على أن قارئيه مقلدون تقليداً أعمى وليسوا ممن يراجع أو يقرأ أو يتثبت مما يقال؟
إنه لأمر مؤسف والله، وبلية من أعظم البلايا التي نشهدها في واقع المسلمين، وهي من غير شك من الأسباب الكبرى في تأخر المسلمين وضعفهم وانحطاطهم، ومحال أن تتغير هذه الحال إلا إذا غيروا ما بأنفسهم من الجمود والتصوف والفقه المذهبي وعلم الكلام، وعادوا إلى هدي الله الحق المتمثل في الكتاب والسنة، والذي توضحه الدعوة السلفية الغراء.
6 – خطؤه في ادعائه أن توسل الأعمى كان بمنزلة النبي r عند الله:
ونختم الرد على الدكتور البوطي بالإشارة إلى خطئه في ادعائه أن توسل الأعمى إنما كان بمنزلة النبي r، وبكونه أفضل الخلائق عند الله، لأن ذلك مجرد دعوى لا برهان عليها، ولم
يستطع الدكتور أن يأتي بشبه دليل على ذلك، وقد تقدم في هذه الرسالة إثبات أن توسل الأعمى إنما كان بدعاء النبي r، وقد فندنا كل الشبهات فيما علمنا التي يوردها المخالفون، ويحتجون بها على رأيهم الخاطىء، كما بيَّنا (ص65) ضعف الزيادة التي أشار الدكتور إليها، وسكت عنها جهلاً أو تجاهلاً، وهي قوله: (فإن كان لك حاجة فافعل مثل ذلك). ورغبة في عدم الإطالة لا نعيد ذلك.
ومما سبق كله، يتبين لكل منصف مريد للحق بطلان تلك الشبهة البوطية وسقوطها،
وصدق الله تبارك وتعالى إذ يقول:} بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه، فإذا هو زاهق،
ولكم الويل مما تصفون {ويقول:} ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا {.
والحمد لله أولاً وآخراً على توفيقه وهداه، وهو وحده المستعان، لا إله غيره، ولا رب سواه.
وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
الفهرس
مقدمة 2
التوسل: أنواعه وأحكامه 4
الفصل الأول: التوسل في اللغة والقرآن 6
معنى التوسل في لغة العرب 6
معنى الوسيلة في القرآن 7
الأعمال الصالحة وحدها هي الوسائل المقربة إلى الله حتى يكون العمل صالحاً 9
الفصل الثاني: الوسائل الكونية والشرعية 12
كيف تعرف صحة الوسائل ومشروعيتها 16
الفصل الثالث: التوسل المشروع وأنواعه 23
1 – التوسل بأسماء الله وصفاته 24
2 – التوسل بعمل صالح قام به الداعي 26
3 – التوسل بدعاء الرجل الصالح 31
بطلان التوسل بما عدا الأنواع الثلاثة السابقة 34
الفصل الرابع: شبهات والجواب عليها 40
الشبهة الأولى: حديث استسقاء عمر بالعباس 40
تنبيه حول حياة النبي r في البرزخ 46
اعتراض ورده 51
الشبهة الثانية: حديث الضرير 55
دفع توهم وبيان خطر الغلو في الصالحين 61
تنبيه على ضعف زيادتين في حديث الضرير 65
تنبيه آخر حول كتاب "التوصل إلى حقيقة التوسل" 72
الشبهة الثالثة: الأحاديث الضعيفة في التوسل 74
الحديث الأول: اللهم بحق السائلين عليك 75
الحديث الثاني: كان إذا خرج إلى الصلاة 79
الحديث الثالث: كان إذا أصبح وإذا أمسى 80
الحديث الرابع: عن فاطمة بنت أسد 81
الحديث الخامس: كان رسول الله r يستفتح بصعاليك المهاجرين 82
الحديث السادس: توسل آدم بمحمد r 84
الرد على من حاول تصحيحه وبيان مخالفته للقرآن 92
الحديث السابع: توسلوا بجاهي .. 95
أثران ضعيفان: 1 – أثر الاستسقاء به r بعد وفاته 96
الفرق بين التوسل بذات النبي وبين طلب الدعاء منه 100
الاستغاثة بغير الله تعالى 102
2 – أثر فتح الكوى فوق قبر الرسول r عام الفتق! 104
الشبهة الرابعة: قياس الخالق على المخلوقين 108
الشبهة الخامسة: القول بإباحة التوسل بالذوات 112
الشبهة السادسة: قياس التوسل بالذات على التوسل بالعمل الصالح 113
الشبهة السابعة: قياس التوسل بذات النبي r على التبرك بآثاره 114
1 – تخليط البوطي في التسوية بين التبرك والتوسل 117
2 – بطلان التوسل بآثار النبي r 119
3 – افتراء عريض 121
4 – خطؤه في ادعائه أن مناط التوسل بالنبي r كونه أفضل الخلائق 123
5 – جهله بالمعنى اللغوي لكلمة الاستشفاع 125
6 – خطؤه في ادعائه أن توسل الأعمى كان بمنزلة النبي r 128
ـ[أبو جاد التونسي السلفي المهاجر]ــــــــ[16 - 07 - 10, 10:51 ص]ـ
بارك الله فيك أخي علي المجهود
ـ[أم مصعب وأنس]ــــــــ[18 - 07 - 10, 05:20 ص]ـ
جزاكم الله خيرا.(26/288)
سؤال تأويل صفات الله ....... ؟
ـ[النووي السلفي]ــــــــ[08 - 12 - 03, 07:22 م]ـ
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته هل يجوز تأويل صفات الله عز وجل مثل يد الله فوق ايديهم اي قدره الله ومثل هذا وما هو الحكم على من يقول بمثل ذلك ولكم كل الأحترام والتقدير
ـ[مسلم الحربي]ــــــــ[11 - 12 - 03, 11:40 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته0
لايجوز تأويل صفات الله عز وجل0 والمنهج الصحيح في أسماء الله وصفاته هو منهج ومعتقد أهل السنة والجماعة وهو: أنهم يؤمنون بما وردت به نصوص القرآن والسنة الصحيحة إثباتا ونفيا فهم بذلك:
1 - يسمون الله بما سمى به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، لا يزيدون على ذلك ولا ينقصون منه0
2 - ويثبتون لله عز وجل ويصفونه بما وصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل0
3 - وينفون عن الله مانفاه عن نفسه في كتابه أو على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم مع اعتقاد أن الله موصوف بكمال ضد ذلك الأمر المنفى0
فأهل السنة سلكوا في هذا الباب منهج القرآن والسنة الصحيحة فكل اسم أو صفة لله سبحانه وردت في الكتاب والسنة الصحيحة فهي من قبيل الإثبات فيجب بذلك إثباتها0
وأما النفي فهو أن ينفى عن الله عز وجل كل ما يضاد كماله من أنواع العيوب والنقائص، مع وجوب اعتقاد ثبوت كمال ضد ذلك المنفى0
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: (لا يوصف الله إلاّ بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لا نتاوز القرآن والسنة) 0
قال شيخ الإسلام ابن تيميّة -رحمه الله تعالى- (وطريقة سلف الأمة وأئمتها: أنهم يصفون الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله: من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل: إثبات بلا تمثيل، وتنزيه بلا تعطيل، إثبات الصفات، ونفي مماثلة المخلوقات، قال تعالى: ((ليس كمثله شيء)) فهذا رد على الممثلة ((وهو السميع البصير)) رد على المعطلة0
فقولهم في الصفات مبني على أصلين:
أحدهما: أن الله سبحانه وتعالى منزّه عن صفات النقص مطلقا كالسنة والنوم والعجز والجهل وغير ذلك0
والثاني: أنه متصف بصفات الكمال التي لا نقص فيها على وجه الاختصاص بما له من الصفات، فلا يماثله شيء من المخلوقات في شيء من الصفات0
انتهى نقلا من ((معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات)) للدكتور محمد بن خليفة التميمي0
وانظر لزاما:
كتاب الأسماء والصفات، ومنهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية0
القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى للعلامة محمد بن الصالح العثيمين رحمه الله تعالى0
منهج الأشاعرة في العقيدة للدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي0
سلسلة دراسات في مباحث توحيد الأسماء والصفات للدكتور محمد بن خليفة التميمي0
وغيرها من كتب العقيدة لأئمة أهل السنة والجماعة0
والله ولي التوفيق0
ـ[مسلم الحربي]ــــــــ[11 - 12 - 03, 11:46 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته0
لايجوز تأويل صفات الله عز وجل0 والمنهج الصحيح في أسماء الله وصفاته هو منهج ومعتقد أهل السنة والجماعة وهو: أنهم يؤمنون بما وردت به نصوص القرآن والسنة الصحيحة إثباتا ونفيا فهم بذلك:
1 - يسمون الله بما سمى به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، لا يزيدون على ذلك ولا ينقصون منه0
2 - ويثبتون لله عز وجل ويصفونه بما وصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل0
3 - وينفون عن الله مانفاه عن نفسه في كتابه أو على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم مع اعتقاد أن الله موصوف بكمال ضد ذلك الأمر المنفى0
فأهل السنة سلكوا في هذا الباب منهج القرآن والسنة الصحيحة فكل اسم أو صفة لله سبحانه وردت في الكتاب والسنة الصحيحة فهي من قبيل الإثبات فيجب بذلك إثباتها0
وأما النفي فهو أن ينفى عن الله عز وجل كل ما يضاد كماله من أنواع العيوب والنقائص، مع وجوب اعتقاد ثبوت كمال ضد ذلك المنفى0
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: (لا يوصف الله إلاّ بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لا نتاوز القرآن والسنة) 0
قال شيخ الإسلام ابن تيميّة -رحمه الله تعالى- (وطريقة سلف الأمة وأئمتها: أنهم يصفون الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله: من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل: إثبات بلا تمثيل، وتنزيه بلا تعطيل، إثبات الصفات، ونفي مماثلة المخلوقات، قال تعالى: ((ليس كمثله شيء)) فهذا رد على الممثلة ((وهو السميع البصير)) رد على المعطلة0
فقولهم في الصفات مبني على أصلين:
أحدهما: أن الله سبحانه وتعالى منزّه عن صفات النقص مطلقا كالسنة والنوم والعجز والجهل وغير ذلك0
والثاني: أنه متصف بصفات الكمال التي لا نقص فيها على وجه الاختصاص بما له من الصفات، فلا يماثله شيء من المخلوقات في شيء من الصفات0
انتهى نقلا من ((معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات)) للدكتور محمد بن خليفة التميمي0
وانظر لزاما:
كتاب الأسماء والصفات، ومنهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية0
القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى للعلامة محمد بن الصالح العثيمين رحمه الله تعالى0
منهج الأشاعرة في العقيدة للدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي0
سلسلة دراسات في مباحث توحيد الأسماء والصفات للدكتور محمد بن خليفة التميمي0
وغيرها من كتب العقيدة لأئمة أهل السنة والجماعة0
والله ولي التوفيق0
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/289)
ـ[النووي السلفي]ــــــــ[12 - 12 - 03, 10:39 ص]ـ
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
اخي مسلم الحربي جزاك الله كل خير على كلامك الجميل جدا
ولكن لم تقل لي ماحكم من قال بهذا الكلام ماحكم من قال بهذا الكلام
ـ[مسلم الحربي]ــــــــ[14 - 12 - 03, 11:34 ص]ـ
الأخ العزيز النووي السلفي الموقر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته0
أخي الحبيب0
إنّ الفتوى والحكم في مسائل الدين؛ وخاصة العقدية؛ أمر لا يتسنى لكل أحد0
إضافة إلى أنّ الحكم على الفعل بتكفير أو تفسيق صاحبه أو غير ذلك، يحتاج إلى استصحاب أمور كثيرة0
قال العلاّمة محمد بن صالح العثيمين في كتابه:< القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى> قال: ((فإن قال قائل هل تكفرون أهل التأويل أو تفسقونهم؟
قلنا: الحكم بالتكفير والتفسيق ليس إلينا بل هو لإلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو من الأحكام الشرعية التي مردها إلى الكتاب والسنة فيجب التثبت فيه غاية التثبت فلا يكفر ولا يفسق إلا من دل الكتاب والسنة على كفره أو فسقه0
والأصل في المسلم الظاهر العدالة بقاء إسلامه وبقاء عدالته حتى يتحقق زوال ذلك عن بمقتضى الدليل الشرعي0 ولا يجوز التساهل في تكفيره أو تفسيقه لأن في ذلك محذورين عظيمين:
أحدهما: افتراء الكذب على الله تعالى في الحكم وعلى المحكوم عليه في الوصف الذي نبزه به0
الثاني: الوقوع فيما نبز به أخاه إن كان سالما منه ففي صحيح مسلم عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كفر الرجل إخاه فقد باء بها أحدهما0 وفي رواية: إن كان كما قال وإلاّ رجعت عليه) وفيه عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلاّ حار عليه) 0
وعلى هذا فيجب قبل الحكم على المسلم بكفر أو فسق أن ينظر في أمرين:
أحدهما: دلالة الكتاب أو السنة على أن هذا القول أو الفعل موجب للكفر أو الفسق0
الثانب: انطباق هذا الحكم على القائل المعين أو الفاعل المعين بحيث تتم شروط التكفير أو التفسيق في حقه وتنتفي الموانع0
ومن أهم الشروط أن يكون عالما بمخالفته التي أوجبت أن يكون كافرا أو فاسقا لقوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيّن له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا} وقوله: {وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون إنّ الله بكل شيء عليم إنّ الله له ملك السموات والأرض يحي ويميت وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير} 0
ولهذا قال أهل العلم: لا يكفر جاحد الفرائض إذا كان حديث عهد بإسلام حتى يبين له0
ومن الموانع أن يقع ما يوجب الكفر أو الفسق بغير إرادة منه ولذلك صور:
منها: أن يكره على ذلك فيفعله لداعي الإكراه لا اطمئنانا به فلا يكفر حينئذ لقوله تعالى: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلاّ من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم} 0
ومنها أن يغلق عليه فكره فلا يدري ما يقول لشدة فرح أو حزن أو خوف أو نحو ذلك0
ودليله ما ثبت في صحيح مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح} 0
000 بعد ذلك ذكر قول ابن تيميّة رحمهما الله تعالى ثم قال: وبهذا علم الفرق بين القول والقائل وبين الفعل والفاعل فليس كل قول أو فعل يكون فسقا أو كفرا يحكم على قائله أو فاعله بذلك قال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله تعالى ص165 جـ 35 من مجموع الفتاوى:
وأصل ذلك أن المقالة التي هي كفر بالكتاب والسنة والإجماع يقال هي كفر قولا يطلق كما دل غلى ذلك الدلائل الشرعية فإن الإيمان من الأحكام المتلقاة عن الله ورسوله ليس ذلك مما يحكم فيه الناس بظنونهم وأهوائهم ولا يجب أن يحكم في كل شخص قال ذلك بأنه كافر حتى يثبت في حقه شروط التكفير وتنتفي موانعه مثل من قال: إن اخمر أو الربا حلال لقرب عهده بالإسلام أو لنشوئه في بادية بعيدة أو سمع كلاما أنكره ولم يعتقد أنه من القرآن ولا أنه من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان بعض السلف ينكر أشياء حتى يثبت عنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قالها0إلى أن قال: فإن هؤلاء لا يكفرون حتى تقوم عليهم الحجة بالرسالة كما قال تعالى: {لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} وقد عفا الله لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان) 0اهـ كلامه0
وبهذا علم أن المقالة أو الفعلة قد تكون كفرا أو فسقا ولا يلزم من ذلك أن يكون القائم بها كافرا أو فاسقا إما لانتفاء شرط التكفير أو التفسيق أو وجود مانع شرعي يمنع منه0 ومن تبين له الحق فأصر على مخالفته تبعا لاعتقاد كان يعتقده أو متبوع كان يعظمه أو دنيا كان ي} ثرها فإنه يستحق ما تقتضيه تلك المخالفة من كفر أو فسق0 فعلى المؤمن أن يبني معتقده وعمله على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فيجعلهما إماما له يستضيء بنورهما ويسير على منهاجهما فإن ذلك هو الصراط المستقيم الذي أمر الله به في قوله: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذالكم وصاكم به لعلكم تتقون} 0
انتهى المقصود من كلامه رحمه الله تعالى0
وأرجو منك أخي الحبيبل النووي السلفي أن تقرأ هذا الكتاب كاملا فإنه جدا مفيد في بابه 0
والله يحفظكم ويرعاكم0
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/290)
ـ[النووي السلفي]ــــــــ[14 - 12 - 03, 07:52 م]ـ
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته اخي في الله مسلم الحربي وفقك الله الي ما يحب ويرضى وجزاك الله خير الجزاء وبارك الله فيك(26/291)
ابتلاع الرافضة عقيدة المعتزلة ... ما سره .. ؟
ـ[خالد الوايلي]ــــــــ[10 - 12 - 03, 10:05 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
لماذا ابتلع الرافضة عقيد المعتزلة (بالذات) وأخذوا بأصولهم الخمسة .. ؟
هل هناك سر وراء ذلك .. ؟(26/292)
كتب العقيدة للمبتدئين (الشيخ صالح الفوزان)
ـ[ولد الدمام]ــــــــ[11 - 12 - 03, 11:33 ص]ـ
كتب العقيدة للمبتدئين
ما هي الكتب التى تنصحون بها للرجل المبتدئ في طلب العلم ??
ننصحه بحفظ المختصرات في العقيدة مثل ((ثلاثة الأصول)) و ((كشف الشبهات)) و ((كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد)) للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى
مجلة الدعوة العدد 1671
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان(26/293)
حديث: فإن الله قبل وجهه
ـ[أبو منال]ــــــــ[12 - 12 - 03, 12:10 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم،
المشائخ الكرام بارك الله فيكم،
اخرج الامام البخاري رحمه الله في صحيحه ج: 1 ص: 159،
أبواب المساجد، باب حك البزاق باليد من المسجد،
397 حدثنا قتيبة قال حدثنا إسماعيل بن جعفر عن حميد عن أنس ثم أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في القبلة فشق ذلك عليه حتى رؤي في وجهه فقام فحكه بيده فقال إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه أو إن ربه بينه وبين القبلة فلا يبزقن أحدكم قبل قبلته ولكن عن يساره أو تحت قدميه
398 حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر ثم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى بصاقا في جدار القبلة فحكه ثم أقبل على الناس فقال إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قبل وجهه فإن الله قبل وجهه إذا صلى
*
صحيح البخاري ج: 1 ص: 406
باب ما يجوز من البصاق والنفخ في الصلاة
1155 حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد عن أيوب عن نافع عن بن عمر رضي الله عنهما ثم أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في قبلة المسجد فتغيظ على أهل المسجد وقال إن الله قبل أحدكم
...
ظاهر الحديث يدل على ان الله سبحانه محدود وانه في جهة الكعبة ليس عن الشمال ولا في الاسفل بل بين المصلي والقبلة!!
ما هو التفسير الصحيح لهذا الحديث بارك الله فيكم وكيف يجمع بينه وبين وجود الرحمن على العرش بذاته؟
ـ[راشد]ــــــــ[12 - 12 - 03, 09:43 ص]ـ
##حرر ##
ـ[أبو منال]ــــــــ[12 - 12 - 03, 08:28 م]ـ
الاخ راشد، لقد قرات مداخلتك قبل ان تحرر. كلام ابن عبد البر فيه صرف للحديث واللفظ عن ظاهره!
قال ابن حجر في فتح الباري ج: 1 ص: 508
وقال بن عبد البر هو كلام خرج على التعظيم لشأن القبلة وقد نزع به بعض المعتزلة القائلين بان الله في كل مكان وهو جهل واضح لأن في الحديث أنه يبزق تحت قدمه وفيه نقض ما أصلوه وفيه الرد على من زعم أنه على العرش بذاته ومهما تؤول به هذا جاز أن يتأول به ذاك والله اعلم
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[12 - 12 - 03, 11:56 م]ـ
وكلام ابن حجر الذي نقله الأخ أبو منال أيضا خطأ وهو خلاف اعتقاد أهل السنة والجماعة.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز في التعليق على كلام الحافظ:
((ليس في الحديث المذكور رد على من أثبت استواء الرب سبحانه على العرش بذاته لأن النصوص من الآيات والأحاديث في إثبات استواء الرب سبحانه على العرش بذاته محكمة قطعية واضحة لاتحتمل أدنى تأويل وقد أجمع أهل السنة على الأخذ بها والإيمان بما دلت على الوجه الذي يليق به سبحانه من غير أن يشابه خلقه في شئ من صفاته.
وأما قوله في هذا الحديث ((فإن الله قبل وجهه إذا صلى)) وفي لفظ (فإن ربه بينه وبين القبلة)
فهذا لفظ محتمل يجب أن يفسر بما يوافق النصوص المحكمة كما قد أشار الإمام ابن عبدالبر الى ذلك ولايجوز حمل هذا اللفظ وأشباهه على مايناقض نصوص الاستواء الذي أثبتته النصوص القطعية المحكمة الصريحة. والله أعلم.))
ـ[أبو منال]ــــــــ[13 - 12 - 03, 08:06 ص]ـ
الاخ إحسان العتيبي، لقد نقل شيخ الاسلام هذا الحديث، في العقيدة الواسطية، في باب الإيمان بما وصف الرسول صلى الله عليه وسلم به ربه!! فكيف يكون معناه تعظيم القبلة كما قال ابن عبد البر؟
هذا الحديث يدل على أن الله غير متحيز في جهة العرش، كما هو ظاهر!! فما معناه?
إن قلنا ان معناه أن الله قبل وجه المصلي بالعلم، نكون قد أولناه، والتأويل ممنوع في نصوص الصفات! وان قلنا انه كلام خرج على التعظيم لشأن القبلة نكون قد صرفنا اللفظ عن ظاهره الى معنى مجازي! فلا هذا يصلح ولا ذاك!!
المخالف قد يقول: "ومهما تؤول به هذا جاز أن يتأول به ذاك" فهل الرد عليه بانه لا يجوز حمل هذا اللفظ وأشباهه على مايناقض نصوص الاستواء يكفي لاقامة الحجة عليه؟؟!!
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[13 - 12 - 03, 12:15 م]ـ
قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
فإن قال قائل في هذا الحديث إشكالان:
الإشكال الأول: كون الله قِبَلَ وَجْهِ المُصلِّي، كيف يكون ذلك، ونحن نؤمن، ونعلم بأن الله تعالى فوق عرشه؟
الجواب على ذلك من وجوه:
الوجه الأول: أنه يجب على الإنسان التَّسليم، وعدم الإتيان بـ «لِمَ» أو «كيف» في صفات الله أبداً، قل: آمنت وصَدَّقت، آمنت بأن الله على عرشه فوق سماواته، وبأنه قِبَلَ وجه المصلِّي، وليس عندي سوى ذلك، هكذا جاءنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه الطريق تزيل إشكالات كثيرة، وتَسْلَم بها من تقديرات يقدِّرها الشيطان، أو جنوده في ذهنك.
الوجه الثاني: أنَّ النصوص جمعت بينهما، وهذه ربَّما تكون متفرِّعة مِن التي قبلها، والنصوص لا تجمع بين متناقضين؛ لأن الجَمْعَ بين المتناقضين محال، ومدلول النصوص ليس بمحال.
الوجه الثالث: أنَّ الله عَزَّ وجَلَّ لا يُقاس بخلقه، فهبْ أنَّ هذا الأمر ممتنعٌ بالنسبة للمخلوق - أي: ممتنع أن يكون المخلوق على المنارة، وأنت في الأرض، وهو قِبَلَ وجهِكَ - لكن ليس ممتنعاً بالنسبة للخالق؛ لأن الله ليس كمثله شيء حتى يُقاس بخلقه.
الوجه الرابع: أنه لا مُنافاة بين العلوِّ وقِبَلَ الوجه، حتى في المخلوق، ألم ترَ إلى الشمس عند غروبها أو شروقها؟ تكون قِبَلَ وَجْهِ مستقبلها وهي في السماء، فإذا كان هذا غير ممتنع في حَقِّ المخلوق فما بالك في حَقِّ الخالق؟
وأهمُّ هذه الأجوبة عندي، وأعظمها، وأشدُّها قدراً: الجواب الأول؛ أن نقِفَ في باب الصفات موقف المُسَلِّم لا المعترض، فنؤمن بأن الله فوق كُلِّ شيء، وبأنه قِبَلَ وَجْهِ المُصلِّي، ولا نقول: «كيف»، ولا «لِمَ»، وهذا يريح المُسلم من كُلِّ ما يورده الشيطان وجنوده على القلب مِن الإشكالات.
يقول لك: هذا كيف يمكن؟ إذاً؛ يلزم أن تقول بالحلول، أن الله في الأرض، ثم يورد عليك هذا الإشكال، فتقول: أنا أؤمن بأنَّ الله فوقَ كلِّ شيء، وأنه قِبَلَ وَجْهِ المُصلِّي كما جاءت به النُّصوص، ولا أتعدى هذا.
" الشرح الممتع " (الجزء الثالث).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/294)
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[13 - 12 - 03, 07:23 م]ـ
تكلم شيخ الاسلام رحمه الله على هذا الحديث في بيان تلبيس الجهمية لان هذه من شبة تأسيس التقديس التى رمى بها الرازي.
ومن أقوى الاجوبة وقد نص عليه شيخ الاسلام ما ذكره الشيخ احسان نقلا عن العلامة ابن عثيمين من قوله:
الوجه الرابع: أنه لا مُنافاة بين العلوِّ وقِبَلَ الوجه، حتى في المخلوق، ألم ترَ إلى الشمس عند غروبها أو شروقها؟ تكون قِبَلَ وَجْهِ مستقبلها وهي في السماء، فإذا كان هذا غير ممتنع في حَقِّ المخلوق فما بالك في حَقِّ الخالق؟
ـ[أبو منال]ــــــــ[14 - 12 - 03, 07:22 ص]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة إحسان العتيبي
الوجه الرابع: أنه لا مُنافاة بين العلوِّ وقِبَلَ الوجه، حتى في المخلوق، ألم ترَ إلى الشمس عند غروبها أو شروقها؟ تكون قِبَلَ وَجْهِ مستقبلها وهي في السماء، فإذا كان هذا غير ممتنع في حَقِّ المخلوق فما بالك في حَقِّ الخالق؟
الاخوة الكرام بارك الله فيكم، اشكركم على نقل هذه النصوص.
