1 - وُلد مالك بن نبي في عصر سمع فيه من جدته لأمه قصص الاحتلال
الفرنسي للجزائر، وعاش مأساة بلد يخطط الاستعمار لشل فاعليته، ومن ثم
لتحويله إلى فريسة سهلة الالتهام، عاشها مالك يوماً بيوم في المدرسة الفرنسية حيث
لا يسمح (لابن البلد) إكمال الدراسة الثانوية التي تؤهله للدراسات الجامعية،
وعاشها في تحول المجتمع عن فطرته وكيف ساد الصعاليك بمعونة الإدارة الفرنسية،
وكيف أصبحت العائلات العريقة فقيرة، ذليلة بسبب الاستيلاء على أراضيها،
وكان اليهود هم الواسطة لانتقال الملكية من أبناء البلاد إلى أبناء المستعمر؛
فاليهودي دائماً كان يقرض بفائدة 60%، وعندما درس في فرنسا وعاش مع الجالية
الجزائرية رأى الاستعمار من زواياه المختلفة، وشعر بخبث الأساليب التي يقوم بها
لتمزيق العالم الإسلامي.
2 - القراءات الغزيرة المتنوعة، فقد بدأ بالقراءة منذ أن كان صغيراً في
الابتدائية، وقرأ كتب علم النفس والاجتماع وهو لا يزال في المرحلة الثانوية،
وكان يقرأ كل الصحف التي تصل إلى قسنطينة أو تبسة، ولا شك أن هذا الاطلاع
الواسع على الثقافة الغربية هو في جانب منه على حساب الثقافة الإسلامية وكان له
أثر عليه أيضاً، فكثرة قراءاته لأعمال الفلاسفة جعلته يعتبر عصر الفارابي عند
المسلمين هو عصر خلق الأفكار مع أن الفارابى وأمثاله لم يقدموا شيئاً يذكر
للحضارة الإسلامية، وكانت نغمة (الإنسانية) و (العالمية) سائدة عند الفلاسفة
الغربيين، ونجد مالك يكررها فيتكلم عن حضارة اليوم التي تسير نحو الشمول
والعالمية [17] ويستعمل أحياناً عباراتهم التي هي نتيجة انفصام عندهم بين الدين
والعلم مثل قوله: (إن الطبيعة توجد النوع ... ) [18] أو وهبته الطبيعة.
3 - ثقافته الإسلامية: يعترف مالك بأن الذي كان يرده عن الغلو في هذا
الاتجاه (القراءات الكثيرة للفكر الغربي) هو ما كان يتلقاه من دروس في التوحيد
والفقه، وقراءاته للكتب التي تأتي من المشرق العربي مثل: (الإفلاس المعنوي
للسياسة الغربية في الشرق) لأحمد رضا، و (رسالة التوحيد) للشيخ محمد عبده،
و (طبائع الاستبداد) للكواكبي، والمجلات الإسلامية الجزائرية مثل (الشهاب) التي
يصدرها الشيخ ابن باديس، ولا شك أن ثقافته الشرعية ضعيفة ولكن عنده اطلاع
على التاريخ الإسلامي وقدرة على فهم الآيات والأحاديث التي تتعلق بسنة التغيير
الاجتماعى وبسبب عمق تفكيره وتحرُّقه على العالم الإسلامي كان يرى أن بذرة
عودة الوعي للأمة الإسلامية هي في حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التي
يعتبرها امتداداً لما قام به ابن تيمية في التجديد، ولنفس السبب أيد جمعية العلماء
في الجزائر وكان يعقد الأمل عليهم في الاصلاح وإن اختلف معهم بعدئذ، ولبُعده
عن المشرق ولضعف ثقافته الشرعية كان يمجّد جمال الدين الأفغاني وتلميذه محمد
عبده ويرى أن الأول هو مصلح الشرق؛ فثقافته الإسلامية خليط من آراء مدرسة
الأفغاني ومحمد عبده ومن فهمه لآيات القرآن وسنن التغيير، وأنه لابد من الرجوع
إلى طريقة القرآن والسنة في رفع الناس إلى مستوى الروح كما يعبر هو، والحقيقة
أنه يجمع أشياء متناقضة وإن بدت منسجمة بالنسبة له.
4 - ومن المؤثرات الواضحة في شخصيته ما عاناه من الفقر الشديد في
طفولته، وحياة النَّصَب والتعب التي عاشها في شبابه بحثاً عن العمل، سواء في
الجزائر أو فرنسا، فقد عمل بعد تخرجه من الثانوية في مصنع للأسمنت في مدينة
(ليون) بفرنسا، فكان يحمل الأكياس على ظهره، ومرة باع بعض ملابسه حتى
يوفر وجبة غداء، وبعد تخرجه من الهندسة طرق أبواب العمل في الدول العربية
والإسلامية ولكن دون جدوى.
هذه الأوضاع النفسية جعلته يكره - وهو صغير - الدور المترفة التي كانت
تفضح أمام ناظريه بؤس أقاربه، وأحكامه المسبقة كانت بسبب العيش في عائلة
فقيرة زرعت لاشعورياً في نفسه من الغيرة والحسد حيال العائلات الكبيرة [19]،
وكان يعجبه مطالعة صحيفة (الإقدام) التي يصدرها الأمير خالد الجزائري والتي
كانت تركز على موضوع الفلاح الجزائري وبؤسه.
هذا ما يفسر لنا ميله للدول التي بدأت بتطبيق الاشتراكية كالجمهورية
العربية المتحدة [20] والجزائر بعد استقلالها [21]، وبتأثير من هذه الدول كان يظن
أن الاتحاد السوفييتي ليس عنده مُناخ استعماري وهو صديق للشعوب!
-يتبع-
________________________
(1) مالك بن نبي: في مهب المعركة، تقديم محمود محمد شاكر، 3.
(2) سيد قطب: معالم في الطريق، 117.
(3) مالك بن نبي: مذكرات شاهد للقرن، 15.
(4) مالك بن نبي: مذكرات شاهد للقرن، 131.
(5) المصدر السابق، 131.
(6) المصدر السابق، 132.
(7) المصدر السابق، 174.
(8) مالك بن نبي: مذكرات شاهد للقرن، 219.
(9) مذكرات شاهد للقرن، 137.
(10) المصدر السابق، صدق مالك في تحليله هذا؛ فقد سمعت من أحد الإخوة العاملين في حقل
الدعوة الإسلامية أنه بكى عندما سمع بنبأ هلاك عبد الناصر مع أنه يكرهه كرهاً شديداً!.
(11) المصدر السابق، 291.
(12) مذكرات شاهد للقرن، 176.
(13) المصدر السابق، 235.
(14) في مهب المعركة، 87.
(15) وجهة العالم الإسلامي، 55.
(16) شروط النهضة، 34.
(17) في مهب المعركة، 33.
(18) ميلاد مجتمع، 16.
(19) مذكرات شاهد للقرن، 131.
(20) ميلاد مجتمع، 48.
(21) بين الرشاد والتيه، 24.
((مجلة البيان ـ العدد [14] صـ 21 صفر 1409 ـ أكتوبر 1988))
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/405)
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[10 - 11 - 04, 09:38 م]ـ
نقد
قراءة في فكر مالك بن نبي
-2 -
محمد العبدة
مشكلة الحضارة:
ينطلق فكر ابن نبي من سؤال لا يزال يلح على المسلمين منذ أن صدموا
بالحضارة الغربية وهى تطرق الأبواب وتدخل من كل المنافذ، وكان السؤال: ما
هي أسباب تقهقر المسلمين؟ وما هي شروط النهضة ليستعيد المسلمون دورهم
وفاعليتهم المفقودة وليكونوا شهداء على الناس؟. وكانت الإجابة عن هذا السؤال
هي محور كتابات وأقوال الذين تصدوا لحركة الإصلاح والنهوض بالأمة على
اختلافهم في القرب أو البعد عن الصواب. بل إن كثيراً منهم كانوا (لا يعالجون
المرض بقدر ما يعالجون أعراضه) [1]، وأما الإجابة المتبادرة: (لابد من العودة
للدين) فهي وإن كانت صحيحة بلا شك ولكنها بحاجة إلى تفاصيل، فعندما ندخل
في عمق الموضوع ونبدأ بالعمل سنجد أن هذا المسلم المقتنع بهذا الجواب يحمل بين
جنتبيه أمراضاً اجتماعية وفكرية ونفسية تعيقه عن فهم الكتاب والسنة فهماً صحيحاً،
ليتحول هذا الفهم إلى فعالية للتغيير، وهذه الأمراض كانت نتيجة تراكم عصور
من الابتعاد عن العلم النافع والعمل المثمر، فالأمة الإسلامية (كالفارس الذي أفلت
الركاب من قدميه ولم يسترده بعد، فهو يحاول أن يستعيد توازنه) [2].
كيف نصوغ عقل هذا المسلم مرة أخرى حتى يعود إلى فعاليته؟ من هنا
ينطلق ابن نبي ليقول: (إن مشكلة كل شعب هي في جوهرها مشكلة حضارية،
ولا يمكن لشعب أن يفهم أو يحل مشكلته ما لم يرتفع بفكرته إلى الأحداث الإنسانية،
ما لم يتعمق في فهم العوامل التي تبني الحضارات أو تهدمها) [3]. فالمسلم الآن
لا يعيش حالة (حضارة) وإنما هو من بقايا حضارة وهي الحضارة الإسلامية طبعاً،
ولابد من إدخاله مرة ثانية في دورتها، فالإنسان السابق على الحضارة (العربي قبل
البعثة مثلاً) هو مثل جُزَيء الماء قبل وصوله إلى خزان ينتج الكهرباء، فهذا
الجزيء منطو على طاقة مذخورة، قابل لتأدية عمل نافع، ولكن هذا الجزيء يفقد
طاقته بعد أن استنفذها في إنتاج الكهرباء، وإذا أردنا أن نعيد له قوته علينا أن
نرفعه مرة ثانية إلى مكان عال، أو أن يتبخر ثم يتكثف ليعود جزءاً من طاقة مائية
تقع قبل خزان معين) [4].
ورفع المسلم إلى هذا المكان السامق لا يتم إلا بشحنة إيمانية عالية وأخلاق
كأخلاق الصحابة، ولا يتم هذا إلا (بتوتر روحي) حسب تعبير مالك.
ماذا يقصد بالحضارة؟
(هي: مجموع الشروط الأخلاقية والمادية، التي تتيح لمجتمع معين أن يقدم
لكل فرد من أفراده - في كل طور من أطواره -وجوده منذ الطفولة إلى الشيخوخة
المساعدة الضرورية) [5]، أو: (هي: إنتاج فكرة حية تطبع على مجتمع الدفعة
التي تجعله يدخل التاريخ) [6]، (هي ليست كل شكل من أشكال التنظيم للحياة
البشرية في أي مجتمع كان، ولكنها شكل نوعي خاص بالمجتمعات النامية واستعداد
هذه المجتمعات لأداء وظيفة معينة) [7]، وهي جوهر الوجود للمجتمع، وعكسها
هو: الهمجية والعودة إلى البدائية المترحلة [8]، فالعرب انتقلوا بالإسلام إلى
حضارة، والشعوب الأخرى انتقلت بعقيدة من العقائد إلى حضارة، فهي قدرٌ
محتوم لمجتمع يتحرك لبناء نفسه ولأهداف معينة.
أما العوامل التي تشكل الحضارة؛ فقد صاغها على شكل المعادلة التالية:
ناتج حضاري = إنسان + تراب + وقت. ولكن هذه المعادلة لابد لها من
مُركّب أو مفاعل، وهذا المركب هو (الدين) سواء كان ديناً حقاً كالإسلام، أو بقايا
دين أو عقيدة تبلغ عند أصحابها مبلغ الدين في الحماسة لها والتضحية في سبيلها.
(لكي نقيم حضارة لا يكون ذلك بأن نكدس المنتجات، وإنما بأن نحل هذه
المشكلات الثلاث من أساسها) [9]، فالحضارة لا تستورد ولا تفصل لكل أمة على
مقاسها، وهي التي تلد منتجاتها وليس العكس.
من هذه التعاريف يتبين لنا أن: ابن نبي له تعريفه الخاص للحضارة، فهي
شكل راق من الحياة الأخلاقية والمادية، وهناك حضارة إسلامية، حضارة غربية
... إلخ.
وحسب تعريفه هذا: فإن الصين الحديثة أقلعت باتجاه حضارة، فقد اجتمع
لها الحماس للفكر واستخدام التراب والوقت، وقبْلها اليابان وروسيا ... ورغم أهمية
هذه المعادلة بالنسبة للعالم الإسلامي الذي لم يقلع بعد. ورغم نقد أبن نبي للحضارة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/406)
الغربية المادية وجشعها، فإن رائحة المادية تفوح من هذه التعاريف، فروسيا أقامت
نهضتها الصناعية بعد أن قتلت وشردت الملايين، وقُل مثل ذلك في الصين، فهل
المهم هو استغلال الوقت والتراب ولو على حساب الإنسانية؟! وأما العنصر
الأخلاقي أو الروحي ( Ethes) أو ما أسماه (الفكرة الدينية) التي يكون أصلها من
السماء، فقد استوحاها من (كسرلنج) الذي يقول: (وكان أعظم ارتكاز حضارة
أوربا على روحها الدينية).
ويعرف الروح الدينية: (ولست أعني بالروح ذلك الشيء الدال على منطق
أو عقل أو مبادئ مجردة، وإنما هو بصفة عامة: ذلك الشعور القوي في الإنسان،
والذي تصدر عنه مخترعاته وتصوراته وتبليغه لرسالته، وقدرته الخفية على
إدراك الأشياء) [10].
فهذا المفكر يعتبر أن (الروح المسيحية) و (مبدأها الخلقي) هما القاعدتان
اللتان شيدت عليهما أوربا سيادتها التاريخية، وجاء مالك وأخذ عنه هذه الفكرة
ووضعها قاعدة عامة لكل الحضارات، وأخذ عنه أيضاً وعن (شبنجلر) تقسيمه
لدورة الحضارة إلى المراحل الثلاث: روحية، وعقلية، وغرائزية، وإن كان ابن
خلدون قبلهم قد قال بمثل هذا ولكنه تكلم على الدول ولم يتكلم عن الحضارات،
ومقولة: (أنه لا توجد حضارة إلا وللدين أثر فيها) صحيحة من حيث الجملة، وقد
قال بها ابن تيمية أيضاً [11]، ولكن يبقى الإشكال هو: وضع الإسلام موضع
المساواة مع أي فكرة دينية واعتباره شعلة أخلاقية تصلح لتركيب المعادلة، هنا
موضع الخطورة والنقص، فالمفكر (كسرلنج) عندما يتكلم عن النصرانية يتكلم عنها
كجزء من الأجزاء المكونة للحضارة الغربية، ولكن الإسلام دين شامل وليس مبدأ
أخلاقياً فحسب، وقاعدته الأساسية هي التوحيد الذي ينبني عليه الأخلاق والآداب
والتشريعات ... وما يعتبر فناً رائعاً عند من يكتب عن الحضارات يعتبر حراماً في
الإسلام.
والواقع أن ابن نبي غير واضح في هذه المسألة، فنراه واعياً لمسألة الشمولية
عندما يعتبر العصر الراشدي هو النموذج دائماً وتعاطفه وتأييده للحركات الإسلامية،
مثل: حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وحركة جمعية العلماء في الجزائر،
وربما يكون ضعفه في العلوم الشرعية هو الذي جعله يقع في أخطاء توحي بعدم
الشمولية، وخاصة في موضوع تطبيق الشريعة الإسلامية.
ومع ذلك فإن طرحه لمشكلة الحضارة بمعناها الواسع هو من الأهمية بمكان،
ولذلك سنمضي معه في وقفته الطويلة عند هذا الموضوع.
إن ارتفاع المسلم إلى مستوى (حضارة) (فيتعلم كيف يعيش في جماعة،
ويدرك في الوقت ذاته الأهمية الرئيسية لشبكة العلاقات الاجتماعية) [12]، ويتعلم
كيف يكون لبنة في (البنيان المرصوص)، هذا الارتفاع لابد منه وهو المطلوب
الآن، بينما نرى في الواقع أن المسلم الذي لا ينقصه الإخلاص لا يستطيع مجابهة
مشاكله وكيف يحلها، لأنه تعلم وأخذ شهادات مدرسية ولكنه لم يتثقف، ولم يتشرب
من بيئته في المنزل والمدرسة كيف يكون فعّالاً، وكيف يقوم بأعمال مشتركة مع
الآخرين، والإسلام عندما رفع العرب إلى مستوى (حضارة) عدّل من طباعهم حتى
تكون وسطاً، ووضعهم بين حدّي الوعد والوعيد، وعدل من غرائز الإنسان ولم
يكبتها (حرّم الزنا وشجع الزواج)؟، وهكذا دخل العربي وغير العربي في حضارة
الإسلام، وأصبحت شخصية المسلم شخصية سوية ليس فيها عُقد نفسية أو اجتماعية،
وعندما عُزل خالد بن الوليد- رضي الله عنه- عن قيادة الجيوش في الشام لم
يُحدث عزله أي مشكلة، ولو حصلت هذه الحادثة بعد بضعة عقود من السنين
لزلزلت الأرض.
والمسلم الذي هو (خارج من حضارة) -كما يعبر مالك بن نبي- يتصرف
بأنانية مفرطة، قد تضخمت عنده (الأنا)؛ فلا يرى إلا نفسه ولا يهتم إلا بمصلحته
الخاصة، ولا يستطيع أن يقوم بعمل تعاوني مع غيره، وإذا ذهبت إلى منزل هذا
المسلم (الطيب) ستجد آثار تضييع المال ودون قصد منه في كثير من الأحيان،
فأولاده يحطمون كل شيء، وبقايا الطعام تتناثر فوق السجاد الفاخر، والأم الجاهلة
تنظر إليهم وكأن شيئاً لم يكن، ولأنه لم يرتب أموره الاقتصادية تذهب أمواله إلى
أصحاب المصانع في الغرب والشرق لتكون عوناً لهم على المسلمين، مع أنه يعلم
أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- نهانا عن (إضاعة المال). وعندما أراد بلد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/407)
كأندونيسيا النهوض باقتصاده استدعى الخبير المشهور (شاخت)، ولكن خطط هذا
الخبير لم تنجح في أندونيسيا ونجحت في ألمانيا الغربية، والسبب هو: أن الشعب
الأندونيسي لم يرق بعد إلى مستوى (حضارة).
وعندما يتم استيراد الأجهزة الحديثة من أفضل ما أنتجته التقنية الغربية لا
يستفاد منها كثيراً في بلادنا، لأنه لا يوجد جو اجتماعي ثقافي يحيط بها ويحفظها،
فالنظم الاستبدادية جعلت العقول العلمية تهاجر إلى الغرب.
هذا ما يقصده مالك بن نبي عندما يبدأ ويعيد في موضوع الحضارة، وأن
المسلم لا يعيش ولا يتنفس الثقافة الملائمة له، وإنما يحمل أمراض بيئته المتخلفة
وهو لا يشعر، ونحن نوافقه من هذا الجانب، ولذلك سنبدأ بعرض بعض المعوقات
التي يراها مانعة من دخول المسلم في (بادرة حضارة) وتعرقل مساعيه للانطلاق
والنهوض:
القابلية للاستعمار:
عندما يستعرض مالك بن نبي التاريخ الإسلامي يقسمه إلى فترات ثلاث:
1 - الفترة الروحية التي دخل المسلمون فيها إلى حضارة إسلامية: وتبدأ
ببداية البعثة النبوية وتنتهي عند معركة صفين، وتتميز هذه الفترة (بأروع صور
الزهد والتقشف التي كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- مثلها الأعلى، كما تتميز
بالتضحية من قبل الصحابة مثل: أبي بكر وعثمان وعمر ... ) [13].
وفي هذه الفترة خضعت كل النوازع للإيمان، وغابت كل الأنانيات
والعصبيات، واندفع المسلم بكل طاقاته وإمكاناته، وكانت شبكة العلاقات
الاجتماعية على أقوى ما يتصوره إنسان، وبلغة علم النفس: فإن الفرد يكون في
أحسن ظروفه ويعيش التوازن الدقيق بين: الروح والعقل، أو بين: الروح والمادة.
2 - الفترة العقلية: وتمثل أوج ازدهارها المدنية الإسلامية كالفترة الأموية
والعباسية الأولى، وفيها تدون العلوم وتتأسس المدينة ويستبحر العمران- كما يعبر
ابن خلدون. (بيد أن العقل لا يملك سيطرة الروح على الغرائز، فتشرع في التمرد
بالتدريج) [14]، وتضعف قليلاً شبكة العلاقات الاجتماعية ولكن المجتمع يستمر
قوياً بالاندفاع الأول؛ حتى يصل لمرحلة تنتهي فيها قوة الاندفاع كمحرك استنفذ
آخر قطرة من وقوده، وتنتهي هذه الفترة بانتهاء عصر دولة الموحدين في المغرب.
3 - مرحلة الغرائز التي تستمر حتى بداية هذا القرن: حيث يحاول العالم
الإسلامي النهوض، وفي هذه الفترة تتغلب الغرائز الفردية والتفكك الاجتماعي،
ويعيش المسلم على هامش التاريخ، والمجتمع مكوَّن من أفراد لا ينقصهم التدين في
كثير من الأحيان ولكنه تدين فردي، فهو يحاول إنقاذ نفسه في الآخرة، ولكن لم
يعد يملك التماسك الاجتماعي وتسخير ما خلق الله له لبناء حضارة، فهم أفراد من
بقايا حضارة يحملون بين جنوبهم ما يسميه مالك بن نبي (القابلية للاستعمار)،
فالمجتمعات الإسلامية المعاصرة لم تُستعمر إلا لوجود هذه القابلية لديها، وقد
يتعرض بلد من البلدان للاحتلال والغزو ولكنه يقاوم، أما الاستعمار فهو صفات
نفسية في المستَعمِر والمستعمَر، فهناك فرق بين الاستعمار والاحتلال، وقد
استعمرت بريطانيا بلداً كبيراً كالهند ولكن إقليماً صغيراً كإيرلندا الشمالية استعصى
عليها، وإن بلداً كاليمن لم يدخله الاستعمار ولكنه مصاب بنفس أمراض العالم
الإسلامي.
وقبل أن نمضي مع مالك بن نبي في تحليله للفترة الثالثة، لابد من إبداء
تحفظ على هذا التقسيم الحاد للتاريخ الإسلامي الذي يبدو فيه أقرب إلى عقلية
المهندس [15] منه إلى عقلية المؤرخ، فتركيزه على صِفِّين جعل حكمه قاسياً على
الفترة التي أعقبتها، بل وقع في أخطاء تاريخية وشرعية، والضعف العلمي الذي
غلب على الأمة الإسلامية إنما هو بعد القرن التاسع وليس بعد الموحدين مباشرة.
وقد عبر ابن خلدون عن هذه الحالة بنبرة الأسى والحزن: (وكأني بالمشرق قد
نزل به ما قد نزل بالمغرب ولكن على مقدار ونسبة عمران، وكأنما لسان السكون
ينادي في العالم بالنوم والخمول فأجاب) [16]، ومجيء دولة قوية كالدولة العثمانية
لم يغير من الناحية الحضارية شيئاً، حتى إذا جاء القرن الثاني عشر الهجري كانت
الأمة الإسلامية في غاية الضعف والتمزق. (وأصبحت دوافع الحياة فاترة، يعبر
عنها قول أحدهم عندما يسأل عن مهمة حياته: (نأكل القوت وننتظر
الموت) [17].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/408)
إن الأمراض الاجتماعية والنفسية التي يركز عليها مالك بن نبي ربما تظهر
لبادي الرأي أنها صغيرة وليست هي مشكلة المسلمين الرئيسية، والجواب على ذلك:
أننا حتى لو اعتبرناها صغيرة ولكنها مهمة جداً لأنها كحبات الرمل التي تستطيع
إيقاف آلة ضخمة.
الشلل الأخلاقي:
إن أخطر مرض أصاب المسلمين هو الانفصام بين النموذج القرآني والتطبيق
العملي، فقد انعدمت الدوافع الآلية التي حركت الرعيل الأول من الصحابة [18].
ويلخِّصها قول الفرزدق الشاعر للحسين بن علي -رضي الله عنه- واصفاً
أهل العراق: (قلوبهم معك وسيوفهم مع بني أمية)، وبدأ ضمير المسلم يتهرب من
الحقائق المنزلة (وحركة الخوارج والمعتزلة مثال على ذلك) [19]، ولكن هذا
المرض ازداد فشواً في مجتمع (ما بعد الموحدين)، فأصبح المسلم نتيجة لغروره لا
يحاسب نفسه، ولا يعترف بأخطائه، وأصبحت المعادلة: (بما أن الإسلام دين
كامل وبما أنه مسلم، فالنتيجة أنه كامل، وبذلك اختلت أي حركة عنده لزيادة الجهد
والتقدم) [20].
ونتيجة لهذا الخلل ضعفت الروابط الاجتماعية: (فعالم الأشخاص لا يتألف
ضمن منهج تربوي، يهتم بالأخلاق) [21]، وهذا التآلف مهم جداً، قال تعالى:
] لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ولَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ [؟
[الأنفال / 63]، ومبدأ المؤاخاة الذي قام بين المهاجرين والأنصار أصبح من
الخطابات السعيدة، والأخوَّة الإسلامية أصبحت كلاماً للزينة وشعور تحجر في
نطاق الأدبيات [22]، وهذا الضعف يقصد به المجتمع ككل ولا يقصد به كل فرد،
فلا يزال في الأمة (كأفراد) خير كثير، ولا يزال الناس في الريف أقرب للفطرة.
عدم الفعالية:
وكان من نتائج هذا الانفصام الأخلاقي: أن المسلم يحمل أفكاراً صحيحة
ولكنه لا يستطيع تطبيقها في دنيا الواقع، كفريسة تعرضت للشلل حتى يسهل
ابتلاعها، لأن البيئة التي تحيط به وتغذيه بثقافتها أصبح مثلها الأعلى هو الزهد
الأعجمي والصوفية أصحاب المرقعات، ولا يتمثلون بعمر بن الخطاب أو بعبد الله
بن المبارك أو الإمام مالك، (والمسلم في هذه الحالة إنما يغالط نفسه، فيهرب إلى
هذه التعلات الصوفية الكاذبة) [23]، وفي المقابل: نجد عند الغربيين أفكاراً قد لا
تثبت أمام النقد الموجه لها ولكنهم استخدموها إلى أقصى ما يستطيعون، مثل: فكرة
(التقدم)، والمسلم يحمل القرآن ولكنه لا يستفيد منه كثيراً في التخطيط لنهضة قادمة،
فعقلية ما بعد الموحدين تشله عن الإبداع، هناك خلل في طريقة تفكيره، فعندما
اكتشف ابن النفيس الدورة الدموية لم يستفد منها المجتمع الإسلامي لأنه لم يكن على
المستوى الثقافي الذي يحيط هذا الاختراع بالرعاية، والمشكلة: (أن مجتمع ما بعد
التحضر يسير إلى الخلف بعد أن انحرف عن طريق حضارته وانقطعت صلته
بها) [24].
أمثلة على هذا الخلل:
1 - ذهان السهولة (مرض السهولة): يميل المسلم في تقويمه للأشياء إما للغلو
فيها أو للحط من قيمتها، ويتمثل هذا في نوعين من الأمراض: فإما أن الأمور
سهلة جداً ولا تحتاج إلى تعب وكد فكر، والحل بسيط، وإما أن الأمور مستحيلة،
وأبرز مثال على مرض (السهولة): قضية فلسطين، فقد قيل: إن إخراج اليهود
سيتحقق بعد أشهر، ولو نفخنا عليهم نفخة واحدة لطاروا، ولكنهم في الحقيقة لم
يطيروا، (وهناك من يظن أنه بخطبة رنانة تحل مشاكل المسلمين، وبعضهم يكره
أن تدعوه إلى تفكير عميق في موضوع ما من الموضوعات لأنه يؤثر السهولة
ويكتفي بتفسير سطحي، وعندما تخطط السياسة طبقاً لمبدأ السهولة فإنها سوف
تجتذب إلى تيارها كثيراً من الناس ذوي النوايا الطيبة، الذين يقدرون الأشياء بناء
على سهولات الحاضر لا على صعوبات المستقبل) [25]
وأيسر طريق لأصحاب السياسات الانتهازية أن يستخدموا كلمات مثل:
الاستعمار والإمبريالية والوطنية؛ للتغرير بالشعوب، هذه الكلمات التي (تليق جداً
لتشحيم المنحدر حتى يكون الانزلاق عليه نحو السهولة ميسوراً جداً) [26].
2 - ذهان الاستحالة: وقد يحدث العكس، فيرى المسلم أن الأمور مستحيلة
ويقف أمامها عاجزاً، وهي في الحقيقة غير مستحيلة ولكن ربما يضخمها عمداً حتى
لا يتعب نفسه في الحل، أو أنه يشعر بضآلة نفسه وصغر همته فيحكم عليها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/409)
بالاستحالة، وقد مرت فترة كانت بعض الشعوب تنظر إلى صعوبة إخراج
المستعمر من بلادها [27]. وقد تجد اليوم بعض المسلمين الذين ينتظرون (معجزة
الرجل الوحيد) كأن يأتي صلاح الدين آخر ليوحد المسلمين من جديد، ويعتقدون
استحالة أية محاولة لاستئناف حياة إسلامية.
3 - طغيان الأشياء: عندما يكون مجتمع ما في حالة نهوض يجب أن يتحقق
الانسجام والتوازن بين هذه العوالم (الأشياء والأشخاص والأفكار)، ولكن الحقيقة أن
النزعة (الكمية) هي المسيطرة، (فلا يسأل المؤلف عن الموضوع الذي تناوله في
بحثه، وإنما يسأل عن عدد صفحات الكتاب، وقد يقع المؤلف نفسه في هذه النزعة
فيفتخر بأنه أخرج كتاباً من كذا صفحة) [28].
وعندما تريد إحدى المصالح الحكومية تجهيز مقرها: تزوده بعدد خيالي من
المكاتب، بحيث يتعذر توفير المكان اللازم لها، والموظف الكبير يجب أن يكون
في غرفته أربعة تلفونات وخمس أجهزة تكييف، ومشكلة التنمية تعالج بزيادة
الضرائب التي تشل جميع أوجه النشاط الفردي، وفي هذه الأجواء يظن الفرد أن
(التكديس) هو الحضارة، فيشتري منتجات الغرب بكميات أكثر مما يحتاج له،
(وإذا كان مجتمع ما قبل التحضر فقيراً في عالم الأشياء، فإن مجتمع ما بعد التحضر
مكتظ بالأشياء ولكنها خالية من الحياة) [29].
-يتبع-
________________________
(1) مالك بن نبي: شروط النهضة / 2 59.
(2) مالك بن نبي: مشكلة الأفكار / 217.
(3) شروط النهضة / 23.
(4) المصدر السابق / 106.
(5) آفاق جزائرية / 38.
(6) مشكلة الأفكار / 49.
(7) آفاق جزائرية / 77.
(8) فكرة الأفروآسيوية / 85.
(9) شروط النهضة / 66.
(10) شروط النهضة / 84.
(11) شروط النهضة / 84.
(12) انظر ما كُتب عن هذا الموضوع في العدد الأول من البيان / 116 12 - ميلاد مجتمع / 88.
(13) مشكلة الأفكار / 53.
(14) فهمي جدعان: أسس التقدم عند مفكري الإسلام / 414.
(15) الذي هو اختصاصه، فقد تخرج عام1935 مهندساً كهربائياً.
(16) مشكلة الأفكار / 43.
(17) تأملات / 40.
(18) مشكلة الأفكار / 214.
(19) وجهة العالم الإسلامي / 114.
(20) المصدر السابق / 77.
(21) مشكلة الثقافة / 60.
(22) وجهة العالم الإسلامي / 46.
(23) آفاق جزائرية / 23.
(24) مشكلة الأفكار / 43.
(25) الصراع الفكري في البلاد المستعمرة / 27.
(26) المصدر السابق / 27.
(27) وجهة العالم الإسلامي / 80.
(28) مشكلة الأفكار /102.
(29) مشكلة الأفكار / 44.
((مجلة البيان ـ العدد [15] صـ 30 ربيع الآخر 1409 ـ ديسمبر 1988))
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[10 - 11 - 04, 09:40 م]ـ
نقد
قراءة في فكر مالك بن نبي
-3 -
محمد العبدة
يرى مالك بن نبي أن من عوائق النهضة الحديثة الأمراض الاجتماعية
والفكرية التي أصابت المسلمين نتيجة عهود الضعف والانحطاط، وقد ذكرنا في
نهاية المقال السابق أمثلة على ذلك، ونتابع في هذا العدد بإذن الله آراء هذا المفكر
في تشخيص الداء.
طغيان عالم الأشخاص:
عندما يتعلق الناس بالأشخاص أكثر من تعلقهم بالمبدأ أو الفكرة فإنهم يرون أن
إنقاذهم من الحالة التي هم عليها بـ (البطل القادم) الذي ينتظرونه دون أن يقوموا
بجهد يذكر. فالخلاص لا يتم بتجمع أناس على مبدأ يدافعون عنه، ويتفانون فيه،
ويتقنون فن التعاون؛ بل بالرجل الذي يجمعهم ويوحدهم، وقد يطول انتظارهم وهم
يمنون أنفسهم بالأماني، وهكذا نسمع الخطباء لا يفتأون يذكرون (أين صلاح الدين)
أو (قم يا صلاح الدين)، فهم يريدون (صلاحاً) آخر ينقذهم، ولاشك إن (إجلال
رجل القدر) مثل إجلال (الشيء الوحيد) مرض منتشر في أرجاء العالم الإسلامي،
وهو أحياناً السبب في إفلاس فادح لسياسات عديدة [1] وقد لا يكون هناك رجل
القدر ولكن (رجل النحس) الذي نلقى عليه كل ضعفنا وفشلنا، وبدلاً من أن نتدبر
الأحداث، ونبحث بطريقة أعمق عن الأسباب الحقيقية لفشلنا يمكن بكل سهولة أن
نلصق التهمة بـ (رجل النحس). فعندما وقع انفصال سورية عن مصر عام
1961 قالوا: إن السبب هو رجل النحس (حيدر الكزبري) ولكن من الواضح أن
الانقلاب كان لابد واقعا في وجود الكزبري أو في غيابه، فجيم عوامل التشجيع
على هذا الانفصال كانت متوفرة، سواء من الأخطاء التي وقعت أو من عدم توفر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/410)
فكرة مضادة للانفصال [2]. وقد تتجسد الأفكار بأشخاص ليسوا أهلا لحملها
فتحسب كل أخطائهم وانحرافاتهم على المجتمع الإسلامي أو على الإسلام، وقد
تتجسد بأشخاص يحملونها ولكن إذا ماتوا انتهت هذه الأفكار بموتهم، أو فتر حماس
الأتباع، لقد مارس العالم الإسلامي، دور البطولة في كفاحه ضد الاستعمار عندما
بزغ في سمائه أبطال مثل عبد الكريم الخطابي، وعمر المختار، وعز الدين القسام ..
ولكن مشكلة المسلمين الأساسية لم تحل (لأن من طبيعة هذا الدور أنه لا يلتفت
إلى حل المشاكل التي مهدت للاستعمار وتغلغله داخل البلاد) [3] ولا يعني هذا
إنكار دور هؤلاء الأبطال، أو التقليل من شأنهم، ولكنها العودة إلى الأصل وهو
إنشاء تيار إسلامي قوي يتعلق بالمبدأ ويقوم بالجهد الجماعي، ولذلك جاءت الآية
القرآنية حاسمة في هذا الموضوع، إن الواجب على المسلمين قيادة الدعوة وحمل
الرسالة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم:] ومَا مُحَمَّدٌ إلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ
مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ [[آل عمران: 1144].
يركز مالك بن نبي في أكثر كتبه على هذا المرض، ويطالب المسلمين،
والشباب بشكل خاص، بأن يتحول للارتباط بالمنهج لا بشخص معين، لأن هذا
الشخص مثل الرأس الذي يقود عربات القطار، فإذا انحرف انحرف القطار كله،
وهذا الذي يثيره الأستاذ مالك صحيح بشكل عام ولكنه بالغ في تهميش دور
الأشخاص مع أنهم هم الذين يحملون الفكرة ويجسدونها عملياً حتى يقتنع الناس بها،
وكلامه فيه شيء من التجريد والمثالية، وهذا الإسلام، وهو حق صريح، إذا لم
يحمله أشخاص يتمثلونه ويثرونه بين الناس فلا ينتشر إلا قليلاً.
طغيان الأفكار:
إذا كان هناك طغيان في عالم الأشياء وعالم الأشخاص، فقد يصل الأمر إلى
طغيان في عالم الأفكار، فعندما يكون المجتمع في حالة مضطربة، فلا هر بداية
دخول الحضارة، ولا هو خارج تماماً عن الحضارة، في هذه الحالة قد يفقد المتعلم
تكيفه مع الوسط الاجتماعي، أو لا يستطيع أن يقوم بعمل مثمر يرضي ضميره،
عندئذ يلجأ إلى البحث في الأفكار المجردة النظرية التي لا تأخذ طريقها إلى التطبيق،
وبدل أن يتكلم عن معاناة الناس ومشاكلهم والتخطيط لمجتمع أفضل فهو يتكلم عن
الماضي الذي ليس له صلة بالحاضر، أو يفتعل معارك وهمية ليكون هو أحد
أبطالها، وتدفع المطابع كل يوم عشرات الكتب التي لا تمس الواقع المعاش بل هي
هروب مفتعل من الواقع، وقد تطغى الأمور النظرية على مدرس في الجامعة
فيتحدث عن تركيب الأدوية وعن النباتات ويجهد نفسه في وصف بعض النباتات
بدلاً من أن يمد يده من النافذة ويقطف واحدة منها ليقدمها إلى الطلبة حية نابضة،
ولكنه مع الأسف يبحث عنها في الكتاب، فهو كل شئ بالنسبة له [4].
وتد بملغ الخلل في عالم الأفكار، إلى درجة أن يعرقل المبادرات والجهود،
وهو ما يسميه مالك بن نبي (الأفكار الميتة) (فالبديهيات في التاريخ، كثيراً ما قامت
بدور سلبي كعوامل تعطيل مثل بديهية: الأرض مسطحة، فإنها حالت دون
اكتشاف أمريكا قروناً طويلة) [5]، والبوصلة التي ساعدت كولومبس على اكتشاف
أمريكا هي من اختراع المسلمين!، وقد كان من حكم الطب القديم أن الحرارة مثلاً
دواؤها الرطوبة ولا بأس بهذه الحكمة ما لم تكن قيداً يقيد الفكر فلو استسلم الطب
لحكمة كهذه مع صلاحيتها في بعض الظروف لما وجد (باستور) طريقاً لاكتشاف
العلاج النافع لداء (الكلب) مثلاً [6].
و لا شك أن هناك كثيراً من الأفكار خذلت أصحابها لأنها لا تحمل أصولاً
صحيحة، فكم أهدر من الوقت في جدل ومناقشات، وكم سودت من صفحات مبنية
على أحاديث موضوعة أو ضعيفة، وكم عاش المسلمون متأثرين بأفكار الصوفية
التي تدعو إلى البطالة والزهد غير المشروع حيث كان مثلهم الأعلى (المجاذيب).
الحق والواجب:
يميل الفرد بطبيعته إلى نيل حقه، وقد ينفر من القيام بواجبه، والأمة التي
تصاب بمرض (السهولة) وعاشت قروناً من التخلف، فإن من أهون الأشياء عليها
التي لا تكلفها كثيراً هو المطالبة بالحقوق، ونسيان الواجبات، فهي تشبه الكائن
(الأميبى) المتبطل، حتى إذا رأى فريسة هينة ابرز إليها ما يشبه اليد ليقنصها، ثم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/411)
يهضمها في هدوء وبقى هذا ا الكائن يأكل من حاجاته المتواضعة حتى إذا جاء
الاستعمار لم يدع له شيئاً فتحرك ضميره (أي معدته) فمد يده إلى فريسة وهمية
أطلق عليها لفظة (الحق) [7].
وكان هذا منشأ سياسة الدجل التي مارسها من يتقن هذه الأدوار، وللمطالبة
بالحقوق إغراء شديد فهي كالسم لا يجذب الذباب ويجتذب الانتفاعيين، بينما كلمة
الواجب لا تجتذب غير (النافعين) [8]، وعندما يستغلها الزعماء المهرجون لتجميع
الغوغاء من الشعب ويلعبون بمفتاح (الحقوق) فسيكون من الصعب أن يستخدموا
مفتاح الواجبات وتتحول الأمة إلى استجداء حقوقها من الأمم المتحدة ومجلس الأمن
والرأي العام العالمي ولكن ما من مجيب، لأن هذه الأصنام ما نصبت إلا لتخدير
الشعوب وتعليمها لغة الاستجداء.
وعلى الصعيد السياسي فإن كلمة الواجب توحد وتؤلف بينما كلمة الحق تفرق
وتمزق، وهكذا ما خرجت دولة من دول العالم الثالث من ربقة الاستعمار إلا
وتناحرت أحزابها على المطالبة بحق اقتسام الغنيمة، بدلاً من أن يتكلموا عن
الواجبات، وهذا ما حصل في الجزائر، واليمن الجنوبي، ونيجريا،
والكونغو … [9].
ومن الأمثلة التي ترويها ذاكرة الأستاذ مالك بن نبي حول هذا الموضوع:
(شاهدت خلال بعض المواقف السياسية في الجزائر جيلاً من السياسيين يقفون من
قضية مهمة بالنسبة للشعب الجزائري وهي قضية الأمية، يقفون منها موقفاً جديراً
بالملاحظة، فقد كتب هؤلاء السياسيون المقالات الطويلة لشرح هذا المرض
الاجتماعي الخطير، موضحين نتائجه المنكرة في حياة الفرد، وهم في هذا كله
يهاجمون الاستعمار في خطب ملتهبة بالحماس متقدة بالوطنية، وهكذا يستمرون في
خطبهم ومقالاتهم حتى تتقطع أنفاسهم عن الكلام، وتمر الأعوام تلو الأعوام
والمشكلة لا تجد في مجهوداتهم حلها، ذلك أنهم لم يدخلوا إلى المشكلة من طريق
حلها، لقد أصدرت الحكومة الفرنسية عام 1940 قوانين استثنائية قاسية حول
تنظيم التعليم في مختلف مراحله بالنسبة للطائفة اليهودية (مسايرة لألمانية الهتلرية)
وشعرت الطائفة بأن أطفالها قد أصبحوا مهددين بالأمية غير أنها لم تكتب مقالة
واحدة تستنكر هذا الإجراء، ولم يلق واحد منها محاضرة عن هذا الأمر، وإنما
اجتمعت النخبة فيها ودرست المشكلة لكي تحدد موقفها منها، وحددت موقفها بأن
يتطوع كل ذي علم بقدر ما عنده من العلم، وهكذا أصبح كل بيت من بيوت
المتعلمين مدرسة في ساعات معينة، ولا نستطيع أن نبرر هذا بتفوق اليهود المادي
أو العلمي لأننا لا نستطيع أن نفترض أن الدكتور أو الصيدلي أو المحامى اليهودي
أغزر علماً من زميله الجزائري، فالاختلاف هو في الموقف الاجتماعي إزاء مشكلة
معينة) [10].
مثال آخر يتذكره ابن نبي وهو يحلل هذه المشكلة: (وبدلا من أن تكون البلاد
(الجزائر) ورشة للعمل المثمر والقيام بالواجبات فإنها أصبحت منذ سنة1936 ,
سوقاً للانتخابات، وصارت كل منضدة في المقاهي منبرا تلقى منه الخطب
الانتخابية، وهكذا تحول الشعب إلى جماعة من المستمعين يصفقون لكل خطيب،
أو قطيع انتخابي يقاد إلى صناديق الاقتراع، وفى هذا اختلاس أي اختلاس للعقول
التي أشرفت على قطف ثمار نهضتها) [11].
وهذا المرض لا يزال مسيطراً على العقول، فكثيراً ما نسمع في قرية من
القرى أو حي من الأحياء المطالبة بحقهم في فتح طريق أو تنظيف شارع أو فتح
مدرسة، وكان بوسعهم أن يتعاونوا لإنجاز مثل هذا العمل. وكان الرسول صلى الله
عليه وسلم يعلم الناس القيام بالواجب عندما أعطى الذي جاء يطلب صدقة حبلا
وفأسا وأمره أن يحتطب ولا يتكفف أيدي الناس [12].
العقلية الذرية:
يقصد بهذا المصطلح أن بعض الناس (ينظر إلى الأحداث والوقائع مجزأة
منفصلة فردية، كأنما في مجموعها لا تكون حلقة من التاريخ وإنما كوماً من
الأحداث) [13].
وهذه العقلية موجودة في أوساط المسلمين بسبب بعدهم عن (الفعل الحضاري)
وبسبب التكوين الاجتماعي الذي ورثناه، ومن مظاهرها (أن جهودنا في كل مجال
لا تتسمم بالجهد المتواصل ولكن بالمحاولات المتتابعة، فما أن يبدأ نشاط ما حتى
يذهب فجأة كأنه وثبة برغوث أو كأنه مركب على صورة الخط المنقط الذي يمر من
نقطة إلى أخرى دون أن يصور شيئاً، ولنعتبر على سبيل المثال كم منذ نهاية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/412)
الحرب ظهرت مجلة في بلادنا ثم اختفت بنفس السرعة) [14].
ومن مظاهر هذه العقلية (العجز عن أن نعقد صلات بين الأفكار وعن
أن نعطي لمناقشة مشكلة ما حركة متصلة مطردة لا يحجل فيها الفكر من نقطة
إلى نقطة، بل يطرد دائماً من مقدمة إلى نتيجة) [15] (وإذا كان من الممكن
تجزئة المشكلة لتجزئة حلولها (فكل الطرق تؤدي إلى روما) ولكن الطريق عبر
المنهج هو أطول الطرق بلا شك، إن طريق الحضارة لا يمكن خطه بإقامة
مدرسة هنا ومصنع هناك وسدٍّ هنالك، أو بوضع سلة معدنية في جانب هذا
الشارع حيث لا أحد يفكر في إلقاء المهملات) [16].
ولو أننا تعودنا الربط والتعميم وتتبع الجزئيات من الكليات لما استغربنا تشابه
المشكلات الخارجية التي يواجهها العالم الإسلامي، فالعالم الذي نواجهه (الاستعمار)
لا تأتى فيه الأشياء عفواً وإنما كنتائج لخطط محكمة، فعندما تفشل بعثة علمية في
بلاد الغرب أو أحد أفراد هذه البعثة نفاجأ: كيف حصل هذا؟ [17].
ولو تتبعنا بعض الظواهر المحيرة في العالم الإسلامي لوجدنا أن المحرك لها
واحد، ولكن عقلية تجزئ الأشياء تجعلنا لا نشعر بالقاسم المشترك فيما بينها.
إن هذا النزوع نحو تجزئة مشكلة الحياة إلى ذرة ذرة، وهذا العجز عن
التعميم ليس من خواص الفكر المسلم كما يحاول أن يؤكده المستشرق الإنكليزي
(جب) (بل هو طراز للعقل الإنساني بعامة عندما يقصر عن بلوغ درجة معينة من
النضج، وإن التراث الثقافي الخطير الذي خلفته الحضارة الإسلامية يظل شاهدا
على ما كان يتصف به الفكر الإسلامي في عصوره الذهبية بالإحساس (بالقانون)
وهو يستلزم القدرة على التركيب، وأصول الفقه الإسلامي أكبر دليل على
ذلك) [18].
التعالم والحرفية في الثقافة:
عانت مجتمعاتنا في عصور الضعف مشكلة (الأمية) والجهل ولكنها عندما
حاولت النهوض أصيبت بمرض مستعص وهو (التعالم) أو الحرفية في التعلم وحمل
اللافتات العلمية (وإذا كنا ندرك بسهولة كيف نداوي المريض الأول، فإن مداواتنا
للمريض الثاني لا سبيل إليها لأن عقل هذا المريض لم يقتن العلم ليصيّره ضميرا
فعّالاً، بل ليجعله آلة للعيش، وسلماً يصعد به إلى (الوظيفة)، وهكذا يصبح العلم
عملة زائفة غير قابلة للصرف، وإن هذا النوع من الجهل لأدهى وأمر من الجهل
المطلق، فالجاهل هنا لا يقوّم الأشياء بمعانيها، ولا يفهم الكلمات بمراميها، وإنما
بحسب حروفها، وكلمة (لا) تساوي عنده (نعم) لو احتمل أن حروف الكلمتين
متساوية.
وكلام هذا المتعالم ليس (كتهتهة) الصبي فيها براءة وإنما (تهتهة) يتمثل فيها
شيخوخة وداء عضال، فهو الصبي المزمن) [19].
لقد تحولت اللافتات العلمية زينة تتصدر المجالس، وألقاباً للتفاخر ذلك أن
نزعة المديح والألقاب قد أسرتنا منذ عهود الانحطاط، فألقاب مؤلف أي كتاب لابد
أن تملأ نصف الصفحة الأولى على الأقل، فهو العالم العلامة والحبر الفهامة ...
ونظرة إلى الصحف الآن التي تعيش على المدح تكفى لنعلم كم نعيش تحت
أسر الكلمات الطنانة التي ليس لها معنى، وإنما هو الغرام الأحمق بمجرد الكلام،
(وفى هذا ضرر كبير على كيان الأمة لأنها تفقد حاسة تقدير الأمور على وجهها
الصحيح) [20]، ويصبح المثل الأعلى من هو أقدر على الكلام ولو لم يكن له أي
دور اجتماعي (وقضية الجهل لا تعالج بمجرد وضع البرامج التعليمية، بل يجب
أن يكون أولاً عملية تصفية نفسية، وبكلمة واحدة أن يكون التعليم بناء الشخصية
الجديدة) [21].
هذه نماذج لبعض الأمراض التي تعيق النهضة كما يراها مالك بن نبي، ولم
نتعهد الاستقصاء، وقد يقال هنا: كيف لا يذكر أصل الداء وهو بعد الناس عن فهم
العقيدة الإسلامية الصافية، عن فهم التوحيد كما جاءت به الرسل عليهم السلام،
وللجواب على هذا نقول:
إن مالك بن نبي كمفكر يهتم بشؤون النهضة والإصلاح ويشخص الأمراض
الاجتماعية التي أصابت العالم الإسلامي والتي تعيقه عن النهوض، فقد يكون المسلم
صاحب فهم سليم ولكن فيه هذه الأمراض، فهو يعالج هنا كالطبيب المتخصص.
2 - كان مالك بفطرته يعلم أن الرجوع إلى منهج خير القرون هو الصواب،
ولذلك انتقد منهج المدرسة الإصلاحية في إحيائها (لعلم الكلام) يقول منتقداً الشيخ
محمد عبده الذي (ظن كما ظن فيما بعد الدكتور محمد إقبال أن من الضروري
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/413)
إصلاح علم الكلام بوضع فلسفة جديدة حتى يمكن تغيير النفس، بيد أن كلمة (علم
الكلام) ستصبح قدراً مسلطاً على حركة الإصلاح الذي حاد بها جزئيا عن
الطريق) [22].
(وعلم الكلام يمجد الجدال ويشوه المشكلة الإسلامية، ويفسد طبيعتها، حيث
يغير المبدأ السلفي في عقول المصلحين أنفسهم) [23].
3 - إن مالكًا كغيره من المفكرين وكثير من المسلمين يظنون أن العقيدة هي
الإيمان بالله ولا يفرقون بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، فقد يؤمن الإنسان
بوجود الله، ولكنه يعرض عن عبادته والخضوع لشرعه، والرسل دعت الأمم
لعبادة الله وحده، يوضح تصوره هذا قوله: (والمسلم - حتى ما بعد الموحدين -
لم يتخل مطلقا عن عقيدته، فلقد كان مؤمنا، ولكن عقيدته تجردت عن فاعليتها،
وإن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم على وجود الله بقدر ما هي أن نشعره
بوجوده ونملأ به نفسه) [24]. إن ضعفه في العلوم الشرعية جعله لا يتبين أهمية
فهم التوحيد فهما صحيحاً، وأن الخلط في هذا الموضوع هو أس البلاء.
________________________
(1) مالك بن نبي، مشكلة الأفكار /104.
(2) المصدر السابق /104.
(3) شروط النهضة /23.
(4) مشكلة الأفكار /106.
(5) تأملات /189.
(6) المصدر السابق /191.
(7) وجهة العالم الإسلامي /131.
(8) بين الرشاد والتيه /129.
(9) بين الرشاد والتيه /29.
(10) تأملات /140.
(11) شروط النهضة /48.
(12) معنى لحديث متفق عليه.
(13) الصراع الفكري /53.
(14) في مهب المعركة /154، 194.
(15) فكرة الأفرو آسيوية /79.
(16) المصدر السابق /80.
(17) الصراع الفكري /34.
(18) وجهة العالم الإسلامي /15.
(19) شروط النهضة /127.
(20) وجهة العالم الإسلامي /52.
(21) تأملات /191.
(22) وجه العالم الإسلامي /47.
(23) المصدر السابق /49.
(24) المصدر السابق /48.
((مجلة البيان ـ العدد [16] صـ 28 جمادى الآخرة 1409 ـ فبراير 1989))
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[10 - 11 - 04, 09:41 م]ـ
نقد
قراءة في فكر مالك بن نبي
-4 -
محمد العبدة
كان تشخيص أمراض العالم الإسلامي عند مالك بن نبي مقدمة للبحث عن
العلاج، أو للبحث عن أسس النهضة، وكيف تبدأ؟ ومن أين تبدأ؟ إن بلداً مثل
اليابان بدأ نهضته في منتصف القرن التاسع عشر [1] وهي نفس الفترة التي بدأ
الحديث فيها عن النهضة في العالم الإسلامي، فلماذا كان هذا البطء في (الإقلاع)؟.
السبب برأى مالك بن نبي هو عدم وجود منهج واضح للإصلاح ولا نظرية
محددة للأهداف والوسائل وتخطيط للمراحل. (فإذا حللت جهود المصلح الإسلامي
وجدنا فيها حسن النية، ولكنا لانجد فيها رائحة منهج) [2] (وليس هناك تحليل
منهجي للمرض وليس إلا أن عرف المريض مرضه فاشتد في الجري نحو الصيدلي
-أي صيدلي- يأخذ من آلاف الزجاجات ليواجه آلاف الآلام) [3] (وواقعنا الآن
إما فكرة لا تتحقق أو عمل لا يتصل بجهد فكري) [4].
لا شك أن هذا الكلام حول (المنهج) صحيح ودقيق، فليس هناك دراسات
عميقة وتحليلية لأمراض المسلمين، وما هي الحلول والمقترحات وما هو المهم
والأهم، وكل الدراسات تأخذ جانباً من الجوانب تركز عليه والحل الأحادي هو
الغالب، وأعمال كثير من المؤلفين كانت تبريراً ودفاعاً أمام الهجوم الغربي
الاستشراقي على الإسلام [5]، وليست أعمالاً فيها تخطيط للحاضر والمستقبل،
غابت المؤتمرات التي تخرج بنتائج فعلية واقعية وكثرت تلك التي توصي بوصايا
لا تخرج عن دائرة الورق التي كتبت عليه.
والذين كتبوا في أوائل النهضة كتابات جيدة مثل الشيخ رشيد رضا لم يستفد
منها كثيراً ولم تنقح ويؤخذ الايجابي منها، ويبنى عليه، وكذلك الذين جاءوا من
بعده لم يكن هناك خطة علمية لدراسة أقوالهم وآرائهم، وكأنما كل من يأتي يريد
البدء من الصفر، بل نستطيع القول: إن كثيراً من الأخطاء التي وقعت سواء في
مجال الدعوة أو غيرها انما كانت بسبب غياب المنهج أو عدم الالتزام بمنهج.
وإذا كنا لا نملك الوضوح من الناحية النظرية فضلاً عن وجود منهج تطبيقي
عملي فهذا لا يعني عدم وجود المنهج، فالقرآن الكريم والسنة أوجدا المناخ المناسب
لأن يستنبط العلماء منهج أهل السنة في النظر والاستدلال وطرق الحياة التي يريدها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/414)
القرآن [6]، فعندما يقول سبحانه:] ولاتَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ [نجد الصحابة
يفهمون هذا التوجيه ويلتزمون به، فأمير المؤمنين عمر بن الخطاب لا يعلم معنى
كلمة] وَاباً [من آية] وفَاكِهَةً وأَباً [فلا يتكلف الجواب ولا يحاول التعالم، بل
يرى أنه من التكلف معرفة كل شيء، وأبو بكر -رضي الله عنه- يقوم بعمل علمي
طبقاً لمنهج، عندما أعطى تعليمات مشددة لزيد بن ثابت، الذي كلفه بجمع القرآن،
وكذلك عثمان بن عفان يشكل لجنة لجمع الناس على مصحف واحد [7].
وفهم الكتاب والسنة هو الذي جعل الإمام مالك والأوزاعي وأمثالهما يكرهون
الجدل والخصومات في الدين ويركزون على العمل، وقد وضح هذا المنهج بشكل
نظري في كتابات ابن تيمية وخاصة كتابه العظيم (درء تعارض العقل والنقل) وكان
بالإمكان بناء نهضة علمية عملية لو أخذ المسلمون بهذا المنهج، ولكنهم مع الأسف
غرقوا في الجدل وعلم الكلام فأبعدوا عن مجالات القيادة.
والجدل أسهل من البحث والاستقراء والخروج بنتائج في شتى مجالات العلوم.
وإذا كان للمنهج هذه الأهمية (فإن نجاحه مرتبط بتناول المشكلة من جانبيها معاً
(الاستعمار والقابلية للاستعمار)، فإذا نظرنا إلى جانب دون الآخر فقد غامرنا برؤية
مشكلة مزيفة) [8].
لذلك وقبل أن ننتقل إلى موضوع (إقلاع) العالم الإسلامي باتجاه بناء حضارة
لابد أن نعرض وجهة نظر مالك بن نبي في الاستعمار الذي هو الجانب الخارجي
من المشكلة، أو الجانب السلبي لنكون على وعي تام بما يدبر لإعاقة النهضة
الإسلامية.
الاستعمار والصراع الفكري:
إن عرض مشكلة الاستعمار يبدو أكثر أهمية إذا علمنا أنه ركز هجومه على
العالم الإسلامي، بينما كان أقل شراسة ولؤماً مع الشعوب الأخرى، وحاول
إجهاض أي عمل إسلامي مثمر، واستخدم أخبث الوسائل ومنها الوسائل الفكرية.
ومالك بن نبي وإن كان ممن لا يعلقون أخطاء وتقصير المسلمين على شجب
(الاستعمار) وحده بل يهتم بالعوامل الداخلية، ويرى أنها الأساس في البحث
والتحليل، إلا أنه خبير بخفايا هذا الاستعمار ومواقفه من قضايا المسلمين، لذلك
جاءت ملاحظاته وتعليقاته على هذا الجانب فيها عمق ومعاناة، فقد قرأ الكثير
وعانى الكثير من استعمار فرنسا للجزائر، وهو يرى أننا إذا أردنا أن نتقصى
الحركة الاستعمارية من أصولها فلا بد أن ننظر إليها كعلماء اجتماع لا كرجال
سياسة [9]، فظاهرة الاستعمار من طبيعة الرجل الأوربي، فكلما وقع اتصال بين
الأوربي وغير الأوربي خارج إطار أوربا فهناك (موقف استعماري) [10] بينما نجد
في عصر ازدهار الحضارة الإسلامية أن رحلات ابن بطوطة وأبو الفداء
والمسعودي لم تثر شهيتهم للاستعمار. ورحلات مثل هذه تثير شهية الأوربي، إن
تحليل (منوني) الكاتب المتخصص بنفسية الاستعمار، يقول:» إن الأوربي يحب
عالم دون بشر «ولو قال منوني إن الأوربي يحب عالم دون شهود على جريمته
لكان هوالصواب [11].
وحتى بعض الأفراد الغربيين الذين يشاركون في المعركة ضد الاستعمار إنما
يشاركون مادامت في النطاق السياسي، وسرعان ما ينعزل عنها حينما تأخذ طابع
الصراع الفكري، فالرجل المستعمَر لا يحق له الدخول في الميدان الفكري «[12].
وفي ميدان الصراع الفكرى وخاصة مع الشباب المسلم الذي يدرس في الغرب
نرى الاستعمار يستخدم بخبث منطق الفعالية وخلاصته: (بما أننا نحن المسيطرون
ونحن الأقوى إذن فأفكارنا صحيحة).
(ويعتبر هذا اللبس المفروش في أعماق نفسية هذا الشباب هو
النواة التي تدور حولها جميع دسائس الصراع الفكرى ومناوراته) [12]. وقد يرفع
الاستعمار أمام أعين المستعمرين شعاراً صحيحاً وهو يعلم أن المستعمرَ سيرفضه
لأن الذي رفعه عدو، وبهذا يكون قد صرفه عن عمل إيجابي قد يفكر فيه في
المستقبل.
يروي مالك بن نبي تجربة من تجاربه فيقول:» انعقد في باريس مؤتمر
العمال الجزائريين بأوربا، وبهذه المناسبة تقرر من لدن المشرفين على المؤتمر
توزيع كتيب لصاحب هذا العرض تناول فيه مشكلة من مشاكلنا اليوم، ولكن
أصحاب الاختصاص في الصراع الفكري لم يفتهم أن يسدوا الطريق على الأفكار
المعروضة، ولذا وجهت الدعوة إلى السيدة الألمانية التي كتبت (شمس الله تشرق
على الغرب) وفيه مدح وتمجيد للحضارة الإسلامية، وتقدمت السيدة وقدمت كتابها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/415)
للمؤتمر، فانتقل على الفور بروحه من مجال المشكلات إلى أبهة وأمجاد الماضي
الخلاب «[13].
ومن وسائله الماكرة، التي لا يزال يتقن استعمالها رميه للمسلم بشتى
الاتهامات، بل يحاول الإيحاء بأن المسلم منبوذ القرن العشرين، وفي هذه الحالة
يصبح سلوك المسلم ردود أفعال، وترفع عنده توتر طاقات الدفاع حتى يكون في
حالة توتر شاذة، ويعيش إما مُتهِماً أو مُتَهماً، وفي هذه الظروف فإن مختبرات
الاستعمار تصرف كل إمكانيات المسلم إلى معارك وهمية، يُسمع فيها قعقعة السلاح
ودوي الحرب ولكنها معارك مع أشباح، والمسلم يظن أنه انتصر ويرتاح نفسياً،
والتاريخ الإسلامي الحديث لا يخلو من هذه المعارك الوهمية كتلك التي خاضها
الأفغاني ومحمد عبده ضد أرنست رينان وجبرايل هنوتو، والمشكلة ليست في
الدفاع عن الإسلام ولكن في تعليم المسلمين كيفية الدفاع عن أنفسهم [14].
لقد تدخل الاستعمار في كل شيء حتى لا يترك فرصة لأي بعث إسلامي،
فكانت الإدارة الفرنسية في الجزائر هي التي تعين المفتي والإمام لا طبقاً لمشيئة
جماعة المسلمين بل تبعاً لهوى المستعمرين، وبذلك تجمع في يدها أنفذ وسائل
الإفساد، فاختيار رجل يؤم الناس في المسجد لا يكون بناء على تميزه بضمير حي
أو علم بأصول العقيدة، بل يراعى في ذلك ما يقدمه للإدارة من خدمات، حتى كأنه
(جاويش) صلاة، ولا شك أن هذا التحكم في شعائر الدين مما يقض مضاجع
أصحاب العقائد من المؤمنين لما يرون من أحداث غاية في الفساد: إمام جاسوس،
ومفت فاسد، وقاض مرتش، وغاية الاستعمار أن يجعل من الإسلام صورة عجيبة،
وبذلك يكدس العقبات والعوائق على طريق النهضة الإسلامية) [15].
دور الاستشراق:
كان للمستشرقين دور بارز في محاولة تشويه وتزييف التاريخ الإسلامي
والطعن في الإسلام نفسه، ولكن مالك بن نبي يركز على ناحية معينة في إنتاجهم
كان لها أثر نفسي سيء في أذهان المسلمين. فبعض المستشرقين خلطوا في كلامهم
بين المدح للإسلام وبين وضع السم في الدسم، هذا المدح جعل بعض المسلمين
يستسلمون لنزعة الفخر والعيش مخدرين على أمجاد الماضي، وكل من أراد الدفاع
عن الإسلام استشهد بكلام لأحد المستشرقين، (وهكذا يتبين لنا أن الإنتاج
الاستشراقي بكلا نوعيه (المادحون والمفندون) كان شراً على المجتمع
الإسلامي) [16] (وعندما يعلن الاستشراق أنه لا نصيب للعرب في تشييد صرح
العلوم، ربما يؤدى بنا هذا الموقف المتطرف إلى تلافيه بسطحية نشاهد أثرها في
إنتاج بعض المفسرين مثل طنطاوي جوهري) [17] وهو التفسير الذي حول القرآن
إلى مادة للعلوم، والقرآن يوجد المناخ العقلي والنفسي للروح العلمية وليس هو كتاب
جغرافيا أو فلك أو أحياء ..
وأخيراً لابد أن نعلم أن المكر السيء يحيط بأهله (فالاستعمار الذي يهلك
المستعمَرين مادياً يهلك أصحابه أخلاقياً، وذلك ما يشهد به تاريخ أسبانيا منذ
اكتشاف أمريكا) [18] (إن الأمم الاستعمارية على الرغم من إدراكها لأخطار
الاستعمار، تعمى عن هذه الأخطار كأن هنالك قدراً محتوماً يقضي على يقظتها
ووعيها) [19].
ويجب أن نعلم أيضاً أنه رغم كل هذه العوائق، استطاع المسلم التفلت من
الأنشوطة التي أراد الاستعمار عقدها حول عنقه، فما زالت فطرته وإسلامه يعطيانه
القوة والدافع لتلمس الطريق الصحيح.
ما هي نقطة البدء؟ ...
الإقلاع:
الإيمان العميق بالمبدأ الذي يعتنقه المسلم هو نقطة البدء، هذا الإيمان الذي
يعطيه قوة فوق قوته، واحتمالاً فوق احتماله، فيتغلب على المصاعب التي
تعترضه، ويتحول هذا الإيمان إلى عاطفة قوية جارفة (فالروح وحدها هي التي
تتيح للإنسانية أن تنهض وتتقدم، فحيثما فقدت الروح سقطت الحضارة وانحطت
لأن من يفقد القدرة على الصعود لا يملك إلا أن يهوي بتأثير الجاذبية الأرضية) [20]
(فأينما توقف إشعاع الروح يخمد إشعاع العقل، ويفقد الإنسان تعطشه
إلى الفهم وإرادته للعمل عندما يفقد الهمة وقوة الإيمان، فالإيمان هو المنبع
الوحيد للطاقة الإنسانية [21] والمسلم الذي يصل إلى درجة (التوتر الروحي)
يشعر بالسعادة الغامرة عندما يبني أول مسجد في المدينة ويحمل (لَبنِتَيْن) بدلاً عن
واحدة) وفي هذه الحالة الروحية صبر بلال - رضي الله عنه - ولم تستطع قوة في
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/416)
الأرض أن تخفض إصبعه وهو يقول: (أحد، أحد) [22].
هذا الإيمان يصنع المعجزات، عندما تختفي الأنانيات ويشترك الجميع عن
طواعية في بناء حضارة، وفي المجتمع الإسلامي الأول كان المنافقون وحدهم
يتخلفون عن أي عمل فيه تعب أو نصب، وكل الكتب والمحاضرات والخطب لا
تكفي لإنشاء أمة لا ترتفع إيمانياً وأخلاقياً إلى درجة عالية، كما جاء في الحديث
عن جندب بن عبد الله قال:» تعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن ثم تعلمنا القرآن
فازددنا به إيماناً «[23].
والقرآن الكريم وضع ضمير المسلم بين حدين هما: الوعد والوعيد، ومعنى
ذلك أنه قد وضعه في أنسب الظروف وهذان الحدان ينطبقان على مفهوم الآيتين
الكريمتين:
أ-] فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إلاَّ القَوْمُ الخَاسِرُونَ [.
ب-] إنَّهُ لا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إلاَّ القَوْمُ الكَافِرُونَ [.
وبين هذين الحدين تقف القوة الروحية متناسبة مع الجهد الفعال الذي يبذله
مجتمع طبقاً لأوامر رسالة [24].
يقول الدكتور (الكسس كاريل) معبراً عن هذه الحقيقة: (فالأمل والإيمان
والحمية تؤثر في الجسم تأثير البخار في العجلة المحركة) [25] (وإذا نجحت
إحدى الأفكار في تغيير سلوك البشر فذلك لأنها تنطوي على عناصر عاطفية إلى
جانب العناصر المنطقية، إن الإيمان هو الذي يدفع الإنسان إلى العمل وليس العقل،
والذكاء يكتفي بإنارة الطريق ولكنه لا يدفعنا إلى الأمام) [26].
هذه الطاقة الإيمانية جعلت الفرد المسلم في عصر النبوة يقسم ثروته مع أخيه
الذي هاجر إليه، فالمؤاخاة التي تمت بين المهاجرين والأنصار هي أول عمل
تاريخي يقوم به المجتمع ساعة ميلاده، ولولا قوة شبكة العلاقات الاجتماعية لما
استطاع المجتمع الإسلامي الإقلاع باتجاه حضارة، وفي حالة تمزق هذه العلاقات قد
توجد العوالم الثلاثة (الأفكار، والأشخاص، والأشياء) ولكنها لا تغني شيئاً، وقد
يكون هناك مسلمون متحمسون وهناك أفكار ولكن الشبكة ليست قوية.
إن قصة المؤاخاة ليست خيالية، ولا هي أقرب للخيال، فالإسلام دين واقعي،
وليس صعباً أن يحقق المسلمون شيئاً من هذه (المؤاخاة)، والآن توجد (إخوة
إسلامية) خطابية وعظية ولكن لا يوجد (مؤاخاة) عملية فعلية، من هنا المنطلق،
ومن هنا البداية.
(يتبع)
________________________
(1) لاشك أن هذه نهضة صناعية، وليست نهضة حضارية بالمعنى الشامل، ولكن لو أن اليابانيين
طالبوا بنقل مفاسد حضارة الغرب وسلبياتهم كما يطالب المستغربون عندنا لما نجحوا في بناء هذا
المجد الاقتصادي، لقد حافظوا على نوع من التقاليد وأخلاق صارمة في التعامل حتى استطاعوا
إقامة هذه النهضة.
(2) الأفرو آسيوية / 78.
(3) شروط النهضة /59.
(4) وجهة العالم الإسلامي /75.
(5) آفاق حد الرية / 46.
(6) إنتاج المستشرقين / 28.
(7) إنتاج المستشرقين / 33.
(8) وجهة العالم الإسلامي /86.
(9) وجهة العالم الإسلامي /85.
(10) في مهب المعركة / 16.
(11) في مهب المعركة / 28.
(12) الصراع الفكري في البلاد المستعمرة / 9.
(13) مشكلة الأفكار / 140.
(14) إنتاج المستشرقين / 16.
(15) الصراع الفكري / 6768.
(16) إنتاج المستشرقين / 25.
(17) إنتاج المستشرقين / 25.
(18) وجهة العالم الإسلامي / 113.
(19) وجهة العالم الإسلامي / 113.
(20) المصدر نفسه / 26.
(21) المصدر السابق/27، وقد يستغرب القارئ ويقول: كيف نجمع بين كلامك في نهاية المقال
السابق عن أن توحيد الإلهية لم يكن واضحاً تماماً عند مالك وبين كلامه عن الإيمان وأثره ومهاجمته
لعلم الكلام، وقد نبهني أحد الأصدقاء إلى أن ظاهر كلامه لا يدل على هذا، مع قناعته بوجهة نظري
، فذكرت له أنني استنتجت هذا الكلام من مجموع قراءاتي لكتبه، كما أنه في النية كتابة مقال مستقل
عن بعض أخطائه ومنها هذا الموضوع، وسأوضح الدليل على ذلك إن شاء الله، وقد يزول الإشكال
إذا عرفنا أنه يتكلم هنا عن بناء الحضارات بشكل عام، فالمسلم عنده طاقة روحية وغير المسلم عنده
هذه الطاقة في بدء دورة الحضارة كما يذكر في أكثر كتبه.
(22) ميلاد مجتمع / 21.
(23) صحيح سنن ابن ماجه، بتحقيق الألباني 1/ 16.
(24) ميلاد مجتمع / 21.
(25) تأملات في سلوك الإنسان / 84.
(26) المصدر نفسه / 139.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/417)
((مجلة البيان ـ العدد [17] صـ 39 شعبان 1409 ـ مارس 1989))
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[10 - 11 - 04, 09:42 م]ـ
نقد
قراءة في فكر مالك بن نبي
- 5 -
محمد العبدة
الإقلاع باتجاه حضارة:
التوتر الروحي، أو الإيمان العميق بالمبدأ الذي يعتنقه الإنسان، والاندفاع فيه
والحماس له حتى يأخذ عليه مجامع نفسه ويملك عليه قلبه، هو بداية الإقلاع عند
مالك بن نبي كما ذكرنا في نهاية المقال السابق، فلكي نبني حضارة، أو نعيد دورة
الحضارة لابد أن نصل إلى هذا المستوى من الاندفاع في تطبيق الإسلام ..
يجب أن تعود شبكة العلاقات الاجتماعية لتربط العوالم الثلاثة (الأشخاص،
والأفكار، والأشياء) والمقصود بشبكة العلاقات هو القدرة على التعاون والتنسيق
بين هذه العوالم الثلاثة واستخدام الأفكار والأشياء في محلها -المطلوب منها،
والأخلاق العالية التي في ظلها يستطيع المجتمع إنتاج حضارته، والمؤاخاة الحقيقية
هي إحدى الدعائم الرئيسية للإقلاع، فالطاقة الروحية التي دفعت سعد بن عبادة لأن
يقول: (يا رسول الله خذ من أموالنا ما شئت، وما أخذته منها أحب إلينا مما تركت)
هي التي جعلت الصحابة يحفرون الخندق حول المدينة بأدوات بسيطة، وبأيام
قليلة، وهي التي كانت وراء اعتراف المرأة الغامدية، وهي تعلم أن عقوبة
اعترافها هو الرجم بالحجارة، وعندما تاب الله على الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة
تبوك فرح المجتمع الإسلامي بأسره، فهو مجتمع متماسك وشبكة العلاقات فيه قوية.
هذه الطاقة ضرورية للبدء، لأن المسلم الآن قد لا يؤثر بالوسط المحيط به
بقدر ما يتأثر هو بهذا الوسط [1].
في المجتمع الإسلامي الأول كانت شبكة العلاقات الاجتماعية على أعلى
المستويات، وعندما أفل نجم هذا المجتمع في القرون المتأخرة كان مجتمعاً مليئاً
بالأفكار (الكتب والمكتبات) ومليئاً بالأشياء، ولكنها لم تغن شيئاً لأن شبكة العلاقات
كانت قد تمزقت وأصبح عالم الأشخاص عاجزاً عن أي نشاط مشترك، وهذا هو
الذي أشار إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما قال: (يوشك الأمم أن
تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال:
بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل) [2].
كيف نعيد الفاعلية للمسلم؟ كيف نؤلف بين العوالم الثلاثة (الأشخاص
والأفكار والأشياء) بانسجام وتوازن؟ كيف نعالج أكبر مرض يصيب العلاقات
الاجتماعية ألا وهو مرض حب الذات أو تضخم (الأنا) عند الفرد؟.
- لا تعود الفاعلية للمسلم إلا بعودة ذلك الاندفاع في سبيل إقامة المجتمع
الإسلامي والدولة الإسلامية، ووضع طاقات الفرد في أحسن حالاتها، وفي أقصى
توترها، وهذا معنى قوله تعالى] يَا يَحْيَى خُذِ الكِتَابَ بِقُوَّةٍ [، وأحسن حالاتها أن
توضع الطاقات بين حَدَّي الوعد والوعيد، بين الخوف والرجاء، فلا يأس من روح
الله، ولا أمن من مكر الله، وأن تتناسب مع التحدي المفروض عليها فلا هو أكبر
منها فتشعر باليأس، ولا هو أصغر منها فتتساهل وتسترخي ولا تقوم بالجهد
المطلوب.
جاء الإسلام فوضع طاقات العرب في موضعها المناسب، فالكرم والشجاعة
في الجاهلية كانا للفخر والاعتزاز، فوضعهما الإسلام في سبيل مبدأ، في سبيل الله،
فالبطولة أصبحت مبرراتها في عالم الآخرة ولم تعد تدور حول (الأنا) [3].
إن المجتمع لا يتكون من (كومة) أفراد، بل بعلاقات معينة بين هؤلاء الأفراد،
وإذا أخذنا نموذجا من عالم الحيوان فسنجد أنه كلما تعقدت المصلحة كلما كانت
الفاعلية أكثر، هناك حيوان يعيش بمفرده، بعيدا عن نظام الأسرة، ونشاطه يسد
فقط حاجات بيولوجية بسيطة، فإذا نظرنا بعد ذلك إلى حيوان يعيش في مستوى
أعلى من هذا، فإننا نرى العش الذي يبنيه الطير يعطي صورة للنشاط الاجتماعي
في مستوى أرقى، ولكنه دون مستوى الحيوان الذي يعيش في نظام أوسع نطاقاً من
الأسرة كالنحل، فإنتاجه هنا يتسم بالفاعلية في صورتين: مادية ومعنوية، فمن
الناحية الأولى نرى أن نشاط النحل ينتج أكثر من حاجات سربه، ومن الناحية
المعنوية نرى أن هذا الإنتاج يفرض على خليته حياة منظمة خاضعة لقوانين معينة،
نجد في هذا المجتمع البسيط ظاهرة تقسيم العمل، وقد تزيد مهامها على عشرة
أنواع من العمل [4].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/418)
إن الفرد في المجتمع الإسلامي، وبسبب ضعف العلاقات الاجتماعية لا تقدم
له الضمانات والمبررات التي تجعله يقدم أقص طاقاته، وكيف يقدمها وهو يرى
الأنانية والتنافس البغيض، وقلة التشجيع، والأهم من ذلك هو عدم وجود الخبرة
الكافية في العلاقات والانعكاسات التي تنظم استخدام الطاقة الحيوية في مستوى الفرد
وفي مستوى المجتمع [5] إن الذي يخطط للنهوض بالمجتمع الإسلامي يجب أن
يكون لديه أفكار. جد واضحة عن هذه الأمور، كما أن عليه أن يكون خالياً من
العقد البيروقراطية التي تنتاب الموظف، ومن أخلاق المغرمين بتملق الرأي العام [6]
فعملية بناء كيان اجتماعي ليس بالأمر السهل، لأن العقد النفسية كما يؤكد العالم
الأمريكي (مورينو) هي في العلاقة بين الأفراد فيما بينهم وليس داخل الفرد كما
يقول (فرويد) [7] وكل علاقة فاسدة بين الأفراد. تولد فيما بينهم عقدا كفيلة بأن
تحبط أعمالهم الجماعية [8] فالذين يستطيعون ربط العوالم الثلاثة في توافق واتزان
هم الذين يستطيعون تحريك القوى جميعاً في حركة دائمة الصعود، وهذا بطبيعة
الحال لا يأتي إلا عن صف وصفه الله سبحانه وتعالى بأنه] كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ
مَّرْصُوصٌ [[9].
توجيه الثقافة:
في هذه المرحلة المهمة من البناء يرى مالك بن نبي أنه لابد من توجيه أمور
ثلاثة:
1 - الثقافة.
2 - العمل.
3 - رأس المال.
فالانتقال من حالة الجمود إلى الحركة باتجاه حضارة لا يحتمل التجارب
الفاشلة، والمسلم بسبب عقدة تخلفه يظن أن تخلفه يتمثل في نقص ما لديه من
(أشياء) ولا يرده إلى الأفكار [10] بينما الحقيقة أن النشاط يصاب بالشلل عندما
يدير ظهره للفكرة، كما أن الفكرة تصاب بالشلل إذا ما انحرفت عن النشاط،
ونحن لا نستطيع بصفة عامة أن نعتبر عدد الكتب التي تخرجها المطبعة في عام
دليلا على الصحة العقلية في بلد معين، فلا بد من برنامج لتوجيه الثقافة [11].
يعرف مالك بن نبي فكرة (التوجيه) فيقول: (قوة في الأساس وتوافق في
السير، ووحدة في الهدف، فكم من طاقات وقوى لم تستخدم لأننا لا نعرف كيف
نكتلها، وكم من طاقات وقوى ضاعت فلم تحقق هدفها، حين زحمتها قوى أخرى
فالتوجيه هو تجنب الإسراف في الجهد وفي الوقت، فهناك ملايين السواعد العاملة
والعقول المفكرة في البلاد الإسلامية صالحة لأن تستخدم في كل وقت، والمهم هو
أن ندبر هذا الجهاز الهائل في أحسن الظروف الزمنية [12]
توجيه الثقافة:
الثقافة مصطلح حديث النشأة وهي مرادفة لكلمة ( Culture) الإنكليزية،
ويستخدمها كثير من الناس بمعنى (العلم) ولكن مدلولها أوسع من العلم، وقد عرفها
مالك بن نبي بأنها (مجموعة من الصفات الخلقية والقيم الاجتماعية التي تؤثر في
الفرد منذ ولادته وتصبح لا شعورياً العلاقة التي تربط سلوكه بأسلوب الحياة في
الوسط الذي ولد فيه) [13] فهي المحيط الذي يشكل فيه الفرد طباعه وشخصيته،
وهي المحيط الذي يعكس حضارة معينه، والتعلم جزء من الثقافة، وعندما يصبح
الهدف هو الحصول على شهادات فنحن بإزاء مرض اسمه (التعالم) ونحن قد نجد
رجلا يحمل شهادات عالية ولكن ليس عنده فعالية وقدرة على حل المشكلات، بينما
نجد رجلا آخر مثله في بلد آخر عنده هذه القدرة بسبب الثقافة التي تلقاها منذ صغره،
فالثقافة نظرية في السلوك أكثر من أن تكون نظرية في المعرفة، هذه الثقافة كيف
نوجهها؟ كيف نركبها من أجزائها حتى تؤتي ثمارها؟ الشرط الأول لتحقيق
مشروع ثقافي هو الصلة بين الأشخاص، وهاهو القرآن يعطينا! فكرة عن أهمية
هذه الصلة] لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ولَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ
بَيْنَهُمْ [فأساس كل ثقافة هو بالضرورة (تركيب) و (تأليف) لعالم الأشخاص طبقا
لمنهج تربوي، أي أننا نريد للثقافة أن تكون وظيفة، لبناء جيل مسلم تقوم على
أكتافه الحضارة الإسلامية (فالتعليم الفرنسي في الجزائر لم يمنح الجيل الجزائري
الفعالية لأن الثقافة لا تشكل على مقاعد الدراسة، واكن ضمن مجموع الإطار
الاجتماعي الثقافي الذي يحيط بالفرد، والمدرسة عامل مساعد من عوامل الثقافة،
ولكننا نخطئ في تقدير وظيفتها عندما نعتقد أن في إمكانها أن تحل مشكلة الثقافة
وحدها) [14].
العناصر اللازمة للثقافة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/419)
في مجال توجيه الثقافة لابد من التحديد السلبي أو تصفية أسباب التدهور
والانحطاط، ثم يأتي بعد ذلك التحديد الإيجابي، وإذا كانت عملية التصفية قد قام
بها البعض أو أنه من السهل القيام بها، فإن التحديد الإيجابي لعوامل الثقافة هو
المهم، والعناصر التي يؤكد عليها مالك بن نبي هي:
1 - عنصر الأخلاق لتكوين الصلات الاجتماعية.
2 - عنصر الجمال لتكوين الذوق العام.
3 - منطق عملي لتحديد أشكال النشاط العام.
4 - التقنية أو (الصناعة) حسب تعبير ابن خلدون.
أولاً - توجيه الأخلاق:
ونعنى بالأخلاق: قوة التماسك اللازمة للأفراد، هذه القوة التي استطاعت
بناء المجتمع الإسلامي الأول، حتى كان الرجل يعرض على أخيه المناصفة في كل
شيء، وبعض هذه الأخلاق كانت من أسباب بناء المدنية الغربية، والشباب اليوم
ينظرون إلى هذه المدنية في يومها الحالي ويضربون صفحاً عن أمسها الغابر ينسون
أنه لولا صلات اجتماعية خاصة ما قامت هذه الصناعات ولما قام هذا العلم، ونظرة
إلى جامعة من جامعاتهم ترينا أن أساسها كان دينياً قامت به جمعية خيرية دينية،
بل إن كلمة دين عندهم ( Religion) تعني في أصلها اللاتيني الربط والجمع [15].
ثانيا -المنطق العملي:
إن الذي ينقص المسلم ليس منطق الفكرة أو العقل المجرد، فهذا متوفر فهي
بلادنا، ولكن ينقصه منطق، العمل والحركة، كيف يصرف المسلم وقته؟ كيف
ينفق أمواله؟ كيف يستغل علمه؟ مع الأسف إن جزءاً كبيراً من حياتنا يذهب عبثا،
فالمسلم أحيانا لا يفكر ليعمل بل ليقول كلاماً مجرداً، بل اكثر من ذلك، فهو
أحيانا يبغض الذين يفكرون تفكيراً مؤثراً، ولننظر إلى الأم التي تربى ولدها فهي
إما أن تبلده بمعاملة وحشية، وإما أن ترخي له العنان وتتميع معه، إن الوهن
والسخف يطبعان منطق قولها [16].
ثالثا: الذوق الجمالي:
إذا كان المبدأ الأخلاقي يقرر الاتجاه العام للمجتمع بتحديد الدوافع والغايات،
فإن ذوق الجمال هو الذي يصوغ صورته، وهو شيء مطلوب فوق الضروريات
والحاجيات، وعندما ذكر الله سبحانه وتعالى خلق النجوم وغاياتها ذكر منها (الزينة)
] ولَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ [وكذلك عندما ذكر
خلق الحيوانات] ولَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وحِينَ تَسْرَحُونَ [وقد ورد في
الحديث» إن الله جميل يحب الجمال «وذلك في معرض رد الرسول -صلى الله
عليه وسلم- على الصحابي الذي سأله عن اللباس الحسن والنعل الحسن هل هذا من
الكبر فالذوق الرفيع من العناصر الإيجابية في الثقافة، فالتناسب والتناسق في
الأشكال والأشياء يعطي للإنسان راحة نفسية، والمنظر القبيح المتنافر لا يوحي
بأي خيال جميل، وقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أزهد الناس ولكنه
كان ينفر من ألوان معينة، ويشجع الناس على النظافة والاهتمام بالمظهر الحسن
وخاصة في المساجد وأيام الجمع والأعياد.
إن تربية الذوق الحسن في الأمة هو جزء من ثقافتها ومؤشر على درجة
ثقافتها.
رابعاً - الصناعة أو (التقنية):
عرَّف ابن خلدون الصناعة بأنها: ملكة في أمر عملي فكري [17] وهذا
تعريف دقيق لما يسمى الآن (التقنية) فهي تحتاج إلى العلم والممارسة اليدوية حتى
ترسخ مع الزمن وتصبح (ملكة) كما عبر عنها ابن خلدون، وهذه الصناعة لا تكون
إلا في مجتمع متحضر، لأن المجتمع البدائي يحتاج إلى أمور بسيطة لا تحتاج
لتقنية، فوجودها يدل على درجة التحضر والعلم، فلابد أن يكون في المسلمين فئة
تتقن هذه (الصناعة) وتبدع فيها مما يناسب الإسلام والحضارة الإسلامية، وتبتعد
عن شرور سيطرة (الآلة) على الإنسان، وهذا يحتاج لمجلس للتوجيه الفني ليحل
نظرياً وعملياً المشكلة الخطيرة للتربية المهنية تبعاً لحاجات البلاد [18].
وإن الإمكانيات في البلاد الإسلامية لتسمح بتكوين القيادات التي تشرف على
طريقة تنفيذ هذه (التقنية) وأن تخضع لثقافة المسلم وذوقه المتميز. هذه العناصر
التي يرى الأستاذ مالك بن نبي أنها من مكونات الثقافة وأنها تحتاج لتوجيه معين
لاشك أنها تصلح لكل مجموعة بشرية أو لكل أمة تبحث عن ثقافتها الخاصة، وكأن
مالك استلهم هذا التحديد من علماء الاجتماع والحضارات في أوربا، وكان الأولى
أن يذكر زيادة على هذا العناصر الخاصة بالثقافة الإسلامية، إن عنصر الأخلاق
مثلاً أو الذوق الجمالي يتبعان عقيدة المسلم وتصوراته الخاصة، فهل يقال للمسلم
يجب أن يكون عندك ذوق في الموسيقى أو النظر إلى فن التصوير؟! لاشك أن
للمسلم خصوصياته في هذا المجال ...
** يتبع **
________________________
(1) مالك بن نبي: ميلاد مجتمع/105.
(2) سنن أبي داود 4/ 111.
(3) تأملات/38.
(4) المصدر السابق/32.
(5) ميلاد مجتمع /72.
(6) المصدر السابق /107.
(7) المصدر السابق /41.
(8) ميلاد مجتمع/42.
(9) المصدر السابق/70.
(10) مشكلة الثقافة/71.
(11) المصدر السابق/67.
(12) شروط النهضة/117.
(13) مشكلة الثقافة/71.
(14) آفاق جزائرية/99.
(15) شروط النهضة/134.
(16) السابق/147.
(17) مقدمة ابن خلدون 2/ 935.
(18) شروط النهضة/149.
((مجلة البيان ـ العدد [19] صـ 34 ذو الحجة 1409 ـ يوليو 1989))
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/420)
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[10 - 11 - 04, 09:43 م]ـ
نقد
قراءة في فكر مالك بن نبي
-6 -
محمد العبدة
ذكرنا في الحلقة السابقة رأي مالك بن نبي في الثقافة وكيف توجه، ونتابع في
هذه الحلقة رأيه في توجيه العمل ورأس المال، والخطوط العريضة للإقلاع
الاقتصادي.
أهمية الاقتصاد:
لم يعد الاقتصاد في العصر الحديث من الأمور الثانوية، وما كان كذلك في
القديم، ولكن العصر الحديث زاده أهمية وزادت مشاكله حدة بسبب التقارب
الجغرافي، وظهور مذاهب الرأسمالية والاشتراكية التي جعلته من المحاور الرئيسية
في حياتها، وبسبب جشع الغرب ومحاولته إبقاء دول العالم الثالث مستهلكة لإنتاجه
(فأوربا التي تكتلت في القرن الحادي عشر من أجل الزحف الصليبي وتكتلت في
القرن التاسع عشر في الميثاق الاستعماري، تعود اليوم إلى تكتل جديد في صورة
(السوق المشتركة) في الظاهر من أجل الصمود في وجه الاقتصاد الأمريكي
والياباني وفي الواقع من أجل الزحف الاقتصادي على مناطق الحضور الأوربي
سابقاً (العالم الثالث والإسلامي بوجه خاص) لترسي فيها دعائم وجود أوربي جديد
بوسائل الاقتصاد) [1].
وليس هذا موضع تفصيل نظرة الإسلام إلى الاقتصاد ولكن الذي لاشك فيه أن
دولة أو أمة تعيش على فتات الموائد والإعانات من القمح والدقيق والقروض من
البنك الدولي، كيف يتسنى لها الاستقلال السياسي، وكيف تبقى بعيدة عن ضغوط
الشرق والغرب.
كان الطلب على الحاجات قليلاً في الماضي، ولم تقع الشعوب الإسلامية
فريسة\ الاستهلاك، وبسبب التخطيط الاقتصادي الفاشل صار الفلاح ينتظر لقمة
العيش من أمريكا، وقد كان في السابق مكتفياً هو وأسرته في مزرعته وأرضه
(فالعالم الإسلامي يواجه اليوم (حالة إنقاذ) تفرض عليه أن يتخذ قرارات صارمة في
المجال الاقتصادي) [2].
ونحن لا نضخم من دور الاقتصاد، ولكن ألم يكن كبار الصحابة تجاراً
ومزارعين، ولابد من إعمار الدنيا بالقدر الذي لا تنخرم فيه أمور الدين أو أمور
الآخرة، وكيف يكون المسلم عزيزاً إذا كان جل اعتماده على الكفار.
الاقتصاد اليوم أصبح علماً قائماً بذاته، والظروف الحالية تتطلب تخطيطاً
اقتصادياً يناسب حاجات وموارد بلادنا، وإذا كان الغرب يسخر الاقتصاد للرفاهية
والاستغلال، فلماذا لا يسخره المسلمون للاستقلال ونشر الدعوة والجهاد.
الإقلاع الاقتصادي:
ولأهمية هذا الموضوع كان السؤال المتبادر: كيف ينهض المسلمون
اقتصادياً؟ وكيف يكون لهم اقتصاد مستقل؟ فالعالم من حولهم في سباق رهيب،
المنتجون في الشمال على محور (واشنطن - طوكيو) يريدون بقاء العالم الآخر
(محور: طنجة - جاكرتا) المحطة الرئيسية للاستهلاك، (والمسلم في أول هذا
القرن لاهو بالمنتج الذي يرعى حقه، ولا المستهلك الذي ترعى حاجته، لقد كان
أداة عمل مستمر فقط، ولم يتكون لديه وعي اقتصادي ولا تجربة في عالم اقتصاد
غريب عليه بكل مفاهيمه) [3].
وعندما حاول العالم الإسلامي النهوض تعثرت خطواته كثيراً، وفشلت
التجارب التي لم تأت عن دراسة لواقع المسلمين الثقافي، بل أخذت من الشرق أو
الغرب كأنها (وصفات) جاهزة لتطبيقها في أرض غير أرضها، قامت صناعات
قبل أن توفر الغذاء للعامل في المصنع، واستقدموا الخبير الألماني (شاخت) ليطبق
نظرياته في أندونيسيا، ولكنه فشل لأن تجربته كانت مع الشعب الألماني وليس مع
الشعب الأندونيسي.
ومن الناحية النظرية، وعندما يكتب المسلمون عن الاقتصاد يبدو تأثير
النظريات الغربية، فهم يحاولون دائماً إثبات أنه يمكن أن تقوم بنوك دون ربا،
واستثمار دون ربا فكأن قضية المال هي الأساس الأقوى في الاقتصاد، ولا
يعرجون كثيراً على موضوع الإنسان الاجتماعي (فالمعنى الاقتصادي لم يظفر في
ضمير العالم الإسلامي بنفس النمو الذي ظفر به في الغرب) [4] أو لا يعرجون
على العمل وأهميته (فالعمل وحده هو الذي يخط مصير الأشياء في
الإطار الاجتماعي) [5] (وعندما كان المسلمون الأول يشيدون مسجدهم الأول
بالمدينة، كان هذا أول ساحة للعمل صنعت فيها الحضارة الإسلامية) [6].
وفي مجتمع ناشئ (فإن كلمة أجر تفقد معناها، لأن العامل لا
علاقة له بصاحب عمل ولكن بجماعة يشاطرها بؤسها ونعماها، فإعطاء ثلاثة
حروف من الأبجدية عمل، وإزالة الأذى عن الطريق عمل، وغرس شجرة عمل،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/421)
واستغلال أوقات فراغنا في مساعدة الآخرين عمل ... وهكذا) [7] ..
توجيه رأس المال:
يفرق مالك بن نبي بين مصطلحي الثروة ورأس المال، فالأول يستخدمه
الفرد في ميدانه الخاص مثل عقاره أو قطيعه أو ورشته (فالثروة لا تسعى لغايتها
كقوة مالية مستقلة، بينما رأس المال ينفصل عن صاحبه ويتسع مجاله ليخلق حركة
ونشاطاً، ويوظف الأيدي أينما حل وحيثما ارتحل) [8] فالثروة مال ساكن، ورأس
المال مال متحرك، والمطلوب من المسلمين توجيه المال في خدمة الاقتصاد
الإسلامي (فالقضية ليست في تكديس الثروة ولكن في تحريك المال
وتنشيطه، بتوجيه أموال الأمة البسيطة إلى رأس مال متحرك ينشط الفكر
والعمل) [9] وقد نتج عن عدم توجيه (المال) أن (زاد أغنياء المسلمين على فقرائهم
في العطل برغم ما يملكون من ثروات، فكثير منهم لا يهتمون بتولي طفل مسلم
لتربيته تربية علمية) [10] (والأموال تنفق في توافه الأشياء وتترك
المشاريع ذات النفع العام كالمدارس والمستشفيات إنها مشكلة توجيه رأس المال،
إنها مشكلة نفسية وليست مالية) [11].
ومع هذه الدعوة إلى توجيه رأس المال إلا أن مالك يحذر الدول (من اختيار
مبدأ التنمية الرأسمالية لأنها تكون كما لو قررت مبدئياً أن تضع عملها من أجل
النهوض الاقتصادي في سجن المؤسسات المالية العالمية) [12] بل يرى أن
المشكلة ليست في المال ولكن في تعبئة الطاقات الاجتماعية، والرصيد الأساسي هو
الإنسان، (لو سمح لى أن ألخص وجهة نظر عبّرت عنها منذ ربع قرن لقلت أنه
ليس من الضروري (ولا من الممكن) أن يكون لمجتمع فقير المليارات من الذهب
كي ينهض، وإنما ينهض بالرصيد الذي لا تستطيع الأيام أن تنقص من قيمته شيئاً،
الرصيد الذي وضعته العناية الإلهية بين يديه: الإنسان والتراب والوقت) [13] (إن
الاقتصاد ليس قضية إنشاء بنك وتشييد مصنع فحسب، بل هو قبل ذلك تشييد
الإنسان، وإنشاء سلوكه الجديد أمام كل المشكلات) [14].
وبمثل رأي مالك هذا قال ابن خلدون في مقدمته: (الكسب هو قيمة الأعمال
البشرية، والله سبحانه خلق جميع ما في العالم للإنسان، وامتن به عليه في غير ما
آية من كتابه] وسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَوَاتِ ومَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ [وسخر لكم
الأنعام، ويد الإنسان مبسوطة على العالم) [15].
الزراعة والصناعة:
إن ظروف العالم الإسلامي تقتضي عندما يريد النهضة الاقتصادية أن يبدأ
بالزراعة، فهي الأساس، وهي التي تمده ببعض المواد الخام، وهي التي تحميه
من الضغوط الاستعمارية، هذا هو رأي مالك بن نبي الذي يكرره كثيراً في كتبه،
يقول:
(والأرض هي الوسيلة المأمونة - كما يقول اليوم الاقتصاديون الذين
يدرسون مشاكل العالم الثالث - لضمان (إقلاع) مجتمع ما من مرحلة أولية إلى
مرحلة ثانوية) [16] (ولكي يصل الاقتصاد إلى مرحلة التصنيع فليس له ما يعتمد
عليه سوى الزراعة من ناحية والمواد الأولية (الخام) من ناحية أخرى، وهذان هما
ثديا الاقتصاد الإسلامي على العموم) [17].
وتجربة الجزائر هي أكبر مثال على ذلك حين اهتم بالصناعة وأهمل
الزراعة، ووجد الشعب والعمال أن المواد الضرورية للغذاء غير موجودة.
لاشك أن وجهة نظر مالك بن نبي صحيحة بشكل عام، ولا أظنه يعني أنه
لابد من استكمال الزراعة حتى نبدأ بالصناعة، ولكن الزراعة هي الأساس، وهذا
شيء طبيعي بالنسبة للعالم الإسلامي، فضعفه في الزراعة ومحاولة الانتفاش أنه
صناعي جعلته يستجدي أخيراً المواد الغذائية من الغرب.
لم يقدم مالك بن نبي هنا نظرية متكاملة في الاقتصاد، بل إشارات وخطوط
عريضة فقط، بل نستطيع القول أنه بسط الأشياء أحياناً، وهي أكثر تعقيداً وخاصة
في ظروفنا الحالية. كما أنه وبسبب (السذاجة السياسية) وقع في غلطة كبيرة عندما
ظن أن ما قام به قادة انقلاب (23) يوليو في مصر مما سمي ب (الإصلاح
الزراعي) سيكون خطوة كبيرة في طريق الإصلاح الاقتصادي، إن ما قام به هؤلاء
لا يعدو أن يكون ارتجالاً وتشنجات نفسية ضد الإقطاع وليس نابعاً عن خطة
مدروسة فضلاً عن أن تكون خطة إسلامية، وقد خرجت مصر بعد ذهابهم أضعف
اقتصاداً مما كانت عليه يوم جاؤوا، ولكن مالك الذي عاش في الغرب يفرح بأي
خطوة يخطوها أهل المشرق مما يظن أنه من الإصلاح.
لم يعش مالك حتى يرى انهيار المجتمعات الاشتراكية، سواء في الشرق أو
في البلاد العربية، وانهيار الاقتصاد المزيف، وطبعاً لا تغني الوصفات من
الرأسمالية فالأمل هو في المجتمعات الإسلامية التي (تعيد إلى عالم الاقتصاد
أخلاقيته، ويتلافى بذلك الانحرافات الإباحية التي تورطت فيها الرأسمالية، كما
ينجو من ورطة الماركسية المادية التي سلبت الإنسان ما يميزه عن الآلات
والأشياء) [18].
________________________
(1) مالك بن نبي: المسلم في عالم الاقتصاد / 102.
(2) المصدر السابق / 99.
(3) المسلم في عالم الاقتصاد / 7.
(4) المصدر السابق / 16.
(5) شروط النهضة / 162.
(6) المصدر السابق / 162.
(7) شروط النهضة / 163.
(8) المصدر السابق / 167.
(9) المصدر السابق / 172.
(10) وجهة العالم الإسلامي / 81.
(11) المصدر السابق / 83.
(12) المسلم في عالم الاقتصاد / 72.
(13) مالك بن نبي الرشاد والتيه / 60.
(14) المسلم في عالم الاقتصاد / 73.
(15) المقدمة 2/ 905.
(16) مشكلة الأفكار / 40.
(17) المسلم في عالم الاقتصاد / 24.
(18) المسلم في عالم الاقتصاد / 85.
((مجلة البيان ـ العدد [21] صـ 26 صفر 1410 ـ سبتمبر 1989))
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/422)
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[10 - 11 - 04, 09:45 م]ـ
قراءة في فكر مالك بن نبي
- الحلقة الأخيرة -
محمد العبدة
بعد الحلقة الأخيرة في قراءة فكر مالك بن نبي كانت النية متجهة للكتابة عن
بعض أخطائه ضمن الكتابة عن المدرسة التي تأثرت به، وفي مكان آخر غير
صفحات هذه المجلة، ولكن بعض القراء أشاروا وطلبوا أن تكون الكتابة عن مالك
في المجلة حتى تتضح الصورة، وتظهر الإيجابيات والسلبيات كي تقع الفائدة
المرجوة وتتجنب الأخطاء، واستجابة لهذا سأكتب عن الأخطاء ضمن المنهج
الصحيح في الجرح والتعديل؛ وهو أنه إذا غلب على الرجل الخير فالأولى تقديم
إيجابياته والتغاضي عن سلبياته أو ذكرها مجملة ما أمكن ذلك، وما أردت في
المقالات السابقة إلا عرض خلاصة أفكاره عن أمراض العالم الإسلامي وشروط
النهضة، وهي أفكار تستحق الدراسة والتأمل، ونتمنى أن يستفيد منه المسلمون في
كل مكان. فقد أصاب فيها المحز، ووضع الإصبع على الجرح، ورغم مرور
سنين على طرحها، لكن مشكلة المسلمين لا زالت كما حللها وكتب عنها.
إن الأخطاء التي سنتكلم عنها ليست أخطاء عادية مما يقع لكل كاتب، فكان
لابد من ذكرها والتنبيه عليها.
النظرة السطحية للأحداث والشخصيات:
كان مالك بن نبي عميقاً في فهم غور الاستعمار وأساليبه الخفية للتسلط على
العالم الإسلامي، وعميقاً في معالجة (القابلية للاستعمار) عند المسلمين، ولكنه في
عالم الواقع والسياسة فيه سذاجة أو طفولة سياسية، وهذا ليس غريباً فقديماً تعجب
الإمام ابن الجوزي من شخصية أبى حامد الغزالي، كيف يجمع بين الفقه والذكاء
من جهة، وبين الصوفية وحكايات العجائب والخرافات من جهة أخرى.
أ - أعجب مالك بثورة 23 يوليو في مصر، ومدحها ووضع آماله فيها من
ناحية الإصلاح الزراعي والصناعة، وإنشاء وزارة الثقافة والإرشاد، والحياد
الإيجابي، وكل الدجل والشعارات التي أطلقها مهرج هذه الثورة.
فثورة يوليو 1952 عند مالك (من أهم الحوادث بالنسبة للصراع الفكري،
وكان لهذا الحدث تأثير شرارة كهربائية انطلقت في وعي البلاد العربية والعالم
الإسلامي) [1] (وكل عربي يعلم أن نظرة الرئيس جمال عبد الناصر خطت
للنهضة العربية الاتجاه الصحيح الذي يحقق الشرط الأول للانسجام مع القانون
العام ... ) [2].
كيف يكون هذا الزعيم بهذه الصفات ونحن لا نعلم أن هناك زعيماً آخر في
العصر الحديث ترك بلاده خراباً مثل جمال عبد الناصر؟ كيف لا يدري مالك بن
نبي وهو من هو في فهم اللعبة الاستعمارية أن عبدالناصر كان ضمن (لعبة الأمم)،
وأنهم ساعدوه على صنع هذه البطولة المزيفة، وحتى لو كانت هناك بعض
الإصلاحات المادية - وهي لم تتحقق فعلاً - فأين الحديث عن الاستبداد السياسي
وكرامة الشعب المسحوقة؟ بل أين تطبيق الإسلام؟.
2 - علق مالك بن نبي آمالاً كبيرة على مؤتمر باندونغ، واعتبره كتلة سلام
للعالم، واعتبر هذا التنوع الذي يضم تسعاً وعشرين دولة، تضم تراثاً فكرياً متفاوتاً
(يمكن بطبيعة الحال أن يقدم العناصر اللازمة لبناء قاعدة متينة للسلام)، [3]. هذه
نظرته لهذا المؤتمر، والحقيقة أنه كان يحب التكتلات الكبيرة لمواجهة الغرب، وقد
يكون معه بعض الحق في هذا، ولكن مثل هذا التكتل كان يحمل بذور فشله،
وقضية الحياد التي يرفعها لم تكن صحيحة، فكل دولة منحازة، والهند التي كانت
من أبرز أعضاء المؤتمر وتدعي السلام والروحانية كانت تحمل بين جوانحها الكره
العميق للمسلمين، بل إن صورة الهند العداونية كانت من البديهيات عند الشباب
المسلم في الستينات، ولم ينخدعوا بكلام الدبلوماسي الهندي (ليس لدينا من الخشوع
ما يكفينا ونحن ذاهبون إلى باندونغ) [4]، ويصدق مالك بن نبي أن نهرو حمل
رسالة اللاعنف التي سلمه إياها غاندي، ونهرو هذا يكتب في (المجلة العصرية)
مقالتين ينكر فيهما على الجمعيات المسلمة الحركة ضد القاديانية ويؤيد جانب
القاديانية) [5]، وهند نهرو هي التي احتلت كشمير وأخذتها بالقوة، فأين
السلم وأين الديمقراطية التي تدعيها؟ وما الفرق بين الهند وباكستان في
(القابلية للاستعمار).
وقد أدرك مالك أخيراً عدم جدوى أي محاولة تجمّع ليست عناصره
منسجمة [6]، كما كان يلمح في آخر حياته بأن ثورة 23 يوليو لم تقم بالواجب،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/423)
ولاشك أن الكبار من أمثال مالك بن نبي يتراجعون إذا عرفوا الحق.
3 - كانت روسيا بعد الثورة الشيوعية تدعي أنها دولة صديقة للشعوب وللعالم
الثالث، وأنها ليست دولة استعمارية، وقد صدّق مالك بن نبي هذه المقولة، يقول:
(فالمناخ الاستعماري الذي تكوّن في أوربا وأمريكا على حد سواء، وفي الاتحاد
السوفييتي قبل الثورة أيضاً) ولكن الحقيقة أن روسيا مستعمرة قبل الثورة وبعدها،
ولم تتخل عن جشع الدول الكبرى، وهي وجه آخر للحضارة الغربية.
4 - نقد مالك الانتخابات السياسية التي تطالب بالحقوق فقط وتنسى الواجبات،
وتعتمد أسلوب المظاهرات والحفلات، وهو محق في هذا، ولكنه شارك في هذه
الوسائل، وساعد (مصالي الحاج) في قيام الحزب الوطني، مع أنه ينتقده هو
وحزبه، ولكنه حب الحركة ثم يكتشف الأخطاء بعدئذ.
اللاعنف:
أعجب مالك بن نبي بقصة (اللاعنف) عند غاندي، فهو يذكرها دائماً، بل
يذكرها بخشوع، ويبني عليها أحلامه الفلسفية في السلام العالمي، واتجاه العالم نحو
مناقشة قضاياه بالسلم والحوار والفكر، يقول عن منطقة جنوب شرقي آسيا: (هي
مجال إشعاع الفكر الإسلامي وفكرة اللاعنف، أي مجال إشعاع حضارتين:
الحضارة الإسلامية والحضارة الهندوكية، الحضارتان اللتان تختزنان أكبر ذخيرة
روسية للإنسان اليوم) [7].
ويحلق في الخيال والطوباوية عندما يقول: (فكذلك رفات غاندي التي ذروها
فإن الأيام ستجمعها في أعماق ضمير الإنسان من حيث سينطلق يوماً انتصار
اللاعنف ونشيد السلم العالمي) [8]. (هذا الرجل (غاندي) كان يتقمص إلى درجة
بليغة الضمير الإنساني في القرن العشرين). [9].
إن فكرة (السلم العالمي) بمعنى أن يحل السلام في العالم بشكل دائم، أو أن
العالم يتجه نحو هذا الهدف، هذه الفكرة غير واقعية وغير شرعية، وهي فكرة
خيالية محضة، فهي تنافي مبدأ الصراع الذي ذكره القرآن الكريم] وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ
النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ [[البقرة: 251] كما تنافي مبدأ الجهاد في
الإسلام، وهي غير واقعية لأن من طبيعة البشر التغالب والعدوان إن لم يردعهم
رادع، والدول الكبيرة القوية تأكل الضعيفة إن لم يكن عسكرياً فاقتصادياً.
والبشرية لن تبلغ رشدها في عمرها الثالث فتصبح الفكرة ذات قيمة قي حد ذاتها كما
يتصور مالك بن نبي [10]، بل إنها كثيراً ما تتردى من الناحية الإنسانية،
والبشرية لا تبلغ رشدها إلا إذا حكمها الإسلام.
إن فكرة (اللاعنف) و (الإنسانية) من الأفكار الخطيرة التي بذرها مالك
ووسعها بعدئذ تلامذته، وحاولوا اللف والدوران كثيراً حول مبدأ الجهاد الإسلامي.
الإنسانية والعالمية:
وقريب من مبدأ (السلام العالمي) كان مالك يحلم بأن تتوحد الإنسانية في
مجتمع عالمي، ويظن بأن البشرية تسير بهذا الاتجاه، (فالعالم قد دخل إذن في
مرحلة لا يمكن أن تحل فيها أغلبية مشكلاته إلا على أساس نظم الأفكار) [11]،
(وحين اتجه العالم إلى إنشاء منظمة اليونسكو، كان يهدف إلى (تركيب) ثقافة
إنسانية على المدى البعيد) [12] (وما محكمة العدل في لاهاي والقانون الدولي،
والقانون البحري إلا مظاهر خاصة لذلك الاتجاه العام الذي لايفتأ يمهد الطريق
لتوحيد العالم) [13].
هذا المفهوم للإنسانية مفهوم وهمي يراد به محو الشخصية الثقافية الحقيقية
لكل مجتمع ولكل أمة، وإذا كان العالم قد تقارب وانتشرت الأفكار في كل مكان،
وقد يستفيد المسلمون من ذلك في نشر دينهم الذي يملك عناصر التأثير والقوة،
ولكن أن يتوحد العالم في مجتمع واحد فهذا مفهوم ذهني مجرد، وإذا كان هو نفسه
شعر بأن فكرة الأفرو آسيوية صعبة التحقيق، ولذلك عاد وكتب عن (الكومنولث
الإسلامي)؛ فكيف يظن أن العالم يسير نحو الوحدة؟!
ضعف ثقافته الشرعية:
لم يتصل مالك بن نبي بعلماء عصره ليستفيد منهم، ورغم اعترافه بأهمية
جمعية العلماء في الجزائر التي كان على رأسها الشيخ عبد الحميد بن باديس؛ إلا
أن علاقته بها كانت فاترة ويعترف هو بعد لأي أنه كان مخطئاً في هذا [14]،
ولذلك كانت دراسته للإسلام نابعة من قراءاته الشخصية وهي قليلة إذا قيست
بقراءاته في الفكر الغربي، وهذا ما جعله يخطئ في أمور كثيرة سواء كانت في
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/424)
الفقه والأحكام أو في النظرة لبعض جوانب التاريخ الإسلامي، فمن رموز الثقافة
عنده الفارابي، وابن سينا، وابن رشد [15] .. (والمجتمع الإسلامي في عصر
الفارابي كان يخلق أفكاراً وفي عهد ابن رشد يبلغها إلى أوربا وبعد ابن خلدون لم
يعد قادراً على الخلق ولا على التبليغ) [16].
وفي العصر الحديث فإن من رموز الثقافة عنده جمال الدين الأفغاني، وهو
موقظ الشرق، وهو رجل الفطرة ... الخ. وإطلاقه هذا القول جزافاً يدل على
ضعف ثقافته الشرعية.
وفي التاريخ يلمز كثيراً بنى أمية دون وضع الضوابط للإنصاف والتقويم
الصحيح. وبسبب عدم وضوح توحيد الألوهية ظن أنه من الممكن اتصال العالم
الإسلامي بروحانية الهند (وليس بوسعنا أن نغض من قيمة الدور الذي يمكن
أن يؤديه اتصال العالم الإسلامي بروحانية الهند) [17].
ولم يشر في كتبه إلى موضوع تحكيم الشريعة الإسلامية، وكان معجباً بدولة
الوحدة عام 1958 مع أنها لا تطبق شرع الله، وهناك أخطاء جزئية لا نريد
التفصيل فيها ونعتقد أنه لو نبه عليها لتراجع.
وقبل أن ننهي هذه القراءة لفكر مالك بن نبي لا بد من التنبه لأمور:
أ - هذه السلبيات والأخطاء يجب أن لا تمنعنا من الاستفادة من الإيجابيات،
فهذا المفكر خبير في نهضة المجتمعات وأمراض المسلم المعاصر.
وكأني أسمع بعض المسلمين يقولون: ما دامت هذه آراؤه فما الفائدة من
قراءة كتبه؟ وهذا خطأ فادح منهم، فنحن نقرأ لأعداء الإسلام ونستفيد منهم؛ فكيف
بمفكر كان يسعى - حسب جهده - لخير المسلمين، وإن أخطأ في مواضع.
2 - إن مالك بن نبي شخصية كبيرة، فهو يتراجع عن الخطأ إذا تبين له،
لقد نصح جمعية العلماء في الجزائر بصدق وقال كلاماً دقيقاً في هذا (لقد كان على
الحركة الإسلامية أن تبقى متعالية على أوحال السياسة والمعامع الانتخابية) [18]
(وبأي غنيمة أراد العلماء أن يرجعوا من هناك وهم يعلمون أن مفتاح القضية في
روح الأمة لا في مكان آخر) [19]، وهو يقصد سير العلماء في القافلة السياسية
عام 1936.
ويقول: (فيما يخصني لقد بذلت شطراً من حياتي في سبيل الحركة
الإصلاحية، وشهدت في مناسبات مختلفة بالفضل لجمعية العلماء) [20]، ويتأسف
لأن الجمعية لم تدعه للمساهمة في شؤونها الإدارية، ومع ذلك فقد تراجع واعترف
أن موقفه من الجمعية لم يكن طبيعياً بسبب نظرته الخاصة للشيخ ابن باديس.
3 - رغم معرفة مالك الدقيقة بالفكر الغربي، وتأثره به في بعض الأحيان إلا
أن أمله في التغيير بقي معلقاً في الأصالة الإسلامية، وبالرجوع إلى المنبع الأساسي
للمسلمين (فالعالم الإسلامي لا يستطيع أن يجد هداه خارج حدوده بل لا
يمكنه في كل حال أن يلتمسه في العالم الغربي الذي اقتربت قيامته، ولكن لا
يقطع علاقته بحضارة تمثل أحد التجارب الإنسانية الكبرى، بل المهم أن ينظم
العلاقة معها) [21]، (والمسلم لا يزال يحتفظ بالقيمة الخلقية، وهو ما ينقص
الفكر الحديث، فالعالم الإسلامي لديه قدر كبير من الشباب الضروري لحمل
مسؤولياته مادياً وروحياً) [22].
فهل يتحمل الشباب هذه المسؤوليات؟ نرجو ذلك.
________________________
(1) الصراع الفكري / 22.
(2) تأملات / 178.
(3) فكرة الأفرو آسيوية / 98.
(4) المصدر السابق / 7.
(5) مسعود الندوي: تاريخ الحركة الإسلامية في الهند / 220.
(6) - فكرة كومنولث إسلامي / 7.
(7) في مهب المعركة / 87.
(8) المصدر السابق لم 208.
(9) المصدر السابق / 207.
(10) إنتاج المستشرقين / 35.
(11) مشكلة الثقافة / 14.
(12) المصدر السابق / 96.
(13) وجهة العالم الإسلامي / 154.
(14) بقي له ملاحظات مهمة على جمعية العلماء سنذكرها في نهاية المقال.
(15) ثروة النهضة / 71.
(16) مشكلة الثقافة / 48.
(17) وجهة العالم الإسلامي / 170.
(18) شروط النهضة / 38.
(19) المصدر السابق / 34.
(20) في مهب المعركة / 190.
(21) وجهة العالم الإسلامي / 127.
(22) المصدر السابق / 157.
((مجلة البيان ـ العدد [23] صـ 29 جمادى الأولى 1410 ـ ديسمبر 1989))
ـ[الرايه]ــــــــ[15 - 11 - 04, 02:02 ص]ـ
هناك رسالة ماجستير من جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية - مطبوعة -
للباحث عبد الله بن محمد العويسي
عنوانها مالك بن نبي
حياته وفكره
تقع في قرابة 700 صفحة
والله الموفق
ـ[شهاب الدين]ــــــــ[16 - 11 - 04, 01:07 ص]ـ
السلام عليكم
جوزيتم خيراً(28/425)
قدر المشابهة بين الخالق والمخلوق
ـ[احمد بن سامي]ــــــــ[17 - 11 - 04, 01:49 م]ـ
http://www.sh-rajhi.org/rajhi/?action=Display&docid=14&page=esbat00001.htm
في الرابط أعلاه ناقش الشيخ الراجحي صفة الصورة بالنسبة لله عز و جل وقد أشكل علي هل يري الشيخ بوجود قدر مشابهة في كيفية الصورة بين الخالق والمخلوق؟
وهل علي هذا الأساس يمكن تحديد مكان العينين أنها في الوجه والأصابع في اليد, لان بعض الأخوة كان يقول بعدم وجود دليل يقتضي ذلك؟
فأرجو من الإخوة أن يفيدونني
ـ[احمد بن سامي]ــــــــ[18 - 11 - 04, 06:56 م]ـ
سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله ولله أكبر
ـ[الربيع]ــــــــ[18 - 11 - 04, 07:05 م]ـ
لا يمكن الإثبات إلا بإثبات قدر من المشابهة (وليس التمثيل) بين الخالق والمخلوق.
ولذلك يقول أهل العلم: الاستواء غير مجهول ...
يعني معلوم في اللسان، وهذا نوع مشابهة، ولكنها أصل في الإثبات.
والمنفي في النصوص هو التمثيل بين الخالق والمخلوق
مثل: إثبات أصل الوجود.
فلا يمكن الإثبات إلا بذلك.
مثال ذلك:
يقال الله تعالى موجود، والمخلوق موجود، وأصل الوجود معلوم.
ووجود الله تعالى ليس كوجود المخلوق، لكن يشتبهان في أصل المعنى.
ولكن وجود الخالق على الكمال فهو تعالى أزلي أبدي لم يسبق بعدم، ولا يلحقه فناء
بخلاف المخلوق فهو مسبوق بعدم، ويلحقه فناء.
ـ[احمد بن سامي]ــــــــ[18 - 11 - 04, 09:27 م]ـ
نعم أخي هناك مشابهة بين الخالق والمخلوق
ولكن هذا الشبه يكون في اللفظ و أصل المعني
سؤالي هو عن الصورة , فالشيخ الراجحي يقول أن وجه الشبه في مطلق الصورة
وأنا أرجو من المشايخ الكرام تبسيط كلام الشيخ الراجحي, هل هناك قدر من الشبه في الكيفية كما في أصل المعني؟
وهل يصح القول (بالنسبة لله سبحانه وتعالي) أن العينين في الوجه وعلي أي أساس؟
وجزيتم خيرا
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[19 - 11 - 04, 01:40 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إليكم ما قاله الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه للعقيدة الواسطية حول هذا الموضوع.
لا يمكن أن يقع تعارض بين كلام الله وكلام رسوله الذي صح عنه أبداً، لأن الكل حق، والحق لا يتعارض، والكل من عند الله، وما عند الله تعالى لا يتناقض] ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً [[النساء: 82]، فإن وقع ما يوهم التعارض في فهمك، فأعلم أن هذا ليس بحسب النص، ولكن باعتبار ما عندك، فأنت إذا وقع التعارض عندك في نصوص الكتاب والسنة، فإما لقلة العلم، وإما لقصور الفهم، وإما للتقصير في البحث والتدبر، ولو بحثت وتدبرت، لوجدت أن التعارض الذي توهمته لا أصل له، وإما لسوء القصد والنية، بحيث تستعرض ما ظاهره التعارض لطلب التعارض، فتحرم التوفيق، كأهل الزيغ الذين يتبعون المتشابه.
ويتفرع على هذا الجواب المجمل أنه يجب عليك عند الاشتباه أن ترد المشتبه إلى المحكم، لأن هذه الطريق الراسخين في العلم، قال الله تعالى:] هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا [[آل عمران: 7]، ويحملون المتشابه على المحكم حتى يبقى النص كله محكماً.
- قال النبي r " إن الله خلق آدم على صورته" (1)، والصورة مماثلة للأخرى، ولا يعقل صورة إلا مماثلة للأخرى، ولهذا أكتب لك رسالة، ثم تدخلها الآلة الفوتوغرافية، وتخرج الرسالة، فيقال: هذه صورة هذه، ولا فرق بين الحروف والكلمات، فالصورة مطابقة للصورة، والقائل: "إن الله خلق آدم على صورته": الرسول عليه الصلاة والسلام أعلم وأصدق وأنصح وأفصح الخلق.
والجواب المجمل أن نقول: لا يمكن أن يناقض هذا الحديث قوله تعالى] ليس كمثله شيء [[الشورى: 11]، فإن يسر الله لك الجمع، فاجمع، وإن لم يتيسر، فقل:] آمنا به كل من عند ربنا [[آل عمران: 7]، وعقيدتنا أن الله لا مثيل له، بهذا تسلم أما الله عز وجل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/426)
هذا كلام الله، وهذا كلام رسوله، والكل حق، ولا يمكن أن يكذب بعضه بعضاً، لأنه كله خبر وليس حكماً كي ينسخ، فأقول: هذا نفي للماثلة، وهذا إثبات للصورة، فقل: إن الله ليس كمثله شيء، وإن الله خلق آدم على صورته، فهذا كلام الله، وهذا كلام رسوله والكل حق نؤمن به، ونقول: كل من عند ربنا، ونسكت وهذا هو غاية ما نستطيع.
وأما الجواب المفصل، فنقول: إن الذي قال: "إن الله خلق آدم على صورته" رسول الذي قال:] ليس كمثله شيء [[الشورى: 11] والرسول لا يمكن أن ينطلق بما يكذب المرسل والذي قال: "خلق آدم على صورته": هو الذي قال: "إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر" (1)، فهل أنت تعتقد أن هؤلاء الذين يدخلون الجنة على صورة القمر من كل وجه أو تعتقد أنهم على صورة البشر لكن في الوضاءة والحسن والجمل واستدارة الوجه وما أشبه ذلك على صورة القمر، لا من كل وجه؟! فإن قلت بالأول، فمقتضاه أنهم دخلوا وليس لهم أعين وليس لهم آناف وليس لهم أفواه! وإن شئنا قلنا: دخلوا وهم أحجار وإن قلت بالثاني، زال الإشكال، وتبين أنه لا يلزم من كون الشيء على صورة الشيء أن يكون مماثلاً له من كل وجه.
فإن أبى فهمك، وتقاصر عن هذا، وقال: أنا لا أفهم إلا أنه مماثل.
قلنا: هناك جواب آخر، وهو أن الإضافة هنا من باب إضافة المخلوق إلى خالقه، فقوله: "على صورته"، مثل قوله عزوجل في آدم:] ونفخت فيه من روحي [[ص: 72]، ولا يمكن أن الله عز وجل أعطى آدم جزءاً من روحه، بل المراد الروح التي خلقها الله عز وجل، لكن إضافتها إلى الله بخصوصها من باب التشريف، كما نقول: عباد الله، يشمل الكافر والمسلم والمؤمن والشهيد والصديق والنبي لكننا لو قلنا: محمد عبد الله، هذه إضافة خاصة ليست كالعبودية السابقة.
فقوله: "خلق آدم على صورته"، يعني: صورة من الصور التي خلقها الله وصورها، كما قال تعالى:] ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم [[الأعراف: 11]، والمصور أدم إذاً، فآدم على صورة الله، يعني: أن الله هو الذي صوره على هذه الصورة التي تعد أحسن صورة في المخلوقات،] لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم [[التين: 4]، فإضافة الله الصورة إليه من باب التشريف، كأنه عز وجل اعتنى بهذه الصورة ومن أجل ذلك، لا تضرب الوجه، فتعيبه حساً، ولا تقبحه فتقول: قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك، فتعيبه معنى، فمن أجل أنه الصورة التي صورها الله وأضافها إلى نفسه تشريفاً وتكريماً، لا تقبحها بعيب حسي ولا بعيب معنوي.
ثم هل يعتبر هذا الجواب تحريفاً أم له نظير؟
نقول: له نظير، كما في: بيت الله، وناقة الله، وعبدالله، لأن هذه الصورة (أي: صورة آدم) منفصلة بائنة من الله وكل شيء أضافه الله إلى نفسه وهو منفصل بائن عنه، فهو من المخلوقات، فحينئذ يزول الإشكال.
ولكن إذا قال لقائل: أيما أسلم المعنى الأول أو الثاني؟ قلنا: المعنى الأول أسلم، ما دمنا نجد أن لظاهر اللفظ مساغاً في اللغة العربية وإمكاناً في العقل، فالواجب حمل الكلام عليه ونحن وجدنا أن الصورة لا يلزم منها مماثلة الصورة الأخرى، وحينئذ يكون الأسلم أن نحمله على ظاهره.
فإذا قلت: ما هي الصورة التي تكون لله ويكون أدم عليها؟
قلنا: إن الله عز وجل له وجه وله عين وله يد وله رجل عز وجل، لكن لا يلزم من أن تكون هذه الأشياء مماثلة للإنسان، فهناك شيء من الشبه لكنه ليس على سبيل المماثلة، كما أن الزمرة الأولى من أهل الجنة فيها شبه من القمر لكن بدون مماثلة، وبهذا يصدق ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة، من أن جميع صفات الله سبحانه وتعالى ليست مماثلة لصفات المخلوقين، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
ـ[نادر بن سيف]ــــــــ[23 - 11 - 04, 08:12 ص]ـ
الشيخ بن عثيمين -رحمه الله- نفي التماثل بين صورة الخالق و المخلوق ولم ينف المشابهة
الاشكال هنا في قدر المشابهة هذا ,لأن الشبه هنا في الصوره "الكيف"!!!
ولا زال كلام الشيخ الراجحي يحتاج الي توضيح و اشكال ألأخ أحمد قائم
ـ[حارث همام]ــــــــ[23 - 11 - 04, 10:26 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/427)
وهذا كالتتمة والشرح للجزء الأول من كلام الشيخ ابن عثيمين والذي اختار أنه الأسلم أما القول الثاني الذي حكاه فقد قالت به طوائف من أهل السنة ولكن الصواب أنه مرجوح والقول به فيه نوع تأويل، ولن أفصل في بيان ذلك وأكتفي ببيان ما قد يشكل من القول الأول الذي قرر الشيخ أنه أصوب.
وليس في المسألة إشكال بحمد الله ثم باختصار:
أهل السنة الذين يقولون بأن المعنى معلوم لايمكن أن يكون المعنى عندهم معلوماً بغير وجود نوع من المشابهة، وذلك في أصل المعنى اللغوي للفظ الصفة أو ما يسمى بالمعنى المشترك الكلي، ولا محظور في إثبات المشابهة بين من أطلقت عليهم تلك الألفاظ المتضمنة للصفات، لأن معانيها المرادة عند مثبتة أصولها كلية لاوجود لها مجردة عن القيود في خارج الذهن، فهذه المشابهة أمر ذهني لايقتضي نقصاً كما سيأتي في كلام شيخ الإسلام آخر الرد، ويكون هذا المعنى في الخارج بنوع تخصيص ونوع تقييد يليق بمن أضيف إليه اللفظ وهو المعنى الحقيقي للفلظ في حقه وإن شئت فقل أمر زائد عن أصل المعنى اللغوي إلى معان حقيقية تباينت لتباين كيفياتها التي اعتبرت في معناها بحسب إضافتها.
وعلى هذا فإن هذا النوع من المشابهة ليس هو التشبيه الذي ينفيه فئام من أهل السنة للخالق سبحانه بالمخلوق، فإن المشبهة أدخلو مازاد عن أصل المعنى أو المعنى المشترك الكلي أو بعبارة أخرى أدخلوا المعنى الحقيقي المقيد ببعض المخلوقات بتخصيصاته في معنى صفات الله وهو كما مضت إشارته خوض في الكيف على الحقيقة وحمل لخصائص بعض الخلق على المخلوق وهذا منكر من القول وزور.
ومن يأول الصفات أو يفوض علم معناها يقع في نفس خطئهم فهم ينفون أصل المعنى أو المعنى المشترك الكلي لظنهم أن إثبات الصفات على حقيقتها يستلزم المعنى الحقيقي الذي وضع باعتبار بعض المخلوقات، فيأولون أو يقولون بالتفويض، وأهل السنة وسط بين هؤلاء وهؤلاء فهم يثبتون أصل المعنى وتعريف المخاطبين به لايتم إلاّ بنوع مشابهة، غير أن هذا المعنى المشترك الكلي المشتركين فيه لاوجود له في خارج ذهن المتكلم.
مثال يوضح ذلك:
الوجه ما تحصل به المقابلة، هذا هو أصل معناه في الوضع اللغوي [فائدة إذا أردت أن تعرف أصل الوضع اللغوي فإنك تجده مبثوثاً بين طيات كثير من المعاجم وتتبع هذا أمر عسير غير أن معجم مقاييس اللغة لابن فارس وضعه لأجل هذا فهو مرجع مفيد في هذا الباب لايفي بفائدته غيره].
وهذا المعنى معنى مشترك كلٌ يشترك فيه؛ الخالق والمخلوق وهذا مايعنونه بالمشابهة، وهو كما ترى لاوجود لها مجردة عن ما يضاف إليه ويقيد به.
أما إذا قلت وجه زيد أظهر هذا التقييد بالإضافة معنى حقيقيا يختص بالإنسان، فإذا قلت وجه البعير أضاف هذا التقييد معنى حقيقيا يختص بالبعير، وإذا قلت وجه الذباب أضاف هذا التقييد معنى حقيقياً ثالثاً، فإذا قلت وجه الله أضاف هذا التقييد معناً حقيقياً ليس كمثله شيء نعلم منه أمور منها أن له سبحات لو أزال الحجب لأحرق ما انتهى إليه بصره، وغير ذلك مما ثبت له بالنص ولاينبغي أن نتعدى النص في ذلك إلى ما يلزم المخلوقين لأن الله ليس كمثله شيء وهذا هو الخوض في الكيف بغير حجة ولابرهان، ولاينبغي أن ننفي عنه غير ما ثبت أنه من صفات النقص في حق الباري سبحانه وتعالى.
ومثل الوجه زعم بعضهم لزوم إثبات الجارحة للخالق سبحانه وتعالى عند إثبات بعض صفات الذات كاليد وهو لايلزم إلاّ باعتبار المخلوق لا أصل المعنى وقد فصل الرد على هذا شيخ الإسلام قال في بيان تلبيس الجهمية: "وأما قولهم إن ذلك يوجب إثبات الجوارح والأعضاء فليس بصحيح من جهة أنه يكتسب بها ما لو لا ثبوتها له لعدم الاكتساب مع كونه محتاجا إليه ولهذا سميت الحيوانات المصيودة كسباع الطير والبهائم جوارح لأنها تكتسب الصيود والباري مستغن عن الاكتساب فلا يتصور استحقاقه لتسميته جارحة مع عدم السبب الموجب للتسمية فأما تسمية الأعضاء فإنها تثبت في حق الحيوان المحدث لما تعينت له من الصفات الزائدة على تسمية الذات لأن العضو عبارة عن الجزء ولهذا نقول عضيته أي جزيته وقسمته ومنه قوله تعالى الذين جعلوا القرآن عضين أي قسموه فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه فإذا كان العضو إنما هو مأخوذ من هذا فالباري تعالى ليس بذي أجزاء يدخلها الجمع وتقبل التفرقة والتجزئة فامتنع أن يستحق ما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/428)
يسمى عضوا فإذا ارتفع هذا بقي أنه تعالى ذاته لا تشبه الذوات مستحقة للصفات المناسبة لها في جميع ما تستحقه فإذا ورد القرآن وصحيح السنة في حقه بوصف تلقي في التسمية بالقبول ووجب إثباته له مثل ما يستحقه ولا يعدل به عن حقيقة الوصف إذ ذاته تعالى قابلة للصفات وهذا واضح بين لمن تأمله"، وهذا هو الصيح فلا يلزم مثبة المعنى على هذي السلف من إثبات الصفات الذاتية الخبرية قول بتعضية ولا إثبات لجارحة.
ولعله يحسن إدراج شيء من أقوال أهل العلم التي تعضد ما سبق ذكره بشيء من الإجمال:
قال ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية [وكلامه فيما يظهر وإن لم يحل جمع لكلام بثه شيخ الإسلام في غير موضع] قال -ومابين القوسين فليُتأمل: " .. اعلم أن المخاطب لا يفهم (المعاني) المعبر عنها باللفظ إلاّ أن يعرف عينها (أو مايناسب عينها) ويكون بينهما قدر مشترك (ومشابهة في أصل المعنى)، وإلاّ فلا يمكن تفهيم المخاطبين بدون هذا قط، حتى في أول تعليم معاني الكلام بتعليم معاني الألفاظ المفردة، مثل تربية الصبي الذي يعلم البيان واللغة ينطق له باللفظ المفرد ويشار له لمعناه، (إن كان مشهوداً بالإحساس الظاهر أو الباطن) فيقال له لبن ... ويشار له إلى كل مسمى من هذه المسميات ... فدلالة اللفظ على المعنى هي بواسطة دلالته على ماعناه المتكلم وأراده وإرادته وعنايته في قلبه فلا يعرف باللفظ ابتداء ولكن يعرف المعنى بغير اللفظ حتى يعلم أولاً أن هذا المعنى المراد هو الذي يراد بذلك اللفظ ويعنى به فإذا عرف ذلك ثم سمع اللفظ مرة ثانية عرف المعنى المراد بلا إشارة إليه، وإن كانت الإشارة إلى ما يحس بالباطن مثل الجوع ... فإنه لا يعرف اسم ذلك حتى يجده بنفسه فإذا وجده أشير له إليه وعرف أن اسمه كذا .....
إذا عرف ذلك فالمخاطب المتكلم إذا أراد بياناً معان فلا يخلو إما أن يكون مما أدركها المخاطب المستمع إليه بإحساسه وشهوده أو بمعقوله (وإما أن لا يكون كذلك)، فإن كانت من القسمين الأولين لم يحتج إلاّ إلى معرفة اللغة، بأن يكون عرف معاني الألفاظ المفردة ومعنى التركيب فإذا قيل له بعد ذلك (ألم نجعل له عينين* ولساناً وشفتين) .. ونحو ذلك فهم المخاطب بما أدركه بحسه، (وإن كانت المعاني التي يراد تعريفه بها ليست مما أحسه وشهده بعينه ولا بحيث صار له معقول كلي يتناولها حتى يفهم به المراد بتلك الألفاظ، بل هي مما لم يدركه بشيء من حواسه الباطنة والظاهرة، فلا بد في تعريفه من طريق القياس والتمثيل والاعتبار بما بينه وبين معقولات الأمور التي شاهدها من التشابه والتناسب وكلما كان التمثيل أقوى كان البيان أحسن والفهم أكمل) ........ وكذلك لمّا أخبرنا بأمور تتعلق بالإيمان بالله وباليوم الآخر وهم لم يكونوا يعرفونها قبل ذلك (حتى يكون لها ألفاظ تدل عليها بعينها أخذ من اللغة الألفاظ المناسة لتلك بما تدل عليه من القدر المشترك بين تلك المعاني الغيبية والمعاني الشهودية التي كانوا يعرفونها) ....... كما أخبرهم **يعني النبي صلى الله عليه وسلم –وما بين النجوم مني**عن الأمور الغيبية المتعلقة بالله واليوم الآخر فلابد أن يعلموا معنى مشتركاً وشبهاً بين مفردات تلك الألفاظ وبين مفردات ألفاظ ما علموه في الدنيا بحسهم وعقلهم ...... فينبغي أن تُعرف هذه الدرجات:
أولاها: إدراك الإنسان المعاني الحسية المشاهدة.
وثانيها: عقله لمعانيها الكلية.
وثالثها: تعريف الألفاظ الدالة على تلك المعاني الحسية والعقلية
فهذه المراتب الثلاث لابد منها في كل خطاب. فإذا أخبرنا عن الأمور الغائبة فلابد من تعريفنا المعاني المشتركة بينها وبين الحقائق المشهودة والاشتباه الذي بينهما وذلك بتعريفنا الأمور المشهودة ثم إن كانت مثلها لم يحتج إلى ذكر الفارق .... (وإن لم يكن مثلها بين ذلك بذكر الفارق بأن يقال ليس ذلك مثل هذا ونحو ذلك، (وإذا تقدر انتفاء المماثلة كانت الإضافة وحدها كافية في بيان الفارق) (وانتفاء التساوي لايمنع منه وجود القدر المشترك الذي هو مدلول اللفظ المشترك وبه صرنا نفهم الأمور الغائبة ولولا المعنى المشترك ما أمكن ذلك قط .. " هذا ما ذكره ابن أبي العز في شرح العقيدة الطحاوية 1/ 66 - 68 ط الرسالة
فتأمل قوله: "اعلم أن المخاطب لا يفهم المعاني المعبر عنها باللفظ إلاّ أن يعرف عينها " وهذا يستلزم معرفة الكيف وله طرق ثلاثة ذكرها أهل العلم (رؤية - رؤية مثيل - خبر صادق بها) وكلها ممتنعة في حق الله تعالى.
ثم قال -رحمه الله-: "أو مايناسب عينها ويكون بينهما قدر مشترك ومشابهة في أصل المعنى وإلاّ فلا يمكن تفهيم المخاطبين بدون هذا قط"
ثم قال: "وإن كانت المعاني التي يراد تعريفه بها ليست مما أحسه وشهده بعينه ولا بحيث صار له معقول كلي يتناولها حتى يفهم به المراد بتلك الألفاظ، بل هي مما لم يدركه بشيء من حواسه الباطنة والظاهرة، فلا بد في تعريفه من طريق القياس والتمثيل والاعتبار بما بينه وبين معقولات الأمور التي شاهدها من التشابه والتناسب وكلما كان التمثيل أقوى كان البيان أحسن والفهم أكمل".
وهذان يتوجهان في معرفة معاني الصفات، وإذا قالت المفوضة أو المأولة أنتم بذلك تقعون في التشبيه نرد عليهم بما قاله شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية:
"وأما قولهم إن أردتم إثبات صفة تقارب الشاهد فيما يستحق مثله الاشتراك في الوصف فهذا هو التشبيه بعينه فنقول لهم المقاربة تقع على وجهين:
أحدهما: مقاربة في الاستحقاق لسبب موجبه التمام والكمال وتنفي النقص.
والثاني: مقاربة في الاستحقاق لسبب تقتضيه الحاجة ويوجبه الحس ومحال أن يراد به الثاني لأن الله تعالى قد ثبت أنه غني غير محتاج ولا يوصف بأنه يحتاج إلى الإحساس لما في ذلك من النقص.
فيبقى الأول وصار هذا كإثبات الصفات الموجبة للكمال ودفع النقص".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/429)
ـ[حارث همام]ــــــــ[23 - 11 - 04, 11:45 ص]ـ
أعتذر عن وجود بعض الأخطاء النحوية ولم أنتبه إليها للعجلة في تحرير المقال.
ـ[نادر بن سيف]ــــــــ[24 - 11 - 04, 09:56 ص]ـ
لكن ما فهمته من كلام الشيخ الراجحي هو أن قدر المشابهة بين الخالق و المخلوق في الصورة هو: "أصل المعني اللغوي للصورة مضافا" لآدم -عليه السلام-" مع نفي المماثلة
بخلاف ما قرره الأخ حارث-بارك الله فيه- من أن قدر المشابهة هو:"أصل المعني اللغوي للصورة" بغير اضافه
ـ[حارث همام]ــــــــ[24 - 11 - 04, 11:47 ص]ـ
أخي الحبيب:
جزاكم الله خيراً، إذا تقرر ما سبق ذكره، فلم يعد في القول بأن الله خلق آدم على صورته بهذه الإضافة إشكال، لا لنفي إضافة الرحمن إلى الصورة في وصف آدم (أعني ما أشرتم إليه بين الحاصرتين ولعله مقلوب)، بل لأن ما يؤدي إليه معناها. وهو أن لآدم ذاتاً هي من صورته تليق ببشريته، كما أن لله ذاتاً تليق بإلهيته، وأن له وجهاً هو من صورته يليق بخلقه ومقامه، كما أن لله وجهاً يليق بجلاله وجماله، وأن له يدين تليقان بآدميته كما أن لله يدين تليقان بعظمته ... إلى آخر ما ثبت من صفات الجلال والكمال.
والنتيجة هي أن لله صورة تليق به، ولآدم صورة تناسبه هي على صورة الله -التي قد أشرت إلي شيء مما يثبته أهل السنة منها لله كالذات والوجه واليد-، وخلق آدم على صورة الله لايقتضي بهذا المعنى محظوراً على ما سبق بيانه في الرد قبل هذا.
والله أعلم.(28/430)
معنى واجب الوجود
ـ[الدرة]ــــــــ[19 - 11 - 04, 02:13 ص]ـ
السلام عيكم ورحمة الله وبركاته
تقبل الله طاعتكم وكل عام وأنتنم إلى الله أقرب. لدي سؤال أشكل عليّ هو:
مامعنى أن الله واجب الوجود وماهو المصدر المعتمد في توضيح هذه العبارة؟
جزى الله خيراً كل من أفادني وبارك له في علمه وعمره.
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[19 - 11 - 04, 02:33 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
إليك الآتي ذكره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في مقدمة شرحه للعقيدة الواسطية لعلك تستفد منه.
القسم الثالث وهو توحيد الأسماء والصفات:
هذا هو الذي كثر فيه الخوض، فانقسم الناس فيه إلى ثلاثة أقسام، وهم: ممثل، ومعطل، ومعتدل، والمعطل: إما مكذب أو محرف.
وأول بدعة حدث في هذه الأمة هي بدعة الخوارج، لأن زعيمهم خرج على النبي r وهو ذو الخويصرة من بني تميم، حين قسم النبي r ذهبية جاءت فقسمها بين الناس، فقال له هذا الرجل: يا محمد اعدل (2) فكان هذا أول خروج خرج به على الشريعة الإسلامية، ثم عظمت فتنتهم في أواخر خلافة عثمان وفي الفتنة بين علي ومعاوية، فكفروا المسلمين واستحلوا دماءهم.
ثم حدثت بدعة القدرية مجوسي هذه الأمة الذين قالوا: إن الله سبحانه وتعالى لم يقدر أفعال العباد وليست داخلة تحت مشيئته وليست مخلوقة له، بل كان زعماؤهم وغلاتهم يقولون: إنها غير معلومة لله، ولا مكتوبة في اللوح المحفوظ، وأن الله لا يعلم بما يصنع الناس، إلا إذا وقع ذلك ويقولون: إن الأمر أنف، أي: مستأنف وهؤلاء أدركوا آخر عصر الصحابة، فقد أدركوا زمن عبدالله بن عمر رضي الله عنه وعبادة بن الصامت وجماعة من الصحابة، لكنه في أواخر عصر الصحابة.
ثم حدثت بدعة الإرجاء وأدركت زمن كثير من التابعين، والمرجئة هم الذين يقولون: إنه لا تضر المعصية مع الإيمان تزني وتسرق وتشرب الخمر، وتقتل ما دمت مؤمنا، فأنت مؤمن كامل الإيمان وإن فعلت كل معصية.
لكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن كلام القدرية والمرجئة حين رده بقايا الصحابة كان في الطاعة والمعصية والمؤمن والفاسق، لم يتكلموا في ربهم وصفاته.
فجاء قوم من الأذكياء ممن يدعون أن العقل مقدم على الوحي، فقالوا قولا بين القولين ـ قول المرجئة وقول الخوارج ـ قالوا: الذي يفعل الكبيرة ليس بمؤمن كما قاله المرجئة، وليس بكافر كما قاله الخوارج، بل هو في منزلة بين منزلتين، كرجل سافر من مدينة إلى أخرى فصار في أثناء الطريق، فلا هو في مدينته ولا في التي ساف إليها، بل في منزلة بين منزلتين، هذا في أحكام الدنيا، أما في الآخرة، فهو مخلد في النار، فهم يوافقون الخوارج في الآخرة، لكن في الدنيا يخالفونهم.
ظهرت هذه البدعة وانتشرت، ثم حدثت بدعة الظلمة والجهمة، وهي بدعة جهم بن صفوان وأتباعه، ويسمون الجهمية، حدثت هذه البدعة، وهي لا تتعلق بمسألة الأسماء، والأحكام، مؤمن أم كافر أم فاسق، ولم في منزلة بين منزلتين، بل تتعلق بذات الخالق. انظر كيف تدرجت البدع في صدر الإسلام، حتى وصلوا إلى الخالق جل وعلا، وجعلوا الخالق بمنزلة المخلوق، يقولون كما شاؤوا، فيقولون: هذا ثابت لله، وهذا غير ثابت، هذا يقبل العقل أن يتصف الله به، وهذا لا يقبل العقل أن يتصف به، فحدثت بدعة الجهمية والمعتزلة، فانقسموا في أسماء الله وصفاته إلى أقسام متعددة:
1 - قسم قالوا: لا يجوز أبداً أن نصف الله لا بوجود ولا بعدم، لأنه إن وصف بالوجود، أشبه الموجودات، وإن وصف بالعدم، أشبه المعدومات، وعليه يجب نفي الوجود والعدم عنه، وما ذهبوا إليه، فهو تشبيه للخالق بالممتنعات والمستحيلات، لأن تقابل العدم والوجود تقابل نقيضين، والنقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان، وكل عقول بني آدم تنكر هذا الشيء ولا تقبله، فانظر كيف فروا من شيء فوقعوا في اشر منه.
2 - وقسم آخر قالوا: نصفه بالنفي ولا نصفه بالإثبات، يعني: أنهم يجوزون أن تسلب عن الله سبحانه وتعالى الصفات لكن لا تثبت، يعني: لا نقول: هو حي، وإنما نقولك ليس بمبيت ولا نقولك عليم، بل نقول: ليس بجاهل ... وهكذا. قالوا: لو أثبت له شيئاً شبهته بالموجودات، لأنه على زعمهم كل الأشياء الموجودة متشابهة، فأنت لا تثبت له شيئاً، وأما النفي، فهو عدم، مع أن الموجود في الكتاب والسنة في صفات الله من الإثبات أكثر من النفي بكثير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/431)
قيل لهم: إن الله قال عن نفسه: (سميع بصير).
قالوا: هذا من باب الإضافات، بمعنى: نسب إليه السمع لا لأنه متصف به، ولكن لأن له مخلوقا يسمع، فهو من باب الإضافات، فـ (سميع)، يعني: ليس له سمع، لكن له مسموع.
وجاءت طائفة ثانية، قالوا: هذه الأوصاف لمخلوقاته، وليست له، أما هو، فلا يثبت له صفة.
3 - وقسم قالوا: يثبت له الأسماء دون الصفات، وهؤلاء هم المعتزلة أثبتوا أسماء الله، قالوا: إن الله سميع بصير قدير عليم حكيم ... لكن قدير بل قدرة، سميع بلا سمع بصير بلا بصر، عليم بلا علم، حكيم بلا حكمة.
4 - وقسم رابع قالوا: نثبت له الأسماء حقيقة، ونثبت له صفات معينة دل عليها لعقل وننكر الباقي، نثبت له سبع صفات فقط والباقي ننكره تحريفاً لا تكذيباً، لأنهم لو أنكروه تكذيباً، كفروا، لكن ينكرونه تحريفاً وهو ما يدعون أنه "تأويل".
الصفات السبع هي مجموعة في قوله:
له الحياة والكلام والبصر سمع إرادة وعلم واقتدر
فهذه الصفات نثبتها لأن العقل دل عليها وبقية الصفات ما دل عليها العقل، فنثبت ما دل عليه العقل، وننكر ما لم يدل عليه العقل وهؤلاء هم الأشاعرة، آمنوا بالبعض، وأنكروا البعض.
فهذه أقسام التعطيل في الأسماء والصفات وكلها متفرعة من بدعة الجهم، "ومن سن في الإسلام سنة سيئة، فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة" (1).
فالحاصل أنكم أيها الإخوة لو طالعتم في كتب القوم التي تعتني بجمع أقاويل الناس في هذا الأمر، لرأيتم العجب العجاب، الذي تقولون: كيف يتفوه عاقل ـ فضلاً عن مؤمن ـ بمثل هذا الكلام؟! ولكن من لم يجعل الله له نوراً، فما له من نور! الذي أعمى الله بصيرته كالذي أعمى الله بصره، فكما أن أعمى البصر لو وقف أمام الشمس التي تكسر نور البصر لم يرها، فكذلك من أعمى الله بصيرته لو وقف أمام أنوار الحق ما رآها والعياذ بالله.
ولهذا ينبغي لنا دائماً أن نسأل الله تعالى الثبات على الأمر، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا لأن الأمر خطير، والشيطان يدخل على ابن آدم من كل صوب ومن كل وجه ويشككه في عقيدته وفي دينه وفي كتاب الله وسنة رسوله فهذه في الحقيقة البدع التي انتشرت في الأمة الإسلامية.
ولكن ولله الحمد ما ابتدع أحد بدعة، إلا قيض الله له بمنه وكرمه من يبين هذه البدعة ويدحضها بالحق وهذا من تمام مدلول قول الله تبارك وتعالى:] إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [[الحجر: 9]، هذا من حفظ الله لهذا الذكر، وهذا أيضاً هو مقتضى حكمة الله عز وجل، لأن الله تعالى جعل محمداً r خاتم النبيين، والرسالة لابد أن تبقى في الأرض، وإلا لكان للناس حجة على الله وإذا كانت الرسالة لابد أن تبقى في الأرض، لزم أن يقيض الله عز وجل بمقتضى حكمته عند كل بدعة من يبينها ويكشف عورها، وهذا هو الحاصل، ولهذا أقول لكم دائماً: احرصوا على العلم، لأننا في هذا البلد في مستقبل إذا لم نتسلح بالعلم المبني على الكتاب والسنة، فيوشك أن يحل بنا ما حل في غيرنا من البلاد الإسلامية، وهذا البلد الآن هو الذي يركز عليه أعداء الإسلام ويسلطون عليه سهامهم، من أجل أن يضلوا أهلها، فذلك تسلحوا بالعلم، حتى تكونوا على بينة من أمر دينكم وحتى تكونوا مجاهدين بألسنتكم وأقلامكم لأعداء الله سبحانه وتعالى.
وكل هذه البدع انتشرت بعد الصحابة، فالصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا يبحثون في هذه الأمور، لأنهم يتلقون الكتاب والسنة على ظاهرهما وعلى ما تقتضيه الفطرة، والفطرة السليمة سليمة، لكن أتى هؤلاء المبتدعون، فابتدعوا في دين الله تعالى ما ابتدعوا، إما لقلة علمهم، أو لقصور فهمهم، أو لسوء قصدهم، فأفسدوا الدنيا بهذه البدع التي ابتدعوها، ولكن كما قلنا: إن الله تعالى بحكمته وحمده ومنته وفضله مامن بدعة خرجت إلا قيض الله لها من يدحضها ويبينها.
ومن جملة الذين بينوا البدع وقاموا قياماً تاماً بدحضها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وأسأل الله لي ولكم أن يجمعنا في جنات النعيم.
هذا الرجل الذي نفع الله بما آتاه من فضله ومن على الأمة بمثله ألف هذه "العقيدة" كما قلت إجابة لطلب أحد قضاة واسط الذي شكا إليه ما كان الناس عليه من البدع وطلب منه أن يؤلف هذه "العقيدة" فألفها.
ـ[الدرة]ــــــــ[19 - 11 - 04, 07:00 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي أبو عبد الرحمن وبارك فيك، لكن لم أجد إجابة لسؤالي وأرجو ألا يكون قصوراً في فهمي
آمل من الأخوة الكرام مزيداً من التوضيح والبيان لاحرمكم الله الأجر.
في انتاظاركم عاجلاً رعاكم الله.
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[19 - 11 - 04, 09:14 م]ـ
(واجب الوجود) مصطلح من مصطلحات المتكلمين، ويعنون به الذي يستحيل في حقه أن يكون عدماً، فهو لم يسبق بعدم، ولا يصير عدماً، بل هو موجود منذ الأزل، ولا يزال موجوداً، وهو الخالق سبحانه وتعالى، وهو واجب الوجود بذاته أي لا يستمد وجوده من غيره فليس له موجد.
ويقابله في اصطلاحهم (ممكن الوجود) وهو المخلوق لأن المخلوق لا يستحيل في حقه أن يكون عدماً، بل يمكن أن يوجد ويمكن أن ينعدم.
والممكن الوجود يستمد وجوده من واجب الوجود سبحانه.
هذا تقريب لمراد المتكلمين بهذا المصطلح.
ولا يجوز على الصحيح تسمية الله سبحانه بواجب الوجود لأن الأسماء توقيفية، ولكن يجوز الإخبار عنه سبحانه به عند الحاجة إلى ذلك، والاستغناء عن هذه المصطلحات الكلامية بأسماء الله الحسنى الواردة في الكتاب والسنة أولى، والله أعلم.
وفيما نقله فضيلة الشيخ أبي عبد الرحمن حفظه الله مزيد توضيح وفائدة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/432)
ـ[الجندى المسلم]ــــــــ[19 - 11 - 04, 09:16 م]ـ
قال شيخ الاسلام ابن تيمية فى كتاب العقيدة الأصفهانية، الجزء 1، صفحة 17.
وأول العقيدة المذكورة قوله الحمد لله حق حمده وصلواته على محمد رسوله وعبده للعالم خالق واجب الوجود لذاته واحد عالم قادر حي مريد متكلم سميع بصير والدليل على وجوده الممكنات
لاستحالة وجودها بنفسها واستحالة وجودها بممكن آخر ضرورة استغناء المعلول بعلته عن كل ما سواه وافتقار الممكن إلى علته والدليل على وحدته أنه لا تركيب فيه بوجه وإلا لما كان واجب الوجود لذاته ضرورة افتقاره إلى ما تركب منه ويلزم من ذلك أن لا يكون من نوعه اثنان إذ لو كان لزم وجود الاثنين بلا امتياز وهو محال والدليل على علمه إيجاده الأشياء لاستحالة إيجاده الأشياء مع الجهل بها والدليل على قدرته إيجاده الأشياء وهي إما بالذات وهو محال إلا لكان العالم وكل واحد من مخلوقاته قديما وهو باطل فتعين أن يكون فاعلا بالاختيار وهو المطلوب والدليل على أنه حي علمه وقدرته لاستحالة قيام العلم والقدرة بغير الحي والدليل على إرادته تخصيصه الأشياء بخصوصيات واستحالة التخصيص من غير مخصص والدليل على كونه متكلما أنه آمروناه لأنه بعث الرسل لتبليغ أوامره ونواهيه ولا معنى لكونه متكلما إلا ذلك والدليل على كونه سميعا بصيرا السمعيات والدليل على نبوة الأنبياء المعجزات والدليل على نبوة نبينا محمد ص = القرآن المعجز نظمه ومعناه
وان اردت الاستزادة فعليك بشرح شيخ الاسلام ابن تيمية للعقيدة الاصفهانية ففيه المزيد.
وان احتجت الى شرح فانصحك بالشيخ زياد بن منيف العضيلة (المستمسك بالحق) أو الاخ حارث الهمام
والله المستعان
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[20 - 11 - 04, 02:16 ص]ـ
جزاكم الله خيرا يا شيخ خالد
علي تعريفك للكلمة
لقد اتضحت لي معني هذه كلمة اكثر وخاصة عند تفسيرك ممكن الوجود
اشكرك علي هذه الفائدة التي تعلمتها منك
ـ[الدرة]ــــــــ[20 - 11 - 04, 04:14 م]ـ
جزاكم الله خير الجزاء جميعاً
شيخنا الفاضل أبا خالد السلمي: ماأدليتم به من معلومات أفدت منها كثيراً فهي موجزة ومفيدة فجزاكم الله خيراً
شيخي الكريم سبب بحثي عن هذا المصطلح هو أنه مرت بي عبارة في أثاء البحث الذي أقوم به وهي (الله: علم على الذات الواجب الوجود) وكان تعليقي حولها هو:
، وواَجِبُ الوُجُودِ: هو الذي يكون وجوده من ذاته ولا يحتاج إلى شيء أصلاً، وواجب الوجود قسمين: واجب الوجود لذاته: كالباري تعالى، وواجب الوجود بالغير: كالموجودات.
التعريفات (ص244).
فهل يكفي التعريات كمرجع حول هذا المصطلح في بحث أكاديمي أم لا؟ مع أن عبارتكم أوضح فهل من الممكن ثوثيقها لي وجزاكم الله خيراً
ـ[الدرة]ــــــــ[22 - 11 - 04, 01:54 ص]ـ
في انتظار تعليقكم يا شيخ خالد حفظكم الله.
ـ[ابو عاصم النبيل]ــــــــ[11 - 12 - 04, 12:50 ص]ـ
اجع شرح الطحاوية لابن ابي العز الحنفي ففيع في اوله تبيين لهذا ان شاء الله تعالى
ـ[حارث همام]ــــــــ[11 - 12 - 04, 04:45 م]ـ
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
ماذكره شيخنا وأستاذنا المجيد المفيد التفنن أبا خالد -حفظه الله- جواب شاف كاف.
ولعل من مصادره لوامع الأنوار للسفاريني 1/ 58، وهو الذي اختاره -إن لم تخني الذاكرة- الشيخ المحقق العلامة عبدالرزاق عفيفي رحمه الله في مذكرة التوحيد.
ثم شرحه وأضاف عليه شيئاً من كلام شيخ الإسلام المبثوث في الفتاوى وغيرها.
أما أي تعريف يختاره الباحث فلعل موضوع بحثه وعلمه هو الذي يملي نوع المصدر فإن كان البحث ثقافياً شرعياً غير متخصص في الاعتقاد أو الأصول فالتعريفات للجرجاني مرجع مناسب وكاف. ولعلكم إذا اقتصرتم على تعريفه لواجب الوجود (هو الذي يكون وجوده من ذاته ولا يحتاج لشيء أصلاً) [وهذا التعريف مشهور ذكره التفتزاني في شرح العقائد النسفية وذكره غيرهم]، على أن تعريف الذي ذكره السفاريني أحكم، وأبعد عن الدور وإيرادات المنطقيين، غير أن هذا حد بالوصف صحيح، فإن ذكرتم ما أشار إليه السفاريني فهو أحسن وإن ذكرتم هذا فلا بأس على أن يكون الاقتصار عليه دون الإشارة للواجب بالغير، لأن واجب الوجود بالغير يذكر مقيداً كما أنهم يطلقون عليه أيضاً ممتنع الوجود بالغير فأما الإطلاق الأول فباعتبار وجود علته، والثاني باعتبار عدم وجود علته [وقد فصل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/433)
الغزالي الكلام على هذا في معيار العلم ولا أنصح غير المتخصص بالرجوع إليه]، وعلى كل حال عادة المتكلمين التعبير عن واجب الوجود لغيره بالممكن ولا يطلقون هذا (أعني بالغير) إلأّ نادراً عند شرح معناه أو نحوه، كما أخشى أن ينصرف ذهن القاريء إلى معنى غير مراد من اللفظ المعلق عليه وهو الواجب لغيره عند الفقهاء. وما ذكره الجرجاني لعله كان متعلقاً بنحو هذابل كأنه يقصد به اصطلاح الفقهاء والأصوليين في تقسيم الواجب وإن جاء عرضاً عقب ذكر واجب الوجود وقبيل تعريفه.
ولا يعني به الممكن والذي قد يكون واجباً لغيره عند المتكلمين وقد يكون ممتنعاً لغيره ولهذا عقب بعد أن ذكر الواجب فذكر مصطلح (واجب الوجود). فو اقتصرتم عليه فهو أولى من التقسيم لأن وروده في مثل هذا المحل قليل عندهم (أعني المناطقيين والمتكلمين) وقد اشتهر عندهم باصطلاحات أخر من نحو الممكن أو الجائز أو الحادث وهي أكثر شيوعاً واستخداماً.
أما إن كان البحث متخصصاً فلعل جمع التعاريف واختيار أحدها قد يكون مناسباً للمقام مع التنبيه على أن اللفظ أضحى مشتركاً رغم تقارب الحدود بين معان مختلفة وذلك نظراً للخلاف في معاني بعض ألفاظ الحدود الموضوعة.
قال شيخ الإسلام: "وذلك أن لفظ الواجب صار فيه اشتراك بين عدة معان: فيقال للموجود بنفسه الذى لا يقبل العدم، فتكون الذات واجبة والصفات واجبة، ويقال للموجود بنفسه والقائم بنفسه، فتكون الذات واجبة دون الصفات، ويقال لمبدع الممكنات، وهى المخلوقات، والمبدع لها هو الخالق، فيكون الواجب هو الذات المتصفة بتلك الصفات، والذات مجردة عن الصفات لم تخلق، والصفات مجردة عن الذات لم تخلق، ولهذا صار من سار خلفهم ممن يدعى التحقيق والعرفان، إلى أن جعل الواجب هو الوجود المطلق، كما قد بسط القول عليه فى مواضع" الفتاوى 1/ 50.
ويحسن في الختام التنبيه إلى أن كثيراً من المتكلمين يتحرزون من إطلاق الواجب بنفسه، ويعبرون بلفظ الذات (بذاته) خشية أن يدخلوا الصفات، وهذا عند التحقيق ليس بشيء إذ من الممتنع وجود ذات مجردة عن صفات إلاّ في الأذهان.
والله أعلم.(28/434)
مقالات حول البوطي وعقيدته
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[20 - 11 - 04, 03:11 م]ـ
البوطي والسلفية
وقضايا أخرى ... !
عبد القادر حامد
من منهج مجلة البيان أنها لا تدخل في مهاترات وخلافات شخصية، مما يقع
كثيراً بين المسلمين أفراداً وجماعات وعلماء، وهي إن أشارت إلى بعض الأسماء
فليس من أجل فتح معارك شخصية توغر الصدور وتفرق الصف المسلم بل لبيان
وجه الحق في مسألة ما، ونقد بعض المناهج والأساليب التي يلجأ إليها من يحبون
إثارة المعارك الفكرية التي يكون محورها أشخاصهم وأهواؤهم.
ومن هؤلاء الذين درجوا على إثارة المعارك الدكتور محمد سعيد رمضان
البوطي، فقد أخذ هذا الرجل على عاتقه مهمة الوقوف بقوة وبكل ما أوتي من
مواهب في وجه التيار الذي ينادي بالعودة إلى الكتاب والسنة، وتحكيمهما في واقع
المسلمين المعاصر، ولم يدخر جهداً أو وسيلة للهجوم على هذا التيار، فهو يستخدم
المسجد الذي يخطب فيه، والكرسي الجامعي الذي أسند إليه، والمؤتمرات التي
يدعى إليها، والكتب التي يسودها يستخدم كل ذلك وغيره من أجل تشويه كل من
يمت بصلة إلى هذا التيار.
ولقد أصبحت القضية عنده كأنها قضية حياة أو موت، وعندما تستعرض ما
يكتبه في شأنها تتبدى أمامك شخصية قلقلة تتصنع ركانة ليست من طبعها، كأنها
شخصية من يحاول جر واحتياز شيء ثمين سبقه إليه من هم أقوى منه سواعد،
وأصعب منه قياداً ومراساً.
لقد انتهى الأمر بالبوطي إلى أن حدد مساره بوضوح، وذلك بأن يعمل على
جبهتين، ويحشد طاقاته لتسير على خطين متوازيين:
1 - العمل على رمي الاتجاه السلفي بما يستطيع من عظائم وسخائم، وتضييع
أوقاته التي يسترخصها في هذا المجال العقيم.
2 - بناء اسم ومجد شخصي له في حياته بواسطة هجومه الشرس الذي لا يكن
ولا يكل على هذه الطائفة التي أصبحت عظيمة -والحمد لله- هذا من جهة، ومن
جهة أخرن نعومته و (تحضره) ورزانته المزعومة التي يبدو بها أمام غيرهم ممن
هم أولى بأن يصرف همه إليهم، ويقف جهوده على الإشارة إلى أفاعيلهم، وهم
كثير في البلاد التي يصول فيها ويجول، لا يتطلب التعرف عليهم إلا أن ينظر إلى
يمينه ويساره.
لقد تصدى البوطي في أواخر الستينات لما سماه (اللامذهبية) ووضع كتيباً
بعنوان تهويلي هو: (اللامذهبية أخطر بدعة تهدد الشريعة الإسلامية) خطب
وحاضر وسب وشتم حول هذا الموضوع، ورُدَّ عليه في حينها، ولكنه شعر أنه لم
يكسب الجولة، فقد وجد أنه إذا كتب رسالة رد عليه برسائل، وإذا أصدر كتيباً،
رد عليه بكتاب.
فماذا يفعل!؟ وجاءت الفرصة، حين تشتت أعداؤه شذر مذر، لأسباب لا يد
له هو فيها، فمنهم من يقبع في غياهب السجون، ومنهم من أجبر على الهجرة،
ومنهم من ألجم بلجام الخوف والإرهاب، فانبرى الرجل من جديد يعيدها جَذَعة،
ويستأنف طريقته في النقاش والهجوم، والعلم والتعليم، مع أن الفروسية تقتضي أن
يسكت حيث سكت -أو أسكت- خصومه، ولكن يبدو أن العرب الذين علموا
البشرية الفروسية ماتوا، أو لا يعرفهم البوطي. ففي عام 1408هـ أصدر كتاباً
جديداً بعنوان: (السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب). يصلح أن يتخذ نموذجاً
لما يجني التعصب والحقد والغرور والكبر على صاحبه وعلى العلم.
كلمة حول الكتاب:
من صفات العالم الحق أنه يعرض ما يراه من آراء وما يكتبه من بحوث
وموضوعات على آخرين، فيستفيد من ملاحظاتهم وإشاراتهم، فيخرج عمله خميراً
ناضجاً، ولكن يبدو أن البوطي يعيش في وقت غير طبيعي، وفي مشاعر غير
طبيعية، أما الوقت غير الطبيعي: فهذا واضح من تراجع المؤسسات العلمية التي
تعلم العلم الشرعي مقارنة بغيرها من المؤسسات، فعصرنا هذا -وهو عصر
البوطي- تميز بالضغط الشديد على هذه المؤسسات، هذا الضغط المتمثل بالإغلاق
أو التحويل أو المسخ أو التشويه، وكذلك تميز بكبت الأصوات الحرة والعقول
النيرة، وعندما تبتلى الأمم بمثل هذا الفراغ يسارع إلى أخذ الدور وملء الفراغ من
لا يغني فتيلاً، بل يُصْنَع من يسد هذه الخلة صنعاً، ولكن على عين الذين أرادوا
للأمة أن تعيش في ظل الفراغ. ولذلك فقد يعتذر البوطي بأنه لا يجد أحداً يعرض
عليه آراءه وأفكاره، وقد يكون حاله كحال دعبل الشاعر التي يمثلها قوله:
ما أكثر الناس! لا بل ما أقلهم الله يعلم أني لم أقل فندا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/435)
إني لأفتح عيني حين أفتحها على كثير! ولكن لا أرى أحدا!
وهنا نصل إلى قضية أن البوطي يعيش في مشاعر غير طبيعية. فكيف
يتصور من البوطي أن يتنازل ليعرض ما يكتبه على غيره؟ (وهل في الميدان
غير حديدان؟!) ولكننا نزعم أن الساحة لم تخل، ولن تخلو، وأن البوطي يلبس
نظارة مكبرة بالمقلوب، تكبر له نفسه جداً وهو النحيل الجسم -كما نعلمه- وتصغر
له من اصطنع خصومتهم حتى يراهم كالذر، أو لا يراهم شيئاً! ولو طامن من
نفسه قليلاً لكان أليق به، وأكثر بركة على الإسلام والمسلمين.
إن الرجل لو عرض كتابه على من يظن بهم العلم للفتوا نظره إلى كثير من
المجازفات التي رماه فيها تسرعه ونزقه، ولبينوا له أن ما نصب له نفسه أمر قد
استتب -والحمد لله- ولا رجعة فيه، ولا تضره كتب تكتب على عجلة، وتتلون
بالغيظ الفائر من خلف الكلمات حيناً، وبالمداورة والتلبيس والعبارات الملتوية التي
ليست من سمات المنهج العلمي في شيء، ذلك المنهج الذي أشار إليه البوطي كثيراً،
وأبدأ وأعاد في بهره، ودار حوله واقترب وابتعد وحين ظن أنه اقتحمه مكتشفاً له
مفتحاً أبوابه المسحورة؟ لم يدر أنه كان مثل الظمآن في الصحراء، أبصر على
البعد ما ظنه ماء فأسرع إليه وطوح مغمضاً عينيه فإذا به لم يطوح في غير السراب!
العمود الفقري للكتاب:
تعارف الناس أن يكون فهرس الكتاب خلاصة لما في الكتاب، تبدو فيه
القضايا الأساسية التي بحثها المؤلف، ولكن القارئ إذا أراد أن يطبق هذا الأمر
المتعارف عليه بين الناس على هذا الكتاب بعد قراءته فإنه سيكتشف أن هذا الأمر
المعروف للناس غير معروف للبوطي، فالقارئ لا يخرج بتعريف للسلفية في اللغة
والاصطلاح، ولا يقبض على شيء من المنهج الذي أعاد فيه القول وحوله كثيراً،
وظن أنه فصل ووضح ووضع النقاط على الحروف، أما تطبيقاته فجاءت كفاء
منهجه: تناقض واضطراب مضحك، وإن كان يثير الشفقة. وقل مثل ذلك في
وقفته مع ابن تيمية.
أما الشيء الذي يخرج القارئ به ويتعثر به أينما جال بنظره في الكتاب فهو:
كره شديد للدعوة السلفية ودعاتها يعبر عنه صراحة؛ بألفاظه التي تنم عن
الكبر الموجود في نفسه، ومداورة؛ حينما يحاول أن يتزيا بزي العلماء ويستخدم
عباراتهم.
* حرص على النيل من ابن تيمية وابن القيم كلما لاحت له فرصة في مناسبة
أو غير مناسبة.
* افتراء وتهويل على خصومه.
* إشارات مبسوطة في عرض الكتاب هنا وهناك تشير إلى اهتمامه بنفسه
وحرصه على البروز. ومن مجموع هذه الإشارات ترتسم شخصية (نرجسية) [1]
معقدة لا تأبه بما يقوله الآخرون.
هذا هو الجد الذي يخرج به قارئ الكتاب، وهذا ما يستخلصه من هذه المعاناة
التي عاناها المؤلف وهو يجلد نفسه من أجل أن يثبت أن:
1 - السلفية بدعة، بل أخطر من كل سائر البدع التي وجدت والتي ستوجد.
2 - ابن القيم لم يأت بما يشفي الغليل في أعلام الموقعين.
3 - إذا جاز لنا أن نكفر ابن عريي فيجوز لنا أيضاً أن نكفر ابن تيمية!
4 - السلفيون جهلة.
5 - السلفية يستخدمها الاستعمار لتفريق المسلمين.
كبر ومكابرة:
نحن الآن في عصر اختلطت علينا فيه الأمور وأصبحنا في جهالة جهلاء
حتى إننا لم نعد قادرين على معرفة من هو المسلم، وما هي شروط ممارسة الإسلام
يقيناً وسلوكاً، ولكن رحمة الله أدركتنا بإرسال البوطي ليؤلف هذا الكتاب ليقول لنا
فيه: إن الإنسان لكي يمارس الإسلام يقيناً وسلوكاً، لا بد أن يجتاز المراحل الثلاث
التالية:
أ- التأكد من صحة النصوص الواردة والمنقولة عن فم سيدنا محمد -صلى الله
عليه وسلم-، قرآناً كانت هذه النصوص أم حديثاً بحيث ينتهي إلى يقين بأنها
موصولة النسب إليه، وليست متقولة عليه.
ب- الوقوف بدقة على ما تتضمنه وتعنيه تلك النصوص، بحيث يطمئن إلى
ما يعنيه ويقصده صاحب تلك النصوص منها.
ج- عرض حصيلة تلك المعاني والمقاصد التي وقف عليها وتأكد منها، على
موازين المنطق والعقل (ونعني بالمنطق هنا قواعد الدراية والمعرفة عموماً)،
لتمحيصها ومعرفة موقف العقل منها. (وطبيعي أن من لم تتحقق عنده الشروط لا
يحكم له بأنه مارس أو يمارس الإسلام يقيناً وسلوكاً) هكذا يقول الشيخ! وشرط
رابع نسيناه (نستغفر الله) وهو المهم، فهو الأداة ... المنهج ... وما أدراك ما
المنهج؟!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/436)
يقول الشيخ: (واجتياز الإنسان بهذه المراحل الثلاث لا يتم إلا بعد الاستعانة
بأداة، وهذه الأداة هي ما نعنيه بكلمة (المنهج).
مجموعة واحدة من المسلمين تستثنى من الذين اقتضت إرادة الشيخ أن
يخضعهم لهذا البلاء الذي سماه المنهج: أتدري من هم!؟ إنهم أصحاب رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- فقد (كان لهم شرف الاستثناء من هذا الاحتياج طبقاً لما
أوضحناه من قبل) (ص 63 من كتابه المذكور) والحمد لله، أن استثنى الشيخ
بتواضعه الجم الصحابة من أن يخضعوا لجبروت منهجه، وإلا لأصابهم ما أصاب
التابعين وتابعيهم ومن بعدهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها!
إذن فمنهج المعرفة الإسلامية (وهو منهج البوطي) والانضباط بمبادئه وأحكامه
يتكون من ثلاثة أجزاء، كل منها يتكفل بحمل صاحبه إلى ثلث الطريق، ومن
تلاقي هذه الأجزاء الثلاثة متدرجة على الترتيب الذي ذكرناه؟ تتم الرحلة إلى
معرفة الإسلام والانضباط به اعتقاداً وسلوكاً.
وهكذا فقد اتضحت لنا المعادلة بحدودها شاخصة عارية، وهي:
1 - اجتياز المراحل أ، ب، ج + الأداة = شخص يمارس الإسلام يقيناً
وسلوكاً.
2 - اجتياز واحدة من هذه المراحل = ثلث مسلم!
لكن ننبه القارئ الكريم إلى أن في الطرف الأول من المعادلة الأولى وردت
كلمة الأداة وهي منهج البوطي، والمعادلة نفسها كاملة هي المنهج أيضاً، وحتى
يفهمها على وجهها الصحيح لا بد أن نحيله على صمويل بيكيت ومسرحيته (في
انتظار غودو) وإذا استثقل ذلك ورفض الإحالة فنقول له: العلم سر ولا ينفتح
لمن هب ودب، بل لا بد له من استعداد ومواهب من نوع خاص!
وقد وعد المؤلف بأنه سوف يثبت ملخصاً للجزء الأول والثاني من المنهج
(أي مرحلة: أ، ومرحلة: ب) ويدع الجزء الثالث لمصادره المنطقية الخاصة به
(لسنا ندري ماذا يريد بهذه العبارة) ولعلها مما سماه البلاغيون: حشو اللوزينج!
وفي طريقه إلى توضيح الجزء الأول والجزء الثاني من منهجه العتيد يقول
بعبارة مضمخة بالاشمئزاز: (فإن كثيراً من الذين يتحدثون اليوم عن الإسلام
والمسلمين؛ يصرون على تقسيم المسلمين إلى سلفيين وبدعيين وخلفيين؛ زيادة على
الانقسامات المبتدعة المؤسفة التي انتشرت فيما بينهم قد لا يعلمون من هذا المنهج
إلا النزر اليسير، ولعلهم لا يقيمون له وزناً، ولا يرون له وظيفة ولا شأناً)
(ص 64) وتعليقنا على ذلك: الحمد لله على أن هؤلاء كثيرون، وحبذا لو عدل
المؤلف هذه العبارة في الطبعة الثانية لتصبح: (لا يعلمون من هذا المنهج شيئاً، ولا
يقيمون له وزناً، ولا يرون له وظيفة ولا شأناً) فهي أشق لصدره، وأصدق في
وصف حالهم!
إن البوطي حينما يلقي لنفسه العنان وينهد للتنظير والمنهجة [2]؛ يأتي
بالفواقر والأعاجيب، ويوقع قارئه في الحيرة: من أين يبدأ في الرد من البدايات أم
النهايات أم الأواسط؟ ولكنه حينما يعرج على ما يعرفه الناس ويرجع بك إلى
القضايا التي يتحرش بها ليريك علمه وبعد غوره فهو سهل الخطب، مسترخي
الحبل. ولكي يدخلنا في الجد فقد ساق لنا رأيه في خبر الآحاد، وقضية خبر الآحاد
من القضايا المهمة التي تُكُلِّم فيها قبل البوطي كثيراً، وتكاد تكون من أبرز القضايا
التي يتمايز بشأنها المسلمون قديماً وحديثاً، بل نؤكد أنها لب المسائل التي ينقسم
الناس من المسلمين بشأنها إلى قسمين رئيسيين:
1 - قسم يرجع كل أموره إلى كتاب الله وما صح من سنة رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- غير مفرق بين ما صح في مجال العقائد أو الأحكام أو السلوك.
2 - وقسم آخر يعطي لنفسه أو لشيوخه الحق في التحكم والتفريق بين أصناف
الصحيح، فهذا يأخذ به في الأحكام والمعاملات؛ وذاك يهمله لأنه في العقائد، وهو
خبر غير متواتر. لكن المؤلف يعتبر القسم الأول مبتدعاً وجاهلاً وسطحياً وعميلاً
للاستعمار، بينما الذي يتبع منهجه هو المسلم الحق! والموضوعية والعلمية تقتضي
من المؤلف إذا أراد أن يناقش هذه المسألة أن يضع رأيه وحججه واضحة، وينقل
رأي خصمه وحججه واضحة أيضاً، ويحرر مكان الاختلاف ويرد حجج الخصم
بعبارة غير محتملة، فهذا الأمر قضية علمية محددة وليست موضوعاً إنشائياً
فضفاضاً، لكنه لم يفعل شيئاً من هذا واكتفى بعرض رأيه في قضية خبر الآحاد
فقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/437)
«هذا القسم الثاني (أي خبر الآحاد) لا تتكون منه حجة ملزمة في نطاق
الاعتقاد، بحيث يقع الإنسان في طائلة الكفر إن هو لم يجزم بمضمون غير صحيح
لم يرق إلى درجة المتواتر، وبقي في حدود رواية الآحاد. بل يسعه أن لا يجزم به
دون أن يخدش ذلك في سلامة إيمانه وإسلامه (!!) وإن كان ذلك يخدش في
عدالته ويستوجب فسقه». هل تريد دليلاً على هذه الطامة!؟ خذ -إذن- هذه
الطامة الكبرى: (دليل ذلك أن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، ما في ذلك ريب ولا
خلاف (من يرتاب في ذلك!؟) والاعتقاد انفعال قسري وليس فعلاً اختيارياً
(الرجل ليس نائماً ولا يشرب، ونحلف على ذلك!) فإن وجد العقل أمامه ما يحمله
على الانفعال واليقين بأمر ما، اصطبغ بذلك اليقين لا محالة، دون أن يكون له في
ذلك أي اختيار (أي اختيار مهما صغر!؟) وإن لم يجد أمامه ما يحمله على ذلك
الانفعال واليقين، هنا بيت الفرس!) لم يجد بداً من الوقوف عند درجة الريبة أو
الظن، دون أن يكون له أيضاً في ذلك أي إرادة أو اختيار (!) فإن أجبرت العقل
مع ذلك بالجزم واليقين، دون أن تتوافر أمامه موجبات الجزم؟ فقد حملت العقل ما
لا يطيق (مسكين العقل!)، ودين الله تعالى مبرأ من ذلك (ص 66).
هكذا يستدل الرجل! ألا يصلح كلامه شرحاً لهذه الرباعية من رباعيات عمر
الخيام:
لبست ثوب العمر لم أستشر وحرت فيه بين شتى الفكر
وسوف أنضو الثوب عني ولم أدرك لماذا جئت أين المفر!؟
«أما في نطاق الأحكام السلوكية من عبادات ومعاملات ونحوهما، فقد دل
الخبر اليقيني المتواتر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أن المسلم متعبد
في ذلك بالأدلة الظنية. فحيثما وجد حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
يتضمن حكماً في العبادات أو الأحكام الشرعية الأخرى، وكان الراجح والمظنون
في ذلك الحديث هو الصدق لتوفر شرائط الصحة فيه، وجب عليه -بالدليل اليقيني
المتواتر- التمسك بذلك الحديث والاهتداء بهديه والالتزام بمقتضاه.
أما الدليل اليقيني على ذلك، فهو ما تواتر عن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- من إرساله آحاد الصحابة إلى البلاد والقبائل المجاورة والبعيدة، ليعلموا أهل
تلك البقاع أحكام الشريعة الإسلامية من عبادات ونحوها. وقد علمنا أن العقل يظل
يفرض احتمال السهو والغلط والنسيان في حق أولئك الآحاد، ومع ذلك فإن النبي
عليه الصلاة والسلام كان يأمر أهل تلك البلاد باتباع ما يرشدهم إليه هؤلاء الآحاد
الذين يبعثهم منتشرين في تلك الأصقاع. فكأنه بذلك يقول لهم: حيثما أخبركم
هؤلاء الرسل بشيء من أمر دينكم، مما يدخل في نطاق التطبيقات السلوكية،
وظننتم الصدق في كلامهم، فواجبكم تطبيق ذلك والأخذ به» (ص 76).
لم يفصل لنا المؤلف سر هذا التفريق بين العقائد والأحكام السلوكية من
عبادات ومعاملات! ولم يسق أدلة على هذا التفريق، بل إن الأدلة التي أشار إليها
تدل على غير ما يريد، فآحاد الصحابة الذين كان رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- يرسلهم إلى القبائل والبلاد كانوا يحملون رسائله ووصاياه وكان من تبلغه هذه
الرسائل أو الوصايا مكلفاً بطاعتها برمتها، لا أن يتوقف فيما يخص العقائد أو
يرفضها؛ ويقبل الباقي، بل إن التفريق بين أحكام الشرع إلى عقائد وعبادات
ومعاملات لم يعرفه الصحابة ولا العصور الأولى المفضلة وإنما حدث فيما بعد ذلك.
ثم إن قوله عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «فكأنه بذلك يقول لهم:
حيثما أخبركم هؤلاء الرسل بشيء من أمر دينكم مما يدخل في نطاق التطبيقات
السلوكية» تقول على النبي عليه الصلاة والسلام، ونسبة ما لم يقله إليه -صلى
الله عليه وسلم- فمن أين له هذا القيد: مما يدخل تحت نطاق التطبيقات السلوكية!؟
ولا أدل على مجازفة البوطي من قوله عن الحديث الضعيف أنه يجوز العمل
به فيما ذهب إليه جل علماء الحديث في فضائل الأعمال، بشرط أن لا يصل
الحديث إلى درجة متناهية في الضعف، وبشرط أن لا يعتقد راوي الحديث صحته
ففي هذه العبارة (أ) عدم دقة في الصياغة، فالأدق أن تكون هكذا: «يجوز العمل
به في فضائل الأعمال، فيما ذهب إليه ... »
ب) تلبيس وتدليس مقصود في قوله جل علماء الحديث.
