() هو سلمة بن شبيب النيسابوري أبو عبد الرحمن الحَجْري المسمَعي، نزيل مكة.
قال أبو حاتم: ((صدوق))، وقال أبو نعيم: ((أحد الثقات، حدّث عنه الأئمة والقدماء))، توفي سنة (247هـ)، انظر: تهذيب الكمال (11/ 284).
() هو مهدي بن جعفر بن جَيْهان بن بهرام الرملي، أبو محمد.
قال فيه ابن حجر: ((صدوق له أوهام)) كما في التقريب له (برقم:6979).
ونقل ابن حجر في تهذيبه (10/ 289) عن الذهبي قوله: ((رأيت له رواية عن مالك في تفسير ابن أبي حاتم))، توفي سنة (230هـ).
() الحلية لأبي نعيم (6/ 325،326)، ورواه الذهبي في السير (8/ 100) من طريق أبي نعيم.
() عقيدة السلف أصحاب الحديث (ص:38).
() عقيدة السلف أصحاب الحديث (ص:39).
() شرح الاعتقاد (3/ 398).
قال الألباني -حفظه الله-: ((وأما ما عزاه إليه صاحب ((فرقان القران بين صفات الخالق وصفات الأكوان)) (ص:16): بلفظ: ((الاستواء مذكور)) فلم أره فيه، ولا رأيت من ذكره غير المشار إليه، وهو من الثقات [كذا في الأصل وهو تصحيف من الطابع، والصواب ((وهو من النفاة))]؛ ولذلك ركن إلى هذا اللفظ لأن فيه ما يريده من نفي معنى الاستواء وأنه معروف عند مالك))، مختصر العلوّ (ص:142).
() هو بكار بن عبد الله بن بسر بن أرطاة الدمشقي القرشي.
روى عن أسد بن موسى، وروى عنه أحمد بن أبي الحواري وأبو حاتم وأبو زرعة.
قال ابن أبي حاتم: ((كتبت عنه عن أبي وسألته عن بكار هذا؟ فقال: ((هو صدوق))، الجرح والتعديل (1/ 1/410).
() (7/ 151).
() كذا وردت العبارة في التمهيد وهي يقيناً محرّفة، والصواب كما في الطرق المتقدِّمة للأثر وغيرها ((استواؤه غير مجهول))، وقد أفادني أحد طلاَّب العلم الثقات باطّلاعه على النسخة الخطية للتمهيد في المغرب ووجد لفظة [غير] ملحقة بالهامش من الناسخ، ثم وقفت على مصورة لها فوجدت الأمر كذلك.
() الردّ على الجهميّة (ص:55،56).
() هو عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي الفهري، أبو محمد.
روى عن خلق كثير، وثّقه ابن معين وأبو زرعة، وقال فيه أحمد بن حنبل: ((ما أصحّ حديثه وأثبتَه )).
وهو من أثبت الناس في مالك؛ فقد قال هارون بن عبد الله الزهري: ((كان الناس يختلفون في الشيء عن مالك، فينتظرون قدوم ابن وهب حتى يسألوه عنه)).
وقال أبو مصعب: ((مسائل ابن وهب عن مالك صحيحة))، توفي سنة (197هـ)، تهذيب الكمال (16/ 277 ـ 286).
وقال فيه ابن حجر في التقريب (رقم:3718): ((ثقة حافظ عابد)).
() أحمد بن محمد بن إسماعيل بن مهران الإسماعيلي النيسابوري أبو الحسن.
قال فيه الذهبي في تاريخ الإسلام (وفيات 331هـ فما بعدها) (ص:187): ((أبو الحسن الإسماعيلي النيسابوري العدل)).
وقال السمعاني في الأنساب (1/ 155): ((كان كثير السماع من أبيه)).
() محمد بن إسماعيل بن مهران أبو بكر الإسماعيلي، قال فيه الحاكم: ((هو أحد أركان الحديث بنيسابور، كثرة ورحلة واشتهارا ... ثقة مأمون))، قال إبراهيم ابن أبي طالب: ((لم يجوِّد لنا حديث مالك كالإسماعيلي))، توفي سنة (295هـ)، انظر: سير أعلام النبلاء (14/ 117 ـ 118).
() أبو الربيع هو سليمان بن داود بن حماد بن سعد المَهْري، وجدّه حماد بن سعد أخو رِشْدين بن سعد، توفي سنة (253هـ).
ترجم له المزي في تهذيب الكمال (11/ 409 ـ 410)، وذكر أنَّ النسائي وثّقه.
() الأسماء والصفات (2/ 304)، وأورده الذهبي في العلوّ (ص:141مختصره) والأربعين (ص:80 ضمن مجموع الرسائل الست للذهبي) والسير (8/ 100).
() مختصر العلوّ (ص:141).
() فتح الباري (13/ 406،407).
() هو يحيى بن يحيى بن بكر التميمي أبو زكريا النيسابوري.
وثّقه أحمد وابن راهويه والنسائي وغيرهم. توفي سنة (226هـ)، تهذيب الكمال (32/ 31ـ37).
() أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن الحارث الفقيه التميمي الأصفهاني، قال فيه الذهبي في تاريخ الإسلام (وفيات 430هـ) (ص:281): ((الزاهد المقرئ النحوي المحدِّث …، وكان إماماً في العربية)).
() أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيّان المعروف بأبي الشيخ، قال فيه الخطيب البغدادي: ((كان أبو الشيخ حافظاً ثبتاً متقناً))، توفي سنة (369هـ)، انظر: سير أعلام النبلاء (16/ 277 ـ 279).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/67)
() أبو علي محمد بن عمرو بن النضر الجرشي النيسابوري، قال الذهبي في تاريخ الإسلام (وفيات: 281 ـ 290) (ص:282): ((وكان صدوقاً مقبولاً)).
() الأسماء والصفات (2/ 305،306).
() الاعتقاد (ص:56)، مختصر العلوّ (ص:141).
() مختصر العلوّ (ص:141).
() (ق: 4) وهو عندي قيد التحقيق.
() هو جعفر بن ميمون التميمي أبو عليّ، ويقال: أبو العوّام الأنماطي.
روى عن أبي العالية وعطاء بن أبي رباح وغيرهما، وروى عنه السفيانان ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم.
قال عنه أحمد: ((ليس بقويٍّ في الحديث))، ونحوه عن النسائي.
وقال فيه ابن معين: ((ليس بذاك))، وقال في موضع آخر: ((ليس بثقة))، وقال في موضع آخر: ((صالح الحديث)).
وقال أبو حاتم: ((صالح))، ولعله من أجل هذا قال فيه الدارقطني: ((يُعتبَر به)).
انظر: تهذيب الكمال (5/ 114،115).
وقال فيه ابن حجر في التقريب (رقم:969): ((صدوق يخطئ، من السادسة)).
() هو أحمد بن الخَضِر بن أحمد أبو الحسن النيسابوري الشافعي.
قال فيه الذهبي في السير (15/ 501): ((الحافظ المجوِّد الفقيه ... ، من كبار الأئمة ... ، مات في جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وثلاثمائة)).
() عقيدة السلف أصحاب الحديث (ص:38).
() هو سفيان بن عيينة بن أبي عمران، أبو محمد الكوفي ثم المكي.
قال فيه ابن حجر في التقريب (رقم:2464): ((ثقة، حافظ، فقيه، إمام، حجة، إلاَّ أنَّه تغيَّر حفظه بآخرة، وكان ربّما دلّس لكن عن الثقات)).
وقال عنه الشافعي: ((لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز))
وأما اختلاطه فرُوي عن يحيى بن سعيد القطان، وأنَّ ذلك كان في سنة (197هـ) أي سنة وفاة سفيان، قال الذهبي متعقِّباً إيّاه: ((أنا أستبعد صحّةَ هذا القول؛ فإنَّ القطان مات في صفر سنة ثمان وتسعين، بُعيد قدوم الحُجَّاج بقليل، فمن الذي أخبره باختلاط سفيان؟، ومتى لَحِقَ يقول هذا القول؟!، فسفيان حجَّةٌ مطلقاً بالإجماع من أرباب الصحاح))، كذا في تاريخ الإسلام وفيات (191 ـ 200هـ، ص:199).
() ترتيب المدارك للقاضي عياض (2/ 39)، ونقله الذهبي في سير أعلام النبلاء (8/ 106،107).
() أبو عبد الله التيمي الأصبهاني.
قال عنه أبو الشيخ الأنصاري: ((محدّث ابن محدّث ابن محدّث، توفي سنة أربعٍ وأربعين ومائتين، يحدّث عن وكيع وابن عيينة وحفص بن غياث وأبي بكر بن عياش وغيرهم، أحد الورعين، قليل الحديث، لم يحدّث إلاَّ بالقليل))، طبقات المحدّثين بأصبهان (2/ 211).
وقال عنه الذهبي: ((شيخ أصبهان، وابن شيخها، وأبو شيخها عبد الله))، تاريخ الإسلام وفيات (241 ـ 250) (ص:475).
() هو عبد الرحمن بن الفيض بن سنده بن ظهر أبو الأسود، أحد الثقات الأصبهانيين، تاريخ الإسلام وفيات (321 ـ 330) (ص:84).
() هو هارون بن سليمان الخزار الأصبهاني، أحد الثقات، توفي سنة خمس، وقيل: ثلاث وستين ومائتين، أخبار أصبهان لأبي نعيم (2/ 336).
() طبقات المحدّثين بأصبهان (2/ 214).
() روى عن مالك رجلان بهذا الاسم:
أحدهما: عبد الله بن نافع الصائغ (ت206هـ).
والثاني: عبد الله بن نافع حفيد ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوّام، ولذلك يُقال له: الزبيري، كما يُعرف بعبد الله بن نافع الصغير (ت216هـ).
ولم يتضح لي من خلال رواية ابن عبد البر هذه أيّهما المراد، وقد قال الذهبي في السير (10/ 372): ((وكثيراً ما تختلط روايتهم عند الفقهاء حتى لا علم عند أكثرهم بأنّهما رجلان))، ونقل قبل ذلك عن ترتيب المدارك للقاضي عياض أنَّ سحنوناً كان يرى وجوب بيانهما، وإن كانا ثقتين إمامين حتى لا تختلط روايتهما.
قال: ((فإنَّ الصائغ أكبر وأقدم وأثبت في مالك لطول صحبته له)).
وقد قال الحافظ ابن حجر في التقريب في الصائغ: ((ثقة صحيح الكتاب في حفظه لين))، وقال في الزبيري: ((صدوق)).
فليس في الأمر كبير إشكال؛ إذ حديث كل منهما لا ينزل عن درجة الحسن.
() عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن، أبو محمد يعرف بابن الزيات، توفي سنة (390هـ).
انظر: جذوة المقتبس للحميدي (ص:252)، وبغية الملتمس للضبي (ص:332)، وفهرست ابن خير (ص:102،104)، وتذكرة الحفاظ للذهبي (ص:1511).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/68)
() أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك بن شبيب البغدادي، أبو بكر القطيعي، راوي مسند أحمد، قال فيه الدارقطني: ((ثقة زاهد قديم))، وتُكلِّم فيه بأخرة، توفي سنة (368هـ).
انظر: السير للذهبي (16/ 212 ـ 213)، والمنهج الأحمد للعليمي (2/ 75 ـ 58).
() عبد الله بن إمام السنة أحمد بن حنبل.
قال فيه الذهبي في السير (13/ 516): ((الإمام الحافظ الناقد، محدّث بغداد أبو عبد الرحمن، ابن شيخ العصر أبي عبد الله ... )).
وقال الخطيب في تاريخه (9/ 375): ((وكان ثقة ثبتاً فهماً))، توفي سنة (290هـ).
() سريج بن النعمان بن مروان الجوهري اللؤلؤي، أبو الحسين، ويُقال أبو الحسن البغدادي.
وثَّقه يحيى بن معين، والعجلي، وأبو داود، وغيرهم.
وقال فيه ابن حجر: ((ثقة يهم قليلاً))، كذا في التقريب، توفي سنة (217هـ).
انظر: تهذيب الكمال للمزي (10/ 218).
() التمهيد (7/ 138). والمراد بقوله: ((الاستواء معقول)) أي: معقول المعنى كما في الروايات الأخرى، وكما تفيده الجملة التي بعده، ألاَ وهي قوله: ((وكيفيته مجهولة)).
() أيوب بن صالح بن سلمة الحراني المخزومي أبو سليمان المدني، سكن الرملة، وروى عن مالك الموطأ، ضعّفه ابن معين، وقال فيه ابن عدي: ((روى عن مالك ما لم يتابعه عليه أحد))، لسان الميزان (1/ 483)، الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/ 131)، المغني في الضعفاء للذهبي (1/ 155).
() محمد بن عبد الملك بن ضيفون اللخمي القرطبي الحدَّاد، أبو عبد الله.
قال فيه ابن الفرضي: ((كان رجلاً صالحاً أحد العدول، وكتب الناس عنه، وعلت سنُّه فاضطرب في أشياء قُرئت عليه وليست ممّا سمع، ولا كان من أهل الضبط))، توفي سنة (492هـ).
انظر: تاريخ العلماء لابن الفرضي (2/ 110)، والسير للذهبي (17/ 56)، ولسان الميزان لابن حجر (5/ 267)، وقد تحرّف في مطبوعة اللسان إلى (محمد بن عبد الملك بن صفوان!).
() عبد الله بن يونس بن محمد بن عبيد الله المرادي أبو محمد، يُعرف بالقَبْري، من قبْرة الأندلس.
هو صاحب بقي بن مخلد، سمع منه مصنَّف ابن أبي شيبة، توفي سنة (330هـ).
انظر: تاريخ العلماء لابن الفرضي (1/ 265)، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين (7/ 178).
() بقي بن مَخلَد بن يزيد، أبو عبد الرحمن الأندلسي القرطبي.
قال ابن الفرضي: ((كان بقيٌّ ورِعاً فاضلاً زاهداً)).
وقال الذهبي: ((الإمام القدوة شيخ الإسلام ... الحافظ، صاحب التفسير والمسند اللذين لا نظير لهما))، توفي سنة (276هـ).
انظر: تاريخ العلماء (1/ 107 ـ 109)، وسير أعلام النبلاء (13/ 285).
() بكّار بن عبد الله بن بسر الدمشقي القرشي.
قال فيه أبو حاتم في الجرح والتعديل (2/ 410): ((هو صدوق)).
() كذا في التمهيد، وهو خطأ.
() التمهيد (7/ 151).
() هو بشار بن موسى الخفّاف الشيباني أبو عثمان، روى عن مالك، وروى عنه عليّ بن سعيد النسوي، تكلّم فيه البخاري ويحيى بن معين، وأبو داود، والنسائي وعلي بن المديني، وغيرهم.
قال أحمد بن يحيى بن الجارود: سمعت علياً [يعني: ابن المديني] وذكر بشار بن موسى [الخفاف] فقال: ما كان ببغداد أصلب منه في السنة، وما أحسن رأي أبي عبد الله فيه، يعني أحمد بن حنبل، انظر: تهذيب الكمال (4/ 85 ـ 90).
() هو علي بن سعيد النسوي أو النسائي، قال في التقريب: ((صدوق صاحب حديث)).
() (4/ 90)، و (20/ 449).
() كذا، ولعله مصحّف من ((بشار)).
() كذا في المصدر المنقول عن والصواب ((الاستواء غير مجهول)).
() تفسير السمعاني (3/ 320).
() سحنون: هو الإمام العلاَّمة فقيه المغرب، أبو سعيد عبد السلام بن حبيب بن حسان التنوخي، قاضي القيروان، وصاحب المدونة.
سمع من ابن عيينة، ولازم تلاميذ مالك: ابن وهب وابن القاسم وأشهب، حتى صار من نظرائهم، توفي سنة (240هـ).
انظر: السير للذهبي (12/ 63 ـ 69).
() البيان والتحصيل (16/ 367 ـ 368).
() سورة الشعراء، الآية: (195).
() سورة يوسف، الآية: (2).
() سورة فصّلت، الآية: (3).
() سورة الأحقاف، الآية: (12).
() سورة الزمر، الآية: (28).
() تفسير ابن كثير (4/ 294).
() سورة فصّلت، الآية: (44).
() سورة إبراهيم، الآية: (4).
() المسند (5/ 158). قال الهيثمي في المجمع (7/ 43): ((رجاله رجال الصحيح، إلاَّ أنَّ مجاهداً لم يسمع من أبي ذر))، لكن يشهد له القرآن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/69)
() الصواعق المرسلة لابن القيم (2/ 653 ـ 654).
() رواه البخاري في صحيحه تعليقاً (13/ 503 ـ الفتح)، ووصله الحميدي في النوادر، والخطيب البغدادي وابن أبي عاصم في كتاب الأدب، كما في فتح الباري لابن حجر.
() الصواعق المرسلة لابن القيم (2/ 737 ـ 738).
() سورة المائدة، الآية: (3).
() سورة المائدة، الآية: (67).
() رواه ابن ماجه (1/ 15)، وابن أبي عاصم في السنة (رقم:48،49). وقال الألباني: ((حديث صحيح)).
() رواه مسلم في صحيحه (3/ 1472).
() رواه الإمام أحمد (5/ 153،162).
() (6/ 286 ـ الفتح).
() الصواعق المرسلة (1/ 157 ـ 160)، وانظر: أول الرسالة الحموية لابن تيمية (ص:7).
() سورة محمد، الآية: (24).
() سورة النساء، الآية: (82).
() سورة ص، الآية: (29).
() سورة الزمر، الآية: (27).
() سورة يوسف، الآية: (2).
() رواه البخاري (6/ 167 ـ الفتح)، ومسلم (1/ 87).
() سورة الأنبياء، الآية: (79).
() رواه البخاري (3/ 573 ـ 574 ـ الفتح).
() رواه البخاري (6/ 496 ـ الفتح).
() رواه البخاري (9/ 47 ـ الفتح)، ومسلم (4/ 1912 ـ 1913).
() رواه ابن أبي شيبة في المصنف (10/ 460).
() مجموع الفتاوى (13/ 307 ـ 309).
() مختصر الصواعق (ص:456).
() سورة ص، الآية: (29).
() سورة محمد، الآية: (24).
() سورة المؤمنون، الآية: (68).
() سورة النساء، الآية: (82).
() سورة يوسف، الآية: (2).
() سورة الزخرف، الآية: (3).
() سورة الإسراء، الآيات: (45،46).
() سورة النساء، الآية: (78).
() سورة البقرة، الآية: (171).
() سورة الفرقان، الآية: (44).
() سورة محمد، الآية: (16).
() رواه أبو نعيم في الحلية (3/ 279 ـ 280) ومن طريقه الذهبي في السير (4/ 456 ـ 457).
() رواه البخاري (9/ 47 ـ الفتح)، ومسلم (4/ 1912 ـ 1913).
() مجموع الفتاوى (5/ 157 ـ 159).
() سورة طه، الآية: (110).
() انظر: شرح ابن عقيل لألفية ابن مالك (1/ 557).
() منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات للشنقيطي (ص:24،25).
() المسند (5/ 435)، وأبو داود (رقم:3656)، وقال الألباني ـ حفظه الله ـ في تخريج المصابيح (1/ 81): ((وسنده ضعيف، فيه عبد الله بن سعد وهو مجهول -كما قال الذهبي-)).
() رواه ابن بطة في الإبانة (1/ 401).
() معالم السنن (5/ 250).
() صحيح مسلم (1/ 352).
() رواه أحمد (1/ 391)، والحاكم (1/ 509)، وقال الهيثمي في المجمع (10/ 136): ((رواه أحمد وأبو يعلى والبزار ... ورجال أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح غير الجهني، وقد وثّقه ابن حبان)).
() مجموع الفتاوى (3/ 58).
() سورة النجم، الآية: (18).
() رواه البخاري (6/ 313 ـ الفتح)، ومسلم (1/ 158) من طريق زر بن حُبيش، عن ابن مسعود ?.
() رواه اللالكائي في الاعتقاد (3/ 530)، وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء (9/ 196،197)، واللفظ له.
() سورة البقرة، الآيتان: (163،164).
() سير أعلام النبلاء (10/ 31،32).
() نقله الذهبي، انظر: مختصر العلو (ص:270،271).
() رواه الدارمي في الرد على الجهمية (ص:26،27)، والطبراني في الكبير (9/ 228)، وأبو الشيخ في العظمة (2/ 689)، والبيهقي في الأسماء والصفات (2/ 290)، وغيرهم.
قال الهيثمي في المجمع (1/ 86): ((رجاله رجال الصحيح))، وصححه الذهبي في العلو (ص:103 ـ مختصره)، وابن القيم في اجتماع الجيوش (ص:100).
وقال الألباني ـ حفظه الله ـ في العلو: ((وسندهم جيّد)).
() رواه ابن جرير في تفسيره (3/ 10)، وفي إسناده عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف، وزيد تابعي، فهو مرسل.
() رواه أبو نعيم في الحلية (1/ 166)، وأبو الشيخ في العظمة (2/ 648 ـ 649)، والبيهقي في الأسماء والصفات (2/ 300 ـ 301)، وغيرهما، وقد صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (رقم:109) بمجموع طرقه.
() رواه اللالكائي في شرح الاعتقاد (3/ 525)، وأبو الشيخ في العظمة (2/ 210) من حديث عمر بن الخطاب ?.
وإسناده ضعيف جدًّا، لكن له شاهد من حديث أبي هريرة، وعبد الله بن سلاَم، وأبي ذر، وابن عباس، وقد حسّنه الألباني في السلسلة الصحيحة (رقم:1788) بمجموع طرقه.
() مفتاح دار السعادة (ص:181).
() سورة الإسراء، الآية: (111).
() سورة الأعراف، الآية: (180).
() سورة الإسراء، الآية: (110).
() سورة الحشر، الآيات: (22 ـ 24).
() سورة الطلاق، الآية: (12).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/70)
() سورة البقرة، الآية: (209).
() سورة البقرة، الآية: (231).
() سورة البقرة، الآية: (233).
() سورة البقرة، الآية: (235).
() سورة البقرة، الآية: (244).
() سورة البقرة، الآية: (267).
() سورة المائدة، الآية: (98).
() سورة الأنفال، الآية: (40).
() سورة البقرة، الآية: (194).
() سورة البقرة، الآية: (235).
() سورة محمد، الآية: (19).
() سورة فصلت، الآيات: (22 ـ 24).
() صحيح البخاري (8/ 561 ـ الفتح)، ومسلم (4/ 2141).
() سورة فصلت، الآية: (22).
() سورة مريم، الآية: (88 ـ 92).
() صحيح البخاري (13/ 347 ـ الفتح)، وصحيح مسلم (1/ 557).
() المصنف (11/ 423)، وأورده شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في كتابه التوحيد، وانظر شرحه في تيسير العزيز الحميد (ص:578).
() وقد أفردتُ في ذِكر هذه الأقسام وأدلّتها والردِّ على من أنكرها من غُلاة أهل الأهواء رسالة بعنوان: ((القول السديد في الردِّ على من أنكر تقسيم التوحيد)) وهي مطبوعة.
() سورة الشورى، الآية: (11).
() سورة الصافات، الآيات: (180 ـ 182).
() سورة البقرة، الآية: (80).
() سورة الأعراف، الآية: (33).
() سورة الإسراء، الآية: (36).
() سورة الحجرات، الآية: (1).
() سورة المائدة، الآية: (101).
() رواه البخاري (13/ 251 ـ الفتح)، ومسلم (2/ 975).
() بهجة قلوب الأبرار (ص:219).
() شرح الاعتقاد لللالكائي (3/ 397)، عقيدة السلف للصابوني (ص:37)، إثبات صفة العلوّ لابن قدامة (ص:158)، صفة العلوّ للذهبي (ص:65).
() مجموع الفتاوى (5/ 365).
() العلوّ للذهبي (ص:65).
() ذيل ديوان الضعفاء والمتروكين (ص:58).
() شرح الاعتقاد اللالكائي (3/ 398)، إثبات صفة العلوّ لابن قدامة (ص:164).
() مجموع الفتاوى (5/ 40).
() العلوّ (ص:98).
() مختصر العلوّ (ص:97).
() الأسماء والصفات (2/ 306،307).
() (15/ 107).
() (ص:322).
() ذم التأويل (ص:26).
() الأربعين (ص:80 ضمن مجموع الرسائل الست له).
() تاريخ بغداد (1/ 365).
() مختصر العلوّ (ص:232).
() مختصر العلوّ (ص:231).
() شرح الاعتقاد (4/ 711).
() مجموع الفتاوى (5/ 365).
() الحموية (ص:24 ـ 27).
() سير أعلام النبلاء (13/ 331،332)، وأورده الذهبي في العلو (ص:220 ـ مختصره)، لكن بلفظ: (( ... لأنَّه لا يجوز لمؤمن أن يقول: كيف الاستواء، لمن خلق الاستواء ... ))، وفيه إشكالٌ ظاهرٌ، إلاَّ إن أريد بالاستواء الثاني استواء المخلوق.
() شرح الفقه الأكبر لملا علي القاري (ص36،37).
() ذكره ابن تيمية في درء التعارض (2/ 23،24)، وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص:105،106).
() رواه الخطيب في تاريخه (13/ 75،76)، وأورده الذهبي في السير (9/ 97)، وفي العلو (ص161 ـ مختصره)، وضعّف إسناده الألباني.
() رواه الصابوني في عقيدة السلف (ص:40).
() سير أعلام النبلاء (18/ 284).
() ذكره التيمي في الحجة (1/ 232)، ونقله شيخ الإسلام ابن تيمية كما في الفتاوى (5/ 191).
() الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة (ص:53).
() أوردهما مرعي الكرمي في أقاويل الثقات (ص:121)، والسفاريني في لوامع الأنوار (1/ 200).
() انظر: الكواكب الدرية لابن مانع (ص:28).
() الرد على الجهمية للدارمي (ص:56).
() مجموع الفتاوى (5/ 520)، شرح حديث النزول (ص:391)، ومن المحتمل أن يكون من كلام أبي عمرو الطلمنكي.
() مجموع الفتاوى (13/ 309).
() مجموع الفتاوى (5/ 365).
() مختصر العلو (ص:141،142).
() سورة ص، الآية: (75).
() سورة الرحمن، الآية: (27).
() سورة القمر، الآية: (14).
() العقيدة النظامية (ص:25)، ونقله ابن القيم في إعلام الموقعين (4/ 246،247).
وإن كان أبو المعالي قد مال في رسالته هذه إلى تفويض المعاني، وهو آخر قوليه وظنَّ أنَّ ذلك هو مذهب السلف كمالك وغيره، انظر: درء التعارض لابن تيمية (5/ 249).
() معالم التنزيل (2/ 165).
() شرح الفقه الأكبر (ص38) وإن كان قد فهم منه تفويض المعنى على طريقة المؤوّلة.
() انظر: هامش كتاب ((رسائل محمد نسيب الرفاعي -رحمه الله-)) بقلم: حسان عبدالمنان، طبع المكتب الإسلامي، الأولى، (1414هـ).
() مجموع الفتاوى (3/ 25).
() مجموع الفتاوى (4/ 4).
() سورة طه، الآية: (46).
() مدارج السالكين (2/ 86).
() طريق الوصول إلى العلم المأمول (ص:8).
() منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات (ص:21).
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=201
ـ[أبو تقي]ــــــــ[15 - 02 - 04, 02:27 م]ـ
الشيخ الكريم عبد الرحمن جزاكم الله خيرا على هذا النقل ونفع بكم.
بقي نقطة اخيرة اخي الكريم،
يقول السائل: لم يثبت لفظ بعينه عن الامام مالك رحمه الله وقوله الكيف غير معقول فيه نفي للكيف وقال ان مذهب مالك لم يكن اثبات المعنى وتفويض الكيف واستدل على هذا بكلام لشيخ الاسلام في الفتاوى الكبرى، الجزء 5، صفحة 302، قال:
من حديث قتادة عن أبي أيوب عن أبي هريرة وقد روى عن ابن القاسم قال: سألت مالكاً عن من يحدث الحديث "إن الله خلق آدم على صورته " والحديث: "إن الله يكشف عن ساقه يوم القيامة" و "أنه يدخل في النار يده حتى يخرج من أراده" فأنكر (الامام مالك) ذلك إنكاراً شديداً ونهى أن يتحدث به أحد!
فلماذا انكر هذه الاحاديث اذا كانت القاعدة عنده اثبات اللفظ والمعنى وتفويض الكيف؟
جزاكم الله خيرا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/71)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[15 - 02 - 04, 07:39 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
أما قوله لم يثبت لفظ معين عن مالك فهذا غير صحيح ولعلك تراجع البحث السابق في تخريج الأثر وبيان لفظه
وأما قول السائل (وقوله الكيف غير معقول فيه نفي للكيف) فغير صحيح بل هو ينفي معرفتنا بالكيفية، ولو أرداد نفي الكيفية لقال (لاكيف لها أو نحوها) أما قوله (الكيف غير معقول) فمعناها أنه لايمكن لنا معرفته ولايجوز لنا الخوض فيه.
وأيضا إذا تأملنا في قول الإمام مالك رحمه الله في قوله (الاستواء غير مجهول) ويقصد به أنه معروف ثم قال بعدها (والكيف غير معقول) معناها عدم معرفتنا به
وأما ما ذكره السائل بقوله (واستدل على هذا بكلام لشيخ الاسلام في الفتاوى الكبرى، الجزء 5، صفحة 302، قال:
من حديث قتادة عن أبي أيوب عن أبي هريرة وقد روى عن ابن القاسم قال: سألت مالكاً عن من يحدث الحديث "إن الله خلق آدم على صورته " والحديث: "إن الله يكشف عن ساقه يوم القيامة" و "أنه يدخل في النار يده حتى يخرج من أراده" فأنكر (الامام مالك) ذلك إنكاراً شديداً ونهى أن يتحدث به أحد!)
فلعلي أذكر أولا كلام ابن تيمية رحمه الله كاملا حتى يتضح المقصود
الفتاوى الكبرى ج: 5 ص: 302
(وقد روى عن ابن القاسم قال سألت مالكا عن من يحدث الحديث إن الله خلق آدم على صورته والحديث إن الله يكشف عن ساقه يوم القيامة وأنه يدخل في النار يده حتى يخرج من أراده فأنكر ذلك إنكارا شديدا ونهى أن يتحدث به أحد
قلت
هذان الحديثان كان الليث بن سعد يحدث بهما
فالأول حديث الصورة حدث به عن ابن عجلان والثاني هو في حديث أبي سعيد الخدري الطويل وهذا الحديث قد أخرجاه في الصحيحين من حديث الليث
والأول قد أخرجاه في الصحيحين من حديث غيره
وابن القاسم إنما سأل مالكا لأجل تحديث الليث بذلك
فيقال:
إما أن يكون ما قاله مالك مخالفا لما فعله الليث ونحوه أو ليس بمخالف بل يكره أن يتحدث بذلك أن يفتنه ذلك ولا يحمله عقله كما قال ابن مسعود ما من رجل يحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم
وقد كان مالك يترك رواية أحاديث كثيرة لكونه لا يأخذ بها ولم يتركها غيره فله في ذلك مذهب
فغاية ما يعتذر لمالك أن يقال إنه كره التحدث بذلك مطلقا فهذا مردود على من قاله فقد حدث بهذه الأحاديث من هم أجل من مالك عند نفسه وعند المسلمين كعبد الله بن عمر وأبي هريرة وابن عباس وعطاء بن أبي رباح وقد حدث بها نظراؤه كسفيان الثوري والليث بن سعد وابن عيينة والثوري أعلم من مالك بالحديث وأحفظ له وهو أقل غلطا فيه من مالك وإن كان مالك ينتقي من يحدث عنه وأما الليث فقد قال فيه الشافعي كان أفقه من مالك إلا أن أصحابه ضيعوه
ففي الجملة هذا كلام في حديث مخصوص
أما أن يقال إن الأئمة أعرضوا عن هذه الأحاديث مطلقا فهذا بهتان عظيم) انتهى كلام ابن تيمية رحمه الله.
فذكر ابن تيمية رحمه الله الجواب عما ورد عن مالك من ناحية الدراية
وقد بين أهل العلم أن هذا الكلام لايصح عن مالك رحمه الله
فهذا الكلام أسنده أبو جعفر العقيلي في الضعفاء (2/ 251) وفي إسناده مقدام بن داود الرعيني ضعيف
وينظر كلام الذهبي في ميزان الاعتدال (2/ 419 - 420)
وقد جاء عن مالك بإسناد أحسن من السابق عند ابن أبي الزمنين في أصول السنة رقم (25) ص 75 مختصرا
وفي إسناده إسحاق بن إبراهيم بن ميسرة التجيبي لم يكن له بالحديث كبير علم كما قال ابن فرحون في الديباج المذهب ص 96
وفي إسناده كذلك محمد بن عمر بن لبابة
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ج: 14 ص: 495
(قال ابن الفرضي وكان حافظا لأخبار الأندلس له حظ من النحو والشعر ولي الصلاة بقرطبة وروى عنه خلق كثير ولم يكن له علم بالحديث بل ينقل بالمعنى) انتهى.
فلا يعرف لهذا القول عن مالك إسناد صحيح، والله أعلم.
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[15 - 02 - 04, 08:58 م]ـ
بعض النقول عن العلماء في إثبات الكيفية لصفات الله جل وعلا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=10450&highlight=%E3%DA%E4%EC+%C7%E1%DF%ED%DD
المشاركة الأخيرة ..
ـ[أبو تقي]ــــــــ[15 - 02 - 04, 09:45 م]ـ
الاخ ابو حسن، شكرا على الرابط الذي وضعته وجزاك الله خيرا.
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرحمن الفقيه
إما أن يكون ما قاله مالك مخالفا لما فعله الليث ونحوه أو ليس بمخالف بل يكره أن يتحدث بذلك أن يفتنه ذلك ولا يحمله عقله كما قال ابن مسعود ما من رجل يحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم وقد كان مالك يترك رواية أحاديث كثيرة لكونه لا يأخذ بها ولم يتركها غيره فله في ذلك مذهب فغاية ما يعتذر لمالك أن يقال إنه كره التحدث بذلك مطلقا فهذا مردود على من قاله فقد حدث بهذه الأحاديث من هم أجل من مالك عند نفسه وعند المسلمين كعبد الله بن عمر وأبي هريرة وابن عباس وعطاء بن أبي رباح وقد حدث بها نظراؤه كسفيان الثوري والليث بن سعد وابن عيينة والثوري أعلم من مالك بالحديث وأحفظ له وهو أقل غلطا فيه من مالك وإن كان مالك ينتقي من يحدث عنه وأما الليث فقد قال فيه الشافعي كان أفقه من مالك إلا أن أصحابه ضيعوه ففي الجملة هذا كلام في حديث مخصوص
أما أن يقال إن الأئمة أعرضوا عن هذه الأحاديث مطلقا فهذا بهتان عظيم) انتهى كلام ابن تيمية رحمه الله.
الشيخ الكريم عبد الرحمن، بارك الله بكم وجزاكم خيرا ونفع بكم.
السلام عليكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/72)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[07 - 05 - 04, 10:15 م]ـ
وقد سأل الأخ أبو تقى عن كتاب أصول السنة لابن أبي زمنين
وهو موجود في هذا الرابط
http://www.taimiah.org/Tree.asp?ID=1&t=book69&pid=1
وقد وضعته في ملف وورد للفائدة.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&postid=91753#post91753
ـ[أبو تقي]ــــــــ[08 - 05 - 04, 01:25 ص]ـ
الشيخ الكريم عبد الرحمن الفقيه، جزاكم الله خيرا ونفع بكم وأحسن ثوابكم
ـ[أبو محمد يوسف]ــــــــ[08 - 02 - 06, 09:27 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم وللحمد لله رب العالمين والصلاة والسلم على أشرف المرسلين، أمّا بعد: يجب أن نحسن الظن بالإمام في تخريج كلامه حتى لايتعارض وقد صحّ عنه أنّه حدث بحديث النّزول ورواه عنه طائفة: منهم يحيي الليثي كما في الموطأرقم570 وأبو مصعب الزهري619والقعنبي عند البخاري وابن وهب عند ابن خزيمة في التوحيد رقم 127وإنما مالك كان ينكر من يحدث بها لغاية التشبيه أو التعطيل. -2المحفوظ عن مالك بعد جمع الروايات كما تفضلّتم وأحسنتم وهو الصحيح أنّه نفى الكيف إمّا بلفظ: الكيف عنه مرفوع أو الكيف غير معقول أمّا الرواية: الكيف غير مجهول فهي منكرة سندا ومتنا وهي مخالفة لأنّها تقتضي اثبات الكيف، وأنّ القول الفصل في أحاديث الصفات ما نقلتموه عن الخطيب وجزاكم الله خيرا. أخوكم أبو محمد يوسف(27/73)
حديث ابن عباس (رأيت ربي في صورة شاب أمرد جعد)!!!!
ـ[جعفر بن مسافر]ــــــــ[15 - 02 - 04, 08:37 ص]ـ
هذا الحديث له طرق كثيرة مختلفة حتى قال بعض الأئمة إنه حديث مضطرب
وهو عندي حديث منكر لا يصح إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبيانه فيما يلي
أخرج الإمام مسلم في الصحيح (284) وابن مندة في الإيمان (758) عن حفص بن غياث عن عبد الملك عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال (رأى محمد ربه بقلبه) وتابعه ابن جريج عن عطاء كما هو عند ابن مندة (759)
وقيس بن سعد عن عطاء عند ابن مندة أيضا (761) (موقوف)
وتابع عطاء أبو العالية عن ابن عباس، أخرجه مسلم (176) وغيره من طريق زياد بن حصين عن أبي العالية عن ابن عباس (ما كذب الفؤاد ما رأى) (موقوف)
وتابعه أيضا أبو سلمة عن ابن عباس، أخرجه الترمذي (2614) من طريق عبدة بن سليمان عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن ابن عباس قال رأى ربه عز وجل (موقوف)
وتابعه أيضا الضحاك عن ابن عباس، أخرجه الدارقطني (304) من طريق سلم بن سلام عن مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه عز وجل (موقوف)
وتابعه أيضا يوسف بن مهران عن ابن عباس، أخرجه الدارقطني (311) من طريق روح بن القاسم عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس في قوله (ما كذب الفؤاد ما رأى) قال: رأى محمد ربه عز وجل بفؤاده (موقوف)
وتابعه أيضا عكرمة عن ابن عباس، أخرجه الطبري (22/ 24) والآجري ((1090) من طريق قيس بن الربيع عن عاصم عن عكرمة عن ابن عباس: إن الله اصطفى إبراهيم بالخلة واصطفى موسى بالكلام، واصطفى محمدا بالرؤية صلوات الله عليهم (موقوف)
وتابع عاصم عن عكرمة يزيد بن حازم، أخرجه الدارقطني (314) من طريق عباد بن عباد عن يزيد بن حازم عن عكرمة عن ابن عباس قال: الخلة لإبراهيم والكلام لموسى والرؤية لمحمد صلى الله عليه وسلم (موقوف)
وتابعه سماك بن حرب عن عكرمة، أخرجه الطبري (22/ 22) والدارقطني ((308، 309) من طريق إسرائيل بن يونس عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال في قول الله تعالى (ما كذب الفؤاد ما رأى) قال: رآه بقلبه (موقوف)
وتابعه الحكم بن أبان عن عكرمة، أخرجه الدارقطني (303) من طريق موسى بن عبد العزيز عن الحكم بن أبان عن عكرمة قال قيل لابن عباس هل رأى محمد ربه عز وجل؟ قال نعم (موقوف)
اوتابعه قتادة عن عكرمة
واختلف عليه فقد رواه عنه هشام الدستوائي عن عكرمة عن ابن عباس موقوفا بلفظ أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم عليه السلام، والكلام لموسى عليه السلام والرؤية لمحمد صلى الله عليه وسلم
أخرجه ابن مندة (762) من طريق عمرو بن علي ومحمد بن بشار، وأخرجه الدارقطني (292، 293) من طريق عمر بن شبة ومحمد بن عبد الله المخرمي كلهم عن معاذ بن هشام الدستوائي عن أبيه هشام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال: أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم عليه السلام، والكلام لموسى عليه السلام والرؤية لمحمد صلى الله عليه وسلم (موقوف)
وخالفه حماد بن سلمة رحمه الله، فرواه عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا، بألفاظ مختلفة، وهاك طرق الحديث بألفاظه المختلفة
أخرجه ابن عدي (2/ 260) والبيهقي في الصفات (938) والقاضي أبو يعلى الفراء في إبطال التأويلات (122، 125، 126، 127، 129) من طريق الأسود بن عامر شاذان عن حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رأيت ربي في صورة شاب أمرد جعد)
وأخرجه الإمام أحمد (2/ 285) وابن أبي عاصم (440) والدارقطني في الرؤية (296، 299) واللالكائي (987) وأبو القاسم الأصبهاني في الحجة في بيان المحجة (1/ 509) والذهبي في السير (10/ 113) من طريق شاذان به مقتصرا على لفظ (رأيت ربي عز وجل) فقط
وأخرجه الطبراني في السنة، ومن طريقه ابن مندة كما في إبطال التأويلات (1/ 143) من طريق عبد الله بن الإمام أحمد عن أبيه عن شاذان به مرفوعا
ولفظ الطبراني: (رأيت ربي في صورة شاب له وفرة)، انظر السيوطي (اللآلئ المصنوعة 1/ 29)
ولفظ ابن مندة (رأيت ربي في صورة شاب أمرد له وفرة جعد قطط في روضة خضراء)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/74)
وأخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية (15) من طريق عبد الصمد بن كيسان عن حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (رأيت ربي في صورة شاب أمرد عليه حلة حمراء)
وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة (433) والإمام أحمد (2/ 290) وعبد الله في السنة (154، 155) وابن الأعرابي في المعجم (405) والدارقطني في الرؤية (297) واللالكائي (899) والخطيب في التاريخ (12/ 214) من طريق عبد الصمد بن كيسان عن حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس به مرفوعا ولفظه (رأيت ربي عز وجل) فقط
وأخرجه الطبراني في السنة من طريق عبد الصمد ولفظه (رأيت ربي في صورة شاب له وفرة) اللآلئ للسيوطي 1/ 29)
وأخرجه ابن الجوزي في العلل (16) والدارقطني في الرؤية (300) من طريق إبراهيم بن أبي سويد ثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا ولفظه (رأيت ربي في أحسن صورة)
وأخرجه الطبراني من طريق إبراهيم بن أبي سويد به ولفظه (رأيت ربي في صورة شاب له وفرة) اللآلئ 1/ 29)
ورواية حماد هذه منكرة، أولا: لضعف حماد بن سلمة في قتادة، قال الإمام مسلم في كتاب التمييز: حماد بن سلمة يخطئ في حديث قتادة كثيرا (نلقه عنه ابن رجب في شرح علل الترمذي 2/ 508)
ثم قد خالف حديث هشام الدستوائي، وهو من أثبت الناس في قتادة، وقد قال البرديجي في حديث اختلاف الرواة عن قتادة: وإذا روى حماد بن سلمة وهمام وأبان ونحوهم من الشيوخ عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم وخالف سعيد أو هشام أو شعبة فإن القول قول هشام ... (نلقه عنه ابن رجب 2/ 505)
ثم إن حماد بن سلمة لم يخالف فقط هشام الدستوائي، بل خالف كل من تقدم ممن أوقفه على ابن عباس رضي الله عنهما
وقد قال الشيخ الألباني رحمه الله في التعليق على هذا الحديث (مختصر العلو 118) لما قال الذهبي عن حديث ابن عباس: إسناده جيد، قال الشيخ معترضا:
نظر المصنف رحمه الله تعالى إ لى ظاهر إسناده فقواه، لأنه ساقه من طريق أحمد حدثنا أسود حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس ورجاله ثقات كلهم رجل مسلم، لكن حماد بن سلمة مع جلالة قدره، في حديثه عن غير ثابت شيء، ولذلك لم يخرج له مسلم إلا ما كان من روايته عن ثابت، ولذلك قال الحافظ في التقريب: ثقة عابد أثبت الناس في ثابت، وتغير حفظه بآخره، وقد خالفه هشام الدستوائي في إسناده ومتنه ... )
وهذا الحديث قد صححه جمع من أهل العلم والحديث وضعفه آخرون، فممن ضعفه الإمام أحمد رحمه الله في رواية عنه قال بأنه مضطرب (نقله عنه القاضي في إبطال التأويلات 1/ 145)، وله رواية أخرى عنه في تصحيح الحديث
وكذا ضعفه أيضا الإمام عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله في النقض على بشر المريسي، قال رحمه الله: والله أعلم بهذا الحديث وبعلته، غير أني استنكرته جدا
الإمام ابن قتيبة الدينوري في مختلف الحديث ص (38، 89)
الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء (10/ 113) وقال: وهو خبر منكر نسأل الله السلامة في الدين، فلا هو على شرط البخاري ولا مسلم، ورواته وإن كانوا غير متهمين، فما هم بمعصومين من الخطأ والنسيان
الحافظ محمد بن أحمد بن عبد الهادي في رسالة لطيفة في أحاديث متفرقة ضعيفة (ص57)
وعلى فرض صحة الحديث فإنه رؤية منام لا تثبت به الصفات، يراجع في ذلك كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بيان تلبيس الجهمية (1/ 71 _ 74)
هذا البحث عندي قديم وهو من ضمن التعليقات على نقض عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله، وأخرجته الآن للفائدة
أصل الموضوع منقول من الساحات
للأخ / محمد السالم وفقه الله
وهذا الموضوع الأصلي كاملا
http://66.249.93.104/search?q=cache:a3iqqBa-EXcJ:alsaha.fares.net/sahat%3F128%40226.C4N2j0L2i3e.0%40.1dd52f07+%D8%B4 %D8%A7%D8%A8+%D8%A3%D9%85%D8%B1%D8%AF+&hl=ar
تم التوضيح من قبل ## المشرف ##
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[15 - 02 - 04, 08:56 ص]ـ
فوائد من فتح البارى لابن رجب (2) اختصار الحديث (وتصرف ابن ابى شيبة) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=539)
انظر المشاركة رقم (4) وما بعدها
ـ[أبو أسيد البغدادي]ــــــــ[16 - 02 - 04, 02:18 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيرا أخي الكريم على هذا البحث الماتع و هلا أضفت اليه كلام شيخ الاسلام كي تتم به الفائدة
ـ[الفهدي1]ــــــــ[22 - 06 - 05, 06:39 م]ـ
السلام عليكم أخي عبدالله الخضيري
تقول أن حماد بن سلمة خالف هشام الدستوائي في الرواية عن قتادة والقول لهشام
ولكن ابن رجب كما نقلت قال:
وإذا روى حماد بن سلمة وهمام وأبان ونحوهم من الشيوخ عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم وخالف سعيد أو هشام أو شعبة فإن القول قول هشام
فيقول هذا عن رواية هشام عن قتادة عن أنس
أما هذه الرواية فهي عن هشام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس
فهل كلام ابن رجب ينطبق هنا أيضا؟ في الرواية عن هشام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس فيقدم هشام على حماد؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/75)
ـ[قريح مولود]ــــــــ[17 - 04 - 08, 09:41 م]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ
ـ[أحمد بوادي]ــــــــ[18 - 04 - 08, 04:04 م]ـ
جزاك الله خيرا
وكنت قد رددت على السقاف في اتهامه لشيخ الإسلام رحمه الله
بتقوله عليه أنه يشبه الله بصورة الشاب الأمرد على هذا الرابط
وإليكم ما جاء في كلامي
الرد على جهل السقاف في مراد شيخ الإسلام برؤية الله على صورة شاب أمرد
بسم الله الرحمن الرحيم
الرد على جهل السقاف في مراد شيخ الإسلام
برؤية الله على صورة شاب أمرد
بقلم: أحمد بوادي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
أما بعد:
فقد قام المدعو السقاف باتهام شيخ الإسلام بالتشبيه وأن الله على صورة شاب أمرد واستدل بتصحيح شيخ الإسلام لهذا الكلام مع أن هذا الحديث قد تكلم عليه العلماء وحكموا عليه بالوضع إلا أنني ومن خلال بحثي للمسألة وجدت أن بعض أهل العلم قد صحح هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والمسألة هنا ليست في الحكم على الحديث من حيث الصحة والضعف وإنما في بيان مراد شيخ الإسلام لها لقوله بصحتها.
ولكن كيف يمكن فهم هذا عن شيخ الإسلام رحمه الله باستدلاله على صحتها (علما أنني لم أجد ما قاله السقاف عن شيخ الإسلام نظرا لأن الكتاب ليس عندي فهو مخطوط غير مطبوع)
ولكن مع القول بتصحيح شيخ الإسلام لها
فلا يصح استدلال هذا السقاف بالحديث على أن شيخ الإسلام يقول ذلك.
فشيخ الإسلام رحمه الله إنما أراد رؤيته في المنام هذا أولا
وثانيا: لا يلزم من رؤية المنام وأنها حقيقة للأنبياء أن رؤية الله في المنام هي نفس الصورة التي رآها في المنام كما استدل السقاف بذلك
لأنه كما قال شيخ الإسلام رحمه الله واستدل على ذلك برؤيا يوسف عليه السلام عندما رأى الشمس والقمر والكواكب يسجدون له فلو كانت كما يراها السقاف أن الرؤيا في الصفات كالرؤيا في الأوامر من الكلام للزم ذلك أن يرى يوسف عليه السلام سجود الشمس والقمر له حقيقة.
وهذا كلام شيخ الإسلام رحمه الله حتى يتبين لكم الحق إن شاء الله من كلامه لا من كلام السقاف عليه من الله ما يستحق
قال رحمه الله:
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يقول الله أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا).
)
وفي صحيح مسلم عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يموتن أحد منكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى "
"
فمن ظن وتوهم به أنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير كان هذا الظن والتوهم حقا وإن كان الواجب تيقن ذلك
بل لفظ الرؤية وإن كان في الأصل مطابقا فقد لا يكون مطابقا كما في قوله:
< br> ( أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا)
وقال: (يرونهم مثليهم رأي العين)
وقد يكون التوهم والتخيل مطابقا من وجه دون وجه فهو حق في مرتبته وإن لم يكن مماثلا للحقيقة الخارجة مثل ما يراه الناس في منامهم
كما رأى يوسف سجود الكواكب والشمس والقمر له فلا ريب أن هذا تمثله وتصوره في نفسه وكانت حقيقته سجود أبويه وأخوته كما قال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا
وكذلك رؤيا الملك التي عبرها يوسف حيث رأى السنابل بل والبقر فتلك رآها متخيلة متمثلة في نفسه وكانت حقيقتها وتأويلها من الخصب والجدب.
فهذا التمثل والتخيل حق وصدق في مرتبته بمعنى أن له تأويلا صحيحا يكون مناسبا له ومشابها له من بعض الوجوه.
فإن تأويل الرؤيا مبناها على القياس والاعتبار والمشابهة والمناسبة.
ولكن من اعتقد أن ما تمثل في نفسه وتخيل من الرؤيا هو مماثل لنفس الموجود في الخارج وأن تلك الأمور هي بعينها رآها فهو باطل
وإذا كان كذلك فالإنسان قد يرى ربه في المنام ويخاطبه فهذا حق في الرؤيا ولا يجوز أن يعتقد أن الله في نفسه مثل ما رأى في المنام.
أقول:
وقد حدث مثل هذا معي فرأيت وكأني رأيت الله في المنام وأنا في عرصات يوم القيامة، وقدمت للجزاء والحساب، ووقفت أمام الله عز وجل، وفرائصي ترتعد خوفا من الله، وأدعو الله وأقول له مغفرتك مغفرتك أكررها كثيرا وبخوف شديد وكأن الله نظر إليّ وقال لي قد غفرت لك.
فأسأله جل في علاه أن تكون رؤيا حق، وحاولت حينئذ أن أفهم معنى هذه الرؤيا حتى وفقني الله للإطلاع على كلام شيخ الإسلام رحمه الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/76)
فإن سائر ما يرى في المنام لا يجب أن يكون مماثلا ولكن لا بد أن تكون الصورة التي رآه فيها مناسبة ومشابهة لاعتقاده في ربه فإن كان إيمانه واعتقاده مطابقا أتي من الصور وسمع من الكلام ما يناسب ذلك وإلا كان بالعكس.
قال بعض المشايخ إذا رأى العبد ربه في صورة كانت تلك الصورة حجابا بينه وبين الله وما زال الصالحون وغيرهم يرون ربهم في المنام ويخاطبهم وما أظن عاقلا ينكر ذلك فإن وجود هذا مما لا يمكن دفعه إذ الرؤيا تقع للإنسان بغير اختياره وهذه مسألة معروفة وقد ذكرها العلماء من أصحابنا وغيرهم في أصول الدين وحكوا عن طائفة من المعتزلة وغيرهم إنكار رؤية الله والنقل بذلك متواتر عمن رأى ربه في المنام.
من ذلك نعلم:
مراد الشيخ رحمه الله من الحديث أنه رأى ربه في صورة شاب أمرد أي مناما (أي في صورة حسنه أو في أحسن صورة وليس أن الله على صورة شاب أمرد) كما استدل رحمه الله في بداية قوله من حسن الظن بالله.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله:
ولكن لا بد أن تكون الصورة التي رآه فيها مناسبة ومشابهة لاعتقاده في ربه فإن كان إيمانه واعتقاده مطابقا أتي من الصور وسمع من الكلام ما يناسب ذلك.
وقد أشار الرسول صلى الله عليه وسلم على عينه وأذنه لما قرأ (إن الله كان سميعا عليما) فهل الرسول صلى الله عليه وسلم شبه سمع الله وبصره بسمع الإنسان وبصره لما أشار إلى سمع نفسه وبصره.
وهذا عند العلماء يسمى تحقيق السمع والبصر لا التشبيه بأن سمع الله كسمع البشر وعينه كذلك أو بصره:
فالشيخ رحمه الله أراد بهذا الحديث لما ثبت عنده صحته تحقيق أن الله في أحسن صورة كما يراها النائم من حسن ظنه بالله لا أن الله على صورة الشاب الأمرد.
وأنقل هنا ما ذكره العجلوني رحمه الله في الحديث
قال:
والحديث إن حمل على رؤية المنام فلا إشكال وان حمل على اليقظة فأجاب عنه ابن الهمام بأن هذا حجاب الصورة قال القاري كأنه أراد بهذا التجلي الصوري ولله تعالى أنواع من التجليات بحسب الذات والصفات لكنه تعالى منزه عن الجسم والصورة بحسب الذات وأما ما قاله السبكي في الحديث فان أراد أن في سنده ما يدل على وضعه فمسلم وإلا فبات التأويل واسع انتهى ملخصا.
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن ذلك فأجاب:
وقد يخيل لبعض الناس أنه رأى ربه وليس كذلك، فإن الشيطان قد يخيل لهم ويوهمهم أنه ربهم، كما روي أنه تخيل لعبد القادر الجيلاني على عرش فوق الماء، وقال أنا ربك وقد وضعت عنك التكاليف، فقال الشيخ عبد القادر: اخسأ يا عدو الله لست بربي؛ لأن أوامر ربي لا تسقط عن المكلفين، أو كما قال رحمه الله.
والمقصود أن رؤية الله عز وجل يقظة لا تحصل في الدنيا لأحد من الناس حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كما تقدم في حديث أبي ذر لما سئل الرسول هل رأيت ربك قال: نورا أنّا أراه.،، وكما دل على ذلك قوله سبحانه لموسى عليه الصلاة والسلام لما سأل ربه الرؤية. قال له: {لَنْ تَرَانِي} [2] الآية
لكن قد تحصل الرؤية في المنام للأنبياء وبعض الصالحين على وجه لا يشبه فيها سبحانه الخلق، كما تقدم في حديث معاذ رضي الله عنه،أن الرسول قد رأى ربه وإذا أمره بشيء يخالف الشرع فهذا علامة أنه لم ير ربه وإنما رأى شيطانا، فلو رآه وقال له: لا تصل قد أسقطت عنك التكاليف، أو قال ما عليك زكاة أو ما عليك صوم رمضان أو ما عليك بر والديك أو قال لا حرج عليك في أن تأكل الربا. . . فهذه كلها وأشباهها علامات على أنه رأى شيطانا وليس ربه
هذا والله أعلم فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان
ـ[قريح مولود]ــــــــ[20 - 04 - 08, 08:16 م]ـ
بارك الله فيكم واماتكم على الكتاب و السنة
ـ[أحمد بوادي]ــــــــ[06 - 05 - 08, 01:16 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبو أسامة الزهراني]ــــــــ[17 - 05 - 08, 06:08 ص]ـ
لو سمحتم يا احبه اريد توجيه لقول شيخ الاسلام ابن تيمية في كتابه بيان تلبيس الجهمية و الذي سأنقله بحروفه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/77)
يقول شيخ الاسلام ابن تيميه في بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعتهم الكلامية تحقيق الدكتور محمد البُريدي طبعة الملك فهد بالمدينة المنورة (7/ 288 - 289 - 290 - 291 - 292 - 293 - 294) في معرض رده على القاضي أبو يعلى حول رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه رؤيا عين قال: وقول ابن عباس قدجمهنا ألفاظه فأبلغ ما يقال رؤية العين: أن ابن عباس أراد بالمطلق رؤية العين؛ لوجوه:
أحدها: أن يقال هذا المفهوم من مطلق الرؤية.
و الثاني: لأن عائشة قالت: ((من زعم أن محمداً راى ربه فقد أعظم على الله الفرية))، و تأولت قوله تعالى: ((لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)) [الأنعام: 103]، و قوله: ((وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً)) [الشورى: 51] / وذلك إنما ينفي رؤية العين، فعلم أنها فهمت من قول من قال: أن محمداً رأى ربه رؤية العين.
الثالث: أن في حديث عكرمة: ((أليس يقول الرب تعالى: ((لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)) [الأنعام: 103]؟ فقال: لا أم لك، ذلك نوره الذي هو نوره، اذا تجلى بنوره لا يدركه شيء))، ومعلوم أن هذه الاية إنما يعارض بها من يثبت رؤية العين؛ ولأن الجواب بقول: ذاك نوره الذي هو نوره، اذا تجلى بنوره لا يدركه شيء، يقتضي أن الإدراك في غير هذه الحال و أن ما أخبر به من رؤيته هو من هذا الإدراك، الذي هو رؤية البصر، و أن البصر أدركه؛ لكن لم يدركه في نوره / الذي هو نوره الذي اذا تجلى فيه لم يدركه شيء.
و في هذا الخبر من رواية ابن أبي داود ((أنه سُئل ابن عباس: هل رأى محمد ربه؟ قال: نعم. قال: وكيف رآه؟ قال: في صورة شاب دونه ستر من لؤلؤ كأن قدميه في خضرة، فقلت أنا لابن عباس: أليس في قوله: ((لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)) [الأنعام: 103] قال: لاأم لك، ذلك نوره الذي هو نوره، اذا تجلى بنوره لا يدركه شيء))، وهذا يدل على أنه رآه، و أخبر أنه رآه في صورة شاب دونه ستر، وقدميه في خضرة، و أن هذه الرؤية هي المعارضة بالآية، و المجاب عنها بما تقدم فيقتضي أنها رؤية عين كما في الحديث الصحيح المرفوع عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رأيت ربي في صورة شاب أمرد له وفرة جعد قطط في روضة خضراء)).
الوجه الرابع: أن في حديث عبد الله بن أبي سلمة أن عبد الله بن عمر أرسل الى عبد الله بن العباس يسأله: هل ((رأى محمد ربه؟ فأرسل اليه عبد الله ابن عباس: أي نعم. فرد عليه عبد الله بن عمر رسوله أن كيف رآه؟ فأرسل إليه): رآه في روضة خضراء دونه فراش من ذهب على كرسي من ذهب تحمله أربعة من الملائكة)) كما تقدم.
وكون حملة العرش على هذه الصورة أربعة هو كذلك.
الوجة الخامسة: أنه ذكر أن الله اصطفى محمداً بالرؤية كما اصطفى موسى بالتكليم، ومن المعلوم أن رؤية القلب مشتركة لا تختص بمحمد كما أن الإيحاء لا يختص بموسى ولابد أن يثبت لمحمد من الرؤية على حديث ابن عباس مالم يثبت لغيره، كما ثبت لموسى من التكليم كذلم، وعلى الروايات الثلاث اعتمد ابن خزيمة في تثبيت الرؤية حيث قال: (باب ذكر الاخبار المأثورة في إثبات رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - خالقه العزيز العليم المحتجب عن أبصار بريته قبل اليوم الذي يجزي كل نفس ما كسبت، و ذكر اختصاص الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بالرؤية، كما خص ابرايهم بالخلة من بين جميع الرسل (و الانبياء جميعاً، وكما خص نبيه موسى عليه السلام بالكلام خصوصية خصه الله بها من بين جيمع الرسل)، و خص الله كل واحد منهم بفضيلة وبدرجة سنة كرماً منه و جوداً، كما أخبرنا عز وجل في محكم تنزيله في قوله تعالى: ((تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ [البقرة: 253].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/78)
ثم اشتمل حديث هشام الدستوائي عن قتادة عن عكرمة عبن ابن عباس قال: أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم،و الكلام لموسى و الرؤية لمحمد، صلى الله عليهم و سلم أجمعين، وذكر حديث الحكم عن عكرمة الذي فيه صورة شاب.
وذكر احتجاج بعض اصحابه بما روي عن أبي ذكر و ابن عباس في تفسير سورة النجم، و احتجاج بعضهم بقول ابن عباس في قوله: ((وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ [الإسراء: 60] أنها رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال ((في الهامش ((اي ابن خزيمة)))): وليس الخبر بالبين، أيضاً إن ابن عباس أراد بقوله: (رؤيا عين) رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه بيعنيه، لست استحل أن احتج بالتمويه، و لا استجيز أن أموه على مقتبسي العلم، فأما خبر قتادة و الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس، و خبر عبد الله بن أبي سلمة عن ابن عباس، فبين واضح أن ابن عباس - رضي الله عنهما - كان يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه)). في الهامش ((انظر (كتاب التوحيد 1/ 495)
((هنا يقول المحقق في يمين الصفحة: تعيقب المؤلف على استدلال ابن خزيمة على اثبات الرؤية))
وهذا من كلامه يقتضي أنه اعتمد هذا الطرق، و أنها تفيد رؤية العين لله، التي عليها قوله تعالى: ((وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ)) [الإسراء: 60] ويدل على ذلك حديث حماد ابن سلمة بن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس / مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((رأيت ربي)) وحديث الحكم عن عكرمة في حكم المرفوع أيضاً، لأنه ذكر خبر الرؤية على وجه لا يعلم بالرأي ولا بتأويل القرآن، وكذلك حيدث ابن أبي سلمة عن ابن عباس أخبر فيه بأمور لا تُعلم من تفسير القرآن. وعلى هذا فيكون خبر عكرمة عن ابن عباس و نحوه رؤية عين، كما يذهب إلى ذلك طوائف من أهل الحديث. ((في الهامش: انظر في ذلك الفتاوى للمؤلف 6/ 509 - 510)، الفتح (8/ 608 _ 609)، و (مرقاة المفاتيح 5/ 306)، و (فتح الملهم 1/ 335). اهـ
ـ[محمد السلفي المكي]ــــــــ[25 - 05 - 08, 10:11 ص]ـ
أرجو من الإخوة توضيح ما استشكله الأخ الزهراني
وفقك الله
ـ[عبد الرحمن السني]ــــــــ[30 - 11 - 08, 03:03 ص]ـ
صدر الأخ أبو أسامة الزهراني كلامه بتدليس -سامحه الله- فقال أن شيخ الإسلام يقول ص 288 بالجزء السابع من كتاب بيان تلبيس الجهمية طبعة مجمع الملك فهد تحقيق محمد البريدي:
وقول ابن عباس قدجمهنا ألفاظه فأبلغ ما يقال رؤية العين: أن ابن عباس أراد بالمطلق رؤية العين؛ لوجوه:
ـ
أقول: بالرجوع إلى المصدر المذكور أعلاه تبين أن الأخ حذف كلمتين من السياق من قوله (فأبلغ ما يقال رؤية العين) والصواب أنها (فأبلغ ما يقال لمن يثبت رؤية العين)، أي معنى الكلام: أن أقوى حجة لهم هي ما يأتي، ويؤكد كلامي دليلان:
1) أن المحقق علق على قوله (الوجه الرابع) ص 290 قائلا: أي من الوجوه التي يستدل بها مثبتو رؤية العين.
2) إذا افترضنا أن النقل السابق من متشابه قول ابن تيمية لجأنا لمحكمه كما علمنا الله سبحانه وتعالى، ومحكم شيخ الإسلام يظهر بالنقول الآتية على تريب صفحات الجزء السابع من الكتاب المذكور:
* ص 194: بعد أن ذكر حديث أم الطفيل قال: (وهذا الحديث الذي أمر أحمد بتحديثه قد صرح فيه بأنه رأى ذلك في المنام).
* ص 228: قال: (قلت: قد جعل أحمد حديث قتادة عن عكرمة عن ابن عباس الذي فيه ((في صورة شاب أمرد له وفرة)) هو الحديث المشهور عن ابن عائش الذي أرسله أسنده الذي فيه وضع الكف بين كتفيه عن معاذ – وفيه التصريح بأنه كان في المنام بالمدينة؟ فإن معاذا لم يصل خلف النبي صلى الله عليه وسلم إلا بالمدينة.
وحديث أم الطفيل المتقدم أيضا يصرح بأنه كان في المنام.
وحديث ثوبان مثل حديث معاذ فيه ((أنه تأخر عن صلاة الصبح)) وثوبان لم يصل خلفه إلا بالمدينة، مع أن السياقين سواء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/79)
وهذه الاحاديث كلها ترجع إلى هذه الأحاديث الأربعة، حديث أم الطفيل، وحديث ابن عائش عن معاذ، وحديث ثوبان، حديث ابن عباس، وقد ذكر الإمام أحمد -رحمه الله- أن أصلها حديث واحد وإن كان لم يذكر حديث ثوبان، إما أنه لم يبلغه، أو بلغه وذلك حديث قائم بنفسه، وكلها فيها يبين أن ذلك كان في المنام، وأنه كان بالمدينة إلا حديث عكرمة عن ابن عباس وقد جعل أصلهما واحدا، وكذلك قال العلماء).
* بل إن القاضي أبو يعلى يقول بعد الفقرة السابقة خلاف ما ذكره الأخ الزهراني، فيقول بعد أن ذكر حديث أم الطفيل: (واعلم أنها رؤيا منام؛ لأن أم الطفيل قد صرحت بهذا في خبرها وحديث ابن عباس أكثر ألفاظه مطلقة) ثم قال: (وقد نقل في بعضها –أي روايات حديث ابن عباس- صريح بذكر المنام، وذكر الإسناد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أتاني ربي الليلة في أحسن صورة، يعني في المنام، فقال لي: ...... )) وذكرالحديث).
* ص 238: قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وقد تبين بما ذكرنا أن الحديث الذي فيه ((أتاني ربي في أحسن صورة، ووضع يده بين كتفي)) إنما كان في المنام بالمدينة، ولم يكن ذلك ليلة المعرج كما يظن كثير من الناس).
وقال المحقق بالهامش: استظهار المؤلف أن حديث ((أتاني ربي في أحسن صورة)) إنما كان في المنام بالمدينة، ولم يكن ذلك ليلة المعراج كما يظن كثير من الناس.
* ص 256 - 257 تضعيف الشيخ لحديث ابن عباس ((رأى محمد ربه بعينيه مرتين)).
* من أول ص 266: قال المحقق بالهامش: تعقيب المؤلف على ما نقله القاضي وانتصاره للقول بأن الرؤية بالفؤاد من ستة وجوه.
* بل إن الشيخ رحمه الله ذكر في أول صفحة استدل بها الأخ الزهراني ص 288 قال: (فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: ((لما كانت ليلة أسري بي رأيت ربي في أحسن صورة، فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى))، وإنما ذكر أن ربه أتاه في المنام، وقال له هذا ووضع يده بين كتفيه بالمدينة في منامه).
* ص 357: قال: (فصل/ إذا عُرِفَ أن الحديث الذي فيه: ((رأيت ربي، وأتاني ربي في أحسن صورة، وقال: فيم يختصم الملأ الأعلى)) وفيه: ((فوضع يده بين كتفي)) إنما كان بالمدينة، وكان في المنام، وهو حديث ثابت ظهر خطأ طائفتين: طائفة تعتقد أنه كان في اليقظة ليلة المعراج، وتجعله من الصفات التي تقررها أو تحرفها.).
* ولا أجد أكثر صراحةً من النقل الآتي: ص 366: قال: (أما قول الرازي: ((إن كان عائدا إلى المرئي ففيه وجوه: الأول: أن يكون رأى ربه في المنام في صورة مخصوصة، وذلك جائز؛ لأن الرؤيا من تصرفات الخيال، فلا ينفك ذلك عن صورة متخيلة)). فيقال له: قد بينا أن ألفاظ الحديث صريحة، في أن هذه الرؤية كانت في المنام، فيكون هذا الوجه هو المقطوع به، وما سواه باطل، ولكن لا يكون ذلك من باب التأويل، بل الحديث على ظاهره، فيكون ظاهره أنه رآه في المنام، وهذا حق ولا يحتاج إلى تأويل؛ وهذا مقصودنا).
* ص 371: ردا على الرازي: (فقوله: ((واعلم أن قوله: ((رأيت ربي في أحسن صورة)) قد تقدم تأويله)) يقال له: ليس فيما تقدم ما يقرب من الحق إلا قوله: ((يحتمل أن يكون عائدا إلى المرئي، وتكون رؤيا منام)) فهذا الاحتمال قريب إلى الحق؛ لأن الحق أنه كان رؤيا منام، لكن هو جوز ذلك ولم يجزم به.).
أرى والله أعلم أن لا مجال بعد ما تقدم للتقول على شيخ الإسلام ابن تيمية طيب الله ثراه في تلك القضية.
ماذا تنقمون منه يا أشاعرة العالم هداكم الله؟؟؟!!!
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
ـ[أبو أسامة الزهراني]ــــــــ[30 - 11 - 08, 03:17 ص]ـ
أصاب عبد الرحمن السني و أخطأ أبو أسامة
و الله ما عمدت ولا قصدت
فهو سبق قلم أسأل الله أن يعفو عني
فو الله اني اتقرب الى الله بحب هذا العالم
جزاك الله خير يا اخي وبارك فيك
ـ[عبد الرحمن السني]ــــــــ[30 - 11 - 08, 03:27 ص]ـ
اللهم اغفر لأبي أسامة، واغفر لنا وللمسلمين أجمعين. واعذرني أخي على حدة كلامي ولكني لم أطق ذلك، ورزقنا الله وإياك الإحلاص في القول والعمل.
ـ[ناصر المسماري]ــــــــ[04 - 12 - 08, 12:34 ص]ـ
لو فرضنا صحة الحديث
هل تكون له علاقة بالآية الكريمة؟
قال تعالى: (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن) سورة الاسراء آية 60
وقد جاءت عدة تفاسير في الرؤية التي وردت في هذه الآية ولكن لم يرد في احداها أن المقصود بها هو الحديث الذي ذكر
نرجو الإفادة
ـ[أبو يوسف الخثعمي]ــــــــ[04 - 12 - 08, 01:36 م]ـ
مادم الحديث لم يثبت فالحديث عنه من غير جدوى
شكرا أبا عبدالرحمن على توضيح كلام شيخ الإسلام زادك الله حرصا وعلما
والشكر مضاعف لأبي أسامة جعله الله من أئمة الهدى والدين
ـ[أبو رواحة السمري]ــــــــ[07 - 12 - 08, 05:47 ص]ـ
أظن هناك فرق بين مسألتين:
1) جعل الرؤية منامية أو في اليقظة.
2) جعل الصورة المذكورة بالحديث صورة هي صفة لله حل في علاه.
فيمكن إثبات الرؤية كرؤية منامية مع إثبات الصورة المذكورة لله تعالى لكمال الرؤية في حقه صلى الله عليه وسلم إذا لو لم تكن صورة حقيقية لله لم يكن هناك فرق بين رؤيته المنامية ورؤية غيره من المؤمنين ربهم تبارك وتعالى في منامهم.
والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/80)
ـ[أبو رواحة السمري]ــــــــ[07 - 12 - 08, 06:37 ص]ـ
لا أظن هناك أي إشكال في الحديث إذ لا فرق كبير بين حديث "إن الله خلق آدم على صورته" وبين "رأيت ربي في صورة شاب أمرد جعد" إلا زيادة من التفصيل، وإلا لا أحد يزعم أن صورة الله مماثلة لصورة المخلوق.
الله أعلم.
أظن في هناك ردة فعل عند بعض الإخوة إذا سمعوا كلام المعطلة سارعوا إلى الإنكار من غير تثبت.
أذكر أول ما هداني الله إلى مذهب السلف منذ 11 سنة، قال جهمي من جهمية بلدي "إن شيخ الإسلام يزعم أن الله يقعد رسوله معه على عرشه يوم القيامة"، فبسبب جهلي وقلة اطلاعي في أول طلبي، استنكرت ذلك وقلت "مستحيل، أنت تكذب" إلى أن راجعت طالب من طلبة العلم فأرشدني إلى أن هذا مذهب السلف وقول كبار الأئمة.
الله أعلم.
ـ[جعفر بن مسافر]ــــــــ[08 - 12 - 08, 12:40 م]ـ
هذا البحث كان منقولاً قبل 4 سنوات .. وقد نسيت ان اكتب انه منقول فأشكر المشرف الكريم على توضيحه.
ـ[بدري أبوعاصم]ــــــــ[20 - 08 - 09, 11:23 ص]ـ
هذا الحديث له طرق كثيرة مختلفة حتى قال بعض الأئمة إنه حديث مضطرب
وهو عندي حديث منكر لا يصح إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبيانه فيما يلي
شيء عجيب من طالب علم أن يقول قال الامة ثم يقول عندي لا حول ولاقوة إلا بالله
ولا زال مشايخنا يحفظوننا أنه من استعجل الشيء قبل أوانه إبتلي بحرمانه
وأقول من أنت حتى تكون لك كلمة مع الأئمة أقول أئمتنا أهل السنة والجماعة السلفيين هي المعتبرة وهي دين أمرنا الله بالرجوع إليهم.
سبحان الله جرءة عجيبة.
ـ[بدري أبوعاصم]ــــــــ[24 - 08 - 09, 03:53 م]ـ
أظن هناك فرق بين مسألتين:
1) جعل الرؤية منامية أو في اليقظة.
2) جعل الصورة المذكورة بالحديث صورة هي صفة لله جل في علاه.
فيمكن إثبات الرؤية كرؤية منامية مع إثبات الصورة المذكورة لله تعالى لكمال الرؤية في حقه صلى الله عليه وسلم إذا لو لم تكن صورة حقيقية لله لم يكن هناك فرق بين رؤيته المنامية ورؤية غيره من المؤمنين ربهم تبارك وتعالى في منامهم.
والله أعلم.
أخي أبا رواحة لو نقلت لنا من عقائد أهل السنة والجماعة المعتمدة من جعل هذا من صفات الله عزوجل
وجزاك الله خيرا وبارك الله فيك
وإن لم يكن فعليك ان تترك هذه الاستلزامات
وعلى الواحد منا ان يستفيد مما نقله الاخوة حفظهم الله ووفقهم وسدد فهمهم عن الشيخ الثبت شيخ الاسلام رحمة الله عليه
وأذكر أننا سألنا اللجنة الدائمة ونحن في سن صغير أي انا وبعض اخواني عن حديث رأيت ربي البارحة وهو في صحيح الجامعة كما أذكر لأنه مر عليها زمن وكانت الاجابة أصلية يعني عليها ختم الشيخ بن بن باز طيب الله ثراه وإخوانه العلماء رحم الله ميتهم وحفظ الله حيهم
فكان جوابهم أن طريقة السلف في مثل هذه النصوص ان يمروها كما جاءت ولايتكلفوا فيها.
والله هو الموفق.
ـ[أبو المنذر سراج الدين]ــــــــ[05 - 11 - 09, 01:52 ص]ـ
جزى الله كل باحث عن الحق خير الجزاء
ـ[محمد سمير]ــــــــ[06 - 11 - 09, 10:48 ص]ـ
لو سمحتم يا احبه اريد توجيه لقول شيخ الاسلام ابن تيمية في كتابه بيان تلبيس الجهمية و الذي سأنقله بحروفه
يقول شيخ الاسلام ابن تيميه في بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعتهم الكلامية تحقيق الدكتور محمد البُريدي طبعة الملك فهد بالمدينة المنورة (7/ 288 - 289 - 290 - 291 - 292 - 293 - 294) في معرض رده على القاضي أبو يعلى حول رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه رؤيا عين قال: وقول ابن عباس قدجمهنا ألفاظه فأبلغ ما يقال رؤية العين: أن ابن عباس أراد بالمطلق رؤية العين؛
هل يوجد الكتاب على الشبكة جزاكم الله خيراً؟
ـ[أبو أسامة الزهراني]ــــــــ[06 - 11 - 09, 01:35 م]ـ
المشاركة الأصلية بواسطة أبو أسامة الزهراني http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/buttons/viewpost.gif (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=822320#post822320)
لو سمحتم يا احبه اريد توجيه لقول شيخ الاسلام ابن تيمية في كتابه بيان تلبيس الجهمية و الذي سأنقله بحروفه
يقول شيخ الاسلام ابن تيميه في بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعتهم الكلامية تحقيق الدكتور محمد البُريدي طبعة الملك فهد بالمدينة المنورة (7/ 288 - 289 - 290 - 291 - 292 - 293 - 294) في معرض رده على القاضي أبو يعلى حول رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه رؤيا عين قال: وقول ابن عباس قدجمهنا ألفاظه فأبلغ ما يقال لمن يُثبت رؤية العين: أن ابن عباس أراد بالمطلق رؤية العين؛
هل يوجد الكتاب على الشبكة جزاكم الله خيراً؟
اخي بارك الله فيك سبق و ان بحثت عن الكتاب في الشبكة ووجدته في صورة PDF لكن لم اعد اجد له رابط يعمل الان!!
احببت ان انبه اني أخطأت أن في ردي الذي اقتبست منه ... وقد رد علي أخي الكريم السني وفقه الله
فبهذا التعديل يتبين ان شيخ الاسلام لا يتبنى القول برؤية القيضة وإن رأى صحة الحديث ... بل هو هنا يعرض ادلة الخصم غير متبنياً ما فهموه منها ...
وفق الله الجميع لكل خير
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/81)
ـ[كاوا محمد ابو عبد البر]ــــــــ[25 - 04 - 10, 11:14 م]ـ
بارك الله فيكم(27/82)
قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب (التوسل بالصالحين مسألةفقهيةمختلف فيهافلاننكرعلى من فعله
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[17 - 02 - 04, 05:29 ص]ـ
الحمد لله وحده ...
الحامل على نقل هذا الكلام هو:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&postid=79920#post79920
.....
لله دره , قد أحيا الله به الدين.
.................................................. .............................
قال صاحب (الثوابت والمتغيرات):
ويقرر هذا المعنى (1) من المعاصرين (2) الشيخ محمد بن عبدالوهاب عند حديثه عن التوسل فيقول:
(فكون بعض العلماء يرخص بالتوسل بالصالحين , وبعضهم يخصه بالنبي صلى الله عليه وسلم , وأكثر العلماء ينهى عن ذلك ويكرهه, فهذه المسألة من مسائل الفقه , ولو كان الصواب عندنا قول الجمهور: إنه مكروه.
فلا ننكر على من فعله , ولا إنكار في مسائل الإجتهاد)
ثم قال في الحاشية:
[مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب , - القسم الثالث - الفتاوى:68.
*التوسل المختلف فيه في مثل هذا المقام هو مثل قول القائل: اللهم إني أسألك بجاه نبيك , صلى الله عليه وسلم , أو بجاه الصالحين من عبادك كذا وكذا. وهو مختلف بطبيعة الحال عن التوجه بالدعاء إلى الميت مباشرة الذي يعد شركا بالإجماع.] اهـ الأصل والحاشية بالتمام.
-------------------------------------------------------------------------------
وهذه الحواشي لي أنا:
(1) يريد معنى: عدم الإنكار على المخالف في المسائل الإجتهادية.
(2) كذا و لعل الصواب أن يقول: المتأخرين.
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[17 - 02 - 04, 06:13 ص]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة خالد بن عمر
هذا السؤال والجواب كاملين فقارن بينهما وبين النقل المبتور
والعزو في النقل الذي ذكرته مأخوذ من السي دي الذي فيه مؤلفات الشيخ رحمه الله
**********
قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى في جوابه على سؤال وجه إليه هذا نصه:
السؤال:
العاشرة - قولهم في الاستسقاء: لا بأس بالتوسل بالشيوخ والعلماء المتّقين، وقوله: يجوز أن يُسْتَشْفَع إلى الله برجل صالح، وقيل:
يستحب، قال أحمد: إنه يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في دعائه؛ وقال أحمد وغيره في قوله عليه السلام: "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق" الاستعاذة لا تكون بمخلوق، فما معنى هذا الكلام؟ وما العمل عليه منهما أم على قوله فما المعنى؟ وقولهم في الشرح: قال إبراهيم الحربي: الدعاء عند قبر معروف الترياق المجرَّب، فما معنى هذا الكلام؟ قال في الفروع: قال شيخنا: قصدُه الدعاءَ عنده رجاءَ الإجابة بدعةٌ لا قربة باتفاق الأئمة، فما معنى هذا الكلام؟
الجواب:
العاشرة - قولهم في الاستسقاء: لا بأس بالتوسل بالصالحين: وقول أحمد: يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، مع قولهم إنه لا يستغاث بمخلوق، فالفرق ظاهر جداً، وليس الكلام مما نحن فيه، فكون بعضٍ يرخِّص بالتوسل بالصالحين وبعضهم يخصُّه بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأكثر العلماء ينهي عن ذلك ويكرهه، فهذه المسألة من مسائل الفقه، ولو كان الصواب عندنا قول الجمهور إنه مكروه فلا ننكر على من فعله، ولا إنكار في مسائل الاجتهاد، لكن إنكارنا على من دعا لمخلوق أعظم مما يدعو الله تعالى، ويقصد القبر يتضرع عند ضريح الشيخ عبد القادر أو غيره يطلب فيه تفريج الكربات، وإغاثة اللهفات، وإعطاء الرغبات فأين هذا ممن يدعو الله مخلصاً له الدين لا يدعو مع الله أحداً، ولكن يقول في دعائه: أسألك بنبيك، أو بالمرسلين، أو بعبادك الصالحين، أو يقصد قبر معروف أو غيره يدعو عنده، لكن لا يدعو (إلا) الله مخلصاً له الدين، فأين هذا مما نحن فيه؟ أهـ
مجموع مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب (2/ 41) ط 1، دار القاسم
ملاحظة:
هذا المجلد فيه ثلاث رسائل وهذا الكلام في الرسالة الأخيرة (إي ابحث عن هذا الكلام في الترقيم الذي في آخر المجلد)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=11725&highlight=%C8%C7%E1%CA%E6%D3%E1
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[17 - 02 - 04, 06:23 ص]ـ
الحمد لله وحده ...
شكر الله لك يا شيخ
هل لي أن تقارن بين النصين , وتوضح ما تراه.
جزاك الله خيرا.
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[17 - 02 - 04, 06:39 ص]ـ
المضمون واحد أخي الأزهري
ولكني أحببت ان أنقل النص كاملا فقط
ولأبين أني استعجلت في المرة الأولى [وجه مبتسم]
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[17 - 02 - 04, 06:48 ص]ـ
الحمد لله وحده ...
أخي الشيخ خالد , جزاك الله خيرا.
و والله إني أحبك في الله
ـ[البراق]ــــــــ[17 - 02 - 04, 08:24 م]ـ
نعم .. صحيح أنها مسألة فقهية مختلف فيها ومطروحة في كتب الفقهاء .... بينما الإستغاثة مسألة عقائدية عدم جوازها غير مختلف فيه ... والفرق أن الدعاء عبادة لقوله صلى الله عليه وسل (الدعاء هو العبادة) ففي التوسل توجه الدعاء لله بقولك ((اللهم إني أتوسل اليك بذلك العمل الصالح أو بايماني بنبيك - أو على من أجازها من الفقهاء -أتوسل اليك بنبيك محمد .. الخ)) بينما في الإستغاثة المحرمة هو توجيه الدعاء للمخلوق والطلب منه مما لا يقدر عليه الا الله ... مثل قولك ((يا عبدالقادر ارزقني)) ((أو يا بدوي فرج كربتي)) فهذا النوع ليس مختلف فيه بين الفقهاء بحرمته وظاهره الشرك، لأن صرف العبادة وهي الدعاء لغير الله شرك. ... أردت من ذلك توضيح الفرق بين التوسل والإستغاثة المحرمة عند الفقهاء وجزاكم الله خيرا
أخوكم: البراق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/83)
ـ[أبو حبيب التتاري]ــــــــ[24 - 03 - 10, 04:45 م]ـ
عجييييب ... كل يوم يطلع شيء جديد))
وما الدليل على جواز الدعاء بهذا الشكل؟ وما معناه؟ اتوسل اليك بفلان؟ ما معناه؟
ـ[أبو عبد الرحمان أمين الجزائري]ــــــــ[24 - 03 - 10, 08:34 م]ـ
السلام عليكم ...
من قال لك أخي الكريم التتاري أن المقصود تجويز هذا النوع من التوسل والدعاء؟
غاية ما في الأمر تبيان أن المسألة فقهية اجتهادية عكس ما يظنه الكثير من طلبة العلم المتعجلون والذين تطاولوا على الدعاة والعلماء ممن قالوا بوجود الاختلاف.
وللعلم نفس هذا المعنى ذكره الكثير من العلماء وعلى سبيل المثال لا الحصر أذكر:
1 - شيخ الاسلام تقي الدين ابن تيمية في مجموع الفتاوى.
2 - عبد الحميد بن باديس في شرح حديث الأعمى.
3 - حسن البنا في الأصل الخامس عشر من الأصول العشرين.
4 - محمد ناصر الدين الألباني في آخر كتاب التوسل والوسيلة.
ـ[محمد معطى الله]ــــــــ[24 - 03 - 10, 11:43 م]ـ
الذي أعلمه أن التوسل بذات أو بجاه الصالحين بدعة منكرة وذريعة من ذرائع الشرك لم ينقل عن أحد من سلف الأمة جوازه، سوى ما رواه المروذي متفردا عن أحمد وهو ممن يتفرد بالغرائب عن أحمد ففي صحتها عن أحمد نظر
وأنا أعجب ممن يتناول هذه المسألة بعيدا عن أصول العلم؟
فإذا جاء إلى مسألة كهذه ليس عنده فيها ما يعوَّل عليه من أصول علمية توكأ على أقوال المتأخرين من أهل العلم وأعرض عن صنيع جماهير سلف الأمة وتراه يبرز جانب النقل عن أهل العلم دون مناقشة الأصول العلمية المتعلقة بالمسالة
فإذا جاء إلى مسألة أخرى ورأى أن رصيده مفلس من أقوال أهل العلم أعرض عن هذا الجانب وأبرز جانب المحاكمة إلى الأصول العلمية وزهّد في الأقوال المنقولة في المسالة كمن يشاغب في مسالة جلوس النبي على العرش تبعا لأثر مجاهد وغيره
فأنا أدعو إخواني الباحثين إلى التدقيق في طرح المسألة.
والذي تبين لي من دراسة هذه المسألة أن الخلاف فيها لا يسوغ لكونها بدعة محدثة لم تؤثر عن أحد من السلف بل أنكرت على عهدهم منذ النصف الأول من القرن الثاني ولم تصح عن أحد من المتبوعين من السلف
ثم هي لا تستند لأصل شرعي فهي صورة من طلب الدعاء لا تقوم على سبب كوني صحيح فضلا عن شرعي
ما علاقة المتوسَّل به الغائب بالمتوسِّل؟
كيف نتصور أن العزيز الكريم يقبل الوساطة الوهمية غير الحقيقية لكل من يدعيها؟
هذا ينافي العزة والكرامة
لو اشتهر بين الناس أن مسؤولا ما بمجرد أن يذكر له قريب من أقربائه يبذل المساعدة لكل من يفعل هذا معتبرا أنها شفاعة مقبولة لاعتبره الناس ساذجا لا كريما فكيف بالعزيز الحكيم
أليست كل حالة يحصل فيها توسل من هذا النوع يرِد عليها أن المتوسَّل به قد يرفض أن يكون شفيعا للمتوسِّل لسبب قائم في المتوسل؟
أويس القرني قد لا يقبل أن يشفع لأبي نواس وغيرُه مع غيرِه
لابد من استحضار معنى صحيح كونا قبل التوكإ على الاستدلالات المتكلفة
وحديث الرجل الضرير لو صح فهو في التوسل بالحي مع انه مضطرب السند ومنكر
فالمسالة في حق من اعتاد تسويغ البدع والمحدثات وينطلق في تسويغها من أصول أهل البدع في الاستدلال هي غير سائغة الخلاف وينكر عليه وقد يبدع
أما من زلت به القدم من اهل السنة فيعذر ولا ينكر عليه، تماما كما كان يفعل أحمد في مسالة الجهر بالبسملة فإنه قد كان يعتبرها خلافية مع أناس دون أناس تبعا لأصل الاستدلال
وكان يقيد تهمة التجهم في حق من يقول باللفظ بمن يحسن علم الكلام وينطلق في تسويغ مقالة اللفظية من مبدإ المتكلمين هذا الذي يعتبره احمد جهميا
وللحديث بقية
ـ[ابو سمية الأثري]ــــــــ[25 - 03 - 10, 12:13 ص]ـ
جزاكم الله خيرا الذي اعلمه هو ما ذكره الاخ محمد معطى الله
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[25 - 03 - 10, 06:28 ص]ـ
والذي تبين لي من دراسة هذه المسألة أن الخلاف فيها لا يسوغ لكونها بدعة محدثة لم تؤثر عن أحد من السلف بل أنكرت على عهدهم منذ النصف الأول من القرن الثاني ولم تصح عن أحد من المتبوعين من السلف
سؤال للفائدة: من أنكر التوسل من السلف غير أبي حنيفة؟
ـ[أبو عبد الرحمان أمين الجزائري]ــــــــ[25 - 03 - 10, 02:18 م]ـ
سؤال: هل كل من قرر أن هذه المسألة فقهية والاجتهاد فيها سائغ مثل شيخ الاسلام ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وعبد الحميد بن باديس ومحمد ناصر الدين الألباني وغيرهم كثير يعتبرون ممن زلت بهم القدم من أهل السنة؟
أم أن نظرهم ثاقب ولم يتعصبوا لآراء الرجال ولم يلزموا أنفسهم الرأي الواحد آفة الكثير من المقلدين؟
وسأعود وأنقل أقوال أهل العلم المذكورين آنفا وغيرهم للدلالة على أن المسألة كما قالوا فقهية اجتهادية ولا علاقة لها بالأصول مع أني أدين الله بالرأي الراجح وهو عدم جواز أو كراهة ومرجوحية هذا النوع من التوسل والدعاء وفرق بينه وبين الاستغاثة ودعاء غير الله وهو قول من ذكرت من العلماء سابقا وغيرهم ...
فائدة:
تسمية مسائل العقيدة بالأصول من باب التشريف و مسائل الفقه بالفروع من باب التغليب وهو تقسيم محدث من قبل المتكلمين كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية، وإلا فالعقيدة فيها أصول وفروع والفقه كذلك.
ومسألتنا هذه بالذات قال فيها العلماء المذكورون وغيرهم كثير أنها من مسائل الفقه الفرعية الاجتهادية وليست من مسائل العقيدة لا الفرعية ولا الأصلية ...
وللكلام بقية ان شاء الله ...
تنبيه
لاتنسوني من صالح الدعاء
علما نافعا ورزقا طيبا وعملا متقبلا وزوجة صالحة تعين على طلب العلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/84)
ـ[إبراهيم بن سعيد بن سليمان]ــــــــ[31 - 03 - 10, 01:17 ص]ـ
نفعنا الله و إياكم للعمل الصالح.
موضوع طيب فجزاكم الله خيرا في الدنيا والأخرة
ـ[موسى الكاظم]ــــــــ[03 - 04 - 10, 12:50 ص]ـ
المختار أنها بدعة وذريعة إلى الشرك
والواقع يصرخ بذلك
لكنها في نفس الوقت مختلف فيها ويسوغ فيها الاجتهاد، فلا ننكر على العلماء الذين اجتهدوا في ذلك
والمنع منه أولى لأن فيه صوراً متفق على حرمتها، وليس كثير من العوام يحسن معرفة المشروع من الممنوع!
ـ[أحمد المعصراوي]ــــــــ[03 - 04 - 10, 01:21 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل ماقاله سيدنا عمر بن الخطاب يعتبر من قبيل التوسل بالصالحين؟
(اللهم إنا كنا نستسقي بنبيك وهو بيننا، اللهم وإنا اليوم نستسقي بعمِّ نبيك، فاسقنا)
ثم لماذا لم يتوجه رضي الله عنه ويدعو الله دون حاجة الى ابن عباس رضي الله عنهما؟
نرجو التوضيح منكم
باركك الرحمن
ـ[ناصر المسماري]ــــــــ[03 - 04 - 10, 09:09 م]ـ
السؤال الذي يدور بذهني , ما هو دليل المبيحين؟
فكل مسألة لها ادلتها، وكلام الرجال يقارن بالدليل ولا أحد معصوم إلا الانبياء.
نرجو التوضيح
ـ[أبو عبد الرحمان أمين الجزائري]ــــــــ[04 - 04 - 10, 05:08 م]ـ
السؤال الذي يدور بذهني , ما هو دليل المبيحين؟
فكل مسألة لها ادلتها، وكلام الرجال يقارن بالدليل ولا أحد معصوم إلا الانبياء.
نرجو التوضيح
أبشر أخي الغالي، وسأنقل لك الخلاف في المسألة رغم قناعتنا بمرجوحية هذا النوع من التوسل ...
المختار أنها بدعة وذريعة إلى الشرك
والواقع يصرخ بذلك
لكنها في نفس الوقت مختلف فيها ويسوغ فيها الاجتهاد، فلا ننكر على العلماء الذين اجتهدوا في ذلك
والمنع منه أولى لأن فيه صوراً متفق على حرمتها، وليس كثير من العوام يحسن معرفة المشروع من الممنوع!
فساد بعض الناس أخي الحبيب لا يغير من الحكم وواجبنا هو توضيح الحق والتربية عليه ...
سؤال للفائدة: من أنكر التوسل من السلف غير أبي حنيفة؟
الجواب: لا أحد أخي الغالي غير أبي حنيفة وأصحابه، بل ثبت عن الامام أحمد وهو من السلف الصالح جواز التوسل بالنبي خاصة وعن الامام الشوكاني من المتأخرين جواز التوسل بالصالحين عموما ...
وأقول التوسل - وهو قولهم: أسألك بجاه فلان من الأنبياء أو الصالحين - لا الاستغاثة بهم والفرق واضح.
وسأبدأ بنقل أقوال أهل العلم مختصرة ومطولة التي توضح المسألة واختلاف الأنظار فيها والبداية تكون من فتوى الشيخ المحدث عبد الله السعد حفظه الله .. فعلى بركة الله ...
قال الشيخ عبد الله السعد في الفتاوى الحديثية:
41 - التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم: له صورتان: شرك أكبر والثانية: أن يقول اللهم إني أتوسل إليك بجاه نبيك أو بحق نبيك , وأما الشرك الأكبر: أن يسأل رسول الله أن يعفو عنه أو يغفر له أو ينقذه فهو من الكفر والشرك الأكبر قال الله تعالى " ومن أضل ممن تدعون إلا إياه ... " والصورة الثانية: اختلفوا فهناك من منع وهم الجمهور – المتقدمون- وهناك من أجازه وهو جمهور المتأخرين والصواب أنه لا يجوز ونص أبو حنيفة وصاحباه رحمهم الله: على المنع من ذلك فلا نعرف شخصا من أقران أبي حنيفة دعا بذلك وإنما حصل بعد ذلك والتوسل الذي جاء في القرآن الكريم توسل بتوحيد الله - فنادى في الظلمات أن لا إ له إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين - أو أسماء الحسنى وصفاته العلى .. أو بالعمل الصالح كما ثبت في السنة في حديث الغار ...
يتبع باقي أقوال أهل العلم ان شاء الله
تنبيه
لاتنسوني من صالح الدعاء
علما نافعا ورزقا طيبا وعملا متقبلا وزوجة صالحة تعين على طلب العلم
ـ[هشام أبو يزيد]ــــــــ[04 - 04 - 10, 09:35 م]ـ
الحق أن في الرسائل الشخصية للإمام ابن عبد الوهاب رحمه الله كلمات تحتاج إلى تحقيق النسبة إليها. فكيف يقول الشيخ بأنها مسألة اجتهادية وكل تلامذته وأولاده وأحفاده يصرحون ببدعيته وإنكاره. من ذلك مثلا:
سئل الشيخ عبد الرحمن بن حسن: عن دعاء الزائر بقوله: يا ربنا، بحرمة نبيك ووليك، اقض حاجتي ... إلخ؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/85)
فأجاب: هذا من التوسل بذوات الأموات، وهو من البدع المنكرة، والذرائع الموصلة إلى الشرك؛ ولذلك لم يفعله أحد من الخلفاء الراشدين، ولا من الصحابة؛ فلو كان حقاً لسبقونا إليه، فإنهم أعظم الناس سبقاً إلى كل خير، فتركهم ذلك في حق النبي صلى الله عليه وسلم مع قربهم من قبره، يدل على أنه من البدع التي يجب تركها .. إلخ. [الدرر السنية: 5/ 163]
وقال الشيخ عبد الله بن الإمام محمد بن عبد الوهاب:
وأما التوسل، وهو أن يقول القائل: اللهم إني أتوسل إليك بجاه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم أو بحق نبيك، أو بجاه عبادك الصالحين، أو بحق عبدك فلان، فهذا من أقسام البدع المذمومة، ولم يرد بذلك نص. [الدرر السنية: 232]
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله بن الإمام:
وأما التوسل بجاه المخلوقين، كمن يقول: اللهم إني أسألك بجاه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك، فهذا لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وأكثر العلماء على النهي عنه، وحكى ابن القيم رحمه الله تعالى: أنه بدعة إجماعًا، ولو كان الأنبياء والصالحون لهم جاه عند الله سبحانه وتعالى، فلا يقتضى ذلك جواز التوسل بذواتهم وجاههم.
لأن الذي لهم من الجاه والدرجات، أمر يعود نفعه إليهم، ولا ننتفع من ذلك إلا باتباعنا لهم ومحبتنا لهم، والله المجازي لنا على ذلك. [الدرر السنية: 2/ 160] .. وغيرهم كثير.
ولا زال علماء الدعوة النجدية حتى عصرنا يفتون بذلك، فكيف غاب عنهم قول إمامهم بأن المسألة اجتهادية يسوغ الخلاف فيها، وقد جعلها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله من الشرك الأصغر إذ يرى أن كل ما كان وسيلة إلى الشرك الأكبر فهو من الشرك الأصغر.
وكون بعض العلماء قال به لا يجعل المسألة اجتهادية بل خلافية، وفرق كبير بين المسائل الخلافية والمسائل الاجتهادية، فليس كل مسألة قال بها مخالف يسوغ فيها الاختلاف، وقد حرر هذا المعنى الإمام ابن القيم رحمه بالله بالتفصيل في "إعلام الموقعين" في نقده لقاعدة: لا إنكار على المختلف فيه فليراجع.
ولو أن كل مسألة اعتبرناها اجتهادية لمجرد قائل بها لساغ لنا أن نعتبر أيضا الاحتفال بالمولد النبوي اجتهادا، واتخاذ القبور مساجد، والتماس الإجابة عند مقابر الصالحين، والاعتذار للزنادقة من الحلوليين والاتحاديين لأن من العلماء من اعتذر لهم، وبناء القباب والمنارات على القبور .. وهلم جرًّا
وأما السؤال هل منع من ذلك غير أبي حنيفة وأصحابه؟ فالجواب أن البدع لا تحتاج إلى نص على المنع، إنما يحتاج إلى هذا في الحلال والحرام، أما العبادات فإن الأصل فيها المنع حتى ينص الشارع عليها، وذلك لأن البدع كثيرة ولا حصر لها وتتجدد بتجدد الأيام والسنين، فيكفيها قاعدة عامة في المنع منها، والله تعالى أعلم بالصواب.
ـ[ابوعمر الدغيلبي]ــــــــ[05 - 04 - 10, 12:59 ص]ـ
أخشى أن يكون هذا النقل عن الامام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله من كتاب نسب إلى الشيخ (أحكام تمني الموت) و أدخل في مؤلفاته من غير قصد من الذين جمعوا المؤلفات للشيخ.
وقد ابطل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله نسبة هذا الكتاب للإمام المجدد رحمه الله في كتاب (إبطال نسبة كتاب أحكام تمني الموت)
ـ[أبو عبد الرحمان أمين الجزائري]ــــــــ[06 - 04 - 10, 06:57 م]ـ
تابع لنقل أقوال العلماء أن هذا النوع من التوسل مسألة فقهية اجتهادية وليست من فروع العقيدة فضلا أن تكون من أصولها، وأنه خلاف في كيفية الدعاء لا في أصل الدعاء، والتفريق بين هذا و بين الاستغاثة بالمخلوقين.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين:
أما التوسل بحق الرسول فغير جائز؛ لأن حق الرسول الذي ينتفع به هو الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا إذا قصد القائل بحق الرسول عليَّ وهو الإيمان به واتباعه صار هذا من باب التوسل بالأعمال الصالحة. وكذلك التوسل بجاه الرسول الصواب أنه لا يجوز، وأقول: يا أخي المسلم! بدلاً من أن تتوسل بأشياء مشتبهة وأشياء مختلف فيها، توسل إلى الله بشيء واضح لا إشكال فيه، عندك أنواع التوسل الجائز وهي سبعة أنواع كما ذكرنا.
ملحوظة هامة:
فكيف يقول الشيخ بأنها مسألة اجتهادية وكل تلامذته وأولاده وأحفاده يصرحون ببدعيته وإنكاره
مخاالفة التلاميذ لشيخهم ليست دليلا لانكار أقواله وإلا هدمت أقوال العلماء بمثل هذه الشبه العقلية المخالفة لعمل أهل العلم وجهدهم في نسبة أعمال العلماء، ولا بأس أن يكشف لنا أحد العلماء المختصين بالدليل أن فتاوى الشيخ محمد بن عبد الوهاب منسوبة إليه زورا أو خطأ ...
والله أعلم وهو الموفق
تنبيه
لاتنسوني من صالح الدعاء
علما نافعا ورزقا طيبا وعملا متقبلا وزوجة صالحة تعين على طلب العلم
ـ[حارث البديع]ــــــــ[10 - 05 - 10, 01:34 م]ـ
أو يقصد قبر معروف أو غيره يدعو عنده، لكن لا يدعو (إلا) الله مخلصاً له الدين
هذا كلام مقتبس من الامام ابن عبدالوهاب
فهل غيره من السلف أو المعاصرين أجازه
وبارك الله فيكم؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/86)
ـ[أبو عبد الرحمان أمين الجزائري]ــــــــ[12 - 05 - 10, 12:18 ص]ـ
الكتاب: عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية وأثرها في العالم الإسلامي
تأليف: د. صالح بن عبدالله بن عبد الرحمن العبود
"وقال الشيخ رحمه الله في كشف تسميتهم دعاء الأموات والأولياء بالتوسل ليتوصلوا إلى جوازه:
الدعاء الذي يفعل في هذا الزمان أنواع:
النوع الأول: دعاء الله وحده لا شريك له الذي بعث الله به رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
النوع الثاني: أن يدعو الله ويدعو معه نبيا أو وليا، ويقول: أريد شفاعته، وإلا، فأنا أعلم ما ينفع ولا يضر إلا الله، لكن أنا مذنب، وأدعو هذا الصالح لعله يشفع لي؛ فهذا الذي فعله المشركون وقاتلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يتركوه، ولا يدعو مع الله أحدا لا لطلب شفع ولا نفع.
النوع الثالث: أن يقول: اللهم إني أتوسل إليك بنبيك أو بالأنبياء أو الصالحين؛ فهذا ليس شركا، ولا نهينا الناس عنه على أنه شرك، ولكن المذكور عن أبي حنيفة وأبي يوسف وغيرهم أنهم كرهوه، لكن؛ ليس مما نختلف نحن وغيرنا فيه" (1).
وسئل الشيخ رحمه الله عن قول بعض الفقهاء في الاستسقاء: لا بأس ب التوسل بالشيوخ والعلماء المتقين وقولهم: يجوز أن يستشفع إلى الله برجل صالح، وقيل: يستحب، وقول أحمد: إنه يتوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في دعائه، والفرق بين هذا القول وقول أحمد وغيره في قوله عليه الصلاة والسلام: " أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق " (1).
الاستعاذة لا تكون بمخلوق؛ فما معنى هذا؟ وما العمل عليه منهما؟
فأجاب بقوله: "قولهم في الاستسقاء: لا بأس بالتوسل بالصالحين، وقول أحمد: يتوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة، مع قولهم: إنه لا يستغاث بمخلوق؛ فالفرق ظاهر جدا، وليس الكلام مما نحن فيه؛ فكون بعض يرخص بالتوسل بالصالحين، وبعضهم يخصه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وأكثر العلماء ينهى عن ذلك ويكرهه؛ فهذه المسألة من مسائل الفقه، ولو كان الصواب عندنا قول الجمهور أنه مكروه؛ فلا ننكر على من فعله، ولا إنكار في مسائل الاجتهاد، لكن إنكارنا على من دعا المخلوق أعظم مما يدعو الله تعالى، ويقصد القبر، يتضرع عند ضريح الشيخ عبد القادر أو غيره، يطلب فيه تفريج الكربات، وإغاثة اللهفات، وإعطاء الرغبات؛ فأين هذا ممن يدعو الله مخلصا له الدين لا يدعو مع الله أحدا، ولكن يقول في دعائه: أسألك بنبيك أو بالمرسلين أو بعبادك الصالحين، أو يقصد قبر معروف أو غيره يدعو عنده، ولكن لا يدعو إلا الله مخلصا له الدين؛ فأين هذا مما نحن فيه؟! " (2).
وهكذا كشف الشيخ تلبيسهم، حيث جعلوا دعاء غير الله توسلا، ببيان ما هو التوسل الحقيقي في الدعاء، والفرق بينه وبين دعاء غير الله تعالى، وأن التوسل مسألة خارجة عن موضوع النزاع، وهو دعاء غير الله تعالى."
--------------------------------------
(1) "الدرر السنية" (الطبعة الثانية، ج 2، ص 43).
(2) "مؤلفات الشيخ" (القسم الثالث، الفتاوى، ص 59، 60، 68، 69).
ـ[أبو عبد الرحمان أمين الجزائري]ــــــــ[12 - 05 - 10, 12:19 ص]ـ
يتبع ان شاء الله ...
ـ[حارث البديع]ــــــــ[13 - 05 - 10, 03:03 ص]ـ
بوركت اخى ننتظر المزيد
الاخوة البقية
زكوا علمكم يبارك الله لكم
أفيدونا(27/87)
لم هذا الجدال في معاني الصفات
ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[19 - 02 - 04, 11:46 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله عدد خلقه و الصلاة و السلام على خاتم رسله وعلى آله وصحبه أما بعد
فقد تألمت من أسلوب خوض بعض الأخوة الكاتبين في هذا المنتدى في صفات الباري تعالى على طريقة تقشعر منها الأبدان ويعلم من تأمل الكتاب و السنة و قرأ و فهم طريقة السلف من الأئمة أنها عن الصواب نائية و فيها ما قد كرهه الأئمة من الجدال وفيها ما ينزه الباري عنه من ضعيف المقال. فهذه نصيحة كتبتها على عجل و في قلبي مما قرأت هم و وجل. و الله يغفر لإخواننا و يوفقنا جميعا لمرضاته.
إخواني لا يرتاب من أنصف وعرف كلام الأئمة أن مسائل الصفات لا ينفع فيها إلا التسليم والإيمان وأن التوسع فيها بذكر الشبه أوالتأويلات ليس من طريقة الأئمة. روى الإمام ابن عبد البر رحمه الله تعالى عن مصعب بن عبد الله الزبيري من تلاميذ الإمام مالك رحمه الله تعالى قوله:
(كان مالك بن أنس يقول: الكلام في الدين أكرهه ولم يزل أهل بلدنا يكرهونه وينهون عنه نحو الكلام في رأي جهم والقدر، وكل ما أشبه ذلك ولا أحب الكلام إلا فيما تحته عمل، فأما الكلام في دين الله وفي الله عز وجل فالسكوت أحب إلي لأني رأيت أهل بلدنا، ينهون عن الكلام في الدين إلا فيما تحته عمل) اهـ. جامع بيان العلم 2/ 116 وسنده صحيح قال أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى معقبا على ذلك:
((قد بين مالك رحمه الله تعالى أن الكلام فيما تحته عمل هو المباح عنده وعند أهل بلده يعني العلماء منهم رضي الله عنهم، وأخبر أن الكلام في الدين نحو القول في صفات الله وأسمائه ونحو قول جهم والقدر. والذي قاله مالك رحمه الله تعالى عليه جماعة الفقهاء والعلماء قديما وحديثا من أهل الحديث والفتوى، وإنما خالف ذلك أهل البدع المعتزلة وسائر الفرق، وأما الجماعة فعلى ما قال مالك رحمه الله تعالى إلا أن يضطر أحد فلا يسعه السكوت إذا طمع برد الباطل وصرف صاحبه عن مذهبه أو خشي ضلال عامة أو نحو هذا)) اهـ.
فهذا مالك رحمه الله تعالى لا يرى الدخول في ذلك أصلا بل يرى الكلام في ذلك مما نهى عنه أهل المدينة، ومالك قد أدرك بعض البدع المشهورة ومع ذلك يقول مثل هذا. فالإمام مالك من أكثر الأئمة إن لم يكن أكثرهم تشددا في العلم والرواية ولما كان من أهل الانتقاء والتدقيق في الروايات اشتد حرص الأئمة المصنفين في الصحيح وعموم السنن على روايته وحديثه بحيث لم يُقدِّموا على حديثه حديث أحد من الأئمة المشهورين بالعلم من طبقته.
وقال أبوعمر بن عبد البر رحمه الله تعالى: (ليس في الاعتقاد كله في صفات الله تعالى وأسمائه إلا ماجاء منصوصا في كتاب الله أو صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أجمعت الأمة عليه، وما جاء من أخبارالآحاد في ذلك كله يُسَلَّمُ له ولا
يناظر فيه) اهـ. التمهيد 2/ 117 - 118
وقال أيضا: (تناظر القوم وتجادلوا في الفقه، ونهوا عن الجدال في الاعتقاد، لأنه يؤول إلى الانسلاخ من الدين، ألا ترى مناظرة بشر في قوله جل وعز: ? ما يكون من نجوى ثلاثة إلا وهو رابعهم ?، (المجادلة - 7)، حين قال بذاته في كل مكان فقال له خصمه، هو في قلنسوتك وفي حشك وفي جوف حمار، تعالى الله عما يقولون. حكى ذلك وكيع رحمه الله تعالى وأنا والله أ كره أن أحكي كلامهم) اهـ. () وكاتبها العبد الفقير إلى الله تعالى، يسأل الله تعالى المغفرة من نقلها، فقد كتبتها والله وأنا أستغفر الله تعالى وأسأله سبحانه الستر والغفران لي ولجميع المسلمين.
وفي كتاب السنة للخلال: ((واعلم أن ترك الخصومة والجدال هو طريق من مضى، ولم يكونوا أصحاب خصومة ولا جدال)) اهـ. ()
وقال الإمام الخطابي: (واعلم أن الأئمة الماضين والسلف المتقدمين لم يتركوا هذا النمط من الكلام، وهذا النوع من النظر عجزا عنه ولا انقطاعا دونه، وقد كانوا ذوي عقول وافرة، وأفهام ثاقبة وكان في زمانهم هذه الشبه والآراء وهذه النحل والأهواء وإنما تركوا هذه الطريقة، وأضربوا عنها لما تخوفوه فتنتها وحذروه من سوء مغبتها، وقد كانوا على بينة من أمرهم وعلى بصيرة من دينهم) اهـ. ()
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/88)
قلت: عن مهدي بن ميمون قال سمعت محمدا – هو ابن سيرين -وماراه رجل في شيء فقال له محمد: (إني قد أعلم ما تريد، وأنا أعلم بالمراء منك، ولكن
لا أماريك) اهـ. ()
وممن نقل عنه هذا المنهج واشتهر عنه العمل به الإمام أحمد رحمه الله تعالى ومن ذلك أنه قال في رسالته المشهورة الصحيحة إلى عبيد الله بن يحيى بن خاقان وزير المتوكل حين كتب إليه بأمر أمير المؤمنين المتوكل يسأله عن القرآن لا مسألة امتحان بل مسألة معرفة وبصيرة، فكتب إليه الإمام أحمد رسالة منها: (لستُ بصاحب كلام، ولا أرى الكلام في شئ من هذا إلا ما كان في كتاب الله، أو في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن أصحابه أو عن التابعين. فأما غير ذلك، فإن الكلام فيه غير محمود) اهـ. () وروى الخلال عن شيخه أبي بكر المروذي تلميذ الإمام أحمد قال: (أنكر أبو عبد الله على من رد بشيء من جنس الكلام إذا لم يكن له فيها إما مُقدَّم). ()
وروى الإمام أبو بكر الخلال في السنة قال أخبرنا أبو بكر المروذي - من خواص أصحاب الإمام أحمد وتلاميذه - فذكر قصة تلخيصها:
أن رجلا قال: إن الله لم يجبر العباد على المعاصي فرد عليه آخر أن الله جبر العباد على المعاصي أراد بذلك إثبات القدر لما نفاه الآخر وألف في هذا كتابا فأدخله المروذي على الإمام أحمد قال المروذي: (فأخبرته بالقصة فقال ويضع كتابا؟ وأنكر عليهما جميعا وأمر بهجران الذي وضع الكتاب) اهـ. () قال الخلال وأخبرنا أبوبكر المروذي قال: قال: أبو عبدالله يعني الإمام أحمد: (كلما ابتدع رجل بدعة اتسعوا في جوابها) اهـ. ()
ومذهب الإمام أحمد في هذا هو مذهب أئمة شيوخه من علماء الأمة المقدَّمين فمنهم شيخه الإمام الحافظ عبد الرحمن بن مهدي فقد قيل له: إن فلانا قد صنف كتابا في السنة ردا على فلان. فقال عبد الرحمن: رد بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم قيل: بكلام، قال: رد باطلا بباطل) اهـ. ()
ومن كلامه الثابت عنه في ذلك (ولم يزل الناس يكرهون كل محدث من وضع كتاب وجلوس مع مبتدع ليورد عليه بعض ما يلبس في دينه) اهـ. تاريخ الإسلام ص85
حكى القيرواني في رياض النفوس:عن سحنون قال: قال بعض أصحاب البهلول بن راشد:
كنت يوما جالسا عنده ومعه رجل عليه لباس حسن وهيئة فقال له البهلول:
(أحبُّ أن تذكر لي ما تحتج به القدرية، فسكت الرجل حتى تفرق الناس ثم قال له: ياأبا عمرو إنك سألتني عما تحتج به القدرية، وهو كلام تصحبه الشياطين، لأنه سلاح من سلاحهم فتزينه في قلوب العامة وفي مجلسك من لا يفهم ما أتكلم به من ذلك، فلا آمن أن يحلو بقلبه منه شئ فيقول: سمعت هذا الكلام في مجلس البهلول فقال له: والله لأقبِّلنَّ رأسك أحييتني أحياك الله) اهـ. ()
و من الحكايات عن السلف في هذا أيضا، ما ذكره الإمام أبو عبد الله الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء في ترجمة أبي شريح عبد الرحمن بن شُريح المعافري الإسكندراني الذي وصفه الذهبي بقوله: (الإمام، القدوة الرباني،العابد وقال: كان من العلماء العاملين ()) اهـ. - وهو ثقة روى له الجماعة وقال فيه يحيى بن معين:ثقة وقال أبو حاتم: (لا بأس به). و توفي: سنة 167هـ. أقول ذكر في ترجته: قال: قال هانئ بن المتوكل: حدثني محمد بن عبادة المعافري قال: كنا عند أبي شريح – رحمه الله – فكثرت المسائل، فقال: قد درنت قلوبكم، فقوموا إلى خالد بن حميد المهري استقلوا قلوبكم، وتعلموا هذه الرغائب، وتعلموا هذه الرغائب و الرقائق، فإنها تجدد العبادة، وتورث الزهادة، وتجر الصداقة، و أقلوا المسائل فإنها في غير ما نزل تقسي القلب، وتورث العداوة.
قال الذهبي معلقا: (قلت: صدق و الله، فما الظن إذا كانت مسائل الأصول و لوازم الكلام في معارضة النص، فكيف إذا كانت من تشكيكات المنطق، وقواعد الحكمة و دين الأوائل؟! الخ.) اهـ.
والخوف على قلوب الناس من تعلق الشبه هي أحد الدواعي المانعة للسلف من التوغل مع المبتدعة، وهناك مانعان آخران يضافان إلى هذا:
الأول: الاتباع لمن سلف وسيأتي إن شاء الله تعالى مزيد تدليل على أن ذلك هو مذهبهم ومن مذهبهم التسليم لظواهر الشرع إذ لا تثبت قَدَمُ الإسلام إلا على التسليم.
والمانع الثاني:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/89)
هو الخوف من الوقوع في بِدَعٍ يسوق إليها الجدالُ والكلام وهي غير متناهية ... كما روى الإمام اللالكائي، (ت: 418هـ) والإمام اسماعيل التيمي الأصبهاني (ت: 535) عن الخليل بن أحمد قال: (ما كان جدل قط إلا أتى بعده جدل
يبطله) اهـ () ولذا قال الإمام ابن خزيمة في مقدمة كتابه التوحيد:
(قد أتى علينا برهةٌ من الدهر وأنا كاره الاشتغال بتصنيف ما يشوبه شئ من جنس الكلام من الكتب، وكان أكثرُ شُغلنا بتصنيف كتب الفقه، التي هي خلو من الكلام في الأقدار الماضية، التي كفر بها كثير من منتحلي الإسلام، وفي صفات الله - عز وجل - التي نفاها ولم يؤمِن بها المعطِّلون) اهـ. () فتأمل عبارات هذا الإمام رحمه الله.
ثم ذكر أن الحامل له على ذلك، تخوفه من أن يميل بعض من كان يحضر مجلسه من طلاب العلم والحديث إلى قول المعطلة والقدرية المعتزلة ().
وروى الخلال رسالة للإمام أحمد فيها ... (أتاني كتابك تذكر فيه احتجاج من احتج من المرجئة، واعلم رحمك الله أن الخصومة في الدين ليست من طريق أهل
السنة ... ) اهـ. ()
وفي هذه الرسالة (فإمَّا من تأول القرآن على ظاهره بلا دلالة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه فهذا تأويل أهل البدع …. الخ) اهـ. ()
وقال أبو عمر بن عبد البر في كتاب التمهيد: (الكلام في صفات الباري كلام يستبشعه أهل السنة، وقد سكت عنه الأئمة فما أشكل علينا أمرَرْناه كما جاء وآمنا به، كما نصنع بمتشابه القرآن، ولم نناظر عليه، لأن المناظرة إنما تسوغ وتجوز فيما تحته عمل، ويصحبه قياس،والقياس غير جائز في صفات الباري تعالى لأنه ليس
كمثله شئ) اهـ. التمهيد 19/ 232
قال الإمام أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي الشافعي، (ت: 516هـ):
(اتفق علماء السلف من أهل السنة على النهي عن الجدال والخصومات في الصفات، وعلى الزجر عن الخوض في علم الكلام وتعلمه) اهـ. شرح السنة 1/ 188
وقال الإمام الكبير شيخ الشافعي وأحمد وغيرهما، سفيان بن عيينة رحمه الله:
(كل ماوصف الله تعالى به نفسه في كتابه، فتفسيره قراءته، والسكوت عليه، ليس لأحد أن يفسره إلا الله عز وجل ورسله) اهـ. رواه الدارقطني في الصفات رقم 61 صـ 51 والبيهقي في الاعتقاد ()، وأبو اسماعيل الصابوني () وذكره البغوي محتجا به () وصححه الحافظ ابن حجر وعزاه للبيهقي () وذكره السفاريني قائلا: وقال سفيان بن عيينة ونا هيك به ().
وقال تلميذه الإمام الحميدي، (ت:219 هـ) نحو ذلك فإنه قال:
(لا يزيد فيه ولا يفسره يقف على ما وقف عليه القرآن والسنة) اهـ. ()
ولهذا لما سئل أبوزرعة عن تفسير قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} غضب وقال: تفسيره كما تقرأ هو على عرشه وعلمه في كل مكان) اهـ. () ولما سئل الإمام أحمد عن {السميع البصير} قال: (هكذا قال الله تعالى). () وذلك مع كون الإمام أحمد يثبت الصفات ويؤمن بكلام الله تعالى ولا يكيف ولا يعطل، لكن لما رأى الآية واضحة بلغة العرب المعروفة كره أن يقول من عنده، ومعنى السكوت ترك المخاصمة والمناظرة المذمومة في ذلك،ولا يقال إن ذلك معناه التعطيل للظواهر أو أن ذلك تفويض مذموم لأننا نؤمن بالصفات المقدسة، فلا نعطل، ولكننا نمر كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأئمة أهل السنة و لا ندقق ولانتوهم و لا نمثل ولانشبه ولا نكيف صفات الذي خلق كل شئ أبدا كما لا نعطل، قال الإمام الذهبي: (والمراد بظاهرها، أي لا باطن لألفاظ الكتاب والسنة غير ما وضعت له، كما قال مالك وغيره: الاستواء معلوم، وكذلك القول في السمع والبصر والكلام والإرادة والوجه ونحو ذلك هذه الأشياء معلومة، فلا تحتاج إلى بيان وتفسير، ولكنَّ الكيف في جميعها مجهول عندنا) اهـ. العلو للعلي الغفار ص 186. وكلام الأئمة في الإمرار مع الإقرار مشهور ثابت لا أطيل بذكره ولم أقصد إليه هنا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/90)
وقال ابن أبي يعلى: شيخ الحنابلة في عصره وابن شيخهم عند ذكره لاعتقاد والده والسلف قبله: (والإيمان والتصديق بما وصف الله به نفسه، أو وصفه به رسوله، مع ترك البحث والتنقير والتسليم لذلك، من غير تعطيل ولا تشبيه ولا تفسير ولا تأويل 000 إلى أن يقول فاعتقد الوالد السعيد وسلفه – قدس الله أرواحهم، في جميع ما وصف الله تعالى به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم: أن جميع ذلك صفات الله عز وجل تمر كما جاءت، من غير زيادة ولا نقصان، وأقروا بالعجز عن إدراك معرفة حقيقة هذا الشأن، اعتقد الوالد السعيد ومن قبله ممن سبقه من الأئمة أن إثبات صفات الباري سبحانه: إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد، لها حقيقة في علمه لم يطلع الباري سبحانه على كنه معرفتها أحدا من إنس ولا جان الخ) اهـ. طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 2/ 208 وقد ذكر بعد ذلك كلاما مفيدا.
وذكر الإمام ابن قدامة أن من السنة ترك الجدال والخصومات في الدين، وترك النظر في كتب المبتدعة ().وقال ابن بطة الحنبلي، (ت: 387هـ) رحمه الله تعالى - بعد أن ذكر بعض الأحاديث في الصفات الخبرية -:
(فكل هذه الأحاديث وما شاكلها تمر كما جاءت، لا تعارض ولا تضرب لها الأمثال ولا يواضع فيها القول فقد رواه العلماء وتلقاها الأكابر منهم بالقبول وتركوا المسألة عن تفسيرها ورأوا أن العلم بها ترك الكلام في معانيها) اهـ. الشرح والإبانة ص 227 - 229
فالأئمة كانوا يحتجون بفعل من قبلهم من السلف في رد المحدثات وترك الخوض فيما لم يخض فيه من قبلهم مما أحدث من القول في القدر والصفات الإلهية ونحو ذلك مما لا يمكن الوصول إلى معرفته إلا بخبر عن الشارع وتوقيف منه، وهذا كثير عنهم لو أراد أحد جمعه لطال.
ومن الأمثلة على ذلك - وهي كثيرة - قول الإمام أبي عبيد القاسم بن سلام، (ت:224 هـ) وذكر الباب الذي يروى في رؤية الله في الآخرة والكرسي موضع القدمين وضحك ربنا، فقال: (هذه أحاديث صحاح حملها أصحاب الحديث والفقهاء بعضهم عن بعض وهي عندنا حق لا نشك فيه، ولكن إذا قيل: كيف يضحك؟ وكيف يضع قدمه؟ قلنا: لا نفسر هذا، ولا سمعنا أحدا يفسره) اهـ.ذكرها شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية قائلا: (وروى البيهقي وغيره بإسناد صحيح) اهـ. الفتوى الحموية ص 30
وقد رواها الإمام الدارقطني فقال: ((حدثنا محمد بن مخلد، حدثنا العباس بن محمد الدوري قال سمعت أباعبيد القاسم بن سلام وذكر الباب الذي فيه الرؤية، والكرسي موضع القدمين وضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره، وأين كان ربنا قبل أن يخلق السماء، وأن جهنم لا تمتلئ حتى يضع ربك – عز وجل – قدمه فيها، فتقول: قط قط، وأشباه هذه الأحاديث؟. (فذكر ما تقدم .. )) الصفات للدارقطني – تحـ – الشيخ عبد الله الغنيمان - رقم 57 صـ 48 – 49.
وقد رواها الإمام الذهبي بالسند الصحيح من طريق الدارقطني. () ثم عقب عليها بقوله: (قلت قد فسر علماء السلف المهم من الألفاظ وغير المهم، وما أبقوا ممكنا، وآيات الصفات وأحاديثها لم يتعرضوا لتأويلها أصلا، وهي أهم الدين، فلو كان تأويلها سائغا أوحتما، لبادروا إليه، فعلم قطعا أن قراءتها و إمرارها على ما جاءت هو الحق، لا تفسير لها غير ذلك فنؤمن بذلك ونسكت اقتداء بالسلف، معتقدين أنها صفات لله تعالى استأثر الله بعلم حقائقها، وأنها لا تشبه صفات المخلوقين كما أن ذاته المقدسة لا تماثل ذوات المخلوقين، فالكتاب والسنة نطق بها والرسول صلى الله عليه وسلم بلَّغ، وما تعرض لتأويل مع كون الباري قال: {لتبين للناس ما نُزِّل إليهم}، (النحل - 16)، فعلينا الإيمان والتسليم للنصوص، والله يهدي من يشاء إلى صراط
مستقيم) اهـ.
فهذه بعض القواعد المهمة من كلام الأئمة وكلامهم في هذا كثير طيب و قد كنت كتبت رسالة طويلة في ذكر ذم الأئمة لهذا النوع من الجدال و التوسع في الشبه، و أرجو أن ييسر الله طبعها ثم نشرها في هذا الملتقى قريبا.
و القرآن العظيم قد دل على ثلاثة أسس تبيِّن المنهج الصحيح في الصفات، وقد كان الشيخ محمد الأمين (صاحب أضواء البيان) رحمه الله.
يذكرها في كتبه ويكررها في دروسه في الحرم وقد سمعتها في بعض الأشرطة المسجلة له. . الأساس الأول أو القاعدة الأولى: التنزيه التام للباري تعالى عن مشابهة المخلوقين. (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) و قال: (فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم و أنتم لا تعلمون). وقال: (هل تعلم له سميا) و (ولم يكن له كفوا أحد).
(لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار). (الأنعام: 103).
الثاني: الإثبات إثباتا مبنيا على هذا التنزيه، (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير). فهو سميع بصير ليس كمثله شيء، تعالى وجل عن الأشباه و الأنداد.
الثالث: قطع النظرو اليأس بالكلية من إدراك الكيفية. (فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم و أنتم لا تعلمون). (ولم يكن له كفوا أحد). (هل تعلم له سميا).
و جميع المؤمنين يؤمنون بأن الذي قال: (لما خلقتُ بيديَّ). هو الذي قال: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير). فبناء الإثبات على التنزيه التام عن مشابهة المخلوقين مستنبط من القرآن العظيم وكذلك اليأس بالكلية من إدراك الكيفية مؤخوذ من الكتاب العزيز. فهذه ثلاث قواعد و أسس يبنى عليها الكلام في الصفات، كلها مسستنبطة من القرآن من أدلة بينة واضحة.
وعذرا على بعض الهوامش التي لم تظهر لأنني نقلتها من رسالة عندي ولم أنقل كل الهوامش. استعجالا
و لست أقصد ذم أحد من الإخوان بعينه ولكن لتبرأ الذمة و تعاونا على البر و التقوى كتبت ذلك بهذا العنوان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/91)
ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[19 - 02 - 04, 02:14 م]ـ
من أمثلة أساليب التوسع الذي كان ينبغي أن يتورع عنه طلاب العلم من أهل السنة
هذا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=16358
وغيره مما لا نذكره. فنشهره
اقتباس:
وقال أبو عمر بن عبد البر في كتاب التمهيد: (الكلام في صفات الباري كلام يستبشعه أهل السنة، وقد سكت عنه الأئمة فما أشكل علينا أمرَرْناه كما جاء وآمنا به، كما نصنع بمتشابه القرآن، ولم نناظر عليه، لأن المناظرة إنما تسوغ وتجوز فيما تحته عمل، ويصحبه قياس،والقياس غير جائز في صفات الباري تعالى لأنه ليس
كمثله شئ) اهـ. التمهيد 19/ 232
قال الإمام أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي الشافعي، (ت: 516هـ):
(اتفق علماء السلف من أهل السنة على النهي عن الجدال والخصومات في الصفات، وعلى الزجر عن الخوض في علم الكلام وتعلمه) اهـ. شرح السنة 1/ 188
ـ[المسيطير]ــــــــ[19 - 02 - 04, 03:19 م]ـ
جزاك الله خير الجزاء، ووالله انها لفي نفسي تتجلجل منذ ان رأيت بعض الكتابات التي يذكرها بعض الأخوة وفقهم وفقههم الله في هذا الملتقى والتي تتعلق بصفات الباري جل وعلا. أسئلة واشكالات وطروحات لو سمعها الامام مالك لكان منه ماكان، فرحم الله الحال.
ملحوظة عاجلة:
سيأتي من يكتب ويقول نحن طلبة علم وهذا من باب المدارسة، والذي لايحسن المدارسة لا يدخل ولا يقرأ.
فأقول: ماكتبه الأخ نقلا عن الأئمة كافٍ للرد على هذا المدخل.
والله المستعان.
ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[20 - 02 - 04, 03:08 ص]ـ
أيدك الله بتوفيقه أخي المسيطير
قد نقَّر الناس حتى أحدثوا بدعا في الدين لم تُبعث بها الرسل
حتى استخف بدين الله أكثرهم وفي الذي حُمِّلوا من دينه شُُغل
ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[22 - 02 - 04, 07:47 ص]ـ
ومما يتعلق بهذا للفائدة
من أراد معرفة طريقة السلف صافية،فليكثر من النظر في كتب السنة و ليفتش عن كلام الأئمة في كتب السنة ككتاب السنة للخلال والشريعة للآجري والسنة لِلَّلالكائي و ذم الكلام للهروي وغيرها، وليعتن بالنظر في تراجم كبار الأئمة وبخاصة في الكتب المفردة لتراجمهم و في تراجمهم المطوَّلة، وليقف متأمِّلاِ في كلام الإمام مالك والشافعي وأحمد وأضرابهم، بعد تدبره لحال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
ومن الأدلة على أن من الموانع للسلف الخوف من تأثير الشبه قول شيخ الإسلام سفيان الثوري رحمه الله تعالى، (ت:161 هـ):
(من سمع ببدعة فلا يحكها لجلسائه، لا يُلْقها في قلوبهم).ذكره الإمام البغوي ()
شرح السنة 1/ 194و الذهبي وعقب عليه الأخير: (قلت أكثر أئمة السلف على هذا التحذير، يرون أن القلوب ضعيفة والشبه خطافة) اهـ. ()
ومن ذلك ما ثبت عن التابعي الجليل محمد بن سيرين:
(أنه دخل عليه رجلان من أصحاب الأهواء فقالا يا أبا بكر نحدثك بحديث؟ قال: لا، قالا فنقرأ عليك آية من كتاب الله؟ قال لا، لتقومان عني أو لأقومن: قال فخرجا، فقال بعض القوم يا أبا بكر ما كان عليك أن يقرآ عليك آية من كتاب الله تعالى قال أني خشيت أن يقرآ علي آية فيحرفانها فيَقِرَّ ذلك في قلبي) اهـ. ()
سنن الدارمي 1/ 91 (403) وسندها صحيح ومثله صنيع تلميذه أيوب السَّختياني الإمام الجليل
الذي لقبه الحسن البصري بسيد فتيان أهل البصرة إمام زمانه علما وورعا واتباعا،فعن سَلاّم بن أبي مُطيع - من الثقات المشاهير - قال رجل من أصحاب الأهواء لأيوب -السختياني - أسألك عن كلمة فولَّى أيوب وهو يقول: (ولا نصف كلمة) اهـ. ()
ومما يتعلق بهذا من الحكايات عن السلف وهي كثيرة، ما رواه الآجري بالسند الصحيح عن معن بن عيسى قال: انصرف مالك بن أنس يوما من المسجد، وهو متكئ على يدي فلحقه رجل، يقال له: أبو الجيرية كان يتهم بالإرجاء فقال يا عبد الله اسمع مني شيئا أكلمك به وأحاجك وأخبرك برأيي قال: فإن غلبتني، قال إن غلبتك اتبعتني قال: فإن جاء رجل آخر فكلمنا، فغلبنا، قال نتبعه، قال: مالك، يا عبد الله بعث الله محمدا بدين واحد، وأراك تنتقل من دين إلى دين، ثم ذكر قول عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: ((من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنقل) اهـ. ()
وهو ثابت عن الخليفة الراشد عمر بن
عبد العزيز () وقال ابن الحنفية: (لا تنقضي الدنيا حتى تكون خصوماتهم في
ربهم) اهـ.
وقد ذكر الأئمة أن السلف ذموا هذا الجدال، قال اسماعيل التيمي:
(وقد ذم السلف الجدال في الدين ورووا في ذلك أحاديث وهم لا يذمون ما هو الصواب) اهـ. () وروى الخلال: ((أن معاذ بن معاذ تكلم بكلام، أراد به ضد القدرية فبلغ يحيى بن سعيد القطان فأرسل بابنه محمد، أدركت ابن عون ويونس، هل سمعت أحدا منهم تكلم بمثل هذا؟))
ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[26 - 02 - 04, 10:10 ص]ـ
للفائدة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/92)
ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[06 - 03 - 04, 03:43 ص]ـ
قال شيخ الإسلام أبو محمد ابن قدامة: بعد بيانه خطأ التأويل في الصفات الإلهية لرب البرية: (وإذا انسد باب التأويل من هذه الطرق كلها مع أن في واحد منها كفاية لم يبق إلا الطريق الواضح والقول السديد وسلوك سبيل الله تعالى التي دلت على استقامتها الآثار وسلكها الصحابة الأبرار والأئمة الأخيار ومضى عليها الصالحون واقتفاها المتقون وأوصى بلزمها الأئمة الناصحون الصادقون وهي الإيمان بالألفاظ والآيات والأخبار بالمعنى الذي أراده الله تعالى والسكوت عما لا نعلمه من معناها وترك البحث عما لم يكلفنا الله البحث عنه من تأويلها ولم يطلعنا على علمه واتباع طريق الراسخين الذين أثنى الله عليهم في كتابه المبين حين قالوا: (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا) (آل عمران: من الآية7) فهذا الطريق السليم الذي لا خطر على سالكه ولا وحشة على صاحبه ولا مخافة على مقتفيه ولا ضرر على السائر فيه من سلكه سلم ومن فارقه عطب وندم وهو سبيل المؤمنين الذي دلت عليه السنة وسلكه صالح الأمة) اهـ. ()
قال الطحاوي رحمه الله:
(وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه، لم يطلع على ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل، والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان، وسلم الحرمان، ودرجة الطغيان، فالحذر كل الحذر من ذلك نظرا وفكرا ووسوسة، فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه، ونهاهم عن مرامه، كما قال الله تعالى في كتابه: (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون). فمن سأل: لِمَ فعل؟ فقد ردَّ حكم الكتاب، ومن ردَّ حكم الكتاب كان من الكافرين). اهـ. ()
وقال أيضا: (ولا نخوض في الله، ولا نماري في دين الله، ولا نجادل في القرآن، ونشهد أنه كلام رب العالمين، نزل به الروح الأمين، فعلمه سيد المرسلين، محمدا صلى الله عليه وسلم، وهو كلام الله تعالى لا يساويه شيء من كلام المخلوقين، ولا نقول بخلقه، ولا نخالف جماعة المسلمين)
العقيدة الطحاوية: صـ 40قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (روى أبو بكر الأثرم عن الفضيل بن عياض قال ليس لنا أن نتوهم في الله كيف وكيف لأن الله وصف فأبلغ فقال: (قل هو الله أحمد الله الصمد) فلا صفة أبلغ مما وصف به نفسه)
شرح الأصفهانية: صـ 33.
ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[17 - 04 - 04, 12:00 ص]ـ
يرفع رفع الله أقداركم ونور بصائرنا وبصائركم
ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[04 - 05 - 04, 02:08 ص]ـ
الإمام الحافظ أبا عبد الله الذهبي قال:
(و في كتابه بحوث عجيبة مع المريسي يبالغ فيها في الإثبات، والسكوت عنها أشبه بمنهج السلف في القديم والحديث) اهـ.
قال ذلك في كتاب الدارمي عثمان بن سعيد في النقض على بشر المَرِيسي
ولعثمان الدارمي هذا رحمه الله تعالى قصة تتعلق بهذا مفيدة، وفيها عبرة وقعت له مع شيخه الإمام المشهور المتفق على جلالته يحى بن يحيى التميمي، (ت:226 هـ)
قال رحمه الله تعالى: (ذهبتُ يوما أحكي ليحيى بن يحيى بعض كلام الجهمية لأستخرج منه نقضا عليهم، وفي مجلسه يومئذ حسين بن عيسى البسطامي وأحمد بن الحريش القاضي ومحمد بن رافع، وأبو قدامة السرخسي فيما أحسب وغيرهم من المشايخ، فزبرني يحيى بغضب، وقال: اسكت، وأنكر على أولئك استعظاما أن أحكي كلامهم، وإنكارا)
سير النبلاء 10/ 518:
و عندي في هذا من كلام السلف و من الجواب على بعض ما يظن أنه شبهة تتعلق بذلك كلام طويل أودعته كتابي
ذم الأئمة التوسع في ذكر الشبه في الصفات الإلهية و القدر و كراهتهم الخصومات فيها
لكنه لم يطبع و قد وافقت بعض الدور المشهورة على طبعه و لكن لم يتم الاتفاق و لازلت مترددا في أي دار أطبعه رجاء كثرة نفعه و الله المستعان
ـ[أبو حمزة الجعيطي]ــــــــ[07 - 05 - 04, 07:07 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/93)
بارك الله فيك أخي أبا محمد على طرح هذا الموضوع الذي أشاطرك فيه الرأي وأسأل الله أن يزيدك ورعا، إذ أورع الورع فيما أحسب أن يتورع الإنسان – ممن عرف حقيقة نفسه بالأخص عندما يتحدث عن خالقه – أن يتورع عن التوسع في الكلام في صفات الله العزيز المتعال ذي الجلال والإكرام، التي لو أراد الله منا أكثر من الإيمان بها وتفويض كثير من حيثياتها لعالم الغيب والشهادة لفصلها لنا تفصيلا في كتابه، إذ ليس تفصيل بعض الأحكام العملية والسلوكيات الإجتماعية التي جاءت في القرآن الكريم بأهم من تفصيل تلك الصفات الإلهية لو كان تفصيلها مرادا أو معرفة تفصيلاتها مطلوبا منا.
وأود أن أذكر اخوتي بحديث للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هو عندي من أعظم الأحاديث – وكل أحاديث النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عظيمة – ومن المصابيح التي رزقنا إياها الله عز وجل عن طريق نبينا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فتنير لنا الطريق، إذ أن الله تعالى عندما خلق هذه النفس خلقها على فطرة سوية، وهداها النجدين، وألهمها فجورها وتقواها، بحيث تكون في عدد ليس بالقليل من الأمور والمسائل قادرة ولو بنسبة معينة من استشعار الخير والشر أو الصواب والخطأ بالذات إذا سلمت من الآفات والمؤثرات الخارجية.
وهو حديث يدور في فلك المعاني السابقة، وهو ما رواه مسلم في صحيحه:
عَنْ نَوَّاسِ بْنِ سِمْعَانَ قَالَ: أَقَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةً مَا يَمْنَعُنِي مِنْ الْهِجْرَةِ إِلَّا الْمَسْأَلَةُ كَانَ أَحَدُنَا إِذَا هَاجَرَ لَمْ يَسْأَلْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ قَالَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ وَالْإِثْمُ، مَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ ".
فالبر وهي لفظة تدل على مجامع الخير يكون بحسن الخلق، وأول من يجب على الإنسان أن يحسن خلقه معه هو خالقه عز وجل، بحيث يتصف بالخشية والرهبة من الله، ويحاول استشعارها، وأن يكون حييا ومنكسرا بل ذليلا لله الواحد القهار، فإذا تحقق للإنسان ذلك واستشعره حق الاستشعار فوالله لن يكون جريئا في السؤال عن تفصيلات صفات الله عز وجل فضلا عن أن يكون جريئا في الخوض فيها أو الإجابة عنها.
ومن باب المقارنة بين حال الصحابة مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - الذين هم قدوتنا بعد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - – الذين ما كانوا ليجرؤا على الإكثار من سؤاله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وبين حال بعض من يجرؤ على الخوض في تفصيلات صفات خالقه، مع الفارق الكبير بين منزلة الاستحياء من الخالق ومنزلة الاستحياء من المخلوق مهما علت منزلته.
أما الإثم فإن من أبرز علاماته أن النفس البشرية لا تطمئن له حتى لو وقع الإنسان فيه، فإنه داخليا منكرا له مستوحشا منه، أو على أقل تقدير ليس مرتاحا له كارتياحه للبر.
ومن علاماته أيضا أن فاعله لا يحب أن يطلع عليه أحد، ويميل إلى إخفائه عن الناس بالذات عن من يخالفه، وعلى أقل تقدير جرأته في إبدائه وإظهاره أقل من جرأته في إظهار البر.
وإني هنا أتحدث عن نفسي، فكم من مرة ناقشت من يخالفني في موضوع الأسماء والصفات وبعد انتهاء المناقشة والمجادلة اشعر بأني قد جرأت على الله عز وجل، وأني أتيت ببعض كلام في نفسي منه شيء، ووددت لو أني أخفيته ولم أطلع عليه أحدا.
فضلا عن ما يحدث لي من ضيق صدر ووحشة تستدعيني للنطق بكلمة التوحيد والاستغفار وترديد قوله تعالى: (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ).
فأسأل الله عز وجل أن نكون وقافين عند ما أوقفنا ربنا، غير طامعين في معرفة ما خفي أو أشكل على من هو أعلم منا – أقصد بعض العلماء الربانيين -، وأن يجعلنا متبعين لا مبتدعين، مقتنعين لا مقلدين مطلقا، إلا لمن أوجب الله علينا تقليده.
ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[08 - 03 - 05, 12:09 ص]ـ
و جزاك الله خيرا يا أبا حمزة
ـ[راضي عبد المنعم]ــــــــ[08 - 03 - 05, 08:37 م]ـ
جزاك الله خير الجزاء، ووالله انها لفي نفسي تتجلجل منذ ان رأيت بعض الكتابات التي يذكرها بعض الأخوة وفقهم وفقههم الله في هذا الملتقى والتي تتعلق بصفات الباري جل وعلا. أسئلة واشكالات وطروحات لو سمعها الامام مالك لكان منه ماكان، فرحم الله الحال.
الشيخ المطيري حفظك الله: ليتك تضع لنا هذا البحث الرائع مع تكملته في ملف مضغوط، أثابك الله على جهدك وبارك فيك، وهذا هو الدين.
وبعيدًا عن كل خلاف: انظر ما مات عليه أكابر أهل الجدل والفلسفات، حتى تمنى بعضهم أن يموت على عقيدة العجائز، وقال آخر: وها أنا أموت على عقيدة أمي.
وهذه هي عقيدة الفطرة الصافية (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله).
فلا نرجو من إخواننا سوى الرجوع للفطرة وفقط.
الشيخ المسيطير: لا زلت مسددًا بارك الله فيكم، ووالله لقد وقع في نفسي أكبر مما وقع في نفسك مما هو في الموضوع إياه، والذي تم إغلاقه، وأرجو الله أن يوفقك وباقي المشرفين إلى حذفه جملة وتفصيلاً أو تهذيبه ليوافق الفطرة، والفطرة فقط.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/94)
ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[05 - 08 - 05, 08:08 م]ـ
للفائدة إن شاء الله تعالى
ـ[سائل]ــــــــ[09 - 08 - 05, 10:34 ص]ـ
بورك فيك ..
ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[10 - 08 - 05, 06:46 م]ـ
و بورك فيكم و جزاكم الله خيرا
ـ[المسيطير]ــــــــ[15 - 09 - 06, 07:46 م]ـ
جزاك الله خير الجزاء.
أرى أن يتم رفع هذا الموضوع باستمرار نظرا لأهميته.
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[15 - 09 - 06, 11:29 م]ـ
مشايخنا الفضلاء ألا يمكن التفصيل في ذلك الكلام قليلا:
بحيث يقال أن ذلك إن كان اسلوبا في الدرس والتعليم فهو ليس من هدي السلف الذين ننتسب إليهم.
لكن إن كان في معرض التفصيل للرد على أهل الأهواء فيجوز لتلك الضرورة.
ولعله يحضرني في ذلك لما سئل الإمام أحمد أيسع الإنسان أن يقول القرآن كلام الله ويسكت؟، فقال أن ذلك كان يسع من سلف ـ بتصرف من الذاكرة ـ، فكذلك ما يسع الإنسان قبل الخلاف قد لا يسعه بعد الخلاف، وإلا فلا يمكن المقارنة بين (الواسطية) كمتن تعليمي تقريري، وغيره من كتابات شيخ الإسلام التي فيها الخوض والتفصيل للرد على الخصم وإلزامه بلوازم اعتقاده.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[07 - 01 - 07, 07:40 م]ـ
ماذا لو كانت المسألة هي الرد على اهل البدع او مناقشتهم لتببين الحق لهم؟
ـ[حامد تميم]ــــــــ[07 - 01 - 07, 09:38 م]ـ
قال تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[24 - 01 - 07, 08:23 ص]ـ
أشكر الإخوة على ما سطرته أيمانهم لا كسر الله لهم يراعا، ولكن في زمننا، وبعد أن أصبح العالم مفتوحا، فيظهر أن الحق ما قاله أخونا عمرو بسيوني، لأن الشبهات الآن تعرض عرضا وترمى رميا، فقد يحتاج بعض الإخوة في بلد ما أو مكان ما مما تنتشر فيه البدعة إلى الرد المفحم، فيحتاج إلى من يعينه من إخوانه السلفيين.
وأما ابتداء مثل هذه الخصومات ابتداء فإن حديث النبي صلى الله عليه وسلم فيها واضح: [تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في ذات الله].
ـ[سقني خالد]ــــــــ[04 - 02 - 07, 12:35 م]ـ
جازاكم الله خيرا
ـ[العدناني]ــــــــ[08 - 02 - 07, 08:26 ص]ـ
الشيخ المطيري حفظك الله: ليتك تضع لنا هذا البحث الرائع مع تكملته في ملف مضغوط، أثابك الله على جهدك وبارك فيك، وهذا هو الدين.
وبعيدًا عن كل خلاف: انظر ما مات عليه أكابر أهل الجدل والفلسفات، حتى تمنى بعضهم أن يموت على عقيدة العجائز، وقال آخر: وها أنا أموت على عقيدة أمي.
وإني هنا أتحدث عن نفسي، فكم من مرة ناقشت من يخالفني في موضوع الأسماء والصفات وبعد انتهاء المناقشة والمجادلة اشعر بأني قد جرأت على الله عز وجل، وأني أتيت ببعض كلام في نفسي منه شيء، ووددت لو أني أخفيته ولم أطلع عليه أحدا.
فضلا عن ما يحدث لي من ضيق صدر ووحشة تستدعيني للنطق بكلمة التوحيد والاستغفار وترديد قوله تعالى: (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ).
ــــــــــــــــــــــ
آمنت بالله
ـ[أبو زكريا الشافعي]ــــــــ[10 - 02 - 07, 04:01 م]ـ
للرفع
ـ[أبو محمد الموحد]ــــــــ[26 - 07 - 07, 01:58 ص]ـ
آمنت بالله
ـ[توبة]ــــــــ[13 - 04 - 08, 12:02 م]ـ
أين كان هذا الموضوع من قبل ... ليته ثُبٍّت ..
رحم الله كاتبه وأجزل له المثوبة و الأجر.
ـــــــــــــــ
ولنا في سلفناالصالح أسوة
قف حيث وقف القوم، فإنهم عن علم وقفوا، وببصر نافذ كفوا، ولهم على كشفها كانوا أقوى، وبالفضل لو كان فيها أحرى؛ فلئن قلتم: حدث بعدهم؟ فما أحدثه إلا من خالف هديهم، ورغب عن سنتهم، وقد وصفوا منه ما يشفي، وتكلموا منه بما يكفي، فما فوقهم محسر، وما دونهم مقصر، لقد قصر عنهم قوم فجفوا، وتجاوزهم آخرون فغلوا، وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدى مستقيم).
إنها لكلمات حق لها أن تُكتب بماء الذهب ... حقيقةً لا مجازا!
ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[15 - 04 - 08, 04:23 م]ـ
جزاكم الله خيرا وأثابكم جميعا
من رسالة الإمام أحمد الثابتة المشهورة ذكرها ابنه صالح و عبد الله عن أبيهما الإمام أحمد ورواها الأئمة. وقال الذهبي إن سندها كالشمس
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/95)
مما جاء فيها قوله في آخرها: (وقد روى عن السلف أنهم كانوا يقولون: (القرآن كلامُ الله غيرُ مخلوق) وهو الذي أذهب اليه، لستُ بصاحب كلام، ولا أرى الكلام في شيء من هذا الا ما كان عن كتاب الله أو حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أصحابه أو عن التابعين. فأما غير ذلك، فإن الكلام فيه غير محمود) اهـ.
فهذا كلام الإمام أحمد في أشد أوقات الفتنة في الوقت الذي يضيق فيه على أهل العلم والسنة وتثار فيه شبه المبتدعة يختار الكف عن القول إلا ما كان عن كتاب الله أو حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أصحابه أو عن التابعين. فأما غير ذلك، فإن الكلام فيه غير محمود عنده، وذلك طلبا للسلامة واتباعا لمن قبله.
وقد قلت قبل إن الرد على المبتدعة يحتاج إليه كما هو معلوم لئلا يفتن الناس ويبتلى المتبعون للسنن و قد تقدم قول الإمام ابن عبد البر في تقييد كلام مالك المتقدم - في كراهتِهِ و كراهة أهل بلده الكلام فيما ليس تحته عمل و في كراهتهم الكلام في رأي جهم ونحوه - بأن ذلك مذهب أهل السنة إلا أن يخشوا ضلال العامة أو يطمعوا برد صاحب بدعة عن بدعته.
و من البيان الذي يجب على أهل العلم بيان مذهب أهل السنة و السلف و كشف تلبيس المبتدعة وبيان ضلالهم فكل ذلك مما تدعو إليه الحاجة الملحة أحيانا، ولكن لا بد أن يكون من يبين و يرد الشبهات التي يخشى على الخلق منها ممن رسخت في علوم الشرع قدمه، و إلا فالسلامة أولى، فأنه يسع العالم سلوك طريقة الإمام مالك و سفيان الثوري وسفيان بن عيينة و عبد الرحمن بن مهدي ويحيى القطان و ابن المبارك و يحيى بن يحيى التميمي و الشافعي وأحمد بن حنبل وإبراهيم الحربي وغيرهم، ممن آثروا الكف لا عجزا ولكن تورّعا واتباعا وخوفا من تكثير الشبه وتطويل الكلام فيسعه ذلك لما قدمت من الأدلة والأخبار عن الصحابة كقصة عمر مع صَبِيغ بن عِسْل ولما ذكرت من الأخبار الصحيحات عن جماعة من أتباع التابعين ومن بعدهم ممن أدرك القول بالإرجاء والقدر والتجهم ثم من أدرك بدعة الاعتزال وغيرها.
وما تدعو إليه الضرورة أو الحاجة الملحة يقدَّر بقدره ثم لكل مقام مقال هو به أليق و الاتباع للسنن منجاة عند الاختلاف.
وأوصي الإخوان بتأمل القواعد الثلاث المستنبطة من القرآن العظيم التي ذكرها خاتمة المحققين الشيخ العلامة محمد الأمين صاحب أضواء البيان وقد ذكرتها سابقا ومن أراد السنة وسأل الله تعالى بصدق وإلحاح وبكاء بين يديه أن يرزقه فهمها والعمل بها في هذا الموضع فقمن أن يوفق ويهدى ومن كان همه ماذا قال فلان وفلان فسيشق عليه عند تبحره في العلم ما يراه من اختلاف ودقائق يحار فيها لبه و يلزمه العلم والإنصاف أن يجمع عبارات الأئمة ويفهم موارد اتفاقهم ودقائق اختلافهم ثم ينتهي به الأمر إلى طأطأة رأسه للسنة وطريقة الأئمة من أهل القرن الأول و الثاني.
وقد يأمن الخائف ولو زل لأنه مجتهد و يخاف الجريء ولو أصاب لأنه لم يخف ولم يراقب الله تعالى.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[15 - 04 - 08, 05:14 م]ـ
لعل هذا الرابط له علاقة بالموضوع:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=83672
ـ[أبو الفضل المصرى]ــــــــ[19 - 05 - 08, 07:49 م]ـ
بارك الله في الجميع.
ـ[أبو أسامة الزهراني]ــــــــ[20 - 05 - 08, 07:56 ص]ـ
نقولات رائعة و فوائد طيبة، جزاكم الله خيراً
ـ[أبو عبدالله قريق]ــــــــ[20 - 05 - 08, 12:46 م]ـ
جزاكم الله كل الخير
وزادكم الله ورعاً وتقوى وخشية
ـ[أبو عبدالله قريق]ــــــــ[21 - 05 - 08, 11:09 ص]ـ
السلام عليكم
إخواني بارك الله فيكم عندي فكرة طيبةفي هذا الموضوع
وأتمنى من ادارة المنتدى التفكير بها جديا لما فيها فائدة لنا ولكم في الدنيا والاخرة ...
وهو ان يكون منتدى عقيدة أهل السنة والجماعة منتدى ثابت وباقي المنتديات كما هي دون تغير أي لا يكون هناك مشاركات في منتدى العقيدة،
مع وضع كل المسائل العقائدية في المنتدى لعقيدة اهل السنة والجماعة والشروح عليها وأقوال العلماء فيها المتقدمين والمتأخرين وأيضا وضع اقوال المخالفين لعقيدة اهل السنة والجماعة والرد عليهم من أقوال علمائنا من اهل السنة والجماعة من المتقدمين والمتأخرين دون تدخل طلبة العلم ...
مثال:
عقيدة أهل السنة والجماعة في رؤية الله عز وجل:
1 - ماذا يعتقدون في رؤية الله والأدلة عليها
2 - أقوال العلماء من اهل السنة من المتقدمين و المتأخرين.
3 - أقوال المخالفين ونفصل فيها:
* الأشاعرة وما يعتقدونه في هذه المسألة مع التوثيق بأقوال علمائهم زذكر أدلتهم والرد عليها
* المعتزلة ...... وهكذا
*الصوفية ....... وهكذا
وأيضا اذا كان لأحد الإخوة استفسار يكون هناك مكان للأسئلة وتبعث هذه الأسئلة على الإدارة ثم الإدارة تدرس السؤال ان كان قد اجيب عليه أو فيه سوء ادب مع الله فلا يجاب اما اذا اتى بسؤال جديد فيعرض على المنتدى بان يكون هناك مكان للأجابة عن اسئلة العقيدة.
إخوانا اعلم أنا هذا جهد عظيم ويحتاج إلى وقت طويل لكن والله إن فيه لأجر أعظم وثواب أكبر
ويكفينا تأدبنا مع ربنا عز وجل و حسن التكلم عن ما نعتقده فيه جل وعلى وأن لا نسمح لأحد بالتجرؤ على عدم التأدب عن الله تعالى.
ووالله لو أني كنت أهل لهذا لباشرت به انا بنفسي ثم قدمته للمنتدى لكني لم اصل شاطئ العلم بعد حتى اقول فيه ما لا اعلم فأغرق قبل وصول البحر اصلا.
هذه نصيحة اقدمها للمنتدى لعلهم يدرسوها جيدا وجديا ولا يهملوها.
جزاكم الله عني كل الخير
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/96)
ـ[أبو العباس البحريني]ــــــــ[22 - 05 - 08, 02:08 م]ـ
بوركتم,,,#
ـ[محمد السلفي المكي]ــــــــ[25 - 05 - 08, 12:14 م]ـ
أؤيد نصيحة الأخ أبي عبد الله قريق
لكن مع وضع قسم آخر في المنتدى لمن يريد وضع بعض الفوائد العقدية التي يجدها وهو يدرس
ـ[محمد فوزي الحفناوي]ــــــــ[25 - 05 - 08, 02:33 م]ـ
السلام عليكم
نعم النصيحة, لكن من له قدرة على مقارعة الخصوم بالمباحثة الدقيقة والزامهم بشناعة اقوالهم فهذا من فروض الكفايات , ومن تامل في ردود السلف وجدهم استعملوا هذه المباحث الدقيقة مع المخالف منهم ابن عبد البر نفسه , وغيره ....
ولكن احبذ ان لايكون ذلك في هذا المنتدى المبارك وانما في منتدياتهم وذلك لكسر شوكتهم ودرء شبهاتهم ....
ـ[أنس الرشيد]ــــــــ[25 - 08 - 08, 06:52 ص]ـ
يرفع للفائدة والتذكير ..
ـ[عبد العزيز ابو عبد الله]ــــــــ[28 - 08 - 08, 09:41 ص]ـ
بارك الله في شيخنا ابا محمد وشيخنا المسيطر والموضوع هام حقا جزاكم الله خيرا
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[28 - 08 - 08, 01:33 م]ـ
بارك الله في الجميع ..
ملاحظتان:
1/ تجد بعض الإخوة إذا سمع قوله تعالى: {وجاء ربك والملك} يقول: ما معنى المجيء؟ وكذلك في اليد، والوجه، والضحك .. ما معناها؟ فيسأل عن معان كلمات هي بمعيار اللغة أصغر الوحدات؛ لو أردت تبسيطها لعقّدتها، كقولنا الخير والشر والفضيلة والصدق .. معان معلومة بالضرورة .. إذا سألت عن معانيها دونما ضرورة فهذا تنطع مذموم
2/ إذا ذكرت آية اشتملت على صفات الباري عز وجل - كآية المجيء السابقة - رأيت مريض العقل وملوث الذهن يسرع لتفهم معنى المجيء فالكيفية ويتطلع للتناظر، مع غلو ظاهر .. أما العامي ذو الفطرة السليمة فبمجرد سماع الآية يتجلله خشوع مع خضوع .. وأظنه هو المراد من ذكر آيات الصفات في معظم الآيات؛ والله أعلم
ـ[موسى الكاظم]ــــــــ[28 - 08 - 08, 10:19 م]ـ
2/ إذا ذكرت آية اشتملت على صفات الباري عز وجل - كآية المجيء السابقة - رأيت مريض العقل وملوث الذهن يسرع لتفهم معنى المجيء فالكيفية ويتطلع للتناظر، مع غلو ظاهر .. أما العامي ذو الفطرة السليمة فبمجرد سماع الآية يتجلله خشوع مع خضوع .. وأظنه هو المراد من ذكر آيات الصفات في معظم الآيات؛ والله أعلم
السلام عليكم
هذا الكلام فيه نَظَر إن قيل من قِبل أهل السُنة-وأحسبك منهم-، حملناه على المحمل الحسن، لكن إن قيل من قبل المبتدعة لم نلتمس لهم عذرا، فالجهمية يتحججون، بأن الآيات إنما يفهم منها الخشوع والاعتبار والعبرة فقط لا الحقيقة، وهم بذلك أرادوا التمويه والتلبيس.
أما بخصوص الموضوع، فأرى والله أعلم، أن الأصل هو الإمرار وعدم التعمق في مثل هذه المسائل، وهذا كان أيام الإمام مالك حيث كانت السُنة ظاهرة، لكن لما كثر المبتدعة وشبهاتهم الكلامية، فيجوز التعمق في ذلك لضرورة الرد على الخصم، وللظرورة أحكام كما لا يخفى
لكن، قد يكون التعمق والتناظر، متعينا في بعض الأحيان، وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية طافحة بلذلك ...
ولا يأتي من يتشدق ويقول بأن شيخ الإسلام، غير معصوم، أقول، نعم غير معصوم، لكن ما فعله مع المبتدعة ومحاججتهم بنفس منهجهم، وتبيين وجوه بطلان أقوالهم، والتعمق في ذلك، وبمناظرتهم نفس عقليتهم، له من المزايا التي جعلت كثير منهم يتوب من منهجه في كل زمان ومكان،
وسأضرب مثالا .. ،، لا يخفى عليكم ما يقوله القوم-هداهم الله- من أن الله ليس في السماء، لأن الأرض كروية، فإن كان في العلو لمنطقة معينة، فيلزم أن يكون في السفل لجهة أخرى ...
ولا يخفى عليكم هذا الإسلوب الماكر، والتعمق الزائد في ذات الله عز وجل، الذي لا يبلغ كنه صفته الواصفون .. !!
فهنا يجب على من لديه حجة عقلية بأن يحاجج بها هذا المبتدع، وإلا لظهر كالمسكين العاجز عن الجواب أمامه!!
لكن، أكرر، في أن الأصل هو عدم التنطع في مثل هذه المسائل، بل تقابل بالإمرار والتسليم لظاهرها، والسكوت.
ـ[ابو عبد الله البلغيتي]ــــــــ[31 - 08 - 08, 03:27 ص]ـ
المنهج السلفي في الأسماء والصفات واضح بين.
لكننا لا نسكت عن التحريف والشبه حتى لا تدخل قلوب أبنائنا من بعدنا.
فإذا وجد أبناؤنا أجوبة شافية كافية عن شبه المجرمين نشروها وافتخروا بها وألزموا بها الخصوم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/97)
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[09 - 10 - 08, 08:21 ص]ـ
للفائدة ..............
ـ[المسيطير]ــــــــ[11 - 02 - 09, 10:00 م]ـ
هذه نصيحة ثمينة من الشيخ العلامة محمد بن بن عثيمين رحمه الله في التحذير من التجاوز فيما ورد من أسماء الله وصفاته:
السؤال:
فضيلة الشيخ: في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يمل حتى تملوا)، هل تثبت هذه الصفة لله عز وجل ألا وهي الملل؟.
الجواب:
أجيبك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون)، ما بالك تبحث عن ثبوت الملل لله عز وجل أو عدم ثبوته؟.
أنت تعلم أن الرسول خاطب الصحابة في ذلك، وتعلم أن الصحابة أحرص منا جميعاً على معرفة صفات الله تعالى، وهل أوردوا على الرسول صلى الله عليه وسلم هل يمل أو لا يمل، أو قالوا: سمعنا، وصدقنا، وآمنا أن الله لا يمل حتى نمل؟!.
فما كان في الملل من نقص فهو لنا وليس لله، فالله تعالى كامل الصفات.
فيجب أن نتوقف عن البحث والنقاش في هذا الأمر.
وأقول لك ولغيرك ولمن سمع كلامي هذا: إن صفات الله عز وجل يجب أن يحترز الإنسان منها غاية الاحتراز، ولا يتجاوز ما ورد، فإن تجاوز ما ورد هلك؛ لأنه سوف يقع في أحد أمرين:
- إما التمثيل ولزوم النقص في صفات الله.
- وإما التعطيل.
أحد هذين الأمرين.
وسبحان الله العظيم، الصحابة مائة وأربعة وعشرون ألفاً، والتابعون أكثر وأكثر، وأئمة المسلمين سكتوا عن هذا فيأتي متأخرون من العلماء، ويأتي الإخوة الطلبة الشباب الذين يريدون أن يتعمقوا -زعموا- في صفات الله، فينقبون عن مثل هذه المسائل، كم أصابع الله؟!، كيف عينه؟!، كيف وجهه؟!.
أما تعلم أن الإمام مالك رحمه الله لما قال له شخص يا أبا عبد الله: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) [طه:5]، كيف استوى؟، أطرق برأسه حتى جعل يتصبب عرقاً خجلاً من هذا السؤال واستعظاماً له، وتعظيماً للرب عز وجل، ثم رفع رأسه وقال: يا هذا! الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعاً، ثم أمر به أن يخرج، فأخرج من المسجد.
هذه المسائل أيها الشباب، مسائل الصفات لا تحرصوا على التعمق فيها حتى لا تقعوا في الهلاك، قولوا: سمعنا وآمنا وصدقنا وليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
نحن ما دمنا نعمل فالله تعالى يثيبنا ولا يمل حتى نمل، والملل إذا كنت ترى أنه نقص فيك فلا تثبت لله صفة نقص، فهو ملل يليق به، ونعلم أنه لا يستلزم نقصاً في حق الله إن كان ثابتاً له.
وأحذرك وأحذر السامعين من التنطع والتعمق في هذه المسألة الخطيرة، عليكم بما كُلفتم به من الأعمال، ودعوا ما لم تكلفوا به، ابحث كيف تصلي، كيف تتوضأ، كيف تصوم، كيف تتصدق، واترك صفات الله عز وجل، خذها كما جاءت ولا تُنقب عنها؛ لأن أمامك أناساً أعلم منك، وأحرص منك على معرفة الله، وأشد حباً منك للخير وللعلم ما ناقشوا الرسول فيها. أ. هـ
---
(لقاء الباب المفتوح الحادي عشر، السؤال 459، 323).
ـ[محمود المصري]ــــــــ[12 - 02 - 09, 01:28 ص]ـ
رحم الله الشيخ ابن عثيمين وأسكنه فسيح جناته
بارك الله فيك شيخنا المسيطير على هذا النقل الطيب
وجزا الله الشيخ أبا محمد المطيري خير جزاء على ما سطرت يداه
ـ[السيد زكي]ــــــــ[12 - 02 - 09, 02:01 ص]ـ
جزاكم الله خيرا واتباع الصحابةوائمة السنة من السلف خير لنا
ـ[أبوعبدالله وابنه]ــــــــ[15 - 02 - 09, 02:19 م]ـ
جزاكم الله تعالى خيراً
الموضوع شريف نفيس يستحق التثبيت
واقتراحالإخوة بشأن منتدى عقيدة أهل السنة مليح فحبذا أن تنظر الإدارة الكريمة في ذلك وتعمل بما هو أبرا للذمة وأنفع للأمة
ـ[صالح محمد العجمي]ــــــــ[12 - 02 - 10, 10:58 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[ابو علي الفلسطيني]ــــــــ[13 - 02 - 10, 01:02 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله تعالى خيرا ووفقكم .... موضوع نفيس وقيم بارك الله فيكم
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[13 - 02 - 10, 01:25 ص]ـ
الجدل مذموم وما أوتيه قوم إلا وقد أراد الله هلكتهم كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أمرنا بالجدال بالتي هي أحسن لإقناع المخالف.
فإذا كان الكلام في حدود المسموح به شرعًا في باب الصفات وهو الكلام في معانيها الثابتة عن أئمة السلف وأئمة العربية منهم، بغير تعد لمنطوق الكتاب والسنة الصحيحة فهذا لا شيء فيه.
وكذلك: إيراد الشبه للجواب العلمي عليه بكلام العلماء ونحوه هذا لا شيء فيه.
وما دون ذلك فلا خير فيه.
والله أعلم.(27/98)
فتوى في: حكم التهنئة بالعام الهجري
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[20 - 02 - 04, 12:42 ص]ـ
المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التاريخ 28/ 12/1424هـ
السؤال
ما حكم المباركة بمناسبة العام الهجري؟ بذكر: (كل عام وأنت بخير، كل سنة وأنتم طيبون، أو غيرها من العبارات).
أفتونا مأجورين. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد ..
فلا يظهر المنع من إيراد هذه الألفاظ على سبيل الدعاء، وتكون من باب الدعاء، إذا نصب فيها لفظ "كل"، وقد ذكر الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد في كتابه (معجم المناهى اللفظية) ص (459) أن رفع "كل" في كل عام وأنتم بخير" لحن لا يتأدَّى به المعنى المراد من إنشاء الدعاء للمخاطب، وإنما يتأدى به الدعاء إذا فُتحت اللام من "كل"، ولذا فعلى الداعي به عدم اللحن- والله أعلم- انتهى.
وذكر الشيخ: ابن عثيمين – رحمه الله – في المجموع الثمين (2/ 226): أن قول "كل عام وأنتم بخير" جائز إذا قُصِدَ به الدعاء بالخير، - وصلى الله علي نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم-.
المصدر: http://www.islamtoday.net/questions/show_question_*******.cfm?id=17927
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[20 - 02 - 04, 12:58 ص]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيك
ومما ينبغي التنبه له ما يفعله بعض الناس من صيام آخر يوم من السنة أو ختمه لها بالاستغفار أو نحو ذلك من الأفعال
فهذه أمور مبتدعة ينبغي الحذر منها.
ـ[الجود]ــــــــ[20 - 02 - 04, 02:54 ص]ـ
الشيخ الجبرين يقول لابأس بها كما تجوز التهنئة في دخول رمضان. وقال هذا الجواب في درسه الأحد الماضي.
ولكن ياإخوان هل قال أحد من العلماء أنه لايبدأ بها ويجوز أن يرد عليه (أقصد في التهنئة أو الدعاء بقدوم العام الهجري) لأن هذا القول قوي عندي.
ـ[أبو أحمد اليماني]ــــــــ[20 - 02 - 04, 03:09 ص]ـ
قال الإمام أحمد رحمه الله: لا ابتدئ بالتهنئة فإن ابتدأني أحد أجبته؛ لأن جواب التحية واجب، وأما الابتداء بالتهنئة فليس سنة مأمورا بها، ولا هو أيضا مما نهي عنه. أهـ
ولكن لعلي أذكر من باب الفائدة أن أحد طلبة العلم اتصل بالشيخ
الألباني - رحمه الله- فقال له كل عام وأنت بخير، فلم يرد عليه
وظل ساكتاً قليلاً ثم لم يرد عليه.
واقصد بذلك ((كل عام وأنتم بخير))
والسبب جلي وهو أنه لم يرد في ذلك شيء عن السلف في التهنئة
بالعام الجديد.
===========
وهذا سؤال وجه للشيخ محمد ابن عثيمين - رحمه الله - نصه:
يقول السائل: ما حكم التهنئة بالسنة الهجرية و ماذا يرد على المهنئ؟
فأجاب فضيلة الشيخ حفظه الله:
إن هنّأك احد فَرُدَّ عليه و لا تبتديء احداً بذلك هذا هو الصواب في هذه المسألة لو قال لك إنسان مثلاً نهنئك بهذا العام الجديد قل: هنئك الله بخير و جعله عام خير و بركه لكن لا تبتدئ الناس أنت لأنني لا أعلم أنه جاء عن السلف أنهم كانوا يهنئون بالعام الجديد بل إعلموا ان السلف لم يتخذوا المحرم أول العام الجديد إلا في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
إنتهى
ـ[الفقير إلى عفو ربه]ــــــــ[20 - 02 - 04, 04:30 ص]ـ
كنت سأذكر قول الإمام أحمد السابق ذكره،وفتحت لذلك تعقيبا ثم رأيت أخي أبا أحمد قد سبقني.
ولذلك فإنني أقول كيف يقول (الدكتور) بالجواز مع أن التهنئة بما هو موسم لمضاعفة الأجور - أعني رمضان - لم يصح عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولا عن أحد من أصحابه؟
ولم يأت عن أحد من سلف الأمة التهنئة بعشر ذي الحجة مع كون حلولها لمن يغتنمها موسما عظيما.
فيف يقال بجواز التهنئة بدخول عام هجري جديد،مع أن تحديد أول أشهر العام إنما كان في عهد عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - كسنة عامة للمسلمين،وإلا فإن عام كل شخص بحسب ولادته،والعام بالنسبة للمقادير والأكوان يبدأ بليلة القدر؟
هذا،مع أننا إذا قرنا ذلك بأن تخصيص (عبادة) في وقت معين،وبكيفية معينة لم يخصصها الشارع فيه يحيل ذلك التخصيص إلى بدعة إذا التزمه،فكيف بهذا (الجائز)؟
وتأمل لو جرى الأمر بالجواز فإن السنين القادمة سيكون لمن لم يُهنَّأ المقال على من رأى (الجواز) فلم يبادر إليه،وبهذا يكون أصل الابتداع.
فأقل أحوال ذلك أن يقال بالكراهة؛وذلك لكون موجبه انعقد في زمن الصحابة والتابعين فلم يفعلوه،بل قد يقال بأن إنظار المسيء في عمره،ثم يموت ولم يتب،فإن إنظاره وإمهاله ذاك شر له،فهل يهنَّأ بذلك؟
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[20 - 02 - 04, 07:07 ص]ـ
حكم التهنئة بالعام الهجري
المجيب عمر بن عبد الله المقبل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف العادات/مسائل متفرقة في العادات
التاريخ 28/ 12/1424هـ
السؤال
ما حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد؟
الجواب
الأصل في التهاني –والله أعلم- أنها من باب العادات، ولكن الأولى هنا –أعني في التهنئة بالعام الجديد- ألاّ يبدأ بها الإنسان؛ لأن هذا ليس من السنة، وليست الغبطة بكثرة السنين، بل الغبطة بما أمضاه العبد منها في طاعة مولاه، فكثرة السنين خير لمن أمضاه في طاعة ربه، شر لمن أمضاها في معصية الله والتمرد على طاعته، وشر الناس من طال عمره وساء عمله –كما يقول شيخنا ابن عثيمين –رحمه الله تعالى- في ديوان خطبه ص (702) -.
ولكن لو هُنِّئ الإنسان، فلا ينبغي له أن ينكر، بل ينبغي أن يجعل الرد بالدعاء، كأن يقول: جعل الله هذا العام عام عز ونصر للأمة الإسلامية، ونحو هذه الدعوات الطيبة والله تعالى أعلم.
المصدر: http://www.islamtoday.net/questions/show_question_*******.cfm?id=5882
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/99)
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[20 - 02 - 04, 07:09 ص]ـ
حكم التهنئة بالعام الهجري
المجيب سلمان بن فهد العودة
المشرف العام على موقع الإسلام اليوم
التاريخ 28/ 12/1423هـ
السؤال
ما حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد؟
الجواب
التهنئة بالعام الهجري الجديد من المباحات، وأفضل ما يقال في شأنها أن من هنأك ترد عليه بكلام طيب من جنس كلامه، ولا تبدأ أحداً بها.
وهذا بعينه ما روي عن أحمد في التهنئة بالعيد أنه من هنأه رد عليه، وإلا لم يبتدئه، ولا أعلم في التهنئة بالعيد شيئاً يثبت.
وقد قال أصحابنا من الحنابلة: لا بأس بقوله لغيره: تقبل الله منا ومنك، فالجواب: أي لا بأس بتهنئة الناس بعضهم بعضاً بما هو مستفيض بينهم، وقد يستدل لهذا من حيث العموم بمشروعية سجود الشكر، ومشروعية التعزية، وتبشير النبي –صلى الله عليه وسلم- بقدوم رمضان، انظر ما رواه النسائي (2106)، وتهنئة طلحة بن عبيد الله لكعب بن مالك، وبحضرة النبي –صلى الله عليه وسلم- ولم ينكر عليه، انظر ما رواه البخاري (4418) ومسلم (2769).
قال ابن تيمية –رحمه الله-: قد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه، ورخص فيه الأئمة كأحمد وغيره.
وذكر الحافظ ابن حجر مشروعيته، وثمة آثار عديدة في مثل ذلك.
قال أحمد: لا أبتدئ به، فإن ابتدأني أحد أجبته.
وذلك لأن جواب التحية واجب؛ لقوله –تعالى-:"وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها"الآية [النساء:86].
ولم يرد في مثل ذلك نهي، والله –تعالى- أعلم.
ولا يدخل مثل هذا في باب البدع؛ لأنه من محاسن العادات وطيب الأخلاق، ولا يقصد به محض التعبد، هذا ما يظهر لي، والله أعلم.
المصدر: http://www.islamtoday.net/questions/show_question_*******.cfm?id=17766
ـ[الجود]ــــــــ[21 - 02 - 04, 12:40 ص]ـ
بارك الله فيكم.
وقال الشيخ عبد الكريم الخضير في التهنئة بدخول العام الهجري:
الدعاء للمسلم بدعاء مطلق لا يتعبد الشخص بلفظه في المناسبات كالأعياد لا بأس به لا سيما إذا كان المقصود من هذه التهنئة التودّد، وإظهار السرور والبشر في وجه المسلم. قال الإمام أحمد رحمه الله: لا ابتدئ بالتهنئة فإن ابتدأني أحد أجبته لأن جواب التحية واجب وأما الابتداء بالتهنئة فليس سنة مأمورا بها ولا هو أيضا مما نهي عنه.
ـ[الداعية إلى الخير]ــــــــ[21 - 02 - 04, 05:15 ص]ـ
لقد ناقشت بعض طلبة العلم
فقال: أليس في التهنئة بالعام الجديد تشبه بالنصارى في تهنئتهم.
فما رأي الاخوة في هذا؟
ـ[أبو خالد السلمي.]ــــــــ[22 - 02 - 04, 05:00 ص]ـ
فائدة صغيرة بخصوص ما جاء في المشاركة رقم (1) حول التعبير الشائع (كل عام وأنتم بخير)
وذلك أن مجمع اللغة العربية بالقاهرة أجرى مناقشات مستفيضة في إحدى جلساته بخصوص صحة هذا التعبير أو عدم صحته من الناحية اللغوية، وتقدم أعضاؤه بأبحاث خلاصتها أن الصواب أن يقال (كلَّ عامٍ أنتم بخيرٍ) بنصب (كل) وحذف الواو، وصدر قرار من المجمع بذلك.