لقد قرأت جواب شيخ الاسلام الذي نقله الاخ إحسان وحقيقة لم استوعب كلامه "لا منافاة بين العلو وقبل الوجه"!! كيف يكون "أحدكم على المنارة، واخر في الأرض، ويكون قِبَلَ وجهِه"؟ وماذا عن التحيز والجهة؟ وهل الله سبحانه محيط بنا (بذاته)؟
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[14 - 12 - 03, 07:42 ص]ـ
ألم ترَ إلى الشمس عند غروبها أو شروقها؟ تكون قِبَلَ وَجْهِ مستقبلها وهي في السماء، فإذا كان هذا غير ممتنع في حَقِّ المخلوق فما بالك في حَقِّ الخالق؟
ـ[أبو منال]ــــــــ[14 - 12 - 03, 07:57 م]ـ
فإذا كان هذا غير ممتنع في حَقِّ المخلوق فما بالك في حَقِّ الخالق؟
بدون تعليق!
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[15 - 12 - 03, 11:19 م]ـ
رد ابن عثيمين قوي جدا
ـ[أبو منال]ــــــــ[17 - 12 - 03, 11:15 م]ـ
quote:
--------------------------------------------------------------------------------
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة إحسان العتيبي
الوجه الرابع: أنه لا مُنافاة بين العلوِّ وقِبَلَ الوجه، حتى في المخلوق، ألم ترَ إلى الشمس عند غروبها أو شروقها؟ تكون قِبَلَ وَجْهِ مستقبلها وهي في السماء، فإذا كان هذا غير ممتنع في حَقِّ المخلوق فما بالك في حَقِّ الخالق؟
--------------------------------------------------------------------------------
الرسول عليه الصلاة والسلام كان يخاطب صحابته الكرام بلغة يفهمونها!
كيف يكون "أحدكم على المنارة، وانت في الأرض، ويكون قِبَلَ وجهِك"؟
نعم الشمس عند غروبها أو شروقها تكون قبل الوجه وهي في السماء!! ولكن ماذا عن التحيز والجهة؟
الشمس عند غروبها تكون قبل وجهك وليس فوقك ولا عن يمينك، ولا عن يسارك، ولا خلفك، ولا تحتك،، وانما قبل وجهك،،، وبعد غروبها تصبح تحتك او خلفك وقبل وجه غيرك!!! فهل يجوز هذا في حق الخالق لانه غير ممتنع في حق المخلوق؟؟!!
ـ[حارث همام]ــــــــ[18 - 12 - 03, 01:04 ص]ـ
وبعد:
قلتم: "نعم الشمس عند غروبها أو شروقها تكون قبل الوجه وهي في السماء"! ..
فإذا كنت تقر بهذا فأهل السنة يثبتون أن الله يكون قبل وجه المصلي وينزهونه عن أن يحده شيء من مخلوقاته فيثبتون علوه ويقولن هو في السماء.
ولئن عقل هذا المعنى في حق بعض المخلوقات فلا وجه لاستغرابك له إذ هو معنى معقول، بل ثبوته في حق الله هنا من باب الأولى فكل ماكان تنزيهاً وكمالاً فالله أولى من المخلوق به ويوصف به إذا جاءت النصوص بإثباته له.
أما قولكم: كيف يكون " أحدكم على المنارة، وانت في الأرض، ويكون قِبَلَ وجهِك"؟
فهذا ما أخرج به مالك -رحمه الله- ذاك السائل من مجلسه وقال ما أراه إلاّ مبتدع!
فالكيف مجهول، أما المعنى فمعقول وضرب لك الإخوة نظيره في المخلوقات.
وليس معنى كلامهم دعوى المشابهة من كل وجه، ولكن المقصود تقرير أن معنى معين معقول وليس بمستحيل وهو كون الشمس قبلك وجههك وهي أيضاً فوقك في السماء، فإذا كان هذا معقولاً فما الذي يمنع أن يكون الله قبل وجهك في الصلاة وهو فوقك عال عليك؟
إذا كنتم تقولون بأن المانع هو لزوم إثبات التحيز والجهة، فليس هذا الإشكال في معى الحديث الذي سقته، ولكن الإشكال عندكم في إثبت علو الذات والاستواء.
فكأنك تقول إذا أثبتنا أن الله في السماء عال على خلقه فقد أثبتنا الجهة، وإذا أثبتنا أنه مستو على عرشه كان متحيزاً.
وهذه اللوازم لاتلزم وقبل أن نبدأ مناقشتها هل هذا هو الإشكال عندكم أم الإشكال في أمر آخر -وفقكم الله-؟
ـ[أبو منال]ــــــــ[18 - 12 - 03, 08:34 ص]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة حارث همام
أما قولكم: كيف يكون " أحدكم على المنارة، وانت في الأرض، ويكون قِبَلَ وجهِك"؟
فهذا ما أخرج به مالك -رحمه الله- ذاك السائل من مجلسه وقال ما أراه إلاّ مبتدع!
الاخ الكريم حارث همام، هل يمكنكم نقل أقوال السلف في هذا الحديث بارك الله فيك؟
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة حارث همام
قلتم: "نعم الشمس عند غروبها أو شروقها تكون قبل الوجه وهي في السماء"! .. فإذا كنت تقر بهذا فأهل السنة يثبتون أن الله يكون قبل وجه المصلي وينزهونه عن أن يحده شيء من مخلوقاته فيثبتون علوه ويقولن هو في السماء.
ولئن عقل هذا المعنى في حق بعض المخلوقات فلا وجه لاستغرابك له إذ هو معنى معقول، بل ثبوته في حق الله هنا من باب الأولى فكل ماكان تنزيهاً وكمالاً فالله أولى من المخلوق به ويوصف به إذا جاءت النصوص بإثباته له.
اخي الكريم، الرسول عليه الصلاة والسلام كان يخاطب صحابته الكرام بلغة يفهمونها، اين الدليل ان الصحابة الكرام فهموا من كلامه عليه الصلاة والسلام "قبل وجهه" المعنى الذي تفهمه؟ هذا اولا
ثانيا: ماذا عن اللفظ الاخر وفيه ان الله سبحانه بين المصلي وبين القبلة؟
ثالثا: الشمس عند غروبها تكون قبل وجهك وليس فوقك ولا عن يمينك، ولا عن يسارك، ولا خلفك، ولا تحتك،، وانما قبل وجهك،،، وبعد غروبها تصبح تحتك او خلفك وقبل وجه غيرك!!! وهي في السماء بلا خلاف!! فهل يجوز هذا في حق الخالق لانه غير ممتنع في حق المخلوق؟؟!! او تقول بان الله سبحانه محيط بنا بذاته؟ ام ماذا؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/295)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[18 - 12 - 03, 07:33 م]ـ
يا هذا
أرحنا من تلك السفسطة الأشعرية البغيضة
قال الإمام ابن خزيمة صاحب الصحيح ت 311 هـ: من لم يقل بأن الله فوق سمواته وأنه على عرشه بائن من خلقه وجب أن يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه ثم القي على مزبلة لئلا يتأذى بنتن ريحه أهل القبلة ولا أهل الذمة
انظر درء التعارض 6/ 264
قال عنه الذهبي في السير: 14/ 365
"الحافظ الحجة الفقيه شيخ الإسلام إمام الأئمة ".
ونقل عنه قوله: "من لم يقر بأن الله على عرشه قد استوى، فوق سبع سمواته فهو كافر حلال الدم، وكان ماله فيئا ". انتهى.
ـ[حارث همام]ــــــــ[18 - 12 - 03, 10:39 م]ـ
أخي الكريم صدقني لا أريد أن أستفزك ولكني أنبه فقط ..
هل أفهم من اعتراضكم على عبارة الإمام مالك أنكم ترون أن السؤال عن الكيفية لاشيء فيه، وأنكم تثبتون كيفية معينة لما تثبتونه لله كالذات أو العلم أو القدرة (إن كنت تثبتها)؟
أما إذا كنت ترى السؤال عن الكيف باطل فلعل الله استجاب داعاءكم وأجارني من السفسطة. وعلى كل راجعها في الاعتقاد للإمام البيهقي وقد قال بعدها: "وعلى مثل هذا درج أكثر علمائنا".
=========================================
أما قولكم: "الرسول عليه الصلاة والسلام كان يخاطب صحابته الكرام بلغة يفهمونها .. "
هل كانت تلك اللغة لغة العرب أم لغة أخرى؟ إذا كانت لغة العرب فإن تلك اللغة يعقل فيها أن يكون الشيء قبل وجهك وهو في العلو.
أما قولكم: "ثانيا: ماذا عن اللفظ الاخر وفيه ان الله سبحانه بين المصلي وبين القبلة؟ "
وماذا في هذا، هل قمت يوماً فصليت من الليل ركعتين، كم في السماء من نجم بينك وبين القبلة على علوه؟
وأنبهك هذا ليس تشبيه ولكنه معنى معقول فلايستغرب أن يكون شيء فوقك وهو بينك وبين شيء آخر، فعلام العجب؟
وأخيراً قولكم: "ثالثا: الشمس عند غروبها تكون قبل وجهك وليس فوقك ولا عن يمينك، ولا عن يسارك، ولا خلفك، ولا تحتك،، وانما قبل وجهك،،، وبعد غروبها تصبح تحتك او خلفك وقبل وجه غيرك!!! وهي في السماء بلا خلاف!! فهل يجوز هذا في حق الخالق لانه غير ممتنع في حق المخلوق؟؟!! او تقول بان الله سبحانه محيط بنا بذاته؟ ام ماذا؟ "
أولاً لم نقل بهذا في حق الخالق، ولكن ما أردناه بيان معنى معقول وهو كون الشيء قبل وجهك وهو في العلو. سواء عرفت أن هذا ممكناً من المثال الذي ضربه شيخ الإسلام أو بمثال آخر.
ثانياً: هل تعرف كيف يحصل الغروب؟!
أخي الفاضل الشمس في علوها، ولكن الأرض كرة تدور فبينما كنت في سطحها المواجه للشمس قل ذلك شيئاً فشيئا، والشمس لاتزال فوقك ولكن قل تعرضك ورؤيتك لها. ثم لما استدارت الأرض التي تحملك وأعطت الشمس نصفاً آخر من سطحها، كنت في ظلام أنت في النصف السفلي ولازالت الشمس فوقك، فأنت المتحرك، فقولك أن الشمس بعد غروبها تصبح تحتك غريب في ضوء الحقائق العلميةوقد رفضت الكنيسة حكة الأرض وقتلت في ذلك من قتلت وهو من جملة باطلها! على كل قولك أن الشمس تحتك يشبه حال من يقف على يديه في حركة بهلاونية وسط قائم الظهيرة ويقول الشمس تحتي!!
معذرة إن قسوت لوكن عزائي أن مرادي الإفهام لا السخرية.
ـ[أبو منال]ــــــــ[19 - 12 - 03, 12:38 ص]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة محمد الأمين
يا هذا
أرحنا من تلك السفسطة الأشعرية البغيضة
الاخ محمد اسمي ليس "يا هذا" فارجو منك احترام الاخرين هذا اولا.
ثانيا من قال لك اني اشعري؟ اصبحت تعلم الغيب يا اخي ام ماذا؟
هل اصبح السؤال ممنوع؟
ما هذا التعصب والارهاب الفكري!!!
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة حارث همام
هل أفهم من اعتراضكم على عبارة الإمام مالك أنكم ترون أن السؤال عن الكيفية لاشيء فيه، وأنكم تثبتون كيفية معينة لما تثبتونه لله كالذات أو العلم أو القدرة (إن كنت تثبتها)؟
الاخ حارث، لم أقل السؤال عن الكيفية لاشيء فيه، لقد طلبت منك أقوال السلف في هذا الحديث، فاين هي بارك الله فيك؟
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة حارث همام
ولازالت الشمس فوقك، فأنت المتحرك، فقولك أن الشمس بعد غروبها تصبح تحتك غريب في ضوء الحقائق العلميةوقد رفضت الكنيسة حكة الأرض وقتلت في ذلك من قتلت وهو من جملة باطلها! على كل قولك أن الشمس تحتك يشبه حال من يقف على يديه في حركة بهلاونية وسط قائم الظهيرة ويقول الشمس تحتي!!
سبحان الله.
كان عليك ان تسالني بارك الله فيك قبل ان ترد بهذه الطريقة، فلم اقصد الذي فهمته. الأرض تدور حول محورها مرة كل يوم، فيظهر النهار بما في ذلك الجزء المواجه للشمس، بينما يكون الجزء المقابل ليلاً. أين يصبح الجزء الثاني بالنسبة للشمس؟؟ في اي اتجاه تكون عند المغيب وعند الشروق؟
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة حارث همام
هل كانت تلك اللغة لغة العرب أم لغة أخرى؟ إذا كانت لغة العرب فإن تلك اللغة يعقل فيها أن يكون الشيء قبل وجهك وهو في العلو.
اين هذا يا اخي الكريم في لغة العرب؟
انه صرف صريح لظاهر النص وسفسطة ما تعودناها في خطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
انت تفسر بما يخدم اعتقادك تماما كما يفعل الاشاعرة في تاويلهم للنصوص فلا فرق. اعذرني.
لا يمكن ان يكون الشيء قبل وجهك وفوقك في ان واحد الا اذا كان هذا الشيء محيط بك.
فهل الله سبحانه محيط بنا بذاته؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/296)
ـ[حارث همام]ــــــــ[19 - 12 - 03, 02:23 ص]ـ
يا أُخيّ .. باختصار (الرجوع للحق فضيلة) تثبت معرفة الكيف (في الصفات التي تثبتها أو الذات) أم تقول أنه مجهول؟ سؤال ورد غطاه.
إن كنت تثبت كيفية فبعدها أناقشك في كلام إمامنا مالك ولن أكتفي حينها بالإحالة (مع إني نقلت لك كلام البيهقي الذي نقله هو عن علمائه).
وإن كنت لاتثبت كيفية فلا أحتاج لمناقشتك فيه الآن وعليك أن تقر بأن سؤالك الماضي عن الكيفية باطل وضلال ينبغي أن ترجع عنه.
=========================================
قولك: " .. فيظهر النهار بما في ذلك الجزء المواجه للشمس، بينما يكون الجزء المقابل ليلاً. أين يصبح الجزء الثاني بالنسبة للشمس؟؟ في اي اتجاه تكون عند المغيب وعند الشروق؟ "
هو ما ضربته لك كأنك تقف على يديك في قائم الظهيرة وتقول الشمس تحتي! الأمر ليس نسبياً (منسوباً إليك)، الحقيقة أن الشمس فوق الأرض وكون الأرض دارت فانقلب وضعك لايغير من الحقيقة شيء فالاعتبار ليس بالنسبة لك وإلاّ لما صح تقديم قولك وأنت أسفل الأرض على قول من كان أعلاها.
أرجو أن تتأمل الصورة.
ثم إن هذا ليس موضوعنا هب أن الشمس تحتك باليل أليست فوقك بالنهار وهي قبل وجهك؟ إذا كان الجواب بنعم أقمت الحجة على نفسك فموضوعنا هل يصح أن يكون شيء قبل وجهك وهو فوقك في المعقولات؟
الجواب نعم، هذه الشمس يأتي عليها وقت تكون قبل وجهك وهي في السماء.
وذاك السحاب يأتي عليه وقت يكون قبل وجهك وهو في السماء.
وذاك نجم يأتي عليه وقت ويكون قبل وجهك وهو في السماء.
ونظائره لاتحصر.
وقد أقررت أنت بهذا فقلت:
نعم الشمس عند غروبها أو شروقها تكون قبل الوجه وهي في السماء
فإذا كان هذا المعنى ممكناً في ميزان العقل (ولو للحظة) فكيف تجعله مستحيلاً إذا جاء به النص؟! وتزعم أنه ليس من لغة العرب، وكأن لغة العرب تنص عندك على أن قِبَله تعني أمامه في الأرض!!
فإن لم تستطع أن تثبته ولن تسطيع فأثبت أن الله في السماء كما أخبر عن نفسه وأثبت معه ما جاء في الحديث وقل أشكل المعنى علي (خاصة).(26/297)
عقيدة الإمام الترمذي من خلال جامعه الصحيح
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[14 - 12 - 03, 09:19 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم
هذه مواضع متعددة من جامع الإمام الترمذي نقل فيها عقيدة أهل السنة والجماعة
ويتبين من خلالها أنه على منهج أئمة الحديث في العقيدة من ناحية إثبات الصفات لله سبحانه وتعالى وغير ذلك من جوانب العقيدة
وهذه المواضع انتهيت من جمعها 1419 وعرضتها على بعض مشايخنا فاستحسنها
ثم رأيت بعد ذلك رسالة للشيخ طارق عوض الله بعنوان (عقيدة أهل السنة والجماعة للإمام الحافظ أبي عيسى الترمذي) طبعت سنة 1421عن دار الوطن وذكر فيها عددا من النصوص من جامع الترمذي وفاته البعض فجزاه الله خيرا وبارك فيه، وكذلك اختار عددا من الأحاديث لم يتكلم عليها الترمذي باعتبار تبويب الترمذي عليها، وأنا حرصت على كلامه بعد روايته للحديث
وكان سبب الاهتمام بهذا الأمر أن الدكتور نور الدين عتر وفقه الله ذكر في كتابه (الإمام الترمذي والموازنة بين جامعه وبين الصحيحين) ص 202 - 203 أن أبا عيسى الترمذي مفوض، وهذا غير صحيح، وسيأتي خلال النقولات من جامعه الصحيح ما يبين أن الترمذي رحمه الله على عقيدة السلف في إثبات الصفات من غير تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل
وبالله التوفيق.
ـ[البدر المنير]ــــــــ[14 - 12 - 03, 10:20 ص]ـ
نفع الله بك ياشيخ
ـ[ aboumalik] ــــــــ[14 - 12 - 03, 11:43 ص]ـ
جزاك الله خير يا شيخ , والشئ بالشئ يذكر فقد علمت من أخ لي بان هناك كتاب سوف يطرح في معرض القاهرة للكتاب القادم بعنوان " الاختيارات الفقهية للترمذي " من إصدارات المكتب الاسلامي لإحياء التراث.
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[17 - 12 - 03, 02:40 ص]ـ
قال الإمام الترمذي رحمه الله في الجامع (3/ 50 - 51)
(662) حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء حدثنا وكيع حدثنا عباد بن منصور حدثنا القاسم بن محمد قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مهره حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل (ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات و يمحق الله الربا ويربي الصدقات)
قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح
وقد روي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا
وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا قالوا قد تثبت الروايات في هذا ويؤمن بها ولا يتوهم ولا يقال كيف
هكذا روي عن مالك وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث أمروها بلا كيف
وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة
وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا هذا تشبيه
وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم وقالوا إن الله لم يخلق آدم بيده
وقالوا إن معنى اليد هاهنا القوة
و قال إسحق بن إبراهيم إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد أو مثل يد أو سمع كسمع أو مثل سمع فإذا قال سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه وأما إذا قال كما قال الله تعالى يد وسمع وبصر ولا يقول كيف ولا يقول مثل سمع ولا كسمع فهذا لا يكون تشبيها وهو كما قال الله تعالى في كتابه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[20 - 12 - 03, 01:59 ص]ـ
قال نور الدين عتر في كتابه ص 202 (مختلف الحديث في كتاب الترمذي
فمن ذلك
1 - قوله في حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما تصدق أحد بصدقة من طيب-ولايقبل الله إلا الطيب-إلا أخذها الرحمن بيمينه، وإن كانت تمرة تربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل، كما يربى أحكم فلوه أو فصيله)
وهذا الحديث مشكل لأنه يجعل لله يدا، وذلك تجسيم وتشبيه، معارض للأدلة القاطعة بتنزيه الله عن ذلك، وقد أزال الترمذي الإشكال وحقق المسألة فتعرض لمسألة المتشابهات وأبان الحق فيها فقال:
وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا قالوا قد تثبت الروايات في هذا ويؤمن بها ولا يتوهم ولا يقال كيف
هكذا روي عن مالك وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث أمروها بلا كيف
وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة
وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا هذا تشبيه
وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم وقالوا إن الله لم يخلق آدم بيده
وقالوا إن معنى اليد هاهنا القوة
و قال إسحق بن إبراهيم إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد أو مثل يد أو سمع كسمع أو مثل سمع فإذا قال سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه وأما إذا قال كما قال الله تعالى يد وسمع وبصر ولا يقول كيف ولا يقول مثل سمع ولا كسمع فهذا لا يكون تشبيها وهو كما قال الله تعالى في كتابه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. انتهى (يعني كلام الترمذي)
قال عتر
فهذا بيان ساطع لمعنى هذه المتشابهات سار على النهج المستقيم الذي عليه سلف الأمة، وإنه لبحث جميل بين فيه الترمذي بالحجة والبرهان مذهب أهل السنة، ورد على من خالفهم، وإن لكلامه هذا قيمة عظيمة من الناحية التاريخية فضلا عن قيمته العلمية، فكلامه هذا من أقدم المراجع التي تبين لنا مذهب أهل السنة وأنه مذهب سلف الأمة) انتهى.
وفي كلام نور الدين عتر عدة ملاحظات لعلي أبينها بإذن الله تعالى تباعا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/298)
ـ[الطرطوشي]ــــــــ[20 - 12 - 03, 05:18 ص]ـ
قال الترمذي في جامعة في كتاب تفسير القران باب ومن سورة الحديد رقم الحديث (3298) 4/ 403
بسم الله الرحمن الرحيم حدثنا عبد بن حميد , وغير واحد قالوا: حدثنا يونس بن محمد. حدثنا شيبان بن عبد الرحمن عن قتادة. حدثنا الحسن عن ابي هريرة قال: " بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وأصحابه إذ أتى عليهم سحاب فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: " هل تدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا العنان هذه روايا الأرض يسوقها الله إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه، ثم قال: هل تدرون ما فوقكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: فإنها الرقيع سقف محفوظ وموج مكفوف. ثم قال: هل تدرون كم بينكم وبينها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: بينكم وبينها خمسمائة سنة، ثم قال: هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: فإن فوق ذلك سماءين ما بينهما مسيرة خمسمائة سنة حتى عدد سبع سموات ما بين كل سماءين كما بين السماء والأرض، ثم قال: هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: فوق ذلك العرش وبينه وبين السماء بعد مثل ما بين السماءين، ثم قال: هل تدرون ما الذي تحتكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإنها الأرض ثم قال: هل تدرون ما تحت ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: فإن تحتها الأرض الأخرى بينهما مسيرة خمسمائة عام، حتى عد سبع أرضين بين كل أرضين مسيرة خمسمائة سنة ثم قال: والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم رجلا بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله، ثم قرأ {هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم} "
قال: الترمذي فسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقالوا: إنما هبط على علم الله وقدرته وسلطانه.
قال ابن القيم في الصواعق ص 400
فقوله " لو دليتم بحبل لهبط على الله " اذا هبط في قبضته المحيطة بالعالم فقد هبط عليه والعالم في قبضته وهو فوق عرشه , ولو ان احدنا امسك بيده او برجله كرة قبضتها يده من جميع جوانبها ثم وقعت حصاة من اعلى الكرة الى اسفلها لوقعت في يده وهبطت عليه , ولم يلزم من ذلك ان تكون الكرة والحصاة فوقه وهو تحتها , ولله المثل الاعلى وانما يؤتى الرجل من سوء فهمه او من سوء قصده من كليهما , فاذا هما اجتمعا كمل نصيبه من الضلال
واما تأويل الترمذي وغيره له بالعلم فقال شيخنا: هو ظاهر الفساد من جنس تأويلات الجهمية بل بتقدير ثبوته , فانما يدل على الاحاطة , والاحاطة ثابتة عقلا ونقلا وفطرة .. "
والحديث رواه ايضا البيهقي في الاسماء والصفات 2/ 144
واحمد في مسنده 14/ 423
وابن جرير في تفسيره 27/ 216
والاصبهاني في العظمة (201)
وابن ابي عاصم في السنة (678)
وذكره ابن الجوزي في العلل المتناهية 1/ 28
والجورقاني في اباطيله (74)
وذكره الذهبي في العلو ص 122
وذكره ايضا الذهبي في كتابه الميزان 6/ 184 (253)
وذكره ابن كثير في تاريخه 1/ 21
والحديث جاء من عدة طرق ولكنه لا يثب
وليس حديثنا عن اثبات صحته او عدمها ولكن الحديث على ماذكره الترمذي في جامعه في تفسير معنى الحديث ورد ابن تيمية عليه , ماراي فضيلة الشيخ الفقيه فيما نقله الترمذي هل نقله دليل اعتقاده لقول ابن القيم (واما تأويل الترمذي)
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[20 - 12 - 03, 07:26 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفاضل على ما تفضلت به من إشكال، ولعلي أذكر لك ما عندي وتفيدنا بما عندك سلمك الله
بالنسبة لما نقلته أخي الفاضل فينبغي التنبه لعدة أمور
أولا أن كلام ابن القيم رحمه الله هذا موجود في مختصر الصواعق ص 415، وليس فيما طبع من الأصل، وهذا المختصر لابن الموصلي رحمه الله، فنحتاج لنقل لفظ ابن القيم كما هو من الأصل، فقد يكون ابن الموصلي اختصره على ما فهمه وهذا حاصل في المختصرات
الأمر الثاني أن المنقول عن ابن تيمية في كتبه هذا اللفظ
حيث قال كما في مجموع الفتاوى (6/ 574)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/299)
ولهذا قرأ في تمام هذا الحديث: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد: 3]. وهذا كله على تقدير صحته، فإن الترمذي لما رواه قال: وفسره بعض أهل الحديث بأنه هبط على علم الله، وبعض الحلولية والاتحادية يظن أن في هذا الحديث ما يدل على قولهم الباطل، وهو أنه حال بذاته في كل مكان، وأن وجوده وجود الأمكنة ونحو ذلك.
