه كآبة، ثم قال: لقد رأيت أثراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما أرى أحداً يشبههم والله إن كانوا ليصبحون شعثاً غبراً صفراً بين أعينهم مثل ركب المعزي قد باتوا يتلون كتاب الله يراوحون بين أقدامهم وجباههم، إذا ذكر الله مادوا كما تميد الشجرة في يوم ريح، فانهملت أعينهم حتى تبل والله ثيابهم والله لكأن لقوم باتوا غافلين. الحلية (1/ 76).
وقال علي رضي الله عنه أيضا: أولئك مصابيح الهدى يكشف الله بهم كل فتنة مظلمة، سيدخلهم الله في رحمة منه، ليس أولئك بالمذاييع – أي الذين يشيعون الفاحشة ويذيعونها – البذر ولا الجفاة المرائين. الحلية (1/ 77).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/399)
قال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إن الله نظر إلى قلوب العباد، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه، فما رأى المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رأوا سيئاً فهو عند الله سيئ المسند (1/ 379).
روى أبو نعيم بإسناده إلى الحسن البصري .. أن بعض القوم قال له أخبرنا صفة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فبكى وقال: ظهرت منهم علامات الخير والسيماء والسمت والهدي والصدق وخشونة ملابسهم بالاقتصاد وممشاهم بالتواضع، ومنطقهم بالعمل ومطعمهم و مشربهم بالطيب من الرزق، وخضوعهم بالطاعة لربهم تعالى، واستفادتهم للحق فيما أحبوا وكرهوا، وإعطاؤهم الحق من أنفسهم، ظمئت هوا جرهم ونحلت أجسامهم واستخفوا بسخط المخلوقين في رضى الخالق، ولم يفرطوا في غضب ولم يحيفوا ولم يجاوزا حكم الله تعالى في القرآن، شغلوا الألسن بالذكر، بذلوا دماءهم حين استنصرهم وبذلوا أموالهم حين استقرضهم ولم يمنعهم خوفهم من المخلوقين، حسنت أخلاقهم وهانت مؤنتهم وكفاهم اليسير من دنياهم إلى آخرتهم. الحلية (2/ 150).
وفي السنة للخلال.
766 أخبرنا أبو بكر المروذي قال سمعت زهيرا يقول حدثنا عبد الرزاق قال سمعت معمرا يقول "أصحاب محمد عليه السلام أصابتهم نفحة من النبوة ".
إسناده صحيح
السنة للخلال ج: 2 ص: 480
فيها أيضا
756 وأخبرنا أبو بكر المروذي قال سمعت أبا عبدالله وذكر له أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رحمهم الله أجمعين إسناده صحيح
قال الطحاوي في عقيدته:
"ونحب أصحاب رسول الله ولا نفرط في حب أحد منهم ولا نتبرأ من أحد منهم ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم ولا نذكرهم إلا بخير وحبهم دين وإيمان وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان "
شرح العقيدة الطحاوية ج: 1 ص: 528
قال ابن بطة:
"وكل الصحابة أئمة مأمونون غير متهمين في الدين وقد أثنى الله ورسوله على جميعهم وتعبدنا بتوقيرهم وتعظيمهم وموالاتهم والتبري من كل من ينقص أحدا منهم رضي الله عنهم أجمعين".
الأبانة ج: 1 ص: 260
قال ابن عبد البر في الاستيعاب حاشية على الإصابة (1/ 8):" و نحن وإن كان الصحابة رضي الله عنهم قد كفينا البحث عن أحوالهم لإجماع أهل الحق من المسلمين و هم أهل السنة والجماعة على أنهم كلهم عدول فواجب الوقوف على أسمائهم ".
قال الغزالي:
"واعتقاد أهل السنة تزكية جميع الصحابة والثناء عليهم كما أثنى الله سبحانه وتعالى ورسوله عليهم وما جرى بين معاوية وعلي رضي الله عنهما كان مبنيا على الاجتهاد لا منازعة من معاوية في الإمامة إذ ظن علي رضي الله عنه أن تسليم قتلة عثمان مع كثرة عشائرهم واختلاطهم بالعسكر يؤدي إلى اضطراب أمر الإمامة في بدايتها فرأى التأخير أصوب وظن معاوية أن تأخير أمرهم مع عظم جنايتهم يوجب الإعزاء بالأئمة ويعرض الدماء للسفك وقد قال أفاضل العلماء كل مجتهد مصيب وقال قائلون المصيب واحد ".
قواعد العقائد ج: 1 ص: 227
قال الحافظ ابن حجر في الإصابة (1/ 17):" اتفق أهل السنة على إن الجميع – أي الصحابة - عدول و لم يخالف ذلك إلا شذوذ من المبتدعة ".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه:
" وقال تعالى وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون سورة النور 55 فقد وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/400)
ستخلاف كما وعدهم في تلك الآية مغفرة وأجرا عظيما والله لا يخلف الميعاد فدل ذلك على أن الذين استخلفهم كما استخلف الذين من قبلهم ومكن لهم دين الإسلام وهو الدين الذي ارتضاه لهم كما قال تعالى ورضيت لكم الإسلام دينا سورة المائدة 3 وبدلهم من بعد خوفهم أمنا لهم منه المغفرة والأجر العظيم وهذا يستدل به من وجهين يستدل به على أن المستخلفين مؤمنون عملوا الصالحات لأن الوعد لهم لا لغيرهم ويستدل به على أن هؤلاء مغفور لهم ولهم مغفرة وأجر عظيم لأنهم آمنوا وعملوا الصالحات فتناولتهم الآيتان آية النور وآية الفتح ومن المعلوم أن هذه النعوت منطبقة على الصحابة على زمن أبي بكر وعمر وعثمان فإنه إذ ذاك حصل الاستخلاف وتمكن الدين والأمن بعد الخوف لما قهروا فارس والروم وفتحوا الشام والعراق ومصر وخراسان وإفريقية ولما قتل عثمان وحصلت الفتنة لم يفتحوا شيئا من بلاد الكفار بل طمع فيهم الكفار بالشام وخراسان وكان بعضهم يخاف بعضا وحينئذ فقد دل القرآن على إيمان أبي بكر وعمر وعثمان ومن كان معهم في زمن الاستخلاف والتمكين والأمن والذين كانوا في زمن الإستخلاف والتمكين والأمن وأدركوا زمن الفتنة كعلي وطلحة والزبير وأبي موسى الأشعري ومعاوية وعمرو بن العاص دخلوا في الآية لأنهم استُخلِفوا ومُكِّنوا وأمنوا "
منهاج السنة النبوية ج: 2 ص: 36
قال السفارين رحمه الله:
وليس في الأمة كالصحابة ... في الفضل والمعروف والإصابة
فإنهم قد شاهدوا المختارا ... وعاينوا الأسرار والأنوارا
وجاهدوا في الله حتى بانا ... دين الهدى وقد سما الأديانا
وقد أتى في محكم التنزيل ... من فضلهم ما يشفي للغليل
وفي الأحاديث وفي الآثار ... وفي كلام القوم والأشعار
ما قد ربا من أن يحيط نظمي ... عن بعضه فاقنع وخذ عن علم
العقيدة السفارينية ج: 1 ص: 88
الوقفة الثانية إحسان الظن بالصحابة، وهي مبنية على الوقفة التي قبلها؛ لإن العدل الأصل في أفعاله الخير والصلاح فإذا رئي منه خالف ذلك فلا بد من استصحاب الأصل وهو أنه لا يريد بفعله إلا الخير.
وقد أكد علماؤنا هذه النقطة وطبقوها.
قال ابن أبي زيد: ((والإمساك عما شجر بينهم، وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج، ويظن بهم أحسن المذاهب)).
مقدمة رسالة بن أبي زيد ص8 طبعة جامعة الإمام.
قال الأشعري:
"الإجماع الثامن والأربعون وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به وعلى أنهم أحق أن ينشر محاسنهم ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج وأن نظن بهم أحسن الظن".
رسالة إلى أهل الثغر ج: 1 ص: 303
قال أبو نعيم: ((فالإمساك عن ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر زللهم، ونشر محاسنهم ومناقبهم، وصرف أمورهم إلى أجمل الوجوه، من أمارات المؤمنين المتبعين لهم بإحسإن، الذين مدحهم الله عز وجل بقوله: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان)).
قال الغزالي:
"وأن يعتقد فضل الصحابة رضي الله عنهم وترتيبهم وأن أفضل الناس بعد النبي أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم وأن يحسن الظن بجميع الصحابة ويثنى عليهم كما أثنى الله عز وجل ورسوله وعليهم أجمعين فكل ذلك مما وردت به الأخبار وشهدت به الآثار فمن اعتقد جميع ذلك موقنا به كان من أهل الحق وعصابة السنة وفارق رهط الضلال وحزب البدعة ".
قواعد العقائد ج: 1 ص: 70
قال الآمدي:
"الواجب أن يحسن الظن بأصحاب الرسول وأن يكف عما جرا بينهم وألا يحمل شئ مما فعلوه أو قالوه إلا على وجهة الخير وحسن القصد وسلامة الاعتقاد وأنه مستند إلى الاجتهاد لما استقر في الأسماع وتمهد في الطباع ووردت به الأخبار والآثار متواترة وآحاد من غرر الكتاب والسنة واتفاق الأمة على مدحهم والثناء عليهم بفضلهم مما هو في اشتهاره يغنى عن إظهاره وأن أكثر ما ورد في حقهم من الأفعال الشنيعة والأمور الخارجة عن حكم الشريعة فلا أصل لها إلا تخر صات أهل الأهواء وتصنعات الأعداء كالروافض والخوارج وغيرهم من السفساف ومن لا خلاق له من الأطراف وما ثبت نقله ولا سبيل إلى الطعن فيه فما كان يسوغ فيه الاحتمال والتأويل فيه بحال فالواجب أن يحمل على أحسن الاحتمالات وأن ينزل على أشرف التنزيلات وإلا الكف عنه والانقباض منه وأن يعتقد أن له تأويلا لم يوصل إليه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/401)
ولم يوقف عليه إذ هو الأليق بأرباب الديانات وأصحاب المروءات وأسلم من الوقوع في الزلات ولكون سكوت الإنسان عما لا يلزمه الكلام فيه أرجى له من أن يخوض فيما لا يعنيه لا سيما إذا احتمل ذلك الزلل والوقوع بالظن والرجم بالغيب في الخطل ".
غاية المرام ج: 1 ص: 390
وقال ابن دقيق العيد: ((وما نقل عنهم فيما شجر بينهم واختلفوا فيه، فمنه ما هو باطل وكذب، فلا يلتفت إليه، وما كان صحيحا أولناه تأويلا حسنا، لإن الثناء عليهم من الله سابق، وما ذكر من الكلام اللاحق محتمل للتأويل، والمشكوك والموهوم لا يبطل المحق المعلوم)). (أصحاب رسول الله ومذاهب الناس فيهم لعبد العزيز العجلإنص360).
بواسطة كتاب اعتقاد أهل السنة في الصحابة.
قال القحطاني
قل خير قول في صحابة أحمد ... وامدح جميع الآل والنسوان
دع ما جرى بين الصحابة في الوغى ... بسيوفهم يوم التقى الجمعان
فقتيلهم منهم وقاتلهم لهم**** وكلاهما في الحشر مرحومان
والله يوم الحشر ينزع كل ما ... تحوي صدورهم من الأضغان
نونية القحطاني ج: 1 ص: 23
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"ما علم بالكتاب والسنة والنقل المتواتر من محاسن الصحابة وفضائلهم لا يجوز أن يدفع بنقول بعضها منقطع وبعضها محرف وبعضها لا يقدح فيما علم فإن اليقين لا يزول بالشك ونحن قد تيقنا ما دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف قبلنا وما يُصدق ذلك من المنقولات المتواترة من أدلة العقل من أن الصحابة رضي الله عنهم أفضل الخلق بعد الأنبياء فلا يقدح في هذا أمور مشكوك فيها فكيف إذا علم بطلانها "
منهاج السنة النبوية ج: 6 ص: 305
وقال:
" فيقولون ما يذكر عن الصحابة من السيئات كثير منه كذب وكثير منه كانوا مجتهدين فيه ولكن لم يعرف كثير من الناس وجه اجتهادهم وما قدر أنه كان فيه ذنب من الذنوب لهم فهو مغفور لهم إما بتوبة وإما بحسنات ماحية وإما بمصائب مكفرة وإما بغير ذلك فإنه قد قام الدليل الذي يجب القول بموجبه أنهم من أهل الجنة فامتنع أن يفعلوا ما يوجب النار لا محالة وإذا لم يمت أحد منهم على موجب النار لم يقدح ما سوى ذلك في استحقاقهم للجنة ونحن قد علمنا أنهم من أهل الجنة ولو لم يعلم أن أولئك المعينين في الجنة لم يجز لنا أن نقدح في استحقاقهم للجنة بأمور لا نعلم أنها توجب النار فهذا لا يجوز في آحاد المؤمنين الذين لم يعلم أنهم يدخلون الجنة ليس لنا أن نشهد لأحد منهم بالنار لأمور محتملة لا تدل على ذلك فكيف يجوز مثل ذلك في خيار المؤمنين والعلم بتفاصيل أحوال كل واحد منهم باطنا وظاهرا وحسناته وسيئاته واجتهاداته أمر يتعذر علينا معرفته فكان كلامنا في ذلك كلاما فيما لا نعلمه والكلام بلا علم حرام فلهذا كان الإمساك عما شجر بين الصحابة خيرا من الخوض في ذلك بغير علم بحقيقة الأحوال إذ كان كثير من الخوض في ذلك أو أكثره كلاما بلا علم وهذا حرام لو لم يكن فيه هوى ومعارضة الحق المعلوم فكيف إذا كان كلاما بهوى يطلب فيه دفع الحق المعلوم وقد قال النبي صلى الله عليه
وسلم القضاة ثلاثة قاضيان في النار وقاض في الجنة رجل علم الحق وقضى به فهو في الجنة ورجل علم الحق وقضى بخلافه فهو في النار ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار فإذا كان هذا في قضاء بين اثنين في قليل المال أو كثيره فكيف بالقضاء بين الصحابة في أمور كثيرة فمن تكلم في هذا الباب بجهل أو بخلاف ما يعلم من الحق كان مستوجبا للوعيد ولو تكلم بحق لقصد اتباع الهوى ولو لوجه الله تعالى أو يعارض به حقا آخر لكان أيضا مستوجبا للذم والعقاب ومن علم ما دل عليه القران والسنة من الثناء على القوم ورضا الله عنهم واستحقاقهم الجنة وأنهم خير هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس لم يعارض هذا المتيقن المعلوم بأمور مشتبهة منها ما لا يعلم صحته ومنها ما يتبين كذبه ومنها ما لا يعلم كيف وقع ومنها ما يعلم عذر القوم فيه ومنها ما يعلم توبتهم منه ومنها ما يعلم أن لهم من الحسنات ما يغمره فمن سلك سبيل أهل السنة استقام قوله وكان من أهل الحق والاستقامة والاعتدال وإلا حصل في جهل وكذب وتناقض كحال هؤلاء الضلال ".
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 310
ولعل من أسباب مجانبة الكاتب للصواب في بحثه ابتعاده عن هاتين الركيزتين.
الركيزة الثالثة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/402)
لابتعاد عن المصادر المعادية للصحابة مما كتبه عنهم أعداء هذا الدين من الرافضة والمستشرقين وعلمانيي وزنادقة العرب، الساعين في إقناع المجتمعات المسلمة أن تترك دينها بشتى الوسائل وكان من هذه الوسائل محاولة إقناعها أن الدين خرافة لا يمكن أن يتحقق في الواقع، ولما كان الصحابة في أعين المجتمعات المسلمة هم المثال الحي للتدين الصحيح وأنهم قد بلغوا فيه الغاية الممكنة للبشر، فلابد عند هؤلاء الشياطين من إقناع هذه المجتمعات بإن هذا الذي يذكر عن الصحابة خرافة، فتختلق من أجل هذا المبدأ الخبيث الأكاذيب في مثالب الصحابة، وتفسير أعمالهم إلى أسوأ احتمال، من تكالب على الدنيا، وحرص عليها وعلى لذاتها كغيرهم من البشر.
قال الشيخ محمد قطب حفظه الله:
" وهذه الأمة ـ أو قل بالتحديد قرونها المفضلة الأولى ـ قامت بتطبيق مثالي لهذا الدين في عالم الواقع، فارتفعت إلى عالم المثال ـ مع بشريتها الكاملة ـ وأثبتت في الوقت ذاته واقعية هذا الدين، وقابليته للتطبيق في عالم الواقع.
وتلك هي القيمة الحقيقة لهذه الفترة من التاريخ.
إن هذه الأجيال الأولى ـ وخاصة الجيل الأول الفريد ـ قد لا يتكرر مرة أخرى في واقع الأرض. ولكنها تبقى مع ذلك رصيدا واقعيا لهذه الأمة في جميع أجيالها، يحفزها على محاولة العودة إلى تطبيق الإسلام. وهذه المحاولة ذاتها عمل إيجابي مثمر، ولو لم يصل إلى كل النتيجة المطلوبة.
تصور إنسانا عند سفح جبل، يعلم يقينا إن هناك من صعد هذا الجبل إلى قمته، فهو يحاول أن يصعد مثله، وقد يصل إلى منتصفه وقد يصل إلى ربعه، وقد يفلس جهده بعد أن يرقى بضع درجات ...
وتصور إنسانا آخر وقف على سفح جبل يتطلع إلى قمته وهو يقول في نفسه: إن هذا مستحيل مستحيل أن يفكر إنسان في صعود هذا الجبل الشاهق، فلنكف عن التطلع، ولنرض بالبقاء في السفح أيهما أنفع للبشرية؟ وأيهما أفضل في ذات نفسه؟
ثم .. أي دور يؤده ذلك الذي صعد إلى القمة أول مرة، في حياة كل الذين يجيئون بعده، ويحاولون أن يصعدوا مثله، ولو وصلوا إلى المنتصف، ولو إلى ربع الطريق .. ولو أفلس جهدهم بعد رقي بعض الدرجات؟
إنه دور ضخم في عالم الواقع ..
ولهذا نحتفي حفاوة بالغة بذلك الجيل الفريد، وبتلك القرون المفضلة،لأنها المدد الحي الذي يدفع الأجيال كلها إلى محاولة الصعود، بدلا من أن تتنتكس إلى أسفل، وتخلد إلى الأرض عند السفح وربما كان هذا هو السبب الذي يجعل المستشرقين يجهدون أنفسهم لمحاولة تشويه تلك الفترة بالذات، لعلهم يطفئون بريقها، ويحجبون نورها عن الأجيال المتأخرة لكي لا تفكر أبدا في معاودة الصعود من جديد:
" يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله تم نوره ولو كره الكافرون ". (الصف آية: 8)
كيف نكتب التاريخ الإسلام ص 88
قال الإمام الذهبي رحمه الله مؤكدا هذه القضية وهي الابتعاد عن المصادر المعادية للصحابة:
"كما تقرر الكف عن كثير مما شجر بين الصحابة وقتالهم رضي الله عنهم أجمعين وما زال يمر بنا ذلك في الدواوين والكتب والأجزاء ولكن أكثر ذلك منقطع وضعيف وبعضه كذب وهذا فيما بأيدينا وبين علمائنا فينبغي طيه وإخفاؤه بل إعدامه لتصفو القلوب وتتوفر على حب الصحابة والترضي عنهم وكتمان ذلك متعين عن العامة وآحاد العلماء وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوة للعالم المنصف العري من الهوى بشرط أن يستغفر لهم كما علمنا الله تعالىحيث يقول والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا الحشر 10 فالقوم لهم سوابق وأعمال مكفرة لما وقع منهم وجهاد محاء وعبادة ممحصة ولسنا ممن يغلو في أحد منهم ولا ندعي فيهم العصمة .. فأما ما تنقله الرافضة وأهل البدع في كتبهم من ذلك فلا نعرج عليه ولا كرامة فأكثره باطل وكذب وافتراء فدأب الروافض رواية الأباطيل أو رد ما في الصحاح والمسانيد ومتى إفاقة من به سكران"
سير أعلام النبلاء ج: 10 ص: 92
هذا ما أردت بيانه من أخطاء الشنقيطي في كتابه وبقي منها بعض رأيت أن ما مضى يغني عنه فإن كان لدى الأحبة لمتابعين أي مشاركة أو تعليق أو معارضة فليتحفونا به مشكورين.
أخوكم ومحبكم / عبد الله الشنقيطي.ِ
ـ[يُوشع عابد الرّب]ــــــــ[01 - 06 - 05, 02:02 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/403)
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
الحقيقة، ردٌ ماتعٌ، فيه تفصيلٌ وإجمال.
وأقولُ: حُقَّ للشناقطةِ أن يفخروا برجالهم.
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[03 - 06 - 05, 03:38 م]ـ
أخي الفاضل عبدالله الشنقيطي وفقه الله في الحقيقة طلبتَ التعقيب على كلامكم وفي الحقيقة أنا مؤيد لكثير من كلامك في الذب عن الصحابة الأجلاء رضي الله عنهم لكن هناك بعض المسائل التي ينبغي التوقف عندها علماً بأني لم أطلع على كتاب (الخلافات السياسية بين الصحابة) لمؤلفه محمد المختار الشنقيطي وليست لدي أي سابق معرفة به ولست بصدد المحاكمة بينكما وإنما هي ملحوظات على كلامكم قد أكون مصيباً وقد تكون أنت المصيب وهذا ما أتمناه وفقنا جميعاً لما يحب ويرضى والحق أحق أن يتبع
قلتم: (من قلة أما نته العلمية نسبته لفظة "ويح عما تقتله الفئة الباغية" للبخاري على الإطلاق دون أن يبين أن كثير من أهل العم أنكر أن تكون في البخاري وأنها لا توجد في أكثر نسخه.
قال في ص 143:
" ورواية البخاري للحديث لا تدع لبسا حول بغي أهل الشام في تلك الحرب "
قال الحافظ ابن حجر:
"ولفظه ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم الحديث وأعلم أن هذه الزيادة لم يذكرها الحميدي في الجمع وقال إن البخاري لم يذكرها أصلا وكذا قال أبو مسعود قال الحميدي ولعلها لم تقع للبخاري أو وقعت فحذفها عمدا قال وقد أخرجها الإسماعيلي والبرقاني في هذا الحديث قلت ويظهر لي أن البخاري حذفها عمدا وذلك لنكتة خفية وهي أن أبا سعيد الخدري اعترف أنه لم يسمع هذه الزيادة من النبي صلى الله عليه وسلم فدل على أنها في هذه الرواية مدرجة والرواية التي بينت ذلك ليست على شرط البخاري وقد أخرجها البزار من طريق داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد فذكر الحديث في بناء المسجد وحملهم لبنة لبنة وفيه فقال أبو سعيد فحدثني أصحابي ولم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يا بن سمية تقتلك الفئة الباغية أه وبن سمية هو عمار وسمية اسم أمه وهذا الإسناد على شرط مسلم وقد عين أبو سعيد من حدثه بذلك ففي مسلم والنسائي من طريق أبي سلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال حدثني من هو خير مني أبو قتادة فذكره فاقتصر البخاري على القدر الذي سمعه أبو سعيد من النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره وهذا دال على دقة فهمه وتبحره في الاطلاع على علل الأحاديث "
فتح الباري ج 1 ص 543
وقال شيخ الإسلام:
"وكذلك حديث عمار بن ياسر تقتلك الفئة الباغية قد رواه مسلم في صحيحه من غير وجه ورواه البخاري لكن في كثير من النسخ لم يذكره تاما "منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 413)
قال أبو حاتم: في الحقيقة اتهام خصمكم بقلة الأمانة في هذه المسألة بالذات غير وارد عندي لأن الرجل ربما لم يعرف أن هذه الزيادة مختلف فيها ولو عرف ربما لم يأخذ بها ولم تترجح عنده
والأخ أخذ بالظاهر وهو أن هذه الرواية موجودة في صحيح البخاري وقد سبقه بذلك جمع من الأئمة منهم
1 - قال النووي: وثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويح عمار تقتله الفئة الباغية وكانت الصحابة يوم صفين يتبعونه حيث توجه لعلمهم بأنه مع الفئة العادلة لهذا الحديث قالوا وكان عمار أول
هل يقال للنووي لماذ لم تذكر أن هذه الزيادة غير صحيحة؟!
2 - قال ابن عساكر إ (أبي سعيد الخدري واسمعا من حديثه قال فانطلقنا فإذا هو في حائط له فلما رآنا آخذ رداءه فجاء فقعد فأنشأ يحدثنا حتى أتى على ذكر بناء المسجد فقال كنا نحمل لبنة لبنة وعمار بن ياسر يحمل لبنتين قال فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل ينفض التراب عنه ويقول يا عمار ألا تحمل لبنة كما يحمل أصحابك قال إني أريد الأجر من الله قال فجعل ينفض التراب عنه ويقول ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار قال فجعل عمار يقول أعوذ بالرحمن من الفتن
رواه البخاري عن إبراهيم بن موسى عن الثقفي وعن مسدد عن ابن عبدالعزيز بن المختار جميعا عن خالد)
انظر ألى ابن عساكر أحال على البخاري ولم يذكر أي خلاف في هذه المسألة هل هذا من قلة الأمانة؟!
3 - قال المناوي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/404)
ويح عمار بالجر على الإضافة وهو ابن ياسر تقتله الفئة الباغية قال القاضي في شرح المصابيح يريد به معاوية وقومه اه وهذا صريح في بغي طائفة معاوية الذين قتلوا عمارا في وقعة صفين وأن الحق مع علي وهو من الإخبار بالمغيبات يدعوهم أي عمار يدعو الفئة وهم أصحاب معاوية الذين قتلوه بوقعة صفين في الزمان المستقبل إلى الجنة أي إلى سببها وهو طاعة الإمام الحق ويدعونه إلى سبب النار وهو عصيانه ومقاتلته قالوا وقد وقع ذلك في يوم صفين دعاهم فيه إلى الإمام الحق ودعوه إلى النار وقتلوه فهو معجزة للمصطفى وعلم من أعلام نبوته وإن قول بعضهم المراد أهل مكة الذين عذبوه أول الإسلام فقد تعقبوه بالرد قال القرطبي وهذا الحديث من أثبت الأحاديث وأصحها ولما لم يقدر معاوية على إنكاره قال إنما قتله من أخرجه فأجابه علي بأن رسول الله إذن قتل حمزة حين أخرجه
قال ابن دحية وهذا من علي إلزام مفحم لا جواب عنه وحجة لا اعتراض عليها
وقال الإمام عبد القاهر الجرجاني في كتاب الإمامة (أجمع فقهاء الحجاز والعراق من فريق الحديث والرأي منهم مالك والشافعي وأبو حنيفة والأوزاعي والجمهور الأعظم من المتكلمين والمسلمين أن عليا مصيب في قتاله لأهل صفين كما هو مصيب في أهل الجمل وأن الذين قاتلوه بغاة ظالمون له لكن لا يكفرون ببغيهم)
وقال الإمام أبو منصور في كتاب الفرق في بيان عقيدة أهل السنة أجمعوا أن عليا مصيب في قتاله أهل الجمل طلحة والزبير وعائشة بالبصرة وأهل صفين معاوية وعسكره اه
فهل يوصف المناوي بقلة الأمانة لأنه لم يذكر الخلاف في هذه الزيادة؟!
4 - قال العجلوني:
(ويح عمار تقتله الفئة الباغية) متفق عليه عن أبي سعيد ولفظ البخاري يدعوهم الى الجنة ويدعونه الى النار
5 - وربما اتهمكم خصومكم بقلة الأمانة (وحاشاكم!) لأنكم لم تذكروا بقية كلام ابن حجر رحمه الله:
فائدة روى حديث تقتل عمارا الفئة الباغية جماعة من الصحابة منهم قتادة بن النعمان كما تقدم وأم سلمة عند مسلم وأبو هريرة عند الترمذي وعبد الله بن عمرو بن العاص عند النسائي وعثمان بن عفان وحذيفة وأبو أيوب وأبو رافع وخزيمة بن ثابت ومعاوية وعمرو بن العاص وأبو اليسر وعمار نفسه وكلها عند الطبراني وغيره وغالب طرقها صحيحة أو حسنة وفيه عن جماعة آخرين يطول عدهم 000000000
: وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة وفضيلة ظاهرة لعلي ولعمار ورد على النواصب الزاعمين أن عليا لم يكن مصيبا في حروبه قوله في آخر الحديث يقول عمار أعوذ بالله من الفتن فيه دليل على استحباب الاستعاذة من الفتن ولو علم المرء أنه متمسك فيها بالحق لأنها قد تفضي إلى وقوع من لا يرى وقوعه قال بن بطال وفيه رد للحديث الشائع لاتستعيذوا بالله من الفتن فإن فيها حصاد المنافقين قلت وقد سئل بن وهب قديما عنه فقال إنه باطل وسيأتي في كتاب الفتن ذكر كثير من احكامها وما ينبغي من العمل عند وقوعها أعاذنا الله تعالى مما ظهر منها وما بطن
وبالنسبة لموضوع مروان بن الحكم فقد سبق أن ناقشنا هذه المسألة بإسهاب على هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=12266
وللحديث بقية!!
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[04 - 06 - 05, 11:25 ص]ـ
قال الشيخ الفاضل عبدالله الشنقيطي:
كتاب أبو بكر بن العربي كتاب جم الفائدة، مزيف لكثير من الهراء الذي افترته الرافضة على الصحابة، وبني أمية بالبرهان الناصع والحجة الدامغة، وهو كتاب يخرج مع كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية الذي احتفى به الكاتب من مشكاة واحدة، والكاتب لم يتعرض لفكرة الكتاب، وهذا جور في الحكم فكان ينبغي أن يبين فكرة الكتاب وهي دفع سهام التنقص عن الصحابة.
ولم نر في كتاب أبي بكر تأولا لأحد من الصحابة وغيرهم إلا ما أجمع عليه أهل السنة من التأول لأهل الجمل وصفين من الصحابة، وهو تأويل لم ينفرد به أبو بكر، بل يشاركه فيه جميع أهل العلم بمن فيهم شيخ الإسلام ابن تيمية الذي يمدح الكاتب منهج تناوله لقضية ما جرى بين الصحابة.
وأما القضيا الأخرى فهو قد أنكرها، وفرق كبير بين التأويل والإنكار، ولذلك لم يأت المؤلف بنص واحد لابن العربي تأول فيه لأحد ممن ذكر، وإنما أتى بإنكار لبعض القضايا التي يرى المؤلف أنه جانب الصواب في إنكارها.
قال أبو حاتم:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/405)
وأما كتاب ابن العربي المالكي الأندلسي (العواصم من القواصم) \
ففي الحقيقة لدي انتقادات عليه مع التسليم بأنه فيه الكثير من الفوائد العلمية
لكنه جانب الصواب في أكثر من مسألة وربما أذكر هذه الانتقادات قريباً
قال ابن العربي:
وما خرج اليه احد الا بتأويل ولا قاتلوه الا بما سمعوا من جده المهيمن على الرسل المخبر بفسادالحال المحذر عن الدخول في الفتن وأقواله في ذلك كثيرة منها ما روى مسلم عن زياد بن علاقة عن عرفجة بن شريح قوله صلى الله عليه وسلم إنه ستكون هنات وهنات فمن أراد ان يفرق أمر هذه الامة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان فما خرج الناس الا بهذا وأمثاله ولو ان عظيمها وابن عظيمها وشريفها وابن شريفها الحسين يسعه بيته او ضيعته او ابله ولو جاء الخلق يطلبونه ليقوم بالحق وفي جملتهم ابن عباس وابن عمر لم يلتفت اليهم وحضره ما أنذر به النبي صلى الله عليه وسلم وما قال في أخيه ورأى انها قد خرجت عن اخيه ومعه جيوش الارض وكبار الخلق يطلبونه فكيف ترجع اليه بأوباش الكوفة وكبار الصحابة ينهونه وينأون عنه و ما أدرى في هذا الا التسليم لقضاء الله والحزن على ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بقية الدهر ولولا معرفة اشياخ الصحابة وأعيان الامة بأنه أمر صرفه الل عن أهل البيت وحال من الفتنة لا ينبغي لاحد ان يدخلها ما أسلموه ابدا
وما خرج إليه (الحسين) إلا بتأويل ولا قاتلوه (الحسين) إلا بما سمعوا من جده المهيمن على الرسل!!!
قلت: وقد رد العلماء على هذا الكلام السخيف والذي لاينبغي أن يقال في سيد شباب أهل الجنة حب رسول وريحانته والكثير من المتأخرين تابعوا ابن العربي المالكي في هذا الكلام
وهذا أمر عجيب من أجل الدفاع عن يزيد بن معاوية الناصبي البغيض (كما وصفه الذهبي وابن كثير
وغيرهما) يطعنون في ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال شيخ الإسلام:والحسين رضي الله عنه قتل مظلوما شهيدا،وقتلَته ظالمون متعدون،وإن كان بعض الناس يقول: إنه قتل بحق،ويحتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من جاءكم وأمركم على رجل واحد؛يريد أن يفرق بين جماعتكم: فاضربوا عنقه بالسيف كائنا من كان " رواه مسلم،فزعم هؤلاء أن الحسين أتى الأمة وهم مجتمعون؛فأراد أن يفرق الأمة،فوجب قتله،وهذا بخلاف من يتخلف عن بيعة الإمام،ولم يخرج عليه،فإنه لايجب قتله،كما لم يقتل الصحابة سعد بن عبادة مع تخلفه عن بيعة أبي بكر وعمر،وهذا كذب وجهل؛فإن الحسين رضي الله عنه لم يقتل حتى أقام الحجة على من قتله،وطلب أن يذهب إلى يزيد،أو يرجع إلى المدينة،أو يذهب إلى الثغر،وهذا لو طلبه آحاد الناس لوجب إجابته،فكيف لايجب إجابة الحسين رضي الله عنه إلى ذلك،وهو يطلب الكف والإمساك.
وأما أصل مجيئه فإنما كان لأن قوما من أهل العراق من الشيعة كتبوا إليه كتبا كثيرة يشتكون فيها من تغير الشريعة،وظهور الظلم،وطلبوا منه أن يقدم؛ليبايعوه ويعاونوه على إقامة الشرع والعدل،وأشار عليه أهل الدين والعلم،كابن عباس،وابن عمر،وأبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام بأن لايذهب إليهم،وذكروا له أن هؤلاء يغرُّونه،وأنهم لايوفون بقولهم،ولايقدر على مطلوبه،وأن أباه كان أعظم حرمة منه وأتْباعا؛ولم يتمكن من مراده،فظن الحسين أنه يبلغ مراده،فأرسل ابن عمه: مسلم بن عقيل،فآووه أولا،ثم قتلوه ثانيا،فلما بلغ الحسين ذلك طلب الرجوع،فأدركته السرية الظالمة،فلم تمكنه من طاعة الله ورسوله،لا من ذهابه إلى يزيد،ولا من رجوعه إلى بلده،ولا إلى الثغر،وكان يزيد – لو يجتمع بالحسين – مِن أحرص الناس على إكرامه،وتعظيمه،ورعاية حقه،ولم يكن في المسلمين عنده أجلُّ من الحسين،فلما قتله أولئك الظلمة حملوا رأسه إلى قدّام عبيدالله بن زياد،فنكت بالقضيب على ثناياه،وكان في المجلس: أنس بن مالك،فقال: (إنك تنكت بالقضيب حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبّل)،هكذا ثبت في الصحيح،وفي المسند: أن أبا برزة الأسلمي كان – أيضا – شاهدا،فهذا كان بالعراق عند ابن زياد.
قال ابن خلدون:
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[04 - 06 - 05, 12:16 م]ـ
قال ابن خلدون:
وقد غلط القاضي أبو بكر بن العربي المالكي في هذا فقال في كتابه الذي سماه بالعواصم والقواصم ما معناه إن الحسين قتل بشرع جده وهو غلط حملته عليه الغفلة عن اشتراط الإمام العادل ومن أعدل من الحسين في زمانه في إمامته وعدالته في قتال أهل الآراء؟!
قال السخاوي:
قال ابن حجر:وقد كان شيخنا الحافظ أبو الحسن يعني الهيثمي يبالغ في الغض منه (يعني ابن
خلدون) فلما سألته عن سبب ذلك ذكر لي أنه بلغه أنه ذكر الحسين بن علي رضي الله عنهما في تاريخه فقال قتل بسيف جده
ولما نطق شيخنا بهذه اللفظة أردفها بلعن ابن خلدون وسبه وهو يبكي قال شيخنا في رفع الأصر ولم توجد هذه الكلمة في التاريخ الموجود الآن وكأنه كان ذكرها في النسخة التي رجع عنها
قال أبو حاتم:
وفي الحقيقة أنا لا أُحب الخوض فيما جرى بين الصحابة الأجلاء وربما يظن بعض الناس أن هذا هو ديدني!! وأنا أقول هذا خلاف الواقع وأنا أتضايق عندما أتطرق لهذه الأمور بغض النظر عن المصيب والمخطئ ولكن أحيانا اضطر للرد على بعض الإخوة الذين لديهم بعض الأفكار المغلوطة
وكتاب ابن العربي المالكي هو عمدة كثير من المتأخرين وما قاله ابن العربي هو الصحيح وما خالفه غير صحيح وفيه دخن!!
والكثير من الإخوة من طلاب العلم مصدرهم واحد وليس عندهم تنوع في المصادر
وأقول أ خيراً ً أنا لا أحمل في نفسي تجاه إي أحد من الإخوة الكرام ممن يكتب في هذا المنتدى والكل مجتهد ويتوخى الحق
والحق أحق أن يتبع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/406)
ـ[عبد]ــــــــ[04 - 06 - 05, 12:30 م]ـ
وهذا أمر عجيب من أجل الدفاع عن يزيد بن معاوية الناصبي البغيض (كما وصفه الذهبي وابن كثير وغيرهما) يطعنون في ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولكنك أيضاً أخي نَقَلتَ عن ابن تيمية أنه قال: ((وكان يزيد – لو يجتمع بالحسين – مِن أحرص الناس على إكرامه،وتعظيمه،ورعاية حقه،ولم يكن في المسلمين عنده أجلُّ من الحسين)). أ. هـ.
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[04 - 06 - 05, 03:56 م]ـ
ومن أين عرفنا أن يزيد كان حريصا على إكرام ريحانة رسول الله؟ 1
لو كان حريصا على إكرامه لما سمح بقتله وجز رأسه والتمثيل به والعبث برأسه!!
والقول بأن يزيد لم يكن يعلم بما جرى فأنا أظن أن هذا قول غير صحيح فهذه حرب ويزيد ليس مغفلاً وساذجاً يتصرف عبيدالله بن زياد بما شاء وكيف شاء
ومعلوم مذهب أهل الشام فكل من خالف الحاكم ولو بأمر يسير فالقتل جزاؤه
لو كان حريصا على إكرامه لعزل عبيدالله بن زياد وكل من شارك في قتل ابن رسول الله ولحاسبهم
وهذا أقل شيء يصنع بعبيدالله بن زياد وأعوانه أما أن يتركه من غير محاسبة فهذا يدل على أن يزيد بن معاوية شريك لعبيدالله بن زياد في قتل ريحانة رسول الله وراضٍ عما فعله
وهذا عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - يعزل الولاة لمجرد أن قيل في أحدهم شيئا يسيرا ولو كان غير صحيح فما بالك بأمر عظيم وشنيع مثل هذا
سئل الإمام أحمد بن حنبل: عن عمر بن سعد بن أبي وقاص قال: لا ينبغي أن يحدِّث عنه، قلت: مَن هو؟، قال: أخو عامر بن سعد وأخو مصعب بن سعد،
قلت: لِمَ، قال: لأنه صاحب الجيوش وصاحب الدماء ().
قال ابن عبد البر (): ((إنما نسب قتل الحسين إلى عمر بن سعد لأنه كان الأمير على الخيل التي أخرجها عبيد الله بن زياد إلى قتال الحسين، ووعدَه أن يوليَه الري إن ظفر بالحسين وقتله؛ وكان في تلك الخيل والله أعلم قوم من مضر واليمن)).
قال ابن كثير: ((فكلُّ مسلم ينبغي له أن يحزنه هذا الذي وقع من قتله ـ رضي الله عنه ـ؛ فإنه من سادات المسلمين وعلماء الصحابة، وابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم التي هي أفضلُ بناته، وقد كان عابدًا، شجاعًا، سخيًّا؛ ولكن لا يحسن ما يفعله الشيعة من إظهار الجزع والحزن الذي لعل أكثره تصنّع ورياء)) ().
وقال أحمد بن حنبل: ((يزيد بن معاوية فعل بالمدينة ما فعل))، قلت - يعني الراوي -: وما فعل؟، قال: قتل بالمدينة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وفعل، وما فعل، قال: نهبها، قلت: فيذكر عنه الحديث؟، قال: لا يذكر عنه الحديث، ولا ينبغي لأحد أن يكتب عنه حديثًا)) ().
وعن أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق السبيعي قال: كان شمر بن ذي الجوشن الضبابي يصلِّي معنا الفجر، ثم يقعد حتى يصبح، ثم يصلِّي، ثم يقول: اللهم إنك شريف تحب الشرف، وإن لتعلم أني شريف فاغفر لي، قال: قلت: كيف يغفرُ الله لك وقد خرجت إلى ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعنتَ على قتله؟!،
قال: ويحك فكيف نصنعُ؟، إن إمراؤنا هؤلاء أمرونا بأمرٍ فلم نخالفهم ولو خالفناهم كنا شرًّا من هذه الحمر السقاءات)) ().
قال الذهبي: ((إن هذا لعذر قبيح؛ فإنما الطاعة في المعروف)).
وقال: ((ليس بأهلٍ للرواية فإنه أحد قتلة الحسين ـ رضي الله عنه ـ، وقد قتله أعوان المختار)) ().
والله المستعان
وللحديث بقية
!
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[04 - 06 - 05, 04:36 م]ـ
قال ابن كثير رحمه الله:
قلت الناس في يزيد بن معاوية أقسام فمنهم من يحبه ويتولاه وهم طائفة من أهل الشام من النواصب
وأما الروافض فيشنعون عليه ويفترون عليه أشياء كثيرة ليست فيه ويتهمه كثير منهم بالزندقة ولم يكن كذلك
وطائفة أخرى لا يحبونه ولا يسبونه لما يعلمون من أنه لم يكن زنديقا كما تقوله الرافضة ولما وقع في زمانه من الحوادث الفظيعة والأمور المستنكرة البشعة الشنيعة فمن أنكرها قتل الحسين بن علي بكربلاء
ولكن لم يكن ذلك من علم منه ولعله لم يرض به ولم يسؤه وذلك من الأمور المنكرة جدا ووقعة الحرة كانت من الأمور القبيحة بالمدينة النبوية
وللحديث بقية
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[05 - 06 - 05, 05:01 م]ـ
من أخطاء ابن العربي المالكي في كتابه العواصم تضعيفه لأثر عائشة رضي الله عنها
قال رحمه الله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/407)
وأما الذي ذكرتم من الشهادة على ماء الحواب فقد بؤتم في ذكرها باعظم حوب ما كان قط شيء مما ذكرتم ولا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك الحديث ولا جرى ذلك الكلام ولا شهد احد
بشهادتهم وقد كتبت شهاداتكم بهذا الباطل وسوف تسألون
قال الشيخ عبدالله:وإنكار أبو بكر لكلاب الحوأب ليس فيه تأول الأحد بحق ولا باطل، فهو خارج عن موضع النقاش.