ـ[أبو خالد السلمي.]ــــــــ[22 - 02 - 04, 05:20 ص]ـ
فوائد ولطائف ونقولات نافعة عن التهنئة بالعام الجديد
تجدونها على هذا الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=16988
ـ[عبد الله التميمي]ــــــــ[22 - 02 - 04, 06:24 ص]ـ
جزاك الله خير
ـ[أبوالخيرالحنبلي]ــــــــ[24 - 02 - 04, 10:45 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[* أبو محمد *]ــــــــ[24 - 02 - 04, 04:49 م]ـ
السؤال:
ما حكم التهنئة بمناسبة العام الهجري الجديد بقول كل عام وأنتم بخير أو بالدعاء بالبركة وكأن يرسل رسالة يدعو فيها للمرسل إليه بالخير والبركة في عامه الجديد؟.
الجواب:
الحمد لله
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ما حكم التهنئة بالسنة الهجرية وماذا يرد على المهنئ؟
فأجاب رحمه الله:
إن هنّأك احد فَرُدَّ عليه ولا تبتديء أحداً بذلك هذا هو الصواب في هذه المسألة لو قال لك إنسان مثلاً نهنئك بهذا العام الجديد قل: هنئك الله بخير وجعله عام خير وبركه، لكن لا تبتدئ الناس أنت لأنني لا أعلم أنه جاء عن السلف أنهم كانوا يهنئون بالعام الجديد بل اعلموا أن السلف لم يتخذوا المحرم أول العام الجديد إلا في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. انتهى
المصدر إجابة السؤال رقم 835 من اسطوانة موسوعة اللقاء الشهري والباب المفتوح الإصدار الأول اللقاء الشهري لفضيلته من إصدارات مكتب الدعوة و الإرشاد بعنيزة.
وقال الشيخ عبد الكريم الخضير في التهنئة بدخول العام الهجري:
الدعاء للمسلم بدعاء مطلق لا يتعبد الشخص بلفظه في المناسبات كالأعياد لا بأس به لا سيما إذا كان المقصود من هذه التهنئة التودّد، وإظهار السرور والبشر في وجه المسلم. قال الإمام أحمد رحمه الله: لا ابتدئ بالتهنئة فإن ابتدأني أحد أجبته لأن جواب التحية واجب وأما الابتداء بالتهنئة فليس سنة مأمورا بها ولا هو أيضا مما نهي عنه.
الإسلام سؤال وجواب ( www.islam-qa.com)
المصدر:
http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=21290&dgn=4
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/100)
ـ[ابو عبد الرحمن السطفي]ــــــــ[24 - 02 - 04, 09:42 م]ـ
لماذا (كل) بالنصب لا بالرفع ?
[جزى الله إخواننا على هذه الفوائد، ولكن هل من موضح لسبب
كون لام " كل " من قولهم _ كل عام أنتم بخير _ منصوبة لا مرفوعة
ليكتمل الجواب، ويجلو الصواب، ويزول الإشكال والارتياب، والله الموفق)
ـ[سلطان العتيبي]ــــــــ[25 - 02 - 04, 02:39 ص]ـ
لفظة (كل)
منصوبة على الظرفية او على نزع الخافض أي (في كل عام .... !!)
والمعذرة على التطفل على أهل اللغة والإختصاص!! مع اعترافي بجهلي وتقصيري!!
ـ[مسلم الحربي]ــــــــ[25 - 02 - 04, 11:30 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته0
جزاكم الله خيرًا وأحسن إليكم0
ـ[آل نظيف]ــــــــ[30 - 01 - 05, 11:11 م]ـ
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
أيها المسلمون إننا في هذه الأيام نستقبل عاماً جديداً إسلاميا هجريا ليس من السنة أن نحدث عيداً لدخوله وليس من السنة أن نهنئ بعضنا بدخوله ولكن التهنئة إنما هي أمر عادي وليس أمراً تعبديا وليست الغبطة ليست الغبطة بكثرة السنين كم من إنسان طال عمره وكثرت سنواته ولكنه لم يزدد بذلك إلا بعداً من الله إن أسوأ الناس وشر الناس من طال عمره وساء عمله ليست الغبطة بكثرة السنين وإنما الغبطة بما أمضاه العبد من هذه السنين في طاعة الله عز وجل فكثرة السنين خير لمن أمضاه في طاعة ربه شر لمن أمضاه في معصية الله والتمرد على طاعته إن علينا
خطب الجمعة: المجموعة الثانية - التقويم الإسلامي الهجري
http://www.ibnothaimeen.com/all/khotab/article_89.shtml
ـ[آل نظيف]ــــــــ[30 - 01 - 05, 11:18 م]ـ
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
أيها المسلمون إننا في هذه الأيام نستقبل عاماً جديداً إسلاميا هجريا ليس من السنة أن نحدث عيداً لدخوله وليس من السنة أن نهنئ بعضنا بدخوله ولكن التهنئة إنما هي أمر عادي وليس أمراً تعبديا وليست الغبطة ليست الغبطة بكثرة السنين كم من إنسان طال عمره وكثرت سنواته ولكنه لم يزدد بذلك إلا بعداً من الله إن أسوأ الناس وشر الناس من طال عمره وساء عمله ليست الغبطة بكثرة السنين وإنما الغبطة بما أمضاه العبد من هذه السنين في طاعة الله عز وجل فكثرة السنين خير لمن أمضاه في طاعة ربه شر لمن أمضاه في معصية الله والتمرد على طاعته إن علينا
خطب الجمعة: المجموعة الثانية - التقويم الإسلامي الهجري
http://www.ibnothaimeen.com/all/khotab/article_89.shtml
ـ[ابوعمر الدغيلبي]ــــــــ[11 - 12 - 08, 10:02 م]ـ
سئل الشيخ صالح الفوزان في الشريط 54 من شرح قرة عيون الموحدين فقال بدعة و مشابهة للنصارى.
ـ[أبو أيوب السليمان]ــــــــ[11 - 12 - 08, 10:57 م]ـ
حكم التهنئة في أول العام بقول كل عام وأنتم بخير (العلامة ابن باز رحمه الله)
س: نحن في مطلع العام الهجري الجديد، ويتبادل بعض الناس التهنئة بالعام الهجري الجديد، قائلين: (كل عام وأنتم بخير)، فما حكم الشرع في هذه التهنئة؟
ج: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين. أما بعد: فالتهنئة بالعام الجديد لا نعلم لها أصلاً عن السلف الصالح، ولا أعلم شيئاً من السنة أو من الكتاب العزيز يدل على شرعيتها، لكن من بدأك بذلك فلا بأس أن تقول وأنت كذلك إذا قال لك كل عام وأنت بخير أو في كل عام وأنت بخير فلا مانع أن تقول له وأنت كذلك نسأل الله لنا ولك كل خير أو ما أشبه ذلك أما البداءة فلا أعلم لها أصلاً.
http://www.binbaz.org.sa/mat/10042
ـ[أبو أيوب السليمان]ــــــــ[11 - 12 - 08, 11:00 م]ـ
سئل الشيخ صالح الفوزان في الشريط 54 من شرح قرة عيون الموحدين فقال بدعة و مشابهة للنصارى.
وهذا كلام الشيخ حفظه الله بصوته
http://www.alfawzan.ws/AlFawzan/FatawaSearch/tabid/70/Default.aspx?PageID=10022
ـ[ابوعمر الدغيلبي]ــــــــ[11 - 12 - 08, 11:18 م]ـ
وهذا كلام الشيخ حفظه الله بصوته
http://www.alfawzan.ws/AlFawzan/FatawaSearch/tabid/70/Default.aspx?PageID=10022
بارك الله فيك
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[12 - 12 - 08, 08:22 ص]ـ
بارك الله فيكم أجمعين.
سؤالي: هل ثبت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أن محرم هو أوّل السنة؟
أم أنه ثبت في عهد عمر - رضي الله عنه - عندما أرّخ بالهجرة؟
جزاكم الله خيرًا.
ـ[محمد السلفي الفلسطيني]ــــــــ[19 - 12 - 08, 07:09 ص]ـ
جزاكم الله خيرا(27/101)
ثلاثة إستفسارات حول متون عقدية نادرة؟
ـ[المضري]ــــــــ[24 - 02 - 04, 01:00 ص]ـ
السلام عليكم جميعاً.
هل يعرف احدكم شيئاً عن " مجردة لوامع الأنوار " لإبن شكر الشافعي , وهل هي عقيدة سلفية؟ ومن هو إبن شكر؟؟
ومن لديه معلومات عن "عقيدة أهل السنة والجماعة " لعدي بن مسافر؟ ومن هو عديٌ هذا رحمكم الله؟
الامر الأخر الذي اريد معرفته هو: من هم الذين نقلوا لنا "نونية القحطاني" الفخمة الرائقة؟ وأين؟؟ وهل من معلومات جديدة حول شخصية هذا العالم الأديب الفذ الذي تنبئ أبياته عن عظيم مكانته وعلو شأنه في زمانه؟
ـ[أبو الطيب البغدادي]ــــــــ[27 - 02 - 04, 06:02 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي جزاك الله خيرا
عدي بن مسافر الأموي زاهد عابد ثقة من أهل السنة والجماعة
توفي في شمال العراق وكتابه مطبوع في العراق طبعة وزارة الأوقاف العراقية في الثمانينات
وقبره تزوره طائفة اليزيدية في العراق وتعبده واليزيدية تعبد الشيطان وتقول عنه إنه إله الشر وهم منتشرون في مدينة الموصل
والشيخ عدي رحمه الله منهم براء
ـ[هلال بن بلال]ــــــــ[27 - 02 - 04, 10:01 ص]ـ
بسم الله والحمد لله
كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن عقيدة عدي بن مسافر ... تجده في المجلدات الثلاث الأولى من مجموع الفتاوى على ما أذكر ..
ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[27 - 02 - 04, 10:36 ص]ـ
كلام شيخ الإسلام عن عدي بن مسافر - رحمه الله - في الوصية الكبرى، في الجزء الثالث من مجموع الفتاوي.
ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[27 - 02 - 04, 10:53 ص]ـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: َفِيكُمْ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ مَنْ لَهُ لِسَانُ صِدْقٍ فِي الْعَالَمِينَ فَإِنَّ قُدَمَاءَ الْمَشَايِخِ الَّذِينَ كَانُوا فِيكُمْ مِثْلَ الْمُلَقَّبِ بِشَيْخِ الْإِسْلَامِ " أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَد بْنِ يُوسُفَ الْقُرَشِيِّ الهكاري " وَبَعْدَهُ الشَّيْخُ الْعَارِفُ الْقُدْوَةُ " عَدِيُّ بْنُ مُسَافِرٍ الْأُمَوِيُّ " وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمَا فِيهِمْ مِنْ الْفَضْلِ وَالدِّينِ وَالصَّلَاحِ وَالِاتِّبَاعِ لِلسُّنَّةِ مَا عَظَّمَ اللَّهُ بِهِ أَقْدَارَهُمْ وَرَفَعَ بِهِ مَنَارَهُمْ. وَالشَّيْخُ " عَدِيٌّ " - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ - كَانَ مِنْ أَفَاضِلِ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ وَأَكَابِرِ الْمَشَايِخِ الْمُتَّبَعِينَ وَلَهُ مِنْ الْأَحْوَالِ الزَّكِيَّةِ وَالْمَنَاقِبِ الْعَلِيَّةِ مَا يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ. وَلَهُ فِي الْأُمَّةِ صيت مَشْهُورٌ , وَلِسَانُ صِدْقٍ مَذْكُورٌ وَعَقِيدَتُهُ الْمَحْفُوظَةُ عَنْهُ لَمْ يَخْرُجْ فِيهَا عَنْ عَقِيدَةِ مَنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ الْمَشَايِخِ الَّذِينَ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ كَالشَّيْخِ الْإِمَامِ الصَّالِحِ " أَبِي الْفَرَجِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْأَنْصَارِيِّ الشِّيرَازِيِّ ثُمَّ " الدِّمَشْقِيِّ " وَكَشَيْخِ الْإِسْلَامِ " الهكاري " وَنَحْوِهِمَا. وَهَؤُلَاءِ الْمَشَايِخُ لَمْ يَخْرُجُوا فِي الْأُصُولِ الْكِبَارِ عَنْ أُصُولِ " أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ " بَلْ كَانَ لَهُمْ مِنْ التَّرْغِيبِ فِي أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالدُّعَاءِ إلَيْهَا وَالْحِرْصِ عَلَى نَشْرِهَا وَمُنَابَذَةِ مَنْ خَالَفَهَا مَعَ الدِّينِ وَالْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ مَا رَفَعَ اللَّهُ بِهِ أَقْدَارَهُمْ وَأَعْلَى مَنَارَهُمْ , وَغَالِبُ مَا يَقُولُونَهُ فِي أُصُولِهَا الْكِبَارِ جَيِّدٌ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يُوجَدَ فِي كَلَامِهِمْ وَكَلَامِ نُظَرَائِهِمْ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمَرْجُوحَةِ وَالدَّلَائِلِ الضَّعِيفَةِ ; كَأَحَادِيثَ لَا تَثْبُتُ وَمَقَايِيسُ لَا تَطَّرِدُ (مَعَ مَا يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْبَصِيرَةِ , وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إلَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا سِيَّمَا الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْأُمَّةِ الَّذِينَ لَمْ يُحَكِّمُوا مَعْرِفَةَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْفِقْهِ فِيهِمَا وَيُمَيِّزُوا بَيْنَ صَحِيحِ الْأَحَادِيثِ وَسَقِيمِهَا وَنَاتِجِ الْمَقَايِيسِ وَعَقِيمِهَا مَعَ مَا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/102)
يَنْضَمُّ إلَى ذَلِكَ مِنْ غَلَبَةِ الْأَهْوَاءِ وَكَثْرَةِ الْآرَاءِ وتغلظ الِاخْتِلَافِ وَالِافْتِرَاقِ وَحُصُولِ الْعَدَاوَةِ وَالشِّقَاقِ. فَإِنَّ هَذِهِ الْأَسْبَابَ وَنَحْوَهَا مِمَّا يُوجِبُ " قُوَّةَ الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ " اللَّذَيْنِ نَعَتَ اللَّهُ بِهِمَا الْإِنْسَانَ فِي قَوْلِهِ: {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} فَإِذَا مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْإِنْسَانِ بِالْعِلْمِ وَالْعَدْلِ أَنْقَذَهُ مِنْ هَذَا الضَّلَالِ وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ: {وَالْعَصْرِ} {إنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} {إلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}. وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ - أَصْلَحَكُمْ اللَّهُ - أَنَّ " السُّنَّةَ " الَّتِي يَجِبُ اتِّبَاعُهَا وَيُحْمَدُ أَهْلُهَا وَيُذَمُّ مَنْ خَالَفَهَا: هِيَ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فِي أُمُورِ الِاعْتِقَادَاتِ وَأُمُورِ الْعِبَادَاتِ وَسَائِرِ أُمُورِ الدِّيَانَاتِ. وَذَلِكَ إنَّمَا يُعْرَفُ بِمَعْرِفَةِ أَحَادِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الثَّابِتَةِ عَنْهُ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَمَا تَرَكَهُ مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ. ثُمَّ مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّابِقُونَ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ. وَذَلِكَ " فِي دَوَاوِينِ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفَةِ ": مِثْلَ صَحِيحَيْ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَكُتُبِ السُّنَنِ. مِثْلَ سُنَنِ أَبِي داود والنسائي وَجَامِعِ التِّرْمِذِيِّ وَمُوَطَّأِ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَمِثْلَ الْمَسَانِيدِ الْمَعْرُوفَةِ ; كَمِثْلِ مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ. وَيُوجَدُ فِي كُتُبِ " التَّفَاسِيرِ " وَ " الْمَغَازِي " وَسَائِرِ " كُتُبِ الْحَدِيثِ " جُمَلِهَا وَأَجْزَائِهَا مِنْ الْآثَارِ مَا يُسْتَدَلُّ بِبَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ. وَهَذَا أَمْرٌ قَدْ أَقَامَ اللَّهُ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ مَنْ اعْتَنَى بِهِ حَتَّى حَفِظَ اللَّهُ الدِّينَ عَلَى أَهْلِهِ. وَقَدْ جَمَعَ طَوَائِفُ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْأَحَادِيثَ وَالْآثَارَ الْمَرْوِيَّةَ فِي أَبْوَابِ " عَقَائِدِ أَهْلِ السُّنَّةِ " مِثْلَ: حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدارمي ; وَعُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الدارمي وَغَيْرِهِمْ فِي طَبَقَتِهِمْ. وَمِثْلُهَا مَا بَوَّبَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو داود والنسائي وَابْنُ ماجه وَغَيْرُهُمْ فِي كُتُبِهِمْ. وَمِثْلُ مُصَنَّفَاتِ أَبِي بَكْرٍ الْأَثْرَمِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ وَأَبِي بَكْرٍ الْخَلَّالِ وَأَبِي الْقَاسِمِ الطبراني وَأَبِي الشَّيْخِ الأصبهاني وَأَبِي بَكْرٍ الآجري وَأَبِي الْحَسَنِ الدارقطني وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ منده وَأَبِي الْقَاسِمِ اللالكائي وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بَطَّةَ ; وَأَبِي عَمْرٍو الطلمنكي وَأَبِي نُعَيْمٍ الأصبهاني وَأَبِي بَكْرٍ البيهقي وَأَبِي ذَرٍّ الهروي. وَإِنْ كَانَ يَقَعُ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْمُصَنَّفَاتِ مِنْ الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ مَا يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ. وَقَدْ يَرْوِي كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ: فِي الصِّفَاتِ وَسَائِرِ أَبْوَابِ الِاعْتِقَادَاتِ وَعَامَّةِ أَبْوَابِ الدِّينِ: أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ تَكُونُ مَكْذُوبَةً مَوْضُوعَةً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ قِسْمَانِ: - مِنْهَا مَا يَكُونُ كَلَامًا بَاطِلًا لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُضَافَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَالْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْكَلَامِ: مَا يَكُونُ قَدْ قَالَهُ بَعْضُ السَّلَفِ أَوْ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَوْ بَعْضُ النَّاسِ وَيَكُونُ حَقًّا. أَوْ مِمَّا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ أَوْ مَذْهَبًا لِقَائِلِهِ فَيُعْزَى إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهَذَا كَثِيرٌ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/103)
عِنْدَ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْحَدِيثَ مِثْلَ الْمَسَائِلِ الَّتِي وَضَعَهَا الشَّيْخُ " أَبُو الْفَرَجِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْأَنْصَارِيُّ " وَجَعَلَهَا مِحْنَةً يُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ وَهِيَ " مَسَائِلُ مَعْرُوفَةٌ " عَمِلَهَا بَعْضُ الْكَذَّابِينَ وَجَعَلَ لَهَا إسْنَادًا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعَلَهَا مِنْ كَلَامِهِ وَهَذَا يَعْلَمُهُ مَنْ لَهُ أَدْنَى مَعْرِفَةٍ أَنَّهُ مَكْذُوبٌ مُفْتَرًى. وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ وَإِنْ كَانَ غَالِبُهَا مُوَافِقًا لِأُصُولِ السُّنَّةِ فَفِيهَا مَا إذَا خَالَفَهُ الْإِنْسَانُ لَمْ يُحْكَمْ بِأَنَّهُ مُبْتَدِعٌ مِثْلَ أَوَّلِ نِعْمَةٍ أَنْعَمَ بِهَا عَلَى عَبْدِهِ فَإِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِيهَا نِزَاعٌ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالنِّزَاعُ فِيهَا لَفْظِيٌّ ; لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى أَنَّ اللَّذَّةَ [الَّتِي] يَعْقُبُهَا أَلَمٌ ; هَلْ تُسَمَّى نِعْمَةً أَمْ لَا؟ وَفِيهَا أَيْضًا أَشْيَاءُ مَرْجُوحَةٌ. فَالْوَاجِبُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَالْحَدِيثِ الْكَذِبِ فَإِنَّ السُّنَّةَ هِيَ الْحَقُّ دُونَ الْبَاطِلِ ; وَهِيَ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ دُونَ الْمَوْضُوعَةِ: فَهَذَا " أَصْلٌ عَظِيمٌ " لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ عُمُومًا وَلِمَنْ يَدَّعِي السُّنَّةَ خُصُوصًا " المجموع 3/ 377 - 378
َقَالَ رحمه الله فَصْلٌ وَالشَّيْخُ " عَدِيُّ بْنُ مُسَافِرِ بْنِ صَخْرٍ " كَانَ رَجُلًا صَالِحًا وَلَهُ أَتْبَاعٌ صَالِحُونَ وَمِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ فِيهِ غُلُوٌّ عَظِيمٌ يَبْلُغُ بِهِمْ غَلِيظَ الْكُفْرِ وَقَدْ رَأَيْت جُزْءًا أَتَى بِيَدِ أَتْبَاعِهِ فِيهِ نَسَبُهُ وَسِلْسِلَةُ طَرِيقِهِ فَرَأَيْت كِلَيْهِمَا مُضْطَرِبًا. أَمَّا " النَّسَبُ " فَقَالُوا: عَدِيُّ بْنُ مُسَافِرِ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُوسَى بْنِ مَرْوَانَ بْنِ أَحْمَد بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ مَرْوَانَ الْأُمَوِيِّ. وَهَذَا كَذِبٌ قَطْعًا فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ خَمْسَةُ أَنْفُسٍ. وَأَمَّا " الْخِرْقَةُ " فَقَالُوا: دَخَلَ عَلَى الشَّيْخِ الْعَارِفِ عُقَيْلٍ المنبجي وَأَلْبَسَهُ الْخِرْقَةَ بِيَدِهِ وَالشَّيْخُ عُقَيْلٌ لَبِسَ الْخِرْقَةَ مِنْ يَدِ الشَّيْخِ مسلمة المردجي وَالشَّيْخُ مسلمة لَبِسَ الْخِرْقَةَ مِنْ يَدِ الشَّيْخِ أَبِي سَعِيدٍ الْخَرَّازِ. قُلْت: هَذَا كَذِبٌ وَاضِحٌ فَإِنَّ مسلمة لَمْ يُدْرِكْ أَبَا سَعِيدٍ بَلْ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ مِائَةٍ سَنَةٍ بَلْ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَيْ سَنَةٍ. ثُمَّ قَالُوا: وَالشَّيْخُ أَبُو سَعِيدٍ الْخَرَّازُ لَبِسَ الْخِرْقَةَ مِنْ يَدِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْعَنْسِيَّ والعنسي لَبِسَهَا مِنْ يَدِ الشَّيْخِ عَلِيِّ بْنِ عَلِيلٍ الرَّمْلِيِّ وَالشَّيْخُ عَلِيُّ بْنُ عَلِيلٍ لَبِسَهَا مِنْ يَدِ وَالِدِهِ الشَّيْخِ عَلِيلٍ الرَّمْلِيِّ وَالشَّيْخُ عَلِيلٌ لَبِسَ الْخِرْقَةَ مِنْ يَدِ الشَّيْخِ عَمَّارٍ السَّعْدِيِّ وَالشَّيْخُ عَمَّارٌ السَّعْدِيُّ لَبِسَ الْخِرْقَةَ مِنْ يَدِ الشَّيْخِ يُوسُفَ الْغَسَّانِيِّ وَالشَّيْخُ يُوسُفُ الْغَسَّانِيُّ لَبِسَ الْخِرْقَةَ مِنْ يَدِ وَالِدِهِ الشَّيْخِ يَعْقُوبَ الْغَسَّانِيِّ وَالشَّيْخُ يَعْقُوبُ الْغَسَّانِيُّ لَبِسَ الْخِرْقَةَ مِنْ يَدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَوْمَ خَطَبَ النَّاسَ بِالْجَابِيَةِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَبِسَ الْخِرْقَةَ مِنْ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَبِسَ الْخِرْقَةَ مِنْ يَدِ جبرائيل وجبرائيل مِنْ اللَّهِ تَعَالَى. قُلْت: لُبْسُ عُمَرَ لِلْخِرْقَةِ وَإِلْبَاسُهُ وَلُبْسُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْخِرْقَةِ وَإِلْبَاسُهُ يَعْرِفُ كُلُّ مَنْ لَهُ أَدْنَى مَعْرِفَةٍ أَنَّهُ كَذِبٌ. وَأَمَّا الْإِسْنَادُ الْمَذْكُورُ مَا بَيْنَ أَبِي سَعِيدٍ إلَى عُمَرَ فَمَجْهُولٌ وَمَا أَعْرِفُ لِهَؤُلَاءِ ذِكْرًا لَا فِي كُتُبِ الزُّهْدِ وَالرَّقَائِقِ وَلَا فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَالْعِلْمِ وَمِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ كَانُوا شُيُوخًا وَقَدْ رَكَّبَ هَذَا الْإِسْنَادَ عَلَيْهِمْ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ أَزْمَانَهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ أَمْرِهِمْ. ثُمَّ ذَكَرُوا بَعْدَ هَذَا " عَقِيدَتَهُ " وَقَالُوا: هَذِهِ عَقِيدَةُ السُّنَّةِ مِنْ إمْلَاءِ الشَّيْخِ عَدِيٍّ. وَ " الْعَقِيدَةُ مِنْ (كِتَابِ التَّبْصِرَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ المقدسي. بِأَلْفَاظِهِ نَقْلَ الْمِسْطَرَةِ لَكِنْ حَذَفُوا مِنْهَا تَسْمِيَةَ الْمُخَالِفِينَ وَأَقْوَالَهُمْ وَذَكَرُوا مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَزَادُوا فِيهَا مِنْ ذِكْرِ يَزِيدَ وَغَيْرِهِ أَشْيَاءَ لَمْ يَقُلْهَا الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ وَفِيهَا أَحَادِيثُ مَوْضُوعَةٌ وَقَالَ فِي آخِرِهَا فَهَذَا اعْتِقَادُنَا وَمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ مَشَايِخِنَا نَقَلَهُ جبرائيل عَنْ اللَّهِ وَنَقَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ جبرائيل وَنَقَلَهُ الصَّحَابَةُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَسُمِّيَ مَنْ سَمَّاهُ اللكائي فِي أَوَّلِ كِتَابِ (شَرْحِ أُصُولِ السُّنَّةِ كَمَا ذَكَرُوا أَنَّ هَذَا أَمْلَاهُ الشَّيْخُ عَدِيٌّ مِنْ حِفْظِهِ. وَأَمَرَ بِكِتَابَتِهِ وَرَوَوْا ذَلِكَ بِالسَّمَاعِ مِنْ الشَّيْخِ حَسَنِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ أَبِي الْبَرَكَاتِ بِسَمَاعِهِ مِنْ وَالِدِهِ عَدِيِّ بْنِ أَبِي الْبَرَكَاتِ بْنِ صَخْرِ بْنِ مُسَافِرٍ وَهُوَ عَدِيٌّ " 11/ 103(27/104)
قِصَةُ الإِمَامِ مَالِكٍ مَعَ الخَلِيفَةِ أبِي جَعْفرٍ المَنْصُورِ في التوسل باطلة
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[25 - 02 - 04, 09:54 ص]ـ
الحمد لله وبعد؛ لازلنا مع سلسلةِ الدفاعِ عن أئمةِ المذاهبِ الأربعةِ، والردِ على ما تشدق به أهلُ البدعِ من نسبةِ أمورٍ إليهم هي أوهى من بيتِ العنكبوتِ كما قال تعالى: " وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ " [العنكبوت: 41]، وهذه القصص التي يوردونها على أهل السنة والجماعة لأمرين:
الأمر الأول: التسويغ لأنفسهم بما يقومون به من البدع باسم الدين.
الأمر الثاني: التلبيس على العامة بأن أئمة المذاهب قاموا بهذه الأمور فلماذا النكير عليهم – زعموا -؟.
ولقد تصدى علماء أهل السنة – ولله الحمد - لمثل هذه الشبهات والقصص المكذوبة بتفنيدها، ونقضها من أساسها.
والقصة التي بصدد ذكرها هي حوارٌ حدث بين الإمامِ مالك والخليفةِ أبي جعفر في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، جعلها أهل البدع دليلا على استقبال قبر النبي صلى الله عليه وسلم حال الدعاء عنده، ويحتج بها القبوريون على جواز التوسل به صلى الله عليه وسلم بعد موته عند قبره.
نَصُ القِصَّةِ:
روى القاضي عياض في " الشفا " (2/ 595 – 596) بسنده فقال:
حدثنا القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن الأشعري، وأبو القاسم أحمد بن بَقِي الحاكم، وغير واحد، فيما أجازُونيه؛ قالوا: أنبأنا أبو العباس أحمد بن عمر بن دِلهات؛ قال: حدثنا أبو الحسن علي بن فِهر، حدثنا أبو بكر محمد بن الفرج، حدثنا أبو الحسن بن المُنتاب، حدثنا يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل، حدثنا ابن حميد قال: ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له مالك: يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في المسجد، فإن الله تعالى أدب قوما فقال: " لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ " [الحجرات: 2].
ومدح قوما فقال: " إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ " [الحجرات: 3].
وذم قوما فقال: " إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ " [الحجرات: 4].
وإن حرمته ميتاً كحرمته حياً. فاستكان لها أبو جعفر، وقال: يا أبا عبد الله؛ أأستقبل القبلة وأدنو أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله تعالى إلى يوم القيامة؟ بل استقبله واستشفع به، فيشفعك الله؛ قال تعالى: " وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا " [النساء: 64].
نَقْدُ العُلَمَاءِ لِلقِصَّةِ:
• انتقد شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية نقدا جعل كل من جاء بعده عالةً عليه، فقد انتقدها من عدة أوجه:
• الوجهُ الأولُ: نقدها من جهةِ السندِ:
قال في " الفتاوى " (1/ 228):
فَهَذَا كُلُّهُ نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ مِنْ كُتُبِ أَصْحَابِ مَالِكٍ الْمَعْرُوفَةِ ثُمَّ ذَكَرَ حِكَايَةً بِإِسْنَادِ غَرِيبٍ مُنْقَطِعٍ رَوَاهَا عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ إجَازَةً ... فذكرها بسندها عن القاضي عياض، ثم قال: قُلْت: وَهَذِهِ الْحِكَايَةُ مُنْقَطِعَةٌ؛ فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ حميد الرَّازِيَّ لَمْ يُدْرِكْ مَالِكًا، لَا سِيَّمَا فِي زَمَنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ، فَإِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ مَالِكٌ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ. وَتُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ حميد الرازي سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ بَلَدِهِ حِينَ رَحَلَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ إلَّا وَهُوَ كَبِيرٌ مَعَ أَبِيهِ، وَهُوَ مَعَ هَذَا ضَعِيفٌ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/105)
الْحَدِيثِ، كَذَّبَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَابْنُ وارة، وَقَالَ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأسدي: مَا رَأَيْت أَحَدًا أَجْرَأَ عَلَى اللَّهِ مِنْهُ وَأَحْذَقَ بِالْكَذِبِ مِنْهُ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَبِيبَةَ: كَثِيرُ الْمَنَاكِيرِ. وَقَالَ النسائي: لَيْسَ بِثِقَةِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَنْفَرِدُ عَنْ الثِّقَاتِ بِالْمَقْلُوبَاتِ. وَآخِرُ مَنْ رَوَى الْمُوَطَّأَ عَنْ مَالِكٍ هُوَ أَبُو مُصْعَبٍ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ. وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْ مَالِكٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ هُوَ أَبُو حُذَيْفَةَ أَحْمَدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ السَّهْمِيُّ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَفِي الْإِسْنَادِ أَيْضًا مَنْ لَا تُعْرَفُ حَالُهُ.ا. هـ.
وقال أيضا في " الفتاوى " (1/ 225):
وَكَذَلِكَ مَنْ نَقَلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ جَوَّزَ سُؤَالَ الرَّسُولِ أَوْ غَيْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمْ أَوْ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ إمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ - غَيْرِ مَالِكٍ - كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا فَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنْ بَعْضُ الْجُهَّالِ يَنْقُلُ هَذَا عَنْ مَالِكٍ، وَيَسْتَنِدُ إلَى حِكَايَةٍ مَكْذُوبَةٍ عَنْ مَالِكٍ ... وَأَصْلُهَا ضَعِيفٌ.ا. هـ.
وقال أيضا في " الفتاوى " (1/ 353):
وَالْحِكَايَةُ الَّتِي تُذْكَرُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لِلْمَنْصُورِ لَمَّا سَأَلَهُ عَنْ اسْتِقْبَالِ الْحُجْرَةِ فَأَمَرَهُ بِذَلِكَ وَقَالَ: " هُوَ وَسِيلَتُك وَوَسِيلَةُ أَبِيك آدَمَ " كَذِبٌ عَلَى مَالِكٍ، لَيْسَ لَهَا إسْنَادٌ مَعْرُوفٌ.
• الوجهُ الثاني: نقدها من جهةِ نقلها عن أصحابِ مالك:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (1/ 228):
وَهَذِهِ الْحِكَايَةُ لَمْ يَذْكُرْهَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ الْمَعْرُوفِينَ بِالْأَخْذِ عَنْهُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حميد ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ إذَا أَسْنَدَ، فَكَيْفَ إذَا أَرْسَلَ حِكَايَةً لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ؟ هَذَا إنْ ثَبَتَ عَنْهُ، وَأَصْحَابُ مَالِكٍ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ بِمِثْلِ هَذَا النَّقْلِ لَا يَثْبُتُ عَنْ مَالِكٍ قَوْلٌ لَهُ فِي مَسْأَلَةٍ فِي الْفِقْهِ؛ بَلْ إذَا رَوَى عَنْهُ الشَّامِيُّونَ كَالْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، وَمَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطاطري ضَعَّفُوا رِوَايَةَ هَؤُلَاءِ، وَإِنَّمَا يَعْتَمِدُونَ عَلَى رِوَايَةِ الْمَدَنِيِّينَ وَالْمِصْرِيِّينَ فَكَيْفَ بِحِكَايَةِ تُنَاقِضُ مَذْهَبَهُ الْمَعْرُوفَ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ رَوَاهَا وَاحِدٌ مِنْ الْخُراسانِيِّينَ لَمْ يُدْرِكْهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ؟.ا. هـ.
• الوجهُ الثالثُ: سببُ إيرادِ القاضي عياضٍ لها:
قال في " الفتاوى " (1/ 225 – 226):
وَالْقَاضِي عِيَاضٌ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي كِتَابِهِ فِي بَابِ زِيَارَةِ قَبْرِهِ؛ بَلْ ذَكَرَ هُنَاكَ مَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا فِي سِيَاقِ أَنَّ حُرْمَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَتَوْقِيرَهُ وَتَعْظِيمَهُ لَازِمٌ؛ كَمَا كَانَ حَالَ حَيَاتِهِ وَكَذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِهِ وَذِكْرِ حَدِيثِهِ وَسُنَّتِهِ وَسَمَاعِ اسْمِهِ.ا. هـ.
• الوجهُ الرابعُ: أن الثابتَ عن مالكٍ خلافُ القصةِ:
قال في " الفتاوى " (1/ 353):
وَهُوَ خِلَافُ الثَّابِتِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ بِأَسَانِيدِ الثِّقَاتِ فِي كُتُبِ أَصْحَابِهِ كَمَا ذَكَرَهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ إسْحَاقَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ مِثْلَ مَا ذَكَرُوا عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَقْوَامٍ يُطِيلُونَ الْقِيَامَ مُسْتَقْبِلِي الْحُجْرَةِ يَدْعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ، فَأَنْكَرَ مَالِكٌ ذَلِكَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي لَمْ يَفْعَلْهَا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَقَالَ: لَا يُصْلِحُ آخِرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ إلَّا مَا أَصْلَحَ أَوَّلَهَا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/106)
وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ، فَإِنَّ الْآثَارَ الْمُتَوَاتِرَةَ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ تُبَيِّنُ أَنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ عَمَلِهِمْ وَعَادَتِهِمْ، وَلَوْ كَانَ اسْتِقْبَالُ الْحُجْرَةِ عِنْدَ الدُّعَاءِ مَشْرُوعًا لَكَانُوا هُمْ أَعْلَمَ بِذَلِكَ، وَكَانُوا أَسْبَقَ إلَيْهِ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ وَالدَّاعِي يَدْعُو اللَّهَ وَحْدَهُ.ا. هـ.
• الوجهُ الخامسُ: نقدُ شيخِ الإسلامِ لبعضِ عباراتها:
وقف شيخ الإسلام مع بعض عباراتها بشيء من التفصيل والإيضاح، فمن ذلك أنه قال (1/ 229 – 230):
مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ " وَهُوَ وَسِيلَتُك وَوَسِيلَةُ أَبِيك آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى تَوَسُّلِ آدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَذَا هُوَ التَّوَسُّلُ بِشَفَاعَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَذَا حَقٌّ؛ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ حِينَ تَأْتِي النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ آدَمَ لِيَشْفَعَ لَهُمْ فَيَرُدَّهُمْ آدَمَ إلَى نُوحٍ ثُمَّ يَرُدَّهُمْ نُوحٌ إلَى إبْرَاهِيمَ وَإِبْرَاهِيمُ إلَى مُوسَى وَمُوسَى إلَى عِيسَى وَيَرُدَّهُمْ عِيسَى إلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ: " أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ آدَمَ فَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ "، وَلَكِنَّهَا مُنَاقِضَةٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ الْمَعْرُوفِ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: قَوْلُهُ " أَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَأَدْعُو أَمْ أَسْتَقْبِلُ رَسُولَ اللَّهِ وَأَدْعُو؟ " فَقَالَ " وَلِمَ تَصْرِفُ وَجْهَك عَنْهُ وَهُوَ وَسِيلَتُك وَوَسِيلَةُ أَبِيك آدَمَ " فَإِنَّ الْمَعْرُوفَ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ، وَسَائِر السَّلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّ الدَّاعِيَ إذَا سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ لِنَفْسِهِ، فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ، وَيَدْعُو فِي مَسْجِدِهِ، وَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقَبْرَ وَيَدْعُو لِنَفْسِهِ؛ بَلْ إنَّمَا يَسْتَقْبِلُ الْقَبْرَ عِنْدَ السَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالدُّعَاءِ لَهُ.ا. هـ.
وقال أيضا (1/ 233) بعد تقرير طويل لمذهب مالك في المسألة:
فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا فِي الْحِكَايَةِ الْمُنْقَطِعَةِ مِنْ قَوْلِهِ: " اسْتَقْبِلْهُ وَاسْتَشْفِعْ بِهِ " كَذِبٌ عَلَى مَالِكٍ مُخَالِفٌ لِأَقْوَالِهِ وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَفْعَالِهِمْ الَّتِي يَفْعَلُهَا مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَنَقَلَهَا سَائِرُ الْعُلَمَاءِ إذْ كَانَ أَحَدٌ مِنْهُمْ لَمْ يَسْتَقْبِلْ الْقَبْرَ لِلدُّعَاءِ لِنَفْسِهِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَسْتَقْبِلَهُ وَيَسْتَشْفِعَ بِهِ يَقُولُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ اشْفَعْ لِي أَوْ اُدْعُ لِي، أَوْ يَشْتَكِي إلَيْهِ مَصَائِبَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، أَوْ يَطْلُبُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَوْتَى مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ أَوْ مِنْ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ لَا يَرَاهُمْ أَنْ يَشْفَعُوا لَهُ، أَوْ يَشْتَكِيَ إلَيْهِمْ الْمَصَائِبَ، فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ مِنْ فِعْلِ النَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَمَنْ ضَاهَاهُمْ مِنْ مُبْتَدِعَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ؛ لَيْسَ هَذَا مِنْ فِعْلِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَاَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانِ، وَلَا مِمَّا أَمَرَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ إذْ كَانَ يَسْمَعُ السَّلَامَ عَلَيْهِ مِنْ الْقَرِيبِ وَيُبَلَّغُ سَلَامَ الْبَعِيدِ.ا. هـ.
وقال أيضا (1/ 239):
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/107)
وَمِمَّا يُوهِنُ هَذِهِ الْحِكَايَةَ أَنَّهُ قَالَ فِيهَا " وَلَمْ تَصْرِفْ وَجْهَك عَنْهُ وَهُوَ وَسِيلَتُك وَوَسِيلَةُ أَبِيك آدَمَ إلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَتَوَسَّلُ النَّاسُ بِشَفَاعَتِهِ، وَهَذَا حَقٌّ كَمَا تَوَاتَرَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ، لَكِنْ إذَا كَانَ النَّاسُ يَتَوَسَّلُونَ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا كَانَ أَصْحَابُهُ يَتَوَسَّلُونَ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ فِي حَيَاتِهِ فَإِنَّمَا ذَاكَ طَلَبٌ لِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ فَنَظِيرُ هَذَا - لَوْ كَانَتْ الْحِكَايَةُ صَحِيحَةً - أَنْ يُطْلَبَ مِنْهُ الدُّعَاءُ وَالشَّفَاعَةُ فِي الدُّنْيَا عِنْدَ قَبْرِهِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا سَنَّهُ لِأُمَّتِهِ، وَلَا فَعَلَهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَلَا اسْتَحَبَّهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ لَا مَالِكٌ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ إلَى مَالِكٍ مِثْلُ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي لَا يَقُولُهُ إلَّا جَاهِلٌ لَا يَعْرِفُ الْأَدِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ، وَلَا الْأَحْكَامَ الْمَعْلُومَةَ أَدِلَّتُهَا الشَّرْعِيَّةُ مَعَ عُلُوِّ قَدْرِ مَالِكٍ وَعِظَمِ فَضِيلَتِهِ وَإِمَامَتِهِ، وَتَمَامِ رَغْبَتِهِ فِي اتِّبَاعِ السُّنَّةِ، وَذَمِّ الْبِدَعِ وَأَهْلِهَا؟ وَهَلْ يَأْمُرُ بِهَذَا أَوْ يَشْرَعُهُ إلَّا مُبْتَدِعٌ؟ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَنْ مَالِكٍ قَوْلٌ يُنَاقِضُ هَذَا لَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَقُولُ مِثْلَ هَذَا.
ثُمَّ قَالَ فِي الْحِكَايَةِ: " اسْتَقْبِلْهُ وَاسْتَشْفِعْ بِهِ فَيُشَفِّعْك اللَّهُ " وَالِاسْتِشْفَاعُ بِهِ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ الشَّفَاعَةَ كَمَا يَسْتَشْفِعُ النَّاسُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَمَا كَانَ أَصْحَابُهُ يَسْتَشْفِعُونَ بِهِ.ا. هـ.
فهذا هو نقد شيخ الإسلام ابن تيمية للقصة، رحمه الله رحمة واسعة.
• وممن نقد القصة أيضا الإمام ابن عبد الهادي في " الصارم المنكي في الرد على السبكي " (ص 259 – 267).
قال عن سندها (ص 260): ذكرها القاضي عياض ورواها بإسناده عن مالك ليست بصحيحة عنه، وقد ذكر المعترض – يعني ابن عبد الهادي بالمعترض السبكي – في موضع من كتابه أن إسنادها إسناد جيد، وهو مخطىء في هذا القول خطأ فاحشا، بل إسنادها إسناد ليس بجيد، بل هو إسناد مظلم منقطع، وهو مشتمل على من يتهم بالكذب وعلى من يجهل حاله، وابن حميد هو محمد بن حميد الرازي، وهو ضعيف كثير المناكير غير محتج بروايته، ولم يسمع من مالك شيئا ولم يلقه، بل روايته عنه منقطعة غير متصلة، وقد ظن المعترض أنه أبو سفيان محمد بن حميد المعمري أحد الثقات المخرج لهم في صحيح مسلم قال: فإن الخطيب ذكره في الرواة عن مالك، وقد أخطأ فيما ظنه خطأ فاحشا ووهم وهما قبيحا.ا. هـ.
ومع قصة أخرى في سلسلة الدفاع عن أئمة المذاهب الأربعة مما ينسبه إليهم أهل البدع.
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net
http://www.saaid.net/Doat/Zugail/203.htm
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[25 - 02 - 04, 09:57 ص]ـ
قِصَصٌ لَا تَثْبُتُ عَنْ أَئِمَّةِ المَذَاهِبِ الأَرْبَعَةِ -1 -
تَبَرُّكُ الشَّافِعِيِّ بِقَبْرِ أَبِي حَنِيفَةَ
إن مما لا شك فيه أن منهجَ أهلِ السنةِ والجماعةِ هو المنهجُ الحقُ الذي ارتضاهُ اللهُ لعبادهِ، ولذا وجه أعداءُ أهلِ السنةِ والجماعةِ من المبتدعةِ وغيرِهم سهامهم للنيلِ منه ومن رموزهِ من العلماءِ والدعاةِ إلى اللهِ، ورميهم بأبشعِ الألقابِ، وقد نال أئمةُ المذاهبِ الأربعةِ - أبو حنيفةَ، ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل - نصيبا من تلك السهام، فنُسب إليهم زوراً وبهتاناً بعد التحققِ من صحةِ نسبتها بعضُ القصصِ والمروياتِ المكذوبةِ التي تقدح في عقائدهم، ولكن هيهات هيهات أن ينالوا من أولئك الجبال الأعلام رحمهم الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/108)
وفي هذه السلسلةِ نستعرضُ قصصاً نُسبت إلى الأئمةِ الأربعةِ - أبي حنيفةَ، ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل - في العقيدة وغيرها مع بيانِ عللها، وكلام أهل العلم فيها، ذباً عن عرضهم، ونصحاً للأمةِ من الاغترارِ بها حين إيرادها من قِبل المبتدعةِ.
ونبدأ بقصةِ لا تثبتُ عن الإمامِ الشافعي، يتشدقُ بها المبتدعة ُ من الصوفية ِ وغيرهم في مسألةِ التوسلِ بالأمواتِ الصالحين، ولا تكاد تجدُ مبتدعاً يتكلمُ عن التوسلِ إلا ويوردُ قصة توسل الشافعي بقبرِ أبي حنيفة لكي يحتجُ بها على أهلِ السنةِ في تجويزِ التوسلِ بالصالحين.
ونقول كما قال الأولون: " أثبت العرش ثم انقش ".
نَصُ القِصَّةِ:
أخرجَ الخطيبُ البغدادي في " تاريخ بغداد " (1/ 123) بسنده فقال:
أخبرنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن علي بن محمد الصيمري، قال: أنبأنا عمر بن إبراهيم المقرئ قال: نبأنا مُكرم بن أحمد قال: أنبأنا عمر بن إسحاق بن إبراهيم قال: نبأنا علي بن ميمون قال: سمعت الشافعي يقول: إني لأتبرك بأبي حنيفة، وأجيء إلى قبره في كل يوم - يعني زائراً - فإذا عرضت لي حاجة صليتُ ركعتين وجئت إلى قبره، وسألت الله تعالى عنده، فما تبعد عني حتى تُقضى.
نَقْدُ العُلَمَاءِ لِلقِصَّةِ:
انتقد علماءُ أهلِ السنة القصة، وطعنوا في صحتها، وإليك أخي ما قاله أهل العلم فيها:
• كذب شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رحمه الله القصة ورد على ما جاء فيها فقال في " اقتضاء الصراط المستقيم " (2/ 692):
" ... الثاني: أنه من الممتنع أن تتفق الأمة على استحسان فعل لو كان حسنا لفعله المتقدمون، ولم يفعلوه، فإن هذا من باب تناقض الإجماعات، وهي لا تتناقض، وإذا اختلف فيها التأخرون فالفاصل بينهم: هو الكتاب والسنة، وإجماع المتقدمين نصا واستنباطا فكيف - والحمدلله - لم ينقل عن إمام معروف ولا عالم متبع. بل المنقول في ذلك إما أن يكون كذبا على صاحبه، مثل ما حكى بعضهم عن الشافعي أنه قال: ... فذكره أو كلاما هذا معناه، وهذا كذلك معلوم كذبه بالاضطرار عند من له معرفة بالنقل، فإن الشافعي لما قدم بغداد لم يكن ببغداد قبر ينتاب للدعاء عنده البتة، بل ولم يكن هذا على عهد الشافعي معروفا، وقد رأى الشافعي بالحجاز واليمن والشام والعراق ومصر من قبور الأنبياء والصحابة والتابعين، من كان أصحابها عنده وعند المسلمين أفضل من أبي حنيفة وأمثاله من العلماء. فما باله لم يتوخ الدعاء إلا عنده. ثم أصحاب أبي حنيفة الذين أدركوه مثل أبي يوسف ومحمد وزفر والحسن بن زياد وطبقتهم، ولم يكونوا يتحرون الدعاء لا عند أبي حنيفة ولا غيره.
ثم قد تقدم عند الشافعي ما هو ثابت في كتابه من كراهة تعظيم قبور المخلوقين خشية الفتنة بها، وإنما يضع مثل هذه الحكايات من يقل علمه ودينه. وإما ان يكون المنقول من هذه الحكايات عن مجهول لا يعرف،ونحن لو روي لنا مثل هذه الحكايات المسيبه احاديث عمن لاينطلق عن الهوى لما جاز التمسك بها حتى تثبت. فكيف بالمنقول عن غيره؟ ا. هـ.
• وقال الإمامُ ابنُ القيمِ في " إغاثة اللهفان " (1/ 246): والحكايةُ المنقولةُ عن الشافعي أنه كان يقصد الدعاءَ عند قبر أبي حنيفة من الكذب الظاهر.ا. هـ.
• وقال المعلمي في " طليعة التنكيل " (ص58 - 60) بعد أن بين ضعف سندها، وفصل فيه: هذا حال السند، ولا يخفى على ذي معرفة أنه لا يثبت بمثله شيء، ويؤكد ذلك حال القصة، فإن زيارته قبر أبي حنيفة كل يوم بعيد في العادة، وتحريه قصده للدعاء عنده بعيد أيضا؛ إنما يعرف تحري القبور لسؤال الحوائج عندها بعد عصر الشافعي بمدة، فأما تحري الصلاة عنده، فأبعد وأبعد.ا. هـ.
• وقال العلامة الألباني عن سند هذه القصة في الضعيفة (1/ 31ح22):
فهذه رواية ضعيفة بل باطلة فإن عمر بن إسحاق بن إبراهيم غير معروف وليس له ذكر في شيء من كتب الرجال، ويحتمل أن يكون هو " عمرو - بفتح العين - بن إسحاق بن إبراهيم بن حميد بن السكن أبو محمد التونسي وقد ترجمه الخطيب وذكر أنه بخاري قدم بغداد حاجا سنة 341هـ ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا فهو مجهول الحال، ويبعد أن يكون هو هذا إذ أن وفاة شيخه علي بن ميمون سنة 247هـ على أكثر الأقوال فبين وفاتيهما نحو مائة سنة فيبعد أن يكون قد أن يكون قد أدركه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/109)
وعلى كل حال فهي رواية ضعيفة لا يقوم على صحتها دليل.ا. هـ.
وقد رد العلامة الألباني على الكوثري في نفس الموضع فقال:
وأما قول الكوثري في مقالاته: وتوسل الإمام الشافعي بأبي حنيفة مذكور في أوائل تاريخ الخطيب بسند صحيح. فمن مبالغاته بل مغالطاته ا. هـ.
• وقال محمد نسيب الرفاعي في " التوصل إلى حقيقة التوسل " (ص 331 - 332):
26 - توسل الشافعي بأبي حنيفة رضي الله عنهما
قال ابن حجر المكي في كتابه المسمى ((الخيرات الحسان)) في مناقب أبي حنيفة النعمان في الفصل الخامس والعشرين أن الإمام الشافعي أيام هو ببغداد كان يتوسل بالإمام أبي حنيفة يجيء إلى ضريحه يزوره فيسلم عليه ثم يتوسل إلى الله به في قضاء حاجاته.
الكلام على متن هذا الخبر
من المعلوم أن معنى التوسل هو القربى والمتوسل عليه ولا شك أن يتحرى في توسله أن يكون هذا من النوع الموافق لعقيدة هذا المتوسل به فإذا كان الذي يريد أن يتوسل به يكره ويحرم هذا النوع من التوسل فكيف يعقل من أحد أن يقدم على عمل هو مكروه عند التوسل به؟ لأنه موقن بأن المتوسل إليه به لا يقبل قطعاً هذا التوسل لا سيما وقد منعه منعا باتاً على ألسنة رسله من لدن آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم فإن أبا حنيفة كان لا يجيز التوسل إلى الله بأحد من خلقه فقد ثبت عنه أنه قال: " لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به وأكره أن يقول: أسألك بمعاقد العز من عرشك وأن يقول بحق فلان وبحق أنبيائك ورسلك وبحق البيت الحرام ".
ولا شك أن الشافعي يعلم هذا من مذهب أبي حنيفة في التوسل فكيف يتوسل به وهو يكره هذا النوع من التوسل بل ويحرمه فهل من المعقول بعد أن يعلم الشافعي من أبي حنيفة ذلك أن يتوسل به هذا غير معقول البتة بل هو إغضاب لأبي حنيفة لأنه يكرهه ويحرمه لأن الله كرهه ويحرمه ولا شك أن الشافعي وأبا حنيفة رضي الله عنهما لا يحبان إلا ما يحب الله ولا يكرهان إلا ما يكرهه الله سبحانه وتعالى فكيف يتقرب الشافعي إلى الله بالتوسل بأبي حنيفة بما يغضب الله وأبا حنيفة حاشاه من ذلك وهو بريء مما نسب إليه ولكن ماذا نقول للكذابين والمفترين أننا نشكوهم إلى الله تعالى: اللهم عاملهم بما يستحقون.
قال في ((تبعيد الشيطان)): والحكاية المنقولة عن الشافعي أنه كان يقصد الدعاء عند قبر أبي حنيفة من الكذب الظاهر. اهـ.
ومع قصة أخرى لا تثبت.
http://www.saaid.net/Doat/Zugail/202.htm
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[25 - 02 - 04, 10:09 ص]ـ
يقول الشيخ الألباني رحمه الله في كتاب التوسل
الفصل الأول:
التوسل في اللغة والقرآن
معنى التوسل في لغة العرب:
وقبل الخوض في هذا الموضوع بتفصيل، أحب أن ألفت النظر إلى سبب هام من أسباب سوء فهم كثير من الناس لمعنى التوسل، وتوسعهم فيه، وإدخالهم فيه ما ليس منه، وذلك هو عدم فهمهم لمعناه اللغوي، وعدم معرفتهم بدلالته الأصلية، ذلك أن لفظة (التوسل) لفظة عربية أصيلة، وردت في القرآن والسنة وكلام العرب من شعر ونثر، وقد عنى بها: التقرب إلى المطلوب، والتوصل إليه برغبة، قال ابن الأثير في "النهاية": (الواسل: الراغب، والوسيلة: القربة والواسطة، وما يتوصل به إلى الشيء ويتقرب به، وجمعها وسائل) وقال الفيروز أبادي في "القاموس": (وسل إلى الله تعالى توسيلاً: عمل عملاً تقرب به إليه كتوسل) وقال ابن فارس في "معجم المقاييس": (الوسيلة: الرغبة والطلب، يقال: وسل إذا رغب، والواسل: الراغب إلى الله عز وجل، وهو في قول لبيد:
أرى الناس لا يدرون ما قدْرُ أمرهم بلى، كل ذي دين إلى الله واسلُ).
وقال الراغب الأصفاني في "المفردات": (الوسيلة: التوصل إلى الشيء برغبة، وهي أخص من الوصيلة، لتضمنها لمعنى الرغبة، قال تعالى: ?وابتغوا إليه الوسيلة?، وحقيقة الوسيلة إلى الله تعالى: مراعاة سبيله بالعمل والعبادة، وتحري مكارم الشريعة، وهي كالقربة، والواسل: الراغب إلى الله تعالى).
وقد نقل العلامة ابن جرير هذا المعنى أيضاً وأنشد عليه قول الشاعر:
إذا غفل الواشون عدنا لوصلنا وعاد التصافي بيننا والوسائل
هذا وهناك معنى آخر للوسيلة هو المنزلة عند الملك، والدرجة والقربة، كما ورد في الحديث تسمية أعلى منزلة في الجنة بها، وذلك هو قوله ?: ? إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/110)
ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة ? (1).
وواضح ان هذين المعنيين الأخيرين للوسيلة وثيقا الصلة بمعناها الأصلي، ولكنهما غير مرادين في بحثنا هذا.
معنى الوسيلة في القرآن:
إن ما قدمته من بيان معنى التوسل هو المعروف في اللغة، ولم يخالف فيه أحد، وبه فسر السلف الصالح وأئمة التفسير الآيتين الكريمتين اللتين وردت فيهما لفظة (الوسيلة)، وهما قوله تعالى: ?يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدا في سبيله لعلكم تفلحون?
] المائدة: 35 [، وقوله سبحانه: ?أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذوراً?] الإسراء: 57 [.
فأما الآية الأولى، فقد قال إمام المفسرين الحافظ ابن جرير رحمه الله في تفسيرها: (يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله فيما أخبرهم، ووعد من الثواب، وأوعد من العقاب. ?اتقوا الله? يقول: أجيبوا الله فيما أمركم، ونهاكم بالطاعة له في ذلك.?وابتغوا إليه الوسيلة?: يقول: واطلبوا القربة إليه بالعمل بما يرضيه).
ونقل الحافظ ابن كثير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن: معنى الوسيلة فيها القربة، ونقل مثل ذلك عن مجاهد وأبي وائل والحسن وعبد الله بن كثير والسدي وابن زيد وغير واحد، ونقل عن قتادة قوله فيها: (أي تقربوا إليه بطاعته، والعمل بما يرضيه) ثم قال ابن كثير: (وهذا الذي قاله هؤلاء الأئمة لا خلاف بين المفسرين فيه .. والوسيلة هي التي يتوصل بها إلى تحصيل المقصود) (1).
وأما الآية الثانية فقد بين الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مناسبة نزولها التي توضح معناها فقال: (نزلت في نفر من العرب كانوا يعبدون نفراً من الجن، فأسلم الجنيون، والإنس الذين كانوا يعبدونهم لا يشعرون) (2).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله (3): (أي استمر الإنس الذين كانوا يعبدون الجن على عبادة الجن، والجن لا يرضون بذلك، لكونهم أسلموا، وهم الذين صاروا يبتغون إلى ربهم الوسيلة، وهذا هو المعتمد في تفسير الآية).
قلت: وهي صريحة في أن المراد بالوسيلة ما يتقرب به إلى الله تعالى، ولذلك قال:
?يبتغون? أي يطلبون ما يتقربون به إلى الله تعالى من الأعمال الصالحة، وهي كذلك تشير
إلى هذه الظاهرة الغريبة المخالفة لكل تفكير سليم، ظاهره أن يتوجه بعض الناس بعبادتهم ودعائهم إلى بعض عباد الله، يخافونهم ويرجونهم، مع أن هؤلاء العباد المعبودين قد أعلنوا إسلامهم، وأقروا لله بعبوديتهم، وأخذوا يتسابقون في التقرب إليه سبحانه، بالأعمال الصالحة التي يحبها ويرضاها، ويطمعون في رحمته، ويخافون من عقابه، فهو سبحانه يُسَفه في هذه الآية أحلام أولئك الجاهلين الذين عبدوا الجن، واستمروا على عبادتهم مع أنهم مخلوقون عابدون له سبحانه، وضعفاء مثلهم، لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، وينكر الله عليهم عدم توجيههم بالعبادة إليه وحده، تبارك وتعالى، وهو الذي يملك وحده الضر والنفع، وبيده وحده مقادير كل شيء وهو المهيمن على كل شيء.
الأعمال الصالحة وحدها هي الوسائل المقربة إلى الله:
ومن الغريب أن بعض مدعي العلم اعتادوا الاستدلال بالآيتين السابقتين على ما يلهج به كثير منهم من التوسل بذوات الأنبياء أو حقهم أو حرمتهم أو جاههم، وهو استدلال خاطى لا يصح حمل الآيتين عليه، لأنه لم يثبت شرعاً أن هذا التوسل مشروع مرغوب فيه، ولذلك
لم يذكروا هذا الاستدلال أحد من السلف الصالح، ولا استحبوا التوسل المذكور،
بل الذي فهموه منهما أن الله تبارك وتعالى يأمرنا بالتقرب إليه بكل رغبة، والتقدم إليه بك قربة، والتوصل إلى رضاه بكل سبيل.
ولكن الله سبحانه قد علمنا في نصوص أخرى كثيرة أن علينا إذا أردنا التقرب إليه أن
نتقدم إليه بالإعمال الصالحة التي يحبها ويرضاها، وهو لم يكل تلك الأعمال إلينا، ولم يترك
تحديدها إلى عقولنا وأذواقنا، لأنها حينذاك ستختلف وتتباين، وستضطرب وتتخاصم،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/111)
بل أمرنا سبحانه أن نرجع إليه في ذلك، ونتبع إرشاده وتعليمه فيه، لأنه لا يعلم ما يرضي الله عز وجل إلا الله وحده، فلهذا كان من الواجب علينا حتى نعرف الوسائل المقربة إلى الله أن نرجع في كل مسألة إلى ما شرعه الله سبحانه، وبينه رسول الله ?، ويعني ذلك أن نرجع إلى كتاب الله وسنة رسوله ? وهذا هو الذي وصانا به رسولنا محمد صلوات الله عليه وسلامه حيث قال: ? تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة
رسوله? (1).
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[25 - 02 - 04, 10:16 ص]ـ
مقدمة الشيخ إسماعيل الأنصاري رحمه الله لكتاب الوصل إلى حقيقة التوسل للشيخ محمد نسيب الرفاعي رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة فضيلة الشيخ إسماعيل الأنصاري
البحاثة في علم الحديث بالرئاسة العامة لادارات البحوث العلمية
والإفتاء والدعوة والإرشاد بالرياض
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فإن مما وقع فيه الاشتباه والإجمال من الألفاظ لفظ ((التوسل)) فإن هذا اللفظ يطلق شرعاً على التقرب إلى الله تعالى بما شرعه من الإيمان به وتوحيده وتصديق رسله وعلى بما عمله المتوسل من الأعمال الصالحة التي يحبها الله ويرضاها وعلى التوسل إليه بأسمائه الحسنى وصفاته العالي وعلى التوسل إلى الله بدعاء المتوسل به للمتوسل وشفاعته.
هذا ما يعنيه لفظ التوسل شرعاً.
وفي عرف من خفي عليهم ذلك من المتأخرين وهم الأكثرون! صار لفظ التوسل على غير ذلك كقول الداعي في دعائه: ((اللهم إني أسألك أو أتوسل إليك أو أتوجه إليك بفلان أو أسألك بجاه فلان أو بحرمته أو بحقه دون أن يكون لذلك الشخص المتوسل بدعائه له ولا بغير ذلك … كما يطلق التوسل عند أولئك المتأخرين على الإقسام على الله بالرجل الصالح أو بمن يعتقد فيه الصلاح.
لهذا اعتنى بموضوع التوسل من عرفوا مدى خطورة الوضع فأوضحوا الحقيقة وفرقوا بين ما دل الكتاب والسنة عليه من التوسل وما تكلم به الصحابة وفعلوه وبين ما أحدثه المحدثون في هذا اللفظ ومعناه.
غير أن الموضوع كان متفرقاً في المراجع لم يفرده أحد بكتاب فيما أعلم … قبل شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني الذي صنف فيه كتابه المشهور ((القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة)) وبين فيه بكل دقة معنى التوسل المعهود عند الصحابة.
وبحث في تلك الألفاظ التي أحدثها أولئك المتأخرون في أدعيتهم وادعوا أنها من قبيل التوسل المشروع وأجاب عم تعلقوا به واعتبروه أدلة لهم.
ثم بعد شيخ الإسلام ابن تيمية لم أطلع على من اعتنى بجميع كل ما يتعلق بالموضوع في كتاب خاص كما اعتنى به في عصرنا هذا رئيس جمعية الدعوة السلفية إلى الصراط المستقيم بحلب الشيخ محمد نسيب الرفاعي فقد أفرده بكتاب سماه (التوصل إلى حقيقة التوسل) بسط فيه أدلة أنواع التوسل المشروع وبين وجه الاستدلال بكل دليل منها ثم تطرق للألفاظ المتقدمة التي اشتهر عند المتأخرين إطلاق لفظ ((التوسل)) عليها دون أي صلة للمتوسل به بموضوع المتوسل وأدى لكل لفظ ما يتطلبه من البحث معتمداً على أقوال أئمة العلم كأبي حنيفة وغيره في تلك الألفاظ ثم تعرض لما استدل به أولئك المتأخرون من كتاب الله وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلَّم فأجاب عنه بأن الكتاب عنه بأن ما في الكتاب والأحاديث لا يدل على مقصودهم وأوضح ذلك غاية الإيضاح وناقش ما لم يصح من الأحاديث التي تتعلق بها سنداً ومتناً و سلك الأقسام على الله ببعض الصالحين والسؤال بذواتهم: مسلك شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله في الأقسام على الله النبي صلى الله عليه وسلَّم والسؤال بذاته: ((هذا هو الذي لم تكن الصحابة يفعلونه في الاستسقاء ونحوه لا في حياة النبي صلى الله عليه وسلَّم ولا بعد مماته لا عند قبره ولا غير قبره ولا يعرف هذا في شيء من الأدعية المشهورة بينهم وإنما ينقل شيء من ذلك في أحاديث ضعيفة أو موقوفة أو عمن ليس قوله بحجة)) وقوله رحمه الله في قول السائل: ((أسألك بجاه فلانت أو بحقه فإن هذا مما نقل عن بعض المتأخرين فعله ولم يكن فيه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلَّم بل السنة تدل على النهي عنه كما نقل ذلك عن أبي حنيفة وأبي يوسف وغيرهما وصرح في موضع آخر بأن التوسل بذوات الصالحين ليس سبباً يقتضي إجابة الدعاء.
هذا ونسأل الله تعالى أن يثيب الشيخ محمد نسيب الرفاعي على ما بذله من جهود في سبيل إيضاح الحق في الموضوع وأن يحفظه ويرعاه.
الرياض 27/ 10/1395
إسماعيل الأنصاري
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[01 - 01 - 05, 07:28 م]ـ
بارك الله فيكم
والعجب من الأقوال الباطلة التي ذكرت في الموسوعة الفقهية الكويتية في هذا الباب
فقصة مالك مع أبي جعفر كذب ولاتصح
وقصة العتبي كذب كذلك
ونسبتهم هذا القول للمذاهب فيه نظر فإن قصدوا الأئمة الأربعة فهذا كذب وإن قصدوا بعض المتأخرين ممن ينتسب للمذاهب فقد يصح قولهم وكما هو معلوم أن في أتباع المذاهب الأربعة من المتأخرين كثير من المتصوفة والمبتدعة وقد ذكروا في كتبهم عددا من الخرافات والبدع فينبغي التنبه للكتب الفقهية التي يكون لصاحبها نوع بدعة سواء في الأسماء والصفات كالنووي وغيره أو كالبدع العملية كالتوسل ونحوه.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=27117#post27117
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/112)
ـ[أبو ثابت]ــــــــ[01 - 01 - 05, 07:59 م]ـ
جزيتم خيراً غلى هذا الدفاع المستميت والنفح عن
تلك النخبة من علماء هذه الأمة .. وإن ما تفعلوه من الذب عنهم
لهو عمل فاضل فواصلوا المسير - مستلهمين الرشد والعون من الله -
ـ[ناصر أحمد عبدالله]ــــــــ[03 - 01 - 05, 01:41 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على هذا الجهد الطيب ..
بارك الله فيكم ونفع بكم ..
وأحب أن أضيف أن المسألة من مسائل الخلاف السائغ كما نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وإن كان الراجح والمشهور المنع .. وجزاكم الله خيرا ..
ـ[أبا عبد الرحمن]ــــــــ[03 - 01 - 05, 11:05 ص]ـ
أذكر عندما قابلت شيخاً في الهند وهو من الصوفية فسألته أني قرأت عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال شيئاً في ذم الصوفية فرد لي بسرعة شديدة قائلاً "الشافعي كان صوفياً"!!!!
هكذا يجعلون من أرادوا صوفياً ليستجلبوا الجهال أن يتصوفوا معهم ..
قال لي أيضاً أحد تلاميذه أن الإمام أبو حنيفة اعتزل الناس فجاء الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في حلمه وقال له أن يرجع وأن يصحح أحاديث الرسول ويبين الحق للناس فرجع, وأن أبو حنيفة رحمه الله كان يرى ذنوب العباد في ماء الوضوء, أي عندما يتوضأ فيجيء شخص بجنبه ليتوضأ فيرى ذنوبه فدعا إلى الله أن يذهب هذه الهبة من عنده فذهبت ......... وأيضاً أن أحداً من المشايخ الكبار عندهم جاء في حلمه الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وقال له اتبع أحد المذاهب الأربعة!!! فقط يحاولون حصر الدين بقدر المستطاع وبعدها يجعلوها مذهب واحد فقط, لأن نفس الشخص الذي روى لي هذه القصة (هو حنفي المذهب) قال لي أما الإمام مالك فكان لا يفتي إلا بما رآه أهل المدينة, أما الإمام أحمد فاشتهر بسبب فتنة قول خلق القرآن واعتراضه, لأنه كان قليل العلم, ولم يقل أي شيء عن الشافعي, ولكن كان قصده أن الإمام أبو حنيفة هو الإمام الذي على الناس أن يتبعوه .. فانظروا كيف جعل تعصبه المذهبي أن يروي القصص الباطلة لنصر مذهبه ... واستغربت من كثير من الصوفية هو حنفيوا المذهب ... !(27/113)
قطف الجني الداني شرح مقدمة رسال ابن أبي زيد القيرواني
ـ[العوضي]ــــــــ[27 - 02 - 04, 12:05 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن شاء الله من خلال هذا الموضوع سأقوم بنقل شرح الشيخ عبدالمحسن العباد لمقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني , واسأل اله التوفيق والسداد
ــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم مالك يوم الدين , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , إله الأولين والآخرين , وقيوم السماوات والأرضين , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله , سيد المرسلين , وإمام المتقين , وقائد الغر المحجلين , المبعوث رحمةً للعالمين , صلى الله وسلم وبارك عليه , وعلى آله الطيبين الطاهرين , وأصحابه الغر الميامين الذين حفظ الله بهم الملة , وأظهر الدين , وعلى من اتبعهم بإحسان وسار على نهجهم إلى يوم الدين.
أما بعد فإن عقيدة أهل السنة والجماعة تمتاز بالصفاء والوضوح والخلو من الغموض والتعقيد , وهي مستمدة من نصوص الوحي كتابا وسنة , وكان عليها سلف الأمة , وهي عقيدة مطابقة للفطرة , ويقبلها العقل السليم الخالي من أمراض الشبهات , وذلك بخلاف العقائد الأخرى المتلقاة من آراء الرجال وأقوال المتكلمين , ففيها الغموض والتعقيد والخبطُ والخلط , وكيف لا يكون الفرق كبيراً والبونُ شاسعاً بين عقيدة نزل بها جبريل من الله إلى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وبين عقائد متنوعة مختلفة خرج أصحابها المبتدعون لها من الأرض , وخلقهم من ماء مهين.
فعقيدة أهل السنة والجماعة بدت وظهرت مع بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ونزول الوحي عليه من ربه تعالى , وسار الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام ومن تبعهم بإحسان , والعقائد الأخرى لا وجود لها في زمن النبوة , ولم يكن عليها الصحابة الكرام , بل قد ولد بعضها في زمانهم , وبعضها بعد انقراض عصرهم , وهي من محدثات الأمور التي حذر منها الرسول صلى الله عليه وسلم فقال (وإياكم ومحدثات الأمور , فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) وليس من المعقول ولا المقبول أن يحجب حق عن الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم , ويدخر لأناس يجيئون بعد أزمانهم , فتلك العقائد لو كان شيء منها خيراً لسبق إليه الصحابة , ولكنها شر حفظهم الله منه , وابتُلي به من بعدهم.
والحقيقة الواضحة الجلية أن الفرق بين عقيدة أهل السنة والجماعة المتلقاة من الوحي , وبين عقائد المتكلمين المبنية على آراء الرجال وعقولهم , كالفرق بين الله وخلقه , ومثل ذلك ما يكون به القضاء والحكم , فإنه يقال فيه: إن الفرق بين الشريعة الإسلامية الرفيعة المنزلة من الله على رسوله صلى الله عليه وسلم , وبين القوانين الوضعية الوضيعة التي أحدثها البشر , كالفرق بين الله وخلقه (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) فما بال عقول كثير من الناس تغفل عن هذه الحقيقة الواضحة الجلية فيما يعتقد , والحقيقة الواضحة الجلية فيما يُحكم به , فيستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟!
اللهم اهد من ضل من المسلمين سُبل السلام , وأخرجه من الظلمات إلى النور , إنك سميع مجيب.وقد ألف علماء السنة قديماً مؤلفات توضح عقيدة أهل السنة والجماعة , منها ما هو مختصر ومنها ما هو مطول , وكان بين هذه المختصرات مقدمة الإمام ابن أبي زيد القيرواني المالكي لرسالته , ومقدمة رسالته على طريقة السلف مختصرة مفيدة , والجمع بين الأصول والفروع في كتاب واحد نادر في فعل المؤلفين , وهو حسن , يجعل المشتغل في فقه العبادات والمعاملات على علم بالفقه الأكبر الذي هو العقيدة على طريقة السلف.
وهي مع وجازتها وقلة ألفاظها تبين بوضوح العقيدة السليمة المطابقة للفطرة , المبينة على نصوص الكتاب والسنة , وهي شاهد واضح للمقولة المشهورة (إن كلام السلف قليل كثير البركة , وكلام المتكلمين كثير قليل البركة).
ومن أمثلة ما في هذه المقدمة من النفي المتضمن إثبات كمال لله تعالى قوله في مطلع المقدمة (إن الله إلهٌ واحدٌ لا إله غيره , ولا شيبه له , ولا نظير له , ولا ولد له , ولا والد له , ولا صاحبة له , ولا شريك له).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/114)
فإن هذه المنفيات عن الله عز وجل مستمدة من الكتاب والسنة , وهذا بخلاف النفي في كلام المتكلمين , فإنه مبني على التكلف , ومتصف بالغموض , ومن أمثلة ذلك ما جاء في العقائد النسفية قول مؤلفها (ليس بعرض ولا جسم , ولا جوهر , ولا مصوّر , ولا محدود , ولا معدود , ولا متبعّض , ولا متجزّ , ولا متركّب , ولا متناه).
وهذه المنفيات لم يأت بالنص عليها في كتاب ولا سنة , والواجب السكوت والإمساك عما لم يدل عليه دليل من الوحي , واعتقاد أن الله مصتف بكل كمال , منزه عن كل نقص , ومثل هذه السلوب لا يفهمها العوام ولا تطابق الفطرة التي هم عليها , وهي من تكلف المتكلمين , وفيها غموض وتلبيس , يتضح ذلك بالإشارة إلى واحد منها , وهو نفي الجسم , فإنه يحتمل أن يراد به ذاتٌ مشابهة للمخلوقات , وعلى هذا الاحتمال يرد اللفظ والمعنى جميعاً , لأن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير , وإن أريد به ذات قائمة بنفسها , مباينةٌ للمخلوقات , متصفة بصفات الكمال , فإن هذا المعنى حقٌّ , ولا يجوز نفيه عن الله , وإنما يرد هذا اللفظ لاشتماله على معنى حق ومعنى باطل.
وسيأتي في كلام المقريزي (ص 14 , 14) قوله عن الصحابة (فأثبتوا رضي الله عنهم بلا تشبيه , ونزهوا من غير تعطيل , ولم يتعرض مع ذلك أحد منهم إلى تأويل شيء من هذا , ورأوا بأجمعهم إجراء الصفات كما وردت , ولم يكن عند أحد منهم ما يستدل به على وحدانية الله تعالى وعلى إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم سوى كتاب الله , ولا عرف أحدٌ منهم شيئا).
وسيأتي أيضا في كلام المظفر السمعاني ص 16 ,قوله في بيان فساد طريقة المتكلمين (وكان مما أمر بتبليغه التوحيد , بل هو أصل ما أمر به فلم يترك شيئاً من أمور الدين أصوله وقواعده وشرائعه إلا بلغه , ثم لم يدع إلى الاستدلال بما تمسكوا به من الجوهر والعرض , ولا يوجد عنه ولا عن أحد من أصحابه من ذلك حرف واحد فما فوقه , فعرف بذلك أنهم ذهبوا خلاف مذهبهم وسلكوا غير سبيلهم بطريق محدث مخترع لم يكن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم , ويلزم من سلوكه العود على السلف بالطعن والقدح , ونسبتهم إلى قلة المعرفة واشتباه الطرق , فالحذر من الاشتغال بكلامهم والاكتراث بمقالاتهم , فإنها سريعة التهافت كثيرة التناقض) وقول أبي المظفر السمعاني هذا أورده الحافظ ابن حجر في كتاب فتح الباري في شريح صحيح البخاري (باب قول الله تعالى " يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّك" ونقل فيه 13/ 504 عن الحسن البصري قال (لو كان ما يقول الجعد حقا لبلغه النبي صلى الله عليه وسلم).
والجعد بن درهم هو مؤسس مذهب الجهمية , ونسب الجهمية إلى الجهم بن صفوان , لأنه أظهر هذا المذهب الباطل ونشره , وأقول كما قال الحسن البصري رحمه الله (لو كان حقا ما يقوله الأشاعرة والمتكلمين وغيرهم من المتكلمين حقا لبلغه النبي صلى الله عليه وسلم).
وقد رأيت أن أشرح هذه المقدمة شرحاً يزيد في جلائها ووضوحها , ويُفصل المعاني التي اشتملت عليها , ورأيت أن أمهد لهذا الشرح بذكر عشر فوائد في عقيدة السلف , وقد نظم الشيخ أحمد بن مشرف الإحسائي المالكي المتوفي سنة 1285هـ مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني نظماً بديعاً سلساً , رأيت من المناسب إثباته مع نص المقدمة قبل البدء بالشرح. وقد سميت هذا الشرح (قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني) وأسأل الله عز وجل أن ينفع كما به كما نفع بأصله , وأن يوفق المسلمين للفقه في دينهم , والسير على ما كان عليه سلفهم , في العقيدة والعمل , وأن يوفقني للسلامة من الزلل , ويمنحني الصدق في القول والإخلاص في العمل , إنه سميع مجيب , وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ــــــــــــ
ترجمة مختصرة لابن أبي زيد القيرواني
هو عبدالله أبومحمد بن أبي زيد , واسم أبي زيد عبدالرحمن , سكن القيروان , وكان إمام المالكية وقته وقدوتهم , وجامع مذهب مالك , وشارع أقواله , وكان واسع العلم كثير الحفظ والرواية , وكُتبه تشهد له بذلك , فصيح القلم , ذا بيان ومعرفة بما يقوله , بصيرا بالرد على أهل الأهواء , يقول الشعر ويجيده , ويجمع إلى ذلك صلاحاً تاما ورعا وعفة , وحاز رئاسة الدين والدنيا , وإليه كانت الرحلة من الأقطار , ونجب أصحابه وكثر الآخذون عنه.
وعرف قدره الأكابر , وكان يعرف بمالك الصغير , قال فيه القابسي (هو إمامٌ موثوق به في ديانته وروايته) واجتمع فيه العلم والورع والفضل والعقل , شهرته تغني عن ذكره , كان سريع الانقياد والرجوع إلى الحق , تفقه بفقهاء بلده وسمع من شيوخها , وعوَّل على أبي بكر بن اللباد وأبي الفضل القيسي , وسمع منه خلق كثير وتفقه به جلة , وكانت وفاته سنة 386هـ , له كتاب النوادر والزيادات على المدونة , مشهور أزيد من مائة جزء , وكتاب مختصر المدونة مشهور أيضاً , وعلى كتابيه هذين المعول في التفقه , وله الرسالة , غيرها من المؤلفات الكثيرة المذكورة في الديباج المذهب لابن فرحون المالكي ص136 - 138.
وكل ما مر منقول باختصار من هذا الكتاب , قال فيه الذهبي في أول ترجمته في سير أعلام النبلاء 17/ 10 (الإمام العلامة القدوة الفقيه , عالم أعل المغرب) , وقال في آخرها (وكان رحمه الله على طريقة السلف في الأصول , لا يدري الكلام ولا يتأول , فنسأل الله التوفيق).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/115)
ـ[العوضي]ــــــــ[28 - 02 - 04, 03:40 ص]ـ
فوائد بين يدي الشرح
الفائدة الأولى:
منهج أهل السنة والجماعة في العقيدة: اتباع الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح.
عقيدة أهل السنة والجماعة مبنية على الدليل من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم قال اله عز وجل (6 آيات)
وقال صلى الله عليه وسلم في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه ( ... فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً , فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهدين الراشدين , تمسكوا بها , وعضوا عليها بالنواجذ , وإياكم ومحدثات الأمور , فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) رواه أبو داود 4607 والترمذي 2676 وغيرهما , وهذا لفظ أبي داود , وقال الترمذي (حديث حسن صحيح)
وفي صحيح البخاري 7280 عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى , قالوا: يا رسول الله! ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى)
وفي صحيح مسلم 767 عن جابر بن عبدالله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته (أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله , وخير الهدي هدي محمد , وشر الأمور محدثاتها , وكل بدعة ضلالة)
وروى البخاري في صحيحه 1597 , ومسلم في صحيحه 1270 عن عابس بن ربيعة عن عمر رضي الله عنه (أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبله , فقال: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع , ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك)
وروى البخاري في صحيحه 2697 , ومسلم في صحيحه 1718 عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وفي لفظ لمسلم (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهود رد).
وما جاء في هذه الرواية أعم من الأولى , لأنها تشتمل على من كان مُحدثا أو تابعاً لمحدث.
وروى الإمام أحمد 16937 , وأبو داود4597 وغيرهما – واللفظ لأحمد – عن معاوية رضي الله عنه قال (إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ملة , وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة يعني الأهواء , كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة)
وانظر تخريجه وشواهده في تعليق الشيع شعيب الأرنؤوط وغيره على هذا الحديث في حاشية المسند.
وروى الإمام البخاري في صحيحه 5063 , ومسلم في صحيحه 1401 عن أنس في حديث طويل. آخره (فمن رغب عن سنتي فليس مني)
وإنما كانت عقيدة أهل السنة والجماعة مبنية على الكتاب والسنة , لأن ما يعتقد هو من علم الغيب , ولا يمكن معرفة ذلك إلا بالوحي كتابا وسنة.
وما جاء في الكتاب العزيز وثبت في السنة فإن العقل السليم يوافقه ولا يعارضه , ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كتاب واسع اسمه (درء تعارض العقل والنقل)
والمعول عليه في فهم النصوص ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وما جاء عنهم من الفهم الصائب والعلم النافع , وقد فهموا معاني ما خوطبوا به من صفات الله عز وجل , لأن الكتاب والسنة بلغتهم , مع تفويضهم علم كيفياتها إلى الله عز وجل , لأن ذلك من الغيب الذي لا يعلمه إلا هو سبحانه , كما جاء عن الإمام مالك بن أنس في بيان هذا المنهج الصحيح , حيث قال عندما سئل عن كيفية الاستواء فقال (الاستواء معلوم , والكيف مجهول , والإيمان به واجب , والسؤال عنه بدعة)
وقد أوضح ما كان عليه الصحابة في صفات الله عز وجل الشيخ أبو البعاس أحمد بن علي المقريزي المتوفى سنة 845هـ في كتابه المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار 2/ 356 فقال (ذكر الحال في عقائد أهل الإسلام منذ ابتداء الملة الإسلامية إلى أن انتشر مذهب الأشعرية: اعلم أن الله تعالى لما بعث من العرب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم رسولا إلى الناس جميعاً وصف لهم ربهم سبحاته وتعالى بما وصف به نفسه الكريمة في كتابه العزيز الذي نزل به على قلبه صلى الله عليه وسلم الروح الأمين , وبما أوحى إليه ربه تعالى , فلم يسأله صلى الله عليه وسلم أحد من العرب بأسرهم قرويهم وبدويهم عن معنى شيء من ذلك , كما كانوا يسألونه صلى الله عليه وسلم , عن أمر الصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك مما لله فيه سبحانه أمرٌ ونهي , وكما سألوه صلى الله عليه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/116)
وسلم عن أحوال القيامة والجنة والنار , إذ لو سأله إنسانٌ منهم عن شيء من الصفات الإلهية لنقل كما نقلت الأحاديث الواردة عنه صلى الله عليه وسلم في أحكام الحلال والحرام , وفي الترغيب والترهيب وأحوال القيامة والملاحم والفتن ونحو ذلك مما تضمنته كتب الحديث , معاجمها ومسانيدها وجوامعها , ومن أمعن النظر في دواوين الحديث النبوي ووقف على الآثار السلفية , علم أنه لم يرد قط من طريق صحيح ولا سقيم عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم. على اختلاف طبقاتهم وكثرة عددهم – أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معنى شيء مما وصف الرب سبحانه به نفسه الكريمة في القرآن الكريم وعلى لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم , بل كلهم فهموا معنى ذلك , وسكتوا عن الكلام في الصفات. نعم! ولا فرق أحد منهم بين كونها صفت ذات أو صفة فعل , وإنما أثبتوا له تعالى صفات أزلية: من العلم والقدرة والحياة والإرادة والسمع والبصر والكلام سوقاً واحداً , وهكذا أثبتوا رضي الله عنهم ما أطلقه الله سبحانه على نفسه الكريمة: من الوجه واليد ونحو ذلك , مع نفي مماثلة المخلوقين , فأثبتوا رضي الله عنهم بلا تشبيه , ونزهوا من غري تعطيل , ولم يتعرض من ذلك أحدٌ منهم إلى تأويل شيء من هذا , ورأوا بأجمعهم إجراء الصفات كما وردت , ولم يكن عند أحد منهم ما يستدل به على وحدانية الله تعالى وعلى إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم سوى كتاب الله , ولا عرف أحدٌ منهم شيئا من الطرق الكلامية ولا مسائل الفلسفة , فمضى عصرُ الصحابة رضي الله عنهم على هذا , إلى أن حدث في زمنهم القول بالقدر , وأن الأمر أنفة , أي: أن الله تعالى لم يقدر على خلقه شيئاً مما هم عليه ... )
وهذا الذي أوضحه المقريزي هو ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ظهور الفرق المختلفة , وقد قال صلى الله عليه وسلم في حديث العرباض بن سارية الذي مر ذكره قريباً ( ... فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً , فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهدين الراشدين , تمسكوا بها , وعضوا عليها بالنواجذ , وإياكم ومحدثات الأمور , فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة).
وليس المعقول أن يقال في هذا شيء من مذاهب هذه الفرق المختلفة في العقيدة التي حدثت في أواخر عهد الصحابة وبعده , كالقدرية والمرجئة والأشاعرة وغيرها , ليس المعقول أن يقال في شيء من ذلك: إنه الحق والصواب , بل الحق الذي لا شك فيه هو ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولو كان شيء من هذه المذاهب حقا لسبقوا إليه رضي الله عنهم وأرضاهم , فلا يعقل أن يحجب حق. عن الصحابة ويدخر لأناس يجيئون بعدهم , قال إبراهيم النخعي كما في جامع بين العلم وفضله لابن عبدالبر 1/ 97 (لم يُدخر لكم شيءٌ خُبئ من القوم لفضل عندكم)
وقد نقل الحافظ ابن حجر في الفتح عند شرحه باب قوله الله تعالى (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) كلام نفيساً لأبي المظفر السمعاني , فقال 13/ 507 (واستدل أبي المظفرالسمعاني بآيات الباب وأحاديثه على فساد طريقة المتكلمين في تقسيم الأشياء إلى جسم وجوهر وعرض , قالوا فالجسم ما اجتمع من الافتراق والجوهر ما حمل العرض , والعرض ما لا يقوم بنفسه , وجعلوا الروح من الأعراض , وردوا الأخبار في خلق الروح من قبل الجسد والعقل قبل الخلق , واعتمدوا على حدسهم وما يؤدي إليه نظرهم , ثم يعرضون عليه النصوص فما وافقه قبلوه وما خالفه ردوه , ثم ساق هذه الآيات ونظائرها من الأمر بالتبليغ , قال: وكان مما أمر بتبليغه التوحيد , بل هو أصل ما أمر به فلم يترك شيئاً من أمور الدين وأصوله وقواعده وشرائعه إلا بلغه , ثم لم يدع إلى الاستدلال بما تمسكوا به الجوهر والعرض , ولا يوجد عنه ولا عن أحد أصحابه من ذلك حرفٌ واحدٌ فما فوقه , فعرف بذلك أنهم ذهبوا خلاف مذهبهم وسلكوا غير سبيلهم بطريق محدث مخترع لم يكن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم , ويلزم من سلوكه العود على السلف بالطعن والقدح , ونسبتهم إلى قلة المعرفة واشتباه الطرق , فالحذر من الاشتغال بكلامهم والاكتراث بمقالاتهم , فإنها سريعة التهافت كثيرة التناقض , وما من كلام تسمعه لفرقة منهم إلا وتجد لخصومهم عليه كلاماً يوازنه أو
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/117)
يقاربه , فكلٍّ بكل مقابل , وبعضٌ ببعضٍ مُعارض , وحسبك من قبيح ما يلزم من طريقتهم أنا إذا جرينا على ما قالوه وألزمنا الناس بما ذكروه لزممن ذلك تكفير العوام جميعاً , لأنهم لا يعرفون إلا الاتباع المجرد , ولو عرض عليهم هذا الطريق ما فهمه أكثرهم فضلاً على أن يصير منهم صاحب نظر , وإنما غاية توحيدهم التزام ما وجدوا عليه أئمتهم في عقائد الدين والعضُّ عليها بالنواجذ , والمواظبة على وظائف العبادات وملازمة الأذكار بقلوبٍ سليمة طاهرة عن الشبه والشكوك , فتراهم لا يحيدون عما اعتقدوه ولو قُطعوا إرباً إرباً , فهنيئا لهم هذا اليقين , وطوبى لهم هذه السلامة , فإذا كُفر هؤلاء وهو السواد الأعظم وجمهور الأمة , فما هذا إلا طي بِساط الإسلام وهدمُ منار الدين والله المستعان)
ما جاء في كلام أبي المظفر من ذكر خلق العقل فيه نظر , قال ابن القيم في كتابه المنار المنيف ص50 (ونحن ننبه على أمور كلية يُعرف بها كون الحديث موضوعاً) إلى أن قال ص66 (ومنها أحاديث العقل , كلها كذب ... وقال أبو الفتح الأزدي: لا يصح في العقل حديث , قاله أبو جعفر العقيلي وأبو حاتم ابن حبان , والله أعلم)
وقد نقل الحافظ ابن حجر في كتابه فتح الباري نقولاً عن جماعة من السلف إثبات الصفات من غري تشبيه أو تحريف أو تعطيل , وختم ذلك بكلام نفيس له , ومما قاله 13/ 407 - 408 (وأخرج البيهقي من طريق أبي داود الطيالسي قال (كان سفيان الثوري وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وشريك وأبو عوانة لا يحددون ولا يشبهون , ويروون هذه الأحاديث ولا يقولون كيف). قال أبو داود (وهو قولنا). قال البيهقي (وعلى هذا مضى أكابرنا)
وأسند اللالكائي عن محمد بن الحسن الشيباني قال (اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالقرآن وبالأحاديث التي جاء الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة الرب من غير تشبيه ولا تفسير , فمن فسر شيئا منها وقال بقول جهم فقد خرج عما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وفارق الجماعة , لأنه وَصفَ الربِّ بصفة لا شيء).
ومن طريق الوليد بن مسلم: سألت الأوزاعي ومالكاً والثوري والليث ابن سعد عن الأحاديث التي فيها الصفة؟ فقالوا (أمروها كما جاءت بلا كيف).
وأخرج ابن أبي حاتم في مناقب الشافعي عن يونس بن عبد الأعلى: سمعت الشافعي يقول (لله أسماء وصفات , لايسع أحداً ردُّها , ومن خالف بعد ثبوت الحجة عليه فقد كفر , وأما قبل قيام الحجة فإنه يعذر بالجهل , لأن علمَ ذلك لا يدرك بالعقل ولا الرؤية والفكر , فنثبت هذه الصفات , وننفي عنه التشبيه , كما نفى عن نفسه فقال " لَيسَ كَمِثلِِهِ شيءٌ ").
وأسند البيهقي بسند صحيح عن أحمد بن أبي الحواري , عن سفيان بن عيينة قال (كل ما وصف الله به نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته والسكوتُ عنه).
ومن طريق أبي بكر الضُّبَعي قال (مذهب أهل السنة في قوله " الرحمنُ عَلَى العَرشِ استَوَى " قال بلا كيف , والآثار عن السلف كثيرة , وهذه طريقة الشافعي وأحمد بن حنبل).
وقال الترمذي في الجامع عَقب حديث أبي هريرة في النُزول (وهو على العرش كما وصف به نفسه في كتابه , كذا قال غيرُ واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبهه من الصفات).
وقال في باب فضل الصدقة (قد ثبتت هذه الروايات فنؤمن بها ولا نتوهم , ولا يُقال كيف , كذا جاء عن مالك وابن عيينة وابن المبارك أنهم أمَروها بلا كيف , وهذا قولُ أهل العلم من أهل السنة والجماعة , وأما الجهمية فأنكروها , وقالوا هذه تشبيه. وقال إسحاق بن راهويه: إنما يكون التشبيه لو قيل يدٌ كيدٍ , وسمعٌ كسمعٍ).
وقال في تفسير سورة المائدة (قال الأئمة: نؤمن بهذه الأحاديث من غير تفسير , منهم: الثوري ومالك وابن عيينة وابن المبارك).
وقال ابن عبدالبر (أهل السنة مجمعون على الإقرار بهذه الصفات الواردة في الكتاب والسنة , ولم يُكيفوا شيئاً منها , وأما الجهمية والمعتزلة والخوراج فقالوا: من أقر بها فهو مشبه , فسماهم من أقر بها مُعطلة).
وقال إمام الحرمين في الرسالة النظامية (اختلفت مسالك العلماء في هذه الظواهر , فرأى بعضهم تأويلها , والتزم ذلك في آي الكتاب وما يصح من السنن , وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل وإجراء الظاواهر على مواردها وتفويض معانيها إلى الله تعالى , والذي نرتضيه رأياً وندين الله به عقيدة اتباع سلف الأمة , للدليل القاطع على أن إجماع الأمة حجة , فلو كان تأويل هذه الظواهر حتماً لأوشك أن يكون اهتمامهم به فوق اهتمامهم بفروع الشريعة , وإذا انصرم عصر الصحابة والتابعين على الإضراب عن التاويل كان ذلك هو الوجه المتبع) انتهي
وقد تقدم النقل عن أهل العصر الثالث وهم فقهاء الأمصار , كالثوري والأوزاعي ومالك والليث ومن عاصرهم , كذا من أخذ عنهم من الأئمة , فكيف لا يوثق بما اتفق عليه أهل القرون الثلاثة , وهم خير القرون بشهادة صاحب الشريعة.
وما جاء في كلام الجويني من أن السلف يُفوضون معاني الصفات إلى عز وجل غير صحيح , فإنهم يفوضون في الكيف , ولا يفوضون في المعني , كما جاء عن مالك رحمه الله , فقد سئُل عن كيفية الاستواء فقال (الاستواء معلوم , والكيف مجهول , والإيمان به واجب , والسؤال عنه بدعة)
وإلى اللقاء مع الفائدة الثانية بإذنه تعالى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/118)
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[28 - 02 - 04, 07:00 م]ـ
حزاكم الله خيرا ونضّر وجهكم على هذه الفوائد ..
واصل بارك الله فيكم ..
ـ[العوضي]ــــــــ[29 - 02 - 04, 05:02 م]ـ
وإياك بارك الله فيك , وإن شاء الله نكون عند حسن الظن
ـ[العوضي]ــــــــ[02 - 03 - 04, 07:56 ص]ـ
الفائدة الثانية:
وسَطية أهل السنة والجماعة في العقيدة بين فرق الضلال
أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وسطٌ بين الأمم , فإن اليهود والنصارى متضادون فاليهود جفوا في الأنبياء حتى قتلوا من قتلوا منهم , والنصارى غلوا في عيسى عليه السلام , فجعلوه إلهاً مع الله , وهذا من أمثلة تضادهم في الاعتقاد , ومن أمثلة تقابلهم في الأحكام أن اليهود لا يؤاكلون الحائض ولا يُجالسونها والنصارى بضدهم فإنهم يجامعونها.
وكما أن هذه الأمة وسط بين الأمم , فإن أهل السنة والجماعة وسطٌ بين فرق هذه الأمة , فهم:
أولاً: وسطٌ في صفات الله بين المعطلة والمشبهة , فإن المشبهة أثبتوا ولكنهم شبهوا ومثلوا , وقالوا: لله يدٌ كأيدينا , ووجه كوجوهنا , وهكذا , تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
وأما المعطلة فإنهم صوروا أن الإثبات يستلزم التشبيه , ففروا من الإثبات إلى التعطيل , تنزيهاً لله عن مشابهة المخلوقين بزعمهم , لكن آل أمرهم إلى أن وقعوا في تشبيه أسوأ , وهو التشبيه بالمعدومات فإنه لا يُتصور وجود ذات مجردة من جميع الصفات.
وأما أهل السنة والجماعة , فإنهم توسطوا بين هؤلاء وهؤلاء فأثبتوا بلا تشبيه , ونزهوا بلا تعطيل , كما قال عز وجل (ليسَ كملِهِ شيءٌ وهو السميع البصير) , فأثبتوا لله السمع والبصر كما أثبت الله ذلك لنفسه , فلم يُعطلوا ومع إثباتهم نزهوا ولم يُشبهوا , فالمشبهة عندهم الإثبات والتشبيه , والمعطلة عندهم التعطيل والتنزيه , وأهل السنة عندهم الإثبات والتنزيه فجمعوا الحسنيين: الإثبات والتشبيه , وسلِموا من الإساءتين: التشبيه والتعطيل , والمعطلة يصفون أهل السنة زوراً أنهم مُشبهة , لأنهم لم يتصوروا إثباتاً إلا مع التشبيه , وأهل السنة يصفون المعطلة بأنهم نافون للمعبود , قال ابن عبدالبر في التمهيد 7/ 145 (وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوراج , فكلهم يُنكرونها , ولا يحمل شيئاً منها على الحقيقة , ويزعمون أن من أقر بها مشبه , وهم عند من أثبتها نافون للمعبود).
ونقله عنه الذهبي في العلو ص1326 وعلق عليه قائلاً (صدق والله! فإن من تأول سائر الصفات وحمل ما ورد منها مجاز الكلام , أداه ذلك السلب إلى تعطيل الربِّ , وأن يشابه المعدوم , كما نُقل عن حماد بن زيد أنه قال: مثل الجهمية كقوم قالوا: في دارنا نخلة , قيل: لها سعف؟ قالوا: لا , قيل: فلها كَرَب؟ قالوا: لا , قيل: لها رُطب وقِنو؟ قالوا: لا , قيل: فلها ساق؟ قالوا: لا , قيل: فما في داركم نخلة!).
والمعنى أنه من نفى الله الصفات , فإن حقيقة أمره نفيُ المعبود , إذ لا يُتصور وجود ذات مجردة من جميع الصفات.
ولهاذ قال ابن القيم في المقدمة التي بين يدي قصيدته النونية (فالمشبه بعيد صنماً , والمعطل يعبدُ عدماً , والموحِّد يعبدُ إلهاً واحداً صمداً , " ليسَ كملِهِ شيءٌ وهو السميع البصير ").
وقال أيضاً (قلبً المعطل متعلقٌ بالعدم , فهو أحقر الحقير , وقلبُ المشبه عابدٌ للصنم الذي قد نُحت بالتصوير والتقدير , والموحد قلبُه متعبدٌ لمن ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).
ثانيا: وهم وسطٌ في أفعال العباد بين الجبرية الغلاة الذين ينفون عن العبد الاختيار , ويجعلون أفعاله كحركات الأشجار , وبين القدير النفاة الذين يجعلون العبد خالقاً لفعله , وينفون تقدير الله عليه , فأهل السنة يثبتون للعبد مشيئتةً واختياراً , بهما يستحق الثواب والعقاب , لكن لا يجعلونه مستقلاًّ في ذلك , بل يجعلون مشيئته وإرادته تابعةً لمشيئة الله وإرادته , كما قال الله عز وجل (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) , وهو سبحانه وتعالى خالقُ العباد وأفعال العباد , كما قال عز وجل (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/119)
ثالثاً: وهو وسطٌ في باب الوعد والوعيد بين المرجئة الذي غلبوا جانب الوعد وأهملوا جانب الوعيد , فقالوا: إنه لا يضر مع الإيمان ذنب , كما لا ينفع مع الكفر طاعة , والخوارج والمعتزلة الذين غلبوا جانب الوعيد وأهملوا جانب الوعد , فجعلوا مرتكب الكبيرة خارجاً من الإيمان في الدنيا , خالداً مخلداً في النار في الآخرة , فأهل السنة والجماعة أعمَلوا نصوص الوعد ونصوص الوعيد معاً , وجعلوا مرتكب الكبيرة ليس خارجاً من الإيمان في الدنيا , وفي الآخرة أمره إلى الله , إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه , وإذا عذبه فإنه لا يخلده في النار كما يخلدُ فيها الكافر , بل يخرج منها ويدخل الجنة.
رابعاً: وهم وسطٌ في باب أسماء الإيمان والدين بين المرجئة الذين فرطوا , فجعلوا العاصي مؤمناً كامل الإيمان , وبين الخوارج والمعتزلة الذين أفرطوا فأخرجوه من الإيمان , ثم حكمت الخوارج بكفره , وقالت المعتزلة (إنه في منزلة بين المنزلتين) فأهل السنة وصفوا العاصي بأنه مؤمنٌ ناقص الإيمان , فلم يجعلوه مؤمناً كامل الإيمان , كما قالت المرجئة , ولم يجعلوه خارجاً من الإيمان كما قالت الخوارج والمرجئة , بل قالوا (هو مؤمن بإيمانه , فاسقٌ بكبيرته) فلم يعطوه الإيمان المطلق , ولم يسلبوا عنه مطلق الإيمان , ويجتمع في العبد إيمانٌ ومعصيةٌ وحب وبغض , فيُحب على ما عنده من الإيمان , ويُبغض على ما عنده من الفسوق والعصيان , وهو نظير الشيب الذي يكون محبوباً إذا نظر إلى ما بعده وهو الموت , وغير محبوب إذا نظر إلى ما قبله وهو الشباب , كما قال الشاعر:
الشيبُ كرهٌ وأن نفارقه ... فاعْجب لشيءٍ على البغضاء محبوب
خامساً: وهو وسطٌ بين الخوارج الذين كفروا عليا ومعاوية رضي الله عنهما ومن معهما وقاتلوهم واستحلوا أموالهم , وبين الروافض الذين غلوا في علي وفاطمة وأولادهما رضي الله عنهم , وجفوا في حق أكثر الصحابة , فأبغضوهم وسبوهم , فأهل السنة يحبون الصحابة جميعاً ويوالونهم ويُنزلونهم منازلهم ولا يقولون بعصمتهم , وقد قال الطحاوي في عقيدة أهل السنة والجماعة (ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نفرط في حب أحد منهم , ولا نتبرأ من أحدٍ منهم , ونبغض من يبغضهم , وبغير الخير يذكرهم , ولا نذكرهم إلا بخير , وحبهم دينٌ وإيمانٌ وإحسانٌ , وبغضهم كفرٌ ونفاقٌ وطغيان)
ففي قوله رحمه الله (ونحب أصحاب رسول الله) سلامة أهل السنة من الجفاء , وفي قوله (ولا نفرط في حب أحد منهم) سلامتهم من الغلو , أي: ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , فلسنا جُفاة , ومع حبنا لهم فلسنا غلاة.
وقد أجمل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هذه الأمور التي أهل السنة والجماعة فيها وسط بين فرق الضلال , في كتابه العقيدة الواسطية فقال ص107 - 113 (فهم وسط في باب صفات الله سبحانه وتعالى بين أهل التعطيل الجهمية وأهل التمثيل المشبهة , وهو وسطٌ في باب أفعال الله بين الجبرية والقدرية وغيرهم , وفي باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية من القدرية وغيرهم , وفي باب أسماء الإيمان والدِّين بين الحرورية والمعتزلة , وبين المرجئة والجهمية , وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرافضة والخوارج)
وإلى اللقاء إن شاء الله مع الفائدة الثالثة
ـ[العوضي]ــــــــ[04 - 03 - 04, 05:30 م]ـ
الفائدة الثالثة:
عقيدة أهل السنة والجماعة مطابقة للفطرة
روى البخاري في صحيحه 1385 , ومسلم في صحيحه 2658 – واللفظ للبخاري – عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم (كل مولود يُولد على الفطرة , فأبواه يُهوادته أو ينصرانه أو يمجسانه ... ) الحديث.
وفي صحيح مسلم 2865 من حديث عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه ( ... وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم , وإنهم أتتهم الشاطين فاجتالتهم عن دينهم , وحرمت عليهم ما أحللت لهم , وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً) الحديث.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/120)
وهذان الحديثان يدلان على أن دين الإسلام هو دين الفطرة , وعقيدة أهل السنة والجماعة مطابقةٌ للفطرة , ولهذا جاء في حديث معاوية بن الحكم السمي رضي الله عنه في صحيح مسلم 537 في قصة جاريته , وفيه أنه قال (أفلا أعتقها؟ قال ائتني بها , فأتيته بها , فقال لها: أين الله؟ قالت: في السماء , قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله , قال: اعتقها فإنها مؤمنة).
فهذه الجارية بفطرتها أجابت بأن الله في السماء , وقد قال الله عز وجل (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ) , والمراد بالسماء العلو , أو تكون (في) بمعنى (على) كما في قوله تعالى (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْل) أي: على جذوع النخل.
وأما الذين لتبلوا بعلم الكلام , فإنهم يقولون (إن علو الله عز وجل علو قدر وقهر) , وأهل السنة والجماعة يقولون (إن علو الله عز وجل علو قدر وقهر وذات) وقد جاء عن بعض المتكلمين وغيرهم عباراتٌ تدل على أن السلامة والنجاة إنما هي في عقيدة العجائز المطابقة للفطرة , وقد نقل شارح الطحاوية عن أبي المعالي الجويني كلاماً ذم فيه علم الكلام , وقال فيه عند موته (وها أنا ذا أموت على عقيدة أمي , أو قال: على عقيدة عجائز نيسابور)
وفي ترجمة الرازي – وهو من كبار المتكلمين – في لسان الميزان 4/ 427 (وكان مع تبحره في الأصول يقول: من التزم دين العجائز فهو الفائز).
وقال أبو محمد الجويني والد إمام الحرمين في نصيحته لمشايخه من الأشاعرة 1/ 185 – مجموعة الرسائل المنيرية (فمن تكون الراعية أعلم بالله منه لكونه لا يعرف وجهة معبوده , فإنه لا يزال مظلم القلب , لا يستنير بأنوار المعرفة والإيمان).
وروى ابن سعد في الطبقات بإسناد صحيح على شرط مسلم 5/ 374 عن جعفر بن بُرقان قال (جاء رجلٌ إلى عمر بن عبدالعزيز فسأله عن شيء من الأهواء , فقال: الزم دين الصبي في الكتاب والأعرابي , واْلهُ عما سوى ذلك) وعزاه إليه النووي في تهذيب الأسماء واللغات 2/ 22.
وإلى اللقاء مع الفائدة الرابعة إن شاء الله تعالى
ـ[العوضي]ــــــــ[11 - 03 - 04, 09:49 م]ـ
الفائدة الرابعة
الكلام في الصفات فرعٌ عن الكلام في الذات , والقول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر
أهل السنة والجماعة يُثبتون كل ما أثبته الله لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات على وجه يليق بكماله وجلاله , من غير تكييف أو تمثيل , ومن غير تعطيل أو تأويل , ويقولون لِمن أثبت الذات ونفى الصفات وهم الجهمية والمعتزلة (إن الكلام في الصفات فرعٌ عن الكلام في الذات , فكما أننا نُثبت لله ذاتاً لا تُشبه ذوات المخلوفات , فيجب أن نثبت كل ما ثبت في الكتاب والسنة من الصفات دون أن يكون فيها مشابهةٌ للمخلوقات) , ويقولون لمن أثبت بعض الصفات وأول بعضها وهو الأشاعرة (القولُ في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر , فإن ما أثبت من الصفات على وجهٍ يليق بالله عز وجل , يلزمك الباقي على هذا الوجه اللائق بالله) , وانظر توضيح هذين الأصلين في كتاب التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ص31 - 46
وإلى اللقاء مع الفائدة الخامسة إن شاء الله
ـ[العوضي]ــــــــ[13 - 03 - 04, 06:02 ص]ـ
الفائدة الخامسة
السَّلفُ ليسوا مُؤوِّلةً ولا مُفوِّضة
من المعلوم أن سلف هذه الأمة من الصحابة وتابعيهم بإحسان يثبتون لله ما أثبته لنفسه , وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات , على وجه يليق بكماله وجلاله , فلا يُشبهون ولا يُعطلون ولا يُكيفون , بخلاف طريقة الخلف , التي هي التأويل لصفات الله عز وجل وصرفها إلى معان باطلة , وبخلاف طريقة المفوضة , التي زعم المؤولة أنها طريقة السلف , والتي يقولون فيها عن صفات الله عز وجل (الله أعلم بمراده بها) , وقد أوضح عقيدة السلف في الصفات الإمام مالك رحمه الله في كلامه المشهور لما سُئل عن كيفية الاستواء , فقال (الاستواءُ معلوم , والكيف مجهول , والإيمان به واجب , والسؤال عنه بدعة)
فهم لا يفوضون في المعنى , وإنما يفوضون في الكيفية , ومن زعم أن طريقة السلف من الصحابة ومن تبعهم تفويض في معاني الصفات , فقد وقد في محاذير ثلاثة هي: جهله بمذهب السلف , وتجهيله لهم , والكذب عليهم.
أما جهلة بمذهب السلف , فلكونه لا يعلم ما هو عليه , وهو الذي بينه الإمام مالك في كلامه المتقدم.
وأما تجهيله لهم , فذلك بنسبتهم إلى الجهل , وأنهم لا يفهمون معاني ما خوطبوا به , إذ طريقتهم على زعمه في الصفات أنهم يقولون (الله أعلم بمراده بها)
وأما الكذب عليهم , فإنما هو بنسبة هذا المذهب الباطل إليهم , وهو برآءُ منه.
وإلى اللقاء مع الفائدة السادسة إن شاء الله تعالى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/121)
ـ[العوضي]ــــــــ[26 - 03 - 04, 08:11 م]ـ
الفائدة السادسة
كلِّ من المشبهة والمعطلة جمعوا بين التمثيل والتعطيل
المعطلة هم الذين نفوا صفات الله عز وجل , ولم يُثبتوها على ما يليق بالله , وشُبهتُهم أن إثبات الصفات يستلزم التشبيه , لأنهم لم يتصوروا الصفات إلا وفقاً لما هو مشاهد في المخلوقين , فجرهم ذلك التصور الخاطئ إلى التعطيل , فكان ما وقعوا فيه أسوأ مما فروا منه , إذ كانت النتيجة أن يكون الله تعالى وتنَزَّه شبيهاً بالمعدومات , إذ لا يُتصور وجود ذات خالية من الصفات.
ويتضح ذلك في صفة كلام الله عز وجل , فإنهم لم يتصوَّروا من إثبات أن الله يتكلم بحرف وصوت إلا التشبيه بالمخلوقين , لأنه يلزمُ من ذلك أن يكون كلامه بلسان وحنجرة وشفتين , لأنهم لا يعقلون ذلك إلا في المخلوقين , وذلك التصور الخاطئ مردودٌ من وجوه:
الأول: أنه لا تلازم بين الإثبات والتشبيه , فإن الإثبات يكون مع التشبيه , وهو باطلٌ لا شك فيه , ويكون مع التنزيه , كما قال الله عز وجل (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) فأثبت السمعَ والبصر , ونفى مشابهة غيره له , وهذا هو اللائق بكمال الله وجلاله , وهو الحق الذي لا ريب فيه.
الثاني: أن ما زعموه من أن الإثبات يقتضي التشبيه , ومن أجله عطلوا الصفات , أداهم ذلك إلى التشبيه بالمعدومات , وهو أسوأ , وقد مر في كلام بعض أهل العلم ما يبين ذلك , لا سيما ما عزاه الذهبي إلى حماد بن زيد في التمثيل بالنخلة التي نفى أصحابها كل صفات النخل عنها , وقيل لهم (إذا فما في داركم نخلة!) وذلك في الفائدة الثانية.
الثالث: أنه قد وجد في المخلوقات حصول الكلام على خلاف ما هو مشاهدٌ في المخلوقين , فإن ذراع الشاة التي وُضع فيه السم للرسول صلى الله عليه وسلم كلمته وأخبرته بأنها مسمومة كما في سنن أبي داود 4510 , 4512.
وروى مسلم في صحيحه 2277 عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلمُ علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن).
وهذا من كلام بعض المخلوقات في الدنيا , وأما في الآخرة , فقد قال الله عز وجل (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) , وقال (وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).
أفيقال: إن كلام الذراع والحجر والأيدي والأرجل لا يكون إلا بلسان وشفتين.
وإذا كانت هذه المخلوقات وُجد منها الكلام على وجه يخالف ما هو مشاهدٌ في المخلوقين , فإنه يجب إثبات الكلام لله عز وجل على وجه يليق بكماله وجلاله , دون أن يكون مشابهاً لأحد في خلقه.
وبهذا يتبين أن المعطلة جمعوا إلى التعطيل التشبيه , وأما المشبهة فإنهم أثبتوا الصفات لله عز وجل , لكن جعلوه فيها مشابهاً للمخلوقات , وقد أضافوا إلى كونهم مشبهةً التعطيل , وذلك أنهم لم يُثبتوا الصفات على وجه يليق بالله عز وجل , ويذلك كانوا معطلة.
وإلى اللقاء مع الفائدة السابعة إن شاء الله تعالى
وأعتذر على التأخر في طرح الفوائد المتبقية لفترة قليلة إن شاء الله , بسبب ضغط الدراسة والله المستعان
ـ[العوضي]ــــــــ[15 - 06 - 04, 08:36 م]ـ
الفائدة السابعة
متكلَّمون يَذمُّون علمَ الكلام ويُظهرون الحَيرة والنَّدم
عقيدة أهل السنة والجماعة مبنية على الدليل من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه صحابته الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم , فهي صافية نقية , واضحةٌ جلية , ليس فيها غموض ولا تعقيد , بخلاف غيرهم الذين عولوا على العقول , وتأولوا النقول , وبنوا معتقداتهم على علم الكلام المذموم , الذي بين أهله الذين ابتلوا به ما فيه من أضرار , وندموا على ما حصل منهم من شغل الأوقات فيه من غير أن يظفروا بطائل , ولا أن يصلوا إلى حقٍّ , وفي نهاية أمرهم صاروا إلى الحيرة والندم , فمنهم من وُفق لتركه واتباع طريقة السلف , وجاء عنهم عيبُ الكلام وذمه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/122)
فأبو حامد الغزالي رحمه الله من المتمكنين في علم الكلام , ومع ذلك فقد جاء عنه ذمه , بل المبالغة في ذمه , ولا يُنبئك مثلُ خبير , جاء ذلك عنه في كتابه إحياء علوم الدين , حيث بين ضرره وخطره , فقال ص91 - 90 (أما مضرَّته , فإثارةُ الشبهات وتحريك العقائد , وإزالتها عن الجزم والتصميم , فذلك مما يحصل في الابتداء , ورجوعها بالدليل مشكوك فيه , ويختلف فيه الأشخاص , فهذا ضرره في الاعتقاد الحق , وله ضررٌ آخر في تأكيد اعتقاد المبتدعة للبدعة , وتثبيته في صدورهم , بحيث تنبعث دواعيهم , ويشتدُّ حرصُهم على الإصرار عليه , ولكن الضرر بواسطة التعصب الذي يثور من الجدل)
إلى أن قال (وأما منفعته , فقد يُظن أن فائدته كشف الحقائق ومعرفتها على ما هي عليه , وهيهّات , فليس في الكلام وفاء بهذا الطلب الشريف , ولعل التخبيط والتضليل فيه أكثر من الكشف والتعريف , وهذا إذا سمعته من محدِّث أو حشوي ربما خطر ببالك أن الناس أعداءُ ما جهلوا , فاسمع هذا ممن خبر الكلام ثم قلاه بعد حقيقة الخبرة وبعد التغلغل فيه إلى منتهى درجة المتكلمين , وجاوز ذلك إلى التعمق في علوم أخر تناسب نوع الكلام , وتحقق أن الطريق إلى حقائق المعرفة من هذا الوجه مسدود , ولعمري لا ينفكُّ الكلام عن كشف وتعريف وإيضاح لبعض الأمور, ولكن على الندور في أمور جلية تكاد تفهم قبل التعمق في صنعة الكلام).
وقد نقل شارح الطحاوية عنه هذا الكلام وغيره في ذم الكلام ص236 , وقال ص238 (وكلامُ مثلِه في ذلك حجة بالغة).
ثم بين شارح الطحاوية أن السلف كرهوا علم الكلام وذموه: (لاشتماله على أمور كاذبة مخالفة للحق , ومن ذلك مخالفتها للكتاب والسنة , وما فيه من علوم صحيحة , فقد وعروا الطريق إلى تحصيلها , وأطالوا الكلامَ في إثباتها مع قلة نفعها , فهي لحمُ جَمل غث على رأس جبل وعر , لا سهل فيُرتقى , ولا سمين فيُنتقل , وأحسنُ ما عندهم فهو في القرآن أصحُّ تقريراً وأحسن تفسيراً , فليس عندهم إلا التكلف والتطويل والتعقيد).
إلى أن قال (ومن المحال أن لا يحصل الشفاءُ والهدى والعلمُ واليقين من كتاب الله وكلام رسوله , ويحصلُ من كلام هؤلاء المتحيِّرين , بل الواجب أن يجعل ما قاله الله ورسوله هو الأصل , ويتدبر معناه ويعقله , ويعرف برهانه ودليله , إما العقلي , وإما الخبري السمعي , ويعرف دلالته على هذا وهذا , ويجعل أقوال الناس التي توافقه وتخالفه متشابهة مجملة فيُقال لأصحابها: هذه الألفاظ تحتمل كذا وكذا , فإن أرادوا بها ما يُوافق خبر الرسول صلى الله عليه وسلم قُبل , وإن أرادوا بها ما يُخالفه رُد).
وقال أيضاً ص243 (قال ابن رُشد الحفيد – وهو من أعلم الناس بمذهب الفلاسفة ومقالاتهم – في كتابه تهافت التهافت " ومن الذي قال في الإلهيات شيئاً يعتدُّ به؟ " , وكذلك الآمدي – أفضل أهل زمانه – واقفٌ في المسائل الكبار الحائر , وكذلك الغزالي رحمه الله انتهى آخرُ أمره إلى الوقوف والحيرة في المسائل الكلامية , ثم أعرض عن تلك الطرق , وأقبل على أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم , فمات والبخاري على صدره , وكذلك أبو عبدالله محمد بن عمر الرازي , قال في كتابه الذي صنفه في أقسام اللذات:
نِهاية إقدام العقول عقالُ ... وغايةُ سعي العالمين ضلالُ
وأرواحنا في وحشة من جسومنا ... وحاصلُ دنيانا أذَى ووبالُ
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ... سوى أن جمعنا فيه: قيل وقالوا
فكم قد رأينا من رجال ودولةٍ ... فبادوا جميعاً مسرعين وزالوا
وكم من جبال قد عَلت شُرُفاتِها ... رجالٌ فزالوا والجبالُ جبالُ
لقد تأملت تلك الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية , فما رأيتها تشفي عليلاً , ولا تروي غليلاً , ورأيتُ أقربَ الطرق طريق القرآن , اقرأ في الإثبات (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) , (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) , واقرأ في النفي (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) , (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً).ثم قال (من جرَّب مثل تجربتي , عرف مثل معرفتي)
وكذلك قال الشيخ أبو عبدالله محمد بن عبدالكريم الشهرستاني , إنه لم يجد عند الفلاسفة والمتكلمين إلا الحيرة والندم , حيث قال:
لعمري لقد طُفت المعاهد كلها ... وشيرتُ طرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلا واضعا كفَّ حائر ... على ذقن أو قارعاً سنَّ نادم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/123)
وكذلك قال أبوالمعالي الجويني رحمه الله (يا أصحابنا! لا تشتغلوا بالكلام , فلو عرفتُ أن الكلام يبلغ بي إلى ما بلغ مما اشتغلت به) وقال عند موته (لقد خضتُ البحر الخِضم , وخليتُ أهل الإسلام وعلومهم , ودخلتُ في الذي نَهوني عنه , والآن فإن لم يتداركني ربي برحمته , فالويل لابن الجويني , وها أنا ذا أموت على عقيدة أمي , أو قال: على عقيدة عجائز نيسابور).
وكذلك قال شمس الدين الخسروشاهي – وكان من أجل تلامذة فخر الدين الرازي – لبعض الفضلاء , وقد دخل يوماً فقال (ما تعتقد؟ قال: ما يعتقده المسلمون , فقال: وأنتَ مُنشرح الصدر لذلك مستيقن به؟ أو كما قال , فقال: نعم , فقال: اشكر الله على هذه النعمة , لكنِّي – والله! – ما أدري ما أعتقد , - والله! – ما أدري ما أعتقد! - والله! – ما ادري ما أعتقد!) وبكي حتى أخضل لحيته.
وبن أبي الحديد الفاضل المشهور بالعراق:
فيكَ يا أغلوطة الفكَر ... حارَ أمري وانقضى عمري
سافرتْ فيك العقول فما ... ربحت إلا أذى السفر
فلحى الله الاُلَى زعموا ... أنَّك المعروف بالنظر
كذبوا إن الذي ذكروا ... خارجٌ عن قوة البشر
وقال الخونجي عند موته (ما عرفتُ مما حصلته شيئاً أن الممكن يفتقر إلى المرجِّح) ثم قال (الافقتارُ وصفٌ سلبيٌّ , أموت وما عرفتُ شيئاً).
وقال آخر (أضطجع على فراشي , وأضع الملحفة على وجهي , وأقابل بين حُجج هؤلاء وهؤلاء حتى يطلع الفجر , ولم يترجَّح عندي منها شيء)
إلى أن قال شارح الطحاوية (وتجد أحد هؤلاء عند الموت يرجع إلى مذهب العجائز , فيُقر بما أٌروا به , ويُعرض عن تلك الدقائق المخالفة لذلك , التي كان يقطع بها ثم تبين له فسادها , أو لم يتبين له صحتها , فيكونون في نهاياتهم – إذا سلموا من العذاب – بِمنزلة أتباع أهل العلم من الصبيان والنساء والأعراب).
وكان أبو محمد الجويني والد إمام الحرمين في حيرة واضطراب في صفات الله عز وجل , ثم صار إلى مذهب السلف , وألف رسالة نُصح لبعض مشايخه من الأشاعرة , وهي مطبوعة ضمن مجموعة الرسائل المنيرية 1/ 174 - 187.
وأعتذر لجميع الأخوة على هذا الانقطاع الطويل وذلك بسبب الدراسة , وإن شاء الله سأحاول أن أكون معكم يومياً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[العوضي]ــــــــ[17 - 06 - 04, 04:07 م]ـ
الفائدة الثامنة
هل صحيح أنَّ أكثرَ المسلمين في هذا العصر أشاعرة؟
الأشاعرة هم المنتسبون إلى أبي الحسن الأشعري , وهو علي بن إسماعيل المتوفى سنة 330هـ رحمه الله , وقد مر في العقيدة بثلاثة أطوار: كان على مذهب المعتزلة , ثم في طور بين الاعتزال والسنة , يثبت بعض الصفات ويؤول أكثرها , ثم انتهى أمره إلى اعتقاد ما كان عليه سلف الأمة , إذ أبان عن ذلك في كتابه الإبانة , الذي هو من آخر كتبه أو آخرها , فبين أنه في الاعتقاد على ما كان عليه إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وغيره من أهل السنة , وهو إثبات كلّ ما أثبته الله لنفسه , وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات , على ما يليق بالله , من غري تكييف أو تمثيل , ومن غير تحريف أو تأويل , كما قال الله عز وجل (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).
والأشاعرة باقون على مذهبه الذي كان عليه قبل الانتقال إلى مذهب أهل السنة والجماعة , وقد اشتهر عند بعض الناس مقولةٌ أن الأشاعرة في هذا العصر يُمثلون 95% من المسلمين , وهذه المقولة غير صحيحة من وجوه:
الأول: أن إثبات مثل هذه النسبة إنما يكون بإحصاء دقيق يؤدي إلى ذلك وهو غير حاصل , وهي مجرد دعوى.
الثاني: أنه لو سُلم أنهم بهذه النسبة , فإن الكثرة لا تدل على السلامة وصحة العقيدة , بل السلامة وصحةُ المعتقد إنما تحصل باتباع ما كان عليه سلف هذه الأمة من الصحابة ومن سار على نهجهم , وليست باتباع معتقد توفي صاحبُه في القرن الرابع , وقد رجع عنه , وليس من المعقول أن يُحجب حق عن الصحابة والتابعين وأتابعهم , ثم يكون في اتباع اعتقاد حصلت ولادته بع أزمانهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/124)
الثالث: أن مذهب الأشاعرة إنما يعتقده الذين تعلموه في مؤسسات علمية , أو تعلموه من مشايخ كانوا على مذهب الأشاعرة , وأما العوام – وهم الأكثرية – فلا يعرفون شيئاً على مذهب الأشعرية , وإنما هم على الفطرة التي دل عليها اعتقاد الجارية في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه , وقد تقدم.
والعقيدة المطابقة للفطرة هي عقيدة أهل السنة والجماعة , وقد مر إيضاح ذلك قريباً في الفائدة الثالثة.
وإلى اللقاء مع الفائدة التاسعة إن شاء الله تعالى
ـ[العوضي]ــــــــ[23 - 06 - 04, 11:10 م]ـ
الفائدة التاسعة
عقيدة الأئمَّة الأربعة ومَن تفقَّه بمذاهبهم
من أئمة أهل السنة الإمام أبو حنيفة والإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد بن حنبل رحمهم الله , وعقيدتهم هي عقيدة السلف من الصحابة ومن سار على نهجهم.
وأما المشتغلون بالفقه بعدهم , فمنهم من يستفيد من علمهم في الفروع , ويُعول علي ما دلَّ عليه الدليل , أخذاً بوصايا الأئمة ا، فسهم , فإن كل واحد منهم جاء عنه الأمر باتباع الدليل , وتركِ قوله إذا كان الدليلُ على خلافه , وهؤلاء موافقون لهم في العقيدة.
ومنهم مَن يُقلدهم في مسائل الفروع , دون سعي إلى معرفة الراجح بالدليل , وهؤلاء منهم مَن يُوافقهم في العقيدة , وكثيرون منهم يتبعون مذهب الأشاعرة.
ومن أمثلة من تفقه في المذهب الحنفي وهو على عقيدة السلف الإمام أبوجعفر الطحاوي صاحب عقيدة أهل السنة والجماعة , وشارح هذه العقيدة علي بن أبي العز الحنفي , ومنهم في المذهب الشافعي عبدالرحمن ابن إسماعيل الصابوني , مؤلف عقيدة السلف و أصحاب الحديث , والذهبي صاحب كتاب العلو , وابن كثير صاحب التفسير , ومنهم في المذهب المالكي ابن أبي زيد القيرواني , وأبو عمر الطلمنكي , وأبو عمر بن عبدالبر , ومنهم في المذهب الحنبلي الإمام ابن تيمية , والإمام ابن القيم والإمام محمد بن عبدالوهاب.
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة كما في مختصره لابن الموصلي اثنين وأربعين وجهاً في إبطال قول من فسَّر الاستواء على العرش بالاستيلاء عليه , وذكر أن كثيراً من المالكية على منهج السلف في العقيدة فقال في 2/ 132 - 136 (الوجه الثاني عشر: أن الإجماع منعقدٌ على أن الله سبحانه استوى على عرشه حقيقة لا مجازاً , قال الإمام أبو عمر الطلمنكي – أحد أئمة المالكية وهو شيخ أبي عمر بن عبدالبر – في كتابه الكبير الذي سماه " الوصول إلى معرفة الأصول " فذكر فيه أقوال الصحابة والتابعين وتابعيهم وأقوال مالك وأئمة أصحابه , ما إذا وقف عليه الواقفُ علمَ حقيقة مذهب السلف , وقال في هذا الكتاب: أجمع أهل السنة على أن الله تعالى على عرشه على الحقيقة لا على المجاز.
القول الثالث عشر: قال الإمام أبو عمر بن عبدالبر في كتاب التمهيد في شرح حديث النزول " وفيه دليلٌ على أن الله تعالى في السماء على العرش فوق سبع سموات , كما قالت الجماعة وقرر ذلك " , إلى أن قال " وأهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة في القرآن والسنة , والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز , إلا أنهم لا يُكيفون شيئاً من ذلك , ولا يُحدُّون فيه صفة مخصوصة , وأما أهل البدع الجمهية والمعتزلة والخوارج , فكلهم يُنكروها ولا يحمل شيئاً منها على الحقيقة , ويزعمون أن من أقر بها مشبهٌ , وهم عند من أقر بها نافون للمعبود.
وقال أبو عبدالله القرطبي في تفسيره المشهور في قوله (الرحمن على العرش استوى): هذه المسألة للفقهاء فيها كلام , ثم ذكر أقوال المتكلمين , ثم قال: وقد كان السلف الأول لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك , بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى كما نطق به في كتابه , وأخبرت به رسلُه , ولم يًنكر أحدٌ من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة , وإنما جهلوا كيفية الاستواء , كما قال مالك: الاستواء معلوم والكيف مجهول.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/125)
الوجه الرابع عشر: أن الجهمية لما قالوا إن الاستواء مجازٌ صرح أهل السنة بأنه مستوٍ بذاته على عرشه , وأكثرُ من صرح بذلك أئمة المالكية , فصرح به الإمام أبو محمد بن أبي زيد في ثلاثة مواضع من كتبه , وأشهرها الرسالة , وفي كتاب جامع النوادر , وفي كتاب الآداب , فمن أراد الوقوف على ذلك فهذه كتبه , وصرح بذلك القاضي عبدالوهاب , وقال: إنه استوى بالذات على العرش , وصرح به القاضي أبوبكر الباقلاني وكان مالكيا , حكاه عنه القاضي عبدالوهاب نصا , وصرح به أبو عبدالله القرطبي في كتاب شرح أسماء الله الحسنى , فقال: ذكر أبو محمد الحضرمي من قول الطبري يعني محمد بن جرير وأبي محمد بن أبي زيد وجماعة من شيوخ الفقه والحديث , وهو ظاهر كتاب القاضي عن القاضي أبي بكر نصا , وهو أنه سبحانه مستوٍ على عرشه بذاته , وأطلقوا في بعض الأماكن فوق خلقه.
قال: وهذا قول القاضي أبي بكر في تمهيد الأوائل له , وهو قول أبي عمر بن عبدالبر , والطلمنكي وغيرهما من الأندلسيين , وقول الخطابي في شعار الدين.
وقال أبوبكر محمد بن موهب المالكي في شرح شرالة ابن أبي زيد: قوله إنه فوق عرشه المجيد بذاته , معنى (فوق) و (على) عند جميع العرب واحد , وفي كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تصديق ذلك , ثم ذكر النصوص من الكتاب والسنة واحنج بحديث الجارية وقول النبي صلى الله عليه وسلم لها (أين الله؟) وقولها (في السماء) وحكمه بإيمانها , وذكر حديث الإسراء , ثم قال: وهذا قول مالك فيما فهمه عن جماعة ممن أدرك من التابعين , فيما فهموا من الصحابة فيما فهموا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم: أن الله في السماء بمعنى فوقها وعليها , قال الشيخ أبو محمد: إنه بذاته فوق عرشه المجيد , فتبين أن علوه على عرشه وفوقه إنما بذاته , إلا أنه بائنٌ مع جميع خلقه بلا كيف , وهو في كل مكان من الأمكنة المخلوقة بعلمه لا بذاته , لا تحويه الأماكن , لأنه أعظم منها , إلى أن قال: وقوله: على العرش استوى , إنما معناه عند أهل السنة على غير معنى الاستيلاء والقهر والغلبة والملك , الذي ظنت المعتزلة ومن قال بقولهم أنه معنى الاستواء , وبعضهم إنه على المجاز لا على الحقيقة , قال: ويُبين سوء تأويلهم في استوائه على عرشه على غير ما تأولوه من الاستيلاء وغيره , ما قد علمه أهل المعقول أنه لم يزل مستولياً على جميع مخلوقاته بعد اختراعه لها , وكان العرشُ وغيره في ذلك سواء , فلا معنى لتأويلهم بإفراد العرش بالاستواء الذي هو في تأويلهم الفاسد استيلاءٌ وملكٌ وقهرٌ وغلبةٌ , قال: وذلك أيضاً يبين أنه على الحقيقة بقوله (ومن أصدق من الله قيلا) فلما رأى المصنفون إفراد ذكره بالاستواء غير الاستيلاء , فأقروا بوصفه بالاستواء على عرشه وأنه على الحقيقة لا على المجاز , لأنه الصادقُ في قيله , ووقفوا عن تكييف ذلك وتمثيله , إذ ليس كمثله شيء , هذا لفظه في شرحه.
الوجه الخامس عشر: أن الأشعري حكى إجماع أهل السنة على بُطلان تفسير الاستواء بالاستيلاء , ونحن نذكر لفظه بعينه الذي حكاه عنه أبو القاسم بن عساكر في كتاب تبيين كذب المفتري , وحكاه قبله أبو بكر بن فوْرك وهو موجود في كتبه , قال في كتاب الإبانة وهي آخر كتبه قال:
(باب ذكر الاستواء) إن قال قائلٌ: ما تقولون في الاستواء , قيل: نقول له: إن الله تعالى مستوٍ على عرشه , كمال قال تعالى (الرحمن على العرش استوى) , وساق الأدلةَ على ذلك , ثم قال: وقال قائلون من المعتزلة والجهمية والحرورية: إن معني قوله (الرحمن العرش استوى) أنه استولى ملكَ وقهر , وجحدوا أن يكون الله على عرشه كما قال أهلُ الحق , وذهبوا في الاستواء إلى القدرة , ولو كان هذا كما قالوا كان لا فرق بين العرش والأرض السابعة السفلى , لأن الله تعالى قادرٌ على كل شيء والأرض والسموات وكل شيء في العالم , فلو كان الله مستوياً على العرش. بمعنى الاستيلاء والقدرة لكان مستوياً على الأرض والحشوش والأنتان والأقدار , لأنه قادرٌ على الأشياء كلها , ولم نجد أحداً من المسلمين يقول إن الله مستوٍ على الحشوش والأخلية , فلا يجوزُ أن يكون معنى الاستواء على العرش على معنى هو عام في الأشياء كلها , ووجبَ أن يكون معنى الاستواء يختص بالعرش دون سائر الأشياء , وهكذا قال
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/126)
في كتابه الموجز وغيره من كتبه).
وإلى اللقاء مع بقية الشرح إن شاء الله تعالى
ـ[العوضي]ــــــــ[29 - 06 - 04, 07:34 م]ـ
الفائدة العاشرة
التأليف في العقيدة على منهج السلف:
المؤلفاتُ في العقيدة على منهج السلف كثيرةٌ جدا , منها مؤلفات مستقلة , ومنها مؤلفات تشتملُ على العقائد وغيرها. أما الكتب المشتملة على العقائد وغيرها فمثل صحيح البخاري فإنه يشتمل على سبعة وتسعين كتاباً , أولها كتاب الإيمان , وآخرها كتاب التوحيد , وبينهما كتبٌ أخرى , مثل كتاب القدر وكتاب الأنبياء وكتاب الاعتصام بالكتاب والسنة , ومثل صحيح مسلم ففيه كتاب الإيمان , وهو أول الكتب , وكتاب القدر وغير ذلك , وكذا كتاب السنن الأربعة وغيرها , تشتمل على كتب العقيدة بعضها باسم الإيمان , وبعضها باسم السنة مثل كتاب السنة في سنن أبي داود.
وأما المؤلفات المستقلة في العقيدة فتنقسم إلى قسمين:
مؤلفات على طريقة المتقدمين , ومؤلفات على طريقة المتأخرين.
أما المؤلفات التي على طريقة المتقدمين , فهي تعني غالباً بإيراد الأحاديث والآثار مسندة , وفيها أسماء يدخل تحتها عدة مسميات , كالإيمان , والسنة , والرد على الجهمية , فمن المؤلفات باسم الإيمان: الإيمان لأبي بكر بن أبي شيبة , ولأبي القاسم بن سلام , ولابن أبي عمر العدني , ولابن منده , وغيرها.
ومن المؤلفات باسم السنة: السنة لمحمد بن نصر المرروزي , ولابن أبي عاصم , ولعبدالله بن الإمام أحمد , وللاّلكائي , وللخلال , ولابن شاهين , وأصول السنة لابن أبي زمنين , وشرح السنة للمزني وللبربهاري , والمختار في أًصول السنة لابن البنا.
ومن المؤلفات بسام الرد على الجهمية: الردّ على الجهمية للإمام أحمد , ولعثمان بن سعيد الدارمي , ولابن منده.
وهناك مؤلفات أخرى , كالتوحيد لابن خزيمة , والتوحيد لابن منده , والشريعة للآجري , والحُجة في بيان المحجّة لإسماعيل الأصبهاني , وعقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني , وخلق أفعال العباد للبخاري , والعرش لابن أبي شيبة , والقدر للفرياني , والعظمة لأبي الشيخ , والرؤية والنزول والصفات كلها للدارقطني , وتعظيم قدر الصلاة لمحمد بن نصر المروزي , والبعث والنشور لأبي داود , وصفة الجنة والإمامة والرد على الرافضة كلاهما لأبي نعيم , وذم الكلام وأهله للهروي , والإبانة الكبرى لابن بطة.
وللمتقدمين والمتأخرين مؤلفات تشتمل على مسائل العقيدة باختصار من دون أسانيد , ككتاب السنة لأحمد , وعقيدة أهل السنة والجماعة للطحاوي , ومقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني , وصريح السنة لابن جرير الطبري , واعتقاد أهل السنة لأبي بكر الإسماعيلي , والإبانة الصغرى لابن بطة , والإبانة لأبي الحسن الأشعري , وعقيدة الحافظ عبدالغني , ولمعة والعلو كلاهما لابن قدامة , والعقيدة الواسطية والتدمرية والحموية كلها لابن تيمية.
وأما المؤلفات على طريقة المتأخرين , فهي تُعنى بإيراد الآيات والأحاديث والآثار والرد على المخالفين في كل موضوع على حده.
وعند ذكر الأحاديث والآثار يعزونها إلى كتب المؤلفين المتقدمين المسندة , فيُقال: رواه البخاري ومسلم وأبو داود , دون أن يذكروا شيئاً من الأسانيد , مثل الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار ليحيى العمراني , وشرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي , ومنهاج السنة ودرء تعارض العقل والنقل والإيمان كلها لابن تيمية , والعلو للذهبي , واجتماع الجيوش الإسلامية وحادي الأرواح إلى بلاد الأفراح والصواعق المرسلة علىالجهمية والمعطلة كلها لابن القيم , ومختصر الواعق المرسلة لمحمد بن الموصلي , وكتاب التوحيد للشيخ محمد عبدالوهاب , وشرحه تيسير العزيز الحميد لحفيده سليمان بن عبدالله , وشرحه الفتح المجيد لحفيده الشيخ عبدالرحمن بن حسن.
وما ذكرته من الكتب تمثيل وليس استقصاء.
وأما غَمز بعض المبتدعة بعضَ السنة لاشتمالها على أحاديث ضعيفة أو موضوعة فمردودٌ , وذلك أن عادة المحدثين إذا أسندوا الأحاديث فقد أحالوا المشتغلين بالعلم إلى أسانيدها للنظر فيها , وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة 4/ 15 أن عادة المحدثين أنهم يروون جميع ما في الباب لأجل المعرفة بذلك , وإن كان لا يحتج من ذلك إلا ببعضه , وذكر أيضاً أن المحدث يروي ما سمعه كما سمعه والدَّرك على غيرهلا عليه , وأهل العلم ينظرون في ذلك , وفي رجاله وإسناده وقال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان 3/ 75 (أكثرُ المحدثين في الأعصار الماضية من سنة مائتين جرّا إذا ساقوا الحديثَ بإسناده اعتقدوا أنهم برئوا من عهدتنه , والله أعلم).
يتبع إن شاء الله تعالى
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[29 - 06 - 04, 11:06 م]ـ
أنظر ما جاء هنا بتعليقات أخرى:
http://tafsir.org/vb/showthread.php?
s=&threadid=1432&perpage=15&pagenumber=1
ونرجو التتمة
تقديرا
موراني
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/127)
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[29 - 06 - 04, 11:10 م]ـ
عفوا .....
ربما هاهنا:
http://tafsir.org/vb/forumdisplay.php?s=&forumid=13
ـ[العوضي]ــــــــ[30 - 06 - 04, 04:12 م]ـ
نعم تكلم في مسائل عديدة ولكن هذه الفوائدة ذكرها شارح المقدمة.
أما عن كونه متكلما فهذا ليس بصحيح فابن أبي زيد القيرواني عقيده عقيدة أهل السنة , ولا يخالفهم , والله أعلم
ملاحطة: فقد عقبت على كلامك حسب فهمي لكلامك في الرابط , وإن كنت قد أخطأت فأرجوا أن تبين لي أكثر
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[30 - 06 - 04, 06:17 م]ـ
لم أقول ان ابن أبي زيد كان متكلما ,
جاء سوء التفاهم من هنا:
ويتبين من هذه التفاصيل أن ابن أبي زيد باعتباره فقيها أكثر منه (متكلما) تناول هذه القضايا الحاسمة في رسائل مستقلة وخارج رسالته أيضا.
وحتى هنا وضعت (متكلما) بين قوسين.
أما ما يهمني في هذه الأبحاث فهو يخرج من اطار ذكر العناوين الكثيرة للكتب والرسائل الكثيرة التي لا تدلنا على محتواها الا في القليل النادر بسبب عدم وجود أغلبية هذه الكتب في خزائن المخطوطات.
الاحالات مثل: ألف فلان كتابا في كذا ....
ليس بشيء.
غير أن موقفي هذا يخرج من اطار هذا الرابط , فاعتذر.
موراني
ـ[العوضي]ــــــــ[06 - 07 - 04, 06:39 م]ـ
نصُّ مقدِّمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني
من طبعة الجامعة الإسلامية بالمدينة
باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب أمور الديانات
من ذلك الإيمانُ بالقلب والنُّطقُ أنَّ الله إلهٌ واحدٌ لا إله غيرُه , ولا شبيهَ له , ولا نَظيرَ له , ولا وَلَدَ له , ولا وَالِدَ له , ولا صاحبة له , ولا شريكَ له.
ليس لأَوَّلِيَّتِهِ ابتداءٌ , ولا لآخِريّتِه انقضَاءٌ , لا يَبْلُغُ كُنْهَ صِفَتِهِ الواصفون , ولاَ يُحيطُ بأمرِه المُتَفَكِّرونَ , يَعتَبِرُ المتفَكَّرونَ , بآياته , ولا يَتَفكَّرونَ في مَاهِيَةِ (1) ذاتِه , ولا يُحيطون بشيءٍ من عِلمه إلاَّ بِما شاء وَسِعَ كرْسِيُّه السَّموات والأرض , ولايِؤُوده حفظُهما وهو العليُّ العَظيمُ.
العالِمُ (2) الخبيرُ , المُدَبِّرُ القَديرُ , السَّمِيعُ البصيرُ , العَلِيُّ الكَبيرُ , وَانَّه فوقُ عَرشه المجيد بذاته , وهو في كلِّ مَكان بعِلمه.
خَلَقَ الإنسانَ , ويَعلمُ ما تُوَسْوِسُ به نفسُه , وهو أَقَرَبُ إليهِ من حَبْلِ الوَريدِ , وما تَسْقُطُ إلاَّ يَعلَمُها ولاَ حَبَّةٍ في ظُلُمَات الأرضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلا يابِس إلاَّ في كتاب مُبين.
على العرشِ استْوَى , وعَلى المُلْكِ احْتَوى , وله الأسماء الحُسنى والصِّفاتُ العُلى , لَم يَزَل بِجَميعِ صفاتهِ وأسمائِه , تَعالى أن تكون صفاتُه مَخلوقَةً , وأسماؤُه مُحْدَثَةً.
كلَّ موسى بكلامِه الَّذي هو صفةُ ذاتِه , ولا خلْقٌ مِن خَلقه , وَتَجَلَّى للجَبَل فصار دَكاًّ مِن جلالِه , وأنَّ القرآنَ كلامُ الله , وليس بمخلُوقٍ فَيبِيدُ , ولا صفة لمخلوقٍ فَيَنْفَدُ.
والإيمانُ بالقدَرِ خَيْرِه وشَرِّه , حُلْوِهِ وَمُرِّهِ , وكلُّ ذلك قَد قّدَّرَهُ اللهُ رَبُّنا , ومقاديرُ الأمورِ بيدِه , ومَصدَرُها عن قضائِه.
عَلِمَ كلَّ شيْءٍ قَبل كَونِه , فجَرَى على قَدَرِه , لا يَكون مِن عِباده قَولٌ ولا عَملٌ إلاَّ وقدْ قَضَاهُ وسبق عِلْمُه به , (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).
يُضلُّ مَن يشاء , فيَخْذُلُه بعدْلِه , ويُهدي مَن يَشاء , فَيُوَفِّقُه بفضلِه , فكَلٌّ مُيَسَّرٌ إلى ما سَبَقَ مِن علمه وقَدَؤِه , مِن شقِيٍّ أو سعيدٍ.
تعالَى أن يكونَ في مُلْكِهِ ما لا يُريد , أو يكون لأَحَد عنه غنِىً خالقاً لكلِّ شيءٍ , ألاَ هو (3) رَبُّ العباد ورَبُّ أعمالِهم , والمُقَدِّرُ لِحَركاتِهم وآجالِهم.
الباعثُ الرُّسُل إليهِم لإقَامَةِ الحُجَّةِ عَلَيهم.
ثُمَّ خَتَمَ الرِّسالة والنَّذَارَةَ والنُّبُوَةَ بمحمَّد نَبيَّه صلى الله عليه وسلم (4) فجَعَلَه آخرَ المرْسَلين , بَشِيراً ونَذِيراً , وداعياً إلى الله يإذنِه وسِراجاً منيراً , وأنزَلَ عَليه كتابِه الحَكِيمَ , وشَرَحَ به دينَه القَويمَ , وهّدّى به الصِّرَاطَ المستَقيمَ.
وأنَّ الساَّعة َ آتَية ٌلا رَيْبَ فيها , وأنَّ الله يَبعَثُ مَن يَموتُ , كما بدأهم يعودون.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/128)
وأنَّ الله سبحانه وتعالَى ضاعَفَ لعباده المؤمنين الحسَنات , وصَفَحَ لهم بالتَّوبَة عن كبائرِ السيَّئات , وغَفَرَ لهم الصَّغائِرَ باجْتناب الكبائِر , وجَعَلَ مَن لَم يَتُبْ مِنَ الكبائر صَائراً إلى مَشيئتِه (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ).
ومَن عاقَبَه اللهُ بنارِه أخرجه مِنها بإيمانِه , فأدخَلَه به جَنَّتَه (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) ويُخرِجُ منها بشفاعة النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَن شَفَعَ لَه مِن أهلِ الكبائِر مِن أمَّتِه.
وأنَّ الله سبحانه قد خَلَقَ الجَنَّةَ فأَعَدَّها دارَ خُلُود لأوليائِه , وأكرَمهم فيها بالنَّظر إلّى وَجْهْه الكريم , وهي الَّتِي أَهْبَطَ منها آدَمَ نبِيَّه وخلِيفَتَه إلى أَرضِه , بما (5) سَبَقَ فِي سابِق عِلمِه.
وخَلَقَ النَّارَ فأعَدَّها دَارَ خُلُود لِمَن كَفَرَ به وألْحد في آياتِه وكتُبه ورُسُلِه , وجَعَلَهم مَحجُوبِين عن رُؤيَتِه.
وأنَّ الله تبارك وتعالى يَجيءُ يَومَ القيامَةِ وَالمَلَكُ صَفاًّ صَفاًّ , لِعَرْضِ الأُمَمِ وَحِسَابِهَا وثَوابِها , وتُوضَعُ الموازِين لَوَزْنِ أَعْمَالِ العِبَادِ , فمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأولئك هم المُفلِحون , ويُؤْتَوْنَ صَحائِفهم بأعمَالِهم , فمَن أُوتِي كتابَه بيمينه فسوف يُحاسَبُ حِساباً يَسيراً , ومَن أُوتِي كتابَه ورَاء ظَهْرِه فأولئِك يَصْلَوْنَ سَعيراً.
وأنَّّ الصَّرَاطَ حَقًّ , يَجُوزُه العبادُ بِقَدْرِ أعمالِهم , فناجُون مُتفاوِتُون في سُرعَة النَّجاةِ عليه مِن نار جَهَنَّم , وقَوْمٌ أَوْبَقَتْهُمْ فيها أعمالُهم.
والإيمانُ بِحَوْضِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم , تَرِدُهُ أمَّتُهُ لاَ يَظْمَأُ مَ شَرب مِنه , ويُذَادُ عنه مَنْ بَدَّلَ وغَيَّرَ.
وأنَّ الإيمانَ قَولٌ باللّسانِ , وإخلاَصٌ بالقلب , وعَمَلٌ بالجوارِح , يَزيد بزيادَة الأعمالِ , ويَنقُصُ بنَقْصِها (6) , فيكون فيها النَّقصُ وبها الزِّيادَة , ولا يَكْمُلُ قَولُ الإيمانِ إلاَّ بالعمل , ولا قَولٌ وعَمَلٌ إلاَّ بنِيَّة (7) , ولا قولٌ وعَمَلٌ وَنِيَّةٌ إلاَّ بمُوافَقَة السُّنَّ.
وأنَّه لا يكفرُ أَحدٌ بذَنب مِنْ أهْل القِبلَة.
وأنَّ الشُّهداءَ أحياءٌ عند ربِّهم يُرْزَقونَ , وأرْواحُ أهْل السَّعادَةِ باقِيةٌ ناعِمةٌ إلى يوم يُبْعَثون , وأرواحُ أهلِ الشَّقاوَةِ (8) مُعَذَّبَةٌ إلى يَوم الدِّين.
وأنَّ المؤمنِين يُفْتَنُونَ في قُبُورِهم ويُسْأَلُون (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ).
وأنَّ على العباد حَفَظَةً يَكتُبون أعمالَهم , ولا يَسقُطُ شيْءٌ مِن ذلك عَن عِلمِ ربِّهِم , وأنَّ مَلَكَ الموتِ يَقْبِضُ الأرواحَ بإذن ربِّه.
وأنَّ خيْرَ القرون القرنُ الَّذين رَأَوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم , وآمَنوا به , ثمَّ الَّذين يَلُونَهم ثمَّ الَّذين يَلونَهم.
وَأفْضَلُ الصحابة (9) الخُلَفاءُ الرَّاشدون المَهْديُّون , أبو بكر ثمَّ عُمر ثمَّ عُثمان ثمَّ عليٌّ رضي الله عنهم أجمعين.
وأن لاَ يُذكَرَ أَحَدٌ مِن صحابَةِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم إلاَّ بأحْسَن ذِكْرٍ , والإِمساك عمَّا شَجَرَ بَينهم , وأنَّهم أحَقُّ النَّاس أن يُلْتَمَسَ لَهم أَحَسَن المخارج , ويُظَنَّ بهم أحْسن المذاهب.
والطَّاعة لأئمَّة المسلمين مِن وُلاَة أمورِهم (10) وعُلمائهم , اتِّباعُ السَّلَفِ الصَّالِح واقتفاءُ آثارِهم , والاستغفارُ لهم , وتَركُ المراءِ والجِدَالِ في الدِّين , وتَركُ ما أَحْدَثَهُ المُحْدِثُونَ.
وصلَّى الله على سيِّدنا محمَّد] نبيِّه [(11) وعلى آله وأزواجهِ وذريته , وسلَّّم تَسليماً كثيراً.
ـــــــــــــــــــــ
1) في نسخة (مائية)
2) في نسخة (العليم)
3) في نسخة (إلا هو)
4) في نسخة (محمد صلى الله عليه وسلم)
5) في نسخة (لِما)
6) في نسخة (بنقص الأعمال)
7) في نسخة (وأنه لا قول ولا عمل إلا بنية)
8) في نسخة (الشقاء)
9) في نسخة (أصحابه)
10) في نسخة (أمرهم)
11) ما بين المعقوفين زيادة في نسخة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/129)
ـ[العوضي]ــــــــ[14 - 08 - 04, 11:25 م]ـ
[] نظم مقدِّمة الرِّسالة
للشيخ أحمد بن مشرَّف الأحسائي المالكي المتوفى سنة 1285 هـ
نقلاً من ديوانه ص17
الحمدُ لله حمداً ليس مُنحصرا ... على أياديه ما يخفى وما ظهرَا
ثم الصلاةُ وتسليمُ المهمينِ ما ... هبَّ الصبَّا فأدرَّ العارضَ المَطرَا
على الذي شاد بنيانَ الهُدى فسَما ... وساد كلَّ الَورَى فخراً وما افتخرَا
نبيِّنا أحمد الهادي وعَتْرته ... وصحبِه كلِّ مَن آوى ومن نصرَا
بعدُ فالعلمُ لم يظفر به أحدٌ ... إلاَّ سَمَا وبأسباب العُلى ظفرَا
لا سيما أصل علم الدِّين إنّ َ به ... سعادةَ العبد والمنْجَى إذا حُشرَا
باب ما تعتقدُه القلوب وتنطق به الألسن من واجب أمور الديانات
وأولُ الفرض إيمانُ الفؤاد كذا ... نُطقُ اللِّسانِ بما في الذِّكر قد سُطرَا
أنَّ الإلهَ إلهٌ واحدٌ صَمد ... فلا إله سوى مَن للأنام برَا
ربُّ السموات والأرضين ليس لنا ... ربٌّ سواه تعالى مَن لنا فطرَا
وأنهُ موجدُ الأشياء أجمعها ... بلا شريك ولا عَونْ ولا وُزرَا
وهو المُنزه عن ولد وصاحبة ... ووالد وعن الأشباه والنُّظرَا
لا يبلغن كُنْه وصفة الله واصفُه ... ولا يحيط به علماً مَن افتكرَا
وأنَّه أوَّل باق فليس له ... بدءٌ ولا منتهى سبحان من قدرَا
حيٌّ عليم ٌ قديرٌ والكلام له ... فرد ٌ سميعٌ بصيرٌ ما أراد جرَى
وأنَّ كرسيَّه قد وسعَا ... كلَّ السموات والأرضين إذ كبرَا
ولم يزل فوق ذاك العرش خالقُنا ... بذاته فاسأل الوحيين والفطرَا
إنَّ العلوَّ به الأخبارُ قد وردتْ ... عن الرَّسول فتابِع مَن رَوى وقرَا
فالله حق على المُلك احتوى وعلى الـ ... ـعرش استوى وعن التكييف كُن حَذِرَا
والله بالعلمِ في كلِّ الأماكن لا ... يخفاه شيءٌ سميعٌ شاهدٌ ويرَى
وأنَّ أوصافَه ليست بمُحدَثة ... كذاك أسماؤه الحُسنى لِمَن ذكرَا
وأن تنْزيلَه القرآنَ أجمعَه ... كلامُه غيرُ خلق أعجز البشرَا
وحْيٌ تكلَّم مولانا القديمُ به ... ولم يزل من صفات الله مُعْتبرَا
يُتلَى ويُحمل حفظاً في الصدور كما ... بالحظِّ يُثبِتُه في الصُّحف مَن زَبَرَا
وأن موسى كليمُ الله كلَّمه ... إلههُ فوق ذاك الطور إذ حضرَا
فالله أسمعه مِن غير واسطة ... من وصفه كلمات تحتوي عِبرَا
حتى إذا هام سُكراً في محبَّته ... قال الكليم: إلَهي أسأل النَّظرَا
إليك. قال له الرحمن موعظة ... أنَّي ترانِي ونوري يُدهشُ البصرَا
فانظر إلى الطور إن يثبت مكانته ... إذا رأى بعضَ أنواري فسوف ترَى
حتى إذا تَجلى ذو الجلال له ... تصدَّع الطورُ من خَوف وما اصطبرَا
فصل في الإيمان بالقدر خيره وشرِّه
وبالقضاء و بالأقدار أجمعها ... إيمانُنا واجبٌ شرعاً كما ذكرَا
فكلُّ شيء قضاه الله من أزَل ... طرًّا وفي لوحه المحفوظ قد سطرَا
وكلُّ ما كان من همٍّ و من فَرح ... ومن ضلال و من شكران مَن شكرَا
فإنَّه من قضاء الله قدَّره ... فلا تكن أنت مِمَّن ينكر القدرَا
والله خالقُ أفعال العباد و ما ... يجري عليهم فعن أمر الإلَه جرَا
ففي يديه مقادير الأمور و عن ... قضائه كلُّ شيء في الورى صدرَا
فمَن هَدى فبمحض الفضل وفَّقه ... و من أضلَّ بعدل منه قد كفرَا
فليس في مُلكه شيءٌ يكون سوى ... ما شاءه الله نفعاً كان أو ضررَا
فضلٌ في عذاب القبر وفتنته
و ل م تَمُت قطُّ من نفس وما قُتلت ... من قبل إكمالها الرِّزق الذي قُدرَا
وكلُّ روح رسولُ الموت يقبضُها ... بإذن مولاه إذ تستكمل العُمُرَا
وكلُّ من مات مسئولٌ ومفتتنٌ ... من حين يوضعُ مقبرواً ليُختبرَا
و أنَّ أرواحَ أصحاب السعادة في ... جنَّات عدن كطير يعلق الشَّجَرَا
لكنَّما الشُّهَدا أحيا و أنفسهم ... في جوف طير حسان تُعجب النَّظَرَا
وأنَّها في جنان الخلد سارحةٌ ... من كلِّ ما تشتهي تجني بها الثَّمرَا
وأنَّ أرواح من يشقى معذَّبةٌ ... حتَّى تكون مع الجُثمان في سَقَرَا
وأنَّ نفخةَ إسرافيلَ ثانية ... في الصُّور حقٌّ فيحيى كلُّ مَن قُبرَا
كما بدا خلقهم ربِّي يُعيدُهم ... سبحان من أنشأ الأرواحُ و الصُّوَرَا
حتى إذا ما دعا للجمع صارخُه ... و كلُّ ميْت من الأموات قد نُشرَا
قال الإلَه: قِفوهم للسؤال لكي ... يقتصَّ مظلُومُهم مِمَّن له قَهَرَا
فيوقَفون ألوفاً من سنينهمُ ... والشمسُ دانيةٌ والرَّشْحُ قد كثُرَا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/130)
وجاء ربُّك و الأملاكُ قاطبة ... لهم صفوفٌ أحاطت بالورى زُمرَا
وجيء يومئذ بالنار تسحبُها ... خزانها فأهالت كلَّ مَن نظرَا
لها زفيرٌ شديدٌ من تغيظها ... على العُصاة وترمي نحوهم شرَرَا
ويرسل الله صُحف الخلق حاويةً ... أعمالَهم كلَّ شيء جلَّ أو صغُرَا
فمَن تلقَّته باليمنى صحيفتُه ... فهْو السَّعيد الذي بالفوز قد ظفرَا
ومن يكن باليد اليسرى تناوُلها ... دعا ثُبوراً وللنيران قد حُشرَا
ووزنُ أعمالهم حقٌّ فإن ثقلت ... بالخير فاز وإن خفَّت فقد خسرَا
وأنَّ بالمثل تُجزى السيَّئات كما ... يكون في الحسنات الضِّعف قد وفرَا
وكلُّ ذنب سوى الإشراكِ يغفرُه ... ربِّي لِمَن شا وليس الشركُ مُغتفرَا
وجنَّة الخُلد لا تفنى وساكنُها ... مخَّلدٌ ليس يخشى الموتَ والكبرَا
أعدهَّا اللهُ داراً للخلود لِمَن ... يخشى الإلَهَ وللنَّعماء شمسَ الظهر والقمرَا
كذلك النارُ لا تفنى وساكنُها ... أعدهَّا الله مولانا لمَن كفرَا
ولا يخلد مَن يوَحِّدُه ... ولو بسفك دم المعصوم قد فَجَرَا
وكم يُنجي إلَهي بالشفاعة مِنْ ... خير البريِّة من عاص بِها سجرًا
[ SIZE=3] فصل في الإيمان بالحوض
وأنَّ للمصطفى حوضاً مسافتُه ... ما بين صَنْعَا وبُصرَى هكذا ذكرَا
أحلَى من العصل الصافي مذاقتُه ... وأنَّ كِيزَانَه مثلُ النجوم تُرَى
ولم يَرِدْه سوى أتباع سُنَّته ... سيماهم: أن يُرى التَّحجيل والغُرَرَا
وكم يُنحَّى ويُنفَى كلُّ مبتدع ... عن وِرْدِه ورجالٌ أحدثوا الغيرَا
وأن جسراً على النِّيران يَعبُرُه ... بسرعة مَن لمنهاجِ الهُدى عبَرَا
وأنَّ إيْمَانَنا شرعاً حقيقتُه ... قصدٌ وقولٌ وفعلٌ للذي أمرَا
وأنَّ معصيةَ الرحْمن تُنقصُه ... كما يزيد بطاعات الذي شَكَرَا
وأنَّ طاعةَ أولي الأمر واجبةٌ ... من الهُداة نجوم العلم والأُمرَا
إلاَّ إذا أمروا يوماً بمعصية ... من المعاصي فيُلغى أمرهم هَدَرَا
وأنَّ أفضلَ قرن للَّذين رأوا ... نبيَّنا وبهم دينُ الهُدى نُصرَا
أعِني الصحابةَ رُهبانٌ بليلهمُ ... وفي النهار لدى الهّيْجَا لُيوث شَرَى
وخيرُهم مَن ولِي منهم خلافته ... والسَّبق في الفضل للصِّدِّيق معْ عُمَرَا
والتابعون بإحسان لهم وكذا ... أتباع أتباعهم مِمَّن قفى الأثَرَا
وواجبٌ ذِكرُ كلّ من صحابته ... بالخير والكفُّ عمَّا بينهم شَجَرَا
فلا تخُض في حروب بينهم وقعت ... عن اجتهاد وكنْ إن خُضتَ معتذِرَا
والاقتداءُ بهم في الدِّين مفتَرَضٌ ** فاقَتد بهم واتَّبع الآثار والسُّوَرَا
وتركُ ما أحدثه المُحدِثون فكم ... ضلالة تبعت والدِّين قد هُجِرَا
إنْ الهُدى ما هدى الهادي إليه وما ... به الكتاب كتاب الله قد أمَرَا
فلا مراء وما في الدِّين من جدلِ ... وهل يُجادل إلاَّ كلُّ مَن كفرَِا
فهاك في مذهب الأسلاف قافيةً ... نظماً بديعاً وجيزَ اللَّفظ مختصرًا
يحوي مهمّات باب في العقيدة من ... رسالة ابن أبي زيد الذي اشتهرَا
والحمد لله مولانا ونسأله ... غفران ما قلَّ من ذنب وما كثرَا
ثمَّ الصلاةُ على مَن عمَّ بعثته ... فأنذر الثَّقلين الجنّ والبَشَرَا
ودينُه نَسَخ الأديانَ أجمَعَها ... وليس يُنْسَخُ ما دام الصَّفَا وحرَا
محمد خير كلِّ العالَمين ... ختم النبيِّين والرُّسل الكرام جَرَا
وليس من بعده يوحَى إلى أحد ... ومن أجاز فحَلَّ قتلُه هَدَرَا
والآلُ والصَّحبُ ما ناحت على فنَن ... وَرْقَا ومَا غرَّدت قُمْريّة سَحَرَا
ـ[العوضي]ــــــــ[14 - 08 - 04, 11:27 م]ـ
1 - قوله (باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب أمور الديانات
من ذلك الإيمانُ بالقلب والنُّطقُ أنَّ الله إلهٌ واحدٌ لا إله غيرُه , ولا شبيهَ له , ولا نَظيرَ له , ولا وَلَدَ له , ولا وَالِدَ له , ولا صاحبة له , ولا شريكَ له)
عقد ابنُ أبي زيد القيرواني رحمه الله , هذا البابَ في مقدمة رسالته بالفقه , لأنه لَم يجعل التأليف في العقيدة مستقلاًّ , بل أتي به تحت هذا الباب في مقدمة رسالته , فصارت رسالتُه في الفقه , جمعت بين الفقهين: الفقه الأكبر , وهو ما يتعلق بالعقيدة التي لا مجال فيها للاجتهاد , وفقه الفروع , الذي فيه مجال للاجتهاد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/131)
وما ذكره من التنصيص على قول اللِّسان واعتقاد القلب بين يدي هذه العقيدة , لأن ما يعتقدُ مطلوبٌ فيه أن يكون في القلب , وأن يكون على اللِّّسان , ولا يقال: إنه لم يذكر الأعمال , فيُشابه مرجئة الفقهاء , لأنه قد ذكر في المقدمة أن الإيمان يكون بالقلب واللسان والعمل.
وكلامُ ابن أبي زيد رحمه الله , هذا مشتملٌ على إثبات ألوهية الله وحده , وعلى النفي لأمور سبعة: نفيُ الإلهية عن غيره , ونفي التشبيه , ونفي النظير , ونفي الولد , ونفي الصاحبة , ونفيُ الشريك.
فقوله (أن الله واحدٌ لا إله غيره) مأخوذ من قوله تعالى (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ) وهو مشتملٌ على بيان أن الله وحدَه هو الإلهُ الحق الذي يجب أن تُفرد له العبادة وأن لا يكون لغيره نصيبٌ منها , ولهذا الأمر العظيم أرسل اللهُ الرسل وأنرل الكتب , كما قال الله عز وجل (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) , وقال (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) , وقال (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) , فالله خلق الخلق , وأرسل الرسل , وأنزل الكتب لأمرهم بعبادته وحده , وترك عبادة غيره , وهذا النوع من التوحيد – وهو توحيد الألوهية , وهو إفراد الله بالعبادة – هو أحدُ أنواع التوحيد الثلاثة , التي هي توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات.
فتوحيد الألوهية: توحيد الله بأفعال العبد , كالدعاء والاستغاثة والاستعاذة والذبح والنذر , وغيرها من أنواع العبادة , كلها يجب على العباد أن يخصوا الله تعالى بها , وأن لا يجعلوا له فيها شريكاً.
وتوحيد الربوبية: هو توحيد الله بأفعاله , كالخلق والرزق والإحياء والإماتة والتصرف في الكون , وغير ذلك من أفعال الله التي هومختصٌّ بها , لا شريك له فيها.
وتوحيد الأسماء والصفات: هو إثباتُ ما أثبته الله لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الاسماء والصفات على وجه يليق بكمال الله وجلاله , من غير تمثيل أو تكييف , ومن غير تحريف أو تعطيل.
وهذا التقسيم لأنواع التوحيد عرف بالاستقراء من نصوص الكتاب والسنة , ويتضح ذلك بأول سورة في القرآن وآخر سورة , فإن كلا منهما مشتملةٌ على أنواع التوحيد الثلاثة.
فأما سورة الفاتحة فإن الآية الأولى فيها , وهي (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) مشتملةٌ على هذه الأنواع , فإن (الْحَمْدُ لِلَّهِ) فيها توحيد الألوهية , لأن إضافة الحمد إليه من العباد عبادة , وفي قوله (رَبِّ الْعَالَمِينَ) إثبات توحيد الربوبية , وهو كون الله عز وجل رب العالمين , والعالَمون , هم كل من سوى الله , فإنه ليس في الوجود إلا خالق ومخلوق , والله الخالق , وكل من سواه مخلوق , ومن أسماء الله الرب.
وقوله (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) مشتمل على توحيد الأسماء والصفات , والرحمن الرحيم اسمان من أسماء الله يدُلان على صفة من صفات الله , وهي الرحمة , و أسماءُ الله كلها مشتقةٌ , وليس فيها اسم جامد , وكل اسم من الأسماء يدل على صفة من صفاته.
و (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) فيه إثبات توحيد الربوبية , وهو سبحانه مالك الدنيا والآخرة , وإنما خصَّ يوم الدين بأن الله مالكُه , لأن ذلك اليوم يخضعُ فيه الجميع لرب العالمين , بخلاف الدنيا , فإنه وُجد فيها من عتا وتَجبر , وقال (فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى)
وقوله (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) فيه إثباتُ توحيد الألوهية , وتقديم المفعول وهو (إِيَّاكَ) يُفيد الحصرَ , والمعنى: نخصكَ بالعبادة والاستعانة , ولا نشرك معك أحداً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/132)
وقوله (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ) فيه إثبات الألوهية , فإنَّ طلبَ الهداية من الله دعاءٌ , وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الدعاءُ العبادة) فيسأل العبدُ ربَّه في هذا الدعاء أن يَهديه المستقيم الذي سلكه النبيون والصدِّيقون والشهداء والصحون , هم أهل التوحيد ويسأله أن يُجنبه طريق المغضوب عليهم والضالين , الذين لم يحصل منهم التوحيد , بل حصل منهم الشرك بالله وعبادةُ غيره معه.
وأما سورة الناس فقوله تعالى (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) فيه إثباتُ أنواع التوحيد الثلاثة , فإن الاستعاذة بالله من توحيد الألوهية.
و (بِرَبِّ النَّاسِ) فيه إثبات الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات , وهو مثل قول الله عز وجل في الأول الفاتحة (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
وقوله (مَلِكِ النَّاسِ) فيه إثبات الربوبية والأسماء والصفات.
و (إِلَهِ النَّاسِ) فيه إثبات الألوهية والأسماء والصفات.
والنسبة بين أنواع التوحيد الثلاث هذه أن يقال (إن توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات مستلزمان لتوحيد الألوهية , وتوحيد الألوهية متضمن لهما) والمعنى أن من أقر بالألوهية فإنه يكون مقرا بتوحيد الربوبية وبتوحيد الأسماء والصفات , لأن مَن أقر بأن الله هو المعبود وحده فخصَّه بالعبادة ولم يجعل له شريكاً فيها , لا يكون منكراً بأن الله هو الخالق الرازق المُحيي المميتُ , وأن له الأسماء والصفات العُلى.
وأما من أقر بتوحيد الألوهية , وقد أقر الكفار الذين بُعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوحيد الربوبية , فلم يُدخلهم هذا الإقرار في الإٍسلام , بل قاتلهم حتى يعبدوا الله وحده لا شريك له , ولهذا يأتي كثيراً في القرآن تقريرُ توحيد الربوبية الذي أقر به الكفار , لإلزامهم بتوحيد الألوهية , ومن أمثلة ذلك قول الله عز وجل (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ * أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ * أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ * أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّنْ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)
ففي كل آية من هذه الآيات تقريرُ توحيد الربوبية للإلزام بتوحيد الألوهية , فيقول في كل آية من هذه الآيات الخمس عقب تقرير توحيد الربوبية (أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ) والمعنى أن مَن تفرد بهذه الأفعال التي هي من أفعال الله وحده , يجبُ أن يُخص بالعبادة وحده , لأن مَن اختص بالخلق والإيجاد وغيرها من أفعال الله يجب أن يُخص بالعبادة وحده , وكيف يُعقل أن تكون المخلوقات التي كانت عدماً , وقد أوجدها الله , كيف يُعقل أن يكون لها نصيب من العبادة وهي مخلوقةٌ لله؟!.
ثم إنه لا بد لقبول العبادة والعمل الصالح من توفر شرطين:
أحدهما: أن يكون العمل لله خالصاً , والثاني: أن يكون لسُنة نبيه صلى الله عليه وسلم موافقاً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/133)
فلا بد من تجريد الإخلاص لله وحده , ولا بد من تجريد المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم فلو وُجد العمل مبنيا على سُنة وفُقد شرط الإخلاص لم يُقبل , لقول الله عز وجل (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً) , ولو وُجد العملُ خالصاً لله لكنه لم يُبنَ على سُنة , بل بُني على البدع والمحدثات فإنه مردودٌ على صاحبه , لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وفي لفظ لمسلم (من عملا عملاً ليس عليه أمرٌنا فهو رد) أي: مردود عليه غير مقبول منه.
ولا يُقال: إن العمل إذا كان خالصاً لله , ولم يكن مبنياًّ على سُنته , وكان قصدُ صاحبه حسناً أنه محمود ونافعٌ لصاحبه , ومِما يدل على ذلك أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قال للصحابي الذي ذبح أُضحيته قبل صلاة العيد (شاتُك شاةُ لحم) , فلم يعتبرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أُضحية , لأنها ذُبحت قبل ابتداء وقت الذبح الذي يبدأ بعد صلاة العيد , والحديث أخرجه البخاري (5666) ومسلم (1961) وقد قال الحافظ في شرحه في الفتح 10/ 17 (قال الشيخ أبو محمد بن أبي حمزة: وفيه أن العمل وإن وافق نية حسنةً لم يصح , إلا إذا وقع على وفق الشرع).
وفي سنن الدارمي 1/ 68 - 69: أن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه وقف على أناس في المسجد مُتحلقين وبأيديهم حصى ’ يقول أحدهم (كبروا مائة , فيُكبرون مائة , فيقول: هللوا مائة , فيُهللون مائة, فيقول: سبحوا مائة , فيُسبحون مائة , فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبدالرحمن! حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح , قال: فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيعَ من حسناتكم شيءٌ , ويْحكم يا أمى محمد! ما أسرع هلكتكم! هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم , متوافرون وهذه ثيابُه لن تَبلَ , وآنيته لم تُكسر , والذي نفسي بيده إنكم لعلى مِلةٍ هي أهدى من مِلة محمد صلى الله عليه وسلم , أو مفتتحو باب ضلالة؟! قالوا: والله يا أبا عبدالرحمن! ما أردنا إلا الخير , قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه). وهذا الأثر أورد الألباني في السلسلة الصحيحة رقم (2005).
وقل ابن أبي زيد رحمه الله (أن الله إلا واحد لا إله غيره) هو معنى كلمة الإخلاص (لا إله إلا الله) وهي مشتملةٌ على نفي عام وإثبات خاص فالنفي العام نفي العبادة عن كل مَن سوى الله , والإثبات الخاص إثباتها لله وحده , و (لا) نافيةٌ للجنس , وخبرها محذوفٌ تقديرُه: حقٌّ , والمقصود نفيُ وجود إله بحق سوى الله , وإلا فإن الآلهة بالباطل موجودةٌ وكثيرةٌ , وقد ذكر الله عن الكفار أنهم قالوا (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ).
والجملة الأولى من جُمل النفي السبع في كلام ابن أبي زيد (لا إله غيره) تأكيد لقوله (أن الله إلهٌ واحد) وختمها بقوله (ولا شريك له) , لبيان أن العبادة يجب أن تكون خالصة لله , وألا يكون له شريك في أي نوع من أنواع العبادة , والله تعالى واحدٌ في ربوبيته , وواحدٌ في ألوهيته , وواحدٌ في إسمائه وصفاته , وفلم يُشاركه أحدٌ في ألوهيته , فهو مستحق للعبادة دون من سواه , ولم يُشاركه أحد في ربوبيته , وفهو سبحانه وحده الخالقُ المدبر ولم يُشاركه أحد في أسمائه وصفاته , لأن المعاني اللائقة بالله لا يُشاركه أحدُ من خلقه فيها.
وقوله (ولا شبيه له ولا نظير) أي: أن اله لا مِثل له ولا يُشبه أحدُ من خلقه , بل هو المتفرد بصفاته , قال الله عز وجل (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) قال ابن كثير رحمه الله (أي ليس كخالق الأزواج كلها شيء , لأنه الفردُ الصمد الذي لا نظير له).
وهذه الآية أصلٌ في عقيدة أهل السنة في الأسماء والصفات , وهي الإثبات مع التنزيه , بخلاف المشبهة , فإن عندهم الإثبات مع التشبيه , وبخلاف المعطلة فإن عندهم التنزيه مع التعطيل , وأهل السنة أثبتوا الصفات , ونزهوها عن مشابهة المخلوقات.
وقوله (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) إثباتٌ لا سْمي السميع البصير , وهما يدلان على إثبات صفتي السمع والبصر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/134)
وقوله (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) يدل على التنزيه , أي: أنه له سمعٌ لا كالأسماع , وبصرٌ لا كالأبصار.
وقال تعالى (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً) قال ابن كثير رحمه الله (قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هل تعلمُ للربِّ مثلاً أو شبيهاً , وكذلك قال مجاهد وسعيد بن جُبير وقتادة وابن جريج وغيرهم).
وقال الله تعالى (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) والكفو هو المثلُ والنظير , قال القرطبي في تفسيره 20/ 246 (لم يكن له شبيهٌ ولا عدل , ليس كمثله شيء).
وكلمة (أَحَدٌ) جاءت في سياق النفي , فتكون عامةً في نفي كلِّ شبيه أو مثيل , وما جاء في تفسير ابن كثير من تفسير هذه الكلمة بالزوجة هو من قبيل التفسير بالمثال , وهذه الجملة من السورة مؤكدةٌ لما تقدم من الجُمل , ولا سيما الجملة الأولى , فهو سبحانه وتعالى أحدٌ , ولا يكون أحدٌ كفواً له.