والتحقيق: أن الحديث لا يدل على شىء من ذلك إن كان ثابتًا، فإن قوله: (لو أدلى بحبل لهبط) يدل على أنه ليس في المدلى ولا في الحبل، ولا في الدلو ولا في غير ذلك، وإنها تقتضي أنه من تلك الناحية، وكذلك تأويله بالعلم تأويل ظاهر الفساد، من جنس تأويلات الجهمية، بل بتقدير ثبوته يكون دالاً على الإحاطة. انتهى.
وكذلك المقصود بالتأويل هنا التفسير كما قال تعالى عن يوسف (هذا تأويل رؤياي من قبل) وليس المقصود به صرف اللفظ عن ظاهرة بدون قرينة موجبة لذلك
ويدل على ذلك أن الترمذي رحمه الله سمى ذلك تفسيرا حيث قال بعد الحديث (وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقالوا إنما هبط على علم الله وقدرته وسلطانه، وعلم الله وقدرته وسلطانه في كل مكان، وهو على العرش كما وصف في كتابه)
وهذا الكلام لم يقله الترمذي وإنما نقله عن بعض أهل العلم على التفسير للحديث
ولذلك سماه ابن القيم رحمه الله تفسيرا كما في شرحه لتهذيب السنن ولم يسمه تأويلا حيث قال رحمه الله (حاشية ابن القيم ج: 13 ص: 6
وأما معارضته لحديث الحسن عن أبي هريرة ففاسدة أيضا فإن الترمذي ضعف حديث الحسن هذا وقال فيه غريب فقط قال ويروى عن أيوب ويونس ابن عبيد وعلي بن زيد قالوا لم يسمع الحسن من أبي هريرة قال الترمذي فسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقالوا إنما معناه هبط على علم الله وقدرته وسلطانه وعلم الله وقدرته وسلطانه في كل مكان وهو على العرش كما وصف نفسه في كتابه
وهذا التفسير الذي ذكره الترمذي يشبه التفسير الذي حكاه البيهقي عن أبي حنيفة رحمه الله في قوله تعالى (وهو معكم أينما كنتم)
فإنه قال أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أخبرنا أبو محمد بن الحباب أخبرنا أحمد بن جعفر بن نصر حدثنا يحيى بن يعلى قال سمعت نعيم بن حماد يقول سمعت نوح بن أبي مريم يقول كنا عند أبي حنيفة أول ما ظهر إذ جاءته امرأة من ترمذ كانت تجالس جهما فدخلت الكوفة فأظنني أول ما رأيت غليها عشرة الآلاف من الناس يدعون إلى رأيها فقيل لها إن ههنا رجلا نظر في المعقول يقال له أبو حنيفة فأتته فقالت أنت الذي تعلم الناس المسائل وقد تركت دينك أين إلهك الذي تعبده فسكت عنها ثم مكث سبعة أيام لا يجيبها ثم خرج إلينا وقد وضع كتابا إن الله تعالى في السماء دون الأرض فقال له رجل أرأيت قول الله تعالى وهو معكم قال هو كما تكتب إلى الرجل إني معك وأنت غائب عنه قال البيهقي فقد أصاب أبو حنيفة رحمه الله فيما نفى عن الله تعالى من الكون في الأرض وفيما ذكر من تأويل الآية تبع مطلق السمع في قوله إن الله عز وجل في السماء هذا لفظه في كتاب الأسماء والصفات) انتهى.
فهنا سماه ابن القيم تفسيرا ولم يسمه تأويلا.
الحاصل سلمك الله أن نسبة التاويل للترمذي لاتصح لعدة أمور:
أولا: أن هذه اللفظة التي ذكرها ابن الموصلي في مختصره عن ابن القيم مخالفظة للفظ ابن تيمية الصريح كما في الرسالة العرشية (كما في مجموع الفتاوى (6/ 573 - 574)
ثانيا: أن الترمذي رحمه الله لم يقله وإنما نقله عن غيره.
ثالثا: أن ابن القيم رحمه الله في حاشية السنن سمى هذا الكلام الذي نقله الترمذي تفسيرا ولم يسمه تأويلا.
فالحاصل أن هذا الحديث أختلف فيه أهل السنة في تصحيحه وتضعيفه
فالذين ضعفوه فقد أصابوا ولا داعي لتفسيره على القول بتضعيف.
وفي مختصر الصواعق ص 415 عن ابن القيم قال (والذين قبلوا الحديث اختلفوا في معناه، فحكى الترمذي عن بعض أهل العلم أن المعنى يهبط على علم الله وقدرته وسلطانه، ومراده على معلوم الله ومقدوره وملكه، أي انتهى علمه وقدرته وسلطانه إلى ما تحت التحت، فلا يعزب عنه شيء.
وقالت طائفة أخرى: بل هذا معنى اسمه المحيط واسمه الباطن، فإنه سبحانه محيط بالعالم كله، وأن العالم العلوي والسفلي في قبضته كما قال تعالى (والله من ورائهم محيط) فإذا كان محيطا بالعالم فهو فوقه بالذات عال عليه من كل وجه وبكل معنى، فإحاطة تتضمن العلو والسعة والعظمة، فإذا كانت السموات السبع والأرضون السبع في قبضته فلو وقعت حصاة أو أدلي بحبل لسقط في قبضته سبحانه، والحديث لم يقل فيه إنه يهبط على جميع ذاته، فهذا لايقوله ولايفهمه عاقل، ولا هو مذهب أحد من أهل الأرض البتة، لاالحلولية ولا الاتحادية ولا الفرعونية ولا القائلون بأنه في كل مكان بذاته، وطوائف بني آدم كلهم متفقون على أن الله تعالى ليس تحت العالم) انتهى كلام ابن القيم رحمه الله.
فظاهر هذا أن ابن القيم رحمه الله لم يحمل قول الترمذي الذي نقله على أنه من جنس تأويل الجهمية ففسره بما سبق في قول أصحاب القول الأول.
والظاهر والله أعلم أنه لاتنافي بين القولين فتفسير من فسره بأنه يهبط على علم الله وقدرته وسلطانه لاينافي القول بأن المقصود به الإحاطة
ولذلك جاء في مختصر الموصلي قول ابن القيم رحمه الله (بل بتقدير ثبوته، فإنما يدل على الإحاطة، والإحاطة ثابتة عقلا ونقلا وفطرة) انتهى.
وهو قول ابن تيمية رحمه الله كما سبق في قوله (بل بتقدير ثبوته يكون دالاً على الإحاطة).
فتبين لنا بهذا أن الإمام الترمذي رحمه الله لم يقع في التأويل المذموم الذي هو صرف اللفظ عن ظاهره بدون قرينة.
فحتى لو أن الترمذي رحمه الله نقل هذا القول مقرا به فلا يعتبر ذلك من التأويل المذموم والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/300)
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[23 - 12 - 03, 06:02 م]ـ
بيان الملاحظات على كلام نور الدين عتر السابق
أولا: ذكر لفظ الحديث هكذا (ما تصدق أحد بصدقة من طيب-ولايقبل الله إلا الطيب-إلا أخذها الرحمن بيمينه، وإن كانت تمرة تربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل، كما يربى أحكم فلوه أو فصيله)
والذي في الترمذي في الموضع الذي نقل منه هذا اللفظ (إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مهره حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل (ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات و يمحق الله الربا ويربي الصدقات)
ثانيا: قوله (وهذا الحديث مشكل لأنه يجعل لله يدا، وذلك تجسيم وتشبيه، معارض للأدلة القاطعة بتنزيه الله عن ذلك)
فهذا الحديث ليس بمشكل بل هو موافق للنصوص الكثيرة الواردة في الكتاب والسنة بإثبات الصفات ومنها صفة اليد كقوله تعالى (لما خلقت بيدي) وقوله (بل يداه مبسوطتان) ونحو ذلك
وإثبات اليد لله سبحانه وتعالى ليس فيه أي تجسيم بل فيه طاعة وتصديق لله ورسوله صلى الله عليه وسلم فهم الذين أخبرونا عن ذلك فوجب علينا التصديق والتسليم، وإثبات اليد لله ليس فيه تشبيه ليده بيد المخلوقين بل الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء فكذلك يده ليس كمثلها يد، فكيفيتها غير معلومة، ولكننا نثبتها على ما يليق بالله سبحانه وتعالى.
ثالثا: قوله (وقد أزال الترمذي الإشكال وحقق المسألة فتعرض لمسألة المتشابهات وأبان الحق فيها)
فقد تبين لنا أن هذا الحديث ليس فيه إشكال بحمد الله بل هو موافق للكتاب والسنة
وليست آيات وأحاديث الصفات من المتشابه كما يفهم من قوله (فتعرض لمسألة المتشابهات وأبان الحق فيها)
فقد تشتبه على قوم من الناس، ولكن من تحقق في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم الثابتة وأقوال السلف في هذا الباب علم أن مسألة الصفات عندهم واضحة بينة.
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[23 - 12 - 03, 06:13 م]ـ
رابعا: قوله (فهذا بيان ساطع لمعنى هذه المتشابهات سار على النهج المستقيم الذي عليه سلف الأمة، وإنه لبحث جميل بين فيه الترمذي بالحجة والبرهان مذهب أهل السنة، ورد على من خالفهم، وإن لكلامه هذا قيمة عظيمة من الناحية التاريخية فضلا عن قيمته العلمية، فكلامه هذا من أقدم المراجع التي تبين لنا مذهب أهل السنة وأنه مذهب سلف الأمة)
فأما كون كلام الترمذي رحمه الله بينا ساطعا فهذا صحيح فقد بين في كلامه السابق مذهب السلف في إثبات الصفات،عكس ما ذكره نور الدين عتر عنه، فقوله (وهذا الحديث مشكل لأنه يجعل لله يدا، وذلك تجسيم وتشبيه، معارض للأدلة القاطعة بتنزيه الله عن ذلك، وقد أزال الترمذي الإشكال وحقق المسألة) مخالف لما ذكره الترمذي هنا نقلا عن أهل العلم حيث قال الترمذي رحمه الله (و قال إسحق بن إبراهيم إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد أو مثل يد أو سمع كسمع أو مثل سمع فإذا قال سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه وأما إذا قال كما قال الله تعالى يد وسمع وبصر ولا يقول كيف ولا يقول مثل سمع ولا كسمع فهذا لا يكون تشبيها وهو كما قال الله تعالى في كتابه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.)
فتبين لنا أنه لم يفهم كلام الترمذي ولامذهبه في الصفات، والله المستعان.
خامسا: قوله (فكلامه هذا من أقدم المراجع التي تبين لنا مذهب أهل السنة وأنه مذهب سلف الأمة)
هذا الكلام غير صحيح بل قد ذكر العلماء قبل الترمذي هذا الكلام وبينوه في كتبهم، ومن أمثلة ذلك وهي كثيرة ككتب عثمان بن سعيد الدارمي، ومسند الدارمي شيخ الترمذي، وكذلك البخاري وغيرهم كثير وإنما ذكرت أمثلة فقط
فيتبين لنا أن نقل الترمذي هذا ليس من أقدم المراجع في نقل مذهب السلف في الصفات، والله أعلم.
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[27 - 12 - 03, 11:43 م]ـ
قال الإمام الترمذي رحمه الله (2044)
حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود عن شعبة عن الأعمش قال سمعت أبا صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن قتل نفسه بسم فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا
حدثنا محمد بن العلاء حدثنا وكيع وأبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث شعبة عن الأعمش
قال أبو عيسى هذا حديث صحيح وهو أصح من الحديث الأول
هكذا روى غير واحد هذا الحديث عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
وروى محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قتل نفسه بسم عذب في نار جهنم ولم يذكر فيه خالدا مخلدا فيها أبدا
وهكذا رواه أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
وهذا أصح لأن الروايات إنما تجيء بأن أهل التوحيد يعذبون في النار ثم يخرجون منها ولم يذكر أنهم يخلدون فيها
فبين الإمام الترمذي رحمه الله تعالى أن الرواية الصحيحة في هذا الحديث بلفظ (عذب في النار) بدون لفظة خالدا مخلدا فيها أبدا
وبين أن رواية سعيد المقبري وعبدالرحمن الأعرج أبو الزناد عن أبي هريرة بدون هذه اللفظة خلافا لرواية ابي صالح ذكوان السمان
فبين العلة من ناحية الإسناد
ثم علل ذلك من ناحية المتن بأن الروايات المتعددة في أحاديث كثيرة تدل على أن أهل الكبائر من أهل الإيمان تحت مشيئة الله فقد يعذبون في النار ثم يخرجون منها ولكن لايخلدون في النار
فرحم الله الإمام الترمذي على هذا البيان الواضح لعقيدة أهل السنة.
وينظر هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=298066#post298066
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/301)
ـ[الرايه]ــــــــ[01 - 01 - 04, 09:53 ص]ـ
هناك رسالتين للماجستير بعنوان
((مسائل العقيدة في سنن الترمذي))
لكل من فهد سليمان الفهيد، و يوسف علي الطريف
من قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[03 - 01 - 04, 06:03 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الراية وبارك فيك على هذه الإفادة.
وفي هذا الموضع يثبت الإمام الترمذي رحمه الله مذهب السلف في إثبات الصفات بدون تكييف
قال الإمام الترمذي (3045) حدثنا أحمد بن منيع حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا محمد بن إسحق عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يمين الرحمن ملأى سحاء لا يغيضها الليل والنهار قال أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه وعرشه على الماء وبيده الأخرى الميزان يرفع ويخفض
قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح
وتفسير هذه الآية وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء
وهذا حديث قد روته الأئمة نؤمن به كما جاء من غير أن يفسر أو يتوهم هكذا قال غير واحد من الأئمة منهم سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن عيينة وابن المبارك أنه تروى هذه الأشياء ويؤمن بها ولا يقال كيف
ويعني بقوله: من غير أن يفسر أو يتوهم أي الكيفية، وهذا معنى ما نقله عن الأئمة من قولهم تروى هذه الأشياء ويؤمن بها أي نثبتها ونصدقها ولكن لانعرف كيفيتها
فرحم الله الإمام الترمذي على إثباته للعقيدة الصحيحة في عدم الخوض في الكيفية مع إثبات الصفات على ما يليق بجلال الله سبحانه وتعالى.
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[25 - 01 - 04, 06:38 م]ـ
تنبيه:
ما جاء في بعض الطبعات من قول الإمام الترمذي رحمه الله في معني الحديث (ح 2635): ((ومعني هذا الحديث: (قتاله كفر) ليس به كفرا مثل الارتداد عن الإسلام والحجة في ذلك ما روي عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: (من قُتل متعمداً فأولياء المقتول بالخيار إن شاؤوا قتلوا وإن شاؤوا عفوا)
ولو كان القتل كفرا لوجب، وقد روي عن ابن عباس وطاووس وعطاء وغير واحد من أهل العلم قالوا: كفر دون كفر وفسوق دون فسوق)).
فقد ذكر بشار عواد في طبعته للترمذي أنها ليست من الترمذي
ويؤيد ما ذكره عدم ذكرها كذلك في نسخة الكروخي الخطية
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3984
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[25 - 01 - 04, 09:09 م]ـ
قال الإمام الترمذي في جامعه (1921) حدثنا أبو بكر محمد بن أبان حدثنا يزيد بن هارون عن شريك عن ليث عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر
قال أبو عيسى هذا حديث غريب
وحديث محمد بن إسحق عن عمرو بن شعيب حديث صحيح وقد روي عن عبد الله بن عمرو من غير هذا الوجه أيضا
قال بعض أهل العلم معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم ليس منا يقول ليس من سنتنا ليس من أدبنا
و قال علي بن المديني قال يحيى بن سعيد كان سفيان الثوري ينكر هذا التفسير ليس منا يقول ليس ((مثلنا))
وقد وقع في بعض النسخ (من ملتنا)) بدلا من ((مثلنا)) وهو خطأ، والصواب (ليس مثلنا) كما نبه على ذلك بشار عواد في تعلقه على الترمذي (3/ 481) وهو كذلك في نسخة الكروخي الخطية (ق 131/ب)
فهذه النقل الذي ذكره الإمام الترمذي رحمه الله بقوله (قال بعض أهل العلم معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم ليس منا يقول ليس من سنتنا ليس من أدبنا) يعتبر بيانا لمعنى الأحاديث الواردة في هذا الباب مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم (من حمل علينا السلاح فليس منا) و (من غش فليس منا) وغيرها كثير
فقد حملها الخوارج على معنى الكفر الأكبر، وهذا قول فاسد مخالف لما عليه أهل السنة
فالقصد من هذه الأحاديث وأمثالها أن فاعل هذا الأمر مخالف لطريقة المسلمين وهديهم وسنتهم، فالمقصود بها التأكيد والتشديد
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى الإمساك عن تفسير هذه الأحاديث ليكون أوقع في النفوس وأبلغ في الزجر
ولكن تفسير هذه الأحاديث مهم خاصة إذا خشي أن تفهم على غير وجهها الصحيح
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/302)
وقد ذكر الإمام الترمذي رحمه الله بعد ذلك (و قال علي بن المديني قال يحيى بن سعيد كان سفيان الثوري ينكر هذا التفسير ليس منا يقول ليس ((مثلنا)))
فهذا التفسير الذي أنكره سفيان الثوري رحمه الله هو تفسير المرجئة
وهو قول باطل، فعلى تفسيرهم للحديث بأن المقصود به (مثلنا) يعني أن من فعل هذا الأمر فليس مثل النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أنكر عليهم السلف وشنعوا عليهم، وتفسيرهم للحديث ظاهر البطلان، فمن هو الذي يقول أنا مثل النبي صلى الله عليه وسلم!، فلا يمكن لأحد أن يبلغ هذه المنزلة أو يقول هذا القول، ولعل هذا القول من المرجئة من باب المقابلة للخوارج في تفسيرهم للحديث بأن المقصود به تكفير من فعل هذا الأمر، وكلا المذهبين باطل منكر
ولعلي أنقل بعض نصوص العلماء رحمهم الله حول هذا الأمر
جاء في كتاب السنة للخلال ج: 3 ص: 576
ومما احتجت به المرجئة وفسرت قول النبي ليس منا ليس مثلنا
وأرادت المرجئة بذلك أن من غش أو عمل من هذه الأعمال شيئا فهو خارج من هذه الملة!! وليس كما يقولون
وقد فسره أحمد بن حنبل
994 أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني قال قيل لأحمد ما معنى حديث النبي من غشنا فليس منا فلم يجب فيه
قيل فإن قوما قالوا من غشنا فليس مثلنا فأنكره وقال هذا تفسير مسعر وعبدالكريم أبي أمية كلام المرجئة
قال أحمد وبلغ عبدالرحمن بن مهدي فأنكره وقال لو أن رجلا عمل بكل حسنة أكان يكون مثل النبي
995 وأخبرني محمد بن علي قال ثنا مهنى قال سمعت أحمد يقول وذكر رجل عند عبدالرحمن بن مهدي قول رسول الله ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب أو دعى دعوى الجاهلية فقال الرجل إنما هو ليس مثلنا فقال عبدالرحمن بن مهدي منكرا لقول الرجل أرأيت لو عمل أعمال البر كلها كان يكون مثل رسول الله!!
996 وأخبرني زكريا بن الفرج عن أحمد بن القاسم قال قال أبو عبدالله بلغني أن عبدالرحمن بن مهدي قيل له أن بعض الناس فسر قوله من غشنا فليس منا قال قيل لعبدالرحمن أنهم قالوا ليس منا فقال عبدالرحمن سبحان الله العظيم فلو أن رجلا عمل بأعمال البر كلها كان يكون مثل النبي ليس هذا التفسير بشيء فحسن أبو عبدالله قول عبدالرحمن وصوبه
997 أخبرني أبو المثنى معاذ بن المثنى العنبري أن هارون بن عبدالله البزار حدثهم قال سئل أبو عبدالله عن قول النبي من غشنا فليس منا فسكت فقيل له ليس منا ليس مثلنا فأنكره وقال هذا رواه مسعر عن عبدالكريم أبي أمية ثم قال كان سفيان بن عيينة يهم فيه يقول عن مسعر عن حبيب عن الحسن بن محمد
ثم قال أبو عبدالله لو أن رجلا صام وصلى كان يكون مثل النبي
ثم قال هؤلاء المرجئة يعني أن هذا من قولهم ليس منا وقال النبي من خبب زوجه امرئ أو مملوكه
فليس منا وقال النبي عليه السلام ليس منا من شق الجيوب ولطم الخدود ودعى بدعوى الجاهلية
998 وأخبرنا أحمد بن محمد بن مطر قال ثنا أبو طالب أنه سمع أبا عبدالله يقول في قول النبي من غشنا فليس منا كما جاء الحديث بلغني عن عبدالرحمن بن مهدي أنه قيل له في هذا أنهم يقولون ليس منا ليس بمثلنا
فقال لو عملوا جميع أعمال البر ما كانوا مثل النبي ولكنه مثل الجاهلية وعملهم وقد قال النبي عليه السلام من حمل علينا السلاح فليس منا يحمل أحد السلاح على النبي إلا يريد قتله ويحمل أحد على أحد إلا وهو يريد قتله فهذا كله ليس من فعل الإسلام من حمل السلاح ومن غشنا ومن لم يرحم صغيرنا وهذه كلها إنما هي فعل الجاهلية ليس منا أي ليس معنا هو كما قال النبي ليس منا
999 وكتب إلي أحمد بن الحسين قال ثنا بكر بن محمد عن أبيه عن أبي عبدالله وسأله عن حديث من غشنا فليس منا ما وجهه قال لا أدري إلا على ما روي وذكر قول عبدالرحمن قال هو لو لم يغش كان مثل النبي عليه السلام
1000 أخبرني موسى بن سهل قال ثنا محمد بن أحمد الأسدي قال ثنا إبراهيم بن يعقوب عن إسماعيل بن سعيد قال سألت أحمد عن قول النبي من غشنا فليس منا ومن حمل السلاح علينا فليس منا قال على التأكيد والتشديد ولا أكفر أحد إلا بترك الصلاة
1001 وأخبرني عبيدالله بن حنبل قال حدثني أبي حنبل بن إسحاق قال ثنا الحميدي قال ثنا سفيان قال قال رجل للزهري يا أبا بكر حديث رسول الله ليس منا من لطم الخدود وليس منا من لم يوقر كبيرنا وما أشبه من الحديث
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/303)
قال سفيان فأطرق الزهري ساعة ثم رفع رأسه فقال من الله عز وجل العلم وعلى الرسول البلاغ وعلينا التسليم) انتهى.
وقد ذكر الإمام الطحاوي رحمه الله في بيان مشكل الأحاديث (3/ 347 - 379) الأحاديث الواردة في هذا الباب وبين معناها بما يتفق مع كلام الأئمة السابقين ثم قال بعد سرده للأحاديث (3/ 379)
قال أبو جعفر: فكانت هذه الأشياء التي نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم من كانت منه أو كانت فيه عنه أشياء مذمومة فكان الله عز وجل قد اختار له صلى الله عليه وسلم الأمور المحمودة ونفى عنه الأمور المذمومة، فكان من عمل الأمور المحمودة منه، ومن عمل الأمور المذمومة ليس منه كما حكى عز وجل عن نبيه إبراهيم من قوله في ذريته {فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم}. وكما قال عز وجل مخبرا لعباده في قصة نبيه داود صلى الله عليه وسلم {إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني} في أمثال لهذا موجودة في الكتاب معناها المعنى الذي ذكرنا، فدل أن كل عامل عملا على شريعة نبيه الذي عليه أتباعه فإنه منه، وأن كل عامل عملا تمنع منه شريعة نبيه الذي عليه أتباعه ليس منه؛ لخروجه عن ما دعاه إليه، وعن ما هو عليه إلى ضد ذلك، والله سبحانه نسأله التوفيق.
وقال الإمام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى (19/ 293)
وبهذا تزول الشبهة في [مسائل الأسماء والأحكام] وهي مسألة الإيمان وخلاف المرجئة والخوارج؛ فإن الإيمان، وإن كان اسمًا لدين الله الذي أكمله بقوله: {اليوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3]. وهو اسم لطاعة الله وللبر وللعمل الصالح، وهو جميع ما أمر الله به، فهذا هو الإيمان الكامل التام، وكماله نوعان: كمال المقربين وهو الكمال بالمستحب، وكمال المقتصدين وهو الكمال بالواجب فقط.
وإذا قلنا في مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن)، و: (لا إيمان لمن لا أمانة له)، وقوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} [الأنفال: 2]، وقوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [الحجرات: 15]، وقوله: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} الآية إلى قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 177]-إذا قال القائل في مثل هذا: ليس بمؤمن كامل الإيمان، أو نَفي عنه كمال الإيمان لا أصله، فالمراد به كمال الإيمان الواجب، ليس بكمال الإيمان المستحب، كمن ترك رَمْي الجمار، أو ارتكب محظورات الإحرام غير الوطء، ليس هذا مثل قولنا: غُسْلٌ كامل، ووضوء كامل، وأن المجزي منه ليس / بكامل ذاك نفي الكمال المستحب.
وكذا المؤمن المطلق هو المؤدي للإيمان الواجب، ولا يلزم من كون إيمانه ناقصًا عن الواجب أن يكون باطلًا حابطًا، كما في الحج، ولا أن يكون معه الإيمان الكامل كما تقوله المرجئة، ولا أن يقال: ولو أدي الواجب لم يكن إيمانه كاملًا، فإن الكمال المنفي هنا الكمال المستحب.