ثم هو لم ينفرد بإنكاره، فقد أنكره إمام أهل الحديث في زمانه يحي بن سعيد القطان، وطعن به في راويه قيس ابن حازم.
قال الذهبي:
" قيس بن أبي حازم أبو عبد الله البجلي تابعي كبير فاتته الصحبة بليال سمع أبا بكر وعمر وعنه بيان بن بشر وإسماعيل بن أبي خالد وخلق وثقوه وقال بن المديني عن يحيى بن سعيد منكر الحديث ثم ذكر له حديث كلاب الحوأب مات 98 ع "
الكاشف ج 2 ص 138
قال أبو حاتم: وحديث كلاب الحوأب من أصح الأحاديث وأحسنها وأجودها ولا يطعن فيه طاعن
وهو على شرط البخاري ومسلم وقد أخرج الحديث:أحمد في المسند ووغيره بهذا الإسناد
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم أن عائشة قالت لما أتت على الحوأب سمعت نباح الكلاب فقالت ما أظنني إلا راجعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا أيتكن تنبح عليها كلاب الحوأب فقال لها الزبير ترجعين عسى الله عز وجل أن يصلح بك بين الناس 24812
مسند الإمام أحمد 6/ 97
وأخرجه أيضاً إسحاق عن جرير وأبو يعلى وابن حبان والحاكم وغيرهم وله شاهد من حديث ابن طاوس عن أبيه مرسلا يرويه عبد الرزاق وغيره
وقد جاوز قيس بن أبي حازم القنطرة ومن تكلم فيه فقد آذى نفسه وحديث محتج به في دوواين الإسلام وله في الصحيح أكثر من أربعين جديثاً فتضعيف ابن العربي في غير محله ولم يذكر وجهة نظر حديثية وجيهة وتبرير الأخ الشنقيطي غير صحيح وعليه أن ينتقد ابن العربي بدلاً من الدفاع عنه \
ومن يطعن في هذا الإسناد كمن يطعن في حديث مالك عن نافع عن ابن عمر
أو حماد عن أيوب عن ابن سيرين أو سفيان عن منصور عن النخعي
قال ابن حجر: ومراد القطان بالمنكر الفرد المطلق وقال الذهبي: اجمعوا على ا الاحتجاج به ومن تكلم فيه فقد آذى نفسه كذا قال(29/408)
الصواعق والبروق السلفية (2) في بيان مخالفات أحمد بن الصديق الغماري
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[02 - 01 - 05, 04:08 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إكمالاً لما ابتدأناه من قبل على هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=24835
, وما ألزمنا أنفسنا به باديء ذي بدء من الإنتصار للسنة , وقمع البدعة , وإغاظة رؤوس الدجل والفتنة , فقد آثرنا نقل موضوع " صواعق وبروق " إلى منتدى العلوم الشرعية مرة أخرى , استكمالا في الرد على المبتدع الضال أحمد الغماري وتلميذه محمود سعيد ممدوح علهما من الله ما يستحقان , ضلالهما وتزويرهما وتلفيقاتهما , ناهيك عن الانحلال الخلقي ..... إلخ وتسميتها بالكرامات ,,,,,,,,
اللواط أصبح كرامة!!! , وَمِنْ مَنْ؟ من الشواذ جنسياً والذين يسمونهم مجاذيب أو أهل الكشف (أي الإطلاع على الغيب)!!!
هؤلاء أصحاب الموالد وحفلات الزار , والتي عادة يحضرها الشواذ جنسياً من اللوطيين و المخنثين!!!
والذي أعلمه ويعلمه غيري جيداً , بأن محمود سعيد وأشياخه لا يفوتون هذه المجالس المشبوهة وقد أثر عنهم ذلك ولا أظنه ينكره؟!!!!
ولقد طلبناه للمناظرة , علماً بأننا أصحاب الموضوع الأصلي , إلا أن الإخوان يرون التروي والصمت والصوم والصبر على أمثال هذا الفأر , والذي نشر أمراضه و طاعونه!!! ولم يكافحه أحد بعد.
ثم يقول أيش بأنه يريد مناظرة شيخنا العلامة صالح الفوزان , أو شيخنا العلامة ابن جبرين , أو شيخنا العلامة المنيع؟
والله إنها لشنشنة نعرفها من أخزم!!!!
ثم إنه تنصل بعد ذلك من أصحاب الملتقى , بأن جعل أهم شرط عنده بأن يجمع بينه وبين مشايخنا حفظهم الله تعالى في ملتقى محايد!!!!!
أي أنه لا يرتضي بالمناقشة في ملتقانا الكريم , والذي طَلَبَ مِنّا يَومَ أن دخله أن تتسع صدورنا له , وهو يعلم جيداً بأننا له مبغضون ـ بله كارهون ـ!!!
قولوا لي بربكم هل هذا عاقل أم مجنون , ام تراه أصابه شيء من طاعونه؟
ومن المدهش حقاً أن يمهل هذا الفأر ويعطى مدة أخرى؟!
هذا ,,,,
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.
أخوكم مبغض المبتدعة , محب آل البيت والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين:خالد بن محمد بن علي بن عوض الأنصاري.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[02 - 01 - 05, 06:02 ص]ـ
ومن المسائل التي تبين علو كعب الغماري عند فأره محمود سعيد , بأن عد فرعون من المؤمنين المخلدين في جنات النعيم ـ مخالفة منه لما جاء في صريح القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة , فقد جاءت هذه الرزية في إحدى رسائله العفنة إلى شيخنا العلامة أبي خبزة حفظه الله تعالى , والذي يسميها محمود سعيد (كناشة)!!
فقد قال في " الجواب المفيد " (ص 96 ـ 97) , مانصه:
ومسألة إيمان فرعون ألف فيها إثباتاً وانتصاراً للشيخ الأكبر (يقصد بذلك ابن عربي) (1) ـ العلامة الجامي ـ.
ورد عليه ذلك المغفل علي القاري الحنفي بكتاب سماه: " فر العون من مدعي إيمان فرعون " مطبوع بالآستانة هو والأصل المردود عليه.
ولكن انبرى له العلامة الصوفي المطلع المتضلع من العلوم المعقولة والمنقولة محمد بن رسول البرزنجي , فألف كتاباً لطيفاً سماه: " التأييد والعون لمدعي إيمان فرعون " , أتى فيه بما يبهر العقول , كما فعل في أبوي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , وقد قرأت الجميع والحمدلله , والتأييد عندي عليه خطه.
وقد ألف كنون الفقيه الفاسي رسالة في الرد على ابن العربي , قرأتها أيضاً.
وللعلامة الجامي كتاب سماه: " الجانب الغربي في نصرة ابن العربي " , ألفه بالفارسية , وترجمه ابن رسول البرزنجي , وسماه: " الجاذب الغبي " في مجلد كبير أجاب فيه عن جميع ما أشكل من كلام الشيخ , ولعبدالغني النابلسي " الرد الثمين " أيضاً , وكلاهما موجود.
وللبحث مجال في أدلة الجميع, وصاحبك الذي يقول إن الدليل على كفره قطعي؛ لعله لا يفهم معنى القطعي , والله تعالى يخبر عنه أنه آمن عند خروج روحه , أو عند معاينته الهلاك , وعاتبه الله على ذلك إذ تأخر بإيمانه إلى ذلك الحين , ولم يقل بعد ذلك إنه لم يقبل إيمانه , فأين الدليل القطعي الذي خرقه الشيخ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -!؟ ثم ما الحكمة في قوله تعالى: {ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} , ولم يقل فرعون.
وما الداعي إلى ذلك التأويل الذي يذكره المفسرون , فالمسألة اجتهدية لا قطع فيها أصلاً.
وأنا قرأت رسالة البرزنجي بمصر سنة إحدى وخمسين ـ أي منذ ثلاث وعشرين سنة ـ , ولم يبقى بذهني من أدلته شيء إلا أنه أجاد وأفاد على أن العارف الشعراني , يقول إن الشيخ الأكبر يتكلم على فرعون آخر , غير فرعون موسى.
ولكنه اعتذار ظاهر الضعف.
والفتوحات , والفصوص مشحونة بالمعارف الإلاهية التي عجز أن يأتي بمثلها كبار العارفين لا بالطامات , نعم هي طامات على الجهلة لأنها سبب في هلاكهم ووقوعهم في محاربة الله تعالى بمحاربة أوليائه.
والشيخ الأكبر لايوجد له حرف واحد في الحلول , ومحال عقلاً أن يدعي الحلول , وهو ينكر وجود غير الله معه مطلقاً.
ففي من يحل ولا وجود لغيره معه عنده , وهذه الكائنات كلها في قوله أوهام لا حقيقة لها!؟
والخوض في هذا الباب صعب على أمثاله , فإما أن يؤمن بكلام أهل الله , وإما أن يسلم , وإلا فالهلاك المحقق؟!
قلت (الأنصاري): هذا هو اعتقاد الغماري في أعداء الله عزوجل , فليس بعد هذه الطامة طامة أخرى .....
أم أن محمود سعيد له كلام آخر غير هذا؟
ثم تراه يدافع عن الشيخ الأكبر في نفي الإتهام عنه بمقولة الحلول والإتحاد , في كلام أهوج كما تراه لا معنى له ولا قيمة , وهو أشبه بإصابة الهدف في رمية الأعمى , مع أن الغماري قد أقر بالحلول والإتحاد في كناشات أخرى بمعنى لا يستطيع فهمه إلا خاصة الخاصة!!!!!!
فهل تتحقق نبوءة محمود عندما ذكر كناسات صاحبه!!!!!
الله أعلم بما في نفوس عباده.
...............
(1) مابين قوسين في هذه الفقرة إنما هو من كلامي. خالد. اهـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/409)
ـ[تقويم النظر]ــــــــ[02 - 01 - 05, 06:03 ص]ـ
خيرا إن شاء الله كما ترغب إنما هي محض النصيحة فأعانك الله وسددك
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[02 - 01 - 05, 06:16 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيك أخي تقويم النظر , فلو أبديت لنا ما تراه منا في رسالة مناصحة أخوية , كان هو الأبدى والأفضل.
وعلى العموم فليس ماتراه كما أراه , وليس ما أراه كما تراه.
هذا ولتعلم أخي بأني أتقرب إلى الله في تحقير هؤلاء , كما أني أتقرب إليه بحب مشايخنا أهل السنة والجماعة مع إنزالهم ما يستحقون من جانب الإطراء والمديح.
وإني أحبذ إليك أخي الشيخ الفاضل , بأنه إذا كان لديك أي تعليقات على الموضوع قبولا أو رفضاً فقلبي مفتوح لك , فأنت مني وأنا منك.
وإن كان غير ذلك , فأحبذ ـ وكما ذكرت آنفاً ـ بأن يكون ذلك في رسالة خاصة تبعثها إلى أخيك.
محبكم في الله:
خالد الأنصاري.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 01 - 05, 03:41 ص]ـ
وذكر في " الجواب المفيد " (ص 94 ـ 95) , مانصه:
ـ الجواب عن شطحات ابن العربي!! ـ
وقوله: " وما الكلب والخنزير إلا إلهنا " , كذب صراح عليه ما قاله أصلاً , ولا يقوله أحد من أهل الله أصلاً , ولو قال إنه قال (إنّ الكلب والخنزير هو الله) لأمكن أن يكون لقوله وجهاً عند أهل الفنا في الشهود.أما قوله إله فمحال أن يقوله أحد.
نعم قوله: " بذكر الله تزداد الذنوب " فحق هو كلامه , وهو حقٌّ لا شك فيه , ومعناه ظاهر؛ لأن ذكر المذكور إنما يكون عند الغفلة عنه والبعد منه , أما من كان حاضراً معه لا يغيب عنه لحظة , ثم ذَكَرَهُ كان دليلاً على سوء أدبه معه , أو بُعده عنه , وإلا فمن كان جليساً للملك مثلاً لا يتصور أن يذكره , أو يمدحه , وإنما يتصور ذكره ومدحه مع الغير في حالة البعد عنه.
وهناك وجه آخر لتصحيح كلامه؛ فالذكر من طبعه أنه يقرب إلى الله والآخرة , ويهذب الأخلاق , ويرفع الحجاب
{ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.
{إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر}.
فإذا كان الذاكر غير منته عن الفحشاء والمنكر , ولا مطمئن القلب كما أخبر الله تعالى؛ كان ذكره وبالاً عليه , وأعظم الذكر القرآن.
وقد ورد: " رب قاريء للقرآن , والقرآن يلعنه ".
وورد أيضاً: " اقرأ القرآن ما نهاك , فإذا لم ينهك فلست تقرؤه ".
إذاً فذكر أمثالنا لله تعالى والقرآن يزيدنا ذنوباً بنص القرآن؛ فأي شيء فيه مستغرب!؟
ووجه آخر: أن كبار العارفين يقصدون مثل هذه الكلمات على سبيل اللغز للإمتحان والإختبار؛ فقد قال الشيخ الأكبر!! يوماً:
يامن يراني ولا أراه - كم ذا أراه ولا يراني
فقال له الصفي بن أبي المنصور:
كيف تقول لا يراك , وأنت تعلم أنه يراك.
فقال:
يامن يراني مجرماً - ولا أراه آخذاً
كم ذا رآه منعماً - ولا يراني لائذاً
19 جمادى الأولى 1374 هـ
قلت (الأنصاري): هذا هو شيخ مشائخ مذموم تعيس ينفي بل ويكذّب من يقول بأن ابن عربي قال " وما الكلب والخنزير إلا إلهنا " ـ مع أنها ثابتة عنه ـ , ثم يقول بأنه لو قال هذا لأمكن أن يكون لقوله وجهاً.
يقول عن الله هذا ويرى بأن له وجهاً , ويريدنا بعض الإخوة أن نتحدث عن علمه وأن نهذب ألفاظنا معه؟! , وقد ظهر علينا مذموم تعيس بعد أن ولى هارباً وقد لبس ثوباً رائحته منتنة (وقد سمى نفسه حمزة الشافعي) فهل هذه الجرأة التي تحدث عنها يوم حضوره الملتقى.
وإني سائل هذا المذموم ـ بجميع أسمائه المختلفة وشتى أساليبه الملتوية ـ:
هل بقي من علم الغماري شيء بعد هذا الكلام!! , وهل يجوز أن نتأدب معه وقد أساء الأدب مع الله؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
{تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً}.
وإني والله منتظر منه الإجابة ـ إن كانت لديه بقايا الجرأة ـ وبجميع أسمائه أيضاً , وأتحداه أن يجيب؟
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 01 - 05, 04:25 ص]ـ
الغماري سلفي!!! إنها لحقاً مفاجأة؟!
ذكر في " الجواب المفيد " (ص 83 ـ 84) كلاماً , مانصه:
ـ العقيدة الطحاوية وشرحها ـ
وعقيدة الطحاوي هي واحدة , شرحها جماعة , منها شرحان:
ـ أحدهما: للمرجاني , وهو صغير نوعاً , طبع بقازان من بلاد الروسيا.
ـ والثاني: في مجلد طبع بمكة , ولم يعلم صاحبه كما ذكر بأوله وهو موجود بالمكتبة بتطوان , لأنه كان بين كتبنا , وهو اوسع من شرح المرجاني وأحسن , لأنه سلفي محض بخلاف المرجاني.
والمرجاني عالم مطلع محقق؛ إلا أنه حنفي متأخر , مات أوائل هذا القرن فيما أحسب قبيل العشرين؛ إلا أنه عالم جليل , وله عدة مؤلفات مطبوعة بقازان , وهي نفيسة للغاية تنبي عن تحقيق بالغ , واطلاع واسع.
قلت (الأنصاري) , والشرح الثاني إنما هو لابن أبي العز الحنفي , وقد أشار إلى ذلك محقق الكتاب الأخ الشيخ الفاضل بدر العمراني.
والكتاب مطبوع عدة طبعات , أفضلها تلكم الطبعة التي خرّج أحاديثها شيخنا العلامة محدث العصر الألباني رحمه الله تعالى.
وكي لا أبتعد كثيراً عن الموضوع , فسؤالي أيضا ماذا سيقول محمود سعيد عن شيخ شيوخه , وهل ما زال أشعرياً مفوضاً كما زعم؟!.
فهاهو إمامه يمتدح عقيدتنا؟! فماذا سيقول بعد؟!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/410)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 01 - 05, 04:59 ص]ـ
وذكر أيضاً في " الجواب المفيد " (ص 83) , مانصه:
ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ـ
وشرح نهج البلاغة (1) من أنفس الكتب المتعلقة بعلي وأهل البيت وقضايا علي مع أعدائه من النواصب , مزاياه مما لا يكاد يوجد مجموعاً في غيره , ومن أحب أن يكون على بصيرة تامة في هذا الموضوع؛ فعليه به.
وليس للإعتزال دخل في هذا الموضوع.
أما التشيع؛ فهو الذي يحمل على ذكر عيوب المجرمين الذين يتفق من يسمون أنفسهم أهل السنة على إخفائها؛ إلا القليل منهم ممن يشير إلى القليل منها.
وليس كل الكتب مشتملة على الصحيح؛ إلا كتاب الله تعالى وحده.
وهذا صحيح البخاري ومسلم فيه الكثير من الغلط , والباطل المحقق!!
فعليك بقبول الحق والصواب , ورد ماهو باطل بحسب ميزان العلم والعقل.
ونحن إذا مدحنا كتاباً؛ فليس معنى ذلك أنه مبرؤ من جميع العيوب حتى كأنه قرآن يتلى؛ لا لا.
بل معنى ذلك ما في الكتاب من الفوائد المتعلقة بموضوعه التي لا توجد مجموعة أو مرتبة في غيره , أو بتوسع ونحو ذلك فقط.
فإذا قرأته فسوف تعلم من هنات معاوية ودائرته ومصائبهم ووقائعهم؛ ما لا تطلع عليه في كتاب آخر.
قلت (الأنصاري): أين مذموم تعيس مقبوح من كلام شيخ شيوخه وطعنه في الصحيحين صراحةً؟!.
هل سيؤلف كتاباً يرد عليه وينتصر للصحيحين كما فعل مع الشيخ الألباني رحمه الله تعالى ـ زاعماً ـ , مع أنه يعلم جيداً ـ وقد رد عليه جمع من المشايخ الفضلاء منهم الشيخ طارق عوض الله ـ بأن جل ما في كتابه (تنبيه المسلم) هو عبارة عن كذب ودجل وتلفيق .... إلخ.
فهل يفعلها هذا المذموم مع إمامه ويرد عليه , وهو الذي يدعي الإنصاف والعلم ويريد مناظرة الأئمة الكبار!!!
لا أظنه ........ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ـ ذكر الشيخ بدر العمراني حفظه الله تعالى في الحاشية , مانصه:
وقد رد عليه ـ يعني ابن أبي الحديد ـ علامة العراق , وقاهر الروافض في عصره (عبدالله السويدي) رحمه الله في كتاب سماه: " الصارم الحديد في الرد على ابن أبي الحديد ".
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 01 - 05, 05:30 ص]ـ
مفاجأة أخرى سارة
الغماري يرد على محمود سعيد
ذكر الغماري في " الجواب المفيد " (ص 80 ـ 81) , ما نصه:
ـ كتاب التوحيد لابن خزيمة ـ
كتاب التوحيد لابن خزيمة مطبوع.
طبع في الحجم الصغير كشرح ابن دقيق العيد على الأربعين النواوية ونحوه.
ومرادي من نفاسة الكتاب ذكر الأدلة الصريحة لمذاهب السلف مع الأسانيد الصحيحة , والكلام عليها بما يقطع شغب كل مبتدع أشعري من أفراخ الإعتزال.
7 ذي الحجة 1376
وقال في رسالة أخرى:
وكتاب التوحيد لابن خزيمة , إن كنت تريد المجلد الكبير المسند؛ فهو من أنفس كتب الإسلام , وإن كنت تريد الصغير!؟ فأنا في شك من ثبوته لابن خزيمة.
وما كتبه الكوثري قرأته.
قبح الله الكوثري , فإنه خبيث مبتدع كذاب فاجر.
25 ذي القعدة 1376
قلت (خالد الأنصاري): وأنا أقول: قبح الله محمود سعيد , فإنه خبيث مبتدع كذاب فاجر.
وهذه الرسائل وحدها كافية للقضاء عليه , فتأمل.
ـ[ابو الوفا العبدلي]ــــــــ[03 - 01 - 05, 09:06 ص]ـ
جزيت خيرا أيها الاخ الفاضل في كشفك بلايا القوم , فاكتب سدد الله قلمك.
وللمشاركة معكم في هذا الموضوع , أقول:
قال الواحدي في تفسيره البسيط في تفسير قوله تعالى (وقال لهم نبيهم ان آية ملكه أن يأتيكم التابوت):
أخبرنا ابوالحسن بن ابي عبدالله الفسوي قال: اخبرنا حمد بن محمد الفقيه قال: اخبرنا ابورجاء الغنوي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عمر بن شبة قال: سمعت أبا عبيدة وسأله رجل عن رجل أوصى لآل فلان , ألفلان نفسه المسمى من هذا شيء؟ قال: نعم. قال الله تعالى: (أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) ففرعون أولهم. وأنشد:
ولا تبك شيئا بعد ميت أحبة ×××× علي وعباس وآل أبي بكر
يريد أبا بكر نفسه. قال الواحدي: وآل الرجل في اللغة شخصه.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 01 - 05, 02:12 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الشيخ , وأنا بانتظار مشاركاتك المثمرة.
أخوك المحب / خالد الأنصاري.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 01 - 05, 07:45 م]ـ
رد التليدي على محمود سعيد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/411)
ذكر التليدي في مقدمة رسائل أحمد الغماري المسماة " در الغمام الرقيق " (ص 5 ـ 6) , مانصه:
ـ خطبة الكتاب ـ
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف المرسلين , وعلى آله وأصحابه والتابعين.
وبعد: فيسعدني (1) أن أقدم لقرائنا الكرام هذه المرة مادة طريفة تتناول أبحاثاً مختلفات , وهي فتاوي الحافظ المرحوم السيد أحمد بن الصديق الغماري التي كان يبعثها إليَّ أيَّام منفاه من طرف الإستعمار الدولي بطنجة.
ثم زمان هجرته الأخيرة للقاهرة حيث وافاه أجله المحتوم , وكانت هذه الرسائل في فترات ما بين 1374 و 1380 هـ.
على أن للشيخ رحمه الله تعالى رسائل كثيرة مفرقة عند تلامذته وأصحابه ومعارفه ومكاتبيه في سائر الأقطار , بحيث لو جمعت لجاءت في عدة مجلدات؛ بل لشقيقه العلامة المحدث السيد عبدالعزيز على الخصوص نحو من ألف رسالة كان السيد أحمد يبعثها إليه من المغرب إلى القاهرة حيث كان يقيم للدراسة طوال اثنتي عشرة سنة.
وحبذا لو وفق أنجاله لجمعها ونشرها ليشاركهم أهل العلم في الإستفادة منها.
ومن باب (ما لا يدرك كله لايترك جله أو بعضه) عمدت إلى ما عندي من رسائله التي مر عليها قرابة نصف قرن من الزمان , فجمعتها ونسقتها وقدمتها للطبع ليعم بها النفع.
وهي رسائل علمية قيمة , فيها فوائد عزيزة , وفي قراءة عابرة لها سيجد القاريء فيها أبحاثاً كثيرةً متنوعة: في الأصول , والحديث , والفقه , والعقائد , والآداب , والأخلاق , والاجتماع , والفلك , والتاريخ , وتراجم الأعلام , والجرح والتعديل , والرؤيا والتعبير , في أشياء أخرى .....
وقد أضفت إليها بضعة رسائل لبعض تلامذة الشيخ (2) كان بعثها إليه أيام اعتقاله , وذلك لما لها من الأهمية ...
وبما أن الشيخ رحمه الله تعالى كان يكتب تلك الرسائل ارتجالاً حسبما يسمح به الوقت , بدون بحث ولا مراجعة؛ وردت في رسائله أكثر من مائة وسبعين حديثاً غير معزوة ولا مبينة مراتبها؛ فتوليت تخريجها وبيان صحيحها من سقيمها ليتم النفع ... وذلك بدون إملال ولا إخلال.
هذا وقد جاءت في هذه الرسائل آراء واجتهادات للشيخ غريبة قد يكون له فيها سلف (3) , وقد يكون منفرداً بها.
فينبغي لأهل العلم أن لا يسارعوا إلى ثلب عرض الشيخ أو انتقاده , فإن البشر معرض للخطأ , والمجتهد مأجور ومغفور له في كل الأحوال (4).
والله المسؤول أن يشملنا برحمته ومغفرته , وأن يجعل خير أيامنا وأسعدها يوم لقائه.
قلت (الأنصاري): هذا الكلام من التليدي وحده كاف للرد على محمود سعيد في ادعائه بأن التليدي نادم على إخراج هذا الكتاب , وهذه كلامات التليدي بين يديك أخي الكريم , هل نصدق التليدي وهو الأقرب للغماري ـ وهو من تلاميذه ـ!!! , أم نصدق محمود سعيد!!!.
ـــــــــــــــــــــــ
(1) ـ قال التليدي يسعدني ولم يقل يؤسفني أو يسوؤني , لا كما أوهم محمود من أن التليدي ندم على إخراج هذه الرسائل , ثم ها أنت ترى بأن التليدي يحض أبناء عبدالعزيز الغماري على طباعة الألف رسالة!!!!.
(2) ـ يقصد بذلك شيخنا أبي خبزة حفظه الله تعالى.
(3) ـ وما سلفه في قضية تكفير الصحابة , وإيمان فرعون , والقول بألوهية الكلب والخنزير وأن لها وجهاً!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
(4) ـ ومن قال بأن أحمد مأجور في سبه للصحابة ولعنه لهم بله تكفيره لهم , أيعد في ذلك إماما مجتهداً؟!!!!!!!!!!!!
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 01 - 05, 10:16 م]ـ
زعم بعض من ترجم لأحمد الغماري , بأن شيخ مشايخنا العلامة اللغوي الفقيه المحدث تقي الدين الهلالي رحمه الله تعالى وأعلى درجته كان يمتدح الغماري بل جعله في درجة الإمام أحمد من حيث الحفظ والفهم , ونقلوا عنه عبارات بتراء لا صحة لها بل لا يمكن أن يصدقها المجانين فضلاً عن العقلاء , ومن ذلك نقلهم عنه بأنه قال:
في كتاب " ليس كذلك " (ص 5) ـ وتحت صورة أحمد الغماري ـ , قال الزهار:
أخبرنا عبدالباري بن محمد الزمزمي (*) , قال: سمعت تقي الدين الهلالي ببيته , يقول:
" بلغ أحمد بن محمد بن الصديق في علم الحديث درجة الإمام أحمد بن حنبل "!!!!
وفي ترجمة أحمد من كتاب " الأمالي المستظرفة " (ص 44 ـ 45) , قالت فاتحة التيجاني:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/412)
وقد كان تقي الدين الهلالي ـ وهو أحد أكبرالمطلعين على علم الحديث ـ اجتمع بالشيخ , ولما سئل عنه , قال: " ما رأيت مثله حفظاً واستحضاراً واستدلالاً , فقد دخلت مصر والشام والعراق والحجاز والهند والمغرب؛ فما رأيت من يماثله إلا عالماً بالهند يشابهه في الجملة ".
ولما أراد مغادرة المغرب ـ يعني الهلالي ـ , سأله أصحابه: لمن نرفع أسئلتنا بعدك؟ فقال لهم: لا تسألوا أحداً غير فلان ـ يعني الشيخ ـ.
ولما طبع الشيخ كتابه " إنالة الوطر " , بعث إلى الهلالي بنسخة , فكتب رسالة يطري فيها الكتاب ومؤلفه , جاء فيها بعد الديباجة: [أما بعد , فقد اطلعت على كتاب " إنالة الوطر برفع الحرج وإزالة الخطر على من جمع بين الصلاتين .... إلخ " , لمؤلفه العالم الجليل المحقق الباحث المتقن الموفق الداعي بالحق إلى تحقيق الإتباع والإجتهاد المجاهد في ذلك كل الجهاد أبي العباس أحمد بن الصديق زاده الله توفيقاً , فوجدته على غزارة تآليفه الجياد التي نفع الله بها من شاء من العباد , وقد جمع هذا الكتاب من الأحاديث الشريفة , والمباحث المنيفة , ما يبهر العقول من نقول عززتها أسانيد وبحوث قامت عليها شواهدها , مما جعله نسيج وحده , وفريد عقله].
وهكذا استرسل في مدح الكتاب ومؤلفه في رسالة طويلة (1).
وذكر محقق كتاب " التنكيل أو التقتيل " محمد الأنجري (ص 15) نقلاً من " كتاب حياة الشيخ " للتليدي , قال ـ وهو نفس الكلام السابق المنقول عن فاتحة بولعيش ـ:
وسئل العلامة تقي الدين الهلالي رحمه الله تعالى عنه فأجاب:
ما رأيت مثله حفظاً واستظهاراً واستدلالاً , فقد دخلت مصر والشام والعراق والحجاز والهند والمغرب , فما رأيت مما يشابهه إلا عالماً بالهند يشابهه في الجملة.
قلت (خالد الأنصاري): لو سلمنا صحة ما نقل عن العلامة تقي الدين الهلالي رحمه الله تعالى في الغماري ـ وهو كذب صراح عليه ـ , فما رأي محمود سعيد في طعونات الغماري على الشيخ تقي الدين الهلالي وكذبه , هل سيبرر موقف الغماري منها كعادته .......
لا أحسبه يفعل!!!!
قال الغماري في إحدى رسائله ـ كناشته ـ من " الجواب المفيد " (ص 37) , ما نصه:
والهلالي رجل جاهل عنيد مبتدع , ولولا أن بدعته رفعت مناره بين المتفرنجين أفراخ الملاحدة , لما تم له ظهور بالمغرب.
كما أنه لم يظهر له أثر بالمشرق!!!
ومع ذلك فنحن في انتظار رده بفارغ صبر حتى نرده إلى جحر جهله.
ومما أتحفكم به أنه أصبح ذات يوم حليقاً بطنجة , فأرسلت إليه من سأله , كيف يتفق حلق اللحية مع أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بإعفائها , وزعمك العمل بالسنة والدعوة إليها؟
فأجاب السائل بقوله: معنى الحديث اعفوا لحاكم إن شئتم.
فقلنا للسائل: ولم لم تقل له وأقيموا الصلاة إن شئتم , ولا تقربوا الزنى إن شئتم ... وبهذا تسقط الشريعة من أصلها.
فهذا مقدار علم الهلالي واتباعه للسنة والعمل بها.
رسالة 3 محرم 1372
قلت (الأنصاري): هل يعقل أن يحلق تقي الدين الهلالي لحيته , ولو ثبت فعله لذلك فرضاً وهو محال , هل سيكون رده ضعيفاً بهذه الصورة!!!!!!
يقول الحسن بن علي الكتاني في معرض ترجمته للغماري في " توجيه الأنظار " (ص 18) , مانصه:
[وهو صوفي يؤمن بالخرافات من الكرامات المزعومة , وما لايصدقه عقل مع دفاعه عن القبورية وأصحابها وسائر مراسيمها من توسل واستغاثة وسائر مظاهر الشرك.
ولذلك أكثر من الوقيعة في الأكابر أحياءً وأمواتاً ـ سامحه الله تعالى ـ.
وقال عنه العلامة تقي الدين الهلالي رحمه الله تعالى بعد أن مدحه بمحاربة التقليد:
" أما عبادة القبور والرقص واعتقاد وحدة الوجود وتقديس زنادقة الصوفية كابن عربي الحاتمي , وتعاطي الأوراد المبتدعة والاستمداد من الشيوخ والاستغاثة بهم فقد ترك كل ذلك على حاله ولم يغير منه شيئاً " (2).
قلت (الأنصاري): هذا هو رأي العلامة تقي الدين الهلالي رحمه الله تعالى في الغماري صراحة , لا كما ذكره التليدي وصؤابته محمود سعيد.
كتبه / خالد الأنصاري.
ـــــــــــــــــــــــ
(1) ـ انظر كتاب " حياة الشيخ أحمد بن الصديق " للتليدي (ص 103 ـ 104).
(2) ـ انظر كتاب " الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة " للهلالي (ص 32).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/413)
(*) ـ , سأبين في مقالات أخرى إن شاء الله تعالى كذب هذا الزهار من نقل آراء وافتراءات أحمد الغماري على أخيه الزمزمي!!!! , مع كشف كذب وزيف محمود سعيد أيضاً وتعميته على القراء بأمور لا أصل لها ولا دليل عليها.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[04 - 01 - 05, 03:07 ص]ـ
رد الغماري على محمود سعيد
وهذا رد للغماري على الهارب محمود سعيد ضمنه رسائله التي بعث بها إلى شيخنا العلامة الأديب أبي خبزة التطواني حفظه الله تعالى.
ذكر (ص 13) من " الجواب المفيد " , ما نصه:
ما المقصود بالمبتدعة والمعطلة في كتب السلف؟!
مرادهم بالمبتدعة والمعطلة هم الأشعرية , وأنهم شر ابتداعاً من المعتزلة , وأنهم كاذبون في دعواهم أنهم أهل السنة والجماعة؛ أو على الأقل غالطون في ذلك ولابد.
وفي هذا الأسبوع سأدرج إن شاء الله رسالة الموفق بن قدامة " صاحب المغني " المتوفى سنة 620 في النهي عن قراءة كتب المبتدعة الأشعرية في " جؤنة العطار " , لأنها طريفة وعندي نسخة كتبت سنة 720 بعد وفاة المؤلف بمائة سنة , والطريف منها أنه سمى الأشعري والأشعرية مبتدعة , وحذر من قراءة كتبهم , وأتى بالدليل على ذلك من الكتاب والسنة , وكلام الأئمة الأربعة , وإن أعان الله وكتبت في عقيدة السنة وإبطال عقائد الأشعرية , فسوف يكون أطرف وأظرف إن شاء الله تعالى.
قلت (الأنصاري): وهذا وحده كاف لتبرير هروب محمود سعيد من ملتقانا السلفي , الغماري يرد على أشعرية محمود سعيد!!!
لا أدري حقيقةً ما هو حال هذا الفأر الآن؟ وهل مازال مصراً على أشعريته , والذي قال عنها شيخ شيوخه كما مر بنا آنفاً بأن المتمسكين بهذه العقيدة هم أخطر على الإسلام من المعتزلة!!!
وهل كان يعلم بأمر هذا الكتاب الذي نوى شيخه تأليفه والذي وصفه بأنه سيكون أطرف وأظرف؟! وهل أتمه , أم أنه اختفى مع فتنة التتار!!!
أجب يا محمود سعيد إن كنت تدعي الشجاعة والرجولة , فإني والله بانتظار ردك أو مناظرتك.
كتبه (عمك) (1) / خالد الأنصاري.
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) ـ لاتنسى بأنك أنت من وصفني بها , فأنا والله أبرأ إلى الله منك لو كنت ابن أخي.
وعندنا في الخليج أن من يقال له ياعم أو ياعمي ولم تكن بين المُنادي والمُنادى أي صلة أو قرابة , فإنها تعد من أشرف الألفاظ , فهي بمثابة (يا تاج رأسي) أو ما يوازيها من كلام العامة , وعادة تقال لمن كان له مكانة أو منصب.
فوالله يامحمود لم أكن أعلم بأنك تكن لي كل هذه المحبة والتقدير بأن ناديتني " ياعم "!!!!
وعلى العموم ـ وإن كنت على يقين من أنك تكرهني ـ , فإني أبشرك بأنه لن يهدأ لي بال ولن أكل أو أمل من كشف خبثك وفضح أمرك وبيان عوارك أمام الملأ أنت و شيوخك , إن شاء الله تعالى.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[05 - 01 - 05, 03:02 م]ـ
في المقال الذي سأذكره بعد قليل , اعتراف من الخلفي الصوفي أحمد الغماري , بأن شيخنا الألباني رحمه الله تعالى من الأفراد في معرفة الفن , إلا أن مقاله لم يخلو من طعن في الشيخ رحمه الله تعالى ناهيك عن تسميته (بعدوالله)!!!
فإذا أتتك مذمتي من ناقص - فهي الشهادة بأني كامل
قال في إحدى رسائله التي بعث بها إلى صؤابته التليدي؛ المسماة بـ: " در الغمام الرقيق " (ص 191) , مانصه:
وناصر الدين الألباني قدم إلى دمشق وهو لا يعرف العربية , فتعلمها وأقبل على علم الحديث فأتقنه جداً جداً , وأعانه مكتبة الظاهرة المشتملة على نفائس المخطوطات في الحديث , وهو ممن رتبها بيده , حتى أني لما زرتها في العام الماضي , كان هو الذي يأتيني بما أطلبه ويعرفني بما فيها.
ولولا مذهبه وعناده , لكان من أفراد الزمان في معرفة الحديث , مع أنه لا يزال فاتحاً دكان الساعات.
وقعت لنا معه مناظرة يطول ذكرها ...
وقال في رسائله المسماة " الجواب المفيد " (ص 60 ـ 61) , مانصه:
أما الألباني فمن الأفراد في معرفة الفن على عاميته تقريباً؛ إلا أنه في العناد والعياذ بالله فاق الزمزمي (1) , وكل عنيد على وجه الأرض؟!
وله تعرض لنا في كتابه " تحذير الساجد في اتخاذ القبور مساجد " (2) , ذكر أنه اجتمع بي فوجدني صوفياً خلفياً , وهذا في نظره نهاية الذم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/414)
وكذب عدوالله في نسبتي إلى الخلفية , وأنا عدوهم اللدود؛ ولكنه لجهله يرى أن كل من ليس بتيمي وهابي فهو خلفي.
وقد بلغني أن الأوقاف المصرية استدعته إلى القاهرة لتوظيفه في تعليم الحديث؛ والباعث مسألة سياسية عايد بعض الأمر فيها إلينا.
قلت (خالد الأنصاري): انظر أخي الفاضل إلى تناقض هذا الخلفي الصوفي الضال فبعد أن ذكر في المقال الأول بأن الشيخ تعلم الحديث وأتقنه جداًجداً وذكر بأنه تعلم اللغة العربية؛ فإذا به يصفه في المقال الثاني بالعامية!!!
ثم أنه ذكر في المقال أو الرسالة الثانية بأن الأوقاف المصرية استدعت الشيخ الألباني رحمه الله تعالى لتعليم الحديث بناءً على تزكية منه (وسمها بالسياسية)!!!
ثم كيف الغماري يسعى أو تكون له يد في توضيف رجل وصفه بالكذاب!! وسماه (عدوالله)!!!
فإذا علمنا الإجابة؟ فإن الغماري ساقط الحديث لا تقبل له شهادة لأنه يزكي الكذبة أعداء الله ـ على حد زعمه ـ!!!
قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في حاشية " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد " (ص 55 ـ 56 / طبع المكتب الإسلامي) , مانصه:
هو الشيخ أبوالفيض أحمد الصديق الغماري في كتبه المسمى " إحياء المقبور من أدلة استحباب بناء المساجد والقباب على القبور "! وهذا الكتاب من أغرب ما ابتلي به المسلمون في هذا العصر , وأبعد ما يكون عن البحث العلمي النزيه , فإن المؤلف يدعي ترك التقليد والعمل بالحديث الشريف! فقد التقيت به منذ بضعة أشهر في المكتبة الظاهرية , وظهر لي من الحديث الذي جرى بيني وبينه أنه على معرفة بعلوم الحديث , وأنه يدعو للاجتهاد , ويحارب التقليد محاربة لا هوادة فيها , وله في ذلك بعض المؤلفات كما قال لي.
ولكن الجاسة كانت قصيرة لم تمكني من أن أعرف اتجاهه في العقيدة , وإن كنت شعرت من بعض فقرات من حديثه أنه خلفي صوفي , ثم تأكدت من ذلك بعد أن قرأت له هذا الكتاب وغيره , حيث تبين لي أنه يحارب أهل التوحيد , ويخالفهم في عقيدتهم مخالفة شديدة , ويقول بالبدعة الحسنة , وينتصر للمبتدعة! ولم يستفد من دعواه الاجتهاد إلا الانتصار للأهواء وأهلها , كما يفعل مجتهدوا الشيعة تماماً! وإن شئت دليلاً على ما أقول , فحسبك برهاناً على ذلك هذا الكتاب " ... المقبور "! فإنه قبر كل الأحاديث المتواترة في تحريم بناء المساجد على القبور الذي قال به الأئمة الفحول بلا خلاف يعرف بينهم , فهو والحق يقال: جريء ولكن في محاربة الحق! كيف لا وهو يرد كل ما ذكرناه من الأحاديث واتفاق الأئمة دون أي حجة , اللهم إلا اتباع المتشابه من النصوص كآية الكهف هذه , شأنه في ذلك شأن المبتدعة في رد النصوص المحكمات بالمتشابهات , نعوذ بالله من الخذلان. اهـ.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ـ سأذكر قريباً إن شاء الله تعالى نصوصاً طعن فيها الغماري على إخوته (الزمزمي وعبدالعزيز) , بعد أن سلبهم حقهم في ميراث أبيهم.
(2) ـ انظر أخي اللبيب كيف أن هذا الخلفي الخبيث غير مسمى كتاب شيخنا الألباني رحمه الله تعالى , فأبدل (من) فجعلها (في) , فلو قلنا " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد " ـ وهو الصحيح ـ كان موافقاً لما عليه السلف الصالح مخالفاً لما يعتقده الغماري وزمرته!!!
وأما إذا قلنا " تحذير الساجد في اتخاذ القبور مساجد "
فإن فيه هدماً لما كتبه الشيخ , وموافقة لما بناه الغماري من باطل .....
فتأمل!!!! هذه هي علوم الغماري وأمانته العلمية وعلبة المفاتيح التي يدندن ويتراقص ويتمايل من أجلها المبتدع الهارب محمود سعيد , فهل بقي من أمانة وعلمية أحمد الغماري شيء.
الجواب: لاأظن ............
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[05 - 01 - 05, 05:14 م]ـ
وهذه حقيقة أخرى تكشفت لنا من أن الغماري هلك ـ لا كما يزعم عبدالله الغماري وتلامذته ـ وكانت عنده نية لأكمال رده على الكوثري وأن الذي أشار عليه بالتوقف عبدالله , إلا أنه عزم على إكماله , فمات ولم يوفق لذلك.
ذكر في إحدى رسائله من " الجواب المفيد " (ص 40) , مانصه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/415)
وأما الشيخ زاهد الكوثري فإنه حقاً عدو السنة والسلف الصالح والأئمة إلا الحنفية ومن وافقهم , لفرط تعصبه للحنفية وللجنسية التركية أيضاً , حتى أنه متهم بالشعوبية مع أنه عالم فاضل مطلع واسع الإطلاع والدراية , مع المشاركة في كثير من الفنون.
ولكن فرط تعصبه أوصله إلى درجة المقت؛ بل درجة الجنون , حتى أنه طعن في مالك , والشافعي , وأحمد , وعبدالرحمن بن مهدي , والبخاري ..... وهذه الطبقة.
بل وتكلم في أنس , وأبي هريرة .... وبعض الصحابة!!!