وقوله (ولا وَلَدَ له , ولا وَالِدَ له , ولا صاحبةَ له) الصاحبةُ هي الزوجة , وقد جاء في القرآن نفي الولد والوالد والصاحبة عن الله عز وجل قال الله عز وجل (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) فنفى عنه الوالد والولد , ونفي عنه كل مثلٍ ونظير , ومنه الزوجة , وفي هذه السورة الكريمة إثباتُ أحديَّيه وصمديته , ونفيُ الأصول والفروع والنظراء عنه , فهو أحدٌ لا كُفء له , وهو صمدٌ لا ولد ولا والد له , والصمدُ هو الذي تصمد إليه الخلائق بحوائجها , وهو الغنيُّ عن كل مَن سواه , المفتقرُ إليه كل من عَداه , فلكمال غناه لا يحتاجُ إلي الوالد والولد , ولكونه واحداً أحداً لا يكون أحدٌ له مثلاً ونظيراً , والوالد جاء نفيهُ في القرآن الكريم في هذه السورة في قوله تعالى (وَلَمْ يُولَدْ) وأما الولد فقد جاء نفيهُ عن الله في آيات كثيرة , وذلك أن اليهود يقولون: عزيرٌ ابن الله , والنصارى يقولون: المسيح ابن الله , والكفار الذين بُعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: الملائكة بنات الله , ومن ذلك قول الله عز وجل في البقرة (وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ) وقال في المؤمنون (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ) وقال في مريم (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً) وغير ذلك من الآيات منها في النساء والأنعام والتوبة ويونس والإسراء والكهف والأنبياء والصافات والزخرف والجن.
وأما الصاحبة فقد جاء نفيُها عن الله عز وجل في القرآن مع نفي الولد عنه في قوله عز وجل (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ ... ) وقوله في الجن (وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً) أي: تعالت عظمته.
وما جاء في كلام ابن أبي زيد - رحمه الله - من نفي الشبيه والنظير والوالد والولد والصاحبة هو نفيٌ على طريقة السلف , وهو نفيٌ متضمنٌ إثبات كمال الله عز وجل , فنفيُ الشبيه والنظير متضمنٌ إثبات كمال أحديته , ونفيُ الوالد والولد والصاحبة متضمن إثبات كمال غناه , وكل ما جاء في القرآن من نفي شيء من الله فإنه يتضمن إثبات كمال ضد ذلك المنفي , مثل قوله ( ... وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً) فإنه دال على إثبات كمال قدرته , وكذا قوله (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ) أي: من تعب , فهو متضمن إثبات كمال قدرته , ومثل قوله (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) وهو دال على إثبات كمال عدله , وقوله (وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) فهو دال على إثبات علمه.
وهذا بخلاف النفي عند أهل الكلام , فإنه لا يدل على كمال , بل يُؤدي إلى تشبيه الله عز وجل بالمعدومات , وكما سبق إيضاح ذلك في الفائدة الثانية.
يتبع
ـ[العوضي]ــــــــ[16 - 08 - 04, 08:31 م]ـ
ليس لأَوَّلِيَّتِهِ ابتداءٌ , ولا لآخِريّتِه انقضَاءٌ
كلام ابن أبي زيد هذا منتزعٌ من قول الله عز وجل (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) وفي هذه الآية إثبات اسم (الأول) لله عز وجل , الذي يدلُّ على أن كل شيء آيلٌ إليه , واسم (الآخر) الدالُّ على بقائه ودوامه وآخريته , وقد جاء تفسير الأسماء في هذه الآية في حديث مشتمل على دعاء وفيه (اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء , وأنتَ الآخر فليس بعدك شيء , وأنت الظاهر فليس فوقك شيء , وأنتَ الباطن فليس دونك شيء , اقْضِ عنَّا الدين وأغننا من الفقر) أخرجه مسلم في صحيحه 2713 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ومعنى قول ابن أبي زيد هذا أن الله لم يسبقه عدم , ولا يلحقه عدم , وأما المخلوقات فلها بداية سبقها عدم , ولها نهاية يلحقها عدم.
وأما ما جاء في نصوص الكتاب والسنة من بقاء الجنة والنار ودوامهما ودوام أهلهما فيهما , فلا يُنافي كونه سبحانه الآخرَ الذي ليس بعده شيء , لأن بقاءه لازم لذاته , بخلاف الجنة والنار ومن فيهما , فإنه مكتسبٌ قد شاءه الله وأراده , ولو لم يشأه لم يحصل ولم يقع , قال ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية ص629 (وبقاء الجنة والنار ليس لذاتهما , بل بإبقاء الله لهما).
وقول ابن أبي زيد (ليس لأَوَّلِيَّتِهِ ابتداءٌ , ولا لآخِريّتِه انقضَاءٌ) أولى من قول الطحاوي في عقيدة أهل السنة والجماعة (قديمٌ بلا ابتداء , دائمٌ بلا انتهاء) لتعبيره بما يُطابق اسْمَي الله: الأول والآخر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/135)
ـ[العوضي]ــــــــ[19 - 08 - 04, 09:57 م]ـ
3 - لا يَبْلُغُ كُنْهَ صِفَتِهِ الواصفون , ولاَ يُحيطُ بأمرِه المُتَفَكِّرونَ , يَعتَبِرُ المتفَكَّرونَ , بآياته , ولا يَتَفكَّرونَ في مَاهِيَةِ ذاتِه
أهل السنة يصفون الله بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم , على ما يليق به سبحانه وتعالى , مع فهم المعنى والجهل بالكيف , فهُم يُثبتون الصفات ولا يبحثون عن كيفياتها , وهم مفوضةٌ بالكيف دون المعنى , كما جاء واضحاً في الأثر المشهور عن مالك رحمه الله عندما سئُل عن كيفية الاستواء فقال (الاستواءُ معلوم , والكيف مجهول , والإيمان به واجب , والسؤال عنه بدعة).
ومعنى كلام ابن أبي زيد أنه لا يستطيع أحدٌ أن يصف الله بما هو عليه , بأن يعرف كيفية اتصافه بالصفات , لأن ذلك من الغيب الذي لا يعلمه إلا هو.
وقوله (ولاَ يُحيطُ بأمرِه المُتَفَكِّرونَ) أمرُ الله منه ما هو كوني قَدري , ومنه ما هو ديني شرعي , فالكونيُّ مقل قول الله عز وجل (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) , والشرعي مثل قوله (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ... ).
وكل من الأمر الكوني والأمر الشرعي مشتملٌ على حكمة , فما قدره الله فلحكمة , وما شرعه الله فلحكمة , وقد يعلم العبادُ شيئاً من الحكم في الأمر الكوني القدري والأمر الشرعي , ولكنهم لا يحيطون بحكم الله في خلقه وشرعه , فإن الواجب الإيمان بالقدر , والاستسلامُ للأمر والنهي , سواء عرف العبادُ حكم ذلك لأم لم يعرفوها.
ولكنهم إذا عرفوا شيئاً من ذلك زاد إيمانهم ويقينهم , وإذا لم يعرفوا الحكمة في القدر والشرع فإن ذلك لا يثنيهم عن القيام بما هو واجب عليهم من الإيمان بالقدر والانقياد للأحكام الشرعية.
والذي اشتمل عليه كلام ابن أبي زيد رحمه الله نفيُ الإحاطة بالحكم والأسرار , لتعبيره (المُتَفَكِّرونَ) وليس المقصود معرفة الأحكام الشرعية , فإن ذلك مطلوبٌ في العلم والعمل , لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث (ما نهيتكم عن فاجتنبوه , وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم) أخرجه البخاري 7288 , ومسلم 1327.
وقوله (يَعتَبِرُ المتفَكَّرونَ بآياته) آيات الله نوعان: شرعية وكونية , فالآيات الشرعية هي التي اشتمل عليها القرآن الكريم , والآيات الكونية آياته في خلقه كالليل والنهار , والشمس والقمر وغير ذلك ويدل للاعتبار بالآيات الشرعية قول الله عز وجل (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) , وقوله (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) وقوله (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ).
ويدل للاعتبار بالآيات الكونية قول الله عز وجل (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) , وقوله (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) وقوله (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْعَالِمِينَ * وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) , وقوله (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) , وقوله (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
وقوله (ولا يَتَفكَّرونَ في مَاهِيَةِ ذاتِه) الله عز وجل بذاته وصفاته الخالق وما سواه مخلوق , وقد مر في كلام ابن أبي زيد رحمه الله التفويض لكيفية الصفات , وأنه لا يبلغ كُنهَ صفته الواصفون , وكما أنه لا يجوز البحث في كيفية الصفات , فكذلك لا يجوز البحث في كيفية الذات , ولهذا قال (ولا يَتَفكَّرونَ في مَاهِيَةِ ذاتِه) أي حقيقتها والكيفية الني هي عليها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/136)
ـ[العوضي]ــــــــ[16 - 09 - 04, 11:01 ص]ـ
4 - ولا يُحيطون بشيءٍ من عِلمه إلاَّ بِما شاء وَسِعَ كرْسِيُّه السَّموات والأرض , ولايِؤُوده حفظُهما وهو العليُّ العَظيمُ
هذه الجمل الأربع قطعةٌ من آية الكرسي المشتملة على عشر جمل ومثلها في الاشتمال على عشر جمل قول الله عز وجل (فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) نبه على ذلك ابن كثير رحمه الله عند تفسيره هذه الآية من سورة الشورى.
قوله (ولا يُحيطون بشيءٍ من عِلمه إلاَّ بِما شاء) من صفات الله عز وجل العلم , وعلمُه محيطٌ بكل شيء كمال قال الله عز وجل (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) , أما المخلوقين فلا يعلمون من علمه إلا ما علمهم إياه , كما قال (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ) , وقال (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) , وقال (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً) , وأخبر الله عن نبيه نوح عليه الصلاة والسلام أنه قال (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ ... ) , وأمر الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يُخبر قومه أنه لا يعلم الغيب , فقال (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيّ ... ) , وقال (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).
وأخبر الله عن الملائكة أنههم (قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) , وقال الله عز وجل (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) , وقال الله عن الجن (وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً) , وقال (فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ).
وأما السنة فقد جاء فيها أحاديث كثيرة تدل على بيان أمور لا يعلمها الرسول صلى الله عليه وسلم , مثل قصة الإفك , فإنه لم يعلم براءة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها إلا بعد نزول القرآن في براءتها في آيات تُتلى في سورة النور , ومثل قصة العِقْد الذي فقدته عائشة رضي الله عنها في إحدى سفراتها مع النبي صلى الله عليه وسلم , وقد بقول في منزلهم للبحث عنه , وانتهى ماؤهم , فأنزل الله إليه آية التيمم , وعند رحيلهم وُجد العقدُ تحت الجمل الذي تركب عليه عائشة رضي الله عنها.
قال ابن كثير عن تفسير آية الكرسي (وقوله " وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ " أي: لا يطلع أحدٌ من علم الله على شيء إلا بما أعلمه الله عز وجل وأطلعه عليه , ويحتمل أن يكون المراد: لا يطلعون على شيء من علم ذاته وصفاته إلا بما أطلعهم الله عليه , كقوله " وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ").
وقوله (وَسِعَ كرْسِيُّه السَّموات والأرض) الكرسي مخلوقٌ من مخلوقات الله , وثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه موضع القدمين , كما في المستدرك للحاكم 2/ 282 , وقال (إنه على شرط الشيخين ولم يخرجاه) ولم يتعقبه الذهبي , وفي إسناده عمار الدُّهني , وهو من رجال مسلم دون البخاري.
وانظر تخريجه في السلسة الضعيفة للشيخ الألباني 906 , والضعيف فيه هو المرفوع , وأما الأثر الذي جاء عن ابن عباس من تفسير الكرسي بالعلم , ففي إسناده جعفر بن أبي المغيرة , عن سعيد بن جبير , قال فيه الحافظ في التقريب (صدوق يتهم) , وقال ابن منده في كتاب الرد على الجهمية ص45 (لم يُتابع عليه جعفر , وليس بالقوي في سعيد بن جُبير) , وأورده الذهبي في ترجمت جعفر في الميزان 1/ 417 , وقال (وذكره ابن أبي حاتم وما نقل توثيقه , بل سكت) , ونقل ما تقدم عن ابن منده.
وقال الطحاوي في عقيدة أهل السنة والجماعة (والعرشُ والكرسيُّ حقَق).
وقوله (ولايِؤُوده حفظُهما) أي: لا يثقله ولا يشقُّ عليه , وهو نفي متضمن إثبات كمال قدرته , قال ابن كثير في تفسيره (أي: لا يثقله ولا يكترثه حفظ السموات والأرض ومن فيهما ومن بينهما , بل ذلك سهلٌ عليه يسيرٌ لديه).
وقوله (وهو العليُّ العَظيمُ) اسمان من أسماء الله يدلان على صفتين من صفات الله , وهما العلو والعظمة , والله تعالى متصفٌ بالعلوِّ بأنواعه الثلاثة: علو القدر , وعلوُّ القهر , وعلوُّ الذات , وقد جاء اسم الله العليّ في القرآن مقترناً بثلاثة من أسماء الله , وهي العظيم , والحكيم , والكبير مع تقدمه عليها في الذكر.
فاقترانه بالعظيم كما هنا , وفي أول سورة الشورى.
واقترانه بالكبير كما في سورة النساء (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) , وفي سورتي الحج ولقمان (وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ).
واقترانه بالحكيم كما في آخر سورة الشورى (إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/137)
ـ[العوضي]ــــــــ[23 - 09 - 04, 08:09 ص]ـ
5 - العالِمُ الخبيرُ , المُدَبِّرُ القَديرُ , السَّمِيعُ البصيرُ , العَلِيُّ الكَبيرُ
العليم الخبير اسمان من أسماء الله يدلان على صفتي العلم والخبرة , وهما متقاربان في المعنى , وجاء في بعض النسخ (العليم) بدل (العلِم) , و (العليم) أولَى لأمرين:
الأول: أن (العليم) جاء في القرآن كثيراً مطلقاً غير مقيد , وأمَّا (العالم) فيأتي في القرآن مقيداً بعلم الغيب , كقوله تعالى (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) , وقوله (عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْض).
والثاني: أنه يأتي في القرآن كثيراً اقترانُ اسم (العليم) باسم (الخبير) مع تقدُّم اسم (العليم) كما قال الله عز وجل (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) , وقال (قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ).
وقوله (المُدَبِّرُ القَديرُ) القدير اسمٌ من أسماء الله يدل على صفة من صفات الله , وهي القدرة , قال الله عز وجل (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) , وقدرة الله عامةٌ لكل شيء , قال الله عز وجل (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً) , وقال (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً) , وقال (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ).
وأما المدبر على أنه من أسماء الله , وقد جاء وصف الله تعالى بالتدبير , كما قال الله عز وجل (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ) , وقال (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) , والله سبحانه وتعالى المُدبر للأمر المتصرف في الكون كيف يشاء , لا إله إلا هو.
وقوله (السَّمِيعُ البصيرُ) السميع والبصير اسمان من أسماء الله يدلان على صفتين من صفات الله , وهما السمع والبصر , وسمع الله محيطٌ بكل المسموعات , وبصره محيطٌ بكل المرئيات , قال الله عز وجل (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ).
وفي هذه الآية الكريمة الجمعُ في وصف الله بالسمع بين الفعل الماضي والمضارع والاسم , وهذان الاسمان يأتيان مقرناً بينهما في كثير من آيات القرآن ,كقوله (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) , وقوله (إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً) , وقوله (مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً) , وقوله (وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
وقوله (العَلِيُّ الكَبيرُ) العلي الكبير اسمان من أسماء الله يدلان على صفتي العلو والكبر , والله تعالى عال على كل شيء قهراً وقدراً وذاتاً , وهو أكبرُ من كل كبير وأعظمُ من كل عظيم , والمخلوقات كلها حقيرةٌ أمام كبرياء الله وعظمته سبحانه وتعالى.
وقد مر قريباً أن اسم الله العلي يأتي مقترناً باسم الكبير , ومر ذكر بعضُ الآيات في ذلك , ومنها أيضاً قول الله عز وجل (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ).
ـ[العوضي]ــــــــ[16 - 11 - 04, 05:58 ص]ـ
6 - وَانَّه فوقُ عَرشه المجيد بذاته , وهو في كلِّ مَكان بعِلمه]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/138)
لما ذكر ابن أبي رحمه الله أن من أسماء الله العلي , وقد ذكره قريباً مقترناً باسم العظيم , وبسام الكبير , بين في هذا أن علو الله عز وجل وفوقيته على عرشه أنه علو بالذات , كما أنه علي بالقدر وعلي بالقهر. وإنما نص على علوه على عرشه بذاته لما وُجد من يقول (إن علو الله علو قدر وعلو قهر , وأول علوه على عرشه باستيلائه عليه , وأنه ليس على العرش حقيقة بذاته) فعبر بعلو الذات ردا على من قال (إنه علو مجازي وليس بحقيقي) وهذا نظير قول السلف عن القرآن إنه غير مخلوقٍ لما وُجد من يقول (إنه مخلوق).
وأما قوله (وهو في كلِّ مَكان بعِلمه) فهو لنفي القول بالحلول والاتحاد , وهو أن الله حال في المخلوقات , متحد معها , مختلطٌ بها , فإن الله عز وجل الخالق , وكل ما سواه مخلوقٌ , والمخلوقات كلها كانت عدماً فأوجدها الله , ووجودها مباينٌ لوجودِ الله , وهو سبحانه وتعالى بائنٌ من خلقه , ليست المخلوقات حالة في الله , ولا الخالق حالا في المخلوقات.
ومعية الله فُسرت بأنها معيةٌ بالعلم , كما قال ابن أبي زيد القيرواني هنا , قال الله عز وجل (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فقد بُدئت هذه الآية بالعلم , وخُتمت بالعلم.
وفُسرت بأنها معية حقيقة , والمعنى أن الله فوق عرشه بذاته , وهو مع خلقه دون امتزاج أو اختلاط , فإن المخلوقات صغيرةٌ حقيرةٌ أما عظمة الله وكبريائه , والله عز وجل مع كونه فوق عرشه , فهو قريبٌ من عباده , قال شيخ الإٍسلام ابن تيمية في الواسطية (وقد دخل فيما ذكرناه من الإيمان بالله الإيمانُ بما أخبر الله به في كتابه وتواتر عن رسوله صلى الله عليه وسلم وأجمع عليه سلف الأمة , من أنه سبحانه فوق سماواته على عرشه , عليٌّ على خلقه , وهو سبحانه معهم أينما كانوا , يعلم ما هم عاملون , كما جمع بين ذلك في قوله " هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" , وليس معنى قوله " وَهُوَ مَعَكُمْ " أنه مختلطٌ بالخلق , فإن هذا لا توجبه اللغة , وهو خلاف ما أجمع عليه سلفُ الأمة , وخلاف ما فَطَرَ الله عليه الخلق , بل القمر آيةٌ من آيات الله , من أصغر المخلوقات , وهو موضوعٌ في السماء , وهو مع المسافر وغير المسافر أينما كان , وهو سبحانه فوق العرش , رقيبٌ على خلقه , مُهيمنٌ عليهم , مطلعٌ إليهم , إلى غير ذلك من معاني ربوبيته , وكل هذا الكلام الذي ذكره الله سبحانه – من أنه فوق العرش وأنه معنا – حقٌّ على حقيقته , لا يحتاج إلى تحريف , لكت يُصانُ عن الظنون الكاذبة , مثل أن يُظن أن ظاهر قوله (في السماء) أن السماء تُقله أو تُظله. وهذا باطلٌ بإجماع أهل العلم والإيمان , فإن الله قد وسع كرسيه السماوات والأرض , وهو الذي يُمسك السماوات والأرض أن تزولا " وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ " , " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِه ").
إلى أن قال (وما ذُكر في الكتاب والسنة من قُربه ومعيته لا يُنافي ما ذُكر من علوه وفوقيته , فإنه سبحانه ليس كمثله شيء في جميع نعوته , وهو عليٌّ في دُنوه , قريبٌ في علوه).
ويشير شيخ الإسلام رحمه بالجملة الأخيرة وهي قوله (علي في دنوه , قريب في علوه) إلى ما جاء في حديث نزول الرب إلى السماء الدنيا حين يبقى الثلث الآخر من الليل , وحديث عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم 1348 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ما من يوم أكثر من أن يُعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة , وإنه ليدنو , ثم يُباهي بهم الملائكة , فيقول: ما أراد هؤلاء؟).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/139)
ـ[العوضي]ــــــــ[28 - 01 - 05, 02:08 م]ـ
7 - خَلَقَ الإنسانَ , ويَعلمُ ما تُوَسْوِسُ به نفسُه , وهو أَقَرَبُ إليهِ من حَبْلِ الوَريدِ , وما تَسْقُطُ إلاَّ يَعلَمُها ولاَ حَبَّةٍ في ظُلُمَات الأرضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلا يابِس إلاَّ في كتاب مُبين
علم الله محيطٌ بكل شيء , فقد علم أزلاً ما كان وما سيكون , وما لم يكن أن لو كان كيف يكون , كما قال الله عز وجل (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) , فأخبر عن أمر لا يكون , وهو رجوعُ الكفار إلى الدنيا , وأنهم أو رُدوا لعادوا لما نُهوا عنه , وقال الله عز وجل (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) , وقال تعالى (إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِه ... ) , وقال تعالى (اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ * سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ) , وقال (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) , وقال (عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) , وكل ما هو كائن في الوجود من حركة أو سكون قد سبق به علمُ الله , ولا يحصل لله علم في شيء لم يكن معلوماً له من قبل أزلاً >
قال شيخنا محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في كتابه أَضواء البيان 1/ 75 - 76 عند قوله تعالى (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ ... ) قال (ظاهرُ هذه الآية قد يُتوهم منه الجاهل أنه تعال يستفيد بالاختبار علماً لم يكن يعلمه , سبحانه وتعالى عن ذلك علواًّ كبيراً , بل هو تعالى عالمٌ بكلِّ ما سيكون قبل أن يكون , وقد بين أنه لا يستفيد بالاختبار علماً لم يكن يعلمه بقوله جلا وعلا " وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ " , فقوله " وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ " بعد قوله " وَلِيَبْتَلِيَ " دليل قاطعٌ على أنه لم يستفيد بالاختيار شيئاً لم يكن عالماً به , سبحانه وتعالى عن ذلك علواًّ كبيراً , لأن العليم بذات الصدور غنيٌّ عن الاختبار , وفي هذه الآية بيانٌ عظيمٌ لجميع الآيات التي يذكر الله فيها اختبارَه لخلقه , ومعنى " إِلَّا لِنَعْلَمَ " أي: علماً يترتبُ عليه الثواب والعقاب , فلا يُنافي أنه كان عالماً به قبل ذلك , وفائدةُ الاختبار ظهور الأمر للناس , أما عالمُ السرِّ والنجوى فهو عالمٌ بكل ما سيكون كما لا يخفى).
وأما قول الله عز وجل (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) فقد فُسر بتفسيرين:
أحدهما: قُرُبه بالعلم والقُدرة والإحاطة , وهذا الذي يظهر من كلام ابن أبي زيد رحمه الله.
والثاني: قُربُ الملائكة , نظير قوله في الواقعة (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) وقد رجحه ابن كثير في تفسيره , وابن القيم كما في مختصر الصواعق 2/ 268 , وقد جاء في القرآن الكريم ذكرُ الضمير بلفظ التعظيم والمرادُ به الملائكة , كما في قول الله عز وجل (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) والذي قرأه على الرسول صلى الله عليه وسلم جبريلُ , وقوله (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ) , وهو إنما جادل الملائكة , كما قال الله عز وجل (وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ * قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا ... ) الآية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/140)
ـ[اسد الصمد]ــــــــ[28 - 01 - 05, 02:41 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلا ومرحبا بأخي الحبيب
جزاك الله خيرا
وبارك الله فيك
وكثر الله من أمثالك
و ما زلنا ننتظر المزيد
ولقد رأيت في بعض التسجيلات أشرطة للشيخ العلامه عبدالمحسن العباد في شرح هذه الرسالة
وتقع في (12) شريطا فهل شرحه فيها أوسع من الكتاب
ويا حبذا يا أخي الحبيب لو ذكرت زوائد المسائل الوارده في الشرح المسموع إن كان هناك
و جزاك الله خيرا(27/141)
الهزل بلفظ الكفر
ـ[أم صهيب]ــــــــ[29 - 02 - 04, 01:21 ص]ـ
متى يحكم على الشخص بالكفر إذا هزل بلفظ الكفر هل ينظر إلى تكرره منه مثلاً أو ما هزل به من الدين كالهزل بالقرآن يختلف عن الهزل بالسنن أو باختلاف حال المتكلم وما نوع الكفر؟ هل يعذر المرء بالجهل فيما لو ارتكب ما يكفر به على سبيل المزاح والهزل؟
أرجو ممن اطلع على كلام لأهل العلم في ذلك أن يدلني عليه أو يرشدني إلى مظان المسألة في كتب العقيدة
ـ[ظهير المؤمنين]ــــــــ[29 - 02 - 04, 05:23 م]ـ
السلام عليكم .. كل الكتب التي تحدثت عن نواقض الايمان القولية والعملية تعرضت للمسالة التي سالتي عنها - وهي اكثر من ان تحصر- منها: نواقض الايمان الاعتقادية للوهيبي - ونواقض الايمان القولية لعبدالعزيز العبد اللطيف - والايمان حقيقته ونواقضه. زالثاني اهمها وافضلها عندي.
ـ[أم صهيب]ــــــــ[02 - 03 - 04, 11:55 ص]ـ
جزاكم الله خيراً رجعت إلى ما ذكرتم أحسن الله إليكم ووجدت فيه بعض الإجابات على ما ذكرت لكن لا تزال هناك بعض الإشكالات ولعلي أكتب لكم ما أشكل علي بالتفصيل إن تيسر لي ذلك(27/142)
منهج النظر والاستدلال بين أهل السنة ومخالفيهم (للشيخ خالد السبت)
ـ[سعد العجلان]ــــــــ[01 - 03 - 04, 04:53 م]ـ
أرجو مِن مَن عنده مزيد من البحوث والمحاضرات أن يضيفها هنا
منهج النظر والاستدلال بين أهل السنة ومخالفيهم ( http://www.islamway.net/bindex.php?section=lessons&lesson_id=10235&scholar_id=339)
http://www.islamway.net/bindex.php?section=scholarlessons&scholar_id=339
ـ[سعد العجلان]ــــــــ[02 - 03 - 04, 07:24 م]ـ
المنهج العلمي للاستدلال
بقلم:أحمد بن عبد الرحمن الصويان
يعتمد المنهج العلمي للاستدلال عند أهل السنة والجماعة على كتاب الله (تعالى)، وسنة نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-، وإجماع السلف الصالح (رضي الله عنهم).
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا} [النساء: 59]. وقال الله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إلَى اللَّه} [الشورى: 10]. وقال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [الحشر: 7].
والاعتماد على الأصول الثلاثة المعصومة هو أساس دين الإسلام، ويرتكز على القواعد التالية:
القاعدة الأولى: تعظيم النصوص الشرعية والانقياد لها.
القاعدة الثانية: الاعتماد على الأحاديث الصحيحة.
القاعدة الثالثة: صحة فهم النصوص.
وفي هذه المقالة سأتحدث عن هذه القواعد الثلاث بشيء من الإيجاز، مبيناً منهاج أهل السنة في الاستدلال، وفي الحلقة التالية سأتحدث عن منهج المبتدعة في الاستدلال، وقواعدهم في التلقي.
القاعدة الأولى: تعظيم النصوص الشرعية:
إن أصل دين الإسلام الذي ارتضاه الله (تعالى) لعباده المؤمنين الاستسلام والخضوع والانقياد، قال الله (تعالى): (وَأَنِيبُوا إلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ) [الزمر: 54].
وحقيقة الاستسلام: تعظيم أمر الله (سبحانه وتعالى) ونهيه، والوقوف عند حدود ما أنزله على نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-، قال الله (تعالى): (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإنَّهَا مِن تَقْوَى القُلُوبِ) [الحج: 32]. فكل ما أمر به الشارع أو نهى عنه، فحقه التعظيم والإجلال والامتثال، قال الله (تعالى): (إنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إذَا دُعُوا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ) [النور: 51] فإذا جاء الأمر من الله فلا مجال للاختيار أو التردد، قال الله (تعالى): (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) [الأحزاب: 36]. وقد نفى الله (عز وجل) الإيمان بالكلية عمّن أعرض عن حكم النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يرض به، أو وجد في نفسه حرجاً من ذلك، قال الله (تعالى): {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء: 65]. وقد توعد الله سبحانه وتعالى المخالفين لأوامره بقوله: {فَلْيَحْذَرِ الَذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابِ أليم} [النور: 63].
منهج السلف الصالح في تعظيم النصوص:
سطر السلف الصالح (رضي الله عنهم) أروع الأمثلة وأصدق الصفات في الالتزام بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- وتعظيمه، والوقوف عند حدوده بدون زيادة أ و نقصان، ومن أمثلة ذلك:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/143)
* عن أبي قتادة قال: كنا عند عمران بن حصين في رهط منا، وفينا بُشير بن كعب فحدّثنا عمران يومئذ فقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:» الحياءُ خير كله «أو قال:» الحياء كله خير «، قال بشير: إنّا لنجد في بعض الكتب أو الحكمة: أنّ منه سكينة ووقاراً لله، ومنه ضعفٌ! قال: فغضب عمران حتى احمرتا عيناه، وقال أراني أحدثك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتعارض فيه؟! قال: فأعاد عمران الحديث، قال: فأعاد بشير، فغضب عمران. قال: فمازلنا نقول فيه: إنّه منّا يا أبا نجيد، إنّه لا بأس به!! [1] يعني: أنه ليس متهماً بالنفاق!!.
* وعن عبد الله بن مُغَفّل (رضي الله عنه): أنه رأى رجلاً من أصحابه يخذف. فقال له: لاتخذف، فإنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يكره أو قال ينهى عن الخذف؛ فإنه لايُصطاد به الصيد، ولا ينكأ به العدو، ولكنه يكسر السن ويفقأ العين، ثم رآه بعد ذلك يخذف! فقال له: أخبرك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يكره أو ينهى عن الخذف، ثم أراك تخذف، لا أكلمك كذا وكذا .. ! [2].
* عن قبيصة الشامي: أن عبادة بن الصامت خرج مع رجل إلى أرض الروم، فنظر إلى الناس وهم يتبايعون كسرة الذهب بالدنانير، وكسرة الفضة بالدراهم، فقال: يا أيها الناس إنكم تأكلون الربا، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:» لا تَبايعوا الذهب إلا مثلاً بمثلٍ لازيادة بينهما ولا نَظِرة «. فقال رجل: لا أرى الربا يكون في هذا إلا ما كان من نظرة! فقال عبادة: أحدثك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتحدّثني عن رأيك؟! لئن أخرجني الله لا أُساكنك بأرض لك عليّ فيها إمرة، فلمّا قفل لحق بالمدينة، فقال له عمر: ما أقدمك يا أبا الوليد؟! فقص عليه القصة، فقال: ارجع إلى أرضك وبلدك لا إمرة له عليك، فقبّح الله أرضاً لست فيها وأمثالك [3].
* وحدّث أبو معاوية الضرير عند هارون الرشيد بحديث أبي هريرة:» احتج آدم وموسى «، فقال أحد الحاضرين: كيف هذا، وبين آدم وموسى مابينهما؟! قال: فوثب هارون، وقال: يُحدّثك عن الرسول - صلى الله عليه وسلم- وتعارض بكيف؟! فما زال قول حتى سكت عنه [4].
* وقال رجلٌ للزهري: يا أبا بكر: حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:» ليس منّا من لطم الخدود، وليس منا من لم يوقر كبيرنا «، وما أشبه هذا الحديث؟! فأطرق الزهري ساعة، ثم رفع رأسه فقال:» من الله (عز وجل) العلم، وعلى الرسول-صلى الله عليه وسلم- البلاغ، وعلينا التسليم «[5].
* من أجل ذلك كله كان السلف الصالح (رضي الله عنهم) في أشد التثبت والتحري والتوقي في فعل السنة، فلا يفعلون شيئاً إلا بعلم صحيح، فها هو ذا رجلٌ يعطس إلى جنب عبد الله بن عمر، فيقول: الحمد لله، والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال له عبد الله بن عمر:» وأنا أقول: الحمد لله والسلام على رسول الله، وليس هكذا علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، علمنا أن نقول: الحمد لله على كلّ حال «[6].
* ونظير هذا أن سعيد بن المسيب رأى رجلاً يُصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين، يُكثر فيهما الركوع والسجود، فنهاه، فقال: يا أبا محمد، يعذبني الله على الصلاة؟! فقال:» لا .. ولكن يُعذبك على خلاف السنة «[7]. وأمثلة هذا الباب كثيرة جداً، وفيما ذكر كفاية إن شاء الله لبيان المقصود. وبهذا يتبيّن أن الكتاب والسنة هما أصل الاستدلال، وهما المعيار الذي توزن به الآراء والاجتهادات، ولايستقيم إيمان المرء إلا بتعظيمهما وامتثال ما دلا عليه من القول والفعل والاعتقاد، ويُلخّص الطحاوي منهج أهل السنة بقوله:» ولاتثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام، فمن رام علم ما حظر عنه علمه، ولم يقنع بالتسليم فهمه، حجبه مرامه عن خالص التوحيد، وصافي المعرفة، وصحيح الإيمان «[8].
وقال البربهاريّ:» إذا سمعت الرجل يطعن على الآثار، أو يرد الآثار، أو يريد غير الآثار: فاتهمه على الإسلام، ولاتشك أنّه صاحب هوى مبتدع «[9]. وقال ابن تيمية:» وكان من أعظم ما أنعم الله به عليهم يعني أهل السنة اعتصامهم بالكتاب والسنة، فكان من الأصول المتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان: أنه لايقبل من أحد قط أن يعارض القرآن برأيه ولاذوقه، ولامعقوله ولاقياسه، ولاوَجْدِهِ، فإنهم ثبت عنهم بالبراهين القطعيات والآيات البينات: أنّ الرسول جاء بالهدى ودين الحق، وأن القرآن يهدي للتي هي أقوم «[10].وقال أيضاً:» فمن بنى الكلام في العلم (الأصول والفروع) على الكتاب والسنة والآثار المأثورة عن السابقين، فقد أصاب طريق النبوة، وكذلك من بنى الإرادة والعبادة والعمل والسماع المتعلق بأصول الأعمال وفروعها من الأحوال القلبية والأعمال البدنية على الإيمان والسنة والهدى الذي كان عليه محمد وأصحابه فقد أصاب طريقة النبوة، وهذه طريقة أئمة الهدى ... «[11].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/144)
ـ[سعد العجلان]ــــــــ[02 - 03 - 04, 07:28 م]ـ
القاعدة الثانية: الاعتماد على السنة الصحيحة:
أمرالله (سبحانه وتعالى) بطاعة نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- في آيات كثيرة، منها قوله (تعالى): (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) [الحشر: 7]، وقوله تعالى: (مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ الله) [النساء: 80]. وثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:» إني أوتيتُ القرآن ومثله معه «[12]، فكل ما ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو حق وصدق لاريب فيه، قال الله (تعالى): {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى (3) إنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4].
وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- هي الموضحة والمبينة لكتاب الله (عز وجل)، كما قال سبحانه وتعالى: (وَأََنزَلْنَا إلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ) [النحل: 44]. وقد ذمّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقواماً يتركون ماجاء في سنته، فقال:» ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني وهو متكىء على أريكته، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه حلالاً استحللناه، وما وجدنا فيه حراماً حرّمناه، وإن ما حرّم رسول الله كما حرّم الله «[13].
ومن بدائع مواقف الصحابة (رضي الله عنهم): أن عمران بن حصين كان جالساً ومعه أصحابه، فقال رجلٌ من القوم: لاتحدثونا إلا بالقرآن، فقال له: ادْنه، فدنا، فقال: أرأيت لو وُكلْتَ أنت وأصحابك إلى القرآن، أكنت تجد فيه صلاة الظهر أربعاً، وصلاة العصر أربعاً، والمغرب ثلاثاً، تقرأ في اثنتين؟! أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن، أكنت تجد الطواف بالبيت سبعاً، والطواف بالصفا والمروة؟! ثم قال: أي قوم، خذوا عنا، فإنكم والله إلاّ تفعلوا لتضِلّنّ «[14].
ولهذا قال ابن تيمية:» البيان التام هو ما بينه الرسول؛ فإنه أعلم الخلق بالحق، وأنصح الخلق للخلق، وأفصح الخلق في بيان الحق، فما بيّنه من أسماء الله وصفاته وعلوّه ورؤيته، هو الغاية في هذا الباب «[15]. وقال أيضاً:» الثواب على ما جاء به الرسول، والنّصرة لمن نصره، والسعادة لمن اتبعه، وصلوات الله وملائكته على المؤمنين به، المعلمين للناس دينه، والحق يدور معه حيثما دار، وأعلم الخلق بالحق وأتبعهم له: أعلمهم بسنّته وأتبعهم له، وكل قول خالف قوله فهو إما دين منسوخ، وإما دين مبدّل لم يُشرع قط «[16].
وبسبب هذه المنزلة العظيمة لسنّة النبي -صلى الله عليه وسلم- اهتمّ بها أهل السنّة اهتماماً عظيماً، علماً وعملاً، وحرصوا على حفظها ونقلها، وقاموا بتحقيقها وتنقيحها، وتمييز صدقها من كذبها، خاصة بعد ظهور الفتن وانتشار المبتدعة وفشو الكذب. ولهذا قال عبد الله بن عباس (رضي الله عنه):» إنّا كنا مرة إذا سمعنا رجلاً يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا، فلمّا ركب الناس الصعب والذلول؛ لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف «[17]. وقال التابعي الجليل محمد بن سيرين:» لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سمّوا لنا رجالكم، فيُنظر إلى أهل السنّة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم «[18]. وقال الإمام مالك بن أنس:» إن هذا العلم هو لحمك ودمك وعنه تسأل يوم القيامة، فانظر عمّن تأخذه «[19].
ويشرح ابن تيمية الداعي لتنقيح السنة النبوية فيقول:» وبيننا وبين الرسولمئون من السنين، ونحن نعلم بالضرورة أنّ فيما ينقل الناس عنه وعن غيره صدقاً وكذباً، وقد روي عنه أنّه قال:» سيُكذب عليّ «، فإن كان هذا الحديث صدقاً، فلابد أن يكذب عليه، وإن كان كذباً فقد كذب، وإن كان كذلك لم يجز لأحد أن يحتج في مسألة فرعية بحديث حتى يُبيّن ما به يثبت «[20].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/145)
وقد رسم أئمة الحديث منهجاً علمياً متميزاً في ضبط أصول الرواية وتقعيد قواعدها، فحفظوها بفضل الله تعالى من العبث والتزييف، فهم المرجع الذي يُرجع إليه في معرفة الصحيح من الضعيف، قال ابن تيمية:» المنقولات فيها كثير من الصدق وكثير من الكذب، والمرجع في التمييز بين هذا وهذا إلى أهل علم الحديث، كما نرجع إلى النحاة في الفرق بين نحو العرب ونحوغير العرب، ونرجع إلى علماء اللغة فيما هو من اللغة وما ليس من اللغة، وكذلك علماء الشعر والطب وغير ذلك، فلكل علم رجالٌ يعرفون به، والعلماء بالحديث أجلّ هؤلاء قدراً، وأعظمهم صدقاً، وأعلاهم منزلة، وأكثرهم ديناً، وهم من أعظم الناس صدقاً و أمانة وعلماً وخبرة فيما يذكرونه من الجرح والتعديل، مثل: مالك وشعبة وسفيان ... «[21].
من أجل ذلك كله: يتبيّن أن الاستدلال العلمي الصحيح يعتمد على الأحاديث الصحيحة والحسنة، وأمّا الأحاديث الموضوعة والضعيفة فلا يجوز الاستدلال بها، ويجب الحذر منها. ولهذا قال ابن تيمية:» فالواجب أن يفرق بين الحديث الصحيح والحديث الكذب، فإن السنة هي الحق دون الباطل، وهي الأحاديث الصحيحة دون الموضوعة، فهذا أصل عظيم لأهل الإسلام عموماً ولمن يدعي السنة خصوصاً «[22]. وقال أيضاً:» الاستدلال بما لاتُعلم صحته لايجوز بالاتفاق، فإنه قول بلا علم، وهو حرام بالكتاب والسنة والإجماع «[23]. وقال أيضاً:» ولايجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة التي ليست صحيحة ولا حسنة «[24].
القاعدة الثالثة: صحة فهم النصوص:
إن صحة فهم النصوص الشرعية ركيزة رئيسة لصحة الاستدلال، ولايستطيع المرء أن يعرف مراد الله (عز وجل)، ومراد رسوله إلا حينما يستقيم فهمه لدلائل الكتاب والسنة. وكثير من البدع والضلالات إنما حدثت بسبب قلة العلم وسوء الفهم.
أصول مهمة يعتمد عليها:
ومن الأصول العلمية التي يجب الاعتماد عليها في فهم النصوص الشرعية ودراستها:
أولا: الاعتماد على منهج الصحابة (رضي الله عنهم):
للصحابة (رضي الله عنهم) منزلة جليلة، فقد شرفهم الله (تعالى)، وأعلى منزلتهم، ورفع أقدارهم ودرجاتهم، وعدلهم من فوق سبع سموات، فقال (تعالى): {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [التوبة:100]. وقال (تعالى): {مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [الفتح: 29].
قال عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه):» من كان منكم متأسياً فليتأس بأصحاب محمد-صلى الله عليه وسلم-، فإنهم كانوا أبرّ هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، وأقومها هدياً، وأحسنها حالاً، قوماً اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في آثارهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم «[25].
وقال أبو محمد بن حزم:» فمن أخبرنا الله (عز وجل» أنه علم ما في قلوبهم، ورضي عنهم، وأنزل السكينة عليهم، فلا يحل لأحد التوقف عن أمرهم أو الشك فيهم البتة «[26].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/146)
من أجل هذا؛ فإن فهم دلائل الكتاب والسنة إنما يؤخذ من الصحابة (رضي الله عنهم) ففيهم تكلم الرسول-صلى الله عليه وسلم-، وعليهم نزل الكتاب، فهم أعلم الناس بمراد الله (تعالى) ومراد رسوله-صلى الله عليه وسلم-، خاصة بعد أن كثرت البدع، وقل العلم، وفسدت الفهوم،، وهجرت السنّة، وقد صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قوله:» فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة «[27]. قال ابن تيمية:» يحتاج المسلمون في العقيدة إلى شيئين: أحدهما: معرفة ما أراد الله ورسوله بألفاظ الكتاب والسنة، بأن يعرفوا لغة القرآن التي نزل بها، وما قاله الصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر علماء المسلمين في معاني تلك الألفاظ؛ فإنّ الرسول لمّا خاطبهم بالكتاب والسنة عرّفهم ما أراد بتلك الألفاظ، وكانت معرفة الصحابة لمعاني القرآن أكمل من حفظهم لحروفه، وقد بلّغوا تلك
المعاني إلى التابعين أعظم ممّا بلغوا حروفه .. «[28].
وقال الشاطبي:» .. ولهذا فإن السلف الصالح (من الصحابة والتابعين ومن يليهم» كانوا أعرف بالقرآن وبعلومه وما أودع فيه .. «[29].
وقال ابن أبي العز الحنفي:» وكيف يتكلم في أصول الدين من لايتلقاه من الكتاب والسنة، وإنما يتلقاه من قول فلان؟! وإذا زعم أنه يأخذه من كتاب الله لايتلقى تفسير كتاب الله من أحاديث الرسول، ولاينظر فيها، ولا فيما قاله الصحابة والتابعون لهم بإحسان المنقول إلينا عن الثقات النقلة، الذين تخيرهم النقاد، فإنهم لم ينقلوا نظم القرآن وحده، بل نقلوا نظمه ومعناه، ولا كانوا يتعلمون القرآن كما يتعلم الصبيان، بل يتعلمونه بمعانيه، ومن لايسلك سبيلهم فإنما يتكلم برأيه، ومن يتكلم برأيه وما يظنه دين الله ولم يتلق ذلك من الكتاب فهو مأثوم وإن أصاب «[30].
ثانياً: معرفة اللغة العربية:
لكي تفهم دلائل الكتاب والسنة على الوجه الصحيح لابد من معرفة لغة العرب التي نزل بها القرآن الكريم، والتي خاطب بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصحابه. ولهذا تواتر اعتناء علماء الأمة وأئمتها بلغة القرآن حتى يوضع خطاب الشارع في موضعه اللائق به شرعاً.
قال الإمام الشافعي:» .. وإنما بدأت بما وصفت من أن القرآن نزل بلسان العرب دون غيره، لأنه لايعلم من إيضاح جمع علم الكتاب أحدٌ جِهل سعة لسان العرب، وكثرة وجوهه، وجماع معانيه وتفرقها. ومن علمه انتفت عنه الشبه التي دخلت على من جهل لسانها «[31].
وقال ابن عبد البر:» ومما يستعان به على فهم الحديث ما ذكرناه من العون على كتاب الله (عز وجل): وهو العلم بلسان العرب ومواقع كلامها، وسعة لغتها، وأشعارها، ومجازها، وعموم لفظ مخاطبتها وخصوصه، وسائر مذاهبها لمن قدر، فهو شيء لايُستغنى عنه، وكان عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يكتب إلى الآفاق: أن يتعلموا السنّة والفرائض واللحن يعني النحو كما يتعلم القرآن» [32]. وقال ابن تيمية:» ولابد في تفسير القرآن والحديث من أن يعرف مايدل على مراد الله ورسوله من الألفاظ، وكيف يفهم كلامه، فمعرفة العربية التي
خوطبنا بها ممّا يُعين على أن نفقه مراد الله ورسوله بكلامه، وكذلك معرفة دلالة الألفاظ على المعاني، فإن عامة ضلال أهل البدع كان بهذا السبب، فإنهم صاروا يحملون كلام الله ورسوله على ما يدّعون أنه دال عليه، ولايكون الأمركذلك .. «[33].
وقال الشاطبي:» المقصود هنا: أن القرآن نزل بلسان العرب على الجملة، فطلب فهمه إنما يكون في هذا الطريق خاصة؛ لأن الله تعالى يقول: (إنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِياً) [يوسف: 2]. وقال: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} [الشعراء: 195]. وقال: {لِّسَانُ الَذِي يُلْحِدُونَ إلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ} [النحل: 103]. إلى غير ذلك مما يدل على أنه عربي وبلسان العرب، لا أنه أعجمي ولا بلسان العجم، فمن أراد فهمه، فمن جهة لسان العرب يُفهم، ولا سبيل إلى تطلّب فهمه من غير هذه الجهة «[34].
________________________
(1) أخرجه: مسلم في الإيمان، ج1 ص64، ح37.
(2) أخرجه مسلم في الصيد والذبائح ج3 ص1547، ح1954.
(3) أخرجه: ابن بطة في الإبانة، ج 1 ص257، وأخرج نحوه عن أبي الدرداء وأبي سعيد الخدري، وأفاد المحقق أن أسانيدها جياد.
(4) عقيدة السلف ص 117.
(5) السنة للخلال ج 3 ص 579.
(6) أخرجه: الترمذي في الأدب ج5 ص 81، ح2738، والحاكم في الأدب ج4 ص265: 266 وإسناده جيد.
(7) أخرجه: عبد الرزاق في الصلاة ج3 ص52 ح 4755، والبيهقي في السنن الكبرى ج2 ص 466 وإسناده صحيح.
(8) شرح العقيدة الطحاوية ص 219: 221.
(9) شرح السنة للبربهاري ص51.
(10) مجموع الفتاوى ج 13 ص 28.
(11) المرجع السابق ج 10 ص 363.
(12) أخرجه: أحمد ج6 ص8 وأبوداود ح4604، والترمذي 2660.
(13) أخرجه: أبوداود ح 3605، والترمذي ح2663، وابن ماجه ح 12.
(14) أخرجه: الخطيب البغدادي في الكفاية ص15.
(15) منهاج السنة النبوية ج3 ص352.
(16) المرجع السابق ج5 ص 233.
(17) أخرجه: مسلم في مقدمة صحيحه ج1 ص 12: 13.
(18) المرجع السابق ج1 ص 15.
(19) المحدث الفاصل ص 416، والكفاية ص21.
(20) منهاج السنة النبوية ج7 ص 61.
(21) المرجع السابق ج7 ص 34: 35.
(22) مجموع الفتاوى ج 3 ص 380.
(23) منهاج السنة النبوية ج 7 ص 167: 168.
(24) مجموع الفتاوى ج1 ص 250.
(25) جامع بيان العلم وفضله ج2 ص 947، ح1810.
(26) الفِصَل في الملل والنحل ج4 ص 148.
(27) أخرجه: أحمد ج4 ص126: 127، وأبوداود ح 4607، والترمذي ح 2676.
(28) الفتاوى ج17 ص353.
(29) الموافقات ج2 ص79.
(30) شرح العقيدة الطحاوية ص 212.
(31) الرسالة ص 50.
(32) جامع بيان العلم وفضله ج2 ص1132.
(33) الفتاوى ج7 ص 116 وانظر: ج7 ص 118: 119 و138 و 169 و286.
(34) الموافقات ج2 ص64.(27/147)
فائدة نفيسة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[03 - 03 - 04, 07:26 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
أما بعد .. فأخوكم في الله تعالى الحنبلي السلفي عضو جديد في هذا الملتقى المبارك و يسرني في بداية مشاركتي معكم أن أتحفكم بهذه التحفة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى،،، حيث قال في شرح العقيدة الأصفهانية ... و أرجو الاهتمام بهذاالكلام ... يقول: ((و هنا أربع مسائل .. مسألتان عقليتان و مسألتان سمعيتان لغويتان ..
الأولى: أن الصفة إذا قامت بمحل عاد حكمها إلى ذلك المحل، فكان هو الموصوف بها، فالعلم و القدرة و الكلام و الحركة و السكون إذا قام بمحل كان ذلك المحل هو العالم القادر المتكلم أو المتحرك أو الساكن.
الثانية: أن حكمها لا يعود على غير ذلك المحل، فلا يكون عالما بعلم يقوم بغيره، ولا قادرا بقدرة تقوم بغير، و لا متكلما بكلام يقوم بغيره، و لا متحركا بحركة تقوم بغيره،،،
و هاتان عقليتان
الثالثة: أنه يشتق لذلك المحل من تلك الصفة اسم، إذا كانت تلك الصفة مما يشتق لمحلها منها اسم، كما إذا قام العلم أو القدرة أو الكلام أو الحركة بمحل قيل عالم أو قادر أو متكلم بخلاف أصناف الروائح ـ كذا في المطبوع ـ التي لا يشتق لمحلها منها اسم.
الرابعة: أنه لا يشتق الاسم لمحل لم يقم به تلك الصفة، فلا يقال لمحل لم يقم به العلم أو القدرة أو الإرادة أو الكلام أو الحركة إنه عالم أو قادر أو مريد أو متكلم أو متحرك .. )) اهـ كلامه
و انظر شرح العقيدة الأصفهانية ففيها بحث محرر نافع ـ إن شاء الله تعالى ـ
ص62 ـ 63 طـ حسنين محمد مخلوف
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أحييكم مرة أخرى، و قد أخبرني أخي محمد بن يوسف رشيد .. رده الله إلى طريق السلف على خير، أخبرني أنه حدثكم عني مرارا فأنا صاحبه الحنبلي الذي كان يحفظ معه متن الزاد .. و ارجو أن نكون إخوة متعاونين على البر و التقوى،، و صلى الله و سلم على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[03 - 03 - 04, 11:19 ص]ـ
مرحبا بك أخي محمد
و على العموم (لما اشوفك)
و أود أن أعلم الإخوة الأفاضل أن الأخ محمد هو أعز أصدقائي و هو رفيق الطلب إلا أنه (حنبلي) .. ابتسامة
ـ[فقير إلى عفو ربه]ــــــــ[04 - 03 - 04, 11:03 ص]ـ
و لله درك من حنبلى حبيب
خمن من أنا؟
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[04 - 03 - 04, 12:16 م]ـ
أكشف لك أخي محمد
هو الأخ / مصـ ..... محـ .....
هل عرفته؟
طبعا أكيد
كيف حالك أخي الفقير أغناك الله من فضله .. طبعا تكتب من أرض الحجاز؟
و إلا فلو كنت رجعت مصر و لم تحادثني،،، فالعواقب وخيمة(27/148)
ما صحة حديث احياء والدي الرسول صلى الله عليه وسلم
ـ[طالب يتعلم]ــــــــ[03 - 03 - 04, 06:22 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سمعت بحديث احياء والدي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وانهما امنا به ثم ماتا ثانية!!
ارجو ممن يعرف شيئا عن درجة الحديث او مظانه في كتب السنة
ان يدلني
وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[03 - 03 - 04, 07:05 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حديث منكر لايصح
والثابت في صحيح مسلم أن أبوي النبي صلى الله عليه وسلم في النار وهما مشركان.
قال ابن كثير في التفسير
وقال الإمام أحمد 199 حدثنا يحيى بن آدم أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الخليل عن علي رضي الله عنه قال سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان فقلت أيستغفر الرجل لأبويه وهما مشركان فقال أولم يستغفر إبراهيم لأبيه فذكرت ذلك للنبي فنزلت (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين) الآية قال لما مات فلا أدري قاله سفيان أو قاله إسرائيل أو هو في الحديث لما مات قلت هذا ثابت عن مجاهد أنه قال لما مات
وقال الإمام أحمد 5355 حدثنا الحسن بن موسى حدثنا زهير حدثنا زبيد بن الحارث اليامي عن محارب بن دثار عن بن بريدة عن أبيه قال كنا مع النبي ونحن في سفر فنزل بنا ونحن قريب من ألف راكب فصلى ركعتين ثم أقبل علينا بوجهه وعيناه تذرفان فقام إليه عمر بن الخطاب وفداه بالأب والأم وقال يا رسول الله مالك قال إني سألت ربي عز وجل في الاستغفار لأمي فلم يأذن لي فدمعت عيناي رحمة لها من النار وإني كنت نهيتكم عن ثلاث نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها لتذكركم زيارتها خيرا ونهيتكم عن لحوم الأضاحي بعد ثلاث فكلوا وامسكوا ما شئتم ونهيتكم عن الأشربة في الأوعية فاشربوا في أي وعاء شئتم ولا تشربوا مسكرا وروى بن جرير من حديث علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن النبي لما قدم مكة أتى رسم قبر فجلس إليه فجعل يخاطب ثم قام مستعبرا فقلنا يا رسول الله إنا رأينا ماصنعت قال إني استأذنت ربي في زيارة قبر أمي فأذن لي واستأذنته في الاستغفار لها فلم يأذن لي فما رئي باكيا أكثر من يومئذ
وقال بن أبي حاتم في تفسيره حدثنا أبي حدثنا خالد بن خداش حدثنا عبد الله بن وهب عن بن جريج عن أيوب بن هانئ عن مسروق عن عبد الله بن مسعود قال خرج رسول الله يوما إلى المقابر فاتبعناه فجاء حتى جلس إلى قبر منها فناجاه طويلا ثم بكى فبكينا لبكائه ثم قام فقام إليه عمر بن الخطاب فدعاه ثم دعانا فقال ما أبكاكم فقلنا بكينا لبكائك قال إن القبر الذي جلست عنده قبر آمنة وإني استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي ثم أورده من وجه آخر ثم ذكر من حديث بن مسعود قريبا منه وفيه وإني استأذنت ربي في الدعاء لها فلم يأذن لي وأنزل علي (ما كان للنبي والذين آمنوا) الآية فأخذني ما يأخذ الولد للوالد وكنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر الآخرة
حديث آخر في معناه
قال الطبراني حدثنا محمد بن علي المروزي حدثنا أبو الدرداء عبد العزيز بن منيب حدثنا إسحاق بن عبد الله بن كيسان عن أبيه عن عكرمة عن بن عباس أن رسول الله لما أقبل من غزوة تبوك واعتمر فلما هبط من ثنية عسفان أمر أصحابه أن استندوا إلى العقبة حتى أرجع إليكم فذهب فنزل على قبر أمه فناجى ربه طويلا ثم إنه بكى فاشتد بكاؤه وبكى هؤلاء لبكائه وقالوا مابكى نبي الله بهذا المكان إلا وقد أحدث الله في أمته شيئا لا تطيقه فلما بكى هؤلاء قام فرجع اليهم فقال ما يبكيكم قالوا يانبي الله بكينا لبكائك فقلنا لعله أحدث في أمتك شيء لا تطيقه قال لا وقد كان بعضه ولكن نزلت على قبر أمي فسألت الله أن يأذن لي في شفاعتها يوم القيامة فأبى الله أن يأذن لي فرحمتها وهي أمي فبكيت ثم جاءني جبريل فقال (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه) فتبرأ أنت من أمك كما تبرأ إبراهيم من أبيه فرحمتها وهي أمي ودعوت ربي أن يرفع عن أمتي أربعا فرفع عنهم اثنتين وأبى أن يرفع عنهم اثنتين ودعوت ربي أن يرفع عنهم الرجم من السماء والغرق من الأرض وأن لا يلبسهم شيعا وأن لا يذيق بعضهم بأس بعض فرفع الله عنهم الرجم من السماء والغرق من الأرض وأبى الله أن يرفع عنهم القتل والهرج وإنما عدل إلى قبر أمه لأنها كانت مدفونة تحت كداء وكانت عسفان لهم
وهذا حديث غريب وسياق عجيب
وأغرب منه وأشد نكارة
مارواه الخطيب البغدادي في كتاب السابق واللاحق بسند مجهول عن عائشة في حديث فيه قصة أن الله أحيا أمه فآمنت ثم عادت
وكذلك مارواه السهيلي في الروض بسند فيه جماعة مجهولون إن الله أحيا له أباه وأمه فآمنا به
وقد قال الحافظ بن دحية في هذا الاستدلال بما حاصله أن هذه حياة جديدة كما رجعت الشمس بعد غيبوبتها فصلى على العصر قال الطحاوي وهو حديث ثابت يعني حديث الشمس
قال القرطبي فليس إحياؤهما يمتنع عقلا ولا شرعا قال وقد سمعت أن الله أحيا عمه أبا طالب فآمن به
قلت وهذا كله متوقف على صحة الحديث فإذا صح فلا مانع منه والله أعلم) انتهى.
فتبين لنا أن الروايات ضعيفة ولاتصح
وللسيوطي رسالة هزيلة في كتابه الحاوي (2/ 402 - 444) يحاول أن يثبت فيها نجاة أبوي النبي صلى الله عليه وسلم ويتعسف ويتكلف في مخالفة الأدلة الصحيحة، فالله المستعان.
وللملا علي القاري رسالة مفيدة وهي (أدلة معتقد أبي حنيفة في أبوي الرسول عليه السلام)
أثبت فيها الحق في هذه المسألة ورد على من قال بنجاتهما بأدلة سديدة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/149)
ـ[الدوسري]ــــــــ[03 - 03 - 04, 07:11 م]ـ
الشيخ عبد الرحمن الفقيه:
سمعت أن الملا علي القاري رحمه الله قد تراجع عن قوله هذا
وما ردكم على من قال أنهما من أهل الفترة؟
وتقبل تحياتي على مجهودك الرائع في هذا الملتقى المبارك
فأنت بحق أحد الشخصيات المميزة فيه
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[03 - 03 - 04, 07:23 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفاضل
وأما الدليل فهو الأحاديث الصحيحة
ومن يقول بنجاة أبوي النبي صلى الله عليه وسلم فهو مخالف للسنة الصحيحة الصريحة وليس عنده ما يقاومها
وأما كون الملا علي القاري رحمه الله تراجع أو لم يتراجع فإن هذا لايضر، فالعبرة بالدليل وليس بالشخص، ومع ذلك يحتاج إلى إثبات تراجعه عن ذلك.
وأما الاحتجاج بأنهم من أهل الفترة فهذا احتجاج ضد السنة
ومع ذلك فقد ذكر القرافي الإجماع على أن موتى الجاهلية يعذبون على كفرهم
قال القرافي في شرح تنقيح الفصول ص 297 (حكاية الخلاف في أنه عليه الصلاة والسلام كان متعبدا قبل نبوته بشرع من قبله يجب أن يكون مخصوصا بالفروع دون الأصول، فإن قواعد العقائد كان الناس في الجاهلية مكلفين بها إجماعا، ولذلك انعقد الإجماع على أن موتاهم في النار يعذبون على كفرهم، ولولا التكليف لما عذبوا، فهو عليه الصلاة والسلام متعبد بشرع من قبله -بفتح الباء -بمعنى مكلف لامرية فيه، إنما الخلاف في الفروع خاصة، فعموم إطلاق العلماء مخصوص بالإجماع) انتهى.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=262425#post262425
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[03 - 03 - 04, 07:36 م]ـ
قال الإمام مسلم في صحيحه 203 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رجلا قال يا رسول الله أين أبي قال في النار فلما قفي دعاه فقال إن أبي وأباك في النار
وقال 976 حدثنا يحيى بن أيوب ومحمد بن عباد واللفظ ليحيى قالا حدثنا مروان بن معاوية عن يزيد يعني بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي
976 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب قالا حدثنا محمد بن عبيد عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال زار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكر الموت
فهذه الأحاديث صحيحة صريحة، يجب على المؤمن المتبع للحق أن يؤمن بها
آمنا بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقناه.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[03 - 03 - 04, 08:45 م]ـ
من كتاب الحوار الهادي مع الشيخ القرضاوي
2– حديث إن أبي وأباك في النار
قال فضيلة الشيخ القرضاوي في الكتاب المشؤوم نفسه (ص97): «ومثل ذلك الحديث الذي رواه مسلم عن أنس مرفوعاً: "إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ". قاله جواباً لمن سأله عن أبيه أين هو؟ وقلت (الكلام للشيخ القرضاوي): ما ذنب عبد الله بن عبد المطلب حتى يكون في النار، وهو من أهل الفترة؟ والصحيح أنهم ناجون!!! ومن ناحية أخرى: ما ذنب أبي الرجل السائل؟ والظاهر أن أباه مات قبل الإسلام. لهذا توقفت في الحديث حتى يظهر لي شيء يشفي الصدر. أما شيخنا الغزالي فقد رفض الحديث صراحة لأنه ينافي قوله تعالى: ?وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً?. ولكني أوثر في الأحاديث الصحاح التوقف فيها دون ردها بإطلاق!» انتهى.
أقول: ما أجرأ القرضاوي على أحاديث النبي ? –بأبي وأمي هو–. فكلمة والصحيح: تعني أن ما قاله النبي ? ليس بصحيح. ثم استشهد بكلام شيخه العقلاني الغزالي بأنه رد الحديث صراحة. أقول: قاتل الله أهل الأهواء الذين يقدمون عقولهم الناقصة على أحاديث النبي ?. قال الإمام النووي –رحمه الله– معلقاً على الحديث في شرحه لصحيح مسلم (3\ 79): «فيه أن من مات على الكفر فهو من أهل النار ولا تنفعه قرابة المقربين. وفيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار. وليس هذا مؤاخذه قبل بلوغ الدعوة، فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء –صلوات الله تعالى وسلامه عليهم–». وما ذهب إليه الإمام النووي هو ما دلت عليه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/150)
الأحاديث الصحيحة المستفيضة منها:
1. قوله ?: «رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبة في النار. كان أول من سيب السوائب». أخرجه الشيخان.
2. سألته أمنا عائشة ?: «يا رسول الله. ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحِم ويطعم المسكين. فهل ذاك نافعه؟». فقال: «لا ينفعه. إنه لم يقل يوماً: ربِّ اغفر لي خطيئتي يوم الدين» أخرجه مسلم.
3. رؤيته ? في صلاة الكسوف صاحب المحجن يجر قصبة في النار، لأنه «كان يسرق الحاج بمحجنه». أخرجه مسلم.
وقد بسط الكلام في عدم نجاة الوالدين العلامة إبراهيم الحلبي في رسالة مستقلة، وكذلك العلامة الحنفي الملاّ علي بن سلطان القارئ (ت1014هـ) في "شرح الفقه الأكبر"، وفي رسالة مستقلة أسماها: "أدلة معتقد أبي حنيفة الأعظم في أبوي الرسول عليه الصلاة والسلام". وقد أثبت بذلك الكتاب تواتر الأدلة والأحاديث على صِحّة معنى هذا الحديث وعدم نجاة والدي الرسول –عليه أتمّ الصلاة والتسليم–. وقد نقل الإجماع على تلك القضية فقال في ص84: «وأما الإجماع فقد اتفق السلف والخلف من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وسائر المجتهدين على ذلك، من غير إظهار خلافٍ لما هُنالك. والخلاف من اللاحق لا يقدح في الإجماع السابق، سواء يكون من جنس المخالف أو صنف الموافق».
ومن الواضح أن الشيخ القرضاوي قد تأثر شديد التأثر بالغزالي في كثير من أقواله، حيث يقول الغزالي الهالك: «أما الذي أرفضه وقد حاربته بضراوة، فهو سفاهة بعض الأولاد الذين يتنقلون في العالم الإسلامي، وينشئون عقيدة جديدة (!!) أن أبا الرسول وأمه في النار». وهكذا يصبح جميع علماء المسلمين من السلف الصالح مجرد أولاد سفهاء يحاربهم الغزالي بضراوة. هذا الغزالي هو الذي يقول في الحديث الصحيح المتواتر الذي أخرجه الإمام مسلم "إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ": «هذا حديث يخالف القرآن، حطّه تحت رجليك (!!)». فلا حول و لا قوة إلا بالله. و هذا في شريط مسجل في تاريخ 5/ 4/1988م، و في مناقشة رسالة العبد الشريفي في جامعة الجزائر المركزية. فتأمّل قلة أدب هذا المعتزلي الغزالي مع حديث رسول الله ? –بأبي وأمي هو– وقوله «حطه تحت رجليك». فهذا من الإيذاء المتعمد لرسول الله ?، والله تعالى يقول: ?إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً? (الأحزاب:57). وهي أشد بمراتٍ من قول أحد المنافقين: «ما أرى قراءنا هؤلاء إلا أرغبنا بطوناً، وأكذبنا ألسنةً، وأجبننا عند اللقاء» كما سيمر معنا في بحث الرد على المرجئة بإذنه تعالى.
ومن الملاحظ أن الشيخ القرضاوي قد فاق شيخه تدليساً وتلبيساً. فالغزالي كان يُصرِّح بردِّ السُّنة، ويُقِرُّ الضلال علانيةًً. ومن هنا وقف علماء السنة بوجه كتابه بقوةٍ وحزم، حتى تركه الناس وأفل نجمه. ولكن الشيخ القرضاوي يميل إلى المكر والمراوغة لإقرار وتثبيت باطله، نسأل الله السلامة والعافية. وقوله أنه لا يفضّل رد الحديث الصحيح بإطلاق، هو تلبيسٌ واضحٌ لأنه قد ردّ الحديث فعلاً! فرسول الله الصادق الأمين ? –الذي لا ينطق عن هو إن هو إلا وحيٌ يوحى– يقول بصراحة للرجل: «إن أبي وأباك في النار». والقرضاوي ينكر ذلك ويقول: «والصحيح أنهم ناجون». فمن الصادق ومن الكذّاب؟
ـ[صالح العقيلي]ــــــــ[04 - 03 - 04, 08:31 ص]ـ
الأخ الكريم .. الحق والصواب .. أنهما ماتا على الشرك ..
وأما الحديث .. فهو حديث موضوع مكذوب مختلق مصنوع ..
وانظر إلى ما قاله أهل العلم ..
إحياء والدي النبي صلى الله عليه وسلم وأنهما آمنا به ثم ماتا.
قال ابن الجوزي (حديث موضوع بلا شك ومن وضعه قليل الفهم عديم العلم)
فضلاً عن معارضته لحديث مسلم في الصحيح:
استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي.
وقال أبو الفضل بن ناصر: هذا حديث موضوع.
وقال الإمام الذهبي: قبح الله واضعه ,
وقال ابن كثير هذا حديث منكر جداً وقد ثبت في الصحيح ما يعارضه.
وقال ابن دحية: حديث موضوع
وأقره الملا علي القاري والقاوقجي وممن حكم ببطلانه الأئمة:
الدارقطني والجوزقاني وابن عساكر وابن حجر والبيروتي.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل ..
ـ[محمد عبادي]ــــــــ[04 - 03 - 04, 08:45 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/151)
ذكر القرافي الإجماع على أن موتى الجاهلية يعذبون على كفرهم
ولكن هل يجب اعتقاد خلودهم في النار؟؟
واذا كان مشركوا الجاهلية يعتقدون بالله ويعترفون بألوهيته،أفلا يدخلون في حديث: أخرجوا من النار من كان في قلبه أدنى أدنى مثقال حبة من خردل من إيمان - أخرجه البخاري (رقم 7510) ومسلم (رقم 192)
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[04 - 03 - 04, 10:45 ص]ـ
وماذا عن قوله تعالى:
{لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [القصص: 46]،
{لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} [السجدة: 3]،
{وَمَا آتَيْنَاهُم مِّن كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِن نَّذِيرٍ} [سبأ: 44].
وقال الإمام الطبري في تفسير قوله تعالى: {وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير} سبأ (44): وما أرسلنا إلى هؤلاء المشركين من قومك يا محمد فيما يقولون ويعملون قبلك من نبي ينذرهم بأسنا عليه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
وقال تعالى:
وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا.
وما المانع أن يكون الراوي روى الحديث بالمعنى وأصله عن سعد يعني ابن أبي وقاص أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أين أبي قال في النار قال فأين أبوك قال حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار
رواه البزار والطبراني في الكبير وزاد فأسلم الأعرابي فقال لقد كلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعناء ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار
قال الهيثمي في مجمع الزوائد ج: 1 ص: 117 ورجاله رجال الصحيح
ورواه ابن ماجه عن ابن عمر وقال البوصيري في مصباح الزجاجة ج: 2 ص: 43
هذا إسناد صحيح
وظنها الراوي تعني ما ذهب إليه فنقلها بالمعنى.
وليس هذا ردا للحديث لكن توقف في لفظة فيه، وهذا فعله العلماء كثيرا
فأصل الحديث صحيح لكن فيه لفظة تعارض ما هو أقوى.
ولا أدري من أين جاء القائل بقوله:
هذا الغزالي هو الذي يقول في الحديث الصحيح المتواتر الذي أخرجه الإمام مسلم "إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ":
سبحان الله!!!!!!!!!
كيف صار هذا الحديث متواترا.
في انتظار إثبات هذه الدعوى.
أما التوقف في الحديث، فليست قطعا رد له، بل هو تأني عند الباحث، لينظر هل للحديث طرق أخرى توضح المراد، أو تفسر المبهم.
ثم هذا الحديث في أبي النبي صلى الله عليه وآله وسلم فمن أين جيء من صحيح مسلم أن أمه عليه السلام أنها في النار.
والذي رأيته أعلاه هو عدم الإذن في الاستغفار،
هذا ما عزي لمسلم فإن كان هناك غير ذلك أنها في النار فأين هو؟
أما من ادعى الإجماع على أن أهل الفترة في النار فهو معارض بما في القرآن كما هو أعلاه
وبالسنة أن أهل الفترة يمتحنون كما جاء في عدة روايات
ففي مجمع الزوائد ج: 7 ص: 215
باب فيمن لم تبلغه الدعوة ممن مات في فترة وغير ذلك
عن الأسود بن سريع أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال اربعة يوم القيامة رجل أصم لا يسمع شيئا ورجل أحمق ورجل هرم ورجل مات في فترة فأما الأصم فيقول لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئا وأما الأحمق فيقول يا رب لقد جاء الإسلام والصبيان يحذفوني بالبعر وأما الهرم فيقول يا رب لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئا وأما الذي مات في فترة فيقول ما أتاني لك رسول فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه فيرسل إليهم أن ادخلوا النار فوالذي نفسي بيده لو دخلوها كانت عليهم بردا وسلاما
رواه أحمد والبزار إلا أنه قال يعرض على ا لله الأصم الذي لا يسمع شيءا والأحمق والهرم ورجل مات في الفترة
رواه الطبراني بنحوه وذكر بعده إسنادا إلى أبي هريرة قالا بمثل هذا الحديث غير أنه قال في آخره فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما ومن لم يدخلها يسحب إليها هذا لفظ أحمد ورجاله في طريق الأسود بن سريع وأبي هريرة رجال الصحيح وكذلك رجال البزار فيهما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/152)
وعن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بأربعة يوم القيامة بالمولود وبالمعتوه وبمن مات في الفترة وبالشيخ الفاني كلهم يتكلم بحجته فيقول الرب تبارك وتعالى لعنق من النار أبرز فيقول لهم إني كنت أبعث إلى عبادي رسلا من أنفسهم وإني رسول نفسي إليكم ادخلوا هذه فيقول من كتب عليه الشقاء يا رب أين ندخلها ومنها كنا نفر قال ومن كتب عليه السعادة يمضي فيتقحم فيها مسرعا قال فيقول الله تبارك وتعالى أنتم لرسلي أشد تكذيبا ومعصية فيدخل هؤلاء الجنة وهؤلاء النار
رواه أبو يعلى والبزار بنحوه وفيه ليث بن أبي سليم وهو مدلس وبقية رجال أبي يعلى رجال الصحيح
إلخ ...
اهـ
وغير هذه الأحاديث
وهنا النص أقوى من هذه الدعوى
أما كلام الإمام النووي –رحمه الله– معلقاً على الحديث في شرحه لصحيح مسلم (3\ 79): «فيه أن من مات على الكفر فهو من أهل النار ولا تنفعه قرابة المقربين. وفيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار. وليس هذا مؤاخذه قبل بلوغ الدعوة، فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء –صلوات الله تعالى وسلامه عليهم–».
قلت هو معارض بالآية أعلاه، وعندي أنه محمول على من قرب عهده من دعوة إبراهيم عليه السلام قبل التغيير
وإلا لما كان هناك فترة أصلا، لأن أطول فترة عرفت في تاريخ الرسل هي ما بين نبينا وعيسى عليهما الصلاة والسلام
600 سنة أو أكثر.
فمن أنكر الفترة فقد أنكر معلوما من الدين بالضرورة لأنها صريح القرآن
قال تعالى في سورة المائدة:
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره
يقول تعالى مخاطبا أهل الكتاب من اليهود والنصارى بأنه قد أرسل إليهم رسوله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم خاتم النبيين الذي لا نبي بعده ولا رسول بل هو المعقب لجميعهم ولهذا قال " على فترة من الرسل " أي بعد مدة متطاولة ما بين إرساله وعيسى ابن مريم
http://quran.al-islam.com/Tafseer/DispTafsser.asp?l=arb&taf=
قال الشيخ الألباني :
ATHEER&nType=1&nSora=5&nAya=19
والله أعلم،
وكما يعلم الإخوة أننا هنا نتناقش لمعرفة الصواب، وليس الغرض هو تخطئة بعضنا البعض، لكننا جميعا إن شاء الله نتوجه بقلوبنا وعقولنا لفهم أحاديث الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم على الوجه الذي يرضي الله تعالى
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وفي انتظار ملاحظات الإخوة الأفاضل
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[06 - 03 - 04, 02:42 ص]ـ
قال محمد عبادي
ذكر القرافي الإجماع على أن موتى الجاهلية يعذبون على كفرهم
ولكن هل يجب اعتقاد خلودهم في النار؟؟
واذا كان مشركوا الجاهلية يعتقدون بالله ويعترفون بألوهيته،أفلا يدخلون في حديث: أخرجوا من النار من كان في قلبه أدنى أدنى مثقال حبة من خردل من إيمان - أخرجه البخاري (رقم 7510) ومسلم (رقم 192)
----------------------------------
وهذا الكلام الذي ذكره خطير جدا، ونذكره بقوله تعالى (إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة)
وغيرها من الآيات الكثيرة والأحاديث التي تدل على عدم دخول المشركين الجنة
والشرك محبط للأعمال
يقول تعالى (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين)
ويقول تعالى (إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء)
ويجب على المسلم اعتقاد خلود المشركين في النار كما قال تعالى (وماهم منها بمخرجين).
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[06 - 03 - 04, 09:22 ص]ـ
الشيخ عبد الرحمن الفقيه
لكن السؤال هو عمن لم تبلغه الدعوة.
فمثلا معروف أن معظم النصارى كانوا مشركين في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعقيدتهم الشرك بنص القرآن
لكن الله سبحانه وتعالى قال لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون
وقال تعالى لأنذركم به ومن بلغ
وفي الحديث الذي رواه مسلم:
ج: 1 ص: 134
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار
وفي مجمع الزوائد ج: 8 ص: 261
عن أبي موسى رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني لا يؤمن بي إلا كان من أهل النار
وفي رواية فلم يؤمن بي لم يدخل الجنة
قال رضي الله عنه ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في كتاب الله عز وجل فقرأت فوجدت ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده
قال الهيثمي رواه الطبراني واللفظ له وأحمد بنحوه في الروايتين ورجال أحمد رجال الصحيح والبزار أيضا باختصار
قلت فمفهوم المخالفة في هذا الحديث أن من لم يسمع برسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لا يحكم له بجنة ولا نار، لكن حكمه حكم أهل الفترة.
فيمتحن يوم القيامة كما في الأحاديث السابقة.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
فما رأيكم وفقكم الله؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/153)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[06 - 03 - 04, 02:48 م]ـ
الأخ الفاضل راجي رحمة ربه
هذا الموضوع الذي تريد بحثه هو موضوع آخر غير الذي نحن فيه، فأبوي النبي صلى الله عليه وسلم ماتا على الشرك وهما في النار بنص الأحاديث الصحيحة، فإن أردت مناقشة موضوع جديد حول مسألة أحاديث الفترة وغيرها فيكون في موضوع مستقل، فكما قال أهل العلم إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، فهنا جاءت أحاديث صحيحة صريحة في موت أبوي النبي صلى الله عليه وسلم على الشرك، فحتى على القول بنجاة أهل الفترة فلا يدخل فيها أبوي النبي صلى الله عليه وسلم لثبوت النص الصريح في ذلك.
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[07 - 03 - 04, 01:22 ص]ـ
أخي الكريم راجي رحمة ربه _ وفقه الله _
الأحاديث الصحيحة الدالة على أن أبوي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وغيرهما من مشركي العرب الذين ورد فيهم نص بخصوصهم أنهم في النار، يجمع بينها وبين الأحاديث الدالة على أن أهل الفترة يمتحنون من وجهين:
1) الوجه الأول:
أن يقال هم أهل فترة وسيمتحنون يوم القيامة فلا ينجحون في الامتحان وسيقضى بهم إلى النار لورود النص بذلك، فأحاديث امتحان أهل الفترة عامة، وأحاديث أبوي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خاصة، ولا تعارض بين عام وخاص، بل الخاص يقضي على العام كما هو معلوم، وكما سبق أن بين شيخنا الشيخ عبد الرحمن الفقيه حفظه الله.
2) الوجه الثاني:
أن يقال إن أهل مكة لم يكونوا أهل فترة قبل بعثة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأنهم بلغهم دعوة إبراهيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلى التوحيد وكان فيهم حنفاء يعبدون الله وحده ولا يشركون به شيئا وكانوا يدعونهم إلى التوحيد وينهونهم عن الشرك فقامت الحجة عليهم بذلك، وهذا لا ينافي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث على فترة من الرسل، لأن كون الزمان زمان فترة لا يمنع وجود بقية من دعوة الرسل في بعض أنحاء الأرض، وراجع هذين الرابطين ففيهما مزيد فائدة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=9174&highlight=%C7%E1%DD%CA%D1%C9
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1439&highlight=%C7%E1%DD%CA%D1%C9
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[07 - 03 - 04, 08:46 ص]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة راجي رحمة ربه
وما المانع أن يكون الراوي روى الحديث بالمعنى وأصله عن سعد يعني ابن أبي وقاص أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أين أبي قال في النار قال فأين أبوك قال حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار
رواه البزار والطبراني في الكبير وزاد فأسلم الأعرابي فقال لقد كلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعناء ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار
قال الهيثمي في مجمع الزوائد ج: 1 ص: 117 ورجاله رجال الصحيح
ورواه ابن ماجه عن ابن عمر وقال البوصيري في مصباح الزجاجة ج: 2 ص: 43
هذا إسناد صحيح
وظنها الراوي تعني ما ذهب إليه فنقلها بالمعنى.
وليس هذا ردا للحديث لكن توقف في لفظة فيه، وهذا فعله العلماء كثيرا
فأصل الحديث صحيح لكن فيه لفظة تعارض ما هو أقوى.
أولا:
حديث الصحيح _ صحيح مسلم _ هو من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس وهو طريق لا مطعن فيه كما يعرف الجميع وقد احتج به مسلم في الصحيح
ثانيا:
حديث سعد بن أبي وقاص حديث ضعيف لا يصح والصواب فيه أنه مرسل وقد أخطأ من وصله
فمن يريبد أن يعل حديثا في صحيح مسلم أو غيره من كتب السنة مما اشترط أصحابها الصحة فلا بد أن يأتي بحجة قوية بينة
أما أن يأتي بالضعيف ليعل به الصحيح فهذا من العجائب
ولا أدري من الواهم _ بزعمه _ في هذا المتن
هل هو أنس رضي الله عنه أم من دونه
ونحن بانتظار الدليل على هذا القول
ورد السنة أو الأحاديث الصحيحة لا يكون برب ولعل ونحوها من العبارات التي لا تسمن ولا تغني من جوع
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة راجي رحمة ربه
ثم هذا الحديث في أبي النبي صلى الله عليه وآله وسلم فمن أين جيء من صحيح مسلم أن أمه عليه السلام أنها في النار.
والذي رأيته أعلاه هو عدم الإذن في الاستغفار،
هذا ما عزي لمسلم فإن كان هناك غير ذلك أنها في النار فأين هو؟
أقول إن أم النبي صلى الله عليه وسلَّم مشركة من أهل النار، ولو تأمل هذا الأخ سبب نزول الآية في كتب التفسير لتبين له سبب منع النبي صلى الله عليه وسلَّم من الاستغفار لأمه
{ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى، من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم}
فأمه مشركة من أهل النار وهذا هو سبب نهيه عن الاستغفار لها
وإن كان هناك سبب غير هذا فليأتنا به
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة راجي رحمة ربه
أما كلام الإمام النووي –رحمه الله– معلقاً على الحديث في شرحه لصحيح مسلم (3\ 79): «فيه أن من مات على الكفر فهو من أهل النار ولا تنفعه قرابة المقربين. وفيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار. وليس هذا مؤاخذه قبل بلوغ الدعوة، فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء –صلوات الله تعالى وسلامه عليهم–».
قلت هو معارض بالآية أعلاه، وعندي أنه محمول على من قرب عهده من دعوة إبراهيم عليه السلام قبل التغيير
زيد بن عمرو بن نفيل لقيه النبي صلى الله عليه وسلَّم وجلس معه وقد كان على دين إبراهيم عليه السَّلام
وكان يقول لقريش: [كما في صحيح البخاري]
يا معاشر قريش والله ما منكم على دين إبراهيم غيري.
فهل كانوا يجهلون دين إبراهيم؟!
وها هو يقيم عليهم الحجة ويعظهم عن الأفعال الشنيعة التي كانوا يفعلونها
يظهر من كلام زيد بن عمرو بن نفيل أنهم يدَّعون أنهم على ملة إبراهيم ولكنها دعوى عارية كاذبة
والله أعلم وأحكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/154)
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[07 - 03 - 04, 04:49 م]ـ
هل الإحالة على صحيح مسلم أم كتب التفسير.
ثم في انتظار تبيين موضع الإرسال.
لأن دعوى الإرسال ينقضها أن البوصيري صرح بتصحيح الإسناد كما مصباح الزجاجة ج: 2 ص: 43 فقال: هذا إسناد صحيح
والزيادة التي فيه ترجح صحة لفظه وهي أنه لما قال له فأين أبوك قال حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار
في رواية أنه لما أسلم الأعرابي قال لقد كلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعناء ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار
فهذه الزيادة تقوي صحة لفظ هذا الطريق وأن ما في مسلم مروي بالمعنى وحماد من رجال مسلم دون البخاري.
ثم لنفترض إن تمسك البعض بصحة لفظ صحيح مسلم، فقد قال بعض العلماء أن أبي يعني عمي
لأنه صلى الله عليه وآله وسلم صرح باسم أبي طالب وأنه في النار.
وهناك فائدة وهي أنه حديث متفق عليه وفيه أنه أهون أهل النار عذابا
فلو كان أهون أهل النار عذابا
وهو قد أدرك البعثة وعاش زمنا أقيمت عليه الحجة بل وعرض عليه الإسلام مرارا، وعرف وتيقن من صدق الرسالة المحمدية
فإن كان هو أهون أهل النار عذابا
فماذا يقال فيمن لم يدرك البعثة، ولم يعرض عليه الإسلام، ولم يعش زمانا يعرف فيه الرسالة
فأبو النبي صلى الله عليه وآله وسلم مات في العشرين من عمره
وأمه عليه الصلاة والسلام ماتت وهي نحو ذلك.
فإن كان أبو طالب أهون أهل النار عذابا فمن هو دونه في العذر، لابد أن يكون خارج النار إذ لا يناسب أن يكون مثله.
ثم أن اللغة تحتمل استعمال لفظة الأب للدلالة على العم
بخلاف الوالد، فهي لا تطلق إلا على الأب الحقيقي. وبهذا يجمع بين الأحاديث الصحيحة والآيات القرآنية القطعية في دلالتها والمتضافرة على عدم تعذيب أهل الفترة ممن لم يبعث لهم رسول يرشدهم لطريق الحق.
أما عدم الإذن بالاستغفار فله عدة محامل.
والله الموفق.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[07 - 03 - 04, 11:44 م]ـ
نعم، نعوذ بالله من رد الأحاديث الصحيحة بحجج واهية
وكلنا يؤمن إيمانا جازما بأن الاحتجاج إنما يكون بكتاب الله تعالى والسنة الصحيحة بإذن الله،
أما الخطأ في الفهم، فكلنا عرضة له
نسأل الله التوفيق والسداد
وجعلنا الله جميعا من أتباع الكتاب والسنة لا نحيد عنهما إن شاء الله ما حيينا.
آمين
===================
وما كنت أشرت له أنه ليس في حديث مسلم الحكم بأن أمه عليه الصلاة والسلام من أهل النار، كما أطلق الأخ خالد بن عمر وغيره.
نعم لم تدرك البعثة، نعم لم تدرك الإسلام، نعم لم ....
أما بالنسبة لحديث مسلم فليس فيه هذا الإطلاق
فالوقوف على لفظ الحديث، وعدم التقدم بين يدي الله ورسوله هو ما كنت أرمي له.
قال السندي في شرح سنن النسائي:
إن الاستغفار فرع تصور الذنب وذلك في أوان التكليف ولا يعقل ذلك فيمن لم تبلغه الدعوة فلا حاجة إلى الاستغفار لهم فيمكن أنه ما شرع الاستغفار إلا لأهل الدعوة لا لغيرهم وإن كانوا ناجين
فالله أعلم
ـ[ yousef] ــــــــ[07 - 03 - 04, 11:44 م]ـ
لأحاديث الصحيحة الدالة على أن أبوي النبي وغيرهما من مشركي العرب الذين ورد فيهم نص بخصوصهم أنهم في النار، يجمع بينها وبين الأحاديث الدالة على أن أهل الفترة يمتحنون من وجهين:
1) الوجه الأول:
أن يقال هم أهل فترة وسيمتحنون يوم القيامة فلا ينجحون في الامتحان وسيقضى بهم إلى النار لورود النص بذلك، فأحاديث امتحان أهل الفترة عامة، وأحاديث أبوي النبي خاصة، ولا تعارض بين عام وخاص، بل الخاص يقضي على العام كما هو معلوم، وكما سبق أن بين شيخنا الشيخ عبد الرحمن الفقيه حفظه الله.
2) الوجه الثاني:
أن يقال إن أهل مكة لم يكونوا أهل فترة قبل بعثة النبي لأنهم بلغهم دعوة إبراهيم إلى التوحيد وكان فيهم حنفاء يعبدون الله وحده ولا يشركون به شيئا وكانوا يدعونهم إلى التوحيد وينهونهم عن الشرك فقامت الحجة عليهم بذلك، وهذا لا ينافي أن النبي بعث على فترة من الرسل، لأن كون الزمان زمان فترة لا يمنع وجود بقية من دعوة الرسل في بعض أنحاء الأرض.
جزا الله خيراً أبا خالد السلمي، فلم أر أحسن من جوابه وجمعه بين الأحاديث الصحيحة، ولقد تتبعت الكلام من بدايته وبقي في نفسي شيء حتى زال برد أخينا الفاضل وجمعه بين الأحاديث.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[08 - 03 - 04, 05:04 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/155)
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة yousef
جزا الله خيراً أبا خالد السلمي، فلم أر أحسن من جوابه وجمعه بين الأحاديث الصحيحة.
صدقت
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[11 - 03 - 04, 09:40 ص]ـ
هناك نقول حول المسألة سأضعها قريبا إن شاء الله
ولكن نحن بانتظار الدليل على الدعوى التي نقلها الأخ من كلام _ السيوطي _ في رسالته المشهورة " مسالك الحنفا " أو غيرها من الرسائل التي ألفها حول هذه القضية
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة راجي رحمة ربه
وما المانع أن يكون الراوي روى الحديث بالمعنى وأصله عن سعد يعني ابن أبي وقاص أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أين أبي قال في النار قال فأين أبوك قال حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار
رواه البزار والطبراني في الكبير وزاد فأسلم الأعرابي فقال لقد كلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعناء ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار
قال الهيثمي في مجمع الزوائد ج: 1 ص: 117 ورجاله رجال الصحيح
ورواه ابن ماجه عن ابن عمر وقال البوصيري في مصباح الزجاجة ج: 2 ص: 43
هذا إسناد صحيح
وظنها الراوي تعني ما ذهب إليه فنقلها بالمعنى.
وليس هذا ردا للحديث لكن توقف في لفظة فيه، وهذا فعله العلماء كثيرا
فأصل الحديث صحيح لكن فيه لفظة تعارض ما هو أقوى.
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة خالد بن عمر
أولا:
حديث الصحيح _ صحيح مسلم _ هو من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس وهو طريق لا مطعن فيه كما يعرف الجميع وقد احتج به مسلم في الصحيح
ثانيا:
حديث سعد بن أبي وقاص حديث ضعيف لا يصح والصواب فيه أنه مرسل وقد أخطأ من وصله
فمن يريبد أن يعل حديثا في صحيح مسلم أو غيره من كتب السنة مما اشترط أصحابها الصحة فلا بد أن يأتي بحجة قوية بينة
أما أن يأتي بالضعيف ليعل به الصحيح فهذا من العجائب
ولا أدري من الواهم _ بزعمه _ في هذا المتن
هل هو أنس رضي الله عنه أم من دونه
ونحن بانتظار الدليل على هذا القول
ورد السنة أو الأحاديث الصحيحة لا يكون برب ولعل ونحوها من العبارات التي لا تسمن ولا تغني من جوع
وادعى [السيوطي] دعوى ثانية بأن معمرا روى الحديث عن ثابت بلفظ غير هذا اللفظ ((إن أبي وأباك في النار)) وأن معمرا أثبت من حماد
وهذا تدليس ومحاولة إخفاء الحقائق حتى ينتصر لباطله
ومعلوم لدى الجميع أن حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت ومن خالفه في رواية ثابت فهو المخطيء
وأما معمر فإن روايته عن ثابت مضطربة وفيها أوهام كما نصَّ على ذلك الأئمة رحمهم الله
قال ابن رجب رحمه الله في شرح علل الترمذي:
أصحاب ثابت البُناني:
وفيهم كثرة، وهم ثلاث طبقات:
الطبقة الأولى: الثقات:
كشعبة، وحماد بن زيد، وسليمان بن المغيرة، وحماد بن سلمة، ومعمر.
وأثبت هؤلاء كلهم في ثابت حماد بن سلمة، كذا قال أحمد في رواية ابن هانئ: ((ما أحد روى عن ثابت أثبت من حماد بن سلمة)).
وقال ابن معين: ((حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت البناني)).
وقال أيضاً: ((حماد بن سلمة أعلم الناس بثابت، ومن خالف حماد ابن سلمة في ثابت فالقول قول حماد)).
وقال ابن المديني: ((لم يكن في أصحاب ثابت أثبت من حماد ابن سلمة، ثم من بعده سليما بن المغيرة، ثم من بعده حماد بن زيد، وهي صحاح)) يعني أحاديث هؤلاء الثلاثة عن ثابت.
وقال أبو حاتم الرزاي: ((حماد بن سلمة في ثابت وعلي بن زيد أحب إلىّ من همام، وهو أحفظ الناس، وأعلم بحديثهما، بيّن خطأ الناس)). يعني أن من خالف حماداً في حديث ثابت وعلي ابن زيد قدم قول حماد عليه، وحكم بالخطأ على مخالفه.
وحكى مسلم في كتاب التمييز: ((أجماع اهل المعرفة على أن حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت، وحمى ذلك عن يحيى القطان وابن معين وأحمد وغيرهم من أهل المعرفة.
وقال الدار قطني: ((حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت)).
قال ابن المديني: ((وروى حميد عن ثابت شيئاً، وأما جعفر يعني ابن سليمان فأكثر عن ثابت، وكتب مراسيل، وكان فيها أحاديث مناكير عن ثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ليسأل أحدكم ربه حتى يسأله شسع نعله والملح)).
قال علي: ((وفي أحاديث معمر عن ثابت أحاديث غرائب ومنكرة، وذكر علي أنها أحاديث أبان بن أبي عياش)).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/156)
وقال العقيلي: ((أنكرهم رواية عن ثابت معمر)).
وذكر ابن أبي خيثمة عن [يحيى] ابن معين قال: ((حديث معمر عن ثابت مضطرب كثير الأوهام)). ا. هـ
وأنا أطلب من الذين يسيرون خلف السيوطي في دعواه أن يأتوا لنا بهذه الرواية التي ادعاها حتى ننظر فيها.
وهناك الكثير إن شاء الله حول الشبه والدعاوى التي ملأ بها رسالته، والتي لخصها تلميذ السيوطي الصالحي الشامي في كتابه في - سبل الهدى والرشاد -
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[11 - 03 - 04, 04:03 م]ـ
يا جماعة الخير، يعني لو افترضنا أن والد واحد شخص هنا فاسق أو حرامي أو ....
فهل يحب أن يناقش أمره علنا أمام البشر، وعلى صفحات الشبكة.
أجيبوا بصدق.
ثم فكر طيب هذا فيما يخص والدك،
فكيف هانت عليك نفسك أن تعلن على الملأ أن تناقش مصير والدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتحكم أنهما في النار،
يعني كل أهل الفترة ناجون أو أغلبهم إلا والدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم.!!!
وقد ذكرت احتمالات معنى الحديث وهناك غيرها لكني أفضل أن يغلق النقاش في الموضوع. وأفضل عدم الدخول في مناقشة أخرى، من باب الأدب مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد سبق أن نبه على أن هذا الكلام فيه إيذاء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم القاضي أبو بكر ابن العربي.
فقد سئل القاضي أبو بكر بن العربي وهو أحد أئمة المالكية المشار إليهم بالبنان.
عن رجل قال أن أبا النبي صلى الله عليه وسلم في النار. فأجاب بأن من قال ذلك فهو ملعون لقوله تعالى (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة) قال ولا أذى أعظم من أن يقال عن أبيه إنه في النار.
وقد غضب مجدد القرن الأول أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ممن أشار لذلك، ونعما الاقتداء به وهو في تاريخ دمشق لابن عساكر
ج 22 ص/321
عن ضمرة عن علي هو ابن أبي جملة قال قال عمر بن عبدالعزيز لسليمان بن سعد قد بلغني أن أبا فلان عاملنا كان زنديقا
قال وما يضرك ياأمير المؤمنين كان أبو النبي كافرا فما ضره
فغضب غضبا شديدا
وقال ما وجدت له مثلا إلا النبي
فعزله
اهـ
وفي رواية: قال ءأقطع لسانه ءأفعل به كذا وكذا
والقصة رواها أيضا لكن بإسناد آخر الهروي في ذم الكلام.
والله الموفق
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[11 - 03 - 04, 06:32 م]ـ
الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم -بأبي وأمي هو- يكون بتصديق حديثه كما أخبر، لا بتكذيبه كما يفعل الصوفية
ولنا في إبراهيم الخليل مثلاً .... قد كفر أباه فما أغنى عنه من الله شيئاً أن ابنه نبي، ولا ضر إبراهيم شيئاً
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[12 - 03 - 04, 12:19 ص]ـ
قال الإمام البيهقي رحمه الله في دلائل النبوة (1/ 192)
((وكيف لا يكون أبواه وجده عليه الصلاة والسلام بهذه الصفة في الآخرة وقد كانوا يعبدون الوثن، حتى ماتوا ولم يدينوا دين عيسى بن مريم عليه السلام، وكفرهم لا يقدح في نسبه عليه الصلاة والسلام لان انكحة الكفار صحيحة. ألا تراهم يسلمون مع زوجاتهم فلا يلزمهم تجديد العقد ولا مفارقتهن إذا كان مثله يجوز في الاسلام وبالله التوفيق)). انتهى كلامه.
فهل يستحق البيهقي اللعنة أيضا
والحمد لله أنه ليس وهابيا أو حنبليا حتى تكون التهمة جاهزة عند المبتدعة القبوريين وغيرهم من أهل الضلال.
ـ[أبو نايف]ــــــــ[12 - 03 - 04, 02:04 ص]ـ
القول الصحيح ما حكاه الشيخ أبو خالد السلمي حفظه الله تعالي
فجزاه الله خيرا
وبارك الله فيه وفي علمه
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[12 - 03 - 04, 09:38 ص]ـ
وكذا يقال في حق القاضي أبو بكر ابن العربي فليس هو صوفيا ولا قبوريا.
وطبعا لا يستحق الإمام البيهقي اللعنة لأنه لم تقم عليه الحجة
وليس قوله أولى من قول القاضي ابن العربي
وقد صرح الشيخ الألباني في عدة أشرطة مسجلة له بأن النووي والعسقلاني ليسا مبتدعة ولا يلاما على مذهبهما في الصفات لأنه لم تقم عليهما الحجة فهما إمامان يترحم عليهما.
أو كلاما بمعناه
وهو مبدأ مشهور ومعمول به.
فهذه كتلك، فإنه لا البيقي ولا غيره يستحق اللعن ما لم تقم عليه الحجة ويناقش بالآيات ويعرف الرواية الثانية التي هي أولى أقصد حديث سعد أو ابن عمر رضي الله عنهم.
===========
أما من اتهمني برد الأحاديث الصحيحة فأني أنصحه بمراجعة مواضيعه وما أكثرها تلك التي رد فيها الأحاديث بحجج واهية كبيت العنكبوت.
حتى غدا اسمه لصيقا للطعن في الأحاديث الصحيحة نسأل الله العافية.
بل وصلت به الجرأة أن رد قراءتنا للقرآن برواية حفص
فالله المستعان.
أما النقاش هنا فهو يدور حول حديث لم أرده بل قلت بأن أصله صحيح لكن أتوقف في ظاهر لفظة انفرد بها حماد وهي أما وهم منه أو تحمل على غير ظاهرها كمعني العم الذي هو معروف لغة لتتوافق الرواية مع عشرات الآيات القرآنية
وهذا أحب إلي من أن أكون رادا لآيات محكمات هن أم الكتاب كقوله تعالى:
{لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [القصص: 46]،
{لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} [السجدة: 3]،
{وَمَا آتَيْنَاهُم مِّن كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِن نَّذِيرٍ} [سبأ: 44].
وقال الإمام الطبري في تفسير قوله تعالى: {وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير} سبأ (44): وما أرسلنا إلى هؤلاء المشركين من قومك يا محمد فيما يقولون ويعملون قبلك من نبي ينذرهم بأسنا عليه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
وقال تعالى:
وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا.
نسأل الله التوفيق والسداد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/157)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[12 - 03 - 04, 10:11 ص]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة محمد الأمين
وقد بسط الكلام في عدم نجاة الوالدين العلامة إبراهيم الحلبي في رسالة مستقلة، وكذلك العلامة الحنفي الملاّ علي بن سلطان القارئ (ت1014هـ) في "شرح الفقه الأكبر"، وفي رسالة مستقلة أسماها: "أدلة معتقد أبي حنيفة الأعظم في أبوي الرسول عليه الصلاة والسلام". وقد أثبت بذلك الكتاب تواتر الأدلة والأحاديث على صِحّة معنى هذا الحديث وعدم نجاة والدي الرسول –عليه أتمّ الصلاة والتسليم–. وقد نقل الإجماع على تلك القضية فقال في ص84: «وأما الإجماع فقد اتفق السلف والخلف من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وسائر المجتهدين على ذلك، من غير إظهار خلافٍ لما هُنالك. والخلاف من اللاحق لا يقدح في الإجماع السابق، سواء يكون من جنس المخالف أو صنف الموافق».
أقول فمن خالف الإجماع وكذب الأحاديث الصحيحة وجاء بمعتقد جديد بناه على حجج واهية، فقد اتبع غير سبيل المؤمنين.
ربنا لا تُزِغ قلوبنا بعد إذ هديتنا.
آمين.
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[12 - 03 - 04, 10:17 ص]ـ
أنت ادعيت دعوى تابعت فيها _ السيوطي _ فإما أن تأتي ببينة وإما أن ترجع عنها
وأنا نقلت لك كلام البيهقي لأنه شافعي أولا
ولأن الجميع لم يذكر هذا النقل عنه حتى الملا على القاري رحمه الله الذي تكلم عن تخبطات السيوطي في رسالته التي ملأها بالتناقضات
وأما محاولة صرف الموضوع والتباكي فليس هذا موضعه
وأنا أتيتك بنقل كما أتيت أنت بقل، وأنا أعلم أن هذه النقولات التي تأتي بها هي نفس أدلة _ السيوطي _ التي ملأ بها رسالته
وقد وجه الملا على قاري كلام أبي بكر بن العربي بأن المقصود بذلك: من أراد أن يتنقص من رسول الله صلى الله عليه وسلَّم بذلك.
ولا حجة في قول أحد مع وجود كلام رسول الله صلى الله عليه وسلَّم _ كما في صحيح مسلم _، وليس لكلام غيره _ عند مناقضته لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلَّم أو الاعتراض عليه _ إلا المزبلة
أما زعمك: الرسالة الأصلية كتبت بواسطة راجي رحمة ربه أما النقاش هنا فهو يدور حول حديث لم أرده بل قلت بأن أصله صحيح لكن أتوقف في ظاهر لفظة انفرد بها حماد وهي أما وهم منه أو تحمل على غير ظاهرها كمعني العم الذي هو معروف لغة لتتوافق الرواية مع عشرات الآيات القرآنية
فقد بينت في السابق أن _ السيوطي _ قد دلس وأنت متبع له في تدليسه ومخالف لأئمة الحديث إلا أن تأتي ببينة ترد بها كلامهم بأن حماد بن سلمة أوثق الناس في ثابت كما حكاه الإمام مسلم إجماعا لأهل الحديث
وأن رواية معمر التي ادعاها _ السيوطي _ أقوى منها، مع العلم أن رواية معمر عن ثابت مضطربة كما حكى الأئمة
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة خالد بن عمر
وادعى [السيوطي] دعوى ثانية بأن معمرا روى الحديث عن ثابت بلفظ غير هذا اللفظ ((إن أبي وأباك في النار)) وأن معمرا أثبت من حماد
وهذا تدليس ومحاولة إخفاء الحقائق حتى ينتصر لباطله
ومعلوم لدى الجميع أن حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت ومن خالفه في رواية ثابت فهو المخطيء
وأما معمر فإن روايته عن ثابت مضطربة وفيها أوهام كما نصَّ على ذلك الأئمة رحمهم الله
قال ابن رجب رحمه الله في شرح علل الترمذي:
أصحاب ثابت البُناني:
وفيهم كثرة، وهم ثلاث طبقات:
الطبقة الأولى: الثقات:
كشعبة، وحماد بن زيد، وسليمان بن المغيرة، وحماد بن سلمة، ومعمر.
وأثبت هؤلاء كلهم في ثابت حماد بن سلمة، كذا قال أحمد في رواية ابن هانئ: ((ما أحد روى عن ثابت أثبت من حماد بن سلمة)).
وقال ابن معين: ((حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت البناني)).
وقال أيضاً: ((حماد بن سلمة أعلم الناس بثابت، ومن خالف حماد ابن سلمة في ثابت فالقول قول حماد)).
وقال ابن المديني: ((لم يكن في أصحاب ثابت أثبت من حماد ابن سلمة، ثم من بعده سليما بن المغيرة، ثم من بعده حماد بن زيد، وهي صحاح)) يعني أحاديث هؤلاء الثلاثة عن ثابت.
وقال أبو حاتم الرزاي: ((حماد بن سلمة في ثابت وعلي بن زيد أحب إلىّ من همام، وهو أحفظ الناس، وأعلم بحديثهما، بيّن خطأ الناس)). يعني أن من خالف حماداً في حديث ثابت وعلي ابن زيد قدم قول حماد عليه، وحكم بالخطأ على مخالفه.
وحكى مسلم في كتاب التمييز: ((أجماع اهل المعرفة على أن حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت، وحمى ذلك عن يحيى القطان وابن معين وأحمد وغيرهم من أهل المعرفة.
وقال الدار قطني: ((حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت)).
قال ابن المديني: ((وروى حميد عن ثابت شيئاً، وأما جعفر يعني ابن سليمان فأكثر عن ثابت، وكتب مراسيل، وكان فيها أحاديث مناكير عن ثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ليسأل أحدكم ربه حتى يسأله شسع نعله والملح)).
قال علي: ((وفي أحاديث معمر عن ثابت أحاديث غرائب ومنكرة، وذكر علي أنها أحاديث أبان بن أبي عياش)).
وقال العقيلي: ((أنكرهم رواية عن ثابت معمر)).
وذكر ابن أبي خيثمة عن [يحيى] ابن معين قال: ((حديث معمر عن ثابت مضطرب كثير الأوهام)). ا. هـ
وأنا أطلب من الذين يسيرون خلف السيوطي في دعواه أن يأتوا لنا بهذه الرواية التي ادعاها حتى ننظر فيها.
وللحديث بقية إن شاء الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/158)
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[28 - 04 - 04, 01:26 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه إحدى الرسائل الموجودة في مجموع رسائل الصنعاني
على هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=19005
وهي (7 - سُؤَالٌ فِي أَبَوَي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَوَابُهُ.)
سؤالٌ وردَ على المولى السيِّدِ العلاَّمةِ
الإِمَامِ البَدْرِ المنيرِ مُحَمَّدِ بنِ
إِسْمَاعِيْلَ الصَّنعَانيُّ
رضي الله
عنه
بسم الله الرَّحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل العلماء مرجعا لجلاء غياهب المشكلات، وأكرمهم بقوله {يرفع الله الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات}، والصَّلاة والسَّلام على رسوله الذي بعثه، وظلمات الشرك مدلهِّمَّة، فكشفها حتى أقام الدِّين، وأوضح سبيل المتقين فكانت أمَّته خير أمَّة، وبعد:
فهذا سؤال مطلوب جوابه، ممن انتهت إليه رياسة العلم في هذه الأعصار، واشتهرت علومه في هذه الأمصار، وصار ملاذا في جلاء المشكلات، وحكما مقبولا عند المحكمات، ذلك سيِّدي العلاَّمة الشَّهير محمد بن إسماعيل الأمير، أعلى الله في الدَّارين مناره، وغفر جميع خطاياه وأوزاره، ومدَّ في عمره لإحياء شريعة سيِّد الأنام، وجعله سراجا منيرا في ( ... ) الأيَّام:
وهو أنه لمَّا قُرىء قول العلاَّمة محمد بن يوسف الشَّامي الصَّالحي في سيرته ((أنَّ جماعة من أهل الفترة حين يبعثون يؤمنون بالنبي صلى الله عليه وآله سلَّم ممن يؤمن عند ذلك فيكونون من أهل الجنَّة)) وقع خوض من طلبة العلم في شأن أبوي النبي صلى الله عليه وسلَّم
فقال بعضهم " إنَّهما ماتا على دين الجاهليَّة مُشْرِكَيْن "
وقال بعض " لم يثبت ذلك بدليل " أعني أنه بلغهما دين عيسى وتركا اتباعه، فلا ينسبان إلى الكفر، ولا على أنَّهما ماتا على دين الجاهليَّة، لأنهما ماتا صغارا، " فعبد الله " مات وسنُّه ثماني عشرة سنة، " وآمنة بنت وهب " قريب من ذلك.
وقال: من قال إنهما ماتا على دين المشركين " فهو كافر لأن ذلك أذيَّة لرسول الله صلى الله عليه وسلَّم بنسبة الكفر ولو لم يقصد الأذيَّة.
فهل يجوز تكفير من اعتقد أنهما ماتا على دين الجاهليَّة _ أي الشايع _ إلاَّ في نفر قليل خرجوا عنه، كزيد بن عمرو، و ورقة بن نوفل، و عبدالله بن جحش، و عثمان بن الحويرث،، وكان أحسنهم زيدا.
فالجواب مطلوب مبسوطا بما يوافق الحقَّ إن شاء الله
وهل المُكَفِّر مجترىء على النكفير مجازف أم لا؟ إذ لا يجوز إلاَّ بدليل قطعيٍّ كما قُرِّر في مظانه؟
هذا وقد روى مسلم في آخر المقدِّمة في
" باب بيان أن من مات على الكفر فهو في النَّار ولا تناله شفاعة ولا تنفعه قرابة "
وروي أن رجلا قال يا رسول الله: أين أبي؟
قال: في النَّار.
فلمَّا قفَّا دعاه فقال: إن أبي وأباك في النَّار.
قال النووي: وفيه أنَّ من مات على الكفر فهو في النَّار لا تنفعه شفاعة قرابة المقرَّبين، وفيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو في النَّار، وليس في هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدَّعوة، فإنَّ هؤلاء قد بلغتهم دعوة إبراهيم صلى الله عليه وغيره من الأنبياء صلوات الله عليهم وسلمه. انتهى
وقد تُكُلِّمَ في هذا الحديث الذي رواه بأنَّ الرواية الصَّحيحة في جواب النبي صلى الله عليه وسلَّم على الرَّجل أنَّه قال له: (حيثما مررت بقبر كافر فبشِّره بالنَّار) ذكره السهيلي في الرَّوض، والصَّالحي الشَّامي في سيرته، وأطال في ذلك بما يراجع فيه، والله أعلم.
الجوابُ من المولى العلاَّمةِ
محمدِ بنِ إسماعيلَ الأميرِ
رحمه الله
الحمد لله تحقّقت الوالد العلاَّمة جمال (المزين) (1) لا زال عينا ناظرة في العلماء العاملين، ورايت ما دار في المتعارضين، وهو يعلم أدام الله توفيقه، وسلك به أشرف طريقة، أنَّ مسألة إيمان أبوي المصطفى صلى الل عليه وآله وسلَّم من مسائل الفضول، لا يخوض فيها من هو بمهمَّات دينه مشغول، وقد ألَّف الجلال السيوطي رسالة سمَّاها " التَّعظيم والمِنَّة في أنَّ أبوي النبي صلى الله عليه وسلَّم في الجنَّة " وأطال المقال، ونقل الأقوال، وهو أطول الناظرين باعا، وأكثرهم على الآثار اطِّلاعا، ولم يأت بما يشرح الخاطر، ويدفع مخالفة المناظر، فتارة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/159)
يقول ماتا على الإسلام، وأخرى يقول أحيا الله أبويه فآمنا عليهما السَّلام، وأنشد أبياتا:
فأحيا أمَّهُ، وكذا أباه ............. لإيمانٍ به فضْلاً لطيفا
فصدِّق، فالإله بذا قدير ... وإنْ كان الحديث به ضعيفا
قلت: هذا العجب، الأمر بالتَّصديق مع الإقرار بضعف الحديث
قال الحافظ ابن دحية: إنَّه حديث موضوع، يرُدُّه القرآن العظيم والإجماع، قال الله تعالى {و (2) الذين يموتون وهم كفَّار}، وقال {فيمت وهو كافر} ومن مات كافرا لا ينفعه الإيمان بعد الرَّجعة، بل من آمن عند المعاينة لم ينفع، فكيف بعد الإعادة. انتهى
قلت: أخرج وكيع وسفيان بن عيينة وعبدالرَّزَّاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ((ليت شعري ما فعل أبواي)) فأنزل الله تعالى {إنَّا أرسلناك بالحقِّ بشيرا ونذيرا ولا تَسْألُ عن أصحاب الجحيم} فما ذكرهما حتى توفاه الله، قال السيوطي: هذا مرسل ضعيف الإسناد انتهى.
قلت: جوابه أنه ليس بأضعف من إسناد " أنهما أحييا له صلى الله عليه وسلَّم " فإنه وصفه الحفَّاظ بالوضع، وهذا بالضَّعف، ولا يخفى أنَّ الضَّعيف خير من الموضوع.
قلت: وأمَّا كونه مرسلا، فله حكم الرَّفع إذ لا يقال من قبل الرأي اتفاقا، فلا مسرح فيه للاجتهاد.
ولو أن المؤمن لقي الله تعالى ولا يعرف هذه المسألة الباردة، ما قيل له لم لم تعرفها.
وأيُّ نقص يلحق سيِّد الخلايق صلى الله عليه وسلَّم بكفر أبويه؟!، وهذا خليل الله إبراهيم عليه السَّلام يقص الله علينا خطابه لأبيه في مواضع {يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا} ويتبرأ منه ومن قومه {لإنني برآء مما تعبدون لإلاَّ الذي فطرني}، ويقول: {اغفر لأبي إنَّه كان من الضآلين}، وأبو إبراهيم عليه السَّلام هو أبو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم، بل أبو الأنبياء عليهم السَّلام أجمعين من بعد إبراهيم عليه السَّلام، كما قال تعالى {وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب}، أَوَعَلَى رُسَلِ اللهِ نقص في كون آبائهم كفارا، هذا لا يقوله ذو فطنة، ولا غيرة.
إنَّما العجب كلُّه في القول بتكفير من قال " إنَّهما ماتا على دين الجاهليَّة " فإنَّ هذا التَّكفير بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير، فإنَّ تكفير المؤمن لا يكون إلاَّ بدليل قطعيٍّ، كما صرَّح بذلك الأئمة، لأن حقيقة الكفر هو التكذيب عمدا بشيء من كتب الله المعلومة، أو بأحد من رسله صلى الله عليهم، أو بشيء مما جاؤا به، إذا كان ذلك الأمر المكَذَّبُ معلوما بلبضَّرورة للجميع، كما في " إيثار الحق على الخلق ".
وأمَّا هذا التكفير لمن قال " إنَّ أبوي الرسول صلى الله عليه وسلَّم ماتا على دين الجاهليَّة " فلا أدري أيُّ أنجاء الكفر هو!
فإنه فسَّر ابن الأثير الكفر في " النِّهاية " بأنَّه أربعة أنحاء:
1 - كفر إنكار: بأن لا يعرف الله أصلا، ويعترف به.
2 - وكفر جحود: ككفر إبليس، يعرف الله بقلبه ولا يقرُّ بلسانه
قلت: كأتَّه يريد لا يمتثل أمره.
3 - وكفر عناد: وهو أن يعترف بقلبه، ويقرَّ بلسانه، ولا يدين؛ حجدا؛ وبغيا، ككفر أبي جهل وأضرابه.
قلت: يريد يريد أنَّه عرف النبوة بقلبه، لقوله تعالى {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم} الآية، والإقرار بلسانه أنَّه قال أبو جهل " لا نكذِّبك يا محمَّد، ولكن نكذِّب ما جئت به "، فأنزل الله {فإنَّهم لا يكذِّبونك، ولكنَّ الظالمين بآيات الله يجحدون}، وهو قول أبي طالب:
لقد علموا أن ابننا لا مُكذَّب ** لدنيا، ولا يعنى بقول الأباطل
4 - قال وكفر نفاق: وهو أن يقرَّ بلسانه، ولا يعتقد بقلبه. انتهى
فقل لي أيها المكفِّر المجتري على هذه العظيمة، في أي أنواع الكفر الذي كفَّرت به.
فليتق الله، وليتب عمَّا فاه به، ففي الحديث ((من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما)) ونحوه من أحاديث الباب.
وإن أراد كفر التأويل، فهو تكفير باطل ليس عليه دليل، وقد أوضحنا بطلانه في رسالة مستقِّلَّة (3).
واعلم أن تعظيم المصطفى صلى الله عليه وآله وسلَّم هو متابعته في طريقته، والاهتداء بهديه، وتجنُّبِ ما نهى عنه، والعمل بأقواله، وأفعاله، وإيثارها على كلِّ كلام، ومحبَّته، فإنَّه لا يتم الإيمان إلاَّ بهذين، كما قال في الأول ((والذي نفسي بيده لا يتم إيمان أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به)) وفي الثَّاني ((والذي نفسي بيده لا يؤمن احدكم حتى أكون أحبَّ إليه من أهله وولده و من النَّاس أجمعين)) وفي لفظ ((من نفسه وأهله ... الخ)).
وأمَّا الخوض في إسلام ابويه فخوض باطل، خارج عن الدلائل، لا يشتغل به عاقل، فضلا عن فاضل. وقد طال بي المقال والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
كتبه
محمد بن إسماعيل الأمير، عمر الله قلبه بتقواه، وتلافاه بمغفرته قبل أن يتوفَّاه
يوم السبت لعلَّه
13 ذي القعدة الحرام 1180
انتهى.
____
(1) كذا قرأتها
(2) سقط هنا (لا) وهي كذا {ولا الذين يموتون وهم كفَّار}
(3) وهذه الرسالة ضمن هذا المجموع (ق / 215 _ 243)
والسؤال والجواب في الملف المرفق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/160)
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[28 - 04 - 04, 05:02 م]ـ
- جزى الله الأخوة الأفاضل الذين أبانوا وجه الحق في المسألة دون تحريف لمعاني الأحاديث وتلاعب بمدلولاتها لأجل عاطفة في غير محلها.
- وقد ثبت كفر أبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فهل إذا قال إنسان إنَّ أبا إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام = كان كافراً أنه يستحق اللعن ويوصف بقلة الأدب، أو غير ذلك مما فيه إرهاب فكري؟!!
- ولمعالجة القضية من ناحية نفسية عند من لا يستسيغها مع قضاء الكتاب والسنة بها أقول:
إنَّ الله تعالى قد شاء بحكمته البالغة أن يكون من أصفياء خلقه وأنبيائه من أبوه أو زوجه أو ابنه أو أبويه كليهما أوعمه أو عشيرته = كفاراً؛ لحكمةٍ يعلمها هو سبحانه وتعالى.
- فهذا إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان أبوه كافراً، ((وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ)).
- وهذا نوح ولوط كان زوجاهما كافرتان: ((ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنْ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ)).
- وهذا نوح كان ابنه أيضاً كافراً: ((وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْجَاهِلِينَ (46) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنْ الْخَاسِرِينَ)).
- كما شاء سبحانه أن يكون من أنبيائه من يكون أبواه وبعض أجداده مسلمين، كيوسف الصديق، الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم.
- ولعل من حكم ذلك لبيان أنه لا محاباة لأحد لأجل قرابة أونسب عند الكلام على قضية الإيمان وكذا عند فصل القضاء بدخول الجنة أو النار؛ كما قال سبحانه وتعالى: ((فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ)).
- وقد بلغت الحماقة ببعض مدِّعي المحبة المزعومة للنبي صلى الله عليه وسلم أنه تمنى لو دخل النار بدل إبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم فداء له، لتقرَّ عين النبي صلى الله عليه وسلم بذلك؛ كما حكى ذلك أهل التأريخ!!
- وبالله تعالى التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،،
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[29 - 04 - 04, 10:52 ص]ـ
وقال الإمام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى (4/ 324)
/ سُئلَ الشَّيخُ ـ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
هل صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن اللّه ـ تبارك وتعالى ـ أحيا له أبويه حتى أسلما على يديه، ثم ماتا بعد ذلك؟
فَأَجَاب:
لم يصح ذلك عن أحد من أهل الحديث، بل أهل المعرفة متفقون على أن ذلك كذب مختلق،
وإن كان قد روى في ذلك أبو بكر ـ يعني الخطيب ـ في كتابه [السابق واللاحق]، وذكره أبو القاسم السهيلي في [شرح السيرة] بإسناد فيه مجاهيل، وذكره أبو عبد اللّه القرطبي في [التذكرة]، وأمثال هذه المواضع،
فلا نزاع بين أهل المعرفة أنه من أظهر الموضوعات كذبًا، كما نص عليه أهل العلم،
وليس ذلك في الكتب المعتمدة في الحديث، لا في الصحيح ولا في السنن ولا في المسانيد ونحو ذلك من كتب الحديث المعروفة،
ولا ذكره أهل كتب المغازي والتفسير، وإن كانوا قد يروون الضعيف مع الصحيح؛
لأن ظهور كذب ذلك لا يخفى على متدين،
فإن مثل هذا لو وقع لكان مما تتوافر الهمم والدواعي على نقله، فإنه من أعظم الأمور خرقًا للعادة من وجهين:
/من جهة إحياء الموتى، ومن جهة الإيمان بعد الموت، فكان نقل مثل هذا أولى من نقل غيره،
فلما لم يروه أحد من الثقات علم أنه كذب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/161)
والخطيب البغدادي هو في كتاب [السابق واللاحق] مقصوده أن يذكر من تقدم ومن تأخر من المحدثين عن شخص واحد، سواء كان الذي يروونه صدقًا أو كذبًا،
وابن شاهين يروي الغَثَّ والسَّمِين،
والسهيلي إنما ذكر ذلك بإسناد فيه مجاهيل.
ثم هذا خلاف الكتاب، والسنة الصحيحة والإجماع.
قال اللّه تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} [النساء: 17، 18].
فبين اللّه تعالى: أنه لا توبة لمن مات كافرًا، وقال تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ} [غافر: 85].
فأخبر أن سنته في عباده أنه لا ينفع الإيمان بعد رؤية البأس؛ فكيف بعد الموت؟ ونحو ذلك من النصوص.
وفي صحيح مسلم: أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أين أبي؟ قال: (إن أباك في النار). فلما أدبر دعاه فقال: (إن أبي وأباك في النار).
وفي صحيح مسلم ـ أيضًا ـ أنه قال: (استأذنت ربي أن أزور قبر أمي، /فأذن لي، واستأذنته في أن أستغفر لها فلم يأذن لي، فزوروا القبور، فإنها تُذكِّر الآخرة).
وفي الحديث ـ الذي في المسند وغيره ـ قال: (إن أمي مع أمك في النار)،
فإن قيل: هذا في عام الفتح والإحياء كان بعد ذلك في حجة الوداع؛ ولهذا ذكر ذلك من ذكره، وبهذا اعتذر صاحب التذكرة،
وهذا باطل لوجوه:
الأول: أن الخبر عما كان ويكون لا يدخله نسخ، كقوله في أبي لهب: {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ} [المسد: 3]، وكقوله في الوليد: {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} [المدثر: 17]. وكذلك في: (إن أبي وأباك في النار) و (إن أمي وأمك في النار)، وهذا ليس خبرًا عن نار يخرج منها صاحبها كأهل الكبائر؛ لأنه لو كان كذلك لجاز الاستغفار لهما، ولو كان قد سبق في علم اللّه إيمانهما لم ينهه عن ذلك، فإن الأعمال بالخواتيم، ومن مات مؤمنا فإن اللّه يغفر له، فلا يكون الاستغفار له ممتنعًا.
الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم زار قبر أمه؛ لأنها كانت بطريقه بالحَجُون عند مكة عام الفتح، وأما أبوه فلم يكن هناك، ولم يزره؛ إذ كان مدفونًا بالشام في غير طريقه، فكيف يقال: أحيى له؟
الثالث: أنهما لو كانا مؤمنين إيمانًا ينفع، كانا أحق بالشهرة والذكر من عميه: حمزة والعباس، وهذا أبعد مما يقوله الجهال من الرافضة ونحوهم، /من أن أبا طالب آمن، ويحتجون بما في السيرة من الحديث الضعيف، وفيه أنه تكلم بكلام خفي وقت الموت.
ولو أن العباس ذكر أنه آمن لما كان قال للنبي صلى الله عليه وسلم: عمك الشيخ الضال كان ينفعك فهل نفعته بشىء؟ فقال: (وجدته في غمرة من نار فشفعت فيه حتى صار في ضحضاح من نار، في رجليه نعلان من نار يغلي منهما دماغه، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار).
هذا باطل مخالف لما في الصحيح وغيره، فإنه كان آخر شىء قاله: هو على ملة عبد المطلب، وأن العباس لم يشهد موته، مع أن ذلك لو صح لكان أبو طالب أحق بالشهرة من حمزة والعباس، فلما كان من العلم المتواتر المستفيض بين الأمة ـ خلفًا عن سلف ـ أنه لم يذكر أبو طالب ولا أبواه في جملة من يذكر من أهله المؤمنين، كحمزة، والعباس، وعلي، وفاطمة، والحسن والحسين ـ رضي اللّه عنهم ـ كان هذا من أبين الأدلة على أن ذلك كذب.
الرابع: أن اللّه تعالى قال: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ} إلى قوله: {لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ} الآية [الممتحنة: 4]، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} [التوبة: 114].
فأمر بالتأسى بإبراهيم والذين معه، إلا في وعد إبراهيم لأبيه بالاستغفار، وأخبر أنه لما تبين له أنه عدو للّه تبرأ منه.
واللّه أعلم.
ـ[ابن عبد الوهاب السالمى]ــــــــ[29 - 04 - 04, 08:20 م]ـ
علي الرغم انني اعتقد ان الامام السيوطي قد اجتهد في هذة المسألة ولكنة والله اعلم قد اخطا في هذا الباب.
وانني اوافق ما اوردة كثير من الاخوة وخاصة الاخ خالد بن عمر
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[04 - 05 - 04, 02:37 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ومما ينبغي التنبه له ما ذكره المعلقون على مسند الإمام أحمد طبعة الرسالة ((19/ 228) فقد ذكروا نفس كلام السيوطي وزادوا عليه بعدم عزو الحديث لمسلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/162)
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[04 - 05 - 04, 07:20 م]ـ
وما صحة حديث أمي مع أمك الذي ساقه الشيخ ابن تيمية مستشهدا به
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[04 - 05 - 04, 07:46 م]ـ
وجدت الحديث يدور على عثمان بن عمير عن أبي وائل عن بن مسعود رضي الله عنه
ولفظه في مستدرك الحاكم:
قال جاء ابنا مليكة وهما من الأنصار فقالا يا رسول الله إن أمنا تحفظ على البعل وتكرم الضيف وقد وأدت في الجاهلية فأين أمنا قال أمكما في النار فقاما وقد شق ذلك عليهما فدعاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجعا فقال إن أمي مع أمكما فقال منافق من الناس لي ما يغني هذا عن أمه إلا ما يغني ابنا مليكة عن أمهما ونحن نطأ عقبيه فقال رجل شاب من الأنصار لم أر رجلا كان أكثر سؤالا لرسول الله صلى الله عليه وسلم منه يا رسول الله أرى أبواك في النار فقال ما سألتهما ربي فيعطيني فيهما وإني لقائم يومئذ المقام المحمود
ولا يغتر بتصحيح الحاكم له في المستدرك ج: 2 ص: 396 فقد رده الذهبي
وقال في المجمع ج: 10 ص: 362
رواه أحمد والبزار والطبراني وفي اسانيدهم كلهم عثمان بن عمير وهو ضعيف
وفي التقريب قال ابن حجر:
ضعيف واختلط وكان يدلس ويغلو في التشيع
وانظر بقية كلام العلماء فيه في تهذيب التهذيب ج: 7 ص: 132
أقول: بل لو تأمل المستدل به آخره لما ذكره
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[04 - 05 - 04, 10:04 م]ـ
كون هذه الرواية ضعيفة لايضر استدلال ابن تيمية رحمه الله بها لأنه استدل أولا بالحديث الصحيح ثم اعقبه بهذه الرواية
وأما الذي ذكرته عند الحاكم فهو غلط وهم فيه الصعق بن حزن كما قال البزار (3478 كشف)
والرواية عند أحمد (1/ 399) وغيره عن عثمان عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن ابن مسعود
فقد وهمت أخي الفاضل في كلامك السابق واستدليت براوية الحاكم التي فيها خطأ ولم تراجع مسند أحمد وكلام البزار
فليس هذا الحديث يدور كما ذكرت على عثمان بن عمير عن أبي وائل عن ابن مسعود رضي الله عنه
بل يدور حول عثمان عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن ابن مسعود
فالمقصود أن كلام ابن تيمية رحمه الله قوي جدا في إبطال الحديث النكر الذي يستدل به من يقول بنجاة أبوي النبي صلى الله عليه وسلم، فجزاه الله خيرا على ما ذكره وبينه حول بطلان هذا الحديث.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[04 - 05 - 04, 10:56 م]ـ
يا راجي رحمة ربه هداك الله قلتَ: بل لو تأمل المستدل به آخره لما ذكره.
أقول: هل توافق ما جاء في بقية كلام ابن تيمية، ولا تعترض إلا على ذا؟
إن كان نعم فحسن.
وإن كان لا؟ فلماذا تنتقي ما تشاء، أو تأخذ ما أجاب عنه السيوطي وتترك الباقي؟!
وإن كنت أرى أن في كلام المشايخ المتقدم ما يغني، ويشفي، وقد ردوا على كل شبهة احتج بها من تُقلده في ذلك ..
لكن تعليقي على كلامك عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله،
وهو قولك: بل لو تأمل المستدل به آخره لما ذكره.
أقول: لفظ أحمد: .. قال أمكما في النار فأدبرا، والشر يرى في وجوههما ـ إلى أن قال ـ فقال: أمي مع أمكما، فقال رجل من المنافقين: وما يغني هذا عن أمه شيئا، ونحن نطأ عقبيه؟ فقال رجل من الأنصار: ... يا رسول الله هل وعدك ربك فيها، أو فيهما؟ قال: فظن أنه من شيء قد سمعه، فقال: ما سألته ربي وما أطمعني فيه ..
في الحديث _ بعض النظر عن ثبوته الآن _ نص على أنها في النار، وهذا ظاهر، وأظنك لا تخالف بأنه بأبي هو وأمي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لا ينطق عن الهوى، ولا يقول إلا حقا.
وآخره الذي عنيتَه: وهو قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ما سألته ربي وما أطمعني فيه .. جوابا لسؤال الرجل: هل وعدك ربك فيها، أو فيهما.
نص أيضا على أنه لم يوعد بنجاتها، وكذا المسؤل عنها، بل لم يسأل ربه ذلك،
لماذا لأنه منهي عن الاستغفار للمشركين ولو كانوا أولي قربى، وأنهم لا تنفعهم شفاعة الشافعين، ولذا قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "وما أطمعني فيه .. " يعني حتى أسأله ذلك فطمعي فيه منقطع لأنه منعني ذلك ولم يطمعني فيه ..
فكلام الشيخ غاية في الفهم، والإشكال في فهم من تعقبه.
هذا كله على فرض أن شيخ الإسلام رحمه الله عندما أجاب بهذا استحضر لفظ الحديث كله؛ فتأمل.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[04 - 05 - 04, 11:00 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/163)
قال العلامة المحدث الألباني في السلسلة الصحيحة المجلد السادس القسم الأول ص180: .. ـ بعد أن ذكر الحديث وتخريجه وشواهده .. ـ واعلم أيها الأخ المسلم أن بعض الناس اليوم وقبل اليوم لا استعداد عندهم لقبول هذه الأحاديث الصحيحة، وتبني ما فيها من الحكم بالكفر على والدي الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بل إن فيهم من يظن أنه من الدعاة إلى الإسلام ليستنكر أشد الاستنكار التعرض لذكر هذه الأحاديث ودلالتها الصريحة، وفي اعتقادي أن هذا الاستنكار إنما ينصب منهم على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الذي قالها إن صدقوا بها، وهذا كما هو ظاهر كفر بواح، أو على الأقل على الأئمة الذين رووها، وصححوها وهذا فسق أو كفر صراح، لأنه يلزم منه تشكيك المسلمين بدينهم لأنه لا طريق لهم إلى معرفته والإيمان به إلا من طريق نبيهم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كما لا يخفى على كل مسلم بصير بدينه فإذا لم يصدقوا بها لعدم موافقتها لعواطفهم وأذواقهم وأهوائهم، والناس في ذلك مختلفون أشد الاختلاف كان في ذلك فتح باب عظيم جدا لرد الأحاديث الصحيحة، وهذا أمر مشاهد اليوم من كثير من الكتاب الذين ابتلي المسلمون بكتاباتهم كالغزالي والهويدي وبوليق وابن عبد المنان وامثالهم ممن لا ميزان عندهم لتصحيح الأحاديث وتضعيفها إلا أهواؤهم.
واعلم أيها المسلم ـ المشفق على دينه أنه يهدم بأقلام بعض المنتسبين إليه ـ أن هذه الأحاديث ونحوها مما فيه الأخبار بكفر أشخاص أو إيمانهم، إنما هو من الأمور الغيبية التي يجب الإيمان بها وتلقيها بالقبول لقوله تعالى: {ألم ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} (1 - 3) سورة البقرة، وقوله {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (36) سورة الأحزاب، فالإعراض عنها وعدم الإيمان بها يلزم منه أحد أمرين لا ثالث لهما ـ وأحلاهما مرّ ـ: إما تكذيب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وإما تكذيب رواتها الثقات كما تقدم.
وأنا حين أكتب هذا أعلم أن بعض الذين ينكرون هذه الأحاديث أو يتأولونها تأويلا باطلا كما فعل السيوطي ـ عفا الله عنا عنه ـ في بعض رسائله، إنما يحملهم على ذلك غلوهم في تعظيم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وحبهم إياه، فينكرون أن يكون أبواه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كما أخبر هو نفسه عنهما، فكأنهما أشفق عليهما منه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -!! ...
==== بقي كلام نفيس في قرابة صفحة ونصف لعل أحدا يحتسب، وينشط لنقله فأنا بطيء الكتابة ..
ـ[أبو المعتز القرشي]ــــــــ[06 - 08 - 05, 12:26 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[06 - 08 - 05, 01:08 ص]ـ
الأخ الراجي رحمة ربه، نوركم الله في الدنيا والآخرة، وجزاكم عن ذبكم عن عرض النبي صلى الله عليه وسلم خير الجزاء ...
والإخوة أعلاه؛ اتقوا الله، فإن إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم كفر بالإجماع، ومن تعمده لا يستتاب أصلا، وقد جاءكم الراجي رحمة ربه بالحجة والبرهان، والأصل أن يغلب جانب حسن الظن في أبوي النبي صلى الله عليه وسلم على سوء الظن ...
ثم إن دلالة القرآن قطعية، ودلالة السنة الصحيحة أقل منها إجماعا، والجمهور على عدم نسخ القرآن بالسنة، هذا في الأحكام، أما في الأخبار فلا ينسخ القرآن حتى القرآن.
ودلالة القرآن على أهل الفترة قطعية، ودلالة ما جلبتموه من الأحاديث حول والدي النبي صلى الله عليه وسلم ظنية قولا واحدا، وإن جلدي ليقشعر من تلك الجرأة على جناب النبي صلى الله عليه وسلم، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، إنا لله وإنا إليه راجعون، فهنا يحق للعين أن تذرف بدل الدمع دما، والجسم حق له أن يتفطر ويتمزق حسرة وهيبة من جناب النبي العظيم صلى الله عليه وسلم.
بل؛ ألم يبلغكم في حديث فضل النبي صلى الله عليه وسلم، المتفق على صحته: "فأنا خيار من خيار"، فإن كان آباؤه صلى الله عليه وسلم خيارا، فكيف يكونون مشركين وكفارا؟؟؟؟؟، هل يكون أهل النار خيارا ومصطفين على الخلائق؟؟؟؟. هذه دلالة قطعية لا مناقشة فيها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/164)
وفي الصحيح كذلك: "ما مسني من سفاح الجاهلية من شيء"، ومعلوم أن عقود المشركين لا وزن لها في الإسلام، إذا عقود آباء النبي صلى الله عليه وسلم كانت على المهيع الشرعي، وهذا من دلائل إيمان آبائه صلى الله عليه وسلم.
ثم قد تضافرت الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينشد مفتخرا في عدة مناسبات: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب. فلو كان آباء النبي صلى الله عليه وسلم، وهو سيد ولد آدم، كفارا ومشركين، وحاشاهم، فهل يفتخر بهم؟، أيعقل أن يفتخر النبي صلى الله عليه وسلم بالكفار والمشركين؟؟؟؟؟؟؟.
{إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا. والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا} ...
فالقول بأن والدي النبي صلى الله عليه وسلم في النار قول يخشى أن يموت صاحبه على سوء الخاتمة، بل من نافح عن ذلك وذب عنه نكاد نجزم له بذلك كان من كان، فليس فوق النبي صلى الله عليه وسلم أحد، لا نبي مرسل ولا ملك مقرب، بله من دونهم ...
ثم إنه وردت أحاديث بعضها يحتج به أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قراءة الآيات الواردة في أبي جهل أمام ابنه عكرمة، والواردة في أبي لهب كذلك، ناهيك في أبوي النبي صلى الله عليه وسلم الذين هم خيار من خيار بنص الحديث، وهم مصطفون من بني كنانة بنص الحديث، وهم مصطفون من بني إسماعيل بنص الحديث، وهم مصطفون من بني نوح بنص الحديث ...
كما ورد في تفسير قول الله تعالى {وتقلبك في الساجدين}، عن بعض السلف أن الله تعالى أقسم بآباء النبي صلى الله عليه وسلم، بل وظاهر الآية لا يحتاج إلى نقل في معناها، فهل يعقل أن يقسم الله تعالى بأهل النار؟؟؟؟؟. إضافة إلى أنه سبحانه وصفهم بالساجدين، فهل الموصزف بذلك مشرك؟. إضافة إلى أن الله تعالى أثنى عليه بآبائه صلى الله عليه وسلم، فهل يثني عليه بالمشركين؟. وقد أقسم تعالى بالبلدة التي نشأ فيها وهي مكة المكرمة، فكانت خير البقاع: {لا أقسم بهذا البلد. وأنت حل بهذا البلد}.
وقال تعالى: "وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم}. ومعلوم أن كلام الحق تعالى قديم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في صلب آبائه، فكيف يعذبهم الحق تعالى وأنهم في النار.
على أن لفظة الأب والوالد في اللغة تعني من جملة ما تعنيه: العم. فلماذا لم تصرف تلك الأحاديث الصحاح إلى أبي لهب؟. واللغة والقياس والقواعد تقبل ذلك، ولا يمكن الجمع بينها وبين النصوص القطعية التي ذكرناها وغيرها الكثير إلا بذلك ...
كما أن لفظة "الأم" لها في اللغة أكثر من عشرة معان، ذكرها الإمام السائح في "تحقيق الأمنية في حديث إنا أمة أمية"، وفي الحديث: "أوتيت جوامع الكلم"، فلماذا لم تصرفوا الأثر إلا على الوالدة وهو يحتمل غير ذلك المعنى؟؟؟.
أين إعمال القواعد العلمية يا ناس، أين العلماء، أين أهل الاستنباط، أين وسائل الترجيح والجمع بين النصوص؟؟؟؟. أم التقليد الأعمى فقط؟؟؟.
على أنه ورد بسند يحتج به أن الله تعالى يخفف على أبي لهب يوما في الأسبوع لأنه أعتق جارية له فرحا بولادة النبي صلى الله عليه وسلم، فما بالك بمن كان السبب في ظهوره صلى الله عليه وآله وسلم، وهما أبواه عليهما الصلاة والسلام.
فإن أبي ومالي ثم عرضي===لعرض محمد منكم وقاء
ولا سبيل لمن كان في قلبه ذرة من إيمان، وتعظيم للنبي صلى الله عليه وسلم، وتعظيم لشعائر الحق تعالى إلا القول بما قلناه، وما سواه فوسواس الشياطين، وإعراض عن الحق المبين، والدلائل في هذا الموضوع أكثر من أن تحصى، من القرآن الكريم، والسنة النبوية، والإجماع المستوفي الشرائط، أعني إجماع العلماء على أصول المسألة، لا الفرع المذكور.
وإني أعجب كل العجب من أولئك الأئمة الذين تواقحوا على النبي صلى الله عليه وسلم وطعنوا في أبويه الكريمين، وإني لأعتقد أنهم كانوا من كانوا، إن لم يكونوا تابوا في آخر عمرهم فقد ماتوا على سوء الخاتمة ولا كرامة، فليس عندنا بعد النبي صلى الله عليه وسلم ولا قبله من أحد، نحب لحبه، ونبغض لبغضه، ونتألم ممن مسه ونموت من أجله، لا حول ولا قوة إلا بالله إن هذا لبهتان عظيم، ووقاحة ما فوقها من وقاحة.
وقد كان يكفي للمتدخلين في هذا الموضوع الحديث عن الحديث المذكور، صحة وضعفا، وعدم الاستطراد، خاصة وأن المسألة بالنسة للمنكر لغو بحت لا ينبني عليه عمل، وقد كنت وقفت على السؤال، وتمنيت أن لو أجيبَ عنه على مقداره، ولم أرد الدخول خشية أن يستطرد الموضوع إلى ما نحن فيه الآن، أما وقد وصل إلى ما وصل، فلا يجوز لنا السكوت بأي حال.
وإني أدعو إدارة هذا الملتقى إلى غلق هذا الموضوع ففيه جرأة وأي جرأة على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قرأت من المقالات أعلاه كلمات تنم عن قلة حياء واحترام للنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ما لا يسكت عنه البتة.
أدعو العلماء، وآل البيت منهم خاصة، والدعاة، وغيرهم من الغيورين على هذا الدين أن يتدخلوا في هذا الأمر، فإنه لا سكوت عليه، والسلام ....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/165)
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[06 - 08 - 05, 04:51 م]ـ
لم تات أنت أو هو إلا بالتباكي والهذيان، وردود أسود السنة في المشاركات السابقة حجج باهرة لا تستطيعان ردها بهذا التباكي هداكما الله
أما قلة الحياء والوقاحة التي نبزتنا بها فأنت أولى بذلك منا، وكل كلمة قلناها أتينا لها بالدليل والبرهان، والذي يقرأ ما سودت بها المشاركة يظن أن الإخوة لم يردوه على صاحبك المتباكي سابقا.
فإن كانت لديك اعتراضات على ما أورده أسود السنة في المشاركات السابقة فأت به وستجد الجواب عنه، وإن لم يكن لديك إلا التباكي فدعنا منك هداك الله
ولعلي أوضح بعض الأخطاء الجديدة التي استدللت بها في وقت لاحق إن شاء الله لأني مشغول قليلا
وكتب
طويلب العلم
خالد بن عمر الفقيه الغامدي السلفي عدو القبورية المشركين والمتصوفة الوقحين
ـ[مسعد الحسيني]ــــــــ[06 - 08 - 05, 06:25 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأستاذ الفاضل / حمزة الكتاني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأستاذ الفاضل، ألم تقرأ ما كُتبَ في هذا الأمر؟
أأنت حريص على أبوي الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نفسه؟
أتحبهما أكثر من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟
أم ماذا يا أستاذنا؟
ألا نحب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثلك، أو أكثر؟
ولكنني أؤمن بما يقوله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بلا اعتراض طالما صح هذا القول عنه.
يا أستاذ حمزة، لا تكن غاليًا في حبك!!!!!!!
نحن من آل البيت، ولا نتشنج مثلك!
فمعروف: أن كلٌّ يؤخذ منه ويرد إلا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وطالما صح الحديث، فلما الاعتراض؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
اتقوا الله واعدلوا، ودعونا من الغلو في الحب الذي يؤدي للهلاك.
والله نسأله أن نكون من المعتدلين في حب - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وآله بيته.
وكتب
مسعد الحُسيني
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[06 - 08 - 05, 09:11 م]ـ
كأنكم ما قرأتم الحجج المذكورة أعلاه، وأن المسألة جمع للنصوص، لا رد للصحيح، وقد سئل القاضي أبو بكر ابن العربي المعافري، شيخ السنة في وقته، عن القائل بأن والدي النبي صلى الله عليه وسلم في النار، فقال: "ملعون من قال ذلك"، نقلها عنه جل من كتب في المسألة من المالكية وغيرهم ...
أما المتقول أعلاه، فأحراه أن يكتب لنفسه: عدو السنة والنبي صلى الله عليه وسلم.
وكأن الناس عندهم حساسية من النبي وآل بيته، وكل من كتب في الذب عن حوض رسول الله يلمز بالبدعة والتصوف.
إن كان بدعا اتباع محمد===فليشهد الثقلان أني مبتدع
ولله در إمام السنة الشافعي رحمه الله حيث قال:
لو كان رفضا حب آل محمد===فليشهد الثقلان أني رافضي
ووالله ثم والله لا يدخل أحد الجنة إلا بمحبتهم والتودد إليهم، أما البحث عن المتشابه، والطعن في النبي صلى الله عليه وسلم مرة بأبويه، ومرة بأنه يخطيء وليس كل كلامه تشريع، ومرة غير ذلك، فذلك من العداء للنبي صلى الله عليه وسلم ...
ولو لم يكن في المسألة إلا أن فيها إيذاء للنبي صلى الله عليه وسلم، وأنه لا يبنى عليها عمل أصلا، وأنها مزالق أقدام، لابتعد عنها من في قلبه ذرة من ورع، خاصة وأن الأدلة فيها واضحة لا تقبل الرشا ...
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[06 - 08 - 05, 09:24 م]ـ
وقد سئل القاضي أبو بكر ابن العربي المعافري، شيخ السنة في وقته، عن القائل بأن والدي النبي صلى الله عليه وسلم في النار، فقال: "ملعون من قال ذلك"
- رنين باب وطنين ذباب.
- وكما ذكر الأخوة فكل ما ذكرته أنت والراجي للرحمة إنما هو جعجعة بلا طحين.
- ولو حاججناك بطريقتك لقلنا: الذي قال بأن والد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في النار هو رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وأي أذية أعظم من لعنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، شعر اللاعن أم لم يشعر!
ومن لعن رسول الله فقد كفر!
- فأبصر ما تكتب أوما تنقل!
- الأخ المتصوف الطرقي! حمزة الكناني .. العصبية لميراث الأقدمين تؤصل الجهل المركب!
- أما ما ذكرت من الحجج فهي حجج لكنها كما قال الله تعالى: (حجتهم داحضة عند ربهم ... ).
- قاتل الله الجهل.
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[06 - 08 - 05, 11:29 م]ـ
والله يا كناني إنك لاتدري ما يخرج من فاك ولو التزمت لوازم قولك لكنت على خطر عظيم عياذا بالله.
ماذا بك يا رجل تكرر الكلام بلا فائدة جديدة حول حب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وآل بيته الأطهار وكأننا زنادقة لانعرف قدرهم الشريف!!!
ولم تجب بجواب علمي عن الأدلة التي ذكرها المشايخ حفظهم الله فاتق الله يا أخي ودعك من هذه الشنشنة الأخزمية المفضوحة والتي دندن عليها قبلك عبر التاريخ الطرقية والجهال ومن لاعلم لهم ولافهم بالسنة. فالله المستعان على ما تصفون.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/166)
ـ[مسعد الحسيني]ــــــــ[07 - 08 - 05, 12:47 ص]ـ
أما المتقول أعلاه، فأحراه أن يكتب لنفسه: عدو السنة والنبي صلى الله عليه وسلم.
الأستاذ الفاضل .........
الرجاء تحديد من تقصده بقولك هذا!!!!!!!!
والظن أنه أنا!!!!!!!
فإن كنت تقصدني فلن أسامحك، وسنقف أمام الله عز وجل يوم العرض عليه، لنعرف حقًّا من هو عدو السنة والنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
يا أستاذ حمزة
اثبت العرش ثم انقش
ويا شيخ حمزة! إنني أحب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، حبًّا شديدًا، فهو عندي أحب الناس إلى قلبي، أحبّ من أبي وأمي ومن نفسي، فهو خير البشر، وأفضلهم على الإطلاق.
ومن يقول بغير ذلك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
يا شيخ حمزة! انظر لما تقوله أولاً!!!!!!!
[عدو السنة، والنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -]؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
يا شيخ حمزة! هو جدي، كما هو جدك!!!!!!!!
أيوجد أحد يكره جده؟، ومن يكون الجد، رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، خير البشر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
{كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} (الكهف: من الآية5)
ولا أقول إن كنتَ تقصدني بهذا الكلام إلا:
حسبي الله ونعم الوكيل
والرجاء من الإخوة المشرفين، إغلاق هذا الموضوع نهائيًا، وعدم الخوض فيه.
فالمنتدى قد ابتلى بالمتصوفة، والرافضة، ومشككي السنة، وسيأتي من يشككنا في القرآن نفسه!!!!!!!!!!!!!
فالرجاء مرة أخرى من الإخوة المشرفين ردع كل من تسول له نفسه الكلام في هذه الأمور بكل حزم وشدة، فنحن هنا لطلب العلم الصحيح، وليس لطلب الخرافات والخزعبلات!!!!!!!!
وجزاكم الله خير الجزاء، وأعانكم الله على الإشراف.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[07 - 08 - 05, 12:53 ص]ـ
الأخ المتصوف الطرقي! حمزة الكناني ..
والله يا كناني إنك لاتدري ما يخرج من فاك ..
الكتاني.
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[07 - 08 - 05, 01:40 ص]ـ
أما الشريف الحسيني؛ فحاشا لله لم أقصدك أنت، إنما أقصد من شتمني قبلك، واعتبر أن الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم صوفية، وشركا. وأنا عادتي أن لا أسمي.
أما الحنبلي السلفي؛ فاعلم أولا أن "من" حرف جر، لا نصب، ولذلك فلا حديث معك ....
ـ[الحمادي]ــــــــ[07 - 08 - 05, 02:10 ص]ـ
رفعَ الله قدر الإخوة المنافحين عن سنة نبيِّنا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، الصادقين في محبَّته؛ لا كمحبة أهل الأهواء.
وأشكر أخي الحبيب الشيخ مسعد الحسيني على مشاركته، وسواءٌ أقصدَك هذا المسكين أم قصدَ الأخ الشيخ خالد بن عمر أم غيركما فالأمرُ واحد،، تهمةٌ باطلة، وتَبَاكٍ مَشُوب.
ولا أوافقك يا أخ مسعد على المطالبة بـ (إغلاق الموضوع) بل يبقى الموضوع على حاله، وإن كان هناك حذفٌ فلتُحذَف المشاركات الدخيلة على منهج أهل الحديث.
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[07 - 08 - 05, 02:21 ص]ـ
أنا أريد أن أسال حمزة الكتاني عن الأحاديث التالية وقد ذكرها الإخوة في مشاركاتهم
قال الإمام مسلم في صحيحه 203 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رجلا قال يا رسول الله أين أبي قال في النار فلما قفي دعاه فقال إن أبي وأباك في النار
وقال 976 حدثنا يحيى بن أيوب ومحمد بن عباد واللفظ ليحيى قالا حدثنا مروان بن معاوية عن يزيد يعني بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي
976 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب قالا حدثنا محمد بن عبيد عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكر الموت
ياحمزة الكتاني أما تتق الله
هل تكذب النبي صلى الله عليه وسلم ولاتصدقه؟؟
كيف لاتصدق النبي صلى الله عليه وسلم الذي أخبرنا أن أباه في النار
كيف ما تقبل الأحاديث أنت معتزلي ترد الأحاديث والا عقلاني أو ايش؟؟؟؟
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[07 - 08 - 05, 02:33 ص]ـ
يا حمزة الكتاني هداك الله
تناقشنا مع الأخ راجي رحمة ربه من قبل و هو يخالفنا تماما ولم نتعد عليه بتكفير أو غيره، وعندما أتيت بهذيانك واتهمتنا بالوقاحة وغيرها وكأنك تريد تكفيرنا ولكنك تخشى تبعات ذلك، أردت أن أبين لك أن السب والشتم يستطيعه كل أحد وأن الدين كتاب وسنة صحيحة لا دموع واحتمالات
ونحن لم نفتح هذا الموضوع ابتداء بل سأل أحدهم عنه فأجابه شيخنا أبو عمر وفقه الله عن ذلك ثم جاء من يريد أن يلبس على الناس بحجج أوهى من بيت العنكبوت فأجبنا عنها ولله الحمد، ثم أتيت أنت دون أن تقرأ الردود جميعها واتهمتنا بالوقاحة وغيرها فهل تظن أنا سنسكت عن بهرجك دون أن نرده، ولو ناقشت بالحسنى فلن تجد منا إلا كل كلام هين لين في حدود النقاشات العلمية، وأما إن أردت أن تنافح عن عقيدة القبورية والصوفية في أحد أكبر الملتقيات السلفية فلن نرد لك الصاع إلا صاعين وهذا من الانتصار بعد الظلم لأنك تريد تصويرنا وكأنا أعداء للنبي صلى الله عليه وسلم وما لنا من ذنب إلا أن صدقناه فيما قال إن والده في النار
ونحن نعلم أنك تنافح عن القبورية الخبثاء كالهالك علوي مالكي وأضرابه من أهل التصوف الذميم،كما بين ذلك الأخ العاصمي وفقه الله في موضوعه الذي فضحك فيه وبين دفاعك عن القبورية ونحوهم على هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=34514&highlight=%C7%E1%DF%CA%C7%E4%ED
وقد ذكرت لك في المشاركة التي أقضت مضجعك وأطارت لبك وأخرجتك عن طورك فقلت
وكل كلمة قلناها أتينا لها بالدليل والبرهان، والذي يقرأ ما سودت بها المشاركة يظن أن الإخوة لم يردوه على صاحبك المتباكي سابقا.
فإن كانت لديك اعتراضات على ما أورده أسود السنة في المشاركات السابقة فأت به وستجد الجواب عنه، وإن لم يكن لديك إلا التباكي فدعنا منك هداك الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/167)
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[07 - 08 - 05, 03:09 ص]ـ
أما بعد يا ابن خميس؛
1 - فاعلم أنكم من رددتم صريح القرآن الكريم، وما تنزلت من الآيات التي ذكرتها أعلاه وذكرها غيري في شأن أهل الفترة أولا، وفي شأن آباء النبي صلى الله عليه وسلم ثانيا. وهي آيات محكمة، لا إشكال في معناها ..
2 - ثم رددتم الأحاديث الصحاح الصراح، في الصحيحين وغيرهما من الكتب المحتج بها، من الأحاديث التي تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم تنسل من طاهر إلى طاهر، والواردة في أهل الفترة وغيرهم، مما يبلغ حد التواتر، وأبطلتموها، ولم تعملوا لها معنى، إلا أن تكونوا استثنيتم الوالدين الكريمين منها .... وهذا عجب.
3 - والأصل لطالب العلم أن يقول: هناك إشكال، هناك آيات محكمة في أهل الفترة، وآيات محكمة في آباء النبي صلى الله عليه وسلم وجدوده. وهناك أحاديث كذلك في الموضوع.
غير أن هناك أحاديث أيضا صحيحة لا يدخلها الشك، في أن أب النبي صلى الله عليه وسلم وأمه ليسا على ذلك؟.
فكيف يمكن الجمع بين النصوص؟، إن قلنا بأنهما في النار، نكون آمنا ببعض الكتاب وكفرنا ببعض، خاصة وأن البعض الآخر جاء في معرض الثناء على النبي صلى الله عليه وسلم.
وإن قلنا بأنهما ليسا في النار؛ نكون رددنا الأحاديث الصحاح التي لا تقبل الطعن، وهو رد لكلام النبي صلى الله عليه وسلم، وإيمان ببعض الكتاب وكفر ببعض.
هكذا تكيّف القضية أيها الأخوة الأعزاء، لا بالشتم، والطعن، والاتهام بالصوفية وغير ذلك ....
4 - ثم يرد أمر آخر؛ وهو أن القضية لا يبنى عليها عمل.
5 - ثم أمر آخر؛ وهو أن فيها مسا مباشرا بأعز شيء لدى النبي صلى الله عليه وسلم، ولدى كل عاقل، وهما الأبوان ... والنبي صلى الله عليه وسلم بقي يفتخر بآبائه إلى آخر رمق، بقوله: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب. وزجر القائل له، وهو حسان، لأسلنك منهم - يعني قريشا - كما تسل الشعرة من العجين، ونطق عليه الصلاة والسلام بالحديث المذكور أعلاه، "إن الله اصطفى كنانة من العرب ... الحديث"، وهو صحيح كما لا يخفى، وله شواهد عدة.
فلا بد حينئذ من الجمع بين النصوص وعدم رد أي منها، والجمع بين النصوص يستنبط منه أمور؛
1 - إما أن يقال بأن ذلك في أول الشريعة، ثم أخبر صلى الله عليه وسلم بأنهما مع أهل الفترة. فتكون الآيات والأحاديث الأخرى ناسخة في الموضوع، أو موضحة على الأصح.
2 - وإما أن يقال بأن الله تعالى أحياهما وآمنا به صلى الله عليه وسلم. وقد ذكر ابن حجر الهيتمي الشافعي في بعض فتاواه بأنه صححه جمع من الحفاظ. وعلى كل؛ فالضعيف يعمل به في مثل هذه الأمور "الفضائل" اتفاقا.
3 - وإما أن يصرف لفظ الأب على العم، ولفظ الأم على الخالة، أو غير ذلك، وهو ما أعمله جل الفقهاء. واللغة لا تمنعه، والنصوص لا تأباه، وظاهر الشريعة يعززه ... بل إنهم من أجل ذلك نص الكثير من المفسرين بأن آزر إنما هو عم إبراهيم عليه السلام لا والده ... راجع التفاسير تستفد، ولم يكن ذلك إلا لأنه من آباء النبي صلى الله عليه وسلم .... والنصوص قطعية في أنهم مطهرون.
هكذا تجمع النصوص، وهكذا يُتعامل مع المتعارض ظاهرا منها، أما أن أرد الحديث؛ فلا وحاشا وألف حاشا، والقائل بأنهما في النار رَد للكتاب والسنة، ورد فقه السلف كابن عباس وغيره، وجمهور فقهاء أهل البيت المتقدمين الذين تعبدنا الله بفهمهم، وورد فيهم حديث الثقلين المشهور الصحيح، فقد أجمعوا على نجاة الأبوين الطاهرين عليهما السلام.
والقائل بالنجاة على المهيع الذي ذكرناه؛ جامع بين النصوص على ما تقتضيه القواعد الأصولية، وهذا هو الفقه، وهذا هو العلم ... أما التقميش، والتلفيق، واتباع المتشابه وترك المحكم، فهذا من شيم الصعافقة، لا من شيم الفقهاء.
وقد تعامل بعض العلماء مع حديث أهل نجد: "أنتم قرن الشيطان منكم يخرج الدجال"، وأنها"أرض الزلازل والفتن"، فقالوا المقصود نجد العراق، لعدم انطباق الوصف - حسب قولهم - على نجد، علما بأنه عند العرب معلوم أن نجدا إذا أطلقت إنما تطلق على نجد المعروفة. ولكن لانتفاء القرائن صرفت إلى نجد العراق وفارس التي هي أرض الزلازل والفتن فعلا ...
ثم إن المسألة حساسة في جانب النبي صلى الله عليه وسلم، ولا شك أنها تؤذيه، ولها مخارج كثيرة يعضدها الكتاب والسنة، وعلى ذلك جمهور الخلف، وجل السلف، بل كل أئمة اهل البيت عليهم السلام، الذين أُمرنا باتباع فهمهم .. ولا يمكن السكوت على أمر يمس ذات النبي صلى الله عليه وسلم وأهله، إذ به أسلمنا، وهو قدوتنا، فداه النفس والوالدان ...
من أجل ذلك قال القاضي الإمام أبو بكر ابن العربي رحمه الله تعالى، مستدلا بالآية: {إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا. والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا} ... بأن المنافح عن أن أبوي النبي صلى الله عليه وسلم ملعون ... والكلام كلام إمام مجتهد لا كلامي أنا، نقله مفتوا المذهب في نوازلهم، كالوازاني وغيره، ونقله السيوطي في كتابه في نجاة الأبوين الطاهرين وغيره، فالقائل بأننا لا نفهم الأجدر به أن يطلب العلم من أوله ...
هكذا تكيف الفتوى، وهكذا تستنبط الأحكام، ثم إن المسألة ليست عقدية حتى يلمز القائل بالنجاة، بل من العقيدة شرف أصول النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يشك في ذلك إلا جاهل أو كافر، أما أنهما في النار فلم يجعلها أحد من العقيدة ....
فطريقة السلف وأهل الحديث رضي الله عنهم هي ما ذكرناه أعلاه، وطريقة أصحاب الأهواء ومن لهم طرف من العلم هي الإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعضه .... وأرجو من أراد التعليق أن يستفهم عن إشكال، أو يستدرك في خطأ، لا السباب والشتائم، خاصة ممن ليس من أهل العلم ... والسلام ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/168)
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[07 - 08 - 05, 04:15 ص]ـ
فالقائل بأننا لا نفهم الأجدر به أن يطلب العلم من أوله ...
يقول الجاحظ في " الرسائل ":
(وكل مَن خاصم فيها، ظَنَّ أنَّه فوق مَنْ خاصمه، حتى يرى المبتدئ أنَّه كالمُنتهي،
ويُخَيَّل إلى الغبيّ أنَّه فوق الذكيّ) اهـ
ويقول الشيخ عليش في " أجوبة الحيارى ":
فيا أهل الذكاء تعجَّبوا، مِمَّنْ كان عيبه مستورا، فنادى على نفسه بين الناس، وصَّير عيبه مشهورا ...
يا أهل الذكاء تعجَّبوا، مِمَّنْ كان عيبه مغمورا، فأبى إلا فضيحة نفسه، وصيرورة عيبه في البلدان منشورا ...
يا أهل الذكاء تعجَّبوا، مِنْ حماقة مَنْ كان عيبه مستورا، ففضح نفسه به بين الورى، حتى صار مشهورا ...
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[07 - 08 - 05, 04:55 ص]ـ
فالقائل بأننا لا نفهم الأجدر به أن يطلب العلم من أوله ...
هكذا تكيف الفتوى، وهكذا تستنبط الأحكام، ثم إن المسألة ليست عقدية حتى يلمز القائل بالنجاة، بل من العقيدة شرف أصول النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يشك في ذلك إلا جاهل أو كافر، أما أنهما في النار فلم يجعلها أحد من العقيدة ....
فطريقة السلف وأهل الحديث رضي الله عنهم هي ما ذكرناه أعلاه، وطريقة أصحاب الأهواء ومن لهم طرف من العلم هي الإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعضه .... وأرجو من أراد التعليق أن يستفهم عن إشكال، أو يستدرك في خطأ، لا السباب والشتائم، خاصة ممن ليس من أهل العلم ... والسلام ..
- بل اطلب أنت العلم من أوله على طريقة السلف الصالح أتباع سنة المصطفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، لا على طريقة الدراويش الرقاصين.
ونعوذ بالله من الكبر، برد الحق واحتقار الخلق.
- من العقيدة التي تنجي صاحبها التصديق بكلام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وعدم تقديم أقوال غيره.
- وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (كل الناس يدخلون الجنة إلاَّ من أبى).
- أما ما زعمته من السباب والشتائم فأنت من فتح بابه فتجلَّد أو أعتذر، وأما اتهامك لغيرك بالسب فلم يشتموك بل وصفوك بما أنت أهلٌ له، من الجهل المركب.
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[07 - 08 - 05, 06:04 ص]ـ
أما بعد يا حمزة الكتاني:
كنت أريد أن أرد عليك ولكن بعد أن رأيت ردك السابق فأنا الآن ادعو الله أن يهديك ويصلحك
فلماذا لاتصدق النبي صلى الله عليه وسلم؟ لماذا؟ لماذا؟
ولكن شفقة عليك ورحمة بحالك وإحسانا إليك أنقل لك كلاما من المشاركات السابقة لعل الله أن ينفعك به
قال الإمام البيهقي رحمه الله في دلائل النبوة (1/ 192)
((وكيف لا يكون أبواه وجده عليه الصلاة والسلام بهذه الصفة في الآخرة وقد كانوا يعبدون الوثن، حتى ماتوا ولم يدينوا دين عيسى بن مريم عليه السلام، وكفرهم لا يقدح في نسبه عليه الصلاة والسلام لان انكحة الكفار صحيحة. ألا تراهم يسلمون مع زوجاتهم فلا يلزمهم تجديد العقد ولا مفارقتهن إذا كان مثله يجوز في الاسلام وبالله التوفيق)). انتهى كلامه.
هذا الجمع يا حمزة الكتاني إن كنت تريد الجمع بين النصوص
وقال تعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} [التوبة: 114].
فوالد إبراهيم عليه السلام مشرك وعدو لله وهو جد النبي صلى الله عليه وسلم فهذا بنص القرآن ياحمزة!!!
قال الإمام مسلم في صحيحه 203 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رجلا قال يا رسول الله أين أبي قال في النار فلما قفي دعاه فقال إن أبي وأباك في النار
قال القرافي في شرح تنقيح الفصول ص 297 (حكاية الخلاف في أنه عليه الصلاة والسلام كان متعبدا قبل نبوته بشرع من قبله يجب أن يكون مخصوصا بالفروع دون الأصول، فإن قواعد العقائد كان الناس في الجاهلية مكلفين بها إجماعا، ولذلك انعقد الإجماع على أن موتاهم في النار يعذبون على كفرهم، ولولا التكليف لما عذبوا، فهو عليه الصلاة والسلام متعبد بشرع من قبله -بفتح الباء -بمعنى مكلف لامرية فيه، إنما الخلاف في الفروع خاصة، فعموم إطلاق العلماء مخصوص بالإجماع) انتهى.
قال الحافظ ابن دحية: إنَّه حديث موضوع، يرُدُّه القرآن العظيم والإجماع، قال الله تعالى {و لا الذين يموتون وهم كفَّار}، وقال {فيمت وهو كافر} ومن مات كافرا لا ينفعه الإيمان بعد الرَّجعة، بل من آمن عند المعاينة لم ينفع، فكيف بعد الإعادة. انتهى
فيا حمزة الكتاني ذكرنا لك القرآن والسنة والإجماع
فهل أنت تريد الحق واتباعه نرجو من الله ذلك
تحياتي لأهل السنة
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[07 - 08 - 05, 08:03 ص]ـ
الحمد لله أنك عاجز يا كتاني وعدم ردك عليّ لسبق زر مني بلحن غير مقصود واحتقارك لإخوانك سترى غبه ولو بعد حين ما لم تتب إلى ربك يا أخي دعك من بنيات الطريق ولاعليك أن يكون المتحدث معك أعجميا أو عربيا أو جاهلا لحانا وقد كان يجهل أنك سيبويه زمانك لكن المهم أن تجيب عن الأدلة الصحيحة الصريحة التي سردها الإخوة بجواب علمي وإلا فقد بان عوارك. نسأل الله السلامة والعافية من هذه الأفكار الخاوية التي تردي بصاحبها للهاوية.
ملحوظة:هذا الغر المأفون يكثر من مدح الصوفية والطرقية في مشاركاته عامة ومن تتبعها وجد ذلك فلتحذر الإدارة وفقها الله من أمثاله ولتتخذ معه الإجراءات الصارمة التي تردعه وأمثاله ليبقى هذا المنبر المبارك مكانا لبث العلم الصحيح ونشر الحق بعيدا عن عبث الدراويش والحرافيش.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/169)
ـ[الحمادي]ــــــــ[07 - 08 - 05, 01:52 م]ـ
الأخ حمزة الكتاني وفقه الله وهداه:
أولاً: يبدو من كلامك أنَّ الإخوةَ هم الذين بدؤوا في الإساءة إليك، وليس الأمرُ كذلك كما هو ظاهر لكلِّ من يقرأ، بل أنتَ من بدأ الهجومَ مع الإساءة.
ثانياً: ذكرتَ أدلةً تظنُّ أنها تدعمُ قولك، وليس الإشكالُ في هذا، إنما الإشكالُ في زعمك أنَّ ما أوردتَ من أدلة (قطعية الدلالة) وهذا من سوء الفهم.
فليس بين كلام الله تعالى وكلام نبيِّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أيَّ تعارض، إنما التعارض في الأفهام، كما قال ابن القيم: (الإشكالُ في الأفهام، لا فيما خرجَ من بين شفتَيه - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - -من الكلام).
ثم جئتَ لتؤوِّل الحديث الصحيح الصريح ليوافقَ الأدلة (القطعية) التي ذكرتَ.
وأيُّ دلالة قطعية في الأدلة التي ذكرتَ!
أما الآيةُ والحديث فقد دفعَ الاختلافَ (المتوهَّم) عنهما بعضُ أهل العلم (بغير الأوجه التي ذكرتَ) فذكر أنه يحتمل أن يكون الله عَلِمَ أنهما يُمتحَنان ثم يكونُ سبيلُهما إلى النار.
وأما الأحاديثُ التي ذكرتَ؛ فهي واردةٌ في افتخار النبيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بآبائه من حيثُ مكارم الأخلاق والنسب لا من حيث الديانة.
وأينَ حديث: "إنَّ أبي وأباك في النار" وحديث نهي الله لنبيِّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عن الاستغفار لأمِّه من الأحاديث التي ذكرتَ (من حيثُ قوة الدلالة)!!
أليس من آباء نبيِّنا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أبو النبيِّ إبراهيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -!
هذا جوابٌ عما ذكرتَ من أدلة، وللباحث أن يناقشَ بأكثر من ذلك، ولكن ليس في الوقت سعةٌ، وفي الإخوة كفاية.
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[07 - 08 - 05, 03:40 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سأكتب إن شاء الله ردا تفصيليا للشبهات القديمة والتي يحاول حمزة الكتاني أن يجددها
وقد قلت له إن الإشكالات التي أتى بها أجاب عنها الإخوة سابقا، ولكنه لم يلتفت إليها وأراد أن يصورنا وكأنا لا نفهم هذه التلفيقات التي ادعي أنها هي العلم الذي من جهله فإن عليه أن يطلب العلم على أمثال حمزة من المتصوفة الذين بلغ بهم الحال إلى محاولة رد الحديث الصحيح (أبي وأباك في النار) والعمل بالموضوع (أحياهما فآمنا به) مع اعترافهم أنه لا يصح، ولكن حبك الشيء يعمي ويصم
وأخذ يستشهد لنا بأقوال الرجال على ما قال ونحن نعلم ذلك من قبل أن نراه ولكنا لا نقدس أحدا ولله الحمد، وقد أتيناه بأقوال علماء خالفوهم في قولهم لنبين له أن العلماء يحتج لأقوالهم ولا يحتج بأقوالهم خاصة إذا خالفت قول النبي صلى الله عليه وسلم
وإن كنت تعتقد صحة ما قلت دينا تدين الله به بعد بحث متجرد عن تصوراتك الموروثة من الصوفية فإنا لن نستطيع أن نشق عن قلبك ونغير معتقدك، ولكن أن تأتي لتنشر عقيدة المتصوفة الباطلة في ملتقانا السلفي فلن نسمح لك بذلك _ وأظن أن هذا أحد شروط الكتابة في الملتقى _ وسنرد على أباطيلك التي توردها، لأنا نعرف أنها أوهى من بيت العنكبوت والحمد لله، فلا تعجل بتسويد المشاركات واتهام خصومك بالجهل تارة وبالوقاحة تارة و بـ (الصعافقة) تارة أخرى
فأقول لك يا صعفوق دع الكلام فيما لا تحسن فإن أسود السنة قد بينوا وهاء حججك وحجج من ذكرت فيما مضى ولن يعجزوا ولله الحمد عن بيان بطلانها بلباسها الجديد الذي أتيت به، و أنصحك أن تدع نبز الإخوة بكلماتك السوقية إن كنت تريد النقاش المتجرد
وأنا الآن لست في منزلي حتى أحرر ردا على شبهاتك ولكني أعدك بمناقشتها قريبا إن شاء الله تعالى
الأخ الحنبلي السلفي وفقه الله ليتك تسأل حمزة عن هذا
غير أن هناك أحاديث أيضا صحيحة لا يدخلها الشك، في أن أب النبي صلى الله عليه وسلم وأمه ليسا على ذلك؟.
ـ[أبو صلاح]ــــــــ[22 - 08 - 05, 02:48 م]ـ
إليكم قاصمة الظهر هذه:
لا تجريحا في النبي (ص) كما يدعي الضالون- حاشا لله- ولكن دفاعا عما نطق به (إن أبي وأباك في النار)
تأليف
أبو صلاح
جميع حقوق التأليف والطبع والنشر والتوزيع محفوظة
وسوف ينشر أيضا إن شاء الله بالقاهرة
لقد ألفيت هجوما شديدا على هذا الحديث, فحثني ذلك على تحقيق المسألة بجميع جوانبها؛ دفاعا عن السنة. ووالله لولا ذلك ما ألفته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/170)
سوف ادخل في الموضوع بدون مقدمات:
عن أنس أن رجلا قال: يا رسول الله! أين أبي؟ قال "في النار" فلما قفى دعاه فقال "إن أبي وأباك في النار".
رواه مسلم (1: 132 - 133) وأبو داود (4718) وأحمد (3: 268) زأبو يعلى (3516) وابن حبان (578 - الإحسان) وابن أبي شيبة وأبو عوانة (1: 99) والبيهقي (7: 190) كلهم من طرق عن حماد بن سلمة عن ثابت بن أسلم البناني به.
وهو حديث صحيح جدا, وإسناده في غاية الصحة, صححه مسلم والجوزجاني في الأباطيل والمناكير (1: 233) وابن حبان والبيهقي وابن كثير (باعتمادهما الحديث في كتبيهما وتعليقاتهما كما سيأتي) والألباني في الصحيحة (2592) والحويني في مجلة التوحيد.
وندين لله تعالى بما نطق به هذا الحديث, كما دان به وبمعناه كبار أئمة المسلمين بلا خلاف بينهم, ومنهم:
1 - الإمام مسلم, حيث رواه في صحيحه وعنون عليه: باب بيان أن من مات على الكفر فهو في النار ولا تناله شفاعة ولا تنفعه قرابة المقربين.
2 - داود صاحب السنن, حيث روى حديث أنس مع أحاديث أخرى وعنون عليها: باب في ذراري- أي أبناء- المشركين.
3 - ابن حبان, حيث رواه في ((صحيحه)).
4 - النسائي, حيث روى حديث الاستئذان (2032) - وهو: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله، فقال: ((استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكر الموت)) – وهو كما ترى بمعنى حديث أنس في أنه قد ثبت أن من أهل الجاهلية من هم ليسوا من أهل الفترة, وعنون عليه: باب زيارة قبر المشرك. أقول: وهذا الحديث صريح في عدم إيمانها؛ لأن اللَّه عز وجل قال: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} , والآية عامة .. فتأمل. ويؤكد ذلك حديث بريدة رضي الله عنه قال: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم [في سفر، وفي رواية: في غزوة الفتح]. فنزل بنا ونحن معه قريب من ألف راكب، فصلى ركعتين، ثم أقبل علينا بوجهه وعيناه تذرفان، فقام إليه عمر بن الخطاب، ففداه بالأب والأم، يقول:يا رسول لله مالك؟ قال: إني سألت ربي عز وجل في الاستغفار لأمي، فلم يأذن لي، فدمعت عيناي رحمة لها من النار، [واستأذنت ربي في زيارتها فأذن لي]، وإني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ولتزدكم زيارتها خيرا). أخرجه أحمد (5/ 355،357،359) وابن أبي شيبة (4/ 139) والرواية الاخرى لهما وإسنادها عند ابن أبي شيبة صحيح، والحاكم (1/ 376) وكذا ابن حبان (791) والبيهقي (4/ 76) والزيادة الاولى لها: والرواية الاخرى فيها لمن سبق ذكره، والزيادة الاخرى للحاكم وقال: (صحيح على شرط الشيخين) وصححه الألباني [أحكام الجنائز238] , وهو كما قال.
5 - ابن ماجة: حيث روى هو أيضا حديث الاستئذان (1572) , وعنون عليه: باب ما جاء في زيارة قبور المشركين.
6 - البيهقي: إذ قال في كتابه دلائل النبوة (1/ 192، 193) بعد تخريجه لهذا الحديث: (وكيف لا يكون أبواه وجدُّه بهذه الصفة في الآخرة، وكانوا يعبدون الوثن حتى ماتوا، ولم يدينوا دين عيسى ابن مريم عليه السلام). وقال أيضا في سننه (7: 190): " وأبواه كانا مشركين, بدليل ما أخبرنا .. " ثم ساق حديث أنس.
7 - ابن الجوزي إذ قال في الموضوعات (1: 284) بعد أن ذكر حديثا باطلا موضوعا فيه أن الله أحيا أبوي النبي (ص) ليؤمنا به, قال: [هذا حديث موضوع لا يشك فيه, والذي وضعه قليل الفهم, عديم العلم, إذ لو كان له علم لعلم أن من مات كافرا لا ينفعه أن يؤمن بعد الرجعة, لا بل لو آمن بعد المعاينة, ويكفي في رد هذا الحديث قوله تعالى" فيمت وهو كافر", وقوله (ص) .. وذكر ابن الجوزي حديث الاستئذان .. ].
8 - ابن كثير, حيث نقل كلام البيهقي المتقدم من الدلائل تأييدا له وإقرارا, ثم قال ابن كثير في (سيرة الرسول وذكر أيامه .. ): "وإخباره (ص) عن أبويه وجده عبد المطلب بأنهم من أهل النار لا ينافي الحديث الوارد من طرق متعددة أن أهل الفترة ... , فلا منافاة ولله الحمد والمنة ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/171)
9 - النووي, حيث قال في [شرح مسلم (3/ 79)] في شرحه لحديث أنس: " فيه أن من مات على الكفر فهو في النار ولا تنفعه قرابة المقربين، وفيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العربُ من عبادة الأوثان فهو من أهل النار، وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة, فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء".
وقال قي شرحه لحديث الاستئذان (7/ 45): "فيه جواز زيارة المشركين في الحياة وقبورهم بعد الوفاة وفيه النهي عن الاستغفار للكفار".
10 - الألباني, انظر كلامه في الصحيحة (2592) وصحيح السيرة (24: 27).
11 - ابن باز, في فتواه [مصير أهل الفترة] من فتاوى نور على الدرب.
وأختم بهذين الإجماعين:
12 - قال القرافي في شرح تنقيح الفصول (ص297): «حكاية الخلاف في أنه عليه الصلاة والسلام كان متعبدا قبل نبوته بشرع من قبله يجب أن يكون مخصوصا بالفروع دون الأصول، فإن قواعد العقائد كان الناس في الجاهلية مكلفين بها إجماعا. ولذلك انعقد الإجماع على أن موتاهم في النار يعذبون على كفرهم، ولولا التكليف لما عذبوا، فهو عليه الصلاة والسلام متعبد بشرع من قبله -بفتح الباء -بمعنى مكلف لامرية فيه، إنما الخلاف في الفروع خاصة، فعموم إطلاق العلماء مخصوص بالإجماع».