ج) عدم استيفاء الشروط التي وضعها من أجاز العمل بالحديث الضعيف في
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/438)
فضائل الأعمال ومنها: أن يندرج تحت أصل معمول به. أما قوله: جل علماء
الحديث؟ فهي عبارة موهمة من يقرأها يظن أن هذا رأي الأكثرين ولم يشذ عنه إلا
عالم أو عالمان؟ مع أن العكس هو الصحيح. وإليك ما قاله الشيخ أحمد محمد
شاكر في الباعث الحثيث
(ص91 - 92) عمن أراد أن ينقل حديثاً بغير إسناده «من نقل حديثاً صحيحاً
بغير إسناده. وجب أن يذكره بصيغة الجزم، فيقول مثلا: (قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم). ويقبح جداً أن يذكره بصيغة التمريض التي تشعر بضعف الحديث،
لئلا يقع في نفس القارئ والسامع أنه حديث غير صحيح. وأما إذا نقل حديثاً
ضعيفاً، أو حديثاً لا يعلم حاله، أصحيح أم ضعيف، فإنه يجب أن يذكره بصيغة
التمريض كأن يقول: (روي عنه كذا) أو (بلغنا كذا). وإذا تيقن ضعفه وجب
عليه أن يبين أن الحديث ضعيف، لئلا يغتر به القارئ أو السامع. ولا يجوز
للناقل أن يذكره بصيغة الجزم، لأنه يوهم غيره أن الحديث صحيح، خصوصاً إذا
كان الناقل من علماء الحديث، الذين يثق الناس بنقلهم، ويظنون أنهم لا ينسبون
إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئاً لم يجزموا بصحة نسبته إليه. وقد وقع
في هذا الخطأ كثير من المؤلفين، رحمهم الله وتجاوز عنهم.
وقد أجاز بعضهم رواية الضعيف من غير بيان ضعفه بشروط:
أولاً: أن يكون الحديث في القصص، أو فضائل الأعمال، أو نحو ذلك،
مما لا يتعلق بصفات الله تعالى وما يجوز له ويستحيل عليه سبحانه، ولا بتفسير
القرآن، ولا بالأحكام، كالحلال والحرام وغيرهما.
ثانياً: أن يكون الضعف فيه غير شديد، فيخرج من انفرد من الكذابين
والمتهمين بالكذب، والذين فحش غلطهم في الرواية.
ثالثاً: أن يندرج تحت أصل معمول به.
رابعاً: أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته، بل يعتقد الاحتياط.
والذي أراه أن بيان الضعف في الحديث الضعيف واجب في كل حال، لأن
ترك البيان يوهم المطلع عليه أنه حديث صحيح، خصوصاً إذا كان الناقل له من
علماء الحديث الذين يرجع إلى قولهم في ذلك، وأنه لا فرق بين الأحكام وبين
فضائل الأعمال ونحوها في عدم الأخذ بالرواية الضعيفة، بل لا حجة لأحد إلا بما
صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، من حديث صحيح أو حسن. وأما ما
قاله أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الله بن المبارك: «إذا روينا في
الحلال والحرام شددنا، وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا»، فإنما يريدون
به -فيما أرجح، والله أعلم- أن التساهل إنما هو في الأخذ بالحديث الحسن الذي لم
يصل إلى درجة الصحة، فإن الاصطلاح في التفرقة بين الصحيح والحسن لم يكن
في عصرهم مستقراً واضحاً، بل كان أكثر المتقدمين لا يصف الحديث إلا بالصحة
أو الضعف فقط.
في العدد القادم البوطي والمنهج
________________________
(1) نرجس -في أساطير اليونان- شخص كان يجلس على حافة ماء فنظر فيه فرأى صورته،
فأعجب بها، ثم قتل نفسه لشدة إعجابه بذاته، واعتقاده بتفرده!.
(2) استجزنا هذا المصدر -مع أنه غير مسموع- قياساً على وزن الرباعي فَعْلَلَ، كدحرج.
((مجلة البيان ـ العدد [34] صـ 10 جمادى الأولى 1411 ـ ديسمبر 1990))
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[20 - 11 - 04, 03:11 م]ـ
البوطي ... والمنهج
عبد القادر حامد
(إن من طبيعة المنهج، أياً كان، أنه يكتشف اكتشافاً ولا يبدعه
الباحثون والعلماء إبداعاً ... ) [ص60، من كتاب البوطي السلفية].
يكتشف الباحث منهج البوطي - وهو منهج من المناهج على كل حال - من
خلال استقراء ما يكتب، غير أنه مع تقديمه هذه المقدمة الحاسمة لا يترك لنا حرية
اكتشاف هذا المنهج بأنفسنا، ولا ندري ماذا وراء ذلك: هل هو شك في قدرات
قرائه، وعدم اطمئنانه إلى أنهم قادرون على الاكتشاف؟؛ لذلك يعرِّف لهم المنهج
حتى لا يتركهم في حيص بيص؟ أم أن كلمة المنهج عنده كلمة من جوامع الكلم.
لها معانٍ كثيرة يصعب حصرها؟! لا ندري!
لذلك يعرف لنا المنهج كما يلي:
ماذا نعني بالمنهج؟ وما الشروط التي يجب أن تتوفر فيه؟
إننا نعني بكلمة (المنهج) المعنى الذي يريده كل أولئك الذين يستعملون هذا
المصطلح في نطاق دراساتهم وبحوثهم العلمية، نعني بها الطريقة التي تضمن
للباحث أن يصل إلى الحق الذي يبتغيه، ولا يضل في السعي إليه بين السبل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/439)
المتشعبة، ولا يلتبس عليه بالحق فيركن إليه ظاناً أنه الحق الذي يبحث عنه ويسعى
إليه، سواء أكان هذا الحق الذي يبحث عنه خبراً يريد أن يتبين صحته أو أن يعلم
مضمونه، أم أطروحة علمية يريد أن يعرف دلائل صحتها أو بطلانها) [ص60
من كتابه].
أما أنا فقد قرأت هذا التعريف عدة مرات متهماً عقلي بعدم القدرة على فهمه،
لعل الإعادة تفتح لي ما انغلق، وتكشف ما استتر، ولكنني أخيراً سلمت بأن هذا
التعريف أشبه ما يكون بالشعر الحر الذي لا تستسيغه أذواق وعقول الكثير من
القراء؛ إما لفقر وتخلف في مقدرتهم الثقافية أو لفراغه وخُلوه من أي معنى، وكل
من الرأيين له جمهوره وقائلون به.
إن من صفات التعريف أن يصاغ بعبارة جامعة مانعة محددة حتى يتمكن
القارئ من الفهم، وخاصة في القضايا العلمية، لكن البوطي لا يأبه - كما قلنا -
بما تعارف الناس عليه، ويحب أن يأتي بما لم يأتِ به الأوائل! كيف لا؛ وهو
أديب فنان يطمح - وهو في قمة تسنُّمه مهمة البحث العلمي - أن يستخدم العبارات
المجنحة التي تلفت إليه الأنظار.
وها نحن نبدأ بتحليل تعريفه للمنهج لعلنا نظفر بما عجزنا عنه أثناء القراءة.
يقول: (إننا نعني بكلمة (المنهج) المعنى الذي يريده كل أولئك
الذين يستعملون هذا المصطلح في نطاق دراساتهم وبحوثهم العلمية). اقرأ هذه
العبارة ورددها مرة ومرة ومرة، هل تفهم منها تعريفاً، وهل تزيدك علماً بشيء؟
طبعاً لا! فمَن هم أولئك الذين يستعملون هذا المصطلح؟ من أي ملة هم؟. وأي
دراسات وأي بحوث؟، لعل التوضيح يأتينا بعد كلمة (نعني)! (نعني بها الطريقة
(طريقة ماذا؟) التي تضمن للباحث أن يصل إلى الحق الذي يبتغيه). كل باحث
يعتقد أن ما يقوله ويصل إليه هو الحق، فهل هذا هو الحق في المنهج الإسلامي؟
وكثير من بغاة الباطل يطلقون على مبتغاهم اسم الحق!
وقبل أن نخرج من هذه الدوامة في تعريف المنهج، يدرك البوطي بكياسته
وذوقه الدقيق جداً أننا بحاجة إلى تحديد كلمة الحق، فيحددها، وكأنه أحس أن
تعريفه يحتاج إلى شروط كي يصبح تعريفاً له شَبه بالتعريفات، فهل تظن أنه يُقر
عينك بذكر هذه الشروط ليجعلك تشعر بالراحة وتتنفس الصُّعَداء؟!
لا، لن تفرح بذلك! فهذه مشكلتك، عليك حلها بنفسك! اسمعه يقول:
(وأما شروطه (المنهج) فبوسعك أن تعرفها من خلال إدراكك لطبيعته
ومهمته). وإذا ما أخفقت في معرفة هذه الشروط فهذا يعني أنك لا تدرك طبيعة
المنهج ولا مهمته! وإذن فأنت لست جديراً أن تكون من قرائه، ولست
مقصوداً فيما يكتب؛ لأنه:
عليه نحت القوافي من معادنها وما عليه إذا لم تفهم
إن القارئ سيصيبه الدوار إذا ما ظن أنه - بترديده ما كتب البوطي عن
المنهج - يمكن أن يظفر بشيء، وسوف يكتشف أخيراً أن الرجل يتلاعب بعقله
ليوهمه أن ما كتب حول المنهج له معنى متماسك، إنك تطالبه بشروط المنهج حتى
تتضح معالمه فيقول لك: (بوسعك أن تعرفها من خلال إدراكك لطبيعته ومهمته)،
ثم يمضي بك موهماً أنه ذكر شروطاً، لكن حين تريد أن تضع بداية ونهاية لهذه
الشروط وتحصرها في عبارة واضحة لها دلالة فإنك تطلب المستحيل!
وتمضي في القراءة لتعثر على عبارة تظن أنها ستفتح لك ما استغلق،
وتكشف ما غمض، فتكاد تصيح مثل أرخميدس: (وجدتها)، إنها قوله:
(إذن فمن أهم شروط سلامة المنهج ... ) لكنك تتبين أن هذه العبارة
وما بعدها ليست بداية الشروط، بل نهايتها، واخيبتاه! فترجع أدراجك إلى
الفقرة السابقة وقد فركت عينيك ووسعت حدقتيهما وأحددت النظر بهما لتبحث عما
كانت العبارة السابقة فذلكة له فتجد شيئاً مثل:
(فقد كان الإنسان بحاجة إلى أن يرصد خطوات هذا المنهج في أغوار
فكره، وأن يتلمس آثارها في شغاف وجدانه (العرب تعرف شغاف القلب، فما
الوجدان؟ وما شغافه؟!) وساحة شعوره، ثم يصوغها في عبارات دقيقة،
ويصبها في قواعد منضبطة، ثم يجعل منها مشعلاً هادياً في طريقه إلى المعرفة،
وملاذاً يتقي به الشرود في أودية التيه والضلال.
وهكذا فإن تحول المنهج الفطري من شعور وتفاعل خفي في الفكر والنفس
إلى قواعد مدونة مضبوطة ماثلة للعيان، من شأنه:
أن يجمع شوارد الأفكار عليه، وأن يبعد عوامل التلبيس والكيد عن التسلل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/440)
إلى ساحة المعرفة، ودائرة النظر والمحاكمة العقلية في الذهن، في حين لو بقي
شعوراً غامضاً في النفس وفطرة مستكنة في أغوار الفكر؛ لأمكن أن تتسلل إليه
الشوائب، وأن تحاط بعوامل الغموض والريب، وأن يغشي عليها المبطلون
بزخرف القول وزيف الأدلة الباطلة). [ص61]
أرأيت إلى هذه الخطبة العصماء خطبة ولا خطبة زياد البتراء!
سنحاول أن نشير إلى خطوط عريضة في منهج البوطي - الذي هو غير
منهج السلف قطعاً، وكون منهجه غير منهج السلف أمر يسره ويسر السلف والحمد
لله - وسنستخدم عبارته هو في طريقة تناولنا لهذا المنهج المبتكر! فنحن ليس لنا
حياله إلا: (الرصد، ثم الاكتشاف، ثم الصياغة والتقعيد. أما الإبداع والاختراع
فإن المنهج أبعد ما يكون عن أن يأتي ثمرة لذلك):
1 - استهانة بالمراجع:
يتعامل البوطي مع المراجع تعاملاً غريباً وعجيباً، وكما سبق أن قلنا، فإنه
يخرق الأعراف والتقاليد، ويحب دائماً أن يكون نسيجاً وحده، فتراه يحيلك على
كتب ويذكر أرقام أجزاء وصفحات، فتحب أن تتأكد لا من النقل ذاته والإحالة
نفسها أحصلت أم لا- ولكن من سياق العبارة، فتفاجَأ بعدم وجود ما يتحدث عنه
البتة، كما حدث في صفحة 47 من كتابه حيث أحال على كتاب (الاعتصام)
للشاطبي، ج2، ص242، وبعد الرجوع إلى هذا الموضع من كتاب الاعتصام لا
تجد أثراً للموضوع الذي يتحدث عنه.
وكذلك فعل في صفحة 37 فأحال على (المدخل) لابن الحاج، ج4، ص
155 ولا أثر لما أحال من أجله في ذلك الموضع! بل وجدنا في (المدخل) 4/
157 ما يلي: (وقد نقل عن السلف - رضي الله عنهم - أنهم كانوا لا
ينخلون الدقيق، ونخله من إحدى البدع الثلاث المحدثة أولاً)؛ لكن البوطي
يجعل هذه العبارة هكذا: (ومعلوم أن الروايات تواردت (!!) عن السلف أنهم كانوا
في أول عهدهم لا ينخلون الدقيق وأنهم يرون نخله بدعة). [ص39]، وكذلك فعل
في أكثر من مكان فمما يتعلق بإحالاته على (فتح الباري)؛ ففي صفحة 135 أحال
على (الفتح)، ج 7، ص82 وج3، ص315 ولم نجد في هذين الموضعين
شيئاً مما ذكر، بل وجدنا ما له تعلق بثاني الإحالتين في ج3، ص342،
وسنرجع إلى هذه الإحالة لنرصد ماذا فعل البوطي بها من الأفاعيل!.
وأمر آخر يخرق البوطي به الأعراف العلمية، ويبعج البحث العلمي بعجاً،
وهو تداخل عبارته بالعبارة المنقولة أو المحال عليها، فيصبح بين العبارتين تزاوج
أو اتحاد، ولا يمكن التمييز بعدُ بين عبارة الناقل وعبارة المنقول له، وتمتزج
الأمور بصورة طريفة، وهناك أمثلة كثيرة في كتابه لهذا الأمر، وسنكتفي بذكر
مثال واحد - مع أنه مثال طويل - ولكن ماذا نفعل؟! فإن البوطي يأبى إلا أن
يحمل قراءه على أصعب الخطتين. وهذا المثال إحالة إلى (الرسالة) للشافعي.
يتكلم البوطي كلاماً طويلاً لسنا الآن بصدد تحليله، ثم يختم كلامه هذا برقم
ترجع إليه في الحاشية لتقرأ: انظر باب (العلم) من كتاب (الرسالة) للإمام الشافعي
357 بتحقيق أحمد شاكر، وتتحير بعد قراءة هذه الحاشية: هل هذا الكلام الذي
سبق وكتبه هو كلامه أو كلام الشافعي؟ أو شرح لكلام الشافعي؟ إن كان كلامه؟
فَلِمَ أَحال على الرسالة؟.
وإن كان كلام الشافعي؛ فَلِمَ لَمْ يحصره بين حاصرتين حتى نعرف بدايته
ونهايته؟!
وإن كان شرحاً لكلام الشافعي فلِم لم يذكر ذلك؟ كلها أسئلة تحتاج إلى جواب.
ومع أننا سنجد صعوبة في تحديد بداية نقلنا لكلامه ذاك، لكننا سنلجأ إلى
الخرص والتخمين في ما يمكن أن يكون بداية - ونحن مكرهون على ذلك يشهد الله،
ومعذورون لذلك إن أخطأنا التحديد. يقول: (فإذا فعل المسلم ذلك؛ فلا بد أن
يصل إلى العلم بحقائق هذا الدين الذي جاء به كتاب الله. وسيجد عندئذ أن هذا العلم
ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: علم يشمل عامة الناس، على اختلاف مداركهم ومنازلهم
العلمية، ما داموا عقلاء راشدين. فلا يعذر أحد في جهله، ولا سبيل إلى اقتحام شيء
منه بأي تأويل له أو تنازع في فهمه أو خطأ في روايته. وهذا العلم يشمل كليات
العقائد وبدهيات الفروض والأحكام، كالعلم بفرضية الصلوات الخمس وأن لله على
الناس صيام شهر رمضان، وحج البيت إذا استطاعوه، وأن عليهم زكاة في
أموالهم، وأنه حرم عليهم الربا والزنا والقتل والسرقة والخمر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/441)
فهذا الصنف من العلم موجود كله نصاً في كتاب الله، ومعروف عند أهل
الإسلام عامة، ينقله عوامهم عمن مضى من عوامهم، يحكونه عن رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - ولا يتنازعون في حكايته ولا وجوبه.
وسبيل هذا الصنف منه هو ما يسمونه بقطعي الدلالة والثبوت. أي كل نص
وصل إلينا من مصدره بطريق التواتر، وكانت صياغته ودلالته على معناه من
الوضوح بحيث لا يحتمل أي تأويل له أو أي خطأ في فهمه.
ومن أحكام هذا النوع من العلم أن الناس كلهم مكلفون به، ولا يسع بالغاً غير
مَغْلوبٍ على عقله جهلُ أي شيء منه. ومن أحكامه أيضاً أن الاجتهاد غير وارد فيه؛
إذ الاجتهاد قد لا يرقى بصاحبه في كثير من الأحيان فوق درجة الظن، وقد يقع
فيه الخطأ، ثم إن الناس متفاوتون في القدرة عليه، مختلفون في النتائج التي
يصلون به إليها. وهذا القسم من العلم مبرّأ، كما قد أوضحنا، من ذلك كله).
[ص73 من كتابه].
أما كلام الإمام الشافعي المحال عليه فهو:
(قال الشافعي: فقال لي قائل: ما العلم؟ وما يجب على الناس في العلم؟؛
فقلت له: العلم علمان: علم عامة لا يسع بالغاً غير مغلوب على عقله جهله.
قال: ومثل ماذا؟
قلت: مثل الصلوات الخمس، وأن لله على الناس صوم شهر رمضان، وحج
البيت إذا استطاعوه، وزكاة في أموالهم، وأنه حرم عليهم الزنا والقتل والسرقة
والخمر، وما كان في معنى هذا، مما كُلِّفَ العباد أن يعقلوه ويعملوه ويعطوه من
أنفسهم وأموالهم، وأن يكفوا عنه: ما حرم عليهم منه.
وهذا الصنف كله من العلم موجود نصاً في كتاب الله، وموجوداً عاماً عند
أهل الإسلام، ينقله عوامهم عمن مضى من عوامهم، يحكونه عن رسول الله، ولا
يتنازعون في حكايته ولا وجوبه عليهم.
وهذا العلم العام الذي لا يمكن فيه الغلط من الخبر، ولا التأويل، ولا يجوز
فيه التنازع.
قال: فما الوجه الثاني؟
قلت له: ما ينوب العباد من فروع الفرائض، وما يخص به من الأحكام
وغيرها، مما ليس فيه نص كتاب، ولا في أكثره نص سنة، وإن كانت في شيء
منه سنة، فإنما هي من أخبار الخاصة، لا أخبار العامة، وما كان منه يحتمل
التأويل ويُستدرك قياساً.
قال: فيعدو هذا أن يكون واجباً وجوب العلم قبله؟ أو موضوعاً عن الناس
علمه، حتى يكون من علمه منتفلاً ومن ترك علمه غير آثم بتركه؟ أو من وجه
ثالث، فتوجدناه خبراً أو قياساً؟
فقلت له: بل هو من وجه ثالث (. [الرسالة، ص 357].
ومن هذين النصين المنقولين يظهر لنا أن كلام الشافعي يختلف عما أوهم
البوطي أنه كلام الشافعي، وأن القارئ العادي الذي قد يكون على عجلة من أمره قد
يغتر بتلبيسه بتلك الحاشية المدلسة التي تجعله يظن أو يعتقد أن الشافعي قال ذلك
الكلام!
فقارن مثلاً بين عبارة الشافعي حيث يقول:
(وهذا العلم العام الذي لا يمكن فيه الغلط من الخبر، ولا التأويل، ولا
يجوزفيه التنازع) وبين ما فهمه البوطي منها بقوله:
(وسبيل هذا الصنف منه هو ما يسمونه (مَن هم؟!) بقطعي الدلالة
والثبوت، أي كل نص وصل إلينا من مصدره بطريق التواتر (الشافعي لم يذكر
التواتر) وكانت صياغته ودلالاته على معناه من الوضوح بحيث لا يحتمل أي
تأويل له أو أي خطأ في فهمه).
وقل مثل ذلك في إشارته إلى كتاب (الفرق بين الفرق) للبغدادي عند تعرضه
للمرجئة في ص112، حيث عرَّف المرجئة تعريفاً لم يشر إليه البغدادي لا عند
إشارته إلى المرجئة إجمالاً في أول كتابه ولا حين فصَّل القول في هذه الفرقة
ومذاهبها فيما بعد. وتفصيل عبث البوطي في هذه القضية وحدها يحتاج إلى مقال
خاص.
أما قصته مع ابن تيمية فهي أمر يحتاج إلى وقفة خاصة ليس هذا وقت
الحديث عنها. ولكننا نكتفي بضرب مثال على تصرفه وتلاعبه بكلام ابن تيمية من
أجل أن يقيم الحجة عليه وعلى مَن ينصر آراءه، وأسلوبه هذا يذكِّر بأسلوب الشيعة
في الاحتجاج، حيث إنهم ينتقون من آراء أهل السنة ما يظنون أنه حجة عليهم مع
أنهم لا يؤمنون هم - أي الشيعة - بمصادر أهل السنة، وهي عندهم لا تصلح
للاحتجاج؛ لأنها تعارض ما اصطلحوا عليه من أنه أدلة لهم.
يقول: (ومن ذلك ما رواه ابن تيمية - رحمه الله - عن جعفر الصادق
(رضي الله عنه)، من تأويله (الوجه) في قوله - تعالى -:] كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إلاَّ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/442)
وجْهَهُ [[القصص: 88]، بالدين. وما رواه عن الضحاك من تأويله (الوجه) في
الآية ذاتها بذات الله والجنة والنار والعرش. أما هو - أي ابن تيمية ذاته - (بلحمه
وشحمه وعظمه ودمه!) فقد رجح أن يؤول (الوجه) بمعنى الجهة، فيكون المعنى:
كل شيء هالك إلا ما أريد به جهة الله - تعالى -.
ثم قال: (وهكذا قال جمهور السلف) [ص135].
أما ابن تيمية فقد أشار إلى هذه القضية ضمن كلام رائع له في الرد على
القائلين بالحلول والاتحاد ووحدة الوجود، لكن البوطي اقتطع من كلام ابن تيمية ما
ظن أنه نصر لحجته، ثم يا ليته اكتفى بهذه الإساءة بل أشبع هذا المقتطع مسخاً
وتشويهاً، أما عن حقيقة الدافع له إلى ذلك: أهو الهوى أم قصر الباع أم ضيق
الصدر؟ فهذا ما نتركه للقارئ ليكتشفه بنفسه.
يقول ابن تيمية:
روي عن أبي العالية قال: (إلا ما أريد به وجهه) وعن جعفر الصادق: (إلا
دينه) ومعناهما واحد. وهذا مخالف لقول البوطي: (روى ابن تيمية عن
جعفر الصادق)، هذا من جهة، ومن جهة أخرى معلوم ماذا يعني اصطلاح:
رُوي، بالبناء للمجهول، عند أهل الحديث.
ثم نقل ابن تيمية ما ورد من الأقوال في الآية على عادته في الاستقصاء،
وهو من خلال سوقه لهذه الأقوال يتوقف مناقشاً مؤيداً أو معترضاً، وقد يستطرد
قليلاً لجلاء نقطة يرى توضيحها من بحث لغوي، أو فقهي، أو تاريخي، أو غير
ذلك، ثم قد يعود لمتابعة نقله الأقوال، إما معضداً رأياً رآه، أو لاستبعاد وهم قد
يطرأ، وشبهة قد تثار. هذا هو أسلوب الرجل، وهو لذلك يحتاج إلى شيء من
الصبر وسعة الصدر حتى يُتذوَّق، وتنفتح عجائبه، وتكتشف أوابده، ولكن أنَّى
لرجل نَزِق ضيّق الصدر أن يصبر على ذلك؟! وكيف به إذا جمع إلى ذلك هوى
مستحكماً وعقدة نفسية من ابن تيمية؟!
ثم بحث ابن تيمية عن اشتقاق كلمة (الوجه) مما يبدو أن البوطي لم يفهمه
لضيق صدره، فقال - أي ابن تيمية -:
(وذلك أن لفظ (الوجه) يشبه أن يكون في الأصل مثل الجهة، كالوعد
والعدة، والوزن والزنة، والوصل والصلة، والوسم والسمة). لكن فِعْلَة حذفت
فاؤها وهي أخص من الفعل، كالأكل والإكلة، فيكون مصدراً بمعنى التوجه
والقصد، كما قال الشاعر:
أستغفر الله ذنباً لست مُحصيَهُ ربَّ العباد إليه الوجهُ والعملُ
ثم إنه يسمى به المفعول، وهو المقصود المتوجه إليه، كما في اسم الخلق،
ودرهمٌ ضَرْبُ الأمير، ونظائره، ويسمى به الفاعل المتوجه، كوجه الحيوان،
يقال: أردت هذا الوجه، أي هذه الجهة والناحية، ومنه قوله:] ولِلَّهِ المَشْرِقُ
والْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وجْهُ اللَّهِ [[البقرة: 115]، أي قبلة الله ووجهة الله،
هكذا قال جمهور السلف [مجموع الفتاوى: 2/ 429].
ومن قراءة النص الأصلي لابن تيمية لا النص المحرَّف - نستنتج أنه لم
يؤول كما زعم البوطي بل استدل بما ورد من أقوال السلف في هذه الكلمة، وبلغة
العرب التي يهوِّل بها البوطي كثيراً حتى لتظنه الخليل بن أحمد أو ابن جني، وهو
ليس بذاك.
ولو ذهبنا لتتبع تعامل البوطي مع المراجع - في كتابه هذا فقط - لطال
الكلام، ولكن حسب القارئ الكريم أن يعرف أن هذه القضية فرع لما أشرنا إليه في
مقالنا السابق عنه من خيلاء ضارة، واستهانة بأقدار الناس أحياءً وأمواتاً، وسوء
تقدير لهم، وإساءة ظن بهم، قدر إحسانه الظن بنفسه، هداه الله.
التواء وتهويل:
الشيخ البوطي يحب التهويل، حتى ولو أوقعه هذا التهويل فيما لا تحمد عقباه،
فمن حيث الأسلوب عنده القدرة التعبيرية التي تريك المهم هيناً، والهين السخيف
عظيماً ومشكلة لابد لها من هز الأكتاف وقرع الظنابيب، حتى يُتَغَلَّبَ عليها، وهذه
القدرة تذكرنا بالبراعة التي عُرف بها الفارابي في الموسيقى - فيما زعموا - أنه
في أحد مجالسه مع سيف الدولة لم يعجبه عزف العازفين الذين عزفوا أمامه،
وأظهر أخطاءً كثيرة لكل واحد منهم، فتعجب سيف الدولة من ذلك وسأله إن كان
يحسن هذه الفنون، فأجاب بالإيجاب، ثم أخرج من وسطه خريطة (جراب من
جلد) ففتحها وأخرج منها عيداناً وركبها ثم عزف بها، فضحك كل مَن كان في
المجلس، ثم فكها وركبها تركيباً آخر، وضرب بها، فبكى كل مَن كان في المجلس!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/443)
ثم فكها وغيَّر تركيبها وضرب بها ضرباً آخر، فنام كل من كان في المجلس حتى
البواب! فتركهم نياماً وخرج!
وإليك هذه الفقرة التهويلية التي يمهد فيها لاكتشاف الصحابة والتابعين للمنهج
- والذي سبق أن سميناه منهج البوطي - ليقول:
(الآن، وقد اتضح لك ذلك؛ ينبغي أن نتبين حجم المشكلة الخطيرة التي
انبثقت عن ذلك التطور الكبير، صحيح أن تلك العوامل أدت إلى خروج الصحابة
من نطاق حياتهم الخاصة المتميزة التي فتحوا أعينهم من داخلها (مرجع الضمير هنا
على حياتهم الخاصة أو على أعينهم؟! البوطي أعلم، وعلى كلا التقديرين فالكلام
مستقيم! وهذه صفة جوامع الكلم!) على الإسلام ومبادئه، وساحوا تحت وطأة
ظروف لا قِبَلَ لهم بالإحاطة بها أو السيطرة عليها، (مساكين الصحابة - رضي الله
عنهم -!) في حياة جديدة (الجار والمجرور متعلق بساحوا) ذات آفاق أوسع غير
أن المشكلة التي واجهتهم (انتبه! هذه مشكلة المشاكل) أنهم نظروا، فوجدوها آفاقاً
بعيدة لا تستبين لها معالم ولا حدوداً. وليس في يدهم من وراء النصوص (نصوص
كل من القرآن والسنة) مقياس يحددون به معالم تلك الحياة، بحيث يقيمون على
أساسه ضوابط للسير فيها وحدوداً للوقوف عندها (ألا تكفي نصوص القرآن والسنة
مقياساً لتحديد معالم تلك الحياة وأساساً تقام عليه ضوابط وحدود؟ يا شيخ!!) فكان
ذلك مبعث اضطراب وقلق، وخلافات حادة، (مَن قال إن الإسلام جاء رحمة
للعالمين؟! ألم يكن نقمة على الصحابة ومَن جاء بعدهم؟! وقد عانى الصحابة
بسببه هذا العناء المعنى، وهذا الاضطراب والقلق والخلافات الحادة. هذا ما يفيده
كلام الدكتور، وما شهدنا إلا بما علمنا!)، بل سبباً في ظهور فرق وفئات شتى،
اتخذت من تلك البيداء الواسعة طرائق متخالفة، بل متخاصمة، وكان لابد لهذه
المشكلة أن تستمر بينهم إلى حين). [ص45].
هذا مقطع - فقط - من تهويلات الرجل. ولسنا ندري على وجه اليقين ما
الذي يدعوه إلى مثل هذه التهويلات، أهو قد استعار هذا الكلام من أحد المستشرقين،
أو ممن تأثر بهم، ثم نسي المصدر، أو تناساه؟!، إنه كلام يشبه كلام طه
حسين في كتبه التي عالج فيها التاريخ الإسلامي، كالفتنة الكبرى وغيرها، وإن
شئت فقل: إن كلامه عليه مسحة من اعتقاد الرافضة في الصحابة، أما عن تأثر
الشيخ بالمستشرقين فقد يكون الدافع له إلى ذلك عقدة النقص وحب الظهور عنده،
خاصة وأنه يدندن ويهول بمناظرات وما يسميه منازلات لبعض رموز من يطفون
على سطح الفكر حواليه ممن يسرّه أن يقرن بهم ويتمسح بمسايرتهم، وهذا واضح
من إصراره على تعبير (منهج المعرفة) وترديده له كثيراً في ثنايا كتابه، أليست
هناك مجلة شهيرة ليست على مبعدة منه - يكتب فيها من يتطلع إلى مسامتتهم اسمها
مجلة (المعرفة)؟!.
إن كان الأمر كذلك فنقول له:
ألهى بني تغلِب عن كل مكرمة قصيدةٌ قالها عمرُو بن كلثوم!
وأضفْ إلى المثال السابق من أن كلامه أشبه بكلام المستشرقين، الفقرة
الأخيرة من ص 48 من كتابه فسوف تجد هذا الكلام لا يختلف عن مناهج
المستشرقين في تحليلهم ونظرتهم إلى الفكر الإسلامي بشيء.
وأما أن كلامه عليه مسحة من اعتقاد الرافضة في الصحابة فاقرأ كلامه التالي
الخارج من صدر ضيق تفوح منه رائحة الحنق: (فمن التزم بمقتضى هذا الميزان،
فهو متبع كتاب الله متقيد بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سواء أكان
يعيش في عصر السلف أو جاء بعدهم، ومن لم يلتزم بمقتضاه، فهو متنكبّ عن
كتاب الله تائه عن سنة رسوله - عليه الصلاة والسلام - وان كان من الرعيل الأول
(يا لطيف) ولم يكن يفارق مجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)!! [ص
79]
بل يحتج ببعض الرافضة ومؤلفاتهم، وفي مؤلفات أهل السنة غنية له ولغيره
على هذه القضية التي يعالجها [انظر الحاشية في ص43 من كتابه].
بل يستنعج (يصبح كالنعجة بجامع النعومة وحب السلامة في كلٍّ) عندما
يتعرض للشيعة، فيشير إلى حقيقة معروفة عندهم، بل هي من أصول مذهبهم،
بل تكاد تكون أصول مذهبهم كلها قامت من أجل هذه القضية، وهي إنكار إمامة
الشيخين (أبي بكر وعمر)، فتراه عندما يشير إليها كأنما يقترب من أفعى سامة
متربصة بمن يقترب منها، فيقول هذه العبارة التي تطفح بالوجل والتدسس والنعومة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/444)
(وعلى سبيل المثال نقول: (لمجرد المثال فقط، فنرجو المعذرة!) إن
إنكار إمامة الشيخين، وهو مذهب يراه كثير من الشيعة (وليس جميعهم! ولاحظ
تنكير كلمة) مذهب (أيضاً) ليس كفراً، (الحمد لله) وإن كان خروجاً على الإجماع)
[ص107] (يعني ماذا إذا كان خروجاً على الإجماع؟!) ولنكن على ذكر من هذا
الاعتذار الناعم حينما نناقش معه نزوله بساحة ابن تيمية وثورته وفورته وانتفاخ
أوداجه هناك على شيء لم يخرق ابن تيمية الإجماع فيه قطعاً، ولكن ناقش دعوى
الإجماع على قضية فهم منها أعداؤه - وأخيرهم البوطي - أنه يقول بهذا الرأي
الذي ناقش دعوى الإجماع عليه، مع أنه لا يناقض نفسه - رحمه الله -.
ويقول في عبارة أخرى ملتوية:
(ومن ذلك ما يجزم به بعض الناس (!!)، من أن في أئمة أهل البيت
مَن قد وصلوا إلى منزلة لم يبلغها ملَك مقرب ولا نبي مرسل! وممن يجزم بذلك
ويقرره في منشوراته، الإمام الخميني).
لاحظ الالتواء في عبارة: (بعض الناس)، ولاحظ ما في هذه العبارة: (من
أن في أئمة أهل البيت من قد وصلوا ... ) وكأنه لا يدري أن القول بعصمة الأئمة
الاثني عشر من أصولهم! وليس هذا فحسب، بل إنه سأل بعض علماء الشيعة
الإيرانيين عن كيفية اتفاق هذا الكلام مع أصول الإسلام وكلياته الأساسية فقال: إنها
غلطة من المترجم! فتعجب هو من (أن الكتاب طُبع منذ ذلك الحين مرات متعددة،
وغلطة المترجم لا تزال باقية!) [حاشية، ص112 من كتابه].
ونحن أيضا نعجب، لكن لا من غلطة المترجم هذه ولكن من تعجبه وعدم
معرفته وتجاهله أن التَّقِيَّة من أصول القوم!
لكن مع هذا يبقى عندنا شك من إثارته هذا الاعتراض على مَن ذكر من علماء
الشيعة، وذلك أنه من المؤكد أن الشيخ قد حضر مؤتمراً لهم في لندن في 18 من
ذي الحجة 1410هـ الموافق 11/ 7/1990م للاحتفال بيوم الغدير [1] وشاهد
وسمع على الطبيعة - كما يقولون - كيف يفكر القوم، وكيف يحتفلون، وسُبَّت
أمامه وعلى مرأى ومسمع منه السنة وأهل السنة الذين ينتسب إليهم سباً مقذعاً،
ولكن لم يبلغنا أنه أنكر على دهاقينهم ذلك المنكر لا بقليل ولا بكثير من إنكاره الذي
ينكره على من يشاركونه عدم اعتبار الإمامة والعصمة والرجعة من أصول الدين،
بَلْهَ مشاركتهم له في أشياء أخرى! [2]
مشكلة المناخل!!
ولنختم هذه التهاويل بواحدة تعيدنا إلى حيث بدأنا إلى [ص46] من كتابه،
وهي مشكلة المناخل! ونحب أن تكون مُلْحة الوداع ومسك الختام، ولسنا - والله -
ندري مِمَّ نضحك أكثر؟ من هذه المشكلة التي ألقت بظلها الكئيب على الصحابة
الكرام وعصرهم؛ فكانت اختباراً لقوتهم وحكمتهم وصمودهم، وامتحاناً للمبادئ
التي تلقوها من محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن الله سلَّم! ...
نقول: نضحك أكثر من مشكلة المناخل هذه أم من عرض الشيخ لها واحتفاله
بها بتعاظمه المعهود، وأسلوبه الطريف الذي يزاوج فيه بين الخبر والإنشاء بركانة
وزكانة؟ حيث يقول:
( ... لقد ظهرت المناخل فيهم فجأة، (فجأة، وقعت عليهم وقوع الصاعقة!)
وما كان لهم عهد بها من قبل، أين كانت مختبئة؟! بل من الذي اخترعها؟!)
قد يجيب الشيخ لم يكن هناك سجل لبراءات الاختراع حتى نعرف مخترع المناخل!
ثم لا زلنا نطلب مزيد تعريف بالمناخل هذه فيزيدنا الشيخ شكوراً: (وهي من
أدوات التنعم والترفه في المأكل، مما لم يكن يعرفه العرب ولا المسلمون من قبل).
(إن العرب عند الشيخ هم أكلة الضِّبَاب واليرابيع، وصورتهم عنده كصورتهم عند
الفرس عندما يتحدثون عنهم!) فما الذي ينبغي أن يتخذوه؟
أيتبعون في ذلك سنن الصحابة الذين من قبلهم، فيجتنبون استعمال المناخل
في نخل الدقيق، نظراً لأن ذلك بدعة مستحدثة وكل بدعة ضلالة (معاذ الله! هذا لا
يمكن!) أم يُجارون الزمن وتطوراته، (هذه أهون! لابد من مجاراة الزمن
وتطوراته!) وينظرون إلى المسألة على أنها من الأعراف المرسلة عن قيود
الاتباع وعدمه، ولا علاقة لها بشيء من الأحكام التعبدية التي قضى بها الإسلام؟.
وأيا كان الموقف المتخذ، فما هو الميزان أو البرهان المعتمد في ذلك؟.
حاشية تكميلية!
جواباً للقراء الذين لم يعرفوا الجواب الشافي على تساؤل الشيخ الثاني البادئ
بقوله: (أم يجارون الزمن .... ) نفيدهم أن الصحابة الكرام - بعد نقاش عاصف
أدى إلى ارتفاع اللهجة، وتكدير الخواطر، وأنذر بانفضاض مجلسهم على غير
اتفاق؛ مما كان سيكون له أشأم العواقب، وأقلها - لا سمح الله - شرخ (ونؤكد
على كلمة شرخ) في وحدة الكلمة، واجتماع الصف التي انتصروا بها على فارس
والروم ... نقول بعد تلك الحادثة التي كان سيكون لها ما بعدها جاروا الزمن
وأجمعوا على استعمال المناخل، عملاً بأخف الضررين! وهي قاعدة معتبرة في
الشريعة، ونخبرهم أنه ما كان لهم أن يصلوا إلى هذا الإجماع المبارك لولا المنهج
الذي صاروا إليه، وساروا عليه، والذي: رصده، ثم اكتشفه، ثم صاغه وقعَّده
الدكتور الشيخ، أو الشيخ الدكتور (البوطي) خلال العشر الأولى من القرن
الخامس عشر الهجري.
*يتبع *
________________________
(1) يوم الغدير: هو اليوم الذي يزعم الشيعة الاثنا عشرية أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد
أوصى لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بالنص على أن يكون الخليفة من بعده.
(2) أُنشد أمام الشيخ في ذلك المؤتمر قول الرقيع الصاحب بن عباد: حب علي بن أبي طالب هو
الذي يهدي إلى الجنة إن كان تفضيلي له بدعةً فلعنة الله على السُّنَّة! وقلنا لنَقَلَة الخبر: أنتم
متأكدون أن الدكتور كان حاضراً وكان يسمع؟؛ لعلهم استغلوا غيبة قصيرة له لقضاء حاجة مثلاً
فقالوا ما قالوا؟! فقيل لنا: بل كان جالساً وموجوداً بذاته وعمامته! فقلنا:
ذُمَّ المنازلَ بعد منزلة اللوى والعيشَ بعد أولئك الأيامِ.
((مجلة البيان ـ العدد [35] صـ 6 جمادى الآخرة 1411 ـ يناير 1991))
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/445)
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[20 - 11 - 04, 03:12 م]ـ
البوطي …والمنهج
عبد القادر حامد
تخبط وتناقض:
إن ميزة الكتب النافعة أنك لا تقرؤها مرة إلا وتجد فيها فائدة لم تكن وجدتها
في القراءة الأولى، لكن كتاب البوطي هذا على الضد، لا تقرؤه إلا وتجد فيه
خبيئة فاتتك في القراءة السابقة. ولو استعرضنا جميع التناقضات التي اكتشفناها في
هذا الكتاب لطال الكلام ولملّ القارئ، ولكن نكتفي ببعضها.
يقول - عند كلامه على العوامل التي أدت إلى تطوير أساليب الصحابة
الفكرية وطرقهم التربوية! وعاداتهم السلوكية! تحت عنوان: العامل الثالث: -
» ... ولما رأوا أنفسهم يعيشون في بلاد غير التي عرفوها، ويقابلون
عادات غير التي ألفوها، ويجابهون مشكلات لا عهد لهم بها، (كمشكلة المناخل!)
اضطروا إلى فتح باب الرأي بعد أن كان مغلقاً، وإلى التعامل معه والأخذ به بعد أن
كان ذلك أمراً مرفوضاً ومستهجناً.
ومن أشهر الصحابة الذين انتشروا في الأمصار، ورفعوا لواء الاتجاه في هذا
الطريق (طريق الرأي! انتبه!) الخلفاء الراشدون وعبد الله بن عمر وعائشة،
وهؤلاء كانوا في المدينة، (إلى أين انتشروا؟) وعبد الله بن عباس وقد كان بمكة
(أين ذهب؟!) «[ص34].
ففي هذه الفقرة تخبط ومجازفة واضحة، فالخلفاء الراشدون كلهم - ماعدا علياً؛
وفي أيام خلافته فقط - عاشوا في المدينة ولم ينتشروا في الأمصار! ولم يطوروا
من أساليبهم الفكرية، وطرقهم التربوية، وعاداتهم السلوكية، ولم يفتحوا باب
الرأي بعد أن كان مغلقاً! وبخاصة أبو بكر الذي توفي بعد الرسول - صلى الله
عليه وسلم - بعامين ونصف تقريباً، ولم يدرك هذه الأزمة الفكرية المفترضة التي
يصورها المؤلف هذا التصوير (الدرامي).
وفي [ص80] يقرر في الفقرة الأولى قضية تنقضها الفقرة التي تليها، فيقول:
(إن قواعد اللغة الدلالية والبيانية قواعد لغوية صافية لا تتأثر بأي جهة دينية
أو مذهب فكري، وهذا معنى قولنا عنها: إنها قواعد حيادية).
وهذه مسألة فيها نظر؛ من وجهة نظر شرعية ومن وجهة نظر لغوية بحتة،
وليس هذا مجال بحثها. وهذه القاعدة التي ذكرها ينقضها هو نفسه في الفقرة التالية
حيث يقول:
(غير أن الكثير من هذه القواعد، وإن كان محل اتفاق من أئمة اللغة،
إلا أن فيها أيضاً، ما هو محل نظر وخلاف فيما بينهم).
لكن القول السديد في هذه المسألة - التي أعاد البوطي فيها القول ليوهم قراءه
أن (السليقة العربية) وقواعد اللغة كافية لمن حذقها (في فهم النصوص وإدراك
مراميها) [ص 49]- هو ما قاله ابن تيمية وسنثبته هنا متحملين ومحتسبين وصف
البوطي لنا بالسطحية وعدم الصبر والاستيعاب، هذه العيوب التي انعكست علينا
من أسلوب ابن تيمية المضطرب يقول: (وقد انعكس هذا الاضطراب في كلام ابن
تيمية على أذهان كثير ممن يقرؤون له، بسطحية وبدون صبر واستيعاب). [ص
161] لا حول ولا قوة إلا بالله.
يقول ابن تيمية:
(ومما ينبغي أن يعلم أن الألفاظ الموجودة في القرآن والحديث إذا عرف
تفسيرها وما أريد بها من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحتج في ذلك إلى
الاستدلال بأقوال أهل اللغة ولا غيرهم ولهذا قال الفقهاء: (الأسماء ثلاثة أنواع:
نوع يعرف حده بالشرع، كالصلاة والزكاة؛
ونوع يعرف حده باللغة، كالشمس والقمر؛
ونوع يعرف حده بالعرف، كلفظ القبض، ولفظ المعروف في قوله:
] وعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [[النساء: 19] ونحو ذلك.
وروي عن ابن عباس أنه قال: تفسير القرآن على أربعة أوجه:
* تفسير تعرفه العرب من كلامها،
* وتفسير لا يعذر أحد بجهالته،
* وتفسير يعلمه العلماء،
* وتفسير لا يعلمه إلا الله، من ادعى علمه فهو كاذب.
فاسم الصلاة والزكاة والصيام والحج ونحو ذلك، قد بين الرسول - صلى الله
عليه وسلم - ما يراد بها في كلام الله ورسوله، وكذلك لفظ الخمر وغيرها ومن
هناك يعرف معناها، فلو أراد أحد أن يفسرها بغير ما بينه النبي - صلى الله عليه
وسلم - لم يقبل منه. وأما الكلام في اشتقاقها ووجه دلالتها؛ فذاك من جنس علم
البيان، وتعليل الأحكام، هو زيادة في العلم، وبيان حكمة ألفاظ القرآن، لكن
معرفة المراد بها لا يتوقف على هذا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/446)
واسم الإيمان والإسلام والنفاق والكفر هي أعظم من هذا كله؛ فالنبي - صلى
الله عليه وسلم - قد بين المراد بهذه الألفاظ بياناً لا يحتاج معه إلى الاستدلال على
ذلك بالاشتقاق وشواهد استعمال العرب ونحو ذلك؛ فلهذا يجب الرجوع في مسميات
هذه الأسماء إلى بيان الله ورسوله، فإنه شافٍ كافٍ، بل معاني هذه الأسماء معلومة
من حيث الجملة للخاصة والعامة). [مجموع الفتاوى7/ 286].
وعند حديثه عن دوافع الشذوذ والخروج عن مقتضيات المنهج المتفق عليه في
تفسير النصوص (ولا تنس أنه منهج البوطي وحده) يذكر (أن هذه الدوافع تتجمع
في عاملين أساسيين:
العامل الأول: المغالاة في تحكيم العقل على حساب النص الصحيح والخبر
الصادق، أي تحميله فوق طاقته وجره في متاهات لا يملك السير السليم فيها إلا
على ضوء الخبر اليقيني الذي يتمثل في النصوص). [ص127]. وهذا كلام سليم
وجيد لولا ما ينقضه ما جاء في [ص63] عند كلامه عن (مراحله الثلاث) التي لا
يكون المسلم مسلماً إلا بها، حيث بعد أن يشترط لذلك:» التأكد من صحة
النصوص الواردة والمنقولة عن فم سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم -، قراناً
كانت هذه النصوص أم حديثاً، (وهذه فائدة جديدة عثرنا عليها من قراءتنا الثانية
لهذه الفقرة، وهي التأكد من صحة النص القرآني! فيجب أن ندرسه - على زعمه
- رواية ودراية، حتى ننتهي إلى يقين! «بحيث ينتهى إلى يقين بأنها موصولة
النسب إليه، وليست متقولة عليه يشترط أيضاً شرطاً آخر وهو قوله: (عرض
حصيلة تلك المعاني والمقاصد التي وقف عليها وتأكد منها على موازين المنطق
والعقل (يعني: إخضاع النصوص، أو ما فهمه من تلك النصوص - قرآناً وسنة
أيضاً! - لتمحيصها ومعرفة موقف العقل منها)!
وحتى نجمع بين هذين التناقضين، ونُعمل كلام الشيخ فيهما معاً فلا نهمل
واحداً، ونعتمد الآخر، وذلك ضناً بكلامه النفيس جداً عن الإهمال والتعطيل؛
نقول: لا بأس من تحكيم العقل في النص الصحيح قرآناً وسنة، لكن دون مغالاة!
وبذلك يتسق أول الكلام مع آخره! ومن يدري؟! فقد نستحق جائزة أو شكراً على
الأقل منه على ذلك!
تلبيس وتدليس:
كثيرا ما يلجأ البوطي إلى التعميم والتلبيس، فيصدر حكماً، أو يضع مقدمات
يتركها بلا دليل ولا إثبات. وهذا الأسلوب في الكتابة شائع بين العلمانيين الذين
يهجمون على القضايا الفكرية الأساسية بجرأة عجيبة، وبخاصة على ما كان منها
متعلقاً بالأمور الشرعية التي لا علم لهم بها.
والمفترض أن يكون أسلوب النقاش مع الشيخ البوطي يختلف عن الأسلوب
الذي يتبع مع هؤلاء، فهو شيخ وابن شيخ، وهذا أعرق له وأثبت قدماً في مجالات
العلم والبحث، وهو أيضاً حامل لشهادة الدكتوراه - وأظنها مع مرتبة الشرف إن لم
يكن أكثر - من الأزهر، وهذا أَطلَق لقلمه ولسانه، وأكثر ترويجاً للكتب في السوق
هذه الأيام، وبخاصة في بلاد كبلاد الشام حيث من اللائق بالشيخ أن ينشد:
خلت الديار فسدت غير مسود ومن الشقاء تفردي بالسؤدد
فكيف يهجم الشيخ هجوم أولئك؟! وما له يرسل الكلام إرسالاً، ويطلق
الأحكام إطلاق المتمكن الواثق؟! ألا تكفينا مجازفات العلمانيين وتعالم الجهلة الذين
أفسدوا العلم والثقافة، وسمموا العقول والقلوب؟! لمن يكتب هذا الكلام ومن أي
بئر يَمْتَح؟!:
(وهذا ما حدث، فقد كان في الصحابة والتابعين من أخذ يستنبط
الأحكام تعليلاً واعتماداً على اجتهاده المرسل، استجابة لمقتضيات الظروف
الطارئة والأوضاع الحديثة، (يقصد: الحادثة) وكان فيهم أيضاً من يتجنب ذلك
ويحذر منه، بل يشتد في النكير على استعمال الرأي والأخذ به، خوفاً من تجاوز
النصوص والاستبدال بها، مما يسبب الوقوع في زلات لا تغتفر)
[ص49].
- لِمَ لم يذكر الشيخ اسم صحابى واحد كان يستنبط الأحكام تعليلاً واعتماداً
على اجتهاده المرسل؟
- ثم ما معنى الاجتهاد المرسل؟ نحن نفهم الاجتهاد المرسل على أنه الاجتهاد
الذي لا دليل عليه؛ لا من كتاب، ولا من سنة، ولا حتى من عقل، كالجمل
المرسل: لا خطام ولا عقال. والفرس المرسل: لا عنان، ولا لجام، ولا هِجار!
هل يقصد الشيخ إلى أمثال هذه التلبيسات قصداً؟ وهو فعل غير محمود
العواقب عليه وعلى قرائه؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/447)
والجواب - والله أعلم - أن منها ما يأتي بسبب العجلة وقلة الصبر كهذه التي
أشرنا إليها آنفاً؛ ومنها التي تجمع إلى العجلة وقلة الصبر قليلاً من الهوى كهذه التي
نعثر عليها في هامش [ص 101] حيث يقول:
(إلا ما ذهب إليه الإمام أحمد من حكمه بكفر تارك الصلاة ولو لم يكن جاحداً
لها). فما الدافع لهذا الإجمال المخل؟ إن لم يكن ما ذكرنا؟! وإلا فالمسألة فيها
تفصيل معروف عند العلماء، وليس هذا الذي ذكره هو رأي الإمام أحمد وحده، فقد
قال الحافظ عبد الحق الإشبيلي - رحمه الله - في كتابه في الصلاة:
(ذهب جملة من الصحابة - رضي الله عنهم - ومن بعدهم إلى تكفير تارك
الصلاة متعمداً لتركها حتى يخرج جميع وقتها، منهم: عمر بن الخطاب، ومعاذ
بن جبل، وعبد الله بن مسعود، وابن عباس، وجابر، وأبو الدرداء، وكذلك روي
عن علي بن أبى طالب، هؤلاء من الصحابة. ومن غيرهم: أحمد بن حنبل،
وإسحق بن راهويه، وعبد الله بن المبارك، وإبراهيم النخعي، والحكم بن عيينة،
وأيوب السختياني، وأبو داود الطيالسي، وأبو بكر بن أبى شيبة، وأبو خيثمة
زهير بن حرب). [كتاب الصلاة وحكم تاركها لابن القيم، 5 1].
ولكن هناك من التلبيسات ما يبدو أنه يقصد إليه قصداً، كتلك الواردة في [ص
102] (والصلاة جماعة خلف كل بر وغيره)!
فالمعروف عند المسلمين: الصلاة خلف كل بر (وفاجر) فما الداعي يا ترى
لوضع: (غيره) موضع (فاجر) هل هو النسيان؟ أم هو سبق قلم؟ أم أن الكلمتين
مترادفتان تقوم إحداهما مقام الأخرى؟!
لا شك أن كلمة (غيره) أعم من كلمة (فاجر).
وعلى كل حال؛ فكان يمكن أن تعد هذه هنة من الهنات التي لا يوقف عندها
لولا ما بلونا من الشيخ وضعه للرقة والنعومة والقسوة والتشنيع والتشهير في غير
مواضعها، فلعله - وهو في زمن كثر فيه هذا الصنف من الأئمة - لا يريد أن
يكسر خاطرهم بمثل هذه الكلمة التي قد يعتبرها نابية؟! أو لعله يجوز إمامة المنكِر
معلوماً من الدين بالضرورة أو من في حكمه - وهو غير برٍّ حتماً - وهكذا قد يظن
أنه بهذه (المجاملة) ينجو من المحذور فيقع في المحظور. ولكن هل عليه بأس
بمجاراة الزمن، والصحابة - الذين هم مَن هم - قد جاروه؟!
ألفاظ غير لائقة بالشيخ:
يقول عن الصحابة والتابعين:
(ولكن، ها هم اليوم، وقد تمازج جيل التابعين مع الصحابة، قد
غيروا طريقهم، وفتحوا صدورهم للجدل في كل مسائل الاعتقاد، (بلا استثناء؟!)
وفي مقدمتها تلك التي كانوا بالأمس ينغضون لها الرأس والفكر قبولاً واستسلاماً دون
أي بحث أو نقاش .. ) [ص42]
لا نريد أن نناقش هذه الفقرة من الناحية الموضوعية، بل من الناحية الشكلية
فقط، فنقول:
استخدام هذه الكلمة (ينغضون لها الرأس) في وصف الصحابة أو التابعين
أمر غير لائق، فقد وردت مرة واحدة في القرآن الكريم في وصف الذين لا يؤمنون
بالآخرة، وقد قال ابن عباس وقتادة في تفسير] ينغضون رؤوسهم [أي يحركونها
استهزاءً. [ابن كثير تفسير الآية 51من سورة الإسراء]، لكن حرص الشيخ على
الأسلوب الأدبي الرفيع، واحتفاله به يجعله يضحي بالمعاني في سبيل الألفاظ!
كذلك قوله عن علم الجرح والتعديل ويسميه هو: فن الجرح والتعديل بأنه
(يقف ذيلاً وخادماً) فلِمَ هذا التكلف؟ ولم كل هذا الجبروت في منهجك حتى
تجعل من علم الجرح والتعديل ذيلاً وخادماً له؟! يا أخي، لقد ملكت؛
فأسجحْ!
وانظر إليه كيف يستحسن - بتشفٍّ وحنق وشماتة ظاهرة - أن يصفع شرطي
فرنسي مسلماً (سلفياً) ويشتمه:
(لقد اشتدت هذه الخصومات ذاتها واهتاجت في أحد مساجد باريس منذ ثلاثة
أعوام، حتى اضطرت الشرطة الفرنسية (مشكورة!) إلى اقتحام المسجد،
والمضحك المبكي [1] بآن واحد، أن أحد أطراف تلك الخصومة أخذته الغيرة
الحمقاء لدين الله ولحرمة المساجد، (صحيح أحمق! لماذا يغار على دين الله وعلى
حرمة المساجد؟ أعلى مثل هذه الأمور يغار؟!) لما رأى أحد الشرطة داخلاً
المسجد بحذائه، فصاح فيه (كذا) أن يخرج أو يخلع حذاءه (كذا) ولكن الشرطي
صفعه قائلا: وهل ألجأنا إلى اقتحام المسجد على هذه الحال غيركم أيها
السخفاء؟! .. ) [ص 245]
لمثل هذا فليكتب الكاتبون!
يل؛
نقول:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/448)
لو أن الشيخ نقل لنا كلام الشرطي الفرنسي باللغة الفرنسية وأردفه بهذه
الترجمة لأحسن صنعاً، ولكان عمله أقرب إلى الدقة والموضوعية!؛ لأننا في شك
طفيف من هذه العاطفة البادية في عبارة هذا الشرطي الورع الذي لم يلجأ إلى ما لجأ
إليه إلا بعد أن بلغ السيل الزبى، وجاوز الحزام الطُّبَيين! وإلا فهو - وكذلك بنو
جلدته - من أشد الناس معرفة بحرمة المساجد ومراعاة مشاعر المسلمين!!
أخي القارئ الكريم:
اقرأ هذه الفقرة، وعاود قراءتها حتى تمل، وإياك أن تظن أن كاتبها أدونيس
بل هو الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي صاحب حوالي عشرين مؤلفاً حول
القضايا الإسلامية، وسلسلة من ثمانية كتيبات بعنوان: أبحاث في القمة.
أي القمم؟!
وأخيراً، فإن مما لا يليق بالشيخ أيضاً أن يشتم ويسب (السلفيين) ويصفهم
(بالكاذبين والمخادعين والمضللين) [ص255] فهذه والله كبيرة، وأن يصف
(السلفية) - كمصطلح - بقوله: (تلك الكلمة المَيْتَة [2] التي لا تنحط (!!) إلا
على واقع يضم أخلاطاً ومذاهب شتى من الناس).
وهذه أكبر!
اللهم هذا ليس بكلام مسته بركة العلم الشرعي، واستروح نسائم الأدب
الإسلامي!
غرور وادعاء:
تكثر العبارات والفقرات الثقيلة التي محورها النفس والهوى - والعياذ بالله -
فهناك من الجمل الفضفاضة الكثير في ثنايا الكتاب، ونحن نشهد أن الكاتب حاول -
جهده - أن يكف كثيراً من هذه العبارات التي تتزاحم لتندلق على صفحات كتابه،
وتتجسد كلاماً يقرأ وتحسب له الحسابات، ولكن على رغم من جهده وعنائه في
كفكفتها؛ فإن قدراً منها لا بأس به قد غلبه وخرج يتلألأ ويلوح!
خذ مثلاً قوله [ص69]:
(ولابد أن نقول هنا كلمة وجيزة نضمنها عصارة ما هو مدون في المطولات
والموسوعات التي تناولت هذا الموضوع عموماً، وهو منهج المعرفة بصورة عامة،
والتي ركزت على هذا المدخل الذي نحن بصدده خصوصاً).
انظر، ضمّن كتابه هذا العصارة! عصارة ماذا؟ عصارة ما هو مدون في
المطولات والموسوعات، فالمطولات وحدها لا تشفي غليل الشيخ، بل لا بد من
الموسوعات، والمطولات والموسوعات هضمها الشيخ هضماً، وعصرها عصراً،
حتى أخرج لنا هذه الآبدة!
صدق مَن قال: (المرء حيث وضع نفسه)!
وهذه ثانية:
(ومع ذلك فلنتبع هذا الباب، بباب آخر يزيد من وضوحه، نضع فيه النقاط
على الحروف، وننتقل فيه من البيان النظري الواضح الجلي! إلى التطبيقات الحية
كي نسد بذلك كل ثغرة قد يتسلل إلى الذهن منها وسواس، أو يتشابه من خلالها حق
بباطل. والله المستعان). [ص 94].
إن الشيخ تعجبه نفسه كثيراً! وهو معجب بأسلوبه أكثر! ولو أن مقرّظاً قرّظ
كتابه بمثل هذا الكلام لصح أن يقال له: مهلاً، هوّن عليك، رحمة بالرجل فقد
قطعت عنقه!
فليت شعري، ماذا نقول للرجل وهو يتحدث عن نفسه هكذا؟!
وثالثة:
اسمعه يصف منهجه:
(وسنزداد يقيناً، على أعقاب ذلك، بأن هذا المنهج هو الميزان
والمقياس الوحيد لتصنيف الناس في مجال البحث عن هوياتهم (!) الاعتقادية
والسلوكية، في أي عصر من العصور عاشوا، ومن أي القبائل أو الشعوب
انحدروا، وهو المحور الذي أدرنا عليه سائر بحوث هذا الكتاب).
[ص 98].
ونحن نضيف على وصفه منهجه هذه العبارة:
(حتى لو أن قائلاً قال: إنه هو الميزان الذي عناه أبو طالب بقوله
في قصيدته اللامية:
بميزان قِسطٍ لا يَخيسُ شعيرةً له شاهد من نفسه غير عائل
لما أبعد!
ورابعة:
(ولقد أصغينا طويلاً، ونقبنا كثيراً، فلم نسمع بهذا المذهب في أي
من العصور الغابرة!) [ص231]. لم يقل لنا الشيخ: لمن أصغى، ولا أين
نقب؟ ولكن هذا معلوم بديهة؛ فقد أصغى طويلاً لأهل العلم، ونقب كثيراً في
بطون الكتب (والمطولات والموسوعات) وعصرها عصراً، لن ننسى ذلك أن
الشيخ يجهد نفسه، ويحملها على أوعر الطرائق من أجل أن يُجهّل ويُبدّع ويُسخّف
هؤلاء السلفيين، ويخرجهم من دائرة أهل السنة والجماعة!
لقد أتعبت نفسك يا رجل، ألا تستريح!
وخامسة أخيرة:
بعد أن أظهر لنا في كتابه أنه ابن بَجْدة الفقه والأصول (ومنهج المعرفة
وتفسير النصوص) أراد أن يستولي على الأمد فيتسلق إلى علم العربية،
فوقع.
استمع إليه وهو يتمايل ويتخايل:
(يدلك على ذلك أن (بل) لا تقع إلا بين نقيضين (!) فليس لك أن تقول،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/449)
وأنت عربي: لست جائعاً بل أنا مضطجع، وانما تقول: بل أنا شبعان (هكذا!)
وليس لك أن تقول: ما مات خالد بل هو تقي، وانما تقول: بل هو حي، ولا
تقول: ما قتل الأمير، بل هو ذو درجة عالية عند الله، لأن ثبوت درجته العالية
عند الله لا ينافي قتله (فافهم!) وانما تقول: بل هو ما زال حياً.) [ص 126].
لا يغترّنّ أحد بحسم الشيخ وجزمه في قوله: (إن بل لا تقع إلا بين نقيضين).
فهذا من (عندياته) وتهويلاته، أما كتب النحو ففيها شيء آخر، قال ابن
هشام في المُغني:
(بل) حرف إضراب، فإن تلاها جملة كان معنى الإضراب إما:
- الإبطال، نحو:] وقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ ولَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ [
[الأنبياء: 26]، أي: بل هم عباد، ونحو] أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءهُم بِالْحَقِّ [
[المؤمنون: 70].
- وإما الانتقال من غرض إلى آخر ومثاله:] قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وذَكَرَ
اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى * بَلْ تُؤْثِرُونَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا [[الأعلى: 4ا-6ا]، ونحو:] ولَدَيْنَا
كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ وهُمْ لا يُظْلَمُونَ * بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِّنْ هَذَا [[المؤمنون
62 - 63]، وهي في ذلك كله حرف ابتداء - لا عاطفة - على الصحيح.
ومن دخولها على الجملة قوله:
بل بلدٍ ملءُ الفجاج قَتَمُهْ
إذ التقدير: بل رب موصوف بهذا الوصف قطعته. ووهم بعضهم فزعم أنها
تستعمل جارّة.
وإن تلاها مفرد فهي عاطفة.
ثم إن تقدمها أمر أو إيجاب ك (اضرب زيداً، بل عمراً، وقام زيد بل عمرو)
فهي تجعل ما قبلها كالمسكوت عنه فلا يحكم عليه بشيء، وإثبات الحكم لما بعدها.
وإن تقدمها نفي أو نهي فهي لتقرير ما قبلها على حالته، وجعل ضده لما بعده،
نحو: (ما قام زيد بل عمرو ولا يقم زيد بل عمرو) [مغني اللبيب، ص 151].
وقد يلومنا بعض القراء أن وضعنا هذا المثال من تعالُم الشيخ تحت عنوان:
(غرور وادعاء) ولم نضعه تحت عنوان: (التواء وتهويل) فنقول:
الالتواء والتهويل ليسا بعيدين كثيراً من الغرور والادعاء، بل بينهما لُحمة
وكيدة وعلاقة وطيدة، تهويل يؤدي إلى الادعاء، وغرور يسوق إلى التهويل. ففي
هذا المثال؛ لولا الغرور والادعاء والإعجاب بالنفس التي تدفع بالشيخ لتجشم مثل
هذه الصعاب لما هوّل علينا بهذه الأمثلة التي يريد من ورائها إيهام قرائه أنه قادر
على الفتوى ليس في (السلف والسلفية) فحسب؛ بل في العربية أيضاً! وأمامك -
فانظر - فتاواه في هذين الشأنين.
*يتبع *
________________________
(1) طبعاً يستسيغ الشيخ أن يضحك على هذا الموقف، ولكن يبكي مَن ماذا وعلى ماذا؟!.
(2) الضبط للكلمة من الشيخ نفسه، ولعل هذا الضبط أشفى لصدره! يقول الشيخ الطاهر بن عاشور
في تفسيره (التحرير والتنوير)، 2/ 111: والميتة - بالتخفيف - هي في أصل اللغة: الذات التي
أصابها الموت، فمخففها ومشددها سواء، كالميْت والميّت، ثم خُص المخفف مع التأنيث بالدابة
التي تقصد ذكاتها إذا ماتت بدون ذكاة فقيل: إن هذا من نقل الشرع، وقيل: هو حقيقة عرفية قبل
الشرع وهو الظاهر بدليل إطلاقها في القرآن على هذا المعنى.
((مجلة البيان ـ العدد [36] صـ 7 رجب 1411 ـ فبراير 1991))
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[20 - 11 - 04, 03:13 م]ـ
وقفة البوطي مع ابن تيمية
عبد القادر حامد
لا تقل: كيف يكون هذا؟ وكيف يستوقف البوطي ابن تيمية؟ فهكذا كان!
افترض أنه استوقفه! ولكن هل وقف، رحمه الله، وهل أصاخ لتحرشات البوطي
بعد ستمائة وثمانين سنة من وفاته، لقد تُحرِّش به كثيراً في حياته وبعد مماته إلى
الآن، ولم يهادن، ولم ينحن، بل هاهو ما يزال يزداد على التحرشات سطوعاً
وانتشاراً. لقد تعاوره ناس من طبقات شتى، وناشته أسلحة عمالقة وأقزام، كلهم
يحاول جهده، ويجرب حظه! ولكن أين هؤلاء، ومن يذكرهم؟! ومن يقرأ لهم؟
نحن نجيب: لا يقرأ لهم - في الأغلب - إلا من يريد أن يجرب حظه مع ابن
تيمية من جديد، ليجرد عليه أسلحة ثبت أنها إما كليلة أو فليلة.
مجلدات، رسائل مجردة، فتاوى، قصائد، ترجمات .. كلها ساهمت في هذه
الملحمة التي بدأت في حياة ابن تيمية ولمّا تنته بعد: أهواء يختلط فيها الحسد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/450)
والغيرة، بالتصوف الأعجمي، بالعداء للسنة، بالحقد على الصحابة، بالحرص
على المنصب، بحب الظهور عند جهة مدخولة العقيدة، بالشعوبية المبنية على كره
كل ما هو عربي، بالتعصب للمذاهب والأشخاص، بكثير مما يصعب حصره من
الدوافع التي تظهر خطوطها في كلام أصحابها بادية للعيان، أو تلك التي تتوارى
وتتدارى وتتلفف وتتدثر، ولكن تدل عليها رائحتها وفحيحها من وراء الكلمات. كل
ذلك وأكثر منه قد أُرصِد ويُرصَدُ كي يخفت صوت ابن تيمية، ويسدل الستار على
المنهج الذي نصب له جهده وحياته. ولكن هل نجح ذلك الإرصاد في خفت صوته
وتغييب منهجه؟ ما أحرى ابن تيمية بمعنى قول المتنبي:
كم قد قتلتُ وكم قد متُّ عندكم ثم انتفضتُ فزال القبر والكفن
قد كان شاهد دفني قبل قولهم جماعة، ثم ماتوا قبل من دفنوا
هذا أمر ومنهج قد استتب، وهو إلى قوة وانتشار بحمد الله ومنه وكرمه.
إننا لا ندافع عن ابن تيمية، فابن تيمية يدافع عن نفسه بأسلوبه، وعلى
الرغم من ضياع كثير مما كتب، فيما بقي من تراثه كفاء خصومه، وإذا أشرنا إلى
فقرات من آرائه في مؤلفاته، فهذا ليس تعبيراً عن تعصب للرجل، بل إنصافاً
للحق المجرد الذي نؤمن به وندين الله عليه، فإذا أحبه محبوه فللحق الذي ينافح عنه،
وإذا تحامل عليه من تحامل فللباطل الذي يمدون إليه بسبب أو أكثر.
كما لا نظن بابن تيميه العصمة، فهو بشر يصيب ويخطئ، ولكن المناقشة
العلمية شيء، والتحامل الصارخ، والتشفي العاري شيء آخر.
لا زال مغروساً في ذاكرتي ذلك الموقف الذي كنت عاجزاً عن فهمه وتحليله
يوم حدث، وذلك أني كنت طالباً في كلية الشريعة في دمشق، وكانت مقررة علينا
مادة سموها: الفقه المقارن، وكان تدريسها مسنداً للدكتور الذي نناقش بعض ما
جاء في كتابه هذا، وكان صنف ورقات تحتوي عدة مسائل فقهية خلافية. وكان
من بين هذه المسائل مسألة: الطلاق بلفظ الثلاث، هل يقع ثلاثا أم واحدة، وهي
مسألة مشهورة، وابن تيميه يخالف في هذه المسألة المفتى به عند الفقهاء، وطبيعي
أن الشيخ البوطي ينصر رأي الفقهاء ولا لوم عليه في ذلك، لكن الذي استوقفني في
ذلك الوقت أمران:
1 - وضع الأدلة وسياقها كما ناقشها البوطي حتى ننتهي إلى ما انتهينا إليه من
تأييد رأي الجمهور، فعلى الرغم من الجهد الواضح والحشد وكثرة الأقوال، إلا أنه
ظل في أعماق النفس شيء من هذه الاستدلالات وطريقة عرضها.
2 - الصورة التي عرض البوطي علينا المسألة فيها.
فلا أزال أذكر أنه عندما عرض الأدلة وبدأ يناقشها تغيرت صورته التي
أعرفها أنا على الأقل، فارتفعت لهجته واحتدت، وهذه الحدة كانت ترافق عرض
الحجج التي يعتمدها ابن تيمية، بل كنت أحس أن الشيخ - وهو الهادئ الرزين في
نظري -كان يتهيأ للنهوض عن كرسيه بغضب ظاهر ليدفع خصماً أمامه لم يبق له
معه كلام، ولا بد من اللجوء إلى لغة الدفع باليد، بعد عجز لغة الحجة والبرهان.
طبعاً لم يخلف هذا الموقف في نفسي شيئاً نحو الشيخ حتى عندما سعر الحرب بينه
وبين خصومه الذين يحرص على نعتهم بأقبح الصفات، لم تكن هذه الحروب من
اهتماماتي، فلم أتابع ما قال كل طرف في الآخر. حتى قرأت له هذا الكتاب،
فعجبت أن يكتبه دكتور سلخ مدة ليست بالقصيرة من عمره يدرس ويحاضر ويؤلف.
هل النضج يؤدي إلى هذه النتيجة؟ أم هي فتنة يفتن بها الشيخ بعد هذا العمر؟
أم هذا ديدنه في سائر إنتاجه؟
وبعد أن قرأت «وقفته مع ابن تيمية» أدركت تلك الصورة الغريبة، التي
عجزت عن تفسيرها في ذلك الوقت المبكر، لأنني لم أكن قد اطلعت على شيء
كاف مما كتب ابن تيمية، تؤهلني لإدراك ما وراء الآكام.
تتجمع خصائص البوطي في التأليف والجدل، وتحتشد على نحو بارز
وطريف حينما يتصدى لابن تيمية (منبهاً إلى أخطاء وقع فيها ومعتذراً له!)،
وحتى يكون لتصديه هذا مؤيدون فلا بد من اللجوء إلى رمز له جمهوره، وهكذا فما
إن افتتح البوطي اللعبة التي سماها: «وقفة مع ابن تيمية»، حتى دلف وألقى
الرمز بين يدي جمهوره! هذا الرمز هو الغزالي ..
والمجيء بالغزالي إلى هذا المعمعان حيلة يراها البوطي ناجحة، فلا بد من
إثارة العواطف، وهذه لا تثور إلا بندب وتفجع وتوجع! ولا بد أن يكون موضوع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/451)
هذا الندب والتفجع والتوجع رمزاً معروفاً، ولعله يستخدم هذه الوسيلة تأثرً بالذين
يستغلون حب المسلمين قاطبة لآل البيت من أجل الوصول إلى أهداف أخرى.
وهو الذي تحول بآخره إلى الاحتطاب بحبلهم!
وسبب آخر وهو تحويل المعركة من طرفين يشك الجمهور في تكافئهما؟
وهما: البوطي وابن تيمية، إلى طرفين قد يوجد من الناس من يقول بتكافئهما وهما:
الغزالي وابن تيمية! والتبعة على البوطي ستكون أخف وأهون - أو هكذا يظن
- إذا ما جعل هذين الإمامين يتصارعان وعندها قد يقف على مبعدة منهما يفرك
يديه ضاحكاً قائلاً:
وكتيبةٍ لبستها بكتيبةٍ حتى إذا التبست نفضتُ لها يدي
يقول البوطي [ص 160]:
«ولكن ابن تيمية أنحى باللائمة- على الغزالي بسبب خوضه في تلك
المصطلحات والمقاييس (مصطلحات ومقاييس الفلاسفة) واتهمه أكثر من مرة بما
كان جديراً به أن يشكره عليه، انطلاقاً من قراره الجازم بأن الاشتغال بعلم الكلام
لإحقاق الحق الذي جاء به القرآن والسنة، عمل مبرور لا حرج فيه ولا مانع منه.
ويضع البوطي على طريقته في الإيهام والتلبيس في الحاشية ما يشير إلى أن
مضمون ما قاله موجود في صفحة 184 من الجزء التاسع من مجموع فتاوى ابن
تيمية.
ولكن - قبل أن نرجع إلى الموضوع المشار إليه - ما مضمون كلامه؟
إن مضمونه أن ابن تيمية:
1 - أنحى باللائمة على الغزالي بسبب خوضه في مصطلحات ومقاييس
الفلاسفة.
2 - اتهمه أكثر من مرة بما كان جديراً أن يشكره عليه!
ولكن ما هذا الذي كان يجب على ابن تيمية أن يشكر الغزالي عليه؟! لقد
تركه البوطي مبهماً!
3 - إن لابن تيمية قراراً جازماً لا مثنوية فيه بأن الاشتغال بعلم الكلام لإحقاق
الحق الذي جاء به القرآن والسنة عمل مبرور لا حرج فيه ولا مانع منه.
نقول:
أما إن لابن تيمية كلاماً في الغزالي فلا ينكر ذلك أحد، وأما أن يكون هذا
الكلام حقاً أو باطلاً في نفسه فهذا متروك للعلماء ليقرروه، وهو مباح لكل ناظر
وباحث - لكن بشروط البحث والنظر - لينظر فيه ويبحث عن وجه الحق فيما
احتواه. ولكن غير المباح، بل المعيب؟ أن تدعى دعاوى لا دليل عليها لمجرد
تشويه السمعة والصد ليس إلا! وإذا كان البوطي غيوراً على من يحب - وهذا حقه
- فاللائق به أن يجمع أطراف كلام ابن تيمية في الغزالي، وأن يناقش ذلك مناقشة
العلماء، وأن لا يقصقص أطراف النقول والاستشهادات حتى توافق هواه، وتتفق
مع ما في نفسه من دخن على ابن تيمية.
ولنعد إلى ص 184 من الجزء التاسع من مجموع الفتاوى.
يتكلم ابن تيمية عن عيب نظار المسلمين طريق أهل المنطق، وبيانهم
قصورها وعجزها، ورأيهم في المنطق جملة فيقول:
«ومازال نظار المسلمين يعيبون طريق أهل المنطق، ويبينون ما فيها من
العي واللكنة، وقصور العقل وعجز النطق؛ ويبينون أنها إلى إفساد المنطق العقلي
واللساني أقرب منها إلى تقويم ذلك. ولا يرضون أن يسلكوها في نظرهم
ومناظراتهم، لا مع من يوالونه ولا مع من يعادونه.
وإنما كثر استعمالها في زمن «أبي حامد»؛ فإنه أدخل مقدمة من المنطق
اليوناني في أول كتابه «المستصفى»، وزعم أنه لا يثق بعلمه [1] إلا من عرف
هذا المنطق.
وصنف فيه «معيار العلم» و «محك النظر»؛ وصنف كتاباً سماه:
«القسطاس المستقيم»، ذكر فيه خمس موازين: الثلاث الحمليات؛ والشرطي
المتصل، والشرطي المنفصل. وغير عباراتها إلى أمثلة أخذها من كلام المسلمين،
وذكر أنه خاطب بذلك بعض أهل التعليم، وصنف كتاباً في تهافتهم، وبين كفرهم
بسبب مسألة قدم العالم، وإنكار العلم بالجزئيات، وإنكار المعاد وبين في آخر كتبه
أن طريقهم فاسدة؛ لا توصل إلى يقين؟ وذمها أكثر مما ذم طريقة المتكلمين.
وكان أولاً لا يذكر في كتبه كثيراً من كلامهم: إما بعبارتهم؟ وإما بعبارة أخرى،
ثم في آخر أمره بالغ في ذمهم؛ وبين أن طريقهم متضمنة من الجهل والكفر ما
يوجب ذمها وفسادها أعظم من طريق المتكلمين؟ ومات وهو مشتغل بالبخاري
ومسلم.
والمنطق الذي كان يقول فيه ما يقول؟ ما حصل له مقصوده، ولا أزال عنه
ما كان فيه من الشك والحيرة؛ ولم يغن عنه المنطق شيئاً.
ولكن بسبب ما وقع منه في أثناء عمره وغير ذلك، صار كثير من النظار
يدخلون المنطق اليوناني في علومهم، حتى صار من يسلك طريق هؤلاء من
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/452)
المتأخرين يظن أنه لا طريق إلا هذا، وأن ما ادعوه من الحد والبرهان هو أمر
صحيح مسلم عند العقلاء، ولا يعلم أنه مازال العقلاء والفضلاء من المسلمين
وغيرهم يعيبون ذلك ويطعنون فيه. وقد صنف نظار المسلمين في ذلك مصنفات
متعددة، وجمهور المسلمين يعيبونه عيباً مجملاً لما يرونه من آثاره ولوازمه الدالة
على ما في أهله مما يناقض العلم والإيمان ويفضي بهم الحال إلى أنواع من الجهل
والكفر والضلال». [مجموع الفتاوى 9/ 184 - 185].
هذا ما جاء فيه ذكر الغزالي في هذا الموضع، فهل فيه اتهامات؟ فقد قال ابن
تيمية أن نظار المسلمين يعيبون طريق أهل المنطق، وأن هذه الطريق كثر
استعمالها منذ زمن الغزالي، وأنه أدخل مقدمة من المنطق اليوناني في أول كتابه
«المستصفى»، وزعم - أي الغزالي - أنه لا يوثق بعلم من لا يعرف المنطق،
وصنف في المنطق كتباً مثل: «معيار العلم» و «محك النظر»، وصنف أيضاً
«القسطاس المستقيم» و «تهافت الفلاسفة»، فهل هذا كذب على الغزالي؟
وبين أن الغزالي بيَّن كفر الفلاسفة وأسبابه، وكذلك ادعى على الغزالي أنه
حكم بفساد طريق المعرفة على طريق الفلاسفة وادعى ذمه لطريق المتكلمين؛ فهل
هذه مجرد دعاوى لا دليل عليها، أم أن أدلتها مبثوثة في كتب الغزالي المعروفة؟
وكذلك ذكره التطور الذي حصل لأبي حامد وأنه مات وهو مشتغل بالبخاري
ومسلم، هل هذه دعوى غير صحيحة؟ أم أنها لوم وشيء معيب أن يسند للغزالي؟
هل في قول من قال في عالم من العلماء: إنه قال كذا، وفعل كذا وبيان
أسباب ذلك ظلم لهذا العالم أو تهمة أو لوم؟
ثم ما معنى قولك:
«بل إن ابن تيمية - رحمه الله - ازداد حماسة في الهجوم على المنطق
ومقاييسه واصطلاحاته، حتى لكأن فرط الحماسة أنساه ما قد قرره بشأن علم الكلام،
وجواز الاستفادة من اصطلاحات المناطقة وأساليبهم في بيان الحق، فأخذ يقرر
بأن ما يعتمده النظار من أهل الكلام من الأدلة العقلية شيء لا حاجة إليه ولا موجب
للاشتغال به؛ فإن القرآن جاء بما يغني عنه»، [ص 160].
لماذا تغار على المنطق غيرتك على الغزالي حتى لكأنهما توأمان؟، وهل
علم المنطق وعلم الكلام شيء واحد في نظرك؟ إن ابن تيمية لم يخرج عن ما قرره،
ولم يناقض نفسه -كما يحلو لك أن تثبت، وتقيم ما تسميه أنت أدلة على ذلك -
فالموضع الذي تشير إليه على أن ابن تيمية تحدث فيه طويلاً في علم الكلام، وحكم
دراسته وممارسته والاحتجاج في مسائل العقائد الإسلامية به؛ وانتهى بحمد الله إلى
أن ممارسته ليست بدعة، والاعتماد عليه في الدفاع عن العقائد الإسلامية ليس
محرماً، إذا لم يقصد به الاستدلال بالأدلة الفاسدة أو تبني ما قد يكون من المقولات
الباطنة!
نقول: هذا الفعل منك تحميل لكلام ابن تيمية ما لا يحتمل، وعلى طريقتك
في البتر والقصقصة والتشويه تستدل على ما تريده، وتلوي كلام ابن تيمية عن
مقصده، متوهماً أنك بهذا البتر والتشويه تصير كلامه ملائماً لهواك.
ولكن هيهات! فأي عاقل يقرأ كلام ابن تيمية في سياقه التام يكتشف استهانة
وتلاعباً بالنصوص لا يليقان بطلبة العلم فضلاً عن الذين نصبوا أنفسهم للتدريس
والإرشاد.
ولو وضعنا - هنا - الكلام الذي يحيل على شذراته؛ بتمامه؛ لطال
الموضوع، ولأمللنا القارئ، فليرجع من يشاء إلى ذلك الموضوع من مجموع
الفتاوى 9/ 293 - 327، وليقرأ كلاماً كانت له روح هناك، فجاء البوطي وانتزع
روحه، وجعله عضين، وقدمه على أنه هو الذي يقول به ابن تيمية!
والغريب أنه لا يفطن لهذا التشويه؛ فيبني عليه، أو يستنتج منه آراء شائهة
من مثل قوله: «فإن أحداً منهم لم يتبن المضامين الباطلة للفلاسفة والمناطقة
اليونانيين» [ص 159].
وقوله: «وقد انعكس هذا الاضطراب في كلام ابن تيمية على أذهان كثير
ممن يقرءون له بسطحية ودون صبر أو استيعاب» [ص 61]، ففي كلامه هذا
أمور:
1 - وصف لكلام ابن تيمية بالاضطراب.
2 - انعكاس هذا الاضطراب على أذهان كثير ممن يقرءون لابن تيمية
بسطحية ودون صبر أو استيعاب، وهذه العبارة ملتوية أشد الالتواء، وبيان ذلك أن
وصف كلام ابن تيمية بالاضطراب تركه البوطي معلقاً، حتى إذا قال له قائل: يا
شيخ، كثير عليك أن تحكم على كل كلام ابن تيمية بالاضطراب، لربما قال: لا،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/453)
أنا لا أقصد جميع كلامه؟ وإنما أصف بالاضطراب هذه الفقرة التي نقلتها من
الجزء التاسع ص 225 من مجموع الفتاوى! فيقال له: حتى على هذه النية، أين
الاضطراب في هذا الكلام؟ وهل هذه الفقرة وحدها كافية لبلبلة أفكار من يحكم
عليهم البوطي هذا الحكم الجائر؟ فإن كان كلام ابن تيمية مضطرباً كله فهو يعني
قراءه، وأنت منهم! إلا أن تحصن ذهنك من الاضطراب بالابتعاد عنه، والفرار
منه فرارك من مجذوم! وياليتك فعلت هذا؟ إذن لكفيت واستكفيت، ولكن ها أنت
من قراء ابن تيمية! لكن استغفر الله، فقد كدنا ننسى ما قلت، فأنت من القلة القليلة
التي أفادها مفهوم كلامك السابق، والتي تقرأ له بعمق وصبر واستيعاب!، فالحمد
لله الذي عصمك - عند نفسك - من الاضطراب!
مثال من المبالغة والتحدي الفارغ:
قد يظن ظان أن هجوم البوطي على ابن تيمية، واستظهاره بالغزالي آت من
دراسة مستفيضة لعلم الرجلين، ومن تعمق فيما كتبا، ثم من تبيُّن عادل لما كتبه
ابن تيمية حول الغزالي؛ أو حول المسائل العلمية التي تعرض لها، ومن توصل
إلى أن وجه الحق في هذه المسائل كان إلى جانب الغزالي ...
والحق أن كل ذلك لم يكن - وسوف نبرهن على ذلك - وإنما الذي كان أن
البوطي سمع من المتعصبين مثله أن ابن تيمية عاب على الغزالي، وهو بنظر
هؤلاء (قدس الأقداس) الذي لا يُمس ولا يُنتقد.
ومن جهة ثانية يريد البوطي أن يجعل هذه المشكلة - انتقاد ابن تيمية للغزالي
- سلاحاً من الأسلحة التي يرمي ابن تيمية بها، لعله يصيب منه مقتلاً بعد أن تيقن
أن علمه وآراءه لم تمت، وأنه لا زال حياً على الرغم من قول متعصب شعوبي
حاقد من المتأخرين [2] فيه: «وحيث لم يكن له شيخ يرشده في العلوم النظرية
أصبح علمه لا يرتكن على شيء وثيق خليطاً كثير التناقض، توزعت مواهبه في
أهواء متعبة، ثم أفضى إلى ما عمل وزالت فتنته برد العلماء عليه».
ولا شك أن البوطي قد مر بهذه العبارة المظلمة، ولا ندري هل أمَّن عليها؟
أم أشاح عنها وجهه لقبحها وعفونة رائحتها؟! إن كان أمَّن عليها فقد أمَّن على
كذب، وإن كان أشاح عنها فمضمون كلامه عن ابن تيمية مخالفة عملية لهذه
الإشاحة!
وحتى نقيم الدليل على مجازفات البوطي ننقل فقرة من فقر كتابه تدلك على ما
حكمنا به عليه من قلة التعمق والتبين التي سببها العجلة أو الهوى أو كلاهما، يقول
عن الغزالي:
« ... وأما أنه قد انطلى عليه شيء من أوهامهم أو انزلق إلى أي من الباطل
الذي ضلوا في أوديته، فهذا ما شهدت الدنيا كلها بنقيضه، بل شهد بنقيض ذلك ابن
تيمية نفسه (سبحان الله)، وما عرف تاريخ الفلسفة رجلاً مزق الأوهام الفلسفية
بمباضع المقاييس الفلسفية ذاتها (هذه استعارة مكنية!)، وانتصر للحق الذي دل
عليه كتاب الله عز وجل، بالاصطلاحات الفلسفية نفسها كالإمام الغزالي»
[ص 163].
ليس ابن تيمية وحده من ينقض أمثال هذه الفقرة التهويلية التي جادت بها
قريحة الشيخ البوطي، بل هو عندما يشير إلى أن الغزالي تأثر بأساليب الفلاسفة
ينقل كلام العلماء قبله من جهة، ويعتذر للغزالي من جهة أخرى؛ لأنه لم يتيسر له
العلم بالسنة، التي تعصم الإنسان من العدوى بطرق الفلاسفة وأساليبهم، ومعروف
أن الغزالي قال: «بضاعتي في الحديث مزجاة»، وكتبه - ومن أشهرها الإحياء
- تشهد بذلك (ولا ندري أينكر البوطي ذلك؟!)، وابن تيمية في نقده ينهج المنهج
الأعدل، فيبين أوهامه وأسبابها وعذره فيها، ويذكر ما له من محاسن، ويذكر
أقوال العلماء فيه فلا يقبل ما جاء به دون نقاش، ولا يرد كل ما جاء به دون دليل،
يقول عن الغزالي:
«ولكن كان هو وأمثاله -كما قدمت - مضطربين لا يثبتون على قول ثابت؛
لأن عندهم من الذكاء والطلب ما يتشوفون به إلى طريقة خاصة الخلق، ولم يقدر
لهم سلوك طريق خاصة هذه الأمة، الذين ورثوا عن الرسول - صلى الله عليه
وسلم - العلم والإيمان، وهم أهل حقائق الإيمان والقرآن، - كما قدمناه -، وأهل
الفهم لكتاب الله والعلم، والفهم لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وإتباع
هذا العلم بالأحوال والأعمال المناسبة لذلك، كما جاءت به الرسالة.
ولهذا كان الشيخ «أبو عمرو بن الصلاح» يقول - فيما رأيته بخطه -:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/454)
«أبو حامد كثر القول فيه ومنه، فأما هذه الكتب (يعني المخالفة للحق) فلا يلتفت
إليها، وأما الرجل فيسكت عنه، ويفوض أمره إلى الله». ومقصوده: أنه لا
يذكر بسوء، لأن عفو الله عن الناسي والمخطئ وتوبة المذنب تأتي على كل ذنب،
وذلك من أقرب الأشياء إلى هذا وأمثاله، ولأن مغفرة الله بالحسنات منه ومن
غيره، وتكفيره الذنوب بالمصائب تأتي على محقق الذنوب، فلا يقدم الإنسان على
انتفاء ذلك في حق معين إلا ببصيرة، لاسيما مع كثرة الإحسان والعلم الصحيح،
والعمل الصالح والقصد الحسن. وهو يميل إلى الفلسفة، لكنه أظهرها في قالب
التصوف والعبارات الإسلامية.
ولهذا: فقد رد عليه علماء المسلمين، حتى أخص أصحابه أبو بكر بن
العربي، فإنه قال: «شيخنا أبو حامد دخل في بطن الفلاسفة، ثم أراد أن يخرج
منهم فما قدر». وقد حكي عنه من القول بمذاهب الباطنية ما يوجد تصديق ذلك
في كتبه. ورد عليه أبو بكر الطرطوشي، ورد عليه أبو الحسن المرغيناني ورفيقه،
رد عليه كلامه في مشكاة الأنوار ونحوه، ورد عليه الشيخ أبو البيان، والشيخ
أبو عمرو ابن الصلاح، وحذر من كلامه في ذلك هو وأبو زكريا النواوي وغيرهما،
ورد عليه ابن عقيل، وابن الجوزي، وأبو محمد المقدسي وغيرهم». [مجموع
الفتاوى 4/ 65 - 66].
ويقول عن كتابه الإحياء:
«و (الإحياء) فيه فوائد كثيرة؛ لكن فيه مواد مذمومة، فإنه فيه مواد فاسدة
من كلام الفلاسفة تتعلق بالتوحيد والنبوة والمعاد، فإذا ذكر معارف الصوفية كان
بمنزلة من أخذ عدواً للمسلمين ألبسه ثياب المسلمين. وقد أنكر أئمة الدين على
«أبي حامد» هذا في كتبه، وقالوا: مرضه (الشفاء) يعني شفاء ابن سينا في
الفلسفة.
وفيه أحاديث وآثار ضعيفة؛ بل موضوعة كثيرة. وفيه أشياء من أغاليط
الصوفية وترهاتهم. وفيه مع ذلك من كلام المشايخ الصوفية العارفين المستقيمين
في أعمال القلوب الموافق للكتاب والسنة، ومن غير ذلك من العبادات والأدب ما
هو موافق للكتاب والسنة، ما هو أكثر مما يرد منه، فلهذا اختلف فيه اجتهاد الناس
وتنازعوا فيه». [مجموع الفتاوى10/ 551 - 552].
وهكذا يتبين لنا من هاتين الفقرتين السابقتين حقيقة الدعوة العريضة من قول
البوطي: «فهذا ما شهدت الدنيا كلها بنقيضه»! ياليته ذكر لنا أسماء من أهل هذه
الدنيا! وقوله كذلك: «بل شهد بنقيض ذلك ابن تيمية نفسه»! فهلا ذكر الشيخ
أين شهد ابن تيمية بنقيض ذلك؟! وما تبق من فقرة الشيخ فهو صراخ وحدة
وتحدي «قبضايات» لا علماء.
على أننا نضع هنا بين يدي البوطي درساً في النقد يعلمناه ابن تيمية لعله
ينتفع به، فتهدأ نفسه وتعتدل، ويضعه نصب عينيه إذا كتب في المستقبل معلماً
ومرشداً وناقداً، إذن، يكفر عن تحامله وأخطائه التي يقتحم فيها بدافع العجلة
والهوى، ولا ريب عندنا وعند الشيخ أن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في
الباطل.
يقول ابن تيمية في معرض ذكره شيئاً مما ينتقد على أبي ذر الروي واعتذاره
له، ولمن ينتقد عليه شيء من العلماء، وذكره ما هو معروف عنه من العلم والدين
والمعرفة بالحديث والسنة، وغير ذلك من المحاسن والفضائل:
«ثم إنه ما من هؤلاء إلا من له في الإسلام مساع مشكورة، وحسنات
مبرورة، وله في الرد على كثير من أهل الإلحاد والبدع، والانتصار لكثير من أهل
السنة والدين ما لا يخفى على من عرف أحوالهم، وتكلم فيهم بعلم وصدق وعدل
وإنصاف، لكن لما التبس عليهم هذا الأصل المأخوذ ابتداءً من المعتزلة، وهم
فضلاء عقلاء احتاجوا إلى طرده والتزام لوازمه، فلزمهم بسبب ذلك من الأقوال ما
أنكره المسلمون من أهل العلم والدين، وصار الناس بسبب ذلك: منهم من يعظمهم؛
لما لهم من المحاسن والفضائل، ومنهم من يذمهم، لما وقع في كلامهم من البدع
والباطل، وخيار الأمور أوساطها.
وهذا ليس مخصوصاً بهؤلاء، بل مثل هذا وقع لطوائف من أهل العلم والدين،
والله تعالى يتقبل من جميع عباده المؤمنين الحسنات؟ ويتجاوز لهم عن السيئات،
] رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ولإخْوَانِنَا الَذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ ولا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا
رَبَّنَا إنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ [[الحشر 10].
ولا ريب أن من اجتهد في طلب الحق والدين من جهة الرسول -صلى الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/455)
عليه وسلم- وأخطأ في بعض ذلك فالله يغفر له خطأه، تحقيقاً للدعاء الذي استجابه
لنبيه وللمؤمنين حيث قالوا:] رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [[البقرة 286].
ومن اتبع ظنه وهواه فأخذ يشنع على من خالفه بما وقع فيه من خطأ ظنه
صواباً بعد اجتهاده، وهو من البدع المخالفة للسنة، فإنه يلزمه نظير ذلك أو أعظم
أو أصغر فيمن يعظمه هو من أصحابه، فقلّ من يسلم من مثل ذلك في المتأخرين،
لكثرة الاشتباه والاضطراب، وبعد الناس عن نور النبوة وشمس الرسالة الذي به
يحصل الهدى والصواب، ويزول به عن القلوب الشك والارتياب، ولهذا تجد
كثيراً من المتأخرين من علماء الطوائف يتناقضون في مثل هذه الأصول ولوازمها،
فيقولون القول الموافق للسنة، وينفون ما هو من لوازمه، غير ظانين أنه من
لوازمه، وبقولون ما ينافيه، غير ظانين أنه ينافيه، ويقولون بملزومات القول
المنافي الذي ينافي ما أثبتوه من السنة، وربما كفروا من خالفهم في القول المنافي
وملزوماته، فيكون مضمون قولهم: أن يقولوا قولاً ويكفروا من يقوله، وهذا يوجد
لكثير منهم في الحال الواحد لعدم تفطنه لتناقض القولين، ويوجد في الحالين،
لاختلاف نظره واجتهاده.
وسبب ذلك ما أوقعه أهل الإلحاد والضلال من الألفاظ المجملة، التي يظن
الظان أنه لا يدخل فيها إلا الحق، وقد دخل فيها الحق والباطل، فمن لم ينقب عنها
أو يستفصل المتكلم بها - كما كان السلف والأئمة يفعلون - صار متناقضاً أو مبتدعاً
ضالاً من حيث لا يشعر.
وكثير ممن تكلم بالألفاظ المجملة المبتدعة، كلفظ الجسم والجوهر والعرض
وحلول الحوادث ونحو ذلك، كانوا يظنون أنهم ينصرون الإسلام بهذه الطريقة،
وأنهم بذلك يثبتون معرفة الله وتصديق رسوله، فوقع منهم من الخطأ والضلال ما
أوجب ذلك، وهذه حال أهل البدع كالخوارج وأمثالهم، فإن البدعة لا تكون حقاً
محضاً موافقاً للسنة، إذ لو كانت كذلك لم تخف على الناس، ولكن تشتمل على حق
وباطل، فيكون صاحبها قد لبس الحق بالباطل: إما مخطئاً غالطاً، واما متعمداً
لنفاق فيه وإلحاد. كما قال تعالى:] لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُوا
خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الفِتْنَةَ وفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ [[التوبة 47]. فأخبر أن المنافقين لو
خرجوا في جيش المسلمين ما زادوهم إلا خبالاً، ولكانوا يسعون بينهم مسرعين،
يطلبون لهم الفتنة، وفي المؤمنين من يقبل منهم ويستجيب لهم: إما لظن مخطئ،
أو لنوع من الهوى، أو لمجموعهما؛ فإن المؤمن إنما يدخل عليه الشيطان بنوع من
الظن واتباع هواه، ولهذا جاء في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه
قال: «إن الله يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات، ويحب العقل الكامل عند
حلول الشهوات».
وقد أمر المؤمنين أن يقولوا في صلاتهم:] اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ *
صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [[الفاتحة 6 - 7]،
فالمغضوب عليهم عرفوا الحق ولم يعملوا به، والضالون عبدوا الله بلا علم.
ولهذا نزه نبيه عن الأمرين بقوله:] وَالنَّجْمِ إذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ
ومَا غَوَى [[النجم 1 - 2]، وقال تعالى:] واذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وإسْحَاقَ ويَعْقُوبَ
أُوْلِي الأَيْدِي والأَبْصَارِ [[ص 45]. [درء تعارض العقل والعقل 2/ 102 - 105].
صورة ابن تيمية كما رسمها البوطي:
إنه لشيء مؤسف لي أن أجمع خطوط صورة ابن تيمية كما رسمتها ريشة
البوطي الصناع، وأبرزها للقراء؛ حى يطلعوا على هذا الفن الذي يضطلع به
الرجل ويأخذ به نفسه، وبادئ ذي بدء فإني أهمس في أذن الشيخ البوطي همسة
لعلها تفيده في دنياه، وهي أن في هذا العصر - عصر ثقافة التلفاز - قد شاع هذا
النوع من الكتاب الذين يكتبون لهذا الجهاز، ويغذون برامجه بإنتاجهم، فيكتبون
قصصاً وحكايات يستخدمها ويعتمدها منتجو هذه البرامج والمسلسلات.
وقد كشفت في تصوير الشيخ لابن تيمية - رحمه الله -، هذه الموهبة النادرة
في التصوير الذي يناسب أهداف أصحاب هذه المسلسلات ومن يقف وراءهم،
وبخاصة إذا كانت مادتها تتعلق بشخصيات إسلامية تاريخية لها دور في البناء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/456)
الاجتماعي والفكري والحضاري للمسلمين، فتراهم ينتقون من الكتابات أكثرها
سطحية وتشويهاً، أو يتعاقدون مع «خياطي» الكتابة الذين يكتبون لا عن مبدأ أو
عقيدة، خلا عقيدة الارتزاق (والشيخ البوطي ليس من هؤلاء)، فيسطون على
الكتب والمراجع، ويقصون منها ما يناسب شروط العقد! ويفصلونه زياً على
حسب الطلب، صيفياً أو شتائياً، رجالياً أو نسائياً، طويلاً ضافياً فضفاضاً، أو
قصيراً ممسوخاً، كاسياً عارياً، أو منتعلاً حافياً، وهكذا .. وابن تيمية من هذه
الشخصيات التي تعتبر موضوعاً غنياً لكتاب المسلسلات هؤلاء، والنفس المستفاد
مما صوره به البوطي نفس هؤلاء الكتاب: دعاوى عريضة، وتشويه مقصود،
وهوى غلاب والعياذ بالله.
هذه أمثلة مما جادت به قريحة الشيخ في تصوير ابن تيمية:
اللوحة الأولى:
هذه مائدة الفلسفة مفروشة، مصفوفة أطباقها - بتنسيق وترتيب جميل، وقد
أعدت وجهزت حتى يرتادها الناس، كل الناس، وفجأة يدخل صبي صغير طائش،
وإن شئت فرجل أخرق مجنون يذود الناس يميناً وشمالاً عن هذه المائدة، يريد أن
يختص بها لنفسه فقط، لا يستفيد منها، بل «ليعثو [3] بأطباقها كما يحب»،
تكسيراً وتحطيماً وتخليطاً، يضع من هذا الطعام على ذاك، دون مراعاة للأذواق أو
المراسم! وهو بين هذا وذاك «يصيح في كل من حوله» [4]!!
هذه صورة ابن تيمية عند هذا الرجل الداعية الذي يحترم العلم والعلماء!
أليس هذا ما ينطق به كلامه التالي:
«أما الثاني (أي ابن تيمية) فقد تربى على مائدة الفلسفة يتناول منها ويعثو
بأطباقها كما يحب، ويصيح في كل من حوله! يطردهم عن المائدة، ويحذرهم من
أن يذوقوا منها مذاقاً، لأن كل ما عليها طعام آسن ضار غير مفيد!!»
[ص 163].
صورة طريفة مع أنها مزعجة، وبخاصة عندما يختلط صراخ ابن تيمية -
رحمه الله - بصوت الأطباق التي ينهال عليها تكسيراً وتفتيتاً. وقديماً قيل: أعذب
الشعر أكذبه!
ولوحة ثانية:
هذا ابن تيمية قد طوح بنفسه في بحر الفلسفة، وتعرض لما لا يحسن أن
يتعرض له، وخدعته نفسه حين ظن أنه قادر على السباحة في هذا البحر،
والسلامة من أخطاره، فها هو يتطوح هكذا وهكذا مضطرباً تائهاً لا يدري كيف
الخلاص، كشخص فقد دليله في مفازة مترامية الأطراف لا يدري أين طريق النجاة ..
اقرأ قول البوطي بنصه التالي وتأمل:
«والعجب الثاني، أنه - وهو المحذر من سمادير الفلاسفة وأوهامهم - لم
ينج من هذه الأوهام والسمادر، بل أصابه بعض رشاشها، بل أصابه بعض من
أخطار رشاشها؟ ومع ذلك فهو لم يتبنها ويعتقد بها من منطلق التثبت العلمي الجازم،
ولكن تطوح في شأنها تطوح المضطرب، وناقض نفسه في حديثه عنها مناقضة
التائه وقع في مهمه لا يتبين سبيلاً للخلاص منه» [ص 163].
وبعد:
فإن هذا الأسلوب الذي يكتب به البوطي ابن تيمية يناقض ما جاء في حاشيته
على (وقفته مع ابن تيمية) ص 158 والتي يقول فيها:
«ليس الهدف من عرض ما قد يؤخذ على ابن تيمية هنا، تفسيقه أو تبديعه،
كما فعل بعض خصومه، وإنما القصد أن ننبه إلى خطأ ما وقع فيه، ثم إلى
التماس العذر له من خلال العثور على نصوص أخرى يناقض فيها نفسه في هذه
النقاط التي أخذت عليه .. ».
لو أن البوطي فسق أو بدع لكان الخطب أهون والتبعة أخف محملاً على نفسه،
إذا لا يعدو بعمله ذاك أن يكون كرر شيئاً قد قيل من قبل، ولم يأت بجديد، ولكن
الشيخ البوطي يأبى إلا أن يبذ الأوائل ببدواته وإبداعه، فيسخر ويتشفى، ويتعالى
ثم يتواضع، ويقدر ثم يعفو، ويدين المجرم بجرائمه الواضحة، ثم - لفرط
إنسانيته وفروسيته - يذهب ويفتش في حيثيات القضية، لعله يعثر على ما يجعله
يتجاوز عن إنزال العقوبة الرادعة المستحقة. هذا ما تدل عليه حاشيته تلك التي تلح
علينا بأن يكون لنا معها وقفة أخرى.
*يتبع*
________________________
(1) هكذا في مجموع الفتاوى ولعلها: لا يوثق بعلم.
(2) زاهد الكوثري في مقدمته لكتاب تبيين كذب المفتري لابن عساكر.
(3) يراجع معنى يعثو في لسان العرب و (يعثو) هذه أخت (ينغصون) التي وصف بها الصحابة!.
(4) اقرن هذه العبارة بالعبارة الواردة في كتابه [ص 245]: (فصاح فيه أن يخرج)! والتي أشرنا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/457)
إليها في مجلة البيان العدد السابق (36) ص 14 وليُعلم أن هذه ليست عربية صحيحة ولا فصيحة ولا
لائقة، بل هي - لسوء حظه وحظنا - لغة أزقَّة يزين بها الشيخ أسلوبه الراقي!.
((مجلة البيان ـ العدد [37] صـ 6 رمضان 1411 ـ مارس 1991))
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[20 - 11 - 04, 03:14 م]ـ
تتمة وقفة البوطي مع ابن تيمية
عبد القادر حامد
مر معنا في المقال السابق تصوير البوطي لابن تيمية، وقد كانت تلك
الصورة على ما قد بيناه من استهزاء وبعد عن الإنصاف، وحطة في الأسلوب
تعكس نفساً قلقة بعيدة عن الاتزان.
وقد حاول البوطي جهده في رسمه تلك الصورة أن يضع في وهم قرائه أن
ديدن ابن تيمية هو هكذا: اضطراب وتطويح وتناقض، وصال وجال مشيراً إلى
هنة هنا، وهنة هناك، مما يعتبره هو مآخذ على ابن تيمية، ولكن حينما أحس أن
هذه الهنات قد لا تقنع قراءه برأيه في ابن تيمية هز كتفيه ونفض كنانته؛ فأخرج
منها هاتين الفاقرتين:
1 - المسألة الأولى:
تعليق لابن تيمية على كتاب (مراتب الإجماع) لابن حزم.
2 - المسألة الثانية:
رأي ابن تيمية في مسألة الكسب عند الأشاعرة.
أما المسألة الأولى؛ فهي مسألة حاول أعداء ابن تيمية قديماً وحديثاً أن
يستخدموها للنيل منه، فراشوا بها سهامهم، والبوطي يسير على هدي الكوثري عند
تعرضه لهذه المسألة، ورأي الكوثري في ابن تيمية معروف ومشهور. أما تحليل
هذا الموقف وأسبابه فلا زال يحتاج إلى مزيد من إلقاء الضوء عليه، لأن نتائج هذا
التحليل لها صلة بالمنهج العام الذي تقبل بمقتضاه الأقوال أو ترد، ويقوم على
أساسه فهم المسلم لتاريخه الفكري، وتتضح على ضوئه المؤثرات التي كان لها فعل
سيئ في حياة المسلمين خلال القرون الماضية. وشخص كالكوثري في تركيبته
الفكرية وخلفيته التربوية لا يمكن إلا أن يكره ابن تيمية وكل ما جاء به.
فابن تيمية له رأي فذ في العلاقة بين العرب والإسلام، وارتباط الإسلام باللغة
العربية، ويرى أن كره العرب نفاق، هذا مع أنه يقول: (فضل الشخص لا
يستلزم فضل الجنس) والكوثري أبسط ما يقال فيه من هذه الناحية أنه شعوبي،
وشعوبيته قد أدخلته مداخل صعبة وعنته عناء يعرفه من قرأ له.
وابن تيمية حر التفكير، حرب على التقليد والجمود، لا يسير خطوة دون
الاهتداء بالدليل والكوثري مقلد جامد ومتعصب ضيق العطن، حبس نفسه في حدود
المذهب الحنفي، ويرى أن الإسلام هو هذا المذهب فقط، فهو لذلك حرب على
الشافعية، والمالكية، وسم زعاف على الحنابلة، أما كبار علماء الحديث فأقل ما
يقوله فيهم أنهم (حشوية)، أما ما يقوله في كل واحد منهم على انفراد: من تجن
وتحامل وتعسف، ومن تهم باطلة، ومن بعد عن منهج العلماء في النقد؛ فأمره
مشهور وشرحه يطول. وهكذا فقد حجّر واسعاً، ورسم لنفسه دائرة ضيقة من
دخلها فهو منه، ومن لا فلا!
هذا هو الكوثري الذي يسير البوطي على خطاه، فهل مثل هذا الصنف من
يقبل قوله في خصمه؟! أخصم وحكم؟!
ولنعد الآن إلى المسألة التي اعتبرها البوطي مقتلاً من مقاتل ابن تيمية، وهي
ما جاء في تعليقه على مراتب الإجماع لابن حزم والتي قامت لها قيامة البوطي.
ونريد أن نناقش بعض ما ساقه من الدعاوى واحدة واحدة باختصار، فنقول:
هل صحيح أن ابن تيمية (يكفر خصومه لأدنى المواقف الاجتهادية التي قد
يخالفهم فيها)؟! لم يسق لنا البوطي دليلاً واحداً على ذلك، بل إن هذه المسألة التي
اهتم لها وحشد لها بعض ما في جعبته من رخص التهم العشوائية دليل على أن ابن
تيمية ليس ممن يهجم بالتكفير لأدنى المواقف الاجتهادية التي تخالف رأيه، ولينظر
الشيخ البوطي في هذه المسألة هادئ النفس والنَفَس وسيتبين له ذلك، وكذلك
فإن لابن تيميه كلاماً في غير موضع من كتبه يدلي بصريح العبارة على عكس
ذلك، فمن ذلك قوله:
( ... هذا مع أني دائماً - ومن جالسني يعلم ذلك مني - إني من أعظم الناس
نهياً عن أن ينسب معين إلى تكفير، وتفسيق، ومعصية، إلا إذا علم أنه قد قامت
عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافراً تارة؛ وفاسقاً أخرى، وعاصياً
أخرى، وأني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها، وذلك يعم الخطأ في المسائل
الخبرية القولية، والمسائل العملية) [مجموع الفتاوى 3/ 299].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/458)
ومن ذلك أيضاً قوله: (مما يصلح أن يكون ضابطاً للتكفير)، ودرساًً
للذين يلقون الكلام على عواهنه-:
(ولا يجوز تكفير المسلم بذنب فعله ولا بخطأ أخطأ فيه، كالمسائل التي
تنازع فيها أهل القبلة، فإن الله تعالى قال:] آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ
وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا
سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ [وقد ثبت في الصحيح أن الله تعالى
أجاب هذا الدعاء وغفر للمؤمنين خطأهم.
والخوارج المارقون الذين أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقتالهم قاتلهم
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أحد الخلفاء الراشدين. واتفق على قتالهم أئمة
الدين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. ولم يكفرهم علي بن أبي طالب وسعد بن
أبي وقاص وغيرهما من الصحابة، بل جعلوهم مسلمين مع قتالهم، ولم يقاتلهم
حتى سفكوا الدم الحرام وأغاروا على أموال المسلمين، فقاتلهم بدفع ظلمهم وبغيهم
لا لأنهم كفار. ولهذا لم يسب حريمهم ولم يغنم أموالهم.
وإذا كان هؤلاء الذين ثبت ضلالهم بالنص والإجماع لم يكفروا مع أمر الله
ورسوله -صلى الله عليه وسلم- بقتالهم، فكيف بالطوائف المختلفين الذين اشتبه
عليهم الحق في مسائل غلط فيها من هو أعلم منهم؟ فلا يحل لأحد من هذه الطوائف
أن تكفر الأخرى ولا تستحل دمها ومالها، وإن كانت فيها بدعة محققة، فكيف إذا
كانت المكفرة لها مبتدعة أيضاً؟ وقد تكون بدعة هؤلاء أغلظ، وقد تكون بدعة
هؤلاء أغلظ، والغالب أنهم جميعاً جهال بحقائق ما يختلفون فيه.
والأصل أن دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم محرمه من بعضهم على
بعض لا تحل إلا بإذن الله ورسوله. قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لما خطبهم
في حجة الوداع:» إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا
في بلدكم هذا في شهركم هذا «وقال -صلى الله عليه وسلم-:» كل المسلم على
المسلم حرام: دمه وماله وعرضه «وقال -صلى الله عليه وسلم-:» من صلى
صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فهو المسلم له ذمة الله ورسوله «وقال:» إذا
التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار «، قيل: يا رسول الله؛ هذا
القاتل، فما بال المقتول؟ قال:» إنه أراد قتل صاحبه «وقال:» لا ترجعوا
بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض «، وقال:» إذا قال المسلم لأخيه يا كافر!
فقد باء بها أحدهما «، وهذه الأحاديث كلها في الصحاح.
وإذا كان المسلم متأولاً في القتال أو التكفير لم يكفر بذلك كما قال عمر ابن
الخطاب لحاطب بن أبي بلتعة: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق،
فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:» إنه شهد بدراً، وما يدريك أن الله قد اطلع
على أهل بدر، فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم؟ «وهذا في الصحيحين.
وفيهما أيضاً: من حديث الإفك: أن أسيد بن الحضير قال لسعد بن عبادة:
إنك منافق تجادل عن المنافقين، واختصم الفريقان، فأصلح النبي -صلى الله عليه
وسلم- بينهم. فهؤلاء البدريون فيهم من قال لآخر منهم: إنك منافق، ولم يكفر
النبي -صلى الله عليه وسلم- لا هذا ولا هذا، بل شهد للجميع بالجنة.
وكذلك ثبت في الصحيحين عن أسامة ببن زيد أنه قتل رجلاً بعد ما قال لا إله
إلا الله، وعظم النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك لما أخبره، وقال:» يا أسامة،
أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله؟ «وكرر ذلك عليه حتى قال أسامة: تمنيت أني لم
أكن أسلمت إلا يومئذ. ومع هذا لم يوجب عليه قوداً، ولا دية ولا كفارة، لأنه كان
متأولاً ظن جواز قتل ذلك القائل لظنه أنه قالها تعوذاً.
فهكذا السلف قاتل بعضهم بعضاً من أهل الجمل وصفين ونحوهم وكلهم
مسلمون مؤمنون كما قال تعالى:] وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا
بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن
فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ [فقد بين الله تعالى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/459)
أنهم مع اقتتالهم، وبغي بعضهم على بعض إخوة مؤمنون، وأمر بالإصلاح بينهم
بالعدل.
ولهذا كان السلف مع الاقتتال يوالي بعضهم بعضاً موالاة الدين؛ لا يعادون
كمعاداة الكفار، فيقبل بعضهم شهادة بعض، ويأخذ بعضهم العلم عن بعض
ويتوارثون ويتناكحون ويتعاملون بمعاملة المسلمين بعضهم مع بعض؟ مع ما كان
بينهم من القتال والتلاعن وغير ذلك.
وقد ثبت في الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سأل ربه» أن لا
يهلك أمته بسنة عامة فأعطاه ذلك، وسأله أن لا يسلط عليهم عدواً من غيرهم
فأعطاه ذلك، وسأله ألا يجعل بأسهم بينهم فلم يعطه ذلك «وأخبر أن الله لا يسلط
عليهم عدواً من غيرهم يغلبهم كلهم حتى يكون بعضهم يقتل بعضاً وبعضهم يسبي
بعضاً.
وثبت في الصحيحين لما نزل قوله تعالى:] قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ
عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ [قال:» أعوذ بوجهك «] أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ [قال:
» أعوذ بوجهك «] أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ [قال:» هاتان
أهون «.
هذا مع أن الله أمر بالجماعة والائتلاف، ونهى عن البدعة والاختلاف، وقال:
] فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ [وقال النبي -صلى الله عليه
وسلم-:» عليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة «وقال:» الشيطان مع
الواحد وهو من الاثنين أبعد «وقال:» الشيطان ذئب، الإنسان كذئب الغنم
والذئب إنما يأخذ القاصية والنائية من الغنم «[مجموع الفتاوى 3/ 283 - 286].
وكذلك يشير إلى ضوابط تكفير أهل البدع في 3/ 353 من مجموع الفتاوى
فليراجع.
فلا ندري بعد ذلك ماذا سيقول الشيخ في هذه النصوص من أقوال ابن تيمية،
لعله يهز كتفيه ويقول: يعني ماذا؟ لقد أثبتنا في كتابنا هذا أن ابن تيمية متناقض!
وعندها يكون السكوت أفضل.
وبعد أن سقنا من أقوال ابن تيمية ما يكذب الدعوى بأنه (يكفر خصومه لأدنى
المواقف الاجتهادية التي يخالفهم فيها) نقول أيضاً: إن هذه المسألة التي يتواصى
بها خصومه شاهد على عكس ذلك، أي على أن ابن تيمية يتريث، ويبحث،
ويتوثق قبل أن يحكم. ويتحرج من إلقاء تهمة الكفر، أو إعلان الإجماع عليها دون
تثبت. فكيف ذلك؟ فلننقل عبارة ابن تيمية التي نقلها البوطي، وتحكم فيها ما تحكم،
وحذف منها ما حذف، وفهم منها ما فهم، وسخر منها ما سخر، ولنضعها بين
حاصرتين ولننظر فيها نظر من يريد أن يفهم؛ لا من يريد أن يصطاد ويشوه.
يقول ابن تيمية:
(قلت: أما اتفاق السلف وأهل السنة والجماعة على أن الله وحده خالق كل
شيء فهذا حق. ولكنهم لم يتفقوا على كفر من خالف ذلك، فإن القدرية الذين
يقولون: إن أفعال الحيوان لم يخلقها الله؟ أكثر من أن يمكن ذكرهم من حين
ظهرت القدرية في أواخر عصر الصحابة إلى هذا التاريخ. والمعتزلة كلهم قدرية،
وكثير من الشيعة، بل عامة الشيعة المتأخرين، وكثير من المرجئة والخوارج
وطوائف من أهل الحديث والفقه نسبوا إلى ذلك منهم طائفة من رجال الصحيحين.
ولم يجمعوا على تكفير هؤلاء). [نقد مراتب الإجماع 168]
ما معنى هذا؟
إن هذا النص سيق أصلاً للرد على من ادعى إجماع السلف من أهل السنة
والجماعة على تكفير من خالف هذه المقدمة: (الله وحده خالق كل شيء).
فالمسألة هنا ليست مسألة إثبات هذه الحقيقة ونفي عكسها؛ وإنما هي إثبات
دعوى الإجماع على أمر آخر، وهو تكفير من قال قولاً يخالف ما انطوى عليه هذا
العموم، فالسلف وأهل السنة والجماعة الذين اتفقوا على أن الله خالق كل شيء؛ لم
يتفقوا على تكفير من خالف ذلك، أي إن منهم من كفر؛ ومنهم من لم يكفر. ثم
استطرد ابن تيمية مفصلاً، فذكر من هؤلاء الذين لم يجمع السلف على تكفيرهم:
القدرية، وكثير من الشيعة، بل عامة الشيعة المتأخرين، وكثير من المرجئة
والخوارج، وطوائف من أهل الحديث والفقه، بل وبعض رجال الصحيحين نسب
إليه القول بأن: (أفعال الحيوان لم يخلقها الله).
إذن؛ هناك رجل (وهو ابن حزم) يقول: اتفق السلف على كفر من خالف
القول بأن الله خالق كل شيء.
ورجل ثان (وهو ابن تيمية) يقول: لا، لم يتفق السلف على كفر من خالف
ذلك: فمنهم من كفر، ومنهم من لم يهجم بالتكفير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/460)
ورجل ثالث (وهو الكوثري)، يتتبع الثاني بما لا طائل تحته.
ورجل رابع (وهو البوطي) يؤيد الأول، ويستصغر بالثالث، ويتهم الثاني
(بالخلط والتخبط) طبقاً لمبدأ (رمتني بدائها وانسلت)!
أما الأول: فساق القضية مجردة عن الدليل، على سبيل التعداد.
وأما الثاني: فذكر أدلته فقال: دليلي على أن لا إجماع على القول بالتكفير
لمن خالف منطوق أن الله خالق كل شيء أنني وجدت طوائف من المسلمين
(وسماهم) لم يتفق السلف وأهل السنة والجماعة على تكفيرهم، بل تنازعوا في
كفرهم، ومعلوم أن ابن تيمية ينقل ما يعرف، وهو الذي عاش في أواخر القرن
السابع وأوائل القرن الثامن، ومن يدري فلربما لو كان البوطي معاصراً، له وبلغه
قوله هذا لأثبته، كأن يقول: أما ما قاله البوطي في كتابه السلفية [1]: (غير أنني
ما سمعت وما رأيت إلى هذا اليوم أن القدرية يعتقدون أن أفعال الحيوان لم يخلقها
الله، وها هي ذي كتب الفرق والملل والنحل أمامنا، ولم أجد في شيء منها مثل
هذا النقل عنهم) فيقال له: ما دامت كتب الفرق والملل والنحل أمامكم فافتح منها
الجزء الثالث من: (الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم) ص 54 واقرأ:
(قال أبو محمد: اختلفوا في خلق الله تعالى لأفعال عباده، فذهب أهل السنة
كلهم، وقل من قال بالاستطاعة مع الفعل؛ كالمريسي، وابن عون، والنجاربة،
والأشعرية، والجهمية، وطوائف من الخوارج، والمرجئة، والشيعة؛ إلى أن
جميع أفعال العباد مخلوقة، خلقها الله عز وجل في الفاعلين لها. ووافقهم على هذا
موافقة صحيحة من المعتزلة: ضرار بن عمرو، وصاحبه أبو يحيى حفص الفرد.
وذهب سائر المعتزلة، ومن وافقهم على ذلك من المرجئة، والخوارج والشيعة إلى
أن أفعال العباد محدثة، فعلها فاعلوها، ولم يخلقها الله عز وجل).
فماذا عسى البوطي يقول بعد ذلك؟ أيصر على تكذيب ابن تيمية ويجمع إليه
تكذيب ابن حزم الذي يدافع عنه؟ هذا لا يكون! لأن القضية تسقط برمتها حيث
سقط موضوعها.
لقد كان البوطي في غنى عن هذه النهاية التي انتهى إليها لو أنه قرأ كلام ابن
تيمية كاملاً [2]، ولم يحذف منه ما حذف ومع ذلك تراه يقول: (هذا هو كلام ابن
تيمية بطوله)!، والقارئ يعجب ويحار في تفسير هذا الحذف في هذا الموضع:
هل هو الحرص على تكذيب ابن تيمية وعدم الثقة فيما ينقل، مع أن الرجل لم
يرمه أحد من خصومه بالكذب والتقول، وخاصة في نقل آراء الناس والفرق، بل
المشهور عنه أن الناس تضبط ما عندها من آراء الفرق والمذاهب على نقله. أم
لأنه ذكر الشيعة فيمن ذكر ممن يقول بخلق أفعال العباد؛ فخاف البوطي من تبعة
النقل، أو جامل على الأقل، عادّاً ذلك من الحكمة مثلاً! أم هو دافع العجلة
والتسرع وغليان الدم؟ الله أعلم أي ذلك كان!
إن الشيخ يثير الشفقة حقاً.
يثير الشفقة حينما يحرص على أن يصم ابن تيمية بالتناقض.
ويثير الشفقة حينما يخلط اجتهاداته بكلام الكوثري.
ويثير الشفقة حين يقول: (ودونك فاستعرض ما هو مدون في مجموع فتاوى
ابن تيمية تجده يكرر الحكم بتكفير من ينساق وراء أحد هذين الوهمين في كل
مناسبة).
ويثير الشفقة حينما يعد بنقل بعض من تلك النصوص، لكنه لم يفعل، ولكن؛
ألم يعلق الأمر على مشيئة الله؟! إذن، فلا لوم عليه!
تبقى مسألة أخيرة تتعلق بهذا الجدل غير المتكافئ، فالقارئ لتعليق البوطي
يخرج بنتيجة وهي أن ابن تيمية يرى رأي هؤلاء الذين يقولون: (إن أفعال العباد
محدثة، فعلها فاعلوها، ولم يخلقها الله عز وجل).
بل يفهم القارئ - من حدته وخوضه يميناً وشمالاً - أن لا أحد يقول بهذا
القول إلا ابن تيمية، وهذا واضح من نفيه أن يكون أحد قد قال بذلك، وأنه (ما
سمع ولا رأى)، لا هو ولا العلامة المحقق الكوثري [3] أن القدرية يعتقدون ذلك،
ولا يدري أن رأي ابن تيمية فيمن يقول بهذا القول يوجد في غير هذا الوضع الذي
يختص - فقط - في بيان حقيقة بعض الإجماعات التي يدعيها بعض الناس؟ وقد
أشار رحمه الله إلى ذلك بعبارة تبين مقصوده، وتدفع كل توهم فقال: (والمقصود
هنا الكلام على ما يظنه بعض الناس من الإجماعات). أي لا مجال هنا لتفصيل
القول فيمن قال بالتكفير ومن لم يقل، لكن (الهوى يعمي وبصم) كما كتب الكوثري
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/461)
في واحد من تعاليقه، وما أصدق هذا القول فيه وفي من يمشي على خطاه.
ويدعي أيضاً أن ابن تيمية (يمارس سعادة ولذة كبيرة في نقده معظم الأئمة
والعلماء).
والجواب على ذلك: أما أن ابن تيمية ينقد كثيراً من العلماء فهذا حق، ولا
حرج عليه في ذلك إن شاء الله، فلم يزل العلماء ينقد بعضهم بعضاً ويرد بعضهم
على بعض، وهذا مما يفتخر به الفكر الإسلامي، ونعتبره مظهراً من مظاهر حرية
الفكر التي طبعت هذا التاريخ، وأما أنه يمارس سعادة ولذة كبيرة في النقد فهذا
يحتاج إلى بينة: إما من إقرار ابن تيمية نفسه؛ كأن يقول مثلاً: ما أسعدني حين
أنقد عالماً! أو: ما ألذ الهجوم على فلان من العلماء؛ أو ما في معنى ذلك! أو أن
ينقل لنا البوطي شيئاً مما نقد به ابن تيمية غيره، ويضع أصابعنا على تلك السعادة
وتلك اللذة! وحيث إنه لا إقرار من ابن تيمية، بل عكس ذلك كثير ومثبوت في
تضاعيف مؤلفاته؛ ولا نقل من البوطي، ولم يدع هو لنا -كما لم نعهد عنده -
القدرة على التدسس في مشاعر وأحاسيس ونوايا غيره؛ فستظل هذه دعوى لا تضر
إلا مدعيها.
ويتطرف البوطي في أوهامه وتقديراته، فيرى أن ابن تيمية يستسيغ
ويستجيز تبرئة الفلاسفة القائلين بقدم العالم من الكفر إذا كان في ذلك وسيلة لتخطئة
ابن حزم وبيان جهله! وهذه عبارته:
( .. إذ لما كان في الانتصار لمذهب الفلاسفة في هذه المسألة، بإبعاد
تهمة الكفر عنهم بسببها على أقل تقدير، ما يظهر ابن حزم في الإجماع الذي نقله،
في مظهر المخطئ المتسرع الذي لا يتثبت في الأحكام، فلقد كان للجنوح إلى
مذهب الفلاسفة وتهوين القول بالقدم النوعي للمادة، ما يبرره! ولعل - من
أقوى المبررات في نظره وشعوره [4] أن يصل إلى تخطئة ابن حزم وبيان جهله!)
[كتابه ص 173].
وحتى يكتمل عجبنا من هذه الجرأة، (ونستحي أن نسميها بغير هذا الاسم)
لنستمع إلى رأي ابن تيمية بابن حزم الذي يدافع عنه البوطي هذا الدفاع المبطل،
ويرى أن ابن تيمية يستحل الكفر إذا كان ذلك سبيلاً إلى ماذا؟! إلي أمر بسيط
بالنسبة للكفر؟ تخطئة ابن حزم وبيان جهله!
يقول ابن تيمية معقباً على ذم العلماء لابن حزم بسبب اتباعه الظاهر، ونفيه
المعاني في الأمر والنهي والاشتقاق، وما في كلامه من الواقعية في الأكابر،
والإسراف في نفي المعاني، ودعوى متابعة الظواهر:
( ... وإن كان له من الإيمان والدين والعلوم الواسعة الكثيرة ما لا يدفعه إلا
مكابر، ويوجد في كتبه من كثرة الاطلاع على الأقوال والمعرفة بالأحوال،
والتعظيم لدعائم الإسلام ولجانب الرسالة ما لا يجتمع مثله لغيره. فالمسألة التي
يكون فيها حديث يكون جانبه فيها ظاهر الترجيح، وله من التمييز بين الصحيح
والضعيف والمعرفة بأقوال السلف ما لا يكاد يقع مثله لغيره من الفقهاء) [مجموع
الفتاوى 4/ 19 - 20].
ولا ندري بعد هذا كيف نوفق بين هذه الشهادة التي يشهدها ابن تيمية في ابن
حزم، وبين الشهادة التي يستخلصها البوطي ويقول: إنها ديدن ابن تيمية لا مع ابن
حزم بل مع معظم الأئمة والعلماء! والأعجب من هذا أنه يعتبر هذه الافتراءات
والترهات التي أوصله إليها تفكيره دفاعاً عن ابن تيمية حيث يقول:
(ولعل خير دفاع عنه (عن ابن تيمية) في تحليل أسباب هذا التناقض
العجيب الذي تلبس به، أن نتذكر طبيعته النقدية لمعظم الأئمة والعلماء، حتى لكأنه
يمارس سعادة ولذة كبيرة في ذلك). أرأيت إلى هذا الدفاع؟! ألا يذكرك بتسمية
هجوم إسرائيل وإغارتها على ما حواليها من الدول واحتلالها أرضها دفاعاً؟!
بل لا يستحي من تكرار هذا المعنى عندما يقول: (إن هذا التحليل لهذا
الاضطراب المتناقض [5] في موقف ابن تيمية في هذه المسألة هو - بنظري -
أقرب ما ينسجم مع الدفاع عن عقيدته الإسلامية التي لا نحب أن نرتاب فيها)
والحمد لله على أن وضع هذا الاحتراس: (بنظري) في ثنايا هذه النتيجة التي
وصل إليها، فهو احتراس جميل بقدر ما هو منصف، حيث لم يسد الباب أمام
أنظار أخرى تقرأ لابن تيمية وتحكم عليه.
المسألة الثانية: نظرية الكسب:
ينسب البوطي لابن تيمية مخالفته عامة أهل السنة والجماعة. ومن يسميهم
عامة أهل السنة والجماعة هنا هم الأشاعرة.
وعلى عادة البوطي في الإيهام والعبارات الملتوية، يدعي على الخصم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/462)
ادعاءات، ثم يبني على هذه الادعاءات نتائج، ثم يضع هذه النتائج في قوالب
المسلمات التي لا تقبل الجدل كما فعل هنا. فبعد أن أشار إلى رأي الفلاسفة القدماء
من أن الأشياء تكمن فيها أسباب ذاتية بالطبع؛ وإلى رأى بعض الفلاسفة
(الإسلاميين) كالفارابي وابن رشد من أن الأشياء فيها أسباب أودعها الله فيها؛
ويضع قاسماً مشتركاً بين أولئك وهؤلاء، وهو أن في الأشياء فاعلية كامنة في ذاتها
تسمى العلة أو السبب، ليصل إلى نتيجة موافقة ابن تيمية - القائل بالأسباب -
للفلاسفة، وهذا ما لا يغتفر.
ومن حيث الأصل فإن الحكم بصحة الرأي لا ينبني على موافقته لهذا الفريق
من الناس مهما كانوا، أو عدم موافقته، بل لا بد أن يكون هذا الرأي صحيحاً في
نفسه حتى لو أعرض عنه من أعرض، أو أخذ به من أخذ، ولكن العجب لا
ينقضي من البوطي الذي يتجاوز عن الغزالي في تبنيه منطق اليونان برمته،
وحكمه (أنه من لا يحيط به فلا ثقة بعلومه أصلاً) [6]، بل يقرر أن ذلك ما هو جدير
أن يشكره عليه ابن تيمية وغيره؛ فإذا ما قال ابن تيمية برأي وتبين أن
للفلاسفة قولاً يوافقه كانت جريمة، وأي جريمة!
نقول هذا ونتحفظ كثيراً على أن ابن تيمية وافق الفلاسفة، فهكذا أراد البوطي،
وإلا فابن تيمية يرى رأيه مستنداً قبل كل شيء وبعده إلى الكتاب والسنة - وهذا
شأنه دائماً - وحتى في هذه المسألة فإن رأيه في غاية الوضوح والسطوع، ولا
يعكر عليه إلا الابتسار والتشويه والتدخل المغرض في ليِّ عباراته والتقول عليه،
وبتر ما يدفع أي شبهة في فكر الرجل وعقيدته، وكمثال على هذا البتر المغرض
فإن البوطي نقل عنه قوله:
(ومن قال: إنه يفعل عندها لا بها، فقد خالف ما جاء به القرآن، وأنكر ما
خلقه الله من القوى والطبائع، وهو شبيه بإنكار ما خلقه الله من القوى التي في
الحيوان التي يفعل الحيوان بها، مثل قدرة العبد). فسكت البوطي هنا، ووقف،
ووقوفه مريب جداً حيث إن تتمة الفقرة تقول: (كما أن من جعلها (أي الأسباب)
هي المبدعة فقد أشرك بالله وأضاف فعله إلى غيره). [مجموع الفتاوى 3/ 112]
واستبعاد هذه العبارة من الاستشهاد يهدم تهويلة البوطي من أساسها من أن (ابن
تيمية يثبت بكلامه هذا العلة الأرسطاطاليسية صراحة (! ) ويكرر نظرية الغريزة
بمعناها الفلسفي الذي يعطي المادة فعالية ذاتية مستقلة. وبتعبير أدق: إن ابن تيمية
يثبت من خلال كلامه هذا في السبب (ماهية) هي في الحقيقة مسبب السبب (!)،
وبهذا يخرج ابن تيمية هنا عن روح المذهب الإسلامي، ويعتنق أكبر الأفكار التي
يقوم عليها المنطق الأرسطاطاليسي كما يقرر الدكتور علي سامي النشار)
[كتابه 175].
ومرة أخرى ننبه إلى أنه هنا خلط كلامه بكلام النشار، فبينما يبتدئ الفقرة
فتظن أن هذا كلامه؛ إذا به يختتمها محيلاً على النشار، لكن أين ينتهي كلامه؛
وأين يبدأ كلام النشار؛ فهذا غير مهم عنده.
ونحن هنا ننقل عبارة النشار للمقارنة، فهو يقول:
( .. أو بمعنى موجز إنه أثبت العلية الأرسططاليسية (زاد البوطي هنا:
صراحة!) فأثبت بقوله هو الغريزة أو النحيزة، أو الخلق (اجتهد البوطي هنا
فأضاف كلمة: نظرية، وأضاف القوسين، وأضاف جملة: بمعناها الفلسفي الذي
يعطي المادة فاعليه ذاتية مستقلة. وهذا حتى يثبت إضافته على ما جاء به النشار،
فكم ترك الأول للآخر) أو بمعنى أدق: أثبت في السبب (ماهية) وجوهراً هو
مسبب السبب (عبارة البوطي: (ماهية) هي في الحقيقة مسبب السبب)! وبهذا
خرج عن روح المذهب الإسلامي، واعتنق أكبر الأفكار التي يقوم عليها المنطق
الأرسططاليسي) [7].
البوطي والنشار:
لابد هنا من كلمة تضاف حول النشار، نضعها لما لها من مساس بمنهج
البوطي، فقد قرأت ما كتبه النشار في كتابه (مناهج البحث عند مفكري الإسلام)
وخاصة ما كتبه عن الغزالي وابن تيمية، ووجدته في الأغلب ينصف الرجلين،
ولا يجانبه الصواب إلا في هذا الرأي الذي يقّوِّم فيه رأي ابن تيمية في نظرية
(الأسباب)، والنشار بالدرجة الأولى دارس فلسفة، وقد يكون معذوراً في اعتباره
أن أهل السنة والجماعة هم الأشاعرة فقط، وأن من خالف الأشاعرة فقد خالف أهل
السنة، وأن نصيبه من الاعتماد على الأدلة - الشرعية في بحثه قليل إن لم يكن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/463)
معدوماً. وإنما قصاراه أقوال يجمعها لهذا وذاك، ومقارنات بين آراء فلاسفة
اليونان والغرب؛ وفلاسفة المسلمين، وعلى هذا فإذا قال ما قال بحكم التقليد فهذا ما
أداه إليه علمه، على أن له في تقييم تراث ابن تيمية ما يغضب البوطي ويضيق به
صدره، فهو القائل في ابن تيمية: (وليس هناك في الحقيقة من تكلم - فيما قبل
العصور الحديثة بما تكلم به ابن تيمية. لقد وصل حقاً إلى أوج الدرج في فلسفة
المنهج التجريبي بنقده للمنطق اليوناني القياسي، وبدعوته إلى المنطق الإسلامي
التجريبي، وعبر عن روح الحضارة الإسلامية الحقة في عصر الانهيار الحضاري
الإسلامي الذي عاش فيه) [8].
ويقول في كتاب ابن تيمية: (الرد على المنطقيين):
(أعظم كتاب في التراث الإسلامي عن المنهج، تتبع فيه مؤلفه تاريخ
المنطق الأرسططاليسي والهجوم عليه، ثم وضع هو آراءه في هذا المنطق في
أصالة نادرة وعبقرية فذة) [9].
من المؤكد أن الشيخ البوطي قد مر على هذه الآراء في كتاب النشار، ولكن
لم يختر إلا ما يوافق هواه بغض النظر عن صحته. وكمقارنة بين الرجلين:
النشار والبوطي؛ فإن النشار يكتب عن ابن تيمية بعقلية العالم الحيادي، وحتى لو
أخطأ في بعض آرائه فلا يمنعه التعصب والهوى أن يعلن ما يعتقد أنه صواب، وما
يبدو من خطئه فمرجعه إلى ما ألفه واعتاده من آراء، أما البوطي فيكتب عن ابن
تيمية بعقلية الذي يصيح: يالثارات الغزالي، وعلم الكلام، وابن حزم، والصوفية،
وابن عربي، ونظرية الكسب، يالثارات كل الأشخاص، وكل المسائل التي
تعرض لها ابن تيمية وعصف بها. وفي الجملة؛ فمن الصعب عليه أن ينصف من
يرى أن مصلحته في الهجوم عليه، إنه قد يوهمك أنه يحاول الإنصاف، ولكن
طبيعته لا تطاوعه في ذلك، وهذه كتبه هل ترى فيها شيئاً من إنصاف من ينزل
بساحتهم، بل هذا كتابه (السلفية) اقرأه وقلب النظر فيه، فإنك لن تعثر فيه على
رائحة إنصاف.
ومما عرضناه حول هاتين المسألتين اللتين جاء بهما البوطي ليستدل على
تخبط وتناقض ابن تيمية تبين لنا: من المتخبط ومن المتناقض؟ على أن عدم
الأصالة في الفهم؛ وعدم إصابة المعنى الصحيح للكلام قد تغتفر، فالناس فهوم
وطاقات. لكن الذي لا يغتفر هو البعد عن الأمانة في النقل، وتحريف الكلام
ليوافق الهوى.
وكلمة أخيرة: فالبوطي ليس مبدعاً في التعرض لهاتين المسألتين: لا من
حيث اختيارهما؛ ولا من حيث معالجتهما. ولم يفعل سوى أن دلل على قدرة لا
يحسد عليها في ادعاء اجتهادات ليست له، ويا ليتها كانت اجتهادات صحيحة! إذن
لهان الخطب! ولكنها اجتهادات خطأ فأصبحت بتبني البوطي لها وتعليقه عليها خطأ
مركباً.
________________________
(*) سقطت من عنوان المقال في العدد الماضي كلمة: (البوطي) خطأ، فنرجو المعذرة.
(1) ص 166.
(2) الدفاع لعدم إثبات بقية الكلام هنا ليس العجلة، بدليل أنه ساق بعد ذلك قطعة من كلام ابن تيمية،
لكن بعد إسقاط الفقرة التي ساق فيها ابن تيمية أدلته وأسماء الفرق المخالفة.
(3) ماأرخص الألقاب التي تكال جزافاً في سوق العلم!.
(4) حتى شعور ابن تيمية يدعي البوطي الإحاطة به!.
(5) لم أستطع هضم ولا فهم: (الاضطراب المتناقض)،وأرجو ممن يأنس من نفسه القدرة على فهم هذه
العبارة تفهيمي إياها.
(6) مناهج البحث للنشار 172 نقلاً عن المستصفى للغزالي 101/ 1.
(7) اختار البوطي الفعل المضارع: يخرج ويعتنق، ولعل ذلك للدلالة على الاستمرار، وليطبع الكلام
بأسلوبه المميز!!.
(8) مناهج البحث للنشار 270 - 271.
(9) مناهج البحث للنشار 369.
((مجلة البيان ـ العدد [38] صـ 16 شوال 1411 ـ أبريل 1991))
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[20 - 11 - 04, 03:15 م]ـ
دفاع البوطي
عن دعاة وحدة الوجود
عبد القادر حامد
سننقل للقارئ حاشية طويلة من حواشي البوطي، لما تمثله من تلخيص جيد
لمنهجه العلمي، وما تشتمل عليه من مميزاته التي أشرنا إليها في ثنايا ما كتبناه
سابقاً، وهذه الحاشية دفاع منه عن ابن عربي، وهجوم (سماه هو دفاعاً) على ابن
تيمية وعلى من يقلده وينهج نهجه، وسنرد على بعض ما جاء في هذه الحاشية،
ولن نلزم القارئ بشيء، ولن نلح عليه بتصديق ما نقول، وإلا فهو غير «محرر
قلبه من شوائب العصبيات والأهواء»!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/464)
إن صاحب المنهج الحق لا يستجدي موافقة الآخرين وتصديقهم له؛ فإن فعلوا
فهم على الحق، وقلوبهم متحررة من شوائب الأهواء والعصبيات وإن لم يفعلوا
كانوا عكس ذلك. إنه يبين منهجه، ويقول كلمته، ويفصل بحججه ما وسعه
التفصيل، ويثق بعقول قرائه دون وصاية أو إغراء أو تحذير.
يقول البوطي في صدد دفاعه عن القائلين بوحدة الوجود وتشنيعه على من
ينتقدهم:
« ... وخلاصة المشكلة أنه (أي ابن تيمية) ومن يقلده في نهجه يظلّون
يأخذون ابن عربي وأمثاله بلازم أقوالهم، دون أن يحملوا أنفسهم على التأكيد من
أنهم يعتقدون فعلاً ذلك اللازم الذي تصوروه.
أما أن يكون في كتب ابن عربي كلام يخالف العقيدة الصحيحة ويستوجب
الكفر، فهذا ما لا ريبة ولا نقاش فيه. وأمّا أن يدلّ ذلك دلالة قاطعة على أن ابن
عربي كافر، وأنه ينطلق في فهم (شهود الذات الإلهية)، من أصل كفري هو
نظرية الفيض، فهذا ما لا يملك ابن تيمية ولا غيره أي دليل قاطع عليه. فإن كتب
ابن عربي تفيض بالبيانات المفصلة المكررة التي تناقض هذا الأصل الكفري. هذا
بالإضافة إلى أنه قد بات معلوماً ومؤكداً أن طائفة معلومة من الزنادقة الباطنية دسوّا
ما شاؤوا أن يدسوّا في كتبه. ذكر ذلك المقري في (نفح الطيب)، وأكده ابن عماد
في (شذرات الذهب)، وأكده في قصة طويلة الإمام الشعراني في (اليواقيت
والجواهر)، وذكره الحاجي خليفة في (كشف الظنون)، ولا نشك في أن ابن تيمية
ينبغي أن يكون في مقدمة من يعلم ذلك.
ولست في هذا منطلقاً من عصبية لابن عربي أو غيره. بل إن الميزان
الوحيد عندي في ذلك هو القاعدة الشرعية التي يجب اتباعها عند الإقدام على تكفير
أناس أو تضليلهم، وهي قاعدة معروفة لأهل العلم جميعاً وفي مقدمتهم ابن تيمية -
رحمه الله -.
ولقد حكّمت هذه القاعدة في حق ابن تيمية، قبل تحكيمها في حق ابن عربي،
فلقد نقلت فقرات من كلامه الذي يتضمن إقرار الفلاسفة في اعتقادهم بالقدم النوعي
للمادة، وبوجود قوة طبيعية مودعة في الأشياء بها تحقق فاعلياتها وتأثيراتها، بل
يتضمن الدفاع عنهم، في ذلك ودعوى أنه الحق الذي لا محيض عنه. وقد ثبت
للعلماء جميعاً أن الفلاسفة اليونانيين وقعوا في الكفر لثلاثة أسباب، في مقدمتها،
قولهم بالقدم النوعي للعالم. ولا يرتاب مسلم أن الكفر بدعوى قدم العالم، أو بدعوى
وجود قوة مودعة في الأشياء بها يتم التأثير، ليس أقل خطورة وجلاء من الكفر
الذي تتضمنه عبارات واردة في كلام ابن عربي.
ولكنا مع ذلك لم نجنح، لهذا السبب، إلى تكفير ابن تيميه ولا إلى تضليله،
بل انطلقنا إلى النظر في ذلك من تحكيم القواعد الشرعية ذاتها، فلقد لاحظنا الأمر
ذاته الذي لاحظناه في كتب الشيخ ابن عربي -رحمه الله- إذ رأينا لابن تيمية كلاماً
آخر في أكثر من موضع يناقض كلامه الباطل الذي أيّد فيه الفلاسفة في ضلالهم
الذي كان سبباً من أسباب كفرهما، بحيث لو أردنا أن نردّ على ابن تيمية هذا
الباطل الذي تورط فيه، لما وجدنا كلاماً نرد به عليه، خيراً من كلام ابن تيمية
ذاته الذي كرره في عدة مناسبات أخرى.
فاقتضانا ذلك أن نَعْرِفَهُ بالحق الذي تكرر في كتبه وكلامه، لا أن ننعته
بمقتضى الكلمات الباطلة التي دار بها قلمه أو تحرك بها مرة لسانه. ومهما كان
السبيل إلى حسن الظن بأهل القبلة ميسراً، فهو الواجب الذي لا محيد عنه، وما
أيسر أن تزاح العبارات المشكلة عن السبيل إلى ذلك بأنواع من التأويل والاحتمال.
وإذا كان لابد من تأويل العبارات الباطلة لتتحول إلى حق فنحافظ بذلك على حسن
ظننا بصاحبها، أو من تأويل كلامه الحق ليتحول إلى باطل، فنجعله معتمدنا في
إساءة الظن به، فإن مما لا يرتاب فيه المسلمون قط أن الواجب هو تأويل الباطل
بما يتفق مع الحق الذي عرف الرجل به لا العكس. لأن حسن الظن هو الأمثل
بحال الرجل الصادق في إسلامه، وهو الذي يقضي به قول الله عز وجل:
] يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إثْمٌ [[الحجرات: 12].
وإذا أبى ابن تيمية -رحمه الله- إلا أن يحملنا على تكفير ابن عربي استدلالاً
بالكفريات الموجودة في كلامه، والإعراض عن الصفحات الطوال التي تناقضها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/465)
وتردّ عليها في مختلف كتبه وأقواله، فإنها لدعوة منه بلا ريب إلى أن نكفره هو
الآخر استدلالاً بالضلالات الفلسفية التي انزلق فيها، وأن نعرض عن كلامه الآخر
الذي يناقضها ويبرئه من مغبتها. ولكني أشهد أن دين الله عز وجل يأبى أن ندعو
بهذه الدعوة، كما أنه يحذر من الانصياع لها.
ولعل كل متدبر للحق، محررٍ قلبه من شوائب العصبيات والأهواء، لا يعجز
عن تصديق ما أقول، وعن اليقين بأنه المتفق مع كتاب الله، و المنسجم مع هدي
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-» [كتابه ص 204، 205، 206].
القول ولازم القول:
يبدأ البوطي موهماً باستخدام بعض عبارات العلماء، فيشير إلى القول ولازم
القول، ولكن لا يوضح لقرائه - وهم بحاجة إلى ذلك - القول ولازم القول؟ حتى
نعلم: أصحيح أن ابن تيمية - ودعك ممن يقلده في نهجه - يأخذ ابن عربي وأمثاله
بلازم أقوالهم، دون أن يحمل نفسه على التأكد من أنهم يعتقدون فعلاً ذلك اللازم؟
معنى هذا أنه ليس في كتب ابن عربي ما يدل دلالة واضحة على هذا الذي
أُخذ عليه، وإنما هي تخرصات تخرصها ابن تيمية عليه، لكن هذا الزعم ينقضه
البوطي نفسه في عبارته التالية مباشرة:
«أما أن يكون في كتب ابن عربي كلام كثير يخالف العقيدة الصحيحة
ويستوجب الكفر، فهذا ما لا ريبة ولا نقاش فيه».
هذا طرف المعادلة الأول! وطرفها الثاني هو: «وأما أن يدل ذلك دلالة
قاطعة على أن ابن عربي كافر وأنه ينطلق في فهم (شهود الذات الإلهية) من أصل
كفري هو نظرية الفيض، فهذا ما لا يملك ابن تيمية ولا غيره أي دليل قاطع عليه»
ما دليل البوطي على فقدان ابن تيمية وغيره الدليل عليه؟! دليله ما يلي: «فإن
كتب ابن عربي تفيض بالبيانات المفصلة! المكررة! (كما نقول نحن اليوم:
الإحصائيات المفصلة!) التي تناقض هذا الأصل الكفري».
ودليل آخر:
«وهذا بالإضافة إلى أنه قد بات معلوماً ومؤكداً (لا نقاش في هذا المعلوم
والمؤكد الذي كأنه معلوم من الدين بالضرورة عند الشيخ!) أن طائفة معلومة (!)
من الزنادقة الباطنية دسوا ما شاؤوا أن يدسوا في كتبه (ما أسهل الدس في كتب
المشبوهين!). من ذكر ذلك؟ ذكره صاحب (نفح الطيب)! وأكده صاحب
شذرات الذهب! وأكده في قصة طويلة! الإمام الشعراني، (لماذا الشعراني إمام؛
والمقَّري وابن عماد ليسا إمامين؟!) وأين أكده الإمام الشعراني؟ في (اليواقيت
والجواهر)، وذكره الحاجي [1] خليفة في (كشف الظنون)، بل وقاصمة الظهر أن
ابن تيمية في مقدمة من يعلم أن تزويراً ودساً حصل في كتب ابن عربي، (وهذا لا
يشك فيه البوطي!) لكن ما الذي يمنع ابن تيمية من الاعتراف بهذا الذي لا يشك
فيه البوطي؟! ليس غير حبه للتجني على غيره، وكتمان الحق المعلوم، والتشبت
بالتخرصات التي لا دليل عليها؛ أو شيئاً في معنى هذا!
ذكر الشيخ البوطي أسماء كل من صاحب «نفح الطيب» وصاحب
«شذرات الذهب» وصاحب «اليواقيت والجواهر» وصاحب «كشف الظنون»
فيمن أكد الدس في كتب ابن عربي، ووجدنا - لدى رجوعنا إلى ترجمة ابن عربي
في نفح الطيب، الذي يعتبره الشيخ البوطي مصدراً يرجع إليه في هذا المجال - ما
يلي:
«ومما نسبه إليه - رحمه الله تعالى - غير واحد قوله:
قلبي قطبي وقالبي أجفاني سري خَضِري وعينه عرفاني
روحي هارون وكليمي موسى نفسي فرعون والهوى هاماني
وذكر بعض الثقات أن هذين البيتين يكتبان لمن به القولنج في كفه ويلحسهما
فإنه يبرأ بإذن الله تعالى قال: قال وهو من المجربات! وقد تأول بعض العلماء
قول الشيخ -رحمه الله تعالى- بإيمان فرعون النفس، بدليل ما سبق، وحكى في
ذلك حكاية عن بعض الأولياء ممن كان ينتصر للشيخ -رحمه الله تعالى-». [نفح
الطيب 2/ 372 - 1373]
وقد عثرنا في نفح الطيب على غير هذه الطرفة مما لا نستطيع أن ننقله هنا
لما فيه من نبو عن كل ذوق، فليُرْجَع إليه في الجزء 2/ 383 من نفح الطيب،
وتبين لنا مما ينقله هذه المؤلف أنه لا يصح أن يعتمد قوله في هذه المسألة لأنه ناقل
عن الشعراني فلا يصح أن يقال: ذكر ذلك المقري وذكره في قصة طويلة الإمام
الشعراني، فما عند المقري حول ابن عربي مصدره الشعراني وغيره من المخرفين.
أما الشعراني فشهادته في ابن عربي لا تقبل لأن ما يقال في منهج ابن عربي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/466)
يقال في منهجه، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فهو متأخر عن ابن عربي، فبين
وفاتيهما حوالي 335 سنة فهل نتعلق بالشعراني ونذر مؤرخاً ثقة كالذهبي مثلاً؟!
يقول الذهبي في ابن عربي:
«ومن أردأ تواليفه كتاب «الفصوص» فإن كان لا كفر فيه فما في الدنيا
كفر - نسأل الله العفو والنجاة، فواغوثاه بالله! وقد عظمه جماعة وتكلفوا لما صدر
عنه ببعيد الاحتمالات، وقد حكى العلامة ابن دقيق العيد شيخنا أنه سمع الشيخ عز
الدين بن عبد السلام يقول عن ابن عربي: شيخ سوء كذاب، يقول بقدم العالم، لا
يحرم فرجاً.
قلت: (أي الذهبي): إن كان محي الدين رجع عن مقالاته تلك قبل الموت فقد
فاز، وما ذلك على الله بعزيز».
ونحن هنا لا نحقق بل نشير فقط إلى أولية من أوليات البحث العلمي وهي:
إذا أردنا اعتبار آراء في شخصية ما فأول ما يجب أن ننظر فيه مدى قرب هذه
الآراء من حيث الزمن من الشخصية المتناوَلة، ثم مدى وثاقتها وذلك بمعرفة درجة
أصحابها وقيمة آرائهم في ميزان العلم، فلا نقبل مثلاً بتزكية صاحب بدعة لرأس
في بدعته، كما يرفض رأي المتحامل فيمن عرف بالتحامل عليه، فلا بد من النظر
في الجذور، وفي أقوال أهل العدالة والضبط ممن لا تعنيهم الأسماء أيا كانت، بل
يعنيهم الحق ويدورون معه حيث دار.
وقد كان على الشيخ البوطي - حفظه الله - قبل أن يشير إلى صاحب نفح
الطيب وصاحب شذرات الذهب وصاحب اليواقيت والجواهر، وصاحب كشف
الظنون أن يذكر لنا رأي ابن عبد السلام، وابن دقيق العيد، والذهبي، وابن حجر،
ولا عليه بعدها أن لا يتعرض لابن تيمية من قريب ولا من بعيد، لماذا لم يفعل
ذلك؟ هل يتمذهب هؤلاء النفر الكرام بالسلفية التي اعتبرها بدعة طارئة تمزق
وحدة المسلمين؛ وتقف حجر عثرة أمام المد الإسلامي؟!
ثم إنه يفهم من هذه الحاشية أنه يعتقد أن ابن تيمية يكفر ابن عربي، اعتماداً
منه على رأيه في هجوم ابن تيمية على تكفير العلماء لأدنى شبهة، وقد بينا خطأ
هذا الرأي في المقالة السابقة وأن ابن تيمية من أكثر الناس احتياطاً ودقة في هذا
المجال، ولعل الذي يدفع البوطي إلى هذا الاعتقاد عدم تفريقه بين قول: هذا القول
لفلان كفر أو فيه كفر، والقول بأن فلاناً كافر.
إن القول الذي هو في نفسه كفر؛ أو المؤدي إلى الكفر ينبغي أن يبين غاية
التبيين، ويحذر منه أشد التحذير -وهذا ما يفعله ابن تيمية عادة في نكيره على هذه
الأقوال ومناصريها، وذلك أنه يرنو من خلال كل كتاباته وآثاره إلى قضية جوهرية
هي الجانب العملي من الفكر الإسلامي، والبعد عن الترف الفكري، والخوض فيما
لا فائدة منه، والدفاع عن عقائد الإسلام وأحكامه ضد المؤثرات الدخيلة الضارة،
ووضع المسلمين على الجادة الصحيحة التي يفهمون فيها دورهم، ويدركون ما
اختصوا به من دون الأمم. وعلى هذا ينبغي أن يفهم إنكاره التالي على القائلين
بوحدة الوجود، وعلى من يلتمس الأعذار لهم:
«وأما من قال: لكلامهم تأويل يوافق الشريعة فإنه من رؤوسهم وأئمتهم،
فإنه إن كان ذكياً فإنه يُعَرَّف كذب نفسه فيما قاله، وإن كان معتقداً لهذا باطناً
وظاهراً فهو أكفر من اليهود والنصارى.
فمن لم يُكَفِّر هؤلاء وجعل لكلامهم تأويلاً كان عن تكفير النصارى بالتثليث
والاتحاد أبعد». [مجموع الفتاوى 2/ 133]
أما عن ابن عربي بالذات فيقول: «مقالة ابن عربي في فصوص الحكم:
وهي مع كونها كفراً فهو أقربهم إلى الإسلام؛ لما يوجد في كلامه من الكلام الجيد
كثيراً ولأنه لا يثبت على الاتحاد ثبات غيره، بل هو كثير الاضطراب فيه، وإنما
هو قائم مع خياله الواسع، الذي يتخيل فيه الحق تارة والباطل أخرى والله أعلم بما
مات عليه». [مجموع الفتاوى 2/ 142].
فانظر كيف يفرق بين المقالة وبين صاحبها، وكيف ينصفه فينسب إليه كثرة
الجيد في كلامه، وبأنه لا يثبت على الاتحاد مثل غيره من القائلين بوحدة الوجود،
وكيف أنه لا يغمطه حقه ولا، يهضمه مميزاته التي امتاز بها كسعة الخيال، وكيف
يجوز أنه قد يكون تاب من أقواله المنكرة تلك.
أوهام على قواعد وهمية:
إن الشيخ فيما يكتب لا يرمي إلى دفاع عن هذا العالم أو ذاك، وليس هو
بصدد الإحسان إلى الغزالي أو ابن حزم أو ابن عربي؛ إنما يرمي إلى هدف محدود
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/467)
جداً يعرفه كل من تصفح كتابه هذا، وهو الهجوم على قوم خطَّؤوه وعقبوا على
قول أو أقوال له، وقد اشتهروا بأشياء، فهو يظن أنه إذا تتبع هذه الأشياء وحاول
أن يهوِّن من شأنها سيصيب ضالته، وهي إخماد صوت هؤلاء وتشويه صورتهم،
فتراه يعنِّي نفسه هذا العناء، ويخوض مخاضات تكشف دعاواه، وهو لا يحاول أن
ينجو من واحدة إلا ويرمي نفسه في أخرى، هدانا الله وإياه.
لو كان يرمي إلى تجلية شبهات، والرد على أخطاء، والدفاع الصحيح عمن
يدعي الغيرة عليهم والغضب لهم لكان هناك طريق آخر لذلك يتمثل في تحديد
القضية المختلف عليها، وإزالة الإبهام عنها عن طريق نقل آراء كل من الفريقين
فيها، ومناقشة كلام كل منهما «حسب منهج المعرفة وقواعد تفسير النصوص»
التي دندن بها كثيراً في كتابه، ولكن شيئاً من ذلك لم يحصل.
والعجيب منه أنه يوهمك أنه ينطلق في أحكامه هذه من قواعد؛ حيث لا
قواعد! ويضع نفسه في مكان القاضي الذي يمسك بالميزان الذي يزن به ابن تيمية
مرة؛ وابن عربي مرة، أسمعه يقول:
«ولقد حكمت هذه القاعدة في حق ابن تيمية، قبل تحكيمها في حق ابن
عربي» ما هذه القاعدة الشرعية؟ وهل مر لها ذكر؟! وبناء على هذه القاعدة
الوهمية يرى أن ابن تيمية يقر الفلاسفة في اعتقادهم بالقدم النوعي للمادة (وقد تبين
لنا مبلغ هذه الدعوى من الصحة في المقال السابق) ثم يؤكد بصلافة أن ما توصل
إليه؛ مما يحلو له أن يلصقه بابن تيمية ليس أقل خطورة وجلاءً من الكفر الذي
تتضمنه عبارات واردة في كلا ابن عربي! لماذا هذا التعسف كله؟ هل يريد أن
يأخذ ابن تيمية رهينة؛ فيهدده بالكفر والتضليل إن لم يقلع أتباعه عن القول بابن
عربي ما يقولون؟! هذا ما تدل عليه حاشيته.
لكنه يحاول أن يظهر للقارئ شيئاً من الفروسية والعفو عند المقدرة، وإن
شئت فشيئاً من الورع عن التقحم بالقول بلا علم، وذلك حين ينكص عن التكفير
والتضليل تبعاً للقاعدة أو القواعد الشرعية الموهومة التي حكمها فتراه يقول:
(ولكنا مع ذلك لم نجنح، لهذا السبب (لا ندري أي سبب؟!) إلى تكفير ابن تيمية
ولا إلى تضليله، بل انطلقنا إلى النظر في ذلك من تحكيم القواعد الشرعية ذاتها!
(ليلاحظ القارئ أنها كانت قاعدة، ثم فرخت فأصبحت قواعد! وليحل بنفسه هذه
الأحجية، بل هذه المعجزة، ولا يستغرب كيف تصبح القاعدة قواعد؛ فلعل هذا
التكاثر حدث بانشطار الخلايا! ولا ينسى المعجزة الكبرى، وهي أن القاعدة
الشرعية الأولى لا وجود لها؛ ومع ذلك فقد ولدت قواعد! من قال إن أدب
اللامعقول لم يترك في الفكر الإسلامي الحديث بصمات؟!)
تسوية:
إن البوطي يحس بالمشكلة التي تحيط بالمقلدين الذين ربطوا أنفسهم
بالأشخاص، فأصبحوا أسرى لكل ما يصدر عن هؤلاء الأشخاص، فبينما يحاول
جاهداً أن يضع بين يديك منهجاً يعصمك من الخطأ، ويعترف انطلاقاً - من منهجه
هو - أن في كتب ابن عربي كلاماً كثيراً يخالف العقيدة الصحيحة ويستوجب الكفر؛
(وهذه عبارته) تراه يلتف على هذا الاعتراف بطريقة بهلوانية لتفريغه من مدلوله
ومحتواه، وذلك:
1 - بالإشارة إلى ما يناقضه من (البيانات المفصلة المكررة) الموجودة في
كتب ابن عربي [2].
2 - وبترداد خرافة الدس في كتب ابن عربي.
3 - وبأن ابن عربي ليس بدعاً في أن يوجد في آثاره كفر وإيمان؛ فابن تيمية
مثله عنده هذا وهذا!
ولا شك أن هذه النقطة الثالثة اكتشاف جديد فتح الله به على الشيخ البوطي،
وهو يحس بهذا الفتح، فتراه يبدئ فيه وبعيد، وكأنه يتصور أن هذا الفتح هو الذي
سيلجم الخصوم، ويلقمهم حجراً لن يستطيعوا بعده كلاماً ولن يحيروا جواباً! وهو
في غمرة نشوته بهذا الفتح الذي ادُّخر له إلى هذا العصر يسترسل في جلاء هذه
النقطة حتى لا يبقى على عينها قشة! فيأتي ببدائع أخرى ما نظن أنه سُبق إليها،
فقضايا الكفر والإيمان داخلة في مبدأ حسن الظن، والعقائد والعبارات الدالة عليها
خاضعة - في رأيه - لأنواع من التأويل والاحتمال، «وإن كان لا بد من تأويل
العبارات الباطلة لتتحول إلى حق فنحافظ بذلك على حسن ظننا بصاحبها، أو من
تأويل كلامه الحق ليتحول إلى باطل فنجعله معتمدنا في إساءة الظن به، فإن مما لا
يرتاب فيه المسلمون قط (لاحظ هذا الجزم) أن الواجب هو تأويل الباطل بما يتفق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/468)
مع الحق الذي عرف الرجل به لا العكس».
إن هذا العبث الذي يلبسه البوطي ثوب الجدية يلتقي مع العبث الذي يهذي به
اللادينيون الذين يهيمنون على أجهزة التوجيه والثقافة في ردهم على دعاة الإسلام،
مع فرق واحد وهو أن البوطي يجعل من هذا الكلام قاعدة يريد تطبيقها على ابن
عربي وأمثاله، وهم يطبقونها على أنفسهم، ويطاردون بها من يقف في وجه
ميوعتهم وزندقتهم، حيث إن كثيراً منهم يحمل أسماء إسلامية، وقد يقوم ببعض
الشعائر الإسلامية، في الوقت الذي يلاحق فيه كل قضية إسلامية عملية وحيوية،
فإذا ما قال لهم أحداً لا؛ جابهوه بهذا الكلام الذي يختلط فيه الحق بالباطل،
ويستشهد فيه بالحق على الباطل، والذي ينبع خطره من التوائه وغموضه
واستشهاده بمسلَّمات إسلامية من أجل التحلل من الإسلام. وهؤلاء العلمانيون
اللادينيون لا يخفون إعجابهم بمثل ابن عربي الذي يهتف بمبدئهم ودينهم:
لقد صار قلبي قابلاً كل صورة فمرعىً لغزلانٍ وديرٌ لرهبانِ
وبيتٌ لأوثانٍ وكعبة طائف وألواحُ توراةٍ ومصحفُ قرآنِ
أدينُ بدينِ الحبَّ أَنَّى توجهتْ ركائِبُهُ، فالحبُّ ديني وإيماني [3]
إن هذه السنة التي يستنها البوطي؛ وهي وجوب تأويل الباطل ليتفق مع
الحق؛ فيها من الجرأة بقدر ما فيها من الجهل، فضلاً عن أنها مستحيلة عند
التطبيق، حتى من قبل الدعاة إليها. فسلوك البوطي مع خصومه مخالفة عملية لهذه
السنة التي يرفع لواءها، فهل هو يحمل باطل خصومه على ما يعرفون به من حق
حين يطلق لسانه فيهم وينعتهم بما ينعتهم به؟! وهبه اطلع على ما نكتبه حول
كتابه الذي ما أحببنا - والله - أن يكون قد كتبه، لما فيه من الإساءة إليه وإلى لقبه
العلمي، ووددنا لو تصدق فيه أسطورة أن هذه الترهات قد دُسَّت عليه، كما يصدِّق
هو هذه الأسطورة في كتب ابن عربي، .. نقول: هبه اطلع على هذه المقالات في
نقد ما كتب؛ فكيف سيستقبلها؟
هل سينشرح لها صدره ويحسن الظن بكاتبها؟! إن ما عرف به مخالف لهذه
السنة التي يبشر بها.
إن هذه الدعوة هدم لمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل إماتة للفكر
الصحيح البعيد عن الزغل في دنيا المسلمين، وإشاعة لمبدأ: «أغمض عينيك
واتبعني»، وترك الحبل على الغارب لكل من يقول قولاً دون الالتزام بمبدأ خير
القرون، فمهما قرأ المسلم أو سمع عن شخص قال كذا وكذا - مما فيه نظر -
فليس له أن يستجلي حقيقة هذا القول بل عليه أن يذهب ويفتش ملف هذا الشخص:
هل فيه شيء من الخير، فإن وجد خيراً فليسكت، حملاً لما سمع من الباطل على
ما وجد من خير و (ظُنَّ خيراً ولا تسأل عن الخبر)، وإلا فهو سيئ الظن بالناس،
متعرض لما لا يعنيه، وهكذا لن يبقى هناك من يشار إلى أنه أخطأ في مسألة، أو
ترتب على رأي غير سديد له مشكلة، أو سرت آثار بدعته في الأمة حتى اتسع
الخرق على الواقع، وأصبح اقتلاع هذه البدعة متعسراً أو متعذراً، وهكذا سيجلس
أمثال: الجعد بن درهم، والحلاج، وابن عربي، وابن الراوندي، والنصير
الطوسي، مع مثل: أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وابن المبارك،
والليث بن سعد .. إخواناً على سرر متقابلين! حيث إنه من «المعلوم والمؤكد»
أن كل من قيل فيه أو أنكر عليه شيء في التاريخ الإسلامي لا يخلو من جانب من
جوانب الخير، حتى اللصوص وقطاع الطرق والظلمة والطغاة في كل عصر لا
يخلون من ذلك، بل إن البدعة لا يصعب تمييزها ويقع الناس فيها إلا لخفائها عليهم
من جراء اختلاطها بجانب من جوانب الخير، فهل نترك القول في ذلك حتى لا
نرمى بإساءة الظن، وهل ترك هو النكير على مما سماه (بدعة السلفية) حتى يكون
لدعوته وثاقة؟ ليتذكر القارئ ركن: «التخبط والتناقض» من أركان منهج
البوطي.
ألا يعلم الشيخ أن علماً قائماً بنفسه، خاصاً بالمسلمين، ومفخرة من مفاخرهم
قد قام على ما يخالف دعوته هذه، وهو علم الجرح والتعديل؟ وهل على ما
استشهد عليه يُسْتَشْهَدُ بالآية الكريمة:] يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ
إنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إثْمٌ [؟!
ابن تيمية تحت طائلة التهديد:.
ثم يختم حاشيته بتهديد ابن تيمية بأن يضعه تحت طائلة التكفير، أو بكف
الإشارة إلى كفريات ابن عربي، لأنه إن لم يفعل ويرتدع عن التعرض لابن عربي؛
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/469)
يكون قد جنى على نفسه بنفسه (والبوطي لا ذنب له في ذلك) ودعا الناس (بلا
ريب) أن يكفروه بسبب ما عنده من ضلالات فلسفية! لكن يا لهول هذه الخاتمة ويا
لسوء عاقبة من يأخذ بها! إنه الورع يأخذ بحجزة الشيخ البوطي أن يقتحم هذه
المخاضة! وهو الورع نفسه يفتقده ابن تيمية فيأبى إلا أن يحملنا على تكفير ابن
عربي. هذا وجه من وجوه فهم عبارة الشيخ!
ولكن مهلاً، هناك وجه آخر؛ كيف يتورع البوطي ويتحرج من شيء لا يد
له فيه ولم يفعله هو، بل هو «دعوة بلا ريب من ابن تيمية» إلى تكفير ابن تيمية؟!
أرأيت؟! ابن تيمية يدعو الناس إلى تكفيره ويلح عليهم أن يدعوا إلى تكفيره ولكن
الشيخ البوطي يشهد: «أن دين الله عز وجل يأبى أن ندعو بهذه الدعوة، كما أنه
يحذر من الانصياع لها».
فالورع إذن ليس من أجل سواد عيني ابن تيمية خوفاً من أن يظلم أو يُفترَى
عليه؛ بل تورعاً عن استجابة دعوته الملحة للناس أن يكفروه! فأي جريمة وأي
ذنب يماثل ذلك؟! وكيف يقدم مثل البوطي على ذلك؟ هاهنا الورع يتدخل، فيحل
المشكلة!
هذا كلام له خَبئٌ معناه ليست لنا عقول!
وبقي غموض يسير يحتاج إلى تجلية وهو مرجع الضمير في الفعل «نكفره»
من قوله: «فإنها لدعوة منه بلا ريب إلى أن نكفره» فقد رجعته حينما شرحت
كلامه إلى الناس (ومنهم البوطي)، وقد يكون مرجعه الشيخ البوطي نفسه فقط! كما
يقال: نحن الملك، أو نحن رئيس الجمهورية نرسم بما يلي، وأي المعنيين اختار
القارئ فهو مصيب، ويصعب على الناقد الحكم: أي المعنيين أبلغ!
عود على بدء:
ولكن عجباً! يبدو الشيخ البوطي وكأنه يكتب رسالة تهديدية إلى ابن تيمية،
وبينهما قرون طويلة! ألا يعلم الشيخ - أطال الله عمره - أن ابن تيمية الآن في
مقام الذي لا يستطيع أن يقبل أو يرفض فيوجه إليه هذا الإنذار النهائي؟!
إنه الأدب يا صاحبي.
ومن صَحِبَ الليالي عَلَّمَتْهُ خداعَ الإلفِ والقيلَ الُمحالا
وغيَّرت الخطوبَ عليه حتى تريهِ الذرَّ يحملنَ الجْبالا
خاتمة التعليق على الحاشية:
أنت - أيها القارئ الكريم، أمام البوطي - أحد رجلين:
1) إذا لم تعجز عن تصديق ما يقول؛ وساعدتك قواك العقلية والنفسية على
الإيمان بأن قوله هو المتفق مع كتاب الله، والمنسجم مع هدي رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- فأنت متدبر للحق، محرر قلبك من شوائب: العصبيات والأهواء.
2) وإذا - لا سمح الله - عجزت عن ذلك لسبب من الأسباب - والأسباب
كثيرة! - فأنت على الضد من ذلك، يقول: «ولعل كل متدبر للحق، محرر قلبه
من شوائب العصبيات والأهواء، لا يعجز كل عن تصديق ما أقول، وعن اليقين
بأنه المتفق مع كتاب الله، والمنسجم مع هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم».
إنها دعوة تهديدية للموافقة، فمن يحب أن يكون معرضاً عن الحق؟، مملوءاً
قلبه بشوائب العصبيات والأهواء؟! لا خيار لقارئ الشيخ البوطي، وكأن هذا
الأسلوب التسلطي متأثر بالمناخ الذي يخيم على بلادنا العربية وشعوبنا الإسلامية،
والاستفتاءات التي تطالعنا كل بضع سنين، والتي لا خيار لك فيها إلا أن تقول:
نعم، وإلا فأنت عميل، أو خائن، أو طابور خامس، أو غير ذلك مما في معاجم
تجار الشعارات من الأوصاف المقززة وعندها فالويل والثبور لك!
وقد تكرر منه أمثال هذه العبارات التي تدل بمنطوقها ومفهومها على أن طرق
المعرفة كلها ينبغي أن تُسَدّ، إلا ما يوصل إليه، مع أنه ينعى على هذا الأسلوب
التسلطي الذي يمنيك وينعم عليك بكريم الأوصاف تحريضاً على موافقته على
استنتاجاته، فإن لم تفعل وكان عندك تحفظ ما؛ سلّط عليك عكس تلك الأوصاف
صراحة أو بمفهوم المخالفة.
في العدد القادم الحلقة الأخيرة
________________________
(1) لا ندري لماذا أضاف (ال) التعريف لهذا الشخص؟ لعله ليزيده تعريفاً وإلا فهو مشعور بدون (ال)،
أو لعل الـ هربت من ابن العماد إلى حاجي خليفة.
(2) يا ليت الشيخ ذكر لنا بياناً واحداً على سبيل المثال فقط، ليكون قد قدم خدمة جُلَّى لمن لا
يقرؤون لابن عربي!.
(3) ترجمان الأشواق لابن عربي ص 19.
((مجلة البيان ـ العدد [39] صـ 9 ذو القعدة 1411 ـ مايو 1991))
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[20 - 11 - 04, 03:16 م]ـ
بعضَ عنائك يا شيخ
عبد القادر حامد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/470)
لِمَ كل هذه الحملة المرهقة، والمعاناة الناصبة التي يتكلفها الشيخ البوطي؟ لم
هذا الحشد المنظم لهذه الأفكار المضطربة حول تيار لازال يشق طريقه بتصميم
وعزيمة جادة في ثنايا الحياة الإسلامية، وهذا التصميم وهذه العزيمة تناسب
الصعوبات المبثوثة في طريقه، وعلى الرغم من هذه الصعوبات فإن المؤمنين بهذا
التيار يعتقدون أن أمره جد، لأنه دين، وأنهم بهذا الاعتبار ليسوا ثلة قليلة منعزلة،
ولا جماعة مشاغبة همها التفريق - كما يحاول الشيخ البوطي أن يصوره - بل
جموع جرارة متعطشة إلى عودة الإسلام ليظلل حياة الناس من جديد.
إن المسلمين في كل البقاع ملوا من اللافتات التي ترفع باسم الإسلام هنا
وهناك، وضاقت صدورهم بالإسلام «الرسمي» الذي قيد بالقيود والسلاسل
والأغلال، الذي يقدم إليهم على أنه هو الإسلام الذي أنقذ به الله البشر، وصموا
آذانهم عما يلق عليهم من فتاوى هذا الإسلام «الحكومي»، وفروا إلى تاريخهم
وسير رجالهم لعلهم يجدون فيها شيئاً من السلوان عن هذا الظلام المخيم، فهل
وجدوا السلوى؟
نعم وجدوا .. فإن قراءة فكر ابن تيمية تكشف عن رجل كانت حياته وأفكاره
تمثيلاً لقضايا المسلمين المصيرية، وشرحاً عملياً ونظرياً لقوة ونصوع الإسلام؛
وللعقبات والصعوبات التي تعترض سبيله لينتشر ويسود. بل وجدوا فيه أكثر من
ذلك؟ وجدوا فيه رجلاً عاش عصره وتفاعل مع مشاكله تفاعل المعتز بدينه،
الواثق به، على رغم كل المصاعب، وتصدى لجبهات كثيرة، فما طأطأ لها رأساً،
ولا لانت له قناة. هذه الجبهات التي قد يبدو التصدي لها لبعض الناس - ومنهم
علماء - أمراً لا طائل تحته، ولا ثمرة منه غير التعب الذي يجني على صاحبه
ويسيء إليه. ولكن تصدي ابن تيمية لها بهذه الروح من أبرز بواعث الحياة في
حقل الدعوة الإسلامية فيما بعد عصره إلى اليوم. وذلك لأن مقصود هذه الجبهات
في حربها للإسلام واحد وهو تغييبه عن مسرح الحياة، أو تحييده وتجميده على
الأقل. بل إن ذلك هو أوضح دليل على وحدة المنهج الفكري والتطبيقي عند ابن
تيمية، فالسلبيات التي تعترض سبيل الإسلام يجب أن تبين أصولاً وفروعاً،
وأعداء الإسلام التاريخيون ينبغي أن يرشد المسلمون إلى أساليبهم ومواصفاتهم،
دون مواربة ولا مداهنة. والبدع التي طرأت على مسيرة المسلمين لابد من كشف
جذورها، ومصادر حياتها، وأخطارها، دون غمغمة ولا مجاملة.
صورة التيار السلفي عند البوطي:
يرى البوطي أتباع هذا التيار أنهم مجموعة تحاول اختلاق مذهب جديد
والانغلاق عليه. وأنهم جماعة تريد تفريق كلمة المسلمين، بل وتصد عن الإسلام،
وأن كلمة «السلف» تضم الصالح والطالح، ولم تعرف هذه الكلمة، ولم يستخدمها
المسلمون للدلالة على جماعة لها مواصفات معينة. «كيف ولو أنهم عبروا عن
كينونتهم الجماعية ووحدتهم المذهبية بهذا الشعار إذن لدخل معهم في تلك الكينونة
الجامعة سائر تلك الفرق الجانحة عن الحق الشاردة عن كتاب الله وسنة رسوله -
صلى الله عليه وسلم-، إذ إنهم جميعاً (أي الفرق الجانحة عن الحق) مصبوغون
بصبغة هذا الشعار، سواء انتموا أم لم ينتموا إليه (هكذا بالإكراه!)، بل إنهم
السلف أنفسهم لا المذهب الذي ينتمي إليهم (يا ناس!)، فهم بكل فئاتهم وأشتاتهم
أصل هذا المذهب وجذوره، دون أي تفريق بين مهتد وزائغ، وبين صالح
وطالح» [1].
ويرى أن ظهور شعار «السلفية» كان في مصر إبان الاحتلال البريطاني
لها، وأيام ظهور حركة الإصلاح الديني التي قادها وحمل لواءها كل من جمال
الدين الأفغاني ومحمد عبده، ثم استحلى أتباع (المذهب الوهابي) هذا الشعار؛ لما
بين أتباعه وبين حركة الأفغاني ومحمد عبده من قاسم مشترك! وهو لا ينسى أن
يعرض بدعوة محمد بن عبد الوهاب مدعياً «بأن ينبوع مذهبه - بكل ما يتضمنه
من مزايا وخصائص - يقف عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب»، وهي عبارة
ملتوية لو طولب البوطي بشرحها لدار وناور، ولكان له موقف منها حسب هوى
من يكلمه فيها.
ويرى أن ضيق وتبرم أتباع ابن عبد الوهاب بكلمة (الوهابية) جعلهم
يستبدلون كلمة (السلفية) بها، ليوحوا إلى الناس بأن أفكار هذا المذهب لا تقف عند
محمد بن عبد الوهاب، بل ترقى إلى السلف، وأنهم في تبيينهم لهذا المذهب،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/471)
أمناء على عقيدة السلف وأفكارهم، ومنهجهم في فهم الإسلام وتطبيقه [2]. [236
من كتابه].
ويضع تعريفاً طريفاً للسلفي فيقول:
«والسلفي اليوم كل من تمسك بقائمة من الآراء الاجتهادية المعينة (!) دافع
عنها، وسفه الخارجين عليها ونسبهم إلى الابتداع، سواء منها ما يتعلق بالأمور
الاعتقادية، أو الأحكام الفقهية والسلوكية» [3] [ص237].
ويقول أيضاً في كلام كأنما يصف نفسه: «فكل من حصر الحق في الرأي
الذي انتهى إليه، وعد صاحب الرأي الثاني مبتدعاً أو زائغاً، على الرغم مما
وضحناه من أن كلا الرأيين نابتان في حقل المنهج المتفق عليه، فهو المبتدع حقاً [4]،
وهو المفرق لجماعة المسلمين، والمتسبب لإثارة البغضاء فيما بينهم دون أي
موجب أو عذر، وهو المتنكب عن إجماع المسلمين .. »، [ص 238].
ويرى أن (السلفية) مذهب جديد مخترع في الدين، وهو مجموعة آراء
اجتهادية في الأفكار الاعتقادية والأحكام السلوكية، انتقيت من مجموع آراء اجتهادية
كثيرة مختلفة، قال بها كثير من علماء السلف وخيرة أهل السنة الجماعة، لكن
على غير أساس علمي، بل «اعتمادا على ما اقتضته أمزجتهم وميولاتهم الخاصة
بهم» [5]، بل ويختم هذه التخرصات بالإعلان أن هذه البدعة لا سابقة لها في أي
عهد من عهود السلف أو الخلف، و «من أشنع مظاهر البدع الدخيلة على الدين»
بل ويقسم بحياته أنه لا يعرف للبدعة معنى غير ابتداع لفظة السلفية فيرفع
عقيرته قائلاً: «ولعمري، لئن لم يكن هذا كله ابتداعاً في الدين، فما هو المعنى
المتبقي للبدعة إذن، وفي أي مثال أو مظهر يبرز ويتجسد؟!» [كتابه
ص 242]
وقد سقنا هذه العبارات والفقرات ليتضح لنا تصور الشيخ لهذه الكلمة التي
أطارت النوم من جفونه وكلفته هذا العناء، ولا نريد مناقشة ما جاء به من تعريفات
وتأكيدات حتى لا يطول الكلام، ولكن نكتفي بطرح النقاط التالية:
لا شك أن الشيخ على علم بالعبارة المأثورة عند أمثاله ممن يدرسون ويدرسون
العقيدة على طريقة المتكلمين وهي: (مذهب السلف أسلم، ومذهب الخلف أحكم) [6]،
ألا تعني هذه العبارة أن هناك شيئاً اسمه مذهب السلف، وشيئاً اسمه مذهب
الخلف؟
هل الشيخ متأكد أن الناس قبل هذا العصر لم يستخدموا كلمه السلف ليدلوا
على تيار معين في المسلمين؟ وليضرب صفحاً عن آثار ابن تيمية وابن القيم
وأتباع هذه المدرسة؛ ألا يجد في كتب الحديث والتراجم شيئاً يدل على ذلك؟
أما نحن فنجد ذلك واضحاً كل الوضوح، وأن التيار المتمسك بالكتاب والسنة
وفهمهما كما فهمهما الصحابة والتابعون وتابعوهم (وهم خير القرون) تيار واضح
القسمات في كتب العلم.
