ـ[أبوحاتم]ــــــــ[21 - 08 - 04, 09:57 م]ـ
الأخ الكريم أبو أميرة (محب العلم) وفقه الله
هل لك في أن تحافظ على وقتك الذي تقتطعه لنا اقتطاعا , فتترك التعليق على كلمة هنا وأخرى هناك من حواشي الموضوع وهوامشه , وتقدم بشجاعة على الإجابة عن سؤالي الذي عرضته عليك آنفا؟
خوفا عليك من أن يظن بك العجز والانقطاع.
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[21 - 08 - 04, 11:56 م]ـ
وإلى أن تجيب بوضوح وشجاعة هذه بعض التعليقات على تعقيبك:
1 - ما زلت تصر على إيراد حديث حاطب , وقد كررت لك أننا لم نصل بعد إليه , ولا أنا استدللت به هنا , وسترى عند بحثنا فيه أنك قد فسرته تفسيرا عجبا لم تسبق إليه.
واعتراضي إنما كان بقول الفقهاء وحكمهم في الجاسوس مطلقا , لا بما كان من حاطب خاصة , والجاسوس قد يفعل مثل فعل حاطب وقد يفعل أكثر منه بكثير , إذ الظروف تختلف , فلم تجعل كلام الفقهاء المطلق في الجاسوس إنما هو على ما كان مثل فعل حاطب فقط؟ مع أنني لو سلمت بذلك لكانت الحجة قائمة أيضا , وسيأتي ذلك عند كلامنا عن الحديث.
والشافعي يقول بملء فمه: ((وليس الدلالة على عورة مسلم , ولا تأييد كافر بأن يحذر أن المسلمين يريدون منه غرة , ليحذرها , أو يتقدم في نكاية المسلمين = بكفر بيِّن)).
فهذه الصورة (صورة ما يفعله الجاسوس) ليست بكفر بين عند الشافعي , وهي ليست مظنة الإعانة (حسب تعبيرك) , بل هي من أعظم صور الإعانة الظاهرة؟
فهل هذه الصورة كفر عندك؟! أجب بوضوح وأرحنا.
وتذكر أنك تقول: ((أما إيقاد عود كبريت إعانة للكفار فهو كفر كبر، لا لأنه إيقاد عود كبريت للكفار! بل لأنه إعانة لهم)).
فهل الدلالة على عورات المسلمين وتأييد الكفار ليحذروا أو يتقدموا في نكاية المسلمين (كما ورد في كلام الشافعي) ليست إعانة للكفار؟!
كان الله في عونك.
2 - تقول عن حديث حاطب: ((وهو الذي استدل به الشافعي فيما نقلته عنه في الأم على عدم قتل الجاسوس)).
قلت: استدل به على عدم قتله , لأنه لم ير فعله (وهو إعانة للكفار على المسلمين) كفرا.
ـ[محب العلم]ــــــــ[22 - 08 - 04, 12:39 م]ـ
أخي الكريم المفضال أبو حاتم وفقه الله
" ولا أعلم أحدا أتى في مثل هذا أعظم في الظاهر من هذا؛ لأن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مباين في عظمته لجميع الآدميين بعده. "
تأمل هذه الجملة من كلام الشافعي ثم أجب عن الأسئلة التالية:
السؤال الأول: ماذا تفهم من جملة الشافعي هذه؟
السؤال الثاني: هل التجسس أيا كانت صورته أعظم أم فعل حاطب؟
====================
وسأعيد جوابي لسؤالك، بعد جوابك على هذين السؤالين.
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[22 - 08 - 04, 04:14 م]ـ
الأخ الكريم أبو أميرة (محب العلم) وفقه الله
ما هذا بحسن ..
أسألك وأعيد السؤال وأكرره بعدة صيغ , وهو في صلب الموضوع , لأنه ينقض إجماعك , ولا أجد منك جوابا.
والآن تأتي لتدخلنا في عبارة وردت في كلام الشافعي , حول حديث حاطب , لنبحث فيها ونجيب عن أسئلتك!
هل أفهم أن لا جواب لديك؟!
ـ[محب العلم]ــــــــ[22 - 08 - 04, 08:54 م]ـ
أخي المحب أبو حاتم
قد سألتني عشرين سؤالاً أو تزيد، فما تركت سؤالاً لك بلا جواب، فهلا صبرت علي في هذا السؤال حتى تجيب على سؤالي؟
على أني قد أجبتك جوابا أعلم أنك لاتريده، ولكن ماذنبي إذا كان هو الجواب؟
وسأتوقف عن كل أسألتي، وأعرض عن أوجه اعتراضي على كلامك السابق، وأعيد جحوابي لك على وجه السرعة قبل أن تغضب ثم لا أجد من أباحثه في هذه المباحث المستغلقة!
===========================
قلت لك أخي الفاضل أن التجسس محتمل للاعانة فمادونها، وأن ماكان كذلك فهو لايصلح مناطا للتكفير لأنه خفي لايصح ان تعلق به أحكام التكفير المبنية على الظاهر،ومثلت لك بالفرق بين النوم والحدث.
فأبيت إلا أن أقول بأن الصور التي ذكرها الشافعي في قوله: " وليس الدلالة على عورة مسلم , ولا تأييد كافر بأن يحذر أن المسلمين يريدون منه غرة , ليحذرها , أو يتقدم في نكاية المسلمين = بكفر بيِّن ".هي من الاعانة الظاهرة التي لاتحتمل معنى إلا الإعانة.
وسأنقل لك الآن من كلام الشافعي رحمه الله وغيره مايبين الفرق بين (الاعانة) وبين (الدلالة) ومافي معناها كالاخبار.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/130)
فأهل العلم رحمهم الله تعالى يفرقون بين معنى (الدلالة) ومعنى (الاعانة) في أبواب متفرقة من الفقه، كجزاء الصيد في كتاب الحج وباب المشاركة في القتل في كتاب الجنايات وغيرها.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (1/ 689 ومابعدها ط. بيت الأفكار الدولية):
" ولاتحل له - أي المحرم - الإعانة على الصيد بشئ فإن في حديث أبي قتادة التفق عليه: " ... فقلت لهم: ناولوني السوط والرمح، قالوا: والله لانعينك عليه، وفي رواية: فاستعنتهم فأبوا أن يعينونني " وهذا يدل على أنهم اعتقدوا تحريم الاعانة، والنبي صلى الله عليه وسلم أقرهم على ذلك، ولأنه إعانة على محرم فحرم كالإعانة على قتل الآدمي.
ويضمن الصيد بالدلالة ... روي ذلك عن علي وابن عباس ... ، وقال مالك
و الشافعي: لاشئ على الدال لأنه يضمن بالجناية ولا يضمن بالدلالة كالآدمي.
.
ثم قال: " ولو كان المدلول رأى الصيد قبل الدلالة والإشارة، فلاشئ على الدال والمشير، لأن ذلك لم يكن سببا في تلفه، ولأن هذه ليست دلالة على الحقيقة "
فتأمل أخي الفاضل كيف أن هناك ماصورته دلالة وهوليس بدلالة على الحقيقة فلاتتعلق به أحكام الدلالة، وهناك أيضا ماصورته إعانة ولاتتعلق به أحكام الإعانة على الحقيقة كماهو فعل حاطب رضي الله عنه وكما هو حال الجاسوس إذ صورة فعله هي الدلالة لا الإعانة، وهي محتملة للاعانة.
ثم قال ابن قدامة رحمه الله:
" فإن أعار قاتل الصيد سلاحا، فقتله به، فهو كمالو دله عليه ... وكذلك لو أعانه عليه ... ".
ففرق بينهما في المعنى والحكم.
فليت شعري! أيفرق بينهما في التضمين بذبح عنز مكان وعل، ولايفرق بينهما في تكفير مسلم وذبحه!
وهل تظن بارك الله فيك أن (الدلالة) مرادفة (للاعانة) من كل وجه، أو هي صورة من صورها على كل حال!
أفرأيت القرطبي رحمه الله يقول: ولو تكررت منه الدلالة فإنه لا يكفر إذا كان لغرض دنيوي كماقاله القرطبي في تفسيره عند آية الممتحنة، ثم يقول هو نفسه عند قوله تعالى (ومن يتولهم منكم فإنه منهم): " أي يعضدهم على المسلمين (فإنه منهم) ... وهو يمنع إثبات الميراث للمسلم من المرتد "!
أرأيته لايفرق بين من عضد ومن دل!
وقد تبين مماسبق أنه ليس كل دلالة إعانة، فقد تكون إعانة وقد تكون دون ذلك.
فصح بهذا أن كل صورة من صور التجسس لغة واصطلاحا فهي محتملة للاعانة وعدمها، سواء كانت دلالة أو إخبارا أو غيرها.
ولولا الحال التي ذكرت لك من قبل وقلة الوقت والمراجع بين يدي لبسطت لك الجواب هنا على ماتحب، ولكن للحديث صلة فلاتعجل.
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[22 - 08 - 04, 10:53 م]ـ
الأخ الكريم أبو أميرة (محب العلم) وفقه الله
تقول: ((ليس كل دلالة إعانة، فقد تكون إعانة وقد تكون دون ذلك)).
طيب .. متى تكون الدلالة إعانة؟ ومتى لا تكون؟
لا بد من بيان هذا حتى يتضح قولك , ونعرف متى يكون التجسس إعانة عندك ومتى لا يكون. ثم ننظر هل الفقهاء (أو الشافعي) خصوا صورة من صورة عند كلامهم عن الجاسوس.
وسأعود إلى مناقشة تعقيبك بعد هذا؛ لأن فهم كلامك الآن على وجهه أولى بالتقديم.
ولا تنس احتساب الأجر في الإجابة عن استشكالاتي.
ألم أوصك بهذا أول الحوار؟!
ثم إن أسئلتي إنما تكون فيما يتعلق بموضع البحث , لا بشيء خارجي.
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[23 - 08 - 04, 01:56 ص]ـ
وإلى أن يبين الأخ الكريم أبو أميرة وفقه الله متى تكون الدلالة والتجسس إعانة ومتى لا تكون , هذا تعليق على ما أتحفنا به من تفريق أهل العلم بين معنى الدلالة ومعنى الإعانة.
أولا: لم أقل أنا ولا أحد ممن يعقل ما يقول: إن الدلالة مرادفة للإعانة.
فإذا عُلِم هذا فلا داعي لقولك: ((وهل تظن بارك الله فيك أن (الدلالة) مرادفة (للاعانة) من كل وجه)).
وإنما أنا أقول وكل من يعقل ما يقول: إن الدلالة فردٌ من أفراد الإعانة , وصورة من صورها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/131)
ثانيا: لما احتججتُ على أخينا بأن التجسس إعانة لم يكفِّر بها العلماء , قال: إن التجسس دلالة , وليس كل دلالة إعانة , واحتج على هذا بأن أهل العلم رحمهم الله تعالى يفرقون بين معنى (الدلالة) ومعنى (الاعانة) في أبواب متفرقة من الفقه، كجزاء الصيد في كتاب الحج وباب المشاركة في القتل في كتاب الجنايات وغيرها. وزعم أنه سينقل من كلام الشافعي رحمه الله وغيره مايبين الفرق بين (الاعانة) وبين (الدلالة) ومافي معناها كالاخبار.
ثم ذكر مسألة الدلالة في قتل الصيد.
فنقل عن مالك والشافعي في المحرم إذا دل الحلال على الصيد فقتله أنه لا شيء على الدال؛ لأنه يضمن بالجناية ولا يضمن بالدلالة , كالآدمي.
قلت: فلنقف مع هذا الاستدلال وقفات:
1 – ذهب الإمام أحمد إلى أن الصيد يضمن بالدلالة , وأن حكمها وحكم الإعانة واحد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «شرح العمدة» (2/ 182 – 184) المناسك: «وكما يحرم قتل الصيد تحرم عليه الإعانة عليه بدلالة أو إشارة أو إعارة آلة لصيده أو لذبحه ... ».
واحتج بحديث أبي قتادة , وفيه: «هل منكم أحد أمره أو أشار إليه بشيء؟ قالوا: لا. قال: فكلوا مما بقي من لحمها».
ثم قال: «فقد امتنع القوم من دلالته بكلام أو إشارة , ومن مناولته سوطه أو رمحه , وسموا ذلك إعانة , وقالوا: لا نعينك عليه بشيء؛ إنا محرمون. وما ذاك إلا لأنه قد استقر عندهم أن المحرم لا يعين على قتل الصيد بشيء».
وقال ابن قدامة: «فإن أعار قاتل الصيد سلاحا فقتله به فهو كما لو دله عليه , سواء كان المستعار مما لا يتم قتله إلا به أو أعاره شيئا هو مستغن عنه مثل أن يعيره رمحا ومعه رمح , وكذلك لو أعانه عليه بمناولته سوطه أو رمحه أو أمره باصطياده».
فهل أحمد ليس هو من أهل العلم؟! لأن أخانا قال: «فأهل العلم رحمهم الله تعالى يفرقون بين معنى (الدلالة) ومعنى (الاعانة) في أبواب متفرقة من الفقه، كجزاء الصيد في كتاب الحج ... » , والإمام أحمد لم يفرق بين الإعانة والدلالة , بل الدلالة عنده من صور الإعانة ,كما رأيت!!
2 – ذهب الشافعي إلى أن الصيد لا يُضمن بالدلالة.
ولكن السؤال المهم هو: لم ذهب إلى ذلك؟
هل لأن الدلالة عنده ليست كالإعانة , كما فهمه وأوهمه أخونا الفاضل وبنى عليه هذا البناء؟
لننظر ما حكم الإعانة عنده , وهل تختلف عن الدلالة.
قال النووي في «المجموع» (7/ 316): «ولو أعان المحرم حلالا أو محرما في قتل صيد بإعارة آلته أو أمره بإتلافه أو نحو ذلك , فأتلفه , فلا ضمان على المعين».
فالشافعي لم يمنع التضمين بالدلالة لأن حكمها يختلف عن حكم الإعانة عنده , بل لأن الضمان عنده على من باشر الصيد , ولذا فلو أعان الصائدَ أحدٌ بإعارته آلته لم يكن على المعين ضمان , كما قال النووي , مع أن إعارة آلة القتل إعانة وليست دلالة.
فتبين بهذا أن الشافعي لا يفرق في هذه المسألة بين ما توجبه الدلالة والإعانة. وإنما أناط الضمان بأمر آخر.
وقد قال الأخ وفقه الله: «وسأنقل لك الآن من كلام الشافعي رحمه الله وغيره مايبين الفرق بين (الاعانة) وبين (الدلالة) ومافي معناها كالاخبار». فأين هذا البيان؟!!
3 – وأما قول الأخ الكريم: ((ثم قال (أي ابن قدامة): " ولو كان المدلول رأى الصيد قبل الدلالة والإشارة، فلاشئ على الدال والمشير، لأن ذلك لم يكن سببا في تلفه، ولأن هذه ليست دلالة على الحقيقة " فتأمل أخي الفاضل كيف أن هناك ماصورته دلالة وهوليس بدلالة على الحقيقة فلاتتعلق به أحكام الدلالة)).
فأقول لك أخي الكريم: هذا لا نزاع فيه , ولا ينبغي أن يكون , إلا إذا أردت أن تجعل دلالة الكفار على عورات المسلمين وإفشاء خططهم كدلالة من رأى الصيد أمامه فهو لا يحتاج إلى دلالة وإشارة , وأن ما يفعله الجاسوس لهم ليس دلالة في الحقيقة , ولا سببا في الضرر , لأن المدلول عليه ظاهر مكشوف لا يحتاج إلى دلالة!!
4 – وتقول أخي المحب: «ولولا الحال التي ذكرت لك من قبل وقلة الوقت والمراجع بين يدي لبسطت لك الجواب هنا على ما تحب».
فإذا كان ضيق الوقت وقلة المراجع سيحملك على مثل هذا الذي صنعتَ في فهم كلام العلماء هنا , فتريث حتى تجد الوقت وكثرة المراجع , لعل ذلك يمتعنا بجواب مبسوط على ما نحب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/132)
ولا تنس الإجابة على سؤالي! أعني:
تقول: ((ليس كل دلالة إعانة، فقد تكون إعانة وقد تكون دون ذلك)).
طيب .. متى تكون الدلالة إعانة؟ ومتى لا تكون؟
لا بد من بيان هذا حتى يتضح قولك , ونعرف متى يكون التجسس إعانة عندك ومتى لا يكون. ثم ننظر هل الفقهاء (أو الشافعي) خصوا صورة من صورة عند كلامهم عن الجاسوس.
ـ[محب العلم]ــــــــ[23 - 08 - 04, 08:32 م]ـ
أخي الكريم الفاضل أبو حاتم:
أرجو من فضيلتك أن تتأمل جوابي على سؤالك الذي سألته ليحصل منك فهمه على وجهه فلعل في ذلك - إن شاء الله - خيرا كثيرا لهذه المباحثة فلاتبخل عليه بوقتك ودلني على مواطن الخلل عندك فيه.
===================================
لا شك أن من أهل العلم من يضمن بالدلالة كالإمام أحمد رحمه الله وانتصر له أصحابه كابن قدامة رحمه الله في المغني كمافي الموضع السابق، ولم يدع أحد أن الاجماع قد انعقد على التضمين بالدلالة.
وهم لم يختلفوا في أن الدلالة ليست إعانة، وإنما اختلفوا في إلحاق الدلالة بالاعانة في التضمين.
والذين قالوا بالتضمين لم يجعلوا الدلالة والاعانة شيئا واحدا في الحقيقة، وإنما ألحقوا الدلالة بالاعانة لحديث أبي قتادة المتقدم، ولم يحتجوا على خصمهم بأن الدلالة هي الاعانة أو صورة من صورها فتدخل في حكمها.
ولهذا فهم يعبرون تجوزا بقولهم: أعان بدلالة.
كمايعبر بعضهم تجوزا بقوله: أتلف بإهمال.
مع أن الاهمال ليس بإتلاف في الحقيقة، ولكنه يعطى حكمه في بعض الصور، كالحال في الاجير الخاص والمشترك والمستأجر إذا فرطوا.
وهذا مدخل مهم قبل الجواب على سؤالك فليكن منك على ذكر.
============================
متى تكون الدلالة إعانة؟
سؤالك هذا أخي أبو حاتم وإن كان خروجا عن محل البحث وبعدا عنه، إذ محله هو إثبات أن الدلالة في حقيقتها ليست إعانة وإن كانت تعطى حكمها في بعض الصور، وتكون إعانة في بعضها كماسيأتي، فإذا ثبت أنها محتملة للاعانة فمادونها فهذا هو المقصود لاثبات أنها ليست مناطا صالحا للتكفير بالاعانة، لأن مااحتمل الاعانة وهي مناط التكفير وعدمها فهو ليس ب " كفر بين " كما قال الشافعي رحمه الله.
إلا أنني أرجو أن يكون سؤالك هذا هو الطريق الذي سيوصلك بإذن الله إلى برد اليقين في هذه المسألة.
=======================
من المعلوم أخي الكريم أن الشريعة قد جرت في وضعها على العموم العادي لا على العموم الكلي التام الذي لايتخلف عنه جزئي البتة، وعلى هذا تجد سائر القواعد التكليفية كماقرره الشاطبي رحمه الله في الموافقات عند كلامه عن العموم والخصوص في الفصل الرابع من كتابه.
وقد فرق الفقهاء رحمهم الله بين القول الصريح والمحتمل وبين الفعل الصريح والمحتمل في الأحكام الوضعية أيضا في أبواب كثيرة من الفقه مراعاة لمقصد الشارع بوضع الشريعة على مقتضى الوضع السابق بدليل تفريق الشارع في تصرفاته بين الصريح والمحتمل في مناسبات كثيرة، فتراهم يفرقون بين صريح القول وكنايته في الوقف والطلاق والرجعة والظهاروالقذف والاقرار، ويفرقون بين صريح الفعل ومحتمله في الديات والحدود والصيد ونحوها.
فما كان صريحا فإنه لا يستفصل فيه عن قصد فاعله وإن ادعى خلافه، وإنما يجري قوله وفعله على ظاهره، إذ لايكون بناء الأحكام الظاهرة إلا على الظاهر.
وأما ماكان محتملا فإنه لايعطى حكم الصريح قبل الاستفصال من فاعله، وماكان كذلك فظهور القصد فيه معتبر لبناء حكم الظاهر عليه، وهذا متعذر بغير الاستفصال.
ومن ذلك وصف (الاعانة) فإنها مناط للتكفيرفي الشريعة إذا كانت للكفار المحاربين على المسلمين سواء قصد المُعين ظهور الكفر أو لم يقصد ذلك مادام أن فعله ظاهر في حصول هذا الظهور وعلو أحكام الكفر على حكم الاسلام.
وهذا الفعل الظاهر وهو إعانة الكفار على المسلمين هو الذي علقت به الشريعة حكم التكفير والقتل بأدلة كثيرة من الكتاب والسنة ونقل عليه إجماع هو محل بحثنا، إذ الشريعة لاتعلق الأحكام بالأوصاف الخفية أو غير المنضبطة
والأقوال والأفعال في دخولها في الاعانة على قسمين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/133)
الأول: دخول ظاهر كالقتال معهم في صفهم على المسلمين كما حصل من العباس في غزوة بدر وأجرى النبي صلى الله عليه وسلم حكمه فيه على الظاهر مع كونه ادعى الاكراه، وكالقول الصريح للكفار بأنه معهم في حربهم على المسلمين سواء كان هؤلاء المسلمين معتدين على الكفار أم غير معتدين، إذ لو كانوا معتدين فنحن مع الكفار في إجراء حكم الاسلام عليهم بأيدينا أو بأيدي الكفار لافي حرب الكفار لهم حربا تقود إلى إعلاء أحكام الكفر على بلاد الاسلام
الثاني: دخول خفي: كفعل حاطب رضي الله عنه وهو التجسس فمادونه ونقل الاخبار والدلالة ونحوها.
فهذا القسم لايحكم على من وقع فيه بكونه معينا للكفار تجري عليه أحكام هذه الاعانة إلا بعد الاستفصال عن قصده.
فإذا قصد إعانة الكفار بالدلالة علي عورات المسلمين أو نقل أخبارهم أو نحوها من الأفعال المحتملة فإنه يكون بذلك معينا للكفار تجري عليه أحكام الاعانة، وإن ادعى أنه لم يقصد إعانة الكفار على المسلمين وقال:
" كيف أعين الكفار على المسلمين لتعلو أحكام الكفر على أحكام الاسلام وأنا محب للاسلام مبغض للكفر غير شاك في الدين "!
فإننا نجري حكمه في مثل هذه الحالة على ظاهر دعواه وهو أنه لم يقصد الاعانة التي لايمكن أن تقع من مسلم محب للاسلام موقن بصحته مبغض للكفر على الحقيقة وإن ادعى المعين ذلك كله، لأن " اعانة الكفار على المسلمين " تتنافى مع الانقياد لمدلول الشهادتين منافاة تامة لاتقبل الادعاء، ولا يكون الحامل عليها إلا استحباب الحياة الدنيا على الآخرة.
ولهذا فإنك تجد في كلام حاطب رضي الله عنه وفي كلام أهل العلم عن الجاسوس = إيرادهم لعدم الشك في الدين وعدم محبة دين الكفار ونحوها للدلالة على عدم كفره، لا لأنها مناطا للتكفير، بل لأنها لاتتخلف عند وجود حقيقة الاعانة.
والمرجئة هداهم الله لايعتبرون شيئا من الأفعال دالا على انتفاء عمل القلب وهو الانقياد،وهذا مبرك الابل مع من دخلت عليه شبهة ارجاء في هذه المسألة.
والحاصل هو أن أصحاب هذا القسم الأخير لايكفرون بمجرد هذه الأفعال مادام قصدهم بها هو الغرض الدنيوي لأنها معصية من المعاصي التي لاتنقض أصل الاسلام ولاتتنافى مع الشهادتين وإن تكرر منه هذا الفعل
فإن كان صاحب هذا القسم كاذبا في دعواه عدم قصد الاعانة فهو كافر في نفس الأمر، وليس لنا أن نجري عليه أحكام الكفر في الظاهر.
فالجواب أخي أبو حاتم على سؤالك المهم أعلاه تضمن أمرين:
الأول:
أن الدلالة تكون كفرا إذا قصد فاعلها الاعانة بقلبه، وإن لم يفعل حقيقة الاعانة بجوارحه وإنما فعل مايدل على احتمال قصدها.
الثاني:
أن من تمسك بالكليات إذا عارضتها الجزئيات وقضايا الأعيان فإن له الخيرة في الجزئي بحمله على وجوه كثيرة، ومن تمسك بالجزئي- كماهو حال المخالف في هذه المسألة - لم يمكنه مع هذا التمسك أن يكون له خيرة في الكلي بل سيضطر إلى نقضه فتثبت في حقه المعارضة سواء بالاجماع أو بالأدلة أو بأقوال أهل العلم، وترمي به أيدي الاشكالات في مهاو بعيدة لأنه اتباع للمتشابهات وتشكك في القواطع المحكمات.
وهذا الأمرالثاني الذي تضمنه الجواب هو حاصل تقرير الشاطبي رحمه الله في مبحث التمسك بالكليات من الفصل السابق.
ومقتضى الاقرار بكونك أخي الفاضل أبو حاتم مسلما هو لزوم النصح لك في القول والعمل وأن لا يغشك مخالفك المسلم بذكر وجه يعترض به عليك وهو ليس عنده صالحا لذلك، وهذا كما أنه لازما لمخالفك فهو لازم منك له.
====================================
تتمة في بيان أوجه التناقض عند أخي أبو حاتم في ماتضمته تقريراته في المباحث السابقة، وفي التعليق على موضع من كتاب الولاء والبراء الذي أحالنا عليه في هذه المسألة، مع تذكيره وفقه الله أن يعرض عن التعليق على هذه التتمة حتى يعلق على مايراه مشكلا في جوابي على سؤالي الذي طلبه فهو المقصود أصالة بهذا السياق
الوجه الأول:
أن أخي أبو حاتم قد وجه كلام أهل العلم رحمهم الله في التولي توجيها لانظير له في كلامهم وحمله على (فهم خاص) له في التولي عند ابن حزم رحمه الله وغيره كالامام أحمد فيمانقله ابن مفلح في كتاب الفروع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/134)
ثم هو يطالب وبشدة أن تجعل (الدلالة) صورة من الصور الظاهرة للاعانة أو أن تجعل إعانة بنفسها مع ثبوت الفرق بينهما في المعنى والحكم.
الوجه الثاني:
أن أخي أبوحاتم ينازع في صحة الاجماع بكون اهل العلم الذين نقلوه إنما نقلوه في كتبهم ب " (فهمهم) لا (بنقلهم) كماعبر، وهذا عنده وجه من أوجه نقض الاجماع.
ثم هو يريد نقض الاجماع- على التسليم عنده به - بخلاف يثبته لنا (بفهمه) لا (بنقله) حسب اصطلاحه، ويجعل هذا الخلاف الذي نقله بفهمه حجة واضحة لاتقبل المنازعة في ثبوت الخلاف ونقض الاجماع به.
الوجه الثالث:
أن أخي أبو حاتم وفقه الله قد رد الإجماع الذي نقله أئمة الدعوة رحمهم الله ومنهم الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن في مسألة عقدية ظاهرة لايمكن أن يخفى عليهم الخلاف فيها في الغالب = بكونه متأخرا لايمكن القبول به من مثله - مع احترامه له - لأنه لايمكن أن يخفى مثل هذا الاجماع على من تقدمهم ثم لاينقله إلا هم في أواخر القرن الثالث عشر والرابع عشر، مع أن هذه المسألة مسألة جليلة القدر عظيمة لايمكن نقض الاجماع فيها بدعوى عدم " تقبل الناقل "!
ثم هو وفقه الله يحتج في مسألة حديثية خفية -لايضر الجهل بها و ثبت نقل الخلاف فيها عن أئمة كبار، محققين في الحديث وعلومه وعالمين بأقوال أهل العلم فيها وفي غيرها = بإجماع ينقله طالب علم فاضل في أوائل القرن الخامس عشر الهجري ب (فهم) فهمه من كلام عالم واحد متقدم لم يصرح بمحل الاجماع في كلامه - على شرط أبي حاتم في التصريح - ولايرى في مثل هذا الاحتجاج بمثل هذا الاجماع غضاضة ولاحرجا.
مع أن صاحب هذا الاجماع في هذه المسألة الحديثية يشنع على من أخذ بأحد القولين فيها بحجة خطأ الناقلين فيها للخلاف بفهمه، ثم هو يصنف كتابا لينقض فيه اجماعا بفهم يظنه حجة لنقض الاجماع ثم يشنع على من أخذ بمقتضى هذا الاجماع ويجعل القائل به غاليا في الولاء والبراء!
مع أن مخالفه لو تنزل في إثبات الاجماع على هذه المسألة العقدية وسار في طريقة هذا الاثبات بسيرته في اثبات الاجماع في تلك المسألة الحديثية وملأه بعلامات التعجب والاستغراب لما أعجزه هذا الاثبات ولا أتعبه.
=============================
تعليق عارض:
قال صاحب كتاب: " الولاء والبراء " ص (47):
" وهنا أسأل المخالف: هل تُقرُّ أن من حُبّ الكفار مالا يكون كفراً؟
فإن قال: ((نعم))، وهو أولى به، قلنا: فكذلك تكون قرينتُه: النصرة. وكما أن الحبَّ لا يكون كفراً؛ إلا إذا أحبَّ الكافرَ لكُفْره = فكذلك لا تكون النصرة كفراً؛ إلا إذا تمنَّى نُصْرةَ دين الكفّار. وهذا التمنِّي عملٌ قلبي، لا اطلاعَ لنا عليه.
وإن قال: ((لا))، فكفَّرَ بكل حبّ، حاجَجْناه بالأدلة السابقة في المسألة، وأريناه فساد مقالته تجاه محبّة رسول الله r لعمّه أبي طالب " انتهى
وهنا لمخالفه أن يعلق على كلامه هذا سائلاً:
" هل تقر أن من حب الكفار مايكون كفرا؟
فإن قال: نعم، وهو أولى به، قلنا: فكذلك تكون قرينته: النصرة، فكما أن الحب يكون كفرا إذا أحب دين الكافر، فكذلك النصرة تكون كفرا إذا نصر دين الكفار ولو لم يحبه "
ومقتضى تقريره السابق أن المحبة لاتكون كفرا إلا إذا اقترنت بمحبة الدين فكذلك أختها النصرة، وهذا يلزمه فيه أن ينقض تقريره في كفر من أحب دين الكفار، فكما أنه قرر أن النصرة لاتكون كفرا إلا إذا أحب دين الكفار بتمني ذلك، فكذلك أختها المحبة وإن كانت لدينهم لاتكون كفرا إلا إذا اقترنت بالنصرة لدينهم وهو باطل عند الجميع.
فنصرة كافر في شارع على مسلم أو مسلمين ليست بكفر أكبر إجماعا، وكذلك محبة كافر في ملهى لحسنه أو ظاهر خلقه ليس بكفر أكبر إجماعا.
ومحبة دين الكفار كفر أكبر إجماعا.
و المساهمة في ظهور دينهم على دين المسلمين بنصرتهم في حربهم عليهم كفر أكبر إجماعا.
والله الموفق.
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[23 - 08 - 04, 11:53 م]ـ
الأخ الكريم أبو أميرة (محب العلم) وفقه الله
ابتدأتَ كلامك في هذا التعقيب بقولك: «وهم لم يختلفوا في أن الدلالة ليست إعانة، وإنما اختلفوا في إلحاق الدلالة بالاعانة في التضمين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/135)
والذين قالوا بالتضمين لم يجعلوا الدلالة والاعانة شيئا واحدا في الحقيقة، وإنما ألحقوا الدلالة بالاعانة لحديث أبي قتادة المتقدم، ولم يحتجوا على خصمهم بأن الدلالة هي الاعانة أو صورة من صورها فتدخل في حكمها.
ولهذا فهم يعبرون تجوزا بقولهم: أعان بدلالة.
كمايعبر بعضهم تجوزا بقوله: أتلف بإهمال.
مع أن الاهمال ليس بإتلاف في الحقيقة، ولكنه يعطى حكمه في بعض الصور، كالحال في الاجير الخاص والمشترك والمستأجر إذا فرطوا».
وهذه بداية غير مشجعة , لأن فيها تأويلا لا برهان له (لم تذكره أنت , ولا وجود له في نفس الأمر) , بل الدليل على خلافه. فهو تحريف للأسف.
فإنك تزعم أن من ضمَّن بالدلالة (وهم الحنابلة) إنما ذهبوا إلى ذلك لأن الدلالة ملحقة بالإعانة , لا أنها منها.
مع أني نقلت لك قول شيخ الإسلام ابن تيمية في «شرح العمدة» (2/ 182 – 184) المناسك: «وكما يحرم قتل الصيد تحرم عليه الإعانة عليه بدلالة أو إشارة أو إعارة آلة لصيده أو لذبحه ... ».
فظاهر الكلام وصريحه الذي لا يتردد فيه من يفهم كلام العرب أن الإعانة حرام , وأتها تكون بالدلالة والإشارة وإعارة آلة الصيد .. . فالدلالة صورة وفرد من أفراد الإعانة التي تتحقق بها.
ثم ألم أنقل لك قول شيخ الإسلام أيضا: «فقد امتنع القوم من دلالته بكلام أو إشارة , ومن مناولته سوطه أو رمحه , وسموا ذلك إعانة , وقالوا: لا نعينك عليه بشيء؛ إنا محرمون. وما ذاك إلا لأنه قد استقر عندهم أن المحرم لا يعين على قتل الصيد بشيء».؟!
أفمشكلٌ هو غير بين؟!
يقول: «فقد امتنع القوم من دلالته بكلام أو إشارة , ومن مناولته سوطه أو رمحه» فهما أمران امتنعوا منهما: الدلالة ومناولة السوط والرمح «وسموا ذلك» أي: الدلالة ومناولة السوط والرمح «إعانة».
فالصحابة أهل اللسان يسمون الدلالة إعانة , وأنت تقول: لا!!
وهذا هو كلام الحنابلة , وأنت تقول: «إنما ألحقوا الدلالة بالاعانة لحديث أبي قتادة المتقدم، ولم يحتجوا على خصمهم بأن الدلالة هي الاعانة أو صورة من صورها فتدخل في حكمها».
على أني قد بينت لك أن مناط الخلاف بين الحنابلة والشافعية في التضمين بالدلالة ليس راجعا إلى الخلاف في أن الدلالة من الإعانة أو لا. ونقلت لك من كلام النووي ما يبين ذلك.
لكن أين ما وعدتنا بنقله من كلام الشافعي , وفيه التفريق بين الإعانة والدلالة ومافي معناها كالاخبار؟!
وتقول: «ولهذا فهم يعبرون تجوزا بقولهم: أعان بدلالة»!
ولا تجوُّز هنا يا أخي ولا مجاز , وإنما هو على ظاهره , كما تقول: «أعان بآلة الصيد». ولا فرق.
وليتك تذكر لنا قرينة هذا المجاز , وامتناع أو بُعد حمل الكلام هنا على ظاهره.
وأما قولهم: ((أتلف بإهمال)) , فالباء هنا باء السببية , لأن حقيقة الإهمال غير الإتلاف , بل الإهمال هو سبب الإتلاف.
فهل الدلالة هي سبب الإعانة؟!!
2 – لم تجبني عن سؤالي لك: «متى تكون الدلالة إعانة ومتى لا تكون» , واعتذرت بعذر عجيب , وهو أنه خروج عن محل البحث!! مع أنه لا يمكن فهم قولك واستقامة حجته بدونه.
وتعتذر عن الإجابة بأن البحث «هو إثبات أن الدلالة في حقيقتها ليست إعانة وإن كانت تعطى حكمها في بعض الصور، وتكون إعانة في بعضها كماسيأتي، فإذا ثبت أنها محتملة للاعانة فمادونها فهذا هو المقصود لاثبات أنها ليست مناطا صالحا للتكفير بالاعانة».
طيب .. كيف تكون الدلالة ليست إعانة وإن كانت تعطى حكمها؟ ومتى يكون ذلك ومتى لا يكون؟ وما مستند ذلك من لغة العرب أو عرف الشارع؟
لم لا تفصل مقصودك , فتقول: تكون الدلالة إعانة إذا كانت كذا , بدليل كذا , وتكون ليست إعانة إذا كانت كذا بدليل كذا.
لنبين لك التحكُّم الذي ستقع فيه , ثم لننظر فعل الجاسوس من أي النوعين , وهل بين ذلك أهل العلم عند حديثهم عنه.
مهما فررتَ من الإجابة عن هذا السؤال سيظل يتبعك , وستجده أمامك , لأن قولك لن يُفْهَم وتقوم حجته بدون إجابة مقنعة مبرهنة.
3 – وقسمتَ الأقوال والأفعال في دخولها في الاعانة إلى قسمين:
ظاهر , كالقتال , وهو يقتضي الكفر مطلقا.
وخفي , كفعل حاطب رضي الله عنه وهو التجسس فمادونه ونقل الاخبار والدلالة ونحوها.وهو لا يقتضي الكفر إلا إن قصد به إعانة الكفار!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/136)
وفي هذا إشكالات , منها:
ما المقصود بالظهور والخفاء في هذا التقسيم؟
هل الظاهر ما كان أمام الناس (أو الكاميرات) , والخفي مالم يكن كذلك.
أم الظاهر ما لا شبهة في كونه إعانة؛ لعظم ضرره على المسلمين ووضوح نفعه للكافرين , والخفي بضد ذلك؟
أم ماذا؟
ثم .. كيف يَقْصِدُ الجاسوسُ إعانة الكفار , ومتى لا يقصد؟
وهل يمكن أن يدلهم على عورات المسلمين دون قصد إعانتهم (لاحظ أنك لا تعلق الكفر على قصد نصرة دين الكفار , وإنما على الأمر الظاهر)؟!
إلا إن كنت تقصد أن يكون ذلك بالتنويم المغناطيسي دون شعور منه!
أو بأن يعطيهم معلومات خاطئة. فلا يكون في هذه الحالة دالًّا.
حتى لو أراد الدنيا , فهو قد قصد إعانتهم (أو دلالتهم) ليأخذ المال , وإلا فلولم يقصد هذه الإعانة لما تحرك وتجسس.
فبذله المعلومات التي تنفعهم هو إعانة منه لهم. لا يمكن أن يكون غير ذلك.
نعم .. هنا احتمال أن يكون فعل تلك المعونة من أجل الدنيا. فهذا لا يكفر.
وأن يكون فعلها نصرة لدينهم. فهذا يكفر.
لكن عدم كفره لا لأنه لم يعنهم , ولكن لآنه لم يقصد نصر دينهم , وهذا مناطٌ آخر غير الذي تقرره أنت.
فإن قلت: لكن الدلالة أمر آخر غير الإعانة , والكلام هو عن الإعانة!
قلنا لك: ما الفرق بينهما؟ ... وعاد السؤال!
4 – وأما قولك: «الاعانة التي لايمكن أن تقع من مسلم محب للاسلام موقن بصحته مبغض للكفر على الحقيقة وإن ادعى المعين ذلك كله , لأن " اعانة الكفار على المسلمين " تتنافى مع الانقياد لمدلول الشهادتين منافاة تامة لاتقبل الادعاء، ولا يكون الحامل عليها إلا استحباب الحياة الدنيا على الآخرة» = فهذا هو موضع النزاع بيننا منذ اليوم.
فما هو دليل هذه الدعوى , وما هو مستند عدم الإمكان ذاك.
إن كان عقليا , فلا يسلَّم , فإنه لا يمتنع عقلا ولا واقعا أن يعين المسلم الكفار على المسلمين لضعف في إيمانه , طلبا للدنيا , مع بغضه للكفار وعدم قصده نصرة دينهم , وهذا هو ما وقع من حاطب رضي الله عنه , كما أخبر عن نفسه , ولم يكذبه الوحي.
وإن كان شرعيا , وهو النصوص الواردة في النهي عن موالاة وتولي الكفار , وأن من فعل ذلك فهو منهم , فالجواب: أن هذه النصوص إنما تفيد مطلق النهي عن موالاة وتولي الكفار , وليس فيها تفصيل متى يكون ذلك على وجه الكفر وعلى وجه المعصية , وإن كان ظاهرها يقتضي الكفر , فهي كحديث: «من تشبه بقوم فهو منهم» , كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام في «الاقتضاء».
فجاء حديث حاطب رضي الله عنه مفصلا ومبينا لما في تلك النصوص , فبين أن إعانة الكفار تكون كفرا إن كانت نصرة لدينهم , وتكون معصية إن كانت للدنيا مع استقرار القلب بالإيمان وعدم رغبة نصرة دين الكفار.
وليس حديث حاطب مشكلا , ينبغي رده إلى المحكمات كما تقول , ولا هو جزئي يجب إرجاعه على الكلي , بل هو مفصل مبين , وليس بينه وبين النصوص تعارض , ولا بد من فهمها والعمل بها جميعا.
وإن كان إجماعا , فقد بينت لك أن لا إجماع معتبر تقوم به الحجة في المسألة , وأن ما قاله الفقهاء وأهل العلم في الجاسوس يدل على أنهم لا يعتبرون كل إعانة كفرا.
فإن قلت: لكن التجسس (وفعل حاطب) دلالة وليس إعانة , وبينهما فرق.
قلنا لك: فما هو الفرق؟ واللغة والعرف يعتبران الدلالة فردا من أفراد الإعانة.
قلت: الفرق أنه ليس كل دلالة إعانة , فقد تكون الدلالة إعانة أحيانا وقد لا تكون.
فقلنا لك: فبين لنا متى تكون الدلالة إعانة , ومتى لا تكون , حتى نبين لك أن ذلك تحكُّم , ولننظر من أيها يكون ما يفعله الجاسوس.
قلت: هذا سؤال خارج عن البحث!!
ووقفنا هنا. وما زلنا ننتظر الإجابة.
أما التتمة التي جعلتها في ذيل تعقيبك هذا. فلا أظنك كنت جادا عندما طلبت مني أن أترك التعليق عليها. وهل تراني كنت فاعلا؟!
ـ[محب العلم]ــــــــ[24 - 08 - 04, 12:06 م]ـ
أخي الكريم أبو حاتم
هذه هي المرة الثالثة التي تسألني فيها هذا السؤال وأجيبك فيها بجواب أحسبه بينا
وأخوك لم يترك الجواب على سؤالك لأنه خروج عن محل النزاع كما توهمت.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/137)
بل قلت لك: " سؤالك هذا أخي أبو حاتم وإن كان خروجا عن محل البحث وبعدا عنه، إذ محله هو إثبات أن الدلالة في حقيقتها ليست إعانة وإن كانت تعطى حكمها في بعض الصور، وتكون إعانة في بعضها كماسيأتي، فإذا ثبت أنها محتملة للاعانة فمادونها فهذا هو المقصود لاثبات أنها ليست مناطا صالحا للتكفير بالاعانة، لأن مااحتمل الاعانة وهي مناط التكفير وعدمها فهو ليس ب " كفر بين " كما قال الشافعي رحمه الله ".
إلا أنني أرجو أن يكون سؤالك هذا هو الطريق الذي سيوصلك بإذن الله إلى برد اليقين في هذه المسألة. "
ثم أجبتك عن سؤالك هذا بجواب طويل لخصت لك ماتضمنه في أمرين قلت في الأول منهما:
أن الدلالة تكون كفرا إذا قصد فاعلها الاعانة بقلبه.
فالدلالة تكون إعانة شرعا إذا قصد الدال الاعانة بقلبه، لأن الدلالة محتملة للاعانة ولغيرها، والتكفير لايتعلق بأمر محتمل.
والدخول في معنى الدلالة والاعانة في اللغة ليس من مقاصد الجواب عن سؤالك أصلا، إذ يكفي لتقرير الجواب السابق في إلحاق حكم الدلالة حكم الاعانة أن يقصد الدال الاعانة بفعله المحتمل لها.
ودلالة هذا الفعل على الاعانة دلالة تحتاج إلى استفصال بخلاف الخروج مع الكفار في قتالهم مثلا فهو فعل ظاهر في كونه إعانة، ولذلك أجراه النبي صلى الله عليه وسلم كما سبق على ظاهره ولم يستفصل، بل لم يقبل دعوى الاكراه فيه.
والفرق بين الظاهر والخفي هو وجود الاحتمال وعدمه.
فإن كان سؤالك: متى تكون الدلالة إعانة شرعا، فقد بينت لك.
وإن كنت تقصد لغة:
فكل دلالة تنفع المدلول فهي إعانة
فحقيقة الدلالة مباينة لحقيقة الاعانة.
فإذا اقترن الانتفاع بالدلالة للمدلول مع الدلالة صارت إعانة.
وهذا الانتفاع إن كان الدال عالما بحصوله فهو معين وإن لم يكن عالما بذلك فهو دال.
والعالم بالانتفاع لايمكن أن يكون إلا قاصدا للاعانة
ولكن ليس لنا أن نحكم بكونه عالما بالانتفاع لنعلم أنه قاصد للاعانة وإن كان الفعل نافعا في نفس الأمر، حتى نستفصل منه عن حصول حقيقة هذا العلم المستلزم للقصد.
وليس الانتفاع علة للحكم على فاعل الاعانة بالاعانة، ولكنه وصف إذا تركب مع الدلالة صارت إعانة غير ظاهرة.
وأما كلام أهل العلم الذي نقلته في إطلاقهم اسم الاعانة على الدلالة.
فقد قلت لك قبل أن أهل العلم قد يطلقون اسم الاعانة على الدلالة عند إجراء أحكام الإعانة عليها مع كونها محتملة لها فقط.
===========================
أرجو أخي الفاضل أن أكون قد وفقت في شرح جوابي لك، وألايكن في صدرك حرج منه، وأن تعلم أني كنت جادا حين طلبت منك الاعراض عن كل مايشغلك عن تفهم مرادي، واني لم أطلبك منك ترك التعليق على التنبيه وإنما طلبت منك تأجيله حتى تعلق على الجواب، وإن كنت أجزم أن تعليقك عليه لن يكون إلا تكثير كلام في غير محله.
============================
وكل ماعندي أخي الكريم في التعليق على الاستدلال بحكم الجاسوس قد ذكرته لك، وأقول لك فيه ماقلته لك سابقا بأنه لامزيد عندي عليه إلا شيئا يؤكده ويقرره ولايضيف معنى زائدا عليه فيما أحسب.
فإن شئت مواصلة الكلام في الاجماع فلامانع لدي من ذلك، وإلا فالانتقال إلى مبحث الأدلة.
وتذكر أنه ليس من شرط الإخوة أن نتفق على كل شئ.
============================
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[24 - 08 - 04, 01:12 م]ـ
الأخ الكريم (محب العلم) وفقه الله
يبدو أنك لن تستطيع أن تبرهن على دعواك أن الدلالة ليست صورة من صور الإعانة , وإنما تأخذ حكمها أحيانا. ولن تستطيع أن تبين لنا بحجة صحيحة متى تأخذ حكم الإعانة ومتى لا تأخذ. ولن تستطيع أن توضح لنا بدليل معتبر متى تكون دلالة الجاسوس للكفار من الإعانة ومتى لا تكون.
صدقني .. لن تستطيع ذلك , لا لقصور فيك , ولكن لأن ما تطلبه غير موجود. فأرح ذهنك وسلِّم بأن دلالة الكفار على عورات المسلمين (التجسس) إعانة لهم على المسلمين , لغة وعرفا , لا ريب في هذا ولا شك.
فإذا صح هذا فكيف تستقيم حكاية الإجماع على أن كل إعانة للكفار هي كفر أكبر , مع أن أهل العلم لم يحكموا بكفر من تجسس وأعان الكفار بدلالتهم على عورات المسلمين؟!
ولننظر كيف حكم الشرع في هذه الصورة من صور الإعانة للكفار على المسلمين , لأنه يكشف لنا المراد بالنهي عن موالاتهم وتوليهم والأثر المترتب على من فعل ذلك , وباقي صور الإعانة حكمها حكم هذه , ولا فرق , لأن المناط واحد , ومن يدعي الفرق فعليه بالبرهان الذي لن يجده.
فتأمل حديث حاطب رضي الله عنه تجده نصا غاية في البيان والوضوح والتفصيل لدلالة تلك النصوص , ففيه البيان لأن من أعان الكفار لا نصرة لدينهم ورغبة في ظهور كفرهم وإنما طلبا للدنيا أنه لا يكفر , وأن من فعل ذلك نصرة لدينهم ورغبة في ظهور كفرهم فقد كفر كفرا أكبر.
ومن وقعت منه الإعانة , يستفصل عن قصده , ويعمل بقوله فيما يخبر به عن نفسه , ويوكل سره إلى الله , كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع حاطب رضي الله عنه , وكما شرح ذلك الشافعي أحسن شرح.
وبهذا نكون أعملنا دلالة جميع النصوص , ولم نردَّ منها شيئا بحجة إشكاله , وإنما السبب في إشكاله عندنا هو عدم إعمالنا لما يدل عليه.
وليكن هذا هو آخر ما أكتبه في هذا الحوار النافع المفيد مع الأخ الشيخ الكريم «محب العلم» وفقه الله.
والحمد لله رب العالمين.
وكتب أخوك المحب لك في الله «النقّاد» عفا الله عنه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/138)
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[24 - 08 - 04, 01:16 م]ـ
تنبيه مهم:
قال أبو حاتم: جميع المشاركات في هذا الموضوع وموضوع محمد الأمين «تخريج أحاديث كتاب الولاء والبراء للشيخ حاتم» والتعليقات على موضوع كتاب الولاء والبراء في خزانة الأبحاث (من التعليق الثالث فما بعده) هي للأخ «النقّاد» الذي كان يكتب سابقا في الملتقى ثم انقطع عن الكتابة فيه من زمن , ولما رأى الموضوع حاول الدخول بمعرّفه فلم يستطع لتغير كلمات المرور , ولم يستطع استرجاعها لفقده بريده.
وقد طلب مني أن يشارك بمعرفي , على أن يبيّن ذلك في نهاية الموضوع.
وللمشرفين النظر في تحويل هذه المشاركات من المعرّف «أبوحاتم» إلى «النقّاد» , وكذلك ما ورد في تعليقات محاوره الأخ «محب العلم» إن رأوا ذلك.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ـ[محب العلم]ــــــــ[24 - 08 - 04, 05:14 م]ـ
لا أدري لماذا كنت أشعر بالود الصادق لمحاوري في هذه المسألة مع جزمي في نفسي بضيق الحفرة التي وضع رأسه فيها، وأنه لو وفق لمحاور غيري لمارضي على عجيب رأيه في المسألة إلا أن يحكم فيه بربط فمه بنسعة من جلد وضرب قفاه بصفيحة محمية.
ولا أدري لماذا يقف إصبعي على اللوحة كلما رمت جمع حروف كلمة أكوي بها خلايا رأسه ليتقد ذهنه وتنفتح مغاليق أقفاله وتتميز الخلايا ا الطيبة المحبة للاتباع من الأخرى الراكنة إلى التقليد، وآخر علاج الفهم الكي!
ولا أدري لماذا حملتني أصابعي حملا لأكتب له في ذيل آخر تعقيب لي في مسألة التجسس - بعد كثرة أسئلة وطول إلحاح -:
" وتذكر أنه ليس من شرط الإخوة أن نتفق على كل شئ "
لست أدري ... لست أدري
وو الله لو كانت جلالة قدر أحد في النفس توجب ترك اعتقاد أهل السنة في مسألة ورمي النفس في أحضان المرجئة لأجله لفعلت ذلك في هذه المسألة إجلالا لمحاوري فيها ومحبة له!
ولو أن خطأ القول في هذه المسألة عند مخالفي يوجب أن يكون المخالف بليدا أو سئ عقيدة لأظهرت تراجعي عن قول أهل العلم فيها وكفأت إنائي بمافيه لعلمي بمحل مخالفي فيها من العقل والفهم والدين كما أحسبه.
ولو علمت عن محاوري قبل البحث لماباحثته إلا قائما وقد كنت طوال الليل مضطجعا!
ولم أر في هذا القول العجيب في الاعانة حسنا إلا هذه المنحة التي انكشف عنها القدر برجوع الشيخ أبي أسامة (النقاد) لهذا الملتقى الشريف، وتطريزه لهذه المحاورة بكريم شمائله وحسن ادبه وقوة قريحته
أتحسب أنني ياشيخ لما # تخفيتم بأسماء البطانة
وجادلتم طويلا عن رجال #لهم قول غريب في الديانة
سأصبح مثل جاسوس حريص # على نشر الأسامي والإبانة
وأكشف سركم وأدل قوما # على (من أنت)؟ فعل ذوي الكهانة؟
فيقوى كل خصم كان ألقى # بحبل كي يجرك للإدانة
فلاتعجل فمافي الود شك #ولم أقصد بدلهم الإهانة
ولكني رأيتك مثل طود #وهم كالوعل ينطح للوهانة
وأغروني بأموال عظام # ودَيني لاتوفيه الخزانة
ولو والله قالوا خذ بلادا #بأهليها وشاركنا امتهانه
أو اضرب فوق رأس الخل سيفا # يبين الرأس كي نخفي مكانه
لما شاركت إلا بعد رميي # لودك تحت أقدام الخيانة
ولم تقبل بقولي (كان ودي # لكم صدقا) كقولك في الإعانة
ـ[محب العلم]ــــــــ[24 - 08 - 04, 05:24 م]ـ
جاءني على البريد هذه الرسالة من أحد إخواني حاصلها:
إن كان الأخ أبو حاتم لايكفر في المظاهرة إلا بالاعتقاد فما يصنع بفتوى أهل العلم بردة أناس بأعيانهم من لدن الإمام أحمد إلى قرننا هذا , وهم لم يطلعوا على بواطن المظاهرين هؤلاء.
ـ[محب العلم]ــــــــ[24 - 08 - 04, 05:31 م]ـ
أخي الكريم (النقاد) حفظه الله:
لعلك أن تسمح لي الآن أن أعيد ترتيب الأدوار لتكون الصورة صحيحة في هذه المحاورة كيفما قلبتها، وسأكون الآن سائلا وأنت مجيبا:
السؤال الأول: هل (كل) صورة عندك للنصرة والاعانة يشترط للتكفير الظاهر فيها اعتقاد القلب؟ أم أنك تستثني صورا من النصرة؟
السؤال الثاني: هل حجتك على اشتراط المحبة القلبية لبعض صور النصرة أو كلها هي إجماع أم دليل نقلي أم أقوال أهل العلم؟
ـ[أبو جرير السلفي]ــــــــ[24 - 08 - 04, 07:14 م]ـ
لعل المقام بعد انتهاء المتحاورين الكرام يناسب أن أبدي رأيي وأرجح حسب علمي فأقولوبالله التوفيق:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/139)
إن قول أخينا الفاضل محب العلم هو الحق الموافق للدليل ولقد أجاد وفقه الله في نقد أدلة أخينا الفاضل أبو حاتم وفقه الله أيما إجادة في اسلوب علمي راق وذق أدبي فريد فالله أسأل أن ينفع به ويحفظه ويبارك فيه وفي علمه ....
وما انتهىعليه الحوار من صورة حاطب رضي الله عنه هي صورة محتملة هو الصحيح إن شاء الله
وهذا ليس مختصا بمسألة الولاء فحسب فكل المكفرات التي تتمثل في صور متعددة لا تخلوا عن صور هي منها ومن أفرادها لكنها تكون محتملة في طبيعتها للكفر وغيرة وهذا أصل مقرر لا ينبغي الخلاف حوله
كمسألة سب الدين والإستهزاء به فلا شك أن صورالسب والإستهزاء متعددة وبعضها صريح الدلالة عليه وبعضها قد لا يكون صريحا فيشكل من جهة اإحتمال القول أو الفعل اكثر من معنى وهنا يجب الإستفصال عن القصد بخلاف الصور الواضحة التي يحكم على صاحبها بمجرد قوله.
وهذا معلوم لا شك فيه
وقصة حاطب رضي الله عنه متحقق فيها هذا الأمر من وجوه:
- منها أن العلماء قد اختلفوا في حكم فعله هل هو كفر أم لا؟ وهذه حقيقة لا ينبغي التغافل عنها لأنها تثبت ما نقرره من كونها صورة محتملة،بينما نقل الإجماع _ ولو لم يسلم به _ على كفر من ناصر الكفار وأعانهم علىالمسلمين بالنفس والمال والرأي ...
_ومنها: هو قول الشافعي رحمه الله نفسه والذي قرر فيه أن هذه الأعمال ليست بكفر " بين "،
وهذا من أقوى الدلائل أن هذا العمل جنسه مكفر، وإلا فليس لأحد أن يقرر أن الزنا والسرقة وشرب الخمر مثلا ليس أيا منها بكفر بين، فيدل على أن هذه الأعمال لها خصوصية تتميز بها عن باقي المعاصي والكبائر والتي لايقال فيها ليست بكفر بين و ينبغي الإستفصال عن قصد صاحبها وإن ترجح في النهاية عدم التكفير بها وكونهامن الذنوب إلا أنها قد تحتمل الكفر وغيره.
وأرى أن الباحث قد يقف عند تقرير هذا الأمر في المسألة فحسب ولا يكلف وضع الضوابط التي يتعسف في طلبها أخونا أبو حاتم وفقه الله، فهي راجعة في الغالب إلى الحكم علىالمعين والنظر في قرائن الحال والمقال فهي تختص أصالة بتحقيق المناط ونحن هنا في مقام تقرير الأحكام.
ولعلي أنقل من كلام بعض أهل اعلم ماتيسر بخصوص فعل حاطب رضي الله عنه مما يدل علىبعض ماسبق.
قال ابن الجوزي في كشف المشكل (في حديث حاطب رضي الله عنه)
تقرب إلى القوم ليحفظوه في أهله بأن أطلعهم على بعض أسرار رسول الله صلى الله عليه وسلم في كيدهم وقصد قتالهم وعلم أن ذلك لا يضر رسول الله لنصره الله إياه وهذا الذي فعله أمر يحتمل التأويل ولذلك استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه حسن الظن وقال إنه قد صدقكم وقد دل الحديث على أن حكم المتأول في استباحة المحظور خلاف حكم المتعمد لاستحلاله تأويل ودل على أن من أتى محظورا وادعى في ذلك ما يحتمل التأويل كان القول قوله في ذلك وإن كان غالب الظن بخلافه ... "
نقلا عن الفروع ج: 6 ص: 114
أحكام القرآن للجصاص ج: 5 ص: 325
" قال أبو بكر ظاهر ما فعله حاطب لا يوجب الردة وذلك لأنه ظن أن ذلك جائز له ليدفع به عن ولده وماله كما يدفع عن نفسه بمثله ثم التقية ويستبيح إظهار كلمة الكفر ومثل هذا الظن إذا صدر عنه الكتاب الذي كتبه فإنه لا يوجب الإكفار ولو كان ذلك يوجب الإكفار لاستبابه النبي صلى الله عليه وسلم فلما لم يستتبه وصدقه على ما قال علم أنه ما كان مرتدا وإنما قال عمر ائذن لي فأضرب عنقه لأنه ظن أنه فعله بلا تأويل فإن قيل قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه إنما منع عمر من قتله لأنه شهد بدرا وقال ما يدريك لعل الله قد يتحقق على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم فجعل العلة المانعة من قتله كونه من أهل بدر وقيل له ليس كما ظننت لأن كونه من أهل بدر لا يمنع أن يكون كافرا مستحقا للنار إذا كفر وإنما معناه ما يدريك لعل الله قد علم أن أهل بدر وإن أذنبوا لا يموتون إلا على التوبة ومن علم الله منه وجود التوبة إذا جائز أن يأمر بقتله أو يفعل ما يقتطعه به عن التوبة فيجوز أن يكون مراده أن أهل بدر وإن أذنبوا فإن مصيرهم إلى التوبة والإنابة وفي هذه الآية دلالة على أن الخوف على المال والولد لا يبيح التقية في إظهار الكفر وأنه لا يكون بمنزلة الخوف على نفسه لأن الله نهى المؤمنين عن مثل ما فعل حاطب مع خوفه على أهله وماله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/140)
والله أعلم
ـ[النقّاد]ــــــــ[24 - 08 - 04, 11:01 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
عدنا , والعود أحمد ..
الأخ الكريم (محب العلم) وفقه الله
أسأل الله أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه , إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
وحسبي أنني اجتهدت في فهم نصوص الوحي , واستعنت على ذلك بفهم كبار أئمة العلم كالشافعي وغيره , وأسأل الله أن لا يحرمني الأجرين.
ولم أكن فيما قررته مقلدا لأحد , ولو كنت فاعلا ومختارا لهذه الخطة الخَسْف - أعني التقليد - لما كان هذا هو قولي , وأنت تعلم أن لي في هذا الحوار بعض آراء لا أعلم قائلا بها , ولم يسهِّل علي تقلدَها إلا أنها ليست مما يلزم أن يكون للمرء فيه سلف.
أما الأخ الذي اعترض في رسالته بأن بعض العلماء قد كفروا بالمظاهرة أناسا بأعيانهم وهم لم يطلعوا على بواطنهم.
فلعله يقصد تكفير بعض متأخري المالكية لمن استعان من ملوك المغرب والأندلس بالكفار على إخوانه المسلمين.
فإن كانت الاستعانة بالكفار وإعانة الكفار شيئا واحدا عند أخينا هذا , فقد صرح ابن حزم في «المحلى» بأن المستعين بالكفار لا يكفر إلا إذا كانت يد الكفار هي الغالبة وحكمهم هو الجاري عليه , أما إذا ضد ذلك أو تساوت فلا يكفر.
فالمسألة خلافية , ولا إجماع إذن في مسألة المظاهرة.
ومتأخروا المالكية من أجرأ الفقهاء على الحكم بالتكفير وسفك الدماء , كما اشتكى منهم الشوكاني في «البدر الطالع».
أما أخونا الفاضل «أبو جرير السلفي» وفقه الله , فله أن يذهب إلى ما يعتقد أنه الأقرب والأولى بالصواب , والمسألة دين , وليست انتصارا لقول درج عليه المرء أو سمعه ممن يعظمه.
لكن قوله: «وما انتهىعليه الحوار من صورة حاطب رضي الله عنه هي صورة محتملة هو الصحيح إن شاء الله» يجب أن يضاف إليه: «عند الأخ الكريم (محب العلم)». لأن هذا هو تقريره الذي لم أسلِّم به.
بل الذي انتهى عليه الحوار عندي هو عجز المخالف عن البرهنة على دعوى أن الدلالة ليست صورة من صور الإعانة , وإنما تأخذ حكمها أحيانا. وعن الإتيان بحجة صحيحة توضح متى تأخذ حكم الإعانة ومتى لا تأخذ. وعن الإدلاء بدليل معتبر يجلي متى تكون دلالة الجاسوس للكفار من الإعانة ومتى لا تكون.
وأما قولك: «وأرى أن الباحث قد يقف عند تقرير هذا الأمر في المسألة فحسب ولا يكلف وضع الضوابط التي يتعسف في طلبها أخونا أبو حاتم وفقه الله، فهي راجعة في الغالب إلى الحكم علىالمعين والنظر في قرائن الحال والمقال فهي تختص أصالة بتحقيق المناط ونحن هنا في مقام تقرير الأحكام».
فما أطلبه ليس تعسفا , وإنما هو وضع للأمور في مواضعها , وبيان لأن ما تقوله أنت وأخي (محب العلم) دعوى لا يمكن الاحتجاج لها احتجاجا محققا , والحكم على المعين إذا لم يستند إلى أصول محققة كان الخطأ أسرع إليه من رجع الصدى , والتحكم أظهر فيه من صدق وداد (محب العلم) لأخيه (النقاد).
وسبحانك اللهم وبحمدك.
ـ[أبو جرير السلفي]ــــــــ[24 - 08 - 04, 11:58 م]ـ
الأخ المكرم النقاد وفقه الله
ماندعيه من كون فعل حاطب رضي الله عنه محتملا في الدلالة قد أقمنا عليه الدليل!!!
فهذا ليس رأيا كما تذكر وسبق النقل عن بعض أهل العلم في ذلك أضف اليه قول ابن حجر رحمه الله في الفتح واظن أن أخانا الفاضل محب العلم قد نقله ...
ولقد سبق التنبيه على أن وجود صور محتملة للكفر وغيره ليس مختصا بمسالة الولاء إلا إذا كنت لاتسلم بهذا أيضا!
فإذا أثبتنا أن هذه الصورة وإن كانت من صور الإعانة _ بعيدا عما دار من نقاش في هذا _ محتملة للكفر وغيره بما ذكرناه وبما فيها من خفاء في الغالب وعدم ضبط مناطها في الظاهر _ وهذا يظهرمن كون الوحي هو الذي دل على فعل حاطب _
وهذا يوجد كما سبق في كثير من المكفرات ذات الصور المتعدد ة كالشرك والإستهزاء وغيرهما ولم يقل أحد مثل قولك ولم يحمل أحد باقي الصور على حكم هذه الصورة المحتملة هذا لم يقوله أحد قط فيما أعلم!!
فما المانع بعد هذا أن نحمل فعل حاطب على هذه الصورة؟
لا سيما ومع ما هو مشهور لدىالفقهاء من عدم تكفيرة و الخلاف في قتله إلا أنه لنا أن نقول أن العلماء رحمهم الله قد أشار بعضهم إلى كفره ولو على الحقيقة ...
فلا يسلم القول بأن جميعهم قد اتفقوا أو أجمعوا على عدم تكفيره فمنهم كالشافعي رحمه الله من جعل فعله محتملا للكفر وغيره وذلك بقوله " ليس بكفر بين" وقد سبق الكلام عن مدلول هذا اللفظ ...
ومنهم من جعله كالزنديق كما نقل عن سحنون أو ابن القاسم ...
ومنهم من جعله كافرا من جهة الحقيقة وإن أثبت له حكم الإسلام في الظاهر كالإمام محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة رحمه الله
والخلاصة:
أن فعل حاطب رضي الله يمثل هذه الصورة المحتملة للكفر والمظاهرة ...
وهذا الإحتمال يعطيها خصوصية الإستفصال عن قصد فاعلها،كغيرها من صور الكفر المحتملة كماسبق ...
وهذا القصد هو المؤثر في تكفيره مع إعتبار قرائن الحال والمقال كما في قصة حاطب رضي الله عنه
فإن تبين من قصده بالقرائن الحالية والمقالية ما يدل على إرادة نفع الكفار حكمنا بكفره واعتمدنا عمله مظاهرة وإعانة ..
وإن تبين عدم قصده لهذا جعلناه ذنبا دون الكفر واجرينا كلام العلماء بخصوصه كجاسوس ... وهذا هو الضابط!
فما الإشكال في هذا؟
أليس هذا ما يقال في الصور المحتملة يا أخي الكريم؟
أليس هذا هو الضابط فيها على حسب أنواع الكفر؟
أم أن في الأمر غير هذا؟ أفدنا بارك الله فيك
والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/141)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[25 - 08 - 04, 02:35 ص]ـ
الشيخ الكريم محب العلم أراد ان يقتصر الحوار بينه وبين الشيخ الفاضل (النقاد) (طبعا الأخ محب العلم لم يكن يعرف ان محاوره الشيخ النقاد)
ولكن قصدي أن الأخ الكريم محب العلم هو صاحب الموضوع الأصلي
وانا علقت مجرد تعليق فغضب الأخ الكريم محب العلم
ولكن هل يسمح لي الأخ الكريم محب العلم بالدخول في الحوار؟
فان سمح لي فذاك والا فباستطاعته ان يطالب المشرف بحذف مشاركتي
واعتذر لاخي الكريم محب العلم ولبقية الأخوة
أقول
ابن حزم رحمه الله من اكثر الائمة اطلاعا على كتب الخلافيات وكلام السلف واختلاف فقهاء الامصار
نقل الاجماع وهو لايعرف بالمجازفة في نقل الاجماع
كما انه مطلع وعلى دراية كافية بكتب الشافعي رحمه الله وقد اطلع على نص الشافعي في المسألة
ومع هذا فقد نقل الاجماع في المسألة وهو في مقام الاحتجاج
وقد تتبعت بعضا من هذه الاجماعات فوجدت ابن حزم لايطلق مثل هذه العبارات الا في الاجماعات التي لايمكن للمخالف ان يعارضه فيها
وهذا الاجماع اقوى من بعض الاجماعات التي في كتاب الاجماع لان فيه من تأكيد العبارة ما لايوجد في غيره
فنقض هذا الاجماع بكلام لابن الجوزي المتأخر عن ابن حزم وللمخالف ان يقول ان هذا القول نقله ابن الجوزي بفهمه لابنقله وان كان الأول ينسب الى ابن عباس ولااعرف اسناده والثاني لااعرف من قال به
ورب ان هذا القائل مخالف لاهل السنة
وابن الجوزي نفسه ليس على الجادة في مسائل كثيرة في العقائد
وكذا القرطبي رحمه الله
فلايصح الاحتجاج بنقل ابن الجوزي على نقض الاجماع الذي ذكره ابن حزم رحمه الله - هذا اذا سلمنا ان ما في النقل يناقض الاجماع
بقي الكلام على نص الشافعي فهذا مجرد فهم فهمه معاصر لاينقض به الاجماع
فالاجماع لاينقض بفهم ولا غيره
بقي الكلام على ماذا نقل ابن حزم الاجماع
ان الاية على ظاهرها فمن ادعى ان الاية ليست على ظاهرها مطالب بنقل الخلاف الصريح
وابن تيمية قد ذكر ان الاية على ظاهرها
وأئمة الدعوة النجدية الى شيخنا العلامة ابن باز رحمه الله على هذا القول ولهم من الاختصاص بمسائل العقيدة ما يصعب معه القول بأنهم لم يقفوا على الخلاف في المسألة
وتأمل ما نقل عن الشيخ الغنيمان وهو المتخصص في العقيدة الذي له باع في هذه المسائل وغيرها
الذي يهمنا انه لايمكن نقض الاجماع بمجرد فهم لنص محتمل
اذا لابد ان هناك نقطة اتفاق وان هناك صورة من صور التولي = كفر اكبر هذا اقل ما يمكن حمل الاجماع عليه
السؤال ماهي هذه الصورة التي اتفق اهل العلم على ان من اتى بها فقد كفر
(والسؤال وهل هذه الصورة المكفرة يشترط فيها معرفة الاعتقاد القلبي) تأمل لم أقل الاعتقاد القلبي وانما قلت معرفة الاعتقاد القلبي وهو ما يقوله الشيخ العوني وفقه الله
وكم من مسائل ترد عليها ايردات قوية فمجرد الايراد والشبهة لايسقط القول
سلمنا جدلا ان المسألة خلافية فهل كان أئمة الدعوة النجدية وابن باز وغيرهم من الغلاة
أن تسمية المخالف بالغلاة مثله مثل تسمية المخالف بالجهمي والمرجىء ونحو ذلك
حول تكفير الأعيان الأخ طرح سؤال حول تكفير الامام أحمد فأجاب الشيخ النقاد وفقه الله عن المالكية
السؤال عن الامام احمد هل شق الامام احمد عن قلب ذلك الرجل حتى حكم عليه بالردة
وهل كان الامام أحمد من الغلاة أم انه حكم عليه بالكفر لسبب آخر
(فان كان كذلك فهذا يخالف ماقرره الشيخ القناد حين فسر عبارة الامام أحمد)
المالكية نصرهم الله من اكثر الناس انتصار ا للسنة خصوصا اذا نيل من النبي صلى الله عليه واله وسلم او من الدين وهم في هذا يتبعون الامام مالك رحمه الله ورضي عنه
وماذكره الشوكاني عن متأخري المالكية انما هو عن جماعة من القضاة في زمن المماليك ونحو ذلك
ولم يقصد بهم أئمة المالكية قبل ذلك
ولايمكن ان ننسى أئمة الدعوة النجديين رحمهم الله فلا ادري هل كانوا من الغلاة ايضا
بقي الكلام حول تكفير الأعيان والتوسع في ذلك من قبل الجهال فهذا يرد بالعلم والحجة وبيان انه لابد من توفر الشروط وانتفاء الموانع الخ
لا ان نقول ان هذا العمل ليس بكفر
والله أعلم
ـ[محب العلم]ــــــــ[25 - 08 - 04, 11:53 ص]ـ
الشيخ الكريم ابن وهب
يبدو أن الشيخ الفاضل النقاد لايرغب في الاجابة عن أسئلتي من وراء حجاب ويفضل أن يكون الجواب عليها كفاحا!
ولم أغضب وليس لي اخي ابن وهب أن أغضب ولكني كنت أريد أن لايتشعب الموضوع بكثرة المداخلات حتى نخرج عن محل النزاع، ولو استقبلت من أمري مااستدبرت لماتقدمت بين يدي أمثالك في مثل هذه المباحث، فحاور أخي النقاد الآن بما تشاء فقد يجد عندك مالم يجده عند أمثالي.
ـ[النقّاد]ــــــــ[25 - 08 - 04, 11:08 م]ـ
الإخوة المشايخ الفضلاء جميعا ..
أحسب أن المسألة قد اتضحت فيها أصول وجوه الاستدلال والنقض من الطرفين.
أما تتبع كل جزئية ونص ونقل واستدلال , وبحثه , وتحريره , فأمر طويل لن نفرغ منه بيسر.
وحسبنا هذا الذي قدمناه في مثل هذا المقام.
والمسألة شائكة , ومخالفة المستقر عند كثير ممن يعظمهم المرء ويشهد بعلو كعبهم في العلم شديدة , وأسأل الله بفضله ورحمته أن لا يحرمنا التوفيق.
وأحب أن أوضح أني لا أرتضي التعبير عن القول بالتكفير بمطلق الإعانة بأنه «غلو» ولا القائلين به بأنهم «غلاة».
والحمد لله رب العالمين.
ولأخي محب العلم أقول: لو كنت محاورًا أحدًا كفاحًا في هذه المسألة فلن أحاور سواك , بعد أن رأيت قولك في الحكم الذي سيقضي به علي غيرك!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/142)
ـ[أبو جرير السلفي]ــــــــ[26 - 08 - 04, 06:42 ص]ـ
أخي النقاد بارك الله فيك وأحسن اليك
وكنت والله مستفيدا بهذا النقاش الطيب
مع طلاب علم ومشائخ فضلاء أمثالكم
والله أسأل أن يجمعنا وإياكم في مستقر رحمته
أخوك أبو جرير
ـ[مبارك]ــــــــ[26 - 08 - 04, 04:27 م]ـ
قال الإمام الكبير ابن جرير الطبري في " تفسيره " (6/ 276) بعد ذكره أقوال أهل التأويل في قوله تعالى: (ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض):
" والصواب من القول عندنا أن يقال: إن الله تعالى ذكره نهى المؤمنين جميعاً أن يتخذوا اليهود والنصارى أنصاراً وحلفاء على أهل الإيمان بالله ورسوله، وأخبر أنه من أتخذهم نصيراً وحليفاً وولياً من دون الله ورسوله والمؤمنين فإنه منهم في التحزب على الله وعلى رسوله والمؤمنين، وأن الله ورسوله منه بريئان ".
وقال أيضاً (6/ 277):
" القول في تأويل قوله تعالى: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) يعني: تعالى ذكره بقوله ومن يتولهم منكم فإنه منهم، ومن يتول اليهود والنصارى دون المؤمنين فإنه منهم يقول: فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهو من أهل دينهم وملتهم؛ فإنه لا يتولى متول أحدا إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض، وإذا رضيه ورضي دينه فقد عاد مخالفه، وسخطه وصار حكمه حكمه، ولذلك حكم من حكم من أهل العلم لنصارى بني تغلب في ذبائحهم ونكاح نسائهم وغير ذلك من أمورهم بأحكام نصارى بني إسرائيل لموالاتهم إياهم ورضاهم بملتهم ونصرتهم لهم عليها، وإن كانت أنسابهم لأنسابهم مخالفة، وأصل دينهم لأصل دينهم مفارقاً.
وفي ذلك الدلالة الواضحة على صحة ما نقول من أن كل من كان يدين بدين فله حكم أهل ذلك الدين. كانت دينونته به قبل مجىء الإسلام أو بعده إلا أن يكون مسلماً من اهل ديننا انتقل إلى ملةٍ غيرها؛ فإنه لا يقر على ما دان به فانتقل إليه ولكن يقتل لردته عن الإسلام ومفارقته دين الحق إلا أن يرجع قبل الفتل إلى الدين الحق، وفساد ما خالفه من قول من زعم أنه لا يحكم بحكم أهل الكتابين لمن دان بدينهم إلا أن يكون إسرائلياً أو منتقلاً إلى دينهم من غيرهم قبل نزول الفرقان ".
ـ[سلطان العتيبي]ــــــــ[26 - 08 - 04, 06:35 م]ـ
أخي الفاضل النقاد أرجو عدم قطع المباحثة:
وأرجو الإجابة على الأسئلة المطروحة , هل أنت ممن يقول باشتراط معرفة الباطن في التكفير بالمظاهرة أم لا؟
فإن كان الجواب بـ (نعم) فما قولك في فتاوى الأئمة هل اطلعوا على الباطن؟
وإن كان الجواب بـ (لا) فما ضابط التكفير بالظاهر عندك؟
ـ[مبارك]ــــــــ[26 - 08 - 04, 07:20 م]ـ
* قال مبارك: ماذا يقصد الإمام الجليل ابن حزم ـ رحمه الله تعالى ـ بقوله: " وصح أن قول الله تعالى: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) إنما هو على ظاهره بإنه كافر من جملة الكفار فقط وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين).
من المعلوم بداهة أن سياق الكلام وسباقه يعطي فهماً زائداً للكلام المجمل أو الذي يظن أنه مجمل فيحتاج إلى بيان وايضاح أكثر، وعند الرجوع إلى أول المسألة نجد الإمام يستفتح ذلك بقوله: مسألة فيمن أصاب حداً ثم لحق بالمشركين أو أرتد ... وبعد عدة أسطر قال: ولا يسقط عن اللاحق بالمشركين بهم شيئاً من الحدود التي أصابها قبل لحاقه ولا التي أصابها بعد لحاقه، لأن الله تعالى أوجب الحدود في القرآن على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ولا أرسلها ولم يسقطها، وكذلك لم يسقطها عن المرتد ولا عن المحارب ولاغ عن الممتنع ولا عن الباغي إذا قدر على إقامتها عليهم وما كان ربك نسيا، ... وبعد أسطر قال: فإن قال قائل: فإن الله تعالى يقول: (قل للذين كفروا أن ينتهوا يغفر لم ما قد سلف)، وقال تعالى: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم)
فصح بهذا أن المرتد من الكفار بلاشك فإذ هو منهم فحكمه حكمهم. ثم أخذ يسرد أدلة المخالف إلى أن قال: أما قول الله تعالى: (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) الآية فنعم هكذا نقول ولم نخالفهم في هذه الآية ولا هي مسألتنا وإنما مسألتنا هل تقام عليهم الحدود السالفة أم لا؟ ..... إلى أن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/143)
قال: وأما قول الله تعالى: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) فلا حجة لهم في هذا أصلاً، لأنه ليس فيه إسقاط الحدود على من أبق إليهم أو أرتد وإنما فيها أن المرتد من الكفار، وهذا لا شك فيه عند مسلم (فإن قالوا): بلى ولكن لما كان منهم حكم له بحكمهم قلنا: لهم هذا واضح، وبرهان ذلك إجماعكم معنا على أن المرتد لا يقر على ردته بخلاف المشرك الكتابي الذي يقر على كفره إذا أدى الجزية صاغراً وتذمم، وأنه لا يقبل من المرتد جزية أصلاً عندكم؛ وأنه لا تنكح المرتدة بخلاف المشركة الكتابية؛ وأنه لا تؤكل ذبيحة المرتد بخلاف المشرك الكتابي ولا يسترق المرتد إن سبى كما يسترق المشرك إن سبى فقد أقررتم ببطلان قياسكم الفاسد فأبطلتم أن يقاس المرتد على الكافر في شيء من هذه الوجوه ويلزمكم أن لا تقيسوه عليهم في سقوط الحدود فهو أحوط لقياسكم، ولاح أنهم في هذه المسألة لا النص من القرآن والسنة اتبعوا، ولا القياس طردوا، ولا تعلقوا بشيء أصلاً، وبالله تعالى التوفيق.
وصح أن قول الله تعالى: (ومن يتولهم منكم فإنه منكم) إنما هو على ظاهره بإنه كافر من جملة فقط وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين فإن ادعوا أن المرتد لا تقبل منه جزية، ولا تؤكل ذبيحته، ولا يسترق إجماعاً دل ذلك على جهل من أدعى ذلك أو كذبه. فقد صح عن بعض السلف أخذ الجزية منهم، وعن بعض الفقهاء أكل ذبيحته إن إرتد إلى دين صابىء، وأبو حنيفة وأصحابه يقولون: أن المرتدة إذا لحقت بأرض الحرب سبيت واسترقت ولم تقتل ولو أنها هاشمية أو عبشمية.
قال مبارك: من خلال مجموع كلام الإمام علمنا مقصوده وهو أن هذا المرتد وإن كان من جملة الكفار ويحكم له بحكمهم لا يسقط الحدود السالفة عليه ... وما نقلته عنه من كلامه قبل قليل يوضح ذلك.
ـ وقال ابن حزم في " المحلى " (11/ 194ـ 195): اختلف الناس فيمن خرج من كفر إلى كفر ... ثم ذكر اختلاف العلماء في ذلك وسرد أدلتهم. ثم قال: هذا كل ما موهوا به من التشنيع وكل هذا عائد عليهم على ما نبين إن شاء الله، أما قول الله تعالى: (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) فحق ولا حجة لهم فيه لأنه ليس فيه إلا أنهم كلهم أولياء بعضهم لبعض فقط وليس في هذه الآية حكم إقرارهم، ولا حكم قتلهم، ولا حكم ما يُفعل بهم من شيء من أمورهم أصلاً، وكذلك قوله تعالى: (قل ياأيها الكافرون) إلى آخرها ليس فيها أيضاً إلا أننا مباينون لجميع الكفار في العبادة والدين وليس في هذه السورة شيء من أحكامهم. لا من إقرارهم ولا من ترك إقرارهم؛ وقد قال الله تعالى مخاطباً لنا: (ومن يتولهم منكم فإنه منكم) فمن تولاهم منا فهو منهم كما قال تعالى: (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) فهلا تركوا المرتد إليهم منا على ردته؟ باخبار الله تعالى منهم فإن لم تكن هذه الآية حجة في إقرار المرتد منا إليهم على ذلك فذانك النصان ليسا بحجة فيما أرادوا التمويه بإيرادهم من الخارج منهم من كفر إلى كفر يقر على ذلك وبالله تعالى التوفيق.
ـ وقال ابن حزم في " المحلى " (11/ 197ـ 198): ميراث المرتد، قال أبو محمد: اختلف الناس في ميراثه ... ثم ذكر مذاهب العلماء في ذلك وإيراد أقوالهم وسرد حججهم ... وفي نهاية بحثه قال: فلما اختلفوا نظرنا في ذلك فكان الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنه لا يرث المسلم الكافر مانعاً من توريث ولد المرتد وهم مسلمون مال أبيهم المرتد لأنه كافر وهم مسلمون .. ثم احتج على مذهب إليه بحديث أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم " وهذا عموم منه عليه السلام لم يخص منه مرتد من غيره (وما كان ربك نسيا)، ولو أراد الله أن يخص المرتد من ذلك لما أغفله ولا أهمله بل قد حض الله تعالى على أن المرتد من جملة الكفار بقوله تعالى: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) فسقط هذا القول جملة وبالله تعالى التوفيق.
* قال مبارك: وما ذكره الأخ المفضال النّقاد حول كلام الإمام الجليل ابن حزم ـ رحمه الله تعالى ـ فيه (خير) و (بركة).
ـ[ابن وهب]ــــــــ[27 - 08 - 04, 01:01 ص]ـ
أخي الحبيب الشيخ محب العلم غفر الله لك
وانا مجرد مشارك واحسب انه في مجلس المذاكرة قد يسمح لمن هم مثلي -في قلة العلم- بالمشاركة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/144)
لانه يوجد من يحرر ويضبط
أخي الحبيب الشيخ الفاضل النقاد وفقه الله
ذكرتم
(وأحب أن أوضح أني لا أرتضي التعبير عن القول بالتكفير بمطلق الإعانة بأنه «غلو» ولا القائلين به بأنهم «غلاة».
) وهذا ما أردته بالضبط بارك الله فيكم
قولكم
(ومخالفة المستقر عند كثير ممن يعظمهم المرء ويشهد بعلو كعبهم في العلم شديدة) هذا صحيح ........
ولكن ليس كل من وافق المألوف وخالف غير المألوف فسببه ان مخالفة غير المستقر عنده شديدة والا كان كلما جاء عالم بقول غير مألوف كان له أن يقول لمخالفه انما يصعب عليك قبول قولي لانه مخالف لقول من تعظم
اما عن نفسي فاذا أتيت من جهة التعظيم فالامام الشافعي أولى بالتعظيم من غيره من المتأخرين
ولكن الكلام في هل يجب علي أن افهم من عبارة الامام الشافعي ما فهمه غيري
هذا مجرد مثال
الشيخ الفاضل مبارك وفقه الله
جزاكم الله خيرا
الشيخ الشريف حاتم العوني وفقه الله يقول بالاجماع الذي نقله الامام ابن حزم رحمه الله ويحمله على الموالاة التامة المطلقة
شيخنا مبارك ذكرتم وفقكم الله (وما ذكره الأخ المفضال النّقاد حول كلام الإمام الجليل ابن حزم ـ رحمه الله تعالى ـ فيه (خير) و (بركة))
فهل ترون وفقكم الله أن ابن حزم انما ذكر التولي هنا بحسب فهم فهمه من التولي
وان الاجماع غير محقق
او تؤيدون قول الشيخ الشريف حاتم العوني وفقه الله
أو ترون غير هذا
هذا سؤال
السؤال الثاني بحكم معرفتكم هل ترون في كلام ابن حزم اشتراط معرفة الاعتقاد القلبي في صور التولي التي كفر فيها الامام ابن حزم - رحمه الله
السؤال هو عن مذهب الامام ابن حزم رحمه الله
مسألة للبحث
(قال الشيخ
(ولذلك فَصَّل ~ٍٍِِ حال من يُقاتل المسلمين مع التتار، مع تكفيره للتتار ()، فقال: ((وأيضًا لا يقاتل معهم، غير مُكْرَهٍ، إلا فاسقٌ، أو مبتدعٌ، أو زنديق)) (). فهذا كلامٌ مُفصَّل مُفَسَّر، لا يحتاج إلى بيان، أصاب محلّ النزاع.
فأين هذا ممن يقول: لا يقاتل معهم إلا زنديق؟!!
انتهى
قول الشيخ وفقه الله (أصاب محل النزاع) محل بحث ونظر
بيان ذلك من وجوه
الوجه الأول هل كان ابن تيمية ممن يكفر التتار
الشيخ وفقه الله يقول
انظر: تكفير شيخ الإسلام للتار في مجموع الفتاوى (28/ 501 - 506، 519 - 522، بل إلى 546)، وانظر نفيه عنهم: التأويل (28/ 541 - 542)
انتهى
ذكرت هذا لان هناك من يقول بأن ابن تيمية لم يكن يكفر التتار وذلك في أثناء بحثه مع مخالفيه في غير هذه القضية
فاذا قيل أن ابن تمية لم يكن يكفر التتار فعلى هذا فهذا الموضع لايصلح للاستشهاد وأما على القول الآخر فيأتي بيانه
الوجه الثاني ان قلنا بان تيمية يكفر التتار هل يلزم منه أن يكفر ابن تيمية كل من لم يكفر التتار
فمثلا قد لايكفر لجهله بحالهم أو لغير ذلك من الأسباب
فان قيل لايلزم وهو الواقع
فما كان لابن تيمية ان يكفر كل من قاتل في صف التتار ان كان هذا المقاتل لايعتقد كفر التتار
فعلى هذا النص الذي نقله الشيخ عن ابن تيمية في غير محل النزاع
الوجه الثالث
ابن تيمية ذكر بعض مظاهر التتار ومن ذلك (كما في مجموع الفتاوى)
(/ويتظاهر من شريعة الإسلام بما لابد له منه، لأجل من هناك من المسلمين
)
فان كان هذا الرجل الذي يقاتل في صف التتار يقاتل لظنه انه يقاتل مع مسلمين لا كفار فكيف يكفره الشيخ
وظن هذا الرجل قائم على ما يظهره هذا الرجل من الاسلام
وقد ذكر ابن تيمية (كما في مجموع الفتاوى
(وفي هذه المدة لما شاع عند العامة أن التتار مسلمون أمسك العسكر عن قتالهم فقتل منهم بضعة عشر ألفا ولم يقتل من المسلمين مائتان. فلما انصرف العسكر إلى مصر وبلغه ما عليه هذه الطائفة الملعونة من الفساد وعدم الدين:
)
فاذا تأملنا هذا الموضع جيدا ظهر لنا حقيقة كلام ابن تيمية
والنص الذي نقله الشيخ قد جاء مثله في موضع اخر
قال ابن تيمية
(فإنه لا ينضم إليهم طوعًا من المظهرين للإسلام إلا منافق أو زنديق أو فاسق فاجر)
فأن قيل كيف تفسر هذا النص
قيل له
صدق ابن تيمية فلا ينضم الى صف التتار من المظهرين للاسلام الا منافق او زنديق او فاسق فاجر
بيان ذلك ان المنافق والزنديق هدفهما واضح بقي هدف الفاسق الفاجر
هدف الفاسق والفاجر هو تحقيق مراده من الفجور والفسق
السؤال كيف ينضم الفاسق الى صفوف التتار
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/145)
الفاسق المجاهر بفسقه لايمتنع عن الكبائر من الظلم والقتل ونحو ذلك
وانما يمنتع عن العمل المكفر فما معه من الايمان يمنعه من فعل المكفرات
فاذا كان هناك من المجاهدين من شك في كفر التتار لما أظهروه من الاسلام
افلا يكون في الفساق من يشك في ذلك فالفاسق اذا رأى الرجل من التتار يظهر من الاسلام الشهادتين مثلا
علم ان قتاله معه لايؤدي الى الكفر فيقتال مع التتار ظنا منه ان هولاء التتار لم يخرجوا من دين الله
وحمله الفسق على القتال معهم
اذ المؤمن الصالح أو (غير الفاسق) يمتنع عن القتال في صف التتار حتى لو كانوا مسلمين
لانه يعلم ان التتار يظلمون ويقتلون ويعتدون فهو يمتنع عن الظلم فيكفي هذا لمنعه من الانضمام الى معسكر التتار بينما الفاسق لايمتنع من ذلك ولكنه يمتنع عن الكفر البين
وهذا الفاسق نفسه لو دعي الى القتال مع اليهود والنصارى البين كفرهم الذي لايختلف فيه مسلم ضد اهل الاسلام فيما فيه كسر شوكة المسلمين امتنع من ذلك لعلمه بخطورة هذا الأمر
فظهر بهذا ان النص لم يصب محل النزاع
وان كلام ابن تيمية انما هو مع من يقاتل مع التتار الذين (يظهرون الاسلام)
لا من يقاتل مع الصليبيين واليهود والمشركين الذين لايختلف في كفرهم
قال الشيخ وفقه الله
(فأين هذا ممن يقول: لا يقاتل معهم إلا زنديق؟!!)
قول هذا القائل لايخالف الواقع بل مثل هذا الكلام كثير في كلام السلف وغيرهم يقولون لايفعل هذا الامنافق
قال ابن تيمية
(والمقصود هنا أن الزنديق في عرف هؤلاء الفقهاء، هو المنافق الذي كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وهو أن يظهر الإسلام ويبطن غيره، سواء أبطن دينًا من الأديان ـ كدين اليهود والنصارى أو غيرهم أو كان معطلاً جاحدًا للصانع، والمعاد، والأعمال الصالحة.)
(والمنافق هو الزنديق في اصطلاح الفقهاء الذين تكلموا في توبة الزنديق.
)
انتهى
قال الشيخ وفقه الله
(ثم هو هنا يتكلّم عن أجلى أنواع الإعانة العمليّة، وهي القتال مع الكفار!!!)
قد بينت فيما سبق موضع النزاع وأنه لايسلم للمصنف وفقه الله هذا
والله أعلم
ـ[النقّاد]ــــــــ[27 - 08 - 04, 04:34 ص]ـ
الأخ الفاضل .. سلطان العتيبي وفقه الله
لك رجاءان سأحقق لك الثاني منهما لأنه ورد من أكثر من أخ كريم , واعذرني في الأول.
وأرجو أن يكون جوابي واضحا ومباشرا لا يحتاج إلى مزيد توضيح مني.
تقول: «هل أنت ممن يقول باشتراط معرفة الباطن في التكفير بالمظاهرة أم لا؟
فإن كان الجواب بـ (نعم) فما قولك في فتاوى الأئمة هل اطلعوا على الباطن؟
وإن كان الجواب بـ (لا) فما ضابط التكفير بالظاهر عندك؟».
والجواب يحتاج أولا إلى مقدمة مهمة:
وهي أن العلاقة بين الظاهر والباطن في مسألة الإيمان والكفر من الأصول التي خالف المرجئةُ فيها أهلَ السنة , فذهب المرجئة إلى عدم التلازم بين الظاهر والباطن مطلقا , والحكم عندهم على الناس بالكفر إنما يكون على الباطن , ومجرد العمل الظاهر ليس دليلا قاطعا عليه.
وأصل قولهم هذا ناتج عن قولهم في حقيقة الإيمان , فقد قالوا إنه التصديق , وإن العمل الظاهر ليس لازما لتحقيقه , بل يكون الإيمان كاملا في الباطن دون أن يكون له لازم في الظاهر.
وتبع ذلك ما يتعلق بحقيقة الكفر , فهو عندهم التكذيب , والتكذيب أمر باطن , ومجرد العمل الظاهر ليس قاطعا في الدلالة عليه , بل كما كان السبيل إلى معرفة الإيمان الباطن هو الإقرار فالسبيل إلى معرفة الكفر إعلانه وإظهاره باللسان , وأما مجرد العمل فلا يكفي في الدلالة عليه.
وبناء على هذا جاءت مواقفهم في التعامل مع الأعمال الظاهرة التي جاء الشرع بوصفها بالكفر.
أما أهل السنة فتابعوا نصوص الوحي , ولذا لم يطلقوا القول في هذا التلازم , بل فصَّلوا ..
فهناك أربعة أحوال للظاهر مع الباطن ..
الأولى: أن يكون القصد (الباطن) مكفِّرًا , والعمل الظاهر لا يدل عليه. كأعمال المنافقين الظاهرة من الطاعات , مع أنهم كفار في الباطن لعدم إخلاصهم فيها لله.
الثانية: أن يكون العمل الظاهر كفرا غير محتمل غير الكفر في الباطن , لقيام الأدلة على ذلك. وهذا مثل سب الله أو رسوله أو دينه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/146)
الثالثة: أن يكون الفعل الظاهر محتملا للكفر وعدمه , لدلالة النصوص على ذلك. فيكون الفعل داخلا ضمن عموم المخالفة , لكن لا يكون قاطعا في الدلالة (بمفرده) على أنه كفر.
وذلك مثل إعانة الكفار على المسلمين. فهو منهي عنه بلا خلاف , لكن يحتمل أن يكون وقع شكا في الإسلام ورغبة في ظهور دين الكفار , ويحتمل أن يكون وقع طلبا للدنيا مع اطمئنان القلب بالإسلام.
فلما رأينا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يستفصل حاطبا عن الذي حمله على فعله (وهو إعانة للكفار بالتجسس) ولم يحكم عليه بالكفر لظاهر عمله , عملنا بمقتضى هذا الحكم النبوي.
الرابعة: أن يقوم بالمعين ما هو كفر قطعا لكن يمنع من تكفيره الاحتمال في قصده , فيكون الحكم على العمل بأنه كفر , أما الفاعل فينظر في توفر الشروط في حقه وانتفاء الموانع.
وشرح هذه الأحوال في كتاب الشيخ عبد الله القرني «ضوابط التكفير عند أهل السنة والجماعة».
فأنت ترى أن الخلاف بيننا في مسألة حكم إعانة الكفار على المسلمين ليس مرده إلى الخلاف في حقيقة الإيمان والكفر - كما هو الخلاف مع المرجئة - , وإنما هو خلاف سببه فهم النصوص في المسألة , ووضعها في الحالة التي دل عليها الشرع.
فليس من الإنصاف بعد هذا أن يلمز القائلون بعدم التكفير بالإعانة إذا كانت للدنيا بأنهم مرجئة أو أنهم منهم بسببٍ.
والجواب على سؤالك - سلمك الله -: «هل أنت ممن يقول باشتراط معرفة الباطن في التكفير بالمظاهرة أم لا؟»
هو أنه لا بد من معرفة (الباطن) وهو الاعتقاد الدافع للإعانة للحكم على صاحبها بما يستحقه. (لاحظ: لا بد من معرفة الاعتقاد , لا أنه لا بد من الاعتقاد).
تقول: «فإن كان الجواب بـ (نعم) فما قولك في فتاوى الأئمة هل اطلعوا على الباطن؟
وإن كان الجواب بـ (لا) فما ضابط التكفير بالظاهر عندك؟»
والجواب - كما تقدم - هو ((نعم)).
وأما قولك «فتاوى الأئمة» أي الذين كفَّروا بعض الأعيان بمطلق الإعانة ..
فلعلك تقصد ما جاء عن بعض المالكية , والإمام أحمد.
وسيأتي الكلام عنهما بعد قليل؛ وأنهما ليسا في محل النزاع.
لكنْ عمومًا .. من كفَّر من أهل العلم بمطلق الإعانة (كأئمة الدعوة) فهم إن حكموا بذلك على بعض الأعيان فلا شك أنهم لم يطلعوا على البواطن (ولا يمكنهم) , ولم يتطلبوا الوقوف عليها ولا سألوا عنها , ولا اشترطوه , لأنهم رأوا أن مجرد الإعانة الظاهرة تعتبر كفرا , وهو لازم قولهم ومقتضاه.
مع أني لا أعلم أحدًا من أهل العلم ((صرَّح)) بأن مطلق الإعانة كفر , قبل أئمة الدعوة النجدية رحمهم الله , وهم مجتهدون في فهم النصوص في هذه المسألة , ومأجورون على اجتهادهم إن شاء الله , لكنه ليس ملزما لأحد لم ير معهم حجة بينة.
وما نُقِل عن المالكية سبق أنه في الاستعانة بالكفار , وهي مسألة خلافية معروفة , غير مسألتنا.
أما ما ورد عن الإمام أحمد في بابك الخرمي , فبابك أولًا يقول بالتناسخ , وله فرقة تنتمي إليه يقال لها «الخرمية» , فلعل لهذا أثرا في الحكم عليه.
ثم إن الإمام أحمد إنما قال: «إذا كان هذا فعله فحكمه حكم الارتداد».
فهو أولا لم يطلق القول بأن كل إعانة كفر , وإنما كلامه عن هذه الصورة.
ثم ثانيا: ما فعله بابك الخرمي هو أنه انحاز إلى دار الحرب وغزا المسلمين من هناك. فهل هذه هي مسألة إعانة الكفار على المسلمين , أم هي تتعلق ببعض الخوارج الذين يستبيحون دماء المسلمين وينحازون إلى بلد الحرب ليغزو المسلمين من هناك؟ الذي يظهر من صنيع الخلال في كتاب «السنة» أنه يعتبرها من النوع الثاني.
وثالثا: لو سلمنا بأن فعل بابك كان من إعانة الكفار على المسلمين , فينبغي أن يراعى أن ذلك كان منه بعد انحيازه إلى دار الحرب , وكلام الإمام أحمد كان على هذه الصورة , وقد قال أبو محمد بن حزم قريبا من قوله.
وهذا الحكم (مع أنه أخص من القول بالتكفير بمطلق الإعانة) اجتهاد منهما لم يتبين ((لي)) مستنده من الأدلة. فهما مأجوران عليه أجر الاجتهاد , وليس قولهما ملزما لأحد لم يتبين له دليلهما.
وأنا لم أزعم أن ما أقوله محل إجماع. وقد بينت ذلك أكثر من مرة. فالاعتراض بمجرد قول لعالم ليس حجة قائمة , بل هو محتاج إلى الحجة.
ليتني أكون قد أوضحت وأعربت.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/147)
الأخ الفاضل «أبو جرير السلفي» ..
وأنت فبارك الله فيك ووفقك لكل خير .. وجمعنا بك في جنات النعيم.
وما أجمل كنيتك ونسبتك!
ـ[ابن وهب]ــــــــ[27 - 08 - 04, 06:53 م]ـ
قال الشيخ الشرف حاتم العوني وفقه الله
(
ولذلك لما نقلنا سابقًا عبارةً لابن جرير الطبري قد يتمسّك بها بعض من يطلق الحكم بكفر كل موالٍ للكفار بأي وجه من وجوه الموالاة، حرصنا أن نُبيّنَ الفَهْمَ الصحيح لكلامه (). ومن رجع إلى كلامه في موطنه، وإلى سوابقه ولواحقه تبيّن له صحّة ما ذكرنا. فإن ابن جرير حَمَل الموالاة في الآية على الموالاة الكاملة، وهي المتضمّنةُ الرِّضا عن دين الكفار. أمّا ادّعاءُ أن موالاة الكفار في الظاهر بالنصرة والإعانة مطلقًا لا تكون إلا مع الرضا عن دينهم، فهذا ردٌّ لما لا يُردّ، وهو الواقع الذي لا يشك فيه أحد، حتى لو لم يرد حديث حاطب الدالُّ على وقوعه، وهو أنه قد تقع الموالاة للكفار، مع بُغض دينهم، طمعًا في حطام الدنيا؛ فإنكار وقوع هذا الواقع مكابرةٌ أخرى. فإذا ما وقع ذلك من أحد لا تكون موالاتُه حينها كفرًا؛ لأنها لم تتضمّن الرضا عن دين الكفار
انتهى
نرجع الى عبارة الطبري (فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين, فهو من أهل دينهم وملتهم, فإنه لا يتولى متولّ أحدا إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض, وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه, وصار حكمه حكمه)
وقبل أن ننقل النص كاملا من تفسير الطبري ونقل ما سبقه ومالحقه
أقول قوله (فإنه لايتولى متول أحدا الا وهو به وبدينه وماعليه راض) اعترض الشيخ - وفقه الله - على الاستدلال بهذا الحرف بقوله
(أمّا ادّعاءُ أن موالاة الكفار في الظاهر بالنصرة والإعانة مطلقًا لا تكون إلا مع الرضا عن دينهم، فهذا ردٌّ لما لا يُرد)
أقول حتى لو ارتد الشخص - عياذا بالله - عن الاسلام واختار دين اليهودية على-سبيل المثال لايلزم منه ان يكون عن رضا تام بدين اليهودية او النصرانية
وقد يكون سبب ردته الطمع في حطام الدنيا
ولاشك ان حكم هذا الرجل الذي اختار النصرانية او اليهودية مع عدم رضاه التام عن النصرانية او اليهودية او كان سبب ارتداد طمعا في الدنيا = ردة تخرجه من الملة
ويكون حكمه حكم النصراني حتى لو ادعى انه ما ارتد الا طمعا في حطام الدنيا وانه
ما اختار دين النصرانية الا طمعا في الدنيا
ولاشك ان الردة الصريحة هي اكبر صورة من صور التولي وان هذه الردة تدخل ضمن قوله (ومن يتولهم منكم فإنه منهم)
فهل يمكن الاعتراض على عبارة الطبري هذه والقول بان كلام الطبري لايوافق الواقع وان هناك من يتولى قوما وهو بدينهم غير راض طامعا في حطام الدنيا
يدلك على ذلك ما جاء في تفسير السدي
(وتخوّفوا أن يُدال عليهم الكفار, فقال رجل لصاحبه: أما أنا فألحقُ بدَهْلَكَ اليهودي فآخذ منه أمانا وأتهوّد معه, فإني أخاف أن تدال علينا اليهود. وقال الاَخر: أما أنا فألحق بفلان النصرانيّ ببعض أرض الشام فآخذ منه أمانا وأنتصر معه)
فسبب رغبته في التهود هو (فإني أخاف أن تدال علينا اليهود)
وقبل ذلك علينا ان ننقل النص كاملا من تفسير الطبري
قال الطبري
(القول في تأويل قوله تعالى: {يََأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنّصَارَىَ أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلّهُمْ مّنكُمْ فَإِنّهُ مِنْهُمْ إِنّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ} ..
اختلف أهل التأويل في المعنىّ بهذه الاَية وإن كان مأمورا بذلك جميع المؤمنين, فقال بعضهم: عنى بذلك: عبُادة بن الصامت وعبد الله بن أُبَىّ ابن سَلُول في براءة عبادة من حلف اليهود, وفي تمسك عبد الله بن أبيّ ابن سلول بحلف اليهود بعد ما ظهرت عداوتهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم, وأخبره الله أنه إذا تولاهم وتمسك بحلفهم أنه منهم في براءته من الله ورسوله كبراءتهم منهما. ذكر من قال ذلك:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/148)
9559ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا ابن إدريس, قال: سمعت أبي, عن عطية بن سعد, قال: جاء عبادة ابن الصامت من بني الحرث بن الخزرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: يا رسول الله, إن لي موالي من يهود كثير عددهم, وإني أبرأ إلى الله ورسوله من ولاية يهود وأتولى الله ورسوله فقال عبد الله بن أبيّ: إني رجل أخاف الدوائر, لا أبرأ من ولاية مواليّ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله ابن أبيّ: "يا أبا الحُبابِ مَا بَخِلْتَ بِهِ مِنْ وِلايَةِ يَهُودَ على عُبادَةَ بنِ الصّامِتِ فَهُوَ إلَيكَ دُونَهُ". قال: قد قبلت. فأنزل الله: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لا تَتّخِذُوا اليَهُودَ والنّصَارَى أوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أوْلِياءُ بَعْضٍ ... إلى قوله: فَتَرى الّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ.
9560ـ حدثنا هناد, قال: حدثنا يونس بن بكير, قال: ثني عثمان بن عبد الرحمن, عن الزهري, قال: لما انهزم أهل بدر قال المسلمون لأوليائهم من يهود: آمنوا قبل أن يصيبكم الله بيوم مثل يوم بدر فقال مالك ابن صيف: غرّكم أن أصبتم رهطا من قريش لا علم لهم بالقتال, أما لو أسررنا العزيمة أن نستجمع عليكم لم يكن لكم يد أن تقاتلونا. فقال عبادة: يا رسول الله إن أوليائي من اليهود كانت شديدة أنفسهم كثيرا سلاحهم شديدة شوكتهم, وإني أبرأ إلى الله وإلى رسوله من ولايتهم, ولا مولى لي إلا الله ورسوله. فقال عبد الله بن أبيّ: لكني لا أبرأ من ولاء يهود, إني رجل لا بدّ لي منهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا حُبابِ أرأيْتَ الّذِي نَفَسْتَ بِهِ مِنْ وَلاءِ يَهُودَ على عُبادَةَ, فَهُوَ لَكَ دونَهُ". قال: إذن أقبل. فأنزل الله تعالى ذكره: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لا تَتّخِذُوا اليَهُودَ والنّصَارَى أوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أوْلياءُ بَعْضٍ ... إلى أن بلغ إلى قوله: وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ.
9561ـ حدثنا هناد, قال: حدثنا يونس, قال: حدثنا ابن إسحاق, قال: ثني والدي إسحاق بن يسار, عن عبادة ابن الوليد بن عبادة بن الصامت, قال: لما حاربت بنو قَينُقاع رسول الله صلى الله عليه وسلم, تشبث بأمرهم عبد الله بن أبيّ, وقام دونهم. ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, وكان أحد بني عوف بن الخزرج من له حلفهم مثل الذي لهم من عبد الله بن أبيّ, فخلعهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, وتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم, وقال: يا رسول الله أتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم وأتولى الله ورسوله والمؤمنين, وأبرأ من حلف الكفار وولايتهم ففيه وفي عبد الله بن أبيّ نزلت الاَيات في المائدة: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لا تَتّخِذُوا اليَهُودَ والنّصَارَى أوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أوْلِياءُ بَعْضً ... الاَية.
وقال آخرون: بل عُنى بذلك قوم من المؤمنين كانوا هموا حين نالهم بأُحد من أعدائهم من المشركين ما نالهم أن يأخذوا من اليهود عِصَما, فنهاهم الله عن ذلك, وأعلمهم أن من فعل ذلك منهم فهو منهم. ذكر من قال ذلك:
9562ـ حدثني محمد بن الحسين, قال: حدثنا أحمد بن المفضل, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لا تَتّخِذُوا اليَهُودَ والنّصَارَى أوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَولّهُمْ مِنْكُمْ فإنّهُ مِنْهُمْ قال: لما كانت وقعة أُحد, اشتدّ على طائفة من الناس وتخوّفوا أن يُدال عليهم الكفار, فقال رجل لصاحبه: أما أنا فألحقُ بدَهْلَكَ اليهودي فآخذ منه أمانا وأتهوّد معه, فإني أخاف أن تدال علينا اليهود. وقال الاَخر: أما أنا فألحق بفلان النصرانيّ ببعض أرض الشام فآخذ منه أمانا وأنتصر معه. فأنزل الله تعالى ذكره ينهاهما: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لا تَتّخِذُوا اليَهُودَ والنّصَارَى أوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلّهُمْ مِنْكُمْ فإنّهُ مِنْهُمْ إنّ اللّهَ لا يَهْدِي القَوْمَ الظّالَمِينَ.
وقال آخرون: بل عُني بذلك أبو لبابة بن عبد المنذر في إعلامه بني قريظة إذ رضوا بحكم سعد أنه الذبح. ذكر من قال ذلك:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/149)
9563ـ حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جريج, عن عكرمة, قوله: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لا تَتّخِذُوا اليَهُودَ وَالنّصَارَى أوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلّهُمْ مِنْكُمْ فإنّهُ مِنْهُمْ قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا لبابة بن عبد المنذر من الأوس, وهو من بني عمرو بن عوف, فبعثه إلى قريظة حين نقضت العهد, فلما أطاعوا له بالنزول أشار إلى حلقه الذبح الذبح.
والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن الله تعالى ذكره نهى المؤمنين جميعا أن يتخذوا اليهود والنصارى أنصارا وحلفاء على أهل الإيمان بالله ورسوله, وأخبر أنه من اتخذهم نصيرا وحليفا ووليا من دون الله ورسوله والمؤمنين, فإنّه منهم في التحزّب على الله وعلى رسوله والمؤمنين, وأن الله ورسوله منه بريئان. وقد يجوز أن تكون الاَية نزلت في شأن عُبادة بن الصامت وعبد الله بن أبيّ ابن سلول وحلفائهما من اليهود, ويجوز أن تكون نزلت في أبي لُبابة بسبب فعله في بني قريظة, ويجوز أن تكون نزلت في شأن الرجلين اللذين ذكر السدّيّ أن أحدهما همّ باللحاق بدهلك اليهودي والاَخر بنصراني بالشأم, ولم يصحّ من هذه الأقوال الثلاثة خبر يثبت بمثله حجة فيسلم لصحته القول بأنه كما قيل. فإذ كان ذلك كذلك فالصواب أن يُحْكم لظاهر التنزيل بالعموم على ما عمّ, ويجوز ما قاله أهل التأويل فيه من القول الذي لا علم عندنا بخلافه غير أنه لا شك أن الاَية نزلت في منافق كان يوالي يهودَ أو نصارى, خوفا على نفسه من دوائر الدهر, لأن الاَية التي بعد هذه تدل على ذلك, وذلك قوله: فَتَرى الّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أنْ تُصِيبَنا دَائِرَةٌ ... الاَية.
وأما قوله: بَعْضُهُمْ أوْلِياءُ بَعْضٍ فإنه عنى بذلك أن بعض اليهود أنصار بعضهم على المؤمنين, ويد واحدة على جميعهم, وأن النصارى كذلك بعضهم أنصار بعض على من خالف دينهم وملتهم, معرّفا بذلك عباده المؤمنين أن من كان لهم أو لبعضهم وليا فإنما هو وليهم على من خالف ملتهم ودينهم من المؤمنين, كما اليهود والنصارى لهم حرب, فقال تعالى ذكره للمؤمنين: فكونوا أنتم أيضا بعضُكم أولياءُ بعض, ولليهودي والنصراني حربا كما هم لكم حرب, وبعضهم لبعض أولياء لأن من والاهم فقد أظهر لأهل الإيمان الحرب ومنهم البراءة, وأبان قطع ولايتهم.
القول في تأويل قوله تعالى: وَمَنْ يَتَوَلّهُمْ مِنْكُمْ فإنّهُ مِنْهُمْ.
يعني تعالى ذكره بقوله: وَمَنْ يَتَوَلّهُمْ مِنْكُمْ فإنّهُ مِنْهُمْ ومن يتولّ اليهود والنصارى دون المؤمنين فإنه منهم, يقول: فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين, فهو من أهل دينهم وملتهم, فإنه لا يتولى متولّ أحدا إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض, وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه, وصار حكمه حكمه, ولذلك حكم من حكم من أهل العلم لنصارى بني تَغْلب في ذبائحهم ونكاح نسائهم وغير ذلك من أمورهم بأحكام نصارى بني إسرائيل, لموالاتهم إياهم ورضاهم بملتهم ونصرتهم لهم عليها, وإن كانت أنسابهم لأنسابهم مخالفة وأصل دينهم لأصل دينهم مفارقا. وفي ذلك الدلالة الواضحة على صحة ما نقول, من أن كلّ من كان يدين بدين فله حكم أهل ذلك الدين كانت دينونته به قبل مجيء الإسلام أو بعده, إلا أن يكون مسلما من أهل ديننا انتقل إلى ملة غيرها, فإنه لا يقرّ على ما دان به فانتقل إليه, ولكن يقتل لردّته عن الإسلام ومفارقته دين الحقّ, إلا أن يرجع قبل القتل إلى الدين الحقّ
انتهى
تأمل قولفي المقطع الأول (والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن الله تعالى ذكره نهى المؤمنين جميعا أن يتخذوا اليهود والنصارى أنصارا وحلفاء على أهل الإيمان بالله ورسوله, وأخبر أنه من اتخذهم نصيرا وحليفا ووليا من دون الله ورسوله والمؤمنين, فإنّه منهم في التحزّب على الله وعلى رسوله والمؤمنين, وأن الله ورسوله منه بريئان)
وتأمل قوله (في المقطع الثاني) (فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين) تأمل اتخاذهم حلفاء وأنصارا على أهل الايمان
وقوله (نصرهم على المؤمنين)
فالكلام على مجرد اتخاذهم حلفاء وانصار على اهل الايمان
والكلام على توليهم ونصرتهم على المؤمنين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/150)
فلو كان مرداه بالتولي مجرد الدخول في دينهم لما كان لقوله نصرتهم على المؤمنين
ولقوله
(اتخاذهم حلفاء وانصار على اهل الايمان) معنى ولو انه قصد اشتراط معرفة الاعتقاد القلبي في كل صور الموالاة لذكره ونص عليه وبينهوتأمل قوله
(وقد يجوز أن تكون الاَية نزلت في شأن عُبادة بن الصامت وعبد الله بن أبيّ ابن سلول وحلفائهما من اليهود, ويجوز أن تكون نزلت في أبي لُبابة بسبب فعله في بني قريظة, ويجوز أن تكون نزلت في شأن الرجلين اللذين ذكر السدّيّ أن أحدهما همّ
باللحاق بدهلك اليهودي والاَخر بنصراني بالشأم, ولم يصحّ من هذه الأقوال الثلاثة خبر يثبت بمثله حجة فيسلم لصحته القول بأنه كما قيل. فإذ كان ذلك كذلك فالصواب أن يُحْكم لظاهر التنزيل بالعموم على ما عمّ, ويجوز ما قاله أهل التأويل فيه من القول الذي لا علم عندنا بخلافه غير أنه لا شك أن الاَية نزلت في منافق كان يوالي يهودَ أو نصارى, خوفا على نفسه من دوائر الدهر, لأن الاَية التي بعد هذه تدل على ذلك, وذلك قوله: فَتَرى الّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أنْ تُصِيبَنا دَائِرَةٌ ... الاَية.
) انظر جوز كل هذه الأقوال ولو تأملت هذه الروايات لاتضح لك ذلك بشكل اكبر
ثم قال (غير أنه لا شك أن الاَية نزلت في منافق كان يوالي يهودَ أو نصارى, خوفا على نفسه من دوائر الدهر) فهذا المنافق ما والاهم عن رضا بدينهم بل قاله (خوفا على نفسه من دوائر الدهر) وهذا السبب لم يكن مانعا من انطباق الوعيد في حقه
وهو قوله تعالى (ومن يتولهم منكم فانه منهم) فاين اشتراط محبة ظهور دين الكفار ونحو ذلك
وقوله (أن الاَية نزلت في منافق) فهذ واضح لان هذا الفعل أو هذا القول لايقدم عليه الا منافق
وهذا موضع يحتاج الى تأمل
عبارة الامام الشافعي رحمه الله (لا يحل دم من تثبتت له حرمة الاسلام الا ان يقتل أو يزني بعد احصان أو يكفر كفرا بينا بعد ايمان ثم يثبت على الكفر وليس الدلالة على عورة مسلم ولاتأييد كافر بأن يحذر أن المسلمين يريدون منه غرة ليحذرها أو يتقدم في نكاية المسلمين بكفر بين) انتهى
فهذا النص يدل على ان هذه الصور التي ذكرها ليست بكفر بين ولكن هل في هذا النص ان جميع صور مظاهرة المشركين ليست بكفر بين
بل المتأمل في هذا النص ومابعده يتضح له الأمر بشكل أكبر وأوسع
استدل الشافعي لما اختاره بقصة حاطب رضي الله عنه ثم ذكر ان الواجب استعمال الظاهر وطرح الظنون
ثم اخبر بانه اذا كان ما وقع من حاطب رضي الله عنه على عظمه لايكفر بهاالرجل دون استفصال عن حاله
فما دون ذلك أولى ان لايكفر بهالرجل
وذلك بقوله
(فإذا كان من خابر المشركين بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غرتهم فصدقه ما عاب عليه الأغلب مما يقع في النفوس فيكون لذلك مقبولا كان من بعده في أقل من حاله وأولى أن يقبل منهم مثل ما قبل منه)
فهنا يقول الشافعي بان (الدلالة على عورة مسلم ولاتأييد كافر بأن يحذر أن المسلمين يريدون منه غرة ليحذرها أو يتقدم في نكاية المسلمين) لايكون كفرا بينا فما دونه من باب أولى واذا كان من خابر المشركين بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا حكمه فمن خابر المشركين بأمر أحد قادة المسلمين من باب أولى
تأمل هذا جيدا
كلام الشافعي هو فيما دون فعل حاطب رضي الله عنه لا فيما هو فوق فعل حاطب رضي الله عنه
فليس في كلام الشافعي انه لايكفر بجميع صور المظاهرة والتولي بل من فعل كفعل حاطب رضي الله عنه وما كان دونه استفصل عن حاله
ماذا عن من فعل ما هو فوق عمل حاطب رضي الله عنه لم يتحدث عنه الشافعي ولا اشار اليه
فلا يمكن ان يستدل بهذا النص بأن كل مظاهر التولي يحتاج الى استفصال
وقد يقول قائل
(نص الشافعي على هذه الصور فيه دلالة ان هناك صور اخرى لايشترط فيها معرفة الاعتقاد القلبي)
مثال
يقول القاضي عياض رحمه الله
(وكذلك نكفر بكل فعل أجمع المسلمون انه لايصدر الا من كافر وان كان صاحبه مصرحا بالاسلام مع فعله ذلك الفعل (ثم عدد صور ثم قال (والسعي الى الكنائس والبيع مع أهلها والتزيي بزيهم من شد الزنانير وفحص الرؤس فقد أجمع المسلمون أن هذا لايوجد الا من كافر وان هذه الأفعال علامة على الكفر وان صرح فاعلها بالاسلام) انتهى
ولاشك ان ان السعي الى الكنائس والبيع مع اهلها الخ من صور التولي
فكذا يمكن ان يقال بان كل فعل يعتبر مظاهرة للمشركين على المؤمنين أجمع المسلمون انه لايصدر الا من كافر,
وهذا هو فهم السلف بدليل ما أثر عن أحمد (حسب التفسيرات الوادة) فهذا واضح منه ان امام اهل السنة
لم يفهم من حديث حاطب رضي الله عنه ان كل مظاهر مظاهرة المشركين على المؤمنين يشترط فيها الاستفصال ومعرفة الاعتقاد القلبي
وكذا ماجاء في كلام ابن حزم
وهذا التفصيل ينبغي الاعتماد عليه اذ هو فهم من بلغنا من السلف
نجد حتى القرطبي رحمه الله يفسر قوله
(ومن يتولهم منكم فانه منهم) بما يتعارض تماما مع اشتراط الاستفصال في جميع صور التولي
فان اضافة شرط الاستفصال عن الاعتقاد القلبي في جميع صور التولي يحتاج الى نقل صريح
اذ هو مخالف لفهم الامام أحمد (على قول)
ومخالف لقول غيره من العلماء
فالذي يعتمد على قصة حاطب رضي الله عنه في اشتراط معرفة الاعتقاد القلبي في جميع صور مظاهرة التولي
فهذا فهم فهمه واجتهاد اجتهد فيه واجتهاده هذا يخالف اجتهاد الامام أحمد واجتهاد ائمة الدعوة النجدية
ولااعرف نص صريحا في اشتراط معرفة الاعتقاد القلبي في جميع مظاهر التولي
والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/151)
ـ[سلطان العتيبي]ــــــــ[28 - 08 - 04, 06:06 م]ـ
شيخنا الفاضل النقاد , جعلنا الله وإياه ممن إذا سمع الحق انقاد:
قلت حفظك الله:
(ما فعله بابك الخرمي هو أنه انحاز إلى دار الحرب وغزا المسلمين من هناك. فهل هذه هي مسألة إعانة الكفار على المسلمين , أم هي تتعلق ببعض الخوارج الذين يستبيحون دماء المسلمين وينحازون إلى بلد الحرب ليغزو المسلمين من هناك)
(لو سلمنا بأن فعل بابك كان من إعانة الكفار على المسلمين , فينبغي أن يراعى أن ذلك كان منه بعد انحيازه إلى دار الحرب)
والسؤال:
أليست هذه صورة جديدة للكفر الظاهر يحكم على صاحبها دون النظر إلى الباطن؟
ـ[النقّاد]ــــــــ[29 - 08 - 04, 08:19 ص]ـ
الأخ الكريم سلطان العتيبي وفقه الله
لو أتممتَ قراءة كلامي لوجدتني قد أجبتك على سؤالك هذا ..
((وثالثا: لو سلمنا بأن فعل بابك كان من إعانة الكفار على المسلمين , فينبغي أن يراعى أن ذلك كان منه بعد انحيازه إلى دار الحرب , وكلام الإمام أحمد كان على هذه الصورة , وقد قال أبو محمد بن حزم قريبا من قوله.
وهذا الحكم (مع أنه أخص من القول بالتكفير بمطلق الإعانة) اجتهاد منهما لم يتبين ((لي)) مستنده من الأدلة. فهما مأجوران عليه أجر الاجتهاد , وليس قولهما ملزما لأحد لم يتبين له دليلهما.
وأنا لم أزعم أن ما أقوله محل إجماع. وقد بينت ذلك أكثر من مرة. فالاعتراض بمجرد قول لعالم ليس حجة قائمة , بل هو محتاج إلى الحجة))
ـ[محب العلم]ــــــــ[29 - 08 - 04, 11:08 ص]ـ
أخي الفاضل سلطان العتيبي
الأخ الكريم النقاد من فضلاء أهل السنة الأطهار، وليس من المرجئة الأغمار، فلاتمتحنه بارك الله فيك بهذه الأسئلة التي هي خارج محل النزاع، فهو لايرجع المكفرات الظاهرة إلى الاعتقاد كماظننت، وإنما ينازع في كون إعانة الكفار كفرا ظاهرا، فهو عنده معصية من جملة المعاصي لابد في التكفيربها من مناط آخر للتكفير كالاستحلال أو بغض الشرع ونحوها، وهذا وإن كان موافقة للمرجئة في هذه المسألة إلا أنه لايكون بها مرجئا خالصا.
===========================
أخي الكريم ابن وهب
أعتذر لك عن مشاركتي في هذه المسألة وأنت تبين ماأشكل فيها وتوضح، إلا أنني لما رأيت أخانا النقاد لايريد الاجابة عما سألته عنه، ظننته سيواصل الكلام في الاجماع مع غيري، إلا أنكما قفزتما الاجماع إلى الاستدلال بالأدلة وأقوال أهل العلم، وقد أخطأ أخونا النقاد في الاعتراض بمسألة الجاسوس قبل تقرير كون الاعانة كفرا بالاجماع أو بالأدلة، وهو وفقه الله ترك مواصلة تقرير ذلك إلى الاعتراض بالجاسوس فانحصر الكلام فيه.
فأعتذر منك في طلب مواصلة الكلام مع أخي النقاد في الاجماع على التكفير بالاعانة إذ لازال عندي نقول مهمة في الباب.
============================
أخي المفضال النقاد
دعنا من بابك الخرمي وأجبني عن هذا السؤال:
ماحكم إعانة الكفار على حرب (النبي صلى الله عليه وسلم) كمافعل حاطب رضي الله عنه في زعم االمخالفين؟
وأرجو أن تجيب لنواصل الحوار بصورة منضبطة بعيدا عن كثرة النقول والخروج عن محل النزاع.
وتذكر أني قد أجبتك عن كل أسئلتك، وأنك إن لم تجب على هذا السؤال فقد أظن أن لاجواب عندك عليه.
ودع الامور تسير هكذا بهدوء.
تنبيه مهم: تذكر أني لم أقل ماحكم إعانة الكفار على المسلمين وإنما قلت ماحكم إعانة الكفار على النبي صلى الله عليه وسلم كمافعل حاطب في زعم المخالفين.
ـ[النقّاد]ــــــــ[29 - 08 - 04, 02:56 م]ـ
الأخ الكريم (محب العلم) وفقه الله ..
إعانة الكفار على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لا يختلف حكمها عن إعانة الكفار على المسلمين , إلا أنها أشنع وأغلظ وأعظم إثما.
لكن هناك صورة من إعانة الكفار على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تعتبر كفرا , لا لأنها إعانة مجردة , ولكن لمناط آخر , لا يوجد في غيره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , وهي إذا كانت هذه الإعانة ستؤدي إلى قتل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نفسِه , والمُعِين يعلم ذلك , ثم عاون الكفار على قتله أو ترك نصرته من القتل وهو قادر , فهو كافر , لأن قتله للنبي أو معاونته على قتله تتناقض ولا تجتمع مع الإيمان به وتصديقه ومحبته أبدا.
وهو المناط نفسه في كفر من سبَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. كما قرره شيخ الإسلام في مواضع من كتبه.
أما ما عدا ذلك من صور الإعانة عليه , فلا يكفر بها إذا كان قد فعلها للدنيا وقلبه مطمئن بالإيمان , وإن كان قد ارتكب إثما عظيما وضل عن سواء السبيل , لأن ذلك لا ((يتناقض)) مع الإيمان به وتصديقه ومحبته , وإن كان يدل على ضعف هذا الإيمان والمحبة , وهذا هو ما وقع من حاطب رضي الله عنه عندما خابر المشركين بأمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يريد غرتهم , فإنه أعانهم بذلك وهو يعلم أنها إعانة لهم , وإلا لما حاول إخفاءها عن أعين المسلمين وبعثها مع تلك المرأة التي خبأتها في عقاص شعرها , إلى غير ذلك من القرائن , لكنه يعلم أيضا أن تلك الإعانة لن تؤدي إلى قتل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وكما هو ظاهر , فالمناط الذي حكمنا لأجله بالكفر في الصورة الأولى ليس هو مجرد الإعانة , ولذا فهو غير موجود فيما لو أعان الكفار على المسلمين.
وتوضيح ذلك: أن من سب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يكفر؛ للمناط الذي ذكرناه.
فهل من سب أحد المسلمين يكفر؟ أم نقول: فعله معصية , وإن كان إنما سبه لدينه وإسلامه فهو يكفر لا لمجرد سبه , ولكن لمناط آخر؟
وهكذا: من قتل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أو أعان على قتله يكفر؛ للمناط الذي ذكرناه.
فهل من قتل مسلما يكفر؟ أم نقول: فعله معصية , وإن كان قتله لإسلامه (مثلا) فهو يكفر لا لمجرد قتله , ولكن لمناط آخر؟
(ملاحظة على الهامش: لا داعي لتكبير الخط , لأنه مزعج , وأنا أفهم عنك مرادك بدون هذا)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/152)
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[29 - 08 - 04, 03:34 م]ـ
مشايخنا الكرام أحسن الله إليكم أجمعين
كنت ولا زلت أحد المتابعين لهذا الحوار الممتع، واستفدت بكل ما كتب هنا سواء في الانتصار لتكفير مُعين المشركين على المسلمين بإطلاق، أو في الانتصار للتفصيل الذي أورده الشيخ الشريف حاتم وشيخنا النقاد، واحببت أن أسجل شكري وتقديري لطرفي الحوار، فجزاهما الله خيرا وجميع المداخلين على ما أمتعونا به من فوائد قيمة.
وللفائدة فقد نقل أحد الأفاضل في موقع الساحات مايلي:
تكلم الشيخ صالح بن فوزان الفوزان على أقسام مظاهرة المشركين
فقال في كتابه (دروس في شرح نواقض الإسلام / طبع دار أطلس 1425) (ص 157)
(القسم الثالث: من يعين الكفار على المسلمين وهو مختار غير مكره مع بغضه لدين الكفار وعدم الرضا عنه فهذا لاشك أنه فاعل كبيرة من كبائر الذنوب ويُخشى عليه من الكفر لولا أنه يبغض دينهم ولا يحبهم لحكم عليه بالكفر، فهو على خطر شديد) اهـ
قلت: لا يخفى على الجميع أن أقوال العلماء يستدل لها لا بها، ولكن المقصود من هذا النقل بيان أن المسألة لا إجماع فيها بين علماء أهل السنة المعاصرين، حتى لا يشنع على أحد طرفي هذا الحوار بأنه تفرد بهذا القول بين معاصريه.
ـ[عبدالله بن عقيل]ــــــــ[29 - 08 - 04, 03:58 م]ـ
أرى أن ما سأرفقه مفيدا في هذا الموطن .. !
--------------------------------------------------
الأخ والشيخ علوي السقاف - حفظه الله -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد كثر الكلام والنقاش بين بعض الرواد في أنا المسلم عن قصة حاطب بن أبي بلتعة عندما أرسل برسالة إلى كفار قريش مع المرأة التي حملت الرسالة فلحق بها بعض الصحابة بأمر من الرسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك عن طريق الوحي وقد اختلف المناقشون في الحكم على حاطب هل يعد فعله الذي قام به من النفاق الأكبر أم من النفاق الأصغر؟
ونرغب منكم حفظكم أن تبينوا لنا بما يفتح الله عليكم في هذه المسألة بياناً شافياً وافياً.
وجزاكم الله خيرا
محبكم في الله: عبد الله زقيل
صفر 1422هـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اعلم أخي الكريم -وفقني الله وإياك- أنَّ هذه المسألة –أعني هل فعل حاطب رضي الله عنه يُعدُّ كفراً أم لا؟ - من مسائل الاجتهاد التي يسوغ فيها الخلاف، وأصل منشأ الخلاف هو: هل الموالاة بجميع صورها تُعدُّ كفراً أم أنَّ منها ما هو كفر ومنها ما دون ذلك؟ وهل هناك فرقٌ بين الموالاة والتولي؟ وهل قوله تعالى {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} أي كافر مثلهم، أم هو كقوله صلى الله عليه وسلم ((من تشبه بقوم فهو منهم)) ومعلوم أن ليس كلُّ تشبهٍ بالكفار يعد كفراً، فإذا علمت ذلك تبين لك خطأ من يجعل هذه المسألة من مسائل العقيدة ويبدع من لم يقل بقوله، فإما جعله مرجئاً أو خارجياً، وهذا مما ابتليت به الأمة في الآونة الأخيرة.
أما مسألة الموالاة والمعاداة ومظاهرة الكافرين على المسلمين فهي من مسائل العقيدة بل أصلٌ من أصول التوحيد، وأما تكفير حاطب -رضي الله عنه- فلم يقل به أحدٌ من أهل السنة فهو صحابي بدري قد وجبت له الجنة، وإليك البيان بشيء من الإيجاز والاختصار:
الموالاة: أصلها الحب كما أن المعاداة أصلها البغض، وتكون بالقلب والقول والفعل، ومن الموالاة النصرة والتأييد، فمن جعل الموالاة نوعاً واحداً مرادفاً لمظاهرة الكافرين عدَّ فعل حاطب -رضي الله عنه- كفراً، ومن جعلها صوراً مختلفة وأدخل فيها: مداهنتهم ومداراتهم، واستعمالهم، والبشاشة لهم ومصاحبتهم ومعاشرتهم وغيرها من الصور؛ جعلها نوعين موالاة مطلقة عامة أو (كبرى) وموالاة خاصة دون موالاة. ومن هؤلاء من عدَّ فعل حاطب -رضي الله عنه- من النوع الأول ومنهم من عَدَّه من النوع الثاني، وأكثر العلماء على أن الموالاة نوعان: مُكفِّرة وغير مُكفِّرة، وسواء قلنا هما نوعان أو نوع واحد فالذي يهمنا هنا هو هل فعل حاطب -رضي الله عنه- من النوع المُكفِّر أم لا؟ -وسيأتي-، كما أنَّ منهم من فرَّق بين الموالاة والتولي وجعل التولي موالاة مطلقة ومنهم عددٌ من علماء الدعوة النجدية -رحمهم الله-، وهناك من لم يفرق بينهما كالشيخ عبدالرحمن السعدي في تفسيره وهذا أقرب والله أعلم، وعلى كلٍ فهذه مصطلحات لا مشاحة فيها، لأن الذين فرَّقوا بينهما يعنون بالتولي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/153)
الموالاة المطلقة وأنها كفر ولا يقولون بتولي غير مُكفِّر بل يقولون أن هناك موالاة غير مُكفِّرة فآل الأمر إلى وجود موالاة مُكفِّرة يسميها البعض تولي وأخرى غير مُكفِّرة وهذا كله على قول من يقسم الموالاة إلى قسمين.
وعمدة من يقول أن الموالاة نوع واحد وأنها كفر، قوله تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} وقوله تعالى: {ومن يتولهم منكم فأؤلئك هم الظالمون} قالوا لم ترد الموالاة في القرآن إلا بوصف الكفر، قال ابن جرير: ((ومن يتولى اليهود والنصارى دون المؤمنين فإنه منهم، يقول: فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهو من أهل دينهم وملتهم، فإنه لا يتولى متولٍ أحداً إلا هو به وبدينه))
وقال ابن حزم في ((المحلى)) (11/ 138): ((وصح أنَّ قول الله تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار فقط، وهذا حقٌ لا يختلف فيه اثنان من المسلمين))
وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في ((مجموع الفتاوى)) (1/ 274): ((وقد أجمع علماء الإسلام على أنَّ من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم)) ثم استشهد بالآيتين السابقتين.
هذه مقدمة لابد منها قبل الإجابة على سؤالكم: هل فعل حاطبٍ -رضي الله عنه- كان كفراً أم لا؟
واعلم أن قصة حاطب -رضي الله عنه- رواها البخاري في الصحيح (3007،4272،4890،6259) ومسلم في الصحيح (4550) وأبو داود في السنن (3279) والترمذي في الجامع (3305) وأحمد في المسند (3/ 350) وأبو يعلىفي المسند (4/ 182) وابن حبان في صحيحه (11/ 121) والبزار في مسنده (1/ 308) والحاكم في المستدرك (4/ 87) والضياء في الأحاديث المختارة (1/ 286) وغيرهم، وقد جمعت لك ما صحَّ من رواياتهم في سياق واحد –وأصلها من صحيح البخاري- ليسهل تصور القصة واستنباط الأحكام منها، والذي يهمنا منها ألفاظ حاطب وعمر رضي الله عنهما أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم،
[فعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ وَكُلُّنَا فَارِسٌ قَالَ انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ فَإِنَّ بِهَا امْرَأَةً مِنْ الْمُشْرِكِينَ مَعَهَا كِتَابٌ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَأَدْرَكْنَاهَا تَسِيرُ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا حَيْثُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا الْكِتَابُ فَقَالَتْ مَا مَعَنَا كِتَابٌ فَأَنَخْنَاهَا فَالْتَمَسْنَا فَلَمْ نَرَ كِتَابًا فَقُلْنَا مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُجَرِّدَنَّكِ فَلَمَّا رَأَتْ الْجِدَّ أَهْوَتْ إِلَى حُجْزَتِهَا وَهِيَ مُحْتَجِزَةٌ بِكِسَاءٍ فَأَخْرَجَتْهُ فَانْطَلَقْنَا بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَقَالَ عُمَرُ: ((يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ)) ((دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ)) ((فَإِنَّهُ قَدْ كَفَرَ))
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْت.
َ قَالَ حَاطِبٌ: ((وَاللَّهِ مَا بِي أَنْ لا أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)) ((وَلَمْ أَفْعَلْهُ ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي وَلا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلام)) ((وَمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ كُفْرًا)) ((وَمَا غَيَّرْتُ وَلا بَدَّلْتُ)) ِ ((مَا كَانَ بِي مِنْ كُفْرٍ وَلا ارْتِدَادٍ)) ((أَمَا إِنِّي لَمْ أَفْعَلْهُ غِشًّا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلا نِفَاقًا قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ مُظْهِرٌ رَسُولَهُ وَمُتِمٌّ لَهُ أَمْرَهُ)) ((فقلت أكتب كتاباً لا يضر الله ولا رسوله)) أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِي عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلاَّ لَهُ هُنَاكَ مِنْ عَشِيرَتِهِ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِه.
ِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَدَقَ وَلا تَقُولُوا لَهُ إِلاَّ خَيْرًا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/154)
فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ فَدَعْنِي فَلأَضْرِبَ عُنُقَهُ.
فَقَالَ: أَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَال: َ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمْ الْجَنَّةُ أَوْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ فَدَمَعَتْ عَيْنَا عُمَرَ وَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.]
فأنت ترى أنَّ حاطباً -رضي الله عنه- شعر بخطئه في إفشاء سر رسول الله صلى الله عليه وسلم وموالاته لكفار قريش، وظهر له أنَّ هذا كفرٌ وردة لكنه يعلم من نفسه أنه لم يفعله ارتداداً عن دين الله فقال: ((ولم أفعله إرتداداً عن ديني ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام، وما غيرت ولا بدلت -أي ديني- أما إني لم أفعله غشاً يا رسول الله ولا نفاقاً)) إذن هذا العمل بمجرده يُعَدُّ كفراً وارتداداً وغشاً ونفاقاً، وكأنه -رضي الله عنه- ذُهل عن هذا الأمر أثناء الوقوع في المعصية بعذر قدَّمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قوله: ((أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِي عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي)) فإمَّا أن يقال كان جاهلاً وما تبين له هذا إلا بعد أن استجوبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يقال كان -رضي الله عنه- متأولاً وهذا أصوب بدليل أنه قال كما صحت به رواية أحمد وأبو يعلى وابن حبان: ((أَمَا إِنِّي لَمْ أَفْعَلْهُ غِشًّا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلا نِفَاقًا قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ مُظْهِرٌ رَسُولَهُ وَمُتِمٌّ لَهُ أَمْرَهُ)) فهو يعلم أن المولاة كُفر لكنه لا يَعِدُّ ما فعله موالاة -تأولاً- لثقته أن الله ناصرٌ رسوله صلى الله عليه وسلم، وكما صحت به رواية البزار والحاكم والضياء من قوله: ((كان أهلي فيهم فخشيت أن يغيروا عليهم فقلت أكتب كتاباً لا يضر الله ولا رسوله)) فهو لثقته الكبيرة بربه ونصره لرسوله صلى الله عليه وسلم وأن كتابه سيفرحُ به كفار قريش ويحموا له أهله لكن لن يضر الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، لذلك قال الحافظ في الفتح (8/ 634): ((وَأَطْلَقَ عَلَيْهِ مُنَافِقًا لِكَوْنِهِ أَبْطَنَ خِلاف مَا أَظْهَرَ , وَعُذْر حَاطِب مَا ذَكَرَهُ , فَإِنَّهُ صَنَعَ ذَلِكَ مُتَأَوِّلاً أَنْ لا ضَرَر فِيهِ))، ويؤكد ذلك لفظ الخِطاب –إن صح- فقد قال الحافظ في الفتح (4274): ((وَذَكَرَ بَعْض أَهْل الْمَغَازِي وَهُوَ فِي (تَفْسِير يَحْيَى بْن سَلام) أَنَّ لَفْظ الْكِتَاب: ((أَمَّا بَعْد يَا مَعْشَر قُرَيْش فَإِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَكُمْ بِجَيْشٍ كَاللَّيْلِ , يَسِير كَالسَّيْلِ , فَوَاَللَّهِ لَوْ جَاءَكُمْ وَحْدَهُ لَنَصَرَهُ اللَّه وَأَنْجَزَ لَهُ وَعْده. فَانْظُرُوا لأَنْفُسِكُمْ وَالسَّلام)) كَذَا حَكَاهُ السُّهَيْلِيُّ)) وفيه كما ترى تخذيل وتخويف لقريش، كلُّ ذلك جعل حاطباً -رضي الله عنه- يتأول أن ليس في هذا موالاة لكفار قريش وكيف يواليهم وهوالصحابي البدري؟! والواقع أن قصة حاطب وقصة قدامة ابن مظعون -رضي الله عنهما- الذي استباح شرب الخمر متأولاً أنه لاجناح على الذين آمنوا أن يطعموها من أقوى ما يمكن أن يستشهد به على أنَّ التأويلَ مانعٌ من موانع التكفير.
أمَّا عمر -رضي الله عنه- فقد كفَّر حاطباً أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل له رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ حاطباً لم يفعل الكفر، بل بيَّن له أنَّ حاطباً كان صادقاً ولم يكفر، ومعلوم لديك أنَّ ثَمَّتَ فرقٌ بين الحكم على الفعل بالكفر وتكفير المعين الذي صدر منه الكفر، وهذا مبسوط في كتب العقائد والتوحيد، وقد وصف عمر حاطباً -رضي الله عنهما- بأوصاف ثلاثة يكفي الواحدُ منها للقول بأنه كفَّره، فوصفه بأنه: منافق، كفر، خان الله ورسوله؛ وعمر -رضي الله عنه- وإن كان قد أخطأ في تكفير حاطب -رضي الله عنه- إلا أنَّ خطأه مغفورٌ له لأنه ناتج عن غيرة لله ورسوله وهذا معروف عن عمر -رضي الله عنه- ولأنه حكم بالظاهر وهذا هو الواجب على المسلم، ولم يكلفنا الله بالبواطن. قال ابن حزم في ((الفصل)) (3/ 143): ((وقد قال عمر رضي الله عنه - بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم - عن حاطب: دعني أضرب عنق هذا المنافق. فما كان عمر بتكفيره حاطباً كافراً بل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/155)
كان مخطئاً متأولاً)) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (3/ 282): ((إذا كان المسلم متأولاً في القتال أو التكفير لم يكفر بذلك)) ثم استشهد بتكفير عمر لحاطب -رضي الله عنهما-.
أمَّا تصديق النبي صلى الله عليه وسلم لحاطب فليس فيه دلالة على أنَّه لم يفعل الكفر بل فيه أنَّه لم يكفر ولم يرتد لأن عمر -رضي الله عنه- قال عنه أنه كفر ونافق وخان الله ورسوله وحاطب يقول لم أكفر ولم أرتد وما غيرت وما بدلت –أي ديني- فصدقه النبي صلى الله عليه وسلم في أنه لم يكفر ولم يرتد، أمَّا قتله وعقوبته فقد شفع له فيها شهوده بدراً.
إذا علمت ذلك، فاعلم أنَّ هناك من العلماء من عَدَّ ما بدر من حاطب -رضي الله عنه- من الموالاة الخاصة غير المكفِّرة، ومن هؤلاء: شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال في مجموع الفتاوى (7/ 523): ((وقد تحصل للرجل موادتهم لرحم أو حاجة فتكون ذنباً ينقص به إيمانه ولا يكون به كافراً، كما حصل من حاطب بن أبي بلتعة لما كاتب المشركين ببعض أخبار النبي صلى الله عليه وسلم وأنزل الله فيه {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة})) والشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ كما في ((عيون الرسائل والأجوبة على المسائل)) (1/ 179).
لكن ليُعلم أنَّ هذا النوع من الموالاة شيء ومظاهرة المشركين على الكافرين ونصرتهم وتأيدهم والقتال معهم شيء آخر، فكما سبق في أول الحديث أنَّ هذا (الثاني) كفر وردة والعياذ بالله ويكون بالقول والفعل كما يكون بالاعتقاد، قال الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب في نواقض الإسلام: ((الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} المائدة:51)) وقال الشيخ حمد بن عتيق في ((الدفاع عن أهل السنة والاتِّباع)) (ص32): ((وقد تقدم أنَّ مظاهرة المشركين ودلالتهم على عورات المسلمين أو الذب عنهم بلسان ٍ أو رضى بما هم عليه، كل هذه مُكفِّرات ممن صدرت منه من غير الإكراه المذكور فهو مرتد، وإن كان مع ذلك يُبْغض الكفار ويحب المسلمين)، وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله- في ((مجموع الفتاوى)) (1/ 274): ((وقد أجمع علماء الإسلام على أنَّ من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم))
والخلاصة:
أنْ نقول إنَّ حاطباً -رضي الله عنه- حصل منه نوع موالاةٍ للكفار، فمن قال أنَّ الموالاة كلها كفر قال إنه وقع في الكفر ولم يكفُر لأنه كان متأولاً، ومن قال أنَّ هناك موالاة مُكفِّرة وموالاة غير مُكفِّرة عدَّ ما بدر منه -رضي الله عنه- من النوع غير المُكفِّر، وليعلم أنه لم يقل أحدٌ من أهل السنة أنَّ حاطباً -رضي الله عنه- كَفَر، أو أنَّ ما صدر منه ليس موالاةً أو ذنباً، أو أنَّ مظاهرة الكافرين على المسلمين ليست كفراً، فكلُّ ذلك متفقون عليه فلا ينبغي أنَّ يحدث نوع خلافٍ وشرٍ فيما كان من مسائل الاجتهاد طالما أنَّ الجميع متفقون على مسائل الاعتقاد، ولذلك لَمَّا سئل الشيخ سليمان بن عبدالله آل الشيخ عن مسألة سبَبت خلافاً بين أهل السنة في زمانه عن الموالاة والمعاداة هل هي من معنى لا إله إلا الله، أو من لوازمها؟ أجاب: ((الجواب أنَّ يقال: الله أعلم، لكن بحسب المسلم أنْ يعلم أنَّ الله افترض عليه عداوة المشركين، وعدم موالاتهم، وأوجب عليه محبة المؤمنين وموالاتهم، 000و أمَّا كون ذلك من معنى لا إله إلا الله أو لوازمها، فلم يكلفنا الله بالبحث عن ذلك، وإنما كلفنا بمعرفة أنَّ الله فرض ذلك وأوجبه، وأوجب العمل به، فهذا هو الفرض والحتم الذي لا شك فيه، فمن عرف أنَّ ذلك من معناها، أو من لازمها، فهو خير، ومن لم يعرفه، فلم يُكلف بمعرفته، لاسيما إذا كان الجدل والمنازعة فيه مما يفضي إلى شرٍ واختلافٍ، ووقوع فرقة بين المؤمنين الذين قاموا بواجبات الإيمان، وجاهدوا في الله وعادوا المشركين ووالوا المسلمين، فالسكوت عن ذلك متعين)) انتهى كلامه. انظر: ((مجموعة التوحيد)) (ص69)
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[محب العلم]ــــــــ[30 - 08 - 04, 11:23 ص]ـ
أخي الكريم الشيخ النقاد وفقه الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/156)
سأخفي إعجابي بفهمك لمقصود السؤال وإبداعك في الجواب عليه وعدم حاجتك - كما كنت أظن - لكثرة الألوان وتكبير الخط لأقفز إلى مضمون الجواب مباشرة
# قد حصرت أخي الكريم صور الكفر في الاعانة على النبي صلى الله عليه وسلم في الاعانة على قتله فقط.
وعللت ذلك بأن هذا يتنافى مع الايمان به وتصديقه منافاة تامة بخلاف غيرها من صور الاعانة عليه.
وقد رأيتك في جوابك هذا قد خرجت عن شرطك في (الحجة الواضحة) و (الدليل المعتبر) على التفريق إلى التعليل الذاتي والاجتهاد الخاص، لأن القول بأن كل إعانة على النبي صلى الله عليه وسلم كفر أكبر يتعارض مع قولك بأن حاطب رضي الله عنه قد أعان الكفار على النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكفر فاحتجت إلى هذا الاجتهاد.
وقد استغربتَ سابقا من مخالفك القول بأن إعانة الكفار على المسلمين لاتجتمع البتة مع الايمان في قلب المسلم الموحد وجعلت هذا تحكما بلا دليل ولاحجة صحيحة ثم أنت تقول به الآن في الاعانة على قتل النبي صلى الله عليه وسلم.
فما رأيك لو قال لك مخالفك المرجئ: قتل النبي صلى الله عليه وسلم أو الاعانة عليه ليست كفرا مخرجا من الملة إذا كان ذلك لغرض دنيوي وإنما هو كفر أكبر إذا كان مبغضا لدين الرسول صلى الله عليه وسلم محبا لدين الكفار ودليل ذلك حديث حاطب لأنه أعان كفار قريش بما يمكن أن يباغتوا النبي صلى الله عليه وسلم به فيقتلوه أو يقاتلوه ومع ذلك لم يكفر!
لا أظنك ستجد جوابا على إيراده مادمت تترنح بهذه الطريقة بين الاجتهاد المطلق والتقليد المقيد.
فأنت تجتهد في التفريق بين الاعانة على قتل النبي صلى الله عليه وسلم وبين غيرها من صور الاعانة عليه في نفس الوقت الذي تقلد فيه شيخ الاسلام في قوله بأن قتل النبي صلى الله عليه وسلم يتنافى مع الإيمان به.
فإن كان مناط التفريق عندك بين صور الاعانة هو أن شيخ الاسلام رحمه الله قد نص على أن قتل النبي صلى الله عليه وسلم يتنافى مع الايمان به، فهذا المناط موجود في كل صور إعانة الكفار على المسلمين، فقد قال شيخ الاسلام نفسه كما في مجموع الفتاوى (8/ 350) عند رده على أهل الفناء في توحيد الربوبية:
" ... والمقدور عندهم هو محبوب الحق، فإذا غلب الكفار كانوا معهم، وإذا غلب المسلمون كانوا معهم، وإذا كان الرسول منصورا كانوا معه، وإذا غلب أصحابه كانوا مع الكفار الذين غلبوهم.
وهؤلاء الذين يصلون إلى هذا الحد غالبهم لايعرف وعيد الآخرة، فإن من أقر بوعيد الآخرة وأنه للكفار لم يمكنه أن يكون معاونا للكفار مواليا لهم على مايوجب وعيد الآخرة ".
وإن كان مناط التفريق هو الاجماع الذي نقله اسحاق بن راهوية على كفر من قتل نبيا وإن أقر بكل ماأنزله الله، فما الذي ألحق الاعانة على قتل النبي صلى الله عليه وسلم به واخرج الاعانة على قتاله كمافعل حاطب في زعم المخالف.
وإن كان مناط التفريق هو شناعة فعل من قتل النبي صلى الله عليه وسلم فشناعة ضربه وتعريضه للأسر أعظم عند النفوس الشريفة من مجرد قتله وقد نقل القاضي عياض رحمه الله إجماع أهل العلم على تكفير من فعل شيئا من هذا في حقه صلى الله عليه وسلم.
فإن كان حاطب رضي الله عنه قد قصد إعانة الكفار على النبي صلى الله عليه وسلم كماتقول فما الذي أخرجه من هذه الاجماعات؟!
وإن سلمنا بأن فعل حاطب إعانة على النبي صلى الله عليه وسلم وهي غير مكفرة، فهل الاعانة على الجيش الذي فيه الرسول صلى الله عليه وسلم أذى له أم لا؟
إن كانت أذى له، فقد نص أهل العلم ومنهم شيخ الاسلام في الصارم المسلول على أن أذى الرسول صلى الله عليه وسلم كفر أكبر وإن لم يقارنه اعتقاد.
وإن لم تكن أذى للرسول صلى الله عليه وسلم فما ذا تكون؟
========================================
هل يكفر من سب أحدا من المسلمين؟
سؤالك هذا أخي النقاد و تمثيلك بمسألة سب النبي صلى الله عليه وسلم وسب غيره وأن الأول كفر وماعداه دون ذلك قد أصبت به كبد الحقيقة، ووضعت يدك فيه على موجب التفريق بين إعانة الكفار على المسلمين و إعانتهم على مسلم واحد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/157)
فقد سبق ان ذكرت لك أن أهل العلم رحمهم الله لم يختلفوا في أن من أعان كافرا على مسلم أو مسلمين بمالايكسر شوكة المسلمين في الأصل فهو آثم غير كافر بخلاف إعانة الكفار على المسلمين في حالة الحرب على فئة منهم لهم شوكة تكسرها الحرب وتعلي أحكام الكفر عليهم بعد كسرها.
فكما أن سب النبي صلى الله عليه وسلم فيه معنى زائد عن سب غيره من آحاد المسلمين، فكذلك سب المسلمين بلفظ العموم فيه معنى زائد على سب آحادهم، فمن سب المسلمين بلفظ العموم فلا شك أنه كافر من جملة الكفار وإن زعم أنه أراد بعضهم، وينفعه زعمه في قبول توبته، واما من سب مسلما من المسلمين فهو ليس بكافر عند الجميع لاحتمال قصده لمعنى في المسلم غير الاسلام.
وكما يقال هذا في صور السب السابقة وهي محل إجماع، فهو يقال في الاعانة وهي كذلك محل اجماع، فإعانة الكفار على فرد من المسلمين ليست كإعانتهم على المسلمين جميعا، فالأول قد يقع من المسلم لرغبة في الدنيا وأما الثاني فإنه لايكون إلا مع عدم الاقرار بوعيد الآخرة كماذكره شيخ الاسلام.
فمحل الاجماع في الاعانة الذي هو محل البحث هو إعانة الكفار المحاربين على المسلمين، لا كل إعانة لكافر على مسلم، فتلك الاعانة التي هي محل البحث كفر بجميع صورها لايستثنى منها صورة سواء قلت الاعانة أم كثرت، كما ان سب المسلمين جميعا كفر أكبر بجميع صوره.
وكما أن سب النبي صلى الله عليه وسلم كفر أكبر وإن لم يستحل فاعله ذلك فكذلك الاعانة عليه كمايزعم من وصف حاطب بذلك وإن لم يستحل حاطب هذه الاعانة
ويقال في الاعانة ماقاله شيخ الاسلام في السب:
" فلايظن ظان أن في المسألة خلافا يجعل المسألة من مسائل الخلاف والاجتهاد، وإنما ذلك غلط، لايستطيع أحد أن يحكي عن واحد من الفقهاء وأئمة الفتوى هذا التفصيل البتة "
فهل يستطيع المخالفون أن ينقلوا هذا التفصيل في الاعانة عن أحد من الفقهاء وأئمة الفتوى بالصورة التي يحكونها!
ولو أن المخالف تأمل مسألة اشتراط الاستحلال للتكفير بسب النبي صلى الله عليه وسلم ونظر في كلام شيخ الاسلام في تقرير الاجماع على كفر الساب وإن لم يستحل فإنه سيتبين له بإذن الله وجه الاجماع على التكفير من أعان الكفار على المسلمين وإن لم يحب دينهم.
فإن اشتراط الاستحلال في التكفير بالسب قد نقله القاضي أبو يعلى من كتاب بعض المتكلمين الذين حكوها عن الفقهاء، وهؤلاء - كما قال شيخ الاسلام في الصارم - نقلوا قول الفقهاء بماظنوه جار في أصولهم أو بما سمعوه من بعض المنتسبين إلى الفقه ممن لايعد قوله قولا!
فهوحكاية للخلاف ب (الفهم) لا ب (النقل)! كماهو اصطلاح أخي النقاد وطريقته في حكاية الخلاف في مسألة الاعانة، ومع هذا فإن شيخ الاسلام رحمه الله لم يعتبر هذا خلافا بل جعله خطأ لايجوز القدح في الاجماع به، ثم ذكر أنه لايستطيع أحد أن يحكي عن الفقهاء هذا التفصيل في السب البتة وجعله وجها لتقرير الاجماع ورد دعوى الخلاف.
فقال كمافي الصارم المسلول (3/ 960):
" والحكاية المذكورة عن الفقهاء أنه إن كان مستحلا كفر وإلا فلا، ليس لها أصل، وإنما نقلها القاضي من كتاب بعض المتكلمين الذين حكوها عن الفقهاء، وهي كذب ظنوها جارية على أصولهم، فلايظن ظان أن في المسألة خلافا، إنما ذلك غلط "
فتأمل كيف أنكر الخلاف وعده غلطا ولم يضرب هذا الغلط بما تقرر عنده من إجماع وأدلة وأقوال لأهل العلم، فكيف بمن لايحكي هذا الغلط عن غيره وإنما يغلط هو في فهمه ثم يطلب دليلا بينا يكشف النقاب عن وجه غلطه!
وقد احتج شيخ الاسلام على قتل الساب بإجماع الصحابة على ذلك وادعى هذا الاجماع بكونه قد نقل عنهم قتل الساب في قضايا متعددة منشرة مستفيضة لم ينكرها أحد منهم فصارت إجماعا وقال:
" واعلم أنه لايمكن ادعاء إجماع الصحابة على مسألة فرعية بأبلغ من هذه الطريق ".
فكيف لو كان خصمه هو من نحتج عليه بنقول ثابتة للاجماع وبقضايا متعددة منتشرة مستفيضة لم ينكرها أحد من أهل العلم ولم يشترطوا فيها شرط المحبة القلبية لدين الكفار للتكفير بإعانتهم على المسلمين، ولم يذكروا هذا التفصيل في الاعانة، وهل يمكن ادعاء إجماع أهل العلم على مسألة أصلية بأبلغ من هذه الطريق.
ويبقى السؤال في الاعانة على النبي صلى الله عليه وسلم قائما:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/158)
هل هي أذى للنبي صلى الله عليه وسلم أم إكرام؟
====================================
الشيخ الفاضل أبو خالد السلمي
متابعتك لحوار إخوانك شرف لهم، ولولا تشجيع أمثالك لأمثالهم لما كان لهم في هذه المباحث قبيل ولادبير.
وإني لأعتذر من فضيلتك على انقطاعي عن مراسلتك على البريد الخاص لأشغال عرضت لي أشغلتني عن مواصلة أمثالك من أهل العلم والفضل.
وأما ماذكرته من فتوى الشيخ صالح الفوزان فهي لاتقدح فيه ولا في الاجماع فلا يخفى على مثلك أن مخالفة من تأخر لاتقدح في إجماع أهل العلم ولا صريح أقوالهم، فكيف إذا كان المتأخر له في المسألة قولان؟!، قول قبل الفتن وقول في أثنائها، فلاشك أن انتظار هذا حتى تزول الفتن أولى من نقض كلام المتقدمين بكلامه على جلالة قدره واستفاضة علمه.
فإن الشيخ حفظه الله قد أطلق القول بتكفير من اعان الكفار في الطبعة الأولى من كتابه: " إعانة المستفيد " كما حدثني أحد الاخوة ثم عدل هذا في الطبعة الثانية، وزاد في شرحه على النواقض بتقسيم جديد متناقض في نفسه غير متماسك.
وكذلك بعض طلبة العلم كصالح آل الشيخ أطلق القول بالتكفير في شريطه: " موقف المسلم من الفتن " وأكده في الشريط بنقل عن ابن باز رحمه الله في هذا الباب، ثم لما طبع كتابه زاد فيه شرط قصد ظهور الكفار على المسلمين!
وقل مثل هذا في غيرهم من أهل العلم المتأخرين، وهو الذي دفعني لذكر إيراد من قال بأن مثل هذا يرجع فيه للعلماء الكبار في أول المقال وبيان أوجه رده.
ولو سكت الناس عند كل مسألة تغير في الدين لأجل ضغط الواقع لما بقي في الأرض سنة يعمل بها
فإن هؤلاء المشايخ لايخلو حالهم من أمرين:
إما أن يكونوا قد أطلقوا القول بالتكفير أول الأمر وهم لم يحرروا المسألة وإنما قلدوا فيها غيرهم
وإما أنهم كانوا يعتقدون ذلك ثم تغير رأيهم.
فإن كانت الأولى فتلك مصيبة!
وإن كانت الثانية فلماذا لايكون التمحيص والتحقيق والتحرير إلا في الأزمات!
ولو أننا عند كل فتنة سنستحدث شرطا يناسب الحال ثم نطبق على السكوت عليه ونجعل المسألة اجتهادية لاينكر على المخالف فيها بحجة الحكمة والمصلحة لما بقي من الدين إلا رسوم
هذا مع حسن الظن بمن له قدم صدق في الأمة كهؤلاء المشايخ ممن نحسبه لم يخالف الاجماع إلا لشئ توهمه دليلا صادف عنده رغبة في إخراج الأمة من مأزقها وخوفا عليها من هفوات أبنائها.
وهاأنت ترى أنه لولا الرد على أصحاب هذا الشرط لكان المكفر بمطلق الاعانة غاليا في الولاء والبراء كماظنه بعضهم.
وهاأنت ترى أن المكفر بتحكيم القوانين أصبح غاليا في هذا الباب عند المتأخرين لأنه لم يضف شرط الاستحلال الذي زل في اشتراطه بعض أساطين العلم في زمانه قياسا على الحكم بغير ماأنزل الله لهوى كماكان يقع عند السلف ثم تتابع الناس على زلته!
فإن أردت عدم الانكار على المقلد من العوام فحق وهو في ذمة من أفتاه، و إن أردت طالب العلم المتمكن من البحث والاستدلال فهذا لايجوز له أن يتكلم في مسألة ليس له فيها إمام فضلا عن المسألة التي هي محل البحث.
والله الموفق.
ـ[المقرئ]ــــــــ[30 - 08 - 04, 12:50 م]ـ
قد أكون ثقيلا وأعتذر جدا على التطفل
وأريد أن أشيد بالشيخين الفاضلين على فوائدهما وطريقة حوارهما
شيخنا محب العلم: ليتك لم تجنح إلى الأسماء والدخول في النوايا وولوج باب قيل وزعموا واترك النوايا لربها ومبحثك هذا سيطول بقاؤه ويكثر مراجعه فليتك حذفت منه مالا نفع فيه إن لم يكن فيه مضرة في مشاركتك الأخيرة مع علمي والله بحسن مقصدك وعلو أدبك ولكن هي مشورة
وليتكم إن أردتم تذكرون ما هو الذي ينقض الإجماع في نظركم هل ينقضه:
تفسير عالم قبل ابن حزم لآيات الموالاة بأن فسرها على ما ذكره الشيخ النقاد؟
أو ينقضه أحاديث غير حديث حاطب وفسر من قبل أهل العلم؟
أرجو تبيين مرادكم إن أردتم
ثم إني أكثرت -وما حيلتي فكرمك وعلمك أضني إلى ذلك - هل صورة الإجماع منعقدة عندك فيما إذا عاون المسلم الكفار على المسلمين عامة في الكرة الأرضية أم متى ما عاون المسلم الكافر على دولة مسلمة فقط ولا يعينها على أخرى يكفر بذلك
مع أسفي واعتذاري وإعجابي
المقرئ
ـ[محب العلم]ــــــــ[30 - 08 - 04, 06:44 م]ـ
أخي الأديب الأريب الشيخ المقرئ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/159)
أشكر لك نصحك وحسن سريرتك لأهل العلم، ولو أن الأمر من أمور الدنيا لما رضيت في هذين الشيخين ولا في غيرهما إلا كل ذكر حسن، ولا يخفى على مثلك أن زلة العالم أو مخالفته لاتسقط حرمته ولاتجيز لسقط المتاع أن يقعوا في عرضه، وليس في نفسي أدنى أدنى حرج مماقلته، والأمر في حذفه وإبقائه راجع لأهله وليس لي، وإن كنت كماذكرت لك أقدر لك - والله - نصحك ومشورتك وأعرف موجبها ولكن عارض هذا الموجب مانع آخر أظنه مما تبرأ به ذمتي إن شاء الله، ولم أدخل في النوايا ولا في الخبايا وإنما حكيت واقعا، ومن ذكر لي التعديل الحاصل في الطبعة الثانية من الكتاب هو أحد الشيوخ الأجلاء المعروفين الورعين ممن أحسبه لايؤذي مؤمنا بغير مااكتسب، والأمر يسير، فمن شاء فليراجع وليفدنا، وما أنا ومن أنا أو غيري عند العلامة الجليل الشيخ الزاهد الورع صالح الفوزان أو عند طلاب العلم كصالح آل الشيخ فاربع على نفسك فإنما هي مذاكرة، ودين الله فوق الجميع، ولولا أن لهذه نظائر لما رقمت فيها سوادا في بياض.
===========================
أما الإجماع أخي المقرئ فلا أريد لنقضه إلا ذكر مخالف معتبر في محل الاجماع، وإن كان خلاف الواحد والاثنين لاينقض إجماعا عند أهل العلم كماهو ظاهر صنيع ابن المنذر وابن عبدالبر وغيرهما
إلا أنني أكتفي لفض هذه المحاورة بعالم معتبر ينص على أن إعانة الكفار في حربهم على المسلمين مختلف فيها أو هي معصية من جملة المعاصي لاكفر، فهل طلبت عسيرا؟!
وأما الخلاف الذي يحكيه المتأخرون بفهمهم هم لحديث حاطب أو لكلام عالم ليس في محل النزاع أو كان حمال أوجه فليس بخلاف معتبر على الحقيقة وإنما هو انبطاح علمي وإن احمرت أنوف.
وأما محل الاجماع فقد أوضحته وذكرت أنه إعانة كفار محاربين لمسلمين لهم شوكة، وليست كل إعانة لكل كافر على كل مسلم.
وأنت تقصد أن من لم يعن الكفار على كل المسلمين في الارض فهذا ليس بكافر، إذ قد تكون إعانته على بعض المسلمين لعلة غير إسلامهم.
وهذا أخي الفاضل راجع إلى الخطأ في مناط التكفير في هذه المسألة، إذ مناط التكفير هنا هو الإعانة لا بغض المسلمين ولا الاسلام ولا اختيار الكفر على الاسلام وإنما هذه الأخيرة لوازم لاينفك عنها المعين حال ملابسته للاعانة، فإن انتفاء انقياد القلب لايعني انتفاء تصديقه ولا رضاه القلبي بالدين.
وإلا فإن هذا المعين للكفار لو أعان الكفار في حربهم على دولة مسلمة واحدة مرة واحدة ثم أبى المشاركة لحصوله على كفايته من الدنيا فإنه كافر بهذه الإعانة مالم يحدث توبة، وكل معين للكفار لغرض دنيوي سيقف عن الاعانة إذا حصل غرضه وإلا فإنه سيلتزم الاعانة حتى ينال مراده ولو قاتل كل مسلم على الأرض فالتزام الاعانة على كل مسلم كفر أكبر، وهذا أمر باطن لاسبيل لنا إليه، ولذلك فإن الأمر الظاهر الذي علق به الحكم هو الاعانة لاغير فإن حصلت أجرينا على صاحبها - إن كانت ظاهرة - حكم الظاهر والله يتولى السرائر، ولا يخفاك أن من طلب منه قتل نفس وإلا قتل فإنه سيلتزم القتل عند كل تهديد بالقتل، وقل مثله في المعين كلما خشي على ماله وسلطانه التزم الاعانة وهكذا فإن رأينا منه غير مرة تحقق الاعانة كلما مر به حال يكون له فيها غرض فماذا يكون هذا، وهل ننتظر حتى يفرغ من كل مسلم على الأرض ليحقق غرضه ثم نجزم حينها بكفره، هذا لم يقله حتى أبو مرة!
وأنت تعلم أن أكثر المعينين للكفار إنما هم طلاب دنيا، ولا يكاد يوجد فيهم مبغض للدين على الحقيقة إلا أن استعلاء أحكام الكفر على أحكام الإسلام لايرضى به مسلم انقاد قلبه لله البتة كما نقلت لك عن شيخ الاسلام وعن غيره.
================================
تنبيهات مهمة في خاتمة هذه المعالم:
أولها: سبق وأن ذكرت لأخي النقاد أني اعتمدت طريقة النسخ واللصق في نقل بعض الأقوال وقد أوقعني هذا في خطأين:
الأول نبه إليه أخي النقاد وهو من كلام ابن حزم رحمه الله
والثاني من كلام الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن رحمه الله في عيون الرسائل والأجوبة على المسائل" (1/ 179)، حيث نقلت كلاما لغيره على أنه له عند ذكري لنقله الاجماع على المسألة وتعقيبي بهذا النقل عليه.
وكلا الخطأين لم يؤثرا على مانقله الإمامان من إجماع في المسألة، وإنما نبهت إليهما خشية التبعة على الدين.
وثانيها:
أن ما أذكره قبل حكاية الاجماع بقولي (النص الأول ... ) إنما أعني به الموضع لا مااصطلح عليه بعض أهل الأصول.
وثالثها:
أن البحث مع الشيخ النقاد إنما هو في ثبوت الاجماع من عدمه ولم نصل بعد لمبحث الأدلة وأقوال أهل العلم فإن رام ذلك مع غيري فهو وشأنه وأما أخوه فقد قال مافي نفسه وزيادة وإن كان شحيح النقل للمعنى الذي ذكرته له سابقا ولخشية تكرر الخطأ في النقل كما حصل في مواضع.
اللهم اسلل سخيمة صدورنا واغفر لنا وارحمنا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/160)
ـ[النقّاد]ــــــــ[31 - 08 - 04, 04:19 ص]ـ
الأخ الكريم (محب العلم) وفقه الله ..
هذه تعليقات مختصرة على تعقيبك الأخير ..
أولا: تقول: «وإن سلمنا بأن فعل حاطب إعانة على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهي غير مكفرة، فهل الاعانة على الجيش الذي فيه الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أذى له أم لا؟
إن كانت أذى له، فقد نص أهل العلم ومنهم شيخ الاسلام في الصارم المسلول على أن أذى الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كفر أكبر وإن لم يقارنه اعتقاد.
وإن لم تكن أذى للرسول صلى الله عليه وسلم فما ذا تكون؟».
شيخ الإسلام يقصد بالأذى: السب والاستهزاء والطعن والعيب وما في هذا المعنى مما ينافي التعظيم والإيمان بنبوة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وهو ظاهر من سياقات كلامه ومن موضوع كتابه.
وإلا .. فهل ((كل)) فعل فيه أذى للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يكون فاعله كافرا؟ ويكون فعله منافيا للإيمان به؟
أليس قذف زوجة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في عهده قبل أن ينزل القرآن ببراءتها أذى له؟
هو أذى له , ولا ريب , بنص النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
ومع ذلك فقد وقع هذا القذف من بعض الصحابة , كمسطح وحسان رضي الله عنهما , ولم يكن ذلك منهما كفرا , ومع ذلك استوجبا الحد؛ لقيام موجبه.
بينما فعل نفس فعلهما الظاهر (القذف) بعض المنافقين , فكانوا به من أهل الجحيم.
فما الذي جعل الأول ليس بكفر , والثاني كفرا؟
الجواب: أن الأولين وإن وقع منهم الأذى بالقذف (الفعل الظاهر) فهم لم يقصدوا به عيب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعيب أزواجه؛ لأن هذا القصد (العيب والطعن) لا يصدر إلا من منافق لا يؤمن بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , وهو لم يقع منهما , بينما الفعل الظاهر (القذف) وقع من مسلم , ولذا استوجب العقوبة.
والذي وقع من حاطب رضي الله عنه هو نظير هذا تماما ..
فهو قد أفشى سر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , وخابر أعداءه , وفي ذلك إعانة لهم وأذية له صلى الله عليه وسلم , كما فعل مسطح وحسان رضي الله عنهما من القذف , فاستوجب العقوبة الدنيوية (الحد أو التعزير) على فعله (التجسس) , كما استوجبها مسطح وحسان على فعلهما , لكن منع من هذه العقوبة في حق حاطب رضي الله عنه الحسنةُ العظيمة التي معه وهي شهوده بدرا.
كما قال ابن القيم في «بدائع الفوائد» (1536 – 1537): «وتأمل قوله لعمر وقد استأذنه في قتل حاطب , فقال: وما يدريك أن الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. كيف تجده متضمنا لحكم القاعدة التي اختلف فيها أرباب الجدل والأصوليون , وهي: أن التعليل بالمانع هل يفتقر إلى قيام المقتضي؟ فعلل النبيُّ عصمة دمه بشهوده بدرًا دون الإسلام العام؛ فدل على أن مقتضى قتله كان قد وُجِد وعارضَ سبب العصمة , وهو الجس على رسول الله , لكنْ عارضَ هذا المقتضي مانعٌ منع من تأثيره وهو شهوده بدرًا وقد سبق من الله مغفرته لمن شهدها. وعلى هذا فالحديث حجةٌ لمن رأى قتل الجاسوس؛لأنه ليس ممن شهد بدرًا وإنما امتنع قتل حاطب لشهوده بدرًا».
ولم يكفُر حاطبٌ رضي الله عنه بفعله هذا - مع أنه قد يفعله غيره ويكون به كافرا - لأنه لم يقصد به المعنى الأقبح (كما عبَّر الشافعي) وهو الشك في الإسلام والرغبة في ظهور الكفر.
فتبين أن الإعانة قد تقع من مسلم حال ضعف إيمانه , إذا لم يقصد بها نصرة دين الكفار وظهوره , لكنه مع هذا يكون قد ارتكب إثما وضلالا مبينا , ويستحق عليها العقوبة.
وقد تقع من منافق يريد ظهور دين الكفار وليس للإسلام في قلبه نصيب.
والسبيل للحكم على كل منهما بالكفر (في الدنيا , لإجراء الأحكام) الاستفصال عن القصد , كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع حاطب.
وبهذا يعلم أننا قد نحكم في الظاهر بإسلام أحد المُعِينين؛ لأنه أظهر عدم قصده نصرة دين الكفار , واعتذر بذلك , وقد يكون في الباطن منافقا كذب في هذا الاعتذار.
وإنما نحكم على الظاهر والله يتولى السرائر , كما قال الشافعي.
ثانيا: احتجاجك بأن أي إعانة للكفار على المسلمين تتنافى (تتناقض) مع الإيمان , ولذلك هي كفر , احتجاجٌ بالدعوى نفسها , وهو مصادرة على المطلوب. فما الدليل على هذه المنافاة؟
هل هو الإجماع؟ قد تقدم عدم وجود إجماع معتبر.
دليل نقلي ثابت الصحة والدلالة؟ فأين هو؟
دليل عقلي؟ فأين هو؟
ثالثا: لا أدري لم تصر على إقحام التقليد في كل مقام , بمناسبة وبغير مناسبة؟!
تقول: «فأنت تجتهد في التفريق بين الاعانة على قتل النبي صلى الله عليه وسلم وبين غيرها من صور الاعانة عليه في نفس الوقت الذي تقلد فيه شيخ الاسلام في قوله بأن قتل النبي صلى الله عليه وسلم يتنافى مع الإيمان به».
فهل عندما أقول: إن قتل النبي يتنافى مع الإيمان به , لا بد أن أكون قلته تقليدا لشيخ الإسلام؟! وبالتالي يجب علي أن أقلده في كل ما يقوله , وإلا صرتُ «أترنح» بين الاجتهاد المطلق والتقليد المقيد!
فهل هو قوله وحده؟! أم هو إجماع الأمة ودلائل الكتاب والسنة المتظاهرة.
ثم .. أليس هناك أخذ للقول بدليله , يسميه بعضهم «الاتباع» , وهو مرتبة وسطى بين الاجتهاد والتقليد؟ أم أنه إما مقلد أو مجتهد؟! وإما أخذ جميع أقوال إمامٍ أو اطراحها؟!
رابعا: الحمد لله أنك عرفت الفرق بين تحصيل الإجماع وأقوال العلماء بالفهم وتحصيله بالنقل , وأن العبرة بالثاني.
(تنبيه من محب: هذا الأسلوب العذب والبيان المشرق الذي منحك الله إياهما , كم سيكونان أجمل لو تنزها عن عبارات وألفاظ تتفلت منهما بين الحين والحين , من مثل قولك في تعقيبك الأخير: «تترنح بهذه الطريقة ... » , و «انبطاح علمي ... ») ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/161)
ـ[النقّاد]ــــــــ[31 - 08 - 04, 04:58 ص]ـ
ذكر الأخ الكريم (محب العلم) وفقه الله أنه قد أخطأ في نقل بعض الأقوال .. وذكر منها نقلين:
الأول: في كلام ابن حزم , والثاني للشيخ عبد اللطيف.
وهذا خلق نبيل يرفع منزلة صاحبه.
وينبغي - خشية التبعة على الدين , كما عبَّر الأخ الفاضل - أن يضاف إلى الموضعين السابقين ما نقله الأخ الكريم عن الشافعي في تفريقه بين الإعانة والدلالة. وقد مثَّل لذلك بمسألة ضمان الصيد. وتقدم الكلام عنها.
ـ[النقّاد]ــــــــ[31 - 08 - 04, 10:16 ص]ـ
ومما يدل على أنه ليس كل من وقع منه فعل فيه إيذاء للنبي صلى الله عليه وسلم يكون بذلك كافرا:
قوله تعالى: (يا أيها الذين ءامنوا لاتدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم ... ).
قال شيخ الإسلام في ((الصارم)) (2/ 120):
((فإن المؤذي له هنا إطالتهم الجلوس في المنزل واستئناسهم للحديث , لا أنهم هم آذوا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , والفعلُ إذا آذى النبي من غير أن يعلم صاحبه أنه يؤذيه ولم يقصد صاحبه أذاه فإنه ينهى عنه ويكون معصية , كرفع الصوت فوق صوته , فأما إذا قصد أذاه و كان مما يؤذيه وصاحبه يعلم أنه يؤذيه وأقدم عليه مع استحضاره هذا العلم فهذا الذي يوجب الكفر وحبوط العمل. والله سبحانه أعلم)).
فما فعله حاطب رضي الله عنه هو إيذاء للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بإفشاء سره والتجسس عليه , إلا أن حاطبا لم يقصد حقيقة الأذى المستلزم للطعن والخيانة للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - المنافي للتعظيم والإيمان به , وهذا عمل قلبي لا يطلع عليه البشر , وإنما فعل ما فعل طمعا في متاع دنيوي , مع تعظيمه للنبي وحبه وتصديقه به , فصدَّقه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأخذ بظاهر قوله لا بإخبار الوحي له (وقد أحسن الشافعي في الاحتجاج لهذا) , فكان فعله بذلك معصية لا كفرا.
وهكذا من قذف زوج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الصحابة قبل نزول الآية بالبراءة لم يكونوا يقصدون حقيقة الأذى المستلزم للعيب والطعن , وإن كان فعلهم إيذاء للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وهذا الذي قدمناه لا يتصور في كل صور الأذى , وإنما في الصور التي يحتمل أن يكون الأذى المستلزم للطعن والعيب فيها مقصودا وغير مقصود , وإلا فقتلُ النبي أو سبه - مثلا - لا يمكن أن يقع من أحد يعظِّم من قتله أو سبه لأنه يناقضه ولا يجتمع معه.
فإطلاق القول بأن كل أذى للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كفرٌ لا بد أن يقيَّد بما إذا قصد به صاحبه إلحاق الأذى المستلزم لعيب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهو يعلم أنه أذى , وذلك في الصور التي تحتمل الأمرين.
فهذا تنقيح المناط المتعلق بحكم إيذاء النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
ـ[محب العلم]ــــــــ[31 - 08 - 04, 10:22 ص]ـ
أخي الكريم الشيخ النقاد حفظه الله
تأمل هذه الجملة من كلامك:
" لأن قتله للنبي أو معاونته على قتله تتناقض ولا تجتمع مع الإيمان به وتصديقه ومحبته أبدا ".
ثم تذكر أن الكلام ليس عن قتل النبي صلى الله عليه وسلم وإنما عن الإعانة على قتله.
فإن كان أهل العلم ومنهم شيخ الاسلام رحمه الله قد ذكروا أن قتل النبي صلى الله عليه وسلم يتعارض مع الايمان به ولايجتمع معه، فمن أين جئت بهذا المعنى في الإعانة؟
أما محدثك فلاينازعك في هذا، ولكن ماجوابك عن خصم آخر لو نسخ جملتك السابقة وزاد ماكان بالأحمر:
((فتبين أن الإعانة على قتل النبي صلى الله عليه وسلم قد تقع من مسلم حال ضعف إيمانه إذا لم يقصد بها نصرة دين الكفار وظهوره , لكنه مع هذا يكون قد ارتكب إثما وضلالا مبينا , ويستحق عليها العقوبة.
وقد تقع من منافق يريد ظهور دين الكفار وليس للإسلام في قلبه نصيب.
والسبيل للحكم على كل منهما بالكفر (في الدنيا , لإجراء الأحكام) الاستفصال عن القصد , كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع حاطب.
وبهذا يعلم أننا قد نحكم في الظاهر بإسلام أحد المُعِينين؛ لأنه أظهر عدم قصده نصرة دين الكفار , واعتذر بذلك , وقد يكون في الباطن منافقا كذب في هذا الاعتذار.
وإنما نحكم على الظاهر والله يتولى السرائر , كما قال الشافعي.
ثانياً: احتجاجك بأن أي إعانة للكفار على قتل النبي صلى الله عليه وسلم تتنافى (تتناقض) مع الإيمان , ولذلك هي كفر , احتجاجٌ بالدعوى نفسها , وهو مصادرة على المطلوب. فما الدليل على هذه المنافاة؟
هل هو الإجماع؟ قد تقدم عدم وجود إجماع معتبر.
دليل نقلي ثابت الصحة والدلالة؟ فأين هو؟
دليل عقلي؟ فأين هو؟)) انتهى.
فأنت قلت بأن الإعانة المجردة على قتل النبي صلى الله عليه وسلم كفر أكبر، وخصمك يقول بأنه ليس بكفر أكبر إذا كان لأجل الدنيا ولابد من الاستفصال عن قصده.
فماهو جوابك لنستفيد؟
تنبيه من محب: أرجو الصبر على احمرار الألوان وفلتات شبيه اللسان وتأخري في الرد على الاخوان والصبر على هذه الثلاث عنوان الفضل والاحسان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/162)
ـ[النقّاد]ــــــــ[31 - 08 - 04, 10:50 ص]ـ
الأخ الكريم (محب العلم) وفقه الله ..
وتعليقا على سؤال الأخ الفاضل المقرئ , وجوابك عنه ..
قلتَ سلمك الله: «سب المسلمين بلفظ العموم فيه معنى زائد على سب آحادهم، فمن سب المسلمين بلفظ العموم فلا شك أنه كافر من جملة الكفار وإن زعم أنه أراد بعضهم، وينفعه زعمه في قبول توبته، واما من سب مسلما من المسلمين فهو ليس بكافر عند الجميع لاحتمال قصده لمعنى في المسلم غير الاسلام.
وكما يقال هذا في صور السب السابقة وهي محل إجماع، فهو يقال في الاعانة وهي كذلك محل اجماع».
فما رأيك لو سبَّ مسلمي دولة أو إقليم معيَّن دون باقي الدول والأقاليم؟ هل يكون بذلك كافرا , أم يحتمل أن يكون قصده من السب معنى آخر غير إسلامهم؟
وما دامت الإعانة كالسبِّ عندك ..
فما رأيك لو أعان الكفار على مسلمي دولة أو إقليم معيَّن دون مسلمي باقي الدول والأقاليم؟ هل يكون بذلك كافرا أم يحتمل أن يكون قصده من الإعانة معنى آخر غير إسلام هؤلاء وكفر أولئك؟
ـ[محب العلم]ــــــــ[31 - 08 - 04, 11:17 ص]ـ
أما مسألة أذى النبي صلى الله عليه وسلم فقد أشبعت مناطها تنقيحا، والقول فيه كالقول في غيره من مناطات التكفير التي لها صور تختلف باختلاف عرف الناس وأحوالهم كماهو الحال في السب كماقرره شيخ الاسلام في الصارم، فما كان من هذه الصور ظاهرا في الدلالة على قصد أذيته ففاعله كافر بلا استفصال وماكان منها غير ذلك استفصل فيه عن قصد فاعله.