13 - وقد بسط الكلام في عدم نجاة الوالدين العلامة إبراهيم الحلبي في رسالة مستقلة، وكذلك العلامة الحنفي الملاّ علي بن سلطان القارئ (ت1014هـ) في "شرح الفقه الأكبر"، وفي رسالة مستقلة أسماها: "أدلة معتقد أبي حنيفة الأعظم في أبوي الرسول عليه الصلاة والسلام". وقد أثبت بذلك الكتاب تواتر الأدلة والأحاديث على صِحّة معنى هذا الحديث وعدم نجاة والدي الرسول –عليه أتمّ الصلاة والتسليم–. وقد نقل الإجماع على تلك القضية فقال في ص84: «وأما الإجماع فقد اتفق السلف والخلف من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وسائر المجتهدين على ذلك، من غير إظهار خلافٍ لما هُنالك. والخلاف من اللاحق لا يقدح في الإجماع السابق، سواء يكون من جنس المخالف أو صنف الموافق».
شبهات مثارة لرد الحديث
الشبهة الأولى: يقول فضيلة الشيخ محمد الغزالي- عفا الله عن زلاته, وجازاه خيرا عن صالح أعماله, فإنا لا ننكر فضله - في كتابه هموم داعية (21: 22) - وقال ما شابه ذلك في دستور الوحدة الإسلامية (25) -:
" رأيت نفرا يغشون المجامعَ مذكّرين بحديث أنّ أبا الرسولِ صلى الله عليه وسلم في النار! وشعرت بالاشمئزازِ من استطالتِهِم وسوء خلقِهِم! قالوا لي: كأنك تعترض ما نقول؟ قلتُ ساخرا: هناك حديث آخر يقول: {وما كنّا مُعَذّبِينَ حتّى نَبْعثَ رَسُولاً} فاختاروا أحدَ الحديثيْنِ ... قال أذكاهم بعد هنيهةٍ: هذه آية لا حديث! قلت: نعم جعلتها حديثا لتهتمّوا بها فأنتم قلّما تفقهونَ الكتابَ!!
قال: كانت هناك رسالات قبل البعثةِ والعربُ من قوم إبراهيم وهم متعبّدون بدينِهِ. قلتُ: العرب لا من قومِ نوح ولا من قومِ إبراهيم، وقد قال الله تعالى في الذين بُعِثَ فيهم سيد المرسلين: [ومَا آتَينَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسونَهَا وَ مَا أَرْسَلْنَا إلَيهِمْ قَبْلَك منْ نَذيرٍ] وقالَ لنبيّهِ الخاتم: [وما كُنتَ بِجَانبِ الطّورِ إذْ نَادَينَا ولكِنْ رَّحمةً منْ ربّكَ لِتُنذِرَ قَومَاً ما أتَاهُم منْ نَذيرٍ من قبلِكَ لعَلّهُم يتذكّرونَ]. كلّ الرسالاتِ السابقةِ محلّية مؤقتة، وإبراهيم وموسى وعيسى كانوا لأقوامٍ خاصّة!! وللفقهاءِ كلام في أنّ أبوي الرسول ليسا في النارِ يردّونَ بِهِ ما تروونَ، لقد أحرجتُم الضميرَ الإسلاميّ حتى جعلتموهُ ليستريحَ يروي أنّ الله أحيى الأبوينِ الكريمينِ فآمنا بابنِهِما وهي روايةٌ ينقصُها السندُ؛ كما أنّ روايَتَكم ينقصها الفقهُ، ولا أدري ما تعشّقُكُم لتعذيبِ أبوينِ كريمينِ لأشرفِ الخلقِ؟ ولم تنطلقونَ بهذه الطبيعةِ المسعورةِ تسوءون الناسَ؟ " انتهى.
قلت: لا حول ولا قوة إلا بالله , لا يصدر هذا الكلام ممن شم رائحة الفقه أبدا, فاللهم غفرانك وعفوك ...
ملخص كلامه أن الحديث مخالف لقوله تعالى:
1 - "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" [الإسراء15]
2 - "لتنذر قوما ما آتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون" [السجدة3]
"لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون" [يس6]
"ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون" [القصص46]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/172)
3 - "قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير .... " [المائدة19]
أقول- والعون من الله - ردا على ذلك:
هذه الآيات عامة, تتحدث عن مطلق الناس ومطلق القوم, والأحاديث خاصة بأفراد وأناس وأشخاص معينين, فوجب التخصيص لكل من تأمل وكان له قلب, أو ألقى السمع وهو شهيد.
1 - بالنسبة لآية الإسراء, الرسول المقصود فيها, أرجح أنه ما جاء في هذا الحديث: "أربعة يوم القيامة يدلون بحجة ... وذكر النبي (ص) منهم من مات على الفترة ... فيأخذ-أي الله- مواثيقهم ليطعنه, فيرسل إليهم رسولا أن ادخلوا النار-أي يأمرهم ذلك الرسول بذلك ليختبرهم ويرى مدى طاعتهم لله ومدى استجابتهم لأوامره-, وأكمل الرسول (ص) فقال: فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما-أي لطاعته لأمر الله- , ومن لم يدخلها يسحب إليها ".رواه أحمد, وابن أبي عاصم (السنة355) وهو حديث صحيح صحيح, بأسانيد صحيحة عن أبي هريرة عن النبي (ص). وكذا صححه الألباني في الصحيحة (1432و 2468). ويرد عليهم أيضا بما سيأتي في الفقرات التالية.
2 - احتج بآيات القصص والسجدة و يس, ونسي أو تناسى بقية سياق آية القصص, إذ في الآية48 " أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل .. ", فهذا دليل قاطع دامغ على أن الكثير منهم قد بلغتهم الحجة والرسالة ودعوة التوحيد وشرائع بعض الرسل, فكفروا بكل ذلك. ويؤكد ذلك ايضا إنكار الله عليهم, إذ يقول تعالى: " ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم, أتتهم رسلهم بالبينات .. " [التوبة70] , فأهل الجاهلية-في مجملهم-كانوا على علم بذلك إذا, ولكنه الكبر الذي في قلوبهم, فإنه لا تعمى الأبصار, ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.
3 - أما احتجاج فضيلته بآية المائدة, فيرد عليه بما جاء في الفقرة السابقة, إضافة إلى الاية104 من المائدة نفسها .. " قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا, أو لو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا (وهؤلاء هم المقصودون بأهل الفترة, لأنهم لا يعلمون شيئا, ولم يفكروا أصلا في من هو الخالق, وهل لهذا الكون-أصلا- صانع أو مبدع أم لا, أي أنهم لم يدر بخلدهم أو تفكيرهم مثل هذه الأسئلة والأفكار على الإطلاق. هب أنك قد انقطعت بك السبل في صحراء واسعة شاسعة لا تجد فيها أثرا لحياة أو طعام أو شراب, ومرت عليك الأيام والليالي, وذات مرة غلبك النوم فنمت, وعندما استيقظت فوجئت بمائدة منصوبة لك عليها أطايب الطعام والشراب .. , فمنا من يفكر-قبل أن تمتد يدك إليها- في أمرها وأصلها وفصلها, ومن أين جاءت إلى هنا, ومنا من لا يلتفت إلى شيء من ذلك على الإطلاق, فيهجم عليها هجمة الأسد, يفترسها عن آخرها. فمثل الأول مثل من اهتدى بفطرته إلى وجود الله, ومثل الثاني مثل من لم يهتد إلى شيء على الإطلاق, لأن الأمر لا يشغل باله بتاتا ... , فتأمل) ولا يهتدون (وهؤلاء كفار كفرا بينا, لأنهم قد بلغتهم الحجة ودعوة التوحيد, أو تفكروا واهتدوا بفطرتهم إلى أن هناك (الله) , ولكنهم جحدوه بعد اهتدائهم له تعالى اتباعا لأهوائهم أو آبائهم ... بدليل قوله تعالى " لا يهتدون", فهذا معناه أنهم قد وقفوا على شيء يدعوهم إلى الهداية, ولكنهم لم يهتدوا ... فتأمل) ".
ويرد عليه أيضا قوله تعالى " وجعلوا لله .. نصيبا, فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا .. ساء ما يحكمون " [الأنعام13] , فهم يعرفون أن هناك (الله) , ولكنهم يجحدونه. وكذلك قوله تعالى " ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله (فهاهم يقرون به تعالى من دون أن يقول لهم النبي (ص) شيئا على الإطلاق) , قل الحمد لله, بل أكثرهم لا يعلمون (أي: لا يعلمون أنهم بإقرارهم هذا قد هدموا عقيدتهم الشركية الفاسدة) " [لقمان25]
وهناك ملحظ آخر أحب إضافته (وهو يحتاج لمناقشة) , فإن كان صحيحا فلله الحمد, وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان. الملحظ هو أن المقصود بأنهم "ما آتاهم من نذير من قبلك", المقصود أنهم لم يبعث فيهم خاصة رسول من قبل الله , فالكثير والكثير من الأقوام على مر العصور بعث الله فيهم نبيا أو رسولا خاصة لهم من دون الآخرين, ولم يحدث ذلك لقريش أو عرب الجزيرة العربية. فامتن الله عليهم بأن بعث فيهم رسولا منهم, لهم خاصة وللناس والعالمين عامة. فأصبحوا يفضلون كل من سبقهم من الأقوام, فرسولهم للبشرية كلها, ورسالته خالدة خلود الدهر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ... , فتأمل,
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/173)
أفيتركهم الله طيلة الزمان والدهر بدون شيء ينبههم أو دعوة للتوحيد والحنيفية تصل إليهم .. !!
وقد أتحفني أخي الفاضل محمد إبراهيم الزبيري التميمي بتعليق له حول هذا الملحظ, فأبان أحسن بيان, وأفاد أحسن إفادة وصاغ بكلماته القوية الآتية ما كان يدور في رأسي وخلدي, فقال-جزاه الله خيرا-:
" فإن تباعد زمن النبي عن زمنه فهو مأمور بما أتى به ذلك النبي ..
وإن اختلف مكان إقامة هذا الذي لم يعلم بالإسلام وعلم أن عيسى عليه السلام قد قال بالبنوة وأتى بكتاب من الله تعالى في الشام فهو مأمور باتباعه ..
لأن النبي الذي بعث لقومه خاصة فقد أمره الله تعالى بدعوة قومه لا بدعوة غير قومه من جهة التنقل والذهاب ..
أما من علم بالحق الذي جاء به وهو ليس من قومه فواجب عليه أن يؤمن به ..
أما من زعم أنه لا يؤمر باتباعه لأن كل نبي أرسل لقومه خاصة ..
فيجعل الخصوص هذا هو في قبولنا لما جاؤوا به وعدمه فقد فارق العقول والنصوص ..
فالنبي صلى الله عليه وسلم بعث للناس كافة بأن أمره الله تعالى بإيصال دعوته للناس والجن عامة ..
أما غيره من الأنبياء فلم يؤمروا بتبليغ دعوتهم لكافة الناس ..
وإنما اكتفى الله تعالى بأن أمره بإيصال الدعوة لقومهم فقط ..
ومن علم أن الحق مع النبي صلى الله عليه وسلم فوجب اتباعه ..
وكذلك من علم أن الحق مع عيسى عليه السلام فوجب اتباعه وإن لم يكن من قومه ولم يبلغه عيسى عليه السلام بنفسه أو برسوله أو بأصحابه ..
وإلا ما اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم النجاشي من صالحي أهل الكتاب ..
فلو كانت لا تلزمه دعوة عيسى لما كان من ابتاعه أصلاً ..
ولما صح إيمانه بالنصرانية ..
ولما صح إيمان آسيا رضي الله عنها زوجة فرعون اللعين ..
وهي ليست من بني إسرائيل ..
ولما صح إيمان من آمن من أهل مصر حين ورد عليهم يوسف الصديق عليه السلام ..
فكل من يدعي غير هذا فهو كذّاب، وإن قلنا نحسن الظن به فهو جاهل بما يتكلم به .. ". انتهى كلام أخي الزبيري التميمي.
وبهذا يتضح لكل ذي عينين أنه ليس كل أهل الجاهلية من أهل الفترة, فهل يقول المخالف أيضا أن نصوص القران الكريم " ينقصها الفقه" .. !!
وبما سبق يتضح بطلان دعوى الغزالي, وكذلك بطلان قول فضيلة الشيخ القرضاوي الذي قال في كتابه كيف نتعامل مع السنة (117) "ما ذنب عبد الله بن عبد المطلب حتى يكون في النار وهو من أهل الفترة و الصحيح أنهم ناجون؟ ".
قال الإمام النووي-كما نقلنا سابقا- " من مات في الفترة على ما كانت عليه العربُ من عبادة الأوثان فهو من أهل النار، وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة, فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء ".
أما قول فضيلة الشيخ الغزالي " كلّ الرسالاتِ السابقةِ محلّية مؤقتة، وإبراهيم وموسى وعيسى كانوا لأقوامٍ خاصة ", فهو قول عجيب, ألدعوة للتوحيد وإفراد العبودية لله رسالة محلية مؤقتة أيضا .. !! , فإننا نتكلم في دعوة التوحيد والحنيفية التي تركها أهل الجاهلية-عمدا- وعبدوا الأصنام, فلسنا نتكلم في تفاصيل الأحكام والشرائع حتى تقول أن رسالات إبراهيم وموسى وعيسى رسالات محلية مؤقتة .. فتأمل ولا تشطط.
إليك هذه الأمثلة, وتأملها جيدا وعض عليها بالنواجذ:
1 - عن سالم بن عبد الله أنه سمع ابن عمر يحدث عن رسول الله (ص) أنه " لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل (بلدح)، وذلك قبل أن ينزل على رسول الله (ص) الوحي، فقدم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرة فيها لحم، فأبى أن يأكل منه وقال: إني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم، ولا آكل مما لم يذكر اسم الله عليه ". رواه أحمد (2/ 89)، قال الألباني (صحيح السيرة34): إسناده صحيح, وهو كما قال. وحاشا النبي (ص) أن يذبح على النصب, فلقد كان على الحنيفية السمحة كما هو ثابت معلوم بالضرورة, ولكن عمرا لم يكن يعرف أن محمدا بن عبد الله موحد حنيفي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/174)
2 - عن اسماء بنت أبي بكر قالت: "رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائما مسندا ظهره إلى الكعبة يقول: يا معشر قريش, والله ما منكم على دين إبراهيم عليه السلام غيري. وكان-أي زيد- يحيي الموءودة, يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته: أنا أكفيك مؤنتها, فيأخذها, فأذا ترعرعت قال لأبيها: إن شئت دفعتها إليك, وإن شئت كفيتك مؤنتها ". رواه البخاري معلقا (7: 114_ 115) , ووصله الحاكم في المستدرك (3: 440) وصححه على شرط الشيخين, وصححه الألباني (تخريج فقه السيرة للغزالي 66).
3 - " ورقة بن نوفل كان امرءا تنصر في الجاهلية, وكان يكتب الكتاب العبراني ... فأخبره الرسول (ص) خبر ما رأى, فقال له ورقة: هذا الناموس الذي أنزل على موسى ... , وإن يدركني يومك حيا أنصرك نصرا مؤزرا .... ". حديث صحيح جدا رواه البخاري (18:1_ 23) ومسلم (1: 97_ 98).
4 - قال (ص) "رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار, كان أول من سيب السوائب (وفي رواية: كان أول من غير دين إسماعيل) ". رواه الشيخان, وانظر الصحيحة (1677).
5 - سألوه (ص) عن عبد الله بن جدعان, فقالوا: كان يقري الضيف, ويعتق, ويتصدق, فهل ينفعه ذلك يوم القيامة؟ فقال (ص):" لا, إنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين ". رواه مسلم, وانظر الصحيحة تحت الحديث رقم (2927).
6 - " مر النبي (ص) بنخل لبني النجار, فسمع صوتا, فقال: ما هذا, فقالوا قبر رجل دفن في الجاهلية. فقال (ص): لولا أن تدافنوا, لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمعني". حديث صحيح جدا, رواه أحمد (3: 201) وابن حبان (786) بأسانيد صحيحة عن أنس.
وله شاهد رواه مسلم (8: 160) بسند صحيح عن زيد بن ثابت: بينما النبي (ص) في حائط لبني النجار .. , فقال (ص) من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟ فقال رجل: أنا. قال: فمتى مات هؤلاء؟ قال: ماتوا في الإشراك, فقال (ص) " لولا أن تدافنوا, لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمعني".
7 - " رؤيته (ص) في صلاة الكسوف صاحب المحجن يجر قصبه في النار, لأنه كان يسرق الحاج بمحجنه ". رواه مسلم, وانظر الإرواء (656).
كل هذه الأحاديث, وغيرها الكثير, تدل على أن أهل الجاهلية الذين ماتوا قبل البعثة –الكثير منهم- معذبون بشركهم وكفرهم, وأن معظمهم ليسوا من أهل الفترة, إذ لو كانوا من أهلها لم يستحقوا العذاب.
الشبهة الثانية: أورد السيوطي في ((مسالك الحنفا في والدي المصطفى)) (2/ 432 - 435) سؤالاً في مسألة إيمان والدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: {{{فإن قلت: بقيت عقدةٌ واحدةٌ وهي ما رواه مسلمٌ عن أنسٍ أن رجلاً قال: يا رسول اللَّه، أين أبي؟ قال: ((في النار))، فلما قفَّى دعاه، فقال: ((إن أبي وأباك في النار)). وحديث ((مسلم)) و ((أبي داود)) عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم استأذن في الاستغفار لأمه فلم يُؤذن له. فاحلل هذه العقدة. قُلْتُ: على الرأس والعين، والجواب: أن هذه اللفظة، وهي قوله: ((إن أبي وأباك في النار)) لم يتفق على ذكرها الرواة، وإنما ذكرها حماد بن سلمة عن ثابت، عن أنسٍ، وهي الطريق التي رواه مسلمٌ منها، وقد خالفه معمر عن ثابت، فلم يذكر: ((إن أبي وأباك في النار))، ولكن قال: ((إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار))، وهذا اللفظ لا دلالة فيه على والده صلى الله عليه وسلم بأمرٍ البتة، وهو أثبت من حيث الرواية، فإن معمرًا أثبت من حمادٍ، فإن حمادًا تكلِّم في حفظه ووقع في أحاديثه مناكير ذكروا أن ربيبه دسَّها في كتبه، وكان حمادٌ لا يحفظ فحدَّث بها فوهم، ومن ثمَّ لم يخرج له البخاري شيئًا، ولا خرَّج له مسلم في الأصول إلاَّ من حديثه عن ثابتٍ .. وأمَّا معمر فلم يتكلَّم في حفظه، ولا استنكر شيءٌ من حديثه، واتفق الشيخان على التخريج له، فكان لفظه أثبت ... ثم ذكر السيوطي شاهدًا لحديث معمر من حديث سعد بن أبي وقاص رضي اللَّه عنه}}} انتهى كلام السيوطي-عفا الله عن زلته-.
أقول ردا على ذلك:
1 - بنى السيوطي تضعيفه على أن معمرا بن راشد قد خالف حماد بن سلمة عن ثابت عن أنسٍ في لفظه "إن أبي وأباك في النار" فقد قال معمر عن ثابت- كما يدعي السيوطي- " إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/175)
أقول: هذا هو الكذب بعينه, هذا هو الكذب بعينه, فلقد أعمى التعصب السيوطي, فوقع في الكذب على رسول الله (ص) , فليس هناك إسناد لهذا الحديث في الدنيا كلها- ولو في الأحلام, إلا أحلام السيوطي بالطبع- فيه معمر عن ثابت عن أنس بلفظ " إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار". فمعمر لم يرو هذا الحديث أصلا عن ثابت, ولا بواسطة أخرى عن أنس. وإنما الحديث الذي فيه " إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار", فقد رواه معمر عن الزهري مرسلا, أخرجه عبد الرزاق في المصنف (19687) عن معمر بن راشد، عن الزهري قال: جاء أعرابي لرسول الله (ص) فقال: أين أبي؟ قال: ((في النار)). قال: فأين أبوك؟ قال: ((حيثما مررت بقبر كافرٍ فبشره بالنار)) ". فالحديث مرسل ضعيف كما ترى, فانظر كيف يضرب السيوطي الصحيح بالضعيف الواهي الذي هو أشبه بالريح- كما قال الأئمة في مراسيل الزهري-. وإياك أن تقول أن الزهري المرسل صحيح, لأن إبراهيم بن سعد رواه موصولا عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه فذكر الحديث- أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير) (1/ 191/1) وابن السني في (عمل اليوم والليلة) رقم (588) بسند صحيح- لأن أبا حاتم قال " إنما يرونه عن الزهري، قال: جاء أعرابيٌّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ... والمرسل أشبه). ذكره ولده في ((العلل)) (ج2/ رقم 2263). وما ذكره أبو حاتم هو الحق والصحيح والصواب لأنه قد اختلف إبراهيمُ بن سعد ومعمر بن راشد، ولا شك عندنا في تقديم رواية معمر المرسلة؛ لأن معمرًا ثبتًا في الزهري، وأما إبراهيم بن سعد فقال قال صالح بن محمد الحافظ: (سماعه من الزهري ليس بذاك؛ لأنه كان صغيرًا حين سمع من الزهري). وقال ابن معين وسئل: إبراهيم بن سعد أحب إليك في الزهري أو ليث بن سعد؟ قال: كلاهما ثقتان. فإذا تدبرت قول يعقوب بن شيبة في الليث: (ثقة وهو دونهم في الزهري - يعني: دون مالك ومعمر وابن عيينة - وفي حديثه عن الزهري بعض الاضطراب). عملت أن قول ابن معين لا يفيد أنه ثبت في الزهري مثل معمر.
فالذي يتحرر من هذا البحث أن الرواية المرسلة هي المحفوظة، وهي التي رجحها أبو حاتم الرازي, وكذلك الدارقطني في العلل (4/ 334) ... فتأمل منصفا.
ولنفترض جدلا أن معمرا قد رواه عن ثابت باللفظ الذي ذكره السيوطي- وقد علمت أن هذا كذب صراح بواح- فالرد: الأمر لا يخفى على أحدٍ من المشتغلين بالحديث أن أهل العلم بالحديث قالوا: أثبت الناس في ثابت البناني هو حمادُ بن سلمة، ومهما خالفه من أحدٍ فالقولُ قولُ حمادٍ. فقال أبو حاتم الرازي - كما في ((العلل)) (2185) -: (حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابتٍ وفي علي بن زيد). وقال أحمد بن حنبل: (حماد بن سلمة أثبت في ثابتٍ من معمر). وقال يحيى بن معينٍ: (من خالف حماد بن سلمة فالقول قول حمادٍ. قيل: فسليمانُ بن المغيرة عن ثابت؟ قال: سليمانُ ثبتٌ، وحماد أعلم الناس بثابت). وقال ابنُ معينٍ مرة: (أثبت الناس في ثابت: حماد بن سلمة). وقال العقيلي في ((الضعفاء)) (2/ 291): (أصح الناس حديثًا عن ثابت: حماد بن سلمة).
وقد أكثر مسلمٌ من التخريج لحماد بن سلمة عن ثابت في الأصول، أما معمر بن راشد فإنه وإن كان ثقةً في نفسه إلاَّ أن أهل العلم بالحديث كانوا يضعفون روايته عن ثابت البناني ولم يخرج له مسلمٌ شيئًا في ((صحيحه)) عن ثابت إلا حديثًا واحدًا في المتابعات، ومقرونًا بعاصم الأحول، وهذا يدلك على مدى ضعف رواية معمر عن ثابت. ولذلك قال ابنُ معين: (معمر عن ثابت: ضعيفٌ). وقال مرَّةً: (وحديث معمر عن ثابت، وعاصم بن أبي النجود، وهشام بن عروة وهذا الضرب مضطربٌ كثيرُ الأوهام). وقال العقلي في ((الضعفاء)) (2/ 291): (أنكرُ الناس حديثًا عن ثابت: معمر بن راشد).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/176)
ولا تقل أن حمادا قد تغير حفظه بأخرة كما قال ابن حجر في التقريب, لأن أمير المؤمنين في الحديث وفي الجرح والتعديل يحيى بن معين قد نفى ذلك بقوله: حديث حماد بن سلمة أوله وآخره واحد (انظره في تهذيب الكمال للمزي في ترجمة ابن سلمة) , ومما يؤكد ذلك .. قول أمير المؤمنين في الحديث عبد الرحمن بن مهدي: " صحيح السماع .. , لم يتهم بلون من الألوان .. فسلم حتى مات" .. فلم يذكر أي تغير, وقال أيضا الإمام الكبير العظيم أبو حاتم الرازي " أضبط الناس وأعلمهم بحديثيهما-يقصد ثابتا وحميد الطويل اللذين أكثر عنهما حماد ابن سلمة-, بين خطأ الناس " .. فهل يقال ذلك فيمن تغير حفظه, اللهم غفرا. وسئل يحيى بن الضريس: حماد أم الثوري, فقال: حماد أحسن حديثا. وهذا قول منه عن سبر, لأن ابن الضريس عنده عن كل واحد منهما عشرة آلاف حديث (انظر كل هذه الأقوال في المصدر السابق). أقول: لقد كان حماد واسع الرولية .. روى بضعة عشر ألف حديث, فإذا أخطأ في شيء منها .. كان ماذا؟!! وكذلك كل من ترجم له من الأئمة يوثقونه مطلقا.
2 - زعم السيوطي أن حماد قد وقع في أحاديثه مناكير ذكروا أن ربيبه دسَّها في كتبه. وهذا هو الباطل بعينه مجسدا مجسما, يرد عليه أقوال الأئمة التي ذكرناها في الفقرة السابقة. وإليك ما قاله فضيلة الشيخ الحويني في رد ذلك (مقال له بمجلة التوحيد) وهو رد نفيس غال, عض عليه بالنواجذ:
" قولُ السيوطي: إن ربيب حماد بن سلمة دسَّ في كتبه أحاديث مناكير وانطلى أمرها على حمادٍ لسوء حفظه. وهذه تهمة فاجرةٌ، كما قال الشيخ المعلمي رحمه اللَّه في ((التنكيل)) (1/ 243)، ومستند كل من تكلَّم بهذه التهمة ما ذكره الذهبي في ((ميزان الاعتدال)) (1/ 593) من طريق الدولابي قال: حدثنا محمد بن شجاع بن الثلجي، حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي، قال: كان حماد بن سلمة لا يعرف بهذه الأحاديث - يعني أحاديث الصفات - حتى خرج مرة إلى عبادان، فجاء وهو يرويها، فلا أحسب إلا شيطانًا خرج إليه من البحر فألقاها إليه. قال ابن الثلجي: فسمعتُ عباد بن صهيب يقول: إن حمادًا كان لا يحفظ، وكانوا يقولون إنها دُسَّت في كتبه. وقد قيل: إن ابن أبي العوجاء كان ربيبه فكان يدس في كتبه، وعلَّق الذهبي على هذه الحكاية بقوله: (ابن الثلجي ليس بمصدق على حمادٍ وأمثاله، وقد اتُهم. نسأل اللَّه السلامة). انتهى.
وابن الثلجي هذا كان جهميًا عدوًا للسنة، وقد اتهمه ابنُ عدي بوضع الأحاديث وينسبها لأهل الحديث يثلبهم بذلك، فالحكاية كلُّها كذب، فكيف يُثلب حماد بن سلمة بمثل هذا، ولو جاز لنا أن نرد على السيوطي بمثل صنيعه لذكرنا ما روى عن أبي حامد بن الشرقي - كما في ((تاريخ بغداد)) (4/ 42) - أنه سئل عن حديث أبي الأزهر، عن عبد الرزاق، عن معمر في فضائل علي بن أبي طالب، فقال أبو حامد: هذا حديثٌ باطل، والسببُ فيه أن معمرًا كان له ابنُ أخٍ رافضيٌّ، وكان معمر يمكنه من كتبه، فأدخل عليه هذا الحديث، وكان معمر رجلاً مهيبًا لا يقدرُ أحدٌ عليه في السؤال والمراجعة، فسمعه عبد الرزاق في كتاب ابن أخى معمر). فعلَّق الذهبي في ((السير)) (9/ 576) قائلاً: (هذه حكاية منقطعةٌ، وما كان معمرُ شيخًا مغفلاً يروج عليه هذا، كان حافظًا بصيرًا بحديث الزهري). ولكننا لا نستجيز أن نطعن على الثقات بمثل هذه الحكاية ". انهى كلام الحويني.
الشبهة الثالثة: إن القول بكفر والدي النبي (ص) يقدح في نسبة رسول الله (ص).
ويجيب عن ذلك الإمام البيهقي بقوله في الدلائل (1/ 192, 193): " وكفرُهم لا يقدح في نسب رسول اللَّه (ص) , لأن أنكحة الكفار صحيحة، ألا تراهم يسلمون مع زوجاتهم، فلا يلزمهم تجديد العقد، ولا مفارقتهن؛ إذ كان مثلُه يجوز في الإسلام. وباللَّه التوفيق ". كما لا يقدح في إبراهيم أن ينتهي نسبه إلى أبيه المشرك بنص القران, والدليل على ذلك من قول الصحابة- فمنهم تؤخذ اللغة-: عن علي رضى الله عنه قال: " سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان، فقلت:تستغفر لأبويك وهما مشركان!؟ فقال: أليس قد استغفر إبراهيم وهو مشرك؟ قال: فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم!؟ فنزلت: {ما كان لله والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم وما كان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/177)
استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم} أخرجه النسائي (11/ 28) والترمذي (4/ 120) وحسنه, وابن جرير (11/ 28)، والحاكم (2/ 335) وقال صحيح الإسناد, وأحمد (771, 1085) والسياق له. قال الألباني إسناده حسن, وهو كما قال, لأن في إسناده أبو الخليل الكوفي- عبد الله بن خليل الحضرمي-, وقد روى عنه الشعبي, وهو لا يروي إلا عن ثقة يحتج بحديثه كما قال ابن معين في ترجمة الشعبي من تهذيب الكمال. (انظر هنا لزاما الهامش رقم (1و 2) ص16 فهو في غاية الأهمية).
الشبهة الرابعة: هذا قول لا يتفق مع منزلة الرسول (ص) وقدره, ولا يتفق مع محبتنا له.
الرد: هذا من غلوهم في تعظيم وحب النبي (ص) , فينكرون أن يكون أبواه (ص) كما أخبر هو نفسه عنهما, كأنهم أشفق عليهما منه (ص). ومن التجني أن يوصف من يتمسك بالأحاديث الصحيحة بسوء الأدب، وواللَّه لو صحت الأحاديث في إسلام والدي النبي صلى الله عليه وسلم لكنا أسعد الناس بها, كيف وهم أقربُ الناس لرسول اللَّه (ص) الذي هو أحبُّ إليَّ من نفسي، واللَّه على ما أقول شهيد. ولكننا لا نتبنى قولاً ليس عليه دليلٌ صحيح, ولكن كثيرًا من الناس من يتخطى المحبة الشرعية, ويخالف الحجة ويحاربها.
الشبهة الخامسة: أن حديث أنس منسوخ بحديث أن الله أحيا أبوي النبي (ص) ليؤمنا به.
الرد: قال ابن الجوزي في الموضوعات (1: 284): [هذا حديث موضوع لا يشك فيه, والذي وضعه قليل الفهم, عديم العلم, إذ لو كان له علم لعلم أن من مات كافرا لا ينفعه أن يؤمن بعد الرجعة, لا بل لو آمن بعد المعاينة, ويكفي في رد هذا الحديث قوله تعالى" فيمت وهو كافر", وقوله (ص) .. وذكر ابن الجوزي حديث الاستئذان .. ]. وهو حديث موضوع باطل كما قال الدارقطني والجوزجاني وابن عساكر والذهبي والعسقلاني كما قال الألباني في الصحيحة (2592). وهكذا عارض السيوطي هذه الأحاديث الصحيحة بأحاديث منكرة وباطلة.
والسيوطي يعلم –كما يعلم كل من شم رائحة الأصول- أن النسخ لا يقع في الأخبار, وإنما في الأحكام. فلا يعقل أن يخبر النبي (ص) عن شخص أنه في النار, ثم ينسخ ذلك بقوله إنه في الجنة .. !! هذا كلام لا يقول به عاقل.
الشبهة السادسة: تأويل الأب في حديث أنس على أنه العم, كما قال القرضاوي في كتابه كيف نتعامل مع السنة (117).
الرد: هذا ضعيف باطل, لأنه خلاف الظاهر والمتبادر-كما قال القرضاوي أيضا-, لأنك عندما تسأل جارك مثلا: هل رأيت أبي اليوم؟ يفهم منه الجار- قطعا وفي الحال- أن المقصود هو الوالد .. , فتأمل. وإليك الدليل على ذلك من قول الصحابة- فمنهم تؤخذ اللغة-: عن علي رضى الله عنه قال: " سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان، فقلت:تستغفر لأبويك وهما مشركان!؟ فقال: أليس قد استغفر إبراهيم وهو مشرك؟ قال: فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم!؟ فنزلت: {ما كان لله والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم} أخرجه النسائي (11/ 28) والترمذي (4/ 120) وحسنه, وابن جرير (11/ 28)، والحاكم (2/ 335) وقال صحيح الإسناد , وأحمد (771, 1085) والسياق له. قال الألباني إسناده حسن, وهو كما قال, لأن في إسناده أبو الخليل الكوفي- عبد الله بن خليل الحضرمي-, وقد روى عنه الشعبي, وهو لا يروي إلا عن ثقة يحتج بحديثه كما قال ابن معين في ترجمة الشعبي من تهذيب الكمال.
الشبهة السابعة: أن حديث أنس خبر آحاد لا يعتد به لأنه مخالف للقران.
الرد: دعوى مخالفته للقران قد رددنا عليها أثناء ردنا على الغزالي.
أما دعوى أنه أخبار آحاد, فأقول: فهذا هو التكذيب بعينه وإن سمي بغير اسمه، أو لبس بلباس من غير جنسه, وهو مسلك ممقوت دأب عليه المخالفون في الكتاب المختلفون في الكتاب، حيث يحكمون أهواءهم وعقولهم القاصرة في نصوص السنة والكتاب فما وافقها قبلوه وجعلوه حجة قطعية، وما خالفها ردوه وجعلوه دلالة ظنية, وبذلك المسلك الفج طعنوا في نصوص كثيرة محكمة بحجة أنها أخبار آحاد، لا تفيد – بزعمهم – إلا الظن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/178)
بل أقول: خبر الآحاد الصحيح يفيد العلم القطعي والعمل رغم أنف كل مكابر, والدليل قول الله تعالى: " فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر" [النساء59]
فإذا رجعوا إلى سنة الرسول (ص) بعد وفاته - والآية مطلقة وعامة, تشمل حياته ووفاته (ص) , وتشمل العقيدة والأحكام, وتشمل المتواتر والآحاد الذي وصل إلينا عنه (ص) – فماذا تفيدهم؟ فإن قالوا: ظنا, فهل يأمر الله المتنازعين أن يردوا المتنازع فيه إلى ما يفيدهم ظنا, فيستمر النزاع؟!! لولا أن المردود إليه يفيد العلم القطعي والعمل, وينهي النزاع, لم يكن في الرد إليه أي فائدة, وهذا هو عين الباطل .. فثبت المراد والحمد لله, فتأمل منصفا.
الشبهة الثامنة: يقول الأبي في شرحه لصحيح مسلم (1: 363_ 373) - وأيده القرضاوي ص119 - : " قصر التعذيب المذكور في هذه الأحاديث على من بدل وغير من أهل الفترة, بما لا يعذر به من الضلال " كأن يكون وأد ابنة أو نحو ذلك مما هو معلوم القبح لدى كل العقلاء.
الرد: سبحان الله العظيم, ما هذا البهتان الكبير؟!! أيكون وأد البنات معلوم القبح لدى كل العقلاء, ولا تكون عبادة الأصنام والإشراك بالله غير معلوم القبح لدى كل العقلاء .. !!! لا حول ولا قوة إلا بالله, تأمل ماذا يفعل التعصب والهوى في أصحابه, واحمد الله أنك تعصبك وهواك هو للكتاب والسنة لا غير.
الشبهة التاسعة: أن هذا الحديث معارض للحديث الصحيح أن أهل الفترة والأطفال والمجانين والصم يمتحنون في العرصات يوم القيامة.
الرد: يقول ابن كثير في (سيرة الرسول وذكر أيامه .. ): "وإخباره (ص) عن أبويه وجده عبد المطلب بأنهم من أهل النار لا ينافي الحديث الوارد من طرق متعددة أن أهل الفترة والأطفال والمجانين والصم يمتحنون في العرصات يوم القيامة. لأنه سيكون منهم من يجيب، ومنهم من لا يجيب، فيكون هؤلاء-أي الذين أخبر عنهم النبي- من جملة من لا يجيب، فلا منافاة، ولله الحمد والمنة ".
والحمد لله أولا وآخرا على توفيقه وتسديده.
ـ[أبو صلاح]ــــــــ[22 - 08 - 05, 02:54 م]ـ
وأعتذر مقدما عن اختصاري لصيغة (صلى الله عليه وسلم).
وسوف يستدرك ذلك فيما بعد إن شاء الله.
ـ[أبوالمقدادالمنبجي]ــــــــ[22 - 08 - 05, 11:08 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
فقط أحب أن أقول مذكرا كل من دافع عن أبي الرسول و أمه عليه الصلاة و السلام و قال بعدم الخوض في المسألة لدعوة الحزن
فنقول بأن السائل سأل عن الحديث و صحته و عليكم العودة لأول مشاركة فهل تريد من الذين يعلمون كل ماسبق من ردود علمية و أصولية بأن يخفوا علمهم و أن يكذبوا على السائل. هل رأيتهم كتبوا في الموضوع مايدل على فرحهم بالانتصار و الاستهزاء.
ماقال أهل السنة و المدافعين عنها هذا إلا بعد انتشار التوسل بأبي الرسول و أمه عند كثير من الناس كما هو معلوم و شكراً
ـ[أبو صلاح]ــــــــ[22 - 08 - 05, 11:26 م]ـ
؟؟؟ (لم أفهم).
ـ[حسام العقيدة]ــــــــ[27 - 02 - 06, 08:52 ص]ـ
أسأل الإخوة " راجي رحمة ربه " و " الكتاني " ...
لم أسمع أن السلف اختلفوا في هذه المسألة.
وليس الذين يخوضون في هذه المسألة يخوضون فيها ابتداء .. بل ردا على الخرافيين المتصوفة.
وذلك نصرة للحديث ... لماذا؟
لأن هذه الطريقة في رد الصحاح .. طريقة تنسف السنة إن سكتنا عنها فاليوم هذه المسألة غدا غيرها.
أما ايات الفترة ... فجوابها واضح صريح.
ونقل احاديث كثيرة في بيان ان هناك من اخبر عنهم صلى الله عليه وسلم بأنهم في النار مع انهم من اهل الفترة.
وقد وجدنا في البخاري ان بن سعيد بن نوفل كان على الحنيفية وكان يخاطب قريشا في سوق عكاظ والتقى النبي صلى الله عليه وسلم .. وهو يخاطب قريش بأن ليس سواي على ملة إبراهيم.
وأن قريش كانت تزعم ان إبراهيم كان يستقسم بالازلام.
ولكن .. وجدت أن امام المفسرين ـ من السلف ـ الإمام الطبري يقول بما يدل عليه الحديث .. وبما يبين الاجماع الذي نقله القرافي.
وهذا هو أمامكم
قال الإمام ابن جرير الطبري في تفسير قوله تعالى: "ولا تسأل عن أصحاب الجحيم": (( .. فَإِنَّ فِي اسْتِحَالَة الشَّكّ مِنْ الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام فِي أَنَّ أَهْل الشِّرْك مِنْ أَهْل الْجَحِيم , وَأَنَّ أَبَوَيْهِ كَانَا مِنْهُمْ .. )) [جامع البيان في تأويل القرآن، ج1، ص516]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/179)
ـ[أبو محمد الأنصاري]ــــــــ[01 - 03 - 06, 08:08 م]ـ
الحمد لله خلق فسوى، وقدر فهدى، وجعلنا من أمة عبده ورسوله المجتبى، صلى الله عليه وعلى أصحابه أعلام الهدى، وعلى من تبع هديه إلى أن يحشر الناس غدا.
أخوتي الكرام: بادئ ذي بدء أعتذر عن فتح الموضوع من جديد كما أدعو الله تعالى أن يهدينا لما أختلف فيه من الحق بإذنه إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، كذا فإني لا أفتات على مشايخنا وإخواننا وإنما محاولة لفهم الموضوع وتقريبه، كما أني لم أقصد تعقب الأخ الكريم راجي رحمة بل أردت بيان وجه الحق الذي أعتقده.
فهذا نص رواية البخاري في وفاة أبي طالب:
صحيح البخاري برقم 1294 كتاب الجنائز باب إذا قال المشرك عند الموت لا إله إلا الله:
حدثنا إسحق أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثني أبي عن صالح عن ابن شهاب قال أخبرني سعيد بن المسيب عن أبيه أنه أخبره: أنه لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبد الله بن أمية بن المغيرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طالب (يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله). فقال أبو جهل وعبد الله بن أمية يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعودان بتلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك). فأنزل الله تعالى فيه {ما كان للنبي} الآية
وأطرافه [3671، 4398، 4494، 6303] وهو عند الإمام مسلم
قلت: فقول أبي جهل وعبد الله بن أمية يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب وقول أبي طالب: هو على ملة عبد المطلب يدل صراحة أن ملة عبد المطلب كانت الشرك وهذا واضح أتم الوضوح قلت وتصريح الأية بأن أبا طالب مشرك يقتضي بالملازمة كون عبد المطلب ومن كان على مثل ما هو عليه مشرك ولا بد وأنه مثله في النار، كذا فلا يتصور أن عبد الله والد النبي وأمه كانا على خلاف ملة جده عبد المطلب وإلا لأشتهر عنهما كما اشتهر عن غيرهما كورقة وزيد بن نفيل ولا يقبل مثل هذا إلا بدليل صحيح صريح كيف وقد جاء الدليل بخلافه.
وكونهما مشركين لا يضره صلى الله عليه وسلم كما قال مشايخنا في نقولاتهم فما ضر إبراهيم وهو الخليل كفر أبيه، ولا ضر نوح كفر امرأته وابنه، ولا ضر لوط كفر امرأته، وكلام إبراهيم لأبيه ذكره الله تعالى في القرآن وأعاده فهل كان يؤذي خليله ....
ومسألة تخفيف العذاب عن أبي طالب (مشاركة 15) وقد شهد الدعوة ومقارنتها بمن لم يشهدها ليست محل شاهد فإنه خفف عنه بسبب شفاعته صلى الله عليه وسلم كما أخرجه مسلم
358 - (209) حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن عبدالملك بن عمير عن عبدالله بن الحارث قال: سمعت العباس يقول قلت يا رسول الله إن أبا طالب كان يحوطك وينصرك فهل نفعه ذلك؟ قال نعم وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح.
ولم تنفعه شفاعته في إخراجه من النار مع كونه كان يحوطه ويدفع عنه وقد حجر عثرة أقامه الله تعالى للمشركين في طريق قضائهم على دعوة الإسلام ومع ذلك لم ينتفع بهذا.
ولولا النص النبوي في حقه ما قال أحد أنه أهون أهل النار عذاباً فإذا قبلت هذا تحتم عليك لزاما قبول غيره لأن الذي أخبر بهذا أخبر بهذا.
وفي مقام أبويه نهي عن الاستغفار لهما فكيف ينهى عن الاستغفار وتذيل الآية الكريمة بقول الحق "من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم" ثم يقال أنه نهي عن الاستغفار لأنه لم يصدر عنهما ذنب يستحقان الاستغفار عنه (مشاركة 16).
أما أن أمه لم يصرح أنها في النار إنما نهي عن الإستغفار لها فقط فإذا صح دليل الأب صح دليل الأم وقد رضيت الأول فلما رددت الثاني وما الفرق. (مشاركة رقم 9).
أما مسألة مناقشة ذلك على الشبكة والملأ (مشاركة رقم 20) فأنا أقول لك أخي هل يدخل هذا المنتدى المبارك داعر أو فاسق أم يدخله طلبة العلم ومشايخه - كما هو ظني – فهل تظنهم طرحوا هذا الموضوع سباً في نبيهم أم سؤال علمي يتعلق بقضية عقدية فصدقني أخي الكريم وأقسم بالله غير حانث - إن شاء الله - كنت أتحاور مع أحد المنتسبين للصوفية وهو لا يتكلم جملة إلا قال وسيدنا أبو طالب قال وسيدنا أبو طالب فعل، وسيدتنا أمنة قالت وعملت وهكذا فقل لي بالله عليك رجل قطع له بالنار كأبي طالب على الاتفاق بيننا يقال عنه سيدنا، ويترحم عليه أليس هذا مسألة من صلب العقيدة التي يجب إعلام الخلق بها.
كما أني وإحقاقاً للحق أتفق معك في أنه يجب عدم التوسع في نشر ذلك عند من يفقهه ومن لا يفقهه فإن ذلك أبكاه صلى الله عليه وسلم وتكدر خاطره صلى الله عليه وسلم يجب مراعاته فلقد جعله الصحابة أهون من دخول غسان بجيشه المدينة (البخاري من حديث ابن عباس).
وكان يكفي من الأمر والنقاش التوفيق الذي ذكره الشيخ خالد السلمي - سلمه الله.
ولا أظن أحداً حقيق بقول الشافعي - رحمه الله – من رواد هذا المنتدى المبارك حيث قال:
ما جادلت أحداً على الغلبة، وما جادلت أحداً لأ رجوت أن يجري الله الحق على يديه.
هدانا الله وإياكم إلى سواء السبيل، ونفعنا بما علمنا وعلمنا ما ينفعنا وأصلح بيننا وألف بين قلوبنا.
إنه ولي ذلك والقادر عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/180)
ـ[أبو عبد الله الساحلي]ــــــــ[06 - 03 - 06, 05:06 م]ـ
جميع الأخوة - ماعدا الكتاني وحزبه- جزاكم الله كل خير وزادكم علماً وبعد:
لقد قرأت عنوان هذه المشاركة مرات عديدة ولم أدخل إلى الموضوع لظني أن المسألة محسومة ولا تحتاج إلى إطالة بحث فيها ولم يتسن لي قراءة الموضوع إلا هذا اليوم وما كنت أظن أن من أعضاء هذا المنتدى المبارك من يحمل عقلية أبو النور خورشيد " (شيخ صوفي خرافي شامي) الذي يصلي على أبوي النبي صلى الله عليه وسلم ويقول إنهما في الجنة حيث رآهما في النام
وكنت في دمشق الشام قد ناقشت هؤلاء القائلين بهذا القول الأعور
وكتبت في ذلك بحثاً وقمت باستنساخ رسالة ملا علي القاري المخطوطة من مكتبة الأسد بدمشق_ ولا أظن حسب علمي أنها مطبوعة_ ومضى على هذا وقت طويل وظننت أن هذا القول لا يقول به إلا شرذمة من غلاة التصوف ولكن فوجئت بكلام الكتاني_ وهو من المنتسبين إلى منتدىعلمي حديثي_ يناقش وينافح بعقلية خرافية لم تشم رائحة العلم ويتهم الأخوة الكرام باتهامات خطيرة جداً فهو يكاد يكفرهم وجميع الأئمة الذين تكلموا في هذا
الموضوع فليتق الله وليتب إليه.
نسأل الله السلامة وحسن القول والعمل.
ـ[أبو عبدالرحمن العمري]ــــــــ[07 - 03 - 06, 11:36 ص]ـ
جزى الله من تصدى لبيان الحق في هذه المسألة التي تولى كبرها المتشبعون بما لم يعط من محته صلى الله عليه وسلم إذ لو أحبوه لتبعوه
ـ[عبدالحق عبدالقوي]ــــــــ[30 - 03 - 07, 11:35 م]ـ
بقي كلام نفيس في قرابة صفحة ونصف لعل أحدا يحتسب، وينشط لنقله فأنا بطيء الكتابة
..
2592 -
" إن أبي و أباك في النار ".
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6/ 177:
أخرجه الطبراني في " الكبير " (3552): حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي حدثنا
أبو كريب حدثنا أبو خالد الأحمر عن داود بن أبي هند عن العباس بن عبد الرحمن عن
عمران بن الحصين قال: جاء حصين إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: أرأيت
رجلا كان يصل الرحم، و يقري الضيف مات قبلك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: فذكره: فما مضت عشرون ليلة حتى مات مشركا. قلت: و هذا إسناد رجاله
كلهم ثقات غير العباس بن عبد الرحمن، و هو مولى بني هاشم، لا يعرف إلا برواية
داود عنه كما في " تاريخ البخاري " (4/ 1 / 5) و " الجرح و التعديل " (3 /
211) و لم يذكرا فيه جرحا و لا تعديلا، فهو مجهول، و قول الحافظ في "
التقريب ": " مستور " سهو منه لأنه بمعنى: " مجهول الحال "، و ذلك لأنه نص
في المقدمة أن هذه المرتبة إنما هي في " من روى عنه أكثر من واحد و لم يوثق ".
قلت: و ذهل عنه الهيثمي، فقال في " المجمع " (1/ 117): " رواه الطبراني
في " الكبير "، و رجاله رجال (الصحيح) "! و ذلك لأن العباس هذا لم يخرج له
الشيخان، و لا بقية الستة، و إنما أخرج له أبو داود في " المراسيل " و "
القدر "، و حديثه في " المراسيل " يشبه هذا في المعنى، فقد أخرجه فيه (برقم
508) من طريق داود أيضا عنه قال: جاء رجل إلى العباس فقال: أرأيت الغيطلة -
كاهنة بني سهم - في النار مع عبد المطلب؟ فسكت: ثم قال: أرأيت الغيطلة .. ،
فوجأ العباس أنفه، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " ما بال أحدكم يؤذي أخاه في الأمر و إن كان حقا؟! " و كذا
رواه ابن سعد في " الطبقات " (4/ 24 - 25) بأتم منه. و الحديث أخرجه
الجورقاني <1> في " الأباطيل و المناكير " (1/ 235) من طريق أخرى عن داود بن
أبي هند في جملة أحاديث أخرى تدل كلها - كهذا - على أن من مات في الجاهلية
مشركا فهو في النار، و ليس من أهل الفترة كما يظن كثير من الناس، و بخاصة
الشيعة منهم، و من تأثر بهم من السنة! و من تلك الأحاديث، ما رواه حماد بن
سلمة عن ثابت عن أنس أن رجلا قال: يا رسول الله أين أبي؟ قال: في النار.
فلما قفى دعاه، فقال: فذكر حديث الترجمة حرفا بحرف. أخرجه مسلم (1/ 132 -
133) و أبو عوانة (1/ 99) و أبو داود (4718) و الجورقاني (1/ 233) و
صححه، و أحمد (3/ 268) و أبو يعلى (6/ 229 / 3516) و ابن حبان (578 -
الإحسان) و البيهقي (7/ 190) من طرق عن حماد بن سلمة به. و منها سعد بن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/181)
أبي وقاص المتقدم في المجلد الأول برقم (18) بلفظ: " حيثما مررت بقبر كافر
فبشره بالنار ". فراجع سببه هناك، فإنه بمعنى حديث الترجمة لمن تأمله. و إن
مما يتصل بهذا الموضوع قوله صلى الله عليه وسلم لما زار قبر أمه: " استأذنت
ربي في أن أستغفر لها فلم يأذن لي، و استأذنته في أن أزور قبرها، فأذن لي ..
" الحديث. رواه مسلم و غيره، و هو مخرج في " أحكام الجنائز " (ص 187 - 188)
من حديث أبي هريرة و بريدة، فليراجعهما من شاء. و الأحاديث في هذا الباب
كثيرة، و فيما ذكرنا خير كبير و بركة. و اعلم أيها الأخ المسلم أن بعض الناس
اليوم و قبل اليوم لا استعداد عندهم لقبول هذه الأحاديث الصحيحة، و تبني ما
فيها من الحكم بالكفر على والدي الرسول صلى الله عليه وسلم، بل إن فيهم من يظن
أنه من الدعاة إلى الإسلام ليستنكر أشد الاستنكار التعرض لذكر هذه الأحاديث و
دلالتها الصريحة! و في اعتقادي أن هذا الاستنكار إنما ينصب منهم على النبي صلى
الله عليه وسلم الذي قالها إن صدقوا بها. و هذا - كما هو ظاهر - كفر بواح، أو
على الأقل: على الأئمة الذين رووها و صححوها، و هذا فسق أو كفر صراح، لأنه
يلزم منه تشكيك المسلمين بدينهم، لأنه لا طريق لهم إلى معرفته و الإيمان به،
إلا من طريق نبيهم صلى الله عليه وسلم كما لا يخفى على كل مسلم بصير بدينه،
فإذا لم يصدقوا بها لعدم موافقتها لعواطفهم و أذواقهم و أهوائهم - و الناس في
ذلك مختلفون أشد الاختلاف - كان في ذلك فتح باب عظيم جدا لرد الأحاديث الصحيحة
، و هذا أمر مشاهد اليوم من كثير من الكتاب الذين ابتلي المسلمون بكتاباتهم
كالغزالي و الهويدي و بليق و ابن عبد المنان و أمثالهم ممن لا ميزان عندهم
لتصحيح الأحاديث و تضعيفها إلا أهواؤهم! و اعلم أيها المسلم - المشفق على دينه
أن يهدم بأقلام بعض المنتسبين إليه - أن هذه الأحاديث و نحوها مما فيه الإخبار
بكفر أشخاص أو إيمانهم، إنما هو من الأمور الغيبية التي يجب الإيمان بها و
تلقيها بالقبول، لقوله تعالى: * (ألم. ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين.
الذين يؤمنون بالغيب) * (البقرة: 1 - 3) و قوله: * (و ما كان لمؤمن و لا
مؤمنة إذا قضى الله و رسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم .. ) * (الأحزاب
: 36)، فالإعراض عنها و عدم الإيمان بها يلزم منه أحد أمرين لا ثالث لهما - و
أحلاهما مر -: إما تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم، و إما تكذيب رواتها
الثقات كما تقدم. و أنا حين أكتب هذا أعلم أن بعض الذين ينكرون هذه الأحاديث
أو يتأولونها تأويلا باطلا كما فعل السيوطي - عفا الله عنا و عنه - في بعض
رسائله، إنما يحملهم على ذلك غلوهم في تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم، و
حبهم إياه، فينكرون أن يكون أبواه صلى الله عليه وسلم كما أخبر هو نفسه عنهما
، فكأنهم أشفق عليهما منه صلى الله عليه وسلم!! و قد لا يتورع بعضهم أن يركن
في ذلك إلى الحديث المشهور على ألسنة بعض الناس الذي فيه أن النبي صلى الله
عليه وسلم أحيا الله له أمه، و في رواية: أبويه، و هو حديث موضوع باطل عند
أهل العلم كالدارقطني و الجورقاني، و ابن عساكر و الذهبي و العسقلاني، و
غيرهم كما هو مبين في موضعه، و راجع له إن شئت كتاب " الأباطيل و المناكير "
للجورقاني بتعليق الدكتور عبد الرحمن الفريوائي (1/ 222 - 229) و قال ابن
الجوزي في " الموضوعات " (1/ 284): " هذا حديث موضوع بلا شك، و الذي وضعه
قليل الفهم، عديم العلم، إذ لو كان له علم لعلم أن من مات كافرا لا ينفعه أن
يؤمن بعد الرجعة، لا بل لو آمن عند المعاينة، و يكفي في رد هذا الحديث قوله
تعالى: * (فيمت و هو كافر) *، و قوله صلى الله عليه وسلم في (الصحيح): "
استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي ". و لقد أحسن القول في هؤلاء بعبارة
ناصعة وجيزة الشيخ عبد الرحمن اليماني رحمه الله في تعليقه على " الفوائد
المجموعة في الأحاديث الموضوعة " للإمام الشوكاني، فقال (ص 322): " كثيرا
ما تجمح المحبة ببعض الناس، فيتخطى الحجة و يحاربها، و من وفق علم أن ذلك
مناف للمحبة الشرعية. و الله المستعان ". قلت: و ممن جمحت به المحبة السيوطي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/182)
عفا الله عنه، فإنه مال إلى تصحيح حديث الإحياء الباطل عند كبار العلماء كما
تقدم، و حاول في كتابه " اللآلىء " (1/ 265 - 268) التوفيق بينه و بين حديث
الاستئذان و ما في معناه، بأنه منسوخ، و هو يعلم من علم الأصول أن النسخ لا
يقع في الأخبار و إنما في الأحكام! و ذلك أنه لا يعقل أن يخبر الصادق المصدوق
عن شخص أنه في النار ثم ينسخ ذلك بقوله: إنه في الجنة! كما هو ظاهر معروف لدى
العلماء. و من جموحه في ذلك أنه أعرض عن ذكر حديث مسلم عن أنس المطابق لحديث
الترجمة إعراضا مطلقا، و لم يشر إليه أدنى إشارة، بل إنه قد اشتط به القلم و
غلا، فحكم عليه بالضعف متعلقا بكلام بعضهم في رواية حماد بن سلمة! و هو يعلم
أنه من أئمة المسلمين و ثقاتهم، و أن روايته عن ثابت صحيحة، بل قال ابن
المديني و أحمد و غيرهما: أثبت أصحاب ثابت حماد، ثم سليمان، ثم حماد بن زيد
، و هي صحاح. و تضعيفه المذكور كنت قرأته قديما جدا في رسالة له في حديث
الإحياء - طبع الهند - و لا تطولها يدي الآن لأنقل كلامه، و أتتبع عواره،
فليراجعها من شاء التثبت. و لقد كان من آثار تضعيفه إياه أنني لاحظت أنه أعرض
عن ذكره أيضا في شيء من كتبه الجامعة لكل ما هب و دب، مثل " الجامع الصغير " و
" زيادته " و " الجامع الكبير "! و لذلك خلا منه " كنز العمال " و الله
المستعان، و لا حول و لا قوة إلا بالله. و تأمل الفرق بينه و بين الحافظ
البيهقي الذي قدم الإيمان و التصديق على العاطفة و الهوى، فإنه لما ذكر حديث:
" خرجت من نكاح غير سفاح "، قال عقبه: " و أبواه كانا مشركين، بدليل ما
أخبرنا .. "، ثم ساق حديث أنس هذا و حديث أبي هريرة المتقدم في زيارة قبر أمه
صلى الله عليه وسلم.
-----------------------------------------------------------
[1] اختلفوا في ضبطه اختلافا كثيرا، هل هو بالراء أم بالزاي؟ و هل هو بفتح
الجيم أم بالضم. انظر الحاشية على " السير " (20/ 178). اهـ.
ـ[أبو الحسن الفطاني]ــــــــ[31 - 03 - 07, 11:05 م]ـ
فائدة علمية ممتازة
ـ[سالم عدود]ــــــــ[26 - 12 - 07, 04:25 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[حسام العقيدة]ــــــــ[27 - 12 - 07, 10:03 ص]ـ
الإخوة " راجي رحمة ربه " و " الكتاني " غفر الله للجميع:
لقد تجاوزتما مع من ينتحل مذهبكما ـ للأسف ـ كل قواعد المصطلح عند حديثكما عن متن الحديث وسنده , وردّ عليكما الإخوة بما يتوافق مع قواعد المصطلح مع أنّ ردهم عليكما ليس في مكانه لأن كلامكما لا وزن له من الناحية العلمية , وإنما حصل ذلك للبيان في حال قرأه من لا يفقه في المصطلح ما يجعله يستبين سقوط كلامكما علميا.
وتجاوزتما أيضا قواعد الحوار , فاتهمتا مخالفيكما ـ بطريق التلميح لا التصريح ـ بما هو كفر وزندقة , والعجيب أنكما لم تعتذرا.
ثم الكتّاني يتكلم في أحد المشاركين من الإخوة كلاما لا يقوله طلبة العلم , ولما يراجع في ذلك من قبل من حسب كلام الكتاني فيه , فرد عليه الكتاني بأنه لم يقصده هو إنما قصد من شتمه!!! .. وهو الذي كان يقول ما يقول ـ كما يزعم ـ دفاعا عن النبي صلى الله عليه وسلم .. وإذا بنا نتفاجأ أن غضب الأخ " الكتاني " لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم , بل كان من أجل نفسه وانتصارا لها , فليراجع نفسه.
وتجاوزتما فهم الآيات والأحاديث والجمع بينهما وأتيتما بما لم تسبقا إليه في الترقيع العجيب لكلامكم طمعاً في أن يلتئم ويتناسق , وأنّى له ذلك , وقد ردّ عليكم الإخوة بما فيه الكفاية ولكن لا تحبون الناصحين.
ولكن ما دفعني للمشاركة هو أمرٌ آخر , هو أن كلّ ما سبق من كلام الإخوة كان ينقصه أمرٌ واحد لم ينبهوا عليه , بسبب أنهم لا يتعصبون إلا للكتاب والسنة بفهم سلف الأمة.
وما أردت في هذه المشاركة هو أن أبيّن لكم أنه حتى كلامكم في من يبين ما يدين الله به المسلمون في شأن أبوي النبي صلى الله عليه وسلم , ليس هو من قول هؤلاء الذين قمتما بنعتهم بأقذع النعوت بسبب التزامهم الكتاب والسنة.
ولكن لفت نظري اجترار الأخوين المسكينين لما نقله السيوطي عن القاضي ابن العربي المالكي , حين زعم السيوطي بأن القاضي سئل عن الذي يقول بأن والدي النبي صلى الله عليه وسلم في النار , فقال ابن العربي جوابا على ذلك بأنه ملعون؟!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/183)
وكنت دائماً أسأل أين نستطيع أن نجد فتوى القاضي هذه؟!! حتى أتحفني الشيخ الفاضل " أبو ريان الطائفي " جزاه الله عني كل خير , بحقيقة فتوى القاضي ابن العربي المالكي مما يبيّن أن السّيوطي غير مؤتمن فيما ينقله عن أهل العلم غفر الله لنا وله.
فلدى مراجعة أكبر الكتب الجامعة في الفقه المالكي وهو " المعيار المعرب " للونشريسي سنجد فتوى القاضي ابن العربي المالكي كاملة هناك , والمفاجأة أن الفتوى ليست كما ادّعى السيوطي وزعم , بل إن في الفتوى ما يبيّن أن القاضي رحمه الله؛ يقول بكفر أبوي النبي صلى الله عليه وسلم.
فقد ذكر الونشريسي في [المعيار المعرب: 12/ 257 - 262] الفتوى بكاملها، وأن رجلاً أطلق اللعنة على والد النبي r ، فقال ما نصّه: (إن لاعن والد النبي r ملعون على لسان النبي r إذ قد بلغنا عن ربنا أنه قال: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا) (الأحزاب: 57) .... ).
إلى أن قال: (وقال النبي r : ( إن أبي وأباك في النار وأمي وأمك في النار – هكذا -) بياناً لحكم الله في الدين وتفريقاً بين المؤمنين والكافرين ... ).
وقال: (والد النبي r ليس كأبي جهل وإن كان كافراً لأن أبا جهل عدو مباين لمضايقته على النبي r ولإذايته له ولأصحابه ولصده عن سبيل الله ولمحاربته لله ولرسوله، و والد النبي r فما زاد على أن ظلم نفسه ... ).
فهذا كلام ابن العربي، وهو بكماله في المصدر المشار إليه، فتأملوا يأهل الأمانة في النقل مدى الفرق بين الكلامين!، وكيف أن ابن العربي يرى كفر والد النبي r ، وأنه في النار، وأنه ممن ظلم نفسه!.
وقفوا على أن الكلام الذي نقله السيوطي كما في " مسالك الحنفا " مخالفٌ لكلامه واختياره، ولا يخالف ما سبق تقريره من حكم أبوي الرسول r .
والآن من بقي لكما يا " راجي رحمة ربه " و " الكتاني "؟!!!
حسبنا الله ونعم الوكيل
ـ[طارق علي محمد]ــــــــ[14 - 02 - 08, 06:54 م]ـ
قال صاحب مراقي السعود: ذو فترة بالفرع لايراع ... وفي الاصول بينهم نزاع.
أورد الشارح المؤلف في كتابه نشر البنود وتبعه واقره ايضا صاحب نثر الورود مؤلف اضواء البيان على ان الخلاف حاصل في اهل في الفترة هل يحاسبون على اصول الدين ام لا اما في الفروع فحكى الاتفاق على انهم لايحاسبون بها وان كانوا على رأي البعض انهم مأمورون بها في الدنيا .. ثم ان مسئلة كون والدي النبي في النار ام لاهي من المسائل التي لا يبنى عليها عمل .. اما توجيهي لهذا الفرع.
1 - اسلم بحديث مسلم.
2 - انا مع القول بان الاحاديث التي تروى ان الله احيا ام النبي فاسلمت الخ كلها اما ضعيفة ضعفا شديدا او موضوعة.
3 - الحذر من التوغل بحماس في هذا السباق لان العلماء كفروا من قال والدي النبي في النار تشفيا.
احببت هذا الملتقى لان الحوار دائما ما يكون عفيفا بعيدا عن الشتم والتشفي غير ان ما رأيته في هذا السجال من البعض اثار حفيظتي خصوصا من رمى الدكتور يوسف القرضاوي بالتهم والشتم ..
اظن ان هذا ما لم يفعله العلماء مع من صحح هذه الاحاديث واعتمد عليها من المتاخرين او المتقدمين بل كانوا يغضون الطرف عن هذه المعايب وينبهون الى حقيقة الفرع وكون ما مال اليه العالم الفلاني غير صحيح.
هذا والله اعلم
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[14 - 02 - 08, 09:49 م]ـ
قال صاحب مراقي السعود: ذو فترة بالفرع لايراع ... وفي الاصول بينهم نزاع.
أورد الشارح المؤلف في كتابه نشر البنود وتبعه واقره ايضا صاحب نثر الورود مؤلف اضواء البيان على ان الخلاف حاصل في اهل في الفترة هل يحاسبون على اصول الدين ام لا اما في الفروع فحكى الاتفاق على انهم لايحاسبون بها وان كانوا على رأي البعض انهم مأمورون بها في الدنيا .. ثم ان مسئلة كون والدي النبي في النار ام لاهي من المسائل التي لا يبنى عليها عمل .. اما توجيهي لهذا الفرع.
1 - اسلم بحديث مسلم.
2 - انا مع القول بان الاحاديث التي تروى ان الله احيا ام النبي فاسلمت الخ كلها اما ضعيفة ضعفا شديدا او موضوعة.
3 - الحذر من التوغل بحماس في هذا السباق لان العلماء كفروا من قال والدي النبي في النار تشفيا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/184)
احببت هذا الملتقى لان الحوار دائما ما يكون عفيفا بعيدا عن الشتم والتشفي غير ان ما رأيته في هذا السجال من البعض اثار حفيظتي خصوصا من رمى الدكتور يوسف القرضاوي بالتهم والشتم ..
اظن ان هذا ما لم يفعله العلماء مع من صحح هذه الاحاديث واعتمد عليها من المتاخرين او المتقدمين بل كانوا يغضون الطرف عن هذه المعايب وينبهون الى حقيقة الفرع وكون ما مال اليه العالم الفلاني غير صحيح.
هذا والله اعلم
الموضوع طرح في الملتقى لمَّا سأل السائل عن الحديث، لكن البعض لم يرد السكوت، بل أتى يريد تقرير الباطل الذي ذكره السيوطي في رسائله.
وقد كتبت كلمات حول الموضوع من مدَّة لم أشأ أن أطرحها، مع أني وعدت بعض المشاركين بها، لأن تضييع الوقت في المسألة مما لا طائل تحته، ولولا أن بعض المتصوِّفة شارك ببث شبهات السيوطي، ثم حاول الانتصار لها، لما رأيت كل هذه المشاركات من الإخوة، ثم عزمت على تحرير بعض النقاط التي وعدت بها.
والملتقى سني سلفي، ولا يصلح أن تترك الشبهات التي كُتبت دون رد.
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر الإخوة في مشاركاتهم ما يقنع به كل من أراد الحق، وكانت ردودهم بعلم وحلم، طالبين في ذلك _ وفي سائر مشاركاتهم في الملتقى _ رضى الله تَعَالَى والدفاع عن دينه، والرد على الظالمين المحرفين من أعداء الدين، أو من الجهلة الذين ينافحون عن باطلهم بالجهل، ولم يقصد أحد منهم بكلامه الطَّعن في النبي صلى الله عليه وسلم أو التنقص من قدره، كيف وهم أكثر الناس تعلقا بالنبي صلى الله عليه وسلم، واطلاعا على أحاديثه ومدارستها، والاهتداء بهديها، والعلم بما صح منها.
وإن تعجب فاعجب من أناس أخذتهم العاطفة بعيدا عن الحق، وظنوا أن الكلام عن والدي النبي صلى الله عليه وسلم وبيان حالهما وأنهما في النار _ متبعين في ذلك كلام رسول الله _ من الطعن فيه، ولمَّا علموا أن أهل السنة _ الصافية من البدع _ لن يتركوهم يبثون هذه البدع بين الناس أخذوا يطعنون في الأدلة التي استدل بها أهل السنة _ الصافية من البدع _ ويحرفونها عن ظواهرها، وقائدهم في ذلك هو التأويل اللعين الذي صرف به أهل البدع قبلهم كلام رب العالمين، وزعموا أنه يخاطبنا بالألغاز والتورية دون الحقيقة، فقد فزعوا إلى طاغوتهم المعروف، ليصرفوا خطاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكلامه عن ظاهره، فصرفوا لفظ الأب إلى العم، وقالوا إنه قَالَ إن اباه في النَّار مواساة للسائل، وتركوا ظاهر الحديث الصحيح وطعنوا فيه بغيا وظلما وعدوانا، وهم يعلمون أنهم كاذبون في دعواهم ثم ركنوا إلى حديث موضوع هم يقرون أنه لا يصح، وقالوا إن هذا لا ينافي قدرة الله تعالى، فلا حول ولا قوة إلا بالله من هذه التحريف ورد الحق بالشبه والحديث الضعيف.
أولا:
بما أنَّ غالب المبتدعة يركنون إلى كلام السيوطي في رسائله الَّتِيْ سوَّدها في هَذَا الموضوع، فهذه نقولات من كلام الملا علي قاري الحنفي، الَّتِيْ تكلَّم فيها عن تخبطات السيوطي، ولم أنقل الرسالة كاملة، بل نقلت ما يقوله عن السيوطي، وعن طريقته المرذولة في الرسائل الَّتِيْ كتبها في الموضوع، فتأملها لتعرف أنَّ كلام السيوطي فيه تعسُّف وتخَبُّط، والملا علي قاري حنفي، ليس وهَّابيا أو حنبليا، وإلا لسارع البعض بإلصاق السباب والشتم والتهم به.
1 - ((قال السيوطي: ثم ما أبعد قوله في حديث مسلم إن أبي وأباك في النَّار ((قَصَدَ بذلك تطييب خاطر الرَّجل خشية أن يرتدَّ لو قرع سمعه أوَّلاً أن أباه في النَّار.اهـ
قَالَ القاري: نعوذ بالله من القول به، وحاشاه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يخبر بغير الواقع، ويحكم بكفر والده لأجل تاَلُّف قلب واحد يؤمن به أو لا يؤمن، فهذه زلَّة عظيمة، وجراءة جسيمة، حفظنا الله عن مثل هذه الجريمة)).
2 - ((قَالَ القاري: وأطال في ذكر أمثاله من الأخبار والآثار بما ليس له مناسبة في هَذَا الباب، وإنَّما هو تسويد الكتاب عند من لم يميِّز بين الخطإ والصَّواب))
3 - ((قَالَ القاري: لم يذكر أحد من هؤلاء الأعلام أنَّ آزر عَمُّ إبراهيم عليه السَّلام، فثبت أنَّ هَذَا القيل من القول العليل))
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/185)
4 - ((قَالَ السيوطي: ومنها أنه قد ثبت أن جماعة كانوا في زمن الجاهلية أنَّهم تحنَّفوا، وتديَّنوا بدين إبراهيم عليه السَّلام وتركوا الشرك، فما المانع من أن يكون أبوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سلكوا سبيلهم. اهـ
قَالَ القاري: قُلْتُ: بعد ما كان مستدلا قاطعا، رجع فصار مانعا، وهذا مسلكه أهون من بيت العنكبوت، ولا يصلح أن يقال مثل هَذَا إلا في البيوت، إذا حديث مسلم ينادي على خلاف ذلك، وبقية ما ذكرناه من الدلالات في الآيات والأحاديث يرد احتمال خلاف ما هنالك، لأن الحافظ أبا الفرج ابن الجوزي ذكر في التَّلقيح تسمية من رفض عبادة الأصنام في الجاهلية ... ولو كانا من هَذَا القبيل لكان ذكرهما أولى في مقام التعليل ... ))
5 - ((قَالَ القاري: وقد أطنب الشيخ _ يعني السيوطي _ في منقبته، وهو كذلك في حدِّ ذاته وصفاته، مع استحقاق زيادة في تزكيته، لأنَّه صنَّف في كُلِّ صنف من العلوم الشَّرعيَّة، كالتَّفسير والحديث والفقيه والآلات العربيَّة، إلَّا أنَّه في هذه الرِّسالة عمل عمل العطَّارين في تكبير النوالة، وتكثير الحوالة، ولم ينظر إلى كلام العلماء المتقدمين، والأئمة المعتبرين الذين هم الأطبَّاء والحكماء في نظر الخواصِّ والعوام أجمعين)).
6 - ((قَالَ القاري: ثم لو استدل بمثل هَذَا المبنى، لزم أن لا يوجد كافر على وجه الأرض، لقوله تَعَالَى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)}، فتأمَّل، فإنَّه موضع زلل و مقام خطل، واحذر أن تكون ضالاًّ مضِلاًّ في الوحل))
7 - ((قَالَ القاري: وبهذا تبيَّن أنَّه كحاطب ليل وخاطب ويل، فتارة يَقُوْل إنهما مؤمنان من أصلهما! لأنهما من أهل الفترة، أو لكونهما من آباء أرباب النُّبوَّة.
وأخرى يَقُوْل إنهما كانا كافرين لكن أحياهما الله وآمنا!
ومرَّة يَقُوْل كانا مؤمنين، وما كانا كافرين، بل في مرتبة المجانين جاهلين فيمتحنان يوم القيامة، وبالظَّنِّ يحكم أنهما ناجيان
فانظر إلى هذه المعارضات الواضحة، والمناقضات اللائحة، فهل تثبت المسائل الاعتقادية بأمثال هذه الاحتمالات العقليَّة، فدلَّ تصانيفه في هذه القضيَّة بأنَّه أقلَّ من العطَّار، بالنِّسبة إلى إمام الحكماء المعتبرين ... ))
8 - ((قَالَ القاري: ثم أعلم أن ما اختاره الفخر الرَّازي وتبعه السُّيوطي في أنَّ أبا إبراهيم عليه السَّلام لم يكن كافرا، فساد عظيم، وتشكيك لعقيدة أرباب اليقين، وإن كان كلُّ واحد منهما يدَّعي أنَّه من المجدِّدِين، بل يَصِحُّ أن يقال إنَّهما من المُحْدِثِيْنَ، لما ورد أن ((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ)) فهو ردَّ من بين المجتهدين ... ))
9 - ((قَالَ القاري: هذه طنطنة مصريَّة، ليس تحتها فائدة قويَّة ... ))
ثانيا:
الرَّد على بعض حيل السيوطي في رسائله
أولا: الطَّعن في الحديث الصَّحيح في مسلم
لا يشك عاقل أن أصحَّ كتابين بعد كتاب الله تَعَالَى، هما كتاب الصَّحيح للإمام البخاري وكتاب الصَّحيح للإمام مسلم القشيري، وأن الأمَّة مجمعة على صحَّة ما فيهما إلا حروفا يسيرة حصل النِّزاع فيها، ويجب أن يقف كلَّ سُنِّي يغار على حديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سدَّاً منيعا أمام أي طاعن في أحاديث هذين الكتابين، حتى لا يتجرَّأ أهل البدع ومن في قلوبهم مرض على التَّعدِّي على أحدهما، ومع ذلك فنحن نناقش من تكلَّم في أي حديثٍ من أحاديثهما، إذا أتى بحجج مقبولة عند أهل الحديث، لا على طريقة المعتزلة وأذنابهم من العقلانيين الذين يردُّون أحاديث رسول الله لمجرد مخالفتها لما يظنُّون أنه اليقين، وطريقة أهل الحديث في تعليل الروايات أوالحكم عليها بالصِّحَّة أوالضَّعف معلومة عند من مارس تخريج الرِّوايات، وعرف مناهج المحدِّثين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/186)
وليس كل من ألَّف أو تكلَّم في مصطلح الحديث، يصبح مؤهلا للخوض في هَذَا الفنِّ الصَّعب الَّذِيْ يحتاج إلى دراسة وممارسة وكدٍّ وكدح حتى يفهم الإنسان طرفه، فكيف بمن يكتفى بتجميع طرق الروايات ثم يقويها ببعضها، أو يخترع منهجا جديدا في التصحيح بكثرة الطرق وإن كانت واهية، بل يفخر أنه صحح حديثا لم يسبقه أحد من أهل الحديث لتصحيحه!.
الحيلة الأولى:
ادَّعى السُّيوطي أنَّ الراوي أخطأ في الحديث إسنادا ومتنا، وأنَّ المتن الصَّحيح هو قول النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((حيثما مررت بقبر مشرك فبشره بالنَّار))، وزعم أن معمرا أثبت في ثابت البناني من حمَّاد بن سلمة.
والرَّد على هذه الحيلة كالتَّالي:
1 - أنَّ حمَّاد بن سلمة أثبت النَّاس في ثابت البناني، وهذه أقوال أهل الشَّأن في ذلك:
قال الإمام ابن رجب رحمه الله في شرح علل الترمذي:
أصحاب ثابت البُناني:
وفيهم كثرة، وهم ثلاث طبقات، الطبقة الأولى: الثقات:
كشعبة، وحماد بن زيد، وسليمان بن المغيرة، وحماد بن سلمة، ومعمر.
وأثبت هؤلاء كلهم في ثابت حماد بن سلمة
قال أحمد في رواية ابن هانئ: ((ما أحد روى عن ثابت أثبت من حماد بن سلمة)).
وقال ابن معين: ((حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت البناني)).
وقال أيضاً: ((حماد بن سلمة أعلم الناس بثابت، ومن خالف حماد ابن سلمة في ثابت فالقول قول حماد)).
وقال ابن المديني: ((لم يكن في أصحاب ثابت أثبت من حماد بن سلمة، ثم من بعده سليما بن المغيرة، ثم من بعده حماد بن زيد، وهي صحاح)) يعني أحاديث هؤلاء الثلاثة عن ثابت.
وقال أبو حاتم الرَّزاي: ((حماد بن سلمة في ثابت وعلي بن زيد أحب إلىّ من همام، وهو أحفظ الناس، وأعلم بحديثهما، بيّن خطأ الناس)). يعني أن من خالف حماداً في حديث ثابت وعلي ابن زيد قدم قول حماد عليه، وحكم بالخطأ على مخالفه.
وحكى مسلم في كتاب التمييز: ((أجماع أهل المعرفة على أن حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت، وحكى ذلك عن يحيى القطان وابن معين وأحمد وغيرهم من أهل المعرفة))
وقال الدار قطني: ((حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت)).
2 - أن معمرا مضطرب في حديث ثابت البناني:
قال ابن المديني: ((في أحاديث معمر عن ثابت أحاديث غرائب ومنكرة، وذكر علي أنها أحاديث أبان بن أبي عياش)).
وقال العقيلي: ((أنكرهم رواية عن ثابت معمر)).
وقَالَ ابن معين: ((حديث معمر عن ثابت مضطرب كثير الأوهام)). ا. هـ
ادَّعى السيوطي أن معمرا رواه عن ثابت بغير هَذَا اللفظ
أقول لعل هذه الرواية لا توجد إلا في مخيلة السيوطي، وعلى من ينتصر لقول السيوطي أن يأتينا بهذا الطريق أو يلتزم الصمت.
أمَّا رواية ((حيثما مررت بقبر مشرك فبشره بالنَّار)) فالصواب أنها من مراسيل الزهري، وإن صحح الوصل بعض المشتغلين بالتصحيح والتضعيف، وإليك تفصيلها بصورة واضحة مختصرة:
هذا الأثر له أسانيد عدة وهي ترجع إلى طريقين:
الطريق الأول: إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ورواه عن إبراهيم بن سعد ثلاثة هم:
1 - محمد بن أبي نعيم الواسطي عند الطبراني في الكبير (1/ 145)
2 - يزيد بن هارون عند البزار في المسند المعلل (3/ 299)، وابن السني في عمل اليوم والليلة 595، والضياء في المختارة (3/ 204)
3 - أبو نعيم الفضل بن دكين عند البيهقي في دلائل النبوة (1/ 191)
وخالفهم محمد بن إسماعيل
فرواه عن يزيد بن هارون عن إبراهيم بن سعد عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه
كما أخرجها ابن ماجه في السنن (1573) وهي رواية شاذة خالف فيها إسماعيل رواية الثِّقات السابقين.
الطريق الثاني: عبد الرزاق عن معمر عن الزهري مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم
أخرجه معمر بن راشد البصري في الجامع _ الملحق بالمصنف _ (10/ 4549)
الحكم عليه:
الصواب أن الرواية المرسلة هي الأصح
لأن معمرا أوثق في الزهري من إبراهيم بن سعد وكلام الضياء في المختارة (أن المرسل يشد من المتصل) كلام غير صحيح أبدا، وهو إلى الخلط أقرب منه على الصواب، فكيف يستشهد بالطريق الصحيح للطريق الخاطيء!
وقد حكم بصحَّة المرسل إمامين من أئمة العلل هما:
1 - أبو حاتم الرازي في العلل (2/ 256)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/187)
2 - الدارقطني في العلل (4/ 334)، وذكر في الأفراد (1/ 324) أن إبراهيم بن سعد تفرد به.
فلا عبرة بأقوال المخطئين الذين حكموا بصحتها، بناء على ظواهر الأسانيد، ودون نظر في علل الروايات، أو التفات إلى أقوال أئمة العلل.
الحيلة الثَّانية:
الزَّعم أن القول بكفر آبائه من الطعن في نسبه
وهذه حيلة لا تساوي شيئا
لكن القصد أن أنقل كلام أحد العلماء الَّذِيْ أكاد أجزم أنَّ السيوطي اطَّلع عليه لزاما، لكنه ذهب يحتجُّ بقول الرَّازي على باطله، وحاله كحال القائل:
المستجير بسعد حال كربته ... كالمستجير من الرَّمضاء بالنَّار
ثم بناه على مقدمتين بزعمه، وأنا لن أطيل الكلام في هَذَا الأمر، لكني أكتفي بالقول الَّذِيْ سكت عنه السيوطي ولم يذكره لأنه يخالف باطله الَّذِيْ يريد تقريره.
قال الإمام البيهقي رحمه الله في دلائل النبوة (1/ 192)
((وكيف لا يكون أبواه وجده عليه الصلاة والسلام بهذه الصفة في الآخرة وقد كانوا يعبدون الوثن، حتى ماتوا ولم يدينوا دين عيسى بن مريم عليه السلام، وكفرهم لا يقدح في نسبه عليه الصلاة والسلام لأن أنكحة الكفار صحيحة. ألا تراهم يسلمون مع زوجاتهم فلا يلزمهم تجديد العقد ولا مفارقتهن إذا كان مثله يجوز في الإسلام وبالله التوفيق)) اهـ
الحيلة الثالثة:
بتره لكلام القاضي ابن العربي
قال السيوطي في الحاوي " رسالة مسالك الحنفاء "
وسئل القاضي أبو بكر بن العربي أحد أئمة المالكية عن رجل قال إن أبا النبي صلى الله عليه وسلم في النار؟
فأجاب بأن من قال ذلك فهو ملعون لقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ}، قال ولا أذى أعظم من أن يقال عن أبيه إنه في النار. اهـ
هذه الفتوى نقلها السيوطي مبتورة من كلام القاضي أبي بكر ابن العربي، وقد غَيَّر البتر مضمونها، وأهم ما فيها، فأصبح كثير من أهل البدع يتكؤون عليها عند النِّقاش في مسالة حال أبو ي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويدَّعون أن ابن العربي قَالَ إن من قَالَ إنهما في النار فهو ملعون، لأنه آذى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في والديه!
فالحمد لله أن الله تعالى حفظ لنا كلام القاضي أبي بكر كاملا، وإن كنَّا لا نذكره إلا من باب الاستئناس، لا من باب الركون إليه، لأن حديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو الأصل، وكلام غيره مردود مهما كان قائله.
قَالَ الونشريسي (ت: 914 هـ) في المِعْيَارِ المُعْرِبِ وَالْجَامِعِ المُغْرِبِ (12/ 257)
وسئل الإمام الحافظ القاضي أبو بكر بن العربي رَحِمَهُ اللهُ
ما تقول أعزَّك الله في رجلين تنازعا الكلام
فَقَالَ أحدهما: إن قريشا أفضل العرب لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث منهم.
وقال الآخر: بل قريش وسائر العرب سواء لأنهم كانوا مشركين، ولا فضل لقريش إلا من كان منهم مسلما، أو مات على الإسلام.
فَقَالَ له الرَّجل: وهل والد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثل أبي جهل؟
فَقَالَ: هما سواء، وأطلق اللعنة على والد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال إنها واجبة عليه إذا مات على الشِّرك.
فَقَالَ: هل جاء بهذا أمر؟
فَقَالَ: الأمر يخرج من قوله تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}
فبيِّن لنا وجه الصَّواب في / هَذَا، وهل يجوز له إطلاق اللعنة عليه، وهو إمام مسجد؟
وهل تجوز الصَّلاة وراءه أم لا؟
مأجورا مشكورا إن شاء الله.
فأجاب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بأن قَالَ:
قرأنا سؤالك، عصمنا الله وإيَّاك من الفتنة، وأكرمنا بالعصمة من المحنة، وهذا زمان تنطلق فيه الدويبة، وتبسط فيه الألسنة، حتى تتعدى إلى الأنبياء المصطفين الأخيار، ثم إلى المصطفى منهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد تضمَّن سؤالك خمسة معان:
الأوَّل: أن قريشا أفضل العرب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/188)
والجواب عنه: أن قريشا أفضل العرب والعجم وسائر الآدميين، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى وَمِنْ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ كِنَانَةَ قُرَيْشًا، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ))، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ فِرْقَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ فِرْقَتَيْنِ فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِهِمْ فِرْقَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ قَبَائِلَ، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ قَبِيلَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ بُيُوتًا فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ بَيْتًا وَخَيْرِهِمْ بَطْناً))، وقد بيَّنا شرح هذه الأحاديث على التَّفصيل في شرح التِّرمذي.
وعن السُّؤال الثَّاني: أنَّ من كان منهم مسلما فهو خير ممن كان كافرا، وغيرهم في ذلك سواء، ويفضلونهم في غير ذلك بما يطول تعداده.
وعن السؤال الثَّالث: وهو والد النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَخٍ بَخٍ إلى يوم النَّفخ، إنَّ لاعن والد النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ملعون على لسان النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذا قد بلغنا عن ربِّنا أنَّهُ قَالَ {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا}، وهو مناقض للتعزير والتَّوقير الواجب له، ولا يجوز ذلك مع المسلمين غير النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما فيه من الأذيَّة لهم الَّتِيْ هي معصية، فكيف في جانب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِيْ هو كفر!، وقد قَالَ الله سُبْحَانَهُ مخبرا عن إبراهيم عليه السَّلام {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ}، وهو مناقض لتوقير النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((إن إبراهيم عليه السلام يلقى أباه، وعليه القترة، فيقول يا ربِّ، وعدتني لا تخزني / يوم يبعثون، فيعود والد إبراهيم في صورة ذيخ، وهو المتولد بين الذئب والكلب، حتى لا يَرَى الخلق والد إبراهيم يُحمل إلى النَّار.
فكيف يؤذى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو يجترئ في الشَّرع بلعن أبيه، والتخصيص بذلك له، وقد قَالَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((أَبِي وَأَبُوْكَ فِي النَّارِ، وَأُمِّي وَأُمُّكَ فِي النَّارِ)) بيانا لحكم الله في الدين، وتفريقا بين المؤمنين والكافرين، وليس لأحد أن يَقُوْل ذلك هجيراه في جواره، فلا يجوز ذلك لما فيه من الأذيَّة والخزاية، ففي رواية ((لا تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ فَتُؤْذُوا الأَحْيَاءَ))، وفيه كلام قد بيَّنَّاه في شرح الحديث، من معظمه الأذيَّة الَّتِيْ أشرنا إليها، وفي أبي النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنتم ترون حنانه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على عمِّه أبي طالب، واستلطافه به، ودعاء الله تَعَالَى في التَّخفيف عنه، لا يجوز لأحد لعنته لأنها منقصة للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عمِّه فضلا عن أُمِّه وأبيه.
وعن السؤال الرَّابع: إنَّ قول الله {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161)} أنَّه متناول لكل كافر كائن من كان، بحال العموم، ويقال على الخصوص فيمن ليست له ذِمَّة ولا يَمُتُّ بحرمة، كلعن السَّارق وشارب الخمر على الجملة والعموم، ولا يفعل ذلك على التَّعيين، ففي صحيح الحديث أن رجلا كان يشرب الخمر على عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيؤتى به إليه كثيرا فَقَالَ بعضهم: ما أكثر ما يؤتى به أخزاه الله!، فَقَالَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لاَ تَكُونُوا أَعْوَاناً لِلشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ)).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/189)
وعن السؤال الخامس: والد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليس كأبي جهل، وإن كان كافرا، لأن أبا جهل عدوٌّ مبين، لمضايقته للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولإذايته له ولأصحابه، ولِصدِّه عن سبيل الله، ولمحاربته لله ولرسوله، ووالد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فما زاد على أن ظلم نفسه، ولا يُسوَّى بينهما، والكفر درجات، كما أن الإسلام درجات، وأعلى درجات الإسلام درجة النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأسفل درجات الكفر درجة أبي جهل لعنه الله. أمَّا الواجب على القائل فهو الاستتابة، ويؤدَّب أدبا وجيعا / على استطالته، وعلى أذيته للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعلى تأويل القرآن بغير علم، ويُعزل عن الإمامة.
عصمنا الله من الفتن بحوله وقوَّته وأسبغ علينا عوارف نِعَمِه، وصلى الله على سيدنا مُحَمَّد وعلى آله وصحبه وعلى جميع النَّبيين، والحمد لله ربِّ العالمين. اهـ
فهل تبين لك التحريف الَّذِيْ فعله السيوطي في كلام القاضي أبي بكر رَحِمَهُ اللهُ
أخيرا:
ومن الأمور التي يتكئ عليها البعض، أنَّهم يقولون إن والدي رسول الله من أهل الفترة، ثم ينزلون عليهما الآيات والأحاديث المعروفة، وهذا القول يطول النقاش حوله، لأن بعض الموحدين كانوا يعيشون بينهم مثل زيد بن عمرو بن نفيل، وبعض الذين اعتنقوا النصرانية كورقة بن نوفل، والأحاديث الواردة عن رسول الله في هذا الباب تدل على أنهم ليسوا جميعا أهل فترة.
وتأمل قول زيد بن عمرو رحمه الله حينما كان يقول لقريش: [كما في صحيح البخاري]
يا معاشر قريش والله ما منكم على دين إبراهيم غيري.
فهل كانوا يجهلون دين إبراهيم؟!
فها هو يقيم عليهم الحجة ويعظهم عن الأفعال الشنيعة التي كانوا يفعلونها
يظهر من كلام زيد بن عمرو بن نفيل أنهم يدَّعون أنهم على ملة إبراهيم ولكنها دعوى عارية كاذبة
ومن جزم أنهم من أهل الفترة، فليأت بأدلة صحيحة صريحة من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا الأمر، ولا يضرب الأحاديث الصحيحة كما يضربها المبتدعة، بحجَّة القطعي والظَّنِّي، أو بحجة مخالفة الحديث لظاهر القرآن، فهذه المخالفة ليست إلا في عقله هو، أمَّا المتبعون للكتاب والسنة حقيقة، فلا إشكال عندهم في هذا الأمر.
والله أعلم وأحكم
ـ[أبو مهند القصيمي]ــــــــ[22 - 06 - 10, 07:45 ص]ـ
موضوع طيب ومفيد، جزى الله خيراً كل من أثرى الموضوع ..
وهذه فائدة:
في شرح الشيخ عبد المحسن العباد على سنن أبي داود والمفرغ على الشبكة جاء هذا السؤال وجوابه:
السؤال: ذكر أحد المشايخ ممن يدرس التفسير عند مسألة أبوي النبي صلى الله عليه وسلم هل هما في الجنة أو النار قال: إن أحد مشايخه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأشار إليه إشارة معناها ألا تخوض في هذه المسألة، فما رأي فضيلتكم؟
الجواب: يؤخذ بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال: (إن أبي وأباك في النار)، وحديث استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يستغفر لأمه فلم يأذن له، واستأذنه أن يزورها فأذن له، وأنزل الله عز وجل في ذلك: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى [التوبة:113]. ولا يؤخذ بهذه الرؤيا. فما جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من الأحاديث الصحيحة هو الذي يعول عليه، وأما هذه الرؤيا التي هي مخالفة للشرع، فإنه لا يلتفت إليها، وهذا الذي قال هذا الكلام لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم حقاً.
ـ[أبو نسيبة السلفي]ــــــــ[22 - 06 - 10, 02:41 م]ـ
الموضوع طرح في الملتقى لمَّا سأل السائل عن الحديث، لكن البعض لم يرد السكوت، بل أتى يريد تقرير الباطل الذي ذكره السيوطي في رسائله.
وقد كتبت كلمات حول الموضوع من مدَّة لم أشأ أن أطرحها، مع أني وعدت بعض المشاركين بها، لأن تضييع الوقت في المسألة مما لا طائل تحته، ولولا أن بعض المتصوِّفة شارك ببث شبهات السيوطي، ثم حاول الانتصار لها، لما رأيت كل هذه المشاركات من الإخوة، ثم عزمت على تحرير بعض النقاط التي وعدت بها.
والملتقى سني سلفي، ولا يصلح أن تترك الشبهات التي كُتبت دون رد.
بسم الله الرحمن الرحيم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/190)
ذكر الإخوة في مشاركاتهم ما يقنع به كل من أراد الحق، وكانت ردودهم بعلم وحلم، طالبين في ذلك _ وفي سائر مشاركاتهم في الملتقى _ رضى الله تَعَالَى والدفاع عن دينه، والرد على الظالمين المحرفين من أعداء الدين، أو من الجهلة الذين ينافحون عن باطلهم بالجهل، ولم يقصد أحد منهم بكلامه الطَّعن في النبي صلى الله عليه وسلم أو التنقص من قدره، كيف وهم أكثر الناس تعلقا بالنبي صلى الله عليه وسلم، واطلاعا على أحاديثه ومدارستها، والاهتداء بهديها، والعلم بما صح منها.
وإن تعجب فاعجب من أناس أخذتهم العاطفة بعيدا عن الحق، وظنوا أن الكلام عن والدي النبي صلى الله عليه وسلم وبيان حالهما وأنهما في النار _ متبعين في ذلك كلام رسول الله _ من الطعن فيه، ولمَّا علموا أن أهل السنة _ الصافية من البدع _ لن يتركوهم يبثون هذه البدع بين الناس أخذوا يطعنون في الأدلة التي استدل بها أهل السنة _ الصافية من البدع _ ويحرفونها عن ظواهرها، وقائدهم في ذلك هو التأويل اللعين الذي صرف به أهل البدع قبلهم كلام رب العالمين، وزعموا أنه يخاطبنا بالألغاز والتورية دون الحقيقة، فقد فزعوا إلى طاغوتهم المعروف، ليصرفوا خطاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكلامه عن ظاهره، فصرفوا لفظ الأب إلى العم، وقالوا إنه قَالَ إن اباه في النَّار مواساة للسائل، وتركوا ظاهر الحديث الصحيح وطعنوا فيه بغيا وظلما وعدوانا، وهم يعلمون أنهم كاذبون في دعواهم ثم ركنوا إلى حديث موضوع هم يقرون أنه لا يصح، وقالوا إن هذا لا ينافي قدرة الله تعالى، فلا حول ولا قوة إلا بالله من هذه التحريف ورد الحق بالشبه والحديث الضعيف.
أولا:
بما أنَّ غالب المبتدعة يركنون إلى كلام السيوطي في رسائله الَّتِيْ سوَّدها في هَذَا الموضوع، فهذه نقولات من كلام الملا علي قاري الحنفي، الَّتِيْ تكلَّم فيها عن تخبطات السيوطي، ولم أنقل الرسالة كاملة، بل نقلت ما يقوله عن السيوطي، وعن طريقته المرذولة في الرسائل الَّتِيْ كتبها في الموضوع، فتأملها لتعرف أنَّ كلام السيوطي فيه تعسُّف وتخَبُّط، والملا علي قاري حنفي، ليس وهَّابيا أو حنبليا، وإلا لسارع البعض بإلصاق السباب والشتم والتهم به.
1 - ((قال السيوطي: ثم ما أبعد قوله في حديث مسلم إن أبي وأباك في النَّار ((قَصَدَ بذلك تطييب خاطر الرَّجل خشية أن يرتدَّ لو قرع سمعه أوَّلاً أن أباه في النَّار.اهـ
قَالَ القاري: نعوذ بالله من القول به، وحاشاه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يخبر بغير الواقع، ويحكم بكفر والده لأجل تاَلُّف قلب واحد يؤمن به أو لا يؤمن، فهذه زلَّة عظيمة، وجراءة جسيمة، حفظنا الله عن مثل هذه الجريمة)).
2 - ((قَالَ القاري: وأطال في ذكر أمثاله من الأخبار والآثار بما ليس له مناسبة في هَذَا الباب، وإنَّما هو تسويد الكتاب عند من لم يميِّز بين الخطإ والصَّواب))
3 - ((قَالَ القاري: لم يذكر أحد من هؤلاء الأعلام أنَّ آزر عَمُّ إبراهيم عليه السَّلام، فثبت أنَّ هَذَا القيل من القول العليل))
4 - ((قَالَ السيوطي: ومنها أنه قد ثبت أن جماعة كانوا في زمن الجاهلية أنَّهم تحنَّفوا، وتديَّنوا بدين إبراهيم عليه السَّلام وتركوا الشرك، فما المانع من أن يكون أبوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سلكوا سبيلهم. اهـ
قَالَ القاري: قُلْتُ: بعد ما كان مستدلا قاطعا، رجع فصار مانعا، وهذا مسلكه أهون من بيت العنكبوت، ولا يصلح أن يقال مثل هَذَا إلا في البيوت، إذا حديث مسلم ينادي على خلاف ذلك، وبقية ما ذكرناه من الدلالات في الآيات والأحاديث يرد احتمال خلاف ما هنالك، لأن الحافظ أبا الفرج ابن الجوزي ذكر في التَّلقيح تسمية من رفض عبادة الأصنام في الجاهلية ... ولو كانا من هَذَا القبيل لكان ذكرهما أولى في مقام التعليل ... ))
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/191)
5 - ((قَالَ القاري: وقد أطنب الشيخ _ يعني السيوطي _ في منقبته، وهو كذلك في حدِّ ذاته وصفاته، مع استحقاق زيادة في تزكيته، لأنَّه صنَّف في كُلِّ صنف من العلوم الشَّرعيَّة، كالتَّفسير والحديث والفقيه والآلات العربيَّة، إلَّا أنَّه في هذه الرِّسالة عمل عمل العطَّارين في تكبير النوالة، وتكثير الحوالة، ولم ينظر إلى كلام العلماء المتقدمين، والأئمة المعتبرين الذين هم الأطبَّاء والحكماء في نظر الخواصِّ والعوام أجمعين)).
6 - ((قَالَ القاري: ثم لو استدل بمثل هَذَا المبنى، لزم أن لا يوجد كافر على وجه الأرض، لقوله تَعَالَى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)}، فتأمَّل، فإنَّه موضع زلل و مقام خطل، واحذر أن تكون ضالاًّ مضِلاًّ في الوحل))
7 - ((قَالَ القاري: وبهذا تبيَّن أنَّه كحاطب ليل وخاطب ويل، فتارة يَقُوْل إنهما مؤمنان من أصلهما! لأنهما من أهل الفترة، أو لكونهما من آباء أرباب النُّبوَّة.
وأخرى يَقُوْل إنهما كانا كافرين لكن أحياهما الله وآمنا!
ومرَّة يَقُوْل كانا مؤمنين، وما كانا كافرين، بل في مرتبة المجانين جاهلين فيمتحنان يوم القيامة، وبالظَّنِّ يحكم أنهما ناجيان
فانظر إلى هذه المعارضات الواضحة، والمناقضات اللائحة، فهل تثبت المسائل الاعتقادية بأمثال هذه الاحتمالات العقليَّة، فدلَّ تصانيفه في هذه القضيَّة بأنَّه أقلَّ من العطَّار، بالنِّسبة إلى إمام الحكماء المعتبرين ... ))
8 - ((قَالَ القاري: ثم أعلم أن ما اختاره الفخر الرَّازي وتبعه السُّيوطي في أنَّ أبا إبراهيم عليه السَّلام لم يكن كافرا، فساد عظيم، وتشكيك لعقيدة أرباب اليقين، وإن كان كلُّ واحد منهما يدَّعي أنَّه من المجدِّدِين، بل يَصِحُّ أن يقال إنَّهما من المُحْدِثِيْنَ، لما ورد أن ((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ)) فهو ردَّ من بين المجتهدين ... ))
9 - ((قَالَ القاري: هذه طنطنة مصريَّة، ليس تحتها فائدة قويَّة ... ))
ثانيا:
الرَّد على بعض حيل السيوطي في رسائله
أولا: الطَّعن في الحديث الصَّحيح في مسلم
لا يشك عاقل أن أصحَّ كتابين بعد كتاب الله تَعَالَى، هما كتاب الصَّحيح للإمام البخاري وكتاب الصَّحيح للإمام مسلم القشيري، وأن الأمَّة مجمعة على صحَّة ما فيهما إلا حروفا يسيرة حصل النِّزاع فيها، ويجب أن يقف كلَّ سُنِّي يغار على حديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سدَّاً منيعا أمام أي طاعن في أحاديث هذين الكتابين، حتى لا يتجرَّأ أهل البدع ومن في قلوبهم مرض على التَّعدِّي على أحدهما، ومع ذلك فنحن نناقش من تكلَّم في أي حديثٍ من أحاديثهما، إذا أتى بحجج مقبولة عند أهل الحديث، لا على طريقة المعتزلة وأذنابهم من العقلانيين الذين يردُّون أحاديث رسول الله لمجرد مخالفتها لما يظنُّون أنه اليقين، وطريقة أهل الحديث في تعليل الروايات أوالحكم عليها بالصِّحَّة أوالضَّعف معلومة عند من مارس تخريج الرِّوايات، وعرف مناهج المحدِّثين.
وليس كل من ألَّف أو تكلَّم في مصطلح الحديث، يصبح مؤهلا للخوض في هَذَا الفنِّ الصَّعب الَّذِيْ يحتاج إلى دراسة وممارسة وكدٍّ وكدح حتى يفهم الإنسان طرفه، فكيف بمن يكتفى بتجميع طرق الروايات ثم يقويها ببعضها، أو يخترع منهجا جديدا في التصحيح بكثرة الطرق وإن كانت واهية، بل يفخر أنه صحح حديثا لم يسبقه أحد من أهل الحديث لتصحيحه!.
الحيلة الأولى:
ادَّعى السُّيوطي أنَّ الراوي أخطأ في الحديث إسنادا ومتنا، وأنَّ المتن الصَّحيح هو قول النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((حيثما مررت بقبر مشرك فبشره بالنَّار))، وزعم أن معمرا أثبت في ثابت البناني من حمَّاد بن سلمة.
والرَّد على هذه الحيلة كالتَّالي:
1 - أنَّ حمَّاد بن سلمة أثبت النَّاس في ثابت البناني، وهذه أقوال أهل الشَّأن في ذلك:
قال الإمام ابن رجب رحمه الله في شرح علل الترمذي:
أصحاب ثابت البُناني:
وفيهم كثرة، وهم ثلاث طبقات، الطبقة الأولى: الثقات:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/192)
كشعبة، وحماد بن زيد، وسليمان بن المغيرة، وحماد بن سلمة، ومعمر.
وأثبت هؤلاء كلهم في ثابت حماد بن سلمة
قال أحمد في رواية ابن هانئ: ((ما أحد روى عن ثابت أثبت من حماد بن سلمة)).
وقال ابن معين: ((حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت البناني)).
وقال أيضاً: ((حماد بن سلمة أعلم الناس بثابت، ومن خالف حماد ابن سلمة في ثابت فالقول قول حماد)).
وقال ابن المديني: ((لم يكن في أصحاب ثابت أثبت من حماد بن سلمة، ثم من بعده سليما بن المغيرة، ثم من بعده حماد بن زيد، وهي صحاح)) يعني أحاديث هؤلاء الثلاثة عن ثابت.
وقال أبو حاتم الرَّزاي: ((حماد بن سلمة في ثابت وعلي بن زيد أحب إلىّ من همام، وهو أحفظ الناس، وأعلم بحديثهما، بيّن خطأ الناس)). يعني أن من خالف حماداً في حديث ثابت وعلي ابن زيد قدم قول حماد عليه، وحكم بالخطأ على مخالفه.
وحكى مسلم في كتاب التمييز: ((أجماع أهل المعرفة على أن حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت، وحكى ذلك عن يحيى القطان وابن معين وأحمد وغيرهم من أهل المعرفة))
وقال الدار قطني: ((حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت)).
2 - أن معمرا مضطرب في حديث ثابت البناني:
قال ابن المديني: ((في أحاديث معمر عن ثابت أحاديث غرائب ومنكرة، وذكر علي أنها أحاديث أبان بن أبي عياش)).
وقال العقيلي: ((أنكرهم رواية عن ثابت معمر)).
وقَالَ ابن معين: ((حديث معمر عن ثابت مضطرب كثير الأوهام)). ا. هـ
ادَّعى السيوطي أن معمرا رواه عن ثابت بغير هَذَا اللفظ
أقول لعل هذه الرواية لا توجد إلا في مخيلة السيوطي، وعلى من ينتصر لقول السيوطي أن يأتينا بهذا الطريق أو يلتزم الصمت.
أمَّا رواية ((حيثما مررت بقبر مشرك فبشره بالنَّار)) فالصواب أنها من مراسيل الزهري، وإن صحح الوصل بعض المشتغلين بالتصحيح والتضعيف، وإليك تفصيلها بصورة واضحة مختصرة:
هذا الأثر له أسانيد عدة وهي ترجع إلى طريقين:
الطريق الأول: إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ورواه عن إبراهيم بن سعد ثلاثة هم:
1 - محمد بن أبي نعيم الواسطي عند الطبراني في الكبير (1/ 145)
2 - يزيد بن هارون عند البزار في المسند المعلل (3/ 299)، وابن السني في عمل اليوم والليلة 595، والضياء في المختارة (3/ 204)
3 - أبو نعيم الفضل بن دكين عند البيهقي في دلائل النبوة (1/ 191)
وخالفهم محمد بن إسماعيل
فرواه عن يزيد بن هارون عن إبراهيم بن سعد عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه
كما أخرجها ابن ماجه في السنن (1573) وهي رواية شاذة خالف فيها إسماعيل رواية الثِّقات السابقين.
الطريق الثاني: عبد الرزاق عن معمر عن الزهري مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم
أخرجه معمر بن راشد البصري في الجامع _ الملحق بالمصنف _ (10/ 4549)
الحكم عليه:
الصواب أن الرواية المرسلة هي الأصح
لأن معمرا أوثق في الزهري من إبراهيم بن سعد وكلام الضياء في المختارة (أن المرسل يشد من المتصل) كلام غير صحيح أبدا، وهو إلى الخلط أقرب منه على الصواب، فكيف يستشهد بالطريق الصحيح للطريق الخاطيء!
وقد حكم بصحَّة المرسل إمامين من أئمة العلل هما:
1 - أبو حاتم الرازي في العلل (2/ 256)
2 - الدارقطني في العلل (4/ 334)، وذكر في الأفراد (1/ 324) أن إبراهيم بن سعد تفرد به.
فلا عبرة بأقوال المخطئين الذين حكموا بصحتها، بناء على ظواهر الأسانيد، ودون نظر في علل الروايات، أو التفات إلى أقوال أئمة العلل.
الحيلة الثَّانية:
الزَّعم أن القول بكفر آبائه من الطعن في نسبه
وهذه حيلة لا تساوي شيئا
لكن القصد أن أنقل كلام أحد العلماء الَّذِيْ أكاد أجزم أنَّ السيوطي اطَّلع عليه لزاما، لكنه ذهب يحتجُّ بقول الرَّازي على باطله، وحاله كحال القائل:
المستجير بسعد حال كربته ... كالمستجير من الرَّمضاء بالنَّار
ثم بناه على مقدمتين بزعمه، وأنا لن أطيل الكلام في هَذَا الأمر، لكني أكتفي بالقول الَّذِيْ سكت عنه السيوطي ولم يذكره لأنه يخالف باطله الَّذِيْ يريد تقريره.
قال الإمام البيهقي رحمه الله في دلائل النبوة (1/ 192)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/193)
((وكيف لا يكون أبواه وجده عليه الصلاة والسلام بهذه الصفة في الآخرة وقد كانوا يعبدون الوثن، حتى ماتوا ولم يدينوا دين عيسى بن مريم عليه السلام، وكفرهم لا يقدح في نسبه عليه الصلاة والسلام لأن أنكحة الكفار صحيحة. ألا تراهم يسلمون مع زوجاتهم فلا يلزمهم تجديد العقد ولا مفارقتهن إذا كان مثله يجوز في الإسلام وبالله التوفيق)) اهـ
الحيلة الثالثة:
بتره لكلام القاضي ابن العربي
قال السيوطي في الحاوي " رسالة مسالك الحنفاء "
وسئل القاضي أبو بكر بن العربي أحد أئمة المالكية عن رجل قال أن أبا النبي صلى الله عليه وسلم في النار؟
فأجاب بأن من قال ذلك فهو ملعون لقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ}، قال ولا أذى أعظم من أن يقال عن أبيه إنه في النار. اهـ
هذه الفتوى نقلها السيوطي مبتورة من كلام القاضي أبي بكر ابن العربي، وقد غَيَّر البتر مضمونها، وأهم ما فيها، فأصبح كثير من أهل البدع يتكؤون عليها عند النِّقاش في مسالة حال أبو ي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويدَّعون أن ابن العربي قَالَ إن من قَالَ إنهما في النار فهو ملعون، لأنه آذى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في والديه!
فالحمد لله أن الله تعالى حفظ لنا كلام القاضي أبي بكر كاملا، وإن كنَّا لا نذكره إلا من باب الاستئناس، لا من باب الركون إليه، لأن حديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو الأصل، وكلام غيره مردود مهما كان قائله.
قَالَ الونشريسي (ت: 914 هـ) في المِعْيَارِ المُعْرِبِ وَالْجَامِعِ المُغْرِبِ (12/ 257)
وسئل الإمام الحافظ القاضي أبو بكر بن العربي رَحِمَهُ اللهُ
ما تقول أعزَّك الله في رجلين تنازعا الكلام
فَقَالَ أحدهما: إن قريشا أفضل العرب لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث منهم.
وقال الآخر: بل قريش وسائر العرب سواء لأنهم كانوا مشركين، ولا فضل لقريش إلا من كان منهم مسلما، أو مات على الإسلام.
فَقَالَ له الرَّجل: وهل والد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثل أبي جهل؟
فَقَالَ: هما سواء، وأطلق اللعنة على والد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال إنها واجبة عليه إذا مات على الشِّرك.
فَقَالَ: هل جاء بهذا أمر؟
فَقَالَ: الأمر يخرج من قوله تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}
فبيِّن لنا وجه الصَّواب في / هَذَا، وهل يجوز له إطلاق اللعنة عليه، وهو إمام مسجد؟
وهل تجوز الصَّلاة وراءه أم لا؟
مأجورا مشكورا إن شاء الله.
فأجاب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بأن قَالَ:
قرأنا سؤالك، عصمنا الله وإيَّاك من الفتنة، وأكرمنا بالعصمة من المحنة، وهذا زمان تنطلق فيه الدويبة، وتبسط فيه الألسنة، حتى تتعدى إلى الأنبياء المصطفين الأخيار، ثم إلى المصطفى منهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد تضمَّن سؤالك خمسة معان:
الأوَّل: أن قريشا أفضل العرب
والجواب عنه: أن قريشا أفضل العرب والعجم وسائر الآدميين، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى وَمِنْ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ كِنَانَةَ قُرَيْشًا، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ))، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ فِرْقَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ فِرْقَتَيْنِ فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِهِمْ فِرْقَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ قَبَائِلَ، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ قَبِيلَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ بُيُوتًا فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمْ بَيْتًا وَخَيْرِهِمْ بَطْناً))، وقد بيَّنا شرح هذه الأحاديث على التَّفصيل في شرح التِّرمذي.
وعن السُّؤال الثَّاني: أنَّ من كان منهم مسلما فهو خير ممن كان كافرا، وغيرهم في ذلك سواء، ويفضلونهم في غير ذلك بما يطول تعداده.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/194)
وعن السؤال الثَّالث: وهو والد النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَخٍ بَخٍ إلى يوم النَّفخ، إنَّ لاعن والد النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ملعون على لسان النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذا قد بلغنا عن ربِّنا أنَّهُ قَالَ {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا}، وهو مناقض للتعزير والتَّوقير الواجب له، ولا يجوز ذلك مع المسلمين غير النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما فيه من الأذيَّة لهم الَّتِيْ هي معصية، فكيف في جانب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِيْ هو كفر!، وقد قَالَ الله سُبْحَانَهُ مخبرا عن إبراهيم عليه السَّلام {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ}، وهو مناقض لتوقير النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((إن إبراهيم عليه السلام يلقى أباه، وعليه القترة، فيقول يا ربِّ، وعدتني لا تخزني / يوم يبعثون، فيعود والد إبراهيم في صورة ذيخ، وهو المتولد بين الذئب والكلب، حتى لا يَرَى الخلق والد إبراهيم يُحمل إلى النَّار.
فكيف يؤذى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو يجترئ في الشَّرع بلعن أبيه، والتخصيص بذلك له، وقد قَالَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((أَبِي وَأَبُوْكَ فِي النَّارِ، وَأُمِّي وَأُمُّكَ فِي النَّارِ)) بيانا لحكم الله في الدين، وتفريقا بين المؤمنين والكافرين، وليس لأحد أن يَقُوْل ذلك هجيراه في جواره، فلا يجوز ذلك لما فيه من الأذيَّة والخزاية، ففي رواية ((لا تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ فَتُؤْذُوا الأَحْيَاءَ))، وفيه كلام قد بيَّنَّاه في شرح الحديث، من معظمه الأذيَّة الَّتِيْ أشرنا إليها، وفي أبي النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنتم ترون حنانه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على عمِّه أبي طالب، واستلطافه به، ودعاء الله تَعَالَى في التَّخفيف عنه، لا يجوز لأحد لعنته لأنها منقصة للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عمِّه فضلا عن أُمِّه وأبيه.
وعن السؤال الرَّابع: إنَّ قول الله {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161)} أنَّه متناول لكل كافر كائن من كان، بحال العموم، ويقال على الخصوص فيمن ليست له ذِمَّة ولا يَمُتُّ بحرمة، كلعن السَّارق وشارب الخمر على الجملة والعموم، ولا يفعل ذلك على التَّعيين، ففي صحيح الحديث أن رجلا كان يشرب الخمر على عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيؤتى به إليه كثيرا فَقَالَ بعضهم: ما أكثر ما يؤتى به أخزاه الله!، فَقَالَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لاَ تَكُونُوا أَعْوَاناً لِلشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ)).
وعن السؤال الخامس: والد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليس كأبي جهل، وإن كان كافرا، لأن أبا جهل عدوٌّ مبين، لمضايقته للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولإذايته له ولأصحابه، ولِصدِّه عن سبيل الله، ولمحاربته لله ولرسوله، ووالد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فما زاد على أن ظلم نفسه، ولا يُسوَّى بينهما، والكفر درجات، كما أن الإسلام درجات، وأعلى درجات الإسلام درجة النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأسفل درجات الكفر درجة أبي جهل لعنه الله. أمَّا الواجب على القائل فهو الاستتابة، ويؤدَّب أدبا وجيعا / على استطالته، وعلى أذيته للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعلى تأويل القرآن بغير علم، ويُعزل عن الإمامة.
عصمنا الله من الفتن بحوله وقوَّته وأسبغ علينا عوارف نِعَمِه، وصلى الله على سيدنا مُحَمَّد وعلى آله وصحبه وعلى جميع النَّبيين، والحمد لله ربِّ العالمين. اهـ
فهل تبين لك التحريف الَّذِيْ فعله السيوطي في كلام القاضي أبي بكر رَحِمَهُ اللهُ
أخيرا:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/195)
ومن الأمور التي يتكئ عليها البعض، أنَّهم يقولون إن والدي رسول الله من أهل الفترة، ثم ينزلون عليهما الآيات والأحاديث المعروفة، وهذا القول يطول النقاش حوله، لأن بعض الموحدين كانوا يعيشون بينهم مثل زيد بن عمرو بن نفيل، وبعض الذين اعتنقوا النصرانية كورقة بن نوفل، والأحاديث الواردة عن رسول الله في هذا الباب تدل على أنهم ليسوا جميعا أهل فترة.
وتأمل قول زيد بن عمرو رحمه الله حينما كان يقول لقريش: [كما في صحيح البخاري]
يا معاشر قريش والله ما منكم على دين إبراهيم غيري.
فهل كانوا يجهلون دين إبراهيم؟!
فها هو يقيم عليهم الحجة ويعظهم عن الأفعال الشنيعة التي كانوا يفعلونها
يظهر من كلام زيد بن عمرو بن نفيل أنهم يدَّعون أنهم على ملة إبراهيم ولكنها دعوى عارية كاذبة
ومن جزم أنهم من أهل الفترة، فليأت بأدلة صحيحة صريحة من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا الأمر، ولا يضرب الأحاديث الصحيحة كما يضربها المبتدعة، بحجَّة القطعي والظَّنِّي، أو بحجة مخالفة الحديث لظاهر القرآن، فهذه المخالفة ليست إلا في عقله هو، أمَّا المتبعون للكتاب والسنة حقيقة، فلا إشكال عندهم في هذا الأمر.
والله أعلم وأحكم
جزاك الله خيرا وبارك في علمك وأطال في عمرك في الطاعة وبالصحة
أخيرا:
ومن الأمور التي يتكئ عليها البعض، أنَّهم يقولون إن والدي رسول الله من أهل الفترة، ثم ينزلون عليهما الآيات والأحاديث المعروفة، وهذا القول يطول النقاش حوله، لأن بعض الموحدين كانوا يعيشون بينهم مثل زيد بن عمرو بن نفيل، وبعض الذين اعتنقوا النصرانية كورقة بن نوفل، والأحاديث الواردة عن رسول الله في هذا الباب تدل على أنهم ليسوا جميعا أهل فترة.
وتأمل قول زيد بن عمرو رحمه الله حينما كان يقول لقريش: [كما في صحيح البخاري]
يا معاشر قريش والله ما منكم على دين إبراهيم غيري.
فهل كانوا يجهلون دين إبراهيم؟!
فها هو يقيم عليهم الحجة ويعظهم عن الأفعال الشنيعة التي كانوا يفعلونها
يظهر من كلام زيد بن عمرو بن نفيل أنهم يدَّعون أنهم على ملة إبراهيم ولكنها دعوى عارية كاذبة
رائع أول مرة أطلع عل هذا!!!
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[26 - 08 - 10, 08:04 م]ـ
جاء في الأربعين في إرشاد السائرين أو الأربعين الطائية - من طريق شبابةبن سوار الفزاري، حدثنا الفضيل بن مرزوق، قال:
سمعت الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم يقول لرجل ممن يغلو فيهم: " ويحكم أحبونا لله، فإن أطعنا الله فأحبونا، وإن عصينا الله فأبغضونا "
قال: فقال له الرجل: إنكم ذو قرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته
فقال: " ويحكم لو كان الله نافعا بقرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير عمل بطاعته لنفع بذلك من هو أقرب إليه منا: أباه وأمه، والله إني لأخاف أن يضاعف للعاصي، من العذاب ضعفين، والله إني لأرجو أن يؤتى المحسن منا أجره مرتين "
وقد أخرجه ابن سعد في الطبقات بأطول مما هنا، وكذلك أخرجه الزبيري في نسب قريش وابن أبي خيثمة في التاريخ وغيرهم
ولابأس بسنده، والله أعلم.
فهذا رجل من آل البيت يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينفع أباه وأمه، ومعنى هذا يوافق ما جاء في الأحاديث الصحيحة من كونهم ماتوا على الشرك.
ـ[أبو عمار الأذرعي]ــــــــ[28 - 08 - 10, 02:34 م]ـ
الحمد لله، فإن جواب الأمير الصنعاني رحمه الله - الذي أورده أخونا خالد بن عمر فهو جواب كاف وشاف، وانظروا في تصديره الجواب بقوله: ( .. أنَّ مسألة إيمان أبوي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلَّم من مسائل الفضول، لا يخوض فيها من هو بمهمَّات دينه مشغول .. )
فهذا مما ينبغي أن يكون حاضراً عند الخوض في المسائل.
وبه وحده التوفيق.(27/196)
رد الشيخ سمير مالكي على مناظرات المستقلة حول موضوع (تراث شيخ الاسلام)
ـ[محمد الثقفي]ــــــــ[04 - 03 - 04, 11:25 ص]ـ
مختصر الكلام في الذب عن عقيدة الأئمة الأعلام
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فقد استمعت إلى بعض المناظرات التي بثتها إحدى الفضائيات، والتي عرض فيها مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وما اعترض عليه ذلك المخالف الشيخ حسن السقاف، وهو في الحقيقة إنما يعترض على مذهب السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين من الصحابة والتابعين وتابعيهم من الأئمة المرضيين والعلماء المهديين.
ولقد أسفت كثيراً لبث مثل هذه المسائل العلمية الكبيرة على مسامع العامة، فهذا مما لا ينبغي فعله، خاصة في المسائل الخفية التي يستعصي فهمها وإدراكها على كثير من طلبة العلم الشرعي، فضلاً عن غيرهم من المثقفين أو العوام الأميين، وهو مدعاة إلى الشك والتكذيب في هذا الدين، وقد صح في الأثر ((حدثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يُكَّذبَ الله ورسوله)).
وساءني أن يعرض مذهب السلف على العامة بهذه الطريقة، وأن ينال من ذات الله وصفاته ويُكَّذبَ كلامه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ويحرَّف معناه، وتلقى الشبه الكثيرة على مرأى ومسمع من تلك الجموع الكثيرة والألوف المؤلفة التي لا يُحصي عددها إلا الله تعالى.
ومعلوم أنه لايشد انتباه الناس شيء أكثر من الخصام والجدال، خاصة في مسائل الدين. وليته كان جدالاً بالتي هي أحسن، لكنه للأسف تحول إلى مغالطات ثم إلى سباب ومهاترات، وسفه لا يليق بأهل العلم على الإطلاق. وساءني كذلك أن ينال ذلك المخالف من شخص عَلَم شامخ من كبار أعلام الأمة، وينعته بما لا يليق بمقامه من تكفير وتبديع وتفسيق، وغيرها من أوصاف نابية كان المخالف أحق بها وأهلها.
وإنَّ تَرَفُّعَ الوضعاء يوماً على الرُّفَعاء من إحدى الرزايا
إذا استوت الأسافل والأعالي فقد طابت منادمة المنايا
وليس هذا بغريب صدوره ممن ملئ قلبه حقداً وغيظاً وغلاً على أئمة الدين وأعلام المسلمين، فهذا حال أشياعه على مر السنين، منذ أن نشأت أول فرقة في الدين. ولو سُلِّط أمثال هؤلاء على رقاب السلفيين لرأيت سوء صنيعهم فيهم بما لا يخطر على بال أحد من العالمين.
•أوليس قد اجترأ سلفهم على خليفة المسلمين، عثمان رضي الله عنه فذبحوه في داره وهو يتلو كلام ربه؟
•أوما كفَّروا خيار المسلمين من الصحابة، وقاتلوهم، ثم غدروا بابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وقتلوه غيلة، قرباناً لشيخ المعطلة إبليس اللعين؟
•ولم تزل تلك طرائقهم وأساليبهم، حتى تمكنوا من السلطة في عهد المأمون والمعتصم والواثق فنكلوا بأئمة المسلمين وامتحنوهم بتلك المحنة المشهورة، محنة القول بخلق القرآن.
ومن عجائب صنيع هؤلاء المخالفين التستر بدعوى الحرص على عقائد المسلمين، وهم أول من يهدمها ويبث الشك والريبة في قلوب أهلها، وهم موقد الفتنة وأصل البلية في هذه الأمة، وهم أعظم خطراً وإثماً من الخوارج الأُوَل، لأن أولئك كفَّروا الناس بفعل كبائر الذنوب، وهؤلاء كفروهم بإيمانهم وطاعتهم وتعظيمهم لكلام ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، فقابلوه بالتصديق، ولم يقدموا عليه عقل إنسان ولا منطق اليونان.
ولم يقتصر هؤلاء المخالفون على تكفير طائفة دون أخرى، بل أطلقوا عنان ألسنتهم وأقلامهم بتكفير عامة الأمة وتبديعهم، فأوجبوا عليهم أولاً الشك والنظر وجعلوه أول واجب على المكلَّف، ومن لم يقم بهذا الواجب فهو عندهم كافر أو ضال.
وانظر إن شئت في نقض هذا الأصل الفاسد الذي أصَّلوه، ما ذكره الحافظ في الفتح [13/ 350] نقلاً عن القرطبي، وفيه ذكر أنه لما أُورِد على صاحب هذا القول، أن هذا الأصل يلزم منه تكفير أبيك وأسلافك وجيرانك، فقال: ((لا تشنِّع عليّ بكثرة أهل النار)). [وانظر تفسير القرطبي 7/ 331 - 332].
إذاً هم الذين أشاعوا تكفير المسلمين، ثم يرمون غيرهم من أهل السنة بهذه الفرية، والله تعالى أعلم من أحق بها وأهلها.
ولم نذهب بعيداً، فهذا المخالف قد أعلن صراحة على الملأ تكفير ابن تيمية ومن يقول بقوله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/197)
وأما الطرف الآخر في تلك المناظرات الفضائية وهو فضيلة الشيخ/ عدنان عرعور، فهو إن شاء الله مأجور مشكور على جهاده ونصرته لعقيدة السلف وذبه عن شخص عَلَم من كبار أعلام الأمة، وقد لمس الناس كلهم صدقه وحرصه على هداية العامة وعدم التشويش عليهم، واجتهد كثيراً في دحض شبهات المخالف، ووفِّق في إفحام خصمه في مواضع كثيرة، وشرح مجمل اعتقاد أهل السنة بطريقة ميسرة، حتى يعقله العامة.
غير أني وجدت الشيخ عدنان – وفقه الله وسدد على الحق خطاه – قد خانته العبارة أحياناً في رده على شبهات المخالف، وكرر القول بأن شيخ الإسلام قد أخطأ في مسائل، منها إثباته لقعود الرب على الكرسي، وإقعاده النبي صلى الله عليه وسلم معه يوم القيامة. وهاتان المسألتان ليستا من مفردات ابن تيمية، ولا من شذوذه عن الأئمة كما يفهم من عبارة فضيلة الشيخ عدنان، بل قد صرح أئمة السلف المتقدمون بإثباتها واتفقت كلمة جمهورهم عليها، ولم يخالفهم إلا عدد يسير من المتقدمين، لا يصلح أن يعارض بقولهم قول ذلك الجمع الغفير والعدد الكثير، كما سيأتي توضيحه وبيانه.
هذا وليعلم بأني لا أقصد بمقالي هذا غمط الشيخ عدنان فما منا إلا راد ومردود عليه، والظن فيه وفي غيره من إخواننا الرجوع إلى الحق وهي فضيلة خص الله بها من اصطفاه من عباده.
وأنبه إلى أني قصدت بكتابي هذا توضيح بعض المسائل في الصفات لا الرد على المخالف، فإن ذاك له شأن آخر وموضع آخر، نطيل فيه الكلام على شبهات المخالفين، وندحض فيه باطل مذهبهم، إن شاء الله تعالى.
وقد قسمت الكتاب إلى ثمان مسائل بمنزلة الأبواب، اختصرت الكلام فيها بقدر الإمكان، وما كان فيه من إطناب وإسهاب فهو مما دعت إليه الحاجة أو هو استطراد، والله الموفق والمعين و الهادي إلى سواء الصراط.
المسألة الأولى
مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مسألة الصفات وغيرها هو مذهب سلف هذه الأمة وأئمتها وعلمائها من لدن الصحابة الكرام رضي الله عنهم، والتابعين وأتباعهم إلى القرن الثالث وما بعده، وهو محل إجماع منهم، ولم ينفرد شيخ الإسلام بمذهب مستقل عنهم في عامة المسائل في الصفات وغيرها.
وخلاصة هذا المذهب: إثبات ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من صفات الله من غير تعطيل ولا تمثيل، كما قال تعالى [ليس كمثله شيء وهو السميع البصير].
•ولا أعلم أحداً من العلماء من بعد القرون الفاضلة نصر مذهب السلف في عامة المسائل، ووضحه وشرحه ورد على خصومه، كشيخ الإسلام رحمه الله.
ومما قاله جواباً لسؤال سائل عن قوله في آيات الصفات ((قولنا فيها ما قاله الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، وما قاله أئمة الهدى بعد هؤلاء الذين أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم، وهذا هو الواجب على جميع الخلق في هذا الباب وغيره .. )) انظر المجموع [5/ 6].
واسمع لقوله رحمه الله في المخالفين لمذهب السلف ((كيف يكون هؤلاء المحجوبون الحيارى المتهوكون أعلم بالله وأسمائه وصفاته وأحكم في باب ذاته وآياته من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار .. وأعلام الهدى الذين بهم قام الكتاب وبه قاموا ... وأحاطوا من حقائق المعارف وبواطن الحقائق بما لو جمعت حكمة غيرهم إليها لاستحيا من يطلب المقابلة)). انظر المجموع [5/ 11].
•وقد زعم بعض المخالفين أن أهل السنة يمتحنون العامة بمسائل الصفات، ويوردون عليهم ما لا تحتمله عقولهم، وهذا ما اتُّهِمَ به شيخ الإسلام أيضاً، فأجاب ((وأما قول القائل: لا يُتَعرَّض لأحاديث الصفات وآياتها عند العوام: فأنا ما فاتحت عامياً في شيء من ذلك قط)). المجموع [6/ 266].
وقال في موضع آخر ((وإذا كان الرجل قد حصل له إيمان يعبد الله به، وأتى آخر بأكثر من ذلك عجز عنه الأول، لم يُحمَّل مالا يطيق. وإن يحصل له بذلك فتنة لم يُحَّدث بحديث يكون له فيه فتنة)). المجموع [6/ 135].
•وليس عجيباً أن يُمْتَحن شيخ الإسلام بسبب نصرته لعقيدة السلف، فإنه وُجد في عصر كان للمخالفين فيه سلطان وقوة، قريباً مما كان في عصر الإمام أحمد رحمه الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/198)
ولم يكن في عصر شيخ الإسلام من المخالفين من يجرؤ على تكفير أئمة الدين أو تبديعهم، كالإمام مالك وطبقته والشافعي وطبقته وأحمد وطبقته ونحوهم، بل كان المخالفون يظهرون تعظيم هؤلاء الأئمة قولاً باللسان فقط، وأما في الحقيقة فقد كانوا أشد الناس لهم تسفيهاً وتجهيلاً، وكانوا لأئمتهم وشيوخهم المتكلمين معظمين وعلى أقوالهم ومذاهبهم معوَّلين.
فلما نصر شيخ الإسلام كلام السلف الماضين، وفنَّد شبه المتكلمين ونقض مذاهبهم، وكشف زيفها وعوارها، ناصبه المقلدون العداء، ووشوا به لدى الأمراء، وسُجن شيخ الإسلام مرات وأوذي في الله من أجل نصرته لمسائل الاعتقاد وبخاصة الصفات.
والكلام عن هذا العَلَم الشامخ من أعلام المسلمين، وعن فقهه وعلمه وجهاده وزهده وأخلاقه ... الخ، مما لا تحتمله هذه الورقات، ولا تفي بحقه مئات الصفحات، ومن أنصف علم أن عامة من يُعْتَد به من العلماء من عصر شيخ الإسلام إلى يومنا هذا، عيال على كتبه ورسائله وفتاواه في عامة أبواب الدين وعلومه، خاصة مسائل الاعتقاد والرد على شبهات الفرق المخالفة.
•وليس هذا المخالف، الذي يدعي الحذلقة والفهم في أمور الاعتقاد ومسائل الصفات، بِبِدْع ممن سبقه، لكنه أتى ببعض الغرائب، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: إنكاره أن تكون هناك فرقة من الفرق المخالفة تسمى بالجهمية.
ولما تلي عليه كلام الترمذي وابن عبد البر، بل وكلام أبي منصور البغدادي صاحب كتاب "الفَرْق بين الفِرَق"، وهو من أئمة المتكلمين، كذَّب الجميع بطريقة فجة سمجة، فزعم أنها زلة عالم، وهذه حيلة منه يريد أن يتوصل بها إلى التكذيب، لأن هذا خبر محض، وردُّه تكذيب لقائله، كما لا يخفى. ثم هو لم يأت بأي بينةٍ من قول من يُعتد به، بل اكتفى بالنفي، فأين التحقيق العلمي؟!
ومعلوم أن هذا التكذيب يسري على كل من أثبت وجود هذه الفرقة من العلماء، ومنهم أئمة السلف، الذين صرحوا بوجود فرقة " الجهمية "، ومن ثم تجد في كتب السنة المشهورة أبواب مفردة في الرد على الجهمية، كما في سنن أبي داود، باب في "الجهمية". وفي سنن ابن ماجه: باب: فيما أنكرت الجهمية. وذكر الحافظ في الفتح في شرح كتاب "التوحيد" من صحيح البخاري أن في بعض النسخ: كتاب "الرد على الجهمية وغيرهم". وأنا أسوق بعض كلامه في الفتح [13/ 344] قال: ((وزاد المستملي "الرد على الجهمية وغيرهم". ووقع لابن بطال وابن التين "كتاب رد الجهمية")) إلى أن قال: ((وظاهره مُعتَرَض، لأن الجهمية وغيرهم من المبتدعة لم يردوا التوحيد وإنما اختلفوا في تفسيره، وحجج الباب ظاهرة في ذلك. و المراد بقوله في رواية المستملي "وغيرهم": القدرية .. )).
ثم ذكر الحافظ "المعتزلة"، ثم قال ((وهم في النفي موافقون للجهمية، وأما أهل السنة ففسروا التوحيد بنفي التشبيه والتعطيل)) إلى أن قال ((وأما الجهمية فلم يختلف أحد ممن صنف في المقالات أنهم ينفون الصفات حتى نُسِبوا إلى التعطيل، وثبت عن أبي حنيفة أنه قال: بالغ جهم في نفي التشبيه حتى قال إن الله ليس بشيء.
وقال الكرماني: "الجهمية" فرقة من المبتدعة ينتسبون إلى جهم بن صفوان مُقدَّم الطائفة القائلة أن لا قدرة للعبد أصلاً)) إلى أن قال الحافظ ((وليس الذي أنكروه على "الجهمية" مذهب الجبر خاصة، وإنما الذي أطبق السلف على ذمهم بسببه إنكار الصفات، حتى قالوا: إن القرآن ليس كلام الله وأنه مخلوق. وقد ذكر الأستاذ أبو منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي البغدادي في كتابه "الفرق بين الفرق" أن رءوس المبتدعة أربعة، إلى أن قال: والجهمية أتباع جهم بن صفوان .. )). انتهى نقله من فتح الباري باختصار.
وفي مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري ((الذي ينتسب إلى مذهبه المخالف)) ما نصه "ذكر قول الجهمية". انظر [1/ 338].
والمقصود: أن المخالف شذ عن سائر أهل العلم، حتى الأشاعرة، بإنكاره وجود فرقة تسمى"الجهمية"، وليست هذه بأشنع بلاياه وطاماته، فقد أنكر صفات الخالق، وصرح بالقول بخلق القرآن .. إلى آخر ما نطق به، وأبان به عن جهله وسفهه وفساد عقيدته.
ـ[محمد الثقفي]ــــــــ[04 - 03 - 04, 11:31 ص]ـ
المسألة الثانية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/199)
وردت عبارات في بعض كتب السلف فسَّروا بها بعض نصوص الكتاب والسنة بما يقتضيه السياق، فظن المخالف، كغيره من أضرابه، أن هذا تأويل للصفات، فطرَّدوا القاعدة في سائر الصفات، فقالوا: أوَّل ابن عباس رضي الله عنهما صفة الساق في قوله تعالى: [يوم يكشف عن ساق] كما نقل ذلك ابن جرير الطبري في تفسيره، وأوَّل غيره الوجه في قوله تعالى [فثم وجه الله]. وأوَّلوا غير ذلك من نصوص الكتاب والسنة.
قال المخالف: فدل ذلك على أن مذهب أهل السنة والجماعة هو تأويل الصفات كلها، سوى ما أثبته الأشاعرة من الصفات السبعة المشهورة، القدرة والعلم والإرادة والحياة والسمع والبصر والكلام. وأما سائر الصفات فهي مؤلة، كاليد والعين والوجه والقدم والساق والنزول والضحك والاستواء .. إلى آخر ما أثبته علماء السلف والخلف، وعد المخالفون ذلك الإثبات تشبيهاً ينزه عنه الخالق، وأنه مخالف لمذهب أهل السنة والجماعة. كذا قالوا.
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
الوجه الأول: أن مقتضى كلام هذا المخالف أنه هو وأشياعه متبعون لمذهب السلف في تأويل الصفات، وأنهم لم يبتدعوا التأويل، بل غيرهم ابتدع الإثبات. وهذا عند التحقيق أبعد ما يكون عن الحق، فغاية ما قدروا عليه بعد البحث والاستقصاء هو بضعة نصوص لا يتجاوز عددها أصابع اليد زعموا أن السلف أولوها. ونحن نعكس عليهم الدليل، فنقول: عندنا مئات النصوص الثابتة المحكمة من الكتاب والسنة في تقرير وإثبات الصفات، لم يتعرض لها أحد من الرواة والمفسرين والشراح من السلف بأي تأويل يخرجها عن ظاهرها، فلِمَ لَمْ يقتصروا إلا على تأويل تلك النصوص القليلة التي ذكرتموها؟
وهذا عندنا ليس له إلا معنى واحد، وهو أنهم أثبتوا الصفات كما وردت في هذا العدد الكثير من النصوص، ولو فرض أنهم قد أولوا تلك النصوص القليلة، كالساق وغيرها فنحن تبع لهم في الإثبات والتأويل ونحن أحق بمذهبهم منكم، حيث سكتنا عن تأويل ما سكتوا عن تأويله، وأوَّلنا ما أوَّلوه (لو صح أنهم أوَّلوه).
•ثم نقول: إن هذه الدعوى من المخالف وغيره، تتناقض مع دعوى سلفه من شيوخ الأشاعرة ومن نحا نحوهم وتأثر بمذهبهم، فإنهم، مع اختلافهم في بيان معنى تلك النصوص المثبتة للصفات، كالعلو والاستواء والوجه واليد و العين والنزول والضحك والمجيء وغيرها، ما بين مثبت لها، ومفوض ومؤول، فقد اتفقت كلمتهم على أن مذهب السلف هو إجراؤها على ظاهرها أي: إثباتُها صفاتٍ لله.
ولم يحتجَّ أحد من هؤلاء بما احتج به هذا المخالف من تأويل بعض السلف لتلك النصوص القليلة. فظهر بهذا شذوذ المخالف، ومن على شاكلته، عن سائر أهل العلم. وإليك بعض نصوص من يَعْتدُّ المخالف بكلامهم:
قال أبو الحسن الأشعري في كتابه "مقالات الإسلاميين" – في معرض كلامه عن اختلاف الفرق في الصفات – [1/ 285] ((وقال أهل السنة وأصحاب الحديث: ليس بجسم ولا يشبه الأشياء وإنه على العرش، كما قال عز وجل [الرحمن على العرش استوى] ولا نقدم بين يدي الله في القول، بل نقول: استوى بلا كيف وإنه نور كما قال تعالى: [الله نور السموات والأرض] وإن له وجهاً كما قال: [ويبقى وجه ربك] وإن له يدين كما قال: [خلقت بيدي]، وإن له عينين كما قال: [تجري بأعيننا]، وإنه يجيء يوم القيامة هو وملائكته كما قال: [وجاء ربك والملك صفاً صفاً]، وإنه ينزل إلى السماء الدنيا كما جاء في الحديث، ولم يقولوا شيئاً إلا ما وجدوه في الكتاب أو ما جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم)) اهـ.
قال سمير: فهذا كلام إمامهم الذي ينتسبون إليه في الاعتقاد، وقد أكده وكرره في كتبه الأخرى، كالإبانة وغيرها، وهم إذا أُورِدَ عليهم كلامه كذَّبوا به وأنكروا نسبته إليه.
تنبيه: وقوله هنا عن أهل السنة: إنهم ينفون الجسم، ليس بصواب، بل هم لا يثبتون الجسم ولا ينفونه، وتفصيل ذلك له موضع آخر.
* وقال البيهقي في كتابه المشهور "الأسماء والصفات" [2/ 40] ((باب ما جاء في إثبات العين صفة لا من حيث الحدقة. قال الله عز وجل: [ولتصنع على عيني] وقال تعالى [فإنك بأعيننا] وقال [واصنع الفلك بأعيننا] وقال تبارك وتعالى [تجري بأعيننا])).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/200)
ثم ساق بإسناده حديث ((إن الله ليس بأعور)) وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار بيده إلى عينه، ثم قال ((ومن أصحابنا من حمل العين المذكورة في الكتاب على الرؤية .. ومنهم من حملها على الحفظ والكلاءة)) إلى أن قال البيهقي ((والذي يدل عليه ظاهر الكتاب والسنة من إثبات العين له صفة لا من حيث الحدقة أولى، وبالله التوفيق)).
قال سمير: ليس من مذهب السلف إثبات الحدقة ولا نفيها.
ثم ختم الباب بما رواه بإسناده عن سفيان بن عيينة أنه قال ((ما وصف الله تبارك وتعالى من نفسه في كتابه فقراءته تفسيره، ليس لأحد أن يفسره بالعربية ولا بالفارسية)) ا هـ.
وقال البيهقي في كتابه المذكور [2/ 43] ((باب ما جاء في إثبات اليدين صفتين، لا من حيث الجارحة، لورود الخبر الصادق به. قال الله عز وجل [يا إبليس مامنعك أن تسجد لما خلقت بيدي])) ثم ساق البيهقي آية [بل يداه مبسوطتان] وحديث ((يا آدم أنت أبو الناس خلقك الله بيده)) رواه الشيخان. وساق أحاديث أخرى في إثبات صفة اليد لله تعالى، ثم قال ((وقد قال بعض أهل النظر في معنى اليد في غير هذه المواضع: إنها قد تكون بمعنى القوة، قال الله عز وجل [واذكر عبدنا داود ذا الأيد] أي: ذا القوة. وقد يكون بمعنى الملك والقدرة، قال الله عز وجل [قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء] وقد يكون بمعنى النعمة، تقول العرب: كم يد لي عند فلان. أي: كم من نعمة لي قد أسديتها إليه. وقد يكون بمعنى الصلة قال الله تعالى [مما عملت أيدينا أنعاماً] أي: مما عملنا نحن. وقال جل وعلا [أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح] أي الذي له عقدة النكاح. وقد يكون بمعنى الجارحة قال الله تعالى [وخذ بيدك ضغثاً فاضرب به ولا تحنث] فأما قوله عز وجل [يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي] فلا يجوز أن يحمل على الجارحة، لأن الباري جل جلاله واحد لا يجوز عليه التبعيض، ولا على القوة والملك والنعمة والصلة، لأن الاشتراك يقع حينئذ بين وليه آدم وعدوه إبليس، فيبطل ما ذكر من تفضيله عليه لبطلان معنى التخصيص، فلم يبق إلا أن يحملا على صفتين تعلقتا بخلق آدم – تشريفاً له، دون خلق إبليس – تعلق القدرة بالمقدور، لا من طريق المباشرة، ولا من حيث المماسة)) اهـ.
قال سمير: فهذا كلام أحد كبار أئمتهم وقد صرح فيه بإثبات صفة اليد لله عز وجل في نحو قوله تعالى [لما خلقت بيدي] وأنه لا يصلح فيه تأويلها بالنعمة أو القدرة أو غير ذلك، وفيه رد على المخالف ومن على شاكلته الذين أولوا اليد بالقدرة في هذا الموضع وفي غيره من النصوص، وزعموا أن أئمتهم متفقون على تأويلها، وأن مذهب السلف هو تأويلها.
تنبيه:
لم أورد كلام البيهقي تقريراً له، وإنما لألزم به المخالف، فإن كلامه جارٍ على سنن المتكلمين لا على مذهب الأئمة المرضيين، وليس من مذهب السلف نفي الجارحة ولا نفي التبعيض والجسم ونحوها من عبارات المخالفين.
وفي موضع آخر من كتابه ذكر البيهقي في باب: ما ذكر في اليمين والكف [2/ 54] بعض النصوص الواردة في الكتاب والسنة التي صرحت بلفظ اليمين والقبض، ثم قال ((أما المتقدمون من هذه الأمة فإنهم لم يفسروا ما كتبنا من الآيتين والأخبار في هذا الباب مع اعتقادهم بأجمعهم أن الله تبارك وتعالى واحد لا يجوز عليه التبعيض .. ))، ثم ذكر قول سفيان بن عيينة ((كل ما وصف الله تعالى من نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته والسكوت عليه)).
وقال البيهقي في موضع آخر في باب: ما جاء في قول الله عز وجل [الرحمن على العرش استوى] [2/ 150] ما نصه ((فأما الاستواء، فالمتقدمون من أصحابنا رضي الله عنهم كانوا لا يفسرونه ولا يتكلمون فيه، كنحو مذهبهم في أمثال ذلك)) ثم أسند عن الأوزاعي قوله ((كنا والتابعون متوافرون نقول: إن الله تعالى ذكره فوق عرشه، ونؤمن بما وردت السنة به من صفاته جل وعلا)). وأسند البيهقي عقبه قول الإمام مالك المشهور ((الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة)). ونحوه عن ربيعة بن عبد الرحمن شيخ الإمام مالك. ثم أسند عن سفيان بن عيينة قوله ((كل ما وصف الله تعالى من نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته والسكوت عليه)).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/201)
ثم قال البيهقي ((والآثار عن السلف في مثل هذا كثيرة، وعلى هذه الطريقة يدل مذهب الشافعي رضي الله عنه، وإليها ذهب أحمد بن حنبل والحسين بن الفضل البجلي، ومن المتأخرين أبو سليمان الخطابي. وذهب أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري إلى أن الله تعالى جل ثناؤه فعل في العرش فعلاً سماه استواء ... )) الخ ما ذكره.
ثم نقل قول آخرين ((إن الاستواء صفة الله تعالى بنفي الاعوجاج عنه)) وقول غيرهم ((إن الاستواء هو القهر والغلبة .. وإنما خص العرش بالذكر لأنه أعظم المملوكات، فنبه بالأعلى على الأدنى .. )) اهـ.
قال سمير: وإنما قصدت بهذه الإطالة رد مزاعم المخالف حيث زعم أن السلف أولوا كل الصفات سوى السبع، فهذا البيهقي، وهو من فضلاء المخالفين قد حكى الخلاف فيها، وأن من الأئمة من أثبتها، ونسب الإثبات إلى الأئمة المتقدمين، كالشافعي وأحمد وغيرهما.
* وقال القرطبي في تفسير قوله تعالى [ثم استوى على العرش] من سورة الأعراف [7/ 219] ((قوله تعالى [ثم استوى على العرش] هذه مسألة الاستواء، وللعلماء فيها كلام وإجراء)) ثم ذكر قول من نفى الجهة ونسبه إلى المتكلمين، ثم قال: ((وقد كان السلف الأُول رضي الله عنهم لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك، بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى كما نطق كتابه وأخبرت رسله. ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة، وخص العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته، وإنما جهلوا كيفية الاستواء، فإنه لا تعلم حقيقته، قال مالك رحمه الله: "الاستواء معلوم – يعني في اللغة – والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة .. )) إلى آخر ما ذكره.
قال سمير: والقرطبي أيضاً ممن تأثر بقول المتكلمين، وقد صرح بإثبات الاستواء والجهة كما رأيت.
وللحافظ ابن حجر العسقلاني كلام طويل في الفتح في مواضع كثيرة، ذكر فيها أقوال العلماء واختلافهم في الصفات وكرر أن مذهب السلف إثباتها بلاتأويل، وأن التأويل مذهب غيرهم.
فنقل في [13/ 405 وما بعدها] في شرح الاستواء كلام ابن بطال، ثم كلام ابن الأعرابي اللغوي المشهور في جوابه لمن سأله عن [الرحمن على العرش استوى] قال ((هو على العرش كما أخبر)) قال السائل ((يا أبا عبد الله إنما معناه استولى. فقال: اسكت. لا يقال استولى على الشيء إلا أن يكون له مضاد)).
ونقل كذلك كلام الإمام مالك وشيخه ربيعة في الاستواء، ونقل قول الأوزاعي ((كنا والتابعون متوافرون نقول إن الله على عرشه ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته)).
ونقل الحافظ أيضاً قول الإمام الترمذي في مواضع من سننه، في إثبات الصفات ونسبة ذلك إلى الأئمة مالك والثوري وابن عيينة وابن المبارك وقول إسحق بن راهويه ((إنما يكون التشبيه لو قيل: يد كيد، وسمع كسمع)).
قال سمير: وقول إسحق بن راهويه يدل صراحة على أن اليد وغيرها من الصفات هي على ظاهرها ومعناها وهي التي يقبض بها ويبطش بها ويمسك بها، كما وردت النصوص بذلك، وهي التي يعبر عنها تارة بالكف، كما في حديث "وقعت في كف الرحمن" وتارة باليمين كما في قوله تعالى [والسموات مطويات بيمينه] وقوله في الحديث "اخترت يمين ربي وكلتا يديه يمين".
وهذه النقول السلفية صريحة في إثبات الصفات لا في تأويلها، وهناك عشرات بل مئات الروايات مثلها، وهي تنقض دعوى المخالف من أن مذهب السلف هو التأويل لا الإثبات.
وقد اخترت أن أنقلها من فتح الباري لا من مظانها من كتب السلف لأن فتح الباري عمدة عند هؤلاء المخالفين، فهم ينقلون منه ما يوافق أهواءهم، وابن حجر غير متهم عندهم بالتشبيه أو التجسيم، وقد ساقها محتجاً بها مقراً لها ولم يتعقبها بالتشكيك أو التكذيب، والله أعلم.
وقال الحافظ أيضاً ((وقال إمام الحرمين في الرسالة النظامية: اختلفت مسالك العلماء في هذه الظواهر، فرأى بعضهم تأويلها، والتزم ذلك في آي الكتاب وما يصح من السنن. وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل وإجراء الظواهر على مواردها وتفويض معانيها إلى الله تعالى. والذي نرتضيه رأياً وندين الله به عقيدة، اتباع سلف الأمة، للدليل القاطع على أن إجماع الأمة حجة. فلو كان تأويل هذه الظواهر حتماً لأوشك أن يكون اهتمامهم به فوق اهتمامهم بفروع الشريعة وإذا انصرم عصر الصحابة والتابعين على الإضراب عن التأويل كان ذلك هو الوجه المتبع)).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/202)
انتهى.
قال سمير: وهذه شهادة من إمام من أئمة المتكلمين، ممن يعظمهم المخالفون، يصرح فيها بأن مذهب السلف هو الإثبات لا التأويل، وهو ينقض دعوى المخالف.
ثم قال الحافظ ((وقد تقدم النقل عن أهل العصر الثالث، وهم فقهاء الأمصار، كالثوري والأوزاعي ومالك والليث ومن عاصرهم، وكذا من أخذ عنهم من الأئمة، فكيف لا يوثق بما اتفق عليه أهل القرون الثلاثة، وهم خير القرون بشهادة صاحب الشريعة)) اهـ.
قال سمير: وكلام الحافظ صريح في ترجيح مذهب السلف على غيره في الصفات، وأنه متفق على الإثبات لا التأويل، وهو مما يبين لك كذب المخالف حين زعم أن مذهب السلف هو التأويل.
وأنبه أيضاً، أننا لسنا بحاجة إلى نقل كلام الحافظ ابن حجر وغيره ممن نقلنا كلامه هنا في باب الصفات، فقد أغنانا الله – معشر السلفيين- بكلام الله وكلام رسوله ومقالات سلفنا، ولكننا نورد كلام الآخرين إلزاماً لخصومنا المعاصرين من أمثال هذا المدعي كذباً وزوراً.
الوجه الثاني: أننا لا نسلم بأن السلف أوَّلوا أي صفة من الصفات، وما نقل عنهم من التأويل، مما زعمه المخالف، غاية ما فيه تفسير للنصوص بما يقتضيه السياق بحسب الاستعمال العربي، وفرق كبير بين أن يقال إن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره أوَّلوا صفة الساق لله وأنكروا اتصاف الله عز وجل بها، وبين أن يقال: إن ابن عباس فسَّر معنى الساق في قوله تعالى [يوم يكشف عن ساق] بأنها الشدة. ومثله يقال في تفسير [فثم وجه الله] و [جنب الله] ونحوها من النصوص، وليس في واحد منها أنهم صرحوا بنفي الصفة أو أولوها، كما فعل المتأخرون الذين عمدوا إلى النصوص الصريحة التي لا تحتمل غير الصفة، فحكوا الخلاف في معناها، ثم رجحوا التأويل على الإثبات وعللوا ذلك بتعليلات كلامية عليلة.
وإليك كلام ابن القيم في رد ما زعمه المخالفون من تأويل ابن عباس لآية الساق. قال رحمه الله ((ليس في ظاهر القرآن ما يدل أن ذلك صفة لله تعالى، لأنه سبحانه لم يضف الساق إليه، وإنما ذكره مجرداً عن الإضافة منكَّراً. والذين أثبتوا ذلك صفة كاليدين لم يأخذوا ذلك من ظاهر القرآن، إنما أثبتوه بحديث أبي سعيد الخدري المتفق على صحته، وهو حديث الشفاعة الطويل، وفيه (فيكشف الرب عن ساقه .. ) الحديث ... )) إلى آخر ما ذكره ابن القيم.
انظر مختصر الصواعق [ص25].
وأجاب ابن القيم كذلك عن النصوص الأخرى، التي ذكر فيها لفظ اليد وفسرت بغير الصفة، كقوله تعالى [مما عملت أيدينا] بأنها هنا ليست بمعنى اليد في قوله تعالى [خلقت بيدي]، فلا تحتمل هنا غير الصفة.
ـ[محمد الثقفي]ــــــــ[04 - 03 - 04, 11:38 ص]ـ
المسألة الثالثة
مذهب السلف في الصفات من أيسر المذاهب فهماً وإدراكاً، فهو بعيد عن التعقيدات الكلامية التي لا يفهمها إلا من حذق فيها، وهم أقل من القليل. فأنت إذا سألت أمياً من عامة الناس وقلت له ماذا تفهم من سماعك لقول الله تعالى [أأمنتم من في السماء] وقوله [إليه يصعد الكلم الطيب] وغيرها من النصوص، لقال: أفهم أن الله في السماء في العلو، ولا يتعدى فهمه هذا، وهو عين ما صرَّح به علماء السلف، وهو الذي يقوله كل من لم يتدنس قلبه بشبهة المخالفين، فاستوى العالم والأمي في فهم ذلك وتقريره. وقل مثله في سائر النصوص المحكمة، التي جاء فيها ذكر الاستواء والوجه والعين واليد والضحك والنزول والمجيء وغيرها.
فمذهب السلف موافق للفطرة التي لم يؤثر عليها مؤثر خارجي مما يثيره المخالفون ويبثونه في أسماع وقلوب العامة. فالعجب ممن يؤثر مذاهب معقدة الألفاظ، لا يكاد يفهمها إلا شذاذ الناس، وهم مع ذلك من أكثر الناس شكاً وحيرة واختلافاً، ثم يرمون غيرهم بدائهم، فيزعمون أن مذهب السلف يورث الشك والحيرة ويوهم التشبيه والتجسيم ... سبحانك هذا بهتان عظيم.
يدلك على هذا رجوع بعض فضلائهم وأكابرهم عن كثير من أقوالهم ومخالفاتهم، واضطراب بعضهم في أقوالهم، فيتردد محتاراً بين الإثبات تارة، والتعطيل تارة أخرى [مذبذبين بين ذلك]. وشواهد ذلك أكثر من أن تحصر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/203)
•فهذا إمامهم ومقدَّمهم، أبو الحسن الأشعري، ظل زمناً طويلاً على مذهب المعتزلة ينافح عنه، ثم انتقل عنه إلى مذهب ابن كُلاَّب وناظر المعتزلة، ثم استقر أخيراً على مذهب قريب من مذهب السلف، كما صرح بذلك في آخر مصنفاته في "الإبانة" و"الموجز" و"المقالات".
وأكثر المخالفين ينكر رجوع أبي الحسن الأشعري ويكذب به، ويزعمون أن كتاب " الإبانة" وغيره منسوب إليه، وأن السلفيين يتقولون عليه.
والرد على هؤلاء سهل يسير، فأسوق لهم كلام السبكي، وهو من كبار الأشاعرة، حيث قال في طبقات الشافعية في ترجمة أبي الحسن الأشعري [3/ 405] ((وما نقموا من الأشعري إلا أنه قال بإثبات القدر لله، خيره وشره ونفعه وضره، وإثبات صفات الجلال لله، من قدرته وعلمه وإرادته وحياته وبقائه وسمعه وبصره وكلامه ووجهه ويده، وأن القرآن كلام الله غير مخلوق ... )) الخ. وقال في [3/ 417] ((ومذهبه أن الله تعالى أفرد موسى في وقته بأن أسمعه كلام نفسه بغير واسطة ولا على لسان رسول)).
قال سمير: وقد اشتهركذلك رجوع الجويني والرازي والشهرستاني في آخر حياتهم، وانظر إن شئت كلام الحافظ في الفتح [13/ 350] وسير الذهبي [18/ 468] و [20/ 286] و [21/ 500].
المسألة الرابعة
يظن بعض طلبة العلم السلفيين أن معرفة عقيدة السلف تدرك بقراءة المختصرات المشهورة، كالواسطية والطحاوية ونحوها، وأن حفظها أو فهمها يكفيه ويغنيه عن قراءة غيرها. وهذا غير صحيح، إذ ليس في هذه المختصرات إلا القواعد العامة والأصول الجامعة لمسائل الاعتقاد، وقد ساق الإمام اللالكائي نصوصاً جامعة لبعض مشاهير الأئمة السابقين، كالإمام أحمد والبخاري وابن جرير الطبري وغيرهم، وليس فيها إلا الأصول التي خالف فيها المتكلمون، في القدر والصفات والصحابة ونحو ذلك، أما العقيدة نفسها فهي النصوص المروية في القرآن والسنة والآثار. فعقيدة السلف مبناها على الرواية، لأنها عقيدة الإثبات.
وهناك مصنفات كثيرة مفردة في ذكر نصوص الاعتقاد، سوى المصنفات الجامعة للسنن، فينبغي لمن أراد معرفة مذهب السلف إدامة النظر في تلك المرويات، ودراسة تلك المصنفات.
المسألة الخامسة
لما كانت عقيدة السلف معتمدة على النصوص والروايات، وهي مروية بالأسانيد، كما في عامة كتب "السنة" و "الرد على الجهمية"، فإن على طالب العلم – السلفي- أن يتعرف على طريقة علماء الحديث في قبول الروايات وردها، هذا إن أراد الاستقلال بالحكم على الأسانيد والروايات، كما يفعل بعض الباحثين في الجامعات وغيرها، أو يتابع من يثق في علمه وفهمه في معرفة المقبول والمردود من الروايات، حذراً من قبول المنكر والمردود، أو رد الصحيح المقبول.
•وليعلم أن الأصل في هذه المصنفات، وبخاصة المشهور منها، هو الصحة والقبول، إذ لا يعقل أن يحتج الأئمة في تقرير الصفات وإثباتها، والرد على مخالفيهم، بروايات ضعيفة أو منكرة، فإن هذا قد يرد في الكتب المصنفة لجمع الأحاديث، كالمسانيد والمعاجم ونحوها، أما مصنفات العقيدة فيبعد هذا، خاصة إذا تكرر إيرادها في أكثر من كتاب، فكيف إذا صرحوا بصحتها وأنكروا على من ردها وتأولها؟
هذا من حيث العموم والإجمال، إلا أنه قد يرد فيها ما لا يصح ولا يقبل، وهو مما قد ينفرد به مصنف، ولا يتابع عليه، أو مما قد نص على ضعفه ونكارته الأئمة، وهذا قليل ونادر في أمهات كتب "السنة" المشهورة، كالسنة للإمام أحمد وابنه واللالكائي و "التوحيد" لابن خزيمة، و "الرد على الجهمية" للدارمي ونحوها.
•ومسألة الحكم على الروايات ونقدها من المسائل الكبار، وقد خلط فيها كثير من طلبة العلم واستسهلوها، إذ ظنوا أنه يكفيهم قراءة شيء من كتب المصطلح وتراجم الرواة وشيء من الدربة في البحث والتخريج، في تحصيل القدرة على نقد الأسانيد والروايات، وهذه بلية من بلايا العصر.
وتفصيل الكلام على هذه المسألة يطول جداً، وستراه إن شاء الله مفصلاً في كتاب لاحق، رددت فيه على بعض الفضلاء في تعليقاتهم ونقدهم لكتب "السنة"، بنحو ما بينته من قبل في كتاب "بيان الوهم والإيهام".
المسألة السادسة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/204)
أصل مذهب السلف مبني على قاعدة جليلة، وهي "كتاب وسنة بفهم سلف الأمة"، وقد سميت "عقيدة السلف" لأنهم هم الذين نطقوا بها، وتسمى "عقيدة أهل الحديث" أو "أهل الأثر" لأن عمدتها وأصلها مبني على الرواية، وأهل الحديث والأثر هم رواتها ونقلتها منذ العصر الأول، ثم حملها الخلف عن السلف، وتتابعوا عليها على نمط واحد وقاعدة مطردة، بخلاف غيرهم من المتكلمين الذين بنوا مذاهبهم وأسسوا مقالاتهم على علم الكلام ومنطق اليونان.
وعليه، فإن مقتضى ذلك أن يتقيد المتبعون لمذهب السلف بما يقرره علماء السلف الماضون نفياً وإثباتاً، وتصحيحاً وتضعيفاً. ألا ترى أننا – معشر السلفيين- نحتج على المخالفين في فهم النصوص بفهم السلف. فنقول ونكرر دائماً: قال مالك قال الأوزاعي قال الثوري قال أحمد بن حنبل إلى أن نقول: قال ابن تيمية قال ابن القيم .. وهكذا؟
بل إننا – إذا اختلفنا في فهم مراد السلف- نرجع إلى أقوال هؤلاء للفصل بين النزاع. ونحن، وجميع من في الأرض من أهل العلم، متفقون على أن أئمة السلف هم أئمة الحديث والجرح والتعديل، وأنهم هم حاملوا رايته، وأن المتأخرين عيال عليهم في نقد الراويات تصحيحاً وتضعيفاً.
•وعليه فإنه إذا ورد نص في مصنفات "الاعتقاد" و"السنة" وصرح فيه ولو إمام واحد من الأئمة بنقد شيء من الروايات والآثار، فإنه بموجب ما ذكرته، وما نحن متفقون عليه من حيث الجملة، يلزمنا الأخذ بحكمه، مالم يخالفه من هو مثله أو أعلم منه. ويبقى النظر فيما لم يرد فيه تصريح منهم بقبول أو رد، هل نقبله أم نرده أم نجتهد نحن فيه؟
وشرح ذلك يطول هنا، وأوضح ذلك بذكر مثالين:
الأول:
حديث أبي رَزِين العُقَيلي، وفيه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم ((أين كان ربنا عز وجل قبل أن يخلق خلقه))؟ فهذا الحديث رواه الإمام أحمد في المسند [4/ 11] والترمذي [5/ 288] وابن ماجه (1/ 64] ورواه غيرهم في مصنفات "السنة"، كعبد الله بن الإمام أحمد وابن أبي عاصم وابن أبي شيبة في "العرش".
وقد نقل الذهبي في العلو [ص173] عن أبي عُبَيد القاسم بن سلاَّم تصحيحه لهذا الحديث مع أحاديث أخرى ذَكَرها، فقال ((هذه أحاديثُ صِحَاح حملها أصحاب الحديث والفقهاء بعضهم عن بعض، وهي عندنا حق لا نشك فيها)). وحسنه الترمذي والذهبي في موضع آخر من كتاب العلو [ص18] واحتج به ابن القيم في تهذيب السنن [7/ 101].
ويكفي أن تعرف أن هذا الحديث ساقه الأئمة في إثبات الصفة، واحتجوا به في مصنفات "السنة"، ولم نعلم أحداً من علماء السلف المعَّول عليهم في الجرح والتعديل والتصحيح والتضعيف، أنكره أو ضعفه. فحين يأتي بعض المتأخرين من طلبة العلم الباحثين أو المشتغلين بالحديث وينظر في إسناده لينقده ويضعف بعض رواته، ومن ثم يضعف الحديث، كما فعل بعض المعاصرين في تعليقاتهم على كتب "السنة"، فإن كلامه يرد عليه كائناً من كان.
فصل
المثال الثاني:
حديث أبي هريرة في الصورة، وفيه ((إن الله خلق آدم على صورته)) وفي حديث ابن عمر ((فإن الله خلق آدم على صورة الرحمن)). وهذان الحديثان كلاهما بمعنى واحد، والضمير في قوله ((على صورته)) يعود على الرب عز وجل، وفيه إثبات الصورة مع نفي التشبيه والتمثيل والتعطيل. وحديث ابن عمر المذكور، رواه عبد الله بن أحمد في "السنة" [1/ 268] والدارقطني في "الصفات" [ص64] والآجُرِّي في "الشريعة" [3/ 1152] وابن أبي عاصم في "السنة" [1/ 228] وغيرهم.
والحديث الأول بلفظ ((على صورته)) لا خلاف في صحته عند الجميع، لكنهم اشتغلوا بتأويله وتحريف معناه، فأرجعوا الضمير إلى غير الله، وأما اللفظ الثاني ((على صورة الرحمن)) فاشتغلوا بتضعيفه، مع أن الذهبي حكى تصحيحه عن أحمد وإسحق بن راهويه. ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلام طويل في تصحيحه والرد على من ضعفه، صدره بقوله ((هذا الحديث لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير عائد إلى الله ... )). انظر عقيدة أهل الإيمان للشيخ حمود التويجري [ص 54].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/205)
قال سمير: فلا يلتفت بعد ذلك إلى تضعيف من ضعف لفظ ((على صورة الرحمن)) بعد تصحيح الأئمة له، ولا لتأويل اللفظ الآخر ((على صورته))، فإنه لو كان له تأويل لتعرض له السلف، ولو لم يكن الضمير فيه راجعاً إلى الله لما أوردوه في مبحث "الصفات" أصلاً، ولهذا قال الإمام الآجري ((هذه من السنن التي يجب على المسلمين الإيمان بها ولا يقال فيها كيف ولِمَ؟ بل تستقبل بالتسليم والتصديق وترك النظر، كما قال من تقدم من أئمة المسلمين)) اهـ.
وقد نقل الذهبي في الميزان [1/ 603] إنكار الإمام أحمد على من تأول معنى الحديث وأرجع الضمير إلى آدم أو غيره، وعدَّ ذلك من تأويلات الجهمية.
فكيف يسوغ بعد ذلك تأويل الحديث أو تضعيفه يا أولي الألباب؟!
وقد أطلت في شرح هذه المسألة وذكرت أمثلة أخرى مما اعترض عليه بعض الباحثين، وخالفوا فيه حكم الأئمة السابقين والعلماء المرضيين في الكتاب الآخر، والله الموفق والمعين.
المسألة السابعة
هناك عبارات مشهورة على لسان السلف في بيان معنى الصفات زادها الأئمة لما نشأ خلاف المعطلة، كقولهم في الاستواء مثلاً: ((مستو على العرش بذاته بائن من خلقه))، ظن من لا علم له بحقيقة الأمر أنها خلاف الأصل الذي صرَّحوا به وهو ((أَمِرُّوها كما جاءت من غير تفسير)).
والحق أن مثل هذه الزيادات في الألفاظ، وإن لم ينطق بها أهل القرن الأول، فقد سيقت زيادة في البيان والتوضيح، ورداً على الشبه التي ألقاها شياطين التعطيل، وإلا فهم كلهم متفقون على أن لا يزاد على ما في النصوص حرف واحد.
•فحين شبَّه المعطلون على العامة بتحريف معنى الاستواء فقالوا ((الاستواء بمعنى الاستيلاء أو الهيمنة))، وقصروا معنى العلو والفوقية على علو القهر والقدر والمنزلة، وأنه كقول القائل ((الأمير فوق الرعية))، وقالوا في النزول ((ينزل أمره)) أو ((ينزل ملك من الملائكة)).
اضطر السلف إلى زيادة كلمة (بذاته) فقالوا ((مستو على العرش بذاته)) وقالوا ((ينزل بذاته)) وقالوا ((يضحك حقيقة)) وقالوا ((له يدان على الحقيقة)) وله ((ساق على الحقيقة)) … وهكذا.
وما نطقوا بذلك إلا رداً على من تأول هذه النصوص على غير معناها وقد قال السلف في معنى الاستواء ((هو العلو والاستقرار))، فظن بعض من لا علم له أن لفظ (الاستقرار) زائد على الصفة فبادر إلى إنكاره، والصواب أنه من معاني الاستواء، كما صرح به ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث [ص 271] وابن عبد البر في التمهيد [7/ 131] وانظر "اجتماع الجيوش الإسلامية" لابن القيم [ص 199] وشرح العقيدة الواسطية للشيخ العثيمين [1/ 375].
فصل
•ومثله إثبات (القعود) على العرش، فإن لفظ القعود، لو فرض عدم مجيئه في النص، فإنه من معاني الاستواء، كما ذكر ذلك الأئمة، ومنهم الإمام أحمد فيما نقله عنه أبو يعلى. انظر مختصر الصواعق [ص386].
•ومثله (الجلوس) فقد قال خارجة بن مصعب ((وهل يكون الاستواء إلا بجلوس))؟ انظر "السنة" للإمام عبد الله [ص105].
وفي كتاب "السنة" للإمام عبد الله [ص300] ما نصه ((سئل عما روي في الكرسي وجلوس الرب عز وجل عليه. رأيت أبي رحمه الله يصحح هذه الأحاديث، أحاديث الرؤية ويذهب إليها وجمعها في كتاب وحدثنا بها. حدثني أبي رحمه الله قال: حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن أبي إسحق عن عبد الله بن خليفة عن عمر رضي الله عنه قال (إذا جلس تبارك وتعالى على الكرسي سمع له أطيط كأطيط الرحل الجديد).
حدثني أبي ناوكيع بحديث إسرائيل عن أبي إسحق عن عبد الله بن خليفة عن عمر رضي الله عنه قال (إذا جلس الرب عز وجل على الكرسي)، فاقشعر رجل، سماه أبي، عند وكيع، فغضب وكيع وقال: أدركنا الأعمش وسفيان يحدثون بهذه الأحاديث لا ينكرونها)) ا هـ.
قال سمير: لو لم يكن ثمة نص في إثبات الجلوس أو القعود، أما يكفي السلفيَّ أن يصرح أمثال هؤلاء الأئمة الأكابر بإثباته؟
أوليست عقيدتنا هي عقيدة سلفنا وأئمتنا: أحمد ووكيع والأعمش وسفيان وأضرابهم؟.
وقد أثبت ابن تيمية وابن القيم هاتين اللفظتين "الجلوس" و "القعود" في مصنفاتهما، وهي ثابتة في نصوص وآثار مرفوعة وموقوفة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/206)
قال شيخ الإسلام ((وإذا كان قعود الميت في قبره ليس هو مثل قعود البدن، فما جاءت به الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم من لفظ "القعود" و"الجلوس" في حق الله تعالى، كحديث جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيرهما أولى أن لا يماثل صفات أجسام العباد)) ا هـ. المجموع [5/ 527]. وانظر اجتماع الجيوش لابن القيم [108، 109].
وقد شرحت هذه المسألة في كتاب "بيان الوهم والإيهام" في ردي على تضعيف محقق كتاب "السنة" لعبد الله بن أحمد، لهذا الحديث وإنكاره القعود والجلوس، وذكرتها أيضاً في الكتاب الآخر في ردي على الباحثين، والله الموفق وبه أستعين.
المسألة الثامنة
ومما أنكره بعض السلفيين المعاصرين، ما رواه الإمام ابن جرير في تفسيره عن مجاهد بن جبر في تفسير قول الله تعالى [مقاماً محموداً] قال ((يقعده معه على العرش)).
وهذا الأثر رواه جمع من الأئمة في مصنفاتهم، فرواه ابن أبي عاصم في "السنة" [1/ 305] والآجري في "الشريعة" [4/ 1613] والخلال في "السنة" [ص209] وفي مواضع أخرى كثيرة، وذكره الذهبي في العلو في أكثر من موضع [ص 124، 170، 194، 215، 228، 234].
وقال به جمهور علماء السلف، وصححوه وشنعوا على من رده وضعفه وقال به الشيخان ابن تيمية وابن القيم، ولكن لم تسمح نفوس كثير من المعاصرين بإثباته، ومنهم الشيخ عدنان في هذه المناظرة وفي المناظرة السابقة، ووافقه على الإنكار الشيخ عبد الرحمن الدمشقية غفر الله لهما.
وممن صرح بصحة هذا الأثر وقبوله الآجُرِّي في "الشريعة"، وذكر أن الشيوخ من أهل العلم قبلوه بأحسن قبول. انظر "الشريعة" [4/ 1612 - 1617].
وذكر الذهبي في العلو [ص 170] أسماء عدد ممن قبله من الأئمة ومنهم: الإمام أحمد وأبو داود السجستاني وإبراهيم الحربي وعبد الله بن الإمام أحمد وابن جرير الطبري، ونقل عن الأخير قوله ((ليس في فرق الإسلام من ينكر هذا)).
وذكر الذهبي في العلو [ص194] أسماء آخرين غيرهم، منهم: أبو بكر المروذي، وعباس الدوري، ويحيى بن أبي طالب وغيرهم. وذكر في [ص234] قول الدارقطني:
حديث الشفاعة في أحمد إلى أحمد المصطفى نسنده
وأما حديث بإقعاده على العرش أيضاً فلا نجحده
أَمِرُّوا الحديث على وجهه ولا تدخلوا فيه ما يفسده
قال سمير: ومن تتمة هذه الأبيات مما لم يذكره الذهبي – رحمه الله- قوله:
ولا تنكروا أنه قاعد ولا تنكروا أنه يقعده.
ونقل في [ص228] عن الطبراني أنه أثبته أيضاً. وذكر ابن القيم في "اجتماع الجيوش" [ص194] قول ابن جرير الطبري في كتابه "صريح السنة" في إثبات هذا الأثر. وساق ابن القيم في بدائع الفوائد [4/ 39] أسماء آخرين بلغ عددهم الثلاثين، ممن قبلوا أثر مجاهد، منهم: إسحق بن راهويه وهارون بن معروف والمروزي وبشر الحافي وغيرهم، ونقل أبيات الدارقطني السابقة.
•وساق الخلال في كتاب "السنة" [ص209 – 266] روايات عن جمع كبير من الأئمة في إثبات هذا الأثر، وروى عن أبي داود صاحب السنن قوله ((من أنكر هذا فهو عندنا متهم)). وعن أبي بكر المقرئ ((من ذكرت عنده هذه الأحاديث فسكت فهو متهم على الإسلام، فكيف بمن طعن فيها))؟
وقال إبراهيم الحربي عن هذا الأثر ((حدث به عثمان بن أبي شيبة في المجلس على رؤس الناس، فكم ترى كان في المجلس عشرين ألفاً، فترى لو أن إنساناً قام إلى عثمان فقال: لا تحدث بهذا الحديث، أو أظهر إنكاره تراه كان يخرج من ثَمَّ إلا وقد قُتل))؟
وقال إبراهيم الأصبهاني ((هذا الحديث ثبت، حدث به العلماء منذ ستين ومائة سنة، لا يرده إلا أهل البدع)).
قال سمير: إلى غير ذلك من الأقوال التي رواها الخلال في كتابه "السنة" عن جمع من علماء السنة، وكلهم مجمعون على إثبات أثر مجاهد وتشديد النكير على من ينكره أو يضعفه، بل حتى على من يسكت عليه ولا يثبته.
قال شيخ الإسلام رحمه الله ((فقد حدَّث العلماء المرضيون وأولياؤه المقبولون أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلسه ربه على العرش معه)). انظر المجموع [4/ 374].
وقد فصلت القول في هذه المسألة في الكتاب الآخر ورددت على من ينكر هذا الأثر من الباحثين، والله الهادي إلى سواء السبيل.