قال الخطابي: «هذا الحديث وما أشبهه من الأحاديث في الصفات كان
مذهب السلف فيها: الإيمان بها وإجراءها على ظاهرها ونفي الكيفية عنها» [7].
وجاء في الأعلام للزركلي، 8/ 6: «نبا بن محمد بن محفوظ القرشي،
المعروف بابن الحوراني، الشيخ أبو البيان، شيخ الطائفة البيانية، من المتصوفة
بدمشق، قال ابن قاضي شهبة: كان عالماً عاملاً، إماماً في اللغة، شافعي المذهب،
سلفي العقيدة، له تآليف ومجاميع وشعر كثير».
ويقول الدكتور وهبة الزحيلي عن الشيخ جمال الدين القاسمي: «كان سلفي
العقيدة، لا يقول بالتقليد» [8]، فهل الشيخ الزحيلي مبتدع في استخدامه هذا
المصطلح؟ وإذا كان كذلك فما هو المقابل لهذه الكلمة في وصف عقيدة الشيخ جمال
الدين القاسمي يا ترى؟!
وقد غفل البوطي أو تغافل - في حمى حملته على خصومه - أن «السلفية»
مصطلح يختلف معناه الاصطلاحي بين قوم وقوم، فأعداء الإسلام عرباً وعجماً،
على اختلاف مشاربهم وتعدد نظرياتهم؟ يطلقونه على كل من يتمسك بدينه ولا
يتنازل عن عقيدته، ولا يتخلى عن الأصول التي لا يجوز التخلي عنها بحجة أنها
قديمة، فالشيخ البوطي عند هؤلاء سلفي؛ لأنه يعتقد أن في الإسلام واتباع منهجه
نجاة البشرية وهدايتها، ولا يفرقون بين مسلم ومسلم، سواء في جزيرة العرب أو
بلاد الشام أو شمال إفريقيا أو شبه القارة الهندية أو في أوروبا وأمريكا .. إذا كان
هؤلاء المسلمون يعتزون بدينهم ويرونه منهجاً كاملاً شاملاً يحكم الحياة ويصلح دنيا
البشر وآخرتهم.
والبوطي والمتصوفة وكثير من المشايخ المتأثرين بالمدارس ذات المناهج التي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/472)
كانت سائدة في عهد المماليك، ثم عهد الدولة العثمانية يحصرون هذا المصطلح
بأتباع دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومن تأثر بها، وبأفكار شيخ الإسلام ابن
تيمية وتلميذه ابن القيم.
أما «السلفيون» أنفسهم الذين كرّس البوطي جهاده ضدهم، فلا يرون أنهم
يخترعون ويبتدعون مذهباً جديداً، وإنما يقولون: إن هناك تياراً لازال موجوداً منذ
عصر الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى عصرنا هذا، يعتمد جعل الكتاب والسنة
وإجماع الصحابة المنهج الذي يجمع المسلمين كافة، وهذا المنهج كان واضحاً كل
الوضوح في عصر الصحابة والتابعين، وهو المنهج الذي سار عليه أكابر علماء
الأمة فيما بعد ذلك، وقد عكر على هذا المنهج مؤثرات غريبة عنه تسللت بأسباب
وأساليب شتى، وما زال الأمر كذلك، حتى ظهور مدرسة ابن تيمية وتلاميذه التي
أحدثت هزة عنيفة في ذلك الوقت، وعلى الرغم من وقوف الحكومات وعلماء
السلطة في وجه هذه المدرسة وعملهم المستميت في كبت صوتها، إلا إن القوة التي
تميز بها هذا الصوت لم تتلاش ولم تندثر، بل بقي الصدى يتردد هنا وهناك، ولا
نرى حاجة في تفصيل أسباب ذلك وآثاره هنا، بل نقول: إننا نرى الجهود التي
تصدت لمنهج ابن تيمية في السابق هي هي الجهود التي تحتشد لاجتثاث هذا المنهج
من حياة المسلمين، ولكن هل يمكن ذلك؟ هذا سؤال متروك لأصحاب هذه الحملة
ليجيبوا عليه بالقول الصريح، أو بالفعل المقنع.
وأتباع هذا المنهج لا يدعون العصمة، كما أنه إذا بدا في سلوك بعضهم ما
يغضب غيرهم؛ فماذا في ذلك؟ إن من طبيعة النفس البشرية أن يضيق صدرها
بما يخالف ما هي عليه، والإنسان عدو ما يجهل، وكذلك فإن الخطأ والظلم من
هؤلاء ممكن ومتصور؟ أليسوا بشراً؟ وقد قال الله عز وجل:] إنَّا عَرَضْنَا
الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ والأَرْضِ والْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وأَشْفَقْنَ مِنْهَا وحَمَلَهَا
الإنسَانُ إنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً [[الأحزاب 72].
وإنه «ما من طائفة إلا وفي بعضهم من يقول أقوالاً ظاهرها الفساد. وهي
التي يحفظها من ينفر منهم، ويشنع بها عليهم، وإن كان أكثرهم ينكرها ويدفعها» [9]
وهذا ما فعله الشيخ البوطي عندما استضافته «رابطة العالم الإسلامي» عام
1406 هـ شاكى هو، وكثير من ضيوف الرابطة الذين جاءوا من أوروبا
وأمريكا وآسيا وإفريقيا، تشاكوا بمرارة وأسى مشكلة وحيدة هي الخلافات
والخصومات الطاحنة (!) التي تثيرها بينهم جماعة السلفية [10]! هذا ولعله من
رحمة الله بالمسلمين، ومن فضله وستره على السلفيين؛ أننا منذ ذلك التاريخ
المشار إليه - وهو تاريخ حضور الشيخ البوطي لذلك الموسم الثقافي الذي دعت
إليه «رابطة العالم الإسلامي» - لم نسمع بعدها عن شيء مما أشار إليه الشيخ
والشاكون إليه، فها نحن منذ عام 1405هـ وإلى الآن - قرب نهاية عام 1411
هـ - نعيش في بلد أوربي فيه عدد لا بأس به من المسلمين من مختلف الأصقاع
والمشارب، لم نسمع عن شيء من هذه «الخلافات والخصومات الطاحنة» التي
يتقلب البوطي منها على مثل جمر الغضا .. ! وهل على أحد لوم إذا ما ذكرته هذه
العبارة «الطاحنة» بأبيات زهير التي يصف فيها الحرب من معلقته:
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتمُ وما هو عنها بالحديث المرَجَّمِ
متى تبعثوها تبعثوها ذميمةً وتَضرَ إذا ضرَّيتموها فَتَضْرَمِ
فَتَعرُكُكُم عَرْك الرحى بثِّفالها وتَلْقَحْ كَشافاً ثم تُنْتَجْ فتُتْئِم
وقبل أن نضع القلم نحب أن نتوجه بكلمتين إلى شيخنا البوطي.
الكلمة الأولى:
في الناس من يقرأ لابن تيمية ولغيره، وفيهم من له عقل يستطيع أن يميز
بين السقيم والسمين، وبين النافع والضار، وهذه كتب العلم لم تزل مبذولة تشهد
على كاتبيها، وقد أصبحت منتشرة أكثر والوصول إليها أسهل بحمد الله؛ فمن يا
ترى من العلماء يرشح لنا الشيخ البوطي حتى نتخذ منه نافذة نطل بها على تراثنا
الإسلامي العظيم نقلاً وعقلاً وفهماً واستنباطاً، ومن كتب في مناحٍ المسلمُ أحوج ما
يكون إليها في هذا العصر الهائج المائج؟
سيقول الشيخ: وهل تدعون أن أحداً من العلماء أحاط بكل ما يحتاجه
المسلمون، وأجاب عن كل تساؤل يعرض لهم؟ إذا كنتم تدعون ذلك فقد أبعدتم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/473)
النجعة، وبالغتم مبالغة مذمومة، وبلغتم بابن تيمية أو غيره ممن تتعصبون له درجة
لا تطاق ولا تقرون عليها! إن هذا العلم قدر مشترك لكل علماء المسلمين، وكل
منهم ساهم في هذا البناء المتماسك.
فنقول: نعم، لا ندعي لأحد الإحاطة، ولا نغمط أحداً حقه ولا نبخسه ما
وهبه الله، يأبى علينا الإنصاف ذلك، ولكننا - مع اعترافنا لكل ذي حق بحقه -
ننظر إلى ما هو موجود، وإلى نفعه للمسلمين من الجانب العملي، وإلى مردوده
على ما نتطلع إليه من الانتقال بحالهم من التراجع والضعف؛ إلى النظر إلى
المستقبل بثقة وثبات، وإلى تحويل إمكاناتهم من قوة كامنة إلى قوة دافعة، أي كتب
تقترحها علينا نطل من خلالها على الإسلام الصافي بقوة حججه، وسمو أخلاقه،
ووضوح أفكاره، وحرارة الإيمان، وفاعلية العقيدة فيه:
الفتوحات المكية أم اقتضاء الصراط المستقيم؟!
فصوص الحكم أم منهاج السنة النبوية؟!
اليواقيت والجواهر أم الصارم المسلول؟!
إرشاد المغفلين من الفقهاء والفقراء إلى شروط صحبة الأمراء! أم السياسة
الشرعية؟!
الكبريت الأحمر وشرح وصية المتبولي أم درء تعارض العقل والنقل [11]؟
الكلمة الثانية:
هناك مجال ما أجداه على الدعوة الإسلامية لو اقتحمه الشيخ البوطي، فبدلاً
من اقتصاره على الحديث ناقداً ومشنعاً على إخوانه أتباع الكتاب والسنة، وشنه هذه
الحملات المتكررة عليهم في داخل بلده وخارجه؛ حبذا لو خرج من هذه الدائرة
المغلقة والتفت إلى تربية الدعاة والاهتمام بنشر العلم الشرعي الذي استؤصلت
معالمه بشكل مقصود وأساليب ملتوية مفضوحة، إلا بقايا من الجهود الفردية التي لا
تفي بالحاجة ولا تقوى على التحديات المحيطة، وإن في إمكانات الشيخ البوطي -
«التي لا نحب أن نرتاب فيها» - البركة، فهو في حال - من البحبوحة الكلامية،
وحرية التحرك - يغبطه عليها الكثير، وله قدم صدق عند أصحاب الحل والعقد،
فلم لا يستثمر هذه الفرصة بما يعود على الإسلام والمسلمين بالخير، وينشِّط
«الصحوة الإسلامية» التي نوه بها بقوله مرة: «إن معين الصحوة الإسلإمية
من الشام، وهي من الشام تنتشر، وسرها في الشام، وقد كان ذلك فيما مضى،
واليوم، وسيبقى بعد اليوم» [12]. بشره الله بالخير، ولو أزال الشيخ الغموض
الكامن في عبارة «وسرها في الشام» لأجاد وأفاد، ووفى بالمراد، ولشكر له
المنتظرون سماع هذه التطمينات شكراً لا مزيد عليه. وكذلك قوله الآتي في
كلمته تلك فيه غموض يحتاج إلى تفصيل وشرح، ولا يقدر على ذلك سواه -
حفظه الله - فهلا فعل؟! يقول:
«إن المكائد تضاعفت ليس من أفراد فقط أو جماعات؟ بل من حكومات
تعادي الإسلام ... وإذا كانت الشام منبع أعداء الإسلام فلتنهض الشام نهضتها،
ولينهض الشعب متعاوناً مع رئيسه» [13]. كيف يكون معين الصحوة في الشام؛
ومنبع أعداء الإسلام من الشام؟! ومن الأفراد، ومن الجماعات، ومن الحكومات
التي تعادي الإسلام؟ ولم لا تضع دليلاً يستخدمه أهل الشام لاكتشاف هؤلاء الأفراد،
والجماعات، والحكومات؟! كل ذلك يحتاج إلى تجلية وبيان من أجل النشء
الذي وقفت جهودك لتوعيته، لتستبين سبيل المجرمين. فضع إصبعك على
الجروح الناغرة يا شيخ، ولا تخف، وخذِّل عن المسلمين، ولا يكن همك كهمِّ
المتنبي فقط؛ ضيعة أو ولاية [14]، فما أنت فيه خير من الضيعة أو الولاية،
وكن على ذكر من كلمة إبراهيم بن أدهم أو غيره: «لو يعلم الملوك ما نحن فيه
لجالدونا عليه بالسيوف». واعتبر بأصحاب الضيعات حواليك - ضباع تتهارش
على الجيف في العاجلة، وتذهب - مخلفة روائح الجيف ورائها - إلى الآجلة.
*انتهى*
________________________
(1) خاتمة هذه العبارة تذكر بعبارة شمشون الجبار: عليَّ وعلى أعدائي ياربَّ!.
(2) كلام خطير يبين دخيلة البوطي على حقيقتها وموقفه ممن لا يرون رأيه المريض في دعوة الشيخ
محمد بن عبد الوهاب حيث يريد أن يقطع - بتفسيره المدخول - صلة هذه الدعوة بجذور العقيدة
الإسلامية الصحيحة، ومع أن كلامه هذا ظاهر التهافت؛ وهو يحس بذلك؛ لذلك فقد قال في الكلمة
التي وشح بها ظهر غلاف كتابه: إنما أخرجت هذا الكتاب لناشئة الأمة، ولكن من أين له أن يغطي
الشمس غرباله؟!.
(3) ألا ينطبق هذا التعريف عليه؟!.
(4) مر قبل كلامه هذا أنه يعتبر السلفيين مبتدعين بلا ريب، وأن الابتداع ثابت في اتخاذ كلمة (السلفية)
هذه، وعلى الرغم من قذفه وشتائمه المتكررة فإنه لم يستطيع أذ يثبت بكلمة موثقة أن السلفيين الذين
يشهر بهم بأوصافه هذه يقولون بهذه الآراء واللوازم التي يتخايل بها.
(5) سبحانك هذا بهتان عظيم.
(6) نحن نستشهد بهذه العبارة على سبيل الإلزام، لا اقتناعاً بفحواها؛ بل نرى أن مذهب السلف أسلم
وأحكم.
(7) جلاء العينين ص 404.
(8) بحوث أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب 2/ 235.
(9) مجموع فتاوى ابن تيمية 17/ 362.
(10) ليلاحظ القارئ الكريم أن هذا التشاكي لم يكن جماعياً بل كل واحد من الضيوف كان يشكو للشيخ
البوطي على انفراد من هذه المحنة.
(11) الفتوحات المكية، وفصوص الحكم، كتابان لابن عربي واليواقيت والجواهر، وإرشاد المغفلين
والكبريت الأحمر، ووصية المتبولي كتب للشعراني الصوفي وهي كتب مشهورها كمجهولها في
الضرر أو قلة النفع عند العقلاء.
(12) صحيفة تشرين 18/ 4/1990.
(13) صحيفة تشرين 18/ 4/1990.
(14) إشارة إلى قوله في مدح كافور الإخشيدى:
إذا لم تَنط بى ضيعة أو ولاية فجودك يكسوني وشغلك يسلُبُ.
((مجلة البيان ـ العدد [40] صـ 7 ذو الحجة 1411 ـ يونيو 1991))
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/474)
ـ[محمد خليل]ــــــــ[22 - 11 - 04, 11:51 م]ـ
جزاك الله خيراً وبارك فيك.
وقد يثري هذا الموضوع، ويبين جوانب أخرى منه؛ إضافة الرد الذي كتبه الشيخ صالح الفوزان في (مجلة البحوث الإسلامية) على كتاب " السلفية " للبوطي.
نظرات و تعقيبات على ما في كتاب السلفية من الهفوات. الجزء 26 - صفحة 183
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[14 - 12 - 04, 02:02 م]ـ
مشكور أخ محمد خليل
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[15 - 12 - 04, 12:06 ص]ـ
وهذا رد الشيخ الفوزان على البوطي
نظرات وتعقيبات على ما في كتاب " السلفية " لمحمد سعيد رمضان من الهفوات
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وبعد. . .
فقد اطلعت على كتاب من تأليف الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي بعنوان " السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي " فاستغربت هذا العنوان لما يوحي به من إنكار أن يكون للسلف مذهب ومنهج تجب علينا معرفته والتمسك به وترك المذاهب المخالفة له ولما قرأت الكتاب وجدت مضمونه أغرب من عنوانه حيث وجدته يقول فيه إن التمذهب بالسلفية بدعة ويشن حملة على السلفيين، ونحن نتساءل هل الذي حمله على أن يشن هذه الحملة التي تناولت حتى القدامى منهم كشيخ الإسلام ابن تيمية وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب هل الذي حمله على ذلك كراهيته للبدع فظن أن التمذهب بالسلفية بدعة فكرهه لذلك؟ كلا ليس الحامل له كراهية البدع لأننا رأيناه يؤيد في هذا الكتاب كثيرا من البدع يؤيد الأذكار الصوفية المبتدعة ويؤيد الدعاء الجماعي بعد صلاة الفريضة وهو بدعة، ويؤيد السفر لزيارة قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو بدعة فاتضح لنا. والله أعلم أن الحامل له شن هذه الحملة هو التضايق من الآراء السلفية التي تناهض البدع والأفكار التي يعيشها كثير من العالم الإسلامى اليوم وهي لا تتلائم مع منهج السلف وقد ناقشت في هذه العجالة الآراء التي أبداها في كتابه المذكور حول السلفية والسلفيين وذلك من خلال التعقيبات التالية وهي تعقيبات
مختصرة تضع تصورا لما يحتويه كتابه من آراء هي محل نظر وإذا كان الدكتور يعني بحملته هذه جماعة معينة فلماذا لا يخصها ببيان أخطائها دون أن يعمم الحكم على جميع السلفيين المعاصرين وحتى بعض السابقين.
والآن إلى التعقيبات:
التعقيب الأول:
قوله في العنوان " السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي "
هذا العنوان معناه أن السلف ليس لهم مذهب يعرفون به وكأنهم في نظره عوام عاشوا في فترة من الزمن بلا مذهب ومعناه أيضا أن تفريق العلماء بين مذهب السلف ومذهب الخلف تفريق خاطئ لأن السلف ليس لهم مذهب، وعلى هذا لا معنى لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين. . .) وقوله لما سئل عن الفرقة الناجية من هي؟ قال (هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي) لا معنى لهذا كله لأن السلف ليس لهم مذهب ولعل قصد الدكتور من ذلك هو الرد على الذين يتمسكون بمذهب السلف في هذا الزمان ويخالفون المبتدعة والخرافيين.
التعقيب الثاني:
قوله في (ص5):
" هذا الكتاب لا يتضمن أي مناقشة لآراء السلفية وآفكارهم التي يعرفون بها كما لا يتضمن تصويبا ولا تخطئة لها ".
ومعنى هذا أن الآراء السلفية قابلة للمناقشة والتخطئة، وهذا فيه إجمال لأن السلفية بمعناها الصحيح المعروف لا تخالف الكتاب والسنة فلا تقبل المناقشة والتخطئة. وأما السلفية المدعاة فهي محل النظر وهو لم يحدد المراد بالسلفية فكأن كلامه موهما عاما يتناول السلفية الصحيحة والسلفية المدعاة.
التعقيب الثالث:
في (ص12) المقطع الأول يعلل فيه أن وجوب اتباع السلف بكونهم أفهم للنصوص لسلامة لغتهم ولمخالتطهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/475)
وهذا فيه نقص كبير لأنه أهمل قضية تلقيهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتعلمهم منه وسؤالهم إياه ومشاهدتهم التنزيل على رسول الله وتلقيهم التأويل عنه - صلى الله عليه وسلم -?، وهذه مرتبة من العلم لم يبلغها غيرهم، وقد أهمل ذكرها وتناساها تماما كما أنه في آخر هذه الصفحة يقرر أن اتباع السلف لا يعني أخذ أقوالهم والاستدلال بمواقفهم من الوقائع وإنما يعني الرجوع إلى القواعد التي كانوا يحتكمون إليها. ومعنى هذا الكلام أن أقوال السلف وأفعالهم ليست حجة وإنما الحجة هي القواعد التي كانوا يسيرون عليها. وهذا كلام فيه تناقض لأن معناه أننا نلغي أقوالهم ونأخذ قواعدها فقط ونستنبط بها من النصوص غير استنباطهم، وهذا إهدار لكلام السلف ودعوة لكلام جديد وفهم جديد يدعي فيه أنه على قواعد السلف.
التعقيب الرابع:
في (ص13و14) ينكر أن تتميز طائفة من المسلمين من بين الفرق المختلفة والمفترقة وتسمى بالسلفية ويقول: لا اختلاف بين السلف والخلف ولا حواجز بينهم ولا انقسام. وهذا فيه إنكار لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم).
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة) قيل من هي يا رسول الله قال: (هم من كان على مثل ما أنا عليه أنا وأصحابي) فهذا الحديثان يدلان على وجود الافتراق والانقسام والتميز بين السلف وأتباعهم وبين غيرهم.
والسلف ومن سار على نهجهم ما زالوا يميزون أتباع السنة عن غيرهم من المبتدعة والفرق الضالة ويسمونهم أهل السنة والجماعة وأتباع السلف الصالح ومؤلفاتهم مملوءة بذلك، حيث يردون على الفرق المخالفة لفرقة أهل السنة وأتباع السلف. والدكتور يجحد هذا ويقول: لا اختلاف بين السلف والخلف ولا حواجز بينهم ولا انقسام. وهذا إنكار للواقع مخالف لما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجود الانقسام والافتراق في هذه الأمة وأنه لا يبقى على الحق منها إلا فرقة واحدة.
التعقيب الخامس:
من (ص14 - 17) يحاول أن يسوغ قوله بعدم وجوب الأخذ بأقوال السلف وأعمالهم وتصرفاتهم بأن السلف أنفسهم لم يدعوا الناس إلى ذلك، وبأن العادات تختلف وتتطور في اللباب والمباني والأواني. . . . إلخ ما ذكره وهذا الكلام فيه جهل وخلط وتلبيس من وجهين:
الوجه الأول: قوله إن السلف لم يدعوا إلى الأخذ بأقوال السابقين. وهذا كذب عليهم فإن السلف من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين يحثون على امتثال ما أمر الله به ورسوله من الاقتداء بالسلف الصالح والأخذ بأقوالهم والله قد أثنى على الذين يتبعونهم فقال تعالى {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ}. . . . . . . . الآية وقال - صلى الله عليه وسلم - عن الفرقة الناجية: (هم من كان على مثل ما أنا عليه أنا وأصحابي) وقال - صلى الله عليه وسلم - (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي) وقال عبد الله بن مسعود: من كان مستنًّا فليستن بمن مات فإن الحيّ لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبر الناس قلوبا وأغزرهم علمًا وأقلهم تكلفا.
وقال الإمام مالك بن أنس: لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها.
. . . . إلى غير ذلك مما تضمنته الكتب المؤلفة في عقائد السلف والمسماة بكتب السنة ككتاب السنة لعبد الله ابن الإمام أحمد وكؤتاب السنة للآجري وكتاب السنة لابن أبي عاصم وغيرها تذكر أقوال السلف وتحث على الأخذ بها.
الوجه الثاني: أنه جعل مسائل العادات كالمباني والأواني والملابس كمسائل العلم والعقائد والعبادات تختلف باختلاف الأزمنة والأعراف، وهذا منه جهل أو تلبيس فإن الفرق في ذلك معروف لأقل الناس ثقافة وعلما، كل يعرف أن العادات تختلف وأما العبادات وأحكام الشريعة فهي ثابتة.
التعقيب السادس:
في (ص19) المقطع الأخير، يقول:
" إن السلف لم يجمدوا عند أقوال صدرت عنهم ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/476)
ومراده أن السلف لا يبقون على أقوالهم بل يتحولون عنها، ومن ثم لا يجب علينا الأخذ بأقوالهم، وهذا فيه إجمال، فإن كان مراده أقوالهم في العقيدة فهو كذب عليهم؛ لأنهم ثبتوا على أقوالهم ولم يتحولوا عنه. وإن كان مراده أقوالهم في المسائل الاجتهادية فهم لا يجمدون على القول الذي ظهر لهم أنه خطأ بل يتركونه إلى الصواب.
التعقيب السابع:
قوله: " فكل من التزم بالمتفق عليه من تلك القواعد (1) والأصول وبنى اجتهاده وتفسيره وتأويلاته للنصوص على أساسها فهو مسلم ملتزم بكتاب الله وسنة رسوله ".
نقول: ضابط الإسلام قد بينه الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حديث جبريل وهو (أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا) (2)
فالمسلم هو الملتزم بالإسلام المقيم لأركانه، فلا حاجة إلى هذا التعريف الذي ذكره مع تعريف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم إن تعريفه فيه إجمال وعدم وضوح، فهو يتيح لكل أحد أن يفسر الإسلام بما يريد.
يدل على ذلك قوله فيما بعد:
" نعم إن من قواعد هذا المنهج ما قد يخضع فهمه للاجتهاد من ثم فقد وقع الخلاف. . . إلخ "
فهل الإسلام قابل للاختلاف؟ كلا بل إن أصول الإسلام والعقيدة ليست مجالا للاجتهاد، وإنما هذا في المسائل الفرعية فمن خالف في أصول الدين وعقيدته فإنه يكفر أو يضلل بحسب مخالفته؛ لأن مدارها على النص والتوقيف ولا مسرح للاجتهاد فيه.
التعقيب الثامن:
قوله: " إن السلفية لا تعني إلا مرحلة زمنية، قصارى ما في الأمر أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصفها بالخيرية كما وصف كل عصر آت من بعد بأنه خير من الذي يليه، فإن قصدت بها جماعة إسلامية ذات منهج معين خاص بها فتلك إذن أحد البدع " اهـ.
ونقول هذا التفسير منه للسلفية بأنها مرحلة زمنية وليست جماعة - تفسير غريب وباطل، فهل يقال: للمرحلة الزمنية بأنها سلفية؟! هذا لم يقل به أحد من البشر، وإنما تطلق السلفية على الجماعة المؤمنة الذين عاشوا في العصر الأول من عصور الإسلام، والتزموا بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، ووصفهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) الحديث. فهذا وصف لجماعة وليس لمرحلة زمنية، ولما ذكر - صلى الله عليه وسلم - افتراق الأمة فيما بعد قال عن الفرق كلها أنها في النار إلا واحدة، ووصف هذه الواحدة بأنها هي التي تتبع منهج السلف وتسير عليه فقال: (هم من كان على مثل ما أنا عليه أنا وأصحابي) فدل على أن هناك جماعة سلفية سابقة وجماعة متأخرة تتبعها في نهجها، وهناك جماعات مخالفة لها متوعدة بالنار، وما ذلك إلا لضلال هذه الفرق المخالفة للفرق الناجية، لا كما يقول فيما سبق في (ص 20/ 21):
" ومن حق صاحب أحد الرأيين أو الآراء في تلك المسائل الاجتهادية أن يطمئن إلى أن ما ذهب إليه هو الصواب، ولكن ليس من حقه أن يجزم بأن الذين خالفوه إلى الآراء الأخرى ضالون خارجون عن حظيرة الهدى " اهـ.
ونقول له: ليس هذا على إطلاقه إنما هو في المسائل الفروعية التي هي مسرح للاجتهاد. أما مسائل العقيدة فلا مجال للاجتهاد فيها وإنما مدارها على التوقيف ومن خالف فيها ضُلِّل أو كُفِّر بحسب مخالفته وقد ضُلل السلف القدرية والخوارج والجهمية وحكموا على بعضهم بالكفر لمخالفتهم منهج السلف.
التعقيب التاسع:
زعم في (ص27 – 31) أن الصحابة لم يكن بهم حاجة إلى تحكيم ميزان علمي في الاستنباط. وهذا فيه إجمال، فإن أراد بالميزان العلمي فهم النصوص ومعرفة معانيها وما يراد بها فهم أغزر الناس علمًا في ذلك وأقلهم تكلفا، وإن أراد بالميزان العلمي منهج الجدل وعلم الكلام فهذا ميزان جهلي لا ميزان علمي وهم أغنى الناس عنه، وقد تركوه وحذروا منه وضللوا أصحابه؛ لأنه لا يوصل إلى حقيقة ولا يهدي إلى صواب وإنما آل بأصحابه إلى الشك وإن زعم من ابتلي به أنه ميزان علمي، ووصفوا أنفسهم بأن طريقتهم أعلم وأحكم وأن طريق السلف أسلم، ويصفون السلف بأنهم ظاهريون كما وصفهم الدكتور بذلك في هذا الكتاب في (ص 31) فقال: فإن الشأن فيما ذكرناه عنهم من ابتعادهم عن ساحة الرأي وعدم الخوض فيما تلقوه من
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/477)
أنباء الغيب وغوامض المعاني ووقوفهم في ذلك مع ظاهر النص دون تعطيل ولا تشبيه، فهذا معناه أن طريقة السلف طريقة بدائية تقف عند ظاهر النصوص، وليست طريقة علمية تنفذ إلى غور النصوص ومقاصدها.
التعقيب العاشر:
من (ص 42 – 47) يحاول أن يسوغ مخالفة بعض الخلف لمنهج السلف باتساع بلاد الإسلام ودخول أجناس من البشر في دين الإسلام، وهم يحملون ثقافات أجنبية وبتوسع في مجالات الحياة المعيشية باختلاف الملابس والمباني والأواني والصناعات والأطعمة. . . إلى غير ذلك مما ذكره من الكلام الطويل، إلى أن قال في النهاية:
فلو كانت اتجاهات السلف واجتهاداتهم هذه حجة لذاتها لا تحتاج هي بدورها إلى برهان أو مستند يدعمها؛ لأنها برهان نفسها، إذ لوجب أن تكون تلك النظرات " يعني نظرات السلف " المتباعدة المتناقضة كلها حقا وصوابا، ولوجب المصير _ ودون أي تردد إلى رأي _ المصوبة (3)، ولما احتاج أولئك السلف رضوان الله عليهم أن يلجؤوا أخيرا من مشكلة هذا التناقض والاضطراب إلى منهج علمي يضبط حدود المصالح. . . إلخ ما قال.
ونحن نجيبه عن ذلك بجوابين:
الجواب الأول: أن السلف لم يختلفوا في مسائل العقائد والإيمان وإنما اختلفوا في مسائل الاجتهاد الفرعية، وليس ذلك اضطرابا وتناقضا كما يقول، وإنما هو اجتهاد.
الجواب الثاني: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمرنا باتباعهم بقوله: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي) وقال عن الفرقة الناجية: (هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم أنا وأصحابي) وأثنى الله على من اتبعهم ورضي عنه معهم فقال سبحانه {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ} والإمام مالك بن أنس - رحمه الله - يقول: لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها. فيجب اتباعهم والأخذ بأقوالهم لا سيما في العقيدة؛ لأن قولهم حجة كما هو مقرر في الأصول.
التعقيب الحادي عشر:
في (ص 53 – 54) وصف الكوثري بأنه محقّق، ونقل كلاما له ذكر فيه أن عدة من أحبار اليهود ورهبان النصارى وموابذة المجوس بثوا بين أعراب الرواة من المسلمين أساطير وأخبارا في جانب الله فيها تجسيم وتشبيه وأن المهدي أمر علماء الجدل من المتكلمين بتصنيف الكتب في الرد على الملحدين والزنادقة (4) وأقاموا البراهين وأزالوا الشبه وخدموا الدين. هكذا وصف الكوثري رواة الإسلام بأنهم أعراب راجت عليهم أساطير اليهود والنصارى والمجوس، وهذه الأساطير بزعمه هي الأخبار المتضمنة لأسماء الله وصفاته لأنها تفيد التشبيه والتجسيم عنده وأثنى على علماء الكلام الذين ردوا هذه الروايات ووصفهم بالدفاع عن الإسلام والرد على الملحدين والزنادقة.
وأما علماء الكتاب والسنة فليس لهم دور عند الكوثري في الذب عن الإسلام والرد على الملاحدة والزنادقة. وقد نقل الدكتور كلامه هذا مرتضيا له ووصفه بالمحقق والله المستعان.
التعقيب الثاني عشر:
في (ص 63) يرى في فقرة (1) أنه يجب التأكد من صحة النصوص الواردة والمنقولة عن فم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرآنا كانت هذه النصوص أو سنة.
ونقول له: أولا: هل القرآن يحتاج إلى تأكد من صحته؟ أليس هو متواترا تواترا قطعيا؟ وإذا كان يريد بعض القراءات فلماذا لم يبين ويقيد كلامه بذلك؟
ثانيًا: هل القرآن من فم الرسول - صلى الله عليه وسلم - كالسنة أو هو وحي كله، لفظه ومعناه من الله تعالى والرسول مبلغ فقط أن كلامه هذا يوهم أن القرآن من كلام الرسول كالسنة، وليس هو كلام الله تعالى.
التعقيب الثالث عشر:
قال في (صفحة 63 – فقرة ج) أنه يجب على الباحث عرض حصيلة تلك المعاني " أي معنى النصوص الصحيحة " التي وقف عليها وتأكد منها على موازين المنطق والعقل لتمحيصها، ومعرفة موقف العقل منها. ا هـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/478)
ونقول: هل للعقل موقف وسلطة مع النصوص الصحيحة؟ فهذا لم يقل به إلا المعتزلة ومن وافقهم، أما أهل السنة فيسلمون لما صح عن الله ورسوله، سواء أدركته عقولهم أم لا، ولا سيما في نصوص الأسماء والصفات وقضايا العقيدة، فإن العقول لا مجال لها في ذلك؛ لأنه من أمور الغيب، مع العلم أن الشرع لا يأتي بما تحيله العقول، لكنه قد يأتي بما تحار فيه العقول ولا تدرك كنهه.
التعقيب الرابع عشر:
في (ص 64) المقطع الثالث يستنكر تقسيم المسلمين إلى سلفيين وبدعيين، وهذا رد للنصوص التي أخبرت عن افتراق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، والتي أخبرت عن حدوث الاختلاف الكثير وحثت على التمسك بسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسنة الخلفاء الراشدين عند ذلك، وكتابه يدور حول هذه النقطة، وهو إنكار لما هو واقع من الانقسام والافتراق في هذه الأمة، فهو إنكار للواقع المحسوس وكان الأجدر به أن يحث المتخلفين والمفترقين إلى الرجوع إلى الكتاب والسنة بدلا من أن يطمئنهم على ما هم عليه من فرقة ومخالفة وبأنهم على الحق.
التعقيب الخامس عشر:
في (ص 65 – 67) يشكك في صحة الاستدلال بالخبر الصحيح الذي لم يبلغ حد التواتر في الاعتقاد فيقول:
" هذا القسم لا تتكون منه حجة ملزمة في نطاق الاعتقاد بحيث يقع الإنسان في طائلة الكفر إن هو لم يجزم بمضمون خبر صحيح لم يرق إلى درجة المتواتر ".
ونقول: هذا كلام غير سليم ولا سديد، فإن خبر الآحاد إذا صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجب تصديقه والتسليم له والجزم بمضمونه في العقائد وغيرها.
وهذا القول الذي ذكره قول مبتدع في الإسلام فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يرسل رسله آحادا ويقبل المرسل إليه خبره من غير توقف ولا تشكك في صحة ما جاءوا به، وكذلك الصحابة وأتباعهم كانوا يتقبلون الأحاديث الصحيحة ويحتجون بها، ولا يشكون في مضامينها في العقائد وغيرها، ولا يوجد هذا التفريق في كلام السلف، وإنما وجد في كلام بعض الخلف فهو تفريق مبتدع.
التعقيب السادس عشر:
في (ص 99) ذكر الدكتور البوطي الأصول والأحكام التي لا مجال للاختلاف فيها، وذكر منها اليقين بأن الله عز وجل واحد في ذاته وصفاته وأفعاله، وهذا الذي ذكره لا يزيد على توحيد الربوبية الذي أقر به المشركون وجمهور الأمم، فالإقرار واليقين به وحده لا يكفي حتى ينضاف إليه توحيد الألوهية، وهو إفراد الله بالعبادة وترك عبادة ما سواه، وهذا أيضا أصل لا مجال للاختلاف فيه.
وقوله في هذه الصفحة في الفقرة (4) عن صفات الله أنها قديمة قدم ذاته، هذا ليس على إطلاقه، إنما يقال في صفات الذات، أما صفات الأفعال كالاستواء والنزول والخلق والرزق فهي قديمة النوع حادثة الآحاد، وكذا قوله عن كلام الله فهو قديم ليس على إطلاقه؛ لأنه من صفات الأفعال، فهو قديم النوع حادث الآحاد كغيره من صفات الأفعال، وهذا التفصيل معروف عند أهل السنة والجماعة.
التعقيب السابع عشر:
قوله في (ص 99)
" وكل ما قد وصف الله به ذاته أو أخبر به عنها مما يستلزم ظاهرة التجسيد والتشبيه نثبته له كما قد أثبت ذلك لنفسه وننزهه عن الشبيه والنظير والتحيز والتجسد. . . ".
نقول: ليس في صفات الله ما يستلزم ظاهره التجسيد والتشبيه، وإنما ذلك فهم فهمه بعض الجهال أو الضلال ولا ينسب ذلك إلى النصوص؛ لأن لله صفات تخصه وتليق به لا تشبهها صفات خلقه، ولا يدور هذا في ذهن المؤمن الصادق الإيمان، وكلام الله وكلام رسوله ينزه عن أن يكون لازمه باطلا.
التعقيب الثامن عشر:
قوله في (ص101) في الفقرة (8) إن رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة لا تستلزم تحيزا في جهة معينة. اهـ.
وأقول: نفي الجهة عنه الله مطلقا غير صحيح فإنه سبحانه في جهة العلو كما تواترت الأدلة على علوه في خلقه، وإنما ينزه عن جهة غير العلو.
هذا مذهب أهل السنة والجماعة، بخلاف الجهمية ومن سار على منهجهم في ذلك وغيره.
التعقيب التاسع عشر:
قوله في (ص101و102): إن الشفاعة في حق كثير من العصاة والمذنبين ميزة ميز الله بها نبيه عن سائر الرسل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/479)
هذا كلام غير صحيح، فإن الشفاعة في عصاة الموحدين ليست خاصة بنبينا - صلى الله عليه وسلم - بل ليست خاصة بالأنبياء، وإنما الخاص به - صلى الله عليه وسلم - الشفاعة العظمى التي هي المقام المحمود، وما ورد الدليل باختصاصه به.
التعقيب العشرون:
قوله في (104) في المقطع الأخير: والإسلام يستتبع آثاره مستقلا ومنفصلا عن الإيمان في الدنيا.
هذا الكلام فيه نظر؛ فإن الإسلام الصحيح لا ينفصل عن الإيمان لا في الدنيا ولا في الآخرة، فإن انفصل عنه فليس إسلاما صحيحا وإنما هو نفاق والمنافق لا يسمى مسلما وإنما يسمى منافقا، كما سماه الله ورسوله، ولا يلزم من معاملته معاملة المسلم في الدنيا أنه مسلم حقيقة لا في الدنيا ولا في الآخرة.
التعقيب الحادي والعشرون:
قوله في (ص107): والقول بأن الإنسان يخلق أفعال نفسه _ وهو مذهب المعتزلة _ ليس مكفِّرا.
أقول: في نفي تكفيره نظر؛ لأن من قال ذلك إن كان مع هذا ينكر علم الله _ كما هو قول غلاة القدرية _ فهو كافر، وإن كان لا ينكره وهو مقلد لغيره فقد أنكر أحد أركان الإيمان _ وهو القدر _ على علم، فكيف لا يكفر من كان هذه حاله؟
وأيضا هو قد أثبت لله شريكا في خلقه، وقد قال السلف عن هذا الصنف: إنهم مجوس هذه الأمة، بل ورد تسميتهم بذلك في أثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
التعقيب الثاني والعشرون:
ما ذكره في (ص111 - 112) من أنه من أضفى صفات النبوة على عليّ بن أبي طالب وما يعتقده بعض المريدين في أشياخهم من العصمة، وما قاله الإمام الخميني من أن لأئمتهم ما لا يبلغه ملَك مقرَّب ولا نبيّ مرسَل.
إن هذه الأمور تعتبر شذوذات لا تستوجب لكفر أصحابها وخروجهم من الملة.
وكرر ذلك أيضا في (ص110) وقال في هامش (ص112) تعليق (رقم 1): سألت بعض الإخوة علماء الشيعة الإيرانيين. . . . إلخ.
إن عدم تكفير من يقول هذه المقالات واعتباره أخا خطأ واضح؛ لأنها من أسباب الردة الواضحة، فكيف لا يكفرون بذلك؟!
التعقيب الثالث والعشرون:
قوله في (ص114): ويقابل التعطيل التجسيم أو التشبيه، وهو أن تترك هذه الآيات (أي آيات الصفات) على ظاهرها، ويفهم منها المألوف في حياة المخلوقين والمحدثين، فيفهم من اليد الجارحة التي خلقها الله فينا، ويفهم من الاستواء معناه المتمثل في جلوس أحدنا على كرسيه أو سريره، ويفهم من المجيء الحركة التي تتخطى حيزا إلى غيره، وهكذا. اهـ.
والجواب عن ذلك أن نقول:
أولا: لا بد من ترك الآيات على ظاهرها فإنه حق مراد لله سبحانه، وكون بعض الناس يفهم منها فهما سيئا آفته من فهمه الخاطئ وليس ما فهمه هو ظاهر الآيات.
وَكَمْ مِنْ عائبٍ قولا صحيحا ** وآفُتُه من الفهمِ السقيمِ
ثانيًا: الآيات تدل على صفات حقيقية لله، فله يد حقيقية تليق به ولا تشبه يد المخلوق، والاستواء له معنى حقيقي فسره به السلف وأئمة السنة واللغة وهو العلو والارتفاع والاستقرار والصعود، وكل هذه المعاني على ما يليق بالله لا كعلو المخلوق وارتفاعه واستقراره وصعوده، تعالى الله عن ذلك.
وكذلك المجيء هو مجيء حقيقي على معناه في اللغة العربية، وكذا الإتيان كما جاء في الآيات الأخرى، ولا يلزم منه مشابهة مجيء المخلوق وإتيانه، والجارحة والحيز ألفاظ مجملة لم يرد نفيها ولا إثباتها في حق الله تعالى.
التعقيب الرابع والعشرون:
في صفحة 118 - 119 أثنى على بعض المتصوفة وبعض مؤلفاتهم كالقشيري، وهذا الثناء في غير محله؛ لأن التصوف أصل مبتدع في الإسلام ودخيل عليه، وقد تطور إلى أفكار إلحادية، وما زال العلماء المحقِّقون يحذرون منه ومن أصحابه، وبالخصوص القشيري، فإن لشيخ الإسلام ابن تيمية ردا مفصلا على رسالته وما فيها من مخالفات وشطحات، وفي الثناء عليه وعلى أمثاله تغرير بمن لا يعرف حقيقتهم.
التعقيب الخامس والعشرون:
تكلم عن صفات الله عز وجل من ص 132 - 144 وقد حصل في كلامه أخطاء كثيرة من أهمها:
1 - عد آيات الصفات من المتشابه وهذا خطأ؛ لأن آيات الصفات عند سلف الأمة وأئمتها من المحكم، ولم يقل إنها من المتشابه إلا بعض المت أخرىن الذين لا يحتج بقولهم ولا يعتبر خلافهم.
2 - ذكر أن آيات الصفات لها محملان:
المحمل الأول: أن تجري على ظاهرها مع تنزيه الله عز وجل عن الشبيه والشريك، وقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/480)
إن هذا تأويل إجمالي؛ لأن ظاهرها ما هو من صفات المخلوقين.
والجواب: نقول له: ليس الأمر كما ذكرت، فليس ظاهرها يدل على مشابهة صفات المخلوقين، وإنما هذا وهم توهمته أنت وغيرك من بعض الخلف، وليس هو ظاهرها؛ لأن ظاهرها هو ما يليق بجلال الله وصفات الخالق تختص به وصفات المخلوق تختص به، ثم قال: والمحمل الثاني حملها على المعنى المجازي بأن يفسر الاستواء بالاستيلاء والتسلط والقوة. انتهى كلامه.
والجواب أن نقول له: لا يجوز حمل صفات الله عز وجل على المعنى المجازي؛ لأن هذا تعطيل لها عن مدلولها، بل يجب حملها على المعنى الحقيقي اللائق بالله؛ لأن الأصل في الكلام الحقيقة ولا سيما كلام الله عز وجل ولا سيما ما يتعلق به وبأسمائه وصفاته، ولا يجوز حمل الكلام على المجاز إلا عند تعذر حمله على الحقيقة، وهذا ما لم يحصل حمله في نصوص الصفات فليس هناك ما يوجب حملها على المجاز وكتسويغ منه لهذا الباطل الذي ذكره نسب إلى بعض السلف تأويل بعض الصفات، فنسب إلى الإمام أحمد تأويل: {وَجَاء رَبُّكَ} بمعنى جاء أمر ربك، ونسب إلى البخاري تأويل الضحك بالرحمة، ونسب إلى الإمام حماد بن زيد تأويل نزول الله إلى السماء الدنيا بإقباله جل جلاله إلى عباده.
والجواب أن نقول:
أولا ما نسبه إلى الإمام أحمد لم يثبت عنه ولم يوثقه من كتبه أو كتب أصحابه، وذكر البيهقي لذلك لا يعتمد؛ لأن البيهقي - رحمه الله - عنده شيء من تأويل الصفات، فلا يوثق بنقله في هذا الباب؛ لأنه ربما يتساهل في النقل، والثابت المستيقن عن الإمام أحمد إثبات الصفات على حقيقتها وعدم تأويلها، فلا يترك المعروف المتيقن عنه لشيء مظنون ونقل لم يثبت عنه، وله - رحمه الله - رد على الجهمية والزنادقة في هذا الباب مشهور ومطبوع ومتداول.
ثانيًا: وما نسبه إلى البخاري غير صحيح، فقد راجعت صحيح البخاري فوجدته قد ذكر الحديث الذي أشار إليه الدكتور (5) تحت ترجمة {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ} ولم يذكر تأويل الضحك بالرحمة، وإنما الذي أوله بالرضا هو الحافظ ابن حجر في الفتح، والحافظ - رحمه الله - متأثر بالأشاعرة، فلا عبرة بقوله في هذا.
ثالثا: ما نسبه إلى حماد بن زيد من تأويل النزول بالإقبال يجاب عنه من وجهين:
الوجه الأول: أن هذا لم يثبت عنه؛ لأنه من رواية البيهقي، والبيهقي - رحمه الله - يتأول بعض الصفات، فربما تساهل في النقل، ولو ثبت عن حماد هذا التأويل فهو مردود بما أجمع عليه السلف من إثبات النزول على حقيقته.
الوجه الثاني: أنه لا تنافي بين إثبات النزول على حقيقته وإقبال الله تعالى على عباده، فيقال: ينزل ويقبل على عباده ليس في هذا حمل على المجاز كما يظن الدكتور.
3 - نسب شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره أنهم قد يفسرون الوجه بالجهة أو القبلة أو الذات وظن أن هذا تأويل للوجه الذي هو صفة من صفات الله عز وجل الذاتية، وهذا الظن منه خطأ واضح؛ فهولاء الأئمة لم يقصدوا ما توهمه؛ لأن الوجه لفظ مشترك تارة يراد به الوجه الذي هو الصفة الذاتية وتارة يراد به الدين والقصد وتارة يراد به الجهة والوجهة، وسياق الكلام هو الذي يحدد المقصود في كل مكان بحسبه، فإذا فسر الوجه في موضع بأحد هذه المعاني لدليل اقتضى ذلك من دلالة السياق أو غيره صح ذلك ولم يكن تأويلا بل هو تفسير لذلك النص وبيان للمراد به.
وبما ذكرنا يتبين من جواز حمل آيات الصفات وأحاديثها على المعنى المجازي وصرفها عن ظاهرها أنه قول غير صحيح، وأنه لا مستند له فيما ذكره عن بعض السلف إما لأنه لم يصح عنهم أو لأنهم لم يقصدوا ما توهمه.
4 - اعتمد على تأويلات الخطابي لبعض الصفات وأشاد به ومدحه من أجل ذلك.
والجواب عن ذلك: أن الخطابي - رحمه الله - ممن يتناولون الصفات فلا اعتبار بقوله ولا حجة برأيه في هذا، وله تأويلات كثيرة، والله يعفو عنا وعنه.
ثم العجيب في الأمر أن الدكتور تناقض مع نفسه حيث ذكر فيما سبق أنه يجب إثبات صفات الله كما جاءت مع تنزيه الله عن التشبيه والتمثيل كما في صفحة 99 و101 و113 و 115 بينما نراه هنا يجوز تأويلها وحملها على المجاز، هل هذا تراجع عما سبق أو هو التناقض؟!
التعقيب السادس والعشرين:
أنه في ص138 يجيز مخالفة السلف في إثبات الصفات على حقيقتها فيقول:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/481)
" بل نفرض أن أحدا من رجال السلف رضوان الله عليهم لم يجز لنفسه أكثر من أن يثبت ما أثبته الله لذاته مع تفويض ما وراء ذلك من العلم، والتفاصيل إلى الله عز وجل، فإن ذلك لا يقوم حجة على حرمة مخالفتهم في موقفهم، هذه حرمة مطلقة " انتهى كلامه.
ونقول: يا سبحان الله ألا يسعنا ما وسع السلف؟ أليست مخالفتهم وفيهم المهاجرون والأنصار والخلفاء الراشدون وبقية الصحابة رضي الله عنهم والقرون المفضلة أليست مخالفتهم لاسيما في العقيدة بدعة، وكل بدعة ضلالة، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) والله تعالى يقول {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} فشرط سبحانه في رضاه عمن جاء بعدهم اتباعهم للمهاجرين والأنصار بإحسان، والدكتور يقول لا تحرم مخالفتهم في صفات الله عز وجل. ألم يخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم خير القرون. ومعنى هذا الحث على الاقتداء بهم والنهي عن مخالفتهم لا سيما في أصول الدين، فهل تجوز المخالفة في أمور العقيدة، أليست العقيدة توقيفية لا مجال للاجتهاد فيها والاختلاف فيها؟!.
التعقيب السابع والعشرون:
في ص146 المقطع الأخير، ذكر أن من البدع القول بفناء النار وأن ذلك داخل بإجماع المسلمين في معنى البدعة.
وتعقيبنا عليه من وجهين:
الوجه الأول: أنه لم يحصل إجماع على تخطئة القول بفناء النار وعده من البدع كما زعم، فالمسألة خلافية وإن كان الجمهور لا يرون القول بذلك، لكنه لم يتم إجماع على إنكاره وإنما هو من المسائل الخلافية التي لا يبدع فيها.
الوجه الثاني: أن الذين قالوا بفنائها استدلوا بأدلة من القرآن والسنة، وبقطع النظر عن صحة استدلالهم بها أو عدم صحته، فإن هذا القول لا يعد من البدع ما دام أن أصحابه يستدلون له؛ لأن البدع ما ليس لها دليل أصلا، وغاية ما يقال أنه قول خطأ أو رأي غير صواب، ولا يقال بدعة.
وليس قصدي الدفاع عن هذا القول ولكن قصدي بيان أنه ليس بدعة ولا ينطبق عليه ضابط البدعة وهو من المسائل الخلافية.
التعقيب الثامن والعشرون:
في ص149 قال: وتفريق الباحث في مسألة القرآن بين ما فيه من المعاني النفسية والألفاظ المنطوق بها، مع ما يلحق بها من حبر وورق وغلاف ليقول إن الأول (يعني المعاني النفسية) قديم غير مخلوق، والثاني حادث مخلوق، أيعد بدعة محظورة لأن هذا التفريق لم يُعلم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -?، ومن ثم يجب إطلاق القول بأن القرآن قديم غير مخلوق. والثاني حادث مخلوق أيعد بدعة محظورة لأن هذا التفريق لم يُعلم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -?ومن ثم يجب إطلاق القول بأن القرآن قديم غير مخلوق دون تفصيل ولا تفريق، أم لا يعد بدعة وإنما هو شرح وبيان لما علمه الصحابة من قبل على وجه الإجمال، ومن ثم فلا مانع _ لاسيما في مجال التعليم _ من هذا التفريق والتفصيل اهـ.
وتعقيبا عليه أقول: كلامه هذا يتمشى مع مذهب الأشاعرة الذين يفرقون في كلام الله بين المعنى واللفظ فيقولون: المعنى قائم بالنفس وهو قديم غير مخلوق، وهذا كلام الله عندهم، وأما اللفظ فهو عندهم تعبير عن هذا المعنى من قبل جبريل أو النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مخلوق.
وهذا تفريق باطل (6)، ومذهب أهل السنة سلفا وخلفا أن كلام الله تعالى هو اللفظ والمعنى، وكلاهما غير مخلوق؛ لأنه كلام الله تعالى وصفة من صفاته، وصفاته غير مخلوقة.
وقوله إن الصحابة علموا هذا التفريق بين اللفظ والمعنى في كلام الله هو تقول على الصحابة، ونسبة إليهم ما هم منه براء.
التعقيب التاسع والعشرون:
في ص149 تساءل عن التوسل بجاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته، أو بجاه من عرفوا بالصلاح والاستقامة بعد وفاتهم هل هو بدعة أو يقاس على التوسل به - صلى الله عليه وسلم - حال حياته وهو شيء ثابت دلت عليه الأحاديث الصحيحة، ومن ثم فهو ليس من البدعة في شيء. ولم يجب عن ذلك التساؤل بل ترك القارئ في حيرة والتباس.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/482)
وأقول، أولا: التوسل بالجاه ليس أصلا لا في حياته ولا بعد موته فهو بدعة بلا شك.
ثانيًا: أما التوسل بدعائه - صلى الله عليه وسلم - فهو جائز في حياته؛ لأنه يتمكن من الدعاء فيها أما بعد وفاته فطلب الدعاء منه بدعة ولا يجوز؛ لأنه لا يقدر على الدعاء ولأن الصحابة لم يفعلوا هذا معه بعد وفاته وإنما كانوا يفعلونه حال حياته، ولا تقاس حالة الحياة على حالة الموت لوجود الفوارق العظيمة بينهما عند جميع العقلاء، وإنما يقيس هذا القياس المخرفون، وإن كان هو يزعم في ص 155 أن هذا التفريق لم يعرف إلا عند ابن تيمية وأن السلف لم يفرقوا، ولم تفرق الأدلة بينهما، وكأنه لم يقرأ ما ذكره العلماء في الموضوع وما ذكره ابن تيمية في كتاب التوسل والوسيلة عن السلف والأمة في ذلك أو أن تحامله عليه أنساه ذلك.
ثم إنه نسب إلى السلف ما لم يقولوه، وحمل الأدلة ما لم تحتمله ولم يأت بدليل واحد على ما قال وأنى له ذلك؟!
والواجب أن الباحث أمثال الدكتور البوطي لا يخطئ شخصا ويتحامل عليه حتى يقرأ كلامه وينظر في مستنداته حتى يعرف هل هو مخطئ أو مصيب؟ هذا هو الإنصاف والعدل، ولا ننسى أن الدكتور البوطي له هنات في غير هذا الكتاب حول هذه المسألة قد قام بالرد عليها الشيخ محمد ناصر الألباني حفظه الله.
ثم إنه في ص146 يهون من شأن المسألة ويقول هي أقل من أن تصدع المسلمين أو تجعل منهم مذهبين.
وأقول كلا والله إنها لمسألة خطيرة تمس صميم العقيدة وتجر إلى الشرك فكيف تكون هينة؟!
التعقيب الثلاثون:
في ص150و157 أدخل تحت بدعة التزيد في العبادة الأذان الأول ليوم الجمعة الذي دعا به عثمان رضي الله عنه عندما دعت الحاجة إليه، وهذا منه خطأ واضح، فإن عثمان رضي الله عنه من الخلفاء الراشدين، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين) ففعله هذا يعد سنة لا بدعة وتزيدا حاشاه من ذلك رضي الله عنه وأرضاه. وهذا ينسينا ما قاله في حق شيخ الإسلام ابن تيمية أنه ابتدع التفريق بين حالة الحياة والموت إذ أن الخليفة الراشد عنده قد ابتدع في الدين.
التعقيب الواحد والثلاثون:
في (ص160) خلط بين علم الكلام والفلسفة وانتقد شيخ الإسلام ابن تيمية حيث أجاز مناظرة المتكلمين بمثل مصطلحاتهم مع أنه ينكر على الغزالي انشغاله بالفلسفة وكأنه لا يدري أن علم الكلام غير الفلسفة وأن بينهما فرقا واضحا (7).
وقد انتقد شيخ الإسلام أيضا في ص162و163 من ناحية أنه يحذر من الإقبال على علم الكلام والمنطق وهو قد تضلّع فيهما وناظر بهما.
والجواب عن ذلك أنه - رحمه الله - يحذر من الاشتغال بذلك من هم على غير مستوى علمي جيد يمكنهم من التخلص من أضرار علم الكلام، ولأن ذلك يشغل عن تعلم الكتاب والسنة، فأي انتقاد يوجه إليه في ذلك إلا من صاحب هوى وحقد، ثم إن الشيخ - رحمه الله - لا ينكر على من تعلم علم الكلام والمنطق من أجل الرد على المضللين وقتلهم بسلاحهم، وإنما ينكر على من تعلمها بغير هذا القصد.
التعقيب الثاني والثلاثون:
من ص 164 - 188 شن هجوما مسلحا على شيخ الإسلام ابن تيمية واتهمه أنه قال بقول الفلاسفة حينما قال إن الحوادث قديمة النوع حادثة الآحاد.
وهذه المسألة قد شنع بها خصوم شيخ الإسلام ابن تيمية عليه قديما وحديثا وقالوا إنه يقول بحوادث لا أول لها والدكتور في هذا الكتاب اتخذ من هذه المسألة متنفسا له ينفث من خلاله ما في صدره من حقد على شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأنه شيخ السلفيين الذين يضايقونه في هذا الزمان.
ولكن والحمد لله ليس له في هذه المسألة ولا للذين سبقوه أي مدخل على الشيخ وسيرده الله بغيظه لم ينل خيرا كما رد الذين من قبله، فإن مراد الشيخ - رحمه الله - أن أفعال الله سبحانه ليس لها بداية؛ لأنه الأول الذي ليس قبله شيء.
قال - رحمه الله -: والتسلسل الواجب ما دل عليه الشرع من دوام أفعال الرب تعالى في الأبد، فكل فعل مسبوق بفعل آخر، فهذا واجب في كلامه، فإنه لم يزل متكلما إذا شاء ولم تحدث له صفة الكلام في وقت، وهكذا أفعاله هي من لوازم حياته، فإن كل حي فعال.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/483)
والفرق بين الحي والميت الفعل، ولم يكن ربنا تعالى قط في وقت من الأوقات معطلا عن كماله من الكلام والإرادة والفعل إلى أن قال: ولا يلزم من هذا أنه لم يزل الخلق معه فإنه سبحانه متقدم على كل فرد من مخلوقاته تقدما لا أول له، فلكل مخلوق أول والخالق سبحانه لا أول له فهو وحده الخالق سبحانه لا أول له فهو وحده الخالق، وكل ما سواه مخلوق كائن بعد أن لم يكن إلى أن قال: والمقصود أن الذي دل عليه الشرع والعقل أن كل ما سوى الله تعالى محدث كائن بعد أن لم يكن. أما كون رب العالمين لم يزل معطلا عن الفعل ثم فعل فليس في الشرع ولا في العقل ما يثبته، بل كلاهما يدل على نقيضه.
هذه خلاصة ما يراه الشيخ في هذه المسألة، وهل في ذلك ما يشنع به عليه كما يظنه الدكتور وأضرابه إلا أنه الهوى والحقد أو الجهل والغفلة، فإن بين ما قاله الشيخ في هذه المسألة وبين قول الفلاسفة القائلين بقدم العالم فروقا واضحة هي الفروق بين الحق والباطل والكفر والإيمان.
التعقيب الثالث والثلاثون:
في ص191 - 192 يؤيد عقد حلقات الصوفية التي يسمونها حلق الذكر، ويزعم أنه ليس هناك ما يمنع من إقامتها ويقول: إن الذكر مشروع.
ونحن نجيبه عن ذلك ونقول له: الذكر لا شك أنه مشروع، لكن على الصفة الواردة في الكتاب والسنة. أما إحداث هيئة للذكر لا دليل عليها كالذكر الجماعي أو الأوراد الصوفية التي ليس عليها دليل أو ربما يشوبها شيء من الألفاظ الشركية فهذه لا شك أنها بدعة وأن الذين يقيمونها مبتدعة داخلون في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) والشيء قد يكون مشروعا في أصله، لكن الصفة التي يؤدى بها إذا لم يكن عليها دليل فهى بدعة. وقد أنكر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه على الذين يجتمعون في مسجد الكوفة وفيهم رجل يقول سبحوا مائة كبروا مائة هللوا مائة؛ لأن هذه الصفة ليست من سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
التعقيب الرابع والثلاثون:
في ص193 - 195 شنع على الذين ينكرون ذكر الله بالاسم المفرد (الله) ومنهم الشيخ ابن تيمية فإنه وجه إليه قذائف غضبه، وهو في هذا لم يصغ إلى حجج المذكورين، ومنها أن ذكر الله بالاسم المفرد لم يرد في الكتاب ولا في السنة ولا في هدي السلف الصالح، علاوة على أنه لا يفيد شيئا؛ لأن الاسم المفرد لا يأتي بفائدة حتى يتركب مع جملة مفيدة، وما يزعمه الدكتور أن ذكر الله بالاسم المفرد يدخل في قوله تعالى {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} فنحن نسأله ونريد منه الصدق في الجواب دون مراوغة: هل ورد في السنة من أمره الله بهذا الأمر وهو الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه ذكر الله بالاسم المفرد، إذ لا شك أن سنته تفسير للقرآن هذا من محدثات الصوفية وفهمهم السقيم، وكثيرا ما يكرر الدكتور أن المخالف في هذه المسألة وغيرها لا يضلل.
ونحن نقول له إن المخالف لا يضلل إذا كان لمخالفته مأخذ من النصوص الشرعية أما إذا كانت مخالفته ليس لها مأخذ من الكتاب والسنة فإنه يضلل؛ لأن الله تعالى يقول {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ} وما دل عليه كتاب الله حق وما خالفه فهو ضلال يضلل من قال به.
التعقيب الخامس والثلاثون:
في ص196 - 197 يسوغ اصطلاحات الصوفية التي منها تفريقهم بين الشريعة والحقيقة ولم يجد دليلا والحمد لله لهذا التسويغ إلا أن ذلك قول كبار الصوفية كسهل التستري والحارث المحاسبي والجنيد _ وهذا لا أظنه معهم وإن حشره معهم _ ومعروف الكرخي، فهو بهذا الاستدلال كمن فسر الماء بعد الجهد بالماء. (8)
ثم هل هناك حقيقة تخالف الشريعة حتى يقال: الحقيقة والشريعة إلا في اصطلاح الصوفية أن الشريعة للعوام والحقيقة للخواص، وهذا إلحاد واضح وليت الدكتور لم يدخل هذه المجاهل المخيفة.
التعقيب السادس والثلاثون:
في ص201 - 212 تحدث عن الصوفية وأحوالهم وأقوالهم، وحاول الدفاع عنهم بكل ما أوتي من قوة والاعتذار لهم بكل ما أوتي من عبارة حتى عمن قال منهم: ما في الجبة إلا الله، وعمن قال منهم ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك. ورغم ما تحمله العبارتان من كفر وضلال حاول تأويلهما بما لا داعي للإطالة بذكره؛ لأن هاتين العبارتين تنبئان عن نفسهما ولا تقبلان التأويل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/484)
فإن قول القائل: ما في الجبة إلا الله صريح في الاتحاد. وقوله: ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك مخالف لهدي الأنبياء جميعا، حيث وصفهم الله بأنهم يدعونه رغبا ورهبا، ومخالف لصفة المؤمنين الذين يدعون ربهم خوفا وطمعا، ولا يعني هذا أنهم لا يعبدونه إلا من أجل الخوف والطمع بل هم مع ذلك يحبونه حبا شديدا ويذلون له كما قال تعالى {وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ} وقال تعالى {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}. ولا تصح العبادة إلا باستكمال هذه الأركان: المحبة والذل والخوف والرجاء.
ثم حاول الدفاع عن ابن عربي وما في كتبه: من القول بوحدة الوجود:
ففي هامش ص104 - 105 قال: إنه لا يجوز تكفيره بموجب كلامه الذي فيه الإلحاد الصريح حتى يعلم ما في قلبه: هل يعتقد ما يقول أم لا؟
ولو صح كلام الدكتور هذا ما كفر أحد بأي قول أو فعل مهما بلغ من القبح والشناعة والكفر والإلحاد حتى يشق عن قلبه ويعلم ما فيه من اعتقاد.
وعلى هذا فعمل المسلمين على قتال الكفرة وقتل المرتدين خطأ على لازم قول الدكتور؛ لأنهم لم يعلموا ما في قلوبهم، وهل هم يعتقدون ما يقولون وما يفعلون من الكفر أو لا؟
واسمع عبارته في ذلك حيث يقول: وخلاصة المشكلة أنه يعني شيخ الإسلام ابن تيمية ومن يقلده في نهجه يظلون يأخذون ابن عربي وأمثاله بلازم أقوالهم دون أن يحملوا أنفسهم على التأكد من أنهم يعتقدون (9) فعلا ذلك اللازم الذي تصوروه.
ثم قال إما أن يكون في كتب ابن عربي كلام كثير يخالف العقيدة الصحيحة ويوجب الكفر، فهذا ما لا ريبة فيه ولا نقاش فيه. وإما أنه يدل ذلك دلالة قاطعة على أن ابن عربي كافر وأنه ينطلق من فهم الشهود الذاتي من أصل كفري هو نظرية الفيض، فهذا ما لا يملك ابن تيمية ولا غيره أي دليل قاطع عليه. انتهى.
وإنما سقت هذا المقطع من كلامه لإطلاع القارئ على ما فيه من تخبط وتناقض ومناقضة لأدلة الكتاب والسنة وعمل المسلمين على كفر من قال كلمة الكفر غير مكره قال تعالى {وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ} {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ} ويلزم من هذا أيضا أنه لا يحكم بإسلام كافر إذا نطق بالشهادتين حتى يعلم ما في قلبه: هل يعتقدهما أو لا. ولوازم هذا كثيرة ويلزم عليه أن من دعا غير الله لا يكفر حتى يعلم ما في قلبه.
ثم اعتذر عن ابن عربي بأن في كتبه كلاما آخر يناقض كلامه الكفري.
ونحن نقول له: الإجابة عن ذلك هل ثبت لديك أنه رجع عن كلامه الكفري وأنه كتب هذا الكلام الذي يناقضه بعدما تاب أو أنه كتبه من باب التغطية والتلبيس، ثم أنت لم تأت بشاهد على ما قلت من كلامه.
ثم قال: " وإذا أبى ابن تيمية إلا أن يحملنا على تكفير ابن عربي استدلالا بالكفريات الموجودة في كلامه والإعراض عن الصفحات الطوال التي تناقضها وترد عليها في مختلف كتبه وأقواله فإنه لدعوة منه بلا ريب إلى أن نكفره هو الآخر استدلالا بالضلالات الفلسفية التي انزلق فيها ".
ويعني بذلك المسألة التي سبق ذكرها وهي قول الشيخ أن أفعال الله سبحانه ليس لها بداية ونقول: يا سبحان الله هل وصف الرب بما يستحقه من الكمال بدوام أفعاله وكماله أزلا وأبدا وتنزيهه عن التعطيل الذي وصفه به أهل الضلال من قولهم: إنه تعالى الله عما يقولون مضى عليه وقت لم يفعل شيئا ثم حدث له الفعل بعد ذلك هل هذا هو قول الفلاسفة الذين يقولون بقدم العالم وإنكار الخالق أن الضلال هو قول من يعطل الله من أفعاله ويضرب له مدة لا يفعل فيها شيئا كما هو قول علماء الكلام، وإن قول ابن تيمية هو الحق وقول أهل الحق وأين خطؤه _ لو كان خطأ على فرض _ من كفريات ابن عربي، وقوله بوحدة الوجود، وأن من عبد الأصنام ما عبد إلا الله؟
ثم إن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - لم ينفرد بتكفير ابن عربي، بل قد كفره كثير من العلماء حتى من الصوفية واقرأ مؤلفاتهم في ذلك، ومنها كتاب " تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي " للبقاعي وغيره من الكتب وللشيخ تقى الدين الفاسي رسالة مستقلة في تكفير ابن عربي، وذكر من قال بذلك من العلماء وهي مطبوعة ومتداولة فإذا كان بإمكان البوطي أن يكفره فليفعل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/485)
التعقيب السابع والثلاثون:
في ص236 كتب عنوانا بلفظ التمذهب بالسلفية بدعة، وهذا الكلام يثير الدهشة والاستغراب، كيف يكون التمذهب بالسلفية بدعة، والبدعة ضلالة وكيف يكون بدعة وهو اتباع لمذهب السلف واتباع مذهبهم واجب بالكتاب والسنة وحق وهدى؛ قال تعالى {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ} الآية وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين. . .) الحديث فالتمذهب بمذهب السلف سنة وليس بدعة، وإنما البدعة التمذهب بغير مذهبهم، وإذا كان قصده أن التسمي بهذا الاسم حادث كما يظهر من كلامه، ولم يكن معروفا من قبل فهو بدعة بهذا الاعتبار، فمسألة الأسماء أمرها سهل، والخطأ فيها لا يصل إلى حد البدعة، وإن كان قصده أن في الذين تسموا بهذا الاسم من صدرت عنهم أخطاء تخالف مذهب السلف فعليه أن يبين هذا دون أن يتناول السلفية نفسها فالتسمي بالسلفية إذا كان يعني التمسك بمذهب السلف ونبذ البدع والخرافات فهذا شيء محمود وطيب، كما قرر هذا هو في ص233 حيث قال عن حركة جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وتسميتها السلفية: " فقد كان الشعار الذي رفعه أقطاب هذه الحركة الإصلاحية هو السلفية، وكان يعني الدعوة إلى نبذ كل هذه الرواسب التي عكرت على الإسلام طهره وصفاءه ".
هذا ما قاله عن هذه الحركة وتسميتها بالسلفية ولم يعب عليها هذا التسمي؛ نظرا لسلامة أهدافها عنده.
فنقول له: وهل السلفية اليوم تعني غير ذلك؟!
التعقيب الثامن والثلاثون:
وفي ص236 - 237 عبر عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - بالمذهب الوهابي، وقال: " الوهابية تبرموا من هذه الكلمة لأنها توحي بأن ينبوع هذا المذهب بكل ما تضمنه من مزايا وخصائص يقف عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب فدعاهم إلى أن يستبدلوا بكلمة الوهابية هذه كلمة السلفية. . . إلخ ما قال.
والجواب أن نقول: إن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ليس له مذهب خاص يدعى بالوهابية؛ لأنه في العقيدة على منهج السلف، وفي الفروع على مذهب الإمام أحمد بن حنبل الذي كان عليه علماء نجد من قبله وفي عصره ومن بعده.
التعقيب التاسع والثلاثون:
في ص129 - 240 تكلم عن زيارة القبر النبوي _ على صاحبه أفضل الصلاة والسلام _ فقال: " ولكم اتهمنا واتهم كثير من المسلمين من أهل السنة والجماعة بالابتداع والمروق؛ لأننا ذهبنا إلى ما ذهب إليه الجمهور من علماء السلف وغيرهم من أنه لا ضير في أن يعزم الرجل على زيارة كل من قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ومسجده ". كذا قال.
والجواب أن نقول: إن زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير سفر سنة وليست بدعة ولم يقل أحد إنها إذا كانت على هذه الصفة بدعة ومروق أما السفر لزيارة قبره - صلى الله عليه وسلم - فهو بدعة لأنه لا يجوز السفر لأجل زيارة القبور لا قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -?ولا قبر غيره من الأولياء والصالحين لقوله: - صلى الله عليه وسلم - لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى وعملًا بهذا الحديث لم يكن السلف والأئمة الأربعة وغيرهم من الأئمة المقتدى بهم يسافرون من أجل زيارة القبور وقد أوغل الدكتور في الخطأ حين ادعى أن مذهب الجمهور من علماء السلف وغيرهم أنه لا ضير في أن يعزم الرجل على هذا فإن كان قصده العزم على السفر لزيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلماء السلف ينهون عما نهى عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - من السفر لزيارة القبور عمومًا قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -?وغيره ثم إن الدكتور خطأ شيخ الإسلام ابن تيمية في استدلاله بالحديث المذكور على منع السفر لزيارة القبور وسماه غلطًا عجيبًا انزلق فيه الشيخ حيث قال ويترتب على هذا الغلط العجيب الذي انزلق فيه ابن تيمية - رحمه الله - إن الإنسان لا يجوز له أن يشد الرحال إلى زيارة رحم أو إلى طلب علم أو إلى انتجاع رزق لأن هذه الأشياء كلها خارج المساجد الثلاثة ونحن نقول له بل الغلط العجيب ما انزلق اليه فهم الدكتور لأن الحديث الشريف يعني منع السفر إلى بقاع مخصوصة لأجل التعبد فيها أو عندها غير المساجد الثلاثة سواء كانت هذه البقاع مساجدَ أو قبورًا أو غيرها أما السفر لزيارة الرحم أو طلب العلم أو طلب الرزق فلم يدخل في مدلول الحديث أصلًا.
التعقيب الأربعون:
في ص241 قال عن سبب صبر الإمام أحمد على تحمل محنة القول بخلق القرآن وإنما كان سبب المحنة التي تعرض لها الإمام دون غيره هو ورعه الشديد الذي منعه أن يفصل ويفرق بين اللفظ والمعنى.
والجواب أن نقول له:
أولا: لم يكن الإمام أحمد وحده الذي تعرض لهذه المحنة بل شاركه في ذلك خلق كثير من العلماء منهم من قتل في ذلك ومنهم من عذب وأوذي لكن يظهر أن الدكتور لم يقرأ التاريخ.
ثانيًا: ليس هناك تفريق بين معنى القرآن ولفظه كلاهما كلام الله منزل غير مخلوق والتفريق بينهما بأن يقال المعنى غير مخلوق واللفظ مخلوق هذا قول المبتدعة لا قول أهل السنة فالإمام أحمد لم يفرق بينهما لأنه كغيره من الأئمة لا يرى فرقا بينهما ولا يعتقد عقيدة الأشاعرة.
التعقيب الواحد والأربعون وهو الأخير:
في ص256 - 257 استنكر الرد على كتاب الذخائر المحمدية لمحمد علوي مالكي وبيان ما فيه من الضلالات وقال: إن محمد علوي من أهل السنة والجماعة ولم يقرأ الناس في تأليفه وكتاباته ولم يروا في واقع حاله إلا ما يزيدهم ثقة باستقامة دينه وصلاح حاله وسلامة عقيدته.
والجواب: أن نقول له الواجب عليك أن تنظر محتويات كتب هذا الرجل وتعرضها على الكتاب والسنة وعلى عقيدة السلف لتعرف مدى مطابقتها أو مخالفتها لهذه الأصول ولا تعتمد على قراءة الناس وإنما تنظر أنت هل المعترض عليه مصيب أو مخطئ هذا ما يتطلبه الباحث المصنف الذي يحترم ما يقول ويكتب دون التهجم على من اعترض علوي قبل معرفة وجهة اعتراضه ثم هل كون الرجل من أهل السنة والجماعة ومن أهل الاستقامة هل ذلك يمنع من الاعتراض عليه إذا أخطأ؟
والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبيينا محمد وعلى آله وصحبه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/486)
ـ[حسين الزعبي]ــــــــ[15 - 12 - 04, 01:55 ص]ـ
جزاك الله خيرا على هذا التوضيح الذي ذكرته حول الكتاب والكتاب موجود عندي وعند قراءته تحس بأنك لا تعرف أين تسير والمؤلف فيه \ محمد سعيد رمضانالبوطي \ ينسى بأن معنىالسلفية ليست مذهبا نقصده ولكن نفهم الكتاب والسنة كما فهمه سلفنا الصالح ونتبع السبيل التي إتبعوها قال تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً
وإذا لم يكونوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم فمن هم المؤمنون
وهناك ملاحظة أخرى وهي أنك عند قراءةالكتاب تجد أن المؤلف قليلا ما يعرج للاستشهاد بآيات أو حديث و مصدره غالبا العقل والله المستعان ولكن الدكتور البوطي عرض بعض الحقائق التي كانت تخفى مثل ذكر الله منفردا وأقوال منقولة عن ابن تيمية تحتاج للرد عليها استشهد بها ولكنه مع هذا أنصفه بها
وقال ربما رجع عنها أو أنها عبارات ======== وهناك أمر يحتاج الى توضيح وهو سؤال موجه مني للجميع لماذا نسمي أنفسنا بالسلفيين أو الصوفيين أو \\\\\\\\ والله عز وجل يقول \ هو سماكم المسلمين \ أرجو تصحيح ما أخطأت به أو توضيح ما غاب عن ذهني وجزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[عبد الكريم جراد]ــــــــ[24 - 08 - 06, 07:03 ص]ـ
لو أدرك المسلمون معنى هذه الجملة الرائعة منك،
[[[لماذا نسمي أنفسنا بالسلفيين أو الصوفيين أو ..... والله عز وجل يقول: (هو سماكم المسلمين]]]] لما انتصر السلفية لسلفيتهم، ولاالوهابية لوهابيتهم، ولا الصوفية لصوفيتهم، بل انتصر كل هؤلاء المسلمين، الذين سماهم الله المسلمين، لإسلامهم من خلال الكتاب والسنة المطهرة ....
ـ[رياض السعيد]ــــــــ[24 - 08 - 06, 10:43 ص]ـ
يقول الشيخ عبدالقادر الأرنؤوط ماضر دعوتي إلى منهج السلف الصالح ولا حاربني وكتب إلى الحكومة السورية لصد دعوتي إلا البوطي
ـ[أبو أميمة السلفي]ــــــــ[25 - 08 - 06, 09:44 م]ـ
سبحان الله العظيم
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[26 - 08 - 06, 02:02 ص]ـ
يقول الشيخ عبدالقادر الأرنؤوط ماضر دعوتي إلى منهج السلف الصالح ولا حاربني وكتب إلى الحكومة السورية لصد دعوتي إلا البوطي
صدقت أخي الحبيب، فلم أر في حياتي كلها أخبث من طائفتين (الرافضة والصوفية).
وأما عن تعليق الأخ عبدالكريم جراد:
تثبت قبل أن تتجنى على الناس، ولا تثر في المنتدى خلافات شخصية، دائما علينا أن ننقد فكر الأشخاص لا ذواتهم ....
فما أدري ما هو نوعية التثبت، وهل البوطي عندكم أصبح من عوام الناس حتى تطلق عليه (الناس)، فأقله أن يكون قطباً، ولا أرى في كلام الأخ الفاضل أبي فلاح أي تجني، وليس هناك توافق بيننا وبين المتصوفة، فالعداء بين السنة والبدعة لن ينقضي، فقد قضى الشيخ الألباني رحمه الله أكثر من نصف عمره في الشام، فكان أكثر ابتلاءه من هذا الخرف المخرف وطائفته المشؤومة، فسجن أكثر من مرة، شأنه شأن شيخ الإسلام ابن تيمية .... أم أن الأخ جراد لم يقرأ تراجم العلماء، واكتفى بدفاعه عن البوطي.
والتاريخ يؤيد ماذكره الأخ الحبيب أبوفلاح من أن المتصوفة دائماً لهم سبق الوشاية على أهل السنة لدى الحكام ..... فتأمل.
أخوكم / أبومحمد السلفي.
ـ[أبو الإسناد]ــــــــ[26 - 08 - 06, 03:22 ص]ـ
يقول الشيخ عبدالقادر الأرنؤوط ماضر دعوتي إلى منهج السلف الصالح ولا حاربني وكتب إلى الحكومة السورية لصد دعوتي إلا البوطي
صدق أبو الفلاح وهذا النقل عن الشيخ عبدالقادر ذكره الشيخ رياض السعيد وهومن الملازمين للشيخ أثناء وجوده في الرياض حيث قال وهو يترجم للشيخ في صفحات: (قال لي شيخنا عبد القادر الأرنؤوط منعت في سوريا من الخطابة وعقد الدروس وأوذيت كثيراً وكل هذا بسبب دعوتي لمنهج السلف الصالح وما ضر دعوتي إلى منهج السلف الصالح ولا حاربني وكتب إلى الحكومة السورية لصد وتشويه دعوتي إلا البوطي نعم جائني البلاء من غيره لكن كان أشدهم البوطي)
ـ[ابو بكر الشامي]ــــــــ[26 - 08 - 06, 03:53 ص]ـ
الى خالد الانصاري
السلام عليكم
لم تحذف مشاركاتي
اتمنى الرد ولو على الخاص
الأخ الشامي
المشاركات التي تخلو من النقاش العلمي والتوثيق لن يسمح بطرحها
## المشرف ##
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[26 - 08 - 06, 04:23 ص]ـ
أخي الشامي أخونا الشيخ خالد الأنصاري وفقه الله مشرف منتدى المخطوطات فقط، وهو في غيرها كغيره من الأعضاء فلا يستطيع أن يحذف ولا يحرر.
فتهمتك له في غير مكانها.
والبوطي من مشاهير الصوفية أهل البدع الذين يحاربون ويشوهون الدعوة إلى الإسلام الصحيح الخالي من البدع.
ـ[ابن المبارك]ــــــــ[26 - 08 - 06, 06:15 ص]ـ
صدق أبو الفلاح وهذا النقل عن الشيخ عبدالقادر ذكره الشيخ رياض السعيد وهومن الملازمين للشيخ أثناء وجوده في الرياض حيث قال وهو يترجم للشيخ في صفحات: (قال لي شيخنا عبد القادر الأرنؤوط منعت في سوريا من الخطابة وعقد الدروس وأوذيت كثيراً وكل هذا بسبب دعوتي لمنهج السلف الصالح وما ضر دعوتي إلى منهج السلف الصالح ولا حاربني وكتب إلى الحكومة السورية لصد وتشويه دعوتي إلا البوطي نعم جائني البلاء من غيره لكن كان أشدهم البوطي)
أخي ابو الإسناد حفظك الله أين أجد كلام الشيخ رحمه الله في البوطي ....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/487)
ـ[عبد الكريم جراد]ــــــــ[26 - 08 - 06, 10:10 ص]ـ
الرجاء من المشرف أن لا يدع المنتدى يتحول من دفاع عن السنة المطهرة، إلى منتدى لإثارة الفتن بين الجماعات والطوائف، والذين يتكلمون عن البوطي وغيره فليذهبوا إليه ...
فنحن نريد الدفاع عن الإسلام، لا عن صوفية، ولا عن وهابية، ولا سلفية، ولا أية طائفة اخرى، ندافع عما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم .... باسم الإسلام لا بمسمى دخيل غيره ..
وارجوا من الأخوة قراءة كتب عن الحوار الجاد، والحوار البناء: التي تدعوا إلى انتقاد فكر الشخص لا شخصه.
ما بين البوطي والأرناؤوط، والألباني، هذا شان خاص بكل منهم، لهم من يحاسبهم يوم القيامة، واما نحن علينا ان نبين ضلال جميع الفرق، ونعيد الركب إلى ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ....
ـ[رياض السعيد]ــــــــ[26 - 08 - 06, 11:45 ص]ـ
الرجاء من المشرف أن لا يدع المنتدى يتحول من دفاع عن السنة المطهرة، إلى منتدى لإثارة الفتن بين الجماعات والطوائف، والذين يتكلمون عن البوطي وغيره فليذهبوا إليه ...
فنحن نريد الدفاع عن الإسلام، لا عن صوفية، ولا عن وهابية، ولا سلفية، ولا أية طائفة اخرى، ندافع عما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم .... باسم الإسلام لا بمسمى دخيل غيره ..
وارجوا من الأخوة قراءة كتب عن الحوار الجاد، والحوار البناء: التي تدعوا إلى انتقاد فكر الشخص لا شخصه.
ما بين البوطي والأرناؤوط، والألباني، هذا شان خاص بكل منهم، لهم من يحاسبهم يوم القيامة، واما نحن علينا ان نبين ضلال جميع الفرق، ونعيد الركب إلى ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ....
ياأخي كلامك هذا فيه نظر أولاً: جعلت الوهابية والسلفية طائفة وهي في الحقيقة دعوة إلى الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح فليست جماعة ولا حزب ولا طائفة ولا فرقة كما يقوله من لايعرف أو من يعرف ولكن يتعمد أن يطلق عليها جماعة أوحزب لتكون كباقي الجماعات ويجعلها تنادي لأجل التحزب لا لمنهج السلف. ثانياً: التسمي بالسلفية أوأن يطلق الرجل على نفسه الأثري هذا لابأس به إذا كان للإخبار كما قاله الإمام عبدالعزيز بن باز. ثالثاً: قولك هذا شأن خاص بكل منهم هذا فيه نظر: نحن ندافع عن الألباني والأرنؤوط لأنهم أئمة ودعاة السنة في عصرنا ونحذر من البوطي لمحاربته لمنهج السلف و دعاة السنة وتشويه صورتهم عند الناس. إذاً ليس الذي بينهم هو شأن خاص بكل منهم بل والله والله والله هو شأننا كله!!! كيف وهو الدفاع عن منهاج السلف. أسأل الحي القيوم أن يبصرك. الأمر جلل!!!
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[26 - 08 - 06, 11:57 ص]ـ
أهلاً بالأخ جراد مرة أخرى:
الرجاء من المشرف أن لا يدع المنتدى يتحول من دفاع عن السنة المطهرة، إلى منتدى لإثارة الفتن بين الجماعات والطوائف، والذين يتكلمون عن البوطي وغيره فليذهبوا إليه ...
أقول:
المنتدى لم يكن يوماً لإثارة الفتن بين الجماعات والطوائف، ولو استخدمت خاصية البحث لوجدت أن موضوع البوطي قد تناوله الإخوة عدة مرات، وكذا غيره من المتصوفة كـ (الجفري ومحمود سعيد والأغمار) وغيرهم.
فالموضوع ليس وليد الساعة يا أستاذ جراد، وليتك تأخذ لنا موعد مع البوطي.
وقولك:
فنحن نريد الدفاع عن الإسلام، لا عن صوفية، ولا عن وهابية، ولا سلفية، ولا أية طائفة اخرى، ندافع عما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم .... باسم الإسلام لا بمسمى دخيل غيره ..
فدعوى الدفاع عن الإسلام دعوى عريضة جداً جداً، والموضوع الذي نناقشه إنما يخص التوحيد، ونبذ الشرك وعبادة القبور ودعاء غير الله ووووو، فلو أننا قضينا على البدع والشرك أولاً فعندها نتجه إلى دعوى الإصلاح التي تدعو إليها أخي الفاضل، وإن كانت الدعوى عريضة كما ذكرت آنفاً والكلام سهل جداً على كل أحد.
وقديماً قيل: إن كان تابع أحمدٍ متوهباً فأنا المقرُّ بأنني وهابي.
وللتنبيه: فإن السلفية الوهابية، كما يطلق عليها هؤلاء هداهم الله ليست مذهباً ولا حركة، وإنما هي دعوة تدعو إلى التوحيد ونبذ الشرك والكفر، وأتحدى أن يأتي هؤلاء بنص واحد من الكتاب والسنة على مخالفة السلفية لهذين الأصلين، وإنما أقوالهم عبارة عن نقولات من أقوال الفلاسفة والملحدين، وكتب العقيدة (أي عقيدتهم) تعجُّ بمثل هذه الأقوال، ولو أحببت أخي الحبيب لأتيتك بنصوصهم من بطونهم ـ بطون كتبهم ـ.
وأما عن قولك:
وارجوا من الأخوة قراءة كتب عن الحوار الجاد، والحوار البناء: التي تدعوا إلى انتقاد فكر الشخص لا شخصه.
ما بين البوطي والأرناؤوط، والألباني، هذا شان خاص بكل منهم، لهم من يحاسبهم يوم القيامة، واما نحن علينا ان نبين ضلال جميع الفرق، ونعيد الركب إلى ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ....
فنحن نناقش فكر البوطي والمتصوفة، ولم نخرج عن الجادة، ونحن ندعوا إلى ما تدعوا إليه أخي الحبيب، إلا أنني أذكرك بقول أحد الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين (رحم الله من أهدى إلي عيوبي)، فمن هذا المنطلق نحن ننقد البوطي ونهدي إليه عيوبه، لعله أن يثوب إلى رشده، ويرجع إلى الحق المبين، فالله أسأل أن يختم لنا وله ولكم بالصالحات.
وكتب / أبومحمد السلفي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/488)
ـ[رياض السعيد]ــــــــ[26 - 08 - 06, 12:22 م]ـ
ثبتك الله يا أبا محمد السلفي على السنة وكثر الله من أمثالك.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[26 - 08 - 06, 12:57 م]ـ
ثبتك الله يا أبا محمد السلفي على السنة وكثر الله من أمثالك.
اللهم آمين، وإياكم أخي الحبيب.
محبكم / أبومحمد.
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[26 - 08 - 06, 01:13 م]ـ
أخي عبدالكريم جراد ديننا علما أن نرد على المخالفين للسنة كالبوطي وغيره فالذي يخالف الكتاب والسنة ويسير على خلاف منهج السلف الصالح في العقيدة والسلوك فمن الدفاع عن العقدة أن نحذر منه
ولا تجعل حبك للبوطي مقدما على الحق
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[26 - 08 - 06, 02:03 م]ـ
أخي الشامي أخونا الشيخ خالد الأنصاري وفقه الله مشرف منتدى المخطوطات فقط، وهو في غيرها كغيره من الأعضاء فلا يستطيع أن يحذف ولا يحرر.
فتهمتك له في غير مكانها.
والبوطي من مشاهير الصوفية أهل البدع الذين يحاربون ويشوهون الدعوة إلى الإسلام الصحيح الخالي من البدع.
جزى الله الأخ الحبيب الشيخ أباعبدالله السديس خيراً.
ولا أدري متى يفهم الإخوة بأنني لست مسؤولاً عما يحدث من أمور الحذف والتحرير، فأنا وأخي التطواني مسؤولان فقط عن منتدى المخطوطات، وليس لنا يد في باقي المنتديات من أمور حذف أو تحرير أو تثبيت أو نقل أو نحو ذلك.
والله المستعان، وعليه التُكلان.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[26 - 08 - 06, 02:23 م]ـ
أخي جراد وفقك الله
من أعظم الدفاع عن الإسلام نفي الغلط الذي أدخله أهل البدع فيه، وبيان أمرهم للناس وتحذيرهم منهم.
وهل أفسد الدين إلا الملوك * وأحبار سوء ورهبانها.
ـ[أبو فيصل بن صالح]ــــــــ[16 - 09 - 06, 10:46 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[حسان خادم الأربعين]ــــــــ[22 - 09 - 06, 03:23 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
اسمحوا لي وأنا أخوكم الصغير أن أطرح هذه المشكلة ..
إن الذين يعيشون في بلاد يغلب عليها طابع معين أو فكر عقدي ما، ويتتلمذ فيها طلاب العلم على علماءهم من تلك البلاد، وأحبوهم وعاشوا عمراً معهم .. هؤلاء من الصعب جداً أن يقتنعوا أو يتخيلوا أن علماءهم وأشياخهم على باطل! وأن مسيرتهم العلمية بأسرها كانت هباءاً، وأن عليهم أن ينسفوا ما كانوا عليه خلال حياتهم العلمية لأن شيوخهم كانوا على ضلال!!
نعم الحق أحق أن يتبع، ولكن صبر جميل على هؤلاء فليس ذلك سهلاً
ولئن استطاع الأشعري ذلك مع الجبائي بعد سنوات طلب العلم على يديه .. والمعتزلة هي من هي في مخالفة الصواب، فإن ما تطلبونه من طلاب العلم في البلاد الإسلامية الواسعة من المشقة بمكان. والله المستعان
واعذروني على تطفلي والسلام
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[22 - 09 - 06, 10:31 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
اسمحوا لي وأنا أخوكم الصغير أن أطرح هذه المشكلة ..
إن الذين يعيشون في بلاد يغلب عليها طابع معين أو فكر عقدي ما، ويتتلمذ فيها طلاب العلم على علماءهم من تلك البلاد، وأحبوهم وعاشوا عمراً معهم .. هؤلاء من الصعب جداً أن يقتنعوا أو يتخيلوا أن علماءهم وأشياخهم على باطل! وأن مسيرتهم العلمية بأسرها كانت هباءاً، وأن عليهم أن ينسفوا ما كانوا عليه خلال حياتهم العلمية لأن شيوخهم كانوا على ضلال!!
نعم الحق أحق أن يتبع، ولكن صبر جميل على هؤلاء فليس ذلك سهلاً
ولئن استطاع الأشعري ذلك مع الجبائي بعد سنوات طلب العلم على يديه .. والمعتزلة هي من هي في مخالفة الصواب، فإن ما تطلبونه من طلاب العلم في البلاد الإسلامية الواسعة من المشقة بمكان. والله المستعان
واعذروني على تطفلي والسلام
سبحان الله
سبحان الله
لقد كانت حجة المشركين أنهم وجدوا أباءهم على أمة
فهل نفعهم ذلك؟
وهل كانت هذه حجة شرعية معتبرة؟
لقد كلفنا رب العالمين باتباع الحق في جميع الأحوال
والله عز وجل لا يكلف نفساً إلا وسعها
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[27 - 09 - 06, 05:39 م]ـ
سبحان الله
سبحان الله
لقد كانت حجة المشركين أنهم وجدوا أباءهم على أمة
فهل نفعهم ذلك؟
وهل كانت هذه حجة شرعية معتبرة؟
لقد كلفنا رب العالمين باتباع الحق في جميع الأحوال
والله عز وجل لا يكلف نفساً إلا وسعها
أبا جعفر - سلمك الله- إنما يريد أخونا أن تكون دعوتهم بلين وحكمة وصبر، لا أنهم معذورون، فهذا له مقام آخر، ولا شك أن الإخوة أجادوا وأفادوا ولانوا بأيدي إخوانهم فجزاهم الله خيرا.
أما أخي "الجراد" فأقول له: أي إسلام الذي تريد أن تدافع عنه وندافع عنه؟، أليس هو الدين الحق القائم على الكتاب والسنة وفهم الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؟، قل: بلى! وأنّى لنا أن ندافع عن هذا الإسلام لنبقيه مصفى من البدع والشرك والخرافات إلا بفضح أهل الباطل والضلال الذين يحاربون التوحيد ويدعون إلى القبور والاستغاثة بالأموات! وكيف يُعرف المبطل من المحق إلا بذكر اسمه لكي يحذره عامة الناس، أما قال النبي صلى الله عليه وسلم "إأذنوا له بئس أخو العشيرة "؟! وأما قال لفاطمة بنت قيس:" أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبوجهم فضراب للنساء، انكحي أسامة"؟، فلابد من ذكر دعاة الضلالة بأعيانهم ليحذرهم الناس ويعرفوهم، ولما بلغ الإمام أحمد في بغداد، قولة ابن أبي قتيلة في مكة " بأن أصحاب الحديث قوم سوء"! قام أحمد - رحمه الله وهو ينفض يده و هو يقول: " زنديق!، زنديق!، زنديق! "
حتى دخل بيته!.
واعلم يا أخي أن " السلفية" = "الإسلام " وأن " الإسلام " = " السلفية "، فعُض عليها بالنواجذ.
والله الهادي والموفق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/489)
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[28 - 09 - 06, 12:48 ص]ـ
أبا جعفر - سلمك الله- إنما يريد أخونا أن تكون دعوتهم بلين وحكمة وصبر، لا أنهم معذورون، فهذا له مقام آخر، ولا شك أن الإخوة أجادوا وأفادوا ولانوا بأيدي إخوانهم فجزاهم الله خيرا.
.
هذا حق ولكن ذكره هنا لا معنى له
لأن كلام الأخوة ليس فيه كبير شدة
ولسنا مطالبين باللين والحكمة مع المبتدعة الجهلة فقط
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[28 - 09 - 06, 03:13 ص]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[28 - 09 - 06, 12:16 م]ـ
أبا جعفر: سبحان الله
سبحان الله
لقد كانت حجة المشركين أنهم وجدوا أباءهم على أمة
فهل نفعهم ذلك؟
وهل كانت هذه حجة شرعية معتبرة؟
لقد كلفنا رب العالمين باتباع الحق في جميع الأحوال
والله عز وجل لا يكلف نفساً إلا وسعها
هذا حق ولكن ذكره هنا لا معنى له
لأن كلام الأخوة ليس فيه كبير شدة .... !!!!!!
أبا جعفر لقد أصبح الإنصاف عزيزا.
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[28 - 09 - 06, 07:45 م]ـ
أبا جعفر:
!!!!!!
أبا جعفر لقد أصبح الإنصاف عزيزا.
نعم هو كذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله
ـ[ابوخالد الحنبلى]ــــــــ[29 - 09 - 06, 12:11 ص]ـ
شكرا لكم ولعبدالله بن خميس الذى اوضح لى الامور ادام الله طاعتكم
ـ[محمد السلفي الفلسطيني]ــــــــ[07 - 05 - 07, 12:11 م]ـ
جزاك الله خيرا يا أبا محمد السلفي على هذا البيان التوضيحي لعقيدة هذا الرجل الذي اغتر به الكثير من المسلمين ويأتي على التلفاز ويبين عقيدته الفاسدة للناس العوام ويحدد أن لله سبع صفات فقط وهذا مصيبة كبرى والفرق بينه وبين الشيخ الألباني فرق شاسع فالألباني محدث سلفي والبوطي صوفي أشعري.
ـ[احمد بن الحنبلي]ــــــــ[01 - 04 - 08, 02:29 ص]ـ
جزاكم الله خيراً وبارك فيكم
ـ[أبو السها]ــــــــ[02 - 04 - 08, 08:11 م]ـ
إذا كان السلف قالوا " إن من علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر " فإن البوطي زاد خصلة على أسلافه ألا وهي المدح والثناء على الطغاة، فقد سمعته ورأيته وهو يؤبن الهالك غير المأسوف عليه (حافظ الأسد) وهو يبكي، نعم وهو يبكي، وكنت آنذاك معجبا به فقد كنت شغوفا بجمع مؤلفاته وقراءتها، ثم أنقذني الله من بدعته بالشيخ الألباني رحمه الله. وأسأل الله لنا و له ولجميع المسلمين الهداية إلى منهج الحق
ـ[ليث خالد السلمان]ــــــــ[05 - 07 - 09, 03:41 م]ـ
جزاكم الله خيراً وبارك فيكم
ـ[أبو عبد الرحمن الطائفي]ــــــــ[09 - 07 - 09, 03:48 ص]ـ
بارك الله في الجميع
فالرجل محمد سعيد رمضان البوطي غرر بكثير من العوام بإنتسابه المزعوم الى اهل السنة والجماعة
والسنة منه بريئه
فجزى الله الاخوان على ماقدموا
والحمد لله على نعمة السنة
ـ[أبو حزم فيصل الجزائري]ــــــــ[17 - 07 - 09, 03:22 ص]ـ
أخبرني أحد الإخوة (أن سبب سجن الشيخ محمد عيد عباسي كان بأمر من البوطي) أصدر البوطي شكوى للرئيس السوري أن يسجن العيد، لأنه رد عليه في كتابه اللآمذهبية.
و الله أعلم(28/490)
ضعف المأخذ في الأحكام الشرعية
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[22 - 11 - 04, 06:46 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
أما بعد،،
فقد ذكر السيوطي في الأشباه و النظائر أنه لا ينكر في مسائل الخلاف إلا في ثلاثة مواضع /
الأول: أن يكون قول المخالف خلاف المذهب الذي قرره الحاكم
الثاني: أن يصطدم قول المخالف مع سنة صحيحة صريحة
الثالث: أن يكون قول المخالف ضعيف المأخذ
و قد أخذت أفكر كثيرا في ضابط (ضعف المأخذ)
فوجدت أنه ـ عندي إلى الآن ـ لا يكاد ينضبط؛ فكل يدعي ضعف مأخذ مخالفه، و نحن نرى و نقرأ في كتب الفقه المقارن و كذلك في كتب أي مدرسة من المدارس الفقهية الأربعة، كيف يكون الرد على المخالف بأن يأتي على بنيان استدلاله من القواعد، و يقنع القارئ أن قول مخالفه من الأقوال العجيبة و أنها (ضعيفة المأخذ) و أنها بعيدة كل البعد عن الاستدلال الصحيح من النص، و أنها فيها من التكلف ما فيها
فعمدت إلى بعض مسائل كاد أصحابها أن ينفردوا عن الأمة فيها، و نظرت فيها لعلي أجد عاملا مشتركا يكون هو السبب في ضعف مأخذية هذه الأحكام
فكان مما جمعته:
1 ـ إباحة ابن عباس رضي الله تعالى عنه لنكاح المتعة
2 ـ قول ابن عباس عند ضيق التركة عن الفروض المقدرة بتوريث الأولى، خلافا لعمر و الصحابة ـ و منهم العباس ـ القائلين بالعول و هو الإنقاص من الفروض حسب مقاديرها ـ تماما كما يفعل مع الغرماء إن ضاق المال عن تمام الدين، بل إن العباس نفسه هو الذي أشار على عمر رضي الله تعالى عنه بالعول
3 ـ إباحة ابن حزم رضي الله تعالى عنه للغناء ـ على توقف في إيراد هذه المسألة حيث وجدت كثيرا من أهل العلم لا يعتدون بمذهب الظاهرية أصلا و من المعاصرين شيخنا / مصطفى العدوي حيث قال في أحد مجالسه في التفسير ما معناه: و قد خالف في ذلك ابن حزم والظاهرية و هو مذهب لا يعتد به و لا يعتبر ـ أو معناه ـ
4 ـ إباحة الإمام الطبري للفوائد المشترطة ابتداءا مع عقد القرض و التي تدفع عند حلول الأجل المتفق عليه للسداد، فتكون حينئذ الزيادة في مقابل القرض
فما هو العامل المشترك الذي يراه طالب العلم بين هذه المسائل؟
نرجو تدارس هذه المسألة و الانتهاء منها مع إخواني طلبة العلم بارك الله تعالى في علمهم و عملهم
أخوكم المحب / محمد رشيد
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[24 - 11 - 04, 10:31 م]ـ
جزاكم الله خيرا أخي المفيد محمد.
والذي اعرفه عن ضعف المأخذ ان المقصود ضعف الموضع الذي احتج به (أي وجه الاستدلال).
كأن يستدل على قوله بمعنى في العربية ينكره اهل العربية، فهذا مأخذه ضعيف.
أو يحتج على مسألة بأنها منسوخة وليس على ما ذهب اليه دليل فهذا ضعف مأخذ.
يعنى مثلا عند اصحابنا رحمهم الله في مسألة صيام الثلاثين يحتجون بقوله صلى الله عليه وسلم فأقدروا له ويجعلونه بمعنى ضيقوه ومنه قوله تعالى (فقدر عليه رزقه)، وقولك قدرت عليه اي ضيقت عليه.
وهذا مأخذ ضعيف، لاكثر من وجه منها ان الالفاظ الاخرى تبين المقصود من اللفظ فلاحاجة الى الاخذ بالمعنى الغير مشتهر ولا يحتاجة السياق، فيظطر اليه.
ـ[أبو داود الكناني]ــــــــ[25 - 11 - 04, 02:19 ص]ـ
وكذلك أيضا أخي الحبيب ضعف المأخذ يظهر في مسألة صوارف الأوامر والنواهي
فمثلا: الجمهور على تحريم صوم يومي العيد خلافا للحنفيه حيث صرفوا النهي الذي صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك من التحريم إلى الكراهة التنزيهية بقول الله في الحديث الصحيح الصوم لي وأنا أجزي به
والله أعلم
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[26 - 11 - 04, 03:29 ص]ـ
جزاك الله تعالى خيرا أخي الحبيب الغالي زياد
و كلامك و الله له وزنه في نظري على الأقل، فإننا لو تتبعنا عوامل ضعف المأخذ، لوجدناها حقا تكمن في طريق الاستدلال، سواء من الجهة اللغوية أو غيرها
ـــــــــــــــــــــ
الأخ الحبيب الغالي أبا داوود الكناني
لم يقل الحنفية بكراهة صوم يوم العيد لا الكراهة التنزيهية و لا حتى التحريمية، بل قالوا // حرام
و لا أدري من أين القول بالكراهة لدينا
قال الموصلي الحنفي في الاختيار 1/ 124 ـ 125:
((وصوم العيدين و أيام التشريق حرام لرواية عقبة بن عامر قال " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم النحر و أيام التشريق " وقال عليه الصلاة و السلام في أيام منى " إنها أيام أكل و شرب وبعال " ويوم الفطر مأمور بإفطاره، و في صومه مخالفة النهي و مخالفة الاسم، و على ذلك الإجماع)) ا هـ
و نستطيع أن نجمل ونضم كلامك إلى كلام الأخ زياد ونقول / كل وجه استدلال ضعيف فمحكوم على الحكم الناتج بأنه ضعيف المأخذ
و لكن اسمحوا لي بشيء من الإطالة // ما الذي يحكم على وجه الاستدلال بأنه ضعيف؟ هل هناك نقاط اتفاق يمكن إلزام الخصم بها؟
الأخ زياد يفهم مرادي و مقصدي
وجزاكما اله تعالى خير الجزاء
الأخ أبا داوود، لي طلب .. سل شيخ الذي تقرأ عليه في الأشباه و النظائر للسيوطي، هل هناك شرح عليها؟ وهل للسيوطي اختيارات فقهية من خلال هذا الكتاب؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/491)
ـ[أبو داود الكناني]ــــــــ[26 - 11 - 04, 05:32 ص]ـ
أخي الفاضل الحبيب محمد رشيد -بارك الله فيه وفي علمه-لقد نص علماء المذهب الحنفي -رحمهم الله -على الكراهة التحريمية لصيام يوم العيد وهذه أقوالهم:
قال محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي-ت490 - رحمه الله-في (أصول السرخسي /ج2/ 236/دار المعرفة): ونحو ما علل به علماؤنا في صوم يوم النحر أنه مشروع لأنه منهي عنه والنهي يدل على تحقق المشروع ليتحقق الانتهاء عنه كما هو موجب النهي فإن عند الخصم مطلق النهي بمنزلة النسخ حتى ينعدم به المشروع أصلا فلا بد من هذه الممانعة لمن يريد الكلام في المسألة على سبيل المفاقهة أ. ه
وقال حسن الوفائي الشرنبلالي-رحمه الله- في نور الإيضاح/ج1/ 59): فصل في صفة الصوم وتقسيمه ينقسم الصوم الى ستة أقسام فرض وواجب ومسنون ومندوب ونقل ومكروه أما الفرض فهو صوم رمضان أداء وقضاء وصوم الكفارات والمنذور في الأظهر وأما الواجب فهو قضاء ما أفسده من العربي وأما المسنون فهو صوم عاشوراء مع التاسع وأما المندوب فهو صوم ثلاثة من كل شهر ويندب كونها الأيام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر وصوم الأثنين والخميس وصوم ست من شوال ثم قيل الأفضل وصلها وقيل تفريقها وكل صوم ثبت طلبه والوعد عليه بالسنة كصوم داود عليه الصلاة والسلام كان يصوم يوما ويفطر يوما وهو أفضل الصيام وأحبه إلى الله تعالى وأما النفل فهو سوى ذلك مما لم يثبت كراهيته وأما المكروه فهو قسمان مكروه تنزيها ومكروه تحريما الأول صوم عاشوراء منفردا عن التاسع والثاني صوم العيدين وأيام التشريق وكره إفراد يوم الجمعة وإفراد يوم السبت ويوم النيروز أوالمهرجان إلا أن يوافق عادته وكره صوم الوصال ولو يومين وهو أن لا يفطر بعد الغروب أصلا حتى يتصل صوم الغد بالأمس وكره صوم الدهر
وقال زين بن محمد-رحمه الله- في البحر الرائق ج2/ 278/دار المعرفة: وعندنا يكره الصوم في يومي العيد وأيام التشريق والمستحب هو الإفطار فإنه يفيد أن الصوم فيها مكروه تنزيها وليس بصحيح لأن الإفطار واجب متحتم ولهذا صرح في المجمع بحرمة الصوم فيها وينبغي أن يكون كل صوم رغب فيه الشارع بخصوصه يكون مستحبا وما سواه يكون مندوبا مما لم تثبت كراهيته لا نفلا لأن الشارع قد رغب في مطلق الصوم فترتب على فعله الثواب بخلاف النفلة المقابلة فإن ظاهره يقتضي عدم الثواب فيه وإلا فهو مندوب كما لا يخفى ومن المكروه صوم يوم الشك على ما سنذكره أ. ه
ولعلي أتذكر قريبا-إن شاء الله على من نص على الكراهة التنزيهية فإن العهد بها بعيد
وفي أقرب فرصة أقابل فيها شيخنا -حفظه الله-سأفعل ما طلبت وللفائدة فإن شيخنا سعد بن مصطفى كامل قضى أكثر من 25سنة يدرس المذهب الشافعي وهو من عندكم من كلية شريعة وقد تخطى الخمس والخمسين سنة وقد تتلمذ على جمع لعل أشهرهم العلامة محمد نجيب المطيعي -رحمه الله-وهو من أوائل الذين دعوا إلى المنهج السلفي وعقيدة التوحيد في السويس ورقم جواله0106392842
ولعلك تعلم أخي أن السيوطي ليس من أصحاب الوجوه في المذهب ولا من أصحاب الترجيحات لكن النووي مثلا من أصحاب الترجيحات وليس من أصحاب الوجوه ولا أدري هل أطلعت على نسخة الأشباه و النظائر التى حققها الشيخ محمد حسن محمد حسن إسماعيل الشافعي-حفظه الله-فقد خدم النص خدمة عظيمة؟
وجزاك الله خيرا على تواصلك وجميل أدبك وبارك في علمك
والسلام عليكم ورحمة الله
ـ[أبو داود الكناني]ــــــــ[27 - 11 - 04, 01:09 م]ـ
وقال محمد بن أحمد بن أبي أحمد السمرقندي الحنفي-ت539 - رحمه الله- في (تحفة الفقهاء/ج1/ 343/العلمية): ثم الصوم نوعان فرض وتطوع فوقت التطوع هو الأيام كلها لكن الصوم في بعض الأيام مكروه وفي بعضها مستحب وفي بعضها سنة حتى لو صام في الأيام المنهي عنها فإنه يقع جائزا حتى لا يجب عليه القضاء أما الصوم المكروه فأنواع منها صوم ستة أيام في كل سنةو صوم يوم النحر وصوم أيام التشريق ويوم الفطر ويوم الشك بنية رمضان أو بنية مترددة بأن نوى الصوم عن رمضان إن كان من رمضان وإن لم يكن فعن التطوع وهذا مكروه قال النبي عليه السلام من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم وقد قام الدليل على أن الصوم فيه عن واجب آخر أو عن التطوع مطلقا لا يكره ثبت أن المكروه ما قلنا وإنما لا يكره عن مطلق التطوع على وجه لا يعلم العوام ذلك كيلا يعتادوا الصوم فيه فيظنه الجهال زيادة على رمضان وكذا صوم الصمت مكروه في الأوقات كلها بأن يصوم ويمسك عن الكلام والطعام جميعا لأن هذا تشبه بالمجوس فإنهم يفعلون هكذا وكذا صوم يوم السبت مفردا مكروه لأن هذا تشبه باليهود وكذا صوم يوم عاشوراء مفردا مكروه عند بعض أصحابنا لأنه تشبه باليهود وأما صوم يوم عرفة في حق الحاج فإن كان يضعفه عن الوقوف بعرفة ويخل بالدعوات فإن المستحب له أن يترك الصوم لأن صوم يوم عرفة يوجد هذه السنة فأما الوقوف بعرفة فيكون في حق عامة الناس في سنة واحدة وأما إذا كان لا يخالف الضعف فلا بأس به وأما في الحاج فهو مستحب لأن له فضيلة على عامة الأيام والصوم قبل رمضان بيوم ويمين مكروه أي صوم كان لقوله عليه السلام لا تتقدموا الشهر بصوم يوم ولا بصوم يومين إلا أن يوافق صوما كان يصومه أحدكم وإنما كره خوفا من أن يظن أنه زيادة على صوم رمضان إذا اعتادوا ذلك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/492)
ـ[عصام البشير]ــــــــ[29 - 11 - 04, 02:01 م]ـ
ألا يمكن أن يقال إن موضع الاتفاق الذي يرجع إليه لمعرفة ضعف الاستدلال أو قوته هو ما اتفق عليه الأصوليون من القواعد أو كان الخلاف فيه شاذا (أي لا يذكر إلا عن الواحد أو الاثنين من العلماء مخالفين بذلك الجماهير)؟
مثال القواعد التي قد يقال إن الخلاف فيها شاذ - بحسب ما بقي في ذاكرتي -:
النهي حقيقة في التحريم (أو الأصل في النهي أنه يفيد التحريم)
مثال القواعد الإجماعية:
لا يستدل بالحديث الموضوع في إثبات حكم شرعي
مثال القواعد الخلافية:
هل يخصص المنطوق بالمفهوم.
فإذا كان الاستدلال الفرعي مخالفا لإحدى القواعد المقررة - إجماعا أو عند الجمهور - ولم يكن للمستدل دليل آخر يركن إليه، أمكن القول بضعف مأخذه والله أعلم.
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[29 - 11 - 04, 02:28 م]ـ
رابط مهم في مسألة حجية القواعد الفقهية
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=23647&highlight=%C7%E1%DE%E6%C7%DA%CF+%C7%E1%DD%DE%E5%ED %C9
ـ[عصام البشير]ــــــــ[29 - 11 - 04, 03:53 م]ـ
أخي الفاسي بارك الله فيك
كلامي عن القواعد الأصولية لا الفقهية، وبينهما فرق كما لا يخفى عليك.
وجزاكم الله خيرا.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[30 - 11 - 04, 12:39 ص]ـ
السلام عليكم
جزاكم الله تعالى خير الجزاء على التفعيل
و لكن ... أخي عصام البشير
أليس هناك وجهة نظر بأن القواعد الفقهية ما هي إلا قواعد أصولية بدليل الاحتجاج بها و أنها قواعد كلية؟
مجرد توسيع لمجال البحث
ـ[تقويم النظر]ــــــــ[30 - 11 - 04, 05:35 ص]ـ
لعل من أوسع من تكلم على حجية القواعد الفقهية وعدد ضوابط الإستدلال بها، الشيخ يعقوب الباحسين في كتابه القواعد الفقهية.
ـ[عصام البشير]ــــــــ[01 - 12 - 04, 12:25 م]ـ
أخي محمد رشيد
بارك الله فيك
الذي أعرفه من دراستي للقواعد الفقهية منذ سنوات أنها قواعد كلية – أو قل أغلبية على الصحيح - جمعها الفقهاء من فروع فقهية كثيرة، فالتقعيد الفقهي مرحلة تالية لبحث الفروع الفقهية.
خذ مثلا قولهم: ''العادة محكمة''. تجد أن هذه القاعدة إنما أخذت من عشرات الفروع الفقهية التي تشعر بهذا المعنى. وقل مثل ذلك عن غيرها من القواعد.
أما القواعد الأصولية فأغلبها مأخوذ من اللغة، وبعضها من النصوص الشرعية، وبعضها من الأحكام العقلية المجردة. والفقيه يستند إلى هذه القواعد الأصولية في عمله الاستنباطي. فالتقعيد الأصولي سابق إذن على البحث الفروعي. ولذلك تجد التأليف في القواعد الفقهية عند الجمهور – خلافا للحنفية - متأخرا عن التأليف في أصول الفقه.
مثال القواعد الأصولية:
المنطوق مقدم على المفهوم – قاعدة تخصيص العام وتقييد المطلق – الأمر حقيقة في الوجوب – النهي يقتضي التحريم
الخ.
وأنت خبير بأن الفقيه في كثير من استنباطاته يجعل القاعدة الأصولية مقدمة كبرى لقياس منطقي من الشكل الأول
مثاله:
قوله تعالى: (وأقيموا الصلاة) أمر بالصلاة.
والأمر يفيد الوجوب.
ينتج: الصلاة واجبة.
أما القاعدة الفقهية، فالاحتجاج بها – على القول به – له آلية مختلفة، وغالبا ما يكون آخر ما يلجأ إليه الفقيه بعد أن يستنفذ النظر في النصوص والقواعد الأصولية. وذلك لأن القاعدة الفقهية تكون أغلبية لا كلية، وتكثر محترزاتها، ولاستعمالها ضوابط كثيرة، مما يحصر الاستدلال بها في أكابر أهل الفقه لا مطلق الفقهاء.
الذي أفهمه إذن أن الترتيب – عند الجمهور – هو كالتالي:
قواعد أصولية ---- فروع فقهية ----- قواعد فقهية.
نعم لا شك أن بعض القواعد الفقهية تلتقي مع بعض القواعد الأصولية، لكن في الغالب مجالهما مختلف، خاصة إذا تذكرنا بأن القواعد الفقهية تشمل الضوابط الفقهية أيضا (كقولهم مثلا: خطأ القاضي في بيت المال)، ومعلوم أن الضوابط تكون خاصة بباب فقهي أو أبواب فقهية محدودة، ولا كذلك القواعد الأصولية التي – كما لا يخفى عليك – مجالها الفقه كله.
واعذرني في عدم النقل من كتب أهل الاختصاص، فأنا الآن بعيد عن كتبي.
وأرجو أن يسمح وقتك بالنظر فيما نقلته آنفا، لإبداء رأيك، وتقويم ما فيه من غلط.
ـ[أبو عبد الباري]ــــــــ[01 - 12 - 04, 01:16 م]ـ
جزر الله المشايخ خير الجزاء.
ولعل مما يعتبر ضعفا في المأخذ: استدلال المستدل بما يراه هو ضعيفا من حديث أو قاعدة، مثل القائلين بعدم حجية بعض المفاهيم ثم يستدلون بها عند الحاجة لا للإلزام.
ـ[أبو داود الكناني]ــــــــ[01 - 12 - 04, 05:24 م]ـ
بسم الله والحمد لله أما بعد فإن قضية ضعف المأخذ وقوته وسهولة المأخذ وصعوبته وخفاء المأخذ وظهوره عند الأصوليين بمكان ولما أثار القضية أخونا محمد رشيد تبين لي أن القضية كانت عند أسلافنا كبيرة وفيها أخذ ورد
وللفائدة فإن مظان البحث عن هذه القضية كتب القياس ومباحث العلة داخل كتب الأصول
ونبدء كلامنا -إن شاء الله-بكلام لسلطان العلماء شيخ الإسلام-في عصره- أبي محمد بن عبد السلام-رضي الله عنه ورحمه-حيث قال- في القواعد-: أطلق بعض أكابر الأصحاب أن الخروج من الخلاف حيث وقع أفضل من التورط فيه وليس كما أطلقه بل الخلاف
أقسام الأول: أن يكون في التحليل والتحريم فالخروج من الخلاف بالإجتناب أفضل
الثاني أن يكون الخلاف في الاستحباب والإيجاب فالفعل أفضل
الثالث أن يكون الخلاف في الشرعية كقراءة البسملة في الفاتحة فإنها مكروهة عند مالك رحمه الله واجبة عند الشافعي رحمه الله وكذلك صلاة الكسوف على الهيئة المنقولة في الحديث فإنها سنة عند الشافعي رحمه الله وأنكره أبو حنيفة –رحمه الله-فالفعل أفضل
قال والضابط أن مأخذ الخلاف إن كان في غاية الضعف فلا نظر إليه لاسيما إذا كان مما ينقض الحكم بمثله وإن تقاربت الأدلة بحيث لا يبعد قول المخالف كل البعد فهذا مما يستحب الخروج منه حذرا من كون الصواب مع الخصم إنتهى
وللبحث صلة -إن شاء الله تعالى-والسلام عليكم ورحمة الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/493)
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[01 - 12 - 04, 05:32 م]ـ
بارك الله تعالى فيك
أكمل
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[01 - 12 - 04, 05:47 م]ـ
الأخ الفاضل المبارك / عصام البشير
جزاك الله تعالى خيرا على الاهتمام و التفاعل مع المسألة، و بالنسبة لكلامكم فهو معتبر جدا إن لم يكون صوابا، فمسألة الضوابط الفقهية ـ و التي هي أخص من القواعد الفقهية ـ قد أشكلت عليّ بالفعل، حيث قطعا لا يمكنني أن أعدها من الأصول الفقه، لذلك فقط شاركت في الموضوع للوصول فيه لموقف محدد
الأخ أبا عبد الباري، ضعف المأخذ الذي ذكرته مقيد بنظر المستدل، و هذا ليس هو مقصودنا، بل مقصودنا هو ضعف نفس طريق الاستدلال، لا ضعف التفريع على هذه الطريقة. تأمل
ـ[أبو داود الكناني]ــــــــ[03 - 12 - 04, 10:05 م]ـ
وفيك بارك الله- أخي محمد-
قال الزركشي-رحمه الله –ت794 - في المنثور في القواعد (ج2:ص130:دار الأوقاف الكويتية): قال الشيخ أبو محمد بن عبد السلام في القواعد أطلق بعض أكابر الأصحاب ويعني به ابن أبي هريرة أن الخروج من الخلاف حيث وقع أفضل من التورط فيه وليس كما أطلقه بل الخلاف أقسام
الأول أن يكون في التحليل والتحريم فالخروج من الخلاف بالإجتناب أفضل
الثاني أن يكون الخلاف في الاستحباب والإيجاب فالفعل أفضل
الثالث أن يكون الخلاف في الشرعية كقراءة البسملة في الفاتحة فإنها مكروهة عند مالك رحمه الله واجبة عند الشافعي رحمه الله وكذلك صلاة الكسوف على الهيئة المنقولة في الحديث فإنها سنة عند الشافعي رحمه الله وأنكره أبو حنيفة –رحمه الله-فالفعل أفضل
قال والضابط أن مأخذ الخلاف إن كان في غاية الضعف فلا نظر إليه لاسيما إذا كان مما ينقض الحكم بمثله وإن تقاربت الأدلة بحيث لا يبعد قول المخالف كل البعد فهذا مما يستحب الخروج منه حذرا من كون الصواب مع الخصم إنتهى
قلت لمراعاته شروط
(أحدهما) أن يكون مأخذ المخالف قويا فإن كان واهيا لم يراع كالرواية المنقولة عن أبي حنيفة في بطلان الصلاة برفع اليدين فإن بعضهم أنكرها وبتقدير ثبوتها لا يصح لها مستند والأحاديث الصحيحة معارضة لها وكذلك ما نقل عن عطاء من إباحة وطء الجواري بالعارية وهو أولى من قول الرافعي إنما وجب الحد لأنهم لم يصححوا النقل عنه فإنا نقول ولو صح فشبهته لا أثر لها فإن الأبضاع لا تباح بالإذن كما في بضع الحرة فصار كشبهة الحنفي في النبيذ فإنه لا أثر لها وسواء كان الإختلاف في إذنه السالفة كما ذكرنا أو في مذهبنا كخلاف الأصطخري في تحريم التصوير وقوله إنما حرم لقرب عهد الناس بالأصنام
واعلم أن ظاهر كلام القفال مراعاة الخلاف وإن ضعف المأخذ- إذا كان فيه إحتياط- فإنه قال في فتاويه إذا نقص من القلتان شيء يسير ووقع فيهما نجاسة قال ينبغي أن يقلد من يقول القلتين خمسمائة رطل تحديدا فإذا نقص شيء ووقع فيها نجس تأثرت وحينئذ يتيمم ثم يقضي بناء على المذهب وهو ان هذا لا يتأثر بالنجاسة وكأنه رأى إستحباب الإعادة للخروج من الخلاف وقال المتولي في التتمة يستحب التحجيل في التيمم لأن عند الأزهري مسح جميع اليد واجب ليخرج بذلك عن الخلاف هذا مع ثبوت الأحاديث الصحيحة بالإقتصار على الكفين
(الثاني) أن لا تؤدي مراعاته إلى خرق الإجماع كما نقل عن ابن سريج أنه كان يغسل اليسرى مع الوجه ويمسحهما مع الرأي ويفردهما مراعاة لمن قال أنهما من الوجه أو الرأس أو عضوان مستقلان فوقع في خلاف الإجماع إذ لم يقل أحد بالجمع وقال النووي من غلطه فغالط فإن الشافعي رحمه الله والأصحاب أستحبوا اغسل النزعتين مع الوجه مع أنهما يمسحان في الرأس أي للخروج من خلاف من قال هما من الوجه ولم يقل أحد بوجوب غسلهما ومسحهما ومع ذلك استحبوه
(الثالث) أن يكون الجمع بين إذنه ممكنا فإن لم يكن كذلك فلا يترك الراجح من معتقده لمراعاة المرجوح لأن ذلك عدول عما وجب عليه من إتباع ما غلب على ظنه وهو لا يجوز قطعا ومثاله الرواية عن أبي حنيفة رضي الله عنه في إشتراط المصر الجامع في إنعقاد الجمعة لا يمكن مراعاته عند من يقول أن أهل القرى إذا بلغت العدد الذي ينعقد به الجمعة لزمتهم ولا يجزيهم الظهر فلا يمكن الجمع بين القولين ومثلها أيضا قول بعض أصحابنا أن من تقدم الإمام بقراءة الفاتحة وجب عليه إعادتها فإن القائل بهذا الوجه لا يمكن معه مراعاة القائل بأن تكرار الفاتحة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/494)
مرتين مبطل إلا أن يخص البطلان بغير العذر ومثلها أيضا قول أبي حنيفة رضي الله عنه أول وقت العصر مصير ظل الشيء مثليه وقول الأصطخري من أصحابنا أن هذا آخر وقت العصر مطلقا الرجعة بعده قضاء وإن كان هذا وجها أنه لا يمكن الخروج من خلافهما جميعا وكذلك الصبح فإن عند اصطخري أن يخرج وقت الجواز بالأسفار وذلك الوقت عند أبي حنيفة رحمه الله هو الأفضل قلت يمكن بفعلها مرتين في الوقتين وكذلك أيضا يضعف الخروج من الخلاف إذا أدى المنع من العبادة لقول المخالف بالكراهة أو المنع كالمشهور من قول مالك أن العمرة لا تتكرر في السنة وقول أبي حنيفة أنها تكره للمقيم بمكة في أشهر الحج وليس التمتع مشروعا له وربما قالوا إنها تحرم فلا ينبغي للشافعي مراعاة ذلك لضعف مأخذ القولين ولما يفوته من كثرة الإعتمار وهو من القربات الفاضلة أما إذا لم يكن كذلك فينبغي الخروج من الخلاف لا سيما إذا كان فيه زيادة تعبد كالمضمضة والاستنشاق في غسل الجنابة يجب عند الحنفيه وكذلك الاستنشاق عند الحنابلة في الوضوء والغسل من ولوغ الكلب ثمان مرات والغسل من سائر النجاسات ثلاثا الخلاف أبي حنيفة رضي الله عنه وسبعا لخلاف أحمد والتسبيح في الركوع والسجود لخلاف أحمد في وجوبها والتبييت في نية صوم النفل فإن مذهب مالك رحمه الله وجوبه وإتيان القارن بطوافين وسعيين مراعاة لخلاف أبي حنيفة رحمه الله والموالاة بين الطواف والسعي لأن مالكا رحمه الله يوجبها وكذلك التنزه عن بيع العينة ونحوه من العقود المختلف فيها وأصل هذا الإحتياط قول الشافعي رضي الله عنه في مختصر المزني فأما أنا فأحب أن لا أقصر في أقل من ثلاثة أيام إحتياطا على نفسي قال الماوردي أفتى لما قامت الدلالة عنده عليه أي من مرحلتين ثم إحتاط لنفسه إختيارا لها وقال القاضي أبو الطيب أراد خلاف أبي حنيفة رضي الله عنه وهو كقوله في لها وقال القاضي أبو الطيب أراد خلاف أبي حنيفة رضي الله عنه وهو كقوله في صلاة خلف المريض القاعد قائما الأفضل أن يستخلف صحيحا يصلي بهم حتى يخرج من الخلاف وكقوله إذا حلف فالأفضل أن لايكفر بالمال إلا بعد الحنث ليخرج من الخلاف وقد أورد عليه أن من العلماء من شرط للقصر أكثر من ثلاثة أيام ولياليهن فكان ينبغي إعتباره والجواب ضعف دليل الزيادة عليها وقوة دليلها ومن هنا كان الصوم أفضل للمسافر إن لم يتضرر به وإن كانت الظاهرية لا يرونه جائزا إذ لا يعتبر خلافهم فيما ضعف مأخذه وأما قول القاضي الحسين أن الشافعي رضي الله عنه أعتبر خلاف داود في الكتابة في الجمع بين القوة والأمانة فقد غلطه فيه ابن الرفعة فإن داود لم يدرك زمن الشافعي رضوان الله تعالى عليه قلت إنما أراد بن عبد الرحمن العطار أحد أشياخ الإمام الشافعي رحمه الله سمعت ذلك عن بعض الأشياخ
سؤال لم اعتبرتم الخلاف وإن وهي على رأي ضعيف في مسألة عطاء في
إ باحة الجواري فلم توجبوا الحد على وجه ولم تعتبروا خلاف أبي حنيفة في القتل بالمثقل بل أوجبتم القصاص جزما فهلا أجريتم خلافا كما أجريتم في مسألة عطاء والحدود تدرأ بالشبهات وأجاب بعض من لا تحقيق عنده بأن عطاء أجل من المخالفين في مسألة المثقل فمن ثم اعتبر على رأي وأن ضعف وهذا جواب بالجاه فإنا لا ننظر إلى القائلين وإنما ننظر إلى الأقوال ومآخذها
وإنما الجواب أن أبا حنيفة رحمه الله لم يقل بحل قتل الناس بعضهم بعضا بالمثقل بل هو عنده عظيم من الوزر وإنما خالف في وجوب القصاص به وعطاء أباح الجواري بالعارية فلو أباح أبو حنيفة رحمه الله في المثقل ما أباحه عطاء في الجواري لروعي خلافه وإنما هو موافق لنا على التحريم ومن علم حرمة شيء مما يجب فيه الحد لم ينفعه جهله بالحد بخلاف من جهل الحرمة أو ينازع فيها فائدة قالوا يجب الحد في نكاح المتعة إن صح رجوع ابن عباس رضي الله عنهما لحصول الإجماع وإستشكله الرافعي من جهة انهم نقلوا عن زفر رحمه الله أنه ألغى التأقيت بكذا النكاح مؤبدا فيسقط الحد لذلك ويعضده انه صح ذلك ابن عياس من السلف رضي الله عنهم ولم ينقل عنه الرجوع فإن لم نصحح رجوع ابن عباس رضي الله عنهما فقد أجمعوا بعده على بطلانها فإن قلنا أنه إذا إختلف أهل عصر في مسألة على قولين ثم اتفق من بعدهم أن ذلك يصير مجمعا عليه وجب الحد وإلا فلا كالوطء في سائر الأنكحة المختلف فيها وهو الأصح
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/495)
وقد يقال في الجزم بوجوب الحد عليه على القول الأول نظر فهنا الخلاف في المسألة محقق وإن إدعى الأول نفيه وفي فتاوى القفال إذا أذن الراهن للمرتهن في وطء المرهونة فوطئها عالما بالتحريم قيل لا يجب الحد بالوطىء فيه وإن لم يكن به قائل اليوم فقال لا يصح لأنه كان يقول به قوم من بعد الخلاف في الزمن الأول والأخبار فيه كثرة بخلاف هذا قيل له فما الفرق بين النكاح بلا ولي وبين شرب المسكر حيث أوجب الحد هناك ولم يوجب ها هنا فقال لأن الخلاف هناك وقع في الحد والخلاف في الحد لا يسقط الحد كما أن الخلاف في الشيء المسروق لا يمنع وجوب القطع ولا نظر إلى الخلاف كذا هاهنا في النكاح بلا ولي وقع في إباحة ذلك الوطء وفي إنعقاد النكاح قيل له وكذلك هاهنا وقع الخلاف في أن شربه مباح أم لا فعندنا لا وعند أبي حنيفة رحمه الله مباح فلم ينفصل عنه بشيء وكتب الشيخ الإمام دوير الكرخي على الحاشي جوابا عن هذا الإشكال فقال حد الخمر للجناية على العقل المفضية إلى المفاسد والقليل يدعو إلى الكثرة المفسدة فزجر عنه تأكيدا وهو أمر حسي كما في الخمر وحد الزنى لإفساد الفرش في موضع إتيان الأمة وذلك حكم لم يثبت ها هنا مع إجازة بعض العلماء مضافا إلى الشرع بالدليل فلذلك سقط ولهذا لا يمنع الشهادة
الثاني: إذا وقع الخلاف في وجوب شيء فأتى به من لا يعتقد وجوبه إحتياطا كالحنفي ينوي في الوضوء ويبسمل في الصلاة فهل يخرج من الخلاف وتصير العبادة منه صحيحه بالإجماع قال الأستاذ أبو اسحاق الإسفراييني لا يخرج به عن الخلاف لأنه لم يأت به على إعتقاد وجبه ومن اقتدى به ممن يخالفه لا تكون صلاته صحيحة بالإجماع وقال الجمهور بل يخرج لأجل وجود الفعل وعلى هذا فلو كان هناك حنفي هذا حاله وآخر يعتقد وجوبه فالصلاة خلف الثاني أفضل لأنه لا يخرج بالأول عن الخلاف بالإجماع فلو قلد فيه فكذلك للخلاف في إمتناع التقليد فإن قيل هل من طريق في الخروج من الخلاف في الصلاة بالإجماع قلت قد علمت أن الإتيان به إعتقاد إيجابه لا يكفي على رأي وتقليد من يرى الوجوب فيه وإعتقاد حقيقته لا يكفي أيضا لأن في الإنتقال من إذنه خلافا فالأولى أن يقدر فعل ذلك ليقع واجبا ولو مسح الشافعي جميع رأسه في الوضوء وصلى خلفه المالكي فالظاهر أنه يخرج من الخلاف ولا يجري فيه خلاف لأمرين:
أحدهما أنه إذا مسح الجميع يقع واجبا على رأي عندنا
الثاني: أن الامام الشافعي رضي الله عنه بدأ في نية الوضوء بإجماع وهذه النية اقتضت عند مالك رحمه الله وجوب مسح الرأس فوق مسح الرأس بنية واجبة لأن تفصيل النية عند كل واجب لدخوله في النية المطلقة فظهر أنه إذا مسح جميع رأسه خرج من خلاف مالك رحمه الله وان اعتقد الندب في مسح جميع الرأس نعم ينبغي أن يمسح الجميع بنية مطلقة ليخرج من الخلاف فإن مسح بنية الندب كان صارفا عن وقوعه عن الايجاب عند مالك رحمه الله واعلم أن كلام القفال موافقة الاستاذ فإنه قال في فتاويه اختياري أن أوتر بركعة فإن قيل ينبغي أن يوتر بثلاث ليخرج من الخلاف ويكون احتياطا كما قال الشافعي رحمه الله في القصر في ثلاث قلنا هذا لا يشبه ذاك لأنه إذا أوتر بثلاث وقعد في الثانية للتشهد كما يقول أبو حنيفة رحمه الله لا يكون ذلك خروجا من الخلاف لأنه إنما ينوي به التطوع وإن نوى اتفق الفعلان وعند ابي حنيفة رحمه الله لا يؤدي الوتر بنية التطوع وإن نوى بتلك الصلاة الوتر فقط لا يكون أيضا خروجا بالاتفاق لأن اعتقاد الشافعي أن الوتر ليس بواجب وهو إن نوى الوتر لا يكون تاما يخرج به من الخلاف لتضاد الاعتقاد وفيما دون ثلاث مراحل الاتمام أولى بالقصر فينتقل من حكم الأصل الرأس بنية واجبة لأن تفصيل النية عند كل واجب لدخوله في النية المطلقة فظهر أنه إذا مسح جميع رأسه خرج من خلاف مالك رحمه الله وان اعتقد الندب في مسح جميع الرأس نعم ينبغي أن يمسح الجميع بنية مطلقة ليخرج من الخلاف فإن مسح بنية الندب كان صارفا عن وقوعه عن الايجاب عند مالك رحمه الله واعلم أن كلام القفال موافقة الاستاذ فإنه قال في فتاويه اختياري أن أوتر بركعة فإن قيل ينبغي أن يوتر بثلاث ليخرج من الخلاف ويكون احتياطا كما قال الشافعي رحمه الله في القصر في ثلاث قلنا هذا لا يشبه ذاك لأنه إذا أوتر بثلاث وقعد في الثانية للتشهد كما يقول أبو حنيفة رحمه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/496)
الله لا يكون ذلك خروجا من الخلاف لأنه إنما ينوي به التطوع وإن نوى اتفق الفعلان وعند ابي حنيفة رحمه الله لا يؤدي الوتر بنية التطوع وإن نوى بتلك الصلاة الوتر فقط لا يكون أيضا خروجا بالاتفاق لأن اعتقاد الشافعي أن الوتر ليس بواجب وهو إن نوى الوتر لا يكون تاما يخرج به من الخلاف لتضاد الاعتقاد وفيما دون ثلاث مراحل الاتمام أولى بالقصر فينتقل من حكم الأصل من حيث انه ألزم وقيل له لو جاز جبر طواف الوداع بالدم لجاز جبر الطهارة به كالدم فارتكبه وقال يجبر بالدم وهذا غلط فإن الجبر للطواف لا للطهارة ويشهد لذلك أيضا قول الأصحاب ان المنصور في الخلاف أن الخلع فسخ وإن كان المذهب انه طلاق
الخامس ذكر ابن هبيرة في مسائل الاجماع أنه قد يتعذر الخروج من الخلاف كما في البسملة فإن الجهر بها عند الشافعي رحمه الله هو السنة وعند أبي حنيفة رحمه الله وأحمد رحمه الله الاسرار هو السنة وعند مالك رحمه الله الترك بالكلية وقد يقال إذا كان المنع مع الأكثر كان هو يتصور لإجتهاده في هذه المسائل التي قد تحررت في إذنه ثمرة لأن الفقهاء رحمهم الله المتقدمين قد فرغوا من ذلك وأتوا بمبالغ الأقسام لها فلا يؤد إجتهاد المجتهد إلا إلى مثل مذهب واحد منهم انتهى
ومن هذا أيضا قال الشيخ عز الدين قد يتعذر الورع على الحاكم في مسائل الخلاف كما إذا كان ليتم على يتيم حق مختلف في وجوبه فلا يمكنه الصلح ههنا إذ لا يجوز المسامحة بمال أحدهما وعلى الحاكم التورط في الخلاف وكذلك حكم الأب والوصي
السادس إذا اختلفت الروايات في إيقاع العبادات على أوجه متعددة فمن العلماء رحمهم الله من سلك طريقة الترجيح باختيار أحدهما وهي طريقة الإمام الشافعي رحمه الله غالبا ومنهم من سلك طريقة الجمع بفعلها في روينا ويرى أن الاختلاف من الجنس المباح وهو رأي ابن سريج ولذلك أمثلة منها الأحاديث الواردة في دعاء الاستفتاح ورجح الشافعي رحمه الله حديث التوجه لموافقته للقرآن ومنها أحاديث التشهد ورجح الإمام الشافعي رحمه الله أحاديث ابن عباس لموافقته لقرآن ولأن الحكم للأحداث ومنها كيفية قبض أصابع اليمنى على الركبة في التشهد فيه أوجه لإتلاف الأحاديث وأصحها أنه يضع المسبحة كأنه عاقد ثلاثا وخمسين ثم قال ابن الصباغ وغيره وكيف ما فعل من هذه الهيئات فقد أتى بالسنة لأن الأخبار قد وردت بها جميعا وكأنه صلى الله عليه وسلم كان يصنع هكذا مرة وهكذا مرة كذا نقله الرافعي ونقله ابن يونس في شرح الوجيز عن المحققين ومنها الجمع في إجابة المؤذن بين الحيعلة والحوقلة عملا بحديث التفصيل والاطلاق لكن الامام الشافعي رحمه الله أخذ بحديث التفصيل لأنه مفسر مبين وهو قاض على المجمل ومنها الخلاف في تثنية الأذان وإفراد الاقامة نقل الماوردي عن ابن سريج أنه من الاختلاف في المباح وليس بعضه أولى من بعض ثم قال وهذا قول منطرح باجماع المتقدمين على أن الخلاف في أولاه وأفضله ونقل البيهقي عن بن خزيمة نحو ماقاله ابن سريج ومنها الاختلاف في سجود السهو قبل السلام وبعده ورجع الشافعي رحمه الله قبل السلام لأنه أحدث الأمرين وفي موضع جمع بينهما فحمل ما قبله على ما إذا كان بنقص وبعده على ما إذا كان بزيادة وحمل إختلاف الروايات عليه ومنها صلاة الخوف في الأنواع المشهورة ونزلها الشافعي رحمه الله على كون العدو في جهة القبلة تارة وعلى ما إذا لم يكن أخرى وأخذ في صلاة ذات الرقاع برواية سهل وقدمها على رواية ابن عمر لأنها احوط للحرب وأقل مخالفة لقاعدة الصلاة ومنها عدد التكبيرات في صلاة الجنازة قال ابن سريج ما ورد من الزيادة عليها من الاختلاف المباح والجميع سائغ وخالفه الجمهور وقالوا كان فيه خلاف في الصدر الأول ثم انعقد الإجماع على الأربع نعم لو خمس عمدا لم تبطل في الأصح لثبوتها في صحيح مسلم وهو ظاهر إذا فعله عن إجتهاد أو رحمة وإلا فيبطل لأنه كالعابث ومنها قوله اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا بالثاء المثلثة ويروي بالباء الموحدة قال النووي وينبغي الجمع بينهما وهو بعيد بل الأولى تنزيله على اختلاف الوقعات فتقول هذا مرة وهذا مرة(28/497)
فوائد من كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين ـ رحمه الله
ـ[الظافر]ــــــــ[26 - 11 - 04, 02:43 ص]ـ
فوائد من كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ:
أولا: من المجلد الأول:
1. 1. " وعامرهن غيري ":أي ساكنهن.
2. 2. ظاهر حديث " طوقه" أن الأرضين طباق كالسموات.
3. 3. ثناء الله على أحد من خلقه يقصد فيه: محبة هذا الذي أثني الله عليه خيرا، وأن تقتدي به في الصفات.
4. 4. إذا كان إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ يخاف على نفسه الشرك وهو خليل الرحمن وإمام الحنفاء فما بالك بنا نحن إذن، فلا تأمن الشرك، ولا تأمن النفاق إذ لا يأمن النفاق إلا منافق، ولا يخاف النفاق إلا مؤمن.
5. 5. في البخاري أن ابن مليكة قال: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كلهم يخاف النفاق على نفسه.
6. 6. الصنم ما جعل على صورة إنسان أو غيره، أما الوثن فعلى أي شكل كان.
7. 7. الحديث ما أضيف إلى الرسول ـ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ـ، والخبر ما أضيف إليه وإلى غيره، والأثر ما أضيف إلى غير الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
8. 8. الآدميون فضلوا على كثير ممن خلق.
9. 9. علماء الضلال علماء الدول.
10. 10. "سبحان ": مفعول مطلق عامله محذوف تقديره أسبح.
11. 11. بعث الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم معاذا إلى صنعاء وما حولها، وأبا موسى إلى عدن.
12. 12. اللواء قيل: إنه الراية، وقيل: ما لوي أعلاه، أو لوي كله؛ فيكون الفرق بينهما أن الراية مفلولة، واللواء يطوى.
13. 13. " حمر النعم " بتسكين الميم وهي الإبل الحمراء، أما بالضم فتكون جمع حمار.
14. 14. " التفسير ": الكشف، ومنه قول: فسرت ثوبي.
15. 15. " الحبر " بفتح الحاء وكسرها.
16. 16. إن اعتقد أن لبس الحلقة سبب وليس مؤثرا بنفسه فهو مشرك شركا أصغر.
17. 17. " لا ودع الله له ": أي لا تركه في دعة وسكون، وقيل: لا ترك الله له خيرا؛ حتى يعامل بنقيض قصده.
18. 18. " الودع " أحجار تخرج في البحر يعلقونها.
19. 19. " التولة " يعلقونها على الزوج يزعمون أنه يقرب الزوجة إلى زوجها.
20. 20. الدبلة من التولة إن اعتقد أنها صلة بين المرأة وزوجها.
21. 21. خطأ من يمسح الركن ويمسح به وجه الطفل.
22. 22. من البدع التمسح بالكعبة طلبا للبركة.
23. 23. تعلق الموظف بمرتبه تعلقا كاملا مع الإعراض عن الاعتقاد في المسبب نوع من الشرك.
24. 24. إذا طلبت من أحد الغوث اعتقد أنه مجرد سبب تصحيحا لتوحيدك.
25. 25. يأس الشيطان أن يعبد في جزيرة العرب لا يدل على عدم الوقوع.
26. 26. " من آوى محدثا " يشمل المبتدعة والمجرمين.
27. 27. نص شيخ الإسلام أن حصول التشبه لا يشترك فيه القصد.
28. 28. " الطاعة": موافقة الأمر، وإذا قيل " طاعة، ومعصية " فالطاعة لفعل الأوامر، والمعصية لفعل النواهي.
29. 29. يميل شيخ الإسلام إلى أن عقد النذر حرام، وهو قول وجيه.
30. 30. الدسوقي بمصر، وابن عربي في سوريا.
31. 31. " العشيرة " قبيلة الرجل من الجد الرابع فما دون.
32. 32. " قريش " هو فهر بن النضر بن مالك أحد أجداد النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ.
33. 33. القنوت في النوازل مشروع في كل الصلوات، والظاهر أنه في النوازل التي تكون من غير الله مثل إيذاء المسلمين والتضييق عليهم، أما ما كان من فعل الله فإنه يشرع له ما جاءت به السنة مثل: الكسوف فيشرع له صلاة الكسوف، والزلازل شرع لها صلاة الكسوف كما فعل ابن عباس، رضي الله عنهما، والجدب يشرع له الاستسقاء وهكذا، وما علمت لساعتي هذه أن القنوت شرع لأمر نزل من الله، بل يدعى له بالأدعية الواردة الخاصة.
34. 34. في المذهب أن الذي يقنت الإمام الأعظم، وقيل أئمة المساجد، والصحيح: يقنت كل مصل.
35. 35. " فُزّع عن قلوبهم ": لم يقل " فزعت قلوبهم "، إذ " عن " تفيد المجاوزة والمعنى جاوز الفزع قلوبهم أي أزيل.
36. 36. " توحيد الألوهية" باعتبار إضافته إلى الله سبحانه. وهو " توحيد العبادة " لكن باعتبار إضافته إلى الخلق.
37. 37. " الآية " – أي التي تكتب بعد نص الآية – تقرأ بالنصب إما على أنها مفعول لفعل محذوف تقديره أكمل الآية، أو أنها منصوبة بنزع الخافض أي إلى آخر الآية.
38. 38. " المساكين ": هم الذين عدموا المال فأسكنهم الفقر.
39. 39. " المختال " في هيئته، "الفخور" في قوله.
40. 40. " عهد الله ": ما عهد به إلى عباده وهو عبادته سبحانه وتعالى والقيام بأمره، كما قال عز وجل: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل.
41. 41. نهي الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن إخبارهم لئلا يعتمدوا على البشرى وهم لا يفهمون معناها، لأن تحقيق التوحيد يستلزم اجتناب المعاصي.
42. 42. قال بعض السلف: كل معصية فهي نوع من الشرك.
43. 43. عرف ابن القيم الطاغوت بأنه كل ما تجاوز العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع.
44. 44. قال بعض السلف: إني لأود أن أتقرب إلى الله بطاعة لا يعلمها إلا هو.
45. 45. " أولئك لهم الأمن "عامة في الدنيا والآخرة.
46. 46. أنْ لا إله إلا الله، النطق بـ أن مشددة خطأ لأن المشددة لا يحذف اسمها، والمخففة يمكن حذفه.
47. 47. مريم ليست إختا لموسى وهارون.
48. 48. " وروح منه ": "من " للابتداء لا للتبعيض.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/498)
ـ[الظافر]ــــــــ[26 - 11 - 04, 02:48 ص]ـ
المجلد الثاني:
49. 49. " دبيب " أي أثر دبيب النمل وليس فعل النمل.
50. 50. حروف القسم: الباء، التاء، الواو.
51. 51. معنى اليمين الغموس عند الحنابلة: أن يحلف كاذبا، والصحيح: ليقتطع بها مال.
52. 52. عزير رجل صالح.
53. 53. سمي المسيح بمعنى ماسح لأنه لا يمسح ذا عاهة إلا برئ.
54. 54. " الدهري " بضم الدال على الصحيح عند النسبة.
55. 55. يسمى " الحديث القدسي " أو " الإلهي " أو " الرباني "، والصحيح أنه من كلام الله معنى.
56. 56. " أقلب الليل والنهار ": ذواتهما وما يحدث فيهما.
57. 57. في قوله تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم …، الراجح أن الأوصاف لموصوفين متعددن حسب الأحوال.
58. 58. ….أما من وضع قوانين تشريعية مع علمه بحكم الله، وبمخالفتة هذه القوانين لحكم الله، فهذا قد بدل الشريعة بهذه القوانين فهو كافر؛ لأنه لم يرغب بهذا القانون عن شريعة الله إلا وهو يعتقد أنه خير للعباد والبلاد من شريعة الله ……، ولكن قد يكون الواضع له معذورا مثل أن يغرر به كأن يقال إن هذا لا يخالف الإسلام، أو هذا من المصالح المرسلة، أوهذا مما رده الإسلام إلى الناس … ..
59. 59. الصواب أنه ليس هناك دليل يسمى بالمصالح المرسلة.
60. 60. الناس لا يحسون بالتغيير لأن الامور تأتي رويدا رويدا.
61. 61. … وكل حكم يخالف حكم الله فهو جهل وجهالة.
فإن كان مع العلم بالشرع فهو جهالة، وإن كان مع خفاء الشرع فهو جهل. والجهالة هي العمل بالخطأ سفها لا جهلا؛ قال تعالى: "إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب "، وأما من يعمل السوء بجهل فلا ذنب عليه لكن عليه أن يتعلم.
62. 62. حديث " حتى يكون هواه تبعا لما جئت به " معناه صحيح.
63. 63. أبو اليهود " يهوذا " وبعد التعريب صارت بالدال.
64. 64. " الرشوة " مثلثة الراء (أي تضم وتفتخ وتكسر)
65. 65. " الاسم " من السمو، والسمة.
66. 66. ليس في القرآن شئ متشابه على جميع الناس من حيث المعنى.
67. 67. ذهبت أنواء الجاهلية وجاءتنا المنخفضات الجوية.
68. 68. " ولا غول " جمع غولة.
69. 69. التطير من الشرك الأصغر.
70. 70. التوكل: صدق الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار مع الثقة بالله، فلا يكفي صدق الاعتماد بل لا بد من الثقة بالله.
71. 71. " لا طير إلا طيرك ": الطيور كلها ملكك فهي لا تفعل شيئا وإنما هي مسخرة، ويحتمل أن المراد بالطير هنا ما يتشاءم منه.
72. 72. من وقع في قلبه التطير ولم ترده الطيرة فإن ذلك لا يضر.
73. 73. في حديث: إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك.
74. 74. " التنجيم "، وهو تعلم علم النجوم أو اعتقاد تأثير النجوم وينقسم إلى: علم التأثير، وعلم التسيير. وعلم التأثير ينقسم إلى ثلاثة أقسام ….الثاني: أن يجعلها سببا يدعي به علم الغيب فيستدل بحركاتها وتنقلاتها وتغيراتها على أن سيكون كذا وكذا، فهذا اتخذ تعلم النجوم وسيلة لادعاء علم الغيب ودعوى علم الغيب كفر ….
75. 75. المحرم: ما نهي عليه على سبيل الإلزام بالترك، الكراهة: مانهي عنه على لا على سبيل الإلزام بالترك.
76. 76. العمل في نصوص الوعيد إمرارها كما جاءت لأنها أبلغ في الزجر، وهناك أقوال منها: أنه يختم له بسوء الخاتمة.
77. 77. " أربع في أمتي من أمر الجاهلية " الفائدة من قول أربع ليس الحصر بل حصر العلوم لتثبت في الحفظ.
78. 78. في الجاهلية يقتل أحدهم ابنته لكي لا يعير بها، ويقتل أولاده من ذكور وإناث خشية الفقر.
79. 79. النياحة: ربع الصوت بالبكاء على الميت على سبيل النوح.
80. 80. الندب: تعداد محاسن الميت.
81. 81. ذكر أن ابن عقيل رحمه الله وهو من علمائنا الحنابلة خرج في جنازة ابنه عقيل وكان أكبر أولاده وطالب علم، فلما كانوا في المقبرة صرخ رجل وقال: (يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين) فقال رحمه الله: إن القرآن إنما نزل لتسكين الأحزان، وليس لتهييج الأحزان.
82. 82. السربال: الثوب السابغ كالدرع، القطران: معروف ويسمى الزفت، وقيل النحاس المذاب.
83. 83. كبائر الذنوب لا تكفر بمجرد العمل الصالح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/499)
84. 84. " الحديبية " بالتخفيف والتشديد، ويسمى الآن الشميسي.
85. 85. أقسام نسبة المطر إلى النوء.
86. 86. الصحيح أن " لا " في " لا أقسم " للتنبيه.
87. 87. لا يمسه إلا المطهرون: إي اللوح المحفوظ.
88. 88. مدهنون: المدهن الخائف من غيره الذي يحابيه.
89. 89. " وتجعلون رزقكم " أي شكر رزقكم على قول أكثر المفسرين، والصحيح: تجعلون شكركم تكذيبا.
90. 90. شانئك: مبغضك، وكذلك من أبغض شريعته فهو مقطوع لا خير فيه.
91. 91. ….لكن إذا وجدنا حديثا يخالف الأحاديث الأخرى الصحيحة أو مخالفا لقول أهل العلم وجمهور الأمة فالواجب التثبت والتأني في الأمر؛ لأن اتباع الشذوذ يؤدي إلى الشذوذ ……
92. 92. قال الإمام أحمد: إذا رأيت النصراني أغمض عيني كراهة أن أرى بعيني عدو الله.
93. 93. يجب تخليص هذه البلاد من الكفار.
94. 94. يخوف أولياءه: تقديره: يخوفكم أولياءه، أي أن المفعول الأول محذوف.
95. 95. اعلم أن الإقدام على قول كلمة الحق ليس يدني من الاجل ولا الجبن يبعد.
96. 96. " وأقام الصلاة " الإقامة نوعان واجبة، ومستحبة. فالواجبة هي التي يقتصر فيها على فعل الواجب من الشروط والأركان والواجبات. والمستحبة هي التي يزيد فيها على فعل ما يجب فيأتي بالواجب والمستحب.
97. 97. " النبي " منبى، ومنبيء، منبى من قبل الله سبحانه، ومنبيء لعباد الله.
98. 98. لما انصرف أبو سفيان من أحد أراد أن يرجع إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه ليقضي عليهم بزعمه، فلقي ركبا فقال لهم: إلى أين تذهبون؟ قالوا: نذهب إلى المدينة، فقال: بلغوا محمدا وأصحابه أنا راجعون إليهم فقاضون عليهم فجاء الركب إلى المدينة فبلغوهم، فقال رسول الله صلى الله عليهم وسلم ومن معه: حسبنا الله ونعم الوكيل، وخرجوا في نحو سبعين راكبا حتى بلغوا حمراء الأسد، فكان أن أبا سفيان تراجع عن رأيه وانصرف إلى مكة وهذا من كفاية الله لرسوله وللمؤمنين حيث اعتمدوا عليه.
99. 99. كان السلف يسألون ليعملوا.
100. 100. الشرك الأصغر أكبر من الكبائر.
101. 101. السحر قسمان: الأول شرك: وهو بالشياطين، الثاني عدوان وهو بالادوية والعقاقير.
102. 102. " ولقد علموا لمن اشتراه " أي تعلمه.
103. 103. يقتل الساحر ولا يستتاب لأنه حد.
104. 104. الزحف: كل منهما يخاف الآخر.
105. 105. من تخصيص السنة بالكتاب: " الآن خفف الله عنكم " خصص حديث اجتنبوا السبع الموبقات، وقوله عز وجل " يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات " خصص أحد شروط صلح الحديبية.
106. 106. قذف المحصنات: هن الحرائر على الصحيح، وقيل العفيفات عن الزنى.
107. 107. " ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا " قيل إن مبنى الرد على الفسق فإذا زال وهو المانع من قبول الشهادة زال ما يترتب عليه. وينبغي في مثل هذا أي يقال إنه يرجع إلى نظر الحاكم … ..
108. 108. سـ هل يستتاب المرتد؟ جـ يرجع إلى اجتهاد الإمام.
109. 109. كل من له نصيب في الآخرة فمآله إلى الجنة.
110. 110. " للذين يعملون السوء بجهالة " المراد بالجهالة ضد الرشد وهو السفه، لا ضد العلم.
111. 111. النوع أخص من الجنس، وقد يكون الجنس نوعا باعتبار ما فوقه.
112. 112. علم النجوم: الأول: تأثير، الثاني: تسيير.
113. 113. أقسام النظرة إلى النجوم.
114. 114. أصل التطير التشاؤم لكن إضيفت إلى الطير لأن غالب التشاؤم عند العرب بالطير.
115. 115. ألا هل انبئكم ما العضْه.
116. 116. من البيان سحر: هل هو على سبيل الذم أم المدح أو لبيان الواقع ثم ينظر إلى أثره؟ الجواب: الأخير فالبيان من حيث هو بيان، لا يمدح عليه ولا يذم، ولكن ينظر إلى أثره، والمقصود منه ….
117. 117. التعبد لله بما لا تعرف حكمته أبلغ من التعبد بما تعرف حكمته.
118. 118. قالوا: لا عبرة بتصحيح الحاكم، ولا بتوثيق ابن حبان، ولا بوضع ابن الجوزي، ولا بإجماع ابن المنذر.
119. 119. تقسيم شيخ الإسلام استخدام الإنس للجن.
120. 120. أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ.
121. 121. نظم إبن سعدي في بناء الجامع.
جد بالرضا واعط المنى من ساعد في ذا البنا
تارخه حين انتهى قول المنيب اغفر لنا
والشهر في شوال يا رب تقبل سعينا
فقوله: " اغفر لنا " لو عددناها صارت 1362
122. 122. رجل به طب: هذا من التفاؤل.
123. 123. " طائركم معكم ": مصاحب لكم فيما يحصل لكم، فإنه منكم ومن أعمالكم.
124. 124. ينبغي أن تقف على قوله " ذكرتم " في قوله " أإن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون ".
125. 125. روي أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جاءه مجذوم؛ فأخذ بيده وقال: " كل من الطعام " - الذي كان يأكل منه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ - لقوة توكله ـ صلى الله عليه وسلم ـ. فهذا التوكل مقاوم للسبب المعدي.
126. 126. الأنواء هي: منازل القمر وهي ثمان وعشرون منزلة، كل منزلة لها نجم تدور بمدار السنة.
127. 127. في عصرنا الحاضر يعلق المطر بالضغط الجوي والمنخفض الجوي وهذا وإن كان قد يكون سببا حقيقيا؛ ولكن لا يفتح هذا الأمر للناس، بل الواجب أن يقال: هذا من رحمة الله ….فتعليق المطر بالمنخفضات الجوية من الأمور الجاهلية التي تصرف الإنسان عن تعلقه بربه. فذهبت أنواء الجاهلية، وجاءتنا المنخفضات الجوية.
128. 128. الصبر واجب والرضى مستحب.
129. 129. " فمن كان يرجو لقاء ربه " أي الملاقاة الخاصة.
130. 130. الطعن في الأنساب: نفيها، والعيب فيها.
131. 131. انتكس: انتكست عليه الأمور.
132. 132. أنواع الرياء
133. 133. تحريم الحلال أشد من تحليل الحرام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/500)
ـ[الظافر]ــــــــ[26 - 11 - 04, 02:56 ص]ـ
المجلد الثالث
134. 134. قاضي قضاة البلدة الفلانية يجوز مع أنه لاينبغي.
135. 135. التسمي بشيخ الإسلام لا يمكن أن يصح إذ أن أبا بكر أحق بهذا الوصف، لكن إذا قصد أنه جدد في الإسلام ….فلا بأس.
136. 136. " حجة الله ": لا حجة لله على عباده إلا الرسل.
137. 137. " آية الله " في الغالب فيه مبالغة.
138. 138. " لن يخلقوا ذبابا " على سبيل المبالغة فلا مفهوم له قلة أو كثرة.
139. 139. المالك هو الذي له التصرف بشئ معين كمالك السيارة، والملك: من ملك السلطة لكن قد يفعل ويكون ملك مالكا، وقد لا يفعل ويكون ملكا وليس بمالك.
140. 140. معنى إحصاء أسماء الله: أولا: الإحاطة بها لفظا، ثانيا: فهمها معنى، ثالثا: التعبد بمقتضاها وله وجهان، الأول: أن تدعو بها، الثاني: أن تتعرض في عبادتك لما تقتضيه هذه الأسماء.
141. 141. الكنية قد تكون لمصاحبة الشئ كأبي هريرة، أو مجرد علم كأبي بكر، أو للذم كأبي جهل، أو للمدح كأبي الحكم أو للولد.
142. 142. إن الإنسان يلزمه الرضى بالقضاء ولا يلزمه الرضى بالمقضي.
143. 143. جواز التمثيل (أي التمثيليات) – بضوابط -
144. 144. بطلان القصة المنسوبة لآدم وحواء في جعل الشركاء لله.
145. 145. " خلقكم من نفس واحدة " أي آدم، أو من جنس واحد كما في قوله تعالى: (لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم). أي من جنسهم.
146. 146. " فمرت به ": تجاوزت الحمل من غير تعب ولا إعياء.
147. 147. إبليس: فعليل، قيل من أبلس إذا يئس، لأنه يئس من رحمة الله تعالى.
148. 148. " الحسنى " مؤنث الأحسن.
149. 149. العمل يطلق على القول والفعل
150. 150. أقسام الإلحاد في آيات الله.
151. 151. خطأ إطلاق السيدة على المرأة، قال سبحانه: " وألفيا سيدها لدى الباب "، وقال عز وجل: " الرجال قوامون على النساء "، وقال الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " إن النساء عوان عندكم "، وقال في الرجل " راع ومسؤول عن رعيته ".
152. 152. معنى السلام عليكم: "السلام " اسم السلام عليكم أي بركه الاسم، السلامة من الله.
153. 153. علة النهي عن لفظة " إن شئت " في الدعاء.
154. 154. هل يجزم الداعي بالإجابة؟
جـ إذا كان الأمر عائدا إلى قدرة الله فهذا يجب أن تجزم بأن الله قادر على ذلك قال تعالى: (ادعوني أستجب لكم).
أما من حيث دعائك أنت باعتبار ما عندك من الموانع، أو عدم توافر الأسباب فإنك قد تتردد، ومع ذلك ينبغي أن تحسن الظن بالله، لأن الله – عز جل – قال: (ادعوني أستجب لكم) فالذي وفقك لدعائك أولا، سيمن عليك آخرا لا سيما إذا اتى الإنسان بأسباب الإجابة، وتجنب الموانع.
155. 155. الأورق: الأشهب الذي بين البياض والسواد.
156. 156. تقسيم الحكم في قول عبدي، وربك.
157. 157. في لفظ في الحديث " ربتها "، وآخر " ربها ".
158. 158. لا بأس بقول مولاي.
159. 159. في الدعوة للعرس بالبطاقات إن علم أو غلب على ظنه أنه مقصود فلها حكم المشافهة.
160. 160. المكافأة على الهدية فيها فائدتان: الأولى: التشجيع على فعل المعروف، الثانية: كسر الذل الذي يحصل.
161. 161. معنى أن الله خلق آدم على صورته.
162. 162. من الأدب عدم السؤال بوجه الله إلا غاية المطلوب، مع أن الحديث ضعفه بعض أهل العلم.
163. 163. لا بأس باستعمال " لو " في التمني أو الخبر المحض.
164. 164. " المؤمن القوي ": في إيمانه وما يقتضيه إيمانه، لا في البدن.
165. 165. " ولا تعجز " أي بعد الشروع في العمل.
166. 166. قصة الكسائي و النملة.
167. 167. " قدر الله " خبر لمبتدأ محذوف.
168. 168. توجيه ابن القيم لاحتجاج موسى وآدم.
169. 169. الظن: الاحتمال الراجح وقد يطلق على اليقين.
170. 170. " عليهم دائرة السوء " أي أن السوء محيط بهم.
171. 171. أكثر الناس يظنون بالله ظن السوء، وفتش عن نفسك.
172. 172. لا إِخالك.
173. 173. ذكر شيخ الإسلام في العقيدة الواسطية أن أهل السنة وسط بين فرق المبتدعة في خمسة أصول.
174. 174. " ولا حبة في ظلمات الأرض " تشمل ما تحت البحار.
175. 175. من فوائد الإيمان بالقدر منع إعجاب المرء بعمله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/1)
176. 176. ليس كل معلوم لله – سبحانه – مكتوبا.
177. 177. قال بعض الزنادقة:
يد بخمس مئين عسجد وديت ما بالها قطعت في ربع دينار
تناقض ما لنا إلا السكوت له ونستجير بمولانا من النار
لكنه أجيب في الرد عليه ردا مفحما فقيل فيه:
قل للمعري عار أيما عار جهل الفتى وهو من ثوب التقى عاري
يد بخمس مئين عسجد وديت لكنها قطعت في ربع دينا
حماية النفس أغلاها،وأرخصها حماية المال فافهم حكمة الباري
178. 178. دلالة أن للإيمان طعما.
179. 179. جرب نفسك لتحصيل حلاوة الإيمان.
180. 180. أهمية تلقين الأولاد الأحكام بأدلتها.
181. 181. أهمية تربية الأولاد على محبة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
182. 182. دليل في البخاري أن القلم ليس أول المخلوقات، وهو قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (كان الله ولم يكن شئ قبله وكان عرشه على الماء ثم خلق السموات والأرض وكتب في الذكر كل شئ). وهذا واضح في الترتيب، ولهذا كان الصواب بلا شك أن القلم بعد خلق العرش.
183. 183. سمي حديثا قدسيا لقداسته.
184. 184. الحديث القدسي معناه من الله ولفظه من الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
185. 185. جواز إطلاق الخلق على غير الله؛ أي خلق فلان كذا.
186. 186. الذرة واحدة الذر، وهي النمل الصغير.
187. 187. التصوير الفوتغرافي.
188. 188. وجوه الإشراف في القبر: الأول كبر الأعلام، النصايل أو النصائب
189. 189. تصوير الرأس وحده عندي فيه تردد.
190. 190. حفظ الأيمان له ثلاثة معاني صحيحة: الأول لا تكثروا الحلف بالله، الثاني: إذا حلفتم فلا تحنثوا، الثالث: إذا حلفتم فحنثتم فلا تتركوا الكفارة.
191. 191. الحلف الكاذب ممحقة للكسب إتلافا حسيا ومعنويا.
192. 192. " لا يزكيهم " معنى التزكية التوثيق والتعديل.
193. 193. الخيرية في القرن الأول خيرية عامة علىجميع الناس وليس على هذه الأمة فقط.
194. 194. كأني تنوين وأنت إضافة فأين تراني لا تحل جواري
195. 195. استقر أمر القدرية على إثبات العلم والتقدير وعلى نفي المشيئة والخلق.
196. 196. في ظلمات الأرض تشمل البحار.
197. 197. يكثر فيهم السمن أي يعتنون بأسباب السمن، أما السمن الذي لا اختيار للإنسان فيه فلا يذم عليه.
198. 198. " وقد جعلتم الله عليكم كفيلا " لأن الإنسان إذا عاهد غيره قال أعاهدك بالله أي أنه جعل عليه كفيلا.
199. 199. الجيش ما زاد على الأربعمائة، والسرية ما دون ذلك.
200. 200. أوصاه: الوصية: الإخبار بشئ على سبيل الاهتمام.
201. 201. " اغزوا باسم الله ": يحتمل مستعينين بالله، ويحتمل افتتاح الغزو باسم الله.
202. 202. معنى " عن يد " أي لا يرسل بها خادما.
203. 203. وهم صاغرون: أي بغير أبهة وجعل بعض العلماء إطالة وقوفهم.
204. 204. " أخفر " غدر، " خفر " أجار.
205. 205. الأصح أنهم ينزلون على حكم الله ورسوله، والنهي خاص في عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقط؛ لأنه العهد الذي يمكن أن يتغير فيه الحكم، إذ من الجائز بعد مضي هذا الجيش أن يغير الله هذا الحكم، إما بعد انقطاع الوحي فنزلهم على حكم الله واجتهادنا في إصابة حكم الله يعتبر صوابا. وإن حصل الاحتراز بأن يقول: ننزلك على ما نفهم من حكم الله ورسوله فهو أولى. واخترنا هذه العبارة لأنه قد يتغير الاجتهاد، ويأتي أمير آخر فيحارب هؤلاء أو غيرهم ثم يتغير الحكم، فيقول الكفار إن أحكام المسلمين متناقضة.
206. 206. الصحيح أخذ الجزية من عموم الكفار.
207. 207. أنكر شيخ الإسلام وابن القيم تقسم الدين إلى أصول وفروع.
208. 208. يجوز القسم على الله من باب قوة الرجاء وحسن الظن بالله بدليل قصة الربيع، وحديث "رب أشعث أغبر".
209. 209. " من ذا الذي " (ذا) ملغاة.
210. 210. من منع الزكاة تؤخذ وشطر ماله، وهل شطر ماله جميعا أم ما منع فيه الزكاة؟ راجع لاجتهاد الإمام.
211. 211. " وأحبطت عملك " يحتمل كل العمل، أو العمل الذي كنت تفتخر به.
212. 212. الشراك: سير النعل الذي بين الإبهام والأصابع.
213. 213. " ويحك ": منصوبة بعامل محذوف تقديره ألزمك الله ويحك، وهي وويل وويش متقاربة المعنى.
214. 214. خبر " يا خير من دفنت في القاع أعظمه باطل.
منقول من هذا الموقع: http://www.geocities.com/marhaba32/(29/2)
منهج الشيخ عبد القادر الأرناؤوط في العقيدة والدعوة
ـ[ابو عمرو الشامي]ــــــــ[29 - 11 - 04, 08:56 م]ـ
[ FONT=Traditional Arabic] منهج الشيخ عبد القادر الأرناؤوط في العقيدة والدعوة
هو شيخنا العلامة العالم المحدث السلفي الجريء القوال بالحق ولا تأخذه في الله لوم لائم، الذي امتلأت قلوب العامة والخاصة بمحبته ولهجت ألسنتهم بالثناء عليه.
ودعت دمشق والأمة الإسلامية يوم الجمعة 13/شوال1425هـ شيخنا الفاضل عبد القادر رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة آمين.
ولما لهذا العالم الكبير من الفضل علينا وعلى طلاب العلم وتأدية لقليل من حقه وعرفانا بجميله أحببت أن أكتب هذه الكليمات لعل الله أن ينفعنا بما نقرأ ونسمع، وإلا فإن الشيخ مكانته أعلى من أن ينبه عليها مثلي، وأركز في هذا المقال على منهج الشيخ في عقيدته ودعوته لحاجة طلاب العلم والمنتسبين للدعوة من الإفادة في ذلك فأقول:
أولاً: وضع الله سبحانه له القبول في قلوب الناس خاصتهم وعامهم وغرز فيها محبته، مع أنه كان رحمه الله لا يجاريهم ولا يستجيب لأهوائهم بل ينكر عليهم ويدلهم وينصح لهم ويرشدهم، ولقد شاهدت بنفسي وكثير من الأخوة يعرف ذلك أن الناس إذا سمعوا بأن الشيخ سيلقي كلمة في مكان عام أو خاص إلا وتهافت الناس إليه بالمئات لتسمع كلمته ثم تنصرف مثنية على علمه ونصحه مستفيدة مما قال قد أخذ نصحه شغاف القلوب.
ثانياً: كانت كلمات الشيخ ذات أسلوب جذاب ومقنع فكان رحمه الله يبدأ كلماته دائماً بقول÷: روى ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج والطبراني في معجمه الكبير وفلان وفلان عن الصحابي فلان أن رسول الله r قال: كذا وكذا ثم يتبعه بمجموعة أخرى من الأحاديث التي الناس بأمس الحاجة إليها وبصوت جهوري وطريقة عذبة في الإلقاء تشد السامع وذلك في المناسبات العامة والخاصة حتى في الدعوات التي تكون في البيوت أو المزارع ونحوها وكان رحمه الله يقول:إذا لم نشغل الناس بحديث رسول الله r اشتغلوا بالغبية وللأسف حتى طلاب العلم منهم!
ثالثاً: أنه كما أسلفت يهتم بذكر الأحاديث العامة التي تدل الناس على فعل الخي وتنهاهم عن المنكر وقد كان جمعها في رسالة صغيرة ينبغي لطلاب العلم أن يعتنوا بها.
رابعاً: أنه كان رحمه الله جرئاً لا يهاب ولا يخشى أحداً في الله مع تمام الحكمة في القول والتصرف وله مواقف في ذلك مشهودة مع المسؤولين يصعب ذكرها.
خامساً: كان رحمه الله واسع الصدر يتحمل الأذى من الناس ويحتسب ذلك في سبيل الله، وخاصة ما كان يلقاه من بعض مشايخ السوء والجهل الذين أعمى بنور علمه بصيرتهم فأتعبوه ووصل الأمر ببعضهم أن سعوا به إلى السلطة ووشوا به مرات عديدة إلى يوم وفاته وما نقموا منه إلا أنه رحمه الله يقول الحق ويدعو إليه ومن ذلك أنه مرة سئل عن حديث فقال: هذا حديث مكذوب موضوع فقيل له المفتي بالأمس شرحه فقال: هذا لا يجعله صحيحاً فوصله التهديد بأن لا يعترض وإلا .. وموقفه معروف في أحد خطبه حيث كان يبين للناس حكم الاحتفال بأعياد النصارى كعيد الميلاد فاستجوب على إثر ذلك ومنع من الخطابة وقيل له كيف تكفر النصارى؟! فقال: (إيه الله كفرهم مو أنا) فقال له المحقق: هؤلاء أهل كتاب وأنت تثير النعرات الطائفية في البلد! ...
سادساً: حرص الشيخ الشديد على المسلمين ودعوتهم إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة وقد كان يجيد لغة قومه وكان يذهب إلى ألبانيا وكسوفو وغيرها يدعوهم إلى الله تعالى ويحضر المؤتمرات والندوات في أماكن متفرقة من العالم.
سابعاً: كان رحمه الله تعالى على وحدة المسلمين وذلك بدعوتهم إلى الكتاب والسنة على فهم السلف فإذا اجتمعوا على ذلك قامت وحدتهم وينهى عن الخلاف والشقاق وسيئ الأخلاق وكان كثيرا ما يردد حيث ((وسوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل)).
ثامناً: كان سلفياً معتدلاً متوسطاً وكان ينصح طلاب العلم بذلك فإن التشدد في بعض المسائل جهل مطبق وخاصة فيمن لا يرى إلا في المسألة التي هي محل اجتهاد إلا قولاً واحداً وقد كان رحمه الله يعاني من هؤلاء كثيراً ويصفهم بأنهم غلاظ قساة ينفرون الناس عن الدين وعن الدعوة السلفية ويدعوهم إلى تفهم القول الآخر وأنه ليس ببدعة يهجر عليها وخاصة أن هناك من قال بهذا القول من السلف فكيف نصفه قوله بالبطلان أو الضلال أو البدعة ومن ذلك مسألة صيام يوم السبت والذهب المحلق وعدم أخذ الزكاة على عروض التجارة وتحريك الإصبع في التشهد والنزول على الركبيتن أو القدمين والزيادة في بيع التقسيط ونحوها من المسائل مع أنه ربما يقول في بعضها بقولهم ولكن ينصحهم دائماً بالحكمة في دعوة الناس حتى أنه مرة كان يبين لبعض الطلاب هذا المنهج وينهاهم عن الغلظة في الدعوة وكان بعض هؤلاء حاضراً فقال له وبغلظة: ياشيخ كيف بتكون الغلظة فقال الشيخ: هذه هي يقصد بطريقة كلامك هذه فقام المعترض وخرج من المجلس.لذلك فقد عانى الشيخ من طريقة بعض أولئك وقد ناله بسببهم الأذى حتى قال أنه منع من الخطابة والتدريس بسببهم
تاسعاً: كان رحمه الله ينهى طلاب العلم عن الفرقة الاختلاف وعن التصنيف والتنابز بالألقاب ويدعوهم إلى التحلي بكريم الأخلاق والخصال الحميدة ويثني على من ووفق إلى ذلك منهم.
فرحم الله شيخنا رحمة واسعة ونفعنا بعلمه ومنهجه في الدعوة إلى الله تعالى.
أبو عمرو الشامي(29/3)
هل اختلف أهل العلم في جواز الحلف بغير الله؟
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[30 - 11 - 04, 12:41 ص]ـ
حيث إن كلام القرطبي ـ رحمه الله تعالى ـ فيه إشارة إلى ذلك بذكر الخلاف في قراءة الجر في قوله تعالى ((و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام)) ـ بجر كلمة الأرحام عطفا على الضمير العائد على لفظ الجلالة ـ فيكون التساؤل بالله تعالى و بالأرحام ـ
و يعضده في عدم تحقق الإجماع في المسألة كلام الدكتور السايس حيث يقول في تفسيره لآيات الأحكام: (و تدل الآية أيضا على تقدير التساؤل بالأرحام لاسيما على قراءة حمزة، و اعترض ذلك ابن عطية وزعم أن الحديث الصحيح يرده، فقد أخرج الشيخان عنه صلى الله عليه و سلم: " من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ") 2/ 197 مؤسسة المختار
فتأمل إلى أنه اعترض على ما فهمه من قراءة الجر بالتعارض مع الحديث الصحيح، لا مع الإجماعِ، إذ لو كان إجماعا لكان أقوى و أولى أن يعترض به
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[30 - 11 - 04, 08:27 ص]ـ
في الموسوعة الفقهية
ولا خلاف بين الفقهاء أيضاً في أنّ الحلف بغير اللّه منهيّ عنه، لكن في مرتبة هذا النّهي اختلاف، والحنابلة قالوا: إنّه حرام إلاّ الحلف بالأمانة، فإنّ بعضهم قال بالكراهة، والحنفيّة قالوا مكروه تحريماً، والمعتمد عند المالكيّة والشّافعيّة أنّه تنزيهاً.
وصرّح الشّافعيّة أنّه إن كان بسبق اللّسان من غير قصدٍ فلا كراهة، وعليه يحمل حديث الصّحيحين! في قصّة الأعرابيّ - الّذي قال لا أزيد على هذا ولا أنقص - أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «أفلح وأبيه إن صدق» انتهى.
ولفظة وأبيه في بعض روايات مسلم وهي شاذة.
وللدكتور باسم الجوابرة رسالة جمع فيها مرويات الحلف بالله أوبغيره في السنة النبوية.
وقال ص 11 (وقد ظهر لي من خلال هذا البحث أن جميع الأحاديث التي فيها جواز الحلف بغير الله هي إما شاذة أو ضعيفة من الناحية الحديثية كما حكم به أئمة الحديث وعلماؤه) انتهى.
وأما ما جاء في قراءة حمزة بالجر فهي صحيحة في العربية وقرأ بها حمزة ومجاهد وكفا بهما حجة، ولم يأت من ردها بزعمه أنها مخالفة لقواعد اللغة بحجة بل هي قراءة صحيحة ثابتة، ولكن المعنى في فهما.
فالمعنى الصحيح لها أنها لاتدل على القسم أو الحلف بالأرحام وإنما تدل على السؤال بحق الرحم
فلو قال قائل لقريبه (اسألك بما بيني وبينك من الرحم إلا فعلت كذا وكذا) لجاز هذا ولم يكن من الحلف أو القسم بغير الله، وهذا ما تدل عليه الآية.
وللإمام ابن تيمية رحمه الله كلام نفيس في كتابه قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة فيها تفصيل مفيد.
ـ[أحمد الشبلي]ــــــــ[30 - 11 - 04, 09:40 ص]ـ
قال ابن تيمية في الجواب الباهر:
(((ولهذا تنازع الناس هل يحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ مع اتفاقهم بأنه لا يحلف بشيء من المخلوقات المعظمة كالعرش والكرسي والكعبة والملائكة فذهب جمهور العلماء كمالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد في أحد قوليه إلى أنه لا يحلف بالنبي ولا تنعقد اليمين كما لا يحلف بشيء من المخلوقات ولا تجب الكفارة على من حلف بشيء من ذلك وحنث فإنه صلى الله عليه وسلم قد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: لا تحلفوا إلا بالله. وقال من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت وفي السنن من حلف بغير الله فقد أشرك وعن أحمد بن حنبل رواية أنه يحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم خاصة لأنه يجب الإيمان به خصوصا ويجب ذكره في الشهادتين والأذان فللإيمان به اختصاص لا يشركه فيه غيره وقال ابن عقيل بل هذا لكونه نبيا وطرد ذلك في سائر الأنبياء مع أن الصواب الذي عليه عامة علماء المسلمين سلفهم وخلفهم أنه لا يحلف بمخلوق لا نبي ولا غير نبي ولا ملك من الملائكة ولا ملك من الملوك ولا شيخ من الشيوخ والنهي عن ذلك نهي تحريم عند أكثرهم كمذهب أبي حنيفة وغيره وهو أحد القولين في مذهب أحمد كما تقدم حتى أن ابن مسعود وابن عباس وغيرهما يقول أحدهم لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغير الله صادقا))) انتهى
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[01 - 12 - 04, 05:49 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا الفقيه وبارك فيك على النقل المفيد
و ما ذهبتم إليه هو ما يطمئن إليه قلبي و هو أيضا ما ذهب إليه الدكتور السايس صاحب تفسير آيات الأحكام المقرر لدينا في الأزهر
و لكن ألا ترون أن ما نقلتم عن الموسوعة من الاتفاق على النهي عن الحلف بغير الله تعالى معارض بما نقله الأخ الشبلي عن ابن تيمية من تنازع الناس في الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ حيث مقتضى كلامه أن الخلاف متردد بين الإباحة و عموم المنع و ليس بين الكراهة والحرمة
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[02 - 12 - 04, 04:24 م]ـ
بارك الله في الجميع
الذي نقله ابن تيمية رحمه الله عن الإمام أحمد في رواية عنه خاص فقط بالنبي صلى الله عليه وسلم فلا يعارض المنع فيما سواه، فالإتفاق على النهي والمنع من الحلف بغير الله يبقى على عمومه ويخص منه على رواية عن أحمد الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم للعلة التي ذكرها ابن تيمية رحمه الله.
فلايجوز الحلف بغير الله تعالى لابنبي ولابغيره لعموم الأحاديث الصريحة في النهي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/4)
ـ[حارث همام]ــــــــ[02 - 12 - 04, 10:17 م]ـ
قرأت ما عُلِّق فدارت في الرأس خواطر لم تختمر، ولكنها فروع أسست على أصول، وأصول شرعت على محصول، فأحببت أن أعلقها مختزلة، بعد الرجوع إلى النقول المعتبرة، لعل فائدة تثبت، أو وهم يرفع:
مسألة العطف على الضمير قال جمهور البصريين بعدم جوازها ما لم يعد المعطوف بحرف الجر خلافاً لجمهور أهل الكوفة. ورجح أبوحيان (وهو صاحب! شيخ الإسلام المعروف) قول الكوفيين بالجواز لوروده، غير أن المبرد -وحسبك به- أفاد بأن من أجازه من غيرهم فعلى القبح حال الاضطرار كما في قول الشاعر:
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا * فاذهب فما بك والأيامِ من عجب
ولهذا قال في قراءة حمزة: وهذا لايجوز عندنا إلاّ أن يضطر إليه شاعر ومثل بما سبق.
بل نقلوا عنه في كتاب التذكرة المهدية "أن أبا العباس المبرد قال: لو صليت خلف إمام يقرأ (ما أنتم بمصرخي) و (اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام) [يعني بالعطف على الضمير]، لأخذت نعلي ومضيت. قال: الزجاج قراءة حمزة مع ضعفها وقبحها في العربية خطأ عظيم في أصول أمر الدين لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تحلفوا بآبائكم فإذا لم يجز الحلف بغير الله فكيف يجوز بالرحم".
وهكذا كرهها سيبويه وغيرهم من فطاحلة اللغة.