ولهذا فأهل العلم يكفرون بضرب النبي ونحوها من أنواع الأذى دون استفصال بخلاف غيرها من أنواع الأذى كقذف امرأته قبل نزول براءتها رضي الله عنها لكونه أذى له بالإضافة لا بالاستقلال، وإلا فلو قذف أحدهم النبي صلى الله عليه وسلم لانفردت سالفته كافرا.
وفعل حاطب رضي الله عنه لاينازع أحد في كونه أذى للنبي صلى الله عليه وسلم يحتاج إلى استفصال وإنما سألت عنه إذا كان - كمايقول المخالف - قد قصد الاعانة على النبي صلى الله عليه وسلم، فهل نحتاج إلى استفصال والمخالف يجزم بحصول القصد؟!
فإن قلت بأن قصد الإعانة لايوجب قصد الأذى.
قيل لك فإن كان قد قصد الأذى ولم يفعل فعلا يوجب الأذى فماذا يكون؟
فأنت لاتنازع في كون (قذف النبي صلى الله عليه وسلم) أذى له، فهل هذا الأذى يحتاج إلى استفصال أم لا؟
إن قلت لا، كل من قذف النبي صلى الله عليه وسلم فهو كافر سواء ادعى عدم قصد الأذى أو لم يدعه بل يكفي في ذلك أن يقصد (القذف)
قيل لك، كذلك كل من أعان على النبي صلى الله عليه وسلم فهو كافر سواء ادعى عدم قصد الأذى أو لم يدعه بل يكفي في ذلك أن يقصد (الإعانة).
والحاصل هو أن الإعانة ليست من الأذى الذي يحتاج استفصالا بل يكفي فيها قصد الإعانة، وهذا يقوله المخالف في حاطب فلماذا لم يكفر حاطب؟
فإن قلت فلماذا قذف زوجته يحتاج استفصالا والإعانة عليه لاتحتاج إلى استفصال؟
قيل: إن أذى قذفه صلى الله عليه وسلم مباشرة ليس كأذى قذفه بواسطة فقد يريد القاذف هذه الواسطة لمعنى فيها عنده لا لكونها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم - وهو جزما مراد مسطح وحسان، وظاهر حال المنافقين -
وكذلك الإعانة عليه، فإن المخالف لو قال: إن حاطب قصد إعانة الكفار على (علي بن أبي طالب) مثلا لكان لكان لقياسه على قذف زوجته وجه، فإن أذى أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم أذى له بلا ريب، ومع هذا فهو ليس بكفر بالإجماع حتى يقصد أذى النبي صلى الله عليه وسلم.
أما قصد (الإعانة) على النبي صلى الله عليه وسلم فهو ك قصد (قذفه) في الأذى ولا فرق.
وكما أنه لايقول - أي المخالف - بالاستفصال في قذفه صلى الله عليه وسلم عن قصد الأذى فهو كذلك لايقال في الإعانة عليه.
والمخالف لم يقل إن حاطبا أراد الإعانة على أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم فلا يكون كفرا إلا بعد الاستفصال بل (زعم) ليستقيم له قوله أن حاطبا (قصد) الإعانة على النبي صلى الله عليه وسلم نفسه ولم يكفر؟
ولا يزال أهل هذا الشرط تصيبهم قوارع تناقض قولهم ولا ينتهون!
فالحاصل أن اشتراط المحبة القلبية لتكفير من أعان الكفار لايستقيم إلا بالزعم أن حاطبا قد أعان الكفار على النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الزعم لايستقيم إلا بالزعم أن هذا ليس بأذى للنبي صلى الله عليه وسلم يكفر به حاطب وهذا الزعم لايستقيم إلا بالزعم أن جميع صور الإعانة على النبي صلى الله عليه وسلم ليست بكفر وهذا الزعم لايستقيم إلا بالزعم أن الإعانة على قتل النبي صلى الله عليه وسلم ليست بكفر وهذا الزعم لايلتزمه المخالف.
تنبيه محب: تذكر تنبيه المحب السابق!
ـ[النقّاد]ــــــــ[31 - 08 - 04, 11:34 ص]ـ
الأخ الكريم (محب العلم) وفقه الله ..
جواب السؤال الذي أوردتَه على لسان خصم:
الإعانة على قتل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إيذاء له , وكل أذى للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فهو كفرٌ؛ كما دلت على ذلك النصوص , ولأنه يتنافى مع الإيمان بالنبي وتعظيمه , إلا إذا لم يقصد به صاحبه إلحاق الأذى المستلزم للعيب بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , وذلك في الصور التي تحتمل الأمرين , وفي بعض صور الإعانة ما هو كذلك.
فالإعانة المطلقة كفر , أما مطلق الإعانة فينظر في كل صورة منها ويحكم عليها بما تستحق.
وهكذا .. فموالاة الكفار وتوليهم التولي المطلق كفرٌ , كما دلت على ذلك النصوص , ولأنه يتنافى مع الإيمان بالله ورسوله ودينه وحبه ونصرته والبراءة من الكفر وأهله , أما مطلق الموالاة وأفرادها فينظر في كل صورة منها ويحكم عليها بما تستحق , وقد تكفل حديث حاطب رضي الله عنه ببيان ضابط صورة الإعانة.
(الفقرة الأولى للخصم , والثانية لك أيها الأخ الكريم)!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/163)
ـ[محب العلم]ــــــــ[31 - 08 - 04, 11:54 ص]ـ
أما سؤالك أخي الكريم عن (سب) مسلمي دولة أو إقليم وهل هو كفر؟
فالجواب: إنك لو تأملت ماذكرته لأخي المقرئ جيدا لعلمت أن الإعانة على مسلمين لهم شوكة في بلد كفر أكبر بخلاف إعانة مسلمين على مسلمين، و (سب) مسلمي أي بلد يشاركهم فيه ديانات أخرى مصرحا بوصفهم بالإسلام كفر أكبر
.
فلو قال رجل: مارأيت مثل (المسلمين) الذين في (بلجيكا) أرغب بطونا وأجبن ألسنا وأكذب عند اللقاء، لكان في ظاهر هذا اللفظ كافرا لأنه لايوجد وصف مشترك للمسلمين في بلجيكا إلا الإسلام.
بخلاف مالو قال: أهل (بلجيكا) طويلوا اللسان ضعيفوا الجنان هزيلوا الأبدان، وقد كذب.
أما لو قال مسلم من (شعب عامر) في مكة: المسلمون في (شعب عامر) لايفهمون، فإننا لانكفره هنا لأنه قطعا لايريد بقوله (المسلمون) حقيقته الشرعية وإلا لشمله وصف عدم الفهم وإنما أراد حقيقته العرفية وهي مايرادف قوله (الناس) كماجرت به العادة، وأما إن تبين لنا بقرائن الحال أنه يريد بهذا اللفظ حقيقته الشرعية وأنه الإسلام الذي يرادف الكفر ثم أطلق هذا القول هذا الإطلاق فلاشك في كفره في الظاهر والله يتولى السرائر، لأنه لايوجد وصف مشترك للمسلمين كماسبق إلا الإسلام، ولكن لما أصبح للفظ (المسلمين) حقيقة عرفية احتجنا إلى هذا التفصيل الذي يكفي فيه لمعرفة المراد قرائن الحال سدا للباب على كل مرجئ متلاعب محتال، ومن قرائن الحال وجود ديانات في البلد غير الإسلام.
والله الموفق.
ـ[النقّاد]ــــــــ[31 - 08 - 04, 12:06 م]ـ
الأخ الكريم (محب العلم) وفقه الله ..
يؤسفني أخي الفاضل أن أقول: إنك لم تفهم قولي , ونسبت إلي - توهما منك - ما لم أقله.
تقول: «والحاصل هو أن الإعانة ليست من الأذى الذي يحتاج استفصالا بل يكفي فيها قصد الإعانة، وهذا يقوله المخالف في حاطب فلماذا لم يكفر حاطب؟».
فأين قلتُ هذا؟!!
بل الإعانة والأذى الصادرين من حاطب كلاهما يحتاج إلى استفصال. وبعد أن استُفْصِل حاطبٌ تبين أنه قصد الإعانة غير المكفرة , ولم يقصد حقيقة الأذى المستلزم للطعن والعيب.
فأين في كلامي خلاف هذا؟!!
وقد بنيتَ سائر تعقيبك على هذا الفهم المغلوط الذي دفعتك نشوة الفرح به إلى أن تفلتت منك عبارات احتجتَ إلى الاعتذار عنها!
وعليه , فكل ما بنيته عليه لا محل له من الإعراب.
ـ[محب العلم]ــــــــ[31 - 08 - 04, 12:38 م]ـ
وأما قولك أخي الكريم في جوابك على الخصم:
" الإعانة على قتل النبي إيذاء له , وكل أذى للنبي فهو كفرٌ؛ كما دلت على ذلك النصوص , ولأنه يتنافى مع الإيمان بالنبي وتعظيمه , إلا إذا لم يقصد به صاحبه إلحاق الأذى المستلزم للعيب بالنبي , وذلك في الصور التي تحتمل الأمرين , وفي بعض صور الإعانة ما هو كذلك.
فالإعانة المطلقة كفر , أما مطلق الإعانة فينظر في كل صورة منها ويحكم عليها بما تستحق "
فضعيف هزيل لم تقنع بأقوى منه عند إيرادك الاعتراضات على أخيك! في نقله للتكفير بمطلق الاعانة!
فالاجماع والأدلة ونصوص أهل العلم جاءت بتكفير من قتل النبي صلى الله عليه وسلم، وأنت ألحقت به أول الأمر الإعانة على قتله مطلقا وجعلت حجته الاجماع على كفر القاتل والمعين كان عندك في حكمه ثم غيرت الآن في المسألة أمران:
الأول: التفريق بين صور الإعانة على قتل النبي صلى الله عليه وسلم فمنها ماهو - عندك - ظاهر في الاعانة ومنها ماهو محتمل لها بخلاف الإطلاق السابق الذي كان لايحتمل إلا الكفر الأكبر.
الثاني: مناط التكفير فهو هنا كونه أذى للنبي صلى الله عليه وسلم لا كون ملحقا بحكم قتله.
وسأفضل قرّح أقوالك في الغاية، وأسير معك في هذا التفريق بنفس أطول نسبيا من سابقه.
فإن كانت صور الاعانة على قتل النبي صلى الله عليه وسلم منها ماهو محتمل للأذى ومنها ماهو ظاهر فيه مع كونها جميعا تقود (قطعا) إلى قتله، فكيف تكون (الدلالة) من حاطب رضي الله عنه ظاهرة في كونها إعانة غير محتملة لعدمها مع كونه لم يقد حتى إلى دفع الشر عن أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
فهل نقول (الدلالة المطلقة) إعانة، و (مطلق الدلالة) ينظر في كل صورة منها ويحكم عليها بماتستحق!
وهل عندك على هذه التقاسيم (حجة صحيحة) و (دليل معتبر) كما كنت تطلب من مخالفك؟
وهل تعرف صورة للاعانة على قتل النبي صلى الله عليه وسلم محتملة للأذى وعدمه؟
إن كانت هذه الصورة موجودة فلماذا تنكر على من يقول بأن من صور الدلالة مالايحتمل الإعانة؟
أما مخالفك فيقول (كل) إعانة على قتل النبي صلى الله عليه وسلم فهي أذى له وكفر أكبر بدينه لا لأنها أذى بل لكونها مناطا مستقلا للتكفير.
و (كل) إعانة للكفار على كسر شوكة المسلمين وإعلاء أحكام الكفار فهي كفر أكبر لا لكونها كسرت شوكة المسلمين وأعلت أحكام الكفر بل لكونها مناطا مستقلا للتكفير.
و (كل) فعل محتمل للإعانة على قتل النبي صلى الله عليه وسلم أو أذاه فهي ليست مناطا صالحا للتكفير قبل الاستفصال عن قصد فاعله.
و (كل) فعل محتمل لإعانة الكفار على المسلمين كفعل حاطب فهو ليس مناطا صالحا للتكفير قبل الاستفصال عن قصد فاعله.
وأما جعلك مناط التكفير في الإعانة على قتل النبي صلى الله عليه وسلم هو الأذى (وما ألطفه من أذى!!)، فهل تقول به في قتل النبي صلى الله عليه وسلم؟!
فهل مناط التكفير في قتله صلى الله عليه وسلم هو (القتل) أم (الأذى)؟
أنتظر جواب فضيلتك لأعلق بعده على ماكتبته للأخ الكريم ولكن في وقت لاحق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/164)
ـ[محب العلم]ــــــــ[31 - 08 - 04, 12:47 م]ـ
لا تعجل أخي النقاد فلم أفهم قولك غلطا ولم أبن على الغلط لغطا!
فقول المخالف الذي أعنيه في هذه الجملة:
" والحاصل هو أن الإعانة ليست من الأذى الذي يحتاج استفصالا بل يكفي فيها قصد الإعانة، وهذا يقوله المخالف في حاطب فلماذا لم يكفر حاطب؟ "
هو قوله بأن حاطب (قصد الإعانة) لا كون فعله ليس محتملا للأذى!!
يفسره قولي قبله:
" وفعل حاطب رضي الله عنه لاينازع أحد في كونه أذى للنبي صلى الله عليه وسلم يحتاج إلى استفصال وإنما سألت عنه إذا كان - كمايقول المخالف - قد قصد الاعانة على النبي صلى الله عليه وسلم، فهل نحتاج إلى استفصال والمخالف يجزم بحصول القصد؟! "
فهل أنت تقرأ كلامي كله أم أريح نفسي من الكتابة؟!
على كل أخي الكريم أعتذر عن إكمال التعليق عليك الآن حتى تأخذ نفسا عميقا ثم تقرأ كلامي جميعه وتؤلف بينه لأعود إليك بعد مدة قد لا تتجاوز يوما!
ـ[النقّاد]ــــــــ[31 - 08 - 04, 03:11 م]ـ
الأخ الكريم (محب العلم) وفقه الله ..
صدقني يا أخي أنني أتمنى أن يظهر الحق على يدي أو على يديك , ولذا فإني أحرص على قراءة كلامك كله ليس مرة واحدة , بل مرارًا , لأني أبحث فيه عن الحق إن شاء الله , فلا ترح نفسك من الكتابة , لكن لا تكن الكتابة هي همك الوحيد.
وعندما ذكرتُ لك أنك لم تفهم قولي وأنك نسبتَ إلي ما لم أقله , حين قلتَ: «والحاصل هو أن الإعانة ليست من الأذى الذي يحتاج استفصالا بل يكفي فيها قصد الإعانة، وهذا يقوله المخالف في حاطب فلماذا لم يكفر حاطب؟».
كنتُ أنتظر منك أن تتأمل مرة أخرى وتقرأ كلامي لتأتيني فيه ببرهان ما نسبته إلي , وتنقل عبارتي التي فيها ما زعمته.
لكنك لم تفعل .. بل عدتَ مهاجمًا .. والهجوم خير وسيلة للدفاع!
وقولك هنا: «لا تعجل أخي النقاد فلم أفهم قولك غلطا ولم أبن على الغلط لغطا!
فقول المخالف الذي أعنيه في هذه الجملة:
"والحاصل هو أن الإعانة ليست من الأذى الذي يحتاج استفصالا بل يكفي فيها قصد الإعانة، وهذا يقوله المخالف في حاطب فلماذا لم يكفر حاطب؟ "
هو قوله بأن حاطب (قصد الإعانة) لا كون فعله ليس محتملا للأذى!!».
فهل أنا قلت: إن حاطبا قصد الإعانة المطلقة؟ أو قلت: قصد الإعانة. وسكتُّ ولم أوضح مقصدي بالإعانة التي وقعت منه , حتى تتولى تفسيرها كيف شئت؟!
أم أنني صرحت مرارًا بأن الإعانة التي وقعت منه وقصدها هي الإعانة غير المكفرة بعد الاستفصال منه؟!
وكيف أقول بأنه قصد الإعانة المكفرة و أنا إنما أحتجُّ بفعله على التفريق بين الإعانة المكفرة وغير المكفرة؟!
لكنه لمع في ذهنك تناقضٌ ما بين تقرير أن حاطبا قد قصد الإعانة وأن الأذى الذي وقع منه لم يكن مقصودا منه حقيقته ..
لمع في ذهنك هذا فأحببتَ تسطيره , دون أن تنظر أيستقيم لك إذا تذكرتَ أنني أجعل إعانة حاطب من الإعانة غير المكفرة التي تكون للدنيا!
...............................
أما تعقيبك على جوابي لسؤال الخصم الذي أوردته , ففيه مغالطات:
الأولى: أنك تقول بأنني أولا ألحقت الإعانة بقتل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلحاقا , وأن حجتي كانت الإجماع , وأن المعين كان عندي في حكم القاتل. ثم إنني الآن فرقت بين صور الإعانة , وجعلتُ مناط التكفير هو كون الإعانة على قتل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أذى لا كونها ملحقة بالقتل.
وهذا غريب منك جدًّا أخي.
فإنني عندما قلت أول الأمر بكفر من أعان على قتل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قلت: «لأن قتله للنبي أو معاونته على قتله تتناقض ولا تجتمع مع الإيمان به وتصديقه ومحبته أبدا».
فهذا هو مناط التكفير , والإجماع والنصوص أدلة عليه ..
فهل لو قلت الآن: «الإعانة على قتل النبي إيذاء له , وكل أذى للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فهو كفرٌ؛ كما دلت على ذلك النصوص , ولأنه يتنافى مع الإيمان بالنبي وتعظيمه».
هل في هذا تغيير مني لمناط التكفير؟!
أرجو أن تبينه لي لأني تعبت في البحث عنه. وسيأتي في آخر هذا التعقيب مزيد بيان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/165)
وأما قولك إنني أطلقت كفر المُعِين على قتل النبي أولا , ثم ذكرتُ الآن التفصيل في صور الإعانة. واعتبارك أن هذا تغيير. فهو عجيب منك.
فهل رأيتني حين ذكرت كفر المُعِين على قتل النبي أولا , لم ألحقه ببيان مناط الحكم؟! أم رأيتني ذكرته , وقد نقلتُ لك عبارتي قبل قليل؟!
فإذا جئتُ الآن - وقد توسعنا في الكلام عن المسألة , ولم تكن عارضة كما كانت أول الأمر - وبينتُ أن هناك صورا لا تدخل في ذاك المناط , هل في هذا تغيير؟!
وهل لو لم أبين الآن بعض الصور التي لا تكون كفرا في الإعانة , ألا يمكن لأي أحد أن يفهمها من المناط السابق الذي وضعته للحكم؟! وهل سيكون مخطئا؟!
وهل في التفصيل الذي ذكرته ((مناقضة)) للمناط الذي ذكرته من أول مشاركة؟!
الثانية: تقول: «فإن كانت صور الاعانة على قتل النبي صلى الله عليه وسلم منها ماهو محتمل للأذى ومنها ماهو ظاهر فيه مع كونها جميعا تقود (قطعا) إلى قتله، فكيف تكون (الدلالة) من حاطب رضي الله عنه ظاهرة في كونها إعانة غير محتملة لعدمها مع كونه لم يقد حتى إلى دفع الشر عن أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!».
ثم تقول: «وهل تعرف صورة للاعانة على قتل النبي صلى الله عليه وسلم محتملة للأذى وعدمه؟»
اعلم يا أخي أن ما فعله حاطب رضي الله عنه , فيه أمران:
1 - إعانته للكفار على المسلمين. ومناط الكفر في هذا الفعل هو أن يقع بقصد نصرة دين الكفار.
2 - إعانته على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إعانة قد تؤدي إلى قتله , وذلك بتجسسه عليه لأعدائه. ومناط الكفر في هذا الفعل هو أن تقع بقصد إلحاق الأذى بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - المستلزم لعدم الإيمان به.
فالأمر الأول صورة للإعانة غير المكفرة , لأن حاطبا قصد الدنيا , لا نصرة دين الكفار.
والأمر الثاني صورة للإعانة على قتل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلحاقُ الأذى به فيها بالقتل - المستلزم لعدم الإيمان به وتعظيمه ومحبته - محتملٌ , وذلك لأن ترتب لحوقه فيها ضعيفٌ في العادة , فيمكن ويتصور أن يكون المُعِين لم يقصده.
وليست كل صور الإعانة على القتل في مرتبة واحدة في احتمال الأذى المستلزم لعدم الإيمان بالنبي وتعظيمه. هذا أمر لا ينكره أحد. فمنها ما هو صريح ظاهر , ومنها ما هو محتمل. وفعل حاطب كان من الثاني.
وأما سؤالك الظريف: «وهل تعرف صورة للاعانة على قتل النبي صلى الله عليه وسلم محتملة للأذى وعدمه؟
إن كانت هذه الصورة موجودة فلماذا تنكر على من يقول بأن من صور الدلالة مالايحتمل الإعانة؟».
فأقول: أنكر عليه , لأن الدلالة هي إعانة , ولو لم يكن فيها إعانة لم تكن دلالة إلا على معنى مجازي لا يريده أحد (كمن يدلُّ الكفار وهو منوَّمٌ مغناطيسيًّا! , أو يدلُّهم بمعلومات كاذبة , ونحو ذلك) , سواء كان الضرر من ورائها قليلا أو كثيرا , ولا يمكن إخراجها من هذا المسمى لا بلغة ولا بعرف , والحكم عليها يكون بتحقيق المناط في حكم الإعانة التي هي (أي الدلالة) فرد من أفرادها.
كما أن كل إعانة على القتل فهي إعانة لغة وعرفا , لكن الحكم على كل إعانة يرجع إلى تحقيق المناط فيها.
وأما قولك: «وأما جعلك مناط التكفير في الإعانة على قتل النبي صلى الله عليه وسلم هو الأذى (وما ألطفه من أذى!!)، فهل تقول به في قتل النبي صلى الله عليه وسلم؟!».
فمناط كفر قاتل النبي هو منافاته ومناقضته للإيمان بالنبي وتعظيمه ومحبته.
وإذا قال قائل: إن مناط كفر من قذف النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هو أن ذلك إيذاء له , وذلك مناف لتعظيمه والإيمان به , هل يكون بينهما اختلاف مؤثر؟
فالمناط الحقيقي هو منافاة تلك الأفعال للإيمان بالنبي وتعظيمه ومحبته ...
والأذى إنما صلح أن يكون مناطا للتكفير لأنه يدل على المناط الأصلي , وتندرج تحته صور كثيرة.
فإذا جعلتُ مناط الإعانة على قتله هو أن ذلك أذى يلزم منه عدم الإيمان والتعظيم , لم أكن في الحقيقة قد جئت بمناط جديد غير منافاة الفعل للإيمان والتعظيم.
فلو قلتُ: إن مناط الإعانة على القتل هو منافاته للإيمان والتعظيم كان صوابا. وإنما جاء وصف الأذى لتقريب وجه المنافاة , فهي صفة كاشفة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/166)
وأصل لفظ الأذى قد جاء في القرآن , واستدل به الأئمة على كفر ساب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , في قوله تعالى: «إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة ... ).
(ولئن اعتذرتَ أخي الحبيب عن إكمال التعليق الآن , فإني أوشك أن أترك التعليق في هذا الموضوع بسبب مغالطاتك الأخيرة في فهم كلامي).
ـ[المقرئ]ــــــــ[31 - 08 - 04, 04:28 م]ـ
شيخنا محب العلم (1/ 5):
حاولت أن أخفي عيبتي في عدم حل هذا الإشكال فما استطعت وأنا في واد وآخرة نقاشاتكم في واد آخر، هلا أنقذت محبا من ظلمات الجهل وغياهب الهوى فقد شم ضالته عندك:
ابن حزم عبارته ليست محل إشكال عند أهل العلم فالمظاهرة على ظاهرها فاعلها كافر من جملة الكفار
أعتقد أن النقاد لا يختلف معنا في هذا
ومحل إغلاقي وإشكالي هو أنكم تتكلمون عن الإعانة لا المظاهرة وليست اللفظة في محل الشاهد من كلام ابن حزم عند نقله للإجماع ألبتة وإنما هي في المظاهرة
فإن قلتم إن اللفظة بمدلولها اللغوي من المترادفات قلنا ليس هذا محل إجماع
فالآية " أولياء" مفردها ولي وهل هو المحب أو الناصر أو القريب أو كلها جميعا ولهذا قال الراغب: يستعار ذلك للقرب من حيث المكان ومن حيث النسبة ومن حيث الدين ومن حيث الصداقة والنصرة والاعتقاد.
فأي مفردة اخترتها فللمخالف أن يرميك بالتحكم كما رميته أنت عندما فسرها بالاعتقاد فقط وترجع المسألة إلى الخلاف ولا يكون إجماع في مسألة الإعانة
وإن اخترتها كلها استطاع المخالف أن يناقضك ببعض الصور التي قلت قبل قليل بأنها ليست مكفرة مع أنه فيها مطلق الإعانة، أو بعض الصور التي فيها محبة وثبت الإجماع أنها لا تكفر، أو بعض صور المودة التي لا تكفر
وعليه فالإجماع المنقول عن ابن حزم ليس فيه دليل على التكفير بمطلق الإعانة أبدا
ولم يتكلم ابن حزم عن هذه المسألة بعينها في هذا الإجماع وهي من عاون الكافر على المسلمين وإنما فيه الكلام عن المظاهرة وهي نص القرآن فالاستدلال بالآية استدلال في مورد النزاع
فنحن لم نخالف الإجماع وإنما خالفنا تنزيله في هذه المسألة
وإن كان دليلكم " هو تفسير أهل العلم للمظاهرة بأنها النصرة فقط على العموم فللمخالف أيضا أن يأتي بأقوال المفسرين المتقدمين قبل ابن حزم من أهل السنة خصوها فقط الولاية في الدين والاعتقاد فلا يكون فيها إجماع
وبمثله إجماع العلماء بنقض الطهارة عند غياب العقل فهل يحق لأحد أن يزعم أن النوم ناقض للوضوء بإجماع أهل العلم استنادا إلى الإجماع؟
لم يوافق والخلاف محفوظ ومزبور = لأن المناط هو غياب العقل فهل في النوم غياب عقل؟ هذا هو محز المسألة فليس النقاش عن إجماعهم في غياب العقل هل هو ناقض أم لا بل النقاش في تنزيل الإجماع على مسألة النوم
وكذلك مسألة قتل المسلم بالمسلم هي محل إجماع لكن لو أعان مسلما على قتل مسلم فهل يقتل به لا يمكن لأحد أن يستدل لرأيه بالقتل بالإجماع المنقول في قتل المسلم ولهذا وجد الخلاف في قتل المعين بين أهل العلم
كذلك مظاهرة الكافرين كفر أكبر ولكن هل المعاونة مع البغض لهم ولدينهم تكون مظاهرة بالإجماع استنادا إلى الإجماع في كفر المظاهر هذا هو محل إغلاقي
ولهذا أريد أن تستظل قليلا بنص ابن حزم وترى كيف تكشف إغلاقي حول هذه القضية
محبك: المقرئ
ـ[المقرئ]ــــــــ[31 - 08 - 04, 11:02 م]ـ
(تنبيه)
جاءتني رسالة من أحد الشيوخ يقول فيها " أكثرت من لفظ المظاهرة هلا جعلت لفظك " الموالاة ""
أقول صدق والله فأرجو ممن يقرأ النص أن يجعل بدل المظاهرة " الموالاة " حتى نوافق لفظ الآية
مع دعائي لمن أسر فؤادي
المقرئ
ـ[محب العلم]ــــــــ[01 - 09 - 04, 08:10 ص]ـ
أخي المفضال أبو أسامة النقاد سلّمه الله
تقسيمك للإعانة إلى مكفرة وغير مكفرة هي محل النزاع أخي الكريم والاستدلال بمحل النزاع خروج عن المقصود.
فأصل الاعتراض مبني على أن مطلق الإعانة على النبي صلى الله عليه وسلم أذى ظاهر لايحتاج إلى استفصال، و أنت تقر أن مطلق الاعانةقد وقعت من حاطب رضي الله عنه.
فكنت أنتظر منك أن تصرح بأن مطلق الاعانة ليست بأذى ظاهر لايحتاج إلى استفصال ليسير البحث كما أريد، وأنت تركت هذا وظننت أمرا آخر.
===================
أخي الشيخ النقاد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/167)
يؤسفني حقا أن أراك في تعقيبك الأخير والذي قبله قد قذفت بمخزونك الانتاجي من التقسيمات دفعة واحدة، وخلطت فيه بين " العلة " و " الحكمة " والنعمة والنقمة! والقتل ومنافاته للايمان.
ولا أدري أخي الفاضل هل أنت جاد في كون " منافاة هذه الأفعال لتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم" هي علة التكفير أم لا؟
وهل تعلق أحكام التكفير بهذه العلة التي تتراكض فيها الأفهام وتزل فيها الأقدام؟
ألا ترى أخي الكريم أن (قتل) النبي صلى الله عليه وسلم هو علة تكفير من قتل.
وأن (الإعانة) على قتله هي علة تكفير من أعان على القتل.
وأن (السفر) هو علة حكم القصر
وأن (المشقة) هي سبب هذا الحكم
وأن الحكم لايعلق بسببه إذا كان خفيا أو غير منضبط
وأن أهل العلم قد أجمعوا على أن من قتل أو شارك في القتل أو القتال فقد كفر.
أيحتاج الوصول إلى هذه النتيجة إلى كل هذا السفر،ثم لا يحق لي بعدها الجمع في تعقيبي عليك والقصر.
كنت أريد أخي الفاضل أن أصل معك إلى أن الاعانة على قتل النبي صلى الله عليه وسلم كفر أكبر لأقول لك: إنك قد استثنيت صورة من صور الاعانة فكفّرت بها بغير اشتراط المحبة القلبية فماموجب هذا الاستثناء؟
فقلت أولا إن قتل النبي صلى الله عليه وسلم و الاعانة على قتله كفر أكبر لأنه يتنافى مع محبته وتعظيمه، فاعترضت عليك بأن مناط التفريق هذا موجود في كل صور إعانة الكفار على المسلمين ونقلت لك هذا عن شيخ الاسلام الذي نقلت أنت عنه أن قتل النبي صلى الله عليه وسلم يتعارض مع محبته والايمان به، فعدت وقلت بأن الإعانة على قتل النبي صلى الله عليه وسلم ليست بكفر أكبر - وهذا حاصل قولك وإن أبيت - وإنما الكفر الأكبر هو أذى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحصل ببعض صور الاعانة لا كلها!
وأدخلتنا في مصطلح خاص بك سميته (مطلق الاعانة) و (الاعانة المطلقة)! وفرقت بين المصطلحين في الحكم بالتكفير.
وإنما قلت بأن هذا مصطلح خاص بك لأنك تريد به معنى لم يرده أحد من العالمين!
فأنت لاتقصد بالاعانة المطلقة =اجتماع كل صور الاعانة كما هو مفهوم تقسيمك، وإنما تقصد ب (الاعانة المطلقة) أيُّ صورة من صور الاعانة اجتمعت معها المحبة القلبية لدين الكفار! وهذا جديد في الاصطلاح واللغة!
وإن لم يكن هذا هو ظاهر مرادك بالاعانة المطلقة فأنا أشهد على نفسي بعدم الفهم وسوء الحكم!
فماذنب خصمك - وفقك الله - إذا كنت تطلق الوصف في الظاهر وتقيده في الباطن! وهذه الطريقة - فيما ظهر لي - ليست خاصة عندك بحال المخاطبة فقط، بل هي عامة للمخاطبة والفهم! فأنت أنت من فسر إطلاق ابن حزم للفظ التولي بمعنى خاص عنده في جوفه لم يستخرجه إلا أبو أسامة!
وقولك أخي الكريم:
" فإنني عندما قلت أول الأمر بكفر من أعان على قتل النبي قلت: «لأن قتله للنبي أو معاونته على قتله تتناقض ولا تجتمع مع الإيمان به وتصديقه ومحبته أبدا».
فهذا هو مناط التكفير , والإجماع والنصوص أدلة عليه ..
فهل لو قلت الآن: «الإعانة على قتل النبي إيذاء له , وكل أذى للنبي فهو كفرٌ؛ كما دلت على ذلك النصوص , ولأنه يتنافى مع الإيمان بالنبي وتعظيمه».
هل في هذا تغيير مني لمناط التكفير؟!
أرجو أن تبينه لي لأني تعبت في البحث عنه. وسيأتي في آخر هذا التعقيب مزيد بيان."
دليل على أنك محتاج إلى شرح قولك نفسه لك فضلا عن لوازمه وإلا لما أتعبك البحث عنه!
ألست أخي قلت أول الأمر «لأن قتله للنبي أو معاونته على قتله تتناقض ولا تجتمع مع الإيمان به وتصديقه ومحبته أبدا».
وهذا يعني أن القتل والإعانة على القتل كفر أكبر عندك فهما (علة) للكفر و (سبب) كونهما كفرا هو أنهما لايجتمعان مع الايمان به وتصديقه.
ثم قلت: " الإعانة على قتل النبي إيذاء له , وكل أذى للنبي فهو كفرٌ؛ كما دلت على ذلك النصوص , ولأنه يتنافى مع الإيمان بالنبي وتعظيمه "
وهذا يعني - جزما - أن (علة) الحكم قد تغيرت فأصبحت الإيذاء! مع أنك قلت قبل جملتك هذه:
" لكن هناك صورة من إعانة الكفار على النبي تعتبر كفرا , لا لأنها إعانة مجردة , ولكن لمناط آخر , لا يوجد في غيره , وهي إذا كانت هذه الإعانة ستؤدي إلى قتل النبي نفسِه , والمُعِين يعلم ذلك , ثم عاون الكفار على قتله أو ترك نصرته من القتل وهو قادر , فهو كافر"
ففي جملتك هذه جعلت هناك صورة من الاعانة كفرا، ثم نقضت في الجملة بعدها هذا المعنى فجعلت المناط هو (القتل) فصارت الاعانة هنا كفرا لأنها قتل، فرجعت إلى أن (القتل) هو مناط التكفير، ولهذا فإني سألتك عن (علة) التكفير بالقتل ماهي؟
هل هي (القتل) أم (الأذى) أيضا، فلم أجد جوابا!
هذا كل مافي الأمر! فلا تترك أخي التعليق بسبب مغالطاتي.
ـ[محب العلم]ــــــــ[01 - 09 - 04, 08:24 ص]ـ
أخي الشيخ المقرئ وفقه الله
بعيدا عن مافي مقدمتك من إشكالات تتعلق بغلطك في ظنك الذي ظننته بأخيك، إلا أنني سأعيد لك صياغة سؤالك أولا لتصحح لي مرادك ثم أستسمحك عذرا في انتظار (مذاكرتي لك في هذه المسألة) بعض الوقت لأرجع فيه إلى الجواب بذهن حاضر.
أنت تقول أخي الفاضل بأن ابن حزم نقل الاجماع على أن (التولي) كفر، والحديث هنا إنما هو عن الاعانة، فلو سلمنا بأن الاعانة كفر فليس هناك إجماع على أن الإعانة تولي!
هذا حاصل إيرادك كما أفهمه، وهو - إن كان هو المراد - منقدح في الذهن أثناء إيراد كلام ابن حزم رحمه الله، وكنت أنتظر هذا الايراد من أخي النقاد حفظه الله ولكنه تجاوزه تجاوزا ظننت معه أنه لاينازع فيه فتركته.
فإن كان هذا هو المراد فأجب بالايجاب، لعل في المباحثة فيه معك فائدة لأخيك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/168)
ـ[النقّاد]ــــــــ[01 - 09 - 04, 11:44 ص]ـ
الأخ الحبيب (محب العلم) وفقه الله ..
ما أرى أخي بعد هذا إلا الجدل والمراء .. ولا أحبهما لي ولك ..
فسبحانك اللهم وبحمدك.
والحمد لله رب العالمين ..
ـ[المقرئ]ــــــــ[01 - 09 - 04, 02:24 م]ـ
شيخنا محب العلم: جزاك الله خيرا ونفع بك وكثر الله من أمثالك
توضيحا لإشكالي هو:
ابن حزم نقل الإجماع على الكفر باتخاذ الكفار أولياء، ونحن نتكلم عن مطلق الإعانة فما هو مستند الإجماع في الإعانة من كلام ابن حزم " هذا إشكالي نفعنا الله بعلومك، وقد فرحت كثيرا لما طلبت بعض الوقت لأخذ الراحة والرجوع إلى الموضوع براحة بال وخلو أشغال " فما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه "
المقرئ
ـ[النقّاد]ــــــــ[01 - 09 - 04, 02:35 م]ـ
وهذه فائدة لطيفة تصلح لهذه المسألة ..
فإن حديث حاطب رضي الله عنه دل على الفرق بين الإعانة المكفِّرة , وهي التي تكون شكًّا في الإسلام ورغبة عنه , وحبًّا في ظهور الكفر , وبين الإعانة التي تكون فسقًا وضلالا مبينا ولا تصل إلى الكفر , وهي التي تكون طلبا للدنيا , مع اطمئنان القلب بالإيمان.
فتخلص بعض أهل العلم من العمل بما دل عليه هذا الحديث , إما بدعوى أنه مشكل مشتبه لا بد من رده إلى المحكمات , أو بالتحكم المحض , كالتفريق بين الدلالة والإعانة تفريقًا لا تدل عليه لغة ولا عرفٌ شرعي , أو بدعوى خصوصه , أو أنه واقعة عين , ونحو ذلك من الأعذار.
وما حملهم على هذا إلا ظنهم أن الأخذ بظاهره يخالف الإجماع الذي نقله بعض أهل العلم , مع أن ذاك الإجماع لا تنطبق فيه شروط الإجماع المعتبر , بل هم لا يستطيعون نقله نصًّا عن إمام واحد متقدم , فضلا عن جماعة من أهل العلم!
فإن طالبونا بنقل الخلاف نصًّا طالبناهم بنقل قولهم نصًّا عن أهل العلم السابقين , ولن يستطيعوا.
ونبقى نحن متمسكين بالدليل المفصل المبين , وتبقى في أيديهم عمومات النصوص التي بينها الدليل المفصَّل.
وإليكم هذا النص الممتع للإمام المحقق ابن قيم الجوزية في «الصواعق المرسلة» (578 - 583) , قال رحمه الله تعالى - وهو يتحدث عن أسباب ترك بعض أهل العلم العمل ببعض الأحاديث -: «وقد يترك الحديث لظنه انعقاد الإجماع على خلافه , إذ لم يبلغه الخلاف , ويكون إنما معه عدم العلم بالمخالف , لا العلم بوجود المخالف.
وهذا العذر لم يكن أحد من الأئمة والسلف يصير إليه , وإنما لهج به المتأخرون , وقد أنكره أشد الإنكار الشافعي والإمام أحمد , وقال الشافعي: مالا يعلم فيه خلاف لا يقال له: إجماع. هذا لفظه.
وأما الإمام أحمد فقال: من ادعى الإجماع فقد كذب , وما يدريه لعل الناس اختلفوا.
وقد كتبت نصوصه ونصوص الشافعي في غير هذا الموضع.
ولا خلاف بين الأئمة أنه إذا صح الحديث عن رسول الله لم يكن عدم العلم بالقائل به مسوغًا لمخالفته , فإنه دليل موجب للاتباع , وعدم العلم بالمخالف لا يصلح أن يكون معارضًا , فلا يجوز ترك الدليل له. وإذا تأملت هذا الموضع وجدت كثيرا من أعيان العلماء قد صاروا إلى أقوالٍ متمسكُهم فيها عدم العلم بالمخالف , مع قيام الأدلة الظاهرة على خلاف تلك الأقوال وعذرهم رضي الله عنهم أنهم لم يكن لأحد منهم أن يبتدئ قولا لم يعلم به قائلا مع علمه بأن الناس قد قالوا خلافه فيتركب من هذا العلم وعدم ذلك العلم الإمساك عن اتباع ذلك الدليل.
وها هنا انقسم العلماء ثلاثة أقسام:
فقسم أخذوا بما بلغهم من أقوال أهل العلم , وقالوا: لا يجوز لنا أن نخالفهم ونقول قولا لم نسبق إليه. وهؤلاء معذورون قبل وصول الخلاف إليهم , فأما من وصل إليه الخلاف وعلم بذلك القول قائلا فما أدري ما عذره عند الله في مخالفته صريح الدليل.
وقسم توقفوا وعلقوا القول , فقالوا: إن كان في المسألة إجماع فهو أحق ما اتبع , وإلا فالقول فيها كيت وكيت , وهو موجب الدليل. ولو علم هؤلاء قائلا به لصرحوا بموافقته. فإذا علم به قائل فالذي ينبغي ولا يجوز غيره أن يضاف ذلك القول إليهم؛ لأنهم إنما تركوه لظنهم أنه لا قائل به , وأنه لو كان به قائل لصاروا إليه , فإذا ظهر به قائل لم يجز أن يضاف إليهم غيره إلا على الوجه المذكور. وهذه الطريقة أسلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/169)
وقسم ثالث اتبعوا موجب الدليل وصاروا إليه ولم يقدموا عليه قول من ليس قوله حجة , ثم انقسم هؤلاء قسمين:
فطائفة علمت أنه يستحيل أن تجمع الأمة على خلاف هذا الدليل , وعلمت أنه لا بد أن يكون في الأمة من قال بموجبه وإن لم يبلغهم قوله , فما كل ما قاله كل واحد من أهل العلم وصل إلى كل واحد من المجتهدين , وهذا لا يدعيه عاقل , ولا يدعي في أحد. وقد نص الشافعي على مثل ذلك , فذكر البيهقي عنه في المدخل أنه قال له بعض من ناظره: فهل تجد لرسول الله سنة ثابتة متصلة خالفها الكل؟ قلت: لا لم أجدها قط كما وجدت المرسل.
وطائفة قالت: يجوز أن لا يتقدم به قائل , ولكن لا يلزم انعقاد الإجماع على خلافه , إذ لعل تلك النازلة تكون قد نزلت فأفتى فيها بعض العلماء أو كثير منهم أو أكثرهم بذلك القول ولم يستفت فيها الباقون ولم تبلغهم , فحفظ فيها قول طائفة من أهل العلم ولم يحفظ لغيرهم فيها قول , والذين حفظ قولهم فيها ليسوا كل الأمة فيحرم مخالفتهم.
قالوا: فنحن في مخالفتنا لمن ليس قوله حجة أعذر منكم في مخالفتكم لمن قوله حجة , فإن كنتم معذورين في مخالفة الدليل لقول من بلغتكم أقوالهم مع أنهم ليسوا كل الأمة فنحن في مخالفتهم لقيام الدليل أعذر عند الله ورسوله منكم. وهذا كما تراه لا يمكن دفعه إلا بمكابرة أو إجماع متيقن معلوم لا شك فيه. وبالله التوفيق».
وقال في (618 - 619): «الوجه الحادي عشر: أنا لو لم نعلم النزاع في هذه المسألة لم يكن لنا علمٌ بالإجماع المعلوم الذي تكون مخالفته كفرا أو فسقا عليها , بل ولا ظنٌّ به؛ فإنا قد رأينا أكثر هؤلاء الذين يحكون الإجماع إنما يحكونه على حسب اطلاعهم , ومعناه عدم العلم بالمخالف , وقد رأيتَ مِنْ نقضِ إجماعاتهم التي حكوها ما هو قليل من كثير , فغاية هذه الإجماعات أن تفيدنا عدم علم ناقلها بالخلاف , وهذا بمجرده لا يكون عذرا للمجتهد في ترك موجب الدليل , والله أعلم».
هذا وابن القيم رحمه الله يتحدث عن تلك الإجماعات السكوتية التي يُنقل فيها القول عن بعض أهل العلم ولا يعلم قائل الإجماع لهم مخالفًا ..
فكيف لو رأى إجماعًا (زعموا) لا يستطيع أصحابه نقل القول بما تضمنه نصًّا عن إمام واحد من أئمة العلم والدين السابقين؟!!
ثم يطالبوننا بأن ننقل نحن الخلاف نصًّا!! ولا يرضيهم أن ننقل القول بخلاف ما تضمنه إجماعهم عن أحد الأئمة , بل لا بد أن ننقل التصريح بنقل الخلاف!!
.
ـ[المقرئ]ــــــــ[01 - 09 - 04, 03:43 م]ـ
(2/ 5)
(تأملا ت)
نصوص القرآن والسنة تحتاج في عموماتها إلى أولي العلم للنظر في مدلولاتها وإلا فإن التمسك بظواهرها أخاذ ولو كان الأمر كذلك لاستوى كثير من أنصاف المتعلمين مع أولي العلم الكبار
أرأيت قول الله تعالى " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " هل أجمع على ظاهرها
أرأيت قول الرسول صلى الله عليه وسلم " من تشبه بقوم فهو منهم " و " من غشنا فليس منا " هل أجمع على ظاهرهما
هذه النصوص لم يكتف العلماء بتفسيرها من لفظها فقط ولو فعلوا لكفروا –بتشديد الفاء- ولكن من خلال قراءة النصوص والتأليف بينها وبين النصوص الأخرى استطاعوا أن يصلوا إلى المعنى الصحيح منها
وهذا هو محض الإيمان بالمتشابه وهو ابتلاء من الله جل وعلا لعباده فكم من عام في النصوص له دلالاته اللغوية تجد أن الشارع قصره على معناه الشرعي فقط ولا يخفاك أنه ما من معنى لغوي إلا وهو أعم من المعنى الشرعي – وإن نقل خلاف في بعض –
كذلك الموالاة لو تأملت صورا كثيرة لوجدت ظاهرها من معاني الموالاة ومع ذلك الإجماع منعقد على عدم كفره، وصورا كثيرة الخلاف قائم في كفره
مما يدل على أن النص يحتاج إلى تنقيح وتحقيق للمناط فماهو مناط الكفر المستند إلى إجماع ابن حزم أكرر المستند إلى إجماع ابن حزم
لست ممن يصادر القول بالتكفير أو يصادر فهم غيره للنص كلا ولا أدعو إلى هذا بل القول موجود ولكن الكلام فقط هو التأكد من تحقق الإجماع في هذه المسألة " من عاون الكافر على المسلم بمطلق الإعانة لهوى مع بغضه لدينهم وكراهيته للكفار فإنه يكفر استنادا إلى الإجماع الذي نقله ابن حزم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/170)
أرأيت قول الله تعالى " لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ... " الآية
لا يخفى ظاهرها ما فيه والسؤال الكبير ألم يفصل المحققون في ضابط المودة الكفري مع العموم الذي تراه في الآية
هذه المسألة أحببت أن ألفت الأنظار إليها داعيا إلى التأمل الطويل في نصوص الشارع ونصوص أهل العلم
المقرئ
ـ[محب العلم]ــــــــ[02 - 09 - 04, 02:33 ص]ـ
أخي الشيخ المقرئ وفقه الله
كتبت هذا التعليق قبل أن أقرأ تأملاتك وكلام أخي النقاد وسأعقب على كلامك الأخير - إن تيسر - بعد الجواب عن إشكالك.
====================================
الجواب عن إيرادك مبني على مقدمتين:
الأولى: إثبات أن مطلق الاعانة صورة من صور التولي بالاجماع.
الثاني: إثبات أن التولي بجميع صوره كفر بالاجماع.
ليستقيم بعد ذلك القول بأن مطلق اعانة الكفار على المسلمين كفر بالاجماع، ويبقى النظر بعد ذلك في تحقيق مناط الاعانة في الفعل ليحكم على فاعله بموجبه مما هو من وظيفة الخواص.
فأما المقدمة الأولى فلا نحتاج فيها إلا للنظر في تفسير أهل اللغة لمعنى: " التولي " لأن الأصل في اللفظ الذي لم تنقله الشريعة عن حقيقته اللغوية أنه باق عليها، ومن ادعى أن اللفظ له حقيقة شرعية غير الحقيقة اللغوية فعليه الدليل، فإن رأينا أهل اللغة قد أجمعوا على أن (الاعانة) صورة من أظهر صور التولي يمكن تفسيره بها بلانكير، وتفسير اللفظ المحتمل لصور كثيرة بصورة من صوره دليل على ان هذه الصورة مجمع على دخولها فيه وهو مستفيض – أي هذا التفسير- في كتب اللغة، فهذا كاف في إثبات دخول الإعانة في التولي وأن كل معنى نريد إثباته في التولي فهو متحقق في أظهر صوره.
فإذا نظرت في كتب اللغة فإنك تجدهم يفسرون التولي بأنه الاعانة كماسبق نقل هذا المعنى عنهم، ولاتجد منهم منكرا لهذا، ولو أن واحدا منهم أطلق هذا وانتشر قوله وسكت عنه الباقون لكان إجماعا سكوتيا! فكيف إذا لم تجد أحدا منهم يذكر التولي إلا ويفسره بصور أولها الاعانة.
ولن أدخل في اطلاقات التولي في الشرع فإنه قد يطلق ويراد به الموالاة العامة، وإنما البحث هو في أصل اللفظ لا في جميع إطلاقاته.
فمن ألحق صورة ظاهرة من صور الفعل في حكمه فإنه غير محتاج لنقل الاجماع على هذه الصورة مادام أن الفعل الذي تدخل فيه مجمع على حكمه.
وتامل أخي المقرئ لتوضيح هذا في المثال التالي:
(سب المسلم لأخيه المسلم معصية بالاجماع)
وهذا الفعل وهو السب له صور كثيرة جدا منها ماهو ظاهر في الدخول فيه ومنها مايحتاج إلى سؤال عن قصد الساب.
فإن قال رجل لآخر: أنت أحمق.
فلغيره أن يقول له أنت فعلت معصية بالاجماع.
فإن قال الرجل ماهي؟ فله أن يقول: سب أخيك المسلم.
فإن ادعى الرجل أنه لم يرد السب لم يقبل قوله وصح الاحتجاج عليه بحكم (سب المسلم) وأنه مجمع عليه، وليس له أن يطلب دليلا على أن قوله لأخيه (يا أحمق) معصية، ولا أن يزعم أن الاجماع إنما هو في السب لا في قوله: يا أحمق.
فعلى هذا لو قال رجل: قول الرجل لأخيه: ياأحمق معصية بالاجماع، لكان قوله مستقيما لا لبس فيه، ولا يلزمه أن يأتي بنقل عن عالم أن هذا اللفظ سب بالاجماع لأن هذا اللفظ ليس خارجا عن حقيقة السب وإنما هو داخل فيه.
فإن تجاوزت اهل اللغة وجدت أهل التفسير قد استفاض عندهم تفسير هذا اللفظ بالنصرة والاعانة ولم يعلم عن واحد منهم إنكار هذا التفسير وإخراج أي صورة من صور الاعانة منه.
فإن تجاوزت أهل اللغة والتفسير وبعضهم من بعض ونظرت في تفسير التولي في هذه الآية بالآيات نفسها وجدت أن الله تعالى ذكر صورة من صور هذا التولي بعد هذه الآية مباشرة وهي قوله تعالى: (فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة) الآية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/171)
وأهل التفسير متفقون على أن سبب نزول هذه الآية - كماقاله شيخ الاسلام رحمه الله – هو أن بعض المنافقين سارع في إعانة اليهود وتوليهم خوفا من الدوائر فكان هذا موجبا للزوم الذم لهم في هذه الآيات، مع كون بعض أهل التفسير قد فسر المسارعة هنا بغير الاعانة مما هو راجع إلى الاعانة غير متناقض معها ومع هذا فإن شيخ الاسلام قد نقل هذا الاتفاق ولم ينظر إلى خلاف التنوع هذا لكمال رسوخه في علم تفسير القرآن ومعرفته بمعانيه وأسباب نزوله، والغفلة عن سبب النزول تؤدي إلى الخروج عن مقصود الآيات كماقرره الشاطبي في الموافقات وقال:
" الجهل بأسباب التنزيل موقع في الشبه والاشكالات ومورد للنصوص الظاهرة مورد الاجمال حتى يقع الاختلاف، وذلك مظنة وقوع النزاع " انتهى.
ولن تجد طريقا لإثبات الاجماع على أن مطلق الاعانة داخلة في حقيقة التولي أبلغ من هذه الطريق.
ولهذا فإن المخالف في هذه المسألة – كالشيخ النقاد – لم يتعرض لهذا الايراد، وإنما جعل التولي على قسمين: مكفر وغير مكفر.
وجعل التولي المكفر هو مااشتمل على محبة دين الكفار بخلاف مطلق التولي عنده.
ولهذا احتاج إلى تفسير كلام ابن حزم رحمه الله للتولي في هذه الآية بمايوافق تقسيمه هذا، وجعل ابن حزم غير مريد لمطلق التولي كماهو ظاهر لفظه بل هو مريد – عنده – لمعنى خاص للتولي في هذه الآية استخرجه من (مجموع كلامه) ثم هو – أي النقاد – لايوافقه على هذا المعنى ل (التولي المكفر) وإن كان يعتبره قولا قويا في المسألة يوجد في كلام الإمام أحمد مايناسبه، وإنما يجعل التولي المكفر المراد في هذه الآية هو ماسبق تقريره في كلامه، وإلا فهو لاينازع في أن ابن حزم قد يفسرمطلق التولي بالاعانة ولكنه جزما – عند النقاد – لايريد بالتولي المكفر في هذه الآية مطلق الاعانة بقرينة أن أخي النقاد لم ينازع في أن الاعانة صورة من أظهر صور التولي كما نص على هذا في أول كلامه.
فمحل الخلاف إنما هو في المقدمة الثانية وهي أن جميع صور التولي كفر أكبر.
فالمخالف يجعل التولي (ومنه الاعانة) على قسمين: مكفر وغير مكفر.
ومخالفه يجعله كفرا أكبر في جميع صوره خاصة مايتعلق بمعناه في هذه الآية
فالمكفر يحتج بظاهر كلام ابن حزم وظواهر كلام المفسرين وأهل اللغة، والمخالف يحمل هذا الظاهر على معنى لايحتمله اللفظ، فإن طولب بالدليل احتج بفعل حاطب الذي هو خارج عن حقيقة التولي لغة وشرعا ليفسر به (التولي) في الاية بمعنى يحمل عليه اجماع ابن حزم وكلام جميع المفسرين وأقوال (كل) أهل العلم المطلقين للتكفير بمطلق التولي، وهو بضاعته في هذا التقسيم.
فكان التمسك بظاهر كلام ابن حزم أقوى من دعوى تأويله بلاقرينة متصلة ولامنفصلة
وقد قلت لأخي النقاد – ولا زلت أقول – إنه لايستطيع أن يورد هذا التفصيل الذي جاء به في الاعانة عن أحد من أهل العلم بمثل التفصيل الذي يورده.
فإن سألت أخي الكريم ولك ذلك: أليست محبة الكفار توليا؟.
فالجواب هي موالاة غير مكفرة وإنما تكون مكفرة – سواء سميناها توليا أو غيره - عند محبة دين الكفار، وكذلك الاعانة فإن مطلق إعانة الكفار ليست بكفر أكبر كماسبق تقريره بل هي إن كانت دالة في ظاهرها على محبة أو تعظيم لأشخاصهم محرمة كما مثل بعض أهل العلم ببري القلم وبل الدواة ونحوها وإنما تكون (توليا) وموالاة مكفرة إذا كانت إعانة للكفار في حربهم على المسلمين فمطلق هذه الاعانة كفر أكبر لأن هذا إعانة لدينهم ونصرة له وإن ادعى المعين عدم محبته لدينه، فكما أن محبة دين الكفار كفر أكبر ولو لم ينصرهم فإعانة الكفار على ظهور دينهم كفر اكبر ولو لم يحب دينهم وإنما قصد الدنيا بإعانته.
فإن قلت لماذا لاتكون الاعانة كفرا عند ظهور دين الكفار بهذه الاعانة؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/172)
فالجواب هو أن ظهور دين الكفار ليس هو (علة) الحكم بالتكفير وإنما هو (سببه) والحكم إنما علق بالاعانة لابسبب المنع منها، فالتعليل بهذه الطريقة مستقيم على قانون الشريعة بخلاف تعليق التكفير بالباطن لأن هذا يعني أن الفعل الظاهرلايصح أن يكون كفرا كما يعبر المخالف وإنما مناط النكفير هنا - في هذه المسألة عند المخالف - هو محبة دين الكفار، لا الاعانة، فلايصح أن يقال اعانة مكفرة وإنما المكفر هنا هو عمل القلب عندهم، ولا أدري لماذا يقولون إعانة مكفرة!
فإما أن يقولوا بأن الاعانة محرمة في جميع صورها وليست بكفر، وإلا فليقولوا بأنها مكفرة في بعض صورها وإن ادعى بغض الكفار وعدم الشك في الدين!
ولو قال رجل إن إن شرب الخمر على قسمين:
شرب مكفر وشرب غير مكفر
فالشرب المكفر هو إذا شرب كارها لحكم الشرع بالتحريم
والشرب غير المكفر هو إذا شرب وهو راض بحكم الشرع بالتحريم وإنما حمله على ذلك اتباع الهوى.
لكان هذا الكلام ممجوجا في الذوق العلمي السليم.
وعلى التسليم بصحة هذا الايراد فإن هذا لايعني بطلان نقل الاجماع كما تقدم إذ بطلان الدليل المعين لايستلزم بطلان المدلول المعين، فلا زال لهذا النقل للاجماع نظائر.
وعلى التسليم ببطلان جميع النقول، فإن قول المخالف في التقسيم أشد بطلانا، إذ هو لايملك لإثبات الخلاف ولا بعض مايطلبه لاثبات الاجماع، وكل مايورده من أوجه لاثبات الخلاف فهو معارض بكل الاوجه التي ينقض بها الاجماع، فإن أبطلنا نقل الاجماع ونقل الخلاف، فإن مع ناقل الاجماع ظواهر الادلة وأقوال أهل العلم واستفاضة هذه الاقوال وانتشارها استفاضة لم يعلم أحد خالف في مدلولها فكان وجها في اثبات الاجماع أقوى من النقل المجرد له، وكل مايطعن به المخالف في دلالة هذه النقول والوقائع فإن فيما يورده لاثبات الخلاف كحديث حاطب أضعاف أضعاف مافيها من طعن ويكفي في هذا أنه لم يستنبط اهل العلم من حديث حاطب هذا التقسيم على كثرة المعلقين عليه والشارحين.
وقد قال الشيخ ابن وهب حفظه الله كلاما في تعليقه السابق أرجو أن تتأمله لأن له طرف نعلق بهذا الايراد حيث إنه قال:
" ابن حزم رحمه الله من اكثر الائمة اطلاعا على كتب الخلافيات وكلام السلف واختلاف فقهاء الامصارنقل الاجماع وهو لايعرف بالمجازفة في نقل الاجماع.
كما انه مطلع وعلى دراية كافية بكتب الشافعي رحمه الله وقد اطلع على نص الشافعي في المسألة،ومع هذا فقد نقل الاجماع في المسألة وهو في مقام الاحتجاج.
وقد تتبعت بعضا من هذه الاجماعات فوجدت ابن حزم لايطلق مثل هذه العبارات الا في الاجماعات التي لايمكن للمخالف ان يعارضه فيها
وهذا الاجماع اقوى من بعض الاجماعات التي في كتاب الاجماع لان فيه من تأكيد العبارة ما لايوجد في غيره
فنقض هذا الاجماع بكلام لابن الجوزي المتأخر عن ابن حزم وللمخالف ان يقول ان هذا القول نقله ابن الجوزي بفهمه لابنقله وان كان الأول ينسب الى ابن عباس ولااعرف اسناده والثاني لااعرف من قال به
ورب ان هذا القائل مخالف لاهل السنة
وابن الجوزي نفسه ليس على الجادة في مسائل كثيرة في العقائد
وكذا القرطبي رحمه الله
فلايصح الاحتجاج بنقل ابن الجوزي على نقض الاجماع الذي ذكره ابن حزم رحمه الله - هذا اذا سلمنا ان ما في النقل يناقض الاجماع
بقي الكلام على نص الشافعي فهذا مجرد فهم فهمه معاصر لاينقض به الاجماع
فالاجماع لاينقض بفهم ولا غيره
بقي الكلام على ماذا نقل ابن حزم الاجماع
ان الاية على ظاهرها فمن ادعى ان الاية ليست على ظاهرها مطالب بنقل الخلاف الصريح
وابن تيمية قد ذكر ان الاية على ظاهرها ...
الذي يهمنا انه لايمكن نقض الاجماع بمجرد فهم لنص محتمل
اذا لابد ان هناك نقطة اتفاق وان هناك صورة من صور التولي = كفر اكبر هذا اقل ما يمكن حمل الاجماع عليه
السؤال ماهي هذه الصورة التي اتفق اهل العلم على ان من اتى بها فقد كفر (والسؤال وهل هذه الصورة المكفرة يشترط فيها معرفة الاعتقاد القلبي) تأمل لم أقل الاعتقاد القلبي وانما قلت معرفة الاعتقاد القلبي وهو ما يقوله الشيخ العوني وفقه الله
وكم من مسائل ترد عليها ايردات قوية فمجرد الايراد والشبهة لايسقط القول) انتهى.
=================
أخي الكريم الشيخ النقاد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/173)
إن كنت رضيت ترك الحوار بهذه الطريقة فأنت وشأنك!
وتذكر أنه ليس من شرط الاخوة أن نتفق على كل مسألة، وأسأل الله العظيم أن يثيبك على حسن قصدك وظنك بأخيك.
ولا يزال في النفس أشياء لن يزيلها غير اللقاء.
والله أعلم.
ـ[المقرئ]ــــــــ[02 - 09 - 04, 10:40 م]ـ
شيخنا محب العلم ختم الله له بخير وأكرمه ربه بالنظر إليه في دار الخلود
أردت أن أستفصل عن بعض النقاط في تعقيبكم مع أني حاولت الاختصار حتى لا نتشعب عن قناتنا الحقيقية:
قولكم وفقكم الله " [ليستقيم بعد ذلك القول بأن مطلق اعانة الكفار على المسلمين كفر بالاجماع، ويبقى النظر بعد ذلك في تحقيق مناط الاعانة في الفعل ليحكم على فاعله بموجبه مما هو من وظيفة الخواص."]
هذا في نظري أهم شيء وهو ما اختلفنا عليه كيف تقولون وفقكم الله " بأن مطلق إعانة الكفار على المسلمين كفر بالإجماع " ثم تعقبونه مباشرة " بقولكم شيخنا " ويبقى النظر بعد ذلك في تحقيق مناط الإعانة "
قولنا مطلق الإعانة بهذا الإطلاق مدلولها واضح جدا ولا نحتاج إلى " النظر " هذا ما فهمته فمدلول الإعانة واضح
وقولكم متعنا الله بعلومكم " [إن رأينا أهل اللغة قد أجمعوا على أن (الاعانة) صورة من أظهر صور التولي يمكن تفسيره بها بلانكير، وتفسير اللفظ المحتمل لصور كثيرة بصورة من صوره دليل على ان هذه الصورة مجمع على دخولها فيه وهو مستفيض – أي هذا التفسير- في كتب اللغة، فهذا كاف في إثبات دخول الإعانة في التولي وأن كل معنى نريد إثباته في التولي فهو متحقق في أظهر صوره."]
الكلام فيه إجمال من وجوه:
ا – إذا أصبح الاستدلال بإجماع ابن حزم مبنياعلى إجماع آخر وهو أن الإعانة بمعنى الموالاة فيكون هذا هو الدليل إجماع أهل اللغة ألا ترون أنه يلزم ذلك
2 – من نقل من أهل اللغة الإجماع بهذا اللفظ على أن الإعانة بمعنى الموالاة حتى يكون دليلنا مستقيما بنقل الإجماع
وقد سبق لي ضرب مثال بنقض الوضوء بغياب العقل ولو رجعت إلى تعريف النوم لوجدت من يطلق بأنه غياب عقل فهل يستقيم هذا الإجماع
3 – قولكم وفقكم الله [وتفسير اللفظ المحتمل لصور كثيرة بصورة من صوره دليل على ان هذه الصورة مجمع على دخولها فيه وهو مستفيض – أي هذا التفسير- في كتب اللغة "]
إن نقضت هذا الكلام بذكر خلاف بين أهل العلم في أن اللفظ المحتمل لصور كثيرة اختلف أهل العلم في الاستدلال به دون قرينة تعضده هل ينتقض الاستدلال بإجماع ابن حزم في نظركم؟
وقولكم رعاكم الله [فإذا نظرت في كتب اللغة فإنك تجدهم يفسرون التولي بأنه الاعانة كماسبق نقل هذا المعنى عنهم، ولاتجد منهم منكرا لهذا "]
كلامنا في مطلق الإعانة لا الإعانة هل هي محل إجماع أم لا؟
وهل يكون هذا استلال بالإجماع السكوتي فإن كان كذلك فهو محل خلاف فتعود المسألة إلى عدم وجود إجماع
وقولكم " [، ولو أن واحدا منهم أطلق هذا وانتشر قوله وسكت عنه الباقون لكان إجماعا سكوتيا "]
ولكن المعارض سينقض الإجماع بخلاف أهل العلم المعتبر بحجية الإجماع السكوتي فلا يكون إجماع بعد ذلك
وقولكم " [! فكيف إذا لم تجد أحدا منهم يذكر التولي إلا ويفسره بصور أولها الاعانة "]
لو نقلت نصوصا لأهل العلم يفسرون بها لفظ التولي ولم يذكروا الإعانة هل يدل هذا على وجود الخلاف.
وقولكم بارك الله فيكم [ولن أدخل في اطلاقات التولي في الشرع فإنه قد يطلق ويراد به الموالاة العامة، وإنما البحث هو في أصل اللفظ لا في جميع إطلاقاته "]
قلتم قبل قليل أن صور التولي في المدلول اللغوي مجمع على دخولها ولا يذهب إلى مدلول شرعي إلا بدليل فكأنكم هنا فصلتم فكيف هذا؟
وقولكم بارك الله فيكم [فإن ادعى الرجل أنه لم يرد السب لم يقبل قوله وصح الاحتجاج عليه بحكم (سب المسلم) وأنه مجمع عليه، وليس له أن يطلب دليلا على أن قوله لأخيه (يا أحمق) معصية، ولا أن يزعم أن الاجماع إنما هو في السب لا في قوله: يا أحمق "]
لم يظهر لي وجه استدلالكم في هذا، ذلك أن:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/174)
اختلاف الصورتين بين – شيخنا – فالأصل المنهي عنه وهو السب أخص من هذه اللفظة وهذه أعم منها فهو استدل بالأدنى للأعم فهو من باب الأولى كقوله تعالى " ولا تقل لهما أف " فالسب نهي عنه إشارة ولفظا سواء كانت الكلمة حقيرة أم كبيرة والأدلة لا تخفاكم فكيف بهذه اللفظة لا يمكن أن يحتج أحد بهذا
بخلاف مسألتنا فهي " مطلق الإعانة " والإجماع المنقول في الموالاة لا في مطلق الإعانة
وأما قولكم [فإن تجاوزت اهل اللغة وجدت أهل التفسير قد استفاض عندهم تفسير هذا اللفظ بالنصرة والاعانة ولم يعلم عن واحد منهم إنكار هذا التفسير وإخراج أي صورة من صور الاعانة منه "]
السؤال هل نقل الإجماع على أن مطلق الإعانة هي بمعنى الموالاة هذا هو السؤال، وإذا نقلت لك تفسيرا لبعض المفسرين خصوها بالدين فقط هل ينتقض الإجماع
فإن قلت إن الإجماع سكوتي احتججنا عليك بالخلاف بين أهل العلم بالاستدلال بالإجماع السكوتي فترجع المسألة إلى الخلاف ولا يكون إجماعا
وقولكم: [" فإن تجاوزت أهل اللغة والتفسير وبعضهم من بعض ونظرت في تفسير التولي في هذه الآية بالآيات نفسها وجدت أن الله تعالى ذكر صورة من صور هذا التولي بعد هذه الآية مباشرة وهي قوله تعالى: (فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة) الآية. وأهل التفسير متفقون على أن سبب نزول هذه الآية - كماقاله شيخ الاسلام رحمه الله – هو أن بعض المنافقين سارع في إعانة اليهود وتوليهم خوفا من الدوائر فكان هذا موجبا للزوم الذم لهم في هذه الآيات "]
لن أعترض – ولك أن أسلم – لكن أسأل لماذا قلت [ان هذا موجبا للزوم الذم لهم في هذه الآيات] لماذا لم تكفرهم على ما سبق من الإجماع والمفسرون ذكروا منهم: عبد الله بن أبي ولماذا لم يكفرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كانت هذه صورة جلية من صور الإعانة – لماذا قلت مذمومين ولم تقل كافرين
لا أريد التطويل حقيقة لأنه ينقلنا من الموضوع الأصلي
وأختصر الكلام إن كان ما سبق عنك صحيح:
ليستقيم الاحتجاج بإجماع ابن حزم في مسألة معاونة الكافر على المسلم لهوى مع بغضه وعقيدته لابد من نقل إجماع على أن الإعانة كلها من صور التولي أما الإجماع السكوتي فهو محل خلاف فلا تصبح المسألة إجماعا
وعليه فلك أن تقلب ظهر المجن علي وتقول "
نقل الإجماع على أن التولي كفر فهل نقل إجماع على أن حب دينهم أو نصر عقيدتهم كفر ليستقيم لك التكفير بالتولي لدينهم "
أريد هكذا فيما أحسب
المقرئ
ـ[المقرئ]ــــــــ[03 - 09 - 04, 01:00 ص]ـ
ثم قلتم شيخنا: [فالجواب هي موالاة غير مكفرة وإنما تكون مكفرة – سواء سميناها توليا أو غيره - عند محبة دين الكفار، وكذلك الاعانة فإن مطلق إعانة الكفار ليست بكفر أكبر كماسبق تقريره بل هي إن كانت دالة في ظاهرها على محبة أو تعظيم لأشخاصهم محرمة كما مثل بعض أهل العلم ببري القلم وبل الدواة ونحوها وإنما تكون]
سؤالي ما هو دليلكم على هذا التقسيم مع أنكم أطلقتم أن المدلول اللغوي هو دليلكم والمدلول اللغوي يشمل هذه الصورة فلماذا التفريق؟
وقولكم " [وعلى التسليم بصحة هذا الايراد فإن هذا لايعني بطلان نقل الاجماع كما تقدم إذ بطلان الدليل المعين لايستلزم بطلان المدلول المعين، فلا زال لهذا النقل للاجماع نظائر]
الإجماع ليس باطلا وإنما الإجماع ليس في محل المسألة
وقولكم: [وقد قال الشيخ ابن وهب حفظه الله كلاما في تعليقه السابق أرجو أن تتأمله لأن له طرف نعلق بهذا الايراد حيث إنه قال:]
سيأتي إن شاء الله الكلام على نقل الإجماع من ابن حزم وكلام أهل العلم فيه
المقرئ
ـ[المقرئ]ــــــــ[03 - 09 - 04, 01:52 ص]ـ
(3/ 5)
إجماعات ابن حزم
قال شيخ الإسلام ابن تيمية متكلما عن ابن حزم في نقله للإجماع:
فقال رحمه الله: قال ابن حزم: ومن شرط الإجماع الصحيح أن يكفر من خالفه بلا اختلاف من أحد من المسلمين في ذلك فلو كان ما ذكروه إجماعا لكفر مخالفوهم بل لكفروهم لأنهم يخالفونها كثيرا "
فتعقبه شيخ الإسلام فقال: أهل العلم والدين لا يعاندون ولكن قد يعتقد أحدهم إجماعا ما ليس بإجماع لكون الخلاف لم يبلغه وقد يكون هناك إجماع لم يعلمه .... وأيضا فما وصفهم هو به قد اتصف هو به فإنه يترك في بعض مسائله ما قد ذكر في هذا الكتاب أنه إجماع "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/175)
وقال أيضا: فقد اشترط في الإجماع ما يشترطه كثير من أهل الكلام والفقه كما تقدم وهو العلم بنفي الخلاف وأن يكون العلم بالإجماع متواترا وجعل العلم بالإجماع من العلوم الضرورية كالعلم بعلوم الأخبار المتواترة عند الأكثرين ومعلوم أن كثيرا من الإجماعات التي حكاها ليست قريبا من هذا الوصف فضلا عن أن تكون منه فكيف وفيها ما فيه خلاف معروف وفيها ما هو نفسه ينكر الإجماع فيه ويختار خلافه من غير ظهور مخالف.
وقال ابن حزم في محظورات الإحرام: واتفقوا أنه من فعل من كل ما ذكرنا أنه يجتنبه في إحرامه شيئا عامدا أو ناسيا أنه لا يبطل حجه ولا إحرامه واتفقوا أنه من جادل في الحج فإن حجه لا يبطل ولا إحرامه واختلفوا فيمن قتل صيدا متعمدا فقال مجاهد: بطل حجه وعليه الهدي "
فتعقبه شيخ الإسلام فقال: وقد اختار في كتابه ضد هذا وأنكر على من ادعى هذا الإجماع الذي حكاه هنا فقال: الجدال بالباطل وفي الباطل عمدا ذاكرا لإحرامه مبطل لإحرامه والحج ..... ومن عجائب الدنيا أن الآية وردت كما تلونا فأبطلوا الحج بالرفث ولم يبطلوه بالفسوق ..... وأعجب شيء دعواهم الإجماع على هذا.
وذكر شيخ الإسلام أمثلة كثيرة لدعواه الإجماع مع أن الخلاف منقول بل وأحيانا الخلاف منه كما مر مثال له
ثم قال: وقد ذكر رحمه الله تعالى إجماعات من هذا الجنس في هذا الكتاب ولم يكن قصدنا تتبع ما ذكره من الإجماعات التي عرف انتقاضها فإن هذا يزيد على ما ذكرناه مع أن أكثر ما ذكره من الإجماع هو كما حكاه لا نعلم فيه نزاعا وإنما المقصود أنه مع كثرة اطلاعه على أقوال العلماء وتبرزه في ذلك على غيره واشتراطه ما اشترطه في الإجماع الذي يحكيه يظهر فيما ذكره في الإجماع نزاعات مشهورة وقد يكون الراجح في بعضها خلاف ما يذكره في الإجماع وسبب ذلك دعوى الإحاطة بما لا يمكن الإحاطة به ودعوى أن الإجماع الإحاطي هو الحجة لا غيره فهاتان قضيتان لابد لمن ادعاهما من التناقض إذا احتج بالإجماع فمن ادعى الإجماع في الأمور الخفية بمعنى أنه يعلم عدم المنازع فقد قفا ما ليس له به علم وهؤلاء الذين أنكر عليهم الإمام أحمد وأما من احتج بالإجماع بمعنى عدم العلم بالمنازع فقد اتبع سبيل الأئمة وهذا هو الإجماع الذي كانوا يحتجون به في مثل هذه المسائل
وانتظروا النقل الآتي كأني بالشيخ يحادثني ومحب العلم في هذه المسألة
المقرئ
ـ[المقرئ]ــــــــ[03 - 09 - 04, 02:53 م]ـ
قال رحمه الله في كلام نفيس جدا:
والمقصود هنا الإشارة إلى ما قد يتوهمه بعض الناس من الإجماع لنوع من الاشتباه فيظن أمورا داخلة في الإجماع ولا تكون كذلك كما يصيب بعض الناس فيما يدخلونه في نصوص الكتاب والسنة وفيما يخرجونه ولهذا يذكر هؤلاء أمورا مختلفة فيها وإذا نظر إلى مستندهم في الخلاف وجد فيه من الخطأ أمور أخرى كذلك إما نقل ضعيف وإما لفظ مجمل وإما غير ذلك مما يقع الغلط في صحته تارة وفي فهمه تارة كما يقع مثل ذلك فيما ينقلونه عن النبي صلى الله عليه وسلم من الغلط ويكون قد نشأ من الإسناد تارة ومن فهمه المتن تارة.
المقرئ
ـ[محب العلم]ــــــــ[03 - 09 - 04, 03:20 م]ـ
أخي الكريم المفضال المقرئ سدده الله
قد قرأت كلامك كله، وعرفت معاقده، وهو جدير بالنظر والتعقيب، ولن أقف مع كل سطر فيه - على أهميته، ولكنني أردت أن أبين لك أني متابع لماتكتب غير مهمل له احتراما لك ولوقتك الذي تبذله، وسأعدل لك وزن عيار سلاحك لتصيب الهدف، إذ قد رأيتك ارتفعت عنه قليلا.
فقد رأيتك بنيت أكثر تعقيبك على أني أقول بأن التولي والاعانة رديفان كالنصرة والاعانة، وأخوك إنما قال بأن التولي له صور كثيرة يحتمل في كل مقام بعضها بحسب السياق، لا أن التولي إذا أريد به الاعانة فهو محتمل للاعانة وعدمها.
فليكن هذا منك على بال.
لأنني سأعود - إن تكرمت علي بالصبر - لأكشف لك وجه المراد وأجيب بإذن الله عن كل ماتفضلت به من إيراد دون إهمال لشئ من أسئلتك.
وأما مايتعلق بتعليقك على اجماعات ابن حزم فلاأنازع فيه، فابن حزم وابن المنذر وغيرهما من أهل العلم الذين اعتنوا بنقل الاجماعات قد رموا بمثل هذا التساهل وأزيد من ذلك، ولكن تساهلهما - إن صح - لايعني فساد كل نقل للاجماع على كل مسألة، بل لإثبات أن هذا النقل قد تساهل فيه فلابد من حكاية الخلاف عن أحد ممن تقدمه بل لايكفي واحد لاثبات أنه متساهل وإن كان كافيا - عندي - لنقض الاجماع في هذه المسألة، وإنما يكون متساهلا إذا كان الخلاف مشهورا غير مغمور، والخلاف المغمور والمشهور غير مذكور في هذه المسألة.
وتذكر أن ابن حزم يكفر بمطلق الاعانة على المسلمين كمافي قوله الذي نقلته أول الأمر:
" فصح بهذا أن من لحق بدار الكفر والحرب مختاراً محارباً لمن يليه من المسلمين , فهو بهذا الفعل مرتد له أحكام المرتد كلها: من وجوب القتل عليه , متى قدر عليه , ومن إباحة ماله , وانفساخ نكاحه , وغير ذلك ".
فهو يكفر بمطلق الاعانة ولا يقيد هذا الاطلاق بقيد مع علمه بحديث حاطب، وهو دليل المخالف في المسألة، ومع هذا فلم يجعله دليلا لمخالف في هذه المسألة فضلا عن أن يكون ناقضا للاجماع.
فالمقصود أن اجماعه الذي نقله لاينقض إلا بذكر المخالف المعتبر، وهذا الايراد الذي أوردته أخي الكريم مبني على التسليم بأن ابن حزم أراد هذا المعنى وهو ينقل الاجماع، فإن كان كذلك فالجواب عنه ماذكر.
فهل تتفضل على أخيك بذكر (نص) من عالم معتبر لايكفر فيه بمطلق (اعانة) الكفار على المسلمين فضلا عن كونه يشترط الشرط المذكور، إن فعلت فقد قلدتني منة أبد الدهر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/176)
ـ[المقرئ]ــــــــ[04 - 09 - 04, 02:59 ص]ـ
(4/ 5)
نصوص بعض العلماء تشكك في وجود الإجماع:
شيخنا محب العلم ألبسه الله لبوس العافية بالدنيا والآخرة:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: مساعدتهم لعدو المسلمين بالأنفس والأموال محرمة عليهم ويجب الامتناع من ذلك بأي طريق أمكنهم من تغيب أو تعريض أو مصانعة "
وحتى أضيق دائرة الخلاف وأضع منظار الهدف على الرمية لابد من وضع سؤال صريح وصارخ
من أعان في قتال المشركين على المسلمين لهوى هل يكفر أم لا؟
والجواب:
الإعانة لفظ عام جدا يحتوى على أفراد وصور كثيرة سأضع احتمالات لصور من صور الإعانة بالقتال وأنظر هل كفر أهل العلم فاعلها أم لا؟ ولن أنقل الخلاف في المسألة ولا أستقصي الأقوال لكن أردت أن أذكر قولا واحدا يؤيد ما ينقض الإجماع فقط
الصورة الأولى: الإعانة بكشف الخطط والتجسس على جيش المسلمين لإعلام الكفار؟
لننظر إلى أهل العلم هل اتفقوا على التكفير أم لا؟
1 – قول الشافعي رحمه الله: وليس الدلالةُ على عورة مسلم، ولا تأييد كافر بأن يحذر أن المسلمين يريدون منه غِرّة، ليحذرها، أو يتقدّمَ في نكاية المسلمين بكفر بين "
تأمل شيخنا – في نكاية المسلمين – أكرر – نكاية المسلمين – هي واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار
فلم يقتصر الأمر على إعانة الكفار وقد يفعلها وهو يظن أن المسلمين لن يتضرروا بل هنا العبارة قوية جدا " يتقدم في نكاية المسلمين "
والشافعي قاله عندما قدم بمقدمة بقوله " لا يحل دم من ثبت له حرمة الإسلام إلا أن يقتل أو يزني بعد إحصان أو يكفر كفرا بينا ثم يثبت على الكفر "
فقوله" أو يكفر كفرا بينا " فليس عنده أن هذا العمل مكفر
2 - قال القرطبي رحمه الله: من كثر تطلعه على عورات المسلمين وينبه عليهم ويعرف عدوهم بأخبارهم لام يكن بذلك كافرا إذا كان فعله لغرض دنيوي واعتقاده على ذلك سليم "
3 - قال شيخ الإسلام ابن تيمية " فهذه أمور صدرت عن شهوة وعجلة لا عن شك في الدين كما صدر من حاطب التجسس لقريش مع أنها ذنوب ومعاصي يجب على صاحبها أن يتوب "
فقوله " عن شك في الدين " دليل على أن مناط الكفر إنما هو في الدين إما بشك أو بغض أو حب لدين الكفار وأمنا الجس فليس بمكفر
وقوله " عن شهوة وعجلة " دليل أن هذا ليس بمناط الكفر
الصورة الثانية من صور الإعانة: المشورة
قصة أبي لبابة مع اليهود في معركتهم مع المسلمين لما أشار إلى حلقه حينما استشاروه فقالوا " ماذا هو صانع بنا؟ فأشار إلى حلقه "
فهذه مشورة لهم وهي من صور الإعانة الكبيرة ومع هذا ما كفره الرسول صلى الله عليه وسلم مع أنها خيانة
الصورة الثالثة: القتال معهم
نتيجة مسألتنا الكبيرة هي هذه المسألة وأرجو الانتباه لها: إذا قاتل المسلم مع الكفار ضد المسلمين ثم أسرناه فما موقفنا منه؟ هذه نتيجة مسألتنا:
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني:
فصل ومن أسر فادعى أنه كان مسلما لم يقبل قوله إلا ببينة لأنه يدعي أمرا الظاهر خلافه يتعلق به إسقاط حق يتعلق برقبته
فإن شهد له واحد حلف معه وخلى سبيله
وقال الشافعي لا تقبل إلا شهادة عدلين لأنه ليس بمال ولا يقصد منه المال.
إذا كانت هذه المسألة فيمن ادعى أنه أسلم فكيف بمن لا شك في إسلامه بيننا لكنه قاتل معهم والملايين يشهدون أنه مسلم
أعتقد أن هذه تحتاج منك إلى تأمل
وقال البهوتي في الكشاف " ومن أسر فادعى أنه كان مسلما لم يقبل قوله إلا ببينة لأنه خلاف الظاهر فإن شهد له أي للأسير رجل واحد وصله معه خلي سبيله "
2 - شيخ الإسلام كفر التتار في أكثر من موضع وانظر ما ذا قال عمن قاتل معهم من المسلمين: وأيضا لا يقاتل معهم غير مكره إلا فاسق أو مبتدع أو زنديق "
فمن قاتل لشهوة أو دنيا فهو فاسق ومن قاتل لشك أو محبة في دينهم فهو زنديق
ولا شك أن القتال بين المسلمين مع بعضهم ليس كفرا بإجماع أهل السنة
الصورة الرابعة: بيع السلاح للكفار ليستعينوا به على قتال المسلمين:
ماذا قال أهل العلم لمن باع سلاحا على الكفار وهو يعلم أنهم يستخدمونه لقتال المسلمين؟
قال الصنعاني في السبل: وكذلك بيع السلاح والكراع من الكفار والبغاة إذا كانوا يستعينون بها على حرب المسلمين فإنه لا يجوز إلا أن يباع بأفضل منه جاز
وكذا نقل الحرمة في الموسوعة الفقهية فقط
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/177)
هذه أربع صور ومجال التأمل قد يخرج أكثر لكن أردت من هذا أن أضع النقاط على الحروف في فهم مقتضى الإجماع وما الذي ينبني عليه من خلال هذه الصور
وسأنقل في المشاركة الآتية:
أحاديث فيها معارضة لهذا الإجماع تحتاج إلى تأمل منك وبعض كلام أهل العلم
محبك: المقرئ
ـ[المقرئ]ــــــــ[05 - 09 - 04, 12:27 م]ـ
(5/ 5)
شيخنا محب العلم: زاده الله برا وعلما وتوفيقا
جمعت بعض الأدلة ليكون الكلام السابق مدعوما ببعض الأدلة للصور السابقة تحمل معنى واضحا جدا للإعانة يستدل بها من لم يكفر ووضحت فيها وجه الاستدلال، وكذلك إن وجدت كلاما لأهل العلم عليه نقلته
مع أني والله أتحرى الاختصار في كل شيء لعلمي أولا بأن شيخنا لبيب لماح ولئلا يطول الكلام فيمل ويترك زبدته
وإليك بعض الأدلة وأما التضعيف والتصحيح فليس وقته الآن لأنه إن كانت الموافقة مبنية على الصحة فسيكون المبحث الذي بعده:
1 - دليل التجسس:
دليله حديث حاطب في الصحيحين في كتابته للمشركين في فتح مكة
وجه الدلالة:
أنه أعان الكفار بكشف خطة النبي صلى الله عليه وسلم وما عزم عليه
وقد فهم الشافعي منه أنه لا يكفر بذلك وقد نقل سابقا كلامه
وقال شيخ الإسلام: وقد تحصل للرجل موادتهم لرحم أو حاجة فتكون ذنبا ينقص به إيمانه ولا يكون به كافرا كما حصل لحاطب بن أبي بلتعة "
وقال ابن عبد البر: وقد شهد الله له بالإيمان في قوله " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا ... "
وقال شيخ الإسلام: كما لا يجوز حمل حديث حاطب على الكفر لما قد علم أن الكفر لا يغفر إلا بالتوبة "
وقال ابن كثير " ولهذا قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عذر حاطب لما ذكر أنه إنما فعل ذلك مصانعة لقريش لأجل ما كان عندهم من الأموال والأولاد "
2 – دليل المشورة والنصيحة للكفار:
أ – قصة أبي لبابة السابقة مع اليهود
وسبقت ودلالتها الواضحة
ب – قصة مالك بن الدخيشن فقد روى الشيخان في حديث عتبان عندما قال بعض الصحابة لبعضهم والرسول صلى الله عليه وسلم يصلي " أين مالك بن الدخيشن فقال بعضهم " ذلك منافق لا يحب الله ورسوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تقل ذلك ألا تراه قال لا إله إلا الله يريد بذلك وجه الله؟ قالوا إنا نرى وجهه ونصيحته إلى المنافقين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله "
فمطلق الإيمان الذي في قلبه والذي لم يشوبه ما يناقضه مطلقا من محبة لكفرهم منع عنه التكفير
وهذا دلالته واضحة والذي نفى عنه الكفر هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معدود في الصحابة
3 – دليل القتال معهم:
1 - قصة عكرمة مع أبي الأسود في حديث ابن عباس عندما نهى عكرمة أبا الأسود مستدلا له بحديث ابن عباس في البخاري أن ناسا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سوادهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي السهم يرمي به فيصيب أحدهم فيقتله أو يضرب عنقه فيقتل فأنزل الله " إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم "
وجه الدلالة:
1 – سماهم في الحديث " المسلمين "
2 – سماهم الله ظالمي أنفسهم ولم يطلق عليهم الكفر
قال ابن حجر: فرأى عكرمة أن من خرج في جيش يقاتلون المسلمين يأثم وإن لم يقاتل ولا نوى ذلك "
وقال القرطبي رحمه الله: وقوله تعالى " ألم تكن أرض الله واسعة " يفيد هذا السؤال والجواب أنهم ماتوا مسلمين ظالمين لأنفسهم في تركهم الهجرة وإلا فلو ماتوا كافرين لم يقل لهم شيء من هذا
2 – حديث ابن مسعود عند الإمام أحمد وغيره في قصة سهل بن بيضاء وكان مسلما بمكة ويخفي إسلامه ثم خرج مع المشركين في بدر ووقع في الأسر فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لا ينفلتن منهم أحد إلا بفداء أو ضربة عنق فقال ابن مسعود إلا سهل بن بيضاء فإني سمعته يذكر الإسلام فقال صلى الله عليه وسلم بعد سكتة " إلا سهل بن بيضاء "
وهذا دليل الحنابلة في شهادة الواحد في المسألة التي ذكرتها في المبحث الرابع
3 – قصة العباس:
في غزوة بدر لما أسر وكان خرج مكرها مع المشركين في بدر: يا رسول الله قد كنت مسلما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أعلم بإسلامك " فإن يكن كما تقول فإن الله يجزيك وأما ظاهرك فقد كان علينا فافتد نفسك وابني أخيك "
وجه الدلالة:
1 - لو كانت المشاركة مكفرة مطلقا لرد النبي صلى الله عليه وسلم بجواب واضح ويقول: إن كنت مسلما قبل فقد ارتددت مطلقا بمشاركتك للكفار بالحرب، فلما قال له النبي صلى الله عليه وسلم: الله أعلم بإسلامك: دل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعرف إلا أنه كان كافرا وما علم بإسلامه لأنه لم يهاجر بعد
2 – قول النبي صلى الله عليه وسلم له " فإن يكن كما تقول فإن الله يجزيك " السؤال يجزيه على ما ذا؟ طالما أن المشاركة ردة فلماذا يجزى؟
هذه أدلة تحتاج منك شيخنا إلى نظر وتدقيق
وسأنقل بعد ذلك خاتمة فيها خلاصة ما أحسب أنه بحاجة إلى تأمل طويل وتكون هي ختام هذه المباحث الحمس
محبك: المقرئ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/178)
ـ[محب العلم]ــــــــ[05 - 09 - 04, 03:16 م]ـ
أخي الكريم الشيخ المقرئ
أعتذر - بشدة - عن تأخري في الرد عليك، وأنا أنتظر على هامش هذه المحاورة مولودا أسأل الله أن ييسر أمره، وتأخري في التعقيب عليك وعلىمن قبلك لعله- تيمنا - من أول بره!
وأظن أخي الشيخ المقرئ أنك لم تدخل في هذه المحاورة إلا بعد ذكري للشيخين (الصالحين)،ولم تكن متابعا للحوار من أوله، وهذا موجب خروجك في تعليقك الاخير عن محل النزاع.
فجميع الأمثلة التي ذكرتها- إذا استثنينا حديث حاطب - ليست من محل النزاع، وقد سبق الجواب عن مثلها في ماتقدم.
فأنت ذكرت أمثلة على صور فيها ماهو إعانة قطعا، وفيها ماهو من جنس حديث حاطب
فأما ماكان من جنس حديث حاطب كالمشورة والدلالة والاخبار ونحوها فقد سبق الجواب عنه بتفصيل ممل.
وأما ماكان إعانة قطعا فجميعها منع من التكفير بها مانع كالجهل و الاكراه كحال المستضعفين والأسير الذي يدعي الاسلام وأنه إنما خرج مكرها كماهو حال العباس، وكمن نشأ في دار الكفر ولم ينحز إلى دار الاسلام كسهل بن بيضاء إن صح الاستدلال بحاله لأن الحدبث فيه المنع من قتله لأجل قربه من الاسلام في الظاهر ولم يجزم بإسلامه - وهو دليل على المخالف - بل جزم ابن مسعود بأنه (يذكر الاسلام) لا أنه مسلم، ولو سلم بأنه مسلم فالجواب عنه كالجواب عن أشباهه من المتقدم وصفهم.
ولم أكن أظن أنك ستعجز عن ذكر قول لعالم يذكر فيه الخلاف في الاعانة - مع التأمل الطويل - الذي تتمتع به وتدعو إليه.
وانا لم أطلب أدلة من فهمك وإنما خلافا من نقلك كماهو اصطلاح الشيخ النقاد.
وإنما أدعو لذكر قول عالم يفصل فيه الكلام في الاعانة كتفصيل المتأخرين لأنه إذا لم يكن هذا القول موجودا فإن المسألة إجماعية إما على التكفير أو عدم التكفير، لأن عدم ذكر الخلاف على تطاول السنين يدل قطعا على احد الاجماعين.
فهل تكرمني بذلك؟
ولازلت عند وعدي في التعقيب على كلامك السابق، ولكنني أردت أن أشعل لك قنديلا يفيدك في تأملك القادم.
وأطلب منك أخي المقرئ أن تعيد قراءة ماتذاكرت فيه أنا وأخي النقاد ثم تكتب كل ماعندك لأعقب عليه مرة واحدة، وأن تجتهد في البحث عن قول لعالم يفصل في الاعانة كهذا التفصيل فإن هذا مفيد جدا.
ـ[المقرئ]ــــــــ[05 - 09 - 04, 04:23 م]ـ
شيخنا محب العلم لا زال للخير مسددا وموفقا: أسأل الله أن يهون على أهلك وأن يرزقك ولدا صالحا وبارا تجد نفعه بالدنيا والآخرة:
لا أخفيكم أبدا أن ما ظننتموه صوابا في أن الباعث الكبير من مشاركتي هو لما جاء ذكر الشيخين ويدخل ضمنا معهما جمع غفير من شيوخنا ممن يقول بالتفصيل وعلى رأسهم العلم الكبير المحقق المدقق: شيخنا ابن عثيمين
وستقرأ إن شاء الله ولا تعجل علي في الخاتمة التي سأختم بها هذا البحث من العلماء القدامى والمتأخرين من يجعل التولي المكفر فقط هو التولي بحب دينهم أو نصرتهم لدينهم ولكني أؤخر ذلك حتى أقرأ ردك على ما سبق.
والشيء الذي لم أكن أعلمه ولا خطر على بالي هو أن تكون هذه المناقشة سببا للوداد والمحبة على خلاف ما كنت أظنه في نفسي الضعيفة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شيخنا: لا أريد أن أكثر الأسئلة حتى يتيسر عليك الرد لأنني أخشى في كثرة الأسئلة والمشاركات تمللا منك:
لم تخالفني لما قلت بالتفصيل في مسألة المودة أليس كذلك؟
مع أن المودة من معاني الموالاة - طيب - اذكر عالما متقدما فصل في مسألة المودة وفرق هذا التفريق؟
مع أني لازلت حقيقة لم أفهم تعقيبك الأخير في الرد على النصوص والصور والأدلة فأنا حقيقة يعلم الله أنتظر ردكم وتوجيهكم لها وكيف أنه لم تخالف الإجماع وعندي أن الصور الذي ذكرتها منافية تماما في كون هذه المسألة مجمعا عليها
وسأتوقف عن المشاركة ريثما تأتون بالتوجيه نفعنا الله بكم
ولكن قبل أن أنتهي أردت أن أعقب على بعض ما جاء في تعليقكم قبل الأخير بقولكم متعنا الله بعلومكم:
[وأخوك إنما قال بأن التولي له صور كثيرة يحتمل في كل مقام بعضها بحسب السياق، لا أن التولي إذا أريد به الاعانة فهو محتمل للاعانة وعدمها.]
هذا جميل وحسن فعلتم في توضيح مقصودكم ولكن السؤال الكبير هو:
قولكم " يحتمل في كل مقام بعضها " هذا هو محل الإشكال فهل يوجد إجماع في كل صورة من صور الإعانة؟ لأنكم إذا قلتم هكذا قال المخالف: ومن الذي يحدد مناط الكفر إذا؟ إن كان إجماع للمناط فأين هو وإلا فهو محل اجتهاد
ولا يخفاكم أن الصورة إذا كانت محتملة للكفر وعدمه لا يجوز الحكم بها قال شيخ الإسلام:
فإن التكفير لا يكون بأمر محتمل "
وقال ابن رجب:
وكذلك ألفاظ الكفر المحتملة تصير بالنية كفرا "
هذا هو والله محل إشكالي
وأرجو منك شيخنا أن تفصل في الرد على الصور السابقة تفصيلا يعين محبك على إزالة إشكاله بارك الله فيكم
محبك: المقرئ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/179)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[07 - 09 - 04, 11:31 م]ـ
قال الشيخ الشريف حاتم العوني وفقه الله
(ويدل على ذلك أيضاً حديث سَهْل بن بيضاء، وهو أنه كان مسلماً بمكّة يُخْفِي إسلامه، ثم إنه خرج مع المشركين ببدر، ووقع في الأسر. فقال النبي ?: ((لا ينفلتنّ منهم أحدٌ إلا بفداء أو ضربة عنق)). فقال ابن مسعود: يا رسول الله، إلا سَهْل بن بيضاء، فإني قد سمعتُه يذكر الإسلام، فقال ? - بعد سكتةٍ-: ((إلا سهل بن بيضاء)) ().
ولذلك فانظر ماذا بنى الفقهاءُ على ذلك، حيث قالوا: ((وَمَنْ أَسَر أسيراً، فادَّعى أنه كان مسلماً، لم يُقبل قوله إلا ببيّنة؛ لأنه يدَّعي أمراً الظاهر خلافُه، يتعلقُ به إسقاطُ حقٍّ تعلّق برقبته. فإن شهد له واحد، حلف معه، وخُلّي سبيله. وقال الشافعي: لا تُقبل إلا شهادة عدلين .. )) (). واحتج أصحابُ القول الأول بحديث سهل بن بيضاء، السابق ذكره.
فانظر هذا التقريرَ البعيدَ كلَّ البعدِ عن التكفير بالنصرة العمليّة، وهو تقريرٌ لم يقع فيه الخلافُ، وإنما الخلاف في البيّنة التي
تدل على صدق كونه مسلماً قَبْلَ خروجه مع الكفار لقتال المسلمين. ولم يحكم واحدٌ من المختلفَيْنِ بارتداده وكفره، لخروجه في جيش الكفار المقاتِلِ للمسلمين!! بل حكموا بإسلامه، إذا ثبت أنه كان مسلماً قبل خروجه معهم!!
انتهى
تأمل قوله (يخفي اسلامه) من الذي يخفي اسلامه غير المكره
وهل يجوز لغير المكره ان يخفي اسلامه
فهذا حكم المكره
بمعنى لو ان رجلا ادعى الاسلام بعد الاسر فله حكم خاص معروف في كتب الفقهاء بينما لو ادعى انه اسلم قبل الاسر وانه مسلم وانه ماخرج الا مكرها فهذا يحتاج الى بينة والا كان حكمه حكم من أسلم بعد الأسر
والمعنى ان هذا الرجل لايعرف اسلامه فان اسلم فحكمه حكم من اسلم بعد الاسر ولكن له شهد له اخر بانه قد اسلم قبل الاسر او بانه كان مسلما كان حكمه حكم المسلم ويفرج عنه فورا
فليتأمل هذا الموضع جيدا
الذي يعمل عمل حاطب رضي الله عنه يستفصل عن حاله
والجاسوس اختلف في حكمه وكيف يعاقب
اما هذا الرجل الذي قاتل مع الكفار فلايستفصل ولايعاقب بل يفرج عنه قولا واحدا
فقط يحتاج الى من يشهد له بالاسلام
ويفرج عنه
كلام الفقهاء هنا عن المكره وهذا الموضع من كتب الحنابلة بل وهذا في كتب متاخري الحنابلة وائمة الدعوة النجدية من اعلم الناس بنصوص المذهب عند المتأخرين
بل لايوجد في عصرنا من يجاريهم في فهم نصوص المذهب عند المتأخرين
ومن تأمل كتبهم عرف ذلك واقر بذلك
وانا ذكرت هذا من باب التدعيم لا الاحتجاج
بل الحق قديم لايضره جهل من جهله
-
ولو فهمنا هذا النص هكذا لجاء من يفهم من النص ان من يقاتل مع الكفار ضد المسلمين لايستحق اي عقوبة لان الفقهاء ذكروا انه يفرج عنه هذا فيمن لايعرف اسلامه
فكيف بمن يعرف اسلامه هذا يبنبغي ان يعاقب من حبسه
مارايكم لو احد فهم هذا من كلام الفقهاء في هذا الموضع
هل يقبل هذا الكلام المخالف او يرده ولايقبله
والله أعلم
وللموضوع تتمة
ـ[ابن وهب]ــــــــ[07 - 09 - 04, 11:47 م]ـ
قال الشيخ الشريف العوني وفقه الله
(وانظر أيضًا في حديثهم عن حُرْمَةِ بيع السلاح للحربي، وتفريقهم بين بيعه له وبيعه للذِّمّي، وبُعْدِ تلك التقريرات كل البعد عن
التكفير بكل وجهٍ من وجوه الإعانة للكفار
فما الفرق بين من يبيع السلاح للكفار المحاربين من أجل المال، ومن يعينهم بوجه آخر لأجل الدنيا؟!
)
انتهى
في المجموع
((فرع) ذكرنا أن بيع السلاح لمن عرف عصيانه بالسلاح مكروه قال أصحابنا يدخل في ذلك قاطع الطريق والبغاة (وأما) بيع السلاح لاهل الحرب فحرام بالاجماع ولو باعهم اياه لم ينعقد البيع علي المذهب الصحيح وبه قطع جماهير الاصحاب في الطريقتين ونقله امام الحرمين والغزالي عن الاصحاب وحكينا وجها لهما والماوردي والشاسى والرويانى شاذا أنه يصح مع انه حرام قال الغزالي هذا الوجه منقاس ولكنه غير مشهور * واحتجوا للمذهب بأنهم يعدون السلاح لقتالنا فالتسليم إليهم معصية فيصير بائعا ما يعجز عن تسليمه شرعا فلا ينعقد قال الماوردى والرويانى هذان الوجهان مخرجان من قول الشافعي في صحة بيع العبد المسلم الكافر قال الرويانى فان صححناه امر بازالة الملك فيه كما في شرائه العبد المسلم والله سبحانه وتعالى أعلم * (وأما) بيع السلاح لاهل الذمة في دار الاسلام ففيه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/180)
طريقان (احدهما) وبه قطع امام الحرمين والجمهور صحته لانهم في أيدينا فهو كبيعه لمسلم (والثانى) في صحته وجهان حكاهما المتولي والبغوى في كتابيه التهذيب وشرح المختصر والرويانى وغيرهم (وأما) بيع الحديد لاهل الحرب فاتفق الاصحاب على صحته لانه لا يتعين لاستعماله في السلاح وقد يستعملونه في آلات المهنة كالمساحي وغيرها وممن صحح المسألة وجزم بها امام الحرمين والبغوى في كتابيه وآخرون والله سبحانه وتعالى أعلم)
في تحفة المحتاج
(وفداء بأسرى) منا أو من الذميين على الأوجه ولو واحدا في مقابلة جمع منا أو منهم. (أو مال) فيخمس وجوبا أو بنحو سلاحنا ويفادي سلاحهم بأسرانا على الأوجه لا بمال إلا إن ظهرت فيه المصلحة ظهورا تاما من غير ريبة فيما يظهر ويفرق بينه وبين منع بيع السلاح لهم مطلقا بأن ذلك فيه إعانتهم ابتداء من الآحاد فلم ينظر فيه لمصلحة وهذا أمر في الدوام يتعلق بالإمام فجاز أن ينظر فيه إلى المصلحة)
الحربي) ولو مستأمنا <ص: 232> (سلاحا)، وهو هنا كل نافع في الحرب ولو درعا وفرسا بخلافه في صلاة الخوف لاختلاف ملحظ المحلين أو بعضه، لأنه يستعين به على قتالنا فالمنع منه لأمر لازم لذاته فألحق بالذاتي في اقتضاء المنع فيه الفساد بخلاف الذمي بدارنا، لأنه في قبضتنا والباغي، وقاطع الطريق أي لسهولة تدارك أمرهما، وأصل السلاح كالحديد لاحتمال أن يجعل غير سلاح فإن ظن جعله سلاحا حرم وصح كبيعه لباغ أو قاطع طريق (والله أعلم).
انتهى
أقول
الذمي الذليل الحقير المهان في أرضنا وفي قبضتنا وهو ملتزم بالشروط العمرية ومن ذلك عدم اظهار السلاح
فلو ان الذمي قاتلنا بالسلاح وانضم الى المحاربين فهو حربي حكمه حكم الحربي ومن باع السلاح له كمن باعه لحربي لافرق
والكلام فقط في بيع السلاح لذمي ولايعرف هل يقصد به الاعانة او لايقصد
فقد يعين مجموعة كافرة على مجموعة كافرة
ولكن في بيع السلاح له مظنة ان يستعين به علينا فلذا كرهه من كرهه
وليس في هذا النص التعرض لحكم من ببيع السلاح للحربي قاصدا اعانتهم علينا
فقد يبيع السلاح لحربي لاجل قتال حربي آخر مثلا
ثم ان التحريم لاينافي التكفير
ويجب التنبيه الى شيء وهو ان الكلام هو عن اعانة الكفار على المسلمين
في المدونة
(في بيع الكراع والسلاح والعروض لاهل الحرب) (قلت) لابن القاسم أرأيت أهل الحرب هل يباعون شيئا من الاشياء كراعا أو عروضا أو سلاحا أو سروجا أو نحاسا أو غير ذلك في قول مالك (قال) قال مالك (أما كل ما هو قوة على أهل الاسلام مما يتفوون به في حروبهم من كراه أو سلاح أو خرثي (1) أو شئ مم ايعلم أنه قوة في الحرب من نحاس أو غيره فانهم لا يباعون ذلك)
الكلام فيما هو مظنة الانتفاع
وَلَا) شِرَاءُ (الْحَرْبِيِّ سِلَاحًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ فِي الْمَنَاهِي لِأَنَّهُ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى قِتَالِنَا بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ فَإِنَّهُ فِي قَبْضَتِنَا وَبِخِلَافِ غَيْرِ السِّلَاحِ مِمَّا <ص: 197> يَتَأَتَّى مِنْهُ كَالْحَدِيدِ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ جَعْلُهُ سِلَاحًا،
سلاحا) هل كالسلاح السفن لمن يقاتل في البحر أولا لعدم تعينها للقتال فيه نظر ويتجه الاول كالخيل مع عدم تعينها للقتال سم على حج اه ع ش قوله: (وفرسا) أي وإن لم تصلح للركوب حالا وكذا ما يلبس لها كسرج ولجام اه. بجيرمي قوله: (بخلافه في صلاة الخوف) أي فإن المراد بالسلاح ثم ما يدفع لا ما يمنع اه. ع ش قوله: (أو بعضه) أي بعض السلاح شائعا اه. ع ش قوله: (لانه يستعين الخ) أي مظنة الاستعانة ليكون لازما سم على حج والمراد أنه إذا حملت الاستعانة على ظاهرها لم تكن لازمة للبيع اه. ع ش قوله: (فيه) الاولى منه قوله: (بخلاف الذمي بدارنا) أي إذا لم يظن بقرينة إرساله إلى دار الحرب سم ونهاية
حرم الخ) أي بيعه قوله: (وصح) ولعله لم ينظر إلى هذا الظن لعدم صلاحيته للحرب بهيئته بخلاف ما لو خيف دس ذمي بدارنا السلاح إلى أهل الحرب فإنه لا يصح لصلاحيته للحرب بتلك الهيئة اه. ع ش.
انتهى
، وقال البجيرمي: عبر بذلك دون مسلم ليشمل جواز وضع السلاح عند ذمي في قبضتنا اه
قوله: (مفاداته بالمال) ينبغي بغير آلة الحرب لما مر من حرمة بيعها لهم ولو كان قوتا يأكلونه ونحو حديد يمكن اتخاذه سلاحا ولو قيل هنا بجواز دفع السلاح لهم إن ظهرت فيه مصلحة تامة لم يبعد أخذا مما يأتي في رد سلاحهم لهم في تخليص أسرائنا منهم اه ع ش وما ذكره آخرا هو الظاهر والله أعلم
قوله: (المسلمين) قال الشارح في غير هذا الشرح والاوجه جوازها للذميين كبيع السلاح لهم ولانه يجوز لنا الاستعانة بهم في الحرب بالشرط السابق اه وسيأتي خلافه هنا عن البلقيني اه سم
وعدم حرابة من يشتري له عدة حرب) كسيف ورمح ونشاب وترس ودرع وخيل، فلا
يصح شراؤه لحربي لانه يستعين به على قتالنا بخلاف الذمي أي في دارنا، فإنه في قبضتنا وبخلاف غير عدة الحربي ولو مما يتأتى منه كالحديد إذ لا يتعين جعله عدة حرب، وتعبيري بها أعم من تعبيره بالسلاح
في الكافي
(ولا يجوز بيع العنب والعصير لمن يتخذه خمراً، ولا السلاح لأهل الحرب، أو لمن يقاتل به في الفتنة، ولا الأقداح لمن يشرب فيها الخمر، لأنه معونة على المعصية،فلم يجز،كإجارة داره لبيع الخمر)
انتهى
تأمل قوله السلاح لاهل الحرب
بينما في الامور الاخرى بيع السلاح لمن يقاتل به في الفتنة
او الاقداح لمن يشرب فيها الخمر
انتهى
والتحريم لاينافي التكفير
فالاحتجاج بهذا فيه شيء والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/181)
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[07 - 09 - 04, 11:50 م]ـ
الإخوة الكرام وفقكم الله، المعذرة على التطفل. أشكل علي استعمال الطرفين لقصة حاطب بن أبي بلتعة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - لنصرة ما يذهب إليه.
- وذلك لأن رواية الحديث عند أحمد وابن حبان وغيرهما جاء فيها قول حاطب 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: "ولقد علمت أن الله مظهر رسوله ومتم له".
فدل هذا على أن حاطباً 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - كان يعلم يقيناً أن ما فعله لن يسبب أذى للمسلمين. وإنما فعله لأجل أن يظن المشركون أنه ساعدهم فيراعوه لذلك. فكيف يستدلّ بهذه القصة في أحكام التجسس والتولي مع وجود هذا الفارق الكبير؟!
- الأمر الآخر هو أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أقر عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - على أن الأصل في فعل حاطب 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - هو النفاق، وإنما اعترض عليه بشأن تنزيل الحكم بالنفاق على حاطب على وجه الخصوص، ولم يعترض النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على أصل وصف فعل حاطب بأنه نفاق.
وقد يكون الإخوة قد تطرقوا لشيء من ذلك في أثناء حوارهم الطويل، لكنني لم أقف عليه.
والله أعلم.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[08 - 09 - 04, 01:42 ص]ـ
كنت أود أن أعلق على كتاب الشيخ الشريف حاتم العوني وفقه الله
ولكني قرأت تعقيبات شيخنا المقرىء وفقه الله
فأردت التعقيب السريع ولي عودة
اما عن الاجماعات فهذا له موضع آخر
لكن لعلي اتي على بعض الادلة التي ذكرها الشيخ وفقه الله
قال الشيخ (الصورة الثانية من صور الإعانة: المشورة
قصة أبي لبابة مع اليهود في معركتهم مع المسلمين لما أشار إلى حلقه حينما استشاروه فقالوا " ماذا هو صانع بنا؟ فأشار إلى حلقه "
) قد ينازع المخالف في صحة الحديث فيقول (ولست ممن يقول ذلك ولكن الشيخ استعمل هذا في كلامه على الاجماع)
فيقول المنازع (القصة رويت من عدة طرق في احدها مجهول لم يرو عنه الا شخص واحد وهذا يعتبره الدارقطني مجهولا وان وثق والسند الاخر فيه من قال فيه الدارقطني لايحتج به وان وثق
وبقية الروايات مراسيل من مراسيل الزهري ونحو ذلك فلا يثبت به الرواية)
اقول وفي تفسير الطبري
(9396ـ حدثني محمد بن الحسين, قال: حدثنا أحمد بن مفضل, قال: حدثنا أسباط, عن السديّ: لا يحْزُنْكَ الّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الكُفْرِ مِنَ الّذِينَ قالُوا آمَنّا بأفْوَاهِهِم ولَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ قال: نزلت في رجل من الأنصار زعموا أنه أبو لُبابة أشارت إليه بنو قُريظة يوم الحصار ما الأمر؟ وعلام ننزل؟ فأشار إليهم: إنه الذبح.)
ومعاذ الله ان تحتج بمثل هذا ولكن ذكرناه للفائدة
فان قائل قائل وها انت قد ذكرته في الموضع السابق اقول ذكرته لاثبت كلام الطبري
وهنا ايضا يقول الطبري
(وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: عُنِي بذلك: لا يحْزُنْكَ الّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الكُفْرِ مِنَ الّذِينَ قالُوا آمَنّا بأفْوَاهِهِم ولَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ: قوم من المنافقين. وجائز أن يكون كان ممن دخل في هذه الاَية ابن صُوريا, وجائز أن يكون أبو لُبابة, وجائز أن يكون غيرهما)
ولاادري كيف قال ذلك وليس هذا موضع بسط هذه المسألة
قال الشيخ المقرىء وفقه الله
(قصة عكرمة مع أبي الأسود في حديث ابن عباس عندما نهى عكرمة أبا الأسود مستدلا له بحديث ابن عباس في البخاري أن ناسا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سوادهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي السهم يرمي به فيصيب أحدهم فيقتله أو يضرب عنقه فيقتل فأنزل الله " إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم "
وجه الدلالة:
1 – سماهم في الحديث " المسلمين "
2 – سماهم الله ظالمي أنفسهم ولم يطلق عليهم الكفر
قال ابن حجر: فرأى عكرمة أن من خرج في جيش يقاتلون المسلمين يأثم وإن لم يقاتل ولا نوى ذلك "
)
ولاادري كيف جزم الشيخ المقرىء بالقتال والحديث فيه يكثر سوادهم وهل يلزم من تكثير السواد القتال معهم و (ومباشرة القتال والقتل)
والشيخ ينقل عن ابن حجر هذا القول
لعلنا ننقل من تفسير الطبري ومن كلام عكرمة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/182)
(حدثنا الحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا ابن عيينة, عن عمرو بن دينار, قال: سمعت عكرمة يقول: كان ناس بمكة قد شهدوا أن لا إله إلا الله, فلما خرج المشركون إلى بدر أخرجوهم معهم, فقتلوا, فنزلت: {إنّ الّذِينَ تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمِي أنْفُسهِمْ} ... إلى قوله: {أُولَئِكَ عَسَى اللّهُ أنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وكانَ اللّهُ عَفُوّا غَفُورا} فكتب بها المسلمون الذين بالمدينة إلى المسلمين الذين بمكة. قال: فخرج ناس من المسلمين حتى إذا كانوا ببعض الطريق طلبهم المشركون فأدركوهم, فمنهم من أعطى الفتنة, فأنزل الله فيهم: {وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَقُوْلُ آمَنّا باللّهِ فإذَا أُوذِيَ فِي اللّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النّاسِ كَعَذَابِ اللّهِ}. فكتب بها المسلمون الذين بالمدينة إلى المسلمين بمكة, وأنزل الله في أولئك الذين أعطوا الفتنة: {ثُمّ إنّ رَبّكَ للّذِينَ هاجَروا مِنْ بَعْد ما فُتِنُوا ثّم جاهَدُوا} ... إلى {غَفُورٌ رَحِيمٌ}.)
(حدثنا القاسم, قال: حدثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جريج, عن عكرمة, قوله: {إنّ الّذِينَ تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمِي أنْفُسهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ} ... إلى قوله: {وَساءَتْ مَصيرا} قال: نزلت في قيس بن الفاكه بن المغيرة والحارث بن زمعة بن الأسود وقيس بن الوليد بن المغيرة وأبي العاص بن منبه بن الحجاج وعليّ بن أمية بن خلف. قال: لما خرج المشركون من قريش وأتباعهم لمنع أبي سفيان بن حرب وغير قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه, وأن يطلبوا ما نِيلَ منهم يوم نخلة, خرجوا معهم بشبان كارهين كانوا قد أسلموا واجتمعوا ببدر على غير موعد, فقتلوا ببدر كفارا, ورجعوا عن الإسلام, وهم هؤلاء الذين سميناه)
وتفصيل هذا له موضع آخر
قال الشيخ المقرىء وفقه الله
(قصة العباس:
في غزوة بدر لما أسر وكان خرج مكرها مع المشركين في بدر: يا رسول الله قد كنت مسلما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أعلم بإسلامك " فإن يكن كما تقول فإن الله يجزيك وأما ظاهرك فقد كان علينا فافتد نفسك وابني أخيك "
)
انتهى
الكلام في صحة هذا الحرف وكيف وابوعمر النسابة اعني به صاحب التمهيد والاستعياب يقول اسلم عام خيبرا
وابن حجر يقول
(في تهذيب التهذيب
(وقال الواقدي عن بن أبي سبرة عن حسين بن عبد الله عن عكرمة عن بن عباس أسلم العباس بمكة قبل بدر وأسلمت أم الفضل معه حينئذ وكان مقامه بمكة وأنه كان لا يعمى على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة من خبر يكون الا كتب به إليه وكان من هناك من المؤمنين يتقوون به ويصيرون إليه مات سنة اثنين وثلاثين وهو بن ثمان وثمانين سنة قاله عمرو بن علي وغيره وقال بن مندة كان أبيض بضا جميلا معتدل القامة وقال خليفة مات سنة 3 وفي رواية سنة 4 قلت ما وقع في رواية الواقدي أنه أسلم قبل بدر ليس بصحيح لأنه شهد بدرا مع المشركين وأسر فيمن أسر ثم فودي ففي الصحيح أنه قال بعد ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم إني فاديت نفسي وعقيلا فلو كان مسلما لما أسر ولا فودي فلعل الرواية بعد بدر)
انتهىوحتى لو صح انه اسلم قبل بدر فالكلام في صحة هذا الحرف
قال الشيخ المقرىء وفقه الله
- شيخ الإسلام كفر التتار في أكثر من موضع وانظر ما ذا قال عمن قاتل معهم من المسلمين: وأيضا لا يقاتل معهم غير مكره إلا فاسق أو مبتدع أو زنديق "
فمن قاتل لشهوة أو دنيا فهو فاسق ومن قاتل لشك أو محبة في دينهم فهو زنديق
ولا شك أن القتال بين المسلمين مع بعضهم ليس كفرا بإجماع أهل السنة
)
انتهى
قد سبق وان بينت انه لايتم الاستدلال بهذا الا اذا كان ابن تيمية يكفر كل من لم يكفر التتار
وهنا وقفة مع تكفير ابن تيمية للتتارو ليس هذا موضعهه
وأما عن عدم تكفيره لعبد الله بن أبي
فاولا الكلام في ثبوت القصة
ثانيا
في التنزيل (: {يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُوَاْ إِلاّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لّهُمْ وَإِن يَتَوَلّوْا يُعَذّبْهُمُ اللّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدّنْيَا وَالاَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأرْضِ مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ}.)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/183)
وقد جاء عن المنافق عبد الله بن أبي ما هو أشد من هذا
كما في سورة المنافقون
وهذا له موضع آخر
والله أعلم
ـ[ابن وهب]ــــــــ[08 - 09 - 04, 02:35 ص]ـ
انظر كيف فرق الشافعي بين القتال وغيره لاكما يقول المخالف
هذا وان كان في الكافر ولكن فيه دلالة على أن التفريق بين القتال وغيره امر معقول لايمكن رده
في الأم
(فقلت للشافعي: أرأيت الذي يكتب بعورة المسلمين أو يخبر عنهم بأنهم أرادوا بالعدو شيئا ليحذروه من المستأمن والموادع أو يمضي إلى بلاد العدو مخبرا عنهم قال: يعزر هؤلاء ويحبسون عقوبة وليس هذا بنقض للعهد يحل سبيهم وأموالهم ودماءهم وإذا صار منهم واحد إلى بلاد العدو فقالوا: لم نر بهذا نقضا للعهد فليس بنقض للعهد ويعزر ويحبس قلت للشافعي أرأيت الرهبان إذا دلوا على عورة المسلمين؟ قال: يعاقبون وينزلون من الصوامع ويكون من عقوبتهم إخراجهم من أرض الإسلام فيخيرون بين أن يعطوا الجزية ويقيموا بدار الإسلام أو يتركوا يرجعون فإن عادوا أودعهم السجن وعاقبهم مع السجن قلت للشافعي: أفرأيت إن أعانوهم بالسلاح والكراع أو المال أهو كدلالتهم على عورة المسلمين؟ قال: إن كنت تريد في أن هذا لا يحل دماءهم فنعم وبعض هذا أعظم من بعض ويعاقبون بما وصفت أو أكثر ولا يبلغ بهم قتل ولا حد ولا سبي فقلت للشافعي فما الذي يحل دماءهم؟ قال: إن قاتل أحد من غير أهل الإسلام راهب أو ذمي أو مستأمن مع أهل الحرب حل قتله وسباؤه وسبي ذريته وأخذ ماله فأما ما دون القتال فيعاقبون بما وصفت ولا يقتلون ولا تغنم أموالهم ولا يسبون)
انتهى
والقتال ليس هو السبب المبيح للقتل عند الشافعي (في المشهور من مذهبه) بل السبب المبيح للقتل عنده هو الكفر
والقتال= نقض العهد فعاد حربيا حلال الدم
فانظر كيف فرق بين القتال وغيره واعتبر القتال نقضا للعهد
فتصوير التجسس بانه اخطر من القتال فينبغي ان يكون حكمه اشد ليس بلازم فهذا الشافعي اعتبر القتال = نقض للعهد ولم يعتبر ما دونه من الدلالة والاعانة بالسلاح نقضا للعهد
فالتسوية بين هذا وهذا فيه نظر
ـ[المقرئ]ــــــــ[09 - 09 - 04, 05:29 م]ـ
إلى الشيخ الفاضل: هيثم وفقه الله
استشكالكم سددكم الله بقولكم (أشكل علي استعمال الطرفين لقصة حاطب بن أبي بلتعة لنصرة ما يذهب إليه)
المسألة التي نحن بصددها هو توصيف الإجماع المنقول في إعانة الكافر على المسلم لدنيا أو هوى
والمخالف استدل بالجاسوس على أنه إعانة واضحة للكافر على المسلم وذلك أن أكثر الفقهاء لم يكفروه
بغض النظر عن حديث حاطب هل يصح الاستدلال به أم لا؟ وبغض النظر عن صحة الاستدلال به
ولذلك المخالف لا يمكن أن يشتغل بنفي الدلالة في حديث حاطب على المقصود بل لابد أن يشتغل بنفي أن الجاسوس غير كافر بسبب نوع الإعانة أو ما شابه ذلك
فليس الخلاف بيننا في دلالة حديث حاطب
الخلاف بيننا في السبب الذي جعل أكثر الفقهاء لم يكفره، فالقائل بعدم الإجماع على كفر المعين يستدل بأن هذا خرق للإجماع فقط وهو روح المسألة التي نتكلم عنها
وأما قولكم بارك الله فيكم: (فدل هذا على أن حاطباً كان يعلم يقيناً أن ما فعله لن يسبب أذى للمسلمين)
فيه وقفتان:
الأولة: أن المخالف لو قلنا له هل ينقض الإجماع صورة هذه المسألة أي لو أعان الكافر على المسلم مع علمه أن المسلمين منتصرون هل يخرج هذا الظن عن التكفير لقال لك: لا
فعليه فلم يستدل بصورة المسألة أيضا
الثانية: لا يمكن أن يكون في نفس حاطب أنه لن يتضرر المسلمون، بل مطلق الضرر موجود ولو قليلا
وقولكم وفقكم الله " الأمر الآخر هو أن النبي أقر عمر على أن الأصل في فعل حاطب هو النفاق، وإنما اعترض عليه بشأن تنزيل الحكم)
وصف عمر لحاطب بالنفاق هذا له أمثلة كثيرة ولا يخفاكم بارك الله فيكم أن خصال النفاق درجات منها ما يكون في المسلم ولا ينفي عنه مسمى الإيمان
بخلاف ما لو قال عمر دعني أضرب عنقه فقد كفر أو ارتد فهنا يصح الاستدلال
وأكرر أكثر من مرة " مسألتنا فقط هو تحقق الإجماع " وليس ما هو الراجح
وسأناقش مداخلة شيخنا ابن وهب فقد أكرمنا والله في مداخلته متعنا الله بعلومه
محبكم المقرئ
ـ[ابن وهب]ــــــــ[09 - 09 - 04, 08:21 م]ـ
شيخنا الحبيب المقرىء وفقه الله
بارك الله فيكم
ذكرتم وفقكم الله
(وصف عمر لحاطب بالنفاق هذا له أمثلة كثيرة ولا يخفاكم بارك الله فيكم أن خصال النفاق درجات منها ما يكون في المسلم ولا ينفي عنه مسمى الإيمان
بخلاف ما لو قال عمر دعني أضرب عنقه فقد كفر أو ارتد فهنا يصح الاستدلال)
في اجابة الشيخ الجليل علوي السقاف على سؤال الشيخ الجليل عبد الله زقيل
في سرده لالفاظ الحديث
(
(فَقَالَ عُمَرُ: ((يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ)) ((دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ)) ((فَإِنَّهُ قَدْ كَفَرَ))
)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/184)
ـ[المقرئ]ــــــــ[09 - 09 - 04, 11:05 م]ـ
إلى شيخنا ابن وهب حفظه الله:
سأختصر الكلام لئلا نطيل ومثلكم تكفيه الإشارة:
قولكم بارك الله فيكم [تأمل قوله (يخفي اسلامه) من الذي يخفي اسلامه غير المكره وهل يجوز لغير المكره ان يخفي اسلامه فهذا حكم المكره]
لو كانوا معذورين فلماذا ينزل فيهم قوله تعالى " إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم]
وأنتم تعلمون أن الإجماع منعقد على عدم تأثيم المكره، وهكذا المفسرون ردوا هذا الاعتراض لأن الله وبخهم
وقولكم وفقكم الله [كلام الفقهاء هنا عن المكره وهذا الموضع من كتب الحنابلة بل وهذا في كتب متاخري الحنابلة وائمة الدعوة النجدية من اعلم الناس بنصوص المذهب عند المتأخرين بل لايوجد في عصرنا من يجاريهم في فهم نصوص المذهب عند المتأخرين ومن تأمل كتبهم عرف ذلك واقر بذلك وانا ذكرت هذا من باب التدعيم لا الاحتجاج بل الحق قديم لايضره جهل من جهله]
من قال إن كلام الفقهاء في المكره هذه نصوص العلماء مطلقة وأين ذكروا أنههم يعنون المكره ولولا الإطالة لنقلت لكم النصوص المتكاثرة للفقهاء ليس فيها نص واحد بأنه مكره، بل الكلام واضح جدا
وأما قولكم إنه يلزم منه أن يطلق ولا يعاقب فهذا غير صحيح فالسياسة الشرعية هي المرعية فإن كانت المصلحة تقتضي تعزيره عزر ويرجع في هذا إلى الحاكم، ولا يخفاكم خلاف أهل العلم في إقامة الحد على المسلم في الغزو فكيف بما هو أقل منه
وأما ردكم على صورة بيع السلاح:
قولكم: [وليس في هذا النص التعرض لحكم من ببيع السلاح للحربي قاصدا اعانتهم علينا
فقد يبيع السلاح لحربي لاجل قتال حربي آخر مثلا]
النص واضح يبيع السلاح لأهل الحرب من هم أهل الحرب؟
ولا أريد أن أفهم من كلامكم وفقكم الله: [قاصدا إعانتهم علينا] شيئا لأن ظاهره أنه إذا باع أهل الحرب ولو علم أنهم سينتفعون به علينا ولكن باعه لأجل المال أن هذا لا يكفر ولا أظنه مرادكم لأنكم لا توافقون على هذا
وكلام الفقهاء واضح والنقل الذي نقلته عن الصنعاني واضح جدا
وأما قولكم وفقكم الله: [والتحريم لاينافي التكفير]
الأصل التحريم دون التكفير ولا يخفى عليك أن الفقهاء يذكرون هذا في البيوع المحرمة مع البيوع التي تحريمها تحريم وسائل كبيع البيض لمن يتخذه للقمار وبيع العنب لمن يتخذه خمرا وهكذا
وأما لو كان مكفرا لذكر في باب المرتد والردة وليس هذا موضعه
ولهذا تجد بعض الفقهاء يتكلم عن حكم الصلاة وحكم تاركها ثم يعيدها في باب المرتد وأحيانا لا يتكلم عن حكم تاركها إلا في باب المرتد وأما مسألة الإعانة فلم أجد أحدا تكلم عليها في باب المرتد أبدا فلو كانت هذه الصورة مكفرة لذكروها كما ذكروا غيرها ومظنة هذه المسألة فيها كما هو معلوم وشيوخ الحنابلة وغيرهم ما ذكروها في باب المرتد وإنما في باب البيوع المنهي عنها مما يدل على التحريم لا التكفير
وأما قولكم زادكم الله برا وتوفيقا وتقوى [ولاادري كيف جزم الشيخ المقرىء بالقتال والحديث فيه يكثر سوادهم وهل يلزم من تكثير السواد القتال معهم و (ومباشرة القتال والقتل والشيخ ينقل عن ابن حجر هذا القول]
فيه وقفتان:
الأولة: هل أفهم من شيخنا أن من خرج ولم يقاتل وإنما وقف في صفهم ضد المسلمين مكثرا لسوادهم مكتتبا معهم في جيشهم أنه لا يكفر؟
الثانية: هذا هو فهم أهل العلم لهذه الحديث كما فهمه ابن حجر ولكل فهمه
وأما قولكم وفقكم الله [قد سبق وان بينت انه لايتم الاستدلال بهذا الا اذا كان ابن تيمية يكفر كل من لم يكفر التتار وهنا وقفة مع تكفير ابن تيمية للتتارو ليس هذا موضعهه]
التتار أتوا بأمور مجمع على كفر صاحبها وقد بين شيخ الإسلام في الفتاوى في أكثر من موضع عقائدهم فقد قال عن جنكسخان: ملك كافر مشرك من أعظم المشركين كفرا وفسادا وعدوانا "
وقال أيضا إن أتباعه يعتقدون أن ملكهم ابن الله وأنه أعظم رسول عند الله إلى غير ذلك من العقائد الباطلة
وأما قولكم وفقكم الله [وقد جاء عن المنافق عبد الله بن أبي ما هو أشد من هذا]
طيب لماذا لم يكفره رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقولكم [فتصوير التجسس بانه اخطر من القتال فينبغي ان يكون حكمه اشد ليس بلازم فهذا الشافعي اعتبر القتال = نقض للعهد ولم يعتبر ما دونه من الدلالة والاعانة بالسلاح نقضا للعهد]
فيه وقفات إليك بعضها:
- هذا ليس في محل المسألة كما بينتم وفقكم الله فهذا في الكافر ومسألتنا في المسلم
- استدللنا بالتجسس لأن فيه إعانة كما هو واضح فيحق الاستدلال به على المسألة
والخلاصة شيخنا ابن وهب:
تأملوا المسألة الفقهية التي سبق نقلها عن ابن قدامة والمرداوي ففي نظري أنه لا يمكن صرفهما بمجرد ظنون
نعم لو كان ثم إجماع منعقد على أن من قاتل كفر مطلقا نحتاج إلى هذا، أما وإنه ليس فيه إجماع على صورة المسألة فلماذا لا يحدد المناط للإجماع العام في التولي وتستقيم الصور في نسقها الصحيح
محبكم: المقرئ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/185)
ـ[المقرئ]ــــــــ[09 - 09 - 04, 11:17 م]ـ
وأما قولي في المشاركة السابقة [بخلاف ما لو قال عمر دعني أضرب عنقه فقد كفر أو ارتد فهنا يصح الاستدلال]
ذكرت هذا لأن هيثم استشكل الاستدلال وأتى بهذا اللفظ فقط " النفاق " فرددت على سؤاله
لكنه لو استدل بتلك الرواية التي فيها كفر لقلت له إجابة المخالفين من وجوه:
أن المخالف يضعفها
أو يرد بقوله لو كان هذا مكفرا لقال له الرسول صلى الله عليه وسلم بعدما قال له حاطب " لم أفعله ارتدادا من دِينِي وَلا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلام)) ((وَمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ كُفْرًا)) ((وَمَا غَيَّرْتُ وَلا بَدَّلْتُ)) ِ ((مَا كَانَ بِي مِنْ كُفْرٍ وَلا ارْتِدَادٍ))
لقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: وأي ردة أشد من هذا
ولا يمكن أن يستدل المخالف بهذا أتدري لماذا وأرجو أن تنتبه لهذا:
لأنه لو استدل لقلنا له:
لو قاتل رجل مع الكفار ثم قبضناه وقلنا له لماذا تفعل هذا؟
فأجاب: ما فعلته ردة ولا كفرا وإنما رجاء المال أنقبل قوله كما قبل فعل حاطب
أظنك لن تقبل هذا
وعليه فلا يستقيم الاستدلال ببعض الحديث وترك بعضه
محبك: المقرئ
ـ[محب العلم]ــــــــ[21 - 09 - 04, 10:28 م]ـ
أخي الفاضل المحب المقرئ سلمه الله
قد تظن أخي الكريم أني جمعت نفسي خلال الفترة الماضية على تعقيبك وأشبعته بحثا ومراجعة وتفهما وخرجت فيه بصورة واضحة عن مدى بعدك وقربك من الصواب في هذه المسألة الجليلة فلا والله لم يحصل شئ من ذلك! لا إهمالا مني لبديع نظامك وحسن كلامك بل من هذه الدنيا التي في كل واد منها مزعة من القلب.
وقد كتبت قبل أيام تعقيبا على كلامك ولما أنزلته أبى الملتقى أن يستقبله لأني اتبعت رابطا غير صحيح بزعمه ففقدته وضعفت النفس عن إعادته في حينه، ولعلي أن ألخص لك الآن بعض ماعندي فيه.
===============
قلت لك أخي أول الأمر إن تعقيبك جدير بالنظر والتأمل لامجاملة لك أخي الكريم بل لأني رأيت فيه أول وجه صحيح من أوجه الاعتراض على الاجماع الذي نقلته وهو الاعتراض بالاستفسار.
والاعتراض بالاستفسار هو الاعتراض على لفظ في محل الاجماع غريب أو مجمل تمنع غرابته أو إجماله وضوح المعنى المجمع عليه فيه.
وهذا الوجه من أوجه الاعتراض على الاجماع وجه صحيح عند عامة الاصوليين بل نقل الاجماع على صحة الاعتراض به، وفي الجزء الرابع من شرح الكوكب المنير طرف بيان لمباحثه.
واعتراضك على لفظ (التولي) ليس اعتراضا على غرابته بل على إجماله.
والاعتراض بالاجمال على اللفظ المنقول الاجماع على معناه صحيح كماتقدم والمسالك التي يذكرها الاصوليون للمجيب عن هذا الاعتراض هي اثنان:
أولها: الجواب بالمنع
وثانيها: بالتسليم.
فالأول يكون بمنع دعوى الاجمال.
والثاني يكون بالتسليم بالاجمال مع اثبات أن المعنى المحتج بالاجماع عليه هو المراد في هذا اللفظ المجمل بقرينة تدل عليه يلزم المجيب بيانها.
ولم يذكر أحد منهم أن اللفظ إذا كان مجملا فلابد من نقل الاجماع على أن المراد بمعناه هو المراد نقل الاجماع عليه فهذا لايستقيم وجوده في كثير من الاجماعات المنقولة على معان بألفاظ مجملة لأن القرائن كافية في إثبات المعنى المراد.
وقد بينت لك في التعقيب السابق قرائن كثيرة على أن الاعانة داخلة في التولي المراد بالآية ثم بكلام ابن حزم، وإنما أخرجنا بعض صور الاعانة بإجماع آخر على عدم دخولها في الموالاة المكفرة كإعانة الكافر في غير الحرب على المسلمين، وحديث حاطب رضي الله عنه ليس بحجة ظاهرة على إخراج أي صورة من صور إعانة الكفار على المسلمين من الموالاة المكفرة فضلا عن خروج جميع صور هذه الاعانة.
وتأمل أخي الكريم قولك الأخير:
===
لم تخالفني لما قلت بالتفصيل في مسألة المودة أليس كذلك؟
مع أن المودة من معاني الموالاة - طيب - اذكر عالما متقدما فصل في مسألة المودة وفرق هذا التفريق؟
===
فهذا السؤال كاف جدا في فهم المعنى الذي خفي عليك في الاعانة، لأننا جميعا متفقون على أن محبة الكفار فيها تفصيل عند أهل العلم وجنس الاعانة كذلك فالمحبة المكفرة هي محبة دين الكفار وغير المكفرة هي محبتهم لغير دينهم، ومع هذا الاجماع المتواتر عند المسلمين على أن محبة الكفار لدينهم كفر أكبر فإنا لانعلم أحدا من أهل العلم في القرون المفضلة نص على أن محبة دين الكفار كفر أكبر إجماعا. فإن وجدت فأكرمنا.
فلو جاء المخالف في مسألة الاعانة - وليكن أنت أخي الكريم - ففصل في هذه المحبة الكفرية فجعل محبة دين الكفار كفر أكبر إذا نصر دينهم وأما مجرد المحبة القلبية فليست بكفر أكبر - عكس قول المخالف في الاعانة والنصرة- لكان قوله مردودا عند الجميع وهذا وجه جديد من أوجه إثبات الاجماع في هذه المسألة.
فالقول في النصرة والاعانة هنا هو كالقول في المودة والمحبة، فكما أن محبة الكفار لغير دينهم ليس بكفر أكبر فكذلك إعانتهم على مالاينصر دينهم ليس بكفر أكبر، وكما أن محبة دينهم كفر أكبر إجماعا فكذلك نصرة دينهم كفر أكبر إجماعا،/ ومايعترض به على النصرة يعترض به على المحبةولافرق.
وأما الأوجه التي طال الكلام فيها وهي خارج محل النزاع كالأسير وبيع السلاح على أهل الحرب ونحوها فالبحث فيها لاثمرة له أصلا أو هو قليل الثمرة لأنه بحث في تحقيق مناط الاعانة لا في الاعتراض بها على عدم كفر المعين والاستدلال بمثلها على نقض الاجماع في المسألة إنما هو (تلمس) لا (احتجاج)، والتلمس كالتجسس سبق الكلام فيه.
والحاصل هو أن مخالفك وفقك الله إذا قال (مطلق الاعانة) فهو يقصد ب (أل) في الاعانة العهد الذكري لا الجنس، والمراد إعانة على الكفار على المسلمين، فهذه الاعانة بجميع صورها كفر أكبر، كما أن محبة دين الكفار بجميع صورها كفر أكبر.
وأعتذر مجددا عن انشغالي عنك.
والله يحفظك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/186)
ـ[العيدان]ــــــــ[29 - 09 - 04, 02:33 م]ـ
بسم الله
الشيخ المفضال:محب العلم جمعنا الله به في مستقر رحمته عند مليك مقتدر ..
لعلك تواصل ذكر بقية الأدلة
وصلك الله برضاه ..
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[27 - 12 - 04, 12:05 ص]ـ
س 1140: فضيلة الشيخ: ماهو الفرق بين موالاة الكفار وتوليهم؟
الجواب: المولاة معناها المناصرة والمساعدة على أمورهم الكفرية ومن ذلك أن يقاتل المسلمون مع الكفار
يعني مثلا يقوم الكفار بغزو بلد من البلدان الإسلامية فيتولاهم هذا المسلم وينصرهم ويساعدهم على هذه البلدة بالقتال سواء بالسلاح أو بإمدادهم بأي شئ يساعدهم على قتال المسلمين هذا من موالاتهم وهو أيضا من توليهم فإن الموالاة والتولي يُراد بها هنا المناصرة وان يكون يدا معهم على المسلمين وأما الإستعانة بهم فهذا يرجع إلى المصلحة إن كان في ذلك مصلحة فلا بأس بشرط أن نخاف من شرهم وغائلتهم وأن لا يخدعونا وإن لم يكن في ذلك مصلحة فلا يجوز الإستعانة بهم لأنهم لا خير فيهم.ج3 ص 20 ط مكتب دار البصيرة
س1507: فضيلة الشيخ ما هو الضابط في مولاة الكفار بحيث من فعل ذلك مثلا يكون مواليا لهم؟
ج: المولاة في الواقع هي المناصرة والمعاضدة بحيث تناصر الكافرين وتعاضدهم على المسلمين فإن عاضدتهم وناصرتهم عل كفار أشد منهم فهذا خير لأنك دفعت أعلى المفسدتين بأدناهما إذا لم تخف خيانة من الذين ناصرتهم على العدو وأما إذا ناصرتهم على مسلمين فهذا خطر عظيم ويُخشى على من فعل ذلك أن يدخل في قوله تعالى (ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين) وأما معاملتهم في البيع والشراء وأن يدخلوا في عهدنا فهذا جائز فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يبيع ويشتري من اليهود، كان اشترى طعاما لأهله ومات ودرعه مرهونة عندهم وكان يقبل هديتهم وكانت خزاعة دخلت في عهده حين عاهد قريشا في صلح الحديبية وهم كفار ولكنهم كانوا أهل نصح للمسلمين، وهذه المسألة من أدق المسائل وأخطرها ولا سيما عند الشباب لأن بعض الشباب يطن أن أي شئ يكون فيه اتصال مع الكفار فهو موالاة لهم وليس كذلك. فالموالاة لها معاني كثيرة ولكن الشئ الذي يكون خطرا وربما يخرج من الإسلام هو مناصرتهم ومعاضدتهم على المسلمين. ج3 ص 465 ط مكتب دار البصيرة
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[27 - 12 - 04, 01:21 م]ـ
السؤالان موجّهان للشيخ العلاّمة محمد الصالح العثيمين - رحمه الله تعالى -.
أود من فضيلة الشيخ المقرئ أو الشيخ محب العلم - حفظهما الله تعالى -
من خلال ما نقلته لهما من كلام الشيخ، هل يرى الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - التفصيل في كفر من أعان
الكفار على قتال المسلمين أو أمدّهم بأي شئ يساعدهم على القتال من السلاح وغيره
الذي أفهمه من النقل السابق أنه يراه تولّيا، لكن أشكل علي النقل بأنه يرى التفصيل، فهلا وضحتم حفظكم
الله ذلك.
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[28 - 12 - 04, 11:18 ص]ـ
هذا جزء خاص في الرد على من احتج بحادثة حاطب رضي الله عنه في عدم كفر المظاهر و هو جزء من رد أسميته (تحذير الإخوان من مقال و الله لا يغفر الله لفلان).
قلت: قال تعالى {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} (82) سورة النساء أي كل ما كان من عند غير الله تعالى فهو ينادي على نفسه بالبطلان و الفساد لأن الله تعالى ذكر أنه يوجد فيه تناقض كثير فما كثر تناقضه دل على بطلانه بمجرد النظر إليه لكثرة تناقضه فهذا المشبه من أعظم الناس تناقضا فهو ينقل دليله ثم فيه ما ينقض قوله قال تعالى {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} (33) سورة الفرقان أي من أتى بشبهه فإن في كتاب الله تعالى ما ينقضها و يزهقها بأوضح عبارة و أوجزها لذا قال بعض أهل العلم أن ما من مبطل يأتي بشبهه إلا و في كلامه ما يبطله لذا نقول في الرد على هذا المشبه:
أولا: التكفير بالموالاة المخرجة من الملة أصل ثابت لا يخالف فيه عالم و خالف هذا المشبه فهو ليس من أهل العلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/187)
بل هو مما علم من الدين بالضرورة لأنه نقض لأصل البراءة من الكفار الذي هو أصل من أصول الدين قال تعالى {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (4) سورة الممتحنة و قال {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ} (26) سورة الزخرف و هذا الأصل لا يحتاج إلى إيراد أصلا و لكن لغربة الدين و إنطماس معالم الدين نلجأ إلى ذكر هذه المسائل و التدليل عليها.
ثانيا: كل من أعان الكفار بأي إعانة على المسلمين فهو كافر كما قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (51) سورة المائدة و هذه الآية أجمع المفسرون على أن معناها أنه منهم كما هو ظاهر الآية و نقل عدة من أهل العلم الإجماع على كفر من أعان الكفار على المسلمين بأي إعانة و احتجوا بظاهر هذه الآية و هذا المشبه أورد هذه الآية كأنه يخطأ من احتج بها على كفر من أعان الكفار على المسلمين.
ثالثا: احتج هذه المشبه على خطأ من كفر من أعان الكفار على المسلمين بقوله تعالى {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (8) سورة الممتحنة و كأنه يحتج بها على أن ما يفعله الحكام ليس من الإعانة و إنما هو من البر و القسط معهم لأنهم لم يقاتلونا و لم يخرجونا من ديارنا لذا قال (فهم غفلوا عن قوله سبحانه و تعالى ... ) و ذكر الآية فأنا أريد كل منصف عاقل أن يتدبر هذه الآية و الواقع الذي نعيشه الآن مع الكفار الأصليين من اليهود و النصارى و يحكم عقله هل الآن هو وقت بر اليهود و النصارى كيف و في الآية نفسها شروط ذكرها الله تعالى لهذا البر و هي أن لا يقاتلونا في الدين و لا يخرجونا من ديارنا فانظر إلى طمس البصائر و العمي عن المسلمات و البديهيات حتى بعض بعض الكفار من اليهود و النصارى استنكروا ما يفعله أهل دينهم بالمسلمين و هذا المأفون بسبب دفاعه عن الطواغيت لجأ إلى تبرأة الكفار و أنهم ممن أجاز الله تعالى لنا برهم و القسط معهم
قال بن جرير رحمه في تفسير هذه الآية (وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ: عُنِيَ بِذَلِكَ: لَا يَنْهَاكُمْ اللَّه عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّين , مِنْ جَمِيع أَصْنَاف الْمِلَل وَالْأَدْيَان أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتَصِلُوهُمْ , وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ , إِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَمَّ بِقَوْلِهِ {الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّين وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَاركُمْ} جَمِيع مَنْ كَانَ ذَلِكَ صِفَته , فَلَمْ يُخَصِّص بِهِ بَعْضًا دُون بَعْض , وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: ذَلِكَ مَنْسُوخ , لِأَنَّ بِرّ الْمُؤْمِن مِنْ أَهْل الْحَرْب مِمَّنْ بَيْنه وَبَيْنه قَرَابَة نَسَب , أَوْ مِمَّنْ لَا قَرَابَة بَيْنه وَبَيْنه وَلَا نَسَب غَيْر مُحَرَّم وَلَا مَنْهِيّ عَنْهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ دَلَالَة لَهُ , أَوْ لِأَهْلِ الْحَرْب عَلَى عَوْرَة لِأَهْلِ الْإِسْلَام , أَوْ تَقْوِيَة لَهُمْ بِكُرَاعٍ أَوْ سِلَاح. قَدْ بَيَّنَ صِحَّة مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ , الْخَبَر الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ اِبْن الزُّبَيْر فِي قِصَّة أَسْمَاء وَأُمّهَا .. ) فانظر تقييد بن جرير رحمه الله البر و القسط بأن لا يكون فيه دلالة لهم على عورات المسلمين أو تقويتهم بكراع او سلاح و قارن بين وضع هؤلاء الحاكم المرتدين و
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/188)
إعانتهم للكفار على المسلمين بكل ما أوتوا من قوة.
رابعا: ذكر نفسه هذه الآية {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (9) سورة الممتحنة بعد ذكره قوله تعالى {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (8) سورة الممتحنة و لا أعرف كيف تجرأ و ذكر الآية رقم (9) من سورة الممتحنة مع أنها ظاهرة في كفر من تولى الكفار كما قال تعالى (فأولئك هم الظالمون) فسام الإشارة و تعريف جزئي الجملة الأسمية و دخول أل الإستغراقية كل هذا يدل على أن المراد في هذه الآية هو الظلم المخرج من الملة و لكن هذا الجاهل يهرف بما لا يعرف و ما بلية الأمة إلا من مثل هؤلاء الجهال و من علماء السوء الذين آثروا العاجل على الآجل و قدموا الدنيا على الآخرة.
خامسا: نقل قولا لابن جرير بتصرف (قال ابن جرير رحمه الله في قوله تعالى: (فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) يقول فالذين يفعلون ذلك منكم هم الذين خالفوا أمر الله فوضعوا الولاية في غير موضعها وعصوا الله في أمره) فيريد أن يوهم هذا المشبه أن بن جرير رحمه الله لا يكفر من تولى الكفار و إنما يجعله ظالما لا كافرا و غفل عن مواضع أخرى لهذا الإمام يبين فيها حكم من تولى الكفار قال ابن جرير رحمه في تفسير آية المائدة (الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} وَمَنْ يَتَوَلَّ الْيَهُود وَالنَّصَارَى دُون الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ , يَقُول: فَإِنَّ مَنْ تَوَلَّاهُمْ وَنَصَرَهُمْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ , فَهُوَ مِنْ أَهْل دِينهمْ وَمِلَّتهمْ , فَإِنَّهُ لَا يَتَوَلَّى مُتَوَلٍّ أَحَدًا إِلَّا وَهُوَ بِهِ وَبِدِينِهِ وَمَا هُوَ عَلَيْهِ رَاضٍ , وَإِذَا رَضِيَهُ وَرَضِيَ دِينه فَقَدْ عَادَى مَا خَالَفَهُ وَسَخِطَهُ , وَصَارَ حُكْمه حُكْمه) فهذا كلام آخر لهذا الإمام يبين حقيقة ما يراه في هذه المسألة و هو نص قاطع في هذه المسألة.
و قال في نفس هذه الآية (وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا أَنْ يُقَال: إِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره نَهَى الْمُؤْمِنِينَ جَمِيعًا أَنْ يَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَنْصَارًا وَحُلَفَاء عَلَى أَهْل الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَرَسُوله , وَأَخْبَرَ أَنَّهُ مَنْ اِتَّخَذَهُمْ نَصِيرًا وَحَلِيفًا وَوَلِيًّا مِنْ دُون اللَّه وَرَسُوله وَالْمُؤْمِنِينَ , فَإِنَّهُ مِنْهُمْ فِي التَّحَزُّب عَلَى اللَّه وَعَلَى رَسُوله وَالْمُؤْمِنِينَ , وَأَنَّ اللَّه وَرَسُوله مِنْهُ بَرِيئَانِ).
أما احتجاجه كذلك بقول تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (23) سورة التوبة فما سبق من النقول عن إمام المفسرين يبين حقيقة قوله في هذه المسألة.
سادسا: استدلاله بأن النجاشي كان ملكا عادلا و أنه لا يظلم عنده أحد و أن النبي صلى الله عليه و سلم قبل منه الهدية فنحن لا نخالف في ذلك ولكن ما نخالف فيه هو إنزال هذه الأحكام على الأمريكان الذي هم من أظلم الخلق على الأرض اليوم فالمسلمون ذاقوا من الأمريكان من الذل و الهوان و التشريد و القتل ما لا تذقه أمة من الأمم و ما ذلك إلا عداوتهم الظاهر لدين الإسلام و حربهم الظاهر للمسلمين و لو شئنا لنقلنا من مجازرهم و حربهم لهذا الدين الشئ الكثير و من أراد ذلك فليرجع إلى كتاب الشيخ الفاضل ناصر الفهد فك الله أسره التبيان في كفر من أعان الأمريكان.
و لكن ما نراه اليوم بأعيننا فيه كفاية و مقنع لمن كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/189)
و من الطوام التي ذكرها هذا المشبه استدلاله بحديث حاطب بن أبي بلتعة على أن المظاهر للكفار على المسلمين لا يكفر و لا أريد أن أذكر لفظ حديث حاطب لشهرته و عدم الإطالة على الإخوة و لكن سأذكر الرد على الشبه التي أوردها بعد أن ذكر هذا الحديث نقول:
أولا: يقسم أهل اللغة الكلام إلى قسمين خبر و إنشاء فالخبر مثل جاء زيد فهذا خبر محض عن وجود زيد و ليس في هذا اللفظ أي دلالة أخرى زائدة على الإخبار و و القسم الثاني الإنشاء و هذا عدة انواع منها الأمر و النهي و هما قسما الطلب و التحضيض و العرض و الإستفهام و الدعاء و الإلتماس و الرجاء و التمني و غيرها فالملاحظ من صيغ الإنشاء معرفة إرادة المتكلم بهذه الصيغ فلو قال أحدهم اضرب زيدا أو لا تضربه أو هلا ضربته أو لولا ضربته او غيرها من الأمثلة يتبين أن المتكلم أراد بهذا معنى معين يريد حصوله فيحصل عندنا أن هناك فرقا بين الخبر و الإنشاء و أن الخبر ظاهره إرادة الإخبار فقط و لا يدل إذا كان محضا على مراد المتكلم إلا بقرينة او سؤال المتكلم عن مراده من الإخبار بخلاف الإنشاء فإنه مجرد الصيغة تدل على ما يريد فقوله إضرب زيدا تدل على إرادة ضرب زيدا.
فنرجع إلى لفظ حديث حاطب هل هو خبر أم إنشاء المتدبر لألفاظ الحديث يجزم بأنه من باب الخبر لا من الإنشاء فولو ان حاطبا أمرهم بقتال النبي صلى الله عليه و سلم أو حضهم على ذلك او حثهم عليه لما كان هناك خلاف أصلا في المسألة و لكن لما رأوا أنه خبر و هو محتمل لمظاهرته على المسلمين و محتمل أنه لا يريد المظاهرة و لكن لأمر آخر دون المظاهرة و إن كان قد يلزم منه الإستفادة منه في قتال المسلمين و لكن هو لا يلتزم هذا اللازم فتدبر هذا الفرق يزيل شبه كثيرة تلقى على حكم المظاهر الواضح و هو الكفر و الردة بالإجماع.
هذا وجه رد لم أرى أحدا من أهل العلم ذكره و هو وجه قوي جدا و وجيه.
ثانيا: هذا اللازم و هو ما يلزم حاطب رضي الله عنه من مظاهرة المشركين لا من صريح فعله هو الذي أشكل على عمر رضي الله عنه فحكم مباشرة على حاطب بالكفر لما علم مسبقا بكفر المطاهر و هو ما استبطه الشيخ الفاضل ناصر الفهد من الحديث في كتابه التبيان و هو من أعظم الإستنباطات في هذه المسألة.
لذا جاء في بعض ألفاظ الحديث (لقد ظاهرك عليك) فبين عمر رضي الله عنه سبب تكفيره لحاطب بن أبي بلتعة.
ثالثا: فالنبي صلى الله عليه و سلم أعلمنا و أتقانا و اخشانا لله تعالى لذا لما علم أن حاطب فقط كاتبهم و قرأ الكتاب و رأى أن الأمر محتمل للمظاهرة و محتمل لغيرها توجه لسؤاله لمعرفة حقيقة الأمر فقال (ما حملك على ما صنعت) فلو كان الأمر غير محتمل لما سأل حاطب عن سبب فعله فهذا العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه لما أخرجه الكفار معهم كرها في غزوة بدر لم يعذره النبي صلى الله عليه و سلم لما كان ظاهر الفعل مظاهرة للكفار مع أنه ادعى أنه كان مكرها فأمره النبي صلى الله عليه و سلم أن يفدي نفسه و قال أما ظاهرك فعلينا و أما باطنك فإلى الله فانظر إلى الفرق بين الحادثتين مع أن حاطب كان يقر بأنه أرسل هذا الكتاب للكفار و لكن لما كان فعله محتمل للمظاهرة و محتمل لغيره استفسر منه النبي صلى الله عليه و سلم فلو أن في الكتاب حضه للكفار على قتل المسلمين و أمرهم بقتالهم لما توقف النبي صلى الله عليه و سلم في ذلك و لا أحد من الصحابة رضوان الله عليهم.
رابعا: كان حاطب رضي الله عنه يعلم حقيقة فعله و أنه ليس بكفر مخرج من الملة لذا قال (و الله ما بي أن لا أكون مؤمنا بالله و رسوله صلى الله عليه و سلم) و في لفظ (و لم أفعله ارتدادا عن ديني و لا رضا بالكفر بعد الإسلام) و في لفظ (ما فعلته كفرا) و في لفظ (و ما غيرت و ما بدلت) و أقره النبي صلى الله عليه و سلم على هذا فقال (صدق و لا تقولوا له إلا خيرا) و كان رضي الله عنه يفرق بين المظاهرة و هي إعانة الكفار على المسلمين و بين الموالاة غير المخرجة من الملة فنفى عن نفسه المظاهرة و بين للنبي ما دفعه إلى هذا الفعل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/190)
خامسا: حاطب لم يكن متأولا في فعله هذا لا في الكفر و لا في المعصية و إن كان ذكر هذا بعض أهل العلم بل هو مقر بخطأه و ذنبه و ما نفاه عن نفسه الكفر و لم ينف عن نفسه الذنب و الخطيئة و عندما سأله النبي صلى الله عليه و سلم عن فعله هذا لم يرد بسؤاله هل أنت أذنبت أم لا فإن هذا مستقر عند الصحابة جميعا و لكن سأله هل فعلت هذا مظاهرة للكفار على المسلمين أم لا؟.
و مما يدل على أنه مذنب أن النبي صلى الله عليه و سلم قال (لعل الله اطلع على اهل بدر فقال اعملو ما شئتم قد غفرت لكم) فدل على أنه أذنب ذنبا غفر الله له تعالى هذا الذنب بسبب سابقته في معركة بدر.
أما في الكفر فلو أنه وقع في الكفر لما غفر الله له تعالى لأن الكفر لا يغفر بإجماع الأمة قال تعالى {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (5) سورة المائدة و قوله {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} (72) سورة المائدة و مثل حاطب لا يجهل حكم هذه المسألة و الدليل على ذلك أنه نفى عن نفسه الكفر و الإرتداد عن الدين و لو كانت حقيقة فعله المظاهرة لبين لهم تأويله و عذره.
سادسا: ما ذكره حاطب رضي الله عنه (أردت أن يكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي و مالي و ليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله و ماله) هو الدافع الذي دفعه لكتابة هذا الكتاب و هو دافع دنيوي لا يؤثر في الحكم بشئ فمن زنا و قال غلبتني شهوتي أو سرق و قال بأنه رأى مالا غير محرز فأخذه ليس عذرا له في الأثم و المعصية.
سابعا: مما يدل على أن فعل حاطب كان مجرد الإخبار قوله (فقلت أكتب كتابا لا يضر الله و رسوله) و في لفظ (أما إني لم أفعله غشا يا رسول و لا نفاقا قد علمت أن الله مظهر رسوله و متم له أمره) فكان فعله من باب إفشاء أسرار المسلمين و الدلالة على عورات المسلمين و هو نوع موالاة و لا شك لذا قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ} (1) سورة الممتحنة و ذكر أهل التفسير أن سبب نزول هذه الآية قصة حاطب رضي الله عنه و لا يلزم من قولنا بأنه موالاة أنه كفر مخرج من الملة أو أنه مظاهرة للكفار على المسلمين فالموالاة أقسام منها ما هو مخرج من الملة و منها ما هو غير مخرج من الملة و فعل حاطب غير مخرج من الملة و ليست من المظاهرة بشئ لأن المظاهرة مساعدة الكفار على المسلمين بأي مساعدة و هذا فيه مجرد الإخبار قد يلزم منه إستفادة الكفار من هذه الكتابة و لكن هذا اللازم لا يعرف إلا بالقرائن أو بالإستفسار من الكاتب عن مراده بهذه الكتابة ففرق بين بين صريح القول و الفعل و بين ما يلزم من القول و الفعل و القاعدة أن لازم القول ليس بلازم حتى يلتزمه صاحبه فهؤلاء أهل البدع يلزم من أقوالهم الباطلة من اللوازم ما تقشعر منها الأبدان و لو التزموها لما توقف أحد من أهل العلم بكفرهم فتدبر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/191)
ثامنا: حادثة حاطب رضي الله عنه حادثة مشهورة مستفيضة و مع ذلك نقل عدة من أهل العلم الإجماع على كفر من أعان الكفار على المسلمين بأي إعانة و لو كانوا حقيقة يعلمون أن هذه الحادثة تدل على عدم كفر المظاهر لكان أقصى ما ينقلونه الخلاف في هذه المسألة و لكن لما نقلوا الإجماع دل على أن هذه الحادثة لها معنى خلاف ما فهمه الخلوف في هذا العصر.
تاسعا: قال بن حزم رحمه الله (و صح أن قول الله تعالى (و من يتولهم منكم فإنه منهم) إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار فقط و هذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين) و عندما ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله نواقض الإسلام ذكر من النواقض (الثامن: مظاهرة المشركين و معاونتهم على المسلمين) و قد نقل الشيخ بن سحمان كما في الدرر الإجماع على هذه النواقض العشرة و قال الشيخ رحمه الله في موضع آخر (و أعلم أن الأدلة على تكفير المسلم الصالح إذا أشرك بالله أو صار مع المشركين على الموحدين أكثر من أن تحصر من كلام الله و كلام رسوله و كلام العلماء).
و قال الشيخ بن باز رحمه الله (و قد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين و ساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم) فهذان إجماعات من علماء المسلمين و معلوم أن المخالف بعد تمام الإجماع لا يعتد بقوله هذا بإجماع الأصوليين هذا إذا كان عالما فكيف إذا كان رأسا جاهلا اتخذه الناس فضل و أضل فكيف يعتد بقول مثل هذا و الله المستعان.
عاشرا: قال تعالى {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ} (7) سورة آل عمران فدل أن هناك محكم و متشابه فالمحكم هو الأصل و المتشابه فرع فلا يهدم الأصل لأجل فرع قد اشتبه في انتمائه للأصل لذا حكم الله تعالى على من نقض الأصل لفرع مشتبه به بأنه من أهل الزيغ فأما الراسخون في العلم فيقولون أمنا به أي بالمحكم و المتشابه كل من عند ربنا و هذه الآية من الأدلة على قاعدة الجمع بين الدليلين أولى من طرح أحدهما بل هذا سبيل الراسخين في العلم بل لو لم نصل إلى نتيجة في الجمع بين الدليلين وجب التمسك بالمحكم و توكيل المتشابه إلى علم الله تعالى.
فتكفير من ظاهر الكفار على المسلمين مما أجمعت عليه الأمة و ما أورده من فعل حاطب رضي الله عنه من المتشابه إذا تنزلنا و قلنا بذلك لذا دائما أهل العلم يحاولون أن يجدوا مخرج لمعنى حديث حاطب لما يرى بعضهم من مخالفته للنصوص الكاتب الحاكمة بكفر من ظاهر الكفار على المسلمين و لم يقل أحد من أهل العلم أن حادثة حاطب رضي الله عنه تدل على أن من ظاهر الكفار على المسلمين لا يكفر بل قالوا بأن حادثة حاطب من جنس التجسس لا من جنس المظاهرة و فرق بين المسألتين و لم يكفروا المتجسس و ختلف أهل العلم في قتله.
فعلى هذا فمن احتج بحادثة حاطب على عدم كفر المظاهر فهو من أهل الزيغ و من ليس من الراسخين في العلم لأنه لم يؤمن بكلا المسألتين بل ضرب كتاب الله تعالى ببعضه و هذا من فعال أهل البدع الذين ذمهم الله تعالى و رسوله صلى الله عليه و سلم.
فتدبر حججهم و ضربهم كتاب الله تعالى ببعضه ببعض يدلك على زيغ قلوبهم و ضلالهم.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[22 - 02 - 06, 01:13 ص]ـ
وفق الله الجميع
فقط تعليق
ينبغي التفطن عند الحديث عن مسائل الايمان والصفات ومسائل السنة عموما الى عدة أمور
منها أن يكون النقل في هذا الباب في تلك المسألة ممن لم يخالف السنة في هذا الباب وذاك
مثال مسائل الصفات لايمكن ان تأخذ من كتاب النووي رحمه الله ورضي عنه
وهكذا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/192)
مثلا مسألة الايمان أجد من يرجع الى كتب بعض المفسرين وشراح الحديث ممن ذهبوا مذهب الأشعري في مسائل الايمان كابن عطية والقرطبي والقاضي عياض والنووي أو ذهبوا مذهب الماتريدي كالعيني وغيره من شراح الحنفية فهولاء رحمه الله ورضي عنهم وغفر الله لنا ولهم لهم مذهب في الايمان قد يختلف عن مذهب السلف فلايمكن الاحتجاج بكلامهم في معارضة ما نقله أئمة السنة كابن مندة والتيمي والسجزي وابن تيمية وابن القيم ونحو هولاء
فقد وجدت من يحتج بكلام العيني رحمه الله في مسألة من مسائل الايمان ويزعم بأن العيني نقل بأن هذا هو مذهب السلف
فيحتج بهذا على من يخالفه الرأي وهكذا من يحتج بكلام النووي أو القاضي عياض أو القرطبي في شرح حديث حاطب مثلا على مسائل الايمان اذا خالف نقلهم نقل غيرهم من ائمة السنة
وهذا واضح بيان ذلك انا لو نقلنا كلام النووي أو القاضي عياض أو القرطبي رحمه الله ورضي عنهم في مسائل الصفات لما قبلوه وقالوا هذا مخالف للسنة وهولاء رحمهم الله ممن قد ذهبوا مذهب الأشعري في كثير من مسائل الصفات
فكيف بهم يحتجون بكلامهم في مسائل الايمان وهولاء رحمه الله ورضي عنهم ممن وافقوا الأشعري في مسائل الايمان
فيجب التنبه لهذا
مثصال ابو اسماعيل الانصاري رحمه الله ورضي عنه وافق السلف في الصفات وخالفهم في بعض مسائل القدر
وذلك في كتابه منازل السائرين فمن احتج بكلامه في القدر فقد اخطا
مثال آخر ابن حزم ممن وافق السلف في كثير من مسائل الايمان ورد على الأشعريو وله في ذلك رد عنيف
ولكنه خالف مذهب السلف في الصفات فمن احتج بكلامه في الصفات على ائمة السلف فقد أخطا
بينما لو احتج رجل بابي اسماعيل الانصاري في مسائل الصفات أو بابن حزم في مسائل الايمان
فقد أصاب لان الغالب عليهم انهم نصروا السنة في هذا
فليتأمل هذا الموضع جيدا
ذكرت دون الخوض في أصل الموضوع
والله أعلم بالصواب
هذا الكلام من النفائس الواجب تقييدها (1)، وفي الحقيقة فضيلة الشيخ ابن وهب وفقه الله أنموذج طيب جدًا لما يُطلق عليه ((باحث))، وأحب أن أعلم فضيلته أني أحبه في الله، وأتشوق لرؤية اسمه مرة أخرى وهو يكتب ويناقش ويبدع، وفقه الله وبارك فيه وحفظه ...
(1) وهو في الحقيقة أيضًا من بدهيّات البحث والإحتجاج، ولكنه زمن الغربة، فوجب التنبيه ...
ـ[النقّاد]ــــــــ[05 - 03 - 06, 07:54 م]ـ
السؤال
فضيلة شيخنا عبد الرحمن بن ناصر البراك –حفظه الله- أفيدك بأني قد قرأت كتابًا بعنوان: (مسائل العذر بالجهل) تحت إشراف فضيلتكم، وفهمت منه أن إعانة الكفار بالقتال معهم ضد المسلمين لا تكون كفراً، إلا بشرط الرغبة في إظهار دينهم، أو المحبة لدينهم، وعبَّر أن القتال مع الكفار ضد المسلمين -حمية ولمصالح دنيوية- ليس كفراً مخرجاً من الملة، فهل هذا الفهم صحيح؟ وهل قال به أحد من أهل السنة؟ وما رأي فضيلتكم في اشتراط ما ذُكِر أعلاه للحكم بتكفير من قاتل المسلمين مع الكافرين؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فلا شك أن أسباب مظاهرة بعض الكافرين على بعض المسلمين تختلف، فتارة يكون الباعث بغض الإسلام وأهله، وتارة يكون عن رغبة في مصلحة أو رهبة من ضرر يلحق بهذا المظاهر، ومعلوم أنه لا يستوي من يحب الله ورسوله ودينه -ولكن حمله غرض من الأغراض على معاونة بعض الكفار على بعض المسلمين- لا يستوي هذا ومن يبغض الإسلام وأهله، وليس هناك نص بلفظ المظاهرة أو المعاونة يدل على أن مطلق المعاونة ومطلق المظاهرة يوجب كفر من قام بشيء من ذلك لأحد من الكافرين.
وهذا الجاسوس الذي يجس على المسلمين وإن تحتم قتله عقوبة فإنه لا يكون بمجرد الجس مرتداً، ولا أدل على ذلك من قصة حاطب بن أبي بلتعة –رضي الله عنه- فقد أرسل لقريش يخبرهم بمسير النبي –صلى الله عليه وسلم- إليهم، ولما أطلع اللهُ نبيَه على ما حصل من حاطب، وعلى أمر المرأة التي حملت الكتاب عاتب النبيُّ –صلى الله عليه وسلم- حاطباً على ذلك، فاعتذر بأنه ما حمله على ذلك إلا الرغبة في أن يكون ذلك يداً له عند قريش يحمون بها أهله وماله، فقبل النبي –صلى الله عليه وسلم- عذره، ولم يأمره بتجديد إسلامه، وذكر ما جعل الله سبباً لمغفرة الله له، وهو شهوده بدراً. صحيح البخاري (3983)، وصحيح مسلم (2494).
وهذه مظاهرة أي مظاهرة , فإطلاق القول بأن مطلق المظاهرة -في أي حال من الأحوال- يكون ردة ليس بظاهر. فإن المظاهرة تتفاوت في قدرها ونوعها تفاوتاً كثيراً.
وقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" [المائدة:51]، لا يدل على أن أي تولٍّ يوجب الكفر، فإن التولي على مراتب، كما أن التشبه بالكفار يتفاوت وقد جاء في الحديث: "من تشبه بقوم فهو منهم" أخرجه أحمد (5093)، وأبو داود (4031)، ومعلوم أنه ليس كل تشبه يكون كفراً فكذلك التولي.
والحاصل أن ما ورد في الكتاب المسؤول عنه من التفصيل هو الصواب عندي. والله أعلم.
http://www.islamtoday.net/questions/show_question_*******.cfm?id=100423
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/193)
ـ[أبو أميرة]ــــــــ[06 - 03 - 06, 01:09 م]ـ
فائدة أخرى:
محل البحث في هذا الموضوع - كماسبق - هو المظاهرة حال الحرب
فهو عموم أريد به الخصوص، ولم يقل بالتكفير بمطلق الاعانة أحد، ولازم التكفير بها في كل حال ظاهر البطلان فضلا عن المنازعة في ظهور الرجحان، فليعلم
================
فائدة أخرى:
شيخنا العلامة عبدالرحمن البراك يستثني صورا من المظاهرة ويحكم بكفر فاعلها - وإن أبغض دين الكفار ونصرهم لدنياه - فهل الشيخ الكريم النقاد وشيخه الكريم صاحب الولاء والبراء يستثنون من صورها شيئا أم هي مطلقا كبيرة إلا بالشرط المذكور.
=================
فائدة أخرى:
لم يزدني طول النظر في هذه المسألة في الفترة الماضية إلا مزيد يقين بأن اشتراط المحبة في هذا الناقض (بدعة) يجب بيانها والتنفير منها، وإن كان القائل به قد يكون معذورا بوجه من وجوه العذر في عوارض الأهلية، وقد حررت في هذا بحثا - يسر الله إتمامه - سميته:" الفرق المبين بين فعل حاطب ومظاهرة المشركين ".
وأخيرا: أشكر أخي الكريم الشيخ النقاد على جميل خلقه وحسن وصله وثبات أخوته وأسأل الله تعالى أن يديم علينا نعمة الأخوة في الله وأن يثبتنا على قوله الثابت حتى نلقاه.
والسلام
ـ[النقّاد]ــــــــ[06 - 03 - 06, 01:51 م]ـ
السؤال
فضيلة شيخنا عبد الرحمن بن ناصر البراك –حفظه الله- أفيدك بأني قد قرأت كتابًا بعنوان: (مسائل العذر بالجهل) تحت إشراف فضيلتكم، وفهمت منه أن إعانة الكفار بالقتال معهم ضد المسلمين لا تكون كفراً، إلا بشرط الرغبة في إظهار دينهم، أو المحبة لدينهم، وعبَّر أن القتال مع الكفار ضد المسلمين -حمية ولمصالح دنيوية- ليس كفراً مخرجاً من الملة، فهل هذا الفهم صحيح؟ وهل قال به أحد من أهل السنة؟ وما رأي فضيلتكم في اشتراط ما ذُكِر أعلاه للحكم بتكفير من قاتل المسلمين مع الكافرين؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فلا شك أن أسباب مظاهرة بعض الكافرين على بعض المسلمين تختلف، فتارة يكون الباعث بغض الإسلام وأهله، وتارة يكون عن رغبة في مصلحة أو رهبة من ضرر يلحق بهذا المظاهر، ومعلوم أنه لا يستوي من يحب الله ورسوله ودينه -ولكن حمله غرض من الأغراض على معاونة بعض الكفار على بعض المسلمين- لا يستوي هذا ومن يبغض الإسلام وأهله، وليس هناك نص بلفظ المظاهرة أو المعاونة يدل على أن مطلق المعاونة ومطلق المظاهرة يوجب كفر من قام بشيء من ذلك لأحد من الكافرين.
وهذا الجاسوس الذي يجس على المسلمين وإن تحتم قتله عقوبة فإنه لا يكون بمجرد الجس مرتداً، ولا أدل على ذلك من قصة حاطب بن أبي بلتعة –رضي الله عنه- فقد أرسل لقريش يخبرهم بمسير النبي –صلى الله عليه وسلم- إليهم، ولما أطلع اللهُ نبيَه على ما حصل من حاطب، وعلى أمر المرأة التي حملت الكتاب عاتب النبيُّ –صلى الله عليه وسلم- حاطباً على ذلك، فاعتذر بأنه ما حمله على ذلك إلا الرغبة في أن يكون ذلك يداً له عند قريش يحمون بها أهله وماله، فقبل النبي –صلى الله عليه وسلم- عذره، ولم يأمره بتجديد إسلامه، وذكر ما جعل الله سبباً لمغفرة الله له، وهو شهوده بدراً. صحيح البخاري (3983)، وصحيح مسلم (2494).
وهذه مظاهرة أي مظاهرة , فإطلاق القول بأن مطلق المظاهرة -في أي حال من الأحوال- يكون ردة ليس بظاهر. فإن المظاهرة تتفاوت في قدرها ونوعها تفاوتاً كثيراً.
وقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" [المائدة:51]، لا يدل على أن أي تولٍّ يوجب الكفر، فإن التولي على مراتب، كما أن التشبه بالكفار يتفاوت وقد جاء في الحديث: "من تشبه بقوم فهو منهم" أخرجه أحمد (5093)، وأبو داود (4031)، ومعلوم أنه ليس كل تشبه يكون كفراً فكذلك التولي.
والحاصل أن ما ورد في الكتاب المسؤول عنه من التفصيل هو الصواب عندي. والله أعلم.
http://www.islamtoday.net/questions/show_question_*******.cfm?id=100423
وللأخ الحبيب الشيخ (محب العلم) مني أرق التحايا .. ونحن إخوة وإن لم نتفق في مسألة من مسائل العلم.
ـ[أبو مشاري]ــــــــ[31 - 07 - 07, 10:02 م]ـ
مباحثة جميلة
استفدنا منها جزاكم الله خيرا
رفعنها (2006م)
لشوقنا أخي الكريم (محب العلم)، أن نرى معالم منهج المتأخرين في التوحيد (3)
للمسألة السابعة و ما بعدها.
وفقكم الله(28/194)
هل يحاذيه أم يتأخر عنه؟
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[15 - 08 - 04, 03:32 م]ـ
ما هو الدليل على أن الرجل إذا قام بجوار الإمام فإنه يتأخر عنه قليلا ولا يحاذيه؟
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[15 - 08 - 04, 03:57 م]ـ
الصحيح المحاذاة
وقد بوب البخاري على ذلك في صحيحه واستدل بحديث ابن عباس رضي الله عنه في صلاته مع النبي صلى الله عليه وسلم في الليل في بيت ميمونة رضي الله عنها.
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[15 - 08 - 04, 04:29 م]ـ
قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه
(باب يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواء إذا كانا اثنين)
حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا شعبة عن الحكم قال سمعت سعيد بن جبير عن بن عباس رضي الله عنهما قال بت في بيت خالتي ميمونة فصلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - العشاء ثم جاء فصلى أربع ركعات ثم نام ثم قام فجئت فقمت عن يساره فجعلني عن يمينه فصلى خمس ركعات ثم صلى ركعتين ثم نام حتى سمعت غطيطه أو قال خطيطه ثم خرج إلى الصلاة
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في فتح الباري شرح صحيح البخاري
57 – بَاب
يَقُومُ عَنْ يَمِينِ الإمَامِ بحذائهِ سواءً إذا كَاناَ اثْنَيْنِ
مراده بهذا التبويب: أَنَّهُ إذا اجتمع فِي الصلاة إمام ومأموم فإن المأموم يقوم عَن يمين الإمام بحذائه سواء – أي: مساوياً لَهُ فِي الموقف، من غير تقدم ولا تأخر.
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[15 - 08 - 04, 04:32 م]ـ
جزاك الله خيرا لكني أسأل عن دليل من يقول بالتأخر.
ـ[حارث همام]ــــــــ[15 - 08 - 04, 06:11 م]ـ
لادليل لهم، وهم عادة مايعللون ذلك بنحو قولهم: "استعمالاً للأدب وإظهاراً لرتبة الإمام على رتبة المأموم" (أسنى المطالب 1/ 222).
وقال بعضهم: "خوفاً من التقدم" يعنون على الإمام.
وهذا التأخر استحبه الشافعية والمالكية والمشهور عند الأحناف كراهته وبعضهم قال به.
ـ[عادل الحنبلى]ــــــــ[15 - 08 - 04, 09:45 م]ـ
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
هذا قول الحنفيه وخالفهم محمد بن الحسن الشيبانى
وقول الحنابلة وقول الشافعيه ومالك على مساواته
ـ[الفضيل]ــــــــ[15 - 08 - 04, 09:55 م]ـ
قال بعض علماء الشافعية: ويندب تخلفه عنه قليلا بأن تتأخر أصابعه عن عقب إمامه.
فعلق المحقق: هذا قول الشافعية وعلله في " تحفة المحتاج" 2\ 301 بأنه الأدب.
لكن ذهب بعض العلماء إلى أنه يقف بجانبه سواء كما هو قول عطاء الذي أخرجه عبدالرزاق في مصنفه (3870) وبوّب الإمام البخاري (2\ 190):
" باب يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواء إذا كانا اثنين ".
قال الحافظ ابن حجر: " وقوله (سواء): أي لا يتقدم ولا يتأخر.
ويدل عليه ظواهر الأحاديث ومنها حديث ابن عباس المتفق عليه (البخاري 2\ 287 ومسلم 1\ 527) في قصة مبيته عند خالته ميمونة واقتدائه بالنبي صلى الله عليه وسلم وفيه " فقمت إلى جنبه".
قال الحافظ " وظاهره المساواة". فتح الباري 2\ 190
من كتاب (بذل المرام في فضل الجماعة وأحكام المأموم والإمام - من لقاءات العشر الأواخر) للشيخ حسن بن إبراهيم البيطار الدمشقي – توفي سنة 1272 للهجرة.
تحقيق الدكتور الشيخ عبدالرؤوف بن محمد بن أحمد الكمالي
والله أعلم
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[15 - 08 - 04, 10:46 م]ـ
ذكر المرغيناني الحنفي في الهداية شرح البداية أن تارك المساواة مسيء لكونه تاركا للسنة، مع صحة الصلاة .....
ووافق محمد بن الحسن الشافعية و الحنابلة و المالكية في التأخر
و قد ذكر التأخر الإمام النووي في متنه (منهاج الطالبين)
و كذلك البهوتي الحنبلي في (شرح منتهى الإرادات)
و المرغيناني الحنفي في (الهداية)
... فالجمهور على استحباب التأخر، و مما أذكر أنهم عللوا به هذا الاستحباب أنه يكون تحرزا عن التقدم على المأموم، حيث لا يسلم المحاذي من احتمال التقدم على الإمام ........
هذا ما أذكره في المسألة .... و الله تعالى أعلم(28/195)
الأحناف ماتريدية والشافعية أشاعرة.هل هذه قاعدة؟
ـ[الدرعمى]ــــــــ[16 - 08 - 04, 10:00 ص]ـ
كثيرأ ما أجد فى كتب التراجم عبارة ((الأشعرى الشافعى)) وعبارة ((الماتريدى الحنفى)) حتى كدت لا أفرق بين طبقات الشافعية وطبقات الأشاعرة وبين طبقات الماتريدية وطبقات الأحناف فهل هى قاعدة؟ وما العلة فى ذلك؟ مع ملاحظة أن لكل قاعدة شذوذ.
ـ[تقويم النظر]ــــــــ[16 - 08 - 04, 02:19 م]ـ
جميل
حدثني الشيخ عبد الله بن بسام رحمه الله الفقيه المعروف في بداية الطلب بعد ما أكثرت عليه في الأسئلة قال: (خذها قاعده كل شافعي أشعري وكل حنفي ما تريدي).
طبعا باعتبارها قاعده اغلبيه أو في الجملة لا بالجملة
وسلمت.
ـ[حارث همام]ــــــــ[16 - 08 - 04, 07:06 م]ـ
الأستاذ الحبيب الدرعمي وفقه الله ..
ما أشار إليه الأخ الفاضل تقويم النظر صحيح وبخاصة عند المتأخرين، وقد درج كثير من المؤلفين على التعبير عن الماتريدية بالحنفية، وذلك لاعتقاد الماتريدية أن عقيدتهم أصلاً مأخوذة من إمام المسلمين أبوحنيفة، والسبب أن عامة الماتريدية حنفية (انظر المسك الأذفر 278).
غير أن الأمر عند المتقدمين لم يكن كذلك وإن كانوا يعدون أبي منصور الماتريدي من رجالات الأحناف ولهذا تجدهم في طبقات الحنفية يمرون على ترجمته مرور الكرام، وخاصة الكتب المتقدمة وأولها الجوهرة المضية في طبقات الحنفية [هو أول كتاب في طبقات الأحناف وهو يريك تأخر تأليفهم في الطبقات]، لعبد القادر بن محمد القرشي الحنفي (ت:775)، وكذلك صنع زين الدين القاسم بن قطلوبغا المصري الحنفي (ت:879)، بل حتى من جاء بعدهم من المتأخرين يذكره في عداد الأحناف ذكراً مختصراً مثل أبوالحسنات اللكنوي (ت: 1304) في الفوائد البهية فقد أدرج له ترجمة مختصرة.
غير أن الصورة التي نقلتها اتسعت في العهود المتأخرة وتحديداً في عهد الدولة العثمانية فقد أصبح المذهب الماتريدي هو المذهب الرسمي للدولة في الأصول، والمذهب الحنفي في الفروع وقد كان هذا أحد أسباب انتشار المذهب الماتريدي مؤخراً.
أما الشافعية والمالكية فقد غلبت عليهم الأشعرية في عصور تمكن الدول التي دعمتها كالدولة الأيوبية والغزنوية ودولة السلاجقة ودولة الموحدين، وقد كان التأليف مزدهراً في تلك الحقبة.
غير أن تأثر الشافعية ربما زاد عن تأثر المالكية نظراً لطبيعة مذهب الإمام المالك والتي هي ألصق (في أصلها) بالنصوص وأولئك أميل للتقعيد والتشقيق والنظر والتأصيل [قارن مثلاً بين الأم والموطأ والحاوي والاستذكار أو التمهيد].
وهذا الذي ذكر المقصود به المتأخرين، أما الأشعرية في مبتدئها فقد استوقت ونفقت بين الناس عن طريق الحنابلة وقد استمر ذلك حتى كانت الفتنة القشيرية والتي حصلت بعدها الفرقة والتباين، وقد قرر هذا شيخ الإسلام حيث قال: "وكما قال أبو اسحاق الشيرازى إنما نفقت الأشعرية عند الناس بانتسابهم إلى الحنابلة وكان أئمة الحنابلة المتقدمين كأبى بكر عبد العزيز وأبى الحسن التميمى ونحوهما يذكرون كلامه فى كتبهم بل كان عند متقدميهم كابن عقيل عند المتأخرين لكن ابن عقيل له اختصاص بمعرفة الفقة وأصوله وأما الأشعري فهو أقرب الى أصول أحمد من ابن عقيل وأتبع لها فإنه كلما كان عهد الانسان بالسلف أقرب كان أعلم بالمعقول والمنقول وكنت أقرر هذا للحنبلية وأبين أن الأشعري وإن كان من تلامذة المعتزلة ثم تاب فإنه تلميذ الجبائى ومال إلى طريقة ابن كلاب وأخذ عن زكريا الساجى أصول الحديث بالبصرة ثم لما قدم بغداد أخذ عن حنبلية بغداد أموراً أخرى وذلك آخر أمره كما ذكره هو وأصحابه فى كتبهم، وكذلك ابن عقيل كان تلميذ ابن الوليد وابن التبان المعتزليين ثم تاب من ذلك وتوبته مشهورة بحضرة الشريف أبي جعفر وكما أن فى أصحاب أحمد من يبغض ابن عقيل ويذمه فالذين يذمون الأشعرى ليسوا مختصين بأصحاب أحمد بل فى جميع الطوائف من هو كذلك، ولما أظهرت كلام الأشعرى ورآه الحنبلية قالوا هذا خير من كلام الشيخ الموفق وفرح المسلمون باتفاق الكلمة وأظهرت ما ذكره ابن عساكر فى مناقبه أنه لم تزل الحنابلة والأشاعرة متفقين إلى زمن القشيرى فإنه لما جرت تلك الفتنة ببغداد تفرقت الكلمة". أهـ (الفتاوى 3/ 228).