الخاتمة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/207)
وبعد، فهذا ما أردت التنبيه إليه في هذا المقام، وأسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يهدينا وسائر المسلمين إلى الحق وأن يجنبنا الزيغ والضلال والشك، وأن يغفر لنا جميعاً ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا ويثبت أقدامنا وأن لا يؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، إنه سميع مجيب،
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وكتب:
سمير بن خليل المالكي الحسني المكي
مكة المكرمة 12/ 1 / 1425هـ
ـ[محمد الثقفي]ــــــــ[04 - 03 - 04, 11:44 ص]ـ
المسألة الثالثة
مذهب السلف في الصفات من أيسر المذاهب فهماً وإدراكاً، فهو بعيد عن التعقيدات الكلامية التي لا يفهمها إلا من حذق فيها، وهم أقل من القليل. فأنت إذا سألت أمياً من عامة الناس وقلت له ماذا تفهم من سماعك لقول الله تعالى [أأمنتم من في السماء] وقوله [إليه يصعد الكلم الطيب] وغيرها من النصوص، لقال: أفهم أن الله في السماء في العلو، ولا يتعدى فهمه هذا، وهو عين ما صرَّح به علماء السلف، وهو الذي يقوله كل من لم يتدنس قلبه بشبهة المخالفين، فاستوى العالم والأمي في فهم ذلك وتقريره. وقل مثله في سائر النصوص المحكمة، التي جاء فيها ذكر الاستواء والوجه والعين واليد والضحك والنزول والمجيء وغيرها.
فمذهب السلف موافق للفطرة التي لم يؤثر عليها مؤثر خارجي مما يثيره المخالفون ويبثونه في أسماع وقلوب العامة. فالعجب ممن يؤثر مذاهب معقدة الألفاظ، لا يكاد يفهمها إلا شذاذ الناس، وهم مع ذلك من أكثر الناس شكاً وحيرة واختلافاً، ثم يرمون غيرهم بدائهم، فيزعمون أن مذهب السلف يورث الشك والحيرة ويوهم التشبيه والتجسيم ... سبحانك هذا بهتان عظيم.
يدلك على هذا رجوع بعض فضلائهم وأكابرهم عن كثير من أقوالهم ومخالفاتهم، واضطراب بعضهم في أقوالهم، فيتردد محتاراً بين الإثبات تارة، والتعطيل تارة أخرى [مذبذبين بين ذلك]. وشواهد ذلك أكثر من أن تحصر.
•فهذا إمامهم ومقدَّمهم، أبو الحسن الأشعري، ظل زمناً طويلاً على مذهب المعتزلة ينافح عنه، ثم انتقل عنه إلى مذهب ابن كُلاَّب وناظر المعتزلة، ثم استقر أخيراً على مذهب قريب من مذهب السلف، كما صرح بذلك في آخر مصنفاته في "الإبانة" و"الموجز" و"المقالات".
وأكثر المخالفين ينكر رجوع أبي الحسن الأشعري ويكذب به، ويزعمون أن كتاب " الإبانة" وغيره منسوب إليه، وأن السلفيين يتقولون عليه.
والرد على هؤلاء سهل يسير، فأسوق لهم كلام السبكي، وهو من كبار الأشاعرة، حيث قال في طبقات الشافعية في ترجمة أبي الحسن الأشعري [3/ 405] ((وما نقموا من الأشعري إلا أنه قال بإثبات القدر لله، خيره وشره ونفعه وضره، وإثبات صفات الجلال لله، من قدرته وعلمه وإرادته وحياته وبقائه وسمعه وبصره وكلامه ووجهه ويده، وأن القرآن كلام الله غير مخلوق ... )) الخ. وقال في [3/ 417] ((ومذهبه أن الله تعالى أفرد موسى في وقته بأن أسمعه كلام نفسه بغير واسطة ولا على لسان رسول)).
قال سمير: وقد اشتهركذلك رجوع الجويني والرازي والشهرستاني في آخر حياتهم، وانظر إن شئت كلام الحافظ في الفتح [13/ 350] وسير الذهبي [18/ 468] و [20/ 286] و [21/ 500].
المسألة الرابعة
يظن بعض طلبة العلم السلفيين أن معرفة عقيدة السلف تدرك بقراءة المختصرات المشهورة، كالواسطية والطحاوية ونحوها، وأن حفظها أو فهمها يكفيه ويغنيه عن قراءة غيرها. وهذا غير صحيح، إذ ليس في هذه المختصرات إلا القواعد العامة والأصول الجامعة لمسائل الاعتقاد، وقد ساق الإمام اللالكائي نصوصاً جامعة لبعض مشاهير الأئمة السابقين، كالإمام أحمد والبخاري وابن جرير الطبري وغيرهم، وليس فيها إلا الأصول التي خالف فيها المتكلمون، في القدر والصفات والصحابة ونحو ذلك، أما العقيدة نفسها فهي النصوص المروية في القرآن والسنة والآثار. فعقيدة السلف مبناها على الرواية، لأنها عقيدة الإثبات.
وهناك مصنفات كثيرة مفردة في ذكر نصوص الاعتقاد، سوى المصنفات الجامعة للسنن، فينبغي لمن أراد معرفة مذهب السلف إدامة النظر في تلك المرويات، ودراسة تلك المصنفات.
المسألة الخامسة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/208)
لما كانت عقيدة السلف معتمدة على النصوص والروايات، وهي مروية بالأسانيد، كما في عامة كتب "السنة" و "الرد على الجهمية"، فإن على طالب العلم – السلفي- أن يتعرف على طريقة علماء الحديث في قبول الروايات وردها، هذا إن أراد الاستقلال بالحكم على الأسانيد والروايات، كما يفعل بعض الباحثين في الجامعات وغيرها، أو يتابع من يثق في علمه وفهمه في معرفة المقبول والمردود من الروايات، حذراً من قبول المنكر والمردود، أو رد الصحيح المقبول.
•وليعلم أن الأصل في هذه المصنفات، وبخاصة المشهور منها، هو الصحة والقبول، إذ لا يعقل أن يحتج الأئمة في تقرير الصفات وإثباتها، والرد على مخالفيهم، بروايات ضعيفة أو منكرة، فإن هذا قد يرد في الكتب المصنفة لجمع الأحاديث، كالمسانيد والمعاجم ونحوها، أما مصنفات العقيدة فيبعد هذا، خاصة إذا تكرر إيرادها في أكثر من كتاب، فكيف إذا صرحوا بصحتها وأنكروا على من ردها وتأولها؟
هذا من حيث العموم والإجمال، إلا أنه قد يرد فيها ما لا يصح ولا يقبل، وهو مما قد ينفرد به مصنف، ولا يتابع عليه، أو مما قد نص على ضعفه ونكارته الأئمة، وهذا قليل ونادر في أمهات كتب "السنة" المشهورة، كالسنة للإمام أحمد وابنه واللالكائي و "التوحيد" لابن خزيمة، و "الرد على الجهمية" للدارمي ونحوها.
•ومسألة الحكم على الروايات ونقدها من المسائل الكبار، وقد خلط فيها كثير من طلبة العلم واستسهلوها، إذ ظنوا أنه يكفيهم قراءة شيء من كتب المصطلح وتراجم الرواة وشيء من الدربة في البحث والتخريج، في تحصيل القدرة على نقد الأسانيد والروايات، وهذه بلية من بلايا العصر.
وتفصيل الكلام على هذه المسألة يطول جداً، وستراه إن شاء الله مفصلاً في كتاب لاحق، رددت فيه على بعض الفضلاء في تعليقاتهم ونقدهم لكتب "السنة"، بنحو ما بينته من قبل في كتاب "بيان الوهم والإيهام".
المسألة السادسة
أصل مذهب السلف مبني على قاعدة جليلة، وهي "كتاب وسنة بفهم سلف الأمة"، وقد سميت "عقيدة السلف" لأنهم هم الذين نطقوا بها، وتسمى "عقيدة أهل الحديث" أو "أهل الأثر" لأن عمدتها وأصلها مبني على الرواية، وأهل الحديث والأثر هم رواتها ونقلتها منذ العصر الأول، ثم حملها الخلف عن السلف، وتتابعوا عليها على نمط واحد وقاعدة مطردة، بخلاف غيرهم من المتكلمين الذين بنوا مذاهبهم وأسسوا مقالاتهم على علم الكلام ومنطق اليونان.
وعليه، فإن مقتضى ذلك أن يتقيد المتبعون لمذهب السلف بما يقرره علماء السلف الماضون نفياً وإثباتاً، وتصحيحاً وتضعيفاً. ألا ترى أننا – معشر السلفيين- نحتج على المخالفين في فهم النصوص بفهم السلف. فنقول ونكرر دائماً: قال مالك قال الأوزاعي قال الثوري قال أحمد بن حنبل إلى أن نقول: قال ابن تيمية قال ابن القيم .. وهكذا؟
بل إننا – إذا اختلفنا في فهم مراد السلف- نرجع إلى أقوال هؤلاء للفصل بين النزاع. ونحن، وجميع من في الأرض من أهل العلم، متفقون على أن أئمة السلف هم أئمة الحديث والجرح والتعديل، وأنهم هم حاملوا رايته، وأن المتأخرين عيال عليهم في نقد الراويات تصحيحاً وتضعيفاً.
•وعليه فإنه إذا ورد نص في مصنفات "الاعتقاد" و"السنة" وصرح فيه ولو إمام واحد من الأئمة بنقد شيء من الروايات والآثار، فإنه بموجب ما ذكرته، وما نحن متفقون عليه من حيث الجملة، يلزمنا الأخذ بحكمه، مالم يخالفه من هو مثله أو أعلم منه. ويبقى النظر فيما لم يرد فيه تصريح منهم بقبول أو رد، هل نقبله أم نرده أم نجتهد نحن فيه؟
وشرح ذلك يطول هنا، وأوضح ذلك بذكر مثالين:
الأول:
حديث أبي رَزِين العُقَيلي، وفيه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم ((أين كان ربنا عز وجل قبل أن يخلق خلقه))؟ فهذا الحديث رواه الإمام أحمد في المسند [4/ 11] والترمذي [5/ 288] وابن ماجه (1/ 64] ورواه غيرهم في مصنفات "السنة"، كعبد الله بن الإمام أحمد وابن أبي عاصم وابن أبي شيبة في "العرش".
وقد نقل الذهبي في العلو [ص173] عن أبي عُبَيد القاسم بن سلاَّم تصحيحه لهذا الحديث مع أحاديث أخرى ذَكَرها، فقال ((هذه أحاديثُ صِحَاح حملها أصحاب الحديث والفقهاء بعضهم عن بعض، وهي عندنا حق لا نشك فيها)). وحسنه الترمذي والذهبي في موضع آخر من كتاب العلو [ص18] واحتج به ابن القيم في تهذيب السنن [7/ 101].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/209)
ويكفي أن تعرف أن هذا الحديث ساقه الأئمة في إثبات الصفة، واحتجوا به في مصنفات "السنة"، ولم نعلم أحداً من علماء السلف المعَّول عليهم في الجرح والتعديل والتصحيح والتضعيف، أنكره أو ضعفه. فحين يأتي بعض المتأخرين من طلبة العلم الباحثين أو المشتغلين بالحديث وينظر في إسناده لينقده ويضعف بعض رواته، ومن ثم يضعف الحديث، كما فعل بعض المعاصرين في تعليقاتهم على كتب "السنة"، فإن كلامه يرد عليه كائناً من كان.
فصل
المثال الثاني:
حديث أبي هريرة في الصورة، وفيه ((إن الله خلق آدم على صورته)) وفي حديث ابن عمر ((فإن الله خلق آدم على صورة الرحمن)). وهذان الحديثان كلاهما بمعنى واحد، والضمير في قوله ((على صورته)) يعود على الرب عز وجل، وفيه إثبات الصورة مع نفي التشبيه والتمثيل والتعطيل. وحديث ابن عمر المذكور، رواه عبد الله بن أحمد في "السنة" [1/ 268] والدارقطني في "الصفات" [ص64] والآجُرِّي في "الشريعة" [3/ 1152] وابن أبي عاصم في "السنة" [1/ 228] وغيرهم.
والحديث الأول بلفظ ((على صورته)) لا خلاف في صحته عند الجميع، لكنهم اشتغلوا بتأويله وتحريف معناه، فأرجعوا الضمير إلى غير الله، وأما اللفظ الثاني ((على صورة الرحمن)) فاشتغلوا بتضعيفه، مع أن الذهبي حكى تصحيحه عن أحمد وإسحق بن راهويه. ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلام طويل في تصحيحه والرد على من ضعفه، صدره بقوله ((هذا الحديث لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير عائد إلى الله ... )). انظر عقيدة أهل الإيمان للشيخ حمود التويجري [ص 54].
قال سمير: فلا يلتفت بعد ذلك إلى تضعيف من ضعف لفظ ((على صورة الرحمن)) بعد تصحيح الأئمة له، ولا لتأويل اللفظ الآخر ((على صورته))، فإنه لو كان له تأويل لتعرض له السلف، ولو لم يكن الضمير فيه راجعاً إلى الله لما أوردوه في مبحث "الصفات" أصلاً، ولهذا قال الإمام الآجري ((هذه من السنن التي يجب على المسلمين الإيمان بها ولا يقال فيها كيف ولِمَ؟ بل تستقبل بالتسليم والتصديق وترك النظر، كما قال من تقدم من أئمة المسلمين)) اهـ.
وقد نقل الذهبي في الميزان [1/ 603] إنكار الإمام أحمد على من تأول معنى الحديث وأرجع الضمير إلى آدم أو غيره، وعدَّ ذلك من تأويلات الجهمية.
فكيف يسوغ بعد ذلك تأويل الحديث أو تضعيفه يا أولي الألباب؟!
وقد أطلت في شرح هذه المسألة وذكرت أمثلة أخرى مما اعترض عليه بعض الباحثين، وخالفوا فيه حكم الأئمة السابقين والعلماء المرضيين في الكتاب الآخر، والله الموفق والمعين.
المسألة السابعة
هناك عبارات مشهورة على لسان السلف في بيان معنى الصفات زادها الأئمة لما نشأ خلاف المعطلة، كقولهم في الاستواء مثلاً: ((مستو على العرش بذاته بائن من خلقه))، ظن من لا علم له بحقيقة الأمر أنها خلاف الأصل الذي صرَّحوا به وهو ((أَمِرُّوها كما جاءت من غير تفسير)).
والحق أن مثل هذه الزيادات في الألفاظ، وإن لم ينطق بها أهل القرن الأول، فقد سيقت زيادة في البيان والتوضيح، ورداً على الشبه التي ألقاها شياطين التعطيل، وإلا فهم كلهم متفقون على أن لا يزاد على ما في النصوص حرف واحد.
•فحين شبَّه المعطلون على العامة بتحريف معنى الاستواء فقالوا ((الاستواء بمعنى الاستيلاء أو الهيمنة))، وقصروا معنى العلو والفوقية على علو القهر والقدر والمنزلة، وأنه كقول القائل ((الأمير فوق الرعية))، وقالوا في النزول ((ينزل أمره)) أو ((ينزل ملك من الملائكة)).
اضطر السلف إلى زيادة كلمة (بذاته) فقالوا ((مستو على العرش بذاته)) وقالوا ((ينزل بذاته)) وقالوا ((يضحك حقيقة)) وقالوا ((له يدان على الحقيقة)) وله ((ساق على الحقيقة)) … وهكذا.
وما نطقوا بذلك إلا رداً على من تأول هذه النصوص على غير معناها وقد قال السلف في معنى الاستواء ((هو العلو والاستقرار))، فظن بعض من لا علم له أن لفظ (الاستقرار) زائد على الصفة فبادر إلى إنكاره، والصواب أنه من معاني الاستواء، كما صرح به ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث [ص 271] وابن عبد البر في التمهيد [7/ 131] وانظر "اجتماع الجيوش الإسلامية" لابن القيم [ص 199] وشرح العقيدة الواسطية للشيخ العثيمين [1/ 375].
فصل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/210)
•ومثله إثبات (القعود) على العرش، فإن لفظ القعود، لو فرض عدم مجيئه في النص، فإنه من معاني الاستواء، كما ذكر ذلك الأئمة، ومنهم الإمام أحمد فيما نقله عنه أبو يعلى. انظر مختصر الصواعق [ص386].
•ومثله (الجلوس) فقد قال خارجة بن مصعب ((وهل يكون الاستواء إلا بجلوس))؟ انظر "السنة" للإمام عبد الله [ص105].
وفي كتاب "السنة" للإمام عبد الله [ص300] ما نصه ((سئل عما روي في الكرسي وجلوس الرب عز وجل عليه. رأيت أبي رحمه الله يصحح هذه الأحاديث، أحاديث الرؤية ويذهب إليها وجمعها في كتاب وحدثنا بها. حدثني أبي رحمه الله قال: حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن أبي إسحق عن عبد الله بن خليفة عن عمر رضي الله عنه قال (إذا جلس تبارك وتعالى على الكرسي سمع له أطيط كأطيط الرحل الجديد).
حدثني أبي ناوكيع بحديث إسرائيل عن أبي إسحق عن عبد الله بن خليفة عن عمر رضي الله عنه قال (إذا جلس الرب عز وجل على الكرسي)، فاقشعر رجل، سماه أبي، عند وكيع، فغضب وكيع وقال: أدركنا الأعمش وسفيان يحدثون بهذه الأحاديث لا ينكرونها)) ا هـ.
قال سمير: لو لم يكن ثمة نص في إثبات الجلوس أو القعود، أما يكفي السلفيَّ أن يصرح أمثال هؤلاء الأئمة الأكابر بإثباته؟
أوليست عقيدتنا هي عقيدة سلفنا وأئمتنا: أحمد ووكيع والأعمش وسفيان وأضرابهم؟.
وقد أثبت ابن تيمية وابن القيم هاتين اللفظتين "الجلوس" و "القعود" في مصنفاتهما، وهي ثابتة في نصوص وآثار مرفوعة وموقوفة.
قال شيخ الإسلام ((وإذا كان قعود الميت في قبره ليس هو مثل قعود البدن، فما جاءت به الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم من لفظ "القعود" و"الجلوس" في حق الله تعالى، كحديث جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيرهما أولى أن لا يماثل صفات أجسام العباد)) ا هـ. المجموع [5/ 527]. وانظر اجتماع الجيوش لابن القيم [108، 109].
وقد شرحت هذه المسألة في كتاب "بيان الوهم والإيهام" في ردي على تضعيف محقق كتاب "السنة" لعبد الله بن أحمد، لهذا الحديث وإنكاره القعود والجلوس، وذكرتها أيضاً في الكتاب الآخر في ردي على الباحثين، والله الموفق وبه أستعين.
المسألة الثامنة
ومما أنكره بعض السلفيين المعاصرين، ما رواه الإمام ابن جرير في تفسيره عن مجاهد بن جبر في تفسير قول الله تعالى [مقاماً محموداً] قال ((يقعده معه على العرش)).
وهذا الأثر رواه جمع من الأئمة في مصنفاتهم، فرواه ابن أبي عاصم في "السنة" [1/ 305] والآجري في "الشريعة" [4/ 1613] والخلال في "السنة" [ص209] وفي مواضع أخرى كثيرة، وذكره الذهبي في العلو في أكثر من موضع [ص 124، 170، 194، 215، 228، 234].
وقال به جمهور علماء السلف، وصححوه وشنعوا على من رده وضعفه وقال به الشيخان ابن تيمية وابن القيم، ولكن لم تسمح نفوس كثير من المعاصرين بإثباته، ومنهم الشيخ عدنان في هذه المناظرة وفي المناظرة السابقة، ووافقه على الإنكار الشيخ عبد الرحمن الدمشقية غفر الله لهما.
وممن صرح بصحة هذا الأثر وقبوله الآجُرِّي في "الشريعة"، وذكر أن الشيوخ من أهل العلم قبلوه بأحسن قبول. انظر "الشريعة" [4/ 1612 - 1617].
وذكر الذهبي في العلو [ص 170] أسماء عدد ممن قبله من الأئمة ومنهم: الإمام أحمد وأبو داود السجستاني وإبراهيم الحربي وعبد الله بن الإمام أحمد وابن جرير الطبري، ونقل عن الأخير قوله ((ليس في فرق الإسلام من ينكر هذا)).
وذكر الذهبي في العلو [ص194] أسماء آخرين غيرهم، منهم: أبو بكر المروذي، وعباس الدوري، ويحيى بن أبي طالب وغيرهم. وذكر في [ص234] قول الدارقطني:
حديث الشفاعة في أحمد إلى أحمد المصطفى نسنده
وأما حديث بإقعاده على العرش أيضاً فلا نجحده
أَمِرُّوا الحديث على وجهه ولا تدخلوا فيه ما يفسده
قال سمير: ومن تتمة هذه الأبيات مما لم يذكره الذهبي – رحمه الله- قوله:
ولا تنكروا أنه قاعد ولا تنكروا أنه يقعده.
ونقل في [ص228] عن الطبراني أنه أثبته أيضاً. وذكر ابن القيم في "اجتماع الجيوش" [ص194] قول ابن جرير الطبري في كتابه "صريح السنة" في إثبات هذا الأثر. وساق ابن القيم في بدائع الفوائد [4/ 39] أسماء آخرين بلغ عددهم الثلاثين، ممن قبلوا أثر مجاهد، منهم: إسحق بن راهويه وهارون بن معروف والمروزي وبشر الحافي وغيرهم، ونقل أبيات الدارقطني السابقة.
•وساق الخلال في كتاب "السنة" [ص209 – 266] روايات عن جمع كبير من الأئمة في إثبات هذا الأثر، وروى عن أبي داود صاحب السنن قوله ((من أنكر هذا فهو عندنا متهم)). وعن أبي بكر المقرئ ((من ذكرت عنده هذه الأحاديث فسكت فهو متهم على الإسلام، فكيف بمن طعن فيها))؟
وقال إبراهيم الحربي عن هذا الأثر ((حدث به عثمان بن أبي شيبة في المجلس على رؤس الناس، فكم ترى كان في المجلس عشرين ألفاً، فترى لو أن إنساناً قام إلى عثمان فقال: لا تحدث بهذا الحديث، أو أظهر إنكاره تراه كان يخرج من ثَمَّ إلا وقد قُتل))؟
وقال إبراهيم الأصبهاني ((هذا الحديث ثبت، حدث به العلماء منذ ستين ومائة سنة، لا يرده إلا أهل البدع)).
قال سمير: إلى غير ذلك من الأقوال التي رواها الخلال في كتابه "السنة" عن جمع من علماء السنة، وكلهم مجمعون على إثبات أثر مجاهد وتشديد النكير على من ينكره أو يضعفه، بل حتى على من يسكت عليه ولا يثبته.
قال شيخ الإسلام رحمه الله ((فقد حدَّث العلماء المرضيون وأولياؤه المقبولون أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلسه ربه على العرش معه)). انظر المجموع [4/ 374].
وقد فصلت القول في هذه المسألة في الكتاب الآخر ورددت على من ينكر هذا الأثر من الباحثين، والله الهادي إلى سواء السبيل.
الخاتمة
وبعد، فهذا ما أردت التنبيه إليه في هذا المقام، وأسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يهدينا وسائر المسلمين إلى الحق وأن يجنبنا الزيغ والضلال والشك، وأن يغفر لنا جميعاً ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا ويثبت أقدامنا وأن لا يؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، إنه سميع مجيب،
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وكتب:
سمير بن خليل المالكي الحسني المكي
مكة المكرمة 12/ 1 / 1425هـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/211)
ـ[محمد الثقفي]ــــــــ[04 - 03 - 04, 11:48 ص]ـ
المسألة الثالثة
مذهب السلف في الصفات من أيسر المذاهب فهماً وإدراكاً، فهو بعيد عن التعقيدات الكلامية التي لا يفهمها إلا من حذق فيها، وهم أقل من القليل. فأنت إذا سألت أمياً من عامة الناس وقلت له ماذا تفهم من سماعك لقول الله تعالى [أأمنتم من في السماء] وقوله [إليه يصعد الكلم الطيب] وغيرها من النصوص، لقال: أفهم أن الله في السماء في العلو، ولا يتعدى فهمه هذا، وهو عين ما صرَّح به علماء السلف، وهو الذي يقوله كل من لم يتدنس قلبه بشبهة المخالفين، فاستوى العالم والأمي في فهم ذلك وتقريره. وقل مثله في سائر النصوص المحكمة، التي جاء فيها ذكر الاستواء والوجه والعين واليد والضحك والنزول والمجيء وغيرها.
فمذهب السلف موافق للفطرة التي لم يؤثر عليها مؤثر خارجي مما يثيره المخالفون ويبثونه في أسماع وقلوب العامة. فالعجب ممن يؤثر مذاهب معقدة الألفاظ، لا يكاد يفهمها إلا شذاذ الناس، وهم مع ذلك من أكثر الناس شكاً وحيرة واختلافاً، ثم يرمون غيرهم بدائهم، فيزعمون أن مذهب السلف يورث الشك والحيرة ويوهم التشبيه والتجسيم ... سبحانك هذا بهتان عظيم.
يدلك على هذا رجوع بعض فضلائهم وأكابرهم عن كثير من أقوالهم ومخالفاتهم، واضطراب بعضهم في أقوالهم، فيتردد محتاراً بين الإثبات تارة، والتعطيل تارة أخرى [مذبذبين بين ذلك]. وشواهد ذلك أكثر من أن تحصر.
•فهذا إمامهم ومقدَّمهم، أبو الحسن الأشعري، ظل زمناً طويلاً على مذهب المعتزلة ينافح عنه، ثم انتقل عنه إلى مذهب ابن كُلاَّب وناظر المعتزلة، ثم استقر أخيراً على مذهب قريب من مذهب السلف، كما صرح بذلك في آخر مصنفاته في "الإبانة" و"الموجز" و"المقالات".
وأكثر المخالفين ينكر رجوع أبي الحسن الأشعري ويكذب به، ويزعمون أن كتاب " الإبانة" وغيره منسوب إليه، وأن السلفيين يتقولون عليه.
والرد على هؤلاء سهل يسير، فأسوق لهم كلام السبكي، وهو من كبار الأشاعرة، حيث قال في طبقات الشافعية في ترجمة أبي الحسن الأشعري [3/ 405] ((وما نقموا من الأشعري إلا أنه قال بإثبات القدر لله، خيره وشره ونفعه وضره، وإثبات صفات الجلال لله، من قدرته وعلمه وإرادته وحياته وبقائه وسمعه وبصره وكلامه ووجهه ويده، وأن القرآن كلام الله غير مخلوق ... )) الخ. وقال في [3/ 417] ((ومذهبه أن الله تعالى أفرد موسى في وقته بأن أسمعه كلام نفسه بغير واسطة ولا على لسان رسول)).
قال سمير: وقد اشتهركذلك رجوع الجويني والرازي والشهرستاني في آخر حياتهم، وانظر إن شئت كلام الحافظ في الفتح [13/ 350] وسير الذهبي [18/ 468] و [20/ 286] و [21/ 500].
المسألة الرابعة
يظن بعض طلبة العلم السلفيين أن معرفة عقيدة السلف تدرك بقراءة المختصرات المشهورة، كالواسطية والطحاوية ونحوها، وأن حفظها أو فهمها يكفيه ويغنيه عن قراءة غيرها. وهذا غير صحيح، إذ ليس في هذه المختصرات إلا القواعد العامة والأصول الجامعة لمسائل الاعتقاد، وقد ساق الإمام اللالكائي نصوصاً جامعة لبعض مشاهير الأئمة السابقين، كالإمام أحمد والبخاري وابن جرير الطبري وغيرهم، وليس فيها إلا الأصول التي خالف فيها المتكلمون، في القدر والصفات والصحابة ونحو ذلك، أما العقيدة نفسها فهي النصوص المروية في القرآن والسنة والآثار. فعقيدة السلف مبناها على الرواية، لأنها عقيدة الإثبات.
وهناك مصنفات كثيرة مفردة في ذكر نصوص الاعتقاد، سوى المصنفات الجامعة للسنن، فينبغي لمن أراد معرفة مذهب السلف إدامة النظر في تلك المرويات، ودراسة تلك المصنفات.
المسألة الخامسة
لما كانت عقيدة السلف معتمدة على النصوص والروايات، وهي مروية بالأسانيد، كما في عامة كتب "السنة" و "الرد على الجهمية"، فإن على طالب العلم – السلفي- أن يتعرف على طريقة علماء الحديث في قبول الروايات وردها، هذا إن أراد الاستقلال بالحكم على الأسانيد والروايات، كما يفعل بعض الباحثين في الجامعات وغيرها، أو يتابع من يثق في علمه وفهمه في معرفة المقبول والمردود من الروايات، حذراً من قبول المنكر والمردود، أو رد الصحيح المقبول.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/212)
•وليعلم أن الأصل في هذه المصنفات، وبخاصة المشهور منها، هو الصحة والقبول، إذ لا يعقل أن يحتج الأئمة في تقرير الصفات وإثباتها، والرد على مخالفيهم، بروايات ضعيفة أو منكرة، فإن هذا قد يرد في الكتب المصنفة لجمع الأحاديث، كالمسانيد والمعاجم ونحوها، أما مصنفات العقيدة فيبعد هذا، خاصة إذا تكرر إيرادها في أكثر من كتاب، فكيف إذا صرحوا بصحتها وأنكروا على من ردها وتأولها؟
هذا من حيث العموم والإجمال، إلا أنه قد يرد فيها ما لا يصح ولا يقبل، وهو مما قد ينفرد به مصنف، ولا يتابع عليه، أو مما قد نص على ضعفه ونكارته الأئمة، وهذا قليل ونادر في أمهات كتب "السنة" المشهورة، كالسنة للإمام أحمد وابنه واللالكائي و "التوحيد" لابن خزيمة، و "الرد على الجهمية" للدارمي ونحوها.
•ومسألة الحكم على الروايات ونقدها من المسائل الكبار، وقد خلط فيها كثير من طلبة العلم واستسهلوها، إذ ظنوا أنه يكفيهم قراءة شيء من كتب المصطلح وتراجم الرواة وشيء من الدربة في البحث والتخريج، في تحصيل القدرة على نقد الأسانيد والروايات، وهذه بلية من بلايا العصر.
وتفصيل الكلام على هذه المسألة يطول جداً، وستراه إن شاء الله مفصلاً في كتاب لاحق، رددت فيه على بعض الفضلاء في تعليقاتهم ونقدهم لكتب "السنة"، بنحو ما بينته من قبل في كتاب "بيان الوهم والإيهام".
المسألة السادسة
أصل مذهب السلف مبني على قاعدة جليلة، وهي "كتاب وسنة بفهم سلف الأمة"، وقد سميت "عقيدة السلف" لأنهم هم الذين نطقوا بها، وتسمى "عقيدة أهل الحديث" أو "أهل الأثر" لأن عمدتها وأصلها مبني على الرواية، وأهل الحديث والأثر هم رواتها ونقلتها منذ العصر الأول، ثم حملها الخلف عن السلف، وتتابعوا عليها على نمط واحد وقاعدة مطردة، بخلاف غيرهم من المتكلمين الذين بنوا مذاهبهم وأسسوا مقالاتهم على علم الكلام ومنطق اليونان.
وعليه، فإن مقتضى ذلك أن يتقيد المتبعون لمذهب السلف بما يقرره علماء السلف الماضون نفياً وإثباتاً، وتصحيحاً وتضعيفاً. ألا ترى أننا – معشر السلفيين- نحتج على المخالفين في فهم النصوص بفهم السلف. فنقول ونكرر دائماً: قال مالك قال الأوزاعي قال الثوري قال أحمد بن حنبل إلى أن نقول: قال ابن تيمية قال ابن القيم .. وهكذا؟
بل إننا – إذا اختلفنا في فهم مراد السلف- نرجع إلى أقوال هؤلاء للفصل بين النزاع. ونحن، وجميع من في الأرض من أهل العلم، متفقون على أن أئمة السلف هم أئمة الحديث والجرح والتعديل، وأنهم هم حاملوا رايته، وأن المتأخرين عيال عليهم في نقد الراويات تصحيحاً وتضعيفاً.
•وعليه فإنه إذا ورد نص في مصنفات "الاعتقاد" و"السنة" وصرح فيه ولو إمام واحد من الأئمة بنقد شيء من الروايات والآثار، فإنه بموجب ما ذكرته، وما نحن متفقون عليه من حيث الجملة، يلزمنا الأخذ بحكمه، مالم يخالفه من هو مثله أو أعلم منه. ويبقى النظر فيما لم يرد فيه تصريح منهم بقبول أو رد، هل نقبله أم نرده أم نجتهد نحن فيه؟
وشرح ذلك يطول هنا، وأوضح ذلك بذكر مثالين:
الأول:
حديث أبي رَزِين العُقَيلي، وفيه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم ((أين كان ربنا عز وجل قبل أن يخلق خلقه))؟ فهذا الحديث رواه الإمام أحمد في المسند [4/ 11] والترمذي [5/ 288] وابن ماجه (1/ 64] ورواه غيرهم في مصنفات "السنة"، كعبد الله بن الإمام أحمد وابن أبي عاصم وابن أبي شيبة في "العرش".
وقد نقل الذهبي في العلو [ص173] عن أبي عُبَيد القاسم بن سلاَّم تصحيحه لهذا الحديث مع أحاديث أخرى ذَكَرها، فقال ((هذه أحاديثُ صِحَاح حملها أصحاب الحديث والفقهاء بعضهم عن بعض، وهي عندنا حق لا نشك فيها)). وحسنه الترمذي والذهبي في موضع آخر من كتاب العلو [ص18] واحتج به ابن القيم في تهذيب السنن [7/ 101].
ويكفي أن تعرف أن هذا الحديث ساقه الأئمة في إثبات الصفة، واحتجوا به في مصنفات "السنة"، ولم نعلم أحداً من علماء السلف المعَّول عليهم في الجرح والتعديل والتصحيح والتضعيف، أنكره أو ضعفه. فحين يأتي بعض المتأخرين من طلبة العلم الباحثين أو المشتغلين بالحديث وينظر في إسناده لينقده ويضعف بعض رواته، ومن ثم يضعف الحديث، كما فعل بعض المعاصرين في تعليقاتهم على كتب "السنة"، فإن كلامه يرد عليه كائناً من كان.
فصل
المثال الثاني:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/213)
حديث أبي هريرة في الصورة، وفيه ((إن الله خلق آدم على صورته)) وفي حديث ابن عمر ((فإن الله خلق آدم على صورة الرحمن)). وهذان الحديثان كلاهما بمعنى واحد، والضمير في قوله ((على صورته)) يعود على الرب عز وجل، وفيه إثبات الصورة مع نفي التشبيه والتمثيل والتعطيل. وحديث ابن عمر المذكور، رواه عبد الله بن أحمد في "السنة" [1/ 268] والدارقطني في "الصفات" [ص64] والآجُرِّي في "الشريعة" [3/ 1152] وابن أبي عاصم في "السنة" [1/ 228] وغيرهم.
والحديث الأول بلفظ ((على صورته)) لا خلاف في صحته عند الجميع، لكنهم اشتغلوا بتأويله وتحريف معناه، فأرجعوا الضمير إلى غير الله، وأما اللفظ الثاني ((على صورة الرحمن)) فاشتغلوا بتضعيفه، مع أن الذهبي حكى تصحيحه عن أحمد وإسحق بن راهويه. ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلام طويل في تصحيحه والرد على من ضعفه، صدره بقوله ((هذا الحديث لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير عائد إلى الله ... )). انظر عقيدة أهل الإيمان للشيخ حمود التويجري [ص 54].
قال سمير: فلا يلتفت بعد ذلك إلى تضعيف من ضعف لفظ ((على صورة الرحمن)) بعد تصحيح الأئمة له، ولا لتأويل اللفظ الآخر ((على صورته))، فإنه لو كان له تأويل لتعرض له السلف، ولو لم يكن الضمير فيه راجعاً إلى الله لما أوردوه في مبحث "الصفات" أصلاً، ولهذا قال الإمام الآجري ((هذه من السنن التي يجب على المسلمين الإيمان بها ولا يقال فيها كيف ولِمَ؟ بل تستقبل بالتسليم والتصديق وترك النظر، كما قال من تقدم من أئمة المسلمين)) اهـ.
وقد نقل الذهبي في الميزان [1/ 603] إنكار الإمام أحمد على من تأول معنى الحديث وأرجع الضمير إلى آدم أو غيره، وعدَّ ذلك من تأويلات الجهمية.
فكيف يسوغ بعد ذلك تأويل الحديث أو تضعيفه يا أولي الألباب؟!
وقد أطلت في شرح هذه المسألة وذكرت أمثلة أخرى مما اعترض عليه بعض الباحثين، وخالفوا فيه حكم الأئمة السابقين والعلماء المرضيين في الكتاب الآخر، والله الموفق والمعين.
المسألة السابعة
هناك عبارات مشهورة على لسان السلف في بيان معنى الصفات زادها الأئمة لما نشأ خلاف المعطلة، كقولهم في الاستواء مثلاً: ((مستو على العرش بذاته بائن من خلقه))، ظن من لا علم له بحقيقة الأمر أنها خلاف الأصل الذي صرَّحوا به وهو ((أَمِرُّوها كما جاءت من غير تفسير)).
والحق أن مثل هذه الزيادات في الألفاظ، وإن لم ينطق بها أهل القرن الأول، فقد سيقت زيادة في البيان والتوضيح، ورداً على الشبه التي ألقاها شياطين التعطيل، وإلا فهم كلهم متفقون على أن لا يزاد على ما في النصوص حرف واحد.
•فحين شبَّه المعطلون على العامة بتحريف معنى الاستواء فقالوا ((الاستواء بمعنى الاستيلاء أو الهيمنة))، وقصروا معنى العلو والفوقية على علو القهر والقدر والمنزلة، وأنه كقول القائل ((الأمير فوق الرعية))، وقالوا في النزول ((ينزل أمره)) أو ((ينزل ملك من الملائكة)).
اضطر السلف إلى زيادة كلمة (بذاته) فقالوا ((مستو على العرش بذاته)) وقالوا ((ينزل بذاته)) وقالوا ((يضحك حقيقة)) وقالوا ((له يدان على الحقيقة)) وله ((ساق على الحقيقة)) … وهكذا.
وما نطقوا بذلك إلا رداً على من تأول هذه النصوص على غير معناها وقد قال السلف في معنى الاستواء ((هو العلو والاستقرار))، فظن بعض من لا علم له أن لفظ (الاستقرار) زائد على الصفة فبادر إلى إنكاره، والصواب أنه من معاني الاستواء، كما صرح به ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث [ص 271] وابن عبد البر في التمهيد [7/ 131] وانظر "اجتماع الجيوش الإسلامية" لابن القيم [ص 199] وشرح العقيدة الواسطية للشيخ العثيمين [1/ 375].
فصل
•ومثله إثبات (القعود) على العرش، فإن لفظ القعود، لو فرض عدم مجيئه في النص، فإنه من معاني الاستواء، كما ذكر ذلك الأئمة، ومنهم الإمام أحمد فيما نقله عنه أبو يعلى. انظر مختصر الصواعق [ص386].
•ومثله (الجلوس) فقد قال خارجة بن مصعب ((وهل يكون الاستواء إلا بجلوس))؟ انظر "السنة" للإمام عبد الله [ص105].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/214)
وفي كتاب "السنة" للإمام عبد الله [ص300] ما نصه ((سئل عما روي في الكرسي وجلوس الرب عز وجل عليه. رأيت أبي رحمه الله يصحح هذه الأحاديث، أحاديث الرؤية ويذهب إليها وجمعها في كتاب وحدثنا بها. حدثني أبي رحمه الله قال: حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن أبي إسحق عن عبد الله بن خليفة عن عمر رضي الله عنه قال (إذا جلس تبارك وتعالى على الكرسي سمع له أطيط كأطيط الرحل الجديد).
حدثني أبي ناوكيع بحديث إسرائيل عن أبي إسحق عن عبد الله بن خليفة عن عمر رضي الله عنه قال (إذا جلس الرب عز وجل على الكرسي)، فاقشعر رجل، سماه أبي، عند وكيع، فغضب وكيع وقال: أدركنا الأعمش وسفيان يحدثون بهذه الأحاديث لا ينكرونها)) ا هـ.
قال سمير: لو لم يكن ثمة نص في إثبات الجلوس أو القعود، أما يكفي السلفيَّ أن يصرح أمثال هؤلاء الأئمة الأكابر بإثباته؟
أوليست عقيدتنا هي عقيدة سلفنا وأئمتنا: أحمد ووكيع والأعمش وسفيان وأضرابهم؟.
وقد أثبت ابن تيمية وابن القيم هاتين اللفظتين "الجلوس" و "القعود" في مصنفاتهما، وهي ثابتة في نصوص وآثار مرفوعة وموقوفة.
قال شيخ الإسلام ((وإذا كان قعود الميت في قبره ليس هو مثل قعود البدن، فما جاءت به الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم من لفظ "القعود" و"الجلوس" في حق الله تعالى، كحديث جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيرهما أولى أن لا يماثل صفات أجسام العباد)) ا هـ. المجموع [5/ 527]. وانظر اجتماع الجيوش لابن القيم [108، 109].
وقد شرحت هذه المسألة في كتاب "بيان الوهم والإيهام" في ردي على تضعيف محقق كتاب "السنة" لعبد الله بن أحمد، لهذا الحديث وإنكاره القعود والجلوس، وذكرتها أيضاً في الكتاب الآخر في ردي على الباحثين، والله الموفق وبه أستعين.
المسألة الثامنة
ومما أنكره بعض السلفيين المعاصرين، ما رواه الإمام ابن جرير في تفسيره عن مجاهد بن جبر في تفسير قول الله تعالى [مقاماً محموداً] قال ((يقعده معه على العرش)).
وهذا الأثر رواه جمع من الأئمة في مصنفاتهم، فرواه ابن أبي عاصم في "السنة" [1/ 305] والآجري في "الشريعة" [4/ 1613] والخلال في "السنة" [ص209] وفي مواضع أخرى كثيرة، وذكره الذهبي في العلو في أكثر من موضع [ص 124، 170، 194، 215، 228، 234].
وقال به جمهور علماء السلف، وصححوه وشنعوا على من رده وضعفه وقال به الشيخان ابن تيمية وابن القيم، ولكن لم تسمح نفوس كثير من المعاصرين بإثباته، ومنهم الشيخ عدنان في هذه المناظرة وفي المناظرة السابقة، ووافقه على الإنكار الشيخ عبد الرحمن الدمشقية غفر الله لهما.
وممن صرح بصحة هذا الأثر وقبوله الآجُرِّي في "الشريعة"، وذكر أن الشيوخ من أهل العلم قبلوه بأحسن قبول. انظر "الشريعة" [4/ 1612 - 1617].
وذكر الذهبي في العلو [ص 170] أسماء عدد ممن قبله من الأئمة ومنهم: الإمام أحمد وأبو داود السجستاني وإبراهيم الحربي وعبد الله بن الإمام أحمد وابن جرير الطبري، ونقل عن الأخير قوله ((ليس في فرق الإسلام من ينكر هذا)).
وذكر الذهبي في العلو [ص194] أسماء آخرين غيرهم، منهم: أبو بكر المروذي، وعباس الدوري، ويحيى بن أبي طالب وغيرهم. وذكر في [ص234] قول الدارقطني:
حديث الشفاعة في أحمد إلى أحمد المصطفى نسنده
وأما حديث بإقعاده على العرش أيضاً فلا نجحده
أَمِرُّوا الحديث على وجهه ولا تدخلوا فيه ما يفسده
قال سمير: ومن تتمة هذه الأبيات مما لم يذكره الذهبي – رحمه الله- قوله:
ولا تنكروا أنه قاعد ولا تنكروا أنه يقعده.
ونقل في [ص228] عن الطبراني أنه أثبته أيضاً. وذكر ابن القيم في "اجتماع الجيوش" [ص194] قول ابن جرير الطبري في كتابه "صريح السنة" في إثبات هذا الأثر. وساق ابن القيم في بدائع الفوائد [4/ 39] أسماء آخرين بلغ عددهم الثلاثين، ممن قبلوا أثر مجاهد، منهم: إسحق بن راهويه وهارون بن معروف والمروزي وبشر الحافي وغيرهم، ونقل أبيات الدارقطني السابقة.
•وساق الخلال في كتاب "السنة" [ص209 – 266] روايات عن جمع كبير من الأئمة في إثبات هذا الأثر، وروى عن أبي داود صاحب السنن قوله ((من أنكر هذا فهو عندنا متهم)). وعن أبي بكر المقرئ ((من ذكرت عنده هذه الأحاديث فسكت فهو متهم على الإسلام، فكيف بمن طعن فيها))؟
وقال إبراهيم الحربي عن هذا الأثر ((حدث به عثمان بن أبي شيبة في المجلس على رؤس الناس، فكم ترى كان في المجلس عشرين ألفاً، فترى لو أن إنساناً قام إلى عثمان فقال: لا تحدث بهذا الحديث، أو أظهر إنكاره تراه كان يخرج من ثَمَّ إلا وقد قُتل))؟
وقال إبراهيم الأصبهاني ((هذا الحديث ثبت، حدث به العلماء منذ ستين ومائة سنة، لا يرده إلا أهل البدع)).
قال سمير: إلى غير ذلك من الأقوال التي رواها الخلال في كتابه "السنة" عن جمع من علماء السنة، وكلهم مجمعون على إثبات أثر مجاهد وتشديد النكير على من ينكره أو يضعفه، بل حتى على من يسكت عليه ولا يثبته.
قال شيخ الإسلام رحمه الله ((فقد حدَّث العلماء المرضيون وأولياؤه المقبولون أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلسه ربه على العرش معه)). انظر المجموع [4/ 374].
وقد فصلت القول في هذه المسألة في الكتاب الآخر ورددت على من ينكر هذا الأثر من الباحثين، والله الهادي إلى سواء السبيل.
الخاتمة
وبعد، فهذا ما أردت التنبيه إليه في هذا المقام، وأسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يهدينا وسائر المسلمين إلى الحق وأن يجنبنا الزيغ والضلال والشك، وأن يغفر لنا جميعاً ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا ويثبت أقدامنا وأن لا يؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، إنه سميع مجيب،
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وكتب:
سمير بن خليل المالكي الحسني المكي
مكة المكرمة 12/ 1 / 1425هـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/215)
ـ[المستكشف]ــــــــ[04 - 03 - 04, 12:37 م]ـ
أخي الكريم جزاك الله خيرا
كيف استمع لهذه المناظرة كاملة على الشبكة؟
أرجوك عجل بالإجابة
ورحم الله من دلني على المناظرة على الشبكة(27/216)
كلام لابن حبان رحمه الله تعالى في الصفات
ـ[أبو بكر بن عبدالوهاب]ــــــــ[05 - 03 - 04, 06:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين
هل من تعليق يبين منهج أبي حاتم رحمة الله عليه؟
قال أبو حاتم بن حبان رحمه الله تعالى في صحيحه في باب ما جاء في الصفات برقم 265 أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا محمد بن يحيى الذهلي حدثنا المقرىء حدثنا حرملة بن عمران التجيبي عن أبي يونس مولى أبي هريرة واسمه سليم بن جبير عن أبي هريرة أنه قال في هذه الآية (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) إلى قوله (إن الله كان سميعا بصيرا) رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يضع إبهامه على أذنه وأصبعه الدعاء على عينه.
قال أبو حاتم أراد صلى الله عليه وسلم بوضعه أصبعه على أذنه وعينه تعريف الناس أن الله جل وعلا لا يسمع بالأذن التي لها سماخ والتواء ولا يبصر بالعين التي لها أشفار وحدق وبياض جل ربنا وتعالى عن أن يشبه بخلقه في شيء من الأشياء بل يسمع ويبصر بلا آلة كيف يشاء.
ثم ترجم بقوله: ذكر الخبر الدال على أن كل صفة إذا وجدت في المخلوقين كان لهم بها النقص غير جائز إضافة مثلها إلى الباري جل وعلا.
قال 267 أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال حدثنا محمد بن رافع قال حدثنا شبابة قال حدثنا ورقاء عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قال الله تبارك وتعالى كذبني بن آدم ولم يكن له أن يكذبني ويشتمني بن آدم ولم يكن ينبغي له أن يشتمني فأما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدني كما بدأني أو ليس أول خلق بأهون علي من إعادته وأما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولدا وأنا الله الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوا أحد.
قال أبو حاتم رضي الله تعالى عنه في قوله صلى الله عليه وسلم أوليس أول خلق بأهون علي من إعادته فيه البيان الواضح أن الصفات التي توقع النقص على من وجدت فيه غير جائز إضافة مثلها إلى الله جل وعلا إذ القياس كان يوجب أن يطلق بدل هذه اللفظة بأهون علي بأصعب علي فتنكب لفظة التصعيب إذ هي من ألفاظ النقص وأبدلت بلفظ التهوين الذي لا يشوبه ذلك.
ثم ترجم بقوله: ذكر خبر شنع به أهل البدع على أئمتنا حيث حرموا التوفيق لإدراك معناه.
قال أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا القواريري قال حدثنا حرمي بن عمارة قال حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يلقى في النار فتقول هل من مزيد حتى يضع الرب جل وعلا قدمه فيها فتقول قط قط.
قال أبو حاتم هذا الخبر من الأخبار التي أطلقت بتمثيل المجاورة وذلك أن يوم القيامة يلقى في النار من الأمم والأمكنة التي عصي الله عليها فلا تزال تستزيد حتى يضع الرب جل وعلا موضعا من الكفار والأمكنة في النار فتمتلىء فتقول قط قط تريد حسبي حسبي لأن العرب تطلق في لغتها اسم القدم على الموضع قال الله جل وعلا لهم قدم صدق عند ربهم يريد موضع صدق لا أن الله جل وعلا يضع قدمه في النار جل ربنا وتعالى عن مثل هذا وأشباهه.
ثم ترجم بقوله: ذكر الخبر الدال على أن هذه الألفاظ من هذا النوع أطلقت بألفاظ التمثيل والتشبيه على حسب ما يتعارفه الناس فيما بينهم دون الحكم على ظواهرها.
قال 269 أخبرنا محمد بن عمر بن محمد بن يوسف بنسا قال حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح قال حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله جل وعلا للعبد يوم القيامة يا بن آدم مرضت فلم تعدني فيقول يا رب وكيف أعودك وأنت رب العالمين فيقول أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده أما علمت أنك لو عدته لوجدتني ويقول يا بن آدم استسقيتك فلم تسقني فيقول يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين فيقول أما علمت أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي يا بن آدم استطعمتك فلم تطعمني فيقول يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين فيقول ألم تعلم أن عبدي فلانا استطعمك فلم تطعمه أما إنك لو أطعمته وجدت ذلك عندي.
ثم ترجم بقوله: ذكر الخبر الدال على أن هذه الأخبار أطلقت بألفاظ التمثيل والتشبيه على حسب ما يتعارفه الناس بينهم دون كيفيتها أو وجود حقائقها.
قال 270 أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا إبراهيم بن بشار قال حدثنا سفيان عن بن عجلان عن سعيد بن يسار أبي الحباب عن أبي هريرة قال قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم ما تصدق عبد بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيبا ولا يصعد إلى السماء إلا طيب إلا كأنما يضعها في يد الرحمن فيربيها له كما يربي أحدكم فلوه وفصيله حتى إن اللقمة أو التمرة لتأتي يوم القيامة مثل الجبل العظيم.
قال أبو حاتم رضي الله تعالى عنه قوله صلى الله عليه وسلم إلا كأنما يضعها في يد الرحمن يبين لك أن هذه الأخبار أطلقت بألفاظ التمثيل دون وجود حقائقها أو الوقوف على كيفيتها إذ لم يتهيأ معرفة المخاطب بهذه إلا بالألفاظ التي أطلقت بها.
أخوكم أبو بكر بن عبد الوهاب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/217)
ـ[أبو هريره المصرى]ــــــــ[06 - 03 - 04, 04:17 م]ـ
الإجابة بالله عليكم يا إخوة (لدفع هذه الشبهه)
وجزاكم الله خيراً
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[08 - 03 - 04, 05:33 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا حكم عام من ابن تيمية على ابن حبان
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل (7/ 32 - 33):
وأهل العلم بالحديث أخص الناس بمعرفة ماجاء به الرسول صلى الله عليه وسلم) ومعرفة أقوال أصحابه والتابعين لهم بإحسان فإليهم المرجع في هذا الباب لا إلى أجنبي عن معرفته ليس له معرفة بذلك ولولا أنه قلد في الفقه لبعض الأئمة لكان في الشرع مثل آحاد الجهال من العامة.
فإن قيل: قلت إن أكثر أئمة النفاة من الجهمية والمعتزلة كانوا قليلي المعرفة بما جاء به الرسول وأقوال السلف في تفسير القرآن وأصول الدين وما بلغوه عن الرسول , ففي النفاة كثير ممن له معرفةى بذلك.
قيل: هؤلاء أنواع:
نوع ليس لهم خبرة بالعقليات بل هم يأخذون ما قاله النفاة عن الحكم والدليل ويعتقدونها براهين قاطعة وليس لهم قوة على الإستدلال بها بل هم في الحقيقة مقلدون فيها وقد اعتقد أقوال أولئك فجميع ما يسمعونه من القرآن والحديث وأقوال السلف لا يحملونه على ما يخالف ذلك بل إما يظنوه موافقا لهم وإما أن يعرضوا عنه مفوضين لمعناه.
وهذه حال مثل أبي حاتم البستي وأبي سعد السمان المعتزلي ومثل أبي ذر الهروي وأبي بكر البيهقي والقاضي عياض وأبي الفرج الجوزي وأبي الحسن علي بن المفضل المقدسي وأمثالهم.
النوع الثاني: .............. )
واسأل الله أن ييسر لرد مفصل على هذه المقولة.
وقد استفدت هذه اٌلإحالة من مقدمة كتاب إبطال التأويلات لأخبار الصفات للقاضي أبي يعلى الفراء والله الهادي إلى سواء السبيل.
ـ[أبو بكر بن عبدالوهاب]ــــــــ[11 - 03 - 04, 06:16 ص]ـ
من كان لا يملك الوقت للإجابة فهو معذور، لكن إن يتكرم بإحالة إلى ما يجلي الحق، ويبين منهج هذا الإمام، فله الأجر الكبير
وجزاكم الله خيرا.
أخوكم ماهر
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[11 - 03 - 04, 08:51 ص]ـ
قلت أشار لشيء من ذلك كل من الحافظين الذهبي وابن حجر ولكل واحد منهما رأي، ذكراه في الميزان ولسانه كما يأتي.
ففي ميزان الإعتدال ج: 6 ص: 99
قال الحافظ الذهبي:
وقد بدت من ابن حبان هفوة فطعنوا فيه بها
قال أبو إسماعيل الأنصاري شيخ الإسلام سألت يحيى بن عمار عن أبي حاتم ابن حبان فقال رأيته ونحن أخرجناه من سجستان كان له علم كثير ولم يكن له كبير دين قدم علينا فأنكر الحد لله فأخرجناه
قلت إنكاره الحد وإثباتكم للحد نوع من فضول الكلام والسكوت عن الطرفين أولى إذ لم يأت نص بنفي ذلك ولا إثباته والله تعالى ليس كمثله شيء فمن أثبته قال له خصمه جعلت لله حدا برأيك ولا نص معك بالحد والمحدود مخلوق تعالى الله عن ذلك وقال هو للنافي ساويت ربك بالشيء المعدوم إذ المعدوم لا حد له فمن نزه الله وسكت سلم وتابع السلف
اهـ بحروفه
ونقل الكلام بنصه أعلاه الحافظ ابن حجر في لسان الميزان ج: 5 ص: 114 ثم قال بعده:
وقوله قال له النافي ساويت ربك بالشيء المعدوم إذ المعدوم لا حد له نازل فإنا لا نسلم ان القول بعدم الحد يفضي الى مساواته بالمعدوم بعد تحقق وجوده
وقوله بدت من بن حبان هفوة طعنوا فيه بها ان أراد القصة الأولى التي صدر بها كلامه فليست هذه بهفوة والحق ان الحق مع بن حبان فيها وان أراد الثانية فقد اعتذر هو عنها أولا فكيف يحكم عليه بأنه هفا ماذا الا تعصب زائد على المتأولين وابن حبان قد كان صاحب فنون وذكاء مفرط وحفظ واسع الى الغاية رحمه الله
اهـ بلفظه ولا يخفى تأثر الحافظ ابن حجر بالأشاعرة
فلعل هذه الحادثة تكشف طرفا من مذهب ابن حبان حيال المسائل التي أوردها الأخ أبو بكر.
والله أعلم
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[12 - 03 - 04, 12:19 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
في البداية أعتذر عن التأخير
والجواب على ما ذكره ابن حبان من وجوه:
الوجه الأول:
قد تقدم من نقل عن ابن تيمية في ذكر سبب تأويل بعض أهل الحيث للصفات وما نقل بعض الأخوة أنه أخذ على ابن حبان بعض الهفوات
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/218)
وأزيد هنا أن الحق لم يزل متميزا بين أهل السنة والبدعة حتى جاء عبد الله بن سعيد بن كلاب ومن بعده الأشعري فراموا نصرة أهل السنة على المعتزلة ولم يتقنوا مذهب السلف مع ما ما استقر عندهم من ترسبات علم الكلام فحصل الخلط من ذلك الحين في تقرير مذهب اسلف
ولذا تجد أنه وقع لبعض أهل الحديث أغاليط من ذلك الزمن والله المستعان
الوجه الثاني:
قال أبو حاتم بن حبان رحمه الله تعالى في صحيحه في باب ما جاء في الصفات برقم 265 أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا محمد بن يحيى الذهلي حدثنا المقرىء حدثنا حرملة بن عمران التجيبي عن أبي يونس مولى أبي هريرة واسمه سليم بن جبير عن أبي هريرة أنه قال في هذه الآية (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) إلى قوله (إن الله كان سميعا بصيرا) رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يضع إبهامه على أذنه وأصبعه الدعاء على عينه.
قال أبو حاتم أراد صلى الله عليه وسلم بوضعه أصبعه على أذنه وعينه تعريف الناس أن الله جل وعلا لا يسمع بالأذن التي لها سماخ والتواء ولا يبصر بالعين التي لها أشفار وحدق وبياض جل ربنا وتعالى عن أن يشبه بخلقه في شيء من الأشياء بل يسمع ويبصر بلا آلة كيف يشاء
قلت: وهذا عجيب من ابن حبان فالحيث إنما فيه إثبات صفة السمع والبصر , ووضع النبي صلى الله عليه وسلم إبهامه على أذنه واصبعه الدعاء على عينه إشارة إلى تحقيق أصل صفة السمع والبصر وان المراد منها هو المفهوم من لسان العرب
وأما أن يدل الحيث على انتفاء ما ذكره ابن حبان فهذا ليس في الحديث (وان كنا نحن كذلك لانقول بموجبها) ومما يدل على ما قلت أن أباداود السجستاني إنما أورد هذا الحديث في باب الرد على الجهمية لما فيها من إثبات صفة السمع والبصر ولو فهم أبو داود من الحديث ما فهمه ابن حبان لما أورده في هذا الباب و إنما يورده في باب يناسبه كأن يقول: باب الرد على من أثبت لله ما لايليق
وبمثل تعقيبي على ابن حبان عقب من سماه العظيم آبادي (من أهل التحقيق) على الخطابي لما قال في الحديث نحوا مما قاله ابن حبان.
قال العظيم آبادي:
ورد عليه بعض العلماء فقال: قوله (لا إثبات العين و الأذن .... الخ) ليس من كلام أهل التحقيق , وأهل التحقيق يصفون الله سبحانه و تعالى بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله ولا يبتدعون لله وصفا لم يرد به كتاب و لا سنة وقد قال تعالى: (ولصنع على عيني) وقال: (تجري بأعيننا)
وقوله: ليس بذي جوارح ولابذي أجزاء وأبعاض كلام مبتدع مخترع لم يقله أحد من السلف لا نفيا ولا إثباتا بل يصفون الله بما وصف به نفسه ويسكتون عما سكت عنه ولا يكيفون ول يمثلون ولا يشبهون الله بخلقه فمن شبه الله بخلقه فقد كفر وليس ما وصف الله به نفسه ووصفه به رسوله تشبيها وإثبات صفة السمع والبصر حق كما قرره الشيخ انتهى كلامه.
قلت (أي العظيم آبادي): ما قاله هو الحق وما قاله الخطابي فهو ليس من كلام أهل التحقيق)
الوجه الثالث:
أما قول ابن حبان: (بل يسمع ويبصر بلا آلة كيف يشاء) ففيه تأمل
أما السمع فلم يرد فيه نص أنه يسمع بآلة أو بلا آلة (وإن كان التعبير بلفظ الآلة فيه مافيه وغالبا ما يستعمل في نفي الصفات الذاتية كالعينين واليدين) فنتوقف ولا نتكلف.
وأما البصر فجاءت النصوص متواترة قطعية بأن الله بصير وأنه يرى وكذلك جاءت بإثبات العينين لله سبحانه وتعالى ولكن هل نقول يبصر بعينيه
هذا سؤال أذكر أن شيخنا ابن عثيمين رحمه الله ذكره مرة ولا أذكر من الجواب إلا أنه قال: جزم بذلك بعضهم
وأرجو من الإخوة أن يفيدونا في هذه المسالة
في الحديث دليل على أن نصوص الصفات من المحكم وأن معناها هو المتبادر إلى الذهن من المعاني وهو المفهوم من كلام العرب وفي هذا رد على ابن حبان من قوله: أ هذه الأخبار أطلقت بألفاظ التمثيل والتشبيه على حسب ما يتعارفه الناس بينهم دون كيفيتها أو وجود حقائقها وما استدل به لا يسعفه على مدلوله.
الوجه الرابع:
قال ابن حبان رحمه الله:
ذكر الخبر الدال على أن كل صفة إذا وجدت في المخلوقين كان لهم بها النقص غير جائز إضافة مثلها إلى الباري جل وعلا
قلت:
أولا: الإستدلال بهذا الخبر غير متأتي لابن حبان من جهة المتن لما سنبين من غلط فيه.
ثانيا: تحليل عبارة ابن حبان:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/219)
اشتملت عبارة ابن حبان على معنى وحكم على هذا المعنى:
أما المعنى فيحتوي على ركنين أساسين:
1 - كل صفة وجدت بالمخلوق.
2 - حصول النقص للمخلوق بهذه الصفة.
أما الحكم فهو:
غير جائز إضافة مثلها إلى المخلوق
أقول الحكم بهذه الصيغة على ذلك المعنى صحيح لاغبار عليه ولا يلزم منه نفي الصفات ولا شيء من هذا القبيل مع الأخذ في الإعتبار أن أصل استدلال ابن حبان من الخبر غير مسلم به كما سيأتي.
وقلت ما قلت من سلامة تعبير ابن حبان لأن الصفات المثبة لله سبحانه وتعالى ليست هي الصفات المضافة للمخلوقين بعينها لأن كل ما أضيف للمخلوق حصل به النقص بمقدار نقص المخلوق فالعلم مثلا صفة كمال ومع ذلك إذا أضيف إلى المخلوق حصل به نقص بما يناسب نقص المخلوق فعلم المخلوق مسبوق بجهل ويلحقه الآفات من نسيان وغيره
ومن هنا نشأ إشكال عند بعض طلبة العلم في فهم مقولة شيخ الإسلام ابن تيمية لما قال:
(ولكن يستعمل في ذلك قياس الأولى سواء كان تمثيلا أو شمولا كما قال تعالى: (ولله المثل الأعلى) مثل أن نعلم ن كل كمال ثبت للممكن أو للمحدث لا نقص فيه بوجه من الوجوه: وهو ما كان كمالا للموجود غير مستلزم للعدم فالواجب القديم أولى به) الفتاوى (3/ 297
إذ كيف يكون كمالا لانقص فيه بوجه منى الوجوه وهومضاف إلى المخلوق وما أضيف إليه فلا بد أن يعتريه من النقص بحسب نقصه
والجواب أن المراد أن تكون الصفة إذا جردت عن الإضافة كمالا لا نقص فيها بوجه من الوجوه.
والقصد من هذا الإستطراد بيان أن الصفات المضافة إلى الله سبحانه وتعالى لا تماثل الصفات المضافة إلى المخلوقين فعلم الله سبحانه ليس كعلم المخلوق
وإنما يتفقان في الإسم العام وهو العلم وهذا لايقتضي تماثلهما في مسمى ذلك الاسم عند الإضافة
قال ابن تيمية في التدمرية:
فلا يقول عاقل إذا قيل إن العرش شيء موجود و إن البعوض شيء موجود ان هذا مثل هذا لاتفاقهما في مسمى الشيء و الوجود لأنه ليس في لخارج شيء موجود غيرهما يشتركان فيه بل الذهن يأخذ معنى مشتركا كليا هو مسمى الاسم المطلق وإذا قيل هذا موجود وهذا موجود , فوجود كل منهما يخصه لايشركه فيه غيره مع أن الإسم حقيقة في كل منهما.
ولهذا سمى الله نفسه بأسماء وسمى صفاته بأسماء وكانت تلك الأسماء مختصة به إذا أضيفت إليه لايشركه فيها غيره , وسمى بعض مخلوقاته بأسماء مختصة بهم مضافة إليهم توافق تلك الأسماء إذا قطعت عن الإضافة والنخصيص ولم يلزم من اتفاق الاسمين وتماثل مسماهما ماتحاده عند الإطلاق والتجريد عن الإضافة والتخصيص: اتفاقهما ولا تماثل المسمى عند الإضافة والتخصيص فضلا عن أن يتحد مسماهما عند الإضافة والتخصيص.
فقد الله نفسه حيا فقال: (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) وسمى بعض عباده حيا فقال: (يخرج الحي من الميت ويخلرج الميت من الحي) وليس هذا الحي مثل هذا الحي لأن قوله الحي اسم الله مختص به وقوله (يخرج الحي من الميت) اسم للمخلوق مختص به وإنما يتفقان إذا أطلقا وجردا من التخصيص ولكن ليس للمطلق وجود في الخارج ولكن العقل يفهم من المطلق قدرا مشتركا بين المسميين وعند الاختصاص يقيد ذلك بما تميز به الخالق عن المخلوق والمخلوق عن الخالق.
ولابد من هذا في جميع أسماء الله وصفاته يفهم منها مادل عليه الاسم بالمواطأة والاتفاق وما دل عليه بالأضافة والإختصاص: المانعة من مشاركة المخلوق للخالق في شيء من خصائصه – سبحانه وتعالى) الفتاوى (3/ 11 - 12)
هذا في الحكم على العبارة فحسب.
والذي يبدو من خلال قراءة أبواب ابن حبان في الصفات أن مراده أن الصفات المضافة إلى المخلوقين على قسمين:
1 - الصفات التي توجب النقص في المخلوق إذا أضيفت إليه.
2 - صفات الكمال التي لاتوجب نقصا إذا أضيفت إلى المخلوق بل توجب كمالا.
وهذا القسم هو الذي يضاف إلى الله سبحانه وتعالى دون الأول.
والجواب كما تقدم أن كل ما أضيف إلى المخلوق من الصفات اعتراها من النقص بحسب نقصه
ثانيا:
الذي يظهر لي والعلم عند الله أن الجملة من الحديث الذي أعتمدها ابن حبان في تقرير مسألته ليست على التمام وهي قوله عليه الصلاة والسلام: (أوليس أول خلق بأهون علي من إعادته) وكان ذلك كذلك لما يلي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/220)
1 - أن الحديث في البخاري بلفظ (وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته) (4974) وبينهما من الفرق مابينهما.والراجح والله أعلم لفظ البخاري لأوجه أحدها: أنها لفظة البخاري.
2 - أن جملة البخاري موافقة للفظ القرآن قال الله سبحانه وتعالى في سورة الروم:
(وهو الذي يبدؤ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه) أي أن إعادة الخلق أهون من خلقهم أول مرة.ولفظة البخاري تشتمل على نفس المعنى لكن بطريقة نفي الهون عن أول الخلق
فلفظ القرآن ولفظ البخاري يحصلان معنى واحد وهو أن الإعادة أهون من إبداء الخلق
أما لفظ ابن حبان فيحصل نتيجة عكسية وهي أن أول الخلق أهون من الإعادة فاحتاج إلى التأويل إلى معنى (وإلى أي معنى: إلى العكس!!!!)
ففهم ابن حبان أن مراد النبي صلى الله عليه وسلم من لفظة (أهون) (أصعب) و إنما تنكب لفظة أصعب لما فيها من النقص على من وجدت فيه
ثم قعد بعد ذلك قاعدة: فقال: ذكر الخبر الدال على أن كل صفة إذا وجدت في المخلوقين كان لهم بها النقص غير جائز إضافة مثلها إلى الباري جل وعل
أقول: ما قيمة هذه القاعدة إذا علم بنائها على ما تقدم
3 - أن طريقة ابن حبان هذه غريبة من جهتين:
1 - أسلوب شاذ حديثيا
2 - أسلوب غريب لغويا وإنما تعرف العرب استعمال الأضداد من باب التفاؤل ونحو ذلك
الوجه الرابع:
أما قول ابن حبان:
ذكر الخبر الدال على أن هذه الألفاظ من هذا النوع أطلقت بألفاظ التمثيل والتشبيه على حسب ما يتعارفه الناس فيما بينهم دون الحكم على ظواهرها.
قال 269 أخبرنا محمد بن عمر بن محمد بن يوسف بنسا قال حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح قال حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله جل وعلا للعبد يوم القيامة يا بن آدم مرضت فلم تعدني فيقول يا رب وكيف أعودك وأنت رب العالمين فيقول أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده أما علمت أنك لو عدته لوجدتني ويقول يا بن آدم استسقيتك فلم تسقني فيقول يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين فيقول أما علمت أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي يا بن آدم استطعمتك فلم تطعمني فيقول يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين فيقول ألم تعلم أن عبدي فلانا استطعمك فلم تطعمه أما إنك لو أطعمته وجدت ذلك عندي)
فأكتفي بجواب شيخنا ابن عثيمين رحمه الله:
قال في القواعد المثلى:
والجواب: أن السلف أخذوا بهذا الحديث ولم يصرفوه عن ظا هره بتحريف يتخبطون فيه بأ هوائهم وإنما فسروه بما فسره به المتكلم به.
فقوله تعالى: (مرضت .. وا ستطعمتك .. واستشفيتك) بينه الله تعالى بنفسه حيث قال: (أما علمت أن عبدي فلاناً مرض وأنه استطعمك عبدي فلان، واستسقاك عبدي فلان).
وهو صريح في أن المرا د به مرض عبد من عباد ا لله واستطعام عبد من عباد الله واستسقا ء عبد من عباد الله.
والذي فسره بذلك هو الله المتكلم به، وهو أعلم بمراده.
فإذا فسرنا المرض المضاف إلى الله والاستطعام المضاف إليه والاستسقاء المضاف إليه بمرض العبد واستطعامه واستسقا ئه: لم يكن في ذلك صرف للكلام عن ظاهره، لأن ذلك تفسير المتكلم به فهو كما لو تكلم بهذا المعنى إبتداء.
وإنما أضاف الله ذلك إلى نفسه أولاً للترغيب والحث. كقوله تعالى: (من ذا الذي يقرض الله) [البقرة: 245}
وهذا الحديث من أكبر الحجج الدامغة لأهل التأويل الذين يحرفون نصوص الصفات عن ظاهرها بلا دليل من كتاب الله تعالى ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإنما يحرفونها بشبه باطلة هم فيها متناقضون مضطربون. إذ لو كان المراد خلاف ظاهرها كما يقولون لبينه الله تعالى ورسوله ولو كان ظاهرها ممتنعاً على الله – كما زعموا – لبينه الله ورسوله كما في هذا ا لحديث.
ولو كان ظاهرها اللائق بالله ممتنعا على الله لكان في الكتاب والسنة من وصف الله تعالى بما يمتنع عليه مالا يحصى إلا بكلفه وهذا من أكبر المحال. (القواعد المثلى 134)
ـ[أبو بكر بن عبدالوهاب]ــــــــ[13 - 03 - 04, 05:16 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
1* جزاكم الله خيرا، الإخوة أبو هريرة المصري، أبو عبد الرحمن المدني، راجي رحمة ربه.
كلمني بالأمس أحد الإخوة وهو من أعضاء الملتقى أن هذا الموضوع ليس من الصواب طرحه، وقد يحمله البعض على غير محمله، فقلت له الأصل حسن الظن بالكاتب والقارىء، ولا أرى كبير حاجة إلى قول: إني لا أرمي إلى سوء، والمقام في هذا الملتقى المبارك مقام مدارسة وطلب علم كما يعلم الكثير من الإخوة، وإلا فكيف تزول الإشكالات عند الطالب المبتدي مثلي.
أسأل الله لي ولكم السداد في القول والعمل
2* ابن حبان رحمه الله هل عرف عنه موافقة للسلف في بعض المسائل؟
أخوكم ماهر(27/221)
مالدليل على أن الذبح لغير الله شرك مخرج من الملة؟
ـ[المؤمّل]ــــــــ[07 - 03 - 04, 10:39 ص]ـ
يقول الشيخ ابن عثمين أنه شرك أكبر مخرج من الملة.
لكن ماهي الأدلة على ذلك.
(سؤالي هو زيادة في العلم فقط)
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[07 - 03 - 04, 11:08 ص]ـ
الذبح: عبادة من العبادات، وصرف أي عبادة لغير الله شرك أكبر.
والشرك الأكبر: أن تجعل لله نداً. أو مساواة غير الله بالله مما هو من خصائص الله.
أما الأدلة:
فقوله تعالى: " فصل لربك وانحر ".
وقوله تعالى: " إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين "
وقد أجمع أهل العلم على ذلك، فقد قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: - كما في تاريخ نجد (223) - إن الشرك عبادة غير الله، والذبح، والنذر له، ودعاؤه. قال: ولا أعلم أحداً من أهل العلم يختلف في ذلك (بتصرف).
والله أعلم.
ـ[المؤمّل]ــــــــ[07 - 03 - 04, 04:04 م]ـ
حسن الله إليك. . لكن هل كل شرك أكبر مخرج من الملة؟
ثم ماهو كتاب تاريخ نجد الذي ذكرت.
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[07 - 03 - 04, 06:37 م]ـ
قال الله تعالى (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له)
على كل حال أعلى من رأيته نص على كفر من ذبح لغير الله تعالى هو الإمام البربهاري رحمه الله تعالى
فقد نص في كتابه السنة بقوله (ولا يخرج الرجل من الإسلام حتى ..... (ذكر أمور لا تحضرني) ثم قال (أو ذبح لغير الله).
فهذا نص صريح منه في كفر من ذبح لغير الله تعالى، والله يرعاكم
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[07 - 03 - 04, 06:51 م]ـ
أحسنت شيخنا الفاضل أبو عمر الناصري، بارك الله فيك ونفعنا بعلمك.
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[07 - 03 - 04, 07:16 م]ـ
الأخ الكبير الفقيه بارك الله فيك وأشكرك على التعديلات
وما أنا إلا أصغر تلاميذكم في المنتدى الذي لم أر مثله في الشبكة
فأسأل الله تعالى أن يوفقنا للعمل برضاه
ـ[المؤمّل]ــــــــ[07 - 03 - 04, 11:18 م]ـ
بارك الله فيكم يامشايخنا الكرام ......... ولكن:
كون الذبح لغير الله كفر أكبر، هذا مما هو واضح لاريب فيه، لكن الإشكال في خروجه من الملَّة، إلآ إذا قلنا: كل كفر أكبر مخرج من الملة.
ـ[البخاري]ــــــــ[08 - 03 - 04, 12:38 ص]ـ
!!
نعم كل من كفر كفراً أكبر خرج من الملة، وكل خارج من الملة سببه الكفر الأكبر، لا خلاف في هذا عند أهل الإسلام!
وهل في موقع أهل الحديث من يجهله
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[08 - 03 - 04, 04:36 ص]ـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في الكلام على قوله تعالى (وما أهل لغير الله به): ظاهره أنه ما ذبح لغير الله حَرُمَ سواء لُفظ به أو لم يُلفظ به، وهذا أظهر من تحريم ما ذبح للحم وقال فيه: باسم المسيح ونحوه، فإن عبادة الله والنسك به أعظم من الاستعانة باسمه في فواتح الأمور، فكذلك الشرك بالنسك لغيره أعظم من الاستعانة باسمه، وعلى هذا لو ذبح لغير الله متقرباً إليه وإن قال فيه: باسم الله، كما قد يفعله طائفة من منافقي هذه الأمة، وإن كان هؤلاء مرتدين لا تباح ذبيحتهم بحال، لكن يجتمع في الذبيحة مانعان. ومن هذا الباب ما قد يفعله الجاهلون بمكة وغيرها من الذبح للجن.) اهـ
من كتاب اقتضاء الصراط المستقيم ص 259 الطبعة الثانية 1950
وهناك كلاماً رأيته في اللمعة في الأجوبة السبعة للشيخ كذلك أنقله إن شاء الله على سعة والسلام
ـ[محب ابن تيمية]ــــــــ[08 - 03 - 04, 10:43 ص]ـ
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لعن الله من ذبح لغير الله
رواه مسلم ..
وقد قال الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب في الأصول الثلاثة بعد ذكره أنواع من العبادات ومنها الذبح:
(ومن صرف منها شئ لغير الله فهو مشرك كافر)
ـ[ابن زهران]ــــــــ[08 - 03 - 04, 08:40 م]ـ
العبادة لا يقصد بها ولا يبتغى بها إلا الله فإذا صرف نوع من أنواعها صار ذلك قدحا في عبوديتك لله.
والعبادة كما عرفها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة.
فما دخل تحت هذا التعريف صار فعله عبادة لله ولا يصرف لغيره.
فالذبح عبادة خالصة لله تعالى لقوله تعالى (فصل لربك وانحر)
وهنا خص الذبح والصلاة له سبحانه وتعالى بقوله (لربك) وقوله: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله)
فالنسك إما أن يكون التنسك وهو التعبد وإما أن يحمل على أنه الذبح كما قال بذلك المفسرون.
فجعل أجناس العبادة مخصوصة لله تعالى بقوله (لله رب العالمين لا شريك له).
وصرفها عنه إلى غيره شركا لهذا المصروف إليه مع الله.
ولا ينجو العبد من ذلك إلا بصفاء التوحيد ونقاءه ومحبة الله تعالى من جميع قلبه وأن يعظم مقامه عندك فلا ينال أحد من عملك شيء إلا وعملك مبتغى به ومقصود به وجه الله تعالى.
قال ابن القيم في مدارج السالكين: (وما نجا من شرك هذا الشرك الأكبر إلا من جرد توحيده لله وعادى المشركين في الله وتقرب بمقتهم إلى الله واتخذ الله وحده وليه وإلهه ومعبوده فجرد حبه لله وخوفه لله ورجاءه لله وذله لله وتوكله على الله واستعانته بالله والتجاءه إلى الله واستغاثته بالله وأخلص قصده لله متبعا لأمره متطلبا لمرضاته إذا سأل سأل الله وإذا استعان استعان بالله وإذا عمل عمل لله فهو لله وبالله ومع الله)
أما من ناحية الكلام على الكفر
فلا شك أن الكفر كما فصله أهل العلم من أهل السنة أنه نوعان أكبر وأصغر.
فالأكبر هو الموجب لصاحبه الخلود في النار.
وأما الأصغر فإنه موجب الوعيد دون الخلود في النار
فمثال الأول (الأكبر): أن يجحد فرضا من فرائض الإسلام أو ينكرها.
ومثال الثاني: الحلف بغير الله (لحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)
قال ابن القيم:
فأما الكفر فنوعان: كفر أكبر وكفر أصغر فالكفر الأكبر: هو الموجب للخلود في النار والأصغر: موجب لاستحقاق الوعيد دون الخلود. اهـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/222)
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[08 - 03 - 04, 11:06 م]ـ
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -
(وعلى هذا فلو ذبح لغير الله متقربا به إليه لحرم وإن قال فيه بسم الله كما يفعله طائفة من منافقي هذه الأمة الذين يتقربون إلى الأولياء والكواكب بالذبح والبخور ونحو ذلك وإن كان هؤلاء مرتدين لا تباح ذبيحتهم بحال لكن يجتمع في الذبيحة مانعان ومن هذا الباب ما قد يفعله الجاهلون بمكة شرفها الله وغيرها من الذبح للجن)
اقتضاء الصراط ج: 1 ص: 259
يقول ابن القيم - رحمه الله تعالى - بعد كلام له حول ذبائح أهل الكتاب
(والمسلم لو ذبح لغير الله أو ذبح باسم غير الله لم يبح وإن كان يكفر بذلك فكذلك الذمي لأن قوله تعالى وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم سواء وهم وإن كانوا يستحلون هذا ونحن لا نستحله فليس كل ما استحلوه يحل لنا ولأنه قد تعارض دليلان حاظر ومبيح فالحاظر أولى أن يقدم ولأن الذبح لغير الله أو باسم غيره قد علمنا يقينا أنه ليس من دين الأنبياء عليهم السلام فهو من الشرك الذي أحدثوه)
دقائق التفسير ج: 2 ص: 133
ـ[المؤمّل]ــــــــ[09 - 03 - 04, 06:39 م]ـ
أحسن الله إليكم جميعاً ..
تصحيحاً لقصدي في عبارتي السابقة ((إلآ إذا قلنا: كل كفر أكبر مخرج من الملة)). هو ((إلآ إذا قلنا: كل كفر أكبر مختلف فيه مخرج من الملة.
لأني رأيت تعليقاً لحامد الفقي في فتح المجيد على كلام شيخ الإسلام ابن تيمة في الذبح لغير الله وقد نقله الأخ أبو عمر الناصر قارئه يظن أن شيخ الإسلام يرى الحرمة فقط، فعلق وقال (بل يكون هذا الذبح شركا أكبر) .. فطلبت إيراد الأدلة على هذه المسألة ابعاداً للخلاف فيها وهو ظاهر.
وكذا الحال في الأمور المختلف فيها بين أهل العلم هل هي شرك أكبر أم أصغر، هل نقطع بأنها مخرجة من الملة، كسب الصحابة و تارك الصلاة وغيرها؟؟
ـ[حارث همام]ــــــــ[10 - 03 - 04, 07:16 م]ـ
أخي الفاضل المؤمل .. لايوجد تعارض بين كلام شيخ الإسلام وما ذكرته.
فالحرمة تطلق على الفعل المنهي عنه نهياً جازماً، سواء أكان صرف عبادة لغير الله، وهذه هي الشرك، أو كان اقتراف إثم آخر ليس من قبيل صرف العبادة لغير الله كسب الله وسب رسوله صلى الله عليه وسلم وهذه كفر أكبر مخرج من الملة، كالشرك، وقد تكون دون ذلك الزنى وشرب الخمر وهي كبائر، وقد تكون معاص أقل خطراً من هذه كاللمم.
أما الشرك الأكبر والذي هو صرف عبادة لغير الله فهو كفر أكبر مخرج من الملة كقتل الأنبياء وامتهان المصحف.
والدليل على أن صرف العبادة لغير الله شرك لايجوز قول الله (إياك نعبد وإياك نستعين) أي لانعبد إلاّ إياك. وقوله: (ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لايستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون، وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين).
والآثار كثيرة مشهور ذكر الإخوة بعضها.
والدليل على أن هذا الذنبالشرك) كفر أكبر وذنب لايغفر قوله تعالى: (إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) الآيتان.
والأدلة على هذا من السنة كثيرة معروفة.
ـ[الياسي]ــــــــ[10 - 03 - 04, 07:50 م]ـ
عندي اشكال بسيط وهو اذا صلى بقصد ان يراه الناس فهل هذا الفعل يدخل في صرف عبادة لغير الله فيكون كفرا اكبر.
ـ[حارث همام]ــــــــ[10 - 03 - 04, 08:36 م]ـ
.. هكذا قال الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله في منظومته.
ولكن له أقسام وصور تخرجه عن هذا الحد إلى حد الشرك الأكبر، وأخرى تجعله دون الشرك الأصغر.
فالنفاق الأكبر من قبيل الرياء، وهو كفر أكبر وذنب لايغفر، وفيه يكون الرياء في أصل العبادة.
ومن الرياء ما يطرأ أثناء العبادة، ومنه ما يصاحب العبادة، ومنه ما يكون بعد الفراغ من العبادة، كالفرح بحمد الناس وثنائهم.
ولهذا جعل بعض أهل العلم الرياء من قبيل الشرك الخفي، ثم قسموا الشرك الخفي إلى أكبر وأصغر كسائر الأفعال الشركية، فجعلوا النفاق الأكبر من الشرك الخفي وهو شرك أكبر، والنفاق الأصغر من الشرك الخفي وهو دون الشرك الأكبر.
وإجمالاً فمن أنشأ الصلاة للناس حتى يروه فقد أتى شركاً أكبراً وهو صلاته لأجل الناس، أما إن أنشأها لله ثم حسنها لرؤية الناظرين فهو شرك أصغر ولايدفعنك كونه أصغر فتستصغرنه. نسأل الله أن يتجاوز عنا.
ـ[ابن زهران]ــــــــ[11 - 03 - 04, 04:04 ص]ـ
الصلاة أمام الناس ليست شركا على الإطلاق
لكن لا بد أن تقف على السبب من إظهاره الصلاة أمامهم حتى تقف على الحكم بعد ذلك
فقد ثبت في السنة عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة للناس بغرض تعليمهم فمثلا الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أنه قال (قوموا صلوا حتى أصلي لكم صلاة رسول الله)
وفي البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه واللفظ للبخاري (أنه كان يصلي بهم، فيكبر كلما خفض ورفع، فاذا انصرف قال: إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم).
فإن ثبت أنه يصلي لهم من أجل تعليمهم فلا شيء في ذلك.
أما إن قصد من هذه الصلاة الرياء فهذا ما يدخل في باب الشرك الخفي نسأل الله العافية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/223)
ـ[حارث همام]ــــــــ[16 - 03 - 04, 07:22 ص]ـ
الصلاة أمام الناس ليست شركاً بل قد تكون واجبة كما في الجمع والجماعات.
ولكن الصلاة من أجل أن يراه الناس لها صور متعددة (من حيث التقسيم الذهني) منها ما أشرتم إليه فجزاكم الله خيراً.
ومنها كذلك إنشاء الصلاة لهم، ومنها تحسين صلاة أنشأها لله بغية أعين الناظرين.
وهذا الأخير من قبيل الشرك الأكبر والأصغر.
أما فعل الصحابي -رضوان الله عليه- فلا يستفاد منه إنشاؤه الصلاة أو تحسينه لها من أجل نظر النظار، ولكنه أنشأها لله وجودها ابتغاء الأجر من عند الله في تعليمه علما نافعاً.
ـ[أسد السنة]ــــــــ[16 - 03 - 04, 08:13 ص]ـ
الذبح عبادة وصرفه لغير الله شرك أكبر ولا يوجد شرك أصغر بسبب صرف العبادة لغير الله و لا يشكل على هذا الرياء فالرياء ليس فيه صرف للعبادة بل هو تزيين العبادة من أجل المخلوق وأما العبادة فهي لله وأما من صلى من أجل مخلق فقد وقع في الشرك الأكبر هذا جواب إخينا الياسي وأما ما يتعلق بالأخ الفاضل صاحب الموضوع فلا بد أن تفرق بين حكم المسألة وبين تنزيل هذا الحكم على الواقع وكلاهما لا يتعارض مع وجود خلاف في المسألة فالحق واحد لا يتعدد والجواب السابق لا يشكل عليه أيضاً مسألة الحلف ولا الحب ولا الخوف كما حاول بعضهم رد القاعدة اسابقة بمثل هذه الإشكالات في غير هذا المنتدى المبارك
ـ[أبو هاني الأحمد]ــــــــ[22 - 03 - 05, 12:22 م]ـ
أما الشرك الأكبر والذي هو صرف عبادة لغير الله فهو كفر أكبر مخرج من الملة كقتل الأنبياء وامتهان المصحف.
أولا: جزاك الله كل خير على ما تفضلت به ونفع الله بعلمك
ثانيا: على عظمة جريمة قتل النبي ولكن هل "مجرد "قتل النبي شرك أكبر مخرج من الملة؟
ـ[أبو حذيفة الحنبلىّ]ــــــــ[22 - 03 - 05, 10:27 م]ـ
أليس صرف كل عبادة لغير الله شرك أكبر مخرج من الملة ... ؟
(و أنّ المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا)
(و ما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء)
حق الله على العبيد أن يعبدوه و لا يشركوا به شيئا و حق العباد على الله أن لا يعذّب من لا يشرك به شيئا ...
فكل من صرف العبادة لغير الله مشرك كافر خارج من الملة فقد أتى بفعل أهل الكفر بل أتى بفعل مشركى مكة ..
و هل أحلت دمائهم و أموالهم الا بعبادة غير الله
(ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى)
فكل منصرف العبادة لغير الله مشرك كافر ..
الا أن يكون معذورا بالجهل
و الله أعلى و أعلم
أليس كلامى صحيحا .. ؟؟(27/224)
لم يقل إمام إن الشيعة أشد كفرا من اليهود
ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[07 - 03 - 04, 10:42 ص]ـ
انتشرت عبارة عند إخواننا فأردت أن أذكر ما عندي فيها
ثبوتا و معنى على وجه الإيجاز مرتقبا آراكم ومشاركاتكم حول الموضوع.
أقول وفقنا الله و إياكم _ لا نعلم - أن شيخ الإسلام ابن تيمية قال: إن الشيعة أشد كفرا من اليهود و النصارى، وهو أعلم من أن يقول هذا بهذا التعميم. فنقل هذا عنه غلط عليه.
و أما قوله في النصيرية الباطنية الحشيشية ذلك فالباطنية الغلاة شيء و الشيعة شيء آخر و الشيعة يكفرون الباطنية. ومعلوم أن الإسماعيلية والقرامطة طائفتان مجاهرتان بنبذ الإسلام جملة قائلتان بالمجوسية.
وهم غير الشيعة الإمامية و غير الزيدية و غير شيعة الكوفة المفضلة فقط.
وما من شك في ضلال الشيعة الاثنية عشرية و أن بعض أقوالهم كفر لكن القول بكفر القول لا يلزم منه كفر قائله.
والخلاف بين الشيعة في تحريف القرآن مشهور ورد بعضهم على بعض معلوم و كتب الأخبار عندهم فيها نقل القول بتحريف القرآن بلا إنكار من أكثرهم، و أما أكثر كتب الأصول عندهم ففيها الرد على من يقول بتحريف القرآن. و كتبهم شاهدة على ذلك و أقرأ إن شيت كتاب أصول الشيعة رسالة دكتوراة للقفاري، و اسأل من أمعن في دراسة مذاهبهم و أنصف وكان من أهل العلم المعتبرين تجد ما لم تكن تحسبه من الاختلاف بين أئمتهم في مسألة تحريف القرآن و غيرها و أنه لا زال خلافا موجودا ..
و الشيعة موجودون حاضرون فمنهم من يصرح بما يقتضي الكفر البين فنكفِّره ونقيم عليه الحجة، ومنهم من لا يصرح بذلك فقد يكون يفعله تقية وقد يكون شاكا و قد يكون غير مقتنع ببعض المسائل التي يقولها الرافضة فنزن كل قول بميزان العدل و لا نحكم على الأحياء بكلام الأموات ما لم يؤمنوا به إيمانا نعرفه. وقد تكون الفرقة من الفرق عندها كتب تعظمها ولكن لا تقول بكل ما فيها من خبر أو نقل أو عبارة.
و قد رأيت شيخ الإسلام يقول إن من يُسلم من النصارى وغيرهم على يد الشيعة فهو خير من بقائه على مذهبه، هذا أو نحوه. و لا يحضرني الآن موضعه ولست أشك أني قرأته في كلامه.
ورأيته رحمه الله يجيز زواج المسلم بالشيعية.
تنبيه:
و أما التعاون معهم في الضرورة لمصلحة عليا للمسلمين فالأدلة تعضده بشرط الحذر من مكرهم ووجود المقتضى و الحاجة والأدلة تدل على ذلك.
و أخيرا فالكافر الأصلي ليس كمن يشهد الشهادتين و يصلي إلى قبلتنا ....
و أما وجود عبارة تكفير عن أحمد ونحوه فلا يلزم تعميمها لكل شيعي عامي أو ذي علم و لا يلزم أن يكون مقصوده بها الكفر الأكبر في كل وقت و معلوم تكفيره للقائلين بخلق القرآن ثم ثبوت ما يقتضي عدم تكفيره لهم كفرا مخرجا من الملة بما يطول شرحه و هو معلوم عند العارفين بكلام أصحابه المدققين في النقل.
و الرافضة فيهم من الضلال و الهوى و البدع بل و الكفر أحيانا كثيرة ما يعرفه من وفق لابتاع السنن وفهم الحق من الكتاب و السنة غير أن المقصود طلب الحق. و الإنصاف لا بد منه.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[07 - 03 - 04, 03:16 م]ـ
ما هكذا تورد يا سعد الأبل!
يا أخي الرافضة قد كفروا من أوجه كثيرة جدا!
كالشرك في الدعاء والاستعانة والذبح وعبادة القبور وانحلالهم كليا عن شريعة المسلمين في معظم الفرائض ووجود دين خاص وسنة خاصة وتكفيرهم للصحب الكرام وقذف أمهات المؤمنين ... وغيرها كثير ..
وليس تكفيرهم متوقف على القول بخلق القرآن ... فينفع فيه هذا التعذير ... مع أن نصوص أئمتهم فيه في معظم الأصول وفي الكافي من ذلك شيء كثير ..
وكلام ابن تيمية في الزواج من الشيعية قد طرح هنا فليراجع
وليس فقط أحمد هو من كفرهم بل نقل كفرهم عن جمع كبير جدا من أئمة الإسلام من المتقدمين والمتأخرين ..
والمسألة يحتاج إلى بيان أكثر لعل غيري ينشط لها.
---------
فائدة:!
قال نقمة الله الجزائري في حكم النواصب (أهل السنة) فقال:
(إنهم كفار أنجاس بإجماع علماء الشيعة الإمامية، وإنهم شرّ من اليهود والنصارى، وإن من علامات الناصبي تقديم غير علي عليه في الإمامة) الأنوار النعمانية/206، 207.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[07 - 03 - 04, 03:38 م]ـ
هذه نقول وجدتها جاهزة للفائدة:
هذه بعض أقوال العلماء في الرافضة:
أولاً: الإمام مالك:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/225)
روى الخلال عن أبي بكر المروذي قال: سمعت أبا عبدالله يقول، قال مالك: الذي يشتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ليس لهم اسم أو قال: نصيب في الإسلام.
السنة للخلال (2/ 557).
وقال ابن كثير عند قوله سبحانه وتعالى: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطئه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار .. )
قال: (ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك رحمة الله عليه في رواية عنه بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة رضي الله عنهم قال: لأنهم يغيظونهم ومن غاظ الصحابة رضي الله عنهم فهو كافر لهذه الآية ووافقه طائفة من العلماء رضي الله عنهم على ذلك). تفسير ابن كثير (4/ 219). قال القرطبي: (لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله فمن نقص واحداً منهم أو طعن عليه في روايته فقد رد على الله رب العالمين وأبطل شرائع المسلمين).تفسير القرطبي (16/ 297).
ثانياً: الإمام أحمد:
رويت عنه روايات عديدة في تكفيرهم ..
روى الخلال عن أبي بكر المروذي قال: سألت أبا عبد الله عمن يشتم أبا بكر وعمر وعائشة؟
قال: ما أراه على الإسلام. وقال الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال: سمعت أبا عبد الله قال:
من شتم أخاف عليه الكفر مثل الروافض، ثم قال: من شتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نأمن أن يكون قد مرق عن الدين). السنة للخلال (2/ 557 - 558).
وقال أخبرني عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي عن رجل شتم رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما أراه على الإسلام.
وجاء في كتاب السنة للإمام أحمد قوله عن الرافضة:
(هم الذين يتبرأون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ويسبونهم وينتقصونهم ويكفرون الأئمة إلا أربعة: علي وعمار والمقداد وسلمان وليست الرافضة من الإسلام في شيء). السنة للإمام أحمد ص 82.
قال ابن عبد القوي: (وكان الإمام أحمد يكفر من تبرأ منهم (أي الصحابة) ومن سب عائشة أم المؤمنين ورماها مما برأها الله منه وكان يقرأ (يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنت مؤمنين). كتاب ما يذهب إليه الإمام أحمد ص 21
ثالثاً: البخاري:
قال رحمه الله: (ما أبالي صليت خلف الجهمي والرافضي، أم صليت خلف اليهود والنصارى ولا يسلم عليهم ولا يعادون ولا يناكحون ولا يشهدون ولا تؤكل ذبائحهم).
خلق أفعال العباد ص 125.
رابعاً: عبد الله بن إدريس:
قال: (ليس لرافضي شفعة إلا لمسلم).
خامساً: عبد الرحمن بن مهدي:
قال البخاري: قال عبد الرحمن بن مهدي: هما ملتان الجهمية والرافضية.
خلق أفعال العباد ص 125.
سادساً: الفريابي:
روى الخلال قال: (أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني، قال: حدثنا موسى بن هارون بن زياد قال: سمعت الفريابي ورجل يسأله عمن شتم أبا بكر، قال:
كافر، قال: فيصلى عليه؟ قال: لا، وسألته كيف يصنع به وهو يقول لا إله إلا الله، قال: لا تمسوه بأيديكم ارفعوه بالخشب حتى تواروه في حفرته). السنة للخلال (2/ 566).
سابعاً: أحمد بن يونس:
الذي قال فيه أحمد بن حنبل وهو يخاطب رجلاً: (اخرج إلى أحمد بن يونس فإنه شيخ الإسلام).
قال: (لو أن يهودياً ذبح شاة، وذبح رافضي لأكلت ذبيحة اليهودي، ولم آكل ذبيحة الرافضي لأنه مرتد عن الإسلام). الصارم المسلول ص 570.
ثامناً: ابن قتيبة الدينوري:
قال: بأن غلو الرافضة في حب علي المتمثل في تقديمه على من قدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته عليه، وادعاءهم له شركة النبي صلى الله عليه وسلم في نبوته وعلم الغيب للأئمة من ولده وتلك الأقاويل والأمور السرية قد جمعت إلى الكذب والكفر أفراط الجهل والغباوة).
الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة ص 47.
تاسعاً: عبد القاهر البغدادي:
يقول: (وأما أهل الأهواء من الجارودية والهشامية والجهمية والإمامية الذين كفروا خيار الصحابة .. فإنا نكفرهم، ولا تجوز الصلاة عليهم عندنا ولا الصلاة خلفهم).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/226)
الفرق بين الفرق ص 357. وقال: (وتكفير هؤلاء واجب في إجازتهم على الله البداء، وقولهم بأنه يريد شيئاً ثم يبدو له، وقد زعموا أنه إذا أمر بشيء ثم نسخه فإنما نسخه لأنه بدا له فيه ... وما رأينا ولا سمعنا بنوع من الكفر إلا وجدنا شعبة منه في مذهب الروافض). الملل والنحل ص 52 - 53.
عاشراً: القاضي أبو يعلى: قال: وأما الرافضة فالحكم فيهم .. إن كفر الصحابة أو فسقهم بمعنى يستوجب به النار فهو كافر). المعتمد ص 267.
والرافضة يكفرون أكثر الصحابة كما هو معلوم.
الحادي عشر: ابن حزم الظاهري:
قال: (وأما قولهم (يعني النصارى) في دعوى الروافض تبديل القرآن فإن الروافض ليسوا من المسلمين، إنما هي فرقة حدث أولها بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة .. وهي طائفة تجري مجرى اليهود والنصارى في الكذب والكفر).
الفصل في الملل والنحل (2/ 213).
وقال وأنه: (ولا خلاف بين أحد من الفرق المنتمية إلى المسلمين من أهل السنة، والمعتزلة والخوارج والمرجئة والزيدية في وجوب الأخذ بما في القرآن المتلو عندنا أهل .. وإنما خالف في ذلك قوم من غلاة الروافض وهم كفار بذلك مشركون عند جميع أهل الإسلام وليس كلامنا مع هؤلاء وإنما كلامنا مع ملتنا). الإحكام لابن حزم (1/ 96).
الثاني عشر: الإسفراييني:
فقد نقل جملة من عقائدهم ثم حكم عليهم بقوله: (وليسوا في الحال على شيء من الدين ولا مزيد على هذا النوع من الكفر إذ لا بقاء فيه على شيء من الدين). التبصير في الدين ص 24 - 25.
الثالث عشر: أبو حامد الغزالي:
قال: (ولأجل قصور فهم الروافض عنه ارتكبوا البداء ونقلوا عن علي رضي الله عنه أنه كان لا يخبر عن الغيب مخافة أن يبدو له تعالى فيه فيغيره،
وحكوا عن جعفر بن محمد أنه قال: ما بدا لله شيء كما بدا له إسماعيل أي في أمره بذبحه .. وهذا هو الكفر الصريح ونسبة الإله تعالى إلى الجهل والتغيير).
المستصفى للغزالي (1/ 110).
الرابع عشر: القاضي عياض:
قال رحمه الله: (نقطع بتكفير غلاة الرافضة في قولهم إن الأئمة أفضل من الأنبياء). وقال: وكذلك نكفر من أنكر القرآن أو حرفاً منه أو غير شيئاً منه أو زاد فيه كفعل الباطنية والإسماعيلية).
الخامس عشر: السمعاني:
قال رحمه الله: (واجتمعت الأمة على تكفير الإمامية، لأنهم يعتقدون تضليل الصحابة وينكرون إجماعهم وينسبونهم إلى ما لا يليق بهم).
الأنساب (6/ 341).
السادس عشر: ابن تيمية:
قال رحمه الله: (من زعم أن القرآن نقص منه آيات وكتمت، أو زعم أن له تأويلات باطنة تسقط الأعمال المشروعة، فلا خلاف في كفرهم.
ومن زعم أن الصحابة ارتدوا بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام إلا نفراً قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفساً أو أنهم فسقوا عامتهم،
فهذا لا ريب أيضاً في كفره لأنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع من الرضى عنهم والثناء عليهم.
بل من يشك في كفر مثل هذا؟ فإن كفره متعين!، فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق وأن هذه الآية التي هي: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) وخيرها هو القرن الأول، كان عامتهم كفاراً، أو فساقاً،
ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم، وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها، وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام).
الصارم المسلول ص 586 - 587.
وقال أيضاً عن الرافضة: (أنهم شر من عامة أهل الأهواء، وأحق بالقتال من الخوارج).
مجموع الفتاوى (28/ 482).
السابع عشر: ابن كثير:
ساق ابن كثير الأحاديث الثابتة في السنة، والمتضمنة نفي دعوى النص والوصية التي تدعيها الرافضة لعلي ثم عقب عليها بقوله: (ولو كان الأمر كما زعموا لما رد ذلك أحد من الصحابة فإنهم كانوا أطوع لله ولرسوله في حياته وبعد وفاته، من أن يفتاتوا عليه فيقدموا غير من قدمه، ويؤخروا من قدمه بنصه، حاشا وكلا
ومن ظن بالصحابة رضوان الله عليهم ذلك فقد نسبهم بأجمعهم إلى الفجور والتواطيء على معاندة الرسول صلى الله عليه وسلم ومضادته في حكمه ونصه،
ومن وصل من الناس إلى هذا المقام فقد خلع ربقة الإسلام، وكفر بإجماع الأئمة الأعلام وكان إراقة دمه أحل من إراقة المدام).
البداية والنهاية (5/ 252).
الثامن عشر: أبو حامد محمد المقدسي:
قال بعد حديثه عن فرق الرافضة وعقائدهم:
(لا يخفى على كل ذي بصيرة وفهم من المسلمين أن أكثر ما قدمناه في الباب قبله من عقائد هذه الطائفة الرافضة على اختلاف أصنافها كفر صريح، وعناد مع جهل قبيح، لا يتوقف الواقف عليه من تكفيرهم والحكم عليهم بالمروق من دين الإسلام).
رسالة في الرد على الرافضة ص 200.
التاسع عشر: أبو المحاسن الواسطي
وقد ذكر جملة من مكفراتهم فمنها قوله:
(إنهم يكفرون بتكفيرهم لصحابة رسو الله صلى الله عليه وسلم الثابت تعديلهم وتزكيتهم في القرآن بقوله تعالى: (لتكونوا شهداء على الناس) وبشهادة الله تعالى لهم أنهم لا يكفرون بقوله تعالى: (فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين).).
الورقة 66 من المناظرة بين أهل السنة والرافضة للواسطي وهو مخطوط.
العشرون: علي بن سلطان القاري:
قال: (وأما من سب أحداً من الصحابة فهو فاسق ومبتدع بالإجماع إلا إذا اعتقد أنه مباح كما عليه بعض الشيعة وأصحابهم أو يترتب عليه ثواب كما هو دأب كلامهم أو اعتقد كفر الصحابة وأهل السنة فإنه كافر بالإجماع).
شم العوارض في ذم الروافض الورقة 6أ مخطوط
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/227)
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[07 - 03 - 04, 07:00 م]ـ
بل قد قال ذلك بعض من تقدمنا
فقد قال الإمام القحطاني رحمه الله في النونية
إن الروافض شر من وطئ الحصى _______ من كل إنس ناطق أو جآن
وقال الذهبي في ترجمة البعض في ميزان الاعتدال
(خراء الكلب كالرافضي)
الأخ السديس
بارك الله فيك على هذه النقول الطيبة
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[07 - 03 - 04, 08:42 م]ـ
الأخ الكريم أبا محمد المطيري صب كلامه على قضية تعميم التكفير العيني،
اتكاء على عبارات مجملة لأهل العلم، وما ساقه الأخوة فمن هذا القبيل،
وليس فيه كلام عن تعيين تكفير عموم الشيعة، إنما غالب الكلام عن الأقوال
المكفرة وعن حالهم وليس عن حكمهم وحتى أفعالهم الشركية فليس كلهم يفعل
ذلك، والعدل لازم في ميزان أهل الإسلام ... والله المستعان ..
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[07 - 03 - 04, 10:15 م]ـ
أتحدى أن يوجد رافضي في العالم لا يدعو غير الله
ولا يعبد الأئمة ..
ويصلي ويؤدي أركان الإسلام كبقية المسلمين
ناهيك عن العقائد الفاسدة المكفرة التي لا تنفك حتى عن أجهل الجهال منهم كتكفير وتضليل الصحابة وإنكار السنة واتهام أمهات المؤمنين ..
ولو تتبعت المكفرات لهم بدقة لأعيت من أراد الحصر .. بل لا تجد شبة قوية تبقيهم في دائرة الإسلام! مع ارتكابهم للطوام والهوام!
والإنصاف مطلوب، ومن الإنصاف عدم القول المخالف للصواب المغضب لرب الأرباب شديد العقاب في فرقة هم أضل من الكلاب! فلتعذرنا الكلاب، فإنها والله أفضل من كثير ممن لبس الثياب هكذا جاء بيانه في الكتاب.
ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[08 - 03 - 04, 08:26 ص]ـ
الحمد لله:
جزاكم الله خيرا يا شيخ رضا أحمد صمدي. نعم ليس فيما نقله ما قصدته.
وكأن الأخ: الكريم: لم يفهم معنى كلامي فرد بعبارات عامة من عبارات علمائنا التي هي على الرأس و العين، ولم نخالفها كما سيتبين، وكلامي كان على وجه الإيجاز في قضايا لم يتعرض - من تعقبني لأهمها أولها:
قلت: إن القول بأن شيخ الإسلام ابن تيمية قال: إن الشيعة أشد كفرا من اليهود و النصارى لا يثبت عنه و بينت بإيجاز أنه لا يصلح من جهة المعنى اطلاق هذه العبارة.
و نقلت نقلين عن شيخ الإسلام يفيدان عدم قوله بتكفير عموم الشيعة.
و أنا أقول من كفر الصحابة فهو كافر لكني لا أقول إن الشيعة اليوم كفار؟!.
و العلماء يقولون قد نقول من قال كذا فهو كافر لكن لا نقول إن فلانا كافر و إن كان يفعله لما هو معلوم مما لا نطيل به قصدا للإيجاز وتركا لخروج عن المقصد الأصلي هنا.
ثانيا: من قال من الشيعة اليوم كما هو حاصل مع كثير منهم إنه لا يقول بتحريف القرآن، فهو إما صادق في نفس الأمر وليس هذا بمستحيل، و إما أن يكون قاله تقيَّة كما هو حاصل من كثير منهم فحكمه عندنا أن نعامله كمعاملة المنافقين فنجري عليه أحكام الإسلام الظاهرة ولا نقتله بردة و نكل حسابه إلا الله تعالى ونعامله على حسب الظاهر فمن أظهر لنا خيرا عاملناه بحسب الظاهر و من أظهر شرا عاملناه بحسب الظاهر فنكل السرائر إلى يوم فيه تبلى.
و لا بد أن نتحرز مع هذا من الشيعة الإمامية لكثرة الكذب فيهم و ظهور عداوتهم للمسلمين.
ثم الدليل كتاب أو سنة أو إجماع، و لم تذكر لنا واحدا منهما في تعميمك التكفير. ولا يلزم الانقياد ولا يجب الإيمان إلا لذلك.
و أما التهويل بعبارات بعض الإئمة فما تخفى ولكني أقول:
لو جمعتَ أضعافها لم نُجز لأنفسنا أن نقول في مسائل التكفير بالتقليد بل لا بد من كتاب ناطق أو سنة قائمة أو إجماع بين.
فالتكفير عظيم ولو كنا سنقول بالتكفير تقليدا لهلكنا و أهلكنا، و الاختلاف كثير ولا ينجي منه إلا الرد إلى الله ورسوله، وقد ترك العلماء من أهل السنة القول بأحاديث ظاهرها التكفير و تأولوها بمقتضى الأصول المستنبطة من الأدلة الكثيرة، منها: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر، و كفر تبرأ من نسب و إن دقَّ وهي ونحوها في الصحيحين، فتأولوها وهي من كلام الصادق المصدوق صلّى اللهُ عَليه وسلَّم، فما بالك بعبارات بعض الأئمة؟. ولسنا نريد أن نناقضك بكلام من فصل منهم في التكفير و أصَّل، فالمقصود من فتح هذا الموضوع بيان الخطأ الكبير في القول بأن الشيعة أشد كفرا من اليهود و النصارى.
أيها الإخوان الكرام:
مذهب الشيعة مبني في أكثره على خرافات و أكاذيب ضلَّ بها القوم، وهم مساكين انطلت على كثير من صغار متعلميهم وعامتهم تلكم الأكاذيب فاستنقذوهم منها بالحكمة و جادلوهم بالتي هي أحسن.، فلو بينتَ كفرهم ثم لم تدعهم لم تنل أجرهم.
و أنت يا أخي فلولا أن من الله عليك بولادتك من أبوين سنيين مسلمين لعلك لم تكن لتعرف الحق
فارحم من قد وُلد في هذا البلاء ولم يفهم الحق، و تخيَّل -أجارك الله نفسك- ولدتَ من أب و أم شيعيين في قم أو طهران .... فالهداية إلى الحق محض إنعام من الله تعالى: (صراط الذين أنعمت عليهم) ولا تنال إلا بإنعام الله تعالى.
قال ابن حزم:
(وأما الشيعة فعمدة كلامهم في الإمامة والمفاضلة بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم واختلفوا فيما عدا ذلك كما اختلف غيرهم وأما الخوارج فعمدة مذهبهم الكلام في الإيمان والكفر ما هما والتسمية بهما والوعد والإمامة واختلفوا فيما عدا ذلك كما اختلف غيرهم .. ) الفصل له ..
و انظر فإنك وغيرك تكتبون في الانترنت ليس لأهل السنة بل لكل من يقرأ ذلك فانظر هل كان ذكرك لأبناء الكلاب مما يحسن بلا ارتياب.
ثبت عن عبد الله بن مسعود: (لو سخرتُ من كلب لخشيت أن يجعلني الله كلبا).
و أخيرا فأرجو بإلحاح من إخواني/ أن يحصروا الكلام فيما يأتي في ثبوت تلكم العبارة المقدمة
و في صحتها معنى، لانتشارها بين كثير من طلاب العلم، ولأن في ذكرها مع ذلك للشيعة تركا لأساليب الحكمة في الدعوة وتنفيرا لهم من اتباع الحق، فلا يخفى أن الانترنت يقرأها من شاء.
وليكن الحوار بعبارات لا تهويل فيها استثمارا للوقت.
فلا تعجل بظن قبل خبر ... فعند الخبر تنقطع الظنون
رفع الله أقداركم ووقاكم اتباع الهوى و رزقكم الإنصاف في العدو و الصديق ورزقنا جميع ذلك وجعلنا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسنا أو الوالدين و الأقربين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/228)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[08 - 03 - 04, 09:27 ص]ـ
كلامك فيه مغالطات، وأخطاء في قضايا التكفير وفيه لت وعجن ... وليس عندي والله وقت لتفنيدها ..
وقضية التكفير كغيرها من قضايا الاعتقاد واجب فيها اتباع الكتاب والسنة وسبيل المؤمنين .. وليس كل من هب ودب أخرج من شاء، وعطف على من شاء ..
وقولك لأبوين مسلمين ... أجرِها لليهود والنصارى والمجوس فما بال الرافضة؟! فقط
وأما الكلاب فالله قال عن الكفرة، وهم منهم: {أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} (179) سورة الأعراف
وقال: {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} (44) سورة الفرقان
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[08 - 03 - 04, 09:59 ص]ـ
الإخوة الأفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الموضوع مطروح للنقاش العلمي بعيدا عن التعصب للأقوال فلا تخرجوه عن مساره
أخي الفاضل أبا محمد الميموني سلَّمه الله
لو فصَّلت في كلامك لكان حسن جدا، وفي رأيي أن روافض السعودية بكل طوائفهم من الاسماعيلية إلى الاثني عشرية قد اقيمت عليهم الحجة فهم يدرسون اثنتي عشرة سنة مناهج أهل السنة ولكنهم لا يستجيبون أبدا بل يصرون ويعاندون بعد أن أقيمت عليهم الحجة، فهم يُلقَّنون مذهبهم الباطل في حسينياتهم كل يوم بعد نهاية دوام المدارس أو في العصر _ عصر أهل السنة لأن الروافض قبحهم الله يجمعون دائما _، ولو عاشرتهم أو درستهم في مناطقهم لعرفت صدق كلامي
وأرى أن التفصيل فيمن أقيمت عليه الحجة ومن لم تقم عليه هو الأولى، وأظن التكفير العام لهم أو لغيرهم يختلف عن الخاص لكل فرد بعينه
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة خالد بن عمر
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى
فصل في تفصيل القول فيهم
(( ... وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد الرسول صلى الله عليه وسلم إلا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر نفسا، أو أنهم فسقوا عامتهم، فهذا لا ريب أيضا في كفره لأنه مكذب لما نصّه القرآن في غير موضع: من الرضى والثناء عليهم، بل من شك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين ... ))
الصَّارم المسلول ص 586 ط الكتب العلمية
وهو آخر فصل في الكتاب
فمن من هؤلاء الروافض لا يلعن الشيخين الإمامين العدلين خليفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمهما الله ورضي عنهما ولعن من سبهما أو من أحبَّ سابهما وداهنه
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة خالد بن عمر
س 3: لدينا مجموعة من الرافضة المدرسين ونحن نتقابل معهم ونخاطبهم ونحن نملك دعوتهم، فما رأيكم أن نكلمهم وأن نسلِّم عليهم؟ وما الرأي في التعامل معهم؟
الجواب:
نقول: إذا كان هؤلاء يقولون نحن رافضة جعفرية ونعتقد اعتقاد الجعفرية، فإن هؤلاء تنتهي بهم مقالاتهم إلى الكفر بالله، فيعاملون معاملة الكفار، فلا تبدأوهم بالسلام.
أما بالنسبة لدعوتهم، فإن الكفار وغير الكفار يُدعون إلى الله سبحانه، ونقول: إذا أمكن دعوة هؤلاء لإغن من دعاهم إلى الله فهو مأجور وأجره على الله تعالى.
المجيب: الشيخ عبدالرحمن المحمود
كتيب: أخطاء عقدية ص 58
وقد طرح موضوع مشابه لموضوعك الذي تريد تبيينه حيث عمم تكفيرهم وأن كفرهم أصلي وليس طارئا على هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb//showthread.php?s=&threadid=13162&highlight=%C7%E1%E3%CD%E3%E6%CF
فليتك تفيدنا في هذا الموضوع
أخي عبدالرحمن السديس وفقه الله
لا داعي لهذا الكلام فالمسألة علمية وهي مطروحة للنقاش والمؤمن يتبع الحق ويبين لإخوانه ما أخطأوا فيه، فنحن ولله الحمد من أهل السنة وهدفنا هو الحق فقط
والله أعلم وأحكم
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[08 - 03 - 04, 06:42 م]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة خالد بن عمر
الإخوة الأفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الموضوع مطروح للنقاش العلمي بعيدا عن التعصب للأقوال فلا تخرجوه عن مساره
.......
أخي عبدالرحمن السديس وفقه الله
لا داعي لهذا الكلام فالمسألة علمية وهي مطروحة للنقاش والمؤمن يتبع الحق ويبين لإخوانه ما أخطأوا فيه، فنحن ولله الحمد من أهل السنة وهدفنا هو الحق فقط
والله أعلم وأحكم
أخي خالد لا تعصب المسألة دين هذا أولا
ثانيا: الأخ كتب العنوان بالنفي لهذه المسألة ثم ذهب يقرر أمورا أخرى ... باستدلالات عجيبة كمقارنته نصوص تكفيرهم بسباب المسلم ... ثم في الجواب أعرض عن ما ذكرت له أولا من موجبات الكفر .. ثم طرح المسائل الخطيرة بهذا التقرير البسيط فيه نظر! فكم من الناس سيقرأ ثم قد لا يعود فيرى التعقيب ...
وقولك: لا داعي لمثل هذا الكلام ما أدري أي كلام تريد.
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[08 - 03 - 04, 06:54 م]ـ
(15) س / ما حكم عوام الروافض الإمامية الإثني عشرية؟ وهل هناك فرق بين علماء أي فرقة من الفرق الخارجة عن الملة وبين أتباعها من حيث التكفير أو التفسيق.
ج / من شايع من العوام إماماً من أئمة الكفر والضلال وانتصر لسادتهم وكبرائهم بغياً وعدواً حكم له بحكمهم كفراً وفسقاً قال تعالى: " يسئلك الناس عن الساعة " إلى أن قال: " وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا * ربنا ءاتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا " وأقرأ الآية رقم 165،166،167 من سورة البقرة والآية رقم 37،38،39، من سورة الأعراف والآية رقم 21،22 من سور سبأ والآيات قم 20 حتى 36 من سورة الصافات والآيات 47 حتى 50 من سورة غافر وغير ذلك في الكتاب والسنة كثير ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قاتل رؤساء المشركين وأتباعهم وكذلك فعل أصحابه ولم يفرقوا بين السادة والأتباع.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس نائب رئيس اللجنة عضو عضو
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز عبدالرزاق عفيفي عبدالله بن غديان عبدالله بن قعود
[فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ج2/ 377]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/229)
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[08 - 03 - 04, 11:50 م]ـ
أحسنت ...
فعموم الشيعة [الآن] ليسوا بكفار، ومن قال ذلك فقد سهَّل الاطلاق.
لكنهم يغلب عليهم النفاق.
والإنصاف يقتضي تنزيل الناس منازلهم، في الدنيا بالأسماء، وفي الآخرة بالأحكام.
والكافر في النار، والمنافق في الدرك الأسفل منه.
وفرق بين المنافق والكافر، مع كون المنافق قد يأتي كفراً.
فالكافر الاصلي هو من يظهر الكفر ويبطنه، والمنافق من يبطن الكفر ويظهر الإسلام.
- أما الكلام على القضية النظرية التي ذكرها صاحب الموضوع فهي لا وجود لها في أرض الواقع، بل هي نظرية فحسب.
وأنا أسأل سؤالاً واضحاً فأقول: أريد كلمة وحدة في تعريف الشيعي الذي لا يكفر، وتعريف الشيعي الذي يكفر، والفصل بينهما.
ثم النظر في وجود القسمين كليهما.
لن تجد إلاَّ قسماً واحداً في هذا العصر.
(وللتنبيه) فهذه الطريقة التي طُرِحَ بها الموضوع طريقة ذكية في التقريب بين السنة والشيعة (المرتدين) = لمن أراد ذلك.
وتصلح أيضاً - من جهة القياس - في التقريب بين المسلمين وبقية الإبراهيمين؛ بحجة نظرية (العوام والخواص).
وأما قضية التعاون لأجل المصلحة الدنيوية أو الشرعية و ... فهذا عام مع كل الكفرة باختلاف أديانهم وتفاوت كفرهم؛ لكن وفق ضوابط الشرع والمصلحة الشرعية.
وهذه فتوى للشيخ ابن باز في موقعه:
س8: وهل يمكن التعامل معهم [أي الشيعة] لضرب العدو الخارجي كالشيوعية وغيرها؟
ج8: لا أرى ذلك ممكنا، بل يجب على أهل السنة أن يتحدوا وأن يكونوا أمة واحدة وجسدا واحدا وأن يدعوا الرافضة أن يلتزموا بما دل عليه كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم من الحق، فإذا التزموا بذلك صاروا إخواننا وعلينا أن نتعاون معهم، أما ما داموا مصرين على ما هم عليه من بغض الصحابة وسب الصحابة إلا نفرا قليلا وسب الصديق وعمر وعبادة أهل البيت كعلي - رضي الله عنه - وفاطمة والحسن والحسين، واعتقادهم في الأئمة الاثني عشرة أنهم معصومون وأنهم يعلمون الغيب؛ كل هذا من أبطل الباطل وكل هذا يخالف ما عليه أهل السنة والجماعة.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[09 - 03 - 04, 12:28 ص]ـ
وأما وصف الشيعة بالكلاب فهو مجانب للصواب؛ إذ هو مخالف لمنهج المتقدمين.
فمنهج المتقدمين ينص على أنَّ الشيعة لو كانوا بهائم لكانوا حمراً، ولو كانوا طيوراً لكانوا رخماً.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[09 - 03 - 04, 12:39 ص]ـ
أما كلام ابن حزم المنقول عنه فهو ليس بحجة بترك ما بيَّنه في موضع آخر من كتابه الفِصَل الفصل (5/ 40): ((إنَّ الروافض ليسوا بمسلمين، وهي طائفة تجري مجرى اليهود والنصارى في الكذب والكفر، وكل من لم يزجره عن الكذب ديانته أو نزاهة نفس أمكنه أن يكذب ما شاء)).
وهذا كلامٌ له في زمانه.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[09 - 03 - 04, 01:06 ص]ـ
أما قضية هل (الرافضة) أكفر من اليهود والنصارى فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وجوه الشبه بين الرافضة من جهة واليهود والنصارى من جهة أخرى من وجوه كثيرة في مقدمة كتابه منهاج السنة النبوية (1/ 23 - 38) ت رشاد سالم، ونقل بعضه عن الشعبي.
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[09 - 03 - 04, 03:13 ص]ـ
في شرح كشف الشبهات
قد صرّح الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - بكفر عواّمهم وأنهم يلحقون
بأئمتهم، ولما قاتل النبي صلى الله عليه وسلم كفار قريش لم يفرق
بين أئمتهم وعوامّهم، ولما سئل رحمه الله عن الإمامية في القطيف
والمنطقة الشرقية قال: هم كفار وعوامهم كفار (وبأعيانهم)
قلت (عبدالله): ووالله لقد سمعتها بأذني.
ملاحظة مهمة جدا: لن تجد هذه الزيادة في الأشرطة التي من إصدار البردين، ستجدها مبتورة تماما (الذي عنده الأشرطة من أول ما تم لها الفسح سيجدها، وأما الموجودة الآن فقد تم حذفها من الإعلام ((للمصلحة!!!!))
لعلّي أضع تفريغا حرفيا لهذه المسألة إن شاء الله قريبا.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[09 - 03 - 04, 03:25 ص]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة أبو عمر السمرقندي
وأما وصف الشيعة بالكلاب فهو مجانب للصواب؛ إذ هو مخالف لمنهج المتقدمين.
فمنهج المتقدمين ينص على أنَّ الشيعة لو كانوا بهائم لكانوا حمراً، ولو كانوا طيوراً لكانوا رخماً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/230)
أضحك الله سنك، لكن قد قدمنا الاعتذار للكلاب!
وكلام ابن تيمية الذي أشرتم إليه في مقدمة المنهاج: ولهذا كانت الرافضة من أجهل الناس وأضلهم كما أن النصارى من أجهل الناس والرافضة من أخبث الناس كما أن اليهود من أخبث الناس ففيهم نوع من ضلال النصارى ونوع من خبث اليهود.
وقد نظمتها قديما:
جمعوا الغلو مع الجهالة مثلما ... فعل النصارى قبلهم بزمانِ
وكذاك مكرٌ لليهود وخبثهم ... قد بان هذا ظاهرا لعَيانِ
ومع أن كونهم أشد كفرا أو أقل .... لم يهمني في التعقيب لكن هذا نقول قد تفيد
سئل شيخ الإسلام: عن أقوام يحتجون بسابق القدر ويقولون إنه قد مضى الأمر والشقي شقي والسعيد سعيد محتجين بقول الله سبحانه إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون قائلين بأن الله قدر الخير والشر و الزنا مكتوب علينا و مالنا فى الأفعال قدرة و إنما القدرة لله و نحن نتوقى ما كتب لنا و أن آدم ما عصى و أن من قال لا إله إلا الله دخل الجنة محتجين بقوله صلى الله عليه وسلم من قال لا إله إلا الله دخل الجنة و إن زنى و إن سرق فبينوا لنا فساد قول هذه الطائفة بالبراهين القاطعة فأجاب رحمه الله تعالى الحمد لله رب العالمين هؤلاء القوم إذا أصروا على هذا الإعتقاد كانوا أكفر من اليهود و النصارى ... 8/ 262
وقال في الرد على البكري ص301
... وبالجملة فالشرك أعظم من التكذيب بالرسالة، و لهذا كان المشركون أكفر من اليهود و النصارى المكذبين برسالته ...
مع أني أعيد ليس مهما لدي هم أكفر أم لا.
مع أن اليهود والنصاري أقرب منهم من أوجه:
جواز مناكحتم
أكل ذبائحهم
أخذ الجزية منهم وغيرها ..
-------------------------
ولعلي أختم بكلام لشيخ الإسلام في المنهاج 7/ 415:
.. وقد دخل فيهم (الرافضة) أعظم الناس نفاقا من النصيرية و الإسماعيلية و نحوهم ممن هو أعظم كفرا في الباطن و معاداة لله و رسوله من اليهود و النصارى فهذه الأمور و أمثالها مما هي ظاهرة مشهورة يعرفها الخاصة و العامة توجب ظهور مباينتهم للمسلمين و مفارقتهم للدين و دخولهم في زمرة الكفار و المنافقين حتى يعدهم من رأى أحوالهم جنسا آخر غير جنس المسلمين فإن المسلمين الذين يقيمون دين الإسلام في الشرق و الغرب قديما و حديثا هم الجمهور والرافضة ليس لهم سعي إلا في هدم الإسلام و نقض عراه و إفساد قواعده و القدر الذي عندهم من الإسلام إنما قام بسبب قيام الجمهور به و لهذا قراءة القرآن فيهم قليلة و من يحفظه حفظا جيدا فإنما تعلمه من أهل السنة و كذلك الحديث إنما يعرفه و يصدق فيه و يؤخذ عن أهل السنة و كذلك الفقه و العبادة و الزهد و الجهاد و القتال إنما هو لعساكر أهل السنة و هم الذين حفظ الله بهم الدين علما و عملا بعلمائهم و عبادهم و مقاتليهم و الرافضة من اجهل الناس بدين الإسلام و ليس للإنسان منهم شيء يختص به إلا ما يسر عدو الإسلام و يسوء وليه فأيامهم في الإسلام كلها سود وأعرف الناس بعيوبهم و ممادحهم أهل السنة لا تزال تطلع منهم على أمور غيرها عرفتها كما قال تعالى في اليهود (و لا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم) و لو ذكرت بعض ما عرفته منهم بالمباشرة و نقل الثقات و ما رايته في كتبهم لاحتاج ذلك إلى كتاب كبير، و هم الغاية في الجهل و قلة العقل يبغضون من الأمور ما لا فائدة لهم في بغضه ويفعلون من الأمور ما لا منفعة لهم فيه إذا قدر أنهم على حق مثل نتف النعجة حتى كأن لهم عليها ثأرا كأنهم ينتفون عائشة! و شق جوف الكبش كأنهم يشقون جوف عمر! فهل فعل هذا أحد من طوائف المسلمين بعدوه غيرهم و لو كان مثل هذا مشروعا لكان بأبي جهل و أمثاله أولى ....
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[09 - 03 - 04, 07:15 ص]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله المحمد
لعلّي أضع تفريغا حرفيا لهذه المسألة إن شاء الله قريبا.
- بارك الله فيكم أيها الأخ الفاضل ...
فوالله إننا جدُّ مغتبطون بنقولكم النادرة عن الشيخ علاَّمة زمانه وإمام أوانه ابن باز رحمه الله.
وأتابعكم في ذا النقل؛ فقد سمعت أحد طلاَّب الشيخ ابن باز رحمه الله يتقل عنه بمثل ما نقلتم.
وأما التفريغ ... فعجل به ... عجِّل أيها الرجل.
- الأخ الفاضل عبدالرحمن السديس ... بارك الله فيك وأضحك سنك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/231)
لكن العتب على الإمام الشعبي - عفا الله عنه - إذ لم يقدِّم اعتذاراً للحمر والرخم؛ حين شبَّه بهم هؤلاء النوكى، طهَّر الله الأرض من رجسهم.
ـ[محمد المرشد]ــــــــ[10 - 03 - 04, 01:50 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا هو المعيار في التعامل مع المخالف: (التالي هو نقل من موقع الشيخ بن باز رحمه الله)
---------------
الحكم الشرعي في فتاة شيعية يمنعها المأذون من عقد القران
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة المكرمة الآنسة ف. ح. ع. وفقها الله لما فيه رضاه ويسر أمرها وأصلح شأنها آمين. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فقد وصلني كتابك المتضمن الإفادة أنك فتاة تبلغين الثالثة والعشرين من العمر وأنكِ على مذهب الشيعة أتباع داود بوهراوان ممثل مرجع الطائفة المذكورة المقيم في كينيا وأنه يمنع مأذون مدينة ممباسا من عقد قرانك ورغبتك في بيان الحكم الشرعي في ذلك.
والجواب: لا ريب أن الواجب على المسئولين في جميع الطوائف المنتسبة للإسلام أن يلتزموا حكم الإسلام في جميع الأمور وأن يحذروا ما يخالف ذلك وقد علم من الشريعة الإسلامية أن الواجب على الأولياء تزويج مولياتهم إذا خطبهن الأكفاء لقول الله سبحانه: " وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ
ولما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض " خرجه الإمام الترمذي وغيره.
وبناء على ذلك فإذا زوجك الأقرب من أوليائك على أحد أكفائك فليس لممثل طائفة البهرة اعتراض عليك ويكون النكاح بذلك صحيحا إذا توافرت شروطه وينبغي أن يكون ذلك بواسطة المحكمة الشرعية في ممباسا حتى لا يتأتى لممثل طائفة البهرة اعتراض على النكاح، وإذا صدر النكاح على الوجه المذكور فإن أولادك يكونون أولادا شرعيين ليس لطائفة البهرة ولا غيرهم حق في إنكار ذلك. وإذا امتنع أقاربك من تزويجك على الكفء إرضاء لممثل طائفة البهرة فإن ولايتهم تبطل بذلك ويكون للقاضي الشرعي إجراء عقد القران لك على من خطبك من الأكفاء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " السلطان ولي من لا ولي له ".
والقاضي هو نائب السلطان فيقوم مقامه في ذلك والولي العاضل، حكمه حكم المعدوم. هذا ونصيحتي لك ولأمثالك ترك الانتساب لمذهب البهرة أو غيره من مذاهب الشيعة لكونها مذاهب مخالفة للطريقة المحمدية الإسلامية من وجوه كثيرة فالواجب تركها والانتقال عنها إلى مذهب أهل السنة والجماعة السائرين على مقتضى الكتاب والسنة ومنهج سلف الأمة من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، وأسأل الله أن يهدي هذه الطائفة وغيرها من الطوائف المنحرفة عن طريق الصواب، وأن يأخذ بأيديهم إلى طريق الحق، وأن يوفقنا وإياك وسائر المسلمين لما فيه النجاة والسعادة في الدنيا والآخرة إنه ولي ذلك والقادر عليه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=Bz00723.htm
----------------- انتهى
رحم الله الشيخ واسكنه فسيح جناته، وليتنا نقتدي به جميعا
ـ[أبو عبد الله الروقي]ــــــــ[10 - 03 - 04, 03:32 ص]ـ
شكَرَ اللهُ للجميع مشاركاتِهِم .. ولكن ..
لا أظنّ أنّه يحسُن في مثلِ هذا المنتدى: أن يقسوَ الأخُ في عبارتِهِ على أخيهِ لا سيّما في مسألةٍ مثلِ هذه المسألة .. فإنّ تكفير الشيعة كلِّهِم: مسألةٌ خلافيةٌ، والقولُ في مثلِها ينبغي أن يكون في جوٍّ هادئٍ حتّى يُمكِن فهمُ المخالفِ والتحقّقِ من قولِهِ ...
ثُمّ إنّ هؤلاء الروافض من أشدّ الناسِ ضرراً على الإسلام وأهلِهِ، بل هُم ـ كما يقول الإمامُ ابنُ تيميّة رحمه الله تعالى في " مجموع الفتاوي " (28/ 479): (أشدّ ضرراً على الدين وأهلِهِ وأبعد عن شرائع الإسلام من الخوارج والحروريّة ... ـ إلى أن قال ـ: و سيما النفاقِ فيهم أظهر منه في سائر الناس .. ).
ثمّ قال ـ بعد أن أشار إلى مشابهتهم لليهود، وللنصارى، و موالاتهم لليهود والنصارى، وتعطيلهم للمساجد .. وأنّهم شرٌّ من عامّة أهل الأهواء ثمّ أطال القول في المقارنة بينهم وبين الخوارج ـ في كلامٍ لا تكادُ تقرأ مثلَه ـ قال بعد صفحات (28/ 500):
(وأمّا تكفيرهم وتخليدهم: ففيه أيضاً للعلماء قولان مشهوران: وهُما روايتان عن أحمد. والقولان في الخوارج والمارقين من الحرورية و الرافضة ونحوهم. والصحيح أنّ هذه الأقوال التي يقولونها التي يعلم أنّها مخالفة لما جاء به الرسول: كفر، وكذلك أفعالهم التي هي من جنس أفعال الكفار بالمسلمين هي: كُفر أيضا. وقد ذكرت دلائل ذلك في غير هذا الموضع، لكن تكفير الواحد المعيّن منهم والحكم بتخليده في النار موقوفٌ على ثبوت شروط التكفير وانتفاء موانعه .... ).
و بعد: فإنّ من طرقِ محاجّتِهِم: أن يُقال: نحن لا نكفّر جميعَ من انتسبَ إلى التشيّع بل نقول: مَن ارتكبَ شيئاً من نواقض الإسلام المعلومة فقد وقعَ في الكفر رافضيّاً كان أو صوفيّاً أو معتزليّاً أو منتسباً إلى أيّ طائفة ..
ذلك أنّ بعض من يجادل عنهم يقول: أنتم تقولون: الشيعة يستغيثون بعَليّ رضي الله عنه، وفي أهلِ السنّة من يحجّ إلى الأضرحة والمزارات ويستغيث بالأنبياء والصالحين وغيرهِم .. فهذا الناقضُ مشترك بين طوائف كثيرة وإن كان أكثرَ ارتباطاً بالرافضة ..
وعليه: فليكُن النقاشُ حول ما أشار إليه الأخُ الفاضل أبو محمد المطيري، وليهْدأْ صديقُنا العزيز الأخ الفاضل عبد الرحمن السديس كما عهِدتُهُ لَيّناً رقيقاً .. واللهُ يغفرُ للجميع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/232)
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[10 - 03 - 04, 05:37 ص]ـ
الأخوة الأفاضل ... بارك الله فيهم على دعوتهم للطف مع المخالف
لكن ... أحسب يقيناً أنَّ هذا مما لا يخالف فيه أحدٌ عنده حسُّ الدعوة وحب الخير للناس.
فالله قد قال لنبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((ولا تجادلوا أهل الكتاب إلاَّ بالتي هي أحسن)).
فليس الرفق والتلطف قاصراً على الرافضة وحدهم، بل هو عام على كل كافر قريباً كان من الإسلام أم بعيداً.
هذه مسألة لم نبحثها ههنا ولم نتطرَّق إليها.
- إنما البحث في تكفير عامة أهل الرفض أو عدم تكفيرهم، بصرف النظر هل هم حاضرون ليسمعوا الحكم عليهم أم لا فيكون ذلك سبب نفرتهم عن الحق؟!
- ثم خلط القضايا العلمية بالعواطف مسألة منهجية ينبغي التنبه لها في الكلام على كثير من القضايا ذات الصلة بموضوعنا.
وأما قضية وقوع (بعض) عوام المسلمين فيما هو كفر بالله ومخرج من ملة الإسلام فليس في ذلك حجة.
والجواب أحسب أن أبا عبدالله وغيره عارفون له.
فأصل دين الرفض [الآن] قائم على تعظيم الأئمة حتى فوق الأنبياء والملائكة المقربين لحد العبادة، والطعن أو [تكفير] عامة الصحابة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -، وتعظيم القبور و .. الخ مما الواحدة منها كفر على حدة.
أما عامة المسلمين فليس هذا منطلقهم ولا هو من دينهم إلاَّ إن كانوا من غلاة التصوف فليحقون بهؤلاء في الكفر، ولا صلة لهم بأهل السنة المحضة.
وبالله تعالى التوفيق.
ـ[محمد المرشد]ــــــــ[10 - 03 - 04, 05:53 ص]ـ
الأخ الفاضل السمرقندي بارك الله فيك
لم أرى الشيخ رحمه الله كفر هذه الفتاة الشيعية بل أجابها جوابا فيه تفصيل شرعي لمسألتها، حتى أنه قال رحمه الله تعالى في أول كلامه "لا ريب أن الواجب على المسئولين في جميع الطوائف المنتسبة للإسلام"
الآن السؤال: من أسوأ؟ البهرة ام الامامية؟؟
ان كان البهرة اسوأ من الامامية فلم ارى في فتوى الشيخ رحمه الله ما يدل على تكفيرهم بإطلاق، بل خاطب أحد منتسبي هذه الطائفة على أنها فتاة مسلمة
أما ان كان الامامية اسوأ من البهرة (اسوأ من حيث ارتكابهم لنواقض الاسلام) اذن الوضع يختلف.
عموما اترك المجال لطلبة العلم لبحث هذه المسألة، فقط أردت ان أورد كلام الشيخ رحمه الله في الفتوى أعلاه لعلها تفيد في البحث
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[10 - 03 - 04, 06:22 ص]ـ
بارك الله فيك ...
الشيخ رحمه الله بتلطف مع الفتاة لدعوتها لدين الإسلام، وهذا الواجب على كل مسلم حيال دعوة غيره من الكفار أو حتى من اختلف في كفره.
أما البهرة [الباطنية] فلا أعرف أحداً من علماء الإسلام يرى إسلامهم، فضلاً أن يكونوا خيراً من الرافضة أو شراً منهم.
وقد تقدم التنبيه أنَّ التعامل مع المخالف في الدعوة يختلف عن قضية تقرير الحكم (الشرعي) بتكفير من كفره الشرع.
بينهما فرق تقدم التنويه عليه.
ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[10 - 03 - 04, 07:03 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
وبعد
فسأوجز الكلام لأن بسط الأدلة محله الكتب المصنفة - يسر الله تعالى ذلك – وقد كنتُ أردت تفصيل القول في هذا بدلائله و على وجهه هنا لكن لما رأيت بعض المشاركات لم تنشط نفسي لذلك فأرجو أن يكون فيما أذكره بهذا الشرط كفاية و إبراء للذمة و إرضاء لله ثم لإخواني في المنتدى فإني كدت أن أصرف العنان عن متابعة الحوار بالكلية - مع كثرة الشواغل - خشية من أن يطول الجدال و يتشعب في غير المراد فتوجد عبارة يدخل منها الشيطان لإفساد المودة بيننا وبين من لا نعرفه و لا نستهدفه. وقد قال الإمام الخليل بن أحمد الفراهيدي: (ما كان جدل قط إلا أتى بعده جدل يبطله). رواه الحافظ اسماعيل التيمي في الحجة بسند صحيح.
و سأورد فيما بعد كلاما فيه بعض الطول لفضيلة الشيخ سلمان العودة قد وافق ما في نفسي فقد اطلعت عليه البارحة بعد كتابة ما كنت كتبته، و إن كان لم يورد من الدلائل و كلام الفقهاء والأصوليين ما كنت أريد نقله وجمعه لكنه حسن و مفيد وفيه كفاية، وهو بعينه معنى كلامي.
= ثبت بحسب ما تقدم أن شيخ الإسلام لايقول الشيعة أكفر من اليهود و النصارى و أنه لم يطلق هذه العبارة. و بيان فسادها من وجوه كثيرة لم تعد نفسي تطيب بسردها ... فهذه فائدة من فوائد هذا الحوار -رزقنا الله خيره-.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/233)
فإن قيل فقد ذكر هو وغيره أن في الرافضة قبحهم الله شبها من اليهود فيقال هذا حق لا شك فيه وفيهم من البلاء و الضلال البعيد ما الله به عليم ولكن لا يلزم من التشبيه كونه يقول ذلك بل الظاهر عند علماء المعاني و أهل اللغة أن الصفة المشتركة التي جيء بالتشبيه لأجلها توجد في المشبه به أكثر منها في المشبه ... و اليهود قد شحن القرآن بذمهم و ذكر قبائحهم فهم عندنا أولى من الشيعة بالذم و يليهم النصارى ...
= كان كلامي بحمد الله تعالى على مقتضى الأصول المتفق عليها عن أهل السنة. و الخلاف في تكفير المعين قبل إقامة الحجة فمعروف و اختلاف الفقهاء المعتبرين من أهل السنة في بعض ما يتعلق بالرافضة من التكفير موجود نكتفي منه بقول شيخ الإسلام ابن تيميّة في خاتمة جوابٍ له عن الرافضة:
(وأما تكفيرهم وتخليدهم: ففيه أيضا للعلماء قولان مشهوران: وهما روايتان عن أحمد. والقولان في الخوارج والمارقين من الحرورية والرافضة ونحوهم. والصحيح أن هذه الأقوال التي يقولونها التي يعلم أنها مخالفة لما جاء به الرسول كفر وكذلك أفعالهم التي هي من جنس أفعال الكفار بالمسلمين هي كفر أيضا. وقد ذكرت دلائل ذلك في غير هذا الموضع؛ لكن تكفير الواحد المعين منهم والحكم بتخليده في النار موقوف على ثبوت شروط التكفير وانتفاء موانعه. فإنا نطلق القول بنصوص الوعد والوعيد والتكفير والتفسيق ولا نحكم للمعين بدخوله في ذلك العام حتى يقوم فيه المقتضى الذي لا معارض له. وقد بسطت هذه القاعدة في " قاعدة التكفير ". ولهذا لم يحكم النبي صلى الله عليه وسلم بكفر الذي قال: إذا أنا مت فأحرقوني ثم ذروني في اليم فوالله لأن قدر الله علي ليعذبني عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين مع شكه في قدرة الله وإعادته؛ ولهذا لا يكفر العلماء من استحل شيئا من المحرمات لقرب عهده بالإسلام أو لنشأته ببادية بعيدة؛ فإن حكم الكفر لا يكون إلا بعد بلوغ الرسالة. وكثير من هؤلاء قد لا يكون قد بلغته النصوص المخالفة لما يراه ولا يعلم أن الرسول بعث بذلك فيطلق أن هذا القول كفر ويكفر متى قامت عليه الحجة التي يكفر تاركها؛ دون غيره. والله أعلم؟) اهـ. (مجموع الفتاوي) (28/ 468ـ501)
فتأمل حكايته الخلاف وتأمَّل فتواه التي قدمنا حكايتها عنها في تجويز الزواج من الشيعية وتفضيله تركها -وهي موجودة كما قال أحد الإخوة في المنتدى. و تأمل ما ذكرته معه.
هذا مع أنني قلتُ سابقا و أقول من كفَّر الصحابة إلا نفرا يسيرا و كفَّر معم الشيخين فهو كافر لما يلزم من قوله من الطعن في الإسلام و ما فيه تجريح من عدل الله و تكذيب نبي الله صلّى اللهُ عَليه وسلَّم ... ولكني لا أقول إن كل الشيعة كفار كفرا مخرجا من الملة سواء الاثنية عشرية الإمامية أو الزيدية الذين هم غير مقصودين باختلافنا هنا و بكلام إخواننا.
= فإن قيل فهل يتشكك كثير من الشيعة في مذهبهم قلتُ: قد قابلت من هذه حاله. وسأسرد قصة جرت معي لبعضهم. و أقدِّم قبلها هذه الكلمة لبعضهم -كنت رأيتها على (الانترنت) -
و عندي رابطها و هي من رسالة مفيدة ينصح فيها الشيعة:
(والغريب أن الكثير منكم يعلم ويعرف كثيراً من الخرافات والتناقضات التي عندكم لكنكم لا تستطيعون المواجهة والبوح بما عندكم فتكون هذه التساؤلات والشكوك حبيسة في صدوركم.
أنا أعرف أن كثيراً منكم متضايق مما هو فيه لكنه يقول مالحل؟ والبعض الآخر يقول كل من حولي على هذا الدين فلا أستطيع التخلص منه والبعض يقول أخاف من سطوه المجتمع وفقدان الأهل، وغيره كثير. فقد ناقشت بعضاً منكم في بعض المواسم كالحج وغيره فوجدته لايعرف من الدين الشيعي شيئاً , فيقول يقال لنا أفعلوا كذا ونفعل وبعض الاعمال نعملها ونحن غيرمقتنعين بها وبعضها نعملها عندهم واذا كنا لوحدنا لم نعملها) اهـ.
والقصة التي جرت معي بإيجاز:
أنه قابلني رجل و أنا في المسجد الحرام له ملامح عربية كأنه عراقي سنه قريب من الأربعين و سألني عن الجامعات السعودية الموجودة في مكة بتلهف فتكلمت معه و استطرد في الحديث حتى أخبرني أنه من الأهواز – منطقة شيعية – تسكنها أغلبية عربية من قديم وعدد سكانها فيما يقال: يقارب: ثمانية ملايين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/234)
وشكا إلي ظلم الفرس هناك للعرب و إن كانوا شيعة مثلهم؟ و أنهم مع ذلك يضيِّقون عليهم في بناء المدارس التي تدرس اللغة العربية – طبعا هذا من مساوئ رافضة إيران الخمينية -
و قد نصحته في مذهب الشيعة وقلت له فيما قلت: منحك الله عقلا فلا تضيعه ولا تسلمه للهوى و العادة و تلاعب سادات الرافضة تبصَّر به تبصر الحق، و أسأل الله الهدى فدمعت عينه وبكى وقال فيما قال: و الله إني متشكك في دين قومي و آبائي و كنت أنكر بعض الأمور عليهم و أتسائل عن بعضها و أقول في نفسي ماذا لو كان الحق مع الأكثرين و نحن لا نعدل عشرة في المئة من المسلمين، قلت بل أقل ... يقول: و لكن لم يكن هناك من يرشدنا إلى الحق فنحن ننكر بحسب الظروف بعض ما تمليه عقولنا و قد ننسى مع مصاعب العيش التفكير في بعض الأمور أو نتناساها يقول: و العيش عندنا صعب مع أن أغلب البترول يخرج من عندنا ... وكثير من شبابنا صار يدمن على المخدرات والفرس الخبثاء لا يرحموننا هكذا يقول ... و هو رجل مهندس .. المهم اشتريتُ له مختصر صحيح البخاري للزبيدي و كتاب لله ثم للتاريخ وعددا من النسخ و أظنني أخذت له الخطوط العريضة وقال أريد هواتف بعض المشايخ هنا لنتصل بهم وقال سأقوم بدعوة خفية في بلدتي فعندي بعض الأصدقاء فلعل الله يهديهم .. المقصود هذا مثال يا أخي لبعض الشيعة و الأمثلة كثيرة ..
= الانترنت نعمة نصل بها إلى الكفرة و المبتدعة و يمكن للباحث منهم عما قيل في مذهبه أن يغمز (أحد محركات البحث) فيقع على ما ينفعه و قد يقع على ما يوغر صدره و يصده والتعجب ممن ضل مع سؤال الله العافية شيء و الاستهزاء شيء آخر ..
= لا تنال طاعة الله إلا بإنعامه. (الذين أنعم الله عليهم من النبيين و الصديقين .. ) (صراط الذين أنعمت عليهم). (ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين).
= لو كنا نعلم ما يختم لنا به لضحكنا أكثر و أكثر ولكن من أضل هذه الأمم بذنوبها و بعدله وهم بهذه الكثرة وهم عباد له مثلنا لا بد أن نخافه، قال عمرو بن دينار: سمعت عبد الله بن الزبير يقول:
(إن الله هو الهادي و الفاتن). رواه في الموطأ. وأدلة بينة من الكتاب. وهو مما لا يخفى عليكم
ولكن قد يهز الحسام وهو حسام و الذكرى لا نستغني عنها لأنفسنا قبل غيرنا.
= تشبيه من لم يستعمل عقل بالأنعام جاء في القرآن و هو يختلف عن قولنا يا أبنا الكلاب و يا أيها الكلاب (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) (لأعراف:179) (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) (الفرقان:44) فشبههم بالبهائم لتركهم الأخذ بمقتضى دلالة العقل.
و مثله تشبيه من ترك العمل بعلمه بالحمار يحمل أسفارا أو بكلب يلهث إن حملت عليه و إن تركته.
(وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (لأعراف:176) فبين قولنا الشيعة مثل الأنعام في تشكيكهم في إيمان سادة الأنام، وبين قولنا الشيعة أبناء كلاب فرق .. فاستعمال الأولى في كلامنا أولى و إن لم نحرم تلكم. و أما تفضيل الحمار في السب على الكلاب ففيه اختلاف بين الناس، هل الحمار أفضل أم لا وهذه حقيقة، وهي هنا دعابة فاغتفروها.
وهناك ملحظ آخر و هو كراهية بعض أهل السنة ممن كان منهم لقول هذا في أهلهم من جهة النسب: و السب قد يؤذي حي القلب من أهل السنةممن كان منهم و لا يفيد ميته وفي نهي نبينا صلّى اللهُ عَليه وسلَّم عن سب و الد عكرمة (أبي جهل) عنده أدب معروف فيتأذى به الحي و لا يضر الميت.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/235)
و الاسماعيلية أشد ضلالا من الاثني عشرية بالاتفاق، وقد هدى الله منهم من هدى بالحكمة في الدعوة ولي صلات ببعض من اهتدى منهم وصار من دعاة السنة و له قصائد يقولها لشيخ قبيلتهم يدعوه فيها للحق وهم مع هذا يكرهون إطلاق عبارة أولاد الكلاب و نحوها في الانترنت و غيرها على جماعتهم ..
= وفي جعبتنا ما فيها وقد تطاول ليلك بالإثمد ..
وهذه فتوى الشيخ سلمان العودة وافقت مرادي و اجتهاي لا تقليدا فإنني و الحمد لله لا أقلد في مسائل العقيدة إلا الدليل الصحيح.
(الاخوة الكرام:
لقد أرسلت رسالة للشيخ / سلمان بن فهد العودة- حفظه الله- طالب منه الإجابة على استفتاء مضمونه:
أنني أحد المعلمين ويوجد لدينا معلمين رافضة وقد انقسم بعض المعلمين قسمين قسم متساهل معهم في التعامل وقسم تشددوا في التعامل معهم ..
فما هو الضابط الشرعي في ذلك .. وما الحكم في الرافضة وكيفية التعامل معهم؟؟
فأجاب الشيخ- حفظه الله - على السؤال مشكوراً.
ورأيت من باب نشر العلم وعدم كتمه وإيضاح الحق نشرها .. مع طلب الدعاء للشيخ ولكاتب هذه السطور
الفتوى:
–
((المكرم/ أبو عمر وفقه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: وصلت رسالتكم وصلكم الله بطاعته
ونشكركم على التواصل عبر البريد الإلكتروني. قرأت رسالتكم الكريمة، وفهمت الخلاف الذي يدور بينكم حول الموقف من الشيعة، وكيفية التعامل معهم، ومثل هذه المسائل تتطلب قدرا كبيراً من الهدوء والروية والأناة، وهذا الذي لاحظته في رسالتك - والحمد لله - و الجواب على ما سألت عنه يكون في عدة مسائل: المسألة الأولى: الحكم على الشيعة وإذا كان الحكم على الشيء فرعا عن تصوره، فإن معتقدات الشيعة مما يتفاوت تفاوتا كبيرا، فمنهم الزيدية، ومنهم الإثناء عشرية سموا بذلك لأنهم يقولون باثني عشر إماما معصوما، وقد يسمون بالجعفرية، نسبة إلى أبي عبد الله، جعفر بن محمد الصادق، وهو من أئمة أهل البيت الملتزمين بالسنة، المحاربين للبدعة، وله في ذلك مواقف ومناظرات،فنسبتهم إليه غير صحيحة، إلا باعتبار الشهرة، كما يقال: العلويون، أو المسيحيون، أو نحوهما. ومن أسماءهم الرافضة، لأنهم رفضوا أبا بكر وعمر، ونازعوا في ولايتهم وأحقيتهم بالخلافة، أو لأنهم رفضوا زيد بن علي زين العابدين. ومن أسماءهم الإمامية، لحال الأئمة عندهم. وغالب الشيعة الموجودون اليوم من هذه الطائفة. والإثناء عشرية يقوم أساس معتقدهم على عصمة الأئمة الإثنى عشر، ثم هم على باطل لا ينضبط. ومن أسس مذهبهم ذم الصحابة وسبهم، وكثير منهم يقولون بتكفيرهم. والسب له صور: • منها ماهو كفر بالإجماع، كرميهم بالنفاق أو الردة، وتعميم ذلك عليهم إلا نزرا يسيرا، وقد حكى الإجماع على كفر من يفعل هذا جماعة كابن حزم، وأبي يعلى، والسمعاني وابن تيمية وابن كثير وغيرهم. • ومنها صور يعلم أنها ليست كفرا، ولكن صاحبها يستحق التفسيق والتعزير والعقوبة، كاتهام بعضهم بالجبن، أو البخل، أو الظلم، أو نحو ذلك. • ومنها صور مترددة بين هذا وذاك، كما أشار ابن تيمية رحمه الله، حيث يقول: " أما من ا قترن بسبه دعوى أن عليًا إله، أو أنه كان هو النبي، وإنما غلط جبريل في الرسالة، فهذا لا شك في كفره، بل لا شك في كفر من توقف في تكفيره. وكذلك من زعم منهم أن القرآن نقص منه آيات وكتمت، أو زعم أنه له تأويلات باطنة تسقط الأعمال المشروعة، ونحو ذلك. وهؤلاء هم القرامطة والباطنية، ومنهم التناسخية، وهؤلاء لا خلاف في كفرهم. وأما سبهم سبا لا يقدح في عدالتهم، ولا في دينهم، مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن، أو قلة العلم، أو عدم الزهد، ونحو ذلك، فهذا هو الذي يستحق التأديب والتعزير، ولا نحكم بكفره بمجرد ذلك، وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من أهل العلم. وأما من لعن وقبح مطلقا فهذا محل الخلاف فيه، لتردد الأمر بين لعن الغيظ ولعن الاعتقاد .. " (الصارم المسلول 586 - 587). والخلاف الذي أشار إليه الشيخ أن بعض أهل العلم ذهب إلى تعزيرهم، وتأديبهم، واستتابتهم حتى يرجعوا. وهذا مذهب أحمد (انظر: الخلال 389،واللالكائي 4/ 1263 - 1266). وإسحاق بن راهويه، وابن المنذر، وهو مشهور مذهب مالك. وهبت طائفة من فقهاء الكوفة إلى تكفيرهم ووجوب قتلهم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/236)
(أنظر: الصارم المسلول 567 - 571). ومما ينبغي أن يكون واضحا أن تكفير جميع الصحابة كفر؛ لأنهم هم نقلة الدين، ورواة الشريعة، والأمناء على الوحي نقلا وتبليغا بقولهم وفعلهم، وهم خيرة الله لصحبة نبيه، فيهم أزواجه أمهات المؤمنين، وفيهم أنسابه وأصهاره، وخاصته، وخلفاؤه، ووزراؤه، وقادته، وموضع سره، ونوابه، وأي طعن ٍ في الرسول صلى الله عليه وسلم أعظم من اتهامه بالفشل المطبق في حياته، وفي مجهوده التربوي والدعوي مع خاصة أصحابه، وخلاصة رفاقه؟ المسألة الثانية: ما سبق يتعلق بالحكم على المقالة، أو العقيدة، أو المذهب، فإذا كان صاحب المذهب يظهر خلافه، وينكر أن يكون قال بكذا وكذا، فهذا يؤخذ بالظاهر، ويوكل باطنه إلى الله تعالى،شريطة ألا يعاند الواقع أو يكابره ومن العقائد عند كثير من الشيعة: القول بالتقية مع مخالفيهم، حتى من أهل الإسلام، ولذلك قال ابن تيمية: إن النفاق فيهم أكثر منه في سائر فرق المسلمين وطوائفهم (أنظر: الفتاوى 28/ 479) فإذا قال المنتسب لمذهبهم: إن ادعاء سب الصحابة كذب على مذهبنا، فهو مكابر لأن كتبهم مشحونة بمثل هذا، وهي مطبوعة متداولة، وإن كان مثل هذا الكلام قد يروج على غير المطلعين. لكن إذا قال: أنا أبرأ من مثل هذا الكلام ولا أقره، وإن كان موجودا في المذهب فهذا يؤخذ ظاهره. وهكذا إذا قال: أنا أعتقد أن القرآن محفوظ من الزيادة والنقصان قبل منه، لكن إن قال: إن دعوى التحريف أو النقص كذب على المذهب ولا يوجد في كتبنا شيء من ذلك فهذا من التقية المردودة؛ لأن الواقع يكذبها. وهكذا إن قال: أنا أرفض التقية، ولا أقول بها ولو كانت من المذهب، فهذا يقبل منه قوله، وسريرته إلى الله تعالى، حتى لو كان منافقا في الباطن فيقول خلاف ما في قلبه، فلنا ظاهره وعلانيته، وسره إلى الله تعالى عز وجل. لكن لو ادعى أن لا تقية في المذهب لم يقبل منه، لأنها مغالطة مكشوفة، وعلى فرض أنه يجهل ذلك فإنه يوقف عليه ويبين له. فالخلاصة أنه ينظر في حال صاحب المذهب، فإن أظهر موافقة الحق، ورد الباطل، وبرئ منه ولو كان في كتبهم ومذهبهم، فهذا خير، والحمد لله. وإن أظهر ما يدل على المراوغة والمداورة حكمنا عليه بما يقتضيه حاله، على ما سيأتي ذكره. ولذلك كان العلماء يفرقون بين المقالة وبين صاحبها، فليس الحكم على المقالة حكمًا- بالضرورة – على المنسوبين إليها، لوجوه: (الأول) أنه قد يوجد في كتب القوم ومصنفاتهم أقوال مهجورة، أو متناقضة، أو ضعيفة حسب قواعدهم، ومن المعلوم في سائر المذاهب أنه يوجد في المسألة الواحدة: أقوال عديدة، كما هو موجود عند الشيعة في مسألة تحريف القرآن. فعندهم قول بالتحريف في كتبهم المعتمدة، ولبعضهم في ذلك مصنف خاص، وهذا كفر لا خلاف فيه. وعندهم قول آخر في كتبهم المعتمدة بنفي التحريف وإبطاله، واعتقاد أن المصحف هو ما بين الدفتين، حتى إن في بعضها تكفير من يقول بالتحريف. وقد يرجح بعضهم هذا القول، أو ذاك، فالحكم على الطائفة أو الفرد المعين مبني على معرفة كونهم يقولون بهذا، أو لا يقولون. (الثاني) وهو تفريع عن الأول أننا نعلم أن كثيرا من أصحاب المذاهب، حقا كانت أو باطلا، يجهلون مذهبم، ولا يعرفون تفاصيله، بل ولا جمله وقواعده أحيانا، وأن كثيرا من المنتسبين للمذاهب يتعصبون لها، ويدافعون عنها بالحمية والهوى من غير معرفة بخصوصية المذهب. فالشيعة يستدرون عواطف العوام بمحبة آل البيت، ودعوى رفع الظلم عنهم. والصوفية قد يضربون على وتر محبة الرسول صلى الله عليه وسلم، أو محبة الأولياء. والخوارج يحكمون عوامهم من باب تعظيم حرمات الله، وعدم التفريط أو التساهل في الدين …. وهكذا، على ما عند كل طائفة من هؤلاء من المناكر الظاهرة في الأعمال والمخالفات الظاهرة في المعتقدات والأقوال. (الثالث) أن الحكم على الشخص المعين لا يكفي فيه أن يقول أو يفعل ما هو كفر، حتى تتوفر الشروط، وتزول الموانع. وفي هذا يقول ابن تيميه في الفتاوى (12/ 478 - 488): " التكفير له شروط وموانع قد تنتفي في حق المعين، وأن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين،إلا إذا وجدت الشروط، وانتفت الموانع .. " ثم ذكر الأدلة الشرعية على هذا الأصل … ثم قال: " … وأما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/237)
الحكم على المعين بأنه كافر، أو مشهود له بالنار، فهذا يقف على الدليل المعين، فإن الحكم يقف على ثبوت شروطه، وانتفاء موانعه ". وحكى رحمه الله في بعض المواضع الإجماع على هذا الأصل. (المسألة الثالثة) أن الدعوة إلى الله تعالى واجب بقدر الاستطاعة. ودليل الوجوب قوله تعالى " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن). وقوله تعالى (وادع إلى ربك). وقوله (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك). وقوله (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله). وهذه النصوص وما في معناها تدل على وجوب دعوة الناس كافة، عربهم وعجمهم، كبيرهم وصغيرهم، ذكرهم وأنثاهم. وتدل على وجوب دعوة غير المسلمين من كتابيين ووثنيين إلى الإسلام. كما تدل على وجوب دعوة المسلمين المنحرفين إلى جادة الصواب، وطريق السنة والاستقامة، أيا كان لون الانحراف لديهم، عقديا أو سلوكيا، قليلا أو كثيرا. فالنصارى يُدْعَون، واليهود يُدْعَون، والخوارج يُدْعَون، والرافضة يُدْعَون، وصرعى الشهوات يُدْعَون .. ولا يملك أحد كائنا من كان أن يستثني من هذا العموم، أو يخصص فئة أو طائفة بأنه لا توجه إليهم الدعوة. إذا تقرر هذا، فمن المعلوم بداهة أن الدعوة لا تجامع الهجر، فمن تدعوه لا بد أن تجالسه، وتحادثه، وتصبر عليه، وتعامله بالحسنى رجاء أن يفتح الله قلبه، فيكون لك في ذلك الأجر الموعود (لأن يهدي الله بك رجلا واحد ا خير لك من حمر النعم). ولا يشك أحد: كيف كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو كفار قريش، وهم مشركون وثنيون، ولا كيف كان صلى الله عليه وسلم يدعو يهود المدينة، ولا كيف دعا المسلمون المجوس في هجر وخراسان وغيرها. فالدعوة تكون بالكلام اللين (فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى). وتكون بالخلق الطيب المحبب إلى النفوس. فإذا استفرغ المرء وسعه، وبذل جهده، وأيس من صلاح المدعو، أو تخفيف ما هو عليه من الشر آل الأمر إلى هجره ومباعدته، لعدم المصلحة في مخالطته ومحاسنته. (المسألة الرابعة) وبما سبق يعلم أنه يمكن القول بوجود الأصناف الثلاثة في أهل البدعة (المسلمون - والمنافقون – والكفار). • فالمسلمون هم الذين يلتزمون بأصول الإسلام، ولا ينقصونها بقول ولا فعل ولا اعتقاد، وإن كان عندهم مخالفات وبدع لكنها ليست مكفرة، كمن يقول بتفضيل علي على عثمان، أو حتى على الشيخين، فهذا بمجرده ليس كفرا قطعا. • والمنافقون هم الذين يظهرون الموافقة للمسلمين على ماهم عليه ويبطنون الكفر، كمن يبطن القول بتحريف القرآن ويظهر القول بعدم ذلك، أو يبطن القول بكفر الصحابة أجمعين، ويظهر عدالتهم، أو نحو هذا، فهذا في الباطن كافر، وفي الظاهر له حكم الإسلام، كما هو الشأن في المنافقين، ومعلوم كيف كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتعامل معهم، كان يقبل علانيتهم، ويحقن دمائهم، ويعاملهم في الأخذ والعطاء والتوريث وغيره معاملة المسلمين، ويكل سرائرهم إلى الله تعالى. • تبقى الفئة الثالثة، وهم الكفار المعلنون، وهم الذين يجهرون بعقائد كفرية صريحة،كمن يقول بألوهية علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أو يخوّن جبريل عليه السلام، أو يقول بتحريف القرآن، أو يكفر الصحابة، أو أكثرهم إلا نزرا يسيرا منهم. فهذه العقائد متى ثبتت عن شخص وجب استتابته، فإن أصر على ضلاله وبدعته فهو مرتد خارج عن اسم الإسلام، نثبت له أحكام الردة كلها، ولا يجوز التعامل معه، ولا أكل ذبيحته، ولا ولايته، وما له في الآخرة من خلاق، إلا أن يراجع دينه، والله الهادي إلى سواء السبيل , وتفضلوا بقبول فائق التحية والتقدير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخوكم سلمان بن فهد العودة) اهـ. و أظنها في موقعه.
وسبب تأخري بعض الشيء ظروف ألمت وحوائج حمت.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/238)
= و هناك مقامان مقام الدعوة و مقام المحاجة .. فإن أمكن الجمع بين المقامين في كلامنا مع الشيعة فحسن و من لحظ مقام إبداء الحجة و نصرة الحق فقد يوجد في عبارته شدة تبرر و من جمع بين الحسنيين فهو أفضل وبخاصةفي الانترنت و ما شابهها من القنوات الفضائية و الإذاعات بل و التسجيلات و الوقت الذي يتربص فيه أعدائنا بنا من كل وجه ليس كالوقت الذي تكون لنا فيه الدولة وبيدنا الجولة ..
ولولا محبتنا لكم جميعا لأخذنا بفعل سفيان بن عيينة حين تمثل بقول الشاعر:
خلِّ جنبيك لرام **** و امض عنه بسلام
مت بداء الصمت **** خير لك من داء الكلام
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[10 - 03 - 04, 09:29 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
• أعتذر إن كنت أسأت لأحد منكم.
• أرى الكلام قد تشعب جدا، ولعلي أحاول أن ألخص:
• النقول كثيرة جدا، ولذا من المفيد عرض أصول أهل السنة والجماعة على هذه المسألة:
• التقسيمات المذكورة في الرافضة نظرية فقط! أنا عشت بينهم مدة، وناظرت منهم جماعة من السعودية ومن إيران، وها هم موجودون بيننا، كلهم على دين واحد، واعتقاد واحد في الأصول مكفراتهم تعجز من أراد عدها: ولعلي أشير لبعضها:
• 1 - يدعون الأئمة. 2 - ينذرون لهم. 3 - يذبحون لهم. يستغيثون بهم. 5 - يدعون أنهم يعلمون الغيب. 6 - لا يؤمنون بالسنة. 7 - تركوا جميع شعائر الإسلام على طريقة المسلمين فطهارتهم وصلاتهم، وحجهم ... ليس من الإسلام في شيء بل دين مستقل. 8 - تكفيرهم الصحابة. 9 - إتهامهم أمهات المؤمنين. 10 - القول بتحريف، أو نقص القرآن. 11 - في أصول الدين:الأسماء والصفات، والقدر هم تبع للمعتزلة ... وغيرها مما لا يحضرني الآن ..
• فهل من يجمع كل هذه يبقى له اسم الإسلام؟
• إن كان الجواب نعم!!! فليس على وجه الأرض كافر!
• وسبب اختلاف النقول عن المتقدمين هو اختلاف حال الشيعة في السابق عن ما هو الآن فلا يمكن أن يقول: أحمد، ولا ابن تيمية ولا غيرهم من سادات العلماء أن من يفعل هذه الأمور يكون مسلما فليتنبه لذلك.
• أما الرافضة الإمامية الآن فمذهبهم مستقر على أصول الشركيات المتقدمة.
• أما قضية كفر المعين، وتخليده في النار .. فهذه لها شأن آخر .. نحن نطلق القول بكفرهم، وللمعين منهم ومن غيرهم شأن آخر .. معروف .. لم يقصد في الكلام.
• وبالنسبة للكلاب فأنا لم أقل أبناء الكلاب كما ذكر صاحب الموضوع!! بل قلت: هم أضل من الكلاب، وهذا بإجماع المسلمين! فكل كافر على وجه الأرض فهو أضل من كل الحيوانات، واعتذرنا للكلاب لأنا شبهنا بها من هي خير منه إذ قد فعلت ما أمرت به بخلافهم!
• ولا حرج في وصف كهذا! فالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شبه في ما هو أقل من هذا بكثير فقال: العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه ...
• وقال الذي يتكلم والإمام يخطب كالحمار يحمل أسفارا ..
• وعليه فالتعقيب على هذا خطأ فليتنبه له!
• وتقسيم الشيخ سلمان حفظه الله في بعد عن الواقع قليلا فليتأمل.
• وتأييدا لكلام الأخ عبد الله المحمد أنا سمعت الشيخ ابن باز يفتي بذلك مرتين بحضرة عدد كبير من طلبة العلم مرة في مسجد الأميرة سارة .. ومرة في استراحة المجد في حي الفيحاء بالرياض ..
• وهذه الكلمات التي عنون بها صاحب الموضوع، وأراد أن يصححها!! لم أسمع بها أبدا من طلبة العلم أو من المشايخ فلينظر مصدرها، لكن سمعنا أنهم أخطر، وأخبث، وهذا حق في الغلب، وقد سمعت الشيخ العلامة عبد الله الغنيمان يقول عن الرافضة: هم أخبث من اليهود والنصارى، وصدق وبر.
• وأشكر الأخ أبا عبد الله الروقي، على النصيحة والكلمات الجميلة.
• وفيما قدم الشيخ أبو عمر من الكلام كفاية.
• وأظن أن هذين البيتين من النونية لا بن القيم في المعتزلة منطبقان على الرافضة تماما فهم متابعون لهم في القدر، وسلب الصفات لكن المعتزلة خير منهم:
• ولقد تقلد كفرهم خمسون في ... عشر من العلماء في البلدان
واللالكائي الإمام حكاه عنـ ... هم بل حكاه قبله الطبراني
ـ[تقويم النظر]ــــــــ[10 - 03 - 04, 09:55 ص]ـ
قال شيخ الاسلام بن تيمية (وقد رأينا فى كتبهم من الكذب والإفتراء على النبى وصحابته وقرابته أكثر مما رأينا من الكذب فى كتب أهل الكتاب من التوارة والإنجيل
وهم مع هذا يعطلون المساجد التى أمر الله أن ترفع ويذكر فيها إسمه فلا يقيمون فيها جمعة ولا جماعة ويبنون على القبور المكذوبة وغير المكذوبة مساجد يتخذونها مشاهد وقد لعن رسول الله من إتخذ المساجد على القبور ونهى أمته عن ذلك وقال قبل أن يموت بخمس (ان من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فأنى أنهاكم عن ذلك (ويرون أن حج هذه المشاهد المكذوبة وغير المكذوبة من أعظم العبادات حتى أن من مشائخهم من يفضلها على حج البيت الذى أمر الله به ورسوله ووصف حالهم يطول
فبهذا يتبين أنهم شر من عامة أهل الأهواء وأحق بالقتال من الخوارج
28\ 482
وقد قسم شيخ الاسلام بن تيمية الر افضة اقساما وقال في التقسيم الاخير (وغاليتهم يعتقدون أنه إله او نبي والغالية كفار باتفاق المسلمين، فمن اعتقد في نبي من الانبياء كالمسيح انه اله، او في احد من الصحابة كعلي بن ابي طالب أو في أحد من المشايخ كالشيخ عدي أنه إله أو جعل فيه شيئا من خصائص ألإلهية فإنه كافر يستتاب)
قال تقويم: فمن عبد عليا الان وجعله إلاها من دون الله فهو من الغالية الذين قال فيهم شيخ الاسلام انهم كفار باتفاق المسلمين --- فالرافضة الان جعلو عليا إلاها والحسين بافعالهم ودعائهم إياهم وألاستغاثة بهم من دون الله فيما لا يقدر عليه الا الله وإن لم يقولا انهم آلهة من دون الله بألسنتهم.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/239)
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[10 - 03 - 04, 10:47 ص]ـ
وعليكما السلام ورحمة الله وبركاته
سأجيب باختصار عما جدَّ وله أثر فيما تقدَّم.
أولاً:
ثبت بحسب ما تقدم أن شيخ الإسلام لايقول الشيعة أكفر من اليهود و النصارى و أنه لم يطلق هذه العبارة. و بيان فسادها من وجوه كثيرة لم تعد نفسي تطيب بسردها ... فهذه فائدة من فوائد هذا الحوار -رزقنا الله خيره-.
كون الشيعة أكفر أو ليسوا بأكفر = ليس في ذا ثمرة لأحد من المتنازعين.
فإن قيل فهل يتشكك كثير من الشيعة في مذهبهم قلتُ: قد قابلت من هذه حاله. وسأسرد قصة جرت معي لبعضهم.
التشكك ليس باعتقاد.
بل أبعد منذ ذلك .. الاعتقاد في القلب بالإيمان وكفره باللسان والأركان = كفرٌ أصلع، يهوي بصاحبه لأدنى درجات النيران.
وهذا هو غالب أحوال المرتكسة منذ خلق الله أتباع الشيخ إبليس؛ قال ((وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلوَّاً)).
نن وقال أبو اطلب:
ولقد علمت بأنَّّ دين محمد * * * من خير أديان البريَّة دينا
لولا الملامة أو حذار مسبَّةٍ * * * لرأيتني سمحاً بذاك مجيباً
والنقل في تقرير هذا كثير!
- وعليه فمن شك في دين قومه (كالنصارى واليهود والرافضة) ثم لم يتبع الشك بدينه اليقين بدين الحق في قلبه وجوارحه = فلن ينفعه شكُّه؛ بل هو كافر مركَّب (إن صحَّ التعبير)
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد المطيري
وسأسرد قصة جرت معي لبعضهم ... الخ القصة بطولها.
قصة مؤثرة تدلُّ على حبك للدعوة والاجتهاد فيه ..
لكن .. هل أمنت التقية من المنافقين!
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد المطيري
وأما تفضيل الحمار في السب على الكلاب ففيه اختلاف بين الناس، هل الحمار أفضل أم لا وهذه حقيقة، وهي هنا دعابة فاغتفروها.
- الحقيقة أنَّ المفاضلة بين الحمار والكلب مقامه يقتضي التفصيل؛ لكن المقام لا يقتضيه.
فالكلب شرٌ من الحمار في عدائه، والحمار شرٌ من الكلب في غبائه.
وكلاهما لا خير فيه.
وأيضاً هذه دعابةٌ فاغتفروها
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد المطيري
وقد تطاول ليلك بالإثمد ..
سأجيز لك البيت أبا محمد وأسأل الله أن يهديني وإياك للحق:
........................ * * * * وبات (الخليُّ) ولم ترقدِ (:
وهذه أخرى (لكنها شكوى):
فبتُّ أشكو وبتِّي تدلكي * * * * وجهك بالعنبر والمسك الذكي):
- .. تصبحون على خير!
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[10 - 03 - 04, 11:10 ص]ـ
هذه المشاركة لتحرير ما لم يمكن تحريره:
قلت:
بل أبعد منذ ذلك .. (الاعتقاد) في القلب بالإيمان وكفره باللسان والأركان = كفرٌ أصلع، يهوي بصاحبه لأدنى درجات النيران.
أقول: هذا غلط لعدم الدقة؛ وقد فات وقت التحرير قبل تحريره فأرجو من المشرفين تكرَّماً إصلاحه: إلى:
بل أبعد منذ ذلك .. (المعرفة) في القلب بالإيمان وكفره باللسان والأركان = كفرٌ أصلع، يهوي بصاحبه لأدنى درجات النيران.
فتستبدل كلمة (اعتقاد) إلى كلمة (معرفة).
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[11 - 03 - 04, 08:04 ص]ـ
الأخ الشيخ / أبو عمر السمرقندي - حفظه الله وزاده علما وعملا -
جزاك الله خيرا أخي على تشجيعك وإحسان الظن بأخيك،
أخي بالنسبة لكلام الشيخ -رحمه الله - في هذه المسألة أعتذر عن التأخر وذلك لسببين،
الأول: أنني الآن في زيارة عمل (عندكم) في المنطقة الغربية وأغلب
الأشرطة ليست معي.
الثاني: قد أوصيت أحد الأحبة في الرياض بأن يبحث عند الإخوة الذين سجلوا الأشرطة أو أخذوا النسخة الأولى أن يبحثوا عن النص (المبتور)
لكنه تأخر علينا.
فلعلك أخي أن تمهلني لحين أعود إن شاء الله،
هناك كلام للشيخ - رحمه الله - لسؤال عن عوام الشيعة أخذته من الدروس المسجلة على الشبكة (طبعا مبتور ولا توجد العبارة المقصودة)، وسأكتبه لك بحرفه:
السائل: عوام الشيعة والمصوفة (لعله يقصد المتصوفة) وغيرهم هل يطلق عليهم لفظ الكفر تعيينا؟
الشيخ: تبعهم، إذا كانوا يعتقدون عقيدتهم تبعهم مثل كفار
قريش.أ.هـ
(الجواب أتى مختصرا لكثرة الأسئلة الشفهية على الشيخ - رحمه الله- , واكثرها عن الرافضة في هذا الموطن)
المصدر: الوجه الثاني من الشريط الثاني في شرحه لكشف الشبهات
وتجده على الشبكة، أيضا الشيخ - رحمه الله - ذكر وأسهب الكلام
في مواطن كثيرة عن كفر عوام المشركين وتكفير المعين.
سأبدأ إن شاء الله بتفريغها وتحتاج حقيقة وقت إن شاء الله يكون قريبا
لأنها مبثوثة في لقاءاته وكذلك الدروس والمحاضرات العامة.