فهذا فرقان يزيل الشبهة في هذا المقام، ويقرر النصوص كما جاءت، وكذلك قوله: (من غشنا فليس منا)، ونحو ذلك، لا يجوز أن يقال فيه: ليس من خِيَارنا كما تقوله المرجئة، ولا أن يقال: صار من غير المسلمين فيكون كافرًا كما تقوله الخوارج، بل الصواب أن هذا الاسم المضمر ينصرف إطلاقه إلى المؤمنين الإيمان الواجب الذي به يستحقون الثواب بلا عقاب، ولهم الموالاة المطلقة والمحبة المطلقة، وإن كان لبعضهم درجات في ذلك بما فعله من المستحب، فإذا غشهم لم يكن منهم حقيقة؛ لنقص إيمانه الواجب الذي به يستحقون الثواب المطلق بلا عقاب، ولا يجب أن يكون من غيرهم مطلقًا، بل معه من الإيمان ما يستحق به مشاركتهم في بعض الثواب، ومعه من الكبيرة ما يستحق به العقاب، كما يقول من استأجر قومًا ليعملوا عملًا، فعمل بعضهم بعض الوقت، فعند التَّوْفِيَة يصلح أن يقال: هذا ليس منا، فلا يستحق / الأجر الكامل، وإن استحق بعضه.) انتهى.
وقال ابن أبي العز في شرح الطحاوية ص 484 (وما أبعد قول من قال أن فليس أي فليس مثلنا، فليت شعري فمن لم يغش يكون مثل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه) انتهى.
ـ[أبوالأشبال السكندرى]ــــــــ[03 - 04 - 04, 10:01 م]ـ
الشيخ الجليل عبد الرحمن الفقيه, جزاك الله خير, ومزيدا" من المشاركات المتميزة
ـ[خالد القسري]ــــــــ[25 - 06 - 04, 12:27 م]ـ
فضيلة الشيخ عبد الرحمن الفقيه وفقه الله
هل تعني أن الشيخ ابن تيمية وتلميذه يفرقون بين التأويل والتفسير بحيث أن كل واحد منهما له اصطلاحه المغاير للآخر عندهما؟ وأن الأول هو المذموم والذي من جنس ما يفعله الجهمية والثاني هو المحمود؟
وهل تعني أن التأويل ولو أدى إلى نفس نتيجة التفسير فإن ذلك لا يخرجه عن كونه تعامل خاطيء مذموم مع نصوص الشرع؟
أرجوا منك الرد.
نفع الله بك وآجرك على على هذا الموضوع.
تلميذكم ومحبكم خالد القسري
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/304)
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[26 - 06 - 04, 10:29 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم، لم أقصد في التنبيه السابق حول ما ذكره الأخ (غضن المحبة) بيان منهج ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله حول كلمة التأويل والتفسير ونحوها وإنما كان المقصود بيان ما ذكره الترمذي عن بعض أهل العلم وتوجيه ابن تيمية وابن القيم له.
ـ[عمر السنيدي]ــــــــ[07 - 10 - 04, 04:15 م]ـ
بخصوص ما ذكره الطرطوشي
احب ان اضيف
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى 25/ 198
[ومن تأوله على قوله هبط على علم الله، كما فعل الترمذي لم يدر كيف الأمر.
ولكن لمّا كان – أي: الترمذي – من أهل السنة وعلم أن الله فوق العرش، ولم يعرف صورة المخلوقات، وخشي أن يتأوله الجهمي أنه مختلط بالخلق، قال: هكذا.
وإلا فقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كله حق، يصدق بعضه بعضا]
ولابد من الرجوع إلى الموضع من مجموع الفتاوى لأن فيه بسط مهم.
وجزى الله الجميع خيرا
خصوصا الشيخ عبد الرحمن الفقيه بارك الله فيه.
ـ[عبدالله العاروك]ــــــــ[23 - 03 - 05, 03:00 م]ـ
شيخنا الكريم
هل لي أن أستفيد من الموضوع عبر أطروحة علمية.
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[23 - 03 - 05, 05:33 م]ـ
الشيخ الفاضل عبدالله العاروك حفظك الله، لك ما أردك وأنت صاحب الفضل حفظك الله.
ـ[المحب الكبير]ــــــــ[23 - 03 - 05, 05:49 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[26 - 08 - 06, 07:48 ص]ـ
بارك الله فيكم جميعا.
ـ[أبو فيصل بن صالح]ــــــــ[16 - 09 - 06, 10:53 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[المقدادي]ــــــــ[16 - 10 - 07, 07:03 م]ـ
جزاكم الله خيرا
و قد حاول ابن العربي الأشعري التخلص من كلام الإمام الترمذي الذي قال ان الجهمية قالوا ان معني اليد القوة بقوله انه لم يتحصل له قول الجهمية كونه من أهل الحديث! فوهم في قوله ان الجهمية قالوا ان اليد معناها القوة! و هذا معلوم بطلانه فأئمة الحديث هم أول من جابه الجهمية و يعلمون كلامهم و عقيدتهم و قد صنفوا الردود عليهم فلا معنى لكلام ابن العربي و انما هو تحصيل حاصل لئلا يُتهم الاشاعرة بأنهم يقولون بقول الجهمية و إلا فكلام الإمام الترمذي لازم لهم لزوماً لا فكاك لهم منه مهما حرّفوا و تأولوا كلامه على غير مرامه
و للأخ ابي البراء الكناني موضوع حول مقالة الإمام الترمذي الذهبية و موقف الاشاعرة منها و لعله ينشره هنا قريبا ان شاءالله
ـ[الكاتب عبدالله]ــــــــ[17 - 10 - 07, 02:23 ص]ـ
بارك الله فيكم يا شيخ عبد الرحمن.
قال الإمام الترمذي في جامعه 4/ 691 (2557):
حدثنا قتيبة حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد ثم يطلع عليهم رب العالمين فيقول ألا يتبع كل إنسان ما كانوا يعبدونه فيمثل لصاحب الصليب صليبه ولصاحب التصاوير تصاويره ولصاحب النار ناره فيتبعون ما كانوا يعبدون ويبقى المسلمون فيطلع عليهم رب العالمين فيقول ألا تتبعون الناس؟ فيقولون نعوذ بالله منك نعوذ بالله منك ألله ربنا هذا مكاننا حتى نرى ربنا وهو يأمرهم ويثبتهم ثم يتوارى ثم يطلع فيقول ألا تتبعون الناس؟ فيقولون نعوذ بالله منك نعوذ بالله منك ألله ربنا وهذا مكاننا حتى نرى ربنا وهو يأمرهم ويثبتهم قالوا لا يارسول الله قال فإنكم لا تضارون في رؤيته تلك الساعة ثم يتوارى ثم يطلع فيعرفهم نفسه ثم يقول أنا ربكم فاتبعوني فيقوم المسلمون ويوضع الصراط فيمرون عليه مثل جياد الخيل والركاب وقولهم عليه سلم سلم ويبقى أهل النار فيطرح منهم فيها فوج ثم يقال هل امتلأت؟ فتقول {هل من مزيد} ثم يطرح فيها فوج فيقال هل امتلأت فتقول {هل من مزيد} حتى إذا أوعبوا فيها وضع الرحمن قدمه فيها وأزوى بعضها إلى بعض ثم قال قط قالت قط قط فإذا أدخل الله أهل الجنة الجنة وأهل النار النار قال أتي بالموت ملببا فيوقف على السور الذي بين أهل الجنة وأهل النار ثم يقال يا أهل الجنة فيطلعون خائفين ثم يقال يا أهل النار فيطلعون مستبشرين يرجون الشفاعة فيقال لأهل الجنة وأهل النار هل تعرفون هذا؟ فيقولون هؤلاء وهؤلاء قد عرفناه هو الموت الذي وكل بنا فيضجع فيذبح ذبحا على السور الذي بين الجنة والنار ثم يقال يا أهل الجنة خلود لا موت ويا أهل النار خلود لا موت.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم روايات كثيرة مثل هذا ما يذكر فيه أمر الرؤية أن الناس يرون ربهم وذكر القدم وما أشبه هذه الأشياء.
والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل سفيان الثوري و مالك بن أنس و ابن المبارك و ابن عيينة و وكيع وغيرهم أنهم رووا هذه الأشياء ثم قالوا تروى هذه الأحاديث ونؤمن بها ولا يقال كيف؟ وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن تروى هذه الأشياء كما جاءت ويؤمن بها ولا تفسر ولا تتوهم ولا يقال كيف وهذا أمر أهل العلم الذي أختاروه وذهبوا إليه.
ومعنى قوله في الحديث فيعرفهم نفسه يعني يتجلى لهم. انتهى.
وفي تسمية جامع الترمذي بالجامع الصحيح نظر ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/305)
ـ[الكاتب عبدالله]ــــــــ[17 - 10 - 07, 02:27 ص]ـ
وقال الترمذي أيضا: (3045) حدثنا أحمد بن منيع حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا محمد بن إسحاق عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله لعيه وسلم يمين الرحمن ملأى سحاء لا يغيضها الليل والنهار قال أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض؟ فإنه لم يغض ما في يمينه {وكان عرشه على الماء} وبيده الأخرى الميزان يرفع ويخفض
قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح
وتفسير هذه الآية {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء} وهذا حديث قد روته الأئمة نؤمن به كما جاء من غير أن يفسر أو يتوهم هكذا قال غير واحد من الأئمة الثوري و مالك بن أنس و ابن عيينة و ابن المبارك إنه تروى هذه الأشياء ويؤمن بها فلا يقال كيف.
ـ[الكاتب عبدالله]ــــــــ[17 - 10 - 07, 02:29 ص]ـ
وقال الترمذي أيضا: (662) حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء حدثنا وكيع حدثنا عبادة بن منصور حدثنا القاسم بن محمد: قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مهره حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل {ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات} و {يمحق الله الربا ويربي الصدقات}
قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد روي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا قالوا قد تثبت الروايات في هذا ولا يؤمن بها ولا يتوهم ولا يقال كيف؟ هكذا روي عن مالك و سفيان بن عيينة و عبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث أمروها بلا كيف وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا هذا تشبيه وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم وقالوا إن الله لم يخلق آدم بيده وقالوا إن معنى اليد ههنا القوة وقال إسحق بن إبراهيم إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد أو مثل يد أو سمع كسمع أو مثل سمع فإذا قال سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه وأما إذا قال كما قال الله تعالى يد وسمع وبصر ولا يقول كيف ولا يقول مثل سمع ولا كسمع فهذا لا يكون تشبيها وهو كما قال الله تعالى في كتابه {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[17 - 10 - 07, 07:41 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
والموضوع لم يكتمل إلى الآن، وقد بقي مجموعة من النقول لم أذكرها، وخاصة ما ذكرها الشيخ طارق عوض الله في رسالته.
وأما ما تفضلت بذكره في تسمية جامع الترمذي فهو في محله، فجزاك الله خيرا على ذلك.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[17 - 10 - 07, 10:59 ص]ـ
لدي إضافة بالنسبة لإدعاء الأشاعرة بأن قول الإمام الترمذي رحمه الله هو تفويض المعنى في الصفات
ويستدلون بقوله (أنهم قالوا في هذه الأحاديث أمروها بلا كيف)
و (من غير أن يفسر أو يتوهم)
فيقولون أن معنى (أمروها) يعني الإيمان بالألفاظ فقط وتفويض المعنى
ومعنى (من غير أن يفسر) يعني المعنى
ويُرد عليهم في قولهم ذلك أن الإمام الترمذي عندما تكلم عن صفة اليد ذكرها مع "السمع" و"البصر"
وهما صفتان يثبت الأشاعرة معناهما على الظاهر ولا يفوضون معناها
فهذا يعني أن الإمام الترمذي يعتقد في صفة اليد كما يعتقد في السمع والبصر
فقول الأشاعرة بأنه يفوض معنى صفة اليد يلزم منه أنه يفوض أيضا معنى صفتي السمع والبصر
ولا أظنهم سيقولون بأن الإمام الترمذي رحمه الله يفوض معنى صفتي السمع والبصر
فإذا قالوا بأنه يثبت معناهما كما يفعل الأشاعرة
فيلزم عليهم أن يقولوا بأنه يثبت أيضا معنى صفة اليد على ظاهرها.
والحمد لله رب العالمين
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[17 - 10 - 07, 11:04 ص]ـ
وقال الترمذي أيضا: (662) حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء حدثنا وكيع حدثنا عبادة بن منصور حدثنا القاسم بن محمد: قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مهره حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل {ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات} و {يمحق الله الربا ويربي الصدقات}
قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد روي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا قالوا قد تثبت الروايات في هذا ولا يؤمن بها ولا يتوهم ولا يقال كيف؟ هكذا روي عن مالك و سفيان بن عيينة و عبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث أمروها بلا كيف وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا هذا تشبيه وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم وقالوا إن الله لم يخلق آدم بيده وقالوا إن معنى اليد ههنا القوة وقال إسحق بن إبراهيم إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد أو مثل يد أو سمع كسمع أو مثل سمع فإذا قال سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه وأما إذا قال كما قال الله تعالى يد وسمع وبصر ولا يقول كيف ولا يقول مثل سمع ولا كسمع فهذا لا يكون تشبيها وهو كما قال الله تعالى في كتابه {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}
تنبيه على خطأ مطبعي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/306)
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[18 - 10 - 07, 04:45 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخو ة الاحبة:
ان الولوج في كبار المسائل مع كبار الطلبة مما يغبن عليه الطالب ويتمناه الباحث، إذ بكل قراءة يزداد علما وبكل مذاكرة يتقد ذهنه وبكل ازدياد من المعرفة يعلم حاجته واحتياجه وعليه فإني اقدم فهما من باحث يرغب بالاستزادة والتعقب تعلما، عله ينال بغيته ويصل إلى مرماه، وإني لما قرأت الليلة هذا التباحث المبارك الذي أظهرت فيه الاقلام شيئا مما غاب عن كثير من الطلاب والكتاب، فرغبت ببيان رأي بدا لي فيما نسب إلى الإمام الترمذي من القول بالتأويل المذموم الذي يساوي التحريف للنصوص وذلك في قوله: (وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقالوا: إنما هبط على علم الله وقدرته وسلطانه، وعلم الله وقدرته وسلطانه في كل مكان وهو على العرش كما وصف في كتابه).
والظاهر لي ان حمل كلام الإمام الترمذي _ الذي هو أحد أعلام السلف في عامة العلوم _ على ما فصّل أولى وأحلى وأحكم، إذ بقوله (بعض أهل العلم) فيه إحالة إلى غيره من القول، وسببه عنده فيما بدا لي أن التفسير من بعض لوازم التأويل، فإذا اقتضى اللفظ معنى متوهما مشكلا في ظاهره عند سامعه يخرج اللفظ عن معنى الاصيل ويفسد المعنى الظاهر المطلوب شرعا، كان إظهار بعض المعنى في الذي تضمنه اللفظ لازما للتدليل على مراد الوحي باللفظ فيما خاطب به العباد كالاستواء ونفي المشاكلة والمشابهة عن الله تعالى فيما أخبرنا به عن نفسه.
وذلك أن الله تبارك وتعالى أخبرنا عن نفسه أنه فوق عرشه، وهذا مسلّم عند أهل السنة أهل الحديث خاصة،لما تواتر في الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة.
غير أنه بدا لبعض أهل العلم استشكال مفهوم بعض النصوص فأدخلو على الذهن ما لا يجوز في ح الله تعالى كالاستدارة اتلي أفسدوا بها معنى الإحاطة لجهلهم وجرأتهم على الله تعالى.
فنفوا بذلك الاستواء، وكذا قول من قال بالحلول والاتحاد والممازجة، فلزم بيان شيئا مما تضمنه معنى النص، لا على باب نفي أصل ما وضع له بل على بيان ما وجب إثباته مع ما يجب تننزيه الله عنه، لذا قال الإمام رحمه الله: (وهو على العرش كما وصف نفسه).
وأما القول: بأنه من أهل التأويل المذموم.
أقول: هذا بعيد عنه ولا يريده رحمه الله ولا يجوز قول ذلك عليه ولا نسبته إليه وذلك: أنا لو فرضنا تأويله في هذا الموطن، فقد بين أنه في كل موطن منهجه وإثباته لها على طريقة أهل الحديث، ومن كان هذا حاله لا ينسب بالمسألة والمسألتين إلى المذاهب الرديئة.
الثاني: إن المعنى الذي قيل لم ينف صفة أثبتها الله لنفسه أو رسوله صلى الله عليه وسلم، خاصة ما بينه في نهاية قوله في مسألة الاثبات التي يحاول نفيها أهل التحريف.
والله أعلم.
ـ[فارس الهميلاني]ــــــــ[21 - 10 - 07, 12:35 ص]ـ
ماهو الرد على هذا الاشعري
لما روى الإمام الترمذي حديث إتيان البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان قال:
((هذا حديث حسن غريب، ومعنى هذا الحديث عند أهل العلم أنه يجيء ثواب قراءته، كذا فسر بعض أهل العلم هذا الحديث وما يشبه هذا من الأحاديث أنه يجيء ثواب قراءة القرآن، وفي حديث النوانس بن سمعان عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ما فسروا إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: وأهله الذين يعملون به في الدنيا، ففي هذا دلالة أنه يجيء ثواب العمل وأخبرني محمد بن إسماعيل أخبرنا الحميدي قال: قال سفيان بن عيينة في تفسير حديث عبدالله بن مسعود: ما خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي، قال سفيان: لأن آية الكرسي هو كلام الله، وكلام الله أعظم من خلق الله من السماء والرض)) (تحفة الأحوذي 8/ 193).
وهذا التأويل بمجيء الثواب لم ينفرد به الإمام الترمذي، بل هو ينقله عن غير واحد من أهل العلم، وممن نقل عنه ذلك الإمام الكبير أبو عبيد القاسم بن سلام رضي الله عنه فإن قال في كتاب (فضائل القرآن) من تصنيفه في باب (فضل سورة البقرة وآل عمران والنساء) عندما ذكر الحديث السالف ما نصه:
((يعني ثوابهما)) اهـ.
قال الراوي عن أبي عبيد: أبو الحسن علي بن عبدالعزيز البغوي الإمام الحافظ المتوفى سنة 286هـ بعد تأويل أبي عبيد هذا ما نصه:
((تكلم أبو عبيد بهذا والسيف يومئذ يقطر)) اهـ.
يعني أن أبا عبيد تكلم بهذا التأويل في أيام سطوة الجهمية وتطلب العلماء في محنة القرآن فتكلم أبو عبيد بهذا نصرة للقول بأن القرآن كلام الله غير مخلوق وأن حديث إتيان البقرة وآل عمران معناه إتيان ثوابهما.
كما نقل هذا التأويل عن الإمام أحمد بإسناد صحيح ذكره البيهقي وابن كثير وغيرهما، وفي كتاب الرد على الجهمية الذي يعتقد الوهابية بصحة نسبته إلى الإمام أحمد جاء ما نصه:
فهل استسلم الوهابية لتأويل السلف؟؟! لا لم يقتنعوا بهذا فهذا على سبيل المثال المباركفوري (السلفي) يعلق على كلام هذين الإمامين من أئمة السلف ابن عيينة والترمذي فقال متعقبا الإمام الترمذي بما نصه:
((في هذه الدلالة خفاء كما لا يخفى))!!.
وقال متعقبا سفيان بن عيينة بما نصه:
((وفي قول سفيان هذا نظر فإنه يلزم على هذا ألا تكون هذه الفضيلة مختصة بآية الكرسي بل تعم كل آية من آي القرآن لأن كلا منها كلام الله تعالى)) اهـ.
فهذا المباركفوري الذي يدعي بأنه سلفي صار يناقش السلف في استدلالاتهم وتوجيهاتهم وتأويلاتهم في العقيدة ومع هذا هو سلفي!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/307)
ـ[فارس الهميلاني]ــــــــ[21 - 10 - 07, 12:36 ص]ـ
ثم قال
روى الإمام الترمذي في جامعه الحديث المشهور: ((أنا عند ظن عبدي بي ... وإن أتاني يمشي أتيته هرولة)) ثم قال بعده:
((هذا حديث حسن صحيح، ويروى عن الأعمش في تفسير هذا الحديث: (من تقرب مني شبرا تقربت منه ذارعا): يعني بالمغفرة والرحمة، وهكذا فسر بعض أهل العلم هذا الحديث قالوا إنما معناه يقول: إذا تقرب إلي العبد بطاعتي وبما أمرت تسارع إليه مغفرتي ورحمتي)) اهـ كلام الإمام الترمذي.
(تحفة الأحوذي 10/ 64).
إذن فالترمذي ـ وهو إمام من أئمة السلف بلا شك ـ يؤول الهرولة والإتيان والتقرب في هذا الخبر بأنه بالمغفرة والرحمة، هذا قوله رحمه الله وتأويله وهو ينقله عن بعض أهل العلم ممن تقدمه منهم الإمام سليمان بن مهران الأعمش وهؤلاء من أئمة السلف بلا شك، وقد تبع الإمام الترمذي والأعمش من أهل العلم ثلة:
يقول المباركفوري رحمه الله وغفر له في تحفته في ذكرهم:
((وكذا قال الطيبي، والحافظ العيني، وابن بطال، وابن التين، وصاحب المشارق، والراغب وغيرهم من العلماء .... وكذا فسره النووي وغيره كما عرفت)) اهـ
فما هو موقف السلفيين على المجاز في هذا العصر من تأويل السلف على الحقيقة لا المجاز؟؟؟!! ماذا كان تعليق المباركفوري (السلفي المجازي) هلى هذا التأويل الذي قال به (السلف على الحقيقة)؟؟؟ اسمعوا عبارته:
قال:
((قلت: لا حاجة إلى هذا التأويل))!!!!!
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[21 - 10 - 07, 02:14 ص]ـ
الرد على الأشعري هداه الله:
روى الترمذي بسنده عن نواس بن سمعان
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يأتي القرآن وأهله الذين يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران قال نواس وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمثال ما نسيتهن بعد قال تأتيان كأنهما غيابتان وبينهما شرق أو كأنهما غمامتان سوداوان أو كأنهما ظلة من طير صواف تجادلان عن صاحبهما
وفي الباب عن بريدة وأبي أمامة.
قال أبو عيسى هذا حديث غريب من هذا الوجه.
ومعنى هذا الحديث عند أهل العلم أنه يجيء ثواب قراءته كذا فسر بعض أهل العلم هذا الحديث وما يشبه هذا من الأحاديث أنه يجيء ثواب قراءة القرآن.
وفي حديث النواس عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ما فسروا إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم وأهله الذين يعملون به في الدنيا ففي هذا دلالة أنه يجيء ثواب العمل.
فهنا فسروا الحديث بقرينة معينة وردت فيه، وهي قوله (وأهله الذين يعملون به)،فالذي جعلهم يفسرون الحديث بالثواب هو نفس لفظ الحديث، وليس في هذا تأويل (بمعنى التحريف) كما زعم هذا الكاتب الأشعري، وإنما هو تأويل تفسير.
فهل هذا الفعل هو نفس فعل الأشاعرة الذين يحرفون صفات الله بحجة التأويل بغير برهان ولادليل صحيح؟ حاشا وكلا.
فهذا النقل حجة على الأشعري الملبس، فالسلف فسروا مجيء سورة البقرة وآل عمران بمجيء ثوابها بقرينة في نفس الحديث تدل على ذلك، وردوا على سلف الأشعري الذين فهموا من الحديث أن القرآن مخلوق وأنه يأتي بنفسه، فرد عليهم السلف بأنه وورد في نفس الحديث ما يدل على تفسيره بالثواب وهو أن أهل القرآن يأتون معه فيأتي أمامهم ثواب القرآن، ومن أحسن ما فسرت به النصوص بعضها ببعض، فالسلف فسروا هذا الحديث بتتمة الحديث، واستنبطوا منها أن أهل القرآن وهم مخلوقين تقدمهم سورة البقرة وآل عمران أي ثوابهما لأنهما غير مخلوقتين، فليس معنى هذا أن نفس كلام الله تعالى الذي هو صفة من صفاته يأتي أمامهم كما فهم الجهمية.
وكونها تظل صاحبها يوم القيامة قرينة على تفسيرها بهذا المعنى لأن المؤمن في ظل صدقته يوم القيامة
في غريب الحديث لإبراهيم الحربي - (ج 1 / ص 224)
وقوله: كأنهما غيايتان يظلان من كان يقرؤهما نسب الفعل إليهما وإنما المعنى لثواب يفعله الله بمن يقرأ بهما لقوله: ظل المؤمن صدقته يقول: ثواب صدقته.
وفي مجموع الفتاوى لابن تيمية - (5/ 398)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/308)
فعارضهم أحمد بقوله: - وأحمد وغيره من أئمة السنة - فسروا هذا الحديث بأن المراد به مجيء ثواب البقرة وآل عمران كما ذكر مثل ذلك من مجيء الأعمال في القبر وفي القيامة والمراد منه ثواب الأعمال. والنبي صلى الله عليه وسلم قال: {اقرءوا البقرة وآل عمران فإنهما يجيئان يوم القيامة كأنهما غيايتان أو غمامتان أو فرقان من طير صواف يحاجان
عن أصحابهما} وهذا الحديث في الصحيح: فلما أمر بقراءتهما وذكر مجيئهما يحاجان عن القارئ: علم أنه أراد بذلك قراءة القارئ لهما وهو عمله وأخبر بمجيء عمله الذي هو التلاوة لهما في الصورة التي ذكرها كما أخبر بمجيء غير ذلك من الأعمال. وهذا فيه كلام مبسوط في غير هذا الموضع: هل يقلب الله العمل جوهرا قائما بنفسه أم الأعراض لا تنقلب جواهر؟ وكذلك قوله: {يؤتى بالموت في صورة كبش أملح}. والمقصود هنا: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر بمجيء القرآن في هذه الصورة أراد به الإخبار عن قراءة القارئ؛ التي هي عمله وذلك هو ثواب قارئ القرآن؛ ليس المراد به أن نفس كلامه الذي تكلم به وهو قائم بنفسه يتصور صورة غمامتين. فلم يكن في هذا حجة للجهمية على ما ادعوه.