ومما زاد الشقة أن الحنابلة ظهر فيهم أئمة مستمسكون بهدي السلف جيلاً بعد جيل أثر في تأثير الدول الناصرة لبعض العقائد، ولهذا: "فما من نوع غلو يوجد في بعض الحنابلة إلا ويوجد في غيرهم من الطوائف ما هو أكثر منه" (بيان تلبيس الجهمية 2/ 90 - 91).
والله أعلم.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[16 - 08 - 04, 10:33 م]ـ
شيخنا الحبيب حارث همام وفقه الله
(غير أن الأمر عند المتقدمين لم يكن كذلك) (ولهذا تجدهم في طبقات الحنفية يمرون على ترجمته مرور الكرام)
(بل حتى من جاء بعدهم من المتأخرين يذكره في عداد الأحناف ذكراً مختصراً مثل أبوالحسنات اللكنوي (ت: 1304) في الفوائد البهية فقد أدرج له ترجمة مختصرة.)
الماتريدي معظم لدى الحنفية منذ زمن وكون ترجمته مختصرة فهذا هو الواقع فالمعلومات عنه قليلة لاتفي بالغرض فاختصار الترجمة ليس فيه دلالة على انهم لايعظمونه او ان تعظيمهم له اقل من تعظيم المتأخرين
(اللهم الا ما عرف عن المتأخرين من الغلو في التعظيم)
واما توسع المتأخرين فهذا من توسعهم فيما لايعرفونه
واما انتشاره في العصر العثماني فهذا لان الدولة العثمانية تبنت المذهب الحنفي- كما ذكرتم- وغالبية الحنفية في العصر العثماني ماتريدية
والدول قبل الدولة العثمانية اعني دولة المماليك لم تكن دول حنفية بل كان قاضي القضاة فيها من الشافعية
كما كان في عصر ابن تيمية والسبكي وابن خلدون وابن حجر الخ
والا فالماتريدي معظم لدى الحنفية منذ فترة وهم على عقيدته وقد الفوا الكتب على مذهبه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/196)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[16 - 08 - 04, 11:00 م]ـ
ولابن تيمية كتاب باسم
(رسالة في عقيدة الأشعرية وعقيدة الماتريدي وغيره من الحنفية نحو خمسين ورقة
) http://arabic.islamicweb.com/Books/taimiya.asp?book=93&id=17
ـ[حارث همام]ــــــــ[17 - 08 - 04, 12:42 م]ـ
شيخنا الحبيب .. هو معظم عند الحنفية باعتباره أحد شيوخ المذهب الحنفي وإلاّ ما ترجموا له في طبقاتهم، ولكن لم يخصوه بشيء بل لم يذكروا له من الأتباع مايؤهله لأن يكون إماما في الاعتقاد عندهم ولذلك تجد ابن قطلوبغا قد أهمل ذكر حياة الماتريدي ولم يذكر من شيوخه غير العياضي، وما ذكر من تلاميذه أحداً.
أما صاحب الجوهرة المضية فقد ترجم له في بضعة أسطر!
أما اللكنوي فمع تأخره فلم يذكر له غير شيخ وثلاثة تلاميذ، وكل هذا يدل على عدم ائتمام الأحناف به في الاعتقاد مع تعظيمهم وتبجيلهم له مؤخراً.
وقد أثبت غير واحد من الدارسين رجوع انتشار المذهب الماتريدي مؤخراً للدولة العثمانية التي تبنته فيما يسمونه بالأصول وإلاّ لم يكن لهم قبلها انتشاراً يذكر حتى شيخ الإسلام وقد أشرت إلى رسالته مع أنه لم يترك أحداً من الفرق المنحرفة عن المنهج الصحيح إلاّ بعد أن ألقمه حجراً مسكتاً ولكنه لم يتعرض للماتريدية إلاّ في نحو خمسة مواضع أفيعقل أن يكون لها ذلك الانتشار؟ قارن كلامه فيها بإشاراته للأشاعرة أو المعتزلة التي تعد بالألوف في كتبه.
ومما يدلك على عدم انتشار مذهب الماتريدي أو ارتباطه بالحنفية في أول الأمر عدم اهتمام المؤلفين في الملل والنحل بهم فالأشعري في المقالات والبغدادي في الفرق بين الفرق وابن حزم في الفصل والإسفرايني في التبصير والشهرستاني في الملل والنحل جميعهم لم يذكروا شيئاً عن الماتريدي ولا الماتريدية مع أنهم ذكروا معاصريهمن المعتزلة كعبد الله بن أحمد الكعبي الذي قد رد عليه الماتريدي نفسه بؤلفات كرد أوائل الأدلة ورد تهذيب الجدل.
وابن حزم في الفصل ذكر فرق المرجئة فعد الأشعرية وغيرهم ولم يشر إلى الماتريدية مع أنهم قالوا بالإرجاء.
والشهرستاني عد فرق الصفاتية فلم يتطرق للماتريدية بل حتى فخر الدين الرازي الذي جرت له مناظرات مع بعض الماتريدية وأثبتها في مؤلفه: مناظرات جرت في بلاد ما وراء النهر في الحكمة وغيرها.
حتى هذا لم يذكر الماتريدي ولا الماتريدية عندما صنف في الفرق: (اعتقاد فرق المسلمين والمشركين) بل اكتفى بإشارة عابرة لهم عند كلامه على صفة التكوين في كتابه محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين وأشار لهم باسم الحنفية.
وابن الأثير في الكامل وابن كثير في البداية والنهاية وابن العماد في الشذرات تحدثوا عن الدولة السامانية ولكنهم لم يشيروا إلى الماتريدي الذي يعد من أبرز علمائها.
وأغفل الماتريدي ابن النديم في الفهرست وابن خلكان في وفيات الأعيان والصفدي في الوافي والسمعاني في الأنساب مع أنه ذكر موطنه (ماتريد) ومثله ابن الأثير في اللباب، بل لمّا استدرك ابن الأثير على السمعاني إغفاله ذكر سمرقند مع أنها خرجت الكثير من العلماء والفضلاء لم يشر إلى الماتريدي الذي يعد الآن من أشهر علمائها!
ومثل هؤلاء الذهبي وابن حجر العسقلاني والسيوطي في طبقات المفسرين مع أنهم جميعاً ترجموا لبعض تلاميذه من الماتريدية أو بعض شيوخه كمحمد بن مقاتل الذي ترجم له ابن حجر.
والشاهد مع هذا كله يصعب القول بأن الأحناف كانوا ينسبون إلى تلك الشخصية قبل الدولة العثمانية، وإن كنا لاننكر أن من الأحناف قبلها كانوا أبرز رجالات تلك الطائفة ولكن الارتباط بين الإثنين زاد بعد ذلك.
وأرجو إن تسنت لكم مراجعة: انتشار الماتريدية والترك
The Spread of Maturidism and the Turks
لـ W. Madelung
ص
109
وقد أجاد في عرض ذلك الأستاذ الدكتور أحمد الحربي في رسالته للماجستير (الماتريدية: دراسة وتقويماً) فليراجع فإن فيه تحقيقاً جيداً وقد كانت الرسالة بإشراف العلامة عبدالرحمن البراك، وقد رأيت شيئاً من تعب الشيخ وجهده في تنقيحها فهي قيمة بحق في بابها فلتراجع.
وجزاكم الله خيراً.
ـ[الدرعمى]ــــــــ[17 - 08 - 04, 11:03 م]ـ
الإخوة والمشايخ الكرام تقويم النظر وحارث همام وابن وهب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/197)
جزاكم الله خيرًا على هذا التوضيح وخاصة تلك الإشارة العابرة إلى وجود صلات بين المنهج الأشعرى والأصول الشافعة وهى الأجدر بالاهتمام وإنى لأتساءل دائما هل ثم علاقة بين المذاهب الفقهية والمذاهب الكلامية أم أن الأمر لا يعدو كونه علاقات جغرافية وتاريخية وعوامل سياسية ربما توصلت إلى شىء وأعتقد أن ذلك سيكون اكتشافًا مهمًا للغاية.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[18 - 08 - 04, 06:06 م]ـ
شيخنا الحبيب
(أما صاحب الجوهرة المضية فقد ترجم له في بضعة أسطر!
أما اللكنوي فمع تأخره فلم يذكر له غير شيخ وثلاثة تلاميذ، وكل هذا يدل على عدم ائتمام الأحناف به في الاعتقاد مع تعظيمهم وتبجيلهم له مؤخراً.
)
ليس في هذا دليل على ما ذكرتم وفقكم الله
بيان ذلك ان اللكنوي وهو متأخر وهو في عصر الدولة العثمانية (بل في اواخر عصر الدولة العثمانية) اختصر ترجمة الماتريدي تبعا لغيره
واللكنوي درس مذهب الماتريدي على انه مذهب امام الهدى وجل الحنفية في عصره (في الهند وفي بلاد ما وراء النهر على مذهب الماتريدي
فاختصار الترجمة ليس فيه دلالة على ماذكرتم - وفقكم الله - والله أعلم
جل الحنفية في عصر ابن تيمية وابن خلدون وابن حجر من الماتريدية
فالعيني وابن قطلوبغا وابن الهمام والنسفي كلهم على عقيدة الماتريدي
ولابن تيمية رسالة في بيان عقيدة الماتريدي
الدولة العثمانية ما فرضت المذهب الماتريدي على الحنفية وسبب انتشار المذهب الماتريدي في عصر الودلة العثمانية انه جاء متزامنا مع انتشار المذهب الحنفي
فالحنفية قبل الدولة العثمانية كانوا ماتريدية
وابن الهمام لما صنف تصنيفه على مذهب الماتريدي فهو يصنف على مذهب يعتقده جل الحنفية
وكذا النسفي وكذا غيره فابن الهمام وهو احد ائمة الحنفية في زمانه لا يصنف كتابا على عقيدة لايراها اغلب الحنفية في عصره
ولايأتي بمذهب ماعرفوه او لم يعرفه منهم الا قلة
بيان ذلك انه لو راينا حال الحنفية (بعد استقرار المذاهب الكلامية) هل كانوا على مذهب الاشعرية
مثلا بالطبع لا والاشاعرة في الحنفية يمكن عدهم نظرا لقلتهم
هل كانوا على مذهب الكرامية؟
هل كانوا على مذهب المعتزلة؟
هل كانوا على مذهب اصحاب الحديث؟
... نعم في الحنفية من تبع بعض هذه المذاهب ولكن ماذا عن عقيدة السواد الأعظم منهم
الجواب عقيدة الماتريدي وهذا واضح وشهرة رجالات في المذهب الماتريدي ما كانت شهرة افراد من الحنفية اعتقدوا مذهب الماتريدي بل انه يمثل عقيدة غالب الحنفية في عصرهم
مثال ابن الهمام يمثل غالب الحنفية في عصره
(وإن كنا لاننكر أن من الأحناف قبلها كانوا أبرز رجالات تلك الطائفة) بل هم يمثلون عقيدة جل من يتبعهم من الحنفية
اما كتاب الشيخ اللهيبي وفقه الله فقد قرأته وان كان كتاب الشمس الافغاني انفع لكونه بهم اعرف
واما كتاب) ( The Spread of Maturidism and the Turks)
فسأبحث عنه
وجزاكم الله خيرا
والمسألة تحتاج مزيد بحث
والله أعلم
ـ[حارث همام]ــــــــ[18 - 08 - 04, 07:07 م]ـ
شيخنا الفاضل ابن وهب أقدر كلامكم وهو وجيه في مجمله ومثلي لايحكم على قولكم ولكنه مقياس فهمي.
الأخ الحبيب الدرعمي .. في تقدير كثير من الباحثين أن الأمر مرده بالدرجة الأولى إلى العلاقات جغرافية وتاريخية وعوامل سياسية.
ولذلك تجد حنفية ماوراء النهر في مبتدء أمرهم ماتريدية ومعاصريهم من الأحناف ومقاربيهم ليسوا كذلك، وتلحظ أمراً آخراً وهو التشابه بين الماتريدية والأشعرية في كثير من المسائل، وقد حير هذا التشابه جملة من الباحثين فالماتريدي والأشعري لم يكن هناك ما يجمعهم ولم تحصل بينهم لقيا أبداً وذهب الباحثون في تفسير ذلك التقارب مذاهب شتى، وأعجبني التوجيه الذي ذكره الأستاذ أحمد الحربي في كتابه الماتريدية بعد أن ساق بعض الأقاويل وردها، وخلاصة رؤيته أن الأمر راجع لتولد كل من الأشعرية والماتريدية أو تأثرهما الكبير بالكلابية والتي كان لها وجود جغرافي في بقاع الأشعري والماتريدي.
وكذلك ربط قوة الأشعرية وانتشارها بالدول التي دعمتها كالأيوبية والغزنوية ودولة السلاجقة ودولة الموحدين، وكذلك الاعتزال وهذا ظاهر لمن تأمل حال اشتداد عود الاعتزال وانتشاره في عقود من دعمه من العباسيين.
والله أعلم.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[20 - 08 - 04, 05:18 ص]ـ
قال ابن خلدون (بعد ان ذكر معتقد الحنابلة):
:
(و نافرهم أهل السنة من المتكلمين الأشعرية و الحنفية. و رفضوا عقائدهم في ذلك) انتهى(28/198)
هل هي لوثة أشعرية يا عباد الله
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[17 - 08 - 04, 03:11 م]ـ
قال ابن النجار رحمه الله في الكوكب المنير1/ 182في سياق كلامه عن المجاز: ويعرف بتوقفه على مقابله أى على المسمى الاخر الحقيقي سواء كان ملفوظابه كقوله تعالى "ومكروا ومكر الله" اى جازاهم على مكرهم .................. أو كان مقدرا كقوله تعالى"قل الله أسرع مكرا" ولم يتقدم لمكرهم ذكر في اللفظ لكن تضمنه المعنى ,والعلاقة المصاحبة في الذكر. اه. كلامه.
والسؤال هل وقع ابن النجار رحمه الله في لوثة أشعرية هنا وكذلك في مسألة التحسين والتقبيح أم ماذا؟
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[17 - 08 - 04, 06:38 م]ـ
لا يلزم ... فليس كل تأويل يلزم منه أن سببه هو عدم جواز الظاهر ... بل قد يلجأ إلى التأويل لاعتقاده أنه المراد
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[18 - 08 - 04, 02:49 ص]ـ
لكن أين الدليل على هذا التحريف لاأقول التأويل فمجرد اعتقاده ليس بدليل؟
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[18 - 08 - 04, 11:31 ص]ـ
ابن النجار رحمه الله وقع في بعض المخالفات في الأسماء والصفات وغيرها
وتجد في هذا الرابط بعضها
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=19743(28/199)
ما الصارف إلى الكراهة؟
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[17 - 08 - 04, 03:51 م]ـ
لماذا اقتصر الحنابلة على الكراهة في مسألة التشبه بالكفار؟
ـ[حارث همام]ــــــــ[17 - 08 - 04, 06:35 م]ـ
مدارسة ...
في الانتصار: من تزيا بزي كفر من لبس غيار وشد زنار وتعليق صليب بصدره حرم ولم يكفر. (الفروع 6/ 168).
ولهذا قال المرداوي: "يكره الصليب في الثوب ونحوه , على الصحيح من المذهب. وعليه الأصحاب , ويحتمل تحريمه , وهو ظاهر نقل صالح. قلت: وهو الصواب". (الانصاف 1/ 474).
وقال شيخ الإسلام: "قال أبو العباس: لا أعلم خلافا أنه من التشبه بهم والتشبه بهم منهي عنه إجماعا وتجب عقوبة فاعله ولا ينبغي إجابة هذه الدعوة. ولما صارت العمامة الصفراء أو الزرقاء من شعارهم حرم لبسها ويحرم الأكل والذبح الزائد على المعتاد في بقية الأيام ولو العادة فعله أو لتفريح أهله ويعزر إن عاد" (الكبرى 4/ 479).
وكلام البهوتي فيه أن من تزيا بماصار شعاراً لأهل ذمة حرم.
فالذي يظهر أن التشبه بالكفار عند الحنابلة مكروه وإن لم يكن الفعل شعاراً لهم، ومثل ذلك التشبه بالعجم وإن لم يختص الفعل بكافرهم أو يكون شعاراً له.
أما إن كان الفعل من شعار أهل الكفر (كيهود ونصارى أياً كانوا عجماً أو عرباً) فإن ظاهر كلامهم المنع منه منع تحريم لاكراهة.(28/200)
مامرادهم بالتيمم؟
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[17 - 08 - 04, 03:54 م]ـ
في باب المسح على الخفين ذكر الأصحاب أنه إذا انتهت المدة وتضرر الماسح أورفيقه بغسل القدمين فإنه يتيمم فهل المراد أنه يتيمم للرجلين فقط؟
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[17 - 08 - 04, 07:29 م]ـ
جزاك الله تعالى خير
هذا مبني على مذهبك .. هل ينتقض الوضوء بانتهاء المدة أو لا ينتقض .. فلو بقي الوضوء فإنه يتيمم عن القدمين فقط ـ و له نظائر عند الشافعية ـ .. و لو انتقض الوضوء فإنه يتيمم التيمم المبيح ـ أي عند الحنابلة و الشافعية ـ الذي هو بدل عن الوضوء؛ لأنه في هذه الحال ـ أي حال عدم قدرته غسل القدمين ـ لا يكون قادرا على ركن من أركان الوضوء، والشيء يسقط بسقوط ركنه؛ فعدل عنه إلى التيمم الذي هو الطهارة البديلة(28/201)
قصة توجه الشيخ (حامد الفقي) لمنهج السلف
ـ[واحد من المسلمين]ــــــــ[19 - 08 - 04, 09:55 م]ـ
هذه قصة جميلة جدا في توجه الشيخ العلامة محمد حامد الفقي للمنهج السلفي، و قبل ذكرها لعلي أبدأ بثناء بعض العلماء عليه فإن الفقي رحمه الله يجهله الكثير من طلبة العلم فضلا عن عموم المسلمين.
و مرجعي فيما أذكر ملخص لرسالة ماجستير للباحث موفق بن كدسة حول الشيخ و جهوده في نشر العقيدة السلفية جامعة أم القرى - كلية الدعوة و أصول الدين
قال عنه الشيخ ا بن باز رحمه الله: فقد اطلعت على الحواشي التي وضعها- يقصد في تحقيقه لفتح المجيد- الأستاذ العلامة الشيخ محمد حامد الفقي ... فألفيتها كثيرة الفوائد قد أجاد فيها و أفاد
و قال الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله: عندما رأيته يدرس في مكة عند باب علي قلت هذا ضالتي و كانت حلقته أول حلقة اجلس فيها في الحرم و كان ذلك عام 1367 هـ
و قال الشيخ أبو تراب الظاهري رحمه الله: كان سلفيا، سلفيا، سلفيا شديدا يحرص على نشر التوحيد و يغار عليه و ما رأيت أحدا مثله في الغيرة على التوحيد و لقد سكنت عنده في مصر خمس سنوات و كان متكفلا بي في كل شئ حيث كنت أشارك معه في التخريج و التحقيق و لو قلت أن عيني لم تر مثله و أذني لم تسمع بمثله في حماية التوحيد لا أكون مبالغا كان إذا صعد المنبر لخطبة الجمعة يقول بأعلى صوته: كفرت بالطاغوت .. كفرت بالبدوي .. كفرت بكذا ... و لقد كان يجتمع في حلقته في المسجد الحرام خلق كثير يجتمعون حوله ما بين قاعد و قائم.
و أما قصته تلك فيحكيها الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله و هو أحد تلاميذه فيقول:
(و سألت الشيخ حامد: يا شيخ كيف صرت موحّدا على منهج السلف و أنت درست بالأزهر؟ فقال الشيخ: درست بالأزهر و درست عقيدة المتكلمين التي يدرسونها و أخذت الشهادة العالمية و ذهبت إلى بلدي كي يفرحوا بنجاحي و في الطريق مررت على فلاح يفلح الأرض و لما وصلت عنده قال: يا ولدي اجلس على الدكة وهو يشتغل ووجدت بجانبي على طرف الدكة كتابا فأخذت الكتاب و نظرت غليه فإذا هو كتاب (اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية) لابن القيم، فأخذت الكتاب أتسلى به و لما رآني أخذته و بدأت أقرأ فيه تأخر عني قدرا من الوقت الذي آخذ فيه فكرة عن الكتاب و بعد فترة و هو يعمل في حقله و أنا أقرأ في الكتاب جاء الفلاح وقال: السلام عليك يا ولدي كيف حالك و من أين جئت فأجبته على سؤاله فقال لي: و الله إنت شاطر لأنك تدرجت في طلب العلم حتى توصلت إلى هذه المرحلة و لكن يا ولدي أنا عندي وصية، فقلت له: و ما هي؟
قال الفلاح: أنت عندك شهادة تعيشك في كل الدنيا في أوروبا و أمريكا و لكن ما علمتك الشئ الذي يجب أن تتعلمه أولا
قلت: و ما هو؟
قال: ما علمتك التوحيد
قلت: و ما هو التوحيد؟
قال: توحيد السلف
قلت: و ما هو توحيد السلف؟
قال: إنه يوجد في هذه الكتب كتاب السنة للإمام احمد و كتاب التوحيد لابن خزيمة و كتاب خلق أفعال العباد للبخاري و كتاب اعتقاد أهل السنة للحافظ، - وذكر الفلاح كتب التوحيد التي للمتأخرين و المتقدمين، ثم ذكر كتب شيخ الإسلام ابن تيمية و ابن القيم- و قال له: أنا أدلك على هذه الكتب إذا وصلت إلى قريتك و رأوك و فرحوا بنجاحك لا تتأخر ارجع رأسا على القاهرة، أدخل دار الكتب المصرية ستجد كل هذه الكتب التي ذكرتها كلها فيها و لكنها مكدّس عليها الغبار و أنا أريدك أن تنفض ما عليها من الغبار و تنشرها.
لم ينس الشيخ حامد هذه الوصية فعاد إلى القاهرة مسرعا و عكف على كتب السلف يخرجها من غياهب أدراج المكتبات و يقوم على خدمتها. أ هـ
رحم الله الشيخ رحمة واسعة وجعل ما قدّمه في موازين حسناته، اللهم آمين
قال أبو البراء: يستفاد من هذه الحادثة الرائعة أربع فوائد:
الأولى: أن الأصل في العوام أنهم على الفطرة السوية و العقيدة الصحيحة ما لم تتلوث أفكارهم ببدعة، قال تعالى (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله .. )
الثانية: الاهتمام بكتب التراث و دور طلبة العلم في نفض الغبار عنها كما نفضة الشيخ رحمه الله، و إعادة إخراجها في حلل أجمل و أثواب قشيبة
3 - اصطفاء الله و اختياره لبعض عباده الذين قد يكونون على غير الجادة و اصطفائهم لتحمل أعباء الدعوة و نشر التوحيد والسنة
4 - أن الرجال يعرفون بالحق و ليس العكس فلا يقال أن ذاك الذي حمل شهادة كذا هو على الحق و من سواه فلا يدرون شيئا، و إنما القسطاس المستقيم هو مدى القرب و البعد من هدي السلف الصالح
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[19 - 08 - 04, 10:28 م]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيك، وجزى الله الأخ موفق كدسة خيرا على ما كتب حول الشيخ
وقد كتب في الملتقى بعض ما يتعلق بالشيخ على هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=42354#post42354
ـ[ابن هشام المصري]ــــــــ[19 - 08 - 04, 11:25 م]ـ
جزاك الله خيرا 0
ورحم الله الشيخ الامام محمد حامد الفقى ___ رحمه الله
(ولاتنسى أن الشيخ العلامة المحدث أحمد محمد شاكر رحمه الله لايذكر اسم الشيخ محمد حامد الفقى الا وقبله قوله اخونا العلامة محمد حامد الفقى) أنظر الباعث الحثيث في أكثر من موضع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/202)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[19 - 08 - 04, 11:28 م]ـ
وقد حصل بين الشيخين (الفقي وشاكر) بعض الخلافات تجدها في رسالة (بيني وبين الشيخ محمد حامد الفقي).
ـ[ابن هشام المصري]ــــــــ[19 - 08 - 04, 11:40 م]ـ
وقد حصل بين الشيخين (الفقي وشاكر) بعض الخلافات تجدها في رسالة (بيني وبين الشيخ محمد حامد الفقي).تعليقا على كلام الاخ عبد الرحمن الفقيه ___ وفقه الله
بالنسبة للرسالة الى كتبها الشيخ العلامة أحمد شاكر رحمه الله (بيني وبين حامد الفقي)
فقد تراجع عنها الشيخ العلامة أحمد شاكر رحمه الله 0
وكان سببها كما ذكر الشيخ أحمد شاكر في مجلة الهدى النبوي (التى كانت تصدرها جماعة أنصار السنة المحمدية وحلت بدلا منها مجلة التوحيد)
أن هذه الرساله كتبها نتيجة لأمور وقعت بينهما ظنها الشيخ شاكر رحمه الله على غير ماظهر له عندما اجتمعا وكتبا في مجلة الهدى النبوى 0
والامانة تقتضى توضيح ذلك 0 وأيضا تقتضى ذلك من الناشر
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[19 - 08 - 04, 11:44 م]ـ
بارك الله فيك اخي الفاضل على هذا التوضيح.
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[20 - 08 - 04, 07:30 ص]ـ
و " الفقي " اختصار " الفقيه "
وهذه الفائدة لعله أن يستفيد منها شيخنا: عبد الرحمن بن عمر الفقي:) - الفقيه -
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[20 - 08 - 04, 09:12 ص]ـ
الأولى: أن الأصل في العوام أنهم على الفطرة السوية و العقيدة الصحيحة ما لم تتلوث أفكارهم ببدعة، قال تعالى (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله .. ) كلام صحيح لكن ذلك الفلاح لم يكن عامياً. لأن من يعرف تلك الكتب لا يكون من العامة. واليوم هناك من هم دكاترة ولا يعرفون تلك الكتب.
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[20 - 08 - 04, 09:54 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي واحد من المسلمين
هل طبعت هذه الرسالة؟
ـ[واحد من المسلمين]ــــــــ[21 - 08 - 04, 11:46 ص]ـ
الأخ خالد بن عمر حفظه المولى
حسب علمي أن الرسالة لم تطبع بعد و كان نقلي لها من ملخص للرسالة نشر في إحدى المجلات الإسلامية الناشئة
فائدة: و مما يرجح القول بأن رسالة الشيخ المحدّث أحمد شاكر قد تراجع عنها، أقول مما يدل على ذلك و الله أعلم، ثناء الشيخ حامد على أخيه و قرينه - و هذا عزيز ان يكون بين الأقران- احمد شاكر و ذلك في تقديمه لكتاب نظام الطلاق في الإسلام لأحمد شاكر حيث قال ما نصه:
(و أنا أعرف الناس بقيمة آرائه -أي آراء أحمد شاكر- في الأقطار الإسلامية و بالأخص في الهند و الحجاز و أنهم ليتلقون نتائج عمله بشغف و ثقة و اطمئنان لأنه من العلماء المحققين) أ هـ
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[21 - 08 - 04, 03:31 م]ـ
الأخ خالد بن عمر حفظه المولى
حسب علمي أن الرسالة لم تطبع بعد و كان نقلي لها من ملخص للرسالة نشر في إحدى المجلات الإسلامية الناشئة جزاك الله خيرا
وسبب سؤالي أن الشيخ موفق كدسة وفقه الله زارني قبل أسبوعبن تقريبا وسألته عن الرسالة فلم يذكر عن طباعتها شيئا، فلمَّا رأيت المقال استغربت
وهو الآن يحضر الرسالة العالمية في كتاب " الأسنى في أسماء الله الحسنى " للقرطبي
ولا أذكر بالضبط طبيعة الرسالة، ولكنه لن يحقق الكتاب لأنه على غير منهج السلف.
والله أعلم
ـ[المقرئ]ــــــــ[21 - 08 - 04, 03:58 م]ـ
شكر الله للشيخ خالد بن عمر هذه الفائدة عن كتاب القرطبي " الأسنى "
وأرجو رجاء خاص أن ترسل للشيخ وجهة نظري هذه عله أن يتفطن لها:
مادام المخطوط موجودا فلن يترك من المكتبات التجارية التي تخرج الكتاب دون تحقيق وتصحيح للأخطاء العقدية
فكون الشيخ يخرج هذا الكتاب ويعلق على الأخطاء العقدية التي فيه أفضل من أن يطبع دون تصحيح
والقرطبي من العلماء المحققين فكتابه سيكون فيه فائدة عظيمة وقد ذكر في مواضع من كتبه المطبوعة مباحث عظيمة بحثها في الأسنى قد لا توجد في غيره فمثل هذا لا ينبغي أن يغفل
المقرئ
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[21 - 08 - 04, 04:08 م]ـ
شيخنا المقرئ سلَّمه الله
أنا طويلب علم ولست شيخا سلَّمك الله
أمَّا كتاب الأسنى فهو مطبوع، أخبرني شيخي وأخي عبدالرحمن أن الكتاب عنده من عدَّة سنوات، طبع في مصر.
والذي فهمت من الشيخ موفق أن الجامعة تمنع تحقيق مثل هذا الكتاب كرسالة علمية، وقد أكون مخطئا في فهمي
وأظنه سيناقش أخطاء القرطبي التي خالف فيها السلف فقط والله أعلم
وهذا كله ليس أكيدا ولكني أظنه أخبرني الخبر هكذا.
ـ[المقرئ]ــــــــ[21 - 08 - 04, 04:19 م]ـ
سبحان الله وجزاكم الله خيرا على هذه الفائدة العظيمة
أخي: هلا ذكرت لي اسم الطابع وفي كم مجلد فإنني من المهتمين جدا بالإمام أبي عبد الله القرطبي وأعتذر عن التكليف
المقرئ
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[21 - 08 - 04, 04:48 م]ـ
بارك الله فيكم
الكتاب طبع في مجلدين بدار الصحابة بطنطا
الطبعة الأولى 1416
وهذه صورة غلاف الكتاب
ـ[المقرئ]ــــــــ[21 - 08 - 04, 06:25 م]ـ
بارك الله فيكما ونفع بكم والحمد لله الذي أقر عيني برؤيته وأسأله جل وعلا أن يقر عيني بقراءته
المقرئ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/203)
ـ[ابن هشام المصري]ــــــــ[22 - 08 - 04, 09:05 ص]ـ
بارك الله فيكم
الكتاب طبع في مجلدين بدار الصحابة بطنطا
الطبعة الأولى 1416
وهذه صورة غلاف الكتابالاخ عبد الرحمن الفقيه ___ وفقه الله
هل طبعة دار الصحابة أفضل طبعة؟
ـ[الداعية إلى الخير]ــــــــ[23 - 08 - 04, 09:12 ص]ـ
لقد كنت بالأمس (الأحد 6/ 7/1425) مع الشيخ موفق، و قد أخبرني أن رسالته عن الشيخ الفقي قد أعطاها للشيخ زهير الشاوش للطبع قبل فترة طويلة، ثم اتصل على الشيخ زهير مرة أخرى فوجد الشيخ قد نسي لكبر سنه، و الشيخ موفق يحاول طباعتها مرة أخرى في أحد دور النشر هنا في السعودية و قد تصدر فريبا.
ـ[المقرئ]ــــــــ[23 - 08 - 04, 12:41 م]ـ
اطلعت على الكتاب والمخطوط غير كامل فأوله ناقص نقصا كبيرا وفيه مباحث مهمة
والقرطبي كعادته في تنوع مصادره وطول نفسه ولكن الكتاب يحتاج إلى عناية كبيرة في تصحيح الأخطاء العقدية التي وقع بها غفر الله له وتجاوز عنه وأسكنه فسيح جناته
فليت أحد أهل العلم ينبري لإيجاد نسخة كاملة ويعلق على المواضع العقدية، والقرطبي رحمه الله تحسر كثيرا على أمثال هذه المسائل وذكر حيرته واضطرابه في هذه المسائل ولما تقرأ كلامه تحس بحزنه وألمه
وقد ذكر المحقق أن المخطوط هدية من الشيخ المحقق البارع درة مصر الشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله
المقرئ
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[07 - 11 - 05, 01:32 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تصحيح للخطإ
قد فهمت من كلام أخي الشيخ أبي عبدالعزيز موفق ابن كدسة الغامدي أن الكتاب الذي يعمل عليه في رسالته للعالمية هو كتاب " الأسنى " للقرطبي رحمه الله تعالى، فاتضح أنه غيره وأن الكتاب هو كتاب " الأمد الأقصى في شرح أسماء الله الحسنى " لابن العربي المالكي الإشبيلي صاحب عارضة الأحوذي، وأحكام القرآن وغيرهما رحمه الله تعالى
وقد التقيت به في الحرم هذا العام 1426 وتناقشت معه حول الكتاب وذكرت له ما كنت كتبته سابقا في الملتقى وأن الكتاب مطبوع كما ذكر شيخي أبوعمر عبدالرحمن الفقيه ووضع صورة الكتاب هنا، ولكنه أكد أن الكتاب لم يطبع وأنه ذهب بالمخطوط هو وشيخي أبوعمر لمن ينسخها فاستغربت ذلك، فلما استفصلت منه ذكر لي أن الكتاب الذي يعمل عليه هو كتاب ابن العربي وليس كتاب القرطبي المطبوع.
و لا يستغربن أحد طول الفاصل ما بين اللقائين فإني كنت في خلوة _ وجه مبتسم _ جاوزت تسعة أشهر، لم أستطع مقابلة أبي عبدالعزيز أو غيره للتأكد من المعلومة التي ذكرتها، فلما التقيت به بادرت بسؤاله والتأكد منه، فالحمد لله على كل حال.
ـ[أبو الحسن العسقلاني]ــــــــ[07 - 11 - 05, 10:14 م]ـ
يخبرني أحد الناس المتذبذبين بين السلفية و غيرها ان الشيخ حامد الفقي كفر الامام أبو حنيفة ثم رجع!
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[15 - 04 - 10, 03:24 م]ـ
المذكور من رجوع الشيخ أحمد شاكر عن رسالته أرجو تبيين حجته ..
والذي ذكره الشيخ شاكر لم يكن موقفه وحده بل موقف عدد من علماء نجد وهو موقف استمر إلى وفاة الشيخ الفقي فيما أعلم ..
ـ[أبو البركات]ــــــــ[19 - 04 - 10, 02:33 ص]ـ
تعليقا على كلام الاخ عبد الرحمن الفقيه ___ وفقه الله
بالنسبة للرسالة الى كتبها الشيخ العلامة أحمد شاكر رحمه الله (بيني وبين حامد الفقي)
فقد تراجع عنها الشيخ العلامة أحمد شاكر رحمه الله 0
وكان سببها كما ذكر الشيخ أحمد شاكر في مجلة الهدى النبوي (التى كانت تصدرها جماعة أنصار السنة المحمدية وحلت بدلا منها مجلة التوحيد)
أن هذه الرساله كتبها نتيجة لأمور وقعت بينهما ظنها الشيخ شاكر رحمه الله على غير ماظهر له عندما اجتمعا وكتبا في مجلة الهدى النبوى 0
والامانة تقتضى توضيح ذلك 0 وأيضا تقتضى ذلك من الناشر
أورد القصة كلها الشيخ أحمد شاكر في كاتبه "كلمة الحق" وهو عبارة عن مقالات له وادرج ايضا فيها تعقيب الشيخ حامد الفقي ورد الشيخ احمد شاكر على التعقيب
وكانت بسبب تعليق من الشيخ حامد الفقي على كلام لشيخ الإسلام في جزئية رؤية الجن وقد نبه الشيخ حامد الفقي على ذلك من قبل احمد شاكر وبعد ذلك نشر الشيخ الفقي مقال توضيحي وشرح فيه اللبس في تعقيبه على شيخ الإسلام
رحمهم الله جميعا علماء سلفيين واسكنهم فسيح جناته
ـ[ابو رحمة]ــــــــ[19 - 08 - 10, 04:18 ص]ـ
ما هو الدليل على تراجع الشيخ أحمد شاكر عن كلامه فى الشيخ حامد الفقى
بارك الله فيكم(28/204)
نِداءٌ عامٌّ مِنْ عُلَمَاءِ بَلَدِ اللهِ الحَرَامِ (1343 هـ)
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[22 - 08 - 04, 08:37 م]ـ
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا الخطابُ وقَّعَ عليهِ ستةَ عشرَ عالمًا من أهلِ مكَّة عام 1343 هـ
وقد نُشرَ هذا الخطابُ في جريدةِ (أمِّ القُرى) العددِ الثامنِ و الثلاثين عام 1344 هـ، ثمَّ أصدرتهُ الجريدةُ في كتابٍ بعُنْوَانِ
(البيانُ فيما اتَّفَقَ عليهِ علماءُ مكَّةَ ونجدٍ من عقائدِ التَّوحيدِ)
4/ 3/1344 هـ
وقد ضُمَّ إلى النداءِ خطابُ رئيسِ القضاءِ الشيخِ عبدِاللهِ ابن بُلَيْهِدٍ، الذي ألقاهُ في الاجتماعِ المعقودِ بينَ عُلَماءِ مَكَّةَ وَعُلَماءِ نجدٍ رحمهمُ اللهُ جميعًا
ثم نشرتْهُ رِئَاسَةُ إِدَارَةِ الْبُحُوثِ الْعِلْمِيَّةِ والإِفْتَاءِ والدَّعوةِ والإِرْشَادِ عام 1398 هـ وضمَّت إليهِ بيانًا من عُلماءِ مَكَّة في ذِكرِ بَعْضِ المسَائلِ العَقَدِيَّةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْها بَيْنَهُم، كانَ قَد نُشِرَ في الْعَدَدِ الثَّاني مِن جَرِيْدَةِ أمِّ الْقُرَى 15/ 5/1343
ثمَّ طَبَعَهُ وخرَّجَ أَحَادِيْثَهُ (محمدُ بنُ عبدِالعزيزِ الأَحْمَدُ) عام 1410 وطُبِعَ في كتيِّبٍ في دَارِ الْوَطَنِ بِالرِّيَاضِ.
و نقلتُ هَذهِ الرِّسَالةَ مِن طَبْعَتِهِ جَزَاهُ اللهُ خَيرًا
وَقَد ذَكَرَ تَرجمةً لكلِّ العلماءِ الذينَ وقَّعوا في آخرِ الخطابِ
ونقلتُهُ ليكونَ دَحْضًا لشُبُهاتِ الصُّوفيةِ القبوريَّةِ _ هَدَاهُمُ اللهُ _ الَّذِينَ يقولونَ إنَّ عُلَمَاءَ نجدٍ هُمُ الَّذِينَ يُكَفِّرونَ المُتَوسِّلِينَ بالأمواتِ دُوْنَ سِواهُم، إلى آخِرِ تلكَ الأكاذيبِ التي لا تحتاجُ توضيحًا
وأظنُ كثيرًا من طَلَبَةِ العِلْمِ لا يَدْرُونَ عَنْهُ؛ فَكَيْفَ مَن دُونَهُم، وهُم لا يَحْتَاجُونَهُ لأنهُم واثقُونَ مِن دِينهِم وَعَقِيْدَتهِم، ولَكِنْ لِيَكُونَ شَوْكةً في حُلُوقِ الصُّوفِيَّةِ القَبُوريَّةِ هَداهُمُ اللهُ أجمعينَ، وأنقذهُم من بَرَاثِنِ الشِّركِ وَالمُشرِكِينَ
نِداءٌ مِنْ عُلَمَاءِ بَلَدِ اللهِ الْحَرَامِ إِلى أُمَّتِنَا الْكَرِيْمَةِ وَشَعْبِنَا النَّبِيْلِ
السَّلام عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ وبعدُ:
فقد آن لنا أنْ نرفعَ صوتَ الحقِّ عاليًا، في هذا الجوِ الهادىء الذي يُسْمعُ فيهِ صدى الحقّ بسائقِ قوله تعالى {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}
وقوله تعالى {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}
وقولهِ صلى الله عليه وسلَّم ((الدِّين النصيحةُ.
قالوا: لمن يا رسول الله؟
قال: للهِ، ولرسولهِ، ولأئمةِ المسلمينَ وعامَّتِهِم))
وقولهِ: ((من عَلِمَ علمًا فكتمهُ أُلجمَ يومَ القيامةِ بلجامٍ من النَّار))
ونحنُ على يقينٍ من أنَّ وظيفَتَنَا هذه عظيمةٌ، وموقِفَنَا أمامَ اللهِ أعظمُ، وأنَّ هذه الحياةَ لا تزنُ عندَ اللهِ جناحَ بعوضةٍ، ولا تغني عن الآخرةِ فتيلاً، وأنتم عندنا كنَفسِنَا التي بينَ جنْبَيْنَا، نُحِبُّ لكم من الخيرِ ما نحبهُ لها، ونبغضُ لكم من الشرِّ ما نبغضُ لها.
لذا لا نُلْقِي عَلَيْكُم إلاَّ ما نَدِيْنُ اللهَ بِهِ، ونعتقدهُ حقّاً صُراحًا لا مراءَ فيهِ، لنبرأَ إلى اللهِ بأداءِ ما علِمْناَ، غيرَ مكرهينَ ولا مدفوعينَ بغرضٍ شخصيٍّ، وإنَّمَا الحقُّ أحقُّ أنْ يتبعَ، وفي بَلاغِنَا هذا ذِكرَى للذَّاكرينَ، وهُدى للمُستَبصِرِينَ، واللهُ يتولى هُدانا أجمعينَ.
الحمدُ لله الذي هَدانا لهذا ومَا كنَّا لِنَهْتَديَ لولا أنْ هَدانا اللهُ، لَقَدْ جاءت رُسُلُ رَبِنَا بالحقِّ، لا يمكنُ أن تُلحقَ، وعلى آلهِ وصحبهِ الدَّاعينَ إلى طريقِ الحقِّ صلاةً وسلامًا دائمينِ مُتَلازِمَينِ مَا اللَّيلُ غسقَ والقمرُ اتسقَ.
أمَّا بعدُ:
1 - فإنَّا نعتقدُ أنَّ اللهَ واحدٌ في ربوبيتهِ، واحدٌ في ألوهيتهِ، واحدٌ في أسمائهِ وصفاتهِ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/205)
فلا خالقَ ولا رازقَ ولا محييَ ولا مميتَ ولا مدبِّر للأمورِ سواهُ، ولا معبودَ بحقٍّ في الوجودِ إلاَّ هو، وهذا معنى (لا إله إلاَّ الله)، لهُ الأسماءُ الحسنى والصِّفاتُ العُليا، كما أثبَتَها لنفسهِ في كتابهِ، وعلى لسانِ رسولهِ، بِلاَ تكييفٍ، ولا تحريفٍ، ولا تمثيلٍ، ولا تعطيلٍ.
وأنَّ الله تعالى فوقَ سماواتهِ، على عرشهِ، عَلا على خلقهِ، وهوَ سُبحَانهُ مَعَهُم إينما كانوا، يعلمُ ما هم عَامِلون، قال تعالى {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}
وقال تعالى {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ}
وقال تعالى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}
قال فيها مالك: الاستواءُ معلومٌ، والكيفُ مجهولٌ، والإيمانُ واجبٌ، والسؤالُ عنهُ بدعةٌ.
وقال صلى الله عليه وسلَّم للجارية: أينَ اللهُ؟
فقالت: في السَّماءِ.
قال: من أنا؟
قالت: أنتَ رسولُ اللهِ.
قال: أعتقها فإنَّها مؤمنةٌ.
ونعوذُ باللهِ من أن نظنَّ أنَّ السَّماء تُقلُّه أو تظلُّه، فهو الذي يمسكُ السماواتِ والأرضَ أن تزولا، وقد وسعَ كرسيهُ السماواتِ والأرضَ ولا يؤودهُ حفظهما وهو العلي العظيم.
2 - ونعتقدُ أنَّ عبادةَ غير اللهِ شركٌ أكبرٌ، وأنَّ دعاءَ غير اللهِ من الأمواتِ والغائبينَ، وحبَّه كحبِّ اللهِ، ورجاءَهُ، ونحوَ ذلك شِرْكٌ أكبر
، وسواءٌ دعاهُ دعاءَ عبادةٍ، أو دعاءَ استغاثةٍ في شدَّةٍ أو رخاءٍٍ، فإنَّ الدعاء مخُّ العبادةِ، وسواءٌ دعاهُ لجلبِ نفعٍ أو دفعِ الضُّرِّ، أو دعاهُ لطلبِ الشَّفاعةِ، أو ليقرِّبهُ إلى الله، أو دعاهُ تقليدًا لآبائهِ أو أَسْلاَفِهِ، أو لِغَيْرِهِم.
والأدلَّة على ذلك في كتاب الله كثيرةٌ جدّاً منها قوله تعالى {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ}.
3 - وأنَّ أعتقادَ أنَّ لشيءٍ من الأشياءِ سُلطانًا على ما خرجَ من قدرةِ المخلوقينَ شركٌ أكبر.
4 - وأنَّ من عظَّمَ غيرَ اللهِ مستعينًا به فيما لا يقدرُ عليه إلاَّ الله، كالاستنصارِ في الحربِ بغير قوَّة الجيوشِ، والاستشفاءِ من الأمراضِ بغير الأدويةِ التي هَدانا اللهُ لها، والاستغاثةِ على السَّعادةِ الأُخرَوِيَّةِ أو الدُّنْيَويِّةِ بغير الطُّرقِ والسُّنَنِ التي شَرَعَها اللهُ لنَا يُكونُ شِركًا أكبر.
5 - وأنَّ الشَّفاعة مُلكٌ للَّهِ وحدهُ، ولا تكونُ إلاَّ لمن أذنَ لهُ {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى}، ولا يرضى الله إلاَّ عمَّن اتَّبع رسله، فنطلُبَهَا مِن اللهِ مَالِكِها، فنقول (اللهُمَّ شفِّع فينا نبيَّكَ) مثلا، ولا نقول (يا رسولَ اللهِ اشفَعْ لَنَا)، فذلكَ لم يردْ بهِ كتابٌ ولا سنَّةٌ ولا عملُ سلفٍ، ولا صَدَر ممَّن يوثقُ بِهِ مِن المسلمينَ، فنبرأُ إلى اللهِ أنْ نتخِذَ واسطةً تُقرِّبُنا إلى الله، أو تشفعُ لنا عندهُ، فنكونَ ممَّن قال الله فيهم، وقد أقرُّوا بربوبيتهِ، وأشركوا بعبادتهِ {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ}، وحكى عنهم {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}، أو نكونَ ممَّن قلَّدوا آباءهم في أصلِ الدِّينِ، فكانوا أضلَّ من الأنعامِ، وهم الذينَ قال الله فيهم {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ}، فوَصَفهم بقوله {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} إِذْ عطَّلوا تلك المواهبِ التي أُودِعَتْ فيهم، ولو تخلّوا بأنفسهم برهةً أطلقوا فيها لتلك المواهبِ سَرَاحَهَا لأدركتْ من آياتِ الله ما يرشدهم إلى سواء السبيل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/206)
6 - ونتوسلُ إلى اللهِ: أي نتقرَّبُ إليهِ بطاعتهِ، وهو معنى الوسيلةِ في القرآنِ، ونطلبُ الوسيلةَ لرسول الله صلى الله عليه وسلَّم كما ورد في الحديث الصَّحيح: ((من قال حين يسمع النِّداء: اللهمَّ ربَّ هذه الدَّعوةِ التَّامَّةِ، والصَّلاةِ القائمةِ، آتِ محمَّدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثهُ المقام َ المحمودَ الَّذي وعدته، إنَّك لا تخلف الميعاد َ، حلَّت له شفاعتي))، وورد تفسيرُ هذه الوسيلةِ في حديث ((سلوا الله لي الوسيلةَ، فإنَّها درجةٌ في الجنَّةِ لا تنبغي إلاَّ لعبدٍ من عبادِ اللهِ، وأرجو أن أكون أنا ذلك العبد))
وأمَّا التوسلُ بالنَّبي صلى الله عليه وسلَّم في قول عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه ((اللَّهُمَّ إنَّا كنَّا إذا أجدبنا توسلنا إليك بنبينا فتسقيَنا، وإنَّا نتوسلُ إليك بعمِّ نبيِّنا فاسقنا)) فتوسُّلٌ بِدُعَائِهِ، وهذا خاصٌّ بحالِ حَيَاتهِ، ولِهَذا عَدلَ عمر رضي الله عنهُ بعدَ مماتهِ إلى التَّوسُّلِ بِدُعاءِ عمِّهِ العبَّاس.
والتَّوسُّل بالنبي صلى الله عليه وسلَّم يومَ القيامةِ يكونُ بشفاعتهِ، وأمَّا التوسلُ بمعنىً غَير ذلكَ فليسَ بشرعيٍّ.
7 - وزيارتنَا القبورَ دعاءٌ للموتى، وادِّكارٌ للآخرةِ، وحسبُنا أن نُلقيَ عليكم ما كان النبي صلى الله عليه وسلَّم يعلِّمه أصحابه ليقولوه إذا زاروا القبورَ: ((السَّلام عليكم أهل الدِّيارِ من المؤمنينَ والمسلمينَ، وإنَّا إن شاءَ اللهُ بكم لاحقونَ، ويرحمُ اللهُ المستقدمينَ منَّا ومنكم والمستأخرينَ، نسألُ اللهَ لنا ولكم العافيةَ، اللَّهمَّ لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنَّا بعدهم)).
واعلموا أنَّ زيارة القبور على ثلاثة أنواعٍ: شرعيَّةٍ، وبدعيَّةٍ، وشركيَّةٍ.
فالشَّرعيَّةُ: هي التي يُقصدُ بها تذكّرُ الآخرة،والدُّعاء للميِّت، واتِّباع السُّنَّة.
والبدعيَّةُ: هي التي يُقصدُ بها عبادة الله عند القبور، كما يفعله جهلة النَّاس، لظنِّهم أنَّ للعبادة عندها مزيَّة على العبادةِ في المساجدِ التي هي أحبُّ البقاعِ إلى الله، وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلَّم في عِدَّة أحاديثٍ النَّهيُ عن الصَّلاة عند القبورِ، واتِّخاذها مساجد.
والشِّركيَّةُ: هي التي يُقصدُ منها تعظيمُ القبور ودعاؤها، أو الذَّبحُ لها، أو النَّذرُ لها، أو غير ذلك من العبادات التي لا تصلح إلاَّ للهِ، فهذهِ حقيقةُ الشِّركِ، والأدلَّةُ عليها كثيرةٌ جدّاً وقد تقدم بعضها.
8 - والبناء على القبورِ بدعةٌ، وقد أَرسلَ النبيُ صلى الله عليه وسلَّم عليَ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه، فأمرهُ أن لا يدعَ قبرا مشرفا إلاَّ سوَّاه بالأرض، وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي الهيَّاج الأسدي إنَّه قال: قال لي علي بن ابي طالب رضي الله عنه: إنِّي لأبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ((أنْ لا تدعَ تمثالاً إلاَّ طمستهُ، ولا قبرا مشرفا إلاَّ سوَّيتهُ)).
9 - والحَلِف بغيرِ اللهِ منهيٌّ عنهُ، ويكفي أن نسردَ عليكم شيئًا مما وردَ فيهِ.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ((من حلف بغير الله فقد أشرك)) وفي لفظ ((فقد كفر))
وقال صلى الله عليه وسلَّم ((من كان حالفا فليحلف بالله))
وقال عليه السَّلام ((لا تحلفوا بآبائكم، فإنَّ الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم))
فليحذرِ الذينَ يخالفونَ عن أمرهِ أن تصيبهم فتنةٌ أو يصيبهم عذابٌ أليم.
10 – ونعتقدُ أنَّ أفضلَ المخلوقينَ وأكملَهم نبيُّنا محمدٌ صلى الله عليه وسلَّم، وقد وصفهُ الله بالعبوديَّةِ في أشرفِ المقاماتِ، وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلَّم أنَّه قال ((ما أحبُّ أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله))، وورد ((لا تُطروني كما أطرتِ النَّصارى ابن مريم، إنَّما انا عبدُ الله ورسوله)).
11 - والإيمان قولٌ وعملٌ، قولُ القلبِ واللِّسانِ، وعملُ القلبِ والجوارحِ، يزيدُ بالطَّاعةِ وينقصُ بالمعصيةِ.
12 - ولا نكفِّرُ أحدًا من أهلِ القبلةِ بمجردِ المعصيةِ، ولا نسلبُ الفاسقَ المليَّ اسمَ الإيمانِ بالكليَّةِ، ولا نخلِّدَهُ في النَّارِ كما تقُولُ المعتزلةُ، ولا نكفِّرَهُ بالكبائرٍ كما تقول الخوارِجُ، وإنَّما نقول: هو مؤمنٌ بإيمانهِ فاسقٌ بكبيرتهِ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/207)
13 - والأمر بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ على ما جاءت بِهِ الشريعةُ واجبٌ.
14 - ونعتقدُ إقامةَ الحجِ والجهادِ والجُمَعِ والأعيادِ مع الأمراءِ أبرارًا كانوا أو فجَّارا.
15 - ونَدِيْنُ بالسَّمعِ والطَّاعةِ لهم في غيرِ معصيةٍ، عَدَلُوا أو جَارُوا مَا أقامُوا الصَّلاة.
16 - ونحافظُ على الجماعةِ.
17 - ونَدِيْنُ بالنُّصْحِ للأئمةِ خاصَّةً، وللأمةِ عامَّةً، ونبرأُ إلى اللهِ من طريقِ الخوارجِ والمعتزلةِ، الذينَ يرونَ الخروجَ على الأئمةِ بمجردِ الجورِ والمعصيةِ.
فهذا الذي نَدِيْنُ اللهَ بهِ، ونعتقِدُهُ، وندعُوكُم إليِهِ، وحَسْبُنَا فيهِ كتابُ اللهِ، وسنَّةُ رسولِهِ صلى الله عليه وسلَّم، وسلفُ الأمَّةِ الذينَ شهدَ لهم رسولُ اللهِ بالخيرِ، قال صلى الله عليه وسلَّم: ((تركتُ فيكم ما إن تمسكتُم بهِ لَنْ تضلّوا، كتابَ اللهِ، وسنَّتي)).
وقال: ((خيرُ القرونِ قرني، ثَّم الذين يلونَهُم، ثم الذين يلونَهُم)).
فتمسَّكوا بدينكم، فهذا زمانٌ القابضُ فيه على دينهِ كالقابضِ على الجمرِ، زهيت فيه الحياة بزخرفها، وثَملَتِ النَّاس بشهوتها، وكثُر الدَّخيل في الإسلامِ، وأُوقع في القلوب الضَّعيفة ما أُوقع من الأوهام، وتحققَ فيه قولُ ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه:
((كيفَ أنتم إذا لَبِسَتْكُم فتنةٌ، يربوا فيها الصَّغيرُ، ويَهْرَمُ عليها الكبيرُ، وتُتَّخذُ سنَّةً يجري عليها النَّاس، فإذا غُيِّرَ منها شيءٌ قيل: غُيِّرَتِ السُّنَّة))
قيل: متى؟
قال: ((إذا كثر قراؤكم، وقلَّ فقهاؤكم، وكثُرت أموالكم، وقلَّ أُوماناؤكم، وتُعُلِّمَ لغير الدِّين)).
ومعلوم أنَّه كلما تقادمَ عهدُ أُمَّة بنبيِّها، ألقى الشَّيطانُ في أفرادِهَا تعاليم تُظَنُّ فيما بعدُ أنَّها من الدِّينِ، والدِّينُ منها براءٌ، يُريدُ بذلكَ، إماتةَ السُّنَّة، وطمسَ معالمها.
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: خطَّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم خطّاً بيدهِ، ثمَّ قال: ((هذا صِراطُ الله مُستقيمًا)) ثُمَّ خطَّ خطوطاً عن يمينِ ذلك الخطِّ وعن شمالهِ، ثمَّ قال: ((هذه السُّبُل، ليس فيها سبيلٌ إلاّ عليه شيْطان يدعو إليه)) ثمَّ قرأ {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}
وقال صلى الله عليه وسلَّم: ((عليكم بسنَّتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين المهدييِّن من بعدي، تمسَّكوا بها، وعضّوا عليها بالنواجذِ، وإيَّاكم ومحدثاتِ الأمورِ، فإنَّ كلَّ بدعة في النَّار))
وورد عنه صلى الله عليه وسلَّم: ((أن أمَّته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقةً كلَّها في النَّار إلاَّ واحدة))، وفي حديث عنه أنَّه قال: ((هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)).
وقال صلى الله عليه وسلَّم: ((لا تزال طائفة من أمتي على الحقِّ ظاهرين لا يضُرُّهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقومَ السَّاعةُ))
نسْألُ الله أن يجعلنا منهم، وأن لا يزيغَ قلوبنا بعد إذ هَدَانا، ويهبَ لنا من لدُنهُ رحمةً، إنَّهُ على مَا يشاءُ قديرٌ، وصلى الله على سيِّدِنا محمَّدٍ النَّبيِّ الأميِّ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعينَ.
أسماء الموقعين مرتبين ترتيبا هجائيا:
1 - أبو بكر بن محمد خوقير
2 - حسين عبدالغني
3 - حسين مكي الكتبي
4 - درويش عجيمي
5 - سعد وقَّاص البخاري
6 - عبَّاس المالكي
7 - عبدالقادر أبو الخير مرداد
8 - عبدالله بن إبراهيم حمدوه
9 - عيسى دهَّان
10 - محمد أمين فودة
11 - محمد جمال المالكي
12 - محمد سعيد أبو الخير
13 - محمد عبدالهادي كتبي
14 - محمد عرابي سجيني
15 - محمد المرزوقي
16 - محمد نور محمد الفطاني
نقله أخوكم
خالد بن عمر الفقيه الغامدي
6/ 7/1425
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[23 - 08 - 04, 09:07 ص]ـ
لتحميل الملف على صيغة وورد
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=106169#post106169
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[16 - 08 - 07, 10:54 ص]ـ
للفائدة
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[16 - 08 - 07, 01:42 م]ـ
بارك الله فيك شيخ خالد ...
خطاب وجيز رائع، يصلح للتدريس كمتن عقدي.
ـ[سامي بن حمد]ــــــــ[16 - 08 - 07, 03:56 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[17 - 08 - 07, 11:55 ص]ـ
وجزاكم الله خيرا
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[26 - 05 - 08, 07:40 م]ـ
يرفع للفائدة
ـ[اسامة سليمان]ــــــــ[27 - 05 - 08, 11:33 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو البركات]ــــــــ[29 - 05 - 08, 02:59 ص]ـ
هل توجد صورة ضوئية لهذا الخطاب ... فهو مهم جدا لنشره ولبيان الحق ... واعتقد أن جريدة الوطن نشرت صورة له منذ أكثر 3 سنوات ...
ـ[ابو عبد الله البلغيتي]ــــــــ[31 - 05 - 08, 06:04 ص]ـ
جزاك الله خيرا.
ـ[أبو عبدالله قريق]ــــــــ[31 - 05 - 08, 01:23 م]ـ
جزاكم الله كل الخير(28/208)
الرد على جهالات كاتب (تدعيم المنطق) في نبزه لشيخ الاسلام والمسلمين ابن تيمية.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[23 - 08 - 04, 01:38 ص]ـ
إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه.
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
أيها الاحبة الاكارم.
وقع بين يدي قبل أيام مصنف أسماه مسوده تدعيم المنطق. وهو أحق بأن يسمى (تسفيه المنطق).
ويقصد بالمنطق منطقه الصورى الارسطي البائد، الذي نبذه العقلاء من الملل بل وحتى من لم ينتحل ملة، وكان جامع النبذ بينهم ما تبين لهم من ضعفه، و ما يتوصل به الى قلب الحقائق و تشقيق الحدود، وما يتلف به عقول منتحليه، ويؤثر به على عقائد متعلميه.
فأراد صاحب هذا الكتاب دعمه، وقد تهاوت أعمدته، و إسناده وقد تساقطت أركانه، وأحدا أثر الآخر، يتعاقب عليه الناس من مسلم وكافر، بالنقد و التمحيص.
غير ان هذا الرجل أبى أن يقر بهذه الحقيقة، وكيف يقر بها، وقد بنى أعتقاده في الله عز وجل على هذا المنطق (وجودا وصفات) فأذا تهاوى فكيف يعتقد في ربه؟ وأين السبيل في معرفة به؟
لانه لم يبنى اعتقاده على الكتاب والسنة وحال سلف الامة بل بناه على مقدمات منطقية فأذا تبين للقاصى والداني عجز هذا الفن عن تصوير نفسه وتصديق قضيته الكبرى!!
فكيف يوثق به موصلا للاعتقاد السليم، وهذه حال كل من أنتكست فطرته، وأعرض عن كتابه ربه.
ولو كان المنطق موصلا للحق (لكان أولى الناس بالوصول الى الحق) مؤسسه أرسطو وأتباعه من عبدة الاوثان.
فأخذ هذا الرجل ينافح ويكابر ويحاول قدر أستطاعته انقاذ هذا المنطق الذي صار أثرا بعد عين، وتجاذبته معاول النقاد من المسلمين وغيرهم حتى صار رمادا تذروه الرياح.
وهذه الطائفة (المنطقية) من عجائب الدهر وغرائب الزمن: أذ انهم يتشدقون في التراكيب المنطقية في أثبات ذات المولى جل وعلا فأذا تكلم في آية أو حديث غرق في عرقه، وتلعثم لسانه.
وأني لاعجب أشد العجب! إذ كيف يستجيز هؤلاء لانفسهم الكلام في عقائد الاسلام وهم جهلة في أصوله التى يعرفها السوقة والصبية؟؟
أمثل هذا الذي لايفقه معنى آية ولايعرف معنى حديث أهلا للكلام في الاعتقاد!! وماهي مادة الاعتقاد أن لم تكن الكتاب والسنة.
و هذه الطائفة هم قوم عجزوا عن تحصيل علوم الشريعة المنيفة الشريفه وقصرت عنها علومهم، و وجدوا في هذا الفن غايتهم أذ فيه التقعير والتشديق وفيه يذفف الجاهل على جهله ويتصابي المتعالم على قرنه وتربه.
وهل في التكثر من الكلام عسر، أو في التكثير من غرائب التراكيب صعوبة!!
وصار قدوتهم وحاديهم أرسطوا، وابن سينا، والكندي والفارابي وأضرابهم فأنالله وأنا اليه راجعون.
وهذا مثال على كلام هذا الرجل في ذات الله عز وجل وما قاده منطقه اليه، تلمس فيه قلة الادب مع الخالق والعياذ بالله ولكن هذا هو علم الكلام والمنطق، وما يجره قال هذا الرجل في كتاب له يشرح أعتقاده الباطل:
(وأما الذوق فإن هؤلاء ينفون اتصافه بذلك، وسبب ذلك أن الله منزه عن الاكل، فلا ياكل غيره، ولا ياكله غيره، لأنه إذا أكل غيره فيستلزم ذلك أن يكون له جوف وهذا باطل لأنه صمد ومعنى الصمد هو المملوء الذي لا جوف له ‘ إذن فالله لا يأكل غيره لذلك السبب ..
وأما كون الله لا يؤكل أي كون الله لا ياكله غيره أي لا يذوقه غيره، فلأن ذلك يستلزم انقسام جزء منه وهذا باطل لأن أجزاءه لا تنفصل عنه حتى يأكلها غيره. هذا هو تعليل عدم اتصافه بالأكل الشامل للآكلية والمأكولية فكل منهما يطلق عليه أنه أكْل وكل منهما يستلزم النقص) أ هـ.
لاحول ولاقوة الله الابالله العلى العظيم ونبرأ الى الله من هذا الدعي وأمثاله.
قلة أدب مع الله تعالى فأنا لله وأنا اليه راجعون، وألله أني أعتذر اليكم أيها الاخوة في ذكر هذه المقاطيع البائسة الشنيعة.
هو يريد ان يثبت أن الله لايأكل ولا يؤكل (عياذا بالله) فيلجأ لهذه الطريقة التى يسميها منطق عقلي.
وهذا الكتاب دليل على أثر المنطق السئ على (عقل) المتلبس به، أذ انك تلمس فيه ضياع الموضوعية في الطرح، وظهور العصبية في النقد والعرض.
ولا يظنن ظان اننا نستغل كتابة بعض من لايحسن في هذا الفن حتى ندلل على ضعفه لا والله لان هذا ليس من المروءة في شئ.إذ ان هناك من كتب في المنطق فأحسن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/209)
ولذا فأن هذا الكاتب والكتاب لايحسب على المنطقيين (نقول هذا حتى لايأتي بعض من لاينصف فيستغل ضعف الكتاب والكاتب) ويمثل بهذا الكتاب على جهل المناطقة في العقيدة والمنطق نفسه.
وهذا الكتاب مشحون من الجلدة الى الجلدة بالاخطاء في التركيب و المعنى.
وهي والله كثيرة جدا ولايكفيها مجلد او أثنين.
وهي على أنواع:
منها أخطاء في الفهم.
ومنها أخطاء في النقل.
ومنها أخطاء في التصوير.
ومنها أخطاء في الرد والنقض.
ومنها أخطاء أدبية أخلاقية في أتهامه في نيات الناس ودواخلهم.
وسوف أركز في هذا الرد على كلامه على شيخ الاسلام وردا على تجنيه عليه، حيث تكلم عليه في موضعين، أما الموضع ألاول فلا حاجة للرد عليه فيه لظهور خطله فيه، وهي مجرد اتهامات سوقية للرجل في دينه.
وهذا الرجل يحاول ان يطبق ما تعلمه من المنطق على أقوال الناس فأتي بطوام أضحك بها الصغير والكبير.
وأضرب هنا مثلا عابرا قبل أن أشرع في الرد عليه في نقضه على شيخ الاسلام رحمه الله تعالى:
هذا المثل هو ما أتي به حول كلام ديكارت وأنقل لكم كلامه كاملا (وهو يحاول ان يحكم المنطق على كلام ديكارت):
(وكما قلنا فقد أراد إثبات وجوده من هذه العبارة، والمقدمة التي أوردها لذلك هي قوله أنا أفكر. والنتيجة كانت قوله:"إذن أنا موجود". فجعل وجود تفكيره هو علةً لإثبات وجوده. والحقيقة أنه توجد مقدمة خفية لم تذكر في كلامه هذا، وهي "أن كل ما يفكر، لا بد أن يكون موجودا"، فإن البرهان لا يكون منتجا إلا بهذه المقدمة المخفية.
لكننا عند النظر الصحيح في هذه العبارة وفي طريقة الاستدلال التي أحبها متبعو هذا الفيلسوف، فإننا نجد أن دليله هذا عبارة عن مصادرة على المطلوب. ومعنى هذا أنه اعتمد في الوصول إلى النتيجة، على نفس النتيجة، أو على أمر لا يسلم بوجوده إلا بالتسليم بوجود النتيجة. وبيان ذلك:
أنه جعل ثبوت التفكير لذاته دليلا على ثبوت ذاته، وأنت تعرف أن التفكير عارض على الذات، ونسبة عارض إلى الذات، لا يمكن أن يصح إلا بعد التسليم بأن الذات نفسها موجودة. فيصبح الحاصل في النهاية كأنه قال: التفكير ثابت لذاتي الموجودة، وثبوت التفكير لذاتي الموجودة، دليل على وجود ذاتي. ومن الواضح أن هذا عبارة عن كلام لا محصل تحته.
هذا هو التحليل السريع الذي أردنا أن نبينه.
وأما القواعد المنطقية التي اعتمدناها للوصول إلى هذه النتائج ونقد كلام هذا الفيلسوف المشهور، فهي ما يلي:
قال الإمام السعد التفتازاني في كتابه التهذيب في علم المنطق "ولا بد في الموجبة من وجود الموضوع، إما محققا وهي الخارجية، أو مقدرا فالحقيقية، أو ذهنا فالذهني.")).أنتهى كلام هذا المتعالم!!!
وبعد ذلك نشتكى من الضعف العلمي في العالم الاسلامي؟
يا ايها الاخوان هذا رجل نقال وصاحب حشو، فهذا الكلام ينقل أكثره بالحرف ثم يضيف بعض الاضافات والمصيبة هي في هذه الزيادات!!
وأنا أقول ديكارت في وادي و الكاتب في واد آخر، وهو في هذا انما تابع غيره كالصدر ولم يعلم هذا المتعالم أن الصدر أيضا قد تابع غيره في هذا وقد سبقه أمثال: أورنولد arnauld .
ومن سلك دربه في تصوير هذا القول لانه لم يطلع على كلام ديكارت ولو أطلع عليه فهو أقل من أن يفهمه.
أسمعوا يا أخوة ماذا يقول ديكارت يقول ديكارت (وأنا أشك أن هذا الرجل طالع كلامه) في مقاله في المنهج - وهو أشهر كتبه -:
(اعتبرت باطلاً كل استدلال كنت احسبه من قبل برهاناً صادقاً. وأخيراً، لما لاحظت ان جميع الأفكار، التي تعرض لنا في اليقظة، قد تتردد علينا في النوم، من دون ان يكون واحد منها صحيحاً، عزمت على ان أتظاهر بأن جميع الأمور التي دخلت عقلي لم تكن اصدق من ضلالات أحلامي. ولكني سرعان ما لاحظت، وأنا أحاول على هذا المنوال ان اعتقد بطلان كل شيء، انه يلزمني ضرورةً، أنا صاحب هذا الاعتقاد، أن أكون شيئاً من الأشياء. ولما رأيت ان هذه الحقيقة: "أنا أفكر، إذن أنا موجود"، هي من الرسوخ بحيث لا تزعزعها فروض الريبيين، مهما يكن فيها من شطط، حكمت بأنني أستطيع مطمئناً ان اتخذها مبدأ أولاً للفلسفة التي كنت أبحث عنها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/210)
ثم اني أنعمت النظر بانتباه في ما كنت عليه، فرأيت أنني أستطيع ان أفرض انه ليس لي أي جسم، وأنه ليس هناك أي عالم، ولا أي حيز أشغله، ولكنني لا أستطيع من اجل ذلك ان افرض انني غير موجود، لأن شكي في حقيقة الأشياء الأخرى يلزم عنه بضد ذلك، لزوماً بالغ البداهة واليقين، ان أكون موجودا، في حين أنني، لو وقفت عن التفكير، وكانت جيمع متخيلاتي الباقية حقاً، لما كان لي أي مسوغ للاعتقاد انني موجود. فعرفت من ذلك انني جوهر كل ماهيته أو طبيعته لا تقوم الا على الفكر، ولا يحتاج في وجوده إلى أي مكان، ولا يتعلق بأي شيء مادي، بمعنى ان "الأنا" أي النفس التي أنا بها ما أنا، متميزة تمام التميز عن الجسم (48)، لا بل ان معرفتنا بها أسهل، ولو بطل وجود الجسم على الإطلاق لظلت النفس موجودةً بتمامها.
ثم إني نظرت بعد ذلك بوجه عام فيما تطلبه القضية من شروط لتكون صحيحة ويقينية. ولما كنت قد وجدت قضية علمت انها موصوفة بهذه الصفة، رأيت انه يجب علي أيضاً أن أعلم على أي شيء يقوم هذا اليقين. فلاحظت انه لا شيء في قولي: أنا أفكر، إذن أنا موجود، يضمن لي انني أقول الحقيقة، الا كوني أرى بكثير من الوضوح ان الوجود واجب للتفكير. فحكمت بأنني أستطيع أن اتخذ لنفسي قاعدةً عامة، وهي ان الأشياء التي نتصورها تصوراً بالغ الوضوح والتميَّز هي كلّها صحيحة، إلا ان هناك صعوبة في بيان ما هي الأشياء التي نتصورها متميزة) أنتهى كلامه.
هل رأيتم أن صاحبنا في واد هو ومنطقة العتيق وديكارت في واد آخر!!
يا هذا ديكارت خلص من فكرة (الكوجيتو cojito ) الى أن ماهيته (كفرد) هي التفكير أي ماهيه غير مادية أي (ولعلك تفهم) قريب من فكرة الثنائية dualisme أي وهذا تقريب ثالث (لعل وعسى) جوهرين منفصلين جوهر العقل ويمكن أثباته بطريق البداهه وجوهر الجسد و لايمكن اثباته.
أي التفكير الذي تقول أنت عنه أنه (عرض) هو ذاتي (عنده) و ذاتي وحيد عنده.
هل فهمت!!
يعنى وهذا تقريب عاشر أن الحيوان لايمكن البرهنة على وجوده لانه لايفكر!!
فعنده قضية واحده كلية ولا يوجد عنده مقدمة مخفية! (ففكر قبل ان تقلد غيرك من الغربيين الذين تنقدهم او الرافضة الذين تحبهم).
لان الاثبات عنده يكون للبدهي أنظر الى قوله مرة أخرى:
(فحكمت بأنني أستطيع أن اتخذ لنفسي قاعدةً عامة، وهي ان الأشياء التي نتصورها تصوراً بالغ الوضوح والتميَّز هي كلّها صحيحة، إلا ان هناك صعوبة في بيان ما هي الأشياء التي نتصورها متميزة) اهـ.
ومن هذه الاشياء التفكير.
أذا أيه المتعالم زعمك تحكيم المنطق على كلام ديكارت سخافة تدل على أنك لم تقرأ (ولا أقول) تفهم كلامه.
ونقد المنهج الديكارتي في الشك ليس بهذه الطريقة التى هي أشبه بعبث الصبيان بل نقده يكون بأثبات الموجودات .. وهذا كلام يفوق تكفيرك بمراحل.
ولكن وشفقة عليك لعلك تدرس طريقة ديكارت في إثبات الخالق وهي المسماة: preuv ontologque لانها تقرب اليك فكرة البديهي عند ديكارت في الاثبات.
لان ديكارت لم يستمد معرفة وجود الله تعالى من المحسوس بل من نفس الطريقة التى أكتشف فيها وجوده.
أي (وهذا تقريب) قريب من معنى الفطرة عند المسلمين.
وما وقع فيه هذا الرجل في فهم كلام شيخ الاسلام ابن تيمية أشد لانه قد جمع مع سوء الفهم، قبح الاعتقاد وشوء الطوية وهذا لم يفعله مع ديكارت لعدم وجود العداوة!!!
وسنشرع بعون المولى في الرد على تهجمه على (شيخ الاسلام) الذي جمع فيه بين الجهل وقلة العلم والحقد كما سيتبين لك بعون الله تعالى.
ـ[الدرعمى]ــــــــ[23 - 08 - 04, 02:25 ص]ـ
نقل الشيخ زياد فى المشاركة السابقة عن بعض المناطقة قوله:
وأما الذوق فإن هؤلاء ينفون اتصافه بذلك، وسبب ذلك أن الله منزه عن الاكل، فلا ياكل غيره، ولا ياكله غيره، لأنه إذا أكل غيره فيستلزم ذلك أن يكون له جوف وهذا باطل لأنه صمد ومعنى الصمد هو المملوء الذي لا جوف له ‘ إذن فالله لا يأكل غيره لذلك السبب ..
وأما كون الله لا يؤكل أي كون الله لا ياكله غيره أي لا يذوقه غيره، فلأن ذلك يستلزم انقسام جزء منه وهذا باطل لأن أجزاءه لا تنفصل عنه حتى يأكلها غيره. هذا هو تعليل عدم اتصافه بالأكل الشامل للآكلية والمأكولية فكل منهما يطلق عليه أنه أكْل وكل منهما يستلزم النقص
ظل بعض طلاب الثانوى يشرح بيتًا ويوضح ما فيه من مواطن الجمال ومدرس البلاغة شاخص ببصره يرمقه بنظرات لم يفهمها ذلك الطالب فلما انتهى من عرضه لأفكاره قال له الأستاذ يا بنى لو ضرطت لكان خيرًا لك فضحك التلاميذ وظلوا يضحكون أربعين عامًا كلما شاهدوا هذا التلميذ وأظن أننى لن أكف عن الضحك كلما تذكرت قول هذا المنطقى وأكاد أقسم أنه لو اجتمع سفهاء الأرض وظاهرهم سخفاؤها فى صعيد واحد على أن يأتوا بمثل هذا الهراء ما أتوا بمثله.
معذرة يا شيخ ابو عمر فقد اثارنى هذا القول ولم أتمالك نفسى من التعليق عليه ولعلنى قد كفيت بعض الإخوة تلك المئونة.
على أن الموضوع جيد ولعل الإخوة الكرام يستفيدون من عرضكم الشيق وأرجو ان يكتمل عرضكم لهذا الموضوع ولا يترك معلقا بارك الله فيكم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/211)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[23 - 08 - 04, 02:40 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،
موضوع مثير للاهتمام حقًا يا شيخنا زياد ... أكمل بارك الله فيك، أنا متابع لهذا الموضوع.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[23 - 08 - 04, 03:41 ص]ـ
ملاحظات قبل البدء:
1 - يزعم هذا المتعالم أن شيخ الاسلام رحمه الله أنما نقد المنطق ليقرر اعتقاد التجسيم؟
والغربيون نقدوه حتى يقررو المادية؟
أما السيوطي وابن الصلاح وغيرهم فهم لم ينتقدوه ليقررو مذهب الاشاعرة!! بل نقدوه لانهم جهال وهم مجرد جماعون كما وصف السيوطي بذلك.
وهذا فوق سخافته، كلام غير علمي.
وهذا زعم مجرد و بالامكان قلب القضية وهو (الصحيح) لان تدعيمه للمنطق من أجل انقاذ عقيدته التى بناها عليه.
وكلامه الغير علمي كثير جدا، و يكفى من القلادة ما أحاط بالعنق.
2 - يبرر نقده لشيخ الاسلام بقوله: (فلما رأى هؤلاء المقلدون التيار الغربي ووجدوه قد وجه كل همه لدحض المنطق اليوناني بحق أو بغير حق، بل ونفى كل قاعدة منطقية سواء أكانت من اليونان أم من غيرهم، بحث بين المسلمين عمن حاول نقض القواعد المنطقية فوجد ابن تيمية، فلهج لسانه بذكر عبقريته! يحاول بعضهم إثبات السبق وبعضهم إثبات موافقته لهم.) أنتهى كلامه.
قلت: حق لهم ذلك وهذا من أعظم الادلة على فساد المنطق أذ انه ينقد من جميع الجهات فشيخ الاسلام رحمه الله يبنى نقده على الجانب الشرعي.
والتجريبيون يبنونه على أتجاهات مختلفة فمن جهة ينتقد (رسل) المنطق ومن محور ثاني يشن (ديفيد هيوم) هجوما عنيفا على المنطق، وفي المحور الثالث يعرى (ستيورات مل) الهالة المنطقية.
وهذه هي تقريبا المحاور الرئيسية لنقاد المنطق وهذا غير بقية التوجهات الكثيرة للنقد منها نقد ديكارت وغيره وقبله بيكون الاب والابن و الجميع ينحنون منحى مختلف في نقد المنطق.
فيحق لنا نحن المسلمين الفخر بسبق الغربيين في كشف ضعف المنطق في التصور وغيره من المباحث المنطقية.
وخاصة أن شيخ الاسلام بنى النقد على الجانب الشرعي وفي هذا دلالة لاتخفى.
3 - لم يورد هذا المتعالم الا أربعة أعترضات لشيخ الاسلام ينما نقد شيخ الاسلام رحمه الله مباحث التصورات (فقط) بأكثر من ستة عشر وجه.
فهل هذا من الامانة العلمية!!
وإن قال أردت الاختصار قلنا ليس من حقك أن تختار ما تستطيع (في ظنك) رده وبين ما تعجز عن (فهمه أصلا) فضلا عن أن ترده، وقد قال هذا المتعالم: (ولذلك فقد اخترنا أن نناقش هنا رسالة مختصرة كتبها ابن تيمية في نقض علم المنطق، وهي الموجودة في مجموع الفتاوي [9/ 255 - 264]، فهي تحتوي على خلاصة ما يقوله في هذا الباب).
فهو هنا يناقش هذه الرسالة ولم يورد (نصف) أدلتها!!!
4 - شيخ الاسلام رحمه الله لم ينكر الحدود بل أنما أنكر الحد المنطقي الذي لايفيد تصور المحدود عند شيخ الاسلام وقد دلل على ذلك بأدلة كثيرة.
أورد هذا الكاتب كلام شيخ الاسلام على انه أول أيراد على المنطق:
قال شيخ الاسلام ابن تيمية:
(أحدها: دعواهم أن التصورات النظرية لا تعلم إلا بالحد الذي ذكروه، فالقول فيه كالقول في أن التصديقات النظرية لا تحصل إلا بالبرهان الذي حصروا مواده، ولا دليل على ذلك، ويدل على ضعفه أن الحادَّ إن عرف المحدود بحدٍّ غيره فقد لزم الدور أو التسلسل، وإن عرفه بغير حدٍّ بطل المدعى.
فإن قيل: بل عرفه بالحد الذي انعقد في نفسه كما عرف التصديق بالبرهان الذي انعقد في نفسه قبل أن يتكلم به، قيل: البرهان مباين للنتيجة، فإن العلم بالمقدمتين ليس هو عين العلم بالنتيجة، وأما الحد المنعقد في النفس فهو نفس العلم بالمحدود، وهو المطلوب، فأين الحد المفيد للعلم بالمحدود).
قال المتعالم بعد إيراده لهذا الاعتراض:
(فالحاصل أن كلام ابن تيمية في هذا الإيراد مغالطة مكشوفة البطلان، وهذا هو أشهر إيراداته على علم المنطق!).
وهذه مغالطة منه فمن قال لك أن هذا هو أشهر أيرادته بل هذا هو أضعفها وأقلها، وهذا المتعالم إنما ذكر هذا الكلام لانه في ظنه أسهلها ردا، لان الذين ينقل منهم أمثال هذا النقد قد نقدوا هذا الموضع بعين ما نقده مع الفارق بين الفريقين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/212)
فأراد أن يوهم الناس ان هذا أقوى الاعتراضات حتى يقيسون على ما بعده. ورغم مغالطة هذا الاعتراض فلا هو أفلح في فهم مراد شيخ الاسلام ولا هو أفلح في رده على فهمه السقيم وهذا من عجائب الزمن.
(يدعي ابن تيمية أن حصر المناطقة لطرق تحصيل التصورات النظرية في الحد ضعيف، وذكر دليلا على ذلك) أنتهى.
وهذا من العماية والعجلة فشيخ الاسلام رحمه الله يذكر أنه لادليل صحيح على هذا (الحصر) فأنت أذا أردت ان نتقد الكلام لابد ان تقدم دليلا صحيحا على الحصر ثم تتكلم.
ثم قال شيخ الاسلام ان من الادلة على ضعف هذا القول مسألة الدور.
فأذا أدرت ان ترد فتأمل في الكلام قبل التعجل وخاصة مع جهابذة أهل العلم.
فتصويره لكلام شيخ الاسلام ناقص بارد. ولعله تعمده لانه لايقدر على مناقشة حصر المعارف النظرية لانه يتلقاها مسلمة لاشية فيها.
وهذا المتعالم يجهل ان شيخ الاسلام لاينكر الحد بمعنى الرسم المفيد للتصور بل ينكر الحد الذي هو بمعنى ((التام)) المفيد (للماهية) عند أمثاله لانه مركب من جنس وفصل أي ماهية والماهيات عند شيخ الاسلام ليس لها وجود خارجي.
أضافة الى انه لايمكن التفريق بين اللازم والعرضي وهذا يأتي مزيد كلام عليه في الاعتراض الثالث.
فهو يجلب مقدمة طويلة عريضة لتعمية جهله في وسائط المعرفة عند المناطقة وليته سكت!!
ولكن كالعادة أتي بالزيادات التى تبين عن جهله وتفصح عن قلة علمه!
وكلام شيخ الاسلام صحيح ظاهر أذ ن الحاد الاول لايمكن ان يعرف ماهية المحدود بطريق الحد أبدا.
لانه يلزمه ان يعرف الذاتيات ويفرق بينها وبين العرضيات ثم يذكر الجنس والفصل القريبين وهذا لايكون الا بطريق الحس ولا تتصور الماهية بطريق الحد أبدا. وبيان هذا يطول.
أذا فكلام شيخ الاسلام لاشك صحيح لان الحد يعود في أصل وضعه الى الحس.
والغريب أن هذا المتعالم يقول بعد سطور:
(بناءا على ذلك فالتعريفات هي الطريقة بالفعل إلى إدراك التصورات النظرية، إذ لا طريق لفظيا وضعيا غيرها ينفع في ذلك)
والغريب أيضا أنه لما أتي بالاعتراض الثاني والذي هو فرع من الاول، لوكان يعقل!
تناقض في نفسه أشد النتناقض وتعسف في الرد وهذا كله من أثر المنطق على العقل والقلب.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[23 - 08 - 04, 02:09 م]ـ
الاعتراض الثاني:
قال شيخ الاسلام:
(الموضع الثاني وهو أن يقال إن الحد لا تعرف به ماهية المحدود بحال، بخلاف البرهان فإنه دليل إلى المطلوب أما بالنسبة إلى الحادِّ فلأنه عرف الشيء قبل أن يحده، وإلا لم يحصل حده، لأن الحد يجب أن يطابقه عموما وخصوصا، ولولا معرفته به قبل أن يحده لم تصح معرفته بالمطابقة، وأما بالنسبة إلى المستمع فلأن معرفته بذلك إذا لم تكن بديهية ولم يقم الحاد عليه دليلا امتنع أن يحصل له علم بمجرد دعوى الحاد المتكلم بالحد، ولهذا تجد السامع يعارض الحد ويناقضه في طرده وعكسه، ولولا تصور المحدود بدون الحد لامتنعت المعارضة والمناقضة.
وإنما فائدة الحد التمييز بين المحدود وغيره لا تصويره، وهو مطابق لاسم الحد في اللغة، فإنه الفاصل بينه وبين غيره، وذلك أنه قد يتصور ماهية الشيء مطلقا. مثل من يتصور الأمر والخبر والعلم فيتصوره مطلقا لا عاما، فالحد يميز العالم الذي يدخل فيه كل خبر وعلم وأمر، ومن هنا يتبين لك أن الذي يتصور بالبديهة من مسميات هذه الأسماء وهو الحقيقة المطلقة غير المطلوب بالحد، وهو الحقيقة العامة، ثم التمييز للأسماء تارة وللصفات أخرى، فالحد إما بحسب الاسم وهو الحد اللفظي الذي يحتاج إليه في الاستدلال بالكتاب والسنة وكلام كل عالم، وإما بحسب الوصف وهو تفهيم الحقيقة التي عرفت صفتها، وهذا يحصل بالرسم والخواص وغير ذلك.) اهـ
ملخص كلام شيخ الاسلام: أن الحد لاتعرف به الماهية كما يزعم نظارهم بل يفيد: تمييز المحدود (وهذا هو معنى الحد في اللغة)، والتمييز يكون على درجات.
فمنه الحقيقة المطلقة وهي التى تعرض بداهة باللفظ كمسمى المصدر مثل ضرب محمد أو مطلق الاسم (كمحمد) فهذه الحقيقة تنال بالحد اللفظي وهي كالتمييز وأما الحقيقة العامة وهي التى يعرف بها نوع الفعل، والمحدود إن كان اسما حصل له التمييز وان كان وصفا فلا بد من معرفة الصفة بالتعريف الرسمي او غيره. هذا ملخص كلام شيخ الاسلام رحمه الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/213)
وكالعادة أكثر هذا المعترض من الكلام الانشائي الغريب فلا تدري على أي هدى يسير و أي طريق يسلك!!
و بعض كلامه أعجمي خالص يحتاج الى (حد تام) وناقص لفهمه!
فهو يتكلم عن الحاد وهذا كلام لايفيد لان الكلام على الذي يسمع الحد هل يفيده الحد في معرفة الماهية أم لا؟
وهذا الذي قرره شيخ الاسلام وحاول المعترض أن يخرج بنظرية (ترقيع) جديد وهي ان أن الحد لايفيد في معرفة عين المحدود ولكن يعطينا معرفة مفصلة للمحدود.
ولاأدري هل هذا الرجل يتكلم عن نفسه أم يتكلم على لسان المناطقة!!
فهو يقرر ان المستمع للحد لايستفيد من الحد الا بشرط التسليم المطلق لقول الحاد، مع انه يقرر في كتابه (ولهذا صنف كتابة) أن المنطق علم يعرف به الحق بالادلة؟؟
و هو علم بنى عليه عقيدته الاشعرية (كما يصرح بنفسه في أول الكتاب) فهو يصرح بأنهم بنو أعتقادهم على المنطق اليوناني.
ومع هذا يقول ان الحد لايمكن الانتفاع به الا اذا سلمت بصدق الحاد؟
مع ان الاقرار بصدق الحاد في نفسه لايعنى صدقه في نفس الامر إذ يحتمل غلطه.
ولم يفرق بين هاذين الامرين فهو يجعل صدق الحاد عبارة عن صدق نفس الامر.
مع ان هذا ليس بلازم.
قال المعترض: (وقد نص المناطقة كما ذكرنا أن الحدَّ لا يقام عليه البرهان، ولذلك فإن المستمع إذا أراد أن يعرف صحة هذا الحد الملقى إليه، فعليه أن يسير في طريقة التركيب الاستدلالية التي سار فيها الحادُّ مِن قَبْلِهِ ليتأكدَ مما يريد).
وطريقة التركيب الاستدلالية المخترعة عنده هي طريقة الحس.
فإذا الحد لايفيد معرفة المحدود الا بطريقتين عنده:
الاولى: وهي الطريقة التى يقولها شيخ الاسلام وتعرفها العقلاء هي طريقة تصور الحد أما بالمشاهدة او بالاحساس او غيرها من طرق الحس.
الثانية: أن يسلم السامع بالحد المسموع له وهذا أيضا لن يفيده التصور الكامل بل سوف يعرف صورة ملخصة عن المحدود.
أذا لايمكن الاقرار بصدق الحد بطريق الحد المخبر! لان خبره يحتمل الصدق والكذب أما في نفسه أو في نفس الأمر.
فأذا طلبت من السامع ان يصدق بقول المحدود مطلقا كان هذا منافيا لدعواك بأن المنطق طريق يقيني للمعرفة بل صار اشبه بالطلسمة، فكيف يفيد الحد معرفة يقينية وانت تقول انه لابد للسامع اذا اراد معرفة صدق الحاد أن يتبع نفس طريق الحاد في المعرفة وهو طريق (الحس) أو ما تسميه (التركيب).
لأن الحد لايمكن البرهنة علي صدقه أو كذبه!
وهذا المعترض لم يفهم كلام شيخ الاسلام ولم يفهم هو كلام نفسه إذ لو تدبر كلامه لعلم أنه في واد وكلام شيخ الاسلام في واد.
يقول المعترض: أن الحد لايمكن به معرفة (عين المحدود) بل هو يعطينا ملخص عن ماهية المحدود.
قلت: وبهذا يتميز عن الاسماء بأن الاسماء لمطلق التمييز بينما الحد يفيد (بعض التصور) بذكر الماهيات وهذا معنى الشرح او التعريف بالرسم.
وشيخ الاسلام رحمه الله يقول ان معرفة الماهيات وتحديد اللازم منها والعرضي عسر، وهذا الذي لم يستطع المعترض رده كما في الاعتراض الثالث.
فشيخ الاسلام يقول: أن تصور المحدود لايمكن بدون العلم بصدق قول الحاد وصدق قول الحاد لايعلم (بمجرد الخبر) فلا يعلم المحدود بالحد.
لأن الحد ليس من جنس الاخبار الغيبية.
ويكفى في رد كلامه أن ننظر الى الشرع: فقد بين الشارع الكثير من من المعارف والاسماء الجديدة التى لم تكن معروفة من قبل كلفظ الزكاة وغيرها.
فهل احتاج الشارع في بيان هذه المعارف الجديدة الى الحد الارسطي العتيق!
بل تجد ان أكثر حدود الشارع من من جنس ما يسمونه (التعريف بالرسم).
فهل هناك أدق من تصوير الشارع لاحكام جديدة مرتبطة بعمل المكلفين؟
وعلى العموم الرد عليه في هذا الباب مبنى على الاعتراض الثالث وهو أهم الاعتراضات وأقواها هو التمييز في الماهيات بين اللازم و العرضي.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[23 - 08 - 04, 08:05 م]ـ
الاعتراض الثالث من شيخ الاسلام رحمه الله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/214)
قال: (الفرق بين الذاتي والعرضي اللازم للماهية بحيث يدعى أن هذا لا تفهم الماهية بدونه بخلاف الآخر، فإن العاقل إذا رجع إلى ذهنه لم يجد أحدهما سابقا والآخر لاحقا، ثم إذا كان المرجع في معرفة الذاتي إلى تصور الذات، والمرجع في تصورهما إلى معرفة الذاتي كان دورا، لأنا لا نعرف الماهية إلا بالصفات الذاتية، ولانعرف الصفات الذاتية حتى تتصور الذات بها، فإن الصفات الذاتية ما تقف معرفة الذات عليها، فلا تعرف الذاتية إلا بأن تعرف أن فهم الذات موقوف عليها، فلا تريد أن تفهم الذات حتى تعرف الذاتية، وبسط هذا كثير. ") اهـ
ملخص كلام شيخ الاسلام:
1 - الذاتي والعرضي (اللازم - الغير منفك -) صفات لازمة تشترك في أنها لاتفارق المحدود، فمن أين للمناطقة أن بعض الصفات ذاتي والآخر عرضي، ثم يرد على دعزهم المجردة في التفريق بين الصفات الذاتية واللازمة.
2 - أنه اذا كان الدليل هو الاسبقية في الذهن فأن الاسبقية ليست صفة في نفس المحدود بل هي من وضع ذهن الحاد، فهي عملية ذهنية عقلية خاصة بالحاد وليست في المحدود وهذا تحكم بلا برهان وبلا دليل (وهذا دليل على ان هذا العلم لاينفع في اليقينيات.
3 - أن معرفة الصفات الذاتية وقف على معرفة الذات (فأنك لاتعرف الصفات حتى تعرف الذات) ومعرفة الذات لايتم الا أذا عرفت الصفات الذاتية!!
وهذا دور لا متناهي يبطل القسمة. (وهو مهم فتنبه)
4 - شيخ الاسلام رحمه الله لاينازع في أن هناك صفات ذاتية وصفات غير لازمة سواء بطيئة الارتفاع او سريعة الارتفاع كصفة الحمرة في الخجل وغيرها.
لكن موضع النزاع عنده في التفريق بين الصفات الذاتية والصفات العرضية (اللازمة).
5 - لاينازع شيخ الاسلام رحمه الله في أن هناك صفات مشتركة وصفات مختصة وأنما النزاع في التفريق بين الذاتية والعرضي اللازم.
6 - لاينازع شيخ الاسلام رحمه الله في أن بعض الصفات أشرف من بعض فإن النطق (وهو ذاتي عندهم) أشرف من الضحك وهو عرضي لازم عندهم.
لكن موضع النزاع هو انهم يجعلون الاول لايتصور المحدود الابه والآخر يمكن ان يتصور بدونه.
_____________________
أذا أستحضرت النقاط الستة الآنفة عرفت ان كلام المتعالم، خل وبقل، ولا تأثير له البتة، وأنه يقرر في عقله ما يشاء من المعاني ثم يحاكم عليها!
يقول هذا الدعي:
(يدعي ابن تيمية هنا أن تفريق المناطقة بين الذاتي وبين العارض مجرد تحكم منهم، وأنه لا يوجد في الخارج ونفس الأمر فارق بينهما).
سلمنا بأن كلام شيخ الاسلام دعوى وقد أيدها ببرهانين الدور والوجود.
فهل تقابل الدعوى بدعوى أيه المنطقي؟
ما رد به دعوى مجردة فأذا كان هو يجد في نفسه التفريق لانه قد أستعار عقل أرسطوا فنحن لانجد في أنفسنا ذلك التفريق.
وأستصحبوا النقطة الخامسة معكم لان هذا المتعالم غير دقيق في عباراته.
ثم يقول محاولا الرد على مسألة الدور: (فإننا قبل ملاحظة العلاقة الثابتة بين الذاتي منها والعارض، نضعها جميعها في رتبة واحدة، ولكن هذا النظر الذي أنتج الحكم بالتساوي في المرتبة هو نظر ساذج غير عميق، ونحن عندما نعرض الصفات ونضبطها بمقياس الذاتي والعارض، فما انطبق عليه أنه ذاتي جعلناه في مجموعة وما انطبق عليه أنه عارض وضعناه في مجموعة أخرى، فإن العقل يحكم حينذاك على سبيل القطع بأسبقية الذاتية على العارضة).
سبحان الله هل تعطلت حاسة الادرك عند هذ الرجل!! أم هو التشبع ومحاولة التلاعب بالكلمات.
نقول له كيف تفرق بين الذاتي والعرضي وتجعل أحدهما أسبق في التصور من الآخر فيأتي بما لم تأتي به الاوئل.
يقول طريقتي هي جمع كل الصفات و وضعها في مرتبة واحدة ويسميه (تصور ساذج) وهو كذلك بل كل كلامه في هذه الرتبة وأدنى.
ثم بعد ان يضعها في رتبة واحدة ثم يستخدم مقياس الذاتي والعرضي فما كان ذاتي وضعه في مجموعة والعرضي في مجموعة!! وكأننا نلعب بالحصى او نعبث بالحجارة.
فعلا تصور ساذج وهل كل كلام شيخ الاسلام الا منصب على طريقتك!!!!!!
اليس مقياس التفريق بين الذاتي و العرضي (اللازم) هو تحكم محض منك؟
اليس هو بطريق ذهنك لا ما في نفس الامر!
فمالك تردد نفس الكلام الذي ينقضه عليك شيخ الاسلام اليس هذا دليل قلة فهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/215)
ثم قال: (وإذا قصد ابن تيمية أن المناطقة يريدون بالأسبقية الثابتة بين الذاتي والعارض أسبقية زمانية فهو مغالط، لأنهم يصرحون أن قدم الذاتي بالنسبة للعرضي هو قدم في التصور العقلي).
هكذا يقول وأنا أريد أحد الاخوة يتبرع فيخبرنا عن الفرق بين السبق في التصور العقلي والسبق الزمني!!
يا هذا السبق في التصور العقلي هو عينه السبق الزمني، أذ ان معنى التصور الاسبق عند المناطقة هو سبق الترتيب فلا يتصور هذا الابعد هذا.
والعجيب انه قد ذكر هذا بنفسه؟
فقد قال قبل أسطر: ((والمقصود بسبق الذاتي للعارض سبقه في التصور، أي إنك لا يمكن أن تتصور الإنسان ضاحكا إلا بعد تصورك له متعجبا ومفكرا، والسبق في التصور لا يجوز لأحد إغفاله ولا إنكاره)).
فالسبق في التصور هو ان يسبق الذاتي في الظهور العرضي.
ويقول: (بل نقول إن العاقل إذا عرض مفهوم صفة ذاتية وصفة عارضة فإنه يدرك بالبداهة التفرقة الكائنة بينهما ويدرك أن الصفة الذاتية أقدم في التصور عند الذهن من العارضة، وهذا خلافا لما يدعيه تماما، فإن العقلاء يجدون الصفات الذاتية سابقة في التعقل للصفات العارضة).
فلا أدري بماذا يترجم كلامه الى اللغة العربية حتى نفسهم الفرق بين الاسبقيتين؟
ثم يقول في محاولة للرد على مسألة الدور: (ثم بعد ذلك يشرعون في دراسة نفس هذه الصفات صفة صفة واستكناه علاقة كل صفة مع الصفة الأخرى ليعرفوا ما هي الصفة الأعم وما هي الصفة الأخص، فيتوصلون إلى أن بعض الصفات ربما تكون سببا للاتصاف بالصفات الأخرى، فيضعون الصفات الأولى باعتبار أنها أقدم من الثانية، ثم يحللون الصفات الأقدم، ويلاحظون النوع الذي تنتمي إليه الذات المشخصة موضوع التحليل، ويحاولون معرفة ما هي الصفات التي تكون مشتركة بين هذا النوع وغيره من الأنواع ولا تكون لازمة عن صفات أخرى، فيصنفون هذه الصفات أجناسا، ويختبرونها بعد ذلك ليجدوا الجنس الأقرب ثم يضيفون إليه بقية الصفات كفصل أو فصول.
ويأخذون الصفات الأخرى اللازمة ويختبرونها على حسب تعريف العرضي العام والخاصة وبهذا فهم يتعرفون إلى الصفات الذاتية والصفات العارضة.
وهذا الأسلوب من التفكير والتحليل لا ينطوي على دور كما تراه، لأن معرفتهم للذاتي من الصفات يأتي بالاعتماد على مقاييس كلية لمفهوم الذاتي وغير الذاتي، وأما معرفة كون هذه الصفة منتسبة إلى هذه الذات فإنما يكون بالحس، أو بالتجربة أو بغيرها)).
ولاأدري الحقيقة هل يتكلم عن مختبر للفحص الكيمائي!
أو مختبر فصل الجينات وأختبار عدد الكوزومات؟؟
الرجل يظن ان تجميع العبارات يأتي بمقصود، سبحان الله شيخ الاسلام يقول ان تمييز المناطقة للصفات الذاتية والعرضية تحكم عقلي محض.
فتأتي لتؤكد ذلك لكن بمحاولة التهويل في طريقة استخراج المناطقة للذاتيات.
أذا كان الامر بهذا الوضوح فلماذا يختلف المناطقة في كل الحدود تقريبا؟؟
فمنهم من يجعل بعض الصفات ذاتية وبعضهم يجعل هذه الذاتية عرضية لازمه!!
وبعضهم يجعل اللازمة ذاتية!
ثم نحن لانخالف في وجود الصفات المميزه و المختصة حتى تتحذلق بذكرها والكلام هو على التفريق الذهني من عندياتك.
لكن الذي لم أفهمه وأتمنى أن افهمه بماذا (يحللون) هذه الصفات؟
ثم هو في النهاية يعترف بقوله: وأما معرفة كون هذه الصفة منتسبة إلى هذه الذات فإنما يكون بالحس، أو بالتجربة أو بغيره.
قلت فلماذا أذا النقاش من أصله ما دمت مقرا بهذه النتيجة.
ثم أتي ببعض الطرق عند بعض المناطقة في التفريق بين العرضي والذاتي وهي تحصيل حاصل لان طريتقهم في ذلك تعتمد على الوجود الذهني لا على ما في نفس الامر وهذا هو موضع الخلاف.
ولكي أسهل عليه فهم الامر بله الرد عليه!!
فأن الصفات التى يزعم انهم يحللونها من الذات:
إما ان تكون صفة خارجية (وجودية) في نفس الامر فهنا يلزمهم الدليل على التفريق كالضحك والنطق فكلهما (خارجيا) لازمان غير منفكان.
وإما ان تكون ذهنية ((كما قرره دون ان يشعر)) فالذهن لايمنع اختصاص الانسان بتيكم الصفتين.
فأذا قال (كما فعل) أن الذهن يجعل احدهم تابع للاخر قلنا هذا ذهنك أنت ولادليل على دعواك.
يتبع بأذن الله.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[23 - 08 - 04, 11:43 م]ـ
الاعتراض الرابع:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/216)
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: (قولهم الحقيقة مركبة من الجنس والفصل، والجنس هو الجزء المشترك والفصل هو الجزء المميز، يقال لهم: هذا التركيب إما أن يكون في الخارج أو في الذهن، فإن كان في الخارج فليس في الخارج نوع كلي لكي يكون محدودا بهذا الحد إلا الأعيان المحسوسة، والأعيان في كل عين صفة يكون نظيرها لسائر الحيوانات كالحس والحركة الإرادية، وصفة ليس مثلها لسائر الحيوان وهي النطق، وفي كل عين يجتمع هذان الوصفان، كما يجتمع سائر الصفات والجواهر القائمة لأمور مركبة من الصفات المجعولة فيها.
وإن أردتم بالحيوانية والناطقية جوهرا فليس في الإنسان جوهران، أحدهما حي والآخر ناطق، بل هو جوهر واحد له صفتان، فإن كان الجوهر مركبا من عرضين لم يصح، وإن كان من جوهر واحد عام وخاص فليس فيه ذلك فبطل كون الحقيقة الخارجة مركبة.
وإن جعلوها تارة جوهرا وتارة صفة، كان ذلك بمنزلة قول النصارى في الأقانيم وهو من أعظم الأقوال تناقضا باتفاق العلماء.
وإن قالوا: المركب الحقيقة الذهنية المعقولة. قيل أولا تلك ليست هي المقصودة بالحدود إلا أن تكون مطابقة للخارج فإن لم يكن هناك تركيب لم يصح أن يكون في هذه تركيب، وليس في الذهن إلا تصور الحي الناطق، وهو جوهر واحد له صفتان، كما قدمنا، فلا تركيب فيه بحال.) اهـ
ملخص كلام شيخ الاسلام رحمه الله حول الكليات:
أنه لايوجد حقيقة مركبة في الخارج بل لا يوجد في الخارج الا (جزء) معين.
ويقرر هذا الامر على هذا الترتيب:
الحقيقة الكلية التى تتكون من الجنس والفصل أما أن تكون مركب خارجي أو ذهني.
فأن قلتم هو جوهر (خارجي) قلنا أنه لايكون ثمّ جوهران فأذا قلتم أن الحيوانية (جوهر) والناطقية (جوهر) فهذا يعنى أجتماع الجوهرين، وهذا باطل.
فأذا قلتم ان الحيوانية (عرض) و الناطقية (عرض) فهذا لايصح لانه يعنى ان يكون الجوهر مركب من عرضين!
وإن قالو ان الحيوانية تكون مرة صفة وأخرى جوهر كن من أبطل القول.
فأن قالوا أن المركبات ليست حقيقة في الخارج بل هي صفة ذهنية.
قلنا أن هذه الصفة الذهنية لاتكون التى يفيدها الحد - لان الحد يبحث في الماهية - فلا يكون صحيحا الا أذا طابقت ما في الخارج فوصف الحيوانية لايكون صحيحا الا اذا صار ما في الخارج مطابق لهذا الوصف.
فأذا رأينا الاسد مثلا وهو موصوف بالحيوانية لم نجده مركبا بل هو جزئي معين فيجب ان يكون الوصف الذهني مطابق له فامتنع التركيب في الحقيقة.
والاسد عندنا جوهر واحد فيه صفتان الحياة والحيوانية. وليس بمركب فيجب ان تكون الحقيقة الذهنية مطابقة للخارج.
إذا انتم تقولون أن حقيقة الاسد (حيوان نامي) وهذا التركيب ليس بمطابق للخارج لانه ليس في الخارج الا جوهر وهو الاسد وفيه هاتان الصفتان فأين تركيب الماهية.
فالماهية أذا مركب ذهني للتقريب والتمييز وليس لبيان الماهية إذ هو مفارق لها.
فجاء هذا المتعالم:
فأخذ ينتقد على شيخ الاسلام طريقته في التقسيم ويقول أن القول الاول وهو أنها حقيقة خارجية ليس هو قول المناطقة الاسلاميين؟؟
نقول وهل احصيتهم عددا؟ أولا هو قول افلاطون و ومنه نتجت المثل الافلاطونية. وهو قول جمهرة المناطقة وهو قول لارسطوا فهو من صميم المنطق.
وهذا القول لابن سينا ما يقاربه جدا في الاشارات.
فليتك تتكلم بلسان نفسك.
ثم هو بعد هذا أقر بنوع قوله ومذهبه حيث قال بعد قول شيخ الاسلام: (وإن قالوا: المركب الحقيقة الذهنية المعقولة) قال المتعالم:
(أنت تعرف أن هذا هو مرادهم، وتعرف أيضا ما الذي يقصدونه عندما يقولون إن هذا المركب (أي الماهية) صادقة على ما في الخارج، فلا يلزم على ذلك قطعا وجود الكليات في الخارج.
؟؟؟
وقوله (تلك ليست هي المقصودة بالحدود .. الخ)
أقول: إذا كان العلم مطابقا للمعلوم، وحددتَ العلم فأنت تحدد المعلوم، وإذا عرفتَ معنى التركب الذهني وجهة صدقه على ما في الخارج، فإن المطابقة بين ما في الذهن وما في الخارج تكون حاصلة بالشروط المذكورة وبالوجه المبين في كلام القوم. فكيف يجوز أن يقول (فإن لم يكن هناك تركيب لم يصح أن يكون في هذه تركيب)، فكلامه غير صحيح بناءا على ما سبق أيضا.
؟؟
فهل هذا فهم شيئا من كلام شيخ الاسلام!!
والله لو أقسمت يمينا أنه لم يفهم كلام شيخ الاسلام أو فهمه ولم يحر جواب له ما حنثت ان شاء الله.
طيب عرفنا أن هذا قولك وشيخ الاسلام رحمه الله يقول ان كلامك غير صحيح لان الماهية التى في الذهن مركبة، والموجود في الخارج (جزئي) معين كالاسد.
فهل طابقت الحقيقة الذهنية المركبة الحقيقة الموجوده الجزئية!!!!!
أذا قلت بأنها طابقته فإما انك تقول بقول افلاطون وهو ان الكليات لها وجود خارجي مستقل او أنك لاتعقل مالذي يخرج من رأسك.
وإذا قلت انه لم يطابقه بطل قولك في الحد وصدق قول شيخ الاسلام رحمه الله، فلماذا المغالطة وتكثير الكلام.
هذا فيما يتعلق بكلام شيخ الاسلام الذي أورده وقد بقي من كلام شيخ الاسلام الكثير لم يذكره وكما قدمنا شيخ الاسلام نص على ستة عشر وجها نقد بها المنطق.
ويستطيع المدقق ان يستخرج أربعة أوجه زائدة - تقريبا - وذلك من خلال نقده للقياس الارسطي وخاصة فيما يتعلق بالحد الاوسط، فأن فيها تعلق بقضايا التصورات.
فيصبح ما نقده شيخ الاسلام رحمه الله يقارب العشرين وجها هذه أربعة منها فحسب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/217)
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[24 - 08 - 04, 12:50 ص]ـ
توضيح:
قولي: (وكما قدمنا شيخ الاسلام نص على ستة عشر وجها نقد بها المنطق)
ينبغى ان يصحح الى: (ستة عشر وجها نقد بها دعوى الحد وما يفيده).
العشرون وجه هي في نقد (الحد) في مباحث التصورات وليس للمنطق كله، إذا انه نقد القياس والاستقراء بالعدد الكثير من الاوجه النقدية.
أما اللحون والسبق الكتابة فكثير جدا وسببه طريقتي في الكتابة والتى يعرفها بعض الاخوة.
ـ[المضري]ــــــــ[24 - 08 - 04, 07:04 م]ـ
تسجيل حضور ومتابعة.
بارك الله بك شيخ زياد .. مواضيعك دائماً ممتعة وغنية.
ـ[النقّاد]ــــــــ[25 - 08 - 04, 12:02 ص]ـ
ودخلت أنا أيضا لأسلِّم على الأخ الكريم الشيخ (المتمسك بالحق) وفقه الله , وأشكره على هذه الأبحاث الممتعة في قضايا المنطق ومدارسه ونقده وتقويمه , وأستحثه على بذل المزيد.
وإني لأتتبع كتاباته في هذا الباب وأفرح بها وأسأل الله أن يكتب له الأجر والمثوبة ويزيده من فضله.
ولعل صاحب هذ الكتاب ((تدعيم المنطق)) هو ### , فإنها طريقته المعروفة في التفكير.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[25 - 08 - 04, 03:06 ص]ـ
نعم، هو ### و هو يتفاخر و يتبجح كثيرًا بهذا الكتاب كما لا يخفى عن من يطالع موقعه و المنتدى البائس الملحق به.
ـ[هيثم حمدان.]ــــــــ[25 - 08 - 04, 03:12 ص]ـ
أحسن الله إليك يا شيخ زياد وبارك فيك. وعدت فوفيت، وفقك الله وجزاك خيراً.
ـ[محمد بن يوسف]ــــــــ[25 - 08 - 04, 12:44 م]ـ
جزاكم الله خيرًا -شيخنا (زياد بن منيف) -، وبارك فيكم، ونفع بكم.
الرجاء مُطالعة صندوق رسائلكم الخاصة.
--------------------------
وأوَدُّ أن أسأل شيوخنا المُشرفين -حفظهم الله-: ما المانِع مِن ذِكر اسم صاحِب الكِتاب؛ للتحذير مِنه ومِن كُتُبِه وكلامِه؟
ـ[هيثم حمدان.]ــــــــ[25 - 08 - 04, 05:51 م]ـ
المانع أخي محمد هو أن صاحب الكتاب نكرة لا يعرفه إلا القليلون، فلا نريد أن نساعد في إذاعة صيته.
قد يكون معروفاً في مصر بين أتباعه أما غيرها فلا.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[25 - 08 - 04, 06:19 م]ـ
نعم هو نكرة، و هو ليس معروفًا في مصر كما توهم الأخ الفاضل هيثم حمدان .. اما عن اتباعه فهم لا يعدون قلة من الشباب المهلل المصفق لم يبلغ أكبرهم مرحلة تهذيب لحيته بالمشط!
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[26 - 08 - 04, 05:43 م]ـ
جزى الله الاخوة جميعا خير الجزاء على صنيعهم.
وبارك الله في شيخنا النقاد ورفع قدره.
وقد طلب بعض الاخوة الايضاح حول الاعتراض الرابع حيث أشكل عليه، وحول مذهب ديكارت:
فأقول مجمل الكلام أن الحد هو تعريف بالماهية والماهية عندهم - اي المناطقة - ما تتركب منها الذات أي (الذاتيات).
فالمنطقي أذا اراد ان يحد شيئا فلا بد ان يحصى كل الذاتيات ولو بلغت الفا كما قال الغزالي ثم بعد ذلك يخرج منها المشترك فيصير جنسا والمميز فيصير فصلا.
ويخرج منها الذاتي واللازم (ودون هذا خرط القتاد كما تقدم).
المهم أن أعتراض شيخ الاسلام مبنى على ان الحد انما هو لبيان الذاتيات، ولكننا في الواقع لانجد في الخارج هذه الذاتيات التى تتحدثون عنها؟
بل نجد جزئي معينا، مثلا هم يقولون الانسان فيه ذاتيات (مركبة منها الماهية) وهي الحيوانية والناطقية فالانسان حيوان ناطق.
فأذا تأملنا في الخارج لم نجد الانسان مركب من هذه الماهيات؟ بل هو جزئي مثل (محمد) أو (زيد)؟؟
فلا وجود حقيقة لهذه الماهية بل هي مركب في الذهن للتمييز فأصبحت من قبيل الصفات وليست الذاتيات؟؟
(أظن اني أوعبت في التوضيح أن شاء الله).
بالطبع لم يرد هذا المتعالم على هذا الاعتراض ولن يرد.
و المسألة من الجانب الفلسفي قديمة الطروق وللفلاسفة ثلاثة أراء (فيما أعلم) فيها:
الاول: مذهب الفلاسفة الصوريين (أو الاسميين) ومن أساطينها (هيوم) صاحب المذهب الشكي الشهير و هذا المذهب يقول ان هذه الاسماء (الانسانية، الحيوانية) لامركبه في الخارج ولا حتى ذهنيه بل هي مسميات فارغة.
الثاني: مذهب افلاطون وقد يسمى المذهب الوجودي وهو يرى ان لهذه الكليات (الانسانية) وجود حقيقي ازلي خارجي.
الثالث: وهو مذهب يقول بأن وجود هذه الكليات ذهني فحسب ولا أعرف ما أصطلح على ترجتمه لكن أنا اترجمة بالادراكي: Conceptua
وهذا القول هو أعدل الاقوال وأصحها. ويغلب على ظني انه هو عين قول شيخ الاسلام.
وعليه فأن قول المناطقة ان الحد لبيان الماهية غير صحيح لان الماهية ليس لها وجود خارجي أصلا
حتى يبين فيرجع الحد الى أنه لبيان التعريف الذهني فحسب.
أما ما سأل عنه حول ديكارت فلي عودة اليه ان شاء الله تعالى.
ـ[المقدادي]ــــــــ[20 - 04 - 06, 09:11 م]ـ
بارك الله فيك يا شيخ زياد و نفع بعلمك
ـ[المقدادي]ــــــــ[07 - 12 - 06, 12:34 ص]ـ
شيخ المناطقة هذا يتمتع بعقيدة منطقية فلسفية خبيثة , و لعل الوقت قد حان لتصنيف كتاب يُسمى: (الكاشف الصغير عن عقيدة شيخ المناطقة ........ )! فلعل احد الأخوة يتفرغ له و يتحفنا به
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/218)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[07 - 12 - 06, 01:20 ص]ـ
في ذلك شهرة له يتمناها ولا يستحقها ... وقد شغله الله بنفسه هذه الأيام ... وأما طلبته مني على الخاص فعسى أن يكون قريباً ...
ـ[المقدادي]ــــــــ[07 - 12 - 06, 01:28 ص]ـ
في ذلك شهرة له يتمناها ولا يستحقها ... وقد شغله الله بنفسه هذه الأيام ... وأما طلبته مني على الخاص فعسى أن يكون قريباً ...
بارك الله فيك شيخي الفاضل و نفع بعلمكم
و لا تتأخر علينا بارك الله فيك
ـ[محب البويحياوي]ــــــــ[07 - 12 - 06, 06:35 ص]ـ
بارك الله فيك شيخنا زياد و زادك فقها و ابصارا
هل من مزيد شيخنا عن منهج ديكارت؟
ـ[معان عبد الله]ــــــــ[11 - 12 - 06, 09:54 م]ـ
بارك الله فيكم وفي علمكم وعملكم
أريد أن افهم كلام ابن تيمية معكم في المناطقة
لأنه يوجد لدينا بحث فيه
وأنا لاأفهم ولا أعي لا كلام المناطقة و لاكلام ابن تيمية في الرد عليهم
فعلموني وارفقوا بي ولاتستثقلوني بارك الله فيكم(28/219)
قول بعض العلماء عن الصيام في رجب
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[24 - 08 - 04, 11:39 م]ـ
سمعت بعض العلماء يستدل على مشروعيةالإكثار من الصوم في رجب بقول النبي صلى الله عليه وسلم معللا إكثاره الصوم في شعبان"إنه يغفل فيه الناس بين رجب ورمضان" فهل يرد على هذا الاستدلال اعتراض؟
ـ[محمد بن يوسف]ــــــــ[25 - 08 - 04, 12:07 ص]ـ
أخي الحبيب:
تأمل هذا الكلام جيدًا:
.... في الاستدلال بهذا الحديث على استحباب أو مشروعية صيام رجب فيه نظر، فدليل الاقتران من أضعف القرائن، ولعل أقرب ما يفيده الحديث هو تحديد شهر شعبان وبيان أنه بين رجب ورمضان
وكان أهل الجاهلية يقدمون في الشهور ويؤخرون، فيحتاج تحديد الشهر لبيان حتى لايختلط عليهم
جاء في الصحيحين عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في حجته فقال (ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادي وشعبان)
فوضح لهم النبي صلى الله عليه وسلم شهر رجب وأنه رجب مضر وبين أنه بين جمادى وشعبان لأنهم كانوا يخلطون في ذلك
وقال القرطبي رحمه الله في الجامع لأحكام القرآن (تفسير القرطبي ج: 8 ص: 133
والمقصود من ذلك اتباع امر الله فيها ورفض ما كان عليه أهل الجاهلية من تأخير أسماء الشهور وتقديمها وتعليق الأحكام على أسماء التي رتبوها عليه ولذلك قال عليه السلام في خطبته في حجة الوداع (أيه الناس إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض 00) على ما يأتي بيانه وأن الذي فعل أهل الجاهلية من جعل المحرم صفرا وصفر محرما ليس يتغير به ما وصفه الله تعالى والعامل في الذي هو في كتاب الله وليس يعنى به واحد الكتب لأن الأعيان لا تعمل في الظروف والتقدير فيما كتب الله يوم خلق السماوات والأرض و عند متعلق بالمصدر الذي هو العدة وهو العامل فيه و في من قوله في كتاب الله متعلقة بمحذوف هو صفة لقوله اثنا عشر والتقدير اثنا عشر شهرا معدودة أو مكتوبة في كتاب الله ولا يجوز أن تتعلق بعدة لما فيه من التفرقة بين الصلة والموصول بخبر إن
الثالثة هذه الآية تدل على أن الواجب تعليق الأحكام من العبادات وغيرها إنما يكون بالشهور والسنين التي تعرفها العرب دون الشهور التي تعتبرها العجم والروم والقبط وإن لم تزد على اثني عشر شهرا لأنها مختلفة الأعداد منها ما يزيد على ثلاثين ومنها ما ينقص وشهور العرب لا تزيد على ثلاثين وإن كان منها ما ينقص والذي ينقص ليس يتعين له شهر وإنما تفاوتها في النقصان والتمام على حسب اختلاف سير القمر في البروج
الرابعة قوله تعالى (منها أربعة حرم) الأشهر الحرم المذكورة في هذه الآية ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب الذي بين جمادي الآخرة وشعبان وهو رجب مضر ((وقيل له رجب مضر لأن ربيعة بن نزار كانوا يحرمون شهر رمضان ويسمونه رجبا)) وكانت مضر تحرم رجبا نفسه فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه الذي بين جمادى وشعبان ورفع ما وقع في اسمه من الاختلال بالبيان وكانت العرب أيضا تسميه منصل الأسنةروي البخاري عن أبي رجاء العطاردي واسمه عمران بن ملحان وقيل عمران بن تيم قال كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا هو خير منه ألقيناه وأخذنا الآخر فإذا لم نجد حجرا جمعنا حثوة من تراب ثم جئنا بالشاء فحلبنا عليه ثم طفنا به فإذا دخل شهر رجب قلنا منصل الأسنة فلم ندع رمحا فيه حديدة ولا سهما فيه حديدة إلا نزعناها) انتهى.
وأما الاستدلال بالحديث الذي في صحيح مسلم: عَنْ عَبْدِ اللهِ مَوْلَىَ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ خَالَ وَلَدِ عَطَاءٍ قَالَ: أَرْسَلَتْنِي أَسْمَاءُ إِلَىَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَتْ:
بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَرِّمُ أَشْيَاءَ ثَلاَثَةً: الْعَلَمَ فِي الثَّوْبِ، وَمِيثَرَةَ الأُرْجُوَانِ، وَصَوْمَ رَجَبٍ كُلِّهِ.
فَقَالَ لِي عَبْدُ اللهِ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ رَجَبٍ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الأَبَدَ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنَ الْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/220)
فهذا حجة على من يقول باستحباب صيام رجب كله فابن عمر كأبيه كان ينهى عن صيام رجب كله، وأما وجود من كان يفعل ذلك فنعم كان يوجد وقد نهاهم عمر رضي الله عنه عن ذلك وكفى به حجة
وقد كان عمر رضي الله عنه ينهى عن صيام رجب لما فيه من التشبه بالجاهلية كما ورد عن خرشة بن الحر قال: رأيت عمر يضرب أكف المترجبين حتى يضعوها في الطعام ويقول: كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية. (الإرواء 957 وقال الألباني: صحيح)
وللشيخ الألباني رحمه الله توجيه لهذا الأمر في إرواء الغليل (4/ 114 - 115)
قال رحمه الله (وهى نص على أن نهي عمر رضي الله عنه عن صوم رجب المفهوم. من ضربه للمترجبين كما في الاثر الممقدم ليس نهيا لذاته بل لكى لا يلتزموا صيامه ويتموه كما يفعلون برمضان، وهذا ما صرح به بعض الصحابة، فقد أورد ابن قدامة في (المغنى) (3/ 167) عقب اثر ابن عمر هذا من رواية أحمد عن أبى بكرة: (أنه دخل على أهله، وعندهم سلال جدد وكيزان، فقال: ما هذا؟ فقالوا: رجب نصومه، فقال: أجعلتم رجب رمضان؟! فأكفا السلال وكسر الكيزان). ثم قال ابن قدامة عقبه: (قال أحمد: من كان يصوم السنة صامه، والا فلا يصومه متواليا، يفطر فيه، ولا يشبه برمضان). ويظهر أن رأي ابن عمر في كراهة صوم رجب كله كان شائعا عنه في زمانه وأن بعض الناس أساء فهما عنه فنسب إليه أنه يقول بتحريم هذا الصوم، فقد قال عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر: (أرسلتني أسماء إلى عبد الله بن عمر فقالت، بلغني أنك تحرم أشياء ثلاثة: العلم في الثوب، وميثرة الارجوان، وصوم رجب كله! فقال لي عبد الله: أما ما ذكرت من رجب فكيف بمن يصوم الابد. . .). أخرجه مسلم (6/ 139) وأحمد (1/ 26). وعليه يشكل قوله في هذه الرواية: (فكيف بمن يصوم الابد)، فقد فسروه بانه إنكار منه لما بلغ أسماء من تحريمه، وإخبار منه أنه يصوم رجبا كله، وأنه يصوم الابد. كما في شرح مسلم للنووي، و (السراج الوهاج) لصديق حسن خان (2/ 285). فلعل التوفيق بين صومه لرجب، وكراهته لذلك، أن تحمل الكراهة على افراد رجب بالصوم كما يفرد رمضان به، فاما صيامه في جملة ما يصوم فليس / صفحة 116 / مكروها عنده. والله أعلم) انتهى.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=56970#post56970
ـ[المهندي]ــــــــ[25 - 08 - 04, 12:28 ص]ـ
الصوم في رجب:
لم يصح في فضل الصوم في رجب بخصوصه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه.
وإنما يشرع فيه من الصيام ما يشرع في غيره من الشهور، من صيام الاثنين والخميس والأيام الثلاثة البيض وصيام يوم وإفطار يوم، والصيام من سرر الشهر وسرر الشهر قال بعض العلماء أنه أول الشهر وقال البعض أنه أوسط الشهر وقيل أيضا أنه آخر الشهر.
وقد كان عمر رضي الله عنه ينهى عن صيام رجب لما فيه من التشبه بالجاهلية كما ورد عن خرشة بن الحر قال: رأيت عمر يضرب أكف المترجبين حتى يضعوها في الطعام ويقول: كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية. (الإرواء 957 وقال الألباني: صحيح)
قال الإمام ابن القيم: ولم يصم صلى الله عليه وسلم الثلاثة الأشهر سردا (أي رجب وشعبان ورمضان) كما يفعله بعض الناس ولا صام رجبا قط ولا استحب صيامه.
وقال الحافظ ابن حجر في تبين العجب بما ورد في فضل رجب: لم يرد في فضل شهر رجب ولا في صيامه ولا في صيام شيء منه معيّن ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة وقد سبقني إلى الجزم بذلك الإمام أبو إسماعيل الهروي الحافظ وكذلك رويناه عن غيره.
وفي فتاوى اللجنة الدائمة: أما تخصيص أيام من رجب بالصوم فلا نعلم له أصلا في الشرع.
العُمرة في رجب:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/221)
دلت الأحاديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رجب كما ورد عن مجاهد قال: دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبدالله بن عمر جالس إلى حجرة عائشة رضي الله عنها فسئل: كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أربعا إحداهن في رجب. فكرهنا أن نرد عليه قال: وسمعنا إستنان عائشة أم المؤمنين (أي صوت السواك) في الحجرة فقال عروة: يا أماه يا أم المؤمنين ألا تسمعين ما يقول أبو عبدالرحمن؟ قالت: ما يقول؟ قال: يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمرات إحداهنّ في رجب. قالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهد (أي حاضر معه) وما اعتمر في رجب قط. متفق عليه وجاء عند مسلم: وابن عمر يسمع فما قال لا ولا نعم.
قال النووي: سكوت ابن عمر على إنكار عائشة يدل على أنه كان اشتبه عليه أو نسي أوشك.
ولهذا كان من البدع المحدثة في مثل هذا الشهر تخصيص رجب بالعمرة واعتقاد أن العمرة في رجب فيها فضل معيّن ولم يرد في ذلك نص إلى جانب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه أنه اعتمر في رجب قال الشيخ علي بن إبراهيم العطار المتوفى سنة 724هـ: ومما بلغني عن أهل مكة زادها الله شرفا اعتياد كثرة الاعتمار في رجب وهذا مما لا أعلم له أصلا بل ثبت في حديث أن الرسول صلى الله عليه قال: عمرة في رمضان تعدل حجة.
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في فتاويه: أما تخصيص بعض أيام رجب بأي شيء من الأعمال الزيارة وغيرها فلا أصل له لما قرره الإمام أبو شامة في كتاب البدع والحوادث وهو أن تخصيص العبادات بأوقات لم يخصّصها بها الشرع لا ينبغي إذ لا فضل لأي وقت على وقت آخر غلآ ما فضله الشرع بنوع من العبادة أو فضل جميع أعمال البر فيه دون غيره ولهذا أنكر العلماء تخصيص شهر رجب بكثرة الاعتمار فيه ا. هـ.
ولكن لو ذهب الإنسان للعمرة في رجب من غير اعتقاد فضل معيّن بل كان مصادفة أو لأنّه تيسّر له في هذا الوقت فلا بأس بذلك.
البدع المحدثة في شهر رجب:
إن الابتداع في الدين من الأمور الخطيرة التي تناقض نصوص الكتاب والسنة فالنبي صلى الله عليه لم يمت إلا وقد اكتمل الدين قال تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} وجاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد. متفق عليه وفي رواية لمسلم: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد. وقد ابتدع بعض الناس في رجب أمورا متعددة فمن ذلك:
- صلاة الرغائب وهذه الصلاة شاعت بعد القرون المفضلة وبخاصة في المائة الرابعة وقد اختلقها بعض الكذابين وهي تقام في أول ليلة من رجب قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: صلاة الرغائب بدعة باتفاق أئمة الدين كمالك والشافعي وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي والليث وغيرهم والحديث المروي فيها كذب بإجماع لأهل المعرقة بالحديث.ا. هـ.
- وقد روي أنه كان في شهر رجب حوادث عظيمة، ولم يصح شيء من ذلك؛ فروي أن النبي صلى الله عليه وسلم وُلد في أول ليلة منه، وأنه بعث في ليلة السابع والعشرين منه، وقيل: في الخامس والعشرين، ولا يصح شيء من ذلك، وروي بإسناد لا يصح عن القاسم بن محمد أن الإسراء بالنبي كان في السابع والعشرين من رجب، وأنكر ذلك إبراهيم الحربي وغيره. فأصبح من بدع هذا الشهر قراءة قصة المعراج والاحتفال بها في ليلة السابع والعشرين من رجب، وتخصيص تلك الليلة بزيادة عبادة كقيام ليل أو صيام نهار، أو ما يظهر فيها من الفرح والغبطة، وما يقام من احتفالات تصاحبها المحرمات الصريحة كالاختلاط والأغاني والموسيقى وهذا كله لا يجوز في العيدين الشرعيين فضلا عن الأعياد المبتدعة، أضف إلى ذلك أن هذا التاريخ لم يثبت جزما وقوع الإسراء والمعراج فيه، ولو ثبت فلا يعد ذلك شرعا مبررا للاحتفال فيه لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة رضوان الله عليهم ولا عن أحد من سلف هذه الأمة الأخيار ولو كان خيراً لسبقونا إليه، والله المستعان. .
- صلاة أم داود في نصف رجب.
- التصدق عن روح الموتى في رجب.
- الأدعية التي تقال في رجب بخصوصه كلها مخترعة ومبتدعة.
- تخصيص زيارة المقابر في رجب وهذه بدعة محدثة أيضا فالزيارة تكون في أي وقت من العام.
نسأل الله أن يجعلنا ممن يعظّمون حرماته ويلتزمون بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا إنه ولي ذلك والقادر عليه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
==========================================
المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[26 - 08 - 04, 01:03 ص]ـ
الواقع ان المسألة ليست من باب دلالة الاقتران كما يظهر بالتامل لان الكلام في الصوم لافي بيان أن شهر شعبان موقعه بين رجب ورمضان كما في الحديث الاخر فالذي افهمه انه كان من عادة الناس الصوم بكثرة في شعبان والرسول صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك إقرارا لهم وهذا يفهم ايضا من كلام الأصحاب اعني الحنابلة في كراهة صوم رجب كله فالذي يفهم أنه لاكراهة في صوم اكثره هذا ما بدا لي بحسب فهمي السقيم فهل من معقب؟(28/222)
بَحْثٌ فِي لَفْظَةِ " بَدَا لِلَّهِ "
ـ[عبد الله زقيل]ــــــــ[25 - 08 - 04, 10:00 م]ـ
بَحْثٌ فِي لَفْظَةِ " بَدَا لِلَّهِ "
الحمدُ للهِ وبعدُ؛
هذا بحثٌ يَتَعَلَّقُ بِلَفظِةٍ وَرَدَتْ في صَحِيْحِ البُخَارِيِّ تَمَسَّكْ بها أَهْلُ البِدَعِ، وطَارُوا بها فَرَحاً – زعموا -، ورَمَوْا أَهْلَ السُّنَّةِ بدائِهِم ثم انْسَلَّوا، وَنَسَبُوا إِلَيْهِمْ زُوراً وبُهْتاناً عَقِيْدَةً يَهُوْدِيَّةً خَبِيْثَةً وهي عَقِيْدَةُ البَدْأَةِ، والعَجِيبُ أن عَقِيْدَةَ البَدْأَةِ مَوْجُوْدَةٌ في كُتُبِهِم هم كما سنَذكُرُ في ثنايا البَحثِ.
وَقَد فَرَغْتُ مِنْ البَحْثِ مُنْذ مُدَّةٍ لَكِنِّي كُنْتُ مُتَرَدِّداً فِي إِنزَالهِ، ثُمّ اسْتخرتُ اللهَ أَنْ أَضَعَهُ فِي هَذَا المُنْتَدًى المُبَارَكِ لَعَلِّي أَظفرُ بِفَائِدَةٍ أَو زِيَادَةٍ مُكَمِّلَة له مِنْ إِخْوَانِي طُلاَّبَ العِلْمِ.
أَسْأَلُ اللهَ أن يَنْفَعَ بِهِ.
حديث الأَعْمَى وَالأَبْرَصِ وَالأَقْرَعِ:
جاء لفظُ " بَدَا لِلَّهِ " في قصةِ الأعمى والأقرع والأبرص، وسأقتصرُ على موطنِ الشاهدِ من القصةِ فقط، وكلامِ أهلِ العلمِ على هذهِ اللفظةِ، وما يترجح منها.
عَنْ أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ ثَلَاثَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى بَدَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ... ".
رواه البخاري (3464)، ومسلم (2964).
وروى البخاري القصة تعليقا بدون لفظة: " بدا لله " في كتاب الأيمان والنذور، باب لا يقول ما شاء الله وشئت. وهل يقول أنا بالله ثم بك؟
وقد ذكر العلماء أقوالا بخصوص هذه اللفظة نلخصها فيما يلي:
* القولُ الأولُ:
معنى لفظة " بدا لله " أي سبق في علمهِ.
قال الحافظُ ابنُ حجرٍ (6/ 579): بِتَخْفِيفِ الدَّال الْمُهْمَلَة بِغَيْرِ هَمْز أَيْ سَبَقَ فِي عِلْم اللَّه فَأَرَادَ إِظْهَاره , وَلَيْسَ الْمُرَاد أَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ بَعْد أَنْ كَانَ خَافِيًا لِأَنَّ ذَلِكَ مُحَال فِي حَقّ اللَّه تَعَالَى.ا. هـ.
ومقصود الحافظ ابن حجر بقوله: " وَلَيْسَ الْمُرَاد أَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ بَعْد أَنْ كَانَ خَافِيًا لِأَنَّ ذَلِكَ مُحَال فِي حَقّ اللَّه تَعَالَى " عقيدة البداء، ولنا مع هذه العقيدة الكفرية وقفة:
إن عقيدة البداء عقيدة يهودية ورد ذكرها في التوراة التي حرفها اليهود على وفق ما يشتهون، ثم أشاع ابن سبأ عقيدة البداء عقيدة البداء، وفرق السبأية كلهم يقولون بالبداء.
وممن فصل عقيدة البداء عند الرافضة الشيخ الدكتور ناصر القفاري في " أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثنى عشرية " (2/ 937 - 952)، وعقد فصلا لها. وأكتفي بما سطره الشيخ الدكتور ناصر.
أما أهل السنة والجماعة – ولله الحمد – لا يعرفون عقيدة البداء وليس لها ذكر في كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
* مسألة:
هل النسخُ يستلزمُ البداءَ؟
أجاب الزركشي في " البحر المحيط " فقال: وَلَا يَسْتَلْزِمُ النَّسْخُ الْبَدَاءَ إذْ النَّسْخُ بِأَمْرٍ، وَالْبَدَاءُ الظُّهُورُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، خِلَافًا لِلرَّافِضَةِ وَالْيَهُودِ، فَإِنَّهُمْ ادَّعَوْا اسْتِلْزَامَهُ. فَلَزِمَهُمْ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ، فَقَالَتْ الْيَهُودُ: لَا يَجُوزُ النَّسْخُ عَلَيْهِ لِامْتِنَاعِ الْبَدَاءِ عَلَيْهِ. وَقَالَتْ الرَّافِضَةُ: يَجُوزُ الْبَدَاءُ عَلَيْهِ لِجَوَازِ النَّسْخِ مِنْهُ. وَالْكُلُّ كُفْرٌ. وَالثَّانِي أَغْلَظُ إذْ يُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُكَفَّرُ بِأَنْ يُجْعَلَ التَّعَبُّدُ بِكُلِّ شَرْعٍ مُغَيَّا إلَى ظُهُورٍ آخَرَ. وَبِهَذَا الْمَعْنَى أَنْكَرَهُ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ.ا. هـ.
* القولُ الثاني:
أن لفظة: " بدا لله " من تصرفِ بعضِ الرواةِ، لأنها جاءت في روايةِ مسلم: " أَرَادَ اللَّه أَنْ يَبْتَلِيهِمْ ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/223)
قال الحافظ (6/ 579): وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِم عَنْ شَيْبَانَ بْن فَرُّوخ عَنْ هَمَّام بِهَذَا الْإِسْنَاد بِلَفْظِ " أَرَادَ اللَّه أَنْ يَبْتَلِيهِمْ " , فَلَعَلَّ التَّغْيِير فِيهِ مِنْ الرُّوَاة.ا. هـ.
ولتوضيح ذلك:
لفظة: " بدا لله " جاءت من طريقِ همام، ورواها عن همام ثلاثةٌ هم:
1 - عمرو بنُ عاصم وعبد الله بن رجاء الغُدَاني. فقد أخرجها البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء برقم (3464) بلفظ واحد فيه لفظة " بدا لله أن يبتليهم ".
2 - شيبانُ بنُ فروخ. أخرجها مسلمٌ في كتابِ الزهدِ والرقائقِ برقم (2964) بلفظ " فأراد الله أن يبتليهم ".
وبعد البحثِ والتدقيقِ نجدُ أن البخاري ذكر الحديثَ معلقاً من روايةِ عمرو بنِ عاصم بلفظ " أراد اللهُ " فقد قال: " وقال عمرو بنُ عاصم، حدثنا همام، حدثنا إسحاقُ بنُ عبدِ الله، حدثنا عبدُ الرحمن بنُ أبي عمرة أن أباهريرة حدثهُ أنهُ سمع النبي صلى اللهُ عليه وسلم يقولُ: " إن ثلاثة في بني إسرائيل أراد الله أن يبتليهم ... " الحديث.
أمرٌ آخر؛ العقيلي في " الضعفاء " (4/ 369) أخرج الحديثَ من طريقِ عبدِ اللهِ بنِ رجاء الغداني بلفظةِ: " بدا للهِ " فاتفق اثنان من تلاميذِ همام، وهما عمرو بنُ عاصم وشيبانُ بنُ فروخ على رواية الحديث بلفظِ " أراد الله " في مقابلِ عبدِ اللهِ بنِ رجاءٍ الذي رواهُ عن همام بلفظ: " بدا لله "، والحديثُ مخرجهُ واحدٌ فلابد من الترجيحِ كما هو طريقةُ المحدثين، فيكونُ الراجحُ لفظ " أراد الله " الذي اتفق عليها الاثنان. ويكونُ لفظُ " بدا لله " من تصرفِ عبدِ الله بنِ رجاء.
وبعد الرجوع إلى ترجمته نجد أن يحيى بن معين وعمرو بن علي اتهماه بكثرة التصحيف.
قال يحيى بن معين: كتير التصحيف. وقال عمرو بن علي: صدوق، كثير الغلط والتصحيف ليس بحجة.
فتعصيب الجناية عليه ربما يكون له وجه، فقد يكون صحف الكلمة، ولهذا أعل العلامة الألباني في " مختصر صحيح البخاري " (2/ 446) اللفظة بـ " عبد الله بن رجاء " فقال عند لفظة: " أراد الله ": قلت: وهي رواية مسلم، وهذا هو المحفوظ، وفي إسناد الأولى (عبد الله بن رجاء)، وهو الغداني، وفي حفظه كلام. قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يهم قليلا ".
ونسبة البداء إلى اللهِ لا يجوز. ومال الحافظ إلى أن الرواية الأولى من تغيير الرواة، وظني أنه من الغداني كما ألمحت إليه، والرواية المحفوظة لم يستحضرها الحافظ أنها عند المصنف، فعزاها لمسلم وحده.ا. هـ.
يقصد لفظة: " أراد الله ".
* القولُ الثالثُ:
أن معنى لفظة: " بدا لله " أي " قضى الله ".
قال ابن الأثير في " النهاية " عند مادة " بدا ": وفي حديث الأقرع والأبرص والأعمى " بَدَا للّه عز وجَلَّ أن يَبْتَلِيَهم " أي قَضَى بذلك، وهو مَعْنى البَداء ها هنا، لأن القضاء سابق. والبَداءُ اسْتِصْواب شيء عُلم بعدَ أن لم يُعْلَم، وذلك على اللّه عز وجل غير جائز.ا. هـ.
وقد مال الحافظ إلى هذا الرأي فقال في الفتح (6/ 579): وَأَوْلَى مَا يُحْمَل عَلَيْهِ أَنَّ الْمُرَاد قَضَى اللَّه أَنْ يَبْتَلِيهِمْ، وَأَمَّا الْبَدْء الَّذِي يُرَاد بِهِ تَغَيُّر الْأَمْر عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ فَلَا .. ا. هـ.
* القولُ الرابعُ:
أن ضبط الكلمة بالهمز " بدأ لله ".
قال الحافظ في الفتح (6/ 579): وَقَالَ صَاحِب " الْمَطَالِع ": ضَبَطْنَاهُ عَلَى مُتْقِنِي شُيُوخنَا بِالْهَمْزِ أَيْ اِبْتَدَأَ اللَّه أَنْ يَبْتَلِيهِمْ , قَالَ: وَرَوَاهُ كَثِير مِنْ الشُّيُوخ بِغَيْرِ هَمْز وَهُوَ خَطَأ اِنْتَهَى. وَسَبَقَ إِلَى التَّخْطِئَة أَيْضًا الْخَطَّابِيُّ , وَلَيْسَ كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ مُوَجَّه كَمَا تَرَى.ا. هـ.
ومال السندي إلى هذا القول أيضا، كما نقل الأرنؤوط في " تخريج المسند " (32/ 424) عنه عند حديث أبي موسى الأشعري الآتي (رقم 3) فقال: قال السندي: " قوله: فإذا بدا لله. هكذا في النسخ " بدا " من البدو، و" لله " جار ومجرور متعلق به، أي ظهر له تعالى. قيل: وهو خطأ، لأنه بمعنى ظهور شيء بعد أن لم يكن وهو محال في حقه تعالى، إلا أن يُأوَّل بمعنى أراده، والصواب بدأ لله، على أن بدأ، بالهمزة، و" الله " فاعله، أي: شرع الله.ا. هـ.
هذه هي تخريجات العلماء لهذه اللفظة.
والذي يترجحُ – والعلمُ عند اللهِ – أنها من تصرفِ بعضِ الرواةِ، وهو عبدُ الله بنُ رجاء الغداني.
كَتَبَهُ
عَبْدُ اللهِ زُقَيْل
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[25 - 08 - 04, 10:14 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم
وللفائدة ينظر هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=21056#post21056
ـ[السدوسي]ــــــــ[26 - 08 - 04, 04:30 م]ـ
الشيخ الفاضل: عبدالله زقيل.
حتى لايأتي رافضي متفلسف، حبذا لو أضفتم لبحثكم الماتع، ماذكرتموه في آخر البحث موضحا وهو مارواه أحمد في مسنده من طريق حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عمارة عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يجمع الله عزوجل الأمم في صعيد واحد يوم القيامة فإذا بدا لله عزوجل أن يصدع بين خلقه ..... الحديث.
والحديث ضعيف كما ترى، ويمكن - لو صح - أن يحمل على ماذكر الإخوة حفظهم الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/224)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[27 - 08 - 04, 08:17 ص]ـ
ضعّف العقيلي عدداً من أحاديث صحيح البخاري. وعلى سبيل المثال حديث همام بن يحيى في الأبرص. وقد رواه العقيلي في ضعفاءه (4|369) من طريق شيخه البخاري، ثم ضعّفه واعتبره من كلام عبيد بن عمير. هذا رغم اتفاق البخاري (3|1276 #3277) ومسلم (4|2275 #2963) على تصحيحه.
وسبب تضعيف العقيلي للحديث هو أن هماماً هذا ضعيف الحفظ ثقة في كتابه. كذا نص الساجي وأبو حاتم ويزيد بن زريع. بل نقل عفان عن هماماً إقراره بذلك. فكأن العقيلي يميل إلى أن هماماً قد حدث بهذا الحديث من حفظه. وليس الحديث عند أحمد، مما يدل على تضعيفه له، بل ليس عند أصحاب السنن. والحديث قد رواه البخاري ومسلم من طريق همام، عن إسحاق، عن ابن أبي عمرة، عن أبي هريرة مرفوعاً. لكن العقيلي رواه أولاً عن إسحاق موقوفاً عليه من قوله، ثم رواه بإسنادٍ صحيحٍ إلى عبيد بن عمير موقوفاً على قوله.
فقال في "الضعفاء" (4|370): «حدثنا جعفر بن أحمد حدثنا أحمد بن جعفر المعقري (مستور) حدثنا النضر بن محمد (مستور) حدثنا عكرمة بن عمار حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة قال: "كان ثلاثة في بني إسرائيل ... " فذكر مثله. حدثنا محمد بن إدريس قال حدثنا الحميدي حدثنا سفيان (بن عيينة) حدثنا عمرو بن دينار (المكي) أنه سمع عبيد بن عمير يقول: "كان ثلاثة أعمى ومقعد وآخر به زمانة –قد ذكر لنا عمرو فنسيتها– وكانوا محتاجين، فأعطى هذا بقرة وهذا شاة ... ". وذكر الحديث. قال أبو جعفر العقيلي: وهذا أصل الحديث من كلام عبيد بن عمير وقصصه كان يقص به».
وعبيد بن عمير هذا هو قاص مكة ومن خيرة التابعين، وله رؤية وليس له صحبة. فالعقيلي رجّح أن يكون إسحاق قد أخذ هذه القصة من قول عبيد بن عمير، وأخطأ همام من حفظه فجوّدها. قلت: وهذا محتمل، لكن الأرجح أن يكون عبيد بن عمير قد أخذها من حديثٍ مرفوعٍ سمعه من أحد الصحابة. ثم إن إسناد القصة –التي وقف فيها العقيلي القصة على إسحاق– مغموز. وقد يكون إسحاق حَدّث بها مرةً بغير إسناد. وإنما نقول ذلك لاتفاق البخاري ومسلم على تصحيح القصة، ولأنها ليست في الأحكام. والله أعلم.
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[28 - 08 - 04, 01:22 ص]ـ
ضعّف العقيلي عدداً من أحاديث صحيح البخاري ..
في فهرست ابن خير ص 95
(عن أبي جعفر العقيلي قال لما ألف البخاري كتابه في صحيح الحديث عرضه على علي بن المديني ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل وغيره فامتحنوه فكلهم قال كتابك صحيح إلا أربعة احاديث
قال العقيلي والقول فيها قول البخاري وهي صحيحة).
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[28 - 08 - 04, 02:51 ص]ـ
جزاك الله خيراً على النبيه على بطلان تلك القصة، رغم شهرتها عند المتأخرين.
ذكر ابن حجر تهذيب التهذيب (9|46): قال مسلمة في "الصلة": «سمعت بعض أصحابنا يقول: سمعت العقيلي يقول: لما ألّفَ البخاري كتابه "الصحيح"، عرضه على ابن المديني ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل وغيرهم، فامتحنوه (وفي رواية أخرى: فاستحسنوه). وكلهم قال: كتابك صحيح إلا أربعة أحاديث. قال العقيلي: "والقول فيها قول البخاري، وهي صحيحة"». وهذا لا يصحّ فإن في إسناده رجلاً مجهولاً. ومسلمة لم يلتزم الصحة في كل ما يحكيه عن البخاري، فقد ذكر حكايات أخرى عنه ورد عليه ابن حجر في نفس الصفحة وبين بطلانها.
والقصة السابقة تشعر أن العقيلي يقول بتصحيح كل ما أخرجه شيخه البخاري. وهذا باطل. وما سبق يُظهر بوضوح أن العقيلي لا يقول بذلك.
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[28 - 08 - 04, 03:53 ص]ـ
أحسنت بارك الله فيك
فالقصة المذكورة عن العقيلي في إسنادها جهالة وكذلك في متنها نكارة،وليتك تذكر الأمثلة الأخرى التي ذكرها العقيلي.
وهذا يشبه القصة المشهورة في عرض الإمام مسلم صحيحه على أبي زرعة وقد سبق بيان ما فيها على هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=16888#post16888
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[28 - 08 - 04, 04:03 ص]ـ
أما إسناد العقيلي الذي ذكرته بقولك (قال في "الضعفاء" (4|370): «حدثنا جعفر بن أحمد حدثنا أحمد بن جعفر المعقري (مستور) حدثنا النضر بن محمد (مستور) ... )
فليك تراجع كتب التراجم أكثر حول رجال الإسناد
فالنضر بن محمد الجرشي من رجال التهذيب
وأحمد بن جعفر المعقري شيخ مسلم من رجال التهذيب.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[28 - 08 - 04, 06:42 ص]ـ
شيخنا الحبيب
راجعت تراجم هذين الراويين فوجدت حالهما في مرتبة الصدوق.
فالأول شيخ مسلم، ولعل هذا يرفعه لمرتبة صدوق. وليس فيه أي توثيق. وقال عنه ابن حجر "مقبول".
والثاني ربما الأصل أن يكون في مرتبة صدوق. وفيه توثيق العجلي وابن حبان (مع غمزه إياه) وتوثيقهما فيه تساهل. وربما يقوي حاله رواية عدد من الثقات عنه.
هذا والله أعلم.(28/225)
هل لجنة بيادر السلام التي بالكويت صوفية.؟؟
ـ[ابنة الصديق]ــــــــ[28 - 08 - 04, 11:13 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
قد سمعت أن لجنة بيادر السلام في الكويت صوفية ..
فهل لكم تأكيد هذا الخبر ...
وأرجوا أن يكون بالأدلة الكافية ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[28 - 08 - 04, 12:30 م]ـ
لا والأدلة تأتي لاحقا إن شاء الله
ـ[أبو عمر المدني]ــــــــ[28 - 08 - 04, 01:43 م]ـ
من القائمين عليها؟!!
ـ[ابنة الصديق]ــــــــ[01 - 09 - 04, 03:15 ص]ـ
الأخ /محمد الأمين
هل لك أن تأتي لي بالأدلة التي ذكرت .. ؟
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[05 - 09 - 04, 10:42 ص]ـ
عذراً على التأخير الشديد.
معلوماتي عنها هي بسبب معرفتي بإحدى المعلمات المؤسسات للمدرسة. وقد كتبت موضوعاً عن هذا نشرته في منتدى الدفاع عن السنة. ولعلي أحاول أن أعثر عليه هناك.
ـ[ابنة الصديق]ــــــــ[05 - 09 - 04, 10:52 م]ـ
بارك الله أخي
وأتمنى ان يكون بأسرع وقت ...
ـ[ابنة الصديق]ــــــــ[10 - 09 - 04, 01:29 ص]ـ
الأخ/أبو عمر المدني ..
لا أعلم من هم القائمين عليها
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[11 - 09 - 04, 08:00 م]ـ
بحثت عنه كثيراً ولم أجده. فلعل ميزة البحث هناك فيها خلل. والقائمين عليها من جماعة نسائية لا هي صوفية ولا سلفية. ويمكن تشبيهها نوعاً ما بجماعة تبليغ، حيث الاهتمام بالأخلاق والدعوة والالتزام بالعبادات، دون وجود تركيز على العقيدة.
ـ[ابنة الصديق]ــــــــ[13 - 09 - 04, 01:27 ص]ـ
بارك الله لك
هل لك أن تذكر لي أسماء القائمات عليها
ـ[عبد العزيز سعود العويد]ــــــــ[24 - 09 - 04, 07:14 ص]ـ
جمعية بيادر السلام جمعية نسائية خيرية ولها جهود كبيرة في تحفيظ القرآن والسنة وتدريس العلوم الشرعية وإقامة الأسواق الخيرية ومد يد العون للفقراء والمحتاجين، وهي تعتبر أشهر جمعية نسائية عندنا ولها اتصال مع بعض اللجان الأخرى لاسيما اللجان المنبثقة عن جمعية الإصلاح الإجتماعي، وأما منهج الجمعية فهم لا يظهرون القول بالتصوف وإن كان هذا ملحوظا على طريقة نسائها، ومشتهر عنها، وقد استفتى بعض الإخوة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - عن زوجته المنتسبة لجمعية بيادر السلام وكونها جمعية تنتسب إلى الطريقة النقشبدنية وشدد الشيخ رحمه الله على وجوب ترك الذهاب إلى هذه الجمعية ولا أذكر فتواه بنصها الآن لأنني قرأتها قبل حوالي خمس عشرة سنة. وقد نشرت جريدة السياسة اليومية - وهي من أسوأ حمالات الحطب عندنا - تقريرا مذهلا في سنة 1993 م تقريبا عن حقيقة جمعية بيادر السلام وأنها تنظيم صوفي سري خطير، وأنه يرجع في قراراته إلى امرأة فلسطينة تزور الكويت بين الفينة والأخرى، وذكر حقائق غريبة، وكل ذلك لا يذكر على الساحة، فالله أعلم بصحته. لكن القول بأنها جمعية تنتسب إلى الطريقة النقشبندية مشهور، ونسال الله لهم الهداية والتوفيق للسنة، وأن يستعملهم في الخير، ويعظم لهم الأجر على ما يقدموه من الخير. والله أعلم.
ـ[ابنة الصديق]ــــــــ[24 - 09 - 04, 08:02 م]ـ
بارك الله لك أخي الكريم
وانا الآن متأكدة من ان هذه الجميعة هي صوفية على الطريقة النقشبندية ..
ولدى أيضا فتوى الشيخ ابن باز رحمه الله .. ومما زاد في يقيني أني قرأت بالأمس في منتدى صوفي ترحيب بعضوة انضمت إليهم واتضح لي أنها إحدى مدرساتي في الكلية بعد أن ذكروا أسمها الصريح وقالوا أنها عضوة في هذه الجمعية وهي على الطريقة الرفاعية ..
فارجوا من الأخ محمد الأمين التأكد من قوله ومن المعلمة التي تنتمى إلى هذه الجمعية ..
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[26 - 09 - 04, 07:45 ص]ـ
الأخ الفاضل همام
كلامك أغلبه صحيح لكن عليه تعقيبات. فالسؤال الذي جاء للجنة العامة لم يكن عن القبيسيات ولا عن بيادر السلام، ولم يكن السائل (أظنه أبو فهد الكويتي) يسأل عن زوجته. السؤال كان بما معناه: ما رأيكم في جماعة نسائية من خارج الجزيرة وهي صوفية نقشبندية وتؤمن بعقيدة الحلول وتمارس السحر .... إلخ. فمن الطبيعي أن يكون الجواب بتحريم الانتساب لمثل هذه الجمعية. فبعض هذه التهم هي تهم كفرية. لكن رد الجماعة التي نشرته في الصحف هو أن الفتوى لا تتعلق بهن. فهن لسن صوفيات ولا يؤمن بعقيدة الحلول ويعتبرن ممارسة السحر كفراً. ومعلوم أنه لا السؤال ولا الفتوى فيه ذكر لهن ولا لجمعيتهن. فكيف يتم بالقوة صرف هذه الفتوى لجمعيتهن؟
أعلم الكثير عن هذه الجماعة، وأعلم يقينا ان تهمة النقشبندية لا تصح إليهن. وأصلا الذين يتهمون تلك الجماعة بذلك لا يعرفون من هو نقشبند أصلاً. وللجماعة كتاب في العقيدة يسمى "عقيدة التوحيد" وأكثره مستمد من كتاب في العقيدة للشيخ سيد سابق رحمه الله. لكن لا يُدرّس هذا الكتاب في مدرسة بيادر السلام على حسب علمي. أما عن تهمة الصوفية العامة -أي بغير الانتماء لطريقة معينة- فيمكن القول أن عندهم بعض الممارسات الصوفية، مثل الاحتفال بالمولد النبوي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/226)
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[27 - 09 - 04, 02:57 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ....
أرجو أن تفيدوني بالمزيد من المعلومات حول القبيسيات ...
و لكم جزيل الشكر
ـ[منيرة]ــــــــ[27 - 09 - 04, 03:25 م]ـ
أحببت التأكيد على ما ذكره الاخوة فبيادر السلام استفاض عندنا تصوفها هذا في الجملة وفيها مخالفات كثيرة جدا
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[27 - 09 - 04, 03:52 م]ـ
القبيسيات جماعة نسائية نقشبندية
لعل هذا الاسم لم يطرق مسامعك من قبل، وإذا سألت من هن " القبيسيات " فالإجابة: هن جماعة
صوفية تنسب إلى امرأة شامية تدعى "منى قبيس "، ومن هنا جاء هذا الاسم "القبيسيات"، وهذه الجماعة
تقوم على اتباع التصوف والبدع، ويعتمدن السرية في دعوتهن، وعدم الإفصاح عن حقيقة عقائدهن
وأفكارهن إلا بعد أن تمضى العضوة الجديدة فترة زمنية طويلة معهن، وكذلك يقمن باستمالة الشخصيات
ذوات المناصب أو الثراء، أو العائلات الكبيرة لضمهن للجماعة. وتقوم هذه الجماعة بتجنيد أعضائها من
أرقى الطبقات الإجتماعية، ومن خلالها يستطعن نشر افكارهن الضالة وعقائدهن المنحرفة.
وقد انتشرت هذه الجماعة في بعض دول الخليج (مثل الكويت و قطر) ومصر وسوريا ولبنان والأردن
ولكل جماعة منهن في بلد "آنسة" أي شيخة لهاالكلمة المطاعة والأوامر النافذة، والمقر الأصلي للجماعة
في سوريا حيث الآنسة الكبيرة "منى القبيسي" قائدة الجماعة حيث تعدها أتباعها " المربي الذي أرسله الله
إليهن على رأس هذا القرن من الزمان "، وتقوم جميع نسوة التنظيم بتقبيل يد القائدة،ويتسابقن لشرب
فضلات كأسها من الماء.
وسبب انتشار هذه الجماعة: استغلالهن لعاطفة النساء، وتخييم الجهل والخواء العقيدي، بالإضافة إلى
أن الكثيرات من " القبيسيات " يقمن بالتدريس مما يعطيهن مجالاً للانتشار.
نشأة هذه الجماعة:
الذي أنشأ هذه الجماعة هي الآنسة " منى قبيسي " وهي خريجة كلية العلوم من جامعة دمشق، ثم التحقت
بكلية الشريعة وعينت مدرسة علوم في إحدى مدارس دمشق، وإلى زمن دخولها كلية العلوم لم تكن تحيا
حياة دينية ولم تكن تلتزم الحجاب الشرعي، وكان عمها من تلاميذ الشيخ أحمد كفتارو " مفتي سوريا "
وهو الذي أشار عليها بالدخول في الطريقة النقشبندية الصوفية، وأقنعها أنها الطريق الوحيد للصلاح،
والحصول على رضوان الله وجنته.
ورفضت لدرجة أن أصابها المرض والإعياء بمجرد التفكير في ذلك، ولكنها بعد ذلك تغلبت على شيطان
نفسها وأبعدت وساوسه وتقبلت الطريقة النقشبندية
وكانت هذه هي البداية ثم اجتهدت ونشطت في دعوة النساء إلى هذه الطريقة، ونجحت في جمع بعض
النساء حولها، ثم جندت المؤهلات منهن لإعطاء الدروس في نشر دعوتها؛ فصار لها في كل جهة واحدة
منهن، وكانت طريقتها تعتمد على السرية فلا يظهرن أنها طريقة صوفية أو نقشبندية حتى لا تنفر منهن
المثقفات وغيرهن.
وكن يعتمدن أيضاً على وسيلة التدرج في استمالة عواطف المريدات أو التلميذات إذ تتعلق مشاعر إحداهن
بآنستها (شيخها) ومن ثم بالآنسة الأم (منى حتى إذا عرفن أنها لا يمكن أن تخرج من جماعتهن كشفن لها
الأسرار وأعطينها الطريقة مع تشديد التوصية لها بأن لا تطلع أحداً على سر الطريقة لا لأهلها ولا حتى
لزوجها بل يقال لها: إياك إياك أن تطلعي زوجك على أسرار الجماعة فهو إنسان عادي لا يعرف ماهي حياة
المريدين والمتفانين في حب الله.
يتبع المزيد إن شاء الله ..
كتبه
التابع بإحسان
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=9797&highlight=%C7%E1%DE%C8%ED%D3%ED%C7%CA
-------------------------------------------------------------------------
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/227)
هذه جماعة نسائية صوفية على الطريقة النقشبندية الفاجرة وتنسب هذه الجماعة المسماة بالقبيسيات إلى (منيرة قبيسي) السورية وهي خريجة كلية العلوم من جامعة دمشق ثم التحقت بكلية الشريعة وعيِّنت مدرِّسة علوم في إحدى مدارس دمشق، وإلى زمن دخولها كلية العلوم وكانت امرأة فاسقة لا تلتزم الحجاب الشرعي، وكان عمها من تلاميذ الشيخ أحمد كفتارو "مفتي سوريا" وهو الذي أشار عليها بالدخول في الطريقة النقشبندية الصوفية وأقنعها أن الطريق الوحيد للصلاح والحصول على رضوان الله وجنته هو الدخول في الطريقة النقشبندية فرفضت حتى غلبها شيطانها فوافقت فصارت أضل من عمها.
ومن عقائد هذه الجماعة الخاصة بالنساء القول بالحلول والوجود وتعظيم أئمة الصوفية القائلين بهذا القول كابن عربي والحلاج ومن كلام منيرة قبيسي" (فقد عرف الحلاج الله حتى ذاب في حبه وعندما سألوه عمّا كان يخفي في ملابسه قال: "ما في الجبّة إلا الله "، وكذلك الشيخ محي الدين بن عربي لم يعد يعرف الفرق بينه وبين ذات الله حيث كان يقول:
أنا من أهوى من أهوى إنّا نحن روحان حللنا جسداً
وتقول أيضاً: إن الشيخ النقشبندي رأى في منامه سيدنا الخضر فقال له: تعال أعلمك الطريقة الوحيدة!! التي ستوصلك إلى الجنة وبغيرها لا تنجو من عذاب النار!!.
ومن عقيدة أتباعها من النساء " القبيسيات" بأن شيختهن لا يجوز مناقشتها وأمرها مطاع، وطاعتها من طاعة الله وأن حبها من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن المريدة عبارة عن هيكل خلقه الله للتفاني في حب وخدمة "منيرة " وكلما تفانت التلميذة في حب الآنسة كلما قربت من الله حتى تصل إلى درجة الكمال وإلى معرفة الله عز وجل وعندها تنتقل من مرحلة العوام إلى الخواص حيث تعرف كل شيء وتصبح كبقية العارفين بالله ابتداء من الشيخ محي الدين بن عربي والحلاج وغيرهم من زعماء الصوفية المعروفين وانتهاء إلى "الآنسة الكبيرة منيرة" خذلها الله ومن خلال هذه المفاهيم فهن يقمن بتقبيل يدها ويتسابقن لشرب فضلات كأسها من الماء أما من ينالها شرف التوبيخ من حضرة "الآنسة الكبيرة " فقد نالت شرفاً كبيراً من الله ساقه إليها، وفي سبيل غرس هذه المفاهيم يُطلقن بعض الشعارات مثل: "لا علم والوصول إلى الله من دون مربية " ويجب أن تكون العضوة كالميتة بين يدي آنستها وتكشف لها كل ما عندها حتى تستطيع أن تأخذ بيدها "، (ومن قال للشيخة: لم؟ لم يفلح أبداً!!) وغير ذلك من الشعارات الباطلة. ولهم أوراد كسائر الطرق الصوفية، فلكل مريدة ورد يومي وهي تقرأه مرتين بعد صلاة الفجر ومرة بعد العشاء وهو بأن تجلس المريدة متوجهة إلى القبلة بعد الانتهاء من الصلاة والدعاء ثم تقول:" اللهم يا مفتح الأبواب ويا مسبب الأسباب ويا مقلب القلوب والأبصار ويا دليل الحائرين ثبت قلبي على الإيمان" وتتخيل المريدة "شيختها " والآنسة الكبيرة أمامها، وهو يطلق قلب وعلق الذاكرة، فإن فعلت ذلك تخيلاً و أصبحت كأنها ترى وجه "شيختها" فعلا تبدأ بالذكر لأنها هي التي تربط قلبها بالله لأنه سيمتد قبس من نور من قلب "الشيخة " أو الآنسة إلى قلب الذاكرة ليوصلها إلى الله!!
ويكن الذكر بترديد اسم الجلالة مفرداً "الله .. الله .. الله" وذلك بطريقة خاصة أيضاً عن طريق رفع مقدم اللسان بسقف الحلقة ووضع اليد اليمنى على القلب مع حركة كف اليد من أعلى إلى أسفل على الجهة اليسرى من الصدر وتتخيل بذلك أنها تكنس الأمراض من القلب.
وتستخدم المسبحة وتكرر الكرات وفي كل خمس دقائق تقول بصوت خفيف (إلهي أنت مقصودي ورضاك مطلوبي) وفي نهاية الورد تصل على النبي صلى الله عليه وسلم وتدعو للمسلمين.
و تعد زيارة الشام واجباً!! أو ا لنقل حلماً لكل من يتم لها الإذن بذلك من نساء التنظيم اللاتي يدعين أن رحلة الحج والعمرة هي "رحلة كعبة المباني" ورحلة الشام هي "رحلة كعبة المعاني" هكذا، وفي هذه الرحلة يتم مقابلة "الآنسة الكبيرة" وتلقي الإرشاد والتوجيه مها ولذلك تحتال بعض نساء التنظيم على ولاة أمورهن للذهاب إلى "كعبة المعاني "!!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/228)
و هذه الجماعة تصنف كجماعة باطنية من جهة أنها تلبس لباس العمل الخيري أو التربوي أو الدراسي ولا تظهر كل معتقداتها لكل الناس، ويقلن أن هناك علماً باطناً ويسمونه بالعلم اللّدني وهو علم أهل الباطن والتصوف لأنهم في مستوى أعلى من الناس فهم الخواص الذين خصهم الله بمعرفة ذاته والوصول إليه.
وجميع الأحاديث المذكورة في كتب السنة هي فقط للعوام من الناس!!!.
و لديهن ذكر يطلق عليه الصلاة النارية ولفظه "اللهم صلِّ صلاة كاملة وسلم سلاماً تاماً على سيدنا محمد الذي تنحل به العقد وتنفرج به الكرب وتقضى به الحوائج وتنال به الرغائب وحسن الخواتيم، ويستقي الغمام بوجهه الكريم، وعلى آله وصحبه وسلم في كل لمحة ونفس عدد كل معلوم لك ".
وتقرأ هذه "الصلاة النارية " بأعداد خاصة مثل (4444) مرة في أوقات خاصة قراءة جماعية أو فردية لجلب مصلحة ما أو دفع ضرر ما عن الدعوة.
ومن الطريف أنهن اعتقدن بأنهن حررن الكويت عام 1991 م بهذه الصلاة!!! عندما قرءوها في الشام آلاف المرات، ولهذا الذكر جملة من الطقوس والهيئات تستدعي أن يعتزلن عن أهلهن وأزواجهن في غرفة خاصة بحجة الصلاة والقيام.
و للجماعة طرق في اختيار العضوات وأساليب في الاستحواذ عليهن وِفْق أسس اختيار محددة يجب أن تتوافر في أي عضوة جديدة قبل دعوتها: المكانة الاجتماعية، والاسم العائلي الكبير، الغني، الذكاء، النشاط ويتم تَصيُّد العضوات الجدد من خلال حفلة، مولد، عزاء، مخيم، عرس، أو مدارس البنات ويستحوذن على العضوات الجديدات بإظهار الاهتمام الشديد المبالغ فيه وتطويق كل قادمة جديدة بالحب ومحاولة حل مشاكلهن ولو كانت مشاكل مادية وبحنكة متمرسة يتعاملن مع الفتيات حسب أعمارهن واحتياجاتهن المعروفة لهن.
و نشاط الجماعة وطاعة قيادتها مقدم على حقوق الوالدين والزوج والأهل.
هذا ما نعرفه عن هذه الجماعة المشركة من خلال ما أطلعنا عليه بعض إخواننا الفضلاء من أهل سوريا حماها الله من كل سوء ومكروه.
فتوى اللجنة الدائمة حول القبيسات رقم (16011) وتاريخ: 18/ 5/1414هـ.
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ... وبعد:
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من مستفتي من الكويت والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (11 - 16) وتاريخ (18/ 5/1414).
وقد سال المستفتي سؤلاً هذا نصه:
(بشأن جماعة من النساء في الكويت يقمن بنشر الدعوة الصوفية على الطريقة النقشبندية، وهن يعملن تحت إطار رسمي " جمعية نسائية " ولكنهن يمارسن هذه الدعوة في الخفاء ويظهرن ما لا يبطن وقد حصل أن اطلعنا على كتاباتهن وبعض كتبهن واعتراف بعضهن ممن كن في هذا التنظيم. وذلك يتمثل بعضه بالآتي:
يقولون من لا شيخ له فشيخه الشيطان، ومن لم ينفعه أدب المربي لم ينفعه كتاب ولا سنة، ومن قال لشيخ لم، لم يفلح أبدا، ويقولون بالوصل بعملية الذكر الصوفي مستحضرين صورة شيختهن أثناء الذكر ويقبلون يد شيختهن والتي يطلقون عليها لقب الآنسة وهي من بلد عربي من خارج الجزيرة، ويتبركن بشرب ما تبقى في إنائها من الماء، ومن كتاباتهن لأدعية خاصة، وأني وجدتها بعد ذلك مقتبسة من كتاب اللؤلؤ والمرجان في تسخير ملوك الجان، ويقومون بتأسيس المدارس الخاص بهم لاحتواء الأطفال على طريقتهن ويعملن في مجال التدريس مما يعيطهن مجال لنشر هذه الدعوة في صفوف بنات المدارس الحكومية المتوسطة والثانوية.
وقد فارقت بعض من هؤلاء النسوة أزواجهن وطلبوا الطلاق عن طريق المحاكم عندما أمرهن هؤلاء الأزواج بالابتعاد عن هذا الطريق الضال.
السؤال: (1) ما هو الحكم الشرعي في عقيدة هؤلاء النسوة مع إصرارهن على هذه الطريق؟
(2) هل يجوز الزواج منهن؟
(3) ما حكم عقد النكاح القائم بأحداهن الآن؟
(4) النصيحة لهن وترهيبهن من هذا الطريق. وجزاكم الله عنا كل خير.
وبعد دراسة اللجنة له أجابت:
الطرق الصوفية، ومنها النقشبندية، كلها طرق مبتدعة مخالفة للكتاب والسنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إياكم ومحدثات الأمر، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/229)
بل إن الطرق الصوفية لم تقتصر على كونها بدعة مع ما في البدعة من الضلال، ولكن داخلها كثير من الشرك الأكبر، وذلك بالغلو في مشائخ الطرق والاستغاثة بهم من دون الله، واعتقاد أن لهم تصرفاً في الكون، وقبول أقوالهم من غير نظر فيها، وعرضها على الكتاب والسنة.
ومن ذلك ما ورد في السؤال من قولهم: من لا شيخ له فشيخه الشيطان. ومن لم ينفعه أدب المربي لم ينفعه كتاب ولا سنة، ومن قال لشيخ لم، لم يفلح أبدا.
وهذه كلها أقوال باطلة مخالفة للكتاب والسنة، لأن الذي يقبل قوله مطلقاً بدون مناقشة ولا معارضة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقول الله تعالى: ((وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا))، وقوله تعالى: ((وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)).
أما غيره من البشر مهما بلغ من العلم، فإنه لا يقبل قوله إلا إذا وافق الكتاب والسنة، ومن زعم أن أحداً تجب طاعته بعينة مطلقاً غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد ارتد عن الإسلام، وذلك لقوله تعالى: ((اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون)).
وقد فسر العلماء هذه الآية بأن معنى اتخاذهم أرباباً من دون الله:
طاعتهم في تحليل الحرام، وتحريم الحلال، كما روى ذلك في حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه.
فالواجب الحذر من الصوفية رجالاً ونساءً، ومن توليتهم التدريس والتربية، ودخولهم في الجمعيات النسائية وغيرها لئلا يفسدوا عقائد المسلمين.
والواجب على الرجل منع موليته من الدخول في تلك الجمعيات أو المدارس التي يتولاها الصوفية أو يدرسون فيها حفاظاً على عقائدهن، وحفاظاً على الأسر من التفكك وإفساد الزوجات على أزواجهن، ومن اعتنق مذهب الصوفية فقد فارق أهل السنة والجماعة، وإذا اعتقد في شيوخ الصوفية أنهم يمنحون البركة، أو ينفعون أو يضرون فيما لا يقدر عليه إلا الله من شفاء الأمراض وجلب الأرزاق، ودفع الأضرار أو أنهم تجب طاعتهم في كل ما يقولون ولو خالفوا الكتاب والسنة، من اعتقد ذلك فقد أشرك بالله الشرك الأكبر المخرج من الملة. لا تجوز موالاته ولا مناكحته لقوله تعالى: ((ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن)) إلى قوله: ((ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا)).
والمرأة التي تأثرت بالتصوف إلى حد الاعتقاد المذكور لا ينبغي التزوج بها ابتداء ولا إمساكها ممن تزوجها إلا بعد مناصحتها وتوبتها إلى الله.
والذي ننصح به النسوة المذكورات هو التوبة إلى الله والرجوع إلى الحق وترك هذا المذهب الباطل، والحذر من دعاة السوء والتمسك بمذهب أهل السنة والجماعة، وقراءة الكتب النافعة التي قام بإعدادها العلماء المستقيمون على العقيدة الصحيحة والاستماع للدروس والمحاضرات، والبرامج المفيدة التي يقوم بإعدادها العلماء المستقيمون على المنهج الصحيح. كما ننصح لهن بطاعة أزواجهن وأولياء أمورهن في المعروف.
لم يذكر اسم الجمعية في هذه الفتوى حفاظا على مبدا النصيحة و لكن بعد الفحص و التدقيق تبين ان هذه الجمعية النسائية هي جمعية بيادر السلام لسببين هما ان جمعية بيادر السلام فضحت نفسها و قامت بالرد على هذه الفتوى و بعد الرد قام احد الموقعين من علماء المملكة و هو الشيخ ابن منيع حفظه الله بالتصريح باسم جمعية بيادر السلام و كل هذا موجود بالصحف.
ملاحظة: في الاردن تقودهم تنظيريا و ليس اداريا فادية الطباع و في الكويت أميرة جبريل كما في سوريا منيرة قبيسي.
الكاتب: ناقد الحازمي
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[27 - 09 - 04, 04:30 م]ـ
أحببت فقط التأكيد على أن ما نقله الشيخ عبد الرحمن وفقه الله عن الجامي التابع بإحسان وغيره عامته من الكذب. وقد رددت عليه في شبكة الدفاع عن السنة، فليراجع.
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[27 - 09 - 04, 11:18 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ...
أخي محمد ـمين أرجو أن توضح وجهة نظرك فيهن بشكل أوضح إن أمكن ..
و بارك الله فيك
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[28 - 09 - 04, 07:43 ص]ـ
نعم إن شاء الله
###
وهذا كلامي في موضوع سابق أنقله كما هو تقريباً:
أخي الكريم
هذه المقالة فيها من الأكاذيب ما لا يكاد يحصيه إلا الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/230)
وعندي اطلاع جيد عن هذه الجماعة وقد قرأت الكثير من كتبها وبخاصة كتاب العقائد وهو عندي في مكتبتي.
اتق الله فالفتوى التي نقلتها لا علاقة لها بجماعة القبيسيات لا من قريب ولا من بعيد، وليس فيها ذكر اسم الجماعة لا في السؤال ولا في الجواب.
الجماعة لها عدة كتب (من تأليفهن) تعتمد عندهن للتدريس منها:
عقيدة التوحيد من الكتاب والسنة تأليف سعاد ميبر
فقه العبادات على المذهب الحنبلي تأليف الحاجّة سعاد زرزور
أخي الحبيب بو حميد
جماعة القبيسيات بدأتها داعية مخلصة اسمها منيرة قبيسي، وهي خريجة من كلية الشريعة في جامعة دمشق. وبدأت تدعو النساء للالتزام بالحجاب الشرعي وإلى الالتزام بفرائض الإسلام. وانتشرت الدعوة بشكل بطيء للغاية في البداية.
لكن الانتشار لهذه الجماعة حدث في نهاية الثمانينات من القرن العشرين حيث تعرضت جماعة الإخوان المسلمين للاستئصال الكامل في سوريا، مما أدى إلى إيقاف أي نشاط دعوي في سوريا. وبقيت هذه الجماعة يشفع لها قليلا كونها جماعة نسائية. وانتشرت الجماعة إلى دول أخرى خارج سوريا مثل الكويت والأردن ولبنان. وقامت بنشاط كبير في بناء مدارس إسلامية للأطفال (على مستوى عال جداًَ بعد دراسة أحدث نظم التربية العالمية) وفي إقامة منظمات خيرية لمساعدة الفقراء وفي تزويج شباب المسلمين. كما أن أساليب الدعوة متنوعة جداً، مثل "مخيمات" (وأتحفظ عن هذه الكلمة لأنها ليست حرفية) صيفية وغير ذلك.
عموماً فهذه الحركة حققت نجاحاً كبيرا في مجال الدعوة الإسلامية. وانتشرت إلى بلدان كثيرة جداً مثل الخليج واليمن وأوربا وأميركا وغير ذلك. ولها منهج موحَّد في الدراسة وهو مجموعة معينة من المواد تدرس من كتب غالبها من تأليف الجماعة نفسها. فكتاب العقيدة المعتمد هو: عقيدة التوحيد من الكتاب والسنة تأليف سعاد ميبر. وهناك أربع كتب لفقه العبادات (فقط) على المذاهب الفقهية الأربع. ويعتنين خاصة بقراءة حفص عن عاصم.
وبالرغم من فضائل هذه الجماعة، فإن لها مساوئ كذلك وعثرات. منها الضعف العلمي العام، حيث التركيز على دعوة وهداية النساء الغير ملتزمات، وإيصالهن للحد الأدنى أو الأوسط في العلم. لكن لا منهاج لدراسة العلم بشكل أوسع، فيقمن بدخول كلية الشريعة. وهذا معناه غياب المرجعية الفقهية في الجماعة، حيث أنها جماعة دعوية بحتة لا تتكلم بتاتاً في السياسة (أي أنها تشبه حركة تبليغ رغم أنها أعلى منها علمياً).
ويبدو أن الجماعة عندها احترام للدكتور الضال البوطي. أما المزاعم بارتباط الجماعة بالصوفية وبمفتي سوريا الضال أحمد كفتارو فمحض افتراء. بل تمنع عضوات تلك الجماعة بشدة من حضور دروسه. وهي ليست جماعة صوفية ولا نقشبندية. وكتبهن تنص على تحريم السحر والاستغاثة بغير الله وبناء المساجد على القبور، وعدت هذه الأمور من الشركيات المحرَّمة.
آمل أن يجب هذا على أسئلتك أخي الحبيب.
والسلام عليكم ورحمة الله.
=================
قال أحد الإخوة ردا على صاحب المقالة:
الرجاء ان تذكر مصدر ما جاء في مشاركتك هذه وخصوصاً هاتين الفقرتين ..... أين أجدهذه المقولات "لشيخة القبيسيات" موثقة؟ هل هو في كتاب لهذه الجماعة القبيسية أم هو مجرد نقل لكلام لأحد المهتمين بمثل هذه الأمور؟ وطبعاً هذا لايمكن اعتباره دليلاً قاطعاً في مثل هذه الحالة فلا بد من دليل ملموس واضح يقطع الشك باليقين فكما ترى وأرى فإن الأمر جد خطير سيما وأن هذه الفئة تستقطب جل الفتيات والنساء والأمر ليس مقصوراً على سوريا وحسب بل إن هذه المجموعة تنشط في بلاد اوربية وغيرها في أماكن تجمع الجاليات المسلمة ....
========
قلت: لن تجدها موثقة أبدا لأنها كذب ممن لا يخاف الله
ويكفي أن صاحبة هذه الافتراءات تنتمي لطائفة ###
وقد سبق وقلت: المزاعم بارتباط الجماعة بالصوفية وبمفتي سوريا الضال أحمد كفتارو فمحض افتراء. بل تمنع عضوات تلك الجماعة بشدة من حضور دروسه. وهي ليست جماعة صوفية ولا نقشبندية. وكتبهن تنص على تحريم السحر والاستغاثة بغير الله وبناء المساجد على القبور، وعدت هذه الأمور من الشركيات المحرَّمة.
وأقول: عقائد الجماعات يتم تقييمها من كتبهم وليس من افتراءات الطائفة ###
=====
قال الأخ عمير: لهذه الدرجة من الانحطاط وصلوا ###؟؟؟
يكذبون ويفترون بسبب ومن غير سبب؟؟
كل الناس على ضلال وكل الناس مبتدعة الا الشيخ خريف وتلامذته؟؟
======
قلت: تنبيه على كلامي أعلاه:
أنا نفيت ادعاء ### عليهن بوحدة الوجود وبعلاقتهن بالمفتي الماسوني كفتارو. أما عن الصلاة النارية فبعضهن يفعلن تلك الصلاة، وبعضهن يعتبرنها بدعة (وهو الصواب).
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[28 - 09 - 04, 01:06 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
شكراً لك أخي و بارك الله فيك و في مجهودك ... لكن أنا أود المناقشة للوصول إلى الحقيقة فحسب و ليس لمجد اتهامهن لأنني في حن تيقنت من صدقهن وجب علي الدفاع عنهن و رد كل قول مغلوط عليهن ...
إذن .. بعد كل هذا الكلام الطيب أرجو منك أن تزور هذا الرابط و تطلعني على رأيك و قولك فيه ..
http://menbar.net/fatwaa/article.php?ID=448
و إذا كنت على اتصال بهن إذن هل لهن "مريدة" في فلسطين؟؟؟
و إذا لم يكن لهن و نفيت كل الأقوال التي تقال عنهن .. إذن من هن صاحبات الجلابيب القصيرة و الحجاب المعقود؟؟؟
أرجو أن أجد منك الإجابة و أذكر أن هذا كله فقط لأجل الوصول إلى الحقيقة ليس إلا
و جزاك الله خيراً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/231)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[29 - 09 - 04, 08:01 ص]ـ
الأخت الفاضلة
نعم، هن صاحبات الجلابيب القصيرة (أي إلى الكعبين فحسب) والحجاب المعقود. ولا أعرف كثيرا عن مدى امتدادهن في فلسطين ومن المسؤولة عنهن هناك.
وعموماً فمن أراد معرفة المزيد عنهن فعليه بالاتصال بالشيخ العلامة عبد القادر الأرنؤوط فأهل مكة أدرى بشعابها. وهاتف المكتب هو:
+ (963) 11 882 - 2315.
ويتواجد في مكتبه عادة بين الساعة الخامسة مساءً إلى الساعة السابعة مساءً بتوقيت دمشق (مساوٍ لتوقيت القاهرة). والرقم السابق معكوس، انظر: http://www.alarnaut.com/#_Toc70769573
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[29 - 09 - 04, 08:02 ص]ـ
* دعوة إلى الإنصاف والموضوعية:
وإنا لندعو أولئك الذين يروجون هذه الاتهامات والدعاوى، والذين ينصرونها إلى التروي والإنصاف والموضوعية، ومن القواعد والأسس العلمية والموضوعية، والقواعد الجلية التي ندعو إليها كل من يريد أن يحاكم هذه الدعوة وأهلها أو يقومها ويسددها، أو ينظر في حقيقة مقالات خصومها فيها ودعاواهم حولها إلى:
1 - رد ما اختلف فيه خصوم الدعوة من المسلمين معها ومع أهلها إلى القاعدة المجمع عليها عند المسلمين وهي قوله تعالى: يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله و الرسول ان كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر ذلك خير و أحسن تأويلا [سورة النساء، آية: 59] أي إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه و سلم وبالمنهج العلمي المعتبر عند مجتهدي الأمة، وهذا هو المنهج الذي سلكه إمام الدعوة وعلماؤها، فكانوا يعتمدون الدليل من القرآن والسنة وآثار سلف الأمة وأقوال علمائها كما سأبينه في مناقشة دعاوى الخصوم تفصيلاً.