وقد كنت شرعت في الرد عليه وسميته " بيان تلبيس المفتري محمد زاهد الكوثري " فكتبت في مقدمة الكتاب ـ وهي في تناقضاته فقط ـ نحو خمسة عشر كراساً فأزيد.
ثم توقفت لكون الرجل يدّعي لنا بالمحبة والصداقة , ولنا معه مجالس طويلة , والحق أولى منه؛ إلا أن سيدي عبدالله طلب مني أن أتأخر عن إكمال الكتاب , فتأخرت عنه؛ ولابد إن شاء الله من إكماله.
ولعلك رأيت الإعلان عنه في أسماء مؤلفاتنا المطبوعة بآخر " إزالة الخطر ".
قلت (الأنصاري): ومن هنا نعلم كذب عبدالله الغماري وتلامذته في دعواهم أن الغماري أحمد تراجع عن هذا الكتاب , وأنه لا يحق لأحد نسبة أي شيء له.
مع أن المغفل الهارب محمود سعيد لم يشر بهذا الأمر في " تشنيف الأسماع " , وإنما جل الذي ذكره بعد أن اعترض زاهد الكوثري في مقال طويل , قوله (ص 216):
هذا وقد تعقبه جماعة من الفضلاء منهم الشيخ العربي التباني المذكور , والشيخ المعلمي اليماني (وكتابه معروف مطبوع في مجلدين) , وغيرهما.
ورأيت قطعة من رد السيد أحمد بن الصديق الغماري عليه.
أسأل الله تعالى أن يغفر لي وله ولجميع المؤمنين ويتجاوز عما أخطأ فيه القلم.
وما ذكرته ليس جناية أو اختلاقاً على الشيخ رحمه الله تعالى , وأن مقامه محفوظ وعلمه معروف واطلاعه غير منكور.
ولكن ماذا أفعل أمام الحقائق!!!!
هذا هو قول محمود سعيد , فهل له حجة بعد ذلك.
وكم كنت أتمنى أن يتصف محمود سعيد بالشجاعة لا الجبن والهروب , كما وجدته في كلامه هنا عن الكوثري , أو في ردوده على شيخنا الألباني رحمه الله تعالى , مع أنه يعلم أن ما سطرته يداه جله كذب وباطل وإفك مفترى.
ولكن الفأر فأر ............ !!!
كتبه / خالد الأنصاري.
ـ[عبد الله]ــــــــ[06 - 01 - 05, 07:26 ص]ـ
الأخ خالد الانصاري
جزاك الله خيراً على ما قدمته من كشف لحال هذا اللعين الغماري
و على ذبك عن حرمات الله
لكن استوقفني ما كتبته في مقالك الاخير الذي يتعلق بكتاب تنبيه المسلم
فهل ترى أن كل ما جاء في الكتاب كذب و باطل؟؟؟
مع أن ثلاتة أرباع الكتاب في موضوع عنعنة أبي الزبير في نقله لحديث جابر رضي الله عنه في صحيح مسلم
هذا السند الذي جزم بصحته كبار علماء الحديث في القديم و في الحديث
أم تقصد غير هذا؟
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[06 - 01 - 05, 03:04 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وجزاك أخي عبدالله.
الذي عنيته أن جل ما في كتبه , وليس كتاباً معيناً , فالخبيث لم يترك موضعاً في كتبه إلا وفيه لمز وطعن على أئمتنا , ناهيك عن التلفيق والتلزيق والتزوير والتحوير في النصوص.
وقد انبرى لكشف زيفه وتبيين عواره وضلاله مشايخ عدة , كالشيخ الفاضل طارق عوض الله , والشيخ سليمان الخراشي , وعمرو عبدالمنعم , وعلي حسن الحلبي ..... وغيرهم الكثير.
ثم إن هذا الخبيث قصد بكتابه هذا ـ تنبيه المسلم ـ الطعن على شيخنا الألباني رحمه الله تعالى , لا النصيحة للمسلمين وتنبيههم كما زعم!!!!
وبما أنك قرأت جل ـ بل كل ـ ماكتبناه , فلعله استوقفك قول شيخ مشايخه الغماري وطعنه على الصحيحين!!! بل وصفهما بالخبث!!!
فهل بعد هذا القول قول؟!
ثم إنك رأيت في مقالتي الأخيرة عن هذا المجنون المتعصب الهالك (زاهد الكوثري) , وكيف أن محمود سعيد يجله ويعلي مقامه!!! ولكنه كان يتحسر أمام ما رآه من ردود عليه , وذلك عند قوله: (ولكن ماذا أفعل أمام الحقائق)!!!
فكم كنت أتمنى ـ وكذلك غيري ـ أن يتصف محمود بهذا الإنصاف الذي رأيناه في كلامه هذا عن شيخ مشايخه الكوثري؛ ولكنه آثر العناد والكبر وغمط الناس؟!
وقد تحديناه على الملأ على أن يأتي بحرف واحد محرّف من جهة نقلنا كلام شيخه , فما وجدنا منه إلا التهرب والتنصل من الإجابة فتارة يسمي كتب شيخه كناشة وتارة يسميها قفشات المعتقل ..... إلخ.
ثم أنه بدأ يدندن ويتراقص بما يسميه بـ (علبة المفاتيح) والعلمية والجهاد؟!!!
وقلنا له حينها بأن ذلك لم ولن ينفعه في أخراه حين العرض على رب الأرض السماوات , لأنه طعن في الصحابة ناهيك عن رميهم بالكفر واللواط ووووو.
فرجل هذا حاله وهذا مقاله ..... ماذا يقال عنه؟!
أيقال عنه الإمام الحافظ الحجة المجتهد المحدث؟!
بل إن بعضهم أوصله درجة الإمام أحمد في العلم والحفظ , ونسب هذا للشيخ تقي الدين الهلالي رحمه الله تعالى وهو منه براء؟!
أتراه عاقلاً من يقول هذا الكلام؟!
وعلى العموم , وكي لا أخرج عن نطاق ما طرحته علي من أسئلة , فقد علمت إجابتي آنفاً.
هذا وإني سائلك في هذا المقام دعوةً تدعوا بها لإخيك بظهر الغيب , ولا أظنك تبخل بها عليه.
والله يحفظكم ويرعاكم لما فيه خير وصلاح وإصلاح؛ إنه جواد كريم.
كتبه محبكم / خالد الأنصاري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/416)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[06 - 01 - 05, 05:08 م]ـ
لا أدري , ماذا سيقول علماء الأزهر وطلابه بعد قراءة هذا الكلام , وقد علمنا أن جلهم يؤيد أحمد الغماري وتلاميذه بل ويفتخرون بهم.
قال في " جؤنته " (ص 63 / طريفة 105) , مانصه:
ـ تهافت علماء الأزهر على الدنيا ـ
من المتداول بين علماء الأزهر قولهم (قيراط ولاية , ولا فدان علم) , وهذه كلمة يريدون بها باطلاً , فإنهم لايقصدون منها تفضيل حقيقة الولاية على حقيقة العلم الذي بأيديهم كما هو الواقع؛ وإنما يقصدون بها النفع الدنيوي , والمصالح العاجلة , وهي أن من يشتهر بين العوام بالولاية يقع له نفع كبير من الإعتقاد والحرمة والخدمة وكثرة الاتباع وحصول الجاه والشهرة والظهور بين الخلق , بخلاف من يشتهر بينهم بالعلم؛ فإنه لاميزة له بين الناس ولانفع إلا من قبل وظيفته.
وهذا يدلك على ما وصل إليه الأزهري من الجهل والانحطاط وسقوط الهمة وقصر النظر على الدنيا , والسعي فيما يقرب إليها , والبعد عن الفضيلة بل وعدم إدراك حقيقتها بالمرة , وذلك هو الذي أسقطهم من عين الله ومن عين عباده حتى صاروا مضرب الأمثال للرذيلة بين السفهاء فضلاً عن الفضلاء ... وشرح حالهم يطول.
فلقد شاهدنا منهم العجائب التي يستحي من ذكرها ويترفع النوع البشري عن الاتصاف بها ...
فنسأل الله الستر والعافية بمنه ... آمين.
قلت (الأنصاري): لن أعلق على كلام الغماري , بل سأدع محبيه ومحبي محمود سعيد ـ ممن تخرج من الأزهر ـ هم الذين يردون عليه!!!
ـ[عبد الله]ــــــــ[06 - 01 - 05, 05:58 م]ـ
الأخ خالد الأنصاري نفع الله بك
سؤالي كان على الكتاب الذي ذكرته له
أما طواط الغماري و مريديه فليست تخفى على أحد
على الأقل في هذا المنتدى
و لا أخالك تحتاج لإبطال ما عند القوم من الحق حتى تبين للناس فساد مذهبهم
و لست في حاجة للطعن في نياتهم كذلك
يكفينا ما ثبت عنهم فيما خطوه من صحائف ففيه غُنية عن غيره
و حتى لا نترك مجالاً لمقلديهم للتشنيع
دمت منافحاً عن دين الله
و نفع الله بك
و ألهمك الرشد و السداد.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[07 - 01 - 05, 03:06 ص]ـ
الأخ عبدالله
أنا على خلاف معك في كون طوام الغماري ومريديه لا تخفى على أحد.
نعم جل طلبة العلم يعلمون عن الغماريين أنهم مبتدعة؛ ولكن ماهي بدعهم؟!
هل القبورية فحسب؟!
أم الإيمان بالدجل والشعوذة والزار والموالد؟!
أم سب الصحابة ولعنهم وتكفيرهم؟!
ناهيك عن سب العلماء ورميهم بالضلالة والكفر والزندقة واللواط وأنهم قرن الشيطان؟!
فإني أقسم لك أخي بأن جل إخواننا المشايخ لايعلمون عن هذه الأمور شيئاً , وقد صرحوا لي بذلك شخصياً.
فإن كان لديك أخي الفاضل علم مسبق بهذه الأمور والمادة موجودة بين ناظريك أو لديك أي مشاركات في هذا الباب , فجزاك الله خيراً فإنك قد تهون علينا كثيراً من الأمور , بل وسيصبح الموضوع مثمراً إن شاء الله تعالى.
هذا , وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يغفر لنا ولكم. إنه جواد كريم.
محبكم / خالد الأنصاري.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[08 - 01 - 05, 03:12 ص]ـ
ذكر الغماري في إحدى رسائله من " الجواب المفيد " (ص 84) , مانصه:
ـ تاريخ تطوان ومؤلفه في نظر الشيخ ـ
منذ أيام قلائل أجبناكم عن وصول الجزء الثاني , أو القسم الثاني من " تاريخ تطوان " , الذي رأينا به ما دلنا على بعد مؤلفه عن الحقائق؛ حيث قال عن علال الفاسي:
" حامل راية السلفية ".
فالظاهر أنه من أجهل الناس بالسلف والسلفية , أو يظن السلفية مرادفة للادينية!!
فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[08 - 01 - 05, 03:56 ص]ـ
ـ الغماري يتهم شقيقه عبدالعزيز بالسرقة!!!! ـ
وذكر أحمد الغماري أيضاً في إحدى رسائله من " الجواب المفيد " (ص 77) , مانصه:
كتاب التحذير من أخطاء النابلسي في تعبير رؤيا فاطمة والحسن والحسين عليهما السلام
والتحذير من النابلسي مسروق من كتابتنا كعادة مؤلفه (1) معنا!!!.
وقد بلغني أنه سرق من مسودة " طباق الحال الحاضرة "!!!.
ولذلك بادرت إلى إكماله , وزدت فيه مالم يخطر على بال سارق ....
وقد سلخ من شرحنا على الرسالة شرحاً وضعه على العشماوية.
وقال لبعض الناس إنه طالع عليه مائة كتاب.
فذكرت لذلك حكايته في " الثالث من جؤنة العطار ".
قلت (الأنصاري): قد علمنا من قبل قول الغماري في أخيه الزمزمي والتعوذ بالله منه , ناهيك عن وصفه بالعناد!!!
فهاهو يطعن في أخٍ آخر من إخوته , ويتهمه بالسرقة!!!
مع أنه قد نُقلَ بل مما تواتر عنه أنه سرق ميراث إخوته من أبيهم!!!!
{إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل}.
فالظاهر أن داء السرقة والكذب والتلفيق والتزوير منتشر في آل الغماري وتلامذتهم!!!
ــــــــــــــــــــــ
(1) ـ قال الأخ الشيخ بدر العمراني حفظه الله تعالى في الحاشية:
مؤلفه هو الشيخ عبدالعزيز بن الصديق رحمه الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/417)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[08 - 01 - 05, 04:31 ص]ـ
الغماري يمتدح الحلاج ويدافع عنه
وذكر أيضاً في " الجواب المفيد " (ص 51) , مانصه:
أما الحلاج: فكلام التنوخي المعتزلي فيه غير غريب؛ بل الأغرب منه كلام مثل الخطيب ـ صاحب التاريخ ـ , فقد أطال فيه جداً .... وكل ذلك باطل.
والرجل كان من كبار الصوفية؟!
ومن لايخالط كتب القوم لا يعرف مقامه.
ومن يقرأ ترجمته من " تاريخ الخطيب " يكاد يجزم بأنه دجال.
فاعرف هذا على سبيل الاختصار.
قلت (الأنصاري): انظر " تاريخ بغداد " 8: 112 ـ 141 , و " سير أعلام النبلاء " 14: ص 313 ـ 354 , فإن فيهما مالا تجده عند غيرهما من الإنصاف والعدل , ولا تلتفت إلى كلام هذا المبتدع الضال الغماري .....
فإن في كلامه الضلال والظلام والوهن والخيبة , فوالله مارأيت مثل هذا العفن وتلاميذه وأخص منهم ذلك المجنون الهارب محمود سعيد يمتدحون أهل الضلال والبدع , بل من صرح بكفرهم أئمة الإسلام ..... وهذا إن دل فإنما يدل على أن الغماري متخبط مجنون يهذي بما لا يعي.
قاتل الله من وقر صاحب بدعة.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[08 - 01 - 05, 04:32 ص]ـ
الغماري يمتدح الحلاج ويدافع عنه
وذكر أيضاً في " الجواب المفيد " (ص 51) , مانصه:
أما الحلاج: فكلام التنوخي المعتزلي فيه غير غريب؛ بل الأغرب منه كلام مثل الخطيب ـ صاحب التاريخ ـ , فقد أطال فيه جداً .... وكل ذلك باطل.
والرجل كان من كبار الصوفية؟!
ومن لايخالط كتب القوم لا يعرف مقامه.
ومن يقرأ ترجمته من " تاريخ الخطيب " يكاد يجزم بأنه دجال.
فاعرف هذا على سبيل الاختصار.
قلت (الأنصاري): انظر " تاريخ بغداد " 8: 112 ـ 141 , و " سير أعلام النبلاء " 14: ص 313 ـ 354 , فإن فيهما مالا تجده عند غيرهما من الإنصاف والعدل , ولا تلتفت إلى كلام هذا المبتدع الضال الغماري .....
فإن في كلامه الضلال والزيغ والوهن والظلمة والخيبة , فوالله مارأيت مثل هذا العفن وتلاميذه وأخص منهم ذلك المجنون الهارب محمود سعيد يمتدحون أهل الضلال والبدع , بل من صرح بكفرهم أئمة الإسلام ..... وهذا إن دل فإنما يدل على أن الغماري متخبط مجنون يهذي بما لا يعي وكذلك المبتدع الهارب.
قاتل الله من وقر صاحب بدعة.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[10 - 01 - 05, 01:59 ص]ـ
ذكر في رسائله المسماة " الجواب المفيد " (ص 102) , مانصه:
القطبية!!
والقطبية ليس أمرها بالهين , والقطب لايكون إلا واحداً في كل عصر ولا يتعدد أصلاً.
فإذا مات واحد خلفه الآخر , وقد ادعى بعضهم القطبية في عصر سيدي علي الخواص , فقال له سيدي علي: إن القطب لا يحل مقام واحد , فعجز فقال له: اتق الله ولا تدع ماليس لك , وما أظن الرياسنة من جدتهم ريسون إلى ظالمهم الجبار العنيد سمعوا بهذا فضلاً عن أن يعرفوا ألف مقام فضلاً عن خمسة وأربيعين ألف مقام , والعوام إذا رأوا صالحاً تظهر على يده بعض الكرامات نسبوه إلى القطبية جهلاً منهم بها , مع أن القطب المتصرف في ثمانية عشر ألف عالم الدنيا عالم الدنيا كلها؛ منها عالم واحد قد لاتصدر منه كرامة أصلاً , لأن الكرامة لا يصدرها الله إلا على يد صغار العارفين ليثبت بذلك إيمانهم كما قيل فيها كاللُعب إذا بكى الصبي أُعطي اللُعبة لتلهيه ويسكت.أما كبار الكمل فلا يحتاجون إلى كرامة.
هذا ملخص مايمكن ذكره الآن.
أما كونه له علامة يعرف بها فهيهات؛ إنما يعرفه العارفون الذين يحضرون الديوان؟! ويشاهدون تلقيه الأوامر الإلهية وخلافته العظمى عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , ولهذا نص بعض العارفين على كذب من يقول في شيوخهم وأصحابهم من الصوفية فلان القطب الرباني , قال: لأن هذا كذب صراح , والكذب من أكبر الكبائر؛ إذ من يدرك أنه قطب حتى تصفه بالقطبية لولا الكذب والتهور , وأخرجهم من هذا المأزق بعضهم أيضاً , بأن قال: يراد بالقطب معناه اللغوي المجازي , وهو من يدور عليه أمر من الأمور.
والشيخ الموصوف بالقطبية تدور عليه أمور زاويته وتلامذته , أو بيته وأهله وعياله .....
فهو بهذا الاعتبار قطب!!!
قلت (الأنصاري): هذا هو الغماري قد أطل علينا بمصيبة أخرى , وجيفة منتنة فاحت رائحتها , وهي ادعاءه بأن أقطابهم مطلعون على خفايا الغيب , وأنهم يأتيهم الوحي من الله مباشرة من دون واسطة , وأن كل هذا يحدث أمام مرمى ومسمع ممن يحضر الديوان (حفلات الزار)!!!
فإلى الله المشتكى.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[10 - 01 - 05, 03:11 ص]ـ
ذكر في " جؤنته " ج 2: ل 20 ـ مخطوط ـ , مانصه:
غريبة
زعم ابن كثير تلميذ ابن تيمية الناصبي أن علياً عليه السلام لم يكن من أهل البيت ـ ذكر ذلك في تاريخه ـ , فخرق الإجماع بذلك , وبرهن على أنه إما جاهل بالحديث والفقه والأنساب ـ كما قال فيه الحافظ في " معجمه ": أنه كان حافظاً على طريقة الفقهاء لا على طريقة المحدثين!!
وإما على أنه خبيثٌ مجرم وقح كذاب , ولو كان معنا تاريخه حاضراً لنقلنا نصه وتنزلنا له , ولعلنا نعود إليه فيما بعد ذلك إن شاء الله تعالى.
قلت (الأنصاري): وهذا كذب صراح وإفك مفترى , لا يقوله مؤمن , فقد قرأت كلام ابن كثير في تاريخه " البداية والنهاية " 7: 233 ـ 375 و 8: 3 ـ 15 / طبع دار الريان سنة 1408 هـ من أوله إلى آخره عدة مرات؛ ولم أجد هذا النص مطلقاً!!!! بل إن كلام ابن كثير جله منقول من " تاريخ الطبري " , وما كان من كلام ابن كثير أو تعليقاته فمعظمه ـ إن لم يكن كله ـ في الثناء على أبي الحسنين رضي الله تعالى عنه وعن آل البيت والصحابة جميعاً ـ.
وسيعلم القاريء حينها من الخبيث المجرم الوقح الكذاب , هل هو ابن كثير؟! أم أحمد الغماري (المفتاح ... العلمية ... الجهاد)؟!
كتبه محب آل البيت والصحابة جميعاً / خالد الأنصاري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/418)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[30 - 01 - 05, 07:12 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده , والصلاة والسلام على من لا نبي بعده , محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وعلى آله وصحبه ....
وبعد:
فإني أحمد الله تعالى على نعمة الشفاء والمعافاة التي أنعم بها علينا؛ فله الحمد والشكر والفضل وله الثناء الحسن.
كما وأشكر الإخوة المشايخ الفضلاء ـ جزاهم الله خيراً ـ , والذين شرّفونا بزياراتهم طوال مدة أقامتنا في بلاد التوحيد (رياض نجد) حرسها الله تعالى , والذين سعدنا وشرفنا بزياراتهم ولقاءاتهم أيضاً؛ كأمثال (الشيخ سامي المسيطير , والشيخ عبدالرحمن السديس , والشيخ عبدالله المزروع , والشيخ زياد العضيلة , والشيخ عبدالله الحمادي ...... وغيرهم من الإخوة المشايخ الفضلاء) , والذي أسأل الله أن يجزيهم الجزاء الحسن , وأن يجمعنا بهم قريباً إن شاء الله تعالى , كما لا أنسى الإخوة المشايخ الذين راسلونا عبر بريدنا , أو كالمونا عبر الهاتف , فلهم أيضاً الشكر الجزيل.
وأقول للجميع / جزاكم الله خيراً
محبكم خالد الأنصاري.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[30 - 01 - 05, 11:34 م]ـ
لم يكتف الغماري تكفيره لمعاوية وعمرو بن العاص بل تعدى وتطاول أيضاً على مقام أبي بكر الصديق وأبي هريرة وابن عمر رضوان الله عليهم ....
قال في " البرهان الجلي " (ص 62) , مانصه ـ نقلاً عن ابن عربي في خطبة الفتوحات ـ: ... إلا أبوهريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - , ذكر مثل هذا البخاري في " صحيحه " عنه: أنه قال حملت عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وعاءين أما واحد فبثثته فيكم , وأما الآخر فلو بثثته قطع مني هذا البلعوم , فأبوهريرة ذكر أنه حمله عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , فكان فيه ناقلاً من غير ذوق , ولكنه علم لكونه سمعه من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. اهـ.
قال الغماري ـ مقراً ـ: أي بخلاف علي عليه السلام , فإنه كان حاملاً له عن ذوق , فلذلك كان إمام العارفين ومرجعهم دون غيره.
وقال أيضاً ـ من نفس الكتاب ـ (ص 78) , مانصه: غاية مافي الباب أدلة تشير إلى خلافة أبي بكر بعد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وتقديمه في بعض المواقف , احتراماً لمنصبه الجليل , ومراعاة لفضله وأياديه البيضاء في الإسلام , وإكرامه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بما له به المنة على رقبة كل مؤمن محب لله ولرسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , وذلك لا يفيد القطع بأفضليته من كل الوجوه , ولا على تقدمه على غيره من سائر النواحي ....
وقال أيضاً ـ من نفس الكتاب ـ (ص 78) , مانصه:
وأما قول عبدالله بن عمر: كنا نخير بين الناس في زمن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , فنخير أبابكر ثم عمر ثم عثمان , ثم نترك أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , فلا نفاضل بينهم؛ فمتروك الظاهر بإجماع أهل السنة على تفضيل علي بعد عثمان , بل قد رده كثير من السلف وأئمة السنة على ابن عمر رضي الله عنهما , حتى قال بعض الحفاظ إن ابن عمر كان صغير السن , لم يعرف كيف يطلق امرأته , فكيف يعرف الأفضل من الصحابة ...................
قلت ـ الأنصاري ـ: هذا هو الغماري , وهذا كلامه , أوصله رفضه المقيت إلى التعدي على مقام أبي بكر الصديق الذي شهدت الدنيا بأسرها ـ إلا الرافضة لعنهم الله ـ على فضله وعلو مكانته وأنه أفضل خلق الله بعد الأنبياء والمرسلين , حتى قال علي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - عنه مقولته المشهورة: معاذ الله أن يختلف على أبي بكر وعمر أحداً من المسلمين , ماذا نقول وماذا نكتب , أدع محبي محمود سعيد وذلك الرافضي المعتزلي الخبيث كبير الأساقفة السقاف هم الذين يردون على إمامهم؟!!!
ولاأدري ماذا سيقولون أيضاً عن كلامه في أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما؟!!!!!
ـ[أبو داود الكناني]ــــــــ[01 - 02 - 05, 03:02 ص]ـ
شيخنا الكريم -بارك الله فيك-
لا زلت أناشدك أن تتحول هذه الردود العلمية على الغماري إلى مصنف لكم لتستفيد الأمة التي حملت أسانيده ولم تعلم ما في عقيدة الرجل من كفر و بدعة
-يسر الله لكم هذا بمنه و كرمه-
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/419)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 02 - 05, 01:35 ص]ـ
جزى الله الأخ الشيخ الكناني خيراً , وأبشره بأني سوف أعمد إلى هذا الأمر في القريب العاجل إن شاء الله تعالى.
كتبه محبكم / خالد الأنصاري.
khalid_alansari@yahoo.com
ـ[ابن المنذر]ــــــــ[03 - 02 - 05, 07:17 ص]ـ
أعانك الله، وسدد خطاك في كشف زيغ هذا المبتدع (الغماري) وتلميذه.
ـ[راضي عبد المنعم]ــــــــ[03 - 02 - 05, 07:48 ص]ـ
المشاركة الأخيرة لي في ((منتدى النيلين)) ونصها كالتالي:
للمرة الألف يهرب الشاب المصري محمود سعيد ممدوح، والذي ظن بنفسه العلم، وجمع حوله بعض من يجيد التصفيق له، فحاول مرارًا وتكرارًا الوقوف في وجه السنة والحق، لكن الله عز وجل خذله في جميع المرات.
كتب يومًا في الرد على الشيخ الألباني رحمة الله عليه، فانبرى له العلامة الشيخ طارق عوض الله حفظه الله فكشف أكاذيب محمود سعيد وجهله وتدليسه.
فكتب في مسألة زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم فقام الشيخ العلامة عمرو عبد المنعم سليم حفظه الله فكشف أكاذيب محمود سعيد وجهله وتدليسه.
ولا زال المشايخ الأفاضل خالد الأنصاري وعبد الغفار بن محمد وأبو داود الكناني وغيرهم أدام الله عزّهم يكشفون لنا الجديد والجديد من أكاذيب وأباطيل محمود سعيد ممدوح.
ثم جاء الرجل إلى هذا المنتدى من يومين، رأينا اسمه هنا، ورأيناه دخله، بل وكتب تعقيبًا سريعًا على موضوعات بعض أخواننا، وعدهم فيها بالرد على ما ذكروه، لكن سرعان ما تراجع الرجل مرة أخرى أمام طوفان الحق، وأنوار الهدى والحديث والسنة، ففر هاربًا.
وغَطَّى عميلة هربه وانسحابه بإعلانٍ بهتانٍ زائفٍ ذكره بعض عاشقيه يقول فيه: ((محمود سعيد ممدوح في النيلين مزيف)) ويدعي أن الذي دخل هنا باسم محمود سعيد من الوهابية!!!
دعك من هذا الهراء يا محمود سعيد ممدوح فقد انكشف الأمر مرات ومرات.
وقد جئتُ إلى هنا لعلك تتشجع يومًا للقاء الحق.
فقد سبق لك أن طلبتَ المناظرة في غير ملتقى أهل الحديث، وقد عرضتُها عليك في غرفة شات، فهربت، فعرضتُها عبر المسنجر فهربت، ثم عرضتُها في هذا المنتدى، لكنك كعادتك تهرب وتهرب.
ثم تصنع تمثيلية وهمية تقول: ((محمود سعيد في النيلين مزيف))!!!
كفاك عبثًا يا رجل، ودع عنك الكتابة لست منها، ولو سودتَ وجهك بالمداد، وقد كنتُ أظنك أعقل من هذا.
ولن تستطيع التمثيل هذه المرة، فقد أخطأ عاشقك الذي قام بالتمثيل معك هذه المرة فصرّح أنه عرض الأمر عليك؛ يعني أنك تعرف كل شيء، وتم كل شيء بتدبيرك!!
وهكذا يا محمود تكذب على عادتك.
تدخل الملتقى فإذا هزمك الحق هربتَ وافتعلتَ الأوهام التي تظن أن القارئ سيصدقها بلا تفكير!!
وما دمنا لم نجد هنا خصومًا فهيا إلى قواعدنا ثانية في ديار الحديث وملتقى أهل الحديث رضي الله عنهم وأرضاهم، والحمد لله رب العالمين.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 02 - 05, 02:11 م]ـ
أخي الشيخ الفاضل راضي حفظه الله تعالى.
جزاك الله خيراً على ما تبذله في كشف زيغ هذا الخائن الدعي الخبيث داعية الضلال محمود سعيد ممدوح , والذي سميته أو لقبته من قبل (بالفأر) , والفأر أحد الفواسق كما لا يخفاك.
ـ[أبو داود الكناني]ــــــــ[03 - 02 - 05, 02:47 م]ـ
جزى الله الأخ الشيخ الكناني خيراً , وأبشره بأني سوف أعمد إلى هذا الأمر في القريب العاجل إن شاء الله تعالى.
كتبه محبكم / خالد الأنصاري.
khalid_alansari@yahoo.com
الحمد لله الذي شرح صدرك لهذا الأمر و نسأل الله لك المعونة و التوفيق
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 02 - 05, 07:16 م]ـ
ـ كلام الغماري على الشيخ عبد الحي الكتاني ـ
ذكرت في مقالاتي السابقة بأنه لم يسلم أحد من الغماري حتى مشايخه , بل لم يسلم منه إخوته من أمه وأبيه , ووعدت بأن أنقل كلامه فيهم ولعنه لهم ـ بله تكفيره ـ واتهامهم بالخيانة والتجسس , كي يعلم من أحبوه سمو أدبه ومبلغ علمه وغايته , وأقول لهم انظروا إلى كلام الشريف الذي يزعم أنه سليل بيت النبوة ..... !!!!!!!!!!!!
وأقول لمحمود سعيد , خذ هذه الطامة , وادعوا لنا لا لصاحبك ....... :
قال في " كشف الستار المسبلة " (ص 27 ـ 28) عن الشيخ عبدالحي الكتاني (صاحب فهرس الفهارس) , مانصه:
الشيخ اللوطي الجاسوس , تارك الصوم والصلاة , قاتل الأرواح , سفاك الدماء , سارق الكتب والأموال , نائك النساء والعيال , قبحه الله , وقطع زبره , وأراح منه الأطياز , وأغرقه في بحور من الخراء .... آمين.
وقال أيضاً (ص 31) , مانصه:
عبدالحي الخبيث المجرم , أيها الخنزير , ولو كنت في بلدك فاس لفسوت عليك يابن الكلب , لا والله بل فسوتي أشرف منك يامؤذي المسلمين , ياعاق , يازنديق , ياملحد , ياجاسوس , يالوطي , ياخنزير.
وقال أيضاً (ص36) في بعض اعتراضاته على بعض النصوص من كتاب " فهرس الفهارس " للشيخ مانصه:
لا يصدر ـ أي هذا الكلام ـ إلا من قحبة فاجرة.
هذا هو أحمد الغماري (المفتاح ... العلمية ... الجهاد).
كتبه / خالد الأنصاري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/420)
ـ[المضري]ــــــــ[03 - 02 - 05, 08:33 م]ـ
يا ساتر!!!!
لا لا لا .. هل أنت متأكد ياشيخ خالد أن هذا الكتاب - كشف الستار المسبلة - هو للغماري حقاً وأن هذه النصوص موجودة فعلاً بحروفها؟؟
والله إنها ليست فضيحة علمية وحسب بل جرائم أخلاقية خطيرة جدا!!
وكأنك تقرأ لسفاح ومجرم شوارع ورئيس عصابة مافيا وليس لشخص مسلم فضلاً عن قارئ عادي فضلاً عن طالب علم فضلاً عن شيخ فضلاً عن حافظ!!!
لا إله إلا الله.
أرجو أن لاتفهم ياشيخ خالد أني أشكك بك وبما تنقل ولكن ما قرأته لا يصدق والله العظيم لايصدق أبداً أن يكون كاتب تلك القذارات مسلم عاقل فكيف سمحوا لأنفسهم بتسميته شيخ حافظ؟؟؟ وأين المسلمون والأفاضل وأصحاب المروءات كيف سكتوا عنهم طوال تلك المدة؟؟؟
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 02 - 05, 08:43 م]ـ
وسترى وتقرأ أخي الكريم ماهو أكبر وأشنع وأفضع وأقذر من هذا كله .....
والله المستعان.
فليهنأ بذلك محمود سعيد وشرذمته منتدى الفجار (التنزيه) وعلى رأسهم الرافضي النجس صديق الشيطان الساحر كبير الأساقفة حسن السقاف عليه وله من الله مايستحق.
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[03 - 02 - 05, 08:50 م]ـ
ـ كلام الغماري على الشيخ عبد الحي الكتاني ـ
ذكرت في مقالاتي السابقة بأنه لم يسلم أحد من الغماري حتى مشايخه , بل لم يسلم منه إخوته من أمه وأبيه , ووعدت بأن أنقل كلامه فيهم ولعنه لهم ـ بله تكفيره ـ واتهامهم بالخيانة والتجسس , كي يعلم من أحبوه سمو أدبه ومبلغ علمه وغايته , وأقول لهم انظروا إلى كلام الشريف الذي يزعم أنه سليل بيت النبوة ..... !!!!!!!!!!!!
وأقول لمحمود سعيد , خذ هذه الطامة , وادعوا لنا لا لصاحبك ....... :
قال في " كشف الستار المسبلة " (ص 27 ـ 28) عن الشيخ عبدالحي الكتاني (صاحب فهرس الفهارس) , مانصه:
الشيخ اللوطي الجاسوس , تارك الصوم والصلاة , قاتل الأرواح , سفاك الدماء , سارق الكتب والأموال , نائك النساء والعيال , قبحه الله , وقطع زبره , وأراح منه الأطياز , وأغرقه في بحور من الخراء .... آمين.
وقال أيضاً (ص 31) , مانصه:
عبدالحي الخبيث المجرم , أيها الخنزير , ولو كنت في بلدك فاس لفسوت عليك يابن الكلب , لا والله بل فسوتي أشرف منك يامؤذي المسلمين , ياعاق , يازنديق , ياملحد , ياجاسوس , يالوطي , ياخنزير.
وقال أيضاً (ص36) في بعض اعتراضاته على بعض النصوص من كتاب " فهرس الفهارس " للشيخ مانصه:
لا يصدر ـ أي هذا الكلام ـ إلا من قحبة فاجرة.
هذا هو أحمد الغماري (المفتاح ... العلمية ... الجهاد).
كتبه / خالد الأنصاري.
جزاك الله خيراً يا شيخ خالد، ونفع بك، واستمر في فضحهم؛ فأنت مجاهد ذو سيف بتار.
وتعليقاً على ما كتبه هذا المأفون، أقول:
صاحب هذه الكتابه هو أولى أن تقال فيه،
و يشمل ذلك أيضاً المدافعين عنه، والمنافحين عن رياضه،
وكل إناءٍ بما فيه ينضح،
وتقول العرب: كل يرى الناس بعين طبعه،
والله أعلم.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 02 - 05, 08:58 م]ـ
جزاك الله خيراً أبامعاذ , فهلا دعوت لصاحبك الأنصاري .....
(ـ) ابتسامة محبة وذكرى جميلة ....
عسى الله أن يجمعنا بكم قريباً.
محبكم / الأنصاري.
ـ[راضي عبد المنعم]ــــــــ[04 - 02 - 05, 12:39 ص]ـ
سلامًا سلامًا
الآن انتهى كل شيءٍ، فلا غماري ولا محمود ولا سقاف، ولكن ((بديعة مصابني)) وأعوانها!!!
الأخ المضري وفقك الله: زعماء المافيا لا يصلون إلى مثل هذا الانحطاط!!!!!!
الشيخ الأنصاري حفظك الله:
لا أقول لك أحسنتَ على كشفك لذوي الأربع المذكور في كلامك! ولكن أقول: أحسنتَ حين تحمّلتَ الاطلاع على أوساخهم حتى الآن.
الشيخ المزروع حفظه الله: كيف استطعتَ نسخ الكلام ثانيةً؟ ما أصبرك!
أعوذ بالله
أعوذ بالله
كفى يا شيخ خالد حفظك الله فقد طمى السيل حتى غاصتِ الرُّكَب!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[04 - 02 - 05, 01:06 ص]ـ
مرحباً بالشيخ راضي ........
ولكن لما أنتهي بعد ياشيخ راضي , ويؤسفني إن قلت ليس الآن .....
ففي جراب الحاوي ـ أحمد الغماري ـ العفن الكثير .... ويصدق فيه المثل المصري (ياما في الجراب ياحاوي)!!!!!
نسأل الله السلامة والعافية.
كتبه ـ الفقير إلى الله ـ محبكم / خالد الأنصاري.
ـ[راضي عبد المنعم]ــــــــ[04 - 02 - 05, 01:26 ص]ـ
الشيخ الأنصاري حفظك الله:
السلام عليك ورحمة الله وبركاته.
وفقك الله وسدد خطاك في كشف ((بديعة مصابني)) وتلامذتها ذوي الأربع
وسأتحمل مشاق القراءة لحبي فيما تكتب.
وفقك الله وسدد خطاك
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
مُحبُّك: راضي.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[04 - 02 - 05, 04:30 ص]ـ
وسوف الترى العجب يوم غد إن شاء الله تعالى.
ففي الموضوع القادم لن أكتفي بالصواعق والبروق بل سأزيد عليها (الشهب المحرقة على أهل الزيغ والزندقة).
بل لعلي أسميه وهو الأنسب في نظري (الضرب بالمطرقة على رؤوس أهل الزيغ والزندقة).
فلعل المبتدع الهارب محمود سعيد يوافقني الرأي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/421)
ـ[أبو داود الكناني]ــــــــ[04 - 02 - 05, 04:44 ص]ـ
وسوف الترى العجب يوم غد إن شاء الله تعالى.
ففي الموضوع القادم لن أكتفي بالصواعق والبروق بل سأزيد عليها (الشهب المحرقة على أهل الزيغ والزندقة).
بل لعلي أسميه وهو الأنسب في نظري (الضرب بالمطرقة على رؤوس أهل الزيغ والزندقة).
فلعل المبتدع الهارب محمود سعيد يوافقني الرأي.
ما شاء الله
هناك ثم جديد قوى الله سعيك يا شيخنا الحبيب و تقبل جهادك فإن المؤمن يجاهد بلسانه و يده
و قوى حجتك و رفع رايتك
تلميذكم المحب
أبو داود
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[05 - 02 - 05, 12:23 ص]ـ
أيهما نصدق؟ التلميذ , أم الأستاذ!!!!
ترجم المبتدع الضال الهارب محمود سعيد ممدوح , لأحد مشايخ الغماري (الشيخ محمود بن محمد خطاب السبكي) رحمه الله تعالى في كتابه " تشنيف الأسماع " [ص 530 ـ 535] وأثنى عليه وعلى علمه خيراً لما سيأتي , بينما تعرض الغماري لشيخه بكلام لو خلط بالماء الطهور لنجسه.
وقبل أن أسرد كلام محمود سعيد وترجمته الطويلة للشيخ السبكي , فإني أذكّر هذا المبتدع الضال الهارب وقبل أن يتنصل كعادته وينكر تتلمذ الغماري على الشيخ المذكور , وأقول له: فلنقرأ قليلاً ما سودته يداك في [ص 74] من كتابك " التشنيف " , فقد قلت في ترجمة شيخك الشريف , مانصه:
وله مشائخ آخرون بمصر في القراءة منهم الشيخ محمد حسنين مخلوف العدوي المالكي , والشيخ محمود خطاب السبكي المالكي ........ إلخ.
وعوداً إلى ترجمة الشيخ السبكي:
203 ـ محمود بن محمد خطاب السبكي
(أبومحمد محمود بن محمد بن أحمد بن خطاب السبكي) الشيخ العلامة الفقيه الداعي إلى الله تعالى الناسك السالك المالكي الأزهري الخلوتي.
ولد رحمه الله تعالى في بلدة سبك الأحد ـ أشمون من أعمال المنوفية بمصر في 19 من ذي القعدة سنة 1274 هـ.
وكان والده عمدة البلد , له ستة من الذكور فقسمهم ثلاثة للعلم والقرآن الكريم , وثلاثة للزراعة والرعي؛ فكان الشيخ محمود من القسم الثاني.
وبعد سن التمييز , اتصل بالعارف بالله الشيخ أحمد بن محمد جبل السبكي الخلوتي فاشتغل معه بالذكر والصيام والصلاة , لاسيما التهجد , فكان يصلي في الليل مائة ركعة مع الأوراد , ولما ظهر نبوغه وصلاحه أذن له شيخه في الدعوة والإرشاد بعد أن زوده بالمعارف اللازمة المناسبة لبيئته , وبعد أن اشتهر أمر الشيخ المترجم له في أنحاء البلاد وظهرت له كرامات.
ثم قدم للقاهرة مع شقيقه فأعجبه الجامع الأزهر لمافيه من نور العلم , فمجالس العلماء لاتنقطع , والطلاب ملتفون حول العلماء يدرسون , وفي يد كل منهم كتابه , فهذا يكتب تقرير الشيخ , وهذا يسأل والشيخ يشرح ويجيب ويدقق كما هي عادة علماء الأزهر في ذلك الوقت العامر بالجهابذة الذين شدت إليهم الرحال من أنحاء المعمورة إذ كان ذلك في أواخر القرن الثالث عشر.
فلما راى المترجم له هذا الجو العلمي أوقع الله في قلبه حب العلم والاشتغال بطلبه.
حفظ القرآن بسرعة عجيبة , فكان ربما حفظ في اليوم الواحد ثلاثة أرباع أو حزب , وذلك مع حفظ المتون وحضور الدروس اليومية داخل الأزهر الشريف , وفي الحلقات التي بعد الدراسة بمسجد الحسين ومسجد محمد بك أبي الذهب , والذهاب للخلوة الخلوتية ... وغير ذلك , وهكذا كان اجتهاده في طلب العلم منقطع النظير بالإضافة إلى الصلوات والأذكار التي لم ينقطع عنها.
وكان من دأبه العمل بما علم دائماً , فكان هذا معيناً له ومساعداً على سرعة التحصيل , وفي الوقت كان آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر غير مبال بما يصيبه محتسباً ذلك عند الله تعالى.
ومن شيوخه الذين تلقى عنهم بالأزهر الشريف العلامة الإمام محمد بن محمد عليش المالكي (ت 1299 هـ) , وشيخ الإسلام الشمس الإنبابي (ت 1313 هـ) , وشيخ الإسلام سليم البشري ... وذكر هؤلاء الأعلام الثلاثة في مقدمة شرحه الممتع المفيد على سنن أبي داود , ومن مشايخه بالأزهر أيضاً الشهاب أحمد الرفاعي , والشيخ إبراهيم الظواهري ... وغيرهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/422)
جد في أثناء الطلب على تحصيل الفقه المالكي , فكان يحضر عدة دروس في اليوم الواحد , وجمع في وقت الطلب " حكمة البصير على مجموع الأمير " في أربعة أجزاء ضخام , وفي وقت الطلب أيضاً جمع كتابه " فتاوى أئمة المسلمين بقطع لسان المبتدعين " , وقد طبع وكان موضع إعجاب مشايخه لمثابرته وجده في التحصيل , فتفوق على الأقران.