ثم قال
فإن هذا الحديث له نظائر كثيرة في مجيء أعمال العباد والمراد مجيء قراءة القارئ التي هي عمله وأعمال العباد مخلوقة وثوابها مخلوق. ولهذا قال أحمد وغيره من السلف: أنه يجيء ثواب القرآن والثواب إنما يقع على أعمال العباد لا على صفات الرب وأفعاله.
وهذه مقتبسات من مشاركات بعض الإخوة:
قال شيخ الإسلام رحمه الله ناقلاً عن الإمام أحمد:
باب: ما ادعت الجهمية أن القرآن مخلوق من الأحاديث التي رويت: «إن القرآن يجيء في صورة الشاب الشاحب؛ فيأتي صاحبه فيقول: هل تعرفني؟ فيقول له: من أنت؟ فيقول: أنا القرآن الذي أظمأت نهارك؛ وأسهرت ليلك؛ قال: فيأتي به الله؛ فيقول: يا رب!» فادعوا. أن القرآن مخلوق؛ فقلنا لهم: إن القرآن لا يجيء بمعنى أنه قد جاء: «من قرأ {قُلْ هُوَ ?للَّهُ أَحَدٌ} فله كذا وكذا» ألا ترون من قرأ: {قُلْ هُوَ ?للَّهُ أَحَدٌ} لا يجيئه؛ بل يجيء ثوابه؛ لأنا نقرأ القرآن فنقول لا يجيء؛ ولا يتغير من حال إلى حال.
فبين أحمد أن الثواب هو الذي يجيء؛ وهو المخلوق من العمل؛ فكيف بعقوبة الأعمال الذي تتغير من حال إلى حال فإذا كان هذا ثواب {قُلْ هُوَ ?للَّهُ أَحَدٌ} وهو ثواب القرآن فكيف ثواب غيره!!.أهـ[مجموع الفتاوى (8/ 410)]
يقول ابن القيم رحمه الله:
كما في الصحيح عنه تجيء البقرة و آل عمران يوم القيامة كأنهما غمامتان الحديث فهذه هي القراءة التي ينشئها الله سبحانه تعالى غمامتين و كذلك قوله في الحديث الآخر أن ما تذكرون من جلال الله من تسبيحه و تحميده و تهليله يتعاطفن حول العرش لهن دوي كدوي النحل يذكرن بصاحبهن ذكره احمد و كذلك قوله في حديث عذاب القبر و نعيمه للصورة التي يراها فيقول من أنت فيقول أنا عملك الصالح و أنا عملك السيء و هذا حقيقة لا خيال و لكن الله سبحانه أنشأ له من عمله صورة حسنة و صورة قبيحة و هل النور الذي يقسم بين المؤمنين يوم القيامة إلا نفس إيمانهم أنشأ الله سبحانه لهم منه نورا يسعى بين أيديهم فهذا أمر معقول لو لم يرد به النص فورود النص به من باب تطابق السمع و العقل. أهـ
الحمد لله
أحببت أن أزيد مسألة أحسب ان الاخوة الافاضل يعلمونها الا وهي ان القرآن لفظ مشترك بين القرآن الذي هو كلام الله ... و القرآن بمعنى المصدر .. اي قراءة القارئ ... فمن حمله على وجه دون ىخر فلا يكون هذا الا عن جهل او هوى .. لأن الصواب ان يحمله على الوجه الذي تدل عليه الادلة و القرائن .... و هو قراءة القاري ...
يقال قرأ قراءة وقرآنا ...
قال صلى الله عليهو سلم زينوا القرآن بأصواتكم .... اي زينوا قراءتكم بأصواتكم .. اما القرآن الذي هو كلام الله فلا يحتاج
فهو أحسن الكلام و احسن الحديث.
قال حسان في عثمان
ضحوا بأشمط عنوان السجود به ** يقطع الليل تسبيحا و قرآنا
اي و قراءة ..
وعلى هذا فالقرآن الذي يأتي يوم القيامة يشفع في صحبه هو قراءته وهي عمله المخلوق و الله خلقكم و ما تعملون.
ـ[فارس الهميلاني]ــــــــ[21 - 10 - 07, 04:41 ص]ـ
جزاك الله خيرا وجعلك ذخرا
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[21 - 10 - 07, 04:06 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/309)
أما حديث الهرولة فينطبق عليه كذلك نفس الكلام السابق في ثواب القرآن، وهو أن هناك قرينة في نفس الحديث تدل على هذا التفسير.
قال الإمام الترمذي رحمه الله:
حدثنا أبو كريب حدثنا ابن نمير وأبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم وإن اقترب إلي شبرا اقتربت منه ذراعا وإن اقترب إلي ذراعا اقتربت إليه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة.
قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح ويروى عن الأعمش في تفسير هذا الحديث من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا يعني بالمغفرة والرحمة، وهكذا فسر بعض أهل العلم هذا الحديث قالوا إنما معناه يقول إذا تقرب إلي العبد بطاعتي وما أمرت، أسرع إليه بمغفرتي ورحمتي.
وروي عن سعيد بن جبير أنه قال في هذه الآية {فاذكروني أذكركم} قال اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي،حدثنا عبد بن حميد قال حدثنا الحسن بن موسى وعمرو بن هاشم الرملي عن ابن لهيعة عن عطاء بن يسار عن سعيد بن جبير بهذا.
وقد ذكر الإمام الترمذي رحمه الله المروي عن الأعمش بصيغة التمريض حيث قال (ويروى عن الأعمش في تفسير هذا الحديث من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا يعني بالمغفرة والرحمة)، فهذا من ناحية الصحة.
وأما من فسر الحديث بأن المقصود به من تقرب إلي بعمل صالح تقربت إليه بالأجر والمثوبة ونحوها فهو تفسير مستقيم، ليس فيه تحريف ولا تعطيل لصفات الله تعالى، فالمقصود أن اقترابه من الله تعالى هو بفعله للطاعات فيقابله الله تعالى بالإثابة والمغفرة والرحمة،وفي نفس الحديث ما يدل على ذلك، فلو قلنا أن المقصودبالحديث أن الإنسان يمشي شبرا أوذراعا أو باعا فقط بدون نية عبادة ولاطاعة وإنما يقصد بفعله هذا الاقتراب من ذات الله سبحانه وتعالى لكان هذا تفسيرا باطلا للحديث.
وإنما المعنى من الحديث مذكور في أوله وهو قوله (أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم) فهذا هو تفسير بقية الحديث، وأن المقصود بها أن الله تعالى يقابله بالثواب والمغفرة ونحو ذلك.
فالمقصود أن هناك قرينة في نفس الحديث تدل على هذا التفسير، وليس هذا من التحريف المذموم المعروف عن الأشاعرة وغيرهم.
فالكلام السابق إنما هو في بيان ما نقله الإمام الترمذي وتوجيهه على مذهب أهل السنة،على أن هناك من حمل الحديث على ظاهره وليس هذا موضع بسط المسألة.
ـ[فارس الهميلاني]ــــــــ[22 - 10 - 07, 09:07 ص]ـ
بارك الله فيك
ـ[صالح العقل]ــــــــ[27 - 10 - 07, 03:32 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو الربيعة]ــــــــ[27 - 10 - 07, 11:38 م]ـ
هل عندك هذا الموضوع على الوورد للتحميل
ـ[المقدادي]ــــــــ[28 - 10 - 07, 12:13 ص]ـ
جزاكم الله خيرا يا شيخ عبدالرحمن و نفع بعلمكم
و من العجيب ان جهلة المبتدعة إنما يطعنون في أئمة السلف رحمهم الله عندما يقولون ان التأويل ورد عنهم!!!
فبينما يصر أئمة السنة ان التأويل لم يرد عن السلف بل و يقول الإمام الترمذي: " قد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا قالوا قد تثبت الروايات في هذا ويؤمن بها ولا يتوهم ولا يقال كيف هكذا روي عن مالك وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث أمروها بلا كيف وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة "
و ينقل عن الجهمية انهم تأولوا ذلك فيقول رحمه الله:
" وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم وقالوا إن الله لم يخلق آدم بيده
وقالوا إن معنى اليد هاهنا القوة "
فيأتي هؤلاء الأشاعرة و يصرّون و يفرحون بما ينقلونه من التأويلات المنسوبة الى السلف! و هم في الحقيقة إنما يكذّبون هؤلاء الأئمة الأجلاء الذين نصوا على ان السلف لم يتأولوا صفات الله تعالى!
فكأنهم يقولون: ان الإمام الترمذي كذاب – و حاشاه رضي الله عنه – عندما قال ان مذهب السلف الإمرار و لم يذكر التأويل! و كذا ان الإمام البغوي كذاب لما قال مثل هذا و هلم جرا! و هؤلاء جهلة لا يعرفون عواقب قولهم ان السلف أوّلوا مع ان المنقول عنهم عدم التأويل بشهادة أتباعهم و أصحابهم كما نُقل عن الإمام الترمذي و غيره: إن عاقبة ذلك الرد على الإمام الترمذي و غيره و تكذيبهم لما شهدوا ان السلف لم يتأولوا ايات الصفات لا الرد على من يسمونهم بالوهابية! و لكنهم لا يعقلون والله! صم بكم غتم عجم كما وصفهم الإمام الذهبي , ففي كلامهم هذا طعن في السلف و أئمة الدين و العياذ بالله!
فالإمام الترمذي يقول ان اهل السنة أمروها بلا كيف و هذا قول واحد في كل الصفات ام الجهمية فتأولت هذه الصفات
اما الاشاعرة فيقولون ان السلف تأولوا بعض هذه الصفات! فعكسوا الأمر على السلف! و نسبوا إليهم خلاف ما شُهر عنهم! و هذا تكذيب لمن روى عن السلف انهم أمروها و لم يتأولوها
و لا يخرج ما يأتي به هؤلاء مما يزعمونه تأويلا عن أمور ثلاثة:
الأول: ان يكون مكذوبا عليهم لا يصح
الثاني: أن لا يكون تأويلا بالمعنى الذي عند المخالف , لأن المخالف لا يلتزم بأصل معتمد في مسألة التأويل و فوق ذلك فهو يظن ان بعض التفسيرات المنقولة عن السلف من جنس تأويلاته و تحريفاته! فمثلا يقول الاشاعرة ان صفة اليد تؤول الى القدرة و لكن اذا ذُكر لهم ان الله تعالى معنا أي بعلمه و ان هذا منقول عن السلف: قالوا هذا تأويل! و السلف مؤولة! و هذا ليس تأويلا عند السلف او من جاء بعدهم من أتباعهم بل هو ظاهر النص و قس على ذلك من تلاعبهم بالنصوص
الثالث: ان يكون تفسيرا باللازم و هذا واضح و ليس فيه شيء من جنس تأويلات المخالف و تحريفاته
و الله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/310)
ـ[فيصل]ــــــــ[03 - 11 - 07, 12:34 ص]ـ
جزاكم الله خيرا يا شيخ عبدالرحمن و نفع بعلمكم
وللفائدة هذا مقال في "نظرات في مقالة ذهبية للترمذي رحمه الله وموقف الأشاعرة منها" لأبي البراء الكناني جزاه الله خيرا:
http://www.muslm.net/vb/showthread.php?t=252875
ـ[ابو احمد الحسيني]ــــــــ[11 - 11 - 07, 12:56 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[ mhamed] ــــــــ[12 - 11 - 07, 07:07 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[27 - 02 - 08, 12:05 م]ـ
جزاكم الله خيرا اخواني.
ـ[أبو محمد الرقي]ــــــــ[05 - 03 - 08, 07:55 م]ـ
جزاكم الله خيرا شيخ عبد الرحمن فإني أحبك في الله(26/311)
اول من قسم التوحيد الى ثلاثة اقسام.
ـ[المسيطير]ــــــــ[16 - 12 - 03, 03:59 ص]ـ
مما يعتب به بعض اعداء الامام محمد ابن عبدالوهاب رحمه الله تعالى خاصة من بعض المتعالمين او ان شئت قل بعض الجهلة او ان شئت فقل بعض المبتدعة، قولهم ان الامام رحمه الله تعالى ابتدع واحدث قولا لم يسبق اليه الا وهو تقسيم التوحيد الى ثلاثة اقسام:
1 - توحيد الربوبية.
2 - توحيد الاولوهية.
3 - توحيد الاسماء والصفات.
مع ان الامام البخاري رحمه الله اشار الى ذلك في كتابه خلق افعال العباد، وكذا الامام ابن مندة رحمه الله، وكذا الامام الطبري في تفسيره في اكثر من موضع.
قال تعالى (رب السماوات والارض ومابينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا) مريم 65.
- رب السماوات والارض ومابينهما _______ الربوبية.
- فاعبده واصطبر لعبادته _____________ الالوهية.
- هل تعلم له سميا ________________ الاسماء والصفات.
والله اعلم.
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[16 - 12 - 03, 04:12 ص]ـ
هل لك أن تذكر لنا إشارة البخاري إلى هذا الموضوع؟
رابط مفيد:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=11196&highlight=%CA%DE%D3%ED%E3+%C7%E1%CA%E6%CD%ED%CF
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[16 - 12 - 03, 07:15 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5102
ـ[ابو خطاب العراقي]ــــــــ[22 - 10 - 08, 06:49 ص]ـ
جزاكم الله خيرا(26/312)
دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه
ـ[صائد الفوائد]ــــــــ[20 - 12 - 03, 03:54 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسر موقع صيد الفوائد ان يعلن عن صفحة للشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى ..
بعنوان: دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله
http://www.saaid.net/monawein/monawein.jpg (http://www.saaid.net/monawein/index.htm)
http://www.saaid.net/monawein/index.htm
وسوف يضاف قريبا كتاب دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب للشيخ عبدالعزيز العبداللطيف بالتعاون مع موقع الدرر السنية ..
وارجوا من الأخوة نشر الصفحة في المنتديات ..
أخوكم
أبو حمزة
ـ[الرايه]ــــــــ[20 - 12 - 03, 05:48 ص]ـ
نعم ما اخترتم لهذه الصفحة الكتاب الفريد في بابه
وهو كتاب د. عبد العزيز آل عبد اللطيف
وارى ان تستفيدو من الشيخ د. عبد العزيز آل عبد اللطيف في هذه الصفحة
اما ان يكون مشرفا
او ان يكون معه لقاء
او بأي طريقة ترونها مناسبة ...
وفقكم الله لكل خير
آمين
ـ[أبو مقبل]ــــــــ[20 - 12 - 03, 09:05 ص]ـ
ولعلكم تستفيدون من هذه المكتبة ففيها مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله:
http://www.kl28.com/books/index.php?sfID=7
ـ[صائد الفوائد]ــــــــ[20 - 12 - 03, 10:34 م]ـ
الأخ الراية
جزاكم الله خيرا
وبالنسبة للشيخ عبدالعزيز العبداللطيف فيسعدنا ذلك وارجوا من الأخوة عرض هذا الأمر على الشيخ عبدالعزيز ..
الأخ أبو مقبل
بارك الله فيك
وارجوا من الأخوة التعاون في جمع تراث الشيخ لنشره في الموقع ..
أخوكم
أبو حمزة
ـ[طويلب علم صغير.]ــــــــ[31 - 01 - 04, 08:47 ص]ـ
حمل كتاب "دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب" للشيخ عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف من موقع الدرر السنية
http://www.dorar.net/htmls/mbooks.asp?bab=30(26/313)
(لازم المذهب) و (التكفير باللازم)
ـ[خالد الوايلي]ــــــــ[21 - 12 - 03, 09:32 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
من يتكرم علينا ببيان نافع حول
(لازم المذهب هل هو مذهب .. ؟
وهل يدخل التكفير باللازم تحت الكلام على لازم المذهب .. ؟)
أرجو الإفادة وبوركتم
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[21 - 12 - 03, 01:53 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لازم المذهب ليس بمذهب، إلا إذا التزمه صاحب القول
وهذه بعض النقولات للفائدة
درء التعارض لابن تيمية ج: 8 ص: 108
ولكن لازم المذهب ليس بمذهب وليس كل من قال قولا التزم لوازمه التي صرح بفسادها بل قد يتفق العقلاء على مقدمة وان تناقض بعضهم في لوازمها
مجموع الفتاوى ج: 16 ص: 461
000 لكن هذا كله لازم المذهب و هو يدل على بطلانه و لازم المذهب لا يجب أن يكون مذهبا بل أكثر الناس يقولون أقوالا و لا يلتزمون لوازمها فلا يلزم إذا قال القائل ما يستلزم التعطيل أن يكون معتقد للتعطيل بل يكون معتقدا للإثبات و لكن لا يعرف ذلك اللزوم
مجموع الفتاوى (20/ 217)
وسئل
شيخ الإسلام قدس الله روحه هل لازم المذهب مذهب أم لا؟.
فأجاب: وأما قول السائل: هل لازم المذهب مذهب أم ليس بمذهب؟ فالصواب: أن مذهب الإنسان ليس بمذهب له إذا لم يلتزمه، فإنه إذا كان قد أنكره ونفاه كانت إضافته إليه كذبا عليه بل ذلك يدل على فساد قوله وتناقضه في المقال غير التزامه اللوازم التي يظهر أنها من قبل الكفر والمحال مما هو أكثر فالذين قالوا بأقوال يلزمها أقوال يعلم أنه لا يلتزمها لكن لم يعلم أنها تلزمه ولو كان لازم المذهب مذهبا للزم تكفير كل من قال عن الاستواء أو غيره من الصفات أنه مجاز ليس بحقيقة، فإن لازم هذا القول يقتضي أن لا يكون شيء من أسمائه أو صفاته حقيقة وكل من لم يثبت بين الاسمين قدرا مشتركا لزم أن لا يكون شيء من الإيمان بالله ومعرفته والإقرار به إيمانا، فإنه ما من شيء يثبته القلب إلا ويقال فيه نظير ما يقال في الآخر ولازم قول هؤلاء يستلزم قول غلاة الملاحدة المعطلين الذين هم أكفر من اليهود والنصارى.
لكن نعلم أن كثيرا ممن ينفي ذلك لا يعلم لوازم قوله بل كثير منهم يتوهم أن الحقيقة ليست إلا محض حقائق المخلوقين وهؤلاء جهال بمسمى الحقيقة والمجاز وقولهم افتراء على اللغة والشرع وإلا فقد يكون المعنى الذي يقصد به نفي الحقيقة نفي مماثلة صفات الرب سبحانه لصفات المخلوقين قيل له: أحسنت في نفي هذا المعنى الفاسد ولكن أخطأت في ظنك أن هذا هو حقيقة ما وصف الله به نفسه فصار هذا بمنزلة من قال: إن الله ليس بسميع حقيقة، ولا بصير حقيقة، ولا متكلم حقيقة، لأن الحقيقة في ذلك هو ما يعهده من سمع المخلوقين وبصرهم وكلامهم والله تعالى منزه عن ذلك.
فيقال له: أصبت في تنزيه الله عن مماثلته خلقه، لكن أخطأت في ظنك أنه إذا كان الله سميعا حقيقة بصيرا حقيقة متكلما حقيقة كان هذا متضمنا لمماثلته خلقه. فكذلك لو قال القائل: إذا قلنا: إنه مستو على عرشه حقيقة لزم التجسيم والله منزه عنه فيقال له: هذا المعنى الذي سميته تجسيما ونفيته هو لازم لك إذا قلت: إن له علما حقيقة، وقدرة حقيقة وسمعا حقيقة: وبصرا حقيقة، وكلاما حقيقة، وكذلك سائر ما أثبته من الصفات، فإن هذه الصفات هي في حقنا أعراض قائمة بجسم فإذا كنت تثبتها لله تعالى مع تنزيهك له عن مماثلة المخلوقات وما يدخل في ذلك من التجسيم: فكذلك القول في الاستواء، ولا فرق.
فإن قلت: أهل اللغة إنما وضعوا هذه الألفاظ لما يختص به المخلوق فلا يكون حقيقة في غير ذلك.
قلت: ولكن هذا خطأ بإجماع الأمم: مسلمهم وكافرهم وبإجماع أهل اللغات فضلا عن أهل الشرائع والديانات وهذا نظير قول من يقول: إن لفظ الوجه إنما يستعمل حقيقة في وجه الإنسان دون وجه الحيوان والملك والجني أو لفظ العلم إنما استعمل حقيقة في علم الإنسان دون علم الملك والجني ونحو ذلك بل قد بينا أن أسماء الصفات عند أهل اللغة بحسب ما تضاف إليه، فالقدر المشترك أن نسبة كل صفة إلى موصوفها كنسبة تلك الصفة إلى موصوفها فالقدر المشترك هو النسبة فنسبة علم الملك والجني ووجوههما إليه كنسبة علم الإنسان ووجهه إليه وهكذا في سائر الصفات والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/314)
فأجاب: وأما قول السائل: هل لازم المذهب مذهب أم ليس بمذهب؟ فالصواب: أن مذهب الإنسان ليس بمذهب له إذا لم يلتزمه، فإنه إذا كان قد أنكره ونفاه كانت إضافته إليه كذبا عليه بل ذلك يدل على فساد قوله وتناقضه في المقال غير التزامه اللوازم التي يظهر أنها من قبل الكفر والمحال مما هو أكثر فالذين قالوا بأقوال يلزمها أقوال يعلم أنه لا يلتزمها لكن لم يعلم أنها تلزمه ولو كان لازم المذهب مذهبا للزم تكفير كل من قال عن الاستواء أو غيره من الصفات أنه مجاز ليس بحقيقة، فإن لازم هذا القول يقتضي أن لا يكون شيء من أسمائه أو صفاته حقيقة وكل من لم يثبت بين الاسمين قدرا مشتركا لزم أن لا يكون شيء من الإيمان بالله ومعرفته والإقرار به إيمانا، فإنه ما من شيء يثبته القلب إلا ويقال فيه نظير ما يقال في الآخر ولازم قول هؤلاء يستلزم قول غلاة الملاحدة المعطلين الذين هم أكفر من اليهود والنصارى.
لكن نعلم أن كثيرا ممن ينفي ذلك لا يعلم لوازم قوله بل كثير منهم يتوهم أن الحقيقة ليست إلا محض حقائق المخلوقين وهؤلاء جهال بمسمى الحقيقة والمجاز وقولهم افتراء على اللغة والشرع وإلا فقد يكون المعنى الذي يقصد به نفي الحقيقة نفي مماثلة صفات الرب سبحانه لصفات المخلوقين قيل له: أحسنت في نفي هذا المعنى الفاسد ولكن أخطأت في ظنك أن هذا هو حقيقة ما وصف الله به نفسه فصار هذا بمنزلة من قال: إن الله ليس بسميع حقيقة، ولا بصير حقيقة، ولا متكلم حقيقة، لأن الحقيقة في ذلك هو ما يعهده من سمع المخلوقين وبصرهم وكلامهم والله تعالى منزه عن ذلك. فيقال له: أصبت في تنزيه الله عن مماثلته خلقه، لكن أخطأت في ظنك أنه إذا كان الله سميعا حقيقة بصيرا حقيقة متكلما حقيقة كان هذا متضمنا لمماثلته خلقه.
فكذلك لو قال القائل: إذا قلنا: إنه مستو على عرشه حقيقة لزم التجسيم والله منزه عنه فيقال له: هذا المعنى الذي سميته تجسيما ونفيته هو لازم لك إذا قلت: إن له علما حقيقة، وقدرة حقيقة وسمعا حقيقة: وبصرا حقيقة، وكلاما حقيقة، وكذلك سائر ما أثبته من الصفات، فإن هذه الصفات هي في حقنا أعراض قائمة بجسم فإذا كنت تثبتها لله تعالى مع تنزيهك له عن مماثلة المخلوقات وما يدخل في ذلك من التجسيم: فكذلك القول في الاستواء، ولا فرق.
فإن قلت: أهل اللغة إنما وضعوا هذه الألفاظ لما يختص به المخلوق فلا يكون حقيقة في غير ذلك. قلت: ولكن هذا خطأ بإجماع الأمم: مسلمهم وكافرهم وبإجماع أهل اللغات فضلا عن أهل الشرائع والديانات وهذا نظير قول من يقول: إن لفظ الوجه إنما يستعمل حقيقة في وجه الإنسان دون وجه الحيوان والملك والجني أو لفظ العلم إنما استعمل حقيقة في علم الإنسان دون علم الملك والجني ونحو ذلك بل قد بينا أن أسماء الصفات عند أهل اللغة بحسب ما تضاف إليه، فالقدر المشترك أن نسبة كل صفة إلى موصوفها كنسبة تلك الصفة إلى موصوفها فالقدر المشترك هو النسبة فنسبة علم الملك والجني ووجوههما إليه كنسبة علم الإنسان ووجهه إليه وهكذا في سائر الصفات والله أعلم.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[21 - 12 - 03, 01:56 م]ـ
مجموع الفتاوى ج: 29 ص: 41
و على هذا فلازم قول الانسان نوعان
أحدهما لازم قوله الحق فهذا مما يجب عليه أن يلتزمه فان لازم الحق حق و يجوز أن يضاف إليه إذا علم من حاله أنه لا يمتنع من التزامه بعد ظهوره و كثير مما يضيفه الناس الى مذهب الأئمة من هذا الباب
و الثانى لازم قوله الذي ليس بحق فهذا لا يجب التزامه إذ أكثر ما فيه أنه قد تناقض و قد ثبت أن التناقض و اقع من كل عالم غير النبيين ثم ان عرف من حاله أنه يلتزمه بعد ظهوره له فقد يضاف إليه و إلا فلا يجوز أن يضاف إليه قول لو ظهر له فساده لم يلتزمه لكونه قد قال ما يلزمه و هو لا يشعر بفساد ذلك القول و لا يلزمه
و هذا التفصيل فى اختلاف الناس فى لازم المذهب هل هو مذهب أو ليس بمذهب هو أجود من إطلاق أحدهما فما كان من اللوازم يرضاه القائل بعد و ضوحه له فهو قوله و ما لا يرضاه فليس قوله و إن كان متناقضا
و هو الفرق بين اللازم الذي يجب التزامه مع ملزوم اللازم الذي يجب ترك الملزوم للزومه فاذا عرف هذا عرف الفرق بين الواجب من المقالات و الواقع منها و هذا متوجه في اللوازم التى لم يصرح هو بعدم لزومها
فأما إذا نفي هو اللزوم لم يجز أن يضاف إليه اللازم بحال
و إلا لأضيف إلى كل عالم ما اعتقدنا أن النبى صلى الله عليه و سلم قاله لكونه ملتزما لرسالته فلما لم يضف إليه ما نفاه عن الرسول و إن كان لازما له ظهر الفرق بين اللازم الذي لم ينفه و اللازم الذي نفاه و لا يلزم من كونه نص على الحكم نفيه للزوم ما يلزمه لأنه قد يكون عن اجتهادين فى و قتين.