2 - أن يكون الحكم عليها من خلال منهجها المعلن، قولاً وعملاً واعتقاداً. من خلال منهج أئمتها وعلمائها ومؤلفاتهم ورسائلهم، وأقوالهم ومعاملاتهم التي عليها جملتهم.
3 - أن لا يحكم عليها من أقوال خصومها دون تثبت؛ لأن الدعوة، لها كيان وواقع ماثل للعيان في علمائها وأتباعها ودولتها ومجتمعها، وآثارها العلمية والعملية، مما يستدعى وجوب التثبت مما ينسبه إليها الآخرون من أقوال وأفعال ومواقف، فإن أكثره عند التحقيق لا يثبت، وما ثبت له وجه من الحق والعُذر.
4 - يجب أن تكون النظرة في الحكم على الدعوة شاملة من جميع الزوايا والجوانب في الاعتقاد والقول والعمل والتعامل. لا من زاوية واحدة، ولا من تصرفات وأعمال ومواقف شاذة أو فردية، أو زلات عارضة، فإن العبرة بالأصول والمنهج، لا بالمفردات والجزئيات.
5 - أن لا يحكم عليها بلوازم الأقوال والأفعال إلا حين تلتزمها، أو يثبت أن ذلك من منهجها بدليل قاطع.
6 - يجب النظر في دفاعها عن الحق الذي تعلنه، فقد دافعت الدعوة عن مبادئها؛ إمامها ودولتها وعلماؤها وأتباعها ومؤيدوها، والمنصفون من العلماء وغيرهم، كلهم تصدوا للدفاع بالدليل والحجة والبرهان.
7 - كما أن شهادات الآخرين لها بشتى أصنافهم -من المسلمين أو غيرهم- معتبرة وهي كثيرة ومتنوعة من المسلمين وغير المسلمين، ومن مختلف الطوائف والشعوب، من علماء ومفكرين وأدباء وسياسيين ونحوهم.
8 - ثم إنه ليس كل خلاف بين المتنازعين كأهل الدعوة وخصومهم -أو غيرهم- يكون معتبراً ويعتد به شرعاً وعقلاً. إنما العبرة بالموازين والقواعد الشرعية المستمدة من الأدلة الشرعية، (الوحي المعصوم)، وبالبراهين العقلية المتفق عليها عند العقلاء.
وهذا لا يمكن أن يكون عند المسلمين إلا بالرجوع إلى الكتاب وصحيح السنة على نهج السلف الصالح في التلقي والاستدلال، وفي العلم والعمل.
9 - يجب على الناقد والناظر في حقيقة هذه الدعوة أن يضع بعين الاعتبار أنها واجهت في الأمة أمراضاً مزمنة، ومعضلات كبرى، وأدواء مستعصية تحتاج في إصلاحها إلى دعوة قوية، وهمم عالية، ومنهج شامل، وتغير جذري (هو تجديد السنة وإحياء ما أهمل منها، وحرب البدع ومظاهرها).
إن الدعوة واجهت قوى بدعية كبرى استشرت في جسم الأمة كالتصوف، والرفض، والتجهم، والمقابرية، والفرق المفترفة، والفلسفات، والشعوبية، والقبلية، والتقاليد والأعراف الموضوعة، والأطماع والشهوات والشبهات، والإعراض عن الدين، فمن هنا كانت ردود الأفعال والتحديات والمفتريات كبيرة كذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/232)
10 - كما ينبغي للباحث المنصف أن يضع في اعتباره كذلك، أن الدعوة تعرضت لمظالم كبرى. أولها الكذب والبهتان، والاستعداء الظالم، والإعلام المرجف، ثم المحاصرة الدينية والاقتصادية والسياسية من قبل الخصوم المجاورين والبعيدين. إلى أن وصل الحال إلى منع اتباعها من الحج ومنعهم بالقوة من إبلاغ الدعوة وإظهار شعائر الدين والتوحيد وقتل دعاتهم وحبسهم وطردهم، بل وصل الأمر إلى تجييش الجيوش لقتالهم في دارهم وبلادهم الأولى (نجد).
11 - أن أكثر ما رميت به الدعوة من خصومها والجاهلين بحقيقها من المفتريات، هي عند التحقيق العلمي المتجرد بريئة منه.
وحين نجد أنها بريئة منه؛ بالمقابل نجد أن هؤلاء الخصوم الذين بهتوها هم الواقعون بما افتروه على الدعوة، فهم كما يقال في المثل (رمتني بدائها وانسلت).
فالتكفير والتشدد والقتال، وتنقص حق الرسول صلى الله عليه و سلموإهانة الأولياء، والنصب والرفض، والتجسيم، والعدوان والظلم، والكذب والبهتان، والاستعداء والتضليل، وكل ذلك حاصل من أهل البدع والأهواء والافتراق من خصوم الدعوة - ضدها بمختلف طوائفهم وأصنافهم وأزمانهم.
12 - أن في منهج إمام الدعوة وسيرته العلمية والعملية، وما كتبه وعمله هو وأتباعه من العلماء والحكام والمؤيدين، والمنصفين، في الدعوة وأصولها وآثارها، وفي الدين - ما يبطل دعاوى الخصوم ويفنِّد شبهاتهم، ويكشف حقيقة مفترياتهم، وزيف دعاواهم.
ومما يؤكد هذه الحقيقة أن المتأمل لمفتريات الخصوم يجد أنها مع توافر كتب الدعوة ورسائلها لا تستند إلى دليل، ولا نقل موثق، ولا إسناد صحيح. وغاية ما عند الخصوم: قيل وقالوا، ويقال.
وبالمقابل نجد كل دعوى وافتراء وبهتان قيلت عن الدعوة وإمامها وأهلها - قد ردها الإمام نفسه، وعلماء الدعوة وأنصارها، والمنصفون من غيرهم.
وكتبهم ورسائلهم وحواراتهم ومواقفهم كلها مسطورة منشورة، وكذلك مؤلفات المنصفين والمحايدين ومقالاتهم كثيرة موفورة، وما قد يوجد من نقول الخصوم عن علماء الدعوة -وهو قليل- فلا يسلم من عوارض الخطأ والانحراف في الاستدلال: من البتر، والتلبيس، والخلل في النقل أو في الحكم، أو النزاع فيما لا يوافق عليه المنازع، أو اتهام النيات، أو الإلزام بما لا يلزم. ونحو ذلك مما تنطوي عليه مناهج المخالفين من أهل الأهواء والبدع من الخلل والانحراف.
وقفة تأمل ومراجعة:
ومع ذلك فيجب أن نعترف أنه من الطبيعي أن تحدث من بعض المنتسبين للدعوة بعض الأخطاء والتجاوزات والزلات -كما ذكرت أكثر من مرة- التي لا تسلم منها أعمال البشر- وليس معصوم إلا النبي صلى الله عليه و سلم (والكمال لله وحده سبحانه) لكن هذه الأخطاء ليست هي المنهج الذي تسير عليه الدعوة لأنها تنطلق في الإسلام نفسه، وتسير على السنة، والإسلام والسنة هما دين الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
ومعلوم أن كل أمة، وكل مبدأ، وكل نظام إنما يكون الحكم له أو عليه من خلال أصوله وقواعده ومناهجه ونظمه وجملة الواقع الذي يعيشه أتباعه، لا بما يند عن ذلك من أقوال أو أفعال أو أحكام تخرج عن الأصل.
نقلا من كتاب اسلامية لا وهابية للشيخ ناصر العقل
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[01 - 10 - 04, 03:24 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
بارك الله فيك أخي .. و أعتقد أننا نتفق على هذه القواعد التي لا يختلف فيها اثنان ... و هذا ما أريد فعلاً .. أن أصل إما إلى اتهام مبني على هذه الأسس و إلى دفاع مثبت بما يشابه هذه الأسس، فأرجو منك ذلك ..
أما بالنسبة للشيخ عبد القادر الأرنؤوط أنا لم أطلع بعد على ترجمته و لكن أعتقد أنه يصعب عليّ الاتصال به بهذه الطريقة لذا أرجو أن تفيدني بطريقة أخرى للوصول إليه و لأمثاله "كالبريد الالكتروني .... "
و آخر رجاء أن تطلعني على رأيك فيما ورد في الرابط الذي أدرجته في مشاركتي السابقة ..
و جزاك الله خيراً
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[06 - 10 - 04, 12:17 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أرجو أن أسمع الرد في أقرب وقت ممكن
ـ[ابنة الصديق]ــــــــ[06 - 10 - 04, 02:05 ص]ـ
تكلم الشيخ الألباني عنهن وعن هذه الجمعية ..
في سلسلة الهدى والنور .. شريط رقم 21
فهل تستطيعون أن تطلعونا على هذا الشريط
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[07 - 10 - 04, 01:14 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أنا أول مرة أسمع عنه لأني لسا اول مرة أبحث في الموضوع
على العموم انا لقيت الشريط على هذا الرابط
http://www.khayma.com/istapes/huda.htm
بس ما نجح تحمله
ما عندي أدنى فكرة عن الموضوع بس بعرف أن الشيخ الألباني رحمه الله عاش في سوريا و توفي عام 1999 يعني أكيد حضرهم و الله أعلم
لكن يا ريت تقوليلي من أي مصدر عرفتي المعلومة هاي
و بارك الله فيك
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[08 - 10 - 04, 04:23 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أرجو أن أسمع الرد في أقرب وقت ممكن
سبحان الله ... خلق الإنسان من عجل
هذه هي ترجمة الشيخ الأرناؤوط: http://www.alarnaut.com
ولا يوجد للأسف وسيلة للاتصال به غير الهاتف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/233)
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[08 - 10 - 04, 11:56 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لكن قد يكون الاستعجال لأسباب تستدعيه .. على العموم آسف ألا أجد وسيلة أخرى للاتصال به ..
و أرجو أن أسمع ردك على المشاركات السابقة و رأيك في موضوع الشريط
و بارك الله فيك
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[13 - 10 - 04, 08:24 ص]ـ
لعلي أتصل به وأسأله لكن ليس الآن لأني مشغول جداً
أما عن الرابط فلم أجد فيه غير نقل حرفي لكلام الجامي أعلاه (نسخ ولصق) وقد سبق الرد عليه.
إلا أنه أعجبني تعليق أحدهم على ذلك النقل فقال:
فضلية الشيخ السلام عليكم:
قرأت من أيام فقط رأيكم بجماعة " القبيسيات" ولا أعرف سبب تحاملك على هذه الجماعة الفاضلة التي تسعى لهداية بناتنا وزوجاتنا وأخواتنا إلى طريق الهداية؟؟؟ وأريد أن أسألك وأستحلفك بالله: هل يجوز الحكم على أحد بمجرد سماع أخباره من جهة ما؟؟؟؟ هل دخلت زوجتك أو أختك أو بنتك هذه الجماعة ولم تجد طريق الهداية فيها بل وجدت أمور دنيوية بحتة؟؟
إن هذه الجماعة الفاضلة تقودها نساء عظيمات لا يهمهن مال ولا نسب ولا جاه من تنتسب إليهن ولا يردن إلا نشر الإسلام وهداية بنات هذا العصر اللواتي تحاك لهن مصائد الرذيلة والفساد من كل جانب؟؟
لقد كن سبب هداية بنات كثيرات، وسبب إصلاح بيوت مدمرة، وياترى ماهو الأجر الذي يطلبنه لقاء ذلك؟؟ ... لا يردن إلا رضا الله.
لقد كانت زوجتي بعيدة كل البعد عن الدين إلى أن أكرمها الله بهذه الجماعة، لقد تحولت من زوجة متطلبة لايرضيها شيء إلى زوجة صالحة قانعة برزق زوجها تحافظ على رضاه ترعى أولادها، لقد تغير حال البيت كله منذ دخلت الجماعة حتى أنها أصبحت تعينني على ديني، فهل نرد هذه الجماعة التي تصلح نسائنا بالتكفير؟؟؟ ماذا فعلن حتى تقول أنهن كافرات؟؟ هذا كلام عظيم سيحاسب الله عليه؟؟
وإذا كنت قد تلقيت معلوماتك عنهن من بعض الفتيات اللاتي دخلن الجماعة وفارقنهافكلامهن كذب وافتراء لأنهن لم يستطعن السير في درب الله لذلك لا يردن الهداية لأحد ويردن تشويه سمعة هذه الجماعة الكريمة حتى لا يدخلهاأحد؟؟ وأما كلامك عن تعظيمهن للآنسة فهذا غير صحيح إنما هو احترام لها كأي احترام لشيخ أو عالم (ألا يحترمك مريدوك وطلابك؟؟) والآنسة نفسها لا ترضى بذلك، وعلى كل حال فكلامك عنهن لن يوقف مسيرتهن لأن الله معهن والله مع الحق ويعلم النواياويعلم المفسد من المصلح
أرجو الرد .....
وطبعاً لا رد!
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[13 - 10 - 04, 07:13 م]ـ
السلام عليكم و رحمة لله و بركاته
بارك الله فيك ... و قد كنت قرأت هذا الكلام و لكن على فض أنهن صالحات و يعدن النساء إلى دينهن .. لكن ماذا فيد ذلك إن كانت عندهن مغالطات في العقيدة؟؟؟ و هذا هدف الكثير من الفرق الإسلامية و لكن واحدة فقط هي الناجية!!
أنا لا أتهمهن بأخطاء عقدية لأني لم أجربهن و بعيدة عنهن بحكم البلد و لكن هذا ما أريد أن أصل إليه
الأقوال فيهن تتضارب تضارباً رهيباً فمن مؤيد إلى معارض إلى مكفر ... و الوصول إلى الحقيقة صعب لكنه يحتاج إلى بحث حثيث .. أنا أوقن أن لن أصل إلى الحقيقة بمجرد البحث في الشبكة العنكبوتية .. و لكن كخطوة أولى لمعرفة مبدئية ..
لذا أود سماع رأيك في ما أورد أعلاه ...
"اللهم أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه"
و السلام عليكم
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[21 - 10 - 04, 07:24 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
أرجو أن يصلني الرد بسرعة للضرورة القصوى جداً جداً ..
ـ[ابنة الصديق]ــــــــ[22 - 10 - 04, 01:26 ص]ـ
(ألا يحترمك مريدوك وطلابك؟؟) ....
((مريدوك)) <<< أليست هذه كلمة دارجة على لسان الصوفية .... ؟!
ثم هناك شيخ من شيوخ الصوفية وهو معترف بذلك والكل يعلم أنه صوفي ...
وأغلب بناته عضوات في هذه الجمعية ... فإن كانت هذه الجمعية ليست صوفية فلم تسمح لصوفيات أن يكن أعضوات فيها ..
ولا دخان من غير نار ... !!!
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[22 - 10 - 04, 01:37 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بغض النظر إن كانت الكلمة صوفية أم لا .. فقد وجدنا قبيسية في مدينتنا اعترفت بذلك ... ما أريده من هذا الأمر أنها تحدثت عما يجري في اجتماعاتهن ... تقول إنه من الممنوع أن تناقش إحداهن أو تسأل و الآنسة تتحدث .. أي أن كلام الآنسة "مقدس" لا يجوز التعديل عليه .. و هذا بحد ذاته غير جائز في شريعتنا ... ثم بعد ذلك بالنسبة للبسهن أليست الجلابيب القصيرة حرام؟؟! و خصوصاً إن كن في بلد لا يتعارف فيه مثل هذه الملابس .. أضف إلى ذلك الاحتفال بليلة النصف من شعبان و غير ذلك من الأمور المستهجنة في شريعتنا .. ناهيك عن أنها كلها من بدع الصوفية ..
و الله أعلم
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[22 - 10 - 04, 01:38 م]ـ
الرجاء أن تصل الردود بأسرع وقت ممكن للحاجة الماسة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/234)
ـ[ابنة الصديق]ــــــــ[23 - 10 - 04, 04:20 ص]ـ
بارك الله لك أختنا
حصلت على كتاب .. وهو (تقرير عن جمعية بيادر السلام النسائية)
ويتكلم عن نشأة الجمعية، وعقيدتهم وشهادة بعض العضوات اللاتي كن فيها ...
فبإذن الله تعالى سأقتبس منه الشيء الكثير وأضعه بين أيديكم بإذن الله
ولكن بعد شهر رمضان ...
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[23 - 10 - 04, 06:20 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
بارك الله فيك
و لكن ألا تستطيعين أن يكون ذلك قبل رمضان؟؟ مهم بالنسبة لنا أن ننهي عملنا في هذا المجال في الفترة القريبة القادمة، أرجو منك ذلك ما استطعت .. و أرجو أن تذكري اسم الكتاب و مؤلفه .. و بالنسبة للشريط 21 من سلسلة الهدى و النور للألباني لم أستطع الحصول عليه و لم ينجح تنزيله من الانترنت ..
سؤال أخير: "هل سمعت بمدرسة طلائع النور؟ " هي مدرسة القائمات عليها من القبيسيات
و السلام عليكم
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[26 - 10 - 04, 02:11 م]ـ
حاولت الاتصال بفضيلة الشيخ عبد القادر ولم أفلح، وسأكرر المحاولة بإذن الله
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[26 - 10 - 04, 07:37 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
شكراً جزيلاً و أرجو منك أن تعيد الاتصال إن أمكن "ضروري"
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[30 - 10 - 04, 07:37 م]ـ
أين أنتم يا جماعة الخير؟
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[02 - 11 - 04, 05:35 ص]ـ
اتصلت بمكتب الشيخ مرات كثيرة في أوقات مختلفة، ولم أجد أحداً، ولعلي أحاول أن أتصل به على البيت. وعلى أية حال فلا أتوقع أن يكون رأيه مختلفا عن رأيي والله أعلم.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[03 - 11 - 04, 04:10 م]ـ
الحمد لله أخيراً سألت الشيخ عنها وعن الفتوى المذكورة أعلاه. فقال أن الجماعة يعتبرها صوفية وأن لها أفكار مخالفة للسنة يجب الحذر منها، لكن الفتوى المذكورة مبالغ فيها، إذ لم يصل الأمر عندهن إلى ارتكاب تلك العظائم ولا الخروج من الملة.
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[03 - 11 - 04, 04:49 م]ـ
السلام عليكم
جزاك الله خيراً على هذا الجهد و في ميزان حسناتك إن شاء الله
على أية حال .... إن كان يعتبرها صوفية إذن فلديها بعض البدع .. و لذلك ما دورنا نحن في التعامل معهن؟؟
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[14 - 11 - 04, 09:37 ص]ـ
الحمد لله
بالتأكيد لديها بعض البدع مثل الاحتفال بالمولد النبوي وبعض الأذكار الغير ثابتة مثل الصلاة النارية (وهي صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة معينة لا أذكرها) وأمثال ذلك. كما ينتقد على الجماعة ضعف الاهتمام بالأدلة، ورأيي أن هذا نتيجة هدف الجماعة. فهي تهدف إلى إيجاد مستوى متوسط من الالتزام الديني عند النساء العوام وعند الأطفال (عن طريق المدارس الإسلامية). فهي تشبه حركة تبليغ في ذلك إلى حد ما. لكن تحتاج النساء بعد ذلك إلى من يأخذ بأيدهن إلى مستوى علمي أكبر من هذا. والله أعلم.
وأما واجبنا تجاهها فهو النصح لأعضائها بتجنب تلك البدع، وبالإهتمام أكثر بطلب العلوم الشرعية من الكتب المعتبرة الصحيحة، وليس كتب القبيسيات.
ـ[ابومالك البصري]ــــــــ[15 - 11 - 04, 12:16 ص]ـ
جزيتم خيرا على هذه المعلومات ونحن متابعين الموضوع
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[15 - 11 - 04, 04:49 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بارك الله فيك أخي .. لكن الموضوع عندنا في البلد لم يصل بعد إلى هذه المرحلة, أو بمعنى آخر نحن نشك أن "إحداهن" قبيسية و لم نتأكد بعد, فنحن الآن في طور البحث عن حقيقتها علماً بأن معظم "مواصفات" القبيسيات تنطبق عليها إن لم تكن كلها, يذكر بأن هذه المرأة يؤخذ عليها الكثير من الأمور التي كانت محل انتقاد مما أدى إلى أن يكون أمرها "علامة استفهام" و هي تنكر أو تبرر كل ما يقال عنها .. إنها تجمع حولها دائرة متسعة جداً من النساء "الراقيات" ..
و الآن لدينا خلفية عن القبيسيات و اعتراف من امرأة أخرى يفيد بأن كلتيهما "قبيسية" .. و لكن ماذا بعد؟
اللهم أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه ...
و السلام عليكم
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[15 - 11 - 04, 04:51 م]ـ
أين أنت يا أختي "ابنة الصديق"؟ أنا في انتظار الكتاب
ـ[ابنة الصديق]ــــــــ[16 - 11 - 04, 09:51 ص]ـ
تقبل الله منا ومنكم ...
حصلت على شريط الشيخ الألباني ...
وبإذن الله سأضعه هنا ..
وساتبعه بالكتاب إن شاء الله تعالى
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[16 - 11 - 04, 11:54 ص]ـ
بارك الله فيك
و ما تنسي أرجوكِ
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[30 - 11 - 04, 07:18 ص]ـ
الحمد لله أخيراً سألت الشيخ عنها وعن الفتوى المذكورة أعلاه. فقال أن الجماعة يعتبرها صوفية وأن لها أفكار مخالفة للسنة يجب الحذر منها، لكن الفتوى المذكورة مبالغ فيها، إذ لم يصل الأمر عندهن إلى ارتكاب تلك العظائم ولا الخروج من الملة.
كان هذا آخر كلام لي مع الشيخ قبل وفاته رحمه الله.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/235)
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[30 - 11 - 04, 08:14 م]ـ
إنا لله و إنا إليه راجعون
اللهم أنزل عليه و علينا رحمتك و وسع مدخله
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[11 - 12 - 04, 08:23 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أين أنتم يا جماعة؟؟
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[14 - 12 - 04, 10:27 م]ـ
؟؟؟؟؟؟؟
ـ[ابنة الصديق]ــــــــ[14 - 12 - 04, 11:14 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعتذر أخيه على التأخير ..
ولكني مشغوله نوعا ما ...
لذلك سأحاول أن أضع صور الكتاب بدلا من نقله ... بإذن الله تعالى ..
وأعتذر مرة آخرى على التأخير
ـ[ابنة الصديق]ــــــــ[16 - 12 - 04, 10:31 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
أعتذر على التأخير أخواني ...
وهذا ملخص لأهم ما جاء في ذلك الكتاب المعنون بـ (تقرير عن جمعية بيادر السلام النسائية ... عرض وتحليل)
عقيدة هذه الجمعية وطرق التربية فيها:
هذه الطريقة المتلبسة بلباس الجمعية الخيرية أو مدارس ما هي إلا جماعة باطنية ونعني بذلك أنها لا تظهر كل معتقداتها لكل الناس ...
وباختصار تتمثل كليات هذا الفكر بالآتي:
1 - الاعتقاد بالإلهام والوحي المزعوم للأولياء.
2 - الاتصال بالجن الذين يسمونهم بالروحانيين.
3 - القول بالحلول وتناسخ الأرواح ووحدة الوجود - أي الاتحاد بين الخالق والمخلوق عند كثرة عبادته - تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
4 - من مصادر التشريع عندهم الكشف للأولياء ولقاء الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالمنام واليقظة وقد يصل الولي إلى مرحلة النبي أو يزيد.
5 - وان محمداً - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هو أصل الكون، وكل الكائنات ترفعت عنه ومنه، وبأنه قد خلق من نور.
6 - اتخاذ الشيخ:
ففي كل بلد لهن آنسة أي شيخة لها الكلمة المطاعة، فهي ترى بنور الله مالا يرون من عيوبهن وخافي أحوالهن. فالجميع يقبل يدها، وبعض الفتيات المتحمسات قلبهن قدمها. ويتبركن بشرب فضلة كأسها،وأمرها مطاع بلا نقاش وهي مصدر العلم الحقيقي لهن، ولها من السلطة على العضوات المريدات القدر الكافي لأن تصفع وجه إحداهن ولا تبالي لثقتها بإخلاصهن وانصياعهن لها.
7 - الذكر الصوفي:
عندما تصل العضوة إلى مرحلة معينة تعطي الذكر وهو الذكر الصوفي المعروف. وذلك يترديد اسم الجلالة مفرداً " الله ... الله ... الله " وذلك بطريقة خاصة أيضاً برفع مقدم اللسان ليلتصق بسقف الحلق ووضع اليد اليمنى على القب مع حركة كف اليد من أعلى إلى أسفل على الجهة اليسرى من الصدر، وذلك كرحكة يد عازف آله العودالموسيقية متخيلاة بأنه كنس القلب من الأمراض.
ولما كان الذكر الصوفي هو الذي يميز كل طريقة عن أختها.فقدت تميزت هذه الجماعة بـ (الصلاة النارية) وهي (اللهم صل صلاة كاملة وسلم سلاماً تاماً على سيدنا محمد، الذي تنحل به العقد وتنفرج به الكرب، وتنقضي به الحوائج، وتنال به الرغائب وحسن الخواتيم ن ويستسقى الغمام بوجهه الكريم وعلى آله وصحبه وسلم في كل لمحة ونفس بعدد كل معلوم لك) .. تقرؤها العضوة الموفقة بأعداد خاصة مثل (4444) مرة في أوقات خاصة أو ظروف خاصة.
8 - آداب المريد:
وحسب تربية الطرق الصوفية، فقد غرس في معتقد هؤلاء النسوة المضلات بأن شيختهن لا يجوز مناقشتها وأمرها مطاع، وطاعتها من طاعة الله وأن حبها من حب رسول الله علية الصلاة والسلام.
ولا يجوز أن يطوف في خاطرهن أي خاطره غير منزهة على آنستهن، وإلا كانت هذه الخاطرة كالوحش على نفوسهن وكانت سبباً في انقطاع الروحانية من الله، ويتقبلن كل تعنيف وكل توبيخ وإن بلغ من القسوة إلى درجة البصق والصفع على الوجه، ويجب أن تحس من تعنفها وتوبخها الآنسة بأن ذلك فضل ساقه الله إليها .. !!!
9 - الرابطة الشريفة:
وهي ألا تذكر الله إلا من خلال استحضار صورة شيخك في قلبك وعقلك، فإن فعلت ذلك خيلاً وأصبحت كأنك ترى وجه شيخك وتخشعت، فابدأ الذكر فإنه هو الذي يربط قلبك بالله وذلك من خلال قلب شيخك، فيستمد قبس من نور من قلب شيخك إلى قلبك ليوصلك إ لى الله .. !!!
يتبع،،،
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[20 - 12 - 04, 01:08 ص]ـ
???
ـ[أبوبدر ناصر]ــــــــ[01 - 01 - 05, 08:51 ص]ـ
من مؤلف هذا الكتاب؟
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[02 - 01 - 05, 10:34 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
أعتذر على التأخير أخواني ...
وهذا ملخص لأهم ما جاء في ذلك الكتاب المعنون بـ (تقرير عن جمعية بيادر السلام النسائية ... عرض وتحليل)
إنا لله وإنا إليه راجعون
رجعنا إلى الأخبار المكذوبة
ـ[ابنة الصديق]ــــــــ[05 - 01 - 05, 01:15 م]ـ
هذا ملف صوتي للشيخ الألباني رحمه الله تعالى
يجيب على سؤال حول جمعية بيادر السلام ...
http://www.geocities.com/noor_4242/032.mp3
وبإذن الله إذا تيسر لي سأكمل إنزال بعض الملفات الصوتيه حول هذه الجمعية ...
وبالنسبة للكتاب لن أكمل نقله لأنه للأسف لا يحمل أسم للمؤلف ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/236)
ـ[ابو الوفا العبدلي]ــــــــ[05 - 01 - 05, 01:21 م]ـ
من المعروف والمشهور عندنا في الكويت أنها جمعية صوفية.
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[09 - 01 - 05, 05:30 م]ـ
السلام عليكم
بارك الله فيك أختي على الملف الصوتي .. رغم أن الصوت غير واضح إلا أنه يفهم إلى حد ما
ـ[عمرعبد الرحمن]ــــــــ[11 - 01 - 05, 03:30 م]ـ
الحمد لله
أنصح بكتاب الأستاذ العلامة الجليل / إحسان إلهي ظهير بعنوان"التصوف ... المنشأ والمصادر"، فهو كتاب قيم في موضوعه وقد قارن فيه المؤلف رحمه الله بين الصوفية والتشيع ............. وانظروا مكتبة مشكاة" www.almeshkat.net
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[28 - 06 - 09, 10:40 ص]ـ
نصائح وتوجيهات مهمة لأخت تحب شيختها أكثر من والديها!
السؤال: هل شعور طالبة العلم تجاه شيختها بالحب، والاحترام، أكثر من حب الوالدين هو من العقوق؟ وماذا تنصحون بخصوص هذا؟.
الجواب:
الحمد لله
إن شعور الطالبة بالحب والتقدير لشيختها أمر طيب، وإن بذل الاحترام لها من الأخلاق الجليلة في شرع الله تعالى، ولكن لا نرى مجالاً للمقارنة بين حبِّ الطالبة لشيختها مع حبها لوالديها؛ ذلك أن حب الوالدين فطري، ومنبعه ليس كمنبع حب الشيخة المتولد من سبب دفعها لذلك الحب.
ولكننا نلمح في السؤال أمراًً خطيراً، ويتمثل ذلك في أمرين:
الأول: أننا نخشى على ذلك " الحب " بين الطالبة وشيختها أن يتطور إلى " إعجاب "، وهو داء عظيم ابتليت به فئام من الناس، فتعلق الطالب بأستاذه، والعكس، وتعلقت الفتاة بمدرستها، والعكس، ونتج عن ذلك مفاسد لا حصر لها، وكنا قد نبهنا على هذا الداء، وذكرنا مفاسده، وآثاره السيئة، وكيفية علاجه في جواب السؤال رقم (104078) فلينظر؛ ليحذر من الوقوع في هذا الداء.
والثاني: أننا نخشى أن يتطور ذلك " الحب " بين الطالبة وشيختها إلى " التعظيم "، و " التقديس "، وهو ما يحصل في الجماعات الصوفية، وخاصة ما يطلق عليه جماعة " القبيسيات " في دمشق، أو " الطبَّاعيات " في الأردن، أو " السَّحَريات " في لبنان، أو " بيادر السلام " في الكويت، وكلها أسماء لمسمى واحد، وهي جماعة صوفية نسائية، تتبنى الطريقة النقشبندية، وتجتمع على تعظيم الشيخة! وتقديسها، وتتربى الفتيات والنساء المنتسبات لهذه الجماعة على تقديم شيختهن على الوالدين، وعلى الأزواج، وهو ما سبَّب فتناً كثيرة في بيوت تلك المنتسبات، وأدى لطلاقهن.
وقد صدرت فتوى مطولة بخصوص تلك الجماعة من علماء اللجنة الدائمة، نقتطف منها:
1. الطرق الصوفية، ومنها النقشبندية: كلها طرق مبتدعة مخالفة للكتاب والسنة.
2. الطرق الصوفية لم تقتصر على كونها بدعة - مع ما في البدعة من الضلال -، ولكن داخلها كثير من الشرك الأكبر، وذلك بالغلو في مشائخ الطرق والاستغاثة بهم من دون الله.
3. ومن ذلك ما ورد في السؤال من قولهم: " مَن لا شيخ له: فشيخه الشيطان "، و " مَن لم ينفعه أدب المربي: لم ينفعه كتاب ولا سنَّة "، و " مَن قال لشيخه: لمَ؟: لمْ يفلح أبداً "، وهذه كلها أقوال باطلة، مخالفة للكتاب والسنَّة؛ لأن الذي يقبل قوله مطلقاً بدون مناقشة، ولا معارضة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4. فالواجب: الحذر من الصوفية، ومَن يتبعها، رجالاً، ونساءً، ومِن توليهم التدريس، والتربية، ودخولهم في الجمعيات النسائية وغيرها؛ لئلا يفسدوا عقائد الناس، والواجب على الرجل: منع موليته من الدخول في تلك الجمعيات، أو المدارس التي يتولاها الصوفية، أو يدرسون فيها؛ حفاظاً على عقائدهن، وحفاظاً على الأسَر من التفكك، وإفساد الزوجات على أزواجهن.
5. والذي ننصح به للنسوة المذكورات هو التوبة إلى الله، والرجوع إلى الحق، وترك هذا المذهب الباطل، والحذر من دعاة السوء، والتمسك بمذهب أهل السنَّة والجماعة، وقراءة الكتب النافعة المشتملة على العقيدة الصحيحة، والاستماع للدروس والمحاضرات والبرامج المفيدة التي يقوم بإعدادها العلماء المستقيمون على المنهج الصحيح، كما ننصح لهن بطاعة أزواجهن وأولياء أمورهن في المعروف.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " المجموعة الثانية (2/ 74 – 79).
فننصح الأخت السائلة أن تقتصد بحب شيختها، وأن تكون محبتها لها مبنية على الشرع، فتحبها لاستقامتها، ويكون ذلك بقدَر، من غير غلو ولا إفراط، وإذا رأت أن محبتها بدأت تنحرف عن مسارها الشرعي الصحيح إلى ما ذكرناه من " إعجاب "، أو " تعظيم ": فلتسارع لعلاج نفسها، ولتقوِّم تلك المحبة، فإن لم تستطع: فلتتركها، ولن تكون آثمة، بل الإثم – حينئذٍ – في الاستمرار بتلك العلاقة.
ولتعلمي أيتها السائلة، أن لأبويك عليك حقاً، وأي حق، وأن لزوجك عليك حقاً، وأي حق، وأن لأبنائك عليك حقاً، وأن لمعلمتك عليك حقاً، فأعطي كل ذي حق حقه.
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
http://www.islam-qa.com/ar/ref/127838
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/237)
ـ[القندهاري]ــــــــ[28 - 06 - 09, 02:03 م]ـ
الحمد لله.
أخي محمد الأمين هدانا الله وإياك سواء السبيل الجمعية صوفية والتحذير منها من دين الله ولا يجوز للنساء الذهاب اليهن أو الإنتساب لهن وأما النصح فيكون من المشائخ والعلماء لهن وقد فعلوا وما زالوا يفعلون أما
دعوت النساء العاميات الذهاب لهن مع علمك أنها جمعية صوفية فلا أظنه من النصح في دين الله فليتك
ترجع للحق وأظن تفعل والسلام.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[28 - 06 - 09, 02:04 م]ـ
هداك الله
نقلت لك عمن هو أعلم منك بهذه الجماعة، فما رأيتك رجعت للحق
ـ[القندهاري]ــــــــ[04 - 07 - 09, 07:37 ص]ـ
الحمد لله.
اخي محمد الأمين أنت في البداية دافعت عن هذه الجمعية وقلت أنها ليس صوفية ثم قلت أن الشيخ الأرناؤوط يوافقك في هذا الأمر ثم أتصلت عليه وتبين أنه يراها أنها صوفية ويجب الحذر منها فإذا الشيخ الأرناؤوط رحمه الله الذي هو أعلم مني بهذه الجماعة كما ذكرت يقول عنها صوفية ويجب الحذر منها وأنا أقول كما قال الشيخ هذه الجمعية صوفية ويجب الحذر منها فهل توافقني أنا والشيخ الأرناؤوط رحمه الله أم مازلت مصرا على قولك الأول أن الجمعية ليست صوفية ولا يجب الحذر منها؟ بارك الله فيك ووهداني وإياك للحق والهدى.
ـ[أبوعبدالله السلفي]ــــــــ[04 - 07 - 09, 11:51 ص]ـ
أخي محمد هداك الله للحق
(اهل مكة أدري بشعابها) قم بسؤال طلبة العلم الموثوقين في الكويت؟
ثم اعرف بارك الله فيك من القائم عليها والمرجع؟
(سيد هاشم الرفاعي) هل تعرفه؟ وانصحك اذا لم تكن تعرفه راجع ردود اهل العلم عليه.
والمستغرب منك ردودك في منبر الدفاع عن السنة ومن يدافع عن تلك الجمعية لايدافع عن السنة بل ينصر البدعة من حيث انه يشعر أو لايشعر؟!!
وأخيراً أخي ما الذي يدعوك الى كل من كتب في هذه الجمعية ترميه بالكذب؟
ان كنت تبحث عن الحق ليس من السبيل الصحيح في البحث عن الحق تكذيب كل من كتب وتكلم بل يبحث في التحقق من تلك المعلومات ....
واعلاناتها في الصحف والمشاركة في البدع من منهجها وكتب مرشدها وشيخ الجمعية طافحة بالبلاوي والطوام البدعية ....
أخيرا
أقول الذي أظنه عنك دفاعك عنها عن جهل بحال هذه الطائفة البدعية وليس بمعرفة ولا اظن انك تدافع عن البدعة والمبتدعة.
وما الذي يدعوك بتلميع تلك الجمعية ومهاجمة اخوانك ورميهم (بالجامية) مع أن الشيخ محمد أمان الجامي عالم جليل سلفي درس العقيدة والدفاع عن السنة في المسجد النبوي؟؟!!
هداك الله .........................
ـ[محمد بن مسفر]ــــــــ[09 - 07 - 09, 11:09 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محاضرة ((التصوف وكتاب احياء علوم الدين)) للشيخ نظام يعقوبي حفظه الله ورعاه والتي اطاحت بالحركة الصوفية النسائية المسماة ببيادر السلام، وانفض معظم من كن من اتباع هذه الطريقة عن شيخة الطريقة، وضعفت هذه الحركة جدا بعد أن كان لها دورا كبيرا في البحرين، فلله الحمد من قبل ومن بعد، وجزى الشيخ الفاضل خير الجزاء.
اضغط لتحميل الجزء الأول
http://www.alsoufia.com/multimedia/alkazali1.ra
اضغط لتحميل الجزء الثاني
http://www.alsoufia.com/multimedia/alkazali2.ra
ودمتم بحفظ اللهِ ورعايته.
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[09 - 07 - 09, 06:39 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محاضرة ((التصوف وكتاب احياء علوم الدين)) للشيخ نظام يعقوبي حفظه الله ورعاه والتي اطاحت بالحركة الصوفية النسائية المسماة ببيادر السلام، وانفض معظم من كن من اتباع هذه الطريقة عن شيخة الطريقة، وضعفت هذه الحركة جدا بعد أن كان لها دورا كبيرا في البحرين، فلله الحمد من قبل ومن بعد، وجزى الشيخ الفاضل خير الجزاء.
اضغط لتحميل الجزء الأول
http://www.alsoufia.com/multimedia/alkazali1.ra
اضغط لتحميل الجزء الثاني
http://www.alsoufia.com/multimedia/alkazali2.ra
ودمتم بحفظ اللهِ ورعايته.
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا وبارك فيك، وجزى الله الشيخ نظاما خيرا على ما بيَّن
الجزء الثاني من المحاضرة لا يعمل، ليت الإخوة يصلحون الرَّابط، وقد حملته من الموقع
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[09 - 07 - 09, 09:54 م]ـ
أنت في البداية دافعت عن هذه الجمعية وقلت أنها ليس صوفية ثم قلت أن الشيخ الأرناؤوط يوافقك في هذا الأمر.
هذا وهم منك هداك الله، لم يحصل ذلك قط. وإذا لم تقرأ الموضوع أصلا فكيف ستغير قناعتك؟
والمستغرب منك ردودك في منبر الدفاع عن السنة ومن يدافع عن تلك الجمعية لايدافع عن السنة بل ينصر البدعة من حيث انه يشعر أو لايشعر؟!!
وأخيراً أخي ما الذي يدعوك الى كل من كتب في هذه الجمعية ترميه بالكذب؟
وما الذي يدعوك بتلميع تلك الجمعية ومهاجمة اخوانك ورميهم (بالجامية) مع أن الشيخ محمد أمان الجامي عالم جليل سلفي درس العقيدة والدفاع عن السنة في المسجد النبوي؟؟!!.
السلام عليكم
1 - نعم، المذكور أعلاه عن الجماعة كذب وقد سبب بيان ذلك بالتفصيل. وهذا لا يعني أن أن الجماعة ليس عندها بدع وأخطاء، لكن المطلوب هو العدل. انظر:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=111759&postcount=21
###
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/238)
ـ[أبوعبدالله السلفي]ــــــــ[12 - 07 - 09, 01:36 م]ـ
لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
لا تكون دعوى الانصاف ذريعة للدفاع عن أهل البدع .....
نسأل الله لنا ولكم الهداية ..............
ـ[القندهاري]ــــــــ[13 - 07 - 09, 12:03 ص]ـ
سبحان الله!
طيب انا لا اعرف طريقة الاقتباس اكثر من مره ولذا سوف انسخ الكلام اول الموضوع هو سؤال الأخت بن الصديق وهذا سؤالها
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
قد سمعت أن لجنة بيادر السلام في الكويت صوفية ..
فهل لكم تأكيد هذا الخبر ...
وأرجوا أن يكون بالأدلة الكافية ..
ثم أتيت أنت وأجبتها بقولك
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا والأدلة تأتي لاحقا إن شاء الله
ثم قلت في مشاركة اخرى انك تتوقع ان الشيخ الارناؤوط يوافقك الرأي أن الجمعية ليست صوفية وهذا نص كلامك
اتصلت بمكتب الشيخ مرات كثيرة في أوقات مختلفة، ولم أجد أحداً، ولعلي أحاول أن أتصل به على البيت. وعلى أية حال فلا أتوقع أن يكون رأيه مختلفا عن رأيي والله أعلم.
ثم أتصلت بالشيخ وقلت ما نصه:
الحمد لله أخيراً سألت الشيخ عنها وعن الفتوى المذكورة أعلاه. فقال أن الجماعة يعتبرها صوفية وأن لها أفكار مخالفة للسنة يجب الحذر منها، لكن الفتوى المذكورة مبالغ فيها، إذ لم يصل الأمر عندهن إلى ارتكاب تلك العظائم ولا الخروج من الملة.
فالخلاصة أخي بارك الله فيك أن الجمعية صوفية ويجب تحذير العوام منها ولا يمنع أن نقوم بنصحهم لكن أن نقول للنساء العاميات أذهبوا إليهم فليس هذا من النصح في شيء بارك الله فيك
ـ[أبوعبدالله السلفي]ــــــــ[13 - 07 - 09, 11:35 ص]ـ
أخي القندهاري حفظه الله
جزاكم الله خيرا
ولا مزيد على كتبتموه ..........
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[13 - 07 - 09, 01:40 م]ـ
لا والأدلة تأتي لاحقا إن شاء الله
وين الأدلة يا خوي
ـ[القندهاري]ــــــــ[13 - 07 - 09, 07:34 م]ـ
الحمد لله.
ابو عبد الله السلفي آمين وإياك.
أخي ابو القاسم المصري رعاك الله الموضوع إنتهى وأخونا محمد الأمين لا يخالفنا فيما أظن أن الجمعية صوفية ويجب تحذير العوام منها مع نصحها وإرشادها للحق وبالمناسبة فالجمعيات السلفية في الكويت كثيرة ولله الحمد سؤاء للرجال أو للنساء بل وللصغار وهذا من فضل ربي علينا وعلى الناس والسلام
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[13 - 07 - 09, 09:48 م]ـ
اتصلت بمكتب الشيخ مرات كثيرة في أوقات مختلفة، ولم أجد أحداً، ولعلي أحاول أن أتصل به على البيت. وعلى أية حال فلا أتوقع أن يكون رأيه مختلفا عن رأيي والله أعلم
كنت قد أوضحت رأيي قبل هذا هنا: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=111218&postcount=12
وفيه تببين المقصود بالصوفية، فلم لم تضعه في اقتباسك؟ فالصوفية بمعيارك مرتبطة بالشرك الأكبر، أما في المفهوم العام فأوسع بكثير. فنفي الصوفية أو إثباته مرتبط بالمقصود، ولذلك لزم التفصيل السابق.
والشيخ كما سبق نفى عنهن تلك الشركيات التي تتدعيها، فما بقي لك؟
فالخلاصة أخي بارك الله فيك أن الجمعية صوفية ويجب تحذير العوام منها ولا يمنع أن نقوم بنصحهم.
لكن أن نقول للنساء العاميات أذهبوا إليهم فليس هذا من النصح في شيء بارك الله فيك
الجملة الأولى صحيحة أما الجملة الثانية فخطأ. فكل جماعة لها ميزاتها ومحاسنها. فالسلفيين في الكويت لهم تركيز قوي على بعض نواحي العقيدة (الأسماء والصفات) وهذا من ميزات جماعتهم، لكن عندهم تقصير في الذكر والرقائق يفضي إلى جفاء في الإيمان وغلظة في المعاملة. والقبيسيات عندهن تقصير في العقيدة وتركيز على المواعظ والرقائق والروحانيات يفضي إلى التصوف. وكل جماعة كذلك: الإخوان والتحرير والتبليغ والجهاد وغيرها، لها ميزات وسيئات. وبعضها في الجملة أفضل من بعض. فعندما يقول لي أحد الإخوة: هل أحضر دروسا مع الجماعة الفلانية، أقول احضر دروساً في الموضوع الفلاني وتجنب هذه المواضيع لأن عندهم تقصيراً فيها. أما لو أهدرنا كل عالم يصدر منه خطأ، فقد أهلكنا عوام المسلمين وأبعدناهم عن الدين كله! وليس هذا من النصح في شيء بارك الله بك.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[13 - 07 - 09, 10:03 م]ـ
وين الأدلة يا خوي
سبحان الله. يا أخي لم تقرأ من الموضوع إلا أول مشاركة؟:)
##
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/239)
ـ[أبوعبدالله السلفي]ــــــــ[14 - 07 - 09, 12:43 م]ـ
الأخ / محمد الأمين
أما قولكم " فعندما يقول لي أحد الإخوة: هل أحضر دروسا مع الجماعة الفلانية، أقول احضر دروساً في الموضوع الفلاني وتجنب هذه المواضيع لأن عندهم تقصيراً فيها. أما لو أهدرنا كل عالم يصدر منه خطأ، فقد أهلكنا عوام المسلمين وأبعدناهم عن الدين كله! وليس هذا من النصح في شيء بارك الله بك. "
أقول: هذا من التلبيس على المسلمين وليس من النصح لهم ونصوص السلف في التحذير من أهل البدع والبعد عنهم كثيرة ولايكون دعوى الرقائق والمواعظ سبيلاً لتلميع المبتدعة وإلا لم يكن فائدة من التحذير من الصوفية أهل البدع حيث انه لديهم جانب الوعظ والدعوة الاسلامية ومنهج السلف يشمل جميع جوانب الحياة وليس بصحيح قول من يقول يؤخذ علم العقيدة من السلفيين وعلم السلوك والرقائق من الصوفية أو من شابههم هذه عملية دس السم في العسل وليس بمنهج قويم وارجع بارك الله فيك الى كلام أهل العلم قديماً وحديثاً والى كلام الشيخ ابن باز وابن عثيمين وباقى أهل العلم االموثوقين الذين أبانوا عوار هذه الفئة الضالة.
ولا أعرف لماذا تقوم بتكذيب من نقل الأخبار عنهم .. ؟ مع أنك لست من أهل الكويت وكما يقال أهل مكه أدري بشعابها وقد كتب بعض الأخوة من الكويت تعقيباً على الموضوع وترمى من ينقل منهم بعبارات تنقص لأهل العلم.
ثم تقوم بسرد الكلام في دعوى الانصاف مع المخالف وهذه كلمة ....
لكن لا توظف ولا توضع في غير مكانها ومن الانصاف مع المخالف بيان ما يقع فيه من بدع ومخالفات وقد تكون شركيات وهذا من الدفاع عن دين الله عزوجل وعقيدة السلف.
لأن من يجالس اهل البدع قد يتلبس ببدعتهم من حيث شعر أو لم يشعر.
وإلا لم تكن في النصوص التى تنهي عن مجالسة أهل البدع فائدة.
ثم أجد من الكتاب المعقبين من يبين لك أخطاء هذه الفئة ثم تقوم بالرد عليه بكلام عام وليس فيه أدله تبرء هذه الجمعية.
ولم تكلف نفسك بالتحقق إن كنت تريد الحق بالاتصال على من يوثق بعلمه من أهل الكويت وسؤاله عن حال الجمعية ومدي ارتباطها بالصوفي / سيد هاشم الرفاعي.
ومدي صحة إقامتها للموالد وغيرها من الاحتفالات البدعية.
ومن المنهج الفاسد أنه لا بأس بالارتباط بمن هذه حاله مادام يحمل مسمى الدعوة الاسلامية ....
فهذا منهج والعياذ بالله يهدم ولا يبني ..
ومعذرة الى جميع الأخوة في في الشدة لأن دين الله مقدم على أي أمر والتحذير من أهل البدع من منهج السلف الذي يجب اتباعه.
نصيحة الى الجميع ....
بالالتفاف الى أهل العلم الموثوقين وسؤالهم والأخذ عنهم حماية لجناب التوحيد والسنة.
وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[14 - 07 - 09, 01:15 م]ـ
سبحان الله. يا أخي لم تقرأ من الموضوع إلا أول مشاركة؟:)
##
##
والله قرأت الموضوع وممرت على جميع مشاركاته
حتى أتيت على آخره
وأنت متناقض مع نفسك
ـ[القندهاري]ــــــــ[16 - 07 - 09, 10:23 م]ـ
فالسلفيين في الكويت لهم تركيز قوي على بعض نواحي العقيدة (الأسماء والصفات) وهذا من ميزات جماعتهم، لكن عندهم تقصير في الذكر والرقائق يفضي إلى جفاء في الإيمان وغلظة في المعاملة
الحمد لله
والله يا أخي إني أحسن فيك الظن ولا زلت وقد تعجبت غاية العجب من جملتك هذه فالسلفيون في الكوت ولله الحمد من أكثر الناس إهتمام بالدين والعقيدة وهم كذلك من أكثر الناس إهتماما في الذكر والرقائق وهم أرق الناس قلوبا وألينها وفي باب المعاملة فهم قدوة الناس في حسن المعاملة وماذاك إلا لأنهم أهتموا في العقيدة فمن يهتم في العقيدة لابد أن يورث عنده كل هذا وهذا نبينا كان جل إهتمامه في العقيدة ولذا أخرج لنا جيلا من أرق الناس قلوبا وألينها معاملة أما قولك أن السلفيين في الكويت عندهم تركيز قوي على بعض نواحي العقيدة ووضعت توحيد الأسماء والصفات بين قوسين فهذا كذلك خلاف الواقع بل هم قد ركزوا على الدين كله وعلى العقيدة كلها الألوهية والربوبية والأسماء والصفات وكل من يتبع مذهب السلف فلا بد أن يكون قدوة للناس في جميع أموره وأقولها لك وأكررها مرارا وتكرارا السلفيون في الكويت هم قدوة الناس في كل شيء وقد شهد لهم القاصي والداني بل وحتى المخالف والموافق لله درهم وأدعوك لزيارة الكويت لترى السلفيين بأم علينك فليس من رآى كمن سمع ودع عنك بينيات الطريق وما يقوله أعداء السلفية في الكويت فقد أحزنتهم الدعوة السلفية في الكويت فهم في غيهم يترددون وعلى أعقابهم ناكصون جعل الله السلفية وأهلها شوكة في حلوق أهل البدع والريب ولعلي أكون قد ختمت القول معك هداني الله وإياك سواء السبيل والسلام
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[16 - 07 - 09, 10:44 م]ـ
قد رأينا ما فعلوه بالداعية وجدي غنيم، والقصة مشهورة، وهذا يكفي في بيان أخلاقهم.
وأكرر أن عقيدتهم سلفية في الأسماء والصفات فقط، فهم قد أجازوا من قبل الاستعانة بالكافر على المسلم خلافاً للإجماع، وهم يشاركون في مجلس تشريع محارب لله ولرسوله. فأي سلفية هذه وأي توحيد ذاك؟
فأنا أقول نأخذ منهم ما أصابوا فيه فقط، ونترك الباقي، وكذلك مع باقي الجماعات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/240)
ـ[أبو عبدالرحمن بن أحمد]ــــــــ[17 - 07 - 09, 12:11 ص]ـ
الأخ محمد الأمين
لقد رأيتُ لكم فتوى في موقعكم تدافعون عن جماعة القبيسيات. وهي فتوى باطلة صادرة عن من اغتر بظاهرهم ولم يعرف حقيقتهم. وهم أهل سحر وشرك بالله يستخدمونه مع عضوة الجماعة فلا تستطيع الانفصال عنهم بسبب السحر. ويشهد الله أنني وقفتُ على أكثر من امرأة مسحورة تركتهم وحاولوا التسلط عليها بالسحر. ويشهد الله على ما أقول
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[17 - 07 - 09, 12:20 ص]ـ
بل الفتوى التي ذكرتها مستندة على كتبهم فضلا عن تصريحات عدد من المشايخ، بينما أنت-أخي الفاضل- لم تطلع على شيء من كتبهم وليس معك إلا قيل عن قال.
ـ[أبو عبدالرحمن بن أحمد]ــــــــ[17 - 07 - 09, 12:46 ص]ـ
بل الفتوى التي ذكرتها مستندة على كتبهم فضلا عن تصريحات عدد من المشايخ، بينما أنت-أخي الفاضل- لم تطلع على شيء من كتبهم وليس معك إلا قيل عن قال.
ليس بصحيح أخي الفاضل: بل تكلمت عن مخالطة لهم معرفة بهم. وهناك فتاوى في التحذير منهم لم تلتفت لها
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[17 - 07 - 09, 01:10 ص]ـ
تقول أنك اطلعت على كتبهم؟ أي كتاب؟ هات ناقش
ـ[أبوعبدالله السلفي]ــــــــ[17 - 07 - 09, 11:37 ص]ـ
سبحان الله
الكاتب هنا لايدافع هذه الجماعة فقط بل ويدافع عن رأس من رؤوس الإخوان المسلمين ومعروف المؤلفات وأقوال أهل العلم (ابن باز وابن عثيمين والفوزان .. ) في جماعة الإخوان المسلمين.
ووجدي غنيم أليس هو الذي كان يمدح (عمر عبدالرحمن) زعيم جماعة التكفير ويدافع عنه.
وهو الذي كان يؤيد النظام البعثي في حرب الخليج.
واعلم هداك الله أن كل خير موجود في الفرق والجماعات موجود في الدعوة السلفية لأنه ليس تأسيس ولا تشريع من أحد انما دين الله عزوجل لعباده.
ويتشرف المسلم بانتسابه لمنهج السلف في مواجهة المناهج المبتدعة.
والله الهادي الى سواء السبيل.(28/241)
هل ينكر قول من قال: الإنسان خليفة الله في الأرض ونحوه؟
ـ[حارث همام]ــــــــ[28 - 08 - 04, 12:28 م]ـ
الإخوة والمشايخ والأفاضل أرفق هنا بحث كنت قد كتبته على عجالة جواباً لبعض الإخوان، فمن بدت له ملاحظات عليه فأرجو أن يتكرم بإيضاحها ليتمم البحث وتكمل فائدته، وجازكم الله خيراً ..
بعد المقدمة ..
قرر المنع هذا الإطلاق جماعة من الفضلاء وفي هذه الروابط بعض أقوالهم:
http://www.dorar.net/titles.asp?book_id=8§ion_id=37&chapter_id=3
http://saaid.net/Doat/almuwahid/16.htm
http://arabic.islamicweb.com/Books/albani.asp?id=579
http://www.sh-rajhi.com/rajhi/?action=Display&docid=14&page=akida00038.htm
غير أني لا أكتمكم نظرت في بعض الألفاظ المنتقدة فألفيت الأمر فيها واسعاً، وهذا اللفظ أحدها.
ثم آثرت أن أسطر ما قد يبدو للمتأمل في المسألة مدعماً له بفتاوى علمائنا، وخلاصته أن خليفة الله إما أن يطلق على خليفة المسلمين وإما أن يطلق على غيره كجنس الإنسان، أو بعض أنبياء الله ورسله، أو لافراد لاعتبارات ومقتضيات مختلفة.
فإن أطلق على خليفة المسلمين فلا شك أن الخلاف في إطلاقه قائم، وخاصة إن كان الخليفة غير قائم بأوامر الله متعدياً لحدوده، فإن القول بعدم جواز إطلاق خليفة الله على مثل هذا وجيه جداً، فهو إما منكر من القول محرم، وإما أن يكون كذب وباطل، وكل ذلك لايجوز على ما سيأتي بيانه.
أما إن أطلق على القائم بأمر الله الملتزم لحدوده فالأظهر الجواز وقد فعله السلف بلا نكير وسوف يأتي تقريره، وكذلك إذا أطلق على جنس الإنسان أو بعض أنبياء الله، ما لم يظهر أن مراد القائل: خلفاً عن الله أو وكيلاً ونحو ذلك من هراء باطل يندر أن يقال.
ولهذا لعل الخلاف احتدم في الأول وهو أن يقال لخليفة المسلمين خليفة الله فهو إما كذب وباطل، إن لم يكن قائماً بأمر الله، وإما صواب محتمل لخطأ [وهو المعنى البعيد] إن كان الخليفة قائماً بأمر الله.
وهناك قول غريب في التفصيل يفهم من كلام للشيخ سليم الهلالي، أحببت أن أشير إليه وقد ذكره في كتابه القول المبين في جماعة المسلمين [ص14] عند حديثه على حديث حذيفة عند أحمد وأبي داود: "فإن رأيت يومئذ خليفة الله في الأرض فالزمه"، فكأنه ذهب إلى تحسين لفظ أحمد المشار إليه، ثم قال: "فإن خليفة الله في الأرض أصح من رواية صخر بن بدر العجلي خليفة الله فإنها مستنكرة رواية ودراية". أهـ فكأنه يرى صواب التقييد بالأرض، ولعل الأمر من حيث الدراية واسع كما مر، وسيأتي مزيد تفصيل وكلام على الحديث.
أصل المسألة:
لفظ خليفة (فعيلة) يجيء بمعنى (مفعولة) كنقيذة بمعنى منقوذة وسقيفة بمعنى مسقوفة وقل مثل ذلك في ذبيحة وقتيلة وضريبة ... كما يأت بمعنى (فاعلة) رحيمة بمعنى راحمة، وظعينة بمعنى ظاعنة، وقد أشار إلى إتيان خليفة على الوجهين القرطبي في تفسيره آية البقرة (إني جاعل في الأرض) [1/ 63]، ومثل كلمة خليفة لفظة (نصيرة) فقد ترد بمعنى فعيلة وقد تأت بمعنى فاعلة لأن كل واحد من المتناصرين ناصر ومنصور، وهناك ألفاظ اختلف أهل العلم عليها هل هي بمعنى مفعولة أو فاعلة كبهيمة.
فإذا قلت خليفة الله فعيلة بمعنى فاعلة، من خلف يخلف خلفاً فهو خالف، يكون المعنى خالف الله وهذا معنى ظاهره باطل مردود لايصح إلاّ بتأويل وقد قال به بعض أجلة أهل العلم في زماننا مأولاً له بقوله: "خالف لنا في تبليغ شرعنا، وليس المراد أنه يأتي بعده ولكن خليفة لله في تبليغ شرعه وحكمه للناس" [ابن عثيمين في تفسير قوله: (ياداود إنا جعلناك خليفة)].
وإذا قلت فعيلة هنا بمعنى مفعولة، من خلف يخلف خلفا فهو مخلوف ومستخلف، فالإخبار يصح إن كان خليفة المسلمين قائم بأمر من استخلفه، وإلاّ فلا لأن الفاسق ينبغي أن يعزل في حكم الشريعة إن أمكن ذلك بغير خروج عليه، وإذا كان عزله مطلوباً فترك وصفه بماينبغي عزله عنه مطلوب، وقد نص ابن خويز منداد من المالكية على أن الظالم لايصلح أن يكون خليفة ولاحاكما ولامفتيا استدلالاً بقول اله تعالى: (إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لاينال عهدي الظالمين) الآية وقد استدل بها غيره، وللمفسرين أقوال يمكن جمعها مع هذا القول فهي إلى اختلاف تنوع الأفراد أقرب. مع أن بعض المحققين من أهل العلم قال بجواز إطلاق اللفظ مالم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/242)
يقصد معنى باطلاً ومن هؤلاء فضيلة العلامة محمد بن صالح العثيمين في المناهي اللفظية له حيث ورد هذا السؤال، فأجاب بقوله: إذا كان ذلك صدقاً بأن كان هذا الرجل خليفة يعني ذا سلطان تام على البلد، وهو ذو السلطة العليا على أهل هذا البلد، فإن هذا لا بأس به، ومعنى قولنا: "خليفة الله" أن الله استخلفه على العباد في تنفيذ شرعه لا لأن الله تعالى استخلفه على الأرض، والله سبحانه وتعالى مستخلفنا في الأرض جميعاً وناظر ما كنا نعمل، وليس يراد بهذه الكلمة أن الله تعالى يحتاج إلى أحد يخلفه في خلقه أو يعينه على تدبير شؤونهم ولكن الله جعله خليفة يخلف من سبقه، ويقوم بأعباء ماكلفه الله.
وعلى ما قرره فضيلته يكون من أطلق اللفظ على الفاسق مراعياً المشيئة الكونية لا الشرعية فقوله معتبر، وقد سمعت للشيخ –رحمه الله- كلاماً مفاده جواز إطلاقها إن أريد خليفة لله أي قائم بأمر الله في عباده.
وهذا ما قرره ابن القيم في مفتاح دار السعادة [1/ 152] فقد حكى قول الفريق المجيز وذكر أدلته وسرد النصوص التي تفيد استخلاف الله للإنسان في الأرض كقوله تعالى: (يادواد إنا جعلناك خليفة) (إني جاعل في الأرض خليفة)، (عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض) وغيرها من آثار تناقلتها رواة الأخبار، ثم ذكر اعتراض المانعين بأن الخليفة إنما يكون عمن يغيب ويخلفه غيره في الحكم والتدبير، ثم قال [1/ 152]: "وحقيقتها خليفة الله الذي جعله خلفاً عن غيره، وبهذا يخرج الجواب عن قول أمير المؤمنين: أولئك خلفاء الله في أرضه"، ولعلك ترى في هذا التخريج رداً على من منع بزعمه: "الخليفة إنما يكون عمن يغيب ويخلفه غيره" [السابق]، فقد بين ابن القيم على أن حصر المراد فيما ذكروا غير لازم، ثم خرج العبارة على مراد آخر لاحرج فيه عنده وهو خليفة بمعنى مستخلف؛ "جعله الله خلفاً لغيره".
وقد ذكر الفيومي وجهاً آخر في تخريجها فقال في المصباح المنير: " قال بعضهم ولا يقال خليفة الله بالإضافة إلا لآدم وداود لورود النص بذلك. وقيل يجوز وهو القياس لأن الله تعالى جعله خليفة كما جعله سلطانا وقد سمع سلطان الله وجنود الله وحزب الله وخيل الله والإضافة تكون بأدنى ملابسة. وعدم السماع لا يقتضي عدم الاطراد مع وجود القياس ولأنه نكرة تدخله اللام للتعريف فيدخله ما يعاقبها وهو الإضافة كسائر أسماء الأجناس" [ص178]. ولعل هذا وجهاً آخر في تخريج الجملة على معنى صحيح غير الأول الذي أشار إليه ابن القيم، وكأن الفيومي يرى الإضافة هنا إضافة تشريف أو إيجاد، وقد قرر أهل العلم أن الإضافة إلى الله تكون على "ثلاث مراتب: إضافة إيجاد، وإضافة تشريف، وإضافة صفة" [فتح ابن حجر 13/ 444]، والإضافة في جند الله وحزب الله وخيل الله إضافة تشريف، وربما أراد إضافة إيجاد من نحو قولك: (هذا خلق الله)، أي أن الله قدره خليفة. وهو وجه سائغ وكأنه اعتبر اللفظ (خليفة) اسماً دالاً على من يلي أمر المسلمين ثم بين سبب الإضافة، وقد يرجع هذا إلى المعاني السابقة عند النظر إلى المعنى مجراً
ولعل لكون وصف خليفة المسلمين بهذا اللقب محل إلباس عند البعض كثر إيراد أهل العلم المحققين متقدميهم ومتأخريهم النهي عن هذا اللفظ في هذا الباب، أما إذا أطلق في حق جنس الإنسان فالأمر أوسع وقد أشار ابن خلدون في مقدمته إلى هذا فقال: "واختلف في تسميته خليفة الله. فأجازه بعضهم اقتباساً من الخلافة العامة التي للآدميين في قوله تعالى: (إني جاعل في الأرض خليفة) وقوله: (جعلكم خلائف الأرض) "، ثم ذكر منع الجمهور بالعلة التي ذكرها شيخ الإسلام في منهاج السنة حيث قال: "والمقصود هنا أن الله لايخلفه غيره فإن الخلافة إنما تكون عن غائب وهو سبحانه شهيد مدبر لخلقه لايحتاج في تدبيرهم إلى غيره". ولعلك تلحظ في نقل ابن خلدون تفريقه بين الاستخلاف العام لجنس الإنسان فقد جعل حجة من أجاز إطلاق خليفة الله على خليفة المسلمين القياس عليه فكأن المشهور جوازه، ثم حكى أن قول الجمهور المنع من إطلاق خليفة الله على خليفة المسلمين وفي هذا منع من إلحاق فرع بأصل، ولاشك أن إطلاق خليفة الله على خليفة المسلمين صورة خاصة من صور إطلاق هذه الألفاظ، فما حكي من إنكار الجمهور متوجه نحو الثاني الخاص لا الأول.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/243)
وحقيقة الأمر ليس في هذا ما يعارض ما نقله شيخ الإسلام في منهاج السنة فإنه كان يعني الرد على أهل وحدة الوجود ومن يزعم أن الإنسان خلف عن الله، أو أن أحداً من البشر وكيلاً عنه يدبر شأن الخلق، ولم يكن يقصد الرد على من يطلق لفظ خليفة الله بمعنى أن الله جعله خليفة يخلف عن سلف بل قرر هذا المعنى ولم ينف ورود اللفظ له فشيخ الإسلام إنما أنكر إطلاقاً مخصوصاً يبين ذلك معرض كلامه فقد قال -رحمه الله- قبل النقل الآنف عنه في تفسير الآيات (إني جاعل في الأرض خليفة) (يادود إنا جعلناك خليفة) ونحوهما "أي خليفة عمن قبلك من الخلق، ليس المراد أنه خليفة عن الله، وأنه من الله كإنسان العين من العين كما يقول ذلك بعض الملحدين القائلين بالحلول والاتحاد". بل لم يتعرض شيخ الإسلام في بادئ الأمر إلى الجملة محل الإشكال (خليفة الله) وحكم إطلاقها، وإنما منع من حمل معناها على معنى معين، واستدل لصوابه بتخَرَّج أو حمل ما روي عن أبي بكر رضي الله عنه في النهي عن مناداته بخليفة الله على ذلك الوجه الذي ذكره في الرد على أهل وحدة الوجود ومن شاكلهم، ولذلك إذا تتبعت كلام شيخ الإسلام في هذا المعنى لاتجده يذم اللفظ إلاّ عند حمله على هذا المعنى وفي مثل هذا السياق أو نحوه من رد على اتحادية أو حلولية أو أهل شرك، أما في غيره فلا حرج ولا إشكال في إطلاقه عنده وهذا ظاهر صنيعه كما وسوف تأت الإشارة إليه. [كلام شيخ الإسلام في منهاج السنة 1/ 510 – 7/ 352 - 353 وكذلك في الفتاوى الكبرى 2/ 553].
ورود اللفظة في الآثار أوالأخبار المرفوعة:
وذلك على ما أشير إليه من تفصيل مر، وقبل ذلك أشير إلى أن أهل العلم درجوا على استعمالها وعلى رأس هؤلاء من نُقل عنهم الكلام في النهي عنها، الأمر الذي يدلك أنهم أرادوا أمراً خاصاً كما مضت الإشارة.
فمن هؤلاء شيخ الإسلام ابن تيمية فعلى الرغم من كلامه في المسألة في منهاج السنة وغيرها، قال عن عمر بن عبدالعزيز [الفتاوى 27/ 93]: "وقد كان رضي الله عنه وهو خليفة الله على الأرض قد وكل أعواناً يمنعون الداخل من تقبيل الأرض"، وهذا يدلك على صواب التوجيه وأن إنكاره الجملة كان في معرض يفهم منه حملها على محمل سيء نحا إليه اتحادية وأهل الشرك ونحوهم.
أما ابن القيم الذي نقل التفصيل البديع الذي أشار إليه البحث المحال عليه نقلاً عن العلامة بكر نقلاً عن مفتاح دار السعادة، فلم يحرمها بل نفى أن تحتمل معنى باطلاً فقط حصرها المانعون فيه، وحملها على محمل مقبول، ثم نقل في الزاد القول بالكراهة عند إطلاقها للسلطان، ومما يدلك على أنه أراد بذلك التفصيل المشار إليه، هو تخريجه لعبارة علي رضي الله عنه في أثر الكميل بن زياد: "أولئك خلفاء الله في أرضه" على ما سبقت الإشارة إليه في مفتاح دار السعادة. ويدل عليه أمر آخر وهو الفصل الذي عقده في بدائع الفوائد بعنوان: "الإنسان خليفة الله في الأرض".
أما غيرهم من أهل العلم فستعمالهم لها أكثر من أن يحصر، وبعد تتبع يسير أجريته عن طريق الموسوعات الإلكترونية والشبكة العنكبوتية وجدت أن بالإمكان تخصص كراس لنقل استعمالهم لها، ومن ضمن هؤلاء العلامة عبدالرحمن الدوسري –رحمه الله-[الأجوبة المفيدة لمهمات العقيدة ص20] وهو من مشايخ نجد الكبار المشهورين.
ولكن الأهم من ذلك هو استعمال السلف لها دون نكير، كما في أثر الكميل المشهور، فإن قيل إن الأثر فيه ضعف من حيث الصناعة، قيل وإن كان فيه ضعف فإنه من الشهرة بمكان حتى قال فيه ابن عبدالبر في الجامع: "وهو حديث مشهور عند أهل العلم يستغني بشهرته عن الإسناد لشهرته عندهم"، ومع شهرته لم يُنقل استنكار أحد من أهل العلم فيه قول علي –رضي الله عنه فيه- فيه: "أولئك خلفاء الله .. "، بل الذي نقل عنهم يدل على إقرارهم بحسن معناه، فقد قال الخطيب: "حديث حسن من أحسن الأحاديث معنى وأشرفها لفظاً" [الفقيه والمتفقه ص50]، ونقل كلامه ابن القيم في مفتاح دار السعادة مقراً [1/ 123].
وقد رُويت أيضاً عن سعيد بن جبير عندما سأله الحجاج ماتقول في أبي بكر فقال: "خليفة الله .. " [الحلية 4/ 295]، ودأب أهل السير على ذكر تلك الحادثة في سياق مناقبه رحمه الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/244)
وقد جاءت كذلك عن الحسن البصري رحمه الله في من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وقد رواه ابن جرير في تفسير الآية (ومن أحسن قولاً) ورجاله ثقات غير أنه من رواية معمر بن راشد عن الحسن، وإنما أدرك منه جنازته، وقال بعض الأئمة بينهما عمرو بن عبيد، وأشار الزيلعي في تخريج الأحاديث والآثار (الكشاف) [1/ 213] إلى طريق أخرى رواها بقية بن الوليد عن حسان بن سليمان عن أبي نضرة عن الحسن، ولايصح لعنعنة بقية كدأبه عن من لايعرف، وقد روي مرفوعاً بأسانيد واهية لاتثبت بها حجة.
غير أنه في تفسير قول الله تعالى: (إني جاعل في الأرض خليفة)، "ذكر الطبري أن مقتضى ما نقله السدي عن مشايخه أنه خليفة الله في الأرض" [فتح الباري 6/ 364]، يعني آدم عليه السلام.
وقد جاءت هذا الكلمة عن أبي مسلم الخولاني في عبارته لقوم من قتلت عثمان وكانوا قد حجوا من المدينة فسألهم: هل مررتم بإخوانكم من أهل الحجر؟ فقالوا: نعم! قال: كيف رأيتم صنيع الله بهم؟ قالوا: صنع الله بهم ذلك بذنوبهم. قال: فإني أشهد أنكم عند الله مثلهم. فلما سأله معاوية علل بقوله: قتلوا ناقة الله، وقتلتم خليفة الله، وأشهد على ربي لخليفته أكرم عليه من ناقته! [ينظر تالي تلخيص المتشابه 2/ 383، وكذلك تاريخ مدينة دمشق 27/ 220 - 39/ 491].
وقد ثبت إطلاق هذا اللفظ عن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب –رضي الله عنه- فقد روى الشافعي بسند مستقيم قال حدثني يحيى بن سليم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب أنه قال: "وَلِيَنَا أبوبكر خير خليفة الله، وأرحمه وأحناه عليه" وقد رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه [المستدرك 3/ 84] ورواه غيره، وهو كما قال.
أما المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلعل أصحه ما جاء في حديث الرايات السود؛ حديث ثوبان في المهدي، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فإن فيها خليفة الله المهدي"، وقد رواه الحاكم وذكر أنه على شرط الشيخين، وقال البوصيري المحدث في المصباح [3/ 263]: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، وكذا قال البزار، وقد حكم الألباني على اللفظة خاصة في الضعيفة بالنكارة وقال إن هذه الزيادة "خليفة الله" ليس لها إسناد ثابت والسبب عنده أن لفظ الحاكم تفرد به خالد الحزاء فهو معلل، وما جاء عند أحمد ضعيف لعنعنة أبي قلابة، وماذكره العلامة فيه نظر فإن رواية خالد تابعتها رواية أحمد فخالد الحزاء لم يتفرد به، ورواية أحمد لاتقدح فيها عنعنة مثل أبي قلابة حتى على منهج المتأخرين فأبوقلابة ذكره الحافظ ابن حجر في الطبقة الأولى من المدلّسين وهؤلاء لايضر تدليسهم. انظر طبقات المدلسين [1/ 21]، ثم إن لم يصح الحديث مرفوعاً فهو موقوف عن ثوبان كما جاء في بعض طرقه الجيدة وقد قال ابن كثير في البداية والنهاية أن وقفه عليه أشبه. فإن كان كذلك فمثله لايقال بالرأي، وعلى كل الكلام فيه يطول، غير أنه أحسن الأحاديث في المهدي كما أشار صاحب البدء والتاريخ.
إشكال آخر يشير إليه من يمنع:
وهو ما رواه الإمام أحمد وعبدالرزاق وغيرهما من حديث وكيع عن نافع عن ابن أبي مليكة قال: قال رجل لأبي بكر: يا خليفة الله، قال: لست بخليفة الله، ولكن خليفة رسول الله، أنا راض بذلك.
ومع أن الأثر لايفهم منه مطلق النهي، وعلى الرغم من إمكان حمله على التواضع والفرار من تزكية النفس كما أشير إليه، على الرغم من ذلك فلسنا بحاجة إلى القول به فالأثر ضعيف لاتقوم به حجة، فعلى الرغم من أن إسناده كالشمس وعلى الرغم من أن ابن أبي مليكة أدرك ما يربوا على ثلاثين صحابياً –أوصلهم ابن حبان إلى ثمانين- غير أنه لم يدرك أبا بكر رضي الله عنه، وإلى هذه العلة أشار الهيثمي في المجمع [5/ 198] فقال: رجاله رجال الصحيح إلاّ أن ابن أبي مليكة لم يدرك الصديق.
بل نص الحفاظ بأن روايته عن عمر وعثمان رضي الله عنهما مرسلة [انظر جامع التحصيل 1/ 214].
وعلى هذا فالأثر محل الإشكال ضعيف، ومثله ما روى الخلال في السنة من أن رجلاً قال لعمر ياخليفة الله! فقال: خالف الله بك! فهو مليء بالعلل فمنها أنه من مفردات جابر وهو ابن يزيد الجعفي ضعيف عند الجمهور بل متهم بالكذب [ينظر الكامل لابن عدي 2/ 115والتاريخ الكبير للبخاري 2/ 210]، وقد عنعن وقد نص الحفاظ على شدة تدليسه وترك ما عنعن فيه من حديثه، ثم هو عن يزيد بن مرة وهو الجعفي [الجرح والتعديل 9/ 287] وقيل الحنفي [التاريخ الكبير 8/ 359]، وقد قال البخاري لايصح حديثه، وقال الحافظ في تعجيل المنفعة فيه نظر [1/ 451]، كما أنه رواه عن مجهول لم يسمه، فالأثر ضعيف لايثبت، وله طريق آخر ساقط ذكرها الطبري في تاريخه [2/ 569] وهي من طريق أبي حمزة وهو السكري عن جابر وهو الجعفي، أرسله إلى عمر! فالأثر لايثبت بحال، بل روي أن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال لها له في رؤيا رآها فلم ينكرها [تاريخ مدينة دمشق 47/ 39 من طريق عاصم بن علي عن المسعودي وهو كما قال الإمام أحمد يحتمل، والذهبي في تاريخ الإسلام أشار إليه من نفس الطريق، ورواه ابن أبي شبة في تاريخ المدينة من طريق أبي داود عن المسعودي، ثم ساق متابعةً للمسعودي من طريق عبيد الله بن عمرو عن عبد الملك بن عمير، ثم ذكر لها شاهداً عن أبي بكر رضي الله عنه يحدث عن عوف، فلعل الأثر إلى الحسن أقرب وبكل حال هو أقوى من الذي روي في خلافه].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/245)
ـ[حارث همام]ــــــــ[28 - 08 - 04, 12:36 م]ـ
تنبيه:
1 - حاولت إعادة صياغة لبعض العبارات فالأصل وجه لأحد الإخوة رداً على تعقيب له، فأرجو المعذرة إن حصل خلل جراء ذلك.
2 - للبحث تتمة حول المنهج المتوجه تجاه الألفاظ المجملة والعبارات المحتملة لعله يعلق قريباً.
وجزاكم الله خيراً.
ـ[أبو عمر المدني]ــــــــ[28 - 08 - 04, 01:42 م]ـ
بارك الله فيك ..
قرأت كلمة لأحد الكتاب واستنكرتها ألا وهي (ظل الله في الأرض) يعني السلطان عبدالحميد
فما هو الموقف من هذه الكلمة؟
ـ[حارث همام]ــــــــ[28 - 08 - 04, 05:36 م]ـ
الأخ الفاضل ..
هذه العباراة التي أشرتم إليها التماس أهل العلم لها أوجهاً سائغة في التأويل أعظم -فيما يظهر- من الأولى، قال شيخ الإسلام في الكبرى: "وأما الحديث النبوي: (السلطان ظل الله في الأرض، يأوي إليه كل ضعيف وملهوف)، وهذا صحيح، فإن الظل مفتقر إلي آوٍ، وهو رفيق له / مطابق له نوعًا من المطابقة، والآوي إلي الظل المكتنف بالمظل، صاحب الظل، فالسلطان عبد الله، مخلوق مفتقر إليه، لا يستغني عنه طرفة عين، وفيه من القدرة والسلطان والحفظ والنصرة وغير ذلك من معاني السؤدد والصمدية التي بها قوام الخلق، ما يشبه أن يكون ظل الله في الأرض، وهو أقوي الأسباب التي بها يصلح أمور خلقه وعباده، فإذا صلح ذو السلطان صلحت أمور الناس، وإذا فسد فسدت بحسب فساده؛ ولا تفسد من كل وجه، بل لابد من مصالح، إذ هو ظل الله، لكن الظل تارة يكون كاملاً مانعًا من جميع الأذي وتارة لا يمنع إلي بعض الأذي، وأما إذا عدم الظل فسد الأمر، كعدم سر الربوبية التي بها قيام الأمة الإنسانية. والله تعالي أعلم ".
وذكر أهل العلم له بهذا المعنى أو بمعنى الأمان كثير.
تنبيه الحديث المذكور: ونحوه مما وردت فيه الجملة مابين موضوع وضعيف وإن ساغ تأويل الكلمة عند أهل العلم.
ـ[حارث همام]ــــــــ[28 - 08 - 04, 05:47 م]ـ
المنهج في العبارات المحتملة:
أولاً القائل:
يبنغي أن يتجنبها ما استطاع وبحمد الله اللغة العربية واسعة، وقد علم من مدارك شرع ترك العبارات الموهمة والألفاظ المحتملة.
ثانياً من سمعها:
ينبغي أن يراعي أن الكلام المجمل أو المحتمل بل الظاهر ينظر إلى مراد قائله (1)
وهنا عدة وقفات:
الوقفة الأولى: إذا عرف مراد المتكلم بدليل من الأدلة وجب اتباعه:
قال شيخ الإسلام: "وما تنازع فيه المتأخرون نفياً أو إثباتاً فليس على أحد بل ولا له أن يوافق أحداً على إثبات لفظ أو نفيه حتى يعلم مراده فإن أراد حقاً قبل وإن أراد باطلاً رد، وإن اشتمل كلامه على حق وباطل لم يقبل مطلقاً ولم يرد جميع معناه، بل يوقف اللفظ ويفسر المعنى، كما تنازع الناس في الجهة والتحيز وغير ذلك .. " (2).
قال ابن القيم: "فمن عرف مراد المتكلم بدليل من الأدلة وجب اتباع مراده، والألفاظ لم تقصد لذواتها، وإنما هي أدلة يستدل بها على مراد المتكلم فإذا ظهر مراده، ووضح بأي طريق كان عمل بمقتضاه سواء كان بالإشارة أو الكتابة أو بإيماءة أو دلالة عقلية أو قرينة حالية ... " (3).
وقال: "والألفاظ ليست تعبدية والعارف يقول ماذا أراد واللفظي يقول ماذا قال، كما كان الذين لا يفقهون إذا خرجوا من عند النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: (ماذا قال آنفاً)، وقد أنكر الله سبحانه عليهم وعلى أمثالهم بقوله: (فمال هؤلاء القوم لايكادون يفقهون حديثاً). فذم من لم يفقه كلامه والفقه أخص من الفهم وهو فهم مراد المتكلم" (4).
الوقفة الثانية: الكلام المجمل أو المحتمل، للتأويل فيه مجال واسع، ومثله الظاهر الذي يحتمل غيره ولا سيما إن صدر عن بشر يعتريه من النقص والسهو ما يعتريه:
قال ابن القيم في الصواعق: "لمّا كان وضع الكلام للدلالة على مراد المتكلم، وكان مراده لا يعلم إلاّ بكلامه، انقسم كلامه ثلاثة أقسام: أحدهما ما هو نص في كلامه لا يحتمل غيره، الثاني ماهو ظاهر في مراده وإن احتمل أن يريد غيره، الثالث: ماليس بنص ولا ظاهر في المراد بل هو مجمل ... [إلى أن قال] فهذا أيضاً لا يجوز تأويله إلاّ بالخطاب الذي بينه وقد يكون بيانه معه وقد يكون منفصلاً عنه، والمقصود أن الكلام الذي هو عرضة التأويل، قد يكون له عدة معان، وليس معه ما يبين مراد المتكلم، فهذا للتأويل فيه مجال واسع" (5) أما أن يسمى هذا المراد –في مثل هذه الحال-
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/246)
خلاف الظاهر فمحل خلاف ولكن لا أثر له، قال شيخ الإسلام: "إذا لم يقترن باللفظ شيء قط من القرائن المتصلة تبين مراد المتكلم بل علم مراده بدليل آخر لفظي منفصل فهنا أريد به خلاف الظاهر، ففي تسمية المراد خلاف الظاهر كالعام المخصوص بدليل منفصل. وإن كان الصارف عقلياً ظاهراً ففي تسمية المراد خلاف الظاهر خلاف مشهور في أصول الفقه، وبالجملة فإذا عرف المقصود فقولنا هذا هو الظاهر أو ليس هو الظاهر خلاف لفظي" (6).
قال ابن القيم فيما هو ظاهر في مراد المتكلم ولكنه يقبل التأويل، وظاهر كلامه في من لم يوجد له بيان متصل أو منفصل يوضح مراده: "فهذا ينظر في وروده فإن أطرد استعماله على وجه واحد استحال تأويله بما يخالف ظاهره -لأن التأويل إنما يكون لموضع جاء نادرا خارجا عن نظائره منفردا عنها- فيؤول حتى يرد إلى نظائره وتأويل هذا غير ممتنع لأنه إذا عرف من عادة المتكلم باطراد كلامه في توارد استعماله معنى ألفه المخاطب، فإذا جاء موضع يخالفه رده السامع بما عهد من عرف المخاطب إلى عادته المطردة هذا هو المعقول في الأذهان والفطر وعند كافة العقلاء وقد صرح أئمة العربية بأن الشيء إنما يجوز حذفه إذا كان الموضع الذي ادعى فيه حذفه قد استعمل فيه ثبوته أكثر من حذفه فلا بد أن يكون موضع ادعاء الحذف عندهم صالحا للثبوت ويكون الثبوت مع ذلك أكثر من الحذف حتى إذا جاء ذلك محذوفاً في موضع علم بكثرة ذكره في نظائره أنه قد أزيل من هذا الموضع فحمل عليه" (7).
الوقفة الثالثة: مما يضفي على الكلام صفة الظهور ويبين المراد غير البيان المنفصل أو المتصل، حال المتكلم والمخاطب والمتكلم فيه، وسياق الكلام:
سبقت الإشارة إلى أن مما يبين المجمل البيان المتصل أو المنفصل، وربما عرف المراد باستقراء استعمال الشخص للألفاظ وإن لم يوجد له بيان متصل أو منفصل (8)، وكذلك هناك بعض القرآئن التي تضفي على الكلام صفة الظهور وإن لم تكن الألفاظ المجردة مساعدة على الظهور، فقد تعطي اللفظ صفة الظهور أمور خارجة عنه منها حال المتكلم والمخاطب والمتكلم فيه، فإذا رأيت إنساناً يقرر أركان الإيمان، ثم ذكر في معرض رد خاص على كافر أو مبتدع كلاماً مجملاً يحتمل نقضاً لأحد تلك الأركان، لم يكن لنا أن نحمل هذا الإجمال على المعنى الفاسد. بل يتوجب حمله على مراد قائله الذي عرف من حاله، أما إذا كان الكلام مجملاً ولم يعرف حال قائله ولا مراده، فالواجب الاستفصال والسؤال عن المراد، كما قرر ذلك أهل العلم في الألفاظ التي تصدر من أهل البدع من نحو: الجسم، والتحيز، والجهة وغيرها، فليس لنا نفي معناها أو إثباته، قبل معرفة المراد منه.
يقول شيخ الإسلام: "واعلم أن من لم يحكم دلالات اللفظ ويعلم أن ظهور المعنى من اللفظ تارة يكون بالوضع اللغوي أو العرفي أو الشرعي ... وتارة بما اقترن باللفظ من القرائن اللفظية ... وتارة بما يدل عليه حال المتكلِم والمخاطَب والمتَكلَم فيه وسياق الكلام الذي يعين أحد محتملات اللفظ ... إلى غير ذلك من الأسباب التي تعطي اللفظ صفة الظهور، وإلاّ فقد يتخبط في هذه المواضع" (9). ثم قال: "إذا لم يقترن باللفظ شيء قط من القرائن المتصلة تبين مراد المتكلم بل علم مراده بدليل آخر لفظي منفصل فهنا أريد به خلاف الظاهر، ففي تسمية المراد خلاف الظاهر كالعام المخصوص بدليل منفصل. وإن كان الصارف عقلياً ظاهراً ففي تسمية المراد خلاف الظاهر خلاف مشهور في أصول الفقه، وبالجملة فإذا عرف المقصود فقولنا هذا هو الظاهر أو ليس هو الظاهر خلاف لفظي".
ومما يبين مراد المتكلم كذلك، السياق الذي يذكر فيه الكلام، قال ابن القيم: "فائدة إرشادات السياق: السياق يرشد إلى تبيين المجمل، وتعيين المحتمل، والقطع بعدم احتمال غير المراد، وتخصيص العام، وتقييد المطلق، وتنوع الدلالة، وهذا من أعظم القرائن الدالة على مراد المتكلم، فمن أهمله في نظره غلط في مناظرته، فانظر إلى قوله تعالى: (ذق إنك أنت العزيز الكريم) كيف تجد سياقه يدل على أنه الذليل الحقير" (10).
ومما يعين كذلك على معرفة مراد المتكلم معرفة حدوده:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/247)
قال شيخ الإسلام: "ومن هذا تفسير الكلام وشرحه إذا أريد به تبين مراد المتكلم فهذا يبنى على معرفة حدود كلامه، وإذا أريد به تبيين صحته وتقريره فإنه يحتاج إلى معرفة دليل صحة الكلام، فالأول فيه بيان تصوير كلامه، والثاني فيه بيان تصديق كلامه" (11).
إن المتأمل لمنهج أهل العلم، يجد التطبيق العملي لهذا التقعيد، انظر لحال ابن القيم مع بعضهم في منهاج السالكين، كان يلتمس لهم العذر في عبارات مشكلة بحق، والسبب أنه عرف منهجه وأن ظاهر تلك العبارات غير مراد له، أو أن العبارة مجملة مراده منها معروف. ومثله شيخ الإسلام مع بعضهم ممن له عبارات خطيرة، وقال عن الرازي الذي ألف مجلدات في الرد على أفكاره وما ينبني على بعضها من مبانٍ شديدة البطلان: "ومن الناس من يسيء به الظن وأنه يعتمد الكلام الباطل وليس كذلك بل تكلم بحسب مبلغه من العلم والنظر والبحث فى كل مقام بما يظهر له وهو متناقض فى عامة ما يقوله" (12)، قال السبكي: إذا كان الرجل ثقة مشهوداً له بالإيمان والاستقامة، فلا ينبغي أن يحمل كلامه وألفاظ كتابته على غير ما تُعود منه ومن أمثاله، بل ينبغي التأويل الصالح، وحسن الظن به وبأمثاله (13).
وفي الختام أذكر بأن هذا يقال لمن أراد الحكم على كلام مجمل أو محتمل، أما صاحب الكلم المجمل فيقال له "لقد علم من مدارك الشرع ترك العبارات المجملة، والكلمات الموهمة والله أعلم" (14).
================================================== ==
(1) هذا المبحث نحتاجه حتى عند الحكم على أقوال من لم يعرف بخير أو دين، فقبل الحكم عليه بتبديع أو تكفير لابد من النظر في سائر كلامه لمعرفة ما إذا كان لمجمله مبيناً أو لا.
وقد زعم بعضهم أن الإجمال والتبيين والعموم والتخصيص يجرى في كلام صاحب الشريعة فحسب، وهذا خطأ بين فإن الإجمال والتبيين والإطلاق والتقييد والعموم والتخصيص، من عوارض الألفاظ -والمعاني على الصحيح- فهي تجرى في كلام العرب وألفاظها. بخلاف النسخ فلا يقال به في كلام غير صاحب الشريعة، وإنما يقال تراجع، القول الجديد، قول ثاني، ونحو ذلك.
(2) التدمرية ص42، أقول ومثلها العبارات التي لم ترد في الكتاب أو السنة ودأب بعضهم على استخدامها وهي مجملة كالتعايش، والحوار، والصدام ... إلخ. فيستفصل عن مراد قائلها إن لم يكن معلوماً بقرائن أخرى، ولا ترد مطلقاً بعلة أن بعضهم استخدمها لمعان تخالف الشرع.
(3) إعلام الموقعين 1/ 218.
(4) إعلام الموقعين 1/ 219.
(5) 1/ 382، المراد باختصار.
(6) الفتاوى الكبرى 5/ 155.
(7) الصواعق 1/ 384 - 385.
(8) سبقت الإشارة إلى قول ابن القيم في الصواعق 1/ 384 - 385.
(9) الفتاوى الكبرى 5/ 155.
(10) بدائع الفوائد 4/ 815.
(11) الرد على المنطقيين ص40.
(12) الفتاوى 5/ 561 - 562.
(13) قاعدة في الجرح والتعديل ص93.
(14) معجم المناهي اللفظية ص489.(28/248)
ماذا عن صفة الوجه؟؟
ـ[أبو عمر المدني]ــــــــ[01 - 09 - 04, 02:12 م]ـ
بهذا العنوان، وجدت موضوعاً في أحد الملتقيات ..
وقلت: عضدي بإخواني في تحقيق مراد هذا الأخ الفاضل ..
يقول السائل:
ماذا عن صفة الوجه؟؟
-------------------------------------------
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،
ما هي أقوال العلماء في صفة وجه الله؟
كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ * سورة الرحمن 55: 26 و27 ,
وَلاَ تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * سورة القصص 28: 88.
أنا قرأت في بعض التفاسير أنها تشير إلى الله ذاته و في الجواب الصحيح لابن تيمية أنها تعني الجهة و الوجهة.
الرجاء نقل أقوال العلماء في هذه الصفة مع التوثيق بارك الله فيكم.
ـ[أبو عمر المدني]ــــــــ[01 - 09 - 04, 02:13 م]ـ
البيهقي في "الاعتقاد" (ص/89) حيث قال "وهذه صفات طريق إثباتها السمع، فَنُثْيِتُها لورود خير الصادق بها، ولا نكيفها قال الله تبارك وتعالى: "ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" فأضاف الوجه إلى الذات، وأضاف النعت إلى الوجه، فقال: "ذو الجلال والإكرام" ولو كان ذكر الوجه صلة –] أي: زيادة [، ولم يكن للذات صفة لقال: ذي الجلال والإكرام. فلما قال: ذو الجلال والإكرام علمنا أنه نعت للوجه، وهو صفة للذات" أ. هـ.
وقرأت في مجلة التوحيد:
قال الإمام ابن خزيمة في إثبات صفة الوجه لله عز وجل:
فنحن وجميع علمائنا من أهل الحجاز وتهامة واليمن والعراق والشام ومصر، مذهبنا: أنا نثبت لله ما أثبته الله لنفسه، نقر ذلك بألسنتنا، ونصدق ذلك بقلوبنا، من غير أن نشبه وجه خالقنا بوجه أحد من المخلوقين عز ربنا عن أن يشبه المخلوقين. {كتاب التوحيد لابن خزيمة 1 - 26}.
يقول د- سلمان العودة في شرحة للواسطية:
ذكر المصنف رحمه الله أولاً: الآيات المتعلقة بإثبات صفة الوجه كقوله تعالى: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن:27] وهذه الآية من سورة الرحمن، وقبلها قوله تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن:26 - 27] فأثبت الفناء للمخلوقات على ظهر هذه الأرض، بقوله: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ [الرحمن:26] وكل: كما هو معلوم من ألفاظ العموم، التي تدل على فناء المخلوقات كلها، وليس المقصود العموم المطلق، وإنما هو العموم بحسبه، كما في قوله تعالى: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا [الأحقاف:25] فإن من المعلوم أن المعنى: تدمر كل شيء قابل للتدمير بها، يعنى: بالريح، كبيوتهم وما أشبه ذلك، ولذا قال: فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ [الأحقاف:25] فآثار مساكنهم لا تزال باقية، فمن المعلوم أنها لا تستطيع أن تدمر السماء ولا الأرض.
ومثله قوله تعالى عن بلقيس: إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ [النمل:23] فقوله: (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) لا يعني العموم المطلق، وإنما هو عموم بحسبه، يعني من كل شيء مما يؤتاه الملوك عادةً، من المال والخدم والحشم والأعوان والشرط وغير ذلك.
فقوله جل وعلا هنا: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ [الرحمن:26] هذا عموم لكنه بحسبه، ولهذا فهناك أشياء لا تفنى، وقد عدها بعض أهل العلم ثمانية، كما ذكر السيوطي:
ثمانية حكم البقاء يعمها ** من الخلق والباقون في حيز العدم
هي العرش والكرسي ونار وجنة ** وعجب وأرواح كذا اللوح والقلم
(وعجب) يعني العظم الموجود في أسفل ظهر الإنسان، وذكر في بقية البيت الأشياء التي لا تفنى وهي الأرواح، واللوح والقلم، وغيرها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/249)
فهذه ثمانية أشياء، وأما ما عداها فإنه كتب عليها الفناء والزوال، ثم استثنى وقال: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ [الرحمن:27] والآية إنما سيقت في مساق المدح فقوله: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ [الرحمن:26] ليس مدحاً، إنما يأتي المدح ويكمل إذا قال: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ [الرحمن:27] فبعدما حكم بالزوال والفناء للمخلوقات على ظهر هذه البسيطة، استثنى وبين بقاء الله عز وجل فقال: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ [الرحمن:27] ذلك أن الله عز وجل حي لا يموت، كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: {أنت الحي الذي لا يموت والإنس والجن يموتون} وقال الله عز وجل: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ [الفرقان:58] وذلك أن حياته عز وجل حياة كاملة تامة، وهي صفة لذاته بخلاف المخلوق فإن حياته حياة ناقصة، قد أفاضها عليه ربه جل وعلا، ومنحه إياها، فيسلبها منه متى شاء، ولهذا قال: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ [الرحمن:27] وقوله: (ذو الجلال) فهذه صفة للوجه ولهذا جاءت مرفوعة بـ (ذُو)؛ لأنها صفة لـ (وجه) وهو فاعل وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ [الرحمن:27] فهي صفة للوجه.
مسلك إثبات صفة الوجه من الآية
ويؤخذ من هذه الآية إثبات صفة الوجه لله تعالى من عدة أدلة منها:-
أنه وصف الوجه بقوله: ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ [الرحمن:27] وهذا دليل على أنه صفة له جل وعلا.
ومنها: أنه أضافه إلى الذات- أضافه إلى ذاته العظيمة- فقال: وَجْهُ رَبِّكَ [الرحمن:27] ولو كان الوجه هو الذات- كما قال بعض أهل البدع- لم يكن لإضافته إلى الذات معنى.
ومن الأدلة على أن الوجه غير الذات وأن الوجه صفة لله عز وجل، وأن النبي صلى الله عليه وسلم عطفه على الذات، كما في حديث أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: {أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم} وذلك عند دخول المسجد، والحديث صحيح، فلو كان الوجه هو الذات، لم يكن لعطفه على الذات معنى، فلما عطف عليه عُلم أن الوجه صفة لله عز وجل وليس ذاته، وليس الوجه ذاته، فقال: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ [الرحمن:27].
محاجة المبتدعة في إثبات صفة الوجه والرد عليهم
وقد احتج بعض أهل البدع هنا بقولهم: إن هذا دليل على أن الوجه هو الذات، قلنا: كيف؟
قالوا: لأن البقاء هل هو خاص بالوجه أم لذاته- جل وعلا؟
الجواب: أنه ليس خاصاً بالوجه، بل لذاته سبحانه، قالوا: إذاً هذا دليل على أن الوجه
هو الذات وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ [الرحمن:27] أي: يبقى ربك.
هذا كلام من؟
هذا كلام أهل البدع الذين أنكروا صفة الوجه، فيرد عليهم بأمور:-
منها: أن يقال إنه ذكر الوجه هاهنا وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ [الرحمن:27] لأن إثبات بقاء الوجه يستلزم إثبات بقاء الذات، فحينئذ يكون المقصود بالوجه بقاء وجهه عز وجل، ويلزم من هذا بقاء ذاته.
الجواب الثاني: أن يقال: حتى على التسليم، بأن مقصود وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ [الرحمن:27] أي: ويبقى ربك. فإن ذكر الوجه لله تعالى، لم يكن ليسوغ أو ليصلح لو لم يكن ثابتاً له في الأصل تعالى، فإن الإنسان يقبح منه مثلاً أن يقول: وجه الريح، لأن الريح ليس لها وجه، أو وجه الجدار؛ لأن الجدار ليس له وجه، فلما قال سبحانه: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ [الرحمن:27] علم أن الوجه صفة يوصف الله تعالى بها، وتثبت له، فلهذا ذكره في السياق- هذا فضلاً عن أن هناك نصوصاً أخرى لا تقبل مثل هذا التأويل، وذلك كما في أحاديث -النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها الحديث الذي ذكرته: {أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم} وكما في قوله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: {إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه} فهذا صريح في إثبات الوجه له تعالى.
ثم ذكر قوله تعالى: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [القصص:88] وهي كالآية السابقة، حكم الله تعالى فيها بالهلاك على كل شيء إلا وجهه، ففيها إثبات صفة الوجه له تعالى، وبقاء الوجه يستلزم بقاء الذات كما سبق، وذكر الوجه له حتى لو كان المقصود إلا ذاته، فذكر الوجه لم يكن ليسوغ لو لم يكن الوجه صفة ثابتة له تعالى، وهذه فائدة ينبغي أن تعرف في جميع الصفات، بمعنى أن أهل البدع قد يتمسكون بنص من النصوص، يؤولون الآية فيه على غير ما دلت عليه، فمثلاً يقولون: في قوله تعالى: تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ [الملك:1] فإذا قلنا لهم: هذا دليل على إثبات صفة اليد، قالوا: لا، لأن الملك ليس في يده حقيقة، وإنما المعنى: في تصرفه وتدبيره.
فنقول: حتى لو سلمنا جدلاً أن هذا هو المعنى، فإن قوله: بِيَدِهِ الْمُلْكُ [الملك:1] لم يكن ليسوغ لولا أن اليد في الأصل ثابتة له، مع أننا نستعين بالنصوص الأخرى الواردة في المقام والسياق نفسه لإثبات ما نفوه، وتحقيق ما أولوه.
http://audio.islamweb.net/islamweb/...dioID=14171#187
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/250)
ـ[أبو عمر المدني]ــــــــ[01 - 09 - 04, 02:14 م]ـ
http://www.d-sunnah.net/forum/showthread.php?t=20814
بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ محدثةٍ بدعة وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد، كثير ما تحتج الرافضة على أهل السنّة والجماعة بقوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} وتريد باحتجاجها هذا إلزام أهل السنّة بأمرين: إما القول بأن ذات الله هالكة إلا وجهه، وإما القول بتقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز وقوله تعالى من باب المجاز. فنقول في الرد على هذه الشبهة:
إن قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} ذكر الوجه تخصيصاً، وقصد الذات عموماً. وهذا دارج في لغة العربية التي نزل بها القرآن.
فالعبرة بعموم المعنى لا بخصوص السبب، إلا إذا قام دليل على التخصيص، وكثير من آيات القرآن ذوات أسباب في نزولها، وقصر أحكامها في دائرة أسبابها ليس إلا تعطيلاً للتشريع. فإن قاعدة توجيه الخطاب في الشريعة، هي أن خطاب الواحد يعم حكمه جميع الأمة، كما في قوله: {لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَّخْذُولاً} فنفهم بأن حكم هذه الآية عام لجميع الأمة؛ للاستواء في أحكام التكليف، ما لمن يرد دليل يجب الرجوع إليه دالاً على التخصيص، ولا مخصص هنا.
وكذلك قوله: {لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَّخْذُولاً} خص ذكر فرداً واحداً، وقصد عموم المسلمين.
مثال آخر: قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ} وهذا الاستئذان أدب عام لجميع بيوت المؤمنين، ولا أحد يقول بقصر هذا الحكم على بيوت النبي دون بقية بيوت المؤمنين؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "إياكم والدخول على النساء" رواه البخاري ومسلم وأحمد والترمذي.
فإن تفسير أهل السنّة والجماعة الوجه بالذات في قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} ليس تأويلاً - بالمعنى الكلامي - بل تفسيراً، وهذا التفسير معلوم عند لغة العرب. قال الإمام الشافعي:
وصن الوجه أن يذل ويخضع = إلا إلى اللطيف الخبير
فلم يقصد الشافعي بأن لا يخضع وجه المسلم فقط لغير الله، بل عنى أن لا يخضع ويذل المسلم بذاته إلى غير الله. ولكن، إنما ذكر الوجه تخصيصاً، وقصد الذات عموماً.
وهو كقوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} ذكر الوجه خصوصاً، وقصد الذات عموماً – ولله المثل الأعلى -. فلم يقل أحداً من أهل السنّة والجماعة بأن الله هالك كله إلا وجهه، فإن هذا القول قولاً فاحشاً، بل قد عرف بأن هذا هو قول فرقة من فرق الشيعة، وهم أتباع بيان بن سمعان التميمي، قالوا: "يهلك كله إلا وجهه؛ لقوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} ".
انظر: الملل والنحل، لأبي الفتح الشهرستاني، 1/ 153.
ومن الواضح بأن الرافضة قد ورثت عقيدة التجسيم التي وقع فيها سلفهم ابن سمعان المجسم - عليه من الله ما يستحق -.
فإن معنى الوجه في قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}، هو نفس المعنى الوجه في قوله تعالى لنبيه محمد رسول الله: {فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ}، من حيث الخاص والعام، فإنما خص ذكر الوجه، وقصد الذات.
فلم يقل أحداً من المسلمين بأن محمد رسول الله سلم وجهه لله فقط، فهذا القول لا يقوله إلا زنديق أو - ربما - شيعي.
ولم يقل أحداً من الأمة ممن فسر الوجه بالذات في قوله تعالى: {فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ}، بأن محمد رسول الله، لا وجه له، لأن تأويل الوجه ها هنا الذات، بل إن في قوله تعالى إثبات بأن نبيه ورسوله محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - له وجه وذات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/251)
ف أعظم حجة بالغة لكسر قول الرافضة وبطل دعواهم. قول الله عز وجل: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} يعني الريح التي أرسلت على عاد، فهل أبقت الريح يا بشر شيئا لم تدمره؟
فإن قالوا: لا لم يبق شيء إلا دمرته، وقد دمرت كل شيء كما أخبر الله تعالى لأنه لم يبق شيء إلا وقد دخل في هذه اللفظة.
قلنا لهم: قد كذب الله من قال هذا بقوله: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} فأخبر عنهم أن مساكنهم كانت باقية بعد تدميرهم، ومساكنهم أشياء كثيرة. وقال عز وجل: {مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} وقد أتت الريح على الأرض والجبال والمساكن والشجر وغير ذلك فلم يصر شيئا منها كالرميم وقال عز وجل: {وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ} يعني بلقيس، فكأن بقوله هذا يجب أن لا يبقى شيء يقع عليه اسم الشيء إلا دخل في هذه اللفظة وأوتيته بلقيس، وقد بقي ملك سليمان وهو مائة ألف ضعف مما أوتيته لم يدخل في هذه اللفظة.
فهذا كله مما يكسر قولهم ويدحض حجتهم، ومثل هذا في القرآن كثير مما يبطل قولهم، ولكني أبدأ بما هو أشنع وأظهر فضيحة لمذهبهم وأدفع لبدعتهم، قال الله عز وجل: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ} وقال: {لَّكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً} وقال عز وجل: {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ} وقال عز وجل: {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ} فأخبر الله عز وجل بأخبار كثيرة في كتابه: أن له علماً، أفتقر الرافضة بأن لله علماً كما أخبرنا أو يخالفوا التنزيل ويقول بأن ليس لله علماً، لأن العلم مخلوق لقوله تعالى: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} وهذه لفظة لم تدع شيئا إلا أدخلته في الخلق ولا يخرج عنها شيء ينسب إلى الشيء لأنها لفظة استقصت الأشياء؟
فلن تستطيع الرافضة الإجابة عن هذه الحجة بلا حيدة، ولا يأبوا أن يصرحوا بالكفر، فإن قالوا: "ليس لله علم"، فيكون قد ردوا نص التنزيل فتتبين ضلالهم وكفرهم، وإن قالوا: "إن لله علماً"، سألناهم عن علم الله هل هو داخل في "كل الأشياء" المخلوقة أم لا؟ فإن قالوا: "لا"، قلنا لهم: وما الفرق بين عدم دخول علم الله في كل شيء المخلوق، وعدم دخول الذات الله وصفاته في كل شيء الهالك؟!
لعلك يا أخي القارئ علمت ما أردنا، وما يلزم الرافضة في ذلك من كسر قولهم وإبطال حجتهم.
وقد احتججنا على الرافضة بعين قول الإمام عبد العزيز بن يحيى الكناني - رحمه الله - في مناظرته الشهيرة مع رأس الجهمية في عصره: بشر بن غياث المريسي.
فإن في تفسير الوجه في قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}، بالذات، لا يقتضي تعطيل صفة الوجه عن الله تعالى أو سائر الصفات، لأن في لفظ قوله تعالى ثلاثة دلالات:
الأولى: الدلالة المطابقية.
الثانية: الدلالة التضمنية.
الثالثة: الدلالة الالتزامية.
فالدلالة المطابقية: هي دلالة اللفظ على تمام ما وضع له من حيث أنه وضع له. وذلك مثل دلالة لفظ (الوجه) على ذات الله. وسميت مطابقية لتطابق اللفظ والمعنى، وتوافقهما في الدلالة.
أما الدلالة التضمنية: فهي دلالة اللفظ على جزء ما وضع له في ضمن كل المعنى. مثل دلالة لفظ (الوجه) على ذات الله وحدها، وعلى صفة الوجه وحدها. وسميت وضعية لأنها عبارة عن فهم جزء من الكل، فالجزء داخل ضمن الكل أي في داخله. بصرف النظر عن استعمال (الجزء والكل) بل يقال على الصفة والموصوف.
وأما الدلالة الالتزامية: فهي دلالة اللفظ على خارج عن معناه الذي وضع له، مثل دلالة قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} على صفة (البقاء) وعلى (العظمة) وغيرهما من صفات الله الكمال.
وهذا كله معلوم بالتتبع ومن الشواهد اللغوية.
فإن قالوا: "بأن هذا مجاز والمجاز لا يجوز عند أهل السنّة"، فنجيب عن كلامهم في تقسيم الكلام في القرآن إلى حقيقة ومجاز، بجوابين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/252)
أحدهما: كلام عام في لفظ "الحقيقة والمجاز". فإن تقسيم الألفاظ الدالة على معانيها إلى "حقيقة ومجاز"، وتقسيم دلالتها أو المعاني المدلول عليها إن استعمل لفظ الحقيقة والمجاز في المدلول أو في الدلالة؛ فإن هذا كله قد يقع في كلام المتأخرين، ولكن المشهور أن الحقيقة والمجاز من عوارض الألفاظ، وبكل حال؛ فهذا التقسيم هو اصطلاح حادث بعد انقضاء القرون الثلاثة، لم يتكلم به أحد من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان، ولا أحد من الأئمة المشهورين في العلم؛ كمالك والثوري والأوزاعي وأبي حنيفة والشافعي، بل ولا تكلم به أئمة اللغة والنحو؛ كالخليل وسيبويه وأبي عمرو بن العلاء ونحوهم.
وأول من عُرف أنه تكلم بلفظ "المجاز" أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتابه، ولكن لم يعن بالمجاز ما هو قسيم الحقيقة، وإنما عنى بمجاز الآية ما يعبر به عن الآية، ولهذا قال من قال من الأصوليين - كأبي الحسين البصري وأمثاله - أنها تُعرف الحقيقةً من المجاز بطرق، منها نص أهل اللغة على ذلك بأن يقولوا: هذا حقيقة وهذا مجاز؛ فقد تكلم بلا علم، فإنه ظن أن أهل اللغة قالوا هذا، ولم يقل ذلك أحد من أهل اللغة ولا من سلف الأمة وعلمائها، وإنما هذا اصطلاح حادث، والغالب أنه كان من جهة المعتزلة ونحوهم من المتكلمين، فإنه لم يوجد هذا في كلام أحد من أهل الفقه والأصول والتفسير والحديث ونحوهم من السلف.
وهذا الشافعي هو أول من جرد الكلام في "أصول الفقه"، لم يقسم هذا التقسيم ولا تكلم بلفظ "الحقيقة والمجاز"، وكذلك محمد بن الحسن له في المسائل المبنية على العربية كلام معروف في "الجامع الكبير" وغيره ولم يتكلم بلفظ الحقيقة والمجاز، وكذلك سائر الأئمة لم يوجد لفظ المجاز في كلام أحد منهم إلا في كلام أحمد بن حنبل؛ فإنه قال في كتاب "الرد على الجهمية" في قوله: "إنا، ونحن" ونحو ذلك في القرآن: هذا من مجاز اللغة، يقول الرجل: إنا سنعطيك، إنا سنفعل؛ فذكر أن هذا مجاز اللغة.
وبهذا احتج على مذهبه من أصحابه من قال: إن في "القرآن" مجازاً؛ كالقاضي أبي يعلى، وابن عقيل، وأبي الخطاب، وغيرهم، وآخرون من أصحابه منعوا أن يكون في القرآن مجاز؛ كأبي الحسن الخرزي، وأبي عبد الله بن حامد، وأبي الفضل التميمي بن أبي الحسن التميمي، وكذلك منع أن يكون في القرآن مجاز محمد بن خويز منداد وغيره من المالكية، ومنع منه داود بن علي، وابنه أبو بكر، ومنذر بن سعيد البلوطي وصنف فيه مصنفاً.
وحكى بعض الناس عن أحمد في ذلك روايتين، وأما سائر الأئمة؛ فلم يقل أحد منهم ولا من قدماء أصحاب أحمد: إن في القرآن مجازاً، لا مالك ولا الشافعي ولا أبو حنيفة؛ فإن تقسيم الألفاظ إلى حقيقة ومجاز إنما أشتهر في المئة الرابعة، وظهرت أوائله في المئة الثالثة، وما علمته موجوداً في المئة الثانية اللهم إلا أن يكون في أواخرها، والذين أنكروا أن يكون أحمد وغيره نطقوا بهذا التقسيم قالوا: إن معنى قول أحمد: من مجاز اللغة؛ أي: مما يجوز في اللغة أن يقول الواحد العظيم الذي له أعوان: نحن فعلنا كذا، ونفعل كذا، ونحو ذلك. قالوا: ولم يرد أحمد بذلك أن اللفظ استعمل في غير ما وضع له.
وقد أنكر طائفة أن يكون في اللغة مجاز، لا في القرآن ولا غيره؛ كأبي إسحاق الإسفراييني، وقال المنازعون له: النزاع معه لفظي، فإنه إذا سلم أن في اللغة لفظاً مستعملاً في غير ما ُوضع له لا يدل على معناه إلا بقرينة؛ فهذا هو المجاز وإن لم يسمه مجازاً، فيقول من ينصره: إن الذين قسموا اللفظ حقيقة ومجازاً قالوا: "الحقيقة" هو اللفظ المستعمل فيما وُضع له، "والمجاز" هو اللفظ المستعمل في غير ما وُضع له؛ كلفظ الأسد والحمار إذا أريد بهما البهيمة أو أريد بهما الشجاع والبليد، وهذا التقسيم والتحديد يستلزم أن يكون اللفظ قد وُضع أولاً لمعنى، ثم بعد ذلك قد يستعمل في موضوعه وقد يستعمل في غير موضوعه، ولهذا كان المشهور عند أهل التقسيم أن كل مجاز؛ فلا بد له من حقيقة، وليس لكل حقيقة مجاز، فاعترض عليهم بعض متأخريهم وقال: اللفظ الموضوع قبل الاستعمال لا حقيقة ولا مجاز، فإذا استعمل في غير موضوعه؛ فهو مجاز لا حقيقة له.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/253)
وهذا كله إنما يصح لو عُلم إن الألفاظ العربية وُضعت أولاً لمعانٍ، ثم بعد ذلك استعملت فيها؛ فيكون لها وضع متقدم على الاستعمال، وهذا إنما صح على قول من يجعل اللغات اصطلاحية، فيدعي أن قوماً من العقلاء اجتمعوا واصطلحوا على أن يسموا هذا بكذا وهذا بكذا، ويجعل هذا عاماً في جميع اللغات، وهذا القول لا نعرف أحداً من المسلمين قاله قبل أبي هاشم بن الجبائي ...
والمقصود هنا أنه لا يمكن أحداً أن ينقل عن العرب بل ولا عن أمة من الأمم أنه أجتمع جماعة فوضعوا جميع هذه الأسماء الموجودة في اللغة ثم استعملوها بعد الوضع، وإنما المعروف المنقول بالتواتر استعمال هذه الألفاظ فيما عنوه بها من المعاني، فإن ادعى مدعٍ أنه يعلم وضعاً يتقدم ذلك؛ فهو مبطل، فإن هذا لم ينقله أحد من الناس، ولا يقال: نحن نعلم ذلك بالدليل؛ فإنه إن لم يكن اصطلاح متقدم لم يمكن الاستعمال.
انظر: مجموع الفتاوى 7/ 88 - 91.
والثاني: ما يختص بهذا الموضع فبتقدير أن يكون أحدهما مجازاً ما هو الحقيقة من ذلك من المجاز هل الحقيقة هو المطلق أو المقيد أو كلاهما حقيقة حتى يعرف أن لفظ "الوجه" إذا أطلق على ماذا يحمل فيقال أولاً تقسيم الألفاظ الدالة على معانيها إلى "حقيقة ومجاز" وتقسيم دلالتها أو المعانى المدلول عليها إن استعمل لفظ الحقيقة والمجاز في المدلول أو في الدلالة فإن هذا كله قد يقع في كلام المتأخرين ولكن المشهور.
انظر: مجموع الفتاوى 7/ 87.
إذاً، إن كان قصدهم بأن تفسير "الوجه" بالذات لقوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}، تفسيراً مجازياً بالمعنى اللغوي، أي: مما يجوز فيها ولا يمتنع. فهذا حق.
أما لو كان قصدهم بأن التفسير مجازاً بالمعنى المعروف في اصطلاح أهل البلاغة، أي: إن اللفظ استخدم في غير موضعه، فهذا باطل فاحش البطلان، فلا يظن بالله إنه يستخدم ألفاظ في غير موضعها.
فالصحيح الذي عليه المحققون أنه ليس في القرآن مجاز على الحد الذي يعرفه أصحاب فن البلاغة، بل إن في القرآن المجاز اللغوي.
وإن قالوا: "بأن هذا تأويل والتأويل ممنوع"، نقول: بأن في هذا القول تلبيس، إذ إن للتأويل ثلاثة معان:
الأول: صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به، كتأويل أهل البدع نصوص العلو، وصرفها عن معنى علو الذات إلى علو القهر والقدر فقط. وهذا هو المقصود عند أهل السنة والجماعة حين التكلم في تأويل الصفات وترك تأويلها.
الثاني: التأويل بمعنى التفسير، كما يقول ابن جرير وغيره من المفسرين: "واختلف علماء التأويل" أي: علماء التفسير، وقوله: "القول في تأويل قوله تعالى ... إلخ".
الثالث: هو الحقيقة التي يؤول إليها الكلام، فتأويل الخبر هو عين المخبر عنه، كقول يوسف - عليه السلام - بعد أن سجد له أخوته: {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ}.
أسأل الله عز وجل أن يجعلنا من دعاة الحق وأنصاره وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا إتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه انه على كل شيء قدير. اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تجدد الإيمان في قلوبنا، اللهم حبب إلينا الإيمان زينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين، اللهم اجعلنا ممن قلت فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ}، اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، وآخر دعوانا أن والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا الله، أستغفرك وأتوب إليك.
أخوكم في الله/ أبو إبراهيم أحمد الرئيسي البلوشي.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[01 - 09 - 04, 02:25 م]ـ
في كل شروح الواسطية لا بن تيمية ما يفيد فراجعها.
ـ[أبو عمر المدني]ــــــــ[01 - 09 - 04, 03:58 م]ـ
جيد ..
أنا وأنت يا شيخ عبدالرحمن نطلع على شروح الواسطية لكن من في الخارج قد يعيقه المراجع!!
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[01 - 09 - 04, 06:15 م]ـ
جيد ..
أنا وأنت يا شيخ عبدالرحمن نطلع على شروح الواسطية لكن من في الخارج قد يعيقه المراجع!!
سبحان الله ..
أنا دللتك على ما يفيد.
والذي تعيقه المراجع، يُخبر بذلك، حتى يخدمه الإخوة، مع أن بعضها موجود على الشبكة.
وشكرا.
ـ[أبو عمر المدني]ــــــــ[01 - 09 - 04, 06:36 م]ـ
على العموم جزاك الله خيراً يا شيخ عبدالرحمن ..
وهو معنا في هذا الملتقى إن أراد شيء يراسلك على الخاص!!
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[02 - 09 - 04, 02:14 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،
جزاك الله خيرًا أخي أبا عمر و أنا لم أرد سوى النقول الموثقة من كتابات علمائنا الربانيين.
و لكن عندي إشكال في كلام بعض العلماء بخصوص قوله تعالى {بل يداه مبسوطتان}، فقد ذكر ابن تيمية في الجواب الصحيح و ابن كثير في تفسيره - رغم إثباتهما لصفة اليد - أن البسط هنا كناية عن الكرم. في حين أن العديد من علمائنا يفهمون هذا البسط على أنه حقيقي لا مجازي و يستدلون بصفات اليد من بسط و قبض و مسك و مسح على كونها يد حقيقية. فما توجيهكم لهذا الإشكال الذي ظهر لي؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/254)
ـ[العامر]ــــــــ[02 - 09 - 04, 02:47 م]ـ
أخي الدكتور هشام ..
حسب فهمي القاصر
أن الكلام عن اليدين في الآية يختلف عن الكلام في البسط ...
فأهل السنة بلا استثناء يثبتون أن لله يدين اثنتين بنص هذه الآية ....
أما البسط فلا أعرف إلا أنه كناية عن كرم الله سبحانه ....
وحتى لو قلنا أن المعنى مجازي فهذا البسط لا يطلق أبداً إلا فيمن له يدان ....
فلا يوصف الجدار بأن يداه مبسوطتان ... .
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[03 - 09 - 04, 01:29 ص]ـ
انا لا استشكل صفة اليد، بل صفة البسط ... هل هو بسط حقيقي أم مجاز عن الكرم؟
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[03 - 09 - 04, 02:36 ص]ـ
المهم ان له يدين كريمتين يقبض بهما ويبسط سواء يبسط بالكرم أو غيره وفي الحديث الثابت "يبسطيده بالليل ليتوب مسئ النهار ........ "
ـ[أبو عمر المدني]ــــــــ[03 - 09 - 04, 09:58 م]ـ
أستاذي الفاضل الدكتور هشام
أحد زملائي يقوم بصف رسالة صغيرة في الرد على منكر لصفة الوجه واليدين ..
ومن ضمنها الآيات التي سألت عنها ..
وسينشره -كم علمت- في الدفاع عن السنة حال إتمامه للكتاب ..
ويعلم الله أنني أحبك في الله لما أعلم من عقيدتك السنية السلفية وجهادك للنصارى ..
ـ[أبو عمر المدني]ــــــــ[04 - 09 - 04, 02:47 ص]ـ
? وأما أدلة إثبات اليد لله تعالى:
? فمن الكتاب الكريم: {بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء} {المائدة: 64}. و {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيجي} {ص: 75}. و {السماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون} {الذاريات: 47}.
? ومن السنة المطهرة: ? حديث عبدالله بن عمرو ? -: عن النبي ? قال: ((إن المقسطين عند الله على منابر من نور، عن يمين الرحمن عز وجل، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا)). والحديث رواه مسلم (3/ 1458)، والنسائي (8/ 221) من طريق: عمرو بن أوس، عن عبدالله بن عمرو – ? - به.
? وحديث أبي هريرة – ? -: عن النبي ? أنه قال: ((احتج آدم وموسى، فقال له موسى: يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة، قال له آدم اصطفاك الله بكلامه وخط لك بيده … .. )) الحديث. وهو متفق عليه عند البخاري (4/ 146)، ومسلم (4/ 2042). وفي رواية عند مسلم: ((قال موسى: أنت آدم الذي خلق الله بيده ……)). ولم تسلم هذه الصفة من تأويل ابن الجوزي، فقد أولها بالقوة، وتبعه السقاف على ذلك، وهو مذهب غالب من ينتسب إلى الأشعري، مع أن الشعري خالفهم في هذا القول، فقال في كتابه ((الإبانة)) (ص: 131): ((فإن سئلنا: أتقولون إن لله يدين؟ قيل: نقول ذلك …….)). ثم اسهب في الرد على من يدعي أن المراد باليد النعمة أو القدرة. وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة، يثبتون أن لله تعالى يدين كما ورد في الكتاب والسنة.
--------------------------------------------------------------------------------
الجزء الخامس والثلاثون
أقوال أهل العلم الدالة على إثبات صفة اليد لله تعالى
وأقوال أهل العلم من أهل السنة والجماعة والأئمة المتبوعين المعتبرين تشهد بما ذكرناه من إثبات صفة اليد لله تعالى. وإليك جملة من أقوالهم في ذلك:
? الإمام أحمد – رحمه الله – (27): كما في رواية أبي طالب عنه، قال: ((قلب العبد بين أصبعين، وخلق أدم بيده، وكل ما جاء الحديث مثل هذا قلنا به)). وفي رواية الميموني عنه: ((من زعم أن يديه نعمتاه فكيف يصنع بقوله: {خلقت بيدي} مشددة)).
? الحافظ افسماعيلي: قال في اعتقاده كما في ((السير)) للذهبي (16/ 295): ((اعلموا رحمكم الله أن مذاهب أهل الحديث الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله ….، ويعتقدون بان الله مدعو بأسمائه الحسنى، وموصوف بصفاته التي وصف بها نفسه، ووصفه بها نبيه، خلق آدم بيديه، ويداه مبسوطتان بلا اعتقاد كيف ….)).
? أبو عثمان الصابوني: قال – رحمه الله – في ((اعتقاد أهل السنة وأصحاب الحديث)) (ص: 26): ((يقول: إنه خلق آدم بيده كما نص سبحانه عليه في قوله عز وجل: {قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} ولا يحرفون الكلام عن مواضعه بحمل اليدين على النعمتين أو القوتين تحريف المعتزلة والجهمية أهلكم الله، ولا ييفونهما بكيف أو يشبهونهما بايدي المخلوقين تشبيه المشبهة خذلهم الله …….)).
? أبو القاسم الأصبهاني المعروف بـ: ((قوام السنة)): قال في كتابه: ((الحجة في بيان المحجة)) (2/ 291) في مذهب أهل السنة في الصفات: ((والإيمان بما ورد في القرآن من صفات الله تعالى كاليد، والإتيان، والمجيء، وإمرارها على ما جاءت، لا تكيف، ولا تتأول)).
? ابن قتيبة الدينوري: قال في ((الرد على الجهمية والمشبهه)) (ص: 40) بعد أن فند أقوالهم في تأويل اليدين، وردها بالأدلة الجازمة: ((فإن قال لنا: ما اليدان ها هنا؟ قلنا: هما اليدان التان تعرف الناس كذلك، قال ابن عباس في هذه الآية: ((اليدان: اليدان))، وقال النبي ?: ((كلتا يديه يمين))، فهل يجوز لأحد أن يجعل اليدين ها هنا نعمة، أو نعمتين، وقال: {لما خلقت بيدي} فنحن نقول كما قال الله تعالى، وكما قال رسوله، ولا نتجاهل، ولا يحملنا ما نحن فيه من نفي على أن ننكر ما وصف به نفسه، ولكنا لا نقول: كيف اليدان، وإن سئلنا نقتصر على جملة ما قال ونمسك عما لم يقل)).
? أبو الحسن الأشعري: الذي ينسب نفسه إليه. وقد تقدم نقل كلامه في ذلك (ص: 167).
من كتاب لا دفاعاً عن الألباني وحسب
لعمرو عبدالمنعم سليم(28/255)
سؤال حول تصرف البائع في المبيع وقت خيار الشرط
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[04 - 09 - 04, 10:27 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد،،
فقد جاء في الاختيار للموصلي أن تصرف البائع في المبيع حال الخيار بما لا يجوز إلا بالملك فهو فسخ منه للبيع و أشكل ذلك عليّ بما مرّ و درسته أن الخيار لا يخرج المبيع من ملك البائع و لا يدخله في ملك المشتري عند أبي حنيفة ـ خلافا لأبي يوسف و محمد ـ
فإننا لو قلنا بعدم خروج المبيع عن ملك البائع حال الخيار فإنه لا يمنع من التصرف فيه بما لا يخل به، لأن التمليك يلزم منه جواز التصرف بما لا يفسد و لا يؤثر في عين المبيع لأن هلاك عين المبيع تفسخ العقد
فما جوابكم عن هذا الإشكال؟
و جزاكم الله تعالى خيرا
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[05 - 09 - 04, 12:11 ص]ـ
أخي الحبيب محمد بن رشيد وفقه المولى لكل خير.
(هذه مذاكرة)
أما الملك عند ابي حنفيه للبائع زمن الخيار فهو (ملك ناقص) لايملك فيه تمام التصرف - حتى لو كان تصرفا لايفسد المبيع ولا يتلفه -.
فلا يملك وطء الجارية وان كان الملك باقيا له، لان ملكه ناقص، وعليه فلايلزم من التصرف الممنوع ان يكون تصرفا يتلف المبيع او يفسده بل كل تصرف كان فيه تمام الملك.
و حتى أقرب الصورة (وهذا الضابط الذي حفظتها به) ان التصرف من البائع الذي يفسخ العقد زمن الخيار عند الحنفيه هو مشابه للتصرف الذي يمضى العقد من المشترى عند الحنابلة رحمهم الله أذا كان الخيار للمشترى وحده (أي التصرف الذي يبطل خيار المشترى ويمضى العقد).
وعليه فقس، ولاادري عن هذا الضابط فلم اجربه كثيرا فقد وضعته من عندي أول الطلب واظنه صحيحا ان شاء الله تعالى.
وعليه فقولكم وفقكم الله: (لأن التمليك يلزم منه جواز التصرف بما لا يفسد و لا يؤثر في عين المبيع) فلا بد من أضافة قيد هو او تصرف يدل على تمام الملك كوطء الجارية.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[05 - 09 - 04, 06:32 م]ـ
أكثر الله تعالى من بركاتكم أخ زياد و زادكم علما و شرفا
و قد حل الإشكال و لله تعالى الحمد و المنة
و جزاكم الله تعالى خيرا
تلميذكم المحب / محمد رشيد(28/256)
سؤال في العقيدة [إثبات الظِّلِّ لله] المرجو الافادة.
ـ[محمد حسين بشري]ــــــــ[06 - 09 - 04, 04:06 ص]ـ
الاخووة الفضلاء.من له توجيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور
\سبعة يظلهم الله يوم لا ظل الا ظله ... الحديث.
فقد ذكر بعض الأشاعرة المعاصرين أن قواعد السلفيين في فهم الصفات تقتضي اثبات الظل لله. وهذا باطل. على زعمه.
ثم اني بحثت في أقوال السلف المسندة.وما تيسر لي الآن من كتب الاعتقاد فلم أجد بغيتي ولكني وقفت للشيخ ابن عثيمين في شرحه على رياض الصالحين مايقتضي أن الظل مخلوق .....
فالمرجو من أهل هذا الملتقى المبارك الافادة.سيما ان توفرت بعض النقول أومظان بحث المسألة ..
ـ[حارث همام]ــــــــ[06 - 09 - 04, 12:51 م]ـ
اعلم رحمني الله وإياك أنَّ الظل جاء تارة مضافاً إلى الله تعالى، وتارة مضافاً إلى العرش.
فقد روى: البخاري في ((صحيحه)) (660)، ومسلم في ((صحيحه)) أيضاً
(1031)؛ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله 000)).
وروى مسلم في ((صحيحه)) (2566) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((000 أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي)).
وروى مسلم أيضاً (3006) من حديث أبي اليسر رضي الله عنه مرفوعاً: ((من أنظر معسراً أو وضع عنه؛ أظله الله في ظله)).
وستأتي الإضافة مفسرة بـ (ظل العرش) في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند الإمام أحمد والترمذي.
وروى الإمام أحمد في ((المسند)) (5/ 328)، والحاكم في ((المستدرك)) (4/ 169)، والطبراني في ((الكبير))، وابن حبان في ((صحيحه)) (577) من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه: ((المتحابون في الله في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله 000)).
وأورده الألباني في ((صحيح الجامع)) (1937) بلفظ: ((إن المتحابين00))
وروى الإمام أحمد في ((المسند)) (5/ 237)، وابن أبي الدنيا في ((الأخوان)) (9)؛ من حديث عبادة بن الصامت: ((حقت محبتي للمتحابين فيَّ 000 والمتحابون في الله على منابر من نور في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله)). وقال الألباني في ((صحيح الجامع)) (4320): ((صحيح يشهد له ما بعده)).
وروى الإمام أحمد في ((المسند)) (5/ 300، 308)، والدارمي (2/ 262) والبغوي في ((شرح السنة)) (2143) وحسنه؛ من حديث أبي قتادة رضي الله عنه: ((من نَفَّسَ عن غريمه أو محا عنه؛ كان في ظل العرش يوم القيامة)) وصححه الألباني في صحيح الجامع (7576)
وروى الإمام أحمد في ((المسند)) (8696 - شاكر)، والترمذي (صحيح سنن الترمذي 1052) واللفظ له؛ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((من أنظر معسراً، أو وضع له؛ أظلَّه الله يوم القيامة تحت ظل عرشه، يوم لا ظلَّ إلا ظِلُّه)).
وأورده الشيخ مقبل الوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (رقم 1307و1461).
معنى (الظل) الوارد في الأحاديث:
قال الحافظ أبو عبد الله بن منده في ((كتاب التوحيد)) (3/ 190): ((بيان آخر يدل على أن العرش ظل_ٌ يستظل فيه من يشاء الله من عباده))، ثم ذكر بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي، اليوم أظلهم في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي))، ثم أورد حديث: ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله))، وكأنه رحمه الله يشير إلى أنَّ الظل في حديث السبعة هو ظل العرش الوارد في حديث المتحابين في الله.
وقال ابن عبد البر في ((التمهيد)) (2/ 282) بعد أو أورد حديث ((سبعة في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله)): ((والظل في هذا الحديث يراد به الرحمة، والله أعلم، ومن رحمة الله الجنة، قال الله عَزَّ وجلَّ: (أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا (، وقال: (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (، وقال: (فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ (. اهـ.
وقال البغوي في ((شرح السنة)) (2/ 355) في شرح حديث السبعة: ((قيل: في قوله: ((يظلهم الله في ظله))؛ معناه: إدخاله إياهم في رحمته ورعايته، وقيل: المراد منه ظل العرش)). اهـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/257)
وقال الشيخ حافظ حكمي في ((معارج القبول)) (1/ 170) عند كلامه على عُلُو الله فوق عرشه ووصف العرش؛ قال: ((ومن ذلك النصوص الواردة في ذكر العرش وصفته، وإضافته غالباً إلى خالقه تبارك وتعالى فوقه))، ثم ذكر بعض الآيات والأحاديث، إلى أن قال: ((وفيه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: ((سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله)))). اهـ.
فأنت ترى أنَّ سياق الكلام يدل على أنَّ الظل عنده من صفات العرش.
وقال الحافظ ابن حجر في ((الفتح (2/ 144) عند شرح حديث السبعة: ((قوله: ((في ظله))؛ قال عياض: إضافة الظل إلى الله إضافة ملك، وكل ظل؛ فهو ملكه. كذا قال، وكان حقه أن يقول: إضافة تشريف؛ ليحصل امتياز هذا على غيره؛ كما قيل للكعبة: بيت الله، مع أنَّ المساجد كلها ملكه. وقيل: المراد بظله: كرامته وحمايته؛ كما يقال: فلان في ظل الملك. وهو قول عيسى بن دينار، وقوَّاه عياض. وقيل: المراد ظل عرشه. ويدل عليه حديث سلمان عند سعيد بن منصور بإسناد حسن: ((سبعة يظلهم الله في ظل عرشه (فذكر الحديث)، وإذا كان المراد ظل العرش؛ استلزم ما ذكر من كونهم في كنف الله وكرامته من غير عكس؛ فهو أرجح، وبه جزم القرطبي، ويؤيده أيضاً تقييد ذلك بيوم القيامة؛ كما صرح به ابن المبارك في روايته عن عبيد الله بن عمر، وهو عند المصنف في كتاب الحدود، وبهذا يندفع قول من قال: المراد ظل طوبى أو ظل الجنة؛ لأن ظلهما إنما يحصل لهم بعد الاستقرار في الجنة، ثم إنَّ ذلك مشترك لجميع من يدخلها، والسياق يدل على امتياز أصحاب الخصال المذكورة، فيرجح أنَّ المراد ظل العرش)) اهـ.
المصدر ( http://www.dorar.net/titles.asp?section_id=131&book_id=9)
( ملاحظة المصدر أعلاه مفيد جداً في موضوع الصفات وفيه تحقيق جيد ويبقى عمل كل آدمي يتعريه من النقص ما يعتريه).
وإلى أن الظل المراد به ظل العرش ذهب فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين، وقد سمعت منه ذلك قديماً، وعلى هذا فالإضافة عندهم للتشريف أو الخلق والإيجاد كـ (ناقة الله).
وبعض المحققين من أهل العلم ذهب إلى أن الظل صفة من صفات الله التي لاتأول، قال الشيخ عبدالعزيز الراجحي -حفظه الله-: "قوله في الحديث: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله قوله: "في ظله" صفة من الصفات لا تؤول، بل هي كما يليق بالله -سبحانه وتعالى- ومن قال: إن هذا الظل المراد به ظل العرش، يخشى عليه من التأويل، بل هو تأويل كما فسره بذلك النووي في شرح مسلم قال لورود حديث بذلك والجواب: أن حديث: في ظل عرشه باق على ظاهره، والحديث الأول باق على ظاهره فلا يفسر أحدهما بالآخر" وهو موجود بموقعه حفظه الله.
ولعله قد يكون في نفس المتأمل شيء من إثبات الظل صفة لله.
وذلك لأمور:
1 - عرف من قواعد الأصول أن المطلق يحمل على المقيد وقد جاءت أمور تفيد تقيد الرواية بظل العرش ومنها:
----------- أ - جاء حديث السبعة الذين يظلهم الله بظله مقيداً في بعض الروايات بظل عرشه، أخرجها الطبراني في الأوسط (9/ 63)، وابن عبدالبر في التمهيد (2/ 281)، وانظر تاريخ بغداد (9/ 273)، وقد قال ابن حجر في الفتح في حديث الصحيحين في السبعة: "وقيل أن المراد ظل عرشه، ويدل عليه حديث سلمان عند سعيد بن منصور بإسناد حسن: "سبعة يظلهم الله في ظل عرشه" فذكر الحديث" أهـ
----------- ب- ذكر بعض أهل العلم (من أئمة أهل السنة وحفاظهم) حديث السبعة الذي في الصحيحين بلفظ: "يظلهم الله تعالى في ظل عرشه" فإما أن يكون هو كذلك في بعض النسخ، هو المعنى الذي رأوه ومن هؤلاء الحافظ ابن كثير (التفسير 4/ 398) وشيخ الإسلام ابن تيمية (الفتاوى 17/ 25)، والإمام ابن القيم (طريق الهجرتين 525).
----------- ج- جاء أن من السبعة رجلين تحابا في الله .. ثم بين أنهم في ظل الله، وجاء في الحديث الآخر أن المتحابين في ظل العرش، وفي لفظ في ظل الله.
فتكون الإضافة (العرش) مقيدة للإضافة المطلقة دلت عليها النصوص الأخرى من جميع الأجوه التي أشير إليها.
2 - هذا التفسير هو التفسير المنقول عن السلف وله أوجه كذلك منها:
-------أ - ما قاله ابن القيم في روضة المحبين (ص485) يفهم من كلامه أن الظل في حديث السبعة ظل العرش، وكذلك مضت الإشارة إلى كلام شيخه ابن تيمية وتلميذهما ابن كثير.
-------ب- تبويب ابن حبان في صحيحه على حديث السبعة بقوله: ذكر الخصال التي يرتجى لمن فعلها أو أخذ بها أن يظله الله يوم القيامة في ظل عرشه، ثم ذكر حديث السبعة كما في الصحيح.
-------ج- روى ابن أبي شيبة (المصنف 8/ 172 - 8/ 179) وغيره بسند صالح [هو من طريق ابن إسحاق غير أنه صرح فيه بالتحديث من عمه موسى بن يسار] عن أبي الدرداء أن في ظل العرش رجل قلبه معلق في المساجد من حبها. فهاأنت ترى أبي الدرداء رضي الله عنه يفهم أن أولئك السبعة تحت ظل عرش الرحمن.
فهذا فهم السلف ولو تتبع بعض الفضلاء نظائر الأوجه المذكورة لوجدها كثيرة، وفهم السلف أولى بأن يتبع.
3 - أن الأحاديث جاءت بأن الظل واحد فقد جاؤ في البخاري (يوم لاظل إلاّ ظله) وجاء في حديث الترمذي في من أنظر معسراً وفي حديث المتحابين المقيد بظل العرش أيضاً (يوم لاظل إلاّ ظله) فهذا حصر وقصر يبين أن الأحاديث يفسر بعضها بعضاً.
هذا ماتيسر رقمه على عجالة ولعل عوداً على الموضوع لايتعذر أو إضافة من بعض الفضلاء تتيسر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/258)
ـ[حارث همام]ــــــــ[06 - 09 - 04, 04:30 م]ـ
فائدة لعل من المناسب إلحاقها بالوجه الأول (أ) من الأمور التي تدل على أن المراد بحديث السبعة الذين يظلهم الله بظل عرشه.
وهي ماذكره الطحاوي في مشكل الآثار: باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله عز وجل.
ثم ذكر رواية الأثر عن أبي هريرة من طريق مالك عن خبيب بن عبدالرحمن عن حفص بن عاصم، وفيها (تحت ظله يوم لاظل إلا ظله .. ) ثم ذكر رواية عبيدالله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر عن جده أبي أبيه (ستة يظلهم الله تعالى في ظل عرشه) .. ثم قال: ثم طلبنا الحقيقة فيه هل حدث به عبيد الله عن جده سماعاً أو غير ذلك ... ثم بين أنه سمعه (وجماعة) من خبيب بن عبدالرحمن [وهو الذي روى عنه مالك وللفائدة هو خال عبيدالله بن عمر إن لم أكن واهماً أفاده المزي في التهذيب] ثم ذكر الحديث بلفظ: "سبعة يظلهم الله تحت عرشه يوم لاظل إلاّ ظله"
ثم قال عليه رحمة الله: فوقفنا بذلك على أن عبيد الله لم يحدث بهذا الحديث عن جده حفص بن عاصم بسماعه إياه منه وعلى أن أخذه إياه إنما كان من خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم.
ثم نظرنا في الأصل المذكور في هذا الحديث ما المراد به؟ فلم يكن في حديث مالك عن خبيب بن عبد الرحمن ما يدل على ذلك ما هو. وهو قوله: يظلهم الله في في ظل عرشه، فأخبر بذلك أن الظل المراد في هذا الحديث هو ظل عرش الله عز وجل.
وقد روي في مثل هذا المعنى من الظل المذكور في كتاب الله عز وجل (وظل ممدود).
أهـ المراد باختصار والحمد لله.
ـ[بن نصار]ــــــــ[07 - 09 - 04, 11:49 م]ـ
شرح الله صدوركم على هذه الفوائد ..
ـ[عمر السنيدي]ــــــــ[10 - 09 - 04, 02:58 م]ـ
الأخ الفاضل / حارث همام
ذكرتم إلى أن ممن ذهب إلى أن المراد بالظل، ظل العرش
فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله تعالى –
أما الذي وقفت عليه من كلام فضيلته – رحمه الله –
ما ذكره في شرح الواسطية، صفحة 497
[[وقوله: ((لا ظل إلا ظله)) يعني: إلا الظل الذي يخلقه، وليس كما توهم بعض الناس أنه ظل ذات الرب عز وجل، فان هذا باطل؛ لأنه يستلزم أن تكون الشمس حينئذ فوق الله عز وجل]]
وكذلك ما جاء في شرحه لرياض الصالحين 2/ 243 - 244 طبعة دار البصيرة.
[[والمراد بالظل هنا: ظل يخلقه الله عز وجل يوم القيامة يظلل فيه من شاء من عباده وليس المراد ظل نفسه جل وعلا لان الله نور السماوات و الأرض، ولا يمكن أن يكون الله ظلا من الشمس، فتكون الشمس فوقه، وهو بينها وبين الخلق!
ومن فهم هذا فهو بليد أبلد من الحمار .... إلى أن قال رحمه الله
الرواية التي وردت في ظل عرشه فيها نظر.
لان المعروف أن العرش اكبر من السماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم، والسماوات السبع و الأرضين السبع بالنسبة للكرسي كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة
فكيف يكون العرش تحت الشمس يظل الناس؟
لو صح الحديث لقلنا: ربما يكون طرف العرش – مثلا- والله عز وجل على كل شيء قدير.
لكن هذه اللفظة في صحتها نظر.
والصواب انه ظل يخلقه الله في ذلك اليوم، إما من الغمام أو من غير ذلك فالله اعلم.]]
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[20 - 09 - 04, 11:23 م]ـ
في أجوبة الشيخ عبدالرحمن البراك حفظه الله على أسئلة أهل الملتقى
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=20518
26- إن معتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته هو إثبات ما ورد في الكتاب السنة:
السؤال: هل (التردد - الملل - الظل .. ) تدخل في ذلك؟
الحمد لله، هذه الألفاظ لا شك أنها وردت مضافة إلى الله في أحاديث صحيحة، ولكن دلالة الأحاديث على اعتبارها صفة لله، أو غير صفة مختلفة، فأما التردد فإنه بالمعنى الذي ورد في الحديث القدسي " وما ترددتي في شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت، وأكره مساءته، ولا بد له منه ". هو صفة فعلية، ومعناها كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: تعارض إرادتين: إرادة قبض نفس المؤمن وكراهة الله لما يسوء المؤمن، وهو الموت.
وليس هذا التردد من الله ناشئا عن الجهل بمقتضى الحكمة، والجهل بما ينتهي إليه الأمر فهذا تردد المخلوق بل هو سبحانه العليم الحكيم، فهذا التعارض بين إرادتيه سبحانه تردد مع كمال العلم بالحكمة، ومنتهى الأمر، ولهذا قال في الحديث: " ولا بد له منه ". فتردد المخلوق الناشئ عن جهله نقص بخلاف التردد من الله فلا نقص فيه بل هو متضمن للكمال: كمال العلم، وكمال الحكمة.
وأما الملل المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم:" اكلفوا من العلم ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا".
فالعلماء مختلفون في دلالة الحديث على إثبات الملل صفة لله تعالى، فقال بعضهم: إنه لا يدل على إثبات الملل، وأنه من جنس قول القائل: فلان لا تنقطع حجته حتى ينقطع خصمه. لا يدل على إثبات الانقطاع.
ومنهم من قال: إنه يدل على إثبات الملل، وتأوله بقطع الثواب، فمعناه أن الله لا يقطع الثواب حتى تقطعوا العمل ففسروا اللفظ بلازمه.
ويمكن أن يقال: إنه يدل على إثبات الملل صفة لله تعالى في مقابل ملل العبد من العمل بسبب تكلفه، وإشقاقه على نفسه، والملل من الشيء يتضمن كراهته، ومعلوم أن الله تعالى يحب من عباده العمل بطاعته ما لم يشقوا على أنفسهم، ويكلفوها ما لا تطيق فإنه الله يكره منهم العمل في هذه الحال، والله أعلم بالصواب.
وأما الظل المضاف إلى الله بقوله صلى الله عليه وسلم:" سبعة يظلهم الله في ظله ".
فالصواب عندي أنه ليس صفة لله تعالى، بل هو ظل العرش كما جاء في رواية، أو أي ظل يقي الله به من شاء من حر الشمس في ذلك اليوم؛ كظل الصدقة كما في الحديث " المؤمن في ظل صدقته يوم القيامة ".
فعلى هذا تكون إضافة الظل إليه من إضافة المخلوق إلى خالقه، ولم أقف على كلام في هذا لأحد من أئمة السنة المقتدى بهم. والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/259)
ـ[حارث همام]ــــــــ[21 - 09 - 04, 06:32 م]ـ
الأخ الفاضل عمر .. السند متصل بالسماع:) وحيث إنني مجهول، فسوف أبحث لكم عن الشريط في الشبكة، وجزاكم الله خيراً.
ـ[ابوفيصل44]ــــــــ[24 - 11 - 04, 06:24 ص]ـ
سئل العلامة ابن باز رحمه الله:
السؤال:
ذكر أحد العلماء عند حديثه عن ظل الله قوله:
الله عز وجل يخلق شيئا يظلل به من شاء من عباده فهل يستقيم هذا المعنى؟؟
الجواب:
هذا من التأويل لايجوز هذا من التأويل بل يجب امرار الحديث على ظاهره ويقول الله أعلم بالكيفية.
يظلهم في ظله على الكيفية التي يعلمها سبحانه وتعالى.
شريط فتاوى متنوعة ... ابن باز الطائف.
ـ[خطاب القاهرى]ــــــــ[27 - 12 - 04, 04:51 م]ـ
إذن هل يقال أن السلف إختلفوا عللى 3 أقوال:
(1) أنه ظل العرش , و هذا إن صحت الرواية.
(2) أنه ظل يخلقه الله جل و علا يوم القيامة
(3) أنه ظل لله جل و علا و الله أعلم بكيفيته كما هو مفهوم من كلام الإمام إبن باز و الشيخ الراجحى؟؟
ـ[حارث همام]ــــــــ[28 - 12 - 04, 11:11 ص]ـ
لعله لم يقل السلف إلاّ بالأول. والثاني عائد عليه، والثالث قال به من استدل بالنص المطلق من علمائنا المتأخرين وهذا ليس فيه نص عن السلف غير القواعد المطردة في الباب -والله أعلم- والأولى حمله على المقيد.
ـ[خطاب القاهرى]ــــــــ[28 - 12 - 04, 02:39 م]ـ
شيخنا حارث ..
و هل صحت رواية التقييد بالعرش؟
ـ[حارث همام]ــــــــ[28 - 12 - 04, 04:04 م]ـ
الشيخ الفاضل خطاب:
الرواية المقيدة عند سعيد بن منصور حسنها ابن حجر ولم أبحث طرقها وقد أشرت إلى بعضها في الرد (2)، وقد صح ما يشير إلى أن التقيد بظل العرش في شأن صنف من السبعة وهم من تحابا في الله، وهؤلاء السبعة بمن فيهم الذين تحابا تحت الظل المذكور في الحديث، ولعل في الرد رقم (2) أوجه أخرى تشير إلى صحة التقييد. والله أعلم
ـ[خطاب القاهرى]ــــــــ[28 - 12 - 04, 08:19 م]ـ
جزيت خيرا شيخنا الفاضل ..
بالمناسبة, هل توقفت مناظرتك فى العلو فى منتدى أنا المسلم؟
و الله استفدنا منها الكثير .........
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[28 - 12 - 04, 08:22 م]ـ
مقدم الأسئلة: يقول أُثر عنكم حفظكم الله بأن القول بأن الظل صفة من صفات الله عز وجل.
الشيخ ابن باز – رحمه الله تعالى – مداخلا: سبعة يظلهم الله في ظله لا يؤول، على الوجه اللائق بالله،
اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي، هذا يُخبر به كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، يقول صلى الله عليه وسلم يقول يوم القيامة أين المتحابّون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي ويقول سبعة يظلهم الله في ظله، فلا حاجة إلى التأويل، العرش له ظل والله له ظل على الوجه اللائق بالله
الشيخ عبدالعزيز السدحان:يا شيخ أحسن الله إليك من قال إن الرواية العامة في ظله جاءت مقيدة في ظل عرشه.
الشيخ ابن باز – رحمه الله -: ما يقيد، ما لزوم تقيد، هذا حديث وهذا حديث.
انتهى من الوجه الثاني من الشريط السابع من سلسلة لقاء مع إخوة في الله وقد ضم اللقاء الشيخ البراك والشيخ ابن قعود ومجموعة من طلبة العلم
أيضا ذكر الشيخ رحمه الله أن لا منافاة بين الحديثين، تجد ذلك في الوجه الثاني من الشريط الثاني من شرح سماحته – رحمه الله – على كتاب الزكاة من بلوغ المرام
ـ[المحب الكبير]ــــــــ[28 - 12 - 04, 11:30 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[حارث همام]ــــــــ[29 - 12 - 04, 10:52 ص]ـ
الأخوة الأفاضل:
لاشك أن قول شيخنا الإمام العلامة عبد العزيز بن باز قول معتبر ولهذا تبعه الشيخ عبدالعزيز الراجحي حفظه الله، بل هو مع اعتباره لايلزم منه لازم باطل مستشنع عقلا أو شرعاً من نحو ما يشير إليه بعض المبتدعة في بعض المنتديات كقولهم يلزم أن تكون الشمس أكبر ويلزم ويلزم ... فهؤلاء ما فقهوا أصل معنى الظل لغة فهم يهرفون بما لايعرفون.
أما مسألة أيهما الصواب في معنى الآثار الواردة وهل يصح بها وصف الله بأن له ظل فمسألة الخلاف فيها مبناه على فهم النصوص، والحكم بما دلت عليه.
والذي يظهر للباحث أن النصوص تفيد أن الظل المذكور في الحديث كما قال الطحاوي وغيره من أهل العلم هو ظل العرش.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/260)
وممن خالف شيخنا العلم الإمام في هذا الكلام المنقول أعلاه أحد طلابه الحضور، أعني به الشيخ العلامة عبدالرحمن البراك مد الله في عمره على الطاعة (انظر الرد رقم6)، وممن خالفه الشيخ العلامة ابن عثيمين، وغيرهما من علماء أهل السنة المحققين.
ولعل الحجة معهما.
ولعل الحديث الذي أورده سعيد ابن منصور لعله غاب عن ذهن الشيخ فهو مقيد ظاهر التقييد فالحديث واحد إلاّ إن كان لايوافق ابن حجر في تحسينه.
وعلى كل فالألفاظ المقيدة واردة في آثار أخرى أشير إليها في الرد الثاني، وكذلك ماجاء في الرد رقم (3) من كلام الطحاوي وكلها ظاهر في إفادة صحة التقييد.
وقد يكون موضع الجدل في صحة التقييد الذي عناه الشيخ هو التقييد بحديث المتحابين خاصة فلعله هو الذي عناه الشيخ بأنه لايلزم منه تقييد وأن هذا حديث وذاك آخر، وهذا الكلام محتمل له وجاهته فمن رأى أن الشروط قد اكتملت فيه أعني شروط حمل المطلق على المقيد حمله، ومن لم يره كذلك لم يحمله.
ولعل الصواب حمله عليه فمن قال بافتراق الحديثين وثبوت الجميع إما أن يقول:
1 - المتحابين في ظل العرش وهم أيضاً في ظل الله، فالظلين ظل تحت ظل أو ظل واحد.
2 - أو يقول بعضهم في ظل العرش وبعضهم في ظل الله.
أما المعنى الأول فغير مسلم لأنه لايعرف في كلام العرب أن الظل يكون في ظل وإنما ينسب الظل إلى ماستر حقيقة فلو كنت خلف جبل خلفه شجرة والشجرة واقعة في ظل الجبل فلايقال أنت تحت ظل الشجرة لاحتجابها خلف الجبل عن الشمس.
وأما القول الثاني فيقتضي تخصيص للبعض بغير مخصص وهذا لا يسلم به.
أما إذا حمل المطلق على المقيد فيستقيم حينها إعمال النصوص جميعاً بغير تعارض، فالظل في لغة العرب من حيث أصل المعنى يدل على ستر شيء لشيء مطلقاً، وليس هو الخيال الذي يكون حتى الظهر (بعدها يسميه العرب فيئاً)، ولهذا الأصل اللغوي سمو الليل ظلاً، ومنه قول ذي الرمة:
قد أعسف النازح المجهول معسفه * في ظل أخضر يدعو هامة البوم
يريد في ستر ليل أخضر.
فهذا المعنى للظل هو المتعين، فهو المعنى الكلي المشترك، وإذا كان هذا متقرراً، فالقول بأن لفظ العرش في الآثارالأخرى التي أشير إليها في ما سبق (وأخص الرد رقم 2)، مقيد يصح معه إعمال النصين على حقيقتهما الظاهرة، فظل الله أي ستره لهؤلاء السبعة يكون بما شاء وهذا يعم ما دخل تحت مشيئته وقدرته، ومن جملة ذلك العرش، فصح عند التقييد به القول بصحة النصين وإعمال جميع الآثار، والله أعلم.
================================================== ===============
الأخ الحبيب والشيخ الفاضل خطاب:
بخصوص المناظرة [والتي أقحمت فيها بغير قصد] في موقع المسلم، فقد أنظر الإخوة الأخ المناظر قرابة الشهرين ليعلق رداً فما فعل، وعندها كان من المناسب غلق الموضوع وإزالة تثبيته، والحمد لله.
وما استفدتموه فليس مني فصاحبكم ناقل لكلام أهل العلم يرجو أن يكون متبعا لآثار السلف، ما منه شيء ولو لا فضل الله ومنه باقتفاء آثار الماضين لضل ضلالاً مبيناً.
وجزاكم الله خيراً.
ـ[أبو شوق]ــــــــ[12 - 05 - 08, 03:50 ص]ـ
جزاكم الله خير
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[05 - 06 - 08, 10:33 م]ـ
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح الأربعين حديث 29:
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ" [1] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=818443#_ftn1)[216] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "سبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: إمَامٌ عَادِلٌ، .. إلى أَنْ قَالَ: وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاتَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِيْنُهُ" [2] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=818443#_ftn2)[217]
ومعنى الحديث: أنه في يوم القيامة ليس هناك شجر ولامغارات ولاجبال ولابناء يستظل به الناس إلا الظل الذي يخلقه الله عزّ وجل فيظل به عباده، وهو إما ظل العرش كما قيل به، أو غيره. المهم أنه لايجوز أن نعتقد أن المعنى: ظل الله تعالى نفسه، فإن الله تعالى نور السموات والأرض، وحجابه النور، والظل يقتضي ثلاثة أشياء: مُتَظَلَّلٌ عَنْهُ، وَظِلٌّ، وَمُظَلَّلٌ.
والأعلى منها المظلل عنه، ولايمكن أن يكون فوق الله تعالىشيء، بأن يكون الله تعالى هو الوسط بين الشمس وبين العباد، فهذا شيء مستحيل.
وليس هذا من باب التأويل كما قيل به، لأن جوابنا على هذا من وجهين:
الوجه الأول: أن التأويل إذا دل عليه الدليل فلا مانع منه، فهاهم السلف أولوا المعيّة بالعلم خوفاً بأن يُظن أن المعيّة بالذات في نفس الأرض.
وأول الفقهاء قول الله عزّ وجل: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) [النحل:98] بأن المراد إذا أردت أن تقرأ.
فالتأويل الذي دل عليه الدليل ليس تحريفاً، بل هو تفسير الكلام.
الوجه الثاني: أن التأويل المذموم هو التحريف، بأن يصرف الكلام عن ظاهره إلى معنى يخالف الظاهر بلا دليل.
[1] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=818443#_ftnref1)[216] أخرجه الإمام أحمد – في مسند الشاميين عن عقبة بن عامر الجهني، ج4/ص148، (17466).
[2] ( http://ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=818443#_ftnref2)[217] سبق تخريجه صفحة (198)(28/261)
الكلام عن الخلوة
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[07 - 09 - 04, 01:44 ص]ـ
قال أصحابنا الحنابلة رحمهم الله في باب الإمامة "ويكره ان يؤم امرأة فأكثر لارجل معهن " فلماذا الكراهة عند تعدد النسوة مع انتفاء الخلوة وهل هذا مطرد اعني انه تمنع النساء من الركوب مع سائق داخل البلد مع اجتماعهن ثم لماذا الاقتصار على الكراهة فقط في المرأة الواحدة؟ ارجو الإفادة
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[07 - 09 - 04, 09:44 م]ـ
في الحقيقة قد اضطربت في فهم و تحديد الخلوة، هل هي باعتبار العدد أم باعتبار الجنس؟؟
فقد وجدت في كتبنا ـ نحن الحنفية ـ ما يدل على الاعتبارين، مما يكون ظاهره التناقض إلا أن أكون قد أسأت الفهم ـ و هو الغالب ـ
بل جعل في (الهداية) الخلوة بأكثر من امرأة أخطر من الخلوة بامرأة واحدة!!! و هذا غير مقنع لي، و لو كان مذهبنا نحن الحنفية كذلك فأنا أخالفه؛ فلست بملزم بالتقليد في فرع لا مجال للاجتهاد فيه بل مداره على الواقع و التجربة ... و الله تعالى أعلم
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[08 - 09 - 04, 12:03 ص]ـ
الله المستعان فنحن ننتظر من الإخوة إفادتنا عن دليل هذا القول لأن المسألة مما تعم به البلوى ونسأل الله لنا ولكم العافية
ـ[رابح]ــــــــ[08 - 09 - 04, 05:27 م]ـ
بارك الله فيك يا شيخ محمد رشيد
ـ[حارث همام]ــــــــ[08 - 09 - 04, 08:59 م]ـ
الكراهة عند الحنابلة هنا كراهة تنزيه لاتحريم، وعللو بخوف الفتنة.
وما أشار إليه أخونا محمد رشيد يوجد عند الحنابلة والشافعية والمالكية، غير أن الحنفية والمالكية والحنابلة ذهبو إلى الكراهة، وقالت الشافعية بالجواز.
وكأن للخلوة عندهم صوراً منها ما هو محرم بالاتفاق، وهو الخلوة بأجنبية.
ومنها ما هو دون ومثلها الخلوة بمجموعة نساء، وهي ضرب من الاختلاط -كما أن الخلوة بأجنبية نوع اختلاط- لاينافي وجود خلوة نسبية (خلوة رجل بمجموعة نساء بحيث لايراهم غيرهم)، ولعل الأصل في الثانية الكراهة إلاّ إن دعت حاجة وفق ضوابط من أهمها بعد الفتنة.
وبعض أهل العلم يرى أن الأصل فيها الجواز وهو ظاهر كلام الشافعية، ولهذا لم يرو بأساً في إمامة الرجل لهن مع قولهم بأنها قد تكون خلوة.
وذلك لأنه قد يؤم الرجل مجموعة نساء بغير خلوة وقد يؤمهن بخلوة، أما الأولىكأن يؤمهن في محل عام عرضة للمجيء والذهاب كالمسجد مثلاً، وأما الأخرى كأن يؤمهن في بيت ونحوه من الأماكن الخاصة.
والله أعلم.
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[08 - 09 - 04, 10:15 م]ـ
السلام عليكم عندي سؤال في الخلوة ذكرني بها هذا السؤال
دار نقاش بيني وبين زميلي حول الخلوة
اذا كان الرجل في البيت ومثلا زوجة اخوه في نفس البيت
قلت لصديق ان هذه خلوة وقال هو ان كان البيت له غرف ودخلت هي غرفة
وهو في غرفة او في صالة فهذا ليس خلوة
فاريد ان اعرف ما هو صحيح؟
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[09 - 09 - 04, 12:22 ص]ـ
بارك الله فيك ياأخ حارث ومعلوم أن الكراهة تنزيهية عند الحنابلة وأنا سألت لماذا الا قتصار على الكراهة في المرأة الواحدة ولماذا ينسحب الحكم على النسوة؟؟؟
واما عن سؤال أبي حمزة فإنها خلوة بلا شك كيف وباب الشقة مقفول عليهما ولايتمكن أحد من الدخول إلا بإذنهما؟!
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[09 - 09 - 04, 03:26 ص]ـ
الفقهاء رحمهم الله، يقسمون الخلوة الى أقسام منها ماهو محرم بنص لتنزيل. وهي خلوة الرجل بأجنبية.
ومنها ماهو أخف وهي خلوة الرجل بالمرأتين او المراة بالرجلين.
ويحتجون للجواز بحديث الذي فيه دخول جماعة على أسماء بنت عميس، حيث قال عليه الصلاة والسلام (لايدخلن رجل على مغيبة الا ومعه الرجلان او الثلاثة) أو كما قال عليه الصلاة والسلام والحديث في الصحيح.
أما عند الشافعية رحمهم الله فهم يحرمون هذه الصورة ويجعلونه من المحرم، والحديث يظهر والله أعلم انه ليس على ظاهره إذ ان سبب وروده هو دخول نفر من بنى هاشم على زوجة ابي بكر (أسماء) فأخبر ابو بكر الرسول صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام ما تقدم معناه.
وهذا مشكل؟ ولهذا يتأوله الشافعية.
أما جماعة النساء مع جماعة الرجال فجائز عند الجمهور بشرط عدم المواطئة على الفحش.
والمسألة يظهر ان الضابط فيها أمن الفتنة ما خلا مورد النص إذ أقيمت فيه المظنة مقام اليقين، وهي خلوة الرجل بالمرأة.
أما ما فوق ذلك فالرجال بالمرأة أشد، والشافعية يحرمونه، والعكس أخف وهو خلوة النساء بالرجل، واما ما فوق ذلك من كثرة هؤلاء وكثرة هؤلاء فالامر فيه أخف.
لكن الضابط فيما يظهر أمن الفتنة.
والله أعلم.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[09 - 09 - 04, 09:21 ص]ـ
في تاريخ الإسلام للذهبي
(سمعت أبا الفتوح عبد الخالق بن زياد يقول: أمر بعض الأمراء أن يضرب عطاء الفقاعي في محنة الشهيد عبد القادر ابن شيخ الإسلام مائة سوط.
فبطح على وجهه، وكان يضرب إلى أن ضربوا ستين، فشكوا كم كان خمسين أو ستين، فقال عطاء: وهو مكبوبٌ على وجهه: خذوا بالأقل احتياطاً.
وحبس بعد الضرب مع جماعةٍ من النساء، وكان في الموضع أترسة، فقام بجهد من الضرب، وأقام الأترسة بينه وبين النساء وقال: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الخلوة مع غير محرم".
)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/262)
ـ[الاعتصام]ــــــــ[09 - 09 - 04, 08:25 م]ـ
من باب (الشيء بالشيء يُذكر)
هل خلوة المرأة بالسائق في المدينة تعتبر من الخلوة المحرمة؟
وما هو الضابط في الخلوة المكانية؟ بمعنى لو كان البيت واسعاً ويمكن للمرأة ان تغلق على نفسها باب غرفتها، او ان يكون بين الرجل والمرأة ساتراً داخل البيت فهل له حكم الخلوة؟
ـ[المستفيد7]ــــــــ[09 - 09 - 04, 08:40 م]ـ
في الموسوعة الفقهية:
((خلوة
التّعريف
1 - الخلوة في اللّغة: من خلا المكان والشّيء يخلو خلوّاً وخلاءً، وأخلى المكان: إذا لم يكن فيه أحد ولا شيء فيه، وخلا الرّجل وأخلى وقع في مكان خال لا يزاحم فيه.
وخلا الرّجل بصاحبه وإليه ومعه خلوّاً وخلاءً وخلوةً: انفرد به واجتمع معه في خلوة، وكذلك خلا بزوجته خلوةً.
والخلوة: الاسم، والخلو: المنفرد، وامرأة خالية، ونساء خاليات: لا أزواج لهنّ ولا أولاد، والتّخلّي: التّفرّغ، يقال: تخلّى للعبادة، وهو تفعّل من الخلوّ.
ولا يخرج استعمال الفقهاء لهذا المصطلح عن معناه اللّغويّ.
الألفاظ ذات الصّلة
أ - الانفراد
2 - الانفراد مصدر انفرد، يقال: انفرد الرّجل بنفسه انقطع وتنحّى، وتفرّد بالشّيء انفرد به، وفرد الرّجل إذا تفقّه واعتزل النّاس، وخلا بمراعاة الأمر والنّهي والعبادة.
وقد جاء في الخبر: " طوبى للمفردين ".
واستفرد فلاناً انفرد به.
ب - العزلة
3 - العزلة اسم مصدر، يقال عزلت الشّيء عن غيره عزلاً نحّيته عنه، ومنه عزلت النّائب كالوكيل إذا أخرجته عمّا كان له من الحكم، وانعزل عن النّاس، إذا تنحّى عنهم جانباً، وفلان عن الحقّ بمعزل، أي مجانب له، وتعزّلت البيت واعتزلته، والاعتزال تجنّب الشّيء عمالةً كانت أو براءةً، أو غيرهما، بالبدن كان ذلك أو بالقلب.
وتعازل القوم انعزل بعضهم عن بعض، والعزلة: الانعزال نفسه، يقال: العزلة عبادة.
ج - السّتر
4 - السّتر ما يستر به، أي يغطّى به ويخفى، وجمعه ستور، والسّترة مثله، قال ابن فارس: السّترة ما استترت به كائناً ما كان، والسّتارة بالكسر، والسّتار بحذف الهاء لغةً.
ويقال لما ينصبه المصلّي قدّامه علامةً لمصلّاه من عصاً، وتسنيم تراب، وغيره، سترةً، لأنّه يستر المارّ من المرور أي يحجبه.
والاستتار: الاختفاء.
الحكم التّكليفيّ
5 - الخلوة بمعنى الانفراد بالنّفس في مكان خال، الأصل فيها الجواز، بل قد تكون مستحبّةً، إذا كانت للذّكر والعبادة، ولقد " حبّب الخلاء إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، فكان يخلو بغار حراء يتحنّث فيه "، قال النّوويّ: الخلوة شأن الصّالحين وعباد اللّه العارفين.
والخلوة بمعنى الانفراد بالغير تكون مباحةً بين الرّجل والرّجل، وبين المرأة والمرأة إذا لم يحدث ما هو محرّم شرعاً، كالخلوة لارتكاب معصية، وكذلك هي مباحة بين الرّجل ومحارمه من النّساء، وبين الرّجل وزوجته.
ومن المباح أيضاً الخلوة بمعنى انفراد رجل بامرأة في وجود النّاس، بحيث لا تحتجب أشخاصهما عنهم، بل بحيث لا يسمعون كلامهما.
فقد جاء في صحيح البخاريّ: " جاءت امرأة من الأنصار إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فخلا بها " وعنون ابن حجر لهذا الحديث بباب ما يجوز أن يخلو الرّجل بالمرأة عند النّاس، وعقّب بقوله: لا يخلو بها بحيث تحتجب أشخاصهما عنهم، بل بحيث لا يسمعون كلامهما إذا كان بما يخافت به كالشّيء الّذي تستحي المرأة من ذكره بين النّاس.
وتكون الخلوة حراماً كالخلوة بالأجنبيّة على ما سيأتي تفصيله.
وقد تكون الخلوة بالأجنبيّة واجبةً في حال الضّرورة، كمن وجد امرأةً أجنبيّةً منقطعةً في بريّة، ويخاف عليها الهلاك لو تركت.
الخلوة بالأجنبيّة
6 - الأجنبيّة: هي من ليست زوجةً ولا محرماً، والمحرم من يحرم نكاحها على التّأبيد، إمّا بالقرابة، أو الرّضاعة، أو المصاهرة، ويحرم على الرّجل الخلوة بها،والأصل في ذلك، قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: " لا يخلونّ رجل بامرأة إلاّ مع ذي محرم ".
وقد اتّفق الفقهاء على أنّ الخلوة بالأجنبيّة محرّمة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/263)
وقالوا: لا يخلونّ رجل بامرأة ليست منه بمحرّم، ولا زوجة، بل أجنبيّة، لأنّ الشّيطان يوسوس لهما في الخلوة بفعل ما لا يحلّ، قال صلى الله عليه وسلم: " لا يخلونّ رجل بامرأة إلاّ كان ثالثهما الشّيطان ".
وقالوا: إن أمّ بأجنبيّة وخلا بها، حرم ذلك عليه وعليها.
وقال الحنفيّة: الخلوة بالأجنبيّة حرام إلاّ لملازمة مديونة هربت، ودخلت خربةً.
الخلوة بالأجنبيّة مع وجود غيرها معها
7 - اختلف الفقهاء في حكم خلوة الرّجل بالأجنبيّة مع وجود أكثر من واحدة، وكذا خلوة عدد من الرّجال بامرأة، ففصّل الشّافعيّة الحكم في ذلك، فقال إمام الحرمين: كما يحرم على الرّجل أن يخلو بامرأة واحدة، كذلك يحرم عليه أن يخلو بنسوة، ولو خلا رجل بنسوة، وهو محرم إحداهنّ جاز، وكذلك إذا خلت امرأة برجال، وأحدهم محرم لها جاز، ولو خلا عشرون رجلاً بعشرين امرأةً، وإحداهنّ محرم لأحدهم جاز، قال: وقد نصّ الشّافعيّ على أنّه لا يجوز للرّجل أن يصلّي بنساء منفردات، إلاّ أن تكون إحداهنّ محرماً له.
وحكى صاحب العدّة عن القفّال مثل الّذي ذكره إمام الحرمين، وحكى فيه نصّ الشّافعيّ في تحريم خلوة الرّجل بنسوة منفرداً بهنّ.
وقد ذكر صاحب المجموع بعد إيراد الأقوال السّابقة أنّ المشهور جواز خلوة رجل بنسوة لا محرم له فيهنّ، لعدم المفسدة غالباً، لأنّ النّساء يستحيين من بعضهنّ بعضاً في ذلك.
وفي حاشية الجمل: يجوز خلوة رجل بامرأتين ثقتين يحتشمهما وهو المعتمد.
أمّا خلوة رجال بامرأة، فإن حالت العادة دون تواطئهم على وقوع فاحشة بها، كانت خلوةً جائزةً، وإلاّ فلا.
وفي المجموع: إن خلا رجلان أو رجال بامرأة فالمشهور تحريمه، لأنّه قد يقع اتّفاق رجال على فاحشة بامرأة، وقيل: إن كانوا ممّن تبعد مواطأتهم على الفاحشة جاز.
أمّا الحنفيّة فتنتفي عندهم حرمة الخلوة بوجود امرأة ثقة، وهذا يفيد جواز الخلوة بأكثر من امرأة، فقد ذكر ابن عابدين، أنّ الخلوة المحرّمة بالأجنبيّة تنتفي بالحائل، وبوجود محرم للرّجل معهما، أو امرأة ثقة قادرة.
وعند المالكيّة تكره صلاة رجل بين نساء أي بين صفوف النّساء، وكذا محاذاته لهنّ بأن تكون امرأة عن يمينه وأخرى عن يساره، ويقال مثل ذلك في امرأة بين رجال، وظاهره، وإن كنّ محارم.
وعند الحنابلة تحرم خلوة الرّجل مع عدد من النّساء أو العكس كأن يخلو عدد من الرّجال بامرأة.
الخلوة بالمخطوبة
8 - المخطوبة تعتبر أجنبيّةً من خاطبها، فتحرم الخلوة بها كغيرها من الأجنبيّات، وهذا باتّفاق.
الخلوة بالأجنبيّة للعلاج
9 - تحرم الخلوة بأجنبيّة ولو لضرورة علاج إلاّ مع حضور محرم لها، أو زوج، أو امرأة ثقة على الرّاجح، لأنّ الخلوة بها مع وجود هؤلاء يمنع وقوع المحظور، وهذا عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة.
انظر مصطلح: ' ضرورة '.
إجابة الوليمة مع الخلوة
10 - تجب إجابة الدّعوة إلى الوليمة، أو تسنّ، إذا لم يترتّب على الإجابة خلوة محرّمة، وإلاّ حرمت، كما جاء عن الشّافعيّة والحنابلة وهو المفهوم من كلام المالكيّة.
' ر: وليمة '.
الخلوة بالأمرد
11 - تحرم الخلوة بالأمرد إن كان صبيحاً، وخيفت الفتنة، حتّى رأى الشّافعيّة حرمة خلوة الأمرد بالأمرد وإن تعدّد، أو خلوة الرّجل بالأمرد وإن تعدّد، فإن لم تكن هناك ريبة فلا تحرم، كشارع ومسجد مطروق.
انظر مصطلح: ' أمرد '.
الخلوة بالمحارم
12 - ذهب الفقهاء إلى أنّه يجوز خلوة الرّجل بالمحارم من النّساء.
ونصّ الحنفيّة على أنّه يجوز أن يسافر بها، ويخلو بها - يعني بمحارمه - إذا أمن على نفسه، فإن علم أنّه يشتهيها أو تشتهيه إن سافر بها أو خلا بها، أو كان أكبر رأيه ذلك أو شكّ فلا يباح.
وممّا يدخل في حكم الخلوة بالمحارم الخلوة بالمطلّقة طلاقاً رجعيّاً، مع اختلاف الفقهاء في اعتبار هذه الخلوة رجعةً أم لا، على ما سيأتي بيانه، أمّا المطلّقة طلاقاً بائناً فهي كالأجنبيّة في الحكم.
الخلوة بالمعقود عليها
13 - للخلوة بالمعقود عليها عند بعض الفقهاء أثر في تقرّر المهر ووجوب العدّة وغير ذلك، إلاّ أنّ الفقهاء يختلفون في تحديد الخلوة الّتي يترتّب عليها ذلك الأثر.
الخلوة الّتي يترتّب عليها أثر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/264)
14 - الخلوة الّتي يترتّب عليها أثر هي الخلوة الصّحيحة كما يقول الحنفيّة، أو خلوة الاهتداء كما يطلق عليها المالكيّة.
وهي عند الحنفيّة الّتي لا يكون معها مانع من الوطء، لا حقيقيّ ولا شرعيّ ولا طبعيّ.
أمّا المانع الحقيقيّ: فهو أن يكون أحدهما مريضاً مرضاً يمنع الجماع، أو صغيراً لا يجامع مثله، أو صغيرةً لا يجامع مثلها، أو كانت المرأة رتقاء أو قرناء، لأنّ الرّتق والقرن يمنعان من الوطء.
وتصحّ خلوة الزّوج العنّين أو الخصيّ، لأنّ العنّة والخصاء لا يمنعان من الوطء، فكانت خلوتهما كخلوة غيرهما.
وتصحّ خلوة المجبوب في قول أبي حنيفة لأنّه يتصوّر منه السّحق والإيلاد بهذا الطّريق، وقال أبو يوسف ومحمّد: لا تصحّ خلوة المجبوب لأنّ الجبّ يمنع من الوطء فيمنع صحّة الخلوة كالقرن والرّتق.
وأمّا المانع الشّرعيّ: فهو أن يكون أحدهما صائماً صوم رمضان أو محرماً بحجّ أو بعمرة، أو تكون المرأة حائضاً أو نفساء، لأنّ كلّ ذلك محرّم للوطء، فكان مانعاً من الوطء شرعاً، والحيض والنّفاس يمنعان منه طبعاً أيضاً لأنّهما أذىً، والطّبع السّليم ينفر من استعمال الأذى.
وأمّا في غير صوم رمضان فقد ذكر بشر عن أبي يوسف أنّ صوم التّطوّع وقضاء رمضان والكفّارات والنّذور لا تمنع صحّة الخلوة.
وذكر الحاكم في مختصره أنّ نفل الصّوم كفرضه، فصار في المسألة روايتان، ووجه الرّواية الأخيرة أنّ صوم التّطوّع يحرّم الفطر من غير عذر فصار كحجّ التّطوّع وذا يمنع صحّة الخلوة.
وفي رواية بشر أنّ صوم غير رمضان مضمون بالقضاء لا غير فلم يكن قويّاً في معنى المنع بخلاف صوم رمضان فإنّه يجب فيه القضاء والكفّارة.
وأمّا المانع الطّبعيّ: فهو أن يكون معهما ثالث، لأنّ الإنسان يكره أن يجامع امرأته بحضرة ثالث، ويستحي فينقبض عن الوطء بمشهد منه، وسواء أكان الثّالث بصيراً أم أعمى، يقظان أم نائماً، بالغاً، أم صبيّاً بعد، إن كان عاقلاً، رجلاً أو امرأةً، أجنبيّةً أو منكوحته، لأنّ الأعمى إن كان لا يبصر فهو يحسّ، والنّائم يحتمل أن يستيقظ ساعةً فساعةً، فينقبض الإنسان عن الوطء، مع حضوره.
والصّبيّ العاقل بمنزلة الرّجل يحتشم الإنسان منه كما يحتشم من الرّجل.
وإذا لم يكن عاقلاً فهو ملحق بالبهائم، لا يمتنع الإنسان عن الوطء لمكانه، ولا يلتفت إليه، والإنسان يحتشم من المرأة الأجنبيّة، ويستحيي، وكذا لا يحلّ لها النّظر إليهما فينقبضان لمكانها.
ولا تصحّ الخلوة في المسجد، والطّريق، والصّحراء، وعلى سطح لا حجاب عليه، لأنّ المسجد يجمع النّاس للصّلاة، ولا يؤمن من الدّخول عليه ساعةً فساعةً، وكذا الوطء في المسجد حرام، قال عزّ وجلّ: "وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ".
والطّريق ممرّ النّاس لا تخلو عنهم عادة، وذلك يوجب الانقباض فيمنع الوطء، وكذا الصّحراء والسّطح من غير حجاب، لأنّ الإنسان ينقبض عن الوطء في مثله لاحتمال أن يحصل هناك ثالث، أو ينظر إليه أحد.
ولو خلا بها في حجلة أو قبّة فأرخى السّتر عليه فهي خلوة صحيحة، لأنّ ذلك في معنى البيت.
ولا خلوة في النّكاح الفاسد، لأنّ الوطء فيه حرام فكان المانع الشّرعيّ قائماً.
15 - وعند المالكيّة: الخلوة الصّحيحة، وهي خلوة الاهتداء، من الهدوء والسّكون، لأنّ كلّ واحد من الزّوجين سكن للآخر واطمأنّ إليه، وهي المعروفة عندهم بإرخاء السّتور، كان هناك إرخاء ستور، أو غلق باب، أو غيره.
ومن الخلوة الصّحيحة عندهم أيضاً، خلوة الزّيارة، أي زيارة أحد الزّوجين للآخر.
وتكون بخلوة بالغ - ولو كان مريضاً - حيث كان مطيقاً، ولو كانت - الزّوجة الّتي يخلو بها - حائضاً، أو نفساء، أو صائمةً، وأن يكون غير مجبوب على المعتمد، خلافاً للقرافيّ، وأن تكون بحيث يمكن شغلها بالوطء، فلا يكون معهما في الخلوة نساء متّصفات بالعفّة والعدالة، أو واحدة كذلك، وبحيث لا تقصر مدّة الخلوة فلا تتّسع للوطء، أمّا لو كان معها نساء من شرار النّساء، فالخلوة ممّا يترتّب عليها أثر، لأنّها قد تمكّن من نفسها بحضرتهنّ، دون المتّصفات بالعفّة والعدالة فإنّهنّ يمنعنها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/265)
وجاء في بلغة السّالك والشّرح الصّغير: أنّ الخلوة - سواء أكانت خلوة اهتداء أم خلوة زيارة - هي اختلاء البالغ غير المجبوب بمطيقة، خلوةً يمكن فيها الوطء عادةً، فلا تكون لحظةً تقصر عن زمن الوطء وإن تصادقا على نفيه.
ولا يمنع من خلوة الاهتداء عندهم وجود مانع شرعيّ، كحيض، وصوم، وإحرام، لأنّ العادة أنّ الرّجل إذا خلا بزوجته أوّل خلوة لا يفارقها قبل وصوله إليها.
16 - والخلوة لا يترتّب عليها الأثر السّابق عند الشّافعيّة في الجديد لقول اللّه تعالى: "وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ" الآية والمراد بالمسّ الجماع.
17 - وقال الحنابلة: الخلوة الّتي يترتّب عليها أثر هي الخلوة الّتي تكون بعيداً عن مميّز، وبالغ مطلقاً، مسلماً أو كافراً، ذكراً أو أنثى، أعمى أو بصيراً، عاقلاً أو مجنوناً، مع علمه بأنّها عنده، ولم تمنعه من الوطء إن كان الزّوج يطأ مثله كابن عشر فأكثر، وكانت الزّوجة يوطأ مثلها كبنت تسع فأكثر، فإن كان أحدهما دون ذلك لم يتقرّر بالخلوة شيء، ولم يرتّب لها أثر.
ولا يمنع أثر الخلوة نوم الزّوج، ولا كونه أعمى، ولا وجود مانع حسّيّ بأحد الزّوجين كجبّ ورتق، ولا وجود مانع شرعيّ بهما، أو بأحدهما كحيض وإحرام وصوم واجب.
ومجرّد الخلوة على الوجه السّابق يترتّب عليها آثارها، وقد قال الفرّاء في قوله تعالى:
"وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ" أنّه قال: الإفضاء، الخلوة، دخل بها أو لم يدخل، لأنّ الإفضاء مأخوذ من الفضاء، وهو الخالي، فكأنّه قال: وقد خلا بعضكم إلى بعض.
آثار الخلوة
أوّلاً: أثرها في المهر
18 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ ممّا يتأكّد به المهر الخلوة الصّحيحة الّتي استوفت شرائطها.
فلو خلا الزّوج بزوجته خلوةً صحيحةً ثمّ طلّقها قبل الدّخول بها في نكاح فيه تسمية للمهر يجب عليه المسمّى، وإن لم يكن في النّكاح تسمية يجب عليه كمال مهر المثل لقوله تعالى: "وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً، وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ".
وقد روي عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال: " من كشف خمار امرأته ونظر إليها وجب الصّداق، دخل بها أو لم يدخل " وهذا نصّ في الباب.