ملاحظة: طبعا النص الذي أوردته ((ليس المقصود)) وأظن والله أعلم أن النص المبتور أعني تكفير الشيخ للإمامية عندنا وتحديده إياهم بالقطيف .. أنه قريب من الموطن الذي ذكرته في الوجه الثاني من الشريط الثاني
ـ[المسيطير]ــــــــ[11 - 03 - 04, 09:16 ص]ـ
انقل لكم ما سمعته من الامام ابن باز رحمه الله في الجامع الكبير وقد سئل عن الرافضة فقال: هم كفار، فقال السائل وعوامهم؟ فالتفت اليه الشيخ (حيث كان السائل في جهة الشيخ اليسرى) فقال: وعوام اليهود والنصارى، اليسوا كفار؟ فقال السائل: بلى، فقال الشيخ وكذلك الرافضة.أ. هـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/240)
ـ[المسيطير]ــــــــ[11 - 03 - 04, 09:18 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb//showthread.php?s=&threadid=13162&highlight=%C7%E1%E3%CD%E3%E6%CF
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[14 - 03 - 04, 06:21 ص]ـ
هذه نقولات من كلام السلف الصالح رحمهم الله تعالى التي تكفر الرافضة، وبعضهم يرى أنهم أشد كفراً من اليهود والنصاي، كما قال طلحة بن مصرف رحمه الله تعالى (الرافضة لا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم لأنهم أهل ردة)
وقال أحمد بن يونس:
الذي قال فيه أحمد بن حنبل وهو يخاطب رجلاً:
(اخرج إلى أحمد بن يونس فإنه شيخ الإسلام).
قال: (لو أن يهودياً ذبح شاة، وذبح رافضي لأكلت ذبيحة اليهودي،ولم آكل ذبيحة الرافضي لأنه مرتد عن الإسلام). الصارم المسلول ص 570.
والآن مع هذه النقول لهم، ولمن تيعهم بإحسان، آمل من الأخ المطيري أن يتأمل فيها جيداً ويكتفي بكلام السلف الصالح رحمهم الله، ولا يعرض بكلامهم مع كلام المعاصرين أيناً كانوا، فالسلامة في اتباع المتقدمين بلا شك
و روى ابو القاسم البغوي عن علي رضي الله عنه قال: يخرج في أخر الزمان قوم لهم نبز (أي لقب) يقال لهم
الرافضة يعرفون به، و ينتحلون شيعتنا و ليسوا من شيعتنا، و آية ذلك أنهم يشتمون أبا بكر و عمر
أينما أدركتموهم فاقتلوهم فأنهم مشركون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإمام الشافعي (عبد الله بن إدريس):
قال: (ليس لرافضي شفعة إلا لمسلم).
و قال الشافعي: (لم أر أحداً من أهل الأهواء أشهد بالزور من الرافضة!)
رواه الخطيب في الكفاية و السوطي.
_________________________________________
الإمام مالك:
قال مالك: الذي يشتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ليس لهم اسم أو قال: نصيب في الإسلام. السنة للخلال (2/ 557).
وقال ابن كثير عند قوله سبحانه وتعالى: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم
ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله و رضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة و مثلهم
في الإنجيل كزرع أخرج شطئه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار .. )
قال: (ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك رحمة الله عليه في رواية عنه بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة
رضي الله عنهم قال: لأنهم يغيظونهم ومن غاظ الصحابة رضي الله عنهم فهو كافر لهذه الآية
ووافقه طائفة من العلماء رضي الله عنهم على ذلك). تفسير ابن كثير (4/ 219).
قال القرطبي: (لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله فمن نقص واحداً منهم أو طعن عليه في روايته فقد
رد على الله رب العالمين وأبطل شرائع المسلمين).تفسير القرطبي (16/ 297).
جاء في الصارم المسلول:
(و قال مالك رضي الله عنه، إنما هؤلاء أقوام أرادو القدح في النبي عليه الصلاة والسلام، فلم يمكنهم ذلك، فقدحوا في الصحابة حتى يقال:رجل سوء، ولو كان رجلا صالحاً لكان أصحابه صالحين)،
وجاء في الصارم المسلول أيضا؛ قال الإمام مالك؛ (من شتم النبي صلى الله عليه وسلم ُتل، ومن سب أصحابه أدب)،
ــــــــــــــــــــــــ
الإمام أحمد بن حنبل:
رويت عنه روايات عديدة في تكفيرهم ..
روى الخلال عن أبي بكر المروذي قال: سألت أبا عبد الله عمن يشتم أبا بكر وعمر وعائشة؟
قال: (ما أراه على الإسلام).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ .. ؛
وقال أخبرني عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي عن رجل شتم
رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما أراه على الإسلام. وجاء في كتاب السنة للإمام أحمد قوله عن الرافضة: (هم الذين يتبرأون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ويسبونهم وينتقصونهم ويكفرون الأئمة إلا أربعة: علي وعمار والمقداد وسلمان وليست الرافضة من الإسلام في شيء). السنة للإمام أحمد ص 82.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .. ؛
قال ابن عبد القوي: (وكان الإمام أحمد يكفر من تبرأ منهم (أي الصحابة)
ومن سب عائشة أم المؤمنين ورماها مما برأها الله منه وكان يقرأ
(يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنت مؤمنين). كتاب ما يذهب إليه الإمام أحمد ص 21
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ... ؛
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/241)
الإمام البخاري:
قال رحمه الله: (ما أبالي صليت خلف الجهمي والرافضي، أم صليت خلف اليهود والنصارى ولا يسلم عليهم ولا يعادون ولا يناكحون ولا يشهدون ولا تؤكل ذبائحهم).
خلق أفعال العباد ص 125.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .. ؛
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ ... ؛
شيخ الإسلام ابن تيمية:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله رحمة واسعة: (وقد اتفق أهل العلم
بالنقل والرواية والإسناد على أن الرافضة أكذب الطوائف،
والكذب فيهم قديم، ولهذا كان أئمة الإسلام يعلمون امتيازهم بكثرة الكذب).
و قال رحمه الله:
((اما من اقترن بسبه دعوى ان عليا اله او انه كان هو النبي وانما غلط جبريل في الرسالة فهذا لاشك في كفره. بل لا شك في كفر من توقف في تكفيره، و كذلك من زعم منهم ان القران نقص منه ايات وكتمت او زعم ان له تأويلات باطنة تسقط الاعمال المشروعة ونحو ذلك. وهؤلاء يسمون القرامطة والباطنية ومنهم التناسخية و هؤلاء لا خلاف في كفرهم. واما من سبهم سبا لا يقدح في عدالتهم و لا في دينهم مثل وصف بعضهم بالبخل او الجبن او قلة العلم او عدم الزهد ونحو ذلك، فهذا هو الذي يستحق التاديب والتعزير ولا يحكم بكفره بمجرد ذلك. وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من العلماء. واما من لعن وقبح مطلقا فهذا محل الخلاف فيهم لتردد الامر بين لعن الغيظ ولعن الاعتقاد. واما من جاوز ذلك الى ان زعم
انهم ارتدوا بعد رسول الله الا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر نفسا
او انهم فسقوا عامتهم فهذا لا ريب ايضا في كفره، فانه مكذب لما نصه
القران في غير موضع من الرضى عنهم والثناء عليهم. بل من يشك
في كفر مثل هذا فان كفره متعين فان مضمون هذه المقالة ان نقلة الكتاب والسنة كفار او فساق وان هذه الامة التي هي:
(كنتم خير امة اخرجت للناس) وخيرها هو القرن الاول،
كان عامتهم كفارا او فساقا، ومضمونها ان هذه الامة شر الامم و ان سابقي هذه الامة هم شرارها. وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الاسلام. ولهذا تجد عامة من ظهر عنه شيء من هذه الاقوال فانه يتبين انه زنديق.
وعامة الزنادقة انما يستترون بمذهبهم. وقد ظهرت لله فيهم مثلات وتواتر النقل بان وجوههم تمسخ خنازير في المحيا والممات.
وجمع العلماء ما بلغهم في ذلك وممن صنف فيه الحافظ الصالح ابو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي كتابه في النهي عن سب الاصحاب وما جاء فيه من الاثم والعقاب))
الصارم المسلول ج: 3 ص: 1108 - ص: 1112
وقال أيضاً عن الرافضة: (أنهم شر من عامة أهل الأهواء، وأحق بالقتال من الخوارج).
مجموع الفتاوى (28/ 482).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .. ؛
الإمام ابن كثير:
ساق ابن كثير الأحاديث الثابتة في السنة، والمتضمنة نفي دعوى النص والوصية التي تدعيها الرافضة لعلي ثم عقب عليها بقوله: (ولو كان الأمر كما زعموا لما رد ذلك أحد من الصحابة فإنهم كانوا أطوع لله ولرسوله في حياته وبعد وفاته، من أن يفتاتوا عليه فيقدموا غير من قدمه، ويؤخروا من قدمه بنصه، حاشا وكلا ومن ظن بالصحابة رضوان الله عليهم ذلك فقد نسبهم بأجمعهم إلى الفجور والتواطيء على معاندة الرسول صلى الله عليه وسلم ومضادته في حكمه ونصه، ومن وصل من الناس إلى هذا المقام فقد خلع ربقة الإسلام، وكفر بإجماع الأئمة الأعلام وكان إراقة دمه أحل من إراقة المدام). البداية والنهاية (5/ 252).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .. ؛
عبد الرحمن بن مهدي:
قال البخاري: قال عبد الرحمن بن مهدي: (هما ملتان الجهمية والرافضية). كتاب خلق أفعال العباد ص 125.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ. .؛
الفريابي:
روى الخلال قال: (أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني، قال: حدثنا موسى بن هارون بن زياد قال: سمعت الفريابي ورجل يسأله عمن شتم أبا بكر، قال: كافر، قال: فيصلى عليه؟ قال: لا، وسألته كيف يصنع به وهو يقول لا إله إلا الله، قال: لا تمسوه بأيديكم ارفعوه بالخشب حتى تواروه في حفرته). السنة للخلال (2/ 566).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .. ؛
أحمد بن يونس:
الذي قال فيه أحمد بن حنبل وهو يخاطب رجلاً:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/242)
(اخرج إلى أحمد بن يونس فإنه شيخ الإسلام).
قال: (لو أن يهودياً ذبح شاة، وذبح رافضي لأكلت ذبيحة اليهودي،ولم آكل ذبيحة الرافضي لأنه مرتد عن الإسلام). الصارم المسلول ص 570.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ .. ؛
ابن قتيبة الدينوري: قال: بأن غلو الرافضة في حب علي المتمثل في تقديمه على من قدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته عليه، وادعاؤهم له شركة النبي صلى الله عليه وسلم في نبوته وعلم الغيب للأئمة من ولده
وتلك الأقاويل والأمور السرية قد جمعت إلى الكذب والكفر أفراط الجهل والغباوة).
الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة ص 47.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .. ؛
القاضي أبو يعلى:
قال: وأما الرافضة فالحكم فيهم .. إن كفر الصحابة أو فسقهم بمعنى يستوجب به النار فهو كافر).
المعتمد ص 267.
والرافضة يكفرون أكثر الصحابة كما هو معلوم
ـــــــــــــــــــــــــــ ... ؛
. أبو حامد محمد المقدسي:
قال بعد حديثه عن فرق الرافضة وعقائدهم: (لا يخفى على كل ذي بصيرة وفهم من المسلمين أن أكثر ما قدمناه في الباب قبله من عقائد هذه الطائفة الرافضة على اختلاف أصنافها كفر صريح، وعناد مع جهل قبيح،
لا يتوقف الواقف عليه من تكفيرهم والحكم عليهم بالمروق من دين الإسلام).
رسالة في الرد على الرافضة ص 200.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ... ؛
أبو المحاسن الواسطي:
وقد ذكر جملة من مكفراتهم فمنها قوله: (إنهم يكفرون بتكفيرهم لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
الثابت تعديلهم وتزكيتهم في القرآن بقوله تعالى: (لتكونوا شهداء على الناس) وبشهادة الله تعالى لهم أنهم
لا يكفرون بقوله تعالى: (فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين).). الورقة 66 من المناظرة بين أهل السنة والرافضة للواسطي وهو مخطوط.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .. ؛
علي بن سلطان القاري:
قال: (وأما من سب أحداً من الصحابة فهو فاسق ومبتدع بالإجماع إلا إذا اعتقد أنه مباح كما عليه بعض الشيعة وأصحابهم أو يترتب عليه ثواب كما هو دأب كلامهم أو اعتقد كفر الصحابة وأهل السنة فإنه كافر بالإجماع). شم العوارض في ذم الروافض الورقة 6أ مخطوط.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ... ؛
القاضي شريك:
وقال محمد بن سعيد الأصبهاني: (سمعت شريكاً يقول: احمل العلم عن كل من لقيت إلا الرافضة، فإنهم يضعون الحديث ويتخذونه ديناً).
وشريك هو شريك بن عبد الله، قاضي الكوفة من قبل علي
(رضي الله عنه). أحد أعظم و أعدل القضاة في التاريخ الإسلامي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .. ؛
أبو زرعة:
وقال أبو زرعة الرازي: (إذا رأيت الرجل ينقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق).
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[14 - 03 - 04, 06:31 ص]ـ
بالمناسبة حول إجابات الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى حول كفر الرافضة، فقد نزلتُ فتوى في الشبكة قبل أكثر من عام، كفرّ فيها الشيخ روافض نجران والقطيف - تحديداً - وهذه الإجابات كانت في شروحه المصدرة من تسجيلات البردين،
وليتك أخي المحمد تحلني على أماكن فتوى ابن باز التي ذكرتها، فقد اشتريت أشرطة الشيخ رحمه الله من تسجيلات البردين قبل أكثر من سنتين، فهل تظن كانت محذوفة أو مبتورة ذلك الوقت؟!
وجزاك الله خيراً
علماً بأن للشيخ فتاوى حول تكفيرهم بالصوت، منشورة على الشبكة لعلي اضعها هنا في موضوع مستقل حول تكفير العلماء للرافضة
لكن هل هناك إمكانية في المنتدى أو بمعنى أصح، هل هناك خدمة إنزال الصوتيات؟!
والسلام
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[15 - 03 - 04, 03:02 ص]ـ
نعم أخي ابو عمر الناصر، دروس كشف الشبهات نزلت أكثر من سنتين
بل نزلت في حياة الشيخ " في أواخر حياته رحمه الله " فيما أذكر وتم تعديل النص (أي حذفه) مباشرة حتى أني أذكر عندما أخذتها كانت موجودة العبارة بدون تعديل (حذف) وعندما أتيت التسجيلات تقريبا بعدها باسبوعين لأخذ نسخة
لإهدائها لأحد الأحبة تفاجأت أولا أنها ليست عنده وبعد ذلك حصلت عليها أي المعدّلة ولم أخبر بذلك من قبل (ابو مشعل) صاحب التسجيلات إلا بعدما اكتشفت ذلك بنفسي لاحقا حيث أخذت نسخة أخرى لأن نسختي القديمة أعطيتها أحد الزملاء (إعارة) وكنت في سفر فلما استمعت إليها لم أجد العبارة، بعدها سألت أبو مشعل عن المشكلة فأخبرني أن الإعلام لم يكتشف الفتوى (الطائفية!!) إلا بعد نزولها، بعدها أخبروه فقط أن يزيلها وهي عبارة قصيرة جدا ولم يحذف غيرها فامتثل _ جزاه الله خيرا _ طاعة للأمر ..
أما بالنسبة لتكفير الشيخ للشيعة (وإذا اطلق الشيعة فلا ينصرف الإطلاق إلا للإمامية كما ذكر ذلك إحسان إلهي ظهير) فمبثوث في كثير من الدروس والمحاضرات، أما تحديده لأهل نجران فله شريط خاص
أسئلة وأجوبة عن الإسماعيلية والمكارمة لا يحضرني اسم الشريط
أما أهل القطيف ونجران تحديدا كما في العبارة فيمكن ذلك ولعلك أخي تفيدنا لأني بعيد عن الأشرطة وعن الإخوة، لكن فتاوى الشيخ في تكفيره للإمامية في القطيف وتعيينه إياهم حسب علمي انها ليست موجودة على الشبكة إنما الموجود هو حكم أكل ذبائحهم والزواج منهم وغير ذلك ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/243)
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[15 - 03 - 04, 07:56 م]ـ
أخي المحمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبارة الشيخ في تكفير إسماعيلية نجران وروافض القطيف موجودة في شريط لقاء مع إخوة في الله رقم 8 الصادر من تسجيلات البردين
ولم يتم حذفه حتى الآن، فيبدو أن الإعلام لم يتنبه له، وقد نشرتُ هذه الفتوى في الشبكة بصوت الشيخ قبل أكثر من سنة من الآن وتم تداولها بكثرة، حتى إنها إُلحقت بـ ( CD ) عن الرافضة يتم توزيعه بين الإخوة فيه كثير من مشاهدهم الخرافية وبعض أعمالهم الإجرامية في مكة وقصة تلك الحادثة التي بثها التلفاز السعودي عام 1407 حول محاولة الحجاج الإيرانيين إدخال مواد متفجرة للحرم المكي كل ذلك بالصوت والصورة
ولعل الله تعالى يفسح لي سعة من الوقت لنشر كلام المتقدمين والمتأخرين في الروافض، ليزول اللبس عن بعض طلبة العلم فضلاً عن العوام في بيان كفر هؤلاء كفراً أكبر مجمع عليه
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[15 - 03 - 04, 08:48 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي وأكثر من أمثالك هل هو اللقاء مع الشيخ الوهيبي الذي فيه القصيدة النبطية!!
أرشدني إليه الأخ الفاضل أبو يوسف الرحمة ولم أكن قريب من مكان يوجد به تسجيلات، فليتك أخي تفرغ لنا ما قاله الشيخ رحمه الله.
ـ[أخوكم]ــــــــ[15 - 03 - 04, 10:02 م]ـ
أعتقد والحمد لله أن اختلافكم صوري لأنكم في جوهر الموضوع متفقون بأن من عمل شيئا من أعمال الكفر فهو كافر
وفتاوى السلف والخلف متواترة بهذا
لذا ليتكم تركزوا على نقطة الاختلاف الصوري الموجود في الموضوع وهو:
((هل لدينا " جزم" بأن " كل" شيعي معاصر الآن قد ارتكب عملا مكفرا .. ؟))
وقد رأيتُ الأخوين أبو عمر السمرقندي والأخ الفاضل عبدالرحمن السديس يجزمون بأن كل شيعي في وقتنا المعاصر قد ارتكب الكفر ...
وتفضلوا شيئا مما كتبوه _ حفظهم ربي ورعاهم ونفعنا بهم _:
قال حبيبنا أبو عمر السمرقندي:
( ... أما الكلام على القضية النظرية التي ذكرها صاحب الموضوع فهي لا وجود لها في أرض الواقع ... )
وقال أيضا:
( ... لن تجد إلاَّ قسماً واحداً في هذا العصر ... )
وقال أيضا:
( ... فأصل دين الرفض [الآن] قائم على تعظيم ... )
( ... وسبب اختلاف النقول عن المتقدمين هو اختلاف حال الشيعة في السابق عن ما هو الآن ... )
وقال الفاضل كثير الفوائد عبدالرحمن السديس نفعنا بعلمه:
( ... أتحدى أن يوجد رافضي في العالم لا يدعو غير الله ولا يعبد الأئمة .. )
لذا فليأذن لي الأخ أبو عمر والأخ عبدالرحمن بارك الله فيهما بسؤال:
كيف تأكدتم أن كل شيعي موجود الآن قد ارتكب كفرا؟
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[15 - 03 - 04, 10:10 م]ـ
الأخ المحمد
حياك الله وبارك فيك
والله لا أعرف من هو الشيخ المتفضل بالسؤال، ولكن ربما هو من عنيت أنت ...
بالمناسبة الشيخ ابو يوسف الرحمة ,, هل هو أبو وداعة التشادي؟!
ليتك تتحفني بشئ من خبره، ولو على البريد الخاص، فقد كانت تربطني به علاقة حميمة قديماً قبل عشر سنين، ولا أعلم له الآن بر من سماء!
الأخ أخوكم
وأنا بدوري اسألك هذه الأسئلة ..... كيف جزمت بأن كل شيعي أو كثيراً من الشيعة (-تنزلاً - وإلا فهم روافض) لا يشركون بالله ولا يدعون غير الله تعالى؟
أما أنا فأدين الله تعالى أن كل الروافض على عقيدة الكفر الخالص، ودليلي على ذلك هو
أنهم يدعون مع الله غيره ...
وأخرج لي رافضي واحد أفتى بشرك من يدعو علياً أو الحسين، وأتحدى على ذلك كل من يثبت ذلك ...
وأخرج لي رافضي واحد يقول بكفر من يلعن الصحابة!
وأخرج لي رافضي واحد يقول بكفر من يطعن في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .. !
هذه مراجعهم بين أيدينا، فأحل ما تراه من كلامهم ما يخالف كلامي سلمك الله
ـ[خالد الوايلي]ــــــــ[16 - 03 - 04, 02:22 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
ومما يضاف في هذا الموضع
أن الروافض لايتبرؤون ولا يتجرؤون على تكفير القائلين بتحريف القرآن .. !
" الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه"
من علمائهم وشيوخهم
أمثال:
النوري الطبرسي
صاحب الكتاب سيء الذكر
" فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب"
ومفسرهم علي بن إبراهيم القمي
وهو شيخ محمد بن يعقوب الكليني
وهو راوي روايات التحريف
ومفسرهم الآخر العياشي
وعلامتهم نعمة الله الجزائري
وسواهم
ممن يخلعون عليهم ألقاباً تشيد بهم وبعلومهم
كوحيد عصره وفريد دهره العلامة .. الخ
ثم يلحق اسمه بتقديس سره والترضي عليه
وإن أغلظوا القول فيهم
قالوا:
(هم مجتهدون مخطؤون) .. !!
ـ[عبدالقاهر]ــــــــ[16 - 03 - 04, 03:20 ص]ـ
قال الامام الباقر رحمه الله تعالى: (يا أيها الناس أحبونا حب الإسلام، فما برح بنا حبكم حتى صار علينا عاراً).
ـ[أبو بكر بن عبدالوهاب]ــــــــ[16 - 03 - 04, 10:41 ص]ـ
الذي أراه أن الخلاف بين الإخوة خلاف لفظي، وكثيرا ما يختلف بعض الإخوة في هذه المسألة في نفس هذا الأمر، وهذا بيانه:
1* من لم يقل بكفرهم، قال من فعل كذا وكذا وكذا ..... فقد كفر، والظاهر أن عامتهم يفعلون أوصاف الكفر.
2* من قال بكفرهم قاله من حيث الجملة، بدليل لو سألته فلان الشيعي كافر؟ لقال لك: هل يقول بتحريف القرآن، هل يقول بكذا وكذا ....... ؟ فإن كان الجواب نعم، قال لك: نعم هو كافر.
3* ملاحظة:
من لم يقل بكفرهم الإشكال عنده في أنه قد يكفر من كان منهم على الإسلام ولا ناقض، فهو يتحرز من الوقوع في هذا، ومن قال بكفرهم من حيث الجملة نظر إلى ما اشتهر عنهم قولا وفعلا فوجده مكفرا و وجد عامتهم عليه، فأطلق حكما أغلبيا ولا ضير في ذلك والله تعالى أعلم.
جزاكم الله تعالى خيرا على هذه النقولات الطيبة، وسدد خطاكم
أخوكم أبو بكر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/244)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[16 - 03 - 04, 09:01 م]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة أبو بكر بن عبدالوهاب
من لم يقل بكفرهم الإشكال عنده في أنه قد يكفر من كان منهم على الإسلام ولا ناقض،
أخي بارك المولى بك: هذا الذي ذكرته لا وجود له! فلا يوجد رافضي على وجه الأرض ليس عنده ناقض!
ولو فرض جدلا صحت المفروض = فإنه والحال كما ذكرته = لا يسمى رافضيا؛ فتأمل.
ـ[أبو بكر بن عبدالوهاب]ــــــــ[16 - 03 - 04, 11:06 م]ـ
أخي الشيخ عبد الرحمن بارك الله بعلمك
1* أنت إذ تكلمت عن الرفض فالرفض كفر لا محال، والسبب أن من يطلق عليه هذا المصطلح لا بد على الأقل أنه يشتم الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وهذا كفر كما قدمتم في نقولاتكم، جزاكم الله خيرا.
2* قلت ُ: من لم يقل بكفرهم الإشكال عنده في أنه قد يكفر من كان منهم على الإسلام ولا ناقض.
قلتم شيخنا عبد الرحمن: هذا الذي ذكرته لا وجود له! فلا يوجد رافضي على وجه الأرض ليس عنده ناقض
ولو فرض جدلا صحة المفروض = فإنه والحال كما ذكرته = لا يسمى رافضيا؛ فتأمل
أخي الكريم: هذا عين ما أشرتُ إليه، فإن قولي (من كان منهم على الإسلام ولا ناقض) لازمه أنه ليس رافضي، وإلا اجتمع الحكم بالنقيضين.
3* أخي الكريم محل الإشكال والله أعلم أننا نقرر الحكم عليهم بالرفض (وأوصافه معروفة) ثم نجزم بكفرهم، لكن هل الحكم الأول صحيح حتى يكون الحكم الثاني المنبني عليه صحيح، هل جميعهم رافضة من حيثُ الحقيقة، هذا محل نظر.
4* نحن عندما نقول (الشيعة كفار) من هو المعهود في الذهن (من حيثُ جغرافيةُ المكان)، سأجيب، المعهود في الذهن هم أهل إيران، والمدينة الفلانية والفلانية .......... في الدول الآتية من غير أهل السنة والجماعة، والسؤال هل هؤلاء على اعتقاد واحد
الجواب في الغالب نعم
وهذا يقتضي أن بعضهم (وهم قلة) ليسوا على هذا الاعتقاد المكفر
السؤال هذه القلة (التي ليست على اعتقاد مكفر) هل يصح أن يقال فيهم أنهم من أهل السنة والجماعة
الجواب لا
و هل يصح أن يقال فيهم أنهم شيعة رافضة
الجواب لا
والصحيح أنهم (أي هذه القلة) شيعة غير رافضة، فكيف يقال إنهم كفار.
5* الذي أراه أن يقال بكفر الشيعة من حيث الجملة، وأن يتوقف في آحادهم (من حيث الحكم على كل فرد بالكفر) إلا إن ظهر الكفر منه (أي من الفرد) جهارا.
6* السبب في أني أميل إلى القول بهذا، أنهم من حيث الواقع الغالب فيهم الكفر، وإن القول بكفرهم من حيث الوصف (أي من فعل كذا فقد كفر) مشعر بالتوقف في أمرهم مع ظهوره، وأحب أن أسمي هذا ورعا باردا، كما وأنه مشعر بقلة الكفار منهم وهذا خلاف الواقع، لأنه إن كان الأمر هكذا فليس للالتصاق شتم الصحابة و و و و .......... بهم معنى، والله أعلم.
أخوكم أبو بكر.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[17 - 03 - 04, 12:33 ص]ـ
- الأخوة الأفاضل .. بارك الله فيهم جميعاً
كان عندي سؤالٌ طرحته من أول مشاركة.
فأرجوا منكم الإجابة عنه:
س: ما هو وصف الشيعة - الرافضة - الذين لا يكفرون ((من الموجودين في هذا العصر))؟
- وبالجواب عن هذا السؤال يرتفع الخلاف اللفظي في هذه المشاركة.
ـ[أخوكم]ــــــــ[17 - 03 - 04, 03:15 ص]ـ
تذكروا إخواني أنا هنا للنقاش فكل منا يبحث إن شاء الله عن الحق
فلنتعاون ولنضع أيدينا بأيدي بعض
-------------------
الأخ الكريم صاحب الفوائد الجمة " أبو عمر السمرقندي" متعنا الله بعلمه
ماذا عن الزيدية " مثلا "؟
-------------------
الأخ الكريم أبو عمر الناصر حفظه الله ورعاه
أولا أنا لم أجزم يا أخي، وكل ما في الأمر أنه لفت نظري أن بعض الإخوة الأفاضل يجزمون بأن " كل " شيعي قد ارتكب مكفرا من المكفرات، فقلت في نفسي أيعقل أنهم عاشروا " كل " شيعي!
أما تجربتك الشخصية فصدقني أنها قاصرة يا أخي، وسؤالك عن تجربتي القاصرة قاصر، ولكن لأجل عين تكرم مدينة، فسأجيبك عن " إحدى تجاربي " ...
قابلت شيعيا كويتيا وناقشته في مسألة دعاء الحسين _ رضي الله عنه _ فأنكرها أشد الإنكار وجهل الذين يفعلونها سواء من السنة أو الشيعة
ستقول تقية
سأقول لنا الظاهر
وأعيد وأكرر بأن تجربتي ستبقى قاصرة، فإن كان ولا بد من التجارب، فليكن مسحا بيانيا شاملا لذلك الوباء المسمى رافضة أو شيعة بأن كل واحد منهم قد فعل مكفرا ...
أخي تأمل فتاوي الراسخين في العلم قديما وحديثا تجد أنها تركز على العمل لا عن اسم " الشيعة " .... تجدهم يسألوا عن الشيعة فيقولوا إن فعل كذا وكذا فهو مشرك .... فماذا نفهم من هذا إلا الاعتماد على العمل
ختاما ... اعذروني فما سألتكم سؤالي السابق:
كيف تأكدتم أن كل شيعي موجود الآن قد ارتكب كفرا؟
إلا لأني ما زلت أنهلُ من معين علمكم بارك الله فيكم ومتعنا بعلمكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/245)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[17 - 03 - 04, 06:39 ص]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة أخوكم
أخي تأمل فتاوي الراسخين في العلم قديما وحديثا تجد أنها تركز على العمل لا عن اسم " الشيعة " .... تجدهم يسألوا عن الشيعة فيقولوا إن فعل كذا وكذا فهو مشرك .... فماذا نفهم من هذا إلا الاعتماد على العمل
كيف تأكدتم أن كل شيعي موجود الآن قد ارتكب كفرا؟
أخي الحبيب أخونا:
فتاوي الراسخين ليست كما قلتَ بل معظمها ركزت على الاسم؛ فتأملها.
ومسألة الزيدية ليست مطروحة هنا بل الكلام على الإمامية، واقحامها هنا لا معنى له.
وأما السؤال الآخر فهو في نظري = خطأ!
والسبب: لأنه كل من كان شيعيا (رافضيا) = فهو كافر، وإن انفك عن تلكم المكفرات؛ انفك عنه اسم التشيع (الرفض) المعهود الآن.
وسؤال شيخنا أبي عمر في غاية الأهمية، وسبق أن ذكرتُ فيما سبق أن الرافضة الاثني عشرية الآن قد استقر مذهبهم جميعا على أصول الكفر.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[17 - 03 - 04, 08:04 ص]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة عبد الرحمن السديس
ومسألة الزيدية ليست مطروحة هنا بل الكلام على الإمامية، واقحامها هنا لا معنى له.
والسبب: لأنه كل من كان شيعيا (رافضيا) = فهو كافر، وإن انفك عن تلكم المكفرات؛ انفك عنه اسم التشيع (الرفض) المعهود الآن.
- أحسنتم - بارك الله فيكم - على ها الإيجاز المفيد.
فلو قال أحد قابلت شيعياً قال كذا أو نفى عن نفسه كذا وكذا من كفريات أهل التشيُّع؛ قلنا هو على أحد حالين:
1 - إما على أصل مذهبه الواجب؛ من التقية والنفاق، فيكون منافقاً.
لي حيلةٌ فيمن ينمْ * * * * وليس لي في الكذَّاب حيلة!
من كان يخلق ما يقولُ * * * * فحيلتي فيه ضعيفة!
2 - وإما أنه ليس شيعياً، فالخطاب والموضوع كله ليس إليه.
لأنه لو كان صادقاً ومخلصاً وأميناً ودقيقاً في تشيُّعه لما عقَّ مذهبه وتبرأ من دينه.
- وما زال السؤال السابق قائماً.
إذ كيف يكون شيعياً ولا ((يعتقد)) شيئاً من أصول الشيعة الكفرية؟!
هذا ليس شيعياً؛ بل هو فاسق منحلٌّ من دينه (التشيع)، يستتاب من آياتهم الشيطانية ليرجع لدينه الأصلي، أو يخرج منه بالكلية ليعود لدين الإسلام.
وهو بمنزلة المنتسب للإسلام الذي لا يعتقد شيئاً من معتقدات الإسلام ألبتة أو شيئاً منها.
فهذا ليس مسلماً أصلاً!
______________________
- أخونا الكريم الفاضل الكبير الحبيب الملقب بـ (أخوكم) ... وفقه الله ونفعنا بعلمه
نعم .. إنما الأمر للمدارسة والاستفادة، منكم وإلينا.
زادك الله فضلاً وتواضعاً ونبلاً ..
ثم إنَّنا - كلنا - في هذه المسألة إنما نبحث مسألة شرعية، ولا نصدر أحكاماً قضائيةً نافذة.
ـ[أبو بكر بن عبدالوهاب]ــــــــ[17 - 03 - 04, 10:36 ص]ـ
أخي الشيخ أبو عمر السمرقندي حفظه الله تعالى ونفعنا بعلمه، آمين
1* قلتم: ما هو وصف الشيعة - الرافضة - الذين لا يكفرون (من الموجودين في هذا العصر)؟
والجواب أنتم تعلمون أن لازم الرفض كفر، ولكن أردتم تقرير المسألة فجزاكم الله خيرا، وهذا كما تعلمون مما لا خلاف فيه، ولله الحمد.
2* وأنا في مشاركتي في هذا الموضوع نبهت إلى أن الرفض كفر، وأعوذ بالله أن أقول غير هذا، وقد أكد هذا الأخ الشيخ عبد الرحمن حفظه الله تعالى، وأود أن أقول إن المخالف في هذه المسألة لا يقول غير ما نقول، والله تعالى أعلم.
3* أعود لأكرر أن الخلاف لفظي، شيوخنا الكرام
قلتم إن الرافضة كفار
فقال المخالفون في هذا وهل كلهم فعل الكفر أو اعتقده
إن كلام المخالف يدل على أنه يرى فعلهم واعتقادهم الذي نكفرهم به كفر، لكنه يرى أن ليس الجميع على هذا العمل والاعتقاد.
وإن أصل كلامه لا يصح على مقتضى كلامنا، لأنا قررنا أنهم روافض (أي كفار)، فكيف يقال بعد ذلك، وهل كلهم فعل الكفر أو اعتقده!!.
4* إن إجابة الإخوة عن السؤال الذي طرحه الشيخ أبو عمر حفظه الله ستحرر نقطة الخلاف في هذا الموضوع.
ومعذرة على تطفلي عليكم
كتبت هذا الرد قبل قراءة ردكم شيخنا أبا عمر
أخوكم المحب أبو بكر.
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[19 - 03 - 04, 11:56 ص]ـ
كلام الأخ أخوكم هو المنطقي حتى الآن ..
فلا خلاف حول تلك النواقض أنها تخرج من الملة، مثل اعتقاد تحريف
القرآن ونحو ذلك .. أما أن يقال كل من على وجه الأرض من الرافضة
فهو كافر فدون إثباته خرط القتاد، والذي يجزم بهذا مستيقنا إن
كان على يقين فعلا فليقسم لنا قسما مغلظا أنه ما على وجه الأرض
من رافضي إلا وهو كافر، فإن نكث فدل على أن في تعميمه شبهة!!!
أما سؤال الأخ الكريم السمرقندي فجوابه: أفصح لنا أنت عن معنى
الرفض عندك، لأنه في تاريخ التشيع اطلق على الرفض على فئام
كثيرة، وبعض الأخوة نقل نقول السلف عن الرافضة ولم يحرر المقصود
منهم، فمن الرافضة أقوام رفضوا أبا بكر وعمر وعثمان فقط،
فهل هؤلاء كفرة؟؟؟
ولنفترض أنك تقصد بالرفض هنا المعنى الخاص، وهو من يعتقد
مذهب الإمامية الإثنا عشرية، فعندئذ يزول كل ما نحن فيه، ويرتد
السؤال: هل يشترط في كل من تسمى أنه رافضي أن يكون معتقدا لمذهب
الإمامية بحذافيره؟؟؟ هذا مستحيل ...
وبين ظهرانينا من علماء الرافضة من أنكروا تلك النواقض وأعلنوها
في كتب مؤلفة ولكنهم لم يرجعوا عن التشيع وبقوا على مذهبهم،
قل ما قولكم في الموسوي، ما زال على التشيع، ولكنه أنكر كل
فضائح الرافضة وتبرأ منها ... فهل يكون كافرا لأنه ما زال
شيعيا رافضيا؟؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/246)
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[19 - 03 - 04, 12:38 م]ـ
يراجع كتاب المتخصص الشيخ الأستاذ إحسان إلهي ظهير: الشيعة والتشيع.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[19 - 03 - 04, 01:38 م]ـ
الأخ الكريم رضا صمدي ..
هل لي أن تبيِّن لي ما هي صفة تشيع موسى الموسوي.
أظنه هو صاحب كتاب: الشيعة والتصحيح.
أليس كذلك؟
فأسألك ماهي شيعيته؟
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[19 - 03 - 04, 01:57 م]ـ
- وأنا أعلم أنَّ بعض رموز الدعوة في تايلند - وفي فطاني بالذات - كان يدعو مريديه إلى قراءة كتاب الموسوي والاستعاضة بها عن كتاب ابن تيمية واحسان إلهي ظهير في الكشف عن حقائقهم.
بزعم التقريب ونحو ذلك من المزاعم ..
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[19 - 03 - 04, 02:09 م]ـ
الأخ الكريم رضا، أخي إذا أطلق لفظ الشيعة أو الرافضة فلا ينصرف ذلك إلا إلى الرافضة الإمامية. أما قولك بارك الله فيك: فلا خلاف حول تلك النواقض أنها تخرج من الملة، مثل اعتقاد تحريف
القرآن ونحو ذلك ..
أخي العوام قد لا يعتقدون تحريف القرآن وغيره من النواقض التي هي أصول مذهب الإمامية لكنهم - أعني العوام - متفقون على دعاء غير الله
كالحسين وعلي وأهل البيت وطلب الشفاعة منهم!! والطواف على قبورهم وهذا هو الواقع، قد يكون أخي هناك من يشذ من عوامهم عن ذلك وهذا نادر والنادر لا حكم له!
المعذرة على مقاطعة الشيخ أبو عمر على سؤاله،
أخي الكريم / أبو عمر الناصر ‘ المعذرة على التأخر في الرد لأني لا أملك جهاز حاسب ولأني بعيد عن المدينة التي أسكن فيها
أخي، أبو يوسف هو عبدالرحمن بن يوسف الرحمة، أحد طلاب الشيخ
صاحب كتاب (الإنجاز في ترجمة الإمام عبد العزيز بن باز) وكان سيقدم
له الشيخ لولا أن المنية اخترمته رحمه الله
تجده على هذا الربط: http://www.ibnbaz.org.sa/tree.asp?ID=1&t=bab1
أما أبو وداعة فراجع بريدك الخاص
أخي بالنسبة للموضوع راجعت ما ذكرت لي أنه في شريط رقم 8 من
لقاء مع إخوة في الله عن طريق الشبكة حيث أن أشرطتي ليست
معي ولم أجد التلاوة في بداية الشريط ولا القصيدة النبطية وهي فيما
أذكر علامة لي على السؤال، المهم أني وجدته بعد بحث في جميع
الأشرطة العشر على الشبكة فوجدته في رقم واحد وسأنقله لك بحرفه
بعدما فرغته من الإنترنت ولعلي بعدما أرجع لمزيد الفائدة أبحث النص
الآخر المحذوف من شرح كشف الشبهات.
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[19 - 03 - 04, 02:46 م]ـ
السؤال: فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد
أفيدكم أنني رجل أعمل في مدينة نجران وقابلني رجل عند منزله ثم دعاني لشرب القهوة وقد قام هذا الرجل بذبح ذبيحته وبعدما حلّ وقت الصلاة لم يصل معنا ثم اتضح أنه من الرافضة فما هو رأي فضيلتكم ‘ هل يجوز أكل ذبيحته وجزاكم الله خيرا؟
جواب الشيخ رحمه الله:] [إذا عرف أنه من الرافضة لا تؤكل ذبيحته لأنهم يعبدون علي وأهل البيت ويستغيثون بهم وينذرون لهم فهم كفرة بذلك
سواء المكارمة في نجران وأتباعهم أو في القطيف أو في غير ذلك
من عرف أنه من الرافضة لا تؤكل ذبيحته لكفرهم الظاهر بعبادتهم أهل البيت وتعلقهم بعلي وفاطمة والحسن والحسين والإستغاثة بهم ونذرهم لهم، إذا قاموا يا علي وإذا جلسوا يا علي، نسأل الله العافية
هذا الشرك الأكبر، ويجب بغضهم في الله وألا يُتخذوا أصحابا، ولكن ينصحون، يدعون إلى الله لعل الله يهديهم، إذا كنت لك بهم صلة، تدعوهم إلى الله وتحثهم على إتباع السنة ومحبة الصحابة والترضي عنهم، الرافضة يسبون الصحابة، يسبونهم إلا قليلا إلا نفرا يسيرا. انتهى كلامه رحمه الله
المصدر من سلسلة لقاء مع إخوة في الله، الجزء الأول
الدقيقة 24 و 18 ثانية
نقاته بحروفه من هذا الرابط: http://www.islamhouse.com/ar/tapes.php?doWhat=showcat&catid=14
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[19 - 03 - 04, 03:48 م]ـ
استمع أيضا لسماحته رحمه الله
السؤال:
ما حكم تكفير طائفة "الرافضة"؟
الجواب استمع إليه مباشر على هذا الرابط: http://www.islamway.com/bindex.php?section=fatawa&fatwa_id=711
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[19 - 03 - 04, 10:04 م]ـ
كلام الأخ رضا إلى الخيال أقرب منه إلى الواقع،
نحن نتكلم عن الرافضة الموجودون الآن،
هل يوجد رافضي ينفك عن عشرات المكفرات؟!
ولو زعم تركه لعقيدة التحريف ونحوها .. هل سترك عبادة أهل البيت، ولعن الصحابة؟ هذه التي دونها أكل القتاد بعد خرطه!
ولعلك تستمع لكلام الإمام ابن باز .. المنصب على واقع هذه الفرقة، وليس على الخيال ..
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[20 - 03 - 04, 09:27 ص]ـ
الأخ رضا
نحن نحدثك عن الواقع فليتك تحدثنا عن وجود هؤلاء (الشيعة) الذين لم يرتكبوا المكفرات، هل هم في واقعنا متواجدون؟! أم هم إلى الخيال أقرب؟!
الأخ عبدالله المحد
لم يصلني شئ عبر البريد! فليتك لا أهانك الله أن تعاود الإرسال
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/247)
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[20 - 03 - 04, 11:29 ص]ـ
أيضا سئل الشيخ رحمه الله ..
السائل: الرافضة هل يحكم بكفرهم جميعا ولا بعضهم؟
الشيخ ابن باز رحمه الله: المعروف أنهم كفار، عبّادا لعلي عامتهم وقادتهم لأنهم تبع القادة مثل كفار أهل مكة تبع أبي سفيان وأشباهه، تبع أبي جهل، وتبع أبي لهب كفارهم تبع لهم، عامتهم تبعهم.
لأنهم مقلدون لهم راضون بما هم عليه ما يطيعون يخالفونهم، كل المشركين كفار، كل المشركين الذين يتبعون قادتهم.
الرسول قاتل الكفار ولا ميّز بينهم، والصحابة قاتلوا الروم وقاتلوا فارس ولا فصّلوا بين العامة وبين الخاصة، لأن العامة تبع الكبار، تبع القادة، العامة تبع القادة، نسأل الله العافية.
(انتهى كلامه رحمه الله من الوجه الأول من الشريط الثالث لشرح كشف الشبهات)،، وهناك الكثير من الأسئلة عن طوائف الرافضة وحكم أطفالهم ومقاطعة تجّارهم وغير ذلك لكن اقتصرت على ما هو حول الموضوع.
ولعل الله ييسر أن أفرغها جميعا في موضوع واحد بما فيها ما حذف من شرح كشف الشبهات.
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[20 - 03 - 04, 12:27 م]ـ
الأخ ابو عمر الناصر،
أعتذر إليك أخي، لعلك أخي تراجع بريدك الخاص.
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[22 - 03 - 04, 03:52 م]ـ
الأخ عبد الرحمن السديس ... سدده الله ...
كلامي ليس له علاقة بواقع ولا بخيال، كلامي حول مسالة أصولية وهي
التعميم دون دليل، أو لنقل: التعميم دون استقراء تام، وقد
قيل لك: استقرئ كل الروافض في العالم واحدا واحدا ثم قل:
كل رافضي إمامي، كل إمامي كافر، إذا كل رافضي كافر .. هل
هذه القضية تصح؟؟؟
أما الواقع فأنا حدثتك عنه: ما رأيك في الموسوي؟؟؟
الموسوي رافضي، أعني من حيث المذهب، فهو إمامي جعفري، وحرص
أن يظهر بصورة علماء إيران على طرة كتابه عن تصحيح المذهب، وهو
موجود في أمريكا على ما أظن، مستعلن بشيعيته، ومرجع لبعض الشيعة
ولكن الرافضة في إيران يتبرأون منه ...
عندنا روافض (درسوا في إيران) في تايلند لا يقولون بتحريف القرآن
ولا يكفرون كل الصحابة، ولا يعبدون علي و آل البيت. فهل هذا الواقع
يرضيك في التراجع عن تعميمك؟؟؟
الأخ أبو عمر السمرقندي كرمه الله: ما وصلك عن أحد الرموز وبالذات
في فطاني ليس بصحيح جملة وتفصيلا، ولكن النصح بقراءة كتاب الموسوي
لأن الشيعة في تايلند نشطون جدا للأسف، ونشاطهم تدعمه إيران بكثافة،
ولا يمكن بحال تكون كتب شيخ الإسلام وإحسان إلهي ظهير مرجعا للناس
العاديين حول الشيعة، ببداهة لأن كتب شيخ الإسلام كبيرة وصعبة ولم تترجم
إلى اللغة التايلندية ولا الملاوية، وكذا كتب الشيخ إحسان إلهي ظهير،
أما كتاب الموسوي فعصفوران بحجر واحد، حيث فيه بيان لأخطاء الشيعة
على لسان شيعي، وفيه إشارة من طرف خفي إلا أن الشيعة عندهم أخطاء.
ومهما يكن من شيء فإن كتب شيخ الإسلام وكتب إحسان إلهي ظهير تقرأ
وتوزع بحمد الله ويعرفها طلبة العلم والدعاة بل غالب المناظرات
التي حصلت كانت تعتمد بالكليةعلى كتب هذين الشيخين ... وخاصة
الشيخ إحسان إلهي ظهير.
تتمة للواقع الذي لامني الأخ السديس أنني أتحدث بعيدا عنه، أرجع
وأقول: في تايلند عندنا شباب يدخل التشيع رغبة في نكاح المتعة
فقط ... لأن الوضع كما تعرف في تايلند! فهل مثل هذا يكفر؟؟؟؟؟
يا إخوان المسألة سهلة جدا، وفتاوى بعض اهل العلم في الرافضة
قصد بها في منطقة أو في بلد عرف عنهم أفعال معينة، ولكن التعميم
ما أظن عالما يقول به ...
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[22 - 03 - 04, 04:56 م]ـ
أخي رضا نلتَ من الله الرضا
إن صح ما قلتَ: فهؤلاء ليسوا رافضة فتأمل.
وأما قضية تتبع كل رافضي في العالم فهذا لا ينبغي أن يصدر من مثلك!
والتكفير بالإطلاق معروف فيهم ومن هو على شاكلتهم وهذا الذي قاله أهل السنة ولم يتتبعوا كل فرد انتسب إلى هذا المذهب ..
والسؤال الآخر: هل هذا الموسوي الذي تذكر لما ترك ما ترك دخل في السنة، واعتقد ما يعتقدون، ويصلي صلاتنا ... الخ دين المسلمين وترك جميع المكفرات التي يعتنقها الرافضة ... وإلا أنشأ إسلاما جديدا من عند نفسه؟
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[22 - 03 - 04, 05:44 م]ـ
الأخ المكرم السديس ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/248)
إحصاء وسبر كل الرافضة في العالم بناء على ما صدر مما يليق بمثلك
حين قررت أن كل رافضي كافر! أنا ما فعلت سوى أن ناقشتك في الصغرى
وأنت تريد أن تقفز فوق هذا النقاش وهذا مصادرة على المطلوب .....
أما قولك إن هؤلاء الذين ذكرتهم ليسوا برافضة فيدل على أن لك تعريف
خاص للرافضة، وأن هذا الاصطلاح الخاص لا يليق إطلاقه إلا ببيان اصطلاحك
حتى لا يحصل تعميم يخل بمقصودك ...
هؤلاء الذين ذكرتهم ينتمون للشيعة الإمامية، ولكنهم لا يفعلون
الكفريات التي ذكرتها، تقية أو عن اعتقاد صحيح، فكيف لا يكونون
رافضة وهم يعتقدون بالفقه الجعفري عن بكرة أبيه ولكنهم يقولون
إن في المذهب أحاديث موضوعة لا يعول عليها ... وكثير منهم لا يضعون
تربة الحسين عند صلاتهم، بل منهم من لا يكفر المسلمين ويصلي وراءهم
ويشاركهم نشاطاتهم ومع ذلك يعلن ولاءه للإمامية ...
ولعلمك فمثل هؤلاء كثر ...
ثم إن كلامي معك حول التعيين وليس الإطلاق، وقولك إطلاق القول
بكفر الرافضة فيه خلاف معروف بين أهل السنة ذكره شيخ الإسلام
وابن عابدين وغيرهما، ومعنى الإطلاق كفر الطائفة بناء على
معتقداتها دون النظر إلى أعيان الأفراد.
السلف كفروا من قال بخلق القرآن، والإمام أحمد وأهل السنة فتنوا
في محنة خلق القرآن ولم يكفر أحد منهم المعتصم، ولا يعرف له قول
حتى في تكفير ابن أبي دؤاد، فتأمل.
أما سؤالك عن الموسوي وعن حاله فلا اعرف تفاصيل ذلك، ولكن علمي أنه
ممن تبرأ من تلك فضائح الرافضة وكتب ذلك في مصنفات كثيرة يطبعها
على نفقته ونفقة تلاميذه والمحسنين ويوزع الكثير منها بالمجان، وله
نشيط في تعريف الشيعة بأخطاء المذهب، والشيخ حامد العلي حكى أن
كثيرا من العلماء والعوام لا يقبلون تلك الكفريات ويأنفون منها ...
أختصر النقاش في قضيةواحد وهي:
تعيين كفر الروافض (بإطلاق معنى الرفض) في كل الدنيا ليس بسديد،
فلو كان المراد من الروافض طائفة معينة وهم الإمامية فهو اصطلاح
خاص، فالروافض طوائف كثيرة، هذا معروف عند أهل العلم، فلو كنا
لا نتكم باصطلاح أهل العلم فيجب أن نبين اصطلاحنا الخاص أو الواقعي
الذي نحكيه حتى لا يحصل اللبس ...
والله أعلم.
ـ[تقويم النظر]ــــــــ[23 - 03 - 04, 02:53 ص]ـ
البهائية فرقة كافرة او الاغاخانية الاولى فيها فتوى من رابطة العالم الاسلامي
إذا جاء شخص فسالته عن حاله فقال انا بهائي فهل تحكم عليه بحكم الطائفة البهائية ام تقول لا وتساله وتستفصل؟؟
الفرد هنا له حكم الطائفة والتي نعرف نحن عقائدها وهذا من الحكم بالظاهر المأمور به
والذي يحكم على باطن الشخص أو يقول أنه ليس كافرا أو ليس من البهائية المعروف حكمها هو الذي يطالب بالدليل
ومن قال إنه مسلم فهو الذي يقال له هلا شققت عن قلبه فعلمت انه مسلم ولا يقال هذا لمن حكم بالظاهر وبإقرار ذات الشخص
وهذا يقال لكل منتسب لعقيدة كفرية نعلم نحن ما فيها من كفر كالرفض وغيرها، حكم الفرد حكم الطائفة
ولإقامة الحدود تفاصيل أُخر. والله اعلم
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[23 - 03 - 04, 10:29 ص]ـ
الأخ تقويم النظر .. كلامك صحيح ولكن دليلك أعم من الدعوى،
فالدعوى خاصة في الرافضة، ودليلك في كل طائفة كفرية،
والرافضة فيهم فرق ليست بكافرة، والخلاف المذكور فيهم
معروف حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره.
فأين البهائية من الرافضة؟؟؟
وتبسيطا للمسألة: لو جاء إنسان وقال أنا رافضي، وأعتقد
مذهب الإمامية، إلا تحريف القرآن وتكفير كل الصحابة ونحو
ذلك من النواقض التي نأخذها عليهم، ومع ذلك فهو يعلن
ولاءه للرفض ومذهب التشيع، ماذا تقول فيه؟؟؟
وسؤال لأهل الحديث:
كل الرواة في الكتب الستة وغيرها ممن قيل فيه:
رافضي خبيث
رافضي
فيه رفض
رمي بالرفض
هل تعتبرونه كافرا؟؟؟؟
على مبدأ التعميم فهؤلاء كفرة أعيانا ويلزم منه أن علماء
الحديث رووا عن كفرة بالعين!!! فهل تلتزمون هذا؟؟؟؟؟؟
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[23 - 03 - 04, 01:26 م]ـ
أخي رضا: أرى أن مرحلة التكرير، والحشو قد بدأت! وفهومنا متباينة!
لذا أرى أنه من الأسلم لوقتي، ووقتك، ووقتك القارئ؛ أن لا أجيب، ويكفي ما ذُكِرَ في الصفحات الماضية.
والله أعلم.
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[23 - 03 - 04, 02:05 م]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة رضا أحمد صمدي
السلف كفروا من قال بخلق القرآن، والإمام أحمد وأهل السنة فتنوا
في محنة خلق القرآن ولم يكفر أحد منهم المعتصم، ولا يعرف له قول
حتى في تكفير ابن أبي دؤاد، فتأمل.
اصطلاحنا الخاص أو الواقعي
الذي نحكيه حتى لا يحصل اللبس ...
والله أعلم.
أخي رضا وفقه الله
في السنة للخلاَّل (6/ 117)
1757 _ أخبرني الحسن بن ثواب المخرمي، قال قلت لأحمد بن حنبل: ابن أبي دؤاد؟
قال: كافر بالله العظيم
وهذا إسناد صحيح
وقد جاء مطولا في تاريخ بغداد (4/ 153)
حدثنا أبو سعد الحسين بن عثمان الشيرازي لفظا أخبرنا أبو على حميد بن عبد الله بالري حدثنا محمد بن الحسن بن الحسين القاضى حدثني الحسن بن منصور حدثنا الحسن بن ثواب قال:
سألت احمد بن حنبل عمن يقول القرآن مخلوق؟
قال: كافر.
قلت: فابن أبى دؤاد؟
قال كافر بالله العظيم.
قلت: بماذا كفر؟
قال: بكتاب الله تعالى، قال الله تعالى {ولئن اتبعت اهواءهم بعد الذي جاءك من العلم} فالقرآن من علم الله، فمن زعم أن علم الله مخلوق فهو كافر بالله العظيم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/249)
ـ[عبدالله الحسني]ــــــــ[23 - 03 - 04, 05:27 م]ـ
يظهر من نقل خالد بن عمر أن الأخ رضا حفظه الرحمن أنه أحيانا يتكلم ارتجالا،
وهذا مثال ثان: فأقول:
المذكور في كتب الرجال ليس على درجة واحدة، بل بعضه خرج ممن فيه نصب أو ميل إليه ونحو هذا، وبعضه يعتبر من التضعيف النسبي المقرون بالرواية، وبعضه سببه اختلاف حال الطائفة الخبيثة الخ فلا مرورها بتطورات وتجديدات إلى الآن لم تنته! وكتاب الكافي ما زال في تطور الذي هو بخاريهم، وما ولاية الفقيه عنّا ببعيد، وهذا نقول تقرب بعض ما ذكر:
قال الذهبي في ميزان الاعتدال 1/ 119:
فكيف يكون عدلا وهو صاحب بدعة؟ وجوابه إن البدعة على ضربين:
فبدعة صغرى كغلو التشيع، أو كالتشييع بلا غلو، ولا تحرق؛ فهذا كثير في التابعين واتباعهم مع الدين والورع والصدق؛ فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية، وهذه مفسدة بينة.
ثم بدعة كبرى كالرفض الكامل والغلو فيه والحط على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما والدعاء إلى ذلك فهؤلاء لا يقبل حديثهم، ولا كرامة، وأيضا فلا استحضر الآن في هذا الضرب رجلا صادقا، ولا مأمونا؛ بل الكذب شعارهم، والتقية، والنفاق دثارهم؛ فكيف يقبل من هذا حاله؟ حاشا وكلا فالشيعي الغالي في زمان السلف، وعرفهم هو من تكلم في عثمان، والزبير، وطلحة، وطائفة ممن حارب عليا رضي الله عنه، وتعرض لسبهم،
والغالي في زماننا، وعرفنا هو الذي كفر هؤلاء السادة، وتبرأ من الشيخين أيضا؛ فهذا ضال مفتر. اهـ.
فكيف بزماننا؟ المعتدل هو من يلعن الشيخين! وقد سمعنا جميعا حسن الصفار الذي يوصف بالاعتدال وهو يصرح بلعن الخليفتين.
في لسان الميزان1/ 196: وياقوت متهم بالنصب فالشيعي عنده رافضي.
وفيه أيضا5/ 232: وقد قال أبو طاهر: سألت أبا إسماعيل عبد الله الأنصاري عن الحاكم أبي عبد الله فقال إمام في الحديث رافضي خبيث قلت إن الله يحب الإنصاف ما الرجل برافضي بل شيعي فقط.
وفيه أيضا 3/ 427: محمد بن المثنى حدثنا عبد الله بن داود عن عبد الرحمن بن مالك بن مغول عن أبيه قال لي الشعبي ائتني بزيدي صغير اخرج لك منه رافضيا كبيرا أو ائتني برافضي صغير اخرج لك منه زنديقا كبيرا هكذا رواه زكريا الساجي عنه ورواه غير الساجي عن بن المثنى فقال فيه بدل زيدي شيعي وهذا أشبه فإن الزيدية إنما وجدوا بعد الشعبي بمدة.
والنقول في هذا كثيرة جدا.
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[23 - 03 - 04, 05:50 م]ـ
الأخ خالد عمر .. جزاك الله خيرا .. أرجع عن ابن أبي دؤاد، فما بال
المعتصم لم يكفره أحمد رحمه الله ... ؟؟؟
الأخ السديس ... نعم نحتاج إلى تحرير ملح النزاع ...
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[23 - 03 - 04, 06:09 م]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة أبو عمر السمرقندي
- وأنا أعلم أنَّ بعض رموز الدعوة في تايلند - وفي فطاني بالذات - كان يدعو مريديه إلى قراءة كتاب الموسوي والاستعاضة بها عن كتاب ابن تيمية واحسان إلهي ظهير في الكشف عن حقائقهم.
بزعم التقريب ونحو ذلك من المزاعم ..
الموسوي قد تسنن قبل وفاته رحمه الله
وقال أنه شيعي بمعنى أنه محب لأهل البيت، أما كل شيء آخر فهو يتبرأ منه
ولذلك كان الشيعة يلعنوه ويكفروه
ـ[ابن وهب]ــــــــ[23 - 03 - 04, 10:53 م]ـ
قال الشيخ رضا أحمد صمدي وفقه الله
(على مبدأ التعميم فهؤلاء كفرة أعيانا ويلزم منه أن علماء
الحديث رووا عن كفرة بالعين!!! فهل تلتزمون هذا؟؟؟؟؟؟
)
اولا السؤال هل من قال فيهم بعض السلف
رافضي خبيث
عندهم مكفرات مثل الامامية في عصرنا
في اصطلاح المعاصرين
الرافضة = الامامية
فهذا الداراقطني قد قال عن عدي بن ثابت التابعي رافضي
فهل كان عدي رحمه الله اماميا جعفريا زنديقا
كلا
لم يكن كذلك بل كان من عتقاء الشيعة رحمه الله
وقد بين احد الاخوة ذلك نقلا عن كلام الذهبي رحمه الله
فلايبقى اي حجة او تعلق بالرواة
الا اذا ثبت ان هذا الراوي كان يعتقد مذهب الامامية
فان ثبت فلا رواية عنه ولاكرامة ولاحجة في نقله ولافي روايته
واذا لم يثبت ذلك وعلم ان قولهم رافضي لايقصدون به انهم يعتقدون مذهب الامامية الجعفرية الغالية
وقد نص علماء الجعفرية على مثل ما ذكره الذهبي عنهم
فالذي كان يعتبر من الغلو لدى قدماء الشيعة يعتبر الان من اهم ركائز عقائد الامامية
يبقى السؤال الآخر
(ويلزم منه أن علماء
الحديث رووا عن كفرة بالعين!!! فهل تلتزمون هذا؟؟؟؟؟؟)
ما المقصود بذلك
هل المقصود ان من كتب عنه الحديث لايكون كافرا
بمعنى ان
شخصا قد كتب عنه الحديث = انه لايكون كافرا
بعينه لانه قد كتب عنه الحديث وهذا المعنى بعيد
او المعنى انهم ما كانوا يكتبون الحديث عن كافر
في تاريخ بغداد للخطيب ذكر لزنادقة كتبوا الحديث وكتب عنهم
فهل هولاء الزنادقة لانه قد كتب عنهم الحديث لايعتبرون كفارا
وقد كتب ابن حبان عن الزنادقة وفضحهم
وكذا غير واحد من اهل العلم
ومعاذ الله ان نقول ان هناك رواة كفرة في مثل كتب السنة المشهورة
ولكن المقصود التعليق على هذا الموضع
وانا لن اتجاوز هذا الموضع
كتبت هذا بيانا لاحوال الرواة الذين قيل عنهم رافضي او غال في التشيع
او نحو ذلك
وانه لايجوز بحال ان يقارن حالهم بحال الامامية في عصرنا
والله أعلم بالصواب
قال الشيخ رضا أحمد صمدي وفقه الله
(وفتاوى بعض اهل العلم في الرافضة
قصد بها في منطقة أو في بلد عرف عنهم أفعال معينة)
سبحان الله
والروافض في العالم ماذا يفعلون؟
العبرة بالمركز والاصل لابالفروع
العبرة بمركز الرافضة ومصدر قوتهم واصل اعتقادهم
وليست العبرة بروافض الاموال في فطاني او ليبيا او الجزائر او السودان
وهذا واضح جدا
والا لو فتحنا هذا الباب لقال آخر
لو جاءك رجل وقال انه نصراني الا انه لايعبد عيسى ويراه رسول ويرى ان محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الانبياء ويؤمن برسالته ويتبرأ من عقائد النصرانية
ومع هذا يقول عن نفسه انه مسلم نصراني
وعنده بعض العقائد التي لاتخرجه عن الملة
فما حكمه
؟
وهل يعترض بمثل هذا على من قال ان النصارى كفار
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/250)
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[24 - 03 - 04, 03:55 م]ـ
بارك الله فيك أخي ابن وهب: أنت قلت إن في بعض الرواة من قيل فيهم
رافضي ومع ذلك فأنت تؤكد أنهم ليسوا على مذهب الإمامية، وهذا
كاف في إثبات القضية: ليس كل رافضي إماميا، إذا، ليس كل
رافضي كافرا ...
سبحان الله: هل الرفض ماركة مسجلة لهاحقوق؟؟؟
هو اسم وشعار، فيه ما هو كفر وفيه ما هو ضلال وليس بكفر، والمسلم
عادل، والإنصاف حتى مع الكفار واجب ... والله أعلم.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[24 - 03 - 04, 04:16 م]ـ
أخي الحبيب الشيخ رضا صمدي وفقه الله
بارك الله فيك
ليس كل رافضي = امامي
صحيح
ولكن من اصطلح على تسمية
الامامية = الرافضة
كما هو اصطلاح العلماء في العصر الحديث اوفلنقل هو اصطلاح كثير من العلماء
جاز له ان يقول ان عقيدةالفرقة الامامية = عقيدة كفرية
او قال عقيدة الرافضة = عقيدة كفرية
فانهما يؤديان نفس المعنى
تنبيه
اتراجع عن المثال الذي ذكرته فاني كتبته على عجلة
والعجلة من الشيطان
والله أعلم بالصواب
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[24 - 03 - 04, 07:39 م]ـ
الأخ الحبيب ابن وهب ..
هذا ما أنا فيه مع الأخوان ...
أن ما هم فيه اصطلاح لهم، أو لنقل اصطلاح للعلماء وليس لكل
العلماء، أن كل رافضي إمامي ..
ولكنهم يضيفون لها مقدمة أخرى: وكل إمامي كافر، فتحصل
أن كل رافضي كافر، وهذا ليس صحيحا، على الأقل في الصدر
الأول كما تفضلت وذكرت أنت بنفسك ...
وتأمل سياق النقاش من أوله تجد أنك جئت إلى بيت القصيد،
وهو تحرير محل النزاع الذي يأبى بعض الأخوة إلا أن يجعل
اصطلاحه عاما ..
ـ[أحمد أماره]ــــــــ[24 - 03 - 04, 11:45 م]ـ
فتاوى مهمة لشيخ الإسلام ابن تيمية أرسلها لكم الحبيب أبو دانية جزاه الله خيرًا .........
(486) سئل شيخ الإسلام تقي الدين عمن يزعمون أنهم يؤمنون بالله عز وجل وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ويعتقدون أن الإمام الحق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو علي بن أبي طالب وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نص على إمامته وأن الصحابة ظلموه ومنعوه حقه وأنهم كفروا بذلك. فهل يجب قتالهم؟ ويكفرون بهذا الاعتقاد أم لا؟
وأما تكفيرهم وتخليدهم: ففيه أيضا للعلماء قولان مشهوران: وهما روايتان عن أحمد. والقولان في الخوارج والمارقين من الحرورية والرافضة ونحوهم. والصحيح أن هذه الأقوال التي يقولونها التي يعلم أنها مخالفة لما جاء به الرسول كفر وكذلك أفعالهم التي هي من جنس أفعال الكفار بالمسلمين هي كفر أيضا. وقد ذكرت دلائل ذلك في غير هذا الموضع ; لكن تكفير الواحد المعين منهم والحكم بتخليده في النار موقوف على ثبوت شروط التكفير وانتفاء موانعه. فإنا نطلق القول بنصوص الوعد والوعيد والتكفير والتفسيق ولا نحكم للمعين بدخوله في ذلك العام حتى يقوم فيه المقتضى الذي لا معارض له. وقد بسطت هذه القاعدة في " قاعدة التكفير ". ولهذا لم يحكم النبي صلى الله عليه وسلم بكفر الذي قال: إذا أنا مت فأحرقوني ثم ذروني في اليم فوالله لأن قدر الله علي ليعذبني عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين مع شكه في قدرة الله وإعادته ; ولهذا لا يكفر العلماء من استحل شيئا من المحرمات لقرب عهده بالإسلام أو لنشأته ببادية بعيدة ; فإن حكم الكفر لا يكون إلا بعد بلوغ الرسالة. وكثير من هؤلاء قد لا يكون قد بلغته النصوص المخالفة لما يراه ولا يعلم أن الرسول بعث بذلك فيطلق أن هذا القول كفر ويكفر متى قامت عليه الحجة التي يكفر تاركها ; دون غيره. والله أعلم؟
(201) وسئل رحمه الله تعالى عن رجل يفضل اليهود والنصارى على الرافضة؟
فأجاب: الحمد لله. كل من كان مؤمنا بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فهو خير من كل من كفر به ; وإن كان في المؤمن بذلك نوع من البدعة سواء كانت بدعة الخوارج والشيعة والمرجئة والقدرية أو غيرهم ; فإن اليهود والنصارى كفار كفرا معلوما بالاضطرار من دين الإسلام. والمبتدع إذا كان يحسب أنه موافق للرسول صلى الله عليه وسلم لا مخالف له لم يكن كافرا به ; ولو قدر أنه يكفر فليس كفره مثل كفر من كذب الرسول صلى الله عليه وسلم.
ـ[تقويم النظر]ــــــــ[25 - 03 - 04, 12:14 ص]ـ
ان كانت المسألة مجرد إصطلاحات
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/251)
فنحن نقول أن الإصطلاح المتأخر للإخوة هنا لا يعترض عليه بإصطلاح وتقسيم متقدم فعلى سبيل المثال تقسيم شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله في قوله (وحدثت أيضا الشيعة
1/ منهم من يفضل عليا على ابا بكر وعمر
2/ ومنهم من يعتقد أنه كان إماما معصوما نص النبي صلى الله عليه وسلم على خلافته وأن الخلفاء والمسلمين ظلموه
3/ وغاليتهم يعتقدون أنه إله او نبي والغالية كفار باتفاق المسلمين، فمن اعتقد في نبي من الانبياء كالمسيح انه اله، او في احد من الصحابة كعلي بن ابي طالب أو في أحد من المشايخ كالشيخ عدي أنه إله أو جعل فيه شيئا من خصائص ألإلهية فإنه كافر يستتاب)
قال تقويم: فمن عبد عليا الان وجعله إلاها من دون الله فهو من الغالية الذين قال فيهم شيخ الاسلام انهم كفار باتفاق المسلمين --- فالرافضة الان جعلو عليا إلاها والحسين بافعالهم ودعائهم إياهم وألاستغاثة بهم من دون الله فيما لا يقدر عليه الا الله وإن لم يقولا انهم آلهة من دون الله بألسنتهم.
ولماذا لا يعترض عليهم بالاصطلاح المتقدم؟ لأن ألاخوة يقولون بأن الرافضة المعاصرون بجميع فئاتهم أحدثوا امورا لم توجد في عهد من قسم من المتقدمين من عبادة غير الله وصرف ما هو حق لله وحده الي غيره أو إشراك غير الله مع الله فلا يكون تقسيم من قسم من المتقدمين مطابقا للواقع الان وبقي واقعا القسم الاخير من تقسيمه بدلالة حال الرافضة الان وبدلالة ما في كتبهم المعتمدة عندهم التي منها يأخذون عقائدهم
فالواقع مختلف ووالإخوة يقولن ان الموجود غلاة او ألأغلب غلاة فلذا يستصحبون هذا الاصل ويحملون كلام اهل العلم على الرافضة الغلاة الموجودون الان
ثم هل الاصطلاح المتقدم التفصيل أو التعميم؟
خذ على سبيل المثال إصطلااحا متقدما إن شئت
كقول البخاري رحمه الله: (ما أبالي صليت خلف الجهمي والرافضي، أم صليت خلف اليهود والنصارى ولا يسلم عليهم ولا يعادون ولا يناكحون ولا يشهدون ولا تؤكل ذبائحهم).
خلق أفعال العباد ص 125.
وغيره كثير تقدم من الاخوة الافاضل نقل كثير من مثاله
فهذا إصطلاح متقدم وهو عام في حكم كل الرافضة
وعلى العموم الاختلاف في الحكم مبني على اختلاف في تصور وحكم على واقع ومن رأى مئات الالوف من شيعة لبنان مثلا وهم يدعون غير الله مع حسن نصر الله بقولهم لبيك يا حسين ومثلهم وأكثر في إيران فمن ذا الذي يلومه لوقال أن أغلب الرافضة إن لم يكن كلهم متلبسون بالكفر وجعل ذلك فيهم أصلاً؟
ثم تأتي مسألة أخرى لا أريد طرحها ولها نوع تعلق ألا وهي مسألة الاعذار وقد بحثت في هذا المنتدى غير مرة.
والله أعلم
ـ[الرميح]ــــــــ[25 - 03 - 04, 08:09 ص]ـ
سكوت العوام على تلك الكفريات يعتبر تسليم بها
وهناك الكثير منهم ممن صدع بالحق كمرجعهم الخالصي وقد ألف كتاباً لنصح الشيعة في مسائل القبور وأحمد الكاتب وقد الف كتباً .. فالحق واحد وظاهر في القرآن والسنة من أراده لحق به. ولكن الروافض دينهم قائم على النزعات فإذا انتسب إليهم رجل، مستحيل أن يكفروه بعينه فهم كما قال إمامهم الكاظم فيما رواه الكليني عن أبي الحسن (الإمام موسى الكاظم وهو المعصوم السابع عند القوم) أنه قال: (لو ميزت شيعتي لما وجدتهم إلا مرتدين). الروضة من الكافي (8/ 228).
وهم على الإيمان بالقرآن والكفر به ثلاث طوائف فجمهور الرافضة على أن القرآن محرف قد زيد فيه ونقص منه، بل وينقل بعضهم الإجماع على ذلك وبعضهم يجعله (من ضروريات مذهب التشيع) ويذكر بعضهم أن (الروايات في كتبهم في تحريف القرآن متواترة) وقد ذهب إلى هذا القول كبار علماء الرافضة ومحدثيهم ومفسريهم وفقهاؤهم من المتقدمين والمتأخرين.
وهناك طائفة ثانية: من كبار علمائهم أطلقوا القول بالتكفير على من قال أو اعتقد التحريف في القرآن، وقد اشتهر هذا القول عنهم في كتبهم وتناقله المتأخرين عن المتقدمين فلا إشكال في صحة نسبته إليهم وهذا بشهادة السنة والرافضة جميعاً.
وأما الطائفة الثالثة من علماء الرافضة: فقد وصفوا من اعتقد بالتحريف بأوصاف قبيحة لم تصل إلى حد التكفير مثل: (ضعف العقل)، (الصمم)، (العمى)، (الفئة الشاذة)، (الشرذمة)، (الجهل)، (الكذب والافتراء)، (الثرثرة) وغيرها من الأوصاف التي لاتصل لى الكفر.
ومع ذلك لم ينزلوا هذه الأحكام على فاعليها إنما هي من باب التروية.
وهناك أمور في الدين ضرورية العلم بها لا يدفعها جهل منها هذه المسألة(27/252)
البوطي يفتي بجواز الاستغاثة بالأولياء
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[09 - 03 - 04, 07:06 م]ـ
السؤال:
لقد رايت لسيادتكم فتوى تقول بان الحركة الوهابية ما هى الا مخطط بريطانى صهيونى، فهل هذا فقط ينطبق علي الجانب السياسي ام علي كل الجوانب؟
أيضا قرات لسيادتكم فتوى بخصوص الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وما طرحته حول موضوع تحريم الوهابية للاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وفهم البعض ان سيادتكم من خلال هذه الفتوى تجيز الاحتفال بمولد محمد بن عبد الوهاب كمثل احتفالنا بموالد اولياء الله الصالحين واهل البيت الكرام الطاهرين، وعلى حسب علمى انه مؤسس الحركة الوهابية، وانه كان عميل للاستعمار الانجليزى فهل بعد ذلك يجوز لنا ان نحتفل به؟ هل في طلب المدد والبركة من اولياء الله الصالحين كسيدي عبد القادر الجيلانى والشاذلي والرفاعى وامثالهم شرك او كفر مع الاعتقاد الكامل والجازم بان الله تعالي هو المسبب وهو الضار والنافع وهؤلاء ماهم الا اسباب؟
هل ما فعلته الحركة الوهابية من هدم قبور اهل البيت والصحابة رضي الله عنهم اجمعين شيئا صحيحا وهل فعلا كان الشرك منتشرا في تلك الفترة كما يدعون ويبررون فعلتهم هذه؟
هل ايضا ما فعلته الحركة الوهابية من محو الاثار النبوية مثل مكان مولد خير خلق الله صلي الله عليه وسلم واله، وايضا هدمهم لبيت السيدة خديجة ام المؤمنين رضي الله عنها وارضاها شيء صحيح، كما أننى سمعت أنهم في طريقهم لمحو اثار نبوية جديدة فهل هذا يجوز ايضا وهل تبركنا بهذه الاماكن فيه شبهة شرك او شيء من هذا القبيل؟
الجواب:
أولاً: بريطانيا تستخدم أعمالها السياسية في بلادنا العربية لهدف ديني معروف هو القضاء على الإسلام.
ثانياً: محمد بن عبد الوهاب اجتهد فأخطأ في كثير من مبادئ العقيدة والسلوك، ولا يملك أحد أن يجزم بأنه كان عميلاً، ولا مانع من إحياء ذكرى ولادته أو وفاته.
ثالثاً: كن على يقين بأن لا نافع ولا ضار إلا الله، ثم توسل أو استغث بمن شئت من الصالحين، من أمثال من ذكرت أسماءهم.
منقول من موقعه أخزاه الله
وليراجع كتاب العلامة الألباني "الدفاع عن الحديث والسنة، والرد على جهالات الدكتور البوطي ... " فقد بين أن هذا الرجل جاهل بالعلم مستكبر عن الرجوع إلى الحق.
ـ[محمد المرشد]ــــــــ[10 - 03 - 04, 01:06 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
اذا سمحتم لي بالمشاركة ...
فأود أن أذكر أن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ظهرت في القرن السابع عشر الميلادي، ولم يكن هناك استعمار بريطاني في تلك الفترة، ولم تظهر إلا في آواخر القرن التاسع عشر الميلادي. بل حتى أنه لم يكن هناك تواجد بريطاني على الاطلاق في فترة الشيخ رحمه الله.
ولكن "الحقد" "والحسد" تجعل أمثال البوطي يهذرف بما لا يعرف ويلقي التهم جزافا وكما يقول الاخوة المصريون "العيار الى ما يصيب يدوش".
ثم لو كانت دعوة الشيخ صنيعة بريطانية اذن ماذا نقول عن النظام النصيري البعثي الذي يحكم بلاد البوطي؟؟؟ أقلها أنه صنيعة ابليس بنفسه
أما قضية الاستغاثة بالأموات فهذه بضاعة هؤلاء "الدروايش" يترزقون منها (نسأل الله السلامة والعافية)، يدعون الناس اليها لعلهم ينالوا نفس المكانة عند موتهم!!
أعوذ بالله
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[10 - 03 - 04, 04:14 ص]ـ
قرأت هذه الفتوى للبوطي منذ حوالي سنة على موقعه
و ذهلت شديدا
كيف يجتمع اعتقاد أن اله تعالى هو المغيث و هو المنجد لا أحد سواه
ثم أستغث بمن شئت!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[10 - 03 - 04, 04:45 ص]ـ
بالطبع قولهم أنه كان عميلا غير مستساغ و لكن ماذا عن قولهم أنه كان خارجا على الخلافة الإسلامية؟؟
ملحوظة: أنا فقط استفسر.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[10 - 03 - 04, 06:18 ص]ـ
الكلام فيما أثير حول دعوة الشيخ المجدد محمد بن عبدالوهاب مبسوط ومستوعب في كتاب دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب.
وقد تم إنزاله ههنا بالملتقى.
فليرجع إليه في كل شبهةٍ أُثيرت حول دعوته.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[10 - 03 - 04, 06:23 ص]ـ
شكرا جزيلا شيخنا الفاضل أبو عمر جزاك الله كل خير
ـ[الرايه]ــــــــ[10 - 03 - 04, 06:43 ص]ـ
الاخ المكرم د. هشام عزمي .. وفقه الله
الإشكال الذي طرحته كثيرا ما يذكر ...
ويجاب عليه
1) ان الشيخ محمد بن عبد الوهاب قد قرر وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله - انظر مجموعة مؤلفات الشيخ (5/ 11).
2) دعوى الخروج على دولة الخلافة العثمانية ليس الأمر كذلك، فإن نجداًلم تكن تحت سيطرة العثمانيين كما حرر ذلك جمع من العلماء والباحثين المعاصرين كالشيخ ابن باز رحمه الله في محاضرة بعنوان "ندوة تجديد الفكر الإسلامي"، والدكتور صالح العبود في كتابه (عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب)، والأستاذ أمين سعيد في كتابه (تاريخ الدولة السعودية)، ونحوهم.
**********************************************
هذا ملخص جواب د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
http://www.islamtoday.net/questions...nt.cfm?id=24195
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/253)
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[10 - 03 - 04, 09:52 ص]ـ
جزاكم الله خيرا يا شيخنا الراية - رفع الله قدركم و سدد خطاكم - لردكم على شخصي المتواضع .... و لكن الدولة العثمانية كان لها ميل صوفي واضح و ما زال إخواننا في البوسنة و ألبانيا و البلقان يحكون كيف دخل الإسلام بلادهم على أيدي الدراويش و الطرق الصوفية!! فضلا عن هذا فقد انبرى العلماء العثمانيون للرد على الدعوة الوهابية كما حرض السلطان العثماني حاكم مصر محمد علي باشا للقيام بحملتين عسكرييتين ضد الوهابيين و اخضاعهم.
أنا واثق بأن الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - لم يبغ الخروج على الخلافة لكن المشكلة الحقيقية أن الخلافة نفسها اعتبرت الدعوة الوهابية خروجا عليها!!
ـ[المضري]ــــــــ[10 - 03 - 04, 09:03 م]ـ
أخي الدكتور هشام ,,
عندما بدأ الشيخ محمد دعوته في بلاده لم يكن للعثمانيين أية تواجد عسكري أو سياسي مباشر أو غير مباشر في المنطقة , وإنما كان يدير دفة السياسة في بلاده "نجد" مجموعة من الامارات الصغيره المتجاورة التي تحكمها عوائل سياسية مستقلة تماماً عن الحكم العثماني , وأقرب إمارتين عربيتين كانت تتبع النفوذ العثماني (إمارة الرشيد في حائل , وإمارة العريعر في الأحساء) كانت تبعد عن بلاده الدرعيه "في وسط نجد" مالايقل عن 300 كلم.
وأول محاولة عسكرية "عثمانية" للتوغل في منطقة نجد ومحاولة ضمها للنفوذ السياسي العثماني كانت في مايسمى بـ"حصار الدرعية" في عام 1333 هـ بقيادة إبراهيم باشا , أي بعد وفاة الشيخ محمد طيب الله ثراه بـ 27 عاماً!
-------------------
بخصوص الإستعمار البريطاني! فمن المعروف كحقيقة تاريخية ثابته أن الإستعمار البريطاني للبلاد العربية لم يكن له اية وجود مطلقاً في زمن الشيخ محمد , وبعض الناس من خارج الجزيرة العربية يخلط دائماً بين الدولة السعودية الأولى التي ساعد الشيخ محمد في إنشاءها وكانت من أنجح التجارب الإسلامية في الحكم , وبين الدولة السعودية الثالثة التي قامت بعد وفاة الشيخ محمد بـ 114 عاماً تقريباً في زمن بلغ فيه الإستعمار البريطاني أوسع مداه.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[11 - 03 - 04, 03:19 ص]ـ
الأخ الفاضل العمري
لكن ألم يحدث صدام بين الدولة السلفية الأولى وبين بعض ولاة الدولة العثمانية مثل والي البصرة و ولاة الحجاز، قبل مجيء إبراهيم باشا؟
ـ[طارق أبو عبد الله]ــــــــ[13 - 03 - 04, 05:40 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لى ملحوظة حول هذا الموضوع
و هو أن نلتزم عندما نجرح أحد الأشخاص كالبوطي أن لا يجرمنا شنئانه أن نعدل معه فنذكر ما له كما تذكرون ما عليه فهذا أقرب للتقوى و لو على سبيل الرثاء!!
فالرجل مثلا له كتاب فقه السيرة النبوية و هو كتاب جيد و له غير ذلك
فإذا ذكرنا مثالب الرجل وحدها قد نصرف الناس عن كل ما كتب الرجل و قد يوجد بها ما لا يوجد بغيرها
و الله أعلم
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[13 - 03 - 04, 05:54 ص]ـ
ليس كتابه "فقه السيرة النبوية" بجيد بل هو كتاب سيء
وقد بين ذلك محدث الشام الشيخ الألباني رحمه الله في كتابه:
"الدفاع عن الحديث والسنة والرد على جهالات الدكتور البوطي في كتابه فقه السيرة"
ـ[العوضي]ــــــــ[13 - 03 - 04, 05:56 ص]ـ
هذه الروابط لعلها تفيدكم
http://www.d-sunnah.net/forum/showthread.php?s=&threadid=25577&highlight=%C7%E1%C8%E6%D8%ED
http://www.d-sunnah.net/forum/showthread.php?s=&threadid=25987&highlight=%C7%E1%C8%E6%D8%ED
وهذه تبيهات الشيخ ابن باز رحمه الله له
http://www.d-sunnah.net/forum/showthread.php?s=&threadid=25306&highlight=%C7%E1%C8%E6%D8%ED
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(27/254)
نبذة مختصرة عن السيرة الذاتية للشيخ إحسان إلهي ظهير
ـ[جعفر بن مسافر]ــــــــ[18 - 03 - 04, 07:16 ص]ـ
نبذة مختصرة عن السيرة الذاتية
للشيخ إحسان إلهي ظهير
مجاهدون بالقلم
1360هـ 1407ه ـ
إحسان إلهي عالم باكستاني من أولئك الذين حملوا لواء الحرب على أصحاب الفرق الضالة، وبينوا بالتحقيق والبحث الأصيل مدى ماهم فيه من انحراف عن سبيل الله وحياد عن سنة نبيه، وإن ادعوا الإسلام وملأوا مابين الخافقين نفاقاً وتقية.
ولد في "سيالكوت" عام (1363ه) ولما بلغ التاسعة كان قد حفظ القرآن كاملاً وأسرته تعرف بالانتماء إلى أهل الحديث .. وقد أكمل دراسته الابتدائية في المدارس العادية وفي الوقت نفسه كان يختلف إلى العلماء في المساجد وينهل من معين العلوم الدينية والشرعية.
الجامعة والنبوغ الجامعي:
لقد حصل الشيخ على الليسانس في الشريعة من الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة وكان ترتيبه الأول على طلبة الجامعة وكان ذلك عام (1961م).
وبعد ذلك رجع إلى الباكستان وانتظم في جامعة البنجاب، كلية الحقوق والعلوم السياسية، وفي ذلك الوقت عين خطيباً في أكبر مساجد أهل الحديث بلاهور. ثم حصل على الليسانس أيضاً.
وظل يدرس حتى حصل على ست شهادات ماجستير في الشريعة، واللغة العربية، والفارسية، والأردية، والسياسة. وكل ذلك من جامعة البنجاب وكذلك حصل على شهادة الحقوق من كراتشي.
المناصب والوظائف والدعوة:
كان رحمه الله رئيساً لمجمع البحوث الإسلامية.
بالإضافة إلى رئاسة تحرير مجلة "ترجمان الحديث" التابعة لجمعية أهل الحديث بلاهور في باكستان، كذلك كان مدير التحرير بمجلة أهل الحديث الأسبوعية.
وكان رحمه الله عظيم الشأن في أموره كلها .. رجع يوم رجع إلى بلاده ممتلئاً حماساً للدعوة الإسلامية.
وقد عرض عليه العمل في المملكة العربية السعودية فأبى آخذاً بقوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون (122) {التوبة: 122}.
يقول عنه الدكتور محمد لقمان السلفي في مجلة الدعوة (1):
"لقد عرفت هذا المجاهد الذي أوقف حياته بل باع نفسه في سبيل الله أكثر من خمس وعشرين سنة عندما جمعتني به رحمه الله مقاعد الدراسة في الجامعة الإسلامية، جلست معه جنباً إلى جنب لمدة أربع سنوات فعرفته طالباً ذكياً يفوق أقرانه في الدراسة، والبحث، والمناظرة! وجدته يحفظ آلاف الأحاديث النبوية عن ظهر قلب كان يخرج من الفصل .. ويتبع مفتي الديار الشامية الشيخ ناصر الدين الألباني (2) ويجلس أمامه في فناء الجامعة على الحصى يسأله في الحديث ومصطلحه ورجاله ويتناقش معه، والشيخ رحب الصدر يسمع منه، ويجيب على أسئلته وكأنه لمح في عينيه ما سيكون عليه هذا الشاب النبيه من الشأن العظيم في سبيل الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله بالقلم واللسان".
وكان الشيخ رحمه الله يتصل بالدعاة والعلماء في أيام الحج في شتى بقاع الأرض .. يتداول معهم الموضوعات الإسلامية والمشاكل التي يواجهها المسلمون.
دعاة الضلالة والحقد المستعر:
لكل مجاهد مخلص .. خصوم وأعداء، ولكل حق ضده من الباطل وبما أن الشيخ كان سلفي العقيدة من المنتمين لأهل الحديث فقد جعله هذا في حرب فكرية دائمة مع الطوائف الضالة كالرافضة والإسماعيلية والقاديانية.
لقد كان يرفضها .. ويرد على ضلالاتها .. ويجابهها في كل مكان وكل منتدى شأنه شأن كل مؤمن حقيقي الإيمان يعتقد في قرارة نفسه أن الكتاب والسنة هما الطريق الأوحد ولا طريق سواه لكل من أراد أن يكون من المنتمين لدين الإسلام. ويعتقد كذلك أن أدياناً تبنى على الكذب وتتستر خلف الترهات والأباطيل لجديرة بألا تصمد أمام النقاش وأن تتضعضع أمام سواطع الحق ونور الحقيقة.
ولهذا الأمر طفق يلقي المحاضرات، ويعقد المناقشات والمناظرات مع أصحاب الملل الضالة، ويصنف الكتب المعتمدة على مبدأ الموضوعية في النقل والمناقشة والتحقيق. وكثيراً ما كان يرد على المبطلين بأقوالهم .. ويسعى إلى كشف مقاصدهم والإبانة عن انحرافهم وضلالهم وفي كل ذلك كان يخرج من المعركة منتصراً يعضده الحق، وينصره الله تعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/255)
ولما أحس به أهل الانحراف، وشعروا بأنه يخنق أنفاسهم، ويدحض كيدهم عمدوا إلى طريقة تنبئ عن جبن خالع .. عمدوا إلى التصفية الجسدية بطريقة ماكرة!
وفاته واستشهاده:
في لاهور بجمعية أهل الحديث وبمناسبة عقد ندوة العلماء كان الشيخ يلقي محاضرة مع عدد من الدعاة والعلماء، وكان أمامه مزهرية ظاهرها الرحمة والبراءة، وداخلها قنبلة موقوتة .. انفجرت لتصيب إحسان إلهي ظهير بجروح بالغة، وتقتل سبعة من العلماء في الحال وتلحق بهم بعد مدة اثنان آخران.
كان ذلك في 23 - 7 - 1407هـ، ليلاً.
وبقي الشيخ إحسان أربعة أيام في باكستان، ثم نقل إلى الرياض بالمملكة العربية السعودية على طائرة خاصة بأمر من الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله واقتراح من العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله.
وأدخل المستشفى العسكري، لكن روحه فاضت إلى بارئها في الأول من شعبان عام (1407ه)، فنقل بالطائرة إلى المدينة المنورة ودفن بمقبرة البقيع بالقرب من صحابة رسول الله (3).
آثاره:
بالإضافة إلى محاضراته في الباكستان، والكويت، والعراق، والمملكة العربية السعودية والمراكز الإسلامية في مختلف ولايات أمريكا.
فقد كتب العديد من الكتب والمؤلفات التي سعى إلى جمع مصادرها من أماكن متفرقة كأسبانيا، وبريطانيا، وفرنسا، وإيران، ومصر .. وإليك قائمة بأسماء تلك الكتب (4):
1 الشيعة والسنة (1393ه).
2 الشيعة وأهل البيت (1403ه) وهي الطبعة الثالثة.
3 الشيعة والتشيع فرق وتاريخ.
4 الإسماعيلية تاريخ وعقائد (1405ه).
5 البابية عرض ونقد.
6 القاديانية (1376ه).
7 البريلوية عقائد وتاريخ (1403ه)
8 البهائية نقد وتحليل (1975م).
9 الرد الكافي على مغالطات الدكتور علي عبدالواحد وافي (1404ه).
10 التصوف، المنشأ والمصادر الجزء الأول (1406ه).
11 دراسات في التصوف وهو الجزء الثاني.
12 الشيعة والقرآن (1403ه).
13 الباطنية بفرقها المشهورة.
14 فرق شبه القارة الهندية ومعتقداتها.
15 النصرانية.
16 القاديانية باللغة الإنجليزية.
17 الشيعة والسنة بالفارسية.
18 كتاب الوسيلة بالإنجليزية والأوردية.
19 كتاب التوحيد.
20 الكفر والإسلام بالأوردية.
21 الشيعة والسنة بالفارسية والإنجليزية والتايلندية.
خالد بن سليمان الجبرين
---------------
* الهوامش:
1. مجلة الدعوة السعودية عدد (1087)
2. حيث كان الألباني مدرساً بالجامعة الإسلامية في الفترة ما بين (1381هـ و 1383)
3. إحسانا الهي ظهيرا ص (23)
4. المصدر نفسه ص: (9) – ص (16)
5. الدعوة عدد (1087)
*المراجع: ِِ
1. إحسان الهي ظهير – رسالة من تأليف: محمد إبراهيم الشيباني
2. مجلة الدعوة السعودية العدد (1087)
3. مجلة المجتمع الكويتية (812)
4. مجلة الفيصل السعودية العدد (123)
_____________________
منقول من مجلة الجندي المسلم
(مجلة تصدر عن وزارة الدفاع السعودية)
العدد 105(27/256)
التنبيه على المحذور من استعمال لفظة (حسنة الأيام) في مدح أهل الفضل.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[19 - 03 - 04, 02:17 م]ـ
- الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ... أما بعد
فقد رأيت في غيرما تعقيب من بعض الأخوة الأكارم في هذا الملتقى استعمال لفظة (حسنة الأيام) في مدح بعض العلماء والمشايخ.
ولعل معنى هذه اللفظة معلوم عند أدنى تأمل، وهو أنّض هذا الممدوح (الشيخ الألباني أو ابن باز مثلاً) من حسنات الأيام والزمان على الناس.
ذلكم أن فيه نسبة الحسنة لغير الله تعالى.
ومثل هذا في كلام الشعراء والأدباء كثير؛ مثل قول بعضهم:
حلف الزمان ليأتين بمثله * * * حنثت يمينك يا زمان فكفِّر
ومثله وإن كان يعاكسه، نسبة الذم إلى الأيام أو الدهر أو نحوذلك.
- ويراجع في ذلك (باب ما جاء في ذم الدهر) من كتاب الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب وشروحه.
- وعموماً .. فالأولى ترك استعمال هذه الكلمة لما تشتمل عليه من المحذور الذي تقدمت الإشارة إليه.
واستناناً بدلالة قوله تعالى: ((لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا)).
______________
تنبيه: ليس عندي كتاب الشيخ بكر أبو زيد (معجم المناهي اللفظية)، فلا أدري هل تكلم على هذه اللفظة أم لا؟
فإن كان نعم فالحمدلله.
وإلاَّ فتضاف هذه اللفظة إلى المستدرك عليه.
- وبالله تعالى التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[19 - 03 - 04, 04:11 م]ـ
- عفواً .. مع عجلة كتابتي للتنبيه السابق نسيت أن أذكر حكم هذه اللفظة، وأنها ((من الألفاظ الشركية)).
ـ[البخاري]ــــــــ[19 - 03 - 04, 04:26 م]ـ
تنبيه في محلِّه
شكر الله لك، وبورك فيك
ـ[سليل الأكابر]ــــــــ[19 - 03 - 04, 04:49 م]ـ
الأخ الفاضل أبو عمر السمرقندي نفع الله به
كنت أقرأ قديماً في كتاب "البدر الطالع" للشوكاني رحمه الله فكان يمر بي أثناء مطالعتي كلمات للشوكاني يطلقها في حق بعض المترجَمين من نحو (ولا أظن الزمان يجود بمثله) ومن نحو (فلان حسنة من حسنات الدهر) إلى غير ذلك فكنت لا أستسيغها لما تحمله في ظاهرها من معنى غير مقبول فسألت شيخنا العلامة عبدالرحمن البراك عن حكم إطلاق أمثال هذه العبارات في حق بعض الناس.
فقال حفظه الله ما نصه: (لا شك أن فيها شبهاً بأقوال أهل الجاهلية في نسبة الحوادث إلى الدهر لكن إن كان مراد قائلها أن هذا المترجَم من نعم الله على عباده إذ أوجده ونسبة ذلك إلى الدهر من باب نسبته إلى الظرف الذي وجد فيه فلا بأس) انتهى كلامه حفظه الله.
وظهر لي من خلال كلامه حفظه الله أن الابتعاد عن إطلاق أمثال هذه العبارات هو الأولى والأفضل.
ودمتم بخير وعافية.
ـ[المسيطير]ــــــــ[19 - 03 - 04, 05:51 م]ـ
الاخ الكريم الشيخ / السمرقندي وفقه الله
بحثت عن هذا اللفظة في معجم المناهي اللفظية ولم اجدها.
اشكال /
ذكرت اخي الفاضل ان:
(الأولى ترك استعمال هذه الكلمة لما تشتمل عليه من المحذور الذي تقدمت الإشارة إليه.
واستناناً بدلالة قوله تعالى: ((لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا)).)
فكأن الكلام يوحي بالكراهة.
ثم ذكرت وفقك الله (انها من الالفاظ الشركية).
وهذا يدل على التحريم.
فأرجو البيان.
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[19 - 03 - 04, 06:44 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
فوائد حول الموضوع
قال القلقشندي في صبح الأعشى في صناعة الإنشا ج: 6 ص: 47
(حسنة الأيام من الألقاب أكابر أرباب الأقلام من الوزراء والقضاة ومن في معناهم والحسنة خلاف السيئة والمراد أن الأيام أحسنت بالامتنان به وقد ذكر القاضي شهاب الدين بن فضل الله في بعض دساتيره أنه يصلح لكل من له سلف في الكتابة وهو بعيد المأخذ) انتهى.
وقد اطلقها عدد من أهل العلم
في مقدة الإحسان في ترتيب صحيح ابن حبان لابن بلبان ج 1 ص 95 (الحوت!)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/257)
رب يسر بخير الحمد لله على ما علم من البيان، وألهم من التبيان، وتمم من الجود [والفضل و] الإحسان. والصلاة والسلام الأتمان الأكملان، [على] سيد ولد عدنان المبعوث بأكمل الأديان، المنعوت [في] التوراة والإنجيل والفرقان، وعلى آله، وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان، صلاة دائمة ما كر الجديدان وعبد الرحمن. وبعد، فإن من أجمع المصنفات في الأخبار النبوية، وأنفع المؤلفات في الآثار المحمدية، وأشرف الأوضاع، وأطرف الإبداع: كتاب " التقاسيم والأنواع " للشيخ الإمام، حسنة الأيام، حافظ 000
وذكر السخاوي عن الحافظ ابن حجر في الضوء اللامع عن شيخه العراقي
وقال في صدر اسئلة له سألت سيدنا وقدوتنا ومعلمنا ومفيدنا ومخرجنا شيخ الإسلام اوحد الأعلام حسنة الأيام 00
والله أعلم.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[19 - 03 - 04, 08:01 م]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة المسيطير
ذكرت اخي الفاضل ان:
(الأولى ترك استعمال هذه الكلمة لما تشتمل عليه من المحذور الذي تقدمت الإشارة إليه.
واستناناً بدلالة قوله تعالى: ((لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا)).)
فكأن الكلام يوحي بالكراهة.
ثم ذكرت وفقك الله (انها من الالفاظ الشركية).
وهذا يدل على التحريم.
فأرجو البيان.
- أحسنتم .. بارك الله فيكم
- المقصود بكلامي أنَّ الأمر متردد بين الشركية؛ لشبهه بفعل أهل الشرك، من نسبة الحسنات أو السيئات لغير الله، كالدهر ونحو ذلك.
أو هو في مكان أقرب إلى الحرمة؛ لأجل الشبهة، الملحقة له بشيء مما قد يكون شركاً أو نحوه.
فالشركية هو الحكم الظاهر لي.
لكن .. إن احتجَّ أحدٌ بأنه لا يقصد ... ويقصد، كما هو المعتاد من صنيع بعض الناس حين يتوارث لفظة فيها نظر = فنقول له أقل الشأن في الأمر الشبهة، وأنَّ الأولى تركه.
__________________________
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرحمن الفقيه
قال القلقشندي في صبح الأعشى في صناعة الإنشا ج: 6 ص: 47
(حسنة الأيام من الألقاب أكابر أرباب الأقلام من الوزراء والقضاة ومن في معناهم والحسنة خلاف السيئة والمراد أن الأيام أحسنت بالامتنان به ... ).
- أحسنتم .. بارك الله فيكم وجزاكم خيراً
وهذا هو المعنى المتبادر ابتداءاً، وقد عززتم فهمي بهذا النقل المبارك.
__________________________
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرحمن الفقيه
وقد اطلقها عدد من أهل العلم ...
- جزاكم الله خيراً على هذه الفائدة ..
لكن ...
ففعلهم يحتجّ له، ولا يحتجُّ به!
_________________________
- الأخوة .. البخاري، وسليل الأكابر .. بارك الله فيكم وجزاكم خيراً
ـ[عبد الله التميمي]ــــــــ[17 - 07 - 04, 07:55 م]ـ
بارك الله فيك اخي الكريم ابو عمر على هذا التنبيه .. وان كنا نسمعه من بعض الدعاة الى الله والله المستعان ...
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[04 - 03 - 05, 10:02 ص]ـ
- للتنبيه .......
ـ[حسام العقيدة]ــــــــ[04 - 03 - 05, 10:27 ص]ـ
الذي افهمه من اللفظة شيخنا ابو عمر
أنها تعني انه الحسنة التي امتن الله بها على هذا الزمان وهذه الايام التي يعيشها قائلها
فلم ار ان فيها نسبة الحسنة لغير الله
والذي فهمته ان فيها جعل امثال هؤلاء العلماء من حسنات الزمان التي امتن الله بها علينا
فان كان ما فهمته خطا من اللفظة .. ارجو بيان مكان الخطا في الفهم
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[04 - 03 - 05, 07:39 م]ـ
- الأخ الكريم ... حسام العقيدة ... وفقه الله
- بالنسبة لما ذكرتَه - بارك الله فيك - من التأويل للكلمة فإنه غير سائغ لما علم من مقاصد الشرع من النهي عن اللفظة الموجبة للشرك أو موهمة له.
- (خاصة) إن كان المقصود المتعارف عليه ابتداءاً هو المعنى الشركي.
ومن المعلوم أنَّ نسبة الشرور والخير للزمان والأيام شائع عند المتقدمين من الشعراء والأدباء ومن نحا نحوهم في الكلام.
- ثم لو تأمَّلت ما جاء النهي عنه من الألفاظ في الشرع لرأيت قسماً كبيراً منه قابلاً للتأويل على الوجه الذي ذكرته وغيره.
- ولو فتح باب التأويل لساغ استعمال كل كلمة فيها نهيٌ شرعي.
- فما رأيك لو قال إنسان: أهلك الدهرُ فلاناً ..
فقيل له: تلك مقولة منكري البعث من المشركين الأوائل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/258)
فقال: لكني أقصد بها معنىً حسناً، وهو: أهلك الله فلاناً في ذاك الدهر!!
- وهكذا كل كلمة فإنها قابلة للتأويل مع بقاء تركيبها خطأً من جهة الشرع؟!
- فإن أصرَّ الإنسان على استعمال هذه اللفظة مع إصراره على خلوِّها من المحذور الشرعي بنحو ما تأوَّلته = فإنَّ تركه إياها لإيهامها المعنى الشركي أولى، كما في قوله: (لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا).
- ثم له أن يقول: العالم الفلاني (من حسنة الله على هذه الأيام) فينتهي المحذور.
ـ[أبو خالد السلمي.]ــــــــ[04 - 03 - 05, 08:47 م]ـ
شيخنا الكريم (حسنة الله على هذه الأيام) أبا عمر حفظه الله
قد يقول قائل لماذا نجعل المعنى السيء الشركي هو المتبادر إلى الذهن من هذه العبارة؟
إذ هذه العبارة مركبة تركيبا إضافيا، وقد نص اللغويون على أن التركيب الإضافي في لغة العرب يكتفى فيه بأدنى تعلق بين المفردتين
وعليه فلا يلزم من إضافة أي لفظ إلى الزمان وأجزائه أن تكون العلاقة علاقة الفاعلية وأن يكون الزمان هو الفاعل أو الموجِد للمضاف
بل من المتبادر جدا إلى الذهن أن تكون العلاقة بين المضاف والمضاف إليه علاقة ظرفية
ألا ترى أن قولك (صوم الدهر) و (صلاة الجمعة) أفاد ظرفية الدهر والجمعة للصوم والصلاة؟ ولم يفد فاعليتهما لهما؟ فما المانع أن يكون ذلك كذلك؟
خاصة والقائل مسلم وسياق كلامه في العادة يشتمل على الثناء على الله ونسبة الفضل إليه سبحانه مما يكون قرينة على أنه أراد الظرفية في قوله حسنة الأيام.
شيخنا الكريم:
ألا توافقني الرأي أن هناك توسعا غير محمود في استنكار العديد من المركبات الإضافية وعدها من المناهي اللفظية عن طريق تقليب النظر في أنواع العلاقات الممكن إحصاؤها بين المتضايفين، ثم البحث عن أي علاقة يكون المعنى فيها موهما، والاعتماد عليها في النهي عن اللفظ، مع أن المتكلم لم يردها.
على سبيل المثال ما وقع من نهي بعض الأفاضل عن عبارة (إنشاء الله) ليس لأجل ما فيها من خطأ إملائي على حسب قواعد الإملاء الحديثة، وإنما جعلوا العلاقة هنا المفعولية واعتبروا أن المراد أن منشئا أنشأ اللهَ _ تعالى _
على الرغم من احتمال الفاعلية وأن يكون المراد أن الله أنشأ المخلوقات.
والله تعالى أعلم
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[05 - 03 - 05, 12:13 ص]ـ
بارك الله فيكم شيخنا المبجل أبا خالد وفقه الله ومن نظر في كتب أصول الفقه بله كتب البلاغة تبين له أن في الأمر سعة عظيمة ولغة العرب واسعة ولله الحمد.
ـ[حسام العقيدة]ــــــــ[05 - 03 - 05, 03:27 ص]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا أبا عمر
وكلام الشيخ أبي خالد كلام طيب .. ومقبول
فما يرى الشيخ ابو عمر؟
لا نرى لمعان المعادن الا عند احتكاك بعضها ببعض .. وهكذا اهل العلم وطلبته
ـ[راضي عبد المنعم]ــــــــ[05 - 03 - 05, 03:41 ص]ـ
الشيخ أبو عمر السمرقندي حفظه الله: لا زلت مسددًا، وتنبيهك في محله نفع الله بك.
الشيخ أبو خالد حفظه الله: لا زلت مسددًا ولكن ألا ترى أن العرف العام ربما نسخ بعض ما يجوز لغة؟
فيجوز كما تعلمون الحلف بالمصحف؛ كما قال بعض العلماء، بناءً على أن القرآن كلام الله، وهو صفة من صفاته، لكن العرف العلمي السائد بين العلماء تركه، ولذا منعه بعض العلماء.
وفي مسألتنا هذه: العرف السائد بين العامة صرف ذلك للزمان مباشرة دون نظرٍ إلى المعاني اللغوية السامية التي تفضلتَ بها مشكورًا.
فما رأيكم نفعني الله بكم؟
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[05 - 03 - 05, 02:43 م]ـ
الشيخ الكريم أبوخالد .. كالبدر .. لا يكاد يرى في الشهر إلاَّ ليالا.
هذه أول فائدة استفدتها من تعقيبكم، فقد طمأنتمونا على حالكم، وتشرَّفنا بتعقيبكم.
- أما ما ذكرتموه من التعقيب النافع فهو وجهٌ سائغٌ عند من يوسِّع في النظر من جهة اللغة، لكن كلامي عن الاستعمال الذي تعارف عليه الأقدمون.
من ذم الدهر ومدحه، والثناء عليه وسبِّه.
- وعلى كلٍّ فما أشرتم إليه من كون بعض الكلمات قد توسَّع بعض أفاضل العلماء في النهي عنها لورود شبهة محذور منها = صحيح.
لكنه أخذٌ بباب الاحتياط في الألفاظ، والسلامة لا يعدلها شيء ٌ.
وجزاكم الله خيراً على هذه الإطلالة المباركة.
الأخوة .. حسام العقيدة .. الحنبلي السلفي .. راضي عبدالمنعم ... بارك الله فيكم ونفع بنا وبكم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/259)
ـ[أبو عبدالرحمن الغريب]ــــــــ[08 - 03 - 05, 03:04 ص]ـ
الشيخ الفاضل
أبو عمر السمرقندي حفظه الله
فقد رأيت في المنام أني أعلق على موضوعكم حول جملة "حسنة الأيام" بهذا التعليق
شيخنا الفاضل قد يكون المقصود أحسن ما في هذه الأيام كقولنا أحسن ما في هذا الأمر أو من حسنات هذا الامر.
والعهدة على ما رأيته في المنام ولست أدري أنومي كان على طهارة فيكون التعليق صحيحا أم بعكسه؟ (ابتسامة)
ـ[أبو الفداء بن مسعود]ــــــــ[11 - 12 - 08, 04:56 م]ـ
شيخنا السمرقندي، بارك الله فيك وأحسن اليك، ظني أن ما تفضل به الشيخ أبو خالد حفظه الله كلام سديد وفي محله، ويضاف اليه أن العرف اليوم بين المسلمين في استعمال هذه الكلمة ليس يعضد المعنى الشركي ولا يجعله هو الأقرب الى أذهان الناس بحال من الأحوال! بل المتبادر الى الذهن علاقة الظرفية كما تفضل، كأنك تقول هذه هي حسنة سائر الأيام، أو "من أحسن ما فيها" .. أما الفاعلية فهي وان كانت تجيزها لغة العرب من حيث الاحتمال المعنوي للاضافة الا أن حال المتكلم بها والقرائن المحيطة بالكلام اضافة الى عرف المعاصرين - لا المتقدمين - يدرأها عن الأذهان ويمنعها ..
وعليه فهي أيها الفاضل لا تقاس على ما تفضلتم بضرب المثل عليه من قولهم "أهلك الدهر فلانا" لأن المعنى هنا واضح أن الدهر هو الفاعل، بخلاف حالتنا هذه ..
ولذا فقول أخينا الفاضل راضي عبد المنعم: "وفي مسألتنا هذه: العرف السائد بين العامة صرف ذلك للزمان مباشرة دون نظرٍ إلى المعاني اللغوية السامية التي تفضلتَ بها مشكورً"
متعقب عليه بأن العرف السائد بين المسلمين في زماننا لا يحيل الأذهان الى المعنى الشركي الالحادي هذا، ومن ادعى ذلك فقد تكلف!
هذا وان كنت أرى أن اجتناب هذا ونحوه هو الأولى، ولكن هذا لا يجعله بالضرورة وفي كل الأحوال وفي أي سياق جاء فيه = حراما أو مكروها أو من "المناهي اللفظية" هكذا باطلاق .. والله أعلم.
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[11 - 12 - 08, 09:39 م]ـ
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته ..
قبل الخوض يحسن التنويه ببعض الأمور المتعلقة بالإضافة ..
فأقول:
الإضافة كما يعلم الأحبة تنقسم إلى قسمين:
1 - إضافة المعنوية
2 - إضافة لفظية
أما اللفظية فهي أن يكون المضاف صفة، والمضاف إليه معمولا لتلك الصفة، وهو على صور ثلاثة:
-إضافة اسم الفاعل (هذا ضارب زيد)
-إضافة اسم المفعول (هذا معمور الدار)
-إضافة الصفة المشبهة (هذا رجل جميل الوجه)
وأما المعنوية فهي أن لايكون المضاف صفة والمضاف إليه معمولا لها وتحته صور.
---
إذا تقرر مامضى:
فالإضافة في قولهم: (فلان حسنة الأيام) ليست إضافة لفظية، لأنه المضاف إليه ليس معمولا للمضاف ..
فتعين كون الإضافة إضافة معنوية ..
--
إذا علمت ذلك، فاعلم أن الإضافة المعنوية على أقسام ثلاثة:
أن تكون على معنى (في) أو (من) أو (لـ) ..
والإضافة السالفة في الجملة تحتملها جميعا ..
فيقال:
(فلان حسنة في الأيام)
(فلان حسنة للأيام)
(فلان حسنة من الأيام)
والاستعمالان الأولان لامحذور فيهما ..
أما الثالث فمحتمل ..
فإن لـ (من) عدة معان ..
والذي يتناسب أن تكون معنية به هاهنا معنيان:
1 - أن تكون مرادفة لـ: (في)، وهذا لامحذور فيه.
2 - الغاية. وهو المعنى الذي منع منه بعض الإخوة .. وإخاله يحتاج إلى مزيد تحقيق ..
---
وعلى ماسبق يعلم:
- أن احتمالات انتفاء المحذور من هذه الإضافة أوسع من تحققه
- أن جعل هذه اللفظة من قبيل الألفاظ الشركية تجوّزٌ لايسوغ إطلاقه فضلا عن أن يحمل كلام الإخوة أو المصنفين على أنه إضافة للحسنة لغير الله ..
وقول من قال أن المعنى المحذور هو المعنى المتبادر للناس ليس بلازم ..
ومما يحسن الرجوع إليه:
... فسألت شيخنا العلامة عبدالرحمن البراك عن حكم إطلاق أمثال هذه العبارات في حق بعض الناس.
فقال حفظه الله ما نصه: (لا شك أن فيها شبهاً بأقوال أهل الجاهلية في نسبة الحوادث إلى الدهر لكن إن كان مراد قائلها أن هذا المترجَم من نعم الله على عباده إذ أوجده ونسبة ذلك إلى الدهر من باب نسبته إلى الظرف الذي وجد فيه فلا بأس) انتهى كلامه حفظه الله.
وأظن أن معنى الظرفية هو الذي يتبادر للمرء أول وهلة ..
والله تعالى أعلم ..
ـ[ابو عبد الرحمن الفلازوني]ــــــــ[12 - 12 - 08, 10:27 ص]ـ
جزاكم الله خيرا" يا اخوان ... كنت قد طرحت هذا الموضوع قديما" ولم الق اجابه فالحمد لله على طرحه مرة ثانية للاستفادة.
فجزاكم الله خيرا" شيخنا ابو عمر. وجزا الله خيرا" كل من شارك.وصدق اخينا ابو عبد العزيز فان معنى الظرفية هو الذي يتبادر للمرء أول وهلة. والله اعلم(27/260)
أخطاء محمد عبده يماني في كتابه علموا أولادكم محبة النبي صلى الله عليه وسلم
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[20 - 03 - 04, 07:31 م]ـ
من كتاب البيان لأخطاء بعض الكتاب للشيخ صالح بن فوزان
نظرات في كتاب " علموا أولادكم حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "
لمعالي الدكتور محمد عبده يماني
اطلعت على كتاب ألفه معالي الدكتور محمد عبده يماني تحت عنوان: " علموا أولادكم حب رسول الله "، وطبعه عدة طبعات، وجاء على غلاف الطبعة الثالثة منه ما نصه:
" طبع بموافقة وزارة الإعلام رقم 1112/ م ج "، وتاريخ " 30/ 3/1405 هـ ".
ولم يذكر معاليه موافقة مراقبة المطبوعات في الافتاء، مع أن هذا أمر لازم، يجعل لهذه الجهة بتخطيه لها المطالبة بحقها نحو هذا الإجراء المخالف لنظام المطبوعات.
ونحن وكل مسلم نتفق مع معالي الدكتورعلى أن محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - واجبة على كل مسلم، بل هي من أعظم أصول الإيمان ومسائل العقيدة، وتأتي في الدرجة الثانية بعد محبة الله تعالى، وبغض الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو بغض شيء مما جاء به ردة عن دين الإسلام. ونتفق كذلك مع معاليه على أن بيان هذا للناس أمر واجب.
ولكن بيانه يكون بالطريقة الشرعية، والأدلة الصحيحة من الكتاب والسنة، وعلى ضوء العقائد المعتبرة عند أهل السنة والجماعئة، وهذا ما لم يتوفر في كتاب معاليه كما يأتي بيانه، وذلك على النحو التالي:
1 - قوله في العنوان:
" علموا أولادكم حب رسول الله "
هل المحبة تعلم تعليمًا، أو هي عمل قلبي يقوى وينمى؟!
كان الأولى بالدكتور أن يقول: بينوا لأولادكم وجوب محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ونموها في قلوبهم؛ ببيان صفاته وخصائصه، وما جاء على يديه من هداية الأمة، وإخراجها من الظلمات إلى النور، وإنقاذها من الخرافات والبدع والشركيات إلى التوحيد الخالص والعقيدة الصحيحة.
2 - لماذا اقتصر معاليه على محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولم يذكر محبة الله تعالى التي هي الأصل الذي تتبعه محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟!
لماذا يذكر الفرع ويترك الأصل؟!
ألم تكن محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - تأتي بعد محبة الله تعالى في الكتاب السنة؛ كقوله تعالى: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ} [التوبة: 24]. . . إلى قوله تعالى: {أَحَبَّ إليكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 24]. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (ثلاث من كن فيه؛ وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما. . .) الحديث؟!
وقال تعالى:
{وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ} [البقرة: 165]، {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: 31].
3 - ما علاقة محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بابتداع الاحتفال في اليوم الذي يقال: إنه اليوم الذي ولد فيه، وهو اليوم الثاني عشر من ربيع الأول، حيث ذكر معالي الدكتور ذلك في كتابه، ودعا إليه من صفحة (95) إلى صفحة (103)، وحاول في هذه الصفحات أن يسوغ هذا الاحتفال؛ دون أن يبرز دليلًا صحيحًا واحدًا أو استدلالًا صحيحًا على ما قال، سوى أنه عادة أحدثها بعض الناس: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ}.
ولسنا بصدد مناقشة الشبهات التي ذكرها هنا؛ لأن هذا له موضع آخر، وقد نوقشت والحمد لله في أكثر من كتاب وتبين أن الاحتفال بالمولد بدعه محدثة.
ونحن نسأل معالي الدكتور: هل شرع الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذا الاحتفال لأمته أو هو شيء محدث بعده؟
وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد).
وهل فعله صحابته وخلفاؤه الراشدون الذين لا يسويهم أحد في محبته - صلى الله عليه وسلم -؟!
هل كانوا مقصرين في محبته حين لم يفعلوه؟!
لا؛ بل إنهم لم يفعلوه؛ لأنه بدعة، وقد نهى - صلى الله عليه وسلم - عن البدعة، وفعل البدع معصية له - صلى الله عليه وسلم - يتناقض مع محبته؛ لأن محبته تقضي متابعته وترك ما نهى عنه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/261)
فيا معالي الدكتور! كيف نعلم أولادنا محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم ندعوهم لمخالفته بفعل البدع؟! أليس هذا تناقضًا؟!
ليتك قلت: علموهم متابعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانهوهم عن مخالفته، وألزموهم بطاعته؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم -: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع).
4 - ما علاقة تحديد المكان الذي ولد فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بموضوع محبته. . . حيث شغل الدكتور حيزًا كبيرًا من كتابه في البحث عن تحديده من صفحة (179) إلى (191)، واتبع فكره وقلمه في ذلك بما لا جدوى من ورائه ولم يكلف بمعرفته.
هل عين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا المكان لأمته؟!
هل اعتنى الصحابة والتابعون ومن بعدهم من القرون المفضلة وأئمة الإسلام المعتبرون بتعيين هذا المكان؟!
وماذا يرجع على الأمة من تعيين؟!
لو كان في ذلك ما يعود على الأمة بخير؛ ما تركه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته، بل إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يهتم بشأن بيته الذي كان يسكنه في مكه قبل الهجرة، ولما سئل - صلى الله عليه وسلم - لما قدم مكة، وقيل له: أتنزل في دارك؟ قال - صلى الله عليه وسلم -:
(وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور؟).
ما كان - صلى الله عليه وسلم - يهتم بالأمكنة التي سكنها وعاش فيها؛ على أن يهتم بالمكان الذي ولد فيه، ولم يكن صحابته يفعلون ذلك؛ لأن ذلك يفضي إلى أن نتخذ هذه الأمكنة متعبدات ومعتقدات فاسدة.
إن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد البعثة لم يهتم بشأن غار حراء الذي ابتدأ نزول الوحي عليه فيه؛ لأن الله لم يأمره بذلك.
ولما رأى عمر - رضي الله عنه - الناس يذهبون إلى الشجرة التي وقعت تحتها بيعة الرضوان؛ قطعها مخافة أن يفتن الناس بها.
فلا تفتحوا للناس بابًا مغلقًا، وتذكروا قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أليمٌ} [الفرقان: 63].
ولهذا لا نجد في كتاب الله ولا في سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - إشارة إلى البقعة التي ولد فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه لا فائدة من ذلك، وليس في الاعتناء بذلك دلالة على محبته - صلى الله عليه وسلم - وإنما علامة محبته - صلى الله عليه وسلم - اتباعه، والعمل بسنته وترك ما نهى عنه؛ كما قال الشاعر الحكيم في ملازمة المحبة للطاعة:
لو كان حبك صادقًا لأطعته ** إن المحب لمن يحب مطيع
5 - حشد معالي الدكتور في كتابه هذا أمورًا وأشياءَ كثيرة فيها نظر، وذكر فيها أحاديث لم يبين درجتها، ولم يوثقها من دواوين السنة المعتبرة.
والواجب عليه – كالباحث يحمل أكبر درجة علمية – أن لا يهمل ذلك؛ لأن القراء ينتظرون منه ومن أمثاله أن يقدم لهم بحثًا مستوفيًا الجوانب العلمية والمعنوية.
ومما جاء في كتابه:
أ - أبيات: " طلع البدر علينا "؛ قال عنها:
" هذا نشيد سمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم دون شك ولا ريب ". . .
إلى أن قال: " وقد ارتفع هذا النشيد لأول مرة من حناجر المسلمين والمهاجرين والأنصار منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا ".
ونقول: ما الذي يجعلك يا معالي الدكتور تجزم بسماع الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا النشيد دون شك ولا ريب؟ وما الذي يجعلك تجزم بنسبته إلى المهاجرين والأنصار؟ أين سندك في هذا؟ أيظن معاليكم أن القراء يقتنعون بمثل هذا الكلام دون تحقيق وتوثيق؟
كلا.
ب - في (ص111) قال معالي الدكتور: " وقد سئل صلى الله عليه وسلم عن سنته؟ فقال: المعرفة رأس مالي، والحب أساسي، والشوق مركبي. . . " الخ.
ولا ندري من أين جاء الدكتور بهذا الحديث، فهو لم يذكر له سند، ولم يعزه إلى كتاب، ولا تجوز النسبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم دون التثبت؛ لأن ما ينسب قد يكون مكذوبًا على الرسول صلى الله عليه وسلم، فيدخل تحت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كذب عليّ متعمدًا، فليتبوأ مقعده من النار).
6 - في الكتاب مبالغات في حقه صلى الله عليه وسلم قد نهى عنها، حيث قال عليه الصلاة والسلام:
(لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله). رواه البخاري وغيره.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/262)
ومن هذه المبالغات:
أ - ما جاء في (ص113):
" واجب على كل مؤمن متى ذكره أو ذكر عنده أن يخضع ويخشع. . . الخ ".
ونقول تعقيبًا على ذلك: أليس الخضوع والعبادة حق لله؟! وكذلك الخضوع، إذا كان القصد منه الخضوع بالجسم؛ فهو لا يكون إلا لله؛ لأنه سبحانه هو الذي يركع له ويسجد، وإذا كان المراد به الانقياد لطاعته؛ فالتعبير خطأ؛ لأنه موهم.
والمشروع عند ذكره صلى الله عليه وسلم هو الصلاة عليه، لا ما ذكره معالي الدكتور، وأن كان قد نقله عن غيره؛ فهو قد أقره.
ب - جاء في (ص 208) قوله:
" ومما تجدر الإشارة إليه أنه صلى الله عليه وسلم أول الأنبياء خلقًا، وأن كان آخرهم مبعثًا ".
هكذا قال! ولم يذكر له مستندًا ولا دليلًا!!
وهل هناك أحد من بني آدم يخلق قبل خلق أبيه وأمه بآلاف السنين؟! أليس نسل آدم كلهم من ماء مهين و {مِن مَّاء دَافِقٍ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ}؟!
كيف يخلق محمد صلى الله عليه وسلم قبل الأنبياء، ثم يخلق مرة ثانية، ويولد بعد ما تزوج أبوه بأمه، وحملت به عن طريق انتقاله ماءً دافقًا من صلب أبيه إلى رحم أمه؛ كما هي سنة الله في بني آدم؟! هل خلق مرتين؟!
ويصر الدكتور على هذه المقالة المنكرة، حيث يقول في (ص 211):
" ولقد أنكر بعض المحدثين (يعني: المعاصرين) من الغيورين على الإسلام أن يكون سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خلق قبل آدم عليه السلام. . . الخ ".
ويرد على هذا المنكر برد لا طائل تحته.
ومعنى كلامه أن أكثر المعاصرين موافقون له على هذه المقالة، أما السابقون؛ فلم يستثن منهم أحدًا.
وهذا من التلبيس والمجازفة؛ فإن هذا القول لم يقل به أحد يعتد به من الأمة لا قديمًا ولا حديثًا. وإذا كان محمد صلى الله عليه وسلم خلق قبل آدم؛ فهو إذن ليس من بني آدم.
وأيضًا؛ لماذا تحتفلون بولادته وهو مخلوق قبل آدم؟!
هذا تناقض عجيب.
وليت الدكتور بدل أن يقدم للقراء مثل هذه المعلومات الخاطئة قدم لهم معلومات صحيحة تفيدهم وتنفعهم من الحث على الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، واتباعه، وترك ما نهى عنه وحذر منه من البدع، فذلك خير وأبقى.
هذا؛ وسيكون لي – إن شاء الله – مع هذا الكتاب جولة أخرى لمناقشته، وليس لي قصد من وراء ذلك إلا بيان الحق والنصيحة.
والله يقول الحق، وهو يهدي السبيل.
محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومستلزماتها
تعقيب على ما نشره معالي الدكتور محمد عبده يماني في " مجلة أهلًا وسهلًا "
(العدد السابع، ذوالقعدة 1407هـ).
الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان. وبعد:
فمما لا يشك فيه أي مسلم وجوب محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم من محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين، وأن بغضه صلى الله عليه وسلم أو بغض شيء مما جاء به ردة عن الإسلام، وأن محبته صلى الله عليه وسلم تستلزم طاعته، واتباعه وحسن الأدب معه، وتقديم قوله على قول كل أحد من الخلق، وتستلزم عدم الغلو في حقه، والاطراء في مدحه، والابتداع في دينه بإحداث شيء لم يشرع أو عمل شيء لم يأمر به.
أقول هذا بمناسبة أنني قد قرأت مقالًا للدكتور محمد عبده يماني في موضوع مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، ووصفه بأوصاف خرج في بعضها إلى حد الإطراء الممنوع؛ كما سأبين ذلك.
ولكنني قبل هذا البيان أتساءل: ما الذي حمل معالي الدكتور محمد على نشر هذا المقال بين ركاب الطائرات؟ هل هو لتعريف المسلمين بشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم وبيان خصائصه وصفاته؟ فما أظن مسلمًا يجهل ذلك ولو بصفة إجمالية، وإنما الذي يجهله غالب المسلمين اليوم ويجب أن يبين لهم هو هديه صلى الله عليه وسلم في دعوته وعبادته والشريعة التي جاء بها في الأمور التي حذر منها، هذا هو الذي يحتاج الناس إلى بيانه وشرحه، وهو الذي ينبغى للدكتور محمد عبده وغيره من أصحاب الأقلام أن يشرحوه ويوضحوه للناس في مختلف الوسائل الإعلامية وغيرها، خصوصا ما يتعلق بأمور العقيدة.
هذا، ونأتي الأن على الأخطاء التي وقعت في مقال معالي الدكتور محمد، وفقنا الله وإياه للصواب، وهي:
1 - قوله: " ما أجمل أن نرتبط بذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/263)
أقول: هذا كلام مجمل؛ فإن كان يريد ما يفعله المبتدعون من إحياء الموالد والهتاف بالأناشيد الجماعية المتضمنة للغلو في مدحه أو الاستغاثة به ودعائه من دون الله؛ فهذا منكر وباطل، لا يجوز لمسلم أن يفعله أو يرضى به بل يجب منعه وإنكاره.
وإن كان يريد بذلك الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم والتمسك بسنته؛ فهذا حق وواجب، لكن لا يسمى ذكرى، وليس المقصود منه إحياء الذكرى، بل المقصود منه طلب الهداية والنجاة، ويسمى اتباعًا لا ذكرى؛ لأن تسميته ذكرى – ولا سيما في وقتنا هذا – توهم ارتباطه بوقت معين هو يوم مولده، فيكون هذا من الدعوة لإحياء الموالد المبتدعة، فيحسن أن يقال:
ما أجمل أن نتبع سنة نبينا.
2 - قوله يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم:
" وإنه سوف يعطيك حتى ترضى، {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}. "
لو قال: يعطيك ربك فترضى؛ كما هو لفظ في الآية التي ساقها؛ بدل: " حتى ترضى "؛ لكان ذلك هو الصواب المطابق للآية؛ لأن التقيد بألفاظ الكتاب والسنة أضمن للصواب وأبعد عن الغلو والمخالفة، وفرق بين المعنيين.
3 - قوله: " يذكرني يا رسول الله قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا} ".
قال الدكتور:
" ما هذه العظمة؟! ما هذه المقامات العلى؟! استغفارهم لا يجديهم شيئًا ما لم يجيئوك أولًا، ثم تستغفر لهم بعد أن يستغفروا، عندها يجدون الله توابا رحيما ".
ونقول للدكتور محمد:
أولًا: ليس في الآية الكريمة أن استغفارهم لا يجديهم شيئًا ما لم يجيئوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ليستغفر لهم كما قلت، وليس فيها أنهم لا يجدون الله توابًا رحيمًا إلا إذا فعلوا ذلك، وإنما فيها إرشادهم أن يستغفروا، ويذهبوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ويطلبوا منه الاستغفار لهم؛ ليكن ذلك أرجى للقبول وحصول المغفرة والرحمة، وإلا فمن استغفر الله صادقًا مخلصًا؛ غفر الله له، ولو لم يستغفر له الرسول صلى الله عليه وسلم؛ كما تدل عليه الآيات الآخرى والأحاديث النبوية.
ثانيًا: المجيء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وطلب الاستغفار منه خاص في حال حياته، أما بعد موته عليه الصلاة والسلام؛ فلا يجوز الذهاب إلى قبره، وطلب الاستغفار منه؛ لأن هذا شيء لم يفعله صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل كانوا إذا أجدبوا؛ طلبوا من عمه العباس – أو من غيره من الصالحين – أن يدعو الله لهم بالسقيا؛ كما فعل عمر ومعاوية رضي الله عنهما، ولم يكونوا يذهبون إلى قبره، ويطلبون منه الدعاء والاستغفار؛ كما كانوا يفعلون ذلك في حال حياته.
وإطلاق الدكتور محمد هذا الكلام الذي قاله يفهم منه العموم، فيغتر به الجهال، ويظنون أن ذلك مستمر بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.
4 - قوله: " وناهيك من قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وأنت فِيهِمْ} ".
نأخذ عليه في ذلك مأخذين:
المأخذ الأول: أنه لم يكمل الآية الكريمة بذكر بقيتها، وهي قوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}.
المأخذ الثاني: أنه لم يبين المراد من الآية، وأن المقصود منها أن وجود النبي صلى الله عليه وسلم حيّا بين أظهرهم ضمانة لهم من وقوع العذاب، أما بعد خروجه من بين أظهرهم بالهجرة أو بوفاته صلى الله عليه وسلم فقد فقدت هذه الضمانة، ولم يبق إلا الضمانة الثانية، وهى الاستغفار.
قال ابن عباس رضي الله عنهما:
" كان فيهم أمانان: النبي صلى الله عليه وسلم والاستغفار، فذهب النبي صلى الله عليه وسلم وبقي الاستغفار ".
وقال أيضًا:
" إن الله جعل في هذه الأمة أمانين، لا يزالون معصومين مجارين من قوارع العذاب ما داما بين أظهرهم، فأمان قبضه الله إليه، وأمان بقي فيكم (يعني: الاستغفار).
ذكر ذلك ابن كثير، ثم ذكر ما رواه الترمذي بسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أنزل الله علي أمانين لأمتي: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وأنت فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}، فإذا مضيت؛ تركت فيهم الاستغفار إلى يوم القيامة).
5 - قوله يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/264)
" وما اختص الله تعالى أحدًا ممن شاء أو يشاء ببعض ما اختصك به ".
هذا القول فيه غلو وتقوّل على الله تعالى بلا علم، ثم هو مخالف للواقع، فقد اختص الله تعالى بعض أنبيائه بخصائص عظيمة، فخلق آدم بيده، وأسجد له ملائكته، وجعل إبراهيم إمامًا للناس، وجعل في ذريته النبوة والكتاب، واتخذه خليلًا، وكلم موسى تكليمًا، وخلق عيسى من أم بلا والد، وأيده بروح القدس، وجعله يكلم الناس في المهد، ويحي الموتى، ويبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله.
قال تعالى:
{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ}.
ولا شك أن أكملهم وأفضلهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد اختصه الله بخصائص عظيمة، لكن القول بأنه ما اختص أحدًا ببعض ما اختصه به كلام غير سليم؛ لأن الأنبياء يشتركون في بعض الصفات، ويتفاضلون في بعضها، فالخلة مثلًا مشتركة بين إبراهيم ومحمد عليهما السلام.
6 - قوله: " وكما أدبك ربك يا رسول الله فأحسن تأديبك، ولم يختص بذلك أحدًا غيرك ".
نقول: هذا النفي فيه نظر، إذ كل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قد أدبهم ربهم، وهيأهم لحمل رسالته، وأهلهم لكرامته؛ قال تعالى: {وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}.
وقال في حق يوسف عليه السلام: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إبراهيمَ وَإِسْحَاقَ}.
وقال في حق موسى عليه السلام.
{وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي}، وقال {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي}.
ولم يقل نبينا صلى الله عليه وسلم: أن ربه اختصه بأن أدبه فأحسن تأديبه؛ حتى يصح ما قاله الدكتور محمد، وإنما أخبر أن الله أدبه فأحسن تأديبه – إن صح الحديث -، ولم ينف ذلك عن غيره من الرسل.
7 - قوله: " ولم يعرف رسول من الرسل أمر الله بغض الصوت عنده إلا سيد الأولين والآخرين ".
نقول: بل كل الرسل يجب احترامهم وتوقيرهم، وتحرم إساءة الأدب معهم؛ برفع الصوت وغيره من أنواع الأذى.
قال تعالى عن موسى عليه السلام أنه قال لقومه: {يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ}.
وقال الله لبني إسرائيل: {لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ}. والتعزير معناه: التوقير والمناصرة، وهذا يعني تحريم أذيتهم بالقول والفعل.
8 - قوله: " فجعل أمره صلى الله عليه وسلم من أمر الله؛ كما جعل طاعته هي عين طاعته، من أطاع الرسول؛ فقد أطاع الله ".
أما قوله: " إن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم من أمر الله "؛ فهذا صحيح؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يأمر إلا بما أمره الله به؛ كما قال تعالى:
{وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى أن هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}.
وأما قوله: " إن طاعة الرسول هي عين طاعة الله "؛ فهو محل نظر؛ لأن طاعة الرسول مستقلة عن طاعة الله، لكنها تابعة لها ومرتبطة بها، ولهذا عطفها الله عليها في قوله تعالى: {أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأمر مِنكُمْ}، والعطف يقتضي المغايرة.
وطاعة الله تعني الأخذ بكتابه، وطاعة الرسول تعني الأخذ بسنته.
قال ابن كثير: " {أَطِيعُواْ اللَّهَ}؛ أي: أتبعوا كتابه، {وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ}؛ أي: خذوا بسنته " انتهى.
وطاعة الله تعني العبودية له سبحانه، وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم تعني المتابعة له والإقرار برسالته، وبينهما فرق واضح.
وقول الدكتور: " من أطاع الرسول؛ فقد أطاع الله "؛ إن كان يقصد به تلاوة الآية؛ فليس هذا لفظها، وإنما لفظها: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}.
قال الإمام ابن كثير رحمه الله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/265)
" يخبر تعالى عن عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأن من أطاعه؛ فقد أطاع الله، ومن عصاه؛ فقد عصى الله، وما ذاك إلا لأنه {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} ".
9 - قوله: " كما جعل مبايعته هي عين مبايعته؛ {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إنما يُبَايِعُونَ اللَّهَ} ".
نقول: وهذا من جنس ما قبله، فليست مبايعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي عين مبايعة الله؛ كما يقول الدكتور، بل هي من جنس قوله تعالى: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}، وهذا من باب التشريف والتكريم له صلى الله عليه وسلم؛ لأنه الواسطة بين الله وبين خلقه في تبليغ رسالته.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في معنى الآية:
" أي: هو معهم، يسمع أقوالهم، ويرى مكانهم، ويعلم ضمائرهم وظواهرهم، فهو تعالى هو المبايع بواسطة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ} الآية ".
ثم ساق الحديث بسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من سل سيفه في سبيل الله؛ فقد بايع الله).
وساق الحديث عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجر الأسود: (من استلمه؛ فقد بايع الله تعالى).
ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إنما يُبَايِعُونَ اللَّهَ}.
فالآية الكريمة إنما تدل على أن مبايعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي بمنزلة مبايعة الله عز وجل، لا أنها عين مبايعة الله؛ بدليل أنه ذكر مبايعتين: مبايعة الرسول، ومبايعة الله، فدل على التغاير؛ كقوله تعالى: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}، فذكر طاعتين، وهذا واضح بحمد الله لكل من تأمله.
والذي نريده من معالي الدكتور تجنب هذه الإيهامات التي قد يفهم منها خلاف المقصود، وتكون سببًا لبلبلة الأفكار.
والله الموفق، لا رب لنا سواه ولا نعبد إلا إياه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.(27/266)
المنهج الصحيح فى فهم صفات الله تعالى
ـ[تلميذ الازهر]ــــــــ[22 - 03 - 04, 08:20 م]ـ
الحمد لله رب العالمين.
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فقد ورد سؤال من مسلم بريطاني، يستشكل فيه التوفيق بين الإيمان بحديث النزول الإلهي كل آخر ليلة حتى يطلع الفجر، كما قال صلى الله عليه وسلم: (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له) [متفق عليه]، وكون الزمن لا يخلو من ثلث أخير من الليل في كل لحظة في العالم، ويحسن أن نجيب على هذا السؤال بجواب عام، يحصل به إيضاح المنهج الصحيح في تلقي وفهم نصوص صفات الله تعالى في الكتاب والسنة.
فنقول وبالله تعالى التوفيق: يجب أن نقدم خمس حقائق مهمة في هذا الباب العظيم:
الحقيقة الأولى:
أن الله تعالى أمرنا أن نؤمن بما أنزله في كتابه في القرآن، وبما أوحى به إلى نبيه صلى الله عليه وسلم في السنة، حتى لو لم تدركه عقولنا القاصرة، قال تعالى {الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون}، و قال تعالى {والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب}، وهذا هو سبب تسمية اتباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم إيمانا، لان كلمة الإيمان تشتمل على بعد غيبي يصدق به المصدق، وهو لا يشاهده بعينه، فلم يطلق عليه " تصديق " في الكتاب والسنة لهذا السبب، لان المطلوب أن يسلم المؤمن بما جاء به الرسول حتى لو كان غيبا مغيبا.
الحقيقة الثانية:
أنه يجب الإيمان بصفات الله تعالى الواردة في القرآن والسنة بلا تحريف لمعانيها، أو تعطيل لما تدل عليه من أنها صفات الله تعالى الكاملة، ولا إدعاء المعرفة بكيفياتها، ولا تمثيل بينها وبين صفات المخلوق، وعلى هذا الأصل العظيم مضى الصحابة الكرام، ومن تبعهم من أهل الإسلام، الذين ساروا على طريق الصحابة وهم أهل السنة والجماعة.
الحقيقة الثالثة:
أن الله تعالى موصوف بصفات الكمال المطلق، لا يتطرق إليه نقص بأي وجه من الوجوه، واعتقاد النقص في صفاته كما فعلت اليهود والنصارى بعد تحريفهم لما جاءت به أنبياؤهم عليهم السلام، هو شرك وكفر به سبحانه.
الحقيقة الرابعة:
أننا مع إيماننا بكل صفات الله تعالى الواردة في الكتاب والسنة، وان اتصاف الله تعالى بها هو على الحقيقة، غير أننا نجهل كيفيتها، لان عقولنا القاصرة عاجزة عن ذلك، ولهذا قال تعالى {يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما}، أي أن علمه سبحانه محيط بالإنسان وبكل خلقه، غير أن الإنسان لا يمكنه أن يحيط علما بالله تعالى.
ومن الأمثلة التي توضح هذه الحقيقة أننا نؤمن بالأحلام والرؤى التي نراها في منامنا، غير أننا عاجزون تماما عن معرفة كيفيتها، ونؤمن بوجود الروح في أجسادنا مع أننا عاجزون تماما عن معرفة كيفيتها، ونؤمن بوجود الجن كذلك، وأنهم يأكلون ويشربون ويتناكحون ويؤمنون ويكفرون، كما ذكر الله تعالى ذلك في القرآن، ونعجز عن معرفة كيفية أداءهم لعملياتهم العضوية عجزا تاما، فإذن يمكن أن ينفصل الإيمان بوجود الشيء وأنه حقيقة قائمة، عن الإحاطة بكيفيته.
ولله المثل الأعلى، فالله تعالى نؤمن بذاته ولكننا نجهل كيفيتها، ونؤمن باتصاف الذات الإلهية بصفاتها العليا، مثل السمع والبصر والعلم، ولكننا نجهل تماما كيفية اتصاف الذات الإلهية بتلك الصفات، مع أننا نجزم أن ذلك الاتصاف، يختلف تماما عن اتصاف ذواتنا بصفاتها، مع أن الأسماء متحدة متشابهة، فنحن أيضا لدينا ذوات تسمع وتبصر وتعلم، لكن الحقائق مختلفة تماما، فالله تعالى لا يماثل خلقه، ولايمكن معرفة كيفية صفاته سبحانه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/267)
ونحن نرى أن المخلوقات أحيانا تتشابه في إطلاق الأسماء والصفات عليها، وتختلف الكيفيات اختلافا كليا، فمثلا نطلق صفة اليد على يد البعوضة، ويد الفيل، ويد الباب، ويد الإنسان، بينما الكيفيات تختلف اختلافا عظيما، مع أن الاسم الذي فهم منه الصفة، اسم واحد، فإذا كان هذا الاختلاف بين المخلوقات، فكيف بالاختلاف بين الخالق والمخلوق، ولهذا فنحن نؤمن باتصاف الله تعالى بصفة اليد كما ورد في القرآن والسنة، ولكن نجهل كيفيتها، ولا نمثلها بأيدينا، تعالى الله عن ذلك.
الحقيقة الخامسة:
أن الوحي الإلهي لا يتضمن ما يحكم العقل باستحالته، ونعني بذلك العقل السليم الذي يفهم الاستدلال الصحيح، والبراهين السليمة، وينقاد للحق، وليس عقل المستكبر، فإنه عقل فاسد أعماه العناد.
غير أن الوحي الإلهي قد يتضمن أحيانا ما يحتار فيه العقل، لان في الوحي الإلهي حديث عن الغيب، والإنسان يتحير فيما غاب عن عقله، ولكنه ليس بالضرورة يحكم باستحالة وقوعه، فثمة فرق بين الإيمان بالشيء مع تحير العقل فيه، والحكم بالاستحالة، ومن الأمثلة على هذه الحقيقة أعني الفرق بين الحيرة والحكم بالاستحالة، أنك لو حدثت شخصا قبل مائتي عام مثلا، أن الإنسان سيمكنه فيما يأتي من الزمان، أن يتحدث مع شخص آخر ويراه وبينهما آلاف الأميال، بحيث أن أحدهما في جوف الليل، والآخر في وضح النهار، لاحتار عقله في الإيمان بهذا، وربما أداه ذلك إلى التكذيب، بينما لو عرضه مرة أخرى على عقله وبحث عن دليل صحيح يحكم بامتناع وقوع ذلك، لحكم بأنه غير مستحيل الوقوع البتة، وها نحن نراه واقعا اليوم.
فكذلك نحن قد نؤمن ببعض صفات الله تعالى إيمانا لا يتطرق إليه ريب، غير أن عقولنا تبقى متحيرة في كيفيتها، كإيماننا بعلم الله تعالى العظيم المحيط بكل الكليات والجزيئات التفصيلية الدقيقة في الحياة التي هي غير متناهية، كما قال تعالى {ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين}، ومعلوم أن تساقط الأوراق متجدد باستمرار وكذلك، حبوب الزروع المختفية في باطن الأرض، وما تحمله من أرزاق، وكل ما يقع في البر والبحر، كل ذلك يتحير العقل البشري في إمكان أن يدركه مدرك في كل لحظة، ولا يفوته منه شيء البتة، قد أحاط علمه بكل ذلك على التفصيل حتى جريان الإلكترونات حول نوات الذرات، في كل الأرض والسموات، هذا كله يتحير فيه عقل المؤمن، وتصيبه هذه الحيرة بالدهشة والشعور الغامر بعظمة الخالق، ولكن مع ذلك هو مؤمن مصدق مطمئن قلبه بان ذلك حق، وقس على هذا المثال إيمان المؤمن بكل صفات الله تعالى العلية.
وإذا تبينت هذه الحقائق الخمس، فالجواب على سؤال السائل أن نقول:
إن حديث النزول الإلهي في الثلث الأخير من الليل، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق كثيرة مستفيضة، واتفق العلماء على صحته، والإيمان به واجب، ومعارضة ما دل عليه من معنى حق، بعقولنا القاصرة، يخالف ما أمرنا به من الإيمان، والتسليم التام بكل جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأما قول القائل أن الحديث يقتضي حدوث النزول الإلهي في كل لحظة، لان ما من لحظة إلا ويكون في بعض الأرض ثلث أخير من الليل، فالجواب أن هذا الفهم إنما سبق إلى عقل المعترض، بسبب ظنه أن النزول الإلهي كنزول البشر، يجري عليه ما يجري على حركات البشر من الخضوع لظرف الزمان، والانتقال من مكان إلى المكان، فسبق إلى ذهنه تمثيل الله تعالى بخلقه، فأدى ذلك إلى استشكال معنى الحديث، ولو أنه علم أن كل صفات الله تعالى، لا يماثله فيها سبحانه شيء من خلقه، ولا يجري عليها ما يجري على صفات المخلوقين من الأحكام واللوازم، لو استحضر هذا العلم في قلبه عند قراء ة أو سماع الحديث كما فعل الصحابة رضي الله عنهم ولهذا لم يثيروا هذا التساؤل لما استشكل معنى الحديث، ولفهمه على أن النزول الإلهي، ليس كنزولنا نحن، ولا يلزم عليه ما يلزم من حركاتنا وأفعالنا البشرية، بل هو أمر آخر خفيت علينا كيفيته، كما خفيت علينا كيفية سائر صفاته من السمع والبصر و العلم والحياة والإرادة والمحبة والغضب والرحمة والاستواء على عرشه ومجيئه يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/268)
إلى سائر الصفات الذاتية والفعلية التي اتصف بها سبحانه، فنحن نؤمن بها ونجهل كيفيتها وكذلك النزول الإلهي في الثلث الأخير من كل ليلة.
هذا وقد أجمع العلماء من سلف الأمة ومن بعدهم، على أن القاعدة العامة التي تضبط هذا الباب الجليل، هي التي أطلقها الإمام مالك رحمه الله، إمام دار الهجرة، عندما سأله سائل عن استواء الله على عرشه، فقال قولته المشهورة: (الاستواء معلوم، والإيمان به واجب، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة) وكذلك يقال في كل صفات الله تعالى الواردة في الكتاب والسنة.
وقال العلماء من أهل السنة والجماعة أن أسماء الله تعالى وصفاته تفهم على ضوء ثلاثة أصول:
الأول:
الإيمان بكل ما ورد في الكتاب والسنة من أسماء الله وصفاته، إثباتا ونفيا، فنثبت ما أثبته الله ورسوله من الأسماء والصفات، وننفي ما نفاه الله ورسوله من الأسماء والصفات، من غير اعتراض على شيء من ذلك بعقولنا، فذلك مقتضى الإيمان والتسليم، قال تعالى {والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا}، وقال تعالى {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسماءه}.
الثاني:
نفي التمثيل والتشبيه بين أسماء الله وصفاته، وأسماء المخلوقين وصفاتهم قال تعالى {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}.
الثالث:
قطع الطمع عن إدراك كيفية صفات الله تعالى، قال تعالى {يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما}.
وقد أخذت هذه الأصول الثلاث من طريقة الصحابة التي أجمعوا عليها، فلم تكن طريقتهم في فهم نصوص صفات الله تعالى إلا بالإيمان بها وإمرارها كما جاءت من غير تأويل ولا تحريف ولا تعطيل ولاتمثيل ولا تكييف، وقد حكى إجماعهم على ذلك عامة العلماء من أهل السنة والجماعة.
قال الإمام الاوزاعي: (كنا والتابعون متوافرون نقول إن الله عز وجل فوق عرشه ونؤمن بما ورد في السنة من صفاته) [رواه البيهقي في الأسماء والصفات، وصححه ابن القيم رحمه الله].
وقال الإمام الشافعي رحمه الله: (القول في السنة التي أنا عليها، ورأيت عليها الذين رأيتهم مثل مالك وسفيان وغيرهما. . . وأن الله تعالى على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف يشاء، وينزل إلى السماء الدنيا كيف يشاء)، وذكر سائر الاعتقاد على هذا النحو [ذكره الذهبي في العلو للعلي الغفار].
وقال الحافظ الخطيب رحمه الله: (أما الكلام في الصفات، فأما ما روي منها في السنن والصحاح، فمذهب السلف - أي الصحابة والتابعون وأتباعهم من علماء القرون الثلاثة المفضلة - إثباتها، وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عنها) [ذكره الذهبي في المصدر السابق].
وبهذا يعلم انه لاوجه لإثارة السؤال بأن النزول الإلهي في الثلث الأخير من الليل، يلزم منه كونه يحصل على مدار الساعة، لان ذلك إنما يحصل لو كان النزول يشبه نزول البشر، أما وهو أمر لانعلم كنهه، ولاندرك كيفيته، فليس علينا إلا الإيمان به والتسليم بأنه حق على الكيفية التي تليق بالله تعالى، ويعلمها هو ولا نعلمها، قال تعالى {سبحانك لاعلم لنا إلا ما علمتنا}، وقال: {والله يعلم وأنتم لاتعلمون}.
والله أعلم
ـ[حمد أحمد]ــــــــ[15 - 08 - 06, 06:47 ص]ـ
جزى الله خيرا أخي تلميذ الأزهر، على هذا الموضوع الذي استفدنا منه.
للرفع
ـ[ياسر بن مصطفى]ــــــــ[22 - 08 - 06, 01:32 م]ـ
جزاكم الله كل خير اخي الفاضل طرحك رائع بارك الله فيك
ـ[يوسف السبيعي]ــــــــ[23 - 08 - 06, 12:56 م]ـ
ما ذكره الأخ كلام جميل، لكن قوله: ((من حركات البشر. . . والانتقال من مكان إلى مكان)) تعبير غير سديد؛ فمثل هذا لا ينبغي إطلاقه إلا مع البيان، مع جزمي بأن الأخ لم يقصد إلا الخير كله، ولكنه تنبيه أردت منه النصح له ولنفسي والقراء.
ـ[مهداوي]ــــــــ[23 - 08 - 06, 04:58 م]ـ
أليست هذه إجابة الشيخ حامد العلي حفظه الله؟
ـ[نوح الحمداني]ــــــــ[23 - 08 - 06, 05:06 م]ـ
هل الكيف مجهول بمعنى أننا لا نحيط به مع ثبوته؟ أم بمعنى أنه منفي عن الله أصلا؟
ـ[همام بن همام]ــــــــ[24 - 08 - 06, 04:15 ص]ـ
أخي الحمداني لا شك أن الأول هو الصواب أي أننا لا نحيط به مع ثبوته، وإلا لانتفت حقيقة الصفات.
والله أعلم.
ـ[أبو الحسن الأنماري]ــــــــ[24 - 08 - 06, 05:07 ص]ـ
بارك الله فيك
لكن لوفرقت بين المعنى والكيفية وضربت الأمثلة لكان أولى, كما قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس:
"الاستواء معلوم, والكيف مجهول ... " فهو هنا فرق بين المعنى والكيفية حتى لا يظن الشخص أن من منهج أهل السنة والجماعة التفويض, وإنما قصد السلف من قولهم:"أمروها كما جاءت "
أي أمروا الكيفية وإلامعنى الصفة معلوم.
بارك الله فيك مرة أخرى.