وفي سنة 1313 هـ في شهر رجب نال شهادة العالمية بحضور أفاضل علماء الأزهر الشيخ حسونة النواوي الحنفي ـ وكيل الأزهر ومفتي الديار المصرية ـ , والشيخ بكر الصرفي الحنفي , والشيخ أحمد الرفاعي المالكي , والسيد علي الببلاوي المالكي , والشيخ عمر الرافعي الشافعي , والشيخ سليمان العبد الشافعي , وقد أثنى الجميع على علمه , وعمله , ثم اشتغل بالتدريس في الأزهر الشريف فكان يدرس الفقه المالكي والحديث والأصول , ولدعوته الكبيرة الواسعة وحسن إخلاصه التف حوله العديد من العلماء والطلاب , فبنى مسجداً في ساحة منزله بحي الخيامية بالقاهرة المعزية , وأسس جمعية سماها (الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية).
وكان يدرس في المسجد المذكور سنن أبي داود والنسائي والفقه على المذاهب الأربعة , وله درس عام بعد صلاة الجمعة نقل كثير من أحبابه وتلاميذه لنا كثيراً من الكرامات في هذا المجلس المبارك , وألقيت عليه الأشعار , ورؤيت له منامات , وكان صوته جهورياً إلى أول الشارع المعروف اليوم بإسمه في حي الخيامية بالقاهرة.
واعتنى رحمه الله تعالى بسنن أبي داود إعتناءً كبيراً , وعزم على طبع " عون المعبود " بالقاهرة , ولما لم يتيسر له الأمر شرع في وضع شرح واسع عليه سماه " المنهل العذب المورود شرح سنن الإمام أبي داود " , وصل فيه إلى باب (الهدى من كتاب المناسك) ـ في عشرة مجلدات.وهو شرح كبير حافل , إعتنى فيه بالكلام على رجال السند وطرق الحديث وبيان مذاهب الفقهاء بالدليل غالباً؛ فأتى شرحاً لانظير له في بابه , وهو أكبر شرح على السنن متداول بين أيدي العلماء والطلاب.
ولابنه العلامة الشيخ أمين بن محمود السبكي تكملة له في أربعة مجلدات أسماها " فتح الملك المعبود " وصل فيه إلى آخر (كتاب الطلاق) , ولعل الله سبحانه وتعالى يقيض لهذ الكتاب المفيد من يتمه ... وقد اعتنى الأستاذ الفاضل الشيخ مصطفى بيومي بوضع فهارس للعشرة أجزاء المطبوعة من " المنهل العذب المورود " , فجاءت درة زينب الكتاب سماه " المفتاح " , وقد طبع.
ومن خصائص هذا الشرح الحافل:
أولاً: يأتي الشيخ أولاً بالكلام على رجال الحديث منبهاً على اختلاف الروايات من زيادة ونقصان .. أو نحو ذلك حسب طاقته ومعرفته.
ثانياً: الاعتناء بضبط الأسماء واللغات.
ثالثاً:بيان معنى الحديث ومأخذ كل مذهب مع استيفاء كامل في ذلك من المصادر الموثوق بها , وفي هذا الباب يأتي بالفوائد الفرائد التي لايفضله فيها أي شرح آخر مطبوع على سنن أبي داود.
رابعاً: يلخص ماذكره في الباب السابق تحت عنوان فقه الحديث , فلله دره فهي طريقة الأئمة في كتاباتهم طريق اللف والنشر المرتب حتى يكون أوقع في نفس الطالب بله العالم والمحدث.
خامساً: الكلام على من أخرج الحديث وفيه يأتي بغرر النقول من كلام أئمة هذا الشأن , فجزاه الله تعالى عن المسلمين خير الجزاء.
سادساً: الاعتناء بتحرير المسائل التي اشتهر الخلاف فيها.
وهذا الأسلوب الذي اتبعه الشيخ محمود خطاب السبكي توسع فيه في الجزء الأول جداً؛ أما الأجزاء الباقية ففيه بعض الاختصار عن الأول لمناسبات عديدة لاتخرجه عن خصائصه ومميزاته.
وقد أثنى على شرحه كثير من أرباب الفقه والحديث؛ منهم العلامة السيد محمد يوسف البنوري , فقال: (وأحسن شرح من كثير من الجهات هو المنهل العذب المورود للشيخ محمود خطاب السبكي المرحوم من أهل العصر. اهـ " بذل المجهود " 20/ 349).
وللمترجم أيضاً كتاب " الدين الخالص " , أو " إرشاد الخلق إلى الحق " في أربعة مجلدات كبار.
وهو كتاب في الفقه على المذاهب المختلفة , سلك فيه مسلك أهل الترجيح , ونقل فيه كثيراً من فتاوى علماء الأزهر المنثورة , وهذا من نوادره , وله مقدمة للمصنف ضافية مفيدة , فلله دره , وعليه تعليقات لمحققه ولده الإمام أمين بن محمود خطاب السبكي رحمه الله رحمة الأبرار.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/423)
وله مصنفات أخرى في شتى العلوم الشرعية , منها:
1ـ أعذب المسالك ـ في التصوف والأحكام الفقهية ـ.
2ـ إصابة السهام فؤاد من حاد عن سنة خير الأنام.
3ـ الرسالة البديعة في الرد على من طغى فخالف الشريعة , وله حاشية على الديباجة.
4ـ غاية البيان لما به ثبوت الصيام والإفطار في شهر رمضان.
5ـ العهد الوثيق لمن أراد سلوك أحسن طريق.
6ـ النصيحة النونية في الحث على العمل بالشريعة المحمدية.
7ـ تعجيل القضاء المبرم لمحق من سعى ضد الرسول الأعظم.
8ـ سيوف إزالة الجهالة عن طريق سنة صاحب الرسالة.
9ـ فصل القضية في المرافعات وصور التوثيقات والدعاوى الشرعية.
10ـ المقامات العلية في النشأ الفخيمة المحمدية.
11ـ السم الفعال في أمعاء فرق الضلال.
12ـ الصارم الرنان من كلام سيد ولد عدنان.
13ـ الرياض القرآنية في الخطب المنبرية.
14ـ خلاصة الزاد لمن أراد سلوك سبيل الرشاد.
15ـ رسالة البسملة.
16ـ رسالة مبادئ العلوم.
17ـ اتحاف الكائنات لبيان مذهب السلف في المتشابهات.
وغالب كتبه مطبوعة في حياته أو بعد وفاته , ومتداولة بين الناس , وكان بين المترجم له والعلامة الشيخ مصطفى أبي سيف الحمامي ردود في مسائل شتى غالبها أتى من اختلافهما في البدعة ماهي؟
فذهب الشيخ الحمامي إلى مذهب الجمهور , وذهب الشيخ السبكي إلى مذهب الشاطبي المذكور في " الإعتصام " , وبأنه لاتوجد بدعة حسنة , وانتصر كل منهما لرأيه في رسائل مطبوعة.
وقول الجمهور في هذا الباب هو الموافق لأصول الشريعة الموضح لمقاصدها , وهذا قول الإمام الشافعي رضي الله عنه فيما رواه عنه أبونعيم في " الحلية " , قال: حدثنا أبوبكر الآجري , ثنا عبدالله بن محمد العطشي , ثنا إبراهيم بن الجنيد , ثنا حرملة بن يحي , قال: سمعت محمد بن إدريس الشافعي , يقول: البدعة بدعتان: بدعة محمودة , وبدعة مذمومة ... فما وافق السنة فهو محمود , وما خالف السنة فهو مذموم , واحتج بقول عمر في قيام رمضان: (نعمت البدعة).اهـ 9/ 113.
وللعلامة المترجم له أصحاب كثيرون , ومنهم ولده الإمام أمين محمود خطاب السبكي (ت 1387هـ) , ومفتي الديار المصرية الشيخ عبدالمجيد سليم , والعلامة الشيخ علي محفوظ صاحب " الإبداع في مضار الإبتداع " , والمفتي الشيخ علي حسن حلوة (ت 1392 هـ).
وفي سنة (1350هـ) أحيل إلى التقاعد حسب قانون الأزهر المعمول به في ذلك الحين , ولكن هذا لم يمنعه من دعوته , فاشتغل في مسجده بالتدريس وإحياء الليل بالذكر والصلاة والتلاوة .... إلى أن اشتاق إلى اللحاق بالرفيق الأعلى , فانتقل من دار الغرور والفناء , إلى دار السرور والبقلء يوم الجمعة الرابع عشر من ربيع الأول سنة (1352هـ).
وكانت جنازته مهيبة كبيرة حضرها العلماء والأمراء , ودفن المترجم له في مقابر باب الوزير ... رحمه الله وأثابه رضاه.
قلت (الأنصاري): إلى هنا انتهى وكمل كلام محمود سعيد , وكي لا يتنصل كعادته , أو يكذب كما هو معلوم من خلقه الذميم , فإني سأتحفه بكلام شيخه الإمام العلامة الشريف الحافظ , في الشيخ محمود السبكي رحمه الله تعالى .....
قال في إحدى رسائله إلى الشيخ العلامة أبي خبزة ـ حفظه الله تعالى ـ المسماة " الجواب المفيد " (ص 37 ـ 38 / طبع دار الكتب العلمية) , مانصه:
أما محمود خطاب السبكي , فرجل مبتدع ضال دجال كذاب جاهل بكل شيء إلا بطرق الشيطنة والإضلال.وماسمع بلفظ الحديث ولا معناه فضلاً عن أن يكون طالب حديث , فضلاً عن محدث , وهو معروف بالجهل بين علماء الأزهر , ولقد أمرته المشيخة في سنة تبكيتاً به بقراءة " منهاج البيضاوي " في الأصول , فذهبت لسماعه , فكان لايعرف مايقول , وفي كل ربع ساعة يقول للحاضرين استغفروا عشرة , ثم بعد مدة يقول صلوا على النبي عشرة , وإذا سأله سائل وألح عليه بصق في وجهه ولعنه , وربما ضربه بالنعال الذي في رجله.وحضرته مرة في " سنن النسائي " فصار وهو جالس على الكرسي بلحيته البيضاء يحكي للحاضرين كيفية العروس ليلة العرس وماتصنعه من غنج ونحو ذلك , فعلمت أن الرجل سخيف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/424)
أما " شرح سنن أبي داود " , فأنا أعلم الناس به , فإنه ماكتب منه حرفاً واحداً؛ منير الدمشقي رجل تاجر وكان انضم إلى جمعيتهم لأخذ النقود من صندوقهم , فلما شرع يسرد في زاويته " سنن أبي داود " , وكان شرحه " عون المعبود " المطبوع بالهند مفقوداً , أشار عليهم منير بطبع " شرح العيني على أبي داود " لينتفع هو بالطبع , فاختار بعض أتباعه أن يكون الشرح باسم شيخهم , فانبرى ثلاثة منهم , فكانوا يذهبون لدار الكتب فينسخون شرح العيني , ثم يأتون به إلى الجمعية فيزيدون فيه زوائد من " عون المعبود " , وينقصون فيه منه ما لا فائدة لهم فيه , ويطبعونه باسم الشيخ , وكان بعضهم أراد أن يستعين بنا في ذلك.
والرجل كان في الأول صوفياً , وأسس زاوية ينشر فيها الطريقة الخلوتية , ثم ادعى أنه يتمسك بما في مدخل ابن الحاج حرفاً حرفاً , ثم خرج منه إلى الوهابية , ومحاربة التصوف والطرق.
وجماعته اليوم بمصر هي أخبث طائفة ضالة مبتدعة , يكفرون عموم المسلمين , ولا يصلون خلف مسلم , ولا يقرئونه السلام , ومن سلم عليهم لايردون السلام عليه , وتحصل بينهم في القرى وبين المسلمين حروب ومضاربات من بين كل حين وآخر.
والرجل في نفسه شيطان كذاب ملبس محتال على الدنيا بحيل مضحكة ... وقد استوفى ذلك تلميذه الخاص الشيخ مصطفى الحمامي رحمه الله في عدة مؤلفات كلها مطبوعة , منها " كشف الحجاب عن بلايا محمود خطاب " , و " اكتشاف السر المقصود من بلايا محمود " , و " تحطيم الحسام السامي " .... وغير ذلك.
وحكى عنه أنه لما كان ملازماً لخدمته , وكان يخرج إلى الأرياف , كان يتخذ أقراصاً مخصوصة يخبؤها معه ويأكل واحدة منها إذا دخل الكنيف , ثم يبقى طاوياً لايأكل شيئاً مدة سياحته إغواءً للعامة والفلاحين , في أمثال هذه الحيل.
وترجمته طويلة , وأخباره عندنا كثيرة حسبما شاهدناه منه ومن أصحابه , أما في العلم فكان أضعف علماء الأزهر على الإطلاق , كما هو مشهور بذلك بين كافة أهل الأزهر.
قلت (الأنصاري): هذا هو كلام الغماري , فلا أدري أيهما نصدق؟ الشيخ أم التلميذ!!!
وإن كان الإثنان في كفة واحدة , أي لاعدالة ولا صدق , ولادين , ولا حياء!!!
ـ[أبي الحسن]ــــــــ[05 - 02 - 05, 01:22 ص]ـ
أيهما نصدق؟ التلميذ , أم الأستاذ!!!!
ترجم المبتدع الضال الهارب محمود سعيد ممدوح , لأحد مشايخ الغماري (الشيخ محمود بن محمد خطاب السبكي) رحمه الله تعالى في كتابه " تشنيف الأسماع " [ص 530 ـ 535] وأثنى عليه وعلى علمه خيراً لما سيأتي , بينما تعرض الغماري لشيخه بكلام لو خلط بالماء الطهور لنجسه.
السلام عليكم
من طبع هذا الكتاب من قبل محمود وأين هو متوفر؟
أعني الكتاب: تشنيف الأسماع
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[05 - 02 - 05, 01:58 ص]ـ
و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته , أخي.
الكتاب من تصنيف المبتدع الهارب , وهو باسم:
(تشنيف الأسماع بشيوخ الإجازة والسماع , أو إمتاع أولي النظر ببعض أعيان القرن الرابع عشر , وفيه جل مشايخ مسند العصر العلامة محمد ياسين الفاداني المكي)
جمع: أبي سليمان محمود سعيد بن محمد ممدوح الشافعي ...
طبع: دار الشباب للطباعة , 15 شارع العباسية بالقاهرة.
كتبه / خالد الأنصاري.
ـ[أبي الحسن]ــــــــ[05 - 02 - 05, 02:19 ص]ـ
و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته , أخي.
الكتاب من تصنيف المبتدع الهارب , وهو باسم:
(تشنيف الأسماع بشيوخ الإجازة والسماع , أو إمتاع أولي النظر ببعض أعيان القرن الرابع عشر , وفيه جل مشايخ مسند العصر العلامة محمد ياسين الفاداني المكي)
جمع: أبي سليمان محمود سعيد بن محمد ممدوح الشافعي ...
طبع: دار الشباب للطباعة , 15 شارع العباسية بالقاهرة.
كتبه / خالد الأنصاري.
شكرا جزيلا على المعلومات
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[05 - 02 - 05, 02:23 ص]ـ
حياك الله
ـ[باز11]ــــــــ[05 - 02 - 05, 07:26 ص]ـ
أخونا الشيخ خالد الأنصاري.
هل من مزيد في التعريف بكتاب " تشنيف الأسماع بشيوخ الإجازة والسماع " فهل هو كتاب صغير أو كبير، وأين يباع هذا الكتاب، وما هو موضوعه، ومتى طبع هذا الكتاب، فيمكن الاستفادة منه في الرد على محمود سعيد ممدوح.
وهل هو في هذا الكتاب على عادته في التهجم على السلفية والسلفيين، أفيدونا أفادكم الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/425)
ويمكن لأخينا المكرم الشيخ خالد الأنصاري مع ما أوتي من سعة في الاطلاع وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء أن يطلعنا على آخر كتابات القبوري الصوفي ممدوح سعيد المصري.
ـ[راضي عبد المنعم]ــــــــ[05 - 02 - 05, 10:40 ص]ـ
--------------------------------------------------------------------------------
لم تكن لي علاقة بالوهابية ولا الصوفية ولا غيرهما، أنا من هواة الشبكة البسطاء، أدخل كما يدخل غيري لأحمل إلى جهازي برنامجًا جديدًا أو أعرف لعبة جديدة وربما شغلت نفسي أحيانا بالاطلاع على قناة الجزيرة أو غيره.
لفت نظري من أيام بعض العناوين هنا، فرأيتها تتكلم عن فضائح الوهابية دخلت أشوف إيه الحكاية فلم يعجبني أسلوب الكاتب الذي يدل على جهله.
مجرد صور وكلام غير مقنع ولم يذكر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في كلامه ولا مرة واحدة، كل كلامه قال سيدي ومولاي، قال علان.
كلام فارغ لم يعد يصلح في القرن العشرين وعقول تافهة تعيش في الظلام.
ساعتها دفعني فضولي لتتبع الروابط فوقعت عيني على رابط به كتاب العلامة الشيخ إحسان إلهي ظهير جزاه الله خيرا وهو يتكلم عن التصوف وفي نفس الوقت كان بعضهم وضع رابط لملتقى اسمه الأصلين.
قرأت هذا وذاك فلم أقتنع بفطرتي التي لا تعرف شيئًا بما يقوله العالم في ملتقى الأصلين ولا حتى ما يكتبه الصوفية في هذا المنتدى ووجدت نفسي مقتنعًا بقوة بما يقوله الشيخ إلهي ظهير وغيره بارك الله فيهم.
ثم وجدت رابطًا آخر من ملتقى أهل الحديث دخلت أشوف إيه الحكاية وجدت مصايب للصوفية.
أنا الآن مقتنع تمامًا بالسلفية وأهل الحديث وإن لم أفهم ثلاثة أرباع ما يقولون لعدم علمي لكني من داخلي موقن أنه الحق فكلامهم عليه نور وكلام موزون ورزين.
لكن كلام الجماعة بتوع الأصلين حقيقة أشعر وكأنه كلام مجانين أو هو أشبه بكلام المجاذيب أحباب الشطح والزمر.
فكرتُ في حال الجماعة أهل الحديث فوجدت أنني لم ألتقى بأحدهم في خيمة ولا زار ولا خلافه في يوم من الأيام فعجبني احترامهم بصراحة.
لكن الصوفية مرطرطين على الأرصفة أهم حولنا، خيم ملهاش حد كلها صوفية، أفوت عليهم كثيرًا في الموالد والصلاة شغالة وهم في الخيام يشربون الحشيش.
دا مش سر يا عزيزي لكن دي الحقيقة، بس أنا لم أكن أعرف أن اسمهم الصوفية، كنت أظنهم عالم مخابيل، وياما تشاجرت مع بعضهم.
بصراحة منظرهم يقرف، لما ترى واحد منهم لبسه وسخ وشعره منكوش وماشي حافي وهدومه ممزقة وفوق كل ده مريل على نفسه وعمال يشطح وحواليه شويه عربجية يقولوا له: يا مولانا يا سيدنا.
بصراحة أنا في يوم من الأيام تصورت إنهم جم من عالم تاني، لكن بعد كتاب الشيخ إحسان إلهي ظهير بارك الله فيه بدأت أقرأ ما يكتبه في هذا المنتدى المشايخ أهل الحديث فعجبني كلامهم بصراحة واقتنعت بيه.
أنا لا أتكلم في هذا المنتدى كثيرًا لأنني أرى أن كلام المشايخ اللذين أنقل كلامهم كلام قوي وموزون ولذلك أنقله وفقط.
لكن الصوفية هنا صوابهم طار، ومش فالحين غير في الصور.
قلت لواحد فيهم من يومين: هات لي نتيجة أعلقها على الحيطة بدل الصور، ما أنا مليت منه، كل يوم صورة مكررة، لا عاوز يبدلها ولا عاوز يعترف بجهله ولا عاوز يفهم حاجة، زي البغبغان، كل يوم يقول كلام مش فاهمه.
حياتهم بصراحة مملة.
لكني أشكر المشايخ أهل الحديث في هذا الملتقى وإن كنت أعتب عليهم التقصير في تبليغ الحق.
ملايين زيي يدخلون الشبكة يوميًا لا هم لهم سوى ملتقى فيه برنامج حلو أو ملتقى فيه فرقعة أو نشتم واحد وواحد يشتمنا هي دي حياتنا.
لكن إنتوا ربنا أعطاكم العلم الموزون وواجب عليكم تقوموا بواجبكم في الدعوة إلى الله وتبليغه لكل الشباب التائه.
خاصة إن بعض الشباب ربما ساعدته الظروف فدخل ملتقى نظيف، وربما وبدون قصد وقع في شبكة ضلال زي الصوفية.
بصراحة أنا أحب ألبس نظيف وأمشي محترم في الشارع، أما الصوفية فكل ما رأيته في الموالد هبل وشطح ووساخة.
أعوذ بالله أن أكون صوفيًا في يوم من الأيام.
وأرجو جميع الشباب مثلي أن يذهبوا إلى الجماعة أهل الحديث فوالله إنني لأشعر بالبركة والخير والنور في كلامهم، تحس فيه صدق وإخلاص طالع من القلب، مش خبل زي بتاع الصوفية.
أنا ياما شفت كلام الشيخ ابن باز الله يرحمه بصراحة كنت أحب فتاويه جدًا لكن لما شفت المخبول الغماري والكلام عنه فكرت إنه راجل محترم وعالم بس لما شفت الكلام بتاعه ولسانه الزفر عرفت إنه قدامه ميت سنة علشان يكون حمار.
ميراث يسرقه
إخواته يشتمهم
مشايخه يقول عليهم كلام زفر
بصراحة أنا كنت حاسس إن اللي بتتكلم مش واحد راجل دي الست خضرة اللي في سوق روض الفرج هي اللي بتتكلم.
وشفت كلام لبعض المشايخ أهل الحديث وجدته يسميه بديعة مصابني.
بصراحة دي أول نقطة أخالف فيها أهل الحديث ولن أوافقهم عليها أبدًا.
بديعة مصابني كانت ترقص في مسرحها وتخبي نفسها لما تخرج منه هي دي عادة الرقصات لكن الغماري نشر غسيله الوسخ على الناس.
وجدت في داخلي إحساس قوي أن أدافع عن ديني خاصة من الأوباش دول فأصبحت الآن بحمد الله مجرد ناقل لكلام أهل الحديث والعلماء في الجماعة الصوفية.
وأرجو الله أن يهدي كافة الشباب لما هداني له.
شريف منصور ـ مصر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/426)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[05 - 02 - 05, 02:10 م]ـ
الأخ الشيخ الفاضل باز 11 حفظه الله تعالى.
كتاب " تشنيف الأسماع " عبارة عن كتاب تراجم لشيوخ الفاداني المجيزين له , وليس فيه كبير فائدة إلا أنك قد تجد فيه بعض التراجم المهمة وخصوصاً لمن لهم اهتمام بالإجازات.
وهو كتاب كبير يقع في (602 صفحة) وعدد المترجم لهم (208) غالبهم من الصوفية والقبوريين.
وأما عن أماكن وجوده لدى الباعة , فهذا الشيء الذي لا أعلمه , ولكن يغلب على ظني بأنه متوفر في مكتبات مصر وبكثرة.
وإن كنت لا أنصح طلاب العلم بشرائه , فالأموال حقها أن تصرف في شيء نافع ومفيد , هذا مع العلم بأني قد حصلت على الكتاب المذكور عن طريق الإهداء.
هذا مالزم.
كتبه محبكم / خالد الأنصاري.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[05 - 02 - 05, 02:29 م]ـ
وأرجو الله أن يهدي كافة الشباب لما هداني له.
شريف منصور ـ مصر.
اللهم آمين.
وإني في هذا المقام أشكر الأخ الفاضل راضي عبد المنعم على مايقوم به من جهود , وكذلك الإخوة المشايخ الفضلاء , وأذكرهم بأن من أعظم الجهاد ـ بل أعظمه ـ هو الدفاع عن العقيدة والفطرة السليمة التي خلق الله وفطر الناس عليها , وأذكرهم بدعوة خير خلق الله محمد النبي المصطفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وما تكبده من عناء في سبيل هداية الناس إلى الحق .... قال الله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً - ولما رءا المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً - من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً - ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفوراً رحيماً} [الأحزاب من الآية 21 ـ 24].
كتبه محبكم / خالد الأنصاري.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[05 - 02 - 05, 07:28 م]ـ
ومن المسائل التي تبين علو كعب الغماري عند فأره محمود سعيد , بأن عد فرعون من المؤمنين المخلدين في جنات النعيم ـ مخالفة منه لما جاء في صريح القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة , فقد جاءت هذه الرزية في إحدى رسائله العفنة إلى شيخنا العلامة أبي خبزة حفظه الله تعالى , والذي يسميها محمود سعيد (كناشة)!!
فقد قال في " الجواب المفيد " (ص 96 ـ 97) , مانصه:
ومسألة إيمان فرعون ألف فيها إثباتاً وانتصاراً للشيخ الأكبر (يقصد بذلك ابن عربي) (1) ـ العلامة الجامي ـ.
ورد عليه ذلك المغفل علي القاري الحنفي بكتاب سماه: " فر العون من مدعي إيمان فرعون " مطبوع بالآستانة هو والأصل المردود عليه.
ولكن انبرى له العلامة الصوفي المطلع المتضلع من العلوم المعقولة والمنقولة محمد بن رسول البرزنجي , فألف كتاباً لطيفاً سماه: " التأييد والعون لمدعي إيمان فرعون " , أتى فيه بما يبهر العقول , كما فعل في أبوي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , وقد قرأت الجميع والحمدلله , والتأييد عندي عليه خطه.
وقد ألف كنون الفقيه الفاسي رسالة في الرد على ابن العربي , قرأتها أيضاً.
وللعلامة الجامي كتاب سماه: " الجانب الغربي في نصرة ابن العربي " , ألفه بالفارسية , وترجمه ابن رسول البرزنجي , وسماه: " الجاذب الغبي " في مجلد كبير أجاب فيه عن جميع ما أشكل من كلام الشيخ , ولعبدالغني النابلسي " الرد الثمين " أيضاً , وكلاهما موجود.
وللبحث مجال في أدلة الجميع, وصاحبك الذي يقول إن الدليل على كفره قطعي؛ لعله لا يفهم معنى القطعي , والله تعالى يخبر عنه أنه آمن عند خروج روحه , أو عند معاينته الهلاك , وعاتبه الله على ذلك إذ تأخر بإيمانه إلى ذلك الحين , ولم يقل بعد ذلك إنه لم يقبل إيمانه , فأين الدليل القطعي الذي خرقه الشيخ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -!؟ ثم ما الحكمة في قوله تعالى: {ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} , ولم يقل فرعون.
وما الداعي إلى ذلك التأويل الذي يذكره المفسرون , فالمسألة اجتهدية لا قطع فيها أصلاً.
وأنا قرأت رسالة البرزنجي بمصر سنة إحدى وخمسين ـ أي منذ ثلاث وعشرين سنة ـ , ولم يبقى بذهني من أدلته شيء إلا أنه أجاد وأفاد على أن العارف الشعراني , يقول إن الشيخ الأكبر يتكلم على فرعون آخر , غير فرعون موسى.
ولكنه اعتذار ظاهر الضعف.
والفتوحات , والفصوص مشحونة بالمعارف الإلاهية التي عجز أن يأتي بمثلها كبار العارفين لا بالطامات , نعم هي طامات على الجهلة لأنها سبب في هلاكهم ووقوعهم في محاربة الله تعالى بمحاربة أوليائه.
والشيخ الأكبر لايوجد له حرف واحد في الحلول , ومحال عقلاً أن يدعي الحلول , وهو ينكر وجود غير الله معه مطلقاً.
ففي من يحل ولا وجود لغيره معه عنده , وهذه الكائنات كلها في قوله أوهام لا حقيقة لها!؟
والخوض في هذا الباب صعب على أمثاله , فإما أن يؤمن بكلام أهل الله , وإما أن يسلم , وإلا فالهلاك المحقق؟!
قلت (الأنصاري): هذا هو اعتقاد الغماري في أعداء الله عزوجل , فليس بعد هذه الطامة طامة أخرى .....
أم أن محمود سعيد له كلام آخر غير هذا؟
ثم تراه يدافع عن الشيخ الأكبر في نفي الإتهام عنه بمقولة الحلول والإتحاد , في كلام أهوج كما تراه لا معنى له ولا قيمة , وهو أشبه بإصابة الهدف في رمية الأعمى , مع أن الغماري قد أقر بالحلول والإتحاد في كناشات أخرى بمعنى لا يستطيع فهمه إلا خاصة الخاصة!!!!!!
فهل تتحقق نبوءة محمود عندما ذكر كناسات صاحبه!!!!!
الله أعلم بما في نفوس عباده.
...............
(1) مابين قوسين في هذه الفقرة إنما هو من كلامي. خالد. اهـ.
قلت (الأنصاري): اختلط على أحد الإخوة من طلاب العلم النجباء قول أحمد الغماري في الملا علي القاري بأنه مغفل , ونسبه لي على أنه من كلامي , فهلاّ أمعن في النص جزاه الله خيراً.
كتبه / خالد الأنصاري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/427)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[13 - 02 - 05, 05:29 م]ـ
ذكر الغماري في إحدى رسائله من " در الغمام " إلى الكِرفطي ـ التليدي!!! ـ (ص 149) , مانصه:
والذي رأى الله في صورتك ـ يعني الكرفطي ـ حق , لأنه لم يرَ الله تعالى؛ وإنما رأى الرب , بدليل قوله لك يارب اغفر لي , ولم يقل يا الله.
والرب هو السيد وهو المعلم , فأنت معلمه وسيده , والقبر الستر؛ فاستر جهله بعلمك وأدخله في زمرة العارفين بالسنة العاملين بها يا ربه.
على أنه لا مانع من التأويل الحقيقي كما في الحديث الذي ذكرت.
وقد سئل ابن الهمام فقال: المرئي حجاب الصورة.
قلت (الأنصاري): فانظر أخي بارك الله فيك إلى كلام الغماري ,فقد صور هذا الجاهل الكرفطي على أنه رب , ونفى عنه صفة الألوهية في بداية كلامه , ثم أقرها فيما بعد , وذلك عند قوله (على أنه لا مانع من التأويل) , فلست أظن أن بعد هذه الزندقة كلام آخر!!!!
أعاذنا الله من شرور الغماريين وشركهم وضلالهم.
وانظر هذا الرابط ـ عن الصوفية ـ غير مأمور:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=134717#post134717
ـ[أبو داود الكناني]ــــــــ[13 - 02 - 05, 10:03 م]ـ
لا أملك إلا أن أقول لك يا شيخنا جزاك الله خيرا على النصح لأمة محمد صلى الله عليه و سلم فإنا في مصر إذا تلونا على محبي أسانيد الغماري هذا الكلام ينقطع عندهم الكلام
و الحمد لله رب العالمين
ـ[راضي عبد المنعم]ــــــــ[13 - 02 - 05, 10:49 م]ـ
لا أملك إلا أن أقول لك يا شيخنا جزاك الله خيرا على النصح لأمة محمد صلى الله عليه و سلم فإنا في مصر إذا تلونا على محبي أسانيد الغماري هذا الكلام ينقطع عندهم الكلام
و الحمد لله رب العالمين
آمين آمين ..
وجزاك الله خيرًا يا أبا داود على موضوعك: ((بيني وبين محمود سعيد)) ولعلك تواصل فيه ..
ـ[أبو داود الكناني]ــــــــ[14 - 02 - 05, 02:49 ص]ـ
و أنت جزاك الله كل خير أخي راضي
و هذا الموضوع عجب فقد كان سببا في طردي من منتدى النيلين
و في منتدانا أشعرني المشرف-جزاه الله خيرا-أنه أغلقه و أنت إن بحثت عنه في المنتدى ستجد عليه قفلا
و بالتالي
فكلامي حبيس أوراقي
و أوراقي حبيست أدراجي
والحمد لله رب العالمين
ـ[راضي عبد المنعم]ــــــــ[14 - 02 - 05, 09:42 ص]ـ
و أنت جزاك الله كل خير أخي راضي
و هذا الموضوع عجب فقد كان سببا في طردي من منتدى النيلين
و في منتدانا أشعرني المشرف-جزاه الله خيرا-أنه أغلقه و أنت إن بحثت عنه في المنتدى ستجد عليه قفلا
و بالتالي
فكلامي حبيس أوراقي
و أوراقي حبيست أدراجي
والحمد لله رب العالمين
وجزاكم الله خيرًا أخي الحبيب ..
وأنا أيضًا طردتُ من النيلين وصاروا يكتبون باسمي هناك وحسبنا الله ونعم والوكيل، ولا تمل من الكتابة، واستعن بالله واكتب حتى تنتهي منه، فلعل الله يُحْدِثُ بعد ذلك أمرًا هنا أو هناك فيكون الموضوع عندك تضعه مباشرة، خاصة وأنت تعلم أن الهمة تضعف ويصيبها الملل، فربما استطعت اليوم ولم تستطع غدًا، فلا تتوقف بارك الله فيكم ولو أغلقت الدنيا جميع أبوابها، وأرسله لمحبيك مثلي وسنقرأه بعناية ونستفيد وندعو لك.
والسلام عليكم.
محبُّك: راضي.
ـ[باز11]ــــــــ[14 - 02 - 05, 11:26 ص]ـ
حسبنا الله ونعم الوكيل نسأل الله التوفيق
ـ[خالد السباعي]ــــــــ[28 - 02 - 05, 04:44 م]ـ
سالت شيخنا عبد الله التليدي عفا الله عنا وعنه بمنه وكرمه قبل شهر تقريبا بمنزله بحي مرشان بطنجة عن جؤنة العطارهل يعتبر مرجعا في الحكم على فكر شيخه او انه مجرد تقيدات شخصية كما زعم ممدوح فاجاب لا بل هو مرجع في الاطلاع على حال مؤلفه من الناحية العلمية والعقدية والفكرية وحتى السياسية والله اعلم
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[28 - 02 - 05, 09:21 م]ـ
سالت شيخنا عبد الله التليدي عفا الله عنا وعنه بمنه وكرمه قبل شهر تقريبا بمنزله بحي مرشان بطنجة عن جؤنة العطارهل يعتبر مرجعا في الحكم على فكر شيخه او انه مجرد تقيدات شخصية كما زعم ممدوح فاجاب لا بل هو مرجع في الاطلاع على حال مؤلفه من الناحية العلمية والعقدية والفكرية وحتى السياسية والله اعلم
جزاك الله خيرا أخي الفاضل , فالكتاب من المراجع المهمة لدى هؤلاء القوم , فمحمود سعيد جربنا عليه الكذب مرارا , فهو في الحقيقة أكذب من حمار أهله.
كتبه / خالد الأنصاري.
ـ[محمد الناصري]ــــــــ[28 - 02 - 05, 10:49 م]ـ
-1 - أخي خالد وفقك الله
كنت في مشاركة سابقة ألمحت الى أنه لا داعي لافراد أحمد الغماري برد خاص واليوم أقول لك اخي الكريم أتم عملك القيم هذا لفضح هذا المبتدع فان له أنصارا كثر.وقدعلمت أن احد المغاربة يفرد كتابا في الانتصار للغماري والرد على كل ما أثير حوله.
والكتاب قراه المدعو عبد الله التليدي وأقره وشجع على طبعه.
والكتاب فيما بلغني من بعض مريديه قيد الطبع ان لم يكن طبع فعلا. وصاحبه مولع بالغماري ولع أبي غدة بالكوثري. وهو الذي حقق كتاب ليس كذلك في الاستدراك على الحفاظ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/428)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[01 - 03 - 05, 01:22 ص]ـ
-1 - أخي خالد وفقك الله
كنت في مشاركة سابقة ألمحت الى أنه لا داعي لافراد أحمد الغماري برد خاص واليوم أقول لك اخي الكريم أتم عملك القيم هذا لفضح هذا المبتدع فان له أنصارا كثر.وقدعلمت أن احد المغاربة يفرد كتابا في الانتصار للغماري والرد على كل ما أثير حوله.
والكتاب قراه المدعو عبد الله التليدي وأقره وشجع على طبعه.
والكتاب فيما بلغني من بعض مريديه قيد الطبع ان لم يكن طبع فعلا. وصاحبه مولع بالغماري ولع أبي غدة بالكوثري. وهو الذي حقق كتاب ليس كذلك في الاستدراك على الحفاظ.
هذا الرجل هو عدنان زُهار , وقد دعونا له وعليه , فأسأل الله أن تصيبه إحدى الدعوتين.
وأما عن كتابه الكاسد هذا: فهو أشبه ما يكون بولوغ الكلب , فالمبتدع مثله كمثل الكلب؛ قال الله تعالى: {ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون} [الأعراف: 176].
وابشر أخي في الله , فإني سأواصل بإذن الله تعالى ولن يضيرني هذا الكرفطي المبتدع , ولا نديمه الهالك , وأبشرك أخي بأني بصدد الرد أيضاً على الكِرفطي (التليدي ـ زوراً) , وأسأل الله أن يعينني عليهم , فأنا بصدد جمع كتبه وقد تحصل لدي منها الكثير؛ إلا أنه ينقصني بعض الكتب لم أتحصل عليها بعد.
فادعوا لأخيكم.
كتبه محبكم / خالد الأنصاري.
ـ[خالد السباعي]ــــــــ[01 - 03 - 05, 08:29 م]ـ
بل تركة الشيخ التليدي يجمع مؤلفا في تراجم ءال بيت الغماري
ـ[النصري]ــــــــ[01 - 03 - 05, 11:35 م]ـ
وهكذا فلتكن النصرة لدين الله عز وجل حقيقة وانتسابا، فرفع الله قدرك ودافع عنك كما دافعت عن دينه، وأرجو من أخي المحب الإسراع في إخراج هذه الطوام في مصنف مستقل ليعم نفعه أكثر وتكون كما أشار بعض الاخوة مرتبة حسب الأبواب ليسهل الوصول إليها،
وتقبل أخي سلامي وتقديري لجهودكم الطيبة.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[28 - 03 - 05, 04:11 م]ـ
ذكر الغماري في " جؤنته " ج1: ل 132:
135ـ طريفة
تاريخ بغداد من أنفس كتب الحديث والتاريخ وتراجم العلماء , وقد كان الناس يشدّون الرحلة لسماعه من المغرب إلى المشرق , ومن أقصى بلاد الأندلس إلى العراق.
فلما أكرم الله هذه الأمة بطبعه؛ قامت مشيخة الأزهر تُعارض في طبعه , وأوقفته مدة , لأنه نقل في ترجمة أبي حنيفة , كلام أئمة السلف فيه بالأسانيد الصحيحة عنهم , فتعب أهل العلم والفضل تعباً عظيماً حتى أقنعوا البهائم بأنه لاضرر في طبعه , وما أذنوا في ذلك حتى التزم طابعه بإعادة طبع المجلد الثالث عشر الذي فيه ترجمة أبي حنيفة , ويطبع معه بأسفل كل صحيفة الرد على الخطيب؛ ثم لما طبع مدحته كثيراً للشيخ يوسف الدجوي رحمه الله , فاشترى منه نسخة؛ ثم بعد أيام قال لي: إني أحب أن أبادل بالتاريخ فأدفعه لكتبي وآخذ بدله كتاباً آخر لأني لم أجد فيه فائدة!!
فنهيته عن ذلك , فأظهر لي الموافقة؛ ثم بعد ذلك أخبرني بعض المترددين إليه أنه أخرجه وأخذ به كتاباً آخر لاأدري ماهو الآن ..... فلولا أن الرجل كان من الأفاضل أخلاقاً وديناً؛ لقلت من أجل فعله هذا أنه والحيوان سواء , لكن من أضاع عمره في التقليد وحواشي المتأخرين لا يستغرب منه هذا , ولله در القائل:
لافرق بين مقلد وبهيمة
نقله / خالد الأنصاري.
ـ[السلاوي]ــــــــ[29 - 03 - 05, 03:05 ص]ـ
الأخ خالد الأنصاري هل النقول التي نقلتها من كشف الأستار المسبلة نقلتها بواسطة كتاب تنبيه القاري لأباطيل أحمد بن الصديق الغماري، أم نقلتها مباشرة من الكتاب. وسامحني بارك الله فيك. وجزاك الله خيرا على فضحك للمبطلين.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[29 - 03 - 05, 05:35 ص]ـ
الأخ خالد الأنصاري هل النقول التي نقلتها من كشف الأستار المسبلة نقلتها بواسطة كتاب تنبيه القاري لأباطيل أحمد بن الصديق الغماري، أم نقلتها مباشرة من الكتاب. وسامحني بارك الله فيك. وجزاك الله خيرا على فضحك للمبطلين.
الأخ السلاوي وفقه الله تعالى , بالنسبة لكتاب " كشف الأستار المسبلة " , فقد حصلت على قطعة منه مطبوعة , والأخ الذي صور لي الكتاب لم يصوره كاملاً , وقد أخبرني الشيخ الفاضل خالد السباعي الطنجي حفظه الله تعالى بأنه يوجد لديه صورة عنه , وكذلك كتاب " تنبيه القاري " , فقد اطلعت عليه مؤخراً , وهو كتاب نفيس جداً جداً.
كتبه محبكم / خالد الأنصاري.
ـ[المقدادي]ــــــــ[24 - 09 - 05, 11:27 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
شيخنا خالد الانصاري - حفظه الله -
هل الغماري سلفي العقيدة فعلا؟ و اذا كان كذلك فلماذا لم يحاربه الاشاعرة؟؟؟
ـ[الوبيري]ــــــــ[20 - 10 - 05, 07:50 م]ـ
شيخنا الشيخ خالد الأنصاري،،،
جزاكم الله خيراً على هذه الدرر المكنونة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/429)
ـ[أبو يوسف المالكي]ــــــــ[17 - 11 - 05, 11:03 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا يا أخانا الأنصاري على ما تفضلت به من التنبيه على بعض مصائب الشيخ أحمد الغماري غفر الله له، ولكن حسبك بالله عليك، ففيما ذكرت كفاية.
وحسب رأيي، نزهوا هذا المنتدى عن مثل هذا السب والقذف في أهل العلم، وأخص الحافظ أحمد بن الصديق الغماري، فعلى الرغم من كل ما ذكرت، فالرجل كان عالما حافظا، ولا أظنك تنكر هذا، وأنت المغربي العارف بأحوال أهله، فكل ما عن منك ومن الإخوة لم يقله الأقران كالعلامة الألباني رحمه الله، اللهم ما دعت إليه الحاجة العلمية، قد أكون مخطئا ولكن الرجل عالم، وله من الاحترام بقدر ما حمل من العلم، وإلا فإن الإمام تاج الدين ابن السبكي رحمه الله قذف الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله بأقبه مما ذكرت فقال فيه عفا الله عنه: تيس، حمار، من إخوان اليهود والنصارى ... حاشاه من ذلك.
قد أكون مخطئا، ولكن الرجل كانت له أياد بيضاء في الإنكار على الأشاعرة والمتعصبة من أصحاب المذاهب الفقهية. ثم بالله عليك لا تذكر الرجل ولا أخاه عبد الله بما ليس من صلب العلم، كبعض الأمور الشخصية التي هي عورة للعلم نفسه مما لا يعرفه إلا الخبراء بأحوال آل الصديق مثلك - وأنا أعرف الكثير منها - مما قد يجرئ بعض عوام الطلبة.
أما الأرعن الجاهل الذي ليس بمحمود ولا سعيد ولا ممدوح، فهو قطعا ليس من أهل العلم ولم يشم منه شيئا، والله تعالى حسيبه وحسيبنا.