ولهذا قال الزمخشري في الكشاف في جرها (الأرحام) عطفاً على الضمير بغير تكرار العامل: "وليس بسديد؛ لأن الضمير المتصل متصل كاسمه، والجار والمجرور كشيء واحد، فكانا في قولك: مررت به وزيد و هذا غلامه وزيد شديدي الاتصال، فلما اشتد الاتصال لتكرره أشبه العطف على بعض الكلمة، فلم يجز ووجب تكرير العامل، كقولك: مررت به وبزيد و هذا غلامه وغلام زيد ألا ترى إلى صحة قولك: رأيتك وزيداً و مررت بزيد وعمرو لما لم يقو الاتصال، لأنه لم يتكرر، وقد تمحل لصحة هذه القراءة بأنها على تقدير تكرير الجار ونظيرها.
فاذهب فما بك والأيام من عجب".
وقال القرطبي: "فأما البصريون فقال رؤساؤهم هو لحن لا تحل القراءة به، وأما الكوفيون فقالوا هو قبيح ولم يزيدوا على هذا، ولم يذكروا علة قبحه، قال النحاس: فيما علمت وقال سيبويه لم يعطف على المضمر المخفوض لأنه بمنزلة التنوين والتنوين لا يعطف عليه".
بيد أن القشيري شنع على أهل اللغة في ذلك واختار العطف وقال كما نقل القرطبي: "ومثل هذا الكلام [كلام أهل اللغة الآنف طرف منه] مردود عند أئمة الدين لأن القرءات التي قرأ بها أئمة القراء ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم .. وإذا ثبت شئ عن النبي صلى الله عليه وسلم فمن رد ذلك فقد رد على النبي صلى الله عليه وسلم واستقبح ما قرأ به وهذا مقام محذور ولا يقلد فيه أئمة اللغة والنحو فإن العربية تتلقى من النبي صلى الله عليه وسلم ولا يشك أحد في فصاحته وأما ما ذكر من الحديث ففيه نظر لأنه عليه السلام قال لأبي العشراء وأبيك لو طعنت في خاصرته ثم النهي إنما جاء في الحلف بغير الله وهذا توسل إلى الغير بحق الرحم فلا نهى فيه".
فهو يسوغ بذلك جواز الحلف بغير الله ويرد به على من استقبحه معنى.
ثم يذكر تخريجاً آخر:
"وقد قيل هذا إقسام بالرحم أي اتقوا الله وحق الرحم كما تقول افعل كذا وحق أبيك" ثم حكم عليه بأنه تكلف.
قال القرطبي متعقباً له: "لا تكلف فيه فإنه لا يبعد أن يكون والأرحام من هذا القبيل فيكون أقسم بها كما أقسم بمخلوقاته الدالة على وحدانيته وقدرته تأكيدا لها حتى قرنها بنفسه والله أعلم، ولله أن يقسم بما شاء ويمنع ما شاء ويبيح ماشاء".
فهو عند القرطبي وجه ثان لتخريج قراءة الخفض، وحاصله أن (والأرحامِ) إقسام من الله بها فكأن المعنى: فاتقوا الله الذي تساءلون به، وحق الأرحام. والله يقسم بما شاء من خلقه ويسأل بما شاء.
ثم ذكر تخريجاً ثالثاً يعود إلى الأول وأشار إليه بما ختم به التخريج الثاني في قوله: "ويمنع ماشاء ويبيح ما شاء" وهذا حاصله ما اختاره القشيري في التخريج الأول وأبو حيان من بعده غير أن القرطبي كأبي حيان (وهو من اللغويين) يرى أنه ليس بمستقبح لغة لوروده في أشعار العرب وهو كثير، ولا معنى لأن الله يمنع ما شاء ويبيح ما شاء وهذا مما أباحه هنا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/5)
ولعل الصواب أن يقال: اللغة وأهلها العالمون بها حاكمون علينا في ذلك وقولهم يقضي ببطلان التخريجات المذكورة وذكره في شعر العرب من باب الضرورة فإن قالوا -ولعلها حجة أبي حيان- بل جاء لغير الضرورة في كلامهم الذي حكاه سيبويه: "مافيها غيره وفرسه" أي غيره وغير فرسه فعطف ظاهر على مضمر لغير ضرورة. ولعل هذا غير مسلم به لأمور: منها أن نقله لايعني عدم استقباحه عندهم، ومن نقله (سيبويه) هو من نقل استقباحهم له، واستقباح شيء من كلام العرب الأقحاح وارد كما استقبحت أشاء في معلقة عبيد بن الأبرص فإن فيها من عيوب القافية أشياء لاتنكر مع أنها معلقة، وكذلك أثرت في أبيات لبعض فحول الجاهلية أشياء. ثم وجه آخر وهو أن يقال غير الأولى في هذا الكلام غير غير الثانية! فأما الأولى كل إنسان سواه، وأما الثانية فكل حيوان إلاّه، فعاد المعنى إلى تقدير محذوف عامل وليس عطفاً مجرداً عن معنى آخر. وبهذا يظل الصواب قول جمهور البصريين وأئمة اللغة كالزجاج والمبرد وسيبويه وغيرهم.
فأما تخريج القشيري الأول فباطل لغة ومعنى أما معنى فلثبوت النهي عن الحلف بغير الله، وحديث أبي العشراء لايثبت فإن في سماعه عن أبيه نظر كما أن فيه جهالة بالإضافة إلى أن حماد بن سلمة (الراوي عنه) لم يحدث به عنه فبينهم واسطة لم تسم كما أشار ابن عدي، فالحديث مليء العلل.
ولو عارضه بحديث مسلم: "أفلح وأبيه" لكان أقرب على أن الخلاف في تخريج معنى حديث مسلم وهل هو قسم أو لا عريض لايسلم له به ولعله لهذا السبب لم يحتج به، فضعف دلالته على المعنى الذي عارض به النص ظاهر لايسلم له به المخالف، وهو يقصد إقامة الحجة على المخالف فجاء بحديث أظهر في المعنى الذي أراد ظن ثبوته وهو خطأ.
وأما التخريج الثاني: وهوحمله على أنه سؤال من الله بحق الرحم، وهو ضرب من القسم، فليس بسديد، وفيه تكلف كما قال القشيري، لأنك السؤال بالحق يناسب عند من ملك الحق، ولايسوغ معنىً أن أسألك بحق غيرك، فلا أقول للأخ الحبيب محمد رشيد مثلاً هبني كذا أو اعطني كذا لأن للشيخ عبدالرحمن الفقيه حق عليك! وإنما يسوغ ذلك إذا كنتُ أنا مالك الحق فأقول له اعطني كذا بحقي عليك ونحوه. والله عزوجل ليس بينه وبين أحد من الخلق نسب أو رحم فيسأل بها، وليس وراء السؤال بحقوق الرحم بين المخلوقين معنى ذو قيمة، ولهذا هو تكلف غير سائغ.
وعليه إذا بان بطلان التخريجات التي ذكروها فهل نقول إن قراءة حمزة شاذة غير مقبولة ونصنع ما صنع المبرد؟
الجواب لا، ولعل التحقيق أن يقال بل هنا تقدير باء محذوفة، والمعنى فاتقوا الله الذي تساءلون به وبالأرحام. أي (بالله وبالرحم).
غير أن الباء الأولى ليست هي الباء الثانية، فالأولى باء القسم والثانية باء السببية.
ولعل هذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية فقد قال في رده على البكري: "فعلى قراء الخفض فقط قال طائفة من السلف هو قولهم أسألك بالله وبالرحم وهذا إخبار عن سؤالهم بالرحم أي بسبب الرحم أي الرحم توجب لأصحابها بعضهم على بعض، فيكون سؤالهم بالرحم كسؤال الثلاثة بأعمالهم الصالحة ... وكسؤالنا بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعته، ومن هذا الباب ما روى أن عبدالله بن جعفر كان إذا سأل عليا سأله بحق جعفر أعطاه وليس هذا من باب الإقسام فإن الإقسام بغير جعفر أعظم بل الباء هنا باء السبب فحقه من باب حق الرحم".
وبهذا التخريج يصح قول أئمة اللغة ومتقدميهم الذين منعوا و استقبحوا عطف الظاهر على المضمر إلاّ للضرورة التي ينزه عنها كلام الباري سبحانه، وفي نفس الوقت يصح تخريج القراءة الثابتة بوجه لغوي مقبول، ولهذا لعل قول شيخ الإسلام هو منتهى التحقيق في المسألة والله أعلم.
وعليه فاستدلال من سوغ الحلف بغير الله بالآية ضعيف مستقبح لغة ومعنى. على أنه لوثبت أنه عطف مجرد لما صح الاحتجاج به على جواز الحلف بغير الله، فإن المعنى حينها والأرحام التي تقسمون (تسائلون) بها على بعضكم، قال شيخ الإسلام: "ومن السؤال ما لا يكون مأموراً به والمسئول مأمور بإجابة السائل، قال تعالى" (وأما السائل فلا تنهر)، وقال تعالى: (والذين فى أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم)، ... الحديث: إن أحدكم ليسألنى المسألة فيخرج بها يتأبطها ناراً، وقوله: اقطعوا عنى لسان هذا"، فيكون السؤال بها هنا سؤلاً غير مشروع وإن شرعت
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/6)
مراعاة جوابه لما لصاحب الرحم على المسؤول من حق، ولايعارض هذا بدلالة الاقتران بالمشروع فإنها ضعيفة عند جمهور الأصوليين ولاسيما إذا قام ما يعارضها، والحلف بالأرحام كان معهوداً عند أهل الجاهلية (ذكر ذلك غير واحد من أهل العلم) فحديث العهد بالإسلام ربما وقع فيه.
وهذا تأويل يصار إليه عند من أبى إلاّ القول بعطف القسم تنزلاً، ويستدل له بالأحاديث من نحو من كان حالفاً فليحلف بالله، والله أعلم.
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[02 - 12 - 04, 11:44 م]ـ
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، وكما تفضلت أن كلام الإمام ابن تيمية رحمه الله كلام موفق مسدد
ولعلي أذكر بعض النقولات الأخرى عنه حول هذه المسألة للفائدة
قال في قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة
وأما السؤال بالمخلوق إذا كانت فيه باء السبب ليست باء القسم ـ وبينهما فرق ـ فإن النبى صلى الله عليه وسلم أمر بإبرار القسم، وثبت عنه فى الصحيحين أنه قال: (إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره) قال ذلك لما قال أنس بن النضر: أتكسر ثنية الرُّبيع؟ قال: لا والذى بعثك بالحق لا تكسر سنها. فقال: (يا أنس، كتاب الله القصاص)، فرضى القوم وعفوا، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره)، وقال: (رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره) رواه مسلم وغيره، وقال: (ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف، لو أقسم على الله لأبره. ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر) وهذا فى الصحيحين. وكذلك حديث أنس بن النضر والآخر من أفراد مسلم.
وقد روى فى قوله: (إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره) أنه قال: (منهم البراء بن مالك) وكان البراء إذا اشتدت الحرب بين المسلمين والكفار يقولون: يا براء أقسم على ربك. فيقسم على الله فتنهزم الكفار. فلما كانوا على قنطرة بالسوس قالوا: يا براء، أقسم على ربك. قال: يا رب أقسمت عليك لما منحتنا أكتافهم، وجعلتنى أول شهيد. فأبر الله قسمه فانهزم العدو واستشهد البراء بن مالك يومئذ. وهذا هو أخو أنس بن مالك، قتل مائة رجل مبارزة غير من شرك فى دمه، وحمل يوم مسيلمة على ترس ورمى به إلى الحديقة حتى فتح الباب.
والإقسام به على الغير أن يحلف المقسم على غيره ليفعلن كذا، فإن حنثه ولم يبر قسمه فالكفارة على الحالف لا على المحلوف عليه عند عامة الفقهاء، كما لو حلف على عبده أو ولده أو صديقه ليفعلن شيئاً ولم يفعله، فالكفارة على الحالف الحانث.
وأما قوله: [سألتك بالله أن تفعل كذا] فهذا سؤال وليس بقسم، وفى الحديث: (من سألكم بالله فأعطوه) ولا كفارة على هذا إذا لم يجب سؤاله. والخلق كلهم يسألون الله، مؤمنهم وكافرهم، وقد يجيب الله دعاء الكفار، فإن الكفار يسألون الله الرزق فيرزقهم ويسقيهم، وإذا مسهم الضر فى البحر ضل من يدعون إلا إياه، فلما نجاهم إلى البر أعرضوا وكان الإنسان كفورا، وأما الذين يقسمون على الله فيبر قسمهم فإنهم ناس مخصوصون. فالسؤال كقول السائل لله: أسألك بأن لك الحمد، أنت الله المنان، بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام. وأسألك بأنك أنت الله الأحد الصمد، الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. وأسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته فى كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به فى علم الغيب عندك.
فهذا سؤال الله تعالى بأسمائه وصفاته، وليس ذلك إقساماً عليه؛ فإن أفعاله هى مقتضى أسمائه وصفاته، فمغفرته ورحمته من مقتضى اسمه الغفور الرحيم، وعفوه من مقتضى اسمه العفو؛ ولهذا لما قالت عائشة للنبى صلى الله عليه وسلم: إن وافقت ليلة القدر ماذا أقول؟ قال: (قولى: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنى).
وهدايته ودلالته من مقتضى اسمه الهادى، وفى الأثر المنقول عن أحمد بن حنبل أنه أمر رجلاً أن يقول: يا دليل الحيارى، دلنى على طريق الصادقين، واجعلنى من عبادك الصالحين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/7)
وجميع ما يفعل الله بعبده من الخير من مقتضى اسمه الرب؛ ولهذا يقال فى الدعاء: يا رب، يا رب، كما قال آدم: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23]، وقال نوح: {رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ} [هود: 47]، وقال إبراهيم: {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ} [إبراهيم: 37] وكذلك سائر الأنبياء. وقد كره مالك وابن أبى عمران من أصحاب أبى حنيفة وغيرهما أن يقول الداعى: يا سيدى، يا سيدى. وقالوا: قل كما قالت الأنبياء: ربِّ، رَبِّ. واسمه (الحى القيوم) يجمع أصل معانى الأسماء والصفات، كما قد بسط هذا فى غير هذا الموضع؛ ولهذا كان النبى صلى الله عليه وسلم يقوله إذا اجتهد فى الدعاء.
فإذ سئل المسؤول بشىء ـ والباء للسبب ـ سئل بسبب يقتضى وجود المسؤول.
فإذا قال: أسألك بأن لك الحمد أنت الله المنان، بديع السموات والأرض، كان كونه محموداً مناناً، بديع السموات والأرض يقتضى أن يمن على عبده السائل، وكونه محموداً هو يوجب أن يفعل ما يحمد عليه، وحمد العبد له سبب إجابة دعائه؛ ولهذا أمر المصلى أن يقول: (سمع الله لمن حمده) أى استجاب الله دعاء من حمده، فالسماع هنا بمعنى الإجابة والقبول كقوله صلى الله عليه وسلم: (أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعاء لا يسمع) أى لا يستجاب.
ومنه قول الخليل فى آخر دعائه: {إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء} [إبراهيم: 39] ومنه قوله تعالى: {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} [التوبة: 47]، وقوله: {وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ} [المائدة: 41] أى: يقبلون الكذب، ويقبلون من قوم آخرين لم يأتوك؛ ولهذا أمر المصلى أن يدعو بعد حمد الله بعد التشهد المتضمن الثناء على الله ـ سبحانه.
وقال النبى صلى الله عليه وسلم لمن رآه يصلى ويدعو، ولم يحمد ربه ولم يصل على نبيه فقال: (عَجِل هذا)، ثم دعاه فقال: (إذا صلى أحدكم فليبدأ بحمد الله والثناء عليه وليصل على النبى صلى الله عليه وسلم، وليدع بعد بما شاء)، أخرجه أبو داود والترمذى وصححه.
وقال عبد الله بن مسعود: كنت أصلى والنبى صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر معه، فلما جلست بدأت بالثناء على الله ثم بالصلاة على نبيه، ثم دعوت لنفسى فقال النبى صلى الله عليه وسلم: (سل تعطه). رواه الترمذى وحسنه.
فلفظ السمع يراد به إدراك الصوت، ويراد به معرفة المعنى مع ذلك ويراد به القبول والاستجابة مع الفهم. قال تعالى: {وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأسْمَعَهُمْ} ثم قال: {وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ} على هذه الحال التى هم عليها لم يقبلوا الحق ثم {لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ} [الأنفال: 23]، فذمهم بأنهم لا يفهمون القرآن ولو فهموه لم يعملوا به. وإذا قال السائل لغيره: أسأل بالله، فإنما سأله بإيمانه بالله، وذلك سبب لإعطاء من سأله به، فإنه سبحانه يحب الإحسان إلى الخلق، لا سيما إن كان المطلوب كف الظلم، فإنه يأمر بالعدل وينهى عن الظلم، وأمره أعظم الأسباب فى حض الفاعل، فلا سبب أولى من أن يكون مقتضيا لمسببه من أمر الله تعالى.
وقد جاء فى حديث رواه أحمد فى مسنده وابن ماجه، عن عطية العوفى عن أبى سعيد الخدرى، عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه عَلَّم الخارج إلى الصلاة أن يقول فى دعائه: (وأسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاى هذا، فإنى لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا رياء ولا سمعة، ولكن خرجت اتقاء سخطك، وابتغاء مرضاتك).
فإن كان هذا صحيحاً فحق السائلين عليه أن يجيبهم، وحق العابدين له أن يثيبهم، وهو حق أوجبه على نفسه لهم، كما يسأل بالإيمان والعمل الصالح الذى جعله سبباً لإجابة الدعاء كما فى قوله تعالى: {وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ} [الشورى: 26].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/8)
وكما يسأل بوعده؛ لأن وعده يقتضى إنجاز ما وعده، ومنه قول المؤمنين: {رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ} [آل عمران: 193]، وقوله: {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ} [المؤمنون: 109، 110].
ويشبه هذا مناشدة النبى صلى الله عليه وسلم يوم بدر حيث يقول: (اللهم أنجز لى ما وعدتنى). وكذلك ما فى التوراة: أن الله تعالى غضب على بنى إسرائيل، فجعل موسى يسأل ربه ويذكر ما وعد به إبراهيم، فإنه سأله بسابق وعده لإبراهيم.
ومن السؤال بالأعمال الصالحة: سؤال الثلاثة الذين أووا إلى غار، فسأل كل واحد منهم بعمل عظيم أخلص فيه لله؛ لأن ذلك العمل مما يحبه الله ويرضاه، محبة تقتضى إجابة صاحبه. هذا سأل ببره لوالديه، وهذا سأل بعفته التامة، وهذا سأل بأمانته وإحسانه.
وكذلك كان ابن مسعود يقول وقت السحر: اللهم أمرتنى فأطعتك، ودعوتنى فأجبتك، وهذا سحر فاغفر لى، ومنه حديث ابن عمر: أنه كان يقول على الصفا: (اللهم إنك قلت ـ وقولك الحق ـ: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]، وإنك لا تخلف الميعاد)، ثم ذكر الدعاء المعروف عن ابن عمر أنه كان يقوله على الصفا.
فقد تبين أن قول القائل: [أسألك بكذا] نوعان: فإن الباء قد تكون للقسم، وقد تكون للسبب، فقد تكون قسما به على الله، وقد تكون سؤالاً بسببه.
فأما الأول: فالقسم بالمخلوقات لا يجوز على المخلوق فكيف على الخالق؟
وأما الثانى ـ وهو السؤال بالمعظم ـ: كالسؤال بحق الأنبياء فهذا فيه نزاع، وقد تقدم عن أبى حنيفة وأصحابه أنه لا يجوز ذلك. ومن الناس من يجوز ذلك، فنقول: قول السائل لله تعالى: [أسألك بحق فلان وفلان من الملائكة والأنبياء والصالحين وغيرهم، أو بجاه فلان أو بحرمة فلان] يقتضى أن هؤلاء لهم عند الله جاه، وهذا صحيح.
فإن هؤلاء لهم عند الله منزلة وجاه وحرمة يقتضى أن يرفع الله درجاتهم ويعظم أقدارهم ويقبل شفاعتهم إذا شفعوا، مع أنه سبحانه قال: {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255].
ويقتضى أيضاً أن من اتبعهم واقتدى بهم فيما سن له الاقتداء بهم فيه، كان سعيداً، ومن أطاع أمرهم الذى بلغوه عن الله كان سعيداً، ولكن ليس نفس مجرد قدرهم وجاههم مما يقتضى إجابة دعائه إذا سأل الله بهم حتى يسأل الله بذلك، بل جاههم ينفعه أيضاً إذا اتبعهم وأطاعهم فيما أمروا به عن الله، أو تأسى بهم فيما سنوه للمؤمنين، وينفعه أيضاً إذا دعوا له وشفعوا فيه.
فأما إذا لم يكن منهم دعاء ولا شفاعة، ولا منه سبب يقتضى الإجابة، لم يكن متشفعاً بجاههم، ولم يكن سؤاله بجاههم نافعاً له عند الله، بل يكون قد سألبأمر أجنبى عنه ليس سبباً لنفعه، ولو قال الرجل لمطاع كبير: أسألك بطاعة فلان لك، وبحبك له على طاعتك، وبجاهه عندك الذى أوجبته طاعته لك، لكان قد سأله بأمر أجنبى لا تعلق له به، فكذلك إحسان الله إلى هؤلاء المقربين ومحبته لهم وتعظيمه لأقدارهم مع عبادتهم له وطاعتهم إياه ليس فى ذلك ما يوجب إجابة دعاء من يسأل بهم، وإنما يوجب إجابة دعائه بسبب منه لطاعته لهم، أو سبب منهم لشفاعتهم له، فإذا انتفى هذا وهذا فلا سبب.
نعم، لو سأل الله بإيمانه بمحمد صلى الله عليه وسلم ومحبته له وطاعته له واتباعه، لكان قد سأله بسبب عظيم يقتضى إجابة الدعاء، بل هذا أعظم الأسباب والوسائل، والنبى صلى الله عليه وسلم بين أن شفاعته فى الآخرة تنفع أهل التوحيد لا أهل الشرك، وهى مستحقة لمن دعا له بالوسيلة كما فى الصحيح أنه قال: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا على، فإنه من صلى على مرة صلى الله عليه عشراً، ثم سلوا الله لى الوسيلة فإنها درجة فى الجنة لا تنبغى إلا لعبد من عباد الله، وأرجوا أن أكون أنا هو ذلك العبد، فمن سأل الله لى الوسيلة حلت عليه شفاعتى يوم القيامة)، وفى الصحيح أن أبا هريرة قال له: أى الناس
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/9)
أسعد بشفاعتك يوم القيامة؟ قال: (من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه).
فبين صلى الله عليه وسلم أن أحق الناس بشفاعته يوم القيامة من كان أعظم توحيداً وإخلاصاً؛ لأن التوحيد جماع الدين، والله لا يغفرأن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، فهو سبحانه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، فإذا شفع محمدا صلى الله عليه وسلم حدَّ له ربه حدا فيدخلهم الجنة، وذلك بحسب ما يقوم بقلوبهم من التوحيد والإيمان. وذكر صلى الله عليه وسلم أنه من سأل الله له الوسيلة حلت عليه شفاعته يوم القيامة، فبين أن شفاعته تنال باتباعه بما جاء به من التوحيد والإيمان. وبالدعاء الذى سن لنا أن ندعو له به.
وأما السؤال بحق فلان فهو مبنى على أصلين:
أحدهما: ما له من الحق عند الله. والثانى: هل نسأل الله بذلك كما نسأل بالجاه والحرمة؟
أما الأول فمن الناس من يقول: للمخلوق على الخالق حق يعلم بالعقل، وقاس المخلوق على الخالق، كما يقول ذلك من يقوله من المعتزلة وغيرهم. ومن الناس من يقول: لا حق للمخلوق على الخالق بحال، لكن يعلم ما يفعله بحكم وعده وخبره، كما يقول ذلك من يقوله من أتباع جهم والأشعرى وغيرهما، ممن ينتسب إلى السنة.
ومنهم من يقول: بل كتب الله على نفسه الرحمة، وأوجب على نفسه حقاً لعباده المؤمنين كما حرم الظلم على نفسه، لم يوجب ذلك مخلوق عليه ولا يقاس بمخلوقاته، بل هو بحكم رحمته وحكمته وعدله كتب على نفسه الرحمة وحرم على نفسه الظلم، كما قال فى الحديث الصحيح الإلهى: (يا عبادى، إنى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا). وقال تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54]، وقال تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: 47] وفى الصحيحين عن معاذ، عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يا معاذ، أتدرى ما حق الله على عباده؟) قلت: الله ورسوله أعلم. قال: (حقه عليهم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً. يا معاذ، أتدرى ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟) قلت الله ورسوله أعلم، قال: (حقهم عليه ألا يعذبهم). فعلى هذا القول لأنبيائه وعباده الصالحين عليه سبحانه حق أوجبه على نفسه مع إخباره، وعلى الثانى يستحقون ما أخبر بوقوعه، وإن لم يكن ثَمَّ سبب يقتضيه.
فمن قال: ليس للمخلوق على الخالق حق يسأل به ـ كما روى أن الله تعالى قال لداود: (وأى حق لآبائك علىّ؟) ـ فهو صحيح إذا أريد بذلك أنه ليس للمخلوق عليه حق بالقياس والاعتبار على خلقه كما يجب للمخلوق على المخلوق، وهذا كما يظنه جهال العباد من أن لهم على الله سبحانه حقاً بعبادتهم.
وذلك أن النفوس الجاهلية تتخيل أن الإنسان بعبادته وعلمه يصير له على الله حق من جنس ما يصير للمخلوق على المخلوق، كالذين يخدمون ملوكهم وملاكهم، فيجلبون لهم منفعة، ويدفعون عنهم مضرة ويبقى أحدهم يتقاضى العوض والمجازاة على ذلك، ويقول له عند جفاء أو إعراض يراه منه: ألم يفعل كذا؟ يمن عليه بما يفعله معه، وإن لم يقله بلسانه كان ذلك فى نفسه.
وتخيل مثل هذا فى حق الله تعالى من جهل الإنسان وظلمه، ولهذا بيّن سبحانه أن عمل الإنسان يعود نفعه عليه، وأن الله غنى عن الخلق، كما فى قوله تعالى: {إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7]، وقوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} [فصلت: 46]، وقوله تعالى: {إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر: 7] وقوله تعالى: {وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل: 40]، وقال تعالى فى قصة موسى ـ عليه السلام ـ: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} [إبراهيم: 7، 8]، وقال تعالى: {وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/10)
لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً} [آل عمران: 176]، وقال تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97].
وقد بين ـ سبحانه ـ أنه المانُّ بالعمل فقال تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [الحجرات: 17]، وقال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الحجرات: 7، 8].
وفى الحديث الصحيح الإلهى: (يا عبادي، إنكم لن تبلغوا ضرى فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني. يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً ولا أبالي، فاستغفرونى أغفر لكم. يا عبادى، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكى شيئا. يا عبادى، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك فى ملكى شيئاً. يا عبادى، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا فى صعيد واحد فسألونى فأعطيت كل إنسان منهم مسألته ما نقص ذلكم مما عندى إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر).
وبين الخالق تعالى والمخلوق من الفروق ما لا يخفى على من له أدنى بصيرة.
منها: أن الرب تعالى غنى بنفسه عما سواه، ويمتنع أن يكون مفتقراً إلى غيره بوجه من الوجوه. والملوك وسادة العبيد محتاجون إلى غيرهم حاجة ضرورية.
ومنها: أن الرب تعالى وإن كان يحب الأعمال الصالحة ويرضى ويفرح بتوبة التّائبين فهو الذى يخلق ذلك وييسره فلم يحصل ما يحبه ويرضاه إلا بقدرته ومشيئته. وهذا ظاهر على مذهب أهل السنة والجماعة الذين يقرون بأن الله هو المنعم على عباده بالإيمان بخلاف القدرية. والمخلوق قد يحصل له ما يحبه بفعل غيره.
ومنها: أن الرب تعالى أمر العباد بما يصلحهم ونهاهم عما يفسدهم، كما قال قتادة: إن الله لم يأمر العباد بما أمرهم به لحاجته إليهم، ولا ينهاهم عما نهاهم عنه بخلا عليهم، بل أمرهم بما ينفعهم ونهاهم عما يضرهم. بخلاف المخلوق الذى يأمر غيره بما يحتاج إليه وينهاه عما ينهاه بخلا عليه. وهذا أيضا ظاهر على مذهب السلف وأهل السنة الذين يثبتون حكمته ورحمته، ويقولون: إنه لم يأمر العباد إلا بخير ينفعهم، ولم ينههم إلا عن شر يضرهم، بخلاف المجبرة الذين يقولون: إنه قد يأمرهم بما يضرهم وينهاهم عما ينفعهم.
ومنها: أنه سبحانه هو المنعم بإرسال الرسل وإنزال الكتب، وهو المنعم بالقدرة والحواس وغير ذلك مما به يحصل العلم والعمل الصالح، وهو الهادى لعباده، فلا حول ولا قوة إلا به؛ ولهذا قال أهل الجنة: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} [الأعراف: 43] وليس يقدر المخلوق على شىء من ذلك.
ومنها: أن نعمه على عباده أعظم من أن تحصى، فلو قدر أن العبادة جزاء النعمة لم لم تقم العبادة بشكر قليل منها، فكيف والعبادة من نعمته أيضاً؟
ومنها أن العباد لا يزالون مقصرين محتاجين إلى عفوه ومغفرته، فلن يدخل أحد الجنة بعمله، وما من أحد إلا وله ذنوب يحتاج إلى مغفرة الله لها {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ} [فاطر: 45]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله)، لا يناقض قوله تعالى: {جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأحقاف: 14، الواقعة: 24].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/11)
فإن المنفى نفى بباء المقابلة والمعاوضة، كما يقال: بعت هذا بهذا، وما أثبت أثبت بباء السبب، فالعمل لا يقابل الجزاء وإن كان سببا للجزاء؛ ولهذا من ظن أنه قام بما يجب عليه وأنه لا يحتاج إلى مغفرة الرب تعالى وعفوه، فهو ضال، كما ثبت فى الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لن يدخل أحد الجنة بعمله)، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: (ولا أنا، إلا أن يتغمدنى الله برحمة منه وفضل) وروى (بمغفرته)، ومن هذا أيضاً: الحديث الذى فى السنن عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله لو عذب أهل سمواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته لهم خيراً من أعمالهم) الحديث.
ومن قال: بل للمخلوق على الله حق، فهو صحيح إذا أراد به الحق الذى أخبر الله بوقوعه، فإن الله صادق لا يخلف الميعاد، وهو الذى أوجبه على نفسه بحكمته وفضله ورحمته، وهذا المستحق لهذا الحق إذا سأل الله تعالى به يسأل الله تعالى إنجاز وعده، أو يسأله بالأسباب التى علق الله بها المسببات كالأعمال الصالحة، فهذا مناسب، وأما غير المستحق لهذا الحق إذا سأله بحق ذلك الشخص فهو كما لو سأله بجاه ذلك الشخص، وذلك سؤال بأمر أجنبى عن هذا السائل لم يسأله بسبب يناسب إجابة دعائه.
وأما سؤال الله بأسمائه وصفاته التى تقتضى ما يفعله بالعباد من الهدى والرزق والنصر، فهذا أعظم ما يسأل الله تعالى به. فقول المنازع: لا يسأل بحق الأنبياء، فإنه لا حق للمخلوق على الخالق: ممنوع فإنه قد ثبت فى الصحيحين حديث معاذ الذى تقدم إيراده، وقال تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54]، وقال تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: 47].
فيقال للمنازع: فى هذا فى مقامين:
أحدهما: فى حق العباد على الله، والثانى: فى سؤاله بذلك الحق.
أما الأول: فلا ريب أن الله تعالى وعد المطيعين بأن يثيبهم، ووعد السائلين بأن يجيبهم، وهو الصادق الذى لا يخلف الميعاد، قال الله تعالى: {وَعْدَ اللّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً} [النساء: 122]، {وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: 6]، {فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ} [إبراهيم: 47]، فهذا مما يجب وقوعه بحكم الوعد باتفاق المسلمين. وتنازعوا: هل عليه واجب بدون ذلك؟ على ثلاثة أقوال، كما تقدم.
قيل: لا يجب لأحد عليه حق بدون ذلك.
وقيل: بل يجب عليه واجبات ويحرم عليه محرمات بالقياس على عباده.
وقيل: هو أوجب على نفسه وحرم على نفسه، فيجب عليه ما أوجبه على نفسه، ويحرم عليه ما حرمه على نفسه، كما ثبت فى الصحيح من حديث أبى ذر، كما تقدم.
والظلم ممتنع منه باتفاق المسلمين، لكن تنازعوا فى الظلم الذى لا يقع، فقيل: هو الممتنع وكل ممكن يمكن أن يفعله لا يكون ظلماً؛ لأن الظلم إما التصرف فى ملك الغير، وإما مخالفة الأمر الذى يجب عليه طاعته، وكلاهما ممتنع منه.
وقيل: بل ما كان ظلماً من العباد فهو ظلم منه.
وقيل الظلم وضع الشىء فى غير موضعه، فهو سبحانه لا يظلم الناس شيئاً، قال تعالى: {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [طه: 112]. قال المفسرون: هو أن يحمل عليه سيئات غيره ويعاقب بغير ذنبه، والهضم أن يهضم من حسناته، وقال تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 40]، {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ} [هود: 101].
وأما المقام الثانى: فإنه يقال: ما بين الله ورسوله أنه حق للعباد على الله فهو حق، لكن الكلام فى السؤال بذلك، فيقال: إن كان الحق الذى سأل به سبباً لإجابة السؤال حسن السؤال به، كالحق الذى يجب لعابديه وسائليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/12)
وأما إذا قال السائل: بحق فلان وفلان، فأولئك إذا كان لهم عند الله حق ألا يعذبهم وأن يكرمهم بثوابه ويرفع درجاتهم ـ كما وعدهم بذلك وأوجبه على نفسه ـ فليس فى استحقاق أولئك ما استحقوه من كرامة الله ما يكون سبباً لمطلوب هذا السائل، فإن ذلك استحق ما استحقه بما يسره الله له من الإيمان والطاعة. وهذا لا يستحق ما استحقه ذلك. فليس فى إكرام الله لذلك سبب يقتضى إجابة هذا.
وإن قال: السبب هو شفاعته ودعاؤه فهذا حق، إذا كان قد شفع له ودعا له، وإن لم يشفع له ولم يدع له لم يكن هناك سبب.
وإن قال: السبب هو محبتى له وإيمانى به وموالاتى له، فهذا سبب شرعى، وهو سؤال الله وتوسل إليه بإيمان هذا السائل ومحبته لله ورسوله، وطاعته لله ورسوله، لكن يجب الفرق بين المحبة لله والمحبة مع الله: فمن أحب مخلوقاً كما يحب الخالق فقد جعله نداً لله، وهذه المحبة تضره ولا تنفعه، وأما من كان الله تعالى أحب إليه مما سواه، وأحب أنبياءه وعباده الصالحين له، فحبه لله تعالى هو أنفع الأشياء، والفرق بين هذين من أعظم الأمور.
فإن قيل: إذا كان التوسل بالإيمان به ومحبته وطاعته على وجهين ـ تارة يتوسل بذلك إلى ثوابه وجنته، وهذا أعظم الوسائل، وتارة يتوسل بذلك فى الدعاء كما ذكرتم نظائره ـ فيحمل قول القائل: أسألك بنبيك محمد، على أنه أراد: إنى أسألك بإيمانى به وبمحبته، وأتوسل إليك بإيمانى به ومحبته، ونحو ذلك، وقد ذكرتم أن هذا جائز بلا نزاع. قيل: من أراد هذا المعنى فهو مصيب فى ذلك بلا نزاع، وإذا حمل على هذا المعنى كلام من توسل بالنبى صلى الله عليه وسلم بعد مماته من السلف ـ كما نقل عن بعض الصحابة والتابعين وعن الإمام أحمد وغيره ـ كان هذا حسنا، وحينئذ فلا يكون فى المسألة نزاع. ولكن كثير من العوام يطلقون هذا اللفظ ولا يريدون هذا المعنى، فهؤلاء الذين أنكر عليهم من أنكر.
وهذا كما أن الصحابة كانوا يريدون بالتوسل به التوسل بدعائه وشفاعته، وهذا جائز بلا نزاع، ثم إن أكثر الناس فى زماننا لا يريدون هذا المعنى بهذا اللفظ.
فإن قيل: فقد يقول الرجل بغيره: بحق الرحم، قيل: الرحم توجب على صاحبها حقا لذى الرحم، كما قال الله تعالى: {وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} [النساء: 1] وقال النبى صلى الله عليه وسلم: (الرحم شَجْنَةٌ [شَجْنَة: أى قرابة مُشْتبِكة كاشتباك العروق. انظر: النهاية فى غريب الحديث 2447]، من الرحمن، من وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله وقال: (لما خلق الله الرحم تعلقت بِحَقْوِ الرحمن وقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، فقال: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى قد رضيت)، وقال صلى الله عليه وسلم: (يقول الله تعالى: أنا الرحمن، خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمى، فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته).
وقد روى عن علىٍّ أنه كان إذا سأله ابن أخيه بحق جعفر أبيه، أعطاه لحق جعفر على عليَّ. وحق ذى الرحم باق بعد موته، كما فى الحديث: أن رجلا قال: يا رسول الله، هل بقى من بر أبوى شىء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: (نعم، الدعاء لهما والاستغفار لهما، وإنفاذ وعدهما من بعدهما، وصلة رحمك التى لا رحم لك إلا من قبلهما)، وفى الحديث الآخر ـ حديث ابن عمر ـ: (من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولى). فصلة أقارب الميت وأصدقائه بعد موته هو من تمام بره.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[03 - 12 - 04, 01:41 ص]ـ
بارك الله تعالى في الإخوة الكرام، و هكذا اتضحت صورة المسألة شيخنا الفاضل الفقيه، بارك الله تعالى فيك
ـ[أبو خالد السلمي.]ــــــــ[03 - 12 - 04, 03:44 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
وأضيف إلى ما ذكره مشايخنا الأفاضل مايلي:
1) مما يستثنى من حكاية الإجماع أيضا الحلف ببقية الأنبياء ففي مذهب أحمد قول بجواز الحلف بالأنبياء جميعا وليس فقط بنبينا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وإن كان هذا القول ضعيفا لمخالفته النصوص، ولكن القصد أنه لا إجماع.
2) قراءة والأرحام بالجر لم ينفرد بها حمزة بل ثبتت عن الأعمش وعن جعفر الصادق وغيرهم، وورد في الكامل للإمام الهذلي أن كلا من حمزة والأعمش سئل عن قراءة الجر فقال هكذا أقرأني فلان عن فلان ويسوق سنده إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
3) قال الفخر الرازي: يمكن الجواب عنه بأن هذا حكاية عن فعل كانوا يفعلونه في الجاهلية لأنهم كانوا يقولون أسألك بالله و الرحم و حكاية هذا الفعل عنهم في الماضي لا تنافي ورود النهي عنه في المستقبل.اهـ مفاتح الغيب 9/ 164 ونحوه جواب ابن كثير في تفسيره أنه إخبار عن شيء يفعلونه لا يلزم منه تجويز ذلك
4) من الشواهد القرآنية على جواز عطف الاسم الظاهر على الضمير المجرور بدون إعادة الجار قوله تعالى (و جعلنا لكم فيها معايش و من لستم له برازقين)، فكلمة (من) في موضع خفض عطفا على الضمير المخفوض في (لكم)، قال ابن مالك:
و عود خافض لدى عطف على ضمير خفض لازما قد جعلا
و ليس عندي لازما إذ قد أتى في النثر و النظم صحيحا مثبتا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/13)
ـ[حارث همام]ــــــــ[04 - 12 - 04, 11:37 ص]ـ
شكر الله لشيخي الفاضلين وأستاذي الكريمين، وهنا تعقب ينطوي على أسئلة لاتقرير مسألة، وعلى طلب الإدارك لا استدراك:
- لا ينازع أحد في أن بعض صور الحلف بغير الله حدث فيها خلاف، ولكن ألا ترون أحسن الله إليكم، أن الإجماع قد انعقد على التحريم كما نقل ابن عبدالبر رحمه الله، فيكون المخالف حينها مخالفاً للإجماع لا خارقاً له، بل الإجماع حجة صحيحة عليه، لأن الخلاف الحادث لايعتد به في نقض الإجماع. ولعل أول من فهم من كلامه معارضة الإجماع هو زين الدين القشيري رحمه الله، ولا أ علم هل نقل عن من سبقه مخالفة ما حكاه ابن عبد البر من إجماع؟ فإن لم ينقل عمن قبله (نص ثابت) فبمثل خلاف زين الدين القشيري -على فضله- يشق أن يقال بخرق الإجماع أو استثناء صور منه وذلك لأمور:
---- كلام القشيري ليس نصاً في جواز الحلف بغير الله وإنما هو مفهوم، وفرق بين دلالة النص والمفهوم.
---- من فهم من كلام القشيري القول بالجواز، لم يفهم الصور المشهورة التي يذكرها بعض أهل العلم خارجة عن الإجماع فحسب بل ظاهر كلام القشيري غير مقيد بها، فلزم من ذلك عدم انعقاد إجماع أصلاً عند من اعتد بقول الشيخ زين الدين.
---- القشيري رحمه الله لم ينقل خلافاً بل احتج بما بان له من الأثر، وابن عبد البر نقل إجماعاً، والقشيري ليس بمتقدم على ابن عبد البر -بل هو أصغر بنحو ثلاثة عشر عاماً- ولهذا لايخطر خطأ ابن عبدالبر بمثل هذا.
---- أما من نقل الكراهة فقط فلا تعارض إذ يسوغ حملها على كراهة التحريم إعمالاً للنقلين دون إسقاط لأحدهما كما اختاره بعض المتأخرين خلافاً لبعض محققي المتأخرين.
- أما ما يتعلق بعطف الاسم الظاهر على الضمير، فإن جوازه عند طائفة من أهل العربية واللسان لاينكر، ولكن:
---- ألا ترون أنه مع جوازه مستقبح عند كثير من أئمة اللغة العالمين بها؟ وتعليل الزمخشري المشار إليه يبين وجه قبحه وهو تعليل وجيه ومن قال بجوازه من متأخري اللغويين بغير استقباح لم يجب عليه.
---- ألا يمكن تخريج الآيات التي ضربها بعض أهل العلم مثلاً لما اختلف عليه على قول آخراً بل على قول بل أقوال أولى من التخريج على عطف الظاهر على الضمير؟ ومن ذلك الآية التي أشار إليها شيخنا وأستاذنا أبوخالد فقد رجح الطبري أن العطف هنا على معايش لا على الكاف والميم، فقال: "وهذا التأويل على ما قلناه وصرفنا إليه معنى الكلام إذا كانت من في موضع نصب عطفاً به على معايش، بمعنى جعلنا لكم فيها معايش، وجعلنا لكم فيها من لستم له برازقين. وقيل: إن من في موضع خفض عطفاً به على الكاف والميم في قوله وجعلنا لكم بمعنى وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين، وأحسب أن منصوراً في قوله: هو الوحش قصد هذا المعنى وإياه أراد، وذلك وإن كان له وجه كلام العرب فبعيد قليل لأنها لا تكاد تظاهر على معنى في حال الخفض وربما جاء في شعر بعضهم في حال الضرورة ... وقد بينت قبح ذلك في كلامهم".
والأمر كما قال فتأويل العطف على الضمير هنا فيه قبح لأمرين الأول لما صرح به الأئمة من قبح هذا النوع في العطف عند العرب، وقد مضى نقاش من خالف مستدلاً ببعض ما نقل نثراً أو نظماً، والثاني: لأن (من) في الآية حينها تؤول لمعنى ما وهو أيضاً قليل في كلام العرب رغم وروده، فقوله (لكم) شمل جنس الإنسان، فناسب أن يكون تأويل منصور لها بالوحش أليق من التكرار، بخلاف ما لو قال القائل بترجيح الطبري وهو الذي اختاره محققوا أهل اللغة كالزجاج حيث قال: "ومن لستم له برازقين من منصوب الموضع حملاً على المعنى؛ لأن معنى جعلنا لكم فيها معايش أعشناكم، وكأنه قال وأعشنا من لستم له برازقين"، وعند تكرار الجملة يصح وضع من فيها بغير نزاع، وذلك لأن المعنى المنشأ الجديديشمل نحو الخدم والضعفاء والوحش وليس فيه التكرار المحذور عند العطف على (لكم) أو قصر لها عن ماسوى الخدم والضعفاء ونحوهم من البشر بغير مسوغ ظاهر، واستخدام من لهؤلاء جميعاً (مجموع العقلاء وغيرهم) سائغ عند العرب كثير، بخلاف استخدامها لغير العاقل فهو قليل يرد لمقتضيات.
على أن لهذه الآية تخريجات أخرى: فـ"يجوز أن يكون من مبتدأ والخبر مضمر والتقدير ومن لستم له برازقين جعلنا لهم فيها معايش".
- وأخيراً: ألا ترون -بورك فيكم- أن حمل آية النساء على عطف الظاهر على المضمر، يخالف في تسويغه جمهور عريض من أئمة اللغة إما لزوماً أو استقباحاً، وبخاصة المتقدمين، ثم يلزم بعده تأويل يصرف الاستدلال عى جواز القسم، بينما تقدير محذوف هو باء السببية يرفع هذا الإشكال، فهو يعيد العطف على تتساءلون. وبهذا التقدير يكون وجه حذف الباء ظاهر سائغ بل بليغ بديع فكأنه يمنع بحذفها وقوع الالتباس في المعنى وكأنه يقول: لا يظنن ظان بأن الأرحام عطف على لفظ الجلالة المضمر فإنه كما قبح لغة قبح معنى وشرعاً.
فائدة: مما أشكل أيضاً في كلام الفخر الرازي قوله: "لا تنافي ورود النهي عنه في المستقبل" وهذا ترجيح لكراهة الحلف بالأرحام بأمر محتمل، فإن النهي مدني وآية النساء مدينة ولا تاريخ يبين المتقدم والمتأخر، فعاد التعويل على المتقدم والمتأخر تعويل على محتمل لايصح صرف مادل على الجواز -إن كان ثم ما دل- على التحريم. فضلاً عن أن موضوع الحلف بغير الله متعلق بالتوحيد ومثل هذا لايطرأ عليه نسخ، إلاّ إن أراد ما أشير إليه في رد سابق من قول شيخ الإسلام والذي يفهم منه أنه لايسلم بدلالته على الجواز أصلاً بفرض الحمل على العطف بدون تكرار العامل وهو ضرب من تدريج التشريع والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/14)
ـ[الشافعي]ــــــــ[03 - 01 - 05, 09:09 ص]ـ
السلام عليكم
الأخ الكريم حارث عندي تعليق صغير على موضعين من كلامك
الأول ما ذكرته من نقل ابن عبد البر الإجماع، هل يمكن أن تورد نصه، فإني أريد أن أتأكد هل ذكر
قول أحمد بن حنبل أم لا، فإنه إذا لم يذكره يغلب أنه لم يقف على قوله فربما يتسرب الشك إلى
الإجماع المذكور. ناهيك عن كون الإجماع الذي يحتج به عند طائفة هو الإجماع القديم.
الثاني كلام الرازي لا أظنه أومأ به إلى النسخ، على الأقل لم أفهم منه ذلك، بل يقول إنه الله تعالى
حكى فعل أهل الجاهلية من غير إقرار لهم، وحكاية فعلهم لا تمنع أن ينزل النهي عنه. بل يجوز أنه
ذكر فعلهم بعد نزول النهي فعلاً وعليه فلا أظننا بحاجة للنظر في تاريخي الآيتين المدنيتين.
والله أعلم.
ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[08 - 03 - 06, 07:15 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=20298&highlight=%C7%E1%C5%CE%E4%C7%C6%ED
ـ[سالم عدود]ــــــــ[29 - 09 - 07, 10:24 م]ـ
و قل ربي زدني علما
ـ[سالم الدوسري]ــــــــ[29 - 09 - 07, 11:07 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه نصوص تغني عن اختلاف العلماء
قال صلى الله عليه وسلم: لا تحلفوا بآبائكم، من حلف بالله فليصدق، ومن حلف له بالله فل يرض ومن لم يرض بالله فليس من الله صحيح رواه ابن ماجه، انظر صحيح الجامع 7124
وقال صلى الله عليه وسلم: من حلف بغير الله فقد أشرك صحيح رواه أحمد وغيره
ولا تحلفوا إلا وأنتم صادقون صحيح رواه أبو داود، انظر صحيح الجامع 7126 "
وقال عبد الله بن مسعود رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ: " لأن أحلف بالله كاذباً، أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقاً عبد الرزاق (8/ 469) وعند الطبراني في المعجم الكبير 8810
لأن من حلف بغير الله صادقاً فقد أشرك، ومن حلف به كاذباً فقد أذنب، والشرك أكبر الذنوب .. فيا عباد الله وقروا الله في أيمانكم
انظروا إِلَى فقه الصحابة الكرام ومعرفتهم للتوحيد ولهذا نقول: هذا هو الأثر والثمرة والبركة ومن أثر ذلك: نصر الله الصحابة الكرام فقد رفعهم في الدنيا قبل الآخرة لأنهم عرفوا الله ولم يدعو إلا إِلَى توحيد الله ووحدوه وعبدوه عَلَى علم وبصيرة وبينة.(29/15)
الفرق بين النبي والرسول
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[04 - 12 - 04, 09:59 ص]ـ
السلام عليكم
لقد وضعت في احد سؤالي ولم يعنني
فارجوا هذه المرة ان تعينوني
والله في عون العبد ما كان العبد في عون اخيه
كما تعلمون ان كثير من كتب الفقهاء رحمهم الله
عندما يذكرون النبي والرسول يقولون
النبي هو من اوحي اليه ولم يؤمر بتبليغ
اي اوحي اليه للعمل خاصة
والرسول من امر بالتبليغ
وقد رد هذا التعريف دكتور عمر الاشقر في كتابه رسل والرسالات
وقال في كتابه الرسول من أوحي اليه بشرع جديد, والنبي هو المبعوث لتقرير شرع من قبله"انتهي
وقد اخذه من تفسير الالوسي
هذا التعريف جميل
ولكن المشكلة كما هو معلوم هناك اول رسول ارسل الي الارض
وهو نوح عليه السلام
فنبي الله ادم عليه السلام الي من بعث بعده الي وقت نوح عليه السلام اليس يخرجون من هذا التعريف
لان نبي الله ادم لم يبعث لكي يقرر شرع من قبله
ولم يكن قبله رسول لكي يقرر شرعه
فعندي هذا الاشكال فمن يستطع ان يحله؟؟
اما ان هذا التعريف يحتاج تغيير؟
ـ[أبو غازي]ــــــــ[04 - 12 - 04, 08:07 م]ـ
أظنه يحتاج إلى تغيير.
وما المانع من القول بأن النبي والرسول بمعنى واحد؟
ـ[طويلب علم صغير]ــــــــ[04 - 12 - 04, 08:39 م]ـ
منقول من موقع الشيخ بن باز رحمه الله
http://www.binbaz.org.sa/RecDisplay.asp?f=n-02-1411-0200005.htm
المقدم:
يسأل أخونا ويقول ما هو الفرق بين النبي والرسول
الشيخ:
المشهور عند العلماء أن النبي هو الذي يوحى إليه بشرع ولكن لا يؤمر بتبليغ الناس يوحى إليه يفعل كذا ويفعل كذا صل كذا يصوم كذا لكن لا يؤمر بالتبليغ هذا يقال عن النبي أما إذا أمر بالتبليغ يبلغ الناس ينذر الناس صار نبيا رسولا كنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وموسى وعيسى ونوح وداود وصالح وغيرهم.
وقال قوم آخرون من أهل العلم إن النبي هو الذي يبعث بشريعة تابعة لغيره تابعة لنبي قبله يقال له نبي أما إذا كان مستقلا فإنه يكون نبيا رسولا فالأنبياء الذين بعثوا بعد موسى بشريعة التوارة التابعين يسمون أنبياء لأنهم تابعوا للتوراة
والصواب الأول أن الرسول هو الذي يبعث ويؤمر بالتبليغ وإن كان تابعا لما قبله كما ترى من داود وسليمان وغيرهم من الأنبياء بعد موسى فإنهم دعوا إلى ما دعا إليه موسى وهم أنبياء ورسل عليهم الصلاة والسلام فالرسول هو الذي يأمر بالتبليغ مطلقا وإن كان تابعا لنبي قبله كما كان على شريعة التوراه
والنبي هو من لا يؤمر بالتبليغ يوحى إليه بصيام أو بصلاة أو نحو ذلك لكنه لا يؤمر بالتبليغ لا يقال بلغ الناس نعم
المقدم:
جزاكم الله خيرا
ـ[طويلب علم صغير]ــــــــ[04 - 12 - 04, 08:46 م]ـ
موقع الشيخ الدكتور سفر الحوالي - شرح العقيدة الطحاوية
الفرق بين النبي والرسول وذكر الخلاف في ذلك
من درس: النبوة 5
http://www.alhawali.com/index.cfm?fuseaction=paragraphs&*******ID=1193
قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ:
[وقد ذكروا فروقاً بين النبي والرسول، وأحسنها: أن من نبأه الله بخبر السماء، إن أمره أن يبلغ غيره، فهو نبي رسول، وإن لم يأمره أن يبلغ غيره فهو نبي وليس رسول، فالرَّسُول أخص من النبي فكل رَسُول نبي، وليس كل نبي رسولاً، ولكن الرسالة أعم من جهة نفسها، فالنبوة جزء من الرسالة، إذ الرسالةُ تتناول النبوةَ وغيرها، بخلاف الرسل، فإنهم لايتناولون الأَنْبِيَاء وغيرهم، بل الأمر بالعكس.
فالرسالة أعم من جهة نفسها، وأخص من جهة أهلها] اهـ.
الشرح:
هذا الموضوع ليس ذا أهمية كبرى، بالنسبة لمن يؤمن بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وكتبه، وملائكته، ورسله، ويؤمن بأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يوحي إِلَى من يصطفي من عباده بهذا الوحي، فيكون نبياً، أو رسولاً، أو يسمى نبياً، أو رسولاً، ليست المسألة ذات أهمية؛ لكن ينبغي أن نعلمها، ولا سيما وقد تكلم فيها بعض العلماء أو كثير منهم.
فمن العلماء من قَالَ: لا فرق بين النبي والرسول؛ فالنبي رسول، والرَّسُول نبي بإطلاق، ومنهم من قَالَ: لا؛ بل هنالك فرق، ثُمَّ لما جاءوا عند التفريق اختلفوا.
فالمصنف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- ذكر هذا الفرق بين النبي وبين الرسول، وهو: من أوحي إليه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بشيء، فإن أمر بتبليغه إِلَى غيره فهو رسول، وإن لم يؤمر بتبليغه فهو نبي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/16)
هذا كلام المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ، وهذا الكلام خلاف الصواب فهو كلام مرجوح، وفي هذا الشرح عَلَى عظمته ونفاسته مواضع للمصنف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أخذ فيها بالرأي المرجوح من أقوال العلماء وترك القول الراجح، وهذا الموضع منها؛ لأنه يمكن أن يُقال كيف يوحي الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَى أحد بشيء، ولا يؤمر بتبليغه فما الفائدة إذاً؟! هذا من ناحية النظر.
ومن ناحية أخرى؛ وردت آيات وأحاديث تدل عَلَى أن النبي يبلغ، ومنها حديث السبعون ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب يقول النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه: (ورأيت النبي ومعه الرجل والرجلان ورأيت النبي وليس معه أحد) فهذا سماه نبياً مع وجود الأتباع، وهذا يعني أنه كَانَ يبلغ.
إذاً خلاصة القول: أن هذا ليس بالرأي الراجح.
الرأي الراجح في المسألة
الرأي الراجح في هذه المسالة:
أن الرسول: هو من أرسله الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بشرع جديد إِلَى قوم كافرين ومكذبين، ولهذا لم تأت كلمة التكذيب إلا في تكذيب الرسل، لأنهم يرسلون إِلَى قوم كافرين فيكذبونهم.
فمن هنا نعلم الفرق، وهو أن الرَّسُول والنبي يُبلغان لكن الرَّسُول يأتي بشرع جديد إِلَى قوم كافرين به ويكون بينهم وبينه التكذيب والرد، حتى ينصره الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عليهم، وأما النبي فإنه مجدد لشريعة الرَّسُول الذي قبله، ويصحح ما علق بها.
ومثلهم في ذلك مثل العلماء المجددين في هذه الأمة فأنبياء بني إسرائيل -مثلاً- هم الذين بعثهم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في بني إسرائيل يحكمون بالتوارة قال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ [لمائدة:44] فكان النبيون والأحبار والربانيون يحكمون بالتوراة، والتوراة أنزلت عَلَى موسى.
هارون عليه السلام رسول
فموسى وهارون عليهما السلام رسل؛ لكنَّ أنبياء بني إسرائيل يأتي الإِنسَان منهم إِلَى شريعة موسى عَلَيْهِ السَّلام فيجددها، ويدعو النَّاس إليها وإلى إقامتها، فهذا نبي يبلغ.
فمثلاً قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلأِ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [البقرة:246] الآيات.
هذا النبي من أنبياء بني إسرائيل اختلف في اسمه ولا يهمنا الاسم، المهم أن هذا النبي هو من بعد موسى وفي بني إسرائيل، طلب منه قومه ملكاً يقاتلون معه، فطلب ذلك من ربه فأوحى الله تَعَالَى إليه إني قد اخترت لهم طالوت ملكاً عليهم فإذاً هناك وحي وبلاغ لكن لا يسمى، هذا رسولاً.
والأنبياء من أقرب ما يشبههم بهذه الأمة، العلماء المجددون لكن شريعة مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نزلت كاملة خاتمة، فالعلماء يجددون ما كَانَ من أمر الدين، ولا يشرعون شيئاً من عندهم، أما الأَنْبِيَاء فقد يأتون بأشياء من أمور التفصيل في بعض الحلال والحرام، أو يقودون النَّاس ببلاغ ووحي من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
فعلى هذا فالرَّسُول هو من جَاءَ بشرع جديد إِلَى قوم كافرين، والنبي هو من بعث بشريعة رَسُول قبله ليجددها، ويحيي معالمها، فهذا مأمور بالبلاغ الجديد المستأنف لقوم كفار، وهذا مأمور بالبلاغ للمؤمنين الذين ينتمون إِلَى شريعة سابقة، ولكنهم غيروا وبدلوا وضلوا وانحرفوا.
شرعية التفريق بين الأنبياء والرسل
والتفريق بين الأَنْبِيَاء وبين الرسل صحيح، ويدل عليه حديث أبي ذر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وهو حديث طويل، يسأل فيه أبو ذر رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أمور كثيرة.
ومن آخرها: سأله عن آدم، هل كَانَ نبياً؟
فقال له الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نعم نبي مكلَّم.
فقَالَ: يا رَسُول الله كم عدد الأنبياء؟
قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مائة وأربعة وعشرون ألفاً، والرسل ثلاثمائة وبضعة عشر.
وهذا الحديث ورد بعدة طرق، وصححه بعض العلماء.
يقول بعض العلماء: إن عدد الأَنْبِيَاء كعدد أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعدد الرسل كعدد أصحاب بدر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/17)
فهنا مناسبة بين عدد الأَنْبِيَاء وبين عدد الرسل من جهة، وبين عدد أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جميعاً وبين عدد أصحاب بدر خاصة.
فهَؤُلاءِ الرسل الذين هم من ضمن المائة والأربع وعشرين ألفاً هم الذين جاءوا وبعثوا إِلَى أمم كافرة، ولهذا الذين قص الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى في القُرْآن قصصهم مع أقوامهم هم من الرسل، ولهذا مع أن آدم عَلَيْهِ السَّلام نبي كما جَاءَ في الحديث، وفي غيره من الأدلة.
ففي حديث الشَّفَاعَة الصحيح يقول الناس: يا نوح إنك أول رسول، إذاً آدم عَلَيْهِ السَّلام نبي، ونوح أول الرسل، بمعنى: أنه جَاءَ إِلَى قوم كافرين.
فبعثه الله بعد أن تخلى النَّاس عن التوحيد، وارتكبوا الشرك يوضحه قوله تَعَالَى في الحديث القدسي: (وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم)
كما جَاءَ ذلك في حديث عياض بن حمار رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فلما اجتالتهم الشياطين بعد قرون، قيل: إنها عشرة.
كما قال عبد الله بن عباس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: بعد عشرة قرون من آدم عَلَيْهِ السَّلام وقع الشرك في قوم نوح، فأشركوا، فجاء نوح عَلَيْهِ السَّلام، لكن الأَنْبِيَاء قبل نوح موجودون، ومنهم آدم وقيل إن منهم إدريس عَلَيْهِ السَّلام، وفي الرسل هود، وصالح، وموسى، هَؤُلاءِ الرسل سمُوا رسلاً؛ لأنهم واجهوا أقوامهم بدين جديد فكذبهم أقوامهم في ذلك.
فهذا هو أوضح وأجلى الفروق بين النبي وبين الرسول أما بقية كلام المُصْنِّف فصحيح، فإن الرسل أخص من الأنبياء، ولذلك عددهم أقل، وهذا هو الراجح، وهو ما اختاره شَيْخ الإِسْلامِابْن تَيْمِيَّةَ وغيره من المحققين.
فكل رَسُول نبي، وليس كل بني رسول؛ لأن من بعثه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَى قومه عَلَى شريعة من قبله وأوحى إليه أن يبلغهم فلا يسمى رسولاً عَلَى هذا الاصطلاح، وإنما هو نبي من الأَنْبِيَاء.
ـ[طويلب علم صغير]ــــــــ[04 - 12 - 04, 08:50 م]ـ
http://www.saaid.net/Doat/alarbi/36.htm
بسم الله الرحمن الرحيم
الفرق بين النبي والرسول
*الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى ....... وبعد:
* النبي:
لغة: من النَّبِيءُ: المُخْبِرُ عن الله تعالى، وتَرْكُ الهمزِ المختارُ، ومنه: المُتَنَبِّئُ، وهو من ادَّعَى النُّبُوَّةَ، والنَّبِيء: الطريقُ الواضِحُ، والمكانُ المُرْتَفِعُ المُحْدَوْدبُ،
والنبي بغير همز، فقد قال النحويون: أصله الهمز فترك همزه، واستدلوا بقولهم: مسيلمة نبييء سوء. وقال بعض العلماء: هو من النبوة، أي: الرفعة , وسمي النبي نبيا لرفعة محله عن سائر الناس المدلول عليه بقوله: {ورفعناه مكانا عليا} (مريم/57). فالنبي بغير الهمز أبلغ من النبيء بالهمز؛ لأنه ليس كل منبإ رفيع القدر والمحل، والنبوة والنباوة: الارتفاع، ومنه قيل: نبا بفلان مكانه، والنبي بترك الهمز أيضا الطريق، فسمي الرسول نبيا لاهتداء الخلق به كالطريق ... (لسان العرب , مفردات الفاظ القرآن , القرطبى)
* الرسول:
لغة: أصل الرسل: الانبعاث على التؤدة ويقال: ناقة رسلة: سهلة السير، وإبل مراسيل: منبعثة انبعاثا سهلا، ومنه: الرسول المنبعث، وتصور منه تارة الرفق، فقيل: على رسلك، إذا أمرته بالرفق، وتارة الانبعاث فاشتق منه الرسول، و"رسول" أي مرسلا، وهو فعول من الرسالة. ..... والرسول يقال للواحد والجمع، قال تعالى: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} (التوبة/128)، وللجمع: {فقولا إنا رسول رب العالمين} (الشعراء/16)، ....... وجمع الرسول رسل. ورسل الله تارة يراد بها الملائكة، وتارة يراد بها الأنبياء، فمن الملائكة قوله تعالى: {إنه لقول رسول كريم} (التكوير/19)، وقوله: {إنا رسل ربك لن يصلوا إليك} (هود/81)، وقوله: {ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم} (هود/77)، وقال: {ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى} (العنكبوت/31)، وقال: {والمرسلات عرفا} (المرسلات/1)، {بلى ورسلنا لديهم يكتبون} (الزخرف/80)، ومن الأنبياء قوله: {وما محمد إلا رسول} (آل عمران/144)، {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} (المائدة/67)، وقوله: {وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين} (الأنعام/48)، فمحمول على رسله من الملائكة والإنس ... (لسان العرب , مفردات الفاظ القرآن , القرطبى)
* معنى النبي والرسول شرعا:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/18)
* قال ابن تيمية فى النبوات ج1 ص184 ... وما بعدها:
فالنبي: هو الذي ينبئه الله وهو ينبئ بما أنبأ الله به فإن أرسل مع ذلك الى من خالف أمر الله ليبلغه رسالة من الله اليه فهو رسول وأما اذا كان انما يعمل بالشريعة قبله ولم يرسل هو الى أحد يبلغه عن الله رسالة فهو نبي وليس برسول قال تعالى:" وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى ......... (52) الحج وقوله "من رسول ولا نبي" فذكر ارسالا يعم النوعين وقد خص أحدهما بأنه رسول فان هذا هو الرسول المطلق الذي أمره بتبليغ رسالته الى من خالف الله كنوح وقد ثبت في الصحيح أنه أول رسول بُعث الى أهل الأرض وقد كان قبله أنبياء كشيت وإدريس وقبلهما آدم كان نبيا مكلما قال ابن عباس كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الاسلام فأولئك الانبياء يأتيهم وحي من الله بما يفعلونه ويأمرون به المؤمنين الذين عندهم لكونهم مؤمنين بهم كما يكون أهل الشريعة الواحدة يقبلون ما يبلغه العلماء عن الرسول وكذلك أنبياء بني اسرائيل يأمرون بشريعة التوراة وقد يوحَى الى أحدهم وحي خاص في قصة معينة ولكن كانوا في شرع التوراة كالعالم الذي يفهمه الله في قضية معنى يطابق القرآن كما فهم الله سليمان حكم القضية التي حكم فيها هو وداود فالانبياء ينبئهم الله فيخبرهم بأمره وبنهيه وخبره وهم ينبئون المؤمنين بما أنبأهم الله به من الخبر والامر والنهي فإن أرسلوا الى كفار يدعونهم الى توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له ولا بد أن يكذب الرسل قوم قال تعالى:" كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُون ٌ" (52) الذاريات ... وقال تعالى:" مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43) فصلت ... فان الرسل ترسل الى مخالفين فيكذبهم بعضهم وقال تعالى:" وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (109) حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنْ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) يوسف وقال تعالى:" إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51) غافر ... فقوله "وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي" دليل على أن النبي مرسل ولا يسمى رسولا عند الاطلاق لانه لم يرسل الى قوم بما لا يعرفونه بل كان يأمر المؤمنين بما يعرفونه أنه حق كالعلم ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:" العلماء ورثة الانبياء".
وليس من شرط الرسول أن يأتي بشريعة جديدة فان يوسف كان رسولا وكان على ملة ابراهيم وداود وسليمان كانا رسولين وكانا على شريعة التوراة قال تعالى عن مؤمن آل فرعون:" وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34) غافر ... وقال تعالى:" إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164) النساء ... والإرسال اسم عام يتناول إرسال الملائكة وإرسال الرياح وإرسال الشياطين وإرسال النار قال تعالى:" يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ (35) الرحمن .. وقال تعالى:" الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ ...... (1) فاطر ... فهنا جعل الملائكة كلهم رسلا والملك في اللغة هو حامل الألوكة وهي الرسالة وقد قال في موضع آخر:" اللَّهُ يَصْطَفِي مِنْ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75) الحج ... فهؤلاء الذين يرسلهم بالوحي كما قال:" وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51) الشورى ... وقال تعالى:" وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ .... (57) الأعراف .... وقال تعالى:" أَلَمْ تَرَى أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83) مريم .....
لكن الرسول المضاف الى الله اذا قيل رسول الله فهم من يأتي برسالة الله من الملائكة والبشر كما قال تعالى:" اللَّهُ يَصْطَفِي مِنْ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75) الحج .... وقالت الملائكة:" يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ .... (81) هود ... وأما عموم الملائكة والرياح والجن فإن إرسالها لتفعل فعلا لا لتبلغ رسالة قال تعالى:" يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9) الأحزاب فرسل الله الذين يبلغون عن الله أمره ونهيه هم رسل الله عند الاطلاق وأما من أرسله الله ليفعل فعلا بمشيئة الله وقدرته فهذا عام يتناول كل الخلق. أ.هـ
جمعه ورتبه وكتبه الفقير
د/ السيد العربى بن كمال
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/19)
ـ[طويلب علم صغير]ــــــــ[04 - 12 - 04, 09:01 م]ـ
الفرق بين النبي والرسول الشيخ / عبدالرحمن بن محمد الهرفي
http://www.saaid.net/book/45.zip
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[04 - 12 - 04, 09:19 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله وبعد
أختلف أهل العلم في تعريف النبي والرسول
وتحديد كل مسمى منهما لا يسلم من نقد.
ولكن المعنى الراجح عند كثير من أهل العلم أن هناك فرقا بين مسمى النبي ومسمى الرسول وان اختلفوا في تحديد المراد بكل منهما.
والنبوة أعم من الرسالة فكل رسول نبي وليس كل نبي رسول.
ـ[بن نصار]ــــــــ[05 - 12 - 04, 12:01 ص]ـ
مقولة أحد مشايخنا .. لا يسلم قول من أعتراض!!
ولكن والله أعلم أن الرسول من بعث على قوم الغالبية العظمى كفار وقد يكون فيهم بعض المؤمنين ..
أما النبي من بعث إلى قوم الغالبية مؤمنة وقد يكون فيهم بعض الكفار ..
والله أعلم ..
ـ[أبو حمزة الجعيطي]ــــــــ[05 - 12 - 04, 01:26 ص]ـ
أعتقد أن ما ذكره الشيخ سفر الحوالي له وجاهته، حيث أشار إلى عنصر أعتقد أنه مهم في التفريق بين الرسول والنبي وهو:
أن الرسول يبعث لقوم كافرين بنبوته ورسالته أو أغلبهم كذلك - والحكم للأغلب -.
أما النبي فإنه يرسل إلى قوم يقروون ابتداء بنبوته أو أغلبهم كذكلك بغض النظر عن مدى اتباعهم له.
ومما يدعم هذا الرأي:
أن أكثر الرسل وعلى وجه الخصوص أولي العزم منهم ولدوا من آباء مباشرين ليسوا برسل ولا أنبياء، مما يجدون صعوبة في اقناع أقوامهم بنبوتهم ورسالتهم.
بينما أكثر الأنبياء يولدون من نسل رسل أو أنبياء مباشرين مما يُسهِّل على أقوامهم الإقرار بنبوتهم، إذ أن نبوتهم ثابتة لأبائم المباشرين.
وهو رأي أعتقد أنه أقرب للصحة مع أنه قد يعترض عليه، لكن بدرجة أقل من غيره من الأقوال فيما أحسب والله أعلم.
ـ[خالد الشايع]ــــــــ[06 - 12 - 04, 07:30 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=3279&highlight=%C3%E6%CD%ED+%C5%E1%ED%E5+%C8%D4%D1%DA
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[06 - 12 - 04, 09:47 ص]ـ
السلام عليكم
جزاكم الله خيرا
بحث ممتع بارك الله فيكم
واشكر الاخوة الذي عرضوا وجوه واقوال اخري
الي الاخ الفاضل خالد الشايع ما شاء الله لقد قرأت مشاركتك وأوردت نفس الاعتراض الذي في نفسي
ما هو رأيك اذا في التعريف صحيح
الي الاخ طويلب جزاك الله خيرا علي بحث الشيخ الطريفي:
فالان عندنا اقوال وذكرها الشيخ في كتابه:
وأقوال أهل العلم في التفريق بين النبي والرسول كالتالي:
القول الأول: أن النبي من أوحي إليه ولم يؤمر بالبلاغ والرسول من أوحي إليه وأمر بالبلاغ.
القول الثاني: النبي من بعث بواسطة جبرائيل ـ عليه السلام ـ والنبي من بعث مناما. وهو أضعف الأقوال.
القول الثالث: أن الرسول من بعث لقوم مخالفين والنبي من أرسل لقوم موافقين.
القول الرابع: أن الرسول من أوحي إليه بشرع جديد والنبي من بعث مجددا لشرع من قبله من الرسل.
هذه الأقوال التى وقفت عليها وسنبدأ بقول من قال بعدم الفرق.
قال الشيخ العلامة رئيس محاكم قطر ابن محمود ـ رحمه الله ـ: (كل نبي فإنه رسول وأنه لا فرق بين الرسول والنبي إلا بمجرد الاسم والمسمى واحد) ()!!.انتهي
(وانا شاء الله سا نظر في بقية الكتاب)
وكما قال الاخ ابو عبدالرحمن الشهري
وتحديد كل مسمى منهما لا يسلم من نقد ....
وقد حاول الشيخ الطريفي ان يضع تعريف يجمع بين الاقوال ...
وجزاكم الله خيرا(29/20)
صواعق وبروق في التنبيه على مخالفات أحمد بن الصديق الغماري
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[05 - 12 - 04, 04:24 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ناصر السنة , وقامع البدعة , مزيل الغمة عن هذه الأمة , بإبادة أهل البدعة.
والصلاة والسلام على من بعثه الله بالخير للبشر , فدلهم عليه , وأمرهم بالصلاة والزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وقال: (و ما هي إلا ذكرى للبشر) , محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
نظراً لما أشار علي به الأخ الشيخ الفاضل عبدالرحمن الفقيه حفظه الله تعالى , من أن أفرد وأحشر موضوع المدعو (أحمد الغماري) في إحدى زوايا الملتقى , رأيت من الأفضل الإستجابة لطلبته وتحقيق رغبته , مع أمل ورجاء من الإخوة الأفاضل بأن يشاركوننا بإبداء آرائهم وتعقباتهم , إذ أن كل بني آدم خطاء.
فأقول , وبالله التوفيق:
- ذكر في 1 / ص 207 من " المداوي " , مانصه:
قلت: وهذا الرجل _ يعني عبدالسلام بن صالح الهروي _ ممن ظلمه أهل الجرح والتعديل لأجل تشيعه لأهل البيت , وقد وثقه أهل التحقيق منهم , كما بينته في " فتح الملك العلي " ..... إلخ.
قلت (خالد الأنصاري): وقد ذكرت كلامه هذا نقلاً من " فتح الملك العلي " في الموضوع السابق على أمالي الغماري , فراجعه إن شئت.
- وذكر في 1 / ص 250 - 251 من " المداوي " , ما نصه:
هذه غلطة شنيعة من الشارح وغفلة عظيمة راج عليه معها نصب الذهبي , فهل أنت يا مناوي مجنون تعلل الحديث بجعفر الصادق أحد كبار الأئمة وسادات الأمة وبحور العلم والمعرفة من آل البيت الأطهار؟! وتجعله في مصاف الضعفاء والمتروكين الذين يردُّ بهم الحديث.
وقال أيضاً: وهو صادق _ يعني الذهبي _ في هذا ولكنه كذاب في قصده , بل غرضه الأكيد هو جلب الطعن فيه من إخوانه النواصب , وإدراج هذا الإمام _ يعني جعفر الصادق _ في دفتر الضعفاء والمتروكين , فإنه ذكر فيه أيضاً جميع الأئمة المشاهير المتبوعين من سادات أهل البيت رضي الله عنهم ............ إلخ.
- وذكر في 1 / ص 530 من " المداوي " , مانصه:
قلت: في هذا أمور , الأول: أن محمد بن الحسين السلمي هو الإمام أبوعبدالرحمن السلمي الصوفي المشهور , صاحب " الطبقات " و " الأربعين " و " حقائق التفسير " , وغيرها.
وهو ثقة تكلم فيه بلا حجة , كما هي عادة أهل الحديث مع أمثاله من الصوفية , فيعاب على الشارح تعليل الحديث به لاسيما وهو من العارفين بقدر الرجل ومنزلته وجلالته.
- وذكر في 1 / ص 563 , ما نصه:
والذهبي إنما أورده لما قيل فيه من التشيع , وهو لا يترك شيعياً إلا أورده في الضعفاء.
- وذكر في 1 / ص 627 - 628 , مانصه:
قلت: تعليل الحديث بأبي عبدالرحمن السلمي من جهل الشارح , بل من قلة حيائه , لأنه يدعي التصوف وإجلال الصوفية , ومن يجهل قدر أبي عبدالرحمن السلمي ويقبل قول الخطيب فيه فلم يشم للتصوف رائحة ولا قرب من ساحة ميدان الحديث , والذهبي على بغضه للصوفية وتعنته عليهم قد أورده في " تذكرة الحفاظ " وامتدحه وأطراه , وتكلم فيه من أجل مالم يفهمه من تصوفه , ونقل كلام من تكلم فيه كما هو الشأن في كتب الرجال , فقال في " التذكرة ": أبوعبدالرحمن السلمي الحافظ العالم الزاهد شيخ المشايخ محمد بن الحسين بن محمد بن موسى النيسابوري الصوفي الأزدي الأب السلمي الأم , سمع خلقاً كثيراً , وكتب العالي والنازل , وصنف وجمع , وسارت بتصانيفه الركبان , حمل عنه القشيري والبيهقي وأبوصالح المؤذن وخلق سواهم , إلا أنه ضعيف , قال الخطيب: محله كبير , وكان مع ذلك صاحب حديث مجوداً , جمع شيوخاً وتراجم وأبواب , وله دويرة للصوفية , وعمل سنناً وتفسيراً وتاريخاً.
قال الذهبي: ألف " حقائق التفسير " فأتى فيه بمصائب وتأويلات الباطنية , نسأل الله العافية.
قلت _ الغماري _: فهذا منشأ حط الذهبي وأمثاله عل أبي عبدالرحمن السلمي رحمه الله وأمثاله , فإنهم لم يفهموا مقاصد القوم , ولا سلكوا مناهجهم , فوجهوا إليهم سهام الطعن ورشقوهم بنبال الانتقاد , والله يجازي كلاً على قدر نيته.
قلت (خالد الأنصاري): وفي ذلك كله؛ أقول: لا تعليق.
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى
[#حرره المشرف#]
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[06 - 12 - 04, 05:23 ص]ـ
بارك الله فيكم وأعانكم وجزاكم الله خيرا
ولعل الله أن ييسر ذكر بعض الأمور فيما بعد بإذن الله تعالى.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[06 - 12 - 04, 06:36 ص]ـ
شيخنا الحبيب خالد الأنصاري
بارك الله فيك
ـ[باز11]ــــــــ[06 - 12 - 04, 08:19 ص]ـ
الأخ الحبيب صاحب الصواعق السلفي حقا وصدقا.
أخوك ابن باز يسأل هل كتاب (إيضاح المحج في الرد على صاحب طنجه) لشيخنا حمود التويجري رحمه الله هل اطلعتم عليه وأنا في حاجة ماسة إليه فأين خبره عندكم.
وهل تعرفون رأي شبخنا ابن باز رحمه الله في أحمد الغماري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/21)
ـ[الفهم الصحيح.]ــــــــ[06 - 12 - 04, 11:14 ص]ـ
- أخي خالد الأنصاري – حفظك الله –
بارك الله فيك على هذه الغيرة الحميدة، على العقيدة الصحيحة والمنهج السوي. وشكرا لك على انتصارك القوي للحديث وأهله.
ولكن - أخي – لو ذهبت تتبع أخطاء أحمد الغماري هكذا بدون منهج محدد ستتعب بذلك - ولا شك – ومن الممكن أن تنقطع سراعا، فنحرم من فوائدك.
فما رأيك - أخي – لو قسمت أخطاءه حسب المواضيع، ثم تذكر على كل موضوع بعض الأمثلة ويكفي من القلادة ما أحاط بالجيد، فتعنون - مثلا – موضوعا لأخطائه العقدية، ثم تفصل: أخطاؤه في باب توحيد الألوهية ... أخطاؤه في باب الأسماء والصفات ... وهكذا حسب تقسيم كتب عقيدة أهل الحديث، ثم تتابع ذكر أخطائه في كل أبواب العلم، ويكفي في كل ذلك ذكر المثالين والثلاثة، فإن أردفت ذلك برد مجمل– مراعاة لمن لا يعرف رد باطله – فحسن، أما تفصيل الرد فما أرى الوقت يسمح به، لكثرة أخطاء الغماري – رحمه الله الآن فقد أفضى إلى ما قدم -.
هذا ومن الممكن أن تقوم بهذا المنهج حتى من خلال كتابه المشار إليه (المداوي) فما أظنه يخلو من طامات في كل أبواب العلم، مع الحرص على بيان أخطائه الحديثية هنا لشدة تعلقها بهذا الملتقى المبارك.
ثم إن آراء الرجل وفكره يحتاج إلى دراسة نقدية موسعة، تبين مواقع الخلل فيها، وتدحض باطله الذي نشره على الناس، ويحاول بعضهم اليوم إحياءه من جديد بعد أن بدأ الفكر الصوفي يغزو الأمة من جديد، والرجل من العمد التي يرجعون إليها في هذا المجال.
وقد كان الشيخ على الحلبي – حفظه الله – قد بدأ مشروعا بهذا الخصوص منذ مدة، فلا أدري ما فعل الله به، يشمل النظر في آثار أحمد بن الصديق وبقية إخوته ممن حاد عن سواء السبيل.
والرجل – رحمه الله – على سعة إطلاعه العلمي، وتوسع معرفته بالعلوم الشرعية خاصة، ثم مع قوة دعوته للاجتهاد وطرح التقليد حتى غالى في ذلك = وقع في أخطاء وطامات يستغرب كثير من الناس وقوعه فيها، وهو أمر يدعو للسؤال حقا، وإلى دراسة لشخصية الرجل من نوع آخر. خصوصا أن هذا الأمر قد وقع فيه جماعة قبله وبعده ممن يشار إليهم بالعلم وسعة المعرفة، فهل لأحد من إخواننا تفسير لهذا؟ والتوفيق من عند الله الكريم المتعال.
ولا يفوتني هنا – من باب الإنصاف!! – أن أذكر أن للرجل بحوثا واجتهادات في منتهى الدقة العلمية، ودعوة قوية لطرح التعصب والتقليد الذي أضر بالأمة الإسلامية على مدار القرون السالفة، حتى وصل إلى حد الإسراف في ذلك كما سبق وأن أشرت.
وختاما - أخي - إذا أخذ الموضوع طابع الإستمرارية فلعي أعينك في شيء منه، وليس هذا وعدا ملزما. فتنبه.
ثم حبذا لو كان: أن تغير عنوان الموضوع حتى يكون دالا على محتواه، فتتحصل على ما ترجوه وتتمناه.
ـ[عصام البشير]ــــــــ[06 - 12 - 04, 11:53 ص]ـ
الأخ خالد جزاكم الله خيرا
وفي نظري القاصر أن كتابه المداوي من أقل كتبه باطلا، وذلك لكثرة انشغاله فيه بالمباحث الحديثية، على أنه لم يخل من باطل كثير.
والذي أعتقده أن شخصية الغماري تظهر على الخصوص في كتابه (جؤنة العطار)، ففيه خلاصة مذهبه في العقائد، والفقه، وتصنيف أهل العلم.
ففي الجؤنة عجائب في الطعن في الأئمة، وفيه غير ذلك من السخف والهذر الشيء الكثير.
والله أعلم.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[06 - 12 - 04, 03:19 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
أمابعد:
فأشكر الإخوة الأفاضل على مشاركاتهم ,
وأقول للأخ الشيخ عبدالرحمن والشيخ ابن وهب: وبورك فيكم , وأنا بانتظار مشاركاتكم.
==================
وأما عن الأخ الشيخ باز11 , فأقول:
لا لم أطلع على كتاب شيخنا العلامة حمود التويجري رحمه الله تعالى , هذا مع العلم بأني كنت على صلة وثيقة بأبناءه وكنت أزورهم على حياة الشيخ في مسكنهم القديم الكائن في حي الشفا بالرياض , ولكني لم أسمع بهذا الكتاب مطلقاً , فلعل الله ييسر الحصول على نسخة منه , إنه ولي ذلك.
==================
وأما عن الأخ الشيخ (الفهم الصحيح) , فأشكر له ملاحظاته وتوجيهاته القيمة _ وقد فرحت بها _ , ولكن في رأي أخيك القاصر أرى أن أذكر آراءه هكذا هملاً من دون ترتيب أوتعقيب؛ إذ أني لو قمت بترتيبها أو التعقيب عليها لطال بنا المقام ولاحتجت لشهور لا أيام , ولكن محل ذلك في مؤلف قد عزمت على إخراجه بإذن الله تعالى , خصوصاً واني قد ألزمت نفسي منذ البداية بحشر مقالات وآراء هذا (الغم ... اري) في زاوية من زوايا الملتقى.
وأنا حقيقة بانتظار مشاركتك المثمرة إن شاء الله تعالى.
==================
وأما عن أخينا الشيخ عصام البشير حفظه الله , فأشكر له مداخلته , وأقول: من المعلوم أن المداوي قد هُذِب على يد أخيه عبدالله؟!
ولولا تهذيبه لوجدنا به طامات وبلايا_ نسأل الله العفو والعافية _؛ هذا مع تهذيب عبدالله؟!!
وأما عن " الجؤنة " فقد حصلت عليها مؤخراً بخط شيخنا العلامة أبي خبزة التطواني حفظه الله تعالى , وأنا بصدد قراءتها واستخراج ما فيها إنشاء الله تعالى.
وأنا بانتظار مشاركتك وفوائدك النافعة.
==================
وأخيراً , أسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم , وأن يسدد خطانا جميعاً لما فيه خير وصلاح بمنه وكرمه.
أخوكم المحب / خالد الأنصاري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/22)
ـ[الفهم الصحيح.]ــــــــ[06 - 12 - 04, 11:31 م]ـ
أخي خالد الأنصاري - حفظك الله -:
المنهجية العلمية أقوى عدة لطالب العلم، بهذا المعنى رأيتهم يتكلمون، فأنا محب لهم ولست منهم، ومجاور لهم ومخالط، ولست من أفرادهم. وقد نصحت لك، وقد تأكد نصحي بعد أن علمت أنك ستجمع كتابا، فاجعل لبه مرتبا في هذه المشاركات، تستغن عن إعادة تنسيقه فيما بعد، والرأي لك، ولعل المجرب من إخواننا يفيدك بأكثر من هذا.
أما مشاركتي فما أظنها مثمرة، ولكن لا أخيب ظنك، فهل اطلعت على الكتاب الذي جمعه الفاضل: مصطفى اليوسفي، (تنبيه القاري إلى فضائح أحمد بن الصديق الغماري) إن رأيته فهو مهم، وإلاّ فابحث عنه تجده – إن شاء الله -.
وكتاب الشيخ على حسن – ذكره الله بخير – فاسمه (التنكيل بما في كتب الغماريين من الضلالات والأباطيل) من المؤكد أن الشيخ لم يتمه، فقد شغل عنه بأمور عظام. وله رسالة أخرى في الرد على أحد الغماريين لعل اسمها (كشف المتواري) هي صغيرة الحجم. وهناك غير هذا مما أظنه لا يخفى عليك.
ـ[باز11]ــــــــ[08 - 12 - 04, 07:25 ص]ـ
تعلمت من شيخنا الوالد ابن باز رحمه الله الإنصاف وكان يأتيه العلماء من كل مكان فيقابلهم ويحسن إليهم مع تباينهم له في العقيدة ولكنه كان واسع الصدر يستوعب المخالف ويبين لنا عيوبه ومحاسنه.
وهذا هو سبيل أهل السنة والجماعة يذكرون ما لهم وما عليهم أما التشنيع وذكر العيوب فقط فأخوكم لايحب ذلك لكم.
جلست مرات مع الشيخ الفاضل بوخبزة التطواني وكنت حريصا على معرفة أخبار الغماريين فأوقفني على المحاسن والعيوب معا باعتباره تلميذا وصهرا لهم.
نحن المسلمون الآن في معارك ضارية مع أعداء الأمة الإسلامية وهذا الموقع الذي حمل اسما نحبه جميعا (ملتقى أهل الحديث) أحب أن يسير مع مبادىء أهل الحديث في حسن الخلق وإنصاف المخالف.
فعقيدة أحمد بن الصديق وصوفيته لا تخفى على صغار الطلبة ولكن الرجل كان عالما مطلعا، وهذا شيخنا الفاضل بكر أبو زيد يذكر ابن الصديق بالعلم والمعرفة والإطلاع وكثرة المصنفات، وقد حدثني أن ابن الصديق كان صادقا مع نفسه فإنه لما ترك التقليد تركه في أعماله الحديثية بدليل أنه لما أراد أن يخرج أحاديث الأحكام خرج أحاديث (بداية المجتهد لابن رشد) وابتعد عن الفقه المذهبي تماما، وحدثني أنه لم يكن راضيا على تخريج أحاديث الفقه المالكي يعني كتابه (مسالك الدلاله على أدلة متن الرسالة) وطلب من تلاميذه الرد عليه.
وهذا هو الإنصاف من شيوخنا الأجلاء أحب أن نظهر بصوره تليق بأهل الحديث اطلاعا وأخلاقا.
[#حرره المشرف#] ولا أقول يعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه، ونعمل فيما اتفقنا عليه. لا أقول ذلك، ولكن في نفس الوقت لا أتعرض لفلان وغيره بسبب الخلاف في الإعتقاد.
وفي نفس الوقت لا نمنع المناقشة العلمية الهادئة التي يستفيد منها كافة الأطراف وبهذا نظهر بصورة أهل الحديث المشرقة، ونكون شامة بين الناس، ونكتب مالنا وما علينا.
وهذه الكلمات كتبتها دفاعا عن السلفية ودفاعا عن اأهل الحديث وليس دفاعا عن أحمد بن الصديق أو غيره فنحن نعرف كتبه ولا نريد أن نبادل الخطأ بالخطأ، ولكن نبادل الخطأ بالبحث العلمي المفيد لأمتنا الإسلامية المسكينة التي تعيش لحظات صعبة وتقع في منحنى عنيف نسأل الله عزوجل أن تخرج منه على خير.
أكتب هذه الكلمات ولا يغيب عني أن من كتب أحمد بن الصديق: (إحياء المقبور) و (قطع العروق الوردية) وغيرهما، ورحم الله إنصاف مشايخنا ابن باز، وحمود التويجري، وبكر أبو زيد وأمثالهم.
ـ[الفهم الصحيح.]ــــــــ[10 - 12 - 04, 08:27 م]ـ
أحسنت أخي عصام البشير (ابتسامة محبة) فقد ترددت عدة مرات في كتابة هذا المعنى.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[11 - 12 - 04, 03:52 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بالنسبة لما ذكره الأخ باز 11 جزاه الله خيراً نقلاً عن سيرة سماحة الإمام الوالد شيخ الإسلام ابن باز رحمه الله تعالى فهو صحيح.
إلا أن هناك تعقب , فأقول:
ما علمت عن شيخنا رحمه الله تعالى أنه يوماً وقّر صاحب بدعة , أو ترحم على رافضي , أو صلى على داعية للقول بوحدة الوجود ....... هذا من وجه.
والأمر الآخر أني لم أنكر يوماً علم أحمد الغماري , والذي لمسته من خلال قراآتي لكتبه ومنهجيته في طرح مسائل العلم وتعقباته المفيدة على الأحاديث؛ إلا أنّ هذا كله لا يشفع له سبه للصحابة بل لعنه وتكفيره لبعضهم.
فالصحابة رضوان الله عليهم أحب إلينا من ابن باز , وابن باز أحب إلينا من الغماري وأشباهه ـ وإن كان الفرق واضحاً ما بين الاثنين ـ:فالأول: إمام أهل السنة والجماعة.
والآخر: إمام أهل البدعة ووحدة الوجود.فهل هناك من مقارنة ,,,, أظن بأن الجواب واضح ...........
ولا نلتمس العذر لهؤلاء , ولا نقول كما قالت الفرق الضالة حين سؤالهم عند العرض على الله تعالى: {إنْ أردنا إلا إحساناً وتوفيقاً} , فهذا ليس بعذر؛ بل إنه أقبح من الذنب؟؟؟
وهل انحطاط الأمة وضعفها إلا بسبب هؤلاء.
فالتنبيه على بدع هؤلاء القوم وبيان انحطاطهم من الأمور الواجبة على كل مسلم غيور يحب الله ورسوله , والتاريخ يشهد بذلك.
قال الله تعالى: {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدُّنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألدُّ الخصام - وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد}.
أخوكم / خالد الأنصاري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/23)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[11 - 12 - 04, 04:46 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وعود إلى بدء فأقول:
- ذكر الغماري في " الأجوبة الصارفة " (ص 56) , ما نصه:
فقد ظهر في أواخر القرن الثاني عشر في جزيرة العرب قرن الشيطان النجدي , ونشر مذهبه الخارجي , وكفر المسلمين , وعاث في الأرض فساداً , ونهب وسفك الدم الحرام , وهتك حرمات الحرمين الشريفين , إلى أن كان تطهيرها منه على يد العجم حكام مصر الأتراك , ثم أعادوا الكرة في هذه المائة وعاثوا فساداً , وسفكوا الدماء , وأهانوا الحرمين الشريفين , وملؤوها فسقاً وفجوراً كما هو معروف من سيرتهم , ولا يزالون بالحجاز ـ طهره الله منهم ـ.
وقد ذكر محقق الكتاب ـ (عدنان زُهّار) في الحاشية , مانصه:
قد كان حصل هذا على أيدي الوهابية , وهذا الذي ذكره المؤلف رحمه الله بعض من كثر أنواع الفساد الذي جاهد له بعض دعاة السلفية في بلاد الحجاز , ولسنا نتهم بالخيانة والإفساد .. محمد بن عبد الوهاب لأننا نعتقد أنه ممن كذب عليه ونسب إليه مالم يقل وما لم يفعل , وإن كنا نرى أنه ممن أفرط في حركته الإصلاحية بهدم قبور أضرحة الصحابة والتابعين وأولياء هذه الأمة.
- وذكر الغماري أيضاً في " الزواجر المقلقة " (ص 55) , ما نصه:
أما بعد , فإن بعض الجهلة البلداء ممن ينتمي إلى مذهب القرنيين الخوارج ....... إلخ
وقد ذكر محقق الكتاب وهو أيضاً (عدنان زُهّار) في الحاشية , مانصه:
عادة ما كان المؤلف ينعت بعض خصومه بالقرنيين والخوارج , إشارة بالأولى إلى حديث ابن عمر قال: " استند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلى حجرة عائشة فقال: " إن الفتنة هاهنا , إن الفتنة هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان " وزاد بعضهم: وهو مستقبل المشرق , وفي رواية , قال الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا , قالوا وفي نجد , قال منها يطلع قرن الشيطان " , وغيرها من الأحاديث , وكان يرى أن محمد بن عبدالوهاب النجدي ومن تبعه هو المقصود بقرن الشيطان , فسماهم قرنيين , وأشار بالخوارج إلى كون هؤلاء من أكثر الناس استباحة لتكفير المسلمين بأدنى ذنب أو حتى شبهة , وهو ما عرف عن الخوارج الذين كفروا حتى علياً عليه السلام , ومذهب القرنيين لا زال إلى اليوم يحكم على أغلب الأمة بالكفر والفسق والشرك , وأخفهم حكماً من يبدع السواد الأعظم من المسلمين , والله حسبنا ونعم الوكيل.
قلت: أما الغماري فقد أفضى إلى بارئه وهو يتولاه بما هو أهله.
وأما هذا الزهار فهو ما زال بين أظهرنا , فإني أدعوا الله عليه أن تصيبه إحدى الدعوتين:
ـ أما الأولى: فإني أسأل الله تعالى له الهداية , وأن يتوب مما قال.
ـ وأما الثانية , هذا إن لم تصبه الأولى واستمر على كتابة مايكنه صدره من حقد على أصحاب هذه الدعوة المباركة , أدعو عليه بأن يشلّ الله لسانه ويده ويجعله عبرة لمن لا يعتبر , ولي في هذا الأمر سلف.
ولا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[13 - 12 - 04, 02:36 م]ـ
ذكر في " الأجوبة الصارفة " (ص 43 ـ 46) , مانصه:
وقيل إنهم الصوفية , قال المناوي في " فيض القدير " 6/ 395: وزعمت المتصوفة أن الإشارة إليهم لأنهم لزموا الأتباع بالأحوال , وأغناهم الاتباع عن الإبتداع.هـ.
ويؤيد هذا أن الصوفية هم أشد الناس اتباعاً لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وعملاً بما كان عليه هو وأصحابه والسلف الصالح , فهم الظاهرون على الحق والقائمون به على الحقيقة , ويشهد له ما قال الحسن ابن سفيان: حدثنا عبدالوهاب بن الضحاك ,ثنا ابن عياش , ثنا صفوان بن عمرو , عن خالد بن معدان , عن حذيفة بن اليمان , قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: [يا حذيفة , إن في كل طائفة من أمتي قوماً شعثاً غبراً إياي يريدون , وإياي يتبعون , وكتاب الله يقيمون , أولئك مني , وأنا منهم , وإن لم يروني]. ورواه أيضاً أبونعيم في " الحلية " 1/ 40 من هذا الوجه.
إلى آخر كلامه وهو طويل جداً.
قلت: وقال في موضع آخر من نفس الكتاب (ص 61) , ما نصه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/24)
وأما من قال المراد بهم الصوفية فقوله باطل من جهة , وإن كان حقاً من أخرى , لأن لفظ الصوفية عام يشمل الصوفية على الحقيقة , والصوفية المتشبهة بهم والكذابين المدعين , بل الزنادقة الملحدين الذين بتصوفهم الكاذب مرقوا من كل الأديان , وحتى من الإنسانية وصاروا حيوانات لا دينية , وما كان كذلك فلا يصح أن يريدهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , ويخبر أنهم لا يزالون على الحق إلى قيام الساعة , وفيهم الزنادقة والملاحدة والكذابون الذين ليس منهم في الواقع , مع عدم وجود ما يميزهم ويفرق بين أهل الصدق والكذب منهم.
فإن قيل: الأولياء والأبدال لا يجوز أن يكون فيهم زنادقة ملاحدة , قلنا: نعم , هم داخلون في الطائفة التي أخبر بها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كما سأذكره , ولكن القائل لم يقل الأبدال , وإنما قال الصوفية , ثم إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أخبر عن الطائفة أنها لا تزال ظاهرة على الحق , والأبدال قد يكون منهم الظاهر بالحق , وأكثرهم مستتر به مستتر في نفسه , مختف بين الناس لا يعرفه إلا القليل ممن أراد الله به خيراً , وأكرمه بمعرفة أوليائه.
وقال في (ص 54) من نفس الكتاب بعد أن نفى كون أهل الشام هم الطائفة المنصورة , ما نصه:
وكل هذا لاأصل له , إنما هو من مفتريات الكذابين الدعاة إلى بني أمية ومعاوية ودولته ...
وقال (ص 63) , ما نصه:
وليس المحدثون , وأهل السنة والجماعة إلا العلماء , وإن كان ضرر المحدثين أقل بالنسبة للعلماء , بل من كان محدثاً صرفاً لا يشمله اسم العلم في عرفهم , كان معلوم الضرر بالنسبة إلى الدين والإحداث فيه , لكنه مع ذلك غير قائم بالحق الذي أراده النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مادام مشاركاً للعلماء في بعض أوصاف الإبتداع والمحاربة للدين , فهم من هذه الناحية حرموا أن يكونوا من الطائفة , وإن كانت الطائفة لا تكون إلا منهم ومن أهل السنة والجماعة على الحقيقة لا على الدعاوى الباطلة , فما من فرقة مبتدعة إلا وتدعي أنها أهل الحق وأهل السنة والجماعة:
كل يدعي وصلاً بليلى وليلى لا تقر لهم بذاك
نعم , الطائفة هم العلماء المحدثون الصوفية أهل السنة والجماعة , ولكن من هم العلماء المحدثون الصوفية أهل السنة والجماعة؟ هذا ما يجب تحقيقه وتحريره , فإذا تحقق وتحرر فهم الطائفة التي عنى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وقال في (ص 54 ـ 55) , ما نصه:
فهذا ما وقفت عليه من الأقوال في تعيين الطائفة وهو أحد عشر قولاً , بعضها متداخل لافرق بينه وبين غيره إلا ببعض الإعتبارات والتغييرات الطارئة على موضوعاتها , كالعلماء والمحدثين والمجتهدين والصوفية , فإنهم في الحقيقة واحد.
فالعالم هو المحدث المجتهد الصوفي , والمحدث هو العالم المجتهد الصوفي , والمجتهد هو العالم المحدث الصوفي , والصوفي هو العالم المحدث المجتهد , وكل من أخل بوصف من هذه الأوصاف فقد أخل بالجميع على الحقيقة.
فالأربعة قول واحد وطائفة واحدة عند أهل العلم والمعرفة ..... إلخ.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[15 - 12 - 04, 03:55 م]ـ
- ذكر في " الجؤنة " (ص 2 ـ طريفة 2) , مانصه:
- دليل على شرب معاوية للخمر:
قال أحمد في " مسنده ": حدثنا زيد بن الحُباب , حدثني حسين , ثنا عبدالله بن بريدة , قال:
دخلت أنا وأبي على معاوية فأجلسنا على الفرش ثم أتينا بالطعام فأكلنا , ثم أتينا بالشراب؛ فشرب معاوية , ثم ناول أبي , ثم قال: ما شربته منذ حرّمه رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
قلت ـ الغماري ـ: في هذا دليل على أن معاوية كان يشرب الخمر , لأنه من بيت كان يشربه في الجاهلية , فقد كان والده أبوسفيان شريباً للخمر , وأخباره في ذلك كثيرة .. وقوله ما شربته منذ حرمه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تعليل مكشوف , فإنه إذا لم يستطع الصبر عنه حتى بمحضر الناس الذين يستتر منهم خوف الفضيحة والعار وإشاعته بين الناس , فكيف يتركه قبل ذلك؟
ولا يخفى ما في قوله منذ حرمه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من النكتة التي يعرض بها؛ إذ لم يقل منذ حرمه الله تعالى.
قلت: لم يذكر الغماري تتمة الأثر , وهو في " المسند " 5: 347 ,:
قال معاوية: كنت أجمل شباب قريش , وأجوده ثغراً , وما شيء كنت أجد له لذة , كما كنت أجده وأنا شاب غير اللبن , أو إنسان حسن الحديث يحدثني.
والأثر إسناده لا بأس به , تفرد به زيد بن الحباب , عن حسين المروزي.
وزيد بن الحباب وثقه ابن معين وابن المديني والعجلي وفي رواية عن الإمام أحمد , وقال عنه في رواية أخرى (كثير الخطأ) , وقال أبوحاتم (صدوق صالح) , وقال ابن معين في رواية أخرى (كان يقلب حديث الثوري , ولم يكن به بأس).
وقال الحافظ في " التقريب " (ترجمة 2124): (صدوق يخطيء في حديث الثوري).
ولم أجد له متابعاً.
قلت: وفي هذا كله أيضاً أقول لا تعليق!!!!!!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/25)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[15 - 12 - 04, 04:24 م]ـ
وذكر أيضاً في " الجؤنة " (ص 9 _ لطيفة 8) , ما نصه:
- حالة معاوية في قبره:
لما ملك بنو العباس كانوا يحفرون قبور بني أمية , ويخرجون منها عظامهم وأجسامهم فيحرقونها؛ فحفروا قبر معاوية فلم يجدوا فيه إلا خيطاً أسود كالهباء , وما ظهر أحد من أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ورضي عنهم , من قبره إلا وجد كما هو يوم مات , بل وكذلك الصالحون من أمة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلى وقتنا هذا , فإن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء كما في الحديث الصحيح ولا ورثتهم من العلماء العاملين , وهم العلماء بالله والعارفون بجلاله وإن كانوا أميين لا يقرأون ولا يكتبون , كما أن الفجرة خلفاء إبليس ولو جمعوا علم الأولين والآخرين.
قلت: لا تعليق.
ـ[عصام البشير]ــــــــ[15 - 12 - 04, 05:24 م]ـ
يا أخي الفاضل غفر الله لك
أخشى أن يتحول مقالك هذا إلى نشر وتسويق لضلالات أحمد بن الصديق.
ولا يكفيك أن تقول في كل مرة: لا تعليق.
لا قد يكون التعليق واجبا في بعض الأحيان.
وتأمل حال شيخ الإسلام في منهاج السنة كيف يطيل النفس في الرد والنقاش، مع أن كلام الرافضي قد يكون ظاهر البطلان في كثير من الأحيان.
والمنتدى يدخله كل أحد، والشبه خطافة، والقلوب ضعيفة، كما قيل.
فالحذر الحذر بارك الله فيك.
ولو اكتفيت بأن تقول: الغماري عنده ضلال أو بدعة في كذا وكذا لكفى، أما إذ أبيت إلا أن تنقل كلامه، فعليك أن تتجشم الرد والتمحيص ولا بد.
والله أعلم.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[16 - 12 - 04, 03:15 ص]ـ
ـ وذكر أيضاً في الجؤنة (ص 12 ـ طريفة 14) , ما نصه:
ذكر حجة الإسلام الغزالي في رسالته في " كشف علوم الآخرة " أنه لما قتل الحسن عليه السلام غضب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غضباً شديداً , وطار من قبره إلى السماء فلم يعد إلى الأرض .... (وهذا غير بعيد ولا غريب) ـ الكلام الذي بين قوسين للغماري ـ.
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[16 - 12 - 04, 06:38 م]ـ
بداية عتب أخوي خفيف على الأخ الفاضل صاحب المقال، حيث جاء الرياض مؤخرا، وفوّت على أحبابه التشرف برؤياه!
--------------------------
من أشنع ما وقفتُ من أحمد الغماري تصريحه بأن معاوية رضي الله عنه (منافق كافر) هكذا بالحرف، كما في مراسلاته مع الشيخ بوخبزة المطبوعة باسم (الجواب المفيد للسائل المستفيد)، وهو شيعي يشتم ويلعن بعض الصحابة، كما ذكر تلميذاه بوخبزة والتليدي.
وهو في مسائل الصفات سلفي في مسائل دون مسائل، وشديد الإنكار على الأشاعرة تصريحا.
وفي مسائل التوحيد قبوري، ولا أدل على ذلك من رسالته (إحياء المقبور)
وفي مسائل التصوف طرقي يؤمن بالخرافات، وهو شديد الدفاع عن ابن عربي.
وفي مسائل الفقه يقول بالاجتهاد، على ظاهرية في كثير من الأحيان، مع شذوذات معروفة، كمسألة الصلاة خلف المذياع، وإمامة النساء للرجال، وغيرها.
وفي البدع كان له اتجاهان: فهو يحارب بعض البدع، ويحيي بعض السن المتروكة، وفي الوقت نفسه يحارب بعض منكري البدع، ويؤصل لبدع أخرى!!
وكانت له مداخلات سياسية أثرت عليه أذية واعتقالا ونفيا.
بقي مسائل الحديث التي اشتهر بها: فلا يختلف أهل الإنصاف أن الرجال متبحر الاطلاع على الطرق والمصادر مشهورها وغريبها، وتخاريجه ينتفع بها المتوسع فمن دونه، هذا في الطرق والمصادر، لا الأحكام، لأمرين:
أولهما: أن كثيرا من أحكامه مبنية على الهوى والعصبية، فقد يصحح الموضوع! كما في جزئه الطافح بالتشيع: فتح الملك العلي، وقد يوثق المتروكين، كالحارث الأعور، ويرد كثيرا من أحكام وإطباقات الأئمة بمجرد الهوى، كما في جزئه هدية الصغرا، وغيره، ويكفي دليلا على ذلك أنه كان يصرح بأن كل فضائل الشام موضوعة! وهذا موجود في المداوي، ثم بعدة ولائم يقيمها له صوفية الشام آخر عمره تُصبح هذه الموضوعات صحيحة!! ذكر ذلك شيخنا بالإجازة بوخبزة في ترجمته الذاتية.
الأمر الثاني: أن تطبيقاته في العلل والنكارة بعيدة كل البعد عن تطبيقات أئمة أهل الحديث، بل هو متشبع بطرائق الفقهاء والأصوليين، وهو متساهل جدا في التقوية بمجموع الطرق والانقطاعات والمجاهيل والتفرد غير المحتمل، ولا يأبه كثيرا بتصريحات الأئمة بالنكارة، هذا إن احترم أولئك الأئمة، لا أن يرميهم بالتساهل كالعقيلي وغيره! الشاهد أنه كالسيوطي في جمعه وتحقيقه!
ومسألة أخرى تتعلق بأخلاق الرجل، ومن قرأ كتاباته تتراءى له كثرة الوقيعة الشديدة في الأئمة والمشايخ بكلمات وشتائم تُستغرب من أهل العلم، ولا سيما في مراسلاته، فضلا عن ترفع واضح على الغير، بل كان يضع لقب (الحافظ) أمام اسمه في بعض رسائله المطبوعة في حياته!!
ورحم الله أحمد شاكر والمعلمي والألباني!
ولا يُنكر أن الرجل عالم كبير وله جهود في الحديث وغزارة في التآليف، ولكن هذه بعض أحواله إجمالا، ولعل الأخ الشيخ خالد وفقه الله يبقى في إفادتنا بالتفاصيل.
وحدثني أخي الشيخ عبد الله ناجي المخلافي، عن شيخٍ مغربي سماه لي ولا يحضرني اسمه الآن، أن أحمد الغماري لما حضرته الوفاة صار يشخص بعينيه ويمد يده مرددا: يا رسول الله أغثني، يا رسول الله أدركني، وتوفي على ذلك! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
والله يعفو عنا وعنه وعن جميع المسلمين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/26)
ـ[محمد الناصري]ــــــــ[16 - 12 - 04, 10:06 م]ـ
دعونا من عقيدة أحمد بن الصديق فهي أشهر من نار على علم.
لكن الحق أن رجل له دراية دقيقة بعلوم الحديث.قد لا يدانيه فيها كثير ممن يشار اليه بالبنان مع ملاحظة زمن اشتغال الشيخ بهذا الفن ...
وما أدري الأمور العظيمة التي تشغل الأستاذ علي حسن عن اتمام ما بدأه من ردود علمية على الغماريين .... ففي حدود اطلاعي البسيط لا أعلم له مشاريع علمية.اللهم الا ردود مكررة مجتها الأسماع .. اللهم الا أن يكون صحيح رياض الصالحين.
ولي رأي أيها الأحبة أن من يتصدى للرد على أكابر زمانهم ولو ممن رمي بالابتداع شرطه أن يكون
مقدما في الفن الذي يتكلم فيه على أقل تقدير.
وفقنا الله واياكم لسلوك الجادة.
ـ[نعيم بن حماد]ــــــــ[17 - 12 - 04, 12:05 ص]ـ
فضيلة الشيخ داعية التوحيد / خالد الأنصاري
نصر الله به الدين وقمع به المبتدعة الضالين.
جهدك مذكور ومشكور في جمع ضلالات وانحرافات داعية البدعة أحمد الغماري عليه من الله ما يستحق، وهو عمل مبارك، لا ريب أنه أخذ من وقتك الكثير، فلا حرمك الله الأجرعلى نصرتك وغيرتك على التوحيد، وأرى أن تواصل أيها المبارك ولا تكترث لتشغيب المشغبة الأغمار.
وأدعو الأحبه أنصار التوحيد من أعضاء المنتدى أن يشاركوا بالتأييد والتعليق الهادف، ولا يخذلوا من بذل وقته وجهده لجمع هذه الضلالات ليحذرها طلاب العلم (والعلم رحم بين أهله) وأما مقولة من يقول بأن هذا الغماري عالم في علم الحديث فأقول لو كان عالماُ حقيقة بالحديث لاتبع عقيدة السلف الذين هم أهل الحديث، وعلمه الذي يقال عنه لا يشفع له أبداً،
فلا يقاس المرء بما حفظ أو عرف أو ألف، بل بالإتباع لا الإبتداع، فدعونا من ترديد
أن الغماري عالم بالحديث، وأحبوا دعاة التوحيد وانصروهم تنصروا هذا الدين
رزقنا الله وإياكم البصيرة في الدين،،،
ـ[عصام البشير]ــــــــ[17 - 12 - 04, 11:45 ص]ـ
ذكروا في ترجمة الفخر الرازي أنه كان يورد الشبهة نقدا ويحلها نسيئة.
وأنا لا أرى داعيا البتة لأن ينشر في منتدانا هذا كلام فيه تنقص من الصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه، إلا أن يرد عليه ردا علميا كافيا شافيا.
فالمنتدى يدخله كل أحد، وكتاب الجؤنة غير مطبوع، وبالتالي لا يعرف ما فيه من المخازي والشبهات غير القليل من الناس، فما الفائدة من نشره - أو نشر بعضه - بين المسلمين، عاميهم وعالمهم.
أما مع الرد الوافي، فلا بأس.
وأما مع ''لا تعليق'' فلا ثم لا ...
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[17 - 12 - 04, 12:48 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من يدخل الملتقى فأحسبهم طلاب علم , وليس لأهل الهوى والبدعة مكان هنا , فلسان حال الغماري ينطق , وحسبي أنه يرد على نفسه ولو انقضى أجله.
وأما عن كلمة " لا تعليق " , فإني لن أذكرها مرة أخرى , وموضوعي هذا للنقاش , وليس للإطلاع.
خالد الأنصاري.
ـ[عصام البشير]ــــــــ[17 - 12 - 04, 01:51 م]ـ
أقول:
نشر الشبهات والضلالات - خاصة الطعن في الصحابة - يحتاج إلى رد قوي محكم.
ـ[الفهم الصحيح.]ــــــــ[17 - 12 - 04, 01:55 م]ـ
المصلحة الشرعية تقتضي الإعراض عن هذا، أو إتباعه بما يبطله، والخوف على من يقرأه وليس متأهلا، أو أن يستفيد من هذه النقول من لا يعرفها.
والغماري شيخ مشايخ أغلب من في الملتقى بطريقة أو بأخرى، وإن كان الجميع - بما فيهم أخوك عصام - يتبراؤن من قوله هذا وغيره، ويستعيذون بالله من شره وضلاله. فتنبه أخي بارك الله فيك.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[17 - 12 - 04, 02:18 م]ـ
(قال أحمد في " مسنده ": حدثنا زيد بن الحُباب , حدثني حسين , ثنا عبدالله بن بريدة , قال
...... )
هذا اسناد خراساني
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[17 - 12 - 04, 05:01 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده , والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فإني أشكر الإخوة المشايخ الكرام على هذا التفاعل القيم , والمشاركات المثمرة , والتي كنت أنتظرها وكثير غيري ـ بل ومتشوق ـ للإستفادة منها , فكلامي صواب يحتمل الخطأ , وكلام غيري خطأ يحتمل الصواب , وليس هناك خصومة بيني وبين أحد من البشر , فلا داعي لذكر هذه الأمور , رجاءً!!!
فأقول وبالله التوفيق:
==================
بالنسبة عن الأخ الشيخ الفاضل محمد زياد تكلة حفظه الله تعالى , فأرجوا أن تعذرني وكان بودي أن أراك وأنا متشوق لذلك , ولكن عذري في ذلك أني أتيت إلى الرياض لأمر ما لعلي أوضحته لك سلفاً.
وأما عن مقالك فقد فرحت به كثيراً , وكنت آمل من بعض الإخوة المشاركة
وعلى العموم , فأنا أتطلع إلى مشاركاتك دوماً , وسلمت يداك أيها المحب.
==================
وأما عن الأخ الشيخ محمد الناصري , فأقول:
كيف نترك عقيدة الرجل وسبّه للصحابة ـ بله تكفيره ولعنه لبعضهم ـ , ورميه لأئمتنا بالنصب تارة , وبالزندقة والبدعة تارة أخرى.
ثم نجلس ونتكلم عن علمه الجمّ والذي سبق وأشرت ـ بأنه لن يشفع له ـ.
ثم أنك قلت على حدّ زعمك بأنه رأيك بأنه من يتصدى للرد على أكابر زمانهم (ولو ممن رمي بالإبتداع) شرطه أن يكون مقدّماً في الفن الذي يتكلم فيه على أقل تقدير.
فأقول: لا , أما المبتدع في الدين فلا يجوز وصفه بأنه من علية القوم أو أكابرهم و يكفيه في ذلك أنه مبتدع محدث.
==================
وأما عن فضيلة الشيخ نعيم بن حماد حفظه الله تعالى.
فإني أشكر له كلمته , وإن كان قد وصفني بداعية التوحيد , فأسأل الله أن أكون منهم , وإن كان الواصف هو المستحق حقاً لهذه الصفة.
وأسأله سبحانه وتعالى أن يجمعنا وإياكم في مستقر رحمته في الفردوس الأعلى.
==================
أخوكم المحب لكم في الله / خالد الأنصاري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/27)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[17 - 12 - 04, 06:56 م]ـ
قال الإمام أحمد
(ما أنكر حديث حسين بن واقد وأبي المنيب عن ابن بريدة)
ـ[نعيم بن حماد]ــــــــ[17 - 12 - 04, 07:40 م]ـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وبعد /
تابعت كتابات الشيخ خالد الأنصاري في المنتدى فلمست نفس طالب العلم المتمكن، العالم بما يكتب، فحمدت الله تعالى أن يوجد مثله في هذا المنتدى، وهذه شهادة لله، وعندما كتب موضوعه القيم: (صواعق وبروق ........ )
اعترض بعض الإخوة المجتهدين ـ وفقهم الله ـ على الموضوع زاعمين أن هذا العمل قد يؤثر في من يطلع عليه، ممن لم يتمكن في العلم، وقد تعلق الشبه في الأذهان و ... و .. الخ
وأقول: هذا تخوف ليس هذا محله، و الساحة مفتوحة، والشبه هنا وهناك منثورة، والكتب مطبوعة، والإعلام القوي المرئي والمسموع والمكتوب يروج للضلال والبدع، ونحن في زمن يصعب أن تغلق على الناس في دار، أو تعصب عيونهم، (يعني الشبه منتشرة)، فلا وجه للنقد عندي بهذا العذر الهزيل، وكان الأولى بمن نقد أن يثني على جهد الشيخ خالد، لا أن يتنقصه بأنك ما جئت بجديد، وحالك كناقل تمر وهلم جرا، هذا فيه تنقص وازدراء لا يليق بطالب علم أن يفعله، (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) سورة المائدة- 8.
ثم على الناقد الذي يزعم أن ضلال الغماري لا أحد يجهله أن يفيدنا بعلمه المكتوم وبرده المنظوم ونقده الموسوم.
والشيخ أثابه الله جمع المادة وطرحها أمام طلبة علم ليتناولوها بالرد والنقد كما قال، فالذي أراه أن يواصل الشيخ خالد ما بدأه، وعلى الإخوة أصحاب الإفادات العلمية أن يثروا الموضوع بتعقباتهم المفيدة وعلمهم ومعرفتهم على أصل البحث ومضمونه، ويعلم الله أقولها من خلال هذا المنتدى أنني كنت أعلم أن الغماري مبتدع وضال، ولكن نقول الشيخ خالد أفادتني الكثير مما أجهله عنه
فجزى الله خالداً خير الجزاء ونفع به، ولا تحرمونا جهده المبارك لا حرمكم الله من الخير، ودمتم ناصرين ومنافحين لعقيدة التوحيد.
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[18 - 12 - 04, 12:26 ص]ـ
السلام عليكم
الاخ خالد الانصاري موضوع جميل
ولكن حبيت لو كنت علقت كثير علي الحديث أمام احمد في شرب معاوية
لانني لم اري لك ذكر ضعف حديث او صحته وأنما تكلمت في بعض الرجال
وقد تعقب الاخ ابن وهب بتعقيبات اكثر
فمثل هذا الحديث يحتاج الي تعليق اكثر لان ممكن ان يدخل احد في منتدي
ويقرأ هذا الحديث ويدخل في قلبه شئ لهذا الصحابي الجليل
وهذا الحديث احد الاحاديث الذي يستدله المبتدع السقاف هداه الله الي الصواب في تضليل
وطعن علي الصحابي الجليل
ولكن بارك الله فيك فلقد استفدت منك وجزاكم الله خيرا
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[18 - 12 - 04, 04:04 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وزبدة كلامي فيما يأتي:
1ـ أنا كتبتُ ما وقفت عليه من ضلالات وبدع الغماري مما أجده في كتبه بناء على طلب بعض طلبة العلم من أهل المنتدى وخارجه.
2ـ طلبت مني أن أعلق على ما أورده من ضلالات الغماري لئلا يغتر به أحد , وهذا رأيك , وليس بمُلزم لي , ومن له ردٌ على الغماري فليشمر ساعده.
3ـ أفيدك علماً باستمراري بعون الله في ذكر ما بدأت بكتابته حسب اجتهادي , وتأييد بعض مشايخي لي , ولا يضرني قول من خالفني؛ فلكل وجهة هو موليها.
والسلام ختام.
ـ[عصام البشير]ــــــــ[18 - 12 - 04, 12:50 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أخي في الله الفاضل خالد الأنصاري.
إن شئتَ أن تواصل على منهجك في الطرح في هذا الموضوع، فدونك وما تشاء، فلستُ عليك برقيب. ولكنني أعذرتُ ونصحتُ، وبينتُ ما أراه - ويراه غيري - هو الحق.
والله تعالى أعلم.
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[19 - 12 - 04, 06:30 ص]ـ
مساهمة مع الأخ الشيخ خالد الأنصاري وفقه الله أذكر بعض النقولات من كلام أحمد الغماري -عفا الله عنه- في رسائله مع تلميذه بوخبزة، المطبوعة باسم "الجواب المفيد للسائل المستفيد"، بعناية الشيخ: بدر العمراني، ط1، 1423 دار الكتب العلمية، بيروت، فإنها تجلي حقيقة الرجل ومعتقداته وأخلاقه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/28)
* قال (ص30) عن معاوية رضي الله عنه: "هو كذاب، كذب على هذا الحديث [يعني الطائفة المنصورة] في أول الأمة، كما كذب عليه التجاني في آخرها".
ثم طوّل (ص56 - 60) في الطعن على معاوية رضي الله عنه، وقال إن معاوية بناء على ما أورده (ص59): "يطلع منه أنه منافق كافر"!! عامله الله بما يستحق!
وانظر تشيعه (ص83) عند كلامه على نهج البلاغة لابن أبي الحديد.
* وهو يسمي أبا حنيفة رحمه الله أبا جيفة! قال (ص73): " .. وكان الغرض منها التوريك على الحنفية الفجرة وحدهم، لأنهم كادوا يخرجون من الملة بفرط تعصبهم لأبي جيفة وعبادتهم إياه .. " الخ.
وقال عن الطحاوي رحمه الله (ص84): "والطحاوي لولا حفظه وسعة روايته، وكثرة إيراده للطرق الغريبة والأسانيد المتعددة: لما استحق أن يُذكر بخير على الإطلاق، لفرط تعصبه البالغ إلى حد المقت والضلال والعياذ بالله". 27 شعبان 1379
* وتهجمه على شيخ الإسلام ابن تيمية كثير في كتبه، لكنه تقحم نيته في الكتاب (ص11) قائلا: "وكتب ابن القيم كلها نافعة مباركة عليها نور، وفيها إفادة وهداية بخلاف كتب شيخه ابن تيمية، فإنها مظلمة بخبث طوية صاحبها، وكبريائه، وأنانيته، بل ما ضل من ضل عن الصراط المستقيم إلا بكتبه" الخ!
وأغلب الكتاب تهجمات على الناس، من علماء وغيرهم، وبعضها وقيعة فاحشة، ومن أفحش تهجماته اتهامه لمحمد حامد الفقي رحمه الله بأنه أحبل جارية في الحجاز ثم قتل ولدها! كما في (ص46)
شتائمه للبلدان بالجملة
* قال في أهل بلده المغرب (ص29): "وكذب عدو الله [يعني أحمد التجاني] الفاجر القائل إنه ورد في أصحابه [يعني حديث الطائفة المنصورة]؛ بل لو لم يكن دليل على سقوط المغرب من عين الله إلا ظهور ذلك الفاجر فيه وأتباعه لكفى"! والعياذ بالله.
وقال (ص98): "ومن حمارية المغاربة وجهالتهم اعتمادُ المصريين في كل شيء، كأنهم أنبياء مشرعون".
وقال (ص49): "وسلطان المغرب لو لم يكن فيلاليا لما كان بالمنزلة التي يقولها عنه المنافقون، إذ لا يجتمع العلم والمملكة، لا سيما عند المغاربة عباد البطون والفروج، فكيف بالفلالي الذي يحتاج إلى عقل ناضج، وهو معدوم من تافلالت؟ "
وقال (ص44) ضمن طعنه على يوسف الكافي: "وعنده حماقة مغربية تونسية تزري بحماقة الفرطاخ".
وقال (ص64): " .. فالله تعالى يحفظنا وإياك من إذاية الخلق عموما، ثم المغاربة خصوصا، ثم أهل تجكان على الأخص، فإن رمت السلامة فلا تعرف منهم عينا ولا أثرا، وإن وقع وجرى؛ وبُليت بمعرفة أحد منهم: فلا تطلعه على الضروري من أمرك، ولو أكل الخبز اليابس بالماء؛ فضلا عما فوقه، فإنها أمة حاسدة، عندها إذاية الخلق من أشرف الأعمال تارة، ومن فريق عن قصد وإرادة وتعمد تارة، ومن فريق منهم عن غير قصد ولا تعمد، ولكن لغفلة وبلادة وبلية الكلام والتجسس على عورات الناس الضرورية، هذا وصف مَن عمرُه منهم مائة سنة والسبحة على عنقه يقوم الليل ويذكر أكثره، ومن عمره عشرة أعوام، وهو عسكري أو لص شفار، كل ذلك سواء في خُلقهم الممقوت الملعون وهو جر الإذاية إلى الناس، فاحذرهم كل الحذر، والسلام".28 جمادى الثانية 1374
وقال (ص71): "وسُخط كثيرين على كتابنا إحياء المقبور هو المنتظر من المغاربة الجهلة، المندفعين إلى الضلال بقوة، والمتعشقين له بجنون". 3محرم 1372
وانظر (ص81) احتقاره لأهل ودراس وطنجة، وقَسَمه أنه لا يمكن أن يخرج ولي لله من طنجة، علما بأنه ووالده منها!
* أما مصر -بلد محمود سعيد ممدوح الذي ألف في مدح أحمد الغماري- فقال عنهم (ص97): " .. فالمصريون أفسق خلق الله، وأجهلهم بدين الله على الإطلاق، وما انتشر الفسق والفجور والكفر والضلال والإلحاد إلا من طريقهم .. "، وقال (ص98): "المصريون أجهل بني آدم بالأديان كلها، فضلا عن دين الإسلام".
لكنه استدرك، ثم استدرك على الاستدراك، فقال (ص98): "على أن المصريين هم أفاضل أهل الإسلام أخلاقا وأدبا وديانة، لكن هذا في المتدينين منهم؛ الذين لا يوجد في علماء الأزهر منهم واحد تقريبا، فضلا عن أهل التياترات [يعني الملاهي الليلية] ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/29)
وقال (ص42) ضمن طعنه في محمد رشيد رضا: "وقاعدتنا الصحيحة التي لا تتخلف ولا تنخرم، وهي أن المصريين لا يمدحون مؤمنا ولا محقا، ولا يمدحون إلا أهل الباطن والإلحاد، بحيث يمكنك أن تعتمد على هذه القاعدة، وتجزم بضلال ممدوحهم وإلحاده قبل أن تقف على كلامه". 18 رجب 1372
وتسمية للأزهريين ملاحدة متكرر في كلام أحمد الغماري، مثل الجواب المفيد (ص72) ودر الغمام الرقيق.
* وليتهيأ أهل الشام لسماع حكم أحمد الغماري فيهم، قال (ص56): "النشاشيبي ملحد زنديق كافر، ولا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، وأنا لا أنظر في كتب الملاحدة لأني لا أستجمر بالورق، ولو كنت أفعل لأعدتتها للاستجمار بها فقط، على أن الناشيبي لو كان مسلما فهو شامي، والشوام كلهم نواصب، لا قيمة للشرف ولا لأهل البيت عندهم، وما قضى على أهل البيت ثم الإسلام إلا هم". عامله الله بما يستحق.
* أما مناقشة آراء الغماري في الكتاب فيضيق عنها الوقت، وهي من الواضحات التي لا تحتاج إلى بيان، فمنها: الإيمان بالأقطاب الأربعة (ص53)، ونجاة والدي النبي صلى الله عليه وسلم (ص94) مع أنه محدّث والحديث في ذلك صريح، ودفاعه (ص94 و95 و97) عن ابن عربي حتى قال (ص94 - 95): "ولو قال إنه قال: إن الكلب والخنزير هو الله، لأمكن أن يكون لقوله وجها عند أهل الفناء في الشهود .. " الخ! أشهد أن لا إله إلا الله! ومنه انتصاره (ص96) للقائل بإيمان فرعون.
* هذه جوانب أحببتُ التنبيه عليها لمعرفة الوجه الآخر لأحمد الغماري، ولعل خلاصة الكلام ما سمعت شيخنا عبدالقادر الأرناؤوط رحمه الله -وقد سألته سنة 1417 عن حفظ أحمد الغماري، وهل يستحق لقب الحافظ على حسب زماننا؟ فقال ما معناه: لا يبعد، فأحمد الغماري محدث كبير واسع الاطلاع، وهو أحفظ إخوته وأعلمهم، لولا أنه مبتدع، وعنده شواذ.
وقال لي -تغمده الله برحمته ورضوانه: لقد ضل بسبب الرجل خلق، لانبهارهم بحفظه.
وسمعت الشيخ سعد الحميّد يقول غير مرة: كتب الغماريين ليس عليها نور.
وصدقا والله، فقد كنتُ أحب في الرجل سعة اطلاعه واعتنائه الكبير برسوم المحدثين في الجمع والنسخ وكتابة الأطراف والفهرسة والإملاء وغير ذلك، وهو كان أندر من الكبريت الأحمر في زمنه، ولكن لما عرفتُ منهج الرجل، وكثرة وقيعته في بعض الصحابة فمن دونهم من خيار الأمة: تبيّن لي صدق مقولة الشيخين.
وكأنه لذلك لم يرزق بالقبول التام، فلا يعرفه ويعرف كتبه إلا خواص طلبة العلم والمشايخ -دعك عن تهويل المتعصبة له- وقارن بين ما رزق الله علم الإمام الألباني من الانتشار والقبول عند الخاص والعام في شتى أنحاء المعمورة، وابحث عن سر ذلك تجده واضحا إن شاء الله.
وأؤكد أن أكثر من يستفيد من تخاريج الغماري هو المتوسع ونحوه، لأنه يميز بين الاستفادة من المصادر وبين الصنعة الحديثية للغماري المخالفة لمنهج أئمة أهل الحديث في الجملة، فضلا عن الحكم بالهوى، وتقدم بيان ذلك في مقال سابق، وما سوى التخاريج فتنبئك النقولات عن بعضه، والله المستعان.
نسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.
محمد زياد التكلة، الرياض 7/ 11/1425
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[19 - 12 - 04, 06:41 ص]ـ
أشاع بعض متعصبة أهل الهوى -سواء لأحمد الغماري كمحمود سعيد ممدوح في مسامرة الصديق، أو المتعصبة للكوثري- أن أحمد الغماري رجع عن رده على الكوثري المسمى "بيان تلبيس المفتري محمد زاهد الكوثري"، وأن أعداء الرجلين نشروا الرد كيدا وبغيا؛ مع أنه في حكم المنسوخ على حد زعمهم، لكيلا يسقط أحدهما أو كليهما، وهم بحاجة ماسة لرأس ينتسبون إليه في مقابل أئمة السنة قديما وحديثا .. فهل تستقيم لهم دعواهم؟
وتجاوزا لحقيقة أن أحمد الغماري له أكثر من رد مفرد على الكوثري، مثل سوط التأديب، والغارة العنيفة؛
وبغض الطرف عن مادة "بيان التلبيس" ونَفَسه وعباراته التي يصعب معها احتمال التراجع: فسأدع مفهوم حال وواقع أحمد الغماري لمنطوقه وكتاباته الخطية، وذلك من رسائله المسماة باقتراحه هو: "الجواب المفيد للسائل المستفيد"، وهي مراسلاته لتلميذه محمد الأمين بوخبزة حفظه الله، المطبوعة بدار الكتب العلمية سنة 1423:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/30)
* فقال أحمد الغماري في رسالة بتاريخ 9 صفر 1372 (ص40): "وأما الشيخ زاهد الكوثري فإنه حقا عدو السنة والسلف الصالح والأئمة؛ إلا الحنفية ومن وافقهم؛ لفرط تعصبه للحنفية وللجنسية التركية أيضا، حتى إنه متهم بالشعوبية، مع أنه عالم فاضل مطلع واسع الاطلاع والدراية، مع المشاركة في كثير من الفنون، ولكن فرط تعصبه أوصله إلى درجة المقت؛ بل درجة الجنون! حتى إنه طعن في مالك والشافعي وأحمد وعبدالرحمن بن مهدي والبخاري وهذه الطبقة، بل وتكلم في أنس وأبي هريرة وبعض الصحابة!
وقد كنتُ شرعتُ في الرد عليه، وسميته "بيان تلبيس المفتري محمد زاهد الكوثري" فكتبتُ في مقدمة الكتاب –وهي في تناقضاته فقط- نحو خمسة عشر كراسة فأزيد، ثم توقفتُ لكون الرجل يدعي لنا بالمحبة والصداقة، ولنا معه مجالس طويلة، والحق أولى منه، إلا أن سيدي عبدالله طلب مني أتأخر عن إكمال الكتاب، فتأخرتُ عنه، ولا بد إن شاء الله من إكماله، ولعلك رأيت الإعلان عنه في أسماء مؤلفاتنا المطبوعة بآخر بإزالة الخطر".
* وقال (ص54): "والكوثري حنفي متعصب خبيث شعوبي، وهو الذي ألفنا فيه: "بيان تلبيس المفتري محمد زاهد الكوثري" وكتبنا في مقدمته سبع كراسات أعان الله إكماله، مبتدع ضال، يبغض العرب وأهل الحديث والشافعية، وخصوصا الحافظ ثم السيوطي، فهو الذي كان يشيع تلك القبائح عن الحافظ، وكل ما قاله ابن تاويت فهو كلام الكوثري حرفا بحرف، ليس لابن تاويت في ذلك كلمة واحدة، وأنا فما كان الكوثري يجترئ أن يذكر ذلك أمامي، ولكنه ذكر ذلك حرفيا للأخ عبدالعزيز، منه سمعته حرفيا بمثل ما زعم لك ابن تاويت أنه المطلع عليه .. ".
* وانظر كلامه عنه (ص45): "ويشيع ذلك زاهد الكوثري لفرط تعصبه للشعوبية والحنفية ضد العرب والسنة".
* ويقول (ص63) في رسالة قبيل وفاته تبين ثبات موقف أحمد الغماري من الكوثري، فقال عن سلامة العزامي: " .. إلا أنه كان متعصبا للتقليد للأشعرية، عدوا للسنة وأهلها، خبيثا في ذلك، له مؤلفات مطبوعة، أحدها في مسألة طلاق الثلاث، والثاني في الصفات، وقد طبع هذا أيضا في مقدمة الأسماء والصفات للبيهقي، وهذا هو وجه الرابطة بينه وبين الكوثري؛ شيخ المتعصبة على السنة وأهلها". 29 صفر 1380
* فهذه نصوص واضحة تقضي على ذلك الزعم، وكم يُحرج من يتعرف على الحق بالرجال، ولا يتعرف على الرجال بالحق!
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[19 - 12 - 04, 01:45 م]ـ
ذكر في " الجؤنة " (ص 21 ـ 23 / طريفة 33) ـ الذهبي والنصب ـ , ما نصه:
أظهر الذهبي في " تاريخ الإسلام " اعتدالاً في حق آل البيت وأعدائهم بني أمية , وأراد أن يخفي أثر النصب الكافي في نفسه فيه بخلافه في كتبه الأخرى , ولكنه لما جاء إلى ترجمة (الحكم بن العاص) غلبه ما في نفسه فقال: " أسلم يوم الفتح , وقدم المدينة فكان ـ فيما قيل ـ يفشي سر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "؛ كذا حكى عنه بصيغة التمريض , ثم قال: " طرده رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , وسبه " , كذا قال (سبه) , والواقع المروي بالطرق الصحيحة أنه لعنه ... قال: " وأرسله إلى بطن وج , فلم يزل طريداً إلى أن ولي عثمان , فأدخله المدينة , ووصل رحمه , وأعطاه مائة ألف درهم لآنه كان عم عثمان بن عفان ".
وقيل: إنما نفاه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلى الطائف لأنه كان يحكيه في مشيته وبعض حركاته , كذا يحكى هذا بصفة التمريض , مع أنه مروي بالأسانيد الصحيحة , ثم قال: " وقد رويت أحاديث منكرة في لعنه , لا يجوز الاحتجاج بها " , كذا قال مع أنها أحاديث صحيحة ... والعجب أنه نفسه صحح بعضها في نفس الترجمة ... فأورد عن الشعبي قال: سمعت ابن الزبير يقول: " ورب هذا البيت أن الحكم بن أبي العاص وولده ملعونان على لسان محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " , ثم قال (إسناده صحيح) , ونسي ما قال قبله ببضعة أسطر (أنه كلها منكرة) ... ثم روى عن إسحاق بن يحى , عن عمته عائشة بنت طلحة , عن عائشة قالت: (كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في حجرته , فسمع حشا فاستنكره , فذهبوا فنظروا فإذا الحكم يطلع على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , فلعنه وما في صلبه ونفاه) , سكت عليه الذهبي وهو
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/31)
صحيح أيضاً ... ثم قال: وقال سلمة التبوذكي: ثنا عبد الواحد , ثنا زياد , ثنا عثمان بن حكيم ثقيف بن محمد بن عبدالله بن عمرو , عن جده , قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (يدخل عليكم رجل لعين) , قال: وكنت تركت أبي يلبس ثيابه فأشفقت , فدخل الحكم بن أبي العاص ... سكت عليه الذهبي أيضاً وهو صحيح ... وأورد قبل هذه الأحاديث قول أحمد في " مسنده ": حدثنا ابن نمير , ثنا عثمان بن حكيم , عن أبي أمامة بن سهل , عن عبدالله بن عمرو , قال: كنا جلوساً عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , فقال: (ليدخلن عليكم رجل لعين) , فما زلت أتشوف حتى دخل فلان ـ يعني الحكم ـ , سكت عليه وهو صحيح أيضاً ... فانظر إلى هذا مع قوله " إنها منكرة لا يجوز الاحتجاج بها " , مع أنه لم يستطع أن يتكلم إلا في أحاديث , فقال: كنت بين مروان والحسن والحسين , والحسين يساب مروان بن الحكم , فقال مروان: " إنكم أهل بيت ملعونون " , فغضب الحسين وقال: (والله لقد لعن الله أباك على لسان نبيه وأنت في صلبه " ..... قال الذهبي: (أبويحى مجهول)!!!
قلت ـ أي الغماري ـ: لو سلمنا , جهالته هنا لا تضر , فإن الحديث مشهور ومتواتر , وهذا يدل على كفر مروان , كفراً صحيحاً لا شك فيه.
ثم قال الذهبي: وقال معتمر بن سليمان , عن أبيه , عن حنش بن قيس , عن عطاء , عن ابن عمر , قال: كنت عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فدخل علي يقود الحكم بأذنه , فلعنه نبي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثلاثاً ... ثم قال الذهبي: قال الدارقطني: تفرد به معتمر ....
قلت ـ الغماري ـ: وهو ثقة من رجال الصحيح , وأكثر أحاديث الصحيحين أفراد ...
ثم قال ـ أي الذهبي ـ: وقال جعفر بن سليمان الضبعي , ثنا سعد أخو حماد بن زيد , عن علي بن الحكم , عن أبي الحسن الجزري , عن عمرو بن مرة ـ وله صحبة ـ , قال: استأذن الحكم بن أبي العاص على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , فقال: (ائذنوا له , لعنه الله وكل من خرج من صلبه إلا المؤمنين) , قال الذهبي: إسناده فيه من يجهل ...
قلت ـ الغماري ـ: كلا بل هو تدليس ...
ثم قال ـ الذهبي ـ: وعن عبدالله بن عمرو , قال: كان الحكم يجلس إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وينقل حديثه إلى قريش , فلعنه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ومن يخرج من صلبه إلى يوم القيامة , ثم قال: تفرد به سليمان بن قرْم وهو ضعيف.
قلت ـ الغماري ـ: كيف يدعي تفرده به , وهذه الطرق كلها مثله , وإنما يدعي التفرد فيما لم يأت به غيره ... وقد روي خبر لعن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الحكم وبنيه في صلبه من طرق أخرى من حديث جماعة آخرين من الصحابة , أعرض عنها الذهبي.
والمقصود التنبيه على تدليس الذهبي في شأن بني مروان؛ بل التناقض الظاهر والتحيز الباهر.
فسبحان من ابتلى أهل الشام بحب بني مروان , والانحراف عن آل البيت الأطهار.
ومن رأى كلام ابن كثير , عرف أن الذهبي لاشيء بالنسبة إليه.
وأما شيخهما ابن تيمية فهو عدو آل البيت الأكبر , كما أنه عدو أهل الله.
فالحمد لله الذي عفانا مما ابتلاهم به , وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً ... اهـ.
قلت ـ خالد الأنصاري ـ: والمطلع على كلام الغماري يعلم علماً يقينياً من هو المدلس والكاذب , ومن هو عدو آل البيت أصلاً.
قاتل الله التعصب المقيت الأعمى , وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ولو تفضلت أخي المكرم , انظر تناقض الغماري في علم الذهبي وابن كثير في مقالي المنشور على صفحات هذا الملتقى المبارك , والمسمى " مراتب العلماء ".
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[19 - 12 - 04, 02:06 م]ـ
وذكر أيضاً (ص 23 ـ فائدة 34) من " الجؤنة " أيضاً , ما نصه:
ـ دليل اتخاذ السبحة:
في ترجمة أبي الدرداء عنه أنه قيل له: كم تسبح في كل يوم ـ وكان لا يفتر من الذكر ـ؟ فقال: مائة ألف إلا أن تخطيء الأصابع ...
قلت ـ الغماري ـ: ولهذا اتخذ الصوفية السبحة لأنها لاتخطيء ... وقد كان لأبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - خيط فيه ألف عقدة يديره كل يوم عشر مرات بالتسبيح والاستغفار.
وهو الأصل في اتخاذ السبحة ...
قلت ـ خالد الأنصاري ـ: لو سلمنا للغماري صحة هذا الأمر (وهو ليس بصحيح) , فهل فعل الصحابي حجة بجانب قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وفعله , وأيهما يعمل به , وهل قول الصحابي مقدم على قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وفعله؟
ويكفينا شاهداً ما روي عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بإسناد صحيح أنه لما دخل على امرأة ووجدها تسبح بالحصى ..... القصة معروفة.
وكذلك قصة ابن مسعود التي في سنن أبي داود بإسناد صحيح لما دخل على أناس في المسجد ورآهم يسبحون بالحصى ..... والقصة أيضاً معروفة ومشهورة.
فهل ذهل الغماري عن هذه الآثار الصحيحة!! , أم أنه لم يقرأها!!
لعل الحافظ الإمام الحجة خانه حفظه!! , أم تراه يضعفها!!
الله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/32)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[19 - 12 - 04, 03:47 م]ـ
دليل على تخبط الغماري يعزز ما ذكرناه آنفاً , وهو:
ذكر في " الجؤنة " (ص 25 ـ طريفة 37) , ما نصه:
_ دليل على عدم الاحتجاج بعمل الصحابي في مخالفة الحديث:
روي بإسناد صحيح , عن أنس بن مالك , قال:
كان أبوطلحة يأكل البرد وهو صائم , ويقول: ليس هو بطعام ولا شراب.
قلت (الغماري): أبوطلحة ـ هو زيد بن سهل الأنصاري النجاري كان من أفاضل أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شهد بدراً والمشاهد كلها , وكان من النقباء ليلة العقبة؛ فأين المهولون بالإحتجاج بعمل الصحابي في مخالفة الحديث والتعلق بأنه لم يفعل ذلك وعنده علم بالناسخ والمنسوخ لذلك الحديث المرفوع , وربما تعلقوا بالحديث: (أصحابي كالنجوم , بأيهم اقتديتم فقد اهتديتم) , وهو حديث موضوع , مع أنهم لايقتدون إلا بما وافق أهواءهم من قول واحد منهم , وإن خالفوا جماعتهم بل إجماعهم!
قلت ـ خالد الأنصاري ـ: والغماري بهذا قد نقض كلامه كله في قضية السبحة المذكورة سابقاً , وتأييده لفعل الصحابي (زاعماً) , بالرغم من مخالفته لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وفعله , هذا إن صح فعل أبي هريرة لذلك.
والله المستعان.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[19 - 12 - 04, 04:38 م]ـ
وذكر أيضاً في " الجؤنة " (ص 29 ـ 30 / طريفة 47) , ما نصه:
ـ تفسير الشيخ الأكبر لقوله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب}:
ذكر الشيخ الأكبر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - في " الفتوحات " ـ في معنى قوله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الدعي إذا دعاني}:
أن الله تعالى أخبرفي هذه الآية بأنه يجيب دعوة الداعي , ومعنى الإجابة لغة وعرفاً تلبية النداء بالقول , وإسماع المنادي أنك لبيته بقولك: لبيك أو ما يقوم مقامها بحسب اللغات والأعراف.
فالحق سبحانه وتعالى مع عباده كذلك يخبر أنه جار معهم على ماهو الجاري بينهم وأن العبد إذا دعاه فقال: يارب ... أجابه سبحانه في الحال بقوله: لبيك عبدي ... فهذا معنى الآية وعليه تدل مطابقة ...
أما كونه يعطي السؤال بذلك النداء , فلا تعرض للآية فيه لأنه تعالى لم يقل: أجيب دعوة الداعي وأعطيه ما سأل ... ومن هنا دخل الغلط على الناس فاستشكلوا كونهم يدعون فلا يعطون أحياناً , مع أنه تعالى يقول: {أجيب دعوة الداعي إذا دعاني} ...
هذا مضمن كلام الشيخ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - , وقد أمليت عليه جزء أول دخولي إلى المعتقل , ولعلي أنشط بعد هذا , فنذكره بتمامه ...
قلت ـ خالد الأنصاري ـ: وتسمية الغماري ابن عربي صاحب " الفتوحات " بالشيخ الأكبر , هذا مما لا يجوز التغاضي عنه , فابن عربي معلوم عنه الكفر البواح والشرك الصراح , والقول بوحدة الوجود , فأقل ما يقال عنه من الألفاظ الجائز تلقيبه بها (الزنديق) أو (الطاغوت الأكبر).
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[19 - 12 - 04, 05:43 م]ـ
وذكر أيضاً في " الجؤنة " (ص 31 _ لطيفة 49) , ما نصه:
_ قيمة الدين عند علي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - و معاوية:
جاء عقيل بن أبي طالب إلى أخيه علي ـ عليه السلام ـ يسأله , فقال: إني محتاج فقير , فقال له: (اصبر حتى يخرج عطائي) ... , فألح عليه , فقال لرجل (خذ بيده فانطلق به إلى الحوانيت) فقال: (دق الأقفال وخذ ما في الحوانيت) ... فقال: تريد أن تتخذني سارقاً! قال: (وأنت تريد أن تتخذني سارقاً وأعطيك أموال الناس) , قال: لآتين معاوية .. قال: (انت وذاك) ... فأتى معاوية , فعرّف له قدومه , وقال: هذا عقيل وعمه أبولهب.
فقال عقيل: هذا معاوية وعمته حمالة الحطب!
وكانت امرأة أبي لهب عمة معاوية , فأعطاه معاوية مائة ألف درهم , ثم قال: اصعد على المنبر فاذكر ما أولاك علي , وما أوليتك ... فصعد المنبر فحمد الله ثم قال: أيها الناس إني أخبركم أني أردت علياً على دينه , فاختار دينه علي , وأردت معاوية على دينه , فاختارني على دينه ... فقال: هذا الذي تزعم قريش أنه أحمق!!
قلت ـ الغماري ـ: أراد معاوية أن يطعن عقيل في علي ـ عليه السلام ـ , وأن يفرق بين الأخ وأخيه بالدنيا , فوجده حازماً متيقظاً ...
ـ[ابو عمرو الشامي]ــــــــ[19 - 12 - 04, 11:46 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/33)
لقد اطلعت على ما كتبه الغماري في بعض رسائله ووجدت ما ذكره الشيخ خالد والأخ زياد صحيحاً والغماري لديه من الطوام الشيء الكثير والذي نحن بغنى عنه وعن علمه وكتبه لأنه خلط فيها التوحيد بالبدع والثناء على بعض الملحدين كابن عربي وعلى أهل الأهواء والحط من شأن كبار أئمة أهل السنة والتوحيد كشيخ الإسلام فجزى الله كل من شارك في الإنكار على الغماري خيرا
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[20 - 12 - 04, 03:16 ص]ـ
وذكر في " الجؤنة " أيضاً (ص 33 ـ طريفة 53) , ما نصه:
ـ تحريف النواصب للأحاديث الواردة في مخازي بني أمية:
روى أبوسعيد الخدري , عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , أنه قال: (إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه ... ) , فقامت قيامة النواصب وشرعوا في الاحتيال لرد هذا الحديث كما فعلوا في غيره , فادعى بعضهم أنه محرّف وأن صوابه (فاقبلوه) ـ بالباء الموحدة ـ!
وأما أبوبكر بن أبي داود فأقره على روايته ـ بالتاء المثناة من فوق , ولكنه قال: هذا معاوية بن تابوه رأس المنافقين , حلف أن يتغوط فوق المنبر!!.
(قال الغماري): وأشهد بالله إن هذا لكذب من ابن أبي داود , فإنه كان مشهوراً بالنصب وبالكذب معاً.
وقد كان والده أبوداود صاحب السنن يكذبه ويحذر أصحاب الحديث منه , ويقول لهم:: إن ابني كذاب فلا ترووا عنه ".
وهو الذي زعم قبحه الله , أن علياً ـ عليه السلام ـ حفيت أظفاره من كثرة التسلق على أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -!!
وهكذا فعلوا في الحديث المخرج في " مسند أحمد ": سمع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عمراً ومعاوية يتغنيان , فقال: (اللهم اركسهما في الفتنة ركساً , ودعهما في النار دعاً) , فقالوا: هاذان عمرو ومعاوية آخران لا معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص.
وكذلك فعلو في أخبار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (ان سمرة بن جندب في النار) , فلفقوا أنه كان يحرك قدراً فسقط فيها فمات في النار!!
ولما رأى آخرون أن هذا غير معقول , لأن سمرة رجل لا ذبابة , رووا أنه كان يصطلي بنار فاحترق فمات؛ مع أن سمرة كان من أعداء آل البيت ومن أنصار بني أمية , وولي ولايات لمعاوية ويزيد , وسفك دماء كثيرة ظلماً وعدواناً ...
قال عامر بن أبي عامر: كنا في مجلس يونس بن عبيد في أصحاب الخز , فقالوا: ما في الأرض بقعة نشفت من الدم , ما نشفت هذه البقعة ـ يعنون دار الإمارة ـ , قتل بها سبعون ألفاً , فجاء يونس بن عبيد , فقلت: إنهم يقولون كذا وكذا , فقال: نعم , من بين قتيل وقطيع , قيل له: ومن فعل ذلك يا أباعبدالله؟ قال: زياد , وابنه عبيدالله , وسمرة!.
وقال الذهبي: قتل سمرة بشراً كثيراً.
قال (الغماري): فهل من صنع هذا , يكون قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (آخركم موتاً في النار) لجماعة ماتوا كلهم , وتأخُرْ سمرة إنما أراد به أنه سيحترق في الدنيا , أو يقع في قدر فيموت!!؟
وقد أخبر الله تعالى أن من قتل مؤمناً واحداً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها , فكيف بمن قتل الآلاف , إن هذا لعجب عجاب!!.
قلت (خالد الأنصاري) في إيراد أباطيله هذه بتاتاً , وإنما أرد عليه بإيراد قصيدة ابن أبي داود:
قال ابن أبي داود رحمه الله تعالى:
وقل: إنّ خيرَ الناس بعد محمد .......... وزيراه قُدْماً ثم عثمانُ الأرجح
ورابعُهم خَيْرُ البريةِ بعدهم .......... عليٌّ حليفُ الخير بالخير مُنْجح
وإنهم الرَّهْطُ لا ريْبَ فيهم على .......... نُجُبِ الفِرْدَوسِ في الخُلد تَسْرح
سعيدٌ وسعدٌ وابنُ عوفٍ وطلحةٌ .......... وعامرُ فِهْرٍ والزبيرُ الممدّح
وسِبْطيْ رسول الله وابني .......... خديجة وفاطمة ذات النقا تبحبحوا
وعائشة أم المؤمنين وخالنا .......... معاوية أكرم به ثم امنح
وأنصاره والمهاجرون ديارهم .......... بنصرتهم عن كية النار زُحْزِحُوا
قلت: هذا هو اعتقاد ابن أبي داود رحمه الله تعالى , فهل يبقى للغماري عذر بعد ذلك , ولا أظن الغماري قد خفي عليه أمر هذه القصيدة , ولكنه الحقد والكره والتعصب.
وأقول أيضاً: ماذا ترك الغماري للرافضة , لقد فتح الباب في الطعن في الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين على مصراعيه , فهل أغلقه قبل أن يهلك؟!
فإلى الله المشتكى , وهو المنتقم الجبار من كل عنيد معثار.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[20 - 12 - 04, 04:53 ص]ـ
ومن سخافاته وخرافاته التي يعتبرها كرامات:
قوله في " الجؤنة " (ص 36 ـ طريفة 59) , مانصه:
ذكر العارف الشعراني في " الطبقات الوسطى " , في ترجمة العارف بالله أبي الخير الكليباتي ـ رضي الله تعالى عنه ـ ,: أن الشيخ محمد العداوي حدثه , أن امرأة اشتهت مامونية حمراء ـ يعني صنفاً من الحلاوة ـ , ولم يجدها بمصر في ذلك الوقت , قال: فأتيت الشيخ أبا الخير ـ رضي الله تعالى عنه ـ , فأخبرته بذلك , قال: (فأتني بصحن) , فأتاه به , فولى ظهره , فشمر وتغوط له مامونية سخنة بعسل نحل , قال: فأكلنا منها , وأطعمنا الجيران ... قال الشعراني: واستحلفته على ذلك؛ فحلف أن ذلك حق ... مات الشيخ صاحب هذه الكرامة اللطيفة سنة إحدى وأربعين وتسعمائة ...
قلت: فهل بعد هذا الكلام الذي ذكره لنا الإمام الأوحد المحدث العلامة الفهامة الفقيه الأصولي , كلام!!!!!
أناس يأكلون الخراءة ويعدونها معجزة وكرامة!!!
بل إن الحمار ليأنف من ذلك , فكيف بالإنسان , والذي أعلمه وغيري بأن الخنزير هو الذي يأكل البراز , وهل وصل الأمر بالغماري وأصحابه إلى هذا الحد باعتقادهم الكرامات التي من هذا القبيل؟! وهل صاحب الكرامة يكشف عورته؟
وهل يستقيم هذا الكلام أو تصدقه عقول البشر؟!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/34)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[20 - 12 - 04, 03:00 م]ـ
وذكر في " الجؤنة " (ص 39 ـ طريفة 64) , مانصه:
ـ فإنّ القو ما قال والدي:
لما كنت بالقاهرة , ورد عليها رجل من بعض كبار مشايخي , ونزل ضيفاً عليّ , فاستدعاني بعض العلماء المتصوفة لتناول طعام الإفطار عنده في رمضان , فلما كنا بمنزله في جماعة من أصحابي , سألني عن (وحدة الوجود)؟ وقال لي: " أحب أن أعرف رأيك فيها؟ وكيف يمكن إثباتها؟
فقبل أن أتكلم؛ بادرني الرجل , وقال: إنّ والدي , قال: لا يتكلم في وحدة الوجود إلا كبار العارفين!!
فقلت: نعم , ولكن نحن لا نريد الكلام في حقيقتها التي لا تفهم إلا بالذوق , ولكن في كيفية إثباتها, وأن المتكلمين فيها على حقّ ...
فقال: هو ما أقول لك , إنّ والدي منع من الكلام فيها , فإما أنْ تسكت , وإما أنْ أقوم!!!
فسكتُّ مراعاة لضيفي ...
قلت (خالد الأنصاري): هذا هو معتقد أحمد الغماري , القول بوحدة الوجود , ولولا تدخل ضيفه , وحرصه على بقائه , لنثر سمومه ولكشف عن مكنون قلبه.
ولكن لنا كلام في ذلك سيأتي ذكره قريباً إن شاء الله تعالى.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[20 - 12 - 04, 04:30 م]ـ
وذكر في " جؤنته " أيضاً (ص 27 ـ 28) , مانصه:
ـ النواصب يبطلون حديث الطير المتواتر:
يكاد النواصب من الحفاظ تتفق كلمتهم على بطلان حديث الطير , بل بالغوا حتى جعلوه علامة على ضعف الراوي , فكل من رواه جرحوه بروايته , وكذلك فعل الذهبي في " الميزان " , الذي ظهر فيه نصبه بأجلى معانيه , ولكنه مال إلى الإعتدال في " تاريخ الإسلام " , فذكر الحديث , ثم قال: (وله طرق كثيرة عن أنس متكلم فيها , وبعضها على شرط السنن , من أجودها حديث قطن بن نسير شيخ مسلم يعني في " الصحيح ": ثنا جعفر بن سليمان , ثنا عبدالله بن المثنى , عن عبدالله بن أنس بن مالك , عن أنس قال: أهدي إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حجل مشوي , فقال: " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكله معي , فجاء علي فأكله معه ".
فهذا سند على شرط الصحيح وإن أنف الذهبي من التصريح بذلك فعدل إلى قوله جيد , وهو مرادف للصحيح في اصطلاحهم ...
وبعد , فإذا لم يكن حديث الطير صحيحاً؛ فلا يصح في الدنيا حديث البتة , ولا يقع تواتر بخبر بالمرة.
فقد رواه عن أنس (سبعة وتسعون راوياً) مائة إلا ثلاثة بأعدادها مضاعفة من الطرق عنهم , وورد مع ذلك عن جماعة من الصحابة منهم (علي ـ نفسه ـ , وعائشة , وابن عباس) وتمام سبعة من الصحابة فيما يحضرني الآن , بحيث أفرد طرقه الإمام محمد بن جرير الطبري في مجلد ضخم , ومن بعده جماعة منهم الحافظ ابن القا الذي أملى مجلساً فيه ببغداد فقاموا إليه وأخرجوه من المسجد وغسلوا الكرسي الذي كان يملي عليه بالماء.
ولما وقف الباقلاني شيخ الأشعرية والنواصب في عصره على المجلد الذي جمعه ابن جرير في طرق هذا الحديث؛ رد على ابن جرير بعقله , وأبطل الحديث بكاسد رأيه وفاسد نصبه ... فإلى هذا الحد بلغ تعصب النواصب على عليّ ـ عليه السلام ـ ...
والمقصود اعتراف الذهبي بصحة الحديث مع أنه جمع هو أيضاً طرقه في جزء , وضعف جميع تلك الطرق , لكن يحكي هذا ابن كثير في " تاريخه "؛ وابن كثير جربنا عليه الكذب في هذا الباب.
أما نحن فلم نقف على الجزء المذكور , نعم ذكره الذهبي في أزيد من عشرين ترجمة من " الميزان " , وضعف جميعها بل ضعف أولئك الرواة لمجرد رواية هذا الحديث , ومع ذلك فلا نصدق ابن كثير فإنه كذاب ...
قلت (خالد الأنصاري): ولا يضر ابن كثير أو الذهبي تصديقك لهما أو تكذيبك , وتكذيبك لهما لا يزيدهما إلا رفعة وشموخاً , ولا يزيدك إلا حسرةً وثبوراً.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[21 - 12 - 04, 02:33 ص]ـ
وذكر أيضاً في " جؤنته " (ص 47 ـ 49 / لطيفة 85) , مانصه:
ـ معجزة لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد وفاته:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/35)
لما كنت بدمشق سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وألف , حكى لي جماعة منهم الأستاذ شريف اليعقوبي معجزة عظيمة لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , وفضيلة ظاهرة لأهل بيته الكرام حصلت لرجل بدمشق كان ضابطاً في الجيش التركي أيام الحرب العظمى , وكانت تركيا تأخذ الجنود للحرب قهراً من جميع ممالكها , وكان من جملة الجنود الذين تحت حكم هذا الضابط رجل شريف ـ أظنه من ناحية الموصل ـ , فجاءه يوماً فقال له: أنا رجلٌ شريف من آل بيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , ولي والدة ليس لها غيري , فأحب أن تطلق سراحي لأرجع إليها وتسترني حتى لا تأتيني عقوبة من الحكومة ... قال: فَرَقَّ له , وأجابه إلى ما طلب ... ثم بعد انتهاء الحرب لمدة نحو عشر سنين , مرض ذلك الضابط بالفالج مرضاً شديداً؛ مات به رجلاه ويداه وأخيراً لسانه , وعجزت الأطباء عن علاجه , وبقي ملقى على الفراش لا حراك , ولا كلام ... قال الشيخ شريف:فذهبت يوماً أعوده أنا وجماعة من الأصدقاء , لأنه كان لنا صديقاً , فقلت له: يا فلان , لم يبق الآن إلا الإلتجاء إلى الله , والتوسل إليه بحبيبه سيدنا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , فأكثر من الصلاة عليه ... قال: فأشار إلينا بعينه ورأسه , فهمنا أنه يقول: ليس له لسان يصلي به على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , فقلنا له: اشتغل بذلك بقلبك , وخرجنا ... وكان ذلك قبيل الزوال.
قال: فاشتغل بالصلاة على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بقلبه والإستغاثة به ذلك الحين , فلما كان في وقت السحر , رأى ـ وهو نائم ـ ذلك الشريف الذي كان جندياً في عسكره وأطلقه , أتى إليه وأخذ بيده وقال: قم معي , فذهب به إلى براح , فإذا قبة مضروبة وعلى بابها أنس بن مالك 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: فقال له: استأذن لي على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , قال: فاستأذن , فأذن لنا , فدخلنا , فإذا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأظنه قال وأبوبكر وعمر , قال: فتقدم ذلك الشريف وقال: يارسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , هذا أغاثني وقد كنت في أشد حسرة وهو الآن في أشد حسرة , فأغثه يا رسول الله.
قال: فقال لي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قرّب " , فقربت منه , فأمرَّ يده الشريفة على جسدي , فانتبهت فرحاً مسروراً , فصرت أنادي أختي بلسان فصيح , فجاءت مندهشةً , وقلت: أطعميني فإني جائع , فأتتني بالطعام وقمت في الحال ....
وبعد أن حكى لي شريف اليعقوبي هذه الحكاية , قال لي: تعال نزور الرجل ... فذهب بي إلى منزله , فخرج إلينا الرجل بنفسه , وأدخلنا منزله الجميل , وسقانا القهوة , وقال له اليعقوبي: هذا فلان جاء ليزورك ويشاهد معجزة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيك , قلت: وكان رجلاً ربع القامة إلى القصر أقرب , وأتذكر أني وجدت السبحة بيده , يصلي بها على رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , وشرف وكرم ومنَّ علينا بشفاعته في الدنيا والآخرة ... آمين.
ومعجزات رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - التي أغاث بها المرضى في المنام ـ كما وقع لهذا الرجل ـ كثيرة لا تحصى , ولو تتبعت وجمعت لجاءت في مجلد حافل , وقد مر علينا أثناء المطالعة كثير منها , فأغفلنا تقييدها.
ونذكر منها الآن: أن الحافظ ذكر في " أنباء الغمر بأبناء العمر " , وكذلك تلميذه السخاوي في " الضوء اللامع ": أن سرداح بن مقبل الحسني الينبعي , كان والده أميراً على الينبع , فقبض عليه الملك الأشرف وعلى والده سرداح ـ المذكور ـ , وسجنا بالإسكندرية , إلى أن مات الوالد في السجن , ثم أمر السلطان بولده سرداح أن يكحل؛ فكحل حتى سالت حدقتاه وورم دماغه وأنتن , فتوجه إلى المدينة , فوقف عند قبر جده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , وشكى مابه , فلما كان باليل؛ رأى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في منامه , فمسح بيده الشريفة على عينيه فأصبح وعيناه أحسن مما كانت , فاتهم السلطان من كحله أنه لم يفعل , فأقيمت عنده البينة بمشاهدة المِيْل المحمي بالنار وهو يكل به بحيث سالت حدقتاه بحضورهم ,
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/36)
ثم أخبر أمير المدينة بذلك أيضاً , وأنه جاء إلى المدينة أعمى , ثم حصل له هذا بمعجزة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
فقبّح الله القرنيين و التيميين أعداء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , وحرمهم من شفاعته وبركة التوسل بجاهه العظيم ... آمين.
وحدثني في السنة الماضية سنة تسع وستين ـ وأنا بمكة ـ , صديق لي من أهل المدينة , وحلف على ذلك مراراً , قال: دخلت الحرم الشريف في منتصف النهار , وفي عطش شديد , والحرم فارغ ليس به أحد , وذلك في غير أيام الحج , فمددت يدي لقلة من القلل الموضوعة للشرب , فلما قربتها من فمي , سمعت صوتاً من ناحية الحجرة الشريفة: لا تشرب!!! قال: فالتفت يميناً وشمالاً فلم أر أحداً , ثم عدت لأشرب , فسمعت صوتاً آخر أعلى من الصوت الأول: لا تشرب!!! قال: فدهشت , ووضعت القلة متفكراً , وإذا قد خرج منها برص ـ يعني وزغاً كبيراً ـ!!! فعلمت أن ذلك بركة من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , ومعجزاته.
ثم بعد أداء النسك والذهاب إلى المدينة , اجتمعت بهذا الصديق أيضاً , ثم صار يتحدث معي إلى أن ذكر لي هذه الكرامة ناسياً أنه حدثني بها بمكة , فما زاد فيها ولا نقص , وحلف على ذلك؛ فعلمت أنه صادق.
قلت (خالد الأنصاري): هذه هي عقلية الغماري وفكره وعقيدته , تصديق بالدجل والخزعبلات والخرافات , على أنها كرامات؛ بله معجزات.
وقد دلس الغماري كعادته , واتهم الحافظ بإيراد القصة كاملة , فإني أدعوك لمطالعتها في " إنباء الغمر " 8: ص 212 ـ 213 , فإن الحافظ لم يوردها بتمامها , وقال في آخرها (والله أعلم).
وإنما الذي أوردها بتمامها تلميذه السخاوي في " الضوء " 3: ترجمة رقم 919: ص 245 , قال في ختامها (فمن توسل بجنابه لا يخيب).
وبهذا تشدق الغماري , فالحافظ نسب صحة هذه القصة من حيث الصدق أو الكذب إلى علم الله , لأنه هو المطلع على السرائر , فكان يجدر بالسخاوي أن يتبع شيخه في هذا؛ لا أن يزيد الطين بلة , وهو المعلوم عنه شدة التحري في صحة النقل والمنقول , فعجبت منه كيف يصدق هذا الكذب والدجل!!!!!
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[21 - 12 - 04, 07:40 م]ـ
وذكر في " الجؤنة " (ص 53 ـ 54 / فائدة 89) , مانصه:
ـ من كشوفات المجاذيب:
حدثني الأستاذ عبدالسلام غنيم الضرير أحد صالحي علماء الأزهر , قال: كنت أيام الطلب أتردد لزيارة شيخي في الطريق لأذكر الله معه كل يوم جمعة , وكان يسكن بإمبابة , ففي يوم جمعة لم يكن معي إلا قرش واحد , فصرت أقول في نفسي: هل أزور الشيخ وأركب الطرمواي بهذا القرش وآكل الرغيف بدون غموس ... أو أترك زيارته اليوم وأشتري بالقرش فُولاً مُدَمِساً آكل به الرغيف ... وكنت في حال هذا الخاطر ماشياً بالسكة الحديدة , فإذا محمد عبدالسلام المجذوب أتى إليّ , وقال لي: بل اذهب إلى زيارته وكل الرغيف حافْ!!!!
وصدور مثل هذا من أهل الجذب لايدخل تحت العدّ والإحصاء , ولا تمكن الإحاطة به لمخلوق من كثرته؛ وقد وقع لنا من هذا الكثير.
من ذلك أنه زارني المجذوب مولاي أحمد العروسي الطرداني بالقصر الكبير لأول مرة عرفته فيها , فلما دخل وصار يتكلم , دخلت يدي تحت ثوبي وأخرجت سبعة ريال لأعطيها إياه إذا أراد الذهاب , ثم خطر لي خاطر في نفسي , وقلت: هذا مجذوب ماذا يصنع بالدراهم , فما استتم لي هذا الخاطر حتى قال بيدي علي بن حمدوش , قال: الهدية إذا خرجت لا ترجع , فدفعت إليه ما في يدي , ثم أطال الجلوس معي , وكنت تركت طفلاً ابن أخي بطنجة مريضاً , وكنت أحبه كثيراً , فتعلق خاطري وخفت أن يكون اشتد به المرض , أو نزلت به آفة , فقال لي في الحال: لآ بأس والكل بخير؛ أو ما كائن إلا الخير.
ولو ذكرنا ما حصل لنا مع هذا الولي وحده؛ سطرناه في كراستين أو ثلاثة.
وحدثني جماعة من المصريين منهم محمد بن عبدالوهاب الليثي , عن المجذوب محمد بن عبدالسلام ـ المتقدم له تلك الكرامة مع عبدالسلام غنيم ـ , أنه كان يجلس في المقهى , فإذا حصل له حال صار يبول في الكوز ويشرب بوله , وكان إذا جلس أحد بجنبه يأخذ بيده فيضعه على ذكره , ويأمره أن يبقى ماسكاً به إلى أن يأذن له!!! قال (الغماري): وكنا مرةً جلوساً , فجاء بعض علماء الأزهر المعروفين بعدم الإعتقاد؛ بل وبالميل إلى مذهب القرنيين , فجلس معنا , فقال له المجذوب: إدفع قرشاً ثمن براد الشاي , وخذ الآن بدله مائة!! وصار يمتنع من ذلك , فقلنا له: إنما هو قرش؛ فإن صدق فستربح , وإن لم يصدق فليس في دفع القرش الواحد ما يضر ... وكنا في مقهى في شارع الكحكيين قريباً من الأزهر , فدفع ذلك الأستاذ القرش , وقام قاصداً الأزهر , فلما وصل باب الأزهر قابله أحد المكلفين فأخبره بأنه وردت زيادة لأئمة المساجد , وهي جنيه واحد ـ مائة قرش ـ في مرتبهم , فادخل إلى الإدارة لتمضي على الورقة وتأخذ الجنيه ... فدخل وأخذ المائة التي وعده بها المجذوب!!! فما آمن بخصوصية أهل الله , ولا كاد؛ بل هو اليوم من أغنى الناس على أهل الله {ومن يضلل الله فلا هادي له}.
قلت (خالد الأنصاري): انظروا إلى هذه الكرامة , رجل به شذوذ يأمر الناس بأن يمسكوا ذكره , ويكشف عن عورته , ويشرب من بوله .... ويسمى عارفاً بالله.
هذا هو الغماري , وهذه أحواله , وهذا هو مقاله!!!
هل الغماري إمام محدث لم تنجب الأمهات مثله ـ كما يتفوه بذلك البعض ـ؟؟؟؟؟
أظن بأن الجواب واضح , ولا يحتاج إلى تفكر وتأمل وتدبر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/37)
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[21 - 12 - 04, 10:11 م]ـ
أفادني البارحة شيخنا سعد الحميد -نفع الله به وجزاه خيرا- رسالة عنوانها: تنبيه القاري إلى فضائح أحمد بن الصديق الغماري، جمعه ورتبه مصطفى اليوسفي، وقدم له محمد بن عبدالرحمن المغراوي.
هذا كتاب جرد فيه مؤلفه الكثير من كتب ورسائل ومراسلات أحمد الغماري المخطوطة والمطبوعة، وينقل كلامه مع المصدر، ويقع في (170 صفحة)
ولما تصفحتُه ذهلت لما رأيتُه من مصائب ودواهي: في الاعتقاد، ومواقفه من الصحابة والتابعين وكبار أئمة الإسلام، والتصوف الغالي، والهوى المحض في التصحيح والتضعيف، وأخلاقه، وغير ذلك.
ومن قذاراته التي صدمتُ منها: اتهامه الصريح لمعاصره الشيخ عبدالحي الكتاني رحمه الله صراحة دون كنايات بأنه لوطي، زنّاء، تارك للصوم والصلاة، بل زنديق وملحد، وأنه حيوان، بل خنزير، وأن كلامه لا يصدر إلا من قحبة فاجرة، وأنه سيفسو عليه!!!!
لا تظنوا أني أنقل بالمعنى! فهذه (بعض) كلمات شتائمه حرفيا في كتابه كشف الستار المسبلة (ص17 و27 - 28 و36)، وهي في كتاب اليوسفي (ص78)
ولا أقوى على سياق شتائمه للكتاني كما هي، لأنها عبارات مغرقة في الفحش والإسفاف لدرجة لا يتخيلها مؤمن، وهناك مثل هذه الشتائم في غيره، ومنهم أشقاؤه!!
فهل هذه أخلاق الصوفي السالك المسلك، فضلا عن العالم المحدّث السني؟!
وأتساءل: هل كان محمود سعيد ممدوح عارفا بأمور وأقوال قدِّيسِه أحمد الغماري هذه؛ موافقا له، أم كان غاشا كاتما؟ أمران أحلاهما مر!
ـ[محمود سعيد ممدوح]ــــــــ[22 - 12 - 04, 09:07 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة المشرفون على ملتقى أهل الحديث
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
فقد إطلعت على الموضوع الخاص بحافظ العصر الشريف سيدي أحمد بن الصديق الغماري رحمه الله تعالى وأحب أن أذكر أمرين:
الأول: آثرت الاشتراك باسمي الصريح آملا أن أبادلكم رأيا برأي وفكرا بفكر بعيدا عن الحذف والإرهاب الفكري والسب والشتم وأن نقف مواقف الرجال في هذا البحث الذي يتعلق بعالم كبير شهد له بعلمه الموافق والمخالف.
الثاني: كثير من الكلام المتعلق بالسيد أحمد بن الصديق فيه تلبيس وعدم فهم يحتاج لبيان فأرجو أن يتسع صدركم لكلماتي ولأنني أخاطب رجالا فأرجو التصريح منكم بالموافقة على هذه المباحثة والتي سيتفيد منها الكثيرون ولا سيما وقد ذكرت في أكثر من موضع.
خذ مثلا الكلمات المنسوبة للسيد أحمد في السيد عبدالحي الكتاني لا يصح نسبتها للسيد أحمد البتة بل نسبتها إليه كذب صريح.
فإن الكلمات المذكورات جاءت في رسالة باسم (كشف الأوهام المسلسلة الواقعة في رسالة الرحمة المرسلة في تصحيح حديث الابتداء بالبسملة) وهذه الرسالة من تصنيف أبي بكر الجراحي وقد قتل في أحداث انقلاب السلال في اليمن كما حدثني بذلك وكتب لي شيخنا السيد عبدالله بن الصديق الغماري رحمة الله عليه. واسم الجراحي مكتوب على الرسالة المذكورة والله أمرنا بالتثبت.
وهكذا يمكن إفادة الباحثين عن الحق والصواب والمطلوب منكم سعة الصدر والدخول في المباحثة.
أخوكم محمود سعيد ممدوح
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[22 - 12 - 04, 09:23 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
تفضل واكتب ما عندك حول الموضوع بطريقة علمية ولانمانع من مشاركاتك العلمية في أي المواضيع، ولن يكون هناك أي حذف أو تحرير أو إرهاب فكري وغيره مادامت المشاركة علمية وبالأدلة.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[22 - 12 - 04, 10:58 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة المشرفون على ملتقى أهل الحديث
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
فقد إطلعت على الموضوع الخاص بحافظ العصر الشريف سيدي أحمد بن الصديق الغماري رحمه الله تعالى وأحب أن أذكر أمرين:
الأول: آثرت الاشتراك باسمي الصريح آملا أن أبادلكم رأيا برأي وفكرا بفكر بعيدا عن الحذف والإرهاب الفكري والسب والشتم وأن نقف مواقف الرجال في هذا البحث الذي يتعلق بعالم كبير شهد له بعلمه الموافق والمخالف.
الثاني: كثير من الكلام المتعلق بالسيد أحمد بن الصديق فيه تلبيس وعدم فهم يحتاج لبيان فأرجو أن يتسع صدركم لكلماتي ولأنني أخاطب رجالا فأرجو التصريح منكم بالموافقة على هذه المباحثة والتي سيتفيد منها الكثيرون ولا سيما وقد ذكرت في أكثر من موضع.
خذ مثلا الكلمات المنسوبة للسيد أحمد في السيد عبدالحي الكتاني لا يصح نسبتها للسيد أحمد البتة بل نسبتها إليه كذب صريح.
فإن الكلمات المذكورات جاءت في رسالة باسم (كشف الأوهام المسلسلة الواقعة في رسالة الرحمة المرسلة في تصحيح حديث الابتداء بالبسملة) وهذه الرسالة من تصنيف أبي بكر الجراحي وقد قتل في أحداث انقلاب السلال في اليمن كما حدثني بذلك وكتب لي شيخنا السيد عبدالله بن الصديق الغماري رحمة الله عليه. واسم الجراحي مكتوب على الرسالة المذكورة والله أمرنا بالتثبت.
وهكذا يمكن إفادة الباحثين عن الحق والصواب والمطلوب منكم سعة الصدر والدخول في المباحثة.
أخوكم محمود سعيد ممدوح
وإن كنت لست من المشرفين:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وأنا كذلك أرحب بالنقد البناء (إن كان كذلك)!!!
وباديء ذي بدء , وبعيداً عن التعصب , الرجاء شطب كلمة سيدي , واجعلنا نتكلم في صلب الموضوع , فإن كان لديك انتقاد مما نقلناه من كتب حافظك فمرحباً , وإن كان غير ذلك ...............
وكي لا يقال بأني ابتدرتك بأسلوب فيه فضاضة وغلظة , فأنا من الناس الذين يرحبون بمشاركاتك العلمية بعيداً عن أسلوب التعصب والهمجية , فإما أن نلزمك بما نراه صواباً ـ وهو كذلك ونسأل الله أن نموت عليه ـ , وإما أن تلزمنا بما تراه وبما تعتقده.
والله الهادي وهو القادر أن يردك إلى الحق.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الداعي لكم بالهداية / خالد الأنصاري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/38)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[22 - 12 - 04, 11:37 ص]ـ
وذكر في " جؤنته " (ص 62 ـ 63 / فائدة 104) , مانصه:
ـ هل يجوز للولي أن يحي الموتى؟
جوز علماء الكلام كل ما كان معجزة لنبي أن يكون كرامةً لولي , ثم استثنوا من ذلك إحياء الميت , فزعموا أنه لا يجوز أن يوجد من ولي ... والعجب أنّ القشيري ـ وهو من الصوفية ـ وافقهم على ذلك في رسالته!!!
وهو باطل لوجهين:
(أحدهما): أنه لا دليل عليه.
(ثانيهما): أنه ثبت عن جماعة من الأولياء ثبوتاً لا شك فيه , أنهم أحيوا الأموات؛ منهم القطب الجيلاني , والقطب أبوبكر العيدروس ـ دفين عدن ـ , وذلك معروف في ترجمتهما!!!
وقد كان للثاني هرة يحبها ـ وأظن اسمها مرجانة ـ , فضربها خادمه يوماً ضربةً قتلها بها , ثم رماها على مزبلة , فبعد ثلاثة أيام سأله الشيخ عن الهرة؟ فقال له: ماتت ياسيدي!!! فقال له الشيخ: ماتت!!! كالمنكر؛ ثم دعاها: " يا مرجانة " .... فجاءت تسعى إليه , ورجعت إلى ما كانت عليه!!!.
ومات ابن لامرأة , فأقسمت هي أو غيرها عليه في إحيائه , فدعا الله فعاش مدة بعد ذلك , وقال للمقسم: " لا تعد "!!! ـ والقصة أطول من هذا فلتراجع في ترجمته.
وكم لهذا من نظير , فلا تلتفت إلى ما يذكره المتكلمون؛ فهي غلطة تصدر من أولهم فيتابعه عليها باقيهم , بدون تأمل في القول , ولا نظر في الدليل , فإن صدور الخارق على يد العبد ليس هو من فعله ولا قدرته , وإنما هو خلق الله تعالى وقدرته , وإيجاده عند تعلق همة الولي بوجود الشيء , وقدرة الله تعالى تتعلق بكل ممكن , فلا فرق بين أن يقلب له التراب ذهباً , أو يحمله على الهواء فيطير , أو على الماء فيمشي , أو يشفي له المريض , أو يحي له الميت!!!
فكل ذلك بالنظر إلى ذات العبد خارج عن قدرته وكسبه في العادة , وداخل تحت قدرة الله تعالى , فما الذي يجيز الأول على الله تعالى أن يجريه على ولي من أوليائه , ويمنعه أن لا يجري على يده الثاني.
بل جائز عقلاً وشرعاً , وعادة أن يدعوا مطلق المؤمنين الله تعالى بإحياء ميت؛ فيصادف منه تعالى قبولاً وإجابةً فيحييه له.
وما صدور ذلك من الولي إلا من قبيل إجابة الدُّعاء ...
قلت (خالد الأنصاري): هل يعقل أن يصدر ذلك من عقل الحافظ الحجة!!!
الرجاء من الأستاذ (محمود سعيد ممدوح) البيان والتوضيح؟.
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[23 - 12 - 04, 01:22 م]ـ
شكرا للأستاذ محمود سعيد هذا التصحيح، وأنا أبرزتُ المصدر المنقول منه، ونصصت عليه للأمانة العلمية، مع استيضاحي (للفائدة العلمية فقط) عن رد الكتاني المخطوط على الغماري، أليس متعلقا بهذه الرسالة؟
ثم يا أستاذ محمود: هل أفهم أنه لم يكن لديك اعتراض في هذا الموضوع الطويل العريض إلا على هذه الفقرة والحيثية؟ فما موقفك من سواه من النقولات الكثيرة من جؤنة العطار والجواب المفيد؟ وهما بخط أحمد الغماري؟
وأنت تعلم جيدا أستاذ محمود أن للغماري -في كتبه المطبوعة ورسائله الخطية التي لا أظنك تنكرها- سبابا مقذعا في حق كم هائل من العلماء، ولم يسلم منه حتى أشقاؤه -وفيهم من مشايخك بالإجازة- وأشرتُ لذلك في تعقيبي الأخير، دون أن تتعرضَ له بشيء.
ألم يكن من الإنصاف والأمانة الدينية والعلمية أن تذكر في كتابك "مسامرة الصديق" ما للرجل وما عليه، لا الاقتصار على الإطراء والمديح فقط؟
أما بالنسبة لطلبك: فإنني أصرح لك بموافقتي على الحوار والأخذ والرد العلمي، وإني لذلك منتظر ..
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[23 - 12 - 04, 10:12 م]ـ
ذكر في " الجؤنة " (ص 99 ـ لطيفة 159) , ما نصه:
ـ أهمية العضو:
كان محمد عوني التركي نزيل طنجة راكباً في الأطبيس ومعه صديق له فرنسي , فطلع محمد بن الهاشمي الوزاني فجلس جنبهما , فقال عوني للفرنسي: أعرفك بصديقي الوزاني شاعر طنجة وأديبها .... فلم يمض إلا قليل وطلعت امرأة فوجدت العربة عامرة فوقفت بجنب الوزاني , فقال الفرنسي لعوني: كيف تقول عن هذا أنه أديب والمرأة قائمة بجنبه فلم يقم لها ليقعدها في محله؟ فترجم عوني كلامه للوزاني , فقال الوزاني: قل له نحن العرب , لا يقوم منا للنساء إلا عضو واحد!!! فترجم جوابه للفرنسي , فقال: حقاً إنه أديب!!!
ومن هذا القبيل , أن رئيس محكمة الإستئناف كان متهماً الأبنة , فحصل بينه وبين بعض الأعضاء وحشة وتنافر , وكان العضو من مشاهير الأدباء بالمغرب , فقال: يا أيها الأعضاء , إن رئيسكم لم يبغ منكم غير عضو واحد.
قلت (خالد الأنصاري): وزيادة مني في التوضيح , مقصودهم من كلمة العضو هو (العضو الذكري).
- هذه طرف ونوادر الغماري.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[23 - 12 - 04, 10:27 م]ـ
ذكر في " جؤنته " أيضاً (ص 99 ـ لطيفة 160) , ما نصه:
ـ بس ... إياك أن تكبر:
حدثني الأستاذ محمد بن عبدالسلام القباني , قال: كنت كاتباً بمشيخة الأزهر أيام مشيخة شيخ الإسلام الشيخ سليم البشري , فدخل عليه يوماً طالب صغير يريد الإنتساب إلى الأزهر , فقال له الشيخ: " ما اسمك "؟ قال: الزبير .... فقال له: " حسن , إياك أن تكبر "!!!