ـ[خالد الوايلي]ــــــــ[21 - 12 - 03, 10:15 م]ـ
إني منتفع بما تكتبونه حفظكم الله تعالى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/315)
ـ[حارث همام]ــــــــ[22 - 12 - 03, 02:30 ص]ـ
والخلاصة أن شيخ الإسلام قرر أن لازم القول نوعان:
1/ لازم القول الحق: فهذا مما يجب عليه أن يلتزمه، ويجوز أن يضاف إليه إذا علم من حاله أنه لا يمتنع من التزامه بعد ظهوره. وتأمل هذا إذا وجدت كلاماً يلزم منه حق لم ينص عليه من تقرأ له بنص ظاهر.
2/ لازم القول الذي ليس بحق: فهذا لا يجب التزامه فلا ينسب إليه.
ثم قال: وهذا التفصيل في اختلاف الناس في لازم المذهب هل هو مذهب أو ليس بمذهب؟ أجود من إطلاقهما.
(الفتاوى 29/ 42).
وللشيخ عياض السلمى وفقه الله بحث حول هذا فمن وجده فلينقل لنا عنه فقد أجاد.
(ملاحظة: كتابات الشيخ عياض السلمي في الأصول محكمة بديعة شديدة التحقيق فلا تفوتن طالب العلم).
ـ[خالد الوايلي]ــــــــ[12 - 03 - 04, 02:23 ص]ـ
ما الفرق الجوهري بين (التكفير بالمآل) و (التكفير باللازم) .. ؟
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[12 - 03 - 04, 11:07 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا كلام طيب للأخت الفاضلة " كاملة الكوَّاري " وفقها الله
في كتابها " المجلَّى شرح القواعد المثلى للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله "
************** (ملحق القاعدة الرابعة) *************
ثانياً: لازم المذهب:
ذكرنا معنى اللازم فيما سبق:
و المقصود بلازم القول: ما يلزم من ثبوت القول ثبوته عقلاً أو شرعاً أو لغة ولم يذكر في الكلام كما سبق أن ذكرنا 0
واللازم قد يكون واضحاً بيناً وقد يكون خفياً فاللازم الخفي هو الذي يحتاج في إثبات لزومه لغيره إلى دليل كلزوم الحدوث للعالم فلا يجزم بالحدوث إلا بدليل وإن اختلفوا في نوع الدليل فالمتكلمون يستدلون بأنه متغير وكل متغير حادث وأما القرآن فيستدل بحدوثه بقوله تعالى: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} والشاهد من الآية واضح 0
وأما اللازم البين الواضح فهو الذي لا يحتاج في إثبات لزومه لغيره إلى دليل 0
مثاله: لزوم الشجاعة للأسد والفردية للثلاثة فإن لزوم هذين لملزوميهما لا يفتقر إلى دليل 0
وينقسم اللازم البين إلى قسمين:
أ- لازم بين بالمعنى الأخص وهو ما يكفى فيه تصور الملزوم فقط للجزم باللزوم بينه وبين اللازم 0
مثاله: الزوجية للأربعة فإذا تصورنا الأربعة جزمنا بالزوجية.
ب- لازم بين بالمعنى الأعم وهو ما لابد فيه من تصور الملزوم واللازم حتى نجزم باللزوم بينهما 0
مثاله:لزوم مغايرة الإنسان للفرس فلا يلزم من تصور الإنسان تصور مغايرته للفرس بل إذا تصورت الإنسان وتصورت الفرس تجزم بلزوم المغايرة بينهما 0
ويشترط المحققون من المناطقة في اللازم أن يكون بيناً بالمعنى الأخص لا غيره وسيأتي الأقوال الأخرى في المسألة 0
انظر تحرير المقال فيما تصح نسبته للمجتهد من الأقوال د 0 عياض ص 88 والمنطق الوافي لحسن حنبل (1/ 20) وشرح السلم للجندي ص 13
مثال للازم:
اختلف الفقهاء في الإقالة هل هي فسخ أو بيع 0
والإقالة: هي أن يقيل البائع المشتري أو المشتري البائع فلا يلزم أحدهما الآخر بالعقد بل له أن يفسخه.
فمذهب الحنابلة أنه فسخ كما في الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين (8/ 382) و مذهب المالكية أنه بيع كما في شرح الخرشي على خليل (5/ 166) والإشراف على مذاهب الخلاف للقاضي عبد الوهاب (1/ 282)
ويترتب على هذا الخلاف أمور ذكرها ابن رجب في القواعد ص 379، و (3/ 309) من الطبعة التي حققها مشهور آل سلمان.
فمن قال إنه بيع يلزم منه أنه يشترط له شروط البيوع ومن قال إنه فسخ فإنه لا يشترط ذلك.
وانظر أمثلة أخرى في كتاب تحرير المقال د 0 عياض السلمي ص 88 ونشر البنود على مراقي السعود للعلوي (1/ 110)
ثالثاً: هل لازم المذهب مذهب:
قبل أن نذكر الخلاف في المسألة لابد أن نحرر محل النزاع كما ذكر المؤلف سابقاً.
1 - لازم قول الله عز وجل ولازم قول الرسول صلى الله عليه وسلم قول لأن لازم قولهما حق كما سبق.
2 - إذا التزم القائل باللازم أصبح قولاً له وإذا لم يلتزمه لم يكن قولاً له وقد سبق ذلك
3 - إذا سكت عن اللازم فهل يكون قولاً أو مذهباً له أم لا؟
اختلف في هذا على أربعة أقوال: -
الأول: أنه ليس مذهباً له وقد سبق أدلة ذلك
قال الشاطبي في الاعتصام (2/ 64):
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/316)
ولازم المذهب: هل هو مذهب أو لا؟ هي مسألة مختلف فيها بين أهل الأصول. والذي كان يقول به شيوخنا البجائيون و المغربيون ويرون أنه رأى المحققين أيضاً: أن لازم المذهب ليس بمذهب 0
الثاني: أن لازم المذهب مذهب وهو قول الأثرم والخرقي
انظر الفتاوى (35/ 289)، والتخريج د 0 يعقوب ص 290
الثالث: إن لازم المذهب إن كان قريباً فهو مذهب، وإن كان بعيداً فليس مذهباً 0
وقال الكوثري فيما نقله عنه السقاف في شرح العقيدة الطحاوية ص364
" وهذا الاستلزام بين وما يقال من أن لازم المذهب ليس بمذهب إنما هو فيما إذا كان اللزوم غير بين، فاللازم البين لمذهب العاقل مذهب له، وأما من يقول بملزوم مع نفيه للازمه البين فلا يُعَدُّ هذا اللازم مذهباً له لكن يسقطه هذا النفي من مرتبة العقلاء إلى درك الأنعام وهذا هو التحقيق في لازم المذهب ……." انتهى ما أردنا نقله 0
الرابع: التفصيل وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال في الفتاوى (29/ 42): لازم قول الإنسان نوعان:
أحدهما: لازم قوله الحق فهذا مما يجب عليه أن يلتزمه فإن لازم الحق حق ويجوز أن يضاف إليه إذا علم من حاله أنه لا يمتنع من التزامه بعد ظهوره وكثير مما يضيفه الناس إلى مذهب الأئمة من هذا الباب 0
والثاني: لازم قوله الذي ليس بحق فهذا لا يجب التزامه إذ أكثر ما فيه أنه قد تناقض وقد ثبت أن التناقض واقع من كل عالم غير النبيين ثم أن عرف من حاله أنه يلتزمه بعد ظهوره له فقد يضاف إليه وإلا فلا يجوز أن يضاف إليه قول لو ظهر له فساده لم يلتزمه لكونه قد قال ما يلزمه وهو لا يشعر بفساد ذلك القول ولا يلزمه 0
وهذا القول هو ظاهر كلام الشيخ ابن عثيمين في الكتاب للتعليل الذي ذكره كما سبق أن وضحنا وهذا هو الصواب لأمور
1 - أن لازم القول الصحيح حق فلا تمتنع إضافته إلى المجتهد إذ لا ضرر يلحقه في ذلك 0
أما اللازم الباطل فلو صحت نسبته للزم تكفير كثير من العلماء كما سبق.
2 - أن التناقض ليس مستحيلاً على المجتهد لكثرة وقوعه كما سبق أن نقلنا عن شيخ الإسلام في ذلك
3 - القول بأن لازم المذهب ليس مذهباً على الإطلاق يتعارض مع ما صنعه علماء المذاهب الأربعة من استنتاج مذاهب الأئمة من فتاواهم بطريق التلازم بين ما أفتوا فيه وسكتوا عنه.
4 - إن كثيراً من اللوازم التي يحكيها العلماء هي ليست لوازم في الحقيقة ولهذا يقول ابن القيم في مختصر الصواعق ص 579
فيا لله كيف لا يستحي العاقل من المجاهرة بالكذب على أئمة الإسلام لكن عذر هذا وأمثاله أنهم يستجيزون نقل المذاهب عن الناس بلازم أقوالهم، ويجعلون لازم المذهب في ظنهم مذهباً، كما نقل بعض هؤلاء المباهتين أن مذهب أحمد بن حنبل وأصحابه أن الله لا يرى يوم القيامة، قال لأنه يقول أنه لا يرى إلا الأجسام وقد قام الدليل على أنه سبحانه وتعالى ليس بجسم، فلا يكون مرئياً على قولهم، ونقل هذا أيضاً أن مذهبهم أن الله تعالى يجوز أن يتكلم بشيء ولا يعنى به شيئاً إلزاماً لهم من قولهم إنه لا يعلم تأويل المتشابه إلا الله وبهذا القول الباطل الذي لم يقله أحد من أهل الأرض وكما نقل هذا أو غيره من أهل البهتان أن مذهبهم أن الله جسم إلزاماً لهم بقولهم إن الله مستو على عرشه فوق سمواته بائن من خلقه موصوف بصفات الكمال ا0هـ.
وانظر تحرير المقال د 0 عياض ص 92، ومنهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد (2/ 72)
وأختم الكلام في هذا بما قال الإمام ابن القيم في النونية.
ولوازم المعنى تراد بذكره ** من عارف بلزومها الحقان
وسواه ليس بلازم في حقه ** قصد اللوازم وهي ذات بيان
إذقد يكون لزومها المجهول أو ** قد كان يعلمه بلا نكران
لكن عرته غفلة بلزومها ** إذ كان ذا سهو وذا نسيان
ولذاك لم يك لازماً لمذاهب ** العلماء مذهبهم بلا برهان
فالمقدمون على حكاية ** مذهبهم أولو جهل مع العدوان
ذاك لا فرق بين ظهوره وخفائه ** قد يذهلون عن اللزوم الداني
سيما إذا ما كان ليس بلازم ** لكن يظن لزومه بجنان
لا تشهدوا بالزور ويلكم على ** ما تلزمون شهادة البهتان
بخلاف لازم ما يقول إلهنا ** ونبينا المعصوم بالبرهان
والمؤلف رحمه الله يقول: بأن لوازم المعنى لا تكون مقصودة عند ذكره إلا ممن يعرف لزومها له، فهذا هو الذي يمكن أن يؤخذ بما يلزم ما يثبته من معان، وأما غيره ممن يجهل اللزوم بينهما فليس بلازم في حقه القصد إلى اللوازم عند ذكر المعنى مهما تكن اللوازم بينة واضحة، إذ قد يكون لزومها مجهولاً له، أو يكون معلوماً ولكن أصابته غفلة عن ذلك اللزوم بسبب كثرة سهوه ونسيانه، ولذلك قرر العلماء بأن لازم المذهب لا يكون مذهباً بلا حجة ولا برهان، وأن من حكى ذلك عنهم فهو من أجهل الجهل والعدوان، ولا فرق في ذلك بين اللوازم الظاهرة واللوازم الخفية، فإن الإنسان قد يذهل عن اللازم القريب وهذا الحكم إنما هو بالنسبة إلى اللوازم التي ثبت لزومها، أما ما ليس بلازم في الحقيقة ولكن يظن الذهن لزومه فهذا أولى أن لا يعتبر لازماً فلا تشهدوا أيها المعطلة على ما تلزموننا به شهادة زور وبهتان فترمونا بالقول بتلك اللوازم، وأنها مذهب لنا، مع أنا لم نقصدها ولم تخطر لنا في الأذهان عند إثبات الصفات للرحمن ا 0 هـ من شرح الشيخ خليل هراس (2/ 253) 0 ا. هـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/317)
ـ[خالد الوايلي]ــــــــ[17 - 03 - 04, 05:16 ص]ـ
جزاك الله خيراً كثيراً ياشيخ خالد بن عمر الفقيه
ولعل سؤالي الذي طلبت إجابته هو:
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة خالد الوايلي
ما الفرق الجوهري بين (التكفير بالمآل) و (التكفير باللازم) .. ؟(26/318)
هل صحيح ما ذكره ابن بطوطة عن شيخ الاسلاام
ـ[ابو سفيان اليونسى]ــــــــ[27 - 12 - 03, 03:20 ص]ـ
هل صحيح ما ذكره ابن بطوطة عن شيخ الإسلام ابن تيمية؟؟
استدل كثير من خصوم ابن تيمية للنيل منه بقصة ذكرها ابن بطوطة في رحلته المشهورة، حيث زعم أنه شاهد ابن تيمية على منبر الجامع بدمشق يعظ بالناس ويشبع نزول الله إلى السماء الدنيا بنزوله هو من درجة المنبر!
ما صحة هذه الرواية؟
وما هي حقيقتها؟
وهل كان ابن تيمية حقاً يعتقد بالتشبيه؟
الحقيقة أن ما ذكره ابن بطوطة - غفر الله له - عن شيخ الإسلام ابن تيمية لا قيمة له ولا وزن في الميزان العلمي والبحثي، وقد قرر كبار الباحثين المختصين في تراث ابن بطوطة وابن تيمية بأن هذه القصة مختلقة ولا سند يدعهما أو يصححها، والسبب في ذلك .. فيما يلي:
أولاً: ثبوت عدم دقة وأمانة ابن بطوطة في رحلة.
تكلم كثير من العلماء عن رحلة ابن بطوطة، وتناولوها بالنقد والتحليل والدراسة، وخلصوا أنها مجرد مذكرات كتبها المؤلف، ولا تعد توثيقاً أميناً يمكن الاعتماد عليه.
فهذه الرحلة ليست من كتب التاريخ المعتبرة والمعتمدة، فضلاً عن مؤلفها الذي لم يكن معروفاً أنه من أهل الدراية والخبرة والعلم، وقد أثبت المحقق "حسن السائح" في تقديمه لكتاب (تاج المفرق في تحلية علماء المشرق) للشيخ خالد بن عيسى البلوي، أن ابن بطوطة ربما سمع باسم عالم من علماء البلد التي زارها، فيذكر اسمه في رحلته ولو لم يتصل به اتصالاً شخصياً، أو يقابله حقيقة، بل يستفيد مما سمعه ويضمنه رحلته وكأنه قابله أو شاهده، كما فعل في تونس حين ذكر علماً من أعلامها وهو ابن الغماز.
ومما يزيد الأمر وضوحاً .. أن رحلة ابن بطوطة تضمنت أموراً يقطع العلم بكذبها، كما قال إنه زار بعض الجزر والبلدان التي فيها نساء ذوات ثديِ واحدة!!!
وبعض العجائب والخرافات التي حكاها في رحلته يقطع الإنسان بأنها مختلقة ومجرد أساطير يتناقلها الناس، ويسجلها ابن بطوطة وكأنه شاهدها أو اتصل بها!
ثانياً: تحقيق ما نسبه ابن بطوطة لابن تيمية رحمهما الله.
من يحقق ويدقق فيما نقله ابن بطوطة عن ابن تيمية يقطع بكذبه، وذلك لأن ابن بطوطة ذكر أنه حضر يوم الجمعة وابن تيمية يعظ الناس على منبر الجامع ونزل من درجة المنبر وهو يقول إن الله ينزل إلى السماء الدنيا كنزولي هذا .. إلخ.
وهنا لنا وقفات نقدية علمية .. أهمها:
(1) أن ابن بطوطة -غفر الله له- كذب ولم يسمع من ابن تيمية ولم يجتمع به، إذا كان وصوله إلى دمشق يوم الخميس التاسع من شهر رمضان المبارك عام ست وعشرين وسبعمائة هجرية، وكان سجن ابن تيمية في قلعة دمشق أوائل شعبان من ذلك العام، إلى أن توفاه الله تعالى ليلة الأثنين لعشرين من ذي القعدة عام ثمان وعشرين وسبعمائة هجرية!!
والسؤال الجوهري: كيف رآه ابن بطوطة يعظ على منبر الجامع وسمع منه؟؟!
(2) أن كل من ترجم لشيخ الإسلام ابن تيمية لم يذكر أبداً أنه كان يخطب أو يعظ على منبر الجمعة، ولو كان ذلك كذلك لذكره من ترجم له لأهميته، وإنما كان شيخ الإسلام يجلس على كرسي يعظ الناس، ويكون له مجلساً غاصاً بأهله.
(3) أن حادثة مشهورة جداً جداً مثل هذه الحادثة، فهي أمام الناس، وعلى منبر في مكان مشهور، ومن عالم مشهور ومحسود وله أعداء كثر، ويقول مالا يسع الناس السكوت عنه، ثم ينفرد بنقل هذه الحادثة -التي تتوافر جميع أسباب نقلها وتواترها فيها- ابن بطوطة!!!
ثالثاً: حقيقة كتاب رحلة ابن بطوطة.
وإذا حققنا القول في ذات كتاب الرحلة، وأنصفنا مؤلفه، فإننا قد نخلص إلى أن الكذب والتلفيق والخرافات الموجودة في هذا الكتاب ليست من صنع ابن بطوطة نفسه، بل من النسّاخ، وهذا كثير ما يحصل، حتى الكتب السماوية السابقة قد دخلها من النسّاخ التحريف الكثير.
وقد نبه الحافظ الإمام ابن حجر إلى أن ابن بطوطة -رحمه الله- لم يكتب تفاصيل رحلته وإنما الذي كتبها وجمعها هو أبو عبدالله بن جزي الكلبي وهو من نمقها، وكان العلامة البلفيقي يتهمه بالكذب والوضع!!
وبالرجوع إلى نفس الرحلة نجد أن ابن جزي الكلبي يقول في المقدمة:
(ونقلت معاني كلام الشيخ أبي عبدالله بألفاظ موفية للمقاصد التي قصدها، موضحة للمعاني التي اعتمدها)!!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/319)
ويقول في آخر الكتاب: (انتهى ما لخضته من تقييد الشيخ أبي عبدالله محمد بن بطوطة).
وهذا يدل صراحة أن كتاب رحلة ابن بطوطة لم يصلنا بألفاظ مؤلفه، بل الناقل نص على تدخله في الألفاظ والكلمات.
رابعاً: عقيدة شيخ الإسلام المتواترة عنه تثبت اختلاق هذه القصة.
من كان له إلمام سطحي أو بسيط في تراث شيخ الإسلام ابن تيمية يقطع جازماً أن هذه القصة مختلقة، وليراجع من يشاء مجموع الفتاوى، أو درء التعارض ليعلم أن ابن تيمية يحارب هذا الفكر، ولا يؤمن إلا بما آمن به سلف الأمة رضوان الله عليهم.
بل فليراجع من يشاء كتاب "شرح حديث النزل" لابن تيمية ليتعرف عن قرب على عقيدته في نزول الرب سبحانه، وصفاته تعالى.
خامساً: شهادة أهل الإنصاف من العلماء.
إذا كان هناك من يستجيز الكذب والبهتان لينصر مذهبه، أو ليهزم خصمه، فإن كثيراً من العلماء وفي شتى المذاهب لا يبيعون دينهم فيكذبون لنصرته.
فهذا الشيخ العلامة "إبراهيم الكوراني الشافعي الأشعري" يقول في حاشيته المسماة (مجلى المعاني على شرح عقائد الدواني) ما نصه: (ابن تيمية ليس قائلاً بالتجسيم، فقد صرح بأن الله تعالى ليس جسماً في رسالة تكلم فيها على حديث النزول كل ليلة إلى السماء الدنيا، وقال في رسالة أخرى: "من قال إن الله تعالى مثل بدن الإنسان أو أن الله تعالى يماثل شيئاً من المخلوقات فهو مفتر على الله سبحانه").
ثم قال الشيخ العلامة إبراهيم الكوراني: (بل هو على مذهب السلف من الإيمان بالمتشابهات مع التنزيه بليس كمثله شيء).
وهذا المحقق الدكتور "علي المنتصر الكتاني" الذي حقق كتاب (رحلة ابن بطوطة) يقول عن هذه القصة: (هذا محض افتراء على الشيخ رحمه الله، فإنه كان قد سجن بقلعة دمشق قبل مجيء ابن بطوطة إليها بأكثر من شهر، فقد اتفق المؤرخون أنه اعتقل بقلعة دمشق لآخر مرة في اليوم السادس من شعبان سنة 726هـ ولم يخرج من السجن إلا ميتاً، بينما ذكر المؤلف -ابن بطوطة- في الصفحة 102 من كتابه أنه وصل دمشق في التاسع من رمضان)!!
وهذا الدكتور "محمد سعيد رمضان البوطي" يقول:
(ونحن نعجب عندما نجد غلاة يكفرون ابن تيمية رحمه الله ويقولون إنه كان مجسماً، ولقد بحثت طويلاً كي أجد الفكرة أو الكلمة التي كتبها أو قالها ابن تيمية والتي تدل على تجسيده فيما نقله عنه السبكي أو غيره فلم أجد كلاماً في هذا قط .. ورجعت إلى آخر ما كتبه أبو الحسن الأشعري وهو كتاب الإبانة فرأيته هو الآخر يقول كما يقول ابن تيمية، إذن فلماذا نحاول أن نعظم وهماً لا وجود له؟ ولماذا نحاول أن ننفخ في نار شقاق؟)
.(26/320)
يستحب أن تجيب المؤذن وتقول مثل ما يقول، ولو في الصلاة
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[28 - 12 - 03, 06:10 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة، والسلام، على قائد الغر المحجلين، نبينا محمد، وآله، وصحبه، ومن تبعه إلى يوم الدين، أما بعد:
فهذه مسألة قد تكون غريبة على البعض، وفي بيانها خير إن شاء الله، ففي متابعة الأذان فضل معروف لا يخفى، وقد يوافق وقت الأذان أن تكون في صلاة، فهل تتابع المؤذن وأنت في الصلاة فتحصل على الثواب، أو تقبل على صلاتك وتفوتك متابعة المؤذن؟
قال الإمام ابن تيمية ـ رحمة الله عليه ـ: يستحب أن يجيب المؤذن، ويقول مثل ما يقول، ولو في الصلاة.
الفروع 1/ 325 والاختيارات للبعلي ص 60 (ط: العاصمة) والإنصاف 1/ 426
لكن في الفتاوي 22/ 72
مجموع الفتاوى ج: 22 ص: 72
وسئل عمن أحرم ودخل فى الصلاة، وكانت نافلة ثم سمع المؤذن فهل يقطع الصلاة ويقول: مثل ما قال المؤذن؟ أو يتم صلاته ويقول مثل ما يقول المؤذن؟
فأجاب إذا سمع المؤذن يؤذن وهو فى صلاة فإنه يتمها ولا يقول مثل ما يقول عند جمهور العلماء، وأما إذا كان خارج الصلاة فى قراءة أو ذكر أو دعاء؛ فانه يقطع ذلك ويقول مثل ما يقول المؤذن لأن موافقة المؤذن عبادة مؤقتة يفوت وقتها، وهذه الأذكار لا تفوت، وإذا قطع الموالاة فيها لسبب شرعي كان جائزا مثل ما يقطع الموالاة فيها بكلام لما يحتاج إليه من خطاب آدمي وأمر بمعروف ونهى عن منكر، وكذلك لو قطع الموالاة بسجود تلاوة ونحو ذلك بخلاف الصلاة فإنه لا يقطع موالاتها بسبب آخر كما لو سمع غيره يقرأ سجدة التلاوة لم يسجد في الصلاة عند جمهور العلماء ومع هذا ففي هذا نزاع معروف والله أعلم.
والذي يظهر أن ابن تيمية رجح المتابعة في الصلاة، ولم ينقل عنه ابن مفلح ولا البعلي ولا المرداوي القول الذي في الفتاوي فلعله تركه.
وقال ابن عبد البر في الاستذكار 4/ 21
واختلف الفقهاء في المصلي يسمع الأذان - وهو في نافلة أو فريضة فقال مالك إذا أذن وأنت في صلاة مكتوبة فلا تقل مثل ما يقول وإذا كنت في نافلة فقل - مثل ما يقول - التكبير والتشهد فإنه الذي يقع في نفسي أنه أريد بالحديث هذه رواية ابن القاسم ومذهبه.