ـ[أبو يوسف المالكي]ــــــــ[26 - 11 - 05, 07:54 م]ـ
السلام عليكم ورحة الله وبركاته
تصحيحا لما ذكرت من أن الإمام تاج الدين السبكي رمى الإمام ابن القيم بما أسلفت مما لا يليق بالمسلم العامي فكيف بإمام فحل، فالصواب هو الأب تاج الدين السبكي، ذكر ذلك الشيخ بكر أبو زيد عافاه الله في كتابه القيم: (الردود) نقلا عن كتاب التقي السبكي في الرد على ابن القيم: (السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل) وإن كنت لا أزال شاكا.
وأطلب من إخوتي الكرام تصحيح هذا النقل.
والله من وراء القصد.
ـ[بدر العمراني]ــــــــ[27 - 11 - 05, 06:10 م]ـ
الغماري سلفي!!! إنها لحقاً مفاجأة؟!
ذكر في " الجواب المفيد " (ص 83 ـ 84) كلاماً , مانصه:
ـ العقيدة الطحاوية وشرحها ـ
وعقيدة الطحاوي هي واحدة , شرحها جماعة , منها شرحان:
ـ أحدهما: للمرجاني , وهو صغير نوعاً , طبع بقازان من بلاد الروسيا.
ـ والثاني: في مجلد طبع بمكة , ولم يعلم صاحبه كما ذكر بأوله وهو موجود بالمكتبة بتطوان , لأنه كان بين كتبنا , وهو اوسع من شرح المرجاني وأحسن , لأنه سلفي محض بخلاف المرجاني.
والمرجاني عالم مطلع محقق؛ إلا أنه حنفي متأخر , مات أوائل هذا القرن فيما أحسب قبيل العشرين؛ إلا أنه عالم جليل , وله عدة مؤلفات مطبوعة بقازان , وهي نفيسة للغاية تنبي عن تحقيق بالغ , واطلاع واسع.
قلت (الأنصاري) , والشرح الثاني إنما هو لابن أبي العز الحنفي , وقد أشار إلى ذلك محقق الكتاب الأخ الشيخ الفاضل بدر العمراني.
والكتاب مطبوع عدة طبعات , أفضلها تلكم الطبعة التي خرّج أحاديثها شيخنا العلامة محدث العصر الألباني رحمه الله تعالى.
وكي لا أبتعد كثيراً عن الموضوع , فسؤالي أيضا ماذا سيقول محمود سعيد عن شيخ شيوخه , وهل ما زال أشعرياً مفوضاً كما زعم؟!.
فهاهو إمامه يمتدح عقيدتنا؟! فماذا سيقول بعد؟!
و له أبيات يشيد فيها باعتقاد شيخ الإسلام ابن تيمية و تلميذه ابن القيم أثناء هجوه للكوثري. و قد أوردها في جؤنة العطار. فلتنظر(29/430)
الصواعق والبروق السلفية (2) في بيان مخالفات أحمد بن الصديق الغماري
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[02 - 01 - 05, 04:08 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إكمالاً لما ابتدأناه من قبل على هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=24835
, وما ألزمنا أنفسنا به باديء ذي بدء من الإنتصار للسنة , وقمع البدعة , وإغاظة رؤوس الدجل والفتنة , فقد آثرنا نقل موضوع " صواعق وبروق " إلى منتدى العلوم الشرعية مرة أخرى , استكمالا في الرد على المبتدع الضال أحمد الغماري وتلميذه محمود سعيد ممدوح علهما من الله ما يستحقان , ضلالهما وتزويرهما وتلفيقاتهما , ناهيك عن الانحلال الخلقي ..... إلخ وتسميتها بالكرامات ,,,,,,,,
اللواط أصبح كرامة!!! , وَمِنْ مَنْ؟ من الشواذ جنسياً والذين يسمونهم مجاذيب أو أهل الكشف (أي الإطلاع على الغيب)!!!
هؤلاء أصحاب الموالد وحفلات الزار , والتي عادة يحضرها الشواذ جنسياً من اللوطيين و المخنثين!!!
والذي أعلمه ويعلمه غيري جيداً , بأن محمود سعيد وأشياخه لا يفوتون هذه المجالس المشبوهة وقد أثر عنهم ذلك ولا أظنه ينكره؟!!!!
ولقد طلبناه للمناظرة , علماً بأننا أصحاب الموضوع الأصلي , إلا أن الإخوان يرون التروي والصمت والصوم والصبر على أمثال هذا الفأر , والذي نشر أمراضه و طاعونه!!! ولم يكافحه أحد بعد.
ثم يقول أيش بأنه يريد مناظرة شيخنا العلامة صالح الفوزان , أو شيخنا العلامة ابن جبرين , أو شيخنا العلامة المنيع؟
والله إنها لشنشنة نعرفها من أخزم!!!!
ثم إنه تنصل بعد ذلك من أصحاب الملتقى , بأن جعل أهم شرط عنده بأن يجمع بينه وبين مشايخنا حفظهم الله تعالى في ملتقى محايد!!!!!
أي أنه لا يرتضي بالمناقشة في ملتقانا الكريم , والذي طَلَبَ مِنّا يَومَ أن دخله أن تتسع صدورنا له , وهو يعلم جيداً بأننا له مبغضون ـ بله كارهون ـ!!!
قولوا لي بربكم هل هذا عاقل أم مجنون , ام تراه أصابه شيء من طاعونه؟
ومن المدهش حقاً أن يمهل هذا الفأر ويعطى مدة أخرى؟!
هذا ,,,,
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.
أخوكم مبغض المبتدعة , محب آل البيت والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين:
خالد بن محمد بن علي بن عوض الأنصاري.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[02 - 01 - 05, 06:02 ص]ـ
ومن المسائل التي تبين علو كعب الغماري عند فأره محمود سعيد , بأن عد فرعون من المؤمنين المخلدين في جنات النعيم ـ مخالفة منه لما جاء في صريح القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة , فقد جاءت هذه الرزية في إحدى رسائله العفنة إلى شيخنا العلامة أبي خبزة حفظه الله تعالى , والذي يسميها محمود سعيد (كناشة)!!
فقد قال في " الجواب المفيد " (ص 96 ـ 97) , مانصه:
ومسألة إيمان فرعون ألف فيها إثباتاً وانتصاراً للشيخ الأكبر (يقصد بذلك ابن عربي) (1) ـ العلامة الجامي ـ.
ورد عليه ذلك المغفل علي القاري الحنفي بكتاب سماه: " فر العون من مدعي إيمان فرعون " مطبوع بالآستانة هو والأصل المردود عليه.
ولكن انبرى له العلامة الصوفي المطلع المتضلع من العلوم المعقولة والمنقولة محمد بن رسول البرزنجي , فألف كتاباً لطيفاً سماه: " التأييد والعون لمدعي إيمان فرعون " , أتى فيه بما يبهر العقول , كما فعل في أبوي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , وقد قرأت الجميع والحمدلله , والتأييد عندي عليه خطه.
وقد ألف كنون الفقيه الفاسي رسالة في الرد على ابن العربي , قرأتها أيضاً.
وللعلامة الجامي كتاب سماه: " الجانب الغربي في نصرة ابن العربي " , ألفه بالفارسية , وترجمه ابن رسول البرزنجي , وسماه: " الجاذب الغبي " في مجلد كبير أجاب فيه عن جميع ما أشكل من كلام الشيخ , ولعبدالغني النابلسي " الرد الثمين " أيضاً , وكلاهما موجود.
وللبحث مجال في أدلة الجميع, وصاحبك الذي يقول إن الدليل على كفره قطعي؛ لعله لا يفهم معنى القطعي , والله تعالى يخبر عنه أنه آمن عند خروج روحه , أو عند معاينته الهلاك , وعاتبه الله على ذلك إذ تأخر بإيمانه إلى ذلك الحين , ولم يقل بعد ذلك إنه لم يقبل إيمانه , فأين الدليل القطعي الذي خرقه الشيخ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -!؟ ثم ما الحكمة في قوله تعالى: {ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} , ولم يقل فرعون.
وما الداعي إلى ذلك التأويل الذي يذكره المفسرون , فالمسألة اجتهدية لا قطع فيها أصلاً.
وأنا قرأت رسالة البرزنجي بمصر سنة إحدى وخمسين ـ أي منذ ثلاث وعشرين سنة ـ , ولم يبقى بذهني من أدلته شيء إلا أنه أجاد وأفاد على أن العارف الشعراني , يقول إن الشيخ الأكبر يتكلم على فرعون آخر , غير فرعون موسى.
ولكنه اعتذار ظاهر الضعف.
والفتوحات , والفصوص مشحونة بالمعارف الإلاهية التي عجز أن يأتي بمثلها كبار العارفين لا بالطامات , نعم هي طامات على الجهلة لأنها سبب في هلاكهم ووقوعهم في محاربة الله تعالى بمحاربة أوليائه.
والشيخ الأكبر لايوجد له حرف واحد في الحلول , ومحال عقلاً أن يدعي الحلول , وهو ينكر وجود غير الله معه مطلقاً.
ففي من يحل ولا وجود لغيره معه عنده , وهذه الكائنات كلها في قوله أوهام لا حقيقة لها!؟
والخوض في هذا الباب صعب على أمثاله , فإما أن يؤمن بكلام أهل الله , وإما أن يسلم , وإلا فالهلاك المحقق؟!
قلت (الأنصاري): هذا هو اعتقاد الغماري في أعداء الله عزوجل , فليس بعد هذه الطامة طامة أخرى .....
أم أن محمود سعيد له كلام آخر غير هذا؟
ثم تراه يدافع عن الشيخ الأكبر في نفي الإتهام عنه بمقولة الحلول والإتحاد , في كلام أهوج كما تراه لا معنى له ولا قيمة , وهو أشبه بإصابة الهدف في رمية الأعمى , مع أن الغماري قد أقر بالحلول والإتحاد في كناشات أخرى بمعنى لا يستطيع فهمه إلا خاصة الخاصة!!!!!!
فهل تتحقق نبوءة محمود عندما ذكر كناسات صاحبه!!!!!
الله أعلم بما في نفوس عباده.
...............
(1) مابين قوسين في هذه الفقرة إنما هو من كلامي. خالد. اهـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/431)
ـ[تقويم النظر]ــــــــ[02 - 01 - 05, 06:03 ص]ـ
خيرا إن شاء الله كما ترغب إنما هي محض النصيحة فأعانك الله وسددك
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[02 - 01 - 05, 06:16 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيك أخي تقويم النظر , فلو أبديت لنا ما تراه منا في رسالة مناصحة أخوية , كان هو الأبدى والأفضل.
وعلى العموم فليس ماتراه كما أراه , وليس ما أراه كما تراه.
هذا ولتعلم أخي بأني أتقرب إلى الله في تحقير هؤلاء , كما أني أتقرب إليه بحب مشايخنا أهل السنة والجماعة مع إنزالهم ما يستحقون من جانب الإطراء والمديح.
وإني أحبذ إليك أخي الشيخ الفاضل , بأنه إذا كان لديك أي تعليقات على الموضوع قبولا أو رفضاً فقلبي مفتوح لك , فأنت مني وأنا منك.
وإن كان غير ذلك , فأحبذ ـ وكما ذكرت آنفاً ـ بأن يكون ذلك في رسالة خاصة تبعثها إلى أخيك.
محبكم في الله:
خالد الأنصاري.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 01 - 05, 03:41 ص]ـ
وذكر في " الجواب المفيد " (ص 94 ـ 95) , مانصه:
ـ الجواب عن شطحات ابن العربي!! ـ
وقوله: " وما الكلب والخنزير إلا إلهنا " , كذب صراح عليه ما قاله أصلاً , ولا يقوله أحد من أهل الله أصلاً , ولو قال إنه قال (إنّ الكلب والخنزير هو الله) لأمكن أن يكون لقوله وجهاً عند أهل الفنا في الشهود.أما قوله إله فمحال أن يقوله أحد.
نعم قوله: " بذكر الله تزداد الذنوب " فحق هو كلامه , وهو حقٌّ لا شك فيه , ومعناه ظاهر؛ لأن ذكر المذكور إنما يكون عند الغفلة عنه والبعد منه , أما من كان حاضراً معه لا يغيب عنه لحظة , ثم ذَكَرَهُ كان دليلاً على سوء أدبه معه , أو بُعده عنه , وإلا فمن كان جليساً للملك مثلاً لا يتصور أن يذكره , أو يمدحه , وإنما يتصور ذكره ومدحه مع الغير في حالة البعد عنه.
وهناك وجه آخر لتصحيح كلامه؛ فالذكر من طبعه أنه يقرب إلى الله والآخرة , ويهذب الأخلاق , ويرفع الحجاب
{ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.
{إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر}.
فإذا كان الذاكر غير منته عن الفحشاء والمنكر , ولا مطمئن القلب كما أخبر الله تعالى؛ كان ذكره وبالاً عليه , وأعظم الذكر القرآن.
وقد ورد: " رب قاريء للقرآن , والقرآن يلعنه ".
وورد أيضاً: " اقرأ القرآن ما نهاك , فإذا لم ينهك فلست تقرؤه ".
إذاً فذكر أمثالنا لله تعالى والقرآن يزيدنا ذنوباً بنص القرآن؛ فأي شيء فيه مستغرب!؟
ووجه آخر: أن كبار العارفين يقصدون مثل هذه الكلمات على سبيل اللغز للإمتحان والإختبار؛ فقد قال الشيخ الأكبر!! يوماً:
يامن يراني ولا أراه - كم ذا أراه ولا يراني
فقال له الصفي بن أبي المنصور:
كيف تقول لا يراك , وأنت تعلم أنه يراك.
فقال:
يامن يراني مجرماً - ولا أراه آخذاً
كم ذا رآه منعماً - ولا يراني لائذاً
19 جمادى الأولى 1374 هـ
قلت (الأنصاري): هذا هو شيخ مشائخ مذموم تعيس ينفي بل ويكذّب من يقول بأن ابن عربي قال " وما الكلب والخنزير إلا إلهنا " ـ مع أنها ثابتة عنه ـ , ثم يقول بأنه لو قال هذا لأمكن أن يكون لقوله وجهاً.
يقول عن الله هذا ويرى بأن له وجهاً , ويريدنا بعض الإخوة أن نتحدث عن علمه وأن نهذب ألفاظنا معه؟! , وقد ظهر علينا مذموم تعيس بعد أن ولى هارباً وقد لبس ثوباً رائحته منتنة (وقد سمى نفسه حمزة الشافعي) فهل هذه الجرأة التي تحدث عنها يوم حضوره الملتقى.
وإني سائل هذا المذموم ـ بجميع أسمائه المختلفة وشتى أساليبه الملتوية ـ:
هل بقي من علم الغماري شيء بعد هذا الكلام!! , وهل يجوز أن نتأدب معه وقد أساء الأدب مع الله؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
{تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً}.
وإني والله منتظر منه الإجابة ـ إن كانت لديه بقايا الجرأة ـ وبجميع أسمائه أيضاً , وأتحداه أن يجيب؟
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 01 - 05, 04:25 ص]ـ
الغماري سلفي!!! إنها لحقاً مفاجأة؟!
ذكر في " الجواب المفيد " (ص 83 ـ 84) كلاماً , مانصه:
ـ العقيدة الطحاوية وشرحها ـ
وعقيدة الطحاوي هي واحدة , شرحها جماعة , منها شرحان:
ـ أحدهما: للمرجاني , وهو صغير نوعاً , طبع بقازان من بلاد الروسيا.
ـ والثاني: في مجلد طبع بمكة , ولم يعلم صاحبه كما ذكر بأوله وهو موجود بالمكتبة بتطوان , لأنه كان بين كتبنا , وهو اوسع من شرح المرجاني وأحسن , لأنه سلفي محض بخلاف المرجاني.
والمرجاني عالم مطلع محقق؛ إلا أنه حنفي متأخر , مات أوائل هذا القرن فيما أحسب قبيل العشرين؛ إلا أنه عالم جليل , وله عدة مؤلفات مطبوعة بقازان , وهي نفيسة للغاية تنبي عن تحقيق بالغ , واطلاع واسع.
قلت (الأنصاري) , والشرح الثاني إنما هو لابن أبي العز الحنفي , وقد أشار إلى ذلك محقق الكتاب الأخ الشيخ الفاضل بدر العمراني.
والكتاب مطبوع عدة طبعات , أفضلها تلكم الطبعة التي خرّج أحاديثها شيخنا العلامة محدث العصر الألباني رحمه الله تعالى.
وكي لا أبتعد كثيراً عن الموضوع , فسؤالي أيضا ماذا سيقول محمود سعيد عن شيخ شيوخه , وهل ما زال أشعرياً مفوضاً كما زعم؟!.
فهاهو إمامه يمتدح عقيدتنا؟! فماذا سيقول بعد؟!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/432)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 01 - 05, 04:59 ص]ـ
وذكر أيضاً في " الجواب المفيد " (ص 83) , مانصه:
ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ـ
وشرح نهج البلاغة (1) من أنفس الكتب المتعلقة بعلي وأهل البيت وقضايا علي مع أعدائه من النواصب , مزاياه مما لا يكاد يوجد مجموعاً في غيره , ومن أحب أن يكون على بصيرة تامة في هذا الموضوع؛ فعليه به.
وليس للإعتزال دخل في هذا الموضوع.
أما التشيع؛ فهو الذي يحمل على ذكر عيوب المجرمين الذين يتفق من يسمون أنفسهم أهل السنة على إخفائها؛ إلا القليل منهم ممن يشير إلى القليل منها.
وليس كل الكتب مشتملة على الصحيح؛ إلا كتاب الله تعالى وحده.
وهذا صحيح البخاري ومسلم فيه الكثير من الغلط , والباطل المحقق!!
فعليك بقبول الحق والصواب , ورد ماهو باطل بحسب ميزان العلم والعقل.
ونحن إذا مدحنا كتاباً؛ فليس معنى ذلك أنه مبرؤ من جميع العيوب حتى كأنه قرآن يتلى؛ لا لا.
بل معنى ذلك ما في الكتاب من الفوائد المتعلقة بموضوعه التي لا توجد مجموعة أو مرتبة في غيره , أو بتوسع ونحو ذلك فقط.
فإذا قرأته فسوف تعلم من هنات معاوية ودائرته ومصائبهم ووقائعهم؛ ما لا تطلع عليه في كتاب آخر.
قلت (الأنصاري): أين مذموم تعيس مقبوح من كلام شيخ شيوخه وطعنه في الصحيحين صراحةً؟!.
هل سيؤلف كتاباً يرد عليه وينتصر للصحيحين كما فعل مع الشيخ الألباني رحمه الله تعالى ـ زاعماً ـ , مع أنه يعلم جيداً ـ وقد رد عليه جمع من المشايخ الفضلاء منهم الشيخ طارق عوض الله ـ بأن جل ما في كتابه (تنبيه المسلم) هو عبارة عن كذب ودجل وتلفيق .... إلخ.
فهل يفعلها هذا المذموم مع إمامه ويرد عليه , وهو الذي يدعي الإنصاف والعلم ويريد مناظرة الأئمة الكبار!!!
لا أظنه ........ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ـ ذكر الشيخ بدر العمراني حفظه الله تعالى في الحاشية , مانصه:
وقد رد عليه ـ يعني ابن أبي الحديد ـ علامة العراق , وقاهر الروافض في عصره (عبدالله السويدي) رحمه الله في كتاب سماه: " الصارم الحديد في الرد على ابن أبي الحديد ".
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 01 - 05, 05:30 ص]ـ
مفاجأة أخرى سارة
الغماري يرد على محمود سعيد
ذكر الغماري في " الجواب المفيد " (ص 80 ـ 81) , ما نصه:
ـ كتاب التوحيد لابن خزيمة ـ
كتاب التوحيد لابن خزيمة مطبوع.
طبع في الحجم الصغير كشرح ابن دقيق العيد على الأربعين النواوية ونحوه.
ومرادي من نفاسة الكتاب ذكر الأدلة الصريحة لمذاهب السلف مع الأسانيد الصحيحة , والكلام عليها بما يقطع شغب كل مبتدع أشعري من أفراخ الإعتزال.
7 ذي الحجة 1376
وقال في رسالة أخرى:
وكتاب التوحيد لابن خزيمة , إن كنت تريد المجلد الكبير المسند؛ فهو من أنفس كتب الإسلام , وإن كنت تريد الصغير!؟ فأنا في شك من ثبوته لابن خزيمة.
وما كتبه الكوثري قرأته.
قبح الله الكوثري , فإنه خبيث مبتدع كذاب فاجر.
25 ذي القعدة 1376
قلت (خالد الأنصاري): وأنا أقول: قبح الله محمود سعيد , فإنه خبيث مبتدع كذاب فاجر.
وهذه الرسائل وحدها كافية للقضاء عليه , فتأمل.
ـ[ابو الوفا العبدلي]ــــــــ[03 - 01 - 05, 09:06 ص]ـ
جزيت خيرا أيها الاخ الفاضل في كشفك بلايا القوم , فاكتب سدد الله قلمك.
وللمشاركة معكم في هذا الموضوع , أقول:
قال الواحدي في تفسيره البسيط في تفسير قوله تعالى (وقال لهم نبيهم ان آية ملكه أن يأتيكم التابوت):
أخبرنا ابوالحسن بن ابي عبدالله الفسوي قال: اخبرنا حمد بن محمد الفقيه قال: اخبرنا ابورجاء الغنوي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عمر بن شبة قال: سمعت أبا عبيدة وسأله رجل عن رجل أوصى لآل فلان , ألفلان نفسه المسمى من هذا شيء؟ قال: نعم. قال الله تعالى: (أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) ففرعون أولهم. وأنشد:
ولا تبك شيئا بعد ميت أحبة ×××× علي وعباس وآل أبي بكر
يريد أبا بكر نفسه. قال الواحدي: وآل الرجل في اللغة شخصه.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 01 - 05, 02:12 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الشيخ , وأنا بانتظار مشاركاتك المثمرة.
أخوك المحب / خالد الأنصاري.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 01 - 05, 07:45 م]ـ
رد التليدي على محمود سعيد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/433)
ذكر التليدي في مقدمة رسائل أحمد الغماري المسماة " در الغمام الرقيق " (ص 5 ـ 6) , مانصه:
ـ خطبة الكتاب ـ
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف المرسلين , وعلى آله وأصحابه والتابعين.
وبعد: فيسعدني (1) أن أقدم لقرائنا الكرام هذه المرة مادة طريفة تتناول أبحاثاً مختلفات , وهي فتاوي الحافظ المرحوم السيد أحمد بن الصديق الغماري التي كان يبعثها إليَّ أيَّام منفاه من طرف الإستعمار الدولي بطنجة.
ثم زمان هجرته الأخيرة للقاهرة حيث وافاه أجله المحتوم , وكانت هذه الرسائل في فترات ما بين 1374 و 1380 هـ.
على أن للشيخ رحمه الله تعالى رسائل كثيرة مفرقة عند تلامذته وأصحابه ومعارفه ومكاتبيه في سائر الأقطار , بحيث لو جمعت لجاءت في عدة مجلدات؛ بل لشقيقه العلامة المحدث السيد عبدالعزيز على الخصوص نحو من ألف رسالة كان السيد أحمد يبعثها إليه من المغرب إلى القاهرة حيث كان يقيم للدراسة طوال اثنتي عشرة سنة.
وحبذا لو وفق أنجاله لجمعها ونشرها ليشاركهم أهل العلم في الإستفادة منها.
ومن باب (ما لا يدرك كله لايترك جله أو بعضه) عمدت إلى ما عندي من رسائله التي مر عليها قرابة نصف قرن من الزمان , فجمعتها ونسقتها وقدمتها للطبع ليعم بها النفع.
وهي رسائل علمية قيمة , فيها فوائد عزيزة , وفي قراءة عابرة لها سيجد القاريء فيها أبحاثاً كثيرةً متنوعة: في الأصول , والحديث , والفقه , والعقائد , والآداب , والأخلاق , والاجتماع , والفلك , والتاريخ , وتراجم الأعلام , والجرح والتعديل , والرؤيا والتعبير , في أشياء أخرى .....
وقد أضفت إليها بضعة رسائل لبعض تلامذة الشيخ (2) كان بعثها إليه أيام اعتقاله , وذلك لما لها من الأهمية ...
وبما أن الشيخ رحمه الله تعالى كان يكتب تلك الرسائل ارتجالاً حسبما يسمح به الوقت , بدون بحث ولا مراجعة؛ وردت في رسائله أكثر من مائة وسبعين حديثاً غير معزوة ولا مبينة مراتبها؛ فتوليت تخريجها وبيان صحيحها من سقيمها ليتم النفع ... وذلك بدون إملال ولا إخلال.
هذا وقد جاءت في هذه الرسائل آراء واجتهادات للشيخ غريبة قد يكون له فيها سلف (3) , وقد يكون منفرداً بها.
فينبغي لأهل العلم أن لا يسارعوا إلى ثلب عرض الشيخ أو انتقاده , فإن البشر معرض للخطأ , والمجتهد مأجور ومغفور له في كل الأحوال (4).
والله المسؤول أن يشملنا برحمته ومغفرته , وأن يجعل خير أيامنا وأسعدها يوم لقائه.
قلت (الأنصاري): هذا الكلام من التليدي وحده كاف للرد على محمود سعيد في ادعائه بأن التليدي نادم على إخراج هذا الكتاب , وهذه كلامات التليدي بين يديك أخي الكريم , هل نصدق التليدي وهو الأقرب للغماري ـ وهو من تلاميذه ـ!!! , أم نصدق محمود سعيد!!!.
ـــــــــــــــــــــــ
(1) ـ قال التليدي يسعدني ولم يقل يؤسفني أو يسوؤني , لا كما أوهم محمود من أن التليدي ندم على إخراج هذه الرسائل , ثم ها أنت ترى بأن التليدي يحض أبناء عبدالعزيز الغماري على طباعة الألف رسالة!!!!.
(2) ـ يقصد بذلك شيخنا أبي خبزة حفظه الله تعالى.
(3) ـ وما سلفه في قضية تكفير الصحابة , وإيمان فرعون , والقول بألوهية الكلب والخنزير وأن لها وجهاً!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
(4) ـ ومن قال بأن أحمد مأجور في سبه للصحابة ولعنه لهم بله تكفيره لهم , أيعد في ذلك إماما مجتهداً؟!!!!!!!!!!!!
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 01 - 05, 10:16 م]ـ
زعم بعض من ترجم لأحمد الغماري , بأن شيخ مشايخنا العلامة اللغوي الفقيه المحدث تقي الدين الهلالي رحمه الله تعالى وأعلى درجته كان يمتدح الغماري بل جعله في درجة الإمام أحمد من حيث الحفظ والفهم , ونقلوا عنه عبارات بتراء لا صحة لها بل لا يمكن أن يصدقها المجانين فضلاً عن العقلاء , ومن ذلك نقلهم عنه بأنه قال:
في كتاب " ليس كذلك " (ص 5) ـ وتحت صورة أحمد الغماري ـ , قال الزهار:
أخبرنا عبدالباري بن محمد الزمزمي (*) , قال: سمعت تقي الدين الهلالي ببيته , يقول:
" بلغ أحمد بن محمد بن الصديق في علم الحديث درجة الإمام أحمد بن حنبل "!!!!
وفي ترجمة أحمد من كتاب " الأمالي المستظرفة " (ص 44 ـ 45) , قالت فاتحة التيجاني:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/434)
وقد كان تقي الدين الهلالي ـ وهو أحد أكبرالمطلعين على علم الحديث ـ اجتمع بالشيخ , ولما سئل عنه , قال: " ما رأيت مثله حفظاً واستحضاراً واستدلالاً , فقد دخلت مصر والشام والعراق والحجاز والهند والمغرب؛ فما رأيت من يماثله إلا عالماً بالهند يشابهه في الجملة ".
ولما أراد مغادرة المغرب ـ يعني الهلالي ـ , سأله أصحابه: لمن نرفع أسئلتنا بعدك؟ فقال لهم: لا تسألوا أحداً غير فلان ـ يعني الشيخ ـ.
ولما طبع الشيخ كتابه " إنالة الوطر " , بعث إلى الهلالي بنسخة , فكتب رسالة يطري فيها الكتاب ومؤلفه , جاء فيها بعد الديباجة: [أما بعد , فقد اطلعت على كتاب " إنالة الوطر برفع الحرج وإزالة الخطر على من جمع بين الصلاتين .... إلخ " , لمؤلفه العالم الجليل المحقق الباحث المتقن الموفق الداعي بالحق إلى تحقيق الإتباع والإجتهاد المجاهد في ذلك كل الجهاد أبي العباس أحمد بن الصديق زاده الله توفيقاً , فوجدته على غزارة تآليفه الجياد التي نفع الله بها من شاء من العباد , وقد جمع هذا الكتاب من الأحاديث الشريفة , والمباحث المنيفة , ما يبهر العقول من نقول عززتها أسانيد وبحوث قامت عليها شواهدها , مما جعله نسيج وحده , وفريد عقله].
وهكذا استرسل في مدح الكتاب ومؤلفه في رسالة طويلة (1).
وذكر محقق كتاب " التنكيل أو التقتيل " محمد الأنجري (ص 15) نقلاً من " كتاب حياة الشيخ " للتليدي , قال ـ وهو نفس الكلام السابق المنقول عن فاتحة بولعيش ـ:
وسئل العلامة تقي الدين الهلالي رحمه الله تعالى عنه فأجاب:
ما رأيت مثله حفظاً واستظهاراً واستدلالاً , فقد دخلت مصر والشام والعراق والحجاز والهند والمغرب , فما رأيت مما يشابهه إلا عالماً بالهند يشابهه في الجملة.
قلت (خالد الأنصاري): لو سلمنا صحة ما نقل عن العلامة تقي الدين الهلالي رحمه الله تعالى في الغماري ـ وهو كذب صراح عليه ـ , فما رأي محمود سعيد في طعونات الغماري على الشيخ تقي الدين الهلالي وكذبه , هل سيبرر موقف الغماري منها كعادته .......
لا أحسبه يفعل!!!!
قال الغماري في إحدى رسائله ـ كناشته ـ من " الجواب المفيد " (ص 37) , ما نصه:
والهلالي رجل جاهل عنيد مبتدع , ولولا أن بدعته رفعت مناره بين المتفرنجين أفراخ الملاحدة , لما تم له ظهور بالمغرب.
كما أنه لم يظهر له أثر بالمشرق!!!
ومع ذلك فنحن في انتظار رده بفارغ صبر حتى نرده إلى جحر جهله.
ومما أتحفكم به أنه أصبح ذات يوم حليقاً بطنجة , فأرسلت إليه من سأله , كيف يتفق حلق اللحية مع أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بإعفائها , وزعمك العمل بالسنة والدعوة إليها؟
فأجاب السائل بقوله: معنى الحديث اعفوا لحاكم إن شئتم.
فقلنا للسائل: ولم لم تقل له وأقيموا الصلاة إن شئتم , ولا تقربوا الزنى إن شئتم ... وبهذا تسقط الشريعة من أصلها.
فهذا مقدار علم الهلالي واتباعه للسنة والعمل بها.
رسالة 3 محرم 1372
قلت (الأنصاري): هل يعقل أن يحلق تقي الدين الهلالي لحيته , ولو ثبت فعله لذلك فرضاً وهو محال , هل سيكون رده ضعيفاً بهذه الصورة!!!!!!
يقول الحسن بن علي الكتاني في معرض ترجمته للغماري في " توجيه الأنظار " (ص 18) , مانصه:
[وهو صوفي يؤمن بالخرافات من الكرامات المزعومة , وما لايصدقه عقل مع دفاعه عن القبورية وأصحابها وسائر مراسيمها من توسل واستغاثة وسائر مظاهر الشرك.
ولذلك أكثر من الوقيعة في الأكابر أحياءً وأمواتاً ـ سامحه الله تعالى ـ.
وقال عنه العلامة تقي الدين الهلالي رحمه الله تعالى بعد أن مدحه بمحاربة التقليد:
" أما عبادة القبور والرقص واعتقاد وحدة الوجود وتقديس زنادقة الصوفية كابن عربي الحاتمي , وتعاطي الأوراد المبتدعة والاستمداد من الشيوخ والاستغاثة بهم فقد ترك كل ذلك على حاله ولم يغير منه شيئاً " (2).
قلت (الأنصاري): هذا هو رأي العلامة تقي الدين الهلالي رحمه الله تعالى في الغماري صراحة , لا كما ذكره التليدي وصؤابته محمود سعيد.
كتبه / خالد الأنصاري.
ـــــــــــــــــــــــ
(1) ـ انظر كتاب " حياة الشيخ أحمد بن الصديق " للتليدي (ص 103 ـ 104).
(2) ـ انظر كتاب " الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة " للهلالي (ص 32).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/435)
(*) ـ , سأبين في مقالات أخرى إن شاء الله تعالى كذب هذا الزهار من نقل آراء وافتراءات أحمد الغماري على أخيه الزمزمي!!!! , مع كشف كذب وزيف محمود سعيد أيضاً وتعميته على القراء بأمور لا أصل لها ولا دليل عليها.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[04 - 01 - 05, 03:07 ص]ـ
رد الغماري على محمود سعيد
وهذا رد للغماري على الهارب محمود سعيد ضمنه رسائله التي بعث بها إلى شيخنا العلامة الأديب أبي خبزة التطواني حفظه الله تعالى.
ذكر (ص 13) من " الجواب المفيد " , ما نصه:
ما المقصود بالمبتدعة والمعطلة في كتب السلف؟!
مرادهم بالمبتدعة والمعطلة هم الأشعرية , وأنهم شر ابتداعاً من المعتزلة , وأنهم كاذبون في دعواهم أنهم أهل السنة والجماعة؛ أو على الأقل غالطون في ذلك ولابد.
وفي هذا الأسبوع سأدرج إن شاء الله رسالة الموفق بن قدامة " صاحب المغني " المتوفى سنة 620 في النهي عن قراءة كتب المبتدعة الأشعرية في " جؤنة العطار " , لأنها طريفة وعندي نسخة كتبت سنة 720 بعد وفاة المؤلف بمائة سنة , والطريف منها أنه سمى الأشعري والأشعرية مبتدعة , وحذر من قراءة كتبهم , وأتى بالدليل على ذلك من الكتاب والسنة , وكلام الأئمة الأربعة , وإن أعان الله وكتبت في عقيدة السنة وإبطال عقائد الأشعرية , فسوف يكون أطرف وأظرف إن شاء الله تعالى.
قلت (الأنصاري): وهذا وحده كاف لتبرير هروب محمود سعيد من ملتقانا السلفي , الغماري يرد على أشعرية محمود سعيد!!!
لا أدري حقيقةً ما هو حال هذا الفأر الآن؟ وهل مازال مصراً على أشعريته , والذي قال عنها شيخ شيوخه كما مر بنا آنفاً بأن المتمسكين بهذه العقيدة هم أخطر على الإسلام من المعتزلة!!!
وهل كان يعلم بأمر هذا الكتاب الذي نوى شيخه تأليفه والذي وصفه بأنه سيكون أطرف وأظرف؟! وهل أتمه , أم أنه اختفى مع فتنة التتار!!!
أجب يا محمود سعيد إن كنت تدعي الشجاعة والرجولة , فإني والله بانتظار ردك أو مناظرتك.
كتبه (عمك) (1) / خالد الأنصاري.
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) ـ لاتنسى بأنك أنت من وصفني بها , فأنا والله أبرأ إلى الله منك لو كنت ابن أخي.
وعندنا في الخليج أن من يقال له ياعم أو ياعمي ولم تكن بين المُنادي والمُنادى أي صلة أو قرابة , فإنها تعد من أشرف الألفاظ , فهي بمثابة (يا تاج رأسي) أو ما يوازيها من كلام العامة , وعادة تقال لمن كان له مكانة أو منصب.
فوالله يامحمود لم أكن أعلم بأنك تكن لي كل هذه المحبة والتقدير بأن ناديتني " ياعم "!!!!
وعلى العموم ـ وإن كنت على يقين من أنك تكرهني ـ , فإني أبشرك بأنه لن يهدأ لي بال ولن أكل أو أمل من كشف خبثك وفضح أمرك وبيان عوارك أمام الملأ أنت و شيوخك , إن شاء الله تعالى.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[05 - 01 - 05, 03:02 م]ـ
في المقال الذي سأذكره بعد قليل , اعتراف من الخلفي الصوفي أحمد الغماري , بأن شيخنا الألباني رحمه الله تعالى من الأفراد في معرفة الفن , إلا أن مقاله لم يخلو من طعن في الشيخ رحمه الله تعالى ناهيك عن تسميته (بعدوالله)!!!
فإذا أتتك مذمتي من ناقص - فهي الشهادة بأني كامل
قال في إحدى رسائله التي بعث بها إلى صؤابته التليدي؛ المسماة بـ: " در الغمام الرقيق " (ص 191) , مانصه:
وناصر الدين الألباني قدم إلى دمشق وهو لا يعرف العربية , فتعلمها وأقبل على علم الحديث فأتقنه جداً جداً , وأعانه مكتبة الظاهرة المشتملة على نفائس المخطوطات في الحديث , وهو ممن رتبها بيده , حتى أني لما زرتها في العام الماضي , كان هو الذي يأتيني بما أطلبه ويعرفني بما فيها.
ولولا مذهبه وعناده , لكان من أفراد الزمان في معرفة الحديث , مع أنه لا يزال فاتحاً دكان الساعات.
وقعت لنا معه مناظرة يطول ذكرها ...
وقال في رسائله المسماة " الجواب المفيد " (ص 60 ـ 61) , مانصه:
أما الألباني فمن الأفراد في معرفة الفن على عاميته تقريباً؛ إلا أنه في العناد والعياذ بالله فاق الزمزمي (1) , وكل عنيد على وجه الأرض؟!
وله تعرض لنا في كتابه " تحذير الساجد في اتخاذ القبور مساجد " (2) , ذكر أنه اجتمع بي فوجدني صوفياً خلفياً , وهذا في نظره نهاية الذم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/436)
وكذب عدوالله في نسبتي إلى الخلفية , وأنا عدوهم اللدود؛ ولكنه لجهله يرى أن كل من ليس بتيمي وهابي فهو خلفي.
وقد بلغني أن الأوقاف المصرية استدعته إلى القاهرة لتوظيفه في تعليم الحديث؛ والباعث مسألة سياسية عايد بعض الأمر فيها إلينا.
قلت (خالد الأنصاري): انظر أخي الفاضل إلى تناقض هذا الخلفي الصوفي الضال فبعد أن ذكر في المقال الأول بأن الشيخ تعلم الحديث وأتقنه جداًجداً وذكر بأنه تعلم اللغة العربية؛ فإذا به يصفه في المقال الثاني بالعامية!!!
ثم أنه ذكر في المقال أو الرسالة الثانية بأن الأوقاف المصرية استدعت الشيخ الألباني رحمه الله تعالى لتعليم الحديث بناءً على تزكية منه (وسمها بالسياسية)!!!
ثم كيف الغماري يسعى أو تكون له يد في توضيف رجل وصفه بالكذاب!! وسماه (عدوالله)!!!
فإذا علمنا الإجابة؟ فإن الغماري ساقط الحديث لا تقبل له شهادة لأنه يزكي الكذبة أعداء الله ـ على حد زعمه ـ!!!
قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في حاشية " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد " (ص 55 ـ 56 / طبع المكتب الإسلامي) , مانصه:
هو الشيخ أبوالفيض أحمد الصديق الغماري في كتبه المسمى " إحياء المقبور من أدلة استحباب بناء المساجد والقباب على القبور "! وهذا الكتاب من أغرب ما ابتلي به المسلمون في هذا العصر , وأبعد ما يكون عن البحث العلمي النزيه , فإن المؤلف يدعي ترك التقليد والعمل بالحديث الشريف! فقد التقيت به منذ بضعة أشهر في المكتبة الظاهرية , وظهر لي من الحديث الذي جرى بيني وبينه أنه على معرفة بعلوم الحديث , وأنه يدعو للاجتهاد , ويحارب التقليد محاربة لا هوادة فيها , وله في ذلك بعض المؤلفات كما قال لي.
ولكن الجاسة كانت قصيرة لم تمكني من أن أعرف اتجاهه في العقيدة , وإن كنت شعرت من بعض فقرات من حديثه أنه خلفي صوفي , ثم تأكدت من ذلك بعد أن قرأت له هذا الكتاب وغيره , حيث تبين لي أنه يحارب أهل التوحيد , ويخالفهم في عقيدتهم مخالفة شديدة , ويقول بالبدعة الحسنة , وينتصر للمبتدعة! ولم يستفد من دعواه الاجتهاد إلا الانتصار للأهواء وأهلها , كما يفعل مجتهدوا الشيعة تماماً! وإن شئت دليلاً على ما أقول , فحسبك برهاناً على ذلك هذا الكتاب " ... المقبور "! فإنه قبر كل الأحاديث المتواترة في تحريم بناء المساجد على القبور الذي قال به الأئمة الفحول بلا خلاف يعرف بينهم , فهو والحق يقال: جريء ولكن في محاربة الحق! كيف لا وهو يرد كل ما ذكرناه من الأحاديث واتفاق الأئمة دون أي حجة , اللهم إلا اتباع المتشابه من النصوص كآية الكهف هذه , شأنه في ذلك شأن المبتدعة في رد النصوص المحكمات بالمتشابهات , نعوذ بالله من الخذلان. اهـ.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ـ سأذكر قريباً إن شاء الله تعالى نصوصاً طعن فيها الغماري على إخوته (الزمزمي وعبدالعزيز) , بعد أن سلبهم حقهم في ميراث أبيهم.
(2) ـ انظر أخي اللبيب كيف أن هذا الخلفي الخبيث غير مسمى كتاب شيخنا الألباني رحمه الله تعالى , فأبدل (من) فجعلها (في) , فلو قلنا " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد " ـ وهو الصحيح ـ كان موافقاً لما عليه السلف الصالح مخالفاً لما يعتقده الغماري وزمرته!!!
وأما إذا قلنا " تحذير الساجد في اتخاذ القبور مساجد "
فإن فيه هدماً لما كتبه الشيخ , وموافقة لما بناه الغماري من باطل .....
فتأمل!!!! هذه هي علوم الغماري وأمانته العلمية وعلبة المفاتيح التي يدندن ويتراقص ويتمايل من أجلها المبتدع الهارب محمود سعيد , فهل بقي من أمانة وعلمية أحمد الغماري شيء.
الجواب: لاأظن ............
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[05 - 01 - 05, 05:14 م]ـ
وهذه حقيقة أخرى تكشفت لنا من أن الغماري هلك ـ لا كما يزعم عبدالله الغماري وتلامذته ـ وكانت عنده نية لأكمال رده على الكوثري وأن الذي أشار عليه بالتوقف عبدالله , إلا أنه عزم على إكماله , فمات ولم يوفق لذلك.
ذكر في إحدى رسائله من " الجواب المفيد " (ص 40) , مانصه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/437)
وأما الشيخ زاهد الكوثري فإنه حقاً عدو السنة والسلف الصالح والأئمة إلا الحنفية ومن وافقهم , لفرط تعصبه للحنفية وللجنسية التركية أيضاً , حتى أنه متهم بالشعوبية مع أنه عالم فاضل مطلع واسع الإطلاع والدراية , مع المشاركة في كثير من الفنون.