قال: فاستغربنا للنكتة من الشيخ مع جلالته وعلمه!!!
قلت (الأنصاري): وزيادة في التوضيح أيضاً , فإن أهل مصر يسمون العضو الذكري (زبر) , والولد إسمه (الزبير) ـ بالتصغير ـ.
وأظن بأن هذه القصة إنما هي كذب وتلفيق , فلو قالها شيخ الجامع الأزهر لذهبت هيبته!!! أَوَ يَقُولُها أيضاً أمام جمع من الناس وطلبته؟ أم تراه نسي بأن هذا الإسم هو لأحد المبشرين بالجنة؟.
ومنها تعلم أخي المنصف بأن الغماري يكتب أي شيء حتى القبيح والرذيل , كما هو مبين أمامك , ومما سنذكره قريباً إن شاء الله تعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/39)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[25 - 12 - 04, 04:42 ص]ـ
وذكر في " الجؤنة " (ص101 ـ 103 / لطيفة 163) , ما نصه:
ـ من أخبار المجذوب سيدي مزور وغيره:
كنت متشوقاً كثيراً لمعرفة نسب الشيخ محمد بن مسعود الفاسي ـ نزيل مكة ودفينها ـ , وهو شيخ الطريقة الشاذلية الفاسية , اشتهر بمصر , والحجاز , واليمن , والهند , وكنت أحب أن أعرف من أي البيوت هو من بيوتات فاس , لأن بعض المشارقة يدعي أنه شريف ويميل بعض أولاده إلى ذلك , ولكنهم لا يجزمون به , فوقع إلي كتاب ألفه تلميذه الشيخ السندي , فقرأته فإذا هو لم يعرج على شيء من ذلك؛ وكان ابن حفيده وهو الشيخ محمد بن إبراهيم بن شمس الدين ابن الشيخ المذكور، أيام إقامتي بالقاهرة يتردد إلينا كثيراً ولنا به اتصال وثيق.
ثم تعرفنا إلى بعض المجاذيب المولهين وهو سيدي الحسن مزر الفاسي الأصل ـ وهو شريف وإنما والدته مزورية فنسب إليها ـ , فكان هذا المجذوب يتردد إلينا فيجد عندنا الفاسي المذكور فلا يخاطبه إلا بالشيخ محمد بناني , فكنا نضحك من ذلك ولا نعرف إشارته حتى اجتمعت بعد ذلك بأزيد من عشرة أعوام ببعض النسابين من أهل فاس وذوي الخبرة التامة ببيوتهم , فذكر لي أن الشيخ محمد بن مسعود الفاسي من بيت البناني؛ فتذكرت عندئذ قول الشريف المجذوب وعلمت أن ذلك من صدق كشفه , مع أنه كان مولهاً لايميز بين الأشياء , وكان يطلب مني قميصاً , وكان لا يلبس غيره صيفاً وشتاءً , ورأسه مكشوف , ورجلاه حافيتان , فإذا أعطيته صباحاً يرجع إليّ مساءً وقد شقه من أعلاه إلى أسفله وعورته مكشوفة , فيعود لطلب آخر فأعطيه , فربما قعد معنا فحصل له حال فشقه أيضاً.
ومن كشفه الصريح أن الناس كانوا يمزحون معه ويطلبون منه أن ينظر لهم , فيأخذ منديل الرجل الذي يمتخط فيه فينظر فيه قليلاً ثم يقول: يقع لك كذا وكذا ـ فلا يخطيء!!! ـ.
وفي يوم جاء لزيارتنا على العادة , فأرسلت امرأة جارة لنا منديلها إليه ـ وكان ذلك بعد المغرب ـ , وطلبت أن ينظر لها , فلما أخذ المنديل , قال للصبية التي جاءته به: قل لها عندكم ميت في البيت , وبعد ذلك دخل علينا جار لنا ولها من العلماء ـ وهو الشيخ عبدالسلام عبدالخالق ـ , فقال لنا: إن المرأة قالت له ماقاله المجذوب وطلبت منه أن يذهب صباحاً إلى المستشفى ليعود قريباً لها في المستشفى خافت أن يموت لما سمعته من قول المجذوب؛ فلم يمض على ذلك إلا بضع ساعات حتى سمعنا الصياح في منتصف الليل ببيت المرأة , فقمنا نسأل فإذا هي قد ماتت فجأة!!!
ومن ذلك أنه أرسل إليّ يوماً مع صديق لي بعد المغرب فقال ذلك الصديق: قابلت سيدي الحسن مزور الآن بشارع الأزهر , فقال لي: سلم على فلان وأخبره أنه بقي من عمره ست ساعات!!!
فلم نفهم إشارته وضننا أنه يشير إلى أمر غير مفهوم , فما أصبحنا حتى جاءنا الخبر بموته!!! وكانت له جنازة عجيبة حضرها جمع كبير من المجاذيب؛ منهم من يعرف ومنهم من لا يعرف أين مكانه ولا من أخبره!!!.
ومن طرفه أنه كان يذكر أنه يشرب من الخمرالنوع المسمى بالزبيب , وكان الشيخ عبدالسلام المذكور يمزح معه كثيراً , فقال له يوماً: أحب أن أشرب معك كأساً من الزبيب يا سيدي الحسن ... فانتهره , وقال له: اتق الله تر عجباً , فقال له: وكيف لا تتقيه أنت؟ فقال له: أنا أشربه لأن الحساب يكثر علي فأستعين به , وأنت لا حساب لك , ولا تعب عليك.
ومثل هذا , ماحدثني به بعض الأصدقاء عن مجذوب كان بقريتهم , وكان إذا توضأ يعكس الوضوء فيقدم رجليه على يديه , وكان الرجل لفرط اعتقاده أراد يوماً أن يتوضأ مثل وضوءه , فقال له المجذوب: أنت لا مثلي , بل توضأ كما يتوضأ تجكّان ـ يعنى الأشرافأبناء عمنا ـ.
قلت (الأنصاري) , وهذا مثال سيء آخر عن الغماري يدلك على أنه لم يأمر بالمعروف يوماً ولم ينه عن المنكر , يجالس شاربي الخمر وينظر إلى العورات ـ ثم يسترها زاعماً ـ , ويفخر بمتدع ضال يبدأ وضوءه بغسل رجليه؟! بل ويأنس ويستأنس مع أصحابه بهذه القصص. بل ماذا سيقول مريدوه عنه ,,,,,,, وهل لهم تبريرات لأفعال شيخ مشايخهم , بل هل بقي لهم من ماء وجوههم شيئاً؟
إلى الله المشتكى.(29/40)
صواعق وبروق في التنبيه على مخالفات أحمد بن الصديق الغماري
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[05 - 12 - 04, 04:24 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ناصر السنة , وقامع البدعة , مزيل الغمة عن هذه الأمة , بإبادة أهل البدعة.
والصلاة والسلام على من بعثه الله بالخير للبشر , فدلهم عليه , وأمرهم بالصلاة والزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وقال: (و ما هي إلا ذكرى للبشر) , محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
نظراً لما أشار علي به الأخ الشيخ الفاضل عبدالرحمن الفقيه حفظه الله تعالى , من أن أفرد وأحشر موضوع المدعو (أحمد الغماري) في إحدى زوايا الملتقى , رأيت من الأفضل الإستجابة لطلبته وتحقيق رغبته , مع أمل ورجاء من الإخوة الأفاضل بأن يشاركوننا بإبداء آرائهم وتعقباتهم , إذ أن كل بني آدم خطاء.
فأقول , وبالله التوفيق:
- ذكر في 1 / ص 207 من " المداوي " , مانصه:
قلت: وهذا الرجل _ يعني عبدالسلام بن صالح الهروي _ ممن ظلمه أهل الجرح والتعديل لأجل تشيعه لأهل البيت , وقد وثقه أهل التحقيق منهم , كما بينته في " فتح الملك العلي " ..... إلخ.
قلت (خالد الأنصاري): وقد ذكرت كلامه هذا نقلاً من " فتح الملك العلي " في الموضوع السابق على أمالي الغماري , فراجعه إن شئت.
- وذكر في 1 / ص 250 - 251 من " المداوي " , ما نصه:
هذه غلطة شنيعة من الشارح وغفلة عظيمة راج عليه معها نصب الذهبي , فهل أنت يا مناوي مجنون تعلل الحديث بجعفر الصادق أحد كبار الأئمة وسادات الأمة وبحور العلم والمعرفة من آل البيت الأطهار؟! وتجعله في مصاف الضعفاء والمتروكين الذين يردُّ بهم الحديث.
وقال أيضاً: وهو صادق _ يعني الذهبي _ في هذا ولكنه كذاب في قصده , بل غرضه الأكيد هو جلب الطعن فيه من إخوانه النواصب , وإدراج هذا الإمام _ يعني جعفر الصادق _ في دفتر الضعفاء والمتروكين , فإنه ذكر فيه أيضاً جميع الأئمة المشاهير المتبوعين من سادات أهل البيت رضي الله عنهم ............ إلخ.
- وذكر في 1 / ص 530 من " المداوي " , مانصه:
قلت: في هذا أمور , الأول: أن محمد بن الحسين السلمي هو الإمام أبوعبدالرحمن السلمي الصوفي المشهور , صاحب " الطبقات " و " الأربعين " و " حقائق التفسير " , وغيرها.
وهو ثقة تكلم فيه بلا حجة , كما هي عادة أهل الحديث مع أمثاله من الصوفية , فيعاب على الشارح تعليل الحديث به لاسيما وهو من العارفين بقدر الرجل ومنزلته وجلالته.
- وذكر في 1 / ص 563 , ما نصه:
والذهبي إنما أورده لما قيل فيه من التشيع , وهو لا يترك شيعياً إلا أورده في الضعفاء.
- وذكر في 1 / ص 627 - 628 , مانصه:
قلت: تعليل الحديث بأبي عبدالرحمن السلمي من جهل الشارح , بل من قلة حيائه , لأنه يدعي التصوف وإجلال الصوفية , ومن يجهل قدر أبي عبدالرحمن السلمي ويقبل قول الخطيب فيه فلم يشم للتصوف رائحة ولا قرب من ساحة ميدان الحديث , والذهبي على بغضه للصوفية وتعنته عليهم قد أورده في " تذكرة الحفاظ " وامتدحه وأطراه , وتكلم فيه من أجل مالم يفهمه من تصوفه , ونقل كلام من تكلم فيه كما هو الشأن في كتب الرجال , فقال في " التذكرة ": أبوعبدالرحمن السلمي الحافظ العالم الزاهد شيخ المشايخ محمد بن الحسين بن محمد بن موسى النيسابوري الصوفي الأزدي الأب السلمي الأم , سمع خلقاً كثيراً , وكتب العالي والنازل , وصنف وجمع , وسارت بتصانيفه الركبان , حمل عنه القشيري والبيهقي وأبوصالح المؤذن وخلق سواهم , إلا أنه ضعيف , قال الخطيب: محله كبير , وكان مع ذلك صاحب حديث مجوداً , جمع شيوخاً وتراجم وأبواب , وله دويرة للصوفية , وعمل سنناً وتفسيراً وتاريخاً.
قال الذهبي: ألف " حقائق التفسير " فأتى فيه بمصائب وتأويلات الباطنية , نسأل الله العافية.
قلت _ الغماري _: فهذا منشأ حط الذهبي وأمثاله عل أبي عبدالرحمن السلمي رحمه الله وأمثاله , فإنهم لم يفهموا مقاصد القوم , ولا سلكوا مناهجهم , فوجهوا إليهم سهام الطعن ورشقوهم بنبال الانتقاد , والله يجازي كلاً على قدر نيته.
قلت (خالد الأنصاري): وفي ذلك كله؛ أقول: لا تعليق.
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى
[#حرره المشرف#]
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[06 - 12 - 04, 05:23 ص]ـ
بارك الله فيكم وأعانكم وجزاكم الله خيرا
ولعل الله أن ييسر ذكر بعض الأمور فيما بعد بإذن الله تعالى.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[06 - 12 - 04, 06:36 ص]ـ
شيخنا الحبيب خالد الأنصاري
بارك الله فيك
ـ[باز11]ــــــــ[06 - 12 - 04, 08:19 ص]ـ
الأخ الحبيب صاحب الصواعق السلفي حقا وصدقا.
أخوك ابن باز يسأل هل كتاب (إيضاح المحج في الرد على صاحب طنجه) لشيخنا حمود التويجري رحمه الله هل اطلعتم عليه وأنا في حاجة ماسة إليه فأين خبره عندكم.
وهل تعرفون رأي شبخنا ابن باز رحمه الله في أحمد الغماري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/41)
ـ[الفهم الصحيح.]ــــــــ[06 - 12 - 04, 11:14 ص]ـ
- أخي خالد الأنصاري – حفظك الله –
بارك الله فيك على هذه الغيرة الحميدة، على العقيدة الصحيحة والمنهج السوي. وشكرا لك على انتصارك القوي للحديث وأهله.
ولكن - أخي – لو ذهبت تتبع أخطاء أحمد الغماري هكذا بدون منهج محدد ستتعب بذلك - ولا شك – ومن الممكن أن تنقطع سراعا، فنحرم من فوائدك.
فما رأيك - أخي – لو قسمت أخطاءه حسب المواضيع، ثم تذكر على كل موضوع بعض الأمثلة ويكفي من القلادة ما أحاط بالجيد، فتعنون - مثلا – موضوعا لأخطائه العقدية، ثم تفصل: أخطاؤه في باب توحيد الألوهية ... أخطاؤه في باب الأسماء والصفات ... وهكذا حسب تقسيم كتب عقيدة أهل الحديث، ثم تتابع ذكر أخطائه في كل أبواب العلم، ويكفي في كل ذلك ذكر المثالين والثلاثة، فإن أردفت ذلك برد مجمل– مراعاة لمن لا يعرف رد باطله – فحسن، أما تفصيل الرد فما أرى الوقت يسمح به، لكثرة أخطاء الغماري – رحمه الله الآن فقد أفضى إلى ما قدم -.
هذا ومن الممكن أن تقوم بهذا المنهج حتى من خلال كتابه المشار إليه (المداوي) فما أظنه يخلو من طامات في كل أبواب العلم، مع الحرص على بيان أخطائه الحديثية هنا لشدة تعلقها بهذا الملتقى المبارك.
ثم إن آراء الرجل وفكره يحتاج إلى دراسة نقدية موسعة، تبين مواقع الخلل فيها، وتدحض باطله الذي نشره على الناس، ويحاول بعضهم اليوم إحياءه من جديد بعد أن بدأ الفكر الصوفي يغزو الأمة من جديد، والرجل من العمد التي يرجعون إليها في هذا المجال.
وقد كان الشيخ على الحلبي – حفظه الله – قد بدأ مشروعا بهذا الخصوص منذ مدة، فلا أدري ما فعل الله به، يشمل النظر في آثار أحمد بن الصديق وبقية إخوته ممن حاد عن سواء السبيل.
والرجل – رحمه الله – على سعة إطلاعه العلمي، وتوسع معرفته بالعلوم الشرعية خاصة، ثم مع قوة دعوته للاجتهاد وطرح التقليد حتى غالى في ذلك = وقع في أخطاء وطامات يستغرب كثير من الناس وقوعه فيها، وهو أمر يدعو للسؤال حقا، وإلى دراسة لشخصية الرجل من نوع آخر. خصوصا أن هذا الأمر قد وقع فيه جماعة قبله وبعده ممن يشار إليهم بالعلم وسعة المعرفة، فهل لأحد من إخواننا تفسير لهذا؟ والتوفيق من عند الله الكريم المتعال.
ولا يفوتني هنا – من باب الإنصاف!! – أن أذكر أن للرجل بحوثا واجتهادات في منتهى الدقة العلمية، ودعوة قوية لطرح التعصب والتقليد الذي أضر بالأمة الإسلامية على مدار القرون السالفة، حتى وصل إلى حد الإسراف في ذلك كما سبق وأن أشرت.
وختاما - أخي - إذا أخذ الموضوع طابع الإستمرارية فلعي أعينك في شيء منه، وليس هذا وعدا ملزما. فتنبه.
ثم حبذا لو كان: أن تغير عنوان الموضوع حتى يكون دالا على محتواه، فتتحصل على ما ترجوه وتتمناه.
ـ[عصام البشير]ــــــــ[06 - 12 - 04, 11:53 ص]ـ
الأخ خالد جزاكم الله خيرا
وفي نظري القاصر أن كتابه المداوي من أقل كتبه باطلا، وذلك لكثرة انشغاله فيه بالمباحث الحديثية، على أنه لم يخل من باطل كثير.
والذي أعتقده أن شخصية الغماري تظهر على الخصوص في كتابه (جؤنة العطار)، ففيه خلاصة مذهبه في العقائد، والفقه، وتصنيف أهل العلم.
ففي الجؤنة عجائب في الطعن في الأئمة، وفيه غير ذلك من السخف والهذر الشيء الكثير.
والله أعلم.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[06 - 12 - 04, 03:19 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
أمابعد:
فأشكر الإخوة الأفاضل على مشاركاتهم ,
وأقول للأخ الشيخ عبدالرحمن والشيخ ابن وهب: وبورك فيكم , وأنا بانتظار مشاركاتكم.
==================
وأما عن الأخ الشيخ باز11 , فأقول:
لا لم أطلع على كتاب شيخنا العلامة حمود التويجري رحمه الله تعالى , هذا مع العلم بأني كنت على صلة وثيقة بأبناءه وكنت أزورهم على حياة الشيخ في مسكنهم القديم الكائن في حي الشفا بالرياض , ولكني لم أسمع بهذا الكتاب مطلقاً , فلعل الله ييسر الحصول على نسخة منه , إنه ولي ذلك.
==================
وأما عن الأخ الشيخ (الفهم الصحيح) , فأشكر له ملاحظاته وتوجيهاته القيمة _ وقد فرحت بها _ , ولكن في رأي أخيك القاصر أرى أن أذكر آراءه هكذا هملاً من دون ترتيب أوتعقيب؛ إذ أني لو قمت بترتيبها أو التعقيب عليها لطال بنا المقام ولاحتجت لشهور لا أيام , ولكن محل ذلك في مؤلف قد عزمت على إخراجه بإذن الله تعالى , خصوصاً واني قد ألزمت نفسي منذ البداية بحشر مقالات وآراء هذا (الغم ... اري) في زاوية من زوايا الملتقى.
وأنا حقيقة بانتظار مشاركتك المثمرة إن شاء الله تعالى.
==================
وأما عن أخينا الشيخ عصام البشير حفظه الله , فأشكر له مداخلته , وأقول: من المعلوم أن المداوي قد هُذِب على يد أخيه عبدالله؟!
ولولا تهذيبه لوجدنا به طامات وبلايا_ نسأل الله العفو والعافية _؛ هذا مع تهذيب عبدالله؟!!
وأما عن " الجؤنة " فقد حصلت عليها مؤخراً بخط شيخنا العلامة أبي خبزة التطواني حفظه الله تعالى , وأنا بصدد قراءتها واستخراج ما فيها إنشاء الله تعالى.
وأنا بانتظار مشاركتك وفوائدك النافعة.
==================
وأخيراً , أسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم , وأن يسدد خطانا جميعاً لما فيه خير وصلاح بمنه وكرمه.
أخوكم المحب / خالد الأنصاري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/42)
ـ[الفهم الصحيح.]ــــــــ[06 - 12 - 04, 11:31 م]ـ
أخي خالد الأنصاري - حفظك الله -:
المنهجية العلمية أقوى عدة لطالب العلم، بهذا المعنى رأيتهم يتكلمون، فأنا محب لهم ولست منهم، ومجاور لهم ومخالط، ولست من أفرادهم. وقد نصحت لك، وقد تأكد نصحي بعد أن علمت أنك ستجمع كتابا، فاجعل لبه مرتبا في هذه المشاركات، تستغن عن إعادة تنسيقه فيما بعد، والرأي لك، ولعل المجرب من إخواننا يفيدك بأكثر من هذا.
أما مشاركتي فما أظنها مثمرة، ولكن لا أخيب ظنك، فهل اطلعت على الكتاب الذي جمعه الفاضل: مصطفى اليوسفي، (تنبيه القاري إلى فضائح أحمد بن الصديق الغماري) إن رأيته فهو مهم، وإلاّ فابحث عنه تجده – إن شاء الله -.
وكتاب الشيخ على حسن – ذكره الله بخير – فاسمه (التنكيل بما في كتب الغماريين من الضلالات والأباطيل) من المؤكد أن الشيخ لم يتمه، فقد شغل عنه بأمور عظام. وله رسالة أخرى في الرد على أحد الغماريين لعل اسمها (كشف المتواري) هي صغيرة الحجم. وهناك غير هذا مما أظنه لا يخفى عليك.
ـ[باز11]ــــــــ[08 - 12 - 04, 07:25 ص]ـ
تعلمت من شيخنا الوالد ابن باز رحمه الله الإنصاف وكان يأتيه العلماء من كل مكان فيقابلهم ويحسن إليهم مع تباينهم له في العقيدة ولكنه كان واسع الصدر يستوعب المخالف ويبين لنا عيوبه ومحاسنه.
وهذا هو سبيل أهل السنة والجماعة يذكرون ما لهم وما عليهم أما التشنيع وذكر العيوب فقط فأخوكم لايحب ذلك لكم.
جلست مرات مع الشيخ الفاضل بوخبزة التطواني وكنت حريصا على معرفة أخبار الغماريين فأوقفني على المحاسن والعيوب معا باعتباره تلميذا وصهرا لهم.
نحن المسلمون الآن في معارك ضارية مع أعداء الأمة الإسلامية وهذا الموقع الذي حمل اسما نحبه جميعا (ملتقى أهل الحديث) أحب أن يسير مع مبادىء أهل الحديث في حسن الخلق وإنصاف المخالف.
فعقيدة أحمد بن الصديق وصوفيته لا تخفى على صغار الطلبة ولكن الرجل كان عالما مطلعا، وهذا شيخنا الفاضل بكر أبو زيد يذكر ابن الصديق بالعلم والمعرفة والإطلاع وكثرة المصنفات، وقد حدثني أن ابن الصديق كان صادقا مع نفسه فإنه لما ترك التقليد تركه في أعماله الحديثية بدليل أنه لما أراد أن يخرج أحاديث الأحكام خرج أحاديث (بداية المجتهد لابن رشد) وابتعد عن الفقه المذهبي تماما، وحدثني أنه لم يكن راضيا على تخريج أحاديث الفقه المالكي يعني كتابه (مسالك الدلاله على أدلة متن الرسالة) وطلب من تلاميذه الرد عليه.
وهذا هو الإنصاف من شيوخنا الأجلاء أحب أن نظهر بصوره تليق بأهل الحديث اطلاعا وأخلاقا.
[#حرره المشرف#] ولا أقول يعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه، ونعمل فيما اتفقنا عليه. لا أقول ذلك، ولكن في نفس الوقت لا أتعرض لفلان وغيره بسبب الخلاف في الإعتقاد.
وفي نفس الوقت لا نمنع المناقشة العلمية الهادئة التي يستفيد منها كافة الأطراف وبهذا نظهر بصورة أهل الحديث المشرقة، ونكون شامة بين الناس، ونكتب مالنا وما علينا.
وهذه الكلمات كتبتها دفاعا عن السلفية ودفاعا عن اأهل الحديث وليس دفاعا عن أحمد بن الصديق أو غيره فنحن نعرف كتبه ولا نريد أن نبادل الخطأ بالخطأ، ولكن نبادل الخطأ بالبحث العلمي المفيد لأمتنا الإسلامية المسكينة التي تعيش لحظات صعبة وتقع في منحنى عنيف نسأل الله عزوجل أن تخرج منه على خير.
أكتب هذه الكلمات ولا يغيب عني أن من كتب أحمد بن الصديق: (إحياء المقبور) و (قطع العروق الوردية) وغيرهما، ورحم الله إنصاف مشايخنا ابن باز، وحمود التويجري، وبكر أبو زيد وأمثالهم.
ـ[الفهم الصحيح.]ــــــــ[10 - 12 - 04, 08:27 م]ـ
أحسنت أخي عصام البشير (ابتسامة محبة) فقد ترددت عدة مرات في كتابة هذا المعنى.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[11 - 12 - 04, 03:52 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بالنسبة لما ذكره الأخ باز 11 جزاه الله خيراً نقلاً عن سيرة سماحة الإمام الوالد شيخ الإسلام ابن باز رحمه الله تعالى فهو صحيح.
إلا أن هناك تعقب , فأقول:
ما علمت عن شيخنا رحمه الله تعالى أنه يوماً وقّر صاحب بدعة , أو ترحم على رافضي , أو صلى على داعية للقول بوحدة الوجود ....... هذا من وجه.
والأمر الآخر أني لم أنكر يوماً علم أحمد الغماري , والذي لمسته من خلال قراآتي لكتبه ومنهجيته في طرح مسائل العلم وتعقباته المفيدة على الأحاديث؛ إلا أنّ هذا كله لا يشفع له سبه للصحابة بل لعنه وتكفيره لبعضهم.
فالصحابة رضوان الله عليهم أحب إلينا من ابن باز , وابن باز أحب إلينا من الغماري وأشباهه ـ وإن كان الفرق واضحاً ما بين الاثنين ـ:فالأول: إمام أهل السنة والجماعة.
والآخر: إمام أهل البدعة ووحدة الوجود.فهل هناك من مقارنة ,,,, أظن بأن الجواب واضح ...........
ولا نلتمس العذر لهؤلاء , ولا نقول كما قالت الفرق الضالة حين سؤالهم عند العرض على الله تعالى: {إنْ أردنا إلا إحساناً وتوفيقاً} , فهذا ليس بعذر؛ بل إنه أقبح من الذنب؟؟؟
وهل انحطاط الأمة وضعفها إلا بسبب هؤلاء.
فالتنبيه على بدع هؤلاء القوم وبيان انحطاطهم من الأمور الواجبة على كل مسلم غيور يحب الله ورسوله , والتاريخ يشهد بذلك.
قال الله تعالى: {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدُّنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألدُّ الخصام - وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد}.
أخوكم / خالد الأنصاري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/43)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[11 - 12 - 04, 04:46 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وعود إلى بدء فأقول:
- ذكر الغماري في " الأجوبة الصارفة " (ص 56) , ما نصه:
فقد ظهر في أواخر القرن الثاني عشر في جزيرة العرب قرن الشيطان النجدي , ونشر مذهبه الخارجي , وكفر المسلمين , وعاث في الأرض فساداً , ونهب وسفك الدم الحرام , وهتك حرمات الحرمين الشريفين , إلى أن كان تطهيرها منه على يد العجم حكام مصر الأتراك , ثم أعادوا الكرة في هذه المائة وعاثوا فساداً , وسفكوا الدماء , وأهانوا الحرمين الشريفين , وملؤوها فسقاً وفجوراً كما هو معروف من سيرتهم , ولا يزالون بالحجاز ـ طهره الله منهم ـ.
وقد ذكر محقق الكتاب ـ (عدنان زُهّار) في الحاشية , مانصه:
قد كان حصل هذا على أيدي الوهابية , وهذا الذي ذكره المؤلف رحمه الله بعض من كثر أنواع الفساد الذي جاهد له بعض دعاة السلفية في بلاد الحجاز , ولسنا نتهم بالخيانة والإفساد .. محمد بن عبد الوهاب لأننا نعتقد أنه ممن كذب عليه ونسب إليه مالم يقل وما لم يفعل , وإن كنا نرى أنه ممن أفرط في حركته الإصلاحية بهدم قبور أضرحة الصحابة والتابعين وأولياء هذه الأمة.
- وذكر الغماري أيضاً في " الزواجر المقلقة " (ص 55) , ما نصه:
أما بعد , فإن بعض الجهلة البلداء ممن ينتمي إلى مذهب القرنيين الخوارج ....... إلخ
وقد ذكر محقق الكتاب وهو أيضاً (عدنان زُهّار) في الحاشية , مانصه:
عادة ما كان المؤلف ينعت بعض خصومه بالقرنيين والخوارج , إشارة بالأولى إلى حديث ابن عمر قال: " استند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلى حجرة عائشة فقال: " إن الفتنة هاهنا , إن الفتنة هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان " وزاد بعضهم: وهو مستقبل المشرق , وفي رواية , قال الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا , قالوا وفي نجد , قال منها يطلع قرن الشيطان " , وغيرها من الأحاديث , وكان يرى أن محمد بن عبدالوهاب النجدي ومن تبعه هو المقصود بقرن الشيطان , فسماهم قرنيين , وأشار بالخوارج إلى كون هؤلاء من أكثر الناس استباحة لتكفير المسلمين بأدنى ذنب أو حتى شبهة , وهو ما عرف عن الخوارج الذين كفروا حتى علياً عليه السلام , ومذهب القرنيين لا زال إلى اليوم يحكم على أغلب الأمة بالكفر والفسق والشرك , وأخفهم حكماً من يبدع السواد الأعظم من المسلمين , والله حسبنا ونعم الوكيل.
قلت: أما الغماري فقد أفضى إلى بارئه وهو يتولاه بما هو أهله.
وأما هذا الزهار فهو ما زال بين أظهرنا , فإني أدعوا الله عليه أن تصيبه إحدى الدعوتين:
ـ أما الأولى: فإني أسأل الله تعالى له الهداية , وأن يتوب مما قال.
ـ وأما الثانية , هذا إن لم تصبه الأولى واستمر على كتابة مايكنه صدره من حقد على أصحاب هذه الدعوة المباركة , أدعو عليه بأن يشلّ الله لسانه ويده ويجعله عبرة لمن لا يعتبر , ولي في هذا الأمر سلف.
ولا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[13 - 12 - 04, 02:36 م]ـ
ذكر في " الأجوبة الصارفة " (ص 43 ـ 46) , مانصه:
وقيل إنهم الصوفية , قال المناوي في " فيض القدير " 6/ 395: وزعمت المتصوفة أن الإشارة إليهم لأنهم لزموا الأتباع بالأحوال , وأغناهم الاتباع عن الإبتداع.هـ.
ويؤيد هذا أن الصوفية هم أشد الناس اتباعاً لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وعملاً بما كان عليه هو وأصحابه والسلف الصالح , فهم الظاهرون على الحق والقائمون به على الحقيقة , ويشهد له ما قال الحسن ابن سفيان: حدثنا عبدالوهاب بن الضحاك ,ثنا ابن عياش , ثنا صفوان بن عمرو , عن خالد بن معدان , عن حذيفة بن اليمان , قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: [يا حذيفة , إن في كل طائفة من أمتي قوماً شعثاً غبراً إياي يريدون , وإياي يتبعون , وكتاب الله يقيمون , أولئك مني , وأنا منهم , وإن لم يروني]. ورواه أيضاً أبونعيم في " الحلية " 1/ 40 من هذا الوجه.
إلى آخر كلامه وهو طويل جداً.
قلت: وقال في موضع آخر من نفس الكتاب (ص 61) , ما نصه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/44)
وأما من قال المراد بهم الصوفية فقوله باطل من جهة , وإن كان حقاً من أخرى , لأن لفظ الصوفية عام يشمل الصوفية على الحقيقة , والصوفية المتشبهة بهم والكذابين المدعين , بل الزنادقة الملحدين الذين بتصوفهم الكاذب مرقوا من كل الأديان , وحتى من الإنسانية وصاروا حيوانات لا دينية , وما كان كذلك فلا يصح أن يريدهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , ويخبر أنهم لا يزالون على الحق إلى قيام الساعة , وفيهم الزنادقة والملاحدة والكذابون الذين ليس منهم في الواقع , مع عدم وجود ما يميزهم ويفرق بين أهل الصدق والكذب منهم.
فإن قيل: الأولياء والأبدال لا يجوز أن يكون فيهم زنادقة ملاحدة , قلنا: نعم , هم داخلون في الطائفة التي أخبر بها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كما سأذكره , ولكن القائل لم يقل الأبدال , وإنما قال الصوفية , ثم إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أخبر عن الطائفة أنها لا تزال ظاهرة على الحق , والأبدال قد يكون منهم الظاهر بالحق , وأكثرهم مستتر به مستتر في نفسه , مختف بين الناس لا يعرفه إلا القليل ممن أراد الله به خيراً , وأكرمه بمعرفة أوليائه.
وقال في (ص 54) من نفس الكتاب بعد أن نفى كون أهل الشام هم الطائفة المنصورة , ما نصه:
وكل هذا لاأصل له , إنما هو من مفتريات الكذابين الدعاة إلى بني أمية ومعاوية ودولته ...
وقال (ص 63) , ما نصه:
وليس المحدثون , وأهل السنة والجماعة إلا العلماء , وإن كان ضرر المحدثين أقل بالنسبة للعلماء , بل من كان محدثاً صرفاً لا يشمله اسم العلم في عرفهم , كان معلوم الضرر بالنسبة إلى الدين والإحداث فيه , لكنه مع ذلك غير قائم بالحق الذي أراده النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مادام مشاركاً للعلماء في بعض أوصاف الإبتداع والمحاربة للدين , فهم من هذه الناحية حرموا أن يكونوا من الطائفة , وإن كانت الطائفة لا تكون إلا منهم ومن أهل السنة والجماعة على الحقيقة لا على الدعاوى الباطلة , فما من فرقة مبتدعة إلا وتدعي أنها أهل الحق وأهل السنة والجماعة:
كل يدعي وصلاً بليلى وليلى لا تقر لهم بذاك
نعم , الطائفة هم العلماء المحدثون الصوفية أهل السنة والجماعة , ولكن من هم العلماء المحدثون الصوفية أهل السنة والجماعة؟ هذا ما يجب تحقيقه وتحريره , فإذا تحقق وتحرر فهم الطائفة التي عنى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وقال في (ص 54 ـ 55) , ما نصه:
فهذا ما وقفت عليه من الأقوال في تعيين الطائفة وهو أحد عشر قولاً , بعضها متداخل لافرق بينه وبين غيره إلا ببعض الإعتبارات والتغييرات الطارئة على موضوعاتها , كالعلماء والمحدثين والمجتهدين والصوفية , فإنهم في الحقيقة واحد.
فالعالم هو المحدث المجتهد الصوفي , والمحدث هو العالم المجتهد الصوفي , والمجتهد هو العالم المحدث الصوفي , والصوفي هو العالم المحدث المجتهد , وكل من أخل بوصف من هذه الأوصاف فقد أخل بالجميع على الحقيقة.
فالأربعة قول واحد وطائفة واحدة عند أهل العلم والمعرفة ..... إلخ.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[15 - 12 - 04, 03:55 م]ـ
- ذكر في " الجؤنة " (ص 2 ـ طريفة 2) , مانصه:
- دليل على شرب معاوية للخمر:
قال أحمد في " مسنده ": حدثنا زيد بن الحُباب , حدثني حسين , ثنا عبدالله بن بريدة , قال:
دخلت أنا وأبي على معاوية فأجلسنا على الفرش ثم أتينا بالطعام فأكلنا , ثم أتينا بالشراب؛ فشرب معاوية , ثم ناول أبي , ثم قال: ما شربته منذ حرّمه رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
قلت ـ الغماري ـ: في هذا دليل على أن معاوية كان يشرب الخمر , لأنه من بيت كان يشربه في الجاهلية , فقد كان والده أبوسفيان شريباً للخمر , وأخباره في ذلك كثيرة .. وقوله ما شربته منذ حرمه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تعليل مكشوف , فإنه إذا لم يستطع الصبر عنه حتى بمحضر الناس الذين يستتر منهم خوف الفضيحة والعار وإشاعته بين الناس , فكيف يتركه قبل ذلك؟
ولا يخفى ما في قوله منذ حرمه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من النكتة التي يعرض بها؛ إذ لم يقل منذ حرمه الله تعالى.
قلت: لم يذكر الغماري تتمة الأثر , وهو في " المسند " 5: 347 ,:
قال معاوية: كنت أجمل شباب قريش , وأجوده ثغراً , وما شيء كنت أجد له لذة , كما كنت أجده وأنا شاب غير اللبن , أو إنسان حسن الحديث يحدثني.
والأثر إسناده لا بأس به , تفرد به زيد بن الحباب , عن حسين المروزي.
وزيد بن الحباب وثقه ابن معين وابن المديني والعجلي وفي رواية عن الإمام أحمد , وقال عنه في رواية أخرى (كثير الخطأ) , وقال أبوحاتم (صدوق صالح) , وقال ابن معين في رواية أخرى (كان يقلب حديث الثوري , ولم يكن به بأس).
وقال الحافظ في " التقريب " (ترجمة 2124): (صدوق يخطيء في حديث الثوري).
ولم أجد له متابعاً.
قلت: وفي هذا كله أيضاً أقول لا تعليق!!!!!!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/45)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[15 - 12 - 04, 04:24 م]ـ
وذكر أيضاً في " الجؤنة " (ص 9 _ لطيفة 8) , ما نصه:
- حالة معاوية في قبره:
لما ملك بنو العباس كانوا يحفرون قبور بني أمية , ويخرجون منها عظامهم وأجسامهم فيحرقونها؛ فحفروا قبر معاوية فلم يجدوا فيه إلا خيطاً أسود كالهباء , وما ظهر أحد من أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ورضي عنهم , من قبره إلا وجد كما هو يوم مات , بل وكذلك الصالحون من أمة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلى وقتنا هذا , فإن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء كما في الحديث الصحيح ولا ورثتهم من العلماء العاملين , وهم العلماء بالله والعارفون بجلاله وإن كانوا أميين لا يقرأون ولا يكتبون , كما أن الفجرة خلفاء إبليس ولو جمعوا علم الأولين والآخرين.
قلت: لا تعليق.
ـ[عصام البشير]ــــــــ[15 - 12 - 04, 05:24 م]ـ
يا أخي الفاضل غفر الله لك
أخشى أن يتحول مقالك هذا إلى نشر وتسويق لضلالات أحمد بن الصديق.
ولا يكفيك أن تقول في كل مرة: لا تعليق.
لا قد يكون التعليق واجبا في بعض الأحيان.
وتأمل حال شيخ الإسلام في منهاج السنة كيف يطيل النفس في الرد والنقاش، مع أن كلام الرافضي قد يكون ظاهر البطلان في كثير من الأحيان.
والمنتدى يدخله كل أحد، والشبه خطافة، والقلوب ضعيفة، كما قيل.
فالحذر الحذر بارك الله فيك.
ولو اكتفيت بأن تقول: الغماري عنده ضلال أو بدعة في كذا وكذا لكفى، أما إذ أبيت إلا أن تنقل كلامه، فعليك أن تتجشم الرد والتمحيص ولا بد.
والله أعلم.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[16 - 12 - 04, 03:15 ص]ـ
ـ وذكر أيضاً في الجؤنة (ص 12 ـ طريفة 14) , ما نصه:
ذكر حجة الإسلام الغزالي في رسالته في " كشف علوم الآخرة " أنه لما قتل الحسن عليه السلام غضب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غضباً شديداً , وطار من قبره إلى السماء فلم يعد إلى الأرض .... (وهذا غير بعيد ولا غريب) ـ الكلام الذي بين قوسين للغماري ـ.
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[16 - 12 - 04, 06:38 م]ـ
بداية عتب أخوي خفيف على الأخ الفاضل صاحب المقال، حيث جاء الرياض مؤخرا، وفوّت على أحبابه التشرف برؤياه!
--------------------------
من أشنع ما وقفتُ من أحمد الغماري تصريحه بأن معاوية رضي الله عنه (منافق كافر) هكذا بالحرف، كما في مراسلاته مع الشيخ بوخبزة المطبوعة باسم (الجواب المفيد للسائل المستفيد)، وهو شيعي يشتم ويلعن بعض الصحابة، كما ذكر تلميذاه بوخبزة والتليدي.
وهو في مسائل الصفات سلفي في مسائل دون مسائل، وشديد الإنكار على الأشاعرة تصريحا.
وفي مسائل التوحيد قبوري، ولا أدل على ذلك من رسالته (إحياء المقبور)
وفي مسائل التصوف طرقي يؤمن بالخرافات، وهو شديد الدفاع عن ابن عربي.
وفي مسائل الفقه يقول بالاجتهاد، على ظاهرية في كثير من الأحيان، مع شذوذات معروفة، كمسألة الصلاة خلف المذياع، وإمامة النساء للرجال، وغيرها.
وفي البدع كان له اتجاهان: فهو يحارب بعض البدع، ويحيي بعض السن المتروكة، وفي الوقت نفسه يحارب بعض منكري البدع، ويؤصل لبدع أخرى!!
وكانت له مداخلات سياسية أثرت عليه أذية واعتقالا ونفيا.
بقي مسائل الحديث التي اشتهر بها: فلا يختلف أهل الإنصاف أن الرجال متبحر الاطلاع على الطرق والمصادر مشهورها وغريبها، وتخاريجه ينتفع بها المتوسع فمن دونه، هذا في الطرق والمصادر، لا الأحكام، لأمرين:
أولهما: أن كثيرا من أحكامه مبنية على الهوى والعصبية، فقد يصحح الموضوع! كما في جزئه الطافح بالتشيع: فتح الملك العلي، وقد يوثق المتروكين، كالحارث الأعور، ويرد كثيرا من أحكام وإطباقات الأئمة بمجرد الهوى، كما في جزئه هدية الصغرا، وغيره، ويكفي دليلا على ذلك أنه كان يصرح بأن كل فضائل الشام موضوعة! وهذا موجود في المداوي، ثم بعدة ولائم يقيمها له صوفية الشام آخر عمره تُصبح هذه الموضوعات صحيحة!! ذكر ذلك شيخنا بالإجازة بوخبزة في ترجمته الذاتية.
الأمر الثاني: أن تطبيقاته في العلل والنكارة بعيدة كل البعد عن تطبيقات أئمة أهل الحديث، بل هو متشبع بطرائق الفقهاء والأصوليين، وهو متساهل جدا في التقوية بمجموع الطرق والانقطاعات والمجاهيل والتفرد غير المحتمل، ولا يأبه كثيرا بتصريحات الأئمة بالنكارة، هذا إن احترم أولئك الأئمة، لا أن يرميهم بالتساهل كالعقيلي وغيره! الشاهد أنه كالسيوطي في جمعه وتحقيقه!
ومسألة أخرى تتعلق بأخلاق الرجل، ومن قرأ كتاباته تتراءى له كثرة الوقيعة الشديدة في الأئمة والمشايخ بكلمات وشتائم تُستغرب من أهل العلم، ولا سيما في مراسلاته، فضلا عن ترفع واضح على الغير، بل كان يضع لقب (الحافظ) أمام اسمه في بعض رسائله المطبوعة في حياته!!
ورحم الله أحمد شاكر والمعلمي والألباني!
ولا يُنكر أن الرجل عالم كبير وله جهود في الحديث وغزارة في التآليف، ولكن هذه بعض أحواله إجمالا، ولعل الأخ الشيخ خالد وفقه الله يبقى في إفادتنا بالتفاصيل.
وحدثني أخي الشيخ عبد الله ناجي المخلافي، عن شيخٍ مغربي سماه لي ولا يحضرني اسمه الآن، أن أحمد الغماري لما حضرته الوفاة صار يشخص بعينيه ويمد يده مرددا: يا رسول الله أغثني، يا رسول الله أدركني، وتوفي على ذلك! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
والله يعفو عنا وعنه وعن جميع المسلمين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/46)
ـ[محمد الناصري]ــــــــ[16 - 12 - 04, 10:06 م]ـ
دعونا من عقيدة أحمد بن الصديق فهي أشهر من نار على علم.
لكن الحق أن رجل له دراية دقيقة بعلوم الحديث.قد لا يدانيه فيها كثير ممن يشار اليه بالبنان مع ملاحظة زمن اشتغال الشيخ بهذا الفن ...
وما أدري الأمور العظيمة التي تشغل الأستاذ علي حسن عن اتمام ما بدأه من ردود علمية على الغماريين .... ففي حدود اطلاعي البسيط لا أعلم له مشاريع علمية.اللهم الا ردود مكررة مجتها الأسماع .. اللهم الا أن يكون صحيح رياض الصالحين.
ولي رأي أيها الأحبة أن من يتصدى للرد على أكابر زمانهم ولو ممن رمي بالابتداع شرطه أن يكون
مقدما في الفن الذي يتكلم فيه على أقل تقدير.
وفقنا الله واياكم لسلوك الجادة.
ـ[نعيم بن حماد]ــــــــ[17 - 12 - 04, 12:05 ص]ـ
فضيلة الشيخ داعية التوحيد / خالد الأنصاري
نصر الله به الدين وقمع به المبتدعة الضالين.
جهدك مذكور ومشكور في جمع ضلالات وانحرافات داعية البدعة أحمد الغماري عليه من الله ما يستحق، وهو عمل مبارك، لا ريب أنه أخذ من وقتك الكثير، فلا حرمك الله الأجرعلى نصرتك وغيرتك على التوحيد، وأرى أن تواصل أيها المبارك ولا تكترث لتشغيب المشغبة الأغمار.
وأدعو الأحبه أنصار التوحيد من أعضاء المنتدى أن يشاركوا بالتأييد والتعليق الهادف، ولا يخذلوا من بذل وقته وجهده لجمع هذه الضلالات ليحذرها طلاب العلم (والعلم رحم بين أهله) وأما مقولة من يقول بأن هذا الغماري عالم في علم الحديث فأقول لو كان عالماُ حقيقة بالحديث لاتبع عقيدة السلف الذين هم أهل الحديث، وعلمه الذي يقال عنه لا يشفع له أبداً،
فلا يقاس المرء بما حفظ أو عرف أو ألف، بل بالإتباع لا الإبتداع، فدعونا من ترديد
أن الغماري عالم بالحديث، وأحبوا دعاة التوحيد وانصروهم تنصروا هذا الدين
رزقنا الله وإياكم البصيرة في الدين،،،
ـ[عصام البشير]ــــــــ[17 - 12 - 04, 11:45 ص]ـ
ذكروا في ترجمة الفخر الرازي أنه كان يورد الشبهة نقدا ويحلها نسيئة.
وأنا لا أرى داعيا البتة لأن ينشر في منتدانا هذا كلام فيه تنقص من الصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه، إلا أن يرد عليه ردا علميا كافيا شافيا.
فالمنتدى يدخله كل أحد، وكتاب الجؤنة غير مطبوع، وبالتالي لا يعرف ما فيه من المخازي والشبهات غير القليل من الناس، فما الفائدة من نشره - أو نشر بعضه - بين المسلمين، عاميهم وعالمهم.
أما مع الرد الوافي، فلا بأس.
وأما مع ''لا تعليق'' فلا ثم لا ...
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[17 - 12 - 04, 12:48 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من يدخل الملتقى فأحسبهم طلاب علم , وليس لأهل الهوى والبدعة مكان هنا , فلسان حال الغماري ينطق , وحسبي أنه يرد على نفسه ولو انقضى أجله.
وأما عن كلمة " لا تعليق " , فإني لن أذكرها مرة أخرى , وموضوعي هذا للنقاش , وليس للإطلاع.
خالد الأنصاري.
ـ[عصام البشير]ــــــــ[17 - 12 - 04, 01:51 م]ـ
أقول:
نشر الشبهات والضلالات - خاصة الطعن في الصحابة - يحتاج إلى رد قوي محكم.
ـ[الفهم الصحيح.]ــــــــ[17 - 12 - 04, 01:55 م]ـ
المصلحة الشرعية تقتضي الإعراض عن هذا، أو إتباعه بما يبطله، والخوف على من يقرأه وليس متأهلا، أو أن يستفيد من هذه النقول من لا يعرفها.
والغماري شيخ مشايخ أغلب من في الملتقى بطريقة أو بأخرى، وإن كان الجميع - بما فيهم أخوك عصام - يتبراؤن من قوله هذا وغيره، ويستعيذون بالله من شره وضلاله. فتنبه أخي بارك الله فيك.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[17 - 12 - 04, 02:18 م]ـ
(قال أحمد في " مسنده ": حدثنا زيد بن الحُباب , حدثني حسين , ثنا عبدالله بن بريدة , قال
...... )
هذا اسناد خراساني
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[17 - 12 - 04, 05:01 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده , والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فإني أشكر الإخوة المشايخ الكرام على هذا التفاعل القيم , والمشاركات المثمرة , والتي كنت أنتظرها وكثير غيري ـ بل ومتشوق ـ للإستفادة منها , فكلامي صواب يحتمل الخطأ , وكلام غيري خطأ يحتمل الصواب , وليس هناك خصومة بيني وبين أحد من البشر , فلا داعي لذكر هذه الأمور , رجاءً!!!
فأقول وبالله التوفيق:
==================
بالنسبة عن الأخ الشيخ الفاضل محمد زياد تكلة حفظه الله تعالى , فأرجوا أن تعذرني وكان بودي أن أراك وأنا متشوق لذلك , ولكن عذري في ذلك أني أتيت إلى الرياض لأمر ما لعلي أوضحته لك سلفاً.
وأما عن مقالك فقد فرحت به كثيراً , وكنت آمل من بعض الإخوة المشاركة
وعلى العموم , فأنا أتطلع إلى مشاركاتك دوماً , وسلمت يداك أيها المحب.
==================
وأما عن الأخ الشيخ محمد الناصري , فأقول:
كيف نترك عقيدة الرجل وسبّه للصحابة ـ بله تكفيره ولعنه لبعضهم ـ , ورميه لأئمتنا بالنصب تارة , وبالزندقة والبدعة تارة أخرى.
ثم نجلس ونتكلم عن علمه الجمّ والذي سبق وأشرت ـ بأنه لن يشفع له ـ.
ثم أنك قلت على حدّ زعمك بأنه رأيك بأنه من يتصدى للرد على أكابر زمانهم (ولو ممن رمي بالإبتداع) شرطه أن يكون مقدّماً في الفن الذي يتكلم فيه على أقل تقدير.
فأقول: لا , أما المبتدع في الدين فلا يجوز وصفه بأنه من علية القوم أو أكابرهم و يكفيه في ذلك أنه مبتدع محدث.
==================
وأما عن فضيلة الشيخ نعيم بن حماد حفظه الله تعالى.
فإني أشكر له كلمته , وإن كان قد وصفني بداعية التوحيد , فأسأل الله أن أكون منهم , وإن كان الواصف هو المستحق حقاً لهذه الصفة.
وأسأله سبحانه وتعالى أن يجمعنا وإياكم في مستقر رحمته في الفردوس الأعلى.
==================
أخوكم المحب لكم في الله / خالد الأنصاري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/47)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[17 - 12 - 04, 06:56 م]ـ
قال الإمام أحمد
(ما أنكر حديث حسين بن واقد وأبي المنيب عن ابن بريدة)
ـ[نعيم بن حماد]ــــــــ[17 - 12 - 04, 07:40 م]ـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وبعد /
تابعت كتابات الشيخ خالد الأنصاري في المنتدى فلمست نفس طالب العلم المتمكن، العالم بما يكتب، فحمدت الله تعالى أن يوجد مثله في هذا المنتدى، وهذه شهادة لله، وعندما كتب موضوعه القيم: (صواعق وبروق ........ )
اعترض بعض الإخوة المجتهدين ـ وفقهم الله ـ على الموضوع زاعمين أن هذا العمل قد يؤثر في من يطلع عليه، ممن لم يتمكن في العلم، وقد تعلق الشبه في الأذهان و ... و .. الخ
وأقول: هذا تخوف ليس هذا محله، و الساحة مفتوحة، والشبه هنا وهناك منثورة، والكتب مطبوعة، والإعلام القوي المرئي والمسموع والمكتوب يروج للضلال والبدع، ونحن في زمن يصعب أن تغلق على الناس في دار، أو تعصب عيونهم، (يعني الشبه منتشرة)، فلا وجه للنقد عندي بهذا العذر الهزيل، وكان الأولى بمن نقد أن يثني على جهد الشيخ خالد، لا أن يتنقصه بأنك ما جئت بجديد، وحالك كناقل تمر وهلم جرا، هذا فيه تنقص وازدراء لا يليق بطالب علم أن يفعله، (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) سورة المائدة- 8.
ثم على الناقد الذي يزعم أن ضلال الغماري لا أحد يجهله أن يفيدنا بعلمه المكتوم وبرده المنظوم ونقده الموسوم.
والشيخ أثابه الله جمع المادة وطرحها أمام طلبة علم ليتناولوها بالرد والنقد كما قال، فالذي أراه أن يواصل الشيخ خالد ما بدأه، وعلى الإخوة أصحاب الإفادات العلمية أن يثروا الموضوع بتعقباتهم المفيدة وعلمهم ومعرفتهم على أصل البحث ومضمونه، ويعلم الله أقولها من خلال هذا المنتدى أنني كنت أعلم أن الغماري مبتدع وضال، ولكن نقول الشيخ خالد أفادتني الكثير مما أجهله عنه
فجزى الله خالداً خير الجزاء ونفع به، ولا تحرمونا جهده المبارك لا حرمكم الله من الخير، ودمتم ناصرين ومنافحين لعقيدة التوحيد.
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[18 - 12 - 04, 12:26 ص]ـ
السلام عليكم
الاخ خالد الانصاري موضوع جميل
ولكن حبيت لو كنت علقت كثير علي الحديث أمام احمد في شرب معاوية
لانني لم اري لك ذكر ضعف حديث او صحته وأنما تكلمت في بعض الرجال
وقد تعقب الاخ ابن وهب بتعقيبات اكثر
فمثل هذا الحديث يحتاج الي تعليق اكثر لان ممكن ان يدخل احد في منتدي
ويقرأ هذا الحديث ويدخل في قلبه شئ لهذا الصحابي الجليل
وهذا الحديث احد الاحاديث الذي يستدله المبتدع السقاف هداه الله الي الصواب في تضليل
وطعن علي الصحابي الجليل
ولكن بارك الله فيك فلقد استفدت منك وجزاكم الله خيرا
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[18 - 12 - 04, 04:04 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وزبدة كلامي فيما يأتي:
1ـ أنا كتبتُ ما وقفت عليه من ضلالات وبدع الغماري مما أجده في كتبه بناء على طلب بعض طلبة العلم من أهل المنتدى وخارجه.
2ـ طلبت مني أن أعلق على ما أورده من ضلالات الغماري لئلا يغتر به أحد , وهذا رأيك , وليس بمُلزم لي , ومن له ردٌ على الغماري فليشمر ساعده.
3ـ أفيدك علماً باستمراري بعون الله في ذكر ما بدأت بكتابته حسب اجتهادي , وتأييد بعض مشايخي لي , ولا يضرني قول من خالفني؛ فلكل وجهة هو موليها.
والسلام ختام.
ـ[عصام البشير]ــــــــ[18 - 12 - 04, 12:50 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أخي في الله الفاضل خالد الأنصاري.
إن شئتَ أن تواصل على منهجك في الطرح في هذا الموضوع، فدونك وما تشاء، فلستُ عليك برقيب. ولكنني أعذرتُ ونصحتُ، وبينتُ ما أراه - ويراه غيري - هو الحق.
والله تعالى أعلم.
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[19 - 12 - 04, 06:30 ص]ـ
مساهمة مع الأخ الشيخ خالد الأنصاري وفقه الله أذكر بعض النقولات من كلام أحمد الغماري -عفا الله عنه- في رسائله مع تلميذه بوخبزة، المطبوعة باسم "الجواب المفيد للسائل المستفيد"، بعناية الشيخ: بدر العمراني، ط1، 1423 دار الكتب العلمية، بيروت، فإنها تجلي حقيقة الرجل ومعتقداته وأخلاقه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/48)
* قال (ص30) عن معاوية رضي الله عنه: "هو كذاب، كذب على هذا الحديث [يعني الطائفة المنصورة] في أول الأمة، كما كذب عليه التجاني في آخرها".
ثم طوّل (ص56 - 60) في الطعن على معاوية رضي الله عنه، وقال إن معاوية بناء على ما أورده (ص59): "يطلع منه أنه منافق كافر"!! عامله الله بما يستحق!
وانظر تشيعه (ص83) عند كلامه على نهج البلاغة لابن أبي الحديد.
* وهو يسمي أبا حنيفة رحمه الله أبا جيفة! قال (ص73): " .. وكان الغرض منها التوريك على الحنفية الفجرة وحدهم، لأنهم كادوا يخرجون من الملة بفرط تعصبهم لأبي جيفة وعبادتهم إياه .. " الخ.
وقال عن الطحاوي رحمه الله (ص84): "والطحاوي لولا حفظه وسعة روايته، وكثرة إيراده للطرق الغريبة والأسانيد المتعددة: لما استحق أن يُذكر بخير على الإطلاق، لفرط تعصبه البالغ إلى حد المقت والضلال والعياذ بالله". 27 شعبان 1379
* وتهجمه على شيخ الإسلام ابن تيمية كثير في كتبه، لكنه تقحم نيته في الكتاب (ص11) قائلا: "وكتب ابن القيم كلها نافعة مباركة عليها نور، وفيها إفادة وهداية بخلاف كتب شيخه ابن تيمية، فإنها مظلمة بخبث طوية صاحبها، وكبريائه، وأنانيته، بل ما ضل من ضل عن الصراط المستقيم إلا بكتبه" الخ!
وأغلب الكتاب تهجمات على الناس، من علماء وغيرهم، وبعضها وقيعة فاحشة، ومن أفحش تهجماته اتهامه لمحمد حامد الفقي رحمه الله بأنه أحبل جارية في الحجاز ثم قتل ولدها! كما في (ص46)
شتائمه للبلدان بالجملة
* قال في أهل بلده المغرب (ص29): "وكذب عدو الله [يعني أحمد التجاني] الفاجر القائل إنه ورد في أصحابه [يعني حديث الطائفة المنصورة]؛ بل لو لم يكن دليل على سقوط المغرب من عين الله إلا ظهور ذلك الفاجر فيه وأتباعه لكفى"! والعياذ بالله.
وقال (ص98): "ومن حمارية المغاربة وجهالتهم اعتمادُ المصريين في كل شيء، كأنهم أنبياء مشرعون".
وقال (ص49): "وسلطان المغرب لو لم يكن فيلاليا لما كان بالمنزلة التي يقولها عنه المنافقون، إذ لا يجتمع العلم والمملكة، لا سيما عند المغاربة عباد البطون والفروج، فكيف بالفلالي الذي يحتاج إلى عقل ناضج، وهو معدوم من تافلالت؟ "
وقال (ص44) ضمن طعنه على يوسف الكافي: "وعنده حماقة مغربية تونسية تزري بحماقة الفرطاخ".
وقال (ص64): " .. فالله تعالى يحفظنا وإياك من إذاية الخلق عموما، ثم المغاربة خصوصا، ثم أهل تجكان على الأخص، فإن رمت السلامة فلا تعرف منهم عينا ولا أثرا، وإن وقع وجرى؛ وبُليت بمعرفة أحد منهم: فلا تطلعه على الضروري من أمرك، ولو أكل الخبز اليابس بالماء؛ فضلا عما فوقه، فإنها أمة حاسدة، عندها إذاية الخلق من أشرف الأعمال تارة، ومن فريق عن قصد وإرادة وتعمد تارة، ومن فريق منهم عن غير قصد ولا تعمد، ولكن لغفلة وبلادة وبلية الكلام والتجسس على عورات الناس الضرورية، هذا وصف مَن عمرُه منهم مائة سنة والسبحة على عنقه يقوم الليل ويذكر أكثره، ومن عمره عشرة أعوام، وهو عسكري أو لص شفار، كل ذلك سواء في خُلقهم الممقوت الملعون وهو جر الإذاية إلى الناس، فاحذرهم كل الحذر، والسلام".28 جمادى الثانية 1374
وقال (ص71): "وسُخط كثيرين على كتابنا إحياء المقبور هو المنتظر من المغاربة الجهلة، المندفعين إلى الضلال بقوة، والمتعشقين له بجنون". 3محرم 1372
وانظر (ص81) احتقاره لأهل ودراس وطنجة، وقَسَمه أنه لا يمكن أن يخرج ولي لله من طنجة، علما بأنه ووالده منها!
* أما مصر -بلد محمود سعيد ممدوح الذي ألف في مدح أحمد الغماري- فقال عنهم (ص97): " .. فالمصريون أفسق خلق الله، وأجهلهم بدين الله على الإطلاق، وما انتشر الفسق والفجور والكفر والضلال والإلحاد إلا من طريقهم .. "، وقال (ص98): "المصريون أجهل بني آدم بالأديان كلها، فضلا عن دين الإسلام".
لكنه استدرك، ثم استدرك على الاستدراك، فقال (ص98): "على أن المصريين هم أفاضل أهل الإسلام أخلاقا وأدبا وديانة، لكن هذا في المتدينين منهم؛ الذين لا يوجد في علماء الأزهر منهم واحد تقريبا، فضلا عن أهل التياترات [يعني الملاهي الليلية] ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/49)
وقال (ص42) ضمن طعنه في محمد رشيد رضا: "وقاعدتنا الصحيحة التي لا تتخلف ولا تنخرم، وهي أن المصريين لا يمدحون مؤمنا ولا محقا، ولا يمدحون إلا أهل الباطن والإلحاد، بحيث يمكنك أن تعتمد على هذه القاعدة، وتجزم بضلال ممدوحهم وإلحاده قبل أن تقف على كلامه". 18 رجب 1372
وتسمية للأزهريين ملاحدة متكرر في كلام أحمد الغماري، مثل الجواب المفيد (ص72) ودر الغمام الرقيق.
* وليتهيأ أهل الشام لسماع حكم أحمد الغماري فيهم، قال (ص56): "النشاشيبي ملحد زنديق كافر، ولا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، وأنا لا أنظر في كتب الملاحدة لأني لا أستجمر بالورق، ولو كنت أفعل لأعدتتها للاستجمار بها فقط، على أن الناشيبي لو كان مسلما فهو شامي، والشوام كلهم نواصب، لا قيمة للشرف ولا لأهل البيت عندهم، وما قضى على أهل البيت ثم الإسلام إلا هم". عامله الله بما يستحق.
* أما مناقشة آراء الغماري في الكتاب فيضيق عنها الوقت، وهي من الواضحات التي لا تحتاج إلى بيان، فمنها: الإيمان بالأقطاب الأربعة (ص53)، ونجاة والدي النبي صلى الله عليه وسلم (ص94) مع أنه محدّث والحديث في ذلك صريح، ودفاعه (ص94 و95 و97) عن ابن عربي حتى قال (ص94 - 95): "ولو قال إنه قال: إن الكلب والخنزير هو الله، لأمكن أن يكون لقوله وجها عند أهل الفناء في الشهود .. " الخ! أشهد أن لا إله إلا الله! ومنه انتصاره (ص96) للقائل بإيمان فرعون.
* هذه جوانب أحببتُ التنبيه عليها لمعرفة الوجه الآخر لأحمد الغماري، ولعل خلاصة الكلام ما سمعت شيخنا عبدالقادر الأرناؤوط رحمه الله -وقد سألته سنة 1417 عن حفظ أحمد الغماري، وهل يستحق لقب الحافظ على حسب زماننا؟ فقال ما معناه: لا يبعد، فأحمد الغماري محدث كبير واسع الاطلاع، وهو أحفظ إخوته وأعلمهم، لولا أنه مبتدع، وعنده شواذ.
وقال لي -تغمده الله برحمته ورضوانه: لقد ضل بسبب الرجل خلق، لانبهارهم بحفظه.
وسمعت الشيخ سعد الحميّد يقول غير مرة: كتب الغماريين ليس عليها نور.
وصدقا والله، فقد كنتُ أحب في الرجل سعة اطلاعه واعتنائه الكبير برسوم المحدثين في الجمع والنسخ وكتابة الأطراف والفهرسة والإملاء وغير ذلك، وهو كان أندر من الكبريت الأحمر في زمنه، ولكن لما عرفتُ منهج الرجل، وكثرة وقيعته في بعض الصحابة فمن دونهم من خيار الأمة: تبيّن لي صدق مقولة الشيخين.
وكأنه لذلك لم يرزق بالقبول التام، فلا يعرفه ويعرف كتبه إلا خواص طلبة العلم والمشايخ -دعك عن تهويل المتعصبة له- وقارن بين ما رزق الله علم الإمام الألباني من الانتشار والقبول عند الخاص والعام في شتى أنحاء المعمورة، وابحث عن سر ذلك تجده واضحا إن شاء الله.
وأؤكد أن أكثر من يستفيد من تخاريج الغماري هو المتوسع ونحوه، لأنه يميز بين الاستفادة من المصادر وبين الصنعة الحديثية للغماري المخالفة لمنهج أئمة أهل الحديث في الجملة، فضلا عن الحكم بالهوى، وتقدم بيان ذلك في مقال سابق، وما سوى التخاريج فتنبئك النقولات عن بعضه، والله المستعان.
نسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.
محمد زياد التكلة، الرياض 7/ 11/1425
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[19 - 12 - 04, 06:41 ص]ـ
أشاع بعض متعصبة أهل الهوى -سواء لأحمد الغماري كمحمود سعيد ممدوح في مسامرة الصديق، أو المتعصبة للكوثري- أن أحمد الغماري رجع عن رده على الكوثري المسمى "بيان تلبيس المفتري محمد زاهد الكوثري"، وأن أعداء الرجلين نشروا الرد كيدا وبغيا؛ مع أنه في حكم المنسوخ على حد زعمهم، لكيلا يسقط أحدهما أو كليهما، وهم بحاجة ماسة لرأس ينتسبون إليه في مقابل أئمة السنة قديما وحديثا .. فهل تستقيم لهم دعواهم؟
وتجاوزا لحقيقة أن أحمد الغماري له أكثر من رد مفرد على الكوثري، مثل سوط التأديب، والغارة العنيفة؛
وبغض الطرف عن مادة "بيان التلبيس" ونَفَسه وعباراته التي يصعب معها احتمال التراجع: فسأدع مفهوم حال وواقع أحمد الغماري لمنطوقه وكتاباته الخطية، وذلك من رسائله المسماة باقتراحه هو: "الجواب المفيد للسائل المستفيد"، وهي مراسلاته لتلميذه محمد الأمين بوخبزة حفظه الله، المطبوعة بدار الكتب العلمية سنة 1423:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/50)
* فقال أحمد الغماري في رسالة بتاريخ 9 صفر 1372 (ص40): "وأما الشيخ زاهد الكوثري فإنه حقا عدو السنة والسلف الصالح والأئمة؛ إلا الحنفية ومن وافقهم؛ لفرط تعصبه للحنفية وللجنسية التركية أيضا، حتى إنه متهم بالشعوبية، مع أنه عالم فاضل مطلع واسع الاطلاع والدراية، مع المشاركة في كثير من الفنون، ولكن فرط تعصبه أوصله إلى درجة المقت؛ بل درجة الجنون! حتى إنه طعن في مالك والشافعي وأحمد وعبدالرحمن بن مهدي والبخاري وهذه الطبقة، بل وتكلم في أنس وأبي هريرة وبعض الصحابة!
وقد كنتُ شرعتُ في الرد عليه، وسميته "بيان تلبيس المفتري محمد زاهد الكوثري" فكتبتُ في مقدمة الكتاب –وهي في تناقضاته فقط- نحو خمسة عشر كراسة فأزيد، ثم توقفتُ لكون الرجل يدعي لنا بالمحبة والصداقة، ولنا معه مجالس طويلة، والحق أولى منه، إلا أن سيدي عبدالله طلب مني أتأخر عن إكمال الكتاب، فتأخرتُ عنه، ولا بد إن شاء الله من إكماله، ولعلك رأيت الإعلان عنه في أسماء مؤلفاتنا المطبوعة بآخر بإزالة الخطر".
* وقال (ص54): "والكوثري حنفي متعصب خبيث شعوبي، وهو الذي ألفنا فيه: "بيان تلبيس المفتري محمد زاهد الكوثري" وكتبنا في مقدمته سبع كراسات أعان الله إكماله، مبتدع ضال، يبغض العرب وأهل الحديث والشافعية، وخصوصا الحافظ ثم السيوطي، فهو الذي كان يشيع تلك القبائح عن الحافظ، وكل ما قاله ابن تاويت فهو كلام الكوثري حرفا بحرف، ليس لابن تاويت في ذلك كلمة واحدة، وأنا فما كان الكوثري يجترئ أن يذكر ذلك أمامي، ولكنه ذكر ذلك حرفيا للأخ عبدالعزيز، منه سمعته حرفيا بمثل ما زعم لك ابن تاويت أنه المطلع عليه .. ".
* وانظر كلامه عنه (ص45): "ويشيع ذلك زاهد الكوثري لفرط تعصبه للشعوبية والحنفية ضد العرب والسنة".
* ويقول (ص63) في رسالة قبيل وفاته تبين ثبات موقف أحمد الغماري من الكوثري، فقال عن سلامة العزامي: " .. إلا أنه كان متعصبا للتقليد للأشعرية، عدوا للسنة وأهلها، خبيثا في ذلك، له مؤلفات مطبوعة، أحدها في مسألة طلاق الثلاث، والثاني في الصفات، وقد طبع هذا أيضا في مقدمة الأسماء والصفات للبيهقي، وهذا هو وجه الرابطة بينه وبين الكوثري؛ شيخ المتعصبة على السنة وأهلها". 29 صفر 1380
* فهذه نصوص واضحة تقضي على ذلك الزعم، وكم يُحرج من يتعرف على الحق بالرجال، ولا يتعرف على الرجال بالحق!
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[19 - 12 - 04, 01:45 م]ـ
ذكر في " الجؤنة " (ص 21 ـ 23 / طريفة 33) ـ الذهبي والنصب ـ , ما نصه:
أظهر الذهبي في " تاريخ الإسلام " اعتدالاً في حق آل البيت وأعدائهم بني أمية , وأراد أن يخفي أثر النصب الكافي في نفسه فيه بخلافه في كتبه الأخرى , ولكنه لما جاء إلى ترجمة (الحكم بن العاص) غلبه ما في نفسه فقال: " أسلم يوم الفتح , وقدم المدينة فكان ـ فيما قيل ـ يفشي سر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "؛ كذا حكى عنه بصيغة التمريض , ثم قال: " طرده رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , وسبه " , كذا قال (سبه) , والواقع المروي بالطرق الصحيحة أنه لعنه ... قال: " وأرسله إلى بطن وج , فلم يزل طريداً إلى أن ولي عثمان , فأدخله المدينة , ووصل رحمه , وأعطاه مائة ألف درهم لآنه كان عم عثمان بن عفان ".
وقيل: إنما نفاه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلى الطائف لأنه كان يحكيه في مشيته وبعض حركاته , كذا يحكى هذا بصفة التمريض , مع أنه مروي بالأسانيد الصحيحة , ثم قال: " وقد رويت أحاديث منكرة في لعنه , لا يجوز الاحتجاج بها " , كذا قال مع أنها أحاديث صحيحة ... والعجب أنه نفسه صحح بعضها في نفس الترجمة ... فأورد عن الشعبي قال: سمعت ابن الزبير يقول: " ورب هذا البيت أن الحكم بن أبي العاص وولده ملعونان على لسان محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " , ثم قال (إسناده صحيح) , ونسي ما قال قبله ببضعة أسطر (أنه كلها منكرة) ... ثم روى عن إسحاق بن يحى , عن عمته عائشة بنت طلحة , عن عائشة قالت: (كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في حجرته , فسمع حشا فاستنكره , فذهبوا فنظروا فإذا الحكم يطلع على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , فلعنه وما في صلبه ونفاه) , سكت عليه الذهبي وهو
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/51)
صحيح أيضاً ... ثم قال: وقال سلمة التبوذكي: ثنا عبد الواحد , ثنا زياد , ثنا عثمان بن حكيم ثقيف بن محمد بن عبدالله بن عمرو , عن جده , قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (يدخل عليكم رجل لعين) , قال: وكنت تركت أبي يلبس ثيابه فأشفقت , فدخل الحكم بن أبي العاص ... سكت عليه الذهبي أيضاً وهو صحيح ... وأورد قبل هذه الأحاديث قول أحمد في " مسنده ": حدثنا ابن نمير , ثنا عثمان بن حكيم , عن أبي أمامة بن سهل , عن عبدالله بن عمرو , قال: كنا جلوساً عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , فقال: (ليدخلن عليكم رجل لعين) , فما زلت أتشوف حتى دخل فلان ـ يعني الحكم ـ , سكت عليه وهو صحيح أيضاً ... فانظر إلى هذا مع قوله " إنها منكرة لا يجوز الاحتجاج بها " , مع أنه لم يستطع أن يتكلم إلا في أحاديث , فقال: كنت بين مروان والحسن والحسين , والحسين يساب مروان بن الحكم , فقال مروان: " إنكم أهل بيت ملعونون " , فغضب الحسين وقال: (والله لقد لعن الله أباك على لسان نبيه وأنت في صلبه " ..... قال الذهبي: (أبويحى مجهول)!!!
قلت ـ أي الغماري ـ: لو سلمنا , جهالته هنا لا تضر , فإن الحديث مشهور ومتواتر , وهذا يدل على كفر مروان , كفراً صحيحاً لا شك فيه.
ثم قال الذهبي: وقال معتمر بن سليمان , عن أبيه , عن حنش بن قيس , عن عطاء , عن ابن عمر , قال: كنت عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فدخل علي يقود الحكم بأذنه , فلعنه نبي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثلاثاً ... ثم قال الذهبي: قال الدارقطني: تفرد به معتمر ....
قلت ـ الغماري ـ: وهو ثقة من رجال الصحيح , وأكثر أحاديث الصحيحين أفراد ...
ثم قال ـ أي الذهبي ـ: وقال جعفر بن سليمان الضبعي , ثنا سعد أخو حماد بن زيد , عن علي بن الحكم , عن أبي الحسن الجزري , عن عمرو بن مرة ـ وله صحبة ـ , قال: استأذن الحكم بن أبي العاص على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , فقال: (ائذنوا له , لعنه الله وكل من خرج من صلبه إلا المؤمنين) , قال الذهبي: إسناده فيه من يجهل ...
قلت ـ الغماري ـ: كلا بل هو تدليس ...
ثم قال ـ الذهبي ـ: وعن عبدالله بن عمرو , قال: كان الحكم يجلس إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وينقل حديثه إلى قريش , فلعنه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ومن يخرج من صلبه إلى يوم القيامة , ثم قال: تفرد به سليمان بن قرْم وهو ضعيف.
قلت ـ الغماري ـ: كيف يدعي تفرده به , وهذه الطرق كلها مثله , وإنما يدعي التفرد فيما لم يأت به غيره ... وقد روي خبر لعن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الحكم وبنيه في صلبه من طرق أخرى من حديث جماعة آخرين من الصحابة , أعرض عنها الذهبي.
والمقصود التنبيه على تدليس الذهبي في شأن بني مروان؛ بل التناقض الظاهر والتحيز الباهر.
فسبحان من ابتلى أهل الشام بحب بني مروان , والانحراف عن آل البيت الأطهار.
ومن رأى كلام ابن كثير , عرف أن الذهبي لاشيء بالنسبة إليه.
وأما شيخهما ابن تيمية فهو عدو آل البيت الأكبر , كما أنه عدو أهل الله.
فالحمد لله الذي عفانا مما ابتلاهم به , وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً ... اهـ.
قلت ـ خالد الأنصاري ـ: والمطلع على كلام الغماري يعلم علماً يقينياً من هو المدلس والكاذب , ومن هو عدو آل البيت أصلاً.
قاتل الله التعصب المقيت الأعمى , وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ولو تفضلت أخي المكرم , انظر تناقض الغماري في علم الذهبي وابن كثير في مقالي المنشور على صفحات هذا الملتقى المبارك , والمسمى " مراتب العلماء ".
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[19 - 12 - 04, 02:06 م]ـ
وذكر أيضاً (ص 23 ـ فائدة 34) من " الجؤنة " أيضاً , ما نصه:
ـ دليل اتخاذ السبحة:
في ترجمة أبي الدرداء عنه أنه قيل له: كم تسبح في كل يوم ـ وكان لا يفتر من الذكر ـ؟ فقال: مائة ألف إلا أن تخطيء الأصابع ...
قلت ـ الغماري ـ: ولهذا اتخذ الصوفية السبحة لأنها لاتخطيء ... وقد كان لأبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - خيط فيه ألف عقدة يديره كل يوم عشر مرات بالتسبيح والاستغفار.
وهو الأصل في اتخاذ السبحة ...
قلت ـ خالد الأنصاري ـ: لو سلمنا للغماري صحة هذا الأمر (وهو ليس بصحيح) , فهل فعل الصحابي حجة بجانب قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وفعله , وأيهما يعمل به , وهل قول الصحابي مقدم على قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وفعله؟
ويكفينا شاهداً ما روي عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بإسناد صحيح أنه لما دخل على امرأة ووجدها تسبح بالحصى ..... القصة معروفة.
وكذلك قصة ابن مسعود التي في سنن أبي داود بإسناد صحيح لما دخل على أناس في المسجد ورآهم يسبحون بالحصى ..... والقصة أيضاً معروفة ومشهورة.
فهل ذهل الغماري عن هذه الآثار الصحيحة!! , أم أنه لم يقرأها!!
لعل الحافظ الإمام الحجة خانه حفظه!! , أم تراه يضعفها!!
الله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/52)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[19 - 12 - 04, 03:47 م]ـ
دليل على تخبط الغماري يعزز ما ذكرناه آنفاً , وهو:
ذكر في " الجؤنة " (ص 25 ـ طريفة 37) , ما نصه:
_ دليل على عدم الاحتجاج بعمل الصحابي في مخالفة الحديث:
روي بإسناد صحيح , عن أنس بن مالك , قال:
كان أبوطلحة يأكل البرد وهو صائم , ويقول: ليس هو بطعام ولا شراب.
قلت (الغماري): أبوطلحة ـ هو زيد بن سهل الأنصاري النجاري كان من أفاضل أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شهد بدراً والمشاهد كلها , وكان من النقباء ليلة العقبة؛ فأين المهولون بالإحتجاج بعمل الصحابي في مخالفة الحديث والتعلق بأنه لم يفعل ذلك وعنده علم بالناسخ والمنسوخ لذلك الحديث المرفوع , وربما تعلقوا بالحديث: (أصحابي كالنجوم , بأيهم اقتديتم فقد اهتديتم) , وهو حديث موضوع , مع أنهم لايقتدون إلا بما وافق أهواءهم من قول واحد منهم , وإن خالفوا جماعتهم بل إجماعهم!
قلت ـ خالد الأنصاري ـ: والغماري بهذا قد نقض كلامه كله في قضية السبحة المذكورة سابقاً , وتأييده لفعل الصحابي (زاعماً) , بالرغم من مخالفته لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وفعله , هذا إن صح فعل أبي هريرة لذلك.
والله المستعان.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[19 - 12 - 04, 04:38 م]ـ
وذكر أيضاً في " الجؤنة " (ص 29 ـ 30 / طريفة 47) , ما نصه:
ـ تفسير الشيخ الأكبر لقوله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب}:
ذكر الشيخ الأكبر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - في " الفتوحات " ـ في معنى قوله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الدعي إذا دعاني}:
أن الله تعالى أخبرفي هذه الآية بأنه يجيب دعوة الداعي , ومعنى الإجابة لغة وعرفاً تلبية النداء بالقول , وإسماع المنادي أنك لبيته بقولك: لبيك أو ما يقوم مقامها بحسب اللغات والأعراف.
فالحق سبحانه وتعالى مع عباده كذلك يخبر أنه جار معهم على ماهو الجاري بينهم وأن العبد إذا دعاه فقال: يارب ... أجابه سبحانه في الحال بقوله: لبيك عبدي ... فهذا معنى الآية وعليه تدل مطابقة ...
أما كونه يعطي السؤال بذلك النداء , فلا تعرض للآية فيه لأنه تعالى لم يقل: أجيب دعوة الداعي وأعطيه ما سأل ... ومن هنا دخل الغلط على الناس فاستشكلوا كونهم يدعون فلا يعطون أحياناً , مع أنه تعالى يقول: {أجيب دعوة الداعي إذا دعاني} ...
هذا مضمن كلام الشيخ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - , وقد أمليت عليه جزء أول دخولي إلى المعتقل , ولعلي أنشط بعد هذا , فنذكره بتمامه ...
قلت ـ خالد الأنصاري ـ: وتسمية الغماري ابن عربي صاحب " الفتوحات " بالشيخ الأكبر , هذا مما لا يجوز التغاضي عنه , فابن عربي معلوم عنه الكفر البواح والشرك الصراح , والقول بوحدة الوجود , فأقل ما يقال عنه من الألفاظ الجائز تلقيبه بها (الزنديق) أو (الطاغوت الأكبر).
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[19 - 12 - 04, 05:43 م]ـ
وذكر أيضاً في " الجؤنة " (ص 31 _ لطيفة 49) , ما نصه:
_ قيمة الدين عند علي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - و معاوية:
جاء عقيل بن أبي طالب إلى أخيه علي ـ عليه السلام ـ يسأله , فقال: إني محتاج فقير , فقال له: (اصبر حتى يخرج عطائي) ... , فألح عليه , فقال لرجل (خذ بيده فانطلق به إلى الحوانيت) فقال: (دق الأقفال وخذ ما في الحوانيت) ... فقال: تريد أن تتخذني سارقاً! قال: (وأنت تريد أن تتخذني سارقاً وأعطيك أموال الناس) , قال: لآتين معاوية .. قال: (انت وذاك) ... فأتى معاوية , فعرّف له قدومه , وقال: هذا عقيل وعمه أبولهب.
فقال عقيل: هذا معاوية وعمته حمالة الحطب!
وكانت امرأة أبي لهب عمة معاوية , فأعطاه معاوية مائة ألف درهم , ثم قال: اصعد على المنبر فاذكر ما أولاك علي , وما أوليتك ... فصعد المنبر فحمد الله ثم قال: أيها الناس إني أخبركم أني أردت علياً على دينه , فاختار دينه علي , وأردت معاوية على دينه , فاختارني على دينه ... فقال: هذا الذي تزعم قريش أنه أحمق!!
قلت ـ الغماري ـ: أراد معاوية أن يطعن عقيل في علي ـ عليه السلام ـ , وأن يفرق بين الأخ وأخيه بالدنيا , فوجده حازماً متيقظاً ...
ـ[ابو عمرو الشامي]ــــــــ[19 - 12 - 04, 11:46 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/53)
لقد اطلعت على ما كتبه الغماري في بعض رسائله ووجدت ما ذكره الشيخ خالد والأخ زياد صحيحاً والغماري لديه من الطوام الشيء الكثير والذي نحن بغنى عنه وعن علمه وكتبه لأنه خلط فيها التوحيد بالبدع والثناء على بعض الملحدين كابن عربي وعلى أهل الأهواء والحط من شأن كبار أئمة أهل السنة والتوحيد كشيخ الإسلام فجزى الله كل من شارك في الإنكار على الغماري خيرا
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[20 - 12 - 04, 03:16 ص]ـ
وذكر في " الجؤنة " أيضاً (ص 33 ـ طريفة 53) , ما نصه:
ـ تحريف النواصب للأحاديث الواردة في مخازي بني أمية:
روى أبوسعيد الخدري , عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , أنه قال: (إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه ... ) , فقامت قيامة النواصب وشرعوا في الاحتيال لرد هذا الحديث كما فعلوا في غيره , فادعى بعضهم أنه محرّف وأن صوابه (فاقبلوه) ـ بالباء الموحدة ـ!
وأما أبوبكر بن أبي داود فأقره على روايته ـ بالتاء المثناة من فوق , ولكنه قال: هذا معاوية بن تابوه رأس المنافقين , حلف أن يتغوط فوق المنبر!!.
(قال الغماري): وأشهد بالله إن هذا لكذب من ابن أبي داود , فإنه كان مشهوراً بالنصب وبالكذب معاً.
وقد كان والده أبوداود صاحب السنن يكذبه ويحذر أصحاب الحديث منه , ويقول لهم:: إن ابني كذاب فلا ترووا عنه ".
وهو الذي زعم قبحه الله , أن علياً ـ عليه السلام ـ حفيت أظفاره من كثرة التسلق على أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -!!
وهكذا فعلوا في الحديث المخرج في " مسند أحمد ": سمع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عمراً ومعاوية يتغنيان , فقال: (اللهم اركسهما في الفتنة ركساً , ودعهما في النار دعاً) , فقالوا: هاذان عمرو ومعاوية آخران لا معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص.
وكذلك فعلو في أخبار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (ان سمرة بن جندب في النار) , فلفقوا أنه كان يحرك قدراً فسقط فيها فمات في النار!!
ولما رأى آخرون أن هذا غير معقول , لأن سمرة رجل لا ذبابة , رووا أنه كان يصطلي بنار فاحترق فمات؛ مع أن سمرة كان من أعداء آل البيت ومن أنصار بني أمية , وولي ولايات لمعاوية ويزيد , وسفك دماء كثيرة ظلماً وعدواناً ...
قال عامر بن أبي عامر: كنا في مجلس يونس بن عبيد في أصحاب الخز , فقالوا: ما في الأرض بقعة نشفت من الدم , ما نشفت هذه البقعة ـ يعنون دار الإمارة ـ , قتل بها سبعون ألفاً , فجاء يونس بن عبيد , فقلت: إنهم يقولون كذا وكذا , فقال: نعم , من بين قتيل وقطيع , قيل له: ومن فعل ذلك يا أباعبدالله؟ قال: زياد , وابنه عبيدالله , وسمرة!.
وقال الذهبي: قتل سمرة بشراً كثيراً.
قال (الغماري): فهل من صنع هذا , يكون قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (آخركم موتاً في النار) لجماعة ماتوا كلهم , وتأخُرْ سمرة إنما أراد به أنه سيحترق في الدنيا , أو يقع في قدر فيموت!!؟
وقد أخبر الله تعالى أن من قتل مؤمناً واحداً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها , فكيف بمن قتل الآلاف , إن هذا لعجب عجاب!!.
قلت (خالد الأنصاري) في إيراد أباطيله هذه بتاتاً , وإنما أرد عليه بإيراد قصيدة ابن أبي داود:
قال ابن أبي داود رحمه الله تعالى:
وقل: إنّ خيرَ الناس بعد محمد .......... وزيراه قُدْماً ثم عثمانُ الأرجح
ورابعُهم خَيْرُ البريةِ بعدهم .......... عليٌّ حليفُ الخير بالخير مُنْجح
وإنهم الرَّهْطُ لا ريْبَ فيهم على .......... نُجُبِ الفِرْدَوسِ في الخُلد تَسْرح
سعيدٌ وسعدٌ وابنُ عوفٍ وطلحةٌ .......... وعامرُ فِهْرٍ والزبيرُ الممدّح
وسِبْطيْ رسول الله وابني .......... خديجة وفاطمة ذات النقا تبحبحوا
وعائشة أم المؤمنين وخالنا .......... معاوية أكرم به ثم امنح
وأنصاره والمهاجرون ديارهم .......... بنصرتهم عن كية النار زُحْزِحُوا
قلت: هذا هو اعتقاد ابن أبي داود رحمه الله تعالى , فهل يبقى للغماري عذر بعد ذلك , ولا أظن الغماري قد خفي عليه أمر هذه القصيدة , ولكنه الحقد والكره والتعصب.
وأقول أيضاً: ماذا ترك الغماري للرافضة , لقد فتح الباب في الطعن في الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين على مصراعيه , فهل أغلقه قبل أن يهلك؟!
فإلى الله المشتكى , وهو المنتقم الجبار من كل عنيد معثار.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[20 - 12 - 04, 04:53 ص]ـ
ومن سخافاته وخرافاته التي يعتبرها كرامات:
قوله في " الجؤنة " (ص 36 ـ طريفة 59) , مانصه:
ذكر العارف الشعراني في " الطبقات الوسطى " , في ترجمة العارف بالله أبي الخير الكليباتي ـ رضي الله تعالى عنه ـ ,: أن الشيخ محمد العداوي حدثه , أن امرأة اشتهت مامونية حمراء ـ يعني صنفاً من الحلاوة ـ , ولم يجدها بمصر في ذلك الوقت , قال: فأتيت الشيخ أبا الخير ـ رضي الله تعالى عنه ـ , فأخبرته بذلك , قال: (فأتني بصحن) , فأتاه به , فولى ظهره , فشمر وتغوط له مامونية سخنة بعسل نحل , قال: فأكلنا منها , وأطعمنا الجيران ... قال الشعراني: واستحلفته على ذلك؛ فحلف أن ذلك حق ... مات الشيخ صاحب هذه الكرامة اللطيفة سنة إحدى وأربعين وتسعمائة ...
قلت: فهل بعد هذا الكلام الذي ذكره لنا الإمام الأوحد المحدث العلامة الفهامة الفقيه الأصولي , كلام!!!!!
أناس يأكلون الخراءة ويعدونها معجزة وكرامة!!!
بل إن الحمار ليأنف من ذلك , فكيف بالإنسان , والذي أعلمه وغيري بأن الخنزير هو الذي يأكل البراز , وهل وصل الأمر بالغماري وأصحابه إلى هذا الحد باعتقادهم الكرامات التي من هذا القبيل؟! وهل صاحب الكرامة يكشف عورته؟
وهل يستقيم هذا الكلام أو تصدقه عقول البشر؟!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/54)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[20 - 12 - 04, 03:00 م]ـ
وذكر في " الجؤنة " (ص 39 ـ طريفة 64) , مانصه:
ـ فإنّ القو ما قال والدي:
لما كنت بالقاهرة , ورد عليها رجل من بعض كبار مشايخي , ونزل ضيفاً عليّ , فاستدعاني بعض العلماء المتصوفة لتناول طعام الإفطار عنده في رمضان , فلما كنا بمنزله في جماعة من أصحابي , سألني عن (وحدة الوجود)؟ وقال لي: " أحب أن أعرف رأيك فيها؟ وكيف يمكن إثباتها؟
فقبل أن أتكلم؛ بادرني الرجل , وقال: إنّ والدي , قال: لا يتكلم في وحدة الوجود إلا كبار العارفين!!
فقلت: نعم , ولكن نحن لا نريد الكلام في حقيقتها التي لا تفهم إلا بالذوق , ولكن في كيفية إثباتها, وأن المتكلمين فيها على حقّ ...
فقال: هو ما أقول لك , إنّ والدي منع من الكلام فيها , فإما أنْ تسكت , وإما أنْ أقوم!!!
فسكتُّ مراعاة لضيفي ...
قلت (خالد الأنصاري): هذا هو معتقد أحمد الغماري , القول بوحدة الوجود , ولولا تدخل ضيفه , وحرصه على بقائه , لنثر سمومه ولكشف عن مكنون قلبه.
ولكن لنا كلام في ذلك سيأتي ذكره قريباً إن شاء الله تعالى.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[20 - 12 - 04, 04:30 م]ـ
وذكر في " جؤنته " أيضاً (ص 27 ـ 28) , مانصه:
ـ النواصب يبطلون حديث الطير المتواتر:
يكاد النواصب من الحفاظ تتفق كلمتهم على بطلان حديث الطير , بل بالغوا حتى جعلوه علامة على ضعف الراوي , فكل من رواه جرحوه بروايته , وكذلك فعل الذهبي في " الميزان " , الذي ظهر فيه نصبه بأجلى معانيه , ولكنه مال إلى الإعتدال في " تاريخ الإسلام " , فذكر الحديث , ثم قال: (وله طرق كثيرة عن أنس متكلم فيها , وبعضها على شرط السنن , من أجودها حديث قطن بن نسير شيخ مسلم يعني في " الصحيح ": ثنا جعفر بن سليمان , ثنا عبدالله بن المثنى , عن عبدالله بن أنس بن مالك , عن أنس قال: أهدي إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حجل مشوي , فقال: " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكله معي , فجاء علي فأكله معه ".
فهذا سند على شرط الصحيح وإن أنف الذهبي من التصريح بذلك فعدل إلى قوله جيد , وهو مرادف للصحيح في اصطلاحهم ...
وبعد , فإذا لم يكن حديث الطير صحيحاً؛ فلا يصح في الدنيا حديث البتة , ولا يقع تواتر بخبر بالمرة.
فقد رواه عن أنس (سبعة وتسعون راوياً) مائة إلا ثلاثة بأعدادها مضاعفة من الطرق عنهم , وورد مع ذلك عن جماعة من الصحابة منهم (علي ـ نفسه ـ , وعائشة , وابن عباس) وتمام سبعة من الصحابة فيما يحضرني الآن , بحيث أفرد طرقه الإمام محمد بن جرير الطبري في مجلد ضخم , ومن بعده جماعة منهم الحافظ ابن القا الذي أملى مجلساً فيه ببغداد فقاموا إليه وأخرجوه من المسجد وغسلوا الكرسي الذي كان يملي عليه بالماء.
ولما وقف الباقلاني شيخ الأشعرية والنواصب في عصره على المجلد الذي جمعه ابن جرير في طرق هذا الحديث؛ رد على ابن جرير بعقله , وأبطل الحديث بكاسد رأيه وفاسد نصبه ... فإلى هذا الحد بلغ تعصب النواصب على عليّ ـ عليه السلام ـ ...
والمقصود اعتراف الذهبي بصحة الحديث مع أنه جمع هو أيضاً طرقه في جزء , وضعف جميع تلك الطرق , لكن يحكي هذا ابن كثير في " تاريخه "؛ وابن كثير جربنا عليه الكذب في هذا الباب.
أما نحن فلم نقف على الجزء المذكور , نعم ذكره الذهبي في أزيد من عشرين ترجمة من " الميزان " , وضعف جميعها بل ضعف أولئك الرواة لمجرد رواية هذا الحديث , ومع ذلك فلا نصدق ابن كثير فإنه كذاب ...
قلت (خالد الأنصاري): ولا يضر ابن كثير أو الذهبي تصديقك لهما أو تكذيبك , وتكذيبك لهما لا يزيدهما إلا رفعة وشموخاً , ولا يزيدك إلا حسرةً وثبوراً.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[21 - 12 - 04, 02:33 ص]ـ
وذكر أيضاً في " جؤنته " (ص 47 ـ 49 / لطيفة 85) , مانصه:
ـ معجزة لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد وفاته:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/55)
لما كنت بدمشق سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وألف , حكى لي جماعة منهم الأستاذ شريف اليعقوبي معجزة عظيمة لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , وفضيلة ظاهرة لأهل بيته الكرام حصلت لرجل بدمشق كان ضابطاً في الجيش التركي أيام الحرب العظمى , وكانت تركيا تأخذ الجنود للحرب قهراً من جميع ممالكها , وكان من جملة الجنود الذين تحت حكم هذا الضابط رجل شريف ـ أظنه من ناحية الموصل ـ , فجاءه يوماً فقال له: أنا رجلٌ شريف من آل بيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , ولي والدة ليس لها غيري , فأحب أن تطلق سراحي لأرجع إليها وتسترني حتى لا تأتيني عقوبة من الحكومة ... قال: فَرَقَّ له , وأجابه إلى ما طلب ... ثم بعد انتهاء الحرب لمدة نحو عشر سنين , مرض ذلك الضابط بالفالج مرضاً شديداً؛ مات به رجلاه ويداه وأخيراً لسانه , وعجزت الأطباء عن علاجه , وبقي ملقى على الفراش لا حراك , ولا كلام ... قال الشيخ شريف:فذهبت يوماً أعوده أنا وجماعة من الأصدقاء , لأنه كان لنا صديقاً , فقلت له: يا فلان , لم يبق الآن إلا الإلتجاء إلى الله , والتوسل إليه بحبيبه سيدنا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , فأكثر من الصلاة عليه ... قال: فأشار إلينا بعينه ورأسه , فهمنا أنه يقول: ليس له لسان يصلي به على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , فقلنا له: اشتغل بذلك بقلبك , وخرجنا ... وكان ذلك قبيل الزوال.
قال: فاشتغل بالصلاة على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بقلبه والإستغاثة به ذلك الحين , فلما كان في وقت السحر , رأى ـ وهو نائم ـ ذلك الشريف الذي كان جندياً في عسكره وأطلقه , أتى إليه وأخذ بيده وقال: قم معي , فذهب به إلى براح , فإذا قبة مضروبة وعلى بابها أنس بن مالك 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: فقال له: استأذن لي على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , قال: فاستأذن , فأذن لنا , فدخلنا , فإذا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأظنه قال وأبوبكر وعمر , قال: فتقدم ذلك الشريف وقال: يارسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , هذا أغاثني وقد كنت في أشد حسرة وهو الآن في أشد حسرة , فأغثه يا رسول الله.
قال: فقال لي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قرّب " , فقربت منه , فأمرَّ يده الشريفة على جسدي , فانتبهت فرحاً مسروراً , فصرت أنادي أختي بلسان فصيح , فجاءت مندهشةً , وقلت: أطعميني فإني جائع , فأتتني بالطعام وقمت في الحال ....
وبعد أن حكى لي شريف اليعقوبي هذه الحكاية , قال لي: تعال نزور الرجل ... فذهب بي إلى منزله , فخرج إلينا الرجل بنفسه , وأدخلنا منزله الجميل , وسقانا القهوة , وقال له اليعقوبي: هذا فلان جاء ليزورك ويشاهد معجزة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيك , قلت: وكان رجلاً ربع القامة إلى القصر أقرب , وأتذكر أني وجدت السبحة بيده , يصلي بها على رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , وشرف وكرم ومنَّ علينا بشفاعته في الدنيا والآخرة ... آمين.
ومعجزات رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - التي أغاث بها المرضى في المنام ـ كما وقع لهذا الرجل ـ كثيرة لا تحصى , ولو تتبعت وجمعت لجاءت في مجلد حافل , وقد مر علينا أثناء المطالعة كثير منها , فأغفلنا تقييدها.
ونذكر منها الآن: أن الحافظ ذكر في " أنباء الغمر بأبناء العمر " , وكذلك تلميذه السخاوي في " الضوء اللامع ": أن سرداح بن مقبل الحسني الينبعي , كان والده أميراً على الينبع , فقبض عليه الملك الأشرف وعلى والده سرداح ـ المذكور ـ , وسجنا بالإسكندرية , إلى أن مات الوالد في السجن , ثم أمر السلطان بولده سرداح أن يكحل؛ فكحل حتى سالت حدقتاه وورم دماغه وأنتن , فتوجه إلى المدينة , فوقف عند قبر جده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , وشكى مابه , فلما كان باليل؛ رأى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في منامه , فمسح بيده الشريفة على عينيه فأصبح وعيناه أحسن مما كانت , فاتهم السلطان من كحله أنه لم يفعل , فأقيمت عنده البينة بمشاهدة المِيْل المحمي بالنار وهو يكل به بحيث سالت حدقتاه بحضورهم ,
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/56)
ثم أخبر أمير المدينة بذلك أيضاً , وأنه جاء إلى المدينة أعمى , ثم حصل له هذا بمعجزة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
فقبّح الله القرنيين و التيميين أعداء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , وحرمهم من شفاعته وبركة التوسل بجاهه العظيم ... آمين.
وحدثني في السنة الماضية سنة تسع وستين ـ وأنا بمكة ـ , صديق لي من أهل المدينة , وحلف على ذلك مراراً , قال: دخلت الحرم الشريف في منتصف النهار , وفي عطش شديد , والحرم فارغ ليس به أحد , وذلك في غير أيام الحج , فمددت يدي لقلة من القلل الموضوعة للشرب , فلما قربتها من فمي , سمعت صوتاً من ناحية الحجرة الشريفة: لا تشرب!!! قال: فالتفت يميناً وشمالاً فلم أر أحداً , ثم عدت لأشرب , فسمعت صوتاً آخر أعلى من الصوت الأول: لا تشرب!!! قال: فدهشت , ووضعت القلة متفكراً , وإذا قد خرج منها برص ـ يعني وزغاً كبيراً ـ!!! فعلمت أن ذلك بركة من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , ومعجزاته.
ثم بعد أداء النسك والذهاب إلى المدينة , اجتمعت بهذا الصديق أيضاً , ثم صار يتحدث معي إلى أن ذكر لي هذه الكرامة ناسياً أنه حدثني بها بمكة , فما زاد فيها ولا نقص , وحلف على ذلك؛ فعلمت أنه صادق.
قلت (خالد الأنصاري): هذه هي عقلية الغماري وفكره وعقيدته , تصديق بالدجل والخزعبلات والخرافات , على أنها كرامات؛ بله معجزات.
وقد دلس الغماري كعادته , واتهم الحافظ بإيراد القصة كاملة , فإني أدعوك لمطالعتها في " إنباء الغمر " 8: ص 212 ـ 213 , فإن الحافظ لم يوردها بتمامها , وقال في آخرها (والله أعلم).
وإنما الذي أوردها بتمامها تلميذه السخاوي في " الضوء " 3: ترجمة رقم 919: ص 245 , قال في ختامها (فمن توسل بجنابه لا يخيب).
وبهذا تشدق الغماري , فالحافظ نسب صحة هذه القصة من حيث الصدق أو الكذب إلى علم الله , لأنه هو المطلع على السرائر , فكان يجدر بالسخاوي أن يتبع شيخه في هذا؛ لا أن يزيد الطين بلة , وهو المعلوم عنه شدة التحري في صحة النقل والمنقول , فعجبت منه كيف يصدق هذا الكذب والدجل!!!!!
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[21 - 12 - 04, 07:40 م]ـ
وذكر في " الجؤنة " (ص 53 ـ 54 / فائدة 89) , مانصه:
ـ من كشوفات المجاذيب:
حدثني الأستاذ عبدالسلام غنيم الضرير أحد صالحي علماء الأزهر , قال: كنت أيام الطلب أتردد لزيارة شيخي في الطريق لأذكر الله معه كل يوم جمعة , وكان يسكن بإمبابة , ففي يوم جمعة لم يكن معي إلا قرش واحد , فصرت أقول في نفسي: هل أزور الشيخ وأركب الطرمواي بهذا القرش وآكل الرغيف بدون غموس ... أو أترك زيارته اليوم وأشتري بالقرش فُولاً مُدَمِساً آكل به الرغيف ... وكنت في حال هذا الخاطر ماشياً بالسكة الحديدة , فإذا محمد عبدالسلام المجذوب أتى إليّ , وقال لي: بل اذهب إلى زيارته وكل الرغيف حافْ!!!!
وصدور مثل هذا من أهل الجذب لايدخل تحت العدّ والإحصاء , ولا تمكن الإحاطة به لمخلوق من كثرته؛ وقد وقع لنا من هذا الكثير.
من ذلك أنه زارني المجذوب مولاي أحمد العروسي الطرداني بالقصر الكبير لأول مرة عرفته فيها , فلما دخل وصار يتكلم , دخلت يدي تحت ثوبي وأخرجت سبعة ريال لأعطيها إياه إذا أراد الذهاب , ثم خطر لي خاطر في نفسي , وقلت: هذا مجذوب ماذا يصنع بالدراهم , فما استتم لي هذا الخاطر حتى قال بيدي علي بن حمدوش , قال: الهدية إذا خرجت لا ترجع , فدفعت إليه ما في يدي , ثم أطال الجلوس معي , وكنت تركت طفلاً ابن أخي بطنجة مريضاً , وكنت أحبه كثيراً , فتعلق خاطري وخفت أن يكون اشتد به المرض , أو نزلت به آفة , فقال لي في الحال: لآ بأس والكل بخير؛ أو ما كائن إلا الخير.
ولو ذكرنا ما حصل لنا مع هذا الولي وحده؛ سطرناه في كراستين أو ثلاثة.
وحدثني جماعة من المصريين منهم محمد بن عبدالوهاب الليثي , عن المجذوب محمد بن عبدالسلام ـ المتقدم له تلك الكرامة مع عبدالسلام غنيم ـ , أنه كان يجلس في المقهى , فإذا حصل له حال صار يبول في الكوز ويشرب بوله , وكان إذا جلس أحد بجنبه يأخذ بيده فيضعه على ذكره , ويأمره أن يبقى ماسكاً به إلى أن يأذن له!!! قال (الغماري): وكنا مرةً جلوساً , فجاء بعض علماء الأزهر المعروفين بعدم الإعتقاد؛ بل وبالميل إلى مذهب القرنيين , فجلس معنا , فقال له المجذوب: إدفع قرشاً ثمن براد الشاي , وخذ الآن بدله مائة!! وصار يمتنع من ذلك , فقلنا له: إنما هو قرش؛ فإن صدق فستربح , وإن لم يصدق فليس في دفع القرش الواحد ما يضر ... وكنا في مقهى في شارع الكحكيين قريباً من الأزهر , فدفع ذلك الأستاذ القرش , وقام قاصداً الأزهر , فلما وصل باب الأزهر قابله أحد المكلفين فأخبره بأنه وردت زيادة لأئمة المساجد , وهي جنيه واحد ـ مائة قرش ـ في مرتبهم , فادخل إلى الإدارة لتمضي على الورقة وتأخذ الجنيه ... فدخل وأخذ المائة التي وعده بها المجذوب!!! فما آمن بخصوصية أهل الله , ولا كاد؛ بل هو اليوم من أغنى الناس على أهل الله {ومن يضلل الله فلا هادي له}.
قلت (خالد الأنصاري): انظروا إلى هذه الكرامة , رجل به شذوذ يأمر الناس بأن يمسكوا ذكره , ويكشف عن عورته , ويشرب من بوله .... ويسمى عارفاً بالله.
هذا هو الغماري , وهذه أحواله , وهذا هو مقاله!!!
هل الغماري إمام محدث لم تنجب الأمهات مثله ـ كما يتفوه بذلك البعض ـ؟؟؟؟؟
أظن بأن الجواب واضح , ولا يحتاج إلى تفكر وتأمل وتدبر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/57)
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[21 - 12 - 04, 10:11 م]ـ
أفادني البارحة شيخنا سعد الحميد -نفع الله به وجزاه خيرا- رسالة عنوانها: تنبيه القاري إلى فضائح أحمد بن الصديق الغماري، جمعه ورتبه مصطفى اليوسفي، وقدم له محمد بن عبدالرحمن المغراوي.
هذا كتاب جرد فيه مؤلفه الكثير من كتب ورسائل ومراسلات أحمد الغماري المخطوطة والمطبوعة، وينقل كلامه مع المصدر، ويقع في (170 صفحة)
ولما تصفحتُه ذهلت لما رأيتُه من مصائب ودواهي: في الاعتقاد، ومواقفه من الصحابة والتابعين وكبار أئمة الإسلام، والتصوف الغالي، والهوى المحض في التصحيح والتضعيف، وأخلاقه، وغير ذلك.
ومن قذاراته التي صدمتُ منها: اتهامه الصريح لمعاصره الشيخ عبدالحي الكتاني رحمه الله صراحة دون كنايات بأنه لوطي، زنّاء، تارك للصوم والصلاة، بل زنديق وملحد، وأنه حيوان، بل خنزير، وأن كلامه لا يصدر إلا من قحبة فاجرة، وأنه سيفسو عليه!!!!
لا تظنوا أني أنقل بالمعنى! فهذه (بعض) كلمات شتائمه حرفيا في كتابه كشف الستار المسبلة (ص17 و27 - 28 و36)، وهي في كتاب اليوسفي (ص78)
ولا أقوى على سياق شتائمه للكتاني كما هي، لأنها عبارات مغرقة في الفحش والإسفاف لدرجة لا يتخيلها مؤمن، وهناك مثل هذه الشتائم في غيره، ومنهم أشقاؤه!!
فهل هذه أخلاق الصوفي السالك المسلك، فضلا عن العالم المحدّث السني؟!
وأتساءل: هل كان محمود سعيد ممدوح عارفا بأمور وأقوال قدِّيسِه أحمد الغماري هذه؛ موافقا له، أم كان غاشا كاتما؟ أمران أحلاهما مر!
ـ[محمود سعيد ممدوح]ــــــــ[22 - 12 - 04, 09:07 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة المشرفون على ملتقى أهل الحديث
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
فقد إطلعت على الموضوع الخاص بحافظ العصر الشريف سيدي أحمد بن الصديق الغماري رحمه الله تعالى وأحب أن أذكر أمرين:
الأول: آثرت الاشتراك باسمي الصريح آملا أن أبادلكم رأيا برأي وفكرا بفكر بعيدا عن الحذف والإرهاب الفكري والسب والشتم وأن نقف مواقف الرجال في هذا البحث الذي يتعلق بعالم كبير شهد له بعلمه الموافق والمخالف.
الثاني: كثير من الكلام المتعلق بالسيد أحمد بن الصديق فيه تلبيس وعدم فهم يحتاج لبيان فأرجو أن يتسع صدركم لكلماتي ولأنني أخاطب رجالا فأرجو التصريح منكم بالموافقة على هذه المباحثة والتي سيتفيد منها الكثيرون ولا سيما وقد ذكرت في أكثر من موضع.
خذ مثلا الكلمات المنسوبة للسيد أحمد في السيد عبدالحي الكتاني لا يصح نسبتها للسيد أحمد البتة بل نسبتها إليه كذب صريح.
فإن الكلمات المذكورات جاءت في رسالة باسم (كشف الأوهام المسلسلة الواقعة في رسالة الرحمة المرسلة في تصحيح حديث الابتداء بالبسملة) وهذه الرسالة من تصنيف أبي بكر الجراحي وقد قتل في أحداث انقلاب السلال في اليمن كما حدثني بذلك وكتب لي شيخنا السيد عبدالله بن الصديق الغماري رحمة الله عليه. واسم الجراحي مكتوب على الرسالة المذكورة والله أمرنا بالتثبت.
وهكذا يمكن إفادة الباحثين عن الحق والصواب والمطلوب منكم سعة الصدر والدخول في المباحثة.
أخوكم محمود سعيد ممدوح
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[22 - 12 - 04, 09:23 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
تفضل واكتب ما عندك حول الموضوع بطريقة علمية ولانمانع من مشاركاتك العلمية في أي المواضيع، ولن يكون هناك أي حذف أو تحرير أو إرهاب فكري وغيره مادامت المشاركة علمية وبالأدلة.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[22 - 12 - 04, 10:58 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة المشرفون على ملتقى أهل الحديث
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
فقد إطلعت على الموضوع الخاص بحافظ العصر الشريف سيدي أحمد بن الصديق الغماري رحمه الله تعالى وأحب أن أذكر أمرين:
الأول: آثرت الاشتراك باسمي الصريح آملا أن أبادلكم رأيا برأي وفكرا بفكر بعيدا عن الحذف والإرهاب الفكري والسب والشتم وأن نقف مواقف الرجال في هذا البحث الذي يتعلق بعالم كبير شهد له بعلمه الموافق والمخالف.
الثاني: كثير من الكلام المتعلق بالسيد أحمد بن الصديق فيه تلبيس وعدم فهم يحتاج لبيان فأرجو أن يتسع صدركم لكلماتي ولأنني أخاطب رجالا فأرجو التصريح منكم بالموافقة على هذه المباحثة والتي سيتفيد منها الكثيرون ولا سيما وقد ذكرت في أكثر من موضع.
خذ مثلا الكلمات المنسوبة للسيد أحمد في السيد عبدالحي الكتاني لا يصح نسبتها للسيد أحمد البتة بل نسبتها إليه كذب صريح.
فإن الكلمات المذكورات جاءت في رسالة باسم (كشف الأوهام المسلسلة الواقعة في رسالة الرحمة المرسلة في تصحيح حديث الابتداء بالبسملة) وهذه الرسالة من تصنيف أبي بكر الجراحي وقد قتل في أحداث انقلاب السلال في اليمن كما حدثني بذلك وكتب لي شيخنا السيد عبدالله بن الصديق الغماري رحمة الله عليه. واسم الجراحي مكتوب على الرسالة المذكورة والله أمرنا بالتثبت.
وهكذا يمكن إفادة الباحثين عن الحق والصواب والمطلوب منكم سعة الصدر والدخول في المباحثة.
أخوكم محمود سعيد ممدوح
وإن كنت لست من المشرفين:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وأنا كذلك أرحب بالنقد البناء (إن كان كذلك)!!!
وباديء ذي بدء , وبعيداً عن التعصب , الرجاء شطب كلمة سيدي , واجعلنا نتكلم في صلب الموضوع , فإن كان لديك انتقاد مما نقلناه من كتب حافظك فمرحباً , وإن كان غير ذلك ...............
وكي لا يقال بأني ابتدرتك بأسلوب فيه فضاضة وغلظة , فأنا من الناس الذين يرحبون بمشاركاتك العلمية بعيداً عن أسلوب التعصب والهمجية , فإما أن نلزمك بما نراه صواباً ـ وهو كذلك ونسأل الله أن نموت عليه ـ , وإما أن تلزمنا بما تراه وبما تعتقده.
والله الهادي وهو القادر أن يردك إلى الحق.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الداعي لكم بالهداية / خالد الأنصاري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/58)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[22 - 12 - 04, 11:37 ص]ـ
وذكر في " جؤنته " (ص 62 ـ 63 / فائدة 104) , مانصه:
ـ هل يجوز للولي أن يحي الموتى؟
جوز علماء الكلام كل ما كان معجزة لنبي أن يكون كرامةً لولي , ثم استثنوا من ذلك إحياء الميت , فزعموا أنه لا يجوز أن يوجد من ولي ... والعجب أنّ القشيري ـ وهو من الصوفية ـ وافقهم على ذلك في رسالته!!!
وهو باطل لوجهين:
(أحدهما): أنه لا دليل عليه.
(ثانيهما): أنه ثبت عن جماعة من الأولياء ثبوتاً لا شك فيه , أنهم أحيوا الأموات؛ منهم القطب الجيلاني , والقطب أبوبكر العيدروس ـ دفين عدن ـ , وذلك معروف في ترجمتهما!!!
وقد كان للثاني هرة يحبها ـ وأظن اسمها مرجانة ـ , فضربها خادمه يوماً ضربةً قتلها بها , ثم رماها على مزبلة , فبعد ثلاثة أيام سأله الشيخ عن الهرة؟ فقال له: ماتت ياسيدي!!! فقال له الشيخ: ماتت!!! كالمنكر؛ ثم دعاها: " يا مرجانة " .... فجاءت تسعى إليه , ورجعت إلى ما كانت عليه!!!.
ومات ابن لامرأة , فأقسمت هي أو غيرها عليه في إحيائه , فدعا الله فعاش مدة بعد ذلك , وقال للمقسم: " لا تعد "!!! ـ والقصة أطول من هذا فلتراجع في ترجمته.
وكم لهذا من نظير , فلا تلتفت إلى ما يذكره المتكلمون؛ فهي غلطة تصدر من أولهم فيتابعه عليها باقيهم , بدون تأمل في القول , ولا نظر في الدليل , فإن صدور الخارق على يد العبد ليس هو من فعله ولا قدرته , وإنما هو خلق الله تعالى وقدرته , وإيجاده عند تعلق همة الولي بوجود الشيء , وقدرة الله تعالى تتعلق بكل ممكن , فلا فرق بين أن يقلب له التراب ذهباً , أو يحمله على الهواء فيطير , أو على الماء فيمشي , أو يشفي له المريض , أو يحي له الميت!!!
فكل ذلك بالنظر إلى ذات العبد خارج عن قدرته وكسبه في العادة , وداخل تحت قدرة الله تعالى , فما الذي يجيز الأول على الله تعالى أن يجريه على ولي من أوليائه , ويمنعه أن لا يجري على يده الثاني.
بل جائز عقلاً وشرعاً , وعادة أن يدعوا مطلق المؤمنين الله تعالى بإحياء ميت؛ فيصادف منه تعالى قبولاً وإجابةً فيحييه له.
وما صدور ذلك من الولي إلا من قبيل إجابة الدُّعاء ...
قلت (خالد الأنصاري): هل يعقل أن يصدر ذلك من عقل الحافظ الحجة!!!
الرجاء من الأستاذ (محمود سعيد ممدوح) البيان والتوضيح؟.
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[23 - 12 - 04, 01:22 م]ـ
شكرا للأستاذ محمود سعيد هذا التصحيح، وأنا أبرزتُ المصدر المنقول منه، ونصصت عليه للأمانة العلمية، مع استيضاحي (للفائدة العلمية فقط) عن رد الكتاني المخطوط على الغماري، أليس متعلقا بهذه الرسالة؟
ثم يا أستاذ محمود: هل أفهم أنه لم يكن لديك اعتراض في هذا الموضوع الطويل العريض إلا على هذه الفقرة والحيثية؟ فما موقفك من سواه من النقولات الكثيرة من جؤنة العطار والجواب المفيد؟ وهما بخط أحمد الغماري؟
وأنت تعلم جيدا أستاذ محمود أن للغماري -في كتبه المطبوعة ورسائله الخطية التي لا أظنك تنكرها- سبابا مقذعا في حق كم هائل من العلماء، ولم يسلم منه حتى أشقاؤه -وفيهم من مشايخك بالإجازة- وأشرتُ لذلك في تعقيبي الأخير، دون أن تتعرضَ له بشيء.
ألم يكن من الإنصاف والأمانة الدينية والعلمية أن تذكر في كتابك "مسامرة الصديق" ما للرجل وما عليه، لا الاقتصار على الإطراء والمديح فقط؟
أما بالنسبة لطلبك: فإنني أصرح لك بموافقتي على الحوار والأخذ والرد العلمي، وإني لذلك منتظر ..
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[23 - 12 - 04, 10:12 م]ـ
ذكر في " الجؤنة " (ص 99 ـ لطيفة 159) , ما نصه:
ـ أهمية العضو:
كان محمد عوني التركي نزيل طنجة راكباً في الأطبيس ومعه صديق له فرنسي , فطلع محمد بن الهاشمي الوزاني فجلس جنبهما , فقال عوني للفرنسي: أعرفك بصديقي الوزاني شاعر طنجة وأديبها .... فلم يمض إلا قليل وطلعت امرأة فوجدت العربة عامرة فوقفت بجنب الوزاني , فقال الفرنسي لعوني: كيف تقول عن هذا أنه أديب والمرأة قائمة بجنبه فلم يقم لها ليقعدها في محله؟ فترجم عوني كلامه للوزاني , فقال الوزاني: قل له نحن العرب , لا يقوم منا للنساء إلا عضو واحد!!! فترجم جوابه للفرنسي , فقال: حقاً إنه أديب!!!
ومن هذا القبيل , أن رئيس محكمة الإستئناف كان متهماً الأبنة , فحصل بينه وبين بعض الأعضاء وحشة وتنافر , وكان العضو من مشاهير الأدباء بالمغرب , فقال: يا أيها الأعضاء , إن رئيسكم لم يبغ منكم غير عضو واحد.
قلت (خالد الأنصاري): وزيادة مني في التوضيح , مقصودهم من كلمة العضو هو (العضو الذكري).
- هذه طرف ونوادر الغماري.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[23 - 12 - 04, 10:27 م]ـ
ذكر في " جؤنته " أيضاً (ص 99 ـ لطيفة 160) , ما نصه:
ـ بس ... إياك أن تكبر:
حدثني الأستاذ محمد بن عبدالسلام القباني , قال: كنت كاتباً بمشيخة الأزهر أيام مشيخة شيخ الإسلام الشيخ سليم البشري , فدخل عليه يوماً طالب صغير يريد الإنتساب إلى الأزهر , فقال له الشيخ: " ما اسمك "؟ قال: الزبير .... فقال له: " حسن , إياك أن تكبر "!!!
قال: فاستغربنا للنكتة من الشيخ مع جلالته وعلمه!!!
قلت (الأنصاري): وزيادة في التوضيح أيضاً , فإن أهل مصر يسمون العضو الذكري (زبر) , والولد إسمه (الزبير) ـ بالتصغير ـ.
وأظن بأن هذه القصة إنما هي كذب وتلفيق , فلو قالها شيخ الجامع الأزهر لذهبت هيبته!!! أَوَ يَقُولُها أيضاً أمام جمع من الناس وطلبته؟ أم تراه نسي بأن هذا الإسم هو لأحد المبشرين بالجنة؟.
ومنها تعلم أخي المنصف بأن الغماري يكتب أي شيء حتى القبيح والرذيل , كما هو مبين أمامك , ومما سنذكره قريباً إن شاء الله تعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/59)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[25 - 12 - 04, 04:42 ص]ـ
وذكر في " الجؤنة " (ص101 ـ 103 / لطيفة 163) , ما نصه:
ـ من أخبار المجذوب سيدي مزور وغيره:
كنت متشوقاً كثيراً لمعرفة نسب الشيخ محمد بن مسعود الفاسي ـ نزيل مكة ودفينها ـ , وهو شيخ الطريقة الشاذلية الفاسية , اشتهر بمصر , والحجاز , واليمن , والهند , وكنت أحب أن أعرف من أي البيوت هو من بيوتات فاس , لأن بعض المشارقة يدعي أنه شريف ويميل بعض أولاده إلى ذلك , ولكنهم لا يجزمون به , فوقع إلي كتاب ألفه تلميذه الشيخ السندي , فقرأته فإذا هو لم يعرج على شيء من ذلك؛ وكان ابن حفيده وهو الشيخ محمد بن إبراهيم بن شمس الدين ابن الشيخ المذكور، أيام إقامتي بالقاهرة يتردد إلينا كثيراً ولنا به اتصال وثيق.
ثم تعرفنا إلى بعض المجاذيب المولهين وهو سيدي الحسن مزر الفاسي الأصل ـ وهو شريف وإنما والدته مزورية فنسب إليها ـ , فكان هذا المجذوب يتردد إلينا فيجد عندنا الفاسي المذكور فلا يخاطبه إلا بالشيخ محمد بناني , فكنا نضحك من ذلك ولا نعرف إشارته حتى اجتمعت بعد ذلك بأزيد من عشرة أعوام ببعض النسابين من أهل فاس وذوي الخبرة التامة ببيوتهم , فذكر لي أن الشيخ محمد بن مسعود الفاسي من بيت البناني؛ فتذكرت عندئذ قول الشريف المجذوب وعلمت أن ذلك من صدق كشفه , مع أنه كان مولهاً لايميز بين الأشياء , وكان يطلب مني قميصاً , وكان لا يلبس غيره صيفاً وشتاءً , ورأسه مكشوف , ورجلاه حافيتان , فإذا أعطيته صباحاً يرجع إليّ مساءً وقد شقه من أعلاه إلى أسفله وعورته مكشوفة , فيعود لطلب آخر فأعطيه , فربما قعد معنا فحصل له حال فشقه أيضاً.
ومن كشفه الصريح أن الناس كانوا يمزحون معه ويطلبون منه أن ينظر لهم , فيأخذ منديل الرجل الذي يمتخط فيه فينظر فيه قليلاً ثم يقول: يقع لك كذا وكذا ـ فلا يخطيء!!! ـ.
وفي يوم جاء لزيارتنا على العادة , فأرسلت امرأة جارة لنا منديلها إليه ـ وكان ذلك بعد المغرب ـ , وطلبت أن ينظر لها , فلما أخذ المنديل , قال للصبية التي جاءته به: قل لها عندكم ميت في البيت , وبعد ذلك دخل علينا جار لنا ولها من العلماء ـ وهو الشيخ عبدالسلام عبدالخالق ـ , فقال لنا: إن المرأة قالت له ماقاله المجذوب وطلبت منه أن يذهب صباحاً إلى المستشفى ليعود قريباً لها في المستشفى خافت أن يموت لما سمعته من قول المجذوب؛ فلم يمض على ذلك إلا بضع ساعات حتى سمعنا الصياح في منتصف الليل ببيت المرأة , فقمنا نسأل فإذا هي قد ماتت فجأة!!!
ومن ذلك أنه أرسل إليّ يوماً مع صديق لي بعد المغرب فقال ذلك الصديق: قابلت سيدي الحسن مزور الآن بشارع الأزهر , فقال لي: سلم على فلان وأخبره أنه بقي من عمره ست ساعات!!!
فلم نفهم إشارته وضننا أنه يشير إلى أمر غير مفهوم , فما أصبحنا حتى جاءنا الخبر بموته!!! وكانت له جنازة عجيبة حضرها جمع كبير من المجاذيب؛ منهم من يعرف ومنهم من لا يعرف أين مكانه ولا من أخبره!!!.
ومن طرفه أنه كان يذكر أنه يشرب من الخمرالنوع المسمى بالزبيب , وكان الشيخ عبدالسلام المذكور يمزح معه كثيراً , فقال له يوماً: أحب أن أشرب معك كأساً من الزبيب يا سيدي الحسن ... فانتهره , وقال له: اتق الله تر عجباً , فقال له: وكيف لا تتقيه أنت؟ فقال له: أنا أشربه لأن الحساب يكثر علي فأستعين به , وأنت لا حساب لك , ولا تعب عليك.
ومثل هذا , ماحدثني به بعض الأصدقاء عن مجذوب كان بقريتهم , وكان إذا توضأ يعكس الوضوء فيقدم رجليه على يديه , وكان الرجل لفرط اعتقاده أراد يوماً أن يتوضأ مثل وضوءه , فقال له المجذوب: أنت لا مثلي , بل توضأ كما يتوضأ تجكّان ـ يعنى الأشرافأبناء عمنا ـ.
قلت (الأنصاري) , وهذا مثال سيء آخر عن الغماري يدلك على أنه لم يأمر بالمعروف يوماً ولم ينه عن المنكر , يجالس شاربي الخمر وينظر إلى العورات ـ ثم يسترها زاعماً ـ , ويفخر بمتدع ضال يبدأ وضوءه بغسل رجليه؟! بل ويأنس ويستأنس مع أصحابه بهذه القصص. بل ماذا سيقول مريدوه عنه ,,,,,,, وهل لهم تبريرات لأفعال شيخ مشايخهم , بل هل بقي لهم من ماء وجوههم شيئاً؟
إلى الله المشتكى.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[26 - 12 - 04, 03:48 م]ـ
ذكر في " جؤنته " (ص 7 ـ 9 / لطيفة 7) , مانصه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/60)
ـ صوفي في زمن المهدي يبين مراتب الخلفاء:
قال ابن عبدربه في " العقد الفريد " ـ من كتاب أخبار الممرورين والمجانين ـ , قال العتبي: سمعت أباعبدالرحمن بشراً , يقول: كان في زمن المهدي رجل صوفي , وكان عاقلاً عالماً , فيجدّ ليجد السبيل إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وكان يركب قصبة في كل جمعة يومين الأثنين والخميس.
فإذا ركب في هذين اليومين فليس لمعلم على صبيانه حكم ولا طاعة , فيخرج؛ ويخرج معه الرجال والنساء والصبيان , فيصعد تلاًّ وينادي بأعلى صوته: " ما فعل النبيون والمرسلون؟ أليسوا في عليين؟ فيقولون: بلى .... قال: هاتوا أبابكر الصديق ... فأخذ غلام فأُجلس بين يديه , فيقول: جزاك الله خيراً أبابكر من الرعية , فقد عدلت وقمت بالقسط وخلفت محمداً عليه الصلاة والسلام في حسن الخلافة , ووصلت حبل الدين بعد حل وتنازع , وفرغت منه إلى أوثق عرى وأحسن ثقة .... اذهبوا به إلى أعلى عليين.ثم ينادي: هاتوا عمر ... فأُجلس بين يديه غلام , فقال: جزاك الله خيراً أباحفص عن الإسلام , قد فتحت الفتوح , ووسعت الفيء , وسلكت سبيل الصالحين , وعدلت في الرعية .... اذهبوا به إلى أعلى عليين بحذاء أبي بكر.ثم يقول: هاتوا عثمان ... فأُتي بغلام فأُجلس بين يديه , فيقول له: خلطت في تلك السنين , ولكن الله تعالى يقول: {خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم} , ثم يقول: اذهبوا به إلى صاحبيه في أعلى عليين.ثم يقول: هاتوا علي بن أبي طالب ... فأُجلس غلام بين يديه , فيقول: جزاك الله عن الأمة خيراً أبا الحسن , فأنت الوصي , وولي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , بسطت العدل , وزهدت في الدنيا , واعتزلت الفيء , فلم يخمش فيه ناب ولا ظفر , وأنت أبو الذرية المباركة , وزوج الزكية الطاهرة .... اذهبوا به إلى أعلى عليين الفردوس.ثم يقول: هاتوا معاوية ... فأُجلس بين يديه صبي , فقال له: أنت القاتل عمار بن ياسر , وخزيمة بن ثابت ـ ذا الشهادتين ـ , وحُجر بن الأدبر الكندي ـ الذي أخلفت وجهه العبادة ـ , وأنت الذي جعلت الخلافة ملكاً , واستأثر بالفيء , وحكم بالهوى , واستبطر بالنعمة , وأنت أول من غير سنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , ونقض أحكامه , وقام بالبغي .... اذهبوا به فأوقفوه مع الظلمة.ثم قال: هاتوا يزيد ... فأُجلس بين يديه غلام , فقال له: يا قواد , أنت الذي قتلت أهل الحرة , وأبحت المدينة ثلاثة أيام , وانتهكت حرم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , وآويت الملحدين , وبؤت باللعنة على لسان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , وتمثلت بشعر الجاهلية:
ليت أشياخي ببدر شهدوا - جزع الخزرج من وقع الأسل
وقتلت حُسيناً , وحملت بنات رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سبايا على حقائب الإبل .... اذهبوا به إلى الدرك الأسفل من النار.
ولا يزال يذكر والياً بعد والٍ , حتى بلغ عمر بن عبدالعزيز , فقال: هاتوا عمر ... فأُتي بغلام فأُجلس بين يديه , فقال: جزاك الله عن الإسلام خيراً , فقد أحييت العدل بعد موته , وألتت القلوب القاسية , وقام بك عمود الدين على ساق بعد شقاق ونفاق .... اذهبوا به فألحقوه بالصديقين.
ثم ذكر من كان بعده من الخلفاء .... إلى أن بلغ دولة بني العباس فسكت؛ فقيل له: هذا أبوالعباس أمير المؤمنين.
قال: فبلغ أمرنا إلى بني هاشم , فبلغ أمرنا إلى بني هاشم .... ارفعوا حساب هؤلاء جملة , واقذفوا بهم في النار جميعاً. اهـ.
قلت (الغماري): كان هذا المجذوب بحراً في السنة ومعرفة التاريخ وسير الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم , والملوك الجبابرة بعدهم , فما أخطأ حرفاً مما كانوا عليه وماهم عند الله تعالى عليه , وكأنه كان يُعلِّم الصبيان والعوام ما يجب عليهم أن يعتقدوه فيهم حت ينزلوهم , ولا يقتدوا بالمبتدعة النواصبالذين يرفعون من قدر معاوية , ويدافعون عن ابنه اللعين.
ولا الشيعة الذين يتكلمون في الخلفاء الثلاثة الراشدين رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
ومن خرج عن اعتقاد ما قاله هذا المجذوب العالم المنور القلب!!! فهو أحد رجلين:
ـ إما جاهل لا يعرف من العلم والتاريخ مثقال ذرة.
ـ أو مبتدع ينطوي قلبه على دَغل وغش للإسلام.
وغير هذا هوس لاطائل تحته ,,,,, والسلام.
قلت (الأنصاري): لقد وضع هذا المجذوب نفسه في مقام الربوبية (تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً) , يدخل هذا في رحمته , وذاك في عذابه , ويذكرهم بما عملوه!!! ويركب التلال , ويجمع العوام من النساء والصبيان والشيوخ.
ثم أجد هذا الغماري يمتدح هذا المجنون , ويصفه بفرط الذكاء والمعرفة بتاريخ هذه الأمة , بل سماه بحر السنة!!!
إن هذا لتناقض عجيب , فالغماري نفسه قد ألف رسائل في تحريم تمثيل شخصيات الأنبياء والصحابة والصالحين , وأنكر على من يفعل هذا أشد الإنكار .....
ولكن عندما يأتي مجنون من مجانينه يتمثل الناس على صعيد ويدخل من يشاء الجنة ويقذف في النار من يشاء .... لا يتحرك لدى الغماري أي ساكن , ولا يستنكر!!! بل يمتدح ويعلي من شأن هؤلاء الفسقة المجرمين!!!! ويقول بأن من يخالف هذا الكلام عنده هوس!!!
ثم عجبت للغماري , كيف لم يلحظ بأن ابن عبدربه قد ذكر هذه القصة في أخبار المجانين , فهل ذهل عن ذلك.
إنه حقاً ..... لإمام حافظ بارع لم تنجب النساء مثله؟؟؟!!!!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/61)
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[26 - 12 - 04, 04:39 م]ـ
قلت:
تنبهتُ إلى أنه لم تُرَدّ دسيسة أحمد الغماري على الصحابي الجليل خال المؤمنين وكاتب الوحي ومجدد الفتوحات معاوية رضي الله عنه، إذ اتهمه بشرب الخمر عبر حكاية في المسند، فأقول:
أما من جهة الرواية:
فالحديث يرويه الحسين بن واقِد، ورواه عنه اثنان: ابنه علي، وزيد بن الحُباب.
فرواه أبوزرعة الدمشقي في تاريخه (2/ 677) ومن طريقه ابن عساكر (27/ 127) من طريق علي بن الحسين، عن أبيه، حدثني عبد الله بن بريدة، قال: "دخلت مع أبي على معاوية". انتهى.
وقال ابن أبي شيبة (11/ 94 - 95): حدثنا زيد بن الحُباب، عن حسين بن واقد، قال: حدثنا عبد الله بن بريدة، قال: دخلت أنا وأبي على معاوية، فأجْلَسَ أبي على السَّرير، وأَتَى بالطعام فأطْعَمنا، وأتَى بشرابٍ فشَرِبَ، فقال معاوية:"ما شيءٌ كنتُ أستَلِذَّهُ وأنا شابٌّ فآخُذُهُ اليومَ إلا اللَّبَنَ؛ فإني آخُذُه كما كنتُ آخُذُه قَبْلَ اليَومِ، والحديثَ الحَسَنَ".
ورواه أحمد عن زيد به، وجاءت عنده زيادة تفرد بها، وهي التي فرح بها الغماري:
فقال أحمد (5/ 347) ومن طريقه ابن عساكر (27/ 127): ثنا زيد بن الحُباب، حدثني حسين بن واقد، حدثنا عبد الله بن بُريدةَ، قال: دخلتُ أنا وأبي على معاوية، فأجلَسَنا على الفُرُش، ثم أُتِينا بالطعام، فأكَلْنا، ثم أُتينا بالشَّرابِ، فشَرِبَ معاوية، ثم ناوَلَ أَبي.
ثم قال: "ما شَرِبْتُه منذُ حَرَّمَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم".
ثم قال معاوية: "كنتُ أجمَلَ شَبابِ قُرَيْشٍ؛ وأَجْوَدَهُ ثَغْراً، وما شَيْءٌ كنتُ أَجِدُ له لَذَّةً كما كنتُ أجدُه وأنا شابُّ غيرَ اللَّبَنِ، أو إنسانٌ حَسَنِ الحديثِ يُحَدِّثُني".
وسنده رجاله ثقات في الظاهر، إلا أنه بهذا السياق معلول، بل هو منكر.
إذ ليس بالإمكان أن يَتَفَرَّدَ راوٍ بحديثٍ مرفوعٍ من طبقة زيد بن الحُباب، ولو كان أوثق الناس، فضلا عمَّن بعد ذلك.
ولا سيما أنَّ ابنَ الحسين بن واقد لم يرو الحديث المرفوع، ولا رواه عن زيد: ابنُ أبي شيبة، وأغلب الظن أن زيد قد وهم فيه، وقد ذُكرت له أوهام، وكذا شيخه، ولا سيما فيما يرويه عن ابن بريدة، ونقل أحد الإخوة كلام الإمام أحمد في ذلك فيما سبق.
ومن الواضح أن سياق القصة هكذا ناقص، وهناك محذوفٌ اللهُ أعلم به، أما رواية ابن أبي شيبة فلا إشكال فيها.
ثم هذه الزيادة قد استنكرها الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 42)
من جهة الدراية:
قول معاوية: "فوالله ما شربته" يعني المُسْكِر، وهذا استطرادٌ من معاوية لا تعلق له بما قبله ولا بعده، وقال المعلق على المسند (38/ 26 الرسالة): "ولعله قال ذلك لِما رأى من الكَراهة والإنكار في وجه بُريدة، لظنِّه أنه شرابٌ محرم، والله أعلم".
قلت: هذا تجويزٌ من قائله، ولم يَرِدْ في شيء من مصادر الخبر نَقْلُ كراهية بريدة أو إنكاره، فضلا عن ردِّه وامتناعه عما ناوله معاوية، ولو كان بُريدة رضي الله عنه يظن ذلك لما جلس هذا المجلس، ولَنَقَلَ ابنُه استفهامَه على أقل تقدير، ثم إن مما يتبادر للذهن أن الشراب هو اللبن، بدليل أن معاوية في سنّه هذه لا يُفَضِّلُ عليه غيره؛ كما في آخر الخبر، والله تعالى أعلم.
إلا أن آخر ما يمكن أن يُفهم هو أن معاوية شَرِبَ الخمر!! كيف وهو ينص في الخبر ذاته على أنه لم يشربها قط! وأنَّه عَلِمَ النَّهْيَ عنه مِنَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وروى عنه حديثَ جلد الشارب ثلاثا، ثم قتله في الرابعة، ومن شدَّته في مسألة المسكر أنه أمر بقتل السكران إذا قَتَل، مع أن بعضهم لا يوقعه.
هذا ما يسر الله تحريره، لأني رأيتُ بعض الإخوة طلب الرد على هذه الفقرة، ولا دفاع عن أحد من الأمة أولى من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ويا ليتنا نجد بعضهم يغار عليهم كغيرته على هلكى شيوخه.
ومما يتصل بموضوع معاوية تخريج حديث "اللهم اجعله هاديا مهديا" في معاوية: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=124238#post124238
وتخريج حديث: "اللهم علمه الكتاب والحساب وقه العذاب" في معاوية أيضا: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=124240#post124240
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[26 - 12 - 04, 05:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيك أخي الشيخ محمد , فقد كنت منذ مدة أبحث في طرق هذا الحديث وكلام الحفاظ عليه من حيث القبول أو الرد و الإعلال.
وأقول: لقد أمتعتنا بتخريجاتك وتعليقاتك؛ جزاك الله خيراً.
محبكم / خالد الأنصاري.
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[26 - 12 - 04, 10:18 م]ـ
وإياك أخي خالد ..
ما آخر أخبار الأستاذ محمود؟
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[27 - 12 - 04, 01:54 ص]ـ
ما المسئول عنه بأعلم من السائل.
ـ[محمد زياد التكلة]ــــــــ[28 - 12 - 04, 10:10 م]ـ
الأستاذ محمود: رأينا منك حماسا عارما وطلبا جازما في البداية، ثم ..
على كل حال، إذا حصلت لديك ظروف وأردتَ الانسحاب أو ضده فأخبر جموع المترقبين .. وذلك من أجلك .. حتى يكون لكلامك نوع مصداقية وجدية عند الناس مستقبلا ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/62)
ـ[أبو المنذر النقاش]ــــــــ[02 - 01 - 05, 11:18 ص]ـ
أخي الحبيب خالد الأنصاري:
جزاكم الله تعالى خير الجزاء على ما وضحتموه من حال أحمد الغماري أسأل الله لكم دوام التوفيق.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[02 - 01 - 05, 03:06 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وبورك لنا فيك أخي الشيخ.
فلعلك رأيت الجزء الثاني من الصواعق في منتدى العلوم الشرعية , والذي ابتدأته فجر اليوم.
أخوك المحب / خالد الأنصاري.
ـ[أبو المنذر النقاش]ــــــــ[03 - 01 - 05, 09:02 ص]ـ
أخي وحبيبينا في الله تعالى بالغيب خالد الأنصاري، نصره الله وأيده:
لم أكن قد رأيت الجزء الثاني ثم رأيته فأقررت عيني أقر الله عينك وبارك فيك، ورزقني وإياك الجنة على سرر متقابلين، ولي اقتراح أخي الحبيب لو تتفضل بقراءته:
قد لاحظت أخي الحبيب أن أهل البدع أمثال ممدوح سعيد والمعثر حسن السقاف وثالثة الأثافي سعيد فودة مهتمون أشد الإهتمام اقتداء بقتدوتهم الكوثري عامله الله بعدله بتتبع كلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ورضي عنه، ثم يتصيدون من كلامه ما ظاهره مخالفة للعقيدة - بعد بتره طبعا والتدليس والتلبيس وأحيانا الكذب - ثم يقومون بمعارضة كلامه رضي الله عنه على أصولهم العقدية، فيتصور القاريء وخصوصا إذا لم يكن من أهل العلم صحة الكلام والإيراد علىابن تيمية رحمه الله تعالى، وهذا منهم ليس خاصا بابن تيمية بل لهم كذلك في غيره:
فتجد ممدوح سعيد تخصص بالألباني رحمه الله تعالى.
وتجد السقاف تخصص بابن تيمية وغيره من أهل السنة.
ثم المعثر سعيد فودة تخصص تخصصا تاما بابن تيمية حتى أنه ألف كتابا كفر يه ابن تيمية، أسخن الله عين الأبعد.
ما قولكم أخي الحبيب في أن تعارض ما أتيت به من فضائح الغماري أحمد هذا بأصوله مثلا:
الغماري يقول بإيمان فرعون، لماذا، هل هو يقول ذلك مناقضة للكتاب العزيز، بالطبع لا، وإلا لكان كافرا بداهة يعلمها آحاد الناس.
إذن فالرجل له أصل فإذا نظرنا علمنا أن الرجل يقول بأن الإيمان لا يكون إلا بالعقد فقط، مخالفا لأهل الحديث والأثر الأمجاد، وبناء عليه ففرعون عنده مؤمن لأن فرعون بنص الكتاب العزيز كان يعلم أن موسى عليه السلام مرسل من عند الله تعالى، وقد تاب قبل موته.
ولأن أصولهم الكلامية اليونانية الأرسطاطيلسيه الفاسدة - التي هي بزعمهم يقينية - أدتهم في الإيمان وغيره إلى تلك الأقوال التي خالفوا فيها أهل الحديث والأثر الأمجاد وبالتالي فلابد من مخالفة ما جاء بالكتاب العزيز والتي يسمونها - أي مخالفتهم - كذبا وزورا تأويل.
فنخرج من هذا بفوائد:
أولا: أن الغماري - ومن تبعه وقال بقوله - جهمي جلد في الإيمان لأن تلك العقيدة هي عقيدة جهم في الإيمان.
ثانيا: صحة وصف يحيى بن عمار للأشاعرة وأنهم مخانيس الجهمية.
ثالثا: أن النتيجة إذا كانت فاسدة مناقضة لصريح القرآن والسنة فالأصل الذي بنيت عليه فاسد.
رابعا: ثم إلزامهم بالإلزامات القبيحة جدا كالزام الغماري بإيمان أبي جهل لأنه كذلك كان يعلم صحة نبوة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه مرسل صادق ومع ذلك عاداه فأصل العقد عنده بزعم الجهمية ومن قلدهم.
وهكذا في المسائل التي تفضلتهم أخي في الله بإيرادها عن ذاك المعثر المسمى بالغماري.
فيكون هذا ضربة لهم في الصميم لأن مؤداه أن أصولهم فاسدة وهذا هو المطلوب.
أما إذا اكتفينا بذكر مخاذيهم فسينظر المغرورين والأغرار منهم ويقولون: هم - يعني أهل الحديث - لا يفهمون إن هذا بناء على الأصل العقدي كذا، وهو جاهل لا يفهم أن الأصل نفسه فاسد، ولذلك فإن أسلافهم قد عادوا الإمام العلم ابن تيمية رضي الله عنه لأنه ما ذهب إلى فروعهم بل ذهب أصالة إلى أصولهم وبيان ما فيها من فساد وعوار ولذلك فهو شجى في حلوقهم للآن.
كنت أرجو من الله تعالى أن يقيد لهم من يجمع مخاذي ثلاثة:
الأول: رأس جهمية القرن الخامس أقصد الرازي.
الثاني: رأس جهمية القرن الرابع عشر الهجري أقصد الكوثري.
الثالث: ثم الأبعد المسمى بالغماري هؤلاء هم رؤوسهم ومن يرجعون إليه.
ثم يقارن ما قالوه بأصولهم ويثبت تزييفها فتكون فائدة عظمى للأئمة بعامة ولطلبة العلم بخاصة.
وجزاكم الله خيرا أخي الحبيب خالد الأنصاري نصره الله تعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/63)
وفققكم الله تعالى لما يحب ويرضى ورزققكم من الرزق أحله، وأعطاكم من الأجر أجله.
ـ[راضي عبد المنعم]ــــــــ[03 - 01 - 05, 10:08 ص]ـ
مشايخنا الأنصاري والنقاش وغيرهما حفظكم الله ورعاكم وجعل النصر والجنة مثواكم، وأسعدنا الله بكم في الجنة كما أسعدنا بكم في الدنيا.
مشايخي:
ربما مع جهلي أتطفل فأقول:
الغماري لم يكن جهميًا فقط؛ ولم يقل بإيمان فرعون بناءً على هذا؛ وإنما قال بإيمان فرعون بناء على دروشة مجاذيب الصوفية، ومذهبهم العفن مثلهم في الاتحاد والحلول وطريقتهم في الإيمان التي أشار لبعضها شيخنا وحبيبنا بالغيب النقاش حفظه الله وبارك فيه وأسعده.
وبناء على مذاهب الحلول والاتحادل والفناء وغير ذلك من مذاهب الصوفية: وصل الحال بالغماري أن يقول: فرعون مؤمن.
ووصل به الحال أن يقول: وما الكلب والخنزير إلا إلهنا.
تمامًا كما كان سلفه البسطامي يقول: سبحاني سبحاني وما في الجبة إلا الله.
والسؤال الدائم المتكرر:
ما الفرق بين الغماري وملاحدة الشيوعية؟
الغماري يعبد الخنزير والكلب.
والشيوعية تعبد المادة.
والهنود يعبدون البقر.
ومنهم من يعبد النار.
فلا فرق إذن بين الغماري وبين هؤلاء أبدًا.
لأن الكل يعبد غير الله سبحانه وتعالى لا إله إلا هو خالق الأرض والسماء ..
والغريب أن فرعون قال: ما علمت لكم من إله غيري؛ فادعى لعنه الله الإلوهية لنفسه.
فهل ثمة فرق بين هذا وبين مذهب الغماري العفن القائم على الحلول وأنه ربما حل فيه الإله ولذا لم يعد محتاجًا إلى تسبيح غيره، فترى الغماري الذي أصبح إلهًا بقدرة قادر يسبح نفسه بنفسه ويقول: سبحاني سبحاني.
ولذا جادل محمود سعيد وراوغ مرارًا وتكرارًا مع كل المشاركين إلا هذه المسألة خاصة، فلم يتعرض لها من قريب أو بعيد إلا مرة واحدة قال: وألف شقيق شيخنا.
حتى لم يتعرض في هذه المرة لبلوة شيخه المسيحة كما نقول عندنا.
فاللهم العن كل من آمن بغيرك إلها وربا، والعن من دعى لعبادة غيرك إلها وربا.
وأقول:
يا عابد الخنزير لو أبصرتنا .......... لعلمت أنك بالعبادة تلهث
ودمتم يا أهل الحديث سالمين.
ـ[أبو المنذر النقاش]ــــــــ[03 - 01 - 05, 07:28 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي في الله تعالى الحيبب المحترم راضي رضي الله عنه:
والله إنك لتقر عيني يغيرتك على دين الله تعالى التي أراها في ثنايا كتابتك وشدتك على أهل البدع تلك النفحة السنية العمرية، وكذا فليكن الإقتداء، أسأل الله أن يوفقك ويرفعك في الدنيا والآخرة.
وكما أشرت يا أخي فهذا هو المقصود، بيان فضيحة الرجل ومناقضته لمنهج النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، وليس هو فقط، بل كل من ينتهج نهجه، فمثلا أنا قلت أن العلة في قول الغماري بإيمان فرعون هو أصله الفاسد في الإيمان مع أصوله الكلامية، وأنتم تفضلتم شاكرين ببيان أن الدافع له قوله بالحلول والإتحاد و إذا كان صوب قول القائل: إن الكلب والخنزير هو الله - تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا - ففرعون بقياس الأولى يحل فيه الله تعالى - نستغفر الله - وبالتالي فكيف يكفر فهو على الأقل مخلوق بشري ولا شك أن المخلوق البشري أشرف عند الله من الكلب والخنزير.
وهكذا أخي الحبيب إذا أرجعنا فروع أقوالهم إلى أصولها فسيكون نعم الأمر ونعم المجاهدة ففيهم، وتبين فائدة هذا أيضا يا أخي الحبيب لأن العامة يغترون بنسك هؤلاء الناس والعوام أميل ما يكونوا لهذا الصنف حينما تجده يهز رأسه ويسبح بمسبحته ويغمض عينينه ويتصنع النسك بل فيهم من هو مغرور فعلا وله نوع نسك، وقد نبه ابن تيمية على بعض هذا، فلابد من بيان أصولهم فلن يقبل عامي مهما كان جاهلا، ولا طالب علم مهما كان مبتدأ في طلبه للعلم أن يقول قائل بإيمان فرعون، وهكذا.
هم إذا أرادوا تنفير العامة من ابن تيمية ماذا يقولون؟ يقولون: ابن تيمية يمنع زيارة النبي صلى الله عليه وسلم، فانظر كيف ينفرون العامة عن أهل السنة والأثر.
وتعجبني كلمتك - بل وأضحك لها أضحك الله سنك - وتساؤلك في مشاركة أخرى حيث قلت: لما اختاروا الكلب والخنريز ولما يختاروا غيرهما من الحيوانات الطاهرة، فهذا أيضا من المقصود، لأنه إن دل على شيء إنما يدل على نفس متدنية سفلية في كل مطالبها، فلما اختار هذا التشبيه، فأقل ما يقال في هذا أين الأدب مع الله تعالى؟
وهكذا فكل هذا يبين يا أخي ما عليه هؤلاء الناس، بل وينفر الناس عنهم وطلبة العلم كذلك.
فنريدها في بنود وأرقام وفقرات محددة كأن يوضع عنوان لموضوع من مخازي الغماري فيقال مثلا: قوله كذا عائد إلى أصله كذا وهذا الأصل باطل من أجل كذا وكذا، ولا مانع أن يكون القول له أكثر من أصل يرجع إليه كما في قولهم بإيمان فرعون، ونريدها أن تكون محددة معينة بنفس علمي مؤيد بالأدلة، شأن مشاركات الأخوة في المواضيع الحديثية.
والفائدة من هذا ليس فقط الرد على الغماري بل هي تدرب بعض الأخوة ممن ليسوا على خبرة بكلام القوم وتلبيساتهم مثلي ومن في طبقتي، وتعلمهم كيف يرجعون أقوال هؤلاء الناس إلى أصولها بدون اغترار ولا تلبيس عليهم.
وقد علمت أن هناك كتاب في مخازي الغماري فلو يقرأ هذا الكتاب أخوة من أهل المنتقى الأطايب مثلكم ومثل الشيخ خالد الأنصاري ومثل الشيخ الخراشي ومثل الفقيه و الأمين وغيرهم من أهل المنتقى جزاهم الله تعالى خيرا ممن ظهر من مشاركتهم العلم والفهم والتدقيق ثم ترد كل مسألة إلى أصلها من معتقد هذا الرجل لكان خيرا كثيرا جدا، يفرح به كل مؤمن ويكبت به كل مبتدع.
أسأل الله أن يوفقكم ويبارك فيكم، والسلام عليكم ورحمة الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/64)
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 01 - 05, 08:00 م]ـ
بارك الله فيك أخي الشيخ الفاضل , فلو أخبرتنا باسم الكتاب ومن مؤلفه ومن طبعه , نكون لك من الشاكرين.
محبكم خالد الأنصاري.
ـ[راضي عبد المنعم]ــــــــ[03 - 01 - 05, 08:05 م]ـ
أخي الحبيب النقاش حفظك الله وبارك فيك:
أصبتَ أخي كل الإصابة وأسعدك الله دنيا وآخرة وبارك فيك وحفظك.
ولكن ما تفضلت به يقوم به أمثالك وأمثال من ذكرتَ من مشايخنا، وأما أخوك راضي بحق والله وليس تواضعًا: فصغير على هذا كله.
وحسبي التطفل عليكم وحبكم.
ولقد أقرّ الله عيني بمشاركتك هذه.
ونالت فكرتك وكلامك مني كل الرضا والسعادة.
وهيا ابدأ وسأعينك ولو بالدعاء حفظك الله ورعاك وسدد على الدرب خطاك وبارك فيك.
وأشكرك أخي على جوابك مسألتي التي فعلاً كانت تحيرني: لماذا اختار الغماري وأمثاله من الضلال الكلب والخنزير على باقي الحيوانات الطاهرة ليعبدوه دونها؟
وأسعدني قولك: إن ذلك يدل على نفس متدنية، وعلى سوء أدب وغير ذلك مما ذكرته بارك الله فيك.
وقد شفى كلامك ما كنت أجده في نفسي من حيرة.
وأختم بقول راضي في بيته المقتبس وهو يخاطب الغماري وتلميذه الضال محمود سعيد:
يا عابد الخنزير لو أبصرتنا ........ لعلمت أنك بالعبادة تلهث
وصدقتَ وبوركتَ.
ودمت سالمًا ودمتم يا أهل الحديث سالمين.
ـ[أبو المنذر النقاش]ــــــــ[03 - 01 - 05, 11:12 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الشيخ الحبيب: خالد الأنصاري بارك الله فيه:
الأخ الشيخ الحبيب: راضي عبد المنعم بارك الله فيه:السلام عليكم:
اسم الكتاب هو " تنبيه القاريء إلى فضائح أحمد بن الصديق الغماري " ومؤلفه: مصطفى السفياني - ثم أخبرني أحد الأخوة ممن تثبتُّ منهم في اسم المؤلف أن اسمه مصطفى اليوسفي، ولكن الذي في حفظي وذاكرتي هو السفياني.
أما أين طبع ومتى فلا أدري.
وفققكم الله تعالى لما يحبه ويرضاه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[03 - 01 - 05, 11:26 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أخي الشيخ أبا المنذر , فلعلي أبحث عن الكتاب , وأسأل الله أن أحصل عليه.
كتبه محبكم / خالد الأنصاري.
وتتمة البحث على مخالفات الغماري تجده على هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=25315
ـ[محمد سيف]ــــــــ[16 - 01 - 05, 10:39 م]ـ
الأخ:خالد الأنصاري
بارك الله فيك على هذه الفوائد و الدررفي كشف حال المبتدع الغماري
ـ[أبوالمنهال الآبيضى]ــــــــ[17 - 01 - 05, 08:27 ص]ـ
قال الشيخ الفاضل أبو إسحاق الحويني الأثري في ((جنة المرتاب)) (ص 167 - 168):
" وأبو الفضل الغماري رجل ذلق اللسان جداً، سيء الظن، يجمع ضروباً من البدع، نسأل الله السلامة منها، وكان أخوه الأكبر كذلك على علمهما لا ننكر سعته.
ويتحينان الفرص للطعن في سلف الأمة الكرام، فهما والكوثري سواء، ولكن هذا كان له البق العظيم في ذلك.
وقد استوفيت أة كدت جمع ما كتباه مع الرد العلمي عليه في كتاب لي سميته: ((الزند الواري في الرد على الغماري)) يسر الله إتمامه ".
ـ[خطاب القاهرى]ــــــــ[17 - 01 - 05, 07:24 م]ـ
الشيخ الفاضل خالد الأنصارى: جزاك الله خيرا وزادك غيرة على سنة المصطفى.
الشيخ الفاضل النقاش: ما أروع ما قلت , و ليت الشيخ الأنصارى يقوم بهذا العمل حتى و لو بعد إتمام ما يقوم به من نقل مخازى الغمارى .. و يا حبذا لو بمقدرة الشيخ الإتصال بالشيخ الراجحى مثلا , للمساعدة على هذا التأصيل, الذى يرجى منه بإذن الله نفع لعامة المسلمين و خواصهم بإذن الله ..
رجاء آخر .. هل من الممكن من مشايخنا القيام بنفس العمل تجاه سعيد فودة .. إذ أنه رأش الأشاعرة فى هذا الزمان , و على حد علمى , فان كتاباته فى شيخ الإسلام لم يرد عليها بما تستحق الى هذه اللحظة (أرجو التصويب إن كنت على خطأ لقلة إطلاعى) ..
و جزاكم الله خيرا ..
ـ[عمار احمد المغربي]ــــــــ[20 - 05 - 07, 08:41 م]ـ
ماشاء الله
ممتاز جدا والله هذا العرض
وشكر خاص للشيخ محمد زياد التكلة و خالد الانصاري
بارك الله فيكم وفي هذا المنتدى الطيب
ـ[محمد بن سحنون]ــــــــ[26 - 05 - 07, 12:46 ص]ـ
أسأل الله العافية وأسأله الثبات على السنة
ـ[عماد الجيزى]ــــــــ[24 - 12 - 07, 02:55 ص]ـ
أين نجدُ كتابَ: جؤنة العطار؟(29/65)
مسألة تحقيق التوحيد
ـ[أبو عبد]ــــــــ[09 - 12 - 04, 01:31 م]ـ
الإخوة بالملتقى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو ممن له علم من الإخوة بيان مسألة تحقيق التوحيد وما المراد بها، ومن أهل العلم أجاد وأفاد فيها، وما هي الكتب التي تكلمت في هذا الموضوع، والموضوع والله هام يا إخوان فمن منا يستغني عن ذلك التحقيق.
أخوكم/أبو عبد الله
ـ[الحارثي]ــــــــ[09 - 12 - 04, 06:26 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لا شك أن القرآن العظيم هو مصدر العلم وهو مصدر الشرع وهو القول الفصل المبين لمعنى الدين والمفصل للكلمة الطيبة (لا إله إلا الله) ولن تجد خيراً منه في بيان هذا الأمر وطريق تحقيقه. على أن تقرأه وتتدبره وتجعله زادك كل يوم وتفقهه كما أراد الله تعالى، وكما بلغ رسوله صلى الله عليه وسلم.
أما إن كنت تسال عن كتب للعلماء الربانيين فلا شك أن من أفضل ما يقرأ في هذا الباب كتب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمة الله عليه ورضوانه- وعلى رأسها "التوحيد" و"الأصول الثلاثة وادلتها" و"كشف الشبهات"، ثم بقية رسائله في التوحيد وكلها مطبوعة ومتوفرة والحمد لله. وأوصيك بأن تقرأ الجزء الأول من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمة الله ورضوانه عليه-.
ـ[أبو عبد]ــــــــ[09 - 12 - 04, 10:26 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الحارثي وبورك فيك
الذي أحتاجه هو معنى تحقيق التوحيد كمصطلح أو لفظة شرعية وما هو ضابطه وكيف التفريق بينه وبين أصل التوحيد.
وجزاك الله خيراً ورفع قدركم في الدنيا والآخرة
أخوك/ أبو عبد الله(29/66)
هل الشيطان جاهلا بالله ولايعرف قدره تعالي؟
ـ[المنيني]ــــــــ[12 - 12 - 04, 05:18 ص]ـ
في حوار علي البالتوج قلت لاخوة في الله تعالي ان الشيطان كان جاهلا بالله ولو عرف الله حق المعرفة لما عصي ولو علم كمال الله وقيوميته حقا لخشي الله حقا ولما تجرأ علي عصيانه فهو جاهل علي الحقيقة
فعاتبني الاخوة علي ذلك وقال كيف ذلك وقد كان طاووس الملائكة واعلمهم!
المهم هل تدلون بدلوكم في الموضوع
ـ[المنيني]ــــــــ[12 - 12 - 04, 11:19 م]ـ
هل من مجيب ومشارك في المسالة
اتمني من الجميع المشاركة حتي نستفيد
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[13 - 12 - 04, 12:52 ص]ـ
- أخي الكريم ...
الكفر لا يكون دوماً عن جهل وعدم فهم، بل قد يكون عن إباء واستكبار واستنكاف ...
- قال تعالى: ((إلاَّ إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين)).
- وقال أيضاً: ((وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلوَّاً)).
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[13 - 12 - 04, 02:37 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
إن العارف بالله على وجه الحقيقة هو الذي استوجبت معرفته بربه، طاعته، والائتمار بأمره والانتهاء عند نهيه، وإلا كان ادعاء المعرفة ليس مدعوما بالدليل التطبيقي له.
كذلك فإن العالم الذي لا يعمل بعلمه لم يكن عالما على الحقيقة لأن حاله يكذب مقاله، ولذلك كان السلف الصالح كانوا أعلم الناس بالكتاب والسنة، لأن العلم بالاتباع لا بالادعاء، {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم، والله غفور رحيم}. ولو أننا سألنا عمر بن الخطاب عن المطلق والمقيد، والخاص والعام، والمجمل والمفصل .... أو عن قواعد اللغة ... لقوّم اعوجاجنا بدرته، رضي الله عنه. فلم يعلموا أقسام التوحيد من ربوبية أو ألوهية أو أسماء وصفات، ولكن التوحيد استقر في قلوبهم، فكان سجية لههم وخلقا. وطاقة علوية، ووازعا ربانيا يحققون به عبوديتهم لله سبحانه على هدى منه وبينة.
ولهذا فإن عدو الله ورسوله والمؤمنين إبليس اللعين، لو عرف الله حق المعرفة لما رد عليه حكمه، ولما جادل بالباطل، وإنما المعرفة الحقة آثارها الذلة والخضوع والطاعة والامتثال.
ـ[أبو حمزة الجعيطي]ــــــــ[13 - 12 - 04, 03:40 ص]ـ
بالإضافة لما ذكره الأخوة خاصة أخي السمرقندي ومنه قوله تعالى في حق اليهود:
{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}. (البقرة:146)
فقد يكون في الآية الآتية علاقة بالموضوع ولو نسبيا.
قال تعالى:
{إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً} (النساء:17)
قال أهل التفسير في هذه الآية:
كل معصية فهي بجهالة، عمدا كانت أو جهلا.
وهو منقول عن ابن عباس وقتادة والضحاك ومجاهد والسدي.
وقال ابن فورك: " بجهالة " أي لا يعلمون كنه العقوبة.
فعلى هذا التفسير يمكن أن نقول:
إن إبليس كان عالما بأن ما قام به معصية عظيمة لله عز وجل، لكنه لم يستشعر عظمها، ولم يدرك كنه العقوبة بسبب ما اعتراه من استكبار وربما حسد لآدم، والله عز وجل أعلم.
بناء على أن المعرفة شيء والاستشعار شيء آخر.
ـ[عدو المشركين]ــــــــ[13 - 12 - 04, 03:45 ص]ـ
اتصور ان هنا أمرين
1 - معرفة الله سبحانه
2 - خشية الله سبحانه
فأبليس اللعين يعرف الله وليس جاهلا به ولا بعذابه بدليل استمراره بالكفر مع وعيد الله له ولمن اتبعه بجهنم
وكذلك بإنتقائه لصفة العزة ليقسم بها
فيكون ابليس اللعين عالما وعارفا بالله غير خاشيا له كعلماء بني اسرائيل و كفرعون و كبقية الأمم التي رأت الآيات و استمرت بالعناد حتى جائها العذاب الأليم
والله أعلم
ـ[المنيني]ــــــــ[13 - 12 - 04, 12:54 م]ـ
جزاكم الله خيرا علي الردود ولقد فرحت فرحا شديدا بالردود اي والله وانتظر مشاركات اخري لعبد الرحمن الفقيه واخونا الامين والاخوة الكرام الاخرين فالموضوع مهم
اخي عدو المشركين بارك الله فيك
اخونا ابو حمزة ذكر الآية القرآنية التي تؤكد علي ان الجهالة هي المؤدية للوقوع في المعصية
وانا في الحقيقة كنت قد ذكرا للاخوة الذين ناقشتهم هذه الاية فقالوا لي -والامر كان في غرفة للرد علي النصاري! -وماشأن هذه الاية بعلم ابليس او جهله!
وكانوا يحتجون علي النصاري بان ابليس انما كان يعرف الله وان ابليس كان ذكيا فقلت لهم لايمكن فابليس اكبر جاهل علي الحقيقة واغبي غبي فالذكاء في الاسلام له تصور مختلف عن مقاييس الذكاء الجاهلية او الاخري
المهم قالوا لي لاتتكلم بعد ذلك روح إٌرأ اولا ثم تعالي تكلم!
طبعا ليس كل من في غرف الرد علي النصاري هكذا بل هؤلاء هم ادمن جدد لم اعرفهم من قبل واكثر من اعرفهم يقدروني واقدرهم وهناك تجاوب واحترام الا من بعض من عنده سطوة وغرور نتيجة فتحهم لغرفة وحضور كثير فيها
المهم ان المسالة مهمة في العقيدة بكلياتها وشموليتها
قد يكون هناك تشعب في المسالة اريد الحفر تجاهه
فقد ذكر البعض الكريم ان اليهود كانوا علماء بالله لكنهم جحدوه فهل هذا هو العلم الحقيقي الذي كان عليه ايضا ابليس ام هو درجة في العلم غطيت بطبقة من الجهل فمنعت ليس كمال العلم بالله وانما مفاتيح رئيسية في العلم به تعالي؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/67)
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[13 - 12 - 04, 01:27 م]ـ
إخوتى في الله أحبكم في الله،
إن الذي ذكرته هو ما دل عليه الكتاب والسنة. وكتب ابن تيمية وابن القيم مليئة بذلك.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله غي مجموع فتاواه (7/ 22 فما بعدها)
"والمقصود هنا أن كل عاص لله فهو جاهل وكل خائف منه فهو عالم مطيع لله وانما يكون جاهلا لنقص خوفه من الله إذ لو تم خوفه من الله لم يعص ومنه قول ابن مسعود رضى الله عنه كفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار بالله جهلا وذلك لأن تصور المخوف يوجب الهرب منه وتصور المحبوب يوجب طلبه فاذا لم يهرب من هذا ولم يطلب هذا دل على انه لم يتصوره تصورا تاما ولكن قد يتصور الخبر عنه وتصور الخبر وتصديقه وحفظ حروفه غير تصور المخبر عنه وكذلك اذا لم يكن المتصور محبوبا له ولا مكروها فان الانسان يصدق بما هو مخوف على غيره ومحبوب لغيره ولا يورثه ذلك هربا ولا طلبا وكذلك اذا اخبر بما هو محبوب له ومكروه ولم يكذب المخبر بل عرف صدقه لكن قلبه مشغول بأمور اخرى عن تصور ما أخبر به فهذا لا يتحرك للهرب ولا للطلب
وفى الكلام المعروف عن الحسن البصرى ويروى مرسلا عن النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "العلم علمان (فعلم فى القلب وعلم على اللسان فعلم القلب هو العلم النافع وعلم اللسان حجة الله على عبادة"
وقد أخرجا فى الصحيحين عن ابى موسى عن النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - انه قال "مثل المؤمن الذى يقرأ القرآن مثل الأترجة طعمها طيب وريحها طيب ومثل المؤمن الذى لا يقرأ القرآن مثل التمرة طعمها طيب ولاريح لها ومثل المنافق الذى يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل المنافق الذى لا يقرأ القرآن مثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها " وهذا المنافق الذى يقرأ القرآن يحفظه ويتصور معانيه وقد يصدق انه كلام الله وان الرسول حق ولايكون مؤمنا كما ان اليهود يعرفونه كما يعرفون ابناءهم وليسوا مؤمنين وكذلك ابليس وفرعون وغيرهما لكن من كان كذلك لم يكن حصل له العلم التام والمعرفة التامة فان ذلك يستلزم العمل بموجبه لامحالة ولهذا صار يقال لمن لم يعمل بعلمه أنه جاهل كما تقدم وكذلك لفظ العقل وان كان هو فى الأصل مصدر عقل يعقل عقلا وكثير من النظار جعله من جنس العلوم فلابد ان يعتبر مع ذلك انه علم يعمل بموجبه فلا يسمى عاقلا من عرف الخير فطلبه والشر فتركه ولهذا قال اصحاب النار "لو كنا نسمع او نعقل ما كنا فى اصحاب السعير" وقال عن المنافقين "تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى" ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ومن فعل ما يعلم انه يضره فمثل هذا ماله عقل فكما ان الخوف من الله يستلزم العلم به فالعلم به يستلزم خشيته وخشيته تستلزم طاعته فالخائف من الله ممتثل لأوامره مجتنب لنواهيه وهذا هو الذى قصدنا بيانه اولا ويدل على ذلك ايضا قوله تعالى "فذكر ان نفعت الذكرى سيذكر من يخشى ويتجنبها الأشقى الذى يصلى النار الكبرى"
فأخبر ان من يخشاه يتذكر والتذكر هنا مستلزم لعبادته قال الله تعالى هو الذى يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقا وما يتذكر سيذكر من يخشى سيتعظ بالقرآن من يخشى الله وفى قوله (وما يتذكر إلا من ينيب) انما يتعظ من يرجع الى الطاعة وهذا لان التذكر التام يستلزم التأثر بما تذكره فان تذكر محبوبا طلبه وان تذكر مرهوبا هرب منه ومنه قوله تعالى سواء عليهم أأنذرتهم ام لم تنذرهم لايؤمنون وقال سبحانه انما تنذر من اتبع الذكر وخشى الرحمن بالغيب فنفى الانذار عن غير هؤلاء مع قوله سواء عليهم أأنذرتهم ام لم تنذرهم لا يؤمنون فأثبت لهم الانذار من وجه ونفاه عنهم من وجه فان الانذار هو الاعلام بالمخوف فالانذار مثل التعليم والتخويف فمن علمته فتعلم فقد تم تعليمه وآخر يقول علمته فلم يتعلم وكذلك من خوفته فخاف فهذا هو الذى تم تخويفه واما من خوف فما خاف فلم يتم تخويفه وكذلك من هديته فاهتدى تم هداه ومنه قوله تعالى هدى للمتقين ومن هديته فلم يهتد كما قال واما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فلم يتم هداه كما تقول قطعته فانقطع وقطعته فما انقطع
فالمؤثر التام يستلزم اثره فمتى لم يحصل اثره لم يكن تاما والفعل اذا صادف محلا قابلا تم والا لم يتم والعلم بالمحبوب يورث طلبه والعلم بالمكروه يورث تركه ولهذا يسمى هذا العلم الداعى ويقال الداعى مع القدرة يستلزم وجود المقدور وهو العلم بالمطلوب المستلزم لارادة المعلوم المراد وهذا كله انما يحصل مع صحة الفطرة وسلامتها" اهـ
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[13 - 12 - 04, 02:31 م]ـ
ولذلك ابق على كلامك الأول أخي المنيني حفظك الله
ـ[المنيني]ــــــــ[13 - 12 - 04, 11:28 م]ـ
فتح الله عليك ومن عليك بغيرماتقدم ايضا من الحكم والعلم
وننتظر المزيد في طريقنا الي الله تعالي
احبك الله وجمعنا في روضات الجنات(29/68)
الحمد لله! توبة الشيخ عبدالله التليدي من سب معاوية - رضي الله عنه -
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[12 - 12 - 04, 11:39 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ المغربي عبدالله التليدي - وفقه الله للخير - هو أحد تلاميذ أحمد الغُماري؛ وقد تأثر به وبمدرسته؛ فناله شيئ من تعظيمهم للتصوف وأهله، ونيلهم من بعض الصحابة الذين اختلفوا مع علي - رضي الله عنهم أجمعين - (انظر مثلا: كتابه عن فضائل الصحابة؛ ص 159)؛ حتى وصل بهم الحال إلى لعنهم - والعياذ بالله -؛ وهذا يؤكد لنا مدى " الصلة " بين التصوف والتشيع؛ كما نبه على هذا الباحثون الذين لمحوا هذه الصلة من جوانب كثيرة - ليس هذا محل ذكرها -؛ وقد ألف الأستاذ كامل الشيبي (الشيعي) رسالة في هذا؛ وللشيخ فلاح مندكار رسالة دكتوراة عن هذا الموضوع (لم تطبع حسب علمي، وليته يبادر بطبعها).
ثم أعلن الشيخ التليدي تراجعه عن هذا الذنب والبدعة الشنيعة التي ساير فيها المتشيعة؛ فقال في آخر كتاب له صدر هذا العام (1425) يحكي فيه شيئًا من ذكرياته وفضائل الله عليه (ذكريات من حياتي؛ص 106):
(ومنها: وذلك من ورعه فضلا من الله أنه كان يسب معاوية وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وسمرة بن جندب، ثم رجع عن ذلك، فحرّق كتاب " النصائح الكافية " لابن عقيل).
قلتُ: أولا: الحمد لله الذي وفقك لهذه التوبة قبل الممات؛ وقبل أن تلاقي الله وفي قلبك " غل " أو " تغيظ " على أحد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولعلك تراجع ما قاله الإمام مالك - رحمه الله - عند قوله تعالى عن الصحابة (ليغيظ بهم الكفار).
ثانيًا: ابن عقيل هذا الذي ذكره الشيخ هو أحد " متشيعة " هذا الزمان ممن تستروا بمذهب أهل السنة ترويجًا لبدعتهم بين المسلمين؛ فتأثر به من لديه قابلية؛ وله رسائل قبيحة في سب معاوية رضي الله عنه؛ كانت سببًا للفتنة بين المسلمين في عصره، وقد رد عليها العلماء في حينه. وممن تأثر بمسلكه وتشيعه: حسن فرحان المالكي. (انظر للمزيد: رسالة " ملحق سرقات المالكي").
أسأل الله الثبات وحسن الخاتمة لي للشيخ التليدي وإخواني المسلمين؛ وأن يوفقه للتخلص والتوبة من بقايا مذهبه الصوفي القديم؛ كغلوه في الأولياء، وتجويزه المولد، واغتراره بالملحد ابن عربي؛ كما في كتابه: " المطرب بمشاهير أولياء المغرب "؛ (ص 9، 12، 81، 88، 104، 115، 138، 194، 249).
وأطلب ممن يعرفه من إخواننا المغاربة - حفظهم الله - أن يُبلغوه سلامي، وتقديري لجهره بالحق. والله الهادي.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[12 - 12 - 04, 11:46 م]ـ
بشرى طيبة .. شكر الله لكم يا شيخ سليمان ..
أسأل الله لي ولكم وللشيخ التليدي الثبات وحسن الخاتمة؛ وأن يوفق الشيخ التليدي للتخلص والتوبة من بقايا مذهبه الصوفي القديم؛ كغلوه في الأولياء، وتجويزه المولد، واغتراره بالملحد ابن عربي
ـ[أبو عائشة]ــــــــ[13 - 12 - 04, 03:05 ص]ـ
وهذا صنيع أهل السنة دائما.
حمد المحسن
وصد المسيء
اللهم اجعلنا من هذه الفرقة الناجية!
ـ[عبدالله الحويل]ــــــــ[13 - 12 - 04, 04:40 ص]ـ
الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات
وثبت الله الشيخ على الحق
وجزاك الله خيراً _ياشيخ سليمان_ على تنبيهك ونقلك الموفق
وقد يسر الله لي الإطلاع على كتاب التليدي وفيه فوائد ولطائف وعبر أسأل الله أن يعين على كتابتها ونشرها هنا في ملتقى الخير ومجتمع العلم ونادي الحديث وأهله
ـ[علي بن حميد]ــــــــ[13 - 12 - 04, 08:13 ص]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ سليمان، وهل لك أن تعطينا ترجمة مختصرة عن ابن عقيل هذا؟
ـ[عصام البشير]ــــــــ[13 - 12 - 04, 11:53 ص]ـ
ومما ينبغي أن يعرف عن الشيخ التليدي - وفقه الله - أنه شديد الإنكار على الأشعرية، وتأويلاتهم في باب الأسماء والصفات، وقد سمعت ذلك منه شخصيا.
ولعل هذا مما أخذه من شيخه أحمد بن الصديق الغماري.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[13 - 12 - 04, 02:52 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وأنا أؤيد الأخ عصام البشير على ذلك.
فقد جاء في إحدى رسائل أحمد الغماري إلى التليدي المسماة " در الغمام الرقيق " (ص 108 ـ 110) , ما نصه:
ومسألة الأيدي إنما أولها من أولها؛ لأنه مجسم مشبه لله تعالى بخلقه يدعي ظاهر التنزيه مع التفويض في الصفات.
فإذا جاءت صفات بني آدم كالعينين , واليدين , والمجيء , والساق , والضحك آمن بها وادعى التفويض , وإذا جاءت الأيدي والأعين وما هو مخالف لصفات البشر ادّعى التأويل والمجاز.
أما نحن ـ والحمد لله ـ فنؤمن بكل ما جاء عن الله من يد ويدين وأيد , وعين وعينين وأعين , ونؤمن بأنه سبحانه على عرشه بذاته كما ورد به النص ......... إلخ كلامه الرائع في هذا الباب.
فليراجع فإنه يكتب بمداد الذهب.
وأما عن توبة التليدي عن سب معاوية وغيره من الصحابة الكرام فهذا مما يطرب القلب بسماعه , ونسأل الله تعالى توبة الشيخ من باقي الأمور , إنه ولي ذلك والقادر عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/69)
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[13 - 12 - 04, 10:52 م]ـ
الحمد لله أولاً وآخراً ..
والله يرينا الحق حقاً فيرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً فيرزقنا اجتنابه ..
ـ[ابن عبد البر]ــــــــ[14 - 12 - 04, 12:08 ص]ـ
الحمد لله أولاً وآخراً ..
والله يرينا الحق حقاً فيرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً فيرزقنا اجتنابه ..
نفع الله بمك شيخنا الكريم سليمان ..
ـ[عصام البشير]ــــــــ[17 - 12 - 04, 02:13 م]ـ
للفائدة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=15676
ـ[أبو مشاري]ــــــــ[18 - 12 - 04, 02:45 م]ـ
جزاكم الله خير
ولكن كان لي سؤال للمشايخ الفضلاء عن الرؤى التي أوردها في كتابه (مذكرات) و كتابه (نصب الموائد) فما رأيكم فيها، فإن في النفس منها شيء.
نسمع رأيكم بارك الله فيكم.
ـ[عبدالرحمن برهان]ــــــــ[18 - 12 - 04, 03:28 م]ـ
الحمدلله على هدايته
وادعوا الله تعالى ان يثبتنا في الدنيا والاخرة انه ولي ذلك والقادر عليه
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[31 - 01 - 05, 03:07 ص]ـ
رداً على ما أشيع من أن عبدالله الكِرفطي ـ المسمى بالتليدي ـ تاب من سب معاوية والصحابة , فإن هذا الأمر غير صحيح , وقد ذكر لنا ذلك أحد تلامذة الكِرفطي المقربين منه سابقاً , والذي تاب الله عليه ورجع عن العقيدة الفاسدة ـ الصوفية الحلولية ـ , وكان ذلك بحضور بعض المشايخ الأجلاء وفي مجلس الشيخ سليمان الخراشي.
فنسأل الله السلامة والعافية , ونستعيذ به من الخذلان.
ـ[باز11]ــــــــ[31 - 01 - 05, 08:03 ص]ـ
الشيخ عبد الله التليدي فهو غماري إلى النخاع، ويحب مشايخه الغماريين ولا تأتي مناسبة إلا ويذكرهم مع الثناء عليهم.
وأخبرني بعض الثقات ممن ذهب للمغرب أن التليدي وضع بعض كلمات أحمد بن الصديق على جدران الزاوية التي يصلي فيها، لكنهم أخبروني أنهم قابلوه في الحج والعمرة، وأنه قال معاوية لا أحبه ولا أسبه ولا أترضى عليه. وقد ناقشه بعض بعض الإخوان ولكنه أصر على أنه لا يترضى ولا يسب، وعندما سئل عن تصرفات شيخه القبوري كان يقول عنه: أنه كان مجتهدا وأعلم مني. وكان حريصأ على نشر كتبه. وهذا يؤكد ما ذهب إليه خالد الأنصاري.
وأظن أن تغير التليدي إنما جاء من صحبته للشيخ السلفي أبو خبزة التطواني، لأن الإثنين من المغرب.
ـ[أبو عبد الباري]ــــــــ[31 - 01 - 05, 01:30 م]ـ
هل يمكن الجمع بين ما قيل من توبة التليدي:
أنه تاب من السب والشتم ولم يصل للترضي والمحبة؟ فصار بين المنزلتين!!!؟
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[31 - 01 - 05, 04:30 م]ـ
معذرةً أخي الشيخ باز11 , فإن الكِرفطي لم يكن يوماً صديقاً لشيخنا أبي خبزة حفظه الله تعالى , بل هو من أشد الناس عداوة له , وأظن بأن أخانا الشيخ طارق التطواني أبو إسحاق يوافقني الرأي , فهو أحد تلاميذ الشيخ وبلديه.
ـ[ضعيف]ــــــــ[07 - 11 - 05, 10:40 ص]ـ
عقيدة اهل السنة والجماعة الترضي على الصحابة
ـ[المخلافي]ــــــــ[07 - 11 - 05, 01:03 م]ـ
الشيخ رجع عن طعنه في الصحابة منذ زمن وقد قال لي في المسجد النبوي قبل عام 1420 أنا تبت تبت
ـ[ضعيف]ــــــــ[07 - 11 - 05, 01:19 م]ـ
الحمد لله على ذلك
ـ[العوضي]ــــــــ[07 - 11 - 05, 05:42 م]ـ
قصة توبة الغزالي من كرهه لبعض الصحابة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=32808&highlight=%C7%E1%DB%D2%C7%E1%ED)
وبارك الله في الأخ سليمان على مواضيعه الطيبة
ـ[أبو حفص الدبوي]ــــــــ[08 - 11 - 05, 06:04 م]ـ
هل يمكن الجمع بين ما قيل من توبة التليدي:
أنه تاب من السب والشتم ولم يصل للترضي والمحبة؟ فصار بين المنزلتين!!!؟
وهذا هو مذهب الشيخ عبد الله الغماري -رحمه الله- أيضا، فهو لا يسبه ولا يحبه، وقد نقل لنا الشيخ حمزة الكتاني رسالته التي نص فيها على عدم جواز سب معاوية بن أبي سفيان -رحمهما الله-:
"قال رضي الله عنه، ونور ضريحه -من كلام حمزة الكتاني-:
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الشريف الأجل أبي الليث الكتاني، حفظه الله، السلام عليكم ورحمة الله، وكل عام وأنتم بخير، وبعد:
وصل كتابكم الكريم، وعلم ما فيه، والحديث ينهى عن الصور المجسمة ويذمها، لأنها تمثل الحيوان تمثيلا واضحا كأنه ينطق، ولقول الله تعالى: {وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون}.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/70)
والحديث سمى المصور مضاهيا لخلق الله، وأخبر أنه يقال للمصورين: أحيوا ما خلقتم، وهذا لا يكون إلا في الصور المجسمة، أما الصورة الفوتوغرافية فلا تدخل في الحديث جزما، ولا تسمى إلا على سبيل المجاز لمشابهتها للصورة المجسمة شكلا. وهذا أمر واضح لا يشكل عليك ...
والفتن عمت وعم فسادها إلا ما وقى الله، ولهذا نص الصوفية مثل العربي الدرقاوي وغيره أن المجاهدة التي تطلب من المريد للوصول إلى الفتح والولاية لا تتيسر في هذا الوقت، بل يكفي المريد القيام بالفرائض والنوافل المهمة مع بعض الأذكار التي يعينها الشيخ، ولزوم البعد عن الحرام ..
وحديث: "للقرآن ظهر وبطن"، معنى الظهر فيه: دلالة اللفظ بحسب الوضع العربي، ومعنى البطن: الدلالة الباطنة التي يشير إليها الحديث، وتسمى: الإشارة في اصطلاح الصوفية، واعتبرها علماء الظاهر في بعض الأحكام الفقهية.
ومعاوية لم يكتب الوحي، ولا آية منه، بخلاف ما اشتهر بين الناس غلطا، والثابت أنه كتب رسالة واحدة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابتها لمصلحة بعض الناس، وقول أبيه أبي سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم: اتخذ معاوية كاتبا. لا يقتضي كتابة الوحي، لا سيما وأبو سفيان أسلم عام الفتح هو وعائلته، فلم يدرك من الحياة النبوية إلا مدة قليلة ..
وثبت أن معاوية كان يسب عليا عليه السلام سبا قبيحا، وكان مجلس المغيرة بن شعبة - وهو من أتباعه - يشتمل على شتم علي عليه السلام. وسر ذلك: أن معاوية كان في قلبه حقد دخيل على علي، لما حصل منه في بدر من محاربة عائلته وقتل نفر منهم، والخلاصة: إن معاوية لا يجوز سبه كما لا يجوز الترضي عنه.
والصحابة عشر طبقات، ومعاوية في الطبقة الأخيرة، لأنه لم يحضر غزوة مع النبي صلى الله عليه وسلم، لتأخر إسلامه جدا، ولم يحصل له من فضيلة الصحبة إلا الرؤية، على أن هذه الفضيلة ضيعها بخروجه على علي ظلما وعدوانا، ومع ذلك أأكد بعدم جواز شتمه ...
أرجو إبلاغ سلامي لأخيك أبي محمد، ولخالك الكريم، ومن طرفنا يسلم عليك الأخوان، والسلام ...
عيدكم مبارك سعيد==============عبد الله الصديق====10 من ذي الحجة 1412 ... "
ـ[الطيّار]ــــــــ[08 - 11 - 05, 07:36 م]ـ
الحمدلله، وجزاك الله خيرا أخي سليمان ... على هالبشرى الطيبة.
وأسأل الله أن يهدينا صراطه المستقيم وأن يثبتنا وإلياه على ذلك، إنه قريب مجيب.
ـ[أبو عبد الباري]ــــــــ[08 - 11 - 05, 09:41 م]ـ
لمن نقل الكلام:
نقلت عن الغماري قوله: وسر ذلك: أن معاوية كان في قلبه حقد دخيل على علي، لما حصل منه في بدر من محاربة عائلته وقتل نفر منهم، والخلاصة: إن معاوية لا يجوز سبه كما لا يجوز الترضي عنه.