وروي عن زرارة بن أبي أوفى أنّه قال: قضى الخلفاء الرّاشدون المهديّون أنّه إذا أرخى السّتور وأغلق الباب فلها الصّداق كاملاً، وعليها العدّة، دخل بها أو لم يدخل، حكى الطّحاويّ في هذه المسألة إجماع الصّحابة من الخلفاء الرّاشدين وغيرهم.
وذهب الشّافعيّ في الجديد إلى أنّه لا اعتبار بالخلوة في تقرّر المهر.
لقوله تعالى: "وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ" والمراد بالمسّ الجماع.
ثانياً: أثرها في العدّة
19 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة إلى أنّه تجب العدّة على المطلّقة بالخلوة الصّحيحة في النّكاح الصّحيح دون الفاسد، فلا تجب في الفاسد إلاّ بالدّخول، أمّا في النّكاح الصّحيح فتجب بالخلوة لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا" ولأنّ وجوبها بطريق استبراء الرّحم، والحاجة إلى الاستبراء بعد الدّخول لا قبله، إلاّ أنّ الخلوة الصّحيحة في النّكاح الصّحيح أقيمت مقام الدّخول في وجوب العدّة الّتي فيها حقّ اللّه تعالى، لأنّ حقّ اللّه تعالى يحتاط في إيجابه، ولأنّ التّسليم بالواجب بالنّكاح قد حصل بالخلوة الصّحيحة فتجب به العدّة كما تجب بالدّخول، لأنّ الخلوة الصّحيحة إنّما أقيمت مقام الدّخول في وجوب العدّة مع أنّها ليست بدخول حقيقةً لكونها سبباً مفضياً إليه، فأقيمت مقامه احتياطاً إقامةً للسّبب مقام المسبّب فيما يحتاط فيه.
ووجوب العدّة عند المالكيّة بالخلوة الصّحيحة حتّى ولو نفى الزّوجان الوطء فيها، لأنّ العدّة حقّ اللّه تعالى فلا تسقط باتّفاقهما على نفي الوطء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/266)
وظاهر كلام الخرقيّ من الحنابلة كما ورد في المغني أنّه لا فرق في وجوب العدّة بين أن يخلو بها مع المانع من الوطء أو مع عدمه، سواء كان المانع حقيقيّاً كالجبّ، والعنّة، والفتق، والرّتق، أو شرعيّاً كالصّوم، والإحرام، والحيض، والنّفاس، والظّهار، لأنّ الحكم علّق هاهنا على الخلوة الّتي هي مظنّة الإصابة دون حقيقتها.
وفي الجديد عند الشّافعيّة لا تجب العدّة بالخلوة المجرّدة عن الوطء لمفهوم قوله تعالى:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا".
ثالثاً: أثر الخلوة في الرّجعة
20 - ذهب الحنفيّة إلى أنّ الخلوة ليست برجعة، لأنّه لم يوجد ما يدلّ على الرّجعة لا قولاً ولا فعلاً.
وذهب المالكيّة إلى أنّ شرط صحّة الارتجاع علم الدّخول وعدم إنكار الوطء، فإن أنكرته لم تصحّ الرّجعة، وظاهره سواء اختلى بها في زيارة أو خلوة اهتداء، وهو أحد أقوال.
الثّاني أنّ ذلك في خلوة الزّيارة، أمّا خلوة الاهتداء فلا عبرة بإنكارها وتصحّ الرّجعة، ولا إن أقرّ به فقط في زيارة بخلاف البناء.
والثّالث، أنّها إن كانت الزّائرة صدّق في دعواه الوطء فتصحّ الرّجعة كخلوة البناء، وقال الصّاويّ تعليقاً على قوله ' وهو أحد أقوال ' بقوله: ذكر في الشّامل أنّ القول بعدم التّفرقة بين الخلوتين هو المشهور.
وقال ابن قدامة: الخلوة كالإصابة في إثبات الرّجعة للزّوج على المرأة الّتي خلا بها في ظاهر قول الخرقيّ لقوله: حكمها حكم الدّخول في جميع أمورها.
وقال أبو بكر: لا رجعة له عليها إلاّ أن يصيبها.
وللتّفصيل ينظر مصطلح: ' رجعة '.
رابعاً: أثر الخلوة في ثبوت النّسب
21 - ذهب الحنفيّة إلى أنّ ثبوت النّسب ممّا يترتّب على الخلوة ولو من المجبوب، وقال ابن عابدين راوياً عن ابن الشّحنة في عقد الفرائد: إنّ المطلّقة قبل الدّخول لو ولدت لأقلّ من ستّة أشهر من حين الطّلاق ثبت نسبه للتّيقّن بأنّ العلوق كان قبل الطّلاق، وأنّ الطّلاق بعد الدّخول، ولو ولدته لأكثر لا يثبت لعدم العدّة، ولو اختلى بها فطلّقها يثبت وإن جاءت به لأكثر من ستّة أشهر، قال: ففي هذه الصّورة تكون الخصوصيّة للخلوة.
وذهب الشّافعيّة إلى أنّ الزّوجة تكون فراشاً بمجرّد الخلوة بها حتّى إذا ولدت للإمكان من الخلوة بها لحقه، وإن لم يعترف بالوطء، لأنّ مقصود النّكاح الاستمتاع والولد، فاكتفى فيه بالإمكان من الخلوة.
ويرى الحنابلة أنّ الخلوة يثبت بها النّسب.
انظر: ' نسب '.
خامساً: أثر الخلوة بالنّسبة لانتشار الحرمة
22 - من الآثار الّتي تترتّب على الخلوة الصّحيحة انتشار الحرمة، وقد ذكر ابن عابدين أنّ الخلوة الصّحيحة تفيد حرمة نكاح الأخت وأربع سوى الزّوجة في عدّتها.
أمّا بالنّسبة لتحريم بنت الزّوجة فقد اختلف فيه، فروى ابن عابدين عن الفتاوى الهنديّة أنّ الخلوة بالزّوج لا تقوم مقام الوطء في تحريم بنتها.
وقال ابن عابدين في نوادر أبي يوسف: إذا خلا بها في صوم رمضان، أو حال إحرامه لم يحلّ له أن يتزوّج بنتها، وقال محمّد: يحلّ، فإنّ الزّوج لم يجعل واطئاً، حتّى كان لها نصف المهر.
ثمّ قال ابن عابدين: وظاهره أنّ الخلاف في الخلوة الفاسدة، أمّا الصّحيحة فلا خلاف في أنّها تحرّم البنت.
وقال ابن قدامة: الدّخول بالأمّ يحرّم البنت، لقوله تعالى: "وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ".
وهذا نصّ والمراد بالدّخول في الآية الوطء كنّى عنه بالدّخول، فإن خلا بها ولم يطأها لم تحرم ابنتها، لأنّ الأمّ غير مدخول بها، وظاهر قول الخرقيّ تحريمها لقوله: فإن خلا بها، وقال لم أطأها، وصدّقته، لم يلتفت إلى قولها، وكان حكمها حكم الدّخول.
وذكر ابن قدامة في موضع آخر خلافاً في تحريم الرّبيبة فقال: وأمّا تحريم الرّبيبة فعن أحمد أنّه يحصل بالخلوة، وقال القاضي وابن عقيل: لا تحرم، وحمل القاضي كلام أحمد على أنّه حصل مع الخلوة نظر أو مباشرة، فيخرّج كلامه على إحدى الرّوايتين في أنّ ذلك يحرم، والصّحيح أنّه لا يحرم، لقوله تعالى: "فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ" والدّخول كناية عن الوطء والنّصّ صريح في إباحتها بدونه، فلا يجوز خلافه.)).
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[09 - 09 - 04, 09:50 م]ـ
السلام عليكم
جزاكم الله علي نقلكم الطيب
وبارك الله فيكم
وشكر يا حنبلي السلفي
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[09 - 09 - 04, 11:19 م]ـ
نقل طيب جدا جدا
بارك الله تعالى في الأخ (المفيد) دون السين
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[10 - 09 - 04, 03:05 ص]ـ
بارك الله فيكم وفي المستفيد على نقله القيم المفيد(28/267)
بدعية تحليةالمسجد و الكعبة بالذهب و الفضة
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[10 - 09 - 04, 08:06 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد،،
فيقول الرملي الشافعي في نهاية المحتاج 3/ 95 حلبي:
((و لو حلّي المسجد أو الكعبة أو قناديلها بذهب أو فضة حرم، و كذا تعليقها إن حصل من التحلية شيء بالعرض على النار أخذا مما مر في الآنية لأنها ليست في معنى المصحف، و لعدم نقله عن السلف، فهو بدعة، و كل بدعة ضلالة إلا ما استثني.))
ـ[عبد الله التميمي]ــــــــ[10 - 09 - 04, 08:27 م]ـ
بارك الله فيك يا أخي .. وقد ابقيت الحلي والذهب على الكعبة منعاً للفتنه .. فلو تم نزع حلي الكعبة _ شرفها الله _ لقال جهلة المسلمون ان الواهابيون لا يحبون الكعبة ولا يهتمون .. ولعلك يا اخي تنظر في رسائل الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب حيث اتهم بعض المغرضون في وقته بأنه يطالب بأن يجعل ميرزاب الكعبة من الخشب بدل الذهب واعتبرو ذلك جرماً .. وقد رد الشيخ رحمه الله ذلك ونفى ما قيل عنه ..
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[10 - 09 - 04, 10:18 م]ـ
جزاكم الله خيرا
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (3 ص:457)
واستدل التقي السبكي بحديث الباب على جواز تعليق قناديل الذهب والفضة في الكعبة ومسجد المدينة فقال هذا الحديث عمدة في مال الكعبة وهو ما يهدى إليها أو ينذر لها
قال وأما قول الرافعي لا يجوز تحلية الكعبة بالذهب والفضة ولا تعليق قناديلها فيها حكى الوجهين في ذلك أحدهما الجواز تعظيما كما في المصحف والآخر المنع إذ لم ينقل من فعل السلف فهذا مشكل لأن للكعبة من التعظيم ما ليس لبقية المساجد بدليل تجويز سترها بالحرير والديباج وفي جواز ستر المساجد بذلك خلاف
ثم تمسك للجواز بما وقع في أيام الوليد بن عبد الملك من تذهيبه سقوف المسجد النبوي قال ولم ينكر ذلك عمر بن عبد العزيز ولا أزاله في خلافته ثم استدل للجواز بأن تحريم استعمال الذهب والفضة إنما هو فيما يتعلق بالأواني المعدة للأكل والشرب ونحوهما
قال وليس في تحلية المساجد بالقناديل الذهب شيء من ذلك وقد قال الغزالي من كتب القرآن بالذهب فقد أحسن فإنه لم يثبت في الذهب إلا تحريمه على الأمة فيما ينسب للذهب وهذا بخلافه فيبقى على أصل الحل ما لم ينته إلى الإسراف انتهى
وتعقب بأن تجويز ستر الكعبة بالديباج قام الإجماع عليه وأما التحلية بالذهب والفضة فلم ينقل عن فعل من يقتدي به والوليد لا حجة في فعله وترك عمر بن عبد العزيز النكير أو الإزالة يحتمل عدة معان فلعله كان لا يقدر على الإنكار خوفا من سطوة الوليد ولعله لم يزلها لأنه لا يتحصل منها شيء ولا سيما إن كان الوليد جعل في الكعبة صفائح فلعله رأى أن تركها أولى لأنها صارت في حكم المال الموقوف فكأنه أحفظ لها من غيره وربما أدى قلعه إلى إزعاج بناء الكعبة فتركه ومع هذه الاحتمالات لا يصلح الاستدلال بذلك للجواز
وقوله أن الحرام من الذهب إنما هو استعماله في الأكل والشرب إلخ هو متعقب بأن استعمال كل شيء بحسبه واستعمال قناديل الذهب هو تعليقها للزينة وأما استعمالها للإيقاد فممكن على بعد وتمسكه بما قاله الغزالي يشكل عليه بأن الغزالي قيده بما لم ينته إلى الإسراف والقنديل الواحد من الذهب يكتب تحلية عدة مصاحف
وقد أنكر السبكي على الرافعي تمسكه في المنع بكون ذلك لم ينقل عن السلف وجوابه أن الرافعي تمسك بذلك مضموما إلى شيء آخر وهو أنه قد صح النهي عن استعمال الحرير والذهب فلما استعمل السلف الحرير في الكعبة دون الذهب مع عنايتهم بها وتعظيمها دل على أنه بقي عندهم على عموم النهي وقد نقل الشيخ الموفق الإجماع على تحريم استعمال أواني الذهب والقناديل من الأواني بلا شك واستعمال كل شيء بحسبه والله أعلم).
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[11 - 09 - 04, 12:48 ص]ـ
وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية
وذكر في الرعاية في موضع آخر سيأتي في اللباس أنه هل يحرم تحلية المسجد بذهب أو فضة وتجب إزالته وزكاته بشرطها أو يكره على قولين وقدم الأول
وعند الحنفية لا بأس بتحلية المسجد بذهب ونحوه لأنه تعظيم له ومنهم من استحبه لذلك
وعند المالكية يكره ذلك ويصان المسجد عنه وهو قول بعض الحنفية ذكره صاحب المفيد منهم وللشافعية في تحريمه وجهان
وأول من ذهَّب الكعبة في الإسلام وزخرف المساجد الوليد بن عبد الملك لما بعث إلى خالد بن عبد الله القسري وإلي مكة حينئذ فيضعف قول بعض الحنفية ممن قال بالكراهة هم محجوجون بإجماع المسلمين في الكعبة.
وقال ابن السبكي في اختيارات والده (طبقات الشافعية الكبرى ج:10 ص:236)
وأن تحلية الكعبة وسائر المساجد بالذهب والفضة حلال
قال والمنع منه في الكعبة شاذ غريب في المذاهب كلها!.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[12 - 09 - 04, 04:37 ص]ـ
جزاكم الله تعالى خير الجزاء شيخنا الفقيه
و بالنسبة لاختيار السبكي فهو مخالف للمعتمد من مذهبه الشافعي كما لا يخفى عليكم، بل قد جعل ما عليه الاعتماد في مذهبه شاذا غريبا في المذاهب كلها، و هذا أستعجبه إذا يجعل ما عليه الفتوى في مذهبه شاذا غريبا، حتى و لو كان حكمه قبل الاعتماد المذكور، فكونه يصير عليه الاعتماد لدى المتأخرين فإنه على أصول الشافعية في الترجيح تثبت له قوة أصله قبل الاعتماد كما لا يخفى عليكم أيضا
جزاكم الله تعالى خير الجزاء على النقل، و بارك الله تعالى فيكم و في علمكم و عملكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/268)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[12 - 09 - 04, 05:19 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
(في المجموع للنووي
وأما تحلية الكعبة وسائر المساجد بالذهب والفضة وتمويه سقفه وتعليق قناديلها فيها ففيه وجهان مشهوران (أصحهما) التحريم وبه قال أبو اسحق المروزى وآخرون من المتقدمين ونقله الماوردى عن كثير من أصحابنا المتقدمين وقطع به القاضي أبو الطيب والبغوى وآخرون واستدلوا له بانه لم يرد فيه سنة ولا عمله أحد من الخلفاء الراشدين فهو بدعة وكل بدعة ضلالة وفى الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من أحدث في ديننا ما ليس منه فهو رد) وفى رواية لهما (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) (والوجه الثاني) الجواز تعظيما للكعبة والمساجد واعظاما للدين كما اجمعوا علي ستر الكعبة بالحرير
انتهى)
انتهى
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=20929&highlight=%C8%CF%DA%C9+%E3%DF%D1%E6%E5
ـ[ابن وهب]ــــــــ[12 - 09 - 04, 05:28 ص]ـ
في فتاوى السبكي رحمه الله
((تَنْبِيهٌ) مَحَلُّ الَّذِي قُلْتُهُ مِنْ الصَّرْفِ إلَى وُجُوهِ الْكَعْبَةِ إذَا كَانَ الْمَالُ عُلِمَ مِنْ حَالِهِ ذَلِكَ أَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ بِذَلِكَ مِثْلُ كَوْنِهِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ، أَمَّا الْقَنَادِيلُ الَّتِي فِيهَا وَالصَّفَائِحُ الَّتِي عَلَيْهَا فَتَبْقَى عَلَى حَالِهَا وَلَا يُصْرَفُ مِنْهَا شَيْءٌ، وَقَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَفْرَاءَ أَوْ بَيْضَاءَ يَحْتَمِلُ النَّوْعَيْنِ وَلَمْ يُنْقَلْ إلَيْنَا صِفَتُهُمَا الَّتِي كَانَتْ ذَلِكَ الْوَقْتَ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ أَوَّلَ مَنْ ذَهَّبَ الْبَيْتَ فِي الْإِسْلَامِ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَذَلِكَ لَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ ذُهِّبَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَبَقِيَ إلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَيُقَالُ: إنَّ الَّذِي عَمِلَهُ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى بَابِهَا صَفَائِحُ وَالْمِيزَابُ وَعَلَى الْأَسَاطِينِ الَّتِي فِي بَطْنِهَا وَالْأَرْكَانِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفَ دِينَارٍ. وَفِي خِلَافِهِ الْأَمِينِ زِيدَ عَلَيْهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ. وَأَوَّلُ مَنْ فَرَشَهَا بِالرُّخَامِ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَلَمَّا عَمِلَ الْوَلِيدُ ذَلِكَ كَانَتْ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ مِنْ التَّابِعِينَ مَوْجُودِينَ وَبَقَايَا الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْقَلْ لَنَا عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ أَنْكَرَ ذَلِكَ. ثُمَّ جَمِيعُ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ وَالصَّالِحُونَ وَسَائِرُ الْمُسْلِمِينَ يَحُجُّونَ وَيُبْصِرُونَ ذَلِكَ وَلَا يُنْكِرُونَ عَلَى مَمَرِّ الْأَعْصَارِ. وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ النَّذْرِ: سِتْرُ الْكَعْبَةِ وَتَطْيِيبُهَا مِنْ الْقُرُبَاتِ فَإِنَّ النَّاسَ اعْتَادُوهُمَا عَلَى مَمَرِّ الْأَعْصَارِ وَلَمْ يُبْدَ مِنْ أَحَدٍ نَكِيرٌ؛ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا وَرَدَ تَحْرِيمُ لُبْسِهِ فِي حَقِّ الرِّجَالِ، وَذَكَرْنَا فِي بَابِ الزَّكَاةِ أَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَحْلِيَةُ الْكَعْبَةِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَتَعْلِيقِ قَنَادِيلِهِمَا وَكَانَ الْفَرْقُ اسْتِمْرَارَ الْخَلْقِ عَلَى ذَلِكَ دُونَ هَذَا فَلَوْ نَذَرَ سِتْرَ الْكَعْبَةِ وَتَطْيِيبَهَا صَحَّ نَذْرُهُ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي سِتْرِ الْكَعْبَةِ وَتَطْيِيبِهَا صَحِيحٌ وَأَمَّا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ الزَّكَاةِ مِنْ أَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَحْلِيَةُ الْكَعْبَةِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.162
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/269)
وَقَالَ أَيْضًا فِي بَابِ الزَّكَاةِ: هَلْ يَجُوزُ تَحْلِيَةُ الْمُصْحَفِ بِالْفِضَّةِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا لَا كَالْأَوَانِي وَأَظْهَرُهُمَا نَعَمْ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ إكْرَامًا لِلْمُصْحَفِ. وَقَالَ فِي سِيَرِ الْوَاقِدِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى حَظْرِهَا. وَفِي الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ حَرْمَلَةُ مَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ. وَفِي تَحْلِيَتِهِ بِالذَّهَبِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا الْجَوَازُ إكْرَامًا وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ إذْ وَرَدَ فِي الْخَبَرِ ذَمُّهَا، وَالثَّالِثُ إنْ كَانَ لِلْمَرْأَةِ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ لِلرَّجُلِ لَا يَجُوزُ وَكَلَامُ الصَّيْدَلَانِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ إلَى هَذَا أَمْيَلُ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَجُوزُ تَحْلِيَةُ نَفْسِ الْمُصْحَفِ دُونَ عِلَاقَتِهِ الْمُنْفَصِلَةِ وَالْأَظْهَرُ التَّسْوِيَةُ، وَأَمَّا سَائِرُ الْكُتُبِ فَقَالَ الْغَزَالِيُّ لَا يَجُوزُ، وَفِي تَحْلِيَةِ الْكَعْبَةِ وَالْمَسَاجِدِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَتَعْلِيقِ قَنَادِيلِهِمَا فِيهَا وَجْهَانِ مَرْوِيَّانِ فِي الْحَاوِي وَغَيْرِهِ: أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ تَعْظِيمًا كَمَا فِي الْمُصْحَفِ وَكَمَا يَجُوزُ سِتْرُ الْكَعْبَةِ بِالدِّيبَاجِ وَأَظْهَرُهُمَا الْمَنْعُ وَيُحْكَى عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إذَا لَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ عَنْ فِعْلِ السَّلَفِ وَحُكْمُ الزَّكَاةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْوَجْهَيْنِ نَعَمْ لَوْ جَعَلَ الْمُتَّخِذُ وَقْفًا فَلَا زَكَاةَ فِيهِ بِحَالٍ. انْتَهَى مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ. فَأَمَّا الْمُصْحَفُ فَمَنْ قَالَ بِالْمَنْعِ فِيهِ إمَّا مُطْلَقًا وَإِمَّا لِلرَّجُلِ فَلَعَلَّ مَأْخَذَهُ أَنَّ الْقَارِئَ فِيهِ وَالْحَامِلَ لَهُ مُسْتَعْمِلٌ لِلذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الَّتِي فِيهِ نَزَلَا يَأْتِي هَذَا الْمَعْنَى فِي الْكَعْبَةِ وَلَوْ فُرِضَ مُصْحَفٌ لَا يَنْظُرُ فِيهِ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ فَذَلِكَ نَادِرٌ وَلَمْ يُوضَعْ الْمُصْحَفُ لِذَلِكَ وَلَكِنْ لِيُنْتَفَعَ بِهِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي الْمُصْحَفِ جَرَيَانُهُ فِي الْكَعْبَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُصْحَفُ أَفْضَلَ لِلْفَرْقِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ؛ وَأَمَّا التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَالْمَسَاجِدِ فَلَا يَنْبَغِي لِأَنَّ لِلْكَعْبَةِ مِنْ التَّعْظِيمِ مَا لَيْسَ لِلْمَسْجِدِ أَلَا تَرَى أَنَّ سِتْرَ الْكَعْبَةِ بِالْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَفِي سِتْرِ الْمَسَاجِدِ خِلَافٌ فَحِينَئِذٍ الْخِلَافُ فِي الْكَعْبَةِ مُشْكِلٌ وَتَرْجِيحُ الْمَنْعِ فِيهَا أَشْكَلُ وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ وَقَدْ فُعِلَ فِي صَدْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَقَدْ تَوَلَّى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عِمَارَةَ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْوَلِيدِ وَذَهَّبَ سَقْفَهُ؛ وَإِنْ قِيلَ: إنَّ ذَلِكَ امْتِثَالُ أَمْرِ الْوَلِيدِ. فَأَقُولُ: إنَّ الْوَلِيدَ وَأَمْثَالَهُ مِنْ الْمُلُوكِ إنَّمَا تَصْعُبُ مُخَالَفَتُهُمْ فِيمَا لَهُمْ فِيهِ غَرَضٌ يَتَعَلَّقُ بِمِلْكِهِمْ وَنَحْوِهِ أَمَّا مِثْلُ هَذَا وَفِيهِ تَوْفِيرٌ عَلَيْهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ فَلَا تَصْعُبُ مُرَاجَعَتُهُمْ فِيهِ فَسُكُوتُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَمْثَالِهِ وَأَكْبَرَ مِنْهُ مِثْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَبَقِيَّةِ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا دَلِيلٌ لِجَوَازِ ذَلِكَ، بَلْ أَقُولُ قَدْ وُلِّيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْخِلَافَةَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَرَادَ أَنْ يُزِيلَ مَا فِي جَامِعِ بَنِي أُمَيَّةَ مِنْ الذَّهَبِ فَقِيلَ لَهُ: إنَّهُ لَا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ يَقُومُ بِأُجْرَةِ حَلِّهِ فَتَرَكَهُ، وَالصَّفَائِحُ الَّتِي عَلَى الْكَعْبَةِ يَتَحَصَّلُ مِنْهَا شَيْءٌ كَثِيرٌ فَلَوْ كَانَ فِعْلُهَا حَرَامًا لَأَزَالَهَا فِي خِلَافَتِهِ لِأَنَّهُ إمَامُ هُدًى فَلَمَّا سَكَتَ عَنْهَا وَتَرَكَهَا وَجَبَ الْقَطْعُ بِجَوَازِهَا وَمَعَهُ جَمِيعُ النَّاسِ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/270)
الَّذِينَ يَحُجُّونَ كُلَّ عَامٍ وَيَرَوْنَهَا فَالْقَوْلُ بِالْمَنْعِ فِيهَا عَجِيبٌ جِدًّا، عَلَى أَنَّهُ قَلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لِذِكْرِ هَذَا الْحُكْمِ فِيهَا أَعْنِي الْكَعْبَةَ بِخُصُوصِهَا، وَرَأَيْتُهَا أَيْضًا فِي كُتُبِ الْمَالِكِيَّةِ فِي الذَّخِيرَةِ الْقَرَافِيَّةِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ تَصْرِيحٌ بِالتَّحْرِيمِ. وَهَذَا الَّذِي قُلْتُهُ كُلَّهُ فِي تَحْلِيَةِ الْكَعْبَةِ بِخُصُوصِهَا بِصَفَائِحِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَنَحْوِهَا فَلْيُضْبَطْ ذَلِكَ وَلَا يَتَعَدَّى، وَلَا أَمْنَعُ مِنْ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي التَّمْوِيهِ وَالزَّخْرَفَةِ فِيهَا لِأَنَّ التَّمْوِيهَ يُزِيلُ مَالِيَّةَ النَّقْدَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا قِيَمُ الْأَشْيَاءِ، وَتَضْيِيقُ النَّقْدَيْنِ مَحْظُورٌ لِتَضْيِيقِهِ الْمَعَاشَ وَإِغْلَائِهِ الْأَسْعَارَ وَإِفْسَادِهِ الْمَالِيَّةَ، وَلَا أَمْنَعُ مِنْ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِيهِ أَيْضًا فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ فِي الْقِسْمَيْنِ جَمِيعًا التَّمْوِيهَ وَالتَّحْلِيَةَ؛ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ حُسَيْنًا جَزَمَ بِحِلِّ تَحْلِيَةِ الْمَسْجِدِ بِالْقَنَادِيلِ مِنْ الذَّهَبِ وَنَحْوِهِمَا وَأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ وَهَذَا أَرْجَحُ مِمَّا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى تَحْرِيمِهَا دَلِيلٌ وَالْحَرَامُ مِنْ الذَّهَبِ إنَّمَا هُوَ اسْتِعْمَالُ الذُّكُورِ لَهُ وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَنَحْوُهُمَا مِنْ الِاسْتِعْمَالِ مِنْ أَوَانِيهِ وَلَيْسَ فِي تَحْلِيَةِ الْمَسْجِدِ بِالْقَنَادِيلِ الذَّهَبِيَّةِ وَنَحْوِهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْفَتَاوَى: الَّذِي يَتَبَيَّنُ لِي أَنَّ مَنْ كَتَبَ الْقُرْآنَ بِالذَّهَبِ فَقَدْ أَحْسَنَ وَلَا زَكَاةَ فِيهِ عَلَيْهِ فَلَمْ يَثْبُتْ فِي الذَّهَبِ إلَّا تَحْرِيمُهُ عَلَى ذُكُورِ الْأُمَّةِ فِيمَا يُنْسَبُ إلَى الذُّكُورِ وَهَذَا لَا يُنْسَبُ إلَى الذُّكُورِ فَيَبْقَى عَلَى أَصْلِ الْحِلِّ مَا لَمْ يَنْتَهِ إلَى الْإِسْرَافِ فَإِنَّ كُلَّ ذَلِكَ احْتِرَامٌ وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُنْسَبُ إلَى الذُّكُورِ حَتَّى يُحْكَمَ بِالتَّحْرِيمِ، وَلَسْت أَقُولُ هَذَا عَنْ رَأْيٍ مُجَرَّدٍ لَكِنِّي رَأَيْت فِي كَلَامِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ مَا دَلَّ عَلَى جَوَازِهِ. هَذَا كَلَامُ الْغَزَالِيِّ فِي الْكِتَابَةِ بِالذَّهَبِ، وَفِي ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَضْيِيقِ النَّقْدَيْنِ لِزَوَالِ مَالِيَّةِ الذَّهَبِ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ التَّحْلِيَةِ بِذَهَبٍ بَاقٍ. فَقَدْ ظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ تَحْلِيَةَ الْكَعْبَةِ. بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ جَائِزٌ وَالْمَنْعُ مِنْهُ بَعِيدٌ شَاذٌّ غَرِيبٌ فِي الْمَذَاهِبِ كُلِّهَا قَلَّ مَنْ ذَكَرَهُ مِنْهُمْ وَلَا وَجْهَ لَهُ وَلَا دَلِيلَ يُعَضِّدُهُ،)
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[13 - 09 - 04, 12:11 ص]ـ
جزاك الله تعالى خيرا أخ ابن وهب على هذه النقول و التي تؤيد البدعية
و لكن في الحقيقة أنا نقلت القول بالبدعية فقط للفائدة، و إلا فالمسألة بالنسبة لي ما زالت محل نظر
ـ[ابن وهب]ــــــــ[13 - 09 - 04, 12:44 ص]ـ
في شرح الهداية
(ولا بأس أن ينقش المسجد بالجص والساج وماء الذهب) وقوله لا بأس يشير إلى أنه لا يؤجر عليه لكنه لا يأثم به، وقيل هو قربة وهذا إذا فعل من مال نفسه، أما المتولي فيفعل من مال الوقف ما يرجع إلى إحكام البناء دون ما يرجع إلى النقش حتى لو فعل يضمن، والله أعلم بالصواب.)
في الشرح
(قوله وقيل هو قربة) لما فيه من تعظيم المسجد. ومنهم من كرهه لقوله صلى الله عليه وسلم {إن من أشراط الساعة أن تزين المساجد} الحديث، والأقوال ثلاثة وعندنا لا بأس به. ومحمل الكراهة التكلف بدقائق النقوش ونحوه خصوصا في المحراب أو التزيين مع ترك الصلوات أو عدم إعطائه حقه من اللغط فيه والجلوس لحديث الدنيا ورفع الأصوات بدليل آخر الحديث وهو قوله {وقلوبهم خاوية من الإيمان} هذا إذا فعل من مال نفسه أما المتولي فيفعل ما يرجع إلى إحكام البناء حتى لو جعل البياض فوق السواد للنقاء ضمن كذا في الغاية، وعلى هذا تحلية المصحف بالذهب لا بأس به. وكان المتقدمون يكرهون شد المصاحف واتخاذ المشدة لها لأنه يشبه المنع كالغلق.)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[13 - 09 - 04, 12:48 ص]ـ
تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق
(قال رحمه الله (ولا نقشه بالجص وماء الذهب) أي لا يكره نقش المسجد بهما وفيه إشارة إلى أنه لا يؤجر عليه ومنهم من كره ذلك لقوله عليه الصلاة والسلام {من أشراط الساعة تزيين المساجد} الحديث وقال عمر بن عبد العزيز هذه الكلمات حين مر به رسول الوليد بن عبد الملك بأربعين ألف دينار لتزيين مسجد النبي صلى الله عليه وسلم المساكين أحوج من الأساطين ومنهم من قال إنه قربة لما فيه من تعظيم المسجد وإجلال الدين وقد زخرفت الكعبة بماء الذهب والفضة وسترت بألوان الديباج تعظيما لها وعندنا لا بأس به ولا يستحب وصرفه إلى المساكين أحب إلا أنه ينبغي له أن لا يتكلف لدقائق النقش في المحراب فإنه مكروه؛ لأنه يلهي المصلي وعليه يحمل النهي الوارد عن التزيين أو على التزيين مع ترك الصلاة بدليل آخر وهو قوله عليه الصلاة والسلام {وقلوبهم خاوية عن الإيمان} هذا إذا فعله من مال نفسه، وأما المتولي فليس له أن يفعل ذلك من مال الوقف فإن فعله ضمن؛ لأنه ليس له أن يضيع مال الوقف وإنما يفعل ما يرجع إلى إحكام البناء حتى لو جعل البياض فوق السواد للبقاء ضمن، ذكره في الغاية وعلى هذا تحلية المصحف بالذهب والفضة لا بأس به وكان المتقدمون يكرهون شد المصاحف واتخاذ الشد لها كي لا يكون ذلك في صورة المنع فأشبه غلق باب المسجد، والله أعلم.
)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/271)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[13 - 09 - 04, 12:52 ص]ـ
في شرح ابن رجب (بنيان المسجد
وقال أبو سعيد: كان سقف المسجد من جريد النخل.
وأمر عمر ببناء المسجد، وقال: أكن الناس من المطر، وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس. وقال أنس: يتباهون بها، لا يعمرونها إلا قليلا.
وقال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى.
وأما حديث أبي سعيد فقد خرجه بتمامه في مواضع من ((كتابه)) في
((الصلاة)) و ((الاعتكاف)) وغيروهما.
وفي الحديث: إن السماء مطرت فوكف المسجد، فانصرف النبي rمن صلاة الصبح وعلى جبهته وانفه اثر الماء والطين.
وهذا يدل على أن سقف المسجد لم يكن يكن الناس من المطر، ولا يمنع من نزول ماء المطر إليه.
وقد ذكرنا فيما سبق من مراسيل الزهري أن النبي r جعل طول جداره بسطه وعمده الجذوع وسقفه جريدا. فقيل له: إلا نسقفه؟ فَقَالَ: ((عريشا كعريش موسى، خشبات وثمام، الأمر أعجل من ذَلِكَ)).
وقال المروذي في ((كتاب الورع)): قرئ على أبي عبد الله - يعني: أحمد -: سفيان، عن عمرو، عن أبي جعفر، قال: قيل للنبي r في المسجد: هده، طده. قال: ((لا عريش كعريش موسى))؟ قال أبو عبد الله: قد سألوا النبي r أن يكحل المسجد، فقال: ((لا، عريش كعريش موسى)).
قال أبو عبد الله: إنما هو شيء مثل الكحل يطلى، أي: فلم يرخص النبي r .
قال أبو عبيد: كان سفيان بن عيينة يقول: معنى قوله: ((هده)): أصلحه. قال: وتأويله كما قال، واصله: أنه يراد به الإصلاح بعد الهدم، وكل شيء حركته فقد هدته، فكان المعنى أنه يهدم ثم يستأنف ويصلح.
قال المروذي: وقلت لأبي عبد الله: أن محمد بن أسلم الطوسي لا يجصص مسجده، ولا بطوس مسجد مجصص إلا قلع جصه؟ فقال أبو عبد الله: هو من زينة الدنيا.
وروى ابن أبي الدنيا من حديث إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، قال: لما بنى رسول الله r المسجد أعانه عليه أصحابه وهو معهم يتناول اللبن حتى اغبر صدره، فقال: ((ابنوه عريشا كعريش موسى)). فقيل للحسن: وما عريش موسى؟ قال: إذا رفع يده بلغ العريش - يعني السقف.
ومن رواية ليث، عن طاووس، قال: لما قدم معاذ اليمن، قالوا له: لو أمرت بصخر وشجر فينقل فبنيت مسجدا؟ قال: إني أكره أن انقله على ظهري يوم القيامة - كأنه يخاف إذا أتقن بناءه بالصخر والخشب.
وروى سفيان، عن أبي فزارة، عن يزيد بن الأصم، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله r : (( ما أمرت بتشييد المساجد)).
قال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفها اليهود والنصارى. خرجه الإمام أحمد وأبو داود.
كذا رواه ابن عيينة، عن الثوري.
ورواه وكيع عن الثوري فجعل أوله مرسلا عن يزيد بن الأصم، لم يذكر فيه: ((ابن عباس)). وكذا رواه ابن مهدي عن سفيان.
وخرج ابن ماجه كلام ابن عباس من وجه آخر - مرفوعا -: ((ما ساء عمل قوم قط إلا زخرفوا مساجدهم)).
وروى حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، عن النبي r ، قال: ((لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد)).
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
وروى المروذي في كتاب الورع بإسناد عن أبي الدر داء، قال: إذا حليتم مصاحفكم وزخرفتم مساجدكم؛ فعليكم الدمار.
وقال المروذي: ذكرت لأبي عبد الله مسجدا قد بنى وانفق عليه مال كثير، فاسترجع وأنكر ما قلت.
قال حرب: قلت لإسحاق - يعني: ابن راهويه -: فتجصيص المساجد؟ قال: أشد وأشد. المساجد لا ينبغي أن تزين، إلا بالصلاة والبر.
وقال سفيان الثوري: يكره النقش والتزويق في المساجد، وكل ما تزين به المساجد.
ويقال: إنما عمارته ذكر الله U .
وممن كره زخرفة المساجد وتزو يقها: عمر بن عبد العزيز، وكان قد أراد إزالة الزخرفة التي كان الوليد وضعها في مسجد دمشق الجامع فكبر ذلك على من يستحسنه ممن تعجبه زينة الحياة الدنيا، واحتالوا عليه بأنواع الحيل، وأوهموه أنه يغيظ الكفار، حتى كف عن ذلك.
وقد روي عن ابن جريج، قال: أول من زخرف المساجد الوليد بن عبد الملك.
ذكره الأزرقي.
ولأصحابنا وأصحاب الشافعي في تحريم تحلية المساجد بالذهب والفضة وجهان، وكرهه المالكية وبعض الحنفية، ومنهم من رخص فيه، وقالوا: أن فعل ذلك من مال الوقف فقد ضمنه من ماله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/272)
وأما ما حكاه البخاري عن عمر وأنس [ ............ .............................. ].
وقد روي عن أنس - مرفوعا -، رواه سعيد بن عامر: ثنا صالح بن رستم، قال: قال أبو قلابة: سمع أنس بن مالك يقول - وقد مروا بمسجد أحدث -، فذكر أن النبي r قال ((يأتي على أمتي زمان يتباهون فيه بالمساجد ولا يعمرونها إلا قليلا)) - أو قال: ((لا يعمرونها إلا قليلا)).
خرجه ابن خزيمة في صحيحه.
ثم خرج البخاري هاهنا حديثا، فقال:
446 - ثنا علي بن عبد الله: ثنا يعقوب بن إبراهيم، ثنا أبي، عن صالح بن كيسان: ثنا نافع، أن عبد الله اخبره، أن المسجد كان على عهد رسول الله r مبنيا باللبن، وسقفه الجريد، وعمده خشب النخل، فلم يزد فيه أبو بكر شيئا، وزاد فيه
عمر، وبناه على بنيانه في عهد رسول الله r باللبن والجريد، وأعاد عمده خشبا، ثم غيره عثمان، فزاد فيه زيادة كثيرة، وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والقصة، وجعل عمده من حجارة منقوشة، وسقفه بالساج.
القصة: الجص.
والساج: نوع من أرفع أنواع الخشب، يجلب من بلاد الهند والزنج.
ويستدل بما فعله عثمان من يرخص في تجصيص المساجد وتزويقها ونقشها.
وقد روي عن ابن عمر في هذا الباب روايات أخر:
فخرج أبو داود من طريق فراس، عن عطية، عن ابن عمر، أن مسجد النبي r كانت سواريه على عهد النبي r من جذوع النخل، أعلاه مظلل بجريد النخل، ثم إنها تخربت في خلافة أبي بكر، فبناها بجذوع النخل وجريد النخل، ثم إنها تخربت في خلافة عمر، فبناها بجذوع النخل وجريد النخل، وتخربت في خلافة عثمان فبناها بالآجر، فلم تزل ثابتة حتى الآن.
وفي هذه الرواية زيادة تجديد أبي بكر له وإعادته على ما كان، لكنه لم يزد في بقعة المسجد شيئا، وإنما زاد فيه عمر.
وروى الإمام أحمد: ثنا حماد الخياط: ثنا عبد الله، عن نافع، أن عمر زاد في المسجد من الاسطوانة إلى المقصورة، وزاد عثمان، فقال عمر: لو لا أني سمعت
رسول الله r يقول: ((ينبغي أن نزيد في مسجدنا)) ما زدت.
وليس في رواية ذكر ابن عمر، وهو منقطع.
وفيما فعله عمر وعثمان من تخريب المسجد والزيادة فيه: دليل على جواز الزيادة في المساجد وتخريبها لتوسعتها وإعادة بناءها على وجه أصلح من البناء الأول؛ فإن هذا فعله عمر وعثمان بمشهد من المهاجرين والأنصار واقروا عليه.
بنيان المسجد
وقال أبو سعيد: كان سقف المسجد من جريد النخل.
وأمر عمر ببناء المسجد، وقال: أكن الناس من المطر، وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس.
وقال أنس: يتباهون بها، لا يعمرونها إلا قليلا.
وقال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى.
وأما حديث أبي سعيد فقد خرجه بتمامه في مواضع من ((كتابه)) في
((الصلاة)) و ((الاعتكاف)) وغيروهما.
وفي الحديث: إن السماء مطرت فوكف المسجد، فانصرف النبي rمن صلاة الصبح وعلى جبهته وانفه اثر الماء والطين.
وهذا يدل على أن سقف المسجد لم يكن يكن الناس من المطر، ولا يمنع من نزول ماء المطر إليه.
وقد ذكرنا فيما سبق من مراسيل الزهري أن النبي r جعل طول جداره بسطه وعمده الجذوع وسقفه جريدا. فقيل له: إلا نسقفه؟ فَقَالَ: ((عريشا كعريش موسى، خشبات وثمام، الأمر أعجل من ذَلِكَ)).
وقال المروذي في ((كتاب الورع)): قرئ على أبي عبد الله - يعني: أحمد -: سفيان، عن عمرو، عن أبي جعفر، قال: قيل للنبي r في المسجد: هده، طده. قال: ((لا عريش كعريش موسى))؟ قال أبو عبد الله: قد سألوا النبي r أن يكحل المسجد، فقال: ((لا، عريش كعريش موسى)).
قال أبو عبد الله: إنما هو شيء مثل الكحل يطلى، أي: فلم يرخص النبي r .
قال أبو عبيد: كان سفيان بن عيينة يقول: معنى قوله: ((هده)): أصلحه. قال: وتأويله كما قال، واصله: أنه يراد به الإصلاح بعد الهدم، وكل شيء حركته فقد هدته، فكان المعنى أنه يهدم ثم يستأنف ويصلح.
قال المروذي: وقلت لأبي عبد الله: أن محمد بن أسلم الطوسي لا يجصص مسجده، ولا بطوس مسجد مجصص إلا قلع جصه؟ فقال أبو عبد الله: هو من زينة الدنيا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/273)
وروى ابن أبي الدنيا من حديث إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، قال: لما بنى رسول الله r المسجد أعانه عليه أصحابه وهو معهم يتناول اللبن حتى اغبر صدره، فقال: ((ابنوه عريشا كعريش موسى)). فقيل للحسن: وما عريش موسى؟ قال: إذا رفع يده بلغ العريش - يعني السقف.
ومن رواية ليث، عن طاووس، قال: لما قدم معاذ اليمن، قالوا له: لو أمرت بصخر وشجر فينقل فبنيت مسجدا؟ قال: إني أكره أن انقله على ظهري يوم القيامة - كأنه يخاف إذا أتقن بناءه بالصخر والخشب.
وروى سفيان، عن أبي فزارة، عن يزيد بن الأصم، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله r : (( ما أمرت بتشييد المساجد)).
قال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفها اليهود والنصارى. خرجه الإمام أحمد وأبو داود.
كذا رواه ابن عيينة، عن الثوري.
ورواه وكيع عن الثوري فجعل أوله مرسلا عن يزيد بن الأصم، لم يذكر فيه: ((ابن عباس)). وكذا رواه ابن مهدي عن سفيان.
وخرج ابن ماجه كلام ابن عباس من وجه آخر - مرفوعا -: ((ما ساء عمل قوم قط إلا زخرفوا مساجدهم)).
وروى حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، عن النبي r ، قال: ((لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد)).
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
وروى المروذي في كتاب الورع بإسناد عن أبي الدر داء، قال: إذا حليتم مصاحفكم وزخرفتم مساجدكم؛ فعليكم الدمار.
وقال المروذي: ذكرت لأبي عبد الله مسجدا قد بنى وانفق عليه مال كثير، فاسترجع وأنكر ما قلت.
قال حرب: قلت لإسحاق - يعني: ابن راهويه -: فتجصيص المساجد؟ قال: أشد وأشد. المساجد لا ينبغي أن تزين، إلا بالصلاة والبر.
وقال سفيان الثوري: يكره النقش والتزويق في المساجد، وكل ما تزين به المساجد.
ويقال: إنما عمارته ذكر الله U .
وممن كره زخرفة المساجد وتزو يقها: عمر بن عبد العزيز، وكان قد أراد إزالة الزخرفة التي كان الوليد وضعها في مسجد دمشق الجامع فكبر ذلك على من يستحسنه ممن تعجبه زينة الحياة الدنيا، واحتالوا عليه بأنواع الحيل، وأوهموه أنه يغيظ الكفار، حتى كف عن ذلك.
وقد روي عن ابن جريج، قال: أول من زخرف المساجد الوليد بن عبد الملك.
ذكره الأزرقي.
ولأصحابنا وأصحاب الشافعي في تحريم تحلية المساجد بالذهب والفضة وجهان، وكرهه المالكية وبعض الحنفية، ومنهم من رخص فيه، وقالوا: أن فعل ذلك من مال الوقف فقد ضمنه من ماله.
وأما ما حكاه البخاري عن عمر وأنس [ ............ .............................. ].
وقد روي عن أنس - مرفوعا -، رواه سعيد بن عامر: ثنا صالح بن رستم، قال: قال أبو قلابة: سمع أنس بن مالك يقول - وقد مروا بمسجد أحدث -، فذكر أن النبي r قال ((يأتي على أمتي زمان يتباهون فيه بالمساجد ولا يعمرونها إلا قليلا)) - أو قال: ((لا يعمرونها إلا قليلا)).
خرجه ابن خزيمة في صحيحه.
ثم خرج البخاري هاهنا حديثا، فقال:
446 - ثنا علي بن عبد الله: ثنا يعقوب بن إبراهيم، ثنا أبي، عن صالح بن كيسان: ثنا نافع، أن عبد الله اخبره، أن المسجد كان على عهد رسول الله r مبنيا باللبن، وسقفه الجريد، وعمده خشب النخل، فلم يزد فيه أبو بكر شيئا، وزاد فيه
عمر، وبناه على بنيانه في عهد رسول الله r باللبن والجريد، وأعاد عمده خشبا، ثم غيره عثمان، فزاد فيه زيادة كثيرة، وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والقصة، وجعل عمده من حجارة منقوشة، وسقفه بالساج.
القصة: الجص.
والساج: نوع من أرفع أنواع الخشب، يجلب من بلاد الهند والزنج.
ويستدل بما فعله عثمان من يرخص في تجصيص المساجد وتزويقها ونقشها. وقد روي عن ابن عمر في هذا الباب روايات أخر:
فخرج أبو داود من طريق فراس، عن عطية، عن ابن عمر، أن مسجد النبي r كانت سواريه على عهد النبي r من جذوع النخل، أعلاه مظلل بجريد النخل، ثم إنها تخربت في خلافة أبي بكر، فبناها بجذوع النخل وجريد النخل، ثم إنها تخربت في خلافة عمر، فبناها بجذوع النخل وجريد النخل، وتخربت في خلافة عثمان فبناها بالآجر، فلم تزل ثابتة حتى الآن.
وفي هذه الرواية زيادة تجديد أبي بكر له وإعادته على ما كان، لكنه لم يزد في بقعة المسجد شيئا، وإنما زاد فيه عمر.
وروى الإمام أحمد: ثنا حماد الخياط: ثنا عبد الله، عن نافع، أن عمر زاد في المسجد من الاسطوانة إلى المقصورة، وزاد عثمان، فقال عمر: لو لا أني سمعت
رسول الله r يقول: ((ينبغي أن نزيد في مسجدنا)) ما زدت.
وليس في رواية ذكر ابن عمر، وهو منقطع.
وفيما فعله عمر وعثمان من تخريب المسجد والزيادة فيه: دليل على جواز الزيادة في المساجد وتخريبها لتوسعتها وإعادة بناءها على وجه أصلح من البناء الأول؛ فإن هذا فعله عمر وعثمان بمشهد من المهاجرين والأنصار واقروا عليه.)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/274)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[13 - 09 - 04, 01:08 ص]ـ
في الموسوعة الفقهية (الحكم التكليفي): زخرفة المساجد: 3 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يكره زخرفة المسجد بذهب أو فضة، أو نقش، أو صبغ، أو كتابة أو غير ذلك مما يلهي المصلي عن صلاته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك. فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ما أمرت بتشييد المساجد} والتشييد: الطلاء بالشيد أي الجص، قال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى. وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد}. وروى البخاري في صحيحه أن عمر رضي الله عنه أمر ببناء مسجد وقال: أكن الناس من المطر، وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس. وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: إذا حليتم مصاحفكم وزخرفتم مساجدكم فالدبار عليكم. ولأن ذلك يلهي المصلي عن الصلاة بالنظر إليه فيخل بخشوعه؛ ولأن هذا من أشراط الساعة. واتفق الفقهاء على أنه لا يجوز زخرفة المسجد أو نقشه من مال الوقف، وأن الفاعل يضمن ذلك ويغرم القيمة؛ لأنه منهي عنه ولا مصلحة فيه وليس ببناء، قال الحنفية: إلا إذا خيف طمع الظلمة، كأن اجتمعت عنده أموال المسجد وهو مستغن عن العمارة فلا بأس بزخرفته. وكذلك ما لو كانت الزخرفة لإحكام البناء، أو كان الواقف قد فعل مثله، لقولهم: إنه يعمر الوقف كما كان، فلا بأس به كذلك. 4 - وذهب بعض الفقهاء ومنهم الحنابلة وأحد الوجهين لدى الشافعية إلى أنه يحرم زخرفة المسجد بذهب أو فضة وتجب إزالته كسائر المنكرات؛ لأنه إسراف، ويفضي إلى كسر قلوب الفقراء، كما يحرم تمويه سقفه أو حائله بذهب أو فضة، وتجب إزالته إن تحصل منه شيء بالعرض على النار، فإن لم يجتمع منه شيء بالعرض على النار فله استدامته حينئذ لعدم المالية، فلا فائدة في إتلافه، ولما روي أن عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة أراد جمع ما في مسجد دمشق مما موه به من الذهب فقيل له: إنه لا يجتمع منه شيء فتركه، وأول من ذهب الكعبة في الإسلام وزخرفها وزخرف المساجد الوليد بن عبد الملك، ولذلك عدها كثير من العلماء من أقسام البدعة المكروهة. وذهب بعض الفقهاء من الشافعية وهو قول عند الحنفية: إلى استحباب زخرفة المسجد بذهب، أو فضة، أو نقش، أو صبغ، أو كتابة أو غير ذلك لما فيه من تعظيم المسجد وإحياء الشعائر الإسلامية. وذهب الحنفية في الراجح عندهم إلى أنه لا بأس بزخرفة المسجد أو نقشه بجص أو ماء ذهب أو نحوهما من الأشياء الثمينة ما لم يكن ذلك في المحراب أو جدار القبلة؛ لأنه يشغل قلب المصلي، وما لم يكن كذلك في حائط الميمنة أو الميسرة، لأنه أيضا يلهي المصلي القريب منه، أما زخرفة هذه الأماكن من المسجد فمكروهة عندهم أيضا. والتفاصيل في مصطلح (مساجد، وقف، ذهب).)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[13 - 09 - 04, 01:10 ص]ـ
في غذاء الالباب
(مطلب: حكم زخرفة المسجد بذهب أو فضة قال في الإقناع: وتحريم زخرفته بذهب أو فضة، وتجب إزالته أي إن حصل منه شيء بعرضه على النار. وفي الآداب الكبرى يكره ذلك، ثم قال: وهل تحرم تحلية المسجد بذهب أو فضة وتجب إزالته وزكاته بشرطها أو يكره؟ على قولين. وقدم الأول في الرعاية. قلت: وهو المذهب كما مر. وعند الحنفية لا بأس بتحلية المسجد بذهب ونحوه؛ لأنه تعظيم له. ومنهم من استحبه لذلك. وعند المالكية يكره ويصان عنه. وهو قول لبعض الحنفية. وللشافعية في تحريمه وجهان. ذكر ذلك في الآداب الكبرى. قال: وأول من ذهب الكعبة وزخرف المساجد الوليد بن عبد الملك لما بعث خالد بن عبد الله القيسري إلى مكة. وتكره زخرفة المساجد بنقش وصبغ وكتابة وغير ذلك مما يلهي المصلي عن صلاته غالبا. وإن كان من مال الوقف حرم ووجب الضمان. وفي الغنية لا بأس بتجصيصه انتهى. قال في الإقناع: أي: يباح تجصيص حيطانه وهو تبييضها به، وصححه الحارثي ولم يره الإمام أحمد وقال هو من زينة الدنيا.
)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[13 - 09 - 04, 01:14 ص]ـ
وفي مواهب الجليل (
ص (وتزويق قبلة) ش: قال ابن رشد في سماع عيسى من كتاب الجامع: وتحسين بناء المساجد وتحصينها مما يستحب وإنما الذي يكره تزويقها بالذهب وشبهه والكتابة في قبلتها، وقد مضى ذلك في رسم سلعة سماها ورسم الشجرة من سماع ابن القاسم من كتاب الصلاة وقال في أول سماع موسى بن معاوية قال موسى بن معاوية الصمادحي: سئل ابن القاسم عن المساجد هل يكره الكتابة فيها في القبلة بالصبغ شبه آية الكرسي أو غيرها من بوارع القرآن {قل هو الله أحد} والمعوذتين ونحوها؟ قال ابن رشد كان مالك يكره أن يكتب في القبلة في المسجد شيء من القرآن أو التزاويق ويقول: إن ذلك يشغل المصلي، قال: ولقد كره مالك أن يكتب القرآن في القراطيس فكيف في الجدر؟، قال محمد بن رشد هذا مثل ما في المدونة من كراهة تزويق المسجد والعلة في ذلك ما يخشى على المصلين من أن يلهيهم ذلك في صلاتهم وقد مضى بيان هذا المعنى من الحديث في رسم سلعة سماها ورسم الشجرة تطعم بطنين في السنة من سماع ابن القاسم ونص ما في رسم الشجرة تطعم بطنين قال مالك: ولقد كره للناس تزويق القبلة لمسجد حتى جعل بالذهب وبالفسيفساء وذلك مما يشغل الناس في صلاتهم قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في المدونة في كراهية تزويق المسجد، ومن هذا كره تزيين المصاحف بالخواتم وقد مضى ذلك في رسم سلعة سماها وكره في أول سماع موسى أن يكتب في قبلة المسجد بالصبغ آية الكرسي أو غير ذلك من القرآن لهذه العلة ولابن وهب وابن نافع في المبسوطة إجازة تزويق المساجد وتزويقها بالشيء الخفيف ومثل الكتابة في قبلتها ما لم يكثر ذلك حتى يكون مما نهي عنه من زخرفة المساجد، انتهى. فظاهر كلام ابن رشد الذي في سماع عيسى من كتاب الجامع وظاهر كلامه في سماع موسى أنه تكلم على تزيين المساجد في رسم سلعة سماها من سماع ابن القاسم وليس كذلك بل الذي فيه إنما هو الكلام على تزيين المصاحف
)(28/275)
هل الرسول صلى الله عليه وسلم في قبره لا يضر ولا ينفع؟؟
ـ[بوسعود]ــــــــ[11 - 09 - 04, 01:17 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوتي في الله
سؤال:
كنت في احد المساجد في صلاة العصر وسمعت طالب علم يقرأ من كتاب عن أجساد
الانبياء والرسل وقال انهم لا يضرون ولا ينفعون وكان يتكلم عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في قبره لا يضر ولا ينفع ....
مع ان صلاتنا عليه الصلاة والسلام منفعة لنا في كسب الحسنات وهكذا ..
فالسؤال: هل جسد الرسول صلى الله عليه وسلم لا يضر ولا ينفع وهو في قبره؟؟؟
وفقكم الله الى كل خير
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[12 - 09 - 04, 05:28 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
النبي صلى الله عليه وسلم ميت في قبره لايضر ولاينفع كما قال تعالى (إنك ميت وإنهم ميتون)
وكما قال تعالى {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (188) سورة الأعراف
{قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} (49) سورة يونس
وأمره الله تعالى أن يقول للجن {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا} (21) سورة الجن
فالضر والنفع بيد الله سبحانه وتعالى.
وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فصحيح هي منفعة لنا ولكن الذي شرعها هو الله سبحانه وتعالى وسنها رسوله صلى الله عليه وسلم
فالأجر الحاصل منها كان بفعل أمر مشروع.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[12 - 09 - 04, 10:52 م]ـ
لو تخففون من قسوة العبارات قليلاً
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[13 - 09 - 04, 12:16 ص]ـ
أحسنت أخي الفاضل جزاك الله خيرا وبارك فيك وجعل ذلك في ميزان عملك
والقصد من الكلام السابق أن رسولنا صلى الله عليه وسلم وجسده الشريف سواء كان في حياته أو بعد مماته لايضر ولاينفع
فالنفع والضر بيد الله سبحانه وتعالى
فالأخ بو سعود كان سؤاله (فالسؤال: هل جسد الرسول صلى الله عليه وسلم لا يضر ولا ينفع وهو في قبره؟؟؟)
فجسد النبي صلى الله عليه وسلم لايضر ولاينفع سواء في حياته أو في قبره.
ـ[ياسر30]ــــــــ[14 - 09 - 04, 11:03 ص]ـ
النفع والضر المطلق إنما هو من عند الله وحده وهذا من مبادىء العقيدة الصحيحة
أما النفع والضر النسبى بمعنى أن الله عز وجل قد جعل النفع أو الضر عند أو بسبب فلان فليس في ذلك شىء
وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة فى تبرك الصحابة بآثار النبى صلى الله عليه وسلم بعرقه وشعره ونخامته وغير ذلك ولا شك أن مكان جسده الشريف أعظم بركة من شعره أو عرقه أو .....
فهو مكان لتنزل الرحمات وإجابة الدعوات وذلك لبركته صلى الله عليه وسلم
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[14 - 09 - 04, 11:11 ص]ـ
جزاك الله خيرا وأحسنت فيما تفضلت به من التفريق بين الضر والنفع المطلق والنسبي
وأما قولك وفقك الله (فهو مكان لتنزل الرحمات وإجابة الدعوات وذلك لبركته صلى الله عليه وسلم)
فهذا ليس عليه دليل من الكتاب والسنة ولم يفهم الصحابة رضوان الله تعالى عليهم هذا الأمر الذي ذكرته ولذلك لم يكن أحدهم يذهب عند القبر للدعاء.
ـ[حارث همام]ــــــــ[14 - 09 - 04, 12:42 م]ـ
الإخوة الكرام ..
لاشك أن نبينا صلى الله عليه وسلم طيب مبارك حياً ميتاً.
وفي مرثية حسان عند ابن هشام:
فبوركت ياقبر الرسول وبوركت * بلاد ثوى فيها الرشيد المسدد
وفي صحيح البخاري عندما ذهل بعضهم فظن أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت وتوعد من قال بموته، "جاء أبو بكر فكشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله قال بأبي أنت وأمي طبت حياً وميتاً والذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبداً ثم خرج فقال أيها الحالف على رسلك فلما تكلم أبو بكر جلس عمر فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه وقال ألا من كان يعبد محمداً صلى الله عليه وسلم فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت". فهذا أبوبكر رضي الله عنه يقرر أن نبينا صلى الله عليه وسلم طاب حياً وميتاً ويشير إلى أن ذلك لايعني
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/276)
عبادته أو اعتقاد يزيد عن الحق فيه صلى الله عليه وسلم من نحو رجعته.
ثم هل يعني كون الشيء مباركاً أن يقصد ازدياره؟ إن قلت نعم فالنقصد الطور ولنلتمس البقعة المباركة من شاطئ الوادي الأيمن، وفي ذلك مخالفة صريحة لحديث الصحيحين لاتشد الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد .. والذي كانت مناسبته زيارة بعضهم للطور.
ثم هل يعني كون الشيء مباركاً أن يدعى ويرجى؟ لو قلت نعم وقعنا في أقبح الشرك شرك الأمم من قبلنا الذين كان فيهم الأنبياء والصالحون فلما ماتوا توجهوا إليهم بالدعاء ليقربوهم من الله زلفى.
وهل الشيء المبارك يملك الضر والرشد حياً كان أو ميتاً؟ يجبنا أحد المباركين نوح عليه السلام (قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً)، ومحمد صلى الله عليه وسلم يأمره ربه في غير موضع فيقول سبحانه: (قل لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعاً إلاّ ما شاء الله)، وفي الأخرى نفعاً ولا ضراً وفي السنة: (يافطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئاً)، مع أن فاطمة رضي الله عنها كانت مسلمة فقد كانت صغيرة لم يتجاوز عمرها السنوات الثلاث فهي على ما اختاره ابن حجر أصغر بناته صلى الله عليه وسلم تزوجها علي رضي الله عنه بعد أحد وعمرها 15 سنة، الشاهد أنها تبع في إسلامها لأبويها خير نساء العالمين خديجة وخير رجال العالمين محمد صلى الله عليه وسلم.
ومن قال بأن سائر البشر يملكون النفع والضر الذي نفاه صلى الله عليه وسلم عن نفسه فقوله قريب من قول النمروذ عندما حاجه إبراهيم فقال: رب الذي يحي ويميت فقال أنا أحي وأميت!
وقد قال الجصاص كلمة جيدة في أحكام القرآن قال رحمه الله: "وكانت محاجة الملك الكافر لإبراهيم عليه السلام وهو النمرود بن كنعان , أنه دعاه إلى اتباعه وحاجه بأنه ملك يقدر على الضر والنفع , فقال إبراهيم عليه السلام: فإن ربي الذي يحيي ويميت وأنت لا تقدر على ذلك.
فعدل [أي النمروذ] عن موضع احتجاج إبراهيم عليه السلام إلى معارضته بالإشراك في العبارة دون حقيقة المعنى ; لأن إبراهيم عليه السلام حاجه بأن أعلمه أن ربه هو الذي يخلق الحياة والموت على سبيل الاختراع , فجاء الكافر برجلين فقتل أحدهما وقال قد أمته وخلى الآخر وقال قد أحييته ; على سبيل مجاز الكلام لا على الحقيقة ; لأنه كان عالما بأنه غير قادر على اختراع الحياة والموت".
وهنا يعدل من يقول بأن البشر يملكون الضر والنفع عن حقيقة المعنى كما عدل النمروذ.
ثمإن كان هذا المعنى النسبي المقيد من النفع والضر هو المراد عند من يطلقه فهل يسون النبي صلى الله عليه وسلم بغيره من البشر فيه إذ هو معنى مشاع وقد قالت رسل الله تعالى ما قصه الله علينا: (قالت لهم رسلهم إن نحن إلاّ بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده)، أي بوحيه وما يختصه به مما ثبتت خصوصيته، ولهذا قال محمد صلى الله عليه وسلم ما أمره الله به في قوله: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ
أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ).
فمن قال أن النبي صلى الله عليه وسلم يضر وينفع بذلك الاعتبار المقيد فليلحق به سائر البشر، ومن خص أحد بغير دليل فعليه البينة لأقامة الحجة على صحة الدعوى.
وفي الختام ينبغي التأكيد على أن ما سبق لايغمط من مكانته صلى الله عليه وسلم فمن من الناس يجهل فضل الشفيع الجليل؟ ومن منا لم يسمع بصاحب المقام المحمود و لم يذكر له حوضه المورود!
نسأل الله أن يجمعنا وإياكم عنده وعلى سنته غير مبدلين ولامغيرين.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[14 - 09 - 04, 01:15 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل حارث همام فقد شفيت وكفيت.(28/277)
ما الفرق بين الأشعرية و الماتريدية ??????
ـ[المهندي]ــــــــ[14 - 09 - 04, 02:12 ص]ـ
أرجو ن تفيدونا في الفرق بين الأشعرية و الماتريدية
وجزاكم الله خيرا
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[14 - 09 - 04, 03:09 ص]ـ
تقصد الفروق؟
ـ[المهندي]ــــــــ[14 - 09 - 04, 04:07 ص]ـ
نعم الفروق
ـ[ابن وهب]ــــــــ[14 - 09 - 04, 04:54 ص]ـ
أخي الحبيب
هناك كتب في هذا الموضوع
(قديمة وحديثة)
ـ[هيثم حمدان.]ــــــــ[14 - 09 - 04, 06:08 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة في الاختلاف بين الأشاعرة والماتريدية: لابن كمال باشا
وقد طبعت هذه الرسالة باستانبول ضمن مجموعة فيها خمس رسائل، سنة 1304هـ، ص 57 - 59.
قال الأستاذ: اعلم أن الشيخ أبا الحسن الأشعري إمام أهل السنة ومقدمهم، ثم الشيخ أبو منصور الماتريدي، وإن أصحاب الشافعيّ وأتباعه تابعون له، أي لأبي الحسن الأشعري في الأصول وللشافعيّ في الفروع. وإن أصحاب أبي حنيفة تابعون للشيخ أبو منصور الماتريدي في الأصول، ولأبي حنيفة في الفروع، كما أفادنا بعض مشايخنا رحمه الله تعالى، ولا نزاع بين الشيخين وأتباعه إلا في اثني عشر مسألة.
الأولى: قال الماتريدي: التكوين صفة أزلية قائمة بذات الله تعالى كجميع صفاته، وهو غير المكوّن، ويتعلق بالمكوّن من العالم، وكل جزء منه بوقت وجوده كما أن إرادة الله تعالى أزلية يتعلق بالمرادات بوقت وجودها، وكذا قدرته تعالى الأزلية مع مقدوراتها.
وقال الأشعريّ: إنها صفة حادثة غير قائمة بذات الله تعالى، وهي من الصفات الفعلية عنده لا من الصفات الأزلية، والصفات الفعلية كلها حادثة كالتكوين والإيجاد، ويتعلق وجود العالم بخطاب كن.
المسألة الثانية
قال الماتريدي: كلام الله تعالى ليس بمسموع، وإنما المسموع الدال عليه.
وقال الأشعريّ: مسموع كما هو المشهور من حكاية موسى عليه السلام.
قال ابن فورك: المسموع عند قراءة القارئ شيئين: صوت القارئ وكلام الله تعالى.
وقال القاضي الباقلاني: كلام الله تعالى غير مسموع على العادة الجارية، ولكن يجوز أن يسمع الله تعالى من شاء من خلقه على خلاف قياس العادة من غير واسطة الحروف والصوت.
قال أبو إسحاق الإسفرايني ومن تبعه: أن كلام الله تعالى غير مسموع أصلا، وهو اختيار الشيخ أبي منصور الماتريدي كذا في البداية.
المسألة الثالثة:
قال الماتريدي: صانع العالم موصوف بالحكمة سواء كانت بمعنى العلم أو بمعنى الإحكام.
وقال الأشعري: إن كانت بمعنى العلم فهي صفة أزلية قائمة بذات الله تعالى، وإن كانت بمعنى الإحكام فهي صفة حادثة من قبيل التكوين، لا يوصف ذات الباري بها.
المسألة الرابعة
قال الماتريدي: إن الله يريد بجميع الكائنات جوهرا أو عرضا طاعة أو معصية، إلا أن الطاعة تقع بمشيئة الله وإرادته وقضائه وقدرته ورضائه ومحبته وأمره، وإن المعصية تقع بمشيئة الله تعالى وإرادته وقضائه لا برضائه ومحبته وأمره.
وقال الأشعريّ: إن رضاء الله تعالى ومحبته شامل بجميع الكائنات كإرادته.
المسألة الخامسة
تكليف ما لا يطاق ليس بجائز عند الماتريدي، وتحميل مالا يطاق عنده جائز، وكلاهما جائزان عند الأشعريّ
المسألة السادسة
قال الماتريدي: بعض الأحكام المتعلقة بالتكليف معلوم بالعقل، لأن العقل آلة يدرك بها حسن بعض الأشياء وقبحها، وبها يدرك وجوب الإيمان وشكر المنعم، وإن المعرف والموجب هو الله تعالى، لكن بواسطة العقل كما أن الرسول معروف الوجوب والموجب الحقيقي هو الله تعالى لكن بواسطة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى قال: لا عذر لأحد في الجهل بخالقه، ألا يرى خلق السموات والأرض؟! ولو لم يبعث رسولا، لوجب على الخلق معرفته بعقولهم.
وقال الأشعري: لا يجب شيء ولا يحرم إلا بالشرع لا بالعقل، وإن كان للعقل أن يدرك حس بعض الأشياء، وعند الأشعريّ جميع الأحكام المتعلقة بالتكليف تلقاه بالسمع.
المسألة السابعة
قال الماتريدي: قد يسعد الشقيّ وقد يشقى السعيد.
وقال الأشعريّ: لا اعتبار بالسعادة والشقاوة إلا عند الخاتمة والعاقبة.
المسألة الثامنة
العفو عن الكفر ليس بجائز.
وقال الأشعريّ: يجوز عقلا لا سمعا.
المسألة التاسعة
قال الماتريدي: تخليد المؤمنين في النار، وتخليد الكافر في الجنة لا يجوز عقلا، ولا سمعا.
وعند الأشعري: يجوز.
المسألة العاشرة
قال بعض الماتريدية: الاسم والمسمى واحد.
وقال الأشعريّ: بالتغاير بينهما وبين التسمية، ومنهم من قسم الاسم إلى ثلاثة أقسام: قسم عينه، وقسم غيره، وقسم ليس بعينه ولا بغيره، والاتفاق على أن التسمية وغيرها وهي ما قامت بالمسمى، كذا بداية الكلام.
المسألة الحادية عشر
قال الماتريدي: الذكورة شرط في النبوة، حتى لا يجوز أن يكون الأنثى نبيا.
وقال الأشعريّ: ليست الذكورة شرطا فيها، والأنوثة لا تنافيها، كذا في بداية الكلام.
المسألة الثانية عشر
قال الماتريدي: فعل العبد يسمى كسباً لا خلقاً، وفعل الحق يسمى خلقاً لا كسباً، والفعل يتناولهما.
وقال الأشعري: الفعل عبارة عن الإيجاد حقيقة، وكسب العبد يسمى فعلاً بالمجاز، وقد تفرد القادر خلقاً وما لا يجوز تفرد القادر به كسباً.
تمت الرسالة الشريفة لابن كمال باشا رحمه الله تعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/278)
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[14 - 09 - 04, 06:13 ص]ـ
وفي طبقات السبكي نظم مهم في الفرق بين الفرقتين.
أذا استطاع احد ان ينقله فهو مهم ومفيد.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[14 - 09 - 04, 08:33 ص]ـ
في الطبقات الكبرى
(ذكر كلام أبى العباس قاضى العسكر الحنفى
كان أبو العباس هذا رجلا من أئمة أصحاب الحنفية ومن المتقدمين فى علم الكلام وكان يعرف بقاضى العسكر
وقد حكى الحافظ أبو القاسم فى كتاب التبيين جملة من كلامه فمنه قوله وقد وجدت لأبى الحسن الأشعرى كتبا كثيرة فى هذا الفن يعنى أصول الدين وهى قريب من مائتى كتاب والموجز الكبير يأتى على عامة ما فى كتبه وقد صنف الأشعرى كتابا كبيرا لتصحيح مذهب المعتزلة فإنه كان يعتقد مذهبهم ثم بين الله له ضلالتهم فبان عما اعتقده من مذهبهم وصنف كتابا ناقضا لما صنف للمعتزلة وقد أخذ عامة أصحاب الشافعى بما استقر عليه مذهب أبى الحسن الأشعرى وصنف أصحاب الشافعى كتبا كثيرة على وفق ما ذهب إليه الأشعرى إلا أن بعض أصحابنا من أهل السنة والجماعة خطأ أبا الحسن الأشعرى فى بعض المسائل مثل قوله التكوين والمكون واحد ونحوها على ما نبين فى خلال المسائل إن شاء الله فمن وقف على المسائل التى أخطأ فيها أبو الحسن وعرف خطأه فلا بأس له بالنظر فى كتبه وقد أمسك كتبه كثير من أصحابنا من أهل السنة والجماعة ونظروا فيها انتهى ذكر البحث عن تحقيق ذلك
سمعت الشيخ الإمام رحمه الله يقول ما تضمنته عقيدة الطحاوى هو ما يعتقده الأشعرى لا يخالفه إلا فى ثلاث مسائل
قلت أنا أعلم أن المالكية كلهم أشاعرة لا أستثنى أحدا والشافعية غالبهم أشاعرة
378. لا أستثنى إلا من لحق منهم بتجسيم أو اعتزال ممن لا يعبأ الله به والحنفية أكثرهم أشاعرة أعنى يعتقدون عقد الأشعرى لا يخرج منهم إلا من لحق منهم بالمعتزلة والحنابلة أكثر فضلاء متقدميهم أشاعرة لم يخرج منهم عن عقيدة الأشعرى إلا من لحق بأهل التجسيم وهم فى هذه الفرقة من الحنابلة أكثر من غيرهم
وقد تأملت عقيدة أبى جعفر الطحاوى فوجدت الأمر على ما قال الشيخ الإمام وعقيدة الطحاوى زعم أنها الذى عليه أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد ولقد جود فيها ثم تفحصت كتب الحنفية فوجدت جميع المسائل التى بيننا وبين الحنفية خلاف فيها ثلاث عشرة مسألة منها معنوى ست مسائل والباقى لفظى وتلك الست المعنوية لا تقتضى مخالفتهم لنا ولا مخالفتنا لهم فيها تكفيرا ولا تبديعا صرح بذلك الأستاذ أبو منصور البغدادى وغيره من أئمتنا وأئمتهم وهو غنى عن التصريح لظهوره
ومن كلام الحافظ الأصحاب مع اختلافهم فى بعض المسائل كلهم أجمعون على ترك تكفير بعضهم بعضا مجمعون بخلاف من عداهم من سائر الطوائف وجميع الفرق فإنهم حين اختلفت بهم مستشنعات الأهواء والطرق كفر بعضهم بعضا ورأى تبريه ممن خالفه فرضا
قلت وهذا حق وما مثل هذه المسائل إلا مثل مسائل كثيرة اختلفت الأشاعرة فيها وكلهم عن حمى أبى الحسن يناضلون وبسيفه يقاتلون أفتراهم يبدع بعضهم بعضا ثم هذه المسائل لم يثبت جميعها عن الشيخ ولا عن أبى حنيفة رضى الله عنهما كما سأحكى لك ولكن الكلام بتقدير الصحة
ولى قصيدة نونية جمعت فيها هذه المسائل وضممت إليها مسائل اختلفت الأشاعرة فيها مع تصويب بعضهم بعضا فى أصل العقيدة ودعواهم أنهم أجمعين على السنة وقد
379. ولع كثير من الناس بحفظ هذه القصيدة لا سيما الحنفية وشرحها من أصحابى الشيخ الإمام العلامة نور الدين محمد بن أبى الطيب الشيرازى الشافعى وهو رجل مقيم فى بلاد كيلان ورد علينا دمشق فى سنة سبع وخمسين وسبعمائة وأقام يلازم حلقتى نحو عام ونصف عام ولم أر فيمن جاء من العجم فى هذا الزمان أفضل منه ولا أدين
وأنا أذكر لك قصيدتى فى هذا الكتاب لتستفيد منها مسائل الخلاف وما اشتملت عليه
(الورد خدك صيغ من إنسان % أم فى الخدود شقائق النعمان)
(والسيف لحظك سل من أجفانه % فسطا كمثل مهند وسنان)
(تالله ما خلقت لحاظك باطلا % وسدى تعالى الله عن بطلان)
(وكذاك عقلك لم يركب يا أخى % عبثا ويودع داخل الجثمان)
(لكن ليسعد أو ليشقى مؤمن % أو كافر فبنو الورى صنفان)
(لو شاء ربك لاهتدى كل ولم % يحتج إلى حد ولا برهان)
(فانظر بعقلك واجتهد فالخير ما % تؤتاه عقل راجح الميزان)
(واطلب نجاتك إن نفسك والهوى % بحران فى الدركات يلتقيان)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/279)
(نار يراها ذو الجهالة جنة % ويخوض منها فى حميم آن)
(ويظل فيها مثل صاحب بدعة % يتخيل الجنات فى النيران)
منها
(كذب ابن فاعلة يقول لجهله % الله جسم ليس كالجسمان)
380.
(لو كان جسما كان كالأجسام يا % مجنون فاصغ وعد عن بهتان)
(واتبع صراط المصطفى فى كل ما % يأتى وخل وساوس الشيطان)
(واعلم بأن الحق ما كانت عليه % صحابة المبعوث من عدنان)
(من أكمل الدين القويم وبين الحجج % التى يهدى بها الثقلان)
(قد نزهوا الرحمن عن شبه وقد % دانوا بما قد جاء فى الفرقان)
(ومضوا على خير وما عقدوا مجالس % فى صفات الخالق الديان)
(كلا ولا ابتدعوا ولا قالوا البنا % متشابه فى شكله للبانى)
(وأتت على أعقابهم علماؤنا % غرسوا ثمارا يجتنيها الجانى)
(كالشافعى ومالك وكأحمد % وأبى حنيفة والرضا سفيان)
(وكمثل إسحاق وداود ومن % يقفو طرائقهم من الأعيان)
(وأتى أبو الحسن الإمام الأشعرى م % مبينا للحق أى بيان
(ومناضلا عما عليه أولئك الأسلاف % بالتحرير والإتقان)
(ما إن يخالف مالكا والشافعى م % وأحمد بن محمد الشيبانى)
(لكن يوافق قولهم ويزيده % حسنا بتحقيق وفضل بيان)
(يقفو طرائقهم ويتبع حارثا % أعنى محاسب نفسه بوزان)
(فلقد تلقى حسن منهجه عن الأشياخ % أهل الدين والعرفان)
(فلذاك تلقاه لأهل الله ينصر % قولهم بمهند وسنان)
(مثل ابن أدهم والفضيل وهكذا % معروف المعروف فى الإخوان)
(ذو النون أيضا والسرى وبشر بن % الحارث الحافى بلا فقدان)
(وكذلك الطائى ثم شقيق البلخى % وطيفور كذا الدارانى)
(والتسترى وحاتم وأبو تراب % عسكر فاعدد بغير توان)
381.
(وكذاك منصور بن عمار كذا % يحيى سليل معاذ الربانى)
(فله بهم حسن اعتقاد مثل ما % لهم به التأييد يوم رهان)
(إذ يجمع الخصمان يوم جدالهم % ولما تحقق يسمع الخصمان)
(لم لا يتابع هؤلاء وشيخه الشيخ % الجنيد السيد الصمدانى)
(عنه التصوف قد تلقى فاغتذى % وله به وبعلمه نوران)
(ورأى أبا عثمان الحيرى والنمورى % يا لهما هما الرجلان)
(ورأى رويما ثم رام طريقه % وأبا الفوارس شاها الكرمانى)
(والمغربى كذا ابن مسروق كذا البسرى % قوم أفرس الفرسان)
(وأظنه لم يلتق الخراز بل % قيل التقى سمنون فى سمنان)
(وكذاك للجلاء لم ينظر ولا أبن % عطا ولا الخواص ثم بنان)
(وكذاك ممشاذ مع الدقى مع % خير وهذا غالب الحسبان)
(وكذاك أصحاب الطريقة بعده % ضبطوا عقائده بكل عنان)
(وتتلمذ الشبلى بين يديه وابن % خفيف والثقفى والكتانى)
(وخلائق كثروا فلا أحصيهم % وربوا على الياقوت والمرجان)
(الكل معتقدون أن إلهنا % متوحد فرد قديم دان)
(حى عليم قادر متكلم % عال ولا نعنى علو مكان)
382.
(باقى له سمع وإبصار يريد % جميع ما يجرى من الإنسان)
(والشر من تقديره لكنه % عنه نهاك بواضح البرهان)
(قد أنزل القرآن وهو كلامه % لفظت به للقارئ الشفتان)
(وإلهنا لا شئ يشبهه وليس % بمشبه شيئا من الحدثان)
(قد كان ما معه قديما قط من % شئ ولم يبرح بلا أعوان)
(خلق الجهات مع الزمان مع المكان % الكل مخلوق على الإمكان)
(ما إن تحل به الحوادث لا ولا % كلا وليس يحل فى الجسمان)
(كذب المجسم والحلولى الكفور % فذان فى البطلان مفتريان)
(والاتحادى الجهول ومن يقل % بالاتحاد فإنه نصرانى)
(ونبينا خير الخلائق أحمد % ذو الجاه عند الله ذى السلطان)
(وله الشفاعة والوسيلة والفضيلة % واللواء وكوثر الظمآن)
(فاسأل إلهك بالنبى محمد % متوسلا تظفر بكل أمان)
(لا خلق أفضل منه لا بشر ولا % ملك ولا كون من الأكوان)
(ما العرش ما الكرسى ما هذى السما % عند النبى المصطفى العدنان)
(والرسل بعد محمد درجاتهم % ثم الملائك عابدو الرحمن)
(ثم الصحابة مثل ما قد رتبوا % فالأفضل الصديق ذو العرفان)
(ثم العزيز السيد الفاروق ثم م % اذكر محاسن ذى التقى عثمان)
(وعلى ابن العم والباقون أهل % الفضل والمعروف والإحسان)
(والأولياء لهم كرامات فلا % تنكر تقع فى مهمه الخذلان)
383.
(والمؤمنون يرون ربهم كرؤيتهم % لبدر لاح نحو عيان)
(هذا اعتقاد مشايخ الإسلام وهو % الدين فلتسمع له الأذنان)
(الأشعرى عليه ينصره ولا % يألوا جزاه الله بالإحسان)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/280)
(وكذاك حالته مع النعمان لم % ينقض عليه عقائد الإيمان)
(يا صاح إن عقيدة النعمان والأشعرى % حقيقة الإتقان)
(فكلاهما والله صاحب سنة % بهدى نبى الله مقتديان)
(لاذا يبدع ذا ولا هذا وإن % تحسب سواه وهمت فى الحسبان)
(من قال إن أبا حنيفة مبدع % رأيا فذلك قائل الهذيان)
(أو ظن أن الأشعرى مبدع % فلقد أساء وباء بالخسران)
(كل إمام مقتد ذو سنة % كالسيف مسلولا على الشيطان)
(والخلف بينهما قليل أمره % سهل بلا بدع ولا كفران)
(فيما يقل من المسائل عده % ويهون عند تطاعن الأقران)
(ولقد يؤول خلافها إما إلى % لفظ كالاستثناء فى الإيمان)
الأشعرى يقول أنا مؤمن إن شاء الله
(وكمنعه أن السعيد يضل أو % يشقى ونعمة كافر خوان)
الأشعرى يقول السعيد من كتب فى بطن أمه سعيدا والشقى من كتب فى بطن أمه شقيا لا يتبدلان
384.
وأبو حنيفة يقول قد يكون سعيدا ثم ينقلب والعياذ بالله شقيا وبالعكس
وقد قررنا هذه المسألة فى كتابنا فى شرح عقيدة الأستاذ أبى منصور وبينا اختلاف السلف فيها كاختلاف الخلف وأن الخلاف لفظى لا يترتب عليه فائدة
والأشعرى يقول ليس على الكافر نعمة وكل ما يتقلب فيه استدراج وأبو حنيفة يقول عليه نعمة ووافقه من الأشاعرة القاضى أبو بكر بن الباقلانى فهو مع الحنفية فى هذه كالماتريدى منهم معنا فى مسألة الاستثناء
(وكذا الرسالة بعد موت إن تكن % صحت وإلا أجمع الشيخان)
(وقد ادعى ابن هوازن أستاذنا % فيها افتراء من عدو شان)
(وهو الخبير الثبت نقلا والإرادة % ليس يلزمها رضا الرحمن)
(فالكفر لا يرضى به لعباده % ويريده أمران مفترقان)
(وأبو حنيفة قائل إن الإرادة % والرضا أمران متحدان)
(وعليه أكثرنا ولكن لا يصح م % وقيل مكذوب على النعمان)
مسألة
إنكار الرسالة بعد الموت معزوة إلى الأشعرى وهى من الكذب عليه وإنما ذكرناها وفاء بما اشترطناه من أنا ننظم كل ما عزى إليه ولكنه صرح بخلافها وكتبه وكتب أصحابه قد طبقت طبق الأرض وليس فيها شئ من ذلك بل فيها خلافه
ومن عقائدنا أن الأنبياء عليهم السلام أحياء فى قبورهم فأين الموت وقد أنكر الأستاذ ابن هوازن وهو أبو القاسم القشيرى فى كتابه شكاية أهل السنة الذى سنحكيه فى هذه الترجمة بتمامه هذه وبين أنها مختلقة على الشيخ وكذلك بين ذلك غيره
385.
وصنف البيهقى رحمه الله جزءا سمعناه فى حياة الأنبياء عليهم السلام فى قبورهم واشتذ نكير الأشاعرة على من نسب هذا القول إلى الشيخ وقالوا قد افترى عليه وبهته
وأما مسألة الرضا والإرادة فاعلم أن المنقول عن أبى حنيفة اتحادهما وعن الأشعرى افتراقهما
وقيل إن أبا حنيفة لم يقل بالاتحاد فيهما بل ذلك مكذوب عليه فعلى هذا انقطع النزاع وإنما الكلام بتقدير صحة الاتحاد عنده وأكثر الأشاعرة على ما يعزى إلى أبى حنيفة من الافتراق منهم إمام الحرمين وغيره آخرهم الشيخ محيى الدين النووي رحمه الله قال هما شئ واحد ولكنى أنا لا أختار ذلك والحق عندى أنهما مفترقان كما هو منصوص الشيخ أبى الحسن
(وكذاك إيمان المقلد وهو مما % أنكر ابن هوازن الربانى)
(ولو أنه مما يصح فخلفهم % فيه للفظ عاد دون معان)
ذكروا أن شيخنا يقول إن إيمان المقلد لا يصح وأنكر ذلك الأستاذ أبو القاسم وقال إنه مكذوب عليه وسنبحث عن ذلك فى ذيل سياق كتاب شكاية أهل السنة والقول على تقدير الصحة
(وكذاك كسب الأشعرى وإنه % صعب ولكن قام بالبرهان)
(من لم يقل بالكسب مال إلى اعتزال % أو مقال الجبر ذى الطغيان)
كسب الأشعرى كما هو مقرر فى مكانه أمر يضطر إليه من ينكر خلق الأفعال وكون العبد مجبرا والأول اعتزال والثانى جبر فكل أحد يثبت واسطة لكن يعسر التعبير عنها ويمثلونها بالفرق بين حركة المرتعش والمختار وقد اضطرب المحققون فى تحرير هذه الواسطة والحنفية سموها الاختيار
386.
والذى تحرر لنا أن الاختيار والكسب عبارتان عن معين واحد ولكن الأشعرى آثر لفظ الكسب على لفظ الاختيار لكونه منطوق القرآن والقوم آثروا لفظ الاختيار لما فيه من إشعار قدرة للعبد
وللقاضى أبى بكر مذهب يزيد على مذهب الأشعرى فلعله رأى القوم
ولإمام الحرمين والغزالى مذهب يزيد على المذهبين جميعا ويدنوا كل الدنو من الاعتزال وليس هو هو
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/281)
ولسنا الآن لتحرير هذه المسألة العظيمة الخطب وقد قررناها على وجه مختصر في شرح مختصر ابن الحاجب وعلى وجه مبسوط فيما كتبناه من أصول الديانات
(أو للمعانى وهو ست مسائل % هانت مداركها بدون هوان)
(لله تعذيب المطيع ولو جرى % ما كان من ظلم ولا عدوان)
(متصرف فى ملكه فله الذى % يختار لكن جاد بالإحسان)
(فنفى العقاب وقال سوف أثيبهم % فله بذاك عليهم فضلان)
(هذا مقال الأشعرى إمامنا % وسواه مأثور عن النعمان)
ما قدمنا من المسائل ومنه ما لم يصح كما عرفت هو لفظى كله لا فائدة للخلاف فيه
ومن هنا المسائل المعنوية وهى ست مسائل وقد عرفنا أن الشيخ الإمام كان يقول إن عقيدة الطحاوى لم تشتمل إلا على ثلاث ولكنا نحن جمعنا الثلاث الأخر من كلام القوم
أولها أن الرب تعالى له عندنا أن يعذب الطائعين ويثيب العاصين كل نعمة منه فضل وكل نقمة منه عدل لا حجر عليه فى ملكه ولا داعى له إلى فعله وعندهم يجب تعذيب العاصى وإثابة المطيع ويمتنع العكس
387.
(ووجوب معرفة الإله الأشعرى % يقول ذاك بشرعة الديان)
(والعقل ليس بحاكم لكن له الإدراك % لا حكم على الحيوان)
(وقضوا بأن العقل يوجبها وفى % كتب الفروع لصحبنا وجهان)
(وبأن أوصاف الفعال قديمة % ليست بحادثة على الحدثان)
(وبأن مكتوب المصاحف منزل % عين الكلام المنزل القرآن)
(والبعض أنكر ذا فإن يصدق فقد % ذهبت من التعداد مسألتان)
(هذى ومسألة الإرادة قبلها % أمران فيما قيل مكذوبان)
(وكما انتفى هذان عنهم هكذا % عنا انتفى مما يقال اثنان)
(قالوا وليس بجائز تكليف ما % لا يستطاع فتى من الفتيان)
(وعليه من أصحابنا شيخ العراقى % وحجة الإسلام ذو الإتقان)
(ورواه مجتهد الزمان محمد بن % دقيق عيد واضح السبلان)
منعوا تكليف ما لا يطاق ووافقهم من أصحابنا الشيخ أبو حامد الإسفراينى شيخ العراقيين وحجة الإسلام الغزالى وشيخ الإسلام تقى الدين محمد ابن على بن دقيق العيد القوصى رحمهم الله تعالى أجمعين
(قالوا وتمتنع الصغائر من نبى % للإله وعندنا قولان)
(والمنع مروى عن الأستاذ والقاضى % عياض وهو ذو رجحان)
(وبه أقول وكان مذهب والدى % دفعا لرتبتهم عن النقصان)
(والأشعرى إمامنا لكننا % فى ذا نخالفه بكل لسان)
(ونقول نحن على طريقته ولكن % صحبه فى ذاك طائفتان)
(بل قال بعض الأشعرية إنهم % برآء معصومون من نسيان)
388.
(والكل معدودون من أتباعه % لا يخرجون بذا عن الإذعان)
(وأبو حنيفة هكذا مع شيخنا % لا شئ بينهما من النكران)
(متناصران وذا اختلاف هين % عار عن التبديع والخذلان)
(هذا الإمام وقبله القاضي يقولان % البقا لحقيقة الرحمن)
(وهما كبيرا الأشعرية وهو قال % بزائد فى الذات للإمكان)
(والشيخ والأستاذ متفقان فى % عقد وفى أشياء مختلفان)
(وكذا ابن فورك الشهيد وحجة الإسلام % خصما الإفك والبهتان)
(وابن الخطيب وقوله إن الوجود % يزيد وهو الأشعرى الثانى)
(والاختلاف فى الاسم هل هو والمسمى % واحد لا اثنان أو غيران)
(والأشعرية بينهم خلف إذا % عدت مسائله على الإنسان)
(بلغت مئين وكلهم ذو سنة % أخذت عن المبعوث من عدنان)
(وغدا ينادى كلنا من جملة الأتباع % للأسلاف بالإحسان)
(والأشعرى إمامنا والسنة الغراء % سنتنا مدى الأزمان)
(وكذاك أهل الرأي مع أهل الحديث % فى الاعتقاد الحق متفقان)
(ما إن يكفر بعضهم بعضا ولا % أزرى عليه وسامه بهوان)
(إلا الذين تمعزلوا منهم فهم % فيه تنحت عنهم الفئتان)
(هذا الصواب فلا تظنن غيره % واعقد عليه بخنصر وبنان)
(ورأيت ممن قاله حبر له % نبأ عظيم سار فى البلدان)
(أعنى أبا منصور الأستاذ عبد % القاهر المشهور فى الأكوان)
389.
(هذا صراط الله فاتبعه تجد % فى القلب برد حلاوة الإيمان)
(وتراه يوم الحشر أبيض واضحا % يهدى إليك رسائل الغفران)
(وعليه كان السابقون عليهم % حلل الثناء وملبس الرضوان)
(والشافعى ومالك وأبو حنيفة % وابن حنبل الكبير الشان)
(درجوا عليه وخلفونا إثرهم % إن نتبعهم نجتمع بجنان)
(أو نبتدع فلسوف نصلى النار مذمومين % مدحورين بالعصيان)
(والكفر منفى فلست مكفرا % ذا بدعة شنعاء فى النيران)
(بل كل أهل القبلة الإيمان يجمعهم % ويفترقون كالوحدان)
(فأجارنا الرحمن بالهادى النبى م % محمد من ناره بأمان)
(ما وضح الضحى % وبدا بديجور الدجى النسران)
(والآل والصحب الكرام ومنهم الصديق % والفاروق مع عثمان)
(وعلى ابن العم والباقون إنهم م % النجوم لمقتد حيران)
)
الخ(28/282)
ما الفرق بين الأشعرية و الماتريدية ??????
ـ[المهندي]ــــــــ[14 - 09 - 04, 02:12 ص]ـ
أرجو ن تفيدونا في الفرق بين الأشعرية و الماتريدية
وجزاكم الله خيرا
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[14 - 09 - 04, 03:09 ص]ـ
تقصد الفروق؟
ـ[المهندي]ــــــــ[14 - 09 - 04, 04:07 ص]ـ
نعم الفروق
ـ[ابن وهب]ــــــــ[14 - 09 - 04, 04:54 ص]ـ
أخي الحبيب
هناك كتب في هذا الموضوع
(قديمة وحديثة)
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[14 - 09 - 04, 06:08 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة في الاختلاف بين الأشاعرة والماتريدية: لابن كمال باشا
وقد طبعت هذه الرسالة باستانبول ضمن مجموعة فيها خمس رسائل، سنة 1304هـ، ص 57 - 59.
قال الأستاذ: اعلم أن الشيخ أبا الحسن الأشعري إمام أهل السنة ومقدمهم، ثم الشيخ أبو منصور الماتريدي، وإن أصحاب الشافعيّ وأتباعه تابعون له، أي لأبي الحسن الأشعري في الأصول وللشافعيّ في الفروع. وإن أصحاب أبي حنيفة تابعون للشيخ أبو منصور الماتريدي في الأصول، ولأبي حنيفة في الفروع، كما أفادنا بعض مشايخنا رحمه الله تعالى، ولا نزاع بين الشيخين وأتباعه إلا في اثني عشر مسألة.
الأولى: قال الماتريدي: التكوين صفة أزلية قائمة بذات الله تعالى كجميع صفاته، وهو غير المكوّن، ويتعلق بالمكوّن من العالم، وكل جزء منه بوقت وجوده كما أن إرادة الله تعالى أزلية يتعلق بالمرادات بوقت وجودها، وكذا قدرته تعالى الأزلية مع مقدوراتها.
وقال الأشعريّ: إنها صفة حادثة غير قائمة بذات الله تعالى، وهي من الصفات الفعلية عنده لا من الصفات الأزلية، والصفات الفعلية كلها حادثة كالتكوين والإيجاد، ويتعلق وجود العالم بخطاب كن.
المسألة الثانية
قال الماتريدي: كلام الله تعالى ليس بمسموع، وإنما المسموع الدال عليه.
وقال الأشعريّ: مسموع كما هو المشهور من حكاية موسى عليه السلام.
قال ابن فورك: المسموع عند قراءة القارئ شيئين: صوت القارئ وكلام الله تعالى.
وقال القاضي الباقلاني: كلام الله تعالى غير مسموع على العادة الجارية، ولكن يجوز أن يسمع الله تعالى من شاء من خلقه على خلاف قياس العادة من غير واسطة الحروف والصوت.
قال أبو إسحاق الإسفرايني ومن تبعه: أن كلام الله تعالى غير مسموع أصلا، وهو اختيار الشيخ أبي منصور الماتريدي كذا في البداية.
المسألة الثالثة:
قال الماتريدي: صانع العالم موصوف بالحكمة سواء كانت بمعنى العلم أو بمعنى الإحكام.
وقال الأشعري: إن كانت بمعنى العلم فهي صفة أزلية قائمة بذات الله تعالى، وإن كانت بمعنى الإحكام فهي صفة حادثة من قبيل التكوين، لا يوصف ذات الباري بها.
المسألة الرابعة
قال الماتريدي: إن الله يريد بجميع الكائنات جوهرا أو عرضا طاعة أو معصية، إلا أن الطاعة تقع بمشيئة الله وإرادته وقضائه وقدرته ورضائه ومحبته وأمره، وإن المعصية تقع بمشيئة الله تعالى وإرادته وقضائه لا برضائه ومحبته وأمره.
وقال الأشعريّ: إن رضاء الله تعالى ومحبته شامل بجميع الكائنات كإرادته.
المسألة الخامسة
تكليف ما لا يطاق ليس بجائز عند الماتريدي، وتحميل مالا يطاق عنده جائز، وكلاهما جائزان عند الأشعريّ
المسألة السادسة
قال الماتريدي: بعض الأحكام المتعلقة بالتكليف معلوم بالعقل، لأن العقل آلة يدرك بها حسن بعض الأشياء وقبحها، وبها يدرك وجوب الإيمان وشكر المنعم، وإن المعرف والموجب هو الله تعالى، لكن بواسطة العقل كما أن الرسول معروف الوجوب والموجب الحقيقي هو الله تعالى لكن بواسطة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى قال: لا عذر لأحد في الجهل بخالقه، ألا يرى خلق السموات والأرض؟! ولو لم يبعث رسولا، لوجب على الخلق معرفته بعقولهم.
وقال الأشعري: لا يجب شيء ولا يحرم إلا بالشرع لا بالعقل، وإن كان للعقل أن يدرك حس بعض الأشياء، وعند الأشعريّ جميع الأحكام المتعلقة بالتكليف تلقاه بالسمع.
المسألة السابعة
قال الماتريدي: قد يسعد الشقيّ وقد يشقى السعيد.
وقال الأشعريّ: لا اعتبار بالسعادة والشقاوة إلا عند الخاتمة والعاقبة.
المسألة الثامنة
العفو عن الكفر ليس بجائز.
وقال الأشعريّ: يجوز عقلا لا سمعا.
المسألة التاسعة
قال الماتريدي: تخليد المؤمنين في النار، وتخليد الكافر في الجنة لا يجوز عقلا، ولا سمعا.
وعند الأشعري: يجوز.
المسألة العاشرة
قال بعض الماتريدية: الاسم والمسمى واحد.
وقال الأشعريّ: بالتغاير بينهما وبين التسمية، ومنهم من قسم الاسم إلى ثلاثة أقسام: قسم عينه، وقسم غيره، وقسم ليس بعينه ولا بغيره، والاتفاق على أن التسمية وغيرها وهي ما قامت بالمسمى، كذا بداية الكلام.
المسألة الحادية عشر
قال الماتريدي: الذكورة شرط في النبوة، حتى لا يجوز أن يكون الأنثى نبيا.
وقال الأشعريّ: ليست الذكورة شرطا فيها، والأنوثة لا تنافيها، كذا في بداية الكلام.
المسألة الثانية عشر
قال الماتريدي: فعل العبد يسمى كسباً لا خلقاً، وفعل الحق يسمى خلقاً لا كسباً، والفعل يتناولهما.
وقال الأشعري: الفعل عبارة عن الإيجاد حقيقة، وكسب العبد يسمى فعلاً بالمجاز، وقد تفرد القادر خلقاً وما لا يجوز تفرد القادر به كسباً.
تمت الرسالة الشريفة لابن كمال باشا رحمه الله تعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/283)
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[14 - 09 - 04, 06:13 ص]ـ
وفي طبقات السبكي نظم مهم في الفرق بين الفرقتين.
أذا استطاع احد ان ينقله فهو مهم ومفيد.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[14 - 09 - 04, 08:33 ص]ـ
في الطبقات الكبرى
(ذكر كلام أبى العباس قاضى العسكر الحنفى
كان أبو العباس هذا رجلا من أئمة أصحاب الحنفية ومن المتقدمين فى علم الكلام وكان يعرف بقاضى العسكر
وقد حكى الحافظ أبو القاسم فى كتاب التبيين جملة من كلامه فمنه قوله وقد وجدت لأبى الحسن الأشعرى كتبا كثيرة فى هذا الفن يعنى أصول الدين وهى قريب من مائتى كتاب والموجز الكبير يأتى على عامة ما فى كتبه وقد صنف الأشعرى كتابا كبيرا لتصحيح مذهب المعتزلة فإنه كان يعتقد مذهبهم ثم بين الله له ضلالتهم فبان عما اعتقده من مذهبهم وصنف كتابا ناقضا لما صنف للمعتزلة وقد أخذ عامة أصحاب الشافعى بما استقر عليه مذهب أبى الحسن الأشعرى وصنف أصحاب الشافعى كتبا كثيرة على وفق ما ذهب إليه الأشعرى إلا أن بعض أصحابنا من أهل السنة والجماعة خطأ أبا الحسن الأشعرى فى بعض المسائل مثل قوله التكوين والمكون واحد ونحوها على ما نبين فى خلال المسائل إن شاء الله فمن وقف على المسائل التى أخطأ فيها أبو الحسن وعرف خطأه فلا بأس له بالنظر فى كتبه وقد أمسك كتبه كثير من أصحابنا من أهل السنة والجماعة ونظروا فيها انتهى ذكر البحث عن تحقيق ذلك
سمعت الشيخ الإمام رحمه الله يقول ما تضمنته عقيدة الطحاوى هو ما يعتقده الأشعرى لا يخالفه إلا فى ثلاث مسائل
قلت أنا أعلم أن المالكية كلهم أشاعرة لا أستثنى أحدا والشافعية غالبهم أشاعرة
378. لا أستثنى إلا من لحق منهم بتجسيم أو اعتزال ممن لا يعبأ الله به والحنفية أكثرهم أشاعرة أعنى يعتقدون عقد الأشعرى لا يخرج منهم إلا من لحق منهم بالمعتزلة والحنابلة أكثر فضلاء متقدميهم أشاعرة لم يخرج منهم عن عقيدة الأشعرى إلا من لحق بأهل التجسيم وهم فى هذه الفرقة من الحنابلة أكثر من غيرهم
وقد تأملت عقيدة أبى جعفر الطحاوى فوجدت الأمر على ما قال الشيخ الإمام وعقيدة الطحاوى زعم أنها الذى عليه أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد ولقد جود فيها ثم تفحصت كتب الحنفية فوجدت جميع المسائل التى بيننا وبين الحنفية خلاف فيها ثلاث عشرة مسألة منها معنوى ست مسائل والباقى لفظى وتلك الست المعنوية لا تقتضى مخالفتهم لنا ولا مخالفتنا لهم فيها تكفيرا ولا تبديعا صرح بذلك الأستاذ أبو منصور البغدادى وغيره من أئمتنا وأئمتهم وهو غنى عن التصريح لظهوره
ومن كلام الحافظ الأصحاب مع اختلافهم فى بعض المسائل كلهم أجمعون على ترك تكفير بعضهم بعضا مجمعون بخلاف من عداهم من سائر الطوائف وجميع الفرق فإنهم حين اختلفت بهم مستشنعات الأهواء والطرق كفر بعضهم بعضا ورأى تبريه ممن خالفه فرضا
قلت وهذا حق وما مثل هذه المسائل إلا مثل مسائل كثيرة اختلفت الأشاعرة فيها وكلهم عن حمى أبى الحسن يناضلون وبسيفه يقاتلون أفتراهم يبدع بعضهم بعضا ثم هذه المسائل لم يثبت جميعها عن الشيخ ولا عن أبى حنيفة رضى الله عنهما كما سأحكى لك ولكن الكلام بتقدير الصحة
ولى قصيدة نونية جمعت فيها هذه المسائل وضممت إليها مسائل اختلفت الأشاعرة فيها مع تصويب بعضهم بعضا فى أصل العقيدة ودعواهم أنهم أجمعين على السنة وقد
379. ولع كثير من الناس بحفظ هذه القصيدة لا سيما الحنفية وشرحها من أصحابى الشيخ الإمام العلامة نور الدين محمد بن أبى الطيب الشيرازى الشافعى وهو رجل مقيم فى بلاد كيلان ورد علينا دمشق فى سنة سبع وخمسين وسبعمائة وأقام يلازم حلقتى نحو عام ونصف عام ولم أر فيمن جاء من العجم فى هذا الزمان أفضل منه ولا أدين
وأنا أذكر لك قصيدتى فى هذا الكتاب لتستفيد منها مسائل الخلاف وما اشتملت عليه
(الورد خدك صيغ من إنسان % أم فى الخدود شقائق النعمان)
(والسيف لحظك سل من أجفانه % فسطا كمثل مهند وسنان)
(تالله ما خلقت لحاظك باطلا % وسدى تعالى الله عن بطلان)
(وكذاك عقلك لم يركب يا أخى % عبثا ويودع داخل الجثمان)
(لكن ليسعد أو ليشقى مؤمن % أو كافر فبنو الورى صنفان)
(لو شاء ربك لاهتدى كل ولم % يحتج إلى حد ولا برهان)
(فانظر بعقلك واجتهد فالخير ما % تؤتاه عقل راجح الميزان)
(واطلب نجاتك إن نفسك والهوى % بحران فى الدركات يلتقيان)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/284)
(نار يراها ذو الجهالة جنة % ويخوض منها فى حميم آن)
(ويظل فيها مثل صاحب بدعة % يتخيل الجنات فى النيران)
منها
(كذب ابن فاعلة يقول لجهله % الله جسم ليس كالجسمان)
380.
(لو كان جسما كان كالأجسام يا % مجنون فاصغ وعد عن بهتان)
(واتبع صراط المصطفى فى كل ما % يأتى وخل وساوس الشيطان)
(واعلم بأن الحق ما كانت عليه % صحابة المبعوث من عدنان)
(من أكمل الدين القويم وبين الحجج % التى يهدى بها الثقلان)
(قد نزهوا الرحمن عن شبه وقد % دانوا بما قد جاء فى الفرقان)
(ومضوا على خير وما عقدوا مجالس % فى صفات الخالق الديان)
(كلا ولا ابتدعوا ولا قالوا البنا % متشابه فى شكله للبانى)
(وأتت على أعقابهم علماؤنا % غرسوا ثمارا يجتنيها الجانى)
(كالشافعى ومالك وكأحمد % وأبى حنيفة والرضا سفيان)
(وكمثل إسحاق وداود ومن % يقفو طرائقهم من الأعيان)
(وأتى أبو الحسن الإمام الأشعرى م % مبينا للحق أى بيان
(ومناضلا عما عليه أولئك الأسلاف % بالتحرير والإتقان)
(ما إن يخالف مالكا والشافعى م % وأحمد بن محمد الشيبانى)
(لكن يوافق قولهم ويزيده % حسنا بتحقيق وفضل بيان)
(يقفو طرائقهم ويتبع حارثا % أعنى محاسب نفسه بوزان)
(فلقد تلقى حسن منهجه عن الأشياخ % أهل الدين والعرفان)
(فلذاك تلقاه لأهل الله ينصر % قولهم بمهند وسنان)
(مثل ابن أدهم والفضيل وهكذا % معروف المعروف فى الإخوان)
(ذو النون أيضا والسرى وبشر بن % الحارث الحافى بلا فقدان)
(وكذلك الطائى ثم شقيق البلخى % وطيفور كذا الدارانى)
(والتسترى وحاتم وأبو تراب % عسكر فاعدد بغير توان)
381.
(وكذاك منصور بن عمار كذا % يحيى سليل معاذ الربانى)
(فله بهم حسن اعتقاد مثل ما % لهم به التأييد يوم رهان)
(إذ يجمع الخصمان يوم جدالهم % ولما تحقق يسمع الخصمان)
(لم لا يتابع هؤلاء وشيخه الشيخ % الجنيد السيد الصمدانى)
(عنه التصوف قد تلقى فاغتذى % وله به وبعلمه نوران)
(ورأى أبا عثمان الحيرى والنمورى % يا لهما هما الرجلان)
(ورأى رويما ثم رام طريقه % وأبا الفوارس شاها الكرمانى)
(والمغربى كذا ابن مسروق كذا البسرى % قوم أفرس الفرسان)
(وأظنه لم يلتق الخراز بل % قيل التقى سمنون فى سمنان)
(وكذاك للجلاء لم ينظر ولا أبن % عطا ولا الخواص ثم بنان)
(وكذاك ممشاذ مع الدقى مع % خير وهذا غالب الحسبان)
(وكذاك أصحاب الطريقة بعده % ضبطوا عقائده بكل عنان)
(وتتلمذ الشبلى بين يديه وابن % خفيف والثقفى والكتانى)
(وخلائق كثروا فلا أحصيهم % وربوا على الياقوت والمرجان)
(الكل معتقدون أن إلهنا % متوحد فرد قديم دان)
(حى عليم قادر متكلم % عال ولا نعنى علو مكان)
382.
(باقى له سمع وإبصار يريد % جميع ما يجرى من الإنسان)
(والشر من تقديره لكنه % عنه نهاك بواضح البرهان)
(قد أنزل القرآن وهو كلامه % لفظت به للقارئ الشفتان)
(وإلهنا لا شئ يشبهه وليس % بمشبه شيئا من الحدثان)
(قد كان ما معه قديما قط من % شئ ولم يبرح بلا أعوان)
(خلق الجهات مع الزمان مع المكان % الكل مخلوق على الإمكان)
(ما إن تحل به الحوادث لا ولا % كلا وليس يحل فى الجسمان)
(كذب المجسم والحلولى الكفور % فذان فى البطلان مفتريان)
(والاتحادى الجهول ومن يقل % بالاتحاد فإنه نصرانى)
(ونبينا خير الخلائق أحمد % ذو الجاه عند الله ذى السلطان)
(وله الشفاعة والوسيلة والفضيلة % واللواء وكوثر الظمآن)
(فاسأل إلهك بالنبى محمد % متوسلا تظفر بكل أمان)
(لا خلق أفضل منه لا بشر ولا % ملك ولا كون من الأكوان)
(ما العرش ما الكرسى ما هذى السما % عند النبى المصطفى العدنان)
(والرسل بعد محمد درجاتهم % ثم الملائك عابدو الرحمن)
(ثم الصحابة مثل ما قد رتبوا % فالأفضل الصديق ذو العرفان)
(ثم العزيز السيد الفاروق ثم م % اذكر محاسن ذى التقى عثمان)
(وعلى ابن العم والباقون أهل % الفضل والمعروف والإحسان)
(والأولياء لهم كرامات فلا % تنكر تقع فى مهمه الخذلان)
383.
(والمؤمنون يرون ربهم كرؤيتهم % لبدر لاح نحو عيان)
(هذا اعتقاد مشايخ الإسلام وهو % الدين فلتسمع له الأذنان)
(الأشعرى عليه ينصره ولا % يألوا جزاه الله بالإحسان)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/285)
(وكذاك حالته مع النعمان لم % ينقض عليه عقائد الإيمان)
(يا صاح إن عقيدة النعمان والأشعرى % حقيقة الإتقان)
(فكلاهما والله صاحب سنة % بهدى نبى الله مقتديان)
(لاذا يبدع ذا ولا هذا وإن % تحسب سواه وهمت فى الحسبان)
(من قال إن أبا حنيفة مبدع % رأيا فذلك قائل الهذيان)
(أو ظن أن الأشعرى مبدع % فلقد أساء وباء بالخسران)
(كل إمام مقتد ذو سنة % كالسيف مسلولا على الشيطان)
(والخلف بينهما قليل أمره % سهل بلا بدع ولا كفران)
(فيما يقل من المسائل عده % ويهون عند تطاعن الأقران)
(ولقد يؤول خلافها إما إلى % لفظ كالاستثناء فى الإيمان)
الأشعرى يقول أنا مؤمن إن شاء الله
(وكمنعه أن السعيد يضل أو % يشقى ونعمة كافر خوان)
الأشعرى يقول السعيد من كتب فى بطن أمه سعيدا والشقى من كتب فى بطن أمه شقيا لا يتبدلان
384.
وأبو حنيفة يقول قد يكون سعيدا ثم ينقلب والعياذ بالله شقيا وبالعكس
وقد قررنا هذه المسألة فى كتابنا فى شرح عقيدة الأستاذ أبى منصور وبينا اختلاف السلف فيها كاختلاف الخلف وأن الخلاف لفظى لا يترتب عليه فائدة
والأشعرى يقول ليس على الكافر نعمة وكل ما يتقلب فيه استدراج وأبو حنيفة يقول عليه نعمة ووافقه من الأشاعرة القاضى أبو بكر بن الباقلانى فهو مع الحنفية فى هذه كالماتريدى منهم معنا فى مسألة الاستثناء
(وكذا الرسالة بعد موت إن تكن % صحت وإلا أجمع الشيخان)
(وقد ادعى ابن هوازن أستاذنا % فيها افتراء من عدو شان)
(وهو الخبير الثبت نقلا والإرادة % ليس يلزمها رضا الرحمن)
(فالكفر لا يرضى به لعباده % ويريده أمران مفترقان)
(وأبو حنيفة قائل إن الإرادة % والرضا أمران متحدان)
(وعليه أكثرنا ولكن لا يصح م % وقيل مكذوب على النعمان)
مسألة
إنكار الرسالة بعد الموت معزوة إلى الأشعرى وهى من الكذب عليه وإنما ذكرناها وفاء بما اشترطناه من أنا ننظم كل ما عزى إليه ولكنه صرح بخلافها وكتبه وكتب أصحابه قد طبقت طبق الأرض وليس فيها شئ من ذلك بل فيها خلافه
ومن عقائدنا أن الأنبياء عليهم السلام أحياء فى قبورهم فأين الموت وقد أنكر الأستاذ ابن هوازن وهو أبو القاسم القشيرى فى كتابه شكاية أهل السنة الذى سنحكيه فى هذه الترجمة بتمامه هذه وبين أنها مختلقة على الشيخ وكذلك بين ذلك غيره
385.
وصنف البيهقى رحمه الله جزءا سمعناه فى حياة الأنبياء عليهم السلام فى قبورهم واشتذ نكير الأشاعرة على من نسب هذا القول إلى الشيخ وقالوا قد افترى عليه وبهته
وأما مسألة الرضا والإرادة فاعلم أن المنقول عن أبى حنيفة اتحادهما وعن الأشعرى افتراقهما
وقيل إن أبا حنيفة لم يقل بالاتحاد فيهما بل ذلك مكذوب عليه فعلى هذا انقطع النزاع وإنما الكلام بتقدير صحة الاتحاد عنده وأكثر الأشاعرة على ما يعزى إلى أبى حنيفة من الافتراق منهم إمام الحرمين وغيره آخرهم الشيخ محيى الدين النووي رحمه الله قال هما شئ واحد ولكنى أنا لا أختار ذلك والحق عندى أنهما مفترقان كما هو منصوص الشيخ أبى الحسن
(وكذاك إيمان المقلد وهو مما % أنكر ابن هوازن الربانى)
(ولو أنه مما يصح فخلفهم % فيه للفظ عاد دون معان)
ذكروا أن شيخنا يقول إن إيمان المقلد لا يصح وأنكر ذلك الأستاذ أبو القاسم وقال إنه مكذوب عليه وسنبحث عن ذلك فى ذيل سياق كتاب شكاية أهل السنة والقول على تقدير الصحة
(وكذاك كسب الأشعرى وإنه % صعب ولكن قام بالبرهان)
(من لم يقل بالكسب مال إلى اعتزال % أو مقال الجبر ذى الطغيان)
كسب الأشعرى كما هو مقرر فى مكانه أمر يضطر إليه من ينكر خلق الأفعال وكون العبد مجبرا والأول اعتزال والثانى جبر فكل أحد يثبت واسطة لكن يعسر التعبير عنها ويمثلونها بالفرق بين حركة المرتعش والمختار وقد اضطرب المحققون فى تحرير هذه الواسطة والحنفية سموها الاختيار
386.
والذى تحرر لنا أن الاختيار والكسب عبارتان عن معين واحد ولكن الأشعرى آثر لفظ الكسب على لفظ الاختيار لكونه منطوق القرآن والقوم آثروا لفظ الاختيار لما فيه من إشعار قدرة للعبد
وللقاضى أبى بكر مذهب يزيد على مذهب الأشعرى فلعله رأى القوم
ولإمام الحرمين والغزالى مذهب يزيد على المذهبين جميعا ويدنوا كل الدنو من الاعتزال وليس هو هو
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/286)
ولسنا الآن لتحرير هذه المسألة العظيمة الخطب وقد قررناها على وجه مختصر في شرح مختصر ابن الحاجب وعلى وجه مبسوط فيما كتبناه من أصول الديانات
(أو للمعانى وهو ست مسائل % هانت مداركها بدون هوان)
(لله تعذيب المطيع ولو جرى % ما كان من ظلم ولا عدوان)
(متصرف فى ملكه فله الذى % يختار لكن جاد بالإحسان)
(فنفى العقاب وقال سوف أثيبهم % فله بذاك عليهم فضلان)
(هذا مقال الأشعرى إمامنا % وسواه مأثور عن النعمان)
ما قدمنا من المسائل ومنه ما لم يصح كما عرفت هو لفظى كله لا فائدة للخلاف فيه
ومن هنا المسائل المعنوية وهى ست مسائل وقد عرفنا أن الشيخ الإمام كان يقول إن عقيدة الطحاوى لم تشتمل إلا على ثلاث ولكنا نحن جمعنا الثلاث الأخر من كلام القوم
أولها أن الرب تعالى له عندنا أن يعذب الطائعين ويثيب العاصين كل نعمة منه فضل وكل نقمة منه عدل لا حجر عليه فى ملكه ولا داعى له إلى فعله وعندهم يجب تعذيب العاصى وإثابة المطيع ويمتنع العكس
387.
(ووجوب معرفة الإله الأشعرى % يقول ذاك بشرعة الديان)
(والعقل ليس بحاكم لكن له الإدراك % لا حكم على الحيوان)
(وقضوا بأن العقل يوجبها وفى % كتب الفروع لصحبنا وجهان)
(وبأن أوصاف الفعال قديمة % ليست بحادثة على الحدثان)
(وبأن مكتوب المصاحف منزل % عين الكلام المنزل القرآن)
(والبعض أنكر ذا فإن يصدق فقد % ذهبت من التعداد مسألتان)
(هذى ومسألة الإرادة قبلها % أمران فيما قيل مكذوبان)
(وكما انتفى هذان عنهم هكذا % عنا انتفى مما يقال اثنان)
(قالوا وليس بجائز تكليف ما % لا يستطاع فتى من الفتيان)
(وعليه من أصحابنا شيخ العراقى % وحجة الإسلام ذو الإتقان)
(ورواه مجتهد الزمان محمد بن % دقيق عيد واضح السبلان)
منعوا تكليف ما لا يطاق ووافقهم من أصحابنا الشيخ أبو حامد الإسفراينى شيخ العراقيين وحجة الإسلام الغزالى وشيخ الإسلام تقى الدين محمد ابن على بن دقيق العيد القوصى رحمهم الله تعالى أجمعين
(قالوا وتمتنع الصغائر من نبى % للإله وعندنا قولان)
(والمنع مروى عن الأستاذ والقاضى % عياض وهو ذو رجحان)
(وبه أقول وكان مذهب والدى % دفعا لرتبتهم عن النقصان)
(والأشعرى إمامنا لكننا % فى ذا نخالفه بكل لسان)
(ونقول نحن على طريقته ولكن % صحبه فى ذاك طائفتان)
(بل قال بعض الأشعرية إنهم % برآء معصومون من نسيان)
388.
(والكل معدودون من أتباعه % لا يخرجون بذا عن الإذعان)
(وأبو حنيفة هكذا مع شيخنا % لا شئ بينهما من النكران)
(متناصران وذا اختلاف هين % عار عن التبديع والخذلان)
(هذا الإمام وقبله القاضي يقولان % البقا لحقيقة الرحمن)
(وهما كبيرا الأشعرية وهو قال % بزائد فى الذات للإمكان)
(والشيخ والأستاذ متفقان فى % عقد وفى أشياء مختلفان)
(وكذا ابن فورك الشهيد وحجة الإسلام % خصما الإفك والبهتان)
(وابن الخطيب وقوله إن الوجود % يزيد وهو الأشعرى الثانى)
(والاختلاف فى الاسم هل هو والمسمى % واحد لا اثنان أو غيران)
(والأشعرية بينهم خلف إذا % عدت مسائله على الإنسان)
(بلغت مئين وكلهم ذو سنة % أخذت عن المبعوث من عدنان)
(وغدا ينادى كلنا من جملة الأتباع % للأسلاف بالإحسان)
(والأشعرى إمامنا والسنة الغراء % سنتنا مدى الأزمان)
(وكذاك أهل الرأي مع أهل الحديث % فى الاعتقاد الحق متفقان)
(ما إن يكفر بعضهم بعضا ولا % أزرى عليه وسامه بهوان)
(إلا الذين تمعزلوا منهم فهم % فيه تنحت عنهم الفئتان)
(هذا الصواب فلا تظنن غيره % واعقد عليه بخنصر وبنان)
(ورأيت ممن قاله حبر له % نبأ عظيم سار فى البلدان)
(أعنى أبا منصور الأستاذ عبد % القاهر المشهور فى الأكوان)
389.
(هذا صراط الله فاتبعه تجد % فى القلب برد حلاوة الإيمان)
(وتراه يوم الحشر أبيض واضحا % يهدى إليك رسائل الغفران)
(وعليه كان السابقون عليهم % حلل الثناء وملبس الرضوان)
(والشافعى ومالك وأبو حنيفة % وابن حنبل الكبير الشان)
(درجوا عليه وخلفونا إثرهم % إن نتبعهم نجتمع بجنان)
(أو نبتدع فلسوف نصلى النار مذمومين % مدحورين بالعصيان)
(والكفر منفى فلست مكفرا % ذا بدعة شنعاء فى النيران)
(بل كل أهل القبلة الإيمان يجمعهم % ويفترقون كالوحدان)
(فأجارنا الرحمن بالهادى النبى م % محمد من ناره بأمان)
(ما وضح الضحى % وبدا بديجور الدجى النسران)
(والآل والصحب الكرام ومنهم الصديق % والفاروق مع عثمان)
(وعلى ابن العم والباقون إنهم م % النجوم لمقتد حيران)
)
الخ
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[18 - 06 - 05, 06:05 ص]ـ
رسالة في الفرق بين الأشعرية والماتريدية، لعمر الهاتفي الفاروقي، من موقع مخطوطات الأزهر:
http://www.alazharonline.org/Manuscripts/AzManuscriptView.jsp?Item=0&MaxLen=25&pid=59+2+DL8+LIBSRVRX8+D
قال الشيخ الألباني :
BlobDL32+16+A
قال الشيخ الألباني :
C6J7%240PX6 2HOBU1+18+FRN%24NULL&RNum=324025
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/287)
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[18 - 06 - 05, 06:09 ص]ـ
وفي شرح الفقه الأكبر للملا علي قاري مواضع في ذكر الفروق بين الأشعرية والماتريدية، وكثيراً ما يسمي الماتريدية: "أهل السنة".
ـ[سيف 1]ــــــــ[18 - 06 - 05, 10:13 م]ـ
حى عليم قادر متكلم % عال ولا نعنى علو مكان
بل هو عال بائن عن خلقه فوق عرشه وعرشه فوق سماواته وعلمه محيط بكل شئ لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء
ـ[محمد الحمدان]ــــــــ[21 - 06 - 05, 02:30 ص]ـ
هناك كتاب باسم:
المسائل الخلافية
بين الأشاعرة و الماتريدية
إعداد: بسّام عبدالوهاب الجابي
ويتضمَّنُ هذا الكتاب ثلاثة رسائل:
1. القصيدة النونية للسبكي في الخلاف بين الأشاعرة و الماتريدية (مستلةٌ من طبقات الشافعية الكبرى للسكبي بتحقيق: عبدالفتاح الحلو و الطناحي)
2. الروضة البهية فيما بين الأشاعرة و الماتريدية لأبي عذبة (مأخوذة عن الطبعة الهندية للكتاب)
3. نظم الفرائد وجمع الفوائد في بيان المسائل التي وقع فيها الاختلاف بين الماتريدية و الأشعرية في العقائد مع ذكر أدلة الفريقين للعلامة عبدالرحيم بن علي شيخ زاده (مأخوذة من الطبعة المصرية)
ثم ترجم المؤلِّفُ لأصحاب الرسائل الثلاث مع ترجمة أبي الحسن الأشعري و أبي منصور الماتريدي
ثم ذكر المؤلف ثَبَتَاً بالكتب التي تحدَّثت عن الخلاف بين الأشاعرة و الماتريدية.
ـ[أبو بكر الغزي]ــــــــ[22 - 06 - 05, 02:57 ص]ـ
نسبة ’الماتريدي‘ ... إلامَ تعود؟؟؟ أإلى منطقة تسمى ’ماتريد‘، أم من العبارة العربية ’ما تريد‘؟؟؟؟
لطالما تساءلت بيني وبين نفسي، ولعل هذا أوان السؤال لمن يفضلني في العلم.
وجزاكم الله خيراً.(28/288)
ما صحة ما ذكر حول ابن حبان وابن خزيمة واعتقادهما في هذا القبر؟!
ـ[بنت السنة]ــــــــ[16 - 09 - 04, 09:54 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله و آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ,,
أخوتي الافاضل ,,
قام احد الروافض في أحد المنتديات بوضع هذه الشبهة حول ابن حبان و ابن خزيمة رحمهما الله
وانهما كانا من من يعتقد بتعظيم قبر الإمام الرضا و إجابة الدعاء عنده
انقل اليكم ما كتب:-
-------------------------------------
ينقل بن حجر في تهذيب التهذيب في ترجمة الإمام علي بن موسى الرضا ما يلي:
قال (الحاكم النيسابوري) وسمعت أبا بكر محمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى يقول خرجنا مع امام أهل الحديث أبي بكر بن خزيمة وعديله أبي علي الثقفي مع جماعة من مشائخنا وهم إذ ذاك متوافرون إلى زيارة قبر علي بن موسى الرضى بطوس) ومشهده بها معروف يزار قال فرأيت من تعظيمه يعنى ابن خزيمة لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرعه عندها ما تحيرنا "
وابن حبان كذلك .....
والعجيب أيضا ما يذكره ابن حبان في الثقات في ترجمة علي بن موسى الرضا:
" وقبره بسنا باذ خارج النوقان مشهور يزار بجنب قبر الرشيد قد زرته مرارا كثيرة وما حلت بي شدة في وقت مقامي بطوس فزرت قبر على بن موسى الرضا صلوات الله على جده وعليه ودعوت الله إزالتها عنى إلا أستجيب لي وزالت عنى تلك الشدة وهذا شئ جربته مرارا فوجدته كذلك أماتنا الله على محبة المصطفى وأهل بيته صلى الله عليه وسلم الله عليه وعليهم أجمعين "
-----------------------------
فما صحة ذلك بارك الله فيكم؟!
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[17 - 09 - 04, 08:21 ص]ـ
حول الحكاية الأولى عن ابن خزيمة فسندها ضعيف ولاتثبت وكذلك في متنها نكارة
فشيخ الحاكم في هذه الرواية هو محمد بن المؤمل الهمداني له ترجمة في سير أعلام النبلاء (16/ 330) قال عنه الخطيب (كان غير موثق عندهم).
فتبين بهذا أن هذه الحكاية لاتصح عن الإمام ابن خزيمة رحمه الله.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[17 - 09 - 04, 08:36 ص]ـ
وأما ما جاء عن ابن حبان فقد ذكر ذلك في كتابه الثقات وهذه نص كلامه
الثقات ج:8 ص:456
(على بن موسى الرضا وهو على بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب أبو الحسن من سادات أهل البيت وعقلائهم وجلة الهاشميين ونبلائهم يجب أن يعتبر حديثه إذا روى عنه غير أولاده وشيعته وأبى الصلت خاصة فان الأخبار التي رويت عنه وتبين بواطيل إنما الذنب فيها لأبى الصلت ولأولاده وشيعته لأنه في نفسه كان أجل من أن يكذب ومات على بن موسى الرضا بطوس من شربة سقاه إياها المأمون فمات من ساعته وذلك في يوم السبت آخر يوم سنة ثلاث ومائتين وقبره بسنا باذ خارج النوقان مشهور يزار بجنب قبر الرشيد قد زرته مرارا كثيرة وما حلت بي شدة في وقت مقامى بطوس فزرت قبر على بن موسى الرضا صلوات الله على جده وعليه ودعوت الله إزالتها عنى إلا أستجيب لي وزالت عنى تلك الشدة وهذا شيء جربته مرارا فوجدته كذلك أماتنا الله على محبة المصطفى وأهل بيته الله عليه وعليهم أجمعين) انتهى.
وهذا الفعل من ابن حبان لايوافق عليه وليس من هدي علماء المسلمين المتبعين للأثر
وابن حبان رحمه الله قد وقع في عدد من المخالفات العقدية فمنها تأويله للصفات كما يظهر من صنيعه في صحيحه ومنها أقوال له تشابه أقوال الفلاسفه طرد من بلده لأجلها وقد تأولها له بعض أهل العلم وغير ذلك
والمقصود أن هذا الفعل ليس عليه دليل شرعي وإن فعله ابن حبان رحمه الله
وأما استجابة الدعاء عند القبر فقد يكون بسبب الإخلاص والاضطرار وليس بسبب الدعاء عند القبر
قال الإمام ابن تيمية رحمه الله في إقتضاء الصراط المستقيم
اقتضاء الصراط ج: 1 ص: 320
(لكن الغرض أن نبين هذا القسم الأول وهو تعظيم الأمكنة التي لا خصيصة لها إما مع العلم بأنه لا خصيصة لها أو مع عدم العلم بأن لها خصيصة إذ العبادة والعمل بغير علم منهي عنه كما أن العبادة والعمل بما يخالف العلم منهي عنه ولو كان ضبط هذه الأمور من الدين لما أهمل ولما ضاع عن الأمة المحفوظ دينها المعصومة عن الخطأ
وأكثر ما تجد الحكايات المتعلقة بهذا عند السدنة والمجاورين لها الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله
وقد يحكى من الحكايات التي فيها تأثير مثل أن رجلا دعا عندها فاستجيب له أو نذر لها إن قضى الله حاجته فقضيت حاجته ونحو ذلك وبمثل هذه الأمور كانت تعبد الأصنام فإن القوم كانوا أحيانا يخاطبون من الأوثان وربما تقضي حوائجهم إذا قصدوها ولذلك يجري لهم مثل ما يجري لأهل الأبداد من أهل الهند وغيرهم
وربما قيست على ما شرع الله تعظيمه من بيته المحجوج والحجر الأسود الذي شرع الله استلامه وتقبيله كأنه يمينه والمساجد التي هي بيوته وإنما عبدت الشمس والقمر بالمقاييس وبمثل هذه الشبهات حدث الشرك في أهل الأرض وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النذر وقال إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل فإذا كان نذر الطاعات المعلقة بشرط لا فائدة فيه ولا يأتي بخير فما الظن بالنذر لما لا يضر ولا ينفع
وأما إجابة الدعاء فقد يكون سببه اضطرار الداعي وصدق التجائه وقد يكون سببه مجرد رحمة الله له وقد يكون أمرا قضاه الله لا لأجل دعائه وقد يكون له أسباب أخرى وإن كانت فتنة في حق الداعي فإنا نعلم أن الكفار قد يستجاب لهم فيسقون وينصرون ويعافون) انتهى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/289)
ـ[هادي آل غانم]ــــــــ[17 - 09 - 04, 11:53 ص]ـ
شيخنا الفاضل: عبد الرحمن الفقيه
عفوا على التطفل والتعقيب:
فشيخ الحاكم الذي في السند في حكاية ابن خزيمة ليس كما ترجمت له، بل هو محمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى الماسرجسي وهو كما قال عنه الدهبي في السير (16: 23) الإمام، رئيس نيسابور أحد البلغاء الفصحاء
والله تعالى أعلم وأحكم.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[17 - 09 - 04, 04:03 م]ـ
أحسنت بارك الله فيك وجزاك خيرا ولم اتنبه لبقية اسم الراوي كما هو مذكور ورجعت إلى كتاب رجال المستدرك للشيخ مقبل (2/ 202) وفيه محمد بن المؤمل وكنيته أبو بكر
فجزاك الله خيرا على هذا التنبيه ومحمد بن المؤمل شيخ الحاكم في هذه الرواية يظهر اهتمامه بالمحدثين والعلم ولكن لم أقف على كلام لأحد أهل العلم فيه من ناحية الجرح والتعديل.
ـ[بنت السنة]ــــــــ[18 - 09 - 04, 04:26 م]ـ
الشيخ الفاضل: عبدالرحمن الفقيه
أشكرك كثيرا على اجابتك ,, وجزاك الله خيرا و وفقك لما يحبه ويرضاه
الأخ الفاضل .. هادي آل غانم
جزاك الله خيرا على تعقيبك
----------------------------
و لكن بصراحة استغرب كثيرا ,,
كيف يكون هذا الأمر من إمامين كبيرين من أئمة أهل السنة؟!
يفترض بأن يكونا من اعلم الناس بالسنة
فكيف يقعان في هذه البدعة؟!
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[18 - 09 - 04, 06:10 م]ـ
بارك الله في الجميع
إذا علمنا أن الإمام ابن خزيمة وكذلك ابن حبان رحمهما الله ليسا بمعصومين وعلمنا كذلك أن فعلهما ليس بحجة بل الحجة ماجاء في كتاب ربنا وصح عن نبينا صلى الله عليه وسلم زال الاستغراب.
وهذه الفعل الذي وقع منهم على فرض ثبوته عن ابن خزيمة ليس من البدع المغلظة، وليس من شرط العالم ألا يخطىء، ونسال الله أن يغفر لنا ولهم، ولكن الواجب الحذر من زلة العلماء واتباع الحق بالدليل من الكتاب والسنة، وأما ابن حبان فقد وقع في أمر أكبر من هذا وهو تأويل الصفات وكذلك ما نقل عنه من كلام في النبوة لايخلو من إشكال وقد أجاب عنه الإمام الذهبي.
وايضا فمرتبة ابن خزيمة وابن حبان ليست مثل الأئمة الكبار مثل أحمد والشافعي وغيرهم، فالحجة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ـ[حارث همام]ــــــــ[18 - 09 - 04, 06:28 م]ـ
لعل الحكم بأن تلك بدعة ظاهرة محل نظر، فإن الإمامين لم يشدا الرحل نحو القبر.
أما ما وقع منهما فلعل له أسبابه التي تفسره، وهي قرب العهد بفوت رجل له محل في النفوس منهما، وهذا كأن يزور رجل من أهل السنة عاش في بعض البلاد التي كبت أهلها من أهل الإلحاد أو البدعة، ثم ييسر الله له زيارة بلد لطلب العلم فيقف فيه على قبر إمام من أئمة أهل السنة في هذا العصر، فمثله قد تعتري قلبه رقة وخضوع لله عزوجل يظهر في أفعاله، ومثل هذا الذي انكسر قلبه وصفت نفسه حري بدعوته أن تجاب ولاسيما إذا كان من أهل العلم والفضل مطعمه حلال ومركبه حلال وغذي بالحلال.
فالأول وصف الحال التي اعترت إمام الأئمة رحمه الله ولايخلو أن يكون تعظيمه لتلك البقعة مشروعاً أو يكون ممنوعاً فالعبارة مجملة والظن بالإمام أن يكون تعظيمه لها التعظيم المشروع الذي يكفل للميت حرمته دون تجاوز، والثاني (ابن حبان) أخبر عن شيء وجده بنفسه لعل سببه هو ما أشير إليه، ولم ينص على أنه كلما حلت به شدة ذهب إلى القبر وقصد دعاء الله عنده، بل أخبر عن واقع الحال فما حلت به شدة فذهب إلى هناك ولايلزم منه أن يكون كلما ألمت به شدة ذهب، فإن كان الأمر كذلك فإن زيارة القبور من سنن الهدى، ولعل الصحيح مشروعية الدعاء عندها للميت وللنفس خاصة إن وجد المرء من قلبه رقة وإقبالاً على الله والدار الآخرة، فإن تلك مظنة إجابة، ولهذا قال الشيخ حافظ في منظومته:
فإن نوى الزائر فيما أضمره * في نفسه تذكرة بالآخرة
ثم الدعا (له) وللأموت * بالصفح والعفو عن الزلات
ولم يكن شد الرحال نحوها * ولم يقل هجراً كقول السفها
فتلك سنة أتت صريحة * مثبة في السنن الصحيحة
وقد زار نبينا صلى الله عليه وسلم قبر أمه فرق لذلك وبكى وأبكى والحديث في الصحيح وهو معروف وقد جاء في بعض طرقه فلم نره باكياً أكثر من يوم إئذ، ولا أظن أن حال ابن خزيمة رحمه الله تجاوز حال نبينا صلى الله عليه وسلم وهديه.
ونحو هذا الإشكال عند أهل البدع كثير فتراهم ينقلون أموراً مجملة فيحملونها على مايريدون ثم يحاكمون أهل السنة على حملهم الباطل المخالف للنصوص فلننتبه لهم.
وفي الختام كما أشار شيخنا الفقيه عبدالرحمن لو ثبت أن الحمل على مرادهم صحيح فالعبرة بما دل عليه الكتاب والسنة وكل يؤخذ من قوله ويترك فكذلك فعله، والأئمة عند أهل السنة ليسوا معصومين كأئمة الرافضة عندهم وإنما يصح إلزامنا وفق أوهامهم في أئمتهم التي طغت على عقولهم فجعلتهم يبحثون عن مثل هذه الأحرف العجيبة ظناً منهم بأن تلك حجة ملزمة ونسوا أن أولئك الأخيار هم من علمنا التزام السنة ونبذ بدعة من حيث جاءت، والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/290)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[19 - 09 - 04, 11:47 م]ـ
و لكن بصراحة استغرب كثيرا ,,
كيف يكون هذا الأمر من إمامين كبيرين من أئمة أهل السنة؟!
يفترض بأن يكونا من اعلم الناس بالسنة
فكيف يقعان في هذه البدعة؟! [/ COLOR]
الأخت الفاضلة بنت السنة
بالنسبة للإمام ابن خزيمة فلم يصح الإسناد إليه، لأن الراوي عنه مجهول الحال.
أما بالنسبة لابن حبان فليس من أئمة أهل السنة، بل هو مذموم الاعتقاد عندهم كما أشار لذلك الشيخ الفقيه وفقه الله. وقد تكلم عليه شيخ الإسلام في مسألة اعتقاده. وقد سبب له سوء اعتقاده: طرده من بلده بل حتى اتهامه بالزندقة!
قال أبو إسمعيل الاَنصاري شيخ الاِسلام: سألت يحيى بن عمار عن أبي حاتم بن حبان فقال: نحن أخرجناه من سجستان، كان له علم كثير، ولم يكن له كبير دين، قدم علينا، فأنكر الحد لله، فأخرجناه.
وقال أبو عمرو بن الصلاح في طبقات الشافعية: غلط ابن حبان الغلط الفاحش في تصرفاته.
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[20 - 09 - 04, 02:14 ص]ـ
السلام عليكم:
الشيخ محمد الأمين
ألا ينبغي أن نتريث كثيرا في إطلاق أحكامنا على العلماء،
وجدت أنه من السهل إخراج الحافظ الإمام العلامة أبي حاتم محمد بن حبان من أهل السنة والجماعة ومن غير تردد؟؟
لمجرد ما ذكره يحيى بن عمار من أنهم أخرجوه من سجستان من أجل إنكاره الحد لله.؟؟ وأين سند ذلك؟ وما صحة نسبته له؟ أو لأنه قال: النبوة: العلم والعمل، وهو القول باكتساب النبوة لمن فهم ذلك، ولكن هل هذا هو الذي قصده؟؟ ألا يمكن أن نعتذر عن هذا القول لمشابهته قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "الحج عرفة" مع أن الحج له أركان أخرى وواجبات وسنن وآداب؟؟ كما قال الإمام الذهبي في تذكرة الحفاظ (3/ 922)
ألا ينبغي أن نحمل كلام العلماء على أحسن المحامل؟؟
وهل كل من تبنى رأيا في العقيدة في مسألة ما ليس عليها السلف يكون قد خرج من أهل السنة والجماعة، أم يكون من أهل السنة والجماعة في وافقهم فيه ويكون غير ذلك فيما خالفهم فيه؟؟
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[20 - 09 - 04, 05:48 ص]ـ
أخي الحبيب. أنا لم أقل أن ابن حبان ليس من أهل السنة والجماعة بل قلت أن ابن حبان ليس من أئمة السنة. وبين الأمرين فرق لا يخفى عليكم.
ـ[راشد]ــــــــ[21 - 09 - 04, 05:04 م]ـ
رأي الذهبي في قصة إخرج ابن حبان من سجستان:
قُلْتُ: إِنكَارُكُم عَلَيْهِ بدعَةٌ أَيْضاً، وَالخوضُ فِي ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَأْذنْ بِهِ اللهُ، وَلاَ أَتَى نصٌّ بِإِثْبَاتِ ذَلِكَ وَلاَ بِنَفْيِهِ، وَ (مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيْهِ)، وَتَعَالَى اللهُ أَنْ يُحدَّ أَوْ يُوصفَ إِلاَّ بِمَا وَصفَ بِهِ نَفْسَهُ، أَوْ عَلَّمَهُ رُسلَهُ بِالمعنَى الَّذِي أَرَادَ بِلاَ مِثْل وَلاَ كَيْف {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيْعُ البَصِيْرُ} [الشُّوْرَى:11]. (16/ 98)
ـ[بنت السنة]ــــــــ[21 - 09 - 04, 11:06 م]ـ
جزاكم الله خيرا أخوتي الافاضل على اجاباتكم و زادكم هدى و تقى ,, ونفع بعلمكم الإسلام والمسلمين ,,
الأخ الفاضل محمد الامين قلت:-
الأخت الفاضلة بنت السنة
بالنسبة للإمام ابن خزيمة فلم يصح الإسناد إليه، لأن الراوي عنه مجهول الحال.
.
اي رواي تقصد؟!
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[22 - 09 - 04, 02:36 ص]ـ
يقصد: أبا بكر محمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى الماسرجسي شيخ الحاكم في هذا الحديث والراوي عن ابن خزيمة
ـ[سلمان الأيوبي]ــــــــ[22 - 09 - 04, 07:19 ص]ـ
سؤال للاخوة الكرام.
أبو بكر الماسرجسي لَمْ نعلم فِيهِ جرحاً والمشهور انه من اهل الفضل وقد روى عنه ثلاثة وهو شيخ الحاكم وقد حج برفقته.
قال الحافظ الذهبي في السير ج: 16 ص: 23
الماسرجسي الإمام رئيس نيسابور أبو بكر محمد بن المؤمل بن الحسن
ابن عيسى بن ماسرجس النيسابوري أحد البلغاء والفصحاء سمع الفضل بن محمد الشعراني والحسين بن الفضل وعدة وبنى دارا للمحدثين وأدر عليهم الأرزاق كان أبو علي الحافظ يقرأ عليه تاريخ احمد بن حنبل قلت روى عنه السلمي والحاكم وسعيد بن محمد بن محمد بن عبدان.
ابو بكر حدث بما راه من الامام ابن خزيمة عند زيارتهم لقبر علي بن موسى الرضا لا اكثر.
قال الحافظ في تهذيب التهذيب ج7 ص339:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/291)
وقال الحاكم في تاريخ نيسابور: سمعت أبا بكر محمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى يقول خرجنا مع إمام أهل الحديث أبي بكر بن خزيمة وعديله أبي علي الثقفي مع جماعة من مشائخنا وهم إذ ذاك متوافرون إلى زيارة قبر علي بن موسى الرضي بطوس قال فرأيت من تعظيمه يعني بن خزيمة لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرعه عندها ما تحيرنا
فهل نحتاج الى اثبات وثاقة هذا الامام وعدم كذبه لكي نقبل حكايته هذه؟!
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[22 - 09 - 04, 03:14 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
وهذه الحكاية إن ثبتت عن ابن خزيمة رحمه الله فالجواب ما ذكره الشيخ الفاضل حارث همام حفظه الله
وأما إذا كان في المتن نكارة كما قد يفهم من قوله عن ابن خزيمة (فرأيت من تعظيمه يعنى ابن خزيمة لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرعه عندها ما تحيرنا) وابن خزيمة من أئمة أهل السنة
ـ فمن القواعد التي يسير عليها النقاد أنه:
ـ إذا وجدت نكارة في المتن، أو في تركيبة الإسناد فقد يطعن في الإسناد بما لايكون قادحاً بإطلاق.
فالأئمة من مسالكهم في التعليل اعتبار المتن وتركيبة السند. فإذا استنكروا شيئاً من ذلك، فإنهم يتطلبون علة في الإسناد يعلقون الخطأ بها. و في مثل هذا قد يعلون بما لا يصلح التعليل به في كل موضع.
وقد أشار إلى هذا المعنى الشيخ المعلمي ـ رحمه الله ـ (1) فقال: "إذا استنكر الأئمة المحققون المتن، وكان ظاهر السند الصحة، فإنهم يتطلبون له علة، فإذا لم يجدوا علة قادحة مطلقاً حيث وقعت، أعلوه بعلة ليست بقادحة مطلقاً، ولكنهم يرونها كافية للقدح في ذاك المنكر". ثم ذكر لذلك أمثلة، منها:
* إعلال علي بن المديني حديث (خلق الله التربة يوم السبت)، وهو حديث يرويه إسماعيل بن أبي أمية، عن أيوب بن خالد. فقال ابن المديني: "ماأرى إسماعيل بن أمية أخذ هذا إلا من إبراهيم بن أبي يحيى" (2).
* ومن ذلك إعلال أبي حاتم حديث "يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من مضر وبني تميم. فقيل: من هو يارسول الله؟ قال: أويس القرني".
فقد ذكر أبوحاتم لهذا الحديث علتين؛ إحداهما: عدم تصريح الليث بن سعد فيه بالسماع من سعيد المقبري، قال: "يحتمل أن يكون سمعه من غير ثقة، ودلسه" (3). مع أن الليث بن سعد لايعرف بالتدليس.
* ومن ذلك إشارة البخاري إلى إعلال حديث قتيبة بن سعيد، عن الليث بن سعد في جمع التقديم، حيث قال: "قلت لقتيبة بن سعيد: مع من كتبت عن الليث بن سعد حديث يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل؟ فقال: مع خالد المدائني. قال البخاري: وكان خالد المدائني هذا يدخل الأحاديث على الشيوخ" (4).
* وأعل أبوحاتم حديثاً بعنعنة سفيان بن عيينة (5).
قال المعلمي ـ رحمه الله ـ: "وحجتهم في هذا أن عدم القدح بتلك العلة مطلقاً، إنما بني على أن دخول الخلل من جهتها نادر، فإذا اتفق أن يكون المتن منكراً، يغلب على ظن الناقد بطلانه، فقد تحقق وجود الخلل، وإذا لم يوجد سبب له إلا تلك العلة، فالظاهر أنها هي السبب، وأن هذا من النادر الذي يجيء الخلل فيه من جهتها" (6).
==================
تنبيه: إذا تقرر هذا الأصل، فإن الخلل يجيء من جهتين عندما يرى الناظر كلام الإمام الناقد على الإسناد:
ـ فإما أن يرده بحجة أن ماذكره الإمام غير قادح، ويغفل عن مأخذ التعليل وهو نكارة المتن أو تركيبة الإسناد، وليس مجرد العلة التي علق عليها الإمام الخطأ.
ـ وإما أن يظن الناظر أن ماذكره الإمام قادح في كل إٍسناد مشابه، وكلا الأمرين خطأ، وبعيد عن مراد الإمام الذي يعلل بمثل ذلك.
وهذا الملحظ الأخير، هو سبب توسع الكثيرين في إعلال الأحاديث الصحاح بالعنعنة، و تغير الحفظ، ونحو ذلك.
========================
(1) مقدمة الفوائد المجموعة ص (ح).
(2) الأسماء والصفات للبيهقي (2/ 256).
(3) علل ابن أبي حاتم (2/رقم2579).
(4) السنن الكبرى للبيهقي (3/ 163).
(5) علل ابن أبي حاتم (1/ 32)، وفي النص سقط، لكن تراه بكماله في تهذيب السنن لابن القيم (1/ 110).
(6) مقدمة الفوائد المجموعة ص (ح).
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=3690
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[22 - 09 - 04, 04:23 م]ـ
لقد صدقت والله يا شيخنا الفقيه: ما قاله الشيخ حارث همام حفظه الله هو ميزان الاعتدال الذي لا يحتاج إلى لسان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/292)
ـ[أبو حذيفة الحنبلىّ]ــــــــ[14 - 05 - 05, 01:21 م]ـ
طيب بارك الله فيكم ماذا نقول فى هذا ..
وقال شيخ الحنابلة أبو علي الخلال: ((ما أهمني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر فتوسلت به إلا سهل الله تعالى لي ما أحب)) تاريخ بغداد
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[14 - 05 - 05, 05:52 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=49782#post49782
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=111426#post111426
ـ[أبو خليفة العسيري]ــــــــ[14 - 05 - 05, 06:20 م]ـ
تأملوا هذا الكلام من شيخ الإسلام حقا ابن تيمية في من هو أجل وأعلم وأتقى من ابن حنبل والشافعي فضلا عن الخلال والقاضي:
(ولهذا لما اشتبه على كثير من العلماء جلسة الاستراحة هل فعلها استحبابا أو لحاجة عارضة تنازعوا فيها
ومن هذا وضع ابن عمر يده على مقعد النبي صلى الله عليه وسلم، وتعريف ابن عباس بالبصرة وعمرو بن حريث بالكوفة
فإن هذا لما لم يكن مما يفعله سائر الصحابة ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم شرعه لأمته لم يمكن أن يقال هذا سنة مستحبة
بل غايته أن يقال: هذا مما ساغ فيه اجتهاد الصحابة، أو مما لا ينكر على فاعله لأنه مما يسوغ فيه الاجتهاد، لا أنه سنة مستحبة سنها النبي صلى الله عليه وسلم لأمته!
أو يقال في التعريف إنه لا بأس به أحيانا لعارض إذا لم يجعل سنة راتبة
وهكذا يقول أئمة العلم في هذا وأمثاله، تارة يكرهونه وتارة يسوغون فيه الاجتهاد، وتارة يرخصون فيه إذا لم يتخذ سنة
ولا يقول عالم بالسنة إن هذه سنة مشروعة للمسلمين، فإن ذلك إنما يقال فيما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ ليس لغيره أن يسن ولا يشرع، وما سنه خلفاؤه الراشدون فإنما سنوه بأمره فهو من سننه، ولا يكون في الدين واجبا إلا ما أوجبه، ولا حراما إلا ما حرمه، ولا مستحبا إلا ما استحبه، ولا مكروها إلا ما كرهه، ولا مباحا إلا ما أباحه
وهكذا في الإباحات، كما استباح أبو طلحة أكل البرد وهو صائم، واستباح حذيفة السحور بعد ظهور الضوء المنتشر حتى قيل هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع، وغيرهما من الصحابة لم يقل بذلك، وجب الرد إلى الكتاب والسنة.
وكذلك الكراهية والتحريم، مثل كراهة عمر وابنه للطيب قبل الطواف بالبيت، وكراهة من كره من الصحابة فسخ الحج إلى التمتع أو التمتع مطلقا، أو رأى تقدير مسافة القصر بحد حده وأنه لا يقصر بدون ذلك، أو رأى أنه ليس للمسافر أن يصوم في السفر، ومن ذلك قول سلمان: إن الريق نجس، وقول ابن عمر: إن الكتابية لا يجوز نكاحها، وتوريث معاذ ومعاوية للمسلم من الكافر، ومنع عمر وابن مسعود للجنب أن يتيمم، وقول علي وزيد وابن عمر في المفوضة إنه لا مهر لها إذا مات الزوج، وقول علي وابن عباس في المتوفى عنها الحامل إنها تعتد أبعد الأجلين، وقول ابن عمر وغيره إن المحرم إذا مات بطل إحرامه وفعل به ما يفعل بالحلال، وقول ابن عمر وغيره: لا يجوز الاشتراط في الحج، وقول ابن عباس وغيره في المتوفى عنها زوجها: ليس عليها لزوم المنزل، وقول عمر وابن مسعود إن المبتوتة لها السكنى والنفقة.
وأمثال ذلك مما تنازع فيه الصحابة، فإنه يجب فيه الرد إلى الله والرسول، ونظائر هذا كثيرة
فلا يكون شريعة للأمة إلا ما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم
ومن قال من العلماء إن قول الصحابي حجة فإنما قاله إذا لم يخالفه غيره من الصحابة ولا عرف نص يخالفه، ثم إذا اشتهر ولم ينكروه كان إقرارا على القول، فقد يقال هذا إجماع إقراري، إذا عرف أنهم اقروه لم ينكره أحد منهم، وهم لا يقرون على باطل.
وأما إذا لم يشتهر فهذا إن عرف أن غيره لم يخالفه فقد يقال هو حجة
وأما إذا عرف أنه خالفه فليس بحجة بالاتفاق
وأما إذا لم يعرف هل وافقه غيره أو خالفه لم يجزم بأحدهما، ومتى كانت السنة تدل على خلافه كانت الحجة في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا فيما يخالفها بلا ريب عند أهل العلم)
قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص204 - 210)
ـ[محمد الاثري]ــــــــ[17 - 05 - 05, 02:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدا عبده ورسوله،
وبعد،
وقد التبس على أخينا هذا اسم هذا الرجل باسم الإمام السلفي أحمد بن محمد بن هارون أبي بكر الخلال الحنبلي جامِعِ علم الإمام أحمد، صاحب الكتاب العظيم "السنَّة"، و"الجامع" وغيرها من الكتب النافعة، وهو من أئمة السنَّة كما ذكر الأخ أبو زيد.
أمَّا صاحب هذه القصة التي تُشَمُّ منها رائحة القبورية، والغلو في الأموات الصالحين، فهو رجل آخر اسمه: الحسن بن علي أبو علي الخلال المعروف بالحلواني! وهو من طبقة متقدمة عن طبقة الأول، و له ترجمة في تاريخ الخطيب (5/ 112)، جاء في ثناياها ما يلي:
قال الخطيب: أنبأنا محمد بن أحمد بن رزق، أخبرنا أبو علي بن الصواف، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي عن الحسن بن الخلال الذي يقال له الحلواني، فقال: ((ما أعرفه بطلب الحديث، وما رأيته يطلب الحديث!))، قلت: إنه يذْكُرُ أنَّه كان ملازما ليزيد بن هارون، قال: ((ما أعرفه إلا أنه جاءني إلى هنا يُسَلِّمُ عليَّ)) ولَمْ يَحْمَدْهُ أبي!، ثم قال: ((يبلغني عنه أشياء أكرهها ... !))
كتبت هذا لأنني كنت قد عقَّبْتُ على هذا الموضوع ـ الذي حذفه المشرفون ـ ولم أنتبه إلى هذا الأمر حينئذ، فكتبت هذا بيانا للحق، وتبرئة لهذا الإمام السلفي الجليل مما قد يُظَنُّ به من بدعة وقبورية، وقطعا لدابر كل ملبس فتان يتعلق بهذه القصة للدعوة إلى الشرك والبدع.
كتبت هذا حتى لا يلتبس على احد بين ابو علي الخلال وابو بكر الخلال
والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/293)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[17 - 05 - 05, 05:59 م]ـ
جزاك الله خيرا
لكن ظلمت الحسن بن علي بن محمد الهذلي الخلال الحلواني، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة عدا النسائي مترجم في التهذيب وغيره، وليس هو المراد
وإنما المراد اسمه: الحسن بن إبراهيم بن توبة أبو علي الخلال روى عن المروذي، وروى عنه أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي.
تاريخ بغداد 1/ 120و7/ 282.
ـ[محمد الاثري]ــــــــ[18 - 05 - 05, 04:05 ص]ـ
اخي عبد الرحمن السديس
انا نقلت كلام الخطيب البغدادي رحمه الله
ـ[محمد الاثري]ــــــــ[18 - 05 - 05, 05:52 ص]ـ
ولزيادة العلم نقول
قال الخطيب البغدادي فيه
الحسن بن محمد بن الحسن بن علي أبو محمد الخلال وهو الحسن بن أبي طالب سمع أبا بكر بن مالك القطيعي ومحمد بن إسماعيل الوراق وأبا سعيد الحرقي وأبا عبد الله بن العسكري وعلي بن محمد بن لؤلؤ وأبا حفص بن الزيات ومحمد بن المظفر وأبا عمر بن حيويه والقاضي الجراحي وأبا بكر بن شاذان ومحمد بن عبد الله الأبهري ومن في طبقتهم ومن بعدهم كتبنا عنه وكان ثقة له معرفة وتنبه وخرج المسند على الصحيحين وجمع أبوابا وتراجم كثيرة وسألته عن مولده فقال في صفر غداة يوم السبت من سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة ومات في ليلة الثلاثاء الخامس والعشرين من جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وأربعمائة ودفن يوم الثلاثاء في مقبرة باب حرب حضرة الصلاة عليه في جامع المدينة وكان يسكن بنهر القلايين ثم انتقل بأخرة إلى باب البصرة
وقال المزي فيه
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبى عنه، فقال: ما أعرفه بطلب الحديث، و لا رأيته يطلب الحديث. قلت: إنه يذكر أنه كان ملازما ليزيد بن هارون. فقال: ما أعرفه إلا أنه جاءنى إلى ها هنا يسلم على. و لم يحمده أبى، ثم قال: تبلغنى عنه أشياء أكرهه. و لم أر أبى يستخفه.
و قال أبى مرة أخرى: أهل الثغر عنه غير راضين، أو كلاما هذا معناه.
و قال يعقوب بن شيبة: كان ثقة، ثبتا، متقنا.
و قال أبو داود: كان لا ينتقد الرجال.
و قال أيضا: كان عالما بالرجال، و كان لا يستعمل علمه.
و قال النسائى: ثقة.
و قال داود بن الحسين البيهقى: بلغنى أن الحسن بن على الحلوانى، قال: إنى لا أكفر من وقف القرآن، فتركوا علمه.
قال داود بن الحسين: سألت أبا سلمة بن شبيب عن علم الحلوانى، فقال: يرمى فى الحش. قال (أبو) سلمة: من لم يشهد بكفر الكافر فهو كافر.
و قال أبو بكر الخطيب: كان ثقة حافظا.
و قال أيضا: فيما أخبرنا أبو العز بن المجاور، عن أبى اليمن الكندى، عن
أبى منصور القزاز، عنه ـ: حدثنا الحسن بن على الجوهرى إملاءا، قال: حدثنا على بن محمد بن الفتح الأشنانى، قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن البزورى، قال: سألت الحسن بن على الحلوانى، فقلت: إن الناس قد اختلفوا عندنا فى القرآن، فما تقول؟ قال: القرآن كلام الله غير مخلوق، ما نعرف غير هذا.
قال أبو القاسم اللالكائى: توفى سنة اثنتين و أربعين و مئتين، و زاد غيره: فى ذى الحجة بمكة. اهـ.
وقال ابن حجر
الحسن بن علي بن محمد الهذلي أبو علي الخلال الحلواني بضم المهملة نزيل مكة ثقة حافظ له تصانيف من الحادية عشرة مات سنة اثنتين وأربعين
وقال صاحب الكاشف
الحسن بن علي الهذلي الحلواني الخلال الحافظ نزيل مكة عن أبي معاوية ووكيع وعنه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة والسراج ثبت حجة توفي 242
وقال صاحب الجرح والتعديل لمن خرج له البخاري
الحسن بن علي أبو علي الخلال الهذلي الحلواني أخرج البخاري في الحج عنه عن عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد قال البخاري مات في ذي الحجة سنة ثنتين وأربعين ومائتين قاله البخاري قال أبو حاتم الرازي هو صدوق وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم يكنى أبا محمد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/294)
وقال الذهبي الحلواني الحافظ الامام أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الخلال محدث مكة حدث عن أبي معاوية ووكيع بن الجراح ومعاذ بن هشام وخلق ورحل الى عبد الرزاق فأكثر وصنف وتعب في هذا العلم قال إبراهيم بن أورمة بقى اليوم في الدنيا ثلاثة الذهلي بخراسان وابن الفرات بأصبهان والحلوانى بمكة قلت حدث عنه الجماعة سوى النسائي وأبو بكر بن أبي عاصم وأبو العباس السراج ومحمد بن المجدر وخلق سواهم قال أبو داود كان عالما بالرجال ولا يستعمل عليه وقال يعقوب بن شيبة كان ثقة ثبتا متقنا مات الحلواني في ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين ومائتين رحمه الله تعالى قرأت على زينب بنت عمر ببعلبك عن عبد المعز بن محمد انا زاهر بن طاهر انا محمد بن عبد الرحمن انا محمد بن احمد الحيري نا محمد بن هارون بن حميد نا الحسن بن علي الحلواني ثنا عمر بن أبان نا مسلم عن إسماعيل بن أمية أخبرني أبو الزبير عن طاوس عن عكرمة عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم دخل على ضباعة وهي شاكية فقال حجى واشترطى وقولى محلى حيث حبستنى أخبرنا أبو المعالي انا سلامة بن صدقة الفرضي انا بن شاقيل انا محمد بن عبد الباقى انا محمد بن أبي القاسم القرشي انا محمد بن إبراهيم الديرعاقولى انا عبد الله بن زيدان نا الحسن الحلواني نا نصر بن حماد
وقال ابن عساكر
الحسن بن علي أبو محمد ويقال أبو علي الخلال المعروف بالحلواني سمع بدمشق أبا النضر إسحاق بن إبراهيم بن يزيد الفراديسي وهشام بن عمار وبمصر أبا صالح عبد الغفار بن داود الحراني وبغيرها عبد الله بن نميروعبد الرزاق بن همام ويزيد بن هارون وعبد الملك بن إبراهيم الجدي ويحيى بن آدم وأبا اسامة حماد بن اسامة وزيد بن الحباب وأبا عاصم النبيل وعبد الصمد بن عبد الوارث التنوري وعفان بن مسلم الصفار ومحمد بن عيسى بن الطباع روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود ومحمد بن أبي عتاب الاعيني وجعفر بن أبي عثمان الطيالسي وابراهيم بن إسحاق الحربي واحمد بن علي الابار وأبو العباس السراج وأبو علي الحسن بن أبي علي الخشاب النجار المعروف بحسيل وهو الحسن بن يزداد بن سيار وأبو جعفر محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي وعبد الله بن صالح البخاري ومحمد بن هارون بن حميد بن المجدر اخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر أنا أبو سعد الجنزرودي أنا الحاكم أبو احمد محمد بن محمد بن احمد بن إسحاق الحافظ أنا أبو العباس محمد بن إسحاق بن إبراهيم الثقفي نا محمد بن يحيى الذهلي والحسن بن علي الحلواني قالا نا عبد الرزاق أنا معمر ومالك عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزمة ويقول من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه فتوفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والأمر على ذلك يعني وكان الأمر على ذلك خلافة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد وأبو المواهب احمد بن محمد بن عبد الملك الوراق قالا أنا القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله بن طاهر أنا أبو احمد محمد بن احمد بن الغطريف العبدي بجرجان نا عبد الله بن صالح نا الحسن بن علي وأخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي أنا أبو محمد الجوهري أنا أبو القاسم إبراهيم بن احمد بن جعفر الخرقي الفريابي نا الحسن بن علي الحلواني أبو محمدبطرسوس سنة ست وثلاثين ومائتين نا يحيى بن آدم نا يزيد بن عبد العزيز عن رقبة عن يزيد بن أبي مريم عن انس أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يبدأ إذا افطر بالتمر وفي حديث الفريابي عن أنس بن مالك أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان إذا افطر بدأ بالتمر أخبرنا أبو منصور بن خيرون أنا وأبو الحسن بن سعيد نا أبو بكر الخطيب أنا محمد بن علي الصوري وقرأت على أبي الفضل بن ناصر عن أبي الفضل جعفر بن يحيى بن إبراهيم أنا أبو نصر عبيد الله بن سعيد الوائلي قالا أنا الخصيب بن عبد الله أنا عبد الكريم بن احمد بن شعيب النسائي اخبرني أبي قال أبو محمد حسن بن علي الحلواني ثقة زاد الوائلي عن عبد الرزاق في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك أنا عبد الرحمن بن محمد أنا حمد بن عبد الله اجازة قال وأنا الحسين بن سلمة أنا علي بن محمد قالا أنا أبو محمد بن أبي حاتم قال الحسن بن علي أبو محمد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/295)
الحلواني عن عبد الرزاق ويزيد بن هارون كتب عنه أبي سمعت أبي يقول ذلك سئل أبي عنه فقال صدوق كتب الي أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب وحدثني أبو مسعود عبد الجليل بن محمد وأبو بكر محمد بن شجاع عنه أنا عمي أبو القاسم عن أبيه أبي عبد الله قال قال لنا أبو سعيد بن يونس الحسن بن علي الحلواني قدم مصر وحدث بها نحو سنة ثلاثين ومائتين بعد ذلك يحدث عن عبد الله بن نمير وطبقة نحوه حدث عنه احمد بن رشدين وغيره اخبرنا أبو منصور بن خيرون أنا وأبو الحسن بن سعيد نا أبو بكر الخطيب قال الحسن بن علي أبو محمد زاد ابن خيرون وقيل أبو علي وقالا الخلال المعروف بالحلواني سمع يزيد بن هارون وعبد الرزاق بن همام وعبد الله بن نمير وأبا اسامة وزيد بن الحباب وأبا عاصم النبيل وعفان بن مسلم ومحمد بن عيسى بن الطباع زاد ابن خيرون وعبد الصمد بن عبد الوارث وقالا روى عنه محمد بن أبي عتاب الاعين ومحمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج وجعفر بن أبي عثمان الطيالسي وابراهيم الحربي وأبو داود السجستاني واحمد بن علي الابار ومحمد بن هارون بن المجدر وكان ثقة حافظا وورد بغداد قال: وأنا هبة الله بن الحسن الطبري أنا محمد بن عبد الله بن القاسم أنا محمد يعني ابن احمد بن يعقوب بن شيبة نا يعقوب قال الحسن بن علي يعني الخلال كان ثقة ثبتا متقنا قال: وأنا الازهري أنا عبد الرحمن بن عمر نا محمد بن احمد بن يعقوب نا جدي قال الحسن بن علي الحلواني صاحب حديث متقن يتفقه
قال وأنبأنا محمد بن احمد بن رزق أنا أبو علي بن الصواف نا عبد الله بن احمد بن حنبل قال سألت أبي عن الحسن بن الخلال الذي يقال له الحلواني قال ما اعرفه بطلب الحديث وما رأيته يطلب الحديث قلت انه يذكر انه كان ملازما ليزيد بن هارون فقال ما اعرفه إلا انه جاءني إلى ها هنا يسلم علي ولم يحمده أبي ثم قال يبلغني عنه اشياء اكرهها ولم اره يستخفه وقال أبي مرة أخرى وذكره فقال أهل الثغر عنه غير راضين أو كلاما هذا معناه قال وأنا أبو بكر البرقاني قال قرأت على بشر بن احمد الاسفرايني قال لكم أبو سليمان داود بن الحسين البيهقي بلغني أن الحلواني الحسن بن علي قال أني لا اكفر من وقف في قرن فتركوا علمه قال أبو سليمان سألت أبا سلمة بن شبيب عن علم الحلواني فقال يرمى في الحش ثم قال أبو سلمة من لم يشهد بكفر الكافر فهو كافر قال ونا الحسن بن علي الجوهري إملاء نا علي بن محمد بن الفتح الاشناني نا احمد بن عبد الرحمن البزوري قال سألت الحسن بن علي الحلواني فقلت أن الناس قد اختلفوا عندنا في القرآن فما تقول قال القرآن كلام الله غير مخلوق وما نعرف غير هذا {وزاد المحقق: مات في ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين ومئتين قاله الذهبي في سير الاعلام}
وبارك الله فيكم
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[18 - 05 - 05, 11:55 ص]ـ
أمَّا صاحب هذه القصة التي تُشَمُّ منها رائحة القبورية، والغلو في الأموات الصالحين، فهو رجل آخر اسمه: الحسن بن علي أبو علي الخلال المعروف بالحلواني! وهو من طبقة متقدمة عن طبقة الأول، و له ترجمة في تاريخ الخطيب (5/ 112)، ..
هل هذا كلام الخطيب؟!
كان المتعين عليك _ وفقك الله - إذا بان الخطأ = أن تترحم عليه، وتستغفر له، لا أن تسوق ترجمته من كل هذه الكتب فلا داعي لذلك البته، فهو خارج الموضوع جملة وتفصيلا، وإنما أدخلته أنت خطأ.
ـ[محمد الاثري]ــــــــ[19 - 05 - 05, 01:44 ص]ـ
خيرا بارك الله فيك اخي الشيخ عبد الرحمن السديس
ونسال الله ان يغفر لنا وله ولكم ويرحمنا واياكم وسائر المسلمين
ـ[الطنجي]ــــــــ[21 - 05 - 05, 02:01 م]ـ
ما ذكره الأخ الكريم: حارث همام جيد للغاية، نفعه الله ونفع به.
وأزيد شيئا لعله يكون ذا نفع.
فأقول وبالله التوفيق:
هذه القصة المذكورة عن ابن خزيمة، رحمة الله عليه، لا يشك ذو علم وإنصاف أنها مخالفة لطريقة الجم الغفير من أئمة السنة، فإيرداها لا يخلو من أن يكون على أحد وجهين:
ـ الوجه الأول: أن تورد قصته:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/296)
ـ لبيان عدم عصمة الإنسان من الغلط، ولو بلغ من العلم ما بالغ، فلا يجب من المتابعة للعالم إلا ما وافق فيه الحق، والحذر الحذر من هفوة العالم، ولله در من قال: (اتق زيغة الحكيم)، فإن فيها من الفتنة شيئا عظيما لصنفين من الناس: صنف يستدل بها على بدعته وينصبها في معارضة الشرع، وصنف يتعصب على صاحبها حتى ينكر فضله وحقه.
ـ والاتعاظ بذلك، والضراعة إلى الله جل وعلى وسؤاله التوفيق والسداد، وإكثار الاستغفار، واحتقار طالب العلم نفسه وتنزهه عن العجب.
ـ وللاستغفار لابن خزيمة رحمه الله تعالى، وغيره من الأفاضل الذين جاؤوا بما يخالف الشرع عن اجتهاد وتأول أو جهل، لإننا مأمورون بالاستغفار لمن سبقونا بالإيمان.
ـ ولبيان أن أهل السنة يزنون الرجال بميزان العلم والعدل، ولهم في ذلك قاعدة مهمة: وهي أن الرجل قد يكون في مجمل حاله إماما في السنة، فلا يؤثر في إمامته أن تقع منه الزلة والزلتان، والهفوة والهفوتان، والعبرة بما غلب على حاله، والله يتجاوز عن الزلات.
وهذه مقاصد جميلة جدا يحسن بالشخص أن يورد لأجلها هذه القصة وأمثالها.
ونقول في الوجه الثاني:
أما أن تورد تلك القصة:
ـ لكي تجعل هذه الفعلة من ابن خزيمة حجة في وجه ما تواتر عن الجم الغفير من أعلام الأمة، نعارض بها مسلكهم، ونستهجن بها طريقتهم، وننسبهم إلى الغلط، فهذا منهج معكوس، وعقل صاحبه منكوس، لأن المنهج المتواتر عن الأئمة هو الذي ينبغي التمسك به، والتعويل عليه، لا ما شذ من فعل بعض أفرادهم، ولله در من قال: (الاستثناء يؤكد القاعدة)، فشذوذ ابن خزيمة، رحمه الله، ونحوه، بمثل هذا الفعل هو خير دال ومشير للطريقة المستقرة من عمل السلف الصالح رضوان الله عليهم.
ـ والأدهى والأمر: أن تورد هذه القصة بغية نصب الخلاف بين مذهب ابن خزيمة وكلام الله ورسوله، شأن الرافضة الذين يوردون قصة فاطمة مع أبي بكر رضي الله عنهما، لا للالتماس العذر لفاطمة، وغير ذلك من المقاصد الحسنة التي ذكرناها آنفا، بل للطعن في صاحب الحق، أبي بكر رضي الله عنه، والتكذيب بسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ونصب العداوة للصديق، وهذا مسلك خطير يقع فيه المتعصبة من المذاهب المنحرفة، فلا يملك الإنسان إلا أن يقول عند ذلك: اللهم إنا نعوذ بك من الحور بعد الكور، ومن الضلالة بعد الهداية.
والحمد لله رب العالمين.
ـ[محمد سفر العتيبي]ــــــــ[11 - 03 - 06, 01:29 م]ـ
جزيت خيراً يا شيخ الفقيه
وفضلاً عن هذا فلايجب ان يغفل الانسان عن موجة التصوف التي بدأت تعصف بالعقول منذ بدايات القرن الثالث الهجري وحتى بعد ذلك بقرون, حيث انتشرت رويداً رويداً -- انا هنا لا اتحدث عن الصوفية كطائفة ولكن كفكرة تجد القبول والاستقرار في الاذهان
وللمتأمل يلاحظ نقص قصص الكرمات والمنامات والاحلام في اول قرنين وازديادها التدريجي بعد ذلك,(28/297)
رؤية الله سبحانه وتأويل مجاهد
ـ[أبو رشيد الأيوبي]ــــــــ[18 - 09 - 04, 02:11 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الامام مجاهد رحمه: عرضت المصحف على ابن عباس فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية منه. فأسأله عنها.
وقال الثورى رحمه الله وغيره من اهل العلم (إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك)
.
عند قرائتي لتفسير قول الله سبحانه * وجوه يومئذ ناضرة *
وجدت الامام ابن كثير يقول ان مجاهد رحمهما الله تاول هذه الآية على انها الانتظار وليس النظر.
وقال الامام القرطبي رحمه الله: وقيل: إن النظر هنا انتظار ما لهم عند الله من الثواب. وروي عن ابن عمر ومجاهد. وقال عِكرمة: تنتظر أمر ربها. حكاه الماوردِيّ عن ابن عمر وعِكرمة أيضاً. وليس معروفاً إلا عن مجاهد وحده.