وقال ابن خواز بنداد: فإن قال عند مالك: حي على الصلاة إلى آخر الأذان في النافلة كان مسيئا، وصلاته تامة،وكرهه في المكتوبة.
وقال ابن وهب: يقول المصلي مثل ما يقول المؤذن في المكتوبة والنافلة.
وقال سحنون: لا يقول ذلك في نافلة ولا مكتوبة.
وقال الليث: مثل قول مالك إلا أنه قال ويقول في موضع حي على الصلاة حي على الفلاح لاحول ولا قوة إلا بالله.
وقال الشافعي: لا يقول المصلي مثل ما يقول المؤذن لا في نافلة ولا مكتوبة إذا سمعه وهو في الصلاة ولكن إذا فرغ من الصلاة قاله.
وذكر الطحاوي قال: لم أجد عن أحد من أصحابنا في هذا شيئا منصوصا وقد حدثنا بن أبي عمران عن بن سماعة عن أبي يوسف فيمن أذن في صلاته إلى قوله أشهد أن محمدا رسول الله ولم يقل حي على الصلاة ولا حي على الفلاح - أن صلاته لا تفسد إن أراد الأذان في قول أبي يوسف.
وفي قول أبي حنيفة: تفسد صلاته إذا أراد الأذان.
قال أبو جعفر: وقول محمد كقول أبي حنيفة لأنه يقول فيمن يجيب إنسانا - وهو يصلي - بلا إله إلا الله إن صلاته فاسدة.
قال: فهذا يدل على أن من قولهم إن من سمع الأذان في الصلاة لا يقوله.
وذكر ابن خواز بنداد عن الشافعي أنه قال: يقول في النافلة الشهادتين فإن قال حي على الصلاة حي على الفلاح - بطلت صلاته نافلة كانت أو فريضة.
قال أبو عمر: القياس عندي أنه لا فرق بين المكتوبة والنافلة في هذا الباب لأن الكلام محرم فيهما، وقول حي على الصلاة حي على الفلاح كلام فيها فلا يصلح في شيء من الصلاة
وأما سائر الأذان فمن الذكر الذي يصلح في الصلاة وقد جاء في الآثار المرفوعة قول: لا حول ولا قوة إلا بالله في مكان حي على الصلاة وحي على الفلاح وقد جاء عن النبي - عليه السلام - في حديث معاوية بن الحكم أنه قال عليه السلام ((إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتهليل والتكبير وتلاوة القرآن وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قولوا مثل ما يقول المؤذن ولم يخص نافلة من فريضة)) فما جاز في الفريضة جاز في المكتوبة إلا أن مالكا كرهه في المكتوبة كراهية من غير تحريم كتحريم الكلام، والذي يوجبه القياس والنظر أن ما كان من الذكر الجائز في الصلاة لم يفرق فيه بين نافلة ولا مكتوبة.
وأما من كره ذلك وأبطل الصلاة به فجعله مثل تشميت العاطس ورد السلام، وليس كذلك لأن التشميت ورد السلام من الكلام، والكلام محرم في الصلاة، قال زيد بن أرقم:" لما نزلت وقوموا لله قانتين [البقرة 238] أمرنا بالسكون ونهينا عن الكلام ".
وقال بن مسعود قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن الله يحدث من أمره ما يشاء وإن مما أحدث ألا تكلموا في الصلاة) وقد أباح فيها - عليه السلام - الذكر بالتهليل والتكبير والتسبيح والتحميد والتمجيد والدعاء، فعلم أن الكلام المحرم فيها غير المباح من الذكر وبالله التوفيق.
وأما الحنابلة ففي الإنصاف 1/ 426: وأما المصلي إذا سمع المؤذن فلا يستحب أن يجيب، ولو كانت الصلاة نفلا بل يقضيه إذا سلم، وقال الشيخ تقي الدين: يستحب أن يجيبه ويقول مثل ما يقول،ولو في الصلاة انتهى.
فإن أجابه فيها بطلت بالحيعلة فقط مطلقا على الصحيح من المذهب.
وقال أبو المعالي: إن لم يعلم أنها دعاء إلى الصلاة ففيه روايتان أيضا، وقال: وتبطل الصلاة بغير الحيعلة أيضا إن نوى الأذان لا إن نوى الذكر. اهـ.
وقول ابن عبد البر: فيه قوة ووجاهة، وهو الذي انتهى إليه ابن تيمية، والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/321)
ـ[الناصح 11]ــــــــ[28 - 12 - 03, 06:31 ص]ـ
أينك عن حديث (إن في الصلاة لشغلا)؟!، فلا ينبغي التشاغل عن الصلاة بل يقبل على صلاته ويفرغ قلبه لها، ويجتهد في الخشوع وإحضار القلب فيها. والله أعلم
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[28 - 12 - 03, 07:02 ص]ـ
لم يخف هذا الحديث على من قال بهذا القول من السلف والخلف، وما أدري لماذا تخصني بهذا كأني أول قائل به؟!!
ولكن لا بأس لم ير من قال بهذا القول تعارض في ذلك فشغل الصلاة لا يبطله متابعة المؤذن، ففي الصلاة يرد السلام بالإشارة،وقد يفتح الباب للداخل، وتقتل العقرب وسائر الفواسق، وقد يحمل صبيا، ويصلح اللباس، وكان عمر يجهز الجيوش في الصلاة .... وغيرها ...
ومع هذا كله: إن في الصلاة لشغلا!!!
ـ[أبوبدر ناصر]ــــــــ[28 - 12 - 03, 08:37 ص]ـ
ماذا يقول من سمع المؤذن لصلاة الفجر يقول الصلاة خير من النوم؟
ـ[أبو نايف]ــــــــ[28 - 12 - 03, 10:01 ص]ـ
جزاك الله يا أخي عبد الرحمن خير الجزاء
وبارك الله فيك يا أخي وفي علمك
أخي أبو بدر ناصر حفظك الله تعالي
يقول الصلاة خير من النوم مثل ما يقول المؤذن لقوله صلي الله عليه وسلم (إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن) متفق عليه
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[29 - 12 - 03, 12:59 ص]ـ
رد السلام آكد و أوجب من متابعة المؤذن ومع هذا ثبت عن رسول الهدى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - انه لم يرد على من سلم كما في حديث جابر وغيره من الاحاديث الصحاح.
أما التفريق بين رد السلام والتشميت بالقول ان ذاك كلام خارج عن معنى الصلاة والاذان داخل في معنى الصلاة فهذا يحتاج الى بحث فان جمل الاذان ليست من جنس الكلام في الصلاة فلا فرق. وما دام قد منع من التشميت ورد السلام فترديد الاذان اولى بالمنع واظهر.
ـ[محمد بن يوسف]ــــــــ[16 - 04 - 04, 08:58 ص]ـ
لإتمام المُباحَثَة، وجزاكم الله خيرًا.
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[16 - 04 - 04, 10:11 م]ـ
رجّح الشيخ ابن باز رحمه الله إجابة المؤذن لكن بدون لفظ الحيعلة فإنها تبطل الصلاة، وخالف من ناحية إجابته إذا كان في الخلاء وقال الأقرب أنه لا يجيبه إذا فرغ يجيبه لأنها ذكر والأفضل بعد فراغه .. انتهى بمعناه
ولعل الله ييسر تفريغه لتعم الفائدة.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[16 - 04 - 04, 10:57 م]ـ
مع أني لا أجزم بصحة هذا القول، لكني أميل إليه لقوته
- نزولا عند طلب أخي الفاضل محمد يوسف حفظه الله نكمل ما أراد، ووددت أنه شارك لنستفيد من فهمه وعلمه، نفع الله به.
قال أخي الكريم الشيخ زياد: رد السلام آكد و أوجب من متابعة المؤذن ومع هذا ثبت عن رسول الهدى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه لم يرد على من سلم كما في حديث جابر وغيره من الأحاديث الصحاح.
أقول: هذا الكلام حق، وهو أن رد السلام آكد، وأوجب وكذا تشميت العاطس، لكن كونه أوجب لا يفيد هنا عند قول هؤلاء العلماء لقولهم بالتفريق بينهما.
ورد السلام وتشميت العاطس تناولها النص الخاص بالمنع، ومتابعة المؤذن لا، ولا يسلم الخصم بالمشابهة بينهما، لأن تشميت العاطس مخاطبة للعاطس بهذا الكلام، ومثله رد السلام، وأما الترديد مع المؤذن فليس مخاطبة للمؤذن.
ألا ترى أنه يجوز للعاطس أن يقول: "الحمد لله" إذا عطس كما يدل عليه حديث معاوية بن الحكم في صحيح مسلم.
وأنه يشرع التسبيح لمن نابه شيء في صلاته.
ويشرع الفتح على الإمام إذا أخطأ ..
ويجوز أن يلعن الشيطان كما في صحيح مسلم:قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ألعنك بلعنة الله التامة ..
والدعاء في مواطن الدعاء
وهكذا إذا مر بآية رحمة يسأل أو وعيد يستعيذ ...
كل هذا من الكلام الذي يجوز في الصلاة على الصحيح.
ولقائل أن يقول: متابعة المؤذن مشابهة لهذه المسائل أكثر من مشابهتها لرد السلام، وتشميت العاطس.
قال ابن عبد البر في التمهيد 10/ 143:وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قولوا مثل ما يقول المؤذن، ولم يخص صلاة من غير صلاة فما كان من الذكر الذي مثله يصلح في الصلاة جاز فيها قياسا ونظرا وإتباعا للأثر.
- وقال أخي الشيخ زياد:أما التفريق بين رد السلام والتشميت بالقول إن ذاك كلام خارج عن معنى الصلاة والأذان داخل في معنى الصلاة فهذا يحتاج إلى بحث فإن جمل الأذان ليست من جنس الكلام في الصلاة فلا فرق.
أقول: بل جمل الأذان مشابهة للكلام في الصلاة فالأذان متظمن: للتكبيرات، وهي موجودة بلفظها في الصلاة في مواضع، وللشهادتين، وهي بلفظها في التشهدين، والتهليل الأخير داخل لفظه في لفظ الشهادتين، مع وروده بلفظه في القرآن، ولم يبق لمتابع الأذان سوى لفظ الحيعلة ولذا اختلف أكثر من بقية الألفاظ، ولم يبطل الحنابلة الصلاة إلا بها على ما صحح في المذهب.
وكلٍ فهذا كله خارج عن معنى المخاطبة الموجود في تشميت العاطس، ورد السلام.
وقول أخي الشيخ زياد: وما دام قد منع من التشميت ورد السلام فترديد الأذان أولى بالمنع وأظهر.
أقول: كلامه فيه نظر؛ فليس بأولى ولا أظهر، لوجود الفرق المذكور في معنى المخاطبة، والكلام، ولذا لا أعلم أحدا من العلماء أجازهما، ويكفي أن هذين تناولهما النص صراحة بالمنع منها فالمنع منهما صحيح صريح، بخلاف متابعة المؤذن فالنص الآمر بالمتابعة متناول لحال الصلاة لم يأت ما يصرفه فضلا عمّا يمنعه كهذه، وقول جمع من كبار علماء الأمة بموافقته ومقتضاه.
قال ابن عبد البر: وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قولوا مثل ما يقول المؤذن، ولم يخص صلاة من غير صلاة فما كان من الذكر الذي مثله يصلح في الصلاة جاز فيها قياسا ونظرا وإتباعا للأثر. اهـ.والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/322)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[17 - 04 - 04, 01:51 ص]ـ
للتصحيح: يضاف ما كتب باللون الأحمر
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة عبد الرحمن السديس
سطر 10 من أسفل: لمتابع الأذان سوى لفظ الحيعلة ولذا اختلف فيه أكثر من بقية الألفاظ.
سطر 8 من أسفل: و على كلٍ فهذا كله خارج عن معنى المخاطبة الموجود في تشميت العاطس، ورد السلام.
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[06 - 05 - 04, 12:49 ص]ـ
عندما عدت للأشرطة رأيت أن ترجيح الشيخ ابن باز رحمه الله بأنه يجيبه
وهو في حال الصلاة الذي يظهر من كلام الشيخ رحمه الله أنه يرى أن لا بأس في ذلك لكن الأفضل عنده رحمه الله أنه لا يجيبه وسأورد من كلامه بالنص ما يدل على ذلك
أولا:
السائل: يا شيخ المحشي هنا يقول وإن أجابه المصلي بطلت بلفظ الحيعلة فقط لأن الشيخ تقي الدين
الشيخ رحمه الله مداخلا: بطلت لأنها أمر حي على الصلاة، حي على الفلاح
السائل: بقية الألفاظ ما تبطل
الشيخ رحمه الله: ما تبطل نعم
انتهى من الوجه الأول من الشريط الثاني من شرحه رحمه الله على الروض المربع
ثانيا:
السائل:أحسن الله إليك له أن يرد على المؤذن وهو في صلاة سنة
الشيخ رحمه الله مستفسرا: نعم
السائل: إذا كان بيصلي صلاة سنة أو تحية مسجد والمؤذن أذن له أن يرد خلف المؤذن
الشيخ رحمه الله: يعني يقيم غلطه في الإقامة
السائل: كيف يرد المؤذن قال الله أكبر يقول الله أكبر قال اشهد أن لا إله إلا الله
الشيخ رحمه الله مداخلا: لا، لا يجيب يشتغل بصلاته، يعني يجيب المؤذن قصدك.
انتهى من الوجه الثاني من الشريط السابع من شرحه رحمه الله على الروض
ومما يدل رحمه الله على أنه للأفضلية (حسب فهمي من كلام الشيخ!) كلامه المتقدم وأيضا أحيانا الشيخ يقول لا يجيب ولا يقصد التحريم وإنما إجابة مجردة للسائل وليس بلازم أن تكون للتحريم ومما يدل أيضا السؤال بعد ذلك مباشرة
السائل: أحسن الله إليك يا شيخ أنا أصلي وبجانبي رجل يقرأ القرآن
فغلط بالقراءة فهل أرد عليه
الشيخ رحمه الله: لا، أنت مشغول بصلاتك، رد عليه بعدما تسلم علّمه
بعدما تسلم علّمه هذا هو الأفضل، ولو رديت ما يضر
انتهى من الوجه الثاني من الشريط السابع من شرحه رحمه الله على الروض، والشاهد الجملة الأخيرة
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحابته ومن اقتفى أثره إلى يوم الدين
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[06 - 05 - 04, 01:45 ص]ـ
يرفع للخلل الفني للرفع!
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[12 - 05 - 04, 09:20 م]ـ
الاخ الحبيب: عبدالرحمن السديس.
بارك الله فيكم على هذا الطرح المميز نسأل الله ان ينفع به.
أما فيما يتعلق بقولكم رفع الله قدركم: (ورد السلام وتشميت العاطس تناولها النص الخاص بالمنع، ومتابعة المؤذن لا، ولا يسلم الخصم بالمشابهة بينهما، لأن تشميت العاطس مخاطبة للعاطس بهذا الكلام، ومثله رد السلام، وأما الترديد مع المؤذن فليس مخاطبة للمؤذن)).
قلت: النص قد ورد بالمنع من هذا ومن غيره ولم يفرق بين (مخاطبة المؤذن أو غيره أو دون المخاطبة) فالنص بالمنع من الكلام نصا (عاما) وهو نص ناسخ للحكم الاول وهو جواز (الكلام في الصلاة) فجاء النص بالمنع كما ورد من حديث ابن مسعود:
(كنّا نسلّم في الصلاة و - نأمر بحاجتنا - فقدمت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يصلي فسلمت عليه فلم يردّ عليّ السلام، فأخذني ما قدم وما حدث، فلما قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله عز وجل يحدث من أمره ما يشاء، وإن الله تعالى قد أحدث من أمره أن لا تكلموا في الصلاة)
وموضع الاستشهاد أن النسخ قد وقع على (مطلق الكلام) السلام وغيره والعبرة باللفظ المستقل الدلالة (أن لاتكلموا في الصلاة) وقوله صلى الله عليه وسلم: (ان في الصلاة لشغلا).
وهذا ظاهر من النصوص المتكاثرة على هذا المعنى كقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في حديث معاوية بن الحكم: أن هذه الصلاة لايصلح فيها شيئا من كلام الناس.
وقد نسخ جواز الكلام في الصلاة في اول الاسلام الى المنع و النصوص متظافرة على هذا المعنى وهو (المنع من مطلق الكلام او الافعال المخالفة لصفة الصلاة).
ولم يستثى الشارع الا أمرين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/323)
1 - مصلحة الصلاة , 2 - مصلحة الحياة.
أما مصلحة الصلاة فكما ذكرتم بعضه مثل (لعن الشيطان والنفث) أو الفتح على الامام أو التسبيح أذا ناب الرجل شيئا في صلاته .. الخ.
أما مصلحة الحياة فكما اجيز قتل الاسودين في الصلاة وكما فهم الصحابة من حال الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كما ثبت في فعل ابي برزة بتتبعه لفرسه.
ولذا فقد ذهب شيخ الاسلام رحمه الله الى ان هذه الافعال بل حتى الاقوال المخالفة لصفة الصلاة لاتقطع (المولاة) في الصلاة أذا كانت محققة لاحدى المصلحتين وهذا جريا على اصل المالكية في الطهارة الذي قرره رحمه الله تعالى فيما يظهر.
أما تفريقكم بين المخاطبة التى تكون بين شخص وآخر فهذه (عندكم) تمنع في الصلاة والكلام الذي ليس فيه مخاطبة فيقال بالجواز , فهذا منتقض بأنكم تمنعونه في غير جمل الاذان وان لم يكن ثم مخاطبه للغير , فلا يجوز عندكم ان يتكلم الرجل بكلام مخالف لصفة الصلاة حتى لو كان في غير مخاطبة بل هذا عندكم مبطل للصلاة وعلى هذا فلا يبقى هنا أصلا يفرق به بين نوعي الكلام فان قلت قد تناولت نصوص المنع كل اصناف الكلام حتى لغير المخاطب: الا (ترديد الاذان).
قلنا النصوص تتناول الجميع فلا فرق بين المخاطبة وغير المخاطبة وأخراجكم للاذان معارض بأصل اقوى منه وهو:
محور طرحكم الثاني وهو ذكر ما قرره ابن عبدالبر من أن الاصل في ترديد الاذان هو العموم فلا يخص موضع الصلاة بحكم دون آخر لعدم الدليل.
قلنا الاصل على خلاف هذا فان الاصل المتفق عليه هو المنع من الكلام مطلقا (ومنه ترديد جمل الاذان) الا ما ورد النص (الخاص) باباحته.
ونص الترديد (عام) ولعام لايخصص (عاما) مثله الا بدليل.وقد دل الدليل على ان عموم المنع من الكلام مخصص لعموم الترديد للاذان.
وهذا أصل متفق عليه (اي المنع من الكلام) لايخرقه الا دليل صريح و الذي يحتاج الى الدليل هو القول بأن ترديد جمل الاذان يخصص مطلق المنع من الكلام , وليس المفقتر الى الدليل هو المنع من مطلق الكلام.
لان المجيز ناقض للاصل فهو أحرى بالدليل والعام الذى ذكر لايصلح للتدليل.
فالقائل بتخصيص جمل الاذان من المنع محتاج الى دليل خاص ولا يملكه ولا يتحصل له.
أما القول بالتفريق بين مخاطبة الادمي وغير المخاطبة فهو تفريق غريب لا أجد له تكأة في النصوص التى ذكرتم لانها واقعة على التفريق الذي قدمناه في الكلام لمصلحة العبادة أو للضرورة.
والقائل بالجواز: يستثنى الحيعلة من الترديد فدل هذا على اعتبار الترديد داخل في الكلام (الخارج عن الصلاة) اذ لو كان الجواز ظاهرا لما أستثنى شيئا من جمل الاذان وانما خف حال الترديد عندهم مطابقة جمل الاذان لبعض الفاظ الصلاة.
وجمل السلام مطابقة لالفاظ الصلاة فهم فيهما على حالين:
الاول: أن يقولوا بأن النص الخاص قد ورد بالمنع من السلام وهذا غريب!!
لان القول بخصوص الدليل يصح لو كانوا يقولون بمفهومه وهو عموم غيره.
فهل هم يقولون بجواز ابتدأ السلام؟؟ أو أطلاق لفظ (السلام عليكم) دون أبتدأ ولا (مخاطبة)؟!
لا بل لايجيزون جميعه فما هو معنى التخصيص أذا!
فأذا قالوا أن العموم قد وردت على المنع من الكلام في الصلاة مطلقا أحتاج المفرق بين جنس المخاطبة وغيره الى دليل والنصوص لا تسعفه أما ما اورده الاخ الحبيب عبدالرحمن من النصوص فهي على التفريق المتقدم وهو حال الضرورتين (الصلاة , والحياة) وهو ظاهر للمتأمل.(26/324)
أحتاج الى نص كلام شيخ الاسلام في تحريف التوراة والانجيل.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[29 - 12 - 03, 01:06 ص]ـ
نقل ابن حجر رحمه الله عن شيخ الاسلام ان لم يقل بالمنع من تحريف الكتب السماوية تحريف (لفظ) بل قال انه يقل جدا وان الغالب عليهم تحريف المعانى واستدل على هذا بحديث اليهودي واليهودية الذين زنيا.
وقوى ابن حجر هذا القول.
وقد تكاثر النقل عنه رحمه الله انكار التحريف بالمرة (اي تحريف اللفظ) , وانا في نفسي اتمنى ان يكون النقل الاول عنه اصح لانه اليق بحال شيخ الاسلام رحمه الله.
فهل وقف احد على نص لشيخ الاسلام في المسألة.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[29 - 12 - 03, 02:39 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
- جواباً على السؤال المتقدم فهذا مقطع من بحث لي طويل كتبته قبل ما يقرب ثماني سنوات، لكني ههنا انقل المقصود بنصه للفائدة:
- قلت فيه: ((ثانياً: أنَّ اختصاص هذه الأمة المحمدية بحفظ الله لكتابه المنزَّل (القرآن الكريم) من التحريف والتبديل دون كتب سائر الأمم السالفة، يدل بمفهومه مخالفة هذه الكتب لهذا الوصف، بإثبات تحريف التوراة والإنجيل وغيرهما، وهذا صحيح في الجملة.
ولكن ... ينبغي أن يُعلَم أنَّ التحريف الذي طرأ على الكتب السابقة ليس كلُّه في الرسم والألفاظ، فإنَّ التحريف الذي وقع من أهل الكتاب لكتبهم على نوعين.
وقد أفاض في ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله حيث قال: ((المسلمون لم يدَّعوا أنَّ هذه الكتب كلَّها حرِّفت بعد انتشارها وكثرة النسخ بها، ولكنَّ جميعهم متفقون على وقوع التبديل والتغيير في كثير من معانيها وكثير من أحكامها.
وهذا مما يسلِّمه النصارى جميعهم في التوراة والنبوَّات المتقدِّمة؛ فإنهم يسلِّمون أنَّ اليهود بدَّلوا كثيراً من معانيها وأحكامها، ومما يسلِّمه اليهود أنَّهم متفقون على أن النصارى تفسِّر التوراة والنبوات المتقدِّمة بما يخالف معانيها، وأنها بدَّلت أحكام التوراة، فصار تبديل كثير من معاني الكتب المتقدِّمة متفقاً عليه بين المسلمين واليهود والنصارى.
وأما تغيير بعض ألفاظها ففيه نزاع بين المسلمين، والصواب الذي عليه الجمهور، أنه بُدِّل بعض ألفاظها.
والقرآن ما زال محفوظاً في الصدور نقلاً متواتراً، حتى لو أراد مريد أن يغيِّر شيئاً من المصاحف، وعرض ذلك على صبيان المسلمين لعرفوا أنه غيرلا المصحف، لحفظهم للقرآن من أن يقابلوه بمصحف، وأنكروا ذلك.
وأهل الكتاب يقدر الإنسان منهم أن يكتب نسخاً كثيرة من التوراة والإنجيل ويغيِّر بعضها، ويعرضها على كثي من علمائهم ولا يعرفون ما غُيِّر منها إن لم يعرضوه على النسخ التي عندهم؛ ولهذا لما غُيِّر من نسخ التوراة راج ذلك على طوائف منهم ولم يعلموا التغيير.
فلهذا بدَّل كثير من النصارى كثيراً من دين المسيح صلى الله عليه وسلم بعد رفعه بقليل من الزمان، وصاروا يبدِّلون شيئاً بعد شيء، وتبقى فيهم طائفة متمسِّكة بدين الحق إلى أن بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم، وقد بقي من أولئك الذين على الدين الحق طائفة قليلة ماتوا قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم.
فالدين الذي اجتمع عليه المسلمون اجتماعاً ظاهراً معلوماً، هو منقول عن نبيِّهم نقلاً متواتراً، نقلوا القرآن، ونقلوا السنة، وسنته مفسرة للقرآن مبينة له، كما قال سبحانه وتعالى له: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزِّل إليهم} [النحل: 44].
فبين ما أنزل الله لفظه ومعناه، فصار معاني القرآن التي اتفق عليها المسلمون اتفاقا ظاهراً مما توارثته الأمة عن نبيها، كما توارثت عنه ألفاظ القرآن، فلم يكن - ولله الحمد - فيما اتفقت عليه الأمة شيء محرف مبدل من المعاني، فكيف بألفاظ تلك المعاني؟
فإن نقلها والاتفاق عليها أظهر منه في الألفاظ فكان الدين الظاهر للمسلمين الذي اتفقوا عليه مما نقلوه عن نبيهم، لفظه، ومعناه، فلم يكن فيه تحريف ولا تبديل، لا للفظ ولا للمعنى، بخلاف التوراة والإنجيل، فإن من ألفاظها ما بدل معانيه وأحكامه اليهود والنصارى، أو مجموعها تبديلاً ظاهراً مشهوراً في عامتهم، كما بدلت اليهود منها في الكتب المتقدمة من البشارة بالمسيح ومحمد صلى الله عليهما وسلم وما في التوراة من الشرائع، وأمره في بعض الأخبار.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/325)
والقرآن قد ثبت بالنقل المتواتر، ومن المعلوم بالضرورة - للموافق والمخالف - أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان يقول: إنه كلام الله لا كلامه، وأنه مبلغ له عن الله، وكان يفرق بين القرآن، وبين ما يتكلم به من السنة، وإن كان ذلك مما يجب اتباعه فيه تصديقاً وعملاً.