والصحابة عشر طبقات، ومعاوية في الطبقة الأخيرة، لأنه لم يحضر غزوة مع النبي صلى الله عليه وسلم، لتأخر إسلامه جدا، ولم يحصل له من فضيلة الصحبة إلا الرؤية، على أن هذه الفضيلة ضيعها بخروجه على علي ظلما وعدوانا، ومع ذلك أأكد بعدم جواز شتمه ...
قال أبو عبد الباري: تعس القائل والمتمسك بمثل هذا الطعن في صحابي جليل، وما ذا ينفعه النهي عن السب والشتم مع هذا الطعن في نيته، وإبطال صحبته، وبالله عليك: فماذا بقي له من فضيلة بعد إبطال صحبته!!
ـ[ابومحمد النيجيري]ــــــــ[05 - 04 - 07, 08:11 م]ـ
السلام عليكم جميعا , بارك الله في جهودكم واحسن الله اليكم , وتعليقي على هذ الموضوع: اني اوجه كلامي الى جميع المشاركين من الاخوة الفضلاء وخاصة المغاربة منهم الا نغتر بظواهر الناس مهما جمعوا من الاسانيد ورقعوا من الكتب , فليس العلم بكثرة الرواية والتاليف وجمع الكتب ولكن بحسن النية وطهارة الطوية ,وقد قال الامام مالك ترى الرجل ولا يلحن حرفا وعمله لحن كله.
فالشيخ حسب ما ورد مما تقدم نقله من كلامه أخطأ و أبعد النجعة والله المسؤول ان يأخذ غلى يديه , والله أعلم
ـ[طارق الحمودي]ــــــــ[07 - 04 - 07, 02:38 م]ـ
الأخ خالد الأأنصاري هاك طريفة
للشيخ طالبان من طلبته يسمى طارقا.
أخوكم طارق بن عبد الرحمن الحمودي أبو عبد الله التطواني
وطارق أبو إسحاق التطواني سميي وأخي وحبيبي وأنت عرفه جيدا. وقد جمعتنا مجالس الشيخ الخاصة مدة طويلة جدا إلى أن افترق الجمع كما هو الحال.
فأيهما تقصد؟
وفي الحالتين كلانا يوافقك.
ـ[عبدالرحمن ناصر]ــــــــ[18 - 04 - 07, 01:53 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وأنا أؤيد الأخ عصام البشير على ذلك.
فقد جاء في إحدى رسائل أحمد الغماري إلى التليدي المسماة " در الغمام الرقيق " (ص 108 ـ 110) , ما نصه:
ومسألة الأيدي إنما أولها من أولها؛ لأنه مجسم مشبه لله تعالى بخلقه يدعي ظاهر التنزيه مع التفويض في الصفات.
فإذا جاءت صفات بني آدم كالعينين , واليدين , والمجيء , والساق , والضحك آمن بها وادعى التفويض , وإذا جاءت الأيدي والأعين وما هو مخالف لصفات البشر ادّعى التأويل والمجاز.
أما نحن ـ والحمد لله ـ فنؤمن بكل ما جاء عن الله من يد ويدين وأيد , وعين وعينين وأعين , ونؤمن بأنه سبحانه على عرشه بذاته كما ورد به النص ......... إلخ كلامه الرائع في هذا الباب.
فليراجع فإنه يكتب بمداد الذهب.
وأما عن توبة التليدي عن سب معاوية وغيره من الصحابة الكرام فهذا مما يطرب القلب بسماعه , ونسأل الله تعالى توبة الشيخ من باقي الأمور , إنه ولي ذلك والقادر عليه.
عفوا!!!!!
الشيخ الغماري على مذهب التفويض وقد رد على أهل الإثبات للمعنى دون الكيف (أهل السنة)
وعلى الأشاعرة كذلك ....
وتفويضه أدى به إلى الحلول واتصوف كما فهمه من (آية المعية):
(وهومعكم أينما كنتم) ورفض تفسير السلف لها .....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/71)
ـ[محمد بن سحنون]ــــــــ[19 - 06 - 07, 07:19 م]ـ
أسأل الله الثبات على السنة
ـ[صلاح السعيد]ــــــــ[21 - 06 - 07, 04:20 ص]ـ
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه , وأرنا الباطل باطلا , وارزقنا اجتنابه
ـ[حارث همام]ــــــــ[21 - 06 - 07, 01:21 م]ـ
فائدة:
أحمد الصديق الغماري كان شديداً على الأشاعرة حقاً، وقد كان منحرفاً عن المأولة جملة، شديد الطعن عليهم، بل ربما نال من أبي الحسن الأشعري.
وقد صدر قبل مدة قريبة كتاب قدم له الشيخ أبو أويس محمد الأمين أبو خبزة الحسني جمعه الشيخ الدكتور صادق بن سليم. بعنوان: "ذم الأشاعرة والمتكلمين والفلاسفة للشيخ أحمد بن الصديق الغماري الحسني مجموع من بعض كتبه" وقد حشد الجامع له النصوص في هذا المعنى.
وهذا الكتاب كأن بعض مادته مد المؤلف بها الشيخ خالد السباعي ولعل الشيخ من كتاب هذا المنتدى.
وفي تقدمة الكتاب للشيخ أبي خبزة طعن وحط على عبدالله التليدي حتى إن الشيخ بالغ إذ وصفه بالدجل.
وقد عني الجامع للأقوال بإثبات تفويض الغماري مع ذمه للأشاعرة المأولة، وقد قرأت الكتاب كاملاً وفي تقديري أن فيه بعض ما لايظهر قول الغماري له مما نسب إليه ومذهب الغماري في التفويض محتمل فقد تلتمس له مخارج لبعض الأحرف المأثورة عنه وأشد احتمالاً منه كلامه في المعية، خاصة وأن وصفه بالحلول -المقتضي للإخراج عن الملة- أغلظ من أن يثبت بمثل ما ذُكر خاصة مع وجود نصوص أخرى للشيخ يعارض ظاهرها القول بالحلول.
وأما الكلام الذي نقله الشيخ خالد الأنصاري وفيه إثبات الغماري للصفات كالعين والأيادي وغيرهما، فالحق أنه ليس مما يحمد له فقد خالف طريقة أهل السنة إذ أثبت لله أعيناً وأيادي، ولم يكتف بإثبات العينين واليدين زعماً منه التمسك بظاهر القرآن.
ـ[مهند شيخ يوسف]ــــــــ[21 - 06 - 07, 10:39 م]ـ
هذا تاب من لعنه لمعاوية ولم ير مع ذلك الترضي عنه.
وأما أنا فتبت من الترضي عنه ولم أر لعنه.
لكن عدم لعنه لا يعني التستر على مخالفاته وانتهاكاته البالغة حدا من العجب إنكاره.
هذا الملتقى خاص بأهل السنة والجماعة
و منهج أهل السنة والجماعة السكوت عما شجر بين الصحابة والترضي عنهم
لذلك تم إيقاف هذا العضو
## المشرف ##
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[21 - 06 - 07, 11:38 م]ـ
المدعو: مهند: تقول: (وأما أنا فتبت من الترضي عنه)!!
هذا دليل على أنك مبتدع. إما رافضي أو زيدي .. أو غيرهم من أعداء الصحابة.
فأنصحك بالتوبة قبل أن تلاقي ربك وأنت حاملٌ الغل على أحد صحابة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأحد كتبة الوحي.
وهنا ما يفيدك إن كنت تريد السلامة:
http://saaid.net/book/open.php?cat=7&book=2153
http://saaid.net/book/open.php?cat=7&book=1756
http://www.almenhaj.net/
قال الشيخ الألباني :
etabText.php?linkid=87
هداك الله ..
ـ[صلاح السعيد]ــــــــ[22 - 06 - 07, 12:15 ص]ـ
الترضي عن الصحابة ليس ذنبا حتى تتوب منه يا مهند!!!!!!!
تب إلى الله عز وجل،فباب التوبة مفتوح مالم تغرغر نفسك، والله الهادي ...(29/72)
الحمد لله! توبة الشيخ عبدالله التليدي من سب معاوية - رضي الله عنه -
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[12 - 12 - 04, 11:39 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ المغربي عبدالله التليدي - وفقه الله للخير - هو أحد تلاميذ أحمد الغُماري؛ وقد تأثر به وبمدرسته؛ فناله شيئ من تعظيمهم للتصوف وأهله، ونيلهم من بعض الصحابة الذين اختلفوا مع علي - رضي الله عنهم أجمعين - (انظر مثلا: كتابه عن فضائل الصحابة؛ ص 159)؛ حتى وصل بهم الحال إلى لعنهم - والعياذ بالله -؛ وهذا يؤكد لنا مدى " الصلة " بين التصوف والتشيع؛ كما نبه على هذا الباحثون الذين لمحوا هذه الصلة من جوانب كثيرة - ليس هذا محل ذكرها -؛ وقد ألف الأستاذ كامل الشيبي (الشيعي) رسالة في هذا؛ وللشيخ فلاح مندكار رسالة دكتوراة عن هذا الموضوع (لم تطبع حسب علمي، وليته يبادر بطبعها).
ثم أعلن الشيخ التليدي تراجعه عن هذا الذنب والبدعة الشنيعة التي ساير فيها المتشيعة؛ فقال في آخر كتاب له صدر هذا العام (1425) يحكي فيه شيئًا من ذكرياته وفضائل الله عليه (ذكريات من حياتي؛ص 106):
(ومنها: وذلك من ورعه فضلا من الله أنه كان يسب معاوية وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وسمرة بن جندب، ثم رجع عن ذلك، فحرّق كتاب " النصائح الكافية " لابن عقيل).
قلتُ: أولا: الحمد لله الذي وفقك لهذه التوبة قبل الممات؛ وقبل أن تلاقي الله وفي قلبك " غل " أو " تغيظ " على أحد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولعلك تراجع ما قاله الإمام مالك - رحمه الله - عند قوله تعالى عن الصحابة (ليغيظ بهم الكفار).
ثانيًا: ابن عقيل هذا الذي ذكره الشيخ هو أحد " متشيعة " هذا الزمان ممن تستروا بمذهب أهل السنة ترويجًا لبدعتهم بين المسلمين؛ فتأثر به من لديه قابلية؛ وله رسائل قبيحة في سب معاوية رضي الله عنه؛ كانت سببًا للفتنة بين المسلمين في عصره، وقد رد عليها العلماء في حينه. وممن تأثر بمسلكه وتشيعه: حسن فرحان المالكي. (انظر للمزيد: رسالة " ملحق سرقات المالكي").
أسأل الله الثبات وحسن الخاتمة لي للشيخ التليدي وإخواني المسلمين؛ وأن يوفقه للتخلص والتوبة من بقايا مذهبه الصوفي القديم؛ كغلوه في الأولياء، وتجويزه المولد، واغتراره بالملحد ابن عربي؛ كما في كتابه: " المطرب بمشاهير أولياء المغرب "؛ (ص 9، 12، 81، 88، 104، 115، 138، 194، 249).
وأطلب ممن يعرفه من إخواننا المغاربة - حفظهم الله - أن يُبلغوه سلامي، وتقديري لجهره بالحق. والله الهادي.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[12 - 12 - 04, 11:46 م]ـ
بشرى طيبة .. شكر الله لكم يا شيخ سليمان ..
أسأل الله لي ولكم وللشيخ التليدي الثبات وحسن الخاتمة؛ وأن يوفق الشيخ التليدي للتخلص والتوبة من بقايا مذهبه الصوفي القديم؛ كغلوه في الأولياء، وتجويزه المولد، واغتراره بالملحد ابن عربي
ـ[أبو عائشة]ــــــــ[13 - 12 - 04, 03:05 ص]ـ
وهذا صنيع أهل السنة دائما.
حمد المحسن
وصد المسيء
اللهم اجعلنا من هذه الفرقة الناجية!
ـ[عبدالله الحويل]ــــــــ[13 - 12 - 04, 04:40 ص]ـ
الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات
وثبت الله الشيخ على الحق
وجزاك الله خيراً _ياشيخ سليمان_ على تنبيهك ونقلك الموفق
وقد يسر الله لي الإطلاع على كتاب التليدي وفيه فوائد ولطائف وعبر أسأل الله أن يعين على كتابتها ونشرها هنا في ملتقى الخير ومجتمع العلم ونادي الحديث وأهله
ـ[علي بن حميد]ــــــــ[13 - 12 - 04, 08:13 ص]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ سليمان، وهل لك أن تعطينا ترجمة مختصرة عن ابن عقيل هذا؟
ـ[عصام البشير]ــــــــ[13 - 12 - 04, 11:53 ص]ـ
ومما ينبغي أن يعرف عن الشيخ التليدي - وفقه الله - أنه شديد الإنكار على الأشعرية، وتأويلاتهم في باب الأسماء والصفات، وقد سمعت ذلك منه شخصيا.
ولعل هذا مما أخذه من شيخه أحمد بن الصديق الغماري.
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[13 - 12 - 04, 02:52 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وأنا أؤيد الأخ عصام البشير على ذلك.
فقد جاء في إحدى رسائل أحمد الغماري إلى التليدي المسماة " در الغمام الرقيق " (ص 108 ـ 110) , ما نصه:
ومسألة الأيدي إنما أولها من أولها؛ لأنه مجسم مشبه لله تعالى بخلقه يدعي ظاهر التنزيه مع التفويض في الصفات.
فإذا جاءت صفات بني آدم كالعينين , واليدين , والمجيء , والساق , والضحك آمن بها وادعى التفويض , وإذا جاءت الأيدي والأعين وما هو مخالف لصفات البشر ادّعى التأويل والمجاز.
أما نحن ـ والحمد لله ـ فنؤمن بكل ما جاء عن الله من يد ويدين وأيد , وعين وعينين وأعين , ونؤمن بأنه سبحانه على عرشه بذاته كما ورد به النص ......... إلخ كلامه الرائع في هذا الباب.
فليراجع فإنه يكتب بمداد الذهب.
وأما عن توبة التليدي عن سب معاوية وغيره من الصحابة الكرام فهذا مما يطرب القلب بسماعه , ونسأل الله تعالى توبة الشيخ من باقي الأمور , إنه ولي ذلك والقادر عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/73)
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[13 - 12 - 04, 10:52 م]ـ
الحمد لله أولاً وآخراً ..
والله يرينا الحق حقاً فيرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً فيرزقنا اجتنابه ..
ـ[ابن عبد البر]ــــــــ[14 - 12 - 04, 12:08 ص]ـ
الحمد لله أولاً وآخراً ..
والله يرينا الحق حقاً فيرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً فيرزقنا اجتنابه ..
نفع الله بمك شيخنا الكريم سليمان ..
ـ[عصام البشير]ــــــــ[17 - 12 - 04, 02:13 م]ـ
للفائدة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=15676
ـ[أبو مشاري]ــــــــ[18 - 12 - 04, 02:45 م]ـ
جزاكم الله خير
ولكن كان لي سؤال للمشايخ الفضلاء عن الرؤى التي أوردها في كتابه (مذكرات) و كتابه (نصب الموائد) فما رأيكم فيها، فإن في النفس منها شيء.
نسمع رأيكم بارك الله فيكم.
ـ[عبدالرحمن برهان]ــــــــ[18 - 12 - 04, 03:28 م]ـ
الحمدلله على هدايته
وادعوا الله تعالى ان يثبتنا في الدنيا والاخرة انه ولي ذلك والقادر عليه
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[31 - 01 - 05, 03:07 ص]ـ
رداً على ما أشيع من أن عبدالله الكِرفطي ـ المسمى بالتليدي ـ تاب من سب معاوية والصحابة , فإن هذا الأمر غير صحيح , وقد ذكر لنا ذلك أحد تلامذة الكِرفطي المقربين منه سابقاً , والذي تاب الله عليه ورجع عن العقيدة الفاسدة ـ الصوفية الحلولية ـ , وكان ذلك بحضور بعض المشايخ الأجلاء وفي مجلس الشيخ سليمان الخراشي.
فنسأل الله السلامة والعافية , ونستعيذ به من الخذلان.
ـ[باز11]ــــــــ[31 - 01 - 05, 08:03 ص]ـ
الشيخ عبد الله التليدي فهو غماري إلى النخاع، ويحب مشايخه الغماريين ولا تأتي مناسبة إلا ويذكرهم مع الثناء عليهم.
وأخبرني بعض الثقات ممن ذهب للمغرب أن التليدي وضع بعض كلمات أحمد بن الصديق على جدران الزاوية التي يصلي فيها، لكنهم أخبروني أنهم قابلوه في الحج والعمرة، وأنه قال معاوية لا أحبه ولا أسبه ولا أترضى عليه. وقد ناقشه بعض بعض الإخوان ولكنه أصر على أنه لا يترضى ولا يسب، وعندما سئل عن تصرفات شيخه القبوري كان يقول عنه: أنه كان مجتهدا وأعلم مني. وكان حريصأ على نشر كتبه. وهذا يؤكد ما ذهب إليه خالد الأنصاري.
وأظن أن تغير التليدي إنما جاء من صحبته للشيخ السلفي أبو خبزة التطواني، لأن الإثنين من المغرب.
ـ[أبو عبد الباري]ــــــــ[31 - 01 - 05, 01:30 م]ـ
هل يمكن الجمع بين ما قيل من توبة التليدي:
أنه تاب من السب والشتم ولم يصل للترضي والمحبة؟ فصار بين المنزلتين!!!؟
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[31 - 01 - 05, 04:30 م]ـ
معذرةً أخي الشيخ باز11 , فإن الكِرفطي لم يكن يوماً صديقاً لشيخنا أبي خبزة حفظه الله تعالى , بل هو من أشد الناس عداوة له , وأظن بأن أخانا الشيخ طارق التطواني أبو إسحاق يوافقني الرأي , فهو أحد تلاميذ الشيخ وبلديه.
ـ[مصطفى سمير]ــــــــ[04 - 03 - 10, 10:22 م]ـ
بارك الله فيكم
ماهو آخر حال الشيخ عبد الله التليدي .. ؟!
بإختصار: سلفيّ الإعتقاد أم لا .. ؟! حيث أن هناك من يسأل هل يدرس عليه أم لا .. ؟!
ـ[أبو العالية]ــــــــ[04 - 03 - 10, 10:57 م]ـ
الحمد لله، وبعد ..
بشرى طيبة نفرح لها والله
وجزاك الله خيراً يا أبا مصعب.
ـ[أبو أنس مصطفى البيضاوي]ــــــــ[07 - 03 - 10, 02:17 م]ـ
بارك الله فيكم
ماهو آخر حال الشيخ عبد الله التليدي .. ؟!
بإختصار: سلفيّ الإعتقاد أم لا .. ؟! حيث أن هناك من يسأل هل يدرس عليه أم لا .. ؟!
يقول أبو الفتوح عبد الله التليدي عن نفسه: {كان في بداية أمره على مذهب الأشاعرة المتأخرين الذين مزجوا عقيدة الإمام أبي الحسن الأشعري رحمه الله تعالى الحقة ببعض عقائد المعتزلة, لكنه كان له ميل إلى مذهب السلف لقراءته أيام الطلب رسالة ابن أبي زيد القيرواني مرارا, وعقيدته المذكورة في رسالته سلفية محضة.
ولما اتصل بشيخه الحافظ أبي الفيض رحمه الله تعالى أعطاه كتاب "التوحيد"لابن خزيمة, و"الاعتقاد"للبيهقي, و"اجتماع الجيوش الاسلامية",و"الإبانة"للأشعري, و"الطحاوية",و"لمعة الاعتقاد",خرج من قراءتها كلها باعتناق مذهب السلف, فأصبحت بفضل الله تعالى عقيدته سلفية محضة, وزاد تمكنا في ذلك, بعد أن قرأ كثيرا من كتب التفسير وشروح الحديث التي تتعرض لمذهب السلف والخلف.
وهو ينصح أهل العلم بقراءة عقيدة ابن أبي زيد القيرواني, و"العقيدة الطحاوية, و"الاعتقاد"للبيهقي, و"الإبانة"للأشعري ... رحمهم الله تعالى. اهـ من ذكريات من حياتي للتليدي ص 96.
وأنصحكم بقراءة كتاب صحيفة السوابق وجريدة البوائق للشيخ أبي أويس محمد بوخبزة التطواني حفظه الله فهي مهمة جدا
ـ[أبو يوسف الشافعى]ــــــــ[07 - 03 - 10, 06:43 م]ـ
نسأل الله له الثبات
ونسأل الله الهداية لمن هو على طريقته السابقة
ـ[مصطفى سمير]ــــــــ[09 - 03 - 10, 01:23 ص]ـ
يقول أبو الفتوح عبد الله التليدي عن نفسه: {كان في بداية أمره على مذهب الأشاعرة المتأخرين الذين مزجوا عقيدة الإمام أبي الحسن الأشعري رحمه الله تعالى الحقة ببعض عقائد المعتزلة, لكنه كان له ميل إلى مذهب السلف لقراءته أيام الطلب رسالة ابن أبي زيد القيرواني مرارا, وعقيدته المذكورة في رسالته سلفية محضة.
ولما اتصل بشيخه الحافظ أبي الفيض رحمه الله تعالى أعطاه كتاب "التوحيد"لابن خزيمة, و"الاعتقاد"للبيهقي, و"اجتماع الجيوش الاسلامية",و"الإبانة"للأشعري, و"الطحاوية",و"لمعة الاعتقاد",خرج من قراءتها كلها باعتناق مذهب السلف, فأصبحت بفضل الله تعالى عقيدته سلفية محضة, وزاد تمكنا في ذلك, بعد أن قرأ كثيرا من كتب التفسير وشروح الحديث التي تتعرض لمذهب السلف والخلف.
وهو ينصح أهل العلم بقراءة عقيدة ابن أبي زيد القيرواني, و"العقيدة الطحاوية, و"الاعتقاد"للبيهقي, و"الإبانة"للأشعري ... رحمهم الله تعالى. اهـ من ذكريات من حياتي للتليدي ص 96.
وأنصحكم بقراءة كتاب صحيفة السوابق وجريدة البوائق للشيخ أبي أويس محمد بوخبزة التطواني حفظه الله فهي مهمة جدا
هذا نص كلامه لفظا ومعنا, أم معناه بلفظكَ يارعاكَ الله .. ؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/74)
ـ[أبو أنس مصطفى البيضاوي]ــــــــ[09 - 03 - 10, 01:29 ص]ـ
هذا نص كلامه لفظا ومعنا, أم معناه بلفظكَ يارعاكَ الله .. ؟
أخي الحبيب هذا نص كلامه لفظا ومعنى.
ثم من قولي وأنصحكم بقراءة كتاب ... فهذا من كلامي أنا.
والله الموفق
ـ[أبو أنس مصطفى البيضاوي]ــــــــ[12 - 03 - 10, 02:56 ص]ـ
صحيفة سوابق وجريدة بوائق ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=561786&postcount=1)(29/75)
دمعة على التوحيد .. د. البوطي يجوّز التوسّل والاستغاثة بالأموات وأموراً أخرى من الضلا
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[14 - 12 - 04, 11:49 م]ـ
دمعة على التوحيد .. د. البوطي يجوّز التوسّل والاستغاثة بالأموات وأموراً أخرى من الضلالات!!
بسم الله الرحمن الرحيم ..
الحمد لله،، والصلاة والسلام على رسول الله،، وعلى آله وصحبه ومن والاه:
وبعد ...
إليكم ـ إخواني وأخواتي ـ هذه الفاجعة المرّة التي وقفت عليها نقلا عن موقع
د. محمد سعيد رمضان البوطي وهو يصرّح بجواز التوسّل والاستغاثة بأيٍّ
من الصالحين من أمثال الجيلاني والشاذلي والرفاعي إن كان الدّاعي ـ بزعمه! ـ
يعتقد أنه لا نافع ولا ضارّ إلا الله ..
وفي تضاعيف الفتوى ـ نفسها! ـ إقراره للسائل بأن الحركة الوهابية ما هى
إلا مخطط بريطاني صهيوني، ويجوّز أيضا الاحتفال بالموالد!!
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=24127
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[14 - 12 - 04, 11:53 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=13235&highlight=%C7%E1%C8%E6%D8%ED
سم الله الرحمن الرحيم
حوار مع الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي
الحلقة الخامسة
ـ الاقتران و التأثير ـ
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده.
أما بعد؛
يستهل الدكتور البوطي هذا الموضوع، و كما هي عادته بالادعاء: أن ابن تيمية تناقض مرة أخرى، و أخذ بأقوال الفلاسفة زاعما أنها تنسجم مع القرآن، و أن منتهى مذهب شيخ الإسلام تقرير العلة الأرسطوطاليسية، التي تعني أن للمادة فعالية ذاتية مستقلة.
أقول: لقد استنتج الدكتور البوطي هذه الاستنتاجات الغريبة! من قول شيخ الإسلام:
" و الناس جميعا يعلمون بحسّهم و عقلهم أنّ بعض الأشياء سبب لبعض، كما يعلمون أنّ الشبع يحصل بالأكل لا بالعدّ، و يحصل بأكل الطعام لا بأكل الحصى، و أنّ الماء سبب لحياة النبات و الحيوان، كما قال الله: (و جعلنا من الماء كل شيء حيّ) (الأنبياء: ص 30) و أنّ الحيوان يروى بشرب الماء لا بالمشي، و مثل ذلك كثير".
و من قوله الآخر:" و من قال: أنّه يفعل عندها لا بها، فقد خالف ما جاء به القرآن، و أنكر ما خلقه الله من القوى و الطبائع، و هو شبيه بإنكار ما خلق الله من القوة التي في الحيوان التي يفعل الحيوان بها، مثل قدرة العبد".
و إذا كانت هذه هي أقوال ابن تيمية في المسألة، فأين وجد الدكتور البوطي فيها أنه قال: إن للمادة فاعلية ذاتية مستقلة؟ أو أن في السبب ماهية هي مسبب السبب؟
إلا أن يكون قد جانب الصواب، و ادعى عليه ما ليس فيه، فكيف يعقل، و يقبل منه أن يقول ابن تيمية:" إن من يقول يفعل الله عندها لا بها، قد أنكر ما خلق الله من القوى و الطبائع، و أن الله هو الذي أخرج بالماء كل شيء حي".
و يقول البوطي: إن ابن تيمية يثبت للمادة فاعلية مستقلة، أي: مستقلة عن الله؟
ثم يضيف إلى أوهامه حلقة أخرى، عندما يقول:" إن ابن تيمية يصر على التأكيد بأن هذا الفكر الفلسفي الذي يقوم عليه المنطق الأرسطوطاليسي، هو الذي يقرره القرآن، فمن خالفه فقد خالف ما جاء به القرآن".
و مع أن ابن تيمية لم يذكر أن قوله قول الفلاسفة، و لا هو في الحقيقة قول الفلاسفة، يبيح الدكتور البوطي لنفسه أن ينسب إليه ذلك!
و من العجيب الذي يبكي، أن الدكتور البوطي يسمي الإيمان بالقرآن و الحديث دون تحريف: كفرا و شركا بالله عز و جل باتفاق الملة، و بدلالة النصوص القرآنية القاطعة! فيقول في الصفحة (175):" إن كان ابن تيمية يرى أن الباء في هذه الآيات و أمثالها تدل على السببية الحقيقية فذلك كفر، و شرك بالله عز و جل باتفاق الملة وبدلالة النصوص القرآنية القاطعة".
أقول: يقصد البوطي أن الإيمان بقوله تعالى: (فأخرجنا به من كل الثمرات) (الأعراف:57) كفر و شرك، إذا كان اعتقادا بأن الله يخرج بالماء كل الثمرات، و لا أدري من الأحق بالوصف؟ من آمن بقول الله عز و جل: من أنه يخرج بالماء من كل الثمرات، أم من رده به، و اعتقد قول شرذمة من السفسطائيين أو ممن أحسن الظن بهم؟
و ما هي النصوص القرآنية القاطعة، التي تدل على كفر و شرك من يقول: إن الله يخرج الثمرات بالماء؟ و اتفاق أي ملة يقصد؟ و أين هذا الاتفاق؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/76)
كثير من الأسئلة، لو أجبنا عليها لوجدنا الدكتور البوطي قد أوهى حديثه، و حرف مقالات الناس، و توغل في مذهب شكاك اليونان كبيرون و غيره
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[14 - 12 - 04, 11:57 م]ـ
يا شباب هذا ما حصل لي مع أشعري من طلاب البوطي
بسم الله الرحمن الرحيم
أسمعوا بارك الله فيكم
سألت هذا الطالب الشرعي
أنتم لا تعتبرون حديث الآحاد في العقيدة
قال: نعم
قلت له لماذا
قال ـ لأنه ظني الدلاله ولا يستشهد في العقيدة إلا بالقطعي الدلاله
قلت له لو أن مرضا أتى لطبيب معروف بحذاقته وثقته ومهارته ولا يشك أحد في ذلك ألبته
فوصف له دواء فقال له المريض لا أسلم لك بهذا حتى تأتيني بطبيب آخر حاذق مثلك
حتى أصدق فهل يستقيم كلامه
سكت
فقلت له: تقول لأنه ظني الدلاله ولكن أسألك سؤالا هنا
قال: تفضل
قلت له: هل تأويلاتكم في كل الكتب التي هي من أمهات كتبكم على الإطلاق
هل تجزم بأنها هي مراد الله
قال: لا طبعا ولكن يحتمل
قلت: إذا هي ظنية
قال: نعم
قلت له: لقد ناقضت القاعدة (لا نستشهد بالظني في العقائد) فكيف تقبل ظني العقل وترفض
قطعي (أو كما يقول هو ظني) الحديث مع صحة سنده (سنده كالشمس)
فسكت
وأرجو منكم أن تقولوا لي ماذا بعد الحق إلا الضلال
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك ثم زد أخي أبو عمر السوري وقل له إن دعاء غير الله وطلب الغوث منه شرك فهل عندك دليل على أنه ليس بشرك؟ ثم انظر العجب في إجابته.
من إجاباته:
1ـ أحاديث لا علاقة لها بالموضوع مثل توسل الصحابة بدعاء العباس واستنزال رحمة الله بوجوده مثل استنزال رحمة الله بوجود الأطفال والضعفاء.
2ـ أحاديث ضعيفة.وهي كثيرة.
3ـ ثم في الدوائرة الصوفية اسمع الموضوعات
4ـ والأحلام يمدون فيها ولا يقصرون. والأحلام عندهم أفضل من حديث يروى في الصحاح ولو كان متواتر.
5ـ وينزلون للحظيظ أخي حين تراهم يستشهدون بأبيات الشعر هل تعلم أن أقوى دليل عندهم في خرافة الكلام النفسي هي قول الشاعر النصراني الذي لم يوجد في ديوان شعره ولم يعرف له سند ولا خطام (إن الكلام لفي الفؤاد .... ) مع أنه روي برواية إن البيان لفي الفؤاد.
مع أن القائل نصراني ولم يثبت عنه وروي بروايات مختلفة إلا أنه أصبح قطعي الورورد قطعي الدلالة يرقى فوق أحاديث الصحابة والتابعين ........
وفي مسألة التوسل بيت (أمر على الديار ديار ليلى أقبل ذا الجدار وذا الجدار .. )
فهل هؤلاء قوم يحرصون على الحق أو يهمهم توحيد الخالق والنجاة من الشرك والله ما هم إلا عبيد الهوى والشبهة والشهوة.
فتأمل ضلال القوم. واحمد الله على نعمة السنة والتزام الحق فما قوة موقفنا ولا سلامة منهجنا بفضل منا ولا ذكاء بل بفضل الله وإنعامه علينا باتباع سبيل المؤمنين والحرص على السنة والحق فأمتنا اللهم على ذلك ......
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
وفقك الله و ألهمك الحجة و الفهم
و يجب تبيين حقيقة البوطي دعي الشرك و الكفر للإخوان في سوريا
و لا يخفى عليكم موقعه على الشبكة و ما فيه من تهم للسلفيين و دعوات للشرك بالله و الاستنتجاد و الشفاعة من غيره
بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم
يا أحباب
لكنهم قوم وضعوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم
ولو قرأ هذه واحد منهم قال كفرنا
طيب حرام الإستعارة التشبيهية في القرآن
لماذا لأنهم لا يستطيعون أن يتحملوا أن فلان ابن فلان العالم الجهبذ (عفوا هل هو جهبذ حقا)
غلطان معقول؟؟؟
فنقول لهم
أنتم حجتكم الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة
وما توبة الجويني وأبيه عنكم ببعيد
وما ندم الرازي وقوله عنكم ببعيد
وما رجوع الإشعري الذي تنتسبون إليه ببعيد
ولكن أخذتكم العزة بالإثم
فحسبي الله على شيطانهم
وتسلموا يا شباب
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
http://www.muslm.net/vb/showthread.php?s=&threadid=64914&highlight=%C7%E1%C8%E6%D8%ED
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[15 - 12 - 04, 04:48 ص]ـ
الغريب أن داعية الشرك هذا يجد محبين له في هذا المنتدى، والله المستعان
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[15 - 12 - 04, 09:37 ص]ـ
البوطي بالفعل وجدت له على موقعه إجازة (((الاستغاثة))) بغير الله تعالى لو كان المستغيث يعتقد أن الله تعالى هو النافع الضار!!!!!
و في الحقيقة أنا أول ما عرفت البوطي عرفته كرجل فكر ونهج وإصلاح فكري، فذهلت جدا حين قرأت له هذه الفتوى على موقعه منذ حوالي العام و النصف، حتى أنني أخذت أمعن النظر في كلمة (((((الاستغاثة))))) لعلها تكون (التوسل) فيكون للكلام مجال! لكن كيف ثم كيف ثم كيف أتصور عقلا أن تقع الاستغاثة من شخص وهو يعتقد عدم مقدرة المستغاث على النجدة!!!!!! إن الاستغاثة لا تكون إلا بعد اعتقاد المقدرة على النجدة
في الحقيقة فإن الكلام الدكتور البوطي حقا لا يخرج إلا من (((((مجنون))))) ... هذا أقل ما بقال
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/77)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[15 - 12 - 04, 04:00 م]ـ
البوطي هذا من المشاهير المنافحين عن البدع والضلال، والتهجم والتهكم بالدعوة السلفية المباركة في نجد، عامله الله بما يستحق.(29/78)
هل في تفسير البغوي مخالفات للعقيدة الصحيحة
ـ[مسلم_92]ــــــــ[15 - 12 - 04, 01:16 م]ـ
السلام عليكم
أريد دراسة تفسير البغوي, إن شاء الله , هل البغوي من أهل السنة و الجماعة و هل في هذا التفسير مخالفات للعقيدة الصحيحة.
جزاكم الله خيرا.
ـ[مسلم_92]ــــــــ[17 - 12 - 04, 11:39 م]ـ
السلام عليكم
للفائدة
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=23952&highlight=%C7%E1%C8%DB%E6%ED
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[18 - 12 - 04, 12:26 ص]ـ
معالم التنزيل) للبغوي رحمه الله (ت 510هـ)
التعريف بالمؤلف ومناقبه:
يقول الإمام الذهبي رحمه الله في ترجمته: (الشيخ الإمام، العلامة القدوة الحافظ شيخ الإسلام، مُحيي السنة أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي المفسر صاحب التصانيف (كشرح السنة) و (معالم التنزيل) و (الجمع بين الصحيحين) وأشياء. وكان البغوي يُلقب بمحيي السنة وبركن الدين، وكان سيداً إماماً عالماً علامة زاهداً وله القدم الراسخ في التفسير والباع المديد في الفقه. وتوفي "بمرو الروُّذ" مدينة من مدائن خراسان في شوال سنة 516هـ وعاش بضعاً وسبعين سنة).
"سير أعلام النبلاء – للذهبي [19/ 439] مؤسسة الرسالة، بيروت".
الدكتور: محمد الذهبي يورد اسم البلدة التي مات بها بأنها "مروروز" (التفسير والمفسرون245/ 1)
مناقبه كذلك وشيوخه وتلاميذه:
ويقول الداودي في كتابه (طبقات المفسرين) رحمه الله: (كان إماماً في التفسير، إماماً في الحديث، إماماً في الفقه، جليلاً ورعاً زاهداً تفقَّه على القاضي حسين وهو أخص تلامذته، وسمع الحديث منه ومن أبي عمر عبدالواحد المليحي، وأبي الحسن الداودي، وأبي الحسن محمد بن محمد الشيرازي وغيرهم. وسماعاته بعد الستين وأربعمائة.
روى عنه أبو منصور محمد بن أسعد العطاري وأبو الفتوح محمد بن محمد الطائي وجماعة وآخرهم أبو المكارم فضل الله بن محمد النوقاني وله من التصانيف (معالم التنزيل في التفسير) و (شرح السنة) و (المصابيح) و (الجمع بين الصحيحين) و (التهذيب في الفقه) وقد بورك له في تصانيفه ورُزق فيها القبول الحسن بنيته وكان لا يلقي الدرس إلا على طهارة، وكان قانعاً يأكل الخبز وحده، ثم عُذِل في ذلك فصار يأكله بزيت، مات في شوال سنة 510هـ بمرو الروَّذ ودفن عند شيخه القاضي الحسين وقد جاوز البغوي الثمانين ولم يحج). وذكر ذلك أيضاً الذهبي.
"طبقات المفسرين للداودي، ص 161 – 162".
نشأته ومبلغه من العلم:
لا نعرف الكثير عن نشأته رحمه الله وحياته المبكرة، كما نجهل ما يتصل بأسرته وعدد أفرادها وذلك كله لأن المصادر التي ترجمت له لا تفصح عن ذلك، ولعل السبب في هذه الظاهرة أن أسرة الإمام البغوي لم يكن فيها من له باع طويل في ميدان العلم والفقه والكتاب والسنة، فيذكرون بتلك العلوم كما ذُكر، ويُشهرون بها كما شهر، علماً بأن المدينة التي ولد بها ونشأ فيها وهي بلاد خراسان التي أنجبت كثيراً من العلماء.
والإمام البغوي قد نشأ في أسرة فقيرة كما ينشأ أكثر العلماء في عصره، وخاصة أن المصادر تذكر أن أباه كان فرَّاءً يصنع الفراء ويبيعها. (السير – للذهبي).
وتذكر بعض المصادر أنه تزوج وأن زوجته لما ماتت لم يأخذ من ميراثها شيئاً. ولم تذكر كتب التراجم أنه رزق أبناءً وليس في كنيته ما يؤكد على خلاف ذلك؛ لأن التكني ظاهرة كانت مألوفة بين العلماء.
وأما مبلغه من العلم فنجد العلماء يشهدون له بالتقدم والتفوق في ميدان العلوم الشرعية، وهو يتميز بتنوع الجوانب واختلاف مناحي التخصص، يقول عنه ابن خلكان الفقيه الشافعي المحدث المفسر: (كان بحراً في العلوم).
ويقول عنه الإمام السيوطي في طبقات المفسرين: (كان إماماً في التفسير، إماماً في الحديث، إماماً في الفقه).
ويقول عنه ابن كثير في البداية والنهاية: (كان ديناً ورعاً زاهداً عابداً صالحاً). وقليل أولئك العلماء الذين يصدق عملهم علمهم ويوافق سلوكهم فكرهم وكان الإمام البغوي من هؤلاء القليلين – رحمه الله – الذين يطابق عملهم وخلقهم تقدمهم وتفوقهم العلمي.
عقيدته ومذهبه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/79)
قد قدر للإمام البغوي الاستقامة والسلامة في العقيدة من الانحراف وجاءت شهادات العلماء ممن ترجم له، تشهد له بذلك فهو كما يقول ابن نقطة: (إمام حافظ ثقة صالح). وهي لا شك من الدرجات العالية في التعديل والتقويم. (البغوي ومنهج في التفسير) لعفاف عبدالغفور، ص 35.
ويقول الإمام الذهبي (على منهاج السلف حلاً وعقداً): ويتضح من هذه الأقوال أن عقيدته هي عقيدة أهل السنة والجماعة. وأما مذهبه فقد كان شافعياً بل من أئمة المذهب الشافعي، وقد اشتهر ذلك لدى العلماء وأكده من ترجم له، ومنهم ابن خلكان والذهبي والسبكي وغيرهم. أما اختياره للمذهب الشافعي فبحكم البيئة التي نشأ بها والعلماء الذين تلقى عنهم ودرس عليهم الفقه.
وبعد أن وقفنا على نسب وسيرة المؤلف – رحمه الله – وصفاته وعقيدته وغيرها نأتي الآن إلى مؤلفه في التفسير وهو كتابه (معالم التنزيل) في التفسير.
التعريف "بمعالم التنزيل" في التفسير للإمام البغوي – رحمه الله –:
ومعالم التنزيل في التفسير متوسط الحجم سهل العبارة ينقل فيه مؤلفه ما ورد عن الصحابة والتابعين من غير ذكر للسند اعتماداً على أنه ذكر في مقدمة تفسيره إسناده إلى كل من يروي عنه كما أنه يتحرى الصحة فيما يسنده إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ويعرض عن المناكير وما لا يتعلق له بالتفسير.
قال ابن تيمية: والبغوي تفسيره مختصر من الثعلبي لأنه صان تفسيره عن الأحاديث الموضوعة والآراء المبتدعة.
(مقدمة أصول التفسير).
ووصفه الخازن في مقدمة تفسيره: بأنه من أجمل المصنفات في علم التفسير وأعلاها، جامع للصحيح من الأقاويل، عارٍ من الشبه والتصحيف والتبديل, محلَّى بالأحاديث النبوية، مطرَّز بالأحكام الشرعية, موشَّى بالقصص الغريبة وأخبار الماضين العجيبة، مرصَّع بأحسن الإشارات، مخرَّج بأوضح العبارات، مفرَّغ في قالب الجمال بأفصح مقال.
(التفسير والمفسرون).
وقد طبع هذا التفسير في نسخة واحدة مع تفسير ابن كثير الدمشقي، كما طبع مع تفسير الخازن، ويتعرض لتفسير الآية بلفظ سهل موجز وينقل ما جاء عن السلف في تفسيرها. وذلك بدون أن يذكر السند يكتفي في ذلك بأن يقول مثلاً: قال ابن عباس كذا وكذا، وقال مجاهد كذا وكذا، وقال عطاء كذا وكذا، والسر في هذا هو أنه ذكر في مقدمة تفسيره إسناده إلى كل من يروي عنهم وبين أن له طرقاً سواها تركها اختصاراً ثم إنه إذا روى عمن ذكر أسانيده إليهم بإسناد آخر غير الذي ذكره في مقدمة تفسيره فإنه يذكره عند الرواية.
وقد طبع تفسير البغوي طبعات كثيرة منها طبعت بفارس في أربع مجلدات ولم يذكر مكان الطبع أو تاريخه، وطبع أيضاً في بومباي في مجلدين سنة 1309هـ – 1891م، وطبع على هامش تفسير الإمام ابن كثير كما طبع على هامش تفسير الخازن وتقع الطبعة الأخيرة في سبعة أجزاء وفي أربعة مجلدات وكذلك طبعته دار طيبة بالرياض في 8 مجلدات طبعة محققة ومخرجة الأحاديث.
(البغوي ومنهجه في التفسير) عفاف عبدالغفور ص 63.
منهج البغوي في تفسيره والباعث على تأليفه (معالم التنزيل):
ومعالم التنزيل من أشهر كتب التفسير بالمأثور وهو تفسير كامل للقرآن مع مقدمة للمؤلف يستهلها بحمد الله والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم يبين مهمة إرسال الرسول وإنزال الكتاب المعجز عليه، ثم يذكر ما اشتمل عليه القرآن من الأمور عقيدة وفقهاً وقصصاً وحكماً.
ثم ينتقل البغوي – رحمه الله – إلى دواعي تأليفه لتفسيره فيقول: (فسألني جماعة من أصحابي المخلصين وعلى اقتباس العلم مقبلون كتاباً في معالم التنزيل وتفسيره، فأجبتهم إليه معتمداً على فضل الله تعالى وتيسيره متمثلاً وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم فيما يرويه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال: (إن رجالاً يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيراً).
ومن هذا النص نستفيد أن تفسيره جاء نزولاً عند رغبة طلابه وتلاميذه المخلصين والمقبلين على اقتباس العلم وتحقيقاً لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم واقتداء بالماضين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/80)
ويقدم البغوي بعد ذلك الطريقة التي اختارها وجعل عليها تفسيره وهي التوسط والاعتدال فيقول: (فجمعت بعون الله تعالى وحسن توفيقه فيما سألوا كتاباً متوسطاً بين الطويل الممل والقصير المخل، أرجو أن يكون مفيداً لمن أقبل على تحصيله).
وينتقل الإمام البغوي – رحمه الله – في مقدمته فيذكر مصادره في تفسيره من كتب التفسير بالمأثور وكتب الأخبار والسير وكتب القراءات والحديث النبوي الشريف.
ثم يعقد ثلاثة فصول بين يدي التفسير وهي في فضائل القرآن وتعليمه وفي فضائل تلاوة القرآن، وفي وعيد من قال في القرآن برأيه.
ثم يبين معنى التفسير والتأويل والفرق بينهما ومعنى نزول القرآن على سبعة أحرف. ثم ينطلق إلى تفسير كتاب الله تعالى سورة سورة من سورة الفاتحة حتى سورة الناس.
(البغوي ومنهجه في التفسير) عفاف عبدالغفور.
وقد عرض الإمام البغوي – رحمه الله – لتفسير كتاب الله وشرح معانيه بأسلوب سهل واضح لا لبس فيه ولا غموض ولا صعوبة, ولا توعر في لغته، ويلاحظ على تفسيره الابتعاد عن ذكر التفاصيل والاسترسال في المسائل الفرعية وبعده عن الحشو والتكرار والتطويل.
وطريقته في تفسيره تأتي في ذكر اسم السورة وعدد آياتها وبيان مكيها ومدنيها وقد يفصّل فيذكر الآيات المكية في المدينة والعكس ثم يسوق أسباب النزول إن كانت السورة قد نزلت في مناسبة معينة، وقد يعرض خلال التفسير لأسباب نزول بعض الآيات الخاصة فيها.
وللبغوي منهج متميز في التفسير يعتمد على عناصر أساسية وهي: اعتماده على المأثور من الكتاب والسنة النبوية وأقوال الصحابة والتابعين مع عنايته بالقراءات واللغة والنحو بإيجاز يحقق فهم الآيات، وذكره لمسائل العقيدة والأحكام الفقهية بطريقة مختصرة. وهذا تفصيل منهجه في التفسير.
اعتماده على الكتاب والسنة:
إن آي القرآن الكريم يوضح بعضها البعض الآخر فما أجمل وأوجز في موضع من القرآن الكريم قد فسر وبين في مكان آخر، وقد تخصص آيةٌ عموم آية سابقة، والمهم أن كتاب الله تعالى يوضح بعضه البعض الآخر. وتأتي السنة المطهرة بعد كتاب الله في تفسير آي القرآن الكريم، وأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم المبينة الموضحة لآيات كتاب الله ذات أهمية كبيرة. قال تعالى: ×وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون÷. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ألا إنني أوتيت الكتاب ومثله معه).
وقد أدرك الإمام البغوي – رحمه الله – أهمية هذه الصلة بين آيات كتاب الله تعالى بعضها بالبعض الآخر وبينها وبيَّن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. حين قرر معنى التفسير وجعله مما يجب أن يكون مسوقاً بطرق ثابتة. وهكذا عني البغوي – رحمه الله – كثيراً بإيراد نصوص من القرآن في تفسير معنى الآية من القرآن، كما كانت عنايته أكبر وأبعد مدى في كثرة إيراده لنصوص الأحاديث النبوية.
أولاً: تفسير القرآن بالقرآن وبعض الأمثلة على ذلك:
يعتمد تفسير (معالم التنزيل) على كتاب الله تعالى اعتماداً كبيراً، وتطرد ظاهرة التمثيل والاستشهاد بآيات القرآن لبيان معنى الآيات الأخرى وهناك من الأمثلة في تفسيره الكثير.
.
ثانياً: تفسير القرآن بالسنة وبعض الأمثلة على ذلك:
يعتبر الإمام البغوي محي السنة – رحمه الله – وأبرز أعلام عصره في ميدان الحديث والسنة، ولم يزل كذلك في العصور التالية لما تركه من آثار ومؤلفات نفيسة في السنة النبوية وعلى رأسها (مصابيح السنة) و (شرح السنة).
وقد ترك اهتمامه الكبير وشغفه العظيم بالسنة سمة بارزة في تفسيره، فجاء (معالم التنزيل) تفسيراً حافلاً بالنصوص الحديثية الصحيحة والحسنة والذي يؤكد اهتمامه بالحديث إدراكه للصلة الوثيقة بين الكتاب والسنة، فهو يقول في مقدمة تفسيره: (إن الكتاب يُطلب بيانه من السنة وفيها مدار الشرع وأمور الدين).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/81)
ويتميز البغوي – رحمه الله – في تفسيره بجودة اختياره وانتخابه لنصوص الحديث التي يوردها في مطاوي التفسير وتحريه، وحرصه على الصحيح منها، وبُعده وإعراضه عن الضعيف والمنكر من الأحاديث مما لا يتناسب ولا يتفق مع تفسير كتاب الله تعالى، وحول هذا يقول – رحمه الله – في مقدمة تفسيره: (وما ذكرتُ من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثناء الكتاب على وفاق آية أو بيان حكم فهي من الكتاب المسموعة للحفاظ وأئمة الحديث، وأعرضت عن ذكر المناكير وما لا يليق بحال التفسير).
ولا غرابة أن نجد من البغوي – رحمه الله – هذه العناية الكبيرة بالحديث، فهو ذو قدم راسخة، وذو اهتمام أصيل بالحديث النبوي.
وقد سلك البغوي – رحمه الله – طريق المحدثين في إيراده إسناد الحديث حتى الصحابي الذي روى الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعله اكتفى بذكره لرجال السند واستغنى به عن تخريجه لنصوص الأحاديث النبوية الشريفة، ولذلك فالملاحظ أنه لم يخرج الأحاديث التي ذكرها في تفسيره وإن كان قد خرَّج البعض منها واكتفى بالبعض الآخر ببيان درجته أي الحديث من الصحة والحسن، وهناك نماذج لبعض الأحاديث ذكرها مع رجال السند والتخريج في كتابه.
لكن بعض الأحاديث القليلة لم يذكر البغوي – رحمه الله – رجال السند فيها ولعله ذكر تلك الأحاديث في موضع سابق مع رجال السنة فلم يذكرها تجنباً للتكرار.
وتحتل نصوص الحديث النبوي والسنة المطهرة مساحة فسيحة في تفسيره حتى يبلغ الأمر به أن يعقد فصولاً حديثية في مقام التدليل على المعنى المراد في تلك الآية، وهو شغف وتعلق كبير يكشف عنه محدثاً كبيراً رحمه الله.
ثالثاً: حرصه في تفسيره على المأثور من أقوال الصحابة والتابعين:
جاء تفسير الإمام محيي السنة البغوي – رحمه الله – (معالم التنزيل) فضلاً عن اعتماده على الكتاب والسنة اعتماداً ظاهراً، معتمداً على المأثور من تفسير الصحابة والتابعين (رضي الله عنهم أجمعين) وهو اعتماد يكاد يكون مطلقاً لا حدود له، ومقدمة تفسيره تكشف لنا بوضوح عن اتجاهه النقلي في تفسير آيات كتاب الله فمصادر تفسيره – في المقام الأول – كتب التفسير بالمأثور وقد بلغت مصادره في المأثور والأخبار خمسة عشر مصدراً وهي لابن عباس ومجاهد بن جبر، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وقتادة، وأبي العالية، والقُرظي، وزيد بن أسلم, والكلبي، والضحاك، ومقاتل بن سليمان، والسدي، ووهب بن منبه، ومحمد بن إسحاق.
والملاحظ على بعض تلك الطرق التي تلقى بها تفاسير الصحابة رضي الله عنهم أنها ضعيفة واهية ليست معتبرة أو معتمدة لدى علماء الجرح والتعديل كما بالنسبة للطريق الثاني في تفسير ابن عباس عن ابن عطية سعد العوفي عن عمه عن أبيه عن جده عطية فهي غير مرضية لأن عطية ضعيف ليس بواهٍ. وكذلك بالنسبة لتفسير زيد بن أسلم لأنه من تفاسير ضعفا ء التابعين عن طريق ابنه عبدالرحمن وهو من الضعفاء.
ولكن أكثر تلك الطرق جيدة وحسنة وصالحة في النقل عن هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم كما بالنسبة للطريق الأول لتفسير ابن عباس وهي عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة فهي أجود الطرق عنه.
وكذلك بالنسبة للطريق الثالث في تفسير ابن عباس ما أُخذ عن عكرمة بطريق الحسن بن واقد فهي جيدة وإسناده حسن.
وكذلك بالنسبة لتفسير مجاهد عن طريق ابن أبي نجيح فالطريق إلى ابن أبي نجيح قوية.
وكذلك بالنسبة لتفسير مقاتل بن حيان فهو صدوق في المرتبة الرابعة عند بعض العلماء.
(البغوي منهجه في التفسير).
ولكن نقله عن السلف لم يكن طريقه ومسلكه الوحيد في تفسيره، ومن أجل ذلك قال الدكتور/ محمد محمد أبو شهبة عن تفسيره: (بأنه ليس خالصاً للتفسير بالمأثور بل جمع فيه بين التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي والاجتهاد المقبول). فهو وسط بين كتب التفسير بالمأثور نحو تفسير ابن جرير الطبري، والدر المنثور للسيوطي، وبين كتب التفسير بالرأي والاجتهاد.
وكذلك جاء هذا الوصف من قبل الدكتور/ منيع عبدالحليم محمود في كتابه مناهج المفسرين، والدكتور/ عبدالله محمود شحاته في كتابه تاريخ القرآن والتفسير.
وهكذا نخلص إلى أن كتابه رحمه الله (معالم التنزيل) من الكتب المعتبرة في التفسير بالمأثور وهو الغالب على منهجه وطريقته ولكنه ليس خالصاً للتفسير بالمأثور.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/82)
ونسوق بعض الأمثلة للتدليل على هذا الاتجاه الغالب على تفسير الإمام البغوي – رحمه الله – وهو حرصه على المأثور.
فمن ذلك أنه في بيانه لمعنى الصراط المستقيم يوضح ذلك من خلال آراء السلف، فيقول – رحمه الله -: قال ابن عباس وجابر: هو الإسلام، وهو قول مقاتل, وقال ابن مسعود: هو القرآن، وروي عن علي مرفوعاً: (الصراط المستقيم) كتاب الله، وقال سعيد بن جبير: هو طريق الجنة، وقال سهل بن عبدالله: طريق السنة والجماعة، وقال بكر بن عبدالله المزني: طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال أبو العالية والحسن: رسول الله وآله وصاحباه، وكذلك يصنع في بيانه لمعنى (الذين أنعمت عليهم) فيورد فهم وتفسير عكرمة وابن عباس وأبي العالية وعبدالرحمن بن زيد وشهر بن حوشب.
وفي هذا دليل على اعتماد البغوي – رحمه الله – على التفسير بالمأثور وهو اعتماد ظاهر في السور كلها، وإن كان هذا لا يعني أن تفسيره اقتصر على المأثور بل يستعين في فهم الآية باللغة العربية والمعقول من الاجتهاد.
وقد جرَّد البغوي – رحمه الله – تفسيره بالمأثور من رجال السند اختصاراً؛ لأنه ذكر طرقه في مقدمة التفسير ولكننا نجد أسماء أخرى لم يذكرها في مقدمته، فقد وردت بعض الآراء في تفسير الآيات عن جماعة من الصحابة والتابعين لم تُذكر أسماؤهم ولا طرق روايته عنهم في مقدمته التي استهل بها تفسيره، فمن هؤلاء: الربيع بن أنس، وابن مسعود، وعكرمة، وإبراهيم النخعي، والشعبي، وسعيد بن جبير، وإبراهيم بن أدهم وغيرهم.
كما أنه أحياناً لا يذكر الأسماء ويكتفي بأن يقول: قال أكثر المفسرين، أو قال سائر المفسرين, أو قال أهل التفسير, أو قيل كذا وكذا.
وكذلك فقد روى عمن ذكر أسانيده إليهم بإسناد آخر غير الذي ذكره في مقدمته، كما فعل في بعض ما نقله عن ابن عباس – رضي الله عنهما – حيث روى عنه بطرق أخرى غير التي ذكرها في مقدمته.
وبهذا نخلص إلى الأصول الأساسية التي اعتمدها البغوي – رحمه الله – في كتاب (معالم التنزيل) وهي:
1 – اعتماده على الكتاب والسنة فهو يفسر القرآن بالقرآن أو بالسنة النبوية مراعياً بذلك سياق السند وتحري الصحة والدقة.
2 – حرصه على المأثور من التفسير من أقوال الصحابة والتابعين ممن ذكر طرق الأخذ عنهم في المقدمة مع أخذه من آخرين لم يذكرهم وقد برز طابع المأثور في تفسيره بصورة ظاهرة وكان أميناً في نقله – رحمه الله – لآراء هؤلاء السلف دون ترجيح وقد يرجح فيما يختاره ويجد الدليل عليه.
3 - يعرض لرأي أهل السنة ولآراء مخالفيهم مع الإنتصار لرأي أهل السنة مدللاً عليه بالمنقول والمعقول كما عند قوله تعالى (لاتدركه الأبصار) الأنعام/103وغيرها كثير.
وبقية أصول منهجه في تفسيره كعنايته باللغة والنحو والقراءات وما يتعلق بالإسرائيليات والموضوعات، وما يتعلق بالعقيدة والمسائل الفقهيةلعل الله أن ييسر لي طرحها مستقبلاً إن شاءالله أو أحد الإخوة يقوم بذلك مأجوراً وبهذا نكون قد وقفنا على شيء من سيرة وحياة الإمام البغوي – رحمه الله – ومكانته العلمية وكذلك وقفنا على بعض جوانب منهجه في تأليفه لكتابه (معالم التنزيل) إلى غير ذلك، وأعتذر عن الإطالة إن وُجِدَتْ لأن المؤلِّف ومؤلَّفه من الأعلام البارزة التي قد يكون الاختصار في حقه – رحمه الله – أو في حق كتابه قد يكون اختصاراً مخلاً، وأحب أن أذكر أن الهدف من مثل هذه الوقفات السريعة هو التذكير بأمثال أولئك الأعلام-رحمهم الله- وجمعنا بهم مع نبينا محمد-صلى الله عليه وسلم- في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وأرجوا من المشائخ الأفاضل والإخوة الكرام التعليق على أي ملحوظة أو خطأ ليستفيد الكاتب أولاً والقارئ ولكم جزيل الشكر والتقدير.
هذا والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
__________________
عوض احمد الناشري الشهري
المعيد بكلية الشريعة وأصول الدين - جامعة الملك خالد بأبها
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=630
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=2166#post2166
ـ[مسلم_92]ــــــــ[18 - 12 - 04, 12:54 ص]ـ
شيخنا الكريم بارك الله فيك وزادك علما.(29/83)
قصة الإمام إسحاق بن راهويه في تركه مذهب أبي حنيفة
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[18 - 12 - 04, 05:10 م]ـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على الهادي الأمين أما بعد:
فهذه حكاية غريبة في بداية أمر الإمام إسحاق بن راهويه في العلم، وكونه من أصحاب الرأي ثم تركه ذلك ..
قال الإمام أبو بكر المروذي (1) في كتابه الورع:
وحدثنا القاسم بن محمد (2) قال: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: كنت صاحب رأي فلما أردت أن أخرج إلى الحج عمدت إلى كتب عبد الله بن المبارك، واستخرجت منها ما يوافق رأي أبي حنيفة من الأحاديث، فبلغت نحو من ثلثمائة حديث، فقلت: أسأل عنها مشايخ عبد الله الذين هم بالحجاز، والعراق، و أنا أظن أن ليس يجترىء أحد أن يخالف أبا حنيفة، فلما قدمت البصرة جلست إلى عبد الرحمن بن مهدي، فقال لي: من أين أنت؟
فقلت: من أهل مرو، قال: فترحم على ابن المبارك ـ وكان شديد الحب له ـ، فقال: هل معك مرثية رثي بها عبد الله؟
فقلت: نعم، فأنشدته قول أبي تميلة يحي بن واضح الأنصاري:
طرق الناعيان إذ نبهاني * بقطيع من قادح الحدثان
قلت للناعيات من تنعيان * قالا أبا عبد ربِّنا الرحمن
فأثار الذي أتاني حزنا * وفؤاد المصاب ذو أحزان
ثم فاضت عيناي وجدا وشجوا * بدموع تحادر الهطلان
فلئن كانت القلوب تبكي * لقلوب الثقات من إخوان
قد تبكيه بالدماء وفي الاجـ * ـواف لذع كحرقة النيران
لتقي مضى فريدا حميدا ماله * في الرجال إن عد ثاني
يا خليلي يا ابن المبارك عبد الـ * ـله خليتنا لهذا الزمان
حين ودعتنا فأصبحت محمو * دا حليف الحنوط والأكفان
قدس الله مضجعا أنت فيه * وتلقاك فيه بالرضوان
أرض هيت فازت بك الدهر إذ * صرت غريبا بها عن الإخوان
لا قريب بها ولا مؤنس يؤ * نس إلا التقى مع الإيمان
ولمرو قد كنت فخرا فصارت * أرض مرو كسائر البلدان
أوحشت بعدكم مجالس علم * حين غاب المغيث للهفان (3)
لهف نفسي عليك لهفا بك الـ * ـدهر وفجعا لفاجع لهفان
يا قريع القراء والسابق الأو * ل يوم الرهان عند الرهان
ومقيم الصلاة والقائم الليـ * ـل إذا نام راهب الرهبان
ومؤاتي الزكاة والصدقات الـ * ـدهر في السر منك والإعلان
صائم في هواجر الصيف يوما * قد يضر الصيام بالضمان
دائبا في الجهاد والحج والعمـ * ـرة يتلو منزل القرآن
دائما لا يمله يطلب الفوز * وليس المُجد كالمتوان
عين فابكيه حين غاب بواكيـ * ـه بهاطل وساكب السيلان
إن ذكرناك ساعة قط إلا * هاج حزني وضاق عني مكاني
ولعمري لئن جزعت على فقـ * ـدك إني لموجع ذو استكان
خافق القلب ذاهب الذهن عبـ * ـدالله اهذي كالواله الحيران
أتلوى مثل السليم لذيغ ال * ـرقش قد مس جلده النابان
بدلا كنت من أخي العلم سفيـ * ـيان ويوم الوداع من سفيان
كنت للسر موضعا ليس يخشى * منك إظهار سره الكتمان
و برأي النعمان كنت بصيرا * حين تبغى مقايس النعمان
قال: فما زال ابن المهدي يبكي، وأنا أنشده حتى إذا ما قلت:
وبرأي النعمان كنت بصيرا .. ، قال لي: اسكت قد أفسدت القصيدة.
فقلت: إن بعد هذا أبياتا حسانا.
فقال: دعها تذكر رواية عبد الله عن أبي حنيفة في مناقبة! ما تعرف له زلة بأرض العراق إلا روايته عن أبي حنيفة ولوددت أنه لم يرو عنه، وأني كنت أفتدي ذلك بعظم مالي.
فقلت: يا أبا سعيد لم تحمل على أبي حنيفة كل هذا؟! لأجل هذا القول أنه كان يتكلم بالرأي، فقد كان مالك بن أنس، والأوزاعي، وسفيان يتكلمون بالرأي!
فقال: تقرن أبا حنيفة إلى هؤلاء!
ما أشبه أبا حنيفة في العلم إلا بناقة شاردة فاردة ترعى في وادي خصب، والإبل كلها في واد آخر.
قال إسحاق: ثم نظرت بعد فإذا الناس في أمر أبي حنيفة على خلاف ما كنا عليه بخرسان. اهـ
الورع ص 122 رقم 401 تحقيق سمير الزهيري: وص 75 ط: قديمة.
----------------------
(1) المروّذي نسبة إلى مرو الروذ، ويخطيء بعض الناس فيقول: المروزي بالزاي، وبعضهم يقول: المَرْوَذِي.
قال ياقوت في معجم البلدان 5/ 112: مَرُّوْذ بالفتح ثم التشديد والضم وسكون الواو وذال معجمة، وهو مدغم من مرو الروذ هكذا يتلفظ به جميع أهل خراسان ـ إلى أن قال ـ مرو الروذ المرو: الحجارة البيض تقتدح بها النار، ولا يكون أسود ولا أحمر، ولا تقتدح بالحجر الأحمر، ولا يسمى مروا،
والروذ بالذال المعجمة هو بالفارسية: النهر فكأنه مرو النهر، وهي مدينة قريبة من مرو الشاهجان بينهما خمسة أيام، وهي على نهر عظيم فلهذا سميت بذلك، وهي صغيرة بالنسبة إلى مرو الأخرى خرج منها خلق من أهل الفضل ينسبون:
مروروذي، ومَرُّوْذي .. ـ وذكر منهم ـ أبا بكر أحمد بن محمد بن صالح بن حجاج المروذي صاحب أحمد بن حنبل قيل: كان خوارزميا، وأمه مروذية ..
(2) أظنه المترجم في طبقات الحنابلة 2/ 208ـ وقال عنه ـ: ذكره أبو بكر الخلال فقال: من أصحاب أبي عبدالله المتقدمين سمع من أبي عبدالله "التاريخ" قديما، وقد كان قدم ههنا، وحدث عنه أبو بكر المروذي. والله أعلم.
(3) في ط: الزهيري: الريس اللهفان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/84)
ـ[عبدالرحمن برهان]ــــــــ[19 - 12 - 04, 08:56 م]ـ
حكاية عجيبه ... هل بسبب هذا ترك المذهب أنه لامر عجاب وهل هذا السبب الرئيسي لترك المذهب.؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[21 - 12 - 04, 12:37 ص]ـ
حكاية عجيبة،
وتصلح أن تكون مستدركاً على كتاب الشيخ العلامة بكر أبو زيد - حفظه الله - التحول المذهبي، فإنه - حسب علمي - لم يذكرها.
ولذلك أقترح (وجهة نظر): أن يغير عنوان الموضوع إلى: المستدرك على كتاب (التحول المذهبي) للشيخ بكر أبو زيد.
ليضيف المشايخ الفضلاء ما عندهم من استدراكات، ويكون محلها هنا فقط.
ـ[الدارقطني]ــــــــ[21 - 12 - 04, 09:11 ص]ـ
لا تنسوا يا إخوتي أيضاً قصة أبي زرعة الرازي فهي شبيهة بذلك وهي موجودة في سؤالات البرذعي لأبي زرعة الرازي، والله الموفق.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[21 - 12 - 04, 11:06 ص]ـ
نعم أخي الدارقطني هذا موضعها في سؤالاته 2/ 755
ولي عودة للموضوع.إن شاء الله.
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[21 - 12 - 04, 04:28 م]ـ
حكاية عجيبة،
وتصلح أن تكون مستدركاً على كتاب الشيخ العلامة بكر أبو زيد - حفظه الله - التحول المذهبي، فإنه - حسب علمي - لم يذكرها.
ولذلك أقترح (وجهة نظر): أن يغير عنوان الموضوع إلى: المستدرك على كتاب (التحول المذهبي) للشيخ بكر أبو زيد.
ليضيف المشايخ الفضلاء ما عندهم من استدراكات، ويكون محلها هنا فقط.
ينظر هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=53245#post53245
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[24 - 12 - 04, 04:24 م]ـ
جزاكم الله خيرا
أخي الكريم عبد الرحمن بن برهان
هذا الموقف قد يكون بداية التحول إلى مذهب أهل الحديث خصوصا لما رأى أمر أهل الحديث على ما قال شيخه عبد الرحمن بن مهدي.
وهذه حكاية أبي زرعة التي أشار إليها الأخ الدارقطني
قال البرذعي سؤالاته 2/ 753: سمعت أبا زرعة يقول: سألت أبا نعيم عن ثلاثة أحاديث حديثين منها لأبي حنيفة قلت: ما هما؟
فقال: حدثنا أبو حنيفة عن عطاء عن ابن عباس" ليس في القبلة وضوء "،
وسألته فقال: حدثنا أبو حنيفة عن الوليد بن سريع عن أنس:" أنه كان يشرب الطلاء على النصف".،
وسألته فقال: حدثنا علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير عن ضمضم عن أبي هريرة " في قتل الحية والعقرب"
قال أبو زرعة: كان أهل الرأي قد افتتنوا بأبي حنيفة، وكنا أحداثا نجري معهم، ولقد سألت أبا نعيم عن هذا، وأنا أرى أني في عمل!
ولقد كان الحميدي يقرأ كتاب الرد، ويذكر أبا حنيفة، وأنا أهم بالوثوب عليه، حتى من الله علينا، وعرفنا ضلالة القوم.
وقال أبو زرعة مرة أخرى: قال محمد بن مقاتل لما قدم الري رأيت أسباب أبي حنيفة قد ضعفت بالعراق فلأنصرنه بغاية النصر فسلط عليه منا ما قد علمت.
--------------
ونحو كلام عبد الرحمن بن مهدي كلام أحمد رحمه الله
قال ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة 2/ 392: أخبرني محمد بن أحمد الطرسوسي قال: سمعت محمد بن يزيد المستملي يقول: سأل رجل أحمد بن حنبل فقال: أكتب كتب الرأي؟
قال: لا تفعل، عليك بالآثار، والحديث.
فقال له السائل: إن عبدالله بن المبارك قد كتبها.
فقال له أحمد: ابن المبارك لم ينزل من السماء! إنما أمرنا أن نأخذ العلم من فوق.
ـ[عبدالرحمن برهان]ــــــــ[25 - 12 - 04, 01:24 ص]ـ
جزاك الله خيرا على هذه الفائدة يا أخ عبدالرحمن السديس
ـ[ابن وهب]ــــــــ[25 - 12 - 04, 06:44 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
(كان أهل الرأي قد افتتنوا بأبي حنيفة، وكنا أحداثا نجري معهم)
اذا كان رسم الكلمة يساعد فيمكن أن يكون (كان أهل الري قد افتتنوا بأبي حنيفة)
لأن أبا زرعة رازي
وكثير من أئمة الحنفية من الري
فمنهم هشام بن عبيد الله الرازي صاحب محمد بن الحسن
ومنهم محمد بن مقاتل الذي ذكره أبو زرعة
(قال محمد بن مقاتل لما قدم الري)
والإنسان يتبع أهل بلده في بداية الأمر
ماذكرته هو مجرد (ظن)
ولعل الاحتمال الذي ذكرتُه ضعيف
والله أعلم
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[25 - 12 - 04, 11:01 ص]ـ
الصواب:
في طبقات الحنابلة 2/ 392:
قال الخلال أخبرني محمد بن أحمد الطرسوسي قال: سمعت محمد بن يزيد المستملي يقول: سأل رجل أحمد بن حنبل فقال: أكتب كتب الرأي؟
قال: لا تفعل، عليك بالآثار، والحديث.
فقال له السائل: إن عبدالله بن المبارك قد كتبها.
فقال له أحمد: ابن المبارك لم ينزل من السماء! إنما أمرنا أن نأخذ العلم من فوق.
ـ[أبا عبد الرحمن]ــــــــ[25 - 12 - 04, 04:25 م]ـ
هذا الموضوع لا أصدقه ففيه طعن للإمام الجليل أبو حنيفة رحمه الله!!!
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[26 - 12 - 04, 12:05 م]ـ
صدق أو لا تصدق! فالواقع شيء آخر.
الكلام في أبي حنيفة أشهر من ذا، ولعلك لم تطلع عليه.
فانظر مثلا: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=7276&highlight=%CD%E4%ED%DD%C9
و: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=7813&highlight=%CD%E4%ED%DD%C9
وغيرها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/85)
ـ[أبا عبد الرحمن]ــــــــ[26 - 12 - 04, 03:27 م]ـ
لا أصدق الكلام حتى بعد قرائتي للروابط التي أعطيتها لي, لأن جل الكلام من غير أسانيد صحيحة كما رد الكثير بذلك ......
وأنا لست بحنفي ولكن سلفي أحب الأئمة الأعلام في الله ......
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[26 - 12 - 04, 04:03 م]ـ
لا أصدق الكلام حتى بعد قرائتي للروابط التي أعطيتها لي, لأن جل الكلام من غير أسانيد صحيحة كما رد الكثير بذلك.
الكلام في الإمام أبي حنيفة ـ رحمه الله ـ يتعذر إنكار ثبوته على المنصفين،
لكن (قد تمكن) مغالطة بعضه بالتأويل!
والله اعلم.
ـ[أبا عبد الرحمن]ــــــــ[27 - 12 - 04, 12:12 م]ـ
ولكن بارك الله فيك أخ عبد الرحمن الكلام في صالحه أكثر من ضده ومن علماء أفاضل أيضا ...
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[28 - 12 - 04, 05:16 ص]ـ
أخي الكريم، بإمكانك النظر في هذا الرابط في موازنة الأقوال التي قيلت في الإمام أبي حنيفة:
أبو حنيفة بين الجرح والتعديل
أبو حنيفة –رحمه الله– إمامٌ فحلٌ صاحب مدرسة فقهية كبيرة لها وقعها الكبير قديماً و حديثاً. و قد اختار ابن تيمية كثيراً من أقواله، جمعها أحد الاخوة في جزء. وهو من أذكياء العالم، لا يستريب في هذا أحد! وأبو حنيفة هو إمام علم في الفقه والاستنباط، وإمام في الزهد والورع. ولا يعيبه أن تكون بضاعته في الحديث مُزجاة، أو أنه لم يُذكر في عداد أهل الصناعة والدراية. ومن قال ذا يعيبه؟ فهذا الشأن لكل من انصرف لفن دون آخر.
وأما كونه ضعيفاً في الحديث فلا يجرح في إمامته في الفقه والدين. فكم من فقيه جليل لا يعتد بروايته للحديث، كما أنه كم من محدث جليل لا يقيم الفقهاء لرأيه واستنباطه وزناً. وكل علم يسأل عنه أهله. وإذا كان الراوي أحياناً يكون ثقة في روايته عن شيخ، وضعيفاً في روايته عن شيخ آخر، أو يكون ثقة في روايته عن أهل بلد، وضعيفا في روايته عن أهل بلد آخر، فكذلك يكون الرجل ثقة في روايته لعلم، وضعيفاً في روايته لعلم آخر.
قال الذهبي في السير (5|260) في ترجمة عاصم: «وما زال في كل وقت يكون العالم: إماماً في فن، مقصراً في فنون. وكذلك كان صاحبه حفص بن سليمان ثبتاً في القراءة واهياً في الحديث. وكان الأعمش بخلافه: كان ثبتاً في الحديث، ليّناً في الحروف. فإن للأعمش قراءة منقولة في كتاب "المنهج" وغيره، لا ترتقي إلى رتبة القراءات السبع، ولا إلى قراءة يعقوب وأبي جعفر. والله أعلم».
والأحناف في كل كتاب حديث تقريبا يضيعون مساحة شاسعة منه للدفاع عن أبي حنيفة وإثبات أنه ثقة. بل ويغيرون كل علم الجرح والتعديل حتى يحصلون على تعديل إمامهم. وكل من جرح أبا حنيفة يصبح متعنت أو مجروح. والعكس بالعكس.
يا من تنشدون الكمال لأبي حنيفة من كل وجه، لقد سودتم الصحيفة بِرَميِكُم المحدّثين بالتعصب والحسد. وبهذا أسقطتم كبار القوم للدفاع عن رجل واحد، اعترف له الكل بفضله وتقدمه في فنه، ونطق المحدثون بضعفه في الحديث، وفق ما تقتضيه الأمانة والديانة، ودلّ على ذلك الشواهد والواقع. أمانة حملوها فوق أعناقهم، لم يسعهم السكوت عنها. ما أتوا ظلماً ولا هضماً. بل أنزلوا أبا حنيفة منزلة غيره من المحدثين، ممن لا يُحصون عدداً، مروا جميعهم على ميزان النقد. لم يحابوا والداً ولا ولداً، شريفاً ولا وضيعاً، أميراً ولا وزيراً. إنها الأمانة والعدالة، صيانة لحديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم). فلماذا ترون هذا واجباً في حق جميع الرواة دفاعاً عن السنة، وترونه ظلماً وحسداً في حق فردٍ واحد؟ أليس هذا هو التعصب؟
الثناء على أبي حنيفة:
أبو نعيم الحافظ، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن علي (أبو بكر العطار، ثقة)، قال: سمعت حمزة بن علي البصري يقول: سمعت الربيع يقول: سمعت الشافعي يقول: «الناس عيال على أبي حنيفة في الفقه». وقال حرملة بن يحيى: سمعت محمد بن إدريس الشافعي يقول: «من أراد أن يتبحر في الفقه، فهو عيال على أبي حنيفة». قال: و سمعته -يعني الشافعي- يقول: «كان أبو حنيفة ممن وفق له الفقه».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/86)
وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء (6|404): قال حفص بن غياث: «كلام أبي حنيفة في الفقه أدق من الشعر، لا يعيبه إلا جاهل». وقال الذهبي أيضاً: وروي عن الأعمش أنه سئل عن مسألة، فقال: «إنما يحسن هذا النعمان بن ثابت، وأظنه بورك له في علمه». وقال جرير: قال لي مغيرة: «جالس أبا حنيفة تفقه، فإن إبراهيم النخعي لو كان حيا لجالسه». قلت –أي الذهبي–: «الإمامة في الفقه ودقائقه، مسلّمة إلى هذا الإمام. وهذا أمر لا شك فيه». انتهى. وقال الذهبي عنه: «برع في الرأي، وساد أهل زمانه في التفقه، وتفريع المسائل، وتصدر للاشتغال، وتخرج به الأصحاب». ثمَّ قال: «وكان معدوداً في الأجواد الأسخياء، والأولياء الأذكياء، مع الدين والعبادة والتهجد وكثرة التلاوة، وقيام الليل رضي الله عنه».
وقال ابن كثير في "البداية والنهاية" (10|110): «الإمام أبو حنيفة ... فقيه العراق، وأحد أئمة الإسلام، والسادة الأعلام، وأحد أركان العلماء، وأحد الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المتبوعة، وهو أقدمهم وفاة». وقال ابن العماد في "شذرات الذهب" (1|228): «وكان من أذكياء بني آدم. جمع الفقه والعبادة، والورع والسخاء. وكان لا يقبل جوائز الدولة، بل ينفق ويؤثر من كسبه». ويروى عن سفيان الثوري –كما في الفقيه والمتفقه (2|73) – قوله: «كان أبو حنيفة أفقه أهل الأرض في زمانه».
وقال محمَّد بن مُزاحِم: سمعت ابن المبارك يقول: «أفقَهُ الناس أبو حنيفة. ما رأيتُ في الفقه مثله». وقال ابن المبارك أيضاً: «لولا أن الله أعانني بأبي حنيفة وسفيان، كنت كسائر الناس».
توثيق أبي حنيفة:
لم أجد من وثق أبا حنيفة من المحدثين إلا ابن معين (ولم يصح) وابن المديني، وسائر ما يذكر في ترجمته من الثناء إنما هو في علمه وفضله ورأيه. وقد جاء عن ابن معين وابن المديني تضعيفها لأبي حنيفة، وهو ما يخفيه الأحناف ولا يذكرونه! وإليكم كلامهما:
ففي تهذيب التهذيب (1|401): قال محمد بن سعد العَوْفي (ضعيف) سمعت ابنَ معين يقول: «كان أبو حنيفة ثقةً لا يُحدِّث بالحديث إلا بما يحفظه، ولا يُحدِّث بما لا يحفظ». وقال صالح بن محمد الأسدي الحافظ (مجهول): سمعت يحيى بن معين يقول: «كان أبو حنيفة ثقة في الحديث». و قال أحمد بن محمد بن القاسم بن محرز (مجهول)، عن يحيى بن معين: «كان أبو حنيفة لا بأس به».
وقال ابن عبد البر في "الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء" (ص127): قال عبد الله بن أحمد الدَّورقي (مجهول): سئل يحيى بن مَعين وأنا أسمع عن أبي حنيفة؟ فقال ابنُ مَعين: «هو ثقةٌ ما سمعتُ أحداً ضعَّفه (!!). هذا شعبةُ بن الحجاج يكتب إليه أن يُحدِّث، ويأمُرُه. وشعبةُ شعبة». وهذا الدورقي قد قال ابن حزم عنه في "حجة الوداع": «لا أعرفه». نقل هذا الذهبي في ميزان الاعتدال (8|132) مقراً له. وقال الحسيني في الإكمال (1|237): «فيه جهالة». والمقولة منكرة لما نعلم من ذم شعبة لأبي حنيفة.
فإذا عرفنا أن توثيق ابن معين لأبي حنيفة لم يصح، نذكر أنه قد صح عنه تضعيف حديث أبي حنيفة. قال ابن أبي مريم –كما في الكامل لابن عدي (8|236) –: سألت يحيى بن معين عن أبي حنيفة، فقال: «لا يكتب حديثه». وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة –كما في الضعفاء للعقيلي (4|285) –: سمعت يحيى بن معين وسئل عن أبي حنيفة، قال: «كان يضعف في الحديث». وقال محمد بن حماد المقرئ –كما في تاريخ بغداد (13|445) –: وسألت يحيى بن معين عن أبي حنيفة، فقال: «وإيش كان عند أبي حنيفة من الحديث حتى تسأل عنه؟!».
وعلى فرض صحة روايات التوثيق (وقد رأيت أنها لا تصح مطلقاً)، فيجاب عليها بأن ابن معين مشهور ميله لأبي حنيفة واستحسانه لرأيه، ولعل هذا التوثيق كان في أول أمر يحيى بن معين، ثم اطلع بعد ذلك على ما له من أوهام وأخطاء فضعفه في الحديث.
قال الإمام علي بن المديني: «أبو حنيفة روى عنه الثوري وابن المبارك، وهو ثقة لا بأس به». وقد جاء عنه التضعيف كذلك. إذ قال عبد الله بن علي بن عبد الله المديني –كما في تاريخ بغداد (13|450) –: وسألت –يعني أباه– عن أبي حنيفة صاحب الرأي، فضعفه جداً، وقال: «لو كان بين يَدَيّ ما سألته عن شيء». وروى خمسين حديثاً أخطأ فيها. انتهى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/87)
قال المعلمي في التنكيل (1|358) جواباً عن توثيق علي بن المديني لأبي حنيفة: «كان من دعاة المحنة حنفية، وكانوا ينسبون مقالتهم التي امتحنوا الناس فيها إلى أبي حنيفة، ويدعون إلى مذهبه في الفقه، كما مرت الإشارة إلى طرف منه في ترجمة سفيان الثوري، فكأنهم استكرهوا ابن المديني على أن يثني على أبي حنيفة ويوثقه فاضطر إلى أن يوافقهم. وقد يكون ورّى فقصد بكلمة "ثقة" معنى أنه لم يكذب، ثم لما سأله ابنه أخبره بما يعتقد».
تضعيف أبي حنيفة:
يجب من الأول أن نفهم سبب تشدد السلف على الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه. فإن من منهج أهل السنة والجماعة أن الرجل إذا زل في بعض المواضع فإننا نستر عليه ذلك فإذا اشتهر نحذر من تلك الأخطاء والزلات دون أن نهدر عدالته. لكن زاد الكثير من العلماء على هذا أن من كثرت زلاته وجب إسقاطه مهما بلغت مكانته العلمية لأن هذا أسهل من التحذير من هذه الأخطاء. وكثير من هذا الطعن في أبي حنيفة تجد مثله في غيره من العلماء بما فيهم مالك والشافعي. لكن الذي حمى مالك من أن يسقطه أهل الحديث كونه يحتاج إليه جداً في الكثير من الأحاديث. وهذا أوضحه ابن عبد البر ببحث طويل في "جامع بيان العلم وفضله" وكذلك في "الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء" ليس هذا مكان ذكره.
نقل العلامة المعلمي اليماني في كتابه "التنكيل بما في مقالات الكوثري من الأباطيل" مواقف شديدة لبعض أئمة السلف من الإمام أبي حنيفة والتي كان يستدل بها الكوثري، وعلق عليها المعلمي اليماني أن من مذاهب السلف في إسقاط أخطاء الفقهاء: مذهب بإسقاط صاحب الأخطاء الكثيرة وتنفير الناس منه حتى لا يتبعوه، حتى لو كانوا يقرون بفضله على الأمة. وهذا ما نقمه الكوثري على بعض الأئمة المتقدمين لكون بعضهم عمل على إسقاط الإمام أبي حنيفة رحمه الله.
ومذهب آخر بالترحم على أهل الفضل من العلماء الذين يقعون في أخطاء علمية، مع تعقب أخطائهم فقط حتى لا يقع فيها الناس. إلا أن هذا المذهب قد يشتد في الإنكار لعظم الخطأ في بعض المسائل، مع إبقاء أصل الاحترام مع نقل ذلك. فالصحابة رضي الله عنهم أجمعين ومن بعدهم من أئمة التابعين وغيرهم من السلف، لم ينقطع بينهم الولاء والقتال في صف واحد. ومع ذلك كانوا لا يتساهلوا فيما يمكن أن يحرف دين الأمة.
ومثال ذلك و الأمثلة كثيرة: ما جاء في صحيح مسلم من قول ابن الزبير لابن عباس –وهو من هو– حبر الامة، وفضله على الأمة جاري حتى الآن، وعلم ابن الزبير لا يقارن بعلم ابن عباس. قال له بخصوص مسألة زواج المتعة: «أفعل بنفسك (يقصد زواج المتعة) ولأرجمنك بأحجارك». رضي الله عنهم أجمعين. و قد كان يحدث بينهم ذلك لان الأمر كان عندهم دين يجب صيانته من التحريف. لكن لا يأتي أحد ويقيم ابن عباس من قول ابن الزبير عنه. فهذا غلط.
وبهذا نفهم سبب حدة بعض العلماء القدامى على الإمام أبي حنيفة رحمه الله. ثم استقر الأمر على إمامته في الفقه. لذلك لا تجد الفقهاء السلفيين كالذهبي وابن تيمية وابن القيم وابن كثير والمزي وابن عبد الهادي وابن عبد الوهاب إلا ويذكرونه بالخير.
أهم الكتب التي ذكرت جرح أبي حنيفاً مسنداً هي:
1 - تاريخ بغداد للخطيب.
2 - المجروحون لابن حبان.
3 - الكامل لابن عدي.
4 - السنة لعبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل.
وأظنها استوعبت الجرح كله، وبخاصة الأول. وبعضها منصف وبعضها غير منصف.
1– فقوم طعنوا في روايته وقلة حفظه وضبطه، وأن أبا حنيفة لا يميز بين صحيح الحديث وضعيفه.
وهذا أمر صحيح أجمع عليه علماء الحديث قاطبة، وذكروا أدلته. وسبب ذلك أنه كان اهتمامه منصباً على الفقه والاجتهاد والعبادة. وإذا روى الحديث رواه بالمعنى على إسلوب شيخه حماد. وقد اعترف الإمام به بنفسه. إذ أخرج الإمام ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (8|449): عن إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، عن أبي عبد الرحمان المقرئ، قال: كان أبو حنيفة يُحدثنا، فإذا فرغ من الحديث، قال: «هذا الذي سمعتم كله ريحٌ وباطلٌ». وقال الترمذي: سمعت محمود بن غيلان، يقول: سمعت المقرئ، يقول: سمعت أبا حنيفة يقول: «عامة ما أحدثكم خطأ». وهذا سند صحيح كالشمس. وهو موافقٌ لكلام النقاد، واعترافٌ من الإمام بأنه ليس ضابطاً لحديثه. وهذا حمله عليه ورعه ومعرفته بقدر نفسه في الحديث، لأنه ليس من فرسان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/88)
الأسانيد والعلل.
وقد اعترف الإمام الزيلعي (وهو من أكبر الحفاظ الحنفية) بضعف أبي حنيفة في حديث "نهى عن بيع وشرط". وهناك رسالة نوقشت قديماً بعنوان "الإمام أبو حنيفة بين الجرح والتعديل" نوقشت في جامعة أم القرى. وانتهى -كما قيل لنا- إلى أن أبا حنيفة من حيث الحفظ في مرتبة الصدوق. وأظنه بنى ذلك على تخريج الأحاديث المروية من طريق أبي حنيفة.
2– وقوم طعنوا فيه لما يرجع إلى العقائد و الكلام في الأصول.
وهذا باطل. ولم يخالف أبو حنيفة السلف الصالح إلا في مسألة الإرجاء، إذا وافق شيخه حماد في ما يسمى بمذهب مرجئة الفقهاء في الإيمان. وقد أوضح شيخ الإسلام أن هذا كان في ذلك الوقت خلافاً لفظياً فحسب. ثم تطور لاحقاً على يد الماتريدية والأشاعرة فصار حقيقياً. و والله تجد اليوم أقوام غالوا في الإرجاء الحقيقي مع الحكام الطواغيت، بل فاقوا الجهمية أنفسهم، ومع ذلك يلمزون الإمام أبا حنيفة. ولا نقول إلا: رمتني بدائها وانسلت.
لكن القوم أصروا على أن يفتروا عليه أقوال ومسائل بهدف التشنيع، وظاهرها الكفر والضلال. قال الإمام ابن تيمية في المنهاج (2|619): «كما أن أبا حنيفة –وإن كان الناس خالفوه في أشياء وأنكروها عليه– فلا يستريب أحد في فقهه وفهمه وعلمه. وقد نقلوا عنه أشياء يقصدون بها الشناعة عليه، وهي كذب عليه قطعاً».
ومن ذلك اتهامه –والعياذ بالله– بالقول بخلق القرآن. واتهامه بأنه استتيب من الكفر مرتين! روى عبد الله في "السنة" (ص192) قال: «سمعت أبي –رحمه الله– يقول (عن أبي حنيفة): أظن أنه استتيب في هذه الآية {سبحان ربك رب العزة عما يصفون}. قال أبو حنيفة: "هذا مخلوق". فقالوا له: "هذا كفر". فاستتابوه». قال الشيخ الدكتور محمد بن سعيد القحطاني معلقاً: «لا يقام حكم بظن».
...
وبالنسبة لمسألة استتابته من الكفر فقد رد الأئمة الأحناف على هذه الفرية. قال الفقيه المحقق علي بن محمد القاري في مناقب الإمام: قال أبو الفضل الكرماني: لما دخل الخوارج الكوفة مع الضحاك –ورأيهم تكفير كل من أذنب وتكفير كل من لم يكفَّر مرتكب الذنب– قيل لهم: هذا شيخ هؤلاء. فأخذوا الإمام أبا حنيفة وقالوا له: تب من الكفر. فقال: أنا تائب من كل كفر. فقيل لهم: إنه تائب من كفركم، فأخذوه فقال لهم: أبعلم قلتم أم بظن؟ قالوا: بظن، قال إن بعض الظن إثم، والإثم ذنب فتوبوا من الكفر. قالوا: تب أنت أيضاً من الكفر، فقال أنا تائب من كل كفر. فهذا الذي قاله أهل الضلال من إن الإمام استتيب من الكفر مرتين، ولبّسوا على العامة من الناس. ا. هـ
3– وقوم طعنوا لقوله الرأي فيما يخالف الأحاديث الصحاح. وهذا تجد تفصيله في "التنكيل".
4– وقوم طعنوا فيه بأمور باطلة أو أنها ليست جرحاً. مثل قول يزيد بن زريع: «كان أبو حنيفة نبطياً»، وهذه جاهلية عنصرية.
وأما عن تحامل الكثيرين عليه فهذا لا ريب فيه. قال ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (2|149): قال يحيى بن معين: «أصحابنا (أي أهل الحديث) يُفْرِطون في أبي حنيفة وأصحابه». وبعض الذين انتقدوا أبي حنيفة هم فعلاً أصحاب تعصب مذهبي. فالخطيب البغدادي كان شافعياً متعصباً على الأحناف والحنابلة، كما ذكر ابن عبد الهادي. وقد رد عليه ابن الجوزي الذي لم يكن أقل منه تعصباً وحدّة (لمذهب الحنابلة). وكثير من الأقوال التي نقلها الخطيب في ذم أبي حنيفة لا تصح.
ـ[بن خميس]ــــــــ[28 - 12 - 04, 09:21 ص]ـ
كلام يا أخ الأمين فيه مغالطات وهذا الكلام من السنة لعبدالله بن احمد
ما حفظت عن أبي وغيره من المشايخ في أبي حنيفة
227 سمعت أبي يقول عن عبد الرحمن بن مهدي أنه قال من حسن علم الرجل أن ينظر في رأي أبي حنيفة.
228 وأخبرت عن إسحاق بن منصور الكوسج قال قلت لأحمد بن حنبل يؤجر الرجل على بغض أبي حنيفة وأصحابه قال أي والله.
229 سألت أبي رحمه الله عن الرجل يريد أن يسأل عن الشيء من أمر دينه ما يبتلى به من الأيمان في الطلاق وغيره في حضرة قوم من أصحاب الرأي ومن أصحاب الحديث لا يحفظون ولا يعرفون الحديث الضعيف الإسناد والقوي الإسناد فلمن يسأل أصحاب الرأي أو أصحاب الحديث على ما كان من قلة معرفتهم قال يسأل أصحاب الحديث ولا يسأل اصحاب الرأي الضعيف الحديث خير من رأي أبي حنيفة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/89)
230 حدثني مهنا بن يحيى الشامي سمعت أحمد بن حنبل رضي الله عنه يقول ما قول أبي حنيفة وعندي والبعد والاسواء
231 حدثني محمود بن غيلان حدثنا محمد بن سعيد بن سلم عن أبيه قال سألت أبا يوسف وهو بجرجان عن أبي حنيفة فقال وما تصنع به مات جهميا
232 حدثني إسماعيل بن إسحاق الأزدي القاضي حدثني نصر بن علي حدثنا الأصمعي عن سعيد بن سلم قال قلت لأبي يوسف أكان أبو حنيفة يقول بقول جهم فقال نعم
233 حدثني أبو الفضل الخراساني حدثني إبراهيم بن شماس السمرقندي قال قال رجل لابن المبارك ونحن عنده ان أبا حنيفة كان مرجئا يرى السيف فلم ينكر عليه ذلك ابن المبارك.
234 حدثني أبو الفضل الخراساني حدثنا الحسن بن موسى الاشيب قال سمعت أبا يوسف يقول كان أبو حنيفة يرى السيف قلت فانت قال معاذ الله.
235 حدثني أبو موسى الانصاري سمعت إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة يقول هو دينه ودين آبائه يعني القرآن مخلوق.
236 حدثني إسحاق بن عبد الرحمن عن حسن بن أبي مالك عن أبي يوسف قال أول من قال القرآن مخلوق أبو حنيفة
237 حدثني أحمد بن إبراهيم حدثنا خالد بن خداش عن عبد الملك بن قريب الاصمعي عن حازم الطفاوي قال وكان من أصحاب الحديث أبو حنيفة إنما كان يعمل بكتب جهم تأتيه من خراسان
238 حدثني سفيان بن وكيع قال سمعت عمر بن حماد بن أبي حنيفة قال أخبرني أبي حماد بن أبي حنيفة قال أرسل ابن أبي ليلى إلى أبي فقال له تب مما تقول في القرآن أنه مخلوق وإلا أقدمت عليك بما تكره قال فتابعه قلت يا أبه كيف فعلت ذا قال يا بني خفت أن يقدم علي فأعطيت تقية
ما قال حماد بن أبي سليمان في أبي حنيفة
حدثني عبد الله بن عون بن الخراز أبو محمد وكان ثقة حدثنا شيخ من أهل الكوفة قيل لعبد الله بن عون هو أبو الجهم فكأنه أقر أنه قال سمعت سفيان الثوري يقول قال لي حماد بن أبي سليمان إذهب إلى الكافر يعني أبا حنيفة فقل له إن كنت تقول أن القرآن مخلوق فلا تقربنا.
240 حدثني أبو الفضل الخراساني حدثنا علي بن مهران الرازي حدثنا جرير عن محمد بن جابر قال سمعت حماد بن أبي سليمان يشتم أبا حنيفة
241 حدثني إسحاق بن أبي يعقوب الطوسي حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس عن سليم المقريء عن سفيان الثوري قال سمعت حمادا يقول ألا تعجب من أبي حنيفة يقول القرآن مخلوق قل له يا كافر يا زنديق أبو عمرو الاوزاعي
242 حدثني عبدة بن عبد الرحيم من أهل مرو قال دخلنا على عبد العزيز بن أبي رزمة نعوده أنا وأحمد بن شبويه وعلي بن يونس فقال لي عبد العزيز يا أبا سعيد عندي سر كنت أطويه عنكم فأخبركم وأخرج بيده عن فراشه فقال سمعت ابن المبارك يقول سمعت الاوزاعي يقول احتملنا عن أبي حنيفة كذا وعقد بأصبعه واحتملنا عنه كذا وعقد بأصبعه الثانية واحتملنا عنه كذا وعقد بأصبعه الثالثة العيوب حتى جاء السيف على أمة محمد ? فلما جاء السيف على أمة محمد ص لم نقدر أن نحتمله.
243 حدثني منصور بن أبي مزاحم سمعت يزيد بن يوسف الحميري عن الاوزاعي أنه كان يعيب أبا حنيفة اشد العيب.
244 سمعت أبي رحمه الله يقول وقد رأيت يزيد بن يوسف شيخ كبير وكان يقال أنه سمع من حسان بن عطية ورأيت عليه إزارا أصفر
245 حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثني محمد بن كثير الصنعاني عن الازواعي أنه ذكر أبا حنيفة فقال لا أعلمه إلا قال ينقض عرى الإسلام
246 حدثني أبو الفضل الخراساني حدثنا سنيد بن داود عن محمد بن كثير المصيصي قال ذكر الاوزاعي أبا حنيفة فقال هو ينقض عرى الاسلام عروة عروة.
247 حدثني أبو الفضل الخراساني حدثنا سريج بن النعمان عن حجاج بن محمد قال بلغني عن الاوزاعي أنه قال أبو حنيفة ضيع الأصول وأقبل على القياس.
248 حدثني الحسن بن عبد العزيز الجروي حدثنا أبو حفص التنيسي عن الأوزاعي قال ما ولد في الإسلام مولد أشر من أبي حنيفة وأبي مسلم وما أحب أنه وقع في نفسي أني خير من أحد منهما وأن لي الدنيا وما فيها.
249 حدثني أبو بكر بن زنجويه حدثنا أبو جعفر الحراني قال سمعت عيسى بن يونس يقول خرج الاوزاعي علي وعلى المعافى بن عمران وموسى بن أعين ونحن عنده ببيروه بكتاب السير وما رد على أبي حنيفة فقال لو كان هذا الخطأ في أمة محمد ? لأوسعهم خطأ ثم قال ما ولد في الاسلام مولد أشأم عليهم من أبي حنيفة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/90)
250 حدثني عبدالله بن أحمد بن شبويه قال أبي يقول سمعت عبد العزيز بن أبي رزمة يقول سمعت عبدالله بن المبارك يقول قلت للأوزاعي عند الوداع أوصني فقال كان من رأيي أن أفعله ولو لم تقل إنك اطريت عندي رجلا كان يرى السيف على الأمة فقلت أفلا نصحتني قال كان من رأيي أن أفعله
251 حدثني محمد بن هارون أبو نشيط حدثنا أبو صالح الفراء سمعت الفزاري يعني أبا إسحاق قال قال لي الأوزاعي إنا لننقم على أبي حنيفة أنه كان يجيء الحديث عن النبي ? فيخالفه إلى غيره.
252 حدثني محمد بن هارون حدثنا أبو صالح قال سمعت الفزاري يقول كان الأوزاعي وسفيان يقولان ما ولد في الاسلام على هذه الأمة اشأم من أبي حنيفة
أيوب السختياني وابن عون
حدثني محمد بن عبد الله المخرمي نا سعيد بن عامر قال سمعت سلام بن أبي مطيع يقول كنت مع أيوب السختياني في المسجد الحرام فرآه أبو حنيفة فاقبل نحوه فلما رأه أيوب قال لأصحابه قوموا لا يعدنا بجربه قوموا لا يعدنا بجربه.
254 حدثني أبو معمر الهذلي قال حدثت عن حماد بن زيد قال سمعت أيوب يقول لقد ترك أبو حنيفة هذا الدين وهو أرق من ثوب سابري
255 حدثني محمود بن غيلان حدثنا مؤمل قال حدثنا عمرو بن قيس شريك الربيع بن صبيح قال سمعت ابن عون يقول ما ولد في الاسلام مولود أشأم على أهل الاسلام من أبي حنيفة
256 حدثني احمد بن عبدالله بن شبويه قال سمعت ابي يقول سمعت النضر ابن شميل يقول سمعت ابن عون يقول بلغني أن بالكوفة رجلا يجيب في المعضلات يعني أبا حنيفة.
سليمان الاعمش ومغيرة الضبي وغيرهما
257 حدثني عبدة بن عبد الرحيم سمعت معرفا يقول دخل أبو حنيفة على الاعمش يعوده فقال يا أبا محمد لولا أن يثقل عليك مجيئي لعدتك في كل يوم فقال الاعمش من هذا قالوا أبو حنيفة فقال يا ابن النعمان انت والله ثقيل في منزلك فكيف إذا جئتني.
258 حدثني أبي حدثنا اسود بن عامر قال سمعت أبا بكر عياش ذكر أبا حنيفة وأصحابه الذين يخاصمون فقال كان مغيرة يقول والله الذي لا إله إلا هو لأنا أخوف على الدين منهم من الفساق وحلف الأعمش قال والله الذي لا إله إلا هو ما أعرف من هو شر منهم قيل لأبي بكر يعني المرجئة قال المرجئة وغير المرجئة.
259 حدثني إسحاق بن منصور الكوسج حدثنا محمد بن يوسف الفريابي قال سمعت سفيان الثوري يقول قيل لسوار لو نظرت في شيء من كلام أبي حنيفة وقضاياه فقال كيف أقبل من رجل يؤت الرفق في دينه.
260 حدثني أحمد بن إبراهيم حدثنا معاذ بن معاذ سمعت عثمان البتي يقول ذات يوم ويل لأبي حنيفة هذا ما يخطيء مرة فيصيب.
رقبة بن مصقلة
261 سمعت أبي يقول مر رجل برقبة فقال له رقبة من أين جئت قال من عند أبي حنيفة فقال كلام ما مضغت وتراجع أهلك بغير ثقة.
262 حدثني عبد الرحمن بن صالح الازدي حدثنا أبو بكر بن عياش عن رقبة أنه قال لرجل من أين جئت قال من عند أبي حنيفة قال جئت من عند رجل يمليك من رأى ما مضغت وتقوم بغير ثقة.
263 حدثني أبو معمر حدثنا ابن عيينة قال كنا عند رقبة فجاء ابنه فقال من أين قال من عند أبي حنيفة فقال إذا يعطيك رأيا ما مضغت وترجع بغير ثقة.
سفيان بن سعيد الثوري رحمه الله
264 حدثني أبي حدثنا شعيب بن حرب قال سمعت سفيان الثوري يقول ما أحب أن أوافقهم على الحق قلت لأبي رحمه الله يعني أبا حنيفة قال نعم رجل استتيب في الاسلام مرتين يعني أبا حنيفة قلت لأبي رحمه الله كأن أبا حنيفة المستتيب قال نعم.
265 سمعت أبي رحمه الله يقول أظن أنه استتيب في هذه الآية سبحان ربك رب العزة عما يصفون قال أبو حنيفة هذا مخلوق فقالوا له هذا كفر فاستتابوه
266 حدثني أبي رحمه الله حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال سمعت سفيان الثوري يقول استتيب أبو حنيفة مرتين
267 حدثني أبو بكر بن خلاد الباهلي قال سمعت يحيى بن سعيد يقول حدثنا سفيان قال استتاب أصحاب أبي حنيفة أبا حنيفة مرتين.
268 حدثني عبد الله بن معاذ العنبري قال سمعت أبي يقول سمعت سفيان الثوري يقول استتيب أبو حنيفة من الكفر مرتين.
269 حدثني أبو الفضل الخراساني نا سلمة بن شبيب نا الفريابي سمعت سفيان الثوري يقول استتيب أبو حنيفة من كلام الزنادقة مرارا.
270 حدثني هارون بن سفيان رضي الله عنه حدثني اسود بن عامر نا جعفر بن زياد الأحمر عن سفيان قال استتيب أبو حنيفة مرتين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/91)
271 حدثني أحمد بن إبراهيم نا هيثم بن جميل حدثني ابن سميع الاشجعي يحدث عن سفيان الثوري قال استتيب أبو حنيفة من الكفر مرتين
272 حدثني أبو بكر بن أبي عون نا معاذ نا سفيان وذكر أبا حنيفة قال استتيب أصحابه من الكفر غير مرة
273 حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثنا الحسن بن موسى النسائي قال سمعت عبدة بن عبدالله يحدث عن شعيب بن حرب قال قال لي سفيان الثوري اذهب إلى ذلك يعني أبا حنيفة فاسأله عن عدة أم الولد إذا مات عنها سيدها فأتيته فسألته فقال ليس عليها عدة قال فرجعت إلى سفيان فاخبرته فقال هذه فتيا يهودي
274 حدثني أبي حدثنا مؤمل بن إسماعيل نا سفيان قال حدثني عباد بن كثير قال قال لي عمر بن سل ابا حنيفة عن رجل قال أنا أعلم أن الكعبة حق وأنها بيت الله عز وجل ولكن لا أدري أهي التي بمكة أو التي بخراسان أمؤمن هو قال مؤمن فقال لي سله عن رجل قال أنا أعلم أن محمدا ? حق وأنه رسول ولكن لا أدري أهو الذي كان بالمدينة أم محمد آخر أمؤمن هو قال مؤمن.
275 حدثني هارون بن عبدالله نا عبدالله بن الزبير الحميدي نا حمزة بن الحارث بن عمير من آل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن أبيه قال سمعت رجلا يسأل أبا حنيفة في المسجد الحرام عن رجل قال أشهد أن الكعبة حق ولكن لا أدري هل هي هذه أم لا فقال مؤمن حقا وسأله عن رجل قال أشهد أن محمدا بن عبدالله نبي ولكن لا أدري هو الذي قبره بالمدينة أم لا فقال مؤمن حقا.
قال الحميدي من قال هذا فقد كفر.
قال الحميدي وكان سفيان بن عيينة يحدث عن حمزة بن الحارث.
276 حدثني هارون حدثنا الحميدي حدثنا مؤمل بن إسماعيل عن الثوري رحمه الله بنحو حديث حمزة
277 حدثني محمود بن غيلان حدثنا مؤمل بن إسماعيل عن الثوري أنه ذكر عنده أبو حنيفة وهو في الحجر فقال غير ثقة ولا مأمون حتى جاوز الطواف
278 حدثني محمد بن عمرو بن عباس الباهلي حدثنا الاصمعي قال قال سفيان الثوري ما ولد مولود بالكوفة أو في هذه الأمة أضر عليهم من أبي حنيفة قال وزعم سفيان الثوري أن أبا حنيفة استتيب مرتين.
279 حدثني سلمة بن شبيب حدثنا سملة بن عبد الحميد الحماني قال ربما رأيت سفيان الثوري مغطى الرأس يأتي مجلس أبي حنيفة فيجلس فيه قال سلمة فذكرت ذلك للفريابي فقال سمعت سفيان يقول ما سألت أبا حنيفة قط عن شيء ولقد كان يلقاني فيسألني قال أبو عبدالرحمن عبد الحميد الحماني أبو يحيى مرجيء شديد الارجاء داع وكان الشيخ يذمه
280 حدثني أبو الفضل الخراساني قال حدثني أسود بن سالم عن رجل سمعت سفيان الثوري يقول وذكر له حديث عن أبي حنيفة فقال سفيان غير ثقة ولا مأمون استتيب مرتين
281 حدثني أبو الفضل حدثنا أحمد بن عبدالله بن يونس حدثنا نعيم بن يحيى السعيدي قال سمعت سفيان الثوري يقول ما وضع أحد في الإسلام ما وضع أبو حنيفة إلا أن يكون أبو الخطايا
282 حدثني هارون بن سفيان حدثني عرزة الخراساني حدثنا الفضل بن موسى السيناني قال سمعت سفيان الثوري يقول ضرب الله عز وجل على قبر أبي حنيفة طاقا من النار
283 حدثني أبو بكر بن زنجويه حدثنا أبو جعفر الحراني قال سمعت عيسى ابن يونس يقول ربما أخذ أبو حنيفة بيدي ونحن في مسجد الكوفة فيبر ويلطف فاقعد فربما حصب مجلسه فتغافل فربما دخل سفيان فيقول يا أبا عمرو حدثنا أبو ذاك الصبي فقال فنفترق فيلقاني سفيان فيقول تجلس اليه فأقول له يأخذ بيدي فيجلسني فيبرني فما اصنع به قال فيسكت
284 حدثني محمد بن أبي عتاب الاعين حدثنا محمد بن عبيد الطنافسي عن سفيان الثوري قال كان أبو حنيفة نبطيا استنبط الأمور برأيه.
285 حدثني محمد بن أبي عتاب الأعين حدثني الفريابي قال سمعت سفيان يقول ما سألت أبا حنيفة عن شيء قط ولقد سألني وما سألته.
286 حدثني حسن بن أبي الصباح البزار حدثنا مؤمل سمعت سفيان الثوري يقول كان أبو حنيفة غير ثقة ولا مأمون استتيب مرتين
287 حدثني محمد بن خلف الكرخي حدثنا محمد بن حميد عن جرير عن ثعلبة عن سفيان قال ما ولد في الإسلام ولد أشأم من أبي حنيفة.
288 حدثني سفيان بن وكيع سمعت أبي يقول إذا ذكر أبو حنيفة في محلس سفيان كان يقول نعوذ بالله من شر النبطي إذا استعرب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/92)
289 حدثني هارون بن سفيان قال سمعت أبا عاصم قال نعيت أبا حنيفة إلى سفيان فما زادني على أن قال الحمد لله الذي عافاني من كثير مما ابتلى به كثيرا من الناس قال فعجبت منه
290 حدثني محمد بن عبدالله المخرمي قال حدثني نصير أبو هاشم أخو مازندر سمعت المبارك بن سعيد سمعت أخي سفيان بن سعيد يقول ما ابن يحطب السنة بسيفه أقطع لعرى الإسلام من هذا برأيه يعني أبا حنيفة
291 حدثني أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان حدثنا أبو نعيم قال كنا مع سفيان جلوسا في المسجد الحرام فأقبل أبو حنيفة يريده فلما رآه سفيان قال قوموا بنا لا يعدنا هذا بجربه فقمنا وقام سفيان وكنا مرة أخرى جلوسا مع سفيان في المسجد الحرام فجاءه أبو حنيفة فجلس فلم نشعر به فلما رآه سفيان استدار فجعل ظهره إليه.
مالك بن أنس رحمه الله
292 حدثني منصور بن أبي مزاحم سمعت مالك بن أنس ذكر أبا حنيفة فذكره بكلام سوء وقال كاد الدين وقال من كاد الدين فليس من الدين.
293 حدثني منصور مرة أخرى قال سمعت مالكا يقول في أبي حنيفة قولا يخرجه من الدين وقال ما كاد أبو حنيفة إلا الدين.
294 حدثني أبو معمر عن الوليد بن مسلم قال قال مالك بن أنس ايذكر أبو حنيفة ببلدكم قلت نعم قال ما ينبغي لبلدكم أن يسكن
295 حدثني أبو الفضل الخراساني حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال قال لي خالي مالك بن أنس أو حنيفة من الداء العضال وقال مالك أبو حنيفة ينقض السنن
296 حدثني الحسن بن الصباح البزار حدثني الحنيني عن مالك بن أنس قال ما ولد في الاسلام مولود أضر على أهل الاسلام من أبي حنيفة وكان يعيب الرأي.
حماد بن زيد
297 حدثنا إبراهيم بن الحجاج الناجي حدثنا حماد بن زيد قال جلست إلى أبي حنيفة بمكة فجاءه رجل فقال لبست النعلين أو قال لبست السراويل وأنا محرم أو قال لبست الخفين وأنا محرم شك إبراهيم فقال أبو حنيفة عليك دم فقلت للرجل وجدت نعلين أو وجدت إزارا قال لا فقلت يا أبا حنيفة أن هذا يزعم أنه لم يجد قال سواء وجد أو لم يجد قال حماد فقلت حدثنا عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس رضي الله عنه قال سمعت رسول الله ? يقول السراويل لمن لم يجد الازار والخفين لمن لم يجد النعلين.
السنة - عبدالله بن أحمد بن حنبل ج1/ص201
298 حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه ان رسول الله ? قال السراويل لمن لم يجد الإزار والخفين لمن لم يجد النعلين فقال بيده وحرك إبراهيم ابن الحجاج يده أي لا شيء فقلت له فانت عن من قال نا حماد بن إبراهيم قال عليه دم وجد أو لم يجد قال فقمت من عنده فتلقاني الحجاج بن ارطأة داخل المسجد فقلت له يا أبا ارطأة ما تقول في محرم لبس السراويل ولم يجد الإزار ولبس الخفين ولم يجد النعلين فقال:
299 حدثني عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ? قال السراويل لمن لم يجد الإزار والخفين لمن لم يجد النعلين قال فقلت له يا أبا ارطأة أما تحفظ أنه قال سمعت رسول الله ? قال لا
300 قال وحدثني نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ? قال السراويل لمن لم يجد الإزار والخفين لمن لم يجد النعلين
301 قال وحدثني أبو اسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه أنه قال السراويل لمن لم يجد الإزار والخفين لمن لم يجد النعلين قال فقلت له ما بال صاحبكم قال كذا وكذا قال ففي ذاك وصاحب من ذاك قبح الله ذاك.
302 حدثني منصور بن مزاحم قال سمعت أبا علي العذري يقول قيل لحماد بن زيد مات أبو حنيفة قال الحمد لله الذي كبس به بطن الأرض
303 حدثني هارون بن عبد الله أبو موسى حدثنا سليمان بن حرب عن حماد بن زيد قال جلست إلى أبي حنيفة بمكة فذكر سعيد بن جبير فانتحله في الارجاء فقلت من يحدثك يا أبا حنيفة قال سالم الأفطس فقلت له فان سالما يرى رأي المرجئة، ولكن حدثنا أيوب قال رآني سعيد بن جبير جلست إلى طلق بن حبيب فقال ألم أرك جلست إلى طلق لا تجالسه قال فكان كذلك قال فناداه رجل يا أبا حنيفة وما كان رأي طلق فاعرض عنه ثم ناداه فاعرض عنه فلما أكثر عليه قال ويحك كان يرى العدل.
304 حدثني أبو معمر عن إسحاق بن عيسى الطباع قال سألت حماد بن زيد عن أبي حنيفة فقال إنما ذاك يعرف بالخصومة في الارجاء.
شريك بن عبدالله وغيره
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/93)
305 حدثني منصور بن أبي مزاحم قال سمعت شريكا يقول لان يكون في كل ربع من أرباع الكوفة خمار يبيع الخمر خير من أن يكون فيه من يقول بقول أبي حنيفة
306 حدثني محمد بن عمرو الباهلي حدثنا الاصمعي عن شريك قال أصحاب أبي حنيفة أشد على المسلمين من عدتهم من لصوص تاجر قمي
307 حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثنا هيثم بن جميل قال قلت لشريك بن عبدالله استتيب أبو حنيفة قال علم ذلك العواتق في خدورهن.
308 حدثني أبو الفضل الخراساني حدثنا أبو نعيم قال كان شريك سيء الرأي جدا في أبي حنيفة وأصحابه ويقول مذهبهم رد الأثر عن رسول الله ?
309 حدثني هارون بن سفيان حدثني الوليد بن صالح قال سمعت شريكا يقول استتيب أبو حنيفة من كفره مرتين من كلام جهم ومن الارجاء
310 حدثني هارون حدثني شاذان سمعت شريكا يقول اصحاب أبي حنيفة جرب
311 حدثني إبراهيم بن سعيد الطبري قال سمعت معاذ بن معاذ يقول سمعت سفيان الثوري يقول استتيب أبو حنيفة من الكفر مرتين.
312 حدثني إبراهيم بن سعيد حدثنا محمد بن مصعب سمعت الاوزاعي يقول ما ولد في الاسلام مولود أشأم عليهم من أبي حنيفة.
313 حدثني إبراهيم بن سعيد حدثنا أبو توبة عن أبي إسحاق عن سفيان الثوري والاوزاعي مثل قول محمد بن مصعب.
314 حدثني إبراهيم بن سعيد حدثنا محمد بن بشر وأبو أسامة قالا مر رجل على رقبة قال من أين أقبلت قال من عند أبي حنيفة قال يمكنك من رأي ما مضغت وترجع إلى أهلك بغير ثقة.
315 حدثني إبراهيم حدثنا سعيد بن عامر عن سلام بن أبي مطيع قال كنا في حلقة أيوب بمكة فبصر بأبي حنيفة فقال قوموا بنا لا يعدنا بجربه
316 حدثني إبراهيم سمعت عمر بن حفص بن غياث يحدث عن أبيه قال كنت أجلس إلى أبي حنيفة فاسمعه يفتي في المسألة الواحدة بخمسة أقاويل في اليوم الواحد فلما رأيت ذلك تركته وأقبلت على الحديث.
317 حدثني إبراهيم حدثني عمي عن أبيه قال رأيت أبا حنيفة في المنام فسألته عن الرأي فكلح فقلت فمن قال حذيفة كان شحيحا على دينه وذكر ابن مسعود.
318 حدثني إبراهيم حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى الفرا عن يوسف بن إسباط قال قال أبو حنيفة لو أدركني رسول الله ? لأخذ بكثير من قولي.
319 حدثني ابراهيم بن سعيد حدثنا أبو توبة عن أبي إسحاق الفزاري قال قال أبو حنيفة أين تسكن قلت المصيصة قال أخوك كان خيرا منك قال وكان قتل مع المبيضة.
320 حدثني إبراهيم حدثنا أبو سلمة التبوذكي حدثني من سمع همام قال سئل أبو حنيفة عن خنزير بري قال لا بأس بأكله.
321 حدثني إبراهيم حدثنا أبو سلمة عن أبي عوانة قال سئل أبو حنيفة عن الاشربة فما سئل عن شيء إلا قال لا بأس به وسئل عن المسكر فقال حلال.
322 حدثني إبراهيم حدثنا أبو توبة عن أبي إسحاق الفزاري قال حدثت أبا حنيفة عن رسول الله ? بحديث في رد السيف فقال هذا حديث خرافة.
323 حدثني ابراهيم بن سعيد قال سمعت وكيعا يقول كان أبو حنيفة يقول لو أن رجلا كسر طنبورا ضمن.
324 حدثني ابراهيم بن سعيد حدثنا أبو توبة عن سلمة بن كلثوم عن الاوزاعي أنه لما مات أبو حنيفة قال الحمد لله الذي أماته فإنه كان ينقض عرى الاسلام عروة عروة.
325 حدثني ابراهيم حدثنا أبو توبة عن أبي إسحاق قال كان أبو حنيفة مرجئا يرى السيف
326 حدثني ابراهيم حدثنا أبو توبة عن أبي إسحاق الفزاري قال قال الاوزاعي إنا لا ننقم على أبي حنيفة الرأي كلنا نرى إنما ننقم عليه أنه يذكر له الحديث عن رسول الله ? فيفتي بخلافه
327 حدثني أبو عقيل يحينى بن حبيب بن إسماعيل بن عبدالله بن حبيب بن أبي ثابت حدثنا غالب بن فائد حدثنا شريك بن عبدالله قال رأيت أبا حنيفة يطاف به على حلق المسجد يستتاب أو قد استتيب
328 حدثني أحمد بن عبد الله بن حنبل ابن عمي حدثنا محمد بن حميد حدثنا أبو تميلة سمعت أبا عصمة وسئل كيف كلم الله عز وجل موسى تكليما قال مشافهة.
329 حدثني محمد بن أبي عمر الدوري المقريء قال سمعت أبا عبيد القاسم ابن سلام يقول كنت جالسا ومعنا أسود بن سالم فذكروا مسألة فقلت أن أبا حنيفة يقول فيها كيت وكيت فالتفت إلي فقال تذكر أبا حنيفة في المسجد فلم يكلمني حتى مات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/94)
330 أخبرت عن الفضل بن جعفر بن سليمان الهاشمي وهو عم جعفر بن عبد الواحد حدثني أبو جعفر بن سليمان قال كان والله أو حنيفة كافرا جهميا يرى رأي بشر بن موسى وكان بشر بن موسى يرى رأي الخوارج.
331 حدثني أبو الحسن العطار محمد بن محمد قال سمعت أبا عبد الملك بن الفارسي قال أبو الحسن وكان أبو عبيد يستعقله يقول سمعت أبا هزان يقول سمعت الاوزاعي يقول استتيب أبو حنيفة من الكفر مرتين.
332 حدثني أبو معمر عن إسحاق الطباع قال سألت شريكا عن أبي حنيفة فقال وهل تلتقي شفتان بذكر أبي حنيفة.
333 حدثني أبو معمر حدثنا حاتم بن احنف قال قلت لشريك كيف كان أبو حنيفة فيكم قال كان فينا فاسدا.
334 حدثني أبو معمر عن يحيى بن يمان قال سمعت شريكا يقول اخرجوا من كان ها هنا من أصحاب أبي حنيفة واعرفوا وجوههم
335 حدثني محمد بن أبي عتاب الاعين حدثني أبو نعيم قال سمعت شريكا يقول ما شبهت أصحاب أبي حنيفة الا بمنزلة الدفافين لو أن رجلا كشف استه في المسجد ما بالى من رآه منهم.
336 حدثني أبو معمر قال قيل لشريك بن عبدالله مما استتبتم أبا حنيفة قال من الكفر.
337 حدثني أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان حدثنا يحيى بن آدم حدثنا شريك وحسن بن صالح انهما شهدا أبا حنيفة وقد استتيب من الزندقة مرتين
338 حدثني أحمد بن محمد حدثنا يحيى بن آدم حدثنا سفيان وشريك وحسن ابن صالح قالوا ادركنا أبا حنيفة وما يعرف بشيء من الفقه ما يعرف الا بالخصومات
339 اخبرت عن الاصمعي قال استتيب والله أبو حنيفة من الكفر في إسناده من لا يعرف
340 حدثني أبي رحمه الله حدثنا مؤمل بن اسماعيل قال سمعت حماد بن سلمة وذكر أبا حنيفة فقال إن أبا حنيفة استقبل الآثار والسنن بردها برأيه
341 حدثني محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة قال سمعت أبي يقول كنا عند حماد بن سلمة فذكروا مسألة فقيل أبو حنيفة يقول بها فقال هذا والله قول ذاك المارق.
342 حدثني هارون بن سفيان حدثني الوليد بن صالح سمعت حماد بن سلمة إذا ذكر أبو حنيفة قال ذاك أبو جيفة قال وبلغني أن عثمان البتي كان يقول ذاك أبو جيفة.
343 حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثنا الهيثم بن جميل قال سمعت حماد ابن سلمة يقول عن أبي حنيفة هذا ليكبنه الله في النار.
344 حدثني أبو معمر عن إسحاق بن عيسى قال سألت حماد بن سلمة عن أبي حنيفة قال ذاك أبو جيفة سد الله عز وجل به الأرض
345 حدثني محمد بن أبي عتاب الاعين حدثنا منصور بن سلمة الخزاعي قال سمعت حماد بن سلمة يلعن أبا حنيفة قال أبو سلمة وكان شعبة يلعن أبا حنيفة.
عبدالله بن المبارك رحمه الله
346 حدثني عبدة بن عبد الرحيم مروزي شيخ صالح أنا سلمة بن سليمان قال دخل حمزة البزار على ابن المبارك فقال يا أبا عبد الرحمن لقد بلغني من بصر أبي حنيفة في الحديث واجتهاده في العبادة حتى لا أدري من كان يدانيه فقال ابن المبارك أما ما قلت بصر بالحديث فما لذلك بخليق لقد كنت آتيه سرا سفيان وان أصحابي كانوا ليلوموني على أتيانه ويقولون أصاب كتب محمد بن جعفر فرواها وأما ما قلت من اجتهاده في العبادة فما كان بخليق لذلك لقد كان يصبح نشيطا في المسائل ويكون ذلك دأبه حتى ربما فاتته القائلة ثم يمسي وهو نشيط وصاحب العبادة والسهر يصبح وله فترة.
347 حدثني عبدة بن عبد الرحيم قال سمعت معاذ بن خالد بن شقيق ابن عم علي بن الحسن بن شقيق يقول قدمت من الحج فأدركت ابن المبارك بالعراق فسألته فقلت يا أبا عبد الرحمن فضل معي من نفقة الحج شيء ترى إلى أن أكتب برأي أبي حنيفة فقال لا فقلت لم قال لأنه عقل رجل ليس بذاك.
348 حدثين أبو الفضل الخراساني حدثنا إبراهيم بن شماس السمرقندي حدثنا عبد الله بن المبارك بالثغر عن أبي حنيفة قال فقال إليه رجل يكنى أبا خداش فقال يا أبا عبد الرحمن لا ترو لنا عن أبي حنيفة فانه كان مرجئا قلم ينكر ذلك عليه ابن المبارك وكان بعد إذا جاء الحديث عن أبي حنيفة ورأيه ضرب عليه ابن المبارك من كتبه وترك الرواية عنه وذلك آخر ما قرأ على الناس بالثغر ثم انصرف ومات قال وكنت في السفينة معه لما انصرف من الثغر وكان يحدثنا فمر على شيء من حديث أبي حنيفة فقال لنا اضربوا على حديث أبي حنيفة فاني قد خرجت على حديثه ورأيه قال ومات ابن المبارك في منصرفه من ذلك الثغر قال وقال رجل لابن المبارك ونحن عنده أن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/95)
أبا حنيفة كان مرجئا يرى السيف فلم ينكر ذلك عليه ابن المبارك
349 حدثني عبدة بن عبد الرحيم سمعت أبا الوزير محمد بن أعين رضي الله عنه وصي ابن المبارك قال دخل رجل من أصحاب عبد الكريم على ابن المبارك والدار غاصة بأصحاب الحديث فقال يا أبا عبدالرحمن مسألة كذا وكذا قال فروى ابن المبارك فيه أحاديث عن النبي ? وأصحابه فقال الرجل يا أبا عبدالرحمن قال أبو حنيفة خلاف هذا فغضب ابن المبارك وقال أروي لك عن النبي ? وأصحابه تأتيني برجل كان يرى السيف على أمة محمد ?.
350 حدثني القاسم بن محمد الخراساني حدثنا عبدان عن ابن المبارك قال ما كان على ظهر الأرض مجلس أحب إلى من مجلس سفيان الثوري كنت إذا شئت أن تراه مصليا رأيته وإذا شئت أن تراه في ذكر الله عز وجل رأيته وكنت إذا شئت أن تراه في الغامض من الفقه رأيته وأما مجلس لا أعلم أني شهدته صلى فيه على النبي ? قط فمجلس ثم سكت ولم يذكر فقال يعني مجلس أبي حنيفة.
351 حدثني محمد بن أبي عتاب الاعين نا إبراهيم بن شماس قال صحبت ابن المبارك في السفينة فقال اضربوا على حديث أبي حنيفة قال قبل أن يموت ابن المبارك ببضعة عشر يوما.
352 حدثني عبدالله بن أحمد بن شبويه قال سمعت إسحاق بن راهويه يقول سمعت معاذ بن خالد بن شقيق يقول لعبد الله بن المبارك أيهم أسرع خروجا الدجال أو الدابة فقال عبدالله استقضاء فلان الجهمي على بخارى أشد على المسلمين من خروج الدابة أو الدجال.
353 حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه قال سمعت عبدان يقول سمعت سفيان بن عبدالملك يقول سمعت عبدالله بن المبارك يقول في مسألة لأبي حنيفة قطع الطريق احيانا احسن من هذا.
354 حدثني أبو الحسن بن العطار محمد بن محمد سمعت أحمد بن شبويه يقول أنبأنا أبو صالح سليمان بن صالح قال قيل لابن المبارك تروي عن أبي حنيفة قال ابتليت به.
سفيان بن عيينة رحمه الله
355 حدثني أبي رحمه الله قال سمعت ابن عيينة يقول استتيب أبو حنيفة مرتين.
356 حدثني أبي رحمه الله قال سمعت سفيان بن عيينة يقول علمت أنهم استتابوه غير مرة يعني أبا حنيفة قال أبي فقال ابن زيد يعني حمادا قيل لسفيان في ماذا قال تكلم بكلام فقالوا هذا كفر فرأى اصحابه أن يستتيبوه فقال أتوب.
357 حدثني محمد بن علي الوراق نا إبراهيم بن بشار حدثنا سفيان قال ما رأيت أحدا اجرأ على الله من أبي حنيفة أتاه رجل من أهل خراسان فقال جئتك على ألف بمائة الف مسألة أريد أن أسألك عنها فقال هاتها قال سفيان فهل رأيتم أحدا أجرأ على الله من هذا.
358 حدثني محمد بن علي نا سفيان قال كنت عند أبي حنيفة يوما فأتاه رجل فسأله عن مسألة في الصرف فاخطأ فيها فقلت يا أبا حنيفة هذا خطأ فغضب وقال للذي أفتاه اذهب فاعمل بها وما كان فيها من اثم فهو في عنقي.
359 حدثني محمد بن علي نا أبراهيم سمعت سفيان يقول مررت بأبي حنيفة وهو مع أصحابه في المسجد وقد ارتفعت أصواتهم فقلت يا أبا حنيفة هذا المسجد والصوت لا ينبغي أن يرفع فيه فقال دعهم لا يتفقهون إلا بهذا.
360 حدثني محمد بن علي حدثنا ابراهيم بن بشار قال سمعت سفيان بن عيينة يقول كان أبو حنيفة يضرب بحديث رسول الله ? الأمثال فيردها بلغه أني أحدث بحديث عن رسول الله ? أنه قال البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فقال أبو حنيفة أرأيتم أن كانا في سفينة كيف يتفرقان فقال سفيان فهل سمعتم بأشر من هذا.
361 حدثني أبو الفضل الخراساني نا محمد بن أبي عمر قال سمعت سفيان بن عيينة يقول ما ولد في الاسلام مولود أضر على الاسلام من ابي حنيفة.
362 حدثني أبي رحمه الله نا سفيان بن عيينة حدثنا أبن جريج قال املاه علينا نافع قال سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول قال رسول الله ? المتبايعان بالخيار فذكر الحديث قال فكان ابن عمر رضي الله عنه إذا أراد أن يفارقه مشى قليلا ثم رجع.
363 حدثني عبدالله بن عمر أبو عبدالرحمن حدثنا أبو أسامة عن أبي إسحاق الفزاري قال سمعت سفيان والاوزاعي يقولان إن قول المرجئة يخرج إلى السيف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/96)
364 حدثني محمد بن هارون أبو نشيط نا نعيم بن حماد حدثنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد بحديث قال سفيان فلما قدمت الكوفة سألوني عن الحديث فقلت هو جابر بن زيد فقالوا إن أبا حنيفة رواه عن عمرو عن جابر بن عبدالله فقلت لا إنما هو جابر بن زيد فأتوا أبا حنيفة فقالوا إن ها هنا رجلا عالما بحديث عمرو فقال لا تبالوا ان شئتم صيروه جابر عن عبد الله وان شئتم صيروه جابر بن زيد.
365 حدثنا شيخ لنا بصري حدثنا مؤمل بن اسماعيل قال سمعت سفيان بن عيينة وقال له رجل يا أبا محمد تحفظ عن أبي حنيفة شيئا قال لا ولا نعمت عيني.
366 حدثني أبو بكر بن أبي عون المديني حدثنا أبو بكر الردادي عن أبي حماد السقلبي قال سمعت سعيد الازرق يقول رأيت كأني على قبر النبي ? وأنا أسوي التراب عليه إذ انشق القبر فخرج بأبي وأمي ? فجلس على شفير القبر فقلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي ادع الله لي بالشهادة فقال اللهم ارزق أبا عثمان الشهادة ثم سكت هنيئة ثم قلت بأبي أنت وأمي يا نبي الله أدع لي بالشهادة قال اللهم ارزق أبا عثمان الشهادة ثم سكت هنيئة ثم قلت بأبي أنت وأمي يا نبي الله أدع لي بالشهادة قال اللهم ارزق أبا عثمان الشهادة يا سعيد إن تر ٍ أن ترد على الحوض فلا تعملن بشيء من قول من أبي حنيفة
أبو إسحاق الفزاري رحمه الله
367 حدثني منصور بن أبي مزاحم نا يزيد بن يوسف عن أبي إسحاق الفزاري قال لما قتل أخي جئت الكوفة فسألت عن أخي فقالوا استفتى أبا حنيفة في الخروج مع إبراهيم فأفتاه فقلت له تفتي أخي بالخروج معه يعني إبراهيم فقال نعم وهو خير منك.
368 حدثني محمد بن هارون أبو نشيط حدثني أبو صالح يعني الفرا قال سمعت أبا اسحاق الفزاري يقول كان أبو حنيفة مرجئا يرى السيف.
369 حدثنا محمد بن هارون نا أبو صالح قال سمعت الفزاري يقول حدثت أبا حنيفة بحديث عن النبي ? في رد السيف فقال هذا حديث خرافة.
370 حدثني محمد بن هارون نا أبو صالح قال سمعت الفزاري
371 وحدثني إبراهيم بن سعيد نا أبو توبة عن أبي إسحاق الفزاري قال كان أبو حنيفة يقول إيمان إبليس وإيمان أبي بكر الصديق رضي الله عنه واحد قال أبو بكر يا رب وقال إبليس يا رب.
372 حدثني محمد نا أبو صالح قال سمعت أبا إسحاق الفزاري يقول قال أبو حنيفة يا أبا إسحاق اين تسكن اليوم فقلت له بالمصيصة قال لو ذهبت حيث ذهب أخوك كان خيرا لك وكان أخو أبي إسحاق خرج مع المبيضة فقتله المسودة
373 حدثني أحمد بن إبراهيم حدثني خلف بن تميم حدثني أبو إسحاق الفزاري قال قال لي أبو حنيفة مخرج أخيك أحب إلي من مخرجك قال خلف وكان الفزاري خرج إلى المصيصة وخرج أخوه مع إبراهيم حين خرج بالبصرة في الفتنة.
جماعة من الفقهاء رحمهم الله
374 حدثنا موسى الانصاري قال سمعت أبا خالد الاحمر يقول استتيب أبو حنيفة من الأمر العظيم مرتين
375 حدثني عبدالرحمن بن صالح نا يحيى بن آدم قال ذكر أبا حنيفة الحسن ابن صالح فقال وددت أنه وفق فاخبرت شريكا فقال لم قال وددت أنه وفق لا يتعلم مما يحسنون شيئا.
376 حدثني عبدالرحمن بن صالح حدثنا طلق بن غنام قال قلت لحفص بن غياث وابطأ في قضية فقال إنما هو رأي ليس بكتاب ولا سنة وإنما أحزه في لحمي قد رأيت أبا حنيفة يقول في شيء عشرة أقوال ثم يرجع فما عجلتي.
377 سمعت أبي رحمه الله يقول قال عبدالله بن أدريس قلت لمالك بن أنس كان عندنا علقمة والاسود فقال قد كان عندكم من قلب الامر هكذا وقلب أي بطن كفه على ظاهرها يعني أبا حنيفة.
378 حدثني هارون بن سفيان نا طلق بن غنام حدثنا حفص بن غياث يقول جلست إلى أبي حنيفة فقال في مسألة بعشرة أقاويل لا ندري بأيها نأخذ.
379 حدثني هارون حدثني عرزة بن الخراساني قال سمعت أبا حمزة السكري يقول قدمت على أبي حنيفة فسألته عن مسائل ثم غبت عنه نحوا من عشرين سنة ثم أتيته فإذا هو قد رجع عن تلك المسائل وقد أفتيت بها الناس فقلت له فقال أنا نرى الرأي ثم نرى غدا غيره فنرجع عنه فقال انت بعد ترتاد لدينك بئس الرجل أنت أو كما قال
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/97)
380 حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي نا عفان بن مسلم حدثنا أبو عوانة قال شهدت أبا حنيفة وكتب إليه رجل في أشياء فجعل يقول يقطع يقطع حتى سأله عمن سرق من النخل شيئا فقال يقطع فقلت للرجل لا تكتبن هذا هذا من زلة العلم قال لي وما ذاك قال قلت قال رسول الله ? لا قطع في ثمر ولا كثر قال امح ذاك واكتب لا يقطع لا يقطع.
381 حدثني هارون بن سفيان حدثني أسود بن سالم قال كنت مع أبي بكر بن عياش في مسجد بني أسيد مما يلي القبلة فسأله رجل من مسألة فقال رجل قال أبو حنيفة كذا وكذا فقال أبو بكر بن عياش سود الله وجه أبي حنيفة ووجه من يقول بهذا.
382 حدثني أبو الفضل الخراساني نا أحمد بن الحجاج نا سفيان بن عبدالملك حدثني أبن المبارك قال ذكرت أبا حنيفة عند الأوزاعي وذكرت علمه وفقهه فكره ذلك الأوزاعي وظهر لي منه الغضب وقال تدري ما تكلمت به تطري رجلا يرى السيف على أهل الاسلام فقلت إني لست على رأيه ولا مذهبه فقال قد نصحتك فلا تكره فقلت قد قبلت.
383 حدثني أبو الفضل نا محمد بن مهران الجمال الرازي عمن حدثه عن ابن المبارك أنه سئل عن مسألة فحدث فيها باحاديث فقال له رجل إن أبا حنيفة يقول خلاف هذا فغضب ابن المبارك وقال اخبرتك عن النبي ? وأصحابه وتأتيني برجل يرى السيف على أمة محمد ?
384 حدثني أبو الفضل نا سفيان بن وكيع عن أبيه قال لما تكلم أبو حنيفة في الارجاء وخاصم فيه قال سفيان الثوري ينبغي أن ينفى من الكوفة أو يخرج منها.
385 حدثني أبو الفضل نا الحسين بن الفرج الخياط نا أبراهيم بن أبي سويد قال سمعت حماد بن سلمة يقول أبو حنيفة هذا والله إني لارجو ان يدخله الله عز وجل نار جهنم.
386 حدثني أبو الفضل نا إبراهيم بن شماس نا أبو عبد الرحمن المقريء قال كان والله أبو حنيفة مرجئا ودعاني إلى الارجاء فأبيت عليه.
387 أخبرت عن مطرف اليساري الاصم عن مالك بن أنس قال النداء العضال الهلاك في الدين أبو حنيفة الداء العضال.
388 حدثني أبو الفضل الخراساني نا يحيى بن أيوب عن أبي الجهم وكان ثقة قال رأيت سفيان الثوري وأبا حنيفة فرأيت سفيان أعلم بما كان وأبو حنيفة أعلم بما لم يكن.
389 حدثني أبو الفضل الخراساني حدثنا مسعود بن خلف قال حدثنا وليد بن مسلم قال قال لي مالك بن أنس يظهر ببلدكم كلام أبي حنيفة قلت نعم قال ما ينبغي لبلدكم ان يسكنفي.
390 حدثني أبو الفضل حدثني اسود بن سالم قال إذا جاء الاثر القينا رأي أبي حنيفة واصحابه في الحش ثم قال لي أسود عليك بالاثر فالزمه ادركت أهل العلم يكرهون رأي أبي حنيفة ويعيبونه.
391 حدثني أبو الفضل حدثني مسعود بن خلف حدثني إسحاق بن عيسى حدثني محمد بن جابر قال سمعت أبا حنيفة يقول أخطأ عمر بن الخطاب فأخذت كفا من حصى فضربت به وجهه.
392 حدثني أبو الفضل الخراساني حدثنا حماد بن أبي حمزة السكري عن سلمة بن سليمان عن ابن المبارك أنه سأله رجل عن مسألة فحدثه فيها بحديث عن النبي ? فقال الرجل قال أبو حنيفة بخلاف هذا فغضب ابن المبارك غضبا شديدا وقال اروي لك عن رسول الله ? وتأتيني برأي رجل يرد الحديث لاحدثتكم اليوم بحديث وقام
393 أخبرت عن موسى بن إسماعيل حدثني أبو عوانة قال سمعت أبا حنيفة وسئل عن المسكر فقال حلال وسئل عن النبيذ الشديد فقال حلال وسئل عن الداذي فقال حلال.
394 حدثني أبو الفضل الخراساني حدثني حماد بن أبي حمزة السكري قال قال سفيان بن عبدالملك قال ابن المبارك وذكر له مسألة من قول أبي حنيفة فقال ابن المبارك قطع الطريق احيانا احسن من هذا القياس.
395 حدثني هارون بن سفيان قال سألت أسود بن سالم عن أبي زائدة فقال كان حافظا ولكن كان يذكر أبا حنيفة ويقول بقوله فهو عندي ضعيف يعني من أجل ذكره لأبي حنيفة أي يحدث عنه أو يذكره
396 حدثني محمد بن عبدالملك بن زنجويه حدثنا عبدالرزاق وقيل له أبو حنيفة مرجيء فقال أتى حقا.
397 حدثني محمد بن هارون نا أبو صالح قال سمعت يوسف بن إسباط يقول لم يولد أبو حنيفة على الفطرة قال وسمعت يوسف يقول رد أبو حنيفة أربعمائة أثر عن النبي ?
398 حدثني محمد بن أبي عمر الدوري المقريء سمعت أبا نعيم يقول سمعت النعمان بن ثابت وهو أبو حنيفة يقول لأبي يوسف يا يعقوب لا ترو عني شيئا فوالله ما أدري امخطيء أم مصيب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/98)
399 حدثني محمد بن هارون نا أبو صالح سمعت يوسف يقول كان أبو حنيفة يقول لو أدركني النبي ? لأخذ بكثير مني ومن قولي وهل الدين إلا الرأي
400 حدثني أبو الفضل الخراساني نا محمد بن جعفر المدائني قال قال محمد بن جابر سمعت أبا حنيفة وحدثه رجل بحديث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال أخطأ عمر بن الخطاب فأخذت كفا من حصى فرميته به.
401 حدثني أبو الفضل نا يحيى بن أيوب نا علي بن عاصم قال حدثت أبا حنيفة بحديث في النكاح أو في الطلاق قال هذا قضاء الشيطان.
402 حدثني أبو الفضل حدثنا يحيى بن معين قال كان أبو حنيفة مرجئا وكان من الدعاة ولم يكن في الحديث بشيء وصاحبه أبو يوسف ليس به بأس.
403 حدثني أبو الفضل نا مسلم بن إبراهيم نا عبد الوارث بن سعيد قال نا سعيد قال جلست إلى أبي حنيفة بمكة فذكر شيئا فقال له رجل روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه كذا وكذا قال أبو حنيفة ذاك قول الشيطان وقال له آخر أليس يروى عن رسول الله ? أفطر الحاجم والمحجوم فقال هذا سجع فغضبت وقلت ان هذا مجلس لا أعود إليه ومضيت وتركته
404 حدثت عن يزيد بن عبد ربه قال سمعت وكيع بن الجراح حين قدم علينا حمص سنة ثلاث وتسعين يقول إياكم ورأي أبي حنيفة فإني سمعته يقول قبل أن نأخذ في القياس البول في المسجد أحسن من بعض القياس.
405 حدثني أبو الفضل الخراساني نا أبو الأحوص محمد بن حيان قال سأل رجل هشيما يوما عن مسألة فحدثه فيها بحديث فقال الرجل إن أبا حنيفة ومحمد بن الحسن وأصحابه يقولون بخلاف هذا فقال هشيم يا عبد الله إن العلم لا يؤخذ من السفل.
406 حدثني إسحاق بن إبراهيم ابن عم أحمد بن منيع اخبرني غير واحد منهم أبو عثمان سعيد بن صبيح أخبرني أبو عمرو الشيباني قال لما ولي إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة القضاء قال مضيت حتى دخلت عليه فقلت بلغني أنك تقول القرآن كلام الله وهو مخلوق فقال هذا ديني ودين آبائي فقيل له متى تكلم بهذا قبل أن يخلقه أو بعدما خلقه أو حين خلقه قال ما رد علي حرفا فقلت يا هذا اتق الله وانظر ما تقول وركبت حماري ورجعت.
407 أخبرت عن هوذة بن خليفة يقال رأيت أبا حنيفة وقد أخذ بلحيته كأنه تيس وهو يدار به على الحلق يستتاب من الكفر.
408 حدثني سويد بن سعيد نا عبد الله بن يزيد قال دعاني أبو حنيفة إلى الإرجاء
409 حدثني علي بن شعيب البزاز حدثنا عمرو بن شبيب سمعت خالد أبا سلمة الجهني يقول لأبي حنيفة يا أبا حنيفة إذا جاء الأثر ضربنا برأيك الحائط.
410 حدثنا أبو معمر عن إسحاق بن الطباع قال قال محمد بن جابر سمعت أبا حنيفة في الكوفة يقول أخطأ عمر بن الخطاب فاخذت كفا من حصى فضربت به وجهه وصدره
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[28 - 12 - 04, 04:11 م]ـ
كلام يا أخ الأمين فيه مغالطات
كلام الأخ محمد غير علمي، لأنه مبني على الانتقاء، وهناك كلام كثير غير ما ذكر هنا، لم يشر إليه.
وحصر الطعن في أبي حنيفة رحمه الله في الحديث فقط مخالف للواقع.
ورحم الله علماء المسلمين،
ولولا أني لا أريد الخوض في ذلك لأثبته بما لا يمكن للمنصف مخالفته.
وقد كان الإمام مالك أحق بذلك!
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=24563&page=1
ـ[أبا عبد الرحمن]ــــــــ[28 - 12 - 04, 05:11 م]ـ
أشكل علي أن أقرأ كلام نفس العلماء يمدحون في الإمام أبو حنيفة و في مكان آخر هم نفسهم يجرحون فيه ... فأيهما أصدق؟
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[13 - 03 - 05, 11:57 ص]ـ
حكاية فيها شبه بما تقدم ..
في ترجمة أبي إسحاق إسماعيل بن سعيد الشالنجي الكسائي الجرجاني في تاريخ جرجان للحافظ حمزة السهمي ص141:
.. وكان أحمد بن حنبل يكاتبه، سمعت أبا أحمد عبد الله بن عدي الحافظ يقول: سمعت أحمد بن العباس العدوي يقول: سمعت إسماعيل بن سعيد الكسائي يقول: كنت أربعين سنة على الضلالة، فهداني الله، وأي رجال فاتتني!.
كان أبو إسحاق هذا ينتحل مذهب الرأي، ثم هداه الله، وكتب الحديث، ورأى الحق في اتباع سنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثم رد عليهم في كتاب "البيان" حدثنا بذاك الكتاب محمد بن أحمد الغطريفي، حدثنا أحمد بن العباس العدوي، حدثنا إسماعيل بن سعيد الكسائي كله من أوله إلى آخره، وكان من أصحاب محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة كل مسألة يحكي عنه ثم يرد عليه.
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[14 - 03 - 05, 11:38 ص]ـ
أحسن الله عملك يا ابن السديس
ورحم الله علماء أهل السنة والجماعة علماء الجرح والتعديل الذين ما تكلموا فيمن تكلموا فيه إلا من باب الغيرة على الدين وتحذير الأمة، وهم أعلم بهم ممن أتى من بعدهم.
فرحم الله أحمد بن حنبل وابن معين وابن المديني وإسحاق وأبا زرعة وأبا حاتم الرازيين وبقية أئمة السنة وجمعنا وإياهم في دار كرامته
فالموت على اعتقادهم، سبيل النجاة والفكاك، وإن خالف فيه من خالف.
قال الأوزاعي رحمه الله (عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/99)
ـ[حارث همام]ــــــــ[14 - 03 - 05, 12:21 م]ـ
تكلم في الإمام أبو حنيفة أقوام بجرح أو قدح خرج إلى حد التكفير، وآخرون بمدح وتعديل خرج إلى أن جعلوه إمام الأئمة وواحد الأمة.
وكل ذلك ثابت، والنقد المعتدل ينبغي أن يقبل، وأما ما يترتب عليه حكم شرعي من نحو تبديع أو تفسيق أو تكفير، فمسكين من قلد فيه إمام ولاحجة له ولابرهان يعلمه له فيما رمى به الإمام أبوحنيفة، ولاسيما إن خالف القادح مادح، والمثبت ناف، وليس في كلام المتهم ما يثبت التهمة عليه.
ونصيحتي لإخواني أن يتركوا الفصل بين المُتَهِم والمُتَهَم لمن يعلم السر وأخفى، وأن يعلموا أن براء الذمة والخلو من التهمة هو الأصل ما لم يقم دليله، وليس من الأدلة الشرعية على كفر فلان أن فلانا كفره، وكذلك ماهو دون ذلك من الأحكام، وقد يكون لمن أصدر الحكم عذره كأن تكون كلمة بلغته على غير وجهها أو فهم منها خلاف مراد قائلها فيعذر بذلك ولكن لايعذر مثلك ممن لم تكن له شبهة أو حجة.
وما أحسن القواعد التي قررها المعلمي في معرض رده على الكوثري، وقد قرر فيها الأعذار التي ينبغي أن يأخذ بها الطالب وإن صح الأثر إلى بعضهم فلتراجع.
هذا وليس في الموضوع أكثر من ذم بعض الأئمة لأبي حنيفة، وليس فيه بيان سبب تحول إسحاق رحمه الله فيما يظهر.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[14 - 03 - 05, 07:39 م]ـ
أخي الشيح حارث همام وفقه الله
العنوان: "قصة الإمام إسحاق بن راهويه في تركه مذهب أبي حنيفة" = كان للتشويق.
ولذا جاء في المشاركة رقم (1) بعد:
الحمد لله:
فهذه حكاية غريبة في بداية أمر الإمام إسحاق بن راهويه في العلم، وكونه من أصحاب الرأي ثم تركه ذلك ..
وجاء في المشاركة رقم (7) هذا الموقف قد يكون بداية التحول إلى مذهب أهل الحديث خصوصا لما رأى أمر أهل الحديث على ما قال شيخه عبد الرحمن بن مهدي.
ونقلي مثل هذا الخبر الغريب، ليس القصد منه الطعن في الإمام أبي حنيفة ـ رحمه الله ـ لكن ليعرف مبدأ بعض الأئمة في طلبهم العلم، وما حدث لهم من تحول، وتأثير ذلك عليه، وعلى اختياراته ... ولو كان القصد الطعن = لكان للكلام منحى آخر.
كتبت هذا مع ظني أنه لا يخفى عليكم، لكن لئلا يظن غيرك هذا.
ـ[حارث همام]ــــــــ[14 - 03 - 05, 08:45 م]ـ
شيخنا عبدالرحمن شكر الله لكم نعم قد يكون هذا من الأسباب التي دعت ابن راهوية للإعادة النظر في مذهب أهل الرأي والنظر، وليس الظن بمثلكم تقرير الأحكام بمثل هذا النقل المبتسر.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[07 - 02 - 06, 07:50 ص]ـ
(2) أظنه المترجم في طبقات الحنابلة 2/ 208ـ وقال عنه ـ: ذكره أبو بكر الخلال فقال: من أصحاب أبي عبدالله المتقدمين سمع من أبي عبدالله "التاريخ" قديما، وقد كان قدم ههنا، وحدث عنه أبو بكر المروذي. والله أعلم ..
ورواه المروذي أيضا في أخبار الشيوخ ص160: ونصه: .. فقدم علينا القاسم بن محمد بن الحارث ... الخ.
وتبين بذكر جده أنه: القاسم بن محمد بن الحارث المروزي له ترجمة في الجرح والتعديل 7/ 120:
وقال عنه أبو حاتم: صدوق.
وهذه ترجمته من تاريخ بغداد 12/ 431:
القاسم بن محمد بن الحارث المروزي سكن بغداد، وحدث بها عن:
سهيل بن يحيى المروزي، ومسدد بن مسرهد، وعبدان بن عثمان.
روى عنه:
أبو بكر بن أبى الدنيا، وعبيدٌ العجل، ويحيى بن صاعد، وعلى بن الحسن بن العلاء السمسار، ومحمد بن احمد بن أبى الثلج، وإبراهيم بن حماد القاضي، والحسين بن إسماعيل المحاملي. وكان ثقة.
... حدثت عن عبد العزيز بن جعفر الحنبلي قال أنبأنا أبو بكر الخلال: قال: والقاسم بن محمد المرزوي من أصحاب أبى عبد الله المتقدمين سمع من أبي عبد الله ـ يعني أحمد بن حنبل ـ التاريخ قديما، وقد كان قدم إلى ههنا، وحدث عنه أبو بكر المروذي.
وقد خفي على المحقق البارع الدكتور عبد الرحمن العثيمين في تحقيقه لطبقات ابن أبي يعلى تعيينه، وترجمته من هذين الكتاببين، فلعل من له به صلة أن يفيده بهذه الفائدة.
ـ[أبوجهضم الناصري التميمي]ــــــــ[17 - 02 - 06, 06:06 م]ـ
جزاكم الله كل خير
الف شكر للجميع واخص بالشكر كاتب الموضوع عبدالرحمن السديس
تحياتي
ابوجهضم الناصري
ـ[حامد الاندلسي]ــــــــ[12 - 04 - 07, 10:53 م]ـ
بوركت
ـ[السمرقندي]ــــــــ[24 - 10 - 07, 04:57 ص]ـ
السلام عليكم
و الله كان أفضل لكم أن تحفظوا بعض السور و بعض الأحاديث أو شيء من فقه العبادات تنتفعون به فهذا كله أفضل لكم من إضاعة الوقت في مثل هذا الكلام. و غالب ظني أنه لم ينتفع به أحد فالمتعصب بقي على تعصبه و الحقود على حقده. و قد تكونون زودتم من التعصب و الحقد مما يكون قد سبب فتنة.
و السلام(29/100)
تكملة الصارم المنكي
ـ[أبو أنيس]ــــــــ[21 - 12 - 04, 07:00 م]ـ
هل اطلع احدكم على كتاب " تكملة الصارم المنكي " وشكرا
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[21 - 12 - 04, 07:09 م]ـ
نعم أخي الكريم وفي المرفقات صورة غلاف الكتاب.
اسم الكتاب: الكشف المبدي لتمويه أبي الحسن السبكي تكملة الصارم المنكي.
تأليف: محمد بن حسين بن سليمان بن إبراهيم الفقيه (ت1355) من علماء جدة.
دراسة وتحقيق: د/صالح بن علي المحسنود/أبو بكر بن سالم شهال.
طبع بدار الفضيلة في مجلد واحد عام 1422 - 2002
ـ[أبو أنيس]ــــــــ[25 - 12 - 04, 09:49 ص]ـ
شكرا وبارك الله فيكم
ـ[أبو مشاري]ــــــــ[31 - 08 - 05, 02:16 ص]ـ
لقد تعبت من البحث عن هذا الكتاب في زيارتي الأخيرة للسعودية
وكلما سألت عنه أخبرت بنفاده و الله المستعان
فليت الشيخ عبدالرحمن الفقيه يكرم أهل الملتقى بنسخة منه بكتابته كما سبق من طباعة الكتب العقدية المفيدة في الملتقى
وجزاكم الله خير
ـ[المقدادي]ــــــــ[08 - 05 - 07, 12:13 م]ـ
لقد تعبت من البحث عن هذا الكتاب في زيارتي الأخيرة للسعودية
وكلما سألت عنه أخبرت بنفاده و الله المستعان
فليت الشيخ عبدالرحمن الفقيه يكرم أهل الملتقى بنسخة منه بكتابته كما سبق من طباعة الكتب العقدية المفيدة في الملتقى
وجزاكم الله خير
للرفع
ـ[أبوبدر العباد]ــــــــ[08 - 05 - 07, 06:06 م]ـ
أما أنا فمنذ مدة أبحث عن الصارم المنكي لابن عبد الهادي المقدسي رحمه الله، فلا أجده.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[09 - 05 - 07, 05:30 م]ـ
بارك الله فيكم
أما كتاب الصارم المنكي فقد سبق كتابته ووضعه في الملتقى لعدم وجوده إذا ذاك في الشبكة ولا في برامج الكتب، وهو على هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=64661#post64661
وسوف تبدا بإذن الله تعالى في كتابة التكملة على الوورد ونشرها كذلك.
ـ[المقدادي]ــــــــ[09 - 05 - 07, 06:43 م]ـ
وسوف تبدا بإذن الله تعالى في كتابة التكملة على الوورد ونشرها كذلك.
جزاكم الله خيرا شيخنا عبدالرحمن الفقيه
ـ[عبدالمصور السني]ــــــــ[10 - 07 - 07, 03:00 م]ـ
لعلنا نراه قريبا ...
ـ[نايف أبو محمد]ــــــــ[22 - 07 - 07, 04:23 ص]ـ
بارك الله فيكم
ـ[أحمد موسى]ــــــــ[02 - 10 - 07, 12:15 ص]ـ
السلام عليكم
والله ياريت احد يرفع كتاب الكشف المبدي لتمويه أبي الحسن السبكي تكملة الصارم المنكي للفقية
جزاكم الله خيرا مقدما
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[02 - 10 - 07, 12:57 ص]ـ
لقد أرسلت الكتاب للطباعة منذ خمسة أشهر وقد تأخر الأخ الكاتب هداه الله إلى هذا الوقت
وسنضعه بإذن الله تعالى أول ما يصل إلينا.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[28 - 10 - 07, 07:17 ص]ـ
وهذه نسخة مصورة من الكتاب
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=689406&postcount=102
ـ[محمّد محمّد الزّواوي]ــــــــ[28 - 10 - 07, 11:24 ص]ـ
لعلَّ غَيْرَ من أرسلتَ إليهم الكتاب يا شيخ عبد الرحمن ينشُطونَ لذلك، إذا علموا بأنَّ الكتابَ ينسخُ على الوورد بمقدار ثلاث صفحاتٍ كلَّ يوم فقط، يتمّ الكتاب خلال خمسة أشهر باعتبار عدد صفحاته (495) ... ثلاث صفحات في اليوم فحسب!!!، ... أحسن الله عزاءنا في الهِمَمِ ... فكيف لو أنشأ ملتقانا الكريم فريقَ عملٍ خاصٍّ يكلَّفُ بهذه النَّوادِر.
ـ[المقدادي]ــــــــ[28 - 10 - 07, 05:37 م]ـ
وهذه نسخة مصورة من الكتاب
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=689406&postcount=102
جزاكم الله خيرا و نفع بكم
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[09 - 03 - 08, 09:27 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=775287#post775287(29/101)
ما الجواب عن تفسير ابن كثير لآية " وقالت اليهود يد الله مغلولة" -عاجل-
ـ[خالد الوايلي]ــــــــ[22 - 12 - 04, 05:18 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
هل في تفسير هذه الآية
مخالفة لمنهج السلف الصالح في إثبات صفة اليد لله تعالى
كما في تفسير ابن كثير -رحمه الله-
لآية المائدة
"وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ"
المائدة 64
يُخْبِر تَعَالَى عَنْ الْيَهُود عَلَيْهِمْ لَعَائِن اللَّه الْمُتَتَابِعَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة بِأَنَّهُمْ وَصَفُوهُ تَعَالَى عَنْ قَوْلهمْ عُلُوًّا كَبِيرًا بِأَنَّهُ بَخِيل كَمَا وَصَفُوهُ بِأَنَّهُ فَقِير وَهُمْ أَغْنِيَاء وَعَبَّرُوا عَنْ الْبُخْل بِأَنْ قَالُوا " يَد اللَّه مَغْلُولَة " قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّه الطِّهْرَانِيّ حَدَّثَنَا حَفْص بْن عُمَر الْعَدَنِيّ حَدَّثَنَا الْحَكَم بْن أَبَان عَنْ عِكْرِمَة قَالَ: قَالَ اِبْن عَبَّاس: مَغْلُولَة أَيْ بَخِيلَة وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة: عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله وَقَالَتْ الْيَهُود يَد اللَّه مَغْلُولَة قَالَ لَا يَعْنُونَ بِذَلِكَ أَنَّ يَد اللَّه مُوثَقَة وَلَكِنْ يَقُولُونَ بَخِيل يَعْنِي أَمْسَكَ مَا عِنْده بُخْلًا تَعَالَى اللَّه عَنْ قَوْلهمْ عُلُوًّا كَبِيرًا وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ وَالضَّحَّاك وَقَرَأَ " وَلَا تَجْعَل يَدك مَغْلُولَة إِلَى عُنُقك وَلَا تَبْسُطهَا كُلَّ الْبَسْط فَتَقْعُد مَلُومًا مَحْسُورًا " يَعْنِي أَنَّهُ يَنْهَى عَنْ الْبُخْل وَعَنْ التَّبْذِير وَهُوَ زِيَادَة الْإِنْفَاق فِي غَيْر مَحَلّه وَعَبَّرَ عَنْ الْبُخْل بِقَوْلِهِ " وَلَا تَجْعَل يَدك مَغْلُولَة إِلَى عُنُقك " وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَرَادَ هَؤُلَاءِ الْيَهُود عَلَيْهِمْ لَعَائِن اللَّه وَقَدْ قَالَ عِكْرِمَة إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي فِنْحَاص الْيَهُودِيّ عَلَيْهِ لَعْنَة اللَّه وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ الَّذِي قَالَ إِنَّ اللَّه فَقِير وَنَحْنُ أَغْنِيَاء فَضَرَبَهُ أَبُو بَكْر الصِّدِّيق - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد عَنْ سَعِيد أَوْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَجُل مِنْ الْيَهُود يُقَال: لَهُ شَاس بْن قَيْس إِنَّ رَبّك بَخِيل لَا يُنْفِق فَأَنْزَلَ اللَّه وَقَالَتْ الْيَهُود: " يَد اللَّه مَغْلُولَة غُلَّتْ أَيْدِيهمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِق كَيْف يَشَاء " وَقَدْ رَدَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ مَا قَالُوهُ وَقَابَلَهُمْ فِيمَا اِخْتَلَقُوهُ وَافْتَرَوْهُ وَائْتَفَكُوهُ فَقَالَ" غُلَّتْ أَيْدِيهمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا " وَهَكَذَا وَقَعَ لَهُمْ فَإِنَّ عِنْدهمْ مِنْ الْبُخْل وَالْحَسَد وَالْجُبْن وَالذِّلَّة أَمْرًا عَظِيمًا كَمَا قَالَ تَعَالَى " أَمْ لَهُمْ نَصِيب مِنْ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله " الْآيَة وَقَالَ تَعَالَى " ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّة " الْآيَة ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِق كَيْف يَشَاء " أَيْ بَلْ هُوَ الْوَاهِب الْفَضْل الْجَزِيل الْعَطَاء الَّذِي مَا مِنْ شَيْء إِلَّا عِنْده خَزَائِنه وَهُوَ الَّذِي مَا بِخَلْقِهِ مِنْ نِعْمَة فَمِنْهُ وَهُوَ لَا شَرِيك لَهُ الَّذِي خَلَقَ لَنَا كُلّ شَيْء مِمَّا نَحْتَاج إِلَيْهِ فِي لَيْلنَا وَنَهَارنَا وَحَضَرِنَا وَسَفَرنَا وَفِي جَمِيع أَحْوَالنَا كَمَا قَالَ " وَآتَاكُمْ مِنْ كُلّ مَا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/102)
سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَة اللَّه لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَان لَظَلُومٌ كَفَّار" وَالْآيَات فِي هَذَا كَثِيرَة وَقَدْ قَالَ الْإِمَام أَحْمَد بْن حَنْبَل حَدَّثَنَا عَبْد الرَّزَّاق حَدَّثَنَا عُمَر عَنْ هَمَّام بْن مُنَبِّه قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ يَمِين اللَّه مَلْأَى لَا يَغِيضهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَمِينه قَالَ وَعَرْشه عَلَى الْمَاء وَفِي يَده الْأُخْرَى الْفَيْض يَرْفَع وَيَخْفِض وَقَالَ يَقُول اللَّه تَعَالَى أَنْفِقْ أُنْفِق عَلَيْك " أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ الْبُخَارِيّ فِي التَّوْحِيد عَنْ عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ وَمُسْلِم فِيهِ عَنْ مُحَمَّد بْن رَافِع كِلَاهُمَا عَنْ عَبْد الرَّزَّاق بِهِ وَقَوْله تَعَالَى " وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْك مِنْ رَبّك طُغْيَانًا وَكُفْرًا " أَيْ يَكُون مَا أَتَاك اللَّه يَا مُحَمَّد مِنْ النِّعْمَة نِقْمَةً فِي حَقّ أَعْدَائِك مِنْ الْيَهُود وَأَشْبَاههمْ فَكَمَا يَزْدَاد بِهِ الْمُؤْمِنُونَ تَصْدِيقًا وَعَمَلًا صَالِحًا وَعِلْمًا نَافِعًا يَزْدَاد بِهِ الْكَافِرُونَ الْحَاسِدُونَ لَك وَلِأُمَّتِك طُغْيَانًا وَهُوَ الْمُبَالَغَة وَالْمُجَاوَزَة لِلْحَدِّ فِي الْأَشْيَاء وَكُفْرًا أَيْ تَكْذِيبًا كَمَا قَالَ تَعَالَى " قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَاَلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانهمْ وَقْر وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَان بَعِيد " وَقَالَ تَعَالَى " وَنُنَزِّل مِنْ الْقُرْآن مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَة لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيد الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا " وَقَوْله تَعَالَى " وَأَلْقَيْنَا بَيْنهمْ الْعَدَاوَة وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْم الْقِيَامَة " يَعْنِي أَنَّهُ لَا تَجْتَمِع قُلُوبهمْ بَلْ الْعَدَاوَة وَاقِعَة بَيْن فِرَقهمْ بَعْضهمْ فِي بَعْض دَائِمًا لِأَنَّهُمْ لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى حَقّ وَقَدْ خَالَفُوك وَكَذَّبُوك وَقَالَ إِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ " وَأَلْقَيْنَا بَيْنهمْ الْعَدَاوَة وَالْبَغْضَاء " قَالَ الْخُصُومَات وَالْجِدَال فِي الدِّين رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم وَقَوْله كُلَّمَا " أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّه " أَيْ كُلَّمَا عَقَدُوا أَسْبَابًا يَكِيدُونَك بِهَا وَكُلَّمَا أَبْرَمُوا أُمُورًا يُحَارِبُونَك بِهَا أَبْطَلَهَا اللَّه وَرَدَّ كَيْدهمْ عَلَيْهِمْ وَحَاقَ مَكْرُهُمْ السَّيِّئ بِهِمْ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْض فَسَادًا" وَاَللَّه لَا يُحِبّ الْمُفْسِدِينَ " أَيْ مِنْ سَجِيَّتهمْ أَنَّهُمْ أَئِمَّة يَسْعَوْنَ فِي الْإِفْسَاد فِي الْأَرْض وَاَللَّه لَا يُحِبّ مَنْ هَذِهِ صِفَته.
ـ[خالد الوايلي]ــــــــ[22 - 12 - 04, 07:56 م]ـ
اللهم ارزقني مُجيباً وكُن له مُثيباً- آمين-
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[22 - 12 - 04, 10:13 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، هذا التفسير الذي ذكره الحافظ ابن كثير رحمه الله ليس فيه مخالفة لقول أهل السنة، فمن أثبت أن لله يدا على ما جاء في الكتاب والسنة (وهذا ما يقرره ابن كثير في مواضع أخرى) من غير تكييف ولاتمثيل ولاتعطيل ثم فسر هذه الآية أو غيرها بأن المقصود بها (أَيْ بَلْ هُوَ الْوَاهِب الْفَضْل الْجَزِيل الْعَطَاء الَّذِي مَا مِنْ شَيْء إِلَّا عِنْده خَزَائِنه وَهُوَ الَّذِي مَا بِخَلْقِهِ مِنْ نِعْمَة فَمِنْهُ وَهُوَ لَا شَرِيك لَهُ الَّذِي خَلَقَ لَنَا كُلّ شَيْء مِمَّا نَحْتَاج إِلَيْهِ فِي لَيْلنَا وَنَهَارنَا وَحَضَرِنَا وَسَفَرنَا وَفِي جَمِيع أَحْوَالنَا) فهو كلام صحيح لاغبار عليه وليس فيه إنكار أو تعطيل لصفة اليد لله سبحانه وتعالى، كمن فسر قوله تعالى (يد الله فوق أيديهم) بأن المقصود بها تأييد الله لهم فلا يعنى هذا إنكار صفة اليد لله سبحانه وتعالى على ما يليق به.
ـ[حارث همام]ــــــــ[22 - 12 - 04, 10:55 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/103)
كما قال شيخنا الفقيه، فإن هذا التفسير ونحوه في صفات أخرى فيه دليل إثبات الصفة فمن لم يكن متصفاً بها على الحقيقة لا يقال يشار إلى هذا المعنى عنده بمثل هذا التعبير، ومعروف عند من خبر كلام العرب أن الكناية لاتقتضي نفي الحقيقة، ومن أمثلة ذلك قول أبو طالب:
عَظيمُ الرَمادِ سَيِّدٌ وَاِبنُ سَيّدٍ يَحُضُّ عَلى مَقرى الضُيوفِ وَيَحشُدُ
ومن قبله قول الأسود بن يعفر النهشلي:
كريم ثناه تمطر الخير كفه كثير رماد القدر غير ملعَّن
ومن بعدهما قول كعب بن مالك:
عَظِيمِ رَمَادِ القِدْرِ في كُلِّ شَتْوَةٍ ضَرُوبٍ بِنَصْلِ المَشْرَفيِّ المهنَّدِ
فكثير الرماد كناية عن الكرم ذكر ذلك الثعالبي وغير واحد من أهل اللغة وهو معروف، وهذه الكناية لاتنافي كون رماده كثير حقيقة بل تجتمع معها.
قال الشيخ الأديب الأريب المؤرخ النويري -عفا الله عنه- مقرراً ناقلاً -أظنه عن أبي الثناء محمود بن سليمان الحلبي وذلك في كتابه نهاية الأرب:
"فالكناية عند علماء البيان أن يزيد المتكلم إثبات معنى من المعاني لا يذكره باللفظ الموضوع له في اللفة، ولكن يجئ إلى معنى هو تاليه وردفه في الوجود فيومي به إليه، ويجعله دليلاً عليه، مثال ذلك قولهم: طويل النجاد وكثير رماد القدر، يعنون به أنه طويل القامة، كثير القرى".
"قال: واعلم أن الكناية ليست من المجاز لأنك تعتبر في ألفاظ الكناية معانيها الأصلية، وتفيد بمعناها معنى ثانياً هو المقصود، فتريد بقولك، كثير الرماد حقيقته وتجعل ذلك دليلاً على كونه جواداً فالكناية ذكر الرديف وإرادة المردوف".
"قال: وأجمعوا على أن للكناية مزية على التصريح لأنك إذا أثبت كثرة القرى بإثبات شاهدها ودليلها فهو كالدعوى التي "معها" شاهد ودليل، وذلك أبلغ من إثباتها بنفسها".
ومن هذا القبيل كلام الإمام ابن كثير فقد رحمه الله على مذهب السلف، قال في تفسير آية الكرسي:
قال في تفسير آية الكرسي: " وهذه الآيات وما في معناها من الأحاديث الصحاح الأجود فيها طريقة السلف الصالح أمروها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه" 1/ 311.
ولشيخ الإسلام -إن لم أكن واهما كلام في تقرير نحو هذا وفي تقرير أن مثل هذه الآيات دالة على إثبات الصفة إذا لاتطلق على غير المتصف بها حقيقة أمثال هذه الكنايات ولعلي أبحث عنه فأنقله أو يسعف به أحد الإخوان هنا.
وعلى كل حال فقد ذكر الإمام ابن كثير صفة اليد في مقدمة كتابه البداية والنهاية فقال: "خلق بيده الكريمة آدم أبا البشر".
وقال أيضاً: " لم يزل موجوداً بصفات الكمال".
والله أعلم.
ـ[محب ابن تيمية]ــــــــ[22 - 12 - 04, 11:01 م]ـ
استاذي / خالد الوايلي.
لا أعتقد أن ابن كثير يؤول اليد ..
فلو نظرت إلى تفسير السعدي رحمه الله لوجدته مطابقاً لكلام ابن كثير رحمه الله .. فهل كان السعدي مؤولاً؟؟
واذكر كلاماً للعلامة ابن عثيمين نسيته.
ودعنا من ابن كثير ألم يقل الله " فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا "
فلنرجع إلى الكتاب والسنة وسنرى أن الله وهو اصدق القائلين قد أثبت لنفسه يدان .. فيلزم أن نثبت ما أثبته الله على الوجه الائق به سبحانه من غير تشبيه ولا تعطيل ..
فيقول جل وعلا لإبليس " ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديّ "
لو كان المعنى " القدرة " لما كان هناك تفضيل لآدم على إبليس بل ولا على الحمير والكلاب .. فكلهم خلقهم الله بقدرته .. ولاحتج إبليس وقال: أيضاً أنا خلقتني بقدرتك!
أيضاً هذا المعنى يستلزم أن يكون لله قدرتين!
وأذكر أن المثنى إذا قُرن بالباء كان حقيقة كالقول: رأيت الأشجار بعينيّ .. فهل يأت لنا بمثنى مقرون بباء ليس بحقيقة؟
وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " يطوي الله تعالى السماوات بيمينه والأرض بيده الأخرى " وهذا في صحيح البخاري.
وأما السلف فما صرف نظره عن أحمد بن حنبل وأبي حنيفة .. وابن خزيمة .. والدارمي وغيرهم من الأئمة كثير؟
لنأخذ مثلاً ابي حنيفة وأبو الحسن الأشعري:
يقول الإمام ابو حنيفة في الفقة الأكبر بشرح القاري ص 36 - 37: له يد ووجه ونفس .. كما ذكر تعالى في القرآن من ذكر اليد والوجه والنفس فهو له صفة بلا كيف .. ولا يُقال: إن يده قدرته ونعمته لأن فيه إبطال الصفة ..
يقول ابو الحسن الأشعري: " وأجمعوا على أنه عز وجل يسمع ويرى .. وأن له تعالى يدين مبسوطتين " رسالة إلى أهل الثغر ص 225.
يقول ابن عثيمين رحمه الله: " فإن قال لك قائل: أين إجماع السلف؟ هات لي كلمة واحدة عن أبي بكر أو عمر أو عثمان أو علي، يقولون: إن المراد بيد الله الحقيقية!.
أقوله له: ائت لي بكلمة واحدة عن أبي بكر أو عمر أو عثمان أو علي أو غيرهم من الصحابة والأئمة من بعدهم يقولون: إن المراد باليد القوة أو النعمة.
فلا يستطيع أن بذلك.
إذاً، فلو كان عندهم معنى يخالف ظاهر اللفظ، لكانوا يقولون به، ولنقل عنهم، فلما لم يقولون به، علم أنهم أخذوا بظاهر اللفظ وأجمعوا عليه.
وهذه فائدة عظيمة، وهي أنه إذا لم ينقل عن الصحابة ما يخالف ظاهر الكتاب والسنة، فإنهم لا يقولون بسواه، لأنهم الذين نزل القرآن بلغتهم، وخاطبهم النبي r بلغتهم، فلا بد أن يفهموا الكتاب والسنة على ظاهرهما، فإذا لم ينقل عنهم ما يخالفه، كان ذلك قولهم "
ولعلي أكمل قريباً .. إن شاء الله!
-----------------------
نسيت أن اقول:
قل له: ما يمنعك من إثبات اليدين؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/104)
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[23 - 12 - 04, 02:10 ص]ـ
هنا مسألة .. أرجو من الاخوة .. الوقوف عندها ..
قد نجد عند السلف تأويلا جزئيا او محليا .. لفعل او لصفة من صفات الله ...
أما أهل البدع .. فيفرحون بذلك ويعتبرون انهم ظفروا بصيد ثمين .. فيستدلون بذلك عن .. مذهب يتبرأ منه السلف ... فيقولون مثلا ان الامام احمد قد أول الوجه ..
أما أهل السنة .. فإنهم يتمسكون بالمحكم .. ويردون المتشابه اليه ... وبالمناسبة فالاحكام والتشابه ليس مقتصرا على النصوص الشرعية ... بل هي ظاهرة عامة فى كل كلام الناس ..
المحكم عندنا .. ان كل اسم وصفة وفعل .. نسبه الله تعالى الى نفسه .. او اخبر به رسوله .. فهو حق وثابت ..
لا يؤول ولا يمثل ... اما تأويل ابن كثير او الطبري او احمد .. فليس الا محليا .. لمقتضى بلاغي مثلا ..
فالامام احمد .. يؤ من ان لله وجها .. حقيقة .. فإن قال فى سياق ما المقصود بالوجه .. التقرب الى الله .. فهذا جائز ..
ولا يكر على القاعدة بالابطال ...
ويجوز ان تقو ل ان اليد قد تعني القوة والسلطة ... فى هذا السياق او ذاك .... بشرط ان اؤمن بان لله يدين ... كما ثبت بواسطة .. نصوص شرعية محكمة لا تقبل التأويل .. لذا لا ينبغي للاخوان ان .. يخافوا او يمتعضوا .. من تأويل بعض السلف ... وجدال المبتدعة .. يكون بضربهم بالمحكمات ...
فالله نسأل ان يبصرنا بديننا .. ويثبتنا عليه .. وهو مقلب القلوب ..
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[23 - 12 - 04, 09:27 ص]ـ
ابن كثير رحمه الله يفسر الآية بالمضمون أو بظاهرها التركيبي وعدم تصريحه بإثبات اليد لاإشكال فيه طالما أنه أثبتها في موضع آخر.وهذا له نظائر في عامة تفاسير السلف.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[23 - 12 - 04, 09:58 ص]ـ
- هذه الآية عند ابن كثير كآية (يوم يكشف عن ساقٍ) عند من لا يرى أنها من آيات الصفات، ولا يعني كون (الآيتين) ليستا من آيات الصفات أنهم لا يثبتون تلك الصفات الثابتة في نصوص أخرى.
ـ[الموسوي]ــــــــ[23 - 12 - 04, 01:48 م]ـ
أخي الكريم أبو عمر وفقك الله:
اسمح لي أن أقول ما ذكرته فيه نظر, وفرق بيت آية الكرسي, وهذه الآية, والشأن فيها ما ذكره الأخ حارث همام -رفع الله همته وزاده علما وعملا-,وهذه الأية من آيات الصفات قطعا عند ابن كثير وغيره, وما زال السلف يحتجون بما جاء فيها"بل يداه مبسوطتان" على إثبات صفة اليد للرب سبحانه.
وأضيف على ما ذكره الأح حارث, أن ابن القيم تعرض لهذه الفائدة النفيسة, في الصواعق المرسلة.
شكر الله للسائل والمجيب.
و أرجو رفع الموضوع لأهميته ,والله أعلم.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[23 - 12 - 04, 02:25 م]ـ
- الأخ الموسوي ... وفقه الله وفقهه
لا تضاد بين كلامي وكلام الأخ حارث همام.
- ثم إنَّ من ذكرت أنهم من السلف وأنهم يحتُّون بالآية على إثبات اليد هم طائفة فهمت لآية كذلك، ومن فهمها على أنها كناية هنم من نقل عنهم ابن كثير إذ قال - كما في النقل السابق -:
.... الْحَكَم بْن أَبَان عَنْ عِكْرِمَة قَالَ: قَالَ اِبْن عَبَّاس: مَغْلُولَة أَيْ بَخِيلَة وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة: عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله وَقَالَتْ الْيَهُود يَد اللَّه مَغْلُولَة قَالَ لَا يَعْنُونَ بِذَلِكَ أَنَّ يَد اللَّه مُوثَقَة وَلَكِنْ يَقُولُونَ بَخِيل يَعْنِي أَمْسَكَ مَا عِنْده بُخْلًا تَعَالَى اللَّه عَنْ قَوْلهمْ عُلُوًّا كَبِيرًا.
وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ وَالضَّحَّاك وَقَرَأَ " وَلَا تَجْعَل يَدك مَغْلُولَة إِلَى عُنُقك وَلَا تَبْسُطهَا كُلَّ الْبَسْط فَتَقْعُد مَلُومًا مَحْسُورًا " يَعْنِي أَنَّهُ يَنْهَى عَنْ الْبُخْل.
- فالآية كآية (يوم يكشف عن ساق) تحتمل وجهين من جهة اللغة، لا ضير على من أثبت أحدهما ما دام أنه يثبت الساق لله تعالى.
وكذا (الكرسي) في آيتها، لا ضير لمن جعله العلم من جهة اللغة إن أثبت الكرسي بالآثار الأخرى.
- أما أنَّ في قولي نظراً .. فأرجو أن تبيِّن وجه النظر فيه حتى أنظر.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 - 12 - 04, 04:56 م]ـ
يا أخي أبا عمر: آية المائدة لا تحتمل غير تفسير واحد، وأما آية القلم (يوم يكشف عن ساق) فتحتمل ما ذكرت.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/105)
فليست آية المائدة كآية القلم، وإضافة اليدين لله تعالى صريحة واضحة لا تحتمل معنى آخر. أما ما ذكره ابن كثير فهو كما ذكر الإخوة السابقون ليس تأويلاً، وإنما هو ذكر لمقتضى اتصافه بهذه الصفة مع وصفها بالبسط.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[23 - 12 - 04, 08:37 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،
لي سؤال يا شيوخنا كنت قد وضعته في موضوع سابق و لم يجبه أحد، لذا أنتهز فرصة وجود مشايخنا الأفاضل لأسألهم عنه:
يفهم من كلام السلف أن بسط اليدين و قبضهما ليس على الحقيقة بل هو فقط للدلالة على الكرم أو غيرها من المعاني، في حين أني أجد بعض شيوخنا من شراح متون العقيدة يؤكدون على كون البسط و القبض و الامساك و المسح و غيرها من أفعال اليد أفعال حقيقية مفهومة على حقيقتها.
و مما اربكني في الواقع كلام شيخ الإسلام في الجواب الصحيح عندما رد على اتهام النصارى للمسلمين بالتجسيم فهو يقول ج3 ص114 - 115 طبعة دار الحديث:
((الوجه الثاني: أن يقال ما ذكرتموه عن المسلمين كذب ظاهر عليهم، فهذا النظم الذي ذكروه ليس هو في القرآن ولا في الحديث، ولا يعرف عالم مشهور من علماء المسلمين ولا طائفة مشهورة من طوائفهم يطلقون العبارة التي حكوها عن المسلمين، حيث قالوا عنهم: " إنهم يقولون: إن لله عينين يبصر بهما، ويدين يبسطهما، وساقا، ووجها يوليه إلى كل مكان، وجنبا ".
ولكن هؤلاء ركبوا من ألفاظ القرآن بسوء تصرفهم وفهمهم تركيبا زعموا أن المسلمين يطلقونه.
وليس في القرآن ما يدل ظاهره على ما ذكروه فإن الله تعالى قال في كتابه: {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء} واليهود أرادوا بقولهم: " يد الله مغلولة " أنه بخيل، فكذبهم الله في ذلك وبين أنه جواد لا يبخل فأخبر أن يديه مبسوطتان كما قال: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا} فبسط اليدين المراد به الجواد والعطاء ليس المراد ما توهموه من بسط مجرد.
ولما كان العطاء باليد يكون ببسطها صار من المعروف في اللغة التعبير ببسط اليد عن العطاء.
فلما قالت اليهود يد الله مغلولة وأرادوا بذلك أنه بخيل كذبهم الله في ذلك وبين أنه جواد ماجد.
وإثبات اليدين له موجود في التوراة وسائر النبوات كما هو موجود في القرآن.
فلم يكن في هذا شيء يخالف ما جاءت به الرسل ولا ما يناقض العقل وقد قال تعالى لإبليس: {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} فأخبر أنه خلق آدم بيديه وجاءت الأحاديث الصحيحة توافق ذلك)).
فظاهر كلام شيخ الإسلام أن البسط ليس على حقيقته بل المراد به الجود و الكرم على ما هو معروف في اللغة .. فما هو توجيه شيوخنا الأفاضل في هذه القضية؟
ـ[حارث همام]ــــــــ[23 - 12 - 04, 08:55 م]ـ
أستاذنا الفاضل ودكتورنا الكريم، الحقيقة قسيمها المجاز فمن قال بالمجاز نفى الحقيقة، أما الكناية فأمر زائد على الحقيقة، وما قرره شيخ الإسلام وغيره هنا هو من قبيل الكناية، ولاينطبق عليه أي حد للمجاز، ولعل الرد أعلاه يبين الفرق بين الكناية وغيرها فلا حاجة لتكراره.
وفقكم الله ونفع بكم
وجزاكم الله خيراً.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[24 - 12 - 04, 06:57 م]ـ
- السلام عليكم
الأخوة الأكارم حارث وهمام وأبو مجاهد وبقية الأخوة ... وفقهم الله
القضية المبحوثة هنا للمدارسة لا للتقرير.
القضية التي معنا هي: هل الذي ورد في سياق (الآية التي معنا) ذكر اليد الحقيقية أو الكناية عن الكرم (مع عدم نفي اليد).
بمعنى هل أراد اليهود الكلام على يد الله تعالى أو أرادوا التكلُّم عن صفة البخل.
فردَّ الله عليهم بأنه ليس ببخيل بكنايةٍ تعرفها العرب في كلامها، وهي أن يداه مبسوطتان، وهي الكناية عن الكرم والجود.