هل ثبت مثل هذا القول عن ابن عباس رضي الله عنهما وان لم يكن فهل نفهم ان عرض مجاهد القران على ابن عباس لا يفيد موافقته على كل ما فيه؟
وهل تاول احد من السلف هذه الاية الكريمة الى انها الانتظار؟
جزاكم الله خيرا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[18 - 09 - 04, 02:22 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
وهذا القول من المآخذ اليسيرة التي أخذها أهل العلم على مجاهد بن جبر رحمه الله
وابن عباس رضي الله عنه ثابت عنه إثبات الرؤية لله وهكذا جميع السلف
فحتى مجاهد لو تأول هذه الآية بمعنى الانتظار فيقال إنه أخطأ في ذلك ولايقال إنه نفى الرؤية فبين الأمرين فرق
ولعل مشايخنا الكرام يفيدونا أكثر حول هذا الموضوع.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[18 - 09 - 04, 02:47 ص]ـ
قال ابن القيم رحمه الله في شرح تهذيب السنن ج: 13 ص: 38
وقد روى الترمذي في جامعه من حديث إسرائيل عن ثوير قال سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جناته وأزواجه وخدمة وسرره مسيرة ألف سنة وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشيه ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة وقال هذا حديث حسن غريب
وقد روى غير واحد مثل هذا عن إسرائيل مرفوعا
وروى عبد الملك بن أبجر عن ثوير عن ابن عمر قوله ولم يرفعه
وروى عبد الله الأشجعي عن سفيان عن ثوير عن مجاهد عن ابن عمر من قوله لم يرفعه
وقد روى أحاديث الرؤية عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه منهم جرير بن عبد الله وأبو رزين العقيلي وأبو هريرة وأبو سعيد وصهيب وجابر وأبو موسى وعبد الله بن مسعود وابن عباس وابن عمر وأنس بن مالك وعدي بن حاتم وعمار بن ياسر وعمرو بن ثابت الأنصاري وابن عمر رضي الله عنهم وروى إسرائيل عن أبي إسحاق عن عامر بن سعد عن أبي بكر الصديق في قول الله عز وجل للذين أحسنوا الحسنى وزيادة قال الزيادة النظر لى الله عز وجل ورواه أبو إسحاق عن مسلم بن يزيد عن حذيفة
قال الحاكم أبو عبد الله وتفسير الصحابي عندنا مرفوع
وقال الإمام أحمد في رواية الفضل بن زياد قال سمعته وبلغه عن رجل أنه قال إن الله لا يرى في الآخرة فغضب غضبا شديدا ثم قال من قال إن الله لا يرى في الآخرة فقد كفر فعليه لعنة الله وغضبه من كان من الناس أليس الله عز وجل يقول وجوه يومئذ ناظرة إلى ربها ناضرة وقال كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون فهذا دليل على أن المؤمنين يرون الله
وقال حنبل بن إسحاق سمعت أبا عبد الله يقول قالت الجهمية إن الله لا يرى في الآخرة وقال الله عز وجل كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون فلا يكون هذا إلا إن الله عز وجل يرى وقال وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة فهذا النظر إلى الله والأحاديث التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم إنكم ترون ربكم صحيحة وأسانيدها غير مدفوعة والقرآن شاهد أن الله يرى في الآخرة
وقال أبو داود سمعت أحمد بن حنبل وقد ذكر عنده شيء في الرؤية فغضب وقال من قال إن الله لايرى فهو كافر وقال عباس الدوري سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام يقول وذكر عنده هذه الأحاديث في الرؤية فقال هذه عندنا حق نقلها الناس بعضهم عن بعض
وقال عبد الله بن وهب قال مالك بن أنس الناس ينظرون إلى الله يوم القيامة بأعينهم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/298)
وقال المزني سمعت ابن هرم القرشي يقول سمعت الشافعي يقول في قول الله عز وجل كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون قال فلما حجبهم في السخط كان في هذا دليل على أنهم يرونه في الرضا قال فقال له أبو النجم القزويني يا أبا إبراهيم به تقول قال نعم وبه أدين الله فقام إليه عصام فقبل رأسه وقال يا سيد الشافعيين اليوم بيضت وجوهنا ذكره الحاكم في مناقب الشافعي) انتهى.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[18 - 09 - 04, 08:51 ص]ـ
وقال اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (3/ 454 - )
سياق ما فسر من الآيات في كتاب الله عزوجل على أن المؤمنين يرون الله عزوجل يوم القيامة بأبصارهم قال الله عزوجل للذين أحسنوا الحسنى وزيادة
455
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه من تفسيره أنه النظر إلى الله عزوجل وروى ذلك من الصحابة عن أبي بكر الصديق وحذيفة بن اليمان وأبي موسى الأشعري وابن مسعود وابن عباس ومن التابعين عبد الرحمن بن أبي ليلى وسعيد بن المسبب والحسن وعكرمة وعامر بن سعد البجلي وأبي اسحاق السبيعي ومجاهد وعبد الرحمن بن سابط وقتادة والضحاك وأبو سنان
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن العباس وعيسى بن علي قالا أخبرنا عبد الله بن محمد البغوي قال ثنا هدبة بن خالد قال ثنا حماد ابن سلمة بن ثابت عن عبد الرحمان بن أبي ليلى عن صهيب قال قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم للذين أحسنوا الحسنى وزيادة فقال إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى منادي يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا ويريد أن ينجزكموه فيقولون ما هو ألم يثقل موازيننا ويبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويجرنا من النار فيكشف الحجاب فينظرون إلى الله فما شيء أعطوه أحب إليهم من النظر إليه وهو الزيادة أخرجه مسلم في الصحيح
456 أخبرنا محمد بن عبد الرحمن قال ثنا إسماعيل بن العباس الوراق قال ثنا الحسن بن عرفة قال ثنا سلم بن سالم البلخي عن نوح ابن أبي مريم عن ثابت عن أنس قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية للذين أحسنوا الحسنى وزيادة قال للذين أحسنوا الحسنى قال العمل في الدنيا الحسنى وهي الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله عزوجل
أخبرنا علي بن محمد بن أحمد بن بكر قال ثنا الحسن بن محمد بن عثمان قال ثنا يعقوب بن سفيان قال صفوان بن صالح قال ثنا الوليد بن مسلم قال ثنا زهير بن محمد قال حدثني من سمع أبا العالية الرياحي يحدث عن ابي بن كعب قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الزيادة في كتاب الله عزوجل للذين أحسنوا الحسنى وزيادة قال الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى الله عز وجل أخبرنا محمد بن الحسين بن يعقوب قال أخبرنا أحمد بن محمد بن زياد قال ثنا جعفر بن محمد بن الحسن الرازي ثنا محمد بن حميد
457 ثنا إبراهيم بن المختار عن ثنا جريج عن عطاء الخراساني عن كعب بن عجرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله للذين أحسنوا الحسنى وزيادة قال الزيادة النظر إلى وجه ربهم عز وجل
أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله أخبرنا علي بن محمد المصري قال ثنا يوسف بن يزيد قال ثنا أسد بن موسى قال ثنا قيس بن الربيع عن ابان عن أبي تميمة الهجيمي أنه سمع أبا موسى يحدث أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يبعث الله عز وجل يوم القيامة مناديا ينادي أهل الجنة بصوت يسمع أولهم وآخرهم إن الله وعدكم الحسنى والحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجهه الله عز وجل
458 أبو بكر أخبرنا عبيد الله بن أحمد بن علي قال ثنا إبراهيم بن حماد قال ثنا أبو موسى محمد بن المثنى قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن إسرائيل عن أبي اسحاق عن مسلم بن نذير عن حذيفة ح وأخبرنا عبيد الله قال أخبرنا محمد بن خالد قال ثنا إسحاق بن إبراهيم قال ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عامر ابن سعد عن أبي بكر ح وعن إسرائيل عن أبي إسحاق عن مسلم بن نذير عن حذيفة أنهما قالا للذين أحسنوا الحسنى الجنة وزيادة قالا النظر إلى وجه الله
أبو موسى
أخبرنا محمد بن أبي بكر قال ثنا الحسين بن إسماعيل قال ثنا يوسف بن موسى قال ثنا وكيع قال ثنا أبو بكر الهذلي قال عن أبي تميمة عن أبي موسى ح
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/299)
459 وأخبرنا الحسن بن عثمان قال أخبرنا أحمد بن الحسن قال ثنا محمد بن يونس قال ثنا المعلى بن الفضل قال ثنا أبو بكر الهذلي عن أبي تميمة الهجيمي قال سمعت أبا موسى الأشعري يقول في قول الله عز وجل للذين أحسنوا الحسنى وزيادة قال النظر إلى وجه ربهم لفظ وكيع للذين أحسنوا الحسنى الجنة وزيادة قال النظر إلى الله عز وجل
ابن مسعود وابن عباس
ذكره عبد الرحمن بن أبي حاتم قال أخبرنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث قال نا الحسين بن علي بن مهران القسوي قال حدثنا عامر بن الفرات عن أسباط بن نصر عن إسماعيل السدي عن أبي مالك وأبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود للذين أحسنوا الحسنى قال لا يرهق وجوهم قتر ولا ذلة
460 قال أما الحسنى فالجنة واما الزيادة فالنظر إلى وجه الله واما القتر فالسواد
سعيد بن المسيب
أخبرنا أحمد بن محمد قال أخبرنا عمر بن أحمد قال ثنا عبد الله بن محمد بن شاذ أن قال ثنا أسامة بن أحمد التجيبي بمصر قال ثنا الحارث بن مسكين قال حدثني إبراهيم بن مليح عن داود بن أبي زبير عن مالك عن يحيى عن سعيد بن المسيب في قوله للذين أحسنوا الحسنى وزيادة قال أحسنوا شهادة أن لا إله إلا الله والحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله
الحسن البصري
أخبرنا الحسن بن عثمان قال ثنا أحمد بن الحسن قال ثنا الحسن بن علي بن شبيب قال ثنا عثمان بن محمد قال ثنا معاوية بن هشام عن علي بن صالح عن أبي بشر الحلبي عن الحسن للذين أحسنوا الحسنى وزيادة قال الحسنى دخول الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله وكذلك روى عوف الاعرابي عن الحسن ذكره
عبد الرحمن بن أبي حاتم
461 أخبرنا عبيد الله بن أحمد قال ثنا إبراهيم بن حماد املاء قال ثنا أبو موسى محمد بن المثنى قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا حماد بن زيد عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى للذين أحسنوا الحسنى وزيادة قال الزياده النظر إلى وجه ربهم تبارك وتعالى ويرهق وجوههم قتر ولا ذلة بعد النظر إلى ربهم عز وجل
عامر بن سعد البجلي
أخبرنا عبيد الله بن أحمد قال أخبرنا إبراهيم بن حماد قال ثنا محمد بن المثنى قال ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن عامر بن سعد ح وأخبرنا عبيد الله قال أخبرنا محمد بن مخلد قال ثنا إسحاق ابن إبراهيم قال ثنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن عامر بن سعد في قوله عز وجل للذين أحسنوا الحسنى وزيادة قال هو النظر إلى وجه الله عز وجل
462 أبو إسحاق أخبرنا الحسن بن عثمان قال أخبرنا أحمد بن الحسن قال ثنا الحسن بن علي قال ثنا إسماعيل بن موسى قال ثنا شريك عن أبي إسحاق قال للذين أحسنوا الحسنى وزيادة قال النظر إلى وجه الرحمن
عبد الرحمن بن سابط
أخبرنا الحسن بن عثمان ومحمد بن أحمد بن أبي طاهر قالا حدثنا أحمد بن سلمان قال ثنا محمد بن عبد الله قال ثنا عثمان بن محمد قال ثنا جرير عن ليث عن ابن سابط قال وزيادة النظر إلى وجه ربهم عكرمة ذكره عبد الرحمن قال حدثني أبو عبد الله محمد بن حماد الطهراني قال أخبرنا حفص بن عمر العدني وكان صدوقا قال ثنا الحكم ابن أبان
463 عن عكرمة في قوله للذين أحسنوا الحسنى وزيادة قال قوله احسنوا الحسنى قول لا إله إلا الله والحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجهه الكريم
مجاهد
ذكره عبد الرحمن قال ثنا أبي قال ثنا عبد الرحمن ابن خلف الرقي قال ثنا مؤمل بن اسماعيل قال ثنا حماد بن سلمة عن ليث عن مجاهد للذين أحسنوا الحسنى قال الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى الرب
قتادة أخبرنا الحسن بن عثمان قال أخبرنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم قال ثنا إسحاق بن الحسن قال ثنا الحسين بن محمد قال ثنا شيبان عن قتادة في قوله للذين أحسنوا الحسنى وزيادة قال ذكر لنا أن المؤمنين إذا دخلوا الجنة ناداهم ربهم إن الله وعدكم الحسنى وهي الجنة والزيادة النظر إلى وجه الرحمن قال الله عز وجل وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة
في تفسير قوله تبارك وتعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة فروى عن ابن عباس أنه النظر إلى الله عز وجل464 وبه قال من التابعين الحسن وعكرمة ومجاهد ومحمد بن علي بن الحسين وزيد بن علي بن حسين وقتادة والضحاك بن مزاحم
ومن الفقهاء مالك والشافعي أنهما استدلا على جواز الرؤية بهذه الآية
ابن عباس
أخبرنا أحمد بن محمد قال أخبرنا عمر قال ثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال ثنا أحمد بن الحسن الخزار حدثنا أبي قال ثنا حصين يعني ابن مخارق عن عبد الصمد عن أبيه عن ابن عباس في قوله عز وجل وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة قال مسرورة إلى ربها ناظرة قال تنظر إلى ربها
الحسن
أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله قال ثنا محمد بن بن عمرو قال ثنا محمد بن عبد الملك حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا مبارك عن الحسن قوله عز وجل وجوه يومئذ ناضرة إلى ر بها ناظرة قال النضرة الحسن نظرت إلى ربها عز وجل فنضرت بنوره عز وجل
مجاهد
أخبرنا علي بن أحمد بن عمر المقري قال ثنا جعفر بن محمد بن الحجاج قال ثنا نصر بن عبد الملك قال ثنا إبراهيم ابن أبي الليث قال ثنا الأشجعي عن سفيان عن منصور عن مجاهد قال وجو يومئذ ناضرة قال تظرت إلى ربها ناظرة
ذكره عبد الرحمن قال ثنا حماد بن محمد بن يزيد بن مسلم الأنصارى قال ثنا مؤمل قال ثنا إبراهيم بن يزيد المكي عن الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث عن مجاهد في قوله عز وجل وجوه يومئذ ناضرة قال حسنة إلى ربها ناظرة قال تنظر إلى ربها تبارك وتعالى
عكرمة
أخبرنا أحمد بن محمد قال ثنا عمر بن أحمد ثنا أحمد بن محمد بن المغلس ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري نا علي بن الحسن ابن شقيق قال أخبرنا الحسين بن واقد عن يزيد النحوي عن عكرمة في قوله إلى ربها ناظرة تنظر إلى ربها نظرا
ذكره عبد الرحمن قال حدثنا أبو زرعة قال ثنا سلمة بن شبيب أبو عبد الرحمن قال ثنا إبراهيم بن الحكم بن ابان قال ثنا أبي عن عكرمة في قوله عز وجل وجوه يومئذ ناضرة قال مسرورة فرحة إلى ربها ناظرة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/300)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[18 - 09 - 04, 08:59 ص]ـ
وقال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله في الرد على الجهمية
وقال بعضهم إنا لا نقبل هذه الآثار ولا نحتج بها
قلت أجل ولا كتاب الله تقبلون أرأيتم إن لم تقبلوها أتشكون أنها مروية عن السلف مأثورة عنهم مستفيضة فيهم يتوارثونها عن أعلام الناس وفقهائهم قرنا بعد قرن
قالوا نعم
قلنا فحسبنا إقراركم بها عليكم حجة لدعوانا أنها مشهورة مروية تداولتها العلماء والفقهاء فهاتوا عنهم مثلها حجة لدعواكم التي كذبتها الآثار كلها فلا تقدرون أن تأتوا فيها بخبر ولا أثر وقد علمتم إن شاء الله أنه لا يستدرك سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأحكامهم وقضاياهم إلا بهذه الآثار والأسانيد على ما فيها من الاختلاف وهي السبب إلى ذلك والنهج الذي درج عليه المسلمون وكانت إمامهم في دينهم بعد كتاب الله عز وجل منها يقتبسون العلم وبها يقضون وبها يقيمون وعليها يعتمدون وبها يتزينون يرثها الأول منهم الآخر ويبلغها الشاهد منهم الغائب احتجاجا بها واحتسابا في أدائها إلى من لم يسمعها يسمونها السنن والآثار والفقه والعلم ويضربون في طلبها شرق الأرض وغربها يحلون بها حلال الله ويحرمون بها حرامه ويميزون بها بين الحق والباطل والسنن والبدع ويستدلون بها على تفسير القرآن ومعانيه وأحكامه ويعرفون بها ضلالة من ضل عن الهدى
فمن رغب عنها فإنما يرغب عن آثار السلف وهديهم ويريد مخالفتهم ليتخذ دينه هواه وليتأول كتاب الله برأيه خلاف ماعنى الله به
فإن كنتم من المؤمنين وعلى منهاج أسلافهم فاقتبسوا العلم من آثارهم واقتبسوا الهدى في سبيله وارضوا بهذه الآثار إماما كما رضى بها القوم لأنفسهم إماما فلعمري ما أنتم أعلم
بكتاب الله منهم ولا مثلهم ولا يمكن الاقتداء بهم إلا باتباع هذه الآثار على ما ترون فمن لم يقبلها فإنه يريد أن يتبع غير سبيل المؤمنين وقال الله تعالى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وسآءت مصيرا النساء
فقال قائل منهم لا بل نقول بالمعقول قلنا هاهنا ضللتم عن سواء السبيل ووقعتم في تيه لا مخرج لكم منه لأن المعقول ليس لشيء واحد موصوف بحدود عند جميع الناس فيقتصر عليه ولو كان كذلك كان راحة للناس ولقلنا به ولم نعد ولم يكن الله تبارك وتعالى قال (كل حزب بما لديهم فرحون) المؤمنون 53 فوجدنا المعقول عند كل حزب ما هم عليه والمجهول عندهم ما خالفهم فوجدنا فرقكم معشر الجهمية في المعقول مختلفين كل فرقة منكم تدعي أن المعقول عندها ما تدعو إليه والمجهول ما خالفها فحين رأينا المعقول اختلف منا ومنكم ومن جميع أهل الأهواء ولم نقف له على حد بين في كل شيء رأينا أرشد الوجوه وأهداها أن نرد المعقولات كلها إلى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى المعقول عند أصحابه المستفيض بين أظهرهم لأن الوحي كان ينزل بين أظهرهم فكانوا أعلم بتأويله منا ومنكم وكانوا مؤتلفين في أصول الدين لم يفترقوا فيه ولم يظهر فيهم البدع والأهواء الحائدة عن الطريق
فالمعقول عندنا ما وافق هديهم والمجهول ما خالفهم ولا سبيل إلى معرفة هديهم وطريقتهم إلا هذه الآثار وقد انسلختم
منها و انتفيتم منها بزعمكم فأنى تهتدون
واحتج محتج منهم بقول مجاهد (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) القيامة 22 - 23 قال تنتظر ثواب ربها
قلنا نعم تنتظر ثواب ربها ولا ثواب أعظم من النظر إلى وجهه تبارك وتعالى
فإن أبيتم إلا تعلقا بحديث مجاهد هذا واحتجاجا به دون ما سواه من الآثار فهذا آية شذوذكم عن الحق واتباعكم الباطل لأن دعواكم هذه لو صحت عن مجاهد على المعنى الذي تذهبون إليه كان مدحوضا القول إليه مع هذه الآثار التي قد صحت فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وجماعة التابعين أولستم قد زعمتم أنكم لا تقبلون هذه الآثار ولا تحتجون بها فكيف تحتجون بالأثر عن مجاهد إذ وجدتم سبيلا إلى التعلق به لباطلكم على غير بيان وتركتم آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين إذ خالفت مذهبكم فأما إذ أقررتم بقبول الأثر عن مجاهد فقد حكمتم على أنفسكم بقبول آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين بعدهم لأنكم لم تسمعوا هذا عن مجاهد بل تأثرونه عنه بإسناد و تأثرون بأسانيد مثلها أو أجود منها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه والتابعين ما هو خلافه عندكم فكيف ألزمتم أنفسكم اتباع المشتبه من آثار مجاهد وحده وتركتم الصحيح المنصوص من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه
ونظراء مجاهد من التابعين إلا من ريبة وشذوذ عن الحق
إن الذي يريد الشذوذ عن الحق يتبع الشاذ من قول العلماء ويتعلق بزلاتهم والذي يؤم الحق في نفسه يتبع المشهور من قول جماعتهم وينقلب مع جمهورهم فهما آيتان بينتان يستدل بهما على اتباع الرجل وعلى ابتداعه انتهى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/301)
ـ[أبو رشيد الأيوبي]ــــــــ[18 - 09 - 04, 09:56 م]ـ
جزاكم الله خيرا أخي الكريم الشيخ عبد الرحمن ونفع الله بك أحسنت وأجدت.
ماذا عن توجيه كلام الامام مجاهد رحمه الله: عرضت المصحف على ابن عباس فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية منه. فأسأله عنها؟
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[19 - 09 - 04, 12:18 ص]ـ
نعم هو سال ابن عباس عن كل آية لكن لايلزم أن يكون ملتزما بكل أقواله لم يخرج عنها قط
ـ[أبو رشيد الأيوبي]ــــــــ[19 - 09 - 04, 05:02 ص]ـ
وهو كذلك ان شاء الله
جزاكم الله خيرا ونفع بكم
ـ[أبو بكر بن عبدالوهاب]ــــــــ[20 - 09 - 04, 08:31 ص]ـ
جزاكم الله تعالى
قال الحافظ في الفتح 8/ 773
وقال عياض رؤية الله سبحانه وتعالى جائزة عقلا وثبتت الأخبار الصحيحة المشهورة بوقوعها للمؤمنين في الآخرة، وأما في الدنيا ......
وقال 8/ 384
وتواترت الأخبار النبويه بوقوع هذه الرؤية للمؤمنين في الآخرة وبإكرامهم بها في الجنة ولا استحالة فيها فوجب الإيمان بها وبالله التوفيق.
وقال 13/ 530
جمع الدارقطني طرق الأحاديث الواردة في رؤية الله تعالى في الآخرة فزادت على العشرين وتتبعها ابن القيم في حادي الأرواح فبلغت الثلاثين وأكثرها جياد وأسند الدارقطني عن يحيى بن معين قال عندي سبعة عشر حديثا في الرؤية صحاح.
وقال القرطبي 1/ 368
وقد اختلف في جواز رؤية الله تعالى فأكثر المبتدعة على إنكارها في الدنيا والآخرة، وأهل السنة والسلف على جوازها فيهما ووقوعها في الآخرة
وقال الذهبي في السير 2/ 167
وأما رؤية الله عيانا في الآخرة فأمر متيقن تواترت به النصوص جمع أحاديثها الدارقطني والبيهقي وغيرهما
وقال 10/ 455
قال أحمد بن حنبل أخبرني رجل من أصحاب الحديث أن يحيى بن صالح قال لو ترك أصحاب الحديث عشرة أحاديث يعني هذه التي في الرؤية ثم قال أحمد كأنه نزع إلى رأي جهم
قلت والمعتزلة تقول لو أن المحدثين تركوا ألف حديث والأسماء والرؤية والنزول لأصابوا
والقدرية تقول لو أنهم تركوا سبعين حديثا في إثبات القدر
والرافضة تقول لو أن الجمهور تركوا من الأحاديث التي يدعون صحتها ألف حديث لأصابوا
وكثير من ذوي الرأي يردون أحاديث شافه بها الحافظ المفتي المجتهد أبو هريرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويزعمون أنه ما كان فقيها ويأتوننا بأحاديث ساقطة أولا يعرف لها إسناد أصلا محتجين بها
قلنا وللكل موقف بين يدي الله تعالى
يا سبحان الله أحاديث رؤية الله في الآخرة متواترة والقرآن مصدق لها فأين الإنصاف.
وقال 10/ 114
والذي دل عليه الدليل عدم الرؤية (أي رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه) مع إمكانها فنقف عن هذه المسألة فإن من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه فإثبات ذلك أو نفيه صعب والوقوف سبيل السلامة والله أعلم وإذا ثبت شيء قلنا به ولا نعنف من أثبت الرؤية لنبينا في الدينا ولا من نفاها بل نقول الله ورسوله أعلم.
بل نعنف ونبدع من أنكر الرؤية في الآخرة إذ رؤية الله في الأخرة ثبتت بنصوص متوافرة.
وجاء في البحر الرائق في فقه الحنفية 8/ 205
رؤية الله تعالى في الآخرة حق
وقال 5/ 132
ويكفر بإنكاره رؤية الله تعالى بعد دخول الجنة.
وفي هذا الأخير نظر
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[24 - 09 - 04, 05:41 م]ـ
- http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=3574&highlight=%CA%C3%E6%ED%E1+%E3%CC%C7%E5%CF
- انظر في هذا الرابط: الرد رقم (23).
ـ[عبدالقدير]ــــــــ[25 - 09 - 04, 06:06 م]ـ
جزاكم الله خيراً على ماقدمتم من شرح كافي
فقط اريد أن أضيف هذه
شرح (المنظومة اللامية) لابن تيميه
حين قال: والمؤمنون يرون حقاً ربهم وإلى السماء بغير كيف ينزل
هنا أمر وهو هل نظر المؤمنون إلى ربهم حقاً؟؟؟؟؟؟؟
فاختلفوا الناس بالرؤيا هناك من نفى الرؤيا إطلاقاً لا يرى الله ألبته،وهناك من قال يراه في الدنياء والآخرة،
وأهل السنة وفقوا إلى الصواب فقالوا أما في الدنيا قال الرسول صلى الله عليه وسلم (اعلم انه لا يرى أحدكم ربه حتى يموت).
وعندما كلم موسى ربه قال: ربي ارني أنظر إليك. قال: لن تراني.
أما أولئك الجهال الذين غلوا من أهل التصوف وغيرهم يزعمون أنهم يرون الله وانه يكلمهم ولم يعلموا إن
الشياطين تكلم أوليائها وتتصور لأنبيائها حسياً كما ذكر ذلك شيخ الإسلام في الفرقان.
أما في الآخرة فمعتقد أهل السنة إن المؤمنين يرون ربهم بأعينهم الجارحة الباصرة رؤية حقيقية والدليل
والأدلة متواجدة ففي القرآن الكريم، قال تعالى (وجوه يومئذ ناضرة) سورة القيامة
وقوله عز وجل (للذين احسنوا الحسنى) يونس، وقوله عز وجل (ولدينا مزيد) سورة ق
وجاء بإن الزيادة والمزيد بأنها الرؤية قال الرسول صلى الله عليه وسلم (هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة
صحوا ليس معها سحاب؟ ما تضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحوا ليس فيها سحاب؟ ما تضارون في رؤية الله
يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما ....... ) الحديث صحيح *الجامع الصغير وزيادة*
وذكر شارح إن الشافعي لما دخل الصعيد في مصر دخل رجل ويحمل ورقة مكتوب به إثبات عدم الرؤيا فلما قراء
الشافعي (كلا إنهم يومئذ لمحجوبون ... ) قال في هذه الآية دليل واضح لإثبات الرؤيا.
والمصنفات بالرؤيا كثيره فصنف ذلك الأمام الدارقطبي، والمقدسي وغيرهم رحمهم الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/302)
ـ[د. م. موراني]ــــــــ[25 - 09 - 04, 11:18 م]ـ
كتاب فيه ما جاء من الحديث في النظر الى الله تبارك وتعالى ....
... عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه والتابعين باحسان
من تأليف أبي عبد الله محمد بن وضاح
حدثني بجميعه سعيد بن شعبان الخولاني
لمحمد بن أحمد بن تميم التميمي
(مخطوط القيروان , ورقة واحدة فقط على الرق , بخط أبي العرب التميمي , كتبه لنفسه برواية شيخه المذكور المتوفى 295 بالقيروان).
الورقة 1 وجه:
بسم الله الرحمن الرحيم
ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه في النظر الى الرب تبارك وتعالى مما حفظنا , حدثني سعيد بن شعبان بن قرة الخولاني عن (أبي) عبد الله محمد بن وضاح قال:
حدثني موسى بن معاوية الصمادحي قال:
حدثنا وكيع بن الجراح عن اسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله البجلي قال:
كنا عند (رسول الله صلى) الله عيله وسلم ليلة البدر فقال:
هل ترون هذا القمر؟ قلنا: نعم , فقال:
هكذا ترون ربكم لا تضامون في رؤيته.
وحدثنا الحسن بن عيسى قال حدثنا جرير بن الحميد عن اسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله البجلي عن النبي عليه السلام , ثم ذكره.
............................................
يذكر المؤلف بعد ذلك 18 طريقا لهذه الحديث فيها اسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن عبد الله بن جابر عن النبي عليه السلام.
وفي آخر الورق (ظهر) زيادة لموسى بن معاوية كما يلي:
( ....................... ) زاد موسى في حديثه مرة في آخره وغير واحد مما سمينا , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فان استطعتم ألا تغلبوا على الصلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا.
ثم قرأ: فسبح (كذا) بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها , قال موسى: قبل الغروب.
وحدثني حامد بن يحيى قال: حدثنا سفيان بن عيينة قال:
حدثنا عبد الملك بن عمير قال: سمعت عمارة بن رؤيبة الثقفي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها.
وحدثني أيضا حامد بن يحيى قال: حدثنا سفيان بن عيينة قال: حدثنا اسماعيل بن أبي خالد عن أبي بكر بن عمارة ............
............... سقط الباقي.
.............................................
من المعلوم أنّ يحيى بن معين جمع الأسانيد للحديث في رؤية الله كما جمع طرقه الدارقطني في كتيب في رؤية الله عز وجل (أنظر فتح الباري لابن حجر , ج 13 , ص 434. المخطوط في مكتبة Escorial
الرقم 1445.)
وفي ذلك العصر ألف يحيى بن عمر الكناني (ت 289) بالقيروان كتابه النظر الى الله تبارك وتعالى يوم القيامة.
هذا , وقد يتساءل المرء بعد قراءة هذه الورقة الوحيدة التي فيها هذا الحديث في النظر الى الله يوم القيامة:
ما هي منزلة هذا الحديث بالقيروان بذات بأسانيده عن المشارقة؟ وخاصة في ذلك العصر , أي في منتصف القرن الثالث الهجري ...
لم يحكم بالقيروان حينئذ أصحاب الشيعة الرافضة فقط بل كان لتعاليم المعتزلة أيضا أثر ملموس على الحياة السياسة والدينية في البلاد غير أنّ اهل السنة بالقيروان رفض هذه التعاليم رفضا تاما بما فيه خلق القرآن وانفاء الرؤية.
وكانت هذه الأحاديث بمثابة الطيار المضاد تجاه المعتزلة ليس في ذلك العصر فحسب بل بعد مضى مائتين عام على هذه الحوادث حيث نشاهد منقوشا على قبور بالقيروان في ذي الحجة من سنة اربع وثلاثين وأربعمائة بالنص التالي:
هذا قبر حسن بن أبي تميم التميمي ....... وهو يشهد ...... أن الله يبعث من في القبور وان الله يرى يوم القيامة وهو مصر على بغض أعداء الله بني عبيد ولعنتهم على ذلك ..... الخ.
خلاصة القول: ان النظر الى الله يوم القيامة , أي التعليم بالرؤية , لم يكن موضوعا في روايات المحدثين فحسب , بل نجد جذره وآثاره في عقيدة عامة الناس وايمانهم الذين لم يرثوا لنا كتابا مخطوطا بخط أيديهم , بل تركوا لنا ايمانهم برؤية الله يوم القيامة عبر الشواهد على قبورهم منقوشا.
موراني
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[26 - 09 - 04, 02:17 م]ـ
د. موراني
أرجو مراجعة بريدك الخاص بالملتقى للأهمية(28/303)
فهرس الرسائل العلمية المناقشة بالدعوة (قسم العقيدة)
ـ[بن خميس]ــــــــ[20 - 09 - 04, 07:18 م]ـ
رسائل الدكتوراه
1
الآثار الواردة عن أئمة السنة في أبواب الاعتقاد من كتاب "سير أعلام النبلاء" للإمام الذهبي ـ جمع وتخريج ودراسة ـ.
2
ابن رجب الحنبلي وأثره في توضيح عقيدة السلف.
3
إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة، للبوصيري، من أول كتاب الأدعية إلى نهاية كتاب علامة النبوة ـ دراسة وتحقيق ـ.
4
الأسماء الحسنى معانيها وآثارها والرّد على المبتدعة فيها
5
الأسماء والصفات، للبيهقي ـ دراسة وتحقيق ـ.
6
الأصول الَّتي بنى عليها المبتدعة مذهبهم في الصفات والرد عليهم من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ.
7
أعمال القلوب وأثرها في الإيمان.
8
الأقوال المروية عن السلف في العقيدة في كتاب"حلية الأولياء" لأبي نعيم -جمعاً وتحقيقاً ودراسة.
9
الأمثال القرآنية القياسية المضروبة للركن الأوّل من أركان الإيمان بالله.
10
الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار، للشيخ يحيى ابن أبي الخير العمراني اليمني الشافعي ـ دراسة وتحقيق ـ.
11
إيقاظ الفكرة لمراجعة الفطرة، للصنعاني ـ دراسة وتحقيق ـ.
12
البعث والنشور، للبيهقي "القسم الثاني من باب: جماع أبواب الشفاعة، إلى آخر الكتاب ـ دراسة وتحقيق ـ.
13
بهجة الناظرين وآيات المستدلين، للشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي (ت1033هـ) ـ دراسة وتحقيق ـ.
14
التجريد في شرح كتاب التوحيد، لعبد الهادي بن محمد البكري العجلي (ت1264هـ) ـ دراسة وتحقيق ـ.
15
تخجيل من حرف التوراة والإنجيل، لصالح بن الحسين الجعفري الهاشمي (ت668هـ) ـ دراسة وتحقيق ـ.
16
التصوف وتأثره بالنصرانية والفلسفات القديمة.
17
التوضيح والتبيين لمسائل العقد الثمين، لأبي الفوز السويدي (ت1246هـ) من أول الكتاب إلى الباب التاسع ـ دراسة وتحقيق ـ.
18
التوضيح والتبيين لمسائل العقد الثمين، لأبي الفوز السويدي (ت1246هـ) "من أول الباب التاسع إلى آخر الكتاب" ـ دراسة وتحقيق ـ. الباحث: عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله الشمسان.
19
جناية التأويل الفاسد على العقيدة الإسلامية.
20
جهود أبي الثناء الآلوسي في الرد على الرافضة، مع تحقيق ثلاث رسائل له في ذلك، وهي: 11 - الأجوبة العراقية على الأسئلة اللاهورية، 12 - نهج السلامة إلى مباحث الإمامة، 13 - النفحات القدسية في الرد على الإمامية.
21
جهود ابن القيم الجوزية في توضيح توحيد العبادة. الباحث: عبد الله حاج علي منيب
22
جهود شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في توضيح توحيد العبادة.
23
جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية.
24
جهود من أسلم من النصارى في كشف فضائح الديانة النصرانية.
25
الجوانب الاعتقادية في سورة الإسراء.
26
حقوق النّبيّ صلى الله عليه وسلم على أمته في ضوء الكتاب والسنة.
27
الحياة الآخرة ما بين البعث إلى دخول الجنة أو النار.
28
ذم الكلام وأهله، لأبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي (ت481هـ) "من بداية الجزء الثالث حتى نهاية الجزء الخامس" ـ دراسة وتحقيق ـ.
29
زيادة الإيمان ونقصانه وحكم الاستثناء فيه.
30
السنة، لأبي بكر أحمد بن محمد الخلال (ت311هـ) "الأجزاء الثلاثة الأولى" ـ دراسة وتحقيق ـ.
31
السنن الواردة في الفتن، لأبي عمرو الدّاني ـ دراسة وتحقيق ـ.
32
السيف المسلول على مبغض أصحاب الرسول (، لياسين بن مصطفى البقاعي (ت1095هـ) ـ دراسة وتحقيق ـ.
33
الصارم الحديد في عنق صاحب سلاسل الحديد، لأبي الفوز محمد السويدي (ت1246هـ) "من أول الكتاب إلى نهاية الأدلة على العصمة" ـ دراسة وتحقيق ـ.
34
الصارم الحديد في عنق صاحب سلاسل الحديد، لأبي الفوز محمد السويدي (ت1246هـ) "من مطاعن الرافضي في أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، والرد عليها إلى بيان عقيدة أهل السنة في الصحابة رضي الله عنهم" ـ دراسة وتحقيق ـ.
35
الصارم الحديد في عنق صاحب سلاسل الحديد، لأبي الفوز محمد السويدي (ت 1246هـ) القسم الثالث من الكتاب من بداية قول الرافضي "الفصل السادس: في الجواب عما احتج به القوم" إلى بداية قوله: "الفصل الثالث: في بيان ما اعتمد عليه القوم ـ دراسة وتحقيق ـ. الباحث: سعد بن خلوفة بن زارع العميري الشهري.
36
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/304)
طوائف المرجئة وموقف أهل السنة منهم.
37
عقائد الثلاث والسبعين فرقة، لأبي محمد اليمني ـ دراسة وتحقيق ـ.
38
عقيدة أهل السنة في الصحابة الكرام ـ رضي الله عنهم ـ.
39
العقيدة السلفية في مسيرتها التاريخية وقدرتها على مواجهة التحديات.
40
العقيدة في أهل البيت بين الإفراط والتفريط.
41
العلاقة بين التشيع والتصوف.
42
عيون الرسائل والأجوبة على المسائل، للشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ـ دراسة وتحقيق ـ.
43
القاضي عياض اليحصبي ومنهجه في العقيدة.
44
القياس الفاسد وأثره في الانحراف في العقيدة.
45
لوائح الأنوار السَّنِّية ولواقح الأفكار السُّنِّية بشرح قصيدة ابن أبي داود الحائية في عقيدة أهل الآثار السلفية، للسفاريني ـ دراسة وتحقيق ـ.
46
مباحث المفاضلة في العقيدة.
47
مختصر كتاب الحجة على تارك المحجة، لأبي الفتح نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسي (ت490هـ) ـ دراسة وتخريج وتحقيق ـ.
48
مسائل أصول الدين المبحوثة في علم أصول الفقه، عرض ونقد على ضوء الكتاب والسنة.
49
المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد ـ رحمه الله تعالى ـ في العقيدة ـ جمع وتحقيق ودراسة ومقارنة ـ.
50
مقالة التشبيه وموقف أهل السنة منها
51
منهاج القاصدين في فضل الخلفاء الراشدين، لابن قدامة المقدسي ـ دراسة وتحقيق ـ.
52
منهج ابن تيمية في مسألة التكفير.
53
منهج الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ في إثبات العقيدة.
54
منهج الإمام الشوكاني في العقيدة.
55
منهج الإمام مالك في إثبات العقيدة.
56
المهدي المنتظر عند الشيعة الإثني عشرية.
57
موقف أهل السنة والجماعة من أصحاب الأهواء والبدع.
58
النبوات، لابن تيمية ـ دراسة وتحقيق ـ.
59
النواقض للروافض، لمحمد بن عبد الرسول الحسيني الموسوي البرزنجي (ت1103هـ) ـ دراسة وتحقيق ـ.
60
الوجودية دراسة ونقد في ضوء الإسلام.
61
وسطية أهل السنة بين الفرق.
رسائل الماجستير
1
الآثار المروية عن أئمة السلف في العقيدة في كتاب "تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر" ـ جمعاً وتحقيقاً ودراسة ـ.
2
الآثار المروية عن الصحابة في التمسّك بالسنة والتحذير من البدع وأهلها ـ جمعاً وتوثيقاً ودراسة ـ. الباحث: ناصر علي خليفة محمد
3
الآثار الواردة عن أئمة السلف في توحيد الأسماء والصفات في تفسير ابن جرير الطبري ـ جمعاً ودراسة ـ.
4
الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز في العقيدة ـ جمع ودراسة ـ.
5
الآيات الدالة على الله تعالى وفق نهج القرآن ومذهب السلف.
6
أثر الإيمان في تحصين الأمة الإسلامية ضد الحركات الفكرية الهدامة
7
أصول السنة لأبي عبد الله محمد بن أبي زمنين ـ تحقيق وتخريج ودراسة ـ.
8
أصول العقيدة من خلال سورة (ق).
9
الأعياد وأثرها على المسلمين.
10
أفعال العباد بين أهل السنة ومخالفيهم.
11
الإلحاد وسبب انتشاره.
12
جهود الإمام القصّاب في بيان عقيدة السلف والرد على مخالفيها في كتابه "النكت".الباحث: حميد بن أحمد نعيجات
13
الإمامة عند الشيعة الاثني عشرية.
14
أهم عوامل انحراف النصرانية.
15
أوجه الشبه بين اليهود والرافضة في العقيدة.
16
الباطنيون في أندونيسيا.
17
البوذيّة تاريخها وعقائدها وعلاقة الصوفيّة بها.
18
البوهرة تاريخها وعقائدها.
19
بيان مباحث العقيدة في سورة مريم.
20
بين أبي الحسن الأشعري والمننتسبين إليه في العقيدة.
21
التبرك المشروع والممنوع.
22
تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي، عرض وتحليل على ضوء الكتاب والسنة.
23
التكفير والمكفرات.
24
التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع، لمحمد بن أحمد الملطّي (ت377هـ) ـ دراسة وتحقيق ـ.
25
التنجيم والمنجمون وحكم ذلك في الإسلام.
26
توحيد الألوهية أساس الإسلام.
27
الجامع لشعب الإيمان، للحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (458هـ) الشعبة التاسعة عشر، وهي باب في تعظيم القرآن الكريم ـ دراسة وتحقيق ـ.
28
الجامع لشعب الإيمان، للحافظ أبي بكر أحمد الحسين البيهقي (458هـ) من أول الكتاب إلى نهاية الشعبة السابعة ـ دراسة وتحقيق ـ.
29
الجامع لشعب الإيمان، للحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (458هـ) خمس شعب منه وهي: 1 - محبة النّبيّ (، 2 - تعظيم النّبيّ (، 3 - شح المرء بدينه، 4 - طلب العلم، 5 - نشر العلم ـ دراسة وتحقيق ـ.
30
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/305)
الجامع لشعب الإيمان، للحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت458هـ) ثلاث شعب منه، وهي: 1 - الخوف من الله تعالى،2 - الرجاء من الله جلّ جلاله، 3 - التوكل على الله عز وجلّ والتسليم لأمره تعالى وتقدّس ـ دراسة وتحقيق ـ.
31
الجامع لشعب الإيمان، للحافظ أبي بكر أحمد بن حسين البيهقي (ت458هـ) الشعبة الثامنة والتاسعة والعاشرة ـ تحقيق ودراسة ـ.
32
الجامع لشعب الإيمان، للحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (458هـ) أربع شعب، وهي: 1 - إخلاص العمل وترك الرياء، 2 - السرور بالحسنة والاغتمام بالسيئة، 3 - معالجة كل ذنب بالتوبة منه، 4 - القرابين والإبانة عن معناها ـ دراسة وتحقيق ـ.
33
جماعة من المفسرين بين التأويل والإثبات في آيات الصفات.
34
جمع الجيوش والدساكر على ابن عساكر، ليوسف بن حسن بن عبد الهادي المقدسي (ت909هـ) ـ دراسة وتحقيق ـ.
35
جهود أبي المظفر السمعاني في تقرير عقيدة السلف.
36
جهود الإمام أبي المعالي محمود شكري الآلوسي في نصرة عقيدة السلف.
37
جهود الإمام ابن أبي حاتم الرّازي في العقيدة.
38
جهود الإمام الأزهري اللغوي في تقرير العقيدة السلفية والرد على مخالفيها.
39
جهود الشاه إسماعيل بن عبد الغني بن الشاه ولي الله الدهلوي في توضيح عقيدة السلف في شبه القارة الهندية.
40
جهود الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تقرير عقيدة السلف.
41
جهود شيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على القبوريين مع تحقيق كتابه "الجواب الباهر في زوار المقابر".
42
الحجج الباهرة في إفحام الطائفة الكافرة الفاجرة (وهو في الرد على الرافضة) لجلال الدين الدواني (ت928هـ) ـ دراسة وتحقيق ـ.
43
حقيقة الجماعة الأحمدية في نيجيريا.
44
حماية الرسول (حمى التوحيد.
45
خصائص المصطفى (بين الغلو والجفاء عرض ونقد على ضوء الكتاب والسنة.
46
الخوف والرجاء في الكتاب والسنة.
47
الداعي والمدعي في علم الدّعاء، ليوسف بن الحسن بن عبد الهادي الصالحي (ت909هـ) ـ دراسة وتحقيق ـ.
48
الدعاء ومنزلته في العقيدة الإسلامية.
49
دلائل النبوة، لقوام السنة أبي القاسم إسماعيل بن محمد التيمي (ت535هـ) ـ دراسة وتحقيق ـ.
50
الذخائر لشرح منظومة الكبائر، لأبي العون السفاريني (ت1188هـ) -ـ دراسة وتحقيق ـ.
51
ذم الكلام وأهله، لأبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي (ت481هـ) "الجزء الأوّل والثاني" ـ دراسة وتحقيق ـ.
52
الرد على المبتدعة، لأبي علي الحسن بن أحمد بن البنا (ت471هـ) ـ دراسة وتحقيق ـ.
53
الرد على من أنكر الحرف والصوت، للشيخ الإمام أبي نصر عبد الله بن سعيد السجزي ـ دراسة وتحقيق ـ.
54
رسائل عبد الغني المقدسي في العقيدة ـ دراسة وتحقيق ـ.
55
رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب، لأبي الحسن الأشعري (ت324هـ) ـ دراسة وتحقيق ـ.
56
الرقى والتمائم وما ألحق بها.
57
السيف الباتر لأرقاب الشيعة الرافضة الكوافر، لعلي بن أحمد الهيتي (ت1029هـ) ـ دراسة وتحقيق ـ.
58
الشرك في القديم والحديث.
59
الشرك وأنواعه.
60
الشيخ أبو الوفاء الأمرتسري وجهوده في مقاومة الأديان والفرق الضالة.
61
الشيخ عبد الرحمن بن سعدي وجهوده في توضيح العقيدة.
62
الصافي عن الكدر فيما جاء عن سيد البشر في القضاء والقدر، لمحمد بن عبد الرسول البرزنجي ـ دراسة وتحقيق ـ.
63
صب العذاب على من سبّ الأصحاب، لمحمد شكري بن عبد الله الآلوسي ـ دراسة وتحقيق ـ.
64
الصفات الإلهية عند الفرق الإسلامية عبر العصور التاريخية.
65
ضوء الساري إلى معرفة رؤية الباري عز وجلّ، للحافظ أبي شامة عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم (ت665هـ) ـ دراسة وتحقيق ـ.
66
الطريقة الختمية دراسة وتحليل في ضوء الكتاب والسنة.
67
ظاهرة الغلو في الدين في العصر الحديث.
68
العصمة عند الشيعة الإمامية الاثني عشرية.
69
العقيدة الإسلامية وأثرها في بناء المجتمع.
70
عقيدة الرجعة عند الشيعة.
71
علم الغيب في العقيدة الإسلامية.
72
الغلو وأثره في عقائد الرافضة.
73
القاضي أبو يعلى وكتابه الإيمان "الجزء الأوّل" ـ دراسة وتحقيق ـ.
74
كتاب الإيمان، للحافظ محمد بن يحيى العدني (ت243هـ) ـ دراسة وتحقيق ـ.
75
كتاب العظمة، تأليف أبي الشيخ الأصبهاني أبي محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان (ت369هـ) ـ دراسة وتحقيق ـ.
76
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/306)
الكتاب اللطيف لشرح مذهب أهل السنة ومعرفة شرائع الدين والتمسك بالسنة، لعمر بن شاهين (ت385هـ) ـ دراسة وتحقيق وتخريج ـ.
77
الكشف المبدي لتمويه أبي الحسن السبكي تكملة الصارم المنكي، لمحمد بن حسين بن إبراهيم الفقيه " من أول الكتاب إلى نهاية الباب السابع" ـ دراسة وتحقيق ـ
78
الكشف المبدي لتمويه أبي الحسن السبكي تكملة الصارم المنكي، لمحمد بن حسين بن إبراهيم الفقيه (ت1354هـ) "القسم الثاني والأخير من الكتاب" ـ دراسة وتحقيق ـ.
79
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأنوار الأثرية شرح الدرة المضية في عقيدة الفرقة المرضية للسفاريني "من فصل في أمر المعاد حتى نهاية الكتاب " دراسة وتحقيق. الباحث: مبارك بن دبيان المطيري
80
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقيدة الفرقة المرضية للسفاريني "من الباب الثاني إلى نهاية أشراط الساعة" ـ دراسة وتحقيق ـ. الباحث: إسماعيل بن غصّاب بن سليمان العدوي
81
الماتريدية وموقفهم من الأسماء الصفات.
82
مباحث العقيدة في سورة الأنبياء.
83
مباحث العقيدة في سورة الزمر.
84
مباحث في العقيدة الإسلامية على ضوء سورة التكاثر.
85
محبة الله تعالى ورسوله في الكتاب والسنة.
86
محمد بن عثمان بن أبي شيبة وكتابه "العرش" ـ دراسة وتحقيق ـ.
87
مصادر النصرانية ـ دراسة ونقداً ـ.
88
مظاهر الانحرافات العقدية عند الصوفية وأثرها السيئ على الأمة الإسلامية.
89
مظاهر الانحراف في توحيد العبادة لدى بعض مسلمي أوغندا وسبل معالجتها على ضوء الإسلام.
90
منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله تعالى.
91
منهج الحافظ ابن حجر في العقيدة من خلال كتابه (فتح الباري).
92
منهج الحافظ ابن عبد البر في توحيد الأسماء والصفات.
93
منهج السلف والمتكلمين في موافقة العقل للنقل وأثر المنهجين في العقيدة.
94
منهج المعلمي وجهوده في تقرير عقيدة السلف.
95
موقف الرافضة من القرآن الكريم.
96
موقف الشيعة الإثني عشرية من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ.
97
موقف شيخ الإسلام ابن تيمية من الرافضة في "منهاج السنة".
98
موقف شيخ الإسلام ابن تيمية من قضية الصفات الإلهية.
99
النصيحة الإيمانية في فضيحة الملة النصرانية، للشيخ نصر بن يحيى بن عيسى المطبب المهتدي ـ دراسة وتحقيق ـ.
100
وجوب لزوم الجماعة وترك التفرق.
URL=http://www.iu.edu.sa/arabic/daleel/rasail/Browse/dawah/aqeedah/Munakash/Index.Htm] المصدر [/ URL]
ـ[خادمة العقيدة]ــــــــ[21 - 04 - 06, 09:11 م]ـ
الآثار الواردة عن أئمة السلف في توحيد الأسماء والصفات
في تفسير ابن جرير الطبري ـ جمعاً ودراسة ـ.
هل هذه طبعت
وأين طبعت
وكيف يمكن الحصول عليها
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟(28/307)
سؤال عن معاملة مالية
ـ[عصام البشير]ــــــــ[22 - 09 - 04, 02:18 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
سؤالي عن المعاملة التالية:
شخص يريد أن يشتري سيارة، فيقول له صاحب السيارة: أبيعك سيارتي بشرط أن تبيعني سيارتك وتزيدني قسطا من المال (أو بالعكس: أزيدك أنا - بحسب حالة السيارتين).
هل تدخل في باب اشتراط عقد في عقد؟
وعلى القول بجواز اشتراط عقد في عقد - وهو اختيار شيخ الإسلام وابن القيم وبعض المالكية - هل في هذه المعاملة محذور آخر؟
جزاكم الله خيرا.
ـ[حارث همام]ــــــــ[22 - 09 - 04, 08:29 م]ـ
الأخ الكريم ..
الذي يظهر أنه لاحرج في مثل هذه المعاملة، ما لم تكن الأعراض مما يجري فيه ربا الفضل.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[23 - 09 - 04, 07:37 م]ـ
(مدراسة)
على قول الجمهور هي باطلة.
وهي كما ذكرتم داخلة في مسألة عقدين في عقد أو صفقتين في صفقة أو بيعتين في بيعة.
وهي أيضا داخلة تحت مسألة بيع وشرط، على غير قول الحنابلة لان الشرط عندهم يصح إن كان واحدا اذا لم يكن بيعا او يشبهه كالاجارة وغيرها فتؤول الى مسألة البيعتين في بيعة.
ولايظهر ان فيها محذور آخر الا أن ينتبه الى ان السيارة لاتكون مجهولة الصفة والحال حتى لاتدخل في جهالة الثمن، لانها جزء منه.
ـ[ابراهيم العلي]ــــــــ[23 - 09 - 04, 10:38 م]ـ
الذي يظهر ان هذا ليس داخلا في مسألة عقدين في عقد = يظهر ذلك من اعادة تصوير المسألة بما يلي: شخص يقول لآخر ابيعك سيارتي بسيارتك و تزيدني الف او الفين ونحو ذلك، فهذا في الواقع عقد واحد، وعليه فالذي يظهر ان هذه الصورة جائزة
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[24 - 09 - 04, 09:21 ص]ـ
الأخ ابراهيم العلى وفقه الله.
العقدين في عقد، تصويرها وقع فيه خلاف شديد بين أهل العلم، فلا أدري ما تصوير المسألة عندكم، على العموم هذه المسألة داخلة ولاشك في عقدين في عقد عند الجمهور.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغنى: الثالث: ماليس من مقتضاه، ولا من مصلحته، ولاينافى مقتضاه، وهو نوعان .. والثاني:
أن يشترط عقدا في عقد، نحو أن يبيعه شيئا بشرط ان يبيعه شيئا آخر، أو يشترى منه، أو يزوجه، فهذا شرط فاسد يفسد به البيع.
وقال أيضا: في بيان بعيتين في بيعة: وهكذا كل ماكان في معنى هذا، مثل أن يقول:
بعتك داري هذه على أن تبيعنى دارك ........... ، ثم قال: وهذا قول أبي حنيفه والشافعي وجمهور العلماء.
قال في المجموع:
(فسر الشافعي وغيره من العلماء البيعتين في بيعة تفسيرين:
الثاني: أن يقول بعتكه بمائة مثلا على أن تبيعني دارك بكذا وكذا.
وعلى التقديرين البيع باطل بالاجماع) أنتهى.
والصورة المذكورة عقدين في عقد واحد فهما عقدا بيع في عقد واحد، ولا أحسن أن أقول هي جائزة أو محرمة لاننا لسنا من أهل العلم، لكن هذا باب من مذاكرة العلم ومدارسته.
ـ[عصام البشير]ــــــــ[27 - 09 - 04, 08:35 م]ـ
الإخوة الأفاضل بارك الله فيكم
الأخ المتمسك الحق
هل يمكن أن يقال إن هذه الصورة من باب اشتراط عقد في عقد لا من باب عقدين في عقد، والفرق بينهما مبسوط في كلام الشيخ المشيقح التالي:
----------------------------------------
---------------------------------------
ولابد أن نفهم مسألتين:
الأولى: مسألة اشتراط عقد في عقد.
والثانية: جمع عقدين في صفقة واحدة، فتجمع عقدين هذا لا بأس به، يعني تقول مثلاً: بعتك السيارة وأجرتك البيت بمائة ألف ريال، الآن جمعت بين البيع والتجارة بثمن واحد، هذا جائز يجوِّزه الحنابلة والمالكية، ....
فجمع عقدين في صفقة واحدة هذا جائز ولا بأس به وإذا أردنا التفريق بينهما نقسِّط الثمن.
لكن اشتراط عقد في عقد: المذهب أن هذا ممنوع.
مثاله: أن تقول: بعتك البيت بشرط أن تؤجرني سيارتك أو أجرتك السيارة بشرط أن تبيعني بيتك.
حكمه: كما أن الحنابلة يمنعونه؛ أيضاً هو قول أكثر أهل العلم وأنه لا يصح.
الدليل:
1 - قول النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: " لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ".
2 - وقالوا أيضاً: إن هذا هو بيعتان في بيعة الذي نهى عنه النَّبيّ r .
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيِّم وهو اختيار السعدي وقول عند المالكية وعند الحنابلة: أن هذا جائز ولا بأس به إلا إذا تضمَّن محظوراً شرعياً.
تضمَّن محظوراً شرعياً كما لو قال: أقرضتك بشرط أن تبيع لي، فهذا كما تقدَّم أنه داخل في منافع القروض المحرمة؛ أن يشترط الدائن على المدين منفعة لا يقابلها سوى القرض، وأيضاً قال النَّبيّ r : " لا يحل سلف وبيع " فهذا شرط عقد في عقد تضمَّن محظوراً شرعياً فلا يجوز؛ وهو أيضاً إخراج القرض عن موضوعه؛ فإن المراد بالقرض الإرفاق ووجه الله عزَّ وجل لا الكسب والتجارة.
وأيضاً كما لو قال: بعتك بشرط أن تزوجني، فنظير هذا: النهي عن الشغار وهو أن يقول: زوجتك بشرط أن تزوجني أو تزوج ابني، لأن الإنسان إذا قال: زوجتك بشرط أن تبيعني فإنه لا ينظر إلى مصلحة موليته وإنما ينظر لمصلحته هو، فمن باعه أو حابه زوجه.
الترجيح:
هذا القول هو الصواب؛ وان اشتراط عقد في عقد جائز ولا بأس به ما لم يتضمَّن محظوراً شرعياً، ونستدل على هذا بما ذُكر من الضوابط السابقة: أن الأصل في المعاملات والشروط فيها الحل.
وأما الشرطان اللذان نهى عنهما النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أو البيعتان في بيعة فهذا ابن القيِّم وشيخ الإسلام يحملانه على بيع العينة، فإن بيع العينة تضمَّن بيع مؤجَّل وبيع حاضر؛ وتضمَّن أيضاً الشرطين: شرط التأجيل وشرط الحلول.
-----------------------------------
-----------------------------------
انتهى كلام الشيخ المشيقح.
والرجاء منكم التعليق.
ومسألة ثانية:
لو أن الصورة المسؤول عنها ليس فيها اشتراط، وإنما باع سيارة بسيارة مع زيادة نقود، هل يكون فيها محذور.
وجزاكم الله خيرا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/308)
ـ[عصام البشير]ــــــــ[27 - 09 - 04, 08:53 م]ـ
أرجو من المشرف المبارك تعديل حرف r بجملة (صلى الله عليه وسلم)
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[27 - 09 - 04, 10:51 م]ـ
الأخ الحبيب المبارك / عصام البشير وفقه المولى وسدده.
العلماء رحمهم الله أذا أطلقوا مسألة عقدين في عقد أو بيعتين في بيعة، فهم يقصدون اشتراط عقد لتنجيز عقد وهذا بين بما ذكره الائمة رحمهم الله ومنهم الشافعي في الام وغيره. أما مسألة بيعتين مجموعتين في بيعة واحدة فيسمونها جمع عقدين.
حيث جرى تفسيرهم لصورة عقدين في عقد بأنه أشتراط عقد في عقد. فهذا الذي ينصرف اليه كلامهم حال اطلاق لفظة عقدين في عقد. أي بمعنى الاشتراط. وقد تكلموا في مسألة جمع العقدين في عقد واحد في محله والخلاف فيه أهون من الخلاف في مسألة الاشتراط وأخف.
وله صور منها ماهو ممنوع ومنها ما هو ظاهر الاباحة. أما الجمع بين عقدين كما في الصورة التى ذكرها الشيخ فالمشهور من المذهب جوازها وفيه وجه بالتحريم وعند الشافعيه فيه قولين كالوجهين عند الحنابلة، ومن الادلة عند المانعين قولهم أن العقود قد تختلف فقد يتضمن العقد بيعا وإجارة فيكون فاسدا لان الاول فيه الضمان بمجرد العقد بخلاف الثاني، وقد رد عليهم ابن قدامة رحمه الله بالقياس على بيع الشقص مع السيف فأن في الاول الشفعة دون الثاني. وهذا الرد ذكره الشيرازي في المهذب وابن قدامة ينقل منه كثيرا بالنص رحمة الله على الجميع.
الحاصل ان مسألة جمع عقدين في عقد واحد الخلاف فيه أهون والجمهور على جوازه وهو أظهر القولين ودليل المانع غير ظاهر، بخلاف مسألة العقدين في عقد فالخلاف فيها قوي، والنصوص فيها حاضرة، والخلاف أذا كان في تفسير معنى النص وبيان مراده كان من مزالق الفهوم، ومحارات العقول، خاصة مع خلو القرائن وضعف الشواهد او عدمها، وهناك مسألة مهمة في المنع من العقدين في عقد، كثيرا ما يُغفل عنها وهي ما أشار اليه الشافعي عندما ذكر تحريم أشتراط عقد في عقد فقال رحمه الله:
(ولا خير في أن ابيعك تمرا بعينه ولا موصوفا بكذا على أن تبتاع مني تمرا بكذا، و هذا بيعتين في بيعة، لأني لم أملك هذا بثمن معلوم إلا وقد شرطت عليك في ثمنه ثمنا لغيره، فوقعت الصفقة على ثمن معلوم وحصة في هذا البيع مجهولة، وكذلك وقعت في البيع الثاني، والبيوع لا تكون الا بمثن معلوم) اهـ.
لكن هذا التعليل مشكل فهل يقال أذا بينا الثمن في السلعتين قبل الشروع في العقد والاشتراط يصح حينها البيع؟ وهل هذا التعليل متفق عليه؟ فأن المبيح قد يقول ان اشتراط العقد الثاني ليس له علاقة بالثمن لانه واقع على اشتراط بيع آخر بثمنه فالمشترط هو الموافقة على البيع.
وكلام الشافعي يجعل بيعتين في بيعة علة تحريمه الجهالة الحاصلة في جزء من الثمن فأن السلعة لايعرف الا جزء من ثمنها وجهل الباقي.
أما قولكم: أن الصورة المسؤول عنها ليس فيها اشتراط، وإنما باع سيارة بسيارة مع زيادة نقود، هل يكون فيها محذور.
فهذه الصورة الاصل فيها الجواز بشرط عدم الجهالة بحال السيارتين لانهما جزء من الثمن. ولايظهر محذور غير هذا.
ـ[عصام البشير]ــــــــ[28 - 09 - 04, 02:29 م]ـ
شفيتم وكفيتم، كما هو معهود عنكم.
أحسن الله إليكم أيها الشيخ الفاضل.
ـ[ابراهيم العلي]ــــــــ[28 - 09 - 04, 11:57 م]ـ
عزيزنا المتمسك بالحق:
الذي يظهر ان الصورة التي ذكرها اخونا عصام ليست داخلة في عقدين في عقد حسب الصورة التي نقلتها عن العلامة ابن قدامة رحمة الله لأنه على الصورة التي ذكرها العلامة ابن قدامة رحمة الله تكون الصورة كالتالي ابيعك سيارتي بعشرين الف على ان تبيعني سيارتك بخمسة عشر الف ريال
واما الصورة التي ذكرها اخونا عصام فهي سيارة والعوض سيارة ومال نقدي فأين العقد الآخر؟ واين ايضا البيع والشرط؟!!!!!!!
ويتضح الفرق من التأمل في آثار كل صورة
ولذا فلعل الظاهر انها ليست من عقدين في عقد (ولا احسن ان اقول هي داخلة بلا شك في عقدين في عقد او غير داخلة بلا شك، فنحن نتدارس ولسنا من اهل العلم؟؟؟؟؟؟!!!!!!)
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[29 - 09 - 04, 12:47 ص]ـ
الأخ الفاضل أبراهيم العلى وفقه الله.
أما قولى: (ولا احسن ان اقول هي داخلة بلا شك في عقدين في عقد او غير داخلة بلا شك، فنحن نتدارس ولسنا من اهل العلم)، فالمقصد منه الاشارة الى قولكم: (وعليه فالذي يظهر ان هذه الصورة جائزة).
لان طالب العلم ينبغى ان يتحرج من الفتوى، ولايقول هذا جائز وهذا محرم الا بيقين، و طالب العلم من اورع الناس كلاما في الحلال والحرام، ولما رأيت كلامك هذا وقولك ان هذه الصورة جائزة، والناس تطالع هذا الملتقى وتنقل منه، والصورة المسؤول عنها ليست بالحادثة بل هي قديمة وكلام اهل العلم فيها مبسوط بل لايختلف اثنان منهم في أنها من جنس العقدين في عقد، وإن وقفت على من خالف فهاته بارك الله فيك.
فأحببت ان انبهكم بالتلميح، رفقا بكم ومحبة فيكم، لاننا نحب لكم ما نحب لنفسنا.
فهذا المغزى من ذكرى لهذه العبارة. ولذلك ترى اننا نتحدث عن اوجه المنع و اوجه الاباحة وتكييف الصورة.
أما قولكم وفقكم الله: (سيارة والعوض سيارة ومال نقدي فأين العقد الآخر؟ واين ايضا البيع والشرط).
فأقول أما الشرط فهو واضح فالبيع علق بشرط بيع آخر , فلا يبيع السيارة حتى يبيعه الاخر سيارته. فهذا شرط وقع في العقد. فلو لم يرد الاخر ان يبيع سيارته لم يتم البيع.
وعلى العموم مسألة بيع وشرط قول شيخ الاسلام فيها هو الموافق للنصوص الجامع بين المختلف منها.
أما فهمكم لكلام أهل العلم فلعلكم تراجعون كلام النووي رحمه الله وكلام الشافعي المذكور آنفا بل لو رجعتم الى كلام ابن قدامة في المغنى - لانني نقلت طرفا منه لطوله - لوجدتموه نص على هذا ولا أعلم من قال بما يشبه قولكم أحد من أهل العلم وهذا ليس جزم بالعدم، فلعلكم تتكرمون بذكر قال بقولكم أو من فهم ما يشبه فهمكم من أهل العلم.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق في الدنيا والآخرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/309)
ـ[ابراهيم العلي]ــــــــ[29 - 09 - 04, 07:00 م]ـ
عزيزنا المتمسك بالحق: ما ذكرتموه من انه ينبغي لطالب العلم الاحتياط في التحليل والتحريم فأشكركم عليه، ولست من اهل الفتيا وانما اردنا ان نتدارس العلم مع اخواننا من امثالكم، فشكر الله لكم لطفكم في التنبيه ثم غفر لي و لكم
و اما قولكم
(فأقول أما الشرط فهو واضح فالبيع علق بشرط بيع آخر , فلا يبيع السيارة حتى يبيعه الاخر سيارته. فهذا شرط وقع في العقد. فلو لم يرد الاخر ان يبيع سيارته لم يتم البيع)
فاقول ليس في الامر سوى ان صاحب السيارة الاولي او البائع قد اختار ان يكون العوض سيارة من المشتري ومالا نقديا، ومثل هذا لو رفض صاحب السيارة ان يبيع سيارته الا بالدولار ات التي بيد المشتري، فهل يكون هذه الصورة عقدين في عقد،؟!
وكما ذكرت سابقا فالآثار المترتبة على الصورة التي ذكرها العلامة ابن قدامة تختلف عن آثار الصورة التي نحن فيها،
واخير ارجو من عزيزنا المتمسك بالحق المعذرة ان بدر مني مالا يحسن
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[29 - 09 - 04, 08:48 م]ـ
الأخ الحبيب المبارك (أبراهيم العلى)، جزاك الله خيرا على كريم خلقك ولطيف قولك.
والمسألة كما ذكرت لك من أمهات مسائل البيوع والتنازع فيها عظيم، ولذلك فلعلى اذكر فيها ما يحضرني و أعذرني ان حصل تطويل وتقصير (تطويل في العبارة وتقصير في البيان)، و سوف اتعجل سرد ما عندي على غير خطة لقرب وقت الصلاة.
فأقول أصل المسألة الخلاف في فهم قوله صلى الله عليه وسلم في أحاديث متعددة والمعنى واحد في نهيه صلى الله عليه وسلم: عن بيعيتن في بيعه. وهذا الحديث صحيح الاسناد صححه الترمذي وغيره وقال الترمذي والعمل عليه عند أهل العلم.
وجاء في الحديث الآخر نهى رسول الله عن بيعيتن في بيعة وعن بيع وسلف. وهذا العطف قد يفيد التغاير بين البيع والسلف والبيعيتن في بيعة. بخلاف من جعلهما في معنى واحد ويأتي بيانه ان شاء الله.
أما حديث من باع بيعتين في بيعه فله أوكسهما او الربا فالحديث فيه ضعف وقد نشر الكلام عليه في هذا الملتقى قريبا.
اولا: وقع الاجماع على العمل بهذه الاحاديث وهي صريحة في المنع لكن مكمن الخلاف في تفسير معنى بيعتين في بيعه.
أما أشهر التفاسير كما ذكر النووي ونقلنها في الرد السابق وهذا التفسير هو الذي عليه أهل الحديث وهو ان بيعتين في بيعه هو بمعنى ان يقول بعتك هذه السيارة بالف حاضرة او الفين مقسطة؟؟
وينصرفان وقد تم البيع دون تحديد ايهما هو المتفق عليه وهذا جهالة في الثمن؟ وقد نص عليه الامام مالك في الموطأ (في صورة تشبهه)، وإن كان نص على الكراهة فيه لكن الاظهر انها بمعنى التحريم.
وقد نص عليه النسائي في سننه، والترمذي في سننه. ونقل ابن قدامة عن جماعة من السلف هذا التفسير.
وبعض العلماء لم يمنع من هذه الصورة وهذا يروى انه وجه عند الحنابلة وفي كونه وجه عندهم شئ من النظر ليس هذا محله.
والشيخ ابن عثيمين كما في الممتع: ضعف هذا التفسير للحديث وجعل البيع بهذه الصورة صحيح وفسر بيعتين في بيعة على انها بيع العينة.
المعنى الثاني لاحاديث النهى عن بيعيتن في بيعة هو انها اشتراط عقد في عقد كما هي الصورة التى معنا وعليه كثير من أهل العلم كما هو تفسير الحنفيه وكما نقله ابن قدامة ونقله النووي ونقله الترمذي عن السافعي وهو منصوصه في الام.
والشافعي كما تقدم علله بالجهالة في الثمن وبعضهم كالشوكاني جعله من جنس بيع وشرط، فهذه اشهر المعاني لحديث بيعتين في بيعة.
وجاءت احاديث في النهي عن الجمع بين سلف وبيع، وهذا الحديث واضح الدلالة وهو يدخل في تفسير حديث (بيعتين في بيعة) على المعنى الثاني، وقد نقل الاجماع على العمل بظاهره غير واحد من أهل العلم كابن قدامة وغيره.
وجاءت احاديث في المنع من شرطين في بيع واحد.
وجاء النهي عن بيع وشرط، وجاء النهي عن صفقتين في صفقة فجعلهما بعض أهل العلم بمعنى بيعتين في بيعة وبعضهم جعلهما بمعنى بيع وشرط بل جعل بعض اهل العلم كل الصور المتقدمة على معنى واحد وهو (بيعتين في بيعه).
هذا إجمال حول المسألة المستفاد منه غموض المسألة وترددها بين معاني متكاثرة.
أما ماقولكم: (ومثل هذا لو رفض صاحب السيارة ان يبيع سيارته الا بالدولار ات) فأذا كانت تقصد - وهذا الذي افهمه - أنه يشترط ان يحول الثمن الذي معه وهو بالريالات الى دولارات فهذا بيع وصرف وهو ممنوع عند الجمهور. لانه بيعيتن في بيعه فالصرف من جنس البيع.
أما قولكم وفقكم الله: (ليس في الامر سوى ان صاحب السيارة الاولي او البائع قد اختار ان يكون العوض سيارة من المشتري ومالا نقديا).
هو لم يختار بارك الله فيك بل (أشترط عليه البائع) أن يكون العوض سيارة المشترى فهذا بيع وشرط، وبيعيتن في بيعه على تفسير.
فلا حظ أخي الكريم أنه أشترط ليصح بيعه، ان يبيعه المشترى سيارته! ولو قال له المشترى انا اعطيك ثمن سيارتك سيارتي والف ريال وشماغي و محلي فهذا جائز لانه عوض بعوض.و لأن البائع لم يشترط هذه المعاوضة، بخلاف الصورة التى معنا حيث اشترط لاتمام البيع ان يبيعه الاخر سيارته والفرق بينهما كبير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/310)
ـ[ابراهيم العلي]ــــــــ[30 - 09 - 04, 01:24 ص]ـ
عزيزنا المتمسك الحق:
جزاك الله خيرا على لطفك، واحسن الله اليك على هذا التلخيص الطيب الموفق لهذه المسألة الكبيرة
عزيزنا قلتم بارك الله فيكم (أما ماقولكم: (ومثل هذا لو رفض صاحب السيارة ان يبيع سيارته الا بالدولار ات) فأذا كانت تقصد - وهذا الذي افهمه - أنه يشترط ان يحول الثمن الذي معه وهو بالريالات الى دولارات فهذا بيع وصرف وهو ممنوع عند الجمهور. لانه بيعيتن في بيعه فالصرف من جنس البيع.) فأقول
غفر الله لكم لم اقصد ذلك بل افترضتُ ان المشتري عنده ريالات وعنده دولارات فاختار البائع ان يكون عوض سيارته الدولارت وليس الريالات، وقد نقول بدلا من لفظ اختار البائع = واشترط البائع ان يكون عوض سيارته الدولارات، فهل هذا من بيعتين في بيعة على اي تفسير من التفاسير المنقولة عن اهل العلم؟! لا اظن ذلك، لأن الواقع ان جميع البيوع هكذا =يختلف المتبايعان في نوع الثمن وفي صفته ومقداره، وكثيرا ما يرضخ المشتري لرغبة البائع في نوع الثمن وصفته ومقداره
وما الفرق بين ان يكون البائع هو الذي اختار العوض، او ان يكون المشتري؟
وقد قلتم ما نصه
(ولو قال له المشترى انا اعطيك ثمن سيارتك سيارتي والف ريال وشماغي و محلي فهذا جائز لانه عوض بعوض.و لأن البائع لم يشترط هذه المعاوضة، بخلاف الصورة التى معنا حيث اشترط لاتمام البيع ان يبيعه الاخر سيارته والفرق بينهما كبير.) وما رأيكم لو قلبنا هذه الصورة وقلنا = لو قال المشتري للبائع: بعني سيارتك على ان اعطيك سيارتي والف ريال، فهل هذا من بيعتين في بيعه؟ ام انه من بيع وشرط؟! ام ان هذه الصورة ليست من هذا ولا ذاك
كما ارجو رجاء خاص ان تبينوا لي الفرق بين الصورة التي قلتم فيها (ولو قال له المشترى انا اعطيك ثمن سيارتك سيارتي والف ريال وشماغي و محلي فهذا جائز لانه عوض بعوض.و لأن البائع لم يشترط هذه المعاوضة، بخلاف الصورة التى معنا حيث اشترط لاتمام البيع ان يبيعه الاخر سيارته والفرق بينهما كبير.) وبين ما نحن فيه؟!!
(وارجو ملاحظة همزة ابراهيم) ولكم مني وافر الشكر والاحترام.(28/311)
إشكالان في باب الإقامة والأذان
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[25 - 09 - 04, 06:22 م]ـ
ايها الحنابلة الكرام بحثت في أكثر المصادر التي بيدي من كتب الحنابلة في مسألة الدعاء بعد الأذان بقول "اللهم رب هذه الدعوة التامة ....... " هل يقال هذا الذكر بعد الإقامة أيضا؟؟ لم أر من صرح به لكن في بعض كتب الأصحاب يقولون "بعد فراغ المؤذن " وفي بعضها يقولون هذا الذكر بعد تسويتهم بين الأذان والإقامة في ترديد السامع خلف المؤذن مما يوهم أن حكمهما سواء في هذا الذكر أيضا فهل عند أحد كلام واضح في هذه المسألة؟ ثم أيضا هم يستحبون الدعاء بعد الذكر الذي بعد الأذان وهذا لاإشكال فيه لكن المشكل قولهم في استحباب الدعاء "وعند إقامة " ففي شرح غاية المنتهى قال "بعد فراغ إقامة "وهكذا في بعض الكتب وفي الفروع قال "لابعدها " وانا أعلم أن احمد سئل"هل تقول شيئا بعد الإقامة؟ فقال "لا إذ لم يرد" مع انهم يقولون عن الدعاء بعد الإقامة "فعله أحمد ورفع يديه " فمن يتكرم بحل هذين الإشكالين بارك الله فيكم؟؟؟
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[25 - 09 - 04, 10:37 م]ـ
؟؟؟
ـ[منيرة]ــــــــ[26 - 09 - 04, 05:16 ص]ـ
عند الحنابلة أن الأذان يتناول الإقامة ايضا .. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ما بين كل اذانين صلاة فكل ما يقال عند الأذان يقال عند الاقامة نبه الى ذلك ابن عثيمين في الممتع
ـ[أبوالمنهال الآبيضى]ــــــــ[26 - 09 - 04, 06:04 ص]ـ
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في ((الشرح الممتع)) (2/ 74): " وقول المؤلِّف: «يُسَنُّ لسامعه»، أي لسامع الأذان فيشمل الذَّكر والأُنثى، ويشمل المؤذِّن الأول والثاني إذا اختلف المؤذِّنُون.
فيجيب الأول ويجيب الثَّاني؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذِّن فقولوا مثل ما يقول» ثم هو ذِكْرٌ يُثاب الإنسان عليه ".
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[26 - 09 - 04, 10:36 ص]ـ
الأخ الفاضل الحنبلي السلفي يتكلم عن الذكر المشروع بعد الاقامة وهو الدعاء المشهور (اللهم رب هذه الدعوة ... الخ).
أما مطلق الترديد و المتابعه فهذا مما لا يشك حنبلي انه مذهبه لشهرته.
أما فيما يتعلق بالدعاء المذكور فهو سنة عند الاصحاب نص على هذا ما لا احصى منهم لان الاقامة نداء وهذا الذكر شرع بعد النداء.
وراجع شرح الاقناع وشرح المنتهى فقد تجدهم نصوا عليه لاني بعيدٌ عن داري.
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[27 - 09 - 04, 12:56 ص]ـ
أعادك الله سالما إلى دارك وقد راجعتهما وراجعت غيرهما لكن لم أجد التصريح بالإقامة اللهم إلا أن يفهم من عموم كلامهم لكن المشكل قول أحمد عن الذكر بعد الإقامة "لم يرد" فأرجو حل هذين الإشكالين كما أرجو من المشاركين حسن فهم السؤال وعدم التسرع في الرد؟
ـ[أبوالمنهال الآبيضى]ــــــــ[27 - 09 - 04, 01:31 ص]ـ
أخي الفاضل أنا أفهم ما تريد والحمد لله - تعالى -، وإنما نقلت كلام الشيخ دفعاً للإيهام من كلام الأخت الفاضلة.
ـ[عبدالمجيد الغيث]ــــــــ[29 - 09 - 04, 03:20 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
وأتذكر انني سمعت الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى في برنامج نور على الدرب قد أفتى أنه يشرع الترديد خلف الإقامة مثل الأذان.
والسلام عليكم ورحمة الله(28/312)
كيفية التوفيق بين ما كتبه الله من آجال العباد وما جاء في فضل صلة الرحم؟
ـ[عبدالرحمن العلي]ــــــــ[01 - 10 - 04, 07:07 ص]ـ
قال صلى الله عليه وسلم:
(من سره أن يبسط له في رزقه، أو ينسأ له في أثره، فليصل رحمه). رواه البخاري
السؤال: كيف نوفق بين ما جاء في الحديث من إطالة عمر واصل الرحم وبين ما كتبه الله تعالى أو أمر به ملائكته من كتابة أجل المرء حين نفخ روح كما في حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه؟
ـ[بو الوليد]ــــــــ[02 - 10 - 04, 06:13 م]ـ
أخرج البخاري (5986) ومسلم (6471) من طريق ابن شهاب عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه".
قال النووي: ... وبسط الرزق توسيعه وكثرته، وقيل البركة فيه، وأما التأخير في الأجل؛ ففيه سؤال مشهور، وهو أن الآجال والأرزاق مقدرة، لا تزيد ولا تنقص: (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون).
وأجاب العلماء بأجوبة:
الصحيح منها:
أن هذه الزيادة بالبركة في عمره، والتوفيق للطاعات، وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة، وصيانتها عن الضياع في غير ذلك.
والثاني:
أنه بالنسبة لما يظهر للملائكة، وفي اللوح المحفوظ، ونحو ذلك، فيظهر لهم في اللوح أن عمره ستون سنة إلا أن يصل رحمه، فإن وصلها زيد له أربعون، وقد علم الله سبحانه وتعالى ما سيقع له من ذلك، وهو من معنى قوله تعالى: (يمحو الله ما يشاء ويثبت) الآية. فيه النسبة إلى علم الله تعالى وما سبق به قدره، ولا زيادة بل هي مستحيلة. وبالنسبة إلى ما ظهر للمخلوقين تتصور الزيادة، وهو مراد الحديث.
والثالث: أن المراد بقاء ذكره الجميل بعده، فكأنه لم يمت، حكاه القاضي وهو ضعيف أو باطل. والله أعلم.
وقد ذكر السيوطي في الدر المنثور آثاراً كثيرة في تفسير قوله تعالى: ( .. يمحو الله ما يشاء ويثبت .. ) الآية 39 من سورة الرعد، فلتراجع للفائدة.
والمسألة تحتاج لتحرير، ولعل الإخوة يفيدونا بما لديهم، وفق الله الجميع، والله أعلم.
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[02 - 10 - 04, 11:58 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخواني في الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود أن أشارككم في تأمل الحديثين وبعض لآيات التي تتعلق بهذا الموضوع مثل قوله تعالى (فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ) (النحل: 61)
فأنقل لكم ما ذكره بن حجر رحمه الله في فتح الباري وهوما يلي:
قال بن التين ظاهر الحديث يعارض قوله تعالى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون والجمع بينهما من وجهين
أحدهما أن هذه الزيادة كناية عن البركة في العمر بسبب التوفيق إلى الطاعة وعمارة وقته بما ينفعه في الآخرة وصيانته عن تضييعه في غير ذلك ومثل هذا ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم تقاصر أعمار أمته بالنسبة لأعمار من مضى من الأمم فأعطاه الله ليلة القدر وحاصله أن صلة الرحم تكون سببا للتوفيق للطاعة والصيانة عن المعصية فيبقى بعده الذكر الجميل فكأنه لم يمت ومن جملة ما يحصل له من التوفيق العلم الذي ينتفع به من بعده والصدقة الجارية عليه والخلف الصالح
ثانيهما أن الزيادة على حقيقتها وذلك بالنسبة إلى علم الملك الموكل بالعمر وأما الأول الذي دلت عليه الآية فالبنسبة إلى علم الله تعالى كأن يقال للملك مثلا أن عمر فلان مائة مثلا أن وصل رحمه وستون إن قطعها وقد سبق في علم الله أنه يصل أو يقطع فالذي في علم الله لا يتقدم ولا يتأخر والذي في علم الملك هو الذي يمكن فيه الزيادة والنقص واليه الإشارة بقوله تعالى يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب فالمحو الاثبات بالنسبة لما في علم الملك وما في أم الكتاب هو الذي في علم الله تعالى فلا محو فيه البتة ويقال له القضاء المبرم ويقال للأول القضاء المعلق والوجه الأول أليق بلفظ حديث الباب فإن الأثر ما يتبع الشيء فإذا أخر حسن أن يحمل على الذكر الحسن بعد فقد المذكور
وقال الطيبي الوجه الأول أظهر واليه يشير كلام صاحب الفائق قال ويجوز أن يكون المعنى أن الله يبقي أثر واصل الرحم في الدنيا طويلا فلا يضمحل سريعا كما يضمحل أثر قاطع الرحم
ومن هذه المادة قول الخليل عليه السلام واجعل لي لسان صدق في الآخرين
وقد ورد في تفسيره وجه ثالث فأخرج الطبراني في الصغير بسند ضعيف عن أبي الدرداء قال ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم من وصل رحمه أنسىء له في أجله فقال إنه ليس زيادة في عمره قال الله تعالى فإذا جاء أجلهم الآية ولكن الرجل تكون له الذرية الصالحة يدعون له من بعده وله في الكبير من حديث أبي مشجعة الجهني رفعه إن الله لا يؤخر نفسا إذا جاء أجلها وإنما زيادة العمر ذرية صالحة الحديث وجزم بن فورك بأن المراد بزيادة العمر نفي الآفات عن صاحب البر في فهمه وعقله وقال غيره في أعم من ذلك وفي وجود البركة في رزقه وعلمه ونحو ذلك انتهى كلامه رحمه الله
وقال ابن عثيمين رحمه الله عند شرحه حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه في مجموع فتاوى و رسائل – المجلد الخامس
قوله، صلىالله عليه وسلم: "فيؤمر بكتب أربع كلمات: رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد". يرد فيه إشكال حيث جاء في حديث النبي، صلىالله عليه وسلم: "من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه". فيفهم منه أن الأجل يتمدد.
والجواب: أنه محدد، وأن من كتب له أن يموت في مدة معينة فإنه لا يتعداها ولا ينقص عنها، وأن من وصل رحمه فقد كتب له في الأصل أنه واصل وأن أجله محدود، والفائدة من قوله عليه الصلاة والسلام: "من أحب" هي حث الناس على صلة الرحم، ليكتب له هذا كغيره من الأسباب التي تترتب عليها مسبباتها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/313)
ـ[بو الوليد]ــــــــ[03 - 10 - 04, 08:30 م]ـ
وقال القرطبي في المفهم (6/ 528):
وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (من سرّه أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره؛ فليصل رحمه):
بسط الرزق: سعته وتكثيره والبركة فيه.
والنسء: التأخير، والأثر: الأجل، سمي بذلك لأنه تابع الحياة.
ومعنى التأخير هنا في الأجل _ وإن كانت الآجال مقدرة في علم الله لا يزاد فيها ولا ينقص _ أنه يبقى بعده ثناء جميل، وذكر حميد، وأجر متكرر، فكأنه لم يمت، وقيل معناه: يؤخر أجله المكتوب في اللوح المحفوظ، والذي في علم الله ثابت لا تبديل له، كما قال تعالى: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) الآية 39 من سورة الرعد. أي أصل المكتوب في اللوح المحفوظ هو علم الله تعالى الذي لا يقبل المحو ولا التغيير، حكي معناه عن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - في الآية.
وقال ابن هبيرة في الإفصاح عن معاني الصحاح (5/ 14):
وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "أو ينسأ له في أثره" إنما زادت صلة الرحم في العمر لأنه إذا جماعة من ذوي رحمه كان حفظ أعمارهم بسببه؛ فكأنه قد طال عمره بطول تلك الأعمار؛ لأنه من القوم.
والحقيقة أن أكثر الأقوال التي اطّلعت عليها فيها نوع تكلف وتناقض، فكل من شرح الحديث أقر زيادة المال بسبب صلة الرحم أو حلول البركة فيه، ولكن عند العمر؛ فإن كلام العلماء يتغير، فهل من قرينة تحمل التأخير للأجل في الحديث (والتي عيارتها في غاية الوضوح والبيان) على البركة في العمر وغير ذلك؟؟
وما المانع من حملها على ظاهرها، حيث إن اللفظة واضحة وهي "أو ينسأ له في أثره"، فلو كان المراد البركة في العمر؛ فلماذا لم يقل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يبارك له في عمره؟؟!!
ويكون التغيير في اللوح المحفوظ كما ذكر القرطبي رحمه الله تعالى في القول الثاني بقوله (وقيل معناه: يؤخر أجله المكتوب في اللوح المحفوظ، والذي في علم الله ثابت لا تبديل له، كما قال تعالى: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) الآية 39 من سورة الرعد. أي أصل المكتوب في اللوح المحفوظ هو علم الله تعالى الذي لا يقبل المحو ولا التغيير، حكي معناه عن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - في الآية.).
فإذا أقررنا جواز الزيادة في المال، وهو مما لا ينبغي أن يكون حوله جدال، وهو أيضاً مما يكتبه الملك للعبد وهو في بطن أمه، كما في حديث ابن مسعود 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -، فكذلك العمر والأجل، ومنه دعاء النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأنس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - بطول العمر والبركة في الرزق، فإذا كان التأخير في الأجل لا يقع البتهْ؛ فكيف يصح منه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هذا الدعاء؟! وكيف يسأل ربه ما لا ينبغي أن يكون؟!
وأما الاستدلال في منع وقوع التأخير في الأثر بقوله تعالى: (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون)، فلا منافاة بينها وبين الحديث، لأن الاجل الآخر هو الاجل الحقيقي، أو نقول بأن الأجل المكتوب في أم الكتاب هو الأجل الحقيقي، وأما الذي في اللوح وغيره، فهو مما يمحو الله منه ما يشاء ويثبت.
والمسألة تحتاج لمزيد تحرير.
والله أعلم.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[03 - 10 - 04, 08:36 م]ـ
للشوكاني رحمه الله رسالة في هذا الباب طبعت بتحقيق مشهور حسن.
ـ[بو الوليد]ــــــــ[04 - 10 - 04, 04:02 ص]ـ
شيخنا الفاضل أبا عمر وفقك الله المولى، وجعل عاقبتك الحسنى.
أرجو منك ذكر اسم الرسالة، وإن أمكن وضع ما رجحه الشيخ رحمه الله تعالى.
وجزاك الله خيراً.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[04 - 10 - 04, 09:33 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وجعلنا وإياكم من أهل الفردوس الأعلى
أما أسم الرسالة فهو (تنبيه الأفاضل على ما ورد في زيادة العمر ونقصانه من الدلائل) وقد طبعت في دار ابن حزم عام 1410 بتحقيق مشهور حسن سلمان، وقد طبعها كذلك صبحي حلاق في فتاوى الشوكاني
وأما رأي الشوكاني في هذا الرسالة فهو يذهب إلى أن الأحاديث الواردة في ذلك على ظاهرها وأن الله يمحو ما يشاء ويثبت، وأن فعل صلة الرحم سبب يزيد الله به العمر
قال رحمه الله في هذه الرسالة ص 31 - 32
(فإعمال بعض ما ورد في الكتاب والسنة وإهمال البعض الآخر ليس كما ينبغي، فإن الكل ثابت عن الله عز وجل وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم والكل شريعة واضحة وطريق مستقيمة والجمع بما لاإهمال فيه لشيء من الأدلة وبيانه أن الله تعالى كما علم أن العبد يكون له في العمر كذا وكذا ومن الرزق كذا وكذا وهو من أهل السعادة والشقاوة قد علم أنه إذا وصل رحمه له في الأجل كذا وبسط له من الرزق كذا وصار في أهل السعادة بعد أن كان في أهل الشقاوة أو صار في أهل الشقاوة بعد أن كان في أهل السعادة وهكذا قد علم ما ينقصه للعبد كما علم أنه إذا دعاه واستغاث به والتجأ إليه صرف عنه الشر ودفع عنه المكروه وليس في ذلك خلف ولامخالفة لسبق العلم بل فيه تقييد المسببات بأسبابها كما قدر الشبع والروي بالأكل والشرب وقدر الولد بالوطء وقدر حصول الزرع بالبذر فهل يقول عاقل بأن ربط هذه المسببات بأسبابها يقتضي خلاف العلم السابق أو ينافيه بوجه من الوجوه) انتهى.
وهناك رسالة كذلك ليوسف بن مرعي الحنبلي اسمها (إرشاد ذوي العرفان لما للعمر من الزيادة والنقصان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/314)
ـ[بو الوليد]ــــــــ[04 - 10 - 04, 04:21 م]ـ
شيخنا أبا عمر، جزاك الله خيراً.
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[07 - 10 - 04, 04:04 ص]ـ
للأستاذ الدكتور سليمان الدبيخي كتاب بعنوان أحاديث العقيدة التي يوهم ظاهرها التعارض في الصحيحين، دراسة وترجيح. وقد ذكر هذه المسألة وقام بدراستها وذكر أقوال أهل العلم فيها وكتابه مطبوع وهو رسالة ماجستير من جامعة أم القرى
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[07 - 10 - 04, 12:04 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد
اخوتي الاعزاء: لا تعارض بين الحديث وما يكتب من عمر الانسان ورزقه واجله
اولا: يجب على المسلم التسليم لما قال الله ورسوله.
ثانيا: يجب ان يعلم المسلم ان صفات الله هي الكمال فعلمه احاط بكل شيء ,وحكمته في كمال الحكمة ,فالله يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن ان لو كان كيف يكون, فالله عز وجل يزيد في عمر من يصل رحمه , وهو يعلم قبل ان يخلقه ان هذا العبد سيصل رحمه, فيكتبه له كم سيعمر, لان الذي هو مكتوب هو ما سيكون.
فليس شيء على علم الله محدث بل يعلم كل شيء ولا يخفى عليه شيء عز وجل.
يعني ذلك ان من يصل رحمه لو أنه لم يكن ليفعل لكتب الله له عمر اقل.
والله تعالى اعلم
ـ[عبدالرحمن العلي]ــــــــ[09 - 10 - 04, 01:08 م]ـ
مشايخنا الفضلاء .... أبوالوليد ... أبوعبدالرحمن الشهري ... عبدالرحمن الفقيه .... أحمد القصير .... مجدي أبوعيشه:
شكر الله لكم وجعل هذه الدرر الثمينة في موازين حسناتكم(28/315)
ابن تيمية يرى ان الخَضِر حي ... في الفتاوى!
ـ[الرايه]ــــــــ[07 - 10 - 04, 10:48 م]ـ
يقول في الفتاوى 4/ 338 – 340
وقد سئل عن الخضر فكان مما قال
وأما حياته فهو حي، والحديث المذكور- يعني: حديث (رحم الله أخي الخضر لو كان حي لزارني) - لا اصل له ولا يعرف له إسناد بل المروي في مسند الشافعي وغيره انه التقى بالنبي.
ومن قال انه لم يجتمع بالنبي فقد قال ما لا علم له به، فانه من العلم الذي لا يحاط به.
ومن احتج على وفاته بقول النبي ((أرأيتم ليلتكم هذه، فانه على راس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها أحد))
فلا حجة فيه فإنه يمكن أن لا يكون الخضر إذ ذاك على وجه الأرض.
ولان الدجال وكذلك الجساسة كان حيا موجودا على عهد النبي وهو باق إلى اليوم لم يخرج، وكان في جزيرة من جزائر البحر.
فما كان الجواب عنه، كان هو الجواب عن الخضر.
وهو أن يكون لفظ الأرض لم يدخل في هذا الخبر، أو يكون أراد النبي في الآدميين المعروفين.
وأما من خرج عن العادة فلم يدخل في العموم، كما لم تدخل الجن، وان كان لفظاً ينتظم الجن والإنس.
وتخصيص مثل هذا من مثل هذا العموم كثير معتاد.
والله اعلم))
ونجد في الفتاوى كلام له مغاير
(والصواب الذي عليه المحققون أنه لم يدرك الإسلام ولو كان موجوداً في زمن النبي لوجب عليه أن يؤمن به ويجاهد معه كما أوجب الله ذلك عليه وعلى غيره)
الفتاوى 27/ 100 وكتاب الزيارة 449
ويقول ابن القيم: سئل عنه شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: لو كان الخضر حياً لوجب عليه أن يأتي النبي ويجاهد بين يديه، ويتعلم منه.
وقد قال النبي يوم بدر: ((اللهم ان تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض))
من المنار المنيف لابن القيم
فما رأيكم
ـ[ابن مسعود]ــــــــ[07 - 10 - 04, 11:19 م]ـ
في "صيانة مجموع الفتاوى من السقط والتصحيف" للشيخ ناصر الفهد -فك الله أسره- ص 35 - 37 الكلام على هذا الموضع.
ولعل من ينشط من الإخوة ينقل كلامه.
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[08 - 10 - 04, 12:17 ص]ـ
لدي فتوى للشيخ ابن باز - رحمه الله - إجابة عن هذا السؤال.
لعلي أنشرها غدًا أو بعد غد إن شاء الله.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[08 - 10 - 04, 06:47 ص]ـ
في الاختيارات للبعلي ص139:
والصواب الذي عليه المحققون أن الخضر عليه السلام ميت لم يدرك الإسلام.اهـ
قلت: هذا المعروف المشهور عن شيخ الإسلام في مواضع من كتبه، وهو ما نقل عنه أصحابه، لكن جاء في مجموع الفتاوى 4/ 338 رسالة فيها نقل مخالف لهذا، قال جامع الفتاوى ابن قاسم في حاشية: هكذا وجدت هذه الرسالة.اهـ
قلت: انظر نقد هذه الرسالة للشيخ صلاح مقبول أحمد في مقدمة تحقيقه لكتاب الحافظ ابن حجر "الزاهر النضر في حال الخضر " فقد ذكر في ص45: نقدا لجزء من الرسالة التي أوردها ابن قاسم. وفي مقدمة الكتاب فوائد أخرى حول المسأالة.
وانظر كذلك ما كتبه الشيخ الفاضل محمد عزير شمس في المجموعة الخامسة من جامع المسائل ص 8 - 9، حول نسبة هذا الرأي لشيخ الإسلام.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=105937#post105937
ـ[الرايه]ــــــــ[08 - 10 - 04, 03:14 م]ـ
الاخوة الكرام
ابن مسعود
سليمان الخراشي
عبد الرحمن السديس
شكرا لكم
وبانتظار الافادة منكم ومن الاخوة ...
حول ما ذكره من الاجابة على الحديث!
جزاكم الله خير
ـ[ابن دحيان]ــــــــ[08 - 10 - 04, 04:50 م]ـ
بسم الله
قال الشيخ /صلاح الدين مقبول أحمد ـ وفقه الله ـ:
نقد الجزء الأخير من هذه الفتوى "يعني فتوى شيخ الإسلام"
ثم قال: هذه الفتوى لا تخلو من إحدى ثلاث أحوال:
1:إما أن يقال بأن قول ابن تيمية بحياة الخضر، قوله الأخير الراجح.
ولكنه مدفوع بأن استدلاله على إنكار حياته أقوى وأدلّ منه على بقائه.
وكذلك آراؤه في إنكار حياته كثيرة، وفي أكثر من موضع، وقوله في بقائه لا يوجد إلا في موضوع واحد.
وهذا خلاف منهج ابن تيمية المعروف، وذلك لأنه لما يرى شيئاً يذكره في مواضع متعدد وبأدنى المناسبات.
2:وإما أن يقال بأن القول بحياته قوله المتقدّم، والقول المتأخر الراجح هو إنكار حياته، ولذلك يوجد الرأي الأخير في أكثر من موضع.
وهذا أقرب إلي الصحة والتحقيق، نظرا إلي صلابة ابن تيمية في الأمور العقائدية، وتمسكه بالكتاب والسنة الصحيحة.
وايضا بدليل أن ابن القيم نقل عنه إنكار حياته [المنار المنيف68] وزد إلي ذلك أنه ذكر في كتابه"أسماء مؤلفات ابن تيمية" رسالة الخضر هل مات أم هو حي؟. [أسماء مؤلفات ابن تيمية لابن القيم 22 رقم 25.
فلو كان مرجوحاً، أو رأياً متقدماً لما نقل عنه.
3: وإما أن يقال أنه لم يثبت صحة نسبة القول بحياة الخضر إلي ابن تيمية بتاتاً، فيعتبر مدسوساً عليه.
بدليل تعليق الشيخ/ عبد الرحمن بن قاسم النجدي (جتمع الفتاوى) على هذه الفتوى بقوله"هكذا وجدت هذه الرسالة" [مجموع الفتاوى 4/ 338]
ومن عادة جامع الفتاوى بأنه لا يعلق مثل هذه التعليقات، لكنه اضطر إلي ذلك لشذوذها ومخالفتها.
وكذلك هناك فتوى لأبن الصلاح تشبه فتوى ابن تيمية هذه إلي حد ما [فتاوى أبي عمرو بن الصلاح 28]
الزهر الناضر في حال الخضر تأليف ابن حجر العسقلاني رحمه الله طبع حديثاً تحقيق الشيخ صلاح الدين مقبول أحمد ص 72 وما قبلها وما بعدها بتصرف يسير مني
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/316)
ـ[الرايه]ــــــــ[08 - 10 - 04, 09:17 م]ـ
ابن دحيان
شكرا لايضاحك وافادتك
جزاك الله خيرا
ـ[تقويم النظر]ــــــــ[09 - 10 - 04, 01:10 ص]ـ
وممن يذهب الي عدم صحة هذه الرسالة لشيخ الاسلام بن تيمية الشيخ عبد الله بن عقيل حفظه الله
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[09 - 10 - 04, 09:35 ص]ـ
قال الشيخ /صلاح الدين مقبول أحمد ـ وفقه الله ـ: نقد الجزء الأخير من هذه الفتوى "يعني فتوى شيخ الإسلام"، ثم قال: هذه الفتوى لا تخلو من إحدى ثلاث أحوال:
1:إما أن يقال بأن قول ابن تيمية بحياة الخضر، قوله الأخير الراجح.
ولكنه مدفوع بأن استدلاله على إنكار حياته أقوى وأدلّ منه على بقائه.
وكذلك آراؤه في إنكار حياته كثيرة، وفي أكثر من موضع، وقوله في بقائه لا يوجد إلا في موضوع واحد، وهذا خلاف منهج ابن تيمية المعروف، وذلك لأنه لما يرى شيئاً يذكره في مواضع متعدد وبأدنى المناسبات.
2:وإما أن يقال بأن القول بحياته قوله المتقدّم، والقول المتأخر الراجح هو إنكار حياته، ولذلك يوجد الرأي الأخير في أكثر من موضع، وهذا أقرب إلي الصحة والتحقيق، نظرا إلي صلابة ابن تيمية في الأمور العقائدية، وتمسكه بالكتاب والسنة الصحيحة.
وايضا بدليل أن ابن القيم نقل عنه إنكار حياته [المنار المنيف68] وزد إلي ذلك أنه ذكر في كتابه"أسماء مؤلفات ابن تيمية" رسالة الخضر هل مات أم هو حي؟. [أسماء مؤلفات ابن تيمية لابن القيم 22 رقم 25، فلو كان مرجوحاً، أو رأياً متقدماً لما نقل عنه.
- ومما يؤيِّد أنَّ قول ابن تيمية هو القول بموته ما ذكره مقرِّراً ومرجِّحاً في كتاب منهاج السنة (4/ 93 - 94) أثناء كلامه في الرد على خرافة الشيعة وحماقتهم في اعتقاد المهدي المسردب في سامرَّاء =قال رحمه الله: ((واحتجاجهم بحياة الخضر احتجاجٌ باطلٌ على باطل، فمن الذي يسلِّم لهم بقاء الخضِر؟!
والذي عليه سائر العلماء المحقِّقون أنه مات.
وبتقدير بقائه فليس هو من هذه الأمة.
ولهذا يوجد كثيرٌ من الكذَّابين من الجنِّ والإنس ممَّن يدَّعي أنَّه الخضر، ويظنُّ من رآه أنه الخضر.
وفي ذلك الحكايات الصحيحة التي نعرفها ما يطول وصفها هنا ... )).
ـ[الرايه]ــــــــ[09 - 10 - 04, 01:59 م]ـ
تقويم النظر
أبو عمر السمرقندي
جزاكم الله خيرا على الافادة
لكن يتبقى الاجابة على قوله:
ومن احتج على وفاته بقول النبي ((أرأيتم ليلتكم هذه، فانه على راس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها أحد))
فلا حجة فيه فإنه يمكن أن لا يكون الخضر إذ ذاك على وجه الأرض.
ولان الدجال وكذلك الجساسة كان حيا موجودا على عهد النبي وهو باق إلى اليوم لم يخرج، وكان في جزيرة من جزائر البحر.
فما كان الجواب عنه، كان هو الجواب عن الخضر.
وهو أن يكون لفظ الأرض لم يدخل في هذا الخبر، أو يكون أراد النبي في الآدميين المعروفين.
وأما من خرج عن العادة فلم يدخل في العموم، كما لم تدخل الجن، وان كان لفظاً ينتظم الجن والإنس.
وتخصيص مثل هذا من مثل هذا العموم كثير معتاد.
والله اعلم))
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[09 - 10 - 04, 02:32 م]ـ
الأخ .. الراية
- يقال جواباً على ما أُورِدَ على حديث: ((أرأيتم ليلتكم هذه، فانه على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها أحدٌ)) الآتي:
- أنَّ الدجال والجسَّاسة ثبتت حياتهما بدليل حديث تميم الداري، فيستثنيان جمعاً بين الخاص والعام الوارد فيهما الإثبات والنفي.
هذا على وجهٍ من وجوه الجمع تنزُّلاً ..
أما الخضر عليه الصلاة والسلام:
- فما الدليل الصحيح الصريح المثبت لحياته؟
فنحن إلى إثبات دليلٍ لحياته أحوج منَّا إلى إيجاد دليل ينفي حياته ..
فعلى المجيب بالجواب السابق أن يثبت العرش ثم ينقش النقش السابق عليه ...
- والحاصل .. أنه ((لو)) ثبت دليل صحيح صريح في إثبات حياته بحثنا عن المخرج حينئذٍ.
ـ[تقويم النظر]ــــــــ[09 - 10 - 04, 03:40 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/317)
جزى الله الاخ ابا عمر خير الجزاء - فهو كعادته سباق - ولعلي ازيد في بيان ما قال فاقول ان مما يضيق الدلالة في قوله صلى الله عليه وسلم على (فانه على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض) ويبينها الرواية الاخرى التي فيها (نفس منفوسة) ففي مسلم عن أبي سعيد قال: لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك سألوه عن الساعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تأتي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم
ومعنى منفوسة اي مولودة فهل الجساسة مولودة وهل الدجال مولود؟؟
وايضا مادليل استثناء الخضر عليه السلام من هذا الحديث؟ والاصل ان الحديث عام والأصل عدم المخصص له حتى يثبت بدليل صحيح يجب قبوله والله أعلم
وقد قال بن كثير رحمه الله في كلام طويل (وأما الخلاف في وجوده إلى زماننا هذا فالجمهور على أنه باق إلى اليوم قيل لأنه دفن آدم بعد خروجهم من الطوفان فنالته دعوة أبيه آدم بطول الحياة وقيل لأنه شرب من عين الحياة فحيى وذكروا أخبارا استشهدوا بها على بقائه إلى الآن وسنوردها إن شاء الله تعالى وبه الثقة ...... - إلي أن قال -
والحكايات هي عمدة من ذهب إلى حياته إلى اليوم وكل من الأحاديث المرفوعة ضعيفة جدا لا يقوم بمثلها حجة في الدين والحكايات لا يخلو أكثرها عن ضعف في الاسناد وقصاراها أنها صحيحة إلى من ليس بمعصوم من صحابي أو غيره لأنه يجوز عليه الخطأ والله أعلم)
وقد ساق ابن كثير رحمه الله اغلب الاحاديث التي احتج بها من قال بحياته وبين ضعفها حديثا حديثا فرحمه الله.
وقال بعد ذلك (وقد تصدى الشيخ أبو الفرج بن الجوزي رحمه الله في كتابه عجالة المنتظر في شرح حالة الخضر للأحاديث الواردة في ذلك من المرفوعات فبين أنها موضوعات ومن الآثار عن الصحابة والتابعين فمن بعدهم فبين ضعف أسانيدها ببيان أحوالها وجهالة رجالها وقد أجاد في ذلك وأحسن الانتقاد)
ثم ساق بن كثير رحمه الله ادلة القول الاخر القائلون بموته فقال (وأما الذين ذهبوا إلى أنه قد مات ومنهم البخاري وابراهيم الحربي وأبو الحسين بن المنادي والشيخ أبو الفرج بن الجوزي وقد انتصر لذلك والف فيه كتابا سماه عجالة المنتظر في شرح حالة الخضر فيحتج لهم بأشياء كثيرة) ثم اساق ادلة هذا القول ورجحه وذكر ان من من اختاره القاضي ابي يعلى رحمه الله
واخيرا فقد حاول بعض اهل العلم اخراج الخضر عليه السلام من عموم الافراد الداخلة في هذا الحديث لكن جل ما ذكروا اوهام واحتمالات لا ترقى الي ان تكون مخصصة فقالوا قد يكون في البحر وقد يوكن في باطن الارض - مما لا اثارة من علم عليه - وكل هذا لا يستقيم دليلا ولا امارة يخصص بها الدليل العام والله اعلم.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[09 - 10 - 04, 04:45 م]ـ
الأخ .. تقويم النظر ... وفقه الله
جزاك الله خيراً على ذا التفصيل، فقد أغنيت واوفيت على التعقيب.
- تنبيه: الأخ الراية والأخوة المشرفون ... وفقهم الله
لو يُغيَّر عنوان الموضوع من جزم نسبة هذا القول لابن تيمية إلى استشكالٍ أو نحوه لكان أولى، وعن البراءة من إلصاق هذه الفتوى الغريبة بشيخ الإسلام أحرى.
ـ[الرايه]ــــــــ[09 - 10 - 04, 10:13 م]ـ
أبو عمر السمرقندي
تقويم النظر
جزاكم الله خيراً على الافادة والتوضيح
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[10 - 10 - 04, 07:23 م]ـ
فتوى حول الخضر عليه السلام والتوسل بذوات الأنبياء
سماحة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز وفقنا الله وإياه لما يحبه ويرضاه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
تعلمون بارك الله فيكم ونفعني بعلمكم أن الخضر قد مات، لقوله تعالى:
? وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ ? (الأنبياء: 34) وقوله صلى الله عليه وسلم: " أرأيتكم ليلتكم هذه فإنه على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها اليوم أحد ".
ومن المعلوم أيضاً أن أهل البدع والخرافات من الصوفية وغيرهم يزعمون أن الخضر - عليه السلام - حي يرزق - وهدفهم من هذا الزعم الباطل تأييد بدعهم وخرافاتهم. وقد لاحظت في فتاوى شيخ الإسلام - ابن تيمية - رحمه الله - تناقضاً في جوابه على سؤال حول حياة الخضر، ولا أشك أنه ليس من كلام شيخ الإسلام!.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/318)
فبينما أجاب شيخ الإسلام في صفحة 337 من المجلد الرابع - بأن الخضر ليس في الأحياء، أُجِيب في الصفحتين اللتين بعدهما بأنه حي وأنه اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم وهذا الجواب مع مخالفته لما قبله وتناقضه معه فإنه يخالف أيضاً كلام شيخ الإسلام في منهاج السُنة في نقض كلام الشيعة والقدرية
(1/ 22) ط - دار الكتب العلمية، إذ يقول شيخ الإسلام في هذه الصفحة الوجه الرابع - أن يقال: الصواب الذي عليه محققو العلماء إن إلياس والخضر ماتا. أ. هـ.
ويخالف أيضاً ما قاله شيخ الإسلام - رحمة الله عليه - في المجلد الثالث عشر من فتاويه ص93 إذ يقول: " وكثير من الناس رأى من قال إني أنا الخضر و إنما كان جنياً ثم صار من الناس من يكذب بهذه الحكايات إنكاراً لموت الخضر، والذين قد عرفوا صدقها يقطعون بحياة الخضر، وكلا الطائفتين مخطئ فإن الذين رأوا من قال: إني أنا الخضر كثيرون صادقون والحكايات متواترات لكن أخطأوا في ظنهم أنه الخضر وإنما كان جنياً " أ. هـ المراد منه.
وأعتقد أن هذا الكلام مدسوس عن شيخ الإسلام بدليل أنه لا يمكن أن يحصل في كلام شيخ الإسلام شيء من هذا التناقض المقصود!.
والحاصل يا سماحة الشيخ أننا نخاف من تحريف الكَلِمْ عن مواضعه، ونخشى من التلاعب في كلام العلماء من قبل بعض ضعاف الإيمان وأهل الأهواء وإلا فما وجه الجمع بين النقيضين؟ بينوا لنا يا سماحة الشيخ بياناً شافياً، لأن هذا التناقض يترتب عليه مفاسد كبيرة لا تحمد عقباها ولا يمكن السكوت عليها وقد يستغله بعض أهل البدع إما لتأييد بدعهم، أو لزعزعة الثقة في نسبة الكلام الموجود في الفتاوى إلى شيخ الإسلام. وأنتم أعلم مني في هذه الأمور وغيرها - زادكم الله علماً وفهماً.
وأيضاً: لاحظت على كتاب (الترغيب والترهيب) من الحديث الشريف للحافظ المنذري تحقيق الدكتور/ مصطفى بن محمد عمارة (1/ 604 - 605) توزيع رئاستكم الموقرة وعليه ختم الرئاسة. لاحظت أن محقق الكتاب المذكور قال في الحاشية ما نصه (إن الخضر حي إلى يوم القيامة لشربه من ماء الحياة يجتمع به خواص الأولياء ويأخذون عنه!!).
واستدل المحقق المذكور على حياته بما قاله البكري في ورده المليء بالشركيات والخرافات فقال المحقق المذكور قال العارف السيد البكري:
حي وحقك لم يقل بوفاته إلا الذي لم يلق نور جماله
فعليه مني كلما هب الصبا أزكى سلام طاب في إرساله
وقد اجتمع برسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ عنه فهو صحابي .. هذه نبذة معتمدة نقلتها من كتب (التوحيد) التي تدرس بالأزهر لتدل على سيدنا الخضر عليه السلام وأنه حي.
اللهم إني أُحِبُ الرسول صلى الله عليه وسلم وأحب سيدنا موسى والخضر عليهما السلام وأتوسل بهم أن توفقني لأقتدي بهم يا كريم.
أ. هـ. كلام المحقق .. بدون تعليق.
يا سماحة الشيخ كيف توزع الرئاسة هذا الكتاب وهو بهذه الدرجة من التحقيق الغير علمي وكيف يباع في المكتبات على مرأى من إدارة المطبوعات؟،وكيف يُقَرَرْ تدريسه في الأزهر الشريف وفي كتب التوحيد بالذات؟!.
وأرفق لكم يا سماحة الشيخ صوراً مما لاحظت وأنكرت.
آمل من سماحتكم - بارك الله فيكم - أن تتكرموا بالجواب خطياً على عنواني التالي لأستفيد من جوابكم، وإذ رأيتم أن ننشره في مجلة الجندي المسلم ليستفيد منه أكبر عدد ممكن من طلبه العلم نشرناه.
وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا إتباعه ويرينا الباطل ويرزقنا اجتنابه.
المرسل: ابنكم
عايض بن فدغوش الشدادي الحارثي
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم الشيخ عايض بن فدغوش الحارثي المرشد الديني بوزارة الدفاع والطيران وفقه الله.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:
فأشير إلى استفتائك المقيد في الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (1862) وتاريخ 19/ 3 / 1408 هـ حول الآراء الواردة عن حياة الخضر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/319)
وأفيدك بأنه جرى الإطلاع على ما ذكرت والصواب هو ما عليه المحققون من أهل العلم من موت الخضر كما أن الصحيح أنه نبي لأدلة معلومة عليه الصلاة والسلام والمعروف هو كما ذكرت من كلام شيخ الإسلام أن الخضر ميت كما ذكره في غير موضع من كتبه. أما الفتوى التي أشرت إليها في الجزء الرابع من الفتاوى بأنه حي فأغلب الظن أنها مكذوبة عليه رحمه الله ولم يفطن لذلك العلامة ابن قاسم رحمه الله ويحتمل أنها كانت فتوى قديمة من الشيخ قبل أن يتضح له صحة ما قاله المحققون من العلماء من أنه ميت وما ذكره مصطفى عمارة في حاشيته على الترغيب من تأييده حياة الخضر وإحتجاجه بقول البكري كله خطأ والصواب موته كما تقدم كما أن مصطفى المذكور قد أخطأ في توسله بالنبي صلى الله عليه وسلم وبموسى والخضر لأن التوسل عبادة توفيقية وليس من ذلك التوسل بذوات الأنبياء والصالحين ولا بحقوقهم ولا جاههم وإنما التوسل الشرعي بأسماء الله وصفاته وبإتباع نبيه صلى الله عليه وسلم ومحبته وسائر الأعمال الصالحة. ونرفق لك نسخة من الفتوى رقم (6001) في 17/ 8 / 1403 هـ المتضمنة إجابة اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على سؤال عن الخضر. وكذلك نرفق لك نسخة من فتوى اللجنة الدائمة في التوسل. كما نفيدك بأنه لا مانع من نشر ذلك في المجلة مع فتاوى اللجنة المشار إليها في الخضر، والتوسل.
وأسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه رضاه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرئيس العام
لإدارات البحوث العلمية و الافتاء والدعوة والارشاد
فتوى رقم 6001 وتاريخ 17/ 8 / 1403هـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد:
فقد إطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على السؤال المقدم من فتحي سيد إدريس إلى سماحة الرئيس العام والمحال إليها برقم 1652 في 6/ 7 /1403 هـ ونصه (يعتقد كثير من عوام المسلمين في كثير من البلاد الإسلامية وعلماء الطرق الصوفية بأن الخضر صاحب موسى عليه السلام حي يرزق للآن وأنه يطوف الدنيا كلها وأنه يتشكل في صور مختلفة ويعتقدون بأنه لا ظل له وأن معه النبي " إلياس " عليه السلام ويعتقد العوام بأن الخضر إذا زارهم ودعا لهم أصبحوا أغنياء في أقل من لمح البصر وإذا غضب عليهم انقلبوا فقراء إذا كانوا أغنياء ومرضى إذا كانوا أصحاء ومن عقيدتهم - عافانا الله منها - أنه يأتي في صورة سائل مرة وفي صورة مريض ينزل من جسده القيح والصديد فإن طردوه من منازلهم كان هذا دليلاً على شقاوتهم وتعاستهم وإن رحبوا به وعالجوه اختفى بدون أن يترك أي أثر وكان هذا دليلاً على سعادتهم. هل الخضر صاحب موسى عليه السلام حي يرزق للآن؟ وهل هو نبي؟ هل ذُكِرَ صراحة في الأحاديث النبوية الصحيحة؟ ما هي حقيقة أمره؟.
وأجابت بما يلي:
الخضر نبي من أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام والصحيح أنه قد مات كغيره من البشر. فلا يطوف بالدنيا ولا يتمثل في صور مختلفة وليس سبباً اليوم لغنى أو فقر وقد سبق أن صدر منا فتوى مفصلة عنه مع الأدلة هذا نصها
(الصحيح من قول العلماء ما ذهب إليه الجمهور من أن الخضر عليه السلام قد مات لظاهر العموم في قوله تعالى: ? وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ ?
(الأنبياء: 34) ولما ثبت عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة صلاة العشاء في آخر حياته فلما سَلَّمَ قام فقال: " أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد "، قال ابن عمر: فوهل الناس في مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك فيما يتحدثون من الأحاديث عن مائة سنة وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن " رواه مسلم، ثم هذا هو الأصل الغالب في سنة الله في بني آدم فيجب البقاء معه حتى يثبت ما ينقل عنه من الأدلة ولم يثبت فيما نعلم ما يدل على استثناء الخضر عليه السلام.
هل الخضر نبي أو رجل صالح؟:
الصحيح: أن الخضر عليه السلام نبي لما ذكره الله تعالى في سورة الكهف من قصته مع موسى عليهما السلام فإن فيها أنه خرق سفينة كانت لمساكين يعملون في البحر، وقتل غلاماً لم يرتكب جريمة، وأقام جداراً ليتيمين بلا أجر في قرية أَبَىَ أهلها إطعاهما وأنكر موسى كل ذلك عليه فبين له السبب أخيراً ثم ختم القصة بأن كل ذلك كان منه بوحي من الله وذلك فيما أخبر الله عنه من قوله:
? وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً ? (الكهف: 82) وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
ـ[مجرد إنسان]ــــــــ[11 - 10 - 04, 01:15 م]ـ
للفائدة:
سألت شيخنا ابن عثيمين رحمه الله عن هذه الفتوى فلم يعرفها أولا، وطلب مني الإحالة على مجموع الفتاوى ومهاتفته مرة أخرى، فأعطيته الجزء ورقم الصفحة، ثم اتصلت به مرة أخرى، فقال لي: الظاهر أن هذه الفتوى مدسوسة على شيخ الإسلام.
والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/320)
ـ[الرايه]ــــــــ[01 - 12 - 04, 06:04 م]ـ
الشيخ سليمان الخراشي جزيت خيرا على نقل فتوى سماحة الامام ابن باز - رحمه الله -
مجرد إنسان جزيت خيرا على هذه الفائدة.
وفق الله الجميع
ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[01 - 12 - 04, 10:53 م]ـ
جزى الله الجميع خير الجزاء، ولاشك أن الفتوى المنسوبة إلى شيخ الإسلام بحياة الخضر ليست هي قول شيخ الإسلام المعتمد الثابت عنه بيقين، وقد كنت كتبت تعليقا ودراسة على كتاب الإمام ابن القيم المنار المنيف في أكثر من 600 صفحة وكان فيها الكلام على موضوع الخضر وسأذكر نتفا من هذا الكلام ثم أذكر كلام ابن القيم في المنار في خاتمة النقل بعد كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وبيان براءته من القول بحياة الخضر- وسامحوني إن ذكرت شيئا مكررا فأنا لم أقرأ الموضوع هنا في الملتقى بتمامه فل يسعفني الوقت-:
1 - فتوى لشيخ الإسلام وفيها تصريح بقول الإمام أحمد في هذه المسألة:
وَسُئِلَ رحمه الله: عَنْ " الْخَضِرِ " وَ " إلْيَاسَ ": هَلْ هُمَا مُعَمَّرَانِ؟ بَيِّنُوا لَنَا رَحِمَكُمْ اللَّهُ تَعَالَى.
فَأَجَابَ: - إنَّهُمَا لَيْسَا فِي الْأَحْيَاءِ ; وَلَا مُعَمَّرَانِ ; وَقَدْ سَأَلَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْ تَعْمِيرِ الْخَضِرِ وَإِلْيَاسَ وَأَنَّهُمَا بَاقِيَانِ يَرَيَانِ وَيُرْوَى عَنْهُمَا فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: مَنْ أَحَالَ عَلَى غَائِبٍ لَمْ يُنْصِفْ مِنْهُ ; وَمَا أَلْقَى هَذَا إلَّا شَيْطَانٌ. وَسُئِلَ " الْبُخَارِيُّ " عَنْ الْخَضِرِ وَإِلْيَاسَ: هَلْ هُمَا فِي الْأَحْيَاءِ؟ فَقَالَ: كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: {لَا يَبْقَى عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ مِمَّنْ هُوَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَحَدٌ} "؟ وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ} وَلَيْسَ هُمَا فِي الْأَحْيَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مجموع الفتاوى 4/ 337 ومما له تعلق بموضوع الخضر هذه المواضع: مجموع الفتاوى 11/ 422، 13/ 266، 27/ 100 - 101، ومنهاج السنة 1/ 96، 104 و 4/ 93،94 و 8/ 262 ومواضع أخر لا يتسع المقام لذكرها
2 - وهذا نقل مهم عن شيخ الإسلام ضمن جواب له عمن يزور القبور ويستنجد بالمقبور وعن الأولياء، قال فيه: (وَمُوسَى لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ الْخَضِرَ وَالْخَضِرُ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ مُوسَى ; بَلْ لَمَّا سَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى قَالَ لَهُ الْخَضِرُ: وَأَنَّى بِأَرْضِك السَّلَامُ؟ فَقَالَ لَهُ: أَنَا مُوسَى قَالَ: مُوسَى بَنِي إسْرَائِيلَ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَقَدْ كَانَ بَلَغَهُ اسْمُهُ وَخَبَرُهُ وَلَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ عَيْنَهُ. وَمَنْ قَالَ إنَّهُ نَقِيبُ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ أَنَّهُ يُعَلِّمُهُمْ كُلَّهُمْ فَقَدْ قَالَ الْبَاطِلَ. وَالصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُ مَيِّتٌ وَأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ الْإِسْلَامَ وَلَوْ كَانَ مَوْجُودًا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم لَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤْمِنَ بِهِ وَيُجَاهِدَ مَعَهُ كَمَا أَوْجَبَ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ وَلَكَانَ يَكُونُ فِي مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَلَكَانَ يَكُونُ حُضُورُهُ مَعَ الصَّحَابَةِ لِلْجِهَادِ مَعَهُمْ وَإِعَانَتِهِمْ عَلَى الدِّينِ أَوْلَى بِهِ مِنْ حُضُورِهِ عِنْدَ قَوْمٍ كُفَّارٍ لِيُرَقِّعَ لَهُمْ سَفِينَتَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ مُخْتَفِيًا عَنْ خَيْرِ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ وَهُوَ قَدْ كَانَ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَلَمْ يَحْتَجِبْ عَنْهُمْ. ثُمَّ لَيْسَ لِلْمُسْلِمِينَ بِهِ وَأَمْثَالِهِ حَاجَةٌ لَا فِي دِينِهِمْ وَلَا فِي دُنْيَاهُمْ ; فَإِنَّ دِينَهُمْ أَخَذُوهُ عَنْ الرَّسُولِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - الَّذِي عَلَّمَهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ: " {لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا ثُمَّ اتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُمْ} وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ - عليه السلام - إذَا نَزَلَ مِنْ السَّمَاءِ إنَّمَا يَحْكُمُ فِيهِمْ بِكِتَابِ رَبِّهِمْ وَسُنَّةِ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/321)
نَبِيَّهُمْ. فَأَيُّ حَاجَةٍ لَهُمْ مَعَ هَذَا إلَى الْخَضِرِ وَغَيْرِهِ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم قَدْ أَخْبَرَهُمْ بِنُزُولِ عِيسَى مِنْ السَّمَاءِ وَحُضُورِهِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ: " {كَيْفَ تَهْلِكُ أُمَّةٌ أَنَا فِي أَوَّلِهَا وَعِيسَى فِي آخِرِهَا}. فَإِذَا كَانَ النَّبِيَّانِ الْكَرِيمَانِ اللَّذَانِ هُمَا مَعَ إبْرَاهِيمَ مُوسَى وَنُوحٌ أَفْضَلَ الرُّسُلِ وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وآله وسلم سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَمْ يَحْتَجِبُوا عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَا عَوَامُّهُمْ وَلَا خَوَاصُّهُمْ فَكَيْفَ يَحْتَجِبُ عَنْهُمْ مَنْ لَيْسَ مِثْلَهُمْ. وَإِذَا كَانَ الْخَضِرُ حَيًّا دَائِمًا فَكَيْفَ لَمْ يَذْكُرْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم ذَلِكَ قَطُّ وَلَا أَخْبَرَ بِهِ أُمَّتَهُ وَلَا خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ. وَقَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّهُ نَقِيبُ الْأَوْلِيَاءِ. فَيُقَالُ لَهُ مَنْ وَلَّاهُ النِّقَابَةَ وَأَفْضَلُ الْأَوْلِيَاءِ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ؟ وَلَيْسَ فِيهِمْ الْخَضِرُ. وَعَامَّةُ مَا يُحْكَى فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ الْحِكَايَاتِ بَعْضُهَا كَذِبٌ وَبَعْضُهَا مَبْنِيٌّ عَلَى ظَنِّ رَجُلٍ: مِثْلُ شَخْصٍ رَأَى رَجُلًا ظَنَّ أَنَّهُ الْخَضِرُ وَقَالَ: إنَّهُ الْخَضِرُ كَمَا أَنَّ الرَّافِضَةَ تَرَى شَخْصًا تَظُنُّ أَنَّهُ الْإِمَامُ الْمُنْتَظَرُ الْمَعْصُومُ أَوْ تَدَّعِي ذَلِكَ وَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ قَالَ - وَقَدْ ذُكِرَ لَهُ الْخَضِرُ - مَنْ أَحَالَك عَلَى غَائِبٍ فَمَا أَنْصَفَك. وَمَا أَلْقَى هَذَا عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ إلَّا الشَّيْطَانُ. وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ) مجموع الفتاوى 27/ 100 - 101
3 - وقال في معرض كلامه على ضلال وسخافة عقول الرافضة: (وكونهم يثبتون ما لم يحصل لهم به مصلحة ولا لطف ولا منفعة لا في الدين ولا في الدنيا أقل ضلالا من الرافضة فإن الخضر كان موجودا وقد ذكره الله في القرآن وفي قصته عبرة وفوائد وقد يرى أحدهم شخصا صالحا يظنه الخضر فينتفع به وبرؤيته وموعظته وإن كان غالطا في اعتقاده أنه الخضر فقد يرى أحدهم بعض الجن فيظن أنه الخضر ولا يخاطبه الجني إلا بما يرى أنه يقبله منه ليربطه على ذلك فيكون الرجل أتى من نفسه لا من ذلك المخاطب له ومنهم من يقول لكل زمان خضر ومنهم من يقول لكل ولي خضر وللكفار كاليهود مواضع يقولون إنهم يرون الخضر فيها وقد يرى الخضر على صور مختلفة وعلى صورة هائلة وأمثال ذلك وذلك لأن هذا الذي يقول إنه الخضر هو جني بل هو شيطان يظهر لمن يرى أنه يضله وفي ذلك حكايات كثيرة يضيق هذا الموضع عن ذكرها وعلى كل تقدير فأصناف الشيعة أكثر ضلالا من هؤلاء) منهاج السنة النبوية 1/ 104
4 - ويقول أيضا: (وكما يدعى كثير منهم حياة الخضر مع أنهم لم يستفيدوا بهذا الدعوى منفعة لا في دينهم ولا في دنياهم وإنما غاية من يدعى ذلك أن يدعى جريان بعض ما يقدره الله على يدى مثل هؤلاء وهذا مع أنه لا حاجة لهم به فلا حاجة بهم إلى معرفته ولم ينتفعوا بذلك لو كان حقا فكيف إذا كان ما يدعونه باطلا ومن هؤلاء من يتمثل له الجنى في صورة ويقول أنا الخضر ويكون كاذبا وكذلك الذين يذكرون رجال الغيب ورؤيتهم إنما رأوا الجن وهم رجال غائبون وقد يظنون أنهم إنس وهذا قد بيناه في مواضع تطول حكايتها مما تواتر عندنا) منهاج السنة النبوية 8/ 262.
5 - يراجع كلام العلامة بكر أبوزيد حفظه الله عن الفتوى الغريبة الشاذة المنسوبة لشيخ الإسلام في حياة الخضر في رسالة"التحذير من مختصرات الصابوني" ص/58 وهو كلام مهم.
وقد عقد الإمام ابن القيم رحمه الله فصلا في كتابه الفذ المنار المنيف لهذه المسألة أنقله هنا لأهميته وفيه قول شيخ الإسلام في المسألة بوضوح ومعلوم أن ابن القيم رحمه الله من أشد المعتنين بأقوال وترجيحات وعلم شيخ الإسلام، يقول ابن القيم رحمه الله في المنار المنيف:
(فصل 16
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/322)
123 ومنها 11 الأحاديث التي يذكر فيها الخضر وحياته كلها كذب ولا يصح في حياته حديث واحد 124 كحديث إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في المسجد فسمع كلاما من ورائه فذهبوا ينظرون فإذا هو الخضر 125 وحديث يلتقي الخضر وإلياس كل عام 126 وحديث يجتمع بعرفة جبريل وميكائيل والخضر الحديث المفترى الطويل سئل إبراهيم الحربي عن تعمير الخضر وأنه باق فقال من أحال على غائب لم ينتصف منه وما ألقى هذا بين الناس إلا شيطان 127 وسئل البخاري عن الخضر وإلياس هل هما أحياء فقال كيف يكون هذا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يبقى على رأس مئة سنة ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد وسئل عن ذلك كثير غيرهما من الأئمة فقالوا ^ وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون ^
128 وسئل عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقال لو كان الخضر حيا لوجب عليه أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ويجاهد بين يديه ويتعلم منه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض وكانوا ثلاث مئة وثلاثة عشر رجلا معروفين بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم فأين كان الخضر حينئذ قال أبو الفرج بن الجوزي والدليل على أن الخضر ليس بباق في الدنيا أربعة أشياء القرآن والسنة وإجماع المحققين من العلماء والمعقول
129 أما القرآن فقوله تعالى ^ وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد ^ فلو دام الخضر كان خالدا
130 وأما السنة فذكر حديث أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مئة سنة منها لا يبقى على ظهر الأرض ممن هو اليوم عليها أحد متفق عليه
131 وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بقليل ما من نفس منفوسة يأتي عليها مئة سنة وهي يومئذ حية
132 وأما إجماع المحققين من العلماء فقد ذكر عن البخاري وعلي بن موسى الرضا أن الخضر مات وأن البخاري سئل عن حياته فقال وكيف يكون ذلك وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مئة سنة منها لا يبقى ممن على ظهر الأرض أحد قال وممن قال إن الخضر مات إبراهيم بن إسحاق الحربي وأبو الحسين بن المنادي وهما إمامان وكان ابن المنادي يقبح قول من يقول إنه حي وحكى القاضي أبو يعلى موته عن بعض أصحاب أحمد وذكر عن بعض أهل العلم أنه احتج بأنه لو كان حيا لوجب عليه أن يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم 133 وقال حدثنا أحمد حدثنا شريح بن النعمان حدثنا هشيم أخبرنا مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني فكيف يكون حيا ولا يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة والجماعة
ويجاهد معه ألا ترى أن عيسى عليه السلام إذا نزل إلى الأرض يصلي خلف إمام هذه الأمة ولا يتقدم لئلا يكون ذلك خدشا في نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم قال أبو الفرج وما أبعد فهم من يثبت وجود الخضر وينسى ما في طي إثباته من الإعراض عن هذه الشريعة أما الدليل من المعقول فمن عشرة أوجه أحدها أن الذي أثبت حياته يقول إنه ولد آدم لصلبه وهذا فاسد لوجهين أحدهما أن يكون عمره الآن ستة آلاف سنة فيما ذكر في كتاب يوحنا المؤرخ ومثل هذا بعيد في العادات أن يقع في حق البشر والثاني أنه لو كان ولده لصلبه أو الرابع من ولد ولده كما زعموا
و أنه كان وزير ذي القرنين فإن تلك الخلقة ليست على خلقتنا بل مفرط في الطول والعرض 134 وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال خلق الله آدم طوله ستون ذراعا فلم يزل الخلق ينقص بعد وما ذكر أحد ممن رأى الخضر أنه رآه على خلقة عظيمة وهو من أقدم الناس الوجه الثالث أنه لو كان الخضر قبل نوح لركب معه في السفينة ولم ينقل هذا أحد الوجه الرابع أنه قد اتفق العلماء أن نوحا لما نزل من السفينة مات من كان معه ثم مات نسلهم ولم يبق غير نسل نوح والدليل على هذا قوله تعالى ^ وجعلنا ذريته هم الباقين ^ وهذا يبطل قول من قال إنه كان قبل نوح والوجه الخامس أن هذا لو كان صحيحا أن بشرا من بني آدم يعيش من حين يولد إلى آخر الدهر ومولده قبل نوح لكان هذا من أعظم الآيات والعجائب وكان خبره في القرآن مذكورا في غير موضع لأنه من أعظم آيات
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/323)
الربوبية وقد ذكر الله سبحانه وتعالى من أحياه ألف سنة إلا خمسين عاما وجعله آية فكيف بمن أحياه إلى آخر الدهر ولهذا قال بعض أهل
العلم ما ألقى هذا بين الناس إلا شيطان والوجه السادس أن القول بحياة الخضر قول على الله بلا علم وذلك حرام بنص القرآن أما المقدمة الثانية فظاهره وأما الأولى فإن حياته لو كانت ثابتة لدل عليها القرآن أو السنة أو إجماع الأمة فهذا كتاب الله تعالى فأين فيه حياة الخضر وهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأين فيها ما يدل على ذلك بوجه وهؤلاء علماء الأمة هل أجمعوا على حياته الوجه السابع أن غاية ما يتمسك به من ذهب إلى حياته حكايات منقولة يخبر الرجل بها أنه رأى الخضر فيا لله العجب هل للخضر علامة يعرفه بها من رآه وكثير من هؤلاء يغتر بقوله أنا الخضر ومعلوم أنه لا يجوز تصديق قائل ذلك بلا برهان من الله فأين للرائي أن المخبر له صادق لا يكذب الوجه الثامن أن الخضر فارق موسى بن عمران كليم الرحمن ولم يصاحبه وقال له ^ هذا فراق بيني وبينك ^ فكيف يرضى لنفسه بمفارقته لمثل موسى ثم يجتمع بجهلة العباد الخارجين عن الشريعة الذين لا يحضرون جمعة ولا جماعة ولا مجلس علم ولا يعرفون من الشريعة شيئا وكل منهم يقول قال الخضر وجاءني الخضر وأوصاني الخضر فيا عجبا له يفارق كليم الله تعالى ويدور على صحبة الجهال ومن لا يعرف
كيف يتوضأ ولا كيف يصلي الوجه التاسع أن الأمة مجمعة على أن الذي يقول أنا الخضر لو قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا وكذا لم يلتفت إلى قوله ولم يحتج به في الدين إلا أن يقال إنه لم يأت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بايعه أو يقول هذا الجاهل إنه لم يرسل إليه وفي هذا من الكفر ما فيه الوجه العاشر أنه لو كان حيا لكان جهاده الكفار ورباطه في سبيل الله ومقامه في الصف ساعة وحضوره الجمعة والجماعة وتعليمه العلم أفضل له بكثير من سياحته بين الوحوش في القفار والفلوات وهل هذا إلا من أعظم الطعن عليه والعيب له) اهـ
والله أعلم.
ـ[محمد12]ــــــــ[03 - 12 - 04, 10:35 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مال شيخ الاسلام في كتابه النبوات الى القول بان الخضر ليس حيا انظر صفحه 1055 وما بعدها وهو في آخر صفحات الكتاب علما ان كتاب النبوات من آخر ما الف شيخ الاسلام كما قال محقق الكتاب الدكتور عبد العزيز الطويان فيكون هذا القول اخر القولين عند شيخ الاسلام والله اعلم
ـ[الرايه]ــــــــ[06 - 02 - 05, 10:43 م]ـ
ذكر الشيخ عبد العزيز السدحان في كتابه آراء خاطئة وروايات باطلة في سير الأنبياء والمرسلين عليهم السلام.
كلاماً حول هذه المسألة من صفحة 103 - 106
وذكر احتمالا حول كلام ابن تيمية الموجود في الفتاوى 4/ 338 - 339
وهو أن هناك جواباً لابن الصلاح يشبه الموجود في الفتاوى فربما كان هناك اختلاط على الجامع أو الناقل في مجموع الفتاوى.
والله أعلم
ـ[عبدالعزيز بن ابراهيم النجدي]ــــــــ[11 - 05 - 09, 06:53 م]ـ
قال الشيخ بكر أبو زيد_رحمه الله_:
وهذه الفتوى لم نرى من نقلها عن شيخ الاسلام ابن تيمية _رحمه الله تعالى_ قبل الشيخ ابن قاسم _رحمه الله تعالى_ , وقد علق عليها بقوله (4/ 338): (هكذا وجدت الرسالة) ا. هـ ,
ومعلوم أن الشيخ ابن قاسم -رحمه الله تعالى_ لايعلق على الفتاوى بمثل ذلك, فلولا أنه في شك من هذه الفتوى لما علق عليها لآنها تخالف سائر أقواله وفتاويه في الخضر, وما ينقله عنه الكافة, وبخاصة أخص تلاميذه ابن القيم_رحمه الله تعالى_ .. ) [الردود ص357]
قال الشيخ ناصر الفهد _فك الله أسره_: [صيانة مجموع الفتاوى من السقط والتصحيف]
والذي يظهر أنها ليست له, فهي تخالف ما قرره الشيخ رحمه الله في مواضع من أن الخضر قد مات:
1_ منها: ماذكره قبل هذه الفتوى بصفحة حين سئل عن حياة الخضر وإلياس, فقال: (إنهما ليسا من الأحياء ولامعمران).
2_ ومنها قوله في الفتاوى:1/ 249: (فإن خضر موسى مات كما بين هذا في غير هذا الموضع).
3_ ومنها قوله في (المنهاج):4/ 93: (والذي عليه سائر العلماء المحققون أنه مات).
4_ ومنها قوله في الفتاوى:27/ 100_101 (والصواب الذي عليه المحققون أنه ميت, وأنه لم يدرك الاسلام, ولو كان موجودا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لوجب عليه أن يؤمن به, ويجاهد معه, كما أوجب الله ذلك عليه وعلى غيره, ولكان يكون في مكة والمدينة, ولكان يكون حضوره مع الصحابة للجهاد معهم وإعانتهم على الدين أولى به من حضوره عند قوم كفار ليرقع لهم سفينتهم, ولم يكن مختفيا عن خير أمة أخرجت للناس .... إلى أن قال: وإذا كان الخضر حيا دائما فكيف لم يذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك قط, ولا أخبر به أمته, و لاخلفاؤه الراشدون؟!).
5_ ومنها ما ذكره ابن عبد الهادي _رحمه الله_ في (العقود الدرية) أثناء الكلام على مؤلفات الشيخ ص70: (وجواب في الخضر: هل مات أو هو حي, واختار أنه مات). [صيانة مجموع الفتاوى ص35_37].
والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/324)
ـ[أنس بن أسامة]ــــــــ[12 - 05 - 09, 01:28 ص]ـ
ليس معنى وجود شيئ يخالف ماعليه الناس يكون مدسوسا على صاحبه
فهذا الروح لشيخ الاسلام ابن القيم ,والكبائر لصنوه, ورسالة الصلاة لامامنا رحمه الله ورضى عنه
وفى الموطأ "ص304" "كتاب الصيام" قال مالك رحمه الله:من أكل أو شرب فى رمضان ساهيا أو ناسيا أو ماكان من صيام واجب عليه أن عليه قضاء يوم مكانه
كتاب صيام التطوع "ص306" قال يحيى سمعت مالكا يقول: من أكل أوشرب ناسيا فى صيام تطوع فليس عليه قضاء. وليتم يومه الذى أكل فيه أو شرب وهو متطوع ولا يفطره.وليس على من أصابه أمر يقطع صيامه وهو متطوع قضاء اذا كان انما أفطر من عذر غير متعمد للفطر
وقد روى الامام حديث من أكل أو شرب ناسيا
أما من جهة الفتوى فمعلوم ما لائمتنا من قديم وحديث؛وما امامنا الشافعى منا ببعيد
والسلام [/ color]
ـ[أنس بن أسامة]ــــــــ[12 - 05 - 09, 01:35 ص]ـ
ثم شيخ الاسلام رحمه ورضى عنا وعنه قد عقد فصلا بعده مباشرة فى موت الخضر عليه من الله السلام
فلما لم ينوه عليه صاحبنا؟
ظنى أنه غير متعمد
والله أعلم
أبو عمرو
ـ[أنس بن أسامة]ــــــــ[15 - 05 - 09, 01:11 ص]ـ
ولعلى أنقل ما سطره شيخ الاسلام رحمة عليه فيما بعد
ـ[أنس بن أسامة]ــــــــ[15 - 06 - 09, 11:29 م]ـ
ولعلى أنقل ما سطره شيخ الاسلام رحمة عليه
ـ[أبو الطيب الروبي]ــــــــ[18 - 06 - 09, 01:25 م]ـ
أذكر أن الشيخ /عبد الكريم الخضير -حفظه الله تعالى! تعرض لهذه المسألة في شرحه لكتاب التجريد الصريح الذي تثبه إذاعة القرآن الكريم.
ويعلق في ذاكرتي من كلامه حفظه الله:
أنه لا ينبغي أن ينسب القول بحياة الخضر لشيخ الإسلام، لأنه مخالف لما جاء عنه في مواطن أخرى من كلامه، ثم إن أصحابه والقريبين منه كابن عبد الهادي وابن القيم نقلوا عنه أنه يقول بموته، فينبغي أن يكون القول بموته هو ما ينسب إليه" انتهى
كلامه بالمعنى ومن ذاكرة ضعيفة، لكن فيه المقصود إن شاء الله!(28/325)
نقد كتاب " الخلافات السياسية بين الصحابة " للشنقيطي (1) مقدمة
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[10 - 10 - 04, 07:34 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
أمابعد:
فقد أصدر الأستاذ محمد بن المختار الشنقيطي رسالة بعنوان " الخلافات السياسية بين الصحابة - قراءة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ)، قال في أولها (ص 25): (وليست هذه الرسالة سردًا للخلافات السياسية بين الصحابة أو خوضًا في تفاصيلها، بل هي جملة قواعد منهجية مقترحة للتعاطي مع تلك الخلافات؛ بما يعين على استخلاص العبرة منها لمستقبل أمة الإسلام).
وقد صدق في كون رسالته لم تخض في تفاصيل الخلافات السياسية بين الصحابة رضي الله عنه؛ ولكن – رغم ذلك – احتوت " قواعده المنهجية " تلك على تجاوزات عديدة، وميل عن منهج أهل السنة في مثل هذه القضايا الحساسة؛ إضافة إلى تخطئته الخاطئة لبعض العلماء الكبار؛ كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره؛ ممن أساء الظن بهم – متابعة منه لأهل البدع أو المغرضين الحاقدين في هذا العصر. ونظرًا لتأثر البعض برسالته الآنفة؛ مغترين بما جاء فيها من ادعاءات عريضة من الأستاذ – هداه الله – أنه يسير فيها على منهج " المحدثين " و" أهل الجرح والتعديل "! فقد أحببتُ أن أنصح له ولغيره من الخائضين فيما جرى بين صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ بنقد ما جاء في رسالته من تجاوزات قد يكررها غيره ممن يتابعه دون تحقيق أو تدقيق. وتبيين مخالفته الواضحة لدعاواه السابقة؛ مما أدى به إلى الاعتماد على روايات وأخبار ضعيفة، حوت كثيرًا من التحامل تجاه بعض الصحابة الكرام – كما سيأتي إن شاء الله -.
وسوف أنشر – بإذن الله - ذلك كله على حلقات في " ملتقى أهل الحديث " مستفيدًا من ملاحظات إخواني من طلبة العلم، قبل نشر الانتقادات على هيئة رسالة متكاملة.
وأبدأ – بعد الاستعانة بالله - بذكر ترجمة موجزة للأستاذ، ثم ذكرعقيدة أهل السنة والجماعة فيما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم.
منبهًا الجميع أنني منتفع في محتويات رسالتي هذه من العلماء والباحثين الذين سبقوني إلى تحقيق كثير من المسائل؛ كما سيأتي إن شاء الله، مشيرًا إلى من استفدتُ منهم في خاتمة كل مبحث.
سائلا الله أن ينفع بهذه الرسالة المختصرة إخواني المسلمين؛ وأن يضع لها القبول بينهم. والله الموفق:
ترجمة موجزة للأستاذ الشنقيطي:
- هو الأستاذ / محمد بن المختار الشنقيطي، ولد عام 1966 في الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
- باحث مهتم بالفقه السياسي والأدب الإسلامي، والعلاقات بين العالم الإسلامي والغرب. نشر عشرات البحوث والدراسات والتحليلات في مجلات ومواقع ألكترونية مشهورة، منها موقع "الجزيرة نت"، ومجلة "العصر" و"المنار الجديد" و"نوافذ". وهو يحرر "مجلة الفقه السياسي" الألكترونية: www.fiqhsyasi.com ويرأس "المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان" www.almarsad.org .
- من مؤلفاته المنشورة: "الحركة الإسلامية في السودان: مدخل إلى فكرها الاستراتيجي والتنظيمي" (ط دار الحكمة في لندن 2002 ودار قرطبة بالجزائر 2004) و"الخلافات السياسية بين الصحابة: رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ" (ط مركز الراية للتنمية الفكرية في دمشق 2004) ومن كتبه التي لم تنشر بعد: "السنة السياسية" و"الشرعية السياسية في الإسلام بين الوحي والتاريخ" و"شذرات من الفقه السياسي"، و"11 سبتمبر .. القصة والمدلول". إضافة إلى ديوان شعر بعنوان: "دموع الندى".
-عمل مدرسا لمادتي التفسير والنحو بجامعة الإيمان في صنعاء (اليمن)، وباحثا متعاونا مع المركز اليمني للدراسات الاستراتيجية.
-يقيم بالولايات المتحدة الأمريكية منذ مطلع العام 1999، حيث عمل باحثا في "جامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية" في فرجينيا، ومدرسا لمبادئ الإسلام واللغة العربية للناطقين بالانكليزية في المركز الإسلامي بواشنطن، والجامعة الأمريكية المفتوحة في فرجينيا، والمركز الإسلامي في "مودستو" في كاليفورينا. ويعمل حاليا مديرا للمركز الإسلامي في "ساوث ابلين" بولاية تكساس.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/326)
-حصل على إجازة في حفظ القرآن الكريم ورسمه وضبطه، وقراءته على مقرئ الإمام نافع بروايتي ورش وقالون عام 1981، وصحب عددا من العلماء الموريتانيين فأخذ عنهم طرفا من مختلف العلوم الشرعية والعربية، خصوصا الفقه والأصول والنحو. كما حصل على شهادة (الباكالوريوس) في الشريعة الإسلامية، تخصص الفقه والأصول عام 1989، وباكالوريوس في الترجمة (عربية – فرنسية – انكليزية) عام 1994. ويتابع الآن دراساته العليا في الإدارة المالية والإدارة العامة، في "جامعة كولومبيا الجنوبية" بولاية آلاباما الأمريكية.
-يقول الشنقيطي في حواره مع منتدى الأحرار: (أنا ممن يتشرفون بالانتماء إلى فكر حركة الإخوان المسلمين).
(انظر عن ترجمته: رسالته عن " الخلافات السياسية .. " "ص 257 - 258 " و " مقدمة حوار منتدى الأحرار معه: http://www.ala7rar.net/navigator.php?pname=topic&tid=1460 ) .
عقيدة أهل السنة فيما شجر بين الصحابة:
أجمع أهل السنة قاطبة على الكف والإمساك عما شجر بين الصحابة رضي
الله عنهم والسكوت عما حصل بينهم من قتال وحروب، وعدم البحث والتنقيب عن
أخبارهم أو نشرها بين العامة لما لها من أثر سيئ في إثارة الفتنة والضغائن وإيغار
الصدور عليهم، وسوء الظن بهم، مما يقلل الثقة بهم.
والواجب على المسلم أن يسلك في اعتقاده فيما حصل بين الصحابة الكرام
رضي الله عنهم مسلك الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة، وهو الإمساك عما
حصل بينهم رضي الله عنهم.
وكُتُبُ أهل السنة مملوءة ببيان عقيدتهم الصافية في حق الصحابة الكرام
رضي الله عنهم، وقد حددوا موقفهم من تلك الحرب التي وقعت بينهم في أقوالهم
الحسنة التي منها: سُئل عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى عن القتال الذي
حصل بين الصحابة، فقال: (تلك دماء طهّر الله يدي منها؛ أفلا أُطهر منها لساني؟ مَثَلُ أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مَثَلُ العيون؛ ودواء العيون ترك
مسها).
وسئل الحسن البصري رحمه الله تعالى عن قتال الصحابة فيما بينهم فقال:
(قتال شهده أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- وغبنا، وعلموا وجهلنا،
واجتمعوا فاتبعنا، واختلفوا فوقفنا).
وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى بعد أن قيل له: ما تقول فيما كان بين علي
ومعاوية؟ قال: (ما أقول فيهم إلاّ الحسنى).
وقال ابن أبي زيد القيرواني في صدد بيان ما يجب أن يعتقده المسلم في
أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما ينبغي أن يُذكروا به فقال: (وأن لا
يُذكر أحد من صحابة الرسول إلاّ بأحسن ذكر، والإمساك عمّا شجر بينهم، وأنهم
أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج، ويُظن بهم أحسن المذاهب).
وقال أبو عبد الله بن بطة رحمه الله أثناء عرضه لعقيدة أهل السنة والجماعة: (ومن بعد ذلك نكفّ عما شجر بين أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
وقد شهدوا المشاهد معه، وسبقوا الناس بالفضل؛ فقد غفر الله لهم، وأمرك
بالاستغفار لهم، والتقرب إليه بمحبتهم، وفرض ذلك على لسان نبيه وهو يعلم ما
سيكون منهم أنهم سيقتتلون؛ وإنما فُضلوا على سائر الخلق؛ لأن الخطأ العمد قد
وُضِعَ عنهم وكل ما شجر بينهم مغفور لهم).
وقال أبو عثمان الصابوني في صدد عقيدة السلف وأصحاب الحديث:
(ويرون الكف عمّا شجر بين أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتطهير
الألسنة عن ذكر ما يتضمن عيباً لهم ونقصاً فيهم، ويرون الترحم على جميعهم
والموالاة لكافتهم).
وقال أبو عبد الله القرطبي رحمه الله: (لا يجوز أن ينسب إلى أحد من
الصحابة خطأ مقطوع به؛ إذ كانوا كلهم اجتهدوا فيما فعلوه وأراد الله عز وجل.
وهم كلهم لنا أئمة، وقد تُعبّدنا بالكف عمّا شجر بينهم، وألاّ نذكرهم إلا بأحسن
الذكر لحرمة الصحبة، ولنهي النبي -صلى الله عليه وسلم-عن سبهم، وأن
الله غفر لهم وأخبر بالرضى عنهم).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في عرضه لعقيدة أهل السنة والجماعة
فيما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم: (ويمسكون عما شجر بين الصحابة
ويقولون: إن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كذب، ومنها ما قد زيد
فيه ونقص، وغُيّر عن وجهه، والصحيح منه هم فيه معذورون: إما مجتهدون
مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/327)
وكذلك ما ذكره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله حيث قال: (وهذا الذي حصل
أي بين الصحابة موقفنا نحن منه له جهتان:
الجهة الأولى: الحكم على الفاعل، والجهة الثانية: موقفنا من الفاعل.
أما الحكم على الفاعل فقد سبق، وأن ما ندين الله به أن ما جرى بينهم فهو
صادر عن اجتهاد، والاجتهاد إذا وقع فيه الخطأ فصاحبه معذور مغفور له.
وأما موقفنا من الفاعل فالواجب علينا الإمساك عما شجر بينهم. ولماذا نتخذ
من فعل هؤلاء مجالاً للسب والشتم والوقيعة فيهم والبغضاء بيننا؟ ونحن في فعلنا
هذا إما آثمون، وإما سالمون ولسنا غانمين أبداً).
فهذه طائفة من كلام أكابر علماء الإسلام من سلف هذه الأمة والمعاصرين؛
تبيّن منها الموقف الواجب على المسلم أن يقفه من الآثار المشتملة على النيل من
أحد من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين بسبب ما وقع بينهم من شجار، وخلاف، ومقاتلة؛ خاصة في حرب الجمل وصفين، وهو صيانة القلم واللسان عن ذكر ما
لا يليق بهم، وإحسان الظن بهم، والترضي عنهم أجمعين، ومعرفة حقهم ومنزلتهم، والتماس أحسن المخارج لما ثبت صدوره من بعضهم، واعتقاد بعضهم أنهم
مجتهدون؛ والمجتهد مغفور له خطؤه إن أخطأ، وأن الأخبار المروية في ذلك منها
ما هو كذب، ومنها ما قد زيد فيه أو نقص منه حتى تحرّف عن أصله وتشوّه. كما
تبين من هذه النقول المتقدم ذكرها أن عقيدة الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة فيما
شجر بينهم هو الإمساك.
فالإجماع قد وقع من علماء المسلمين على السكوت عما شجر
بين الصحابة، وعدم التنقيب أو التنقير عما حصل بينهم من حروب وقتال؛ ولو
حسنت نية المتكلم أو السامع.
اعتراض:
لعل قائلاً يقول: قد سلمنا بما ذكرته وقرّرته آنفاً عن السلف، لكنّ هذا محمول
على من أراد ذكر ما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم على وجه التنقيص
والبغض، وسوء الظن بهم ونحوه مما هو مثار للفتنة عياذاً بالله.
أما من أراد ذكر ذلك على وجه المحبة للجميع، مع سلامة الصدر والترحم
عليهم وحسن الظن بهم؛ فهذا ليس محل نزاعنا!
أقول: لا يُسلّم لك ما قلته لعدة مخالفات شرعية؛ منها:
1 - أن هذا القول خلاف الأصل المقرر عند عامة السلف والخلف، وهو
السكوت عما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم، سواء كان الحديث عنهم عن
حسن ظنٍ أو سوء ظن لما في ذلك من درء للمفسدة الحاصلة وسدّ للذريعة المفضية
للشبه والفتنة كما هو معلوم من الواقع بالضرورة.
فهذا العوام بن حوشب يقرر هذا الأصل: (أدركت من صدر هذه الأمة
بعضهم يقول لبعض: (اذكروا محاسن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
لتأتلف عليها القلوب، ولا تذكروا ما شجر بينهم فتحرّشوا الناس
عليهم)، وبلفظ آخر قال: ( .. فتجسّروا الناس عليهم).
2 - وكذلك هو أيضاً خلافٌ للأصل المحقق وهو الوقوع في الفتنة؛ ولهذا لا
يجوز لك أن تخالف أصلاً محققاً رجاء سلامة صدرٍ مظنونة!
فقد قال رسول الله: (الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما مشتبهات لا يعلمها
كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في
الشبهات وقع في الحرام، كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه؛ ألا وإن لكل
ملك حمى، ألا إن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح
الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي: القلب).
وعن الحسن بن علي قال: حفظت من رسول الله: (دع ما يريبك إلى ما لا
يريبك).
3 - أيضاً في ذكر ما حصل بين الصحابة رضي الله عنهم مع ادعاء أمن الفتنة
وسلامة الصدر؛ أمنٌ من مكر الله تعالى، عياذاً بالله فقد قال الله تعالى في سورة
الأعراف: ? أََفَأََمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَاًمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إلاَّ القَوْمُ الخَاسِرُونَ ?.
وكذلك فيه تعرّض للفتن التي طالما استعاذ منها النبي؛ فعن المقداد بن الأسود
قال: وأيم الله! لقد سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن السعيد
لمن جُنّب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، ولمن
ابتلي فصبر فواها).
4 - لو سلمنا أن أحداً خاض فيما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم؛ ثم
خرج من ذلك بسلامة صدر وصفاء قلب؛ لكان هذا تحصيل حاصل ونوع عبث،
ومخالفة لمنهج السلف الصالح تجاه هذه الفتنة، بل هو في الحقيقة ضرب من
الخيال، وخلاف الواقع المألوف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/328)
اعتراض آخر:
قد يقول قائل: إننا نجد بعض علماء أهل السنة قد ذكر ماشجر بين الصحابة في مصنفاته؛ كالذهبي مثلا.
والجواب: أن علماء أهل السنة عندما يُضطر أحدهم لهذا - بسبب ما - فإنه يكون قد أصل قبله عقيدة السلف في حفظ مكانة الصحابة، وعدم لمزهم أو تنقصهم أو التحامل على بعضهم .. الخ مما تراه في كتب من لم يقدر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قدرهم.
إضافة إلى أن المقرر والأصل عند هؤلاء العلماء (الكف عما شجر بينهم)؛ إلا أن يستدعي أمرٌ خلاف ذلك؛ كتوضيح مشكل، أو دفاع عنهم تجاه من يثير عليهم الأقاويل، ويفتري الأكاذيب، ويتأول الأحداث بهواه.
يقول شيخ الإسلام رحمه الله مبينًا هذا: (ولهذا أوصوا – أي العلماء – بالإمساك عما شجر بينهم؛ لأنا لا نُسأل عن ذلك؛ كما قال عمر بن عبدالعزيز: " تلك دماء طهر الله منها يدي، فلا أحب أن أخضب بها لساني " وقال: " تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تُسألون عما كانوا يعملون ". لكن إذا ظهر مبتدعٌ يقدح فيهم بالباطل، فلا بد من الذب عنهم، وذكر ما يُبطل حجته بعلم وعدل). (منهاج السنة، 6/ 254).
ويقول – أيضًا -: (ولهذا كان من مذاهب أهل السنة: الإمساك عما شجر بين الصحابة؛ فإنه قد ثبتت فضائلهم، ووجبت موالاتهم ومحبتهم، وما وقع منه ما يكون لهم فيه عذر يخفى على الإنسان، ومنه ماتاب صاحبه منه، ومنه مايكون مغفورًا. فالخوض فيما شجر يُوقع في نفوس كثير من الناس بُغضًا وذمًا، ويكون هو في ذلك مخطئًا، بل عاصيًا، فيضر نفسه ومن خاض معه في ذلك؛ كما جرى لأكثر من تكلم في ذلك، فإنهم تكلموا بكلام لايُحبه الله ولا رسوله؛ إما من ذم من لايستحق الذم، وإما من مدح أمور لاتستحق المدح). (منهاج السنة 4/ 448 - 449).
ولهذا لم يُصب الأستاذ عندما قال في (ص 30) من رسالته: (لقد كان التحرج من الخوض في الخلافات السياسية بين الصحابة واضحًا وشائعًا لدى علماء الأمة وصلحائها؛ لكن ذلك لم يمنعهم من الخوض فيه لغاية التعليم والتأصيل والاعتبار)؛ لأن من خاض في ذلك من العلماء الثقات حفظ مكانة الصحابة، ولم ينحرف عنهم أو يُصدق ما قيل فيهم من المفترين؛ كما هو صنيعك – هداك الله -؛ كما سيأتي تفصيله إن شاء الله.
(انظر: مقال الشيخ ذياب الغامدي " فضيلة الإمساك عما شجر بين الصحابة " مجلة البيان، العدد 134. ورسالة الدكتور ناصر الشيخ " عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام ").
تنبيه: توثيق النقولات التي لم تُوثق سينشر مع الرسالة لاحقًا إن شاء الله.
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[10 - 10 - 04, 08:04 م]ـ
وقال الشيخ عبدالله السعد في مقدمته لكتاب الأخ حمد الحميدي " الإبانة لما للصحابة من المنزلة والمكانة " (ص 66 - 67):
(ومعنى " إذا ذكر أصحابي فأمسكوا " عدم الكلام فيهم، وليس معناه عدم ذكر ما جرى مثلا في صفين أو الجمل؛ فإن هذا أولا أخبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم هو تاريخ، ولذلك ذكره ودونه أهل العلم، بل وألفت المؤلفات الخاصة في ذلك، وأطال الكلام في ذلك ابن جرير وابن كثير وابن حجر وغيرهم من أهل العلم؛ ولكن لم يبنوا على هذا القدح في الصحابة والطعن فيهم).
ـ[عبدالله بن عقيل]ــــــــ[10 - 10 - 04, 08:53 م]ـ
يكفي ذلك الكتاب سوءاً: أنه بتقريظ راشد الغنوشي.
ـ[ابن دحيان]ــــــــ[12 - 10 - 04, 09:16 م]ـ
بورك فيك يا شيخ سليمان
لكن آمل رقم كلام الشنقيطي بلون مغاير حتى نكون منه على بال وانقى للخيال.
لي عودة بإذنه تعالى
ـ[عبدالرحمن العلي]ــــــــ[12 - 10 - 04, 09:39 م]ـ
بارك الله فيك يا شيخ سليمان
والكتاب له انتشار بين بعض الفئات وقد أهدي إلي قبل فترة وقرأته على عجل ووجدت فيه ملحوظات وغالب المفكرين الذين لم يرسخوا في العلم الشرعي يقعون في مثل هذه الاشكاليات كتحكيم عقولهم ورؤيتهم ذات المنطلقات السياسية فيما شجريبن الصحابة رضوان الله عليهم واذكر أنه أجلب على كتاب العواصم من القواصم وسماهم أصحاب التشيع السني إلا أنه نقد مروياتهم نقداً حديثيا أتمنى أن تجليه دراستك
بقي شيخي الفاضل أن نترسم سبيل الرفق مع أمثال الشيخ الشنقيطي وحمل كلامهم واجتهادهم على أحسن المحامل دون جور أو تعدي وهذا مع كونه من العدل المأمور به فهو طريق لتقبل صاحب الكتاب ومؤيديه
سدد الله خطاكم وبارك في جهودكم
ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[12 - 10 - 04, 11:08 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا سليمان وقد كنت أتمنى أن يوفق الله للرد على هذا الرجل الساخر بمنهج السلف والمنفر عنه في كثير من أطروحاته ومقالاته والحمد لله أن وفقكم الله لذلك فأكمل شيخنا بارك الله فيكم وسدد خطاكم.
وأحب أن أنبه إلى شيء مهم وهو التفريق بين شيخنا الفاضل محمد المختار الشنقيطي الفقيه الأستاذ بالجامعة الإسلامية بالمدينة وصاحب المحاضرات الكثيرة في الزهد والأخلاق وغيرها ....... وبين هذا الرجل، فهو تشابه أسماء فقط كعادة الشناقطة في أسمائهم المتكررة.
والذي دفعني إلى هذا قول الأخ عبد الرحمن العلي وفقه الله:"بقي شيخي الفاضل أن نترسم سبيل الرفق مع أمثال الشيخ الشنقيطي وحمل كلامهم واجتهادهم على أحسن المحامل دون جور أو تعدي وهذا مع كونه من العدل المأمور به فهو طريق لتقبل صاحب الكتاب ومؤيديه".
فأظن أنه يظن أن محمد المختار هذا هو الفقيه المعروف وليس الأمر كذلك وإذا تبين أنه ليس هو فلا مجال لكلمة مثل:"أمثال الشيخ الشنقيطي وحمل كلامهم واجتهادهم على أحسن المحامل ". فهؤلأ ليس أهل إجتهاد أصلا بل هم كما سيبين شيخنا الخراشي وفقه الله والله الموفق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/329)
ـ[عبدالرحمن العلي]ــــــــ[13 - 10 - 04, 01:42 م]ـ
أخي أبا عمرو المصري وفقه الله:
لعل وصفي للشنقيطي بأنه شيخ لم يكن سديدا والحق أني أعرف الفرق بين الشخصين جيداً وكنت أقرأ للمفكر الشنقيطي قبل ذلك في مجلة العصر والجزيرة نت وغيرها ومن أخطائه وصفه مسألة الرد على المبتدعة من الاشاعرة والجهميةوغيرها أنها (ثقافة الأموات) في معرض إنتقاده للشيخ سفر حفظه الله ومع ذلك فلا زلت عند رأيي وإقتراحي في أهمية الرفق في الرد على هؤلاء قال تعالى (فقولا له قولاً لينا لعله يتذكر أو يخشى) و قال صلى الله عليه وسلم (الرفق ماكان في شيء إلا زانه)
ومن شأن إغلاظ بعض مشايخنا الفضلاء في الرد أن يتسبب في إنفضاض عامة الناس عن الحق الذي فيه مع أن المراد من هذه الردود الذهب عن مذهب أهل السنة والجماعة وتحذير المسلمين من هذه الكتابات أو الأخطاء وهذا يمكن تحصيله بالرفق مع المخالف خاصة في عصرنا الحاضر
هذا رأيي المتواضع والله أعلم بالصواب
ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[13 - 10 - 04, 04:52 م]ـ
أخي الكريم عبدالرحمن العلي .. أبشرك ... فالشيخ الخراشي وفقه الله له منهج مميز في الردود يعرفه من قرأ نظرات شرعية في فكر منحرف وغيره من كتاباته المفيده ولا أريد أن نناقش الآن المنهج في الردود حتى لا يخرج بنا الموضوع عن أصله وندع الآن الشيخ الخراشي وفقه الله حتى يذب عن منهج أهل السنة والجماعة وأسأل الله أن يسدد رميه ويوفقه إلى كل خير
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[13 - 10 - 04, 11:29 م]ـ
وقال الدكتور خالد الغيث في رسالته " وقفات هادئة مع أشرطة قصص من التاريخ الإسلامي " للسويدان، بعد أن نقل أقوال السلف في النهي عن الخوض فيما شجر بين الصحابة، (ص 13 - 14):
(مما سبق نخلص إلى أن الأصل في منهج أهل السنة والجماعة هو السكوت عما شجر بين الصحابة رضوان الله عليهم، لكن إذا دعت الحاجة إلى الحديث في هذه المسألة الشائكة فينبغي مراعاة الضوابط التالية التي ذكرها أهل العلم في ثنايا حديثهم:
1 - وجود ضرورة شرعية تستدعي مناقشة هذا الأمر؛ كالمنافحة عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإظهار عذرهم، والرد على أهل البدع القادحين في أحد منهم.
2 - أن من يتصدى لهذا الأمر يجب عليه أن يتسلح بالحجة والبرهان؛ حتى لا يفتي بغير علم.
3 - أن من يتصدى لهذا الأمر يجب عليه أن يلزم العدل والانصاف؛ حتى لايظلم نفسه ويظلم غيره.
4 - الإمساك عن مناقشة هذا الأمر والتحدث به أمام العامة).
ـ[متعلم 1]ــــــــ[14 - 10 - 04, 03:51 ص]ـ
الشيخ سليمان جزاك الله خيرا
وتنبيه لطيف:
بخصوص مقال الشيخ ذياب الغامدي (فضيلة الإمساك عما شجر بين الصحابة) والذي نُشر في مجلة البيان.
لقد وسع الشيخ مقاله وأتى بأبحاث جميلة بديعة، ولطائف فريدة، وأخرجه في كتاب وُسِم بـ (تسديد الإصابة فيما شجر بين الصحابة) وقدم له الشيخ صالح الفوزان وهو مطبوع من أكثر من عام، وهو الآن سيطبع الطبعة الثانية منه، ويقع الكتاب في مائتي صفحة تقريبا.
والله الموفق.
رابط كتاب تسديد الإصابة في موقع الشيخ ذياب الغامدي http://www.thiab.com/books.htm
ـ[أبو عمر المدني]ــــــــ[15 - 10 - 04, 12:11 م]ـ
بارك الله بأبي مصعب ..
وهكذا .. حُمى سياسية وتخبطات منهجية وعقدية .. واصل بارك الله فيك ..
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[20 - 10 - 04, 08:07 م]ـ
تحية طيبة لجميع المشاركين ممن أستفيد من تنبيهاتهم وتوجيهاتهم ..
قال الذهبي - رحمه الله -:
(كما تقرر عن الكف عن كثير مما شجر بين الصحابة وقتالهم رضي الله عنهم أجمعين، وما زال يمر بنا ذلك في الدواوين والكتب والأجزاء، ولكن أكثر ذلك منقطع وضعيف، وبعضه كذب، وهذا فيما بأيدينا وبين علمائنا، فينبغي طيه وإخفاؤه، بل إعدامه لتصفو القلوب، وتتوفر على حب الصحابة، والترضي عنهم، وكتمان ذلك متعين عن العامة وآحاد العلماء، وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوة للعالم المنصف العري عن الهوى، بشرط أن يستغفر لهم، كما علمنا الله تعالى حيث يقول: ((والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا)).). (سير أعلام النبلاء، 10/ 92 - 93).
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[30 - 12 - 04, 04:18 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/330)
عاجل .. من أخيكم محمد بن المختار الشنقيطي
السلام عليكم وبركاته شيخنا الكريم سليمان الخراشي حفظه الله
اطلعت على الحلقتين الأوليين من ردكم على كتابي: "الخلافات السياسية بين الصحابة"، وعلى تعلقيات القراء عليهما، وقد لا حظت أنكم تعتمدون الرد على نسخة غير صحيحة من الكتاب، وقد صدرت هذه النسخة عن "مركز الراية" بعد أن أسقط الناشر – غفر الله له- كل الإحالات من الكتاب (468 إحالة) فأفقدت الكتاب قيمته العلمية، كما غير العنوان الفرعي من "رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ" إلى "قراءة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ". وقد طالبت الناشر أن يصدر طبعة جديدة فيها الإحالات كلها، حتى يجد قارئ الكتاب – سواء بعين الرضا أو السخط- النص كما كتبه مؤلفه. وقد صدرت بحمد الله عن نفس الناشر منذ حوالي شهرين نسخة صحيحة تشتمل على كل الإحالات العلمية الموجودة في أصل الكتاب، وهي متوفرة في السعودية وسوريا وغيرهما.
وليكن في علمكم الكريم أني أقدر حماسكم وغيرتكم وحبكم لصحابة رسول الله صلى الله وسلم، وأسأل الله أن يثيبكم على ذلك. لكني – لا بد- مختلف معكم في قراءة تلك الحقبة من تاريخ الإسلام، وحجتي ما أثبته في كتابي من الأحاديث الصحيحة، وأقوال أعلام السنة مثل ابن تيمية والذهبي وغيرهما.
ولذلك أرجو البعد عن التعميم الذي طبع حلقتيك السابقتين، فأنا لا أجهل كلام أهل السنة حول "الكف عما شجر بين الصحابة"، ومن قالوا هذا الكلام هم عمدتي في كتابي. لذا أنصحكم بالدخول في حوار علمي أكثر رصانة، يتناول النصوص ثبوتا، والدلالة تحليلا، ويناقش تفاصيل الأحداث ومراميها، دون مراء أو جدل عقيم، ودون تهويل وتعميم، ليكون ردكم عليَّ مفيدا لي وللقراء ولعموم الأمة. وأعدكم بتصحيح أي خطإ تظهرونه لي بالدليل، بكل سعة صدر وطيب خاطر، معترفا لكم بالعلم والفضل، ومعترفا على نفسي بالجهل والتقصير.
والله يبارك جهدكم ويحفظكم.
أخوكم/ محمد بن المختار الشنقيطي
تكساس- الولايات المتحدة
ـ[المضري]ــــــــ[30 - 12 - 04, 05:08 ص]ـ
حياكم الله أستاذ محمد المختار , وأهلاً وسهلاً بكم في هذا الملتقى العلمي الرائع.
قلت " وأعدكم بتصحيح أي خطإ تظهرونه لي بالدليل، بكل سعة صدر وطيب خاطر، معترفا لكم بالعلم والفضل، ومعترفا على نفسي بالجهل والتقصير "
وأقول جزاك الله كل خير على هذا الخلق الجميل , هكذا هم طلاب الحق.
بإنتظار نقاش علمي جميل مع شيخنا أبي مصعب.
ـ[راضي عبد المنعم]ــــــــ[30 - 12 - 04, 01:17 م]ـ
جزاكم الله خير الجزاء
أعجبني تعليق بعض مشايخنا الكرام على قضية اختلاف الصحابة رضي الله عنهم، حيث قال في كلام له في رسالة بعنوان ((عدالة الصحابة رضي الله عنهم)) (ص/14 - 15):
((أَكْثَر الناسُ من الحديث حول ما شَجَرَ بين الصحابة رضي الله عنهم، وأَدْلَى كلٌّ بدلوه، عن علم وعن غير علم، وأخذ منه كثيرٌ من العالمانين في عصرنا سبيلاً للطعن في سادات الأمة ونجومها الكبار.
فاعلم رحمك الله تعالى وألهمك الرشد: أن جيل الصحابة رضوان الله عليهم لم يُعْرَف له نظير فيما سبقه أو تلاهُ من عصور، فكان جيلاً فريدًا في سلوكياته، وإيمانه، كما كان فريدًا في حربه أو اختلافه، وبالجملة كان فريدًا في كل شيئ.
فهذا موقف واحد مما شجرَ بينهم، وهو (واقعة الجَمَل)، والتي قادتْ عائشةُ رضي الله عنها أَحَدَ جَنَاحَيْها، فاعتزلَ بعضُ الصحابة فريقها، وذَكَّرَ الناسَ بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تولية النساء لمقاليد الأمور، ومع ذلك سارت عائشة مع آخرين من الصحابة، فخطب عمار بن ياسر رضي الله عنه في المخالفين لعائشة ـ وهو منهم ـ قائلاً: ((إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة، ولكن الله ابتلاكم بها ليعلم إِيَّاه تطيعون أم هي؟))، ينهاهم عن الخروج في وجه زوجة نبيهم صلى الله عليه وسلم، وهو معهم! ويتّجه إلى عائشة قائلاً: ((ما أبعد هذا المسير)) فتقابله بقولها: ((إنكَ ما علمت قَوَّالاً بالحق))، هذا مع عزمها على الرجوع حين سمعت نبيح كلاب ((الحوْأَب)) لكن ليقضي الله أمرًا كان مفعولاً.
فانظر يرحمك الله إلى صفاء هذا الخلاف من اتِّباع الهوى، حتى يشهد عمار لعائشة كما تشهد هي له، ومن قبل تحاول الرجوع ثانيةً، فهل ثَمَّ هوى أو عصبية؟!
اللهم: لا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/331)
وكأنَّ الله عز وجل أتاح اختلافهم ليظهر لمن بعدهم كيف يختلفون، أو أنه سبحانه وتعالى نصب هذا الاختلاف فتنة لمن بعدهم، ليميز من يعرف لهم قدرهم، ومن يسلّم بفضل من اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ممن لم يُسلّم لقدَر الله واختياره.
إِنَّ ما شجرَ بين الصحابة رضي الله عنهم ليس إلا اجتهادات صافية خالية من شوائب الهوى، ووساوس الشياطين، ومن ثَمّ لم تدع أثرًا في المجتمع المسلم حينئذ فضلاً عن الأزمنة التالية.
لكنّك إذا نظرتَ ـ رحمك الله ـ إلى خلافات الخوارج، وغيرهم من المارقين عن السنة: تَرَى كيف أَثّرَتْ هذه الخلافات على المجتمع المسلم في عصوره الأولى، كما دام أثرها عليه حتى عصرنا؛ يهدأ حينًا، ويشتعل أحيانًا.
ومن ثَمّ لا تخلط رحمك الله بين الأمور، ولا تحسب كل اختلافٍ يشبه غيره، على وتيرة ((كل ما هو مدوّر رغيف))!
لقد بُنِيَت اجتهادات الصحابة على مُقَدِّماتٍ سليمة، وما بُنِيَ على مقدمات صحيحة قُبِلَ بغض الطرف عن نتائجه؛ إِذِ المقدمة أساس النتيجة، فما صَحَّتْ مقدمته؛ صَحَّتْ نتيجته.
أما الخوارج والعالمانيين، وغيرهم من المارقين فلا مقدمة لهم سوى الهوى والانحراف عن الجادة فالنتيجة مردودةٌ حتمًا.
فاعلم ذلك رحمك الله، ولا تخلط بين الأوراق فتهلك)).
انتهى بحروفه
نعم جزى الله شيخنا الكريم خيرًا على تعليقه الجميل، والذي فهمت منه قضايا عديدة منها:
1 - تفكير أمنا عائشة رضي الله عنها بالرجوع أثناء السير، وهذا ينافي تمامًا خطط العسكر والحروب التي تقوم على التقدم ومحاولة كسب الأرض لا التقهقر والانسحاب.
إذًا فلم تخرج عائشة رضي الله عنها لحربٍ!! وإنما خرجت رضي الله عنها لتأويلٍ واجتهادٍ، ليعلمنا الله من خلالها درسًا في الاختلاف.
2 - شهادة عمار رضي الله عنه لعائشة رضي الله عنها، وشهادتها له، رضي الله عنهما، رغم اختلاف الفريقين في الظاهر!!!!
يا الله!!
ما أروعكم!!
والله الذي لا إله إلا هو، لو لم أكن مسلمًا ولله الحمد، ورأيتُ مثل هذا: ما ترددتُ لحظة عن السجود في الكعبة، والندم على التفريط.
كم أنتِ رائعة ومنصفة يا أمنا رضي الله عنكِ؟!
كم أنتَ رائع ومنصف يا عمار رضي الله عنكَ؟!
هنيئًا لنا بكما وبالعشرة المبشرين بالجنة وسائر الصحابة من الأنصار والمهاجرين وغيرهم رضي الله عنهم جميعًا.
3 - في هذا الموقف ما يعني عدم وجود خلافات شيطانية بين الصحابة أصلاً، وإنما المسألة مجرد اجتهادات وتأويلات وفقط.
4 - في تخلف بعض الصحابة عن الفريقين، وعدم خروجهم، بناءً على ما وصلهم من أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، في ذلك درسٌ كبير.
أولاً: بلغهم الحديث فتوقفوا عنده.
ثانيًا: لم يُجبرهم أحدٌ على الخروج معه، ولا اتهمهم بالخيانة، ولا حاكمهم بتهمة الفرار من الجندية!!
فماذا يعني ذلك كله؟؟
يعني أن المسألة لم تكن حربًا بالمعنى المفهوم للحرب.
يعني صفاء الساحة، وإن تشابهت الأسماء، أو سمّاها بعضهم حربًا.
5 - وجود مثل هذا الاختلاف بغرض ابتلاء من بعدهم، وهذا درسٌ رائعٌ وجميل.
لأن مبنى الشريعة على الابتلاء، ليميز الله الخبيث من الطيب، وقد اختار الله لنبيه صلى الله عليه وسلم صحابة أطهارًا كرامًا، وابتلانا باختلافهم لحكمةٍ يعلمها سبحانه؛ قد تكون لتعليم من بعدهم طريقة الاختلاف، وقد تكون بغرض التمييز بين المنافق الذي يتربص الدوائر، ويُمَزّق الصفوف بالخوض في مثل هذا، وبين الصادق المؤمن المسلم، المتذلل لربه، الداعي، والمسَلّم بقَدَره في اختياره لصحابة نبيه صلى الله عليه وسلم.
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[30 - 12 - 04, 04:33 م]ـ
السلام عليكم أخي الكريم الشيخ سليمان الخراشي حفظه الله ..
أهلا وسهلا برسالتكم الأخوية، ونصيحتكم الطيبة بالقرب من العلماء.
وأرجو أن يتسع صدركم لنقاش علمي مفتوح حول كتابي "الخلافات السياسية بين الصحابة" على صفحات هذا الموقع أو غيره، نبدأه بالتعارف، ونلتزم فيه بمعايير علمية نتفق عليها. منها:
1 - توثيق القول وعدم قبول أي رواية لم يتم إسنادها إلى مرجعها وتثبت صحتها بمعايير أهل الحديث
2 - التزام كلام المحققين من علماء أهل السنة الأقدمين المعروفين بخبرتهم بتاريخ الصحابة، وغيرتهم على أعراضهم.
3 - التزام أدب الحوار وخلق الإسلام، والابتعاد عن التجريح الشخصي والكلام الساقط والتهم الجزافة.
4 - االتزام بإقرار كل محاور لصاحبه بما برهن عليه من حق، وما بينه لمحاوره من خطإ بالدليل دون عناد أو لجاج.
5 - النظر لذات القول لا لقائله، فانتمائي للإخوان أو لغيرهم، لا يبنغي أن يحول دون قبول قولي إن عضده الدليل، ولك مني مثل ذلك.
فإن وجدت هذه المعايير منصفة، فتوكل على الله، وابدأ بالتعريف بنفسك، وخرج النصوص التي ذكرتها في حلقتيك السابقتين حتى يعرف القراء قيمتها العلمية.
وليكن في كريم علمكم أني لا تهمني مكانة الشناقطة وأمجادهم، بل الوصول إلى الحق الثابت علميا الذي أدين به ربي.
وأخيرا كلام د. القلعجي موجود مخرجا في كتابي، وقد كتبه في هامش تحقيقه لكتاب "جامع المسانيد والسنن". وقد أوردته رادا عليه لا مقرا له كما تعرف، فحديثكم عن "اغتراري به" في غير محله. وكل ما تحتاجه هو الحصول على نسخة من الطبعة الصحيحة من كتابي لتجد هذا النص وغيره من النصوص مخرجة تخريجا علميا.
فتفضل للحوار بصدر رحب، ونية خالصة وقلب مفتح.
والله يحفظك ويسدد خطاك.
أخوكم/ محمد بن المختار الشنقيطي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/332)
ـ[أبو عمر 2000]ــــــــ[30 - 12 - 04, 04:35 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا توضيح بسيط مني ولا أعرف هل هناك حاجة له أم لا
الأستاذ محمد بن المختار الشنقيطي صاحب رسالة بعنوان " الخلافات السياسية بين الصحابة - قراءة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ)
ليس هو الشيخ الجليل محمد بن محمد المختار الشنقيطي صاحب كتاب " أحكام الجراحة الطبية والآثار المتربة عليها "
http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=lessons&scholar_id=63
لأن معظم الناس يعرفون الشيخ الجليل بإسم محمد المختار الشنقيطي فقط
وجزاكم الله خيرًا
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[30 - 12 - 04, 10:40 م]ـ
الأستاذ الشنقيطي:
سبق أن أجبت عن رسالتك الخاصة هذه في رسالة خاصة!
وقلتُ:
انتظر حتى أفرغ من الملحوظات.
وفقك الله.
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[31 - 12 - 04, 12:08 ص]ـ
السلام عليكم أخي الكريم الشيخ سليمان الخراشي حفظه الله
الذي طلبته هو محاورتك أنت، لأنك من رددت على كتابي وطعنت فيه رواية ودراية، فإما أن تتقدم للمناظرة أو تعترف بخطئك وتعجلك. أما انسحابك من المناظرة، بذريعة بقائكم إخوانَنا النجديين خارج الحلبة، فتراجع لا يليق بمن يشهر قلمه ضد مخالفيه. وأما الشنقيطي الذي تفضلتم بذكره، فإن أراد محاورتي فأهلا وسهلا به، وسأحاوره إن بدأني كما بدأتني، أو نشر عملا عن كتابي يستحق النقاش العلمي. وإلا فإني لست من المغرمين بالجدل وتشقيق الكلام. وكل ما أطالبه به هو اعتماد النسخة الصحيحة من الكتاب في ردوده على الكتاب.
أما مطالبتكم لي بالتنصل من كتابي الذي بذلت فيه سنين عددا، والزمت فيه بأدق معايير التثبت كما صاغها علماء الحديث، لمجرد مقال نشرتموه على الإنترنت دون توثيق وتخريج، فلا يليق بطلاب العلم الجادين من أمثالكم فعله. ومثل ذلك اختصار المسألة في معاوية رضي الله عنه، فهو قفز منكم إلى نتائج محاورة لا تزال أنت تتردد في خوضها. أما أنا فلست من عجلة من أمري، ولن أناقشك في هذا الأمر إلا على ملإ من الناس، أو على صفحات موقع ألكتروني عام، حتى يكون أهل العلم حكما بيننا.
وأخيرا ليكن في كريم علمكم أني –علم الله- لا أذكر أني قرأت كتابا واحدا في حياتي للمدعو "المالكي"، ولا اتخذت أي كتاب لشيعي مرجعا لي أو مصدرا، ويمكنكم مراجعة لائحة مراجعي في خاتمة الكتاب، فلن تجد غير كتب الحديث، ومؤلفات أعلام السنة، وأغلب مادة كتابي مستمدة من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ الذهبي، فمن يكون أهل السنة إن لم يكونا؟
أولئك آبائي فجئني بمثلهم ... إذا جمعتنا يا جرير المَجامعُ
فكن نزيها أيها الشيخ الأغر مع ربك ونفسك، وتقدم لمناظرة علمية لا عوج فيها ولا تحامل، ولا تتهرب منها أو تتراجع بذرائع واهية، أو اعترف بأنك لست من أهل هذا الشأن ودعه لأهله، "ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا".
والله يبارك فيكم ويحفظكم
أخوكم المحب/ محمد بن المختار الشنقيطي
ـ[راضي عبد المنعم]ــــــــ[31 - 12 - 04, 12:14 ص]ـ
الشيخ سليمان الخراشي:
الأستاذ الشنقيطي:
جزاكما الله خيرًا على هذا الأدب الجم، وهذا السلوك الجميل، وممتنٌ لكما على طرح هذه الأمور بهذا الشكل، مما يجعل الأمر واضحًا وجليًّا ليتعلم منه أمثالي من الصغار فجزاكما الله خير الجزاء.
الأستاذ الشنقيطي:
ممتنٌ لمقالك وأدبك الجم في كلامك الأول، وعاتبٌ عليك في الثاني، خاصة أنك جَدّعتَ للشيخ الخراشي حفظه لله، بخلاف عادتك الأولى في الأدب العظيم، وما من مثلك ننتظر هذا، فاحرص على لغة أخرى أتعلم منها أنا والصغار أمثالي أدب المحاورات، بغض النظر عن النتيجة أو الموضوع.
أمرٌ آخر:
أستاذنا:
كتابكم لا يمكن لنا الحصول عليه أصلا بطبعتيه المشار إليهما، ولعل أكثر الناس لم يَرَهُ، فحبذا لو أرشدتنا إلى موقعه على الشبكة إن وُجِدَ حتى نقدر على متابعة الموضوع معكما بارك الله فيكم ومعايشة المسائل كما هي في كتابكم بطبعته الجديدة التي أشرتم إليها.
وقد رغبت إليَّ نفسي في الحصول على كتابكم ومطالعته، والاطلاع على ما تختلفان حوله، فهل لي من نسخة ولو إلكترونية؟ أو مطبوعة من أي مكانٍ؟
أمرٌ آخر:
أرجو الإجابة على هذا السؤال المتواضع بارك الله فيكم:
هل ثمة فائدة من النظر والطّرح لما نشأ بين الصحابة من أمور هم فيها من أهل الاجتهاد والأجر إن شاء الله تعالى؟
خاصة وأنك تعلم تلك الهجمة الشرسة التي يقوم بها أعداء الدين، والتي تقوم أساسًا على التقليب في الماضي، ومحاولة التفتيش فيما يظنونه نقاط ضعفٍ فيه؟ فضلاً عن إثارة الشُّبَه حول الموضوعات الخاصة بالصحابة الكرام؟
وخذ مثالاً على هذا وأنت خبيرٌ به:
إحياء سنة الجاهلية في الدول العربية والإسلامية، وربطها بحضارات ما قبل الإسلام؛ كالفرعونية بمصر، على سبيل المثال.
وبعض معكوسي الفطرة ممن أضلهم الله وأعمى أبصارهم من محاربي الدين الإسلامي: ينبش في القديم، فيرى فيه مثلاً أخطاء الدولة الفاطمية، فيخرج علينا فيقول: هذه أخطاء الإسلام، وهذه كذا وكذا ...
أو ربما طالبنا بالعودة لأصولنا الناصعة البيضاء؛ فإذا سألناه عن هذه الأصول الناصعة؛ بادر فقال لنا: قال الفاطميون كذا، ورأى ابن سينا كذا، وأما ابن عربي والحلاج؛ فكان من مذهبهم كذا وكذا؛ وانظر إلى أبي حيان التوحيدي وما قال، والشعراني وما ذكر ... إلخ.
محاولاً بذلك إحياء رموز الضلال والفساد التي نُسبت للمسلمين، ويدفع المسلمون ثمن هذه النّسْبة غاليًا.
وانظر مثلاً: إلى نابليون مثلاً وما فعله بمصر من إحياء بدعة الموالد، والتودد بذلك إلى الشعب المصري؟
والسؤال بعد ذلك كله: هل من فائدة لطرح مثل هذه المسائل التي أُمِرْنا بالسكوت فيها؟ كالأمور التي دارت بين الصحابة، أو أمور الغيب التي لم يرد بها نص، وغير ذلك؟
أرجو الإفادة من جميع الأطراف، خاصة الأستاذ الشنقيطي.
وتقديري للجميع؛ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/333)
ـ[راضي عبد المنعم]ــــــــ[31 - 12 - 04, 12:53 ص]ـ
[ center] ولهذا لم يُصب الأستاذ عندما قال في (ص 30) من رسالته: (لقد كان التحرج من الخوض في الخلافات السياسية بين الصحابة واضحًا وشائعًا لدى علماء الأمة وصلحائها؛ لكن ذلك لم يمنعهم من الخوض فيه لغاية التعليم والتأصيل والاعتبار)
العبارة مشكلة لي من حيث السياق؛ فلا أفهم معنى أن يتحرج الشخص من أمرٍ ثم يفعله؟ ألا يُعدّ هذا نقصًا في الفاعل؟ أو تهاونًا في المفعول؟
ومع هذا؛ فالذي قرأته من خلال مطالعاتي اليسيرة، والذي علمنيه بعض مشايخنا الكرام، أن الذين خاضوا في مثل هذه الأمور هم أصحاب المؤلفات في السيرة والتاريخ وما يجري مجراهما.
وكتب عقيدة أهل السنة والجماعة رضي الله عنهم طافحة بالنص الواضح الصريح على ترك الخوض فيما شجر بين الصحابة جملة وتفصيلاً.
بل حكى أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان الإجماع على الكف عما شجر بينهم، وهذا صريحٌ في قولهما: ((أدركنا العلماء في جميع الأمصار؛ فكان من مذهبهم: الترحم على جميع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، والكفّ عَمَّا شجر بينهم)) [انظر عقيدتهما للحداد: 165].
وعبارة البربهاري في ((شرح السنة)) (56 - 57): ((والكف عن حرب عليٍّ ومعاوية وعائشة وطلحة والزبير رحمهم الله جميعًا ومن كان معهم، لا نُخاصم فيهم، وكِلْ أمرهم إلى الله تعالى)).
وقال أيضًا (59): ((ولا تُحَدِّث بشيءٍ من زَلَلِهم ولا حَرْبِهم، ولا ما غاب عنك علمه، وتسمعه من أحدٍ يُحَدِّث به؛ فإنه لا يسلمُ لك قلبك إِنْ سمعتَه)).
وأما ابن كثير يرحمه الله فيقول في ((الباعث الحثيث)) (499 - ط: العاصمة): ((وأما ما شجر بينهم بعده عليه السلام: فمنه ما وقعَ عن غير قصدٍ؛ كيوم الجمل، ومنه ما كان عن اجتهاد؛ كيوم صِفّين، والاجتهاد يُخطئ ويُصيب، ولكن صاحبه معذورٌ وإن أخطأ، ومأجورٌ أيضًا، وأم االمصيب فله أجران .... )) إلى أن قال رحمه الله: ((ومن كان من الصحابة مع معاوية؟ يقال: لم يكن في الفريقين مائةٌ من الصحابة، وعن أحمد: ولا ثلاثون. والله أعلم. وجميعهم صحابةٌ، فهم عدولٌ كلهم)) إلخ.
لكن ضَخَّم من لا فهم له القضايا حتى صارت قاصمة ظهرٍ!!
فهذه بعض نصوصهم في الكف عما سكت بين الصحابة: فأين هذا من صيغة الجمع المذكورة في كلام الاستاذ: (لكن ذلك لم يمنعهم من الخوض فيه)؟
أين هذا الجمع؟ من العلماء المعتمدين؟
بل الإجماع على خلافه كما ترى.
والذين ذكروا مثل هذه القضايا في كتبهم أخذوها من الواقدي وسيف بن عمر وأمثالهما من المجروحين، وأغلب ذلك مما لا تثبت به الأسانيد.
وما ثبتَ من ذلك فقليل، ومع هذا ليس فيه إساءة، وترى النص على الكف عنه وعن حكايته مسطورًا في كتب أهل السنة والجماعة، خلافًا لأعداء الصحابة وأهل البيت من شيعة وخوارج وروافض وغيرهم.
بل وصل الأمر بأهل السنة والجماعة رضي الله عنهم إلى أَبْعَد من ذلك؛ فلم يسكتوا عمّا شجر بينهم فقط؛ بل وسكتوا أيضًا عن التفضيل بينهم؛ إلا بما وردت به الأحاديث الصحيحة الثابتة.