ولكن فرط تعصبه أوصله إلى درجة المقت؛ بل درجة الجنون , حتى أنه طعن في مالك , والشافعي , وأحمد , وعبدالرحمن بن مهدي , والبخاري ..... وهذه الطبقة.
بل وتكلم في أنس , وأبي هريرة .... وبعض الصحابة!!!
وقد كنت شرعت في الرد عليه وسميته " بيان تلبيس المفتري محمد زاهد الكوثري " فكتبت في مقدمة الكتاب ـ وهي في تناقضاته فقط ـ نحو خمسة عشر كراساً فأزيد.
ثم توقفت لكون الرجل يدّعي لنا بالمحبة والصداقة , ولنا معه مجالس طويلة , والحق أولى منه؛ إلا أن سيدي عبدالله طلب مني أن أتأخر عن إكمال الكتاب , فتأخرت عنه؛ ولابد إن شاء الله من إكماله.
ولعلك رأيت الإعلان عنه في أسماء مؤلفاتنا المطبوعة بآخر " إزالة الخطر ".
قلت (الأنصاري): ومن هنا نعلم كذب عبدالله الغماري وتلامذته في دعواهم أن الغماري أحمد تراجع عن هذا الكتاب , وأنه لا يحق لأحد نسبة أي شيء له.
مع أن المغفل الهارب محمود سعيد لم يشر بهذا الأمر في " تشنيف الأسماع " , وإنما جل الذي ذكره بعد أن اعترض زاهد الكوثري في مقال طويل , قوله (ص 216):
هذا وقد تعقبه جماعة من الفضلاء منهم الشيخ العربي التباني المذكور , والشيخ المعلمي اليماني (وكتابه معروف مطبوع في مجلدين) , وغيرهما.
ورأيت قطعة من رد السيد أحمد بن الصديق الغماري عليه.
أسأل الله تعالى أن يغفر لي وله ولجميع المؤمنين ويتجاوز عما أخطأ فيه القلم.
وما ذكرته ليس جناية أو اختلاقاً على الشيخ رحمه الله تعالى , وأن مقامه محفوظ وعلمه معروف واطلاعه غير منكور.
ولكن ماذا أفعل أمام الحقائق!!!!
هذا هو قول محمود سعيد , فهل له حجة بعد ذلك.
وكم كنت أتمنى أن يتصف محمود سعيد بالشجاعة لا الجبن والهروب , كما وجدته في كلامه هنا عن الكوثري , أو في ردوده على شيخنا الألباني رحمه الله تعالى , مع أنه يعلم أن ما سطرته يداه جله كذب وباطل وإفك مفترى.
ولكن الفأر فأر ............ !!!
كتبه / خالد الأنصاري.
ـ[عبد الله]ــــــــ[06 - 01 - 05, 07:26 ص]ـ
الأخ خالد الانصاري
جزاك الله خيراً على ما قدمته من كشف لحال هذا اللعين الغماري
و على ذبك عن حرمات الله
لكن استوقفني ما كتبته في مقالك الاخير الذي يتعلق بكتاب تنبيه المسلم
فهل ترى أن كل ما جاء في الكتاب كذب و باطل؟؟؟
مع أن ثلاتة أرباع الكتاب في موضوع عنعنة أبي الزبير في نقله لحديث جابر رضي الله عنه في صحيح مسلم
هذا السند الذي جزم بصحته كبار علماء الحديث في القديم و في الحديث
أم تقصد غير هذا؟
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[06 - 01 - 05, 03:04 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وجزاك أخي عبدالله.
الذي عنيته أن جل ما في كتبه , وليس كتاباً معيناً , فالخبيث لم يترك موضعاً في كتبه إلا وفيه لمز وطعن على أئمتنا , ناهيك عن التلفيق والتلزيق والتزوير والتحوير في النصوص.
وقد انبرى لكشف زيفه وتبيين عواره وضلاله مشايخ عدة , كالشيخ الفاضل طارق عوض الله , والشيخ سليمان الخراشي , وعمرو عبدالمنعم , وعلي حسن الحلبي ..... وغيرهم الكثير.
ثم إن هذا الخبيث قصد بكتابه هذا ـ تنبيه المسلم ـ الطعن على شيخنا الألباني رحمه الله تعالى , لا النصيحة للمسلمين وتنبيههم كما زعم!!!!
وبما أنك قرأت جل ـ بل كل ـ ماكتبناه , فلعله استوقفك قول شيخ مشايخه الغماري وطعنه على الصحيحين!!! بل وصفهما بالخبث!!!
فهل بعد هذا القول قول؟!
ثم إنك رأيت في مقالتي الأخيرة عن هذا المجنون المتعصب الهالك (زاهد الكوثري) , وكيف أن محمود سعيد يجله ويعلي مقامه!!! ولكنه كان يتحسر أمام ما رآه من ردود عليه , وذلك عند قوله: (ولكن ماذا أفعل أمام الحقائق)!!!
فكم كنت أتمنى ـ وكذلك غيري ـ أن يتصف محمود بهذا الإنصاف الذي رأيناه في كلامه هذا عن شيخ مشايخه الكوثري؛ ولكنه آثر العناد والكبر وغمط الناس؟!
وقد تحديناه على الملأ على أن يأتي بحرف واحد محرّف من جهة نقلنا كلام شيخه , فما وجدنا منه إلا التهرب والتنصل من الإجابة فتارة يسمي كتب شيخه كناشة وتارة يسميها قفشات المعتقل ..... إلخ.
ثم أنه بدأ يدندن ويتراقص بما يسميه بـ (علبة المفاتيح) والعلمية والجهاد؟!!!
وقلنا له حينها بأن ذلك لم ولن ينفعه في أخراه حين العرض على رب الأرض السماوات , لأنه طعن في الصحابة ناهيك عن رميهم بالكفر واللواط ووووو.
فرجل هذا حاله وهذا مقاله ..... ماذا يقال عنه؟!
أيقال عنه الإمام الحافظ الحجة المجتهد المحدث؟!
بل إن بعضهم أوصله درجة الإمام أحمد في العلم والحفظ , ونسب هذا للشيخ تقي الدين الهلالي رحمه الله تعالى وهو منه براء؟!
أتراه عاقلاً من يقول هذا الكلام؟!
وعلى العموم , وكي لا أخرج عن نطاق ما طرحته علي من أسئلة , فقد علمت إجابتي آنفاً.
هذا وإني سائلك في هذا المقام دعوةً تدعوا بها لإخيك بظهر الغيب , ولا أظنك تبخل بها عليه.
والله يحفظكم ويرعاكم لما فيه خير وصلاح وإصلاح؛ إنه جواد كريم.
كتبه محبكم / خالد الأنصاري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/438)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[06 - 01 - 05, 05:08 م]ـ
لا أدري , ماذا سيقول علماء الأزهر وطلابه بعد قراءة هذا الكلام , وقد علمنا أن جلهم يؤيد أحمد الغماري وتلاميذه بل ويفتخرون بهم.
قال في " جؤنته " (ص 63 / طريفة 105) , مانصه:
ـ تهافت علماء الأزهر على الدنيا ـ
من المتداول بين علماء الأزهر قولهم (قيراط ولاية , ولا فدان علم) , وهذه كلمة يريدون بها باطلاً , فإنهم لايقصدون منها تفضيل حقيقة الولاية على حقيقة العلم الذي بأيديهم كما هو الواقع؛ وإنما يقصدون بها النفع الدنيوي , والمصالح العاجلة , وهي أن من يشتهر بين العوام بالولاية يقع له نفع كبير من الإعتقاد والحرمة والخدمة وكثرة الاتباع وحصول الجاه والشهرة والظهور بين الخلق , بخلاف من يشتهر بينهم بالعلم؛ فإنه لاميزة له بين الناس ولانفع إلا من قبل وظيفته.
وهذا يدلك على ما وصل إليه الأزهري من الجهل والانحطاط وسقوط الهمة وقصر النظر على الدنيا , والسعي فيما يقرب إليها , والبعد عن الفضيلة بل وعدم إدراك حقيقتها بالمرة , وذلك هو الذي أسقطهم من عين الله ومن عين عباده حتى صاروا مضرب الأمثال للرذيلة بين السفهاء فضلاً عن الفضلاء ... وشرح حالهم يطول.
فلقد شاهدنا منهم العجائب التي يستحي من ذكرها ويترفع النوع البشري عن الاتصاف بها ...
فنسأل الله الستر والعافية بمنه ... آمين.
قلت (الأنصاري): لن أعلق على كلام الغماري , بل سأدع محبيه ومحبي محمود سعيد ـ ممن تخرج من الأزهر ـ هم الذين يردون عليه!!!
ـ[عبد الله]ــــــــ[06 - 01 - 05, 05:58 م]ـ
الأخ خالد الأنصاري نفع الله بك
سؤالي كان على الكتاب الذي ذكرته له
أما طواط الغماري و مريديه فليست تخفى على أحد
على الأقل في هذا المنتدى
و لا أخالك تحتاج لإبطال ما عند القوم من الحق حتى تبين للناس فساد مذهبهم
و لست في حاجة للطعن في نياتهم كذلك
يكفينا ما ثبت عنهم فيما خطوه من صحائف ففيه غُنية عن غيره
و حتى لا نترك مجالاً لمقلديهم للتشنيع
دمت منافحاً عن دين الله
و نفع الله بك
و ألهمك الرشد و السداد.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[07 - 01 - 05, 03:06 ص]ـ
الأخ عبدالله
أنا على خلاف معك في كون طوام الغماري ومريديه لا تخفى على أحد.
نعم جل طلبة العلم يعلمون عن الغماريين أنهم مبتدعة؛ ولكن ماهي بدعهم؟!
هل القبورية فحسب؟!
أم الإيمان بالدجل والشعوذة والزار والموالد؟!
أم سب الصحابة ولعنهم وتكفيرهم؟!
ناهيك عن سب العلماء ورميهم بالضلالة والكفر والزندقة واللواط وأنهم قرن الشيطان؟!
فإني أقسم لك أخي بأن جل إخواننا المشايخ لايعلمون عن هذه الأمور شيئاً , وقد صرحوا لي بذلك شخصياً.
فإن كان لديك أخي الفاضل علم مسبق بهذه الأمور والمادة موجودة بين ناظريك أو لديك أي مشاركات في هذا الباب , فجزاك الله خيراً فإنك قد تهون علينا كثيراً من الأمور , بل وسيصبح الموضوع مثمراً إن شاء الله تعالى.
هذا , وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يغفر لنا ولكم. إنه جواد كريم.
محبكم / خالد الأنصاري.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[08 - 01 - 05, 03:12 ص]ـ
ذكر الغماري في إحدى رسائله من " الجواب المفيد " (ص 84) , مانصه:
ـ تاريخ تطوان ومؤلفه في نظر الشيخ ـ
منذ أيام قلائل أجبناكم عن وصول الجزء الثاني , أو القسم الثاني من " تاريخ تطوان " , الذي رأينا به ما دلنا على بعد مؤلفه عن الحقائق؛ حيث قال عن علال الفاسي:
" حامل راية السلفية ".
فالظاهر أنه من أجهل الناس بالسلف والسلفية , أو يظن السلفية مرادفة للادينية!!
فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[08 - 01 - 05, 03:56 ص]ـ
ـ الغماري يتهم شقيقه عبدالعزيز بالسرقة!!!! ـ
وذكر أحمد الغماري أيضاً في إحدى رسائله من " الجواب المفيد " (ص 77) , مانصه:
كتاب التحذير من أخطاء النابلسي في تعبير رؤيا فاطمة والحسن والحسين عليهما السلام
والتحذير من النابلسي مسروق من كتابتنا كعادة مؤلفه (1) معنا!!!.
وقد بلغني أنه سرق من مسودة " طباق الحال الحاضرة "!!!.
ولذلك بادرت إلى إكماله , وزدت فيه مالم يخطر على بال سارق ....
وقد سلخ من شرحنا على الرسالة شرحاً وضعه على العشماوية.
وقال لبعض الناس إنه طالع عليه مائة كتاب.
فذكرت لذلك حكايته في " الثالث من جؤنة العطار ".
قلت (الأنصاري): قد علمنا من قبل قول الغماري في أخيه الزمزمي والتعوذ بالله منه , ناهيك عن وصفه بالعناد!!!
فهاهو يطعن في أخٍ آخر من إخوته , ويتهمه بالسرقة!!!
مع أنه قد نُقلَ بل مما تواتر عنه أنه سرق ميراث إخوته من أبيهم!!!!
{إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل}.
فالظاهر أن داء السرقة والكذب والتلفيق والتزوير منتشر في آل الغماري وتلامذتهم!!!
ــــــــــــــــــــــ
(1) ـ قال الأخ الشيخ بدر العمراني حفظه الله تعالى في الحاشية:
مؤلفه هو الشيخ عبدالعزيز بن الصديق رحمه الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/439)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[08 - 01 - 05, 04:31 ص]ـ
الغماري يمتدح الحلاج ويدافع عنه
وذكر أيضاً في " الجواب المفيد " (ص 51) , مانصه:
أما الحلاج: فكلام التنوخي المعتزلي فيه غير غريب؛ بل الأغرب منه كلام مثل الخطيب ـ صاحب التاريخ ـ , فقد أطال فيه جداً .... وكل ذلك باطل.
والرجل كان من كبار الصوفية؟!
ومن لايخالط كتب القوم لا يعرف مقامه.
ومن يقرأ ترجمته من " تاريخ الخطيب " يكاد يجزم بأنه دجال.
فاعرف هذا على سبيل الاختصار.
قلت (الأنصاري): انظر " تاريخ بغداد " 8: 112 ـ 141 , و " سير أعلام النبلاء " 14: ص 313 ـ 354 , فإن فيهما مالا تجده عند غيرهما من الإنصاف والعدل , ولا تلتفت إلى كلام هذا المبتدع الضال الغماري .....
فإن في كلامه الضلال والظلام والوهن والخيبة , فوالله مارأيت مثل هذا العفن وتلاميذه وأخص منهم ذلك المجنون الهارب محمود سعيد يمتدحون أهل الضلال والبدع , بل من صرح بكفرهم أئمة الإسلام ..... وهذا إن دل فإنما يدل على أن الغماري متخبط مجنون يهذي بما لا يعي.
قاتل الله من وقر صاحب بدعة.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[08 - 01 - 05, 04:32 ص]ـ
الغماري يمتدح الحلاج ويدافع عنه
وذكر أيضاً في " الجواب المفيد " (ص 51) , مانصه:
أما الحلاج: فكلام التنوخي المعتزلي فيه غير غريب؛ بل الأغرب منه كلام مثل الخطيب ـ صاحب التاريخ ـ , فقد أطال فيه جداً .... وكل ذلك باطل.
والرجل كان من كبار الصوفية؟!
ومن لايخالط كتب القوم لا يعرف مقامه.
ومن يقرأ ترجمته من " تاريخ الخطيب " يكاد يجزم بأنه دجال.
فاعرف هذا على سبيل الاختصار.
قلت (الأنصاري): انظر " تاريخ بغداد " 8: 112 ـ 141 , و " سير أعلام النبلاء " 14: ص 313 ـ 354 , فإن فيهما مالا تجده عند غيرهما من الإنصاف والعدل , ولا تلتفت إلى كلام هذا المبتدع الضال الغماري .....
فإن في كلامه الضلال والزيغ والوهن والظلمة والخيبة , فوالله مارأيت مثل هذا العفن وتلاميذه وأخص منهم ذلك المجنون الهارب محمود سعيد يمتدحون أهل الضلال والبدع , بل من صرح بكفرهم أئمة الإسلام ..... وهذا إن دل فإنما يدل على أن الغماري متخبط مجنون يهذي بما لا يعي وكذلك المبتدع الهارب.
قاتل الله من وقر صاحب بدعة.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[10 - 01 - 05, 01:59 ص]ـ
ذكر في رسائله المسماة " الجواب المفيد " (ص 102) , مانصه:
القطبية!!
والقطبية ليس أمرها بالهين , والقطب لايكون إلا واحداً في كل عصر ولا يتعدد أصلاً.
فإذا مات واحد خلفه الآخر , وقد ادعى بعضهم القطبية في عصر سيدي علي الخواص , فقال له سيدي علي: إن القطب لا يحل مقام واحد , فعجز فقال له: اتق الله ولا تدع ماليس لك , وما أظن الرياسنة من جدتهم ريسون إلى ظالمهم الجبار العنيد سمعوا بهذا فضلاً عن أن يعرفوا ألف مقام فضلاً عن خمسة وأربيعين ألف مقام , والعوام إذا رأوا صالحاً تظهر على يده بعض الكرامات نسبوه إلى القطبية جهلاً منهم بها , مع أن القطب المتصرف في ثمانية عشر ألف عالم الدنيا عالم الدنيا كلها؛ منها عالم واحد قد لاتصدر منه كرامة أصلاً , لأن الكرامة لا يصدرها الله إلا على يد صغار العارفين ليثبت بذلك إيمانهم كما قيل فيها كاللُعب إذا بكى الصبي أُعطي اللُعبة لتلهيه ويسكت.أما كبار الكمل فلا يحتاجون إلى كرامة.
هذا ملخص مايمكن ذكره الآن.
أما كونه له علامة يعرف بها فهيهات؛ إنما يعرفه العارفون الذين يحضرون الديوان؟! ويشاهدون تلقيه الأوامر الإلهية وخلافته العظمى عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , ولهذا نص بعض العارفين على كذب من يقول في شيوخهم وأصحابهم من الصوفية فلان القطب الرباني , قال: لأن هذا كذب صراح , والكذب من أكبر الكبائر؛ إذ من يدرك أنه قطب حتى تصفه بالقطبية لولا الكذب والتهور , وأخرجهم من هذا المأزق بعضهم أيضاً , بأن قال: يراد بالقطب معناه اللغوي المجازي , وهو من يدور عليه أمر من الأمور.
والشيخ الموصوف بالقطبية تدور عليه أمور زاويته وتلامذته , أو بيته وأهله وعياله .....
فهو بهذا الاعتبار قطب!!!
قلت (الأنصاري): هذا هو الغماري قد أطل علينا بمصيبة أخرى , وجيفة منتنة فاحت رائحتها , وهي ادعاءه بأن أقطابهم مطلعون على خفايا الغيب , وأنهم يأتيهم الوحي من الله مباشرة من دون واسطة , وأن كل هذا يحدث أمام مرمى ومسمع ممن يحضر الديوان (حفلات الزار)!!!
فإلى الله المشتكى.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[10 - 01 - 05, 03:11 ص]ـ
ذكر في " جؤنته " ج 2: ل 20 ـ مخطوط ـ , مانصه:
غريبة
زعم ابن كثير تلميذ ابن تيمية الناصبي أن علياً عليه السلام لم يكن من أهل البيت ـ ذكر ذلك في تاريخه ـ , فخرق الإجماع بذلك , وبرهن على أنه إما جاهل بالحديث والفقه والأنساب ـ كما قال فيه الحافظ في " معجمه ": أنه كان حافظاً على طريقة الفقهاء لا على طريقة المحدثين!!
وإما على أنه خبيثٌ مجرم وقح كذاب , ولو كان معنا تاريخه حاضراً لنقلنا نصه وتنزلنا له , ولعلنا نعود إليه فيما بعد ذلك إن شاء الله تعالى.
قلت (الأنصاري): وهذا كذب صراح وإفك مفترى , لا يقوله مؤمن , فقد قرأت كلام ابن كثير في تاريخه " البداية والنهاية " 7: 233 ـ 375 و 8: 3 ـ 15 / طبع دار الريان سنة 1408 هـ من أوله إلى آخره عدة مرات؛ ولم أجد هذا النص مطلقاً!!!! بل إن كلام ابن كثير جله منقول من " تاريخ الطبري " , وما كان من كلام ابن كثير أو تعليقاته فمعظمه ـ إن لم يكن كله ـ في الثناء على أبي الحسنين رضي الله تعالى عنه وعن آل البيت والصحابة جميعاً ـ.
وسيعلم القاريء حينها من الخبيث المجرم الوقح الكذاب , هل هو ابن كثير؟! أم أحمد الغماري (المفتاح ... العلمية ... الجهاد)؟!
كتبه محب آل البيت والصحابة جميعاً / خالد الأنصاري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/440)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[30 - 01 - 05, 07:12 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده , والصلاة والسلام على من لا نبي بعده , محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وعلى آله وصحبه ....
وبعد:
فإني أحمد الله تعالى على نعمة الشفاء والمعافاة التي أنعم بها علينا؛ فله الحمد والشكر والفضل وله الثناء الحسن.
كما وأشكر الإخوة المشايخ الفضلاء ـ جزاهم الله خيراً ـ , والذين شرّفونا بزياراتهم طوال مدة أقامتنا في بلاد التوحيد (رياض نجد) حرسها الله تعالى , والذين سعدنا وشرفنا بزياراتهم ولقاءاتهم أيضاً؛ كأمثال (الشيخ سامي المسيطير , والشيخ عبدالرحمن السديس , والشيخ عبدالله المزروع , والشيخ زياد العضيلة , والشيخ عبدالله الحمادي ...... وغيرهم من الإخوة المشايخ الفضلاء) , والذي أسأل الله أن يجزيهم الجزاء الحسن , وأن يجمعنا بهم قريباً إن شاء الله تعالى , كما لا أنسى الإخوة المشايخ الذين راسلونا عبر بريدنا , أو كالمونا عبر الهاتف , فلهم أيضاً الشكر الجزيل.
وأقول للجميع / جزاكم الله خيراً
محبكم خالد الأنصاري.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[30 - 01 - 05, 11:34 م]ـ
لم يكتف الغماري تكفيره لمعاوية وعمرو بن العاص بل تعدى وتطاول أيضاً على مقام أبي بكر الصديق وأبي هريرة وابن عمر رضوان الله عليهم ....
قال في " البرهان الجلي " (ص 62) , مانصه ـ نقلاً عن ابن عربي في خطبة الفتوحات ـ: ... إلا أبوهريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - , ذكر مثل هذا البخاري في " صحيحه " عنه: أنه قال حملت عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وعاءين أما واحد فبثثته فيكم , وأما الآخر فلو بثثته قطع مني هذا البلعوم , فأبوهريرة ذكر أنه حمله عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , فكان فيه ناقلاً من غير ذوق , ولكنه علم لكونه سمعه من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. اهـ.
قال الغماري ـ مقراً ـ: أي بخلاف علي عليه السلام , فإنه كان حاملاً له عن ذوق , فلذلك كان إمام العارفين ومرجعهم دون غيره.
وقال أيضاً ـ من نفس الكتاب ـ (ص 78) , مانصه: غاية مافي الباب أدلة تشير إلى خلافة أبي بكر بعد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وتقديمه في بعض المواقف , احتراماً لمنصبه الجليل , ومراعاة لفضله وأياديه البيضاء في الإسلام , وإكرامه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بما له به المنة على رقبة كل مؤمن محب لله ولرسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , وذلك لا يفيد القطع بأفضليته من كل الوجوه , ولا على تقدمه على غيره من سائر النواحي ....
وقال أيضاً ـ من نفس الكتاب ـ (ص 78) , مانصه:
وأما قول عبدالله بن عمر: كنا نخير بين الناس في زمن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , فنخير أبابكر ثم عمر ثم عثمان , ثم نترك أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , فلا نفاضل بينهم؛ فمتروك الظاهر بإجماع أهل السنة على تفضيل علي بعد عثمان , بل قد رده كثير من السلف وأئمة السنة على ابن عمر رضي الله عنهما , حتى قال بعض الحفاظ إن ابن عمر كان صغير السن , لم يعرف كيف يطلق امرأته , فكيف يعرف الأفضل من الصحابة ...................
قلت ـ الأنصاري ـ: هذا هو الغماري , وهذا كلامه , أوصله رفضه المقيت إلى التعدي على مقام أبي بكر الصديق الذي شهدت الدنيا بأسرها ـ إلا الرافضة لعنهم الله ـ على فضله وعلو مكانته وأنه أفضل خلق الله بعد الأنبياء والمرسلين , حتى قال علي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - عنه مقولته المشهورة: معاذ الله أن يختلف على أبي بكر وعمر أحداً من المسلمين , ماذا نقول وماذا نكتب , أدع محبي محمود سعيد وذلك الرافضي المعتزلي الخبيث كبير الأساقفة السقاف هم الذين يردون على إمامهم؟!!!
ولاأدري ماذا سيقولون أيضاً عن كلامه في أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما؟!!!!!
ـ[أبو داود الكناني]ــــــــ[01 - 02 - 05, 03:02 ص]ـ
شيخنا الكريم -بارك الله فيك-
لا زلت أناشدك أن تتحول هذه الردود العلمية على الغماري إلى مصنف لكم لتستفيد الأمة التي حملت أسانيده ولم تعلم ما في عقيدة الرجل من كفر و بدعة
-يسر الله لكم هذا بمنه و كرمه-
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/441)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 02 - 05, 01:35 ص]ـ
جزى الله الأخ الشيخ الكناني خيراً , وأبشره بأني سوف أعمد إلى هذا الأمر في القريب العاجل إن شاء الله تعالى.
كتبه محبكم / خالد الأنصاري.
khalid_alansari@yahoo.com
ـ[ابن المنذر]ــــــــ[03 - 02 - 05, 07:17 ص]ـ
أعانك الله، وسدد خطاك في كشف زيغ هذا المبتدع (الغماري) وتلميذه.
ـ[راضي عبد المنعم]ــــــــ[03 - 02 - 05, 07:48 ص]ـ
المشاركة الأخيرة لي في ((منتدى النيلين)) ونصها كالتالي:
للمرة الألف يهرب الشاب المصري محمود سعيد ممدوح، والذي ظن بنفسه العلم، وجمع حوله بعض من يجيد التصفيق له، فحاول مرارًا وتكرارًا الوقوف في وجه السنة والحق، لكن الله عز وجل خذله في جميع المرات.
كتب يومًا في الرد على الشيخ الألباني رحمة الله عليه، فانبرى له العلامة الشيخ طارق عوض الله حفظه الله فكشف أكاذيب محمود سعيد وجهله وتدليسه.
فكتب في مسألة زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم فقام الشيخ العلامة عمرو عبد المنعم سليم حفظه الله فكشف أكاذيب محمود سعيد وجهله وتدليسه.
ولا زال المشايخ الأفاضل خالد الأنصاري وعبد الغفار بن محمد وأبو داود الكناني وغيرهم أدام الله عزّهم يكشفون لنا الجديد والجديد من أكاذيب وأباطيل محمود سعيد ممدوح.
ثم جاء الرجل إلى هذا المنتدى من يومين، رأينا اسمه هنا، ورأيناه دخله، بل وكتب تعقيبًا سريعًا على موضوعات بعض أخواننا، وعدهم فيها بالرد على ما ذكروه، لكن سرعان ما تراجع الرجل مرة أخرى أمام طوفان الحق، وأنوار الهدى والحديث والسنة، ففر هاربًا.
وغَطَّى عميلة هربه وانسحابه بإعلانٍ بهتانٍ زائفٍ ذكره بعض عاشقيه يقول فيه: ((محمود سعيد ممدوح في النيلين مزيف)) ويدعي أن الذي دخل هنا باسم محمود سعيد من الوهابية!!!
دعك من هذا الهراء يا محمود سعيد ممدوح فقد انكشف الأمر مرات ومرات.
وقد جئتُ إلى هنا لعلك تتشجع يومًا للقاء الحق.
فقد سبق لك أن طلبتَ المناظرة في غير ملتقى أهل الحديث، وقد عرضتُها عليك في غرفة شات، فهربت، فعرضتُها عبر المسنجر فهربت، ثم عرضتُها في هذا المنتدى، لكنك كعادتك تهرب وتهرب.
ثم تصنع تمثيلية وهمية تقول: ((محمود سعيد في النيلين مزيف))!!!
كفاك عبثًا يا رجل، ودع عنك الكتابة لست منها، ولو سودتَ وجهك بالمداد، وقد كنتُ أظنك أعقل من هذا.
ولن تستطيع التمثيل هذه المرة، فقد أخطأ عاشقك الذي قام بالتمثيل معك هذه المرة فصرّح أنه عرض الأمر عليك؛ يعني أنك تعرف كل شيء، وتم كل شيء بتدبيرك!!
وهكذا يا محمود تكذب على عادتك.
تدخل الملتقى فإذا هزمك الحق هربتَ وافتعلتَ الأوهام التي تظن أن القارئ سيصدقها بلا تفكير!!
وما دمنا لم نجد هنا خصومًا فهيا إلى قواعدنا ثانية في ديار الحديث وملتقى أهل الحديث رضي الله عنهم وأرضاهم، والحمد لله رب العالمين.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 02 - 05, 02:11 م]ـ
أخي الشيخ الفاضل راضي حفظه الله تعالى.
جزاك الله خيراً على ما تبذله في كشف زيغ هذا الخائن الدعي الخبيث داعية الضلال محمود سعيد ممدوح , والذي سميته أو لقبته من قبل (بالفأر) , والفأر أحد الفواسق كما لا يخفاك.
ـ[أبو داود الكناني]ــــــــ[03 - 02 - 05, 02:47 م]ـ
جزى الله الأخ الشيخ الكناني خيراً , وأبشره بأني سوف أعمد إلى هذا الأمر في القريب العاجل إن شاء الله تعالى.
كتبه محبكم / خالد الأنصاري.
khalid_alansari@yahoo.com
الحمد لله الذي شرح صدرك لهذا الأمر و نسأل الله لك المعونة و التوفيق
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 02 - 05, 07:16 م]ـ
ـ كلام الغماري على الشيخ عبد الحي الكتاني ـ
ذكرت في مقالاتي السابقة بأنه لم يسلم أحد من الغماري حتى مشايخه , بل لم يسلم منه إخوته من أمه وأبيه , ووعدت بأن أنقل كلامه فيهم ولعنه لهم ـ بله تكفيره ـ واتهامهم بالخيانة والتجسس , كي يعلم من أحبوه سمو أدبه ومبلغ علمه وغايته , وأقول لهم انظروا إلى كلام الشريف الذي يزعم أنه سليل بيت النبوة ..... !!!!!!!!!!!!
وأقول لمحمود سعيد , خذ هذه الطامة , وادعوا لنا لا لصاحبك ....... :
قال في " كشف الستار المسبلة " (ص 27 ـ 28) عن الشيخ عبدالحي الكتاني (صاحب فهرس الفهارس) , مانصه:
الشيخ اللوطي الجاسوس , تارك الصوم والصلاة , قاتل الأرواح , سفاك الدماء , سارق الكتب والأموال , نائك النساء والعيال , قبحه الله , وقطع زبره , وأراح منه الأطياز , وأغرقه في بحور من الخراء .... آمين.
وقال أيضاً (ص 31) , مانصه:
عبدالحي الخبيث المجرم , أيها الخنزير , ولو كنت في بلدك فاس لفسوت عليك يابن الكلب , لا والله بل فسوتي أشرف منك يامؤذي المسلمين , ياعاق , يازنديق , ياملحد , ياجاسوس , يالوطي , ياخنزير.
وقال أيضاً (ص36) في بعض اعتراضاته على بعض النصوص من كتاب " فهرس الفهارس " للشيخ مانصه:
لا يصدر ـ أي هذا الكلام ـ إلا من قحبة فاجرة.
هذا هو أحمد الغماري (المفتاح ... العلمية ... الجهاد).
كتبه / خالد الأنصاري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/442)
ـ[المضري]ــــــــ[03 - 02 - 05, 08:33 م]ـ
يا ساتر!!!!
لا لا لا .. هل أنت متأكد ياشيخ خالد أن هذا الكتاب - كشف الستار المسبلة - هو للغماري حقاً وأن هذه النصوص موجودة فعلاً بحروفها؟؟
والله إنها ليست فضيحة علمية وحسب بل جرائم أخلاقية خطيرة جدا!!
وكأنك تقرأ لسفاح ومجرم شوارع ورئيس عصابة مافيا وليس لشخص مسلم فضلاً عن قارئ عادي فضلاً عن طالب علم فضلاً عن شيخ فضلاً عن حافظ!!!
لا إله إلا الله.
أرجو أن لاتفهم ياشيخ خالد أني أشكك بك وبما تنقل ولكن ما قرأته لا يصدق والله العظيم لايصدق أبداً أن يكون كاتب تلك القذارات مسلم عاقل فكيف سمحوا لأنفسهم بتسميته شيخ حافظ؟؟؟ وأين المسلمون والأفاضل وأصحاب المروءات كيف سكتوا عنهم طوال تلك المدة؟؟؟
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 02 - 05, 08:43 م]ـ
وسترى وتقرأ أخي الكريم ماهو أكبر وأشنع وأفضع وأقذر من هذا كله .....
والله المستعان.
فليهنأ بذلك محمود سعيد وشرذمته منتدى الفجار (التنزيه) وعلى رأسهم الرافضي النجس صديق الشيطان الساحر كبير الأساقفة حسن السقاف عليه وله من الله مايستحق.
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[03 - 02 - 05, 08:50 م]ـ
ـ كلام الغماري على الشيخ عبد الحي الكتاني ـ
ذكرت في مقالاتي السابقة بأنه لم يسلم أحد من الغماري حتى مشايخه , بل لم يسلم منه إخوته من أمه وأبيه , ووعدت بأن أنقل كلامه فيهم ولعنه لهم ـ بله تكفيره ـ واتهامهم بالخيانة والتجسس , كي يعلم من أحبوه سمو أدبه ومبلغ علمه وغايته , وأقول لهم انظروا إلى كلام الشريف الذي يزعم أنه سليل بيت النبوة ..... !!!!!!!!!!!!
وأقول لمحمود سعيد , خذ هذه الطامة , وادعوا لنا لا لصاحبك ....... :
قال في " كشف الستار المسبلة " (ص 27 ـ 28) عن الشيخ عبدالحي الكتاني (صاحب فهرس الفهارس) , مانصه:
الشيخ اللوطي الجاسوس , تارك الصوم والصلاة , قاتل الأرواح , سفاك الدماء , سارق الكتب والأموال , نائك النساء والعيال , قبحه الله , وقطع زبره , وأراح منه الأطياز , وأغرقه في بحور من الخراء .... آمين.
وقال أيضاً (ص 31) , مانصه:
عبدالحي الخبيث المجرم , أيها الخنزير , ولو كنت في بلدك فاس لفسوت عليك يابن الكلب , لا والله بل فسوتي أشرف منك يامؤذي المسلمين , ياعاق , يازنديق , ياملحد , ياجاسوس , يالوطي , ياخنزير.
وقال أيضاً (ص36) في بعض اعتراضاته على بعض النصوص من كتاب " فهرس الفهارس " للشيخ مانصه:
لا يصدر ـ أي هذا الكلام ـ إلا من قحبة فاجرة.
هذا هو أحمد الغماري (المفتاح ... العلمية ... الجهاد).
كتبه / خالد الأنصاري.
جزاك الله خيراً يا شيخ خالد، ونفع بك، واستمر في فضحهم؛ فأنت مجاهد ذو سيف بتار.
وتعليقاً على ما كتبه هذا المأفون، أقول:
صاحب هذه الكتابه هو أولى أن تقال فيه،
و يشمل ذلك أيضاً المدافعين عنه، والمنافحين عن رياضه،
وكل إناءٍ بما فيه ينضح،
وتقول العرب: كل يرى الناس بعين طبعه،
والله أعلم.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 02 - 05, 08:58 م]ـ
جزاك الله خيراً أبامعاذ , فهلا دعوت لصاحبك الأنصاري .....
(ـ) ابتسامة محبة وذكرى جميلة ....
عسى الله أن يجمعنا بكم قريباً.
محبكم / الأنصاري.
ـ[راضي عبد المنعم]ــــــــ[04 - 02 - 05, 12:39 ص]ـ
سلامًا سلامًا
الآن انتهى كل شيءٍ، فلا غماري ولا محمود ولا سقاف، ولكن ((بديعة مصابني)) وأعوانها!!!
الأخ المضري وفقك الله: زعماء المافيا لا يصلون إلى مثل هذا الانحطاط!!!!!!
الشيخ الأنصاري حفظك الله:
لا أقول لك أحسنتَ على كشفك لذوي الأربع المذكور في كلامك! ولكن أقول: أحسنتَ حين تحمّلتَ الاطلاع على أوساخهم حتى الآن.
الشيخ المزروع حفظه الله: كيف استطعتَ نسخ الكلام ثانيةً؟ ما أصبرك!
أعوذ بالله
أعوذ بالله
كفى يا شيخ خالد حفظك الله فقد طمى السيل حتى غاصتِ الرُّكَب!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[04 - 02 - 05, 01:06 ص]ـ
مرحباً بالشيخ راضي ........
ولكن لما أنتهي بعد ياشيخ راضي , ويؤسفني إن قلت ليس الآن .....
ففي جراب الحاوي ـ أحمد الغماري ـ العفن الكثير .... ويصدق فيه المثل المصري ياما في الجراب ياحاوي
نسأل الله السلامة والعافية
كتبه ـ الفقير إلى الله ـ محبكم / خالد الأنصاري.
ـ[راضي عبد المنعم]ــــــــ[04 - 02 - 05, 01:26 ص]ـ
الشيخ الأنصاري حفظك الله:
السلام عليك ورحمة الله وبركاته.
وفقك الله وسدد خطاك في كشف ((بديعة مصابني)) وتلامذتها ذوي الأربع
وسأتحمل مشاق القراءة لحبي فيما تكتب.
وفقك الله وسدد خطاك
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
مُحبُّك: راضي.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[04 - 02 - 05, 04:30 ص]ـ
وسوف الترى العجب يوم غد إن شاء الله تعالى.
ففي الموضوع القادم لن أكتفي بالصواعق والبروق بل سأزيد عليها (الشهب المحرقة على أهل الزيغ والزندقة).
بل لعلي أسميه وهو الأنسب في نظري (الضرب بالمطرقة على رؤوس أهل الزيغ والزندقة).
فلعل المبتدع الهارب محمود سعيد يوافقني الرأي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/443)
ـ[أبو داود الكناني]ــــــــ[04 - 02 - 05, 04:44 ص]ـ
وسوف الترى العجب يوم غد إن شاء الله تعالى.
ففي الموضوع القادم لن أكتفي بالصواعق والبروق بل سأزيد عليها (الشهب المحرقة على أهل الزيغ والزندقة).
بل لعلي أسميه وهو الأنسب في نظري (الضرب بالمطرقة على رؤوس أهل الزيغ والزندقة).
فلعل المبتدع الهارب محمود سعيد يوافقني الرأي.ما شاء الله
هناك ثم جديد قوى الله سعيك يا شيخنا الحبيب و تقبل جهادك فإن المؤمن يجاهد بلسانه و يده
و قوى حجتك و رفع رايتك
تلميذكم المحب
أبو داود
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[05 - 02 - 05, 12:23 ص]ـ
أيهما نصدق؟ التلميذ , أم الأستاذ!!!!
ترجم المبتدع الضال الهارب محمود سعيد ممدوح , لأحد مشايخ الغماري (الشيخ محمود بن محمد خطاب السبكي) رحمه الله تعالى في كتابه " تشنيف الأسماع " [ص 530 ـ 535] وأثنى عليه وعلى علمه خيراً لما سيأتي , بينما تعرض الغماري لشيخه بكلام لو خلط بالماء الطهور لنجسه.
وقبل أن أسرد كلام محمود سعيد وترجمته الطويلة للشيخ السبكي , فإني أذكّر هذا المبتدع الضال الهارب وقبل أن يتنصل كعادته وينكر تتلمذ الغماري على الشيخ المذكور , وأقول له: فلنقرأ قليلاً ما سودته يداك في [ص 74] من كتابك " التشنيف " , فقد قلت في ترجمة شيخك الشريف , مانصه:
وله مشائخ آخرون بمصر في القراءة منهم الشيخ محمد حسنين مخلوف العدوي المالكي , والشيخ محمود خطاب السبكي المالكي ........ إلخ.
وعوداً إلى ترجمة الشيخ السبكي:
203 ـ محمود بن محمد خطاب السبكي
(أبومحمد محمود بن محمد بن أحمد بن خطاب السبكي) الشيخ العلامة الفقيه الداعي إلى الله تعالى الناسك السالك المالكي الأزهري الخلوتي.
ولد رحمه الله تعالى في بلدة سبك الأحد ـ أشمون من أعمال المنوفية بمصر في 19 من ذي القعدة سنة 1274 هـ.
وكان والده عمدة البلد , له ستة من الذكور فقسمهم ثلاثة للعلم والقرآن الكريم , وثلاثة للزراعة والرعي؛ فكان الشيخ محمود من القسم الثاني.
وبعد سن التمييز , اتصل بالعارف بالله الشيخ أحمد بن محمد جبل السبكي الخلوتي فاشتغل معه بالذكر والصيام والصلاة , لاسيما التهجد , فكان يصلي في الليل مائة ركعة مع الأوراد , ولما ظهر نبوغه وصلاحه أذن له شيخه في الدعوة والإرشاد بعد أن زوده بالمعارف اللازمة المناسبة لبيئته , وبعد أن اشتهر أمر الشيخ المترجم له في أنحاء البلاد وظهرت له كرامات.
ثم قدم للقاهرة مع شقيقه فأعجبه الجامع الأزهر لمافيه من نور العلم , فمجالس العلماء لاتنقطع , والطلاب ملتفون حول العلماء يدرسون , وفي يد كل منهم كتابه , فهذا يكتب تقرير الشيخ , وهذا يسأل والشيخ يشرح ويجيب ويدقق كما هي عادة علماء الأزهر في ذلك الوقت العامر بالجهابذة الذين شدت إليهم الرحال من أنحاء المعمورة إذ كان ذلك في أواخر القرن الثالث عشر.
فلما راى المترجم له هذا الجو العلمي أوقع الله في قلبه حب العلم والاشتغال بطلبه.
حفظ القرآن بسرعة عجيبة , فكان ربما حفظ في اليوم الواحد ثلاثة أرباع أو حزب , وذلك مع حفظ المتون وحضور الدروس اليومية داخل الأزهر الشريف , وفي الحلقات التي بعد الدراسة بمسجد الحسين ومسجد محمد بك أبي الذهب , والذهاب للخلوة الخلوتية ... وغير ذلك , وهكذا كان اجتهاده في طلب العلم منقطع النظير بالإضافة إلى الصلوات والأذكار التي لم ينقطع عنها.
وكان من دأبه العمل بما علم دائماً , فكان هذا معيناً له ومساعداً على سرعة التحصيل , وفي الوقت كان آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر غير مبال بما يصيبه محتسباً ذلك عند الله تعالى.
ومن شيوخه الذين تلقى عنهم بالأزهر الشريف العلامة الإمام محمد بن محمد عليش المالكي (ت 1299 هـ) , وشيخ الإسلام الشمس الإنبابي (ت 1313 هـ) , وشيخ الإسلام سليم البشري ... وذكر هؤلاء الأعلام الثلاثة في مقدمة شرحه الممتع المفيد على سنن أبي داود , ومن مشايخه بالأزهر أيضاً الشهاب أحمد الرفاعي , والشيخ إبراهيم الظواهري ... وغيرهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/444)
جد في أثناء الطلب على تحصيل الفقه المالكي , فكان يحضر عدة دروس في اليوم الواحد , وجمع في وقت الطلب " حكمة البصير على مجموع الأمير " في أربعة أجزاء ضخام , وفي وقت الطلب أيضاً جمع كتابه " فتاوى أئمة المسلمين بقطع لسان المبتدعين " , وقد طبع وكان موضع إعجاب مشايخه لمثابرته وجده في التحصيل , فتفوق على الأقران.