وفي ضمنه (لا أصله) إثبات اليدين له تعالى؛ لأنَّ ما لا يصلح وصفه حقيقة لا يصلح وصفه مجازاً.
وبارك الله فيكم
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[24 - 12 - 04, 07:59 م]ـ
الاخ السمرقندي وفقه الله:
اراد اليهود-لعنهم الله- صفة البخل .. لأن قوة الجملة فى اللغة العربية فى الخبر لا فى المبتدأ .. لذلك منعوا الابتداء بالنكرة المحضة .. لأن المفروض ان يكون المبتدأ معهودا عند المخاطب .. وجوزوا ان يكون الخبر نكرة .. لأنه هذا شأنه .. وهو غير معروف عند المخاطب .. ولو كان معروفا لكان الخبر بلا فائدة ..
فقولهم الذى حكاه الله عنهم: يد الله مغولة .. قصدهم فيه الاخبار بصفة مغلولة .. لا صفة اليد .. التي هي بمقتضى البلاغة العربية معهودة عند المخاطب ..
ـ[أبو بيان]ــــــــ[24 - 12 - 04, 11:01 م]ـ
وممَّا يفيد أيضاً:
أنه لا يُوصَف بغِلِّ اليد في كلام العرب إلا من كانت له يدٌ على الحقيقة, ومن ثَمَّ فكلام ابن كثير صحيح في مَحَلِّه؛ إذ لازمُه إثبات الصفة, ثم هو يثبت هذه الصفة في غيرما موضع كما ذكر الإخوة.
أمَّا قول اليهود -لعنهم الله- فالمُراد به وصف الله تعالى بالبخل, تعالى الله عمَّا يصفون؛ ولذا جاء الردُّ عليهم بإثبات نقيض دعواهم: {بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء} , كما يدل على ذلك سبب النزول أيضاً- لو رُوجِع في أي كتاب تفسير-.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/106)
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[25 - 12 - 04, 06:38 ص]ـ
- بارك الله فيك ...
ومما يؤيد إتيانه على الكناية (وهي حقيقةٌ أيضاً) في كلام العرب، قال الله تعالى: ((ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط)).
هل المقصود في الآية لا تربط يدك في عنقك؟!
الكلام عن النفقة والتبذير فيها أو التقتير، ثم الوصاية بالاقتصاد في ذلك.
- وبما أننا تثبت جميعاً سبب النزول وأنَّ كلام اليهود كان عن البخل لا عن اليد الحقيقية فالجواب مطابقٌ عن الشبهة التي أثاروها سواء بسواء، وهذا ما يقتضيه الخطاب والسياق.
أما أنَّ الآية قد يثبت منها صفة اليد ضمناً فهذا شيءٌ آخر.
وهو ما يشير إليه كلام ابن كثير وابن تيمية المتقدمين فوق!
- نقاشنا هنا عن مراد الله في خطابه بهذه الآية، لا عن المضمون والنتيجة واللازم.
- وخوفنا من عدم إثبات المبتدعة لصفة اليدين لا يحملنا عن حمل الآية من الخطاب ما لم يرد به.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[25 - 12 - 04, 07:35 ص]ـ
بل فى الاية رد على المعطلة .. على وجه بليغ ... وتقرير ذلك كما يلي:
المعطلة يتهمون اليهود بالتجسيم ... وينبزون المهتدين .. بالحشوية والوهابية .. ويتهمونهم بمشابهة اليهود .... وعليه فقول اليهود ... يد الله مغلولة .... تجسيم لا محالة .. فى نظر المعطلة .... وهنا قاصمة الظهر.:كبف يقر الله تعالى اليهود على اثبات اليد .... بل يزيد الله تعالى لنفسه يدا ثانية ... ؟؟؟
لماذا صحح لهم ما زعموه من بخل .. ولم يصحح لهم ما اثبتوه من يد .. ؟؟ بل لقد صحح لهم .. ليس بنفي اليد بل بإضافة يد اخرى .. ولا ادري كيف يرد المعطلة ..
ـ[حارث همام]ــــــــ[25 - 12 - 04, 11:26 ص]ـ
شيخنا الفاضل أبو عمر ..
أحسن الله إليكم الكناية تكون في لغة العرب -إجماعاً- من حيث الأصل بإثبات شاهدها، وهذا مبين في نقول ماضية، فيعدل عن التصريح (بالبخل مثلاً) إلى إثبات الشاهد الدال عليه (بسط اليدين بالعطاء)، ولهذا قالوا ليست بمجاز.
هذا هو الأصل، وقد يستعيرون بعد ذلك التعبير كله فيجعلونه مجازاً عن البخل (يده مغلولة) أو الكرم (يده مبسوطة) مع من غاب عنه الشاهد (كالأقطع مثلاً) ولكن هذا كشأن سائر المجازات عند من يقول بها لا يثبت إلى بقرينة عقلية أو نقلية ظاهره لكونه خلاف الأصل إذا القول بأنه مجاز يستلزم نفي الشاهد على الحقيقة، ومن هذا قولهم بسط اليأس كفيه في صدري، فهذا قام دليله العقلي على أن التعبير هنا مجاز [على القول به].
وقد ذكر الزمخشري شاهداً على مراده هذا في تفسير الآية لم أجده عند غيره! وهو:
جاد الحمى بسط اليدين بوابل * شكرت نداه تلاعه ووهاده
وحمل الآية عليه والسبب عنده في القول بالمجاز هو امتناع وصف الله بصفات الجلال والكمال عقلاً لما يلزم من ذلك من لوازم قررها أشياخه المعتزلة.
وعلى كل حال من قال في قول الله تعالى: (ولاتجعل يدك مغلولة)، هي كناية عن البخل كلامه صحيح لأن من جعل يديه مغلولة إلى عنقه (حقيقة) لم ينفق بها (هذا هو الأصل على حقيقته).
فسؤالكم: هل الذي ورد في سياق (الآية التي معنا) ذكر اليد الحقيقية أو الكناية عن الكرم (مع عدم نفي اليد)، جوابه:
جاء ذكر اليد هنا تصريحاً لاتضمناً حقيقة لامجازاً، ولايقول هي غير حقيقية إلاّ من حملها على القدرة أو النعمة وحمل التعبير كله على المجاز لدليل قام عنده، أما من لم ينص على أنها مجاز، أو لم يؤولها، واكفتى بذكر أن التعبير يفيد البخل أو هو كناية عن البخل فلايقتضي كلامه أنها غير مرادة، ويقتضي من حيث الأصل أن المتكلم يثبتها حقيقة.
وهذا نظيره قول الله تعالى في الآية نفسها: (غلت أيديهم) فالتعبير كناية عن بخلهم كما قال ابن كثير نفسه [وذكر غيره أن الغل هنا حقيقي بأسرهم .. ]. ويتضمن إثبات الأيدي لهم، وفي هذا مطابقة مع ما تقدمه تمنع تنافر الكلام وزوال سننه، فمن قال الآية هنا لاتتضمن إثبات اليد ولكنها لاتنفها كان كلامه مخالفاً للأصل قائلاً بنوع مجاز بغير حجة ظاهرة، ففرق بين من يقول بالكناية ومن يقول بأن هذه الكناية مجاز عن كذا، فالأول يثبت الألفاظ من حيث الأصل والآخر يأولها مع اتفاق الجميع -في الغالب- على القدر الزائد المراد وهو البخل.
ولهذا استدل بهذه الآية على إثبات اليد لله أهل السنة كالحميدي وغير واحد من المتقدمين بل قال أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري عن الجمهية أنهم: "يردون على اليهود قولهم: (يد الله مغلولة)، فينكرون الغل وينكرون اليد، فيكونون أسوء حالاً من اليهود، لأن الله تعالى أثبت الصفة ونفى النعت واليهود أثبتت الصفة والنعت وهؤلاء نفوا الصفة كما نفوا النعت" [بيان تلبيس الجهمية 1/ 271]، وكلام الأخ الفاضل أبوعبد المعز الذي أشار إليه في رده السابق قريب من هذا المنقول، أما استدلال شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم بالآية على إثبات صفة اليد فكثير وهو الحق فالتعبير كله كناية وألفاظه مثبتة مرادة كحال الأصل في ألفاظ الكنايات.
والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/107)
ـ[أبو بيان]ــــــــ[26 - 12 - 04, 12:05 ص]ـ
للفائدة:
قال الوزير المغربي, في تفسيره: (المصابيح في تفسير القرآن) , عند هذه الآية:
(حدثني بعض اليهود الثقات بمصر عن طائفةٍ قديمة قالت ذلك بهذا اللفظ, لعنهم الله).
ـ[حارث همام]ــــــــ[26 - 12 - 04, 09:49 ص]ـ
شكر الله لأبي بيان ولكن اليهود الثقات ثقيلة على الأذن!
ـ[أبو بيان]ــــــــ[26 - 12 - 04, 11:18 ص]ـ
هذا التفسير مُختَصرٌ مخطوط عندي نسخة منه,
وفيه الكثير ممَّا يُثقِل الأذن والسمع والبصر و ..
ـ[خالد الوايلي]ــــــــ[10 - 01 - 05, 05:12 م]ـ
جزاكم الله خيراً كثيراً وبارك فيكم أجمعين- آمين-
لقد اعترض علينا أشعريٌ بما يلي:
(روى الحافظ ابن حجر العسقلاني
في ترجمة ابراهيم نجل ابن القيم الجوزية رحمه الله كما جاء في كتابه الدرر الكامنة ما نصه:
ابراهيم بن محمد بن أبي بكر بن أيوب بن قيم الجوزية ... تقدم وأفتى ودرس , وذكره الذهبي في المعجم المختص فقال: تفقه بأبيه وشارك في العربية وسمع وقرأ واشتغل بالعلم .. ومن نوادره أنه وقع بينه وبين عماد الدين ابن كثير منازعة في تدريس الناس فقال له ابن كثير:
أنت تكرهني لأنني أشعري. فقال له:
لو كان من رأسك الى قدمك شعر ما صدقك الناس في قولك أنك أشعري وشيخك ابن تيمية!!)) انتهى كلام الحافظ ابن حجر
وقد وردت هذه القصة في المختار المصون من أعلام القرون 1/ 200
وقد تولى الحافظ ابن كثير مشيخة دار الحديث الأشرفية في المحرم من سنة 772 عوضا عن الامام السبكي الأشعري المشهور.
هذا ما ذكر في طبقات الشافعية في أن شرط من يتولى التدريس في دار الحديث الأشرفية في أن يكون أشعري المعتقد
الطبقات (10/ 398)
وأنه أوّل اليد في موضعين آخرين!!
الأول:
قال ابن كثير في تفسيره للآية رقم (8) من سورة الفتح
{يَدُ ?للَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} أي هو حاضر معهم يسمع أقوالهم ويرى مكانهم ويعلم ضمائرهم وظواهرهم
الثاني:
قال ابن كثير في تفسيره للآية رقم (100) من سورة الإسراء
ويدل هذا على كرمه وجوده وإحسانه قد جاء في " الصحيحين ": " يد الله ملأى لا يغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض؟ فإنه لم يغض ما في يمينه ")
فما الجواب الرادع لهذا الأشعري جزاكم الله خيراً؟
ـ[محمد محمود الشنقيطى]ــــــــ[24 - 02 - 05, 12:22 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بعض الحاقدين على شيخ الإسلام يزعم أن تلميذه الإمام الحافظ بن كثير
رجع عن منهج شيخه شيخ الإسلام.ولذلك لم يذكره فى تفسيره ولا مرة
وتحدى من سماهم الوهابيين - أهل السنة طبعا - أن يطلعوه على سطر
واحد ذكره فيه.
ورغم أن الموضوع قد لايستحق البحث إلا أننى حاولت إقناعه بأن منهج شيخ
الإسلام حاضر وبقوة فى جميع كتب بن كثير وليس التفسير فقط إلا أن كلامى
يبقى صيحة فى واد
أما عندما ذكرته بأن بن كثير من أشد الناس حبا لشيخه وقد أوذى بسببه
رد قائلا: هذا من دعاوى الوهابيين.
المهم أنه وباختصار يريد ذكر شيخ الإسلام فى التفسير.
وقد وقفت عليه فى موضعين - وهذا يكفى بالطبع - إلا اننى أطلب من كل من
وقف على هذا الموضوع أن يشارك
الاول:ج 1ص 55 البقرة الآية 1< .... وإليه ذهب الشيخ الإمام العلامة أبو العباس بن تيمية
وشيخنا الحافظ المجتهد أبو الحجاج المزى وحكاه لى عن بن تيمية >
الثانى:ج1ص338 البقرة الآية 225 < .... وقد صنف الإمام العلامة أبو العباس
بن تيمية كتابا فى إبطال التحليل تضمن النهى عن تعاطى الوسائل المفضية
إلى كل باطل وقد كفى فى ذلك وشفى فرحمه الله ورضى عنه >
وختاما أملى أن لا يهمل المشاركة من يستطيع أن يفيدنا وكلكم ذاك
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[24 - 02 - 05, 01:06 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أيضاً هاك هذا ..
1) البقرة، الآية 240:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/108)
{وَصِيَّةً لاّزْوَاجِهِم} أي يوصيكم الله بهن وصية كقوله {يُوصِيكُمُ ?للَّهُ فِى أَوْلَـ?دِكُمْ} الآية، وقوله: {وَصِيَّةً مّنَ ?للَّهِ} وقيل: إنما انتصب على معنى فلتوصوا بهن وصية وقرأ آخرون بالرفع وصية على معنى كتب عليكم وصية واختارها ابن جرير، ولا يمنعن من ذلك لقوله {غَيْرَ إِخْرَاجٍ فأما إذا انقضت عدتهن بالأربعة أشهر والعشر، أو يوضع الحمل، واخترن الخروج والانتقال من ذلك المنزل، فإنهن لا يمنعن من ذلك لقوله {مَعْرُوفٍ} وهذا القول له اتجاه، وفي اللفظ مساعدة له، وقد اختاره جماعة منهم الإمام أبو العباس بن تيمية ورده آخرون، منهم الشيخ أبو عمر بن عبد البر ...
2) النساء، الآية 23:
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا إبراهيم بن موسى، أنبأنا هشام ـ يعني ابن يوسف ـ عن ابن جريج، حدثني إبراهيم بن عبيد بن رفاعة، أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان، قال: كانت عندي امرأة فتوفيت، وقد ولدت لي فوجدت عليها، فلقيني علي بن أبي طالب فقال: ما لك؟ فقلت: توفيت المرأة. فقال علي: لها ابنة؟ قلت: نعم وهي بالطائف. قال: كانت في حجرك؟ قلت: لا، هي بالطائف قال: فانكحها، قلت: فأين قول الله {وَرَبَائِبُكُمُ ?للَّـ?تِى فِى حُجُورِكُمْ}؟ قال: إنها لم تكن في حجرك إنما ذلك إذا كانت في حجرك، هذا إسناد قوي ثابت إلى علي بن أبي طالب على شرط مسلم، وهو قول غريب جداً، وإلى هذا ذهب داود بن علي الظاهري وأصحابه. وحكاه أبو القاسم الرافعي عن مالك رحمه الله، واختاره ابن حزم، وحكى لي شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي أنه عرض هذا على الشيخ الإمام تقي الدين ابن تيمية رحمه الله، فاستشكله وتوقف في ذلك، والله أعلم.
3) النساء، الآية 78:
ذكر حديث غريب يتعلق بقوله تعالى: {قُلْ كُلٌّ مّنْ عِندِ ?للَّهِ}: قال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا السكن بن سعيد، حدثنا عمر بن يونس، حدثنا إسماعيل بن حماد عن مقاتل بن حيان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو بكر وعمر في قبيلتين من الناس وقد ارتفعت أصواتهما، فجلس أبو بكر قريباً من النبي صلى الله عليه وسلم، وجلس عمر قريباً من أبي بكر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لم ارتفعت أصواتكما؟» فقال رجل: يارسول الله، قال أبو بكر: يارسول الله الحسنات من الله والسيئات من أنفسنا؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فما قلت ياعمر؟» فقال: قلت الحسنات والسيئات من الله؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أول من تكلم فيه جبريل وميكائيل؛ فقال ميكائيل مقالتك ياأبا بكر؛ وقال جبريل مقالتك ياعمر» فقال: «نختلف فيختلف أهل السماء وإن يختلف أهل السماء يختلف أهل الأرض، فتحاكما إلى إسرافيل فقضى بينهم أن الحسنات والسيئات من الله». ثم أقبل على أبي بكر وعمر فقال: «احفظا قضائي بينكما، لو أراد الله أن لا يعصى لما خلق إبليس» قال شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس بن تيمية: هذا حديث موضوع مختلق باتفاق أهل المعرفة.
4) الأنفال، الآية 41:
وقال آخرون: إن الخمس يتصرف فيه الإمام بالمصلحة للمسلمين، كما يتصرف في مال الفيء، وقال شيخنا الإمام العلامة ابن تيمية رحمه الله: وهذا قول مالك وأكثر السلف، وهو أصح الأقوال.
5) يوسف، الآية 52:
{ذ?لِكَ لِيَعْلَمَ أَنّى لَمْ أَخُنْهُ بِ?لْغَيْبِ} تقول: إنما اعترفت بهذا على نفسي ليعلم زوجي أني لم أخنه بالغيب في نفس الأمر، ولا وقع المحذور الأكبر، وإنما راودت هذا الشاب مراودة فامتنع، فلهذا اعترفت ليعلم أني بريئة {وَأَنَّ ?للَّهَ لاَ يَهْدِى كَيْدَ ?لْخَـ?ئِنِينَ * وَمَا أُبَرّىء نَفْسِى} تقول المرأة: ولست أبرىء نفسي، فإن النفس تتحدث وتتمنى، ولهذا راودته لأن {?لنَّفْسَ لامَّارَةٌ بِ?لسُّوء إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبّى} أي إلا من عصمه الله تعالى: {إِنَّ رَبّى غَفُورٌ رَّحِيمٌ} وهذا القول هو الأشهر والأليق والأنسب بسياق القصة ومعاني الكلام.
وقد حكاه الماوردي في تفسيره، وانتدب لنصره الإمام أبو العباس بن تيمية رحمه الله، فأفرده بتصنيف على حدة، وقد قيل: إن ذلك من كلام يوسف عليه السلام يقول: {ذ?لِكَ لِيَعْلَمَ أَنّى لَمْ أَخُنْهُ} في زوجته {بِ?لْغَيْبِ} الآيتين، أي إنما رددت الرسول ليعلم الملك براءتي، وليعلم العزيز {أَنّى لَمْ أَخُنْهُ} في زوجته {بِ?لْغَيْبِ وَأَنَّ ?للَّهَ لاَ يَهْدِى كَيْدَ ?لْخَـ?ئِنِينَ} الآية، وهذا القول هو الذي لم يحك ابن جرير ولا ابن أبي حاتم سواه.
6) الكافرون، الآية 6:
(وثم قول رابع) نصره أبو العباس بن تيمية في بعض كتبه، وهو أن المراد بقوله: {لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} نفي الفعل لأنها جملة فعلية {وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ} نفي قبوله لذلك بالكلية لأن النفي بالجملة الإسمية آكد، فكأنه نفي الفعل وكونه قابلاً لذلك، ومعناه نفي الوقوع ونفي الإمكان الشرعي أيضاً، وهو قول حسن أيضاً، والله أعلم.
لعل هذا يفيدك، وجزاك الله خيراً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/109)
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[24 - 02 - 05, 01:38 ص]ـ
وهذه بقية المواضع التي لم تذكر:
1 - (6/ 404 ط. السلامة الأولى) سورة الأحزاب (28 - 29).
2 - (6/ 435 ". السلامة الأولى) في الحاشية كما هو موجود في نسخة (ت) عند المحقق. سورة الأحزاب (41 - 44).
ولعله لا يوجد غيرها حسب التتبع.
وهناك نقول وكلام عن شيخه ابن تيمية في البداية والنهاية، فعللك تراجعها.
ـ[أبو عائش وخويلد]ــــــــ[28 - 06 - 07, 02:15 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
جزاكم الله خيرا، وأخص بالذكر ...
من شارك في هذا الموضوع.(29/110)
ثقافة التلبيس (11):قولهم: لابد من فتح المجال لجميع المذاهب في السعودية!!
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[27 - 12 - 04, 06:01 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه شبهة بدأت تتردد في " السعودية " بعد ما يُسمى أحداث 11 سبتمبر، والفتنة التي حدثت جراءها. يقوم بترديدها بعض المناوئين لمنهج هذه الدولة " الإسلامي السلفي ": من العلمانيين وبقايا المتصوفة والرافضة، الذين استغلوا هذه الأحداث مؤازرة مع الغربيين للضغط على الدولة للتخلي عما هي عليه من تمسك بالإسلام والسلفية.
ولكي يقبل الناسُ مطالبهم؛ فإنهم يزعمون أنه لايليق بالدولة أن تتبنى مذهبًا واحدًا - هو المذهب الحنبلي كما يقولون! - وتحجرَ على المذاهب الإسلامية الأخرى!
فتسألهم: ماهي هذه المذاهب التي يُحجر عليها في هذه البلاد؟
فيقولون - في خلط متعمد -: المذهب الحنفي والمالكي والشافعي والشيعي والصوفي!!
فيمزجون المذاهب (الفقهية) لأهل السنة بمذاهب أهل البدع (العقدية) بدعوى أن الظلم طالها جميعًا.
فيصدقهم بعض الطيبين ويردد ما يقولون تضامنًا مع المظلومين!
ولكشف هذا التلبيس لابد من معرفة هذه الأمور:
1 - أن هذه الدولة المباركة قامت في عقيدتها على تبني الإسلام الصحيح الوارد في الكتاب والسنة، والذي كان عليه سلف هذه الأمة؛ ومن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذ، وهو الذي قام شيخ الإسلام المجدد محمد بن عبدالوهاب وتلاميذه - رحمهم الله - بتجديده والدعوة إليه، وحمايته بالسلطان.
ولافرق في هذا بين " حنبلي " أو " حنفي " أو " مالكي " أو " شافعي "؛ لأن الجميع من (أهل السنة)، عقيدتهم واحدة.
وهذا ما أكده الشيخ محمد في رسائله وأقواله؛ كقوله مثلا في رسالته إلى من يصل إليه من المسلمين:
(أخبركم أني ولله الحمد عقيدتي وديني الذي أدين الله به مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم الدين). (الرسائل الشخصية، ص 150).
أو قوله: (وأما ما ذكرتم من حقيقة الاجتهاد؛ فنحن مقلدون الكتابَ والسنة، وصالحَ سلف الأمة، وما عليه الاعتماد من أقوال الأئمة الأربعة: أبى حنيفة النعمان بن ثابت، ومالك بن أنس، ومحمد بن إدريس، وأحمد بن حنبل رحمهم الله تعالى ". (الدرر السنية، 97/ 1).
أو قوله في رسالته إلى عبدالرحمن بن عبدالله: (قلت لهم أنا أخاصم الحنفي بكلام المتأخرين من الحنفية والمالكي والشافعي والحنبلي كل أخاصمه بكتب المتأخرين من علمائهم الذين يعتمدون عليهم، فلما أبو ذلك نقلت لهم كلام العلماء من كل مذهب وذكرت ما قالو بعد ما حدثت الدعوة عند القبور والنذر لها فصرفوا ذلك وتحققوه ولم يزدهم إلا نفورا). (الرسائل الشخصية، ص 38).
هذا في (العقيدة): لا فرق بين الجميع (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة) عند الشيخ؛ كلهم أهل سنة، أصولهم واحدة، ودعوتهم واحدة، وهذه البلاد السلفية لهم جميعًا.
__________________________________________
2 - أما في (الفقه)؛ فكان أهل نجد - ومنهم الشيخ - كغيرهم من أهل البلاد الإسلامية الأخرى تفقهوا على مذهب من المذاهب الأربعة المنتشرة؛ لتنضبط دراستهم.
ومع هذا فإن الشيخ وتلاميذه لا يتعصبون لغير الدليل الشرعي؛ ولو خالف مذهب أحمد.
كذلك فإنهم لا يُنكرون على من تفقه على المذاهب الثلاثة الأخرى؛ مادام سلفيَ العقيدة.
وهذا ما صرح به الشيخ: كما في قوله: (وأما مذهبنا فمذهب الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة، ولا ننكر على أهل المذاهب الأربعة إذا لم يخالف نص الكتاب والسنة وإجماع الأمة وقول جمهورها). (الرسائل الشخصية، ص 107).
قال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله -: (إن الشيخ – رحمة الله – ما جاء بمذهب مستقل، وإنما هو في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، وإذا ترجح عنده القول بالدليل أخذ به ولو لم يكن في مذهب الإمام أحمد، يعني أنه لا يتعصب إلى الشخص، وإنما يذهب إلى الحق، فهو حنبلي، ولكن إذا كان الدليل مع غير أحمد وفي غير مذهب أحمد فإنه يأخذ به،لأن الإمام أحمد - رحمه الله – يأمر بهذا، يأمر أن نتبع الدليل، ولا نأخذ قوله ولا قول غيره، قال رحمه الله: " عجبتُ لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي سفيان - هو سفيان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/111)
الثوري رحمة الله - والله تعالى يقول: (فليحذرالذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم): أتدري ماالفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا رد بعض قوله - أي بعض قول الرسول صلى الله عليه وسلم - يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك " اهـ؛ هذا قول الإمام أحمد، فالشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب هو على مذهب الإمام أحمد، إمام أهل السنة، ولكنه لا يتعصب لمذهب أحمد، بل متى وجد الدليل مع غيره أخذ بالقول الذي عليه الدليل، وهذا موجود في فتاواه وفي رسائله، موجود معروف مدون. هذا في الفقه، أما في العقيدة فهو على عقيدة السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأتباعهم والأئمة الأربعة). (رد شبهات حول دعوة المجدد الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب، ص 35 - 37).
______________________________________
أخيرًا: يقول الدكتور ناصر القفاري رادًا على التلبيس السابق:
(لقد توهم بعض الناس أن تعدد المذاهب الفقهية هو تعدد في الاتجاهات العقدية، ويبدو أن هذا الوهم قديم، ففي عصر ابن تيمية رُفع إليه سؤال يطلب منه صاحبه بيان الاعتقاد في مسألة وفق مذهب الشافعي، فأجابه الشيخ: بأن مذهب الشافعي هو مذهب سائر الأئمة، ومذهب الأئمة هو ما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان وهو ما نطق به الكتاب والسنة. وفي مجلس المناظرة المعقودة بشأن الواسطية قال الحاكم الذي يحضر المناظرة: "أنت صنفت اعتقاد الإمام أحمد، فتقول هذا اعتقاد أحمد .. " فأجابه شيخ الإسلام: بأن هذه عقيدة الأئمة وسلف الأمة التي تلقوها عن نبيهم صلى الله عليه وسلم، فهذه "عقيدة محمد، صلى الله عليه وسلم". (الفتاوى: 3/ 169).< o:p> </o:p>
ولم يقتصر الأمر على مجرد توهم الاختلاف عند بعض العامة، بل تبعه في عصرنا ترويج لهذا المفهوم وإشاعة له، وبلغ الأمر أن أقيمت مراكز، وصنفت كتب، وصدرت مقالات في دوريات تتبنى هذه المفاهيم الخاطئة؛ فمثلاً: قامت (دار التقريب) في مصر وكان شعارها ومنهجها التقريب بين المذاهب الستة! أي التقريب بين المذهب الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي والزيدي والاثني عشري، أي إنها جعلت المذاهب الأربعة كالفرق المبتدعة المخالفة للسنة في الاعتقاد سواء بسواء!!
وهذا تلبيس عظيم، حيث يُفتعل خلاف لا وجود له، وفرقة بين المذاهب الفقهية لا مكان لها، ويُدعى تقارب بين فرق بدعية الخلافُ معها قائم في أصول الاعتقاد؛فيوهم الناس أن الخلاف بين الحنابلة والشافعية كالخلاف مع الرافضة، أي أن الخلاف في مسائل الاجتهاد كالاختلاف في أصول الاعتقاد، أو أنه لا اختلاف مع الرافضة في الاعتقاد، إنما هي خلافات يسيرة في أمور الفروع، أي أن ما عند الروافض من عقائد باطلة هي حق، وهذا حكمٌ على الباطل بأنه حق، وصد لأبواب الهداية أمام المغرر بهم من الرافضة حيث يعتقدون أن ما عند السنة لا يختلف عما عندهم؛ فيبحثون عن ضالتهم في غير السنة، أو يشكون في الإسلام ذاته إذا رأوا أن ما هم عليه فاسد في العقل، ومخالفٌ للفطَر، وقيل لهم إن هذا بعينه هو ما عند أهل السنة). (أصول الدين عند الأئمة الأربعة واحدة، ص 51 - 52).
قلت ُ: فليحذر أهلُ الإسلام من تلبيس أهل الباطل الذين يريدونَ صرفَهم عن الحق إلى باطلهم، أو ثنيَهم عن التمسك به، وليخبروهم أن لامكان في هذه البلاد لغير " أهل السنة "؛ وأما غيرهم من المنافقين وأهل البدع فإنهم يعيشون فيها مكبوتين غير ظاهرين؛ إلى أن يلحقوا بركب المؤمنين.
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[27 - 12 - 04, 06:06 ص]ـ
هذا رابط الحلقات السابقة: http://saaid.net/Warathah/Alkharashy/m/thkafa.htm
أرجو من الإخوة الكرام تزويدي بملاحظاتهم وتوجيهاتهم؛ لأني أنوي طبعها بعد اكتمال الحلقات في كتيب بهذا العنوان " ثقافة التلبيس" - إن شاء الله -.
والله يرعاكم ..
ـ[آل نظيف]ــــــــ[01 - 01 - 05, 12:00 ص]ـ
جزاك الله خيراً شيخنا الكريم على بيان الحق وإفحام المبتدعة والملاحدة والعصرانيين والمنافقين.
ـ[الجندى المسلم]ــــــــ[02 - 01 - 05, 01:19 ص]ـ
جزاك الله كل خير يا شيخ
ـ[شهاب الدين]ــــــــ[23 - 01 - 05, 02:06 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله عنا خيرا(29/112)
هل يرى النساء ربهم يوم القيامة؟
ـ[طويلبة علم]ــــــــ[28 - 12 - 04, 12:03 م]ـ
قال السيوطي في تحفة الجلساء برؤية الله للنساء
في كتابه الحاوي للفتاوي - المجلد الثاني ص 397 - 398
بسم الله الرحمن الرحيم
مسألة: رؤية الله تعالى يوم القيامة في الموقف حاصلة لكل أحد الرجال والنساء بلا نزاع وذهب قوم من أهل السنة إلى أنها تحصل فيه للمنافقين أيضا.
وذهب آخرون منهم إلى أنها تحصل للكافرين أيضا ثم يحجبون بعد ذلك ليكون عليهم حسرة. وله شاهد رويناه عن الحسن البصري.
وأما الرؤية في الجنة فأجمع أهل السنة أنها حاصلة للأنبياء والرسل والصديقين من كل أمة ورجال المؤمنين من البشر من هذه الأمة
واختلف بعد ذلك في صور إحداها النساء من هذه الأمة وفيهن ثلاثة مذاهب للعلماء حكاها جماعة منهم الحافظ عماد الدين بن كثير في أواخر تاريخه:
أحدها أنهن لا يرين لأنهن مقصورات في الخيام ولأنه لم يرد في أحاديث الرؤية تصريح برؤيتهن.
والثاني انهن يرين أخذا من عمومات النصوص الواردة في الرؤية.
والثالث انهن يرين في مثل أيام الأعياد فانه تعالى يتجلى في مثل أيام الأعياد لأهل الجنة تجليا عاما فيرينه يحتاج إلى دليل خاص عليه.
وقال الحافظ ابن رجب في اللطائف كل يوم كان للمسلمين عيدا في الدنيا فانه عيد لهم في الجنة يجتمعون فيه على زيارة ربهم ويتجلى لهم فيه. ويوم الجمعة يدعى في الجنة يوم المزيد ويوما الفطر والأضحى يجتمع أهل الجنة فيهما للزيارة وروى أنه يشارك النساء الرجال فيهما كما كن يشهدن العيدين مع الرجال دون الجمعة، هذا لعموم أهل الجنة فأما خواصهم فكل يوم لهم عيد يزورون ربهم كل يوم بكرة وعشيا انتهى.
قلت الحديث الذي أشار إليه ابن رجب ولم يقف عليه ابن كثير أخرجه الدار قطني في كتاب الرؤية قال حدثنا أحمد بن سلمان بن الحسن ثنا محمد بن عثمان ابن محمد ثنا مروان بن جعفر ثنا نافع أبو الحسن مولى بني هاشم ثنا عطاء بن أبي ميمونة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم القيامة رأى المؤمنين ربهم عز وجل فأحدثهم عهدا بالنظر إليه في كل جمعة ويراه المؤمنات يوم الفطر ويوم النحر.
ـ[طويلبة علم]ــــــــ[28 - 12 - 04, 12:22 م]ـ
وكلام أبن كثير الذي أشار اليه السيوطي في كتاب النهاية في الفتن والملاحم المجلد الثاني ص 353،
قال الحافظ ابن كثير في النهاية في الفتن والملاحم وأشراط الساعة
وقد حكى بعض العلماء خلافاً في النساء:
هل يرين الله عز وجل كما يراه الرجال فقيل: لا، لأنهن مقصورات في الخيام، وقيل: بلى، لأنه لا مانع من رؤيته تعالى في الخيام وغيرها: وقد قال تعالى: "إنَّ الأبْرَارَ لفي نَعِيم عَلَى الأرَائِكِ يَنْظُرونَ".
وقال تعالى: "هُمْ وَأزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأرَائِكِ مُتَّكِئُون".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنكم سترون ربكم عز وجل، كما ترون هذا القمر، لا تمارون في رؤيته، فإن استطعتم فداوموا على الصلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها".
وهذا عام في الرجال والنساء، والله أعلم.
وقال بعض العلماء قولاً ثالثاً: وهو أنهن يرين الله في مثل أيام الأعياد، فإنه تعالى يتجلى في مثل أيام الأعياد لأهل الجنة تجلياً عاماً، فيرينه في مثل هذه الحال دون غيرها، وهذا القول يحتاج إلى دليل خاص عليه، والله أعلم.
ـ[الخنساء]ــــــــ[04 - 01 - 05, 05:10 م]ـ
جزاكِ الله خيراً ونفع بكِ
ـ[أم الخير]ــــــــ[05 - 03 - 05, 02:06 م]ـ
جزاكن الله الخير
ـ[طويلبة علم]ــــــــ[06 - 03 - 05, 06:22 م]ـ
وإياكِ أختي الفاضلة ننتظر مشاركاتك
ـ[طويلبة علم]ــــــــ[24 - 04 - 07, 02:27 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وقد وقفت على كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حول رؤية النساء لربهم يوم القيامة وانقله لكم هنا
قال رحمه الله في مجموع الفتاوى (ج 6 / ص 420)
فصل:
المقتضي لكتابة هذا: أن بعض الفقهاء كان قد سألني لأجل نسائه من مدة: هل ترى المؤمنات الله في الآخرة؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/113)
فأجبت بما حضرني إذ ذاك: من أن الظاهر أنهن يرينه وذكرت له أنه قد روى أبو بكر عن ابن عباس أنهن يرينه في الأعياد وأن أحاديث الرؤية تشمل المؤمنين جميعا من الرجال والنساء وكذلك كلام العلماء؛ وأن المعنى يقتضي ذلك حسب التتبع؛ وما لم يحضرني الساعة. وكان قد سنح لي فيما روي عن ابن عباس أن سبب ذلك أن " الرؤية " المعتادة العامة في الآخرة تكون بحسب الصلوات العامة المعتادة فلما كان الرجال قد شرع لهم في الدنيا الاجتماع لذكر الله ومناجاته وترائيه بالقلوب والتنعم بلقائه في الصلاة كل جمعة جعل لهم في الآخرة اجتماعا في كل جمعة لمناجاته ومعاينته والتمتع بلقائه. ولما كانت السنة قد مضت بأن النساء يؤمرن بالخروج في العيد حتى العواتق والحيض وكان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج عامة نساء المؤمنين في العيد جعل عيدهن في الآخرة بالرؤية على مقدار عيدهن في الدنيا.
وأيد ذلك عندي ما خرجاه في " الصحيحين " عن {جرير بن عبد الله البجلي قال: كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر فقال: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا. ثم قرأ: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها}} وهذا الحديث من أصح الأحاديث على وجه الأرض المتلقاة بالقبول المجمع عليها عند العلماء بالحديث وسائر أهل السنة. ورأيت أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر المؤمنين بأنهم يرون ربهم وعقبه بقوله: {فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا} ومعلوم أن تعقيب الحكم للوصف؛ أو الوصف للحكم بحرف الفاء يدل على أن الوصف علة للحكم؛ لا سيما ومجرد التعقيب هنا محال؛ فإن الرؤية في الحديث قبل التحضيض على الصلاتين وهي موجودة في الآخرة والتحضيض موجود قبلها في الدنيا. والتعقيب الذي يقوله النحويون لا يعنون به أن اللفظ بالثاني يكون بعد الأول؛ فإن هذا موجود بالفاء وبدونها وبسائر حروف العطف وإنما يعنون به معنى أن التلفظ الثاني يكون عقب الأول فإذا قلت: قام زيد فعمرو أفاد أن قيام عمرو موجود في نفسه عقب قيام زيد؛ لا أن مجرد تكلم المتكلم بالثاني عقب الأول وهذا مما هو مستقر عند الفقهاء في أصول الفقه وهو مفهوم من اللغة العربية إذا قيل: هذا رجل صالح فأكرمه فهم من ذلك أن الصلاح سبب للأمر بإكرامه حتى لو رأينا بعد ذلك رجلا صالحا لقيل كذلك الأمر وهذا أيضا رجل صالح أفلا تكرمه؟ فإن لم يفعل فلا بد أن يخلف الحكم لمعارض وإلا عد تناقضا. وكذلك لما قال النبي صلى الله عليه وسلم {ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه حاجب ولا ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا شيئا قدمه وينظر أشأم منه فلا يرى إلا شيئا قدمه وينظر أمامه فتستقبله النار فمن استطاع منكم أن يتقي النار ولو بشق تمرة فليفعل فإن لم يستطع فبكلمة طيبة} فهم منه أن تحضيضه على اتقاء النار هنا لأجل كونهم يستقبلونها وقت ملاقاة الرب وإن كان لها سبب آخر. وكذلك لما قال ابن مسعود: " سارعوا إلى الجمعة فإن الله يبرز لأهل الجنة في كل جمعة في كثيب من كثب الكافور فيكونون في القرب منه على قدر تسارعهم في الدنيا إلى الجمعة " فهم الناس من هذا أن طلب هذا الثواب سبب للأمر بالمسارعة إلى الجنة. وكذلك لو قيل: إن الأمير غدا يحكم بين الناس أو يقسم بينهم فمن أحب فليحضر فهم منه أن الأمر بالحضور لأخذ النصيب من حكمه أو قسمه وهذا ظاهر. ثم إن هذا الوصف المقتضي للحكم " تارة يكون سببا متقدما على الحكم في العقل وفي الوجود كما في قوله: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} " وتارة " يكون حكمه متقدما على الحكم في العلم والإرادة متأخرة عنه في الوجود كما في قولك: الأمير يحضر غدا فإن حضر كان حضور الأمير يتصور ويقصد قبل الأمر بالحضور معه. وإن كان يوجد بعد الأمر بالحضور وهذه تسمى العلة الغائية وتسميها الفقهاء حكمة الحكم وهي سبب في الإرادة بحكمها وحكمها سبب في الوجود لها. و " التعليل " تارة يقع في اللفظ بنفس الحكمة الموجودة فيكون ظاهره أن العلة متأخرة عن المعلول وفي الحقيقة إنما العلة طلب تلك الحكمة وإرادتها. وطلب العافية وإرادتها متقدم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/114)
على طلب أسبابها المفعولة وأسبابها المفعولة متقدمة عليها في الوجود ونظائره كثير. كما قيل: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ} {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا} ويقال: إذا حججت فتزود. فقوله صلى الله عليه وسلم {إنكم سترون ربكم فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاتين} إلى: فافعلوا يقتضي أن المحافظة عليها هنا لأجل ابتغاء هذه الرؤية ويقتضي أن المحافظة سبب لهذه الرؤية ولا يمنع أن تكون المحافظة توجب ثوابا آخر ويؤمر بها لأجله وأن المحافظة عليها سبب لذلك الثواب وأن للرؤية سببا آخر؛ لأن تعليل الحكم الواحد بعلل واقتضاء العلة الواحدة لأحكام جائز. وهكذا غالب أحاديث الوعد كما في قوله: {من صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه ومن حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه} وقوله: {لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها؛ فإنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم} ونحو ذلك؛ فإنه يقتضي أن صلاة هاتين الركعتين سبب للمغفرة وكذلك الحج المبرور وإن كان للمغفرة أسباب أخر. وأيد هذا المعنى أن الله تعالى قال: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه} وقد فسر هذا الدعاء بصلاتي الفجر والعصر ولما أخبر أنهم يريدون وجهه بهاتين الصلاتين وأخبر في هذا الحديث أنهم ينظرون إليه فتحضيضهم على هاتين يناسب ذلك أن من أراد وجهه نظر إلى وجهه تبارك وتعالى. ثم لما انضم إلى ذلك ما تقدم من أن صلاة الجمعة سبب قال الترمذي وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن إسرائيل عن ثوير عن ابن عمر مرفوعا ورواه عبد الملك بن أبجر عن ثوير عن مجاهد عن ابن عمر موقوفا ورواه عبيد الله الأشجعي عن سفيان عن ثوير عن مجاهد عن ابن عمر قوله: ولم يرفعه. وقال الترمذي: لا نعلم أحدا ذكر فيه مجاهدا غير ثوير وأظنه قد قيل: في قوله: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} أن منه النظر إلى الله. وروي في ذلك حديث مرفوع رواه الدارقطني في " الرؤية ": حدثنا أبو عبيد قاسم بن إسماعيل الضبي حدثنا محمد بن محمد بن مرزوق البصري حدثنا هانئ بن يحيى حدثنا صالح المصري عن عباد المنقري عن ميمون بن سياه عن {أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه هذه الآية {وجوه يومئذ ناضرة} {إلى ربها ناظرة} قال: والله ما نسخها منذ أنزلها يزورون ربهم تبارك وتعالى فيطعمون ويسقون ويطيبون ويحملون ويرفع الحجاب بينه وبينهم فينظرون إليه وينظر إليهم عز وجل وذلك قوله: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا}.} وقد ذكر أبو الفرج بن الجوزي هذا الحديث في " الموضوعات " وقال: هذا لا يصح؛ فيه ميمون بن سياه. قال ابن حبان: ينفرد بالمناكير عن المشاهير لا يحتج به إذا انفرد وفيه صالح المصري قال النسائي: متروك الحديث. قلت: أما ميمون بن سياه فقد أخرج له البخاري والنسائي وقال فيه أبو حاتم الرازي: ثقة وحسبك بهذه الأمور الثلاثة وعن ابن معين قال فيه:
ضعيف؛ لكن هذا الكلام يقوله ابن معين في غير واحد من الثقات. وأما كلام ابن حبان ففيه ابتداع في الجرح. فلما كان في حديث ابن عمر المتقدم وعد أعلاهم " غدوة وعشيا " والرسول صلى الله عليه وسلم قد جعل صلاتي الغداة والعشي سببا " للرؤية " وصلاة الجمعة سببا " للرؤية " في وقتها؛ مع ما في الصلاة من مناسبة الرؤية كان العلم بمجموع هذه الأمور يفيد ظنا قويا أن هاتين الصلاتين سبب للرؤية في وقتهما في الآخرة والله أعلم بحقيقة الحال. فلما كان هذا قد سنح لي والنساء يشاركن الرجال في سبب العمل فيشاركونهم في ثوابه ولما انتفت المشاركة في الجمعة انتفت المشاركة في النظر في الآخرة ولما حصلت المشاركة في العيد حصلت المشاركة في ثوابه. ثم بعد مدة طويلة جرى كلام في هذه " المسألة " وكنت قد نسيت ما ذكرته أولا؛ لا بعضه فاقتضى ذكر ما ذكرته أولا فقيل لي: الحديث يقتضي أن هاتين الصلاتين من جملة سبب " الرؤية "؛ لا أنه جميع السبب بدليل أن من صلاهما ولم يصل الظهر والعصر لا يستحق الرؤية. وقيل لي: الحديث يدل على أن الصلاتين سبب في الجملة فيجوز أن تكون هاتان الصلاتان سببا للرؤية في الجمعة؛ كيف وقد قيل: إن أعلى أهل الجنة من يراه مرتين؟ فكيف يكون المحافظون على هاتين الصلاتين أعلاهم؟. فقلت: ظاهر الحديث يقتضي أن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/115)
هاتين الصلاتين هو السبب في هذه " الرؤية " لما ذكرته من القاعدة في النساء آنفا؛ ثم قد يتخلف المقتضي عن المقتضى لمانع لا يقدح في اقتضائه كسائر أحاديث الوعد؛ فإنه لما قال: {من صلى البردين دخل الجنة} " من فعل كذا دخل الجنة " دل على أن ذلك العمل سبب لدخول الجنة وإن تخلف عنه مقتضاه لكفر أو فسق. فمن ترك صلاة الظهر أو زنى أو سرق ونحو ذلك كان فاسقا والفاسق غير مستحق للوعد بدخول الجنة كالكافر وكذلك أحاديث الوعيد إذا قيل: من فعل كذا دخل النار؛ فإن المقتضى يتخلف عن التائب وعمن أتى بحسنات تمحو السيئات وعن غيرهم ويجوز أن يكون للرؤية سبب آخر فكونه سببا لا يمنع تخلف الحكم عنه لمانع ولا يمنع أن ينتصب سبب آخر للرؤية. ثم أقول: فعل بقية الفرائض سواء كانت من جملة السبب أو كانت شرطا في هذا السبب: فالأمر في ذلك قريب وهو نزاع لفظي؛ فإن الكلام إنما هو في حق من أتى ببقية شروط الوعد وانتفت عنه موانعه. ولا يجوز أن يقال: فالأنوثة مانع من لحوق الوعد أو الذكورة شرط؛ لأن هذا إن دل عليه دليل شرعي كما دل على أن فعل بقية الفرائض شرط قلنا به فأما بمجرد الإمكان فلا يجوز ترك مقتضى اللفظ وموجبه بالإمكان؛ بل متى ثبت عموم اللفظ وعموم العلة وجب ترتيب مقتضى ذلك عليه ما لم يدل دليل بخلافه؛ ولم يثبت أن الذكورة شرط ولا أن الأنوثة مانع؛ كما لم يقتض أن العربية والعجمية والسواد والبياض لها تأثير في ذلك.
وكذلك الحديث يدل على أن " المقتصدين " يشاركون " السابقين " في أصل الرؤية وإن امتاز السابقون عنهم بدرجات ومثوبات أو شمول المعنى لهؤلاء على السواء فهذا من هذا الوجه دليل على أن هاتين الصلاتين سبب للرؤية ووجود السبب يقتضي وجود المسبب إلا إذا تخلف شرطه أو حصلت موانعه والشروط والموانع تتوقف على دليل. وأما الاعتراض على كون هاتين الصلاتين سببا للرؤية في الجملة - ولو في يوم الجمعة - فيقال: ذلك لا ينفي أن النساء يرينه في الجملة ولو في غير يوم الجمعة وهذا هو المطلوب. ثم يقال: مجموع ما تقدم من سائر الأحاديث يقتضي أن الرؤية تحصل وقت العمل في الدنيا فإذا قيل: إن الرؤية تكون غدوا وعشيا وسببها صلاة الغداة والعشي كان هذا ظاهرا فيما قلناه. والمدعى الظهور؛ لا القطع. وأما كون " الرؤية مرتين " لأعلى أهل الجنة وليس من صلى هاتين الصلاتين أعلى أهل الجنة فليس هذا بدافع لما ذكرناه؛ لأن هذين الاحتمالين ممكنة به يخرج الدليل عليها؛ لكن الله أعلم بما هو الواقع منها. يمكن السبب فعل هاتين الصلاتين على الوجه الذي أمر الله به باطنا وظاهرا؛ لا صلاة أكثر الناس. ألا ترى إلى حديث عمار بن ياسر عن النبي صلى الله عليه وسلم {إن الرجل لينصرف من صلاته ولم يكتب له إلا ربعها إلا خمسها إلا سدسها - حتى قال -: عشرها} رواه أبو داود فالصلاة المقبولة هي سبب الثواب والصلاة المقبولة هي المكتوبة لصاحبها وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن من المصلين من لا يكتب له إلا بعضها فلا يكون ذلك المصلي مستحقا للثواب الذي استحقه من تقبل الله صلاته وكتبها له كلها. وعلى هذا فلا يكاد يندرج في الحديث إلا الصديقون أو قليل من غيرهم فالنساء منهن صديقات. ويجوز أن يكون من له نوافل يجبر بها نقص صلاته يدخل في الحديث كما جاء في حديث أبي هريرة المرفوع: {إن النوافل تجبر الفرائض يوم القيامة}. وعلى هذا فيكون الموجودون بهذا أكثر المصلين المحافظين على الصلوات ويكون هؤلاء أعلى أهل الجنة؛ فإن أكثر أمة محمد صلى الله عليه وسلم ما يحافظون على الصلوات بل منهم من يؤخر بعضها عن وقته ومنهم من ترك بعض واجباتها ومنهم من يترك بعضها وسائر الأمم قبلنا لا حظ لهم في هاتين الصلاتين. ولو قيل: إن كل من صلى هاتين الصلاتين دخل الجنة على أي حال كان مغفورا له نال هذا الثواب لأمكن في قدرة الله ولم يكن الحديث نافيا لهذا؛ إذ أكثر ما فيه أنه من أعلى أهل الجنة والعلو والسفول أمر إضافي فيصدق على أهل الجنات الثلاث أنهم من أعلى أهل الجنات الخمس الباقية ويصدق أيضا على أكثر أهل الجنة أنهم أعلى بالنسبة إلى من تحتهم وبعض هذا فيه نظر والله أعلم بحقيقة الحال. لكن الغرض أن هذا لا ينفي ما ذكرناه وهذا كله لو كان حديث " المرتين " يصلح لمعارضة ما ذكرنا من
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/116)
الدلالة وهو لا يصلح لذلك لما فيه من الاختلاف في إسناده.
ولما جرى الكلام ثانيا في " رؤية النساء ربهن في الآخرة " استدللت بأشياء أنا أذكرها وما اعترض به علي وما لم يعترض حتى يظهر الأمر فأقول: الدليل على أنهن يرينه أن النصوص المخبرة بالرؤية في الآخرة للمؤمنين تشمل النساء لفظا ومعنى ولم يعارض هذا العموم ما يقتضي إخراجهن من ذلك فيجب القول بالدليل السالم عن المعارض المقاوم. ولو قيل لنا: ما الدليل على أن الفرس يرون الله؟ أو أن الطوال من الرجال يرون الله أو إيش الدليل على أن نساء الحبشة يخرجن من النار؟ لكان مثل هذا العموم في ذلك بالغا جدا إلا إذا خصص ثم يعلم أن العموم المسند المجرد عن قبول التخصيص يكاد يكون قاطعا في شموله بل قد يكون قاطعا. أما " النصوص العامة " فمثل ما في الصحيحين عن أبي هريرة {أن الناس قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله؛ قال: فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا قال: فإنكم ترونه كذلك يحشر الناس يوم القيامة فيقول: من كان يعبد شيئا فليتبعه. فمنهم من يتبع الشمس ومنهم من يتبع القمر ومنهم من يتبع الطواغيت؛ وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم في صورة غير صورته التي يعرفون فيقولون: نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا عز وجل فإذا جاء ربنا عز وجل عرفناه فيأتيهم في صورته التي يعرفون فيقول: أنا ربكم فيقولون: أنت ربنا فيدعوهم فيتبعونه ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أنا وأمتي أول من يجيز ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ودعوى الرسل يومئذ: اللهم سلم سلم} وساق الحديث. وفي الصحيحين أيضا عن {أبي سعيد قال: قلنا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم فهل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحوا ليس معها سحاب هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحوا ليس فيها سحاب قالوا: لا يا رسول الله قال: ما تضارون في رؤية الله تبارك وتعالى يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما؛ إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن لتتبع كل أمة ما كانت تعبد فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر وغير أهل الكتاب} وذكر الحديث في دعاء اليهود والنصارى إلى أن قال: {حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر أتاهم الله في أدنى صورة من التي رأوه فيها قال: فما تنتظرون؟ تتبع كل أمة ما كانت تعبد قالوا يا ربنا؛ فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم؛ فيقول: أنا ربكم فيقولون: نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئا مرتين أو ثلاثا حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب فيقول: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟ فيقولون نعم فيكشف عن ساق ولا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود؛ ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خر على قفاه؛ ثم يرفعون رءوسهم وقد تحول في الصورة التي رأوه فيها أول مرة فيقول: أنا ربكم فيقولون: أنت ربنا ثم يضرب الجسر على جهنم}. هذان الحديثان من أصح الأحاديث فلما {قال النبي صلى الله عليه وسلم فإنكم ترونه كذلك؛ يحشر الناس فيقول من كان يعبد شيئا فليتبعه}. أليس قد علم بالضرورة أن هذا خطاب لأهل الموقف من الرجال والنساء؟ لأن لفظ الناس يعم الصنفين ولأن الحشر مشترك بين الصنفين. وهذا العموم لا يجوز تخصيصه وإن جاز جاز على ضعف؛ لأن النساء أكثر من الرجال إذ قد صح أنهن أكثر أهل النار وقد صح لكل رجل من أهل الجنة زوجتان من الإنسيات سوى الحور العين وذلك لأن من في الجنة من النساء أكثر من الرجال وكذلك في النار فيكون الخلق منهم أكثر واللفظ العام لا يجوز أن يحمل على القليل من الصور دون الكثير بلا قرينة متصلة؛ لأن ذلك تلبيس وعي ينزه عنه كلام الشارع. ثم قوله: فيقال {: من كان يعبد شيئا فليتبعه} وصف من الصيغ التي تعم الرجال والنساء؛ ثم فيها العموم المعنوي وهو: أن اتباعه إياه معلل بكونه عبده في الدنيا وهذه العلة شاملة للصنفين. ثم قوله {وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها}.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/117)
والنساء من هذه الأمة مؤمناتهن ومنافقاتهن {فإذا جاء عرفناه} وقوله: {فيأتيهم في صورته التي يعرفون فيقول: أنا ربكم فيقولون: أنت ربنا فيدعوهم} تفسير لما ذكرناه في أول الحديث من أنهم يرون ربهم كما يرون الشمس والقمر. والضمير في قوله: {فيأتيهم في صورته التي يعرفون فيقول: أنا ربكم فيقولون: أنت ربنا} قد ثبت أنه عائد إلى الأمة التي فيها الرجال والنساء وإلى من كان يعبده الذي يشمل الرجال والنساء وإلى الناس غير المشركين؛ وذلك يعم الرجال والنساء وهذا أوضح من أن يزاد بيانا. ثم قوله في حديث أبي سعيد: {فيرفعون رءوسهم وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة} نص في أن النساء من الساجدين الرافعين قد رأوه أولا ووسطا وآخرا والساجدون قد قال فيهم: {لا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود} و " من " تعم الرجال والنساء فكل من سجد لله مخلصا من رجل وامرأة فقد سجد لله وقد رآه في هذه المواقف الثلاث وليس هذا موضع بيان ما يتعلق بتعدد السجود والتحول وغير ذلك مما يلتمس معرفته وإنما الغرض هنا ما قصدنا له. ثم في كلا الحديثين الإخبار بمرورهم على الصراط وسقوط قوم في النار ونجاة آخرين ثم بالشفاعة في أهل التوحيد حتى يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان ويدخلون الجنة ويسمون الجهنميين؛ أفليس هذا كله عاما للرجال والنساء أم الذين يجتازون على الصراط ويسقط بعضهم في النار ثم يشفع في بعضهم هم الرجال؛ ولو طلب الرجل نصا في النساء في مثل هذا أما كان متكلفا ظاهر التكلف؟. وكذلك روى مسلم في صحيحه عن {أبي الزبير: أنه سمع جابرا يسأل عن الورود فقال: نجيء نحن يوم القيامة عن كذا وكذا انظر أي ذلك فوق الناس قال: فتدعى الأمم بأوثانها وما كانت تعبد الأول فالأول؛ ثم يأتينا ربنا بعد ذلك فيقول: من تنتظرون؟ فيقولون: ننتظر ربنا فيقول: أنا ربكم فيقولون: حتى ننظر إليك فيتجلى لهم يضحك قال: فينطلق بهم ويتبعونه ويعطي كل إنسان منهم - منافق أو مؤمن - نورا؛ ثم يتبعونه وعلى جسر جهنم كلاليب وحسك تأخذ من شاء الله ثم يطفأ نور المنافقين ثم ينجوا المؤمنون} وذكر الحديث في دخول الجنة والشفاعة. أفليس هذا بينا في أنه يتجلى لجميع الأمة؟ كما أن الأمة تعطى نورها ثم جميع " المؤمنين " ذكرانهم وإناثهم يبقى نورهم وكذلك جميع ما في الحديث من المعاني تعم الطائفتين عموما يقينيا. وهذا الحديث هو مرفوع قد رواه الإمام أحمد وغيره بمثل إسناد مسلم
وذكر فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يقتضي أن جابرا سمع الجميع منه وروي من وجوه صحيحة عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا؛ وهذا الحديث قد روي أيضا بإسناد جيد من حديث ابن مسعود مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أطول سياقه من سائر الأحاديث وروي من غير وجه. وفي حديث {أبي رزين العقيلي المشهور من غير وجه قال: قلنا يا رسول الله: أكلنا يرى ربه يوم القيامة؟ قال: أكلكم يرى القمر مخليا به؟ قالوا: بلى فالله أعظم} وقوله: {كلكم يرى ربه} كقوله {كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته والمرأة راعية في مال زوجها وهي مسئولة عن رعيتها} من أشمل اللفظ. ومن هذا قوله: {كلكم يرى ربه مخليا به} {وما منكم من أحد إلا سيخلو به ربه كما يخلو أحدكم بالقمر} {وما منكم إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه حاجب ولا ترجمان} إلى غير ذلك من الأحاديث الصحاح والحسان التي تصرح بأن جميع الناس ذكورهم وإناثهم مشتركون في هذه الأمور من " المحاسبة " و " الرؤية " و " الخلوة " و " الكلام ". وكذلك الأحاديث في " رؤيته - سبحانه - في الجنة " مثل ما رواه مسلم في صحيحه عن صهيب قال: {قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى مناد يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه فيقولون: ما هو؟ ألم يثقل موازيننا ويبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويجرنا من النار؟ فيكشف الحجاب فينظرون إلى الله فما شيء أعطوه أحب إليهم من النظر إليه وهي الزيادة}. قوله: {إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار} يعم الرجال والنساء؛ فإن لفظ الأهل يشمل الصنفين وأيضا فقد علم أن النساء من أهل الجنة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/118)
وقوله: {يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه} خطاب لجميع أهل الجنة الذين دخلوها ووعدوا بالجزاء وهذا قد دخل فيه جميع النساء المكلفات. وكذلك قولهم: " ألم يثقل ويبيض ويدخل وينجز " يعم الصنفين. وقوله: {فيكشف الحجاب فينظرون إليه} الضمير يعود إلى ما تقدم وهو يعم الصنفين. ثم الاستدلال بالآية دليل آخر؛ لأن الله سبحانه قال: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} ومعلوم أن النساء من الذين أحسنوا ثم قوله فيما بعد: {أولئك أصحاب الجنة} يقتضي حصر أصحاب الجنة في أولئك والنساء من أصحاب الجنة فيجب أن يكن من أولئك وأولئك إشارة إلى الذين لهم الحسنى وزيادة؛ فوجب دخول النساء في الذين لهم الحسنى وزيادة واقتضى أن كل من كان من أصحاب الجنة فإنه موعود " بالزيادة على الحسنى " التي هي النظر إلى الله سبحانه؛ ولا يستثنى من ذلك أحد إلا بدليل؛ وهذه " الرؤية العامة " لم توقت بوقت بل قد تكون عقب الدخول قبل استقرارهم في المنازل والله أعلم أي وقت يكون ذلك.
وكذلك ما دل من الكتاب على " الرؤية " كقوله {وجوه يومئذ ناضرة} {إلى ربها ناظرة} {ووجوه يومئذ باسرة} {تظن أن يفعل بها فاقرة} هو تقسيم لجنس الإنسان المذكور في قوله: {ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر} {بل الإنسان على نفسه بصيرة} وظاهر انقسام الوجوه إلى هذين النوعين. كما أن قوله {وجوه يومئذ مسفرة} {ضاحكة مستبشرة} {ووجوه يومئذ عليها غبرة} {ترهقها قترة} أيضا إلى هذين النوعين فمن لم يكن من الوجوه الباسرة كان من الوجوه الناضرة الناظرة؛ كيف وقد ثبت في الحديث أن النساء يزددن حسنا وجمالا كما يزداد الرجال في مواقيت النظر؟ وكذلك قوله: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} قد فسر بالرؤية وقوله: {إن الأبرار لفي نعيم} {على الأرائك ينظرون} فإن هذا كله يعم الرجال والنساء. واعلم أن الناس قد اختلفوا في " صيغ جمع المذكر مظهره ومضمره " مثل: المؤمنين والأبرار وهو هل يدخل النساء في مطلق اللفظ أو لا يدخلون إلا بدليل؟ على قولين: (أشهرهما عند أصحابنا ومن وافقهم أنهم يدخلون بناء على أن من لغة العرب إذا اجتمع المذكر والمؤنث غلبوا المذكر وقد عهدنا من الشارع في خطابه أنه يعم القسمين ويدخل النساء بطريق التغليب وحاصله أن هذه الجموع تستعملها العرب تارة في الذكور المجردين وتارة في الذكور والإناث وقد عهدنا من الشارع أن خطابه المطلق يجري على النمط الثاني وقولنا: المطلق احتراز من المقيد مثل قوله: {والمؤمنين والمؤمنات} ومن هؤلاء من يدعي أن مطلق اللفظ في اللغة يشمل القسمين. و (القول الثاني: إنهن لا يدخلن إلا بدليل ثم لا خلاف بين الفريقين أن آيات " الأحكام " و " الوعد " و " الوعيد " التي في القرآن تشمل الفريقين وإن كانت بصيغة المذكر فمن هؤلاء من يقول: دخلوا فيه لأن الشرع استعمل اللفظ فيهما وإن كان اللفظ المطلق لا يشمله وهذا يرجع إلى القول الأول. ومنهم من يقول: دخلوا لأنا علمنا من الدين استواء الفريقين في الأحكام فدخلوا كما ندخل نحن فيما خوطب به الرسول وكما تدخل سائر الأمة فيما خوطب به الواحد منها. وإن كانت صيغة اللفظ لا تشمل غير المخاطب. وحقيقة هذا القول: أن اللفظ الخاص يستعمل عاما " حقيقة عرفية " إما خاصة وإما عامة وربما سماه بعضهم قياسا جليا ينقص حكم من خالفه؛ وأكثرهم لا يسمونه " قياسا " بل قد علم استواء المخاطب وغيره فنحن نفهم من الخطاب له الخطاب للباقين حتى لو فرض انتفاء الخطاب في حقه لمعنى يخصه لم ينقص انتفاء الخطاب في حق غيره " فالقياس " تعدية الحكم وهنا لم يعد حكم وإنما ثبت الحكم في حق الجميع ثبوتا واحدا؛ بل هو مشبه بتعدية الخطاب بالحكم؛ لا نفس الحكم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/119)
وعلى كل قول فالدلالة من صيغ الجمع المذكر متوجهة؛ كما أنها متوجهة بلا تردد من صيغة: " من " و " أهل " و " الناس " ونحو ذلك. واعلم أن هنا " دلالة ثانية " وهي دلالة العموم المعنوي وهي أقوى من دلالة العموم اللفظي وذلك أن قوله: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} وقد فسرت " القرة " بالنظر وغيره فيقتضي أن النظر جزاء على عملهم والرجال والنساء مشتركون في العمل الذي استحق به جنس الرجال الجنة؛ فإن العمل الذي يمتاز به الرجال " كالإمارة " و " النبوة " - عند الجمهور - ونحو ذلك لم تنحصر الرؤية فيه؛ بل يدخل في الرؤية من الرجال من لم يعمل عملا يختص الرجال؛ بل اقتصر على ما فرض عليه: من الصلاة والزكاة وغيرهما؛ وهذا مشترك بين الفريقين. وكذلك قوله: {إن الأبرار لفي نعيم} {على الأرائك ينظرون} إن " البر " سبب هذا الثواب و " البر " مشترك بين الصنفين وكذلك كل ما علقت به " الرؤية " من اسم الإيمان ونحوه يقتضي أنه هو السبب في ذلك فيعم الطائفتين. وبهذا " الوجه " احتج الأئمة أن الكفار لا يرون ربهم. فقالوا: لما حجب الكفار بالسخط دل على أن المؤمنين يرون بالرضى ومعلوم أن المؤمنات فارقن الكفار فيما استحقوا به السخط والحجاب وشاركوا المؤمنين
فيما استحقوا به الرضوان والمعاينة فثبتت الرؤية في حقهم باعتبار الطرد واعتبار العكس. وهذا باب واسع إن لم نقطعه لم ينقطع. فإن قيل: دلالة العموم ضعيفة فإنه قد قيل: أكثر العمومات مخصوصة؛ وقيل: ما ثم لفظ عام إلا قوله: {وهو بكل شيء عليم} ومن الناس من أنكر دلالة العموم رأسا. قلنا: أما " دلالة العموم المعنوي العقلي " فما أنكره أحد من الأمة فيما أعلمه؛ بل ولا من العقلاء ولا يمكن إنكارها اللهم إلا أن يكون في " أهل الظاهر الصرف " الذين لا يلحظون المعاني كحال من ينكرها؛ لكن هؤلاء لا ينكرون عموم الألفاظ؛ بل هو عندهم العمدة ولا ينكرون عموم معاني الألفاظ العامة؛ وإلا قد ينكرون كون عموم المعاني المجردة مفهوما من خطاب الغير. فما علمنا أحدا جمع بين إنكار " العمومين " اللفظي والمعنوي ونحن قد قررنا العموم بهما جميعا فيبقى محل وفاق مع العموم المعنوي؛ لا يمكن إنكاره في الجملة؛ ومن أنكره سد على نفسه إثبات حكم الأشياء الكثيرة؛ بل سد على عقله أخص أوصافه وهو القضاء بالكلية العامة ونحن قد قررنا العموم من هذا الوجه؛ بل قد اختلف الناس في مثل هذا العموم: هل يجوز تخصيصه؟ على قولين مشهورين. وأما " العموم اللفظي " فما أنكره أيضا إمام ولا طائفة لها مذهب مستقر في العلم ولا كان في " القرون الثلاثة " من ينكره؛ وإنما حدث إنكاره بعد المائة الثانية وظهر بعد المائة الثالثة وأكبر سبب إنكاره إما من المجوزين للعفو من " أهل السنة ". ومن أهل المرجئة من ضاق عطنه لما ناظره الوعيدية بعموم آيات الوعيد وأحاديثه فاضطره ذلك إلى أن جحد العموم في اللغة والشرع فكانوا فيما فروا إليه من هذا الجحد كالمستجير من الرمضاء بالنار. ولو اهتدوا للجواب السديد " للوعيدية ": من أن الوعيد في آية وإن كان عاما مطلقا فقد خصص وقيد في آية أخرى - جريا على السنن المستقيمة - أولى بجواز العفو عن المتوعد وإن كان معينا. تقييدا للوعيد المطلق؛ وغير ذلك من الأجوبة وليس هذا موضع تقرير ذلك؛ فإن الناس قد قرروا العموم بما يضيق هذا الموضع عن ذكره. وإن كان قد يقال: بل العلم بحصول العموم من صيغه ضروري من اللغة والشرع والعرف والمنكرون له فرقة قليلة يجوز عليهم جحد الضروريات أو سلب معرفتها؛ كما جاز على من جحد العلم بموجب الأخبار المتواترة وغير ذلك من المعالم الضرورية. وأما من سلم أن العموم ثابت وأنه حجة. وقال: هو ضعيف أو أكثر العمومات مخصوصة وأنه ما من عموم محفوظ إلا كلمة أو كلمات. فيقال له: " أولا " هذا سؤال لا توجيه له؛ فإن هذا القدر الذي ذكرته لا يخلو: إما أن يكون مانعا من الاستدلال بالعموم أو لا يكون، فإن كان مانعا فهو مذهب منكري العموم من الواقفة والمخصصة وهو مذهب سخيف لم ينتسب إليه. وإن لم يكن مانعا من الاستدلال فهذا كلام ضائع غايته أن يقال: دلالة العموم أضعف من غيره من الظواهر وهذا لا يقر؛ فإنه ما لم يقم الدليل المخصص وجب العمل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/120)
بالعام. ثم يقال " ثانيا ": من الذي سلم لكم أن العموم المجرد الذي لم يظهر له مخصص دليل ضعيف؟ أم من الذي سلم أن أكثر العمومات مخصوصة؟ أم من الذي يقول ما من عموم إلا قد خص إلا قوله: {بكل شيء عليم}؟ فإن هذا الكلام وإن كان قد يطلقه بعض السادات من المتفقهة وقد يوجد في كلام بعض المتكلمين في أصول الفقه فإنه من أكذب الكلام وأفسده. والظن بمن قاله " أولا " أنه إنما عنى أن العموم من لفظ " كل شيء " مخصوص إلا في مواضع قليلة كما في قوله: {تدمر كل شيء} {وأوتيت من كل شيء} {فتحنا عليهم أبواب كل شيء} وإلا فأي عاقل يدعي هذا في جميع صيغ العموم في الكتاب والسنة وفي سائر كتب الله وكلام أنبيائه وسائر كلام الأمم عربهم وعجمهم. وأنت إذا قرأت القرآن من أوله إلى آخره وجدت غالب عموماته محفوظة؛ لا مخصوصة. سواء عنيت عموم الجمع لأفراده أو عموم الكل لأجزائه أو عموم الكل لجزيئاته فإذا اعتبرت قوله: {الحمد لله رب العالمين} فهل تجد أحدا من العالمين ليس الله ربه؟ {مالك يوم الدين} فهل في يوم الدين شيء لا يملكه الله؟ {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} فهل في المغضوب عليهم والضالين أحد لا يجتنب حاله التي كان بها مغضوبا عليه أو ضالا؟ {هدى للمتقين} {الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون} الآية. فهل في هؤلاء المتقين أحد لم يهتد بهذا الكتاب؟ {والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك}. هل فيما أنزل الله ما لم يؤمن به المؤمنون لا عموما ولا خصوصا؟ {أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون} هل خرج أحد من هؤلاء المتقين عن الهدى في الدنيا وعن الفلاح في الآخرة؟. ثم قوله: {إن الذين كفروا} قيل: هو عام مخصوص وقيل: هو لتعريف العهد فلا تخصيص فيه؛ فإن التخصيص فرع على ثبوت عموم اللفظ؛ ومن هنا يغلط كثير من الغالطين يعتقدون أن اللفظ عام ثم يعتقدون أنه قد خص منه؛ ولو أمعنوا النظر لعلموا من أول الأمر أن الذي أخرجوه لم يكن اللفظ شاملا له ففرق بين شروط العموم وموانعه وبين شروط دخول المعنى في إرادة المتكلم وموانعه. ثم قوله: {لا يؤمنون} أليس هو عاما لمن عاد الضمير إليه عموما محفوظا؟ {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم} أليس هو عاما في القلوب وفي السمع وفي الأبصار وفي المضاف إليه هذه الصفة عموما لم يدخله تخصيص؟ وكذلك (ولهم) وكذلك في سائر الآيات إذا تأملته إلى قوله: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم} فمن الذين خرجوا من هذا العموم الثاني فلم يخلقهم الله له؟ وهذا باب واسع.
وإن مشيت على آيات القرآن كما تلقن الصبيان وجدت الأمر كذلك؛ فإنه سبحانه قال: {قل أعوذ برب الناس} {ملك الناس} {إله الناس} فأي ناس ليس الله ربهم؟ أم ليس ملكهم؟ أم ليس إلههم؟ ثم قوله: {من شر الوسواس الخناس} إن كان المسمى واحدا فلا عموم فيه وإن كان جنسا فهو عام فأي وسواس خناس لا يستعاذ بالله منه؟. وكذلك قوله: {برب الفلق} أي جزء من " الفلق " أم أي (فلق ليس الله ربه؟ {من شر ما خلق} أي شر من المخلوق لا يستعاذ منه؟ {ومن شر النفاثات} أي نفاثة في العقد لا يستعاذ منها؟ وكذلك قوله: {ومن شر حاسد} مع أن عموم هذا فيه بحث دقيق ليس هذا موضعه. ثم " سورة الإخلاص " فيها أربع عمومات: {لم يلد} فإنه يعم جميع أنواع الولادة وكذلك {ولم يولد} وكذلك {ولم يكن له كفوا أحد} فإنها تعم كل أحد وكل ما يدخل في مسمى الكفؤ فهل في شيء من هذا خصوص؟. ومن هذا الباب كلمة الإخلاص التي هي أشهر عند أهل الإسلام من كل كلام وهي كلمة " لا إله إلا الله " فهل دخل هذا العموم خصوص قط؟ فالذي يقول بعد هذا: ما من عام إلا وقد خص إلا كذا وكذا إما في غاية الجهل وإما في غاية التقصير في العبارة؛ فإن الذي أظنه أنه إنما عنى: " من الكلمات التي تعم كل شيء " مع أن هذا الكلام ليس بمستقيم؛ وإن فسربهذا؛ لكنه أساء في التعبير أيضا؛ فإن الكلمة العامة ليس معناها أنها تعم كل شيء؛ وإنما المقصود أن تعم ما دلت عليه أي ما وضع اللفظ له وما من لفظ في الغالب إلا وهو أخص مما هو فوقه في العموم وأعم مما هو دونه في العموم والجميع يكون عاما. ثم عامة كلام العرب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/121)
وسائر الأمم إنما هو أسماء عامة والعموم اللفظي على وزان العموم العقلي وهو خاصية " العقل " الذي هو أول درجات التمييز بين الإنسان وبين البهائم. فإن قيل: سلمنا أن ظاهر الكتاب والسنة يشمل النساء؛ لكن هذا العموم مخصوص؛ وذلك أن في حديث رؤية الله للرجال يوم الجمعة: {إن الرجال يرجعون إلى منازلهم فتتلقاهم نساؤهم فيقلن للرجل: لقد جئت وإن بك من الجمال أفضل مما فارقتنا عليه فيقول: إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار ويحقنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا به}. وهذا دليل على أن النساء لم يشاركوهم في الرؤية وإذا كان هذا في رؤية الجمعة ففي رؤية الغداة والعشي أولى؛ لأن هذا أعلى من تلك ومن لم يصلح للرؤية في الأسبوع فكيف يصلح للرؤية في كل يوم مرتين؟ وإذا انتفت رؤيتهن في هذين الموطنين ولم يثبت أن الناس يرونه في غير هذين الموطنين: فقد ثبت أن العموم مخصوص منه النساء في هذين الموطنين؛ وما سواهما لم يثبت لا للرجال ولا للنساء فلم يبق ما يدل على حصول الرؤية للنساء في موطن آخر فإما أن يبقى مطلقا عملا بالأصل النافي؛ وإما أن ينفى عن هذين الموطنين ويتوقف فيما عداهما ولا يحتج على ثبوتها فيه بتلك العمومات لوجود التخصيصات فيها. هذا غاية ما يمكن في تقرير هذا السؤال ولولا أنه أورد علي لما ذكرته لعدم توجهه. فنقول: الجواب من وجوه متعددة وترتيبها الطبيعي يقتضي نوعا من الترتيب لكن أرتبها على وجه آخر ليكون أظهر في الفهم الأول أنا لو فرضنا أنه قد ثبت أن النساء لا يرينه في الموطنين المذكورين لم يكن في ذلك ما ينفي رؤيتهن في غير هذين الموطنين فيكون ما سوى هذين الموطنين لم يدل عليه الدليل الخاص لا بنفي ولا بإثبات والدليل العام قد أثبت الرؤية في الجملة والرؤية في غير هذين الموطنين لم ينفها دليل فيكون الدليل العام قد سلم عن معارضة الخاص فيجب العمل به وهذا في غاية الوضوح. فإن من قال: رأيت رجلا فقال آخر: لم تر أسود ولم تره في دمشق لم تتناقض القضيتان والخاص إذا لم يناقض مثله من العام لم يجز تخصيصه به فلو كان قد دل دليل على أن النساء لا يرينه بحال لكان هذا الخاص معارضا لمثله من العام أما إذا قيل: إنه دل على رؤية في محل مخصوص كيف ينفى بنفي جنس الرؤية؟ وكيف يكون سلب الخاص سلبا للعام؟ فإن قيل: لا رؤية لأهل الجنة إلا في هذين الموطنين قيل ما الذي دل على هذا؟ فإن قيل: لأن الأصل عدم ما سوى ذلك. قيل: العدم لا يحتج به في الأخبار بإجماع العقلاء بل من أخبر به كان قائلا ما لا علم له به ولو قيل للرجل: هل في البلد الفلاني كذا وفي المسجد الفلاني كذا؟ فقال: لا؛ لأن الأصل عدمه كان نافيا ما ليس له به علم باتفاق العقلاء. ولو قال الآخر: الذين يرون الله كل يوم مرتين: هم النبيون فقط. لأن الأصل عدم رؤية غيرهم ولهم من الخصوص ما لا يشركون فيه كان هذا قولا بلا علم - إذا سلم من أن يكون كذبا - وليس هنا مفهوم يتمسك به كما في قوله: {فاجلدوهم ثمانين جلدة}. فإن الرسول لم يقل إن أهل الجنة لهم موطنان في الرؤية حتى يقول ذلك بنفي ما سواهما بل كلامه يدل على خلاف ذلك كما سنبينه ولو فرضنا أنه يجوز الحكم باستصحاب الحال في مثل هذا؛ فإن العموم والقياس حجتان مقدمتان على الاستصحاب أما " العموم " فبإجماع الفقهاء وأما " القياس " فعند جماهيرهم. ومعلوم أن " العموم " و " القياس " يقتضيان ثبوت الرؤية كما تقدم فلا يجوز نفيها بالاستصحاب وإن جاز تخصيص ذلك بنقص عقل النساء. فينبغي أن يقال: " البله " و " أهل الجفاء " من الأعراب ونحوهم ممن يدخل الجنة لا يرى الله؛ فإنه لا ريب أن في النساء من هو أعقل من كثير من الرجال حتى إن المرأة تكون شهادتها نصف شهادة الرجل والمغفل ونحوه ترد شهادتهما بالكلية وإن لم يكن مجنونا؛ وقد {قال النبي صلى الله عليه وسلم كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربع} أكمل ممن لم يكمل من الرجال؛ ففي أي معقول تكون الرؤية للناقص دون الكامل.
ـ[طويلبة علم]ــــــــ[24 - 04 - 07, 02:31 ص]ـ
الجواب الثاني:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/122)
أن نقول: نفس الحديث المحتج به دل على أن لأهل الجنة رؤية في مواطن عديدة فإنه {قال: وأعلى أهل الجنة منزلة من يرى الله كل يوم مرتين غدوة وعشية} فإذا كانت هذه للأعلى فمفهومه أن الأدنى له دون ذلك ولا يجوز أن يقصر ما دون ذلك على " رؤية الجمعة " لأنه لا دليل عليه؛ بل يجوز أن يراه بعضهم كل يوم مرة وبعضهم كل يومين مرة وبعضهم أكثر من ذلك والحكمة تقتضي ذلك؛ فإن " يوم الجمعة يشترك فيه جميع الرجال من الأعلين والمتوسطين ومن دونهم. وكل يوم مرتين للأعلين فالذين هم فوق الأدنين ودون الأعلين لا بد أن يميزوا عمن دونهم؛ كما نقصوا عمن فوقهم. الجواب الثالث أنه قد جاءت الأحاديث برؤية الله في غير هذين الموطنين منها: ما رواه ابن ماجه في " سننه " والدارقطني في " الرؤية " عن الفضل بن عيسى بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: {قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رءوسهم فإذا الرب تبارك وتعالى أشرف عليهم فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة وهو قول الله: {سلام قولا من رب رحيم} فلا يلتفتون إلى شيء مما هم فيه من النعيم ما دام الله بين أظهرهم حتى يحتجب عنهم وتبقى فيهم بركته ونوره}
ورويناه من طريق أخرى معروفة إلى سلمة بن شبيب حدثنا بشر بن حجر حدثنا عبد الله بن عبيد الله عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: {قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما أهل الجنة في ملكهم ونعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رءوسهم فإذا الرب تبارك وتعالى قد أشرف عليهم من فوقهم فيقول: السلام عليكم يا أهل الجنة فذلك قوله تبارك وتعالى: {سلام قولا من رب رحيم} فينظرون إليه وينظر إليهم فلا يلتفتون إلى شيء من الملك والنعيم حتى يحتجب عنهم قال: فيبقى نوره وبركته عليهم وفي ديارهم}. وهذه الطريق تنفي أن يكون قد تفرد به الفضل الرقاشي وهذا الحديث بعمومه يقتضي أن جميعهم يروونه لكن لم يستدل به ابتداء لأن في إسناده مقالا والمقصود هنا أنه قد روى ذلك وهو ممكن ولا سبيل إلى دفعه في نفس الأمر والعمومات الصحيحة تثبت جنس ما أثبته هذا الحديث. وأيضا فالحديث الصحيح {إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه فيقولون: ما هو؟ ألم يبيض وجوهنا ويثقل موازيننا ويدخلنا الجنة ويجرنا من النار؟ فيكشف الحجاب فينظرون إليه فما أعطاهم شيئا أحب إليهم من النظر إليه}. فهذا ليس هو نظر الجمعة؛ لأن هذا عند الدخول ولم يكونوا ينتظرونه ولا اجتمعوا لأجله ونظر الجمعة يقدمون إليه من منازلهم ويجتمعون لأجله كما جاءت به الأحاديث وبين هذا التجلي وذاك فرق تدل عليه الأحاديث؛ ولا هذا التجلي من المرتين اللتين تختص بالأعلين بل هو عام لمن دخل الجنة كما دل عليه الحديث موافقا لقوله: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} - {أولئك أصحاب الجنة}. وأيضا فقد جاء موقوفا على ابن عباس وعن كعب الأحبار مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم {أنهم يرونه في كل يوم عيد}. وأيضا فقد ثبت بالنصوص المتواترة في عرصات القيامة قبل دخول الجنة أكثر من مرة وهذا خارج عن المرتين؛ إلا أن يقال: وإن كان لم يقل: ولا في سؤال السائل ما يدل عليه فهو مبطل لحصره قطعا ومن أراد أن يحترز عنه يصوغ السؤال على غير ما تقدم وإنما صغناه كما أورد علينا. وأيضا فقد قال تعالى: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} {قال النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر} فكيف يمكن أن يقال:
إن من سوى الأعلين لا يرى الله قط إلا في الأسبوع مرة؟ ويقضي ذلك الدليل على ما قد أخفاه عن كل نفس؛ ونفى علمه من كل عين وسمع وقلب وفرق بين عدم العلم والعلم بالعدم. وبين عدم الدليل؛ والدليل على العدم فإذا لم يكن مع الإنسان فيما سوى الموطن سوى عدم العلم وعدم الدليل لم يكن ذلك مانعا من موجب الدليل العام بالاضطرار وبالإجماع. ونكتة الجواب الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم. إذا قال: إن أهل الجنة يرون الله تعالى وفسر به قوله تعالى {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} إلى قوله: {أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون} فأعلمنا بهذا أن أصحاب الجنة لهم " الزيادة " التي هي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/123)
النظر إليه وقد علمنا أن أهل الجنة وأصحاب الجنة منهم النساء المحسنات أكثر من الرجال. وقال لنا - مثلا -: يوم الجمعة يراه الرجال دون النساء وقال لنا أيضا: لا يراه كل يوم مرتين إلا أعلى أهل الجنة وفرضنا أن النساء لا يرينه بحال - كل يوم مرتين - ولا يوم الجمعة ولا فيما سوى ذلك قط وهذا وإن كان من وقف على هذا الكلام يعلم أنه لا خلاف بين العلماء؛ بل ولا بين العقلاء في أنه لا يدل على نفي جنس " الرؤية " ولا يخص ذلك اللفظ العام ولا يقيد ذلك المطلق - فإنما رددت الكلام فيه للمنازعة فيه فلا يظن أنا أطلنا النفس فيه لخفائه؛ بل لرده مع جلائه. ولك أن تعبر عن " هذا الجواب " بعبارات. إن شئت أن تقول: " أحاديث الإثبات " أثبتت رؤية مطلقة للرجال وللنساء ونفي المقيد لا ينفي المطلق فلا يكون المطلق منفيا فلا يجوز نفي موجبه. وإن شئت أن تقول: " أحاديث الإثبات " تعم الرجال والنساء و " أحاديث النفي " تنفي عن النساء ما علم أنه للرجال أو ما ثبت أن فيه الرؤية أو تنفي عن النساء الرؤية في الموطنين اللذين أخبروا بالرؤية فيهما؛ لكن هذا سلب في حال مخصوص؛ لم يتعرض لما سواهما: لا بنفي ولا بإثبات؛ والمسلوب عنه لا يعارض العام.
وإن شئت أن تقول: القضية الموجبة المطلقة لا يناقضها إلا سلب كلي؛ وليس هذا سلبا كليا فلا يناقض ولا يجوز ترك موجب أحد الدليلين وإن شئت أن تقول: ليس في ذكر هذين الموطنين إلا عدم الإخبار بغيرهما وعدم الإخبار بثواب معين - من نظر أو غيره - لا يدل على عدمه كيف وهذا الثواب مما أخفاه الله؟ وإذا كان عدم الإخبار لا يدل على عدمه. والعموم اللفظي والمعنوي إما قاطع وإما ظاهر في دخول النساء لم يكن عدم الدليل مخصصا للدليل - سواء كان ظاهرا أو قاطعا - وكل هذا كما أنه معلوم بالعقل الضروري فهو مجمع عليه بين الأمة على ما هو مقرر عند العلماء في الأصول والفروع. وإنما ينشأ الغلط من حيث يسمع السامع ما جاء في الأحاديث في " الرؤية " عامة مطلقة ويرى أحاديث أخر أخبرت برؤية مقيدة خاصة فيتوهم أن لا وجود لتلك المطلقة العامة إلا في هذه المقيدة أو ينفي دلالة تلك العامة؛ لهذا الاحتمال كرجل قال: كنت أدخل أصحابي داري وأكرمهم. ثم قال في موطن آخر: أدخلت داري فلانا وفلانا من أصحابي في اليوم الفلاني فمن ظن أن سائر أصحابه لم يدخلهم - لأنه لم يذكرهم في هذا الموطن - فقد غلط وقيل له: من أين لك أنه ما أدخلهم في وقت آخر؟ فإذا قال: يمكن أنه أدخلهم ويمكن أنه ما أدخلهم فأنا أقف قيل له: فقد قال: كنت أدخل أصحابي داري وهذا يعم جميع أصحابه.
ونحن لا ننازع في أن " اللفظ العام " يحتمل الخصوص في الجملة مع عدم هذه القرينة فمع وجودها أوكد؛ لكن ننازع في " الظهور " فنقول: هذا الاحتمال المرجوح لا يمنع ظهور العموم كما تقدم فيكون العموم هو الظاهر - وإن كان ما سواه ممكنا - وأما سائر " الأجوبة " ففي تقرير أن " الرؤية " تقع في غير هذين الموطنين. الجواب الرابع أنا لو فرضنا أن " حديث المرتين كل يوم " يعارض ما قدمناه من النصوص الصحيحة العامة - لفظا ومعنى - لما كان الواجب دفع دلالة تلك الأحاديث بمثل هذا الحديث؛ لما تقدم " أولا " لما في إسناده من المقال؛ ولأنه يستلزم إخراج أكثر أفراد اللفظ العام بمثل هذا التخصيص وهذا إما ممتنع وإما بعيد ومستلزم تخصيص العلة بلا وجود مانع ولا فوات شرط وهذا ممتنع عند الجمهور؛ أو من غير ظهور مانع وهذا بعيد لا يصار إليه إلا بدليل قوي.
الجواب الخامس لو فرضنا أن لا رؤية إلا ما في هذين فمن أين لنا أن النساء لا يرين الله فيهما جميعا؟ وهب أنا سلمنا أنهن لا يرينه يوم الجمعة فمن أين أنهن لا يرينه كل يوم مرتين؟ وقول القائل: هذه أعلى وتلك أدنى فكيف يحرم الأدنى من يعطي الأعلى؟ فعنه أجوبة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/124)
أحدها: أن الذين ميزوا برؤية كل يوم مرتين شركوا الباقين في رؤية يوم الجمعة فصار لهم النوعان جميعا؛ فإذا كان فضلهم بالنوعين جميعا فما المانع في أن بعض من دونهم يشركهم في " الجمعة " دون " رؤية الغداة والعشي " والبعض الآخرون يشركونهم في " الغداة والعشي " دون " الجمعة " ولا يكون من له الغداة والعشي دون الجمعة أعلى مطلقا؛ وإنما الأعلى مطلقا الذي له الجميع. لكن قد يقال: يلزم على هذا أن يكون النساء أعلى ممن له الجمعة دون " البردين " من الرجال فيقال: قد لا يلزم هذا؛ بل قد تكون الجمعة وحدها أفضل من " البردين " وحدهما. وقد يقال: فهب أن الأمر كذلك. أكثر ما فيه تفضيل النساء على مفضول الرجال وهذا الاحتمال وإن كان ممكنا؛ لكن يبعد أن تكون كل امرأة تدخل الجنة أفضل ممن لا يرى الله كل يوم مرتين؛ فإن ذلك مستلزم أن يكون مفضول النساء أفضل من مفضول الرجال فيترك هذا الاحتمال ويقتصر على الذي قيل وهو: أن الأعلى مطلقا الذي له المرتان مع الجمعة وإنما لزم هذا لأنا نتكلم بتقدير أن لا رؤية إلا هذين؛ ولا ريب أن هذا التقدير باطل قطعا. (الوجه الثاني: أنه من أين لكم أن " الرؤية كل يوم مرتين " أفضل من " رؤية الجمعة "؟ نعم هي أكثر عددا لكن قد يفضل ذلك في الكيفية فيكون أحد النوعين أكثر عددا والآخر أفضل نوعا: كدينار وخمسة دراهم ولا ريب أن هذا ممكن إمكانا قريبا؛ فإن الله يثيب عبده على: {قل هو الله أحد} مع قلة حروفها بقدر ما يثيبه على ثلث القرآن. وإذا كان الأمر كذلك. فيمكن في حق من حرم الأفضل في نوعه أن يعطى النوع المفضول وإن كثر عدده سواء كان فاضل النوع أفضل مطلقا أو كانا متكافئين عند التقابل؛ وفي أحاديث المزيد ما يدل على هذا؛ فإنهم يرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنا وجمالا فيقولون: إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار فيحق لنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا به. وفي حديث آخر: {فليسوا إلى شيء أحوج منهم إلى يوم الجمعة ليزدادوا نظرا إلى ربهم ويزدادوا كرامة}. ومن تأمل سياق " الأحاديث المتقدمة " علم أن التجلي يوم الجمعة له عندهم وقع عظيم لا يوجد مثله في سائر الأيام؛ وهذا يقتضي أن هذا النوع أفضل من الرؤية الحاصلة كل يوم مرتين وإن كانت تلك أكثر فإذا منع النساء من هذا الفضل لم يلزم أن يمنعن مما دونه وهذا بين لمن تأمله. (الوجه الثالث: هب أن رؤية الله كل يوم مرتين أفضل مطلقا من رؤية الجمعة فلا يلزم حرمانهن من الثواب المفضول حرمان ما فوقه مطلقا؛ وذلك أن العبد قد يعمل عملا فاضلا يستحق به أجرا عظيما ولا يعمل ما هو دونه فلا يستحق ذلك الأجر وما زال الله سبحانه يخص المفضولين من كل صنف بخصائص لا تكون للفاضلين وهذا مستقر في الأشخاص من الأنبياء والصديقين وفي الأعمال.
ولو كان العمل الفاضل يحصل به جميع المفضول مطلقا لما شرع المفضول في وقت؛ فلا يلزم من إعطاء الأعلى إعطاء الأدنى مطلقا ولا يلزم منه منع الأعلى مطلقا فهذا ممكن إمكانا شرعيا في عامة الثوابات ألا ترى أن الذين في الدرجات العلى من أهل الجنة لا يعطون الدرجات الدنى ثم لا يكون هذا نقصا في حقهم؛ فإن الله سبحانه يرضي كل عبد بما آتاه فجاز أن يكون قد أرضى النساء بأعلى " الرؤية " عن مجموع أعلاها وأدناها. والذي يؤيد هذا أنه من الممكن أن تكون رؤية الجمعة جزاء على عمل الجمعة في الدنيا؛ ورؤية الغداة والعشي جزاء على عمل الغداة والعشي فهذا ممكن في العقل وإن لم يجئ به خبر؛ وإذا كان ممكنا لم يلزم من منعهن " رؤية الجمعة " لعدم المقتضي فيهن منعهن " رؤية البردين " مع قيام المقتضي فيهن. ومن الممكن في العقل أنهن إنما لم يشهدن رؤية الجمعة لأنه مجتمع الرجال. والغيرة في الجنة؛ ألا ترى {أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى الجنة ورأى قصرا وعلى بابه جارية قال: فأردت أن أدخل فذكرت غيرتك فقال عمر: أعليك أغار؟.} والله أعلم بحقائق الأمور فإذا كان كذلك فهذا منتف في رؤية الغداة والعشي؛ لأن تلك الرؤية قد تحصل وأهل الجنة في منازلهم. ثم هذا من الممكن أن " الرؤية جزاء العمل " فإنه قد جاء في الأخبار ما يدل على أن الرؤية يوم الجمعة ثواب شهود الجمعة؛ بدليل أن فيها يكونون في
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/125)
الدنو منه على مقدار مسارعتهم إلى الجمعة وتفاوت الثواب بتفاوت العمل دليل على أنه مسبب عنه وبدليل أنه مذكور في غير حديث " إنه يكون بمقدار انصرافهم من صلاة الجمعة في الدنيا ". وموافقة الثواب للعمل في وقته وفي قدره حتى يصير جزاء وفاقا: يقتضي أن العمل سببه؛ وبدليل أن ذلك مذكور في فضل يوم الجمعة في الدنيا والآخرة فعلم أن ارتباط ثوابه في الآخرة بعمله في الدنيا؛ وبدليل أن فيه عند منصرف الناس من الجمعة رجوع الصالحين إلى منازلهم ورجوع الأنبياء والصديقين والشهداء إلى ربهم. وهذا مناسب لحالهم في الدنيا؛ فإن الصالح إذا انقضت الجمعة اشتغل بما أبيح له في الدنيا وأولئك اشتغلوا بالتقرب إليه بالنوافل فكانوا متقربين إليه في الدنيا بعد الجمعة فقربوا منه بعد الجمعة في الآخرة وهذه " المناسبة الظاهرة " المشهود لها بالاعتبار تقتضي أن ذلك التجلي ثواب أعمالهم يوم الجمعة وإذا كان كذلك فانتفاء الرؤية في حق النساء لعدم شهودهن الجمعة؛ ولهذا روي أنهن يرينه في العيد كما شرع لهن شهود العيد. فإن قيل: ما ذكرتموه من هذه الزيادة أمر غريب والأحاديث المشهورة المجمع عليها ليس فيها هذه الزيادة فلا يجوز الاعتماد عليها والناس كلهم قد سمعوا أحاديث الرؤية يوم الجمعة ولم يسمعوا هذه الزيادة.
قلنا: قد تقدم الجواب عن ذلك بما ذكرناه من طرق الحديث وحال أصله وزيادته وبينا أن الزيادة لا ينقص حكمها في الرؤية عن حكم أصل الحديث نقصا يمنع إلحاقها به؛ بل هي إما مكافئة أو قريبة أو فوق واجبنا عما قيل هنا وما لم يقل. فإن قيل: {فقد كن المؤمنات يشهدن صلاة الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم} فعلى قياس هذا ينبغي لمن شهد الجمعة من النساء أن يشهدن يوم المزيد في الجنة. قلنا: ما كان يشهد الجمعة والجماعة من النساء إلا أقلهن؛ لأن {النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن} متفق عليه. وقال: {صلاة إحداكن في مخدعها أفضل من صلاتها في حجرتها وصلاتها في حجرتها أفضل من صلاتها في دارها وصلاتها في دارها أفضل من صلاتها في مسجد قومها وصلاتها في مسجد قومها أفضل من صلاتها معي - أو قال - خلفي} رواه أبو داود. فقد أخبر المؤمنات: أن صلاتهن في البيوت أفضل لهن من شهود الجمعة والجماعة إلا " العيد " فإنه أمرهن بالخروج فيه ولعله - والله أعلم - لأسباب:
أحدها: أنه في السنة مرتين فقبل بخلاف الجمعة والجماعة.
الثاني: أنه ليس له بدل خلاف الجمعة والجماعة فإن صلاتها في بيتها الظهر هو جمعتها.
الثالث: أنه خروج إلى الصحراء لذكر الله فهو شبيه بالحج من بعض الوجوه؛ ولهذا كان العيد الأكبر في موسم الحج موقفة للحجيج ومعلوم أن الصحابيات إذا علمن أن صلاتهن في بيوتهن أفضل لم يتفق أكثرهن على ترك الأفضل؛ فإن ذلك يلزم أن يكون أفضل القرون على المفضول من الأعمال. فإن قيل: هذا التفضيل إنما وقع في حق من بعد الصحابيات لما أحدث النساء ما أحدثن ولأن من بعد الرسول من الأئمة لا يساويه؛ فأما الصحابيات فصلاتهن خلف النبي صلى الله عليه وسلم كانت أفضل ويكون هذا الخطاب عاما خرج منه القرن الأول؛ فإن تخصيص العموم جائز. قلنا: هذا خلاف ما علم بالاضطرار من لغة العرب والعجم وخلاف ما علم بالاضطرار من دين المسلمين وخلاف ما فطر الله عليه العقلاء وخلاف ما أجمع المسلمون عليه؛ وذلك لأن قوله: {لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن} قد أجمع المسلمون على أن الحاضرين تحقق دخولهم فيه. واختلفوا في القرن الثاني والثالث هل يدخلون بمطلق الخطاب أم بدليل منفصل؟ فيه قولان فأما دخول الغائب دون الحاضر فممتنع باتفاق. ثم اللغة تحيله فإن قوله: {لا تمنعوا إماء الله} لا ريب أنه خطاب للصحابة - رضي الله عنهم - ابتداء فكيف تحيل اللغة أن لا يدخلوا فيه. ويدخل فيه من بعدهم؟ أهل اللغة لا يشكون أن هذا ممتنع.
ثم قد علمنا بالاضطرار أن أوامر القرآن والسنة شملت الصحابة ثم من بعدهم وقد يقال أو يتوهم في بعضها: أنها شملتهم دون من بعدهم فأما اختصاص من بعدهم بالأوامر الخطابية دونهم فهذا لا وجود له. وأما مخالفته " للفطر " فما من سليم العقل يعرض عليه هذا إلا أنكره أشد الإنكار ثم هب هذا أمكن في قوله: {لا تمنعوا إماء الله مساجد الله} فكيف بقوله: {صلاة إحداكن في مسجد قومها أفضل من صلاتها معي أو خلفي}؟ أليس نصا في صلاتهن في بيوتهن وفي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم خلفه؟ وصلى الله على محمد.
ـ[ابو عبد الرحمن الفلازوني]ــــــــ[26 - 04 - 07, 02:52 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
جزاكم الله خيرا" اختنا الكريمة على هذة الأفادة. وفي هذا الموضوع كلام جميل وفيه بعض التفصيل لشيخنا ابي حمزة عبد الرحيم الطحان حفظه الله في شريطين, ينقل فيهما بعض هذة الأقوال ... اسأل الله ان ييسرتنزيلهماعلى هذة الصفحةلتسمعيهمااو تقرأئيهم مفرغييين ويكون قريبا"انشاء الله ...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
_______________________________
الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها التقطها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/126)
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[04 - 05 - 07, 11:09 ص]ـ
أختي الكريمة جزاكم الله خيراً ومن علينا وعليك برؤية الله تعالى ورؤية نبيه صلى الله عليه وسلم
وهذه الأشرطة التي أشرتم إليها _ ياأخانا أبا عبد الرحمن _ بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً (4) استمع إليها هنا رقم (16)
http://www.tahhansite.com/pages/17.htm
ـ[شتا العربي]ــــــــ[05 - 05 - 07, 02:44 ص]ـ
موضوع طريف حقا وبه فوائد عديدة
جزاكم الله خير الجزاء
ـ[تلميذة الأصول]ــــــــ[07 - 05 - 07, 12:57 ص]ـ
الحمد لله،،وشكراً لصاحبة الموضوع،،ولاأدري كيف يخطر بالبال أن النساء لايرين ربهن؟!!!!!!!! مع أن الآية عامة،،،،اللهم لاتحرمنا من لذة النظر الى وجهك الكريمـ، والشوق الى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولافتنة مضلة ... اللهم آمين
ـ[عبدالله الوائلي]ــــــــ[07 - 05 - 07, 04:45 ص]ـ
فائدة بسيطة:
السؤال:
لقد قرأت في كتب العقائد أن المرأة لاترى الرب يوم القيامة، أو على أقل تقدير فالمسألة خلافية، وأنا خائفة من هذا الأمر، فما ذنبي أن خلقني ربي امرأة ثم يحرمني لذة النظر إليه، وهالني الأمر عندما أخبرني أحدهم بقوله: إنك امرأة، ولايجوز أن ينظر إليك الرب، ومن ذلك الحين وأنا في قلق، وبدأت ألعن الساعة التي كنت فيها امرأة رجاء أخرجوني من حيرتي؟
جواب الشيخ عبدالعزيز بن محمد العبداللطيف:
أحاديث الرؤية تشمل المؤمنين جميعاً من الرجال والنساء، فالوعد الكريم برؤية وجه الله –تعالى- الكريم يعمّ أهل الإيمان ذكوراً وإناثاً، فليست الأنوثة مانعاً من تحقيق هذا النعيم، كما أن الذكورة ليست شرطاً في ذلك.
فعلى الأخت السائلة أن تبادر إلى أسباب هذا الوعد الكريم من الإيمان والعمل الصالح، كما أن عليها أن تحذر من التسخّط على قدر الله، واختياره الذي لايكون إلا لحكمة بالغة، قال عز وجل: ((ولا تتمنوا ما فضّل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب ما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليماً))، فإن الخير فيما اختاره الله تعالى.
كما أن عليها أن تتجنب سبّ الأيام ولعنها؛ لأن لعن الأيام والسبّ محرم لقوله -صلى الله عليه وسلم- يقول الله تعالى: " يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلّب الليل والنهار " أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة (2246).
http://www.alabdulltif.net/index.php?option=com_ftawa&task=view&id=15777(29/127)
الغزالي. . والتصوف
ـ[الرايه]ــــــــ[28 - 12 - 04, 04:36 م]ـ
السؤال
قرأت في إحدى فتاواكم إشارة لكتاب من تأليف الإمام أبو حامد الغزالي، أليس هذا الإمام من الصوفية؟ قرأت أنه صوفي، وإذا كان كذلك، فكيف نقرأ كتبه؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
القاعدة: أن كل من أتى بصواب فيؤخذ منه، ولو كان فيه مخالفة، سواء للسنة، أو للإسلام، فكفر الكافر لا يمنع الإفادة منه، فكيف بالمسلم المتلبس ببعض الأخطاء أو البدع؟ والإمام الغزالي لديه ما لديه، مما هو مخالف للسنة، ولديه كذلك أمور وافق فيها السنة، فإذا قرأنا له نأخذ ما وافق، وندع ما خالف، فالقارئ إذا كانت لديه القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، باعتبار ميزان الشريعة، فلا خوف عليه من قراءة الكتب التي فيها أخطاء وبدع، أما إذا لم تكن لديه القدرة على التمييز، لقلة العلم بالشريعة، فالأولى في حقه أن يؤخر القراءة في تلك الكتب حتى يرسخ. والله أعلم.
د. لطف الله بن عبد العظيم خوجه
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
17/ 11/1425هـ ( http://www.islamtoday.net/questions/show_question_*******.cfm?id=63327)
ـ[أبو عاصم العتيبي]ــــــــ[28 - 12 - 04, 05:07 م]ـ
جواب سلفي رصين.
ولو تركنا قراءة كتب العلماء من الأشاعرة، والصوفية، وغيرهم ممن هو من اهل البدع، او هو ممن تلبس ببدعه، لبقي لنا أقل من ربع المكتبة الإسلامية ن ولكن لا ننسى أنه يجب رد الخطأ، وقبول الحق.
ـ[عبدالرحمن برهان]ــــــــ[29 - 12 - 04, 03:27 ص]ـ
متى يعرف طالب العلم انه قد رسخ في العلم حتى يستطيع قراءة كتب اهل البدع والمذاهب؟؟(29/128)
إشكال في حكم سب الدين
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[30 - 12 - 04, 08:30 ص]ـ
سئل الشيخ الفاضل صالح آل الشيخ في شرح كشف الشبهات عن حكم السب الدين فقال: إن سب الدين مطلقا أي دين الإ سلام مطلقا فقد كفر أما إن سب دين الشخص المعين فلا يكفر لأنه قد يقصد الدين الذي عليه الشخص فهذه شبهة.
اقول: هل قال أحد من أئمة السنة بهذا القول؟! وهل دين الشخص المعين إلادين الإسلام؟! اليس ذكر الدين في مقام السب واللعن دليلا على عدم تعظيم قائله للدين وهذه وحدها ردة؟ والمشكل أن بعض الإخوة نقل لي هذا الكلام عن العلامة الشيخ ابن باز فهل ثبت هذا عنه؟ أرجو الرد للأهمية.
ـ[أبو حفص الأثري]ــــــــ[30 - 12 - 04, 10:50 ص]ـ
المقصود بدين الشخص المعين في كلام الشيخ حفظه الله: أخلاقه، وليس دينه بمعنى الإسلام، وهذا قول لبعض أهل العلم، وإن كنت أراه غير راجح عندي، إذ غالبا ما تستعمل كلمة الدين بمعناها الظاهر، وقلما استعملت بمعنى الأخلاق، والله أعلم.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[30 - 12 - 04, 10:51 ص]ـ
أخي الحنبلي ..
من عجيب ما أسمع من بعض أهل العلم قولهم بأنه يحتمل أن يقصد من (دين الشخص) مجرد (خلقه وصفاته الأدبية)!! وأنا أوجه لهؤلاء سؤال .. من من العوام يقصد ـ في أي حال من الأحوال ـ بدين الشخص خلقه وصفاته الأدبية!!!!
هم يقولون (يلعن دينك) .. وهم يعرفون معنى الدين الذي لا ثالث له
وساذج جدا من يحاول إقناعي بأن هناك مصري واحد مثلا يسب (الدين) ويقصد بذلك خلق الشخص ... بل المستعمل و العروف أن الدين هو الدين المعتقد ... فنحن عندنا في مصر مثلا لو أن أحدهم سب الدين تجد الناس يقولون (أستفر الله .. أستغفر الله .. أستغفر الله) .. ثم يقول الساب للمسبوب الذي استثاره / أرأيت قد أكفرتنا!!
فهو يعلم أنه كفر .. وهذا هو المعنى المعلوم و المستعمل و المتداول .. و القول بغير ذلك كلامه نظري محض لا نصيب له أبدا من أرض الواقع
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[30 - 12 - 04, 12:33 م]ـ
- كلا م الشيخ صالح فيما يظهر والله أعلم صحيح.
قد يظهر من سياق الكلام وقرائنه البيِّنة أنَّ الرجل لا يقصد سبِّ دين الإسلام إنما يقصد الخلق والطبع، أو حتى جزئيَّات الدين الباطلة المبتدعة؛ كما يقول بعض الناس عن دين الشيعة أو الخوارج (والتكفييريين أصحاب الفتن) ألعن دينهم؛ يعني: البدعة التي تديَّنوا بها.
وأما من ناحية الطبع فما يراه من جفاء وتنفير بعض المنتسبين للحق يجعله يسبُّ الدين الذي دعاه إلى هذا الخلق السيِّء، و هو يعلمُ أنَّ الدين الحق لا يدعو إليه.
- هذا الكلام كلُّه في تحقيق قضية وقوع الكفير به من عدمه، أما قضية ترك هذه اللفظة والسبِّ بها للاشتباه فهو أمرٌ آخر، ولا كَّ أنه واجبٌ.
لكن ليس كل تركٍ للواجب يصيِّره كفراً، فلْيُتأمَّل.ا
- أما حال الإطلاق بسبِّ الدين ولا قرائن مثلاً فهو على إطلاقه كفرٌ والعياذ بالله.
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[30 - 12 - 04, 02:56 م]ـ
الحمد لله وحده ...
أخي الحبيب محمد رشيد ..
حنانيك، ولا تحاول أن تسقط الأدلة على مصر وحدها
فلا خبرة لنا بـ عوام الجزيرة، على اختلاف لهجاتهم وتنوعها.
وقد سمعت عجبا من أهل اليمن، حتى أن بعضهم قد لا يفهم كلام بعض!
وكما تعلم، مسائل العذر بالجهل، والشبهات في التكفير، قد تتغير بتغير المكان، والزمان.
إذا اتفقنا على ذلك، فيظهر لي أن الكلام الذي نقله الحنبلي من الاحتراز الواجب
والسلام
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[30 - 12 - 04, 05:05 م]ـ
ماذكره الفاضل .. صالح آل الشيخ له توجيه مقبول ... خاصة إذا اعتبرنا صورة معكوسة للمسألة ...
فمن سب العرب .. على العموم .. لا يكفر .. ومن سب الرسول صلى الله عليه وسلم يكفر ... مع ان الرسول صلى الله عليه وسلم ... متضمن فى عموم العرب ...
ـ[حارث همام]ــــــــ[30 - 12 - 04, 05:13 م]ـ
كلام الشيخ أبوعمر كلام جيد ورصين.
والشيخ صالح لم يأت بهذا القول من تلقاء نفسه، بل أذكر أني قرأته قديماً في فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم. ففرق بين من سب الإسلام (لعن دين الإسلام مثلاً)، أو سب دين الرسول صلى الله عليه وسلم، أو سب دين الصحابة رضوان الله عليهم، أو سب دين الأئمة رحمة الله عليهم، وبين من سب دين شخص معين ثم زعم أنه لايريد دين الإسلام.
ولهذا تجد للشيخ ابن إبراهيم فتاوى أخرى في المسألة قد يراها من لم يلحظ هذا الملحظ متعارضة وليس كذلك، والسبب هو أن هذا التقسيم عند الحكم على المعين فمن بان أو ادعى ادعاءً مقبولاً بأنه لايقصد دين الإسلام ولكن يقصد بسبه أن دين ذلك الرجل المسبوب رديء أو أن تدينه غير جيد ونحو هذا. فتلك شبهة تدرء عنه إثبات الكفر والحد.
وقد كانت فتوى الشيخ محمد بن إبراهيم المشار إليها عندما رفعت إليه قضية فيها أمر بتنفيذ حد الردة على رجل ثبت عليه سب الدين ولكنه أراد ما ذكر أعلاه.
فعذره لكون الحدود تدرأ بالشبهات.
وبعض الناس أخطأ فهم كلام الشيخ فظن أن من سب دين الإسلام قد يكفر وقد لايكفر محتجاً بمثل هذه الفتوى التي لم يفهم وجهها على خرق الإجماع المنعقد.
ولا أريد تكرار كلام شيخنا السمرقندي فهو مختصر ومفيد مثبت في الرد (4) فليقرأ بتمعن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/129)
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[30 - 12 - 04, 11:12 م]ـ
في فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله الجزء الثاني عشر الحدود- القضاء ما يلي
من محمد بن إبراهيم إلى فضيلة إلاخ المكرم الشيخ عبد الملك بن إبراهيم رئيس عام هيئات الأمر بالمعروف في الحجاز.
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. وبعد:-
فقد أطلعنا على المعاملة الواردة منكم برقم 47 وتاريخ 5/ 1/1381 الخاصة بإعتراف سعد بن ..... بسب الدين, والمثبت إعترافة لدى فضيلة رئيس المحكمة الكبرى بمكة المكرمة ,وأنه لم يثبت لدى فضيلته ما يوجب أقامه حد الردة بقتل سعد المذكور , ويرى أحالته إلى القاضي المستعجلة الأولى للنظر في موضوع تعزيز سعد. إلى أخرة ما ذكره.
ونفيدكم أننا باطلاعنا على أوراق المعاملة و على كتابة فضيلة رئيس المحكمة لم يظهر لنا ما يوجب على سعد أقامه حد الردة؛ إذ أنه لم يصرح بسب الإسلام, وانما سب دين ذلك الرجل , وهذا يحتمل أنه أراد أن تدين الرجل ردى, والحدود تدرا بالشبهات, وبهذا تكون أحاله المذكور إلى القاضي المستعجلة لتقرير التعزيز اللازم عليه وجيها. أما سجنه فانه يكتفيِِ بما مضي له في السجن. والله يحفظكم.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[31 - 12 - 04, 05:23 ص]ـ
أيها الإخوة الكرام .. الفتوى التي تنقل لابد من تحديد مسقطها .. فكلام أهل العلم من علماء المملكة الذي نقله الإخوة بارك الله تعالى فيهم ((قد)) يصدق على من في المملكة ـ اي أن يستخدموا لفظ الدين مرادا به الخلق أو التدين ـ أما عندنا في مصر فينبغي توخي الحذر جدا من أن نستورد هذه الفتوى هكذا وكأنها صالحة لكل سامع لها وفي كل بيئة ...
(((عندنا في مصر لو سب رجل دين رجل فإنه لا يريد إلا دين المعتقد، و لذلك نجد بعض من لا يسبون الدين، نراهم ـ أي بعض الفسقة ـ يسبون دين النصارى فيقولون للنصراني: (يعلن دينك ودين أبوك .. ملة نجسة) ... وبعضهم يقول: (يلعن ديك أبوك) [ديك] بدلا من [دين] مما يدلكم على أنهم يعرفون الدين ... وأنا أطالب أي مصري على الموقع ـ و بالأخص أخي الأزهري أن يقول لي: [العامي في مصر يسب الدين لشخص ويريد أخلاقه] فيكون العامي استعمل كلمة الدين من قبيل اللفظ المشترك!! أو من قبيل المجاز!!
يا إخوان .. كلمة العالم الفاضل ليست قابلة ـ كما في نصوص التشريع ـ للخلاف في هل تحمل على حرفيتها أم لا ...
فلو سمعنا أعلم اهل الأرض يقول: من يسب الدين يقصد خلق الشخص أو تدينه .. لا يمكن أن أخضع لظاهر كلامه وحرفيته لمجرد أنه العالم الفلاني .. فلن يكفي ذلك في رد أو تأويل ما هو واقع ومشاهد ودارج ونراه نسمعه في أهل بلدنا)))
أكرر / ليقل لي الآن اخ من مصر أن العوام في مصر يسبون الدين ويريدون الأخلاق .. أريد أخا مصريا يقول لي ذلك
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[31 - 12 - 04, 07:04 ص]ـ
الأخ محمد رشيد أمل أن يتسع صدرك فأنت بدأت النقاش في فتوى الشيخ ابن إبراهيم رحمه الله وفتواه تلك إجابة على حكم قاضي وقد كاد أن يطير رأس ذلك الرجل الذي سب دين الرجل لولا أن درء عنه بالشبهة.
ثم تأتي وتقول أما عندنا في مصر فينبغي توخي الحذر جدا من أن نستورد هذه الفتوى هكذا وكأنها صالحة لكل سامع لها وفي كل بيئة ... ولكن إذا سب الدين عندكم في مصر صراحة وليس دين الرجل أين سوف تحاكمه يا أخ محمد رشيد؟
هل سوف تحاكمه إلى القوانين الوضيعة؟
أخي قليل من الاحترام مع علماء يقولون ويفعلون رحم الله محمد ابن إبراهيم
ونحن ننكر على من سب دين الرجل ولكن لكون الحدود تدرا بالشبهات فقد يدرا حد الردة عن من قاله إلا ذا أقر القائل أنه يقصد سب الإسلام.
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 07:59 ص]ـ
الحمد لله وحده ...
أخي الكريم محمد رشيد، قد تظن أنت أنني أختلف معك في أصل الحكم، أو في تحقيق مناطه على بعض عوام المصريين، وليس الأمر كما تظن، فلا أخالفك في أيهما ..
لكنني أتفق معك في البعض فقط، وهم الذين نعرف لهجتهم ونتكلمها، أما كل المصريين فحالهم علي وعليك خاف ..
وتذكر أخي أن من أكثر أسباب الخطأ في الحكم انتشارا اثنان:
1 - فساد التصور.
2 - قصور الاستقراء.
لذلك لو سمحت لي أخي الحبيب ..
لي ثلاثة تعقيبات وددت لو أنك تقبلتهما بصدر رحب:
الأول:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/130)
أريد أن ألفت انتباهك إلى أن مصر - شأنها في ذلك شأن كل البلاد - ليست وحدة واحدة حتى تعمم الحكم عليها هكذا ..
فأنت تقول: (عندنا في مصر).
فأي (عند) تقصد أخي، هل تظن أن العوام في (جمهورية مصر العربية) لهجتهم واحدة؟!
إن كنت تظن فلا، ليسوا كذلك.
أم أنك اختزلت مصر في القاهرة و الإسكندرية وعواصم المحافظات والمدن الكبيرة، أعني (الحضر)؟
أم أنك اعتبرت الحدود السياسية؟
أم أنك استقرأت لهجات من يسكنون في (مصر) ابتداء من القاهرة العاصمة ..
مرورا بمدن وقرى الصعيد الذي تتغير فيه اللهجة كثيرا جدا، حتى أنك ربما لا تفهم ما يقال ..
وانتهاء بالبدو (الأعراب) الذين يسكنون سيناء، والصحراء الغربية والواحات ..
على أي حال ..
لا يخفى عليك أخي أن كل منطقة في (جمهورية مصر العربية) لها لهجة، وعوام، وثقافة مختلفة عن الأخرى ..
وأهل (علوم الاجتماع) يقولون إن المناطق التي على الحدود تكون لهجتهم مثل أقرب المدن الكبرى إليهم ..
وهذا أنا عشته بنفسي، حين عشت في شمال سيناء وبالتحديد في (العريش) ست سنوات.
فليس هناك فرق واحد بين لهجة المصريين هناك ولهجة الفلسطينيين، ومنهم تلقنت اللهجة، وتحدثت بها لسنوات.
وقل مثل ذلك على السلوم، ولهجة - بل وملبس - أهل ليبيا ..
و حلايب ولهجة - بل ولبس وثقافة - أهل السودان ..
... الخ
لذلك يا أخي أنا لم أزد على أن قلت: كلام الشيخ صحيح، بل هو من الاحتراز الواجب.
الثاني:
رويدك أخي رويدك، ماذا دهاك؟
هذا الملتقى ليس مصرياً، بل جله وأكثره من غير المصريين كما يظهر لي ..
وإن كان المصريون قد أثروه كثيرا (مبتسم).
وأيضا لا يغيب عن فطنتك، أن علماء الجزيرة ليسوا كعلمائنا، ففتواهم تطير في الأفق، ويسأل عنها أهل كثير من البلاد الإسلامية البعيدة والمترامية ليعملوا بها ..
ولو لم يكن غير هذا السبب ليحترز أهل العلم في الجزيرة في كل فتاويهم، ويضعوا في حسبانهم أن (البعض) قد يعمم خاصا، أو يطلق مقيدا لكفى به.
أما علماؤنا فكان الله لهم ولنا، مصيرهم معروف، وكلامهم لا يصل إلينا ولا نستطيع سؤالهم أصلاً.
الثالث:
أن الشيخ لم يُسأل عن أهل بلد ما، ولا عن شخص ما ولا عن قضية ما (كما يظهر من نقل أخينا الحنبلي)، فكانت إجابته تقتضي ما قاله من احتراز.
فإذا كنت أخي محمد رشيد تقول بالنص: (فكلام أهل العلم من علماء المملكة الذي نقله الإخوة بارك الله تعالى فيهم ((قد)) يصدق على من في المملكة ... )
فعلى أي شيء عتْبُك على الشيخ وبعض الناس ((قد)) يصدق عليهم ما ورد في كلامه؟!
ومن قال لك أننا سنستورد هذه الفتوى لنعمل بها؟
لكل مقام مقال.
والله يرعاك.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[01 - 01 - 05, 12:54 م]ـ
و عليكم السلام .. كلامك واضح أخي الأزهري و اتفهمه جيدا .. و أعلم تمام العلم أن الأعراف و معاني المصطلحات (وليس اللهجات) تختلف من مكان إلى آخر حتى داخل مصر ... و لكن لاحظ أنني لم أنكر الفتوى .. بل أنكرت تعميمها كحكم مستقل على كل أحد .. و لاحظ أيضا ما لم يفطن له الأخ الشهري .. أني ما أنكرت مطلق استيراد الفتوى .. بل أنكرت استيرادها مقيدا بتعميمها ... و إلا فأنا أعلم تماما أن في (سوريا) يقول أحدهم // يلعن ربك ... و يريد أباه الذي رباه .. (كرب العائلة مثلا) ـــــــــ فالإشكال أن كثير ـ إن لم اقل معظم ـ الطلبة هنا في مصر ممن قابلتهم كلما رأوا شخصا سب الدين يسارعون بالإتيان بالفتوى .. و أنه يقصد الخلق و الصفات!! مع أن هذا العامي نفسه يقول بعد أن يسب ... ها أنا قد كفرت!!
واريد مباحثة أخي الشهري
ــــــــــــــــــــــــــبارك الله في العلماء الذين يقولون ويعملون
ونحن أمة واحدة بجسد واحد .. والعلماء الذين يعملون هو علماؤنا و نجلهم و نحترمهم، و لا يمكن أن يفهم من كلامنا خلاف ذلك إلا أن يكون سوء ظن لا نصيب له من وقتنا ...
المهم
الإعمال الذي ورد في كلامي أخي شهري هو أعم من أن يكون محاكمة هذا الساب .. و لو صح أن يحصر العمل في ذلك، لصح اعتراضك، و لو صح اعتراضك في هذه المسألة، و لو صحّ اعتراضك في هذه المسألة لصح في مسألة الخلاف في حكم تارك الصلاة (هل هو كافر أم لا) و (هل يقتل أم يعزر و يسجن فقط) .. فعندنا في مصر لن يحدث قتل و لا سجن و لا تعزير ... إلا لمن يتكلم في المسألة (ابتسامة)
ففي مسألتنا المطروحة .. من يسب الدين لو حكمت بكفره فإن له أحكام شرعية خاصة تطبق عليه لا أحسبها تخفى عليكم .... و الآن .. تعال .. فقد ذكرت ضابطا هو في وجهة نظري لم توفق فيه .. فتعال نستخرجه كما هو من كلامكم ونتدارسه:
قلتم (((ونحن ننكر على من سب دين الرجل ولكن لكون الحدود تدرا بالشبهات فقد يدرا حد الردة عن من قاله إلا ذا أقر القائل أنه يقصد سب الإسلام)))
هيا أخي الشهري أصّل هذه القاعدة التي بين القوسين .. من كتب المتقدمين و العلماء المعتبرين .. و اذكر السلف فيها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/131)
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 02:01 م]ـ
الحمد لله وحده ...
أخي الحنبلي ..
من عجيب ما أسمع من بعض أهل العلم قولهم بأنه يحتمل أن يقصد من (دين الشخص) مجرد (خلقه وصفاته الأدبية)!! وأنا أوجه لهؤلاء سؤال .. من من العوام يقصد ـ في أي حال من الأحوال ـ بدين الشخص خلقه وصفاته الأدبية!!!!
العجب منك أخي محمد رشيد!
كان ينبغي عليك ويجب أن تتعجب من الطلبة الذين في مصر إذن لا من كلام بعض أهل العلم!
وإذا كنت تعلم تماماً - أخي الكريم - أن:
(الأعراف و معاني المصطلحات (وليس اللهجات) ... )
(ولا أدري مامنشأ الاعتراض على كلمة: اللهجات) فكان ينبغي عليك ويجب ألا تعمم وتقول: عندنا في مصر
( ... لا يجرمنكم شنئآن قوم على ألا تعدلوا ... )
ولا أزيد
وجزاك الله خيرا والسلام.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[01 - 01 - 05, 03:46 م]ـ
الأخ الأزهري .. كلامنا ما زال علميا محضا، و هذا قدر نتفق فيه نحن جميع المسلمين على اخلتلاف الاتجاهات و المشارب .. فنرجو عدم إخراجه من حيز العلمية إلى حيز العاطفية أو الاتجاهية ..
نعم .. كلامي ظهر في صورة العموم , ولكن لاحظ أن صاحب السؤال هو الحنبلي السلفي (المصري) ومن دفع إليه الفتوى دفعها مطلقة دون أن ينبهه أنك يا (حنبلي سلفي) أدرى بحال بلدك
وكما تقول بأن فتاوى علماء المملكة تطير في الآفاق، فكان ينبغي ـ إن لم يكن عليهم ـ فعلى من ينقل الفتوى عنهم أن ينبه أنها خرجت على مقتضى احتمال معين وارد في بيئتهم ... و اما بيئتنا فتختف تمام الاختلاف في هذا الأمر .. و اسأل سؤالا / هل يلزم أن أطوف مصر كلها حتى أعرف العرف والاصطلاح في مصر؟!
و على العموم أنا أعرف القاهرة و الإسكندرية و البحيرة و الإسماعيلية و الجيزة ومرسى مطروح و المنوفية ... و كل مصر تعرف أن من يسب بلفظ (الدين) يريد دين الإسلام .. إلا من يسب مسيحيا فنرى من لا يسب مسلما يستحل سب الدين لنصراني .. و لا يلزم أن أطوف كل مصر حتىأعرف أنهم لا يستخدمون لفظ (الدين) في الأخلاق! بل يكفي معرفتي بالأصل و هو استعمال اللفظ في معناه، و تكفي معرفتي بأنه لم يطرأ على مصر ما يغير هذه الاستعمال الأصلي .. و إلا ما كان خافيا علينا، فلسنا نعيش في صندوق من زجاج بمعزل عن الناس .. فلا يخفى عليك أن تجد في القاهرة وحدها من كل محافظات مصر وتجدهم متاثرين بكلام أهل بلدهم الأصلي الذي يذهب إليه كل شهر أو كل أسبوعين أو أقرب من ذلك ...
و اما اعتراضي على قولكم (اللهجات) فلأن اللهجة لا يقوم عليها اختلاف المعنى، فهو خارج عن محل نقاشنا، بل اختلاف المعاني و اللغات هو المؤثر في المعنى، و اما اللهجة فهو اختلاف الصوت و لكنة اللسان مع أداء نفس المعنى .. وراجع في ذلك كتاب (مناهل العرفان فيعلوم القرآن) للزرقاني في فصل الأحرف السبعة التي نزل عليها القرآن و أنها تعني الأوجه السبعة ...
ــــــــــــــــــــــــ
و أخيرا لا أدري أي قوم و اي شنآن تقصد في قولكم ... لو كنت تقصد نفسك .. فلا و الله ليس هناك أي شنآن وأي شيء .. و قد قابلتك عند الأخ الحنبلي السلفي و تدارسنا بعض وجهات النظر .. بل لعلك تذكر أني قلت لكم ـ رغم أنك في عمري ـ قلت لكم / أريد أن أقرأ عليكم ما تختارونه في علم الحديث أو كتبه .. وقلت لكم أنت شيخنا في هذا الأمر .. رغم أنني لا أوافقك أصلا على عدم التكافؤ لديكم بين علمي الحديث و الفقه، و رغم تعمقكم ـ نوعا ما ـ في علوم الحديث، إلا أني ما وجدت للفقه أدني أدنى اهتمام أو معرفة به عندك .. بل ظهرت منكم حينها نفرة من (التحنف) أو التمذهب بوجه عام .. و لعلك تذكر أنك في رؤية لك ورايتني حليق اللحية قلت للي (واضح أنك حنفي) مع ظني أنك تعلم أن حلقها جاء بظروف أمنية عسيرة مررت بها و لا سيما و انا أحمل جنسية غير مصرية فالوضع في حقي يختلف عن أي مصري آخر، و إلا فقد تعرضت لما يتعرض له المصريون بسبب لحاهم و لم يدفعني ذلك للحلق .... و مع علمك ايضا بأن المذهب الحنفي يحر حلق اللحية أو تقصيرها باقل من القبضة. و لكن لاأدري ما دافع كلامكم حينها .. و لكن أقسم بالله العظيم أنه لم يحدث أي شنآن تجاهكم .. بل احترمت تخصصكم الحديثي و طلبت منكم القراءة عليكم .. أو أن نقرأ سويا شيئا من كتب السنة ...
و لو كان المقصود شنآن للعلماء الذين قالوا بعد كفر من سب الدين ... فأظهر لي من كلامي ما يفيد الشك من قريب أو من بعيد إلى هذا .. بل يعلم الله تعالى أني أحب كل علمائنا في الله تعالى .. فهم رؤوسنا .. بل أحب و أجل علماءنا في كل البلاد وأطلب العلم منهم حيثما وجدتهم دون نظر إلى جنسياتهم ... بخلاف البعض عندنا ممن يدعي السلفية حيث يقدس علماء الممكلة .. لا أقول على غيرهم من العلماء .. بل على الأئمة الأربعة ..
فلا شنآن مطلقا أخي الحبيب الأزهري فلا وقت عندي لذلك
بل كلامي علمي محض و الله
و لعل هذا هو الذي يظهره في صورة جافة بعض الشيء .. فنرجو أن ينحصر كلامنا في الوجهة العلمية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/132)
ـ[الموسوي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 04:27 م]ـ
الحمد لله وبعد:
فقد تأملت هذه المساجلة العلمية بين الإخوة الأفاضل, ولكم سررت بها.
والذي أحب أن أنبه عليه يتلخص في النقاط التالية:
1 - لا اختلاف بين الجميع أن سب الدين-الذي هو الإسلام-كفر, وفاعله يكفر بمجرده ولا يعذر فيه بشيء ولا كرامة.
2 - أن سب الدين-الذي هو بمعنى الخلق أو الدين الفاسد-لا يكفر به فاعله عند الجميع أيضا.
3 - اختلف الشيخ محمد رشيد وبقية المشايخ في ثبوت هذا الاستعمال عندهم في مصر, فمن ثبت عنده هذا الاستعمال كان له أن يجعله شبهة في عدم إطلاق الحكم على فاعله, ومن لم يثبت عنده-كما تبناه الأخ محمد رشيد-لم يجعله شبهة, فلا يسوغ حينئذ إنكاره هو على من ثبت عنده ذلك الاستعمال, ولا إنكار غيره عليه في نفي ذلك الاستعمال, سيما وقد أقام شاهدا على ما قال, وأما صحة ذلك من عدمه فبينه وبين ربه.
-وبقي الإشارة إلى أمرين مهمين:
1 - أن إنكار الأخ الأزهري السلفي-والله أعلم- في غير محله, ذلك أن العلماء لم يزالوا يطلقون مثل ذلك, وأما ما ذكره فضيلته من شروط فهي تتعجيزية فيما يظهر.
2 - أن ما ذكره الأخ محمد رشيد من تخوفه في نقل الفتوى فكلام سديد من عمق فقهه-زاده الله علما وعملا-, وكم نقل الناس من فتاوى لا تنطبق على الواقع الذي يعيشه الناقل البتة, وهذه قضية في غاية الأهمية.
وأما ما فهمه الشيخ أبو عبدالرحمن الشهري-وفقه الله-من قلة احترام للعلماء, فقد أساء الظن بأخيه المسلم وهو لم يرده قطعا, لما عهدناه منه في هذا الملتقى حفظه الله.
والخلاصة أن ما يذكره العلماء كثير منه لا يصلح أن يكون العمل عليه في كثير من البلاد الإسلامية, فينبغي التنبه لهذا سواء من المفتي او المستفتي, والله أعلم.
وأرجو أن لا تضيق صدور الإخوة بهذه المشاركة.
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا.
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 05:42 م]ـ
الحمد لله وحده ...
أخي الحبيب محمد رشيد، حياك الله وبياك ..
مالك أخي مالك؟
والله لقد أخطأتَ الفهم، فما الشنآن منك وما قصدت ذلك.
إنما الشنآن الذي أعنيه كان من الطلبة الذين تحكي أنت عنهم، لأن مشربهم معروف، وهو أهل شنآن ومذمة كشيخهم.
فقط أردت أن أقول لك، لا يحملنك شنآن القوم على الاحتراز الواجب عليك و أنت بصدد تقرير حكم شرعي ٍ، هكذا فقط والله، فما كل هذا؟!
وحقاً وصدقاً كثير من كلامك ليس هنا موضعه، و (بعضه) أظن من الواجب عليك أن تعيد النظر فيه.
كقولك:
- إلا أني ما وجدت للفقه أدني أدنى اهتمام أو معرفة به عندك.
- ظهرت منكم حينها نفرة من (التحنف) أو التمذهب بوجه عام.
- فنرجو عدم إخراجه من حيز العلمية إلى حيز العاطفية أو الاتجاهية ..
فالأمر ليس صوابا في جميعها:
* فقد درست فقه الشافعية لسنوات، وحفظت من متونه، وقرأت من فروعه، وجردت من حواشيه، أبي شجاعه ومهذبه وعزيزه ومجموعه و إقناعه ومغني محتاجه.
وأما ماكان بيننا فلأنني أردت التحنبل مذ قريب، ولم أجد في مصر من يحنبلني ولا من أتحنبل عليه.
* وأما أنني أنفر من المذهبية فلا والله، وكيف وقد تمذهبت، ثم بعد التمذهب أنا راغب أن ..
أتمذهب!
فإن كنت فهمت ما كان مني من دعابة على النفور من التمذهب فواأسفا!
ولعلك نسيت أن الدعابة بدأت بينك والحنبليَّ حتى ظننتُ أنكما قد اعتدتما على هذه النوعية من الدعابة، فعلام إذن لومك عليَّ
* وأما مسألة العاطفية والاتجاهية فـ (سامحك الله).
وأما كونك حليق اللحية، فالأمر كما ذكرتَ، أنه حتى الأحناف يحرمون (حلقها)، وما خرج كلامي عن إطار الدعابة أيضا، وإلا فإني أعلم أنك تترخَّص في حلقها من أجل ما نعيشه جميعا في مصر
وأنا سأتوقف - حفاظا على الأواصر - عن متابعة الكلام معك - أخي - لكن أريد أن أقول لك:
1 - ما تريده أنت موجود في عين الفتوى التي تشير إليها، فإن المفتي قال: (لم يظهر لنا ما يوجب على سعد أقامه حد الردة، إذ أنه لم يصرح بسب الإسلام, وانما سب دين ذلك الرجل , وهذا يحتمل أنه أراد أن تدين الرجل ردى, والحدود تدرأ بالشبهات) فتأمله غير مأمور.
فمن أراد أن يطبق هذه الفتوى بنصها في مصر، وحرفيتها، هي هي، فلا تثريب عليه أبداً.
إذا كان الكلام محتملاً كما هو نص الفتوى.
(وليس الكلام بمحتمل في حدود ما نعرف، لكنك يا أخي محمد رشيد لا تعرف معاني كلام أهل سيناء من البدو، الذين يتكلمون كالفلسطينيين تماما، ولا أهل النوبة ولا ولا ... الخ
فيجب عليك وجوبا أن تحترز ولا تعمم ولا تقل في مصر
لا أقول لك يجب أن تستقرئ كلام كل المصريين، ولكن فقط إحترز)
وفي الحقيقة تذكرت الآن بعض (الطيبين) الذين قرؤوا قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (لا توطأ حامل حتى تضع) فأفتى ألا يطأ الرجل زوجته الحامل.
فأين العيب يا أخي؟، في الفهم أم في القول؟
اللهمّ إن المفتي لا شيء عليه.
2 - لا أدري على وجه التحديد ما هو منشأ كل هذه الثقة في أهل مصر كلهم وقد أخبرتك بما أخبرتك به فوق، من أنك قد لا تفهم بعض كلام بعضهم وتميزه فضلا عن معرفة معناه ...
وأما سؤالك: (هل يلزم أن أطوف مصر كلها حتى أعرف العرف والاصطلاح في مصر؟!)
فسؤال عجيب!
لأنك ذيَّلته باستفهام المتعجب، وليس ثم عجب.
وأرجو ألا تعجب إن قلت لك أن الإجابة هي: نعم!
وركز في كلامي من فضلك:
إن أردت أن تقرر قاعدة عامة، أو حكما عاماً، أو كما يقال (تقرر مصطلحاً)؛ فتقرير المصطلحات لا يكون أبداً إلا بالاستقراء التام
الذي هو أعلى منازل الاستقراء، والموصل إلى أرفع مراتب العلم بالمستَقرأ
ومنه يتولد النفي المطلق، أي يحق لك حينها أن تقول: ((لا أحد من أهل مصر يقول (الدين) وهو يعني: (الخلق))).
أما إن لم تكن بصدد تقرير المصطلح فليس عليك ذلك، لكن فقط يجب عليك الاحتراز، خاصة والقضية إيمان وكفر، و حياة وموت.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/133)
ـ[أبو حفص الأثري]ــــــــ[01 - 01 - 05, 05:59 م]ـ
بارك الله فيكم ورفع درجاتكم في الدنيا والآخرة ..
الخلاصة:
((فمن ثبت عنده هذا الاستعمال كان له أن يجعله شبهة في عدم إطلاق الحكم على فاعله, ومن لم يثبت عنده لم يجعله شبهة, فلا يسوغ حينئذ إنكاره هو على من ثبت عنده ذلك الاستعمال, ولا إنكار غيره عليه في نفي ذلك الاستعمال, سيما وقد أقام شاهدا على ما قال, وأما صحة ذلك من عدمه فبينه وبين ربه)).
وفق الله الجميع لما فيه رضاه ..
ملحوظة: أخي الحبيب الأزهري .. هل وجدت من تتحنبل عليه؟ إن لم تجده فأنا أعرض المساعدة .. وأضف ذلك على حساب الغداء .. :)
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 06:02 م]ـ
الحمد لله وحده ...
أخي المكرَّم الموسويّ
جزاك الله خيراً على تفاعلك.
لكن كلامك دليل - أخي الكريم - أنك لم تتمعن فيما سبق فلاحظ - مشكوراً - ما يلي:
(1) أنني لم أذكر أي شروط في مشاركاتي السابقة، ولست أدري حقيقة أين هي؟ تعجيزية كانت - على حد قولك - أو لم تكن!
(2) إن كنت ظننت (وهو البادي) أنه قد ثبت عندي استعمال الدين بمعنى الخلق في مصر فلا، لم يثبت وراجع مشكورا كل مشاركاتي السابقة!
(3) أرجو ألا يضيق صدرك بهذه المشاركة!
وجزاك الله خيرا.
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 06:12 م]ـ
الحمد لله وحده ...
أخي الحبيب القريب إلى قلبي (أبا حفص)
بصراحة: (أنا لاشفت منك لا ابيض ولا اسود إلى الآن)
كله كلام ولد حديت
ملحوظة: حديت بالتاء في لهجة بعض المصريين (مبتسم)
ـ[أبو داود الكناني]ــــــــ[01 - 01 - 05, 06:25 م]ـ
طالما أن الأمر صار مصريا خالصا فلعل فتوى مفتي مصر تجلي الأمر إن شاء الله لإخواننا
الموضوع (677) شتم الدين.
المفتى: فضيلة الشيخ عبد المجيد سليم.
15 جمادى الثانية 1355 هجرية - 2 سبتمبر 1936
م. المبادئ:
1 - لا يفتى بكفر مسلم أمكن حمل كلامه على محمل حسن.
2 - يحكم بفسخ نكاح المرتد.
3 - يؤمر بتجديد نكاح من تاب احتياطا.
سئل: رجل حج ووقف بعرفات وتشاجر مع زوجته فقال لها على الحرام إنك كاذبة فيما تقولين. وتبين أنها كاذبة فلعن دينها وملتها. فقال أحد الحاضرين قد كفرت وحرمت عليك زوجتك فاستغفر ربه وتاب ونطق بكلمة التوحيد واغتسل وجدد إحرامه وطوافه ووقف بعرفة فى يومه ثم اعتمر وأفدى وعقد على زوجته بعقد ومهر جديدين فهل تحل له بعد ذلك أم لا. أجاب: اطلعنا على هذا السؤال. ونفيد أنه جاء فى باب المرتد من التنوير وشرحه ما نصه واعلم أنه لا يفتى بكفر مسلم أمكن حمل كلامه على محمل حسن. وكتب ابن عابدين على هذا ما نصه ظاهره أنه لا يفتى به من حيث استحقاقة للقتل، ولا من حيث الحكم ببينونة زوجته، وقد يقال المراد الأول فقط، لأن تأويل كلامه للتباعد عن قتل المسلم بأن يكون قصد ذلك التأويل وهذا لا ينافى معاملته بظاهر كلامه فيما هو حق العبد، وهو طلاق الزوجة وملكها لنفسها، بدليل ما صرحوا به من أنه إذا أراد أن يتكلم بكلمة مباحة فجرى على لسانه كلمة الكفر خطأ بلا قصد لا يصدقه القاضى، وإن كان لا يكفر فيما بينه وبين ربه تعالى فتأمل ذلك. وجرره نقلا فإنى لم أر التصريح به، نعم سيذكر الشارح أن ما يكون كفرا اتفاقا يبطل العمل والنكاح، وما فيه خلاف يؤمر بالاستغفار والتوبة وتجديد النكاح، وظاهر أنه أمر احتياط ثم إن مقتضى كلامهم أيضا أنه لا يكفر بشتم دين مسلم أى يحكم بكفره لإمكان التأويل، ثم رأيته فى جامع الفصولين حيث قال بعد كلام أقول وعلى هذا ينبغى أن يكفر من شتم دين مسلم، ولكن يمكن التأويل بأن مراده أخلاقه الرديئة ومعاملته القبيحة لا حقيقة دين الإسلام فينبغى أن لا يكفر حينئذ والله تعالى أعلم انتهى، وأقره فى نور العين ومفهومه أنه لا يحكم بفسخ النكاح وفيه البحث الذى قلناه، وأما أمره بتجديد النكاح فهو لا شك فيه احتياطا خصوصا فى الهمج الأرذال الذين يشتمون بهذه الكلمة فإنهم لا يخطر على بالهم هذا المعنى أصلا. ومن هذا يعلم أنه إذا كان الحال كما ذكر بالسؤال فلا شبهة فى حل الزوجة المذكورة لزوجها المذكور، والله
ـ[أبو حفص الأثري]ــــــــ[01 - 01 - 05, 06:45 م]ـ
أخي الحبيب الأزهري ..
الأيام بيننا .. :)
- - -
أخي الكريم أبو داود ..
جزاكم الله خيرا على النقولات ..
بارك الله فيك ..
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[01 - 01 - 05, 06:56 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
معذرة أخي الأزهري السلفي .. و أي كلمة تراها ضايقتك فاعتبرها كأن لم تقل .. و أنا معتذر عنها .. جملة و تفصيلا .. بارك الله تعالى فيكم وغفر لنا ما تقدم في حقكم
ـــــــــــــــــــــــ
مما يدل يا إخوان أني أراعي الاصطلاح و الاستعمال أني لا أحكم بالكفر على كلمن صدر منه لفظ سب الدين هنا في مصر ... فعندنا من تخرج منه هذه الكلمة في عدم وعي بسبب عصبيته الشديدة و عدم سيطرته على نفسه .. يكون السبب في خروجها ذاك الحين أنها تعتبر كلمة عظيمة يشعر قائلها أنه قد اخرج فيها غيظه وأغاظ الخصم .. و هذا هو فقط ما يتبادر لذهن ((البعض)) حين النطق بها في حالة شبه لا وعي .. و لكن أما أن نحاول أن نجد مخرجا للكلمة بأن المراد منها (الخلق و الأدب) فهذا ما يرفض تمام الرفض ـ إلا أن يكون حقا عرف البلد يجري فيه هذا الاصطلاح ... و لا يخفى عليكم الفرق بين من ينطق بالكلمة الكفرية وهو لا يدري ما يقول وغنما أخرجها غيظا .. و بين من يقولها و هو يعلم أنها الإسلام .. و يقولها وهو يضحك لأن زميله الفاسق أبى أن يعطيه سيجارة .......
وبالنسبة للحال في مصر مثلا .... فماذا يقول الإخوة لو سمعنا مصريا يقول ((يعلن ربنا و اللي جاب ربنا))
هل أقول هنا / إن الرب المقصود به رب الأسرة أو العائلة؟
نرجو الجواب
بارك الله تعالى فيكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/134)
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 07:22 م]ـ
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
لا عليك أخي الحبيب محمد ...
إنما الشنآن الذي أعنيه كان من الطلبة الذين تحكي أنت عنهم، لأن مشربهم معروف، وهو أهل شنآن ومذمة كشيخهم.
فقط أردت أن أقول لك، لا يحملنك شنآن القوم على الاحتراز الواجب عليك و أنت بصدد تقرير حكم شرعي ٍ، هكذا فقط والله، فما كل هذا؟!
تصويب الأخطاء الملونة:
و هو = وهم
لا يحملنك شنآن القوم على الاحتراز الواجب عليك = لا يحملنك شنآن القوم على عدم الاحتراز ..
وجزاك الله خيرا أخي محمد رشيد على مواضيعك المتميزة ..
أيضا جزاك الله خير الجزاء أخي الشيخ أبا داود الكناني على نقلك الجميل ..
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[01 - 01 - 05, 08:07 م]ـ
واريد مباحثة أخي الشهري
..........
قلتم (((ونحن ننكر على من سب دين الرجل ولكن لكون الحدود تدرا بالشبهات فقد يدرا حد الردة عن من قاله إلا ذا أقر القائل أنه يقصد سب الإسلام)))
هيا أخي الشهري أصّل هذه القاعدة التي بين القوسين .. من كتب المتقدمين و العلماء المعتبرين .. و اذكر السلف فيها
قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الحدود تدرأ بالشبه.
وأما ما فهمه الشيخ أبو عبدالرحمن الشهري-وفقه الله-من قلة احترام للعلماء, فقد أساء الظن بأخيه المسلم وهو لم يرده قطعا, لما عهدناه منه في هذا الملتقى حفظه الله.
والخلاصة أن ما يذكره العلماء كثير منه لا يصلح أن يكون العمل عليه في كثير من البلاد الإسلامية, فينبغي التنبه لهذا سواء من المفتي او المستفتي, والله أعلم.
لم أسي الظن وإنما هي نصيحة بناء على ما ظهر لي من كلام لأخ محمد رشيد وقد أكون مصيب وقد أكون مخطيء
وهذا كلامه
أيها الإخوة الكرام .. الفتوى التي تنقل لابد من تحديد مسقطها .. فكلام أهل العلم من علماء المملكة الذي نقله الإخوة بارك الله تعالى فيهم ((قد)) يصدق على من في المملكة ـ اي أن يستخدموا لفظ الدين مرادا به الخلق أو التدين ـ أما عندنا في مصر فينبغي توخي الحذر جدا من أن نستورد هذه الفتوى هكذا وكأنها صالحة لكل سامع لها وفي كل بيئة ...
(((عندنا في مصر لو سب رجل دين رجل فإنه لا يريد إلا دين المعتقد، و لذلك نجد بعض من لا يسبون الدين، نراهم ـ أي بعض الفسقة ـ يسبون دين النصارى فيقولون للنصراني: (يعلن دينك ودين أبوك .. ملة نجسة) ... وبعضهم يقول: (يلعن ديك أبوك) [ديك] بدلا من [دين] مما يدلكم على أنهم يعرفون الدين ... وأنا أطالب أي مصري على الموقع ـ و بالأخص أخي الأزهري أن يقول لي: [العامي في مصر يسب الدين لشخص ويريد أخلاقه] فيكون العامي استعمل كلمة الدين من قبيل اللفظ المشترك!! أو من قبيل المجاز!!
يا إخوان .. كلمة العالم الفاضل ليست قابلة ـ كما في نصوص التشريع ـ للخلاف في هل تحمل على حرفيتها أم لا ...
فلو سمعنا أعلم اهل الأرض يقول: من يسب الدين يقصد خلق الشخص أو تدينه .. لا يمكن أن أخضع لظاهر كلامه وحرفيته لمجرد أنه العالم الفلاني .. فلن يكفي ذلك في رد أو تأويل ما هو واقع ومشاهد ودارج ونراه نسمعه في أهل بلدنا)))
أكرر / ليقل لي الآن اخ من مصر أن العوام في مصر يسبون الدين ويريدون الأخلاق .. أريد أخا مصريا يقول لي ذلك
وهذه الفتوى عندكم في مصر يا أخ محمد رشيد كما ذكرها الأخوة أعلاة
ـ[أبو حفص الأثري]ــــــــ[01 - 01 - 05, 08:19 م]ـ
أخي الكريم محمد رشيد ..
وفقك الله لكل خير ..
جواب سؤالك: لا، لأن العرف يجزم بأن هذه الألفاظ لا يراد بها إلا المعنى الصريح، ولكن إن كان عند أحد العلماء المصريين من العلم ما يجعله يعتبر ذلك شبهة تدرأ الحد، كأن يعلم يقينا من الساب أنه أراد الآباء مثلا، ففي هذه الحالة لا يجوز له أن يفتي بخلاف علمه، ولا يجوز لغيره من العلماء أن ينكر عليه انتهائه إلى ما سمع وعلم، وإن خالفه في الحكم سواءا لوجود علم مخالف أو لعدم وجود ما عند العالم الأول من العلم.
((فمن ثبت عنده هذا الاستعمال كان له أن يجعله شبهة في عدم إطلاق الحكم على فاعله , ومن لم يثبت عنده لم يجعله شبهة , فلا يسوغ حينئذ إنكاره هو على من ثبت عنده ذلك الاستعمال , ولا إنكار غيره عليه في نفي ذلك الاستعمال , سيما وقد أقام شاهدا على ما قال , وأما صحة ذلك من عدمه فبينه وبين ربه)).
بصورة أوضح: ما تقول أنت في عالم مصري وقف على واقع أناس عرف عنهم من خلال احتكاكه بهم أن سب الدين عندهم يعنون به الخلق، فهل يحكم على الساب منهم بما عنده من علم بعرف استعمالم، أم أن علمه بهذا العرف غير معتبر فلا يلتفت إليه في فتواه؟
وهل لغيره من العلماء الذين لم يقفوا على ما وقف عليه أن يبدعوه عينا أو ينكروا عليه أو يصفوه بالإرجاء لأنه خالفهم فأفتى بما علمه من حال استعمال الساب؟
ما أردت إلا توضيح أن المسألة خلاف سائغ، تتأرجح بين الأجر والأجرين، وإن كنت أرى أن العرف يدل على أن الساب للدين ما يخطر في باله مسألة الخلق هذه، وهذا ما أذهب وأميل إليه وأدين لله تعالى به، مع إثبات الخلاف السائغ في المسألة .. والله تعالى أعلم ..
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/135)
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[01 - 01 - 05, 10:54 م]ـ
أوجه شكري للأخ الموسوي على إحسانه الظن بي .. و جيد ما فعله الأستاذ الشهري من الاقتباس لير من لم ير كيف أن ما اعتقده أخي (((ظهر))) في كلامي .. بارك الله لك في وقتك أخي الشهري
ــــــــــــــــــــــــ
نعم أخي الحبيب الأزهري .. فمن ذكرتهم هم أهل شنآن حقا .. و لك أن تعلم أني أبدا ما بغضت طائفة من طوائف المسلمين في بلدنا مصر .. لظهور الإخلاص عليهم ـ جملة لا تفصيلا طبعا ـ و لكن أكره ما هم عليه ... إلا هذه الطائفة فأنا أجاهد نفسي ألا أبعضهم .. و قد قابلت الكثير جدا من الاتجاهات من مصر و من دول عربية و أجنبية لا سيما عندنا في الجامعة ... فكنت أجد من الصبر وطول النفس على نقاش أي اتجاه كان طالما أنه يناقشك مناقشة علمية جادة و تلمس فيه إخلاصا ـ ولو تقليدا ونقلا ـ .. إلا هذه الطائفة فما أن يتكلم واحد منهم معي إلا و أشعر بأن أعصابي تشتعل نارا ... و قد ابتليت بواحد منهم في الجامعة لا يتجاوز عمره 19 عاما و قد كان العام الماضي فقط كالطفل البريء .. و ما هو إلا انشغالنا عنه بالاضطرار للعمل .. فرجعت فإذا به يتهمني بأنني (قط .. ) (تكـ ... ) (سرو .. ) (من أتباع فعالة بن فاعل) .. ويصدق فيهم أخي و الله ما قاله أحد طلبة العلم الطيبين حيث قال لي / و الله أخي إن هناك أنس لو نظرت إليهم فلابد وأن ترتكب إثما .. فتراه يجبرك على أن تسبه ..
تقبل اعتذاري أخي الكريم .. (الحنبلي) .. ((الشافعي سابقا))،، ابتسامة
ــــــــــــــــــــــــــــ
أستاذ الشهري
جيد جدا .. لنبدأ النقاش
قلت: ((قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الحدود تدرأ بالشبه))
قلت ـ محمد رشيد ـ: نقلك ليس في محل النقاش، ووجه ذلك أن ما أوردتموه إنما هو في قاعدة كلية لا أخالفكم فيها، و لم تذكر البتة في موضوع حوارنا ذكرا جزئيا ـ أي مقصودة بالنقاش ـ وإنما موقع خلافنا في صورة من الصور ـ وهي سب لفظ (الدين) ـ و هل يصدق عليه أنه من باب الشبهة أم لا؛ و عليه فالاستدلال بالقاعدة في موضع الخلاف في إدخالها فيه يعد مصادرة على المطلوب، لأن كون الفرع موضع الخلاف داخل في القاعدة هو المطلوب إثباته
قلت: لا أخالفك في القاعدة، بل أخالفك في تعميم إدخال الفرع فيها، فالمطلوب الآن منكم هو التدليل على دخول الفرع موضع النقاش
ــــــــــــــــــــ
الأخ الأثري .. ((لو)) حدث هذا في مصر لقلت بكونه شبهة ... و لو لم أر حدوثه ورآه غيري .. لكان شبهة في حق هذا الغير
و لكن أين من قاله في مصر؟ سؤالي استفهامي أخي و ليس استنكاري و الله
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[01 - 01 - 05, 11:16 م]ـ
المسألة عندي واضحة كا الشمس في رابعة النهار أما كونك لم تفهم دخول الفتوى السابقة في هذه القاعدة فهذا قد الا استطيع أن أفهمك أياه ولست ملزم بذلك أعترف أخي بعجزي عن تفهيمك
سلام عليكم.
ـ[أبو داود الكناني]ــــــــ[01 - 01 - 05, 11:46 م]ـ
إلى إخواني الكرام أبي حفص الأثري و الأزهري السلفي و أنتما جزاكما الله كل خير و بارك فيكما
أما بعد:
أخرج الإمامان البخاري و مسلم من حديث أنس بن مالك و السياق لمسلم (2747): حدثنا محمد وزهير بن حرب قالا حدثنا عمر بن يونس حدثنا عكرمة بن عمار حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة حدثنا أنس بن مالك وهو عمه قال قال رسول الله ثم لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح:
قال الحافظ في الفتح (ج11/ 108): قال عياض فيه ان ما ناله الإنسان من مثل هذا في حال دهشته وذهوله لا يؤاخذ به وكذا حكايته عنه على طريق علمي وفائدة شرعية لا على الهزل والمحاكاة والعبث أ. ه
وقال ابن القيم في أعلام الموقعين (3/ 52): إن اللفظ إنما يوجب معناه لقصد المتكلم به والله تعالى رفع المؤاخذة عمن حدث نفسه بأمر بغير تلفظ أو عمل كما دفعها عمن تلفظ باللفظ قصد لمعناه ولا إرادة ولهذا لا يكفر من جرى على لسانه لفظ الكفر سبقا قصد لفرح أو دهش وغير ذلك كما في حديث الفرح الالهي بتوبة العبد وضرب مثل ذلك بمن فقد راحلته عليها طعامه وشرابه في الارض المهلكة فأيس منها ثم وجدها فقال اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح ولم يؤاخذ بذلك وكذلك إذا أخطأ من شدة الغضب لم يؤاخذ بذلك: أ. هقلت:وكم من مرة سمع رسول الله صلي الله عليه و سلم سب اليهود-لعنهم الله له-في قولهم:السام عليك يا أبا القاسم
و مع ذلك لم يجر عليهم أحكام نقض الذمة لعلمه صلى الله عليه و سلم أنه إذا سألهم سيقولون إنما قلنا السلام عليك
و مع ذلك أقر عائشة في أنها سمعتهم يقولون السام عليك يا محمد
و نزل من الله في هذه اللفظة-لهم-تشريع:
منها أننا لا نسلم عليهم ابتداء و منها انهم إن سلموا علينا نقول و عليكم وغيره
وختاما: الإجماع منعقد على أن من سب الله أو رسوله أو دينه أو كتابه فقد كفر و ارتد ومحل النزاع متى يحكم القاضي أن هذا سب أم ليس بسب
وقد يقول اللفظ الواحد يكفر به أحدهما و تجرى عليه به أحكام الردة و لا يحكم بكفر الأخر
و هناك في مصر من إذا أبصرنا سب الدين عمدا لأنه يعلم أن هذا يغضبنا فهذا كافر
ومنهم من يسب فإذا قلت لأحدهم أتقصد سب الله أو الرسول أو الدين قال لا
ولكن هذا رجل السوء فعل كذا وكذا وكذا
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا انت استغفرك و أتوب إليك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/136)
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[02 - 01 - 05, 12:34 ص]ـ
بارك الله تعالى فيك أخي الكناني .. و ما ذكرته هو عين ما أريد .. وأما عين ما أرفض هو جعل هذا (الاحتمال) ـ أي احتمال كونه يقصد الخلق ـ أصلا يطبق في كل حالة .. و ليس الكلام المنقول في هذا الموضوع فقط هو ما دفعني للكلام في هذا الأمر .. بل الأمر أسبق و اقدم من ذلك، حيث صار هذا الاحتمال (مشجب) ـ شماعة ـ تعلق عليها الاعتذارات لكل واحد يسب الدين هنا في مصر .. و ذلك من قبل بعض الإخوة .. و يحتجون دائما في هذا الأمر بفتوى العثيمين، و التي هي ـ بدهيا ـ لا يمكن إنزالها على كل حالة
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[02 - 01 - 05, 12:44 ص]ـ
الأخ الشهري .. المنتدى هنا منتدى نقاش وحوار علمي .. وكان يمكنك أن تقول كلمتك الأخيرة قبل أن تورد القاعدة المذكورة وترد عليها ـ و مجرد ردك عليها حين عرضت أمر النقاش عليكم يعتبر قبول للنقاش ـ أما التوقف عند رد على الاستفسار و ترك النقاش لمجرد أنكم لن تستطيعوا إفهامي هكذا دون سبب فهذا مطالبة بتصديق القول والتسليم به، و هو يخالف مقتضى الحوار من الأصل، و أما لو كان ثمّ سبب فذكره هو المتعين هنا للعلم بسبب ترك الحوار ..
.. و لكن أعلمكم أن كون الأمر (واضح كالشمس) بالنسبة لطرف، فهذا لا يفيد مثقال ذرة ـ في آداب المناظرة ـ بالنسبة للطرف الخصم .. و لا أدري هل هذا التنبيه موجود فيما كتبتموه في ((آداب المناظرة)) على منتدى التوحيد أم لا
و على العموم كما تشاء أخي الحبيب
وتأكد أخي .. و أقسم لكم بالله الذي رفع السماء بلا عمد أنه لم يجر شيء في القلب ـ من ناحيتي ـ
أخوك المحب / محمد رشيد
ـ[أبو حفص الأثري]ــــــــ[02 - 01 - 05, 01:21 ص]ـ
أخي الكريم أبو داود الكناني ..
وبارك فيك وجزاك خيرا أخي الفاضل ..
أخي الكريم محمد ..
لقد أحرزنا تقدما مبهرا ..
أفهم من كلامك أنك تتفق معي على هذه القاعدة: ((فمن ثبت عنده هذا الاستعمال كان له أن يجعله شبهة في عدم إطلاق الحكم على فاعله , ومن لم يثبت عنده لم يجعله شبهة , فلا يسوغ حينئذ إنكاره هو على من ثبت عنده ذلك الاستعمال , ولا إنكار غيره عليه في نفي ذلك الاستعمال , سيما وقد أقام شاهدا على ما قال , وأما صحة ذلك من عدمه فبينه وبين ربه)) .. أليس كذلك؟
أما من ذهب إلى ذلك من علماء مصر فلا أستحضر منهم الآن سوى الشيخ أحمد فريد حفظه الله، وأظن - مجرد ظن - أن الشيخ محمد إسماعيل المقدم هو كذلك يقول بنفس القول وإن كنت غير متأكد الآن.
وسواءا كان هناك من يقولها من أهل مصر أم لا، فهذا لا يشكل فارقا كبيرا لو اتفقنا على أنه خلاف سائغ بين العلماء كما في القاعدة أعلاه.
وصدق الأخ الفاضل الأزهري في مقولته بشأن القوم الذين تعاني منهم الصحوة ومنهم أنا وأنت، إذ لا ينبغي لنا أن نضيق موسعا أو نوسع مضيقا لأجل حثالة يستخدمون الفتاوى في غير موضعها، فلو أتى آت مثلا بفتوى الشيخ الألباني في النقاب وأنه مستحب، وأخذ ينشر هذه الفتوى بين المنتقبات ليفت من عزمهن على ارتدائه، فليس لنا أبدأ - مواجهة منا لهذا التيار - أن نلغي الخلاف السائغ في المسألة مثلا.
وأظن أننا متفقون بإذن الله تعالى على ذلك، يسر الله لي ولك وللجميع الخير، وجزاكم الله خيرا كثيرا.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[02 - 01 - 05, 11:35 ص]ـ
نعم أخي الأثري أتفق معكم في أنه من ثبت عنده استعمال هذا اللفظ في هذا المعنى أنه يكون شبهة .. بل شبهة قوية ... ويبعد جدا جدا أخي أن يكون مقصدي هو مجرد الإتيان بالألفاظ دون قصد المعنى المكفر .. و إلا فسوف أكفر من ينقل كلمة الكفر قاصدا النقل .. و الأمر واضح جلي جدا .. و إنما كان إنكاري ـ كما أشرت سابقا ـ هو جعل هذا الاحتمال قاعدة عامة تستحضر في كل حالة ...
بارك الله تعالى لنا و لكم
أخوكم المحب / محمد رشيد
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[02 - 01 - 05, 01:52 م]ـ
الحمد لله وحده ...
أخي الكريم أبا داود الكناني: جزاك الله خيراً، ونحن متفقان تمام الاتفاق في ما كتبتَ.
أخي الكريم أبا حفص الأثري: جزاك الله خير الجزاء.
أخي الكريم محمد رشيد: لا تكثر من الاعتذار، انتهى الأمر ولا عليك.
على أننا لم نتدارس فقها أصلا حتى لا تجد للفقه أدني أدنى اهتمام أو معرفة به عندي. (مبتسم).
لكن يبدو أنه ينبغي أن نلتقي حتى أفهم بالضبط ماتريد قوله في مسألتنا هذه.
ـ[أبو عبدالله السني]ــــــــ[02 - 01 - 05, 02:04 م]ـ
سب الدين كفر أكبر لا شك في ذلك ولكن الأمر راجع للعرف واللغة فقد يسب رجل أعجمي الدين وهو لا يعرف معنى الكلمة فلا يكفر وكذلك العرف يحكم فقد تكون كلمة الدين في مصر مثلاً لا تدل إلا على الإسلام ولا تدل عند أهلها على الأخلاق! فهنا يكفر الشخص الساب أما بالنسبة لفتوى الشيخ محمد بن إبراهيم فكلامه عن شخص يقول ويصرح أنه لم يقصد دين الإسلام وهذا مختلف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/137)
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[02 - 01 - 05, 06:34 م]ـ
الأخ الطريقي قلتم: ((فقد تكون كلمة الدين في مصر مثلاً لا تدل إلا على الإسلام)) و هذا هو الواقع .. و لاأحد أبدا يفهم منها هنا في مصر إلا الإسلام .. و كل من قال خلاف ذلك لم يأت بمثال .. وأنى له
ـ[أبو حفص الأثري]ــــــــ[02 - 01 - 05, 06:49 م]ـ
أخي الكريم محمد ..
بارك الله فيك ..
ألم نتفق؟!
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[02 - 01 - 05, 11:20 م]ـ
الأخ الكريم أبا حفص .. بلى اتفقنا
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[04 - 01 - 05, 08:35 م]ـ
أعلن هنا على هذه الصفحة اعتذاري للأخ (الأزهري السلفي) بارك الله تعالى فيه .. راجيا منه أن يتقبله مني .. و أن يلمس لي العذر بعدم القصد .. حيث تكلمت في عفوية على حسب ظني .. و نسيت ما أخبرني به الأخ الأزهري حين سألته عن مذهبه فقال شافعي .. و الآن حنبلي .. و سألته ماذا قرأ في فقه الحنابلة فقال: لا شيء .. فلم أتذكر إلا أنه حنبلي لم يقرأ شيء في المذهب .. و نسيت كونه شافعيا أنهى المذهب الشافعي من قبل .....
ولعل يكون عزاؤكم أخي أني لم أقصد تماما الكلام في هذا الأمر .. بل ظننت أنك قد وقع مني تجاهكم (شنآن) فتعجبت من الكلام وظللت أتذكر ما الذي يمكن أن يكون قد أحدث هذا الشنآن .. فلم أجد و لم أتذكر إلا مادعبتك لي بكوني حنفي فلم أجد إلا أن أظن أنك قد تكون قصدت بها التعريض و ليس مجرد المداعبة .. حيث إني اتعرض لكثير من التعريض بسبب مذهب السادة وعموم الأمة ..
و لم يكن و الله أخي أي قصد للتشهير على الصفحة .. بل كان كلامي عفويا و الله واعتمدت على حمله على ظاهره من جهتكم أو ممن يقرؤه من الإخوة .. حيث صرحت بعدم وجود الشنآن .. وأنه لو كان (((لو))) فهو من حقي ... فكان نهاية كلامي ومقصدي هو تماما ظاهر كلامي دون أي تلميح لكلام مختبئ .. فكان نهاية المقصود من كلامي هو التعجب من وجود الشنآن الذي لا أرى له وجودا و لا أذكر له سببا ...
أكرر اعتذاري لأخينا الفاضل الأستاذ (الأزهري السلفي) و ليته يتكرم علينا و يقبل اعتذارنا علنا أيضا هنا على الصفحة ليشاهد الإخوة تفضله بذلك
أخوك المحب / محمد رشيد الحنفي
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[04 - 01 - 05, 08:38 م]ـ
أرجو من السيد المشرف عدم حذف المشاركة أو جعلها خاصة للأخ الأزهري .. فقد قصدت كونها علنية .. بارك الله تعالى فيكم و شكر جهودكم
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[04 - 01 - 05, 09:13 م]ـ
إنا لله وإنا إليه راجعون.
لا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم.
اللهم ائجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها
يعلم الله عز وجل أنني حزنت حزنا شديدا بسبب كلامك هذا - أخي محمد رشيد - وأشهد الله على ذلك وهو شهيد.
وأنا من قال لك سابقاً:
أخي الكريم محمد رشيد: لا تكثر من الاعتذار، انتهى الأمر ولا عليك.
والله ليس بيني وبينك غير التناصح في الله، والمحبة فيه، ولا أخفي أمنيّتي على الله تعالى - نعم أمنيّة -:
ليت كل الملتزمين في مصر مثلك. أو أحسن.
أحسبك على خير والله حسيبك ولا أزكيك على الله
وأشهد الرب - تبارك وتعالى - أن هذا رأيي من قبل أن يحصل شيءٌ بيننا، و أشهده أنه ما تغيّر بعدما حصل.
وأمّا حزني فسببه أنه ينبغي ألا يكون بين الإخوان كل هذا.
تجمعنا عقيدة واحدة، و نبينا واحد، ومنهجنا واحد ..
بل ونعيش في بلد واحد، ظروفه واحدة، وهمومنا مشتركة.
وعدونا واحد في الداخل وفي الخارج.
باختصار: طريقنا واحد.
فأي شيءٍ إذن يكدِّر كل هذا؟ ولماذا؟
لو أنَّ كل شيء يحصل بين اثنين شَغَلَ كلَّ هذه (الطقوس) ليزال. فعلى الأخوَّة السلام.
ثم إنني أعتذر إليك بدوري - مادام الأمر كذلك - عن أي جناية تجنيتها عليك - ولو صغرت -
والحمد لله أولاً وآخرا.
ـ[أبو إسحاق الأسيف]ــــــــ[26 - 02 - 06, 10:14 ص]ـ
أنقل هنا كلام للشيخ العثيمين سديد جدا _رحمه الله_:
السؤال: يقول إذا صدر من المسلم سبٌ للدين ليس عامداً بل سبق لسان ومن قبيل ما يسمى باللغو فهل يؤاخذ على ذلك أم يدخل تحت قوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) وإن لم يكن داخلاً فما معنى هذه الآية إذاً؟
الجواب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/138)
الشيخ: من سب دين الإسلام فهو كافر سواءٌ كان جاداً أو مازحاً حتى وإن كان يزعم أنه مؤمن فليس بمؤمن وكيف يكون مؤمناً بالله عز وجل وبكتابه وبدينه وبرسوله وهو يسب الدين كيف يكون مؤمناً وهو يسب ديناً قال الله فيه (ورضيت لكم الإسلام ديناً) وقال الله تعالى فيه (ومن يبتغي غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه) وقال الله فيه (إن الدين عند الله الإسلام) كيف يكون مؤمناً من سب هذا الدين ولو كان مازحاً إذا كان قد قصد الكلام فإن من سب دين الإسلام جاداً أو مازحاً فإنه كافرٌ كفراً مخرجاً عن الملة عليه أن يتوب إلى الله عز وجل وسب الدين مازحاً أشد من سبه جاداً وأعظم ذلك لأن من سب شيئاً جاداً وكان هذا السب واقعاً على هذا الشيء فإنه قد لا يكون عند الناس مثل الذي سبه مازحاً مستهزئاً وإن كان فيه هذا الشيء والدين الإسلامي والحمد لله دينٌ كامل كما قال الله عز وجل (اليوم أكملت لكم دينكم) وهو أعظم منةٍ من الله بها على عباده كما قال (وأتممت عليكم نعمتي) فإذا سبه أحد ولو مازحاً فإنه يكفر فعليه أن يتوب إلى الله ويقلع عما صنع وأن يعظم دين الله عز وجل في قلبه حتى يدين الله به وينقاد لله بالعمل بما جاء في هذا الدين أما شئٌ سبق على لسانه بأن كان يريد أن يمدح الدين فقال كلمة سبٍ بدون قصد بل سبقاً على اللسان فهذا لا يكفر لأنه ما قصد السب بخلاف الذي يقصده وهو يمزح فإن هنا قصداً وقع في قلبه فصار له حكم الجاد أما هذا الذي ما قصد ولكن سبق على اللسان فإن هذا لا يضر ولهذا ثبت في الصحيح في قصة الرجل الذي كان في فلاةٍ فأضاع راحلته وعليها طعامه وشرابه فلم يجدها ثم نام تحت شجرةٍ ينتظر الموت فإذا بناقته على رأسه فأخذ بزمامها وقال اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح فلم يؤاخذ لأن هذا القول الذي صدر منه غير مقصودٍ له بل سبق على لسانه فأخطأ من شدة الفرح فمثل هذا لا يضر الإنسان لا يضر الإنسان لأنه ما قصده فيجب أن نعرف الفرق بين القصد وعدمه يجب أن نعرف الفرق بين قصد الكلام وعدم قصد الكلام ليس بين القصد السب وعدم قصده لأن هنا ثلاثة مراتب المرتبة الأولى أن يقصد الكلام والسب وهذا فعل الجاد كما يصنع أعداء الإسلام بسب الإسلام الثاني أن يقصد الكلام دون السب بمعنى يقصد ما يدل على السب لكنه مازحاً غير جاد فهذا حكمه كالأول يكون كافراً لأنه استهزاء وسخرية المرتبة الثالثة أن لا يقصد الكلام ولا السب وإنما يسبق لسانه فيتكلم بما يدل على السب دون قصدٍ إطلاقاً لا قصد الكلام ولا قصد السب فهذا هو الذي لا يؤاخذ به وعليه يتنزل قوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) فإنه هو قول الرجل في عرض حديثه لا والله وبلى والله يعني ما قصد فهذا لا يعتبر له حكم اليمين المنعقدة فكل شئٍ يجري على لسان الإنسان بدون قصد فإنه لا يعتبر له حكم وقد يقال إن الإنسان قد قال في حديثه لا والله وبلى والله إنه قصد اللفظ لكن ما قصد عقد اليمين فإذا كان هذا فإنه يفرق بين حكم اليمين وبين الكفر فالكفر ولو كان غير قاصدٍ للسب يكفر ما دام قصد الكلام واللفظ.
ـ[ضفيري عزالدين]ــــــــ[27 - 02 - 06, 09:01 م]ـ
جزاكم الله خيرا على هذه المناقشة ..... فالموضوع فعلا خطير.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[28 - 02 - 06, 11:45 ص]ـ
وهذه فتوى متأخرة عن الفتوى السابقة لشيخ محمد بن إبراهيم وليس فيها إعمال التفصيل السابق:
من محمد بن إبراهيم إلى فضيلة مساعد قاضي محكمة صامطة
سلمه الله
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. وبعد:
فقد جرى اطلاعنا على خطابكم رقم 716 وتاريخ 16/ 5/ 1388 بخصوص
مسألة معوض بن ........ وما صدر منه من لعنه دين محمد بن المهدي، وما
قررتموه في حقه من جلده عشرة أسواط تعزيزاً، وإستتبابته، ثم تويته واستغفاره، وطلبكم منا إلاحاطة بذلك.
ونفيدكم أن، سبه دين محمد بن المهدي والحال أن محمد المهدي مسلم هو سب للدين الإسلامي، وسب الدين كما لا يخفي عليكم ارتداد والعياذ بالله. وعليه فيلزمكم علاوه على ما أجرىتم احضار المذكور، وأمره بإلاغتسال، ثم النطق بالشهادتين، وتجديده التوبة بعد أخباره بشروطها الثلاثة: من إلاقلاع عن موجب إلاثم، والندم على صدوره منه، والعزم على عدم العودة إليه. ونظراً لما ذكرته عنه من أنه جاهل بمدلول ما صدر منه فيكتفي بما قررتموه عليه تعزيزاً. وفقكم الله. والسلام عليكم.
مفتي الديار السعودية
(ص/ ف 1348 في 17/ 6/1388)
ـ[ضعيف]ــــــــ[05 - 03 - 06, 08:43 ص]ـ
سب الدين كفر وردة0
وفتوي الشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله قول فصل لنا0
ـ[حازم المصري]ــــــــ[06 - 03 - 06, 03:11 م]ـ
سب الدين كفر وردة0
وفتوي الشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله قول فصل لنا0
هو كذلك و عليه إجماع السلف رضوان الله عليهم.
للفائدة يرجى مراجعة
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=41310
و الله الموفق(29/139)
أريد آثاراً للصحابة ومواقفهم من البدع ..
ـ[أبا عبد الرحمن]ــــــــ[30 - 12 - 04, 12:10 م]ـ
آثاراً صحيحة مع الإسناد عن مواقفهم من البدع, مثل أثر ابن عمر والرجل الذي عطس أمامه وقال "الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله" .. أريد مجموعة جمة مثل هذا الأثر إن صح ....
وجزاكم الله خيرا
ـ[أحمد محمود الأزهري]ــــــــ[30 - 12 - 04, 02:03 م]ـ
نا أسد , عن عبد الله بن رجاء , عن عبيد الله بن عمر , عن يسار أبي الحكم , أن عبد الله بن مسعود حدث أن أناسا بالكوفة يسبحون بالحصا في المسجد , فأتاهم , وقد كوم كل رجل منهم بين يديه كومة حصا , قال: فلم يزل يحصبهم بالحصا حتى أخرجهم من المسجد , ويقول: " لقد أحدثتم بدعة ظلما , أو قد فضلتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علما "
نقلا عن كتاب البدع لابن وضاح، باب ما يكون بدعة.
أخبرنا الحسن بن أبي بكر، قال أخبرنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم البغوي، قال: حدثنا الحسن بن عليل، قال: حدثنا أحمد بن الحسين، صاحب القوهي، قال: سمعت يزيد بن زريع، رحمه الله، يقول: " أصحاب الرأي أعداء السنة "
نقلا عن شرف أصحاب الحديث، للخطيب البغدادي.
قال: وسمعت الفضيل يقول: " إن الله عز وجل وملائكته يطلبون حلق الذكر فانظر مع من يكون مجلسك لا يكون مع صاحب بدعة فإن الله تعالى لا ينظر إليهم , وعلامة النفاق أن يقوم الرجل ويقعد مع صاحب بدعة. وأدركت خيار الناس كلهم أصحاب سنة وهم ينهون عن أصحاب البدعة "
نقلا عن حلية الأولياء، الفضيل بن عياض.
وسمعت عبد الرحمن يكره الجلوس إلى أصحاب الرأي، وأصحاب الأهواء، ويكره أن يجالسهم أو يماريهم فقلت له: أترى للرجل إذا كانت له خصومة، وأراد أن يكتب عهده أن يأتيهم؟ قال: " لا، مشيك إليهم توقير، وقد جاء فيمن وقر صاحب بدعة ما جاء "
نقلا عن حلية الأولياء، عبد الرحمن بن مهدي.
ـ[أبا عبد الرحمن]ــــــــ[30 - 12 - 04, 03:11 م]ـ
بارك الله فيك أخ الأزهري ولكني أريد آثاراً أكثر من الكلام في أهل البدع, حتى رابط لموقع توجد فيه مثل هذه الآثار يجدي إن شاء الله .........
ـ[أحمد محمود الأزهري]ــــــــ[30 - 12 - 04, 04:07 م]ـ
وجزاك الله خيرا، مما ورد في هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم:
حدثنا عثمان بن أبي شيبة، وإسحاق بن إبراهيم - واللفظ لعثمان، قال إسحاق: أخبرنا، وقال عثمان: حدثنا - جرير، عن منصور، عن سعد بن عبيدة، حدثني البراء بن عازب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " إذا أخذت مضجعك، فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم إني أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، واجعلهن من آخر كلامك، فإن مت من ليلتك، مت وأنت على الفطرة قال: فرددتهن لأستذكرهن فقلت: آمنت برسولك الذي أرسلت، قال: " قل: آمنت بنبيك الذي أرسلت "
وإذا توصلت لرابط يفيد الموضوع سأذكره إن شاء الله
ـ[أبا عبد الرحمن]ــــــــ[30 - 12 - 04, 04:34 م]ـ
شكراً أخ أحمد لأني أريد أكثر عدد ممكن من هذه الآثار لأن فيها عبر كثيرة ...
ـ[أبو المنذر المصرى]ــــــــ[02 - 01 - 05, 05:20 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أخى
ولي موضوع اسمه وهذا هو
كيف نعامل أهل البدع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله جاعل الملائكة أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع
يزيد فى الخلق ما يشاء
يعز من يشاء
ويذل من يشاء
يرفع ويخفض
يقبض ويبسط
تعزز بالعزة وقهر العباد بالموت
وأشهد الا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم
أما بعد
فلله الحمد والمنه، وفقنى لهذا الملتقى الطيب
وهذا اول موضوع أشارككم به، بارك الله فيكم
أنا أخوكم أبو المنذر، من مصر
طويلب علم
ولقد أحببت فى أول موضوع أن أذكر نفسى وإياكم بارك الله فيكم، عن كيفية معاملة المبتدعة
والله المستعان وعليه التكلان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/140)
روى الترمذي والحاكم وغيرهما بسند حسن عن نافع أن رجلاً عطس إلى جنب ابن عمر فقال: الحمد لله والسلام على رسول الله، فقال ابن عمر: وأنا أقول الحمد لله والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، علمنا أن نقول: (الحمد لله على كل حال).
وروى الدارمي بسند صحيح أن أبا موسى الأشعري قال لعبد الله بن مسعود – رضي الله عنهما-: يا أبا عبد الرحمن إني رأيت في المسجد آنفاً أمراً أنكرته، ولم أر والحمد لله إلا خيراً، قال: فما هو؟ فقال: إن عشت فستراه، قال: رأيت في المسجد قوماً حلقاً جلوساً، ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصى، فيقول: كبروا مئة، فيكبرون مئة، فيقول: هللوا مئة، فيهللون مئة، ويقول: سبحوا مائة، فيسبحون مئة، قال: فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئاً انتظار رأيك، وانتظار أمرك، قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم؟ ثم مضى ومضينا معه، حتى أتى حلقة من تلك الحلق، فوقف عليهم، فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن حصى نَعُدُّ به التكبير والتهليل والتسبيح، قال: فعدوا سيئاتكم، فأنا ضامنٌ أن لا يضيع من حسناتكم شيء، وَيْحَكُمْ يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم، هؤلاء صحابة نبيكم - صلى الله عليه وسلم – متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملةٍ محمد، أو مفتتحو باب ضلالة، قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن، ما أردنا إلا الخير، قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه، إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حدثنا أن قوماً يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، وأيم الله، ما أدري، لعل أكثرهم منكم، ثم تولى عنهم، فقال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك الحِلَق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج.
قال عبد الله ين مسعود -رضى الله عنه: لا يزال الناس بخير ما أتاهم العلم من قبل كبرائهم، فإذا أتاهم العلم من قبل أصاغرهم هلكوا. قال ابن المبارك: الأصاغر: أهل البدع
وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: إنا نقتدي ولا نبتدي، ونتبع ولا نبتدع، ولن نضِل ما تمسكنا بالأمر
إن لم تستطع إزالة الباطل فزُل أنت عنه
قال مفضل بن مهلهل: (لو كان صاحب البدعة إذا جلست إليه يحدثك ببدعته حذرته وفررت منه، ولكنه يحدثك بأحاديث السنّة في بدو مجلسه ثم يُدخل عليك بدعته فلعلها تلزم قلبك فمتى تخرج من قلبك).
وعن أبي قلابة قال: (لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم؛ فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم أو يلبسوا عليكم ما تعرفون)
وعن عمرو بن قيس الملائي قال: (لا تجالس صاحب زيغ فيزيغ قلبك)
وقال إبراهيم النخعي: (لا تجالسوا أهل الأهواء فإن مجالستهم تذهب بنور الإيمان من القلوب، وتسلب محاسن الوجوه، وتورث البغضة في قلوب المؤمنين)
وقال مجاهد: (لا تجالس أهل الأهواء فإن لهم عرّة كعرة الجرب)
وقال إسماعيل بن عبيد الله: (لا تجالس ذا بدعة فيمرض قلبك، ولا تجالس مفتوناً فإنه ملقّن حجته)
قال الإمام البغوي رحمه الله في مقدمة صحيح مسلم: (قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن افتراق هذه الأمة، وظهور الأهواء والبدع فيهم، وحكم بالنجاة لمن اتبع سنته وسنة أصحابه رضي الله عنهم، فعلى المرء المسلم إذا رأى رجلا يتعاطى شيئا من الأهواء والبدع معتقدا، أو يتهاون بشيء من السنن: أن يهجره ويتبرأ منه ويتركه حيا وميتا، فلا يسلم عليه إذا لقيه، ولا يجيبه إذا ابتدأ، إلى أن يترك بدعته ويراجع الحق.
والنهي عن الهجران فوق الثلاث فيما يقع بين الرجلين من التقصير في حقوق الصحبة والعشرة، دون ما كان في حق الدين، فإن هجرة أهل الأهواء والبدع دائمة إلى أن يتوبوا)
التنكيل بالمبتدعة
قال الإمام أحمد -رحمه الله-: (لا غيبة لأصحاب البدع)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في نقض المنطق: (الراد على أهل البدع مجاهد، حتى كان يحيى بن يحيى يقول: الذب عن السنة أفضل من الجهاد).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/141)
و قال الشاطبي رحمه الله، فى كتاب الإعتصام: (فإن فرقة النجاة - وهم أهل السنة - مأمورون بعداوة أهل البدع، والتشريد بهم، والتنكيل بمن انحاش إلى جهتهم، بالقتل فما دونه، وقد حذر العلماء من مصاحبتهم ومجالستهم، وذلك مظنة إلقاء العداوة والبغضاء، لكن الدرك فيها على من تسبب في الخروج عن الجماعة بما أحدثه من اتباع غير سبيل المؤمنين، لا على التعادي مطلقا، كيف ونحن مأمورون بمعاداتهم وهم مأمورون بموالاتنا والرجوع إلى الجماعة؟)
وقال: (حين تكون الفرقة تدعو إلى ضلالتها وتزينها في قلوب العوام ومن لا علم عنده، فإن ضرر هؤلاء على المسلمين كضرر إبليس، وهم من شياطين الإنس، فلا بد من التصريح بأنهم من أهل البدع والضلالة، ونسبتهم إلى الفرق إذا قامت له الشهود على أنهم منهم.