ـ[عبد الرحمن غياث]ــــــــ[24 - 08 - 06, 08:06 ص]ـ
بارك الله فيكم نعم نقول أن لصفات الله كيفية نجهلها مع علمنا بمعاني الصفات وهذا هو خلاصة ما يتفق مع كلام الأئمة كالإمام مالك وغيره والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/269)
ـ[أحمد بن أسامة المصري]ــــــــ[24 - 08 - 06, 08:22 ص]ـ
بخصوص هذا الموضوع -موضوع الأسماء والصفات- أرجو من الأخوة الإطلاع على هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=459117#post459117
ـ[عبد الرحمن غياث]ــــــــ[24 - 08 - 06, 08:41 ص]ـ
وهذا جواب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى على هذه المسألة:
سئل شيخ الإسلام أحمد بن تيمية قدس الله روحه
ما يقول سيدنا وشيخنا شيخ الاسلام وقدوة الأنام أيده الله ورضى عنه
فى رجلين تنازعا فى حديث النزول
أحدهما مثبت والآخر ناف
فقال المثبت ينزل ربنا كل ليلة الى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فقال النافى كيف ينزل فقال المثبت ينزل بلا كيف فقال النافى يخلو منه العرش أم لا يخلو فقال المثبت هذا قول مبتدع ورأى مخترع فقال النافى ليس هذا جوابى بل هو حيدة عن الجواب فقال له المثبت هذا جوابك فقال النافى انما ينزل أمره ورحمته فقال المثبت أمره ورحمته ينزلان كل ساعة والنزول قد وقت له رسول الله ثلث الليل الآخر فقال النافى الليل لا يستوى وقته فى البلاد فقد يكون الليل فى بعض البلاد
خمس عشرة ساعة ونهارها تسع ساعات ويكون فى بعض البلاد ست عشرة ساعة والنهار ثمان ساعات وبالعكس فوقع الاختلاف فى طول الليل وقصره بحسب الاقاليم والبلاد وقد يستوى الليل والنهار فى بعض البلاد وقد يطول الليل فى بعض البلاد حتى يستوعب أكثر الاربع وعشرين ساعة ويبقى النهار عندهم وقت يسير فيلزم على هذا أن يكون ثلث الليل دائما ويكون الرب دائما نازلا الى السماء
والمسؤول ازالة الشبه والاشكال وقمع أهل الضلال
فأجاب رضى الله عنه
الحمد لله رب العالمين أما القائل الاول الذى ذكر نص النبى صلى الله عليه وسلم فقد أصاب فيما قال فان هذا القول الذى قاله قد استفاضت به السنة عن النبى واتفق سلف الأمة وأئمتها وأهل العلم بالسنة والحديث على تصديق ذلك وتلقيه بالقبول ومن قال ما قاله الرسول فقوله حق وصدق وان كان لا يعرف حقيقة ما اشتمل عليه من المعانى كمن قرأ القرآن ولم يفهم ما فيه من المعانى فان اصدق الكلام كلام الله وخير الهدى هدى محمد والنبى قال هذا الكلام وأمثاله علانية وبلغه الامة تبليغا عاما لم يخص به أحدا دون أحد ولا كتمه عن أحد وكانت الصحابة والتابعون تذكره وتأثره وتبلغه
وترويه فى المجالس الخاصة والعامة واشتملت عليه كتب الاسلام التى تقرأ فى المجالس الخاصة والعامة كصحيحى البخارى ومسلم وموطأ مالك ومسند الامام أحمد وسنن أبى داود والترمذى والنسائى وأمثال ذلك من كتب المسلمين
لكن من فهم من هذا الحديث وأمثاله ما يجب تنزيه الله عنه كتمثيله بصفات المخلوقين ووصفه بالنقص المنافى لكماله الذى يستحقه فقد أخطأ فى ذلك وان أظهر ذلك منع منه وان زعم أن الحديث يدل على ذلك ويقتضيه فقد أخطأ أيضا فى ذلك
فان وصفه سبحانه وتعالى فى هذا الحديث بالنزول هو كوصفه بسائر الصفات كوصفه بالاستواء الى السماء وهى دخان ووصفه بأنه خلق السموات والأرض فى ستة أيام ثم إستوى على العرش ووصفه بالاتيان والمجىء فى مثل قوله تعالى هل ينظرون الا أن يأتيهم الله فى ظلل من الغمام والملائكة وقوله هل ينظرون الا أن تأتيهم الملائكة أو يأتى ربك أو ياتى بعض آيات ربك وقوله وجاء ربك والملك صفا صفا وكذلك قوله تعالى خلق السموات والأرض وما بينهما فى ستة أيام ثم استوى على العرش وقوله والسماء بنيناها بأيد وقوله الله الذى خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شىء وقوله يدبر الأمر من السماء الى الأرض ثم يعرج اليه وأمثال ذلك من الأفعال التي
وصف الله تعالى بها نفسه التى تسميها النحاة أفعالا متعدية وهى غالب ما ذكر فى القرآن أو يسمونها لازمة لكونها لا تنصب المفعول به بل لا تتعدى اليه الا بحرف الجر كالاستواء الى السماء وعلى العرش والنزول الى السماء الدنيا ونحو ذلك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/270)
فان الله وصف نفسه بهذه الأفعال ووصف نفسه بالأقوال اللازمة والمتعدية فى مثل قوله واذ قال ربك للملائكة وقوله وكلم الله موسى تكليما وقوله تعالى وناداهما ربهما وقوله ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين وقوله والله يقول الحق وهو يهدى السبيل وقوله الله لا اله الا هو ليجمعنكم الى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثا وقوله الله نزل أحسن الحديث وقوله وتمت كلمة ربك الحسنى على بنى اسرائيل بما صبروا وقوله وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا وقوله ولقد صدقكم الله وعده وكذلك وصف نفسه بالعلم والقوة والرحمة ونحو ذلك كما فى قوله ولا يحيطون بشىء من علمه الا بما شاء وقوله ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين وقوله ربنا وسعت كل شىء رحمة وعلما وقوله ورحمتى وسعت كل شىء ونحو ذلك مما وصف به نفسه فى كتابه وما صح عن رسوله فان القول فى جميع ذلك من جنس واحد
ومذهب سلف الأمة وأئمتها أنهم يصفونه بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله فى النفى والاثبات والله سبحانه وتعالى قد نفى عن نفسه مماثلة المخلوقين فقال الله تعالى قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فبين أنه لم يكن أحد كفوا له وقال تعالى هل تعلم له سميا فأنكر أن يكون له سمى وقال تعالى فلا تجعلوا لله أندادا وقال تعالى فلا تضربوا الله الامثال وقال تعالى ليس كمثله شىء
ففيما أخبر به عن نفسه من تنزيهه عن الكفؤ والسمى والمثل والند وضرب الأمثال له بيان أن لا مثل له فى صفاته ولا أفعاله فان التماثل فى الصفات والأفعال يتضمن التماثل فى الذات فان الذاتين المختلفتين يمتنع تماثل صفاتهما وأفعالهما اذ تماثل الصفات والأفعال يستلزم تماثل الذوات فان الصفة تابعة للموصوف بها والفعل أيضا تابع للفاعل بل هو مما يوصف به الفاعل فاذا كانت الصفتان متماثلتين كان الموصوفان متماثلين حتى أنه يكون بين الصفات من التشابه والاختلاف بحسب ما بين الموصوفين كالانسانين كما كانا من نوع واحد فتختلف مقاديرهما وصفاتهما بحسب اختلاف ذاتيهما ويتشابه ذلك بحسب تشابه ذلك
كذلك اذا قيل بين الانسان والفرس تشابه من جهة أن هذا حيوان وهذا
حيوان اختلاف من جهة أن هذا ناطق وهذا صاهل وغير ذلك من الامور كان بين الصفتين من التشابه والاختلاف بحسب ما بين الذاتين وذلك أن الذات المجردة عن الصفة لا توجد الا فى الذهن فالذهن يقدر ذاتا مجردة عن الصفة ويقدر وجودا مطلقا لا يتعين وأما الموجودات فى أنفسها فلا يمكن فيها وجود ذات مجردة عن كل صفة ولا وجود مطلق لا يتعين ولا يتخصص
واذا قال من قال من أهل الاثبات للصفات انا اثبت صفات الله زائدة على ذاته فحقيقة ذلك أنا نثبتها زائدة على ما أثبتها النفاة من الذات فان النفاة اعتقدوا ثبوت ذات مجردة عن الصفات فقال أهل الاثبات نحن نقول باثبات صفات زائدة على ما اثبته هؤلاء
وأما الذات نفسها الموجودة فتلك لا يتصور أن تتحقق بلا صفة أصلا بل هذا بمنزلة من قال اثبت انسانا لا حيوانا ولا ناطقا ولا قائما بنفسه ولا بغيره ولا له قدرة ولا حياة ولا حركة ولا سكون أو نحو ذلك أو قال أثبت نخلة ليس لها ساق ولا جذع ولا ليف ولا غير ذلك فان هذا يثبت ما لا حقيقة له فى الخارج ولا يعقل
ولهذا كان السلف والأئمة يسمون نفاة الصفات معطلة لأن حقيقة قولهم تعطيل ذات الله تعالى وان كانوا هم قد لا يعلمون ان قولهم مستلزم للتعطيل بل يصفونه بالوصفين المتناقضين فيقولون هو موجود قديم واجب ثم ينفون
لوازم وجوده فيكون حقيقة قولهم موجود ليس بموجود حق ليس بحق خالق ليس بخالق فينفون عنه النقيضين إما تصريحا بنفيها واما امساكا عن الاخبار بواحد منهما
ولهذا كان محققوهم وهم القرامطة ينفون عنه النقيضين فلا يقولون موجود ولا لا موجود ولا حى ولا لا حى ولا عالم ولا لا عالم قالوا لأن وصفه بالاثبات تشبيه له بالموجودات ووصفه بالنفى فيه تشبيه له بالمعدومات فآل بهم اغراقهم فى نفى التشبيه الى أن وصفوه بغاية التعطيل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/271)
ثم أنهم لم يخلصوا مما فروا منه بل يلزمهم على قياس قولهم أن يكونوا قد شبهوه بالممتنع الذى هو أخس من الموجود والمعدوم الممكن ففروا فى زعمهم من تشبيهه بالموجودات والمعدومات ووصفوه بصفات الممتنعات التى لا تقبل الوجود بخلاف المعدومات الممكنات وتشبيهه بالممتنعات شر من تشبيهه بالموجودات والمعدومات الممكنات
وما فر منه هؤلاء الملاحدة ليس بمحذور فانه اذا سمى حقا موجودا قائما بنفسه حيا عليما رؤوفا رحيما وسمى المخلوق بذلك لم يلزم من ذلك أن يكون مماثلا للمخلوق اصلا ولو كان هذا حقا لكان كل موجود مماثلا لكل موجود ولكان كل معدوم مماثلا لكل معدوم ولكان كل ما ينفى عنه شىء من الصفات مماثلا لكل ما ينفى عنه ذلك الوصف
فاذا قيل السواد موجود كان على قول هؤلاء قد جعلنا كل موجود مماثلا للسواد واذا قلنا البياض معدوم كنا قد جعلنا كل معدوم مماثلا للبياض ومعلوم أن هذا فى غاية الفساد ويكفى هذا خزيا لحزب الالحاد
واذا لم يلزم مثل ذلك فى السواد الذى له أمثال بلا ريب فاذا قيل فى خالق العالم أنه موجود لا معدوم حى لا يموت قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم فمن أين يلزم أن يكون مماثلا لكل موجود ومعدوم وحى وقائم ولكل ما ينفى عنه العدم وما ينفى عنه صفة العدم وما ينفى عنه الموت والنوم كأهل الجنة الذين لا ينامون ولا يموتون
وذلك أن هذه الاسماء العامة المتواطئة الى تسميها النحاة اسماء الاجناس سواء اتفقت معانيها فى محالها أو تفاضلت كالسواد ونحوه وسواء سميت مشككة وقيل أن المشككة نوع من المتواطئة اما أن تستعمل مطلقة وعامة كما اذا قيل الموجود ينقسم الى واجب وممكن وقديم ومحدث وخالق ومخلوق والعلم ينقسم الى قديم ومحدث واما أن تستعمل خاصة معينة كما اذا قيل وجود زيد وعمرو وعلم زيد وعمرو وذات زيد وعمرو فاذا استعملت خاصة معينة دلت على ما يختص به المسمى لم تدل على ما يشركه فيه غيره فى الخارج فان ما يختص به المسمى لا شركة فيه بينه وبين غيره
فاذا قيل علم زيد ونزول زيد واستواء زيد ونحو ذلك لم يدل هذا الا على ما يختص به زيد من علم ونزول واستواء ونحو ذلك لم يدل على ما يشركه فيه غيره لكن لما علمنا أن زيدا نظير عمرو وعلمنا أن علمه نظير علمه ونزوله نظير نزوله واستواءه نظير استوائه فهذا علمناه من جهة القياس والمعقول والاعتبار لا من جهة دلالة اللفظ فاذا كان هذا فى صفات المخلوق فذلك فى الخالق أولى
فاذا قيل علم الله وكلام الله ونزوله واستواؤه ووجوده وحياته ونحو ذلك لم يدل ذلك على ما يشركه فيه أحد من المخلوقين بطريق الاولى ولم يدل ذلك على مماثلة الغير له فى ذلك كما دل فى زيد وعمرو لأنا هناك علمنا التماثل من جهة الاعتبار والقياس لكون زيد مثل عمرو وهنا نعلم أن الله لا مثل له ولا كفو ولا ند فلا يجوز أن نفهم من ذلك أن علمه مثل علم غيره ولا كلامه مثل كلام غيره ولا استواءه مثل استواء غيره ولا نزوله مثل نزول غيره ولا حياته مثل حياة غيره
ولهذا كان مذهب السلف والأئمة اثبات الصفات ونفى مماثلتها لصفات المخلوقات فالله تعالى موصوف بصفات الكمال الذى لا نقص فيه منزه عن صفات النقص مطلقا ومنزه عن أن يماثله غيره فى صفات كماله فهذان المعنيان جمعا التنزيه وقد دل عليهما قوله تعالى قل هو الله أحد الله الصمد فالاسم الصمد يتضمن صفات الكمال والاسم الأحد يتضمن نفى المثل كما قد بسط الكلام على ذلك فى تفسير هذه السورة
فالقول فى صفاته كالقول فى ذاته والله تعالى ليس كمثله شىء لا فى ذاته ولا فى صفاته ولا فى أفعاله لكن يفهم من ذلك أن نسبة هذه الصفة الى موصوفها كنسبة هذه الصفة الى موصوفها فعلم الله وكلامه ونزوله واستواؤه هو كما يناسب ذاته ويليق بها كما أن صفة العبد هى كما تناسب ذاته وتليق بها ونسبة صفاته الى ذاته كنسبة صفات العبد الى ذاته ولهذا قال بعضهم اذا قال لك السائل كيف ينزل أو كيف استوى أو كيف يعلم أو كيف يتكلم ويقدر ويخلق فقل له كيف هو فى نفسه فاذا قال أنا لا أعلم كيفية ذاته فقل له وأنا لا أعلم كيفية صفاته فان العلم بكيفية الصفة يتبع العلم بكيفية الموصوف
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/272)
فهذا اذا استعملت هذه الأسماء والصفات على وجه التخصيص والتعيين وهذا هو الوارد فى الكتاب والسنة وأما اذا قيلت مطلقة وعامة كما يوجد فى كلام النظار الموجود ينقسم الى قديم ومحدث والعلم ينقسم الى قديم ومحدث ونحو ذلك فهذا مسمى اللفظ المطلق والعام والعلم معنى مطلق وعام والمعانى لا تكون مطلقة وعامة الا فى الاذهان لا فى الاعيان فلا يكون موجود وجودا مطلقا أو عاما الا فى الذهن ولا يكون مطلق أو عام الا فى الذهن ولا يكون انسان أو حيوان مطلق وعام الا فى الذهن والا فلا تكون الموجودات فى أنفسها الا معينة مخصوصة متميزة عن غيرها
فليتدبر العاقل هذا المقام الفارق فانه زل فيه خلق من اولى النظر الخائضين
فى الحقائق حتى ظنوا ان هذه المعانى العامة المطلقة الكلية تكون موجودة فى الخارج كذلك وظنوا انا اذا قلنا ان الله عز وجل موجود حى عليم والعبد موجود حى عليم أنه يلزم وجود موجود فى الخارج يشترك فيه الرب والعبد وأن يكون ذلك الموجود بعينه فى العبد والرب بل وفى كل موجود ولابد أن يكون للرب ما يميزه عن المخلوق فيكون فيه جزآن
أحدهما لكل مخلوق وهو القدر المشترك بينه وبين سائر الموجودات
و الثانى يختص به وهو المميز له عن سائر الموجودات ثم لا يذكرون فيما يختص به الا ما يلزم فيه مثل ذلك فاذا قالوا يمتاز بذاته أو بحقيقته أو ماهيته أو نحو ذلك كان ذلك بمنزلة قولهم يمتاز بوجوده فان الذات والحقيقة والماهية تستعمل مطلقا ومعينا كلفظ الوجود سواء
وهذا المقام حار فيه طوائف من ائمة النظار حتى قال طائفة ان لفظ الوجود وغيره مقول بالاشتراك اللفظى فقط وحكوا ذلك عن كل من قال بنفى الاحوال وهم عامة أهل الاثبات فصار مضمون نقلهم أن مذهب عامة أهل الاسلام ومتكملة الاثبات كابن كلاب والأشعرى وابن كرام وغيرهم بل ومحققى المعتزلة كأبى الحسين البصرى وغيره أن لفظ الوجود وغيره مما يسمى الله به ويسمى به المخلوق انما يقال بالاشتراك اللفظى فقط من غير أن يكون بين المسميين معنى عام كلفظ المشترى اذا سمى به المبتاع والكوكب ولفظ سهيل المقول على الكوكب والرجل
وهذا النقل غلط عظيم عمن نقلوه عنه فان هؤلاء متفقون على أن هذه الاسماء عامة متواطئة كالتواطىء العام الذى يدخل فيه المشكك تقبل التقسيم والتنويع وذلك لا يكون الا فى الأسماء المتواطئة كما نقول الموجود ينقسم الى قديم ومحدث وواجب وممكن
بل هؤلاء الناقلون بأعيانهم كأبى عبدالله الرازى وأمثاله من المتأخرين يجمعون فى كلامهم بين دعوى الاشتراك اللفظى فقط وبين هذا التقسيم فى هذه الاسماء مع قولهم أن التقسيم لا يكون الا فى الالفاظ المتواطئة المشتركة لفظا ومعنى لا يكون فى المشترك اشتراكا لفظيا ومن جملتها التى يسمونها المشككة لا يكون التقسيم فى الأسماء التى ليس بينها معنى مشترك عام
فهذا تناقض هؤلاء الذين هم من أشهر المتأخرين بالنظر والتحقيق للفلسفة والكلام قد ضلوا فى هذا النقل وهذا البحث فى مثل هذا الأصل ضلالا لا يقع فيه أضعف العوام وذلك لما تلقوه عن بعض أهل المنطق من القواعد الفاسدة التى هى عن الهدى والرشد حائدة حيث ظنوا أن الكليات المطلقة ثابتة فى الخارج جزءا من المعينات وأن ذلك يقتضى تركيب المعين من ذلك الكلى المشترك ومما يختص به فلزمهم على هذا القول أن يكون الرب تعالى الواجب الوجود مركبا من الوجود المشترك ومما يختص به من الوجوب أو الوجود أو الماهية مع أنه من المشهور عند اهل المنطق أن الكليات انما تكون كليات فى الاذهان لا فى الاعيان
ومن هداه الله تعالى يعلم أن الموجودات لا تشترك فى شىء موجود فيها أصلا بل كل موجود متميز بنفسه وبما له من الصفات والأفعال وانا اذا قلنا ان هذا الانسان حى متكلم أو حيوان ناطق ونحو ذلك لم يكن ما له من الحيوانية أو الناطقية أو النطق والحياة مشتركا بينه وبين غيره بل له ما يخصه ولغيره ما يخصه ولكن تشابها وتماثلا بحسب تشابه حيوانيتهما ونطقيتهما وغير ذلك من صفاتهما
ومن قال ان الانسان مركب مما به الاشتراك وهو الحيوانية وما به من الامتياز وهو النطق فان أراد بذلك أن هذا تركيب ذهنى فانا اذا تصورنا فى أذهاننا حيوانا ناطقا كان الحيوان جزء هذا المعنى الذهنى والنطق جزءه الآخر وكان الحيوان جزءا له اشباه أكثر من اشباه الناطق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/273)
واذا تصورنا مسمى حيوان ومسمى ناطق كان مسمى الحيوان يعم الانسان وغيره وكان مسمى الناطق يخصه فدعوى التركيب فى هذه المعانى الذهنية صحيح لكن ليس هذا ضابطا بل هو بحسب ما يتصوره الانسان سواء كان تصوره حقا أو باطلا
ومتى أريد بجزء الماهية الداخل فيها ما يدخل فى هذا التصور وبجزئها الخارج عنها اللازم لوجودها ما يدل عليه هذا اللفظ بالتضمن والالتزام وأراد بتمام الماهية ما يدل عليه هذا بالمطابقة فهذا صحيح لكن هذا لا يقتضى ان
تكون الحقائق الموجودة فى الخارج مركبة من الصفات الخاصة والعامة ولا أن يكون بعض صفاتها اللازمة داخلة فى الحقيقة ذاتيا لها وبعضها خارجا عن الحقيقة عارضا لها كما يزعمه أهل المنطق اليونانى
وهذا الموضع مما ضلوا فيه وضل بسبب ضلالهم فيه الطوائف الذين اتبعوهم فى ذلك من النظار وقلدهم فى ذلك من لم يفهم حقيقة قولهم ولوازمه ولم يتصوره تصورا تاما
وان أرادوا بالتركيب أنه موصوف بالحياة والنطق وإحدى الصفتين يوجد نظيرها فى سائر الحيوان والاخرى مختصة بالانسان فهذا معنى صحيح
وان أرادوا به أن حيوانيته مشتركة بينه وبين غيره فقد غلطوا فان حيوانية كل حيوان كناطقية كل ناطق وذلك مختص بمحله
وكذلك ان أرادوا بالتركيب ان هنا موجودا موصوفا بأنه حيوان غير الموجود الموصوف بأنه ناطق وصاهل وان الانسان مركب من هذا الموجود وهذا الموجود والفرس مركب من هذا الموجود وهذا الموجود فقد غلطوا بل لا موجود الا هذا الانسان الموصوف بأنه حيوان ناطق وهذا الفرس الموصوف بأنه حيوان صاهل وكذلك سائر الحيوانات والموجودات
فقول القائل الانسان مركب من هذا وهذا اذا أريد به أن هنا شيئا
مركبا وان له جزئين متباينين هو مركب منهما كان جاهلا بل هو شىء واحد موصوف بصفتين لا يوجد الا بصفتيه ولا توجد صفتاه الا به
وهذا المعنى صحيح وهو أن الانسان موصوف بأنه حيوان وأنه ناطق حقيقة وانه ذات مستلزمة لصفاتها لا يوجد الموصوف بدون صفته اللازمة له
لكن هذا ليس فى الخارج تركيبا وليس فى الخارج صفة لازمة ذاتية وأخرى عرضية لازمة للماهية واخرى لازمة لوجوده بل ليس فى الخارج الا الموجود المعين وصفاته تنقسم الى لازمة له وعارضة وهو لا يوجد بدون شىء من صفاته اللازمة فليس فيها ما هو لازم للذات الموجودة فى الخارج ولكن ليس بلازم لها بل لازم للموجود فى الخارج كما يظن ذلك من يظنه من المنطقيين
واصل خطئهم أنه اشتبه عليهم ما يتصور فى الاذهان بما يوجد فى الاعيان فان الذهن يتصور المثلث قبل وجوده فى الخارج وظنوا ان الماهية مغايرة للوجود وهو صحيح اذا فسرت الماهية بما يتصوره الذهن واما ان يكون فى الخارج مثلث له ماهية ثابتة فى الخارج غير الشىء الموجود فى الخارج فهذا غلط بين فاذا فهم هذا فى صفة المخلوق فالخالق أبعد عما سماه هؤلاء تركيبا
فاذا قيل ان الله سبحانه وتعالى حى عليم قدير فهو موصوف بأنه الحى العليم القدير واذا قيل هو موجود واجب بنفسه فهو سبحانه موصوف بالوجود والوجوب فلا مشاركة بينه وبين غيره فى شىء موجود ولا هو مركب من جزأين ولا صفات مقومة تكون أجزاء لوجوده ولا نحو ذلك مما يدعى من التركيب الذى هو ممتنع فى المخلوق فهو فى الخالق اشد امتناعا
ولكن لفظ التركيب مجمل يدخل عند هؤلاء فيه اتصاف الموصوف بصفاته اللازمة له وليس هذا هو المعقول من لفظ التركيب وهؤلاء أحدثوا اصطلاحا لهم فى لفظ التركيب لم يسبقهم اليه أحد من أهل اللغة ولا من طوائف اهل العلم فجعلوا لفظ التركيب يتناول خمسة انواع
أحدها التركيب من الوجود والماهية لظنهم أن وجود كل ممكن فى الخارج غير ماهيته ومتى أريد بجزء الماهية الداخل فيها يدخل فى هذا المتصور وبلازمها الخارج عنها ما يلزم هذا التصور وهذان المعينان هما ما يدل عليه اللفظ
والثانى التركيب من الجنس والفصل كقولهم ان الانسان مركب من الحيوانية والناطقية وقد يضمون الى ذلك التركيب من المعنى العام والخاص يسمى تركيبا من جنس وفصل أو من خاصة وعرض عام
الثالث التركيب من الذات والصفات كمسمى الحى العالم القادر
وتركيب الجسم من أجزائه الحسية عند من يقول أنه مركب من الجواهر المفردة أو تركيبه من الجزئين العقليين عند من يقول أنه مركب من المادة والصورة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/274)
وأما التركيب الأول و الثانى فنازعهم جمهور العقلاء فى ثبوتهما فى الخارج ويقولون ليس فى الخارج تركيب بهذا الاعتبار والتركيب الرابع و الخامس فيه نزاع مشهور بين العقلاء منهم من يثبت فى الجسم أحد التركيبين ومنهم من يقول ليس مركبا لا من هذا ولا من هذا
وأما الرابع فيوافقهم على ثبوته جماهير العقلاء ما أعلم من ينازعهم فيه نزاعا معنويا لكن حكى عن طائفة من أهل النظر كعبدالرحمن بن كيسان الاصم وغيره أنهم نفوا الاعراض ولم يثبتوا الاعراض زائدة على الجسم ونفوا كون الحركة زائدة على الجسم وخالفهم الاكثرون فى ذلك وهذا والله اعلم نزاع لفظى وهو أن مسمى الجسم هل يتناول الجسم بأعراضه أم تكون الاعراض زائدة على مسمى الجسم والا فعاقل لا ينكر وجود الطعم واللون والرائحة والحركة وغير ذلك من الصفات القائمة بالموصوفات
وهذا يشبه نزاع الناس فى أن الصفات هل هى زائدة على الذات أم لا فمن أراد بالذات الذات المجردة فالصفات زائدة عليها ومن أراد بالذات الذات الموصوفة فليست الصفات مباينة للذات الموصوفة بصفاتها اللازمة لها ثم أن هؤلاء زعموا أنهم ينفون هذه الأنواع فاما الأنواع الأربعة فمن قال انها منتفية عن المخلوق فهى عن الخالق أشد انتفاء وأما النوع الرابع فمن نازع فى أن الصفات هل هى زائدة على الذات أم لا فهذا نزاع لفظى ومن نازع فى ثبوت هذه الصفات فى نفس الأمر ونفى أن يكون لله علم وقدرة ومشيئة وجعل هذه الصفة هى الاخرى والصفى هى الموصوف فهذا قوله معلوم الفساد بعد التصور
التام واذا علم أنه سبحانه حى عليم قدير ومعنى كونه حيا ليس معنى كونه عليما ومعنى كونه عليما ليس معنى كونه قديرا فهذا هو اثبات الصفات
فان قال القائل ان معنى كونه عليما هو معنى كونه مريدا قديرا حيا فهذا مكابرة وكذلك اذا ادعى أن هذه المعانى هى معنى الذات الموصوفة بها وان اعترف بثبوت هذه المعانى لله وقال أنا انفى ان يكون الله مفتقرا الى ذوات أو معان بها يصير حيا عالما قادرا فهذا مناظرة منه لمثبتة الاحوال
كالقاضى أبى بكر وأبى يعلى وغيرهما ممن يقول ان له علما وعالمية وعالميته معنى زائد على علمه
وهذا القول قول بعض الصفاتية وجمهورهم ينكرون هذا ويقولون بل معنى العلم هى معنى العالم
وفى مسائل الصفات ثلاثة أمور
أحدها الخبر عنه بأنه حى عليم قدير فهذا متفق على اثباته وهذا يسمى الحكم
والثانى أن هذه معان قائمة بذاته وهذا ايضا اثبته مثبتة الصفات السلف والأئمة والمنتسبون الى السنة من عامة الطوائف
والثالث الاحوال وهو العالمية والقادرية وهذه قد تنازع فيها مثبتوا الصفات ونفاتها فأبو هاشم واتباعه يثبتون الاحوال دون الصفات والقاضى ابو بكر واتباعه يثبتون الاحوال والصفات وأكثر الجهمية والمعتزلة ينفون الاحوال والصفات
وأما جماهير أهل السنة فيثبتون الصفات دون الأحوال وهذا لبسطه موضع آخر
والمقصود هنا الكلام على التركيب لفظا ومعنى وبيان أن هؤلاء لهم فيه اصطلاح مخالف لجمهور العقلاء وانهم مضطرون الى الاقرار بثبوت ما نفوه ولكن هؤلاء يقولون هذا اشتراك والاشتراك تشبيه ويقولون هذه أجزاء وهذا تركيب من هذه الاجزاء ثم أنهم لا يقدرون على نفى هذا الذى سموه اشتراكا وتشبيها ولا على نفى هذه الامور التى سموها اجزاء وتركيبا وتقسيما فانهم يقولون هو عاقل ومعقول وعقل ولذيذ ولذة وملتذ وعاشق ومعشوق وعشق
وقد يقولون هو عالم قادر مريد ثم يقولون العلم هو القدرة والقدرة هى الارادة فيجعلون كل صفة هى الاخرى ويقولون العلم هو العالم وقد يقولون هو المعلوم فيجعلون الصفة هى الموصوف أو هى المخلوقات
وهذه اقوال رؤسائهم وهى فى غاية الفساد فى صريح المعقول فهم مضطرون الى الاقرار بما يسمونه تشبيها وتركيبا ويزعمون أنهم ينفون التشبيه والتركيب والتقسيم فليتأمل اللبيب كذبهم وتناقضهم وحيرتهم وضلالهم ولهذا يؤول بهم الأمر الى الجمع بين النقيضين أو الخلو عن النقيضين ثم أنهم ينفون عن الله ما وصف به نفسه وما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لزعمهم أن ذلك تشبيه وتركيب ويصفون أهل الاثبات بهذه الاسماء وهم الذين الزموها بمقتضى اصولهم ولا حيلة لهم فى دفعها فهم كما قال القائل ... رمتنى بدائها وأنسلت
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/275)
وهم لم يقصدوا هذا التناقض ولكن أوقعتهم فيه قواعدهم الفاسدة المنطقية التى زعموا فيها تركيب الموصوفات من صفاتها ووجود الكليات المشتركة فى أعيانها فتلك القواعد المنطقية الفاسدة التى جعلوها قوانين تمنع مراعاتها الذهن ان يضل فى فكره أوقعتهم فى هذا الضلال والتناقض
ثم ان هذه القوانين فيها ما هو صحيح لا ريب فيه وذلك يدل على تناقضهم وجهلهم فانهم قد قروا فى القوانين المنطقية ان الكلى هو الذى لا يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه بخلاف الجزئى وقرروا أيضا ان الكليات لا تكون كلية الا فى الاذهان دون الاعيان وأن المطلق بشرط الاطلاق لا يكون الا فى الذهن وهذه قوانين صحيحة
ثم يدعون ما ادعاه أفضل متأخريهم ان الواجب الوجود هو الوجود المطلق بشرط الاطلاق عن كل أمر ثبوتى أو كما يقوله طائفة منهم أنه الوجود المطلق بشرط الاطلاق عن كل أمر ثبوتى وسلبى كما يقول ذلك من يقوله من الملاحدة الباطنية المنتسبين الى التشيع والمنتسبين الى التصوف أو يقوله طائفة ثالثة انه الوجود المطلق لا بشرط كما تقوله طائفة منهم وهم متفقون على أن المطلق بشرط الاطلاق عن الأمور الوجودية والعدمية
لا يكون فى الخارج موجودا فالمطلق بشرط الاطلاق عن كل أمر ثبوتى أولى ان لا يكون موجودا فان المقيد بسلب الوجود والعدم نسبته اليهما سواء والمقيد بسلب الوجود يختص بالعدم دون الوجود والمطلق لا بشرط انما يوجد مطلقا فى الاذهان واذا قيل هو موجود فى الخارج فذلك بمعنى أنه يوجد فى الخارج مقيدا لا أنه يوجد فى الخارج مطلقا فان هذا باطل وان كانت طائفة تدعيه فمن تصور هذا تصورا تاما علم بطلان قولهم وهذا حق معلوم بالضرورة فهذا القانون الصحيح لم ينتفعوا به فى اثبات وجود الرب بل جعلوه مطلقا بشرط الاطلاق عن النقيضين أو عن الأمور الوجودية أو لا بشرط وذلك لا يتصور الا فى الاذهان
والقوانين الفاسدة أوقعتهم فى ذلك التناقض والهذيان وهم يفرون من التشبيه بوجه من الوجوه ثم يقولون الوجود ينقسم الى واجب وممكن فهما مشتركان فى مسمى الوجود وكذلك لفظ الماهية والحقيقة والذات ومهما قيل هو ينقسم الى واجب وممكن ومورد التقسيم مشترك بين الاقسام فقد اشتركت الاقسام فى المعنى العام الكلى الشامل لما تشابهت فيه فهذا تشبيه يقولون به وهم يزعمون أنهم ينفون كل ما يسمى تشبيها حتى نفوا الاسماء فكان الغلاة من الجهمية والباطنية لا يسمونه شيئا فرارا من ذلك
واى شىء أثبتوه لزمهم فيه مثل ذلك والا لزم أن لا يكون وجود واجب الوجود ممكنا وقديما ومحدثا وان المحدث والممكن لابد له من قديم ومن المعلوم بالاضطرار أن الوجود فيه محدث ممكن وان المحدث الممكن لابد له من قديم واجب بنفسه فثبوت النوعين ضرورى لابد منه
وحقيقة الأمر ان لفظ المطلق قد يعنى به ما هو كلى لا يمنع تصور معناه من وقوع الشركة فيه ويمتنع أن يكون شىء موجود فى الخارج قائما بنفسه أو صفة لغيره بهذا الاعتبار فضلا عن أن يكون رب العالمين الأحد الصمد كذلك
وقد يراد بالمطلق المجرد عن الصفات الثبوتية أو عن الثبوتية والسلبية جميعا والمطلق لا بشرط الاطلاق وهذا اذا قدر جعل معينا خاصا لا كليا فانه يمتنع وجوده فى الخارج أعظم من امتناع الكليات المطلقة بشرط لكونها كلية فان تلك الكليات لها جزئيات موجودة فى الخارج والكليات مطابقة لها
وأما وجود شىء مجرد عن أن يوصف بصفة ثبوتية وسلبية فهذا يمتنع تحققه فى الخارج كليا وجزئيا وكذلك المجرد عن أن يوصف بصفة ثبوتية بل هذا أولى بالامتناع منه واذا كان هذا قد شارك سائر الموجودات فى مسمى الوجود ولم يميز عنها الا بالقيود السلبية وهى قد امتازت عنه بالقيود الوجودية
كان كل ممكن فى الوجود أكمل من هذا الذى زعموا أنه واجب الوجود فان الوجود الكلى مشترك بينه وبينها ولم يميز عنها الا بعدم وامتازت عنه بوجود فكان ما امتازت به عنه أكمل مما امتاز به هو عنها اذ الوجود أكمل من العدم
واما اذا قيل هو الوجود لا بشرط فهذا هو الوجود الكلى والطبيعى المطابق لكل موجود وهذا لا يكون كليا الا فى الذهن واما فى الخارج فلا يوجد الا معينا ومن الناس من قال ان هذا الكلى جزء من المعينات
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/276)
فان كان الاول هو الصواب لزم أن يكون الموجود الواجب معدوما فى الخارج أو أن يكون عين الواجب عين الممكن كما يقوله من يقوله من القائلين بوحدة الوجود وان كان الثانى هو الصواب لزم أن يكون وجوده جزءا من كل موجود فيكون الواجب الوجود جزءا من وجود الممكنات
ومن المعلوم بصريح العقل أن جزء الشىء لا يكون هو الخالق له كله بل يمتنع أن يكون خالقا لنفسه فضلا عن أن يكون خالقا لما هو بعضه اذ الكل أعظم من الجزء فاذا امتنع ان يكون خالقا للجزء فامتناع كونه خالقا للكل أظهر وأظهر
فصحيح المنطق لم ينتفعوا به فى معرفة الله وباطل المنطق أوقعهم فى غاية الكذب والجهل بالله ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور و الله ولى
الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور الى الظلمات وهو القائل لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب ان الله قوى عزيز وهو القائل كان الناس امة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه الا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق باذنه والله يهدى من يشاء الى صراط مستقيم
وقد كان النبى يقول اذا قام من الليل ما رواه مسلم فى صحيحه اللهم رب جبرائيل وميكائيل واسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدنى لما اختلف فيه من الحق باذنك انك تهدى من تشاء الى صراط مستقيم
فصل
وتمام الكلام فى هذا الباب انك تعلم انا لا نعلم ما غاب عنا الا بمعرفة ما شهدناه فنحن نعرف اشياء بحسنا الظاهر أو الباطن وتلك معرفة معينة مخصوصة ثم انا بعقولنا نعتبر الغائب بالشاهد فيبقى فى اذهاننا قضايا عامة كلية ثم اذا خوطبنا بوصف ما غاب عنا لم نفهم ما قيل لنا الا بمعرفة المشهود لنا
فلولا أنا نشهد من أنفسنا جوعا وعطشا وشبعا وريا وحبا وبغضا ولذة والما ورضى وسخطا لم نعرف حقيقة ما نخاطب به اذا وصف لنا ذلك وأخبرنا به عن غيرنا
وكذلك لو لم نعلم ما فى الشاهد حياة وقدرة وعلما وكلاما لم نفهم ما نخاطب به اذا وصف الغائب عنا بذلك وكذلك لو لم نشهد موجودا لم نعرف وجود الغائب عنا فلابد فيما شهدناه وما غاب عنا من قدر مشترك هو مسمى اللفظ المتواطىء فبهذه الموافقة والمشاركة والمشتبهة والمواطأة نفهم الغائب ونثبته وهذا خاصة العقل
ولولا ذلك لم نعلم الا ما نحسه ولم نعلم أمورا عامة ولا أمورا غائبة عن أحساسنا الظاهرة والباطنة ولهذا من لم يحس الشىء ولا نظيره لم يعرف حقيقته
ثم ان الله تعالى أخبرنا بما وعدنا به فى الدار الآخرة من النعيم والعذاب واخبرنا بما يؤكل ويشرب وينكح ويفرش وغير ذلك فلولا معرفتنا بما يشبه ذلك فى الدنيا لم نفهم ما وعدنا به ونحن نعلم مع ذلك ان تلك الحقائق ليست مثل هذه حتى قال ابن عباس رضى الله عنه ليس فى الدنيا مما فىالجنة إلا الأسماء وهذا تفسير قوله وأتوا به متشابها على أحد الأقوال
فبين هذه الموجودات فى الدنيا وتلك الموجودات فى الآخرة مشابهة وموافقة واشتراك من بعض الوجوه وبه فهمنا المراد واحببناه ورغبنا فيه أو أبغضناه ونفرنا عنه وبينهما مباينة ومفاضلة لا يقدر قدرها فى الدنيا وهذا من التأويل الذى لا نعلمه نحن بل يعلمه الله تعالى ولهذا كان قول من قال ان المتشابه لا يعلم تأويله الا الله حقا وقول من قال ان الراسخين فى العلم يعلمون تأويله حقا وكلا القولين مأثور عن السلف من الصحابة والتابعين لهم باحسان
فالذين قالوا انهم يعلمون تأويله مرادهم بذلك أنهم يعلمون تفسيره ومعناه والا فهل يحل لمسلم أن يقول أن النبى ما كان يعرف معنى ما يقوله ويبلغه من الآيات والاحاديث بل كان يتكلم بألفاظ لها معان لا يعرف معانيها
ومن قال انهم لا يعرفون تأويله ارادوا به الكيفية الثابتة التى اختص
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/277)
الله بعلمها ولهذا كان السلف كربيعة ومالك بن أنس وغيرهما يقولون الاستواء معلوم والكيف مجهول وهذا قول سائر السلف كابن الماجشون والامام أحمد بن حنبل وغيرهم وفى غير ذلك من الصفات فمعنى الاستواء معلوم وهو التأويل والتفسير الذى يعلمه الراسخون والكيفية هى التاويل المجهول لبنى آدم وغيرهم الذى لا يعلمه الا الله سبحانه وتعالى
وكذلك ما وعد به فى الجنة تعلم العباد تفسير ما أخبر الله به وأما كيفيته فقد قال تعالى فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون وقال النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح يقول الله تعالى اعددت لعبادى الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
فما اخبرنا الله به من صفات المخلوقين نعلم تفسيره ومعناه ونفهم الكلام الذى خوطبنا به ونعلم معنى العسل واللحم واللبن والحرير والذهب والفضة ونفرق بين مسميات هذه الأسماء واما حقائقها على ما هي عليه فلا يمكن ان نعلمها نحن ولا نعلم متى تكون الساعة وتفصيل ما اعد الله عز وجل لعباده لا يعلمه ملك مقرب ولا نبى مرسل بل هذا من التأويل الذى لايعلمه الا الله تبارك وتعالى
فاذا كان هذا فى هذين المخلوقين فالأمر بين الخالق والمخلوق اعظم
فان مباينة الله لخلقه وعظمته وكبريائه وفضله اعظم واكبر مما بين مخلوق ومخلوق
فاذا كانت صفات ذلك المخلوق مع مشابهتها لصفات هذا المخلوق بينهما من التفاضل والتباين ما لا نعلمه فى الدنيا ولا يمكن أن نعلمه بل هو من التأويل الذى لا يعلمه الا الله تبارك وتعالى فصفات الخالق عز وجل أولى أن يكون بينها وبين صفات المخلوق من التباين والتفاضل ما لا يعلمه الا الله تبارك وتعالى وأن يكون هذا من التأويل الذى لا يعلمه كل أحد بل منه ما يعلمه الراسخون ومنه ما يعلمه الانبياء والملائكة ومنه مالا يعلمه الا الله
كما روى عن ابن عباس رضى الله عنه أنه قال ان التفسير على أربعة أوجه تفسير تعرفه العرب من كلامها وتفسير لا يعذر أحد بجهالته وتفسير تعلمه العلماء وتفسير لا يعلمه الا الله من ادعى علمه فهو كاذب
ولفظ التأويل فى كلام السلف لا يراد به الا التفسير أو الحقيقة الموجودة فى الخارج التى يؤول اليها كما فى قوله تعالى هل ينظرون الا تأويله يوم يأتى تأويله الآية
واما استعمال التأويل بمعنى أنه صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح الى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به أو متأخر أو لمطلق الدليل فهذا اصطلاح
بعض المتأخرين ولم يكن فى لفظ أحد من السلف ما يراد منه بالتأويل هذا المعنى ثم لما شاع هذا بين المتأخرين صاروا يظنون ان هذا هو التأويل فى قوله تعالى وما يعلم تأويله الا الله
ثم طائفة تقول لا يعلمه الا الله وقالت طائفة بل يعلمه الراسخون وكلتا الطائفتين غالطة فان هذا لا حقيقة له بل هو باطل والله يعلم انتفاءه وانه لم يرده وهذا مثل تأويلات القرامطة الباطنية والجهمية وغيرهم من أهل الالحاد والبدع
وتلك التأويلات باطلة والله لم يردها بكلامه وما لم يرده لا نقول أنه يعلم أنه مراده فان هذا كذب على الله عز وجل والراسخون فى العلم لا يقولون على الله تبارك وتعالى الكذب وان كنا مع ذلك قد علمنا بطريق خبر الله عز وجل عن نفسه بل وبطريق الاعتبار أن لله المثل الاعلى ان الله يوصف بصفات الكمال موصوف بالحياة والعلم والقدرة وهذه صفات كمال والخالق أحق بها من المخلوق فيمتنع أن يتصف المخلوق بصفات الكمال دون الخالق
ولولا أن هذه الاسماء والصفات تدل على معنى مشترك كلى يقتضى من المواطأة والموافقة والمشابهة ما به تفهم وتثبت هذه المعانى لله لم نكن قد عرفنا عن الله شيئا ولا صار فى قلوبنا ايمان به ولا علم ولا معرفة ولا محبة
ولا ارادة لعبادته ودعائه وسؤاله ومحبته وتعظيمه فان جميع هذه الامور لا تكون الا مع العلم ولا يمكن العلم الا باثبات تلك المعانى التى فيها من الموافقة والمواطأة ما به حصل لنا ما حصل من العلم لما غاب عن شهودنا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/278)
ومن فهم هذه الحقائق الشريفة والقواعد الجليلة النافعة حصل له من العلم والمعرفة والتحقيق والتوحيد والايمان وانجاب عنه من الشبه والضلال والحيرة ما يصير به فى هذا الباب من افضل الذين انعم الله عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ومن سادة أهل العلم والايمان وتبين له أن القول فى بعض صفات الله كالقول فى سائرها وان القول فى صفاته كالقول فى ذاته وان من أثبت صفة دون صفة مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم مع مشاركة أحدهما الاخرى فيما به نفاها كان متناقضا
فمن نفى النزول والاستواء أو الرضى والغضب أو العلم والقدرة أو اسم العليم أو القدير أو اسم الموجود فرارا بزعمه من تشبيه وتركيب وتجسيم فانه يلزمه فيما أثبته نظير ما الزمه لغيره فيما نفاه هو واثبت المثبت
فكل ما يستدل به على نفى النزول والإستواء والرضى والغضب يمكن منازعة أن يستدل بنظيره على نفى الارادة والسمع والبصر والقدرة والعلم وكل ما يستدل به على نفى القدرة والعلم والسمع والبصر يمكن منازعه أن يستدل بنظيره على نفى العليم والقدير والسميع والبصير وكل ما يستدل به على نفى هذه الاسماء يمكن منازعه أن يستدل به على نفى الموجود والواجب
ومن المعلوم بالضرورة أنه لابد من موجود قديم واجب بنفسه يمتنع عليه العدم فان الموجود اما ممكن ومحدث واما واجب وقديم والممكن المحدث لا يوجد الا بواجب قديم فاذا كان ما يستدل به على نفى الصفات الثابتة يستلزم نفى الموجود الواجب القديم ونفى ذلك يستلزم نفى الموجود مطلقا علم أن من عطل شيئا من الصفات الثابتة بمثل هذا الدليل كان قوله مستلزما تعطيل الموجود المشهود
ومثال ذلك أنه اذا قال النزول والاستواء ونحو ذلك من صفات الاجسام فانه لا يعقل النزول والاستواء الا لجسم مركب والله سبحانه منزه عن هذه اللوازم فيلزم تنزيهه عن الملزوم أو قال هذه حادثة والحوادث لا تقوم الا بجسم مركب وكذلك اذا قال الرضا والغضب والفرح والمحبة ونحو ذلك هو من صفات الاجسام
فانه يقال له وكذلك الارادة والسمع والبصر والعلم والقدرة من صفات الاجسام فانا كما لا نعقل ما ينزل ويستوى ويغضب ويرضى الا جسما لم نعقل ما يسمع ويبصر ويريد ويعلم ويقدر الا جسما
فاذا قيل سمعه ليس كسمعنا وبصره ليس كبصرنا وارادته ليست كارادتنا وكذلك علمه وقدرته
قيل له وكذلك رضاه ليس كرضانا وغضبه ليس كغضبنا وفرحه ليس كفرحنا ونزوله واستواؤه ليس كنزولنا واستوائنا
فاذا قال لا يعقل فى الشاهد غضب الا غليان دم القلب لطلب الانتقام ولا يعقل نزول الا الانتقال والانتقال يقتضى تفريغ حيز وشغل آخر فلو كان ينزل لم يبق فوق العرش رب
قيل ولا يعقل فى الشاهد ارادة الا ميل القلب الى جلب ما يحتاج اليه وينفعه ويفتقر فيه الى ما سواه ودفع ما يضره والله سبحانه وتعالى كما أخبر عن نفسه المقدسة فى حديثه الالهى يا عبادى انكم لن تبلغوا نفعى فتنفعونى ولن تبلغوا ضرى فتضرونى فهو منزه عن الارادة التى لا يعقل فى الشاهد الا هى
وكذلك السمع لا يعقل فى الشاهد الا بدخول صوت فى الصماخ وذلك لا يكون الا فى أجوف والله سبحانه أحد صمد منزه عن مثل ذلك بل وكذلك البصر والكلام لا يعقل فى الشاهد الا فى محل اجوف والله سبحانه أحد صمد منزه عن ذلك
قال ابن مسعود وابن عباس والحسن وسعيد بن جبير وخلق من السلف الصمد الذى لا جوف له وقال آخرون هو السيد الذى كمل فى سؤدده وكلا القولين حق فان لفظ الصمد فى اللغة يتناول هذا وهذا والصمد فى اللغة السيد والصمد أيضا المصمد والمصمد المصمت وكلاهما معروف فى اللغة
ولهذا قال يحيى بن أبى كثير الملائكة صمد والآدميون جوف وهذا ايضا دليل آخر فانه اذا كانت الملائكة وهم مخلوقون من النور كما ثبت فى صحيح مسلم عن عائشة رضى الله عنها عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من نار وخلق آدم مما وصف لكم فاذا كانوا مخلوقين من نور وهم لا يأكلون ولا يشربون بل هم صمد ليسوا جوفا كالانسان وهم يتكلمون ويسمعون ويبصرون ويصعدون وينزلون كما ثبت ذلك بالنصوص الصحيحة وهم مع ذلك لا تماثل صفاتهم وافعالهم صفات الانسان وفعله فالخالق تعالى أعظم مباينة لمخلوقاته من مباينة الملائكة للادميين فان كليهما مخلوق والمخلوق أقرب الى مشابهة المخلوق من المخلوق الى الخالق سبحانه وتعالى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/279)
وكذلك روح ابن آدم تسمع وتبصر وتتكلم وتنزل وتصعد كما ثبت ذلك بالنصوص الصحيحة والمعقولات الصريحة ومع ذلك فليست صفاتها وافعالها كصفات البدن وأفعاله
فاذا لم يجز أن يقال ان صفات الروح وأفعالها مثل صفات الجسم الذى هو الجسد وهى مقرونة به وهما جميعا الانسان فاذا لم يكن روح الانسان مماثلا للجسم الذى هو بدنه فكيف يجوز أن يجعل الرب تبارك وتعالى وصفاته وأفعاله مثل الجسم وصفاته وأفعاله
فان أراد النافى التزام أصله وقال أنا اقول ليس له كلام يقول به بل
كلامه مخلوق قيل له فيلزمك فى السمع والبصر فان البصريين من المعتزلة يثبتون الادراك فان قال أنا اقول بقول البغداديين منهم فلا أثبت له سمعا ولا بصرا ولا كلاما يقوم به بل اقول كلامه مخلوق من مخلوقاته لأن اثبات ذلك تجسيم وتشبيه بل ولا أثبت له ارادة كما لا يثبتها البغداديون بل اجعلها سلبا او اضافة فأقول معنى كونه مريدا أنه غير مغلوب ولا مكره أو بمعنى كونه خالقا وآمرا قيل له فيلزمك ذلك فى كونه حيا عالما قادرا فان المعتزلة مطبقة على اثبات أنه حى عالم قادر وقيل له أنت لا تعرف حيا عالما قادرا الا جسما فاذا جعلته حيا عالما قادرا لزمك التجسيم والتشبيه
فان زاد فى التعطيل وقال انا لا أقول بقول المعتزلة بل بقول الجهمية المحضة والباطنية من الفلاسفة والقرامطة فانفى الاسماء مع الصفات ولا اسميه حيا ولا عالما ولا قادرا ولا متكلما الا مجازا بمعنى السلب والاضافة أى هو ليس بجاهل ولا عاجز وجعل غيره عالما قادرا قيل له فيلزمك ذلك فى كونه موجودا واجبا بنفسه قديما فاعلا فان جهما قد قيل أنه كان يثبت كونه فاعلا قادرا لأن الانسان عنده ليس بقادر ولا فاعل فلا تشبيه عنده فى ذلك
واذا وصل الى هذا المقام فلابد له أن يقول بقول طائفة منهم فيقول
أنا لا أصفه بصفة وجود ولا عدم فلا اقول موجود ولا معدوم أو لا موجود ولا غير موجود بل أمسك عن النقيضين فلا أتكلم لا بنفى ولا اثبات
وأما أن يقول انا لا أصفه قط بأمر ثبوتى بل بالسلبى فلا أقول موجود بل أقول ليس بمعدوم
واما أن يقال بل هو معدوم فالقسمة حاصرة فانه اما أن يصفه بأمر ثبوتى فيلزمه ما ألزمه لغيره من التشبيه والتجسيم واما أن يقول لا أصفه بالثبوت بل بسلب العدم فلا أقول موجود بل ليس بمعدوم
واما أن يلتزم التعطيل المحض فيقول ما ثم وجود واجب فان قال بالأول وقال لا اثبت واحدا من النقيضين لا الوجود ولا العدم
قيل هب انك تتكلم بذلك بلسانك ولا تعتقد بقلبك واحدا من الأمرين بل تلتزم الاعراض عن معرفة الله وعبادته وذكره فلا تذكره قط ولا تعبده ولا تدعوه ولا ترجوه ولا تخافه فيكون جحدك له أعظم من جحد ابليس الذى اعترف به فامتناعك من اثبات أحد النقيضين لا يستلزم رفع النقيضين فى نفس الأمر فان النقيضين لا يمكن رفعهما بل فى نفس الأمر لابد أن يكون الشىء أى شىء كان اما موجودا واما معدوما اما أن يكون واما أن لا يكون وليس بين النفى والاثبات واسطة أصلا
ونحن نذكر ما فى نفس الامر سواء جحدته انت او اعترفت به وسواء
ذكرته أو اعرضت عنه فاعراض الانسان عن رؤية الشمس والقمر والكواكب والسماء لا يدفع وجودها ولا يدفع ثبوت أحد النقيضين بل بالضرورة الشمس اما موجودة واما معدومة فاعراض قلبك ولسانك عن ذكر الله كيف يدفع وجوده ويوجب رفع النقيضين فلابد أن يكون اما موجودا واما معدوما فى نفس الأمر
وكذلك من قال انا لا أقول موجود بل أقول ليس بمعدوم فانه يقال سلب أحد النقيضين اثبات للآخر فأنت غيرت العبارة اذ قول القائل ليس بمعدوم يستلزم أن يكون موجودا فاما اذا لم يكن معدوما اما أن يكون موجودا واما أن لا يكون لا موجودا ولا معدوما
وهذا القسم الثالث يوجب رفع النقيضين وهو ما يعلم فساده بالضرورة فوجب أنه اذا لم يكن معدوما ان يكون موجودا
وإن قال بل التزم أنه معدوم قيل له فمن المعلوم بالمشاهدة والعقل وجود موجودات ومن المعلوم أيضا ان منها ما هو حادث بعد ان لم يكن كما نعلم نحن انا حادثون بعد عدمنا وان السحاب حادث والمطر والنبات حادث والدواب حادثة وامثال ذلك من الآيات التى نبه الله تعالى عليها بقوله ان فى خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التى تجرى فى البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/280)
موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون
وهذه الحوادث المشهودة يمتنع أن تكون واجبة الوجود بذاتها فان ما وجب وجوده بنفسه امتنع عدمه ووجب قدمه وهذه كانت معدومة ثم وجدت فدل وجودها بعد عدمها على انها يمكن وجودها ويمكن عدمها فان كليهما قد تحقق فيها فعلم بالضرورة اشتمال الوجود على موجود محدث ممكن
فنقول حينئذ الموجود والمحدث الممكن لابد له من موجد قديم واجب بنفسه فانه يمتنع وجود المحدث بنفسه كما يمتنع أن يخلق الانسان نفسه وهذا من أظهر المعارف الضرورية فان الانسان بعد قوته ووجوده لا يقدر أن يزيد فى ذاته عضوا ولا قدرا فلا يقصر الطويل ولا يطول القصير ولا يجعل رأسه أكبر مما هو ولا أصغر وكذلك أبواه لا يقدران على شىء من ذلك
ومن المعلوم بالضرورة أن الحادث بعد عدمه لابد له من محدث وهذه قضية ضرورية معلومة بالفطرة حتى للصبيان فان الصبى لو ضربه ضارب وهو غافل لا يبصره لقال من ضربنى فلو قيل له لم يضربك أحد لم يقبل عقله أن تكون الضربة حدثت من غير محدث بل يعلم أنه لابد للحادث من محدث فاذا قيل فلان ضربك بكى حتى يضرب ضاربه فكان فى فطرته الاقرار
بالصانع وبالشرع الذى مبناه على العدل ولهذا قال تعالى أم خلقوا من غير شىء أم هم الخالقون وفى الصحيحين عن جبير بن مطعم أنه لما قدم فى فداء اسارى بدر قال وجدت النبى يقرأ فى المغرب بالطور قال فلما سمعت هذه الآية ام خلقوا من غير شىء أم هم الخالقون أحسست بفؤادى قد انصدع
وذلك أن هذا تقسيم حاصر ذكره الله بصيغة استفهام الانكار ليبين أن هذه المقدمات معلومة بالضرورة لا يمكن جحدها يقول أم خلقوا من غير شىء أى من غير خالق خلقهم أم هم خلقوا أنفسهم وهم يعلمون ان كلا النقيضين باطل فتعين أن لهم خالقا خلقهم سبحانه وتعالى
وهنا طرق كثيرة مثل أن يقال الوجود اما قديم واما محدث والمحدث لابد له من قديم والموجود اما واجب وإما ممكن والممكن لابد له من واجب ونحو ذلك وعلى كل تقدير فقد لزم أن الوجود فيه موجود قديم واجب بنفسه وموجود ممكن محدث كائن بعد إن لم يكن وهذان قد اشتركا فى مسمى الوجود وهو لا يعقل موجود فى الشاهد الا جسما فلزمه ما ألزمه لغيره من التشبيه والتجسيم الذى ادعاه
فعلم أن من نفى شيئا من صفات الله بمثل هذه الطريقة فان نفيه باطل
ولو لم يرد الشرع باثبات ذلك ولا دل أيضا عليه العقل فكيف ينفى بمثل ذلك ما دل الشرع والعقل على ثبوته فيتبين ان كل من نفى شيئا من الصفات لأن ذلك يستلزم التشبيه والتجسيم لزمه ما الزم به غيره وحينئذ فيكون الجواب مشاركا
وأيضا فاذا كان هذا لازما على كل تقدير علم أن الاستدلال به على نفى الملزوم باطل فان الملزوم موجود لا يمكن نفيه بحال ولهذا لا يوجد الاستدلال بمثل هذا فى كلام أحد سلف الأمة وأئمتها وانما هو مما أحدثته الجهمية والمعتزلة وتلقاه عنهم كثير من الناس ينفى عن الرب ما يجب نفيه عن الرب مثل أن ينفى عنه النقائص التى يجب تنزيه الرب عنها كالجهل والعجز والحاجة وغير ذلك وهذا تنزيه صحيح ولكن يستدل عليه بأن ذلك يستلزم التجسيم والتشبيه فيعارض بما اثبته فيلزمه التناقض
ومن هنا دخلت الملاحدة الباطنية على المسلمين حتى ردوا عن الاسلام خلقا عظيما صاروا يقولون لمن نفى شيئا عن الرب مثل من ينفى بعض الصفات أو جميعها أو الأسماء الحسنى ألم تنف هذا لئلا يلزم التشبيه والتجسيم فيقول بلى فيقول وهذا اللازم يلزمك فيما اثبته فيحتاج أن يوافقهم على النفى شيئا بعد شىء حتى ينتهى أمره الى أن لا يعرف الله بقلبه ولا يذكره بلسانه ولا يعبده ولا يدعوه وان كان لا يجزم بعدمه بل يعطل نفسه عن الايمان به وقد عرف تناقض هؤلاء
وان التزم تعطيله وجحده موافقة لفرعون كان تناقضه أعظم فانه يقال له فهذا العالم الموجود اذا لم يكن له صانع كان قديما أزليا واجبا بنفسه ومن المعلوم أن فيه حوادث كثيرة كما تقدم وحينئذ ففى الوجود قديم ومحدث وواجب وممكن وحينئذ فيلزمك أن يكون ثم موجودان
أحدهما قديم واجب
والآخر محدث ممكن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/281)
فيلزمك ما فررت منه من التشبيه والتجسيم بل هذا يلزمك بصريح قولك فان العالم المشهود جسم تقوم به الحركات فان الفلك جسم وكذلك الشمس والقمر والكواكب أجسام تقوم بها الحركات والصفات فجحدت رب العالمين لئلا تجعل القديم الواجب جسما تقوم به الصفات والحركات ثم فى آخر امرك جعلت القديم الازلى الواجب الوجود بنفسه أجساما متعددة تشبه غيرها من وجوه كثيرة تقوم بها الصفات والحركات مع ما فيها من الافتقار والحاجة
فان الشمس والقمر والكواكب محتاجة الى محالها التى هى فيها ومواضعها التى تحملها وتدور بها والأفلاك كل منها محتاج الى ما سواه الى غير ذلك من دلائل نقصها وحاجتها
والمقصود هنا أن هذا الذى فر من أن يجعل القديم الواجب موجودا وموصوفا بصفات الكمال لئلا يلزم ما ذكره من التشبيه والتجسيم وجعل نفى هذا اللازم دليلا على نفى ما جعله ملزوما له لزمه فى آخر الامر ما فر منه من جعله الموجود الواجب جسما يشبه غيره مع أنه وصفه بصفات النقص التى يجب تنزيه الرب عنها ومع أنه جحد الخالق جل جلاله فلزمه مع الكفر الذى هو أعظم من كفر عامة المشركين فانهم كانوا يقرون بالصانع مع عبادتهم لما سواه ولزمه مع هذا أنه من أجهل بنى آدم وأفسدهم عقلا ونظرا وأشدهم تناقضا
وهكذا يفعل الله بالذين يلحدون فى اسمائه وآياته مع دعوى النظر والمعقول والبرهان والقياس كفرعون واتباعه قال الله تعالى ولقد ارسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين الى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم وما كيد الكافرين الا فى ضلال وقال فرعون ذرونى اقتل موسى وليدع ربه أنى أخاف ان يبدل دينكم أو أن يظهر فى الأرض الفساد وقال موسى انى عذت بربى وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم ايمانه اتقتلون رجلا ان يقول ربى الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وان يك كاذبا فعليه كذبه وان يك صادقا يصبكم بعض الذى يعدكم ان الله لا يهدى من هو مسرف كذاب يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين
فى الأرض فمن ينصرنا من بأس الله ان جاءنا قال فرعون ما أريكم الا ما أرى وما اهديكم الا سبيل الرشاد وقال الذى آمن يا قوم انى اخاف عليكم مثل يوم الاحزاب مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلما للعباد ويا قوم انى أخاف عليكم يوم التناد يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم فى شك مما جاءكم به حتى اذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب الذين يجادلون فى آيات الله بغير سلطان اتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار وقال فرعون يا هامان إبن لى صرحا لعلى أبلغ الاسباب أسباب السموات فأطلع الى اله موسى وانى لأظنه كاذبا وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون الا فى تباب وقال تعالى انا لننصر رسلنا والذين آمنوا فى الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ولقد آتينا موسى الهدى واورثنا بنى اسرائيل الكتاب هدى وذكرى لأولى الالباب فاصبر ان وعد الله حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشى والابكار ان الذين يجادلون فى آيات الله بغير سلطان اتاهم ان فى صدورهم الا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ بالله انه هو السميع البصير
وسبب ذلك أن لفظ الجسم و التشبيه فيه اجمال واشتباه كما سنبينه ان شاء الله تعالى فان هؤلاء النفاة لا يريدون بالجسم الذى نفوه ما هو المراد بالجسم فى اللغة فان الموصوف بالصفات لا يجب أن يكون هو الجسم الذى فى اللغة كما نقله أهل اللغة باتفاق العقلاء وسنأتى بذلك وانما يريدون بالجسم ما اعتقدوه أنه مركب من أجزاء واعتقدوا ان كل ما تقوم به الصفات فهو مركب من أجزاء وهذا الاعتقاد باطل بل الرب موصوف بالصفات وليس جسما مركبا من الجواهر المفرة ولا من المادة والصورة كما يدعون كما سنبينه ان شاء الله تعالى فلا يلزم من ثبوت الصفات لزوم ما ادعوه من المحال بل غلطوا فى هذا التلازم واما ما هو لازم لا ريب فيه فذاك يجب اثباته لا يجوز نفيه عن الله تعالى فكان غلطهم باستعمال لفظ مجمل واحدى المقدمتين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/282)
باطلة أما الأولى واما الثانية كما سيأتى ان شاء الله تعالى وهذه قواعد مختصرة جامعة وهى مبسوطة فى مواضع أخرى
فصل
إذا تبين هذا فقول السائل كيف ينزل بمنزلة قوله كيف استوى وقوله كيف يسمع وكيف يبصر وكيف يعلم ويقدر وكيف يخلق ويرزق وقد تقم الجواب عن مثل هذا السؤال من أئمة الاسلام مثل مالك بن أنس وشيخه ربيعة بن أبى عبدالرحمن فانه قد روى من غير وجه أن سائلا سأل مالكا عن قوله الرحمن على العرش استوى كيف استوى فأطرق مالك حتى علاه الرحضاء ثم قال الاستواء معلوم والكيف مجهول والايمان به واجب والسؤال عنه بدعة وما اراك الا رجل سوء ثم أمر به فأخرج ومثل هذا الجواب ثابت عن ربيعة شيخ مالك وقد روى هذا الجواب عن أم سلمة رضى الله عنها موقوفا ومرفوعا ولكن ليس اسناده مما يعتمد عليه وهكذا سائر الأئمة قولهم يوافق قول مالك فى انا لا نعلم كيفية استوائه كما لا نعلم كيفية ذاته ولكن نعلم المعنى الذى دل عليه الخطاب فنعلم معنى الاستواء ولا نعلم كيفيته وكذلك نعلم معنى النزول ولا نعلم كيفيته ونعلم معنى السمع والبصر والعلم والقدرة ولا نعلم كيفية ذلك ونعلم معنى الرحمة والغضب والرضا والفرح والضحك ولا نعلم كيفية ذلك
وأما سؤال السائل هل يخلو منه العرش أم لا يخلو منه وامساك المجيب عن هذا لعدم علمه بما يجيب به فانه امساك عن الجواب بما لم يعلم حقيقته وسؤال السائل له عن هذا ان كان نفيا لما أثبته الرسول فخطأ منه وان كان استرشادا فحسن وان كان تجهيلا للمسؤول فهذا فيه تفصيل فان المثبت الذى لم يثبت الا ما أثبته الرسول ونفى علمه بالكيفية فقوله سديد لا يرد عليه سؤاله والمعترض الذى يعترض عليه بهذا السؤال اعتراضه باطل فان ذلك لا يقدح فى جواب المجيب
وقول المسؤول هذا قول مبتدع ورأى مخترع حيدة منه عن الجواب يدل على جهله بالجواب السديد ولكن لا يدل هذا على ان نفى المعترض لما أخبر به الرسول حق ولا على أن تأويله بنزول أمره ورحمته تأويل صحيح
ومما يبين ذلك أن هذا المعترض اما ان يقر بأن الله فوق العرش واما أن لا يكون مقرا بذلك فان لم يكن مقرا بذلك كان قوله هل يخلو العرش منه أم لا يخلو كلاما باطلا لأن هذا التقسيم فرع ثبوت كونه على العرش وان قال المعترض انا ذكرت هذا التقسيم لأنفى نزوله وانفى العلو لأنه ان قال يخلو منه العرش لزم أن يخلو من استوائه على العرش وعلوه عليه وان لا يكون وقت النزول هو العلى الأعلى بل يكون فى جوف العالم والعالم محيط به وان قال ان العرش لا يخلو منه قيل له فاذا لم يخل العرش منه لم يكن قد نزل فان نزوله بدون خلو العرش منه لا يعقل فيقال لهذا المعترض
هذا الاعتراض باطل لا ينفعك لأن الخالق سبحانه وتعالى موجود بالضرورة والشرع والعقل والاتفاق فهو اما أن يكون مباينا للعالم فوقه واما أن يكون مداخلا للعالم محايثا واما أن يكون لا هذا ولا هذا
فان قلت انه محايث للعالم بطل قولك فانك اذا جوزت نزوله وهو بذاته فى كل مكان لم يمتنع عندك خلو ما فوق العرش منه بل هو دائما خال منه لأنه هناك ليس عندك شىء ثم يقال لك وهل يعقل مع هذا أن يكون فى كل مكان وأنه مع هذا ينزل الى السماء الدنيا فان قلت نعم قيل لك فاذا نزل هل يخلو منه بعض الامكنة او لا يخلو فان قلت يخلو منه بعض الامكنة كان هذا نظير خلو العرش منه فان قلت لا يخلو منه مكان كان هذا نظير كون العرش لا يخلو منه فان جوزت هذا كان لخصمك ان يجوز هذا
فقد لزمك على قولك ما يلزم منازعك بل قولك أبعد عن المعقول لأن نزول من هو فوق العالم أقرب الى المعقول من نزول من هو حال فى جميع العالم فان نزول هذا لا يعقل بحال وما فررت منه من الحلول وقعت فى نظيره بل منازعك الذى يجوز أن يكون فوق العالم وهو أعظم عنده من العالم وينزل الى العالم اشد تعظيما لله منك ويقال له هل يعقل موجودان قائمان بأنفسهما أحدهما محايث للآخر فان قال لا بطل قوله وان قال نعم قيل له فليعقل أنه فوق العرش وانه ينزل الى السماء الدنيا ولا يخلو منه العرش فان هذا أقرب الى العقل مما اذا قلت انه حال فى العالم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/283)
وان قلت انه لا مباين للعالم ولا مداخل له قيل لك فهل يعقل موجودان قائمان بأنفسهما ليس أحدهما مباينا للآخر ولا محايثا له فان جمهور العقلاء يقولون ان فساد هذا معلوم بالضرورة فاذا قال نعم يعقل ذلك فيقال له فان جاز وجود موجود قائم بنفسه ليس هو مباينا للعالم ولا محايثا له فوجود مباين للعالم ينزل الى العالم ولا يخلو منه ما فوق العالم أقرب الى المعقول فانك ان كنت لا تثبت من الوجود الا ما تعقل له حقيقة فى الخارج فانت لا تعقل فى الخارج موجودين قائمين بأنفسهما ليس أحدهما داخلا فى الآخر ولا محايثا له وان كنت تثبت ما لا تعقل حقيقته فى الخارج فوجود موجودين أحدهما مباين للآخر أقرب الى المعقول ونزول هذا من غير خلو ما فوق العرش منه أقرب الى المعقول من كونه لا فوق العالم ولا داخل العالم فان حكمت بالقياس فالقياس عليك لا لك وان لم تحكم به لم يصح استدلالك على منازعك به
وأما قول السائل ليس هذا جوابى بل هو حيدة عن الجواب فيقال له الجواب على
وجهين جواب معترض ناف لنزوله وعلوه وجواب مثبت لنزوله وعلوه وأنت لم تسأل سؤال مستفت بل سألت سؤال معترض ناف وقد تبين لك أن هذا الاعتراض ساقط لا ينفعك فانه سواء قيل انه يخلو منه العرش او قيل لا يخلو منه العرش ليس فى ذلك ما يصحح قولك أنه لاداخل العالم ولا خارجه ولا قولك انه بذاته فى كل مكان واذا
بطل هذان القولان تعين الثالث وهو أنه سبحانه وتعالى فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه واذا كان كذلك بطل قول المعترض
هذا ان كان المعترض غير مقر بأنه فوق العرش وقد سئل بعض أئمة نفاة العلو عن النزول فقال ينزل أمره فقال له السائل فممن ينزل ما عندك فوق العالم شىء فممن ينزل الأمر من العدم المحض فبهت
وان كان المعترض من المثبتة للعلو ويقول ان الله فوق العرش لكن لا يقر بنزوله بل يقول بنزول ملك أو يقول بنزول أمره الذى هو مأمور به وهو مخلوق من مخلوقاته فيجعل النزول مفعولا محدثا يحدثه الله فى السماء كما يقال مثل ذلك فى استوائه على العرش فيقال له هذا التقسيم يلزمك فانك ان قلت اذا نزل يخلو منه العرش لزم المحذور الاول وان قلت لا يخلو منه العرش اثبت نزولا مع عدم خلو العرش منه وهذا لا يعقل على أصلك
وان قال انما أثبت ذلك فى بعض مخلوقاته قيل له أى شىء أثبته مع عدم فعل اختيارى يقوم بنفسه كان غير معقول من هذا الخطاب لا يمكن أن يراد به أصلا مع تحريف الكلم عن مواضعه فجمعت بين شيئين بين أن ما أثبته لا يمكن أن يعقل من خطاب الرسول وبين أنك حرفت كلام الرسول فان قلت الذى ينزل ملك قيل هذا باطل من وجوه
منها أن الملائكة لا تزال تنزل بالليل والنهار الى الارض كما قال تعالى ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده وقال تعالى وما نتنزل الا بأمر ربك
وفى الصحيحين عن أبى هريرة وأبى سعيد رضى الله عنهما عن النبى أنه قال يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون فى صلاة الفجر وصلاة العصر ثم يعرج اليه الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادى فيقولون اتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون
وكذلك ثبت فى الصحيح عن أبى هريرة عن النبى أنه قال ان لله ملائكة سياحين فضلا يتتبعون مجالس الذكر فاذا مروا على قوم يذكرون الله تعالى ينادون هلموا الى حاجتكم فيحفونهم بأجنحتهم الى السماء الدنيا قال فيسألهم ربهم وهم أعلم بهم ما يقول عبادى قال فيقولون يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك
وفى رواية لمسلم ان لله ملائكة سيارة فضلا عن كتاب الناس يتبعون مجالس الذكر فاذا وجدوا مجلسا فيه ذكر قعدوا معهم وحف بعضهم بعضا حتى يملأوا ما بينهم وبين سماء الدنيا فاذا تفرقوا عرجوا أو صعدوا الى السماء قال فيسألهم الله عز وجل وهو أعلم بهم من أين جئتم فيقولون جئنا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/284)
من عند عبادك فى الأرض يسبحونك ويكبرونك ويهللونك ويحمدونك ويسألونك الحديث بطوله الوجه الثانى أنه قال فيه من يسألنى فأعطيه من يدعونى فأستجيب له من يستغفرنى فأغفر له وهذه العبارة لا يجوز أن يقولها ملك عن الله بل الذى يقول الملك ما ثبت فى الصحيح عن النبى أنه قال اذا أحب الله العبد نادى جبريل انى أحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادى فى السماء ان الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول فى الأرض وذكر فى البغض مثل ذلك
فالملك اذا نادى عن الله لا يتكلم بصيغة المخاطب بل يقول ان الله أمر بكذا أو قال كذا وهكذا اذا أمر السلطان مناديا ينادى فانه يقول يا معشر الناس امر السلطان بكذا ونهى عن كذا ورسم بكذا لا يقول أمرت بكذا ونهيت عن كذا بل لو قال ذلك بودر الى عقوبته
وهذا تأويل من التأويلات القديمة للجهمية فانهم تأولوا تكليم الله لموسى عليه السلام بأنه أمر ملكا فكلمه فقال لهم أهل السنة لو كلمه ملك لم يقل اننى أنا الله لا اله الا أنا فاعبدنى بل كان يقول كما قال المسيح عليه السلام ما قلت لهم الا ما أمرتنى به ان اعبدوا الله ربى وربكم
فالملائكة رسل الله الى الانبياء تقول كما كان جبريل عليه السلام يقول
لمحمد وما نتنزل الا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك ويقول ان الله يأمرك بكذا ويقول كذا لا يمكن أن يقول ملك من الملائكة اننى أنا الله لا اله الا أنا فاعبدنى ولا يقول من يدعونى فأستجيب له من يسألنى فأعطيه من يستغفرنى فأغفر له ولا يقول لا يسأل عن عبادى غيرى كما رواه النسائى وابن ماجه وغيرهما وسندهما صحيح أنه يقول لا اسأل عن عبادى غيرى
وهذا أيضا مما يبطل حجة بعض الناس فانه احتج بما رواه النسائى فى بعض طرق الحديث أنه يأمر مناديا فينادى فان هذا ان كان ثابتا عن النبى فان الرب يقول ذلك ويأمر مناديا بذلك لا ان المنادى يقول من يدعونى فأستجيب له ومن روى عن النبى ان المنادى يقول ذلك فقد علمنا أنه يكذب على رسول الله فانه مع أنه خلاف اللفظ المستفيض المتواتر الذى نقلته الأمة خلفا عن سلف فاسد فى المعقول فعلم أنه من كذب بعض المبتدعين كما روى بعضهم ينزل بالضم وكما قرأ بعضهم وكلم الله موسى تكليما ونحو ذلك من تحريفهم اللفظ والمعنى
وان تأول ذلك بنزول رحمته أو غير ذلك قيل الرحمة التى تثبتها اما أن تكون عينا قائمة بنفسها واما أن تكون صفة قائمة فى غيرها
فان كانت عينا وقد نزلت الى السماء الدنيا لم يمكن أن تقول من يدعونى فأستجيب له كما لا يمكن الملك أن يقول ذلك
وان كانت صفة من الصفات فهى لا تقوم بنفسها بل لابد لها من محل ثم لا يمكن الصفة أن تقول هذا الكلام ولا محلها ثم اذا نزلت الرحمة الى السماء الدنيا ولم تنزل الينا فأى منفعة لنا فى ذلك
وان قال بل الرحمة ما ينزله على قلوب قوام الليل فى تلك الساعة من حلاوة المناجاة والعبادة وطيب الدعاء والمعرفة وما يحصل فى القلوب من مزيد المعرفة بالله والايمان به وذكره وتجليه لقلوب اوليائه فان هذا أمر معروف يعرفه قوام الليل قيل له حصول هذا فى القلوب حق لكن هذا ينزل الى الأرض الى قلوب عباده لا ينزل الى السماء الدنيا ولا يصعد بعد نزوله وهذا الذى يوجد فى القلوب يبقى بعد طلوع الفجر لكن هذا النور والبركة والرحمة التى فى القلوب هى من آثار ما وصف به نفسه من نزوله بذاته سبحانه وتعالى
كما وصف نفسه بالنزول عشية عرفة فى عدة أحاديث صحيحة وبعضها فى صحيح مسلم عن عائشة رضى الله عنها عن النبى أنه قال ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة وانه عز وجل ليدنو ثم يباهى بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء وعن جابر بن عبدالله رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا كان يوم عرفة ان الله ينزل الى سماء الدنيا يباهى بأهل عرفة الملائكة فيقول أنظروا الى عبادى اتونى شعثا غبرا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/285)
ضاحين من كل فج عميق وعن أم سلمة رضى الله عنها قالت قال رسول الله ان الله ينزل الى السماء الدنيا يباهى بأهل عرفة الملائكة ويقول أنظروا الى عبادى اتونى شعثا غبرا فوصف أنه يدنو عشية عرفة الى السماء الدنيا ويباهى الملائكة بالحجيج فيقول انظروا الى عبادى اتونى شعثا غبرا ما أراد هؤلاء فانه من المعلوم أن الحجيج عشية عرفة ينزل على قلوبهم من الايمان والرحمة والنور والبركة ما لا يمكن التعبير عنه لكن ليس هذا الذى فى قلوبهم هو الذى يدنو الى السماء الدنيا ويباهى الملائكة بالحجيج
والجهمية ونحوهم من المعطلة انما يثبتون مخلوقا بلا خالق واثرا بلا مؤثر ومفعولا بلا فاعل وهذا معروف من اصولهم وهذا من فروع اقوال الجهمية
وايضا فيقال له وصف نفسه بالنزول كوصفه فى القرآن بأنه خلق السموات والأرض فى ستة أيام ثم استوى على العرش وبأنه استوى الى السماء وهى دخان وبأنه نادى موسى وناجاه فى البقعة المباركة من الشجرة وبالمجىء والاتيان فى قوله وجاء ربك والملك صفا صفا وقال هل ينظرون الا ان تأتيهم الملائكة أو يأتى ربك أو يأتى بعض آيات ربك
والأحاديث المتواترة عن النبى صلى الله عليه وسلم فى اتيان الرب يوم القيامة كثيرة وكذلك اتيانه لأهل الجنة يوم الجمعة وهذا مما احتج به السلف على من ينكر الحديث فبينوا له أن القرآن يصدق معنى هذا الحديث كما احتج به اسحاق بن راهويه
بن راهويه على بعض الجهمية بحضرة الأمير عبدالله بن طاهر أمير خراسان
قال أبو عبدالله الرباطى حضرت يوما مجلس الامير عبدالله بن طاهر ذات يوم وحضر إسحق بن راهويه فسئل عن حديث النزول أصحيح هو فقال نعم فقال له بعض قواد عبدالله يا أبا يعقوب أتزعم أن الله ينزل كل ليلة قال نعم قال كيف ينزل قال اثبته فوق حتى أصف لك النزول فقال له الرجل اثبته فوق فقال له إسحق قال الله تعالى وجاء ربك والملك صفا صفا فقال الأمير عبدالله بن طاهر يا أبا يعقوب هذا يوم القيامة فقال اسحق أعز الله الأمير ومن يجىء يوم القيامة من يمنعه اليوم
ثم بعد هذا اذا نزل هل يخلو منه العرش أو لا يخلو هذه مسألة أخرى تكلم فيها أهل الاثبات
فمنهم من قال لا يخلو منه العرش ونقل ذلك عن الامام أحمد بن حنبل فى رسالته الى مسدد وعن اسحق بن راهويه وحماد بن زيد وعثمان بن سعد الدارمى وغيرهم
ومنهم من أنكر ذلك وطعن فى هذه الرسالة وقال راويها عن أحمد بن حنبل مجهول لا يعرف
والقول الأول معروف عند الأئمة كحماد بن زيد واسحق بن راهويه
وغيرهما قال الخلال فى كتاب السنة حدثنا جعفر بن محمد الفريابى ثنا أحمد بن محمد المقدمى ثنا سليمان بن حرب قال سأل بشر بن السرى حماد بن زيد فقال يا أبا اسماعيل الحديث الذى جاء ينزل ربنا الى سماء الدنيا يتحول من مكان الى مكان فسكت حماد بن زيد ثم قال هو فى مكانه يقرب من خلقه كيف شاء ورواه ابن بطة فى كتاب الابانة فقال حدثنى ابو القاسم حفص بن عمر الاردبيلى حدثنا ابو حاتم الرازى حدثنا سليمان بن حرب قال سأل بشر بن السرى حماد بن زيد فقال يا أبا اسماعيل الحديث الذى جاء ينزل الله الى سماء الدنيا أيتحول من مكان الى مكان فسكت حماد بن زيد ثم قال هو فى مكانه يقرب من خلقه كيف شاء وقال ابن بطة وحدثنا أبو بكر النجاد ثنا أحمد بن على الابار ثنا على بن خشرم قال قال اسحق بن راهويه دخلت على عبدالله بن طاهر فقال ما هذه الاحاديث التى تروونها قلت أى شىء اصلح الله الأمير قال تروون أن الله ينزل الى السماء الدنيا قلت نعم رواها الثقات الذين يروون الاحكام قال أينزل ويدع عرشه قال فقلت يقدر أن ينزل من غير أن يخلو العرش منه قال نعم قلت ولم تتكلم فى هذا
وقد رواها اللالكائى أيضا باسناد منقطع واللفظ مخالف لهذا وهذا الاسناد أصح وهذه والتى قبلها حكايتان صحيحتان رواتهما أئمة ثقات فحماد بن زيد يقول هو فى مكانه يقرب من خلقه كيف شاء فأثبت قربه الى خلقه مع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/286)
كونه فوق عرشه وعبدالله بن طاهر وهو من خيار من ولى الأمر بخراسان كان يعرف ان الله فوق العرش واشكل عليه انه ينزل لتوهمه أن ذلك يقتضى أن يخلو منه العرش فأقره الامام اسحق على أنه فوق العرش وقال له يقدر أن ينزل من غير أن يخلو منه العرش فقال له الأمير نعم فقال له اسحق لم تتكلم فى هذا يقول فاذا كان قادرا على ذلك لم يلزم من نزوله خلو العرش منه فلا يجوز أن يعترض على النزول بأنه يلزم منه خلو العرش وكان هذا أهون من اعتراض من يقول ليس فوق العرش شىء فينكر هذا وهذا
ونظيره ما رواه أبو بكر الاثرم فى السنة قال حدثنا ابراهيم بن الحارث يعنى العبادى قال حدثنى الليث بن يحيى قال سمعت ابراهيم بن الاشعث يقول سمعت الفضيل بن عياض يقول اذا قال الجهمى انا أكفر برب يزول عن مكانه فقل أنا أومن برب يفعل ما يشاء اراد الفضيل بن عياض رحمه الله مخالفة الجهمى الذى يقول أنه لا تقوم به الأفعال الاختيارية فلا يتصور منه اتيان ولا مجىء ولا نزول ولا استواء ولا غير ذلك من الافعال الاختيارية القائمة به فقال الفضيل اذا قال لك الجهمى أنا أكفر برب يزول عن مكانه فقل انا ازمن برب يفعل ما شاء فأمره أن يؤمن بالرب الذى يفعل ما يشاء من الافعال القائمة بذاته التى يشاؤها لم يرد من المفعولات المنفصلة عنه
ومثل ذلك ما يروى عن الاوزاعى وغيره من السلف أنهم قالوا فى حديث النزول يفعل الله ما يشاء قال اللالكائى حدثنا المسير بن عثمان حدثنا
أحمد بن الحسين ثنا أحمد بن على الابار قال سمعت يحيى بن معين يقول اذا سمعت الجهمى يقول أنا أكفر برب ينزل فقل أنا اومن برب يفعل ما يريد
فان بعض من يعظمهم وينفى قيام الأفعال الاختيارية به كالقاضى ابى بكر ومن اتبعه وابن عقيل والقاضى عياض وغيرهم يحمل كلامهم على أن مرادهم بقولهم يفعل ما يشاء ان يحدث شيئا منفصلا عنه من دون ان يقوم به هو فعل أصلا
وهذا أوجبه اصلان لهم
احدهما أن الفعل عندهم هو المفعول والخلق هو المخلوق فهم يفسرون أفعاله المتعدية مثل قوله تعالى خلق السموات والأرض وأمثاله ان ذلك وجد بقدرته من غير أن يكون منه فعل قام بذاته بل حاله قبل أن يخلق وبعد ما خلق سواء لم يتجدد عندهم الا اضافة ونسبة وهى أمر عدمى لا وجودى كما يقولون مثل ذلك فى كونه يسمع أصوات العباد ويرى أعمالهم وفى كونه كلم موسى وغيره وكونه أنزل القرآن أو نسخ منه ما نسخ وغير ذلك فانه لم يتجدد عندهم الا مجرد نسبة و اضافة بين الخالق والمخلوق وهى أمر عدمى لا وجودى
وهكذا يقولون فى استوائه على العرش اذا قالوا أنه فوق العرش وهذا قول ابن عقيل وغيره وهو أول قولى القاضى أبى يعلى ويسمى ابن عقيل هذه النسبة الأحوال ولعله يشبهها بالأحوال التى يثبتها من يثبتها من النظار
ويقولون هى لا موجودة ولا معدومة كما يقول ذلك ابو هاشم والقاضيان ابو بكر وأبو يعلى وأبى المعالى الجوينى فى أول قوليه
وأكثر الناس خالفوهم فى هذا الاصل وأثبتوا له تعالى فعلا قائما بذاته وخلقا غير المخلوق ويسمى التكوين وهو الذى يقول به قدماء الكلابية كما ذكره الثقفى والضبعى وغيرهما من اصحاب أبى بكر محمد بن خزيمة فى العقيدة التى كتبوها وقرؤوها على أبى بكر محمد بن اسحق بن خزيمة لما وقع بينهم النزاع فى مسألة القرآن وهو آخر قولى القاضى أبى يعلى وجمهور الحنفية والحنبلية وأئمة المالكية والشافعية وهو الذى ذكره البغوى فى شرح السنة عن أهل السنة وذكره البخارى اجماع العلماء كما بسط ذلك فى مواضع أخر و
الأصل الثانى نفيهم أن تقوم به أمور تتعلق بقدرته ومشيئته ويسمون ذلك حلول الحوادث فلما كانوا نفاة لهذا امتنع عندهم أن يقوم به فعل اختيارى يحصل بقدرته ومشيئته لا لازم ولا متعد لا نزول ولا مجىء ولا استواء ولا اتيان ولا خلق ولا احياء ولا أماتة ولا غير ذلك فلهذا فسروا قول السلف بالنزول بأنه يفعل ما يشاء على أن مرادهم حصول مخلوق منفصل لكن كلام السلف صريح فى أنهم لم يريدوا ذلك وانما أرادوا الفعل الاختيارى الذى يقوم به
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/287)
والفضيل بن عياض رحمه الله لم يرد أنه يخلو منه العرش بل أراد مخالفة الجهمية فان قوله يفعل ما يشاء لا يتضمن أنه لابد أن يكون تحت العرش بل كلامه من جنس كلام امثاله من السلف كالاوزاعى وحماد بن زيد وغيرهما ومنهم من أنكر ما روى عن أحمد فى رسالته الى مسدد وقال راويها عن أحمد مجهول لا يعرف فى أصحاب أحمد من اسمه أحمد بن محمد البردعى
وأهل الحديث فى هذا على ثلاثة أقوال
منهم من ينكر أن يقال يخلو أو لا يخلو كما يقول ذلك الحافظ عبدالغنى المقدسى وغيره
ومنهم من يقول بل يخلو منه العرش وقد صنف أبو القاسم عبدالرحمن ابن ابى عبدالله بن محمد بن منده مصنفا فى الانكار على من قال لا يخلو منه العرش وسماه الرد على من زعم أن الله فى كل مكان وعلى من زعم أن الله ليس له مكان وعلى من تأول النزول على غير النزول
وذكر أنه سئل عن حديث أخرجه أبو سعيد النقاش فى اقوال أهل السنة عن أبى الحسن محمد بن على المروزى عن محمد بن ابراهيم الدينورى عن على بن أحمد بن محمد بن موسى عن أحمد بن محمد البردعى التميمى قال لما أشكل على مسدد بن مسرهد أمر السنة وما وقع فيه الناس من القدر
و الرفض و الاعتزال و الارجاء و خلق القرآن كتب الى أحمد بن حنبل أن أكتب الى سنة رسول الله فكتب اليه
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد ثم ذكر فيها وينزل الله الى السماء الدنيا ولا يخلو منه العرش وعن حديث روى عن اسحق بن راهويه فى هذا المعنى وزعم عبدالرحمن أن هذا اللفظ لفظ منكر فى الحديث عنهما وعن غيرهما وحكمه عند أهل الاثر حكم حديث منكر وقال أحمد بن محمد البردعى مجهول لا يعرف فى أصحاب احمد من اسمه أحمد بن محمد فيمن روى عن أحمد بن محمد بن حنبل كأحمد بن محمد بن هانىء وأبى بكر الاثرم وأحمد بن محمد بن الحجاج وأبى بكر المروذى وأحمد بن محمد بن عيسى البرانى القاضى وأحمد بن محمد الصائغ وأحمد بن محمد بن غالب القاص غلام خليل وأحمد بن محمد بن مزيد
الوراق وزاد إبن الجوزى أحمد بن محمد بن خالد أبا بكر القاضى وأحمد بن خالد ابا العباس البرانى وأحمد بن محمد بن عبدالله بن صدقة وأحمد بن محمد بن عبدالله بن صالح الاسدى وأحمد بن محمد بن عبدالحميد الكوفى وأحمد بن محمد بن يحيى الكحال وأحمد بن محمد بن البخارى وأحمد بن محمد بن بطة
وذكر أحمد بن الحسن ابا الحسن الترمذى وأحمد بن سعيد وقيل أبى الاشعبة الترمذى
وذكر فى المحمدين محمد بن اسماعيل الترمذى قال ولم يعد هذا فيمن روى عن مسدد أيضا قال وهذا الحديث رواه عن النبى صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة على لفظ واحد منهم ابو بكر الصديق وعلى بن أبى طالب وعبدالله بن مسعود وعبدالله بن عباس وعبدالله بن عمر وعثمان بن أبى العاص ومعاذ بن جبل وأبو أمامة وعقبة بن عامر وأبو ثعلبة الخشنى ورفاعة بن عرابة الجهنى وعبادة بن الصامت وعمر بن عبسة وأبو هريرة وأبو الدرداء وأبو موسى الاشعرى وجابر بن عبدالله وجبير بن مطعم وأنس بن مالك وعائشة وأم سلمة وغيرهم رضى الله عنهم أجمعين ولم يقل أحد منهم هذا اللفظ ولا من رواه من الصحابة والتابعين والأئمة بعدهم
ثم ساق الاحاديث بألفاظها وذكر أن أحدا منهم لم يقل هذا اللفظ قال وهو لفظ موافق لرأى من زعم أنه لا يخلو منه مكان ورأى من زعم أنه ليس له مكان
قال وتأويل من تأول النزول على غير النزول مخالف لقول من قال ينزل ربنا الى السماء الدنيا كل ليلة ولقوله فلا يزال كذلك الى الفجر
قلت القائلون بذلك لم يقولوا ان هذا اللفظ فى الحديث وليس فى
الحديث ايضا أنه لا يخلو منه العرش أو يخلو منه العرش كما يدعيه المدعون لذلك فليس فى الحديث لا لفظ المثبتين لذلك ولا لفظ النفاة له وهؤلاء يقولون انهم يتأولون النزول على غير النزول بل قد يكون من هؤلاء من ينفى نزولا يقوم به ويجعل النزول مخلوقا منفصلا عنه وعامة رد إبن مندة المستقيم انما يتناول هؤلاء لكنه زاد زيادات نسب لأجلها الى البدعة ولهذا كانوا يفضلون اباه أبا عبدالله عليه وكان اسماعيل بن محمد بن الفضل التميمى وغيره يتكلمون فيه فى ذلك كما هو معروف عنهم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/288)
قال عبدالرحمن قال أبى فى الرد على من تأول النزول على غير النزول واحتج فى ابطال الاخبار الصحاح بأحاديث موضوعة وادعى المدبر أنه يقول بحديث النزول فحرفه على من حضر مجلسه وأنكر فى خطبته ما أنزل الله فى كتابه من حجته وما بين الرسول من أنه ينزل بذاته وتأول النزول على معنى الأمر والنهى لا حقيقة النزول وزعم أن أئمتهم العارفين بالأصول ينزهون الله عن التنقلات فأبطل جميع ما أخرج فى هذا الباب اذ كان مذهبه غير ظاهر الحديث واعتماده على التأويل الباطل والمعقول الفاسد وقوله تعالى ليس كمثله شىء نفى التشبيه من جميع الجهات وكل المعانى ولكن البائس المسكين لم يجد الطريق الى ثلب الأئمة الا بهذا الطريق الذى هو
به أولى ثم قصد تعليل حديث النزول بما لا يعد علة ولا خلافا من قول الراوى ينزل و يقول اذا مضى نصف الليل وقال بعضهم ثلث الليل ونصف الليل قال ابن مندة وليس هذا اختلافا ولكنه جهل واحتج معها بحديث محمد بن يزيد بن سنان عن أبيه عن زيد بن أبى أنيسة عن طارق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبى أنه قال أنه يأمر مناديا ينادى كل ليلة
وهذا حديث موضوع موافق لمذهبه زعم أن يحيى بن سعيد القطان وابن مهدى والبخارى ومسلما أخرجوا فى كتبهم مثل هؤلاء الضعفاء المتروكين ترددا منه وجهلا وأعاد حديث أبى هشام الرفاعى عن حفص رواه محاضر وغير واحد قال ان الله ينزل كل ليلة
وكذلك حديث طارق رواه عن عبيدالله بن عمر عن زيد بن أبى أنيسة عن طارق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قوله ان الله ينزل كل ليلة
وأما حديث الحسن عن عثمان بن أبى العاص فقد تقدم الكلام عليه فيما ذكرنا وليس فى هذه الأحاديث ولا رواتها ما يصح قال ولو سكت عن معرفة الحديث كان أجمل به وأحسن اذ قد سلب الله معرفته وارسخ فى قلبه تبطيل الاخبار الصحاح واعتماد معقوله الفاسد
قلت فهذا نقل عبدالرحمن لكلام أبيه وأبوه أعلم منه وافقه واسد قولا ثم قال أبو القاسم عبدالرحمن بن أبى عبدالله بن مندة هذا قال حدثنا محمد بن محمد بن الحسن ثنا عبدالله بن محمد الوراق ثنا زكريا بن يحيى الساجى ثم قال عبدالرحمن حدثنى أحمد بن نصر قال كنت عند سليمان بن حرب فجاء اليه رجل كلامى من أصحاب الكلام فقال له تقولون ان الله على عرشه لا يزول ثم تروون أن الله ينزل الى السماء الدنيا فقال عن حماد بن زيد ان الله على عرشه ولكن يقرب من خلقه كيف شاء
قال عبدالرحمن ومن زعم أن حماد بن زيد وسليمان بن حرب أرادا بقولهما يقرب من خلقه كيف شاء أرادا أن لا يزول عن مكانه فقد نسبهما الى خلاف ما ورد فى الكتاب والسنة
قال وحدثنا عبدالصمد بن محمد المعاصمى ببلخ أنبأنا ابراهيم بن أحمد المستلمى قال أنبأنا عبدالله بن أحمد بن حراش قال حدثنا أحمد بن الحسن بن زياد حدثنا ابراهيم بن الأشعث قال سمعت الفضيل بن عياض يقول اذا قال لك الجهمى أنا لا أومن برب يزول عن مكانه فقال له أنا اومن برب يفعل ما يشاء
قال رواه جماعة عن فضيل بن عياض قال ولم يرد به أحد أن الله يفعل ما ذهب اليه الزنادقة فلا يبقى خلاف بين من يقول أنا اكفر برب ينزل ويصعد وبين من يقول أنا أومن برب لا يخلو منه العرش فى ابطال ما نطق به
الكتاب والسنة ثم روى باسناده عن الفضيل بن عياض اذا قال الجهمى انا أكفر برب ينزل ويصعد فقل آمنت برب يفعل ما يشاء
قلت زكريا بن يحيى الساجى أخذ عنه أبو الحسن الاشعرى ما أخذه من اصول أهل السنة والحديث وكثير مما نقل فى كتاب مقالات الاسلاميين من مذهب أهل السنة والحديث وذكر عنهم ما ذكره حماد بن زيد من أنه فوق العرش وأنه يقرب من خلقه كيف شاء
ومعنى ذلك عنده وعند من ينفى قيام الأفعال الاختيارية بذاته أنه يخلق اعراضا فى بعض المخلوقات يسميها نزولا كما قال أنه يخلق فى العرش معنى يسميه استواء وهو عند الاشعرى تقريب العرش الى ذاته من غير أن يقوم به فعل بل يجعل افعاله اللازمة كالنزول والاستواء كأفعاله المتعدية كالخلق والاحسان وكل ذلك عنده هو المفعول المنفصل عنه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/289)
والاشعرى وأئمة اصحابه كالقاضى أبى بكر وغيره يقولون ان الله فوق العرش بذاته ولكن يقولون فى النزول ونحوه من الافعال هذا القول بناء على أصلهم فى نفى قيام الحوادث به والسلف الذين قالوا يفعل ما يشاء وينزل كيف شاء وكما شاء والفضيل بن عياض الذى قال اذا قال لك الجهمى أنا أكفر برب يزول عن مكانه فقل أنا أومن برب يفعل ما يشاء مرادهم نقيض هذا القول ورد ابى عبدالله بن مندة متناول لهؤلاء وعلى هذا فلا يبقى
خلاف بين من يقول ينزل ويصعد وبين من ينفى ذلك وذلك لأن الأفعال المنفصلة لم ينازع فيها أحد من المسلمين فعلم أن مراد هؤلاء اثبات الفعل الاختيارى القائم به ولكنهم مع هذا ليس فى كلامهم انهم كانوا يعتقدون خلو العرش منه وأنه لا يبقى فوق العرش كما ذكره عبدالرحمن وزعم أنه معنى الحديث
وروى باسناده من كتاب السنة لعبدالله بن أحمد بن حنبل قال أخبرنا محمد بن محمد بن الحسن حدثنى ابى ثنا أحمد بن محمد بن عمر اللبنانى ثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل ثنا أبى ثنا موسى بن داود ابو معمر ثنا عباد بن العوام قال قدم علينا شريك فسألته عن الحديث ان الله ينزل ليلة النصف من شعبان قلنا ان قوما ينكرون هذه الأحاديث قال فما يقولون قلنا يطعنون فيها فقال ان الذين جاءوا بهذه الأحاديث هم الذين جاءوا بالقرآن وبالصلاة وبالحج وبالصوم فما يعرف الله الا بهذه الأحاديث
قال وأما حديث اسحق بن راهويه فرواه اسماعيل الترمذى وذكر عن ابن أبى حاتم أنهم تكلموا فيه قال والحديث حدث به أحمد بن موسى بن بريدة عن أحمد بن عبدالله بن محمد بن بشير عن الترمذى
سمعت إسحاق بن راهويه يقول اجتمعت الجهمية الى عبدالله بن طاهر يوما فقالوا له أيها الامير انك تقدم اسحاق وتكرمه وتعظمه وهو كافر يزعم أن الله عز وجل ينزل الى السماء الدنيا كل ليلة ويخلو منه العرش قال فغضب عبدالله وبعث الى فدخلت عليه وسلمت فلم يرد على السلام غضبا ولم يستجلسنى ثم رفع رأسه وقال لى ويلك يا اسحاق ما يقول هؤلاء قال قلت لا أدرى قال تزعم أن الله سبحانه وتعالى ينزل الى السماء الدنيا فى كل ليلة ويخلو منه العرش فقلت أيها الأمير لست أنا قلته قاله النبى ثنا أبو بكر بن عياش عن إسحاق عن الاغر بن مسلم أنه قال اشهد على أبى هريرة وأبى سعيد أنهما شهدا على رسول الله أنه قال ينزل الله الى سماء الدنيا فى كل ليلة فيقول من يدعونى فأستجيب له من يسألنى فأعطيه من يستغفرنى فأغفر له ولكن مرهم يناظرونى قال فلما ذكرت له النبى سكن غضبه وقال لى اجلس فجلست فقلت مرهم ايها الامير يناظرونى قال ناظروه قال فقلت لهم يستطيع أن ينزل ولا يخلو منه العرش أم لا يستطيع قال فسكتوا واطرقوا رؤوسهم فقلت ايها الامير مرهم يجيبوا فسكتوا فقال ويحك يا اسحاق ماذا سألتهم قال قلت أيها الأمير قل لهم يستطيع أن ينزل ولا يخلو منه العرش أم لا قال فايش هذا قلت ان زعموا أنه لا يستطيع أن ينزل الا أن يخلو منه العرش فقد زعموا ان الله عاجز مثلى ومثلهم وقد كفروا وان زعموا أنه يستطيع
أن ينزل ولا يخلو منه العرش فهو ينزل الى السماء الدنيا كيف يشاء ولا يخلو منه المكان
قال عبدالرحمن والصحيح مما جرى بين اسحاق وعبدالله بن طاهر ما أخبرنا أبى ثنا أبو عثمان عمرو بن عبدالله البصرى ثنا محمد بن حاتم سمعت اسحاق بن ابراهيم بن مخلد يقول قال لى عبدالله بن طاهر يا أبا يعقوب هذه الاحاديث التى تروونها فى النزول يعنى وغير ذلك ما هى قلت أيها الأمير هذه أحاديث جاءت مجىء الاحكام والحلال والحرام ونقلها العلماء فلا يجوز ان ترد هى كما جاءت بلا كيف فقال عبدالله صدقت ما كنت أعرف وجوهها الى الآن
قال عبدالرحمن ولا يخلو منه المكان كيفية تهدم النزول وتبطل قول من يقول هى كما جاءت بلا كيف فيقال بل مخاطبة اسحاق لعبدالله بن طاهر كان فيها زيادة على هذه الرواية كما ثبت ذلك فى غير هذه الرواية ولكن هذه المخاطبات والمناظرات ينقل منها هذا ما لا ينقل غيره كما نقلوا فى مناظرة أحمد بن حنبل وغيره هذا ينقل ما لا ينقله هذا كما نقل صالح وعبدالله والمروذى وغيرهم وكلهم ثقات وإسحاق بسط الكلام مع ابن طاهر
قال الشيخ أبو عثمان النيسابورى الصابونى الملقب بشيخ الاسلام فى رسالته فى السنة قال ويعتقد اهل الحديث ويشهدون أن الله سبحانه وتعالى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/290)
فوق سبع سمواته على عرشه كما نطق به كتابه فى قوله ان ربكم الله الذى خلق السموات والأرض فى ستة ايام ثم استوى على العرش وذكر عدة آيات من ذلك فان هذا ذكره الله فى سبعة مواضع من القرآن قال وأهل الحديث يثبتون فى ذلك ما اثبته الله تعالى ويؤمنون به ويصدقون الرب جل جلاله فى خبره ويطلقون ما أطلقه الله سبحانه من استوائه على عرشه ويمرون ذلك على ظاهره ويكلون علمه الى الله تعالى و يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر الا أولوا الالباب وروى باسناده من طريقين أن مالك بن أنس سئل عن قوله الرحمن على العرش استوى كيف استوى فقال الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والايمان به واجب والسؤال عنه بدعة وما أراك الا ضالا وأمر أن يخرج من المجلس وروى بإسناده الثابت عن عبدالله بن المبارك أنه قال نعرف ربنا بأنه فوق سبع سمواته بائن من خلقه ولا نقول كما قالت الجهمية بأنه هاهنا وأشار بيده الى الأرض
وقال أخبرنا أبو عبدالله الحافظ يعنى الحاكم فى كتاب التاريخ الذى جمعه لأهل نيسابور وفى كتاب معرفة أصول الحديث اللذين جمعهما ولم يسبق الى مثلهما قال سمعت أبا جعفر محمد بن صالح بن هانىء سمعت الامام أبا بكر محمد بن اسحق بن خزيمة يقول من لم يقر بأن الله على عرشه قد
استوى فوق سبع سمواته فهو كافر به حلال الدم يستتاب فان تاب والا ضربت عنقه وألقى على بعض المزابل
قال الشيخ أبو عثمان ويثبت أصحاب الحديث نزول الرب كل ليلة الى السماء الدنيا من غير تشبيه له بنزول المخلوقين ولا تمثيل ولا تكييف بل يثبتون ما أثبته رسول الله وينتهون فيه اليه ويمرون الخبر الصحيح الوارد بذكره على ظاهره ويكلون علمه الى الله سبحانه وتعالى وكذلك يثبتون ما أنزل الله فى كتابه من ذكر المجىء والاتيان المذكورين فى قوله تعالى هل ينظرون الا أن يأتيهم الله فى ظلل من الغمام وقوله عز وجل وجاء ربك والملك صفا صفا
وقال أخبرنا أبو بكر بن زكريا سمعت أبا حامد الشرقى سمعت حمدان السلمى وأبا داود الخفاف قالا سمعنا إسحق بن إبراهيم الحنظلى يقول قال لى الأمير عبدالله بن طاهر يا أبا يعقوب هذا الحديث الذى ترويه عن رسول الله ينزل ربنا كل ليلة الى السماء الدنيا كيف ينزل قال قلت أعز الله الامير لا يقال لأمر الرب كيف انما ينزل بلا كيف
قال وسمعت أبا عبدالله الحافظ يقول سمعت أبا زكريا يحيى بن محمد العنبرى سمعت إبراهيم بن أبى طالب سمعت أحمد بن سعيد بن ابراهيم أبا عبدالله الرباطى يقول حضرت مجلس الأمير عبدالله بن طاهر ذات يوم
وحضر إسحق بن إبراهيم رحمه الله فسئل عن حديث النزول أصحيح هو قال نعم فقال له بعض قواد عبدالله يا أبا يعقوب أتزعم أن الله ينزل كل ليلة قال نعم قال كيف ينزل فقال إسحق أثبته فوق فقال اثبته فوق فقال اسحاق قال الله عز وجل وجاء ربك والملك صفا صفا فقال الأمير عبدالله هذا يوم القيامة فقال إسحاق أعز الله الأمير من يجىء يوم القيامة من يمنعه اليوم وقال أبو عثمان قرأت فى رسالة أبى بكر الإسماعيلى الى أهل جيلان أن الله ينزل الى السماء الدنيا على ما صح به الخبر عن النبى وقد قال عز وجل هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله فى ظلل من الغمام وقال وجاء ربك والملك صفا صفا نؤمن بذلك كله على ما جاء بلا كيف فلو شاء سبحانه أن يبين كيف ذلك فعل فانتهينا إلى ما أحكمه وكففنا عن الذى يتشابه اذ كنا قد أمرنا به فى قوله هو الذى أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه إبتغاء الفتنة وإبتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون فى العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب وروى عبدالرحمن بن منده باسناده عن حرب بن إسماعيل قال سألت اسحق بن إبراهيم قلت حديث النبى ينزل الله إلى السماء الدنيا قال نعم ينزل الله كل ليلة الى السماء الدنيا كما شاء وكيف شاء وقال
عن حرب لا يجوز الخوض فى أمر الله تعالى كما يجوز الخوض فى فعل المخلوقين لقول الله تعالى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/291)
وروى ايضا عن حرب قال هذا مذهب أئمة العلم وأصحاب الحديث والأثر وأهل السنة المعروفين بها وهو مذهب أحمد بن حنبل واسحق بن راهويه والحميدى وغيرهم كان قولهم أن الله ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا كيف شاء وكما شاء ليس كمثله شىء وهو السميع البصير
وروى أيضا عن حرب قال قال اسحق بن إبراهيم لا يجوز لأحد أن يتوهم على الخالق بصفاته وأفعاله توهم ما يجوز التفكر والنظر فى أمر المخلوقين وذلك أنه يمكن أن يكون موصوفا بالنزول كل ليلة اذا مضى ثلثاها إلى السماء الدنيا كما شاء ولا يسأل كيف نزوله لأنه الخالق يصنع كيف شاء
وروى أيضا عن محمد بن سلام قال سأل فضالة عبدالله بن المبارك عن النزول ليلة النصف من شعبان فقال عبدالله يا ضعيف تجد خداى خوشيركن ينزل كيف شاء
وروى عن ابن المبارك قال من قال لك يا مشبه فاعلم أنه جهمى
وقال عبدالرحمن بن منده إياك أن تكون فيمن يقول أنا أومن برب يفعل ما يشاء ثم تنفى ما فى الكتاب والسنة مما شاء الله وأوجب على خلقه
الإيمان به افاعيله كل ليلة أن ينزل بذاته من العرش إلى السماء الدنيا والزنادقة ينكرونه بزعمهم أن الله لا يخلو منه مكان
وروى حديث مرفوع من طريق نعيم بن حماد عن جرير عن ليث عن بشر عن أنس أن النبى قال اذا أراد الله أن ينزل عن عرشه نزل بذاته
قلت ضعف أبو القاسم إسماعيل التميمى وغيره من الحفاظ هذا اللفظ مرفوعا ورواه إبن الجوزى فى الموضوعات وقال أبو القاسم التميمى ينزل معناه صحيح أنا اقر به لكن لم يثبت مرفوعا إلى النبى وقد يكون المعنى صحيحا وأن كان اللفظ نفسه ليس بمأثور كما لو قيل أن الله هو بنفسه وبذاته خلق السموات والأرض وهو بنفسه وذاته كلم موسى تكليما وهو بنفسه وذاته إستوى على العرش ونحو ذلك من أفعاله التى فعلها هو بنفسه وهو نفسه فعلها فالمعنى صحيح وليس كل ما بين به معنى القرآن والحديث من اللفظ يكون من القرآن مرفوعا
فهذا تلخيص ما ذكره عبدالرحمن بن منده مع أنه استوعب طرق هذا الحديث وذكر ألفاظه مثل قوله ينزل ربنا كل ليلة الى السماء الدنيا اذا مضى ثلث الليل الأول فيقول انا الملك من ذا الذى يسألنى فأعطيه من ذا الذى يدعونى فأستجيب له من ذا الذى يستغفرنى فأغفر له فلا يزال
كذلك الى الفجر وفى لفظ إذا بقى من الليل ثلثاه يهبط الرب الى سماء الدنيا وفى لفظ حتى ينشق الفجر ثم يرتفع وفى رواية يقول لا أسأل عن عبادى غيرى من ذا الذى يسألنى فأعطيه وفى رواية عمرو بن عبسة أن الرب يتدلى فى جوف الليل الى السماء الدنيا وفى لفظ حتى ينشق الفجر ثم يرتفع وذكر نزوله عشية عرفة من عدة طرق وكذلك ليلة النصف من شعبان وذكر نزوله يوم القيامة فى ظلل من الغمام وحديث يوم المزيد فى يوم الجمعة من أيام الآخرة وما فيه من ذكر نزوله وارتفاعه وأمثال ذلك من الاحاديث وهو ينكر على من يقول أنه لا يخلو منه العرش ويجعل هذا مثل قول من يقول إنه فى كل مكان ومن يقول انه ليس فى مكان
وكلامه من جنس كلام طائفة تظن أنه لا يمكن الا أحد القولين قول من يقول انه ينزل نزولا يخلو منه العرش
وقول من يقول ما ثم نزول أصلا كقول من يقول ليس له فعل يقوم بذاته باختياره
وهاتان الطائفتان ليس عندهما نزول إلا النزول الذى يوصف به أجساد العباد الذى يقتضى تفريغ مكان وشغل آخر ثم منهم من ينفى النزول عنه ينزهه عن مثل ذلك ومنهم من أثبت له نزولا من هذا الجنس يقتضى تفريغ مكان وشغل آخر فأولئك يقولون هذا القول باطل فتعين الاول كما يقول من يقابلهم ذلك القول باطل فتعين الثانى وهو يحمل كلام السلف يفعل
ما يشاء على أنه نزول يخلو منه العرش ومن يقابله يحمله أن المراد مفعول منفصل عن الله
وفى الجملة فالقائلون بأنه يخلو منه العرش طائفة قليلة من أهل الحديث وجمهورهم على أنه لا يخلو منه العرش وهو المأثور عن الأئمة المعروفين بالسنة ولم ينقل عن أحد منهم باسناد صحيح ولا ضعيف أن العرش يخلو منه وما ذكره عبدالرحمن من تضعيف تلك الرواية عن اسحاق فقد ذكرنا الرواية الاخرى الثابتة التى رواها ابن بطة وغيره وذكرنا أيضا اللفظ الثابت عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد رواه الخلال وغيره
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/292)
وأما رسالة أحمد بن حنبل الى مسدد بن مسرهد فهى مشهورة عند أهل الحديث والسنة وأصحاب أحمد وغيرهم تلقوها بالقبول وقد ذكرها أبو عبدالله بن بطة فى كتاب الإبانة واعتمد عليها غير واحد كالقاضى أبى يعلى وكتبها بخطه
فصل
وقد تأول قوم من المنتسبين الى السنة والحديث حديث النزول وما كان نحوه من النصوص التى فيها فعل الرب اللازم كالاتيان والمجىء والهبوط ونحو ذلك ونقلوا فى ذلك قولا لمالك ولأحمد بن حنبل حتى ذكر المتأخرون من أصحاب أحمد كأبى الحسن بن الزاغونى وغيره عن أحمد فى تأويل هذا الباب روايتين بخلاف غير هذا الباب فانه لم ينقل عنه فى تأويله نزاعا
وطرد إبن عقيل الروايتين فى التأويل فى غير هذه الصفة وهو تارة يوجب التأويل وتارة يحرمه وتارة يسوغه
والتأويل عنده تارة للصفات الخبرية مطلقا ويسميها الاضافات لا الصفات موافقة لمن أخذ ذلك عنه من المعتزلة كأبى على بن الوليد وأبى القاسم بن التبان وكانا من أصحاب ابى الحسين البصرى وأبو الفرج بن الجوزى مع ابن عقيل على ذلك فى بعض كتبه مثل كف التشبيه بكف التنزيه ويخالفه فى بعض كتبه
والأكثرون من أصحاب أحمد لم يثبتوا عنه نزاعا فى التأويل لا فى هذه الصفات ولا فى غيرها
وأما ما حكاه أبو حامد الغزالى عن بعض الحنبلية أن أحمد لم يتأول الا ثلاثة أشياء الحجر الأسود يمين الله فى الأرض وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن وانى أجد نفس الرحمن من قبل اليمن فهذه الحكاية كذب على أحمد لم ينقلها أحد عنه باسناد ولا يعرف أحد من أصحابه نقل ذلك عنه وهذا الحنبلى الذى ذكر عنه ابو حامد مجهول لا يعرف لا علمه بما قال ولا صدقه فيما قال
وأيضا وقع النزاع بين أصحابه هل اختلف اجتهاده فى تأويل المجىء والاتيان والنزول ونحو ذلك لأن حنبلا نقل عنه فى المحنة أنهم لما احتجوا عليه بقول النبى تجىء البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف ونحو ذلك من الحديث الذى فيه اتيان القرآن ومجيئه وقالوا له لا يوصف بالاتيان والمجىء الا مخلوق فعارضهم أحمد بقوله وأحمد وغيره من أئمة السنة فسروا هذا الحديث بأن المراد به مجىء ثواب البقرة وآل عمران كما ذكر مثل ذلك من مجىء الاعمال فى القبر وفى القيامة والمراد منه ثواب الأعمال والنبى قال اقرؤوا البقرة وآل عمران فانهما يجيئان يوم القيامة كأنهما غيايتان أو غمامتان أو فرقان من طير صواف يحاجان
عن أصحابهما وهذا الحديث فى الصحيح فلما أمر بقرائتهما وذكر مجيئهما يحاجان عن القارىء علم أنه أراد بذلك قراءة القارىء لهما وهو عمله وأخبر بمجىء عمله الذى هو التلاوة لهما فى الصورة التى ذكرها كما أخبر بمجىء غير ذلك من الأعمال
وهذا فيه كلام مبسوط فى غير هذا الموضع هل يقلب الله العمل جوهرا قائما بنفسه أم الاعراض لا تنقلب جواهر وكذلك قوله يؤتى بالموت فى صورة كبش املح
والمقصود هنا أن النبى لما أخبر بمجىء القرآن فى هذه الصورة أراد به الاخبار عن قراءة القارىء التى هى عمله وذلك هو ثواب قارىء القرآن ليس المراد به أن نفس كلامه الذى تكلم به وهو قائم بنفسه يتصور صورة غمامتين فلم يكن فى هذا حجة للجهمية على ما ادعوه
ثم أن الامام أحمد فى المحنة عارضهم بقوله تعالى هل ينظرون الا أن يأتيهم الله فى ظلل من الغمام قال قيل انما يأتى أمره هكذا نقل حنبل ولم ينقل هذا غيره ممن نقل مناظرته فى المحنة كعبدالله بن أحمد وصالح بن أحمد والمروذى وغيره فاختلف أصحاب أحمد فى
ذلك فمنهم من قال غلط حنبل لم يقل أحمد هذا وقالوا حنبل له غلطات معروفة وهذا منها وهذه طريقة أبى اسحق بن شاقلا
ومنهم من قال بل أحمد قال ذلك على سبيل الالزام لهم يقول اذا كان أخبر عن نفسه بالمجىء والاتيان ولم يكن ذلك دليلا على أنه مخلوق بل تأولتم ذلك على أنه جاء أمره فكذلك قولوا جاء ثواب القرآن لا أنه نفسه هو الجائى فان التأويل هنا الزم فان المراد هنا الاخبار بثواب قارىء القرآن وثوابه عمل له لم يقصد به الاخبار عن نفس القرآن
فإذا كان الرب قد أخبر بمجىء نفسه ثم تأولتم ذلك بأمره فاذا أخبر بمجىء قراءة القرآن فلأن تتأولوا ذلك بمجىء ثوابه بطريق الأولى والأحرى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/293)
واذا قاله لهم على سبيل الالزام لم يلزم أن يكون موافقا لهم عليه وهو لا يحتاج الى أن يلتزم هذا فان هذا الحديث له نظائر كثيرة فى مجىء أعمال العباد والمراد مجىء قراءة القارىء التى هى عمله وأعمال العباد مخلوقة وثوابها مخلوق
ولهذا قال أحمد وغيره من السلف أنه يجىء ثواب القرآن والثواب إنما يقع على أعمال العباد لا على صفات الرب وأفعاله
وذهب طائفة ثالثة من أصحاب أحمد الى أن أحمد قال هذا ذلك الوقت وجعلوا هذا رواية عنه ثم من يذهب منهم الى التأويل كابن عقيل وابن الجوزى وغيرهما يجعلون هذه عمدتهم حتى يذكرها أبو الفرج بن الجوزى فى تفسيره ولا يذكر من كلام أحمد والسلف ما يناقضها
ولا ريب أن المنقول المتواتر عن أحمد يناقض هذه الرواية ويبين أنه لا يقول أن الرب يجىء ويأتى وينزل أمره بل هو ينكر على من يقول ذلك
والذين ذكروا عن أحمد فى تأويل النزول ونحوه من الأفعال لهم قولان
منهم من يتأول ذلك بالقصد كما تأول بعضهم قوله ثم استوى الى السماء بالقصد وهذا هو الذى ذكره ابن الزاغونى ومنهم من يتأول ذلك بمجىء أمره ونزول أمره وهو المذكور فى رواية حنبل
وطائفة من أصحاب أحمد وغيرهم كالقاضى أبى يعلى وغيره ممن يوافق أبا الحسن الاشعرى على أن الفعل هو المفعول وأنه لا يقوم بذاته فعل اختيارى يقولون معنى النزول والاستواء وغير ذلك أفعال يفعلها الرب فى المخلوقات وهذا هو المنصوص عن أبى الحسن الاشعرى وغيره قالوا الاستواء فعل فعله فى العرش كان به مستويا وهذا قول أبى الحسن بن الزاغونى
وهؤلاء يدعون أنهم وافقوا السلف وليس الأمر كذلك كما قد بسط فى موضعه
وكذلك ذكرت هذه رواية عن مالك رويت من طريق كاتبه حبيب بن
أبى حبيب لكن هذا كذاب باتفاق أهل العلم بالنقل لا يقبل أحد منهم نقله عن مالك ورويت من طريق آخرى ذكرها ابن عبدالبر وفى اسنادها من لا نعرفه
وإختلف أصحاب أحمد وغيرهم من المنتسبين الى السنة والحديث فى النزول والاتيان والمجىء وغير ذلك هل يقال أنه بحركة وانتقال أم يقال بغير حركة وانتقال أم يمسك عن الاثبات والنفى على ثلاثة أقوال ذكرها القاضى أبو يعلى فى كتاب إختلاف الروايتين والوجهين
فالأول قول أبى عبدالله بن حامد وغيره
والثانى قول أبى الحسن التميمى وأهل بيته
والثالث قول أبى عبدالله بن بطة وغيره ثم هؤلاء فيهم من يقف عن اثبات اللفظ مع الموافقة على المعنى وهو قول كثير منهم كما ذكر ذلك أبو عمر بن عبدالرحمن وغيره
ومنهم من يمسك عن اثبات المعنى مع اللفظ وهم فى المعنى منهم من يتصوره مجملا ومنهم من يتصوره مفصلا اما مع الاصابة واما مع الخطأ
والذين اثبتوا هذه رواية عن أحمد هم وغيرهم ممن ينتسب الى السنة والحديث لهم فى تأويل ذلك قولان
أحدهما أن المراد به اثبات أمره ومجىء أمره والثانى أن المراد بذلك عمده وقصده وهكذا تأول هؤلاء قوله تعالى ثم استوى الى السماء وهى دخان قالوا قصد وعمد
وهذا تأويل طائفة من اهل العربية منهم أبو محمد بن عبدالله بن قتيبة ذكر فى كتاب مختلف الحديث له الذى رد فيه على أهل الكلام الذين يطعنون فى الحديث
فقال قالوا حديث فى التشبيه يكذبه القرآن والاجماع قالوا رويتم ان رسول الله قال ينزل الله تبارك وتعالى الى السماء الدنيا فى ثلث الليل الآخر فيقول هل من داع فأستجيب له أو مستغفر فأغفر له و ينزل عشية عرفة الى أهل عرفة و ينزل ليلة النصف من شعبان وهذا خلاف لقوله تعالى ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر الا هو معهم أينما كانوا وقوله وهو الذى فى السماء إله وفى الارض إله
فقد أجمع الناس أنه يكون بكل مكان ولا يشغله شأن عن شأن
ونحن نقول فى قوله ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم أنه معهم بالعلم بما هم عليه كما تقول لرجل وجهته الى بلد شاسع ووكلته بأمر من أمرك
احذر التقصير والاغفال لشىء مما تقدمت فيه اليك فانى معك يريد أنه لا يخفى على تقصيرك أو جدك بالاشراف عليك والبحث عن أمورك فاذا جاء هذا فى المخلوق والذى لا يعلم الغيب فهو فى الخالق الذى يعلم الغيب أجوز
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/294)
وكذلك هو بكل مكان يراك لا يخفى عليه شىء مما فى الاماكن هو فيها بالعلم بها والاحاطة فكيف يسوغ لأحد أن يقول أنه بكل مكان على الحلول مع قوله الرحمن على العرش استوى أى استقر قال الله تعالى فاذا استويت أنت ومن معك على الفلك أى استقررت ومع قوله اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه
وكيف يصعد اليه شىء هو معه أو يرتفع اليه عمل هو عنده وكيف تعرج الملائكة والروح يوم القيامة وتعرج بمعنى تصعد يقال عرج الى السماء اذا صعد والله ذو المعارج والمعارج الدرج فما هذه الدرج فالى من تؤدى الملائكة الأعمال اذا كان بالمحل الاعلى مثله بالمحل
الادنى ولو أن هؤلاء رجعوا الى فطرهم وما ركبت عليه خلقتهم من معرفة الخالق لعلموا أن الله هو العلى وهو الأعلى وبالمكان الرفيع وان القلوب عند الذكر تسمو نحوه والايدى ترتفع بالدعاء اليه ومن العلو يرجى الفرج ويتوقع النصر والرزق
وهناك الكرسى والعرش والحجب والملائكة يقول الله تبارك وتعالى وله من فى السموات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون وقال فى الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون قيل لهم شهداء لأنهم يشهدون ملكوت الله وأحدهم شهيد كما يقال عليم وعلماء وكفيل وكفلاء
وقال عز وجل لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا أى لا اتخذنا ذلك عندنا لا عندكم لأن زوجة الرجل وولده يكونان عنده بحضرته لا عند غيره
والأمم كلها عجمها وعربها تقول ان الله عز وجل فى السماء ما تركت على فطرتها ولم تنقل عن ذلك بالتعليم
وفى الحديث أن رجلا أتى الى النبى بأمة أعجمية للعتق فقال لها رسول الله أين الله قالت فى السماء قال من أنا قالت أنت رسول الله فقال هى مؤمنة وأمره بعتقها
وقال أمية بن أبى الصلت
... مجدوا الله فهو للمجد أهل ... ربنا فى السماء أمسى كبيرا ... بالبناء الأعلى الذى سبق الناس ... وسوى فوق السماء سريرا ... شرجعا ما يناله بصر العين ... ترى دونه الملائك صورا
وصورا جمع اصور وهو المائل العنق وهكذا قيل فى حملة العرش صور وكل من حمل شيئا ثقيلا على كأهله أو على منكبه لم يجد بدا من أن يميل عنقه
وفى الانجيل أن المسيح عليه السلام قال لا تحلفوا بالسماء فانها كرسى الله وقال للحواريين ان أنتم غفرتم للناس فان اباكم الذى فى السماء يغفر لكم كلكم أنظروا الى طير السماء فانهن لا يزرعن ولا يحصدن ولا يجمعن فى الاهواء وابوكم الذى فى السماء هو الذى يرزقهم افلستم افضل منهن ومثل هذا من الشواهد كثير يطول به الكتاب
قال ابن قتيبة وأما قوله تعالى وهو الذى فى السماء إله وفى الأرض إله فليس فى ذلك ما يدل على الحلول بهما وانما أراد أنه إله السماء ومن فيها وإله الارض ومن فيها ومثل هذا من الكلام قولك هو بخراسان أمير وبمصر أمير فالامارة تجتمع له فيهما وهو حال بأحدهما أو بغيرهما هذا واضح لا يخفى
فإن قال لنا كيف النزول منه جل وعز قلنا لا نحكم على النزول منه بشىء ولكنا نبين كيف النزول منا وما تحتمله اللغة من هذا اللفظ والله أعلم بما أراد
والنزول منا يكون بمعنيين
أحدهما الانتقال من مكان الى مكان كنزول من الجبل الى الحضيض ومن السطح الى الدار
والمعنى الآخر إقبالك الى الشىء بالارادة والنية كذلك الهبوط والارتفاع والبلوغ والمصير وأشباه هذا من الكلام
ومثال ذلك ان سألك سائل عن محل قوم من الأعراب وهو لا يريد المصير اليهم فتقول له اذا صرت الى جبل كذا فأنزل منه وخذ يمينا واذا صرت الى وادى كذا فاهبط فيه ثم خذ شمالا واذا سرت الى أرض كذا فاعل هضبة هناك حتى تشرف عليهم وأنت لا تريد فى شىء مما تقوله أفعله ببدنك إنما تريد أفعله بنيتك وقصدك
وقد يقول القائل بلغت الى الاحزاب تشتمهم وصرت الى الخلفاء تطعن عليهم وجئت الى العلم تزهد فيه ونزلت عن معالى الاخلاق الى الدناءة ليس يراد فى شىء من هذا انتقال الجسم وانما يراد به القصد الى الشىء بالارادة والعزم والنية وكذلك قوله ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون لا يراد به أنه معهم بالحلول ولكن بالنصر والتوفيق والحياطة
وكذلك قوله عز وجل من تقرب منى شبرا تقربت منه ذراعا ومن تقرب منى ذراعا تقربت منه باعا ومن أتانى يمشى أتيته هرولة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/295)
قال وثنا عن عبدالمنعم عن أبيه عن وهب بن منبه أن موسى عليه السلام لما نودى من الشجرة اخلع نعليك اسرع الاجابة وتابع التلبية وما كان ذلك الا استئناسا منه بالصوت وسكونا اليه
وقال انى اسمع صوتك وأحس حسك ولا أدرى مكانك فأين أنت قال أنا فوقك وأمامك وخلفك ومحيط بك وأقرب اليك من نفسك يريد أنى أعلم بك منك لأنك اذا نظرت الى ما بين يديك خفى عليك ما وراءك واذا سموت بطرفك الى ما هو فوقك ذهب عنك علم ما تحتك وانا لا يخفى على خافية منك فى جميع أحوالك
ونحو هذا قول رابعة العابدة العدوية قالت شغلوا قلوبهم عن الله بحب الدنيا ولو تركوها لجالت فىالملكوت ثم رجعت اليهم بطرف الفائدة ولم ترد أن أبدانهم وقلوبهم تجول فى السماء بالحلول ولكن تجول هناك بالفكر والقصد والاقبال
وكذلك قول أبى ممندية الاعرابى قال أطلعت فى النار فرأيت الشعراء لهم كظيظ يعنى التقاء وأنشد فيه
... جياد بها صرعى لهن كظيظ ...
ولو قال قائل فى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أطلعت فى الجنة
فرأيت أكثر أهلها الققراء وأطلعت فى النار فرأيت أكثر أهلها النساء ان اطلاعه فيها كان بالفكرة والاقبال كان حسنا قلت وتأويل المجىء والاتيان والنزول ونحو ذلك بمعنى القصد والارادة ونحو ذلك هو قول طائفة وتأولوا ذلك فى قوله تعالى ثم استوى الى السماء وجعل ابن الزاغونى وغيره ذلك هو إحدى الروايتين عن أحمد والصواب أن جميع هذه التأويلات مبتدعة لم يقل أحد من الصحابة شيئا منها ولا أحد من التابعين لهم باحسان وهى خلاف المعروف المتواتر عن أئمة السنة والحديث أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة
ولكن بعض الخائضين بالتأويلات الفاسدة يتشبث بألفاظ تنقل عن بعض الأئمة وتكون إما غلطا أو محرفة كما تقدم من أن قول الاوزاعى وغيره من أئمة السلف فى النزول يفعل الله ما يشاء فسره بعضهم أن النزول مفعول مخلوق منفصل عن الله وأنهم أرادوا بقولهم يفعل الله ما يشاء هذا المعنى وليس الأمر كذك كما تقدمت الاشارة إليه
وآخرون كالقاضى أبى يعلى فى إبطال التأويل قالوا لم يرد الاوزاعى أن النزول من صفات الفعل وانما أراد بهذا الكلام بقوله يفعل الله ما يشاء وشبهوا ذلك بقوله تعالى وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل
عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون الا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون فزعموا أن قوله سبحانه ليس تنزيها له عن اتخاذ الولد بناء على أصلهم الفاسد وهو أن الرب لا ينزه عن فعل من الأفعال بل يجوز عليه كل ما يقدر عليه
وكذلك جعلوا قول الاوزاعى وغيره ان النزول ليس بفعل يشاؤه الله لأنه عندهم من صفات الذات لا من صفات الفعل بناء على أصلهم وان الافعال الاختيارية لا تقوم بذات الله فلو كان صفة فعل لزم أن لا يقوم بذاته بل يكون منفصلا عنه وهؤلاء يقولون النزول من صفات الذات ومع هذا فهو عندهم أزلى كما يقولون مثل ذلك فى الاستواء والمجىء والاتيان والرضى والغضب والفرح والضحك وسائر ذلك أن هذا جميعه صفات ذاتية لله وانها قديمة ازلية لا تتعلق بمشيئته واختياره بناء على اصلهم الذى وافقوا فيه ابن كلاب وهو أن الرب لا يقوم بذاته ما يتعلق بمشيئته واختياره بل من هؤلاء من يقول أنه لا يتكلم بمشيئته وقدرته ولا يقوم به فعل يحدث بمشيئته واختياره
بل من هؤلاء من يقول أن الفعل قديم أزلى وأنه مع ذلك يتعلق بمشيئته وقدرته وأكثر العقلاء يقولون فساد هذا معلوم بضرورة العقل كما قالوا
مثل ذلك فى قول من قال من المتفلسفة أن الفلك قديم أزلى وأنه ابدعه بقدرته ومشيئته
وجمهور العقلاء يقولون الشىء المعين من الأعيان والصفات اذا كان حاصلا بمشيئة الرب وقدرته لم يكن ازليا
فلما كان من اصل ابن كلاب ومن وافقه كالحارث المحاسبى وأبى العباس القلانسى وأبى الحسن الاشعرى والقضاة أبى بكر بن الطيب وابى يعلى بن الفراء وأبى جعفر السمانى وأبى الوليد الباجى وغيرهم من الاعيان كأبى المعالى الجوينى وأمثاله وأبى الوفاء بن عقيل وابى الحسن بن الزاغونى وامثالهما ان الرب لا يقوم به ما يكون بمشيئته وقدرته ويعبرون عن هذا بأنه لا تحله الحوادث ووافقوا فى ذلك للجهم بن صفوان واتباعه من الجهمية والمعتزلة صاروا فيما ورد فىالكتاب والسنة من صفات الرب على احد قولين اما أن يجعلوها كلها مخلوقات
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/296)
منفصلة عنه
فيقولون كلام الله مخلوق بائن عنه لا يقوم به كلام وكذلك رضاه وغضبه وفرحه ومجيئه واتيانه ونزوله وغير ذلك هو مخلوق منفصل عنه لا يتصف الرب بشىء يقوم به عندهم
واذا قالوا هذه الأمور من صفات الفعل فمعناه أنها منفصلة عن الله بائنة وهى مضافة اليه لا أنها صفات قائمة به
ولهذا يقول كثير منهم أن هذه آيات الاضافات وأحاديث الاضافات وينكرون على من يقول آيات الصفات وأحاديث الصفات واما أن يجعلوا جميع هذه المعانى قديمة أزلية ويقولون نزوله ومجيئه واتيانه وفرحه وغضبه ورضاه ونحو ذلك قديم أزلى كما يقولون أن القرآن قديم ازلى
ثم منهم من يجعله معنى واحدا ومنهم من يجعله حروفا أو حروفا واصواتا قديمة أزلية مع كونه مرتبا فى نفسه ويقولون فرق بين ترتيب وجوده وترتيب ماهيته كما قد بسطنا الكلام على هذه الامور فى غير هذا الموضع على هذه الاقوال وقائليها وأدلتها السمعية والعقلية فى غير هذا الموضع
والمقصود هنا أنه ليس شىء من هذه الاقوال قول الصحابة والتابعين لهم باحسان ولا قول أئمة المسلمين المشهورين بالامامة أئمة السنة والجماعة وأهل الحديث كالاوزاعى ومالك بن انس وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وعبدالله بن المبارك والشافعى وأحمد بن حنبل واسحاق بن راهويه وامثالهم بل أقوال السلف من الصحابة والتابعين لهم باحسان ومن سلك سبيلهم من أئمة الدين وعلماء المسلمين موجودة فى الكتب التى ينقل فيها أقوالهم بألفاظها بالاسانيد المعروفة عنهم
كما يوجد ذلك فى كتب كثيرة مثل كتاب السنة والرد على الجهمية
لمحمد بن عبدالله الجعفى شيخ البخارى ولأبى داود السجستانى ولعبدالله بن أحمد بن حنبل ولأبى بكر الاثرم ولحنبل بن اسحق ولحرب الكرمانى ولعثمان بن سعيد الدارمى ولنعيم بن حماد الخزاعى ولأبى بكر الخلال ولأبى بكر بن خزيمة ولعبدالرحمن بن أبى حاتم ولأبى القاسم الطبرانى ولأبى الشيخ الاصبهانى ولأبى عبدالله بن منده ولابى عمرو الطلمنكى وأبى عمر بن عبدالبر
وفى كتب التفسير المسندة قطعة كبيرة من ذلك مثل تفسير عبدالرزاق وعبد بن حميد ودحيم وسنيد وابن جرير الطبرى وأبى بكر بن المنذر وتفسير عبدالرحمن بن أبى حاتم وغير ذلك من كتب التفسير التى ينقل فيها ألفاظ الصحابة والتابعين فى معانى القرآن بالأسانيد المعروفة
فإن معرفة مراد الرسول ومراد الصحابة هو أصل العلم وينبوع الهدى والا فكثير ممن يذكر مذهب السلف ويحكيه لا يكون له خبرة بشىء من هذا الباب كما يظنون أن مذهب السلف فى آيات الصفات وأحاديثها أنه لا يفهم أحد معانيها لا الرسول ولا غيره ويظنون أن هذا معنى قوله لا يعلم تأويله الا الله مع نصرهم للوقف على ذلك فيجعلون مضمون مذهب السلف أن الرسول بلغ قرآنا لا يفهم معناه بل تكلم بأحاديث الصفات وهو لا يفهم معناها وان جبريل كذلك وان الصحابة والتابعين كذلك
وهذا ضلال عظيم وهو احد أنواع الضلال فى كلام الله والرسول ظن أهل التخييل وظن أهل التحريف والتبديل وظن أهل التجهيل وهذا مما بسط الكلام عليه فى مواضع والله يهدينا وسائر اخواننا الى صراطه المستقيم صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا
والمقصود هنا الكلام على من يقول ينزل ولا يخلو منه العرش وان أهل الحديث فى هذا على ثلاثة أقوال منهم من ينكر أن يقال يخلو أو لا يخلو كما يقول ذلك الحافظ عبدالغنى وغيره
ومنهم من يقول بل يخلو منه العرش وقد صنف عبدالرحمن بن منده مصنفا فى الانكار على من قال لا يخلو من العرش أو لا يخلو منه العرش كما تقدم بعض كلامه
وكثير من اهل الحديث يتوقف عن أن يقول يخلو أو لا يخلو وجمهورهم على أنه لا يخلو منه العرش وكثير منهم يتوقف عن أن يقال يخلو أو لا يخلو لشكهم فى ذلك وأنهم لم يتبين لهم جواب أحد الأمرين واما مع كون الواحد منهم قد ترجح عنده أحد الامرين لكن يمسك فى ذلك لكونه ليس فى الحديث
ولما يخاف من الانكار عليه واما الجزم بخلو العرش فلم يبلغنا الا عن طائفة قليلة منهم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/297)
والقول الثالث وهو الصواب وهو المأثور عن سلف الأمة وأئمتها أنه لا يزال فوق العرش ولا يخلو العرش منه مع دنوه ونزوله الى السماء الدنيا ولا يكون العرش فوقه وكذلك يوم القيامة كما جاء به الكتاب والسنة وليس نزوله كنزول أجسام بنى آدم من السطح الى الأرض بحيث يبقى السقف فوقهم بل الله منزه عن ذلك وسنتكلم عليه ان شاء الله وهذه المسألة تحتاج الى بسط
وأما قول النافى إنما ينزل أمره ورحمته فهذا غلط لوجوه وقد تقدم التنبيه على ذلك على تقدير كون النفاة من المثبتة للعلو واما اذا كان من النفاة للعلو والنزول جميعا فيجاب ايضا بوجوه
أحدها أن الأمر والرحمة اما أن يراد بها أعيان قائمة بنفسها كالملائكة وإما ان يراد بها صفات واعراض فان أريد الأول فالملائكة تنزل الى الأرض فى كل وقت وهذا خص النزول بجوف الليل وجعل منتهاه سماء الدنيا والملائكة لا يختص نزولهم لا بهذا الزمان ولا بهذا المكان وان أريد صفات واعراض مثل ما يحصل فى قلوب العابدين فى وقت السحر من الرقة والتضرع وحلاوة العبادة ونحو ذلك فهذا حاصل فى الأرض ليس منتهاه السماء الدنيا
الثانى أن فى الحديث الصحيح أنه ينزل الى السماء الدنيا ثم يقول لا اسأل عن عبادى غيرى ومعلوم أن هذا كلام الله الذى لا يقوله غيره
الثالث أنه قال ينزل الى السماء الدنيا فيقول من ذا الذى يدعونى فأستجيب له من ذا الذى يسألنى فأعطيه من ذا الذى يستغفرنى فأغفر له حتى يطلع الفجر ومعلوم أنه لا يجيب الدعاء ويغفر الذنوب ويعطى كل سائل سؤله الا الله وأمره ورحمته لا تفعل شيئا من ذلك
الرابع نزول أمره ورحمته لا تكون الا منه وحينئذ فهذا يقتضى أن يكون هو فوق العالم فنفس تأويله يبطل مذهبه ولهذا قال بعض النفاة لبعض المثبتين ينزل أمره ورحمته فقال له المثبت فممن ينزل ما عندك فوق شىء فلا ينزل منه لا أمر ولا رحمة ولا غير ذلك فبهت النافى وكان كبيرا فيهم
الخامس أنه قد روى فى عدة أحاديث ثم يعرج وفى لفظ ثم يصعد
السادس أنه اذا قدر أن النازل بعض الملائكة وأنه ينادى عن الله كما حرف بعضهم لفظ الحديث فرواه ينزل من الفعل الرباعى المتعدى أنه يأمر مناديا ينادى لكان الواجب أن يقول من يدعو الله فيستجيب له من يسأله فيعطيه من يستغفره فيغفر له كما ثبت فى الصحيحين وموطأ
مالك و مسند أحمد بن حنبل وغير ذلك عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى أنه قال اذا أحب الله العبد نادى فى السماء يا جبريل انى أحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادى جبريل ان الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول فى الأرض وقال فى البغض مثل ذلك
فقد بين النبى الفرق بين نداء الله ونداء جبريل فقال فى نداء الله يا جبريل انى أحب فلانا فأحبه وقال فى نداء جبريل ان الله يحب فلانا فأحبوه وهذا موجب اللغة التى بها خوطبنا بل وموجب جميع اللغات فان ضمير المتكلم لا يقوله الا المتكلم فاما من أخبر عن غيره فانما يأتى باسمه الظاهر وضمائر الغيبة وهم يمثلون نداء الله بنداء السلطان ويقولون قد يقال نادى السلطان اذا أمر غيره بالنداء وهذا كما قالت الجهمية المحضة فى تكليم الله لموسى انه أمر غيره فكلمه لم يكن هو المتكلم
فيقال لهم ان السلطان اذا أمر غيره أن ينادى أو يكلم غيره أو يخاطبه فان المنادى ينادى معاشر الناس أمر السلطان بكذا أو رسم بكذا لا يقول انى أنا أمرتكم بذلك ولو تكلم بذلك لأهانه الناس ولقالوا من أنت حتى تأمرنا والمنادى كل ليلة يقول من يدعونى فأستجيب له من يسألنى فأعطيه من يستغفرنى فأغفر له كما فى ندائه
لموسى عليه السلام اننى أنا الله لا اله الا أنا فاعبدنى وأقم الصلاة لذكرى وقال انى أنا الله رب العالمين ومعلوم أن الله لو أمر ملكا أن ينادى كل ليلة أو ينادى موسى لم يقل الملك من يدعونى فأستجيب له من يسألنى فأعطيه من يستغفرنى فأغفر له ولا يقول لا أسأل عن عبادى غيرى
وأما قول المعترض إن الليل يختلف باختلاف البلدان والفصول فى التقدم والتأخر والطول والقصر
فيقال له الجواب عن هذا كالجواب عن قولك هل يخلو منه العرش أو لا يخلو منه وذلك أنه اذا جاز أنه ينزل ولا يخلو منه العرش فتقدم النزول وتأخره وطوله وقصره كذلك بناء على أن هذا نزول لا يقاس بنزول الخلق وجماع الأمر أن الجواب عن مثل هذا السؤال يكون بأنواع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/298)
أحدها أن يبين أن المنازع النافى يلزمه من اللوازم ما هو أبعد عن المعقول الذى يعترف به مما يلزم المثبت فان كان مما يحتج به من المعقول حجة صحيحة لزم بطلان النفى فيلزم الاثبات اذ الحق لا يخلو عن النقيضين وان كان باطلا لم يبطل به الاثبات فلا يعارض ما ثبت بالفطرة العقلية والشرعة النبوية هذا كما اذا قال لو كان فوق العرش لكان جسما وذلك ممتنع
فيقال له للناس هنا ثلاثة اقوال
منهم من يقول هو فوق العرش وليس بجسم
ومنهم من يقول هو فوق العرش وهو جسم ومنهم من يقول هو فوق العرش ولا أقول هو جسم ولا ليس بجسم ثم من هؤلاء من يسكت عن هذا النفي والاثبات لأن كليهما بدعة فى الشرع
ومنهم من يستفصل عن مسمي الجسم فان فسر بما يجب تنزيه الرب عنه نفاه وبين أن علوه على العرش لا يستلزم ذلك وان فسر بما يتصف الرب به لم ينف ذلك المعنى فالجسم فى اللغة هو البدن والله منزه عن ذلك وأهل الكلام قد يريدون بالجسم ما هو مركب من الجواهر المفردة أو من المادة والصورة وكثير منهم ينازع فى كون الاجسام المخلوقة مركبة من هذا وهذا بل أكثر العقلاء من بنى آدم عندهم أن السموات ليست مركبة لا من الجواهر المفردة ولا من المادة والصورة فكيف يكون رب العالمين مركبا من هذا وهذا فمن قال أن الله جسم وأراد بالجسم هذا المركب فهو مخطىء فى ذلك ومن قصد نفى هذا التركيب عن الله فقد اصاب فى نفيه عن الله لكن ينبغى أن يذكر عبارة تبين مقصوده
ولفظ التركيب قد يراد به أنه ركبه مركب أو أنه كانت أجزاؤه متفرقة فاجتمع أو أنه يقبل التفريق والله منزه عن ذلك كله
وقد يراد بلفظ الجسم والمتحيز ما يشار اليه بمعنى ان الأيدى ترفع اليه فى الدعاء وأنه يقال هو هنا وهناك ويراد به القائم بنفسه ويراد به الموجود ولا ريب أن الله موجود قائم بنفسه وهو عند السلف وأهل السنة ترفع الايدى اليه فى الدعاء وهو فوق العرش فاذا سمى المسمي ما يتصف بهذه المعاني جسما كان كتسمية الآخر ما يتصف بأنه حى عالم قادر جسما وتسمية الآخر ما له حياة وعلم وقدرة جسما
ومعلوم أن هؤلاء كلهم ينازعون فى ثلاث مقامات
أحدها أن تسمية ما يتصف بهذه الصفات بالجسم بدعة فى الشرع واللغة فلا أهل اللغة يسمون هذا جسما بل الجسم عندهم هو البدن كما نقله غير واحد من ائمة اللغة وهو مشهور فى كتب اللغة قال الجوهرى فى صحاحه المشهور قال أبوزيد الجسم الجسد وكذلك الجسمان والجثمان وقال الاصمعى الجسم والجثمان الجسد والجثمان الشخص قال والأجسم الاضخم بالبدن وقال ابن السكيت تجسمت الأمر أى ركبت أجسمه وجسيمه أى معظمه قال وكذلك تجسمت الرجل والجبل أى ركبت أجسمه
وقد ذكر الله لفظ الجسم فى موضعين من القرآن فى قوله تعالى وزاده بسطة فى العلم والجسم وفى قوله تعالى واذا رأيتهم تعجبك أجسامهم والجسم قد يفسر بالصفة القائمة بالمحل وهو القدر والغلظ كما يقال هذا الثوب
له جسم وهذا ليس له جسم أى له غلظ وضخامة بخلاف هذا وقد يراد بالجسم نفس الغلظ والضخم
وقد ادعى طوائف من أهل الكلام النفاة أن الجسم فى اللغة هو المؤلف المركب وان استعمالهم لفظ الجسم فى كل ما يشار اليه موافق للغة قالوا لأن كل ما يشار اليه فإنه يتميز منه شىء عن شىء وكل ما كان كذلك فهو مركب من الجواهر المنفردة التى كل واحد منها جزء لا يتجزأ ولا يتميز منه جانب عن جانب أو من المادة والصورة اللذين هما جوهران عقليان كما يقول ذلك بعض الفلاسفة
قالوا واذا كان هذا مركبا مؤلفا فالجسم فى لغة العرب هو المؤلف المركب بدليل أنهم يقولون رجل جسيم وزيد أجسم من عمرو اذا كثر ذهابه فى الجهات وليس يقصدون بالمبالغة فى قولهم أجسم وجسيم الا كثرة الاجزاء المنضمة والتأليف لأنهم لا يقولون أجسم فيمن كثرت علومه وقدره وسائر تصرفاته وصفاته غير الاجتماع حتى اذا كثر الاجتماع فيه بتزايد أجزائه قيل أجسم ورجل جسيم فدل ذلك على أن قولهم جسم مفيد للتأليف
فهذا أصل قول هؤلاء النفاة وهو مبنى على أصلين سمعى لغوى ونظرى عقلى فطرى أما السمعى اللغوى فقولهم أن أهل اللغة يطلقون لفظ الجسم على المركب
واستدلوا عليه بقوله هو أجسم اذا كان أغلظ وأكثر ذهابا فى الجهات وان هذا يقتضى أنهم اعتبروا كثرة الاجزاء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/299)
فيقال أما المقدمة الأولى وهو أن أهل اللغة يسمون كل ما كان له مقدار بحيث يكون أكبر من غيره أو أصغر جسما فهذا لا يوجد فى لغة العرب البتة ولا يمكن أحد أن ينقل عنهم أنهم يسمون الهواء الذى بين السماء والارض جسما ولا يسمون روح الانسان جسما بل من المشهور أنهم يفرقون بين الجسم والروح ولهذا قال تعالى واذا رأيتهم تعجبك أجسامهم يعنى أبدانهم دون أرواحهم الباطنة
وقد ذكر نقلة اللغة أن الجسم عندهم هو الجسد ومن المعروف فى اللغة أن هذا اللفظ يتضمن الغلظ والكثافة فلا يسمون الاشياء القائمة بنفسها اذا كانت لطيفة كالهواء وروح الانسان وان كان لذلك مقدار يكون به بعضه أكبر من بعض لكن لا يسمى فى اللغة ذلك جسما ولا يقولون فى زيادة أحدهما على الآخر هذا أجسم من هذا ولا يقولون هذا المكان الواسع أجسم من هذا المكان الضيق وان كان أكبر منه وان كانت أجزاؤه زائدة على أجزائه عند من يقول بأنه مركب من الاجزاء
فليس كل ما هو مركب عندهم من الاجزاء يسمى جسما ولا يوجد فى الكلام قبض جسمه ولا صعد بجسمه الى السماء ولا أن الله يقبض
أجسامنا حيث يشاء ويردها حيث شاء انما يسمون ذلك روحا ويفرقون بين مسمى الروح ومسمى الجسم كما يفرقون بين البدن والروح وكما يفرقون بين الجسد والروح فلا يطلقون لفظ الجسم على الهواء فلفظ الجسم عندهم يشبه لفظ الجسد قال الجوهرى الجسد البدن تقول فيه تجسد كما تقول فى الجسم تجسم كما تقدم نقله عن أئمة اللغة أن الجسم هو الجسد
فعلم أن هذين اللفظين مترادفان أو قريب من الترادف ولهذا يقولون لهذا الثوب جسد كما يقولون له جسم اذا كان غليظا ثخينا صفيقا وتقول العلماء النجاسة قد تكون مستجسدة كالدم والميتة وقد لا تكون مستجسدة كالرطوبة ويسمون الدم جسدا كما قال النابغة
... فلا لعمر الذى قد زرته حججا ... وما أريق على الانصاب من جسد ...