وفي سنة 1313 هـ في شهر رجب نال شهادة العالمية بحضور أفاضل علماء الأزهر الشيخ حسونة النواوي الحنفي ـ وكيل الأزهر ومفتي الديار المصرية ـ , والشيخ بكر الصرفي الحنفي , والشيخ أحمد الرفاعي المالكي , والسيد علي الببلاوي المالكي , والشيخ عمر الرافعي الشافعي , والشيخ سليمان العبد الشافعي , وقد أثنى الجميع على علمه , وعمله , ثم اشتغل بالتدريس في الأزهر الشريف فكان يدرس الفقه المالكي والحديث والأصول , ولدعوته الكبيرة الواسعة وحسن إخلاصه التف حوله العديد من العلماء والطلاب , فبنى مسجداً في ساحة منزله بحي الخيامية بالقاهرة المعزية , وأسس جمعية سماها (الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية).
وكان يدرس في المسجد المذكور سنن أبي داود والنسائي والفقه على المذاهب الأربعة , وله درس عام بعد صلاة الجمعة نقل كثير من أحبابه وتلاميذه لنا كثيراً من الكرامات في هذا المجلس المبارك , وألقيت عليه الأشعار , ورؤيت له منامات , وكان صوته جهورياً إلى أول الشارع المعروف اليوم بإسمه في حي الخيامية بالقاهرة.
واعتنى رحمه الله تعالى بسنن أبي داود إعتناءً كبيراً , وعزم على طبع " عون المعبود " بالقاهرة , ولما لم يتيسر له الأمر شرع في وضع شرح واسع عليه سماه " المنهل العذب المورود شرح سنن الإمام أبي داود " , وصل فيه إلى باب (الهدى من كتاب المناسك) ـ في عشرة مجلدات.وهو شرح كبير حافل , إعتنى فيه بالكلام على رجال السند وطرق الحديث وبيان مذاهب الفقهاء بالدليل غالباً؛ فأتى شرحاً لانظير له في بابه , وهو أكبر شرح على السنن متداول بين أيدي العلماء والطلاب.
ولابنه العلامة الشيخ أمين بن محمود السبكي تكملة له في أربعة مجلدات أسماها " فتح الملك المعبود " وصل فيه إلى آخر (كتاب الطلاق) , ولعل الله سبحانه وتعالى يقيض لهذ الكتاب المفيد من يتمه ... وقد اعتنى الأستاذ الفاضل الشيخ مصطفى بيومي بوضع فهارس للعشرة أجزاء المطبوعة من " المنهل العذب المورود " , فجاءت درة زينب الكتاب سماه " المفتاح " , وقد طبع.
ومن خصائص هذا الشرح الحافل:
أولاً: يأتي الشيخ أولاً بالكلام على رجال الحديث منبهاً على اختلاف الروايات من زيادة ونقصان .. أو نحو ذلك حسب طاقته ومعرفته.
ثانياً: الاعتناء بضبط الأسماء واللغات.
ثالثاً:بيان معنى الحديث ومأخذ كل مذهب مع استيفاء كامل في ذلك من المصادر الموثوق بها , وفي هذا الباب يأتي بالفوائد الفرائد التي لايفضله فيها أي شرح آخر مطبوع على سنن أبي داود.
رابعاً: يلخص ماذكره في الباب السابق تحت عنوان فقه الحديث , فلله دره فهي طريقة الأئمة في كتاباتهم طريق اللف والنشر المرتب حتى يكون أوقع في نفس الطالب بله العالم والمحدث.
خامساً: الكلام على من أخرج الحديث وفيه يأتي بغرر النقول من كلام أئمة هذا الشأن , فجزاه الله تعالى عن المسلمين خير الجزاء.
سادساً: الاعتناء بتحرير المسائل التي اشتهر الخلاف فيها.
وهذا الأسلوب الذي اتبعه الشيخ محمود خطاب السبكي توسع فيه في الجزء الأول جداً؛ أما الأجزاء الباقية ففيه بعض الاختصار عن الأول لمناسبات عديدة لاتخرجه عن خصائصه ومميزاته.
وقد أثنى على شرحه كثير من أرباب الفقه والحديث؛ منهم العلامة السيد محمد يوسف البنوري , فقال: (وأحسن شرح من كثير من الجهات هو المنهل العذب المورود للشيخ محمود خطاب السبكي المرحوم من أهل العصر. اهـ " بذل المجهود " 20/ 349).
وللمترجم أيضاً كتاب " الدين الخالص " , أو " إرشاد الخلق إلى الحق " في أربعة مجلدات كبار.
وهو كتاب في الفقه على المذاهب المختلفة , سلك فيه مسلك أهل الترجيح , ونقل فيه كثيراً من فتاوى علماء الأزهر المنثورة , وهذا من نوادره , وله مقدمة للمصنف ضافية مفيدة , فلله دره , وعليه تعليقات لمحققه ولده الإمام أمين بن محمود خطاب السبكي رحمه الله رحمة الأبرار.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/445)
وله مصنفات أخرى في شتى العلوم الشرعية , منها:
1ـ أعذب المسالك ـ في التصوف والأحكام الفقهية ـ.
2ـ إصابة السهام فؤاد من حاد عن سنة خير الأنام.
3ـ الرسالة البديعة في الرد على من طغى فخالف الشريعة , وله حاشية على الديباجة.
4ـ غاية البيان لما به ثبوت الصيام والإفطار في شهر رمضان.
5ـ العهد الوثيق لمن أراد سلوك أحسن طريق.
6ـ النصيحة النونية في الحث على العمل بالشريعة المحمدية.
7ـ تعجيل القضاء المبرم لمحق من سعى ضد الرسول الأعظم.
8ـ سيوف إزالة الجهالة عن طريق سنة صاحب الرسالة.
9ـ فصل القضية في المرافعات وصور التوثيقات والدعاوى الشرعية.
10ـ المقامات العلية في النشأ الفخيمة المحمدية.
11ـ السم الفعال في أمعاء فرق الضلال.
12ـ الصارم الرنان من كلام سيد ولد عدنان.
13ـ الرياض القرآنية في الخطب المنبرية.
14ـ خلاصة الزاد لمن أراد سلوك سبيل الرشاد.
15ـ رسالة البسملة.
16ـ رسالة مبادئ العلوم.
17ـ اتحاف الكائنات لبيان مذهب السلف في المتشابهات.
وغالب كتبه مطبوعة في حياته أو بعد وفاته , ومتداولة بين الناس , وكان بين المترجم له والعلامة الشيخ مصطفى أبي سيف الحمامي ردود في مسائل شتى غالبها أتى من اختلافهما في البدعة ماهي؟
فذهب الشيخ الحمامي إلى مذهب الجمهور , وذهب الشيخ السبكي إلى مذهب الشاطبي المذكور في " الإعتصام " , وبأنه لاتوجد بدعة حسنة , وانتصر كل منهما لرأيه في رسائل مطبوعة.
وقول الجمهور في هذا الباب هو الموافق لأصول الشريعة الموضح لمقاصدها , وهذا قول الإمام الشافعي رضي الله عنه فيما رواه عنه أبونعيم في " الحلية " , قال: حدثنا أبوبكر الآجري , ثنا عبدالله بن محمد العطشي , ثنا إبراهيم بن الجنيد , ثنا حرملة بن يحي , قال: سمعت محمد بن إدريس الشافعي , يقول: البدعة بدعتان: بدعة محمودة , وبدعة مذمومة ... فما وافق السنة فهو محمود , وما خالف السنة فهو مذموم , واحتج بقول عمر في قيام رمضان: (نعمت البدعة).اهـ 9/ 113.
وللعلامة المترجم له أصحاب كثيرون , ومنهم ولده الإمام أمين محمود خطاب السبكي (ت 1387هـ) , ومفتي الديار المصرية الشيخ عبدالمجيد سليم , والعلامة الشيخ علي محفوظ صاحب " الإبداع في مضار الإبتداع " , والمفتي الشيخ علي حسن حلوة (ت 1392 هـ).
وفي سنة (1350هـ) أحيل إلى التقاعد حسب قانون الأزهر المعمول به في ذلك الحين , ولكن هذا لم يمنعه من دعوته , فاشتغل في مسجده بالتدريس وإحياء الليل بالذكر والصلاة والتلاوة .... إلى أن اشتاق إلى اللحاق بالرفيق الأعلى , فانتقل من دار الغرور والفناء , إلى دار السرور والبقلء يوم الجمعة الرابع عشر من ربيع الأول سنة (1352هـ).
وكانت جنازته مهيبة كبيرة حضرها العلماء والأمراء , ودفن المترجم له في مقابر باب الوزير ... رحمه الله وأثابه رضاه.
قلت (الأنصاري): إلى هنا انتهى وكمل كلام محمود سعيد , وكي لا يتنصل كعادته , أو يكذب كما هو معلوم من خلقه الذميم , فإني سأتحفه بكلام شيخه الإمام العلامة الشريف الحافظ , في الشيخ محمود السبكي رحمه الله تعالى .....
قال في إحدى رسائله إلى الشيخ العلامة أبي خبزة ـ حفظه الله تعالى ـ المسماة " الجواب المفيد " (ص 37 ـ 38 / طبع دار الكتب العلمية) , مانصه:
أما محمود خطاب السبكي , فرجل مبتدع ضال دجال كذاب جاهل بكل شيء إلا بطرق الشيطنة والإضلال.وماسمع بلفظ الحديث ولا معناه فضلاً عن أن يكون طالب حديث , فضلاً عن محدث , وهو معروف بالجهل بين علماء الأزهر , ولقد أمرته المشيخة في سنة تبكيتاً به بقراءة " منهاج البيضاوي " في الأصول , فذهبت لسماعه , فكان لايعرف مايقول , وفي كل ربع ساعة يقول للحاضرين استغفروا عشرة , ثم بعد مدة يقول صلوا على النبي عشرة , وإذا سأله سائل وألح عليه بصق في وجهه ولعنه , وربما ضربه بالنعال الذي في رجله.وحضرته مرة في " سنن النسائي " فصار وهو جالس على الكرسي بلحيته البيضاء يحكي للحاضرين كيفية العروس ليلة العرس وماتصنعه من غنج ونحو ذلك , فعلمت أن الرجل سخيف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/446)
أما " شرح سنن أبي داود " , فأنا أعلم الناس به , فإنه ماكتب منه حرفاً واحداً؛ منير الدمشقي رجل تاجر وكان انضم إلى جمعيتهم لأخذ النقود من صندوقهم , فلما شرع يسرد في زاويته " سنن أبي داود " , وكان شرحه " عون المعبود " المطبوع بالهند مفقوداً , أشار عليهم منير بطبع " شرح العيني على أبي داود " لينتفع هو بالطبع , فاختار بعض أتباعه أن يكون الشرح باسم شيخهم , فانبرى ثلاثة منهم , فكانوا يذهبون لدار الكتب فينسخون شرح العيني , ثم يأتون به إلى الجمعية فيزيدون فيه زوائد من " عون المعبود " , وينقصون فيه منه ما لا فائدة لهم فيه , ويطبعونه باسم الشيخ , وكان بعضهم أراد أن يستعين بنا في ذلك.
والرجل كان في الأول صوفياً , وأسس زاوية ينشر فيها الطريقة الخلوتية , ثم ادعى أنه يتمسك بما في مدخل ابن الحاج حرفاً حرفاً , ثم خرج منه إلى الوهابية , ومحاربة التصوف والطرق.
وجماعته اليوم بمصر هي أخبث طائفة ضالة مبتدعة , يكفرون عموم المسلمين , ولا يصلون خلف مسلم , ولا يقرئونه السلام , ومن سلم عليهم لايردون السلام عليه , وتحصل بينهم في القرى وبين المسلمين حروب ومضاربات من بين كل حين وآخر.
والرجل في نفسه شيطان كذاب ملبس محتال على الدنيا بحيل مضحكة ... وقد استوفى ذلك تلميذه الخاص الشيخ مصطفى الحمامي رحمه الله في عدة مؤلفات كلها مطبوعة , منها " كشف الحجاب عن بلايا محمود خطاب " , و " اكتشاف السر المقصود من بلايا محمود " , و " تحطيم الحسام السامي " .... وغير ذلك.
وحكى عنه أنه لما كان ملازماً لخدمته , وكان يخرج إلى الأرياف , كان يتخذ أقراصاً مخصوصة يخبؤها معه ويأكل واحدة منها إذا دخل الكنيف , ثم يبقى طاوياً لايأكل شيئاً مدة سياحته إغواءً للعامة والفلاحين , في أمثال هذه الحيل.
وترجمته طويلة , وأخباره عندنا كثيرة حسبما شاهدناه منه ومن أصحابه , أما في العلم فكان أضعف علماء الأزهر على الإطلاق , كما هو مشهور بذلك بين كافة أهل الأزهر.
قلت (الأنصاري): هذا هو كلام الغماري , فلا أدري أيهما نصدق؟ الشيخ أم التلميذ!!!
وإن كان الإثنان في كفة واحدة , أي لاعدالة ولا صدق , ولادين , ولا حياء!!!
ـ[أبي الحسن]ــــــــ[05 - 02 - 05, 01:22 ص]ـ
أيهما نصدق؟ التلميذ , أم الأستاذ!!!!
ترجم المبتدع الضال الهارب محمود سعيد ممدوح , لأحد مشايخ الغماري (الشيخ محمود بن محمد خطاب السبكي) رحمه الله تعالى في كتابه " تشنيف الأسماع " [ص 530 ـ 535] وأثنى عليه وعلى علمه خيراً لما سيأتي , بينما تعرض الغماري لشيخه بكلام لو خلط بالماء الطهور لنجسه.
السلام عليكم
من طبع هذا الكتاب من قبل محمود وأين هو متوفر؟
أعني الكتاب: تشنيف الأسماع
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[05 - 02 - 05, 01:58 ص]ـ
و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته , أخي.
الكتاب من تصنيف المبتدع الهارب , وهو باسم:
(تشنيف الأسماع بشيوخ الإجازة والسماع , أو إمتاع أولي النظر ببعض أعيان القرن الرابع عشر , وفيه جل مشايخ مسند العصر العلامة محمد ياسين الفاداني المكي)
جمع: أبي سليمان محمود سعيد بن محمد ممدوح الشافعي ...
طبع: دار الشباب للطباعة , 15 شارع العباسية بالقاهرة.
كتبه / خالد الأنصاري.
ـ[أبي الحسن]ــــــــ[05 - 02 - 05, 02:19 ص]ـ
و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته , أخي.
الكتاب من تصنيف المبتدع الهارب , وهو باسم:
(تشنيف الأسماع بشيوخ الإجازة والسماع , أو إمتاع أولي النظر ببعض أعيان القرن الرابع عشر , وفيه جل مشايخ مسند العصر العلامة محمد ياسين الفاداني المكي)
جمع: أبي سليمان محمود سعيد بن محمد ممدوح الشافعي ...
طبع: دار الشباب للطباعة , 15 شارع العباسية بالقاهرة.
كتبه / خالد الأنصاري.
شكرا جزيلا على المعلومات
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[05 - 02 - 05, 02:23 ص]ـ
حياك الله
ـ[باز11]ــــــــ[05 - 02 - 05, 07:26 ص]ـ
أخونا الشيخ خالد الأنصاري.
هل من مزيد في التعريف بكتاب " تشنيف الأسماع بشيوخ الإجازة والسماع " فهل هو كتاب صغير أو كبير، وأين يباع هذا الكتاب، وما هو موضوعه، ومتى طبع هذا الكتاب، فيمكن الاستفادة منه في الرد على محمود سعيد ممدوح.
وهل هو في هذا الكتاب على عادته في التهجم على السلفية والسلفيين، أفيدونا أفادكم الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/447)
ويمكن لأخينا المكرم الشيخ خالد الأنصاري مع ما أوتي من سعة في الاطلاع وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء أن يطلعنا على آخر كتابات القبوري الصوفي ممدوح سعيد المصري.
ـ[راضي عبد المنعم]ــــــــ[05 - 02 - 05, 10:40 ص]ـ
--------------------------------------------------------------------------------
لم تكن لي علاقة بالوهابية ولا الصوفية ولا غيرهما، أنا من هواة الشبكة البسطاء، أدخل كما يدخل غيري لأحمل إلى جهازي برنامجًا جديدًا أو أعرف لعبة جديدة وربما شغلت نفسي أحيانا بالاطلاع على قناة الجزيرة أو غيره.
لفت نظري من أيام بعض العناوين هنا، فرأيتها تتكلم عن فضائح الوهابية دخلت أشوف إيه الحكاية فلم يعجبني أسلوب الكاتب الذي يدل على جهله.
مجرد صور وكلام غير مقنع ولم يذكر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في كلامه ولا مرة واحدة، كل كلامه قال سيدي ومولاي، قال علان.
كلام فارغ لم يعد يصلح في القرن العشرين وعقول تافهة تعيش في الظلام.
ساعتها دفعني فضولي لتتبع الروابط فوقعت عيني على رابط به كتاب العلامة الشيخ إحسان إلهي ظهير جزاه الله خيرا وهو يتكلم عن التصوف وفي نفس الوقت كان بعضهم وضع رابط لملتقى اسمه الأصلين.
قرأت هذا وذاك فلم أقتنع بفطرتي التي لا تعرف شيئًا بما يقوله العالم في ملتقى الأصلين ولا حتى ما يكتبه الصوفية في هذا المنتدى ووجدت نفسي مقتنعًا بقوة بما يقوله الشيخ إلهي ظهير وغيره بارك الله فيهم.
ثم وجدت رابطًا آخر من ملتقى أهل الحديث دخلت أشوف إيه الحكاية وجدت مصايب للصوفية.
أنا الآن مقتنع تمامًا بالسلفية وأهل الحديث وإن لم أفهم ثلاثة أرباع ما يقولون لعدم علمي لكني من داخلي موقن أنه الحق فكلامهم عليه نور وكلام موزون ورزين.
لكن كلام الجماعة بتوع الأصلين حقيقة أشعر وكأنه كلام مجانين أو هو أشبه بكلام المجاذيب أحباب الشطح والزمر.
فكرتُ في حال الجماعة أهل الحديث فوجدت أنني لم ألتقى بأحدهم في خيمة ولا زار ولا خلافه في يوم من الأيام فعجبني احترامهم بصراحة.
لكن الصوفية مرطرطين على الأرصفة أهم حولنا، خيم ملهاش حد كلها صوفية، أفوت عليهم كثيرًا في الموالد والصلاة شغالة وهم في الخيام يشربون الحشيش.
دا مش سر يا عزيزي لكن دي الحقيقة، بس أنا لم أكن أعرف أن اسمهم الصوفية، كنت أظنهم عالم مخابيل، وياما تشاجرت مع بعضهم.
بصراحة منظرهم يقرف، لما ترى واحد منهم لبسه وسخ وشعره منكوش وماشي حافي وهدومه ممزقة وفوق كل ده مريل على نفسه وعمال يشطح وحواليه شويه عربجية يقولوا له: يا مولانا يا سيدنا.
بصراحة أنا في يوم من الأيام تصورت إنهم جم من عالم تاني، لكن بعد كتاب الشيخ إحسان إلهي ظهير بارك الله فيه بدأت أقرأ ما يكتبه في هذا المنتدى المشايخ أهل الحديث فعجبني كلامهم بصراحة واقتنعت بيه.
أنا لا أتكلم في هذا المنتدى كثيرًا لأنني أرى أن كلام المشايخ اللذين أنقل كلامهم كلام قوي وموزون ولذلك أنقله وفقط.
لكن الصوفية هنا صوابهم طار، ومش فالحين غير في الصور.
قلت لواحد فيهم من يومين: هات لي نتيجة أعلقها على الحيطة بدل الصور، ما أنا مليت منه، كل يوم صورة مكررة، لا عاوز يبدلها ولا عاوز يعترف بجهله ولا عاوز يفهم حاجة، زي البغبغان، كل يوم يقول كلام مش فاهمه.
حياتهم بصراحة مملة.
لكني أشكر المشايخ أهل الحديث في هذا الملتقى وإن كنت أعتب عليهم التقصير في تبليغ الحق.
ملايين زيي يدخلون الشبكة يوميًا لا هم لهم سوى ملتقى فيه برنامج حلو أو ملتقى فيه فرقعة أو نشتم واحد وواحد يشتمنا هي دي حياتنا.
لكن إنتوا ربنا أعطاكم العلم الموزون وواجب عليكم تقوموا بواجبكم في الدعوة إلى الله وتبليغه لكل الشباب التائه.
خاصة إن بعض الشباب ربما ساعدته الظروف فدخل ملتقى نظيف، وربما وبدون قصد وقع في شبكة ضلال زي الصوفية.
بصراحة أنا أحب ألبس نظيف وأمشي محترم في الشارع، أما الصوفية فكل ما رأيته في الموالد هبل وشطح ووساخة.
أعوذ بالله أن أكون صوفيًا في يوم من الأيام.
وأرجو جميع الشباب مثلي أن يذهبوا إلى الجماعة أهل الحديث فوالله إنني لأشعر بالبركة والخير والنور في كلامهم، تحس فيه صدق وإخلاص طالع من القلب، مش خبل زي بتاع الصوفية.
أنا ياما شفت كلام الشيخ ابن باز الله يرحمه بصراحة كنت أحب فتاويه جدًا لكن لما شفت المخبول الغماري والكلام عنه فكرت إنه راجل محترم وعالم بس لما شفت الكلام بتاعه ولسانه الزفر عرفت إنه قدامه ميت سنة علشان يكون حمار.
ميراث يسرقه
إخواته يشتمهم
مشايخه يقول عليهم كلام زفر
بصراحة أنا كنت حاسس إن اللي بتتكلم مش واحد راجل دي الست خضرة اللي في سوق روض الفرج هي اللي بتتكلم.
وشفت كلام لبعض المشايخ أهل الحديث وجدته يسميه بديعة مصابني.
بصراحة دي أول نقطة أخالف فيها أهل الحديث ولن أوافقهم عليها أبدًا.
بديعة مصابني كانت ترقص في مسرحها وتخبي نفسها لما تخرج منه هي دي عادة الرقصات لكن الغماري نشر غسيله الوسخ على الناس.
وجدت في داخلي إحساس قوي أن أدافع عن ديني خاصة من الأوباش دول فأصبحت الآن بحمد الله مجرد ناقل لكلام أهل الحديث والعلماء في الجماعة الصوفية.
وأرجو الله أن يهدي كافة الشباب لما هداني له.
شريف منصور ـ مصر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/448)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[05 - 02 - 05, 02:10 م]ـ
الأخ الشيخ الفاضل باز 11 حفظه الله تعالى.
كتاب " تشنيف الأسماع " عبارة عن كتاب تراجم لشيوخ الفاداني المجيزين له , وليس فيه كبير فائدة إلا أنك قد تجد فيه بعض التراجم المهمة وخصوصاً لمن لهم اهتمام بالإجازات.
وهو كتاب كبير يقع في (602 صفحة) وعدد المترجم لهم (208) غالبهم من الصوفية والقبوريين.
وأما عن أماكن وجوده لدى الباعة , فهذا الشيء الذي لا أعلمه , ولكن يغلب على ظني بأنه متوفر في مكتبات مصر وبكثرة.
وإن كنت لا أنصح طلاب العلم بشرائه , فالأموال حقها أن تصرف في شيء نافع ومفيد , هذا مع العلم بأني قد حصلت على الكتاب المذكور عن طريق الإهداء.
هذا مالزم.
كتبه محبكم / خالد الأنصاري.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[05 - 02 - 05, 02:29 م]ـ
وأرجو الله أن يهدي كافة الشباب لما هداني له.
شريف منصور ـ مصر.
اللهم آمين.
وإني في هذا المقام أشكر الأخ الفاضل راضي عبد المنعم على مايقوم به من جهود , وكذلك الإخوة المشايخ الفضلاء , وأذكرهم بأن من أعظم الجهاد ـ بل أعظمه ـ هو الدفاع عن العقيدة والفطرة السليمة التي خلق الله وفطر الناس عليها , وأذكرهم بدعوة خير خلق الله محمد النبي المصطفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وما تكبده من عناء في سبيل هداية الناس إلى الحق .... قال الله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً - ولما رءا المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً - من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً - ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفوراً رحيماً} [الأحزاب من الآية 21 ـ 24].
كتبه محبكم / خالد الأنصاري.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[05 - 02 - 05, 07:28 م]ـ
ومن المسائل التي تبين علو كعب الغماري عند فأره محمود سعيد , بأن عد فرعون من المؤمنين المخلدين في جنات النعيم ـ مخالفة منه لما جاء في صريح القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة , فقد جاءت هذه الرزية في إحدى رسائله العفنة إلى شيخنا العلامة أبي خبزة حفظه الله تعالى , والذي يسميها محمود سعيد (كناشة)!!
فقد قال في " الجواب المفيد " (ص 96 ـ 97) , مانصه:
ومسألة إيمان فرعون ألف فيها إثباتاً وانتصاراً للشيخ الأكبر (يقصد بذلك ابن عربي) (1) ـ العلامة الجامي ـ.
ورد عليه ذلك المغفل علي القاري الحنفي بكتاب سماه: " فر العون من مدعي إيمان فرعون " مطبوع بالآستانة هو والأصل المردود عليه.
ولكن انبرى له العلامة الصوفي المطلع المتضلع من العلوم المعقولة والمنقولة محمد بن رسول البرزنجي , فألف كتاباً لطيفاً سماه: " التأييد والعون لمدعي إيمان فرعون " , أتى فيه بما يبهر العقول , كما فعل في أبوي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , وقد قرأت الجميع والحمدلله , والتأييد عندي عليه خطه.
وقد ألف كنون الفقيه الفاسي رسالة في الرد على ابن العربي , قرأتها أيضاً.
وللعلامة الجامي كتاب سماه: " الجانب الغربي في نصرة ابن العربي " , ألفه بالفارسية , وترجمه ابن رسول البرزنجي , وسماه: " الجاذب الغبي " في مجلد كبير أجاب فيه عن جميع ما أشكل من كلام الشيخ , ولعبدالغني النابلسي " الرد الثمين " أيضاً , وكلاهما موجود.
وللبحث مجال في أدلة الجميع, وصاحبك الذي يقول إن الدليل على كفره قطعي؛ لعله لا يفهم معنى القطعي , والله تعالى يخبر عنه أنه آمن عند خروج روحه , أو عند معاينته الهلاك , وعاتبه الله على ذلك إذ تأخر بإيمانه إلى ذلك الحين , ولم يقل بعد ذلك إنه لم يقبل إيمانه , فأين الدليل القطعي الذي خرقه الشيخ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -!؟ ثم ما الحكمة في قوله تعالى: {ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} , ولم يقل فرعون.
وما الداعي إلى ذلك التأويل الذي يذكره المفسرون , فالمسألة اجتهدية لا قطع فيها أصلاً.
وأنا قرأت رسالة البرزنجي بمصر سنة إحدى وخمسين ـ أي منذ ثلاث وعشرين سنة ـ , ولم يبقى بذهني من أدلته شيء إلا أنه أجاد وأفاد على أن العارف الشعراني , يقول إن الشيخ الأكبر يتكلم على فرعون آخر , غير فرعون موسى.
ولكنه اعتذار ظاهر الضعف.
والفتوحات , والفصوص مشحونة بالمعارف الإلاهية التي عجز أن يأتي بمثلها كبار العارفين لا بالطامات , نعم هي طامات على الجهلة لأنها سبب في هلاكهم ووقوعهم في محاربة الله تعالى بمحاربة أوليائه.
والشيخ الأكبر لايوجد له حرف واحد في الحلول , ومحال عقلاً أن يدعي الحلول , وهو ينكر وجود غير الله معه مطلقاً.
ففي من يحل ولا وجود لغيره معه عنده , وهذه الكائنات كلها في قوله أوهام لا حقيقة لها!؟
والخوض في هذا الباب صعب على أمثاله , فإما أن يؤمن بكلام أهل الله , وإما أن يسلم , وإلا فالهلاك المحقق؟!
قلت (الأنصاري): هذا هو اعتقاد الغماري في أعداء الله عزوجل , فليس بعد هذه الطامة طامة أخرى .....
أم أن محمود سعيد له كلام آخر غير هذا؟
ثم تراه يدافع عن الشيخ الأكبر في نفي الإتهام عنه بمقولة الحلول والإتحاد , في كلام أهوج كما تراه لا معنى له ولا قيمة , وهو أشبه بإصابة الهدف في رمية الأعمى , مع أن الغماري قد أقر بالحلول والإتحاد في كناشات أخرى بمعنى لا يستطيع فهمه إلا خاصة الخاصة!!!!!!
فهل تتحقق نبوءة محمود عندما ذكر كناسات صاحبه!!!!!
الله أعلم بما في نفوس عباده.
...............
(1) مابين قوسين في هذه الفقرة إنما هو من كلامي. خالد. اهـ.
قلت (الأنصاري): اختلط على أحد الإخوة من طلاب العلم النجباء قول أحمد الغماري في الملا علي القاري بأنه مغفل , ونسبه لي على أنه من كلامي , فهلاّ أمعن في النص جزاه الله خيراً.
كتبه / خالد الأنصاري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/449)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[13 - 02 - 05, 05:29 م]ـ
ذكر الغماري في إحدى رسائله من " در الغمام " إلى الكِرفطي ـ التليدي!!! ـ (ص 149) , مانصه:
والذي رأى الله في صورتك ـ يعني الكرفطي ـ حق , لأنه لم يرَ الله تعالى؛ وإنما رأى الرب , بدليل قوله لك يارب اغفر لي , ولم يقل يا الله.
والرب هو السيد وهو المعلم , فأنت معلمه وسيده , والقبر الستر؛ فاستر جهله بعلمك وأدخله في زمرة العارفين بالسنة العاملين بها يا ربه.
على أنه لا مانع من التأويل الحقيقي كما في الحديث الذي ذكرت.
وقد سئل ابن الهمام فقال: المرئي حجاب الصورة.
قلت (الأنصاري): فانظر أخي بارك الله فيك إلى كلام الغماري ,فقد صور هذا الجاهل الكرفطي على أنه رب , ونفى عنه صفة الألوهية في بداية كلامه , ثم أقرها فيما بعد , وذلك عند قوله (على أنه لا مانع من التأويل) , فلست أظن أن بعد هذه الزندقة كلام آخر!!!!
أعاذنا الله من شرور الغماريين وشركهم وضلالهم.
وانظر هذا الرابط ـ عن الصوفية ـ غير مأمور:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=134717#post134717
ـ[أبو داود الكناني]ــــــــ[13 - 02 - 05, 10:03 م]ـ
لا أملك إلا أن أقول لك يا شيخنا جزاك الله خيرا على النصح لأمة محمد صلى الله عليه و سلم فإنا في مصر إذا تلونا على محبي أسانيد الغماري هذا الكلام ينقطع عندهم الكلام
و الحمد لله رب العالمين
ـ[راضي عبد المنعم]ــــــــ[13 - 02 - 05, 10:49 م]ـ
لا أملك إلا أن أقول لك يا شيخنا جزاك الله خيرا على النصح لأمة محمد صلى الله عليه و سلم فإنا في مصر إذا تلونا على محبي أسانيد الغماري هذا الكلام ينقطع عندهم الكلام
و الحمد لله رب العالمين
آمين آمين ..
وجزاك الله خيرًا يا أبا داود على موضوعك: ((بيني وبين محمود سعيد)) ولعلك تواصل فيه ..
ـ[أبو داود الكناني]ــــــــ[14 - 02 - 05, 02:49 ص]ـ
و أنت جزاك الله كل خير أخي راضي
و هذا الموضوع عجب فقد كان سببا في طردي من منتدى النيلين
و في منتدانا أشعرني المشرف-جزاه الله خيرا-أنه أغلقه و أنت إن بحثت عنه في المنتدى ستجد عليه قفلا
و بالتالي
فكلامي حبيس أوراقي
و أوراقي حبيست أدراجي
والحمد لله رب العالمين
ـ[راضي عبد المنعم]ــــــــ[14 - 02 - 05, 09:42 ص]ـ
و أنت جزاك الله كل خير أخي راضي
و هذا الموضوع عجب فقد كان سببا في طردي من منتدى النيلين
و في منتدانا أشعرني المشرف-جزاه الله خيرا-أنه أغلقه و أنت إن بحثت عنه في المنتدى ستجد عليه قفلا
و بالتالي
فكلامي حبيس أوراقي
و أوراقي حبيست أدراجي
والحمد لله رب العالمين
وجزاكم الله خيرًا أخي الحبيب ..
وأنا أيضًا طردتُ من النيلين وصاروا يكتبون باسمي هناك وحسبنا الله ونعم والوكيل، ولا تمل من الكتابة، واستعن بالله واكتب حتى تنتهي منه، فلعل الله يُحْدِثُ بعد ذلك أمرًا هنا أو هناك فيكون الموضوع عندك تضعه مباشرة، خاصة وأنت تعلم أن الهمة تضعف ويصيبها الملل، فربما استطعت اليوم ولم تستطع غدًا، فلا تتوقف بارك الله فيكم ولو أغلقت الدنيا جميع أبوابها، وأرسله لمحبيك مثلي وسنقرأه بعناية ونستفيد وندعو لك.
والسلام عليكم.
محبُّك: راضي.
ـ[باز11]ــــــــ[14 - 02 - 05, 11:26 ص]ـ
حسبنا الله ونعم الوكيل نسأل الله التوفيق
ـ[خالد السباعي]ــــــــ[28 - 02 - 05, 04:44 م]ـ
سالت شيخنا عبد الله التليدي عفا الله عنا وعنه بمنه وكرمه قبل شهر تقريبا بمنزله بحي مرشان بطنجة عن جؤنة العطارهل يعتبر مرجعا في الحكم على فكر شيخه او انه مجرد تقيدات شخصية كما زعم ممدوح فاجاب لا بل هو مرجع في الاطلاع على حال مؤلفه من الناحية العلمية والعقدية والفكرية وحتى السياسية والله اعلم
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[28 - 02 - 05, 09:21 م]ـ
سالت شيخنا عبد الله التليدي عفا الله عنا وعنه بمنه وكرمه قبل شهر تقريبا بمنزله بحي مرشان بطنجة عن جؤنة العطارهل يعتبر مرجعا في الحكم على فكر شيخه او انه مجرد تقيدات شخصية كما زعم ممدوح فاجاب لا بل هو مرجع في الاطلاع على حال مؤلفه من الناحية العلمية والعقدية والفكرية وحتى السياسية والله اعلم
جزاك الله خيرا أخي الفاضل , فالكتاب من المراجع المهمة لدى هؤلاء القوم , فمحمود سعيد جربنا عليه الكذب مرارا , فهو في الحقيقة أكذب من حمار أهله.
كتبه / خالد الأنصاري.
ـ[محمد الناصري]ــــــــ[28 - 02 - 05, 10:49 م]ـ
-1 - أخي خالد وفقك الله
كنت في مشاركة سابقة ألمحت الى أنه لا داعي لافراد أحمد الغماري برد خاص واليوم أقول لك اخي الكريم أتم عملك القيم هذا لفضح هذا المبتدع فان له أنصارا كثر.وقدعلمت أن احد المغاربة يفرد كتابا في الانتصار للغماري والرد على كل ما أثير حوله.
والكتاب قراه المدعو عبد الله التليدي وأقره وشجع على طبعه.
والكتاب فيما بلغني من بعض مريديه قيد الطبع ان لم يكن طبع فعلا. وصاحبه مولع بالغماري ولع أبي غدة بالكوثري. وهو الذي حقق كتاب ليس كذلك في الاستدراك على الحفاظ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/450)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[01 - 03 - 05, 01:22 ص]ـ
-1 - أخي خالد وفقك الله
كنت في مشاركة سابقة ألمحت الى أنه لا داعي لافراد أحمد الغماري برد خاص واليوم أقول لك اخي الكريم أتم عملك القيم هذا لفضح هذا المبتدع فان له أنصارا كثر.وقدعلمت أن احد المغاربة يفرد كتابا في الانتصار للغماري والرد على كل ما أثير حوله.
والكتاب قراه المدعو عبد الله التليدي وأقره وشجع على طبعه.
والكتاب فيما بلغني من بعض مريديه قيد الطبع ان لم يكن طبع فعلا. وصاحبه مولع بالغماري ولع أبي غدة بالكوثري. وهو الذي حقق كتاب ليس كذلك في الاستدراك على الحفاظ.
هذا الرجل هو عدنان زُهار , وقد دعونا له وعليه , فأسأل الله أن تصيبه إحدى الدعوتين.
وأما عن كتابه الكاسد هذا: فهو أشبه ما يكون بولوغ الكلب , فالمبتدع مثله كمثل الكلب؛ قال الله تعالى: {ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون} [الأعراف: 176].
وابشر أخي في الله , فإني سأواصل بإذن الله تعالى ولن يضيرني هذا الكرفطي المبتدع , ولا نديمه الهالك , وأبشرك أخي بأني بصدد الرد أيضاً على الكِرفطي (التليدي ـ زوراً) , وأسأل الله أن يعينني عليهم , فأنا بصدد جمع كتبه وقد تحصل لدي منها الكثير؛ إلا أنه ينقصني بعض الكتب لم أتحصل عليها بعد.
فادعوا لأخيكم.
كتبه محبكم / خالد الأنصاري.
ـ[خالد السباعي]ــــــــ[01 - 03 - 05, 08:29 م]ـ
بل تركة الشيخ التليدي يجمع مؤلفا في تراجم ءال بيت الغماري
ـ[النصري]ــــــــ[01 - 03 - 05, 11:35 م]ـ
وهكذا فلتكن النصرة لدين الله عز وجل حقيقة وانتسابا، فرفع الله قدرك ودافع عنك كما دافعت عن دينه، وأرجو من أخي المحب الإسراع في إخراج هذه الطوام في مصنف مستقل ليعم نفعه أكثر وتكون كما أشار بعض الاخوة مرتبة حسب الأبواب ليسهل الوصول إليها،
وتقبل أخي سلامي وتقديري لجهودكم الطيبة
ـ[المقدادي]ــــــــ[19 - 04 - 06, 03:52 م]ـ
جزاكم الله خيرا في بيان مخالفات احمد الصديق الغماري للسلف اخلاقا و علما و ادبا(29/451)
مناقشة الأصول الثلاثة للتهرب عند الأستاذ محمود سعيد ممدوح
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[02 - 01 - 05, 11:15 ص]ـ
يؤسفني القول إن من أجلى صور التعصب الأعمى هو موقف الأستاذ محمود سعيد ممدوح –هداه الله- مع ليلاه أحمد الغماري، فما كان عند الأستاذ أدنى تحرج من الخوض في الصحابة والمغالطة والتدليس والتلبيس بالجملة، كل ذلك لأجل سواد عيني أحمد الغماري! ومكابرا الاعتراف ولو بزلة واحدة من الدواهي العلمية والأخلاقية المنقولة من كتب ورسائل الغماري! والتي تبرأ منها كليا أو جزئيا تلميذا أحمد الغماري الكبيران: صهره بوخبزة، والتليدي.
وبعيدا عن الإنشاء والتطويل أبيّن وأناقش الأصول التي اعتمد عليها الأستاذ محمود في التهرب من الاعتراف بالحقيقة، والتي تُظهر حال الغماري بحجمه الطبيعي ووجهه الحقيقي، بعيدا عن تهاويل المعجبين والمعجبات:
الأصل الأول: محاولة الانتفاء من حجية أكبر قدر ممكن من كلام الغماري نفسه، وذلك بالتشكيك بحال ومصداقية الكتب والرسائل:
حاول الأستاذ محمود سعيد ممدوح أن يشكك في جملة من كلام الغماري بأنه ليس بحجة عليه، وكأن أعداءه هم مَن كتب الكلام، وليس الغماري بخط يده! زاعما تارة بأنها رسائل وأحاديث خاصة وأمانات، وتارة بأنها استطرادات ومباحثات، وتارة بأنها مسودات، وتارة تأثرها بالشخصيات والاعتقالات، وتارة بأنها نوادر وفرفشات، فأقول:
1) لا يختلف معنا الأستاذ محمود أن هذه الشنائع من كلام أحمد الغماري وبخطه، ولا أستطيع منع الأستاذ محمود من أن يظن ويتمنى فيها ما شاء، ولكن أن يطلب من الناس تصديق ظنونه وتمنياته فهذا طموحٌ أظنه صعب التحقيق! لأن أدنى تفكر بالعقل يحيل ظنون الأستاذ ممدوح كما سترى.
2) واعتذارك عن الرسائل بأنها أمانات وخصوصيات لا يستقيم لعدة أمور: أولها أن أحمد الغماري نفسه دعا لإخراجها، بل رجا تلميذه بوخبزة أن يحافظ عليها ويجعلها في كتاب، ووضع له عنوانا اختاره بمحض إرادته، فقال أحمد الغماري في رسالة لتلميذه مجيزنا العلامة بوخبزة: "أرجو من السيد محمد بن الأمين أن يحافظ على أجوبتنا ويجعلها في كتاب يسميه الجواب المفيد للسائل المستفيد، أو غيره من الأسماء، ويضم إليه كل ما يصله من أجوبتنا لتستفاد ولا تذهب سدى".
ثم الغماري نفسه قد أعلن عن الكتاب في بعض كتبه المعتمدة، مثل فتح الملك العلي! فظهر بذلك أن ما فيه معتمد جداً عنده، وهو يعلم أن ما فيه سيخرج للناس، وهذا لوحده كافٍ لإبطال أمنيات الأستاذ محمود سعيد حول أن رسائل الغماري غير معتمدة.
ومن التناقض البيّن أن الأستاذ ممدوح يحتج على خصمه بمثل ما يُبطل، فتجده يقول: كتب إليّ عبدالله الغماري كذا .. وقال كذا .. ومثل ذلك في موضوع قذف وشتيمة عبدالحي الكتاني!
كذلك مسألة الأمانات والأحاديث الخاصة، لماذا لم يكن ما جرى بينه وبين الشيخ بكر أبوزيد خاصا، أم أن فضائح كلام أحمد الغماري فقط هي الخاصة؟
والاعتذار بأن في الرسائل الشخصية قد يحصل فيها نوع تبسط، فهذا محتمل مقبول لو كان في مزاح خاص، أو وهم أو نسيان في حكم أو معلومة لم يكن المرجع حاضرا فيها -كما في الاعتقال أيضا-، أما أن يكون الكلام قذفا وشتائم قذرة وضلالات تصل للزندقة –كتبريره أن يُقال "وما الكلب والخنزير إلا الله"- فهذا غير مقبول أبدا، وإن كان أحمد الغماري يُعلل مثل ذلك من المُناوي وغيره بأنه لغياب العقل بالحشيش!
وأغرب ما في الأمر أن الأستاذ محمود سعيد ممدوح لا يعي أن اعتذاره هذا يجعل أحمد الغماري بمثابة المنافق ذي الوجهين أو أكثر، الذي دينه وأخلاقه أمام الناس شيء، وخلف الجدران وبين خاصة التلاميذ شيء آخر!!