وانظر إلى قول الإمام أحمد رحمه الله: ((السنة عندنا في التفضيل ما قال ابنُ عمر: كُنّا نعدّ ورسول الله صلى الله عليه وسلم حَيّ: أبو بكر وعمر وعثمان، ونسكت)) [السنة للخلال 507، وراجع: السنة لعبد الله بن أحمد رحمهما الله 1401، ومناقب أحمد لابن الجوزي 170].
والله أعلم.
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[31 - 12 - 04, 01:51 ص]ـ
الأستاذ الشنقيطي ..
ماذا دهاك؟!
كان الحوار في رسائل خاصة فإذا بك تنشرها على الملأ!!
اعلم - هداك الله - أنني - والذي نفسي بيده - قد اخترت الرسالة الخاصة محبة لك في أن تراجع نفسك بينك وبين ربك خلوة ..
ولكن خاب ظني فيك! حيث اخترت الأخرى ..
فأنت وما اخترت.
========
وقد أخبرتك (إن كنت تفهم) أنني لم أفرغ بعد من ذكر أخطائك في رسالتك عن الصحابة لكي نبدأ النقاش حوله.
========
وأما أنك عدلت بعض الأخطاء في الطبعة الثانية كما تقول؛ فليتك تبين لنا ما عدلت، ولو باختصار؛ لا سيما ورسالتك صغيرة. وأخشى أن يكون تعديلك شكليًا! كما فهمت من إحدى رسائلك.
=======
وفقني الله وإياك للحق.
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[31 - 12 - 04, 03:27 ص]ـ
السلام عليكم أخي الكريم الشيخ سليمان الخراشي حفظه الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/334)
نشركم للنقد الكتاب على الملإ يقتضي حوارا على الملإ، لا كلاما وراء الكواليس، وأنا لا أومن بثقافة التسكيت والتبكيت، بل بثقافة البرهان والدليل.
أما الرسالة فلم أغير فيها حرفا واحدا في طبعتها الجديدة، كل ما في الأمر أن الناشر أثبت الإحالات بعد أن غضبت عليه من حذفها، لأني ممن يكره إرسال الكلام على عواهنه، ونقل النقول غير ممحصة وغير منسوبة إلى أصحابها.
لذا أعيد عليك الضوابط المنهجية التي اقترحتها للحوار بيننا من قبل، حتى يكون حوارنا علميا ومفيدا للقارئ، ويكون هدفه طلب الحق، لا مجرد نزوة من الشيطان دافعها الانتصار للنفس والغضب لها. وهذه هي الضوابط المقترحة مرة أخرى:
1 - توثيق القول وعدم قبول أي رواية لم يتم إسنادها إلى مرجعها وتثبت صحتها بمعايير أهل الحديث
2 - التزام كلام المحققين من علماء أهل السنة الأقدمين المعروفين بخبرتهم بتاريخ الصحابة، وغيرتهم على أعراضهم.
3 - التزام أدب الحوار وخلق الإسلام، والابتعاد عن التجريح الشخصي والكلام الساقط والتهم الجزافة.
4 - الالتزام بإقرار كل محاور لصاحبه بما برهن عليه من حق، وما بينه لمحاوره من خطإ بالدليل دون عناد أو لجاج.
5 - النظر لذات القول لا لقائله، فانتمائي للإخوان أو لغيرهم، لا ينبغي أن يحول دون قبول قولي إن عضده الدليل، ولك مني مثل ذلك.
فإن كنت تقبل هذه الضوابط، فسأبدأ بإرسال ملاحظاتي على حلقتيك الأوليين إن شاء الله. وأعدك أني سأكون ممتنا لكل ما تنبهني عليه من خطإ بالدليل، بل سأشكرك عليه بالاسم، وأعترف بخطئي فيه، في طبعة الكتاب التي ستصدر قريبا في الجزائر إن شاء الله.
كما أبشر القراء الكرام أن نص الكتاب كاملا سينشر على الإنترنت قريبا إن شاء الله، حتى يقرأوه، بدلا من القراءة عنه.
وقد آن الأوان لك شيخنا الكريم أن تعرف بنفسك، كما عرفت بي، حتى يعرف محاورك من يحاور.
أسأل الله تعالى أن يوفقني وإياك إلى السداد في القول والعمل، وإيثار الحق على الخلق ..
أخوكم المحب/ محمد بن المختار الشنقيطي
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[31 - 12 - 04, 03:48 ص]ـ
السلام عليكم أخي الكريم راضي
لو كان الشيخ سليمان نقل كلامي غير مبتور لما استشكلته، وإليكه بنصه من مقدمة الكتاب: ((لقد كان التحرج من الخوض في الخلافات السياسية بين الصحابة واضحا وشائعا لدى علماء الأمة وصلحائها، لكن ذلك لم يمنعهم من الخوض فيه لغاية التعليم والتأصيل والاعتبار. وقد أفرد الحافظ الهيثمي في مجمعه بابا بعنوانٍ ذي دلالة، فقال:» باب فيما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولولا أن الإمام أحمد رحمه الله وأصحاب هذه الكتب أخرجوه ما أخرجته «وهو يقصد بـ"أصحاب هذه الكتب" أصحاب المسانيد التي جمعها الهيثمي في كتابه، كالطبراني والبزار وأبي يعلى .. فالهيثمي يلخص هنا الإشكال: لا ينبغي التخوض في هذا الموضوع لمجرد التسلية وتزجية الوقت، لكن الحديث فيه يكون أحيانا ضرورة علمية وعملية. وليس هو بالبدعة المستحدثة، بل سبق إليه أكابر من أهل السنة والحديث، كالإمام أحمد وغيره)) انتهى.
أرجو أن تفهم الآن معنى أن يتحرج الشخص من أمرٍ ثم يفعله.
أما فائدة الخوض في الأمر فهي مبسوطة في مقدمة الكتاب ومدخله، وستطلع عليها حينما أنشره علىالإنترنت بعد أيام بإذن الله.
أما كيف تحصل على نسخة صحيحة من الكتاب فأمر سهل، لأن ناشره موجود في السعودية. وهو مركز الراية للتنمية الفكرية في جدة.
أشكرك على دعوتي لحسن الأدب وطيب الكلام، وأرجو أن يوفقني الله لذلك، فما أحوجنا إليه في هذه الأيم التي يسود فيها المراء والتعجل في الأحكام، وإعجاب كل ذي رأي برأيه.
أخوكم/ محمد بن المختار الشنقيطي(28/335)
نقد كتاب " الخلافات السياسية بين الصحابة " للشنقيطي (1) مقدمة
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[10 - 10 - 04, 07:34 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
أمابعد:
فقد أصدر الأستاذ محمد بن المختار الشنقيطي رسالة بعنوان " الخلافات السياسية بين الصحابة - قراءة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ)، قال في أولها (ص 25): (وليست هذه الرسالة سردًا للخلافات السياسية بين الصحابة أو خوضًا في تفاصيلها، بل هي جملة قواعد منهجية مقترحة للتعاطي مع تلك الخلافات؛ بما يعين على استخلاص العبرة منها لمستقبل أمة الإسلام).
وقد صدق في كون رسالته لم تخض في تفاصيل الخلافات السياسية بين الصحابة رضي الله عنه؛ ولكن – رغم ذلك – احتوت " قواعده المنهجية " تلك على تجاوزات عديدة، وميل عن منهج أهل السنة في مثل هذه القضايا الحساسة؛ إضافة إلى تخطئته الخاطئة لبعض العلماء الكبار؛ كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره؛ ممن أساء الظن بهم – متابعة منه لأهل البدع أو المغرضين الحاقدين في هذا العصر. ونظرًا لتأثر البعض برسالته الآنفة؛ مغترين بما جاء فيها من ادعاءات عريضة من الأستاذ – هداه الله – أنه يسير فيها على منهج " المحدثين " و" أهل الجرح والتعديل "! فقد أحببتُ أن أنصح له ولغيره من الخائضين فيما جرى بين صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ بنقد ما جاء في رسالته من تجاوزات قد يكررها غيره ممن يتابعه دون تحقيق أو تدقيق. وتبيين مخالفته الواضحة لدعاواه السابقة؛ مما أدى به إلى الاعتماد على روايات وأخبار ضعيفة، حوت كثيرًا من التحامل تجاه بعض الصحابة الكرام – كما سيأتي إن شاء الله -.
وسوف أنشر – بإذن الله - ذلك كله على حلقات في " ملتقى أهل الحديث " مستفيدًا من ملاحظات إخواني من طلبة العلم، قبل نشر الانتقادات على هيئة رسالة متكاملة.
وأبدأ – بعد الاستعانة بالله - بذكر ترجمة موجزة للأستاذ، ثم ذكرعقيدة أهل السنة والجماعة فيما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم.
منبهًا الجميع أنني منتفع في محتويات رسالتي هذه من العلماء والباحثين الذين سبقوني إلى تحقيق كثير من المسائل؛ كما سيأتي إن شاء الله، مشيرًا إلى من استفدتُ منهم في خاتمة كل مبحث.
سائلا الله أن ينفع بهذه الرسالة المختصرة إخواني المسلمين؛ وأن يضع لها القبول بينهم. والله الموفق:
ترجمة موجزة للأستاذ الشنقيطي:
- هو الأستاذ / محمد بن المختار الشنقيطي، ولد عام 1966 في الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
- باحث مهتم بالفقه السياسي والأدب الإسلامي، والعلاقات بين العالم الإسلامي والغرب. نشر عشرات البحوث والدراسات والتحليلات في مجلات ومواقع ألكترونية مشهورة، منها موقع "الجزيرة نت"، ومجلة "العصر" و"المنار الجديد" و"نوافذ". وهو يحرر "مجلة الفقه السياسي" الألكترونية: www.fiqhsyasi.com ويرأس "المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان" www.almarsad.org .
- من مؤلفاته المنشورة: "الحركة الإسلامية في السودان: مدخل إلى فكرها الاستراتيجي والتنظيمي" (ط دار الحكمة في لندن 2002 ودار قرطبة بالجزائر 2004) و"الخلافات السياسية بين الصحابة: رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ" (ط مركز الراية للتنمية الفكرية في دمشق 2004) ومن كتبه التي لم تنشر بعد: "السنة السياسية" و"الشرعية السياسية في الإسلام بين الوحي والتاريخ" و"شذرات من الفقه السياسي"، و"11 سبتمبر .. القصة والمدلول". إضافة إلى ديوان شعر بعنوان: "دموع الندى".
-عمل مدرسا لمادتي التفسير والنحو بجامعة الإيمان في صنعاء (اليمن)، وباحثا متعاونا مع المركز اليمني للدراسات الاستراتيجية.
-يقيم بالولايات المتحدة الأمريكية منذ مطلع العام 1999، حيث عمل باحثا في "جامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية" في فرجينيا، ومدرسا لمبادئ الإسلام واللغة العربية للناطقين بالانكليزية في المركز الإسلامي بواشنطن، والجامعة الأمريكية المفتوحة في فرجينيا، والمركز الإسلامي في "مودستو" في كاليفورينا. ويعمل حاليا مديرا للمركز الإسلامي في "ساوث ابلين" بولاية تكساس.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/336)
-حصل على إجازة في حفظ القرآن الكريم ورسمه وضبطه، وقراءته على مقرئ الإمام نافع بروايتي ورش وقالون عام 1981، وصحب عددا من العلماء الموريتانيين فأخذ عنهم طرفا من مختلف العلوم الشرعية والعربية، خصوصا الفقه والأصول والنحو. كما حصل على شهادة (الباكالوريوس) في الشريعة الإسلامية، تخصص الفقه والأصول عام 1989، وباكالوريوس في الترجمة (عربية – فرنسية – انكليزية) عام 1994. ويتابع الآن دراساته العليا في الإدارة المالية والإدارة العامة، في "جامعة كولومبيا الجنوبية" بولاية آلاباما الأمريكية.
-يقول الشنقيطي في حواره مع منتدى الأحرار: (أنا ممن يتشرفون بالانتماء إلى فكر حركة الإخوان المسلمين).
(انظر عن ترجمته: رسالته عن " الخلافات السياسية .. " "ص 257 - 258 " و " مقدمة حوار منتدى الأحرار معه: http://www.ala7rar.net/navigator.php?pname=topic&tid=1460 ) .
عقيدة أهل السنة فيما شجر بين الصحابة:
أجمع أهل السنة قاطبة على الكف والإمساك عما شجر بين الصحابة رضي
الله عنهم والسكوت عما حصل بينهم من قتال وحروب، وعدم البحث والتنقيب عن
أخبارهم أو نشرها بين العامة لما لها من أثر سيئ في إثارة الفتنة والضغائن وإيغار
الصدور عليهم، وسوء الظن بهم، مما يقلل الثقة بهم.
والواجب على المسلم أن يسلك في اعتقاده فيما حصل بين الصحابة الكرام
رضي الله عنهم مسلك الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة، وهو الإمساك عما
حصل بينهم رضي الله عنهم.
وكُتُبُ أهل السنة مملوءة ببيان عقيدتهم الصافية في حق الصحابة الكرام
رضي الله عنهم، وقد حددوا موقفهم من تلك الحرب التي وقعت بينهم في أقوالهم
الحسنة التي منها: سُئل عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى عن القتال الذي
حصل بين الصحابة، فقال: (تلك دماء طهّر الله يدي منها؛ أفلا أُطهر منها لساني؟ مَثَلُ أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مَثَلُ العيون؛ ودواء العيون ترك
مسها).
وسئل الحسن البصري رحمه الله تعالى عن قتال الصحابة فيما بينهم فقال:
(قتال شهده أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- وغبنا، وعلموا وجهلنا،
واجتمعوا فاتبعنا، واختلفوا فوقفنا).
وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى بعد أن قيل له: ما تقول فيما كان بين علي
ومعاوية؟ قال: (ما أقول فيهم إلاّ الحسنى).
وقال ابن أبي زيد القيرواني في صدد بيان ما يجب أن يعتقده المسلم في
أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما ينبغي أن يُذكروا به فقال: (وأن لا
يُذكر أحد من صحابة الرسول إلاّ بأحسن ذكر، والإمساك عمّا شجر بينهم، وأنهم
أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج، ويُظن بهم أحسن المذاهب).
وقال أبو عبد الله بن بطة رحمه الله أثناء عرضه لعقيدة أهل السنة والجماعة: (ومن بعد ذلك نكفّ عما شجر بين أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
وقد شهدوا المشاهد معه، وسبقوا الناس بالفضل؛ فقد غفر الله لهم، وأمرك
بالاستغفار لهم، والتقرب إليه بمحبتهم، وفرض ذلك على لسان نبيه وهو يعلم ما
سيكون منهم أنهم سيقتتلون؛ وإنما فُضلوا على سائر الخلق؛ لأن الخطأ العمد قد
وُضِعَ عنهم وكل ما شجر بينهم مغفور لهم).
وقال أبو عثمان الصابوني في صدد عقيدة السلف وأصحاب الحديث:
(ويرون الكف عمّا شجر بين أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتطهير
الألسنة عن ذكر ما يتضمن عيباً لهم ونقصاً فيهم، ويرون الترحم على جميعهم
والموالاة لكافتهم).
وقال أبو عبد الله القرطبي رحمه الله: (لا يجوز أن ينسب إلى أحد من
الصحابة خطأ مقطوع به؛ إذ كانوا كلهم اجتهدوا فيما فعلوه وأراد الله عز وجل.
وهم كلهم لنا أئمة، وقد تُعبّدنا بالكف عمّا شجر بينهم، وألاّ نذكرهم إلا بأحسن
الذكر لحرمة الصحبة، ولنهي النبي -صلى الله عليه وسلم-عن سبهم، وأن
الله غفر لهم وأخبر بالرضى عنهم).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في عرضه لعقيدة أهل السنة والجماعة
فيما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم: (ويمسكون عما شجر بين الصحابة
ويقولون: إن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كذب، ومنها ما قد زيد
فيه ونقص، وغُيّر عن وجهه، والصحيح منه هم فيه معذورون: إما مجتهدون
مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/337)
وكذلك ما ذكره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله حيث قال: (وهذا الذي حصل
أي بين الصحابة موقفنا نحن منه له جهتان:
الجهة الأولى: الحكم على الفاعل، والجهة الثانية: موقفنا من الفاعل.
أما الحكم على الفاعل فقد سبق، وأن ما ندين الله به أن ما جرى بينهم فهو
صادر عن اجتهاد، والاجتهاد إذا وقع فيه الخطأ فصاحبه معذور مغفور له.
وأما موقفنا من الفاعل فالواجب علينا الإمساك عما شجر بينهم. ولماذا نتخذ
من فعل هؤلاء مجالاً للسب والشتم والوقيعة فيهم والبغضاء بيننا؟ ونحن في فعلنا
هذا إما آثمون، وإما سالمون ولسنا غانمين أبداً).
فهذه طائفة من كلام أكابر علماء الإسلام من سلف هذه الأمة والمعاصرين؛
تبيّن منها الموقف الواجب على المسلم أن يقفه من الآثار المشتملة على النيل من
أحد من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين بسبب ما وقع بينهم من شجار، وخلاف، ومقاتلة؛ خاصة في حرب الجمل وصفين، وهو صيانة القلم واللسان عن ذكر ما
لا يليق بهم، وإحسان الظن بهم، والترضي عنهم أجمعين، ومعرفة حقهم ومنزلتهم، والتماس أحسن المخارج لما ثبت صدوره من بعضهم، واعتقاد بعضهم أنهم
مجتهدون؛ والمجتهد مغفور له خطؤه إن أخطأ، وأن الأخبار المروية في ذلك منها
ما هو كذب، ومنها ما قد زيد فيه أو نقص منه حتى تحرّف عن أصله وتشوّه. كما
تبين من هذه النقول المتقدم ذكرها أن عقيدة الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة فيما
شجر بينهم هو الإمساك.
فالإجماع قد وقع من علماء المسلمين على السكوت عما شجر
بين الصحابة، وعدم التنقيب أو التنقير عما حصل بينهم من حروب وقتال؛ ولو
حسنت نية المتكلم أو السامع.
اعتراض:
لعل قائلاً يقول: قد سلمنا بما ذكرته وقرّرته آنفاً عن السلف، لكنّ هذا محمول
على من أراد ذكر ما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم على وجه التنقيص
والبغض، وسوء الظن بهم ونحوه مما هو مثار للفتنة عياذاً بالله.
أما من أراد ذكر ذلك على وجه المحبة للجميع، مع سلامة الصدر والترحم
عليهم وحسن الظن بهم؛ فهذا ليس محل نزاعنا!
أقول: لا يُسلّم لك ما قلته لعدة مخالفات شرعية؛ منها:
1 - أن هذا القول خلاف الأصل المقرر عند عامة السلف والخلف، وهو
السكوت عما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم، سواء كان الحديث عنهم عن
حسن ظنٍ أو سوء ظن لما في ذلك من درء للمفسدة الحاصلة وسدّ للذريعة المفضية
للشبه والفتنة كما هو معلوم من الواقع بالضرورة.
فهذا العوام بن حوشب يقرر هذا الأصل: (أدركت من صدر هذه الأمة
بعضهم يقول لبعض: (اذكروا محاسن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
لتأتلف عليها القلوب، ولا تذكروا ما شجر بينهم فتحرّشوا الناس
عليهم)، وبلفظ آخر قال: ( .. فتجسّروا الناس عليهم).
2 - وكذلك هو أيضاً خلافٌ للأصل المحقق وهو الوقوع في الفتنة؛ ولهذا لا
يجوز لك أن تخالف أصلاً محققاً رجاء سلامة صدرٍ مظنونة!
فقد قال رسول الله: (الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما مشتبهات لا يعلمها
كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في
الشبهات وقع في الحرام، كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه؛ ألا وإن لكل
ملك حمى، ألا إن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح
الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي: القلب).
وعن الحسن بن علي قال: حفظت من رسول الله: (دع ما يريبك إلى ما لا
يريبك).
3 - أيضاً في ذكر ما حصل بين الصحابة رضي الله عنهم مع ادعاء أمن الفتنة
وسلامة الصدر؛ أمنٌ من مكر الله تعالى، عياذاً بالله فقد قال الله تعالى في سورة
الأعراف: ? أََفَأََمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَاًمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إلاَّ القَوْمُ الخَاسِرُونَ ?.
وكذلك فيه تعرّض للفتن التي طالما استعاذ منها النبي؛ فعن المقداد بن الأسود
قال: وأيم الله! لقد سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن السعيد
لمن جُنّب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، ولمن
ابتلي فصبر فواها).
4 - لو سلمنا أن أحداً خاض فيما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم؛ ثم
خرج من ذلك بسلامة صدر وصفاء قلب؛ لكان هذا تحصيل حاصل ونوع عبث،
ومخالفة لمنهج السلف الصالح تجاه هذه الفتنة، بل هو في الحقيقة ضرب من
الخيال، وخلاف الواقع المألوف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/338)
اعتراض آخر:
قد يقول قائل: إننا نجد بعض علماء أهل السنة قد ذكر ماشجر بين الصحابة في مصنفاته؛ كالذهبي مثلا.
والجواب: أن علماء أهل السنة عندما يُضطر أحدهم لهذا - بسبب ما - فإنه يكون قد أصل قبله عقيدة السلف في حفظ مكانة الصحابة، وعدم لمزهم أو تنقصهم أو التحامل على بعضهم .. الخ مما تراه في كتب من لم يقدر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قدرهم.
إضافة إلى أن المقرر والأصل عند هؤلاء العلماء (الكف عما شجر بينهم)؛ إلا أن يستدعي أمرٌ خلاف ذلك؛ كتوضيح مشكل، أو دفاع عنهم تجاه من يثير عليهم الأقاويل، ويفتري الأكاذيب، ويتأول الأحداث بهواه.
يقول شيخ الإسلام رحمه الله مبينًا هذا: (ولهذا أوصوا – أي العلماء – بالإمساك عما شجر بينهم؛ لأنا لا نُسأل عن ذلك؛ كما قال عمر بن عبدالعزيز: " تلك دماء طهر الله منها يدي، فلا أحب أن أخضب بها لساني " وقال: " تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تُسألون عما كانوا يعملون ". لكن إذا ظهر مبتدعٌ يقدح فيهم بالباطل، فلا بد من الذب عنهم، وذكر ما يُبطل حجته بعلم وعدل). (منهاج السنة، 6/ 254).
ويقول – أيضًا -: (ولهذا كان من مذاهب أهل السنة: الإمساك عما شجر بين الصحابة؛ فإنه قد ثبتت فضائلهم، ووجبت موالاتهم ومحبتهم، وما وقع منه ما يكون لهم فيه عذر يخفى على الإنسان، ومنه ماتاب صاحبه منه، ومنه مايكون مغفورًا. فالخوض فيما شجر يُوقع في نفوس كثير من الناس بُغضًا وذمًا، ويكون هو في ذلك مخطئًا، بل عاصيًا، فيضر نفسه ومن خاض معه في ذلك؛ كما جرى لأكثر من تكلم في ذلك، فإنهم تكلموا بكلام لايُحبه الله ولا رسوله؛ إما من ذم من لايستحق الذم، وإما من مدح أمور لاتستحق المدح). (منهاج السنة 4/ 448 - 449).
ولهذا لم يُصب الأستاذ عندما قال في (ص 30) من رسالته: (لقد كان التحرج من الخوض في الخلافات السياسية بين الصحابة واضحًا وشائعًا لدى علماء الأمة وصلحائها؛ لكن ذلك لم يمنعهم من الخوض فيه لغاية التعليم والتأصيل والاعتبار)؛ لأن من خاض في ذلك من العلماء الثقات حفظ مكانة الصحابة، ولم ينحرف عنهم أو يُصدق ما قيل فيهم من المفترين؛ كما هو صنيعك – هداك الله -؛ كما سيأتي تفصيله إن شاء الله.
(انظر: مقال الشيخ ذياب الغامدي " فضيلة الإمساك عما شجر بين الصحابة " مجلة البيان، العدد 134. ورسالة الدكتور ناصر الشيخ " عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام ").
تنبيه: توثيق النقولات التي لم تُوثق سينشر مع الرسالة لاحقًا إن شاء الله.
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[10 - 10 - 04, 08:04 م]ـ
وقال الشيخ عبدالله السعد في مقدمته لكتاب الأخ حمد الحميدي " الإبانة لما للصحابة من المنزلة والمكانة " (ص 66 - 67):
(ومعنى " إذا ذكر أصحابي فأمسكوا " عدم الكلام فيهم، وليس معناه عدم ذكر ما جرى مثلا في صفين أو الجمل؛ فإن هذا أولا أخبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم هو تاريخ، ولذلك ذكره ودونه أهل العلم، بل وألفت المؤلفات الخاصة في ذلك، وأطال الكلام في ذلك ابن جرير وابن كثير وابن حجر وغيرهم من أهل العلم؛ ولكن لم يبنوا على هذا القدح في الصحابة والطعن فيهم).
ـ[عبدالله بن عقيل]ــــــــ[10 - 10 - 04, 08:53 م]ـ
يكفي ذلك الكتاب سوءاً: أنه بتقريظ راشد الغنوشي.
ـ[ابن دحيان]ــــــــ[12 - 10 - 04, 09:16 م]ـ
بورك فيك يا شيخ سليمان
لكن آمل رقم كلام الشنقيطي بلون مغاير حتى نكون منه على بال وانقى للخيال.
لي عودة بإذنه تعالى
ـ[عبدالرحمن العلي]ــــــــ[12 - 10 - 04, 09:39 م]ـ
بارك الله فيك يا شيخ سليمان
والكتاب له انتشار بين بعض الفئات وقد أهدي إلي قبل فترة وقرأته على عجل ووجدت فيه ملحوظات وغالب المفكرين الذين لم يرسخوا في العلم الشرعي يقعون في مثل هذه الاشكاليات كتحكيم عقولهم ورؤيتهم ذات المنطلقات السياسية فيما شجريبن الصحابة رضوان الله عليهم واذكر أنه أجلب على كتاب العواصم من القواصم وسماهم أصحاب التشيع السني إلا أنه نقد مروياتهم نقداً حديثيا أتمنى أن تجليه دراستك
بقي شيخي الفاضل أن نترسم سبيل الرفق مع أمثال الشيخ الشنقيطي وحمل كلامهم واجتهادهم على أحسن المحامل دون جور أو تعدي وهذا مع كونه من العدل المأمور به فهو طريق لتقبل صاحب الكتاب ومؤيديه
سدد الله خطاكم وبارك في جهودكم
ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[12 - 10 - 04, 11:08 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا سليمان وقد كنت أتمنى أن يوفق الله للرد على هذا الرجل الساخر بمنهج السلف والمنفر عنه في كثير من أطروحاته ومقالاته والحمد لله أن وفقكم الله لذلك فأكمل شيخنا بارك الله فيكم وسدد خطاكم.
وأحب أن أنبه إلى شيء مهم وهو التفريق بين شيخنا الفاضل محمد المختار الشنقيطي الفقيه الأستاذ بالجامعة الإسلامية بالمدينة وصاحب المحاضرات الكثيرة في الزهد والأخلاق وغيرها ....... وبين هذا الرجل، فهو تشابه أسماء فقط كعادة الشناقطة في أسمائهم المتكررة.
والذي دفعني إلى هذا قول الأخ عبد الرحمن العلي وفقه الله:"بقي شيخي الفاضل أن نترسم سبيل الرفق مع أمثال الشيخ الشنقيطي وحمل كلامهم واجتهادهم على أحسن المحامل دون جور أو تعدي وهذا مع كونه من العدل المأمور به فهو طريق لتقبل صاحب الكتاب ومؤيديه".
فأظن أنه يظن أن محمد المختار هذا هو الفقيه المعروف وليس الأمر كذلك وإذا تبين أنه ليس هو فلا مجال لكلمة مثل:"أمثال الشيخ الشنقيطي وحمل كلامهم واجتهادهم على أحسن المحامل ". فهؤلأ ليس أهل إجتهاد أصلا بل هم كما سيبين شيخنا الخراشي وفقه الله والله الموفق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/339)
ـ[عبدالرحمن العلي]ــــــــ[13 - 10 - 04, 01:42 م]ـ
أخي أبا عمرو المصري وفقه الله:
لعل وصفي للشنقيطي بأنه شيخ لم يكن سديدا والحق أني أعرف الفرق بين الشخصين جيداً وكنت أقرأ للمفكر الشنقيطي قبل ذلك في مجلة العصر والجزيرة نت وغيرها ومن أخطائه وصفه مسألة الرد على المبتدعة من الاشاعرة والجهميةوغيرها أنها (ثقافة الأموات) في معرض إنتقاده للشيخ سفر حفظه الله ومع ذلك فلا زلت عند رأيي وإقتراحي في أهمية الرفق في الرد على هؤلاء قال تعالى (فقولا له قولاً لينا لعله يتذكر أو يخشى) و قال صلى الله عليه وسلم (الرفق ماكان في شيء إلا زانه)
ومن شأن إغلاظ بعض مشايخنا الفضلاء في الرد أن يتسبب في إنفضاض عامة الناس عن الحق الذي فيه مع أن المراد من هذه الردود الذهب عن مذهب أهل السنة والجماعة وتحذير المسلمين من هذه الكتابات أو الأخطاء وهذا يمكن تحصيله بالرفق مع المخالف خاصة في عصرنا الحاضر
هذا رأيي المتواضع والله أعلم بالصواب
ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[13 - 10 - 04, 04:52 م]ـ
أخي الكريم عبدالرحمن العلي .. أبشرك ... فالشيخ الخراشي وفقه الله له منهج مميز في الردود يعرفه من قرأ نظرات شرعية في فكر منحرف وغيره من كتاباته المفيده ولا أريد أن نناقش الآن المنهج في الردود حتى لا يخرج بنا الموضوع عن أصله وندع الآن الشيخ الخراشي وفقه الله حتى يذب عن منهج أهل السنة والجماعة وأسأل الله أن يسدد رميه ويوفقه إلى كل خير
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[13 - 10 - 04, 11:29 م]ـ
وقال الدكتور خالد الغيث في رسالته " وقفات هادئة مع أشرطة قصص من التاريخ الإسلامي " للسويدان، بعد أن نقل أقوال السلف في النهي عن الخوض فيما شجر بين الصحابة، (ص 13 - 14):
(مما سبق نخلص إلى أن الأصل في منهج أهل السنة والجماعة هو السكوت عما شجر بين الصحابة رضوان الله عليهم، لكن إذا دعت الحاجة إلى الحديث في هذه المسألة الشائكة فينبغي مراعاة الضوابط التالية التي ذكرها أهل العلم في ثنايا حديثهم:
1 - وجود ضرورة شرعية تستدعي مناقشة هذا الأمر؛ كالمنافحة عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإظهار عذرهم، والرد على أهل البدع القادحين في أحد منهم.
2 - أن من يتصدى لهذا الأمر يجب عليه أن يتسلح بالحجة والبرهان؛ حتى لا يفتي بغير علم.
3 - أن من يتصدى لهذا الأمر يجب عليه أن يلزم العدل والانصاف؛ حتى لايظلم نفسه ويظلم غيره.
4 - الإمساك عن مناقشة هذا الأمر والتحدث به أمام العامة).
ـ[متعلم 1]ــــــــ[14 - 10 - 04, 03:51 ص]ـ
الشيخ سليمان جزاك الله خيرا
وتنبيه لطيف:
بخصوص مقال الشيخ ذياب الغامدي (فضيلة الإمساك عما شجر بين الصحابة) والذي نُشر في مجلة البيان.
لقد وسع الشيخ مقاله وأتى بأبحاث جميلة بديعة، ولطائف فريدة، وأخرجه في كتاب وُسِم بـ (تسديد الإصابة فيما شجر بين الصحابة) وقدم له الشيخ صالح الفوزان وهو مطبوع من أكثر من عام، وهو الآن سيطبع الطبعة الثانية منه، ويقع الكتاب في مائتي صفحة تقريبا.
والله الموفق.
رابط كتاب تسديد الإصابة في موقع الشيخ ذياب الغامدي http://www.thiab.com/books.htm
ـ[أبو عمر المدني]ــــــــ[15 - 10 - 04, 12:11 م]ـ
بارك الله بأبي مصعب ..
وهكذا .. حُمى سياسية وتخبطات منهجية وعقدية .. واصل بارك الله فيك ..
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[20 - 10 - 04, 08:07 م]ـ
تحية طيبة لجميع المشاركين ممن أستفيد من تنبيهاتهم وتوجيهاتهم ..
قال الذهبي - رحمه الله -:
(كما تقرر عن الكف عن كثير مما شجر بين الصحابة وقتالهم رضي الله عنهم أجمعين، وما زال يمر بنا ذلك في الدواوين والكتب والأجزاء، ولكن أكثر ذلك منقطع وضعيف، وبعضه كذب، وهذا فيما بأيدينا وبين علمائنا، فينبغي طيه وإخفاؤه، بل إعدامه لتصفو القلوب، وتتوفر على حب الصحابة، والترضي عنهم، وكتمان ذلك متعين عن العامة وآحاد العلماء، وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوة للعالم المنصف العري عن الهوى، بشرط أن يستغفر لهم، كما علمنا الله تعالى حيث يقول: ((والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا)).). (سير أعلام النبلاء، 10/ 92 - 93).
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[30 - 12 - 04, 04:18 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/340)
عاجل .. من أخيكم محمد بن المختار الشنقيطي
السلام عليكم وبركاته شيخنا الكريم سليمان الخراشي حفظه الله
اطلعت على الحلقتين الأوليين من ردكم على كتابي: "الخلافات السياسية بين الصحابة"، وعلى تعلقيات القراء عليهما، وقد لا حظت أنكم تعتمدون الرد على نسخة غير صحيحة من الكتاب، وقد صدرت هذه النسخة عن "مركز الراية" بعد أن أسقط الناشر – غفر الله له- كل الإحالات من الكتاب (468 إحالة) فأفقدت الكتاب قيمته العلمية، كما غير العنوان الفرعي من "رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ" إلى "قراءة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ". وقد طالبت الناشر أن يصدر طبعة جديدة فيها الإحالات كلها، حتى يجد قارئ الكتاب – سواء بعين الرضا أو السخط- النص كما كتبه مؤلفه. وقد صدرت بحمد الله عن نفس الناشر منذ حوالي شهرين نسخة صحيحة تشتمل على كل الإحالات العلمية الموجودة في أصل الكتاب، وهي متوفرة في السعودية وسوريا وغيرهما.
وليكن في علمكم الكريم أني أقدر حماسكم وغيرتكم وحبكم لصحابة رسول الله صلى الله وسلم، وأسأل الله أن يثيبكم على ذلك. لكني – لا بد- مختلف معكم في قراءة تلك الحقبة من تاريخ الإسلام، وحجتي ما أثبته في كتابي من الأحاديث الصحيحة، وأقوال أعلام السنة مثل ابن تيمية والذهبي وغيرهما.
ولذلك أرجو البعد عن التعميم الذي طبع حلقتيك السابقتين، فأنا لا أجهل كلام أهل السنة حول "الكف عما شجر بين الصحابة"، ومن قالوا هذا الكلام هم عمدتي في كتابي. لذا أنصحكم بالدخول في حوار علمي أكثر رصانة، يتناول النصوص ثبوتا، والدلالة تحليلا، ويناقش تفاصيل الأحداث ومراميها، دون مراء أو جدل عقيم، ودون تهويل وتعميم، ليكون ردكم عليَّ مفيدا لي وللقراء ولعموم الأمة. وأعدكم بتصحيح أي خطإ تظهرونه لي بالدليل، بكل سعة صدر وطيب خاطر، معترفا لكم بالعلم والفضل، ومعترفا على نفسي بالجهل والتقصير.
والله يبارك جهدكم ويحفظكم.
أخوكم/ محمد بن المختار الشنقيطي
تكساس- الولايات المتحدة
ـ[المضري]ــــــــ[30 - 12 - 04, 05:08 ص]ـ
حياكم الله أستاذ محمد المختار , وأهلاً وسهلاً بكم في هذا الملتقى العلمي الرائع.
قلت " وأعدكم بتصحيح أي خطإ تظهرونه لي بالدليل، بكل سعة صدر وطيب خاطر، معترفا لكم بالعلم والفضل، ومعترفا على نفسي بالجهل والتقصير "
وأقول جزاك الله كل خير على هذا الخلق الجميل , هكذا هم طلاب الحق.
بإنتظار نقاش علمي جميل مع شيخنا أبي مصعب.
ـ[راضي عبد المنعم]ــــــــ[30 - 12 - 04, 01:17 م]ـ
جزاكم الله خير الجزاء
أعجبني تعليق بعض مشايخنا الكرام على قضية اختلاف الصحابة رضي الله عنهم، حيث قال في كلام له في رسالة بعنوان ((عدالة الصحابة رضي الله عنهم)) (ص/14 - 15):
((أَكْثَر الناسُ من الحديث حول ما شَجَرَ بين الصحابة رضي الله عنهم، وأَدْلَى كلٌّ بدلوه، عن علم وعن غير علم، وأخذ منه كثيرٌ من العالمانين في عصرنا سبيلاً للطعن في سادات الأمة ونجومها الكبار.
فاعلم رحمك الله تعالى وألهمك الرشد: أن جيل الصحابة رضوان الله عليهم لم يُعْرَف له نظير فيما سبقه أو تلاهُ من عصور، فكان جيلاً فريدًا في سلوكياته، وإيمانه، كما كان فريدًا في حربه أو اختلافه، وبالجملة كان فريدًا في كل شيئ.
فهذا موقف واحد مما شجرَ بينهم، وهو (واقعة الجَمَل)، والتي قادتْ عائشةُ رضي الله عنها أَحَدَ جَنَاحَيْها، فاعتزلَ بعضُ الصحابة فريقها، وذَكَّرَ الناسَ بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تولية النساء لمقاليد الأمور، ومع ذلك سارت عائشة مع آخرين من الصحابة، فخطب عمار بن ياسر رضي الله عنه في المخالفين لعائشة ـ وهو منهم ـ قائلاً: ((إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة، ولكن الله ابتلاكم بها ليعلم إِيَّاه تطيعون أم هي؟))، ينهاهم عن الخروج في وجه زوجة نبيهم صلى الله عليه وسلم، وهو معهم! ويتّجه إلى عائشة قائلاً: ((ما أبعد هذا المسير)) فتقابله بقولها: ((إنكَ ما علمت قَوَّالاً بالحق))، هذا مع عزمها على الرجوع حين سمعت نبيح كلاب ((الحوْأَب)) لكن ليقضي الله أمرًا كان مفعولاً.
فانظر يرحمك الله إلى صفاء هذا الخلاف من اتِّباع الهوى، حتى يشهد عمار لعائشة كما تشهد هي له، ومن قبل تحاول الرجوع ثانيةً، فهل ثَمَّ هوى أو عصبية؟!
اللهم: لا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/341)
وكأنَّ الله عز وجل أتاح اختلافهم ليظهر لمن بعدهم كيف يختلفون، أو أنه سبحانه وتعالى نصب هذا الاختلاف فتنة لمن بعدهم، ليميز من يعرف لهم قدرهم، ومن يسلّم بفضل من اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ممن لم يُسلّم لقدَر الله واختياره.
إِنَّ ما شجرَ بين الصحابة رضي الله عنهم ليس إلا اجتهادات صافية خالية من شوائب الهوى، ووساوس الشياطين، ومن ثَمّ لم تدع أثرًا في المجتمع المسلم حينئذ فضلاً عن الأزمنة التالية.
لكنّك إذا نظرتَ ـ رحمك الله ـ إلى خلافات الخوارج، وغيرهم من المارقين عن السنة: تَرَى كيف أَثّرَتْ هذه الخلافات على المجتمع المسلم في عصوره الأولى، كما دام أثرها عليه حتى عصرنا؛ يهدأ حينًا، ويشتعل أحيانًا.
ومن ثَمّ لا تخلط رحمك الله بين الأمور، ولا تحسب كل اختلافٍ يشبه غيره، على وتيرة ((كل ما هو مدوّر رغيف))!
لقد بُنِيَت اجتهادات الصحابة على مُقَدِّماتٍ سليمة، وما بُنِيَ على مقدمات صحيحة قُبِلَ بغض الطرف عن نتائجه؛ إِذِ المقدمة أساس النتيجة، فما صَحَّتْ مقدمته؛ صَحَّتْ نتيجته.
أما الخوارج والعالمانيين، وغيرهم من المارقين فلا مقدمة لهم سوى الهوى والانحراف عن الجادة فالنتيجة مردودةٌ حتمًا.
فاعلم ذلك رحمك الله، ولا تخلط بين الأوراق فتهلك)).
انتهى بحروفه
نعم جزى الله شيخنا الكريم خيرًا على تعليقه الجميل، والذي فهمت منه قضايا عديدة منها:
1 - تفكير أمنا عائشة رضي الله عنها بالرجوع أثناء السير، وهذا ينافي تمامًا خطط العسكر والحروب التي تقوم على التقدم ومحاولة كسب الأرض لا التقهقر والانسحاب.
إذًا فلم تخرج عائشة رضي الله عنها لحربٍ!! وإنما خرجت رضي الله عنها لتأويلٍ واجتهادٍ، ليعلمنا الله من خلالها درسًا في الاختلاف.
2 - شهادة عمار رضي الله عنه لعائشة رضي الله عنها، وشهادتها له، رضي الله عنهما، رغم اختلاف الفريقين في الظاهر!!!!
يا الله!!
ما أروعكم!!
والله الذي لا إله إلا هو، لو لم أكن مسلمًا ولله الحمد، ورأيتُ مثل هذا: ما ترددتُ لحظة عن السجود في الكعبة، والندم على التفريط.
كم أنتِ رائعة ومنصفة يا أمنا رضي الله عنكِ؟!
كم أنتَ رائع ومنصف يا عمار رضي الله عنكَ؟!
هنيئًا لنا بكما وبالعشرة المبشرين بالجنة وسائر الصحابة من الأنصار والمهاجرين وغيرهم رضي الله عنهم جميعًا.
3 - في هذا الموقف ما يعني عدم وجود خلافات شيطانية بين الصحابة أصلاً، وإنما المسألة مجرد اجتهادات وتأويلات وفقط.
4 - في تخلف بعض الصحابة عن الفريقين، وعدم خروجهم، بناءً على ما وصلهم من أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، في ذلك درسٌ كبير.
أولاً: بلغهم الحديث فتوقفوا عنده.
ثانيًا: لم يُجبرهم أحدٌ على الخروج معه، ولا اتهمهم بالخيانة، ولا حاكمهم بتهمة الفرار من الجندية!!
فماذا يعني ذلك كله؟؟
يعني أن المسألة لم تكن حربًا بالمعنى المفهوم للحرب.
يعني صفاء الساحة، وإن تشابهت الأسماء، أو سمّاها بعضهم حربًا.
5 - وجود مثل هذا الاختلاف بغرض ابتلاء من بعدهم، وهذا درسٌ رائعٌ وجميل.
لأن مبنى الشريعة على الابتلاء، ليميز الله الخبيث من الطيب، وقد اختار الله لنبيه صلى الله عليه وسلم صحابة أطهارًا كرامًا، وابتلانا باختلافهم لحكمةٍ يعلمها سبحانه؛ قد تكون لتعليم من بعدهم طريقة الاختلاف، وقد تكون بغرض التمييز بين المنافق الذي يتربص الدوائر، ويُمَزّق الصفوف بالخوض في مثل هذا، وبين الصادق المؤمن المسلم، المتذلل لربه، الداعي، والمسَلّم بقَدَره في اختياره لصحابة نبيه صلى الله عليه وسلم.
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[30 - 12 - 04, 04:33 م]ـ
السلام عليكم أخي الكريم الشيخ سليمان الخراشي حفظه الله ..
أهلا وسهلا برسالتكم الأخوية، ونصيحتكم الطيبة بالقرب من العلماء.
وأرجو أن يتسع صدركم لنقاش علمي مفتوح حول كتابي "الخلافات السياسية بين الصحابة" على صفحات هذا الموقع أو غيره، نبدأه بالتعارف، ونلتزم فيه بمعايير علمية نتفق عليها. منها:
1 - توثيق القول وعدم قبول أي رواية لم يتم إسنادها إلى مرجعها وتثبت صحتها بمعايير أهل الحديث
2 - التزام كلام المحققين من علماء أهل السنة الأقدمين المعروفين بخبرتهم بتاريخ الصحابة، وغيرتهم على أعراضهم.
3 - التزام أدب الحوار وخلق الإسلام، والابتعاد عن التجريح الشخصي والكلام الساقط والتهم الجزافة.
4 - االتزام بإقرار كل محاور لصاحبه بما برهن عليه من حق، وما بينه لمحاوره من خطإ بالدليل دون عناد أو لجاج.
5 - النظر لذات القول لا لقائله، فانتمائي للإخوان أو لغيرهم، لا يبنغي أن يحول دون قبول قولي إن عضده الدليل، ولك مني مثل ذلك.
فإن وجدت هذه المعايير منصفة، فتوكل على الله، وابدأ بالتعريف بنفسك، وخرج النصوص التي ذكرتها في حلقتيك السابقتين حتى يعرف القراء قيمتها العلمية.
وليكن في كريم علمكم أني لا تهمني مكانة الشناقطة وأمجادهم، بل الوصول إلى الحق الثابت علميا الذي أدين به ربي.
وأخيرا كلام د. القلعجي موجود مخرجا في كتابي، وقد كتبه في هامش تحقيقه لكتاب "جامع المسانيد والسنن". وقد أوردته رادا عليه لا مقرا له كما تعرف، فحديثكم عن "اغتراري به" في غير محله. وكل ما تحتاجه هو الحصول على نسخة من الطبعة الصحيحة من كتابي لتجد هذا النص وغيره من النصوص مخرجة تخريجا علميا.
فتفضل للحوار بصدر رحب، ونية خالصة وقلب مفتح.
والله يحفظك ويسدد خطاك.
أخوكم/ محمد بن المختار الشنقيطي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/342)
ـ[أبو عمر 2000]ــــــــ[30 - 12 - 04, 04:35 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا توضيح بسيط مني ولا أعرف هل هناك حاجة له أم لا
الأستاذ محمد بن المختار الشنقيطي صاحب رسالة بعنوان " الخلافات السياسية بين الصحابة - قراءة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ)
ليس هو الشيخ الجليل محمد بن محمد المختار الشنقيطي صاحب كتاب " أحكام الجراحة الطبية والآثار المتربة عليها "
http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=lessons&scholar_id=63
لأن معظم الناس يعرفون الشيخ الجليل بإسم محمد المختار الشنقيطي فقط
وجزاكم الله خيرًا
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[30 - 12 - 04, 10:40 م]ـ
الأستاذ الشنقيطي:
سبق أن أجبت عن رسالتك الخاصة هذه في رسالة خاصة!
وقلتُ:
انتظر حتى أفرغ من الملحوظات.
وفقك الله.
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[31 - 12 - 04, 12:08 ص]ـ
السلام عليكم أخي الكريم الشيخ سليمان الخراشي حفظه الله
الذي طلبته هو محاورتك أنت، لأنك من رددت على كتابي وطعنت فيه رواية ودراية، فإما أن تتقدم للمناظرة أو تعترف بخطئك وتعجلك. أما انسحابك من المناظرة، بذريعة بقائكم إخوانَنا النجديين خارج الحلبة، فتراجع لا يليق بمن يشهر قلمه ضد مخالفيه. وأما الشنقيطي الذي تفضلتم بذكره، فإن أراد محاورتي فأهلا وسهلا به، وسأحاوره إن بدأني كما بدأتني، أو نشر عملا عن كتابي يستحق النقاش العلمي. وإلا فإني لست من المغرمين بالجدل وتشقيق الكلام. وكل ما أطالبه به هو اعتماد النسخة الصحيحة من الكتاب في ردوده على الكتاب.
أما مطالبتكم لي بالتنصل من كتابي الذي بذلت فيه سنين عددا، والزمت فيه بأدق معايير التثبت كما صاغها علماء الحديث، لمجرد مقال نشرتموه على الإنترنت دون توثيق وتخريج، فلا يليق بطلاب العلم الجادين من أمثالكم فعله. ومثل ذلك اختصار المسألة في معاوية رضي الله عنه، فهو قفز منكم إلى نتائج محاورة لا تزال أنت تتردد في خوضها. أما أنا فلست من عجلة من أمري، ولن أناقشك في هذا الأمر إلا على ملإ من الناس، أو على صفحات موقع ألكتروني عام، حتى يكون أهل العلم حكما بيننا.
وأخيرا ليكن في كريم علمكم أني –علم الله- لا أذكر أني قرأت كتابا واحدا في حياتي للمدعو "المالكي"، ولا اتخذت أي كتاب لشيعي مرجعا لي أو مصدرا، ويمكنكم مراجعة لائحة مراجعي في خاتمة الكتاب، فلن تجد غير كتب الحديث، ومؤلفات أعلام السنة، وأغلب مادة كتابي مستمدة من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ الذهبي، فمن يكون أهل السنة إن لم يكونا؟
أولئك آبائي فجئني بمثلهم ... إذا جمعتنا يا جرير المَجامعُ
فكن نزيها أيها الشيخ الأغر مع ربك ونفسك، وتقدم لمناظرة علمية لا عوج فيها ولا تحامل، ولا تتهرب منها أو تتراجع بذرائع واهية، أو اعترف بأنك لست من أهل هذا الشأن ودعه لأهله، "ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا".
والله يبارك فيكم ويحفظكم
أخوكم المحب/ محمد بن المختار الشنقيطي
ـ[راضي عبد المنعم]ــــــــ[31 - 12 - 04, 12:14 ص]ـ
الشيخ سليمان الخراشي:
الأستاذ الشنقيطي:
جزاكما الله خيرًا على هذا الأدب الجم، وهذا السلوك الجميل، وممتنٌ لكما على طرح هذه الأمور بهذا الشكل، مما يجعل الأمر واضحًا وجليًّا ليتعلم منه أمثالي من الصغار فجزاكما الله خير الجزاء.
الأستاذ الشنقيطي:
ممتنٌ لمقالك وأدبك الجم في كلامك الأول، وعاتبٌ عليك في الثاني، خاصة أنك جَدّعتَ للشيخ الخراشي حفظه لله، بخلاف عادتك الأولى في الأدب العظيم، وما من مثلك ننتظر هذا، فاحرص على لغة أخرى أتعلم منها أنا والصغار أمثالي أدب المحاورات، بغض النظر عن النتيجة أو الموضوع.
أمرٌ آخر:
أستاذنا:
كتابكم لا يمكن لنا الحصول عليه أصلا بطبعتيه المشار إليهما، ولعل أكثر الناس لم يَرَهُ، فحبذا لو أرشدتنا إلى موقعه على الشبكة إن وُجِدَ حتى نقدر على متابعة الموضوع معكما بارك الله فيكم ومعايشة المسائل كما هي في كتابكم بطبعته الجديدة التي أشرتم إليها.
وقد رغبت إليَّ نفسي في الحصول على كتابكم ومطالعته، والاطلاع على ما تختلفان حوله، فهل لي من نسخة ولو إلكترونية؟ أو مطبوعة من أي مكانٍ؟
أمرٌ آخر:
أرجو الإجابة على هذا السؤال المتواضع بارك الله فيكم:
هل ثمة فائدة من النظر والطّرح لما نشأ بين الصحابة من أمور هم فيها من أهل الاجتهاد والأجر إن شاء الله تعالى؟
خاصة وأنك تعلم تلك الهجمة الشرسة التي يقوم بها أعداء الدين، والتي تقوم أساسًا على التقليب في الماضي، ومحاولة التفتيش فيما يظنونه نقاط ضعفٍ فيه؟ فضلاً عن إثارة الشُّبَه حول الموضوعات الخاصة بالصحابة الكرام؟
وخذ مثالاً على هذا وأنت خبيرٌ به:
إحياء سنة الجاهلية في الدول العربية والإسلامية، وربطها بحضارات ما قبل الإسلام؛ كالفرعونية بمصر، على سبيل المثال.
وبعض معكوسي الفطرة ممن أضلهم الله وأعمى أبصارهم من محاربي الدين الإسلامي: ينبش في القديم، فيرى فيه مثلاً أخطاء الدولة الفاطمية، فيخرج علينا فيقول: هذه أخطاء الإسلام، وهذه كذا وكذا ...
أو ربما طالبنا بالعودة لأصولنا الناصعة البيضاء؛ فإذا سألناه عن هذه الأصول الناصعة؛ بادر فقال لنا: قال الفاطميون كذا، ورأى ابن سينا كذا، وأما ابن عربي والحلاج؛ فكان من مذهبهم كذا وكذا؛ وانظر إلى أبي حيان التوحيدي وما قال، والشعراني وما ذكر ... إلخ.
محاولاً بذلك إحياء رموز الضلال والفساد التي نُسبت للمسلمين، ويدفع المسلمون ثمن هذه النّسْبة غاليًا.
وانظر مثلاً: إلى نابليون مثلاً وما فعله بمصر من إحياء بدعة الموالد، والتودد بذلك إلى الشعب المصري؟
والسؤال بعد ذلك كله: هل من فائدة لطرح مثل هذه المسائل التي أُمِرْنا بالسكوت فيها؟ كالأمور التي دارت بين الصحابة، أو أمور الغيب التي لم يرد بها نص، وغير ذلك؟
أرجو الإفادة من جميع الأطراف، خاصة الأستاذ الشنقيطي.
وتقديري للجميع؛ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/343)
ـ[راضي عبد المنعم]ــــــــ[31 - 12 - 04, 12:53 ص]ـ
[ center] ولهذا لم يُصب الأستاذ عندما قال في (ص 30) من رسالته: (لقد كان التحرج من الخوض في الخلافات السياسية بين الصحابة واضحًا وشائعًا لدى علماء الأمة وصلحائها؛ لكن ذلك لم يمنعهم من الخوض فيه لغاية التعليم والتأصيل والاعتبار)
العبارة مشكلة لي من حيث السياق؛ فلا أفهم معنى أن يتحرج الشخص من أمرٍ ثم يفعله؟ ألا يُعدّ هذا نقصًا في الفاعل؟ أو تهاونًا في المفعول؟
ومع هذا؛ فالذي قرأته من خلال مطالعاتي اليسيرة، والذي علمنيه بعض مشايخنا الكرام، أن الذين خاضوا في مثل هذه الأمور هم أصحاب المؤلفات في السيرة والتاريخ وما يجري مجراهما.
وكتب عقيدة أهل السنة والجماعة رضي الله عنهم طافحة بالنص الواضح الصريح على ترك الخوض فيما شجر بين الصحابة جملة وتفصيلاً.
بل حكى أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان الإجماع على الكف عما شجر بينهم، وهذا صريحٌ في قولهما: ((أدركنا العلماء في جميع الأمصار؛ فكان من مذهبهم: الترحم على جميع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، والكفّ عَمَّا شجر بينهم)) [انظر عقيدتهما للحداد: 165].
وعبارة البربهاري في ((شرح السنة)) (56 - 57): ((والكف عن حرب عليٍّ ومعاوية وعائشة وطلحة والزبير رحمهم الله جميعًا ومن كان معهم، لا نُخاصم فيهم، وكِلْ أمرهم إلى الله تعالى)).
وقال أيضًا (59): ((ولا تُحَدِّث بشيءٍ من زَلَلِهم ولا حَرْبِهم، ولا ما غاب عنك علمه، وتسمعه من أحدٍ يُحَدِّث به؛ فإنه لا يسلمُ لك قلبك إِنْ سمعتَه)).
وأما ابن كثير يرحمه الله فيقول في ((الباعث الحثيث)) (499 - ط: العاصمة): ((وأما ما شجر بينهم بعده عليه السلام: فمنه ما وقعَ عن غير قصدٍ؛ كيوم الجمل، ومنه ما كان عن اجتهاد؛ كيوم صِفّين، والاجتهاد يُخطئ ويُصيب، ولكن صاحبه معذورٌ وإن أخطأ، ومأجورٌ أيضًا، وأم االمصيب فله أجران .... )) إلى أن قال رحمه الله: ((ومن كان من الصحابة مع معاوية؟ يقال: لم يكن في الفريقين مائةٌ من الصحابة، وعن أحمد: ولا ثلاثون. والله أعلم. وجميعهم صحابةٌ، فهم عدولٌ كلهم)) إلخ.
لكن ضَخَّم من لا فهم له القضايا حتى صارت قاصمة ظهرٍ!!
فهذه بعض نصوصهم في الكف عما سكت بين الصحابة: فأين هذا من صيغة الجمع المذكورة في كلام الاستاذ: (لكن ذلك لم يمنعهم من الخوض فيه)؟
أين هذا الجمع؟ من العلماء المعتمدين؟
بل الإجماع على خلافه كما ترى.
والذين ذكروا مثل هذه القضايا في كتبهم أخذوها من الواقدي وسيف بن عمر وأمثالهما من المجروحين، وأغلب ذلك مما لا تثبت به الأسانيد.
وما ثبتَ من ذلك فقليل، ومع هذا ليس فيه إساءة، وترى النص على الكف عنه وعن حكايته مسطورًا في كتب أهل السنة والجماعة، خلافًا لأعداء الصحابة وأهل البيت من شيعة وخوارج وروافض وغيرهم.
بل وصل الأمر بأهل السنة والجماعة رضي الله عنهم إلى أَبْعَد من ذلك؛ فلم يسكتوا عمّا شجر بينهم فقط؛ بل وسكتوا أيضًا عن التفضيل بينهم؛ إلا بما وردت به الأحاديث الصحيحة الثابتة.
وانظر إلى قول الإمام أحمد رحمه الله: ((السنة عندنا في التفضيل ما قال ابنُ عمر: كُنّا نعدّ ورسول الله صلى الله عليه وسلم حَيّ: أبو بكر وعمر وعثمان، ونسكت)) [السنة للخلال 507، وراجع: السنة لعبد الله بن أحمد رحمهما الله 1401، ومناقب أحمد لابن الجوزي 170].
والله أعلم.
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[31 - 12 - 04, 01:51 ص]ـ
الأستاذ الشنقيطي ..
ماذا دهاك؟!
كان الحوار في رسائل خاصة فإذا بك تنشرها على الملأ!!
اعلم - هداك الله - أنني - والذي نفسي بيده - قد اخترت الرسالة الخاصة محبة لك في أن تراجع نفسك بينك وبين ربك خلوة ..
ولكن خاب ظني فيك! حيث اخترت الأخرى ..
فأنت وما اخترت.
========
وقد أخبرتك (إن كنت تفهم) أنني لم أفرغ بعد من ذكر أخطائك في رسالتك عن الصحابة لكي نبدأ النقاش حوله.
========
وأما أنك عدلت بعض الأخطاء في الطبعة الثانية كما تقول؛ فليتك تبين لنا ما عدلت، ولو باختصار؛ لا سيما ورسالتك صغيرة. وأخشى أن يكون تعديلك شكليًا! كما فهمت من إحدى رسائلك.
=======
وفقني الله وإياك للحق.
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[31 - 12 - 04, 03:27 ص]ـ
السلام عليكم أخي الكريم الشيخ سليمان الخراشي حفظه الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/344)
نشركم للنقد الكتاب على الملإ يقتضي حوارا على الملإ، لا كلاما وراء الكواليس، وأنا لا أومن بثقافة التسكيت والتبكيت، بل بثقافة البرهان والدليل.
أما الرسالة فلم أغير فيها حرفا واحدا في طبعتها الجديدة، كل ما في الأمر أن الناشر أثبت الإحالات بعد أن غضبت عليه من حذفها، لأني ممن يكره إرسال الكلام على عواهنه، ونقل النقول غير ممحصة وغير منسوبة إلى أصحابها.
لذا أعيد عليك الضوابط المنهجية التي اقترحتها للحوار بيننا من قبل، حتى يكون حوارنا علميا ومفيدا للقارئ، ويكون هدفه طلب الحق، لا مجرد نزوة من الشيطان دافعها الانتصار للنفس والغضب لها. وهذه هي الضوابط المقترحة مرة أخرى:
1 - توثيق القول وعدم قبول أي رواية لم يتم إسنادها إلى مرجعها وتثبت صحتها بمعايير أهل الحديث
2 - التزام كلام المحققين من علماء أهل السنة الأقدمين المعروفين بخبرتهم بتاريخ الصحابة، وغيرتهم على أعراضهم.
3 - التزام أدب الحوار وخلق الإسلام، والابتعاد عن التجريح الشخصي والكلام الساقط والتهم الجزافة.
4 - الالتزام بإقرار كل محاور لصاحبه بما برهن عليه من حق، وما بينه لمحاوره من خطإ بالدليل دون عناد أو لجاج.
5 - النظر لذات القول لا لقائله، فانتمائي للإخوان أو لغيرهم، لا ينبغي أن يحول دون قبول قولي إن عضده الدليل، ولك مني مثل ذلك.
فإن كنت تقبل هذه الضوابط، فسأبدأ بإرسال ملاحظاتي على حلقتيك الأوليين إن شاء الله. وأعدك أني سأكون ممتنا لكل ما تنبهني عليه من خطإ بالدليل، بل سأشكرك عليه بالاسم، وأعترف بخطئي فيه، في طبعة الكتاب التي ستصدر قريبا في الجزائر إن شاء الله.
كما أبشر القراء الكرام أن نص الكتاب كاملا سينشر على الإنترنت قريبا إن شاء الله، حتى يقرأوه، بدلا من القراءة عنه.
وقد آن الأوان لك شيخنا الكريم أن تعرف بنفسك، كما عرفت بي، حتى يعرف محاورك من يحاور.
أسأل الله تعالى أن يوفقني وإياك إلى السداد في القول والعمل، وإيثار الحق على الخلق ..
أخوكم المحب/ محمد بن المختار الشنقيطي
ـ[محمد بن المختار الشنقيطي]ــــــــ[31 - 12 - 04, 03:48 ص]ـ
السلام عليكم أخي الكريم راضي
لو كان الشيخ سليمان نقل كلامي غير مبتور لما استشكلته، وإليكه بنصه من مقدمة الكتاب: ((لقد كان التحرج من الخوض في الخلافات السياسية بين الصحابة واضحا وشائعا لدى علماء الأمة وصلحائها، لكن ذلك لم يمنعهم من الخوض فيه لغاية التعليم والتأصيل والاعتبار. وقد أفرد الحافظ الهيثمي في مجمعه بابا بعنوانٍ ذي دلالة، فقال:» باب فيما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولولا أن الإمام أحمد رحمه الله وأصحاب هذه الكتب أخرجوه ما أخرجته «وهو يقصد بـ"أصحاب هذه الكتب" أصحاب المسانيد التي جمعها الهيثمي في كتابه، كالطبراني والبزار وأبي يعلى .. فالهيثمي يلخص هنا الإشكال: لا ينبغي التخوض في هذا الموضوع لمجرد التسلية وتزجية الوقت، لكن الحديث فيه يكون أحيانا ضرورة علمية وعملية. وليس هو بالبدعة المستحدثة، بل سبق إليه أكابر من أهل السنة والحديث، كالإمام أحمد وغيره)) انتهى.
أرجو أن تفهم الآن معنى أن يتحرج الشخص من أمرٍ ثم يفعله.
أما فائدة الخوض في الأمر فهي مبسوطة في مقدمة الكتاب ومدخله، وستطلع عليها حينما أنشره علىالإنترنت بعد أيام بإذن الله.
أما كيف تحصل على نسخة صحيحة من الكتاب فأمر سهل، لأن ناشره موجود في السعودية. وهو مركز الراية للتنمية الفكرية في جدة.
أشكرك على دعوتي لحسن الأدب وطيب الكلام، وأرجو أن يوفقني الله لذلك، فما أحوجنا إليه في هذه الأيم التي يسود فيها المراء والتعجل في الأحكام، وإعجاب كل ذي رأي برأيه.
أخوكم/ محمد بن المختار الشنقيطي
ـ[أبو عمر المدني]ــــــــ[05 - 06 - 07, 09:56 ص]ـ
ممتاز طعن في الناشر [مركز الراية] .. الراية التي أظلت أهل البدع، ونشرت تراثهم، وعكرت صفو أهل السنة بعدم مجانبتهم، عدا تخبيطات كثيرة، ونقولات مضحكة عجيبة، تنشر على أنها منارة للعلم والفكر؟!
ثم يأتيك الخبر بالحذف والبتر، والتجرأ على كتب من تنشر لهم.
اطلعت على الحلقتين الأوليين من ردكم على كتابي: "الخلافات السياسية بين الصحابة"، وعلى تعلقيات القراء عليهما، وقد لا حظت أنكم تعتمدون الرد على نسخة غير صحيحة من الكتاب، وقد صدرت هذه النسخة عن "مركز الراية" بعد أن أسقط الناشر – غفر الله له- كل الإحالات من الكتاب (468 إحالة) فأفقدت الكتاب قيمته العلمية، كما غير العنوان الفرعي من "رسالة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ" إلى "قراءة في مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ". وقد طالبت الناشر أن يصدر طبعة جديدة فيها الإحالات كلها، حتى يجد قارئ الكتاب – سواء بعين الرضا أو السخط- النص كما كتبه مؤلفه. وقد صدرت بحمد الله عن نفس الناشر منذ حوالي شهرين نسخة صحيحة تشتمل على كل الإحالات العلمية الموجودة في أصل الكتاب، وهي متوفرة في السعودية وسوريا وغيرهما.(28/345)
ما هي عقيدة الامام السيوطي ..... ؟
ـ[ابو البراء عامر]ــــــــ[11 - 10 - 04, 12:35 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين
أخواني الاعضاء ارجو منكم تزويدي بعقيدة الامام السيوطي رحمة الله حيث ذكر في كتابه (الاتقان) ان السلف وأهل الحديث يفوضون (معنى الصفة) المراد منها .... ؟
وارجو ذكر المصادر
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[11 - 10 - 04, 12:52 ص]ـ
السيوطي رحمه الله إمام وحسناته كثيرة جزاه الله عنا خيرا وعفا عنه وليس احد معصوما إلا من عصم الله فللسيوطي تخليط وأوهام في باب الصفات وغيره دخل عليه من علم الكلام ما دخل وللبيئة والنشأة احكام ولعله لو نبه لانتبه ,فيحذر من أخطائه ويستفاد من خيره وما أكثره والله يثبتنا وإياكم على الحق.
ـ[حامد الحنبلي]ــــــــ[11 - 10 - 04, 01:22 ص]ـ
في تفسير الجلالين لم يدع صفة إلا أوّلها
والعجيب أنه اثبت صفة الاستواء فقال: استواءَ يليق بجلاله
انظر المفسرون بين التأويل والاثبات للمغراوي
وفي ترجمة السيوطي في شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي!!: ساق له ابيات استحسنها ابن العماد يدعو فيها السيوطي للتفويض فقال ابن العماد (8/ 55):
وله شعر كثير جيده كثير ومتوسطه أكثر وغالبه في الفوائد العلمية والأحكام الشرعية فمنه وأجاد فيه!!:
(فوض أحاديث الصفات * ولا تشبه أو تعطل)
(الا رمت إلا الخوض في * تحقيق معضله فأوّل)
(إن المفوض سالم * مما تكلفه المؤول)
نسألأ الله السلامة من الزيغ والضلال
ـ[ابو البراء عامر]ــــــــ[12 - 10 - 04, 12:01 ص]ـ
بارك الله فيكم
ـ[تيميّ]ــــــــ[12 - 10 - 04, 01:40 ص]ـ
وفي كتابه - رحمه الله - الذي تحدث فيه عن القُصاص .. أورد كلاما لابن عقيل الحنبلي .. وفي كلام ابن عقيل تعطيل ظاهر .. ولم يعقّب عليه السيوطي .. بل كأنه أقرّه. . .
عفى الله عنه وغفر له. . .
ـ[الرايه]ــــــــ[13 - 10 - 04, 01:52 م]ـ
هناك رسائل جامعية في هذا الموضوع .. يمكنك الاستفادة منها
ـ[ابو البراء عامر]ــــــــ[14 - 10 - 04, 02:18 ص]ـ
اخي الرايه اتمنى منك ان توضح اسماء هذة الرسائل وبارك الله فيك
ـ[أبوعبدالله الشافعي]ــــــــ[14 - 10 - 04, 09:53 ص]ـ
شيخنا الكريم حامد الحنبلي
عندما قال السيوطي استواء يليق بجلاله ألا يكون مفوضا بذلك؟؟ ولو كان يريد اثبات الاستواء لقال علا وارتفع كما يقول السلف أليس كذلك؟؟ أريد توجيهكم
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[14 - 10 - 04, 12:48 م]ـ
في كتابه الحاوي للفتاوي والذي يسميه البعض "الحاوي للبلاوي"
تنظير كثير للصوفية، وخرافاتهم وبدعهم.
وله مخالفات لعقيدة السلف في توحيد العبادة.
لعلي أشير إلى بعض هذه الرسائل والكتب.
"إن حدث في الوقت فضل "
ـ[مهداوي]ــــــــ[14 - 10 - 04, 12:55 م]ـ
الإمام السيوطي رحمه الله أشعري وهذا معروف وغير خاف ... وهو كباقي الأشاعرة يرى أن "جمهور" السلف مفوضة.
اقرأ منظومته "الكوكب الساطع في نظم جمع الجوامع" في الأصول وستتعرف على عقيدته بشكل واضح.
رحمه الله وغفر له ولسائر علماء المسلمين.
ـ[حامد الحنبلي]ــــــــ[15 - 10 - 04, 02:06 ص]ـ
شيخنا الفاضل أبو عبد الله الشافعي:
كلامك له وجاهة
ولكن المتكلم في صفة الاستواء من أهل السنة:
1 - تارة يفصل فيها ويذكر معناها
قال الشيخ علوى السقاف في كتابه صفات الله عزوجل الواردة في الكتاب والسنة (ص56):
ومعنى الاستواء: العلو، والارتفاع، والاستقرار، والصعود؛ كما في ((نونية ابن القيم)) (1/ 215 - هرَّاس) قال رحمه الله:
((فَلَهُمْ عِبَارَاتٌ عليها أرْبَعٌ قد حُصِّلَتْ لِلْفَارِسِ الطَّعَّانِ
وَهِيَ اسْتَقَرَّ وَقَدْ عَلا وَكَذلِكَ ارْ تَفَعَ الذي مَا فِيهِ من نُكْرَانِ
وكذاك قد صَعِدَ الذي هُوَ رابِعٌ وأبُو عُبَيْدَةَ صَاحِبُ الشَّيْبَانِي
يَخْتَارُ هذا القَوْلَ في تَفْسِيِرِه أَدْرَى مِنَ الجَهْمِيِّ بالقُرْآنِ))
انظر: ((أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)) للالكائي (2/ 216 - 3/ 387)، و ((رسالة في الاستواء والفوقية)) لأبي محمد الجويني، و ((دقائق التفسير)) لابن تيمية (5/ 237 - 244، 6/ 436 - 439) ... ا. هـ
2 - وتارة يثبت الصفة نفسها دون تفصيل مع اثباته للمعنى وهذا لا نقول عليه مفوضاً إلا بقرائن.
كما قال الشيخ السعدي رحمه الله في سورة الأعراف الآية (54): استوى استواءً يليق بجلاله وعظمته وسلطانه. ا. هـ
والشيخ رحمه الله يثبت هنا المعنى ويفوض الكيف ..
وكلام السيوطي رحمه الله قد يكون المقصود منه تفويض الكيف وهذا مذهب السلف رحمهم الله أو تفويض المعنى وهذا مذموم.
وحمل كلامه على المعنى الأول هو الذي يقتضيه حسن الظن به وبحال تفسيره المختصر جداً.
وحمله على المعنى الثاني هو اللائق بحاله رحمه الله وغفر له.
ـ[ابو البراء عامر]ــــــــ[15 - 10 - 04, 03:56 م]ـ
وكلام السيوطي رحمه الله قد يكون المقصود منه تفويض الكيف وهذا مذهب السلف رحمهم الله أو تفويض المعنى وهذا مذموم.
أخي حامد الحنبلي غفر الله لك .....
الامام ابن الصلاح رحمه الله وافق او موافق للحافظ السيوطي في كتاب الاتقان حيث قال: ((ان السلف و أهل الحديث يفوضون معنى الصفة المراد منها ..... )) فهل الأماميين يفوضون معنى الكيفية ام معنى الصفه_ انظر الإتقان 2/ 6
وبارك الله فيكم جمعياً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/346)
ـ[حامد الحنبلي]ــــــــ[15 - 10 - 04, 06:01 م]ـ
.
ـ[حامد الحنبلي]ــــــــ[15 - 10 - 04, 06:02 م]ـ
كلاهما أشعري
وكم من أشعري نسب مذهب التفويض للسلف ويظن أنهم يفوضون المعني وليس الكيفية
وواضح أنك لم تدرس مذهب السلف في هذه المسألة
ـ[ابو البراء عامر]ــــــــ[16 - 10 - 04, 05:54 م]ـ
بارك الله فيك اشرح لنا مذهب السلف في الصفات حتى نستفيد من علمك ....
ـ[حامد الحنبلي]ــــــــ[17 - 10 - 04, 02:39 ص]ـ
لعلي أكون سيء الظن بك ولكني أشم رائحة التهكم في كلامك.
عموماً المسألة التي فيها اللبس عندك (الفرق بين تفويض المعني وتفويض الكيف وأيهما مذهب السلف)
وخير من تكلم في هذه المسألة شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وتجد كلامه مرتباً ومبسوطاً في رسالة الدكتوراة الخاصة بالشيخ عبد الرحمن المحمود ((موقف ابن تيمية من الأشاعرة)) (3/ 1177) ..
حيث أن الأشاعرة ينسبون للسلف أنهم يفوضون المعنى لا الكيف ..
وليت شعري هل هناك (كيف) إذا فوض (المعنى)
واعلم يا اخي الكريم أن العلم رحم بين أهله
واعلم ايضاً أن العلم لا يناله مستحٍ ولا مستكبر أعاذنا الله وإياك من الحياء المذموم ومن الكبر.
أخوك/حامد الحويطي الحنبلي المصري.
ـ[ابو البراء عامر]ــــــــ[21 - 10 - 04, 03:15 ص]ـ
واعلم ايضاً أن العلم لا يناله مستحٍ ولا مستكبر أعاذنا الله وإياك من الحياء المذموم ومن الكبر
أخي حفظك الله وراعك ....
انا لست متهكم السؤال ..
ولا مستحي ....
وبارك الله فيك على عزو المسألة ...
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[21 - 10 - 04, 04:56 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخواني الكرام اسمحوا لي بهذه المداخلة
ملخص من شرح العقيدة الواسطية للشيخ العلامة محمد بن عثيمين رحمه الله
أهل التفويض يقولون: إن طريقة السلف هي التفويض، وقد أخطأوا، لأن مذهب أهل السنة هو إثبات المعنى وتفويض الكيفية.
وليعلم أن القول بالتفويض ـ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ من شر أقوال أهل البدع والإلحاد!
عندما يسمع الإنسان التفويض، يقول: هذا جيد، أسلم من هؤلاء وهؤلاء، لا أقول بمذهب السلف، ولا أقول بمذهب أهل التأويل، أسلك سبيلاً وسطاً وأسلم من هذا كله، وأقول: الله أعلم ولا ندري ما معناها. لكن يقول شيخ الإسلام: هذا من شر أقوال أهل البدع والإلحاد
لأن فيه تكذيباً للقرآن وتجهيلاً للرسول واستطالة للفلاسفة.
تكذيب للقرآن، لأن الله يقول: ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء [[النحل: 89]، وأي بيان في كلمات لا يدرى ما معناها؟ وهي من أكثر ما يرد في القرآن، وأكثر ما ورد في القرآن أسماء الله وصفاته، إذا كنا لا ندري ما معناها، هل يكون القرآن تبياناً لكل شيء؟ أين البيان؟
إن هؤلاء يقولون: إن الرسول لا يدري عن معاني القرآن فيما يتعلق بالأسماء والصفات وإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام لا يدري، فغيره من باب أولى.
وأعجب من ذلك يقولون: الرسول يتكلم في صفات الله، ولا يدري ما معناه يقول: "ربنا الله الذي في السماء" (1)، وإذا سئل عن هذا؟ قال: لا أدري وكذلك في قوله: "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا" (2) وإذا سئل ما معنى "ينزل ربنا"؟ قال: لا أدري .... وعلى هذا، فقس.
وهل هناك قدح أعظم من هذا القدح بالرسول بل هذا من أكبر القدح رسول من عند الله ليبين للناس وهو لا يدري ما معنى آيات الصفات وأحاديثها وهو يتكلم بالكلام ولا يدري معنى ذلك كله.
فهذان وجهان:
تكذيب بالقرآن.
وتجهيل الرسول.
وفيه فتح الباب للزنادقة الذين تطاولوا على أهل التفويض، وقال: أنتم لا تعرفون شيئاً، بل نحن الذين نعرف، وأخذوا يفسرون القرآن بغير ما أراد الله، وقالوا: كوننا نثبت معاني للنصوص خير من كوننا أميين لا نعرف شيئاً وذهبوا يتكلمون بما يريدون من معنى كلام الله وصفاته!! ولا يستطيع أهل التفويض أن يردوا عليهم، لأنهم يقولون: نحن لا نعلم ماذا أراد الله، فجائز أن يكون الذي يريد الله هو ما قلتم! ففتحوا باب شرور عظيمة.
فتبين أن طريقة التفويض طريق خاطئ، لأنه يتضمن ثلاث مفاسد: تكذيب القرآن، وتجهيل الرسول، واستطالة الفلاسفة! وأن الذين قالوا: إن طريقة السلف هي التفويض كذبوا على السلف! أو الذين قالوا: إن طريقة السلف هي التفويض كذبوا على السلف، بل هم يثبتون اللفظ والمعني ويقررونه، ويشرحونه بأوفى شرح.
أهل السنة والجماعة لا يحرفون ولا يعطلون، ويقولون بمعنى النصوص كما أراد الله:] ثم استوى على العرش [[الأعراف: 54]، بمعنى: علا عليه وليس معناه: استولى.] بيده [: يد حقيقية وليست القوة ولا نعمة، فلا تحريف عندهم ولا تعطيل
ـ[العوضي]ــــــــ[21 - 10 - 04, 07:53 ص]ـ
راجع كتاب: البحر الذي زخر في شرح ألفية الأثر للسيوطي
تحقيق ودراسة: أبي أنس أنيس بن أحمد الأندونيسي
مكتبة الغرباء الأثرية - الجزء الأول - ص 71 قال فيه:
(فأقول: كان السيوطي - عفا الله عنا وعنه - في العقيدة مفوضاً أشعرياً صوفيا)
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/347)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[21 - 10 - 04, 01:57 م]ـ
من رسائل السيوطي:
حسن المقصد في عمل المولد.
اتحاف الفرقة برفو الخرقة.
المنجلي في تطور الولي
مسالك الحنفا في والدي المصطفى.
الخبر الدال على وجود القطاب والأبدال.
نيجة الفكر في الجهر في الذكر
وله كتاب طبع في دار الغرب اسمه" المحاورات والمحاضرات " أو " المحاضرات والمحاورات "
نسيت، وهو ليس بين يدي الآن .. والكتاب فيه بلايا في توحيد العبادة.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[21 - 10 - 04, 02:27 م]ـ
وهذا الرابط فيه فائدة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=57458#post57458
ـ[أمة الله بنت عبد الله]ــــــــ[21 - 10 - 04, 03:06 م]ـ
جزاكم الله خيرا على ذلك
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[25 - 10 - 04, 04:23 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الذي أراه والله أعلم بأن السيوطي رجع عن عقيدة المتكلمين في آخر حياته , وهذا واضح جلي لمن قرأ كتابه (الأمر بالإتباع والنهي عن الإبتداع) , وهو واضح أيضاً لمن قرأ ترجمة الغزي له من أن السيوطي أعرض عن الدنيا وأهلها وأنه شرع في تحرير مؤلفاته ......
والله أعلم بعباده.
ـ[ابو البراء عامر]ــــــــ[30 - 10 - 04, 01:11 ص]ـ
أخواني بارك الله فيكم ونفع الله بعلمكم وجزاكم الله خيراً على هذا التفعال ....
ـ[أبوعبدالله الشافعي]ــــــــ[01 - 11 - 04, 10:53 م]ـ
جزاكم الله خيرا على التوضيح والفائدة شيخنا المكرم حامد وبارك الله فيكم(28/348)
ما هي عقيدة الامام السيوطي؟
ـ[ابو البراء عامر]ــــــــ[11 - 10 - 04, 12:35 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين
اخواني الاعضاء ارجو منكم تزويدي بعقيدة الامام السيوطي رحمة الله حيث ذكر في كتابه (الاتقان) ان السلف وأهل الحديث يفوضون (معنى الصفة) المراد منها .... ؟
وارجو ذكر المصادر
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[11 - 10 - 04, 12:52 ص]ـ
السيوطي رحمه الله إمام وحسناته كثيرة جزاه الله عنا خيرا وعفا عنه وليس احد معصوما إلا من عصم الله فللسيوطي تخليط وأوهام في باب الصفات وغيره دخل عليه من علم الكلام ما دخل وللبيئة والنشأة احكام ولعله لو نبه لانتبه ,فيحذر من أخطائه ويستفاد من خيره وما أكثره والله يثبتنا وإياكم على الحق.
ـ[حامد الحنبلي]ــــــــ[11 - 10 - 04, 01:22 ص]ـ
في تفسير الجلالين لم يدع صفة إلا أوّلها
والعجيب أنه اثبت صفة الاستواء فقال: استواءَ يليق بجلاله
انظر المفسرون بين التأويل والاثبات للمغراوي
وفي ترجمة السيوطي في شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي!!: ساق له ابيات استحسنها ابن العماد يدعو فيها السيوطي للتفويض فقال ابن العماد (8/ 55):
وله شعر كثير جيده كثير ومتوسطه أكثر وغالبه في الفوائد العلمية والأحكام الشرعية فمنه وأجاد فيه!!:
(فوض أحاديث الصفات * ولا تشبه أو تعطل)
(الا رمت إلا الخوض في * تحقيق معضله فأوّل)
(إن المفوض سالم * مما تكلفه المؤول)
نسألأ الله السلامة من الزيغ والضلال
ـ[ابو البراء عامر]ــــــــ[12 - 10 - 04, 12:01 ص]ـ
بارك الله فيكم
ـ[تيميّ]ــــــــ[12 - 10 - 04, 01:40 ص]ـ
وفي كتابه - رحمه الله - الذي تحدث فيه عن القُصاص .. أورد كلاما لابن عقيل الحنبلي .. وفي كلام ابن عقيل تعطيل ظاهر .. ولم يعقّب عليه السيوطي .. بل كأنه أقرّه. . .
عفى الله عنه وغفر له. . .
ـ[الرايه]ــــــــ[13 - 10 - 04, 01:52 م]ـ
هناك رسائل جامعية في هذا الموضوع .. يمكنك الاستفادة منها
ـ[ابو البراء عامر]ــــــــ[14 - 10 - 04, 02:18 ص]ـ
اخي الرايه اتمنى منك ان توضح اسماء هذة الرسائل وبارك الله فيك
ـ[أبوعبدالله الشافعي]ــــــــ[14 - 10 - 04, 09:53 ص]ـ
شيخنا الكريم حامد الحنبلي
عندما قال السيوطي استواء يليق بجلاله ألا يكون مفوضا بذلك؟؟ ولو كان يريد اثبات الاستواء لقال علا وارتفع كما يقول السلف أليس كذلك؟؟ أريد توجيهكم
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[14 - 10 - 04, 12:48 م]ـ
في كتابه الحاوي للفتاوي والذي يسميه البعض "الحاوي للبلاوي"
تنظير كثير للصوفية، وخرافاتهم وبدعهم.
وله مخالفات لعقيدة السلف في توحيد العبادة.
لعلي أشير إلى بعض هذه الرسائل والكتب.
"إن حدث في الوقت فضل "
ـ[مهداوي]ــــــــ[14 - 10 - 04, 12:55 م]ـ
الإمام السيوطي رحمه الله أشعري وهذا معروف وغير خاف ... وهو كباقي الأشاعرة يرى أن "جمهور" السلف مفوضة.
اقرأ منظومته "الكوكب الساطع في نظم جمع الجوامع" في الأصول وستتعرف على عقيدته بشكل واضح.
رحمه الله وغفر له ولسائر علماء المسلمين.
ـ[حامد الحنبلي]ــــــــ[15 - 10 - 04, 02:06 ص]ـ
شيخنا الفاضل أبو عبد الله الشافعي:
كلامك له وجاهة
ولكن المتكلم في صفة الاستواء من أهل السنة:
1 - تارة يفصل فيها ويذكر معناها
قال الشيخ علوى السقاف في كتابه صفات الله عزوجل الواردة في الكتاب والسنة (ص56):
ومعنى الاستواء: العلو، والارتفاع، والاستقرار، والصعود؛ كما في ((نونية ابن القيم)) (1/ 215 - هرَّاس) قال رحمه الله:
((فَلَهُمْ عِبَارَاتٌ عليها أرْبَعٌ قد حُصِّلَتْ لِلْفَارِسِ الطَّعَّانِ
وَهِيَ اسْتَقَرَّ وَقَدْ عَلا وَكَذلِكَ ارْ تَفَعَ الذي مَا فِيهِ من نُكْرَانِ
وكذاك قد صَعِدَ الذي هُوَ رابِعٌ وأبُو عُبَيْدَةَ صَاحِبُ الشَّيْبَانِي
يَخْتَارُ هذا القَوْلَ في تَفْسِيِرِه أَدْرَى مِنَ الجَهْمِيِّ بالقُرْآنِ))
انظر: ((أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)) للالكائي (2/ 216 - 3/ 387)، و ((رسالة في الاستواء والفوقية)) لأبي محمد الجويني، و ((دقائق التفسير)) لابن تيمية (5/ 237 - 244، 6/ 436 - 439) ... ا. هـ
2 - وتارة يثبت الصفة نفسها دون تفصيل مع اثباته للمعنى وهذا لا نقول عليه مفوضاً إلا بقرائن.
كما قال الشيخ السعدي رحمه الله في سورة الأعراف الآية (54): استوى استواءً يليق بجلاله وعظمته وسلطانه. ا. هـ
والشيخ رحمه الله يثبت هنا المعنى ويفوض الكيف ..
وكلام السيوطي رحمه الله قد يكون المقصود منه تفويض الكيف وهذا مذهب السلف رحمهم الله أو تفويض المعنى وهذا مذموم.
وحمل كلامه على المعنى الأول هو الذي يقتضيه حسن الظن به وبحال تفسيره المختصر جداً.
وحمله على المعنى الثاني هو اللائق بحاله رحمه الله وغفر له.
ـ[ابو البراء عامر]ــــــــ[15 - 10 - 04, 03:56 م]ـ
وكلام السيوطي رحمه الله قد يكون المقصود منه تفويض الكيف وهذا مذهب السلف رحمهم الله أو تفويض المعنى وهذا مذموم.
أخي حامد الحنبلي غفر الله لك .....
الامام ابن الصلاح رحمه الله وافق او موافق للحافظ السيوطي في كتاب الاتقان حيث قال: ((ان السلف و أهل الحديث يفوضون معنى الصفة المراد منها ..... )) فهل الأماميين يفوضون معنى الكيفية ام معنى الصفه_ انظر الإتقان 2/ 6
وبارك الله فيكم جمعياً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/349)
ـ[حامد الحنبلي]ــــــــ[15 - 10 - 04, 06:01 م]ـ
.
ـ[حامد الحنبلي]ــــــــ[15 - 10 - 04, 06:02 م]ـ
كلاهما أشعري
وكم من أشعري نسب مذهب التفويض للسلف ويظن أنهم يفوضون المعني وليس الكيفية
وواضح أنك لم تدرس مذهب السلف في هذه المسألة
ـ[ابو البراء عامر]ــــــــ[16 - 10 - 04, 05:54 م]ـ
بارك الله فيك اشرح لنا مذهب السلف في الصفات حتى نستفيد من علمك ....
ـ[حامد الحنبلي]ــــــــ[17 - 10 - 04, 02:39 ص]ـ
لعلي أكون سيء الظن بك ولكني أشم رائحة التهكم في كلامك.
عموماً المسألة التي فيها اللبس عندك (الفرق بين تفويض المعني وتفويض الكيف وأيهما مذهب السلف)
وخير من تكلم في هذه المسألة شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وتجد كلامه مرتباً ومبسوطاً في رسالة الدكتوراة الخاصة بالشيخ عبد الرحمن المحمود ((موقف ابن تيمية من الأشاعرة)) (3/ 1177) ..
حيث أن الأشاعرة ينسبون للسلف أنهم يفوضون المعنى لا الكيف ..
وليت شعري هل هناك (كيف) إذا فوض (المعنى)
واعلم يا اخي الكريم أن العلم رحم بين أهله
واعلم ايضاً أن العلم لا يناله مستحٍ ولا مستكبر أعاذنا الله وإياك من الحياء المذموم ومن الكبر.
أخوك/حامد الحويطي الحنبلي المصري.
ـ[ابو البراء عامر]ــــــــ[21 - 10 - 04, 03:15 ص]ـ
واعلم ايضاً أن العلم لا يناله مستحٍ ولا مستكبر أعاذنا الله وإياك من الحياء المذموم ومن الكبر
أخي حفظك الله وراعك ....
انا لست متهكم السؤال ..
ولا مستحي ....
وبارك الله فيك على عزو المسألة ...
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[21 - 10 - 04, 04:56 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخواني الكرام اسمحوا لي بهذه المداخلة
ملخص من شرح العقيدة الواسطية للشيخ العلامة محمد بن عثيمين رحمه الله
أهل التفويض يقولون: إن طريقة السلف هي التفويض، وقد أخطأوا، لأن مذهب أهل السنة هو إثبات المعنى وتفويض الكيفية.
وليعلم أن القول بالتفويض ـ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ من شر أقوال أهل البدع والإلحاد!
عندما يسمع الإنسان التفويض، يقول: هذا جيد، أسلم من هؤلاء وهؤلاء، لا أقول بمذهب السلف، ولا أقول بمذهب أهل التأويل، أسلك سبيلاً وسطاً وأسلم من هذا كله، وأقول: الله أعلم ولا ندري ما معناها. لكن يقول شيخ الإسلام: هذا من شر أقوال أهل البدع والإلحاد
لأن فيه تكذيباً للقرآن وتجهيلاً للرسول واستطالة للفلاسفة.
تكذيب للقرآن، لأن الله يقول: ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء [[النحل: 89]، وأي بيان في كلمات لا يدرى ما معناها؟ وهي من أكثر ما يرد في القرآن، وأكثر ما ورد في القرآن أسماء الله وصفاته، إذا كنا لا ندري ما معناها، هل يكون القرآن تبياناً لكل شيء؟ أين البيان؟
إن هؤلاء يقولون: إن الرسول لا يدري عن معاني القرآن فيما يتعلق بالأسماء والصفات وإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام لا يدري، فغيره من باب أولى.
وأعجب من ذلك يقولون: الرسول يتكلم في صفات الله، ولا يدري ما معناه يقول: "ربنا الله الذي في السماء" (1)، وإذا سئل عن هذا؟ قال: لا أدري وكذلك في قوله: "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا" (2) وإذا سئل ما معنى "ينزل ربنا"؟ قال: لا أدري .... وعلى هذا، فقس.
وهل هناك قدح أعظم من هذا القدح بالرسول بل هذا من أكبر القدح رسول من عند الله ليبين للناس وهو لا يدري ما معنى آيات الصفات وأحاديثها وهو يتكلم بالكلام ولا يدري معنى ذلك كله.
فهذان وجهان:
تكذيب بالقرآن.
وتجهيل الرسول.
وفيه فتح الباب للزنادقة الذين تطاولوا على أهل التفويض، وقال: أنتم لا تعرفون شيئاً، بل نحن الذين نعرف، وأخذوا يفسرون القرآن بغير ما أراد الله، وقالوا: كوننا نثبت معاني للنصوص خير من كوننا أميين لا نعرف شيئاً وذهبوا يتكلمون بما يريدون من معنى كلام الله وصفاته!! ولا يستطيع أهل التفويض أن يردوا عليهم، لأنهم يقولون: نحن لا نعلم ماذا أراد الله، فجائز أن يكون الذي يريد الله هو ما قلتم! ففتحوا باب شرور عظيمة.
فتبين أن طريقة التفويض طريق خاطئ، لأنه يتضمن ثلاث مفاسد: تكذيب القرآن، وتجهيل الرسول، واستطالة الفلاسفة! وأن الذين قالوا: إن طريقة السلف هي التفويض كذبوا على السلف! أو الذين قالوا: إن طريقة السلف هي التفويض كذبوا على السلف، بل هم يثبتون اللفظ والمعني ويقررونه، ويشرحونه بأوفى شرح.
أهل السنة والجماعة لا يحرفون ولا يعطلون، ويقولون بمعنى النصوص كما أراد الله:] ثم استوى على العرش [[الأعراف: 54]، بمعنى: علا عليه وليس معناه: استولى.] بيده [: يد حقيقية وليست القوة ولا نعمة، فلا تحريف عندهم ولا تعطيل
ـ[العوضي]ــــــــ[21 - 10 - 04, 07:53 ص]ـ
راجع كتاب: البحر الذي زخر في شرح ألفية الأثر للسيوطي
تحقيق ودراسة: أبي أنس أنيس بن أحمد الأندونيسي
مكتبة الغرباء الأثرية - الجزء الأول - ص 71 قال فيه:
(فأقول: كان السيوطي - عفا الله عنا وعنه - في العقيدة مفوضاً أشعرياً صوفيا)
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/350)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[21 - 10 - 04, 01:57 م]ـ
من رسائل السيوطي:
حسن المقصد في عمل المولد.
اتحاف الفرقة برفو الخرقة.
المنجلي في تطور الولي
مسالك الحنفا في والدي المصطفى.
الخبر الدال على وجود القطاب والأبدال.
نيجة الفكر في الجهر في الذكر
وله كتاب طبع في دار الغرب اسمه" المحاورات والمحاضرات " أو " المحاضرات والمحاورات "
نسيت، وهو ليس بين يدي الآن .. والكتاب فيه بلايا في توحيد العبادة.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[21 - 10 - 04, 02:27 م]ـ
وهذا الرابط فيه فائدة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=57458#post57458
ـ[أمة الله بنت عبد الله]ــــــــ[21 - 10 - 04, 03:06 م]ـ
جزاكم الله خيرا على ذلك
ـ[خالد الأنصاري]ــــــــ[25 - 10 - 04, 04:23 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الذي أراه والله أعلم بأن السيوطي رجع عن عقيدة المتكلمين في آخر حياته , وهذا واضح جلي لمن قرأ كتابه (الأمر بالإتباع والنهي عن الإبتداع) , وهو واضح أيضاً لمن قرأ ترجمة الغزي له من أن السيوطي أعرض عن الدنيا وأهلها وأنه شرع في تحرير مؤلفاته ......
والله أعلم بعباده.
ـ[ابو البراء عامر]ــــــــ[30 - 10 - 04, 01:11 ص]ـ
أخواني بارك الله فيكم ونفع الله بعلمكم وجزاكم الله خيراً على هذا التفعال ....
ـ[أبوعبدالله الشافعي]ــــــــ[01 - 11 - 04, 10:53 م]ـ
جزاكم الله خيرا على التوضيح والفائدة شيخنا المكرم حامد وبارك الله فيكم
ـ[ابو البراء عامر]ــــــــ[07 - 05 - 05, 02:13 م]ـ
السلف والتفويض
أجاب عليه: د. سعود بن عبد العزيز العريفي
السؤال:
السلام عليكم.
شيخي الفاضل: كنت أقرأ في كتاب مناهل العرفان في علوم القرآن للزرقاني، وهو كتاب لا يخفى مكانته وفضله على أحد من طلاب العلم والمشتغلين بالعلم، ولكني وجدته، رحمه الله، شن حملة على مذهب السلف الصحيح، المتمثل في إثبات الصفات على حقيقيتها، وتفويض الكيف، بينما الشيخ يقرر أن من يقول بهذا هو متمسح بالسلف، وإنما مذهب السلف الصحيح، هو تفويض الكيف والمعنى مع صرف ظاهر النص عن مراده، وهذا عكس ما علمناه جميعًا من أن تفويض السلف تفويض كيفية وليس تفويض معنى، وقد رد على عدد من شبهات، في زعمه، من يقول بهذا القول، وهذا الكلام مبسوط في الجزء الثاني من الكتاب تحت عنوان (متشابه الصفات) بعد أن عنون عنوانًا جانبيًّا آخر بعنوان (إرشاد وتحذير). أرجو منكم بالرد على تلك الشبهات التي أثارها.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أن يقدح المؤلف- عفا الله عنه- في مذهب السلف في الصفات الإلهية ويعيب منهجهم في فهم نصوصها، ويعتبره ارتكاسًا في التشبيه، فذلك غير مستغرب في ضوء منهجه الكلامي القائم على تقديم قواطعه العقلية المزعومة؛ كدليل الجواهر والأعراض، ونحوه، على الوحي المبين، وجعلها حكمًا عليه، أما أن يزعم أن إثبات حقائق الصفات واعتقاد ظاهر نصوصها خلاف ما كان عليه سلف هذه الأمة من الصحابة، رضي الله عنهم، والتابعين وأتباعهم من أئمة المسلمين كالأئمة الأربعة وغيرهم من أئمة الحديث والفقه والتفسير والزهد، فهذا دونه خرط القتاد؛ فالخلاف حول آيات الصفات قديم بين السلف والخلف منذ أن أظهر الجعد بن درهم بدعة نفي الصفات، وتلقفها عنه الجهم بن صفوان، ثم تقسمتها الطوائف بعدهما، وقتلا جراءها أوائل المائة الثانية، وصار السلف ينعتون أتباعهما بالجهمية، ولهم في الرد عليهم والتحذير من بدعتهم مصنفات، كالرد على الزنادقة والجهمية للإمام أحمد، وخلق أفعال العباد للإمام البخاري صاحب الصحيح، والاختلاف في اللفظ، والرد على الجهمية والمشبهة للإمام ابن قتيبة، والرد على الجهمية للإمام عثمان بن سعيد الدارمي، وغيرها كثير ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/351)
قال الإمام الترمذي صاحب السنن بعد روايته حديث: "إِنَّ اللهَ يَقبَلُ الصَّدَقَةَ وَيَأْخُذُها بِيَمِينِه"- الترمذي (662) - وتصحيحه له: (وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات، ونزول الرب تبارك وتعالى، كل ليلة إلى السماء الدنيا، قالوا: قد تثبت الروايات في هذا، ويؤمن بها ولا يُتوهم، ولا يقال: كيف). هكذا روي عن مالك وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك، أنهم قالوا في هذه الأحاديث: (أمروها بلا كيف). وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة، وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا: (هذا تشبيه). وقد ذكر الله عز وجل، في غير موضع من كتابه اليد، والسمع، والبصر، فتأولت الجهمية هذه الآيات، ففسروها على غير ما فسر أهل العلم، وقالوا: (إن الله لم يخلق آدم بيده). وقالوا: (إن معنى اليد هاهنا القوة). وقال إسحاق بن إبراهيم: (إنما يكون التشبيه إذا قال: يد كيد، أو مثل يد، أو سمع كسمع، أو مثل سمع. فإذا قال: سمع كسمع، أو مثل سمع. فهذا التشبيه، وأما إذا قال، كما قال الله تعالى: يد، وسمع، وبصر. ولا يقول: كيف. ولا يقول: مثل سمع ولا كسمع. فهذا لا يكون تشبيهًا، وهو كما قال الله تعالى، في كتابه: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) [الشورى: 11] السنن (3/ 50، 51).
ونقل الإمام البخاري في (خلق أفعال العباد) عن يزيد بن هارون قوله: من زعم أن الرحمن على العرش استوى على خلاف ما يقر في قلوب العامة فهو جهمي، ونقل أيضًا قول الفضيل بن عياض: (إذا قال لك جهمي: أنا كافر برب يزول عن مكانه. فقل: أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء).
ونقل أيضًا قول سليمان التيمي: (لو سئلت: أين الله؟ لقلتُ: في السماء، فإن قال: فأين كان عرشه قبل السماء؟ لقلت: على الماء، فإن قال: فأين كان عرشه قبل الماء؟ لقلتُ لا أعلم). قال الإمام البخاري: (وذلك لقوله تعالى: (وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ). يعني إلا بما بين).
والنقول في هذا كثيرة لا يتسع لها المقام، فليرجع إليها في مظانها، فمن نازع بعد ذلك في أن مذهب السلف إثبات معاني نصوص الصفات مع تفويض الكيفيات فلقصور بحثه واطلاعه.
وكان الأجدر بالمؤلف إن أراد الإرشاد والتحذير على وجهه في هذا المبحث أن يحذر من أصحاب المذاهب الباطنية من الغلاة الذين وقعوا في التمثيل الصريح والشرك الأكبر، كأصحاب الوحدة ونحوهم من عباد القبور.
أما الشبهات المقصودة بالسؤال فجوابها ما يلي على وجه الإيجاز:
أولًا: نازع في أن سلب الصفات الوجودية لله تعالى، يلحقه بالمعدومات من عدة وجوه لا طائل تحتها:
أولها: أن هذا قياس للغائب على الشاهد، وقياس الغائب على الشاهد فاسد ... إلخ .. مضمون كلامه أن القوانين العقلية التي جعلها الله تعالى، في فطرة الإنسان يميزها بين الواجب والممكن والمستحيل محصورة في الشاهد، أي ما هو في متناول حواس الإنسان، وهو ما عبر عنه بالمادي في قوله: (وكيف يقاس المجرد عن المادة بما هو مادي). وهذا ليس بصحيح؛ فإن الفاسد من قياس الغائب على الشاهد إنما هو فيما يختص به بعض الموجودات من الأحكام العقلية، أما الأحكام المطلقة كاستحالة جمع النقيضين ورفعهما، واستحالة الدور القبلي ونحوها، فلا يخرج عنها شاهد ولا غائب، ولهذا احتاج أن يقرر هنا أن قولهم إن الله تعالى، لا داخل العالم ولا خارجه من باب تقابل العدم، والملكة الذي يجوز رفع طرفيه عما ليس من شأنه الاتصاف بأحدهما، كالعلم والجهل بالنسبة للحجر، وليس من باب تقابل السلب والإيجاب الذي هو تقابل النقيضين كالوجود والعدم، ولو كان قياس الغائب على الشاهد فاسدًا مطلقًا ما احتاج إلى هذا التقرير، والعجب منه كيف يثرب على السلف وأتباعهم ما يقع فيه، فها هو ذا يقول: (ونظير ذلك أن الإنسان لابد أن يكون له أحد الوصفين، فإما جاهل وإما عالم، أما الحجر فلا يتصف بواحد منهما البتة، فلا يقال إنه جاهل ولا إنه عالم، بل العلم والجهل مرتفعان عنه، بل هما ممتنعان عليه لا محالة؛ لأن طبيعته تأبى قابليته لكليهما، وهكذا تنتفي المتقابلات كلها بانتفاء قابلية المحل لها، أيًّا كانت هذه المتقابلات، وأيًّا كان هذا المحل الذي ليس قابلًا لها) إلخ ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/352)
فانظر كيف استعمل ما قضى بفساده أولًا، فقال: (ونظير ذلك). والتناظر هو القياس، فكأنه يقول: كما جاز سلب العلم والجهل عن الحجر لامتناع قبوله أحدهما، يجوز سلب العلو والسفل عن الله تعالى، لامتناع قبوله أحدهما! أوليس هذا قياسًا للغائب على الشاهد؟
ثم انظر بعد ذلك أيهما أكمل: من وجب سلب المتقابلين عنه، أم من سلب أحدهما مع جواز اتصافه به، وخذ الجواب بالمقارنة بين الأعمى والحجر، ثم تأمل أيهما جعله نظيرًا لمن هو عنده لا أعلى ولا أسفل، ولا داخل العالم ولا خارجه.
وقديمًا قال محمود بن سبكتكين لمن يدّعي مثل ذلك في الخالق: (ميز لنا بين هذا الرب الذي تثبته وبين المعدوم!).
أما قوله: وكيف يقاس المجرد عن المادة بما هو مادي؟
فيقال له: ما مرادك بالمادة والمادي هنا؟ فإن أردت ما كان قائمًا بنفسه، متصفًا بصفات ثبوتية، ذا وجود حقيقي متعين خارج الذهن، فإنا لا نسلم بتجريد الله تعالى، من ذلك، فإن ذلك لا يتجرد منه إلا العدم المحض، ومن تصور إلهه كذلك لم يثبت وجوده إلا في الأذهان.
أما إن أردت بالمادة والمادي ما يماثل أجسام المخلوقات وصفاتهم التي يلازمها الافتقار والفناء، فهذه غير لازمة لمن أثبت ما أثبته الله لنفسه من الصفات الوجودية على وجه الكمال والتنزيه عن مماثلة خلقه، فلا وجه لجعلك مثبتًا للعلو عقلًا بهذا الدليل قائسًا للخالق على المخلوق.
ثانيها: قال: (نقول لهؤلاء: أين كان الله قبل أن يخلق العرش والفرش، والسماء والأرض، وقبل أن يخلق الزمان والمكان، وقبل أن تكون الجهات الست؟).
الجواب: تقدم جواب سليمان التيمي، رحمه الله، وهو مضمون ما رواه ابن ماجه (182) والترمذي (3109) وحسنه، قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ خَلْقَهُ؟ قَالَ: "كَانَ فِي عَمَاءٍ، مَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ وَمَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ، وَخَلَقَ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ". قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: الْعَمَاءُ: أَيْ لَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ.
وأما قوله: قبل أن يخلق الزمان والمكان والجهات. فلابد من بيان المراد بهذه الألفاظ؛ فإن الألفاظ التي لا تتضمن نقصًا ولم يرد استعمالها شرعًا في حق الله تعالى نفيًا ولا إثباتًا يجب التوقف فيها والاستفصال، فقد يراد بها معنى لا يجوز نفيه عن الله تعالى، وقد يراد بها معنى لا يجوز إثباته لله تعالى، فيكون في إجمال نفيها أو إثباتها إثبات للباطل أو نفي للحق، وذلك قول على الله بلا علم، فالزمان مثلًا إن أريد به الليل والنهار والأيام والليالي، فهذه مخلوقة، وإن أريد به نسبة الحوادث والمتحركات بعضها إلى بعض، فهذه متعلقة بقِدم أفعال الله تعالى، والله تعالى، لم يزل فعالًا لما يريد، لم يكن الفعل ممتنعًا عليه ثم صار ممكنًا له، بل هو قادر عليه أزلًا وأبدًا، فتدخل النسبة الزمانية الذهنية التي هي القبل والبعد في الأزلية بهذا الاعتبار، ولا يقال إنها بذلك تكون مشاركة لله تعالى، في الأزلية والأولية، فهي نسبة ذهنية لا وجود لها في الخارج، فضلًا عن مشاركتها للخالق في القدم، ويقال هذا أيضًا في نوع مفعولات الله تعالى، لم يزل سبحانه قادرًا عليها، لم يكن خلقها ممتنعًا عليه ثم صار ممكنًا له، لكنه يخلق ويفني، ويحيي ويميت؛ (يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ) [آل عمران: 47]. و: (يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) [الحج: 14] لم يزل كذلك، ولهذا مدح نفسه سبحانه بقوله: (فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ) [البروج: 16]. (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ) [الحجر: 86].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/353)
أما المكان فإن أريد به ما أحاط الجسم من سطوح الأجسام المحيطة به، فتكون ظرفًا له، ويكون مظروفًا فيها، فمثل هذا المعنى لا يجوز إثباته لله تعالى، سبحانه وتعالى أن يحيط به شيء، أما إن أريد به ما يشغله الجسم من الحيز الذي هو فراغ محض لا وجود له أصلًا إلا في الذهن، فهذا لا يقال إنه أعظم من المخلوق الذي شغله؛ إذ هو أمر وهمي لا وجود له في الخارج، فضلًا عن كون الجسم مفتقرًا إليه، واعتبر ذلك بالفراغ المحيط بسطح العالم الخارجي الذي هو نهاية المخلوقات، لو قيل إنه مكان للعالم، يفتقر إليه العالم، للزم من ذلك التسلسل الممتنع إلى ما لا نهاية؛ حيث كل مكان وجودي سيفتقر إلى مكان آخر من حوله، فإذا علمت امتناع ذلك في حق العالم، وأنه بشغله حيزًا وهميًّا لا يكون مفتقرًا إليه، مع كونه مخلوقًا، فالله سبحانه وتعالى، أولى وأحرى أن نثبت له وجودًا حقيقيًّا خارج الذهن يشار إليه وينظر إليه، ويخاطب، ويسمع دون أن يلزم من ذلك إثبات مكان يحيط به أو يفتقر هو إليه، فالمكان إذًا من الألفاظ المجملة التي يجب التفصيل في المراد بها عند استعمالها في حق الله تعالى، نفيًا أو إثباتًا، وبهذا يتبين القول في الحيز والجهة.
ثالثها: شغب بقوله تعالى: (وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ) [الأنعام: 3]. وأنه يلزم من يأخذ بالظواهر إثبات أنه في الأرض. والجواب من وجهين:
الأول: أن الجار والمجرور في قوله: (وَفِي الأَرْضِ).متعلق بما بعده، أي: يعلم سركم وجهركم في السماوات والأرض.
الثاني: أن المعنى: وهو المعبود في السماوات وفي الأرض، ويكون ما بعده حالًا؛ إذ لفظ الجلالة (الله) معناه المعبود، فهو مأخوذ من الإله، سهلت همزته، ثم أدغمت اللام في اللام ثم فخمت، فلا يلزم مثبتي العلو للعلي القهار ما ينافي علوه من الآية، ولله الحمد، والواجب الجمع بين الأدلة لا ضرب بعضها ببعض، ثم ها هم أولاء القائلون بأن الله تعالى، في كل مكان، فأين إنكاره عليهم؟ أم اتسع صدره لهم وضاق عن قول السلف إنه في السماء؟!
رابعها: شغب بقوله تعالى: (يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) [الفتح: 10]. بالإفراد، وقوله: (لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) [ص: 75]. بالتثنية، وقوله: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ) [الذاريات: 47]. بالجمع- بأنه يلزم من يثبتون الظواهر الاضطراب بين إثبات يد واحدة، واثنتين، وأكثر!
والجواب أن هذا ليس بلازم؛ فإن الآيات التي فيها الإفراد ليس فيها أنه ليس له إلا يد واحدة، ولم يتنبه المعترض إلى أن الأسلوب العربي جرى على المناسبة بين المضاف والمضاف إليه، فيضاف الجمع إلى الجمع، نحو: (عَمِلَتْ أَيْدِينَا) [يس: 71]. والمفرد وما في حكمه إلى المفرد، نحو: (خَلَقْتُ بِيَدَيَّ)، (يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ)، (يَدُ اللَّهِ). ثم إن السنة، التي ليست مصدرًا لتلقي العقائد عن المعترض، صرحت بأن "كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينُ". أخرجه مسلم (1827). أي لا يتوهم تفاضلهما كما في المخلوقين.
وبقى أن ننبه إلى أن قوله تعالى: (بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ). ليست من آيات الصفات على الصحيح؛ إذ الأيدي فيها بمعنى القوة، ومنه: (فَأَيَّدْنَا). و: (وَأَيَّدَهُمْ).
خامسها: شغب حول حديث النزول- وهو متواتر: انظر صحيح البخاري (1145) ومسلم (758) - باختلاف المشارق والمغارب، وأنه يلزم خلو العرش منه؛ لدوام ثلث الليل الآخر على أهل الأرض.
والجواب أن هذا إنما أشكل عليه وعلى أسلافه؛ لأنهم لم يفهموا من نصوص الصفات إلا ما يعقلونه من صفات المخلوقين ولوازمها، ففروا من التشبيه إلى التعطيل، ولو أثبتوا نزولًا واستواء لا تدرك كيفيتهما لم يلزمهم ما يلزم نزول المخلوقين مما يناقض الكمال، والمعاني التي تضاف إلى الخالق تارة وإلى المخلوق تارة يلزمها لوازم عند إضافتها إلى الخالق لا تناسب المخلوق، ولوازم عند إضافتها إلى المخلوق لا تليق بالخالق، كما يلزمها لوازم لذاتها عند قطعها عن الإضافة لا تفهم إلا بها، فلا تُنفى عن الخالق ولا عن المخلوق، كلزوم القرب من النزول، وقس على ذلك بقية الصفات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/354)
وليعتبر المتعاظم قبول حديث النزول بقوله صلى الله عليه وسلم: "يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي ... " الحديث. أخرجه مسلم (395). فهل يرد هذا الحديث بأنه يلزم منه أن يكون الرب تعالى، مشغولًا بقول هذا للمصلين دائمًا، حيث لا تخلو منهم ساعة، فسبحان من لا يشغله شأن عن شأن. بل ليعتبر في هذا بأن المسلم يصلي لربه في أوقات محدودة لا تُقبل صلاته قبلها، أو بعدها إلا بعذر شرعي، مع كون هذه الأوقات، موافقة لغيره ممن يقيم ببلاد أخرى تختلف مشارقها ومغاربها، فما حال من يقول لا أؤمن بخصوصية الثلث الأخير من الليل بنزول الرب ودنوه إلا كحال من يقول: لا عبرة بانتظار أوقات الصلاة والإفطار والإمساك للصائم، وتحري ليلة القدر، ونحو ذلك من أوقات الدعاء الفاضلة؛ لكون البلاد لا تخلو من هذه الأوقات.
سادسها: نقل قول أبي حامد الغزالي: إن كان نزوله من السماء الدنيا- كذا ولعلها: إلى- ليسمعنا نداءه، فما أسمعنا نداءه فأي فائدة في نزوله؟ ولقد كان يمكنه أن ينادينا كذلك وهو على العرش أو على السماء العليا، فلابد أن يكون ظاهر النزول غير مراد، وأن المراد به شيء آخر غير ظاهره، وهل هذا إلا مثل من يريد، وهو بالمشرق، إسماع شخص في المغرب، فتقدم إلى المغرب بخطوات معدودة، وأخذ يناديه وهو يعلم أنه لا يسمع نداءه، فيكون نقله الأقدام عملًا باطلًا، وسعيه نحو المغرب عبثًا صرفًا لا فائدة فيه، وكيف يستقر مثل هذا في قلب عاقل؟) ا. هـ.
ومع هذا النقل وقفات:
(1) سمى الغزالي حجة الإسلام وإنما الحجة في الدليل الصحيح نقليًّا وعقليًّا، والرجال يعرفون بالحق ولا يعرف الحق بالرجال.
(2) مسألة النداء الإلهي زائدة على النزول، لا تلازم بينهما، فقد ينادي دون أن ينزل، وقد ينزل دون أن ينادي، وقد ينزل وينادي، بل قد يُسمع دون أن ينادي، وينادي دون أن يُسمع، كما في القيامة إذا أفنى الخلائق، فيقول: (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ). فلا يجيب أحد، وقد يُسمع أحدًا دون أحد، وقد ينادي بصوت يسمعه من قرُب كما يسمعه من بعُد، وقد يبلغ نداءه مباشرة أو بواسطة ملائكته ورسله، والشأن في ذلك كله أنه يفعل ما يشاء؛ (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ) [الأنبياء: 23]. وهو في كل ذلك ليس كما نعقله من نزول خلقه وندائهم، لكن القوم كما سبق يشبهون أولًا ثم يفرون إلى التعطيل، كما قال هنا: وهل هذا إلا مثل من يريد وهو بالمشرق ... إلخ. فتوهم لوازم قرب المخلوق من المخلوق وعلاقتها بسماع ندائه لازمة لما يقابل ذلك في الخالق، وقد سبق التنبيه على خطئهم في هذا.
(3) قوله: وقد كان يمكنه أن ينادينا كذلك وهو على العرش أو على السماء العليا. فنقول: أقرّ أولاً أنه على العرش أو على السماء ثم أبطل ذلك.
ثم نقول: لو طردنا هذا الأسلوب في التقدم بين يدي الله تعالى، والجرأة عليه لقلنا: أي فائدة في كلامه أصلًا وهو قادر على إفهامنا بلا كلام؟ والقوم من أهل الكشف والإلهام، وما الفائدة من خلق السماوات والأرض في ستة أيام وهو إذا أراد شيئًا قال له: كن. فيكون، بل لم خلق الخلق أصلًا وهو غني عنهم، وهلا أسعدهم جميعًا بهداية التوفيق إذ أوجدهم؟ ولم أشقاهم بالابتلاء وكرمُه واسع لمعافاتهم؟ ولم؟ ولم؟ إلخ الأسئلة المعروفة عن الزنادقة المعترضين على مشيئة الله وحكمته.
(4) قوله: فيكون نقله الأقدام عملًا باطلًا. غير مسلم له، بل في ذلك من التعبير عن الشوق إلى الحبيب وتداني القلوب ما يفوق الوصف، ويفوت من قسَّت قلوبَهم المناهجُ الفلسفية، ولازم قوله بطلان: (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) [طه: 84]. و: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) [العلق: 19]. و: (أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) [الواقعة: 11]. ونحوها مما فيه حركة المتقرب الحسية بما يناسب قربه المعنوي، ولا عجب، فالمتقرب إليه عندهم (لا داخل العالم ولا خارجه)، فأهل الملأ الأعلى منه بمنزلة من في أسفل سافلين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/355)
ثانيًا: نقل عن حاشية العقائد العضدية قول محمد عبده: فإن قلت: إن كلام الله وكلام النبي صلى الله عليه وسلم، مؤلف من الألفاظ العربية، ومدلولاتها معلومة لدى أهل اللغة فيجب الأخذ بمدلول اللفظ كائنًا ما كان. قلت: حينئذ لا يكون ناجيًا إلا طائفة المجسمة الظاهريون القائلون بوجوب الأخذ بجميع النصوص وترك طريق الاستدلال رأسًا، مع أنه لا يخفى ما في آراء هذه الطائفة من الضلال والإضلال، مع سلوكهم طريقًا ليس يفيد اليقين بوجه .. إلخ.
الجواب: هذه إقرار منه للسلف الذين نبزهم بالمجسمة بأن مذهبهم مطابق لمدلولات القرآن والسنة، لكن كلامه يتضمن اتهامًا خطيرًا لكلام الله تعالى، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، يتبين إذا نظمنا من كلامه هذا القياس الاقتراني من الشكل الأول على الطريقة المنطقية التي عاب السلف بأنهم ليسوا من أهلها كما يلي:
أخْذُ مدلولات الكتاب والسنة مذهبُ السلف، مذهب السلف فيه ضلال وإضلال، ولا يفيد اليقين أخذ مدلولات الكتاب والسنة فيه ...
وما اعتبرناه هنا لازمًا لكلامه قد صرح به بعض أسلافه، فقد قال الصاوي من قبل: (الأخذ بظواهر الكتاب والسنة أصل من أصول الكفر) ا. هـ. عياذًا بالله.
والقصد أن الوحي المبين إذا لم يبن عن الحق في أعظم الأمور، وهي العقيدة في الله وما يجوز وما يجب وما يستحيل في حقه، فأي هداية نزل بها؟ بل إذا كان ظاهره الضلال والإضلال فقد كان عدم نزوله أسلم للناس في عقائدهم.
ثم نقل قوله عن صفة العلو لله تعالى: وليت شعري إذا لم تعلو مرتبة الربوبية فماذا تريد منه؟ وهل بقي بعد ذلك شيء غير العلو الحسي؛ فإن نفي التحيز عن العلو الحسي غير معقول، ولا معنى للاستلزام إلا هذا، أما هم فينفون اللوازم، ولا أدري كيف ننفي اللوازم مع فرضها لوازم؟ هذا خلف.
والجواب: السلف إذ يثبتون علو الذات اللازم منه المباينة والانفصال بين الخالق والمخلوق، فإنهم لا ينكرون علو القدر ولا علو القهر، بل أنواع العلو متلازمة عندهم، وهو لا يملك دليلًا على نفي علو الذات سوى استلزامه التحيز، وقد أسلفنا أن مذهب السلف التوقف في مثل هذه الألفاظ حتى يتبين المراد بها، فإن كان موافقًا لصريح الوحي التزموا المعنى الحق دون اللفظ المجمل، فقوله هنا: كيف ننفي اللوازم مع فرضها لوازم؟ إنما يتوجه لو كان السلف ينكرون التحيز رأسًا، أما وقد بان لك عدم امتناعهم من التزام المعنى الحق، وهو قيام الرب بذاته واتصافه بصفات الكمال الوجودية وعدم مخالطته لخلقه، فقوله: (هذا خلف). لا يلزمهم، وقد تقدم التفريق بين لوازم صفات الخالق ولوازم صفات المخلوق بما ينحل معه الإشكال الذي لم يتمكنوا من الانفكاك منه في تمييز معاني صفات الخالق من معاني صفات المخلوق. ثم نقل قوله: ولكن القوم ليسوا أهل منطق.
فنقول: نعم، ولكنهم أهل سنة وأثر، وعقل صريح، وفطرة سليمة، ولو كان في المنطق الذي يباهى به غنية لانتفع به واضعه، ولشفاه من وثنيته، ولما اختلف الفلاسفة والمتكلمون أشد الاختلافز ثم نقل قوله: وقد كفر العراقي وغيره مثبت الجهة لله تعالىز فنقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم، لجارية معاوية السلمي: "أَيْنَ اللهُ؟ ". قالتْ: في السماء. فقال: "أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ". رواه مسلم في صحيحه (537).
وحكى أهل العلم تكفير أئمة السلف لمنكري علو الله تعالى، كما هو مثبت في كتب عقائد السلف، فليطلب العاقل لنفسه النجاة.
هذا ما اتسع الوقت له من مناقشة تلك الشبهات، أما باقيها مما تلقفه عن ابن اللبان وغيره من الخليقة، فأحيل السائل في مناقشتها تفصيلًا على كتب أهل العلم كالتدمرية والحموية، وشرح الأصفهانية، ودرء التعارض، وغيرها لشيخ الإسلام ابن تيمية، والصواعق المرسلة ومختصره لابن القيم، وللدكتور خالد السبت، وفّّقَهُ اللهُ، دراسة قيمة حول كتاب الزرقاني تناول فيها المآخذ العقدية عليه. فالحمد لله.
ـ[الرايه]ــــــــ[08 - 05 - 05, 12:52 ص]ـ
من الرسائل العلمية عن الحافظ السيوطي
جلال الدين السيوطي واراؤه الاعتقادية: عرض ونقد على ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة
رسالة دكتوراه - جامعة أم القرى - كلية الدعوة وأصول الدين
سعيد ابراهيم مرعي خليفة
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[08 - 05 - 05, 02:20 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الذي أراه والله أعلم بأن السيوطي رجع عن عقيدة المتكلمين في آخر حياته , وهذا واضح جلي لمن قرأ كتابه (الأمر بالإتباع والنهي عن الإبتداع) , وهو واضح أيضاً لمن قرأ ترجمة الغزي له من أن السيوطي أعرض عن الدنيا وأهلها وأنه شرع في تحرير مؤلفاته ......
والله أعلم بعباده.
حبيبنا الشيخ خالد وفقه الله
معظم أو كل ما جاء في كتاب (الأمر بالإتباع والنهي عن الإبتداع) للسيوطي من إنكار لبدع القبور ونحوها ليس للسيوطي! وإنما أقحمه المحقق الفاضل من اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية رحمه الله، وجعله بين []، فمن لم ينتبه لتصرفات المحقق العجيبة قد يظن أنها للسيوطي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/356)
ـ[أبو الغنائم]ــــــــ[09 - 05 - 05, 03:18 ص]ـ
أرى بعض الإخوان يتسارعون في الحديث دون روية،فقول بعضهم عن السيوطي رحمه وأمثاله إمام مجازفة ظاهرة وتمييع غير مقبول،فمع ما ذكره بعض الفاضل كيف نجعله في مصاف مالك وأحمد والشافعي .....
الا يخشى القائل من هذا أن من لايميز بين ستة وبدعة قد يتهافت على كتب السيوطي،ثم كيف نقول إمام ثم نقول احذر من كيت وكيت، آمل ممن يكتب أن يزن الناس بميزان الشرع لا بالمجاملة ووووو. والله من وراء القصد.
ـ[ابو البراء عامر]ــــــــ[13 - 09 - 06, 12:49 ص]ـ
بارك الله فيكم
وجزاك الله خير يا شيخنا عبد الرحمن على أتنبيه
ـ[عبدالمصور السني]ــــــــ[13 - 09 - 06, 08:08 م]ـ
.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ- رحمهم الله:-
(في نقده لقول السيوطي في الإتقان: إن جبريل أخذ القرآن من اللوح المحفوظ وجاء به إلى محمد صلى الله عليه وسلم).
(هذه المقالة اغتر بها الكثير من الجهلة وراجت عليهم، والسيوطي رحمه الله مع طول باعه وسعة اطلاعه وكثرة مؤلفاته ليس ممن يعتمد عليه في مثل هذه الأصول العظيمة، وهذه (المقالة) مبنّية على أصل فاسد وهو القول بخلق القرآن وهذه هي مقالة الجهمية والمعتزلة ومن نحى نحوهم وهذه المقالة الخاطئة حقيقتها الإنكار أن يكون الله متكلماً حقيقة، ويلزم هذه المقالة من الكفر والإلحاد الزندقة وإنكار الرسالة ووصف الله بالخرس وتشبيهه بآلهة المشركين الأصنام التي لا تنطق و غير ذلك من المحاذير الكفرية ما يعرفه أهل العلم] (الجواب الواضح المستقيم في التحقيق في كيفية إنزال القرآن الكريم. وقد طبع في مجموع فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله (1: 214 - 239)، وقد سَردّ هذا القول بالتفصيل ونقل أقوال أهل العلم في ذلك.
وللسيوطي رسالة خبيثة سماها ((تأويل الأحاديث الموهمة للتشبيه)) جمع فيها كثيرا من احاديث الصفات -تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
ـ[عبدالمصور السني]ــــــــ[10 - 11 - 10, 01:54 م]ـ
للفائدة .....
ـ[أبو صاعد المصري]ــــــــ[10 - 11 - 10, 05:16 م]ـ
و أين أنتم من ستة رسائل كاملة وضعها السيوطي لغرض واحد و هو إثبات إيمان والدي النبي صلى الله عليه و سلم و منها:
الفوائد الكامنة في إيمان السيدة آمنة.
نشر العلمين المنيفين في إحياء الأبوين الشريفين.
مسالك الحنفا في والدي المصطفى.
التعظيم و المنة في أن والدي النبي في الجنة.
و لما وقف على حديث مسلم الذي رواه من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رجلاً جاء للنبي صلى الله عليه و سلم و قال له أين أبي؟ قال النبي: في النار، فولى الرجل فدعاه النبي فقال له إن أبي و أباك في النار. لم يدر السيوطي ماذا يصنع في هذا النص القاطع الصريح فأخذ ينطح الجبل برأسه و يطعن في حماد بن سلمة فانظر ماذا يصنع ما يسمى التصوف بأهله حباً منهم لنبيهم ووالديه - زعموا -.(28/357)
الموحدون من النصارى، للعلاَّمة سفر الحوالي حفظه الله ..
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[11 - 10 - 04, 04:34 م]ـ
الموحدون من النصارى: أصولهم .. واقعهم .. معاناتهم
د. سفر بن عبدالرحمن الحوالي
حفظه الله تعالى
- في ظل الصراع بين الإسلام والغرب الذي تتضح ملامحه يوماً بعد يوم، وتجتهد قوى مؤثرة في الغرب في إيقاده، يبدو جهل الغرب بالإسلام من أهم أسباب إخفاقه في التعامل مع قضايا الصراع؛ حيث يتعامل وفقاً لصورة نمطية مقتضبة. ولكيلا نقع في الخطأ نفسه، ينبغي للأمة الإسلامية أن تعرف خصمها معرفة مفصلة، بدلاً من النظر إليه باعتباره كتلة واحدة ذات توجه واحد، ومن أهم أسباب المعرفة المطلوبة: ربط اتجاهات الصراع بأصولها العقدية، وقياس مدى تأثير تلك الأصول في توجيه الصراع، لا سيما وقد بدأ الغرب يتمايز، وقد تزيده المرحلة القادمة تمايزاً.
وهذه المقالة تلقي الضوء على طائفة نصرانية تكاد تكون مجهولة لدى المسلمين، مع أهميتها عقدياً وعراقتها تاريخياً؛ فقد كان منها خمسة من رؤساء الولايات المتحدة، فضلاً عن حضورها الثقافي والسياسي في الساحة الأمريكية؛ فهم يمثلون دينياً النقيض للحركة الأصولية المتطرفة، وهم في الجملة محسوبون كجزء من التيار الليبرالي الذي لا يرى صراع الحضارات حتماً، ويرفض المشروع الصليبي المسمى «الحرب على الإرهاب».
` المقصود بالموحّدين من النصارى:
لا توحيد ـ على الحقيقة ـ إلا ما أرسل الله به رسله وأنزله في كتبه، وهو الإيمان بأن الله ـ تعالى ـ واحد، وعبادته وحده لا شريك له؛ فهذا هو التوحيد المطلق. أما إذا قُيِّد بطائفة أو أحد من الناس فهو بحسب من يضاف إليه. ونحن هنا حين نتحدث عن الموحدين من النصارى فإننا نعني بها الفرقة النصرانية التي تعتقد أن الله واحد، وأن المسيح رسول الله، وترفض التثليث، وتتمثل في كنيسة (جماعة دينية) تؤمن بالوحي والعبادة، وبذلك يتميزون عن عامة الكنائس النصرانية التي تؤمن بعقيدة التثليث المنصوص عليها في قانون الإيمان الذي أقرّه مجمع «نيقية» (1)، كما يتميزون في العصر الحديث عن منكري التثليث على أساس إنكار الخالق ـ تعالى ـ مطلقاً، أو على أساس إنكار الوحي مع الإقرار بالخالق؛ لأن هؤلاء على الحقيقة ليسوا من النصرانية في شيء، وإن كان هذا التمييز غير جلي في تاريخ الفكر الغربي الحديث كما سنرى.
` أصولهم وأسماؤهم:
تعود جذور عقيدة الموحدين النصارى إلى الدين نفسه الذي علَّمه المسيح عليه السلام، وهو الإسلام في العقيدة، واتباع التوراة في الشريعة؛ فهم في الأصل الطائفة التي آمنت من بني إسرائيل كما قال ـ تعالى ـ: {فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ} [الصف: 14] وتمسكوا بالإيمان الذي أعلنه الحواريون كما في قوله ـ تعالى ـ: {نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 52] وظل بعضهم على هذا الإيمان إلى البعثة المحمدية، وخلط آخرون ذلك بأنواع من البدع من قبل البعثة وبعدها لا مجال لتقصِّيها الآن.
ومن أسمائهم «الناصريون»: إما نسبة إلى النُّصرة وهو الأقرب؛ كما في الآية، وإما إلى (الناصرة) البلدة التي ينسبون إليها المسيح عليه السلام، فيقولون: (يسوع الناصري)، وفي انتسابهم هذا إعلان لبراءتهم من البدع التي أحدثها بولس وأتباعه.
أما الاسم الذي ظلوا يشتهرون به حتى مطلع العصر الحديث فهو «الآريوسية» ـ أو «الأريانية» ـ نسبة إلى آريوس، أو «السوسنيانية» نسبة إلى «سوسنيان» الذي سنأتي على سيرته.
وقد كان للاضطهاد الذي نالهم من المخالفين أثره في تشويه تاريخهم وطمس كثير من معالمه. فوقع خلط كبير بينهم وبين غيرهم من الفرق المنشقة عن الكنيسة الملكية الرومانية التي تسمي المنشقين جميعاً «هراطقة».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/358)
ومن ذلك أنك تجد من لا يفرق بينهم وبين «النسطورية» أو «اليعقوبية» وربما كان سبب ذلك أن الكنيسة الرومانية الملكية الكاثوليكية كانت تنبزهم بأنهم نسطورية أو يعقوبية، وفي الوقت نفسه تنبز النسطورية واليعقوبية بأنهم «موحدون» لتخرجهم من النصرانية وتكفِّرهم عند العامة. وشبهتها في هذا أن النَّسطورية مع اعتقادهم التثليث ينكرون أن يقال عن مريم: والدة الإله، ويقولون: إنما ولدت الناسوت وليس اللاهوت؛ فكفّرتهم الكنيسة الملكية بذلك، واشتبه الأمر على كثير من الباحثين ـ وبعضهم من الموحدين الأوروبيين أنفسهم ـ فظنوا أن النَّسطورية في الشرق يعتقدون أن عيسى ـ عليه السلام ـ مجرد بشر؛ فهم بذلك موحِّدون.
أما اليعقوبية فهم مع اعتقادهم التثليث ينكرون أن يكون للمسيح طبيعتان، ويجعلونها طبيعة واحدة «إلهية» فكفَّرتهم الكنيسة الملكية بإنكار التثليث في نظرها.
ومن هنا أخطأ كثير من الباحثين أيضاً فظنوا ما جعلته الكنيسة توحيداً على سبيل التهمة هو التوحيد الذي عليه الموحدون.
أما نسبة الموحدين إلى «أريوس الإسكندري» و «بولس الشمشياطي»، فهي أقرب إلى الصواب، من جهة أن المنسوب إليهم في كتب النصارى هو إنكار لاهوت المسيح ـ لا سيما الأول منهما ـ على أن وصف الناصريين يظل أصدق الأوصاف وأبعدها عما أحاط بالأوصاف الأخرى من اضطراب.
` اضطهادهم:
تعرض الموحدون لاضطهاد هائل من الكنائس الرسمية، ولعنتهم المجامع النصرانية المخالفة، ووصمتهم بالكفر والهرطقة، ومزقتهم كل ممزق. ومن هنا ـ مع ما أصاب بعضهم من الابتداع ـ صدق على المتمسكين منهم أنهم «بقايا» كما جاء في الحديث: «إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب» (1) وفي قوله ـ تعالى ـ: {مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} [آل عمران: 113] فإن من كانوا على بقية من الحق عند بعثته -صلى الله عليه وسلم- أعم من أن يكونوا من أتباع المسيح ـ عليه السلام ـ فحسب؛ وذلك أن كثيراً من اليهود خارج فلسطين لم تبلغهم دعوة المسيح عليه السلام، أو لم يتبينوا حقيقة رسالته، وظلوا على الحق الذي في التوراة حتى أشرق نور الإسلام (2).
فلما ظهر نور الإسلام وأضاء ما بين الخافقين دخل أكثر الموحدين فيه وبقيت منهم بقية على حالها وكانت على صنفين:
الأول: من بلغته دعوة محمد -صلى الله عليه وسلم- فلم يؤمن به، وعن هؤلاء يقول العالم المهتدي الحسن بن أيوب من علماء القرن الرابع الهجري: «ولما نظرت في مقالات النصارى وجدت صنفاً منهم يعرفون بالأريوسية يجردون توحيد الله ويعترفون بعبودية المسيح ـ عليه السلام ـ ولا يقولون فيه شيئاً مما يقوله النصارى من ربوبية ولا بُنُوة خاصة ولا غيرهما، وهم متمسكون بإنجيل المسيح، مقرون بما جاء به تلامذته والحاملون عنه. فكانت هذه الطبقة قريبة من الحق، مخالفة لبعضه في جحود نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم-، ودفع ما جاء من الكتاب والسنة» (3).
والآخر: من لم تبلغه الدعوة لبعد الشُّقَّة، أو بلغته على الصورة البالغة التشويه التي نشرتها الكنيسة الحاقدة على الإسلام ولا سيما كنيسة روما.
والثابت تاريخياً أن التوحيد كان عقيدة منتشرة في أوروبا في القرون الميلادية الأولى، لكن اختلفت أحوال الشعوب الموحِّدة، فبعضها مثل «الأيرلنديين» استطاعت الكنيسة البابوية استئصاله قبل الإسلام، وبعضها مثل «الأندلسيين» ظهر الإسلام والحرب لا تزال قائمة بينهم وبين روما.
ومن الظواهر البارزة في التاريخ الديني الأوروبي أن الشعوب البعيدة عن تأثير السيطرة الرومانية كانت أقرب إلى الفطرة، ومن ثَمَّ أكثر قبولاً للتوحيد من غيرها، وربما كان الاضطهاد الذي مارسه الرومان على الشعوب الخاضعة لهم أعظم أسباب قلة الموحدين فيها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/359)
ففي بريطانيا كان الموحدون أول من أدخل النصرانية إلى الجزر البريطانية، وكان لهم فيها تاريخ طويل حتى انتقال مركزهم إلى أمريكا كما سيأتي. وفي إيرلندا كان الناس يدينون بالتوحيد ويعملون بشرائع التوراة، بل يسمون أنفسهم «ناصريين» حتى غزاهم الرومان في القرن الخامس الميلادي، واستأصلوا عقائدهم، وأحرقوا أناجيلهم المعروفة بالأناجيل «السلتية» (1)، التي كانت خالية من عقيدة التثليث. وفي الأندلس ظلت الحروب بين الرومان وبين الموحدين حتى ظهور الإسلام، ويعزو المؤرخون من شرقيين وغربيين سرعة انتشار الإسلام هناك إلى أنهم كانوا في الأصل على التوحيد.
وإجمالاً يمكن القول: إن تاريخ شعوب أوروبا الغربية وشمال أفريقية قبل الإسلام تاريخ للصراع بين الكنيسة الرومانية وبين الآريوسية ويشمل ذلك القوط والفاندال والسلت والبربر وغيرهم (2). يقول سلفستر شولر: (من المعلوم أن جميع البرابرة الذين استقروا على ضفاف الدانوب وعلى ضفاف الإمبراطورية (الرومانية) قد اعتنقوا أمة بعد أمة المسيحية الآريوسية ... وهكذا أخذت الآريوسية تجتاح البلاد التي يقيم فيها البرغوند والسويف والفندال واللومبارد، وغدت ديانة هذه الشعوب الوطنية) (3)، هذا عدا انتشار الموحدين في مصر وبلاد الشام والعراق وفارس والحبشة ومليبار.
ثم كان أبرز الأحداث في تاريخ الموحدين هو قيام مملكة لهم في رومانيا في القرن السادس عشر؛ حيث كان الملك «جون سيقموند» المتوفى سنة 1571م موحداً، ولا يزال فيها أكبر تجمّع للموحِّدين في العالم بعد الولايات المتحدة؛ حيث يبلغ عددهم ثمانين ألفاً. وفي بولندا تكاثر الموحِّدون حتى أرغمهم البرلمان سنة 1658م على اعتناق الكاثوليكية (4)، إلا من فرّ منهم إلى هولندا وإنجلترا، وهناك التقوا مع الفارين من الأندلس بعد سقوطها في يد الملكين الكاثوليكيين «فردِنَنْد» و «إيزابيلا». وفي فرنسا ظهر الموحدون سنة 1550م باسم «الهجونوت» إلا أن الكاثوليك شنوا عليهم حرباً ضروساً في أيام الملكة «كاترين» وابنها «هنري» حتى استأصلوهم سنة 1572م إلا من استطاع الفرار إلى هولندا ثم إلى أمريكا (5).
` روافد وأشباه:
فيما بين عقيدة الموحدين ـ هؤلاء ـ وعقيدة الطائفة الملكية (6)، وهي الطائفة النصرانية الكبرى المتحكمة في الإمبراطورية الرومانية، يوجد عقائد كثيرة تأثرت بالمد الإسلامي العظيم؛ إذ كان استعلاء الإسلام ووضوح حجته قد بهر العالم أجمع، فحرصت كل ملة على أن تفسر عقيدتها وإيمانها بما يشبهه أو يقاربه، حتى إن الطائفة الملكية نفسها أصبحت تدعي التوحيد على تفسير خاص لها (7).
وقد بلغ التأثير ذروته في الحركتين المشهورتين في التاريخ الأوروبي، وهما: حركة تحريم الصور والتماثيل، والحركة الإصلاحية. وقد وفّر كلٌّ منهما نوعاً من الغطاء لعقيدة الموحدين التي كانت تظهر وتختفي بمقدار الحرية المتاحة لها.
1 - حركة تحطيم الصور والتماثيل:
ظهرت هذه الحركة بظهور الإسلام الذي كان حكمه حاسماً جداً في هذا الشأن؛ فعندما عاد المهاجرون إلى الحبشة وذكروا للرسول -صلى الله عليه وسلم- ما رأوا في الكنائس الحبشية ـ وهي يعقوبية المذهب ـ قال -صلى الله عليه وسلم-: «إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجداً، وصوَّروا فيه تلك الصور؛ أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة» (8).
وهكذا طمس المسلمون ـ وحطموا ـ الصور والتّماثيل والصّلبان ليس فقط في الكنائس التي أسلم أهلها أو فتحوها عنوة، بل في كل مظاهر الحياة، وبذلك استيقظت الحركة الكتابية التي كانت تفعل ذلك قبل الإسلام عملاً بما جاء في الوصية الثانية من الوصايا العشر في التوراة (9).
وقد بلغت هذه الحركة أوجَها في عهد الإمبراطور البيزنطي (قسطنطين الخامس) الذي عقد مجمعاً خاصاً لذلك في القسطنطينية سنة 754م. ونلاحظ أن الإمبراطورية الشرقية البيزنطية هي الأكثر تأثراً؛ وذلك لقربها من دار الإسلام.
2 - الحركة الإصلاحية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/360)
تأخر ظهور الحركة الإصلاحية في الإمبراطورية الغربية، بسبب بعدها الجغرافي عن دار الإسلام، والحُجُب الكثيفة من الافتراء والتشويه التي فرضتها الكنيسة الكاثوليكية على أوروبا الغارقة حينئذ في الجهل والهمجية، ولكن الاتصال بالمسلمين الذي حدث من طرق شتى - منها مراكز الحضارة الإسلامية في جنوب أوروبا، والحروب الصليبية، والتعامل التجاري، وغيرها ـ أدى إلى ظهور الحركة الإصلاحية البروتستانتية، التي كانت فاتحة التاريخ الأوروبي الحديث، والتي أحدثت زلزالاً هائلاً في الكنيسة الغربية، بل في الحياة الأوروبية عامة. إلا أن تأثيرها الإصلاحي لم يمسّ الجوهر (عقيدة التثليث) بل اقتصر أساساً على الحد من طغيان البابوات، وفساد رجال الدين عامة، وتحطيم الصور والتماثيل (1)، وتعديل بعض الشعائر والطقوس. ويتمثل تأثيرها التاريخي الهائل في تأسيس كنائس جديدة منسوبة لزعماء الحركة، مثل «لوثر» «كالفن» «زونجلي» وكانت الاستجابة الواسعة لها تمثيلاً عميقاً لما عانته النفسية الأوروبية من كبت وضجر تحت سيطرة الاضطهاد البابوي، ولكنها ما لبثت أن ارتكبت كل الخطايا التي ارتكبتها كنيسة روما، ولا سيما اضطهاد المخالفين، وربما زادت عليها أحياناً، وهو الأمر الذي أدخل أوروبا في دوّامة من العنف لم يشهد لها التاريخ العالمي مثيلاً. وحدث من الفظائع والمنكرات ـ من الطرفين ـ ما اقشعرت لها أبدان المؤرخين، ووصفوها بأنها وحشية تترفع عنها الوحوش. وقد نالت هذه الوحشيةُ طائفةَ الموحدين التي انتهزت ـ بادئ الأمر ـ فرصة الصراع وانكسار باب السجن الكاثوليكي لتخرج في جملة من خرج من المأسورين، ولكن الاضطهاد الذي حلّ بها من قِبَل البروتستانت كان أفظع مما تصورت، بل كان مثار دهشة المؤرخين الغربيين ولا يزال.
` الموحدون والحركة الإصلاحية النصرانية:
كان أعداء الموحدين ـ من الكاثوليك والبروتستانت سواء ـ ينبزونهم بلقب «سوسنيانية» نسبة إلى رجل دين إيطالي يدعى «سوسنيان» أو «سوسنيوس» (1539ـ 1604م) (2)، ظهرت آراؤه في عنفوان الثورة البروتستانتية على الكنيسة الكاثوليكية بقيادة زعيميها الشهيرين «مارتن لوثر» و «كالفن».
وكان «كالفن» ينافس «لوثر» في تزعّم الإصلاح، إلا أنه كان أكثر منه اعتماداً على التوراة ـ لا سيما في انتهاج القوة ـ وقد قرر كثير من المؤرخين أنه يهودي الأصل، ولعل هذا سبب خطأ من يظن أنه كان موحِّداً (3)، وقد عاصر من الموحدين غير «سوسنيان» الذي تنتسب إليه الطائفة «ميخائيل سرفت» صاحب الآراء المتناقضة والمحسوب على الموحدين، وإن كان بعض مؤرخي الفكر الغربي يجعلونه المؤسس.
اتخذ كالفن «جنيف» مقراً لدعوته، وحكمها حكماً لاهوتياً شديد الصرامة، ويقول «ديورانت»: (إن «كالفن» كان يرى في مذهب الموحدين بداية النهاية للمسيحية، وخشي هذه الهرطقة أكثر من أي شيء آخر؛ لأنه وجدها متفشية في مدينة «جنيف» ذاتها، وفوق كل شيء بين اللاجئين البروتستانت الفارين من إيطاليا، وهذه إشارة إلى سوسنيان وأمثاله). وقد بلغت فظاظة كالفن وبشاعة أحكامه حداً جعل أتباعه وأعداءه يشتركون في التعنيف عليه، وكان الموحدون أكثر المتضررين بذلك، ولا تزال مأساة «سرفت» تعد عند مؤرخي الفكر وصمة عار في جبين الإصلاحيين عامة و (كالفن) خاصة؛ فقد حكم (كالفن) على (سرفت) بأن يحرق حياً على نار بطيئة عقوبة له على إنكار التثليث سنة 1553م. وكان هذا ـ إضافة إلى نبز (لوثر) لـ (سرفت) بأنه «مراكشي» ـ دليل على أن الضغينة عليه كانت بسبب تأثره بالإسلام أكثر من كونه كافراً بالتثليث؛ إذ يقول ديورانت (4)، بعد أن نقل فقرات من كلامه: (إن مفهومه عن المسيح قريب جداً من مفهوم محمد) فنظراً لأصله الأسباني وقراءته للقرآن، واطلاعه على العقائد الإسلامية كان يستحق عندهم أن ينزل عليه أشد العقاب، فيكون عبرة لغيره من الخارجين على عقيدة (لوثر) و (كالفن).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/361)
كان (سرفت) في أول الأمر مندفعاً جداً في الثورة على النصرانية، فألّف كتابه «خطأ التثليث» سنة 1531م وفيه شبّه الرب الذي يعبده النصارى بالصنم الخرافي الوثني «سربيروس» الذي كان أتباعه يعتقدون أن له ثلاثة رؤوس (5)، ولكنه آخر الأمر عاد ليكتب كتاباً عنوانه «إعادة المسيحية». وسواء كان ذلك تراجعاً ظاهرياً أو اضطراباً في المعتقد، فالنتيجة أن ذلك لم ينقذه من العقوبة، وكان إحراقه نذيراً صارخاً لأصحاب مذهب التوحيد بالفرار إلى بلاد غير خاضعة للإصلاحيين، فاتجهوا إلى بولندا وهولندا ورومانيا ـ إقليم ترانسلفانيا ـ حيث كان الملك الموحِّد «جون سيقموند» يوفر حماية للفارين منهم في مملكته.
إن مصادر التوحيد لهذه المملكة مجهولة، والظاهر أنها من بقايا الأريوسيين وأن حياتهم في غابة إقليم «ترانسلفانيا» النائي وَقَتْهم شر التسلط الكاثوليكي، ومن المحتمل جداً وجود علاقة لهم بالمسلمين؛ فقد شهدت روسيا وأوروبا الشرقية مرحلة من التواصل مع المسلمين تميز في عهد الخليفة المقتدر العباسي وبعده (6).
على أن العقيدة التوحيدية ظهرت في أوروبا الغربية، ولا سيما في هولندا وبريطانيا، ومنها إلى أمريكا ضمن الخليط الناتج من الأفكار التي شهدها عصر التنوير الأوروبي الذي تُعَدُّ حركة التوحيديين أحد روافده، كما تعد أحد المستفيدين من ثورته.
` عقائد عصر التنوير الأوروبي:
يسمى عصر الثورة العامة على المعتقدات الدينية النصرانية: (عصر التنوير)، وهو يشمل المرحلة ما بين اشتداد الحروب الدينية في أوروبا، وبين ظهور الثورتين الأمريكية والفرنسية، أي أن القرن الثامن عشر الميلادي ـ على سبيل التقريب ـ هو عصر التنوير الذي أحدث في الفكر العالمي عامة والغربي خاصة زلزالاً لا تزال توابعه حتى الآن؛ فقد خلَّف آثاراً عظيمة في السياسة والاجتماع والأدب والفن. بيد أن أعظم آثاره تجلى في الصراع العنيف بين الكنيسة والعقل.
ولا ريب أن عصر التنوير يعد امتداداً طبيعياً لعصر النهضة الأوروبية الذي يدين بالفضل للإسلام؛ فقد كان تأثير الحضارة الإسلامية والثقافة الإسلامية واضحاً في إيطاليا منطلق النهضة الأوروبية الحديثة، بل هو أكبر أسباب النهضة؛ فقد كان الإمبراطور «فردريك» الثاني في القرن الثالث عشر عاشقاً للثقافة الإسلامية، ولما رأت الكنيسة حرصه على تعلم العربية، وكثرة المسلمين في بلاطه، وتأثره الواضح بهم، أصدرت بحقه حرماناً وسمته «الزنديق الأعظم»، ولكن المؤرخين في الفكر يسمونه «أول المحدثين» تقديراً لريادته في الحضارة والإنسانيات (1).
وفي الأندلس كان التواصل الثقافي مستمراً خاصة مع أوروبا الغربية، لا سيما الجزر البريطانية التي كادت أن تسلم ـ حيث يتحدث التاريخ عن إسلام أحد ملوكها، وكذلك إسلام ملك النرويج، وهما حدثان جديران بالبحث والاهتمام ـ فلما استطاعت الكاثوليكية استرداد البرتغال وأسبانيا من المسلمين، وأقامت محاكم التفتيش، لجأ كثير من أصحاب الفكر الحرِّ إلى أوروبا الغربية، لا سيما هولندا التي ظهرت فيها العقيدة التوحيدية بوضوح إلى جانب العقائد الأخرى المتحررة من ربقة الكنيسة الرومانية.
وفي المرحلة التالية لم يقف الصراع الكبير الذي أحدثته الحركة الإصلاحية عند حد التمرد على البابا، بل انقلب تمرداً على كل العقائد الكنسيّة باسم «العقل» و «حرية التفكير» و «الدين المنطقي» و «الدين الطبيعي» ونحو ذلك من الشعارات التي كثرت في ذلك العصر واختلفت، وكان الجامع بينها رفض العقيدة النصرانية.
ومن هنا اختلط الأمر على الباحثين، وصعب التفريق بين منكري الدين كلِّه ـ أي من ينكر وجود الله تعالى ـ وبين من ينكر عقائد الكنائس النصرانية ـ لا سيما التثليث ـ لكنه يؤمن بالوحي والكتب المقدسة، وبين من يقف بين ذلك فينكر الكتب والقدر، ويعترف بنوع من الوحي والتعبد. وفي غمرة هذا الاختلاط نجد تفسيراً للتنازع الشديد في عقيدة بعض الأعلام المشهورين بالعلم والفكر والفلسفة مثل «جون لوك» «إسحاق نيوتن» «شارل ديكنز»، «روسو»، «داروين» فالكنيسة الموحدة تدعي أنهم من أتباعها، وغيرهم لا يسلم لها بذلك، بل يجعلونهم «ربوبيين» (2)، أو «لا أدريين» أو «طبيعيين» ... إلخ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/362)
وكان لبريطانيا نصيب الأسد في ظهور هذه العقائد، ويعزى ذلك إلى الحرية المحدودة فيها وإلى طريقة التفكير البريطاني؛ حيث يمثل الإنجليز غالباً ما سماه المفكر العالمي (علي عزت بيجوفتش): «الطريق الثالث خارج الإسلام»، فقد رفضوا العقيدة الكاثوليكية، لكنهم لم يتطرفوا فيذهبوا مذهب الملاحدة العقلانيين في فرنسا، ولم يندفعوا مع اللوثرية اندفاع الألمان، بل سلكوا طريقاً وسطاً ـ تماماً كما فعلت بريطانيا في العصر الحاضر، حيث لم تكن شيوعية مثل روسيا، ولكنها أيضاً ليست في الرأسمالية مثل أمريكا.
هناك ـ في بريطانيا ـ فشت عقيدة التوحيد هذه، وكادت تسيطر على مفكري عصر التنوير الإنجليزي، لولا أن منافساً ظهر أيضاً بقوة وهو دين الربوبيين ـ المؤمنين بالله مع إنكار الوحي ـ وكثيراً ما يقع الخلط بين هاتين العقيدتين، ويدعي أتباعهما أن رموز الأخرى هم من رموزها ـ كما سبق ـ. والواقع أن بريطانيا في ذلك العصر كانت تموج بالشك والتمرد بل التقلب والاضطراب لدى المفكر الواحد. وكان أبرز الأحداث هو إعلان الموحدين لعقيدتهم في التوحيد صراحة في بيان وجهوه إلى طلاب جامعتي «أوكسفورد» و «كامبردج» سنة 1790م (3).
على أن أهمية الكنيسة في بريطانيا تتجلى في كونها المصدر الأكبر للحركة في أمريكا، وهنا لا بد من بيان الفرق بين أوروبا وأمريكا في هذا الشأن؛ فأوربا كانت هائجة مضطربة تنتقل من فعل إلى ردة فعل أعنف، وهذا يصدق على كثير من مفكريها مع شيء من الاعتدال يتسم به شمالها. أما أمريكا فجذورها الدينية واضحة؛ بحيث يمكن القول إن ملاحدة أمريكا أقرب إلى الانتماء الديني، وأن متديني أوروبا أقرب إلى الملاحدة.
وحين نصل إلى أمريكا نجد أنفسنا أمام تاريخٍ مستفيض، ووجود متميز للحركة الموحّديّة.
` الموحدون في أمريكا:
تقول المصادر الرسمية للولايات المتحدة الأمريكية إنها ثاني الدول الغربية تديناً بعد إيرلندا، ويقول المفكر إدوارد سعيد: (إن أمريكا هي أكثر دول العالم انشغالاً بالدين). والواقع أن بين الدين الذي أسست عليه هذه الدولة والدين الذي تدين به اليوم بَوْناً شاسعاً، وهذا يصدق على حركة الموحٍّدين الأولى وواقع الموحدين اليوم.
فالمؤسسون الأوائل لأمريكا كان منهم جمع غفير من المهاجرين بدينهم المتسمين باسم (الحجاج)، وقد تحملوا مشقة الرحلة الطويلة إلى بلاد نائية فراراً من الحروب الدينية الضروس التي اجتاحت أوروبا لا سيما منذ ظهور الحركة الإصلاحية، وكان من بين المؤسسين مفكرون وساسة يؤمنون بالتسامح، ويمقتون الاضطهاد بنفس المقدار الذي كان عليه مفكرو التنوير في أوروبا أو أكثر، وهكذا أسسوا الدولة الناشئة على مبدأ فصل الدين عن الدولة، لكن بسبب وبشكل يختلفان عما هو الحال عليه في أوروبا؛ ففي فرنسا مثلاً كانت الثورة الفرنسية معادية للدين، وكان فصل الكنيسة عن الدولة إقصاء للمتدينين، وسلباً لمكانة الكنيسة. أما في أمريكا فقد جعلوه صيانة للدين وحفظاً لمكانة الكنائس، وأتاحوا للمتدينين الحرية في الانتماء إلى الكنيسة التي يريدون، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل تجاوزه إلى الاتفاق على نفي أن تكون الدولة نصرانية رسمياً (1)؛ وذلك أن المؤسسين الكبار كانوا يؤمنون بأفكار عصر التنوير وفلسفاته التي ذكرنا مع تفاوت بينهم في الالتزام الديني الشخصي بالذهاب إلى الكنائس أو الانتساب إليها. إلا أن كنيسة واحدة فقط كان الانتماء إليها ينسجم مع الأفكار التنويرية وهي الكنيسة الموحِّدة؛ بحيث يمكن القول إنه لو كان للحكومة الناشئة أن تختار ديناً رسمياً للدولة لما كان إلا دين الموحِّدين. وهذا ظاهر من استقراء عقائد الرؤساء الأوائل وعقائد المفكرين الأوائل مثل: بنيامين فرانكلين، ورالف أمرسن.
ففي سنة 1785م تحولت كنيسة الملك في بوسطن إلى كنيسة موحِّدة؛ حيث قرر أعضاؤها حذف الألفاظ الدالة على التثليث في الصلوات، ثم أسست كنيسة موحِّدية في «فيلادلفيا» سنة 1794م، وبعد ذلك حدث تحول آخر مهم، وهو انتقال كنيسة الحجاج التي أسست سنة 1620م إلى كنيسة موحِّدية سنة 1802م.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/363)
وتوّجَ هذه الأحداث حدثٌ من أعظم الأحداث في التاريخ الديني النصراني، وهو قيام الرئيس الأمريكي الثالث «توماس جيفرسن» بتأليف إنجيل جديد هذَّب فيه الأناجيل المعروفةَ في نسخةٍ منقّحةٍ محذوف منها كل ما يدل على التثليث، كما حذف ما يدل على المعجزات ـ وهنا يظهر عليه أثر عقلانية عصر التنوير ـ إلا أن «جيفرسن» لم يكن منتمياً إلى كنيسة، ومن ثمَّ يحسبه الباحثون ـ غالباً ـ بين الفلاسفة لا بين المتدينين، ونحن سوف نتسامح في هذا الشرط عند ذكر رؤساء أمريكا من الموحدين عما قليل.
في سنة 1825م أسست المنظمة الموحدية في أمريكا، ثم أسس المجمع الوطني للموحدين في سنة 1865م، ولم تزل الحركة في صعود مستمر ـ لا سيما بين الطبقة المثقفة ـ حتى بلغ الذروة في تولي أحد الموحدين وهو (وليام تافت) رئاسة الولايات المتحدة، وأعقب ذلك تولِّيه رئاسة الكنيسة الموحدية سنة 1917م.
وآخر المشهورين من السياسيين الموحدين هو «ادلاي ستيفنس» المرشح الرياسي الذي كان وزيراً في حكومة جون كندي ـ الرئيس الكاثوليكي الوحيد للولايات المتحدة ـ وقد توفي سنة 1965م ولم ينجح في أن يصبح رئيساً.
إنه باسترجاع مرحلة تأسيس أمريكا يجدر القول بأن المسلمين بسبب تخلفهم الديني والحضاري حينئذ، قد فوَّتوا فرصة عظيمة حيث كانت الدولة الأمريكية الناشئة مهيأة لاعتناق التوحيد الحقيقي، والدخول في دين الإسلام، وإن شئت فقل: إنه كان يمكن أن يكون للمسلمين مكانة كبرى في ذلك المجتمع الجديد، لو أن الأمة والدعوة في ذلك الحين كانت في حال أفضل.
` واقع الحركة الموحدية في أمريكا اليوم:
يمكن إيجاز الواقع في العقود الأخيرة بأنه انتشار للعقيدة وانتكاسة للكنيسة. أما العقيدة ذاتها (أي إنكار التثليث أو إنكار ألوهية المسيح) فقد تنامت حتى يمكن القول إنها عقيدة الأغلبية في أمريكا هذه الأيام، وفقاً لاستبانات كثيرة لا مجال للتفصيل فيها. وأما الكنيسة فقد تقلصت، بل انتكست ـ مع أن تقديراتها تقول إن لها زهاء ألف معبد ينتمي إليها حوالي 160ألف عضو ـ وانحرف كثير من أتباعها انحرافاً خطيراً؛ وذلك أن الغليان الفكري والاجتماعي في أمريكا لدى جيل ما بعد الحرب العالمية الثانية، أدى إلى ظهور موجة من التحلل والتفسخ والانقسامات الدينية الحادة والحركات المتطرفة، وشمل ذلك الكنيسة الموحِّدية التي تحولت تحولاً كبيراً إلى الاتجاه الليبرالي، واتخذت خطوة بعيدة بتوحدها مع «كنيسة الخلاص للجميع» «اليونيفرسالية»، وهي كنيسة تدعي التوحيد أسست سنة 1793م، والواقع أنها لا تؤمن بالتثليث، لكنها تؤمن بعقيدة الخلاص للجميع. ومع تنامي موجة التحرر والانحلال، تحوّلت هذه العقيدة إلى إقرار عام لجميع الأديان والأفكار، وكان الاندماج بين الكنيستين سنة 1961م، ومن ثم بدأت مسيرة الذوبان مع كنائس كثيرة في بوتقة الليبرالية الحديثة التي تشمل تنوعاً مدهشاً من العقائد الشرقية والغربية (2) تعطي برهاناً ساطعاً على حاجة هذه الأمة إلى الدين الصحيح، وتلقي على كاهل المسلمين واجباً عظيماً في إنقاذ هؤلاء الحيارى في مجتمع يظل ـ بغض النظر عن مواقف حكومته ـ من أكثر مجتمعات العالم تقبلاً للإسلام وإقبالاً على التعرف عليه، ومما يزيد ذلك توكيداً أن الاتجاه المقابل للاتجاه الليبرالي ـ ونعني به الاتجاه الأصولي الصهيوني ـ قد أخذ في التقهقر، وقد يسقط سقوطاً سريعاً في حالة إخفاق (جورج دبليو بوش) في الفوز بالرئاسة ثانية، وهو احتمال وارد بعد تورطه في الحرب الصليبية المسماة «الحرب على الإرهاب» وما تضمنته من فضائح أخلاقية وإخفاقات سياسية وعسكرية أسهمت في كشف الوجه القبيح لأمريكا على المستوى العالمي.
إنها لمفارقة عجيبة أن تؤسَّس أمريكا لتكون تنويرية توحيدية، وينتهي بها الأمر لتكون إنجيلية صهيونية صليبية، ولكن هذا التحوّل البعيد ينبغي أن يفتح باب الأمل لأمة التوحيد الحقيقي لأن تجتهد في تحويلها إلى أمة مسلمة تعبد الله وحده لا شريك له، وتتخلى عن الغطرسة والاستكبار لتصبح أمة عدل وسلام؛ وذلك لا يكون إلا بالإسلام.
` الرؤساء الأمريكيون الموحدون:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/364)
1 - الرئيس الثاني «جون آدمز» تولى الرئاسة ما بين عامي 1797 ـ 1801م وإليه تنسب معاهدة طرابلس مع الرئيس الأول «جورج واشنطن» التي نفى فيها أن تكون الجمهورية الأمريكية الحديثة ـ حينئذٍ ـ دولة نصرانية، وعليه فهي ليست معادية للإسلام بأي وجه من الوجوه.
2 - الرئيس الثالث «توماس جفرسُن» تولى الرئاسة ما بين عامي 1801م ـ 1809م وكتب الإنجيل المعدل عام 1804م، وقد كان نائباً للرئيس الثاني «جون آدمز» وهو أكثر المؤسسين أثراً في تكوين الفكر الأمريكي، وكان «جيمس ماديسون» المشهور بأبي الدستور الأمريكي متأثراً بفكره، وقد عينه وزيراً في حكومته، ثم خليفة له في الحكم.
3 - الرئيس السادس «جون قوينسي آدمز» تولى الرئاسة ما بين عامي 1825م ـ 1829م وهو ابن الرئيس الثاني.
4 - الرئيس الثالث عشر «ميلارد فلمور» تولى الرئاسة ما بين عامي1850م ـ 1853م.
5 - الرئيس السابع والعشرون «وليام تافت» تولى الرئاسة ما بين عامي 1909م ـ 1913م وهو الذي ترأس الكنيسة الموحدية عام 1917م توفي عام 1930م.
` الموحدون في العالم:
خارج الولايات المتحدة ورومانيا توجد أقليات منتمية إلى كنيسة التوحيد في بلاد كثيرة أهمها جمهورية التشيك، وهنغاريا، والهند، والفلبين، وألمانيا، ونيجيريا، وكندا، وإيرلندا، وإسكندنافيا.
على أنه ينبغي أن يُعْلم أن الذين لا يؤمنون بالتثليث ولا يعتقدون ألوهية المسيح ولا يجمعهم الانتماء إلى هذه الكنيسة هم أكثر عدداً، وهم ينتشرون في هذه الدول وغيرها منتسبين إلى كنائس أخرى أو متحررين من أي نسبة. وهم منجم خصب للدعوة إلى الله، وسيظل هؤلاء جميعاً برهاناً ساطعاً على أن الإسلام هو دين الفطرة، وأن وعد الله ـ تعالى ـ بإظهاره حق. {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 21].
--------------------------------------------------------------------------------
- الهوامش:
(1) أشهر المجامع الكنسية وأعظمها خطراً عقده علماء النصرانية بطلب الإمبراطور قسطنطين الذي أراد توحيد الإمبراطورية على عقيدة مشتركة بين الوثنية والنصرانية؛ وذلك سنة 325م أي قبل الهجرة بثلاثمائة سنة تقريباً.
(1) جزء من حديث رواه مسلم عن عياض بن حمار رضي الله عنه، رقم 2865. (2) وهؤلاء صنف آخر من الموحدين ليسوا داخلين في موضوعنا.
(3) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، ج3، ص 91.
(1) وتكتب أحياناً «الكلتية» نسبة إلى السلت أو الكلت، وهم مجموعة من الشعوب الأذربية كان لهم حضارة ما بين عامي 1200 ـ 200 قبل الميلاد، ولهم لغة وأساطير تميزهم عن الرومان واليونان.
(2) انظر سلفستر شولر في كتابه الضخم «الكنيسة قبل الإسلام»، ج 12 كله. (3) المصدر السابق ج3 ص 81 ولاحظ تسميتهم جميعاً برابرة!
(4) انظر مادة سوسنيان في دائرة معارف كولومبيا المترجمة باسم الموسوعة العربية الميسرة.
(5) انظر التفصيل في قصة الحضارة، «ول ديورانت» ج 29 ص190 فما بعدها.
(6) والطائفتان الأخريان هما النسطورية واليعقوبية، وكلها تعتقد التثليث، وإن اختلفت في وصف الحلول أو الاتحاد بين الخالق والمخلوق.
(7) انظر مؤلفات سليمان الغزي، ومنها ج 3 ص 75، تحقيق المطران ناوفيطوس إدلبي. (8) رواه مسلم، رقم 528.
(9) في سفر الخروج الفصل العشرون فقرة 3 ـ 5 «لا يكن لك آلهة أخرى أمامي ولا تصنع لك تمثالاً منحوتاً ولا صورة».
(1) انظر التفصيل في كتاب الإصلاح الديني في القرن السادس عشر.
(2) وقد درس اللغة العربية كما في قصة الحضارة ج 24ص 238. وانظر عنه وعن مقاومة الكنائس له، أزمة الضمير الأوروبي، بول هازار، تقديم طه حسين (ص96 - 97).
(3) مثل مترجمي كتاب «أزمة الضمير الأوروبي» هامش، ص 82. (4) «ديورانت» 24/ 240 ـ 248، والموسوعة الفلسفية د. عبد الرحمن بدوي، مادة كالفن.
(5) في الأساطير اليونانية ولدت «أخيدنا» وهي نصف امرأة ونصف أفعى «سربيروس» ذا الرؤوس الثلاثة الذي عمل حارساً لهاديس حتى استطاع هرقل أن يأسره، وهرقل هذا في أساطيرهم هو ابن المعبود الأكبر «زيوس» وأشهر أبطال المثيولوجيا اليونانية ثم الرومانية» [انظر معجم الأساطير، ماكس شابيرو، ترجمة حنا عبود].
(6) أرسل الخليفة «لمقتدر» الرحالة المشهور «ابن فضلان» إلى ملك البلغار الذي أسلم، وراسل الخليفة وطلب أن يبعث إليه من يفقهه في الدين ويعلم قومه شرائع الإسلام، وقد وصل إلى تلك المملكة سنة 310 هـ 922م.
(1) انظر كتاب «الزنديق الأعظم»، تأليف: جاي ديس، ترجمة أحمد نجيب هاشم.
(2) الربوبية: أصح تعريب لمصطلح «دايزم»، والربوبيون: هم الذين يؤمنون بالله رباً خالقاً ولا يؤمنون به إلهاً معبوداً.
(3) للتفصيل طالع كتاب: «تراثنا الموحدي» تأليف: إيرل مورس ويلبر [بالإنجليزية].
(1) وقد ورد ذلك في وثائق رسمية منها المعاهدة بين حكومة الولايات المتحدة وولاية طرابلس (ليبيا) التي كانت شبه مستقلة، وهي وثيقة مهمة كتبت سنة 1218هـ، لكنني لم أستطع العثور على نصها العربي، والنص الإنجليزي في المادة (12) صريح في أن أمريكا ليست دولة نصرانية، ومن ثم فليس بينها وبين أي دولة محمدية علاقة عداء.
(2) مثل: الثيوصوفية، الأرواحية، عبادة الآلهة القديمة في مصر والشرق، السحر، وكذلك فلسفات حديثة مثل: العصور الجديدة، التطورية الجديدة، الفلسفة الخالدة، هذا غير مئات من النحل المنتسبة للنصرانية اسماً.
___________________
- منقول من مجلة البيان العدد الجديد:
الرابط: http://www.albayan-magazine.com/bayan-204/bayan-19.htm
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/365)
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[29 - 01 - 05, 02:42 م]ـ
يرفع ..
ـ[أبو عبد الباري]ــــــــ[29 - 01 - 05, 04:02 م]ـ
جزيت خيرا فهذه فائدة عظيمة بالنسبة لي.
ـ[طالب علوم الحديث]ــــــــ[30 - 01 - 05, 01:26 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[30 - 01 - 05, 01:41 ص]ـ
هنا تظهر أهمية التخصص.
ـ[مختصر]ــــــــ[29 - 11 - 09, 10:05 م]ـ
كلام نفيس يكتب بماء الذهب
ـ[اسلام سلامة علي جابر]ــــــــ[29 - 11 - 09, 10:16 م]ـ
آريوس والآريوسيون
هكذا اسمهم
جزاكم الله خيراً
للمزيد تفضلوا بزيارة منتديات حراس العقيدة(28/366)
نقد كتاب الشنقيطي (2): الجبرية الأموية
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[20 - 10 - 04, 01:43 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كرر الأستاذ الشنقيطي في رسالته اتهامًا عجيبًا وقديمًا للدولة الأموية؛ بأنها كانت تروج للفكر الجبري وتنشره بين الناس؛ لتباعد بينهم وبين الخروج عليها، أو محاولة تغييرها. فيكون الرضا بتسلط هذه الدولة على المسلمين عقيدة راسخة يدينون الله بها؛ وهذا ما يبتغيه بنو أمية؛ وعلى رأسهم الصحابي الجليل: معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه -!
وقد صدق الشيخ محمود شاكر عندما قال: (إن تاريخ بني أمية قد أصابه الكثير من التشويه). (التاريخ الإسلامي 4/ 5).
حيث تعرضت هذه الدولة المسلمة التي لم يأت من بعدها بعشر فضائلها لحملة واسعة من التشويه المتعمد من قبل أعداء كثيرين؛ في مقدمتهم مؤرخو الشيعة الذين اختلقوا الأكاذيب والمفتريات عليها، وقلبوا محاسنها مساؤي.
وقد أحسن الدكتور حمدي شاهين في كتابه الجديد " الدولة الأموية المفترى عليها - دراسة الشبهات ورد المفتريات "، ط دار القاهرة للكتاب، 2001م؛ عندما أنصف هذه الدولة في كتابه هذا الذي أتمنى أن يعود إليه الأستاذ الشنقيطي - وكذا غيره من المهتمين - ليتبين لهم مقدار التجني والتحامل الذي تعرضت له تلك الدولة العظيمة.
يقول الأستاذ (ص 28): (لكن الجبرية الأموية والكربلائية الشيعية لا تزالان سائدتين في دراسة تاريخ صدر الإسلام).
قلت: أما الكربلائية الشيعية فهي تتكرر على أسماعنا وأبصارنا كل عاشوراء! ولا زال الروافض يستغلون حادثة مقتل الحسين - رضي الله عنه - في كسب تعاطف الدهماء تجاه عقائدهم الباطلة، بما يحيطونها به من تمثيل وبكاء مستأجر؛ سواء في كتبهم التاريخية أو معابدهم البدعية.
وأما " الجبرية الأموية " فالدكتور قد تابع فيها من سبقه إليها من المؤرخين المعاصرين المتحاملين على الدولة الأموية؛ ممن يرددون هذه التهمة الغريبة دون دليل معتمد.
وإليك أمثلة لهم:
قال أحمد أمين في كتابه " ضحى الإسلام " (3/ 81): (وبنو أمية كما يظهر كانوا يكرهون القول بحرية الإرادة لا دينياً فقط ولكن سياسياً كذلك؛ لأن الجبر يخدم سياستهم. فالنتيجة للجبر أن الله الذي يسير الأمور قد فرض على الناس بني أمية كما فرض كل شيء، ودولتهم بقضاء الله وقدره فيجب الخضوع للقضاء والقدر).
وقال شاكر مصطفى في كتابه " دولة بني العباس " (1/ 28): (إن خلافة بني أمية تقوم على مبدأين ... المبدأ الثاني: أن ما يتم على الأرض فإنما هو بإرادة الله؛ لأن الإنسان مسير لا مخير، وفلسفة الجبرية كانت تقوم في أساس الفكر الأموي، ولو أراد الله غير ما هو كائن لفعل).
وقال الدكتور عفت الشرقاوي في كتابه " أدب التاريخ عند العرب " (ص 257): (وكان عَوَانة يهتم بالصراع السياسي والحربي بين الإمام علي وخصومه، مع ميل إلى تأكيد فكرة الجبر في تفسير حوادث التاريخ؛ وهي الفكرة التي كان يشجع على بثها بين علماء المسلمين خلفاء بني أمية تأكيداً لسلطانهم السياسي).
وقد رد الدكتور محمد بن صامل السلمي في كتابه " منهج كتابة التاريخ الإسلامي " (ص 202 - 203) على هذه التهمة وهذه الأقوال بقوله:
(بسبب الانحراف في مفهوم القضاء والقدر وقع جملة من الكتاب المعاصرين في أخطاء شنيعة في تقديرهم للدولة الأموية والحكم عليها؛ حيث قالوا إن الدولة الأموية شجعت الاتجاه نحو الجبر والإرجاء وقالت إن أعمالها لا تجوز معارضتها؛ لأن من يعارضها يعتبر منكرًا للقدر، إذ لو أراد الله غير ذلك لكان. وقد أطلق هؤلاء الكتاب هذا القول دون أن يوردوا عليه دليلاً، وهذا يرينا مدى التشويه الذي يلحق تفسير حوادث التاريخ الإسلامي عندما توضع في منظور غير إسلامي وعندما تنحرف المفاهيم والتصورات، وهذا الفهم الذي ذهبوا إليه والحكم الذي حكموا به مبني على الجهل بمفهوم القضاء والقدر وتوهم أن بينه وبين التكاليف الشرعية من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله معارضة، وليس الأمر كذلك كما أوضحناه.
كما أن الوقائع التاريخية الثابتة تكذب هذا الادعاء؛ فقد قُتل كلٌ من غيلان الدمشقي ومعبد الجهني اللذين أنكرا القدر في ظل الدولة الأموية كما قُتل الجعد بن درهم والجهم بن صفوان إماما الجبرية بأمر من الخلفاء الأمويين).
بقي أن يُقال بأن الأحاديث التي تأمر بعدم مفارقة الجماعة أو منازعة الولاة والخروج عليهم؛ هي من الأحاديث الصحيحة المتواترة التي اعتمدها أهل السنة في عقائدهم؛ فلا علاقة لها ببني أمية أو غيرهم؛ كما قد يتوهم البعض.
تنبيه: في نقدي لكتاب الأستاذ الشنقيطي لا أعتمد على ترتيب معين للمسائل المنتقدة؛ لأنني أنوي ترتيب المسائل حسبما جاءت في كتابه بعد فراغي منها جميعًا. وبعد الاستفادة من ملاحظات الإخوة أو زياداتهم ودلالاتهم.
إضافة إلى مابينته سابقًا من أنني عالة على كثير من الباحثين الفضلاء ممن سبق لهم التعرض للمسائل التي خاض فيها الأستاذ.
والله الموفق ..(28/367)
ما موقف الألباني وغيره من ابن حجر و ... في قضية التأويل
ـ[أبو جابر الجزائري]ــــــــ[21 - 10 - 04, 11:14 ص]ـ
أرجو أن إفادتي بنقولات (ذكر المراجع) لما موقف العلماء: الألباني والعثيمين وابن باز من ابن حجر والنووي والسيوطي في قضية التأويل
وبارك الله فيكم مسبقا
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[22 - 10 - 04, 12:40 ص]ـ
##حرر##
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[22 - 10 - 04, 02:02 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هناك كتاب أسمه التنبيه على المخالفات العقدية في فتح الباري وهو موجود على موقع الدرر السنية ولما أردت أن أضع رابطه لم استطع الدخول على الموقع ومن المحتمل أن الموقع فيه خلل
وأمل ممن يستطع من الأخوة يضع رابطه للفائدة وعلى كل فهذه مقدمة الكتاب كالتالي:
تقريظ لكبار العلماء
عبد العزيز بن باز صالح الفوزان
عبد الله بن عقيل عبد الله بن منيع
عبد الله الغنيمان
وهو إكمال لما بدأه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
على الفتح بإشارته ومتابعته ومراجعته وقراءته
كتبه
علي بن عبد العزيز بن علي الشبل
عفا الله عنه وعن والديه ومشايخه والمسلمين آمين
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما.
أما بعد:
فإن الأمة قد أجمعت على صحة صحيح الإمام الموفق أبي عبد الله البخاري وعلى جلالته، ورفع درجته، وكان من أعظم الشروح عليه شرح الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني الذي سماه "فتح الباري بشرح صحيح البخاري"؛ فقد أبدع فيه، ووفق لجمع المتفرق من كلام العلماء السابقين في موضع واحد، حتى صار شرحه مُعول العلماء ومرجعَ الطلاب ومقصد الباحثين.
ولم يعكر صفو ذلك سوى بعض المخالفات العقدية التي عظمت من مثل الحافظ الكبير ابن حجر العسقلاني، وأشغب بها عليه بعض الأغمار فطرحوا سفره النفيس هذا، وأهملوه وربما أهانوه، إلا أن كثيراً منها هي نقول ينقلها الحافظ عمن قبله من الشُرَّاح وغيرهم، هذا مع تنوع بحوث الكتاب وتشعبها والاستطراد فيها، وعلى كل حال فالله أسأل أن يعفو عنه وأن يبدل سيئاته حسنات ويعظم له المثوبة والأجر، ويرفع درجته ويمحو حوبته آمين.
ولما كان سماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز قد نبَّه على بعض تلك المؤاخذات في المجلدات الثلاثة الأولى، فزينت تعقباته حواشي الفتح؛ فحققت تمام الإفادة من شرح الحافظ الحافل، مع عدم الانسياق وراء تلك الاختيارات المخالفة لصحيح عقيدة أهل السنة والجماعة.
وتكرر الطلب مراراً على سماحته باستئناف ما بدأه من ذلك، ولكن كثرة الشواغل والصوارف منعته من ذلك.
وقد رغبت إلى سماحته بذلك مراراً، فأشار عليَّ بالشروع في ذلك، والعزم عليه، ثم عرض العمل على سماحته لينظر فيه، ولكنني هبتُ ذلك وأحجمتُ عنه في أول الأمر؛ لعظم الفتح وجلالته، ومكانة الحافظ وعلمه، ولكن شرح الله صدري لذلك بعد أمر سماحة الشيخ ثم الاستخارة؛ حتى عزمت على السير على منوال سماحة الشيخ في حواشيه بالاقتصار على موضع الملاحظة وبيان الخطأ فيها، دون التوسع بجلب الأدلة وتحرير الدلالة منها على المقصود، وتنويع الدلائل عليها، إذ مظنة ذلك مطولات كتب العقيدة والردود على مخالفي منهج أهل السنة والجماعة وهي معروفة، متداولة، مشهورة.
أيضاً وليكون العمل على نسق واحد مع تعليقات سماحة شيخنا على المجلدات الثلاثة الأولى. فإن وفقت لذلك فذا هو المقصود، وهو محض توفيق الله وهدايته وتسديده، وإن كانت الثانية فمن نفسي والشيطان، وأعوذ بالله منه ومن شر نفسي، وأستغفر الله من ذلك وأتوب إليه وأرجو ألا أعدم أحد الأجرين.
هذا وأسأل المولى جل وعلا أن يجعله لوجهه خالصاً، وللزلفى لديه مقرباً، ولمرضاته محققاً، ويعظم للأئمة: البخاري وابن حجر وسماحة شيخنا آجراً، ويرفع لنا ولهم في الدارين ذكراً، ويورثنا معهم المنازل العلى من الجنة إنه ولي ذلك، ولي ولوالديَّ ومشايخي والمسلمين، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله.
الفقير إلى مولاه الأجلَِّ
علي بن عبد العزيز بن علي الشبل
في 10/ 8/1419هـ
الرياض 11415 ص ب 63128
فاكس 2270010
شكر وتنويه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/368)
هذا وإني أحمد الله حمداً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، فالحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات.
وأصلي وأسلم على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وأترضى عن صحابته وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، والشكر والدعاء لسماحة شيخنا: الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الذي أشار بهذا العمل وتابعه وراجعه واهتم به، وفَرَّغ له من وقته مجالس لقراءته وتسديده، ثم أوصى بطبعه، مصاحباً ذلك بدعائه ونصحه، جزاه الله عنا خير الجزاء وأنزله عليين.
والشكر متوجه لأصحاب المعالي والفضيلة:
- الشيخ د. صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان.
- والشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع.
- والشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل.
- والشيخ عبد الله بن محمد الغنيمان.
- والشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي.
حيث قرأوا – وفقهم الله – التعليقات ماحضين لي فيها النصح والتوجيه.
والشكر موصول لأصحاب المعالي والفضيلة:
- الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ – المفتي العام للمملكة-.
- الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين.
- والشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك.
والذين كنت أرجع إليهما في المسائل المشكلة، وإيضاحها من تلكم التعليقات ولكل من كان له سهم في هذا العمل المبارك من محض نصح وحسن توجيه في مختلف مراحله.
فجزى الله الجميع خيراً، وضاعف لهم المثوبة، وبارك لهم في أعمارهم وأعمالهم، وثقَّل موازينهم ومحا ذنوبهم، وأورثنا وإياهم العلم النافع والعمل الصالح والفردوس الأعلى من الجنة، إنه سبحانه سميع قريب مجيب الدعاء.
مكانة الحافظ ابن حجر وكتابه "فتح الباري":
إن الكلام عن الحافظ الكبير أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (773 - 852) هـ وترجمته الذاتية والعلمية يضيق عنها هذا الموضع جداً، كيف وقد جعلت ترجمته بكتب طوال ككتاب تلميذه السخاوي "الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر" وقد طبع! وغيره من الكتب.
لقد تميز الحافظ ابن حجر في طلبه العلم حتى فاق أقرانه، وحاز على إعجاب مشايخه على كثرتهم، فمنهم من درس عليه، وأكثرهم أجازه لنبوغه وتحصيله، وسعة علمه وجودة تصنيفه.
كما أعجب به وبعلومه العلماء بعد ذلك لما عرفوا قدره في العلم والتحقيق من خلال تصانيفه المحررة، ومؤلفاته الماتعه، وتحقيقاته المفيدة، والتي أبرزت علومه وسعة اطلاعه، واستيعابه ودقة نظره، وتوفيق الله له.
هذا وبجانب عنايته – رحمه الله – وهمته في علم حديث النبي صلى الله عليه وسلم وسنته دراية ورواية، فكانت لآثاره العلمية فيها قصب السبق، وعليها المعول في رجال الحديث ورواة الآثار جرحاً وتعديلاً، أو في تخريج حديث النبي صلى الله عليه وسلم وتميزه صحيحاً وضعيفاً، أو كان في فقه الحديث النبوي استنباطاً وتعليلاً.
ولقد كان من أعظم كتب الحافظ قدراً، وأعمقها علوماً، وأحظاها لدى المسلمين: شرحه على الجامع الصحيح – الذي اتفق المسلمون على أنه أصح كتاب بعد كتاب الله – وهو صحيح الإمام البخاري (256) هـ الذي سمَّاه "فتح الباري بشرح صحيح البخاري" والذي يُعَّد بحق أحد دواوين الإسلام المعتبرة، ومصادره العلمية المهمة، فلا يستغني عنه طالب علم ولا فقيه؛ بل ولا مفتٍ ولا مجتهد، فجاء الشرح سفراً ضخماً جليلاً. أخذ في جمعه وتأليفه وإملائه وتنقيحه أكثر من خمس وعشرين سنة، حيث ابتدأه في أوائل سنة 817هـ، وعمره آنذاك 44 سنة، وفرغ منه في غرة رجب من سنة 842هـ فجمع فيه شروح من قبله على صحيح البخاري، باسطاً فيه إيضاح الصحيح وبيان مشكلاته، وحكاية مسائل الإجماع، وبسط الخلاف في الفقه والتصحيح والتضعيف واللغة والقراءات، مع العناية الواضحة بضبط الصحيح. صحيح البخاري ورواياته والتنويه على الفروق فيها، مع فوائد كثيرة وفرائد نادرة واستطرادات نافعة … إلخ حتى زادت موارد الحافظ فيه على (1200) كتاباً من مؤلفات السابقين له.