كما يقولون له جسم فبطل ما ذكروه عن اللغة أن كل ما يتميز منه شىء عن شىء يسمونه جسما
المقدمة الثانية أنه لو سلم ذلك فقولهم أن هذا جسم يطلقونه عند تزايد الاجزاء هو مبنى على أن الاجسام مركبة من الجواهر المنفردة وهذا لو قدر أنه صحيح فأهل اللغة لم يعتبروه ولا قال أحد منهم ذلك فعلم أنهم انما لحظوا غلظه وكثافته واما كونهم اعتبروا كثرة الاجزاء وقلتها فهذا لا يتصوره
أكثر عقلاء بنى آدم فضلا عن أن ينقل عن أهل اللغة قاطبة أنهم ارادوا ذلك بقولهم جسيم وأجسم والمعنى المشهور فى اللغة لا يكون مسماه ما لا يفهمه الا بعض الناس واثبات الجواهر المنفردة أمر خص به بعض الناس فلا يكون مسمى الجسم فى اللغة ما لا يعرفه الا بعض الناس وهو المركب من ذلك
وأما الأصل الثانى العقلى فقولهم ان كل ما يشار اليه بأنه هنا أو هناك فانه مركب من الجواهر المنفردة أو من المادة والصورة وهذا بحث عقلى واكثر عقلاء بنى آدم من أهل الكلام وغير اهل الكلام ينكرون أن يكون ذلك مركبا من الجواهر المنفردة أو من المادة والصورة وانكار ذلك قول ابن كلاب واتباعه من الكلابية وهو إمام الاشعرى فى مسائل الصفات وهو قول الهشامية والنجارية والضرارية وبعض الكرامية
وهؤلاء الذين اثبتوا الجوهر الفرد زعموا أنا لا نعلم لا بالحس ولا بالضرورة أن الله ابدع شيئا قائما بنفسه وان جميع ما نشهده مخلوق من السحاب والمطر والحيوان والنبات والمعدن وبنى آدم وغير بنى آدم فان ما فيه أنه أحدث أكوانا فى الجواهر المنفردة كالجمع والتفريق والحركة والسكون وانكر هؤلاء أن يكون الله لما خلقنا أحدث أبداننا قائمة بأنفسها أو شجرا وثمرا أو شيئا آخر قائما بنفسه وانما أحدث عندهم اعراضا وأما الجواهر المنفردة فلم تزل موجودة ثم من يقول أنها محدثة منهم من يقول أنهم علموا حدوثها بأنها لم تخل من الحوادث وما لم يخل من الحوادث فهو حادث
قالوا فبهذا الدليل العقلى وأمثاله علمنا أنه ما أبدع شيئا قائما بنفسه لأنا نشهده من حلول الحوادث المشهودة كالسحاب والمطر وهؤلاء فى معاد الأبدان يتكلمون فيه على هذا الأصل فمنهم من يقول يفرق الاجزاء ثم يجمعها ومنهم من يقول يعدمها ثم يعيدها واضطربوا ههنا فيما اذا أكل حيوان حيوانا فكيف يعاد وادعى بعضهم أن الله يعدم جميع اجزاء العالم ومنهم من يقول هذا ممكن لا نعلم ثبوته ولا انتفاءه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/300)
ثم المعاد عندهم يفتقر الى أن يبتدىء هذه الجواهر والجهم بن صفوان منهم يقول بعدمها بعد ذلك ويقول بفناء الجنة والنار لامتناع دوام الحوادث عنده فى المستقبل كامتناع دوامها فى الماضى وأبو الهذيل العلاف يقول بعدم الحركات وهؤلاء ينكرون استحالة الاجسام بعضها الى بعض أو انقلاب جنس الى جنس بل الجواهر عندهم متماثلة والاجسام مركبة منها وما ثم الا تغيير التركيب فقط لا انقلاب ولا استحالة
ولا ريب أن جمهور العقلاء من المسلمين وغيرهم على انكار هذا والاطباء والفقهاء ممن يقول باستحالة الاجسام بعضها الى بعض كما هو موجود فى كتبهم والاجسام عندهم ليست متماثلة بل الماء يخالف الهواء والهواء يخالف التراب وابدان الناس تخالف النبات ولهذا صارت النفاة اذا اثبت أحد شيئا من الصفات كان ذلك مستلزما لأن يكون الموصوف عندهم جسما وعندهم الاجسام متماثلة فصاروا يسمونه مشبها بهذه المقدمات التى تلزمهم مثل
ما الزموه لغيرهم وهى متناقضة لا يتصور أن ينتظم منها قول صحيح وكلها مقدمات ممنوعة عند جماهير العقلاء وفيها من تغيير اللغة والمعقول ما دخل بسبب هذه الاغاليط والشبهات حتى يبقى الرجل حائرا لا يهون عليه ابطال عقله ودينه والخروج عن الايمان والقرآن فان ذلك كله متطابق على اثبات الصفات
ولا يهون عليه التزام ما يلزمونه من كون الرب مركبا من الأجزاء ومماثلا للمخلوقات فانه يعلم ايضا بطلان هذا وان الرب عزوجل يجب تنزيهه عن هذا فانه سبحانه احد صمد و الاحد ينفى التمثيل و الصمد ينفى ان يكون قابلا للتفريق والتقسيم والبعضية سبحانه وتعالى فضلا عن كونه مؤلفا مركبا ركب والف من الأجزاء فيفهمون من يخاطبون ان ما وصف به الرب نفسه لا يعقل إلا فى بدن مثل بدن الانسان بل وقد يصرحون بذلك ويقولون الكلام لا يكون إلا من صورة مركبة مثل فم الانسان ونحو ذلك مما يدعونه
وإذا قال النفاة لهم متى قلتم إنه يرى لزم ان يكون مركبا مؤلفا لأن المرئي لا يكون إلا بجهة من الرائي وما يكون بجهة من الرائى لا يكون إلا جسما والجسم مؤلف مركب من الأجزاء او قالوا ان الرب اذا تكلم بالقرآن او غيره من الكلام لزم ذلك واذا كان فوق العرش لزم ذلك وصار المسلم العارف بما قاله الرسول يعلم ان الله يرى فى الآخرة لما تواتر عنده من الأخبار عن الرسول بذلك
وكذلك يعلم ان الله تكلم بالقرآن وغيره من الكلام ويعلم ان الله فوق العرش بما تواتر عنده عن الرسول بما يدل على ذلك مع ما يوافق ذلك من القضايا الفطرية التى خلق الله عليها عباده
وإذا قالوا له هذا يستلزم ان يكون الله مركبا من الأجزاء المنفردة والمركب لابد له من مركب فيلزم ان يكون الله محدثا اذ المركب يفتقر الى أجزائه واجزاؤه تكون غيره وما افتقرالى غيره لم يكن غنيا واجب الوجود بنفسه حيروه وشككوه إن لم يجعلوه مكذبا لما جاء به الرسول مرتدا عن بعض ما كان عليه من الايمان مع ان تشككه وحيرته تقدح فى إيمانه ودينه وعلمه وعقله
فيقال لهم اما كون الرب سبحانه وتعالى مركبا ركبه غيره فهذا من اظهر الأمور فسادا وهذا معلوم فساده بضرورة العقل ومن قال هذا فهو من أكفر الناس واجهلهم واشدهم محاربة لله وليس فى الطوائف المشهورين من يقول بهذا
وكذلك إذا قيل هو مؤلف أو مركب بمعنى انه كانت اجزاؤه متفرقة فجمع بينها كما يجمع بين اجزاء المركبات من الأطعمة والادوية والثياب والأبنية فهذا التركيب من اعتقده فى الله فهو من اكفر الناس واضلهم ولم يعتقده احد من الطوائف المشهورة فى الأمة بل اكثر العقلاء عندهم ان مخلوقات
الرب ليست مركبة هذا التركيب وإنما يقول بهذا من يثبت الجواهر المنفردة وكذلك من زعم ان الرب مركب مؤلف بمعنى انه يقبل التفريق والانقسام والتجزئة فهذا من اكفر الناس واجهلهم وقوله شر من قول الذين يقولون إن لله ولدا بمعنى انه انفصل منه جزء فصار ولدا له وقد بسطنا الكلام على هذا فى تفسير قل هو الله احد وفى غير ذلك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/301)
وكذلك إذا قيل هو جسم بمعنى انه مركب من الجواهر المنفردة او المادة والصورة فهذا باطل بل هو أيضا باطل فى المخلوقات فكيف فى الخالق سبحانه وتعالى وهذا مما يمكن ان يكون قد قاله بعض المجسمة الهشامية والكرامية وغيرهم ممن يحكى عنهم التجسيم إذ من هؤلاء من يقول ان كل جسم فانه مركب من الجواهر المنفردة ويقولون مع ذلك ان الرب جسم واظن هذا قول بعض الكرامية فانهم يختلفون فى إثبات الجوهر الفرد وهم متفقون على انه سبحانه جسم
لكن يحكى عنهم نزاع فى المراد بالجسم هل المراد به انه موجود قائم بنفسه او المراد به انه مركب فالمشهور عن ابى الهيصم وغيره من نظارهم انه يفسر مراده بأنه موجود قائم بنفسه مشار اليه لا بمعنى انه مؤلف مركب وهؤلاء ممن اعترف نفاة الجسم بأنهم لا يكفرون فانهم لم يثبتوا معنى فاسدا فى حق الله تعالى
لكن قالوا إنهم اخطؤوا فى تسمية كل ما هو قائم بنفسه او ما هو
موجود جسما من جهة اللغة قالوا فان اهل اللغة لا يطلقون لفظ الجسم الا على المركب
والتحقيق ان كلا الطائفتين مخطئة على اللغة اولئك الذين يسمون كل ما هو قائم بنفسه جسما وهؤلاء الذين سموا كل ما يشار إليه وترفع الأيدى إليه جسما وادعوا ان كل ما كان كذلك فهو مركب وان اهل اللغة يطلقون لفظ الجسم على كل ما كان مركبا فالخطأ فى اللغة والابتداع فى الشرع مشترك بين الطائفتين
واما المعاني فمن اثبت من الطائفتين ما نفاه الله ورسوله او نفى ما اثبت الله ورسوله فهو مخطئ عقلا كما هو مخطئ شرعا بل اولئك يقولون لهم نحن وانتم اتفقنا على ان القائم بنفسه يسمى جسما فى غير محل النزاع ثم ادعيتم ان الخالق القائم بنفسه يختص بما يمنع هذه التسمية التى اتفقنا نحن وانتم عليها فبينا انه لا يختص لأن ذلك مبنى على ان الأجسام مركبة ونحن نمنع ذلك ونقول ليست مركبة من الجواهر المنفردة
ولهذا كره السلف والأئمة كالامام احمد وغيره ان ترد البدعة بالبدعة فكان أحمد فى مناظرته للجهمية لما ناظروه على ان القرآن مخلوق وألزمه أبو عيسى محمد بن عيسى برغوث انه اذا كان غير مخلوق لزم ان يكون الله جسما وهذا منتف فلم يوافقه احمد لا على نفي ذلك ولا على اثباته بل قال قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد
ونبه أحمد على ان هذا اللفظ لا يدرى ما يريدون به وإذا لم يعرف مراد المتكلم به لم يوافقه لا على إثباته ولا على نفيه فان ذكر معنى اثبته الله ورسوله اثبتناه وإن ذكر معنى نفاه الله ورسوله نفيناه باللسان العربى المبين ولم نحتج إلى الفاظ مبتدعة فى الشرع محرفة فى اللغة ومعانيها متناقضة فى العقل فيفسد الشرع واللغة والعقل كما فعل اهل البدع من اهل الكلام الباطل المخالف للكتاب والسنة
وكذلك ايضا لفظ الجبر كره السلف ان يقال جبر وان يقال ما جبر فروى الخلال فى كتاب السنة عن ابى اسحق الفزاري الامام قال قال الأوزاعى أتانى رجلان فسألانى عن القدر فأحببت ان آتيك بهما تسمع كلامهما وتجيبهما قلت رحمك الله انت اولى بالجواب قال فأتانى الأوزاعى ومعه الرجلان فقال تكلما فقالا قدم علينا ناس من اهل القدر فنازعونا فى القدر ونازعناهم حتى بلغ بنا وبهم الجواب الى ان قلنا ان الله قد جبرنا على ما نهانا عنه وحال بيننا وبين ما أمرنا به ورزقنا ما حرم علينا فقال أجبهما يا أبا اسحاق قلت رحمك الله انت أولى بالجواب فقال اجبهما فكرهت ان اخالفه فقلت يا هؤلاء ان الذين اتوكم بما اتوكم به قد ابتدعوا بدعة واحدثوا حدثا وانى اراكم قد خرجتم من البدعة الى مثل ما خرجوا اليه فقال اجبت واحسنت يا ابا اسحق
وروى ايضا عن بقية بن الوليد قال سألت الزبيدي والأوزاعي عن الجبر فقال الزبيدى امر الله اعظم وقدرته اعظم من ان يجبر او يعضل ولكن
يقضى ويقدر ويخلق ويجبل عبده على ما أحب وقال الاوزاعي ما اعرف للجبر اصلا من القرآن والسنة فأهاب ان اقول ذلك ولكن القضاء والقدر والخلق والجبل فهذا يعرف فى القرآن والحديث عن رسول الله وإنما وضعت هذا مخافة ان يرتاب رجل من اهل الجماعة والتصديق
وروي عن أبى بكر المروذى قال قلت لأبى عبد الله تقول إن الله أجبر العباد فقال هكذا لا تقول وأنكر هذا وقال يضل الله من يشاء ويهدى من يشاء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/302)
وقال المروذى كتب إلى عبدالوهاب فى أمر حسين بن خلف العكبرى وقال إنه تنزه عن ميراث أبيه فقال رجل قدرى ان الله لم يجبر العباد على المعاصى فرد عليه أحمد بن رجاء فقال إن الله جبر العباد أراد بذلك إثبات القدر فوضع احمد بن على كتابا يحتج فيه فأدخلته على ابى عبد الله واخبرته بالقصة قال ويضع كتابا وانكر عليهما جميعا على ابن رجاء حين قال جبر العباد وعلى القدرى الذي قال لم يجبر وانكر على احمد بن على وضعه الكتاب واحتجاجه وامر بهجرانه لوضعه الكتاب وقال لى يجب على ابن رجاء ان يستغفر ربه لما قال جبر العباد فقلت لأبى عبد الله فما الجواب فى هذه المسألة فقال يضل الله من يشاء ويهدى من يشاء
قال الخلال واخبرنا المروذي فى هذه المسألة انه سمع ابا عبد الله لما انكر على الذى قال لم يجبر وعلى من رد عليه جبر فقال ابو عبد الله كلما ابتدع
رجل بدعة اتسعوا فى جوابها وقال يستغفر ربه الذي رد عليهم بمحدثة وانكر على من رد شيئا من جنس الكلام إذا لم يكن له فيه إمام تقدم
قال المروذي فما كان بأسرع من ان قدم احمد بن على من عكبرا ومعه نسخة وكتاب من أهل عكبرا فأدخلت احمد بن علي على ابى عبدالله فقال يا أبا عبد الله هذا الكتاب ادفعه الى ابى بكر حتى يقطعه وانا اقوم على منبر عكبرا واستغفر الله فقال أبوعبد الله لى ينبغي ان تقبلوا منه وارجعوا إليه
قال المروزي سمعت بعض المشيخة يقول سمعت عبد الرحمن بن مهدى يقول انكر سفيان الثورى جبر وقال الله تعالى جبل العباد قال المروذي اظنه اراد قول النبى لاشج عبد القيس
قلت هذه الامور مبسوطة فى غير هذا الموضع وانما المقصود التنبيه على ان السلف كانوا يراعون لفظ القرآن والحديث فيما يثبتونه وينفونه عن الله من صفاته وافعاله فلا يأتون بلفظ محدث مبتدع فى النفي والاثبات بل كل معنى صحيح فانه داخل فيما اخبر به الرسول والألفاظ المبتدعة ليس لها ضابط بل كل قوم يريدون بها معنى غير المعنى الذي اراده اولئك كلفظ الجسم والجهة والحيز والجبر ونحو ذلك بخلاف الفاظ الرسول فان مراده بها يعلم كما يعلم مراده بسائر ألفاظه ولو يعلم الرجل مراده لوجب عليه الايمان بما قاله مجملا ولو قدر معنى صحيح والرسول لم يخبر
به لم يحل لأحد ان يدخله فى دين المسلمين بخلاف ما اخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم فان التصديق به واجب
والأقوال المبتدعة تضمنت تكذيب كثير مما جاء به الرسول وذلك يعرفه من عرف مراد الرسول ومراد اصحاب تلك الأقوال المبتدعة ولما انتشر الكلام المحدث ودخل فيه ما يناقض الكتاب والسنة وصاروا يعارضون به الكتاب والسنة صار بيان مرادهم بتلك الألفاظ وما احتجوا به لذلك من لغة وعقل يبين للمؤمن ما يمنعه ان يقع فى البدعة والضلال او يخلص منها إن كان قد وقع ويدفع عن نفسه فى الباطن والظاهر ما يعارض إيمانه بالرسول من ذلك وهذا مبسوط فى موضعه
والمقصود هنا ان ما جاء به الرسول لا يدفع بالألفاظ المجملة كلفظ التجسيم وغيره مما قد يتضمن معنى باطلا والنافى له ينفى الحق والباطل فاذا ذكرت المعانى الباطلة نفرت القلوب وإذا الزموه ما يلزمونه من التجسيم الذى يدعونه نفر إذا قالوا له هذا يستلزم التجسيم لأن هذا لا يعقل إلا فى جسم لم يحسن نقض ماقالوه ولم يحسن حله وكلهم متناقضون
وحقيقة كلامهم ان ما وصف به الرب نفسه لا يعقل منه إلا ما يعقل فى
قليل من المخلوقات التى نشهدها كأبدان بنى آدم وهذا فى غاية الجهل فإن من المخلوقات مخلوقات لم نشهدها كالملائكة والجن حتى أرواحنا ولا يلزم أن يكون ما أخبر به الرسول مماثلا لها فكيف يكون مماثلا لما شاهدوه
وهذا الكلام فى لفظ الجسم من حيث اللغة
وأما الشرع فمعلوم أنه لم ينقل عن أحد من الأنبياء ولا الصحابة ولا التابعين ولا سلف الأمة أن الله جسم أو أن الله ليس بجسم بل النفي والإثبات بدعة فى الشرع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/303)
وأما من جهة العقل فبينهم نزاع فيما إتفقوا على تسمية جسما كالسماء والأرض والريح والماء ونحو ذلك مما يشار إليه ويختص بجهة وهو متحيز قد تنازعوا هل هو مركب من جواهر لا تقبل القسمة أومن مادة وصورة أو لا من هذا ولا من هذا وأكثر العقلاء على القول الثالث وكل من القولين الأولين قاله طائفة من النظار والأول كثير فى أهل الكلام والثانى كثير فى الفلاسفة لكن قول الطائفتين باطل معلوم بالعقل بطلانه عند أهل القول الثالث
وإذا كان كذلك فإذا قال القائل أنا أقول إنه فوق العرش وأنه ترفع الأيدى إليه ونحو ذلك وليس كل ما كان كذلك كان مركبا من أجزاء مفردة
ولا من المادة والصورة العقليين كان الكلام مع هذا فى التلازم فإذا قال الثانى بل كل ما كان فوق غيره وكل ما كان يشار إليه بالأيدى فلا يكون إلا مركبا إما من هذا وإما من هذا كان هذا بمنزلة قول الآخر كل ما كان حيا قادرا عالما فلا يكون إلا مركبا هذا التركيب أو كل ما كان له حياة وعلم وقدرة فلا يكون إلا مركبا هذا التركيب أو كل ما كان سميعا بصيرا متكلما فلا يكون إلا مركبا هذا التركيب بناء على أن كل موجود قائم بنفسه هو جسم وكل جسم فهو مركب هذا التركيب
ومعلوم أن هذا باطل عند جماهير العلماء والعقلاء باتفاقهم فانى لا أعلم طائفة من العقلاء المعتبرين أنهم قالوا هو جسم وهو مركب هذا التركيب بل الذى اعرف أنهم قالوا هو جسم كالهشامية والكرامية لا يفسرون كلهم الجسم بما هو مركب هذا التركيب بل انما نقل هذا عن بعضهم وقد ينقل عن بعضهم مقالات ينكرها بعضهم كما نقل عن مقاتل بن سليمان وهشام ابن الحكم مقالات ردية ومن الناس من رد هذا النقل عن مقاتل بن سليمان فرده كثير من الناس وأما النقل عن هشام فرده كثير من أتباعه
ومن قدر أنه قال ذلك من الناس فقوله باطل كسائر من قال على الله الباطل كما حكى عن بعض اليهود والرافضة والمجسمة وأنهم يصفونه بالنقائص التى تعالى الله عنها كوصفه أنه أجوف وأنه بكى حتى رمد وعادته الملائكة وعض اصابعه حتى خرج منها الدم وأنه ينزل عشية عرفة على جمل أورق
وأمثال هذه الأقوال التى فيها الافتراء على الله تعالى ووصفه بالنقائص ما يعلم بطلانه بصريح المعقول وصحيح المنقول
وهكذا اذا قال القائل أنه لو نزل الى سماء الدنيا للزم الحركة والانتقال والحركة والانتقال من خصائص الأجسام أو قال للزم أن يخلو منه العرش وذلك محال فان للناس فى هذا ثلاثة أقوال
أحدها قول من يقول ينزل وليس
بجسم وقول من يقول ينزل وهو جسم
وقول من لا ينفى الجسم ولا يثبته اما امساكا عنهما لكون ذلك بدعة وتلبيسا كما تقدم وأما مع تفصيل المراد واقرار الحق وبطلان الباطل وبيان الصواب من المعانى العقلية التى اشتبهت فى هذا مثل أن يقال النزول والصعود والمجىء والاتيان ونحو ذلك مما هو أنواع جنس الحركة لا نسلم أنه مخصوص بالجسم الصناعى الذى يتكلم المتكلمون فى اثباته ونفيه بل يوصف به ما هو أعم من ذلك
ثم هنا طريقان
أحدهما أن هذه الأمور توصف بها الأجسام والاعراض فيقال جاء البرد وجاء الحر وجاءت الحمى ونحو ذلك من الاعراض واذا كانت الاعراض توصف بالمجىء والاتيان علم أن ذلك ليس من خصائص الاجسام فلا يجوز أن يوصف بهذه
الأفعال حقيقة مع أنه ليس بجسم وهذه طريقة الأشعرى ومن تبعه من نظار أهل الحديث واتباع الأئمة الاربعة كالقاضى أبى يعلى وغيره وهذا معنى ما حكاه فى المقالات عن أهل السنة والحديث
ولهذا كان قول ابن كلاب والاشعرى والقلانسى ومن وافقهم من اتباع الأئمة الأربعة وغيرهم من اصحاب أحمد وغيرهم أن الاستواء فعل يفعله الرب فى العرش وكذلك يقولون فى النزول ومعنى ذلك أنه يحدث فى العرش قربا فيصير مستويا عليه من غير أن يقوم به نفسه فعل اختيارى سواء قالوا ان الفعل هو المفعول أو لم يقولوا بذلك وكذلك النزول عندهم فهم يجعلون الافعال اللازمة بمنزلة الافعال المتعدية وذلك لأنهم اعتقدوا أنه لا يقوم به فعل اختيارى لأن ذلك حادث فقيامه به يستلزم أن تقوم به الحوادث فنفوا ذلك لهذا الأصل الذى اعتقدوه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/304)
الطريق الثانى أن يقال المجىء والاتيان والصعود والنزول توصف به روح الانسان التى تفارقه بالموت وتسمى النفس وتوصف به الملائكة وليس نزول الروح وصعودها من جنس نزول البدن وصعوده فان روح المؤمن تصعد الى فوق السموات ثم تهبط الى الأرض فيما بين قبضها ووضع الميت فى قبره وهذا زمن يسير لا يصعد البدن الى ما فوق السموات ثم ينزل الى الأرض فى مثل هذا الزمان
وكذلك صعودها ثم عودها الى البدن فى النوم واليقظة
ولهذا يشبه بعض الناس نزولها الى القبر بالشعاع لكن ليس هذا مثالا مطابقا فان نفس الشمس لا تنزل والشعاع الذى يظهر على الأرض هو عرض من الاعراض يحدث بسبب الشمس ليس هو الشمس ولا صفة قائمة بها والروح نفسها تصعد وتنزل ففى الحديث المشهور حديث البراء بن عازب رضى الله عنه فى قبض الروح وفتنة القبر وقد رواه الامام أحمد وغيره ورواه أبو داود أيضا واختصره وكذلك النسائى وابن ماجه ورواه أبو عوانة فى صحيحه بطوله وفى روايته عن زاذان سمعت البراء وذلك يبطل قول من قال انه لم يسمعه منه
ورواه الحاكم فى صحيحه من حديث أبى معاوية قال حدثنا الاعمش ثنا المنهال بن ابى عمرو عن أبى عمرو زاذان عن البراء بن عازب رضى الله عنهما قال خرجنا مع رسول الله فى جنازة فانتهينا الى القبر ولما يلحد وذكر الحديث بطوله ورواه الحاكم أيضا من حديث محمد بن الفضل قال حدثنا الأعمش فذكره وقال فى آخره حدثنا فضيل حدثنى أبى عن أبى حازم عن أبى هريرة بهذا الحديث الا أنه قال ارقد رقدة كرقدة من لا يوقظه الا أحب الناس اليه
قال وقد رواه شعبة وزائدة وغيرهما عن الأعمش ورواه مؤمل عن
الثورى عنه قال وهو على شرطهما قد احتجا بالمنهال بن عمرو قال وقد روى ابن جرير عن شعبة عن أبى اسحق عن البراء قال ذكر النبى المؤمن والكافر ثم ذكر طرفا من حديث القبر وقد رواه الامام أحمد فى مسنده عن عبدالرزاق حدثنا معمر عن يونس بن خباب عن المنهال بن عمرو الحديث بطوله قال وكذلك أبو خالد الدالانى وعمرو بن قيس الملائى والحسن بن عبيد الله النخعى عن المنهال ورواه شعيب بن صفوان عن يونس بن خباب فقال عن المنهال عن زاذان عن أبى البخترى قال سمعت البراء قال وهذا وهم من شعيب فقد رواه معمر ومهدى بن ميمون وعباد بن عباد عن يونس التامر
وقال الحافظ أبو نعيم الاصبهانى وأما حديث البراء رواه المنهال بن عمرو عن زاذان عن البراء فحديث مشهور رواه عن المنهال الجم الغفير ورواه عن البراء عدى بن ثابت ومحمد بن عقبة وغيرهما ورواه عن زاذان عطاء بن السائب قال وهو حديث أجمع رواة الاثر على شهرته واستفاضته وقال الحافظ أبو عبدالله بن منده هذا الحديث اسناده متصل مشهور رواه جماعة عن البراء
وقال الامام أحمد فى المسند حدثنا أبو معاوية ثنا الاعمش عن المنهال بن عمرو عن زاذان عن البراء بن عازب رضى الله عنهما قال خرجنا
مع رسول الله فى جنازة رجل من الانصار فانتهينا الى القبر ولما يلحد فجلس رسول الله وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا الطير وفى يده عود ينكت به الأرض فرفع رأسه فقال استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثا ثم قال ان العبد المؤمن اذا كان فى انقطاع من الدنيا واقبال من الآخرة نزل عليه من السماء ملائكة بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسون منه مد بصره ثم يجىء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الطيبة اخرجى الى مغفرة من الله ورضوان قال فتخرج فتسيل كما تسيل القطرة من فى السقاء فيأخذها فاذا أخذها لم يدعوها فى يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها فى ذلك الكفن وفى ذلك الحنوط ويخرج منها ريح كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون يعنى بها على ملأ من الملائكة بين السماء والارض الا قالوا ما هذه الروح الطيبة فيقولون فلان بن فلان بأحسن أسمائه التى كانوا يسمونه بها فى الدنيا حتى ينتهوا به الى السماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح له فيشيعه من كل سماء مقربوها الى السماء التى تليها حتى ينتهوا به الى السماء السابعة فيقول الله تعالى اكتبوا كتاب عبدى فى عليين وأعيدوه الى الارض فانى منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى قال فتعاد روحه فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول له الله ربى فيقولان له وما دينك فيقول
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/305)
دينى الاسلام فيقولان له ما هذا الرجل الذى بعث فيكم فيقول هو رسول الله فيقولان له وما علمك فيقول قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت فينادى مناد من السماء ان صدق عبدى فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا الى الجنة قال فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له فى قبره مد بصره قال فيأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول ابشر بالذى يسرك هذا يومك الذى كنت توعد فيقول له من أنت فوجهك الوجه الذى يجىء بالخير فيقول أنا عملك الصالح فيقول رب أقم الساعة حتى ارجع الى اهلى ومالى وقال وان العبد الكافر اذا كان فى انقطاع من الدنيا واقبال من الآخرة نزل عليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر ثم يجىء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول ايتها النفس الخبيثة اخرجى الى سخط من الله وغضب قال فتتفرق فى جسده فينزعها كما ينزع السفود من الصوف المبلول فيأخذها فاذا أخذها لم يدعوها فى يده طرفة عين حين يجعلوها فى تلك المسوح ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذه الروح الخبيثة فيقولون فلان بن فلان بأقبح أسمائه التى كان يسمى بها فى الدنيا حتى ينتهى بها الى السماء الدنيا فيستفتح له فلا يفتح له ثم قرأ رسول الله لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون
الجنة حتى يلج الجمل فى سم الخياط فيقول الله اكتبوا كتابه فى سجين فى الأرض السفلى فتطرح روحه طرحا ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح فى مكان سحيق فتعاد روحه فى جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول هاه هاه لا أدرى فيقولان له ما دينك فيقول هاه هاه لا أدرى فيقولان له ما هذا الرجل الذى بعث فيكم فيقول هاه هاه لا أدرى فينادى مناد من السماء أن كذب عبدى فأفرشوه من النار والبسوه من النار وافتحوا له بابا الى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف اضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول ابشر بالذى يسؤوك هذا يومك الذى كنت توعد فيقول ومن أنت فوجهك الوجه الذى يجىء بالشر فيقول أنا عملك الخبيث فيقول رب لا تقم الساعة
قلت هذا قد رواه عن البراء بن عازب غير واحد غير زاذان منهم عدى بن ثابت ومحمد بن عقبة ومجاهد
قال الحافظ أبو عبدالله محمد بن اسحق بن منده فى كتاب الروح والنفس حدثنا محمد بن يعقوب بن يوسف ثنا محمد بن اسحق الصغانى ثنا أبو النضر هاشم بن قاسم ثنا عيسى بن المسيب عن عدى بن ثابت عن البراء بن عازب قال خرجنا مع رسول الله
فى جنازة رجل من الأنصار فانتهينا الى القبر ولما يلحد فجلس وجلسنا حوله كأن على اكتافنا فلق الصخر وعلى رؤوسنا الطير فأزم قليلا والازمام السكوت فلما رفع رأسه قال ان المؤمن اذا كان فى قبل من الآخرة ودبر من الدنيا وحضره ملك الموت نزلت عليه ملائكة من السماء معهم كفن من الجنة وحنوط من الجنة فيجلسون منه مد بصره وجاءه ملك الموت فجلس عند رأسه ثم يقال اخرجى أيتها النفس الطيبة اخرجى الى رحمة الله ورضوانه فتسيل نفسه كما تقطر القطرة من السقاء فاذا خرجت نفسه صلى عليه كل ملك بين السماء والارض الا الثقلين ثم يصعد به الى السماء فتفتح له السماء ويشيعه مقربوها الى السماء الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة الى العرش مقربوا كل سماء فاذا انتهى الى العرش كتب كتابه فى عليين فيقول الرب عز وجل ردوا عيدي الى مضجعه فانى وعدتهم انى منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها اخرجهم تارة اخرى فيرد الى مضجعه فيأتيه منكر ونكير يثيران الارض بأنيابهما ويفحصان الأرض بأشعارهما فيجلسانه ثم يقال له يا هذا من ربك فيقول الله ربى فيقولان صدقت ثم يقال له ما دينك فيقول الاسلام فيقولان له صدقت ثم يقال له من نبيك فيقول محمد رسول الله فيقولان صدقت ثم يفسح له فى قبره مد بصره ويأتيه رجل حسن الوجه طيب الريح فيقول له جزاك الله خيرا فوالله ما علمت ان كنت لسريعا فى طاعة الله بطيئا عن معصية الله فيقول وأنت جزاك الله خيرا فمن أنت فقال أنا عملك الصالح ثم يفتح له باب الى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/306)
الجنة فينظر الى مقعده ومنزله منها حتى تقوم الساعة وان الكافر اذا كان فى انقطاع من الدنيا واقبال من الآخرة وحضره ملك الموت نزل عليه من السماء ملائكة معهم كفن من نار وحنوط من نار قال فيجلسون منه مد بصره وجاء ملك الموت فجلس عند رأسه ثم قال اخرجى ايتها النفس الخبيثة اخرجى الى غضب الله وسخطه فتتفرق روحه فى جسده كراهة أن تخرج لما ترى وتعاين فيستخرجها كما يستخرج السفود من الصوف المبلول فاذا خرجت نفسه لعنه كل شىء بين السماء والأرض الا الثقلين ثم يصعد به الى السماء الدنيا فتغلق دونه فيقول الرب تبارك وتعالى ردوا عبدى الى مضجعه فانى وعدتهم انى منها حلقتهم وفيها اعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى فترد روحه الى مضجعه فيأتيه منكر ونكير يثيران الارض بأنيابهما ويفحصان الارض بأشعارهما أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف فيجلسانه ثم يقولان له من ربك فيقول لا أدرى فينادى من جانب القبر لا دريت فيضربانه بمرزبة من حديد لو اجتمع عليها من بين الخافقين لم تقل ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول جزاك الله شرا فوالله ما علمت ان كنت بطيئا عن طاعة الله سريعا فى معصية الله فيقول من أنت فيقول أنا عملك الخبيث ثم يفتح له باب الى النار فينظر الى مقعده فيها حتى تقوم الساعة
وقال ابن منده رواه الامام أحمد بن حنبل ومحمود بن غيلان وغيرهما عن أبى النضر
ومن ذلك حديث ابن أبى ذئب عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سعيد بن يسار عن أبى هريرة وقد رواه الامام أحمد فى مسنده وغيره وقال الحافظ ابو نعيم الاصبهانى هذا حديث متفق على عدالة ناقليه اتفق الامامان محمد بن اسماعيل البخارى ومسلم بن الحجاج على ابن أبى ذئب ومحمد بن عمرو بن عطاء وسعيد بن يسار وهم من شرطهما ورواه المتقدمون الكبار عن ابن أبى ذئب مثل ابن أبى فديك وعنه دحيم بن ابراهيم
قلت وقد رواه عن ابن أبى ذئب غير واحد ولكن هذا سياق حديث ابن أبى فديك لتقدمه قال ابن أبى فديك حدثنى محمد بن أبى ذئب عن محمد بن عمرو عطاء عن سعيد بن يسار عن أبى هريرة أن رسول الله قال ان الميت تحضره الملائكة فاذا كان الرجل الصالح فيقولون اخرجى أيتها النفس الطيبة كانت فى الجسد الطيب أخرجى حميدة وأبشرى بروح وريحان ورب غير غضبان قال فيقولون ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها الى السماء الدنيا فيستفتح لها فيقال من هذا فيقولون فلان فيقولون مرحبا بالنفس الطيبة كانت فى الجسد الطيب ادخلى حميدة وأبشرى بروح وريحان ورب غير غضبان فيقال لها ذلك حتى ينتهى بها الى السماء التى فيها الله عز وجل واذا كان الرجل السوء قال اخرجى ايتها النفس الخبيثة كانت فى الجسد الخبيث اخرجى ذميمة وأبشرى بحميم وغساق وآخر من شكله
أزواج فيقولون ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها الى السماء فيستفتح لها فيقال من هذا فيقال فلان فيقولون لا مرحبا بالنفس الخبيثة كانت فى الجسد الخبيث ارجعى ذميمة فانها لن تفتح لك ابواب السماء فترسل بين السماء والارض فتصير الى قبره فيجلس الرجل الصالح فى قبره غير فزع ولا مشغوف ثم يقال ما كنت تقول فى الاسلام فيقول ما هذا الرجل فيقول محمد رسول الله جاءنا بالبينات من قبل الله فآمنا وصدقنا وذكر تمام الحديث
والمقصود أن فى حديث أبى هريرة قوله فيصير الى قبره كما فى حديث البراء بن عازب وحديث أبى هريرة روى من طرق تصدق حديث البراء بن عازب وفى بعض طرقه سياق حديث البراء بطوله كما ذكره الحاكم مع أن سائر الاحاديث الصحيحة المتواترة تدل على عود الروح الى البدن اذ المسألة للبدن بلا روح قول قاله طائفة من الناس وأنكره الجمهور وكذلك السؤال للروح بلا بدن قاله ابن ميسرة وابن حزم ولو كان كذلك لم يكن للقبر بالروح اختصاص
وزعم ابن حزم أن العود لم يروه الا زاذان عن البراء وضعفه وليس الامر كما قاله بل رواه غير زاذان عن البراء وروى عن غير البراء مثل عدى بن ثابت وغيره وقد جمع الدارقطنى طرقه فى مصنف مفرد مع أن زاذان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/307)
من الثقات روى عن أكابر الصحابة كعمر وغيره وروى له مسلم فى صحيحه وغيره قال يحيى بن معين هو ثقة وقال حميد بن هلال وقد سئل عنه فقال هو ثقة لا يسأل عن مثل هؤلاء وقال ابن عدى أحاديثه لا بأس بها اذا روى عنه ثقة وكان يتبع الكرابيسى وانما رماه من رماه بكثرة كلامه وأما المنهال بن عمرو فمن رجال البخارى وحديث عود الروح قد رواه عن غير البراء ايضا وحديث زاذان مما اتفق السلف والخلف على روايته وتلقيه بالقبول
وأرواح المؤمنين فى الجنة وان كانت مع ذلك قد تعاد الى البدن كما أنها تكون فى البدن ويعرج بها الى السماء كما فى حال النوم اما كونها فى الجنة ففيه أحاديث عامة وقد نص على ذلك أحمد وغيره من العلماء واحتجوا بالاحاديث المأثورة العامة وأحاديث خاصة فى النوم وغيره فالاول مثل حديث الزهرى المشهور الذى رواه مالك عن الزهرى فى موطئه وشعيب بن أبى حمزة وغيرهما وقد رواه الامام أحمد فى المسند وغيره
قال الزهرى أخبرنا عبدالرحمن بن عبدالله بن كعب بن مالك ان كعب بن مالك الانصارى وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم كان يحدث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انما نسمة المؤمن طائر يعلق فى شجر الجنة حتى يرجعه الله الى جسده فأخبر أنه يعلق فى شجر الجنة حتى يرجع الى جسده
يعنى فى النشأة الآخرة قال أبو عبدالله بن منده ورواه يونس والزبيدى والاوزاعى وابن اسحق
وقال عمرو بن دينار وابن أخى الزهرى عن الزهرى عن عبدالرحمن بن كعب عن ابيه قال قال صالح بن كيسان وابن أخى الزهرى عن الزهرى عن عبد الرحمن بن كعب أنه بلغه أن كعبا قال رواه الامام أحمد والنسائى وابن ماجه والترمذى وقال حديث حسن صحيح
قلت وفى الحديث المشهور حديث محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة عن النبى رواه أبو حاتم فى صحيحه وقد رواه أيضا الأئمة قال ان الميت ليسمع خفق نعالهم حين يولون عنه فان كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه وكان الصيام عن يمينه وكانت الزكاة عن يساره وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والاحسان الى الناس عند رجليه فيؤتى من عند رأسه فتقول الصلاة ما قبلى مدخل ثم يؤتى عن يمينه فيقول الصيام ما قبلى مدخل ثم يؤتى عن يساره فتقول الزكاة ما قبلى مدخل ثم يؤتى من قبل رجليه فيقول فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والاحسان الى الناس ما قبلى مدخل فيقال له اجلس فيجلس قد مثلت له الشمس وقد دنت للغروب فيقال له ما هذا الرجل الذى كان فيكم ما تقول فيه فيقول دعونى حتى أصلى فيقولون انك ستفعل أخبرنا عما
نسألك عنه فقال عم تسألونى فيقولون ما تقول فى هذا الرجل الذى كان فيكم ما تشهد عليه به فيقول اشهد أنه رسول الله وأنه جاء بالحق من عند الله فيقال على ذلك حييت وعلى ذلك مت وعلى ذلك تبعث ان شاء الله تعالى ثم يفتح له باب من ابواب الجنة فيقال له ذلك مقعدك منها وما أعد الله لك فيها فيزداد غبطة وسرورا ثم يفتح له باب من أبواب النار فيقال له ذلك مقعدك منها وما أعد الله لك فيها لو عصيت ربك فيزداد غبطة وسرورا ثم يفسح له فى قبره سبعون ذراعا وينور له فيه ويعاد جسده كما بدىء وتجعل نسمته فى نسم الطيب وهى طير تعلق فى شجر الجنة
وفى لفظ وهو فى طير يعلق فى شجر الجنة قال أبو هريرة قال الله تعالى يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الآخرة وفى لفظ ثم يعاد الجسد الى ما بدىء منه
وهذه الاعادة هى المذكورة فى قوله تعالى منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ليست هى النشأة الثانية
ورواه الحاكم فى صحيحه عن معمر عن قتادة عن قسامة بن زهير عن أبى هريرة عن النبى أنه قال أن المؤمن اذا احتضر أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء فيقولون اخرجى راضية مرضيا عنك الى روح وريحان ورب غير غضبان فتخرج كأطيب ريح مسك حتى أنهم ليناوله بعضهم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/308)
بعضا يشمونه حتى يأتوا به باب السماء فيقولون ما اطيب هذه الريح التى جاءتكم من الأرض وكلما أتوا سماء قالوا ذلك حتى يأتوا به ارواح المؤمنين فلهم أفرح به من أحدكم بغائبه اذا قدم عليه فيسألونه ما فعل فلان قال فيقولون دعوه حتى يستريح فانه كان فى غم الدنيا فاذا قال لهم ما أتاكم فانه قد مات يقولون ذهب به الى أمه الهاوية واما الكافر فان ملائكة العذاب تأتيه فتقول اخرجى ساخطة مسخوطا عليك الى عذاب الله وسخطه فتخرج كأنتن ريح جيفة فينطلقون به الى باب الأرض فيقولون ما أنتن هذه الريح كلما أتوا على أرض قالوا ذلك حتى يأتوا به أرواح الكفار
قال الحاكم تابعه هشام الدستوائى عن قتادة وقال همام بن يحيى عن قتادة عن أبى الجوزاء عن أبى هريرة عن النبى
بنحوه والكل صحيح وشاهدها حديث البراء بن عازب وكذلك رواه الحافظ أبو نعيم من حديث القاسم بن الفضل الحذائى كما رواه معمر قال ورواه أبو موسى وبندار عن معاذ بن هشام عن ابيه عن قتادة مثله مرفوعا ومن أصحاب قتادة من رواه موقوفا ورواه همام عن قتادة عن أبى الجوزاء عن أبى هريرة مرفوعا نحوه وقد روى هذا الحديث النسائى والبزار فى مسنده وأبو حاتم فى صحيحه
وقد روى مسلم فى صحيحه عن أبى هريرة قال اذا خرجت روح المؤمن تلقاها ملكان فصعدا بها فذكر من طيب ريحها وذكر المسك قال فيقول أهل السماء روح طيبة جاءت من قبل الأرض صلى الله عليك وعلى جسد كنت تعمرينه فينطلق بها الى ربه ثم يقال انطلقوا به الى آخر الأجل قال وان الكافر اذا خرجت روحه وذكر من نتنها وذكر لعنا فيقول أهل السماء روح خبيثة جاءت من قبل الأرض قال فيقال انطلقوا به الى آخر الاجل قال أبو هريرة فرد رسول الله ريطة كانت عليه على أنفه هكذا
وقد ثبت فى الصحيح عن النبى أنه كان يقول عند النوم باسمك ربى وضعت جنبى وبك ارفعه ان أمسكت نفسى فاغفر لها وان أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين وفى الصحيح أيضا أنه كان يقول اللهم أنت خلقت نفسى وأنت تتوفاها لك مماتها ومحياها فان أمسكتها فارحمها وان أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين
ففى هذه الاحاديث من صعود الروح إلى السماء وعودها الى البدن ما بين ان صعودها نوع آخر ليس مثل صعود البدن ونزوله
وروينا عن الحافظ ابى عبدالله محمد بن منده فى كتاب الروح والنفس حدثنا أحمد بن محمد بن ابراهيم ثنا عبدالله بن الحسن الحرانى ثنا أحمد
بن شعيب ثنا موسى بن أيمن عن مطرف عن جعفر بن أبى المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضى الله عنهما فى تفسير هذه الآية الله يتوفى الانفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها قال تلتقى ارواح الاحياء فى المنام بأرواح الموتى ويتساءلون بينهم فيمسك الله أرواح الموتى ويرسل أرواح الاحياء الى اجسادها
وروى الحافظ أبو محمد بن أبى حاتم فى تفسيره حدثنا عبدالله بن سليمان ثنا الحسن ثنا عامر عن الفرات ثنا أسباط عن السدى والتى لم تمت فى منامها قال يتوفاها فى منامها قال فتلتقى روح الحى وروح الميت فيتذاكران ويتعارفان قال فترجع روح الحى الى جسده فى الدنيا الى بقية أجله فى الدنيا قال وتريد روح الميت أن ترجع الى جسده فتحبس
وهذا أحد القولين وهو أن قوله فيمسك التى قضى عليها الموت أريد بها أن من مات قبل ذلك لقى روح الحى
والقول الثانى وعليه الاكثرون أن كلا من النفسين الممسكة والمرسلة توفيتا وفاة النوم وأما التى توفيت وفاة الموت فتلك قسم ثالث وهى التى قدمها بقوله الله يتوفى الانفس حين موتها وعلى هذا يدل الكتاب والسنة فان الله قال الله يتوفى الانفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها فيمسك التى قضى عليها الموت ويرسل الاخرى الى أجل مسمى فذكر امساك التى قضى عليها الموت من هذه الانفس التى توفاها بالنوم وأما التى
توفاها حين موتها فتلك لم يصفها بامساك ولا ارسال ولا ذكر فى الآية إلتقاء الموتى بالنيام
والتحقيق أن الآية تتناول النوعين فان الله ذكر توفيتين توفى الموت وتوفى النوم وذكر امساك المتوفاة وارسال الاخرى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/309)
ومعلوم أنه يمسك كل ميتة سواء ماتت فى النوم أو قبل ذلك ويرسل من لم تمت وقوله يتوفى الانفس حين موتها يتناول ما ماتت فى اليقظة وما ماتت فى النوم فلما ذكر التوفيتين ذكر أنه يمسكها فى أحد التوفيتين ويرسلها فى الاخرى وهذا ظاهر اللفظ ومدلوله بلا تكلف وما ذكر من التقاء ارواح النيام والموتى لا ينافى ما فى الآية وليس فى لفظها دلالة عليه لكن قوله فيمسك التى قضى عليها الموت يقتضى أنه يمسكها لا يرسلها كما يرسل النائمة سواء توفاها فى اليقظة أو فى النوم ولذلك قال النبى اللهم أنت خلقت نفسى وأنت تتوفاها لك مماتها ومحياها فان أمسكتها فارحمها وان ارسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين فوصفها بأنها فى حال توفى النوم اما ممسكة واما مرسلة
وقال ابن أبى حاتم ثنا أبى ثنا عمر بن عثمان ثنا بقية ثنا صفوان بن عمرو حدثنى سليم بن عامر الحضرمى أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال لعلى بن أبى طالب رضى الله عنه أعجب من رؤيا الرجل أنه يبيت فيرى الشىء
لم يخطر له على بال فتكون رؤياه كأخذ باليد ويرى الرجل الشىء فلا تكون رؤياه شيئا فقال على بن أبى طالب افلا أخبرك بذلك يا أمير المؤمنين ان الله يقول الله يتوفى الانفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها فيمسك التى قضى عليها الموت ويرسل الأخرى الى أجل مسمى فالله يتوفى الانفس كلها فما رأت وهى عنده فى السماء فهو الرؤيا الصادقة وما رأت اذا ارسلت الى أجسادها تلقتها الشياطين فى الهواء فكذبتها فاخبرتها بالاباطيل وكذبت فيها فعجب عمر من قوله
وذكر هذا ابو عبدالله محمد بن اسحق بن منده فى كتاب الروح والنفس وقال هذا خبر مشهور عن صفوان بن عمرو وغيره ولفظه قال على بن ابى طالب يا أمير المؤمنين يقول الله تعالى الله يتوفى الانفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها فيمسك التى قضى عليها الموت ويرسل الاخرى الى أجل مسمى والارواح يعرج بها فى منامها فما رأت وهى فى السماء فهو الحق فاذا ردت الى أجسادها تلقتها الشياطين فى الهواء فكذبتها فما رأت من ذلك فهو الباطل
قال الامام أبو عبدالله بن منده وروى عن أبى الدرداء قال روى ابن لهيعة عن عثمان بن نعيم الرعينى عن أبى عثمان الاصبحى عن أبى الدرداء قال اذا نام الانسان عرج بروحه حتى يؤتى بها العرش قال فان كان طاهرا اذن لها بالسجود وان كان جنبا لم يؤذن لها بالسجود رواه زيد بن الحباب وغيره
وروى ابن منده حديث على وعمر رضى الله عنهما مرفوعا حدثنا أبو اسحق ابراهيم بن محمد ثنا محمد بن شعيب ثنا ابن عياش بن أبى اسماعيل وأنا الحسن بن على أنا عبدالرحمن بن محمد ثنا قتيبة والرازى ثنا محمد بن حميد ثنا أبو زهير عبدالرحمن بن مغراء الدوسى ثنا الازهر بن عبدالله الازدى عن محمد بن عجلان عن سالم بن عبدالله بن عمر عن ابيه قال لقى عمر بن الخطاب على بن أبى طالب فقال يا أبا الحسن ربما شهدت وغبنا وربما شهدنا وغبت ثلاثة أشياء أسألك عنهن فهل عندك منهن علم فقال على بن أبى طالب وما هن قال الرجل يحب الرجل ولم ير منه خيرا والرجل يبغض الرجل ولم ير منه شرا فقال نعم سمعت رسول الله يقول ان الارواح جنود مجندة تلتقى فى الهواء فتشام فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف قال عمر واحدة قال عمر والرجل يحدث الحديث اذ نسيه فبينما هو قد نسيه اذ ذكره فقال نعم سمعت رسول الله يقول ما من القلوب قلب الا وله سحابة كسحابة القمر فبينما القمر يضىء اذ تجللته سحابة فاظلم اذ تجلت عنه فأضاء وبينما القلب يتحدث اذ تجللته فنسى اذ تجلت عنه فذكر قال عمر اثنتان قال والرجل يرى الرؤيا فمنها ما يصدق ومنها ما يكذب فقال نعم سمعت رسول الله يقول ما من عبد ينام فيمتلىء نوما الا عرج بروحه الى العرش فالذى لا يستيقظ دون العرش فتلك الرؤيا التى تصدق والذى يستيقظ دون العرش
فهى الرؤيا التى تكذب فقال عمر ثلاث كنت فى طلبهن فالحمد لله الذى اصبتهن قبل الموت
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/310)
ورواه من وجه ثالث أن ابن عباس سأل عنه عمر فقال حدثنا أحمد بن سليمان بن ايوب ثنا يزيد بن محمد بن عبدالصمد ثنا آدم بن أبى اياس ثنا اسماعيل بن عياش عن ثعلبة بن مسلم الخثعمى عن ابن أبى طلحة القرشى ان ابن عباس رضى الله عنه قال لعمر بن الخطاب رضى الله عنه يا أمير المؤمنين اشياء اسألك عنها قال سل عما شئت فقال يا أمير المؤمنين مم يذكر الرجل ومم ينسى ومم تصدق الرؤيا ومم تكذب فقال له عمر اما قولك مم يذكر الرجل ومم ينسى فان على القلب طخاة مثل طخاة القمر فإذا تغشت القلب نسى ابن آدم فاذا تجلت عن القلب ذكر ما كان ينسى واما مم تصدق الرؤيا ومم تكذب فان الله يقول الله يتوفى الانفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها فمن دخل منها فى ملكوت السماء فهى التى تصدق وما كان منها دون ملكوت السماء فهى التى تكذب
قلت وفى هذين الطريقين ذكر أن التى تكذب ما لم يكمل وصولها الى العلو وفى الاول ذكر أن ذلك يكون مما يحصل بعد رجوعها وكلا الامرين ممكن فان الحكم يختلف لفوات شرطه أو وجود مانعه عن ذلك قال عكرمة ومجاهد اذا نام الانسان فان له سببا تجرى فيه الروح
واصله فى الجسد فتبلغ حيث شاء الله فما دام ذاهبا فان الانسان نائم فاذا رجع الى البدن انتبه الانسان فكان بمنزلة شعاع هو ساقط بالارض واصله متصل بالشمس
قال ابن منده وأخبرت عن عبدالله بن عبدالرحمن السمرقندى عن على بن يزيد السمرقندى وكان من أهل العلم والادب وله بصر بالطب والتعبير قال ان الارواح تمتد من منخر الانسان ومراكبها واصلها فى بدن الانسان فلو خرج الروح لمات كما أن السراج لو فرقت بينها وبين الفتيلة لطفئت الا ترى أن تركب النار فى الفتيلة وضوءها وشعاعها ملأ البيت فكذلك الروح تمتد من منخر الانسان فى منامه حتى تأتى السماء وتجول فى البلدان وتلتقى مع أرواح الموتى فاذا رآها الملك الموكل بأرواح العباد اراه ما أحب أن يراه وكان المرء فى اليقظة عاقلا ذكيا صدوقا لا يلتفت فى اليقظة الى شىء من الباطل رجع اليه روحه فأدى الى قلبه الصدق بما أراه الله عز وجل على حسب صدقه وان كان خفيفا نزيقا يحب الباطل والنظر اليه فاذا نام واراه الله أمرا من خير او شر رجع روحه فحيث ما رأى شيئا من مخاريق الشيطان أو باطلا وقف عليه كما يقف فى يقظته وكذلك يؤدى الى قلبه فلا يعقل ما رأى لأنه خلط الحق بالباطل فلا يمكن معبر يعبر له وقد اختلط الحق بالباطل قال الامام ابن منده ومما يشهد لهذا الكلام ما ذكرناه عن عمر وعلى وأبى الدرداء رضى الله عنهم
قلت وخرج ابن قتيبة فى كتاب تعبير الرؤيا قال حدثنى
حسين بن حسن المروزى أخبرنا ابن المبارك عبدالله ثنا المبارك عن الحسن أنه قال أنبئت أن العبد إذا نام وهو ساجد يقول الله تبارك وتعالى انظروا الى عبدى روحه عندى وجسده فى طاعتى
وإذا كانت الروح تعرج الى السماء مع أنها فى البدن علم أنه ليس عروجها من جنس عروج البدن الذى يمتنع هذا فيه وعروج الملائكة ونزولها من جنس عروج الروح ونزولها لا من جنس عروج البدن ونزوله وصعود الرب عز وجل فوق هذا كله وأجل من هذا كله فانه تعالى أبعد عن مماثلة كل مخلوق من مماثلة مخلوق لمخلوق
وإذا قيل الصعود والنزول والمجىء والاتيان أنواع جنس الحركة قيل والحركة أيضا اصناف مختلفة فليست حركة الروح كحركة البدن ولا حركة الملائكة كحركة البدن والحركة يراد بها انتقال البدن والجسم من حيز ويراد بها أمور أخرى كما يقوله كثير من الطبائعية والفلاسفة منها الحركة فى الكم كحركة النمو والحركة فى الكيف كحركة الانسان من جهل الى علم وحركة اللون او الثياب من سواد الى بياض والحركة فى الاين كالحركة تكون بالاجسام النامية من النبات والحيوان فى النمو والزيادة أو فى الذبول والنقصان وليس هناك انتقال جسم من حيز الى حيز
ومن قال ان الجواهر المفردة تنتقل فقوله غلط كما هو مبسوط فى موضعه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/311)
وكذلك الاجسام تنتقل ألوانها وطعومها وروائحها فيسود الجسم بعد ابيضاضه ويحلو بعد مرارته بعد ان لم يكن كذلك وهذه حركات واستحالات وانتقالات وان لم يكن فى ذلك انتقال جسم من حيز الى حيز وكذلك الجسم الدائر فى موضع واحد كالدولاب والفلك هو بجملته لا يخرج من حيزه وان لم يزل متحركا وهذه الحركات كلها فى الأجسام واما فى الارواح فالنفس تنتقل من بغض الى حب ومن سخط الى رضا ومن كراهة الى ارادة ومن جهل الى علم ويجد الانسان من حركات نفسه وانتقالاتها وصعودها ونزولها ما يجده وذلك من جنس آخر غير جنس حركات بدنه
واذا عرف هذا فان للملائكة من ذلك ما يليق بهم وإن ما يوصف به الرب تبارك وتعالى هو أكمل وأعلى وأتم من هذا كله وحينئذ فاذا قال السلف والأئمة كحماد بن زيد واسحاق بن راهويه وغيرهما من ائمة اهل السنة أنه ينزل ولا يخلو منه العرش لم يجز أن يقال ان ذلك ممتنع بل اذا كان المخلوق يوصف من ذلك بما يستحيل من مخلوق آخر فالروح توصف من ذلك بما يستحيل اتصاف البدن به كان جواز ذلك فى حق الرب تبارك وتعالى أولى من جوازه من المخلوق كأرواح الادميين والملائكة
ومن ظن أن ما يوصف به الرب عز وجل لا يكون الا مثل ما توصف به ابدان بنى آدم فغلطه أعظم من غلط من ظن أن ما توصف به الروح مثل ما توصف به الأبدان
وأصل هذا أن قربه سبحانه ودنوه من بعض مخلوقاته لا يستلزم أن تخلو ذاته من فوق العرش بل هو فوق العرش ويقرب من خلقه كيف شاء كما قال ذلك من قاله من السلف وهذا كقربه الى موسى لما كلمه من الشجرة قال تعالى اذ قال موسى لأهله انى آنست نارا سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون فلما جاءها نودى ان بورك من فى النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين يا موسى انه أنا الله العزيز الحكيم والق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى لا تخف انى لا يخاف لدى المرسلون الا من ظلم وقال فى السورة الاخرى فلما قضى موسى الاجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا انى آنست نارا لعلى آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون فلما اتاها نودى من شاطىء الوادى الايمن فى البقعة المباركة من الشجرة ان يا موسى انى أنا الله رب العالمين وقال تعالى واذكر فى الكتاب موسى انه كان مخلصا وكان رسولا نبيا وناديناه من جانب الطور الايمن وقربناه نجيا فأخبر أنه ناداه من جانب الطور وأنه قربه نجيا وقال تعالى ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الاولى بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون وما كنت بجانب الغربى اذ قضينا الى موسى الامر وما كنت من الشاهدين ولكنا انشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا فى أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين وما كنت بجانب الطور اذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون وقال تعالى
هل أتاك حديث موسى اذ ناداه ربه بالوادى المقدس طوى اذهب الى فرعون انه طغى فقل هل لك الى أن تزكى وأهديك الى ربك فتخشى فأراه الآية الكبرى وقال ابن أبى حاتم فى تفسيره حدثنا على بن الحسين حدثنا عثمان بن أبى شيبة حدثنا معاوية بن هشام حدثنا شريك عن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضى الله عنه أنه قال فى قوله تعالى فلما جاءها نودى أن بورك من فى النار ومن حولها قال كان ذلك النار قال الله من فى النور ونودى أن بورك من فى النور حدثنا على بن الحسين ثنا محمد بن حمزة ثنا على بن الحسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوى أن عكرمة حدثنى عن ابن عباس ان بورك من فى النار قال كان ذلك النار نوره ومن حولها أى بورك من فى النور ومن حول النور وكذلك روى باسناده من تفسير عطية عن ابن عباس فلما جاءها نودى أن بورك من فى النار يعنى نفسه قال كان نور رب العالمين فى الشجرة ومن حولها حدثنا أبى ثنا ابراهيم بن سعيد الجوهرى ثنا ابو معاوية عن شيبان عن عكرمة ان بورك من فى النار قال كان الله فى نوره حدثنا أبو زرعة ثنا بن أبى شيبة ثنا على بن جعفر المدائنى عن ورقاء عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير أن بورك من فى النار قال ناداه وهو فى النور
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/312)
حدثنا على بن الحسين المنجانى ثنا سعيد بن أبى مريم ثنا مفضل ابن أبى فضالة حدثنى ابن ضمرة فلما جاءها نودى أن بورك من فى النار ومن حولها قال ان موسى كان على شاطىء الوادى الى أن قال فلما قام ابصر النار فسار اليها فلما اتاها نودى ان بورك من فى النار قال انها لم تكن نارا ولكن كان نور الله وهو الذى كان فى ذلك النور وانما كان ذلك النور منه وموسى حوله
حدثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيد القطان ثنا مكى بن ابراهيم ثنا موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب فى قوله عز وجل ان بورك من فى النار ومن حولها قال النار نور الرحمة قال ضوء من الله تعالى ومن حولها موسى والملائكة
وروى باسناده عن ابن عباس ومن حولها قال الملائكة قال وروى عن عكرمة والحسن وسعيد بن جبير وقتادة مثل ذلك وروى عن السدى وحده ان بورك من فى النار قال كان فى النار ملائكة
وفى صحيح مسلم عن أبى عبيدة عن أبى موسى قال قام فينا رسول الله بأربع كلمات فقال ان الله لا ينام ولا ينبغى له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع اليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل
عمل الليل حجابه النور أو النار لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه ثم قرأ ابو عبيدة ان بورك من فى النار ومن حولها وذكر من تفسير الوالبى عن ابن عباس ان بورك من فى النار يقول قدس وعن مجاهد ان بورك من فى النار بوركت النار كذلك كان يقول ابن عباس وفى السورة الآخرى ذكر أنه ناداه من شاطىء الوادى الايمن فى البقعة المباركة من الشجرة وقوله من الشجرة هو بدل من قوله من شاطىء الوادى الايمن فالشجرة كانت فيه وقال أيضا وناديناه من جانب الطور الايمن والطور هو الجبل فالنداء كان من الجانب الايمن من الطور ومن الوادى فان شاطىء الوادى جانبه وقال وما كنت بجانب الغربى أى بالجانب الغربى وجانب المكان الغربى فدل على ان هذا الجانب الايمن هو الغربى لا الشرقى فذكر ان النداء كان من موضع معين وهو الوادى المقدس طوى من شاطىء الوادى الايمن من جانب الطور الايمن من الشجرة وذكر أنه قربه نجيا فناداه وناجاه وذلك المنادى له والمناجى له هو الله رب العالمين لا غيره ونداؤه ومناجاته قائمة به ليس ذلك مخلوقا منفصلا عنه كما يقوله من يقول ان الله لا يقوم به كلام بل كلامه منفصل عنه مخلوق وهو سبحانه وتعالى ناداه وناجاه ذلك الوقت كما دل عليه القرآن لا كما يقوله من يقول لم يزل مناديا مناجيا له ولكن ذلك الوقت خلق فيه ادراك النداء القديم الذى لم يزل ولا يزال
فهذان قولان مبتدعان لم يقل واحدا منها أحد من السلف واذا كان المنادى هو الله رب العالمين وقد ناداه من موضع معين وقربه اليه دل ذلك على ما قاله السلف من قربه ودنوه من موسى عليه السلام مع أن هذا قرب مما دون السماء
وقد جاء أيضا من حديث وهب بن منبه وغيره من الاسرائيليات قربه من ايوب عليه السلام وغيره من الانبياء عليهم السلام ولفظه الذى ساقه البغوى أنه اضله غمام ثم نودى يا ايوب أنا الله يقول أنا قد دنوت منك انزل منك قريبا لكن الاسرائيليات انما تذكر على وجه المتابعة لا على وجه الاعتماد عليها وحدها وهو سبحانه وتعالى قد وصف نفسه فى كتابه وفى سنة نبيه بقربه من الداعى وقربه من المتقرب اليه فقال تبارك وتعالى واذا سألك عبادى عنى فانى قريب أجيب دعوة الداع اذا دعان
وثبت فى الصحيحين عن أبى موسى أنهم كانوا مع النبى صلى الله عليه وسلم فى سفر فكانوا يرفعون أصواتهم بالتكبير فقال ايها الناس أربعوا على أنفسكم فانكم لا تدعون أصم ولا غائبا انما تدعون سميعا قريبا أن الذى تدعونه أقرب الى أحدكم من عنق راحلته وفى الصحيحين عن النبى يقول الله تعالى من تقرب الى شبرا تقربت اليه ذراعا ومن تقرب الى ذراعا تقربت اليه باعا ومن أتانى يمشى أتيته هرولة
وقربه من العباد بتقربهم اليه مما يقربه جميع من يقول أنه فوق العرش سواء قالوا مع ذلك أنه تقوم به الافعال الاختيارية أو لم يقولوا
وأما من ينكر ذلك
فمنهم من يفسر قرب العباد بكونهم يقاربونه ويشابهونه من بعض الوجوه فيكونون قريبين منه وهذا تفسير أبى حامد والمتفلسفة فانهم يقولون الفلسفة هى التشبه بالاله على قدر الطاقة
ومنهم من يفسر قربهم بطاعتهم ويفسر قربه باثابته وهذا تفسير جمهور الجهمية فانهم ليس عندهم قرب ولا تقريب أصلا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/313)
ومما يدخل فى معانى القرب وليس فى الطوائف من ينكره قرب المعروف والمعبود الى قلوب العارفين العابدين فان كل من أحب شيئا فانه لابد ان يعرفه ويقرب من قلبه والذى يبغضه يبعد من قلبه لكن هذا ليس المراد به أن ذاته نفسها تحل فى قلوب العارفين العابدين وانما فى القلوب معرفته وعبادته ومحبته والايمان به ولكن العلم يطابق المعلوم
وهذا الايمان الذى فى القلوب هو المثل الأعلى الذى له فى السموات والأرض وهو معنى قوله تعالى وهو الذى فى السماء اله وفى الارض اله وقوله وهو الله فى السموات وفى الأرض
وقد غلط فى هذه الآية طائفة من الصوفية والفلاسفة وغيرهم فجعلوه حلول الذات وإتحادها بالعابد والعارف من جنس قول النصارى فى المسيح وهو قول باطل كما قد بسط فى موضعه
والذين يثبتون تقريبه العباد الى ذاته هو القول المعروف للسلف والأئمة وهو قول الأشعرى وغيره من الكلابية فانهم يثبتون قرب العباد الى ذاته وكذلك يثبتون إستواءه على العرش بذاته ونحو ذلك ويقولون الاستواء فعل فعله فى العرش فصار مستويا على العرش وهذا ايضا قول ابن عقيل وابن الزاغونى وطوائف من أصحاب أحمد وغيرهم
وأما دنوه نفسه وتقربه من بعض عباده فهذا يثبته من يثبت قيام الافعال الاختيارية بنفسه ومجيئه يوم القيامة ونزوله واستوائه على العرش وهذا مذهب أئمة السلف وأئمة الاسلام المشهورين وأهل الحديث والنقل عنهم بذلك متواتر
وأول من أنكر هذا فى الاسلام الجهمية ومن وافقهم من المعتزلة وكانوا ينكرون الصفات والعلو على العرش ثم جاء ابن كلاب فخالفهم فى ذلك واثبت الصفات والعلو على العرش لكن وافقهم على أنه لا تقوم به الامور الاختيارية ولهذا أحدث قوله فى القرآن أنه قديم لم يتكلم به بقدرته ولا يعرف هذا القول عن أحد من السلف بل المتواتر عنهم أن القرآن كلام الله غير
مخلوق وان الله يتكلم بمشيئته وقدرته كما ذكرت ألفاظهم فى كتب كثيرة فى مواضع غير هذا
فالذين يثبتون أنه كلم موسى بمشيئته وقدرته كلاما قائما به هم الذين يقولون أنه يدنو ويقرب من عباده بنفسه وأما من قال القرآن مخلوق أو قديم فأصل هؤلاء أنه لا يمكن أن يقرب من شىء ولا يدنو اليه فمن قال منهم بهذا مع هذا كان من تناقضه فانه لم يفهم أصل القائلين بأنه قديم
وأهل الكلام قد يعرفون من حقائق أصولهم ولوازمها ما لا يعرفه من وافقهم على أصل المقالة ولم يعرف حقيقتها ولوازمها فلذا يوجد كثير من الناس يتناقض كلامه فى هذا الباب فان نصوص الكتاب والسنة وآثار السلف متظاهرة بالاثبات وليس على النفى دليل واحد لا من كتاب ولا من سنة ولا من أثر وانما أصله قول الجهمية فلما جاء إبن كلاب فرق ووافقه كثير من الناس على ذلك فصار كثير من الناس يقر بما جاء عن السلف وما دل عليه الكتاب والسنة وبما يقوله النفاة مما يناقض ذلك ولا يهتدى للتناقض والله يهدى من يشاء الى صراط مستقيم
وبهذا يحصل الجواب عما إحتج به من قال إن ثلث الليل يختلف بإختلاف البلاد وهذا قد احتج به طائفة وجعلوا هذا دليلا على ما يتأولون عليه حديث النزول وهذا الذى ذكروه انما يصح اذا جعل نزوله من جنس
نزول أجسام الناس من السطح الى الأرض وهو يشبه قول من قال يخلو العرش منه بحيث يصير بعض المخلوقات فوقه وبعضها تحته
فإذا قدر النزول هكذا كان ممتنعا لما ذكروه من أنه لا يزال تحت العرش فى غالب الاوقات أو جميعها فان بين طرفى العمارة نحو ليلة فانه يقال بين ابتداء العمارة من المشرق ومنتهاها من المغرب مقدار مائة وثمانين درجة فلكية وكل خمس عشرة فهى ساعة معتدلة والساعة المعتدلة هى ساعة من اثنتى عشرة ساعة بالليل أو النهار اذا كان الليل والنهار متساويين كما يستويان فى أول الربيع الذى تسميه العرب الصيف وأول الخريف الذى تسميه الربيع بخلاف ما اذا كان أحدهما أطول من الآخر وكل واحد اثنتا عشرة ساعة فهذه الساعات مختلفة فى الطول والقصر فتغرب الشمس عن أهل المشرق قبل غروبها عن أهل المغرب كما تطلع على هؤلاء قبل هؤلاء بنحو اثنتى عشرة ساعة أو أكثر
فان الشمس على أى موضع كانت مرتفعة من الأرض الارتفاع التام كما يكون عند نصف النهار فانها تضىء على ما أمامها وخلفها من المشرق والمغرب تسعين درجة شرقية وتسعين غربية والمجموع مقدار حركتها اثنتا عشرة ساعة ستة شرقية وستة غربية وهو النهار المعتدل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/314)
ولا يزال لها هذا النهار لكن يخفى ضوؤها بسبب ميلها الى جانب الشمال والجنوب
والجنوب فإن المعمور من الأرض من الناحية الشمالية من الأرض التى هى شمال خط الاستواء المحاذى لدائرة معتدل النهار التى نسبتها الى القطبين الشمالى والجنوبى نسبة واحدة ولهذا يقال فى حركة الفلك أنها على ذلك المكان دولابية مثل الدولاب وانها عند القطبين رحاوية تشبه حركة الرحى وأنها فى المعمور من الأرض حمائلية تشبه حمائل السيوف والمعمور المسكون من الأرض يقال انه بضع وستون درجة أكثر من السدس بقليل
والكلام على هذا لبسطه موضع آخر ذكرنا فيه دلالة الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين وسائر من تبعهم من علماء المسلمين على أن الفلك مستدير وقد ذكر إجماع علماء المسلمين على ذلك غير واحد منهم الامام أبو الحسين بن المنادى الذى له نحو اربعمائة مصنف وهو من الطبقة الثانية من اصحاب أحمد وأبو محمد بن حزم وابو الفرج بن الجوزى وغيرهم
والمقصود هنا أن الشمس اذا طلعت على أول البلاد الشرقية فانه حينئذ يكون اما وقت غروبها واما قريبا من وقت غروبها على آخر البلاد الغربية فانها تكون بحيث يكون الضوء امامها تسعين درجة وخلفها تسعين درجة فهذا منتهى نورها فاذا طلعت عليهم كان بينها وبينهم تسعون درجة وكذلك على بلد تطلع عليه والحاسب يفرق بين الدرجات كما يفرق بين الساعات فان الساعات المختلفة الزمانية كل واحد منها خمس عشرة درجة بحسب ذلك الزمان
فيكون بينها وبين المغرب أيضا تسعون درجة من ناحية المغرب واذا صار بينها وبين مكان تسعون درجة غربية غابت كما تطلع اذا كان بينها وبينهم تسعون درجة شرقية واذا توسطت عليهم وهو وقت استوائها قبل أن تدلك وتزيغ ويدخل وقت الظهر كان لها تسعون درجة شرقية وتسعون درجة غربية
وإذا كان كذلك والنزول المذكور فى الحديث النبوى على قائله أفضل الصلاة والسلام الذى اتفق عليه الشيخان البخارى ومسلم واتفق علماء الحديث على صحته هو إذا بقى ثلث الليل الآخر واما رواية النصف والثلثين فانفرد بها مسلم فى بعض طرقه وقد قال الترمذى ان أصح الروايات عن ابى هريرة اذا بقى ثلث الليل الآخر وقد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم من رواية جماعة كثيرة من الصحابة كما ذكرنا قبل هذا فهو حديث متواتر عند أهل العلم بالحديث والذى لا شك فيه إذا بقى ثلث الليل الآخر
فإن كان النبى صلى الله عليه وسلم قد ذكر النزول ايضا اذا مضى ثلث الليل الاول واذا انتصف الليل فقوله حق وهو الصادق المصدوق ويكون النزول انواعا ثلاثة الاول إذا مضى ثلث الليل الأول ثم اذا انتصف وهو أبلغ ثم اذ بقى ثلث الليل وهو أبلغ الانواع الثلاثة
ولفظ الليل والنهار فى كلام الشارع اذا أطلق فالنهار من طلوع الفجر
كما فى قوله سبحانه وتعالى أقم الصلاة طرفى النهار وزلفا من الليل وكما فى قوله صم يوما وافطر يوما وقوله كالذى يصوم النهار ويقوم الليل ونحو ذلك فانما أراد صوم النهار من طلوع الفجر وكذلك وقت صلاة الفجر واول وقت الصيام بالنقل المتواتر المعلوم للخاصة والعامة والاجماع الذى لا ريب فيه بين الامة وكذلك فى مثل قوله صلاة الليل مثنى مثنى فاذا خفت الصبح فأوتر بركعة ولهذا قال العلماء كالامام أحمد بن حنبل وغيره ان صلاة الفجر من صلاة النهار
وأما اذا قال الشارع نصف النهار فانما يعنى به النهار المبتدىء من طلوع الشمس لا يريد قط لا فى كلامه ولا فى كلام أحد من علماء المسلمين بنصف النهار النهار الذى أوله من طلوع الفجر فان نصف هذا يكون قبل الزوال ولهذا غلط بعض متأخرى الفقهاء لما رأى كلام العلماء ان الصائم المتطوع يجوز له ان ينوى التطوع قبل نصف النهار وهل يجوز له بعده على قولين هما روايتان عن أحمد ظن أن المراد بالنهار هنا نهار الصوم الذى أوله طلوع الفجر وسبب غلطه فى ذلك أنه لم يفرق بين مسمى النهار اذا أطلق وبين مسمى نصف النهار فالنهار الذى يضاف اليه نصف فى كلام الشارع وعلماء امته هو من طلوع الشمس والنهار المطلق فى وقت الصلاة والصيام من طلوع الفجر
والنبى لما أخبر بالنزول اذا بقى ثلث الليل فهذا الليل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/315)
المضاف إليه الثلث يظهر أنه من جنس النهار المضاف اليه النصف وهو الذى ينتهى الى طلوع الشمس وكذلك لما قال النبى صلى الله عليه وسلم وقت العشاء الى نصف الليل أو الى الثلث فهو هذا الليل وكذلك الفقهاء اذا أطلقوا ثلث الليل ونصفه فهو كاطلاقهم نصف النهار وهكذا أهل الحساب لا يعرفون غير هذا
وقد يقال بل هو الليل المنتهى بطلوع الفجر كما فى الحديث الصحيح افضل القيام قيام داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه واليوم المعتاد المشروع الى طلوع الشمس بل الى طلوع الفجر فان كان المراد بالحديث هذا وحينئذ فاذا قدر ثلث الليل فى أول المشرق يكون قبل طلوع الشمس عليهم بأربع ساعات وقد قال النبى ينزل ربنا كل ليلة الى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعونى فأستجيب له من يسألنى فأعطيه من يستغفرنى فأغفر له حتى يطلع الفجر فقد اخبر بدوامه الى طلوع الفجر وفى رواية الى أن ينصرف القارئ من صلاة الفجر وقد قال تعالى وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا تشهده ملائكة الليل والنهار وقد قيل يشهده الله وملائكته
واذا كان هذا النزول يدوم نحو سدس عند أولئك فهكذا هو عند كل قوم اذا مضى ثلثا ليلهم يدوم عندهم سدس الزمان واما النزول الذى فى النصف أو الثلثين فانه يدوم ربع الزمان أو ثلثه فهو أكثر دواما من ذلك
وان أريد الليل المنتهى بطلوع الشمس كان وقت النزول أقل من ذلك فيكون قريبا من ثمن الزمان وتسعه وعلى رواية النصف والثلث يكون قريبا من سدسه وربعه وأكثر من ذلك
ومعلوم أن زمن ثلث ليل البلد الشرقى قبل ثلث ليل البلد الغربى كما قد عرف والعمارة طولها اثنتا عشرة ساعة مائة وثمانون درجة فلو قدر أن لكل مقدار ساعة وهو خمس عشرة درجة من المعمور ثلثا غير ثلث مقدار الساعة الأخرى لكان المعمور ستة وثلاثين ثلثا والنزول يدوم فى كل ثلث مقدار سدس الزمان فيلزم ان يكون النزول يدوم ليلا ونهارا أنه يدوم بقدر الليل والنهار ست مرات اذا قدر ان لكل طول ساعة من المعمور ثلثا فكيف النزول الالهى الى السماء الدنيا لدعاء عباده الساكنين فى الأرض
فكل أهل بلد من البلاد يبقى نزوله ودعاؤه لهم هل من سائل هل من داع هل من مستغفر سدس الزمان والبلاد من المشرق الى المغرب كثيرة والاسلام ولله الحمد قد انتشر من المشرق الى المغرب كما قال النبى فى الحديث الصحيح زويت لى الأرض مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك امتى ما زوى لى منها
وانما ذكرنا هذا لأنه قد يقال أن هذا النزول والدعاء انما هو لعباده المؤمنين الذين يعبدونه ويسألونه ويستغفرونه كما أن نزول عشية
عرفة انما هو لعباده المؤمنين الذين يحجون اليه وكما أن رمضان اذا دخل فتحت أبواب الجنة لعباده المؤمنين الذين يصومون رمضان وعنهم تغلق أبواب النار وتصفد شياطينهم وأما الكفار الذين يستحلون افطار شهر رمضان ولا يرون له حرمة ومزية فلا تفتح لهم فيه أبواب الجنة ولا تغلق عنهم فيه أبواب النار ولا تصفد شياطينهم
وليس المقصود هنا بسط هذا المعنى بل المقصود أن النزول ان كان خاصا بالمؤمنين فهم ولله الحمد من أقصى المشرق الى أقصى المغرب وان كان عاما فهو أبلغ فعلى كل تقدير لابد أن يدوم النزول الالهى على أهل كل بلد مقدار سدس الزمان أو أكثر فانه اذا قيل ليل صيفهم قصير قيل وليل شتائهم طويل فيعادل هذا هذا وما نقص من ليل صيفهم زيد فى ليل شتائهم ولهذا جاء فى الأثر الشتاء ربيع المؤمن يصوم نهاره ويقوم ليله
واذا كان كذلك فلو كان النزول كما يتخيله بعض الجهال من أنه يصير تحت السموات وفوق السماء وفوق السماء الدنيا وتحت العرش مقدار ثلث الليل على كل بلد لم يكن اللازم أنه لا يزال تحت العرش وتحت السموات فقط فان هذا انما يكون وحده هو اللازم اذا كان كل سدس من المعمور لهم كلهم ثلث واحد وكان المجموع ستة أثلاث فاذا قدر بقاؤه على هؤلاء مقدار ثلث ثم على هؤلاء الآخرين مقدار ثلث لزم أن لا يزال تحت العرش أو تحت السموات أو حيث تخيل الجاهل أن الله محصور فيه فلا يكون قط فوق العرش
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/316)
واما اذا كان لكل بلد ثلث غير الثلث الآخر وان أول كل بلد بعد الثلث الآخر يقدر ما بينهما وكذلك آخر ثلث ليل البلد الشرقى ينقضى قبل انقضاء ثلث ليل البلد الغربى وأيضا ان كانت مداخلة فلابد أن يدوم النزول على كل بلد ثلث ليلهم الى طلوع فجرهم فيلزم من ذلك أن يقدر أثلاث بقدر عدد البلاد
وأيضا فكما أن ثلث الليل يختلف بطول البلد فهو يختلف بعرضها أيضا فكلما كان البلد أدخل فى الشمال كان ليله فى الشتاء اطول وفى الصيف أقصر وما كان قريبا من خط الاستواء يكون ليله فى الشتاء أقصر من ليل ذاك وليله فى الصيف أطول من ليل ذاك فيكون ليلهم ونهارهم أقرب الى التساوى
وحينئذ فالنزول الالهى لكل قوم هو مقدار ثلث ليلهم فيختلف مقداره بمقادير الليل فى الشمال والجنوب كما اختلف فى المشرق والمغرب وأيضا فانه اذا صار ثلث الليل عند قوم فبعده بلحظة ثلث الليل عند ما يقاربهم من البلاد فيحصل النزول الالهى الذى أخبر به الصادق المصدق ايضا عند أولئك اذا بقى ثلث ليلهم وهكذا الى آخر العمارة
فلو كان كما توهمه الجاهل من أنه يكون تحت العرش وتكون فوقه السماء وتحته السماء لكان هذا ممتنعا من وجوه كثيرة
منها أنه لا يكون فوق العرش قط بل لا يزال تحته ومنها أنه يجب على هذا التقدير أن يكون الزمان بقدر ما هو مرات كثيرة جدا ليقع كذلك ومنها أنه مع دوام نزوله الى سماء هؤلاء الى طلوع فجرهم ان أمكن مع ذلك أن يكون قد نزل على غيرهم أيضا ممن ثلث ليلهم يخالف ثلث هؤلاء فى التقديم والتأخير والطول والقصر
فهذا خلاف ما تخيلوه فانهم لا يمكنهم أن يتخيلوا نازلا كنزول العباد من يكون نازلا على سماء هؤلاء ثلث ليلهم وهو أيضا فى تلك الساعة نازلا على سماء آخرين مع أنه يجب أن يتقدم على أولئك أو يتأخر عنهم أو يزيد أو يقصر
وحكى عن بعض الجهال أنه قيل له فالسموات كيف حالها عند نزوله قال يرفعها ثم يضعها وهو قادر على ذلك فهؤلاء الذين يتخيلون ما وصف رسول الله به ربه أنه مثل صفات أجسامهم كلهم ضالون ثم يصيرون قسمين
قسم علموا أن ذلك باطل وظنوا أن هذا ظاهر النص ومدلوله وأنه لا يفهم منه معنى الا ذلك فصاروا اما أن يتأولوه تأويلا يحرفون به الكلم عن مواضعه
وإما أن يقولوا لا يفهم منه شىء ويزعمون أن هذا مذهب السلف
ويقولون ان قوله وما يعلم تأويله الا الله يدل على أن معنى المتشابه لا يعلمه الا الله والحديث منه متشابه كما فى القرآن وهذا من متشابه الحديث فيلزمهم أن يكون الرسول الذى تكلم بحديث النزول لم يدر هو ما يقول ولا ما عنى بكلامه وهو المتكلم به ابتداء فهل يجوز لعاقل أن يظن هذا بأحد من عقلاء بنى آدم فضلا عن الأنبياء فضلا عن أفضل الأولين والآخرين وأعلم الخلق وأفصح الخلق وأنصح الخلق الخلق وهم مع ذلك يدعون أنهم أهل السنة وان هذا القول الذى يصفون به الرسول وأمته هو قول أهل السنة
ولا ريب أنهم لم يتصوروا حقيقة ما قالوه ولوازمه ولو تصوروا ذلك لعلموا أنه يلزمهم ما هو من اقبح اقوال الكفار فى الأنبياء وهم لا يرتضون مقالة من ينتقص النبى صلى الله عليه وسلم ولو تنقصه أحد لاستحلوا قتله وهم مصيبون فى استحلال قتل من يقدح فى الأنبياء عليهم السلام وقولهم يتضمن أعظم القدح لكن لم يعرفوا ذلك ولازم القول ليس بقول فانهم لو عرفوا أن هذا يلزمهم ما التزموه
وقسم ثان من الممثلين لله بخلقه لما رأوا ان قول هؤلاء منكر وان قول الرسول حق قالوا مثل تلك الجهالات من انه تصير فوقه سماء وتحته سماء او ان السموات ترتفع ثم تعود ونحو ذلك مما يظهر بطلانه لمن له ادنى عقل ولب وقد
وقد ثبت فى الصحيحين انه ينزل وفى لفظ ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر وفى حديث آخر اقرب ما يكون الرب من عبده فى جوف الليل الآخر وفى صحيح مسلم ان الله ينزل إلى سماء الدنيا حين يمضى ثلث الليل وفى صحيح مسلم أيضا اذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله الى سماء الدنيا فما ذكر من تقدم اختلاف الليل فى البلاد يبطل قول من يظن أنه يخلو منه العرش ويصير تحت العرش أو تحت السماء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/317)
وأما النزول الذى لا يكون من جنس نزول أجسام العباد فهذا لا يمتنع أن يكون فى وقت واحد لخلق كثير ويكون قدره لبعض الناس أكثر بل لا يمتنع أن يقرب الى خلق من عباده دون بعض فيقرب الى هذا الذى دعاه دون هذا الذى لم يدعه وجميع ما وصف به الرب عز وجل نفسه من القرب فليس فيه ما هو عام لجميع المخلوقات كما فى المعية فان المعية وصف نفسه فيها بعموم وخصوص
وأما قربه مما يقرب منه فهو خاص لمن يقرب منه كالداعى والعابد وكقربه عشية عرفة ودنوه الى السماء الدنيا لأجل الحجاج وان كانت تلك العشية بعرفة قد تكون وسط النهار فى بعض البلاد وتكون ليلا فى بعض البلاد فان تلك البلاد لم يدن اليها ولا الى سمائها الدنيا وانما دنا الى السماء الدنيا التى على الحجاج وكذلك نزوله بالليل
وهذا كما أن حسابه لعباده يوم القيامة يحاسبهم كلهم فى ساعة واحدة وكل
منهم يخلو به كما يخلو الرجل بالقمر ليلة البدر فيقرره بذنوبه وذلك المحاسب لا يرى أنه يحاسب غيره كذلك قال أبو رزين للنبى لما قال النبى ما منكم من أحد الا سيخلو به ربه كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر قال يا رسول الله كيف ونحن جميع وهو واحد فقال سأنبئك بمثل ذلك فى آلاء الله هذا القمر كلكم يراه مخليا به فالله أكبر وقال رجل لابن عباس رضى الله عنه كيف يحاسب الله العباد فى ساعة واحدة قال كما يرزقهم فى ساعة واحدة
وكذلك ما ثبت فى صحيح مسلم عن أبى هريرة عن النبى قال يقول الله قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين فنصفها لى ونصفها لعبدى ولعبدى ما سأل فاذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال الله حمدنى عبدى فاذا قال العبد الرحمن الرحيم قال الله اثنى على عبدى فاذا قال العبد مالك يوم الدين قال الله مجدنى عبدى فاذا قال العبد اياك نعبد واياك نستعين قال هذه بينى وبين عبدى نصفين ولعبدى ما سأل فاذا قال اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال هؤلاء لعبدى ولعبدى ما سأل
فهذا يقوله سبحانه وتعالى لكل مصل قرأ الفاتحة فلو صلى الرجل ما صلى من الركعات قيل له ذلك وفى تلك الساعة يصلى من يقرأ الفاتحة من
لا يحصى عدده الا الله وكل واحد منهم يقول الله له كما يقول لهذا كما يحاسبهم كذلك فيقول لكل واحد ما يقول له من القول فى ساعة واحدة وكذلك سمعه لكلامهم يسمع كلامهم كله مع اختلاف لغاتهم وتفنن حاجاتهم يسمع دعاءهم سمع اجابة ويسمع كل ما يقولونه سمع علم واحاطة لا يشغله سمع عن سمع ولا تغلطه المسائل ولا يتبرم بالحاح الملحين فانه سبحانه هو الذى خلق هذا كله وهو الذى يرزق هذا كله وهو الذى يوصل الغذاء الى كل جزء جزء من البدن على مقداره وصفته المناسبة له وكذلك من الزرع
وكرسيه قد وسع السموات والأرض ولا يؤوده حفظهما فاذا كان لا يؤوده خلقه ورزقه على هذه التفاصيل فكيف يؤوده العلم بذلك أو سمع كلامهم أو رؤية أفعالهم أو اجابة دعائهم سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون
وهذه الآية مما تبين خطأ هؤلاء فانه سبحانه وتعالى قال وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون وقد ثبت فى الصحيحين من حديث أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى أنه قال يقبض الله الأرض ويطوى السموات بيمينه ويقول أنا الملك انا الملك اين ملوك الأرض
وفى حديث ابن عمر رضى الله عنهما أبلغ من ذلك والسياق لمسلم عن النبى أنه قال يطوى الله السموات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يطوى الارضين بشماله ثم يقول أنا الملك اين الجبارون اين المتكبرون رواه عن أبى بكر بن أبى شيبة ورواه عثمان بن أبى شيبة قال يطوى الله السموات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول أنا الملك اين الجبارون أين المتكبرون ثم يطوى الأرضين ثم يأخذهن بشماله فيقول أنا الملك اين الجبارون اين المتكبرون
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/318)
وفى حديث عبدالله بن مقسم عن عبدالله بن عمر قال رأيت النبى على المنبر وهو يقول يأخذ الجبار سمواته وأرضه وقبض بيده وجعل يقبضها ويبسطها ويقول أنا الرحمن أنا الملك أنا القدوس أنا السلام أنا المؤمن أنا المهيمن أنا العزيز أنا الجبار أنا المتكبر أنا الذى بدأت الدنيا ولم تك شيئا أنا الذى أعيدها أين الجبارون اين المتكبرون ويتميل رسول الله على يمينه وعلى شماله حتى نظرت الى المنبر يتحرك من اسفل شىء منه حتى انى أقول أساقط هو برسول الله رواه ابن منده وابن خزيمة وعثمان بن سعيد الدارمى وسعيد بن منصور وغيرهم من الأئمة الحفاظ النقاد الجهابذة
فاذا كان سبحانه يطوى السموات كلها بيمينه وهذا قدرها عنده كما
قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما ما السموات السبع والارضون السبع وما فيهن وما بينهن فى يد الرحمن الا كخردلة فى يد أحدكم وهو سبحانه بين لنا من عظمته بقدر ما نعقله كما قال عبدالعزيز الماجشون والله ما دلهم على عظيم ما وصف من نفسه وما تحيط به قبضته الا صغر نظيرها منهم عندهم ان ذلك الذى ألقى فى روعهم وخلق على معرفته قلوبهم
وقد قال تعالى لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار قال ابن أبى حاتم فى تفسيره حدثنا أبو زرعة ثنا منجاب بن الحارث ثنا بشر بن عمارة عن أبى روق عن عطية العوفى عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه عن النبى فى قوله سبحانه وتعالى لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار قال لو أن الجن والانس والشياطين والملائكة منذ خلقوا الى أن فنوا صفوا صفا واحدا ما احاطوا بالله أبدا فمن هذه عظمته كيف يحصره مخلوق من المخلوقات سماء أو غير سماء حتى يقال أنه اذا نزل الى السماء الدنيا صار العرش فوقه أو يصير شىء من المخلوقات يحصره ويحيط به سبحانه وتعالى
فاذا قال القائل هو قادر على ما يشاء قيل فقل هو قادر على أن ينزل سبحانه وتعالى وهو فوق عرشه واذا استدللت بمطلق القدرة والعظمة من غير تمييز فما كان أبلغ فى القدرة والعظمة فهو اولى بأن يوصف به مما ليس
وكذلك فان من توهم العظيم الذى لا أعظم منه يقدر على أن يصغر حتى يحيط به مخلوقه الصغير وجعل هذا من باب القدرة والعظمة فقوله انه ينزل مع بقاء عظمته وعلوه على العرش أبلغ فى القدرة والعظمة وهو الذى فيه موافقة الشرع والعقل
وهذا كما قد يقوله طائفة منهم أبو طالب المكى قال ان شاء وسعه أدنى شىء وان شاء لم يسعه شىء وان أراد عرفه كل شىء وان لم يرد لم يعرفه شىء ان أحب وجد عند كل شىء وان لم يحب لم يوجد عند شىء وقد جاوز الحد والمعيار وسبق القيل والاقدار ذو صفات لا تحصى وقدر لا يتناهى ليس محبوسا فى صورة ولا موقوفا بصفة ولا محكوما عليه بكلم ولا يتجلى بوصف مرتين ولا يظهر فى صورة لاثنين ولا يرد منه بمعنى واحد كلمتان بل لكل تجل منه صورة ولكل عبد عند ظهوره صفة وعن كل نظرة كلام وبكل كلمة افهام ولا نهاية لتجليه ولا غاية لأوصافه
قلت أبو طالب رحمه الله وأصحابه السالمية اتباع الشيخ أبى الحسن بن سالم صاحب سهل بن عبدالله التسترى لهم من المعرفة والعبادة والزهد واتباع السنة والجماعة فى عامة المسائل المشهورة لأهل السنة ما هم معروفون به وهم منتسبون الى امامين عظيمين فى السنة الامام أحمد بن حنبل وسهل بن عبدالله التسترى ومنهم من تفقه على مذهب مالك بن أنس كبيت الشيخ أبى محمد وغيرهم وفيهم من هو على مذهب الشافعى
فالذين ينتسبون اليهم أو يعظمونهم ويقصدون متابعتهم أئمة هدى رضوان الله عليهم أجمعين وهم فى ذلك كأمثالهم من أهل السنة والجماعة
وقل طائفة من المتأخرين إلا وقع فى كلامها نوع غلط لكثرة ما وقع من شبه أهل البدع ولهذا يوجد فى كثير من المصنفات فى أصول الفقه وأصول الدين والفقه والزهد والتفسير والحديث من يذكر فى الاصل العظيم عدة أقوال ويحكى من مقالات الناس ألوانا والقول الذى بعث الله به رسوله لا يذكره لعدم علمه به لا لكراهته لما عليه الرسول
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/319)
وهؤلاء وقع فى كلامهم اشياء أنكروا بعض ما وقع من كلام ابى طالب فى الصفات من نحو الحلول وغيره انكرها عليهم أئمة العلم والدين ونسبوهم الى الحلول من أجلها ولهذا تكلم أبو القاسم بن عساكر فى أبى على الاهوازى لما صنف هذا مثالب أبى الحسن الاشعرى وهذا مناقبه وكان أبو على الاهوازى من السالمية فنسبهم طائفة الى الحلول والقاضى أبو يعلى له كتاب صنفه فى الرد على السالمية
وهم فيما ينازعهم المنازعون فيه كالقاضى أبى يعلى وغيره وكاصحاب الاشعرى وغيرهم من ينازعهم من جنس تنازع الناس تارة يرد عليهم حق وباطل وتارة يرد عليهم حق من حقهم وتارة يرد باطل بباطل وتارة يرد باطل بحق
وكذلك ذكر الخطيب البغدادى فى تاريخه أن جماعة من العلماء أنكروا بعض ما وقع فى كلام أبى طالب فى الصفات وما وقع فى كلام أبى طالب من الحلول سرى بعضه الى غيره من الشيوخ الذين أخذوا عنه كأبى الحكم بن برجان ونحوه
وأما ابو اسماعيل الانصارى صاحب منازل السائرين فليس فى كلامه شىء من الحلول العام لكن فى كلامه شىء من الحلول الخاص فى حق العبد العارف الواصل الى ما سماه هو مقام التوحيد وقد باح منه بما لم يبح به أبو طالب لكن كنى عنه
وأما الحلول العام ففى كلام أبى طالب قطعة كبيرة منه مع تبريه من لفظ الحلول فانه ذكر كلاما كثيرا حسنا فى التوحيد كقوله عالم لا يجهل قادر لا يعجز حى لا يموت قيوم لا يغفل حليم لا يسفه سميع بصير ملك لا يزول ملكه قديم بغير وقت آخر بغير حد كائن لم يزل الى أن قال وانه امام كل شىء ووراء كل شىء وفوق كل شىء ومع كل شىء ويسمع كل شىء وأقرب الى كل شىء من ذلك الشىء وانه مع ذلك غير محل للاشياء وان الأشياء ليست محلا له وأنه على العرش استوى كيف شاء بلا تكييف ولا تشبيه وأنه بكل شىء عليم وعلى كل شىء قدير وبكل شىء
محيط وذكر كلاما آخر يتعلق بالمخلوقات واحاطة بعضها ببعض بحسب ما رآه ثم قال والله جل جلاله وعظم شأنه هو ذات منفرد بنفسه متوحد بأوصافه بائن من جميع خلقه لا يحل الاجسام ولا تحله الاعراض ليس فى ذاته سواه ولا فى سواه من ذاته شىء ليس فى الخلق الا الخلق ولا فى الذات الا الخالق
قلت وهذا ينفى الحلول كما نفاه أولا
ثم قال
فصل شهادة التوحيد ووصف توحيد الموقنين
فشهادة الموقن يقينه أن الله هو الأول من كل شىء وأقرب من كل شىء فهو المعطى المانع الهادى المضل لا معطى ولا مانع ولا ضار ولا نافع الا الله كما لا اله إلا الله ويشهد قرب الله منه ونظره اليه وقدرته عليه وحيطته به فسبق نظره وهمه إلى الله قبل كل شىء ويذكره فى كل شىء ويخلو قلبه له من كل شىء ويرجع اليه بكل شىء ويتأله اليه دون كل شىء ويعلم أن الله أقرب الى القلب من وريده وأقرب الى الروح من حياته وأقرب الى البصر من نظره وأقرب الى اللسان من ريقه بقرب هو وصفه لا يتقرب ولا يقرب
وأنه تعالى على العرش فى ذلك كله وأنه رفيع الدرجات من الثرى كما هو رفيع الدرجات من العرش وأن قربه من الثرى ومن كل شىء كقربه
من العرش وأن العرش غير ملاصق له بحس ولا تمكن فيه ولا يذكر فيه بوجس ولا ناظر اليه بعين ولا يحاط به فيدرك لانه تعالى محتجب بقدرته عن جميع بريته ولا نصيب للعرش منه إلا كنصيب موقن عالم به واجد لما أوجده منه من أن الله عليه وان العرش مطمئن به وان الله محيط بعرشه فوق كل شىء وفوق تحت كل شىء فهو فوق الفوق تحت التحت لا يحد بتحت فيكون له فوق لأنه العلى الأعلى
أين كان لا يخلو من علمه وقدرته مكان ولا يحد بمكان ولا يفقد من مكان ولا يوجد بمكان فالتحت للاسفل والفوق للأعلى
وهو سبحانه فوق كل فوق فى العلو وفوق كل تحت فى السمو هو فوق ملائكة الثرى كما هو فوق ملائكة العرش والأماكن الممكنات ومكانة مشيئته ووجوده قدرته والعرش والثرى فما بينهما هو حد للخلق الاسفل والاعلى بمنزلة خردلة فى قبضته وهو أعلى من ذلك محيط بجميع ذلك كما لا يدركه العقل ولا يكيفه الوهم ولا نهاية لعلوه ولا فوق لسموه ولا بعد فى دنوه
الى أن قال وان الله لا يحجبه شىء عن شىء ولا يبعد عليه شىء قريب من كل شىء بوصفه وهو القدرة والدراك والاشياء مبعدة بأوصافها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/320)
وهو البعد والحجب فالبعد والابعاد حكم مشيئته والحدود والاقطار حجب بريته الى أن قال وهو الله فى السموات وفى الأرض ثم استوى على العرش وهو معكم أينما كنتم غير متصل بالخلق ولا مفارق وغير مماس للكون ولا متباعد بل منفرد بنفسه متوحد بوصفه لا يزدوج الى شىء ولا يقترن به شىء أقرب من كل شىء بقرب هو وصفه وهو محيط بكل شىء بحيطة هى نعته وهو مع كل شىء وفوق كل شىء وأمام كل شىء ووراء كل شىء بعلوه ودنوه وهو قربه فهو وراء الحول الذى هو وراء حملة العرش وهو أقرب من حبل الوريد الذى هو الروح وهو مع ذلك فوق كل شىء وهو محيط بكل شىء وليس هو تعالى فى هذا مكانا لشىء ولا مكانا له شىء وليس كمثله فى كل هذا شىء لا شريك له فى ملكه ولا معين له فى خلقه ولا نظير له فى عباده ولا شبيه له فى ايجاده وهو أول فى آخريته بأولية هى صفته وآخر فى أوليته بآخرية هى نعته وباطن فى ظهوره بباطنيه هى قربه وظاهر فى باطنيته بظهور هو علوه لم يزل كذلك اولا ولا يزال كذلك آخرا ولم يزل كذلك باطنا ولا يزال كذلك ظاهرا
الى أن قال هو على عرشه باخباره لنفسه فالعرش حد خلقه الاعلى وهو غير محدود بعرشه والعرش محتاج الى مكان والرب عز وجل غير محتاج اليه كما قال تعالى الرحمن على العرش استوى الرحمن اسم والاستواء
نعته متصل بذاته والعرش خلقه منفصل عن صفاته ليس بمضطر الى مكان يسعه ولا حامل يحمله
إلى أن قال وهو لا يسعه غير مشيئته ولا يظهر الا فى انوار صفته ولا يوجد الا فى سعة البسطة فاذا قبض أخفى ما أبدى واذا بسط أعاد ما أخفى وكذلك جعله فى كل رسم كون وفعله بكل اسم مكان ومما جل فظهر ومما دق فاستتر لا يسعه غير مشيئته بقربه ولا يعرف الا بشهوده ولا يرى الا بنوره هذا لأوليائه اليوم بالغيب فى القلوب ولهم ذلك عند المشاهدة بالابصار ولا يعرف الا بمشيئته ان شاء وسعه أدنى شىء وان لم يشأ لم يسعه كل شىء ان أراد عرفه كل شىء وان لم يرد لم يعرفه شىء ان أحب وجد عند كل شىء وان لم يحب لم يوجد بشىء وذكر تمام كلامه كما حكيناه من قبل
قلت وهذا الذى ذكره من قربه واطلاقه وأنه لا يتجلى بوصف مرتين ولا يظهر فى صورة لاثنين هو حكم ما يظهر لبعض السالكين من قربه الى قلوبهم وتجليه لقلوبهم لا ان هذا هو وصفه فى نفس الأمر وانه كما تحصل هذه التجليات المختلفة تحصل يوم القيامة للعيون
وهذا الموضع مما يقع الغلظ فيه لكثير من السالكين يشهدون اشياء بقلوبهم فيظنون أنها موجودة فى الخارج هكذا حتى ان فيهم خلقا من هم من المتقدمين والمتأخرين يظنون أنهم يرون الله بعيونهم لما يغلب على قلوبهم
من المعرفة والذكر والمحبة يغيب بشهوده فيما حصل لقلوبهم ويحصل لهم فناء واصطلام فيظنون ان هذا هو أمر مشهود بعيونهم ولا يكون ذلك الا فى القلب ولهذا ظن كثير منهم أنه يرى الله بعينه فى الدنيا
وهذا مما وقع لجماعة من المتقدمين والمتأخرين وهو غلط محض حتى أورث مما يدعيه هؤلاء شكا عند أهل النظر والكلام الذين يجوزون رؤية الله فى الجملة وليس لهم من المعرفة بالسنة ما يعرفون به هل يقع فى الدنيا أو لا يقع فمنهم من يذكر فى وقوعها فى الدنيا قولين ومنهم من يقول يجوز ذلك وهذا كله ضلال فان ائمة السنة والجماعة متفقون من أن الله لا يراه أحد بعينه فى الدنيا ولم يتنازعوا الا فى نبينا صلى الله عليه وسلم خاصة وقد روى نفى رؤيتنا له فى الدنيا عن النبى من عدة أوجه منها ما رواه مسلم فى صحيحه عن النبى أنه قال لما ذكر الدجال قال واعلموا أن أحدا منكم لن يرى ربه حتى يموت وموسى بن عمران عليه السلام قد سأل الرؤية فذكر الله سبحانه قوله لن ترانى وما أصاب موسى من الصعق
وهؤلاء منهم من يقول أن موسى رآه وان الجبل كان حجابه فلما جعل الجبل دكا رآه وهذا يوجد فى كلام ابى طالب ونحوه ومنهم من يجعل الرائى هو المرئى فهو الله فيذكرون إتحادا وأنه افنى موسى عن نفسه حتى
كان الرائى هو المرئى فما رآه عندهم موسى بل رأى نفسه بنفسه وهذا يدعونه لأنفسهم
والاتحاد والحلول باطل وعلى قول من يقول به إنما هذا فى الباطن والقلب لا فى الظاهر فان غاية ذلك ما تقوله النصارى فى المسيح ولم يقولوا ان أحدا رأى اللاهوت الباطن المتدرع بالناسوت
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/321)
وهذا الغلط يقع كثيرا فى السالكين يقع لهم أشياء فى بواطنهم فيظنونها فى الخارج فى ذلك بمنزلة الغالطين من نظار المتفلسفة ونحوهم حيث يتصورون أشياء بعقولهم كالكليات والمجردات ونحو ذلك فيظنونها ثابتة فى الخارج وانما هى فى نفوسهم ولهذا يقول أبو القاسم السهيلى وغيره نعوذ بالله من قياس فلسفى وخيال صوفى
ولهذا يوجد التناقض الكثير فى كلام هؤلاء وهؤلاء وأما الذين جمعوا الاراء الفلسفية والخيالات الصوفية الكاسدة كابن عربى وأمثاله فهم من أضل أهل الأرض ولهذا كان الجنيد رضى الله عنه سيد الطائفة امام هدى فكان قد عرف ما يعرض لبعض السالكين فلما سئل عن التوحيد قال التوحيد افراد الحدوث عن القدم
فبين أنه يميز المحدث عن القديم تحذيرا عن الحلول والاتحاد فجاءت
الملاحدة كابن عربى ونحوه فانكروا هذا الكلام على الجنيد لأنه يبطل مذهبهم الفاسد والجنيد وأمثاله أئمة هدى ومن خالفه فى ذلك فهو ضال وكذلك غير الجنيد من الشيوخ تكلموا فيما يعرض للسالكين وفيما يرونه فى قلوبهم من الانوار وغير ذلك وحذروهم أن يظنوا أن ذلك هو ذات الله تعالى
وقد خطب عروة بن الزبير من عبدالله بن عمر ابنته وهو فى الطواف فقال أتحدثنى فى النساء ونحن نتراءى الله فى طوافنا فهذا كله وما أشبهه لم يريدوا به أن القلب ترفع جميع الحجب بينه وبين الله حتى تكافح الروح ذات الله كما يرى هو نفسه فان هذا لا يمكن لأحد فى الدنيا ومن جوز ذلك إنما جوزه للنبى كقول ابن عباس رأى محمد ربه بفؤاده مرتين ولكن هذا التجلى يحصل بوسائط بحسب ايمان العبد ومعرفته وحبه ولهذا تتنوع احوال الناس فى ذلك كما تتنوع رؤيتهم لله تعالى فى المنام فيراه كل انسان بحسب ايمانه ويرى فى صور متنوعة
فهذا الذى قاله ابو طالب وهؤلاء اذا قيل مثله فيما يحصل فى القلوب كان مقاربا مع أن فى بعض ذلك نظرا واما أن يقال أن الرب تعالى فى نفسه هو كذلك فليس الامر كذلك
أما قوله أقرب الى الروح من حياته وأقرب الى البصر من نظره والى
اللسان من ريقه بقرب هو وصفه وقوله أقرب من حبل الوريد فهذا ليس فى كتاب الله ولا سنة رسول الله ولا قاله أحد من السلف لا من الصحابة ولا من التابعين لهم باحسان ولا الأئمة الأربعة وأمثالهم من ائمة المسلمين ولا الشيوخ المقتدى بهم من شيوخ المعرفة والتصوف وليس فى القرآن وصف الرب تعالى بالقرب من كل شىء أصلا بل قربه الذى فى القرآن خاص لا عام كقوله تعالى واذا سألك عبادى عنى فانى قريب أجيب دعوة الداع اذا دعان فهو سبحانه قريب ممن دعاه وكذلك ما فى الصحيحين عن أبى موسى الاشعرى أنهم كانوا مع النبى فى سفر فكانوا يرفعون أصواتهم بالتكبير فقال يا ايها الناس أربعوا على أنفسكم فانكم لا تدعون أصم ولا غائبا انما تدعون سميعا قريبا ان الذى تدعونه اقرب الى أحدكم من عنق راحلته فقال ان الذى تدعونه أقرب الى أحدكم لم يقل أنه قريب الى كل موجود وكذلك قول صالح عليه السلام فاستغفروا ربكم ثم توبوا اليه ان ربى قريب مجيب هو كقول شعيب واستغفروا ربكم ثم توبوا اليه ان ربى رحيم ودود ومعلوم أن قوله قريب مجيب مقرون بالتوبة والاستغفار أراد به قريب مجيب لاستغفار المستغفرين التائبين اليه كما أنه رحيم ودود بهم وقد قرن القريب بالمجيب ومعلوم أنه لا يقال انه مجيب لكل موجود وانما الاجابة لمن سأله ودعاه فكذلك قربه سبحانه
وأسماء الله المطلقة كإسمه السميع والبصير والغفور والشكور والمجيب والقريب لا يجب أن تتعلق بكل موجود بل يتعلق كل اسم بما يناسبه واسمه العليم لما كان كل شىء يصلح أن يكون معلوما تعلق بكل شىء
وأما قوله ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن اقرب اليه من حبل الوريد اذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد وقوله فلولا اذا بلغت الحلقوم وانتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب اليه منكم ولكن لا تبصرون فالمراد به قربه اليه بالملائكة وهذا هو المعروف عن المفسرين المتقدمين من السلف قالوا ملك الموت أدنى اليه من اهله ولكن لا تبصرون الملائكة وقد قال طائفة ونحن أقرب اليه بالعلم وقال بعضهم بالعلم والقدرة ولفظ بعضهم بالقدرة والرؤية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/322)
وهذه الأقوال ضعيفة فانه ليس فى الكتاب والسنة وصفه بقرب عام من كل موجود حتى يحتاجوا ان يقولوا بالعلم والقدرة والرؤية ولكن بعض الناس لما ظنوا أنه يوصف بالقرب من كل شىء تأولوا ذلك بأنه عالم بكل شىء قادر على كل شىء
وكأنهم ظنوا أن لفظ القرب مثل لفظ المعية فان لفظ المعية فى سورة
الحديد والمجادلة فى قوله تعالى هو الذى خلق السموات والأرض فى ستة ايام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج فى الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم اينما كنتم والله بما تعملون بصير وقوله تعالى ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة
وقد ثبت عن السلف أنهم قالوا هو معهم بعلمه وقد ذكر ابن عبدالبر وغيره أن هذا إجماع من الصحابة والتابعين لهم باحسان ولم يخالفهم فيه أحد يعتد بقوله وهو مأثور عن ابن عباس والضحاك ومقاتل بن حيان وسفيان الثورى وأحمد بن حنبل وغيرهم
قال ابن أبى حاتم فى تفسيره حدثنا أبى ثنا اسماعيل بن ابراهيم بن معمر عن نوح بن ميمون المضروب عن بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان عن عكرمة عن ابن عباس فى قوله وهو معكم أينما كنتم قال هو على العرش وعلمه معهم قال وروى عن سفيان الثورى أنه قال علمه معهم وقال حدثنا أبى قال حدثنا أحمد بن ابراهيم الدورقى حدثنا نوح بن ميمون المضروب ثنا بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان عن الضحاك بن مزاحم فى قوله ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم إلى قوله أينما كانوا
قال هو على العرش وعلمه معهم ورواه باسناد آخر عن مقاتل بن حيان هذا وهو ثقة فى التفسير ليس بمجروح كما جرح مقاتل بن سليمان
وقال عبدالله بن أحمد ثنا أبى ثنا نوح بن ميمون المضروب عن بكير بن معروف ثنا ابو معاوية عن مقاتل بن حيان عن الضحاك فى قوله تعالى ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا قال هو على العرش وعلمه معهم وقال على بن الحسن بن شقيق حدثنا عبدالله بن موسى صاحب عبادة ثنا معدان قال ابن المبارك ان كان أحد بخراسان من الابدال فمعدان قال سألت سفيان الثورى عن قوله وهو معكم أينما كنتم قال علمه وقال حنبل بن اسحق فى كتاب السنة قلت لأبى عبدالله أحمد بن حنبل ما معنى قوله تعالى وهو معكم أينما كنتم و ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم الى قوله تعالى الا هو معهم اينما كانوا قال علمه عالم الغيب والشهادة محيط بكل شىء شاهد علام الغيوب يعلم الغيب ربنا على العرش بلا حد ولا صفة وسع كرسيه السموات والأرض
وقد بسط الامام أحمد الكلام على معنى المعية فى الرد على الجهمية ولفظ المعية فى كتاب الله جاء عاما كما فى هاتين الآيتين وجاء خاصا كما فى قوله
ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون وقوله اننى معكما اسمع وأرى وقوله لا تحزن ان الله معنا فلو كان المراد أنه بذاته مع كل شىء لكان التعميم يناقض التخصيص فانه قد علم أن قوله لا تحزن ان الله معنا أراد به تخصيصه وابا بكر دون عدوهم من الكفار وكذلك قوله ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون خصهم بذلك دون الظالمين والفجار وأيضا فلفظ المعية ليست فى لغة العرب ولا شىء من القرآن يراد بها اختلاط احدى الذاتين بالأخرى كما فى قوله محمد رسول الله والذين معه وقوله فأولئك مع المؤمنين وقوله اتقوا الله وكونوا مع الصادقين وقوله وجاهدوا معكم ومثل هذا كثير فامتنع أن يكون قوله وهو معكم يدل على أن ذاته مختلطة بذوات الخلق وأيضا فانه افتتح الآية بالعلم وختمها بالعلم فكان السياق يدل على انه أراد أنه عالم بهم
وقد بسط الكلام عليه فى موضع آخر وبين أن لفظ المعية فى اللغة وان اقتضى المجامعة والمصاحبة والمقارنة فهو اذا كان مع العباد لم يناف ذلك علوه على عرشه ويكون حكم معيته فى كل موطن بحسبه فمع الخلق كلهم بالعلم والقدرة والسلطان ويخص بعضهم بالاعانة والنصر والتأييد
وقد قال ابن أبى حاتم قرات على محمد بن الفضل حدثنا محمد بن على بن الحسن بن شقيق ثنا محمد بن مزاحم ثنا بكير بن معروف عن مقاتل بن سليمان
فى قوله تعالى يعلم ما يلج فى الأرض من المطر وما يخرج منها من النبات وما ينزل من السماء من القطر وما يعرج فيها ما يصعد الى السماء من الملائكة وهو معكم أينما كنتم يعنى بقدرته وسلطانه وعلمه معكم أينما كنتم
وبهذا الاسناد عن مقاتل بن سليمان قال بلغنا والله أعلم فى قوله تعالى هو الأول قال قبل كل شىء والآخر قال بعد كل شىء والظاهر قال فوق كل شىء والباطن قال اقرب من كل شىء وانما نعنى بالقرب بعلمه وقدرته وهو فوق عرشه وهو بكل شىء عليم يعلم نجواهم ويسمع كلامهم ثم ينبئهم يوم القيامة بكل شىء نطقوا به سىء أو حسن
وهذا ليس مشهورا عن مقاتل كشهرة الأول الذى روى عنه من وجوه لم يجزم بما قاله بل قال بلغنا وهو الذى فسر الباطن بالقريب ثم فسر القرب بالعلم والقدرة ولا حاجة الى هذا وقد ثبت فى الصحيح عن النبى أنه قال انت الاول فليس قبلك شىء وأنت الآخر فليس بعدك شىء وأنت الظاهر فليس فوقك شىء وأنت الباطن فليس دونك شىء وجاء عن النبى من حديث أبى هريرة وأبى ذر رضى الله عنهما فى تفسير هذه الأسماء وحديث الادلاء ما قد بسطنا القول عليه فى مسألة الاحاطة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/323)
ـ[عبدالله الوائلي]ــــــــ[04 - 04 - 07, 02:33 ص]ـ
فليتق الله كاتب الموضوع , كيف تتجرأ على سرقة كلام الغير ولا تعزيه إليه , هذا الكتاب للشيخ حامد بن عبدالله العلي
http://h-alali.info/b_open.php?id=3cf7b958-fb6c-1029-a701-0010dc91cf69(27/324)
ستة طلاب علم يكفِّر بعضهم بعضاً!
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[25 - 03 - 04, 08:17 ص]ـ
قال الإمام الطبري: حدثنا محمد بن بشار قال: ثنا محمد بن جعفر وأبو عاصم قالا: ثنا عوف عن سوار بن شبيب قال: كنت عند ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ إذ أتاه رجلٌ جليدٌ في العين، شديدُ اللسان، فقال يا أبا عبد الرحمن: نحن ستةٌ، كلهم قد قرؤوا القرآن فأسرع فيه، وكلهم مجتهدٌ لا يألو، وكلهم بغيضٌ إليه أن يأتي دناءةً، وهم في ذلك يشهد بعضهم على بعض بالشرك؟
فقال رجلٌ من القوم: وأي دناءة تريد أكثر من أن يشهر بعضهم على بعض بالشرك؟
قال: فقال الرجل: إني لست إياك أسأل، أنا أسأل الشيخ!
فأعاد على عبد الله الحديث، فقال عبد الله بن عمر: لعلك ترى ـ لا أبا لك ـ أني سآمرك أن تذهب فتقتلهم، عظهم وانههم، فإن عصوك فعليك بنفسك، فإن الله تعالى يقول: ((يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون)) [تفسير الطبري ج7/ص95
]
ومما يشهد له:
ما قاله ابن أبي شيبة: حدثنا وكيعٌ، عن عمرو بن منبه، عن سوار بن شبيب قال: جاء رجلٌ إلى بن عمر فقال: إن ها هنا قوماً يشهدون علي بالكفر، فقال: ألا تقول لا إله إلا الله فتكذبهم!
[مصنف ابن أبي شيبة ج6/ص166]
""""""""""""""""""
لاحظ:
1ـ نحن ستةٌ.
2 ـ كلهم قد قرؤوا القرآن فأسرع فيه. [القراءة عندهم: التفقه فيه، لا مجرد حفظه].
3ـ وكلهم مجتهدٌ لا يألو. [لا يقصّر في طلب العلم، والعمل]
4ـ وكلهم بغيضٌ إليه أن يأتي دناءةً. [ورعٌ، وخشيةٌ]
5ـ وهم في ذلك يشهد بعضهم على بعض بالشرك؟
ما أشبه الليلة بالبارحة!
والغادية بالرائحة!
ووالله إني لأكره الكلام في هذا الباب، ولكن لاعجٌ في القلب جاشَ فاستجاش.
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[25 - 03 - 04, 10:35 ص]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيك
صحيح ابن حبان ج:1 ص:282
حدثنا محمد بن بكر عن الصلت بن بهرام حدثنا الحسن حدثنا جندب البجلي في هذا المسجد أن حذيفة حدثه قال قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (إن ما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن
حتى إذا رئيت بهجته عليه
وكان ردئا للإسلام
غيره إلى ما شاء الله
فانسلخ منه ونبذه وراء ظهره
وسعى على جاره بالسيف
ورماه بالشرك
قال قلت يا نبي الله أيهما أولى بالشرك المرمي أم الرامي
قال بل الرامي)
سير أعلام النبلاء ج: 5 ص: 109
وقالوا كان لأبي الجعد ستة بنين
فإثنان شيعيان
وإثنان مرجئان
وإثنان خارجيان
فكان أبوهم يقول
قد خالف الله بينكم!(27/325)
تقسيم الدين إلى أصول وفروع
ـ[أبو يحيى التركي]ــــــــ[28 - 03 - 04, 09:21 ص]ـ
هذا الموضوع ذكره شيخنا الشيخ يوسف الغفيص في أحد مجالس شرح الواسطية، ولتأصيل الشيخ لهذا الموضوع تأصيلا جيدا أحببت أن أنقله لكم كما ذكره، أسأل الله أن ينفع به.
تقسيم الشريعة إلى أصول وفروع:
ليعلم أولا أن جمهور هذه التقاسيم هي اصطلاح ’ فينظر إليها باعتبار الألفاظ وباعتبار المعاني.
أما باعتبار الألفاظ فالأصل أنه لا مشاحة في الاصطلاح.
لكن الشأن يكون باعتبار معانيها، فمن قسم الدين لأ صول وفروع، قيل هذا مصطلح أمره يسير، أما من جهة المعاني فإن ثمة إجماعا بين المسلمين أن الدين ليس درجة واحدة، فمثل هذا المعنى متفق عليه بين سائر المسلمين على اختلاف طوائفهم.
وثمة مسائل تسمى أصول الدين، وهذا قدر مجمع عليه فيما أحسب ولا يعلم أن أحدا من المسلمين أنكره، و إن كان شيخ الإسلام وطائفة تكلموا في نقد هذا التقسيم، فإن هذا لا يعني أنهم لا يسوغون أن يسمى القول في توحيد الألوهية أو القول في توحيد الأسماء والصفات أو إثبات أن الله فوق سماواته مستو على عرشه إلى غير ذلك، لا يعني أن شيخ الإسلام وغيره لا يسوغون تسمية مثل هذه المسائل بمسائل أصول الدين، بل تسميتها بمسائل أصول الدين مجمع عليه بين المسلمين و لا ينازع فيه أحد.
وإنما القول الذي قاله شيخ الإسلام وطائفة في هذا التقسيم باعتباره من عوارض المعاني، فإن من استعمله وضع له حدا ليس مناسبا للاعتبار الشرعي و إن شئت فقل ليس مناسبا للحد الشرعي، وذلك أن أول من اشتغل بهذا التقسيم ليس أئمة أهل السنة والجماعة بل طوائف من أئمة النظر من المتكلمين، ومن اشتغل بشأنهم من الفقهاء ممن كتبوا في أصول الفقه أو في فقه الشريعة، فصاروا يقولون إن الأصول هي المسائل المعلومة بالسمع والعقل ـ ويقصدون بالسمع الكتاب والسنة ـ والفروع هي المسائل التي دليلها السمع وحده، فهذا حد مشهور في كتب هؤلاء، ومن الحد المشهور في كتبهم أنهم يقولون: إن مسائل الأصول هي المسائل العلمية ومسائل الفروع هي المسائل العملية، إلى غير ذلك من الحدود.
فمثل هذا الحد و الثاني لا شك أنها حدود باطلة، فإنه لا يصح أن يقال بأن مسائل الأصول هي ما دل عليه السمع والعقل، وأن الفروع هي ما دل عليه السمع وحده، فإن ثمة مسائل في أصول الدين لم تعلم إلا بالسمع وحده، والعقل لا يدل عليها كمسألة النزول مثلا، أيضا فإن الرسول لو لم يحدث بها فإن العقل لايدركها قبل مجيء خطاب الشارع، وكذا مسائل الغيب.
والعكس كذلك فإن ثمة مسائل معلومة بالسمع والعقل وهي لا تعد من مسائل الفروع أو مما دون الأصول.
وكذلك قول من قال إن مسائل الأصول هي المسائل العلمية، وأما المسائل العملية فلا تكون داخلة في أصول الدين، فهذا غلط أيضا لأنه لا يضطرد باعتبار أن ثمة مسائل علمية أي مسائل محلها عقد القلب ومع ذلك ليست من الأصول بإجماع أهل السنة والجماعة بل بإجماع المسلمين، ومن ذلك مثلا الاختلاف الذي وقع بين الصحابة في سماع الميت صوت الحي، فإن هذه المسألة كما ترى مسألة علمية محلها عقد القلب.
وثمة مسائل عملية تعد بإجماع المسلمين من مسائل أصول الدين كمسألة الصلاة والزكاة والحج، فإنها أركان في الدين وأركان في الإسلام، وعليه فمثل هذا الحد لا يكون صحيحا.
وعليه فإذا قيل هل يصح أن يقال إن الدين ينقسم إلى أصول وفروع؟
قيل أما التقسيم باعتبارها اصطلاحا لفظيا فلا بأس به لكن بشرط أن ينزل على معنى مناسب، وحين يقال إنه لا بأس به فهذا من باب الجواز وليس من باب أن مثل هذا التقسيم يُقصد إلى تقريره وذكره في مسائل أصول الدين أو في تقرير طريقة أهل السنة أو منهجهم، لكنه شأن واسع لا ينبغي الإغلاظ في شأنه، وأن هذا التقسيم بدعة، ولا يكون بدعة إلا إذا قُصد تحته معنى لا يكون مناسبا، و إلا فهو من حيث الجملة لا بأس بإطلاقه، وإن كان لا يقصد إليه، فإن السلف لم يقصدوا إلى ذكره والتحدث بلغته. إهـ
وانظر كلام أبي عبد الرحمن الباشا في موقع صيد الفوائد فقد أجاد وأفاد ونقل نقولات عن شيخ الإسلام تؤكد ما أصله شيخنا حفظه الله ورعاه.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[28 - 03 - 04, 10:58 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/326)
جزى الله الأخ أبو يحيى التركي خيرا على هذه الفائدة عن الشيخ يوسف حفظه الله
ولتتميم الفائدة ننقل كلام أبي عبدالرحمن الباشا
بسم الله الرحمن الرحيم
تقسيم الدين إلى أصل وفرع
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:.
فهذا التقسيم قد جنيّ عليه من كثير من الناس على اختلاف مشاربهم ومآخذهم.
- فمنهم من أثبته على وجه باطل وباصطلاح عصري فيقول الدين ينقسم إلى قشر و لباب وهو لم يذهب إلى هذا التقسيم إلا ليلوذ به عند مطالبته الالتزام بأحكام الشرع وبمقتضى قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة .. " الآية وتلقف هذا التقسيم بعض المثقفين والعلمانيين والمنافقين فتجده حليق اللحية مسبل ثيابه لا يلتزم الهدي الظاهر زوجته سافرة والدش يعلوا بيته والصور والتماثيل تملأ أركان حجرته فإذا أمرته بالتزام الشرع قال يا أخي دعك من القشور وعليك بلباب الدين واصله فإذا سألته عن أصله ما هو؟ تجده من أجهل الناس به وإن أجابك بشيء تجده أبعد الناس عن التزامه فضلاً عن الدعوة إليه (إلا من رحم الله وقليل ما هم) فالقشور هو ما لا يلتزمه من الدين واللب هو ما ينشغل به لا ما يقرره الكتاب والسنة فيأخذ من الدين ما يخدم أفكاره ومنهجه المعوج وإنا لله وإنا إليه راجعون.
- على الطرف المقابل قوم جعلوا الدين كله اصل لا فرع فيه بناءاً على أن الإيمان هو جملة الفرائض وأن الأيمان شيء واحد لا يتجزأ ولا يتفاضل وأنه إما أن يذهب كله أو يبقى كله وقرروا أن أي مخالفة هي ناقض لأصل الدين فكفروا بالمعاصي أو الإصرار على المعصية وهؤلاء هم الخوارج قديما وحديثا.
- وطائفة أخرى ترددت وتناقضت في نفيه وإثباته – أي التقسيم - فهي تنفيه ردة فعل أو سوء فهم،ردة فعل لمن قال الدين فيه "قشر ولباب "أو وردة فعل لمن قال " انه لا عذر بالجهل في اصل الدين والتوحيد وقد يعذر المرء في فروعه وشرائعه حيث أن الشرائع لا تثبت في حق المكلف إلا بعد العلم بخلاف التوحيد فقد قامت عليه غير الحجة الرسالية حججٌ أخرى" (بغض النظر عن صحة هذا القول أو خطأه) فأرادوا أن يقطعوا على هؤلاء وهؤلاء حجتهم فلاذوا لكلام لشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله في بعض مواضع من كتبه وخلاصته أن تقسيم الدين إلى مسائل أصول ومسائل فروع تقسيم محدث لم يعرف عن الصحابة ولا السلف رضوان الله عليهم وإنما هو من إحداث المعتزلة وأهل الكلام ونقله من تأثر بهم من أهل الفقه وتجاهلوا تواتر هذا التقسيم عنه رحمه الله وكثرة استعماله له هو وغيره من أهل العلم ولم يكلفوا أنفسهم في توجيه كلامه رحمه الله في هذه المواضع فوقعوا في هذا التناقض.
- وهذا الفهم المغلوط لكلام شيخ الإسلام رحمه الله كان له نتائج سيئة في تناول كثير من مسائل وقضايا العمل الإسلامي فميعت كثير من المفاهيم وغابت كثير من الحقائق ودخلت مسائل التوحيد فيما يزعمونه " الثوابت والمتغيرات" وفقد الرباط بين قضايا ومسائل الدين وأصله وصار القليل من الناس من يعرف كيف الربط بين أركان التوحيد وبين أصل الدين فلا يعرفون (مثلاً) علاقة الحكم بأصل الدين والتوحيد بل يظن الكثير من الناس أنه سياسة ولا علاقة لها بالدين فضلاً عن اصله وكذا الولاء وصلته بأصل الدين فرفعت الرايات الجاهلية من قومية ووطنية وفشت مظاهر الشرك بكل صورة من عبادة القبور وعبادة الطواغيت وغير ذلك مما لا يخفى على ذي لب وهذا كله من الجهل الذي هو ثمرة التباس المفاهيم.
- هذا و كثير من المسائل والأحكام الشرعية يكون لها اعتبارات مختلفة فتختلف العبارات فيها لاختلاف الاعتبارات في النظر إليها، فمثلا النظر إلى الدين من جهة القبول والانقياد والتصديق والاعتقاد فلا فرق من هذه الجهة بين أصل الدين وفرعه فالواجب على الخلق كلهم تصديق الرسول فيما أخبر وطاعته في ما أمر فإن كذّب الرسول في أمر علم أن الرسول قد اخبر به فهو كافر لا فرق بين أصول وفروع خلافا للمعتزلة وأهل البدع وكذا في القبول والانقياد.
- أما بالنظر إلى الدين من جهة الإتيان والترك والموافقة والمخالفة فهنا يفرق بين الأصل والفرع
والأصل في تقسيم الدين إلى أصل وفرع هو قوله تعالى " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا مبينا "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/327)
ففي هذه الآية انقسم الدين إلى قسمين (من جهة الضد)
1 - قسم هو الشرك وضده هو التوحيد أو الإسلام العام
2 - وقسم هو ما دون الشرك وضده هو الإيمان الواجب والكامل
وهذا التوحيد الذي ضده الشرك هو أصل الدين وهو ما ندندن حوله نريد إثباته ونضع حدوده وخصائصه وهو أصل الدين الذي لا يقبل الله غيره من الأولين والآخرين.
-قال صلى الله عليه وسلم " الإيمان بضع وستون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق " فليس الإتيان بلا إله إلا الله كالإتيان بإماطة الأذى عن الطريق هذا أمر معروف ولابد من تمييز أصل الدين عن فرعه حتى لا تلتبس المفاهيم وتغيب الحقائق كما هو الآن واقع.
- لهذا ولغيره أكتب هذه الورقات التي أوضح فيها أن هذا التقسيم معروف ومقرر لدى أهل العلم بل ما من أحد استعمله وتواتر عنه مثل شيخ الإسلام رحمه الله في كل مؤلفاته فأقول والله الموفق:
إن كلام شيخ الإسلام بن تيميه رحمه الله الذي ذكره في بعض مواضع من كتبه والذي يحتج به من يذهب إلى نفي هذا التقسيم ليس في نفي ذات التقسيم وإنما نفاه رحمه الله بحسب ما تعلق به من أحكام باطلة عند أهل البدع.
وهذا أمر مقرر عند شيخ الإسلام رحمه الله في نفي الأسماء والأحكام يقول رحمه الله في:
مجموع الفتاوى ص جـ7 صـ420:
"… وجماع الأمر أن الاسم الواحد ينفي ويثبت بحسب الأحكام المتعلقة به فلا يجب إذا اثبت أو نفي في حكم أن يكون كذلك في سائر الأحكام وهذا في كلام العرب وسائر الأمم لأن المعنى مفهوم مثال ذلك المنافقون قد يجعلون من المؤمنين في موضع وفى موضع آخر يقال ما هم منهم قال الله تعالي قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا فهنالك جعل هؤلاء المنافقين الخائفين من العدو الناكلين عن الجهاد الناهين لغيرهم الذامين للمؤمنين منهم وقال فى آية أخرى ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون وهؤلاء ذنبهم أخف فإنهم لم يؤذوا المؤمنين لا بنهى ولا سلق بألسنة حداد ولكن حلفوا بالله أنهم من المؤمنين فى الباطن بقلوبهم وإلا فقد علم المؤمنون انهم منهم فى الظاهر فكذبهم الله وقال وما هم منكم وهناك قال قد يعلم الله المعوقين منكم فالخطاب لمن كان فى الظاهر مسلما مؤمنا وليس مؤمنا بأن منكم من هو بهذه الصفة وليس مؤمنا بل أحبط الله عمله فهو منكم فى الظاهر لا الباطن .. "
- وهذه القاعدة التي ذكرها شيخ الإسلام هي حقاً قاعدة ذهبية ومن يتأملها يجدها حلاً لكثير من الإشكالات سواء في توجيه كلام شيخ الإسلام رحمه الله في هذه المسألة وغيرها من المسائل خاصة مسائل الإيمان والكفر أو في كلام الشارع كما بين رحمه الله بالأمثلة السابقة وغيرها موجود في موضعه.
- ذلك وكل من يقرأ لشيخ الإسلام بن تيميه رحمه الله لا يكاد يمر على كتاب من كتبه إلا ويجده مستعملاً لهذا المصطلح وهذا التقسيم وسوف أنقل عنه رحمه الله من ا لنقو لا ت ما يبين ذلك وأنه قد نفى هذا التقسيم باعتبارات معينة أذكرها إن شاء الله وقبل أن أذكرها أنقل ما يحتج به من يذهب إلى نفي هذا التقسيم حيث يقول رحمه الله في مجموع الفتاوى ص جـ23 صـ346:
"……فأما التفريق بين نوع وتسميته مسائل الأصول وبين نوع آخر وتسميته مسائل الفروع فهذا الفرق ليس له اصل لا عن الصحابة ولا عن التابعين لهم بإحسان ولا أئمة الإسلام وإنما هو مأخوذ عن المعتزلة وأمثالهم من أهل البدع وعنهم تلقاه من ذكره من الفقهاء فى كتبهم وهو تفريق متناقض فانه يقال لمن فرق بين النوعين ما حد مسائل الأصول التي يكفر المخطئ فيها وما الفاصل بينها وبين مسائل الفروع فان قال مسائل الأصول هي مسائل الاعتقاد ومسائل الفروع هى مسائل العمل قيل له فتنازع الناس فى محمد هل رأى ربه أم لا وفى أن عثمان افضل من على أم على افضل وفى كثير من معانى القرآن وتصحيح بعض الأحاديث هى من المسائل الاعتقادية العلمية ولا كفر فيها بالاتفاق……"
وقال رحمه الله مجموع الفتاوى ص جـ13 صـ125:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/328)
"…….بل جعل الدين قسمين أصولا وفروعا لم يكن معروفا فى الصحابة والتابعين ولم يقل أحد من السلف والصحابة والتابعين أن المجتهد الذي استفرغ وسعه فى طلب الحق يأثم لا فى الأصول ولا فى الفروع ولكن هذا التفريق ظهر من جهة المعتزلة وأدخله فى أصول الفقه من نقل ذلك عنهم وحكوا عن عبيد الله بن الحسن العنبرى انه قال كل مجتهد مصيب ومراده انه لا يأثم وهذا قول عامة الأئمة كأبي حنيفة والشافعي وغيرهما…."
وقال أيضاً منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 88
"… .. وقالوا هذا هو القول المعروف عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة الدين إنهم لا يكفرون ولا يفسقون ولا يؤثمون أحدا من المجتهدين المخطئين لا في مسألة عملية ولا علمية قالوا والفرق بين مسائل الأصول والفروع إنما هو من أقوال أهل البدع من أهل الكلام من المعتزلة والجهمية ومن سلك سبيلهم وانتقل هذا القول إلى أقوام تكلموا بذلك في أصول الفقه ولم يعرفوا حقيقة هذا القول ولا غوره قالوا والفرق في ذلك بين مسائل الأصول والفروع كما أنه بدعة محدثة في الإسلام لم يدل عليها كتاب ولا سنة ولا إجماع بل ولا قالها أحد من السلف والأئمة فهي باطلة عقلا فإن المفرقين بين ما جعلوه مسائل أصول ومسائل فروع لم يفرقوا بينهما بفرق صحيح يميز بين النوعين بل ذكروا ثلاثة فروق أو أربعة كلها باطلة…."
إلى غير ذلك من المواضع التي أشار فيها شيخ الإسلام إلى نفي هذا التقسيم
فأقول إن شيخ الإسلام رحمه الله في هذه النقولات إنما نفي تقسيم الدين لمسائل أصول ومسائل فروع باعتبارات معينة لا أنه ينفي أصل التقسيم والمتأمل في سياق ما سبق من نقولات عنه رحمه الله يتأكد لديه هذا والله أعلم.
-الاعتبار الأول: نفي تقسيم الدين إلى أصول وفروع باعتبار الأصول الباطلة التي أبتدعها أهل البدع من المعتزلة وأهل الكلام وغيرهم وهذا يتضح من كلام شيخ الإسلام رحمه الله حيث يقول في:
1 - درء التعارض ج: 1 ص: 275:
" وهؤلاء الذين يعارضون الكتاب والسنة بأقوالهم بنوا أمرهم على أصل فاسد وهو أنهم جعلوا أقوالهم التي ابتدعوها هي الأقوال المحكمة التي جعلوها أصول وجعلوا قول الله ورسوله من المجمل الذي لا يستفاد منه علم ولا هدى فجعلوا المتشابه من كلامهم هو المحكم والمحكم من كلام الله ورسوله هو المتشابه كما يجعل الجهمية من المتفلسفة والمعتزلة ونحوهم ما أحدثوه من الأقوال التي نفوا بها صفات الله ونفوا بها رؤيته في الآخرة وعلوه على خلقه وكون القرآن كلامه ونحو ذلك جعلوا تلك الأقوال المحكمة وجعلوا قول الله ورسوله مؤولا عليها أو مردودا أو غير ملتفت إليه ولا متلقي للهدى منه ……… ثم هؤلاء يجعلون ما ابتدعوه من الأقوال المجملة دينا يوالون عليه ويعادون بل يكفرون من خالفهم فيما ابتدعوه ويقول مسائل أصول الدين المخطئ فيها يكفر وتكون تلك المسائل مما ابتدعوه……فهؤلاء ارتكبوا أربع عظائم أحدها ردهم لنصوص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والثاني ردهم ما يوافق ذلك من معقول العقلاء والثالث جعل ما خالف ذلك من أقوالهم المجملة أو الباطلة هي أصول الدين والرابع تكفيرهم أو تفسيقهم أو تخطئتهم لمن خالف هذه الأقوال المبتدعة المخالفة لصحيح المنقول وصريح المعقول .. "
2 - ويقول رحمه الله مجموع الفتاوى ج: 3 ص: 305:
"….والتزم طوائف من أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم لأجلها نفى صفات الرب مطلقا أو نفى بعضها لأن الدال عندهم على حدوث هذه الأشياء هو قيام الصفات بها والدليل يجب طرده والتزموا حدوث كل موصوف بصفة قائمة به وهو أيضا في غاية الفساد والضلال ولهذا التزموا القول بخلق القرآن وإنكار رؤية الله في الآخرة وعلوه على عرشه إلى أمثال ذلك من اللوازم التي ألتزمها من طرد مقدمات هذه الحجة التي جعلها المعتزلة ومن اتبعهم أصل دينهم فهذه داخلة فيما سماه هؤلاء أصول الدين ولكن ليست في الحقيقة من أصول الدين الذي شرعه الله لعباده وأما الدين الذي قال الله فيه أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله فذاك له أصول وفروع بحسبه وإذا عرف أن مسمى أصول الدين في عرف الناطقين بهذا الاسم فيه إجمال وإبهام لما فيه من الاشتراك بحسب الأوضاع والاصطلاحات تبين أن الذي هو عند الله ورسوله وعباده المؤمنين أصول الدين فهو موروث عن الرسول وأما من شرع دينا لم يأذن به الله فمعلوم أن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/329)
أصوله المستلزمة له لا يجوز أن تكون منقولة عن النبي إذ هو باطل وملزوم الباطل باطل كما أن لازم الحق حق…."
3 - ويقول رحمه الله: مجموع الفتاوى ج: 4 ص: 55
"…ومن العجب أن أهل الكلام يزعمون أن أهل الحديث والسنة أهل تقليد ليسوا أهل نظر واستدلال وأنهم ينكرون حجة العقل وربما حكى إنكار النظر عن بعض أئمة السنة وهذا مما ينكرونه عليهم
فيقال لهم ليس هذا بحق فإن أهل السنة والحديث لا ينكرون ما جاء به القرآن هذا أصل متفق عليه بينهم والله قد أمر بالنظر والاعتبار والتفكر والتدبر في غير آية ولا يعرف عن أحد من سلف الأمة ولا أئمة السنة وعلمائها أنه أنكر ذلك بل كلهم متفقون على الأمر بما جاءت به الشريعة من النظر والتفكر والاعتبار والتدبر وغير ذلك ولكن وقع اشتراك في لفظ النظر والاستدلال ولفظ الكلام فإنهم أنكروا ما ابتدعه المتكلمون من باطل نظرهم وكلامهم واستدلالهم فاعتقدوا أن إنكار هذا مستلزم لإنكار جنس النظر والاستدلال وهذا كما أن طائفة من أهل الكلام يسمى ما وضعه أصول الدين وهذا اسم عظيم والمسمى به فيه من فساد الدين ما الله به عليم فإذا أنكر أهل الحق والسنة ذلك قال المبطل قد أنكروا أصول الدين وهم لم ينكروا ما يستحق أن يسمى أصول الدين وإنما أنكروا ما سماه هذا أصول الدين وهي أسماء سموها هم وآباؤهم بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان فالدين ما شرعه الله ورسوله وقد بين أصوله وفروعه ومن المحال أن يكون الرسول قد بين فروع الدين دون أصوله كما قد بينا هذا في غير هذا الموضع فهكذا لفظ النظر والاعتبار والاستدلال……"
4 - ويقول رحمه الله في بيان تلبيس الجهمية ج: 1 ص: 101
"… فلا معنى لإنكار ما هو الحق الثابت بالشرع والعقل لاستلزام ذلك بطلان حجة مبتدعة أنكرها السلف والأئمة لأجل دعوى من ادعى من أهلها أنها أصل الدين الذي لا يعلم الدين إلا به فإنما هو أصل الدين الذي ابتدعوه كما قال تعالى أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله 4142 ليست أصلا لدين الله ورسوله بل أصل هذا الدين هو ما بينه الله ورسوله من الأدلة كما هو مبين في موضعه إذ من الممتنع أن يبعث الله رسولا يدعو الخلق إليه ولا يبين لهم الرسول أصل الدين الذي أمرهم به وهذا مبسوط في غير هذا الموضع .. "
هذا ومن يتأمل سياق الكلام الذي ينفى فيه شيخ الإسلام رحمه الله هذا التقسيم يجد فيه هذا المعنى بل يجد فيه إثباته للتقسيم ولكن من جهة أخرى ولعل الأمر يتضح من الاعتبار الثاني الذي ينفي شيخ الإسلام رحمه هذا التقسيم لأجله.
الاعتبار الثاني:
-اعتبار التخطئة والتأثيم بل التكفير عند بعض أهل البدع لمن خالف في مسائل الأصول المبتدعة التي لديهم وهذا يتضح من قول شيخ الإسلام رحمه الله فيما سبق عنه [… .. وما قسموا المسائل الى مسائل أصول يكفر بإنكارها ومسائل فروع لا يكفر بإنكارها …….] فقوله مسائل أصول يكفر بإنكارها يدل هذا التقييد على أن النفي ليس نفياً مطلقاً لذات التقسيم
فإن أصل كلام شيخ الإسلام رحمه الله عن الاجتهاد وكيف أنه قد دخل العلم في كل أحواله ورفع الحرج عن العلماء والمجتهدين من الذين أخطئوا وأنهم لم يفرقوا في رجوعهم إلى العلم في اجتهادهم لا في الأصول ولا في الفروع ثم بين رحمه الله أن المعروف عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة الدين إنهم لا يكفرون ولا يفسقون ولا يؤثمون أحدا من المجتهدين المخطئين لا في مسألة عملية ولا علمية وأن هذا التفريق ظهر من جهة المعتزلة وغيرهم من أهل الكلام
وأن فصل الخطاب فى هذا الباب أن المجتهد المستدل من إمام وحاكم وعلام وناظر ومفت وغير ذلك إذا اجتهد واستدل فاتقى الله ما استطاع كان هذا هو الذى كلفه الله إياه وهو مطيع لله مستحق للثواب إذا اتقاه ما استطاع وأنه لا يأثم في هذا الخطأ سواء في مسائل الأصول أو الفروع.
1 - يقول شيخ الإسلام رحمه الله: مجموع الفتاوى ج: 13 ص: 125
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/330)
" ........ وقد تبين أن جميع المجتهدين إنما قالوا بعلم واتبعوا العلم وان الفقه من أجل العلوم وانهم ليسوا من الذين لا يتبعون إلا الظن لكن بعضهم قد يكون عنده علم ليس عند الآخر إما بان سمع ما لم يسمع الآخر وإما بأن فهم ما لم يفهم الآخر …… .. وهذه حال أهل الاجتهاد والنظر والاستدلال في الأصول والفروع ولم يفرق أحد من السلف والأئمة بين أصول وفروع بل جعل الدين قسمين أصولا وفروعا لم يكن معروفا فى الصحابة والتابعين ولم يقل أحد من السلف والصحابة والتابعين أن المجتهد الذي استفرغ وسعه فى طلب الحق يأثم لا فى الأصول ولا فى الفروع ولكن هذا التفريق ظهر من جهة المعتزلة وأدخله فى أصول الفقه…. والذين فرقوا بين الأصول والفروع لم يذكروا ضابطا يميز بين النوعين بل تارة يقولون هذا قطعي وهذا ظني وكثير من مسائل الأحكام قطعي وكثير من مسائل الأصول ظني عند بعض الناس فان كون الشيء قطعيا وظنيا أمر إضافي وتارة يقولون الأصول هى العلميات الخبريات والفروع العمليات وكثير من العمليات من جحدها كفر كوجوب الصلاة والزكاة والصيام والحج وتارة يقولون هذه عقليات وهذه سمعيات وإذا كانت عقليات لم يلزم تكفير المخطئ فان الكفر حكم شرعي يتعلق بالشرع وقد بسط هذا فى غير هذا الموضع."
ولننظر في سياق آخر حيث يقول رحمه الله:
2 - منهاج السنة النبوية ج: 5 ص: 81
فصل: قال الرافضي "وأما المطاعن في الجماعة فقد نقل الجمهور منها أشياء كثيرة حتى صنف الكلبي كتابا في مثالب الصحابة ولم يذكر فيه منقصة واحدة لأهل البيت والجواب أن يقال قبل الأجوبة المفصلة عما يذكر من المطاعن أن ما ينقل عن الصحابة من المثالب فهو نوعان:
أحدهما: ما هو كذب إما كذب كله وإما محرف قد دخله من الزيادة والنقصان ما يخرجه إلى الذم والطعن وأكثر المنقول من المطاعن الصريحة هو من هذا الباب يرويها الكذابون المعروفون بالكذب مثل أبي مخنف لوط بن يحيى ومثل هشام بن محمد بن السائب الكلبي وأمثالهما من الكذابين ولهذا استشهد هذا الرافضي بما صنفه هشام الكلبي في ذلك ….
النوع الثاني ما هو صدق وأكثر هذه الأمور لهم فيها معاذير تخرجها عن أن تكون ذنوبا وتجعلها من موارد الاجتهاد التي إن أصاب المجتهد فيها فله أجران وإن أخطأ فله أجر وعامة المنقول الثابت عن الخلفاء الراشدين من هذا الباب وما قدر من هذه الأمور ذنبا محققا فإن ذلك لا يقدح فيما علم من فضائلهم وسوابقهم وكونهم من أهل الجنة لأن الذنب المحقق يرتفع عقابه في الآخرة بأسباب متعددة منها التوبة الماحية وقد ثبت عن أئمة الإمامية أنهم تابوا من الذنوب المعروفة عنهم ومنها الحسنات الماحية….
-ونحن نذكر قاعدة جامعة في هذا الباب لهم ولسائر الأمة فنقول لا بد أن يكون مع الإنسان أصول كلية يرد إليها الجزئيات ليتكلم بعلم وعدل ثم يعرف الجزيئات كيف وقعت وإلا فيبقى في كذب وجهل في الجزئيات وجهل وظلم في الكليات فيتولد فساد عظيم
فنقول الناس قد تكلموا في تصويب المجتهدين وتخطئتهم وتأثيمهم وعدم تأثيمهم في مسائل الفروع والأصول ونحن نذكر أصولا جامعة نافعة.
الأصل الأول: أنه هل يمكن كل أحد أن يعرف باجتهاده الحق في كل مسألة فيها نزاع وإذا لم يمكنه فاجتهد واستفرغ وسعه فلم يصل إلى الحق بل قال ما اعتقد أنه هو الحق في نفس الأمر ولم يكن هو الحق في نفس الأمر هل يستحق أن يعاقب أم لا هذا أصل هذه المسائل وللناس في هذا الأصل ثلاثة أقوال كل قول عليه طائفة من النظار
الأول قول من يقول إن الله قد نصب على الحق في كل مسألة دليلا يعرف به يمكن كل من اجتهد واستفرغ وسعه أن يعرف الحق وكل من لم يعرف الحق في مسألة أصولية أو فروعية فإنما هو لتفريطه فيما يجب عليه لا لعجزه وهذا القول هو المشهور عن القدرية والمعتزلة و هو قول طائفة من أهل الكلام غير هؤلاء …… ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/331)
الذين يقولون المصيب واحد في كل مسألة أصلية وفرعية وكل من سوى المصيب فهو آثم لأنه مخطئ والخطأ والإثم عندهم متلازمان وهذا قول بشر المريسي وكثير من المعتزلة البغداديين الثاني أن المسائل العملية إن كان عليها دليل قطعي فإن من خالفه آثم مخطئ كالعلمية وإن لم يكن عليها دليل قطعي فليس لله فيها حكم في الباطن وحكم الله في حق كل مجتهد ما أداه اجتهاده إليه وهؤلاء وافقوا الأولين في أن الخطأ والإثم متلازمان وأن كل مخطئ آثم لكن خالفوهم في المسائل الاجتهادية فقالوا ليس فيها قاطع والظن ليس عليه دليل عند هؤلاء وإنما هو من جنس ميل النفوس إلى شيء دون شيء فجعلوا الاعتقادات الظنية من جنس الإرادات وادعوا أنه ليس في نفس الأمر حكم مطلوب بالاجتهاد ولاثم في نفس الأمر أمارة أرجح من أمارة وهذا القول قول أبي الهذيل العلاف ومن اتبعه كالجبائي وابنه وهو أحد قولي الأشعري وأشهرهما وهو اختيار القاضي أبي بكر الباقلاني وأبي حامد الغزالي وأبي بكر بن العربي ومن اتبعهم وقد بسطنا القول في ذلك بسطا كثيرا في غير هذا الموضع
والمخالفون لهم كأبي إسحاق الإسفراييني وغيره من الأشعرية وغيرهم يقولون هذا القول أوله سفسطة وآخره زندقة وهذا قول من يقول إن كل مجتهد في المسائل الشرعية الاجتهادية العملية فهو مصيب باطنا وظاهرا ولا يتصور عندهم أن يكون مجتهدا مخطئا إلا بمعنى أنه خفي عليه بعض الأمور وذلك الذي خفي عليه ليس هو حكم الله لا في حقه ولا في حق أمثاله وأما من كان مخطئا وهو المخطئ في المسائل القطعية فهو آثم عندهم.
والقول الثاني في أصل المسألة إن المجتهد المستدل قد يمكنه أن يعرف الحق وقد يعجز عن ذلك لكن إذا عجز عن ذلك فقد يعاقبه الله تعالى وقد لا يعاقبه فإن له أن يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء بلا سبب أصلا بل لمحض المشيئة وهذا قول الجهمية والأشعرية وكثير من الفقهاء أتباع الأئمة الأربعة وغيرهم ثم قال هؤلاء قد علم بالسمع أن كل كافر فهو في النار فنحن نعلم أن كل كافر فإن الله يعذبه سواء كان قد اجتهد وعجز عن معرفة صحة دين الإسلام أو لم يجتهد وأما المسلمون المختلفون فإن كان اختلافهم في الفروعيات فأكثرهم يقول لا عذاب فيها وبعضهم يقول لأن الشارع عفا عن الخطأ فيها وعلم ذلك بإجماع السلف على أنه لا إثم على المخطئ فيها وبعضهم يقول لأن الخطأ في الظنيات ممتنع كما تقدم ذكره عن بعض الجهمية والأشعرية وأما القطعيات فأكثرهم يؤثم المخطئ فيها ويقول إن السمع قد دل على ذلك ومنهم من لا يؤثمه والقول المحكي عن عبيد الله بن الحسن العنبري هذا معناه أنه كان لا يؤثم المخطئ من المجتهدين من هذه الأمة لا في الأصول ولا في الفروع وأنكر جمهور الطائفتين من أهل الكلام والرأي على عبيد الله هذا القول وأما غير هؤلاء فيقول هذا قول السلف وأئمة الفتوى كأبي حنيفة والشافعي والثوري وداود بن علي وغيرهم لا يؤثمون مجتهدا مخطئا لا في المسائل الأصولية ولا في الفروعية كما ذكر ذلك عنهم ابن حزم وغيره ولهذا كان أبو حنيفة والشافعي وغيرهما يقبلون شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية ويصححون الصلاة خلفهم والكافر لا تقبل شهادته على المسلمين ولا يصلى خلفه وقالوا هذا هو القول المعروف عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة الدين إنهم لا يكفرون ولا يفسقون ولا يؤثمون أحدا من المجتهدين المخطئين لا في مسألة عملية ولا علمية قالوا والفرق بين مسائل الأصول والفروع إنما هو من أقوال أهل البدع من أهل الكلام من المعتزلة والجهمية ومن سلك سبيلهم وانتقل هذا القول إلى أقوام تكلموا بذلك في أصول الفقه ولم يعرفوا حقيقة هذا القول ولا غوره قالوا والفرق في ذلك بين مسائل الأصول والفروع كما أنه بدعة محدثة في الإسلام لم يدل عليها كتاب ولا سنة ولا إجماع بل ولا قالها أحد من السلف والأئمة فهي باطلة عقلا فإن المفرقين بين ما جعلوه مسائل أصول ومسائل فروع لم يفرقوا بينهما بفرق صحيح يميز بين النوعين بل ذكروا ثلاثة فروق أو أربعة كلها باطلة فمنهم من قال مسائل الأصول هي العلمية الإعتقادية التي يطلب فيها العلم والاعتقاد فقط ومسائل الفروع هي العملية التي يطلب فيها العمل قالوا وهذا فرق باطل فإن المسائل العملية فيها ما يكفر جاحده مثل وجوب الصلوات الخمس والزكاة وصوم شهر رمضان وتحريم الزنا والربا والظلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/332)
والفواحش وفي المسائل العلمية مالا يأثم المتنازعون فيه كتنازع الصحابة هل رأى محمد ربه وكتنازعهم في بعض النصوص هل قاله النبي صلى الله عليه وسلم أم لا وما أراد بمعناه وكتنازعهم في بعض الكلمات هل هي من القرآن أم لا وكتنازعهم في بعض معاني القرآن والسنة هل أراد الله ورسوله كذا وكذا وكتنازع الناس في دقيق الكلام كمسألة الجوهر الفرد وتماثل الأجسام وبقاء الأعراض ونحو ذلك فليس في هذا تكفير ولا تفسيق قالوا والمسائل العملية فيها علم وعمل فإذا كان الخطأ مغفورا فيها فالتي فيها علم بلا عمل أولى أن يكون الخطأ فيها مغفورا ومنهم من قال المسائل الأصولية هي ما كان عليها دليل قطعي والفرعية ما ليس عليها دليل قطعي قال أولئك وهذا الفرق خطأ أيضا فإن كثيرا من المسائل العملية عليها أدلة قطعية عند من عرفها وغيرهم لم يعرفها وفيها ما هو قطعي بالإجماع كتحريم المحرمات الظاهرة ووجوب الواجبات الظاهرة ثم لو أنكرها الرجل بجهل وتأويل لم يكفر حتى تقام عليه الحجة كما أن جماعة استحلوا شرب الخمر على عهد عمر منهم قدامة ورأوا أنها حلال لهم ولم يكفرهم الصحابة حتى بينوا لهم خطأهم فتابوا ورجعوا وقد كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم طائفة أكلوا بعد طلوع الفجر حتى يتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ولم يؤثمهم النبي صلى الله عليه وسلم فضلا عن تكفيرهم وخطؤهم قطعي وكذلك أسامة بن زيد وقد قتل الرجل المسلم وكان خطؤه قطعيا…… .. "
- فمما سبق يتضح أن شيخ الإسلام رحمه الله إنما ينفي تقسيم الدين لأصول وفروع لهذين الاعتبارين ومن يتأمل السياق السابق بطوله يتأكد له ذلك وإلا فقد تواتر عنه رحمه الله هذا التقسيم ولنأتي على جملة من كلامه في هذا التقسيم وقبل ذلك أنبه:
-أن مصطلح الأصول من الألفاظ المشتركة التي تحمل عدة معاني يقول شيخ الإسلام رحمه الله في مجموع الفتاوى ج: 3 ص: 305 " .. وإذا عرف أن مسمى أصول الدين في عرف الناطقين بهذا الاسم فيه إجمال وإبهام لما فيه من الاشتراك بحسب الأوضاع والاصطلاحات …"
ومن هذه المعاني:
1 - أصل الدين بمعنى التوحيد وعبادة الله وحده لا شريك له وهو المقصود عند الإطلاق وهذا هو ما يهمنا إثباته وتميزه ووضع خصائصه وحدوده لكي لا يلتبس بفرعه وتشكل مسائله ويشمل توحيد الربوبية والأسماء والصفات وهو التوحيد العلمي الخبري الإعتقادي وتوحيد الألوهية التوحيد العملي الإرادي الطلبي:
ومن خصائص هذا الأصل
ا- أنه دعوة كل الرسل فكل رسول كان أصل دعوته للتوحيد قال تعالى " وما أرسلتا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون" وقال تعالى " ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت " وقال تعالى "شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه"
يقول شيخ الإسلام رحمه الله:
"…وأما الإسلام العام المتناول لكل شريعة بعث الله بها نبيا فإنه يتناول إسلام كل أمة متبعة لنبي من الأنبياء ورأس الإسلام مطلقا شهادة أن لا إله إلا الله وبها بعث جميع الرسل كما قال تعالى ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت …"
ب- أنه سابق على باقي الشرائع فهو أو ما يبدأ به الرسول دعوة قومه لحديث معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم " يا معاذ إنك تأتي قوماً أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله " وفي رواية "أن يوحدوا الله "
ج- أنه شرط في قبول الأعمال لقوله تعالى " لئن أشركت ليحبطن عملك .. " الآية،
وقوله سبحانه " ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون "
يقول سيخ الإسلام في درء التعارض ج: 1 ص: 233
" .. فنحن نعلم أن كل حق يحتاج الناس إليه في أصول دينهم لا بد أن يكون مما بينه الرسول إذ كانت فروع الدين لا تقوم إلا بأصوله فكيف يجوز أن يترك الرسول أصول الدين التي لا يتم الإيمان إلا بها لا يبينها للناس .. "
د- التوحيد هو الإسلام العام وهو الدين المشترك بين الأنبياء لقوله عليه الصلاة والسلام " نحن معاشر الأنبياء أخوة لعلات " وقال شيخ الإسلام في التحفة العراقية ج: 1 ص: 41
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/333)
" .. ولهذا كان الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وهي متضمنة عبادة الله وحده وترك عبادة ما سواه وهو الإسلام العام الذي لا يقبل الله من أحد من الأولين والآخرين دينا سواه كما قال تعالى آل عمران ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين .. "
2 - المعنى الثاني:
أصول الدين بمعنى أصول الإيمان والإسلام والمعلوم من الدين بالضرورة
المعنى الثالث:
أصول الدين بمعنى الأصول الاعتقادية التي لم تبلغ حد التواتر التي تختص غالبا بأمور غيبية مثل عذاب القبر ورؤية الله يوم القيامة وغيرها وتكون عند أهل السنة من أصول الدين. " أصول الدين للبغدادي"
المعنى الرابع:
أصول الدين بمعنى الأدلة الشرعية وأصول الفقه أو أصول الشريعة ومصادر التشريع والأدلة القطعية التي تثبت بالنص والاستقراء. يقول شيخ الإسلام رحمه الله في الفتاوى الكبرى ج: 5 ص: 181
" ... كما يخالفون صرائح المعقول بما يدعونه من المعقول وكما يخالفون الكتاب والسنة اللذين هما أصل الدين بما يضعونه من أصول الدين."
-ولنبدأ في تقرير هذه المعاني من كلامه رحمه الله:
1 - يقول رحمه الله في مجموع الفتاوى ج: 3 ص: 341
" فصل: وإذا كانت الشهادتان هي أصل الدين وفرعه وسائر دعائمه وشعبه داخلة فيهما فالعبادة متعلقة بطاعة الله ورسوله كما قال تعالى ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وقال في الآية المشروعة في خطبة الحاجة يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما .. "
2 - ويقول في درء التعارض ج: 1 ص: 233
" .. ولو كان الناس محتاجين في أصول دينهم إلى ما لم يبينه الله ورسوله لم يكن الله قد أكمل للأمة دينهم ولا أتم عليهم نعمته فنحن نعلم أن كل حق يحتاج الناس إليه في أصول دينهم لا بد أن يكون مما بينه الرسول إذ كانت فروع الدين لا تقوم إلا بأصوله فكيف يجوز أن يترك الرسول أصول الدين التي لا يتم الإيمان إلا بها لا يبينها للناس ومن هنا يعرف ضلال من ابتدع طريقا أو اعتقادا زعم أن الإيمان لا يتم إلا به مع العلم بأن الرسول لم يذكره .. "
3 - ويقول رحمه الله في مجموع الفتاوى ج: 1 ص: 18
" .. وحقوق العباد قسمان خاص وعام أما الخاص فمثل بر كل إنسان والديه وحق زوجته وجاره فهذه من فروع الدين لأن المكلف قد يخلو عن وجوبها عليه ولأن مصلحتها خاصة فردية ... "
4 - ويقول رحمه الله في مجموع الفتاوى ج: 11 ص: 399
" ... ففضائل الأعمال ودرجاتها لا تتلقى من مثل هذا وإنما تتلقى من دلالة الكتاب والسنة ولهذا كان كثير من الأعمال يحصل لصاحبه فى الدنيا رئاسة ومال فأكرم الخلق عند الله أتقاهم ومن عبد الله بغير علم فقد أفسد أكثر مما يصلح وان حصل له كشف وتصرف وان اقتدى به خلق كثير من العامة وقد بسطنا الكلام فى هذا الباب فى مواضعه فهذا أصل ثان و أصل ثالث أن تفضيل العمل على العمل قد يكون مطلقا مثل تفضيل أصل الدين على فرعه وقد يكون مقيدا فقد يكون أحد العملين فى حق زيد أفضل من الآخر والآخر فى حق عمرو أفضل وقد يكونان متماثلين فى حق الشخص وقد يكون المفضول فى وقت أفضل من الفاضل وقد يكون المفضول في حق من يقدر عليه وينتفع به أفضل من الفاضل فى حق من ليس كذلك ... "
5 - ويقول رحمه الله في مجموع الفتاوى ج: 17 ص: 58
"…فتفاضل الكلام من جهة المتكلم فيه سواء كن خبرا أو إنشاء أمر معلوم بالفطرة و الشرعة فليس الخبر المتضمن للحمد لله و الثناء عليه بأسمائه الحسنى كالخبر المتضمن لذكر أبي لهب و فرعون و إبليس و إن كان هذا كلاما عظيما معظما تكلم الله به و كذلك ليس الأمر بالتوحيد و الإيمان بالله و رسوله و غير ذلك من أصول الدين الذي أمرت به الشرائع كلها و غير ذلك مما يتضمن الأمر بالمأمورات العظيمة و النهي عن الشرك و قتل النفس و الزنا و نحو ذلك مما حرمته الشرائع كلها و ما يحصل معه فساد عظيم كالأمر بلعق الأصابع و إماطة الأذى عن اللقمة الساقطة و النهي عن القران فى التمر و لو كان الأمران و اجبين فليس الأمر بالإيمان بالله و رسوله كالأمر بأخذ الزينة عند كل مسجد و الأمر بالإنفاق على الحامل و إيتائها أجرها إذا أرضعت .. "
6 - ويقول رحمه الله في مجموع الفتاوى ج: 3 ص: 399
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/334)
" .. وذلك أن من أكبر أسباب عبادة الأوثان كان التعظيم للقبور بالعبادة ونحوها قال الله تعالى في كتابه وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا قال طائفة من السلف كانت هذه أسماء قوم صالحين فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم وعبدوها ولهذا اتفق العلماء على أن من سلم على النبي صلى الله عليه وسلم عند قبره أنه لا يتمسح بحجرته ولا يقبلها لأن التقبيل والاستلام إنما يكون لأركان بيت الله الحرام فلا يشبه بيت المخلوق ببيت الخالق وكذلك الطواف والصلاة والاجتماع للعبادات إنما تقصد في بيوت الله وهي المساجد التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه فلا تقصد بيوت المخلوقين فتتخذ عيدا كما قال لا تتخذوا بيتي عيدا كل هذا لتحقيق التوحيد الذي هو أصل الدين ورأسه الذي لا يقبل الله عملا إلا به ويغفر لصاحبه ولا يغفر لمن تركه وكما قال تعالى إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما ولهذا كانت كلمة التوحيد أفضل الكلام وأعظمه فأعظم آية في القرآن آية الكرسي الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم وقال من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة والإله الذي يألهه القلب عبادة له واستعانة ورجاء له وخشية وإجلالا وإكرام .. "ا
7 - ويقول رحمه الله في اقتضاء الصراط ج: 1 ص: 455
"::ولما كان أصل الدين الذي هو دين الإسلام واحدا وإن تنوعت شرائعه قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح إنا معاشر الأنبياء ديننا واحد والأنبياء أخوة لعلات و إن أولى الناس بابن مريم لأنا فليس بيني وبينه نبي فدينهم واحد وهو عبادة الله وحده لا شريك له وهو يعبد في كل وقت بما أمر به في ذلك الوقت وذلك هو دين الإسلام في ذلك الوقت ... "
8 - ويقول رحمه الله في اقتضاء الصراط ج: 1 ص: 459
" .. وإنما نبهنا فيه على رؤس المسائل وحبس الدلائل والتنبيه على مقاصد الشريعة وما فيها من إخلاص الدين لله وعبادته وحده لا شريك له وما سدته من الذريعة إلى الشرك دقه وجله فإن هذا هو أصل الدين وحقيقة دين المرسلين وتوحيد رب العالمين وقد غلط في مسمى التوحيد طوائف من أهل النظر والكلام ومن أهل الإرادة والعبادة حتى قلبوا حقيقته في نفوسهم ... "
9 - ويقول رحمه الله في مجموع الفتاوى ج: 1 ص: 75
" ... وكذلك الحج لا يحج إلا إلى بيت الله فلا يطاف إلا به ولا يحلق الرأس إلا به ولا يوقف إلا بفنائه لا يفعل ذلك بنبي ولا صالح ولا بقبر نبي ولا صالح ولا بوثن وكذلك الصيام لا يصام عبادة إلا الله فلا يصام لأجل الكواكب والشمس والقمر ولا لقبور الأنبياء والصالحين ونحو ذلك وهذا كله تفصيل الشهادتين اللتين هما أصل الدين شهادة أن لا اله إلا الله وشهادة أن محمدا عبده ورسوله والإله من يستحق أن يألهه العباد ويدخل فيه حبه وخوفه فما كان من توابع الألوهية فهو حق محض لله وما كان من أمور الرسالة فهو حق الرسول ولما كان أصل الدين الشهادتين كانت هذه الأمة الشهداء ولها وصف الشهادة ... "
10 - ويقول رحمه الله في مجموع الفتاوى ج: 1 ص: 154
" ... ولهذا لما كان أبو طالب وغيره يحبونه ولم يقروا بالتوحيد الذي جاء به لم يمكن أن يخرجوا من النار بشفاعته ولا بغيرها وفى صحيح البخاري عن أبى هريرة أنه قال قلت يا رسول الله أي الناس أسعد بشفاعتك يو م القيامة فقال أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه وعنه فى صحيح مسلم قال قال رسول الله لكل نبى دعوة مستجابة فتعجل كل نبى دعوته وإنى اختبأت دعوتى شفاعة يوم القيامة فهى نائلة إن شاء الله تعالى من مات من أمتى لا يشرك بالله شيئا وفى السنن عن عوف بن مالك قال قال رسول الله أتانى آت من عند ربى فخيرنى بين أن يدخل نصف أمتى الجنة وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة وهى لمن مات لا يشرك بالله شيئا وفى لفظ قال ومن لقى الله لا يشرك به شيئا فهو فى شفاعتى وهذا الأصل وهو التوحيد هو أصل الدين الذى لا يقبل الله من الأولين والآخرين دينا غيره وبه أرسل الله الرسل وأنزل الكتب كما قال تعالى واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون وقال تعالى وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحى اليه أنه لا إله الا أنا فاعبدون وقال تعالى ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/335)
أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة وقد ذكر الله عز وجل عن كل من الرسل أنه افتتح دعوته بأن قال لقومه اعبدوا الله مالكم من إله غيره .. "
11 - ويقول رحمه الله في مجموع الفتاوى ج: 3 ص: 397
"… وعبادة الله وحده هي أصل الدين وهو التوحيد الذي بعث الله به الرسل وأنزل به الكتب فقال تعالى واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون وقال تعالى ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت وقال تعالى وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحقق التوحيد ويعلمه أمته حتى قال له رجل ما شاء الله وشئت فقال أجعلتني لله ندا بل ما شاء الله وحده وقال لا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد ولكن ما شاء الله ثم شاء محمد ونهى عن الحلف بغير الله فقال من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ... "
12 - ويقول رحمه الله في مجموع الفتاوى ج: 7 ص: 289
" .... فيقال لهم اسم الإيمان قد تكرر ذكره فى القرآن والحديث أكثر من ذكر سائر الألفاظ وهو أصل الدين وبه يخرج الناس من الظلمات الى النور ويفرق بين السعداء والأشقياء ومن يوالى ومن يعادى والدين كله تابع لهذا وكل مسلم محتاج الى معرفة ذلك أفيجوز أن يكون الرسول قد أهمل بيان هذا كله ووكله إلى هاتين المقدمتين ومعلوم أن الشاهد الذي استشهدوا به على أن الايمان هو التصديق أنه من القرآن ونقل معنى الإيمان متواتر عن النبي أعظم من تواتر لفظ الكلمة فان الايمان يحتاج الى معرفة جميع الأمة فينقلونه بخلاف كلمة من سورة فأكثر المؤمنين لم يكونوا يحفظون هذه السورة فلا يجوز أن يجعل بيان أصل الدين مبنيا على مثل هذه المقدمات .. ""
13 - ويقول رحمه الله في مجموع الفتاوى ج: 18 ص: 159
" ... وقوله أمر بى بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين أمر مع القسط بالتوحيد الذي هو عبادة الله وحده لا شريك له وهذا أصل الدين وضده هو الذنب الذي لا يغفر قال تعالى إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وهو الدين الذي أمر الله به جميع الرسل وأرسلهم به إلى جميع الأمم قال تعالى وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ... "
14 - ويقول رحمه الله في مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 608
" ... ولما كان أصل الدين هو الإيمان بالله ورسوله كما قال خاتم النبيين والمرسلين أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وقال لا تطرونى كما أطرت النصارى عيسى بن مريم فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله كان أمر الدين توحيد الله والإقرار برسله ولهذا كان الصابئون والمشركون كالبراهمة ونحوهم من منكري النبوات مشركين بالله فى إقرارهم وعبادتهم وفاسدي الاعتقاد فى رسله ... "
-ولعل ما سبق من نقل عن شيخ الإسلام رحمه الله يدل على المعنى الأول لأصل الدين وهو التوحيد الذي ضده الشرك وما سيأتي إن ساء الله يشمل المعاني الباقية إن شاء الله
15 - يقول رحمه الله: مجموع الفتاوى ج: 3 ص: 294
"…. فأجاب الحمد لله رب العالمين أما المسألة الأولى فقول السائل هل يجوز الخوض فيما تكلم الناس فيه من مسائل في أصول الدين لم ينقل عن سيدنا محمد فيها كلام أم لا سؤال ورد بحسب ما عهد من الأوضاع المبتدعة الباطلة فإن المسائل التي هي من أصول الدين التي تستحق أن تسمى أصول الدين أعني الدين الذي أرسل الله به رسوله وأنزل به كتابه لا يجوز أن يقال لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها كلام بل هذا كلام متناقض في نفسه إذ كونها من أصول الدين يوجب أن تكون من أهم أمور الدين وأنها مما يحتاج إليه الدين ثم نفى نقل الكلام فيها عن الرسول يوجب أحد أمرين إما أن الرسول أهمل الأمور المهمة التي يحتاج الدين إليها فلم يبينها أو أنه بينها فلم تنقلها الأمة وكلا هذين باطل قطعا وهو من أعظم مطاعن المنافقين في الدين وإنما يظن هذا وأمثاله من هو جاهل بحقائق ما جاء به الرسول أو جاهل بما يعقله الناس بقلوبهم أو جاهل بهما جميعا فإن جهله بالأول يوجب عدم علمه بما اشتمل عليه ذلك من أصول الدين وفروعه وجهله بالثاني يوجب أن يدخل في الحقائق المعقولة ما يسميه هو
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/336)
وأشكاله عقليات وإنما هي جهليات وجهله بالأمرين يوجب أن يظن من أصول الدين ما ليس منها من المسائل والوسائل الباطلة وأن يظن عدم بيان الرسول لما ينبغي أن يعتقد في ذلك كما هو الواقع لطوائف من أصناف الناس حذا قهم فضلا عن عامتهم وذلك أن أصول الدين إما أن تكون مسائل يجب اعتقادها قولا أو قولا وعملا كمسائل التوحيد والصفات والقدر والنبوة والمعاد أو دلائل هذه المسائل أما القسم الأول فكل ما يحتاج الناس إلى معرفته واعتقاده والتصديق به من هذه المسائل فقد بينه الله ورسوله بيانا شافيا قاطعا للعذر إذ هذا من أعظم ما بلغه الرسول البلاغ المبين وبينه للناس وهو من اعظم ما أقام الله به الحجة على عباده فيه بالرسل الذين بينوه وبلغوه وكتاب الله الذي نقل الصحابة ثم التابعون عن الرسول لفظه ومعانيه والحكمة التي هي سنة رسول الله التي نقلوها أيضا عن الرسول مشتملة من ذلك على غاية المراد وتمام الواجب والمستحب…."
-فمن الواضح من هذا النقل تقريره رحمه الله لمصطلح أصول الدين وكذلك التقسيم إلى أصول وفروع بل وتحديد الأصول كما في قوله (وذلك أن أصول الدين إما أن تكون مسائل يجب اعتقادها قولا أو قولا وعملا كمسائل التوحيد والصفات والقدر والنبوة والمعاد .. ) فكيف يقال أنه ينفي هذا التقسيم بإطلاق؟
16 - ويقول رحمه الله في مجموع الفتاوى ج: 22 ص: 254
"…وكل هذا من التفرق والاختلاف الذي نهى الله ورسوله عنه وكل هؤلاء المتعصبين بالباطل المتبعين الظن وما تهوى الأنفس المتبعين لأهوائهم بغير هدى من الله مستحقون للذم والعقاب وهذا باب واسع لا تحتمل هذه الفتيا لبسطه فإن الاعتصام بالجماعة والائتلاف من أصول الدين والفرع المتنازع فيه من الفروع الخفية فكيف بقدح فى الأصل بحفظ الفرع .. "
17 - ويقول في مجموع الفتاوى ج: 27 ص: 276
" .. ثم أنه بعد تقسيم الخلق قرر أصول الدين فقرر التوحيد أولا ثم النبوة ثانيا بقوله يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعملون ثم قرر النبوة بقوله وإن كنتم فى ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فأخبر انهم لا يفعلون ذلك كما قال قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ثم ذكر الجنة فقرر التوحيد والنبوة والمعاد وهذه أصول الإيمان."
18 - يقول رحمه الله في مجموع الفتاوى ج: 1 ص: 18
فصل:
" قال فى الحديث المشهور فى السنن من رواية فقيهي الصحابة عبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الأمر ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم وفى حديث أبى هريرة المحفوظ إن الله يرضى لكم ثلاثا أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم فقد جمع فى هذه الأحاديث بين الخصال الثلاث إخلاص العمل لله ومناصحة أولى الأمر ولزوم جماعة المسلمين وهذه الثلاث تجمع أصول الدين وقواعده وتجمع الحقوق التى لله ولعباده وتنتظم مصالح الدنيا والآخرة وبيان ذلك أن الحقوق قسمان حق لله وحق لعباده فحق الله أن نعبده ولا نشرك به شيئا كما جاء لفظه فى أحد الحديثن وهذا معنى إخلاص العمل لله كما جاء فى الحديث الآخر وحقوق العباد قسمان خاص وعام أما الخاص فمثل بر كل إنسان والديه وحق زوجته وجاره فهذه من فروع الدين لأن المكلف قد يخلو عن وجوبها عليه ولأن مصلحتها خاصة فردية…"
19 - ويقول رحمه الله: مجموع الفتاوى ج: 3 ص: 303
"… وإنما الغرض التنبيه على أن في القرآن والحكمة النبوية عامة أصول الدين من المسائل والدلائل التي تستحق أن تكون أصول الدين وأما ما يدخله بعض الناس في هذا المسمى من الباطل فليس ذلك من أصول الدين وإن أدخله فيه مثل المسائل والدلائل الفاسدة مثل نفي الصفات والقدر ونحو ذلك من المسائل…"
20 - ويقول رحمه الله في مجموع الفتاوى ج: 4 ص: 154
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/337)
"… ثم مثل أبي محمد وأمثاله لم يكن يستحل أن يتكلم في كثير من فروع الفقه بالتقليد فكيف يجوز له التكلم في أصول الدين بالتقليد والنكتة أن الذام به إما مجتهد وإما مقلد أما المجتهد فلا بد له من نص أو إجماع أو دليل يستنبط من ذلك فإن الذم والحمد من الأحكام الشرعية وقد قدمنا بيان ذلك وذكرنا أن الحمد والذم والحب والبغض والوعد والوعيد والموالاة والمعادات ونحو ذلك من أحكام الدين لا يصلح إلا بالأسماء التي أنزل الله بها سلطانه…"
21 - ويقول رحمه الله في مجموع الفتاوى ج: 12 ص: 87
"…وقد ذكرنا فى المسائل الطبرستانية و الكيلانية بسط مذاهب الناس وكيف تشعبت وتفرعت فى هذا الأصل والمقصود هنا ان كثيرا من الناس المتأخرين لم يعرفوا حقيقة كلام السلف والأئمة فمنهم من يعظمهم ويقول انه متبع لهم مع انه مخالف لهم من حيث لا يشعر ومنهم من يظن أنهم كانوا لا يعرفون أصول الدين ولا تقريرها بالدلائل البرهانية وذلك لجهله بعلمهم بل لجهله بما جاء به الرسول من الحق الذى تدل عليه الدلائل العقلية مع السمعية…"
22 - ويقول رحمه الله في مجموع الفتاوى ج: 16 ص: 251
"فصل فى بيان أن الرسول صلى الله عليه و سلم أول ما أنزل عليه بيان أصول الدين و هي الأدلة العقلية الدالة على ثبوت الصانع و توحيده و صدق رسوله صلى الله عليه و سلم و على المعاد إمكانا و وقوعا و قد ذكرنا فيما تقدم هذا الأصل غير مرة و أن الرسول صلى الله عليه و سلم بين الأدلة العقلية و السمعية التي يهتدي بها الناس إلى دينهم و ما فيه نجاتهم و سعادتهم فى الدنيا و الآخرة و أن الذين ابتدعوا أصولا تخالف بعض ما جاء به هي أصول دينهم لا أصول دينه و هي باطلة عقلا و سمعا كما قد بسط في غير موضع…"
23 - ويقول رحمه الله في مجموع الفتاوى ج: 16 ص: 371
"…قال تعالى قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا فابتغوا معه آلهة أخرى و لم يثبتوا معه خالقا آخر فقال فى أعظم الآيات الله لا إله إلا هو الحي القيوم ذكره فى ثلاثة مواضع من القرآن كل موضع فيه أحد أصول الدين الثلاثة و هى التوحيد و الرسل و الآخرة هذه التى بعث بها جميع المرسلين و أخبر عن المشركين أنهم يكفرون بها في مثل قوله "و لا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا و الذين لا يؤمنون بالآخرة و هم بربهم يعدلون"…"
24 - ويقول رحمه الله في مجموع الفتاوى ج: 19 ص: 230
"…واعلم أن عامة مسائل أصول الدين الكبار مثل الإقرار بوجود الخالق وبوحدانيته وعلمه وقدرته ومشيئته وعظمته والإقرار بالثواب وبرسالة محمد وغير ذلك مما يعلم بالعقل قد دل الشارع على أدلته العقلية وهذه الأصول التى يسميها أهل الكلام العقليات وهى ما تعلم بالعقل فإنها تعلم بالشرع لا أعنى بمجرد أخباره فان ذلك لا يفيد العلم إلا بعد العلم بصدق المخبر فالعلم بها من هذا الوجه موقوف على ما يعلم بالعقل من الإقرار بالربوبية وبالرسالة وإنما أعنى بدلالته وهدايته .. "
ولعل بعد هذه النقولات عن شيخ الإسلام رحمه الله لا أظن أنه هناك مجال للشك في صحة هذا التقسيم إن شاء الله.
ولي بعد ذلك تنبيه:
هذا التقسيم مسالة اصطلاحية المقصود منها التميز والتعريف ووضع الحدود والخصائص كتقسيم التوحيد إلى ربوبية وألوهية وأسماء وصفات لما ظن بعض الناس أن التوحيد هو مجرد الإقرار بالربوبية لزم التمييز وتحديد المعنى وإن لم يكن ذات التقسيم معروف لدى السلف ولكن كما يقال لا مشاحة في الاصطلاح إذا كان المعنى صحيح،وفي مسألتنا هذه التبست كثير من المفاهيم على بعض الناس حتى صار لا يفرق بين مسائل الدين الكبار مما يختص بالتوحيد وحق الله سبحانه وتعالى على عباده وبين بعض الواجبات الأخرى التي تدخل في الفروع فمثلا تجد الرجل مصلي عابد محافظ على بعض شعائر الإسلام يذهب لانتخاب العلمانيين في مجالس التشريع الوضعية أو ينادي بالديمقراطية أو غير ذلك لجهله بحقائق التوحيد وغياب المفاهيم فيأتي التقسيم ليبين أصل الدين وخصائصه وحدوده،والخطأ في المسألة ليس هو في ذات التقسيم كما سبق لكن الخطأ يأتي من بناء الأحكام الباطلة على هذا التقسيم دون الرجوع إلى أدلة خاصة كما فعلت المعتزلة وغيرهم من أهل البدع.
-ولقد اقتصرت في النقل على كلام شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله دون غيره من أهل العلم وذلك لأنه لم يرد نفي هذا التقسيم فيما أعلم إلا عنه رحمه الله واقتصرت على بعض النقولات دون حصر لأن النقل عنه في هذه المسألة لا يسعه مجلد كبير لكني اقتصرت على ما يوضح ما ذهبت إليه وأرجو أن أكون وفيت إن شاء الله
وأخيراً:
يقول شيخ الإسلام رحمه الله في مجموع الفتاوى ج: 19 ص: 134
25 - "…إذا عرف هذان النوعان فمن الناس من يسمى العلم والاعتقاد والحكم والقول الخبرى التابع علم الأصول وأصول الدين أو علم الكلام أو الفقه الأكبر ونحو ذلك من الأسماء المتقاربه وإن اختلفت فيها المقاصد والاصطلاحات ويسمى النوع الآخر علم الفروع وفروع الدين وعلم الفقه والشريعة ونحو ذلك من الأسماء وهذا اصطلاح كثير من المتفقهة والمتكلمة المتأخرين ومن الناس من يجعل أصول الدين اسما لكل ما اتفقت فيه الشرائع مما لا ينسح ولا يغير سواء كان علميا أو عمليا سواء كان من القسم الأول أو الآخر حتى يجعل عبادة الله وحده ومحبته وخشيته ونحو ذلك من أصول الدين وقد يجعل بعض الأمور الاعتقادية الخبرية من فروعه ويجعل اسم الشريعة ينتظم العقائد والأعمال ونحو ذلك وهذا اصطلاح غلب على أهل الحديث والتصوف وعليه أئمة الفقهاء وطائفة من أهل الكلام…"
فكيف يقال بعد هذا أن تقسيم الدين إلى أصول وفروع بدعة ويطلق القول بهذا.
وأختم بقوله رحمه الله في مجموع الفتاوى ج: 10 ص: 236:
" .. وذلك هو دين الإسلام الذي بعث الله به الأولين والآخرين من الرسل وهو الدين الذي لا يقبل الله من أحد دينا إلا إياه وهو حقيقة العبادة لرب العالمين فنسأل الله العظيم أن يثبتنا عليه ويكمله لنا ويميتنا عليه وسائر إخواننا المسلمين.
هذا والله أعلم ‘ والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم"
كتبه: أبو عبدالرحمن الباشا
http://saaid.net/Doat/ALbasha/3.htm
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/338)
ـ[عمر السنيدي]ــــــــ[09 - 08 - 05, 02:14 ص]ـ
ويستفاد في هذه المسألة، وفي معرفة أقوال ابن تيمية فيها وغيره من العلماء
من كتاب معالي الشيخ د. سعد بن ناصر الشثري
((التفريق بين الأصول والفروع))
رسالة ماجستير من قسم أصول الفقه بكلية الشريعة بالرياض.
الناشر/ دار المسلم.(27/339)
حكم قول (وهو على ما يشاء قدير)؟!
ـ[يوسف الشحي]ــــــــ[30 - 03 - 04, 10:19 م]ـ
قرأت في فتاوى الشيخ العثيمين رحمه الله بعد جواز إطلاق هذه العبارة.
لأن مفهوم العبارة أن ما شاءه الله قدر عليه وما لم يشأه لم يقدر عليه.
ولكن جاء في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم
كتاب الإيمان - باب آخر أهل النار خروجا - حدبث رقم 310
(إني لا أستهزئ منك، ولكني على ما أشاء قادر)
فما التحقيق في القول؟
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[31 - 03 - 04, 12:46 ص]ـ
راجع معجم المناهي اللفظية للشيخ بكر أبو زيد
فقد تكلم عنها بكلام جيد.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[31 - 03 - 04, 01:04 ص]ـ
وكتاب الإيمان بالقضاء والقدر
للشيخ محمد الحمد ص 149
ـ[ناصر بن عبدالله الدرعاني]ــــــــ[31 - 03 - 04, 01:20 ص]ـ
فائدة:
سمعت شيخنا محمد بن عبدالرحمن بن قاسم - رحمه الله - يقول:
هذا الكلام من قول فرقة المرشدة في شرحه لنا على الواسطية
في عام 1413 بمسجده بالملز بمدينة الرياض ...
والله المستعان.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[31 - 03 - 04, 01:23 ص]ـ
في كتاب الحمد تعليق لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله، وكذا شيخه ابن إبراهيم ... وغيرهم.
وفيه تفصيل نحو تفصيل الشيخ بكر لكن مخالفة في الحكم.
وانظر تفسير ابن كثير تحقيق السلامة 6/ 108
ففيه استعمال ابن كثير لهذه اللفظة.
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[31 - 03 - 04, 01:45 ص]ـ
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
والحاصل أن قوله تعالى:] وهو على جمعهم إذا يشاء قدير [. لا يعارض ما قررناه من قبل لأن القيد بالمشيئة ليس عائداً إلى القدرة وإنما يعود إلى الجمع. وكذلك لا يعارضه ما ثبت في صحيح مسلم في كتاب "الإيمان" في "باب آخر أهل النار خروجاً" من حديث ابن مسعود، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "آخر من يدخل الجنة رجل" فذكر الحديث وفيه أن الله تعالى قال للرجل: "إني لا أستهزئ منك ولكني على ما أشاء قادر" وذلك لأن القدرة في هذا الحديث ذكرت لتقرير أمر واقع والأمر الواقع لا يكون إلا بعد المشيئة، وليس المراد بها ذكر الصفة المطلقة التي هي وصف الله تعالىأزلاً وأبداً، ولذلك عبر عنها باسم الفاعل "قادر" دون الصفة المشبهة "قدير" وعلى هذا فإذا وقع أمر عظيم يستغربه المرء أو يستبعده فقيل له في تقريره: إن الله على ما يشاء قادر فلا حرج في ذلك، وما زال الناس يعبرون بمثل هذا في مثل ذلك، فإذا وقع أمر عظيم يستغرب أو يستبعد قالوا: قادر على ما يشاء، فيجب أن يعرف الفرق بين ذكر القدرة على أنها صفة لله تعالى فلا تقيد بالمشيئة، وبين ذكرها لتقرير أمر واقع فلا مانع من تقييدها بالمشيئة لأن الواقع لا يقع الا بالمشيئة، والقدرة هنا ذكرت لإثبات ذلك الواقع وتقرير وقوعه، والله سبحانهأعلم.
مجموع فتاوى الشيخ / الجزء الثالث
ـ[أبو تيمية إبراهيم]ــــــــ[01 - 04 - 04, 11:18 م]ـ
قال العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله - جوابا على السؤال: (141 - س: إنه على ما يشاء قدير؟): - جـ: - الأولى أن يطلق ويقال: إن الله على كل شيء قدير، لشمول قدرة الله جل جلاله لما يشاؤه ولما لا يشاؤه.
وقد غلط من نفى قدرته على ما لا يشاؤه، ومن الحجة عليهم قوله تعالى: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم} الآية، ويكثر ذكر هذه العبارة في تفسيره ابن كثير رحمه الله.) الفتاوى: 1/ 207.
و قال قال الشيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن عبد الله آل الشيخ في تضاعيف ترجمة العلامة عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ – رحم الله الجميع - و قد كتب له مرة الشيخ عثمان بن بشر صاحب تاريخ عنوان المجد. و قال في آخر دعائه: إنه على ما يشاء قدير. وقال في أثناء جوابه -: إن هذه الكلمة اشتهرت على الألسن من غير قصد، وهي مثل قول الكثير إذا سأل الله تعالى قال: وهو القادر على ما يشاء. وهذه الكلمة يقصد بها أهل البدع شرا وكل ما في القرآن {وهو على كل شيء قدير}، وليس في القرآن والسنة ما يخالف ذلك أصلا، لأن القدرة شاملة كاملة. وهي والعلم صفتان شاملتان يتعلقان بالموجودات والمعدومات، وإنما قصد أهل البدع بقولهم: وهو القادر على ما يشاء أي إن القدرة لا تتعلق إلا بما تعلقت المشيئة به.) علماء الدعوة: ص 44، وانظر: مجموعة الرسائل والمسائل النجدية: 1/ 405.
و قال العلامة محمد بن عبد العزيز بن مانع – رحمه الله -: (يجئ في كلام بعض الناس: وهو على ما يشاء قدير، وليس ذلك بصواب بل الصواب ما جاء بالكتاب والسنة وهو على كل شيء قدير، لعموم مشيئته وقدرته تعالى خلافا لأهل الاعتزال الذين يقولون إن الله سبحانه لم يرد من العبد وقوع المعاصي بل وقعت من العبد بإرادته لا بإرادة الله، ولهذا يقول أحد ضلالهم:
زعم الجهول ومن يقول بقوله ... أن المعاصي من قضاء الخالق
إن كان حقا ما يقول فلم قضا ... حد الزنا وقطع كف السارق
وقال أبو الخطاب رحمه الله في بيان الحق والصواب:
قالوا: فأفعال العباد فلقت ما ... من خالق غير الإله الأمجد
قالوا: فهل فعل القبيح مراده ... قلت الإرادة كلها للسيد
لو لم يرده وكان كان نقيصة ... سبحانه عن أن يعجزه الردى
وهذه الإرادة التي ذكرها أبو الخطاب في السؤال هي الإرادة الكونية القدرية لا الإرادة الكونية الشرعية.كما سيأتي بيان ذلك موضحا.) حاشية ابن مانع على العقيدة الطحاوية ص 18، و قد نقله العلامة الألباني – رحمه الله – في تعليقه على الطحاوية وأقره: ص35.
و له بحث فيها في الصحيحة 7/ 1/ص 347 - 353.(27/340)
صالح أبو خليل الشافعي- من يعرفه و يفتينا فيه؟
ـ[طارق أبو عبد الله]ــــــــ[31 - 03 - 04, 01:22 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
هل يعرف أحد منكم الشيخ صالح أبو خليل الشافعي صاحب الطريقة الخليلية بمصر فلي خال هو من أتباع هذا الرجل و زواره و يحكي عنه أخبارا غريبة و أخاف على أهلي أن يفتنوا بمثل هذه الأخبار مثل الإخبار عن أمور غيبية
و جزاكم الله خيرا
ـ[العدوي]ــــــــ[01 - 04 - 04, 02:50 ص]ـ
أخي الفاضل زادك الله تعالى حرصًا اعلم أن هذا الرجل المدعو بصالح أبي خليل دجال من دجاجلة البشر، وهو يبني طريقته على أساس ما يسمى بالإلهام أي: إخبار المريد عن حوادث وقعت له في الماضي، أو ستقع له في المستقبل، وغالب أتباعه المفتونون به من جراء ذلك الزعم بعلمه الغيب، وهو والله كاذبٌ في ذلك، فقد كنت أعرف بعض الناس الذين فتنوا به، ثم كان أن أخذ هذا الرجل رأيه في زيجته، وخيره بين ثلاثة فتيات طالبًا منه أن يختار له عروسًا منها - مع أنه لم ير ولا واحدة منهن - اعتقادًا من المسكين أنه يعلم الغيب فكان أن اختار له زوجة طلقها والله قبل الدخول بها بأسابيع، فيا سبحان الله على العقول، وغير ذلك الكثير، وهذا الرجل يعتقد في نفسه وينتشر بين أتباعه أنه متصرفٌ في الكون، وأنه صاحب مدد الرسول صلى الله عليه وسلم، ويزعم أن من دخل زاويته لا بد وأن يهتدي، وقام بعمل خلوة في المقابر لمدة ستة أشهر للاستعانة بالجن طبعًا، وطلب العون منهم، والعياذ بالله تعالى للتلبيس على الناس، والمقام يطول بنا لو ذهبنا نتكلم على حاله في ترك صلاة الجمعة بحجة أنه يصلي في مكة، أو المدينة، أو القدس - ومن يضلل الله فما له من هاد - وعلى حاله في تخصيص أوراد معينة ما أنزل الله بها من سلطان، وعلى أنشاداته المليئة بالاتحاد والحلول، وعلى تعظيمه للمجنون الأكبر / محيي الدين بن عربي - كما وصمه الحافظ ابن حجر بأنه صاحب خزعبلات - وغيره من أقطاب التصوف، كما أنه وبكل تبجح يعلن أنه قطب الكون، وأنه ولي هذا الزمان، ويفعل ما يشاء بمريديه، حتى إن أحد أتباع طريقته، وهو يموت والعياذ بالله تعالى - وقد حدثني بهذا من حضر، وهو يتفاخر بهذا الضلال المبين - قيل له: قل لا إله إلا الله، فقال باللفظ: أغفر لي يا عم الشيخ صالح، فأي ضلال، وأي جرم أشنع من هذا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والجنون فنون.
والأبشع من هذا أنه قد قتل واحدًا من كبار أتباعه بالسحر؛ لأنه خرج عن طوعه، وهذه القصة منتشرة معروفة بين أتباعه من المجانين والضالين، ولولا ضيق الوقت لسردت عرضًا تفصيليًا عن معتقدات وأوراد هذه الجماعة، يسر الله الوقت لذلك.
والحمد لله تعالى على نعمة الإسلام والسنة، والحمد لله رب العالمين،
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وسلم
ـ[طارق أبو عبد الله]ــــــــ[01 - 04 - 04, 11:39 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي العدوي و بارك الله فيك
وادعوا الله لنا يا أهل الحديث أن يكفينا الله شر هذا الرجل وأن يهدى خالي و حسبنا الله و نعم الوكيل
ـ[المستفيد7]ــــــــ[02 - 04 - 04, 10:34 ص]ـ
اللهم ياذا الجلال والاكرام اكف المسلمين شر هذا المفتري عليك وعلى دينك
اللهم احفظ على المسلمين دينهم وعقيدتهم برحمتك ياارحم الراحمين
اللهم اهد خال اخينا طارق واهد كل من اضله هذاالرجل بمنك وكرمك يااكرم الاكرمين
اللهم ياذا الجلال والاكرام اظهر للمسلمين خبث هذا المعتدي المجترئ عليك وعلى دينك
اللهم اكف المسلمين شره بما شئت ياقوي يا عزيز
ـ[عبد الناصر]ــــــــ[14 - 08 - 05, 05:11 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون
بعد هذا الجهد المبذول لوجه الله هل يلطخ بعض الذين لا يعلمون- هذه المواقع الدينية بما لا ينفع أحدا بل يضر بنا فى دنيانا وأخرانا؟ وهل يجوز أن يتحدث الناس فى المواقع الدينية كما يتحدثون فى المقاهى رجما بالغيب حديثا مرسلا لا مسئولية فيه ولا مراعاة لحقوق العباد؟
لقد قرأت فى منتدى العلوم الشرعية مجموعة طيبة من التراجم لمجموعة طيبة من آل البيت المعاصرين، وفوجئت هنا بالتقول على أحد العلماء الصالحين، هو نقيب أشراف مدينة الزقازيق بمصر، الشيخ صالح أبو خليل، فما هذا الهراء الذى يسمح به القائمون على هذا الموقع؟ أعتقد أن إخلاء المسئولية عما ينشره الزوار لا يليق بموقع دينى ينتسب إلى العلم الشريف، لأنه ليس من العلم الشريف سب آل البيت أو الطعن فيهم بهذا المستوى المنحط الردىء، المحشو بالأكاذيب والضلال، فهل عرف صاحب هذه الأكاذيب حقيقة الشيخ صالح أبو خليل عن قرب؟ وهل رآه؟ وهل سمع منه شخصيا أنه يعرف الغيب؟ وهل رآه مرة لا يصلى الجمعة وينسب إلى نفسه شيئا مما ذكر؟ وهل رأى بنفسه شيئا مما ذكر أو رأى أحد من أهل الصدق ذلك؟
أشهد بالله العظيم إن هذا المتقول على الشيخ صالح أبو خليل لم يذكر شيئا واحدا صحيحا، فأنا أعرفه عن قرب أكثر من خمس سنوات ولم أر منه شيئا واحدا مما ذكره هذا الجهبذ الذى يرمى خاصة علماء الأمة بأقبح التهم نقلا عن كاذب عن كاذب، وأدعو الله له ولنا وللقراء جميعا بالهداية
وأختم بما بدأت به: اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون
أخوكم/ عبد الناصر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/341)
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[14 - 08 - 05, 07:37 ص]ـ
تنبيه من المشرف:
الشيخ العدوي من المشايخ المعروفين في الملتقى وهو ثقة فيما ينقل، فكلامه مقبول فيما نقله عن هذا الرجل
فهل يمكنك أن تثبت لنا أن شيخك هذا سلفي على معتقد السلف الصالح؟
وما رأيك كذلك في هذا النقل الذي في المرفق
ـ[طارق أبو عبد الله]ــــــــ[14 - 08 - 05, 01:28 م]ـ
وأنا -صاحب الموضوع- أشهد أن هذا الرجل يظن أتباعه به أنه يعلم الغيب و أن السعيد من أتباعه هو من أصابته نفحة من (سيدنا الشيخ) فصار يُلهم هو الآخر (أي يحدّث بما يدور في نفوس الآخرين) وهو يقيم لجده أو أبيه كل عام مولدا كبيرا (فهل من سنة النبي أو عادة أهل بيته إقامة الموالد؟) هذا بالإضافة للحضرة التي يأمر أتباعه بها من حين لآخر وما يجري في هذه الحضرة من أنواع التوسلات الشركية والغناء والتصفيق و قد كنت في دفن ميت مرة فجاء رجل من أتباع سيدهم الشيخ وقرأ على الميت بعد وضعه في القبر كلاما بلغة غريبة لا يفهمها أحد وغير ذلك من أمور عقدية باطلة مثل العلم اللدني وتقسيم الدين إلى شريعة وحقيقة وكونه ينتسب لآل البيت لا يبرر اتباع ضلاله بحال فالله عز وجل قال عن بيته هو (إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ) وكذلك نحن نقول عن بيت النبي الطاهر المطهر إن أولياؤه إلا المتقون وإلا فأبو لهب أقرب نسبا للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من صالح أبو خليل
_________________________________________
"حسبنا الله ونعم الوكيل"
ـ[عبد الناصر]ــــــــ[15 - 08 - 05, 07:17 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
"ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا"
صدق الله العظيم
هل يستقى المشرفون على الموقع علومهم من هذه المرفقات ويجوز لنا بعد ذلك أن نسميهم أهل الحديث؟ أريد منكم أن توضحوا لى شيئا عن كاتبة السطور التى نقل عنها كاتب المرفقات، تلك المرفقات التى وضعت بطريقة توحى بأنها أدلة ووثائق دامغة، فى حين أنها دامغة بالفعل وشاهدة على ما آلت إليه أخلاق العصر وأخلاق الذين يكتبون لأهل هذا العصر؟ لم يكلّف المنتدى نفسه بأن يكتشف الحقيقة بنفسه بدلا من اللجوء إلى بعض الكتابات الهدامة التى تربط بين الدعوة إلى الله وبعض مظاهر الدجل والشعوذة أعاذنا الله منها ومن أهلها ومن الرابطين بينها وبين ديننا الحنيف. ولم يكلف المنتدى نفسه بتعريفنا بكاتبة المقال الأصلى، هل هى بالفعل غيورة على الدين أو أن الناقل عنها رجل عالم غيور على دين الله فكلّف نفسه بالذهاب إلى هذه المظاهر الغريبة التى حكت عنها الكاتبة التى تجعلنى أشك أنها رأت بعينيها أو سمعت بأذنيها؟ إن أصحاب الكلام الأصلى الذى تلهفت عليه الكاتبة ونقلت عنه اعتذر عنه أصحابه الذين سمعوا هذا الكلام من بعض المتقولين على العباد، ولما تحرّوا الحقيقة رجعوا عن ذلك، فالعجيب منكم أنكم ما اتبعتم منهج أهل الحديث فى دراسة أحوال الرجال الذين يأخذون عنهم، وأنا لا أشكك إلا فى الكلام وليس لى تعقيب إلا على الكلام، فمازال هذا كلام جرائد مع أننى صحفى إلا أن لى أذنين وعينين وفؤادا، وأنا مسئول عن كل ذلك وقد أقسمت لكم من قبل على كذب كلام الذى تقولون عنه إنه شيخ وإنه ثقة فيما يقول، ومن الأولى أن تصدّقوا قسمى، وبدلا من أن تظنوا أنكم حماة العقيدة فأنا دارس لعلوم الشريعة وأرى كبار العلماء يفزعون لهذا العالم الأزهرى فى المسائل العلمية العويصة، فهل يستطيع ذلك الذى أطلقتم عليه لفظ الشيخ أن يقسم على حرف واحد مما ذكر؟ اللهم لا، لأنه لم ير بعينيه ولم يسمع بأذنيه، فهل مازال مشرفو الموقع يصدّقون الشائعات ويستبعدون منهج أهل الحديث لمجرد ظن المخالفة فى المنهج أو المذهب؟ وهل كان السلف الصالح يأخذون منهجهم من العامة وتصل بهم العصبية إلى أن يخالفوا منهجهم فيطعنوا على أحد دون تثبّت؟ اللهم لا
كما أن صاحب السؤال الأصلى أدلى بدلوه، فأخبرنا بكلام غريب لا يدل على أن هذا الكلام ثقة، وأنا لا أكذب الأخ المتحدث نفسه ولكنى أعترض على هذا الرجل الذى قرأ القرآن بألفاظ غريبة، فمن المعلوم من الدين بالضرورة أن القرآن الكريم عربى مبين، أما الرجل فأنا واثق بأنه يدّعى صلته بالشيخ صالح أبو خليل، المتخرج فى كلية أصول الدين جامعة الأزهر، والذى نذر حياته للدعوة لدين الله على الكتاب والسنة، والذى لم أسمع منه طيلة السنوات التى عرفته فيها شيئا مما ذكر الأخ الفاضل، فإذا ادّعى إنسان عليك أيها الأخ الفاضل أنه يتبعك وفعل شيئا منكرا فما الذى يجب على من يعرفك عن قرب؟ هذا ما دفعنى لتوضيح ما أعرف ولأننا مؤاخذون بما نتكلم به، ولأننى أردت لهذا الموقع الدينى الذى ينسب نفسه للعلم الشريف أن يظل على منهج أهل العلم الشريف الذين يحاسبون أنفسهم على كل كلمة، علما بأننى لن أخوض فى مسائل علمية إلا إذا ربأ المشرفون على الموقع بأنفسهم عن قصد الإساءة إلى أحد والتشهير بعلمائنا وآل بيت نبينا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وبعد ذلك يأتى العلم، لأن ما يحدث هو ضد العلم، فسبحان القائل: "ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا"
أخوكم/ عبد الناصر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/342)
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[15 - 08 - 05, 08:41 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد
نحن لم نأت بهذا المرفق تصديقا لكلامهم أو لمعرفة أحوال الرجال منهم، فكلام الشيخ العدوي وفقه الله مقدم على كلامك وكلام أهل الموقع المشار إليه، و طلبنا منك أن تبدي لنا رأيك فيما ذكر عن الرجل في المقال المرفق
ونحن طلبنا منك أن تثبت لنا أن هذا الرجل سلفي المعتقد، فإن كان لديك دليل على سلفيته فحيهلا به، وإن كنت تعتقد أن الطرق الصوفيه والخرافات التي يفعلونها وينسبونها إلى دين الله زورا وبهتانا هي الدين الذي أتى به محمد صلى الله عليه وآله وسلم فأدرك نفسك قبل أن تهلك مع من هلك.
والحمد لله نحن نعرف العلم والأدب وإنزال الناس منازلهم
وليس للصوفية والقبورية وغيرهم من أهل البدع عندنا مكان، ولن نكتب عنهم إلا ما ندين الله به
ـ[ابن هشام المصري]ــــــــ[15 - 08 - 05, 11:20 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
"ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا"
الأخ عبدالناصر
ذكر الأخ العدوى، أن الشيخ صالح يعظم محيي الدين بن عربي.
فهل ذكرت معتقده في ذلك الرجل، أو معتقدك؟
ـ[طارق أبو عبد الله]ــــــــ[15 - 08 - 05, 04:19 م]ـ
الأخ عبد الناصر نور الله بصيرته
أرجو أن تجيب عن هذه النقاط تحديدا:
1 - هل من نذر حياته للدعوة لدين الله على الكتاب والسنة يقيم لجده مولدا كبيرا كل عام وأنت تدري بما يحدث في الموالد و هذا المولد كنت أرى إعلانا له في جريدة الأهرام سنويا (أخبرنا بعالم من أهل السنة شارك في الموالد)
2 - هل من نذر حياته للدعوة لدين الله على الكتاب والسنة يأمر أتباعه بعمل حضرة فيها من المصائب ما ذكرت لك من قبل؟ وهذه الحضرة كنت أسمع ما يدور فيها بأذني التي في رأسي
3 - أخبرنا بعمل (دعوي) علي الكتاب والسنة قام به هذا الرجل
أخيرا لي سؤال خاص: هل أنت من أتباع الطريقة الخليلية؟ ولماذا؟
ـ[العدوي]ــــــــ[15 - 08 - 05, 04:48 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبعد:
فجزى الله إخواني في الملتقى عن ذبهم عن عرض أخيهم العدوي، وذاك الظن بهم
وإلى أخي الفاضل عبد الناصر -هدانا الله وإياه إلى ما فيه الحق والخير-
أقول يا أخي الكريم أنا لا أتكلم عمن لا أعرف كما يتهيأ لك، وأريد أن أطرح عليك بعضًا من أفعال هذا الرجل ومواقفه التي تدلك بما لا يدع مجالا للشك أنه من أهل البدع والضلالات:
1 - هل تعلم أخي الكريم أنه يزعم لنفسه القطبانية، والتصرف في الكون.
2 - ماهو سر الأسماء السبعة التي يخصونها بالذكر، ويعتقدون أن لها خاصية دون غيرها في الأوراد.
3 - ما رأيك في الكتاب الذي ألفه هذا الرجل وسماه:"كشف الغطاء عن أهل البلاء" ويعني بأهل البلاء من يحاربون البدع والشركيات كالتوسل والاستغاثة والتمسح بالقبور إلى آخر القائمة.
4 - ما قولك أخي الكريم في قصائد المديح التي يمدح بها الشيخ، والتي تنضح بأوصاف لا يستحقها إلا الله تعالى، أو نبيه صلى الله عليه وسلم، ومنها قولهم:
ياسراج ومبين وهداية للعالمين
ياالله ألهذا الحد عميت الأبصار والقلوب، ونسبت صفات سيد الخلق صلى الله عليه وسلم إلى بشر.
5 - ما قولك أخي الكريم في ادعائه وراثة المدد النبوي، وهل يوجد شيء أصلا يثبت أن آل البيت اختصهم الله تعالى بما يسمى بوراثة مدد النبوة.
6 - والله يا أخي أنا أحب آل البيت وأحترمهم، وكذلك الظن بسائر إخواننا في الملتقى وغيرهم من أهل السنة، ولكن ذلك لا يعني تقديسهم، ورفعهم فوق رتبتهم لأن هذا مما يغضب الله ورسوله لا مما يرضيهم، كيف لا وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:"لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، ولكن أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/343)
7 - أود أن أطرح عليك نقطة للتأمل وهو أن أكثر العلماء الذين شرفهم الله تعالى بحمل هذا الدين وإيصاله علومه إلى الخلق كافة كانوا من خارج آل البيت، فمَنْ مِنْ أصحاب الكتب الستة من آل البيت، وكم واحدًا من أئمة المذاهب الأربعة، أو حتى المذاهب المندثرة كمذهب الأوزاعي والثوري والليث بن سعد من آل البيت، وهذا والله ليس انتقاصًا من قدرهم لأن منهم علماء حملوا العلم ولكن ما نسبتهم إلى جملة من شرفهم الله تعالى بحمل دينه، وهذا ملمح هام لأنه يوضح بجلاء أن آل البيت غير مختصين بحمل الدين والعلم دون باقي الخلق، ولا أنهم اختصوا بعلم من العلوم دون باقي الخلق.
8 - هل يجوز أخي الكريم اعتقاد أن الشيخ صالح هو الولي الكامل - ليتك توضح لإخواننا ما معنى الولي الكامل -.
9 - هل يجوز اعتقاد أن الشيخ اختصه الله تعالى وهو أتباعه بما يسمى الإلهام، ومجالس الإلهام لا تخفى عليك، ولا يخفى عليك أيضًا أن من يلهمون في هذه المجالس هم الذين أخذوا مدد الشيخ وإذنه بالإلهام.
10 - ما رأيك أخي الكريم في أن الشيخ لا يصلي الجمعة أحيانًا بدعوى أنه يصلي في القدس الشريف، أو أحد الحرمين المكي أو المدني، ولاحظ أنك إن أنكرت ذلك فقد أنكرت مشاهدًا لأن من أراد الاطلاع على ذلك فليذهب إلى الزقازيق وقت صلاة الجمعة، ولينظر أين يصلي الشيخ الجمعة، وهل يواظب على صلاتها أم لا.
11 - هذا الرجل قال بالحرف الواحد لرجل بسيط عنده طلب منه أن يتحدث معه ويسأله في بعض
الأمور:"الدين ده بتاعي أنا أحطه هنا -وأشار إلى قلب الرجل- وقت ما أنا عايز" يا الله "فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور".
12 - وما قولك في قول أتباعه المنتشر ويلهجون به كالتسبيح ليل نهار مدد ياعم -ويقصدون به هذا الرجل- لا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله
يا أخي عبد الناصر هذا غيض من فيض، ولو شئت لملئت لك الصفحات ببدعه وضلالاته، وأنا أرى أن حوارك حول الرجل لا فائدة منه إذا لم توضح لنا معتقدك في بعض ما سأطرح عليك:
1 - ما قولك فيمن يزعم أنه أعطي التصريف في الكون، وهل مفهوم التصريف في الكون موافق لما أتى به الشرع؟
2 - ما قولك في الاستغاثة بغير الله تعالى والنذر والذبح لغير الله تعالى؟
3 - ما قولك فيمن يعتقد أن الأولياء يعلمون الغيب؟
4 - ما قولك في وجود أقطاب لهذا الكون؟
5 - ما قولك في الذكر بالأسماء السريانية؟
هذه أسئلة مبدئية إن أجبتني عليها أكملت معك الحوار على أساس إجابتك، وإلا فسكوتك دليلٌ على اعتقادك بما يعتقده هذا الرجل من البدع والضلالات والشركيات
هذا آخر ما أردت قوله والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.
ـ[عبد الناصر]ــــــــ[16 - 08 - 05, 07:19 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
"ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون"
لقد شهدنا بالحق، وبيّنا من قبل كذب المتقوّلين بالباطل وأقسمنا على ذلك وقلنا إن المتقولين لا يستطيعون أن يقسموا على ما يتقوّلون به، فلم يرجع أحد عمّا نقله عن شياطين الإنس، ثم جاء الأخ العدوى محاولا القفز إلى مناقشات تبدو علمية وكأنه وجد طوق النجاة فى المراء، مع أن الأمر لا يحتاج منه إلى كثير تكلف أو كثير عناء أو تعنت، وهو يعتقد أننا خضنا فى عرضه وأن المشرفين على الموقع دافعوا عن عرضه، مع أننا حاولنا نصرته ظالما بمنعه عن الظلم، وليت القائمين على الموقع عملوا بنصيحة الحبيب المصطفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ونصروه ظالما فمنعوه هم أيضا عن الظلم، لكنهم على ما يبدو لا يعرفون آداب إدارة المواقع الدينية، وأنا لا أستطيع أنا ولا غيرى أن أنفى عنهم الأدب كله، فنحن نتحدث فى نقطة واحدة: من المستفيد من سبّ علماء المسلمين على شبكات المعلومات حتى ولو كانوا مخالفين لمذهبكم؟ فماذا ستفعلون مع المخالفين لديننا والحق سبحانه يقول: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن ... "؟ كما أنكم تخليتم عن منهج أهل الحديث الذين يقولون إن الحق لا يُعرف بالرجال وإنما يُعرف الرجال بالحق، فدافعتم عن الرجل واعتبرتموه مقدّما علىّ وعليكم، وبالتالى فإن كلامه لابد أن يكون صحيحا، بالرغم من بيان فساده.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/344)
إن الأخ العدوى يدعونى إلى الإجابة عن أسئلته، وأنا والله مستعد للإجابة على كل أسئلته بما يشفى صدره، ولكن بعد أن يجرّدها من سلسلة الأكاذيب المفتراة، والتى تؤكد لى مرة أخرى أنه لم يعرف الشيخ ولم يره، وأنه رجل يطلق أذنه للقيل والقال، دون تمحيص للمقال، ودون رؤية أو تثبت، وأنه رجل يفكر بأذنه ويستغل بعض المغرضين هذه العادة غير الطيبة فيه ليجعلوه من السمّاعين للكذب، ندعو الله أن يعافيه منها ومنهم. ولا أريد أن أطيل فى ذلك، وإنما أريد أن أبيّن للأخ العدوى أننى لا يهيّأ لى أنه لا يعرف الشيخ، فإن مجموعة الأكاذيب التى ذكرها فى كلامه الأخير تؤكد لنا ذلك، وعلى سبيل المثال فإنه يذكر أن الشيخ لا يصلى الجمعة وأننى لو ذهبت إلى هناك يوم الجمعة فسيتأكد لى ذلك، وأنا والحمد لله بكامل عقلى وكنا نجتمع معه أيام الجمع لمدة عام أو أكثر فى مقرّ الجمعية الخيرية التى يرأسها، وكان هذا يتطلب أن نصلى الجمعة فى المسجد المجاور للجمعية وكان الشيخ يصلى معنا كل جمعة طيلة هذا العام، أما الأيام التى كنا نعلم علم اليقين أن الشيخ مسافر فيها خارج مصر أو داخلها- وهى مرات قليلة- فهذه هى المرات التى لم نصلّها معه، هذا عام كامل أو أكثر، أما بعد ذلك ففى أحيان غير قليلة نذهب إلى الجمعية يوم الجمعة ولكن بغير انتظام، ونصلى أيضا معه، فمن أين أتى العدوى بهذه الأكذوبة؟ وأى دين هذا الذى ندين به إذا كنا نفرط فى شرع الله لدرجة التفريط فى الفروض التى فرضها الله علينا؟
أما الأكذوبة الثانية التى تدلّ على أن الأخ العدوى لا يمحص الروايات فقوله إنه هو وأتباعه يذكرون سبعة أسماء فقط من أسماء الله، ثم يتساءل: لماذا؟ والحقيقة أنهم لا يذكرون سبعة أسماء فقط ولن أقول له الرقم الصحيح حتى يتعوّد أن يبذل جهدا ولو يسيرًا فى معرفة الحقيقة، أما أسماء الله الحسنى التسعة والتسعون فقد سمعتهم يذكرون بها أيضا.
أما الأكذوبة الثالثة فهى ما نقله عن أفواه بعض المغرضين دون تمحيص وهى أن من بين هذه الأسماء أسماء سريانية، وقد قلت لك إنها الثالثة.
أما الرابعة فأكذوبة شبه علمية تدل على قصر باعه فى الحديث النبوى أو تغاضيه المذهبى عن الأحاديث الصحيحة فتكلم كالمتلعثم عن اختصاص آل البيت بكثير من العلم محتجا بأن جامعى الأحاديث ليسوا من آل البيت، وبالتالى لا يلزمنا الارتباط بهم، ولكنها حجة واهية، لأنه لو أحبّ الحق لذكر لنا أن أكثر أصحاب كتب السنة الأجلاء قد رووا لنا ولغيرنا أحاديث الثقلين، فرواها مسلم والترمذى فى الصحيح والإمام أحمد بن حنبل فى مسنده والحميدى والسمعانى فى فضائل الصحابة والطبرانى وغيرهم، ورويت هذه الأحاديث من طريق أهل البيت باثنين وثمانين طريقا، فلو أنه يعرفها فإنه يكذب فى فتواه بعدم التمسك بهم، ولو أنه لا يعرفها فكلام من لا يحفظ ليس بحجة على من يحفظ. وأنا والله ليس عندى من الوقت ما يكفى لإضاعته مع من لا يرجعون إلى الحق مهما بيّنا لهم، وأنا أشهد شهادة حق أمام الله، وليست لى مصلحة دنيوية فى الدفاع عن أحد، بل إن شتائمكم ونقلكم الأكاذيب موجود على موقعكم منذ أكثر من عام، وقد قرأته مصادفة وأنا أبحث عن بعض كتب الحديث، ولم أخبر بما أقوم به أحدا، أى أن شهادتى هذه خالصة لوجه الله تعالى، وأنا أعرف أن الشيخ لا يرى فى الردّ على هذه التفاهات أية قيمة، فهل آن الأوان ليدخل أصحاب هذا التقوّل فى ظلال قول الحق سبحانه وتعالى: "ولم يصرّوا على ما فعلوا وهم يعلمون"؟
أخوكم/ عبد الناصر
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[16 - 08 - 05, 08:19 ص]ـ
{إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا} (105) سورة النساء
{وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} (107) سورة النساء
طلبنا منك أن تذكر لنا هل هذا الرجل على معتقد السلف الصالح أم أنه مخالف لهم فتهربت من الإجابة، وتهربك هذا يدل على عدم مقدرتك على التصريح بذلك؟
فسنظطر إلى حذف مشاركاتك وإبقاء الموضوع كما هو ليحذر المسلمون من هذا الرجل
فيبقى لك رد واحد فقط تجيب فيه عن السؤال
ـ[عبد الناصر]ــــــــ[16 - 08 - 05, 08:52 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
نعم طبعا يا أهل الملتقى، وأنا ليس عندى ما يشين حتى أتهرّب، بل إننى كنت أحاول طوال الفترة السابقة أن يكون المشاركون على أخلاق السلف الصالح، لأن ديننا الحنيف ليس معتقدا فقط، وإنما الأخلاق ركن ركين فيه، ويكفى أن الحبيب المصطفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقول: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، كما أننى لا يزعجنى حذف مشاركاتى من عدمه، لأننى قد بلّغت اللهم فاشهد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبد الناصر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/345)
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[16 - 08 - 05, 09:14 ص]ـ
نسال الله لنا ولكم التوفيق والسداد وصلاح الأحوال
وقد أعطيناك فرصة كافية لتبين ما تراه حول شيخك ولم تجبنا على طلبنا منك؟
ونصحيتنا لك وفقك الله ألا تدافع عن أهل البدع ولا تتعصب لهم مهما كانوا، فإن هذا العلم دين فلينظر المسلم عمن يأخذ
نسأل الله أن يهدينا وإياك للحق وأن يجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولامضلين
ونشير على وفقك الله بالاستفادة من كتب العقيدة الصحيحة والسير على منهج الصحابة والسلف الصالحين
وهذا رابط يفيدك في كتب العقيدة
http://saaid.net/book/list.php?cat=1
http://saaid.net/book/open.php?cat=89&book=1907
http://saaid.net/book/open.php?cat=89&book=1865
ـ[العدوي]ــــــــ[16 - 08 - 05, 12:19 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبعد:
الأخ عبد الناصر - هدانا الله وإياه -
أما بالنسبة لاعتقادك يا مسكين أني أقول أكاذيب فسأشفي غليلك الآن بما لا تستطيع إنكاره، فأقول أقسم بالله تعالى أني حضرت مجالس الإلهام هذه، ولم يخبرني أحدٌ بها كما تظن يا مسكين، ثم إنك لم تنفِ أصلا هذه التهمة، وهي تهمة اختصاصكم بما يسمى مجالس الإلهام، وأنها منحة للشيخ واتباعه، هذه واحدة.
والثانية: هل تعلم قصة الشيخ شريف الذي انفصل عن الشيخ، وأنشأ طريقًا وحده - وكانت من أشهر أتباعه التي انفصلت عن الشيخ فنانة مشهورة من أهل الفسق لا داعي لتلطيخ الملتقى باسمها، انفصلت هي أيضًا عن الشيخ لأنه غالى في طلب النفحة منها، وهي شيء يشبه الخمس عند الشيعة يجب على اتباع الشيخ أن يؤدوه أم أنك تنكر النفحة أيضًا- فأشاع الشيخ أنه قتله بسيفه البتار - يقصد سيفه الروحي - لخروجه عن الطريق دون إذن، وعندما حضر دفنه قال على قبره بالحرف الواحد:"هو في مقعد صدق عند مليك مقتدر" ووالله لقد حدث هذا منذ عدة سنوات، ولا أدري إن كنت موجودًا وقتها أم لا؟!.
والثالثة: هل تستطيع أن تنكر أن من أشهر اتباع الشيخ مطرب معروف، يختار الشيخ له ترتيب أغانيه بنفسه في الشريط قبل أن يطرح بالأسواق، حتى أن أغنية شهيرة لهذا المطرب كان يحولها لمدح الشيخ:"لأنك مني وجوه النني بحبك عمي لأنك فجر أيامي" تحب أن أكمل لك.
والرابعة: ما هو سر الاسم وهاب أيها المرتاب؟!
والخامسة: أنك يامسكين تتهرب بقولك إن الأيام التي يسافر بها الشيخ معلومة، فهل يعقل أن يكون مسافرًا خارج مصر، ثم يأتي بعد صلاة الجمعة بساعة مثلا أو ساعتين، أم أنها كرامة أخرى من كرامات الانتقال المزعومة - طبعا أنا لا أنكر الكرامات حتى لا تتهمني كما اتهمتني بإنكار فضل آل البيت-.
والسادسة: ليتك تجيب على ما طرحته إليك لأني أعرف إجاباتك مسبقًا التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
والله إني لمشغول عن الكلام في أمثال هذه الترهات، وأستحي من ذكرها، ولكني ذكرتها لطلبك الدليل على ذلك.
وأما بالنسبة للكلام على آل البيت فإنك أبنت يا مسكين عن اتباعك للباطل، وأثبت حقيقة أن الصوفية والشيعة يستقون بدعهم من معين واحد، وأنا أريد منك أن تكلف خاطرك وتعود لشرح حديث الثقلين قبل أن تهرف بما لا تعرف، وأكرر لك كلامي مرة أخرى والله إني أحب آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وأحترمهم وأعرف قدرهم، ولكنهم لم يختصوا بعصمة، ولا بوراثة وحي، وهذا ما أدين الله تعالى به، وأنا في ذلك متابعٌ لأهل السنة والجماعة بحمد الله تعالى.
أخي الكريم ليس عيبًا أن يرجع المرء عن خطأ معتقده، بل كل العيب والضلال هو الانتصار للآراء والأهواء، وترك الدليل بغير قرينة ولا حجة، وصدق الله إذ يقول:" ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير".
وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.
ـ[محمد محمود الحنبلي]ــــــــ[16 - 08 - 05, 12:27 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لامية شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله تعالى
في العقيدة.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[16 - 08 - 05, 01:29 م]ـ
لقد اطلعت على النقاش الطويل الدائر هنا وأخاطب الأخ الكريم عبد الناصر كما سبق وأن خاطبه الإخوة نرجو الإجابة على الأسئلة المحددة وعدم الحيدة عنها إن أردنا النقاش والوصول للحق دون تعصب ونحن الآن لا نحاكم شيخك صالح ولا يعنينا ذلك في قليل ولا كثير لكن نحاكم الأفعال التي يفعلها والتي يقرها
أليس من المعروف لكل مصري أن الطريقة الخليلية أحد طرق الصوفية
أليس من المعروف أن هناك مولد سنوي تقيمه الطريقه ويذهب الناس لطلب البركة و للذبح في هذا المولد لجد شيخك وغيرهذا
أليس من المعروف أن لكم أورادا ما وردت لا في كتاب ولا سنة وقد حدثني بعضهم أنه يخاف لو مر عليه اليوم دون قراءة الورد وأنه تمر عليه الأيام وهو لا يفتح كتاب الله ولا يقرأ القرآن
الأخ الفاضل عبد الناصر: إن كنت تقر هذا وكنت من أصحاب هذ المسلك فأقول لك أرح نفسك وأرح أهل الملتقى من هذا النقاش غير المثمر وأقول لك إن كنت من أصحاب هذا الاتجاه ما قاله الإمام الذهبي:
وإن غلب عليك الهوى والعصبية لرأي ولمذهب فبالله لا تتعب.
وإن عرفت أنك مخلط مخبط مهمل لحدود الله فأرحنا منك
فبعد قليل ينكشف البهرج وينكب الزغل ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/346)