وبمثل ذلك يقال عن ما ادعاه مسودات، مع أن الغماري يُحيل كثيرا على جؤنة العطار، واعتمده ونقل منه إخوانه وكبار تلامذته، ونقل أخونا الأنصاري أشياء من ذلك، واستقصاؤه كثير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/452)
3) حول موضوع التأثر بالاعتقال والصراعات الشخصية أقول: إذا كان الأستاذ محمود مطردا في حكمه فينبغي عليه إلغاء جُلّ -إن لم يكن كل- كتب أحمد الغماري، فأهم كتبه (المداوي) كتبه في المنفى، وكذلك ما ألفه منفيا في مصر، وكانت كل حياته صراعات سياسية وشخصية، فعلى قاعدة الأستاذ محمود سعيد ممدوح نستريح أصلا من كُتب أحمد الغماري ونُرسلها للدراسة النفسية وحسب، وكفى الله المؤمنين القتال، فضلا أن كثير منها مسودات ورسائل خاصة و .. و ..
فبإمكان أي شخص أن يُلغي ما شاء من كتب أحمد الغماري، وإذا اعتُرض عليه، قال: هكذا أصَّل الأستاذ محمود سعيد ممدوح، وهل أنت أكثر منه وَلَهاً بالغماري!!
فهذا الأصل الأول عنده، وهو منهار!
الأصل الثاني: التهرب التام وغض الطرف عمّا يعسر ترقيعه:
وسأقتصر في التمثيل على ما أوردتُه سابقا دون غيري –فحسابه مع الأخ الأنصاري لوحده طويل جدا! - كتكفير ولعن معاوية رضي الله عنه صراحة، وشتم الأئمة بالجملة، كتسميته لأبي حنيفة أبا جيفة! وسباب وتحقير البلدان بالجملة، ومنها بلده طنجة وسائر المغرب، ومصر بلد محمود سعيد ممدوح، وقذف محمد حامد الفقي بأنه أحبل جارية في الحجاز وقتل ولدها، وتبريره لمن يقول إن الكلب والخنزير هو الله، وتلاعب الهوى والولائم في التصحيح والتضعيف للأحاديث.
فهل سكوت الأستاذ محمود عن ذلك –وقد قرأه- موافقة للغماري، أم انحراج ومكابرة لقبول الحق والإصرار على الباطل؟ لإبقاء أحمد الغماري في برجه الخيالي العاجي، وأنه فوق الألباني وفلان وفلان من الأئمة؟
فهذا الأصل الثاني، وهو دفن الرأس في الرمال إزاء العظائم!
الأصل الثالث: المغالطة الشديدة في المعلومات:
مثل إصراره أن الغماري أشعري! بينما الغماري يسب ويحقّر الأشاعرة –ومنهم محمود سعيد ممدوح- بالجملة!! وينص أنهم من الفرق الثنتين والسبعين غير الناجية، متقدميهم ومتأخريهم، قال في الجواب المفيد (ص11): "أما عقيدة الأشعرية –ولا سيما المتأخرين منهم- فخلافٌ مجرَّدٌ لما جاء عن الله ورسوله؛ بل وسائر رسله في توحيد الله تعالى وصفاته، وهم من الفرق الاثنتين والسبعين بلا شك، وإن سموا أنفسهم أهل السنة والجماعة ظلما وزورا وبهتانا، وادعوا أن مذهب السلف أسلم، ومذهبهم أعلم، وفي الحقيقة هو أفسد وأظلم وأجهل" .. الخ كلامه، وله نظائر كثيرة في كتبه.
وأن الغماري يرى التفويض –وهو التعطيل بمسماه الصحيح- بينما أحمد الغماري يشنع كثيرا على التعطيل وأهله، وينص أن الحق الذي يجب اعتقاده في الله تعالى وأسمائه وصفاته هو ما في اجتماع الجيوش الإسلامية والصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، وسائر كتب ابن القيم، (انظر الجواب المفيد ص11)، فهل ابن القيم مفوض عند محمود سعيد ممدوح؟
فلنا إزاء ذلك ثلاث حالات: إن صدقنا حكاية الأستاذ محمود سعيد ممدوح فمقتضاه أن الغماري جاهل كبير؛ يجهل عن نفسه أنه كان أشعريا، وأنه كان يسب نفسه ويخرجها من الفرقة الناجية، بقي خياران صعبان للأستاذ محمود سعيد ممدوح: أنه جاهل للغاية مع الجرأة على الكلام والحكم بلا علم، أو أنه يتحرى ضد الصدق ويستغفل الناس بشدة!! وعلى أي من الخيارات الثلاثة يسقط كتابه "مسامرة الصديق" في المدح المجرد لأحمد الغماري!!
والأمور كثيرة جدا .. ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق .. فملابساته وتدليساته كثيرة مع الأسف ..
كلمة أخيرة أستاذ محمود: الله الله في الإنصاف والديانة، ولا يحملك الكبر وحظ النفس على إبطال ما عندك من علم وخير بما نراه، وتأكد أن معاوية رضي الله عنه، أحب إلينا من عمر بن عبدالعزيز، وسواه من التابعين، فضلا عن ابن تيمية، فضلا عن ابن باز والعثيمين والألباني وعبدالقادر الأرناؤوط، فضلا عن أحمد الغماري!! فلا تكن غيرتك على الطعن في محبوبك الغماري خيرا من غيرتك على تكفير معاوية ولعنه!! ذلك الأمر الذي تبرره لشيخك!! ولا زلت تحيد حتى الآن عن الإجابة عن موافقتك له في تكفيره ولعنه والحكم بنفاقه!!
والله يهديك ويعيدك للحق.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[02 - 01 - 05, 04:24 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
خبر عاجل
اتصل بي الأخ الشيخ الفاضل أبي محمد عبدالوهاب بن عبدالعزيز الزيد منذ قليل , وأخبرني بأنهم هو و فضيلة الشيخ عبدالله السعد حفظه الله تعالى وبعض الإخوة المشايخ كانوا في زيارة للعلامة الشيخ إسماعيل الأنصاري رحمه الله تعالى , وذلك بعد خروج محمود سعيد من نجد.
وأخبرني بأن المذكور قد أرسل بمجلة حينها فيها رد على شيخ الإسلام ابن تيمية وابن عبدالهادي رحمهما الله تعالى وقد ملأها بالسب والشتم ..... إلخ.
ثم ذكر فضيلة الشيخ العلامة إسماعيل رحمه الله تعالى , بأن محمود سعيد لم يكن كذلك يوم أن كان عندنا في نجد.
أي بأنه كان سني سلفي , لا كما يزعم الآن!!!!!
وهذا دليل آخر على كذبه , وأنه جاء إلى نجد بزي السلفية , فلما وجد بها ما وجد من الأئمة والمشايخ علم بأنه ليس له مكان , وأن بضاعته كاسدة لآنه يحمل بين ثناياه الشر والعفن العلمي , ونسي بأن الله يؤتي الحكمة و العلم الصحيح من يشاء , وينزعه ممن يشاء.
فقلب ظهر المجن ـ كل ذلك من أجل المادة ـ , وبدأ يتقوت من الموالد وحفلات الزار المشبوهة والتي لا يحضرها ـ كما ذكرت ذلك مراراً إلا الشواذ جنسياً من اللوطيين والمخنثين ـ , كل ذلك بسبب أنه وجد الباب مفتوحاً وأن الدنيا مفتتحة ذراعيها له وقد ساعده على ذلك محبة الغماريين لهذه الأمور , ثم إنه جلس إلى عبدالله الغماري وأخذ عنه طريقة بث السم والتنصل , وكذلك جلس إلى عبدالعزيز ..... وغيرهم من الصوفية القائلين بوحدة الوجود وأخذ عنهم الضلال المبين , ولا زال يمتدحهم ويثني عليهم لأنهم فتحوا له باب القوت والرزق من الشبهات المحرمات!!
هذا هو تاريخ هذا الآثم المجرم: سلفية صحيحة , ثم قبورية وموالد وجلسات زار , وهو يعيش الآن في أخبث مدينة عربية على وجه الأرض فيها الزنا والخنا والمجون عياناً بياناً , فلم نجد من هذا الأرعن وهو مقيم بها منذ زمن محاولة تغيير المنكر بالنصيحة , مع أنه معروف هناك وخطبه معروفة , إلا أنه لا زال خائفاً على منصبه والذي لا يحلم أن يجد مثله لو عاش في مصر.
كتبه / خالد الأنصاري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/453)
ـ[حمزة الشافعي]ــــــــ[02 - 01 - 05, 04:25 م]ـ
(تم الحذف من المشرف)
(ودع عنك ياهذا الاعتذار للمبتدع الهارب، وشمس هروبه لا تُغطى بغربال)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[02 - 01 - 05, 04:31 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ها قد أطل علينا من أذناب محمود سعيد عاشق آخر.
فدع نصيحتك لك ولشيخك.
وإن كنت أظن بأنك من يكتب عنه , أو أنك هو في ثوب آخر.
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[02 - 01 - 05, 04:36 م]ـ
هذا ما كتبته منذ يومين .. ونزل اليوم! -التزاما مني لمنع المداخلات حتى موافقة المناظرة في الموضوع- وإذا بالدنيا قامت ولم تقعد في هذه المدة، وأسفت لنبات قاعدة جديدة في التهرب عند الأستاذ محمود هداه الله، وهي التعجيز، وهو يعلم الحكمة القائلة: إذا أردتَ أن تُطاع فأمر بالمستطاع!
فعجبتُ للشروط التي ابتكرها في اللحظة الأخيرة من قبول المناظرة، حيث كانت تمهيدا واضحا للتهرب والتحيل، فهو يعلم مسبقا أنها لا يمكن قبولها من الطرف السني السلفي، ولكنها للتحجج المستقبلي بأنهم هم من أفسد الحوار!!
أستاذ محمود: أنت تعترف بأنك من صغار طلبة العلم، ثم تطلب مقارعة الرؤوس؟ وتنسى أنك إنما دخلتَ من أجل أحمد الغماري، ونصصت على ذلك، والواقع كاف لإثباته، ولم تدخل قبلها المنتدى لمناقشة السلفية عموما؟!! ثم تشتت الأسئلة في شتى المواضيع يمنة ويسرة؟؟ هل هذا يسمى حوارا علميا محددا؟
إن كان عندك ثبات وشجاعة في موضوع أحمد الغماري كما تتلفظ فتفضل بمناقشته بعيدا عن هذه الأساليب الملتوية، فلسنا ممن ينجر وراء بالونات حرارية لننسى أن هذا هو موضوعنا الأساسي، لا ما حاولت جرّه وافتعاله في هذا المنتدى خلال تلك الأيام السالفة ..
إن المسألة كانت موضوعا مطروحا بين رواد المنتدى فقط، ثم دخلتَ أنتَ بمحض إرادتك مناقشا، فلماذا تشترط نقله لمكان آخر؟ كان أجدر بك ألا تدخل هذا المكان من الأساس!!
والآن .. تعال واترك عنك الحيدة الواضحة وارجع للموضوع .. وقد رأيتَ المشرف (الذي تناديه: يا خراشي .. وهو يناديك بالشيخ والأستاذ) أعطاك حقك المشروع بإعادة أسئلتك .. لكن بعد حق الجميع المشروع: وهو الالتزام بالموضوع ..
واترك التمثيل لأهله، فلا يليق بك لا مكانة ولا سنا، وعفا الله عما سلف ..
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[02 - 01 - 05, 04:41 م]ـ
الأخ حمزة [المسجل حديثا والذي يتكلم عن رواد الملتقى بالجملة!]: الموضوعية والإنصاف للغماري ذكرتُه في هذا المنتدى، مما لم يرد الأستاذ محمود على غالبه حتى الآن مع إلحاح الأسئلة، وستجد أنني دائم الدعاء له والمناداة له بالأستاذ، وأنني طالبتُ الإخوة في غمرة الهجوم عليه أول دخوله أن يتريثوا ولا يأخذوا عنه أحكاما مسبقة، فابحث عن كلامي وراجعه للتأكد .. ولم أظلم الأستاذ محمود بشيء فيما أرجو .. إنما ناقشتُه بكلامه وألزمتُه به، وأدنتُه من فيه ..
على أني رأيتُ كثيرا من رواد الملتقى (فعلا) يرى ما ذكرتَه في صاحبك الأستاذ ممدوح!! ولكلٍّ وجهة هو موليها.
ـ[حمزة الشافعي]ــــــــ[02 - 01 - 05, 04:43 م]ـ
أقول لك أيها الأنصاري ظنك في غير محله، هذا أولاً.
وثانياً شكراً على ذوقك الرفيع في انتقاء ألفاظ ................ !. (المهذبة).
ولو قمنا بجمعها وترتيبها على الحروف من خلال ماكتبته! من مشاركات خلال الفترة الماضية حتى الآن لجمعنا جزءاً وسميناه:
" قاموس ................. خالد الأنصاري ".
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[02 - 01 - 05, 04:45 م]ـ
أما إني لن أضيع وقتي مع ذنب مثلك.
ولا تحاول صرفنا عن ما نحن بصدده يا دسيسة.
وقل لشيخك ها نحن نكتب , وأخبره بأننا بانتظاره.
ـ[حمزة الشافعي]ــــــــ[02 - 01 - 05, 04:50 م]ـ
هذه ألفاظ أخرى منك ستضاف لـ " قاموس .......... خالد الأنصاري ".
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[02 - 01 - 05, 04:58 م]ـ
والله إنها لفكرة , فلعلي أفكر في تأليف كتاب يكون قاموساً للمبتدعة أمثالك.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[02 - 01 - 05, 05:18 م]ـ
بل إنها فكرة جيدة .. سأبدأ برسالة لطيفة طريفة بعنوان قاموس شتائم أحمد الغماري، فالمادة متوفرة .. شكرا على فكرتك الجميلة ..
ولاحظتُ أن حمزة هذا مسجل أمس فقط، وما دخل إلا مواضيع محمود سعيد ممدوح، فكأنه كشف عن نفسه بسرعة!!
ولعل الإخوة المشرفين يلاحظون الآي بي كما فعلوا هم في منتداهم التنزيه مع بعض الإخوة .. وأظن النتيجة لا تسرهم!!
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[03 - 01 - 05, 09:47 م]ـ
فكرة القاموس هذه .. متوارثة عندهم .... فقديما سود سقافهم ... قاموس بشتائم الالباني .. زعم ..
هذا مبلغهم من العلم
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 01 - 05, 11:00 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الشيخ , وقد شككت باديء ذي بدء ـ وكما أشار بذلك الأخ الشيخ محمد زياد التكلة ـ , من أن المذكور هو محمود سعيد , وأنه قد ارتدى زي النساء وسمى نفسه (حمزة الشافعي)!!!
ثم أنه أشار علينا بعمل قاموس شتائم مشايخه , وقد صدقنا هذه المرة وهو كذوب.
وأسأل الله أن يعامله بما هو أهله , فقد طرد من ملتقانا السلفي , كما طرد من قبل على يد كبير أساقفة أهل البدعة (السقاف).
وهذا دليل على أنه نتن مذموم مجذوم , مكروه معادى حتى من المبتدعة أمثاله!!!
كتبه محبكم / خالد الأنصاري.(29/454)
مناقشة الأصول الثلاثة للتهرب عند الأستاذ محمود سعيد ممدوح
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[02 - 01 - 05, 11:15 ص]ـ
يؤسفني القول إن من أجلى صور التعصب الأعمى هو موقف الأستاذ محمود سعيد ممدوح –هداه الله- مع ليلاه أحمد الغماري، فما كان عند الأستاذ أدنى تحرج من الخوض في الصحابة والمغالطة والتدليس والتلبيس بالجملة، كل ذلك لأجل سواد عيني أحمد الغماري! ومكابرا الاعتراف ولو بزلة واحدة من الدواهي العلمية والأخلاقية المنقولة من كتب ورسائل الغماري! والتي تبرأ منها كليا أو جزئيا تلميذا أحمد الغماري الكبيران: صهره بوخبزة، والتليدي.
وبعيدا عن الإنشاء والتطويل أبيّن وأناقش الأصول التي اعتمد عليها الأستاذ محمود في التهرب من الاعتراف بالحقيقة، والتي تُظهر حال الغماري بحجمه الطبيعي ووجهه الحقيقي، بعيدا عن تهاويل المعجبين والمعجبات:
الأصل الأول: محاولة الانتفاء من حجية أكبر قدر ممكن من كلام الغماري نفسه، وذلك بالتشكيك بحال ومصداقية الكتب والرسائل:
حاول الأستاذ محمود سعيد ممدوح أن يشكك في جملة من كلام الغماري بأنه ليس بحجة عليه، وكأن أعداءه هم مَن كتب الكلام، وليس الغماري بخط يده! زاعما تارة بأنها رسائل وأحاديث خاصة وأمانات، وتارة بأنها استطرادات ومباحثات، وتارة بأنها مسودات، وتارة تأثرها بالشخصيات والاعتقالات، وتارة بأنها نوادر وفرفشات، فأقول:
1) لا يختلف معنا الأستاذ محمود أن هذه الشنائع من كلام أحمد الغماري وبخطه، ولا أستطيع منع الأستاذ محمود من أن يظن ويتمنى فيها ما شاء، ولكن أن يطلب من الناس تصديق ظنونه وتمنياته فهذا طموحٌ أظنه صعب التحقيق! لأن أدنى تفكر بالعقل يحيل ظنون الأستاذ ممدوح كما سترى.
2) واعتذارك عن الرسائل بأنها أمانات وخصوصيات لا يستقيم لعدة أمور: أولها أن أحمد الغماري نفسه دعا لإخراجها، بل رجا تلميذه بوخبزة أن يحافظ عليها ويجعلها في كتاب، ووضع له عنوانا اختاره بمحض إرادته، فقال أحمد الغماري في رسالة لتلميذه مجيزنا العلامة بوخبزة: "أرجو من السيد محمد بن الأمين أن يحافظ على أجوبتنا ويجعلها في كتاب يسميه الجواب المفيد للسائل المستفيد، أو غيره من الأسماء، ويضم إليه كل ما يصله من أجوبتنا لتستفاد ولا تذهب سدى".
ثم الغماري نفسه قد أعلن عن الكتاب في بعض كتبه المعتمدة، مثل فتح الملك العلي! فظهر بذلك أن ما فيه معتمد جداً عنده، وهو يعلم أن ما فيه سيخرج للناس، وهذا لوحده كافٍ لإبطال أمنيات الأستاذ محمود سعيد حول أن رسائل الغماري غير معتمدة.
ومن التناقض البيّن أن الأستاذ ممدوح يحتج على خصمه بمثل ما يُبطل، فتجده يقول: كتب إليّ عبدالله الغماري كذا .. وقال كذا .. ومثل ذلك في موضوع قذف وشتيمة عبدالحي الكتاني!
كذلك مسألة الأمانات والأحاديث الخاصة، لماذا لم يكن ما جرى بينه وبين الشيخ بكر أبوزيد خاصا، أم أن فضائح كلام أحمد الغماري فقط هي الخاصة؟
والاعتذار بأن في الرسائل الشخصية قد يحصل فيها نوع تبسط، فهذا محتمل مقبول لو كان في مزاح خاص، أو وهم أو نسيان في حكم أو معلومة لم يكن المرجع حاضرا فيها -كما في الاعتقال أيضا-، أما أن يكون الكلام قذفا وشتائم قذرة وضلالات تصل للزندقة –كتبريره أن يُقال "وما الكلب والخنزير إلا الله"- فهذا غير مقبول أبدا، وإن كان أحمد الغماري يُعلل مثل ذلك من المُناوي وغيره بأنه لغياب العقل بالحشيش!
وأغرب ما في الأمر أن الأستاذ محمود سعيد ممدوح لا يعي أن اعتذاره هذا يجعل أحمد الغماري بمثابة المنافق ذي الوجهين أو أكثر، الذي دينه وأخلاقه أمام الناس شيء، وخلف الجدران وبين خاصة التلاميذ شيء آخر!!
وبمثل ذلك يقال عن ما ادعاه مسودات، مع أن الغماري يُحيل كثيرا على جؤنة العطار، واعتمده ونقل منه إخوانه وكبار تلامذته، ونقل أخونا الأنصاري أشياء من ذلك، واستقصاؤه كثير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/455)
3) حول موضوع التأثر بالاعتقال والصراعات الشخصية أقول: إذا كان الأستاذ محمود مطردا في حكمه فينبغي عليه إلغاء جُلّ -إن لم يكن كل- كتب أحمد الغماري، فأهم كتبه (المداوي) كتبه في المنفى، وكذلك ما ألفه منفيا في مصر، وكانت كل حياته صراعات سياسية وشخصية، فعلى قاعدة الأستاذ محمود سعيد ممدوح نستريح أصلا من كُتب أحمد الغماري ونُرسلها للدراسة النفسية وحسب، وكفى الله المؤمنين القتال، فضلا أن كثير منها مسودات ورسائل خاصة و .. و ..
فبإمكان أي شخص أن يُلغي ما شاء من كتب أحمد الغماري، وإذا اعتُرض عليه، قال: هكذا أصَّل الأستاذ محمود سعيد ممدوح، وهل أنت أكثر منه وَلَهاً بالغماري!!
فهذا الأصل الأول عنده، وهو منهار!
الأصل الثاني: التهرب التام وغض الطرف عمّا يعسر ترقيعه:
وسأقتصر في التمثيل على ما أوردتُه سابقا دون غيري –فحسابه مع الأخ الأنصاري لوحده طويل جدا! - كتكفير ولعن معاوية رضي الله عنه صراحة، وشتم الأئمة بالجملة، كتسميته لأبي حنيفة أبا جيفة! وسباب وتحقير البلدان بالجملة، ومنها بلده طنجة وسائر المغرب، ومصر بلد محمود سعيد ممدوح، وقذف محمد حامد الفقي بأنه أحبل جارية في الحجاز وقتل ولدها، وتبريره لمن يقول إن الكلب والخنزير هو الله، وتلاعب الهوى والولائم في التصحيح والتضعيف للأحاديث.
فهل سكوت الأستاذ محمود عن ذلك –وقد قرأه- موافقة للغماري، أم انحراج ومكابرة لقبول الحق والإصرار على الباطل؟ لإبقاء أحمد الغماري في برجه الخيالي العاجي، وأنه فوق الألباني وفلان وفلان من الأئمة؟
فهذا الأصل الثاني، وهو دفن الرأس في الرمال إزاء العظائم!
الأصل الثالث: المغالطة الشديدة في المعلومات:
مثل إصراره أن الغماري أشعري! بينما الغماري يسب ويحقّر الأشاعرة –ومنهم محمود سعيد ممدوح- بالجملة!! وينص أنهم من الفرق الثنتين والسبعين غير الناجية، متقدميهم ومتأخريهم، قال في الجواب المفيد (ص11): "أما عقيدة الأشعرية –ولا سيما المتأخرين منهم- فخلافٌ مجرَّدٌ لما جاء عن الله ورسوله؛ بل وسائر رسله في توحيد الله تعالى وصفاته، وهم من الفرق الاثنتين والسبعين بلا شك، وإن سموا أنفسهم أهل السنة والجماعة ظلما وزورا وبهتانا، وادعوا أن مذهب السلف أسلم، ومذهبهم أعلم، وفي الحقيقة هو أفسد وأظلم وأجهل" .. الخ كلامه، وله نظائر كثيرة في كتبه.
وأن الغماري يرى التفويض –وهو التعطيل بمسماه الصحيح- بينما أحمد الغماري يشنع كثيرا على التعطيل وأهله، وينص أن الحق الذي يجب اعتقاده في الله تعالى وأسمائه وصفاته هو ما في اجتماع الجيوش الإسلامية والصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، وسائر كتب ابن القيم، (انظر الجواب المفيد ص11)، فهل ابن القيم مفوض عند محمود سعيد ممدوح؟
فلنا إزاء ذلك ثلاث حالات: إن صدقنا حكاية الأستاذ محمود سعيد ممدوح فمقتضاه أن الغماري جاهل كبير؛ يجهل عن نفسه أنه كان أشعريا، وأنه كان يسب نفسه ويخرجها من الفرقة الناجية، بقي خياران صعبان للأستاذ محمود سعيد ممدوح: أنه جاهل للغاية مع الجرأة على الكلام والحكم بلا علم، أو أنه يتحرى ضد الصدق ويستغفل الناس بشدة!! وعلى أي من الخيارات الثلاثة يسقط كتابه "مسامرة الصديق" في المدح المجرد لأحمد الغماري!!
والأمور كثيرة جدا .. ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق .. فملابساته وتدليساته كثيرة مع الأسف ..
كلمة أخيرة أستاذ محمود: الله الله في الإنصاف والديانة، ولا يحملك الكبر وحظ النفس على إبطال ما عندك من علم وخير بما نراه، وتأكد أن معاوية رضي الله عنه، أحب إلينا من عمر بن عبدالعزيز، وسواه من التابعين، فضلا عن ابن تيمية، فضلا عن ابن باز والعثيمين والألباني وعبدالقادر الأرناؤوط، فضلا عن أحمد الغماري!! فلا تكن غيرتك على الطعن في محبوبك الغماري خيرا من غيرتك على تكفير معاوية ولعنه!! ذلك الأمر الذي تبرره لشيخك!! ولا زلت تحيد حتى الآن عن الإجابة عن موافقتك له في تكفيره ولعنه والحكم بنفاقه!!
والله يهديك ويعيدك للحق.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[02 - 01 - 05, 04:24 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
خبر عاجل
اتصل بي الأخ الشيخ الفاضل أبي محمد عبدالوهاب بن عبدالعزيز الزيد منذ قليل , وأخبرني بأنهم هو و فضيلة الشيخ عبدالله السعد حفظه الله تعالى وبعض الإخوة المشايخ كانوا في زيارة للعلامة الشيخ إسماعيل الأنصاري رحمه الله تعالى , وذلك بعد خروج محمود سعيد من نجد.
وأخبرني بأن المذكور قد أرسل بمجلة حينها فيها رد على شيخ الإسلام ابن تيمية وابن عبدالهادي رحمهما الله تعالى وقد ملأها بالسب والشتم ..... إلخ.
ثم ذكر فضيلة الشيخ العلامة إسماعيل رحمه الله تعالى , بأن محمود سعيد لم يكن كذلك يوم أن كان عندنا في نجد.
أي بأنه كان سني سلفي , لا كما يزعم الآن!!!!!
وهذا دليل آخر على كذبه , وأنه جاء إلى نجد بزي السلفية , فلما وجد بها ما وجد من الأئمة والمشايخ علم بأنه ليس له مكان , وأن بضاعته كاسدة لآنه يحمل بين ثناياه الشر والعفن العلمي , ونسي بأن الله يؤتي الحكمة و العلم الصحيح من يشاء , وينزعه ممن يشاء.
فقلب ظهر المجن ـ كل ذلك من أجل المادة ـ , وبدأ يتقوت من الموالد وحفلات الزار المشبوهة والتي لا يحضرها ـ كما ذكرت ذلك مراراً إلا الشواذ جنسياً من اللوطيين والمخنثين ـ , كل ذلك بسبب أنه وجد الباب مفتوحاً وأن الدنيا مفتتحة ذراعيها له وقد ساعده على ذلك محبة الغماريين لهذه الأمور , ثم إنه جلس إلى عبدالله الغماري وأخذ عنه طريقة بث السم والتنصل , وكذلك جلس إلى عبدالعزيز ..... وغيرهم من الصوفية القائلين بوحدة الوجود وأخذ عنهم الضلال المبين , ولا زال يمتدحهم ويثني عليهم لأنهم فتحوا له باب القوت والرزق من الشبهات المحرمات!!
هذا هو تاريخ هذا الآثم المجرم: سلفية صحيحة , ثم قبورية وموالد وجلسات زار , وهو يعيش الآن في أخبث مدينة عربية على وجه الأرض فيها الزنا والخنا والمجون عياناً بياناً , فلم نجد من هذا الأرعن وهو مقيم بها منذ زمن محاولة تغيير المنكر بالنصيحة , مع أنه معروف هناك وخطبه معروفة , إلا أنه لا زال خائفاً على منصبه والذي لا يحلم أن يجد مثله لو عاش في مصر.
كتبه / خالد الأنصاري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/456)
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[02 - 01 - 05, 04:36 م]ـ
هذا ما كتبته منذ يومين .. ونزل اليوم! -التزاما مني لمنع المداخلات حتى موافقة المناظرة في الموضوع- وإذا بالدنيا قامت ولم تقعد في هذه المدة، وأسفت لنبات قاعدة جديدة في التهرب عند الأستاذ محمود هداه الله، وهي التعجيز، وهو يعلم الحكمة القائلة: إذا أردتَ أن تُطاع فأمر بالمستطاع!
فعجبتُ للشروط التي ابتكرها في اللحظة الأخيرة من قبول المناظرة، حيث كانت تمهيدا واضحا للتهرب والتحيل، فهو يعلم مسبقا أنها لا يمكن قبولها من الطرف السني السلفي، ولكنها للتحجج المستقبلي بأنهم هم من أفسد الحوار!!
أستاذ محمود: أنت تعترف بأنك من صغار طلبة العلم، ثم تطلب مقارعة الرؤوس؟ وتنسى أنك إنما دخلتَ من أجل أحمد الغماري، ونصصت على ذلك، والواقع كاف لإثباته، ولم تدخل قبلها المنتدى لمناقشة السلفية عموما؟!! ثم تشتت الأسئلة في شتى المواضيع يمنة ويسرة؟؟ هل هذا يسمى حوارا علميا محددا؟
إن كان عندك ثبات وشجاعة في موضوع أحمد الغماري كما تتلفظ فتفضل بمناقشته بعيدا عن هذه الأساليب الملتوية، فلسنا ممن ينجر وراء بالونات حرارية لننسى أن هذا هو موضوعنا الأساسي، لا ما حاولت جرّه وافتعاله في هذا المنتدى خلال تلك الأيام السالفة ..
إن المسألة كانت موضوعا مطروحا بين رواد المنتدى فقط، ثم دخلتَ أنتَ بمحض إرادتك مناقشا، فلماذا تشترط نقله لمكان آخر؟ كان أجدر بك ألا تدخل هذا المكان من الأساس!!
والآن .. تعال واترك عنك الحيدة الواضحة وارجع للموضوع .. وقد رأيتَ المشرف (الذي تناديه: يا خراشي .. وهو يناديك بالشيخ والأستاذ) أعطاك حقك المشروع بإعادة أسئلتك .. لكن بعد حق الجميع المشروع: وهو الالتزام بالموضوع ..
واترك التمثيل لأهله، فلا يليق بك لا مكانة ولا سنا، وعفا الله عما سلف ..
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[02 - 01 - 05, 04:41 م]ـ
الأخ حمزة [المسجل حديثا والذي يتكلم عن رواد الملتقى بالجملة!]: الموضوعية والإنصاف للغماري ذكرتُه في هذا المنتدى، مما لم يرد الأستاذ محمود على غالبه حتى الآن مع إلحاح الأسئلة، وستجد أنني دائم الدعاء له والمناداة له بالأستاذ، وأنني طالبتُ الإخوة في غمرة الهجوم عليه أول دخوله أن يتريثوا ولا يأخذوا عنه أحكاما مسبقة، فابحث عن كلامي وراجعه للتأكد .. ولم أظلم الأستاذ محمود بشيء فيما أرجو .. إنما ناقشتُه بكلامه وألزمتُه به، وأدنتُه من فيه ..
على أني رأيتُ كثيرا من رواد الملتقى (فعلا) يرى ما ذكرتَه في صاحبك الأستاذ ممدوح!! ولكلٍّ وجهة هو موليها.
ـ[المقدادي]ــــــــ[21 - 04 - 06, 01:09 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على فضح المدعو محمود سعيد
ـ[نواف البكري]ــــــــ[21 - 04 - 06, 01:44 ص]ـ
الشيخ الكريم خالد الأنصاري وفقه الله
(فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا)
فالصوفية أحقر من أن يرتفع منك عليهم الصوت، أو يحمّر منك بسببهم الوجه، أو يتفصد الجبين عرقا عند مناظرتهم، فهم أسخف من هذا كله، فلا تكلّف نفسك بالسب والشتم، وكن القدوة للسلفي الأثري المتبع في الأخلاق كما أنت كذلك في العقيدة، ورد على كل صاحب بدعة بقوة، ولا تعني القوة إساءة الخطاب، فآمل أن تكون رسالتي قد وصلت
الشيخ زياد تكلة جزاك الله خيرا
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[21 - 04 - 06, 04:18 م]ـ
والأفضل أن يسمى " معجم شتائم أهل البدعة " وليس " قاموس ... "
ـ[أبو محمد التطواني]ــــــــ[10 - 07 - 09, 07:49 م]ـ
قولك عن الكلام في الغماريين بأنه كذب وزور عليهم فأنا أتحداك في أي قول تراه أنت كذبا على الشيخ أحمد أثبثه لك حتى ولو اقتدت الضرورة أن اثبته بخط يده فهل أنت مستعد لهذا النزال فهيا شمر وا‘رض بضاعتك وسترى ما لا يسرك وأنا في انتظار دعاويك(29/457)
الرد على المبتدع الهارب محمود في قوله: إن الخطيب البغدادي كان أشعريًا!!
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[02 - 01 - 05, 05:57 م]ـ
زعم المبتدع محمود سعيد في مقاله أن (الخطيب البغدادي أشعري)! وهذا الزعم الكاذب سبق أن ردده أحد شيوخه المعظمين عنده؛ وهو الكوثري، فرد عليه العلامة المعلمي في التنكيل (1/ 132 - 135) قائلا: (زعم بعضهم أنه – أي الخطيب – كان يذهب إلى مذهب الأشعري؛ فرد الذهبي بقوله: "قلت مذهب الخطيب في الصفات أنها تمر كما جاءت صرح بذلك في تصانيفه" فاعترضه ابن السبكي في (طبقات الشافعية) ج3 ص13 بقوله: "قلت هذا مذهب الأشعري ... وللأشعري قول آخر بالتأويل".
أقول- المعلمي -: الذي شهره المتعمقون عن الأشعري التأويل، وإن كان آخر مصنفاته (كتاب الإبانة) أعلن فيه اعتماده مذهب الإمام أحمد وأهل الحديث، فالقائل إن الخطيب كان يذهب مذهب الأشعري أوهم أنه كان من المتأولين، ولم يزد الذهبي على دفع هذا الإيهام، ولكن ابن السبكي لغلوه شديد العقوق لأستاذه الذهبي، وقد نقل الذهبي في (تذكرة الحفاظ) ج3 ص319 فصلاً من كلام الخطيب في الاعتقاد ينفي عنه التأويل والتعطيل، قال الخطيب:
"أما الكلام في الصفات فإن ماروي منها في السنن الصحاح مذهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عنها، وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله، وحققها قوم من المتثبتين فخرجوا بذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف، والفصل إنما هو سلوك الطريقة المتوسطة بين الأمرين .. "
وإذ قد بان أن عقيدة الخطيب كانت مباينة لعقائد المبتدعة، فالنظر في انتقاله عن مذهب أحمد في الفروع: الظاهر أن معنى أنه كان على مذهب أحمد أن والده وأهله كانوا على مذهب أحمد وأنه هو انتقل إلى مذهب الشافعي في صغره زمان طلبه العلم، فما الباعث له على الانتقال؟ يقول ابن الجوزي: إن ذلك لميل الحنابلة عليه وإيذائهم له. فلماذا آذوه؟ يقول ابن الجوزي: لما رأوا من ميله إلى المبتدعة. قد تقدم إثبات أن عقيدة الخطيب كانت مباينة لعقائد المبتدعة وذلك ينفي أن يكون ميله إليهم رغبة منه في بدعتهم أو موافقة عليها، فما معنى الميل وما الباعث عليه؟
كان الحنابلة في ذلك العصر ينفرون بحق من كل من يقال إنه أشعري أو معتزلي وينفرون عن الحنفية والمالكية والشافعية لشيوع البدعة فيهم، وكان كثير من الحنابلة يبالغون في النفرة ممن نفروا عنه فلا يكادون يروون عنه إذا كان من أهل الرواية ولا يأخذون عنه غير ذلك من العلوم، وإذا رأوا الطالب الحنبلي يتردد إلى حنفي أو مالكي أو شافعي سخطو عليه، وقد ذكر ابن الجوزي نفسه في (المنتظم) ج9 ص213 عن أبي الوفاء بن عقيل الحنبلي قال "وكان أصحابنا الحنابلة يريدون مني هجران جماعة العلماء، وكان ذلك يحرمني علماً نافعاً" وتقدم في ترجمة أحمد بن عبدالله أبي نعيم الأصبهاني ما لفظه "قال إنسان من أراد أن يحضر مجلس أبي نعيم فليفعل – وكان مهجوراً في ذلك الوقت بسبب المذهب وكان بين الحنابلة والأشعرية تعصب زائد يؤدي إلى فتنة وقال وقيل وصداع، فقام إلى ذلك الرجل أصحاب الحديث بسكاكين الأقلام وكاد أن يقتل" مع أن مجلس أبي نعيم إنما كان لسماع الحديث لا للدعوة إلى الأشعرية.
وقد قال ابن الجوزي في (المنتظم) ج8 ص267 في وصف الخطيب:
"وكان حريصاً على علم الحديث وكان يمشي في الطريق وفي يده جزء يطالعه" وقال قبل ذلك بورقة "أول ما سمع الحديث في سنة 403 وهو ابن إحدى عشرة سنة ... وأكثر من السماع من البغداديين ورحل إلى البصرة ثم إلى نيسابور ثم إلى أصبهان ودخل في طريقه همذان والجبال ثم عاد إلى بغداد وخرج إلى الشام وسمع بدمشق وصور ووصل إلى مكة ... وقرأ (صحيح البخاري) على كريمة ... في خمسة أيام"
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/458)
أقول: فحرصه على تحصيل العلم وولوعه به هو الذي كان يحمله على أن يقصد كل من عرف بالعلم مهما كان مذهبه وعقيدته، وكان الحنابلة إذ ذاك يخافون عليه بحق أن يقع في البدعة، وإذ كانت نهمته تضطره إلى الانطلاق في مخالفتهم، وغيرتهم تضطرهم إلى المبالغة في كفة؛ بلغ الأمر إلى الإيذاء وكان وهو حنبلي لا يرجو من غيرهم أن يعطف عليه ويحميه وينتصر له، فاحتاج أن يتحول إلى مذهب الشافعي ليحميه الشافعيون ولا يعارضوه في الاختلاف إلى من شاء من أهل العلم مهما كان مذهبه وعقيدته؛ لأن الشافعية لم يكونوا يضيقون في ذلك مع أنهم إنما استفادوا الخطيب فهم أشد مسامحة له .. ) اهـ من التنكيل.
==========
قد يقول قائل: إذا ثبت أن الخطيب لم يكن من أهل التأويل؛ فلعله كان من أهل " التفويض " المبتدع الذي وقع فيه بعض الأشاعرة؛ ولذلك قيل عنه ما قيل.
فيقال: رسالته في الصفات تشهد عباراتها أنه رحمه الله على مذهب السلف الذين لايتأولون، ولا يُفوضون المعنى؛ بل يؤمنون بحقائق الصفات ومعانيها، ويفوضون كيفياتها.
قال رحمه الله تعالى في رسالته:
(أما الكلام في الصفات؛ فإن ما روي منها في السنن الصحاح؛ مذهب السلف رضوان الله عليهم إثباتها وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عنها. وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله سبحانه. وحققها من المثبتين قوم فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف. والقصد إنما هو سلوك الطريقة المتوسطة بين الأمرين، ودين الله بين الغالي فيه والمقصر عنه.
والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع على الكلام في الذات ويحتذى في ذلك حذوه ومثاله. فإذا كان معلوماً أن إثبات رب العالمين عز وجل إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف.
فإذا قلنا: لله تعالى يد، وسمع، وبصر؛ فإنما هي صفات أثبتها الله تعالى لنفسه، ولا نقول: إن معنى اليد القدرة، ولا إن معنى السمع والبصر العلم، ولا نقول: إنها جوارح، ولا نشبهها بالأيدي والأسماع والأبصار التي هي جوارح وأدوات للفعل، ونقول: إنما وجب إثباتها لأن التوقيف ورد بها، ووجب نفي التشبيه عنها؛ لقوله تبارك وتعالى (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) وقوله عز وجل (ولم يكن له كفواً أحد)).اهـ
==========
يقول الدكتور عبدالعزيز السعيد في مقدمة تحقيقه لكتاب الخطيب " القول في علم النجوم ": (إن عقيدة الخطيب البغدادي – رحمه الله تعالى – هي عقيدة أهل السنة والجماعة، ولم يُعرف عنه مخالفة لها؛ غير أن بعض العلماء قد نسبه إلى الأشعري .. (ثم ذكر قول الكتاني الذي اعتمد عليه محمود وعقب عليه موضحًا سبب هذا الخطأ) .. وقد ظن بعض المتأخرين أن عقيدة السلف هي عقيدة التفويض، ولما كانت عقيدة التفويض تُحكى عن أبي الحسن، ورأوا أن أباالحسن يذكر في كتبه أنه على عقيدة أحمد بن حنبل؛ ظنوا أن عقيدة أحمد وغيره من السلف هي هذه العقيدة الفاسدة، ومن ثَمّ نسب بعضهم الخطيب إلى أبي الحسن باعتبار عقيدة التفويض).
ثم ذكر كلام الخطيب السابق في الصفات وقال بعده: (فهذه عقيدة هذا الإمام في صفات رب العالمين، فكيف يُقال إنه على مذهب الأشعري؟!). اهـ (ص 36 – 44).
==========
وقال الأستاذ عبدالله الجديع في تحقيقه لرسالة الخطيب في الصفات قائلا عنها أنها: (تُثبت كون الحافظ الخطيب على اعتقاد السلف أهل السنة والحديث، لا كما زعم بعضهم فألحقه بأصحاب الأشعري. وإن كان قوله في الإثبات إجمالا يوافق قول الأشعري في الإبانة حيث جرى فيها على ذلك؛ فهذا لا يصلح أن يكون حجة على إلحاقه به، فالإثبات مذهب السلف قبل وجود الأشعري، والخطيب إمام مذهب أهل الحديث في وقته، فإلحاقه بهم هو الواجب الذي لاينبغي سواه). اهـ (مجلة الحكمة، العدد الأول، ص 290). وانظر أيضًا: تحقيق الشيخ جمال عزون للرسالة مع تقديم الشيخ حماد الأنصاري – رحمه الله -. ومقدمة الدكتور محمد مطر الزهراني لكتاب " الفصل للوصل .. " للخطيب (1/ 39).
ـ[أمين فيصل محمد النوبي]ــــــــ[24 - 10 - 06, 12:26 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[24 - 10 - 06, 12:43 م]ـ
بارك الله فيك يا شيخ سليمان على هذا المقال المليء بالفوائد , ولدي سؤال ...
من هو أبا الحسن صاحب مذهب التفويض وهل هو مؤسس هذا المذهب , وهل هذا المذهب فيه اعتقادات كفرية , ام هو مذهب مبتدع فقط؟
وشكرا
ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[30 - 03 - 07, 02:07 ص]ـ
شفاك الله وعافاك من كل سوء يا شيخ سليمان
ـ[القندهاري]ــــــــ[31 - 03 - 07, 04:20 ص]ـ
جزاك الله خير شيخنا سليمان الخراشي فلقد ألقمته حجرا
ـ[ابو عبد الله السلفي]ــــــــ[14 - 04 - 07, 09:12 م]ـ
بارك الله فيكم شيخنا سليمان أمتعكم الله بالصحة والعافية لو عدلت المبتدع الهارب إلى الهاوي لكان أدق.
لأن الذي يكتب مجلدات ضخام في الطعن في أئمة السنة فليس بهارب فهو هاو.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/459)