وغدا كتابه هذا أعجوبة الزمان، ومفخرة العلماء، تقاصرت همة من بعده من العلماء عن مثل عمله أو السير على منواله فيه، حتى قال الشيخ الشوكاني لما طُلب منه شرح صحيح البخاري قولته المشهورة، المتجانسة مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لا هجرة بعد الفتح".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/369)
فرحم الله الحافظ ابن حجر ورفع درجته، وأعلى في الدارين ذكره، وثقل موازينه، وجزاه عن الإسلام وأهله أفضل الجزاء وأوفاه على نصحه وبذله وخدمته لسنة النبي صلى الله عليه وسلم آمين.
* * *
طريقة جمع المؤاخذات والتعليق عليها:
وتم ذلك – بتيسير الله وعونه – لما سمعت من غيري من الطلبة جلَّ صحيح البخاري على سماحة الشيخ ابن باز في دروسه المتعددة صباحاً ومساءً في الرياض بالجامع الكبير وجامع سارة، وفجراً بجامع سماحته في الطائف بقراءات متعددة من الصحيح عليه من سنة 1407هـ، حيث كنت أقيد الملاحظات العلمية وفيها مؤاخذات العقيدة على الحافظ ابن حجر رحمه الله منبهاً عليها في حواشي الفتح الجانبية، لأنني كنت أصحب في درس البخاري نسخة الفتح فأستفيد من مطالعة شروحه على الأحاديث المقروءة، ثم لما بعث الله الهمة مرة أخرى لجمع تلك الأخطاء والتعليق عليها، أعدت النظر في مظان أحاديث العقيدة ولا سيما ما يتعلق بالصفات والقدر من فتح الباري حتى تجمعت لي هذه المؤاخذات، وكان جلها من نقول ينقلها الحافظ ابن حجر عن علماء وشرَّاح متقدمين عليه، وبعضها من ابتداء كلامه هو.
فلما توجه العزم على جمع المؤاخذات والتعليق عليها، صورت الصفحات ذات العلاقة بالموضوع من نسختي من الفتح، وأشرت على موضع الخطأ، وكتبت التعليق المناسب بورقة خارجية أرفقتها بمصورة الفتح حتى أعرض الأمرين على سماحة شيخنا: صورة الفتح، والتعليق، وهو ما أيده واستحسنه سماحته. حتى إذا انتهيت من الجميع والتعليق آذنت سماحة شيخنا فخصص لي جلسات بعد صلاة الظهر في دار سماحته، ابتدأت من أواخر شهر المحرم من سنة 1419هـ بالطائف، ثم واصلت مع سماحته البقية لما عاد إلى الرياض، فكان آخرها في مجلس ظهر الخميس انسلاخ شهر رجب الحرام من هذه السنة 1419هـ، فأشار الشيخ بطبعه مفرداً ليستفيد منه من عندهم الفتح جم غفير، وتلا ذلك تبييض الكتاب وإعداده للطبع، ومشاورة سماحة شيخنا في مسمى عنوان، وإن كان له ثمة تعليق بعد ذلك على الكتاب أو بعض منه، فلم ير سماحته حاجة في التعليق بعد ذلك، وكان موقفه – جزاه اله خيراً – من التعاليق لا يخرج عن ثلاثة مواقف:
الأول: إمضاء التعليق بدون إضافة أو نقص، وهو جلُّ التعاليق في الكتاب.
الثاني: الزيادة على التعليق بإضافة عبارات أو تعديل صياغة يمليها هو عليَّ في ما كتبها، ثم أعيد قراءتها عليه في الموضع المنتقد زيادة في التأكد.
الثالث: اختصار التعليق بما يسد الحاجة، ويحقق المقصود، وهما في الواقع في مواضع ليست بالكثيرة.
هذا وأحب التنبيه على أمور هي:
1 - تكرر التأويل لبعض الصفات كاليدين والاستواء ونحوها في مواضع كثيرة، فاكتفينا بالتنبيه على بعضها تعليقاً، وعلى بعضها إشارة وإحالة، وأغفلنا بعض المواضع لحصول المقصود.
2 - الطبعة المحال عليها من فتح الباري هي طبعة المكتبة السلفية ط 1 عام 1407هـ، وما صُوِّر عليها؛ لكونها الأشهر بين أهل وقتنا.
3 - هذه التنبيهات هي في الأصل حواشي الفتح على هيئة تعليقات طرداً لعمل سماحة شيخنا في الأجزاء الثلاثة الأولى، ولكنها جُردت هنا في كتاب مستقل؛ فكانت بهذه الصورة.
4 - وقع التنبيه على مواضع من مقدمة الفتح والمجلد الأول والثالث لم ينبه شيخنا عليها فيما سبق.
تنبيه وتحذير!
وعطف على ما سبق من بيان حول مكانة الحافظ أحمد بن حجر، الذي يُعدُّ بحقٍ من كبار علماء الإسلام، وحول كتابه "فتح الباري" الذي هو أحد دواوين الإسلام المعتبرة، وما يسَّره الله من التنبيه على هنَّات وقعت فيه!
فإنه لا يجوز ديناً ولا مروءةً أن يُنال بذلك من مكانة الحافظ ابن حجر العلمية أو الانتقاص من عمله وقدره؛ فإن الرجل مجتهدٌ، باذلٌ وسعه، ولن يعدم برحمة الله أحد الأجرين، وحسناته في كتابه تغمر أغلاطه وتُكفِّرها. والحافظ حبيب علينا ولكن الحق والعقيدة أحب إلينا، وهي معقد الولاء والبراء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/370)
هذا وقد أوتي – رحمه الله – من كثرة بحوثه وتنوعها، وضخامة كتبه، وجلالة المهمة، إلاَّ أنه كان ينقل كثيراً عن الشرَّاح عباراتهم بما فيها من أخطاء في العقيدة دونما تعليق إلا قليلاً. .، وعلى كل فأبرأ إلى الله عز وجل أن أظن فيه أنه قصد مخالفة الحق أو اتباع ضده من الباطل، وهذا قدر الله وما شاء فعل، و {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ}.
وعليه فأعلن أني لا أبيح أحداً اتخذ من هذه التنبيهات مطعناً على الحافظ، أو أنقص بها من دينه وقدره، أو سخرها سهماً في تكفيره أو تبديعه. وأنا بحمد الله وتوفيقه لم أقصد منها ذلك ولا التقليل من شأنه، وما هي إلا نصح للحافظ وكتابه، ولله ورسوله، وللمسلمين وتتميماً للإفادة وغيرة على العقيدة وذباً عنها. والله حسبنا وهو نعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
* * *
تقريظ سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
المفتي العام، ورئيس هيئة كبار العلماء
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته…
بعده، لا أرى حاجة إلى التعليق عليها لأن الحق بحمد الله واضح. وقد أحسنتم فيما فعلتم، وأرى أن تطبعوها بأحد العناوين التي ذكرتم، رجاء أن ينفع الله بها المسلمين.
شكر الله سعيكم وجعلنا وإياكم وسائر إخواننا من دعاة الهدى وأنصار الحق، إنه سميع قريب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
تقريظ معالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
عضو اللجنة الدائمة للإفتاء، وعضو هيئة كبار العلماء
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين – وبعد:
فقد اطلعت على الاستدراكات التي وضعها الشيخ: علي بن عبد العزيز الشبل على كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري للحافظ أحمد بن حجر العسقلاني متمماً بذلك الاستدراكات التي بدأها سماحة الشيخ العلامة الإمام الجليل: عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله، وسائراً على منواله من أجل تنبيه القراء على تلك الأخطاء وبيان الصواب فيها حتى لا يحتج أحد بوجودها في ذلك الكتاب النفيس الذي أصبح مرجعاً أساسياً بيد كل طالب علم من غير تعليق وإيضاح حتى يصفو هذا الكتاب من كل كدر. ويصبح مورداً عذباً نميراً بدون ضرر. وقد وجدت تلك الاستدراكات جيدة مفيدة منصفة – فجزى الله الشيخ علياً عما قام به من هذا المجهود العلمي خير الجزاء ونفع بتلك الاستدراكات من كان هدفه الحق والصواب. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه:
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
6/ 9/1420هـ
تقريظ معالي الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع
عضو هيئة كبار العلماء
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق وأظهره على الدين كله ولو كره المشركون، هدانا للإيمان وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، أحمده حمداً كثيراً كما هو أهله وأشكره شكر من يستزيده ويتضرع إليه وحده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وألوهيته وكمال ذاته وصفاته وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اهتدى بهديهم واستن بسنتهم إلى يوم الدين وبعد.
فلقد سعدت بقراءة تعليقات لطيفة قيِّمة على "فتح الباري شرح صحيح البخاري" اقتداءً وإتماماً للنهج الذي نهجه سماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله فيما يتعلق بالأخطاء الواقعة في الشرح فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته وبيان الصراط المستقيم في الاعتقاد السليم في أسماء الله وصفاته مما هو معتقد أهل السنة والجماعة والسلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم إلى يوم الدين، الفرقة الناجية من النار ممن كانوا على مثل ما عليه صلى الله عليه وعلى أصحابه، فجزى الله فضيلة الشيخ علي خير جزاء وأتمه وجعله مباركاً أينما كان وأسعده في الدنيا وفي الآخرة وثقل بهذا موازين حسناته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم والله المستعان.
كتب هذا
عبد الله بن سليمان المنيع
5/ 5/1420هـ
تقريظ معالي الشيخ عبد الله بن عقيل
رئيس الهيئة الدائمة بمجلس القضاء الأعلى سابقاً
الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/371)
وبعد: فبما أن صحيح الإمام البخاري 194 - 256هـ هو أصح كتاب وضع في الحديث باتفاق أئمة الحديث ومن أجمع شروحه كتاب فتح الباري للحافظ أحمد بن علي بن حجر 773 - 852هـ لهذا اعتنى الأئمة بدراسته والتعليق عليه لما تميز به من الفوائد والاستنباطات وغيرها إلا أن المؤلف رحمه الله نظراً لتوسعه في كتابه وتشعب البحوث عليه مما ينسي بعضه بعضاً وقع في هنات ومخالفات وأغلاط فيما يتعلق بفن الحديث وعلومه وكذا البحوث اللغوية وأهم من ذلك مسائل العقيدة السلفية وأحاديث من الصفات، والسبب والله أعلم أنه نشأ في مجتمع اختلطت فيه المفاهيم وصار للأشاعرة ومن شاكلهم نفوذ ولمذاهبهم رواج، ومع أن بحوث الأسماء والصفات دقيقة وحساسة قل من يتخلص منها إلا من أخذ عن عالم سلفي.
وقد اهتم كثير من أهل العلم بما تضمنه هذان الكتابان ونبهوا على كثير مما وقع في الشرح، كل حسب وسعه، وإن أبرز من كتب في ذلك شيخنا العلامة أبو عبد الله عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله المتوفى في 27/ 1/1420هـ، فقد قرئ عليه فتح الباري حينما أشرف على طبعته الصادرة من المطبعة السلفية بالقاهرة عام 1380هـ وتتبع ما فيه مما يخالف مذهب السلف ونبه عليه من أوله إلى آخر الجزء الثالث بنهاية كتاب الجنائز وطبعت تلك التعليقات بهوامش الأجزاء الثلاثة من فتح الباري، ثم انشغل عنه وطبعت الأجزاء الباقية دون تعليق، وأخيراً عزم سماحته على مواصلة العمل وأوعز بتتبع ذلك إلى أخص تلاميذه وهو فضيلة الشيخ علي بن عبد العزيز الشبل الأستاذ في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فتتبع التلميذ ما ورد في بقية أجزاء الكتاب وعلق عليه وبين مذهب السلف في ذلك، فلما كمل الكتاب عرضه على شيخه فاستحسنه وأذن له بطبعه ونشره،
وهذا عمل جليل نسأل الله أن ينفع به ويثيب العاملين عليه إنه جواد كريم.
وكتبه الفقير إلى الله
عبد الله عبد العزيز بن عقيل
رئيس الهيئة الدائمة بمجلس القضاء الأعلى سابقاً
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
تقريظ فضيلة الشيخ عبد الله بن محمد الغنيمان
رئيس قسم الدراسات العليا، والمدرس بالمسجد النبوي سابقاً
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد أفضل المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فإن من أصح الكتب المصنفة في الإسلام وأجمعها وأحسنها تبويباً واستنتاجاً كتاب الإمام البخاري، وقد عرف بشدة تمسكه بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وترسمه طريقة الصحابة رضوان الله عليهم واتباعهم، فلم يضع في كتابه ما يخالف نهجهم.
وقد اعتنى العلماء بشرح كتابه وتقريبه وبيان ما اشتمل عليه من العلم والفوائد، وأعظم شروحه وأكثرها فوائد شرح الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني رحمه الله، وهذا معلوم لدى أهل العلم، غير أنه أدخل فيه من مسائل المتكلمين وتأويلاتهم لصفات رب العالمين ما شان كتابه.
نسأل الله تعالى أن يعفوَ عنه ويثيبه على اجتهاده، فإنَّا نعتقد أنه يطلب الحق ولم يقصد الباطل.
وقد قام الأخ الفاضل علي بن عبد العزيز الشبل بتتبع المواضع التي أخطأ فيها الحافظ وبيَّن الصواب في ذلك، وقد قرأت تتبعاته هذه فوجدته قد تبين فيها الصواب الذي هو مذهب أهل السنة.
والأخ علي عُرِفَ بسعة اطلاعه وكثرة بحوثه وملازمته للعلماء الذين يقتدى بهم.
أسأل الله تعالى أن يثيبه ويزيده علماً نافعاً وسداداً في القول والعمل.
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه.
قاله
عبد الله بن محمد الغنيمان
في 15/ 9/1420هـ
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[22 - 10 - 04, 02:17 ص]ـ
في شريط القواعد الأربع للشيخ محمد بن عبدالوهاب، بشرح الشيخ ابن باز رحمه الله، سأله سائل سؤالاً وأبهم اسم من يعني، وعنى به الحافظ ابن حجر كما هو مفهوم من السؤال، فكانت إجابة الشيخ رحمه الله عجيبة جداً وشديدة! حتى إن السائل أخذ يحاوره في إجابته، فأصر الشيخ على قوله!
فهل يعتقد الشيخ ما ذكره؟ أم أراد العموم بكلامه؟ أم ماذا؟ الله اعلم
لعلي أضع إن شاء الله إجابة الشيخ بالصوت
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[22 - 10 - 04, 03:04 ص]ـ
الأخ المشرف .. بارك الله تعالى فيك
قد يظن من يرى تحرير المشاركة أنني قد أخطأت أو وقعت في عرض أحد، و ما الأمر إلا أنني أردت أن أبين أنه بغض النظر عن رأي الألباني و العثيمين، فإني أتعجب من بعض أشباه السلفية و المتملقين لها عندنا في مصر حين يصرون على نفي كون ابن حجر و النووي من الأشاعرة، و يقولون: هم فقط يؤولون الأسماء و الصفات ... مع أن الأشاعرة يؤولون الأسماء و الصفات، و منعتهم جلالة الشيخين من نسبتهم إلى الأشاعرة مع أن هذا هو واقع الحال أنهم (أشاعرة)
ـ[أبو جابر الجزائري]ــــــــ[25 - 10 - 04, 10:51 ص]ـ
جزى الله الإخوة الذين قدموا مساهمات وأنا في انتظار المزيد
ـ[طالب علوم الحديث]ــــــــ[22 - 02 - 05, 03:34 م]ـ
أظن ان الاخ محمد رشيد قد أخطأ في هذا القو ل، و أقول له بغض النظر عن اشباه السلفية و المتملقين لماذا غضضت النظر عن رأي العلامة بن عثيمين و الألباني؟؟؟ و لا تنسى رأي العلامة ابن باز!!!
ثم يرد على هذا الرأي أنه تم العثور على كتاب على منهج السلف للإمام النووي و هذا موجود في مشاركة هنا في هذا المنتدى
و جزاك الله خير ا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/372)
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[22 - 02 - 05, 07:26 م]ـ
الحمدلله ..
بالنسبة للحافظ ابن حجر وكونه ليس أشعرياً فليست القضية تملُّقاً ولا تعصّباً لآراء الشيوخ المذكورين أسبل الله على قبورهم سحائب الرحمة والغفران.
لكن الأمر أنَّ الحافظ منهجه مضطربٌ في التأويل والإثبات على طريقة أهل الحق (أتباع السلف)، ومما يدلُ على كونه غير أشعري ولا هو ماشٍ في طريقهم ما تراه من ردودٍ له ومناقشات على الأشاعرة في كنتاب الإيمان من فتح الباري.
فكونه وافق الأشاعرة في التأويل لبعض الصفات فهي قضية واحدة لا تجعله بالضرورة منهم.
وليس كل من وافق أهل باطلٍ في باطل صار منهم.
ـ[أبو الزهراء الشافعي]ــــــــ[23 - 02 - 05, 11:20 م]ـ
هذا هو الكتاب الذي فيه التنبيه على المخالفات العقدية في الفتح أضعه للفائدة.
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[24 - 02 - 05, 01:07 ص]ـ
الحمدلله ..
بالنسبة للحافظ ابن حجر وكونه ليس أشعرياً فليست القضية تملُّقاً ولا تعصّباً لآراء الشيوخ المذكورين أسبل الله على قبورهم سحائب الرحمة والغفران.
لكن الأمر أنَّ الحافظ منهجه مضطربٌ في التأويل والإثبات على طريقة أهل الحق (أتباع السلف)، ومما يدلُ على كونه غير أشعري ولا هو ماشٍ في طريقهم ما تراه من ردودٍ له ومناقشات على الأشاعرة في كنتاب الإيمان من فتح الباري.
فكونه وافق الأشاعرة في التأويل لبعض الصفات فهي قضية واحدة لا تجعله بالضرورة منهم.
وليس كل من وافق أهل باطلٍ في باطل صار منهم.
وهذا كلام سديد،
وتجد هذا في عبارة بعض أهل العلم، كقولهم: فيه أشعرية، أشعري في (الصفات) فتكون مقيدة ... إلخ.
ولذلك لو وقع أحد في موافقة الأشاعرة في باب أو مسألة، ووافق الخوارج في مسألة، ووافق أهل السنة في مسألة وباب؛ فماذا يطلق عليه؟!
فهل يقال هو: أشعري، خارجٌ، سني ... ؟!
والعبرة في ذلك عامة أصول الرجل،
والذي أعلمه: أنَّ ابن حجر - رحمه الله - أشعري في باب الصفات (فقط) على تذبذب في ذلك، فإذا كان ذلك كذلك: فلا تصح نسبته إلى الأشاعرة،
والله أعلم.
ـ[أبو الزهراء الشافعي]ــــــــ[24 - 02 - 05, 03:28 م]ـ
وقول عبد الله المزروع أراه الأنصف.
ـ[طالب علوم الحديث]ــــــــ[27 - 02 - 05, 02:05 ص]ـ
جزاك الله خيرا على هذا الإنصاف
ـ[همام بن همام]ــــــــ[28 - 02 - 05, 02:36 ص]ـ
هذا كلام للشيخ العلامة عبد المحسن العباد حفظه الله تعالى في رسالته رفقا أهل السنة بأهل السنة.
قال سلمه الله: موقف أهل السنة من العالم إذا أخطأ أنه يعذر فلا يبدع ولا يهجر.
ليست العصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فلا يسلم عالمٌ من خطأ، ومن أخطأ لا يُتابع على خطئه، ولا يُتخذ ذلك الخطأ ذريعة إلى عيبه والتحذير منه، بل يُغتفر خطؤه القليل في صوابه الكثير، ومن كان من هؤلاء العلماء قد مضى فيستفاد من علمه مع الحذر من متابعته على الخطأ، ويدعى له ويترحم عليه، ومن كان حياً سواء كان عالماً أو طالب علم يُنبه على خطئه برفق ولين ومحبة لسلامته من الخطأ ورجوعه إلى الصواب.
ومن العلماء الذين مضوا وعندهم خلل في مسائل العقيدة، ولا يستغني العلماء وطلبة العلم عن علمهم، بل إن مؤلفاتهم من المراجع المهمة للمشتغلين في العلم، الأئمة: البيهقي والنووي وابن حجر العسقلاني.
فأما الإمام أحمد بن حسين أبو بكر البيهقي، فقد قال فيه الذهبي في السير [18/ 163 وما بعدها]: " هو الحافظ العلامة الثبت الفقيه شيخ الإسلام "، وقال: " وبورك له في علمه، وصنف التصانيف النافعة "، وقال: " وانقطع بقريته مُقبلاً على الجمع والتأليف، فعمل السنن الكبير في عشر مجلدات، وليس لأحد مثله "، وذكر له كتباً أخرى كثيرة، وكتابه (السنن الكبرى) مطبوع في عشر مجلدات كبار، ونقل عن الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل كلاماً قال فيه: " وتواليفه تقارب ألف جزء مما لم يسبقه إليه أحد، جمع بين علم الحديث والفقه، وبيان علل الحديث، ووجه الجمع بين الأحاديث "، وقال الذهبي أيضاً: " فتصانيف البيهقي عظيمة القدر، غزيرة الفوائد، قل من جود تواليفه مثل الإمام أبي بكر، فينبغي للعالم أن يعتني بهؤلاء، سيما سننه الكبرى ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/373)
وأما الإمام يحيى بن شرف النووي، فقد قال فيه الذهبي في تذكرة الحفاظ [4/ 259]: " الإمام الحافظ الأوحد القدوة شيخ الإسلام علم الأولياء ... صاحب التصانيف النافعة "، وقال: " مع ما هو عليه من المجاهدة بنفسه والعمل بدقائق الورع والمراقبة وتصفية النفس من الشوائب ومحقها من أغراضها، كان حافظاً للحديث وفنونه ورجاله وصحيحه وعليله، رأساً في معرفة المذهب ".
وقال ابن كثير في البداية والنهاية [17/ 540]: " ثم اعتنى بالتصنيف، فجمع شيئاًَ كثيراً، منها ما أكمله ومنها ما لم يكمله، فمما كمل شرح مسلم والروضة والمنهاج والرياض والأذكار والتبيان وتحرير التنبيه وتصحيحه وتهذيب الأسماء واللغات وطبقات الفقهاء وغير ذلك، ومما لم يتممه – ولو كمل لم يكن له نظير في بابه – شرح المهذب الذي سماه المجموع، وصل فيه إلى كتاب الربا، فأبدع فيه وأجاد وأفاد وأحسن الانتقاد، وحرر الفقه فيه في المذهب وغيره، وحرر فيه الحديث على ما ينبغي، والغريب واللغة وأشياء مهمة لا توجد إلا فيه ... ولا أعرف في كتب الفقه أحسن منه، على أنه محتاجٌ إلى أشياء كثيرة تزاد فيه وتضاف إليه ".
ومع هذه السعة في المؤلفات والإجادة فيها لم يكن من المعمرين، فمدة عمره خمس وأربعون سنة، ولد سنة (631هـ)، وتوفي سنة (676هـ).
وأما الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، فهو الإمام المشهور بتآليفه الكثيرة، وأهمها فتح الباري شرح صحيح البخاري، الذي هو مرجع عظيم للعلماء، ومنها الإصابة وتهذيب التهذيب وتقريبه ولسان الميزان وتعجيل المنفعة وبلوغ المرام وغيرها.
ومن المعاصرين الشيخ العلامة المحدث ناصر الدين الألباني، لا أعلم له نظيراً في هذا العصر في العناية بالحديث وسعة الإطلاع فيه، لم يسلم من الوقوع في أمور يعتبرها الكثيرون أخطاء منه، مثل اهتمامه بمسألة الحجاب وتقرير أن ستر وجه المرأة ليس بواجب، بل مستحب، ولو كان ما قاله حقاً فإنه يعتبر من الحق الذي ينبغي إخفاؤه، لما ترتب عليه من اعتماد بعض النساء اللاتي يهوين السفور عليه، وكذا قوله في كتاب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: " إن وضع اليدين على الصدر بعد الركوع بدعة ضلالة " وهي مسألة خلافية، وكذا ما ذكره في السلسلة الضعيفة (2355) من أن عدم أخذ ما زاد على القبضة من اللحية من البدع الإضافية، وكذا تحريمه الذهب المحلق على النساء، ومع إنكاري عليه قوله في هذه المسائل فأنا لا أستغني وأرى أنه لا يستغني غيري عن كتبه والإفادة منها، وما أحسن قول الإمام مالك رحمه الله: " كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر، ويشير إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ".
وهذه نقول عن جماعة من أهل العلم في تقرير وتوضيح اغتفار خطأ العالم في صوابه الكثير:
قال سعيد بن المسيب (93هـ): " ليس من عالم ولا شريف ولا ذي فضل إلا وفيه عيب، ولكن من كان فضله أكثر من نقصه ذهب نقصه لفضله، كما أنه من غلب عليه نقصانه ذهب فضله. وقال غيره: لا يسلم العالم من الخطأ، فمن أخطأ قليلاً وأصاب كثيراً فهو عالم، ومن أصاب قليلاً وأخطأ كثيراً فهو جاهل ". جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر [2/ 48].
وقال عبد الله بن المبارك (181هـ): " إذا غلبت محاسن الرجل على مساوئه لم تذكر المساوئ، وإذا غلبت المساوئ على المحاسن لم تذكر المحاسن ". سير أعلام النبلاء للذهبي [8/ 352 ط. الأولى].
وقال الإمام أحمد (241هـ): " لا يعبر الجسر من خراسان مثل إسحاق (يعني ابن راهويه)، وإن كان يخالفنا في أشياء؛ فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضاً ". سير أعلام النبلاء [11/ 371].
وقال أبو حاتم ابن حبان (354هـ): " كان عبد الملك – يعني ابن أبي سليمان – من خيار أهل الكوفة، وحفاظهم، والغالب على من يحفظ ويحدث من حفظه أن يهم، وليس من الإنصاف ترك حديث شيخ ثبتٍ صحت عدالته بأوهام يهم في روايته، ولو سلكنا هذا المسلك للزمنا ترك حديث الزهري وابن جريج والثوري وشعبة؛ لأنهم أهل حفظ وإتقان، وكانوا يحدثون من حفظهم، ولم يكونوا معصومين حتى لا يهموا في الروايات، بل الاحتياط والأولى في مثل هذا قبول ما يروي الثبت من الروايات، وترك ما صح أنه وهم فيها ما لم يفحش ذلك منه حتى يغلب على صوابه، فإن كان كذلك استحق الترك حينئذ ". الثقات [7/ 97 - 98].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/374)
وقال شيخ الإسلام ابن تيميه (728هـ): " ومما ينبغي أن يعرف أن الطوائف المنتسبة إلى متبوعين في أصول الدين والكلام على درجات، منهم من يكون قد خالف السنة في أصول عظيمة، ومن من يكون إنما خالف السنة في أمور دقيقة.
ومن يكون قد رد على غيره من الطوائف الذين هم أبعد عن السنة منه، فيكون محموداً فيما رده من الباطل وقاله من الحق، لكن يكون قد جاوز العدل في رده بحيث جحد بعض الحق وقال بعض الباطل، فيكون قد رد بدعة كبيرة ببدعة أخف منها، ورد باطلاً بباطل أخف منه، وهذه حال أكثر أهل الكلام المنتسبين إلى السنة والجماعة.
ومثل هؤلاء إذا لم يجعلوا ما ابتدعوه قولاً يفارقون به جماعة المسلمين يوالون عليه ويعادون كان من نوع الخطأ، والله سبحانه وتعالى يغفر للمؤمنين خطأهم في مثل ذلك.
ولهذا وقع في مثل هذا كثيرٌ من سلف الأمة وأئمتها لهم مقالات قالوها باجتهاد وهي تخالف ما ثبت في الكتاب والسنة، بخلاف من والى موافقه وعادى مخالفه، وفرق بين جماعة المسلمين، وكفر وفسق مخالفه دون موافقه في مسائل الآراء والاجتهادات، واستحل قتال مخالفه دون موافقه، فهولاء من أهل التفرق والاختلافات ". مجموع الفتاوى [3/ 348 - 349].
وقال [19/ 191 - 192]: " وكثيرٌ من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنه بدعة، إما لأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة، وإما لآيات فهموا منها ما لم يرد منها، وإما لرأي رأوه وفي المسألة نصوص لم تبلغهم، وإذا اتقى الرجل ربه ما استطاع دخل في قوله: ((ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا))، وفي الصحيح أن الله قال: {قد فعلت} ".
وقال الإمام الذهبي (748هـ): " ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه، وعلم تحريه للحق، واتسع علمه، وظهر ذكاؤه، وعرف صلاحه، وورعه واتباعه، يغفر له زلله، ولا نضلله ونطرحه، وننسى محاسنه، نعم! ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك ". سير أعلام النبلاء [5/ 271].
وقال أيضاً: " ولو أنا كلما أخطأ إمامٌ في اجتهاده في آحاد المسائل خطأً مغفوراً له قمنا عليه وبدعناه وهجرناه، لما سلم معنا لا ابن نصر ولا ابن منده ولا من هو أكبر منهما، والله هو هادي الخلق إلى الحق، وهو أرحم الراحمين، فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة ". السير [14/ 39 - 40].
وقال أيضاً: " ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده – مع صحة إيمانه وتوخيه لإتباع الحق – أهدرناه وبدعناه، لقل من يسلم من الأئمة معنا، رحم الله الجميع بمنه وكرمه ". السير [14/ 376].
وقال أيضاً: " ونحب السنة وأهلها، ونحب العالم على ما فيه من الإتباع والصفات الحميدة، ولا نحب ما ابتدع فيه بتأويل سائغ، وإنما العبرة بكثرة المحاسن ". السير [20/ 46].
وقال ابن القيم (751هـ): " معرفة فضل أئمة الإسلام ومقاديرهم وحقوقهم ومراتبهم وأن فضلهم وعلمهم ونصحهم لله ورسله لا يوجب قبول كل ما قالوه، وما وقع في فتاويهم من المسائل التي خفي عليهم فيها ما جاء به الرسول، فقالوا بمبلغ علمهم والحق في خلافها، لا يوجب اطراح أقوالهم جملة، وتنقصهم والوقيعة فيهم، فهذان طرفان جائران عند القصد، وقصد السبيل بينهما، فلا نؤثم ولا نعصم " إلى أن قال: " ومن له علم بالشرع والواقع يعلم قطعاً أن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وآثار حسنة، وهو من الإسلام وأهله بمكان قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور، بل ومأجور لاجتهاده، فلا يجوز أن يتبع فيها، ولا يجوز أن تُهدر مكانته وإمامته ومنزلته من قلوب المسلمين ". إعلام الموقعين [3/ 295].
وقال ابن رجب الحنبلي [795هـ]: " ويأبى الله العصمة لكتاب غير كتابه، والمنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه ". القواعد (ص:3). انتهى كلامه
ـ[باز11]ــــــــ[28 - 02 - 05, 09:19 ص]ـ
أنبه الإخوة إلى أن القول:" ويأبى الله العصمة لكتاب غير كتابه، " مما لا يجوز لأن كتاب الله غير مخلوق والعصمة تكون للمخلوق وهي تقتضي وجود عاصم، ومعصوم، ومعصوم منه والعاصم هو الله والمعصوم هو المخلوق والمعصوم منه هو أثر العاصم في المعصوم
ـ[أبو عبد الرحمن المقدسى]ــــــــ[28 - 02 - 05, 02:15 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله.
وددت أن انبه أن الحافظ بن حجر رحمة الله كان مرجئا فى مسائل الايمان حيث جعل الأعمال شرط كمال فى الايمان كما بين ذلك الشيخ الشبل فى كتابة التنبية.
ـ[باز11]ــــــــ[01 - 03 - 05, 08:26 ص]ـ
عرفنا بالكتاب المذكور وبصاحبه ونخشى الصاق بدع أخرى بالحفظ شيخ المحدثين
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[01 - 03 - 05, 12:10 م]ـ
عرفنا بالكتاب المذكور وبصاحبه ونخشى الصاق بدع أخرى بالحفظ شيخ المحدثين
الأخ باز11
هل لك دليل على هذه التهمة؟ وهي إلصاق البدع بإمام المحدثين؟!
الكتاب الذي تفضَّل الأخ المقدسي بذكره قرَّضه الشيخ ابن باز وصالح الفوزان وعبدالله بن عقيل وعبدالله بن منيع وعبدالله الغنيمان.
والمسألة التي ذكرها موجودة في الكتاب (ص/ 28، 30).
والكاتب (الشبل) من طلاَّب الشيخ ابن باز رحمه الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/375)
ـ[أبو الزهراء الشافعي]ــــــــ[01 - 03 - 05, 02:26 م]ـ
قال الشيخ علوي السقاف في ((الاقتصاد)):
{{قال في "الفتح": ((والكلام هنا في مقامين: أحدهما كونه – أيّ الإيمان – قولاً وعملاً، والثاني كونه يزيد وينقص. فأمَّا القول فالمراد به النُّطق بالشَّهادتين، وأَمَّا العمل فالمراد به ما هو أَعمُّ من عملِ القلب والجوارح، ليدخل الاعتقاد والعبادات. ومرادُ مَنْ أدخل ذلك في تعريف الإيمان ومن نفاه إِنَّما هو بالنَّظر إلى ما عند الله تعالى، فالسَّلف قالوا هو اعتقادٌ بالقلب، ونُطقٌ باللِّسان، وعملٌ بالأركان. وأرادوا بذلك أَنَّ الأعمال شرط في كماله. ومن هنا نشأ لهم القولُ بالزِّيادة والنَّقص كما سيأتي. و المرجئة قالوا: هو اعتقادٌ ونطقٌ فقط. والكراميَّة قالوا: هو نطقٌ فقط. والمعتزلة قالوا: هو العمل والنطق والاعتقاد. والفارق بينهم وبين السَّلف أَنَّهم جعلوا الأعمال شرطاً في صِحَّته. والسَّلف جعلوها شرطاً في كماله. وهذا كلُّه كما قلنا بالنَّظر إلى ما عند الله تعالى. أمَّا بالنَّظر إلى ما عندنا فالإيمان هو الإقرار فقط فمن أقرَّ أُجريت عليه الأحكام في الدُّنيا ولم يُحْكَم عليه بكفرٍ إلاَّ إِنِ اقترن به فعلٌ يدلُّ على كفرِهِ كالسُّجود للصَّنم، فإِنْ كان الفعل لا يدلُّ على الكفر كالفسق فمن أطلق عليه الإيمان فبالنَّظر إلى إقراره، ومن نفى عنه الإيمان فبالنَّظر إلى كماله، ومن أطْلِق عليه الكفر فبالنَّظر إلى أنَّه فَعَلَ فِعْلَ الكافر، ومن نفاه عنه فبالنَّظر إلى حقيقته)). (انظر "فتح الباري"
(1/ 46) طبعة المكتبة السلفية)
تعليق ((من الشيخ السقاف في الهامش)): وكلامه هذا عليه مآخذ أهمّها نسبته القول بأنَّ الأعمال شرط في كمال الإيمان للسَّلف، وهو على إطلاقه غير صحيح بل في ذلك تفصيل: فالأعمال المكفِّرة سواءً كانت تركاً –كترك جنس العمل أو الشهادتين أو الصلاة – أو كانت فعلاً –كالسُّجود لصنم أو الذَّبح لغير الله –؛ فهي شرط في صحَّة الإيمان، وما كان ذنباً دون الكفر فشرط كمال، وإنما أوردت كلامه هنا لحكمه بالكفر على من فعل فعلاً يدلّ على كفره كالسّجود لصنم دون أن يقيّده بالاعتقاد.على أنّ هذه العبارة فيها نظر أيضاً فالسّجود لصنم كفر بمجرّده وليس فعلاً يدلُّ على الكفر. وانظر: "سادساً "في المقدمة.}}.
للفائدة نُقل. وركزوا بالتفصيل.
ـ[همام بن همام]ــــــــ[02 - 03 - 05, 02:38 ص]ـ
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في معرض ذكره لأبي عبد الرحمن السلمي ولكتابه " تاريخ أهل الصفة" ما نصه: "فالذي جمعه الشيخ أبو عبد الرحمن ونحوه في [تاريخ أهل الصفة] وأخبار زهاد السلف، وطبقات الصوفية، يستفاد منه فوائد جليلة، ويجتنب منه ما فيه من الروايات الباطلة، ويتوقف فيما فيه من الروايات الضعيفة.
وهكذا كثير من أهل الروايات، ومن أهل الآراء والأذواق، من الفقهاء والزهاد والمتكلمين، وغيرهم. يوجد فيما يأثرونه عمن قبلهم، وفيما يذكرونه معتقدين له شيء كثير، وأمر عظيم من الهدى، ودين الحق، الذي بعث اللّه به رسوله. ويوجد ـ أحيانا ـ عندهم من جنس الروايات الباطلة أو الضعيفة، ومن جنس الآراء والأذواق الفاسدة أو المحتملة شيء كثير.
ومن له في الأمة لسان صدق عام، بحيث يثنى عليه، ويحمد في جماهير أجناس الأمة، فهؤلاء هم أئمة الهدى، ومصابيح الدجى، وغلطهم قليل بالنسبة إلى صوابهم، وعامته من موارد الاجتهاد التي يعذرون فيها، وهم الذين يتبعون العلم والعدل، فهم بعداء عن الجهل والظلم، وعن اتباع الظن، وما تهوى الأنفس ". مجموع الفتاوى (11\ 43).
ـ[خطاب القاهرى]ــــــــ[02 - 03 - 05, 07:30 م]ـ
نريد ترجمة الشيخ علوى السقاف و نبذة عن كتاب (الإقتصاد) , و فى أى صفحة قال الكلام المذكور ..
و جزاكم الله خيرا ..
ـ[أبو الزهراء الشافعي]ــــــــ[02 - 03 - 05, 09:06 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم خطاب القاهري حفظه الله ورعاه ووفقه لما يحبه ويرضاه آمين,
بالنسبة لكتاب
التوسطُ والاقتصادُ في أن الكُفرَ يكونُ بالقولِ أو العملِ أو الاعتقادِ ((رسالة في المكفرات القولية والعملية من خلال أقوال العلماء)).
فالظن أن العنوان يبين ما في الكتاب, وهذا الكتاب على صغر حجمه إلا أنه من الكتب الماتعة جداً والتي ننصح بقرائتها بتمعن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/376)
ويتميز بأنه إذا نقل عن كتاب فأنه يحيل للجزء وللصفحة ولدار النشر ورقم الطبعة وقد يحيل إلى كذا طبعة فيذكر ذلك وهذه ميزة رائعة.
وقد قرأها وقرَّظها وأوصى بطبعها ونشرها الإمام عبدالعزيز بن عبد الله بن باز (يرحمه الله).
وأرفقه هنا للفائدة, ولا تنسونا من صالح الدعاء.
أخوكم المحب أبو الزهراء الشافعي.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[19 - 03 - 05, 12:45 ص]ـ
- قال الشيخ الفاضل سفر بن عبدالرحمن الحوالي حفظه الله ونفع بعلومه في كتابه النافع: منهج الأشاعرة في العقيدة: " ... أقدم للقراء لمحة موجزة عن موقف ابن حجر من الأشاعرة:
من المعلوم أن إمام الأشعرية المتأخر الذي ضبط المذهب وقعد أصوله هو الفخر الرازي (ت 606 هـ) ثم خلفه الآمدي (631 هـ) والآرموي (682 هـ) فنشرا فكره في الشام ومصر واستوفيا بعض القضايا في المذهب (وفكر هؤلاء الثلاثة هو الذي كان الموضوع الرئيسي في كتاب درء التعارض) وأعقبهم الأيجي صاحب المواقف (الذي كان معاصراً لشيخ الإسلام ابن تيمية) فألف " المواقف " الذي هو تقنين وتنظيم لفكر الرازي ومدرسته وهذا الكتاب هو عمدة المذهب قديماً وحديثاً.
وقد ترجم الحافظ الذهبي – رحمه الله – في الميزان وغيره للرازي والآمدي بما هم أهله، ثم جاء ابن السبكي – ذلك الأشعري المتعصب – فتعقبه وعنف عليه ظلماً، ثم جاء ابن حجر – رحمه الله – فألف لسان الميزان فترجم لهما بطبيعة الحال – ناقلاً كلام ابن السبكي ونقده للذهبي – ولم يكن بخاف عليه مكانتهما وإمامتهما في المذهب كما ذكر طرفاً من شنائع الآرموي ضمن ترجمة الرازي.
فإذا كان موقف ابن حجر لأن موقفه هو الذي يحدد انتماءه لفكر هؤلاء القوم أو عدمه؟ إن الذي يقرأ ترجمتيهما في اللسان لا يمكن أن يقول إن ابن حجر على مذهبهما أبداً، كيف وقد أورد نقولاً كثيرة موثقة عن ضلالهما وشنائعهما التي لا يقرها أي مسلم فضلاً عمن هو في علم الحافظ وفضله؟
على أنه قال في آخر ترجمة الرازي: " أوصى بوصية تدل على أنه حسّن اعتقاده ".
وهذه العبارة التي قد يفهم منها أنها متعاطفة مع الرازي ضد مهاجميه هي شاهد لما نقول نحن هنا، فإن وصية الرازي التي نقلها ابن السبكي نفسه صريحة في رجوعه إلى مذهب السلف.
فبعد هذا نسأل:
أكان ابن حجر يعتقد أنه يؤيد عقيدة الرازي التي في كتبه أم عقيدته التي في وصيته؟
الإجابة واضحة من عبارته نفسها.
هذه واحدة.
والأخرى: أن الحافظ في الفتح قد نقد الأشاعرة باسمهم الصريح وخالفهم فيما هو من خصائص مذهبهم، فمثلاً خالفهم في الإيمان، وإن كان تقريره لمذهب السلف فيه يحتاج لتحرير، ونقدهم في مسألة المعرفة وأول واجب على المكلف في أول كتابه وآخره.
كما أنه نقد شيخهم في التأويل " ابن فورك " في تأويلاته التي نقلها عنه في شرح كتاب التوحيد في الفتح وذم التأويل والمنطق مرجحاً منهج الثلاثة القرون الأولى كما أنه يخالفهم في الاحتجاج بحديث الآحاد في العقيدة وغيرها من الأمور التي لا مجال لتفصيلها هنا.
والذي أراه أن الحافظ – رحمه الله – أقرب شيء إلى عقيدة مفوضة الحنابلة كأبي يعلى ونحوه ممن ذكرهم شيخ الإسلام في درء تعارض العقل والنقل ووصفهم بمحبة الآثار والتمسك بها، لكنهم وافقوا بعض أصول المتكلمين وتابعوهم ظانين صحتها عن حسن نية.
ولو قيل إن الحافظ - رحمه الله - كان متذبذبا في عقيدته لكان ذلك أقرب إلى الصواب كما يدل عليه شرحه لكتاب التوحيد والله أعلم.
وقد كان من الحنابلة من ذهب إلى أبعد من هذا كابن الجوزي وابن عقيل وابن الزاغوني، ومع ذلك فهؤلاء كانوا أعداء ألداء للأشاعرة، ولا يجوز بحال أن يعتبروا أشاعرة فما بالك بأولئك.
والظاهر أن سبب هذا الاشتباه في نسبة بعض العلماء للأشاعرة أو أهل السنة والجماعة هو أن الأشاعرة فرقة كلامية انشقت عن أصلها " المعتزلة " ووافقت السلف في بعض القضايا وتأثرت بمنهج الوحي، في حين أن بعض من هم على مذهب أهل السنة والجماعة في الأصل تأثروا بسبب من الأسباب بأهل الكلام في بعض القضايا وخالفوا فيها مذهب السلف.
فإذا نظر الناظر إلى المواضع التي يتفق فيها هؤلاء وهؤلاء ظن أن الطائفتين على مذهب واحد، فهذا التداخل بينهما هو مصدر اللبس.
وكثيراً ما تجد في كتب الجرح والتعديل – ومنها لسان الميزان للحافظ ابن حجر – قولهم عن الرجل أنه وافق المعتزلة في أشياء من مصنفاته أو وافق الخوارج في بعض أقوالهم وهكذا، ومع هذا لا يعتبرونه معتزلياً أو خارجياً، وهذا المنهج إذا طبقناه على الحافظ وعلى النووي وأمثالهما لم يصح اعتبارهم أشاعرة وإنما يقال وافقوا الأشاعرة في أشياء، مع ضرورة بيان هذه الأشياء واستدراكها عليهم حتى يمكن الاستفادة من كتبهم بلا توجس في موضوعات العقيدة ... ".
ـ[المهندي]ــــــــ[19 - 03 - 05, 01:32 ص]ـ
أظن ان الاخ محمد رشيد قد أخطأ في هذا القو ل، و أقول له بغض النظر عن اشباه السلفية و المتملقين لماذا غضضت النظر عن رأي العلامة بن عثيمين و الألباني؟؟؟ و لا تنسى رأي العلامة ابن باز!!!
ثم يرد على هذا الرأي أنه تم العثور على كتاب على منهج السلف للإمام النووي و هذا موجود في مشاركة هنا في هذا المنتدى
و جزاك الله خير ا
ممكن تدلنا على الربط وفقك الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/377)
ـ[طالب علوم الحديث]ــــــــ[19 - 03 - 05, 04:55 م]ـ
إلى الأخ المهندي هذا هو الرابط http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=25527
و عندي سؤال للأخ باز 11 حول ما قاله عن عبارة الامام ابن رجب (ويأبى الله العصمة لكتاب غير كتابه) مما لا يجوز لأن كتاب الله غير مخلوق والعصمة تكون للمخلوق وهي تقتضي وجود عاصم، ومعصوم، ومعصوم منه والعاصم هو الله والمعصوم هو المخلوق والمعصوم منه هو أثر العاصم في المعصوم
حيث ان هذه العبارة قالها هذا الجهبذ و يقولها كثير من علماءنا اليوم ولم يقل احد ما قلته فهل عندك دليل على ما تقول من شرح او هل قال هذا الكلام أحد من العلماء؟؟؟
نرجو الايضاح(28/378)
مناظرات أهل السنة المفحمة لأهل الكفر، والمبتدعة
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[24 - 10 - 04, 11:12 م]ـ
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم
أما بعد:
فلعله من المفيد مع وجود هذه الشبكة التي جمعت بين الناس بمختلف مشاربهم، وعقائدهم .. ، في كثير من المواقع، واختلط فيها الحابل بالنابل، والحق بالباطل،
وعادت الصراعات بين أهل السنةوخصومهم جذعة، أن نتحف إخواننا الفضلاء بشيء من روائع المناظرات المفحمة لأئمة أهل السنة مع خصومهم من أهل البدع، أو من الكفرة بشتى نحلهم وسأقتصر على مناظرات العقيدة، ونسأل الله أن ينفع بها
وأبدأها بمناظرة لعلم غير مشهور، وسأذكر ترجمته بعد أن تقرأ المناظرة لتعرف مكانته
قال العلامة ابن القيم في الصواعق المرسلة 1/ 320
الفصل الثاني عشر:
في بيان أنه مع كمال علم المتكلم، وفصاحته، وبيانه، ونصحه يمتنع عليه أن يريد بكلامه خلاف ظاهره، وحقيقته، وعدم البيان في أهم الأمور، وما تشتد الحاجة إلى بيانه،
نكتفي من هذا الفصل بذكر
مناظرة جرت بين جهمي معطل، وسني مثبت،
حدثني بمضمونها شيخنا عبدالله ابن تيمية ـ رحمه الله ـ أنه جمعه، وبعض الجهمية مجلس، فقال الشيخ:
قد تطابقت نصوص الكتاب، والسنة، والآثار على إثبات الصفات لله، وتنوعت دلالتها عليها أنواعا توجب العلم الضروري بثبوتها، وإرادة المتكلم اعتقاد ما دلت عليه، والقرآن مملوء من ذكر الصفات، والسنة ناطقة بمثل ما نطق به القرآن مقررة له مصدقة له مشتملة على زيادة في الإثبات، فتارة بذكر الاسم المشتمل على الصفة: كالسميع البصير العليم القدير العزيز الحكيم،
وتارة بذكر المصدر، وهو: الوصف الذي اشتقت منه تلك الصفة كقوله تعالى: (أنزله بعلمه) وقوله (إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) وقوله (إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي) وقوله (قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين)،
وقوله في الحديث الصحيح " حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه"
وقوله في دعاء الاستخارة "اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك "، وقوله " أسألك بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق"، وقول عائشة:" الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات "، ونحوه.
وتارة يكون بذكر حكم تلك الصفة كقوله تعالى (قد سمع الله) (و إنني معكما أسمع وأرى) وقوله (فقدرنا فنعم القادرون) وقوله (علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم)، ونظائر ذلك،
ويصرح في الفوقية بلفظها الخاص، وبلفظ العلو، والاستواء، وأنه في السماء، وأنه ذو المعارج، وأنه رفيع الدرجات، وأنه تعرج إليه الملائكه، وتنزل من عنده، وأنه ينزل إلى سماء الدنيا، وأن المؤمنين يرونه بأبصارهم عيانا من فوقهم، إلى أضعاف أضعاف ذلك، مما لو جمعت النصوص، والآثار فيه لم تنقص عن نصوص الأحكام وآثارها، ومن أبين المحال، وأوضح الضلال حمل ذلك كله على خلاف حقيقته، وظاهره، ودعوى المجاز فيه، والاستعارة، وأن الحق في أقوال النفاة المعطلين، وأن تأويلاتهم هي المرادة من هذه النصوص؛ إذ يلزم من ذلك أحد محاذير ثلاثة لا بد منها، أو من بعضها، وهي:
القدح في علم المتكلم بها،
أو في بيانه،
أو في نصحه،
وتقرير ذلك أن يقال: إما أن يكون المتكلم بهذه النصوص عالما أن الحق في تأويلات النفاة المعطلين، أو لا يعلم ذلك،
فإن لم يعلم ذلك، والحق فيها كان ذلك قدحا في علمه،
وإن كان عالما أن الحق فيها
فلا يخلو:
إما أن يكون قادرا على التعبير بعباراتهم التي هي تنزيه لله بزعمهم عن التشبيه، والتمثيل، والتجسيم
، وأنه لا يعرف الله من لم ينزهه بها،
أو لا يكون قادرا على تلك العبارات،
فإن لم يكن قادرا على التعبير بذلك = لزم القدح في فصاحته، وكان ورثة الصابئة، وأفراخ الفلاسفة، وأوقاح المعتزلة، والجهمية، وتلامذة الملاحدة = أفصح منه، وأحسن بيانا، وتعبيرا عن الحق، وهذا مما يعلم بطلانه بالضرورة أولياؤه، وأعداؤه موافقوه ومخالفوه،
فإن مخالفيه لم يشكوا في أنه أفصح الخلق، وأقدرهم على حسن التعبير بما يطابق المعنى، ويخلصه من اللبس والإشكال،
وإن كان قادرا على ذلك، ولم يتكلم به، وتكلم دائما بخلافه، وما يناقضه = كان ذلك قدحا في نصحه!
وقد وصف الله رسله بكمال النصح، والبيان، فقال تعالى (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم)، وأخبر عن رسله بأنهم أنصح الناس لأممهم،
فمع النصح، والبيان، والمعرفة التامة:
كيف يكون مذهب النفاة المعطلة أصحاب التحريف هو الصواب؟!
وقول أهل الإثبات أتباع القرآن، والسنة باطلا؟!
هذا مضمون المناظرة،
فقال له الجهمي: انزل بنا إلى الوطاة،
قلت: له ما أراد بذلك؟
قال: أراد أنك خاطبتني من فوق، وتجوهت علي بجاه لا يمكنني مقاومته، فانزل بنا إلى مباحث الفضلاء، وقواعد النظار، أو نحو هذا من الكلام،
فليتدبر الناصح لنفسه الموقن بأن الله لا بد سائله عما أجاب به رسوله في هذا المقام، وليتحيز بعد إلى أين شاء، فلم يكن الله ليجمع بين النفاة المعطلين المحرفين، وبين أنصاره، وأنصار رسوله، وكتابه إلا جمع امتحان، وابتلاء كما جمع بين الرسل، وأعدائهم في هذه الدار.اهـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/379)
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[25 - 10 - 04, 01:25 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيرا ياشيخ عبد الرحمن على هذا الموضوع
وهذه مناظرة ذكرها شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه دَرْءُ تَعَارُضِ العَقْلِ وَالنَّقْلِ عن مناظرة أبو نصر السجزي لبعض الأشعرية.
قال أبو نصر خاطبني بعض الأشعرية يوما في هذا الفصل (يعني كلام الله) وقال التجزؤ على القديم غير جائز
فقلت له أتقر بأن الله أسمع موسى كلامه على الحيقة بلا ترجمان.
فقال نعم وهم يطلقون ذلك ويموهون على من لم يخبر مذهبهم .......
قال فقلت لمخاطبي الأشعري قد علمنا جميعا أن حقيقة السماع لكلام الله منه على أصلكم محال وليس ههنا من تتقيه وتخشى تشنيعه وإنما مذهبك أن الله يفهم من شاء كلامه بلطيفة منه حتى يصير عالما متيقنا بأن الذي فهمه كلام الله والذي أريد أن ألزمك وارد على الفهم وروده على السماع فدع التمويه ودع المصانعة ما تقول في موسى عليه السلام حيث كلمه الله؟ أفهم كلام الله مطلقا أم مقيدا.
فتلكأ قليلا ثم قال ما تريد بهذا؟
فقلت دع إرادتي وأجب بما عندك، فأبا،
وقال ما تريد بهذا؟
فقلت أريد أنك إن قلت إنه عليه السلام فهم كلام الله مطلقا اقتضى أن لا يكون لله كلام من الأزل الى الأبد إلا وقد فهمه موسى وهذا يؤول الى الكفر فإن الله تعالى يقول (اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء) (البقرة: 255) ولو جاز ذلك لصار من فهم كلام الله عالما بالغيب وبما في نفس الله تعالى وقد نفى الله تعالى ذلك بما أخبر به عن عيسى عليه السلام أنه يقول (تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ) (المائدة: 116) وإذا لم يجز إطلاقه وألجئت الى أن تقول افهمه الله ما شاء من كلامه دخلت في التبعيض الذي هربت منه وكفرت من قال به ويكون مخالفك أسعد منك لأنه قال بما اقتضاه النص الوارد من قبل الله عز وجل ومن قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت أبيت أن تقبل ذلك وادعيت أن الواجب المصير الى حكيم العقل في هذا الباب وقد ردك العقل الى موافقة النص خاسئا، فقال هذا يحتاج الى تأمل وقطع كلام
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[25 - 10 - 04, 02:31 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ترجمته من كتاب الذيل على طبقات الحنابلة للعلامة ابن رجب 4/ 384
عبد الّله بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن الخضر بن محمد ابن تيمية الحراني، ثم الدمشقي، الفقيه الإمام، الزاهد، العابد القدوة المتفنن، شرف الدين أبو محمد، أخو الشيخ تقي الدين
ولد في حادي عشر محرم سنة ست وستين وستمائة بحران.
وقدم مع أهله إلى دمشق رضيعاً، فحضر بها على ابن أبي اليسر، وغيره.
ثم سمع من ابن علان، وابن الصيرفي، وأحمد بن أبي الخير، ومن ابن أبي عمر، والقاسم الأربلي، وخلق من هذه الطبقة.
وسمع "المسند" و "الصحيحين" وكتب السنن.
وتفقه في المذهب حتى برع وأفتى.
وبرع أيضاً في الفرائض والحساب، وعلم الهيئة، وفي الأصلين، والعربية.
وله مشاركة قوية في الحديث. ودرس بالحنبلية مدة.
وكان صاحب صدق وإخلاص، قانعاً باليسير شريف النفس، شجاعاً مقداماً، مجاهداً زاهداً، عابداً ورعاً، يخرج من بيته ليلاً، ويأوي إليه ليلاً [في شذرات الذهب: نهارا]، ولا يجلس في مكان معين، بحيث يقصد فيه، لكنه يأوي إلى المساجد المهجورة خارج البلد، فيختلي فيها للصلاة والذكر.
وكان كثير العبادة والتأله، والمراقبة والخوف من الله تعالى، ذا كرامات وكشوف.
ومما اشتهر عنه: أنه كثير الصدقات، والإِيثار بالذهب والفضة في حضره وسفره، مع فقره وقلة ذات يده.
وكان رفيقه في المحمل في الحج يفتش رحله فلا يجد فيه شيئاً، ثم يراه يتصدق بذهب كثير جداً. وهذا أمر مشهور معروف عنه. وحج مرات متعددة.
وكان له يد طولى في معرفة تراجم السلف ووفياتهم، وفي التواريخ المتقدمة والمتأخرة.
وحبس مع أخيه بالديار المصرية مدة.
وقد استدعي غير مرة وحده المناظرة، فناظر، وأفحم الخصوم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/380)
وسئل عنه الشيخ كمال الدين بن الزملكاني? فقال: هو بارع في فنون عديدة من الفقه، والنحو والأصول، ملازم لأنواع الخير، وتعليم العلم، حسن العبارة، قوي في دينه، جيد التفقه، مستحضر لمذهبه، مليح البحث، صحيح الذهن، قوي الفهم. رحمه اللّه تعالى.
وذكره الذهبي في "المعجم المختصر" [ص88] فقال: كان بصيراً بكثير من علل الحديث، ورجاله، فصيح العبارة، عالماً بالعربية، نقالاً للفقه، كثير المطالعة لفنون العلم، حلو المذاكرة، مع الدين والتقوى، وإيثار الانقطاع، وترك التكلف والقناعة باليسير، والنصح للمسلمين رضي اللّه عنه.
وذكره أيضاً في معجم شيوخه، فقال: كان إماماً بارعاً، فقيهاً عارفاً بالمذهب وأصوله، وأصول الديانات، عارفاً بدقائق العربية، وبالفرائض والحساب والهيئة كثير المحفوظ، له مشاركة جيدة في الحديث، ومشاهير الأئمة، والحوادث، ويعرف قطعة كثيرة من السيرة. وكان متقناً للمناظرة وقواعدها. والخلاف. وكان حلو المحاضرة متواضعاً، كثير العبادة والخير، ذا حظ من صدق وإخلاص وتوجه وعرفان، وانقطاع بالكلية عن الناس، قانعاً بيسير اللباس.اهـ
توفي رحمه الله تعالى يوم الأربعاء رابع عشر جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وسبعمائة بدمشق. وصلَّى عليه الظهر بالجامع، وحمل إلى باب القلعة فصلي عليه هناك مرة أخرى. وصلى عليه أخوه الشيخ تقي الدين، وزين الدين عبد الرحمن، وهما محبوسان بالقلعة، وخلق معهما من داخل القلعة. وكان التكبير يبلغهم، وكثر البكاء تلك الساعة. فكان وقتاً مشهوداً. ثم صلى عليه مرة ثالثة ورابعة، وحمل على الرؤوس والأصابع إلى مقابر الصوفية، فدفن بها. وحضر جنازته جمع كثير، وعالم عظيم، وكثر الثناء والتأسف عليه. رحمه الله. انتهى النقل من الذيل.
وقال عنه الصفدي: الشيخ الإمام الفقيه المفتي القدوة العابد شرف الدين أبو محمد الدمشقي أخو الشيخ الإمام العالم العلامة تقي الدين .. وطلب الحديث في وقته وسمع المسند والمعجم الكبير والدواوين، وأحكم الفقه، والنحو، وبرع في معرفة السيرة، والتأريخ، وكثير من أسماء الرجال، وكان فصيحا يقظا فهما جزل العبارة غزير العلم بصيرا بالقواعد في الفقه بحثه مع الدين والإخلاص، والتعفف، والسماح، والزهد، والانقباض عن الناس وكان أخوه يتأدب معه، ويحترمه ينتقل في المساجد، ويختفي أياما.
قال الشيخ شمس الدين: وما علمته صنف شيئا ..
وينظر:
الوافي للصفدي 17/ 126
ذيل العبر للذهبي 4/ 81
الدرر الكاملة 2/ 371 ترجمة مختصرة جدا.
والمقصد الرشد لابن مفلح 2/ 42
شذرات الذهب 8/ 136
= يتبع إن شاء الله مناظرة ابن القيم لأحد أكبر علماء اليهود في مصر
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[25 - 10 - 04, 04:01 ص]ـ
جزاك الله خيراً، على هذه المواضيع النافعة المفيدة
ـ[محب ابن تيمية]ــــــــ[25 - 10 - 04, 05:10 ص]ـ
جزيت خيراً.
ونفع الله بك.
ـ[الجندى المسلم]ــــــــ[25 - 10 - 04, 02:42 م]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[25 - 10 - 04, 10:54 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ومن مواقف شرف الدين ابن تيمية رحمه الله في المناظرة
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=20194
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[25 - 10 - 04, 10:55 م]ـ
هذه مناظرة ابن القيم لأحد علماء اليهود، وذكرها في عدد من كتبه، و السياق من الصواعق المرسلة
قال العلامة الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:
جرى لي مع بعض علماء أهل الكتاب
فإنه جمعني وإياه مجلس خلوة أفضى بيننا الكلام إلى أن جرى ذكر مسبة النصارى لرب العالمين مسبة ما سبه إياها أحد من البشر،
فقلت له: وأنتم بإنكاركم نبوة محمد قد سببتم الرب تعالى أعظم مسبة!
قال: وكيف ذلك؟
[وفي هداية الحيارى: وقد جرت لي مناظرة بمصر مع أكبر من يشير إليه اليهود بالعلم والرياسة، فقلت: له في أثناء الكلام أنتم بتكذيبكم محمدا صلى الله عليه وسلم قد شتمتم الله أعظم شتيمة فعجب من ذلك، وقال: مثلك يقول: هذا الكلام؟! فقلت له: اسمع الآن تقريره .. ]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/381)
قلت: لأنكم تزعمون أن محمدا ملك ظالم ليس برسول صادق، وأنه خرج يستعرض الناس بسيفه، فيستبيح أموالهم ونساءهم وذراريهم، ولا يقتصر على ذلك حتى يكذب على الله، ويقول الله أمرني بهذا، وأباحه لي، ولم يأمره الله، ولا أباح له ذلك، ويقول أوحى إلي، ولم يوح إليه شيء، وينسخ شرائع الأنبياء من عنده، ويبطل منها ما يشاء، ويبقي منها ما يشاء، وينسب ذلك كله إلى الله، ويقتل أولياءه، وأتباع رسله، ويسترق نساءهم، وذرياتهم؛ فإما أن يكون الله سبحانه رائيا لذلك كله، عالما به، مطلعا عليه أو لا،
فإن قلتم: إن ذلك بغير علمه، واطلاعه؛ نسبتموه إلى الجهل، والغباوة، وذلك من أقبح السب.
وإن كان عالما به رائيا له مشاهدا لما يفعله؛ فإما أن يقدر على الأخذ على يديه، ومنعه من ذلك أو لا،
فإن قلتم: إنه غير قادر على منعه، والأخذ على يده؛ نسبتموه إلى العجز، والضعف.
وإن قلتم: بل هو قادر على منعه، ولم يفعل؛ نسبتموه إلى السفه، والظلم، والجور!
هذا، وهو من حين ظهر إلى أن توفاه ربه يجيب دعواته، ويقضي حاجاته، ولا يسأله حاجة إلا قضاها له، ولا يدعوه بدعوة إلا أجابها له، ولا يقوم له عدو إلا ظفر به، ولا تقوم له راية إلا نصرها، ولا لواء إلا رفعه، ولا من يناوئه، ويعاديه إلا بتره، ووضعه، فكان أمره من حين ظهر إلى أن توفي يزداد على الأيام، والليالي ظهورا، وعلوا، ورفعة، وأمر مخالفيه لا يزداد إلا سفولا، واضمحلالا، ومحبته في قلوب الخلق تزيد على ممر الأوقات، وربه تعالى يؤيده بأنواع التأييد، ويرفع ذكره غاية الرفع.
هذا، وهو عندكم من أعظم أعدائه، وأشدهم ضررا على الناس!
فأي قدح في رب العالمين؟ وأي مسبة له؟ وأي طعن فيه أعظم من ذلك؟!
فأخذ الكلام منه مأخذا ظهر عليه،
وقال: حاش لله أن نقول فيه هذه المقالة؛ بل هو نبي صادق كل من اتبعه؛ فهو سعيد، وكل منصف منا يقر بذلك، ويقول: أتباعه سعداء في الدارين.
قلت له: فما يمنعك من الظفر بهذه السعادة؟
فقال: وأتباع كل نبي من الأنبياء كذلك، فأتباع موسى أيضا سعداء!
قلت له: فإذا أقررت أنه نبي صادق، فقد كفر من لم يتبعه، واستباح دمه، وماله، وحكم له بالنار، فإن صدقته في هذا؛ وجب عليك اتباعه، وإن كذبته فيه لم يكن نبيا، فكيف يكون أتباعه سعداء؟!
فلم يحر جوابا!
وقال: حدثنا في غير هذا!. انتهى
انظر: الصواعق المرسلة 1/ 327
وزاد المعاد 3/ 639
وهداية الحيارى ص 87
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[25 - 10 - 04, 11:33 م]ـ
عبد الرحمن السديس ,حفظه الله ,
صراحة , انني أتابع كثيرا مما ينشر ويكتب في روابط هذا الملتقى العلمي لكي أتعرف على آراء كل من طلبة العلم وشيخهم. فكثيرا ما أجد استخراجا من عدة الكتب وفي القليل النادر أتمتع بقراءة التعليقات الشخصية العلمية على ما جاء في هذه الاستخراجات الكثيرة التي تقول (عادة) وقال (فلان) ... وفي كتاب فلان .... كذا.
لقد أعجبني علمكم الواسع ومعاملتكم بالآخرين بالرفق في هذا الملتقى غير أنني أتساءل بهذه المناسبة , وهي موضوع (المناظرة) , ما هو رأيكم العلمي الشخصي في هذه القضايا لأنني لا أظن أن ذكر كلام ابن القيم (مثلا) يتمشى بالضرورة برأي من ذكره , أليس كذلك؟
أم نخضع طوال العصور للتقليد الفكري؟
ربما تخرج هذه التساءلات من اطار الموضوع الذي حددتموه ووصفتموه في هذا الرابط بدءا , فان كان كذلك فألتمس منكم العذر
لكم الخير والعافية
موراني
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[26 - 10 - 04, 12:23 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
طيب أعطنا رايك يدكتور موراني بارك الله فيك هل المناظرة مفحمه أولا وأما النقل فلا عليك فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها ولو نطق الشيطان بالحق قبلناه منه ولا يخففى عليكم قصة أبو هريره مع اليشطان ووصيته له بقراءة آية الكريسي وتقرير الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة لذلك فالنقل وما ذكرت ليس مطعن.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[26 - 10 - 04, 02:11 ص]ـ
- أعتذر للأخ الشيخ عبدالرحمن السديس هذه المداخلة ..
- الدكتور موراني ... هداك الله لمحابه
- ليكن في علمكم أنَّ أهل الحديث (أتباع الأثر والسنة) وأكثر من يكتب من طلبة العلم والمشايخ بهذا المنتدى منهم =لا يقلِّدون أحداً تقليداً أعمى دون طلب دليل أو برهان لقوله.
- إنهم طائفةٌ ينشدون البحث عن الحق الذي لا يكون إلاَّ في الأصل الأول.
- فمنهجهم أعمق وأنصع وأدقُّ من محاولات كثيرٍ من النصارى الموحدين الذين خرجوا عن أُطُر الكنائس ومحدوديتها في بحثهم عن النبع الصحيح الذي كان عليه المسيح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام.
- وأرجو منكم النظر في هذا الرابط الهام، وأرجو أن تعطينا رأيك في محتواه:
الموحدون من النصارى .. اضغط هنا ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=23428&highlight=%C7%E1%E4%D5%C7%D1%EC)
- وعوداً على بدء ... فما تراه كثيراً من كثرة نقل أههل الحديث والسنة (الملقَّبين بالسلفية) لقول ابن القيّم مثلاً ليس لكون الحق لا يكون إلاَّ عند ابن القيم.
بل لأنَّ منهج ابن القيِّم وطريقته في البحث في مدلولات القرآن والسنة جعل الحق حليفه في الغالب.
- وكذا الحال تماماً في شيوخ وعلماء آخرين قد تجرَّدوا عن التقليد الفكري الذي وقع فيه المسلمون رزحاً من الزمن.
- وعليه فقد نوافق ابن القيم كثيراً، لا لأنه (ابن القيم) فقط، بل لأنَّ الله قدَّر له إصابة الحق.
وقد نخالفه أحياناً لأنَّ دليله مرجوحٌ لا يقاوم دليل من خالفه في مسألةٍ ما ..
وعندما نوافقه ونفرح برأيه لابد أن نقرن بذلك دليله وحجَّته فيما ذهب إليه في أي مسألة كانت.
وأسأل الله أن يهبك السعادة في الدنيا والآخرة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/382)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[26 - 10 - 04, 02:12 ص]ـ
المفيد د/ موراني: الكتابة هنا في الملتقى ـ بالنسبة لي ـ لها عدة أهداف ..
والاستخراج المذكور نوع منه، فهو إبراز لما ينبغي إبرازه ـ في شتى العلوم ـ، لكي يقف عليه من لم يقف عليه، أو يستذكره من قد وقف عليه بقصد الفائدة: العلمية، أو السلوكية، أو غيرها ..
وبالنسبة لي كطويلب علم صغير: أرى أن معظم ما يستخرج من هذا النوع قد يفسده التعليق عليه؛ فجماله بتركه على حاله.
والاستخراج أحيانا: يقصد منه سرعة تلقي المتلقي له، بمعنى: أن شخصا تقول: له الحكم كذا، أو الصواب كذا لأجل كذا .. الخ،
ليس مثل أن تقول: قال فلان العالم الكبير .. الخ
ويقع أحيانا: لقناعتك بالفكرة، أو المسألة، وأن الحق الذي وافقه الدليل فيها ..
فالنقل يوفر لك السرعة، والجاهزية، ولا يخفى أن الناس لهم أشغال، وأعمال كثيرة مختلفة فهذا يسبب وفرة في الوقت. وغير ذلك ..
أرجو أن أكون وفقت في الجواب، وبعض كلامك لم أفهم المراد منه تماما ـ وأحب التأكد ـ، فإن كان الجواب وفى، وإلا فأعد علي ما تريد.
وفقك الله لمرضاته.
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[26 - 10 - 04, 07:01 م]ـ
عبد الرحمن السديس ,
أشكر لكم على هذا التوضيح.
ربما هناك خلاف بيننا (ولا حرج!) في قراءة النصوص ومعاملتها لسبب واحد:
انني لا أرى الاستخراجات من الكتب (وأنا لا أتحدث هاهنا عما تفضلتم بتقديمه حول المناظرة) كافبا ووافيا
في البحث لأنّ النصوص ليست الا مادة البحث وهي نقطة الانطلاق الى المعرفة. التعليق عليه قد يفسد النص المستخرج , هذا صحيح كما قلتم ولا ريبة في ذلك , الا أنّ عرضه وتفسيره من أجل فهمه فهما صحيحا أولى من مجرد استخراجه.
أبو عبد الرحمن الشهري , انني لا أتحدث عما اذا كانت المناظرة مفحمة أم لا , بل انتهزت الفرصة في هذا الرابط لطرح سؤال عام ووجدت عليه الاجابة بفضل الشيخ عبد الرحمن السديس.
أبو عمر السمرقندي , انني لم أرم أحدا بالتقليد أو بعدم اهتمامه بالدلائل , بل أقول ان مجرد استخراج النصوص الذى أصبح سهلا اليوم من الكتب على الشبكة , يؤدي الى التقليد الفكري حتى ولو تبنت الأغلبية منهجية فلان أو فلان آخر من القدماء.
أما اشارتك الى النصارى وخروجهم من أطر الكنائس كما تقول فلكي تعلم: انني لا أبالي بأمور الكنيسة لا قديما ولا حديثا. لأنّ أهدافها أهداف دنيوية غير أنها تزعم العكس تماما. أما أنا فأترك هذا المجال لنقّاد الكنيسة وهم كثيرون في العالم.
موراني
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[27 - 10 - 04, 12:36 ص]ـ
د/ موراني
قلتَ: إنني لا أرى الاستخراجات من الكتب كافيا ووافيا في البحث؛ لأنّ النصوص ليست إلا مادة البحث، وهي نقطة الانطلاق إلى المعرفة ... إلا أنّ عرضه، وتفسيره من أجل فهمه فهما صحيحا أولى من مجرد استخراجه.اهـ
أقول: أوافقك على هذا تماما، وهذا يحدث هنا كثيرا ـ لكن لا بد من الانتباه ـ إلى أن الناقل للنص (غالبا) ما يكون موافقا لما جاء في مضمون ما ينقله، ولذا يقل، أو يندر اعتراضه عليه، و (غالبا) ما يكون لا يحتاج لتفسيره لأنه قد أدركه، وفهمه ..
وإنما يعترضه، ويفند محتواه مَن يخالفه، وهذا كثير جدا في كتب العلماء القدماء، والمعاصرين تجد (الاستخراج)، والموافقة أحيانا، والتعقب أحيانا أخرى .. ،
وفي هذا الملتقى شيء كثير من ذا في المواضيع التي حصل فيها النقاش.
وحدث مني ذا في عدة مواضيع .. وإن كنتُ لا أرغب في الاسترسال، والجدل، والمناقشة؛ لما يترتب عليها (غالبا) من أمور لا تخفى.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[27 - 10 - 04, 12:40 ص]ـ
مناظرة الشافعي لإبراهيم بن إسماعيل بن علية في حجية خبر الواحد
قال الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 6/ 21
حدثني عبيد الله بن أبي الفتح، أخبرنا الحسن بن الحسين الهمذاني الفقيه، حدثني الزبير بن عبد الواحد، حدثني أبو عيسى يوسف بن يعقوب بن مهران الأنماطي ببغداد، حدثنا أبو سليمان داود بن علي الأصبهاني، حدثني الحارث بن سريج النقال قال: دخلت على الشافعي يوما، وعنده أحمد بن حنبل، والحسين القَلاّس، ـ وكان الحسين أحد تلاميذ الشافعي المقدمين في حفظ الحديث ـ، وعنده جماعة من أهل الحديث، والبيت غاص بالناس، وبين يديه إبراهيم بن إسماعيل بن علية [ضال مضل]، وهو يكلمه في خبر الواحد،
فقلتُ: يا أبا عبد الله عندك وجوه الناس، وقد أقبلت على هذا المبتدع تكلمه؟
فقال لي: ـ وهو يبتسم ـ كلامي لهذا بحضرتهم = أنفع لهم من كلامي لهم،
قال: فقالوا: صدق.
قال: فأقبل عليه الشافعي، فقال له:
ألست تزعم أن الحجة هي الإجماع؟
قال: فقال: نعم.
فقال الشافعي: خبرني عن خبر الواحد العدل أبإجماع دفعته؟ أم بغير إجماع؟
قال: فانقطع إبراهيم، ولم يجب.
وسر القوم بذلك.
وانظرها أيضا: تبيين كذب المفتري لابن عساكرص341.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/383)
ـ[أبو عبد الله الروقي]ــــــــ[27 - 10 - 04, 01:21 ص]ـ
بُورِك فيك يا أبا عبد الله ..
وما أثرتَه مهمٌّ لا سيّما لِمن هجّيراهُ مجادلة أهل الباطل ومحاورة المخالفين ..
وأودّ إضافةَ فائدةٍ ها هُنا: وهي أنّ الشيخَ الدكتور عثمان علي حسن ساقَ كثيراً من المناظرات في كتابهِ النافع " منهج الجدل والمناظرة في تقرير مسائل الاعتقاد " وكان من تلك المناظرات ما موضوعه: مجادلة النصارى، إلى جانبِ مناظرات أهل السنّة مع أهل البدع على اختلاف مللِهم ..
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[27 - 10 - 04, 03:01 ص]ـ
إضافة إلى ما ذكره الأخ أبو عبد الله الروقي عن كتاب الشيخَ الدكتور عثمان علي حسن هذا الكتاب مجلدين والطبعة التي لدي الأولى لدار أشبيليا 1420هـ عدد صفحاته 1274 وهو كتاب ماتع.
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[27 - 10 - 04, 03:08 ص]ـ
...
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[27 - 10 - 04, 09:44 م]ـ
لكي أعود الى الموضوع في هذا الرابط أود الاحالة على الدراسة لعبد المجيد التركي:
الجدل الديني وكتابا الرسالة والجامع لابن أبي زيد القيرواني.
نشرت الدراسة كمحاضرة في: (الملتقى عبد الله بن أبي زيد القيرواني). مركز الدراسات الاسلامية بالقيروان , 1994. ص 45 الى 66.
موراني
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[14 - 11 - 04, 02:35 م]ـ
أحسنتم نفع الله بجهودكم
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه العظيم الصواعق المرسلة 3/ 1037:
وجرى بيني وبين بعض رؤساء هؤلاء مناظرة في مسألة الكلام:
فقال: نحن، وسائر الأمة نقول: القرآن كلام الله لا ينازع في هذه الإضافة أحد، ولكن لا يلزم منها أن يكون الله بنفسه متكلما، ولا أنه يتكلم، فمن أين لكم ذلك؟
فقال له بعض من كان معي من أصحابنا: قد قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "إذا تكلم الله بالوحي". وقالت عائشة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: "ولشأني كان أحقر من أن يتكلم الله في بوحي يتلى".
فرأيت الجهمي قد عبس، وبسر، وكلح، وزوى وجهه عنه كالذي شم رائحة كريهة أعرض عنها بوجهه، أو ذاق طعاما كريها مرا مذاقه، وهذا أمر لم يزل عليه كل مبطل إذا واجهته بالحق المخالف له، وصدمته به. وقل من يتبصر منهم عند الصدمة الأولى، ولهذا قال بعض السلف ما ابتدع أحد بدعة إلا خرجت حلاوة الحديث من قلبه، وقال بعض رؤساء الجهمية إما بشر المريسي أو غيره: ليس شيء أبغض لقولنا من القرآن، فأقروا به، ثم أولوه، وقال بشر أيضا: إذا احتجوا عليكم بالقرآن؛ فغالطوهم بالتأويل، وإذا احتجوا بالأخبار؛ فادفعوها بالتكذيب.
وقال الإمام أحمد قل من نظر في الكلام إلا وفي قلبه غل على الإسلام.
ـ[سلطان العتيبي]ــــــــ[16 - 11 - 04, 04:34 ص]ـ
أعتذر للشيخ عبدالرحمن في الإخلال بشرط الموضوع قليلاً , فهذه المناظرة بين إمامين من أئمة أهل السنة , ولكن لجمالها ذكرتها .... :
قال الزيلعي في نصب الراية (4/ 266):
وذكر البيهقي في ”المعرفة - في البيوع” ثنا االحاكم بسنده عن إسحاق بن راهويه، قال:
كنا بمكة، ومعي أحمد بن حنبل فقال لي أحمد يوما: تعال أريك رجلا لم تر عيناك مثله - يعني الشافعي - فذهبت معه، فرأيت من إعظام أحمد للشافعي، فقلت له: إني أريد أن أسأله عن مسألة، قال: هات، فقلت للشافعي: يا أبا عبد الله ما تقول في أجور بيوت مكة قال: لا بأس به، قلت، وكيف! وقد قال عمر: يا أهل مكة لا تجعلوا على دوركم أبوابا، لينزل البادي حيث شاء، وكان سعيد بن جبير، ومجاهد ينزلان، ويخرجان، ولا يعطيان أجرا، فقال: السنة في هذا أولى بنا، فقلت: أو في هذا سنة قال: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهل ترك لنا عقيل منزلا لأن عقيلا ورث أبا طالب، ولم يرثه علي، ولا جعفر، لأنهما كانا مسلمين، فلو كانت المنازل بمكة لا تملك، كيف كان يقول: وهل ترك لنا، وهي غير مملوكة قال: فاستحسن ذلك أحمد، وقال: لم يقع هذا بقلبي، فقال إسحاق للشافعي: أليس قد قال الله تعالى: {سواء العاكف فيه والباد} فقال له الشافعي: اقرأ أول الآية {والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس، سواء العاكف فيه والباد}، إذ لو كان كما تزعم، لما جاز لأحد أن ينشد فيها ضالة، ولا ينحر فيها بدنة، ولا يدع فيها الأرواث، ولكن هذا افي المسجد خاصة، قال: فسكت إسحاق، انتهى
ـ[الجندى المسلم]ــــــــ[19 - 12 - 04, 03:05 م]ـ
جمع المأمون بين العتَّابي وبين أبي قرَّة النصراني، فقال لهما: تناظرا وأوجزا. فقال العتابي لأبي قرة: أسألك أم تسألني؟ فقال: سلني. قال: ما تقول في المسيح؟ قال: أقول إنه من الله عز وجل. فقال العتابي: إن "من" تجيء على أربعة أوجه: فالبعض من الكل على سبيل التجزؤ، والولد من الوالد على سبيل التناسل، والخل من الحلو على سبيل الاستحالة، والخلق من الخالق على سبيل الصنعة، فهل عندك خامسة قال: لا، ولكني لو قلت واحدة من هذه ما كنت تقول؟
فقال العتابي: إن قلت: إنه كالبعض من الكل جزّأته، والباري لا يتجزأ، وإن قلت: إنه كالولد من الوالد أوجبت ثانيا من الأولاد وثالثا ورابعاً إلى مالا نهاية، وهذا لا يجوز على الباري عز وجل، وإن قلت على سبيل الاستحالة، أوجبت فساداً، والباري لا يستحيل ولا ينتقل من حال إلى حال، وإن قلت: إنه كالخلق من الخالق، كان قولا حقا، وهو الحق الذي لا شك فيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/384)
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[19 - 12 - 04, 10:53 م]ـ
هذه مناظرة .. من سلسلة مناظرات .. بين الامامين .. الباجي المالكي وابن حزم الظاهري .. رحمهما الله ..
وموضوعها .. كيفية طلبهما للعلم.
قال له ابو الوليد:
انا أعظم منك همة .. في طلب العلم .. لأنك طلبته وانت معان عليه تسهر بمشكاة الذهب وطلبته وأنا أسهر بقنديل بائت في السوق ..
فكان جواب ابن حزم:
هذا الكلام عليك لا لك .. لأنك انما طلبت العلم وأنت في حال رجاء بتبديلها بمثل حالي .. وأنا طلبته في حين ما تعلمه وما ذكرته فلم ارج به الا علم القدر العلمي في الدنيا والآخرة ..
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[19 - 12 - 04, 11:14 م]ـ
جزاكم الله خيرا
وأرجو أن يقتصر الإخوة على مناظرات العقيدة التي لعلماء السنة مع غيرهم.
ـ[محب ابن تيمية]ــــــــ[22 - 12 - 04, 10:09 م]ـ
" مناظرات في العلو ":
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=15640&highlight=%E3%E4%C7%D9%D1%C7%CA
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[31 - 12 - 04, 05:11 م]ـ
قال أبو نعيم في الحلية 9/ 110:
حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد ثنا محمد بن الحسن الكرخي ثنا علي بن أحمد الخوارزمي قال: حدثني الربيع بن سليمان قال: سأل رجل من أهل بلخ الشافعي عن الإيمان؟
فقال للرجل؟ فما تقول أنت فيه؟
قال: أقول: إن الإيمان قول.
قال: ومن أين قلت؟
قال؟ من قول الله تعالى (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات) فصار الواو فصلا بين الإيمان، والعمل، فالإيمان قول، والأعمال شرائعه.
فقال الشافعي: وعندك الواو فصل؟
قال: نعم.
قال: فإذا كنت تعبد إلهين إلها في المشرق، وإلها في المغرب؛ لأن الله تعالى يقول: (رب المشرقين ورب المغربين). فغضب الرجل، وقال: سبحان الله! أجعلتني وثنيا؟!
فقال الشافعي: بل أنت جعلت نفسك كذلك.
قال: كيف؟
قال: بزعمك أن الواو فصل.
فقال الرجل: فاني أستغفر الله مما قلت، بل لا أعبد إلا ربا واحدا، ولا أقول بعد اليوم إن الواو فصل، بل أقول: إن الإيمان قول، وعمل يزيد، وينقص.
قال الربيع فأنفق على باب الشافعي مالا عظيما، وجمع كتب الشافعي وخرج من مصر سنيا.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[06 - 09 - 06, 07:48 م]ـ
في درء تعارض العقل والنقل 6/ 243:
ولهذا كان جميع العقلاء السالمي الفطرة يحكمون بموجب هده القضية الضرورية [العلو] قبل أن يعلموا أن في الوجود من ينكرها، ويخالفها وأكثر الفطر السليمة إذا ذكر لهم قول النفاة بادروا إلى تجهيلهم، وتكفيرهم، ومنهم من لا يصدق أن عاقلا يقول ذلك = لظهور هذه القضية عندهم، واستقرارها في أنفسهم، فينسبون من خالفها إلى الجنون، حتى يروا ذلك في كتبهم أو يسمعوه من أحدهم، ولهذا تجد المنكر لهذه القضية يقر بها عند الضرورة، ولا يلتفت إلى ما اعتقده من المعارض لها، فالنفاة لعلو الله إذا حزب أحدهم شدة وجه قلبه إلى العلو يدعو الله،
ولقد كان عندي من هؤلاء النافين لهذا من هو من مشايخهم، وهو يطلب مني حاجة، وأنا أخاطبه في هذا المذهب، كأني غير منكر له، وأخرت قضاء حاجته حتى ضاق صدره، فرفع طرفه ورأسه إلى السماء، وقال: يا الله، فقلت له: أنت محقق لمن ترفع طرفك ورأسك؟!
وهل فوق عندك أحد؟!
فقال: استغفر الله، ورجع عن ذلك لما تبين له أن اعتقاده يخالف فطرته، ثم بينت له فساد هذا القول، فتاب من ذلك، ورجع إلى قول المسلمين المستقر في فطرهم.(28/385)
ما هي عقيدة العلامة الأمين الشنقيطي وما مذهبه؟
ـ[أبو جابر الجزائري]ــــــــ[25 - 10 - 04, 10:56 ص]ـ
ما هي عقيدة العلامة الأمين الشنقيطي وما مذهبه؟
مع ذكر المراجع بارك الله فيكم
ـ[حارث همام]ــــــــ[25 - 10 - 04, 02:15 م]ـ
إن كان صاحب أضواء البيان فذلك علم من أعلام أهل السنة وأتباع الحديث والأثر مالكي المذهب في الأصل مجتهد عارف بالمذاهب غير متقيد بأحدها في الاختيار، قال عنه تلميذه العلامة عطية محمد سالم رحم الله الجميع في مقالة بعنوان: مع صاحب الفضيلة/ والدنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله
الحمد لله المستحق لصفات الجلال وكمال الأسماء، المتفرد بالدوام وبالبقاء. خلق الخلق من عدم وقضى عليهم بالموت والفناء. وجعل الدنيا مزرعة الآخرة، حصادها الثواب والجزاء. واختار من عباده رسلاً يبلغون عنه فهم بينه وبين خلقه وسطاء. واصطفى خاتمهم محمداً صلى الله عليه وسلم فهو صفوة الأصفياء، بعثه رحمة للعالمين فجاء بالحنيفية السمحاء. أطل فجرها بمكة من قمة حراء.
وأشرقت شمس نهارها بطيبة الفيحاء. ظلت مهاجر صحبه في ألفة ووفاء فتحمل الصحب الكرام تراثه. ما ورثوه منه هداية وضياء. وورثوه من بعدهم توريث الآباء للأبناء. وغدت المدينة مشرقة أنوارها يشع منها للعالم نور وسناء. وتوالت الأجيال تلو أجيال إنتاجها للعالم صفوة العلماء، ممن قاموا لله حقاً وأخلصوا لله صدقاً ونشروا العلم في عفة وإباء. نهلوا من المنهل الصافي من منبعه قبل أن يخالطه الترب أو تكدره الدلاء. في مهبط الوحي محط رحالهم. وفي الروضة غدوهم ورواحهم في غبطة وهناء.
درسوا كتاب الله حكماً وحكمة حتى غدت آياته لمرضى الصدور شفاء، وتكشفت حجب المعاني فانجلت من تحتها أشمس وضياء.
وترسموا سنن النبي محمد، وكذاك سنة الخلفاء، وكذا الصحابة والتابعون فإنهم لهم بهم أسوة واقتداء. فهم النجوم في ليل السرى، وهم الهداة لطالب الهدى وأدلاء، وهم الأئمة قدوة الأمة وعلى الدين أمناء.
ونحن بالمدينة وفي هذا الجوار الكريم أشد إحساساً بمكانة العلم ومنزلة العلماء، وأسرع فرحاً بهم وأشد حزناً على موتهم وألماً لفراقهم، إن في موت العلماء لغربة للغرباء.
ولا شك أن هذه الآلام تزداد وهذا الحزن يشتد أكثر وأكثر حينما نكون قد عرفنا هذا العالم أو عاصرناه ولمسنا فضله واستفدنا علمه.
وهذا القدر كلنا فيه سواء نحو علماء المسلمين عامة وشيخنا الأمين خاصة.
وإني كأحد أبنائه ومن جملة تلاميذه أقف اليوم معزياً متعزياً. ومترجماً مترحماً وقد عظم المصاب وعز فيه العزاء.
ولو استحق أحد التعزية لشخصه لاستحقها ثلاثة أشخاص: الشيخ عبد العزيز بن باز لزمالته 21 سنة وماله عنده من منزلة، والشيخ عبد العزيز بن صالح أول من عرفه وتسبب في جلوسه، وصاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد الرحمن لمحبته وتقديره.
نعم أقف معزياً متعزياً مترجماً مترحماً كما قال القاضي عياض عن بعض مشايخه "ما لكم تأخذون العلم عنا وتستفيدون منا، ثم تذكروننا فلا تترحمون علينا", إنه ربط أصيل بين العلم والعالم وتنبيه أكيد على أن الاعتراف بفضل العالم شكر وتقدير لنفس العلم. رحم الله شيخنا رحمة واسعة ورحم الله علماء المسلمين في كل زمان ومكان.
وقد قام الخلف بحق السلف في حفظ تاريخهم بالترجمة لهم خدمة لتراثهم وإحياء لذكرهم وما أثر عن السخاوي أنه قال:"من ورخ مؤمناً فكأنما أحياه". أي من ترجم له وأرخه وها هم علماء الأمة يعايشون كل جيل بسيرتهم وتاريخهم في أمهات الكتب.
وإني لاعتقد حقاً أن تراجم الرجال مدارس الأجيال أي في علومهم ومعالم حياتهم.
وإن مثل شيخنا الأمين رحمة الله لحقيق بتخليده بترجمته والاستفادة من منهج حياته في تعلمه وتعليمه.
وإني لأستعين الله فيما أقدم وأستلهمه فيما أقول:
إلى رحمة الله وحسن جواره
فقيد العلم يا علم الرجال، نعاك العلم في حلق السؤال. نعم فقيد الدرس يا علم الرجال، نعاك الدرس في فصل المقال.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/386)
انتقل إلى رحمة الله وحسن جواره صاحب الفضيلة وعلم الأعلام الشيخ الجليل والإمام الهمام زكي النفس رفيع المقام كريم السجايا ذو الخلق الرزين، عف المقال حميد الخصال، التقي الأمين والدنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي. توفي ضحى يوم الخميس 17 - 12 - 93ه وكانت وفاته بمكة المكرمة مرجعه من الحج ودفن بمقبرة المعلاة وصلى الله عليه سماحة رئيس الجامعة الإسلامية فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز في الحرم المكي مع من حضر من المسلمين بعد صلاة الظهر من ذلك اليوم.
وفي ليلة الأحد 20 - 12 أقيمت عليه صلاة الغائب بالمسجد النبوي وصلى عليه صاحب الفضيلة الشيخ عبد العزيز بن صالح آل صالح إمام وخطيب المسجد النبوي ورئيس الدوائر الشرعية بالمدينة ومحاكم منطقة المدينة بعد صلاة العشاء مباشرة وصلى عليه من حضر من الحجاج ما لا يُحصى عدداً. ومن غريب الصدف وحسن التفاؤل أن يقرأ الإمام في صلاة العشاء قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً} إلى آخر السورة، وفي الركعة الثانية {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً}.
وقد سألت فضيلته عن هذه القراءة أهو قاصد لهذه الآيات ومختار لها أم جاءت عفواً، فقال حفظه الله بل عفواً فما الملاحظة عليها؟ قلت إنها من أغرب الصدف لأنك صليت على الشيخ الأمين رحمه الله بعدها فظننت أنك قصدت إليها، ولكنه من المناسبات الحسنة تغمد الله الفقيد برحمته وأسكنه فسيح جنته إنه جواد كريم رؤوف رحيم، كما صلي عليه بالجامعة الإسلامية وفي مساجد الدوادمي.
مات رحمه الله تعالى بعد أن أحيا علوماً درست، وخلف تراثاً باقياً, وربى أفواجاً متلاحقة تعد بالآلاف من خريجي كليات ومعاهد الإدارة العامة بالرياض والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
ما مات إلا بعد أن أصبح له في كل دائرة من دوائر الحكومة في أنحاء البلاد ابناً من أبنائه، وفي كل قطر إسلامي بعثة من البعثات الإسلامية لمنح الجامعة الإسلامية التعليمية بالمدينة المنورة.
ما مات إلا بعد أن ترك في كل مكتبة وفي كل منزل (أضواء البيان) تبدد الظلام وتهدي السبيل.
فلا يبعد ولا يغالي من يقول ما مات من خلف هذا التراث وأدى تلك الرسالة في حياته يبقى أثراً خالداً له على مر الأجيال والقرون.
لقد أدى رسالة عظمى وانتقل إلى الرفيق الأعلى، ليحصد ما زرع ويجني ثمار ما غرس وينعم بما قدم رحمه الله رحمة واسعة.
لقد عاش رحمه الله في هذه البلاد منذ سنين حين قدم لأداء فريضة الحج ثم اعتزم المقام وعمل في كبريات معاهد العلم وجامعاته وألف وحاضر ولم تُكتب عنه كلمة ولم يكن يرضى بالكتابة عنه. لقد كانت أعماله تترجم عنه ومؤلفاته تعرف به حتى عرفه الصغير والكبير والقاصي والداني والعالم والعامي، فلم تكن وفاته رزءاً على فرد أو أسرة أو جماعة أو قطر ولكن على العالم الإسلامي كله.
وما كتبت عنه سوى كلمة موجزة استقيتها منه رحمه الله عند طبع أول محاضرة له بالجامعة الإسلامية في آيات الصفات وطبعت في مقدمتها.
ومات رحمه الله ولم تكتب عنه أيضاً إلا تعريف موجز بالنشأة والمولد وما إلى ذلك.
والآن وقد تحتمت الكتابة عنه لا تعريفاً به فهو أعرف من أن يُعرف فهو العلم الخفاق والطود الأشم والشمس المشرقة فليست الكتابة للتعريف ولكن لرسم خطاه وبيان منهجه مما سمعت منه رحمه الله ولمسته من حياتي معه المدة الطويلة، وإني لأسجل هذا عنه رحمه الله للقريب والبعيد لكل من عرفه عالماً ولم يعرفه طالباً، أو عرفه هنا ولم يعرفه هناك في بلاده فأقول أولاً: إني لا أستطيع إيفاء المقام حقه لعظم مقامه رحمه الله وكبير منزلته وإن كل كتابة عن أي شخص تعتبر ذات جانبين:
جانب ترجمة له وبيان لحقيقته وتعريف بشخصه ومنزلته، وجانب سيرته ومنهجه بما يمكن أن يكون نهجاً يُسار عليه ومنهجاً يُقتدى به ومؤثر يؤثر على غيره ممن أراد السير في سبيله والنسج على منواله والاستفادة من أقواله وأفعاله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/387)
والكتابة عن أي شخص من هذين الجانبين تعتبر بمثابة شخصيته في إبراز صورته وبيان مكانته وفيها تقييمه في عظمته أو توسطه أو غير ذلك، وأي عالم أو طالب علم فإن له شخصية مزدوجة في حياته العامة وسلوكه العام، وحياته الخاصة في طلب العلم ومنهجه في تحصيله ونشره والكتابة بهذا الاعتبار تكون عن الترجمة الشخصية، والسيرة العلمية.
وقد ملئت المكتبات الإسلامية بتراجم وسير الأعلام من الرجال من عصر الصحابة رضي الله عنهم إلى عصور التدوين وامتدت إلى اليوم حفظاً للتراث الإسلامي وتسجيل للرعيل الأول، ولم تكن الكتابة عن أي شخص وافية كاملة إلا بتعدد الكتاب عنه، وتستخلص الحقيقة من مجموع ما كُتب عنه لأن كل كاتب عن أي شخص لن يخلو من أحد أمور ثلاثة:
1 - إما موال متأثر: فقد يقع تحت تأثير العاطفة فينظر من زاوية واحدة، فيقال فيه "وعين الرضا عن كل عيب كليلة".
2 - وإما معاد منفعل: فيقع تحت طائلة الانفعال فيصدق عليه تتمة البيت السابق "كما أن عين السخط تبدي المساويا".
3 - وإما بعيد معتدل: يرغب التقييم بميزان الاعتدال، ومثل هذا قد يفوته ما لم يكن حريصاً عليه بدون تقصير.
ومن هنا لم تكن كتابة كاتب عن إنسان ما مطابقة كل التطابق ومكتملة غاية الاكتمال.
وقد يتحرج الأصدقاء مخافة التهمة والتأثر بالألفة أو يتوقف الأعداء مكتفين بالإغضاء، أو يتردد الآخرون خشية التقصير، ولهذا فقد تذهب الشخصية الفذة دون كتابة عنها فيفتقده الحاضرون ويفقد سيرته القادمون، علماً بأن سيرة الرجال مدرسة الأجيال.
وفضيلة الوالد الشيخ محمد الأمين رحمه الله له شخصية متميزة وسيرة واضحة يعرفها كل من لقيه أو حضر مجلسه أو استمع درسه أو قرأ كتبه أو حتى سمع عنه، وقد طبقت شهرته الآفاق.
وإن الكتابة عن مثله رحمه الله لمن أشق ما يكون لتعدد جوانب الشخصية وانفساح مجالاته العلمية، والحال أنه لا مرجع لمن يكتب عنه إلا الخلطة وطول العشرة وتصيد الأخبار من ذويه الأخيار.
وحيث أن أحق الناس بالكتابة عنه هم تلاميذه وأبناؤه، وإني وإن كنت قد أكرمني الله بصحبته وطول ملازمته ليل نهار وكثرة مرافقته في الظعن والأسفار، داخل وخارج المملكة، وسمعت منه رحمه الله الشيء الكثير والكثير جداً فإني لأجدني تتجاذبني عوامل الإقدام والإحجام، فإذا استحضرت كل ما سمعته منه وتصورت كل ما لمسته فيه أجدني أحق الناس بالكتابة عنه.
وإذا تذكرت مكانته وتراءت لي منزلته وأحسست تأثيره على نفسي تلاشت من ذهني كل معاني الكتابة أمام تلك الشخصية المثالية تراجعت بعيداً عن ميادين الكتابة عنه.
ولكن إذا كان كل كاتب لا يستطيع تقييم كل شخصية تقييماً حقيقياً يدل على الشخص دلالة مطابقية وفي أسلوب المساواة، لا موجزاً ولا مطنباً، إذا كان هذا حال كل كاتب مع كل شخص.
وإذا كان تلميذ الشيخ أحق بالكتابة عنه فمالي لا أدلي بدلوي بالدلاء وأعمل قلمي مع الأقلام، وأبدي ما عندي سواء ما سمعته منه مباشرة أو عنه بواسطة، أو لمسته من جوانب حياته وسيرته.
دون انطلاق مع العاطفة إلى حد الإطناب، ودون إحجام مع الوجل والتهيب والوجل إلى حد الإيجاز. إنه لشيخي وأعز علي من والدي.
إنه حقاً والدي حساً ومعنى لقد عشت في كنفه سنوات معه في بيته وقد يظلنا سقف واحد في غرفة واحدة أمداً طويلاً.
وقد وجدت منه رحمة الله العناية والرعاية كأحد أبنائه كأشد ما يرعى الوالد ولده، وقد أجد منه الإيثار على نفسه في كثير من أحيانه مما يطول ذكره ولا يُنسى فضله.
وأعز من الإيثار ما منحني من العلوم والآثار، والتوجيه الأدبي والفضل الخلقي والسمو النفسي في مجالسه وأحاديثه ودروسه من غير ما حد وبدون تقيد بوقت إذ كان رحمه الله كل مجالسه مجالس علم وكل أحاديثه أحاديث أدب وتوجيه، ولم يكن يحتاج إلى تحضير لدرس ولا مراجعة لجواب على سؤال.
ولم يكن لي معه رحمه الله من وقت معين مع كثرة الإخوان الدارسين عليه المقيمين معه في بيته إلا وقت واحد هو ما بين المغرب والعشاء لمدة سنتين دراسيتين ونحن بالرياض، قرأت في خلالها تفسير سورة البقرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/388)
كانت تلك الدراسة عليه رحمه الله هي رأس مالي في جل تحصيلي وعليها أساس دراستي الحقيقية سواء في المقررات أو غيرها، لأن فيها جميع أبواب الفقه، وعلى مباحثها تنطبق جل قواعد الأصول، ولا يبعد من يقول إن ما بعدها من السور يُعتبر تفسيراً لها أو أن من أتقن تفسيرها سهل عليه تفسير ما بعدها، وقد كانت دراستها سبباً في تأليف كتابي دفع إيهام الاضطراب، وأضواء البيان، وكل منهما إثر سؤال وجواب.
مع ما درست من الأصول ومبادئ في المنطق ودقائق في البلاغة وغير ذلك.
لقد وجدت منه رحمه الله ما لم أجده من غيره على الإطلاق كما وأظن أن أحداً لم يجد منه ما وجدته أنا منه، فلئن شرفت بخدمته فلقد حظيت بصحبته فجزاه الله عني أحسن الجزاء.
وإن صاحب مثل هذه العلاقة مع مثل هذه الشخصية ليحس بثقل ديونه على كاهله ويلمس عظم المنة تطوق عنقه، فهل أستطيع توفية هذا الجانب فحسب فضلاً عن الجوانب العامة التي هي موضوع الترجمة والسيرة، وهل يتأتى مني الإحجام عن الكتابة وأنا مدين بمثل تلك الديون مكبل بتلك المنن مما يجعلني أحق بقول القائل:
كليني لهم يا أميمة ناصب وليل أقاسيه بطيئ الكواكب
تطاول حتى قلت ليس بمنقض وليس الذي يرعى النجوم بآيب
وصدر أراح الليل عازب همه تضاعف فيه الحزن من كل جانب
علي لعمر نعمة بعد نعمة لوالده ليست بذات عقارب
ولئن قيل:
وتجلدي للشامتين أريهمو أني لرب الدهر لا أتضعضع
فإني لأقول
وتجلدي للسامعين أريهمو شمس الحقيقة من سناه تطلع
وإني ملزم بالكتابة ولو تأثرت بالعاطفة فإني معذور:
وإن قصرت عن حقه فلا عذر لي في التقصير.
وإني لأعتبر ما أقدمه بداية لا نهاية وتذكرة للآخرين من حاضرين وغائبين لعلهم يتمون ما بقي، ويكملون ما نقص.
وإذا كانت التراجم والسير تنقسم إلى ذاتية وغير ذاتية، والذاتية هي ما يكتبها الشخص عن نفسه من طفولته إلى رجولته، ويسجل ما جرى له وعليه، وهي أصدق ما تكون إن كان صاحبها معتدلاً أميناً.
وقد ترجم بعض العلماء والفلاسفة لأنفسهم منهم:
1 - ابن سينا المتوفى سنة 428 كانت ترجمته لنفسه مرجعاً لكل من كتب عنه من تلاميذه.
2 - والعماد الأصفهاني المتوفى سنة 597 في مقدمة كتابه (البرق الشامي).
3 - وابن الخطيب المتوفى سنة 776.
4 - وابن خلدون، المتوفى 805، والسيوطي وغيرهم.
والترجمة غير الذاتية ما يكتب غيره عنه.
وإن ما أقدمه في هذا المجال ليجمع بين القسمين الذاتي وغير الذاتي لأنه يشتمل على ما قاله هو عن نفسه وسمعته منه مباشرة، كما تشتمل على ما عرفته ولمسته من حياته مدة صحبتي له.
والله أسأل أن يجعل من سيرته خير قدوة لتلامذته، وأن يجعل في ولديه خير خلف لخير سلف، وأن يأجرنا في مصيبتنا ويخلفنا خيراً منها، ونسأله تعالى أن يتغمده بوافر رحمته ويسكنه فسيح جنته وأن يجزل له العطاء ويجزيه أحسن الجزاء عما بذله من جهد، وخلفه من علم. إنه جواد كريم (إن أول ما يبدأ به في مثل هذا المقام لهو الاسم واللقب والنسب والنشأة والموطن) …الخ.
وهذه ترجمته رحمه الله كما سمعتها منه مباشرة:
الاسم: هو محمد الأمين، وهو علم مركب من اسمين وذكر محمد تبرك.
واللقب: آبا. بمد الهمزة وتشديد الباء من الإباء.
واسم أبيه: محمد المختار بن عبد القادر بن محمد بن أحمد نوح بن محمد بن سيدي أحمد ابن المختار من أولاد أولاد الطالب أوبك وهذا من أولاد أولاد كرير بن الموافي بن يعقوب بن جاكن الابر جد القبيلة الكبيرة المشهورة المعروفة بالجكنيين. ويُعرفون بتجكانت.
نسب القبيلة: ويرجع نسب هذه القبيلة إلى حمير، كما قال الشاعر الموريتاني محمد فال ولد العينين مستدلا بفصاحتهم على عروبتهم:
إنا بنو حسن دلت فصاحتنا أنا إلى العرب الأقحاح ننتسب
إن لم تقم بينات أننا عرب ففي (اللسان) بيان أننا عرب
أنظر إلى ما لنا من كل قافية لها تذم شذور الزبرج القشب
وبيّن شاعر آخر مرجع تلك القبيلة إلى حمير بقوله:
يا قائلا طاعناً في أننا عرب قد كذبتك لنا لسن وألوان
وسم العروبة بادٍ في شمائلنا وفي أوائلنا عز وإيمان
أساد حمير والأبطال من مضر حمر السيوف فما ذلوا ولا هانوا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/389)
لقد كانت خصائص العروبة ومميزاتها موفورة لدى الشيخ رحمه الله ولدى أهله وذويه في النظم وفي النثر، كما توفرت العلوم والفنون في بيته وقبيلته: وقد بيّن أحد شعرائهم أصالة العروبة فيهم وارتضاعهم إياها من أمهاتهم في قوله يخاطب من ينكرها عليهم:
لنا العروبة الفصحى وإنا أحق العالمين بها اضطلاعا
عن الكتب اقتبستموها انتفاعا. بما فيها ونرضعها ارتضاعا
المولد: ولد رحمه الله في عام 1325ه.
الموطن: كان مسقط رأسه رحمه الله عند ماء يسمى (تَنْبه) من أعمال مديرية (كيفا) من القطر المسمى بشنقيط وهو دولة موريتانيا الإسلامية الآن. علماً بأن كلمة شنقيط كانت ولا تزال اسماً لقرية من أعمال مديرية أطار في أقصى موريتانيا في الشمال الغربي.
نشأته رحمه الله: وقبل الحديث عن نشأته يحسن إيجاز نبذة عن البيئة في تلك البلاد:
تعتبر الحياة الاجتماعية في تلك البلاد بحسب المواطنين قسمين عرب وعجم والعربية لغة الجميع، أما العمل فالعجم أكثر أعمالهم الزراعة والصناعة وسلالتهم من الزنوج.
وأما العرب فقسمان: طلبة وغير الطلبة، والطلبة من يغلب عليهم طلب العلم والتجارة وغيرهم من يغلب عليهم التجارة والإغارة. وهم قبائل عدة ومن القبائل من يغلب عليها الطلب ومنها من يغلب عليها الإغارة والقتال.
وقبيلة الجكنيين خاصة قد جمعت بين طلب العلم وفروسية القتال مع عفة عن أموال الناس، وفي هذا الجو كان طلب العلم على قدم وساق سواء في حلهم أو ترحالهم كما قال بعض مشايخهم العلامة المختار بن بونا:
ونحن ركب من الأشراف منتظم. أجل ذا العصر قدراً دون أدنانا
قد اتخذنا ظهور العيس مدرسة بها نبين دين الله تبيانا
أما كرم الطبع فهذا سجية في جميعهم وأمر يشب فيه الصغير ويشيب عليه الكبير، وقد ألفوا الضيف لنجعة منازلهم ومن عاداتهم إذا نزل وفد على بيت فإن أهل هذا المنزل يرسلون لأهل بيت المضيف مما عندهم قل أو كثر مشاركة في قرى الضيف وتعاوناً مع المضيف حتى لو كان معدماً غدا واجداً ويرحل الوفد وهو في غاية الرضا. وهكذا دواليك.
وفي هذا الجو وتلك البيئة نشأ رحمه الله كما سمعته يقول: "توفي والدي وأنا صغير أقرأ في جزء عمّ وترك لي ثروة من الحيوان والمال، وكانت سكناي في بيت أخوالي وأمي ابنة عم أبي وحفظت القرآن على خالي عبد الله بن محمد المختار بن إبراهيم بن أحمد نوح جد الأب المتقدم".
طلبه للعلم: حفظ القرآن في بيت أخواله على خاله عبد الله كما تقدم وعمره عشر سنوات.
قال رحمه الله: "ثم تعلمت رسم المصحف العثماني (المصحف الأم) على ابن خالي سيدي محمد بن أحمد بن محمد المختار، وقرأت عليه التجويد في مقرأ نافع برواية ورش من طريق أبي يعقوب الأزرق وقالون من رواية أبي نشيط وأخذت عنه سنداً بذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم وذلك وعمري ستة عشر سنة".
أنواع الدراسة في القرآن: تعتبر الدراسة في علوم القرآن منهجاً متكاملاً لا تقتصر على الحفظ والأداء بل تتناول معرفة رسم المصحف أي نوع كتابته ما كان موصولاً أو مفصولاً وما رسم فيه المد أو كان يمد بدون وجود حرف المد وقد يكون حرفاً صغيراً أو نحو ذلك.
ثم ضبط ما فيه من منشأيه في الرسم أو التلاوة ومن المشهور عندهم في هذا الرجز (محمد ابن بوجه) المشهور المعروف بالبحر تعرض فيه لكل كلمة جاءت في القرآن مرة واحدة أو مرتين أو ثلاث مرات إلى سبع وعشرين مرة أي من الكلمات المشتبهة وأفرد كل عدد بفصل فمثلاً: كلمة (أعينهم) بالرفع جاءت ثلاث مرات قال فيها:
أعينهم بالرفع من غير حضور من بعد كانت وتولت وتدور
ومن الثنائي: كلمة (الأشياع) بالعين قال فيه:
أشياع بالعين فهل من مدكر في سبأ من قبل بأنهم ذكر
وقد درس هذا كله في طفولته وكانت له زيادة نظم على ذلك تذييلا لزيادة الفائدة كما قال: على البيت الأخير مبيناً حركاته وإعرابه:
في سورة القمر خاطب وانصبا وجره وغيبنه في سبا
أي في سورة القمر تكون تلاوتها الخطاب والنصب {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}.
وفي سورة سبأ تكون تلاوتها بالغيبة والجر {كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ} وهذه دراسة لا تكاد توجد إلا ما شاء الله وهي من المهام العلمية لحفظها رسم القرآن من التغيير والتبديل وهي من أثار تعهد الله بحفظ هذا القرآن المنزل من عنده سبحانه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/390)
ثم قال رحمه الله: وفي أثناء هذه القراءة درست بعض المختصرات في فقه مالك كرجز الشيخ ابن عاشر وفي أثنائها أيضاً درست دراسة واسعة في الأدب على زوجة خالي أم ولد الخال أي أن ولد خاله يعلمه العلوم الخاصة بالقرآن وأمه تعلمه الأدب قال أخذت عنها مبادئ النحو كالأجرومية وتمرينات ودروس واسعة في أنساب العرب وأيامهم والسيرة النبوية ونظم الغزوات لأحمد البدوي الشنقيطي وهو يزيد على 500 بيتاً وشروحه لابن أخت المؤلف المعروف بحماد ونظم عمود النسب للمؤلف وهو يعد بالآلاف وشرحه لابن أخته المذكور على خصوص العدنانيين لأنه مات قبل شرح ما يتعلق بالقحطانيين.
هذه دراسته في علوم القرآن والأدب والسير والتاريخ كانت في بيت أخواله على أخواله وأبناء أخواله وزوجات أخواله أي كان بيت أخواله المدرسة الأولى إليه، أما بقية الفنون فقال:
1 - أولاً الفقه المالكي وهو المذهب السائد في البلاد درست مختصر خليل بدأ دراسته فيه على الشيخ محمد بن صالح إلى قسم العبادات ثم درس عليه النصف من ألفية ابن مالك، ثم أخذت بقية الفنون على مشايخ متعددة، في فنون مختلفة وكلهم من الجكنيين ومنهم مشاهير العلماء في البلاد منهم:
1 الشيخ محمد بن صالح المشهور بابن أحمد الأفرم
2 والشيخ أحمد الأفرم بن محمد المختار
3 والشيخ العلامة أحمد بن عمر
4 والفقيه الكبير محمد النعمة بن زيدان
5 والفقيه الكبير أحمد بن مُودْ
6 والعلامة المتبحر في الفنون أحمد فال بن آدُه
وغيرهم من المشايخ الجكنيين.
قال رحمه الله: "وقد أخذنا عن هؤلاء المشايخ كل الفنون: النحو والصرف والأصول والبلاغة، وبعض التفسير والحديث.
أما المنطق وآداب البحث والمناظرة فقد حصلناه بالمطالعة".
هذا ما أملاه علي رحمه الله وسجلته عنه.
علماً بأن الفن الذي درسه على المشايخ أو مطالعة من الكتب لم يقتصر في تحصيله على دراسته بل كان دائماً يديم النظر ويواصل التحصيل حتى غدا في كل منه كأنه متخصص فيه بل وله في كل منه اجتهادات ومباحث مبتكرة سنلم بها إن شاء الله عند إيراد المنهج العلمي لدراسته وآثاره العلمية.
منهجه العلمي في الدراسة:
وقبل إيراد المنهج العلمي له رحمه الله في دراسته نلم بالمنهج العام السائد في بلاده لكافة طلبة العلم وطريقة تحصيله.
تعتبر طريقة الدراسة في تلك البلاد جزءاً من حياة البوادي حلاً وارتحالاً. وإذا أقام أحد المشايخ في مكان توافد عليه الطلاب للدراسة عليه ومكث حتى يأخذوا عنه وقد يقيم بصفة دائمة لدوام الدراسة عليه ويُقال له (المرابط) نظراً لإقامته الدائمة لنشر العلم.
ولا يأخذ المرابط من طلابه شيئاً وإن كان ذا يسار ساعد المحتاجين من طلابه وقد يساعد أهل ذاك المكان الغرباء من الطلاب.
فينزلون حول بيته ويبنون لهم خياماً أو مساكن مؤقتة، ويكون لهم مجلس علم للدرس والمناقشة والاستذكار.
وقد يكون المرابط مختصاً بفن واحد وقد يدرس عدة فنون، فإذا كان مختصاً بفن واحد فإن دروسه تكون في هذا الفن موزعة في عدة أماكن منه بحسب مجموعات الطلاب فقد تكون مجموعة في البداية منه ومجموعة في النهاية وأخرى في أثنائه وهكذا .. فتتقدم كل مجموعة على حدة فتدرس على الشيخ ثم تأتي المجموعة الأخرى وهكذا.
وإذا كان يدرس عدة فنون فإنه يقسم طلاب كل فن على النحو المتقدم.
إفراد الفنون: ولا يحق لطالب أن يجمع بين فنين في وقت واحد بل يدرس فناً حتى يكمله كالنحو مثلاً ثم يبدأ في البلاغة حتى يكملها وهكذا يبدأ مثلاً في الفقه حتى يفرغ منه ثم يبدأ في الأصول حتى يكمله، سواء درسها على عدة مشايخ أو على شيخ واحد.
طريقة الدراسة اليومية: يبدأ الطالب بكتابة المتن في اللوح الخشبي فيكتب قدر ما يستطيع حفظه ثم يمحوه ثم يكتب قدراً أخر حتى يحفظ مقرأ من الفن حسب التقسيم المعهود فمثلاً النحو تعتبر الألفية أربعة مقارئ ويعتبر متن خليل في الفقه نحواً من ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/391)
فإذا حفظ الطالب مقرأ من الفن تقدم للدراسة فيشرحه له الشيخ شرحاً وافياً بقدر ما عنده من تحصيل دون أن يفتح كتاباً أو يحضر في مرجع ثم يقوم هؤلاء للاستذكار فيما بينهم ومناقشة ما قاله الشيخ وقد يأخذون بعض الشرّاح لمقابلته على ما سمعوه أو يرجعون إلى بعض الحواشي ولا يجتازون ذاك المكان من الدرس حتى يروا أنهم قد حصلوا كل ما فيه، وليس عليهم من سرعة أو إنهاء كتاب بقدر ما عليهم من فهم وتحصيل ما في الباب وقد ذكروا عن بعض الطلاب ممن عرفوا بالذكاء والقدرة على التحصيل أنه كان لا يزيد في متن خليل على سطرين فقط فقيل له: "لمَ لا تزيد وأنت قادر على التحصيل" فقال: "لأنني عجلان لأعود إلى أهلي". فقالوا له إن العجلان يزيد في حصته. فقال: "أريد أن أتقن ما أقرأ حتى لا أحتاج إلى إعادة دراسته فأتأخر".
الحياة الدراسية:
دراسة الشيخ رحمه الله: على هذا المنهج كانت دراسة الشيخ رحمه الله إلا أنه تميز ببعض الأمور قل أن كانت لغيره. نوجز منها الآتي:
1 - في مبدأ دراسته: تقدم أنه أتيح له في بادئ دراسته ما لم يتح لغيره حيث كان بيت أخواله مدرسته الأولى، فلم يرحل في بادئ أمره للطلب، وكان وحيد والديه فكان في مكان التدلل والعناية.
2 - قال رحمه الله كنت أميل إلى اللعب أكثر من الدراسة حتى حفظت الحروف الهجائية وبدأوا يقرئونني إياها بالحركات: با فتحة با بي كسرة بي بُ ضمة بو وهكذا ث د ث. فقلت لهم أو كل الحروف هكذا قالوا نعم فقلت كفى إني أستطيع قراءتها كلها على هذه الطريقة كي يتركونني. فقالوا اقرأها فقرأت بثلاثة حروف أو أربعة وتنقلت إلى آخرها بهذه الطريقة فعرفوا أني فهمت قاعدتها واكتفوا مني بذلك وتركوني، ومن ثم حُببت إلي القراءة.
3 - وقال رحمه الله: ولما حفظت القرآن وأخذت الرسم العثماني وتفوقت فيه على الأقران عُنيت بي والدتي وأخوالي أشد عناية وعزموا على توجهي للدراسة في بقية الفنون، فجهزتني والدتي بجملين أحدهما عليه مركبي وكتبي، والآخر عليه نفقتي وزادي، وصحبني خادم ومعه عدة بقرات وقد هيئت لي مركبي كأحسن ما يكون من مركب وملابس كأحسن ما تكون فرحاً بي وترغيباً لي في طلب العلم، وهكذا سلكت سبيل الطلب والتحصيل.
تقوم الحياة الدراسية على أساس منع الكلفة وتمام الألفة سواء بين الطلاب أنفسهم أو بينهم وبين شيخهم مع كمال الأدب ووقار الحشمة، وقد تتخللها الطرف الأدبية والمحاورات الشعرية ومن ذلك ما حدثنيه رحمه الله قال: قدمت على بعض المشايخ لأدرس عليه ولم يكن يعرفني من قبل فسأل عني من أكون وكان في ملإ من تلامذته فقلت مرتجلا:
هذا فتى من بني جاكان قد نزلا به الصبا عن لسان العرب قد عدلا
رمت به همة علياء نحوكم إذ شام برق علوم نوره اشتعلا
فجاء يرجو ركاماً من سحائبه تكسو لسان الفتى أزهاره حللا
إذ ضاق ذرعاً بجهل النحو ثم أبا ألا يميز شكل العين من فعلا
قد أتى اليوم صبا مولعاً كلفا بالحمد لله لا أبغي له بدلا
يريد دراسة لامية الأفعال:
وقد مضى رحمه الله في طلب العلم قُدماً وقد ألزمه بعض مشايخه بالقرآن، أي أن يقرن بين كل فنين حرصاً على سرعة تحصيله وتفرساً له في القدرة على ذلك، فانصرف بهمة عالية في درس وتحصيل.
وقد خاطبه بعض أقرانه في أمر الزواج فقال في ذلك وفي الحث على طلب العلم:
دعاني الناصحون إلى النكاح غداة تزوجَتْ بيض الملاح
فقالوا لي تزوج ذات دل خلوب اللحظ جائلة الوشاح
تبسم عن نوشرة رقاق يمج الراح بالماء القراح
كأن لحاظها رشقات نبل تذيق القلب آلام الجراح
ولا عجب إذا كانت لحاظ لبيضاء المحاجر كالرماح
فكم قتلا كميّا ذا ولاحى ضعيفات الجفون بلا سلا
فقلت لهم دعوني إن قلبي من العي الصراح اليوم صاحي
ولي شغل بأبكار عذارى كأن وجوهها ضوء الصباح
أراها في المهارق لابسات براقع من معانيها الصحاح.
أبيت مفكراً فيها فتضحى لفهم الفدم خافضة الجناح
أبحت حريمها جبراً عليها وما كان الحريم بمستباح.
نعم إنه كان يبيت في طلب العلم مفكراً وباحثاً حتى يذلل الصعاب وقد طابق القول العمل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/392)
حدثني رحمه الله قال: جئت للشيخ في قراءتي عليه فشرح لي كما كان يشرح ولكنه لم يشف ما في نفسي على ما تعودت ولم يرو لي ظمئي، وقمت من عنده وأنا أجدني في حاجة إلى إزالة بعض اللبس وإيضاح بعض المشكل وكان الوقت ظهراً فأخذت الكتب والمراجع فطالعت حتى العصر فلم أفرغ من حاجتي فعاودت حتى المغرب فلم أنته أيضاً فأوقد لي خادمي أعواداً من الحطب أقرأ على ضوئها كعادة الطلاب وواصلت المطالعة وأتناول الشاهي الأخضر كلما مللت أو كسلت والخادم بجواري يوقد الضوء حتى انبثق الفجر وأنا في مجلسي لم أقم إلا لصلاة فرض أو تناول طعام وإلى أن ارتفع النهار وقد فرغت من درسي وزال عني لبسي ووجدت هذا المحل من الدرس كغيره في الوضوح والفهم فتركت المطالعة ونمت وأوصيت خادمي أن لا يوقظني لدرسي في ذلك اليوم اكتفاء بما حصلت عليه واستراحة من عناء سهر البارحة.
فقد بات مفكراً فيها فأضحت لفهم الفدم خافضة الجناح
وإن هذا لدرس لأبنائه ومنهج لطلاب العلم في الصبر والدأب والمثابرة وقد نفعني الله بهذه الحادثة في دراستي وتدريسي وخاصة في صورة مشابهة في الفرائض لم أكن درستها على أحد وكان الاختيار في المقروء لا في المقرر.
وتلك هي آفة الدراسة النظامية اليوم وكنت كلما ضجرت في تحقيقها تذكرت قصته رحمه الله فصبرت حتى حصلتها ولله الحمد والمنة وكان من بعد الظهر إلى هزيع من الليل، ولكن كم كانت لذتي وارتياحي.
ومع هذه الشاعرية الرقراقة والمعاني العذاب الفياضة والأسلوب السهل الجزل فقد كان يتباعد رحمه الله عن قول الشعر مع وفرة حفظه إياه وله في ذلك أبيات يقول فيها:
أنقذت من داء الهوى بعلاج شيب يزين مفارقي كالتاج
قد صدني حلم الأكابر عن لمي شفة الفتاة الطفلة المغناج
ماءُ الشبيبة زارع في صدرها رمانتي روض كحق العاج
وكأنها قد أدرجت في برقع يا ويلتاه بها شعاع سراج
وكأنما شمس الأصيل مذابة تنساب فوق جبينها الوهاج.
يعلى لموقع جنبها في خدرها فوق الحشية ناعم الديباج.
لم يبك عيني بينُ حي جيرة شدوا المطي بأنسع الأحداج
نادت بأنغام اللحون حداتهم فتزيلوا والليل أليل داجي
لا تصطبيني عاتق في دلّها رقت فراقت في رقاق زجاج
مخضوبة منها بنان مديرها إذ لم تكن مقتولة بمزاج
طابت نفوس الشرب حيث أدارها رشأ رمى بلحاظ طرف ساجي
أو ذات عود أنطقت أوتارها بلحون قول للقلوب شواجي
فتخال رنات المثاني أحرفاً قد رددت في الحلق من مهتاج
وقد سألت رحمه الله عن تركه الشعر مع قدرته عليه وإجادته فيه فقال: "لم أره من صفات الأفاضل. وخشيت أن أشتهر به وتذكرت قول الشافعي فيما ينسب إليه:
ولولا الشعر بالعلماء يزري لكنت اليوم أشعر من لبيد
ولأن الشاعر يقول في كل مجال، والشعر أكذبه أعذبه، فلم أكثر منه لذلك".
ومع هذا فقد كانت له رحمه الله عدة مؤلفات نظماً في عدة فنون سيأتي بيانها إن شاء الله.
أعماله في البلاد: كانت أعماله رحمه الله كعمل أمثاله من العلماء: الدرس والفتيا ولكنه كان قد اشتهر بالقضاء وبالفراسة فيه ورغم وجود الحاكم الفرنسي إلا أن المواطنين كانوا عظيمي الثقة فيه فيأتونه للقضاء بينهم ويفدون إليه من أماكن بعيدة أو حيث يكون نازلاً.
طريقته في القضاء: كان إذا أتى إليه الطرفان استكتبهما رغبتهما في التقاضي إليه وقبولهما ما يقضي به ثم يستكتب المدعي دعواه جواب المدعي عليه أسفل كتابة الدعوى ويكتب الحكم مع الدعوى والإجابة ويقول لهما اذهبا بها إلى من شئتما من المشايخ أو الحكام، أما المشايخ فلا يأتي أحدهم قضية قضاها إلا صدقوا عليها، وأما الحكام فلا تصلهم قضية حكم فيها إلا نفذوا حكمه حالاً، وكان يقضي في كل شيء إلا في الدماء والحدود، وكان للدماء قضاء خاص.
قضاء الدماء: كان الحاكم الفرنسي في البلاد يقضي بالقصاص في القتل بعد محاكمة ومرافعة واسعة النطاق وبعد تمحيص القضية وإنهاء المرافعة وصدور الحكم يعرض على عالمين جليلين من علماء البلاد ليصادقوا عليه ويسمي العلمين لجنة الدماء ولا ينفذ حكم الإعدام في القصاص إلا بعد مصادقتهما عليه. وقد كان رحمه الله أحد أعضاء هذه اللجنة ولم يخرج من بلاده حتى علا قدره وعظم تقديره وكان علماً من أعلامها وموضع ثقة أهلها وحكامها ومحكومها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/393)
خروجه من بلاده رحمه الله: كان خروجه من بلاده لأداء فريضة الحج وعلى نية العودة وكان سفره براً كتب فيه رحلة ضمنها مباحث جليلة كان آخرها مبحث القضايا الموجهة في المنطق مع علماء أم درمان بالمعهد العلمي بالسودان.
وبعد وصوله إلى هذه البلاد تجددت نية بقائه، ولعل من الخير وبيان الواقع ذكر سبب بقائه: لقد كان في بلاده كغيره يسمع الدعاية ضد هذه البلاد باسم الوهابية إلا أن بعض الصدف قد تغير من وجهات النظر (وإذا أراد الله أمرا هيأ له الأسباب) ومن عجيب الصدف أن ينزل رحمه الله في بعض منازل الحج بجوار خيمة الأمير خالد السديري دون أن يعرف أحدهما الآخر وكان الأمير خالد يبحث مع جلسائه بيتاً في الأدب وهو ذواقة أديب، وامتد الحديث إلى أن سألوا الشيخ لعله يشاركهم فوجدوا بحراً لا ساحل له ومن تلك الجلسة وذاك المنزل تعدلت الفكرة بل كانت تلك الخيمة بداية منطلق لفكرة جديدة وأوصاه الأمير إن هو قدم المدينة أن يلتقي بالشيخين الشيخ عبد الله الزاحم رحمه الله والشيخ عبد العزيز بن صالح حفظه الله.
وفي المدينة التقى بهما رحمه الله، وكان صريحاً معهما فيما يسمع عن البلاد وكانا حكيمين فيما يعرضان عليه ما عليه أهل هذه البلاد من مذهب في الفقه ومنهج في العقيدة. وكان أكثرهما مباحثة معه فضيلة الشيخ عبد العزيز بن صالح، وأخيراً قدّم للشيخ كتاب المغني كأصل للمذهب وبعض كتب شيخ الإسلام كمنهج للعقيدة فقرأها الشيخ وتعددت اللقاءات وطالت الجلسات فوجد الشيخ مذهباً معلوماً لإمام جليل من أئمة أهل السنة وسلف الأمة أحمد بن حنبل رحمه الله، كما وجد منهجاً سليماً لعقيدة السلف تعتمد الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة فذهب زيف الدعايات الباطلة وظهر معدن الحقيقة الصحيحة وتوطدت العلاقة بين الطرفين، وتجددت رغبة متبادلة في بقائه لإفادة المسلمين، ورغب رحمه الله في هذا الجوار الكريم وكان يقول: "ليس من عمل أعظم من تفسير كتاب الله في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتم ذلك بأمر من جلالة الملك عبد العزيز رحمه الله وكان الشيخان أقرب الناس إليه ودرس الشيخ عبد العزيز بن صالح الصرف والبيان عليه. رحم الله الموتى وحفظ الله الأحياء.
وهنا كلمة يجب أن تقال للحقيقة ولطلبة العلم خاصة، نضعها في ميزان العدالة وقانون الإنصاف: لقد كان لجلوس الشيخ رحمه الله فائدة مزدوجة استفاد وأفاد.
أما استفادته فأمر حتمي ومنطقه علمي للآتي:
وهو أن منهج الدراسة في بلاده كان منصباً أكثر ما يكون على الفقه وفي مذهب مالك فقط، وعلى العربية متناً وأسلوباً، والأصول والسيرة والتفسير وتقدم أنه رحمه الله درس المنطق بالمطالعة ولم تكن دراسة الحديث تحظى بما يحظى به غيرها للاقتصار على مذهب مالك. وكان الشيخ رحمه الله إماماً في كل ما تقدم مما هو شائع في البلاد.
ولما عزم على البقاء وبدأ التدريس في المسجد النبوي وخالط العامة والخاصة وجد من يمثل المذاهب الأربعة ومن يناقش فيها ووجد في المسجد النبوي دراسة لا تقتصر على مذهب مالك، بل ولا على غيره فكان لا بد من دراسة بقية المذاهب بجانب مذهب مالك وبما أن الخلاف المذهبي لا ينهيه إلا الحديث أو القرآن فكان لزاماً من التوسع في دراسة الحديث وقد ساعد الشيخ على هذا التوسع والاستيعاب وقوة الاستدلال ودقة الترجيح ما هو متمكن فيه من فن الأصول والعربية مع توسعه في دراسة الحديث وبالأخص المجاميع كنيل الأوطار وفتح الباري وغيرها.
وقد ظهر ذلك في منهجه في أضواء البيان حينما يعرض لمبحث فقهي مختلف فيه فيستوفي أقوال العلماء ويرجح ما يظهر له بمقتضى الدليل عقلاً كان أو نقلاً.
وهذا المنهج هو سبيل أهل التحصيل الدأب على الدراسة ومواصلة المطالعة والتنقيح.
أما في العقيدة فقد بلورها منطقاً ودليلاً، ثم لخصها في محاضرة آيات الأسماء والصفات في أول محاضرات الجامعة ثم بسطها ووضحها إيضاحاً شافياً في أخريات حياته في كتابي آداب البحث والمناظرة دليلاً واستدلالاً وعرضاً وإقناعاً. ومن آثار بيانه لها وأسلوبه فيها ما قاله فضيلة الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله لما سمع بيان الشيخ لعقيدة السلف في مسجد الشيخ محمد رحمه الله قال: "جزى الله عنا الشيخ محمد الأمين خيراً على بيانه هذا فالجاهل عرف العقيدة والعالم عرف الطريقة والأسلوب".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/394)
وهذه الحقيقة تضع بين يدي طالب العلم منهج الاستزادة في التحصيل وطموحه فيه كما قال صلى الله عليه وسلم: "منهومان لا يشبعان أبداً طالب العلم وطالب المال". هذا جانب استفادته أما جانب إفادته فهو ما سنتحدث عنه إن شاء الله.
أولاً في المسجد النبوي: يعتبر التدريس في المسجد النبوي من أهم التدريس في كبريات جامعات العالم في نشر العلم، وهو الجامعة الأولى للتشريع الإسلامي منذ عهد النبوة وحين كان جبريل عليه السلام يأتي لتعليم الإسلام في مجالس الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنذ كانت مجالس الخلفاء الراشدين وعلماء الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، إذ كانت المدينة العاصمة العلمية، وظلت محافظة على مركزها العلمي ولم تخل في زمن من الأزمان من عالم يقوم بحق الله فيها.
وقبل مجيء الشيخ رحمه الله كان قبله الشيخ الطيب رحمه الله نفع الله به كثيراً وتوفي سنة 1363ه فكان جلوس الشيخ رحمه الله للتدريس في المسجد النبوي امتداداً لما كان قبله مع من كان من العلماء بالمسجد النبوي آنذاك من تلاميذ الشيخ الطيب وغيرهم، وكان درس الشيخ في التفسير ختم القرآن مرتين.
منهجه في درسه: من المعلوم أن التفسير لا ينحصر في موضوع فهو شامل عام بشمول القرآن وعمومه، فكان المنهج أولاً بيان المفردات ثم الإعراب والتصريف ثم البلاغة مع إيراد الشواهد على ما يورد.
ثم يأتي إلى الأحكام إن كان موضوع الآية فقهاً فيستقصي باستنتاج الحكم وبيان الأقوال والترجيح لما يظهر له، ويدعم ذلك بالأصول وبيان القرآن وعلوم القرآن من عام وخاص ومطلق ومقيد وناسخ ومنسوخ وأسباب نزول وغير ذلك.
وإذا كانت الآية في قصص أظهر العبر من القصة وبين تاريخها وقد يربط الحاضر بالماضي كربط تكشف النساء اليوم بفتنة إبليس لحواء في الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما، وفتنته للجاهلية حين طافوا بالبيت عرايا رجالاً ونساء وهاهو يستدرجهن في التكشف شيئاً فشيئاً، بدأ بكشف الوجه ثم الرأس ثم الذراعين… الخ. فكان أسلوباً علمياً وتربوياً في آن واحد، كما كان أحكاماً وحكماً.
وكان درسه أشبه بحديثة غناء احتوت أشهى الثمار وأجمل الأزهار في تنسيق الغرس وجمال الجداول تشرح الصدر وتشفي القلب وتروق للعين، فيستفيد منه جميع الناس ويأخذ كل واحد ما طاب له وما وسعه.
وقد يستطرد للقاعدة بمبحث كامل كما استطرد في الرد على ابن حزم في رده القياس بإتيانه بأنواعه عند قوله: {مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} وقد طبع في نهاية مذكرة الأصول تعميماً للفائدة وبهذا الشمول والاستقصاء لم يكن يترك مجالاً لسؤال ولم يبق لذي حاجة تساؤل.
وأذكر كلمة لقاضي قرية (قرو) في موريتاني بعد أن سئل رحمه الله عن مهام من المسائل العلمية وأجاب إجابة مستفيضة مفصلة كافية قال قاضي قرو لم يبق لأحد هنا كلام فقد ظهر الحق. ولا سؤال فقد زال اللبس وإن الحضور بين أحد رجلين عالم فقد عرف الحق فلم يبق له سؤال وجاهل فلا يحق له أن يسأل.
فكان نفعه رحمه الله في المسجد النبوي للمقيم والقادم للقاصي والداني نفعاً عظيماً.
ثانياً: في سنة 1371ه افتتحت الإدارة العامة بالرياض على معهد علمي تلاه عدة معاهد وكليتا الشريعة واللغة.
واختير للتدريس في المعهد والكليتين نخبة من العلماء من داخل وخارج المملكة. وكان رحمه الله ممن اختير لذلك فتولى تدريس التفسير والأصول إلى سنة 1381ه حين افتتحت الجامعة الإسلامية بالمدينة.
آثاره في الرياض: كانت مدة اختياره للتدريس بالرياض عشر سنوات دراسية يعود لقضاء العطلة بالمدينة وما كان عمله في التدريس بالمعهد والكلية كغيره من المدرسين. ولكن لبيان أثره حقيقة نورد نبذه عن الحالة العلمية آنذاك بالرياض.
كانت الرياض عاصمة نجد علمياً وسياسياً وكان يفد إليها طلاب العلم من أنحاء نجد لأخذ العلم عن آل الشيخ. وكان مركز الدراسة والتدريس في المساجد إلا خواص الطلاب لدى سماحة المفتي فيدرسون عليه بعض الدروس في بيته ضحى، وكانت الدراسة عمادها التوحيد والفقه والتفسير وكذلك الحديث والسيرة والنحو وكانت دراسة مباركة تخرج عليها جميع علماء نجد حتى جاءت تلك الحركة العلمية الجديدة أو تنظيم الدراسة الجديد في عام 1371ه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/395)
نشأة هذه الحركة: كانت نشأتها كما سمعت منه رحمه الله استجابة لرغبة المرحوم جلالة الملك عبد العزيز رحمه الله. قال لجماعة العلماء وهم في مجلسه الخاص: لقد كانت الرياض ملية بالعلماء عامرة بالدروس. وانتقل الكثير منهم إلى رحمة الله ولم يخلفهم من يماثلهم وأردت تعاونكم مع سماحة المفتي في تربية جيل من طلبة العلم على العلوم الصحيحة والعقيدة السليمة فنحن وأنتم مشتركون في المسئولية فكانت هذه النهضة ترعاها عناية ملكية وتقوم عليها كفاءة علمية تولي إدارة المعهد الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم ورئاسته لسماحة المفتي وافتتحت الدراسة على طلاب حلق المساجد الأكفاء وفيهم خواص طلاب فضيلة الشيخ محمد رحمه الله وأبناؤه. صنفت الدراسة على ثلاث سنوات ثانوية ومنها إلى الكلية يغذي هذا القسم تمهيدي يأخذ من رابعة ابتدائي ويدرس خامسة وسادسة ومن ثم للمعهد الثانوي فالكليتين.
المنهج العلمي: وضع المنهج العلمي لتلك الدراسة على أساس في العلوم الدينية والعربية وتكميل من المواد الاجتماعية وعلوم الآلة من مصطلح وأصول حتى الحساب والتقويم والخط والإملاء والتجويد. فكان قوياً في موضوعه شاملاً في منهجه. وكان الطلاب من الصفوة الذين درسوا في المساجد المتعطشين للعلوم متطلعين للتوسع وكان القائمون على التدريس نخبة ممتازة من الأجلة الفضلاء من وطنيين وأزهريين. فكان الجو حقاً جداً علمياً التقت فيه همة عالية من طلاب جيدين مع عزيمة ماضية من مشايخ مجتهدين. كان يسودهم الشعور بأن هذه طليعة نهضة علمية واسعة، كان رحمه الله كوالد للجميع وكان درسه التفسير والأصول. فكان في التفسير المجال الواسع لجميع المواد والعلوم. وكان مع التزامه بالمنهج والحصص إذا تناول بحثاً في أي مادة يخاله السامع مختصاً فيها فعرف له الجميع قدره وتطلع الجميع إلى ما عنده حتى المدرسون: وقد رغب المدرسون آنذاك في قراءة بعض كتب شيخ الإسلام ابن تيمية واستيعاب دقائقه فلم يكن أولى بذلك من فضيلته رحمه الله. خصص لذلك مجلس خاص في صحن المعهد بدخنه بين المغرب والعشاء.
في مسجد الشيخ: وفي مسجد الشيخ محمد رحمه الله بدأ درس الأصول لكبار الطلبة في قواعد الأصول حضره العامة والخاصة وكان يتوافد إليه من أطراف الرياض، وكان الشيخ عبد الرحمن الإفريقي رحمه الله يدرس الحديث وكان درس الأصول بمثابة فتح جديد في هذا الفن.
في بيته رحمه الله: ولما كان الدرس في الأصول في المسجد عاماً وفي الطلبة من خواصهم رغبوا في درس خاص في بيته رحمه الله فكان لهم درس خاص بعد العصر. وكان بيته رحمه الله كمدرسة سواء لأبنائه الذين رافقوه للدراسة عليه وقد أملى شرحاً على مراقي السعود في بيته على أخينا أحمد الأحمد الشنقيطي.
لقد كان لتدريسه هذا سواء رسمياً في المعهد والكليتين أو في المسجد أو في المنزل كان له أثر طيب ونتائج حسنة لا يسع متحدث التحدث عنها بقدر ما تحدثت هي عن نفسها في أعمال كافة المتخرجين من تلك المعاهد والكليتين المنتشرين في أنحاء المملكة المبرزين في أعمالهم وفي أعلى مناصب في كافة الوزارات.
ولا يُغالي من يقول إن كل من تخرج أو يتخرج فهو إما تلميذ له أو لتلاميذه فهم بمثابة أبنائه وأحفاده كفى.
تقدير المسؤولين له: لقد كان بعلمه ونصحه وجهده وعفته موضع تقدير من جميع المسئولين وبالأخص أصحاب الفضيلة آل الشيخ وصاحب الجلالة الملك عبد العزيز وصاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن بعد الرحمن وكان من أشد الناس تقديراً له. وقد منحه جلالة الملك رحمه الله أمراً بالجنسية لجميع من ينتمي إليه وفي كفالته ثقة به وإكراماً له.
ولما زار الملك محمد الخامس ملك المغرب الرياض استأذن في صحبة الشيخ إلى المدينة فرافقه تقديراً وإكراماً وألقى محاضرته بالمسجد النبوي بحضور الملك محمد الخامس بعنوان: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً} وقد طبعت مرتين.
وهكذا قدم الرياض رحمه الله في ترحيب وإكرام وانتقل منها في إعزاز وإكبار بعد أن ترك فيها أطيب الآثار. وساهم في أكبر نهضة علمية في البلاد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/396)
دوره رحمه الله في الجامعة الإسلامية: إن من يعرف نشأة الجامعة الإسلامية وقد عرف الحركة العلمية الحديثة بالرياض ليقول أن افتتاح الجامعة الإسلامية امتداداً للحركة العلمية الحديثة بالرياض.
والمتتبع للحركات العلمية في العالم الإسلامي ليقول إن افتتاح الجامعة الإسلامية في ذلك التاريخ عناية من الله وتداركاً للتعليم الإسلامي حينما أصيبت بعض دور العلم الكبرى بهزات في برامجها.
فكان إيجادها امتداداً للحركة العلمية الحديثة بالرياض ومجيئها آنذاك تداركاً لبعض ما فات ولعلها جزء من تحقيق الحديث: "إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها". ومعلوم أن الإيمان عقيدة وعمل والعلم قبله.
ومن هنا نجدد أو نتذكر أهمية الجامعة الإسلامية ومدى وجودها بالمدينة المنورة وبالتالي مجيء أبناء العالم الإسلامية إليها للدراسة وللتربية في هذا الجو الروحي لتبرز لنا قيمة العمل في الجامعة وأن رسالتها تربوية بجانب أنها علمية وأنها منعت الانتساب دون الحضور لهذا الغرض نفسه.
وقد كان لوالدنا رحمه الله في هذه المجالات اليد الطولى والمجهود الأكبر فلم يدخر وسعاً في تعليم ولم يتوانى في توجيه سواء في دروسه أو أحاديثه أو محاضراته وسواء مع الطلاب أو المدرسين فكان كالأب الرحيم والداعية الناصح الأمين. تحمل عنه تلاميذه إلى أنحاء العالم الإسلامي حينما وصلت منح الدراسة بالجامعة الإسلامية لبلدان العالم الإسلامي فهل يمكن أن نقول ولو ادعاء أو تجوزاً إنه كان بحق في منزلة شيخ الإسلام في هذا الوقت. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
وقد كان بجانب التعليم عضو مجلس الجامعة ساهم في سيرها ومناهجها كما ساهم في إنتاجها وتعليمها.
وفي سنة 86ه افتتح معهد القضاء العالي بالرياض برآسة فضيلة الشيخ عبد الرزاق عفيفي وكانت الدراسة فيه ابتداء على نظام استقدام الأساتذة الزائرين فكان رحمه الله ممن يذهب لإلقاء المحاضرات المطلوبة في التفسير والأصول.
امتداد نشاطه خارج المملكة: إذا كانت الجامعة الإسلامية قد فتحت للبلاد نوافذ تطل منها على العالم الإسلامي كله وجعلت لها أبناء في شتى أقطارها فإن من حق أولئك الأبناء ما يجب من رعايتهم وحق تلك الأقطار ما يلزم من تقوية أواصر الروابط. فكانت فكرة إرسال بعثات إلى الأقطار الإسلامية وخاصة إفريقيا فكان رحمه الله على رأس بعثة الجامعة إلى عشر دول إفريقية بدأت بالسودان وانتهت بموريتانيا موطن الشيخ رحمه الله. كان لهذه البعثة في تلك البلاد أعظم الأثر وأذكر في مجلس من أفاضل البلاد بموريتانيا وفي حفل تكريم للبعثة وكل إلى فضيلته رحمه الله كلمة الجواب فكان منها إن الذكريات لتتحدث وإنها لساعة عجيبة أدارت عجلة الزمان حيث نشأ الشيخ في بلادكم ثم هاجر إلى الحجاز ثم ها هو يعود إليكم على رأس وفد ورئاسة بعثة فقد نبتت غرسة علمه هنا عندكم فذهب إلى الحجاز فنمت وترعرعت فامتدت أغصانها حتى شملت بوارف ظلها بلاد الإسلام شرقاً وغرباً وها نحن في موطنه نجني ثمار غرسها ونستظل بوارف ظلها. فكانت تلك الرحلة حقاً حلقة اتصال وتجديد عهد وإحياء معالم للإسلام.
وكان له رحمه الله العديد من المحاضرات والمحادثات سجلت كلها في أشرطة لا تزال محفوظة آمل أن أوفق لنقلها وطبعها إتماماً للفائدة إن شاء الله. ونضم إليها منهجه وسلوكه مع الحكام وصغار الطلاب والعوام مما يرسم الطريق الصحيح للدعوة إلى الله على بصيرة وبالحكمة والموعظة الحسنة.
في هيئة كبار العلماء: وكما شكلت هيئت كبار العلماء بعد سماحة المفتي رحمه الله وهي أكبر هيئة علمية في البلاد كان رحمه الله أحد أعضائها. وقد ترأس إحدى دوراتها فكانت له السياسة الرشيدة والنتائج الحميدة. سمعت فضيلة الشيخ عبد العزيز بن صالح حفظه الله وهو عضو فيها يقول: ما رأيت قبله أحسن إدارة منه مع بُعد نظر في الأمور وحسن تدبر للعواقب.
في الرابطة: وفي رابطة العالم الإسلامي كان عضو المجلس التأسيسي لم تقل خدماته فيه عن خدماته في غيرها. أذكر له موقفاً حدثني به جنب الرابطة مأزقاً كاد أن يدخل عليها شقاقاً أو انثلاما.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/397)
حينما قدم مندوب إيران وقدم طلباً باعتراف الرابطة بالمذهب الجعفري ومعه وثيقة من بعض الجهات العلمية الإسلامية ذات الوزن الكبير تؤيده على دعواه وتجيبه إلى طلبه. فإن قبلوا طلبه دخلوا مأزقاً وإن رفضوه واجهوا حرجاً. فاقترحوا أن يولى الأمر فضيلته رحمه الله في جلسة خاصة. فأجاب في المجلس قائلاً: لقد اجتمعنا للعمل على جمع شمل المسلمين والتأليف بينهم وترابطهم أمام خطر عدوهم ونحن الآن مجتمعون مع الشيعة في أصول هي:
الإسلام دين الجميع والرسول صلى الله عليه وسلم رسول الجميع. والقرآن كتاب الله والكعبة قبلة الجميع والصلوات الخمس وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام ومجتمعون على تحريم المحرمات من قتل وشرب وزنا وسرقة ونحو ذلك. وهذا القدر كاف للاجتماع والترابط. وهناك أمور نعلم جميعاً أننا نختلف فيها وليس هذا مثار بحثها فإن رغب العضو الإيراني بحثها واتباع الحق فيها فليختر من علمائهم جماعة ونختار لهم جماعة ويبحثون ما اختلفنا فيه ويعلن الحق ويُلتزم به. أو يسحب طلبه الآن. فأقر الجميع قوله وسحب العضو طلبه.
وهكذا كان رحمه الله حكيماً في تعليمه حكيماً في دعوته حكيماً في بحثه وإقناعه. وقد ظهر ذلك كل الوضوح في مؤلفاته.
مؤلفاته رحمه الله: لا شك أن كل مؤلف يحكي شخصية مؤلفه في علمه وفي عقله بل وفي اتجاهه كما قالوا: من ألف فقد استهدف أي لأنه يعرض ما عنده على أنظار الناس. وللشيخ تآليف عديدة منها في بلاده ومنها هنا. فما كان في بلاده هو:
1 في أنساب العرب نظما ألفه قبل البلوغ يقول في أوله:
سميته بخالص الجمان في ذكر أنساب بني عدنان
وبعد البلوغ دفنه قال لأنه كان على نية التفوق على الأقران وقد لامه مشايخه على دفنه وقالوا كان من الممكن تحويل النية وتحسينها.
2 رجز في فروع مذهب مالك يختص بالعقود من البيوع والرهون وهو آلاف متعددة قال في أوله:
الحمد الله الذي قد ندبا لأن نميز البيع عن لبس الربا
ومن بالمؤلفين كتباً تترك أطواد الجهالة هبا
تكشف عن عين الفؤاد الحجبا إذا حجاب دون علم ضربا
3 ألفية في المنطق - أولها:
حمداً لمن أظهر للعقول حقائق المنقول والمعقول
وكشف الرين عن الأذهان بواضح الدليل والبرهان
وفتح الأبواب للألباب حتى استبانت ما وراء الباب
4 نظم في الفرائض أولها:
تركة الميت بعد الخامس من خمسة محصورة عن سادس
وحصرها في الخمسة استقراء وانبذ لحصر العقل بالعراء
أولها الحقوق بالأعيان تعلقت كالرهن أو كالجاني
وكزكاة التمر والحبوب. إن مات بعد زمن الوجوب
وكل هذه المؤلفات مخطوطة.
أما مؤلفاته هنا فهي:
1 - منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز. وموضوعها إبطال إجراء المجاز في آيات الأسماء والصفات وإيفائها على الحقيقة. وقد زاد هذا المعنى فيما بعد في آداب البحث والمناظرة.
2 - دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب أبان فيه مواضع ما يشبه التعارض في القرآن كله كما في قوله تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ} مع قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ} وأن السؤال متنوع والمواقف متعددة. وقد طبع وما قبله ونفدا.
3 - مذكرة الأصول: على روضة الناظر جمع في شرحها أصول الحنابلة والمالكية وبالتالي الشافعية. مقررة على كليتي الشريعة والدعوة.
4 - آداب البحث والمناظرة: أوضح فيه آداب البحث من إيراد المسائل وبيان الدليل ونحو ذلك. وهو أيضاً مقرر في الجامعة ومن جزأين.
5 - أضواء البيان: لتفسير القرآن بالقرآن وهو مدرسة كاملة يتحدث عن نفسه. طبع منه ستة أجزاء كبار والسابع تحت الطبع وصل فيه رحمه الله إلى نهاية قد سمع. ولعل الله ييسر ويوفق من يعمل على إكماله ولو بقدر المستطاع. ومن عجيب الصدف أن يكون موقفه رحمه الله في التفسير على قوله تعالى: {أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
وهنا العديد من المحاضرات ذات المواضيع المستقلة طبعت كلها ونفذت وهي:
1 - آيات الصفات: أوضح فيها تحقيق إثبات صفات الله.
2 - حكمة التشريع: عالج فيها العديد من حكمة التشريع في كثير من أحكامه.
3 - المثل العليا: بين فيها المثالية في العقيدة والتشريع والأخلاق.
4 - المصالح المرسلة: بين فيها ضابط استعمالها بين الإفراط والتفريط.
5 - حول شبهة الرقيق: رفع اللبس عن ادعاء استرقاق الإسلام للأحرار.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/398)
6 - على {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} ألقاها بحضرة الملك محمد الخامس عند زيارته للمدينة. وكلها عامة نافعة جديدة.
وبالتالي فقد كان لمنهجه العلمي في أبحاثه وتدريسه وفي مؤلفاته. إحياء لعلوم درست وتصحيحاً لمفاهيم اختلفت.
فمما أحيا من العلوم علم الأصول الذي هو أصل الاستدلال والاستنباط والاجتهاد والترجيح وعمدة المجتهد وعماده وبجهله لا يحق الاجتهاد ويجب التقليد المحض كما يقولون جهلة الأصول عوام العلماء. ففتح أبوابه وسهّل صعابه وأوضح قواعده، وقرب تناوله تسهيلاً لأخذ الأحكام من مصادرها ورد الفروع إلى أصولها.
كما أحيا آداب البحث والمناظرة فوضع منهجه وألف مقرره فكان خدمة للعقيدة في أسلوب بيانها وكيفية إثباتها والدفاع عنها وطرق الإقناع بما فيه الخلاف.
كما فتّح أبواباً جديدة وأحدث فنوناً طريفة في علوم القرآن من منع المجاز عن المنزل للتعبد والإعجاز إثباتاً لمعاني آيات الصفات على حقيقتها وسد باب تعطليها عن دلالتها إجراء للنص على حقيقته وإبقاء عليه في دلالته.
ومن دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب وبيان تصديق آي الكتاب بعضه بعضاً بدون تعارض ولا إشكال.
ومن تسليط أضواء البيان على تفسير القرآن بالقرآن رسم فيه المنهج السليم لتفسير القرآن الكريم. تفسير كلام الله بعضه ببعض وأبان أحكامه وحكمه وفتح كنوزه وأطلع نفائسه ونشر درره على طلبة العلم.
وكل ذلك فتح جديد في علوم القرآن لم تكن موجودة على هذا النسق من قبل ولم تكن تدرس بهذا المثل.
كما أنه في غضونها صحح مفاهيم مختلفة منها أن المنطق لم يكن يُعرف عنه إلا أنه تقديم العقل على النقل ومصادمة النص بالرأي وكان فعلاً وسيلة التشكيك في العقيدة باستخدام قضايا عقيمة. فهذب الشيخ رحمه الله من أبحاثه وأحسن باستخدامه فنظم قضاياه المنتجة ورتب أشكاله السليمة واستخدم قياسه في الإلزام. سواء في العقيدة أو أصول الأحكام وبعد أن كان يستخدم ضدها أصبح يعمل في خدمتها. كما وضح ذلك في آداب البحث والمناظرة.
مواقفه مع الحق: كان رحمه الله قوياً صلباً ليناً سهلاً.
كان قوياً صلباً في بيانه، ليناً سهلاً في الرجوع إلى ما ظهر إليه منه.
في بعض الأعوام التي حججتها معه رحمه الله قدمنا مكة يوم سبع من الشهر وكان مفرداً الحج وفي يوم العيد صحبته للسلام على سماحة المفتي رحمه الله بمنى فسأله رحمه الله عن نسكه فقال جئت مفرداً الحج وقصداً فعلت فأدرك المفتي رحمه الله أن وراء ذلك شيئاً ولكن تلطف مع الشيخ وقال أهو أفضل عندك حفظك الله فأجاب أيضاً حفظكم الله لا للأفضلية فعلت ولكن سمعت وتأكد عندي أن أشخاصاً ينتمون لطلب العلم يقولون لا يصح الإفراد بالحج ويلزمون المفردين بالتحلل بعمرة. وهذا العمل لا يتناسب مع العديد من وفود بيت الله الحرام كل بما اختار من نسك وكل يعمل بمذهب صحيح وجرت محادثة من أنفس ما سمعت في تقرير هذا البحث من مناقشة الأدلة وبيان الراجح وأخيراً قال رحمه الله أنه لا يعنيني بيان الأفضل فهذا أمر مختلف فيه وكل يختار ما يترجح عنده ولكن يعنيني إبطال القول بالمنع من صحة إفراد الحج لأنه قول لم يسبق إليه والأمة مجمعة على صحته. فما كان من سماحة المفتي رحمه الله إلا أن استحسن قوله ودعا له.
ولكأني بهذا العمل من الشيخ رحمه الله الذي أراد به البيان عملياً صورة مما وقع من علي رضي الله عنه حينما بلغه عن عثمان رضي الله عنه أنه ينهى عن التمتع فدخل عليه وقال كيف تنهى عن شيء فعلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج من عنده وهو يقول: لبيك اللهم حجاً وعمرة.
أما لينه مع الحق ورجوعه إلى ما ظهر له منه ففي آخر دروسه في الحرم النبوي في رمضان الماضي في سورة براءة أعلن عن رجوعه عن القول في الأشهر الحُرم بأنها منسوخة وقال الذي يظهر أنها محكمة وليست منسوخة وكنا نقول بنسخها في دفع إيهام الاضطراب ولكن ظهر لنا بالتأمل أنها محكمة. وهو الحق الذي ينبغي اعتماده والتعويل عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/399)
ومما وقع لي معه رحمه وأكبرته فيه تواضعه وإنصافه سمعت منه في مبحث زكاة الحلي في أضواء البيان عند سرد الأدلة ومناقشتها أن من أدلة الموجبين حديث المرأة اليمنية ومعها ابنتها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب فسألها صلى الله عليه وسلم: "أتؤدين زكاة هذا" فقالت: لا. فقال: "هما حسبك من النار". فخلعتهما وألقت بهما.
وأجاب المانعون بأن ذلك كان قبل إباحة الذهب للنساء فتساءلت مستوضحاً منه رحمه الله: وماذا يسمى هذا منه صلى الله عليه وسلم سكوته عن لبسه وهو محرم وسؤاله عن زكاته فقال عجباً إن هذا يتضمن وجود اللبس عند السؤال ويدل على إباحته آنذاك لأنه صلى الله عليه وسلم لا يقر أحداً على محرم ولا يتأتى أن يسكت على لبسها إياه وهو ممنوع ويهتم لزكاته ولو أعيد طبع الكتاب لنبهت عليه رغم أن جميع المراجع لم تلتفت إليه فهو بهذا يلقن طلبة العلم درساً في موقفه من الحق ولكأني بكلام عمر رضي الله عنه في كتابه لأبي موسى رحمه الله ولا يمنعنك قضاء قضيته بالأمس ثم راجعت فيه نفسك وظهر لك الحق أن تأخذ به فالحق أحق أن يتبع. وقد رأينا من قبل للشافعي القديم والجديد. وهذا ما يقتضيه إنصاف العلماء وأمانة العلم.
هذا ما وسعني ذكره عن حياته العلمية في نشأته وتعلمه وتعليمه وعن تراثه العلمي في مؤلفاته وآثاره التربوية في أبنائه وأبناء العالم الإسلامي كله رحمه الله رحمة واسعة.
ولعل من أبنائه الحضور أو غيرهم من لديه المزيد على ذلك.
أما الناحية الشخصية: في تقويمه الشخصي لسلوكه، وأخلاقه، وآدابه، وكرمه، وعفته، وزهده وترفع نفسه وما إلى ذلك. فهذا ما يستحق أن يفرد بحديث، وإني لا أستطيع الآن تصويره ولا يسعني في هذا الوقت تفصيله. وما كان رحمه الله يحب أن يذكر عنه شيء في ذلك. ولكن على سبيل الإجمال لو أن للفضائل والمكرمات والشيم وصفات الكمال في الرجال عنوان يجمعها لكان هو أحق به.
وإذا كان علماء الأخلاق يعنونون لأصول الأخلاق والفضائل بالمروءة فإن المروءة كانت شعاره ودثاره. وكانت هي التي تحكمه في جميع تصرفاته سواء في نفسه أو مع إخوانه وطلابه أو مع غيرهم من عرفهم أو لم يعرفهم. وقد قال فيه بعض الناس في حياته إنه لا عيب فيه سوى عيب واحد هو أننا نفقده بعد موته.
وإن تفصيل ذلك لمتروك لمن خالطه عن قرب. ولقد استعصى علي المقال في ذلك ولكأني بقول القائل:
أهابك إجلالاً وما بك سلطة علي ولكن ملء عين حبيبها
ولكن قد تكفي الإشارة إذا لم تسعف العبارة. وأقرب شيء زهده في الدنيا وعفته عما في أيدي الناس وكرمه بما في يده: لأن هذا لا يعلم إلا لمن خالطه وليس كل من خالطه يعرف ذلك منه بل من داخله ولازمه.
والواقع أن الدنيا لم تكن تساوي عنده شيئاً فلم يكن يهتم لها. ومنذ وجوده في المملكة وصلته بالحكومة حتى فارق الدنيا لم يطلب عطاء ولا مرتباً ولا ترفيعاً لمرتبه ولا حصولاً على مكافأة أو علاوة. ولكن ما جاءه من غير سؤال أخذه وما حصل عليه لم يكن ليستبقيه بل يوزعه في حينه على المعوزين من أرامل ومنقطعين وكنت أتولى توزيعه وإرساله من الرياض إلى كل من مكة والمدينة. ومات ولم يخلف درهماً ولا ديناراً وكان مستغنياً بعفته وقناعته. بل إن حقه الخاص ليتركه تعففاً عنه كما فعل في مؤلفاته وهي فريدة فينوعها. لم يقبل التكسب بها وتركها لطلبة العلم.
وسمعته يقول: لقد جئت معي من البلاد بكنز عظيم يكفيني مدى الحياة وأخشى عليه الضياع. فقلت له وما هو قال القناعة. وكان شعاره في ذلك قول الشاعر:
الجوع يطرد بالرغيف اليابس فعلام تكثر حسرتي ووساوسي
وكان اهتمامه بالعلم وبالعلم وحده وكل العلوم عنده آلة ووسيلة وعلم الكتاب وحده غاية وكان كثيراً ما يتمثل بأبيات الأديب محمد بن حنبل الحسن الشنقيطي رحمه الله في قوله:
لا تسوء بالعلم ظناً يا فتى إن سوء الظن بالعلم عطب
لا يزهدك أحد في العلم أن غمر الجهال أرباب الأدب
إن تر العالم نضوا مرملا صفر كف لم يساعده سبب
وترى الجاهل فد حاز الغنى محرز المأمول من كل أرب
قد تجوع الأسد في أجامها والذئاب الغبش تعتام القتب
جرع النفس على تحصيله مضض المرين ذل وسغب
لا يهاب الشوك قطاف الجنى وإبار النحل مشتار الضرب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/400)
حقاً إنه لم يسئ بالعلم ظناً ولم يهب في تحصيله شوك النخل ولا إبار النحل. فنال منه ما أراد واقتحم الحمى على عذارى المعاني وأباح حريمها جبراً عليها وما كان الحريم بمستباح.
أما مكارم أخلاقه ومراعاة شعور جلسائه فهذا فوق حد الاستطاعة فمذ صحبته لم أسمع منه مقالا لأي إنسان ولو مخطئ عليه يكون فيه جرح لشعوره وما كان يعاتب إنساناً في شيء يمكن تداركه وكان كثير التغاضي عن كثير من الأمور في حق نفسه وحينما كنت أسائله في ذلك يقول:
ليس الغبي بسيد في قومه ولكن سيد القوم المتغابي
ولم يكن يغتاب أحداً أو يسمح بغيبة أحد في مجلسه وكثيراً ما يقول لإخوانه (اتكايسوا) أي من الكياسة والتحفظ من خطر الغيبة. ويقول إذا كان الإنسان يعلم أن كل ما يتكلم به يأتي في صحيفته فلا يأتي فيها إلا الشيء الطيب.
ومما لوحظ عليه في سنواته الأخيرة تباعده عن الفتيا وإذا اضطر يقول: لا أتحمل في ذمتي شيئاً العلماء يقولون كذا وكذا.
وسألته مرة عن ذلك: فقال إن الإنسان في عافية ما لم يُبتلى والسؤال ابتلاء لأنك تقول عن الله ولا تدري أتصيب حكم الله أم لا. فما لم يكن عليه نص قاطع من كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب التحفظ فيه.
ويتمثل بقول الشاعر:
إذا ما قتلت الشيء علماً فقل به ولا تقل الشيء الذي أنت جاهله
فمن كان يهوي أن يرى متصدراً ويكره لا أدري أصيبت مقاتله
وفي الجملة فقد كان رحمه الله خير قدوة وأحسنها في جميع مجالات الحياة فكان العالم العامل ولا أزكي على الله أحداً وقد خلف ولدين فاضلين أديبين يدرسان بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية جعلهما الله خير خلف لخير سلف والله أسأل أن يسكنه فسيح جنته ويوسع له في رضوان رحمته وأن يعلي منزلته ويرفع درجته مع العلماء والصديقين والشهداء وحَسُنَ أولئك رفيقا.
ونفعنا الله بعلمه وسلك بنا طريقة عمله بما يرضيه تبارك وتعالى عنا وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد صلى الله علي وسلم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته…
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[25 - 10 - 04, 04:46 م]ـ
أحسن الله عملك
وقد سمعت والعلم عند الله تعالى أن الرجل كان أشعري المذهب كما هو حال الشناقطة، ثم اهتدى لمذهب السنة عن طريق الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى وغفر له
ـ[عبدالله بن عقيل]ــــــــ[25 - 10 - 04, 10:33 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=22001
ـ[حارث همام]ــــــــ[26 - 10 - 04, 02:28 م]ـ
جزى الله ابن عقيل خيراً والشاهد في الرابط الذي أحال عليه:
قال الشيخ سليمان الخراشي أولاً أن الشيخ الشنقيطي ممن تحولوا نحو السلفية وثبتوا عليها في هذه البلاد.
فرد عليه أبوعبدالله النجدي:
لعلك وهِمتَ يا شيخ سليمان ....
الشيخ محمد الأمين الشنقيطي لم يكن أشعرياً، سواءٌ في موريتانيا، أو ما بعدها.
ويُنظر في ذلك رحلته في الحج، وكتاب السلفية في شنقيط.
فرجع الشيخ عبدالله لما قاله وقال:
بالنسبة للشيخ الشنقيطي فقد اشتهر بين بعض طلبة العلم - والكاتب منهم - أن الشيخ عندما قدم لهذه البلاد كان أشعريًا، وسبب ذلك ما نقله عطية سالم رحمه الله في ترجمته من تحاوره مع الشيخ ابن صالح والشيخ ابن زاحم رحمهما الله حول " الوهابية " وما تقرر عنده عنهم مما هو خلاف الواقع.
(انظر ترجمته، ص 36، 37 عطية سالم) (ص 68 السديس).
ثم اطلعت على ما ينفي هذا ويؤكد ماذكره الأخ ابن عقيل والنجدي بعدم لزوم ذلك لأن يكون أشعريًا .. وهو ماجاء في رسالة " جهود الشيخ الشنقيطي في تقرير العقيدة " للشيخ عبدالعزيز الطويان (1/ 63 - 69)؛ حيث بين بالنقول أنه تحول من الأشعرية للسلفية في موريتانيا قبل قدومه للمملكة.
وأكد هذا صاحب كتاب " السلفية في موريتانيا " (ص 358). ومما قاله: (قد يظن البعض أنه لم يعتنق هذه العقيدة - أي السلفية - إلا بعد وصوله إلى هذه البلاد، وهذا خلاف الحقيقة ............... الخ).
والله أعلم.
ـ[خادم الاسلام]ــــــــ[26 - 10 - 04, 04:09 م]ـ
رحمه الله تعالى(28/401)
قراءة في فكر مالك بن نبي لمحمد العبدة
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[10 - 11 - 04, 09:36 م]ـ
قراءة في فكر مالك بن نبي محمد العبدة
إذا عُدَّ المفكرون من المسلمين في هذا العصر فإن مالك بن نبي هو من هذه
القلة الذين ينطبق عليهم هذا الوصف؛ فالمفكر هو الذي يدرس ويتأمل ويقارن
ويحلل المشكلة إلى أجزائها، ثم ينسق ويركب ويجتهد في إيجاد الحلول.
وقد ترددت كثيراً قبل الكتابة عن مالك بن نبي؛ لا لأنه عميق الغور،
غوَّاص في البحث والتنقيب، أو لأن تتبع آرائه وأفكاره يحتاج إلى جهد، بل لأنه
يطرح أفكاراً وآراءً لا تتناسب مع عمق تفكيره، يقف الإنسان أمامها حائراً: من
أين جاءته؛ وما هي الخلفية الثقافية التي جعلته يتبنى هذا الرأي أو ذاك؛ وهل هو
مؤيد أم معارض؟ وقد كان ذلك التردد وإعادة القراءة مرات ومرات حتى لا نظلمه،
وليستبين الحق وتتضح الصورة، وتحل الإشكالات.
إن الكتابة عن مالك بن نبي ضرورية للأجيال التي يجب عليها أن تتعرف
على ما كتبه أصحاب الخبرة والتجربة في مجال الصراع الفكري المحتدم بين أوربا
المستعمرة والعالم الإسلامي منذ نهاية القرن الثامن عشر، فلم يعد من المجدي طرح
الحلول العامة والعائمة ولابد من الدخول في التفاصيل، ومعرفة أسباب الفشل
وأسباب النهضة، ولكن العجب لا ينقضي عندما ندرك أننا في كثير من الأحيان لا
نستفيد مما كتبه السابقون لنا الذين تصدوا للإصلاح في أوائل هذا القرن.
يقول الأستاذ الشيخ محمود محمد شاكر - في تقديمه لكتاب (في مهب
المعركة) مصوراً هذه الظاهرة: (فإذا نحن نرى أنفسنا في ضوء ما كَتب قديماً،
كأننا لم نتقدم خطوة في فهم البلاء الذي ينزل بنا ولا يزال ينزل، وأشد النكبات
التي يصاب بها البشر نكبة الغفلة ... ) [1].
ولمالك مشكلة خاصة في انصراف بعض الشباب المسلم عن قراءة إنتاجه
الفكري، وهي إحدى الأسباب وليست السبب الوحيد على كل حال؛ فقد كتب سيد
قطب رحمه الله:
(لقد كنت أعلنت مرة عن كتاب لي تحت الطبع بعنوان نحو مجتمع
إسلامي متحضر) ثم عدت في الإعلان التالي عنه فحذفت كلمة (متحضر)، ولفت
هذا التعديل نظر كاتب جزائري (يكتب بالفرنسية) ففسره على أنه ناشئ عن (عملية
دفاع نفسيه داخلية عن الإسلام) وأسف لأن هذه العملية - غير الواعية - تحرمني
مواجهة المشكلة على حقيقتها.
أنا أعذر هذا الكاتب ... لقد كنت مثله من قبل ... كانت المشكلة عندي -كما
عنده اليوم- هي مشكلة (تعريف الحضارة) .. ثم انجلت الصورة (المجتمع المسلم)
هو (المجتمع المتحضر) " [2].
وفهم الشباب المسلم أن هذا الكاتب الجزائري واقع تحت ضغط آتٍ من
مصادر أجنبية، فكان ذلك سبباً لابتعادهم عن قراءة فكر مالك، ولكن القضية هي
قضية مصطلحات؛ فمالك يتكلم عن المجتمع الإسلامي الموجود وأنه يحتاج إلى
رفعه إلى مستوى الحضارة حتى يستأنف دوره - وطبعا لا يعني هنا الحضارة
الغربية وإنما الحضارة بتعريفه هو - وسيد يتكلم عن المجتمع الإسلامي المنشود
وأنه إذا وُجد فثَم الحضارة، والإسلام هو الوحيد الذي ينتج حضارة متكاملة، ولا
شك أن سيداً - رحمه الله - أنقى وأوضح تصوراً وفكراً، وهو ينظر إلى الحضارة
الغربية من علٍ؛ لأنه المسلم المتميز بعقيدته وتصوراته، ولكن مالكاً هنا يبحث في
التفاصيل والجزئيات، وكيف يركبها لينتقل بالمسلم من حالة التخلف والركود إلى
حالة (الإقلاع) للدخول في دورة الحضارة مرة ثانية، وسيد يرى استيراد النظريات
العلمية (مجردة) ومالك يقول: هذه الأشياء المستوردة هي نتاج حضارة وثقافة،
هذه الأشياء صنعها علم النفس وعلم الاجتماع أيضاً، ولذلك سواء استوردناها أو
صنعناها لابد أن تكون هناك ثقافة تحيط بها حتى تضعها في مكانها المناسب،
وحتى لا تتحول إلى (تكديس) وهذه الثقافة هي الثقافة الإسلامية ..
إن ظاهرة انصراف بعض الناس عن فكر معين - بسبب كلمة تقال من عالم
مشهور - ليست جديدة ولا غريبة، فعندما ترجم أحد العلماء للمؤرخ ابن خلدون؛
تكلم فيه وانتقد عليه بعض التصرفات الشخصية عنده، فكان ذلك من أسباب
إعراض الناس عن (المقدمة) التي تعتبر أعظم ما أنتجه المسلمون في علم الاجتماع
وفن النقد التاريخي، ولمالك إيجابيات كثيرة سنتكلم عنها إن شاء الله، وله أخطاء،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/402)
ولابد من عرض كليهما حتى يتبين وجه الصواب لمن أراده، وهو واضح جلي
والحمد لله.
نبذة عن حياته:
وُلد مالك بن نبي في مدينة قسنطينة في الجزائر عام 1905، ونشأ في أسرة
فقيرة؛ لأن جده لأبيه هاجر إلى طرابُلس الغرب احتجاجاً على الاستعمار الفرنسي
وحمل معه كل أملاك العائلة، هذا الميلاد جعله يتصل بالماضي عن طريق من بقي
حياً من شهوده [3].
انتقل والده إلى (تبسة) فعاش فيها طفولته وكانت هذه المدينة الصغيرة بعيدة
نوعاً ما عن (الحضور الفرنسي) وذلك لاحتكاكها بالقبائل المجاورة؛ فحفظها الطابع
البدوي عن الاختلاط مع الفرنسيين، وفي (تبسة) كان يدرس في الصباح العربية
والقرآن ثم يذهب في الساعة الثامنة إلى المدرسة الحكومية الفرنسية، وفي المرحلة
التكميلية كان يتابع دروس العربية والدين، وكانت المدرسة الفرنسية تشجعه على
المطالعة عن طريق إعارة الكتب.
تعرَّف على تلاميذ ابن باديس من الشباب، وشعر أنه - وإياهم - على خط
فكري واحد، وكان يقرأ (الشهاب) و (المنتقد) قبلها ولكنه لم يتصل بالشيخ ابن
باديس ولا تتلمذ عليه، وفي (تبسة) حيث تعيش أسرته لم يتتلمذ أو يؤيد تأييداً قوياً
الشيخ العربي التبسي، وكأن هناك حاجزاً نفسياً بينه وبين المشايخ، ويعترف بعد
ربع قرن: (حينما تفحصت شعوري حول هذا الموضوع تبين لي أن السبب يكمن
في مجموعة من الأحكام الاجتماعية المسبقة، وفي تنشئة غير كافية في الروح
الإسلامي) [4]، ويتابع الحديث عن الأسباب الاجتماعية: (فأحكامي المسبقة ربما
أورثتنيها طفولتي في عائلة فقيرة في قسنطينة، زرعت لاشعورياً في نفسي نوعاً
من الغيرة والحسد حيال العائلات الكبيرة التي كان الشيخ العربي ينتمي إلى واحدة
منها) [5]، وكنت أعتقد أنني أقرب إلى الإسلام بالبقاء قريباً من البدوي أكثر من
البلدي الرجل الذي يحيط به وسط متحضر، وكان الشيخ العقبي يبدو في ناظري
بدوياً، بينما يبدو الشيخ ابن باديس بلدياً [6]، فقد تبين لنا أسباب جفائه لزعماء
جمعية العلماء وهو شاب، أما عندما نضج فكرياً فسيكون له موقف مبني على أسس
عنده سنتكلم عنها إن شاء الله.
بعد الانتهاء من الثانوية عمل متطوعاً في محكمة (تبسة) وهناك تعرف - من
خلال تجوال أعضاء المحكمة في الريف - على رجل الفطرة الذي يستضيف
أعضاء المحكمة رغم أنهم حكموا عليه بالضرائب والغرامات، ثم عمل موظفاً في
محكمة (أفلو) التي تقع جنوب وهران في غرب الجزائر، وهناك أيضاً تعرف على
الكرم العربي والفطرة الصادقة: (فالناس في المدن لا يستطيعون فهم هذه العقلية أو
ذاك النبل في عروق البدوي) [7]، وتعرف على فضائل الشعب الجزائري قبل أن
يفسده الاستعمار، ثم انتقل للعمل في محكمة (شاتودان) ولم يطق معاملة موظفيها؛
فاستقال وتوجه إلى فرنسا وذلك عام 1930م في محاولة للانتساب إلى معهد
الدراسات الشرقية، ولكن طلبه رُفض؛ لأن الدخول لهذا المعهد - كما يقول هو -
لا يخضع لمقياس علمي وإنما لمقياس سياسي.
انتسب إلى مدرسة اللاسلكي ودرس الكهرباء والميكانيكا، وهذه الدراسة
أعطته بُعداً آخر يقول عنها: (فتح لي عالم جديد يخضع فيه كل شيء إلى المقياس
الدقيق للكم والكيف، ويتسم فيه الفرد-أول ما يتسم-بمَيزات الضبط والملاحظة) [8]
ولكن دخوله مع العمل الطلابي المغربى وتعرفه على صديقه (حمودة بن
الساعي) بدأ يغير من اتجاهه العلمي إلى التعمق في الدراسات الاجتماعية.
تخرج مهندساً كهربائياً عام 1935 وبدأ رحلة شاقة في البحث عن عمل في
البلاد العربية وغيرها، وكانت الأبواب توصد في وجهه دائماً وسبب ذلك في
رأيه هو أنه أراد تمزيق شبكة الاستعمار ولم يدرِ أن سمك القرلق (الاستعمار) كان
له بالمرصاد.
زار الجزائر في هذه الفترة، ولاحظ وقوع الناس في حُمى الانتخابات والدجل
السياسي بعد المؤتمر الجزائري.
عاد إلى فرنسا في مطلع الحرب العالمية الثانية مودعاً الجزائر بهذه العبارة:
(يا أرضاً عقوقاً! تطعمين الأجنبي وتتركين أبناءك للجوع، إنني لن
أعود إليك إن لم تصبحي حرة!)، وبقي في فرنسا حتى عام 1956 أصدر فيها
باللغة الفرنسية: (الظاهرة القرآنية)، (شروط النهضة)، (وجهة العالم الإسلامي)،
(الفكرة الإفريقية الآسيوية).
زار مصر عام 1956 وبقي فيها حتى عام 1963، وكان له في مصر تلاميذ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/403)
وأصدقاء، وزار خلالها سورية ولبنان ألقى فيها المحاضرات حول موضوع
(مشكلات الحضارة)، وفي القاهرة أصدر: (حديث في البناء الجديد)، (مشكلة
الثقافة)، في مهب المعركة، (تأملات في المجتمع العربي).
عاد إلى الجزائر عام 1963 حيث عُين مديراً عاماً للتعليم العالي وأصدر في
الجزائر: (آفاق جزائرية)، (يوميات شاهد للقرن)، (مشكلة الأفكار في العالم
الإسلامي)، (المسلم في عالم الاقتصاد).
استقال من منصبه عام 1967 وتفرغ للعمل الفكري.
توفي في 31/ 10/1973 في الجزائر - رحمه الله وغفر له -.
شخصيته:
يجتمع في مالك بن نبي خطان رافقاه طوال حياته، فهو شخصية عاطفية،
خيالية أحياناً، يفكر بأحلام الفلاسفة ويهيم بالتجريد. يقول عن نفسه: (أنا شديد
التأثر بالحدث، وأتلقى صدمته بكل مجامعي وبانفعالية تستطيع أن تنتزع مني دموع
الحزن حين يثير الحدث الحبور من حيث المبدأ) [9] وقد بكى عندما اندحر الجيش
الفرنسى أمام ألمانيا عام 1940 مع أنه يكره الاستعمار الفرنسى، ويعلق هو على
هذا التصرف: (رأيت في ذاتي عنصراً آخر كشف كل التعقيد في ضمير مسلم) [10]
ولم يوضح ما هو هذا العنصر الآخر ولكن يبدو لي أنه عدم التوازن بين القيم
الأخلاقية وأيها يصلح لتطبيقه على الحدث، وعندما سمع حديث والدته وذكرياتها
عن الحج لم يستطع حبس دموعه فكان يتظاهر بالعطش ليخرج إلى الشرفة فيطلق
العنان للدمع [11].
هذه العاطفة أنتجت له شخصية حالمة أحياناً، فعندما يسمع ويقرأ عن شاعر
مثل (طاغور) تتفتح أمامه الأحلام عن الشرق وأن الإنقاذ ربما يأتي من روحانية
الهند كما يسميها، وعندما يسمع بأنباء الخلاف بين الملك عبد العزيز آل سعود
وإمام اليمن يكتب رسالة إلى سفارة اليابان يدعو حكومتها للتدخل باسم التضامن
الآسيوي لمساعدة ابن سعود حتى لا تتمزق الجزيرة العربية، وطبعاً لم يستجب
(الميكادو) لطلبه!
وفي الجانب الآخر نجد شخصية مالك الناقد المحلل الذي يمتلك القدرة الفائقة
على النفاذ لأعماق المشكلة وبيان أسبابها، من خلال النظرة العلمية الصارمة، ومن
خلال اطلاع واسع على الثقافة الغربية وكيف تنشأ الحضارات مع معرفة بواقع
المجتمعات الإسلامية من خلال معرفته الشخصية بالمجتمع الجزائري، وهو في
مقارناته وتحليلاته يشبه سلفه المغربي المؤرخ ابن خلدون، حيث تلتقط الذاكرة كل
جزئية وكل حادثة ثم يبدأ التحليل والمقارنة ثم يخرج بالنتائج التي يرتضيها، يقول
عن سكان (أفلو) عندما عمل عندهم كمساعد في المحكمة:
(فملكية الإنسان لأرض ما تخلق في نفسه غرائز اجتماعية قد سلم منها
الراعي، ففي دعوى أمام القضاء في (تبسة) يستطيع كل فريق أن يقدم عشرة شهود
زور بالمجان، وشهود كل واحد من الطرفين سيحلفان أنهما يقولان الحقيقة، أما في
(أفلو) فقد لاحظت الرجل يرفض غالباً أن يحلف ولو كان ذلك لدعم حقه
الواضح) [12].
وعندما أراد القيام بعمل علمي مشترك مع صديقه (ابن الساعي) فشلت
المحاولة؛ فعلق قائلاً: (ولم أكن أعلم أن العمل الجماعي بما يفرض من تبعات إنما
هو من المقومات التي فقدها المجتمع الإسلامي ثم لم يسترجعها بعد خصوصاً بين
مثقفيه) [13].
هذان الخطان استمرا في حياة ابن نبي، فالعاطفة التي تجمح إلى الخيال
أحياناً جعلته يعقد في الخمسينات آمالاً كباراً على مؤتمر باندونغ وظن أنه سيحل
مشكلة العالم الثالث، ومن رفات (غاندي) سينطلق يوماً انتصار اللاعنف ونشيد
السلم العالمى [14]. كما استمر النقد التحليلى المجتمع الإسلامي ومواطن الضعف
فيه فتكلم عن الذين يظنون أن الإصلاح يبدأ من (علم الكلام) كالشيخ محمد عبده،
يقول: (إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم على وجود الله بقدر ما هي في أن
نشعره بوجوده ونملأ به نفسه) [15].
ويكتشف مالك جرثومة المرض، فالذين تركوا الطواف حول القبور وأخذ
البركات من الدرويش لم يستطيعوا الاستمرار فتحولوا إلى الطواف حول وثن جديد
وهو وثن الأحزاب السياسية والانتخابات [16]، ولأن العمائم أسلمت القيادة إلى
(المطربشين)؛ لأن العلماء لم يكونوا على جانب من الخبرة بوسائل الاستعمار في
مجال الصراع الفكري حتى يفطنوا إلى هذا الانحراف (الغوغائية السياسية).
العوامل المؤثرة في ثقافته:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(28/404)