فمثل هؤلاء لا بد من ذكرهم والتشريد بهم، لأن ما يعود على المسلمين من ضررهم إذا تركوا أعظم من الضرر الحاصل بذكرهم والتنفير عنهم إذا كان سبب ترك التعيين الخوف من التفرق والعداوة، ولا شك أن التفرق بين المسلمين وبين الداعين للبدعة وحدهم إذا أقيم عليهم أسهل من التفرق بين المسلمين وبين الداعين ومن شايعهم واتبعهم، وإذا تعارض الضرران، فالمرتكب أخفهما وأسهلهما، وبعض الشر أهون من جميعه كقطع اليد المتأكله، إتلافها أسهل من إتلاف النفس، وهذا شأن الشرع أبدا، يطرح حكم الأخف وقاية من الأثقل)
دندنة قديمة حديثة
الحارث المحاسبى
ولغير ذى إحاطةٍ بالحارث المحاسبى، أقول: هو رجلٌ قصاص ذاع صيته، وكثر من حضروا مجالسه، وكان يعتمد فى قصصه على الوعظ والتذكير بالعذاب، وهذا حسن، ففيم الخطأ؟
الخطأ فى كونه سلك فى ذلك غير سبيل المؤمنين، فأسس مدرسة بدعية سميت بمدرسة التوهم والتوهم، أى يقول لك مثلاً: أغمض عينيك وتخيل أنك الآن فى حال كذا وكذا، وكذلك كان يروى القصص المتهافت، ورُوِىَّ بسند جيد أن الإمام أحمد رحمه الله لما ذاع صيت هذا الرجل وكثر من يحضرون مجالسه، طلب الإمام أحمد من أحد تلامذته أن يدعو المحاسبى فى بيت هذا التلميذ، على أن يحضر الإمام أحمد ليستمع لما يقوله من غير أن يراه أحد، وتم ذلك، وحضر المحاسبى ولما سمع العوام بوجوده توافدوا عليه، واختبأ الإمام أحمد وظل يستمع اليه حتى دخل على الإمام تلميذه صاحب الدار، فوجد الإمام يبكى بكاءاً شديداً، وقال له الإمام: لقد أبكانى هذا الرجل كما لم أبك، فسأله تلميذه: وما تنصح يا إمام، فقال أحمد: لا تستمع إليه، ونهاه عن ذلك.
أقول: فانظر يرحمك الله، لعمر الله لكأن الزمان قد استدار وأطل علينا المحاسبى من جديد فى ثوب من يقال له الداعية عمرو خالد، الذى يتباهى بأنه يعتمد فى تحضير محاضراته على كتب المحاسبى ولا يفتأ يمتدحه، و لعلى أزيد من الشعر بيتاً فأقول: أوتدرى كم من العوام كانوا يحضرون مجالس الحارث المحاسبى؟
آلافٌ والله
ولكن عند وفاته، أوتدرى كم من الخلق اتبع جنازته؟
أربعة
أربعة نفر
وصدق الإمام أحمد رحمه الله، إذ قال: بيننا وبينهم يوم الجنائز.
فالباطل مهما علا أحبتى، لا محالةَ هافِتُ
والآن، قل متبعوا عمرو خالد بعد أن وقف له أهل العلم بالمرصاد وحذروا الناس منه
قال الإمام الذهبي:
((قال الحافظ سعيد بن عمرو البردعي: شهدت أبا زرعة - وقد سئل عن الحارث المحاسبي وكتبه- فقال للسائل: إياك وهذه الكتب، هذه كتب بدع وضلالات، عليك بالأثر، فإنك تجد فيه ما يغنيك. قيل له: في هذه الكتب عبرة. فقال: من لم يكن له في كتاب الله عبرة، فليس له في هذه الكتب عبرة، بلغكم أن سفيان ومالكا والأوزاعي صنفوا هذه الكتب في الخطرات والوساوس؟! ما أسرع الناس إلى البدع!
قُلت: وأين مثل الحارث من تلميذه الذى سار على دربه وإقتفى أثره، عمرو خالد، الذى لو رآه المُحاسبى نفسه لأنكر عليه، والله المستعان.
وللذكرى أذكر نفسى وإياكم ببعض الضوابط
المُختَلِف فى حكم من الأحكام الاجتهادية المختَلَف فيها أصلا، ليس بمبتدع
1 - قال ابن العربى فى (العواصم من القواصم): إن العلم لا ينضج حتّى يترفع عن العصبية المذهبية.
قُلت: وهذى لعمر الله
لهى الطامة الكبرى التى حلت بالمسلمين
فلم نعلم أن أحداً من الصحابة رضوانُ الله عليهم، كان عُمَّرى المذهب - نسبة لابن الخطاب - أو بكرى نسبة لأبى بكر - مع ما للشيخين من علو المكانة فى الأمة
2 - فال سفيان الثّورى: إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذى اختلف فيه وأنت تراه مخطئا فلا تنهه.
قُلت: ولا شك أن النهى الذى نهى عنه سفيان إنما هو نهى الزجر وليس النصح، وإلا فإن أحدنا إن رأى أن رأيه هو الراجح فلا جناح ان يحب لأخيه ما يحبُ لنفسه وذلك بالنصح اللين ثم بالنهى الجميل ولا يتعداه، والله تعالى أعلم
3 - وفى الآداب الشرعية لابن مفلح قال أحمد من رواية المروزى عنه: لا ينبغى للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه ولا يشتدّ عليهم.
4 - قال النووى فى شرحه على صحيح مسلم: ليس للمفتى ولا للقاضى أن يفرض رأيه على من خالفه إذا لم يخالف نصّا أو إجماعا أو قياسا جليّا.
5 - قال ابن قدامة فى كتاب الروضة فى أصول الفقه: إن للمفتى إذا استفتى وكانت فتواه ليس فيها سعة للمستفتى فله أن يحيله إلى من عنده سعة.
أقول ما قد أسلفت وأستغفر الله لى ولكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/142)
ـ[أبا عبد الرحمن]ــــــــ[02 - 01 - 05, 09:37 ص]ـ
أخ أبو منذر جزاك الله خيرا ...
ـ[أبو عبد]ــــــــ[02 - 01 - 05, 10:04 ص]ـ
أخي الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك رسالة علمية تقدم بها أحد الباحثين لنيل درجة الماجستير في قسم العقيدة بالجامعة الإسلامية بعنوان (الآثار المروية عن الصحابة في التمسك بالسنة وذم البدع وأهلها جمع ودراسة)
أظنها للأخ ناصر خليفة
أخوك/أبو عبد الله
ـ[أبا عبد الرحمن]ــــــــ[02 - 01 - 05, 03:14 م]ـ
أين أجد الرسالة بارك الله فيك أن أبو عبدالله؟
ـ[أبو حفص الدبوي]ــــــــ[02 - 01 - 05, 04:10 م]ـ
كتاب البدع لابن وضاح
http://sonnh.com/BookTabweeb.aspx?RootID=245032
ـ[أبو المنذر المصرى]ــــــــ[02 - 01 - 05, 10:13 م]ـ
وجزاك أخى أبا عبد الرحمن(29/143)
المناظرة (2) حول كتاب (الخلافات السياسية بين الصحابة)
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[31 - 12 - 04, 07:04 م]ـ
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
كنتُ قد كتبت حلقتين من سلسلة حلقات أتناول فيها كتاب الأستاذ محمد المختار الشنقيطي: (الخلافات السياسية بين الصحابة) بالنقد لما جاء فيه من أخطاء ومخالفات لمنهج أهل السنة عند تناولهم لهذا الموضوع.
ثم أعلمني أحد الإخوة أن الشيخ عبدالله الشنقيطي حفظه الله قد فرغ من رد له على هذا الكتاب؛ مما دعاني للتوقف، والتنسيق مع الشيخ عبدالله أن أنشر كتابه على شكل حلقات، وأضيف إليه ما لم يتعرض له من أخطاء صاحب الكتاب.
===========
ثم كما علم الإخوة سجل صاحب الكتاب في الملتقى طالبًا المناظرة العلمية حول كتابه، واعدًا بتعديل أي خطأ يتبين له؛ جزاه الله خيرًا.
وقد أخبرتُ الشيخ عبدالله بهذا؛ فطلب هو مناظرته، وقد سجل لأجل هذا.
==========
ولهذا فإننا في الملتقى نفتح باب المناظرة العلمية الهادفة بين الأخوين - وفقهما الله -؛ مذكرهم بوجوب التحلي بأدب النقاش العلمي الموثق البعيد عن الإنشاء أو التطويل.
=========
ومن ناحيتي سأضيف ما أراه مكملا للموضوع؛ لأن صاحب الكتاب رغب أن يعرف ملاحظاتي أيضًا.
ربنا اهدنا لما اختُلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[31 - 12 - 04, 08:23 م]ـ
السلام عليكم أهلا وسهلا بمنظرة أخوينا الشيخ سليمان والشيخ عبد الله
وأنتظر ما عندهما، وفقني الله وإياكم لقول الحق والعمل به.
أخوكم/ محمد بن المختار الشنقيطي
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[31 - 12 - 04, 08:40 م]ـ
السلام عليكم أيها الأحبة المشرفون على ملقتى أهل الحديث المبارك
أرجو تعليمي طريقة إضافة نص الكتاب إلى الموقع، لأضيفه إليه، فيكون قراؤنا الأكارم على اطلاع عليه، ونستفيد من ملاحظاتهم على الكتاب وعلى المناظرة.
بارك الله في جهودكم ووفقكم لكل خير
أخوكم/ محمد بن المختار الشنقيطي
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[31 - 12 - 04, 11:53 م]ـ
الإخوة الفضلاء:
أرجو عدم التعليق على مناظرة الأخوين بأي تعليق؛ ريثما ينتهيان مما عندهما .. ومن لديه سؤال أو تنبيه فليرسله مشكورًا إلي في رسالة خاصة.
مع تنبيه الأستاذ الشنقيطي إلى أن تعقباتي أنا والشيخ عبدالله كانت على الطبعة الأولى المنتشرة.
وكنا نتمنى أن لا يطبع الكتاب مرة ثانية حتى يستفيد ما قد يراه مناسبًا من مثل هذه المناقشات. لا سيما وقد أخبرته في رسالة علىبريده الألكتروني عنها؛ قبل أن أنشر أول حلقة بفترة من الزمن.
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 05:34 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبيه المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فيسرني أن أدخل مع الأستاذ الفاضل محمد بن المختار الشنقيطي في نقاش علمي، حول كتابه الخلافات السياسية بين الصحابة، ملتزما في هذا النقاش، بالعلم والعدل، بغيتي الحق لا المغالبة، أو الجدل المذموم.
ويعلم الله لو بان لي الحق فيما يقول لاتبعته مجاهرا بذللك، غير مخفيه ولا متردد فيه.
وأرجوا أن يكون عنده هو من الشجاعة و محبة الخير ما لو رأى الحق في ما أقول أن يراجع الحق.
وأذكره قول عمر لأبي موسى: " ولا يمنعك قضاء قضيت فيه اليوم فراجعت فيه رأيك فهديت فيه لرشدك أن تراجع فيه الحق؛ فإن الحق قديم لا يبطله شيء، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل "
وأول نقطة أناقش فيها الأستاذ الفاضل في كتابه، قوله إن عدالة الصحبة التي يحكي المحدثون عليها الإجماع، هي ما يتعلق بالرواية، لا العدالة الدينية التي يذكرها الفقهاء.
قلتم في ص 150
"ومن المصطلحات التي وقع فيها اللبس واستحالت حاجزا ذهنيا ونفسيا أمام دراسة تلك الحقبة مصطلح "عدالة الصحابة " فقد خلط كثيرون بين عدالة الرواية ـ والمطلوب فيها هو الصدق والتدقيق في المروي ـ وعدالة السلوك بمعناها الفقهي القضائي التي تستلزم "اجتناب الكبائر وعدم الوقوع في الصغائر إلا نادرا، واجتناب المباح القادح في المروءة "كما يقول الفقهاء.
وعدالة الصحابة التي يتحدث عنها أهل الحديث عدالة الرواية ... "
وقلتم في ص 152
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/144)
"لكن بعض المتأخرين أساء فهم عدالة الصحابة، وفهموا من هذا المصطلح أن الصحابي لا يذنب إلا متأولا، وأن كل ما صدر عن بعضهم من اختلاف واقتتال مجرد اجتهاد، ولا مجال فيه للهوى و المطامح الدنيوية. وهذا غلو وتنكر لحقائق الشرع والتاريخ والطبيعة البشرية ".
وقلتم في ص 154
" فإن تحويل عدالة الرواية هنا إلى عدالة في السلوك يشمل كل الصحابة خلط في الاصطلاح، وتنكر للحقيقة الساطعة لا يليق بالمسلم الذي يؤثر الحق على الخلق مهما سموا."
وقلتم:
"إن الذي يسوي بين عمار بن ياسر وبين قاتله أبي الغادية الجهني في العدالة وفي الاجتهاد المأجور صاحبه سواء أخطأ أم أصاب .. لهو ممن لا بصيرة لهم."
النقاط موضع النقاش هي:
1ـ العدالة عند المحدثين هل هي ما ذكر تم من عدم إدخالهم فيها الجانب السلوكي، ويكتفون فيها بأن يكون الموصوف بها صادقا في ما يحدث به مدققا فيه.
2ـ هل هناك فرق بين العدالة عند المحدثين والفقهاء كما قلتم.
3ـ عدالة الصحابة عند المحدثين.
العدالة عند المحدثين كما ذكرها عنهم الأستاذ " الصدق والتدقيق في المروي " لا علاقة لها بالعدالة الدينية التي يذكرها الفقهاء.
ولم تذكروا لما قلتم نقلا واحدا عن أهل الحديث تحتجون به لما ذكرتم عنهم، لأنكم لن تجدوه فأهل الحديث مجمعون على أن أهم جانب في العدالة هو الجانب السلوكي، والجرح به أشد من الجرح بالجوانب الأخرى من الغفلة وسو ء الحفظ.
وهذه بعض النقول عنهم تدل على خلاف ما ذكرتم عنهم.
قال الشافعي:
"ولا تقوم الحجة بخبر الخاصة حتى يجمع أمورا منها أن يكون من حدث به ثقة في دينه، معروفا بالصدق في حديثه، عاقلا لما يحدث به، عالما بما يحيل معاني الحديث من اللفظ، وأن يكون ممن يؤدي الحديث بحروفه كما سمع، لا يحدث به على المعنى، لأنه إذا حدث به على المعنى وهو غير عالم بما يحيل معناه ـ: لم يدر لعله يحيل الحلال إلى حرام. وإذا أداه بحروفه فلم يبق وجه يخاف فيه إحالته الحديث، حافظا إذا حدث به من حفظه، حافظا لكتابه إذا حدث من كتابه. إذا شَرِك أهل الحفظ في حديث وافق حديثهم، بريا من أن يكون مدلسا: يحدث عن من لقي ما لم يسمع منه، ويحدث عن النبي ما يحدث الثقات خلافه عن النبي".
الرسالة ص370
وقال ابن أبي حاتم:
قال أبو محمد: " فلما لم نجد سبيلا إلى معرفة شيء من معاني كتاب الله ولا من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من جهة النقل والرواية وجب أن نميز بين عدول الناقلة والرواة وثقاتهم وأهل الحفظ والثبت والإتقان منهم، وبين أهل الغفلة والوهم وسوء الحفظ والكذب واختراع الأحاديث الكاذبة.
ولما كان الدين هو الذي جاءنا عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وسلم بنقل الرواة حق علينا معرفتهم ووجب الفحص عن الناقلة والبحث عن أحوالهم، وإثبات الذين عرفناهم بشرائط العدالة والتثبت في الرواية مما يقتضيه حكم العدالة في نقل الحديث وروايته، بأن يكونوا أمناء في أنفسهم علماء بدينهم، أهل ورع وتقوى وحفظ للحديث وإتقان به وتثبت فيه، وأن يكونوا أهل تمييز وتحصيل لا يشوبهم كثير من الغفلات، ولا تغلب عليهم الأوهام فيما قد حفظوه ووعوه، ولا يشبه عليهم بالأغلوطات.
وأن يعزل عنهم الذين جرحهم أهل العدالة وكشفوا لنا عن عوراتهم في كذبهم وما كان يعتريهم من غالب الغفلة وسوء الحفظ وكثرة الغلط والسهو والاشتباه، ليعرف به أدلة هذا الدين وأعلامه وأمناء الله في أرضه على كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهم هؤلاء أهل العدالة، فيُتمسك بالذي رووه، ويعتمد عليه، ويحكم به، وتجري أمور الدين عليه "
الجرح والتعديل 1/ 5
وقال ابن حبان:
وأماشرطنا في نقلة ما أودعناه كتابنا هذا من السنن، فإنا لم نحتج فيه إلا بحديث اجتمع في كل شيخ من رواته خمسة أشياء:
الأول العدالة في الدين بالستر الجميل.
والثاني الصدق في الحديث بالشهرة فيه.
والثالث العقل بما يحدث من الحديث.
والرابع العلم بما يحيل من معاني ما يروي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/145)
والخامس المتعرى خبره عن التدليس. فكل من اجتمع فيه هذه الخصال الخمس، احتججنا بحديثه وبنينا الكتاب على روايته، وكل من تعرى عن خصلة من هذه الخصال الخمس لم نحتج به، والعدالة في الإنسان: هو أن يكون أكثر أحواله طاعة الله، لأنا متى ما لم نجعل العدل إلا من لم يوجد منه معصية بحال؛ أدانا ذلك إلى أن ليس في الدنيا عدل، إذ الناس لا تخلو أحوالهم من ورود خلل الشيطان فيها، بل العدل من كان ظاهر أحوله طاعة الله، والذي يخالف العدل من كان أكثر أحواله معصية الله.
صحيح ابن حبان 1/ 151
قال الحاكم:
"وقد ذكرت في كتاب المدخل إلى معرفة كتاب الإكليل: أنواع العدالة على خمسة أقسام، والجرح على عشرة أقسام، وتكلمت في هذه الكتب على الجرح والتعديل مما يغنى عن إعادته،واستشهدت بأقاويل الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين.
وأصل عدالة المحدث: أن يكون مسلما،لا يدعو إلى بدعة، ولا يعلن من أنواع المعاصي ما تسقط به عدالته، فإن كان مع ذلك حافظا لحديثه فهي أرفع درجات المحدثين ".
معرفة علوم الحديث ج 1 ص 53
قال الخطيب البغدادي:
حدثني أبو الفضل محمد بن عبيد الله المالكي أنه قرأ على القاضى أبى بكر محمد بن الطيب قال:"والعدالة المطلوبة في صفة الشاهد والمخبر، هى العدالة الراجعة إلى استقامة دينه وسلامة مذهبه، وسلامته من الفسق وما يجرى مجراه مما اتفق على أنه مبطل العدالة من أفعال الجوارح والقلوب المنهى عنها، والواجب أن يقال في جميع صفات العدالة إنها اتباع أوامر الله تعالى والانتهاء عن ارتكاب ما نهى عنه مما يسقط العدالة، وقد علم مع ذلك أنه لا يكاد يسلم المكلف من البشر من كل ذنب ... فيجب لذلك أن يقال إن العدل هو من عرف بأداء فرائضه ولزوم ما أمر به وتوقى ما نهى عنه وتجنب الفواحش المسقطة وتحرى الحق الواجب في أفعاله ومعاملته والتوقى في لفظه مما يثلم الدين والمروءة فمن كانت هذه حاله فهو الموصوف بأنه عدل في دينه.
الكفاية في علم الرواية ج 1 ص 52
قال الحازمي
" وصفة العدالة هي اتباع أوامر الله تعالى والانتهاء عن ارتكاب ما نهى عنه، وتجنب الفواحش المسقطة، وتحري الحق، والتوقي في اللفظ مما يثلم الدين والمروءة، وليس يكفي في ذلك اجتناب الكبائر حتى يجتنب الإصرار على الصغائر، فمتى وجدت هذه الصفات كان المتحلي بها عدلا مقبول الشهادة والرواية."
شروط الأئمة الخمسة ص 184
==============
ذكرتم أنه يوجد فرق بين العدالة عند أهل الحديث والفقهاء.
فقلتم " فقد خلط كثيرون بين عدالة الرواية ـ والمطلوب فيها هو الصدق والتدقيق في المروي ـ وعدالة السلوك بمعناها الفقهي القضائي التي تستلزم "اجتناب الكبائر وعدم الوقوع في الصغائر إلا نادرا، واجتناب المباح القادح في المروءة "كما يقول الفقهاء.
ولم تنقلوا دليلا من كلام أحد من الفريقين أهل الحديث وأهل الفقه.
وهذه نقول عن بعض أهل العلم من الفريقين ترد ما ذكرتم.
قال ابن جماعة:
" الأول أجمع جماهير أئمة العلم بالحديث والفقه والأصول على أنه يشترط فيمن يحتج بحديثه العدالة والضبط فالعدالة أن يكون مسلما بالغا عاقلا سليما من الفسق وخوارم المروءة."
المنهل الروي ج: 1 ص: 63
قال الآمدي:
"الشرط الرابع أن يكون الراوي متصفا بصفة العدالة، وذلك يتوقف على معرفة العدل لغة وشرعا.
أما العدل في اللغة: فهو عبارة عن المتوسط في الأمور من غير إفراط في طرفي الزيادة والنقصان ومنه قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) أي عدلا، فالوسط والعدل بمعنى واحد، وقد يطلق في اللغة ويراد المقابل للجور، وهو اتصاف الغير بفعل ما يجب له، وترك ما لا يجب، والجور في مقابلته، وقد يطلق ويراد به ما كان من الأفعال الحسنة يتعدى الفاعل إلى غيره، ومنه يقال للملك المحسن إلى رعيته: عادل.
وأما في لسان المتشرعة، فقد يطلق ويراد به أهلية قبول الشهادة والرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال الغزالي في معنى هذه الأهلية إنها عبارة عن استقامة السريرة والدين، وحاصلها يرجع إلى هيئة راسخة في النفس تحمل على ملازمة التقوى والمروءة جميعا، حتى تحصل ثقة النفوس بصدقه.
وذلك إنما يتحقق باجتناب الكبائر وبعض الصغائر وبعض المباحات ....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/146)
وأما بعض المباحات فما يدل على نقص المروءة، ودناءة الهمة، كالأكل في السوق، والبول في الشوارع، وصحبة الأراذل والإفراط في المزح، ونحو ذلك مما يدل على سرعة الإقدام على الكذب، وعدم الاكتراث به. ولا خلاف في اعتبار اجتناب هذه الأمور في العدالة المعتبرة في قبول الشهادة والرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأن من لا يجتنب هذه الأمور أحرى أن لا يجتنب الكذب، فلا يكون موثوقا بقوله، ولا خلاف أيضا في اشتراط هذه الأمور الأربعة في الشهادة"
الإحكام للآمدي ج: 2 ص: 88
================
عدالة الصحابة عند المحدثين هل هي عدالة رواية كما ذكرتم، أم أنها عدالة ديانة؟
ونترك أعلم الناس بمذاهبهم يحدثنا عن ذلك، ولكن بعد أن نعرف القراء مكانته بين أهل هذا الشأن علماء الحديث.
المتحدث إلينا عن ذلك هو الخطيب البغدادي.
قال الحافظ ابن حجر في نزهة النظر وهو يتحدث عن التأليف في علوم الحديث: ثم جاء من بعدهم الخطيب أبو بكر البغدادي، فصنف في قوانين الرواية كتابا سماه "الكفاية " وفي آدابها كتابا سماه "الجامع لآداب الشيخ والسامع " وقل فن من فنون الحديث إلا وقد صنف فيه كتابا مفردا، فكان كما قال الحافظ أبو بكر بن نقطة: " كل من أنصف علم أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه "
كفى بها شهادة من الحافظ ابن نقطة للخطيب وموافقة الحافظ ابن حجر له عليها.
قال الخطيب البغدادي:
"ما جاء في تعديل الله ورسوله للصحابة
وانه لا يحتاج إلى سؤال عنهم وإنما يجب فيمن دونهم كل حديث اتصل إسناده بين من رواه وبين النبي صلى الله عليه وسلم لم يلزم العمل به إلا بعد ثبوت عدالة رجاله ويجب النظر في أحوالهم سوى الصحابي الذي رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم واختياره لهم في نص القرآن فمن ذلك قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) وقوله: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) وهذا اللفظ وان كان عاما فالمراد به الخاص وقيل هو وارد في الصحابة دون غيرهم. وقوله: (لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا) وقوله تعالى: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه) وقوله تعالى: (والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم) وقوله: (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) وقوله تعالى: (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون والذين تبوأوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون)
في آيات يكثر إيرادها ويطول تعدادها ووصف رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة مثل ذلك وأطنب في تعظيمهم وأحسن الثناء عليهم فمن الأخبار المستفيضة عنه في هذا المعنى ما أخبرنا أبو نعيم الحافظ ثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا شعبة عن منصور والأعمش عن إبراهيم عن عبيدة السلماني عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خير امتى قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجىء قوم تسبق ايمانهم شهادتهم ويشهدون قبل ان يستشهدوا وأخبرنا أبو بكر أحمد بن على بن محمد اليزدى الحافظ بنيسابور انا أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان ثنا عبد الله بن محمد بن شيرويه ثنا محمد بن بشار ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبى بشر عن عبد الله بن شقيق عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خيركم قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم قال أبو هريرة فلا ادرى ذكره مرتين أو ثلاثا ثم يخلف من بعدهم قوم يحبون السمانة ويشهدون ولا يستشهدون " أخبرنا الحسن بن أبى بكر ثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم املاء قال ثنا محمد بن يونس قال ثنا أبو الربيع سليمان بن داود ثنا منصور بن أبى الأسود عن الأعمش عن على بن مدرك عن هلال بن يساف عن عمران بن حصين قال قال:" رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس قرنى ثم الذين يلونهم ثم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/147)
الذين يلونهم ثم يخلف قوم تسبق ايمانهم شهادتهم ثم يظهر فيهم السمن " أخبرنا القاضى أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبى صالح عن أبى سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تسبوا أصحابي فوالذى نفسي بيده لو انفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه " ..
والأخبار في هذا المعنى تتسع وكلها مطابقة لما ورد في نص القرآن وجميع ذلك يقتضى طهارة الصحابة والقطع على تعديلهم ونزاهتهم فلا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله تعالى لهم المطلع على بواطنهم الى تعديل أحد من الخلق له فهو على هذه الصفة الا ان يثبت على أحد ارتكاب ما لا يحتمل الا قصد المعصية والخروج من باب التأويل فيحكم بسقوط العدالة وقد برأهم الله من ذلك ورفع اقدارهم عنه على انه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله فيهم شيء مما ذكرناه لاوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد والنصرة وبذل المهج والاموال وقتل الآباء والاولاد والمناصحة في الدين وقوة الإيمان واليقين القطع على عدالتهم والاعتقاد لنزاهتهم وانهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين الذين يجيؤن من بعدهم ابد الآبدين هذا مذهب كافة العلماء ومن يعتد بقوله من الفقهاء وذهبت طائفة من أهل البدع الى ان حال الصحابة كانت مرضية الى وقت الحروب التي ظهرت بينهم وسفك بعضهم دماء بعض فصار أهل تلك الحروب ساقطى العدالة ولما اختلطوا باهل النزاهة وجب البحث عن أمور الرواة منهم وليس في أهل الدين والمتحققين بالعلم من يصرف إليهم خبر ما لا يحتمل نوعا من التأويل وضربا من الاجتهاد فهم بمثابة المخالفين من الفقهاء المجتهدين في تأويل الاحكام لاشكال الأمر والتباسه ويجب ان يكونوا على الأصل الذي قدمناه من حال العدالة والرضا إذ لم يثبت ما يزيل ذلك عنهم أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى الهمذاني ثنا صالح بن أحمد الحافظ قال سمعت أبا جعفر أحمد بن عبدل يقول سمعت أحمد بن محمد بن سليمان التستري يقول سمعت أبا زرعة يقول إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم انه زنديق وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق وانما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وانما يريدون ان يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة "
الكفاية في علم الرواية 46 ـ الكفاية في علم الرواية ـ 51
==============
قال الإمام ابن أبي حاتم:
" فأما أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فهم الذين شهدوا الوحي والتنزيل وعرفوا التفسير والتأويل وهم الذين اختارهم الله - عز وجل - لصحبة نبيه – صلى الله عليه وسلم – ونصرته وإقامة دينه وإظهار حقه فرضيهم له صحابة وجعلهم لنا أعلأماوقدوة فحفظوا عنه – صلى الله عليه وسلم – ما بلغهم عن الله - عز وجل - وما سن وما شرع وحكم وقضى وندب وأمر ونهى وأدب، ووعوه وأتقنوه ففقهوا في الدين وعلموا أمر الله ونهيه ومراده بمعاينة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومشاهدتهم منه تفسير الكتاب وتأويله وتلقفهم منه واستنباطهم عنه، فشرفهم الله - عز وجل - بما مَنَّ عليهم وأكرمهم به من وضعه إياهم موضع القدوة فنفى عنهم الشك والكذب والغلط والريبة والغمز وسماهم عدول الأمة، فقال - عز ذكره - في محكم كتابه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (البقرة آية (143) ففسر النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الله - عز ذكره - قوله: (وسطاً قال: عدلاً، فكانوا عدول الأمة وأئمة الهدى وحجج الدين ونقلة الكتاب والسنة. وندب الله -عز وجل - إلى التمسك بهديهم والجري على منهاجهم والسلوك لسبيلهم والاقتداء بهم فقال: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى ... } (النساء آية (115
كتاب الجرح والتعديل (1/ 7).
==============
قال ابن عبد البر:
"الصحابة كلهم عدول، مرضيون، ثقات، أثبات، وهو أمر مجتمع عليه عند أهل العلم بالحديث".
التمهيد 22/ 47
قال القرطبي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/148)
"وهكذا القول في الصحابة إن شاء الله تعالىاشتركوا في الصحبة ثم تباينوا في الفضائل بما منحهم الله من المواهب والوسائل فهم متفاضلون بتلك من أن الكل شملتهم الصحبة والعدالة والثناء عليهم وحسبك بقول الحق (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار) إلىآخر السورة وقال: (وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها) ثم قال: (لايستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل) وقال: (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) فعم وخص ونفى عنهم الشين والنقص رضي الله عنهم أجمعين ونفعنا بحبهم آمين"
تفسير القرطبي 3/ 264
قال القرطبي:
"العدالة هي الاعتدال في الأحوال الدينية وذلك يتم بأن يكون مجتنبا للكبائر محافظا على مروءته وعلى ترك الصغائر.
================
قلت: فالصحابة كلهم عدول أولياء الله تعالى وأصفياؤه وخيرته من خلقه بعد أنبيائه ورسله هذا مذهب أهل السنة والذي عليه الجماعة من أئمة هذه الأمة. وقد ذهبت شرذمة لا مبالاة بهم إلى أن حال الصحابة كحال غيرهم فيلزم البحث عن عدالتهم ومنهم من فرق بين حالهم في بداءة الأمر فقال إنهم كانوا على العدالة إذ ذاك ثم تغيرت بهم الأحوال فظهرت فيهم الحروب وسفك الدماء فلا بد من البحث وهذا مردود فإن خيار الصحابة وفضلاءهم كعلي وطلحة والزبير وغيرهم رضي الله عنهم ممن أثنى الله عليهم وزكاهم ورضي عنهم وأرضاهم ووعدهم الجنة بقوله تعالى (مغفرة وأجرا عظيما) وخاصة العشرة المقطوع لهم بالجنة بإخبار الرسول هم القدوة مع علمهم بكثير من الفتن والأمور الجارية عليهم بعد نبيهم بإخبارهم لهم بذلك، وذلك غير مسقط من مرتبتهم وفضلهم إذ كانت تلك الأمور مبنية على الاجتهاد ... ".
تفسير القرطبي 16/ 254
قال النووي:
"ولهذا اتفق أهل الحق ومن يعتد به في الإجماع على قبول شهاداتهم ورواياتهم وكمال عدالتهم رضي الله عنهم أجمعين".
شرح مسلم 15/ 149
قال ابن حزم:
"والصحابة كلهم عدول رضي الله عنهم لثناء الله تعالى عليهم".
المحلى 5/ 92
=============
فبان بما قدمنا أن عدالة الصحابة العدالة الدينية بمعناها السلوكي، وهو اجتناب الكبائر والإصرار على الصغائر، واجتناب ما يقدح في المروءة، إجماع من المتقدمين من أهل الحديث والفقه والأصول، لا كما أردتم أن تصوروا للناس من أنه فهم خاطئ للمتأخرين.
وكل يوم نناقش ملحوظة من الملحوظات التي أرى أنكم جانبتم فيها الصواب.
محبكم /عبد الله الشنقيطي.
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 04:00 م]ـ
السلام عليكم أيها الأحبة ..
قبل الإجابة على ملاحظات الأخوين سليمان وعبد الله لدي تحفظات ثلاثة:
1 - طلبت من الأخوين التعريف بأنفسهما أكثر من مرة، لأن ما نتحدث فيه دين، ولا مكان فيه للهواة والمجاهيل. ولم يفعلا حتى الآن.
2 - كتبت عنوان ناشر الكتاب مرتين بعد طلب أحد الإخوة ذلك، وفي كلتا المرتين يتم حذفه. وكنت أعتقد أني أتحاور مع طلاب علم لا مع ضباط شرطة. وما قيمة حوار بدأ بالمصادرة؟
3 - طلبت من إدارة الملتقى مساعدتي فنيا على نشر نص الكتاب كاملا على الموقع، تفاديا للتعب التكرار، لأن أكثر الاعتراضات تمت الإجابة عنها في الكتاب، فلم تجب إدارة الملتقى ذلك.
(تنبيه من المشرف لايسمح بالدعاية أو بوضع رابط للكتاب حتى تتم المناظرة) والله الموفق لكل خير.
أخوكم/ محمد بن المختار الشنقيطي
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 05:23 م]ـ
من يناظرك طلبة علم بأسمائهم الصريحة. فدع عنك التهرب.
ولا نسمح لك بالدعاية لكتابك الذي احتوى على انحرافات ستُبين لك إن شاء الله؛ إلا بعد تعديله؛ ثم نعدك أن نعمل له تعريفًا ودعاية مجانية!
=======
فدع التهرب وأكمل ما طالبتنا به ..
ـ[الشافعي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 07:25 م]ـ
(تم الحذف من قبل المشرف)
(الأخ الشافعي:
1 - أرجو ترك التعليق كما ذكرت سابقًا حتى يفرغ أهل المناظرة من مناظرتهم.
2 - يظهر أنك لم تقرأ كلام الشنقيطي عن طبعته الجديدة وإلا لما استعجلت في قولك بأننا نعتمد على طبعة مبتورة .... الخ كلامك!!
الشنقيطي يقول لك ولغيرك بصريح العبارة في تعليق له سابق:
(((أما الرسالة فلم أغير فيها حرفا واحدا في طبعتها الجديدة، كل ما في الأمر أن الناشر أثبت الإحالات بعد أن غضبت عليه من حذفها)))!!!
ونحن لم ننازعه في الإحالات، إنما نازعناه في المضمون ..
فلا تتعجل وفقك الله، وزن كلامك.
رابط كلام الشنقيطي http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=23404&page=2
تعليق 23
وفقك الله للخير ..
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 08:26 م]ـ
السلام عليكم أخي الكريم المشرف العام والأخوين سليمان وعبد الله
هنيئا لكم النصر من غير قتال ..
لقد وعد النبي صى الله عليه وسلم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وهو محق، وذلك البيت أحب إلي من الكتاب وما فيه. لقدوجدت أن طريقتكم في الذب عن السنة هي ما رأيت من حجب حديث المحاور، والتستر على هوية أصحابكم بعد أن نشرتم تعريفا طويلا عريضا بشخصي المتواضع، رغم أن الأخوين اللذين ردا علي - إن كانا موجودين فعلا- ليسا معروفين بنشر علمي يعرفهما به القاصي والداني، رغم احترامي لهما ولكل مسلم ...
فلم تعد لدي رغبة في المناظرة مع من هدفه المراء وأسلوبه المصادرة.
ومرة أخرى هنيئا لكم النصر من غير قتال. وستجد السنة من يذب عنها ممن هو أكثر تواضعا وأقل تبجحا.
أما الراغبون في قراءة الكتاب وإبداء الملاحظات العلمية عليه فسيجدونه على الإنترنت قريبا بإذن الله.
والله يحفظكم
أخوكم/ محمد بن المختار الشنقيطي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/149)
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 09:38 م]ـ
هل نعد هذا تهربًا منك يا أستاذ محمد؟!
كان الأحرى بك أن تتواضع للحق ولإخوانك، وتتقبل ملحوظاتهم على رسالتك بعد أن يبينوا لك بالأدلة ما وقعت فيه من أخطاء وتجاوزات.
ومع هذا فقد تنزلنا معك عندما طلبت المناظرة، فوافقنا عليها على الفور.
ثم ها أنت تتعنت بأنني والأخ عبدالله غير معروفين لديك!
ولا أدري: هل من شروط قَبول الحق إذا ما بُين بأدلته أن يُعرف (أصل) صاحبه و (فصله) كما يُقال؟!
======
ومع هذا: سنتنزل معك في هذه؛ وأقول لك عن نفسي: راجع صفحتي على هذا الرابط فلعل فيها ما يفيدك: http://saaid.net/Warathah/Alkharashy/index.htm
=====
وأما عن الأخ عبدالله فليعرف بنفسه.
=====
وأما عن رسالتك فنحن لسنا في مقام الدعاية لها؛ حتى تُصلح ما بها من أخطاء؛ ثم أبشر بما يسرك.
وفقك الله للحق ..
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[02 - 01 - 05, 12:43 ص]ـ
وأذكرك بقول شيخ الإسلام - رحمه الله - وهو عمدتك في رسالتك؛ عندما قال في "الحموية" ص 153 من مجموعة "شذرات البلاتين" ط/ دار القلم:
(وليس كل من ذكرنا شيئاً من قوله من المتكلمين وغيرهم، نقول بجميع ما يقول في هذا وغيره، ولكن الحق يُقْبل من كل من تكلم به، وكان معاذ يقول في كلامه المشهور عنه الذي رواه أبو داود في "سننه": "اقبلوا الحق من كل من جاء به، وإن كان كافراً –أو قال فاجراً-).
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[02 - 01 - 05, 02:24 ص]ـ
عبد الله بن الشيخ بن أربيه الملقب: (ابن عمر).
من مواليد 1394.
حافظ لكتاب الله، وطلبت العلم على عدة مشايخ من الشناقطة.
أخذت عنهم النحو وبعض المتون الفقهية على مذهب مالك.
وأخذت علم الحديث عن الشيخ حاتم الشريف.
وأنا معروف يعرفني شيخك الشيخ محمد الحسن الددو جيدا، وجميع أصحابك الموجودين في الحجاز.
ويعرفني أكثر الشباب السلفي في موريتانيا، وكثير من مرتادي هذا المنتدى المبارك يعرفونني.
وللعلم ما اعتذرت به غير مقبول لأن طالب الحق لا ينظر إلى الرجال وإنما ينظر إلى ما قالوا هل هو حق أو باطل؟ وكما قيل أعرف الحق تعرف أهله، وأعرف الرجال بالحق ولا تعرف الحق بالرجال.
وعلى العموم، أنا لم آت بشيء من عندي، وإنما نقلت أقوال أهل العلم: الشافعي، وابن أبي حاتم، وابن حبان، والخطيب البغدادي هل هؤلاء مجاهيل لا يؤخذ عنهم العلم.
أم الأمر أمر الثعلب والعنب لما عجز عنه، قال إنه مر.
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[03 - 01 - 05, 10:45 ص]ـ
في هذه الوقفة سأ تناول ما طرح المؤلف حول مصطلح سب الأصحاب وقصره على اللعن دون غيره من باقي أنواع السب.
قال في ص 149
"إن مصطلحات " السب " و " الشتم " و " الذم " في سياق الفتن السياسية في صدر الإسلام لا تعني شيئا آخر غير اللعن، رغم إن هذه الألفاظ في وضعها اللغوي تشمل ما دون ذلك من أية أوصاف مستهجنة ".
والنقاش سيتركز على النقاط التالية.
1ـ هل للكاتب سلف في هذا القول.
2ـ خطورة هذا القول والكاتب نموذج.
3ـ مناقشة تمويهات الكاتب في استدلالاته لما ذكر.
لن أ ناقش المؤلف في المعنى اللغوي للسب ب فقد اعترف أنه في معناه اللغوي يشمل اللعن وغيره من الأوصاف المستهجنة، لكن أنا قشه في إخراجه المعنى اللغوي دون أي دليل، ومعلوم أن الألفاظ الشرعية واردة بلغة العرب، فالأصل بقاء المعنى اللغوي حتى يأتي ما يدل على نقله إلى المعنى الشرعي، أو العرفي، ولا بد لمن ادعى أحد المعنيين المتقدمين أن يأتي لما قال بدليل شرعي إن كان المعنى شرعيا، أو عرفي عن أهل الاصطلاح الذين جعلوه مصطلحا عرفيا ولم يأت الكاتب بأي من الدليلين فيبقى المعنى على ما تدل عليه اللغة.
===========
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/150)
والحقيقة المؤلمة أنني لم أجد للكاتب في هذا القول سلفا، مع خطورة القضية ووجود نص صحيح صريح فيها، وكثرة بحث أهل العلم لها، واختلافهم في تكفير الساب، مما يجعل توضيح القضية واجبا عليهم، فهم مطبقون على أن كل ما يسمى سبا يحرم التلفظ به في جانب الصحابة،وعدوه كبيرة من الكبائر، وفصلوا أنواع السب تفصيلا بينا، فلو كان السب المحرم في جانب الصحابة هو اللعن فقط ولم يبينه هؤلاء العلماء وينصوا عليه لكانوا للعلم كاتمين ولعباد الله ظالمين إذ كفروهم بغير مكفر، وفسقوهم بغير ذنب.
===========
وهذه نصوصهم على خلاف ما ذكر الكاتب. وفي تفسير القرطبي
"وقيل لمالك بن أنس رضي الله عنه من السفلة قال الذي يسب الصحابة "
تفسير القرطبي 9/ 24
: قال الإمام أحمد رحمه الله: " لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساوئهم، ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا بنقص، فمن فعل ذلك وجب على السلطان تأديبه وعقوبته، ليس له أن يعفو عنه، بل يعاقبه ويستتيبه، فإن تاب قبل منه، وإن ثبت عاد عليه بالعقوبة، وخلده الحبس حتى يموت أو يرجع ". طبقات الحنابلة 1/ 24
السنة للخلال.
وقال أبو عبدالله من تنقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينطوي إلا على بلية وله خبيئة سوء إذا قصد إلىخير الناس وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حسبك
وفي الكفاية للخطيب البغدادي:
" أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى الهمذاني ثنا صالح بن احمد الحافظ قال سمعت أبا جعفر أحمد بن عبدل يقول سمعت احمد بن محمد بن سليمان التستري يقول سمعت أبا زرعة يقول إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق وانما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وانما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة "
الكفاية في علم الرواية ج 1 ص 51
وقال الإمام أبو نعيم رحمه الله: " فلا يتتبع هفوات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وزللهم ويحفظ عليهم ما يكون منهم حال الغضب والموجدة إلا مفتون القلب في دينه ". (الإمامة لأبي نعيم 344).
قال البهيقي رحمه الله:
"وإذا ظهر أن حب الصحابة من الإيمان فحبهم أن يعتقد فضائلهم ويعترف لهم بها ويعرف لكل ذي حق منهم حقه ولكل ذي غناه في الإسلام منهم غناه ولكل ذي منزلة ثم رسرل الله ص منزلته وينشر محاسنهم ويدعو بالخير لهم ويقتدي بما جاء في أبواب الدين عنهم ولا يتبع زلاتهم وهفواتهم وتعمد تخير أحد منهم ببنيه عنه ويسكت عما لا تقع ضرورة إلىالخوض فيه مما كان بينهم وبالله التوفيق
عن أبي بكر بن عياش في أوصاف أهل السنة والجماعة ومن كف عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيما اختلفوا فيه فلم يذكر أحدا منهم إلا بخير "
شعب الإيمان 2/ 192
قال شيخ الإسلام:
"قال القاضي: ابو يعلى فقد اطلق القول فيه أنه يكفر بسبه لاحد من الصحابة وتوقف في رواية عبد الله وابي طالب عن قتله وكمال الحد وايجاب التعزير يقتضي أنه لم يحكم بكفره قال فيحتمل أن يحمل قوله ما اراه على الاسلام اذا استحل سبهم بأنه يكفر بلا خلاف ويحمل اسقاط القتل على من لم يستحل ذلك بل فعله مع اعتقاده لتحريمه كمن ياتي المعاصي قال ويحتمل أن يحمل قوله ما اراه على الاسلام على سب يطعن في عدالتهم نحو قوله ظلموا وفسقوا بعد النبي واخذوا الامر بغير حق ويحمل قوله في اسقاط القتل على سب لا يطعن في دينهم نحو قوله كان فيهم قلة علم وقلة معرفة بالسياسة والشجاعة وكان فيهم شح ومحبة للدنيا ونحو ذلك قال ويحتمل أن يحمل كلامه على ظاهره فتكون في سابهم روايتان احداهما يكفر والثانية يفسق وعلى هذا استقر قول القاضي وغيره حكوا في تكفيرهم روايتين.
الصارم المسلول ج: 3 ص: 1065
قال القرطبي في تفسيره:
"الخامسة روى أبو عروة الزبيري من ولد الزبير كنا عند مالك بن أنس فذكروا رجلا ينتقص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ مالك هذه الآية محمد"
ثم قال _ بعد أن ذكر الأدلة المحرمة لسبهم ـ:
"والأحاديث بهذا المعنى كثيرة فحذار من الوقوع في أحد منهم"
تفسير القرطبي ج16/ص298
قال القرطبي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/151)
"الثانية هذه الآية دليل على وجوب محبة الصحابة لأنه جعل لمن بعدهم حظا في الفيء ما أقاموا على محبتهم وموالاتهم والاستغفار لهم وأن من سبهم أو واحدا منهم أو اعتقد فيه شرا أنه لا حق له في الفيء روى ذلك عن مالك وغيره قال مالك من كان يبغض أحدا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أو كان في قلبه عليهم غل فليس له حق في فيء المسلمين ثم قرأ والذين جاءوا من بعدهم "
تفسير القرطبي 18/ 32 قال النووي:
"واعلم أن سب الصحابة رضي الله عنهم حرام من فواحش المحرمات سواء من لابس الفتن منهم وغيره لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون كما أوضحناه في أول فضائل الصحابة من هذا الشرح قال القاضي وسب أحدهم من المعاصي الكبائر ومذهبنا ومذهب الجمهور أنه يعزر ولا يقتل وقال بعض المالكية يقتل"
شرح النووي على صحيح مسلم 16/ 93
قال شيخ الإسلام بن تيمية:
"ونحن نرتب الكلام في فصلين احدهما في حكم سبهم مطلقا والثاني في تفصيل احكام السب أماالاول فسب أصحاب رسول الله حرام بالكتاب والسنة أماالاول فلإن الله سبحانه يقول ولا يغتب بعضكم بعضا وأدنى أحوال الساب لهم أن يكون مغتابا وقال تعالىويل لكل همزة لمزة والطاعن عليهم همزة لمزة ..... "
الصارم المسلول 3/ 1067
ثم ذكر شيخ الإسلام الأدلة من القرآن والسنة على حرمة سب الصحابة وعقوبة الساب وأدلة كل من قال أنه يؤدب ومن قال يقتل، ولا زم قول الساب من الطعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبسط المسألة بما لا يسع المقام ذكره هنا.
قال:
"وأما من سبهم سبا لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم أو عدم الزهد ونحو ذلك فهذا هو الذي يستحق التاديب والتعزير ولا يحكم بكفره بمجرد ذلك وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من العلماء وأمامن لعن وقبح مطلقا فهذا محل الخلاف فيهم لتردد الامر بين لعن الغيظ ولعن الاعتقاد"
الصارم المسلول 3/ 1110
وقد عد الذهبي سب الصحابة من الكبائر في كتابه الكبائر (ص233 - 237)
قال ابن كثير:
"وقد ذهب طائفة من العلماء إلىتكفير من سب الصحابة وهو رواية عن مالك بن أنس رحمه الله وقال محمد بن سيرين ما أظن أحدا يبغض أبا بكر وعمر وهو يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه الترمذي 3685
تفسير ابن كثير ج: 1 ص: 487
قال ابن السبكي: ((أجمع القائلون بعدم تكفير من سب الصحابة على أنهم فساق)). فتاوى السبكي 2/ 580
قال الشيخ سليمان العلوان:
"ولا أحسب أحداً ينقب عن عثرات الصحابة ويبحث لهم عن الزلات المبنية على الشبه الواهية إلا وقد رخص عليه دينه".
الاستنفار للذب عن الصحابة الأخيار ص 50
===============
فاتضح بهذه النصوص: أن أهل العلم جعلوا كل تنقص للصحابة سبا، وأمروا بتأديب فاعله فأين ما ادعاه الكاتب من أن اللعن فقط هو السب المنهي عنه؟؟ ليفتح الباب أمام كل متطاول على الصحابة أن يقول فيهم ما يشاء من السب، لكن لا يلعن كما فعل هو!!
خطورة القول الذي تبناه الكاتب، تحايل على النص النبوي الناهي عن سب الصحابة، تسوغ سب الصحابة لكن لا تلعن وقل بعد ذلك ما شئت من أنواع السب، واتهم أبا بكر بأنه قاتل أهل الردة من أجل الملك، ووو، ولا أظن أن الرافضة كانوا يحلمون في يوم من الأيام أن يأتي سني ويهدي لهم هذه الهدية، لا بأس بشتم الصحابة ما لم يكن هناك لعن.
==================
و الكاتب مثالا لما تقدم فهو أول ضحايا قاعدته هذه فقد سب بعض الصحابة وجدع وهذه أمثلة من كتابه، بين الكاتب أنه ألف كتابه لبيان كيف أدخل معاوية هذه الأمة في تيه الاستبداد وبدون هذا الإدراك؛فإن الأمة ستظل في هذا التيه، فهي لا يمكن أن تخرج منه إلا إذا فضحت المستبدين، ولا يمكن ذلك إذا كان المستبدين من الصحابة الذين أدخلوها في هذا التيه مسكوت عنهم بل يبرر ما فعلوا، كذا زعم.
قال في مقدمة كتابه ص 29
"فإن الأولوية اليوم هي كشف فضائح المستبدين، وتجريدهم من أي شرعية أخلاقية أو تاريخية.
... لكن كشف فضائح المستبدين المعاصرين غير ممكن ما دام الحديث عن الانحرافات السياسية التي بدأت في عصر الصحابة مطبوع بطابع التبرير والدفاع، لا بطابع الدراسة المجردة الهادفة إلى الاعتبار، وما دام الحديث عن تلك الفتن والخلافات السياسية يتحكم فيه فقه التحفظ، لا التقويم."!!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/152)
وقال في ص 37
"ومهما يرهق الباحث نفسه في تأصيل العدل في الحكم والقسم، فسيحج من المصابين بداء التجسيد من يحتج عليه قولا أو فعلا بعمل بعض الأكابر الذين آثروا أقاربهم بالولايات والأموال. ومهما يرهق نفسه في الحديث عن حق الأمة في اختيار قادتها، فسيجد من يحاججه قولا أو فعلا بعمل بعض الأكابر الذين ورثوا أبناءهم السلطة.
وليس من حل لهذه الأزمة الفكرية والعلمية سوى التقيد بوصية النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه " قول الحق وإن كان مرا "، وتسمية الأخطاء بأسمائها دون مواربة، وخصوصا أخطاء الأكابر الذين هم محل القدوة والأسوة من أجيال الأمة. "
هذان النصان واضحان يبين فيهما الكاتب أنه إنما قصد بتأليف كتابه ذكر هفوات الصحابة، والطعن بها عليهم، وهو ما فعله في كتابه.
وقد تركز طعنه على شخصيتين هما معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاصي رضي الله عنهما.
قال عن معاوية في 68
والآخذين بالمنهج التأصيلي يحاكمونه إلى المبادئ الإسلامية الأصيلة التي انبنت عليها دولة النبوة والخلافة الراشدة فيميلون إلىانتقاده. وهذا أمر منطقي كذلك نظرا للثغرات الكبيرة التي دخلت على نظام الحكم الإسلامي على يديه.
وقال عنه في ص 80
تحت عنوان الإقرار بثقل الإرث الجاهلي.
ولقد كان للأعراف الاجتماعية والتاريخية تأثيرا بالغا في إشعال الفتن السياسية بين الصحابة رضي الله عنهم وليس مما يستغرب أن يكون معاوية هو أول من حول الخلافة إلى ملك، فقد أمضى شطر عمره في بيت السيادة في قريش، وشطره الثاني على حدود دولة الروم.
ص 125
وتفسير حرب صفين بأسبابها الحقيقية وهي مطامح الملك لدي معاوية وعمرو، وتجاوزهما حدود الشرع في الدماء والجنايات في الطريقة التي طلبا بها الأخذ بدم عثمان.
وقوله ص 175 بعد أن ذكر مراسلة بين معاوية وأبي موسى الأشعري.
وتكشف هذه المراسلة عن الفرق بين تصور أبي موسى الأشعري لموضوع الخلافة الذي اعتبره جسيم أمر هذه الأمة. يخاف ربه إذا سأله عنه، وبين تصور معاوية الذي لم يكن يرى بأسا بالاستيلاء عليها بتوزيع العطايا والمناصب وإشهار السيوف والرماح.
وقوله في ص 179
وهو يتحدث عما أحدث معاوية من خرق في الحكم: وأخرج بناء السلطة من إطار مبادئ الشرع: كالشورى والبيعة والعدل .. إلى منطق القوة وقانون الغاب.
وقال في ص 85 فلو أن دارسا يكتب في نطاق صفة القوة مثل الخبرة العسكرية أو العبقرية الإدارية أو الدهاء السياسي، لوجد لدى شخصيات مثل عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان ما يستحق الإشادة والثناء دون ريب بل لوجدهم على قمة من عرفهم التاريخ البشري من القادة السياسيين والعسكريين والإداريين. لكن نفس الدارس لو كتب عن موضوعات تدخل في نطاق الأمانة مثل الشرعية السياسية، أو العدل في القسم والحكم، أو الزهد في الولايات العامة، وعدم الإيثار أو الاستئثار بها .. لوجد لدى تلك الشخصيات ذاتها ما يستحق النقد حقا لا ادعاء.
وقال عن خالد بن الوليد في ص84
إن منطق التكامل هو الذي دفع الصديق إلى التشبث بخالد في وقت ارتداد العرب ورميهم الإسلام عن قوس واحدة، رغم أنه كان لدى الصديق مآخذ على خالد منها سيفه المرهق وتصرفه في المال وتقدمه على الخليفة.
ورفض بعض فضائل معاوية كتولية عمر له.
قال في ص 109
صحيح إن مجرد تولية عمر لأي شخص لا تعني براءته من ارتكاب ظلم أو إتيان معصية، ..
وقال في ص 143
عن عثمان أنه آثر أهله وأقرباءه بالمناصب والمال.
ووصل به الاندفاع إلى حد جعله يجعل معاوية وعمرو بن العاص أشد خطرا في جانب الانحراف المتعلق بالخلافة من الخوارج.
قال في ص 157
ـ وهو يتحدث عن أخطاء علي رضي الله عنه السياسية ومنها عدم مدارات الخوارج ـ
" وأن يداري الخوارج ويخليهم وشأنهم وهو مهدد من طرف عدو أقوى منهم وأحسن تنظيما وتخطيطا، وأخطر على نظام الخلافة الذي كان لخوارج ـ على انحرافهم يؤمنون به إيمانا راسخا.
ولا تنس أن الخوارج كفروا عليا وكل الصحابة فما أدري ما هذه الخلافة التي يؤمنون بها ومن سيكون الخليفة فيها.
وأكبر مناقب علي التي امتدحه الرسول صلى الله بها وطائفته قتالهم للخوارج الذي جعله الكاتب من أخطئه السياسية.
قال في رده على ابن تيمية قوله إن معاوية وعمر لم يقاتلا من أجل الملك في ص 181
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/153)
" لقد كان حري بابن تيمية هنا أن يعترف ـ كما فعل دائما ـ بالطبيعة المركبة للفتنة، وباختلاط الشبهات والشهوات فيها، ويقبل أن دوافع معاوية وعمرو لم تكن مجرد شبهة الاقتصاص للخليفة الشهيد، بل خالطتها شهوة الملك وحب الدنيا.
وقال ردا على ابن تيمية قوله المتقدم ص 178
" إن كل هذه النصوص تدل على أن معاوية سعى إلى الملك بالفعل وبالقول، وصرح بمطامعه في قيادة الأمة دون لبس. فالقول بعد ذلك أنه لم ينازع عليا الخلافة ولا سعى إليها .. تكلف بارد كان الأولى بشيخ الإسلام ابن تيمية أن يتنزه عنه.
على أن دور معاوية أكبر من مجرد الخروج على الجماعة ومنازعة الأمر أهله. فهو الذي أرسى نظام الملك بديلا عن دولة الخلافة، فسن في الإسلامي تلك السنة السيئة، وفتح بها أبوابا من المظلم التي لم تتوقف، ومن الدماء آلتي لم تجف منذ أربعة عشر قرنا، وأخرج بناء السلطة من إطار مبادئ الشرع: كالشورى والبيعة والعدل .. إلى منطق القوة وقانون الغاب، وهو أمر لا يزال المسلون يعيشون مساوئه إلى اليوم.
فسواء تأولنا لمعاوية في مواقفه خلال الفتنة أم لم نتأول، فإن سلوكه السياسي اللاحق ليس مما يمكن التأويل له، وهو سلوك كان أبعد على الإسلام و المسلمين من الفتنة ذاتها، بل من أي حدث تارخي خلال أربعة عشرة المنصرمة. فقد كانت الفتنة التي قادها معاوية هدما لأركان الخلافة الراشدة، لكن ما فعله معاوية بعد الفتنة من توريث السلطة لابنه بالترغيب والترهيب كان أسوأ أثرا، لأنه إرساء لبناء جديد منحرف على أنقاض تلك الخلافة، وسد لأبواب استردادها. فليتكلف المتكلفون ما شاءوا في تأويلهم لما حدث أثناء الفتنة، لكنهم لن يجدوا ما يتأولونه لما حدث بعد ذلك، إذا كانوا حقا ممن يجعل قدسية المبادئ فوق مكانة الأشخاص. "
=================
ليس القصد من هذه النقول هنا الرد عليها، وإنما المقصود منها إثبات أن محمد بن المختار الشنقيطي ألف كتابه من أجل سب الصحابة وتنقصهم وقد فعل ذلك شاء من شاء وأبى من أبى.
=================
تمويه المؤلف:
لما أراد المؤلف أن يؤصل لقاعدته المتقدمة لم تسعفه النصوص الشرعية، ولا الفقهية ولا كلام شراح الحديث ولا كتب المقالات، ففكر وقدر؛ فوجد حديثا في صحيح مسلم، في قصة أحد أمراء بني أمية طلب من سهل بن سعد أن يشتم عليا فأبى، فلعن الأمير عليا، فطار بها وجعلها دليلا مع أنه لا دلالة فيها. واستعجل أن يراجع بعض طرق الحديث لتبيين ما طلبه الأمير من سهل، فقد بينت رواية ابن حبان للقصة ما طلب الأمير من سهل " عن سهل بن سعد أن رجلا جاءه فقال هذا فلان أمير من أمراء المدينة يدعوك لتسب عليا على المنبر قال أقول ماذا قال تقول له أبو تراب فضحك سهل فقال والله ما سماه إياه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان لعلي اسم أحب إليه منه دخل علي على فاطمة ثم خرج فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة فقال أين بن عمك قالت هو ذا مضطجع في المسجد فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فوجد رداءه قد سقط عن ظهره فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح التراب عن ظهره ويقول اجلس أبا تراب والله ما كان سم أحب إليه منه ما سماه إياه إلا رسول الله صلى لله عليه وسلم.
صحيح ابن حبان ج 15 ص 368
فهو لم يطلب منه إلا أن يسمي عليا باسم ظن أن له فيه تنقصا.
ثم موه بقصة يزيد ولا دليل فيها لعدة أمور، أولا يزيد ليس صحابيا، ثانيا لا يعد الخلاف حول لعنه الخلاف في لعن المعين المسلم.
فلا علاقة للقصة بسب الصحابة، وقصره على اللعن كما أراد الكاتب.
والله أعلم وإلى وقفة أخرى من هذه الوقفات المباركة.
وأعتذر للمتابعين الكرام عن تأخر هذه الوقفة، وسبب ذلك أنا كنا ننتظر جواب الكاتب على الوقفة السابقة.
محبكم / عبد الله الشنقيطي.
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[06 - 01 - 05, 03:27 ص]ـ
في هذه الوقفة سنتناول إخراج المؤلف مسألة فضل الصحابة، وعدالتهم من جمل قطعيات الدين، وزعمه أن المدخل لها في ذلك غال لا يميز بين الوحي والتاريخ.
قال في ص 130
"وإذا كان الصحابة رضي الله عنهم وهم يتقاتلون لم يصوغوا خلا فاتهم السياسية بلغة الكفر والإيمان، فحري بالباحثين اليوم أن يتقيدوا بذلك، ولا يخلطوا بين الوحي والتاريخ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/154)
فحسن التناول يقتضي من الدارس للخلافات السياسية بين الصحابة ـ وبين المسلمين عموما ـ أن يضع حدا فاصلا بين كليات العقيدة وفروع الدين، وأن لا يحول الفرع إلى أصل، فيقع في الغلو، ويحيد عن الجادة ".
و المسائل موضع النقاش.
1 ـ تقسيم الدين إلى فروع وأصول.
2ـ ما ذا يقصد الكاتب بقوله إن الصحابة لم يصوغوا خلافاتهم لغة الكفر والإيمان.
3ـ هل مسألة فضل الصحابة وعدالتهم من جمل قطعيات الدين.
أولا تقسيم الدين إلى أصول وفروع من خزعبلات المتكلمين التي لم يدل عليها كتاب ولا سنة ولا قول صاحب، بل كل هذه الأصول تدل على خلافه.
وأفضل من بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية فقال مبينا هذه القضية:
"والفرق بين مسائل الأصول والفروع إنما هو من أقوال أهل البدع من أهل الكلام من المعتزلة والجهمية ومن سلك سبيلهم. وانتقل هذا القول إلى أقوام تكلموا بذلك في أصول الفقه، ولم يعرفوا حقيقة هذا القول ولا غوره.
قالوا: والفرق في ذلك بين مسائل الأصول والفروع كما أنه بدعة محدثة في الإسلام، لم يدل عليها كتاب ولا سنة ولا إجماع، بل ولا قالها أحد من السلف والأئمة، فهي باطلة عقلا؛ فإن المفرقين بين ما جعلوه مسائل أصول ومسائل فروع لم يفرقوا بينهما بفرق صحيح يميز بين النوعين، بل ذكروا ثلاثة فروق أو أربعة كلها باطلة.
فمنهم من قال: مسائل الأصول هي العلمية الاعتقادية التي يطلب فيها العلم والاعتقاد فقط، ومسائل الفروع هي العملية التي يطلب فيها العمل.
قالوا: وهذا فرق باطل فإن المسائل العملية فيها ما يكفر جاحده، مثل وجوب الصلوات الخمس والزكاة وصوم شهر رمضان وتحريم الزنا والربا والظلم والفواحش. وفي المسائل العلمية مالا يأثم المتنازعون فيه، كتنازع الصحابة: هل رأى محمد ربه؟ وكتنازعهم في بعض النصوص: هل قاله النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ وما أراد بمعناه؟ وكتنازعهم في بعض الكلمات: هل هي من القرآن أم لا؟ وكتنازعهم في بعض معاني القرآن والسنة: هل أراد الله ورسوله كذا وكذا؟ وكتنازع الناس في دقيق الكلام: كمسألة الجوهر الفرد، وتماثل الأجسام، وبقاء الأعراض، ونحو ذلك؛ فليس في هذا تكفير ولا تفسيق.
قالوا: والمسائل العملية فيها علم وعمل، فإذا كان الخطأ مغفورا فيها، فالتي فيها علم بلا عمل أولى أن يكون الخطأ فيها مغفورا.
ومنهم من قال: المسائل الأصولية هي ما كان عليها دليل قطعي، والفرعية ما ليس عليها دليل قطعي.
قال أولئك: وهذا الفرق خطأ أيضا، فإن كثيرا من المسائل العملية عليها أدلة قطعية عند من عرفها، وغيرهم لم يعرفها، وفيها ما هو قطعي بالإجماع، كتحريم المحرمات الظاهرة، ووجوب الواجبات الظاهرة ..
ومنهم من فرق بفرق ثالث، وقال: المسائل الأصولية هي المعلومة بالعقل، فكل مسألة علمية استقل العقل بدركها، فهي من مسائل الأصول التي يكفر أو يفسق مخالفها. والمسائل الفروعية هي المعلومة بالشرع. قالوا: فالأول كمسائل الصفات والقدر، والثاني كمسائل الشفاعة وخروج أهل الكبائر من النار.
فيقال لهم: ما ذكرتموه بالضد أولى؛ فإن الكفر والفسق أحكام شرعية، ليس ذلك من الأحكام التي يستقل بها العقل. فالكافر من جعله الله ورسوله كافرا، والفاسق من جعله الله ورسوله فاسقا، كما أن المؤمن والمسلم من جعله الله ورسوله مؤمنا ومسلما، والعدل من جعله الله ورسوله عدلا، والمعصوم الدم من جعله الله ورسوله معصوم الدم، والسعيد في الآخرة من أخبر الله ورسوله عنه أنه سعيد في الآخرة، والشقي فيها من أخبر الله ورسوله عنه أنه شقي فيها، والواجب من الصلاة والصيام والصدقة والحج ما أوجبه الله ورسوله، والمستحقون لميراث الميت من جعلهم الله ورسوله وارثين، والذي يقتل حدا أو قصاصا من جعله الله ورسوله مباح الدم بذلك،والمستحق للفيء والخمس من جعله الله ورسوله مستحقا لذلك، والمستحق للموالاة والمعاداة من جعله الله ورسوله مستحقا للموالاة والمعاداة، والحلال ما أحله الله ورسوله، والحرام ما حرمه الله ورسوله، والدين ما شرعه الله ورسوله فهذه المسائل كلها ثابتة بالشرع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/155)
وأما الأمور التي يستقل بها العقل فمثل الأمور الطبيعية، مثل كون هذا المرض ينفع فيه الدواء الفلاني، فإن مثل هذا يعلم بالتجربة والقياس وتقليد الأطباء الذين علموا ذلك بقياس أو تجربة. وكذلك مسائل الحساب والهندسة ونحو ذلك، هذا مما يعلم بالعقل. "
منهاج السنة النبوية ج: 5/ 87 / 91
ولنأخذ مثلا من التعريفات التي ذكر شيخ الإسلام، قضية القطعية، فلا شك أن فضل الصحابة وعدالتهم قطعية فقد وردت في القرآن، ولا شك في قطعية كل ما ورد في القرآن، وتواترت بها السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكرها العلماء في جمل قطعيات الدين؛ ولهذا وضع الذين قسموا الدين إلى أصول وفروع مسألة الصحابة من الأصول كما فعل الغزالي في قواعد العقائد ج: 1 ص: 227
والآمدي غاية المرام ج: 1 ص: 390
والأشعري في رسالة إلى أهل الثغر ج: 1 ص: 303
وأما قوله إن الصحابة لم يصوغوا خلافاتهم السياسية لغة الكفر والإيمان. إن كان يقصد أنهم لم يكفر بعضهم بعضا فهذا صحيح. ونحن نقول لا يجوز اعتقاد فسق أحد منهم فضلا عن تكفيره.
أو كان يقصد أنهم لم يجعلوا ما جعله الأئمة من العقيدة من وجوب السكوت عن سبهم، أو تنقص من شارك منهم في الفتنة، واعتقاد فضل الصحابة وعدالتهم، ووجوب حبهم؛ فهذا خطأ بين على الصحابة تبين المنقولات التالية عنهم خطأه.
أخرج الحاكم وصححه عن سعيد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال: "الناس على ثلاثة منازل، فمضت منزلتان، وبقيت واحدة، فأحسن ما أنتم عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت. قال: ثم قرأ: {للفقراء المهاجرين} إلىقوله: {رضوانا} فهؤلاء المهاجرون. وهذه منزلة قد مضت {والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم} إلىقوله: {ولو كان بهم خصاصة}. قال: هؤلاء الأنصار. وهذه منزلة قد مضت. ثم قرأ: {والذين جاءوا من بعدهم} إلىقوله: {ربنا إنك رءوف رحيم} قد مضت هاتان وبقيت هذه المنزلة، فأحسن ما أنتم كائنون عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت. يقول: أن تستغفروا لهم" رواه الحاكم 2/ 3484 وصححه).
وقالت عائشة رضي الله عنها: ((أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فسبوهم)) (رواه مسلم في كتاب التفسير-حديث [3022] صحيح مسلم 4/ 2317).
وعن مجاهد، عن ابن عباس، قال: ((لا تسبوا أصحاب محمد، فإن الله قد أمر بالاستغفار لهم، وقد علم أنهم سيقتتلون)) رواه أحمد في الفضائل رقم (18)
قال ابن عمر: ((لا تسبوا أصحاب محمد، فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم أربعين سنة)). (رواه أحمد في فضائل الصحابة 1/ 61 وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة 1/ 32).
وروى مسلم في صحيحه (3/ 1461) بإسناده إلىالحسن بن عائذ بن عمرو وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، دخل على عبيد الله بن زياد فقال: أي بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن شر الرعاء الحطمة)، فإياك أن تكون منهم، فقال له اجلس فإنما أنت من نخالة – أي من قشور أو حثالة - أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: وهل كانت لهم نخالة، إنما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم.
كون عدالة الصحابة، وفضلهم، وحرمة سبهم، ووجوب محبتهم، وحمل أعمالهم إلى أحسن الوجوه من كليات الدين وقطعياته لا شك فيه لهذا فقد ذكرها جميع أهل العلم الذين صنفوا في جمل الدين وقطعياته التي يجب على المسلم أن يعتقدها.
قال محمد بن عبد الله في كتابه اعتقاد أهل السنة في الصحابة:
ولا يمكن أن نجد كتاباً من كتب أهل السنة التي تبحث جوانب العقيدة المختلفة إلا ونجد هذا المبحث؛ ككتاب ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة)) اللالكائي و ((السنة)) لابن أبي عاصم، و ((السنة)) لعبد الله أحمد بن حنبل، و ((الأبانة)) لابن بطة، و ((عقيدة السلف أصحاب الحديث)) للصابوني. . وغيرها. بل كل إمام من أئمة السنة حينما يذكر عقيدته ولو في ورقة واحدة أو أقل، لا بد وأن يشير إلى موضوع الصحابة؛ إما من جهة فضلهم، أو فضل الخلفاء الراشدين، أو من جهة عدالتهم، والنهي عن سبهم والطعن فيهم، أو الإشارة إلى الكف والإمساك عما شجر بينهم. . الخ (راجع على سبيل المثال: ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة)) للألكائي (ت 418 هـ) (10/ 151 - 186) حيث ذكر المؤلف عقيدة عشرة من كبار أئمة أهل السنة، أشاروا إلى ما ذكرت، وقد حققه د. أحمد سعد حمدان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/156)
الغامدي).
قال راقم هذه الحروف: وقد صنف شيخ الإسلام العقيدة الواسطية، وقال عنها إنها عقيدة جميع السلف والصحابة، وذكر فيها مسألة الكف عما شجر بين الصحابة.
وليضف الكاتب جميع أهل العلم الذين ذكر ابن تيمية أنهم أدخلوا مسألة الصحابة في الاعتقاد إلى خانة الغلاة.
قال شيخ الإسلام ـ في مناظرته مع الفقهاء الذين أنكروا عليه بعض الأشياء في العقيدة الواسطية ـ:
"ولما رأى هذا الحاكم العدل: ممالاتهم، وتعصبهم، ورأى قلة العارف الناصر، وخافهم قال: أنت صنفت اعتقاد الإمام أحمد، فنقول هذا اعتقاد احمد، يعنى والرجل يصنف على مذهبه فلا يعترض عليه ن فإنه ذا مذهب متبوع، وغرضه بذلك قطع مخاصمة الخصوم.
فقلت: ما جمعت إلا عقيدة السلف الصالح جميعهم، ليس للإمام أحمد اختصاص بهذا، والإمام أحمد إنما هو مبلغ العلم الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، ولو قال أحمد من تلقاء نفسه ما لم يجئ به الرسول لم نقبله، وهذه عقيدة محمد صلى الله عليه وسلم!!
وقلت مرات: قد أمهلت كل من خالفني في شيء منها ثلاث سنين، فإن جاء بحرف واحد عن أحد من القرون الثلاثة ـ التي أثنى عليها النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: "خير القرون القرن الذي بعثت فيه، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" يخالف ما ذكرته فأنا أرجع عن ذلك"
مجموع فتاوى ابن تيمية ج: 3 ص: 169
وقد بين شيخ الإسلام أن هذه المسألة من جملة قطعيات الدين التي تقاتل الجماعة التي لا تلتزم بهذه العقيدة حتى تلتزمها.
فقال:
"كل طائفة خرجت عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين وإن تكلمت بالشهادتين. فإذا أقروا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلوات الخمس وجب قتالهم حتى يصلوا. وإن امتنعوا عن الزكاة وجب قتالهم حتى يؤدوا الزكاة. وكذلك إن امتنعوا عن صيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق. وكذلك أن امتنعوا عن تحريم الفواحش، أو الزنا، أو الميسر، أو الخمر، أو غير ذلك من محرمات الشريعة. وكذلك إن امتنعوا عن الحكم في الدماء والأموال والأعراض والأبضاع ونحوها بحكم الكتاب والسنة. وكذلك إن امتنعوا عن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر،وجهاد الكفار إلى أن يسلموا ويؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون. وكذلك إن أظهروا البدع المخالفة للكتاب والسنة واتباع سلف الأمة وأئمتها؛ مثل أن يظهروا الألحاد في أسماء الله وآياته، أو التكذيب بأسماء الله وصفاته، أو التكذيب بقدره وقضائه، أو التكذيب بما كان عليه جماعة المسلمين على عهد الخلفاء الراشدين، أو الطعن في السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، أو مقاتلة المسلمين حتى يدخلوا في طاعتهم التي توجب الخروج عن شريعة الإسلام وأمثال هذه الأمور".
مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 511
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[08 - 01 - 05, 08:41 م]ـ
في هذه الوقفة سأتناول ما ذكر المؤلف عن موقف أهل السنة مما جرى بين الصحابة.
يقول في ص 133
(والذي يستقرئ موقف أهل السنة من الفتنة فلن يجد مذهبا واحدا، كما يريد أن يقنعنا به أصحاب التهويل والتعميم، بل سيجد مذاهب خمسة على الأقل:
1 ـ مذهب الممسكين عن الخوض مطلقا وهذا الذي عليه متكلموا أهل السنة، ..
2 ـ مذهب الداعين إلى الإمساك عنه مع الخوض فيه، كالذهبي في "تاريخ الإسلام"و" سير أعلام النبلاء " وابن كثير في "البداية والنهاية ". ويحل خوضهم على أنه ترخص لغرض تعليمي، وأن المراد بالخوض عندهم ما كان على سبيل الذم والقدح.
3 ـ مذهب الخائضين في الخلاف مع التأول لكل الأطراف بإن كلا منها مجتهد مأجور، وهذا مذهب مشهور ذائع اتبعه جماهير الأمة عبر القرون، خصوصا غير المتمكنين من خلفيات الأحداث ومراميها.
4ـ مذهب الخائضين دون تأويل، وقد اشتهر من أهله بعض علماء التابعين أمثال الحسن البصري والربيع بن نافع …
5 ـ مذهب المغالين في الدفاع، المنفعلين بردة الفعل، المتأولين للصحابة ولغير الصحابة، بحق وبغير حق. وهذا الذي أدعوه " التشيع السني ". ويمثله ابن العربي وتلامذته المعاصرون. وهذا المذهب الأخير هو الأعلى صوتا اليوم، وأقوى نبرة، لأسباب سياسية ومذهبية كثيرة ليس هذا مكان عرضها. كما يغذه جهل أبناء الأمة بتاريخها في هذا العصر).
قال في ص 155
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/157)
"ومن المصطلحات المثيرة للبس في أذهان طلاب العلم وعمامة المسلمين مصلح " الكف عما شجر بين الصحابة " الذي تردد ذكره في العقائد والمقولات والفرق، حتى أصبح يعد أصلا من أصول أهل السنة والجماعة. وقد ذكر اللالكائي من " اعتقاد أهل السنة " " الترحم على جميع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم والكف عما شجر بينهم "
مرد اللبس هنا أيضا هو عدم فهم المصلح في السياق الزمني الذي استخدمه علماء الإسلام فيه. فقد أراد أعلام الإسلام بهذا المصطلح معنيين: أحدهما إلجام من لم يتسلح بتفاصيل تلك الأحداث ودقائقها من المصادر الموثوقة عن الخوض فيها أصلا، حذرا من المجازفة في النقل والكذب على الأصحاب، والثاني: النهي عن الخوض المؤدي إلى لعن الصحابة أو تكفيرهم .. مما اعتاد المبتدعة على فعله".
ولكن الخلف فهموا من كلام السلف هنا غير ما أرادوا، وأوله بإن المراد به الإمساك مطلقا عن الحديث في الموضوع أو تناوله ولو لغرض التأصيل الشرعي والاعتبار التاريخي، فضيقوا واسعا، وألزموا الناس بما لا يلزم.
====================
النقاط موضع النقاش:
1ـ هل لأهل لأهل السنة مما جرى بين صحابة عدة مذاهب كما ادعى الكاتب؟
2ـ وهل المقصود بأمرهم الكف عن ذلك ناس معينون كما قال؟
هذا الكلام الذي ادعاه المؤلف عن أهل السنة في الموقف من ذكر ما جرى بين الصحة، مجرد ادعاء لم يقم عليه المؤلف دليلا من كلام أهل السنة، فأهل السنة لم يختلفوا في قضية الكلام فيما جرى ين الصحابة، بل موقفهم فيه واضح؛ وتحريره: أن ذكر ما جرى بين الصحابة على وجه التاريخ دون طعن على أحد منهم فهذا مكروه عندهم، لأنه لا عمل تحته، ويخاف أن يجر صاحبه إلى المحذور، فنهيهم عنه من باب صد الذرائع.
، وهذا وجيه من الناحية الشرعية والعقلية، فلا يشك شاك أن الإنسان لو كف عن عمل لا ينفعه، وقد يضره دل كفه على كمال عقله وتورع لدينه، وأن فعله له يدل على ضعف في عقله، وقلة احتياط لدينه.
وأما ذكره على وجه الطعن عليهم به، والكلام فيهم بما ينافي فضلهم فلا شك في حرمته، ولم يختلف أهل السنة في تحريمه وتبديع فاعله، وهذا الإجماع مبني على نصوص كثيرة من الكتاب والسنة تبين فضل الصحابة، ومتانة دينهم وحسن استقامتهم، وتنهى عن سبهم وتنقصهم.
وهذا ذكر كلامهم الذي يدل على ما ذكرت عنهم:
====================
في السنة للخلال
723 أخبرني عصمة بن عصام قال قال حنبل أردت أن أكتب كتاب صفين والجمل عن خلف بن سالم فأتيت أبا عبد الله أكلمه في ذاك وأسأله فقال وما تصنع بذاك وليس فيه حلال ولا حرام وقد كتبت مع خلف حيث كتبه فكتبت الأسانيد وتركت الكلام وكتبها خلف وحضرت غندر واجتمعنا عنده فكتبت أسانيد حديث شعبة وكتبها خلف على وجهها قلت له ولم كتبت الأسانيد وتركت الكلام قال أردت إنأعرف ما روى شعبة منها قال حنبل فأتيت خلف فكتبتها فبلغ أبا عبدالله فقال لأبي خذ الكتاب فاحبسه عنه ولا تدعه ينظر فيه
إسناده صحيح
السنة للخلال ج: 2 ص: 464
وجه الدلالة على ما ذكرنا: أن أحمد بن حنبل لم يقل له هذا حرام، ولم يبدعه فيما فعل، ولكن كره له ذلك وبين له وجه كراهيته له.
وقد حرر الإمام الذهبي هذه المسألة في سير أعلام النبلاء فقال:
"كما تقرر الكف عن كثير مما شجر بين الصحابة وقتالهم رضي الله عنهم أجمعين وما زال يمر بنا ذلك في الدواوين والكتب والأجزاء ولكن أكثر ذلك منقطع وضعيف وبعضه كذب وهذا فيما بأيدينا وبين علمائنا فينبغي طيه وإخفاؤه بل إعدامه لتصفو القلوب وتتوفر على حب الصحابة والترضي عنهم وكتمان ذلك متعين عن العامة وآحاد العلماء وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوة للعالم المنصف العري من الهوى بشرط أن يستغفر لهم كما علمنا الله تعالىحيث يقول والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا الحشر 10 فالقوم لهم سوابق وأعمال مكفرة لما وقع منهم وجهاد محاء وعبادة ممحصة ولسنا ممن يغلو في أحد منهم ولا ندعي فيهم العصمة .. فأما ما تنقله الرافضة وأهل البدع في كتبهم من ذلك فلا نعرج عليه ولا كرامة فأكثره باطل وكذب وافتراء فدأب الروافض رواية الأباطيل أو رد ما في الصحاح والمسانيد ومتى إفاقة من به سكران"
سير أعلام النبلاء ج: 10 ص: 92
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/158)
====================
وقال السفاريني:
واحذر من الخوض الذي قد يزري ... بفضلهم مما جرى لو تدري
فإنه عن اجتهاد قد صدر ... فاسلم أذل الله من لهم هجر
فبين أن الخوض المحرم هو الخوض المؤدي إلى انتقاص أحد من الصحابة أو سبه.
قال الشوكاني رحمه في جوابه لمن سأله عما جرى بين الصحابة:
إن كان هذا السائل طالبا للنجاة، فليدع الاشتغال بهذه الأمور في هذا المضيق الذي تاهت فيه الأفكار، فإن هؤلاء الذين تبحث عن حوادثهم وتتطلع لمعرفة ما شجر بينهم قد صاروا تحت أطباق الثرى ولقوا ربهم في المائة الأولى من البعثة وهانحن الان في المائة الثالثة عشر، فما لنا والاشتغال بهذا الشأن الذي لا يعنينا " ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنه " وأي فائدة لنا في الدخول في الأمور التي فيها ريبة، وقد أرشدنا إلىأن ندع ما يريبنا إلىما لا يريبنا.ويكفينا في تلك القلاقل والزلازل، أن نعتقد أنهم خير القرون وأفضل الناس .... فرحم الله امرئا اشتغل بما أوجبه الله عليه وطلبه منه، وترك ما لا يعود عليه بنفع لا في الدنيا ولا في الآخرة، بل يعود عليه بالضرر، ومن ظن خلاف هذا فهو مغرور مخدوع، قاصر الباع عن إدراك الحقائق، ومعرفة الحق على وجهه كائنا من كان.
إرشاد السائل إلىدلائل المسائل ص 45 ـ 46
فهذا الكلام رد لطيف على قول المؤلف " ولو لغرض التأصيل الشرعي والاعتبار التاريخي، فضيقوا واسعا، وألزموا الناس بما لا يلزم."
وهذا الكلام باطل من وجوه: أحدها أن التأصيل العلمي لكل القضايا الشرعية قد قام به علماء الأصول في كلامهم على مصادر الشريعة، فكل فعل أو قول خالف الكتاب والسنة مردود ولو قاله من قاله أو فعله من فعله.
وأما الاعتبار بحياتهم فقد قام به أهل العلم خير قيام فنشروا مناقبهم التي بلغوا بها ما بلغوا من الإيمان الصادق والعمل الصالح فمكن الله لهم من العز في الدنيا ما قد علمه القاصي والداني و وعدهم عليها من حسن الجزاء في الآخرة ما الله به عليم، وتركوا ذكر أعمالهم التي ليست موضع قدوة فهم بشر لا يخلون من خطئ لكن خطأهم نقطة في بحر فضائلهم، وهذا هو المنهج الصحيح.
قال أبو نعيم: " لم يأمرهم بالإمساك عن ذكر محاسنهم وفضائلهم، وإنما أمروا بالإمساك عن ذكر أفعالهم وما يفرط منهم في ثورة الغضب وعارض الوجدة ". (الإمامة 347).
وفي السنة للخلال:
825وأخبرني محمد بن جعفر ومحمد بن أبي هارون إن أبا الحارث قال جاءنا عدد ومعهم ذكروا أنهم من الرقة فوجهنا بها إلى أبي عبد الله ما تقول فيمن زعم أنه مباح له أن يتكلم في مساوئ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو عبدالله هذا كلام سوء رديء يجانبون هؤلاء القوم ولا يجالسون ويبين أمرهم للناس
إسناده صحيح
======================
قال الأشعري:
الإجماع الثامن والأربعون
وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به وعلى أنهم أحق أن ينشر محاسنهم ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج وأن نظن بهم أحسن الظن.
رسالة إلى أهل الثغر ج: 1 ص: 303
وقال أبو نعيم: "فمن أسوأ حالاً ممن خالف الله ورسوله وآب بالعصيان لهما والمخالفة عليهما. ألا ترى أن الله تعالى أمر نبيه -صلى الله عليه وسلم- بإن يعفو عن أصحابه ويستغفر لهم ويخفض لهم الجناح، قال تعالى: {ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر} (سورة آل عمران: 159). وقال: {واخفض جناحك لمن تبعك من المؤمنين} (سورة الشعراء: 215).
فمن سبهم وأبغضهم وحمل ما كان من تأويلهم وحروبهم على غير الجميل الحسن، فهو العادل عن أمر الله تعالى وتأديبه ووصيته فيهم. لا يبسط لسأنه فيهم إلا من سوء طويته في النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته والإسلام والمسلمين" (الإمامة: ص 375 - 37).
قال الداني: " من قولهم أن يحسن القول في السادة الكرام، أصحاب محمد عليه السلام وأن تذكر فضائلهم وتنشر محاسنهم، ويمسك عما سوى ذلك مما شجر بينهم ..
الرسالة الوفية ص 132
وقال الصابوني: " ويرون الكف عما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتطهير الألسن عن ذكر يتضمن عيبا لهم ونقصا فيهم."
عقيدة الصلف أصحاب الحديث ص 294
قال حافظ حكمي:
"ثم السكوت واجب عما جرى ... بينهم من فعل ما قد قدرا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/159)
فكلهم مجتهد مثاب ... وخطؤهم يغفره الوهاب
أجمع أهل السنة والجماعة الذين هم أهل الحل والعقد الذين يعتد بإجماعهم على وجوب السكوت عن الخوض في الفتن التي جرت بين الصحابة رضي الله عنهم بعد قتل عثمان رضي الله عنه والاسترجاع على تلك المصائب التي أصيبت بها هذه الأمة والاستغفار للقتلى من الطرفين والترحم عليهم وحفظ فضائل الصحابة والاعتراف لهم بسوابقهم ونشر مناقبهم، عملا بقول الله عز وجل "والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان " (الحشر 10) الآية، واعتقاد أن الكل منهم مجتهد إن أصاب فله أجران، أجر على اجتهاده وأجر على إصابته، وإن أخطأ فله أجر الاجتهاد والخطأ مغفور، ولا نقول أنهم معصومون بل مجتهدون إما مصيبون وإما مخطئون لم يتعمدوا الخطأ في ذلك، وما روى من الأحاديث في مساويهم الكثير منه مكذوب، ومنه ما قد زيد فيه أو نقص مه وغير عن وجهه، والصحيح منه هم فيه معذورون".
معارج القبول 3/ 1208
====================
وبعد هذه النقل التوضيحي لمذهب أهل السنة، في الخوض فيما شجر بين الصحابة وأنهم مجمعون على حرمة الخوض المؤدي إلى الطعن فيهم أو سبهم أو تنقصهم.
وعند التأمل تجد أن الكاتب أخذ هذا القول وشققه، فإن أربعة من الأقوال الخمسة التي ذكر تجمع على عدم الخوض في ما شجر بين الصحابة بما يتضمن تنقصا لهم أو عيبا.
بقي القول الذي ذكره عن الحسن فنقول متى كان يؤخذ من حوادث العين مذهبا، مع ما ذكره أهل العلم من إجماعات لم يستثنوا منها الحسن،والحسن من الشهرة بمكان، فلو كان له مذهب خاص به دون أهل العلم لذكروه في المقالات التي ينقلون عن أهل العلم، فلما لم يذكروا له مذهبا خاصا دل ذلك على عدم وجود مذهب له في ذكر ما جرى بين الصحابة خارج عن مذهب أهل العلم الآخرين.
وقد نقل عن الحسن نفسه ما يؤكد أنه على مذهب أهل العلم الآخرين.
نقل القرطبي في تفسيره قال: " سئل الحسن البصري رحمه الله تعالىعن قتال الصحابة فيما بينهم فقال: قتال شهده أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وغبنا، وعلموا وجهلنا، واجتمعوا فاتبعنا، واختلفوا فوقفنا.
تفسير القرطبي 16/ 332
فلم يبق هناك بعد هذا الكلام الواضح من الحسن البصري لأهل السنة إلا موقف واحد من الفتنة التي وقعت من الصحابة، وهو ما يذكره أهل السنة والجماعة في كتبهم عنها.
قال الحافظ: "واتفق أهل السنة على وجوب منع الطعن على أحد من الصحابة بسبب ما وقع لهم من ذلك ولو عرف المحق منهم لأنهم لم يقاتلوا في تلك الحروب إلا عن اجتهاد وقد عفا الله تعالى عن المخطئ في الاجتهاد بل ثبت أنه يؤجر أجرا واحدا وأن المصيب يؤجر أجرين "
فتح الباري ج 13 ص 34
أو مذهب أهل البدع الخوض فيما شجر بينهم بنية الوقيعة في بعضهم أو في أحدهم كما فعل الكاتب في كتيبه. وأهل السنة منه براء.
هل المقصود بما ذكر من مذهب أهل العلم في الكف عما شجر بين الصحابة، ناس دون ناس، لا يشك أي إنسان أن قول أهل السنة في هذه المسألة عقيدة قطعية دل عليها الكتاب والسنة وأجمع عليها أهل السنة، فمثل هذا دين قطعي، والدين القطعي يعم جميع المكلفين.
====================
وأما قوله:
"مرد اللبس هنا أيضا هو عدم فهم المصطلح في السياق الزمني الذي استخدمه علماء الإسلام فيه".
فهذا النص تشم منه رائحة كلام العلمانيين حين يدعون إلى قراءة النص الديني كما قالوا قراءة تاريخية، ويعنون بذلك قاتلهم الله أن القرآن والسنة ناسبا الحياة البشرية وتكيفت معهما في فترة معينة وولت هذه الفترة أما الفترة المعاصرة فلا يصلحان لها، وفي هذا القول من الزندقة ما لا يخفى على ذي عين. ومع ما ذكر نعيذ الكاتب من هذا القول ونظن به الخير، وهو وإن وافقهم في الفظ إلا أننا نعتقد أنه لا يوافقهم في المعنى على الإطلاق. أما هذا المصطلح فهو مصطلح شرعي مبني على كثير من النصوص الشرعية كتابا وسنة، وقد مر معك بعضها مما يجعله شاملا للزمن كله، وما ذكره الكاتب من قوله:
"فقد أراد أعلام الإسلام بهذا المصطلح معنيين: أحدهما إلجام من لم يتسلح بتفاصيل تلك الأحداث ودقائقها من المصادر الموثوقة عن الخوض فيها أصلا، حذرا المجازفة في النقل والكذب على الأصحاب، والثاني: النهي عن الخوض المؤدي إلى لعن الصحابة أو تكفيرهم .. مما اعتاد المبتدعة على فعله".
وهل الواقع اليوم من الكلام في الصحابة إلا ما ذكره الكاتب، فكان على الفهم الذي اختاره الكاتب لكلام السلف يجب أن يوصي بغلق باب الكلام فيهم، أما رأى الكاتب كلام المستشرقين في الصحابة، وكلام الرافضة، وكلام بعض المنتسبين إلى الدعوة، كله من هذا المعجن وحتى كلام الكاتب في كتابه هو لا يخرج عن ما ذكر.
محبكم / عبد الله الشنقيطي(29/160)
مناظرة حول كتاب (الخلافات السياسية بين الصحابة) لمحمد المختار الشنقيطي
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[31 - 12 - 04, 07:04 م]ـ
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
كنتُ قد كتبت حلقتين من سلسلة حلقات أتناول فيها كتاب الأستاذ محمد المختار الشنقيطي: (الخلافات السياسية بين الصحابة) بالنقد لما جاء فيه من أخطاء ومخالفات لمنهج أهل السنة عند تناولهم لهذا الموضوع.
ثم أعلمني أحد الإخوة أن الشيخ عبدالله الشنقيطي حفظه الله قد فرغ من رد له على هذا الكتاب؛ مما دعاني للتوقف، والتنسيق مع الشيخ عبدالله أن أنشر كتابه على شكل حلقات، وأضيف إليه ما لم يتعرض له من أخطاء صاحب الكتاب.
===========
ثم كما علم الإخوة سجل صاحب الكتاب في الملتقى طالبًا المناظرة العلمية حول كتابه، واعدًا بتعديل أي خطأ يتبين له؛ جزاه الله خيرًا.
وقد أخبرتُ الشيخ عبدالله بهذا؛ فطلب هو مناظرته، وقد سجل لأجل هذا.
==========
ولهذا فإننا في الملتقى نفتح باب المناظرة العلمية الهادفة بين الأخوين - وفقهما الله -؛ مذكرهم بوجوب التحلي بأدب النقاش العلمي الموثق البعيد عن الإنشاء أو التطويل.
=========
ومن ناحيتي سأضيف ما أراه مكملا للموضوع؛ لأن صاحب الكتاب رغب أن يعرف ملاحظاتي أيضًا.
ربنا اهدنا لما اختُلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[31 - 12 - 04, 08:23 م]ـ
السلام عليكم أهلا وسهلا بمنظرة أخوينا الشيخ سليمان والشيخ عبد الله
وأنتظر ما عندهما، وفقني الله وإياكم لقول الحق والعمل به.
أخوكم/ محمد بن المختار الشنقيطي
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[31 - 12 - 04, 08:40 م]ـ
السلام عليكم أيها الأحبة المشرفون على ملقتى أهل الحديث المبارك
أرجو تعليمي طريقة إضافة نص الكتاب إلى الموقع، لأضيفه إليه، فيكون قراؤنا الأكارم على اطلاع عليه، ونستفيد من ملاحظاتهم على الكتاب وعلى المناظرة.
بارك الله في جهودكم ووفقكم لكل خير
أخوكم/ محمد بن المختار الشنقيطي
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[31 - 12 - 04, 11:53 م]ـ
الإخوة الفضلاء:
أرجو عدم التعليق على مناظرة الأخوين بأي تعليق؛ ريثما ينتهيان مما عندهما .. ومن لديه سؤال أو تنبيه فليرسله مشكورًا إلي في رسالة خاصة.
مع تنبيه الأستاذ الشنقيطي إلى أن تعقباتي أنا والشيخ عبدالله كانت على الطبعة الأولى المنتشرة.
وكنا نتمنى أن لا يطبع الكتاب مرة ثانية حتى يستفيد ما قد يراه مناسبًا من مثل هذه المناقشات. لا سيما وقد أخبرته في رسالة علىبريده الألكتروني عنها؛ قبل أن أنشر أول حلقة بفترة من الزمن.
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 05:34 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبيه المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فيسرني أن أدخل مع الأستاذ الفاضل محمد بن المختار الشنقيطي في نقاش علمي، حول كتابه الخلافات السياسية بين الصحابة، ملتزما في هذا النقاش، بالعلم والعدل، بغيتي الحق لا المغالبة، أو الجدل المذموم.
ويعلم الله لو بان لي الحق فيما يقول لاتبعته مجاهرا بذللك، غير مخفيه ولا متردد فيه.
وأرجوا أن يكون عنده هو من الشجاعة و محبة الخير ما لو رأى الحق في ما أقول أن يراجع الحق.
وأذكره قول عمر لأبي موسى: " ولا يمنعك قضاء قضيت فيه اليوم فراجعت فيه رأيك فهديت فيه لرشدك أن تراجع فيه الحق؛ فإن الحق قديم لا يبطله شيء، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل "
وأول نقطة أناقش فيها الأستاذ الفاضل في كتابه، قوله إن عدالة الصحبة التي يحكي المحدثون عليها الإجماع، هي ما يتعلق بالرواية، لا العدالة الدينية التي يذكرها الفقهاء.
قلتم في ص 150
"ومن المصطلحات التي وقع فيها اللبس واستحالت حاجزا ذهنيا ونفسيا أمام دراسة تلك الحقبة مصطلح "عدالة الصحابة " فقد خلط كثيرون بين عدالة الرواية ـ والمطلوب فيها هو الصدق والتدقيق في المروي ـ وعدالة السلوك بمعناها الفقهي القضائي التي تستلزم "اجتناب الكبائر وعدم الوقوع في الصغائر إلا نادرا، واجتناب المباح القادح في المروءة "كما يقول الفقهاء.
وعدالة الصحابة التي يتحدث عنها أهل الحديث عدالة الرواية ... "
وقلتم في ص 152
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/161)
"لكن بعض المتأخرين أساء فهم عدالة الصحابة، وفهموا من هذا المصطلح أن الصحابي لا يذنب إلا متأولا، وأن كل ما صدر عن بعضهم من اختلاف واقتتال مجرد اجتهاد، ولا مجال فيه للهوى و المطامح الدنيوية. وهذا غلو وتنكر لحقائق الشرع والتاريخ والطبيعة البشرية ".
وقلتم في ص 154
" فإن تحويل عدالة الرواية هنا إلى عدالة في السلوك يشمل كل الصحابة خلط في الاصطلاح، وتنكر للحقيقة الساطعة لا يليق بالمسلم الذي يؤثر الحق على الخلق مهما سموا."
وقلتم:
"إن الذي يسوي بين عمار بن ياسر وبين قاتله أبي الغادية الجهني في العدالة وفي الاجتهاد المأجور صاحبه سواء أخطأ أم أصاب .. لهو ممن لا بصيرة لهم."
النقاط موضع النقاش هي:
1ـ العدالة عند المحدثين هل هي ما ذكر تم من عدم إدخالهم فيها الجانب السلوكي، ويكتفون فيها بأن يكون الموصوف بها صادقا في ما يحدث به مدققا فيه.
2ـ هل هناك فرق بين العدالة عند المحدثين والفقهاء كما قلتم.
3ـ عدالة الصحابة عند المحدثين.
العدالة عند المحدثين كما ذكرها عنهم الأستاذ " الصدق والتدقيق في المروي " لا علاقة لها بالعدالة الدينية التي يذكرها الفقهاء.
ولم تذكروا لما قلتم نقلا واحدا عن أهل الحديث تحتجون به لما ذكرتم عنهم، لأنكم لن تجدوه فأهل الحديث مجمعون على أن أهم جانب في العدالة هو الجانب السلوكي، والجرح به أشد من الجرح بالجوانب الأخرى من الغفلة وسو ء الحفظ.
وهذه بعض النقول عنهم تدل على خلاف ما ذكرتم عنهم.
قال الشافعي:
"ولا تقوم الحجة بخبر الخاصة حتى يجمع أمورا منها أن يكون من حدث به ثقة في دينه، معروفا بالصدق في حديثه، عاقلا لما يحدث به، عالما بما يحيل معاني الحديث من اللفظ، وأن يكون ممن يؤدي الحديث بحروفه كما سمع، لا يحدث به على المعنى، لأنه إذا حدث به على المعنى وهو غير عالم بما يحيل معناه ـ: لم يدر لعله يحيل الحلال إلى حرام. وإذا أداه بحروفه فلم يبق وجه يخاف فيه إحالته الحديث، حافظا إذا حدث به من حفظه، حافظا لكتابه إذا حدث من كتابه. إذا شَرِك أهل الحفظ في حديث وافق حديثهم، بريا من أن يكون مدلسا: يحدث عن من لقي ما لم يسمع منه، ويحدث عن النبي ما يحدث الثقات خلافه عن النبي".
الرسالة ص370
وقال ابن أبي حاتم:
قال أبو محمد: " فلما لم نجد سبيلا إلى معرفة شيء من معاني كتاب الله ولا من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من جهة النقل والرواية وجب أن نميز بين عدول الناقلة والرواة وثقاتهم وأهل الحفظ والثبت والإتقان منهم، وبين أهل الغفلة والوهم وسوء الحفظ والكذب واختراع الأحاديث الكاذبة.
ولما كان الدين هو الذي جاءنا عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وسلم بنقل الرواة حق علينا معرفتهم ووجب الفحص عن الناقلة والبحث عن أحوالهم، وإثبات الذين عرفناهم بشرائط العدالة والتثبت في الرواية مما يقتضيه حكم العدالة في نقل الحديث وروايته، بأن يكونوا أمناء في أنفسهم علماء بدينهم، أهل ورع وتقوى وحفظ للحديث وإتقان به وتثبت فيه، وأن يكونوا أهل تمييز وتحصيل لا يشوبهم كثير من الغفلات، ولا تغلب عليهم الأوهام فيما قد حفظوه ووعوه، ولا يشبه عليهم بالأغلوطات.
وأن يعزل عنهم الذين جرحهم أهل العدالة وكشفوا لنا عن عوراتهم في كذبهم وما كان يعتريهم من غالب الغفلة وسوء الحفظ وكثرة الغلط والسهو والاشتباه، ليعرف به أدلة هذا الدين وأعلامه وأمناء الله في أرضه على كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهم هؤلاء أهل العدالة، فيُتمسك بالذي رووه، ويعتمد عليه، ويحكم به، وتجري أمور الدين عليه "
الجرح والتعديل 1/ 5
وقال ابن حبان:
وأماشرطنا في نقلة ما أودعناه كتابنا هذا من السنن، فإنا لم نحتج فيه إلا بحديث اجتمع في كل شيخ من رواته خمسة أشياء:
الأول العدالة في الدين بالستر الجميل.
والثاني الصدق في الحديث بالشهرة فيه.
والثالث العقل بما يحدث من الحديث.
والرابع العلم بما يحيل من معاني ما يروي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/162)
والخامس المتعرى خبره عن التدليس. فكل من اجتمع فيه هذه الخصال الخمس، احتججنا بحديثه وبنينا الكتاب على روايته، وكل من تعرى عن خصلة من هذه الخصال الخمس لم نحتج به، والعدالة في الإنسان: هو أن يكون أكثر أحواله طاعة الله، لأنا متى ما لم نجعل العدل إلا من لم يوجد منه معصية بحال؛ أدانا ذلك إلى أن ليس في الدنيا عدل، إذ الناس لا تخلو أحوالهم من ورود خلل الشيطان فيها، بل العدل من كان ظاهر أحوله طاعة الله، والذي يخالف العدل من كان أكثر أحواله معصية الله.
صحيح ابن حبان 1/ 151
قال الحاكم:
"وقد ذكرت في كتاب المدخل إلى معرفة كتاب الإكليل: أنواع العدالة على خمسة أقسام، والجرح على عشرة أقسام، وتكلمت في هذه الكتب على الجرح والتعديل مما يغنى عن إعادته،واستشهدت بأقاويل الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين.
وأصل عدالة المحدث: أن يكون مسلما،لا يدعو إلى بدعة، ولا يعلن من أنواع المعاصي ما تسقط به عدالته، فإن كان مع ذلك حافظا لحديثه فهي أرفع درجات المحدثين ".
معرفة علوم الحديث ج 1 ص 53
قال الخطيب البغدادي:
حدثني أبو الفضل محمد بن عبيد الله المالكي أنه قرأ على القاضى أبى بكر محمد بن الطيب قال:"والعدالة المطلوبة في صفة الشاهد والمخبر، هى العدالة الراجعة إلى استقامة دينه وسلامة مذهبه، وسلامته من الفسق وما يجرى مجراه مما اتفق على أنه مبطل العدالة من أفعال الجوارح والقلوب المنهى عنها، والواجب أن يقال في جميع صفات العدالة إنها اتباع أوامر الله تعالى والانتهاء عن ارتكاب ما نهى عنه مما يسقط العدالة، وقد علم مع ذلك أنه لا يكاد يسلم المكلف من البشر من كل ذنب ... فيجب لذلك أن يقال إن العدل هو من عرف بأداء فرائضه ولزوم ما أمر به وتوقى ما نهى عنه وتجنب الفواحش المسقطة وتحرى الحق الواجب في أفعاله ومعاملته والتوقى في لفظه مما يثلم الدين والمروءة فمن كانت هذه حاله فهو الموصوف بأنه عدل في دينه.
الكفاية في علم الرواية ج 1 ص 52
قال الحازمي
" وصفة العدالة هي اتباع أوامر الله تعالى والانتهاء عن ارتكاب ما نهى عنه، وتجنب الفواحش المسقطة، وتحري الحق، والتوقي في اللفظ مما يثلم الدين والمروءة، وليس يكفي في ذلك اجتناب الكبائر حتى يجتنب الإصرار على الصغائر، فمتى وجدت هذه الصفات كان المتحلي بها عدلا مقبول الشهادة والرواية."
شروط الأئمة الخمسة ص 184
==============
ذكرتم أنه يوجد فرق بين العدالة عند أهل الحديث والفقهاء.
فقلتم " فقد خلط كثيرون بين عدالة الرواية ـ والمطلوب فيها هو الصدق والتدقيق في المروي ـ وعدالة السلوك بمعناها الفقهي القضائي التي تستلزم "اجتناب الكبائر وعدم الوقوع في الصغائر إلا نادرا، واجتناب المباح القادح في المروءة "كما يقول الفقهاء.
ولم تنقلوا دليلا من كلام أحد من الفريقين أهل الحديث وأهل الفقه.
وهذه نقول عن بعض أهل العلم من الفريقين ترد ما ذكرتم.
قال ابن جماعة:
" الأول أجمع جماهير أئمة العلم بالحديث والفقه والأصول على أنه يشترط فيمن يحتج بحديثه العدالة والضبط فالعدالة أن يكون مسلما بالغا عاقلا سليما من الفسق وخوارم المروءة."
المنهل الروي ج: 1 ص: 63
قال الآمدي:
"الشرط الرابع أن يكون الراوي متصفا بصفة العدالة، وذلك يتوقف على معرفة العدل لغة وشرعا.
أما العدل في اللغة: فهو عبارة عن المتوسط في الأمور من غير إفراط في طرفي الزيادة والنقصان ومنه قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) أي عدلا، فالوسط والعدل بمعنى واحد، وقد يطلق في اللغة ويراد المقابل للجور، وهو اتصاف الغير بفعل ما يجب له، وترك ما لا يجب، والجور في مقابلته، وقد يطلق ويراد به ما كان من الأفعال الحسنة يتعدى الفاعل إلى غيره، ومنه يقال للملك المحسن إلى رعيته: عادل.
وأما في لسان المتشرعة، فقد يطلق ويراد به أهلية قبول الشهادة والرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال الغزالي في معنى هذه الأهلية إنها عبارة عن استقامة السريرة والدين، وحاصلها يرجع إلى هيئة راسخة في النفس تحمل على ملازمة التقوى والمروءة جميعا، حتى تحصل ثقة النفوس بصدقه.
وذلك إنما يتحقق باجتناب الكبائر وبعض الصغائر وبعض المباحات ....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/163)
وأما بعض المباحات فما يدل على نقص المروءة، ودناءة الهمة، كالأكل في السوق، والبول في الشوارع، وصحبة الأراذل والإفراط في المزح، ونحو ذلك مما يدل على سرعة الإقدام على الكذب، وعدم الاكتراث به. ولا خلاف في اعتبار اجتناب هذه الأمور في العدالة المعتبرة في قبول الشهادة والرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأن من لا يجتنب هذه الأمور أحرى أن لا يجتنب الكذب، فلا يكون موثوقا بقوله، ولا خلاف أيضا في اشتراط هذه الأمور الأربعة في الشهادة"
الإحكام للآمدي ج: 2 ص: 88
================
عدالة الصحابة عند المحدثين هل هي عدالة رواية كما ذكرتم، أم أنها عدالة ديانة؟
ونترك أعلم الناس بمذاهبهم يحدثنا عن ذلك، ولكن بعد أن نعرف القراء مكانته بين أهل هذا الشأن علماء الحديث.
المتحدث إلينا عن ذلك هو الخطيب البغدادي.
قال الحافظ ابن حجر في نزهة النظر وهو يتحدث عن التأليف في علوم الحديث: ثم جاء من بعدهم الخطيب أبو بكر البغدادي، فصنف في قوانين الرواية كتابا سماه "الكفاية " وفي آدابها كتابا سماه "الجامع لآداب الشيخ والسامع " وقل فن من فنون الحديث إلا وقد صنف فيه كتابا مفردا، فكان كما قال الحافظ أبو بكر بن نقطة: " كل من أنصف علم أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه "
كفى بها شهادة من الحافظ ابن نقطة للخطيب وموافقة الحافظ ابن حجر له عليها.
قال الخطيب البغدادي:
"ما جاء في تعديل الله ورسوله للصحابة
وانه لا يحتاج إلى سؤال عنهم وإنما يجب فيمن دونهم كل حديث اتصل إسناده بين من رواه وبين النبي صلى الله عليه وسلم لم يلزم العمل به إلا بعد ثبوت عدالة رجاله ويجب النظر في أحوالهم سوى الصحابي الذي رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم واختياره لهم في نص القرآن فمن ذلك قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) وقوله: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) وهذا اللفظ وان كان عاما فالمراد به الخاص وقيل هو وارد في الصحابة دون غيرهم. وقوله: (لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا) وقوله تعالى: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه) وقوله تعالى: (والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم) وقوله: (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) وقوله تعالى: (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون والذين تبوأوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون)
في آيات يكثر إيرادها ويطول تعدادها ووصف رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة مثل ذلك وأطنب في تعظيمهم وأحسن الثناء عليهم فمن الأخبار المستفيضة عنه في هذا المعنى ما أخبرنا أبو نعيم الحافظ ثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا شعبة عن منصور والأعمش عن إبراهيم عن عبيدة السلماني عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خير امتى قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجىء قوم تسبق ايمانهم شهادتهم ويشهدون قبل ان يستشهدوا وأخبرنا أبو بكر أحمد بن على بن محمد اليزدى الحافظ بنيسابور انا أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان ثنا عبد الله بن محمد بن شيرويه ثنا محمد بن بشار ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبى بشر عن عبد الله بن شقيق عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خيركم قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم قال أبو هريرة فلا ادرى ذكره مرتين أو ثلاثا ثم يخلف من بعدهم قوم يحبون السمانة ويشهدون ولا يستشهدون " أخبرنا الحسن بن أبى بكر ثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم املاء قال ثنا محمد بن يونس قال ثنا أبو الربيع سليمان بن داود ثنا منصور بن أبى الأسود عن الأعمش عن على بن مدرك عن هلال بن يساف عن عمران بن حصين قال قال:" رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس قرنى ثم الذين يلونهم ثم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/164)
الذين يلونهم ثم يخلف قوم تسبق ايمانهم شهادتهم ثم يظهر فيهم السمن " أخبرنا القاضى أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبى صالح عن أبى سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تسبوا أصحابي فوالذى نفسي بيده لو انفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه " ..
والأخبار في هذا المعنى تتسع وكلها مطابقة لما ورد في نص القرآن وجميع ذلك يقتضى طهارة الصحابة والقطع على تعديلهم ونزاهتهم فلا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله تعالى لهم المطلع على بواطنهم الى تعديل أحد من الخلق له فهو على هذه الصفة الا ان يثبت على أحد ارتكاب ما لا يحتمل الا قصد المعصية والخروج من باب التأويل فيحكم بسقوط العدالة وقد برأهم الله من ذلك ورفع اقدارهم عنه على انه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله فيهم شيء مما ذكرناه لاوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد والنصرة وبذل المهج والاموال وقتل الآباء والاولاد والمناصحة في الدين وقوة الإيمان واليقين القطع على عدالتهم والاعتقاد لنزاهتهم وانهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين الذين يجيؤن من بعدهم ابد الآبدين هذا مذهب كافة العلماء ومن يعتد بقوله من الفقهاء وذهبت طائفة من أهل البدع الى ان حال الصحابة كانت مرضية الى وقت الحروب التي ظهرت بينهم وسفك بعضهم دماء بعض فصار أهل تلك الحروب ساقطى العدالة ولما اختلطوا باهل النزاهة وجب البحث عن أمور الرواة منهم وليس في أهل الدين والمتحققين بالعلم من يصرف إليهم خبر ما لا يحتمل نوعا من التأويل وضربا من الاجتهاد فهم بمثابة المخالفين من الفقهاء المجتهدين في تأويل الاحكام لاشكال الأمر والتباسه ويجب ان يكونوا على الأصل الذي قدمناه من حال العدالة والرضا إذ لم يثبت ما يزيل ذلك عنهم أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى الهمذاني ثنا صالح بن أحمد الحافظ قال سمعت أبا جعفر أحمد بن عبدل يقول سمعت أحمد بن محمد بن سليمان التستري يقول سمعت أبا زرعة يقول إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم انه زنديق وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق وانما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وانما يريدون ان يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة "
الكفاية في علم الرواية 46 ـ الكفاية في علم الرواية ـ 51
==============
قال الإمام ابن أبي حاتم:
" فأما أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فهم الذين شهدوا الوحي والتنزيل وعرفوا التفسير والتأويل وهم الذين اختارهم الله - عز وجل - لصحبة نبيه – صلى الله عليه وسلم – ونصرته وإقامة دينه وإظهار حقه فرضيهم له صحابة وجعلهم لنا أعلأماوقدوة فحفظوا عنه – صلى الله عليه وسلم – ما بلغهم عن الله - عز وجل - وما سن وما شرع وحكم وقضى وندب وأمر ونهى وأدب، ووعوه وأتقنوه ففقهوا في الدين وعلموا أمر الله ونهيه ومراده بمعاينة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومشاهدتهم منه تفسير الكتاب وتأويله وتلقفهم منه واستنباطهم عنه، فشرفهم الله - عز وجل - بما مَنَّ عليهم وأكرمهم به من وضعه إياهم موضع القدوة فنفى عنهم الشك والكذب والغلط والريبة والغمز وسماهم عدول الأمة، فقال - عز ذكره - في محكم كتابه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (البقرة آية (143) ففسر النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الله - عز ذكره - قوله: (وسطاً قال: عدلاً، فكانوا عدول الأمة وأئمة الهدى وحجج الدين ونقلة الكتاب والسنة. وندب الله -عز وجل - إلى التمسك بهديهم والجري على منهاجهم والسلوك لسبيلهم والاقتداء بهم فقال: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى ... } (النساء آية (115
كتاب الجرح والتعديل (1/ 7).
==============
قال ابن عبد البر:
"الصحابة كلهم عدول، مرضيون، ثقات، أثبات، وهو أمر مجتمع عليه عند أهل العلم بالحديث".
التمهيد 22/ 47
قال القرطبي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/165)
"وهكذا القول في الصحابة إن شاء الله تعالىاشتركوا في الصحبة ثم تباينوا في الفضائل بما منحهم الله من المواهب والوسائل فهم متفاضلون بتلك من أن الكل شملتهم الصحبة والعدالة والثناء عليهم وحسبك بقول الحق (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار) إلىآخر السورة وقال: (وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها) ثم قال: (لايستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل) وقال: (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) فعم وخص ونفى عنهم الشين والنقص رضي الله عنهم أجمعين ونفعنا بحبهم آمين"
تفسير القرطبي 3/ 264
قال القرطبي:
"العدالة هي الاعتدال في الأحوال الدينية وذلك يتم بأن يكون مجتنبا للكبائر محافظا على مروءته وعلى ترك الصغائر.
================
قلت: فالصحابة كلهم عدول أولياء الله تعالى وأصفياؤه وخيرته من خلقه بعد أنبيائه ورسله هذا مذهب أهل السنة والذي عليه الجماعة من أئمة هذه الأمة. وقد ذهبت شرذمة لا مبالاة بهم إلى أن حال الصحابة كحال غيرهم فيلزم البحث عن عدالتهم ومنهم من فرق بين حالهم في بداءة الأمر فقال إنهم كانوا على العدالة إذ ذاك ثم تغيرت بهم الأحوال فظهرت فيهم الحروب وسفك الدماء فلا بد من البحث وهذا مردود فإن خيار الصحابة وفضلاءهم كعلي وطلحة والزبير وغيرهم رضي الله عنهم ممن أثنى الله عليهم وزكاهم ورضي عنهم وأرضاهم ووعدهم الجنة بقوله تعالى (مغفرة وأجرا عظيما) وخاصة العشرة المقطوع لهم بالجنة بإخبار الرسول هم القدوة مع علمهم بكثير من الفتن والأمور الجارية عليهم بعد نبيهم بإخبارهم لهم بذلك، وذلك غير مسقط من مرتبتهم وفضلهم إذ كانت تلك الأمور مبنية على الاجتهاد ... ".
تفسير القرطبي 16/ 254
قال النووي:
"ولهذا اتفق أهل الحق ومن يعتد به في الإجماع على قبول شهاداتهم ورواياتهم وكمال عدالتهم رضي الله عنهم أجمعين".
شرح مسلم 15/ 149
قال ابن حزم:
"والصحابة كلهم عدول رضي الله عنهم لثناء الله تعالى عليهم".
المحلى 5/ 92
=============
فبان بما قدمنا أن عدالة الصحابة العدالة الدينية بمعناها السلوكي، وهو اجتناب الكبائر والإصرار على الصغائر، واجتناب ما يقدح في المروءة، إجماع من المتقدمين من أهل الحديث والفقه والأصول، لا كما أردتم أن تصوروا للناس من أنه فهم خاطئ للمتأخرين.
وكل يوم نناقش ملحوظة من الملحوظات التي أرى أنكم جانبتم فيها الصواب.
محبكم /عبد الله الشنقيطي.
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 04:00 م]ـ
السلام عليكم أيها الأحبة ..
قبل الإجابة على ملاحظات الأخوين سليمان وعبد الله لدي تحفظات ثلاثة:
1 - طلبت من الأخوين التعريف بأنفسهما أكثر من مرة، لأن ما نتحدث فيه دين، ولا مكان فيه للهواة والمجاهيل. ولم يفعلا حتى الآن.
2 - كتبت عنوان ناشر الكتاب مرتين بعد طلب أحد الإخوة ذلك، وفي كلتا المرتين يتم حذفه. وكنت أعتقد أني أتحاور مع طلاب علم لا مع ضباط شرطة. وما قيمة حوار بدأ بالمصادرة؟
3 - طلبت من إدارة الملتقى مساعدتي فنيا على نشر نص الكتاب كاملا على الموقع، تفاديا للتعب التكرار، لأن أكثر الاعتراضات تمت الإجابة عنها في الكتاب، فلم تجب إدارة الملتقى ذلك.
(تنبيه من المشرف لايسمح بالدعاية أو بوضع رابط للكتاب حتى تتم المناظرة) والله الموفق لكل خير.
أخوكم/ محمد بن المختار الشنقيطي
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 09:38 م]ـ
أقول لك عن نفسي: راجع صفحتي على هذا الرابط فلعل فيها ما يفيدك: http://saaid.net/Warathah/Alkharashy/index.htm
=====
وأما عن الأخ عبدالله فليعرف بنفسه.
وفقك الله للحق ..
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[02 - 01 - 05, 02:24 ص]ـ
عبد الله بن الشيخ بن أربيه الملقب: (ابن عمر).
من مواليد 1394.
حافظ لكتاب الله، وطلبت العلم على عدة مشايخ من الشناقطة.
أخذت عنهم النحو وبعض المتون الفقهية على مذهب مالك.
وأخذت علم الحديث عن الشيخ حاتم الشريف.
وأنا معروف يعرفني شيخك الشيخ محمد الحسن الددو جيدا، وجميع أصحابك الموجودين في الحجاز.
ويعرفني أكثر الشباب السلفي في موريتانيا، وكثير من مرتادي هذا المنتدى المبارك يعرفونني.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/166)
وللعلم ما اعتذرت به غير مقبول لأن طالب الحق لا ينظر إلى الرجال وإنما ينظر إلى ما قالوا هل هو حق أو باطل؟ وكما قيل أعرف الحق تعرف أهله، وأعرف الرجال بالحق ولا تعرف الحق بالرجال.
وعلى العموم، أنا لم آت بشيء من عندي، وإنما نقلت أقوال أهل العلم: الشافعي، وابن أبي حاتم، وابن حبان، والخطيب البغدادي هل هؤلاء مجاهيل لا يؤخذ عنهم العلم.
أم الأمر أمر الثعلب والعنب لما عجز عنه، قال إنه مر.
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[03 - 01 - 05, 10:45 ص]ـ
في هذه الوقفة سأ تناول ما طرح المؤلف حول مصطلح سب الأصحاب وقصره على اللعن دون غيره من باقي أنواع السب.
قال في ص 149
"إن مصطلحات " السب " و " الشتم " و " الذم " في سياق الفتن السياسية في صدر الإسلام لا تعني شيئا آخر غير اللعن، رغم إن هذه الألفاظ في وضعها اللغوي تشمل ما دون ذلك من أية أوصاف مستهجنة ".
والنقاش سيتركز على النقاط التالية.
1ـ هل للكاتب سلف في هذا القول.
2ـ خطورة هذا القول والكاتب نموذج.
3ـ مناقشة تمويهات الكاتب في استدلالاته لما ذكر.
لن أ ناقش المؤلف في المعنى اللغوي للسب ب فقد اعترف أنه في معناه اللغوي يشمل اللعن وغيره من الأوصاف المستهجنة، لكن أنا قشه في إخراجه المعنى اللغوي دون أي دليل، ومعلوم أن الألفاظ الشرعية واردة بلغة العرب، فالأصل بقاء المعنى اللغوي حتى يأتي ما يدل على نقله إلى المعنى الشرعي، أو العرفي، ولا بد لمن ادعى أحد المعنيين المتقدمين أن يأتي لما قال بدليل شرعي إن كان المعنى شرعيا، أو عرفي عن أهل الاصطلاح الذين جعلوه مصطلحا عرفيا ولم يأت الكاتب بأي من الدليلين فيبقى المعنى على ما تدل عليه اللغة.
===========
والحقيقة المؤلمة أنني لم أجد للكاتب في هذا القول سلفا، مع خطورة القضية ووجود نص صحيح صريح فيها، وكثرة بحث أهل العلم لها، واختلافهم في تكفير الساب، مما يجعل توضيح القضية واجبا عليهم، فهم مطبقون على أن كل ما يسمى سبا يحرم التلفظ به في جانب الصحابة،وعدوه كبيرة من الكبائر، وفصلوا أنواع السب تفصيلا بينا، فلو كان السب المحرم في جانب الصحابة هو اللعن فقط ولم يبينه هؤلاء العلماء وينصوا عليه لكانوا للعلم كاتمين ولعباد الله ظالمين إذ كفروهم بغير مكفر، وفسقوهم بغير ذنب.
===========
وهذه نصوصهم على خلاف ما ذكر الكاتب. وفي تفسير القرطبي
"وقيل لمالك بن أنس رضي الله عنه من السفلة قال الذي يسب الصحابة "
تفسير القرطبي 9/ 24
: قال الإمام أحمد رحمه الله: " لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساوئهم، ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا بنقص، فمن فعل ذلك وجب على السلطان تأديبه وعقوبته، ليس له أن يعفو عنه، بل يعاقبه ويستتيبه، فإن تاب قبل منه، وإن ثبت عاد عليه بالعقوبة، وخلده الحبس حتى يموت أو يرجع ". طبقات الحنابلة 1/ 24
السنة للخلال.
وقال أبو عبدالله من تنقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينطوي إلا على بلية وله خبيئة سوء إذا قصد إلىخير الناس وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حسبك
وفي الكفاية للخطيب البغدادي:
" أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى الهمذاني ثنا صالح بن احمد الحافظ قال سمعت أبا جعفر أحمد بن عبدل يقول سمعت احمد بن محمد بن سليمان التستري يقول سمعت أبا زرعة يقول إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق وانما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وانما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة "
الكفاية في علم الرواية ج 1 ص 51
وقال الإمام أبو نعيم رحمه الله: " فلا يتتبع هفوات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وزللهم ويحفظ عليهم ما يكون منهم حال الغضب والموجدة إلا مفتون القلب في دينه ". (الإمامة لأبي نعيم 344).
قال البهيقي رحمه الله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/167)
"وإذا ظهر أن حب الصحابة من الإيمان فحبهم أن يعتقد فضائلهم ويعترف لهم بها ويعرف لكل ذي حق منهم حقه ولكل ذي غناه في الإسلام منهم غناه ولكل ذي منزلة ثم رسرل الله ص منزلته وينشر محاسنهم ويدعو بالخير لهم ويقتدي بما جاء في أبواب الدين عنهم ولا يتبع زلاتهم وهفواتهم وتعمد تخير أحد منهم ببنيه عنه ويسكت عما لا تقع ضرورة إلىالخوض فيه مما كان بينهم وبالله التوفيق
عن أبي بكر بن عياش في أوصاف أهل السنة والجماعة ومن كف عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيما اختلفوا فيه فلم يذكر أحدا منهم إلا بخير "
شعب الإيمان 2/ 192
قال شيخ الإسلام:
"قال القاضي: ابو يعلى فقد اطلق القول فيه أنه يكفر بسبه لاحد من الصحابة وتوقف في رواية عبد الله وابي طالب عن قتله وكمال الحد وايجاب التعزير يقتضي أنه لم يحكم بكفره قال فيحتمل أن يحمل قوله ما اراه على الاسلام اذا استحل سبهم بأنه يكفر بلا خلاف ويحمل اسقاط القتل على من لم يستحل ذلك بل فعله مع اعتقاده لتحريمه كمن ياتي المعاصي قال ويحتمل أن يحمل قوله ما اراه على الاسلام على سب يطعن في عدالتهم نحو قوله ظلموا وفسقوا بعد النبي واخذوا الامر بغير حق ويحمل قوله في اسقاط القتل على سب لا يطعن في دينهم نحو قوله كان فيهم قلة علم وقلة معرفة بالسياسة والشجاعة وكان فيهم شح ومحبة للدنيا ونحو ذلك قال ويحتمل أن يحمل كلامه على ظاهره فتكون في سابهم روايتان احداهما يكفر والثانية يفسق وعلى هذا استقر قول القاضي وغيره حكوا في تكفيرهم روايتين.
الصارم المسلول ج: 3 ص: 1065
قال القرطبي في تفسيره:
"الخامسة روى أبو عروة الزبيري من ولد الزبير كنا عند مالك بن أنس فذكروا رجلا ينتقص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ مالك هذه الآية محمد"
ثم قال _ بعد أن ذكر الأدلة المحرمة لسبهم ـ:
"والأحاديث بهذا المعنى كثيرة فحذار من الوقوع في أحد منهم"
تفسير القرطبي ج16/ص298
قال القرطبي:
"الثانية هذه الآية دليل على وجوب محبة الصحابة لأنه جعل لمن بعدهم حظا في الفيء ما أقاموا على محبتهم وموالاتهم والاستغفار لهم وأن من سبهم أو واحدا منهم أو اعتقد فيه شرا أنه لا حق له في الفيء روى ذلك عن مالك وغيره قال مالك من كان يبغض أحدا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أو كان في قلبه عليهم غل فليس له حق في فيء المسلمين ثم قرأ والذين جاءوا من بعدهم "
تفسير القرطبي 18/ 32 قال النووي:
"واعلم أن سب الصحابة رضي الله عنهم حرام من فواحش المحرمات سواء من لابس الفتن منهم وغيره لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون كما أوضحناه في أول فضائل الصحابة من هذا الشرح قال القاضي وسب أحدهم من المعاصي الكبائر ومذهبنا ومذهب الجمهور أنه يعزر ولا يقتل وقال بعض المالكية يقتل"
شرح النووي على صحيح مسلم 16/ 93
قال شيخ الإسلام بن تيمية:
"ونحن نرتب الكلام في فصلين احدهما في حكم سبهم مطلقا والثاني في تفصيل احكام السب أماالاول فسب أصحاب رسول الله حرام بالكتاب والسنة أماالاول فلإن الله سبحانه يقول ولا يغتب بعضكم بعضا وأدنى أحوال الساب لهم أن يكون مغتابا وقال تعالىويل لكل همزة لمزة والطاعن عليهم همزة لمزة ..... "
الصارم المسلول 3/ 1067
ثم ذكر شيخ الإسلام الأدلة من القرآن والسنة على حرمة سب الصحابة وعقوبة الساب وأدلة كل من قال أنه يؤدب ومن قال يقتل، ولا زم قول الساب من الطعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبسط المسألة بما لا يسع المقام ذكره هنا.
قال:
"وأما من سبهم سبا لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم أو عدم الزهد ونحو ذلك فهذا هو الذي يستحق التاديب والتعزير ولا يحكم بكفره بمجرد ذلك وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من العلماء وأمامن لعن وقبح مطلقا فهذا محل الخلاف فيهم لتردد الامر بين لعن الغيظ ولعن الاعتقاد"
الصارم المسلول 3/ 1110
وقد عد الذهبي سب الصحابة من الكبائر في كتابه الكبائر (ص233 - 237)
قال ابن كثير:
"وقد ذهب طائفة من العلماء إلىتكفير من سب الصحابة وهو رواية عن مالك بن أنس رحمه الله وقال محمد بن سيرين ما أظن أحدا يبغض أبا بكر وعمر وهو يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه الترمذي 3685
تفسير ابن كثير ج: 1 ص: 487
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/168)
قال ابن السبكي: ((أجمع القائلون بعدم تكفير من سب الصحابة على أنهم فساق)). فتاوى السبكي 2/ 580
قال الشيخ سليمان العلوان:
"ولا أحسب أحداً ينقب عن عثرات الصحابة ويبحث لهم عن الزلات المبنية على الشبه الواهية إلا وقد رخص عليه دينه".
الاستنفار للذب عن الصحابة الأخيار ص 50
===============
فاتضح بهذه النصوص: أن أهل العلم جعلوا كل تنقص للصحابة سبا، وأمروا بتأديب فاعله فأين ما ادعاه الكاتب من أن اللعن فقط هو السب المنهي عنه؟؟ ليفتح الباب أمام كل متطاول على الصحابة أن يقول فيهم ما يشاء من السب، لكن لا يلعن كما فعل هو!!
خطورة القول الذي تبناه الكاتب، تحايل على النص النبوي الناهي عن سب الصحابة، تسوغ سب الصحابة لكن لا تلعن وقل بعد ذلك ما شئت من أنواع السب، واتهم أبا بكر بأنه قاتل أهل الردة من أجل الملك، ووو، ولا أظن أن الرافضة كانوا يحلمون في يوم من الأيام أن يأتي سني ويهدي لهم هذه الهدية، لا بأس بشتم الصحابة ما لم يكن هناك لعن.
==================
و الكاتب مثالا لما تقدم فهو أول ضحايا قاعدته هذه فقد سب بعض الصحابة وجدع وهذه أمثلة من كتابه، بين الكاتب أنه ألف كتابه لبيان كيف أدخل معاوية هذه الأمة في تيه الاستبداد وبدون هذا الإدراك؛فإن الأمة ستظل في هذا التيه، فهي لا يمكن أن تخرج منه إلا إذا فضحت المستبدين، ولا يمكن ذلك إذا كان المستبدين من الصحابة الذين أدخلوها في هذا التيه مسكوت عنهم بل يبرر ما فعلوا، كذا زعم.
قال في مقدمة كتابه ص 29
"فإن الأولوية اليوم هي كشف فضائح المستبدين، وتجريدهم من أي شرعية أخلاقية أو تاريخية.
... لكن كشف فضائح المستبدين المعاصرين غير ممكن ما دام الحديث عن الانحرافات السياسية التي بدأت في عصر الصحابة مطبوع بطابع التبرير والدفاع، لا بطابع الدراسة المجردة الهادفة إلى الاعتبار، وما دام الحديث عن تلك الفتن والخلافات السياسية يتحكم فيه فقه التحفظ، لا التقويم."!!!
وقال في ص 37
"ومهما يرهق الباحث نفسه في تأصيل العدل في الحكم والقسم، فسيحج من المصابين بداء التجسيد من يحتج عليه قولا أو فعلا بعمل بعض الأكابر الذين آثروا أقاربهم بالولايات والأموال. ومهما يرهق نفسه في الحديث عن حق الأمة في اختيار قادتها، فسيجد من يحاججه قولا أو فعلا بعمل بعض الأكابر الذين ورثوا أبناءهم السلطة.
وليس من حل لهذه الأزمة الفكرية والعلمية سوى التقيد بوصية النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه " قول الحق وإن كان مرا "، وتسمية الأخطاء بأسمائها دون مواربة، وخصوصا أخطاء الأكابر الذين هم محل القدوة والأسوة من أجيال الأمة. "
هذان النصان واضحان يبين فيهما الكاتب أنه إنما قصد بتأليف كتابه ذكر هفوات الصحابة، والطعن بها عليهم، وهو ما فعله في كتابه.
وقد تركز طعنه على شخصيتين هما معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاصي رضي الله عنهما.
قال عن معاوية في 68
والآخذين بالمنهج التأصيلي يحاكمونه إلى المبادئ الإسلامية الأصيلة التي انبنت عليها دولة النبوة والخلافة الراشدة فيميلون إلىانتقاده. وهذا أمر منطقي كذلك نظرا للثغرات الكبيرة التي دخلت على نظام الحكم الإسلامي على يديه.
وقال عنه في ص 80
تحت عنوان الإقرار بثقل الإرث الجاهلي.
ولقد كان للأعراف الاجتماعية والتاريخية تأثيرا بالغا في إشعال الفتن السياسية بين الصحابة رضي الله عنهم وليس مما يستغرب أن يكون معاوية هو أول من حول الخلافة إلى ملك، فقد أمضى شطر عمره في بيت السيادة في قريش، وشطره الثاني على حدود دولة الروم.
ص 125
وتفسير حرب صفين بأسبابها الحقيقية وهي مطامح الملك لدي معاوية وعمرو، وتجاوزهما حدود الشرع في الدماء والجنايات في الطريقة التي طلبا بها الأخذ بدم عثمان.
وقوله ص 175 بعد أن ذكر مراسلة بين معاوية وأبي موسى الأشعري.
وتكشف هذه المراسلة عن الفرق بين تصور أبي موسى الأشعري لموضوع الخلافة الذي اعتبره جسيم أمر هذه الأمة. يخاف ربه إذا سأله عنه، وبين تصور معاوية الذي لم يكن يرى بأسا بالاستيلاء عليها بتوزيع العطايا والمناصب وإشهار السيوف والرماح.
وقوله في ص 179
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/169)
وهو يتحدث عما أحدث معاوية من خرق في الحكم: وأخرج بناء السلطة من إطار مبادئ الشرع: كالشورى والبيعة والعدل .. إلى منطق القوة وقانون الغاب.
وقال في ص 85 فلو أن دارسا يكتب في نطاق صفة القوة مثل الخبرة العسكرية أو العبقرية الإدارية أو الدهاء السياسي، لوجد لدى شخصيات مثل عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان ما يستحق الإشادة والثناء دون ريب بل لوجدهم على قمة من عرفهم التاريخ البشري من القادة السياسيين والعسكريين والإداريين. لكن نفس الدارس لو كتب عن موضوعات تدخل في نطاق الأمانة مثل الشرعية السياسية، أو العدل في القسم والحكم، أو الزهد في الولايات العامة، وعدم الإيثار أو الاستئثار بها .. لوجد لدى تلك الشخصيات ذاتها ما يستحق النقد حقا لا ادعاء.
وقال عن خالد بن الوليد في ص84
إن منطق التكامل هو الذي دفع الصديق إلى التشبث بخالد في وقت ارتداد العرب ورميهم الإسلام عن قوس واحدة، رغم أنه كان لدى الصديق مآخذ على خالد منها سيفه المرهق وتصرفه في المال وتقدمه على الخليفة.
ورفض بعض فضائل معاوية كتولية عمر له.
قال في ص 109
صحيح إن مجرد تولية عمر لأي شخص لا تعني براءته من ارتكاب ظلم أو إتيان معصية، ..
وقال في ص 143
عن عثمان أنه آثر أهله وأقرباءه بالمناصب والمال.
ووصل به الاندفاع إلى حد جعله يجعل معاوية وعمرو بن العاص أشد خطرا في جانب الانحراف المتعلق بالخلافة من الخوارج.
قال في ص 157
ـ وهو يتحدث عن أخطاء علي رضي الله عنه السياسية ومنها عدم مدارات الخوارج ـ
" وأن يداري الخوارج ويخليهم وشأنهم وهو مهدد من طرف عدو أقوى منهم وأحسن تنظيما وتخطيطا، وأخطر على نظام الخلافة الذي كان لخوارج ـ على انحرافهم يؤمنون به إيمانا راسخا.
ولا تنس أن الخوارج كفروا عليا وكل الصحابة فما أدري ما هذه الخلافة التي يؤمنون بها ومن سيكون الخليفة فيها.
وأكبر مناقب علي التي امتدحه الرسول صلى الله بها وطائفته قتالهم للخوارج الذي جعله الكاتب من أخطئه السياسية.
قال في رده على ابن تيمية قوله إن معاوية وعمر لم يقاتلا من أجل الملك في ص 181
" لقد كان حري بابن تيمية هنا أن يعترف ـ كما فعل دائما ـ بالطبيعة المركبة للفتنة، وباختلاط الشبهات والشهوات فيها، ويقبل أن دوافع معاوية وعمرو لم تكن مجرد شبهة الاقتصاص للخليفة الشهيد، بل خالطتها شهوة الملك وحب الدنيا.
وقال ردا على ابن تيمية قوله المتقدم ص 178
" إن كل هذه النصوص تدل على أن معاوية سعى إلى الملك بالفعل وبالقول، وصرح بمطامعه في قيادة الأمة دون لبس. فالقول بعد ذلك أنه لم ينازع عليا الخلافة ولا سعى إليها .. تكلف بارد كان الأولى بشيخ الإسلام ابن تيمية أن يتنزه عنه.
على أن دور معاوية أكبر من مجرد الخروج على الجماعة ومنازعة الأمر أهله. فهو الذي أرسى نظام الملك بديلا عن دولة الخلافة، فسن في الإسلامي تلك السنة السيئة، وفتح بها أبوابا من المظلم التي لم تتوقف، ومن الدماء آلتي لم تجف منذ أربعة عشر قرنا، وأخرج بناء السلطة من إطار مبادئ الشرع: كالشورى والبيعة والعدل .. إلى منطق القوة وقانون الغاب، وهو أمر لا يزال المسلون يعيشون مساوئه إلى اليوم.
فسواء تأولنا لمعاوية في مواقفه خلال الفتنة أم لم نتأول، فإن سلوكه السياسي اللاحق ليس مما يمكن التأويل له، وهو سلوك كان أبعد على الإسلام و المسلمين من الفتنة ذاتها، بل من أي حدث تارخي خلال أربعة عشرة المنصرمة. فقد كانت الفتنة التي قادها معاوية هدما لأركان الخلافة الراشدة، لكن ما فعله معاوية بعد الفتنة من توريث السلطة لابنه بالترغيب والترهيب كان أسوأ أثرا، لأنه إرساء لبناء جديد منحرف على أنقاض تلك الخلافة، وسد لأبواب استردادها. فليتكلف المتكلفون ما شاءوا في تأويلهم لما حدث أثناء الفتنة، لكنهم لن يجدوا ما يتأولونه لما حدث بعد ذلك، إذا كانوا حقا ممن يجعل قدسية المبادئ فوق مكانة الأشخاص. "
=================
ليس القصد من هذه النقول هنا الرد عليها، وإنما المقصود منها إثبات أن محمد بن المختار الشنقيطي ألف كتابه من أجل سب الصحابة وتنقصهم وقد فعل ذلك شاء من شاء وأبى من أبى.
=================
تمويه المؤلف:
لما أراد المؤلف أن يؤصل لقاعدته المتقدمة لم تسعفه النصوص الشرعية، ولا الفقهية ولا كلام شراح الحديث ولا كتب المقالات، ففكر وقدر؛ فوجد حديثا في صحيح مسلم، في قصة أحد أمراء بني أمية طلب من سهل بن سعد أن يشتم عليا فأبى، فلعن الأمير عليا، فطار بها وجعلها دليلا مع أنه لا دلالة فيها. واستعجل أن يراجع بعض طرق الحديث لتبيين ما طلبه الأمير من سهل، فقد بينت رواية ابن حبان للقصة ما طلب الأمير من سهل " عن سهل بن سعد أن رجلا جاءه فقال هذا فلان أمير من أمراء المدينة يدعوك لتسب عليا على المنبر قال أقول ماذا قال تقول له أبو تراب فضحك سهل فقال والله ما سماه إياه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان لعلي اسم أحب إليه منه دخل علي على فاطمة ثم خرج فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة فقال أين بن عمك قالت هو ذا مضطجع في المسجد فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فوجد رداءه قد سقط عن ظهره فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح التراب عن ظهره ويقول اجلس أبا تراب والله ما كان سم أحب إليه منه ما سماه إياه إلا رسول الله صلى لله عليه وسلم.
صحيح ابن حبان ج 15 ص 368
فهو لم يطلب منه إلا أن يسمي عليا باسم ظن أن له فيه تنقصا.
ثم موه بقصة يزيد ولا دليل فيها لعدة أمور، أولا يزيد ليس صحابيا، ثانيا لا يعد الخلاف حول لعنه الخلاف في لعن المعين المسلم.
فلا علاقة للقصة بسب الصحابة، وقصره على اللعن كما أراد الكاتب.
والله أعلم وإلى وقفة أخرى من هذه الوقفات المباركة.
وأعتذر للمتابعين الكرام عن تأخر هذه الوقفة، وسبب ذلك أنا كنا ننتظر جواب الكاتب على الوقفة السابقة.
محبكم / عبد الله الشنقيطي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/170)
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[06 - 01 - 05, 03:27 ص]ـ
في هذه الوقفة سنتناول إخراج المؤلف مسألة فضل الصحابة، وعدالتهم من جمل قطعيات الدين، وزعمه أن المدخل لها في ذلك غال لا يميز بين الوحي والتاريخ.
قال في ص 130
"وإذا كان الصحابة رضي الله عنهم وهم يتقاتلون لم يصوغوا خلا فاتهم السياسية بلغة الكفر والإيمان، فحري بالباحثين اليوم أن يتقيدوا بذلك، ولا يخلطوا بين الوحي والتاريخ.
فحسن التناول يقتضي من الدارس للخلافات السياسية بين الصحابة ـ وبين المسلمين عموما ـ أن يضع حدا فاصلا بين كليات العقيدة وفروع الدين، وأن لا يحول الفرع إلى أصل، فيقع في الغلو، ويحيد عن الجادة ".
و المسائل موضع النقاش.
1 ـ تقسيم الدين إلى فروع وأصول.
2ـ ما ذا يقصد الكاتب بقوله إن الصحابة لم يصوغوا خلافاتهم لغة الكفر والإيمان.
3ـ هل مسألة فضل الصحابة وعدالتهم من جمل قطعيات الدين.
أولا تقسيم الدين إلى أصول وفروع من خزعبلات المتكلمين التي لم يدل عليها كتاب ولا سنة ولا قول صاحب، بل كل هذه الأصول تدل على خلافه.
وأفضل من بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية فقال مبينا هذه القضية:
"والفرق بين مسائل الأصول والفروع إنما هو من أقوال أهل البدع من أهل الكلام من المعتزلة والجهمية ومن سلك سبيلهم. وانتقل هذا القول إلى أقوام تكلموا بذلك في أصول الفقه، ولم يعرفوا حقيقة هذا القول ولا غوره.
قالوا: والفرق في ذلك بين مسائل الأصول والفروع كما أنه بدعة محدثة في الإسلام، لم يدل عليها كتاب ولا سنة ولا إجماع، بل ولا قالها أحد من السلف والأئمة، فهي باطلة عقلا؛ فإن المفرقين بين ما جعلوه مسائل أصول ومسائل فروع لم يفرقوا بينهما بفرق صحيح يميز بين النوعين، بل ذكروا ثلاثة فروق أو أربعة كلها باطلة.
فمنهم من قال: مسائل الأصول هي العلمية الاعتقادية التي يطلب فيها العلم والاعتقاد فقط، ومسائل الفروع هي العملية التي يطلب فيها العمل.
قالوا: وهذا فرق باطل فإن المسائل العملية فيها ما يكفر جاحده، مثل وجوب الصلوات الخمس والزكاة وصوم شهر رمضان وتحريم الزنا والربا والظلم والفواحش. وفي المسائل العلمية مالا يأثم المتنازعون فيه، كتنازع الصحابة: هل رأى محمد ربه؟ وكتنازعهم في بعض النصوص: هل قاله النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ وما أراد بمعناه؟ وكتنازعهم في بعض الكلمات: هل هي من القرآن أم لا؟ وكتنازعهم في بعض معاني القرآن والسنة: هل أراد الله ورسوله كذا وكذا؟ وكتنازع الناس في دقيق الكلام: كمسألة الجوهر الفرد، وتماثل الأجسام، وبقاء الأعراض، ونحو ذلك؛ فليس في هذا تكفير ولا تفسيق.
قالوا: والمسائل العملية فيها علم وعمل، فإذا كان الخطأ مغفورا فيها، فالتي فيها علم بلا عمل أولى أن يكون الخطأ فيها مغفورا.
ومنهم من قال: المسائل الأصولية هي ما كان عليها دليل قطعي، والفرعية ما ليس عليها دليل قطعي.
قال أولئك: وهذا الفرق خطأ أيضا، فإن كثيرا من المسائل العملية عليها أدلة قطعية عند من عرفها، وغيرهم لم يعرفها، وفيها ما هو قطعي بالإجماع، كتحريم المحرمات الظاهرة، ووجوب الواجبات الظاهرة ..
ومنهم من فرق بفرق ثالث، وقال: المسائل الأصولية هي المعلومة بالعقل، فكل مسألة علمية استقل العقل بدركها، فهي من مسائل الأصول التي يكفر أو يفسق مخالفها. والمسائل الفروعية هي المعلومة بالشرع. قالوا: فالأول كمسائل الصفات والقدر، والثاني كمسائل الشفاعة وخروج أهل الكبائر من النار.
فيقال لهم: ما ذكرتموه بالضد أولى؛ فإن الكفر والفسق أحكام شرعية، ليس ذلك من الأحكام التي يستقل بها العقل. فالكافر من جعله الله ورسوله كافرا، والفاسق من جعله الله ورسوله فاسقا، كما أن المؤمن والمسلم من جعله الله ورسوله مؤمنا ومسلما، والعدل من جعله الله ورسوله عدلا، والمعصوم الدم من جعله الله ورسوله معصوم الدم، والسعيد في الآخرة من أخبر الله ورسوله عنه أنه سعيد في الآخرة، والشقي فيها من أخبر الله ورسوله عنه أنه شقي فيها، والواجب من الصلاة والصيام والصدقة والحج ما أوجبه الله ورسوله، والمستحقون لميراث الميت من جعلهم الله ورسوله وارثين، والذي يقتل حدا أو قصاصا من جعله الله ورسوله مباح الدم بذلك،والمستحق للفيء والخمس من جعله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/171)
الله ورسوله مستحقا لذلك، والمستحق للموالاة والمعاداة من جعله الله ورسوله مستحقا للموالاة والمعاداة، والحلال ما أحله الله ورسوله، والحرام ما حرمه الله ورسوله، والدين ما شرعه الله ورسوله فهذه المسائل كلها ثابتة بالشرع.
وأما الأمور التي يستقل بها العقل فمثل الأمور الطبيعية، مثل كون هذا المرض ينفع فيه الدواء الفلاني، فإن مثل هذا يعلم بالتجربة والقياس وتقليد الأطباء الذين علموا ذلك بقياس أو تجربة. وكذلك مسائل الحساب والهندسة ونحو ذلك، هذا مما يعلم بالعقل. "
منهاج السنة النبوية ج: 5/ 87 / 91
ولنأخذ مثلا من التعريفات التي ذكر شيخ الإسلام، قضية القطعية، فلا شك أن فضل الصحابة وعدالتهم قطعية فقد وردت في القرآن، ولا شك في قطعية كل ما ورد في القرآن، وتواترت بها السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكرها العلماء في جمل قطعيات الدين؛ ولهذا وضع الذين قسموا الدين إلى أصول وفروع مسألة الصحابة من الأصول كما فعل الغزالي في قواعد العقائد ج: 1 ص: 227
والآمدي غاية المرام ج: 1 ص: 390
والأشعري في رسالة إلى أهل الثغر ج: 1 ص: 303
وأما قوله إن الصحابة لم يصوغوا خلافاتهم السياسية لغة الكفر والإيمان. إن كان يقصد أنهم لم يكفر بعضهم بعضا فهذا صحيح. ونحن نقول لا يجوز اعتقاد فسق أحد منهم فضلا عن تكفيره.
أو كان يقصد أنهم لم يجعلوا ما جعله الأئمة من العقيدة من وجوب السكوت عن سبهم، أو تنقص من شارك منهم في الفتنة، واعتقاد فضل الصحابة وعدالتهم، ووجوب حبهم؛ فهذا خطأ بين على الصحابة تبين المنقولات التالية عنهم خطأه.
أخرج الحاكم وصححه عن سعيد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال: "الناس على ثلاثة منازل، فمضت منزلتان، وبقيت واحدة، فأحسن ما أنتم عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت. قال: ثم قرأ: {للفقراء المهاجرين} إلىقوله: {رضوانا} فهؤلاء المهاجرون. وهذه منزلة قد مضت {والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم} إلىقوله: {ولو كان بهم خصاصة}. قال: هؤلاء الأنصار. وهذه منزلة قد مضت. ثم قرأ: {والذين جاءوا من بعدهم} إلىقوله: {ربنا إنك رءوف رحيم} قد مضت هاتان وبقيت هذه المنزلة، فأحسن ما أنتم كائنون عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت. يقول: أن تستغفروا لهم" رواه الحاكم 2/ 3484 وصححه).
وقالت عائشة رضي الله عنها: ((أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فسبوهم)) (رواه مسلم في كتاب التفسير-حديث [3022] صحيح مسلم 4/ 2317).
وعن مجاهد، عن ابن عباس، قال: ((لا تسبوا أصحاب محمد، فإن الله قد أمر بالاستغفار لهم، وقد علم أنهم سيقتتلون)) رواه أحمد في الفضائل رقم (18)
قال ابن عمر: ((لا تسبوا أصحاب محمد، فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم أربعين سنة)). (رواه أحمد في فضائل الصحابة 1/ 61 وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة 1/ 32).
وروى مسلم في صحيحه (3/ 1461) بإسناده إلىالحسن بن عائذ بن عمرو وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، دخل على عبيد الله بن زياد فقال: أي بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن شر الرعاء الحطمة)، فإياك أن تكون منهم، فقال له اجلس فإنما أنت من نخالة – أي من قشور أو حثالة - أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: وهل كانت لهم نخالة، إنما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم.
كون عدالة الصحابة، وفضلهم، وحرمة سبهم، ووجوب محبتهم، وحمل أعمالهم إلى أحسن الوجوه من كليات الدين وقطعياته لا شك فيه لهذا فقد ذكرها جميع أهل العلم الذين صنفوا في جمل الدين وقطعياته التي يجب على المسلم أن يعتقدها.
قال محمد بن عبد الله في كتابه اعتقاد أهل السنة في الصحابة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/172)
ولا يمكن أن نجد كتاباً من كتب أهل السنة التي تبحث جوانب العقيدة المختلفة إلا ونجد هذا المبحث؛ ككتاب ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة)) اللالكائي و ((السنة)) لابن أبي عاصم، و ((السنة)) لعبد الله أحمد بن حنبل، و ((الأبانة)) لابن بطة، و ((عقيدة السلف أصحاب الحديث)) للصابوني. . وغيرها. بل كل إمام من أئمة السنة حينما يذكر عقيدته ولو في ورقة واحدة أو أقل، لا بد وأن يشير إلى موضوع الصحابة؛ إما من جهة فضلهم، أو فضل الخلفاء الراشدين، أو من جهة عدالتهم، والنهي عن سبهم والطعن فيهم، أو الإشارة إلى الكف والإمساك عما شجر بينهم. . الخ (راجع على سبيل المثال: ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة)) للألكائي (ت 418 هـ) (10/ 151 - 186) حيث ذكر المؤلف عقيدة عشرة من كبار أئمة أهل السنة، أشاروا إلى ما ذكرت، وقد حققه د. أحمد سعد حمدان الغامدي).
قال راقم هذه الحروف: وقد صنف شيخ الإسلام العقيدة الواسطية، وقال عنها إنها عقيدة جميع السلف والصحابة، وذكر فيها مسألة الكف عما شجر بين الصحابة.
وليضف الكاتب جميع أهل العلم الذين ذكر ابن تيمية أنهم أدخلوا مسألة الصحابة في الاعتقاد إلى خانة الغلاة.
قال شيخ الإسلام ـ في مناظرته مع الفقهاء الذين أنكروا عليه بعض الأشياء في العقيدة الواسطية ـ:
"ولما رأى هذا الحاكم العدل: ممالاتهم، وتعصبهم، ورأى قلة العارف الناصر، وخافهم قال: أنت صنفت اعتقاد الإمام أحمد، فنقول هذا اعتقاد احمد، يعنى والرجل يصنف على مذهبه فلا يعترض عليه ن فإنه ذا مذهب متبوع، وغرضه بذلك قطع مخاصمة الخصوم.
فقلت: ما جمعت إلا عقيدة السلف الصالح جميعهم، ليس للإمام أحمد اختصاص بهذا، والإمام أحمد إنما هو مبلغ العلم الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، ولو قال أحمد من تلقاء نفسه ما لم يجئ به الرسول لم نقبله، وهذه عقيدة محمد صلى الله عليه وسلم!!
وقلت مرات: قد أمهلت كل من خالفني في شيء منها ثلاث سنين، فإن جاء بحرف واحد عن أحد من القرون الثلاثة ـ التي أثنى عليها النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: "خير القرون القرن الذي بعثت فيه، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" يخالف ما ذكرته فأنا أرجع عن ذلك"
مجموع فتاوى ابن تيمية ج: 3 ص: 169
وقد بين شيخ الإسلام أن هذه المسألة من جملة قطعيات الدين التي تقاتل الجماعة التي لا تلتزم بهذه العقيدة حتى تلتزمها.
فقال:
"كل طائفة خرجت عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين وإن تكلمت بالشهادتين. فإذا أقروا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلوات الخمس وجب قتالهم حتى يصلوا. وإن امتنعوا عن الزكاة وجب قتالهم حتى يؤدوا الزكاة. وكذلك إن امتنعوا عن صيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق. وكذلك أن امتنعوا عن تحريم الفواحش، أو الزنا، أو الميسر، أو الخمر، أو غير ذلك من محرمات الشريعة. وكذلك إن امتنعوا عن الحكم في الدماء والأموال والأعراض والأبضاع ونحوها بحكم الكتاب والسنة. وكذلك إن امتنعوا عن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر،وجهاد الكفار إلى أن يسلموا ويؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون. وكذلك إن أظهروا البدع المخالفة للكتاب والسنة واتباع سلف الأمة وأئمتها؛ مثل أن يظهروا الألحاد في أسماء الله وآياته، أو التكذيب بأسماء الله وصفاته، أو التكذيب بقدره وقضائه، أو التكذيب بما كان عليه جماعة المسلمين على عهد الخلفاء الراشدين، أو الطعن في السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، أو مقاتلة المسلمين حتى يدخلوا في طاعتهم التي توجب الخروج عن شريعة الإسلام وأمثال هذه الأمور".
مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 511
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[08 - 01 - 05, 08:41 م]ـ
في هذه الوقفة سأتناول ما ذكر المؤلف عن موقف أهل السنة مما جرى بين الصحابة.
يقول في ص 133
(والذي يستقرئ موقف أهل السنة من الفتنة فلن يجد مذهبا واحدا، كما يريد أن يقنعنا به أصحاب التهويل والتعميم، بل سيجد مذاهب خمسة على الأقل:
1 ـ مذهب الممسكين عن الخوض مطلقا وهذا الذي عليه متكلموا أهل السنة، ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/173)
2 ـ مذهب الداعين إلى الإمساك عنه مع الخوض فيه، كالذهبي في "تاريخ الإسلام"و" سير أعلام النبلاء " وابن كثير في "البداية والنهاية ". ويحل خوضهم على أنه ترخص لغرض تعليمي، وأن المراد بالخوض عندهم ما كان على سبيل الذم والقدح.
3 ـ مذهب الخائضين في الخلاف مع التأول لكل الأطراف بإن كلا منها مجتهد مأجور، وهذا مذهب مشهور ذائع اتبعه جماهير الأمة عبر القرون، خصوصا غير المتمكنين من خلفيات الأحداث ومراميها.
4ـ مذهب الخائضين دون تأويل، وقد اشتهر من أهله بعض علماء التابعين أمثال الحسن البصري والربيع بن نافع …
5 ـ مذهب المغالين في الدفاع، المنفعلين بردة الفعل، المتأولين للصحابة ولغير الصحابة، بحق وبغير حق. وهذا الذي أدعوه " التشيع السني ". ويمثله ابن العربي وتلامذته المعاصرون. وهذا المذهب الأخير هو الأعلى صوتا اليوم، وأقوى نبرة، لأسباب سياسية ومذهبية كثيرة ليس هذا مكان عرضها. كما يغذه جهل أبناء الأمة بتاريخها في هذا العصر).
قال في ص 155
"ومن المصطلحات المثيرة للبس في أذهان طلاب العلم وعمامة المسلمين مصلح " الكف عما شجر بين الصحابة " الذي تردد ذكره في العقائد والمقولات والفرق، حتى أصبح يعد أصلا من أصول أهل السنة والجماعة. وقد ذكر اللالكائي من " اعتقاد أهل السنة " " الترحم على جميع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم والكف عما شجر بينهم "
مرد اللبس هنا أيضا هو عدم فهم المصلح في السياق الزمني الذي استخدمه علماء الإسلام فيه. فقد أراد أعلام الإسلام بهذا المصطلح معنيين: أحدهما إلجام من لم يتسلح بتفاصيل تلك الأحداث ودقائقها من المصادر الموثوقة عن الخوض فيها أصلا، حذرا من المجازفة في النقل والكذب على الأصحاب، والثاني: النهي عن الخوض المؤدي إلى لعن الصحابة أو تكفيرهم .. مما اعتاد المبتدعة على فعله".
ولكن الخلف فهموا من كلام السلف هنا غير ما أرادوا، وأوله بإن المراد به الإمساك مطلقا عن الحديث في الموضوع أو تناوله ولو لغرض التأصيل الشرعي والاعتبار التاريخي، فضيقوا واسعا، وألزموا الناس بما لا يلزم.
====================
النقاط موضع النقاش:
1ـ هل لأهل لأهل السنة مما جرى بين صحابة عدة مذاهب كما ادعى الكاتب؟
2ـ وهل المقصود بأمرهم الكف عن ذلك ناس معينون كما قال؟
هذا الكلام الذي ادعاه المؤلف عن أهل السنة في الموقف من ذكر ما جرى بين الصحة، مجرد ادعاء لم يقم عليه المؤلف دليلا من كلام أهل السنة، فأهل السنة لم يختلفوا في قضية الكلام فيما جرى ين الصحابة، بل موقفهم فيه واضح؛ وتحريره: أن ذكر ما جرى بين الصحابة على وجه التاريخ دون طعن على أحد منهم فهذا مكروه عندهم، لأنه لا عمل تحته، ويخاف أن يجر صاحبه إلى المحذور، فنهيهم عنه من باب صد الذرائع.
، وهذا وجيه من الناحية الشرعية والعقلية، فلا يشك شاك أن الإنسان لو كف عن عمل لا ينفعه، وقد يضره دل كفه على كمال عقله وتورع لدينه، وأن فعله له يدل على ضعف في عقله، وقلة احتياط لدينه.
وأما ذكره على وجه الطعن عليهم به، والكلام فيهم بما ينافي فضلهم فلا شك في حرمته، ولم يختلف أهل السنة في تحريمه وتبديع فاعله، وهذا الإجماع مبني على نصوص كثيرة من الكتاب والسنة تبين فضل الصحابة، ومتانة دينهم وحسن استقامتهم، وتنهى عن سبهم وتنقصهم.
وهذا ذكر كلامهم الذي يدل على ما ذكرت عنهم:
====================
في السنة للخلال
723 أخبرني عصمة بن عصام قال قال حنبل أردت أن أكتب كتاب صفين والجمل عن خلف بن سالم فأتيت أبا عبد الله أكلمه في ذاك وأسأله فقال وما تصنع بذاك وليس فيه حلال ولا حرام وقد كتبت مع خلف حيث كتبه فكتبت الأسانيد وتركت الكلام وكتبها خلف وحضرت غندر واجتمعنا عنده فكتبت أسانيد حديث شعبة وكتبها خلف على وجهها قلت له ولم كتبت الأسانيد وتركت الكلام قال أردت إنأعرف ما روى شعبة منها قال حنبل فأتيت خلف فكتبتها فبلغ أبا عبدالله فقال لأبي خذ الكتاب فاحبسه عنه ولا تدعه ينظر فيه
إسناده صحيح
السنة للخلال ج: 2 ص: 464
وجه الدلالة على ما ذكرنا: أن أحمد بن حنبل لم يقل له هذا حرام، ولم يبدعه فيما فعل، ولكن كره له ذلك وبين له وجه كراهيته له.
وقد حرر الإمام الذهبي هذه المسألة في سير أعلام النبلاء فقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/174)
"كما تقرر الكف عن كثير مما شجر بين الصحابة وقتالهم رضي الله عنهم أجمعين وما زال يمر بنا ذلك في الدواوين والكتب والأجزاء ولكن أكثر ذلك منقطع وضعيف وبعضه كذب وهذا فيما بأيدينا وبين علمائنا فينبغي طيه وإخفاؤه بل إعدامه لتصفو القلوب وتتوفر على حب الصحابة والترضي عنهم وكتمان ذلك متعين عن العامة وآحاد العلماء وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوة للعالم المنصف العري من الهوى بشرط أن يستغفر لهم كما علمنا الله تعالىحيث يقول والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا الحشر 10 فالقوم لهم سوابق وأعمال مكفرة لما وقع منهم وجهاد محاء وعبادة ممحصة ولسنا ممن يغلو في أحد منهم ولا ندعي فيهم العصمة .. فأما ما تنقله الرافضة وأهل البدع في كتبهم من ذلك فلا نعرج عليه ولا كرامة فأكثره باطل وكذب وافتراء فدأب الروافض رواية الأباطيل أو رد ما في الصحاح والمسانيد ومتى إفاقة من به سكران"
سير أعلام النبلاء ج: 10 ص: 92
====================
وقال السفاريني:
واحذر من الخوض الذي قد يزري ... بفضلهم مما جرى لو تدري
فإنه عن اجتهاد قد صدر ... فاسلم أذل الله من لهم هجر
فبين أن الخوض المحرم هو الخوض المؤدي إلى انتقاص أحد من الصحابة أو سبه.
قال الشوكاني رحمه في جوابه لمن سأله عما جرى بين الصحابة:
إن كان هذا السائل طالبا للنجاة، فليدع الاشتغال بهذه الأمور في هذا المضيق الذي تاهت فيه الأفكار، فإن هؤلاء الذين تبحث عن حوادثهم وتتطلع لمعرفة ما شجر بينهم قد صاروا تحت أطباق الثرى ولقوا ربهم في المائة الأولى من البعثة وهانحن الان في المائة الثالثة عشر، فما لنا والاشتغال بهذا الشأن الذي لا يعنينا " ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنه " وأي فائدة لنا في الدخول في الأمور التي فيها ريبة، وقد أرشدنا إلىأن ندع ما يريبنا إلىما لا يريبنا.ويكفينا في تلك القلاقل والزلازل، أن نعتقد أنهم خير القرون وأفضل الناس .... فرحم الله امرئا اشتغل بما أوجبه الله عليه وطلبه منه، وترك ما لا يعود عليه بنفع لا في الدنيا ولا في الآخرة، بل يعود عليه بالضرر، ومن ظن خلاف هذا فهو مغرور مخدوع، قاصر الباع عن إدراك الحقائق، ومعرفة الحق على وجهه كائنا من كان.
إرشاد السائل إلىدلائل المسائل ص 45 ـ 46
فهذا الكلام رد لطيف على قول المؤلف " ولو لغرض التأصيل الشرعي والاعتبار التاريخي، فضيقوا واسعا، وألزموا الناس بما لا يلزم."
وهذا الكلام باطل من وجوه: أحدها أن التأصيل العلمي لكل القضايا الشرعية قد قام به علماء الأصول في كلامهم على مصادر الشريعة، فكل فعل أو قول خالف الكتاب والسنة مردود ولو قاله من قاله أو فعله من فعله.
وأما الاعتبار بحياتهم فقد قام به أهل العلم خير قيام فنشروا مناقبهم التي بلغوا بها ما بلغوا من الإيمان الصادق والعمل الصالح فمكن الله لهم من العز في الدنيا ما قد علمه القاصي والداني و وعدهم عليها من حسن الجزاء في الآخرة ما الله به عليم، وتركوا ذكر أعمالهم التي ليست موضع قدوة فهم بشر لا يخلون من خطئ لكن خطأهم نقطة في بحر فضائلهم، وهذا هو المنهج الصحيح.
قال أبو نعيم: " لم يأمرهم بالإمساك عن ذكر محاسنهم وفضائلهم، وإنما أمروا بالإمساك عن ذكر أفعالهم وما يفرط منهم في ثورة الغضب وعارض الوجدة ". (الإمامة 347).
وفي السنة للخلال:
825وأخبرني محمد بن جعفر ومحمد بن أبي هارون إن أبا الحارث قال جاءنا عدد ومعهم ذكروا أنهم من الرقة فوجهنا بها إلى أبي عبد الله ما تقول فيمن زعم أنه مباح له أن يتكلم في مساوئ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو عبدالله هذا كلام سوء رديء يجانبون هؤلاء القوم ولا يجالسون ويبين أمرهم للناس
إسناده صحيح
======================
قال الأشعري:
الإجماع الثامن والأربعون
وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة عليهم السلام إلا بخير ما يذكرون به وعلى أنهم أحق أن ينشر محاسنهم ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج وأن نظن بهم أحسن الظن.
رسالة إلى أهل الثغر ج: 1 ص: 303
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/175)
وقال أبو نعيم: "فمن أسوأ حالاً ممن خالف الله ورسوله وآب بالعصيان لهما والمخالفة عليهما. ألا ترى أن الله تعالى أمر نبيه -صلى الله عليه وسلم- بإن يعفو عن أصحابه ويستغفر لهم ويخفض لهم الجناح، قال تعالى: {ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر} (سورة آل عمران: 159). وقال: {واخفض جناحك لمن تبعك من المؤمنين} (سورة الشعراء: 215).
فمن سبهم وأبغضهم وحمل ما كان من تأويلهم وحروبهم على غير الجميل الحسن، فهو العادل عن أمر الله تعالى وتأديبه ووصيته فيهم. لا يبسط لسأنه فيهم إلا من سوء طويته في النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته والإسلام والمسلمين" (الإمامة: ص 375 - 37).
قال الداني: " من قولهم أن يحسن القول في السادة الكرام، أصحاب محمد عليه السلام وأن تذكر فضائلهم وتنشر محاسنهم، ويمسك عما سوى ذلك مما شجر بينهم ..
الرسالة الوفية ص 132
وقال الصابوني: " ويرون الكف عما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتطهير الألسن عن ذكر يتضمن عيبا لهم ونقصا فيهم."
عقيدة الصلف أصحاب الحديث ص 294
قال حافظ حكمي:
"ثم السكوت واجب عما جرى ... بينهم من فعل ما قد قدرا
فكلهم مجتهد مثاب ... وخطؤهم يغفره الوهاب
أجمع أهل السنة والجماعة الذين هم أهل الحل والعقد الذين يعتد بإجماعهم على وجوب السكوت عن الخوض في الفتن التي جرت بين الصحابة رضي الله عنهم بعد قتل عثمان رضي الله عنه والاسترجاع على تلك المصائب التي أصيبت بها هذه الأمة والاستغفار للقتلى من الطرفين والترحم عليهم وحفظ فضائل الصحابة والاعتراف لهم بسوابقهم ونشر مناقبهم، عملا بقول الله عز وجل "والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان " (الحشر 10) الآية، واعتقاد أن الكل منهم مجتهد إن أصاب فله أجران، أجر على اجتهاده وأجر على إصابته، وإن أخطأ فله أجر الاجتهاد والخطأ مغفور، ولا نقول أنهم معصومون بل مجتهدون إما مصيبون وإما مخطئون لم يتعمدوا الخطأ في ذلك، وما روى من الأحاديث في مساويهم الكثير منه مكذوب، ومنه ما قد زيد فيه أو نقص مه وغير عن وجهه، والصحيح منه هم فيه معذورون".
معارج القبول 3/ 1208
====================
وبعد هذه النقل التوضيحي لمذهب أهل السنة، في الخوض فيما شجر بين الصحابة وأنهم مجمعون على حرمة الخوض المؤدي إلى الطعن فيهم أو سبهم أو تنقصهم.
وعند التأمل تجد أن الكاتب أخذ هذا القول وشققه، فإن أربعة من الأقوال الخمسة التي ذكر تجمع على عدم الخوض في ما شجر بين الصحابة بما يتضمن تنقصا لهم أو عيبا.
بقي القول الذي ذكره عن الحسن فنقول متى كان يؤخذ من حوادث العين مذهبا، مع ما ذكره أهل العلم من إجماعات لم يستثنوا منها الحسن،والحسن من الشهرة بمكان، فلو كان له مذهب خاص به دون أهل العلم لذكروه في المقالات التي ينقلون عن أهل العلم، فلما لم يذكروا له مذهبا خاصا دل ذلك على عدم وجود مذهب له في ذكر ما جرى بين الصحابة خارج عن مذهب أهل العلم الآخرين.
وقد نقل عن الحسن نفسه ما يؤكد أنه على مذهب أهل العلم الآخرين.
نقل القرطبي في تفسيره قال: " سئل الحسن البصري رحمه الله تعالىعن قتال الصحابة فيما بينهم فقال: قتال شهده أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وغبنا، وعلموا وجهلنا، واجتمعوا فاتبعنا، واختلفوا فوقفنا.
تفسير القرطبي 16/ 332
فلم يبق هناك بعد هذا الكلام الواضح من الحسن البصري لأهل السنة إلا موقف واحد من الفتنة التي وقعت من الصحابة، وهو ما يذكره أهل السنة والجماعة في كتبهم عنها.
قال الحافظ: "واتفق أهل السنة على وجوب منع الطعن على أحد من الصحابة بسبب ما وقع لهم من ذلك ولو عرف المحق منهم لأنهم لم يقاتلوا في تلك الحروب إلا عن اجتهاد وقد عفا الله تعالى عن المخطئ في الاجتهاد بل ثبت أنه يؤجر أجرا واحدا وأن المصيب يؤجر أجرين "
فتح الباري ج 13 ص 34
أو مذهب أهل البدع الخوض فيما شجر بينهم بنية الوقيعة في بعضهم أو في أحدهم كما فعل الكاتب في كتيبه. وأهل السنة منه براء.
هل المقصود بما ذكر من مذهب أهل العلم في الكف عما شجر بين الصحابة، ناس دون ناس، لا يشك أي إنسان أن قول أهل السنة في هذه المسألة عقيدة قطعية دل عليها الكتاب والسنة وأجمع عليها أهل السنة، فمثل هذا دين قطعي، والدين القطعي يعم جميع المكلفين.
====================
وأما قوله:
"مرد اللبس هنا أيضا هو عدم فهم المصطلح في السياق الزمني الذي استخدمه علماء الإسلام فيه".
فهذا النص تشم منه رائحة كلام العلمانيين حين يدعون إلى قراءة النص الديني كما قالوا قراءة تاريخية، ويعنون بذلك قاتلهم الله أن القرآن والسنة ناسبا الحياة البشرية وتكيفت معهما في فترة معينة وولت هذه الفترة أما الفترة المعاصرة فلا يصلحان لها، وفي هذا القول من الزندقة ما لا يخفى على ذي عين. ومع ما ذكر نعيذ الكاتب من هذا القول ونظن به الخير، وهو وإن وافقهم في الفظ إلا أننا نعتقد أنه لا يوافقهم في المعنى على الإطلاق. أما هذا المصطلح فهو مصطلح شرعي مبني على كثير من النصوص الشرعية كتابا وسنة، وقد مر معك بعضها مما يجعله شاملا للزمن كله، وما ذكره الكاتب من قوله:
"فقد أراد أعلام الإسلام بهذا المصطلح معنيين: أحدهما إلجام من لم يتسلح بتفاصيل تلك الأحداث ودقائقها من المصادر الموثوقة عن الخوض فيها أصلا، حذرا المجازفة في النقل والكذب على الأصحاب، والثاني: النهي عن الخوض المؤدي إلى لعن الصحابة أو تكفيرهم .. مما اعتاد المبتدعة على فعله".
وهل الواقع اليوم من الكلام في الصحابة إلا ما ذكره الكاتب، فكان على الفهم الذي اختاره الكاتب لكلام السلف يجب أن يوصي بغلق باب الكلام فيهم، أما رأى الكاتب كلام المستشرقين في الصحابة، وكلام الرافضة، وكلام بعض المنتسبين إلى الدعوة، كله من هذا المعجن وحتى كلام الكاتب في كتابه هو لا يخرج عن ما ذكر.
محبكم / عبد الله الشنقيطي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/176)
ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[16 - 01 - 05, 09:40 م]ـ
بعد أن تأكدنا بما مر؛ أن الكاتب قد خالف منهج أهل السنة والجماعة في طريقة تناولهم لتاريخ الصحابة، ونسف القواعد المنهجية لتي بينوا أنه يجب على الكاتب أن يراعيها، وهو يكتب عن تلك الفترة، وذلك الجيل. بقي سؤال يحق للقارئ الكريم أن يطرحه، من أين استقى الكاتب هذا المنهج.
في هذه الوقفة سنحاول أن نبين من أين استقى هذا المنهج، يرى المطلع على ساحة الثقافية، أن كثيرا من الكتاب الكبار الذين تتمدح بهم الصحف، وتلمعهم وسائل الإعلام الآخر، قد سرت في كتاباتهم سموم المستشرقين، وتلامذتهم من المستغربين، وقد يظن قليل الإطلاع أن هذا الداء قد سلم منه الكتاب الإسلاميين، وأنا أقول له على رسلك، كلا. فهذه السموم قد سرت في كتابات كثير من الإسلاميين، ولعل لاتجاه العصراني أو ضح مثال لذلك، بل جل اهتماماته هي تطويع الإسلام للمبادئ الغربية، ووصم كل ما لا يتماشى معها، بأنه فهم خاطئ للإسلام، والكاتب كما لا يخفى هو أحد أصحاب هذا الاتجاه، وأكبر دليل على ذلك، تصدر كتابه بمقدمة كتبها أحد رواد هذا الاتجاه، وهو راشد الغنوشي، فلا عجب أن كان، متأثرا في منهجه، بمنهج المستشرقين، وتلامذتهم، فقد رأينا في كتابه تطابقا كبيرا بين ما كتب، وما كتبوا. وسأحاول أن أبين في هذه الوقفة بعض التشابه الذي وجدته، وسأختصر، لأني أقصد التمثيل لا لاستقصاء.
قال المستشرق فلها وزن: " ولكن أحد لم ينس أبدا للأمويين أنهم كانوا أول أمرهم أخطر أعداء النبي وأنهم لم يعتنقوا الإسلام إلا في الساعة الأولى مكرهين، وأنهم عرفوا بعد ذلك كيف يجنون لأنفسهم ثمرة انتصاره وسيادته، وذلك من طريق استغلال ضعف عثمان أولا، ومن طريق المهارة في استغلال مقتله بعد ذلك.
ولقد كان أصل الأمويين لا يجعلهم أهلا لقيادة الأمة المحمدية، وكان من السخرية فكرة الحكومة الثيوقراطية أن يظهر الأمويون يمثلها الأغلبية، فهم كانوا مغتصبين، وظلوا كذلك، ولم يكونوا يستندون إلا إلى قوتهم الخاصة إلى قوة الشام.
تاريخ الدولة العربية ص 59
فهذا المستشرق يرى أن الأمويين وهو يقصد بهم بعاوية، ومن معه، توافرت لهم عدة أمور استغلوها، من أجل الملك. وهي ضعف عثمان، استغلال مقتله، قوت أهل الشام.
ولو قام إنسان بمقارنة هذا الكلام، بكلام الشنقيطي الآتي، لو جد تشابها كبيرا.
وقال في ص 224
وأسوأ ما في دور مروان في تلك الفتن السياسية أمور أربعة:
"أولهما تأثيره على ذي النورين عثمان رضي الله عنه، ودوره الجوهري في إيثار بني أمية بالسلطة والثروة في أيامه، خصوصا مع كبر عثمان في السن، وضعفه الفطري".
فهذا هو استغلال ضعف عثمان الذي ذكره المستشرق.
وقال في ص 125
وتفسير حرب صفين بأسبابها الحقيقية وهي مطامح الملك لدي معاوية وعمرو، وتجوزهما حدود الشرع في الدماء والجنايات في الطريقة التي طلبا بها الأخذ بدم عثمان.
فهذا هو استغلال مقتل عثمان.
وقال ص 175
وبعد أن ذكر مراسلة بين معاوية وأبي موسى الأشعري.
"وتكشف هذه المراسلة عن الفرق بين تصور أبي موسى الأشعري لموضوع الخلافة الذي اعتبره جسيم أمر هذه الأمة. يخاف ربه إذا سأله عنه، وبين تصور معاوية الذي لم يكن يرى بأسا بالاستيلاء عليها بتوزيع العطايا والمناصب وإشهار السيوف والرماح".
وهذا هو الاستيلاء بالقوة الذي ذكره المستشرق.
فكرة الكتاب بكل بساطة هي أن معاوية رضي الله عنه أرغم الأمة على لاستبداد بقتاله وشرائه الذمم من أجل الملك، وكرس هذا المبدأ بولايته العهد لابنه يزيد، و سن ذلك لمن جاء بعده من الملوك فصار يولى أهل بيته. وتولد من ذلك ظلم كبير للأمة على معاوية وزره ما عمل به إلى يوم القيامة، فمعاوية لم يقاتل علي من أجل قتلة عثمان، وإنما قاتل من أجل الملك.
وكل القواعد المذكور في الكتاب هي لتقرير هذه القضية أو في الهجوم على من يردها أو ادعاء لتقبلها أو نزع كل ما يمنع منها.
ولأن معاوية من الصحابة و الطعن فيه طعن في أحد من الصحابة، عنون كتابه
"الخلافات السياسية بين الصحابة "
ثم صاغ تلك القواعد التي أراد أن يصل من خلالها إلى ما أراد من طعن في معاوية وعمرو بن العاص.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/177)
فالقاعدة ـ الرابعة. ـ والخامسة. ـ والسادسة. ـ والسابعة ـ والثالثة عشرة ـ والرابعة عشرة ـ والسابعة عشرة ـ والثامنة عشرة والقواعد الثلاث الأخيرة فهي كلها في تبرير هذا الطعن والتقعيد له.
والقاعدة ـ الخامسة عشرة وـ السادسة عشرة و ـ التاسعة عشرة فهي في إزالة كل عائق شرعي يقف في وجه هذا الطعن.
وأما القاعدة ـ الحادية عشرة فهي لبيان حدود هذا الطعن
وأما القاعدة ـ التاسعة ـ والثانية عشرة ووقفة ملاحظات على منهج ابن تيمية وحوار مع مدرسة التشيع السني، فهي في الهجوم على كل من لا يرى في الصحابة رأي المؤلف وخاصة في الطعن على معاوية.
وجميع الطعون التي طعن بها المؤلف في معاوية مأخوذة من كتب معروفة.
فنظرية تأثر معاوية بالحكم الجاهلي في عهده إلى يزيد بالملك أخذها عن أحمد أمين "يوم الإسلام "ص 66 و أحمد رمصان "الخلافة في الحضارة الإسلامية "ص 84 وسعيد الأفغاني "عائشة والسياسة" ص 278
وأما نظرية ارتكابه بهذا العهد كبيرة من الكبائر يضيفها إلى ذنوبه الأخرى فأخذها الكاتب من كل من.
أحمد الشريف "دور الحجاز في الحياة السياسية" ص 417
وأمين الريحاني في الأعمال الكاملة 6/ 36
وأكبر شاه خان "تاريخ الإسلام "2/ 48
وأن عليه أثمها وأثم من عمل بها أخذها من عبد القادر عودة كما في كتابه " الإسلام و أوضاعنا السياسية" ص 159
وفي الكتاب رائحة العلمانية ويتضح ذلك من جعله الخلافة منصبا دنيويا وكل من يطلبه يطلبه من أجل الدنيا، مع أن منصب الإمامة عند المسلمين منصب ديني لا دنيوي كما يأتي من تعريف أهل العلم لها.
قال في ص 71
ومن الاعتراف بحدود الكمال البشري عدم تنزيه غير المعصوم عن الهوى والطموح الدنيوي مهما سمت مكانته، وعلا كعبه.
وقال في ص72
وقد طبق ابن تيمية هذا المبدأ على موقف سعد ليلة السقيفة ..
والآن نعرض كلام أهل العلم في موضوع الإمامة الموضح أنها منصب ديني لا دنيوي.
قال الماوردي:
" الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا به "
الأحكام السلطانية ص 5
وقال إمام الحرمين:
" الإمامة رياسة تامة، وزعامة تتعلق بالخاصة والعامة في مهمات الدين و الدنيا "
غياث الأمم في التياث الظلم ص 15
وقال العلامة ابن خلدون:
" هي حمل الكافة علي مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها، إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إلى اعتبار بمصالح الآخرة، فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به "
مقدمة ابن خلدون ص 190
ولتأكيد ما ذكرنا من أن مصب الإمامة منصب ديني ينظر مقاصد الإمامة في كتاب "الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة " للشيخ الدميجي
ص 69 ـ 122
الفكرة العامة للكتاب،أخذها الكاتب من كتاب "الحريّات العامّة" لراشد الغنوشي: كما قال فيه متحدثا عن طرق الوصول إلى الحكم وهو يتكلم عن الاستخلاف: "ويشعر المرء بالقرف من استمرار هذا العفن قائماً في تراثنا الديني وفكرنا السياسي، ويضع يده مباشرة على هذه الألغام التي قوّضت حضارة الإسلام وأسلمتنا إلى الانحطاط، إنّه من غير ثورة شاملة تطيح بهذه السموم التي لا تزال تجري في دماء الأمّة وتشلّ طاقتها وتجهض انتفاضتها، وتحبط أحلام نهضتها، فلا أمل في انطلاقة متينة قويّة قاصدة منتجة الحضارة من جديد في أمّتنا). [ص162].
ويقول: (فويل لتاريخ الازدهار من ليالي الانحطاط، هل نحن أهل لوراثة الخلافة الراشدة ونحن نلقي عليها بمزابل انحطاطنا؟). [نفس الصفحة].
يقول عن معاوية رضي الله عنه: (الوالي المنشق معاوية بن أبي سفيان، وقد غلبت عليه - غفر الله له - شهوة الملك وعصبيّة القبيلة، فلم يكتف بأن انتزع الأمر من أهله بل ومضى في الغيّ!! لا يلوي على شيءٍ حتّى صمّم على توريثه كما يوّرث المتاع لابنه وعشيرته، فجمع في قصّته المشهورة ثلّة من المرشّحين للخلافة من الجيل الثّاني من الصحابة، وأمام ملأ من النّاس قام أحد أعوانه يخطب بصفاقة ... وحينئذ بدأ مسلسل الشّر والفساد، مكرّساً الدكتاتوريّة والوصاية والعصمة، مقصياً الأمّة عن حقّها، مبدّداً طاقتها في جدلٍ عقيم حول الخلافة والاستخلاف ".
قلت ولا يخفى ما في هذا الكلام من الهراء.
وبعضها من مالك بن نبي كما في كتابه وجهة العالم الإسلامي ص 25
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(29/178)