فإن الله أنزل عليه الكتاب والحكمة، وعلَّم أمته الكتاب والحكمة.
كما قال سبحانه وتعالى: {واذكروا نعمت الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به} [البقرة: 231].
وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: {وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم} [النساء: 113]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه)).
والإنجيل يشبه السنة المنزلة، فإنه قد يقع في بعض ألفاظها غلط، كما يقع في كتب السيرة وسنن أبي داود والترمذي وابن ماجه، ثم هذه الكتب قد اشتهرت واستفاضت بين المسلمين، فلا يمكن أحداً - بعد اشتهارها وكثرة النسخ بها - أن يبدلها كلها؛ لكن في بعض ألفاظها غلط وقع فيها قبل أن تشتهر، فإن المحدث - وإن كان عدلاً - فقد يغلط، لكن ما تلقاه المسلمون بالقبول والتصديق والعمل من الأخبار فهو مما يجزم جمهور المسلمين بصدقه عن نبيهم.
هذا مذهب السلف، وعامة الطوائف، كجمهور الطوائف الأربعة، وجمهور أهل الكلام من الكلابية والكرامية والأشعرية وغيرهم، لكن ظن بعض أهل الكلام أنه لا يجزم بصدقها لكون الواحد قد يغلط أو يكذب، وهذا الظن إنما يتوجه في الواحد الذي لم يعرف صدقه وضبطه.
بخلاف أهل الكتاب فإنه لا يوجد فيهم الإسناد الذي للمسلمين، ولا لهم كلام في نقلة العلم، وتعديلهم وجرحهم، ومعرفة أحوال نقلة العلم ما للمسلمين، ولا قام دليل سمعي ولا عقلي على أنهم يجتمعون على خطأ.
ومن قال إنه غير بعض ألفاظ التوراة والإنجيل بعد مبعث محمد صلى الله عليه وسلم فهؤلاء يقولون إنه كان في التوراة والإنجيل وغيرهما ألفاظ صريحة، منها: اسم محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه عمد بعض أهل الكتاب فغيروا بعض الألفاظ في النسخ التي كانت عندهم، ولا يقولون: إن هؤلاء غيَّروا كل نسخة كانت على وجه الأرض، لكن غيروا بعض ألفاظ النسخ، وكتب الناس من تلك النسخ المغيرة نسخاً كثيرة، انتشرت فصار أكثر ما يوجد عند كثير من أهل الكتاب هو من تلك النسخ المغيرة.
وفي العالم نسخ أخرى لم تغير، فذكر كثير من الناس أنه رآها وقرأها، وفي تلك النسخ ما ليس في النسخ الأخرى، ومما يدل على ذلك أنك في هذا الزمان إ ذا أخذت التوراة الموجودة عند اليهود والسامرة وجدت بينهما اختلافاً في مواضع متعددة.
والتبديل في التفسير عندهم أمر لا ريب في وقوعه، وبه يحصل المقصود في هذا المقام فإنا نعلم قطعاً أن ذكر محمد صلى الله عليه وسلم مكتوب فيما كان موجوداً في زمنه من التوراة والإنجيل كما قال سبحانه وتعالى في كتابه: {الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل} [الأعراف: 157].
وأما هذه الأمة فقد حفظ الله لها ما أنزله عليها، من القرآن والسنة كليهما؛ كما قال سبحانه وتعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9].
فما في تفسير القرآن، أو نقل الحديث أو تفسيره من غلط فإن الله يقيم له من الأمة من يبينه، ويذكر الدليل على غلط الغالط، وكذب الكاذب، فإن هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة، ولا يزال فيها طائفة ظاهرة على الحق حتى تقوم الساعة، إذ كانوا آخر الأمم فلا نبي بعد نبيهم، ولا كتاب بعد كتابهم.
وكانت الأمم قبلهم إذا بدلوا وغيروا بعث الله نبياً يبين لهم ويأمرهم وينهاهم، ولم يكن بعد محمد صلى الله عليه وسلم نبي، وقد ضمن الله أنه يحفظ ما أنزله من الذكر، وأن هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة؛ بل أقام الله لهذه الأمة في كل عصر من يحفظ به دينه من أهل العلم والقرآن، وينفي به تحريف الغالين وانتحال المضلين وتأويل الجاهلين)) [انتهى كلامه بتصرف واختصاركثير من: الجواب الصحيح: 3/ 9 ـ 54].
- وانظر أيضاً كلاماً مختصراً له رحمه الله في اقتضاء الصراط المستقيم (ص/8) ط / الفقي.
- وبالله تعالى التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[29 - 12 - 03, 03:08 ص]ـ
جزاك الله خير ابا عمر وزوجك من حسان الدنيا وحور لآخره.
والحمدلله ان صدق ما ظننته في شيخ الاسلام فحاله اعظم من ان ينكر تحريف اللفظ بالمرة.
فسعة اطلاعه على الواقع والنص تأبى هذا.
وجزاك الله خيرا مرة اخرى فقد كنت في حاجة هذا النص جدا.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[29 - 12 - 03, 05:19 ص]ـ
آمين ...
ولك مثل ما دعوت أخي الفاضل زياد ..
ولكن تنبّه إلى أنَّ ما نقلته من كلام شيخ الإسلام إنما هو اختصار وتصرف،كما أشرت إلى ذلك.
فقد تحتاج للأصل لتنقل منهه إن أردت التنصيص والنقل الحرفي عنه رحمه الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/326)
ـ[خادم أهل الحديث]ــــــــ[29 - 12 - 03, 09:13 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال شيخ الاسلام ابن تيمية في" مجموع الفتاوى "ج13 ص102
فإن قيل فاذا كان فى كتب الاناجيل التى عندهم ان المسيح صلب وأنه بعد الصلب بأيام أتى اليهم وقال: لهم أنا المسيح ولا يقولون ان
الشيطان تمثل على صورته فالشيطان ليس هو لحم وعظم وهذه أثر المسامير أو نحو هذا الكلام فاين الانجيل الذى قال الله عز وجل فيه {وليحكم أهل الانجيل بما أنزل الله فيه} وقال قبل هذا {وقفينا على آثارهم بعيسى بن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراه وآتيناه الانجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين وليحكم أهل الانجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون}
وقد قال قبل هذا {وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما اولئك بالمؤمنين انا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور
يحكم بها النبيون الذين اسلموا للذين هادوا والربانيون والاحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء} وقال أيضا {ولو أنهم أقاموا
التوراة والانجيل وما أنزل اليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم} وقال أيضا {قل يا أهل الكتاب لستم على شىء حتى تقيموا التوراة والانجيل وما أنزل اليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل اليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين} وهذا أمر للنبى صلى الله عليه وسلم بان يقول لأهل الكتاب الذين بعث اليهم وهم من كان فى وقته ومن يأتى من بعدهم الى يوم القيامة لم يؤمر أن يقول ذلك لمن قد تاب منهم وكذلك قوله {وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله} اخبار عن اليهود الموجودين وان عندهم التوراة فيها حكم الله وكذلك قوله {وليحكم أهل الانجيل بما أنزل الله فيه} هو أمر من الله على لسان محمد لأهل الانجيل ومن لا يؤمر على لسان محمد صلى الله عليه وسلم 0
قيل قبل هذا أنه قد قيل ليس فى العالم نسخة بنفس ما أنزل الله فى التوراة والانجيل بل ذلك مبدل فان التوراة انقطع تواترها والانجيل انما أخذ عن أربعة 0
ثم من هؤلاء من زعم أن كثيرا مما فى التوراة أو الانجيل باطل ليس من كلام الله
ومنهم من قال بل ذلك قليل
وقيل لم يحرف أحد شيئا من حروف الكتب وانما حرفوا معانيها بالتأويل
وهذان القولان قال كلا منهما كثير من المسلمين
والصحيح القول الثالث وهو أن فى الأرض نسخا صحيحة وبقيت الى عهد النبى صلى الله عليه وسلم ونسخا كثيرة محرفة
ومن قال أنه لم يحرف شىء من النسخ فقد قال ما لا يمكنه نفيه
ومن قال جميع النسخ بعد النبى صلى الله عليه وسلم حرفت فقد قال ما يعلم أنه خطأ
والقرآن يأمرهم أن يحكموا بما أنزل الله فى التوراة والانجيل ويخبر أن فيهما حكمه وليس فى القرآن خبر أنهم غيروا جميع النسخ
واذا كان كذلك فنقول هو سبحانه قال {وليحكم أهل الانجيل بما أنزل الله فيه} وما أنزله الله هو ما تلقوه عن المسيح فاما حكايته لحاله بعد أن
رفع فهو مثلها فى التوراة ذكر وفاة موسى عليه السلام ومعلوم أن هذا الذى فى التوراة والانجيل من الخبر عن موسى وعيسى بعد توفيهما ليس هو مما أنزله الله ومما تلقوه عن موسى وعيسى بل هو مما كتبوه مع ذلك للتعريف بحال توفيهما وهذا خبر محض من لموجودين بعدهما عن حالهما ليس هو مما أنزله الله عليهما ولا هو مما أمرا به فى حياتهما ولا مما أخبرا به الناس وكذلك {لستم على شىء حتى تقيموا التوراة والانجيل وما أنزل اليكم من ربكم} وقوله {ولو أنهم أقاموا التوراة والانجيل وما أنزل اليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم} فان اقامة الكتاب العمل بما أمر الله به فى الكتاب من التصديق بما أخبر به على لسان الرسول وما كتبه الذين نسخوه من بعد وفاة الرسول ومقدار عمره ونحو ذلك ليس هو مما أنزله الله على الرسول ولا مما أمر به ولا أخبر به وقد يقع مثل هذا فى الكتب المصنفة بصنف الشخص كتابا فيذكر ناسخه فى آخره عمر المصنف ونسبه وسنه ونحو ذلك مما ليس هو من كلام المصنف0000
وجزيتم خيرا
ـ[يوسف صلاح الدين]ــــــــ[29 - 12 - 03, 10:04 ص]ـ
عندما يقول ابن حجر - رحمه الله -: (شيخنا شيخ الإسلام) في الفتح مثلاً , فالمعروف أنه يقصد به شيخه (سراج الدين البلقيني) ,
فأنا أسأل:
ألا يكون الحافظ - رحمه الله - يقصد بشيخ الإسلام هنا: البلقيني -رحمه الله -؟ .......
أفيدونا أفادكم الله. واعذروني إن أسأت الأدب في سؤالي ,
والله يرعاكم .................................................. ........
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[29 - 12 - 03, 10:29 ص]ـ
الأخ يوسف
الإشكال عندك هو السؤال نفسه
والجواب على ما تقصد هنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2482&highlight=%C7%E1%C8%E1%DE%ED%E4%ED
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[30 - 12 - 03, 12:57 ص]ـ
أخي الحبيب يوسف رعاه الله.
قد ذكرت ان ابن حجر نقل عن شيخ الاسلام (ابن تيمية). ولم اقصد انه قال (شيخ الاسلام) لانه نص على انه قول ابن تيمية رحمه الله.
ولا اعرف ان ابن حجر يقول عن ابن تيمية شيخ الاسلام في الفتح فيما مر معي , لكنه نص على ذلك في تقدمه الرد الوافر لابن ناصر الدين.
(أخي الحبيب خادم أهل الحديث): نقل نفيس مهم فيه تفصيل بديع بين التوارة والانجيل المنزل وبين الاسفار المكتوبة بعد رفع عيسى ولكن لم يشير رحمه الله الى امر مهم! وقد اشكل علي كثير وهو ان هناك من اسفار التوارة ما نزل بعد موسى لكنه وحى لانه من طريق انبيائهم!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/327)
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[11 - 02 - 04, 10:00 م]ـ
- من الأدلة التي قد يستدل بها على عدم تحريف التوراة والإنجيل كاملاً ما ورد من حديث النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في قبول أخبار بني إسارئيل، وعدم تصديقهم فيها أو تكذيبهم.
ولو كان كل ما فيهما محرفاً لكان التوجيه في التعامل معهما على وجه واحد، وهو التكذيب.
- وقد حضرت مرة خطبة جمعة لأحد الخواص، فذكر في ثنايا خطبته أكثر من مرة أن المسملين متفقون على تحريف (جميع) ما في التوراة والإنجيل، وأن كل ما فيهما باطل لعدم وجود الحق ولو بنسبة قليلة.
فكلمت الخطيب الفاضل بعد الجمعة أنَّ هذا التعميم مجانب للصواب فأصرَّ على رأيه.
فقلت له: من سبقك إلى ما ذكرت؟
فقال: أخذته من كتاب إظهر الحق.
فقلت: وإن، لكنه غلط، وذكرت له كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
فلم يرد جواباً غير التعلل بأنه يريد بكلامه تحذير الناس نمن قراءة أو النظر في التوراة أو الإنجيل!
فقلت: مهما كان المبرر فهذا لا يسوغ لك هذا الحكم الغريب!
ولما رجعت البيت نظرت في كتاب إظهار الحق = فإذا ما فيه يوافق رأي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من أن التحريف ليس في الجميع؟!!
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[11 - 02 - 04, 10:56 م]ـ
الاخ الفاضل أبو عمر.
التحديث عن بنى اسرائيل وأخبارهم شئ , والنقل من التوارة والانجيل شئ آخر.
فالاول أعم من الثاني.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[12 - 02 - 04, 08:57 ص]ـ
بارك الله فيكم أخي زياد ..
هل من بيان أكثر حول ما ذكرتم، فإنه لم يتضح لي وجهه؟
وجزاكم الله خيراً
ـ[أبو تقي]ــــــــ[12 - 02 - 04, 12:25 م]ـ
بارك الله فيكم وجزاكم خيرا.
التحديث عن بني اسرائيل يحتمل عدة أوجه. قال شيخ الاسلام في مجموع الفتاوى ج 18 ص 40 - 41:
ونظير هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو: (بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) مع قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم) فإنه رخص في الحديث عنهم، ومع هذا نهى عن تصديقهم وتكذيبهم، فلو لم يكن في التحديث المطلق عنهم فائدة لما رخص فيه وأمر به، ولو جاز تصديقهم بمجرد الإخبار لما نهى عن تصديقهم، فالنفوس تنتفع بما تظن صدقه في مواضع.
وقد فسر أبو جعفر الطحاوي التحديث عن بني اسرائيل بنقل ما جرى عليهم من العقوبات لينتفع به المسلمون، وأضاف أنّ التحديث عنهم إختياري وليس بإيجابي. مشكل الآثار: 1|30.
.
اما التوراة ففيها من الاخبار ما يؤيدها شرعنا فهذا نصدق به واما ما لم يرد عندنا فلا يمكن السكوت عنه فهي تخبر مثلا ان الله سبحانه يمشي وان آدم يختبا منه؟!
تكوين 3:8 وسمعا صوت الرب الاله ماشيا في الجنة عند هبوب ريح النهار. فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الاله في وسط شجر الجنة.
مثال آخر، التاسف والندم:
تكوين 6:7 فقال الرب امحو عن وجه الارض الانسان الذي خلقته. الانسان مع بهائم ودبابات وطيور السماء. لاني حزنت اني عملتهم
وايضا حلق الاله لشعر رجله بموس مستاجرة.
وغيرها الكثير من الاخبار الشنيعة.
-
عن ابن عباس في صحيح الامام البخاري رحمه الله ج: 2 ص: 953:
2539 حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن يونس عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن بن عباس رضي الله عنهما قال ثم يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب وكتابكم الذي أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم أحدث الأخبار بالله تقرؤونه لم يشب وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدلوا ما كتب الله وغيروا بأيديهم الكتاب فقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم ولا والله ما رأينا منهم رجلا قط يسألكم عن الذي أنزل عليكم.
وقال ابن حزم رحمه الله في الفصل في الملل والأهواء والنحل ان من يقرا الكتاب الذي تسميه اليهود التوراة وفي سائر كتبهم وفي الأناجيل الأربعة يتيقن بذلك تحريفها وتبديلها وأنها غير الذي أنزل الله عز وجل!
وقال: في الكتب المذكورة من الكذب الذي لا يشك كل ذي مسكة تمييز في أنه كذب على الله تعالى وعلى الملائكة عليهم السلام وعلى الأنبياء عليهم السلام إلى أخبار أوردوها لا يخفي الكذب فيها على أحد كما لا يخفى ضوء النهار على ذي بصر!
والله اعلم
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[12 - 02 - 04, 08:42 م]ـ
بنو اسرائيل عندهم كتب وأسفار تاريخية بل ان التوارة هناك ما ادخلوه فيها وليس منها وعندهم من الاخبار في هذه الكتب الكثير. وبعضها ينسب الى انبيائهم ولايعدونه من التوارة , (العهد القديم).
فيجوز التحديث عنهم وعن اخبارهم , بخلاف النقل من التوارة المحرفه.
والتحديث عن بنى اسرائيل يشمل نقل ما (نقل) عنهم من غيرهم دون النقل من التوارة والانجيل , ويشمل التحدث بما نقل عنهم من قومهم كما كان ينقل عنهم بعض الصحابه والتابعين من اليهود انفسهم ككعب الاحبار وغيره , ويشمل ايضا التكلم على ما جرى عليهم من الاحوال ولاحداث وهو غير النقل من التوارة والانجيل.
وهذا القول فيه جمع بين الاحاديث التى ظهر فيها انكار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعمر وغيره لما أخذو التوراة , وان كانت اسانيدها فيها ضعف الا انها بمجموعها قد تدل على أصل كما قال ذلك ابن حجر = وبين الاحاديث الثابته التى جوز فيها الرسول صلى الله عليه وسلم التحديث عنهم بلا حرج.
وأيضا انكار الصحابة على من اقتنى هاذين الكتابين بل وقول بعضهم بالتحريم.
بخلاف من اضطر الى تأويل هذه الاحاديث بالقول بأنه في اول الاسلام او غيره.
هذا امر يظهر لي وخاصة ان الكتب التى تتحدث عن تاريخهم وبعضها أدخل في التوراة من قبل علمائهم كثيرة كسفر الخروج وغيره.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/328)
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[01 - 05 - 04, 09:19 م]ـ
بيان ما في الانجيل من تحريف وتبديل واختلاف في لاهوتية المسيح للشيخ محمد بن إبراهيم (1)
(8 - بيان ما في الانجيل من تحريف وتبديل واختلاف في لاهوتية المسيح)
من محمد بن إبراهيم إلى معالي الأَمين العام لرابطة العالم الإسلامي سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد جرى اطلاعنا على خطابكم المشفوع به خطاب الأَخ شمس الدين أَحمد، المتضمن ذكره أَنه حصل بينه وبين بعض رجال الدين المسيحي مناقشات حول ما في الانجيل من تحريف وتغيير وتبديل، وأَنهم أَنكروا ذلك، وتناولوا القرآن بما هو منزه عنه، وتسأَلون إجابتنا عما ذكره هؤلاء.
والجواب: الحمد لله. أَما ما ذكره من ناقشوا الأَخ شمس الدين أَحمد وأَنكروا له ما في الانجيل من تحريف وتغيير فهو مخالف لما تضافرت عليه الأَدلة وقامت عليه البينات. قال الله تعالى: (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ - يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ) (2).
وروى أَحمد والترمذي وحسنه عن عدي بن حاتم ((أَنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأُ هذه الآية (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (3) فقلت له لسنا نعبدهم، قال أَليس يحرمون ما أَحل الله فتحرمونه، ويحللون ما حرم الله فتحلونه. فقلت بلى. قال فتلك عبادتهم)).
وقال ابن كثير ورواه الإمام أَحمد والترمذي وابن جرير من طرق عن عدي بن حاتم رضي الله عنه، أَنه لما بلغته دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فر إلى الشام، وكان قد تنصر في الجاهلية، فأُسرت أُخته وجماعة من قومه، ثم منًَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أُخته وأَعطاها فرجعت إلى أَخيها فرغبته في الإسلام وفي القدوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدم عدي المدينة وكان رئيسًا في قومه طي وأَبوه حاتم الطائي المشهور بالكرم، فتحدث الناس بقدومه فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنق عدي صليب من فضة وهو يقرأُ هذه الآية: (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ) قال فقلت انهم لم يعبدوهم. فقال: بلى، إنهم حرموا عليهم الحلال وأَحلوا لهم الحرام فاتبعوهم. فذلك عبادتهم إياهم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عدي ما تقول أَيفرك أَن يقال الله أكبر فهل تعلم شيئًا أَكبر من الله؟ ما يفرك؟ أَيفرك أَن يقال لا إله إلا الله فهل تعلم إلهًا غير الله؟ ثم دعاه إلى الإسلام فأَسلم فشهد شهادة الحق. قال فلقد رأَيت وجهه استبشر، ثم قال: إن اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالون)). اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه (الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح) في معرض حديثه عن تفرق النصارى وتلاعبهم بالانجيل تحريفًا وتغييرًا وإخفاءً. قال رحمه الله: وقد اختلف النصارى في عامة ما وقع فيه الغلط حتى في الصلب، فمنهم من يقول المصلوب لم يكن المسيح بل الشبه كما يقول المسلمون. ومنهم من يقر بعبوديته لله وينكر الحلول والاتحاد كالاريوسيه. ومنهم من ينكر الاتحاد وأَن أَقر بالحلول كالنسطورية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/329)
وأَما الشرائع التي هم عليها فعلماؤهم يعلمون أَن أَكثرها ليس عن المسيح عليه السلام. فالمسيح لم يشرع لهم الصلاة إلى المشرق، ولا الصيام الخمسين، ولا جعله في زمن الربيع، ولا عيد الميلاد، والغطاس، وعيد الصليب، وغير ذلك من أعيادهم، بل أكثر ذلك مما ابتدعوه بعد الحواريين مثل عيد الصليب فإنه مما ابتدعته (هيلانه الحرانية) أُم قسطنطين. وفي زمن قسطنطين غيروا كثيرًا من دين المسيح والعقائد والشرائع فابتدعوا (الأَمانة) التي هي عقيدة إيمانهم، وهي عقيدة لم ينطق بها شيء من كتب الأَنبياء التي هي عندهم، ولا هي منقولة عن أَحد من الأَنبياء، ولا عن أَحد من الحواريين الذين صحبوا المسيح، بل ابتدعها لهم طائفة من أَكابرهم قالوا كانوا ثلاثمائة وثمانية عشر.
وقال في موضع آخر: وأَما الأَناجيل التي بأَيدي النصارى فهي أَربعة أَناجيل. إنجيل متى، ويوحنا، ومرقس، ولوقا، وهم متفقون على أَن ((لوقا)) و ((مرقس)) لم يريا المسيح إنما رآه متى ويوحنا. وأَن هذه المقالات الأَربعة التي يسمونها الإنجيل وقد يسمون كل واحد منها إنجيلا إنما كتبها هؤلاء بعد أَن رفع المسيح، فلم يذكروا فيها انها كلام الله ولا أَن المسيح بلغها عن الله، بل نقلوا فيها أَشياء من كلام المسيح من أَفعاله ومعجزاته وذكروا أَنهم لم ينقلوا كلما سمعوه منه ورأَوه، فكانت من جنس ما يرويه أَهل الحديث والسير والمغازي. إنتهى.
وقد ذكر الشيخ ((محمد رشيد رضا)) في معرض تفسيره قوله تعالى (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى) (4) الآية. فصلا طويلا في ضياع كثير من الإنجيل وتحريف كتب النصارى المقدسة نرى من كمال الحديث نقله لاشتماله على نصوص منقولة عنهم وعن المهتمين؟،
قال رحمه الله في (الجزء السادس من تفسير المنار) ص289.
1 - إن الكتب التي يسموها الأَناجيل الأَربعة تاريخ مختصر للمسيح عليه السلام، لم يذكر فيها إلا شيء قليل من أَقواله وأَفعاله في أيام معدودة، بدليل قول يوحنا في آخر إنجيله: هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا وكتب هذا ونعلم أَن شهادة حق. وأَشياء أُخرى كثيرة صنعها يسوع ان كتبت واحدة واحدة فلست أَظن أَن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة، آمين.
هذه العبارة يراد بها المبالغة في بيان أَن الذي كتب عن المسيح لا يبلغ عشر معشار تاريخه. ومن البديهي أَن تلك الأَعمال الكثيرة التي لم تكتب وقعت في أَزمنة كثيرة. وأَنه تكلم في تلك الأَزمنة وعند تلك الأَعمال كثيرًا فهذا كله قد ضاع ونسي. وحسبنا هذا حجة عليهم في إثبات قول الله تعالى: (فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ) وحجة على بعض علمائنا الذين ظنوا أَن كتبهم حفظت وتواترت قال صاحب ((ذخيرة الأَلباب)): ان الانجيل لا يستلزم كل أَعمال المسيح ولا يتضمن كل أَقواله كما شهد به القديس يوحنا.
2 - الإنجيل في الحقيقة واحد، وهو ما جاء به المسيح عليه السلام من الهدى والبشارة بخاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، وهو ما كان يدور ذكره على أَلسنة كتاب تلك التواريخ الأَربعة وغيرهم حكاية عن المسيح وعن أَلسنتهم أَنفسهم قال متى حكاية عنه:13:26 –الحق أَقول لكم حينما يكرز بهذا الإنجيل في كل العالم يخبر أَيضًا بما فعلته هذه تذكارًا لها –أَي ما فعلته المرأَة التي سكبت قارورة الطيب على رأسه. واجب عليهم أَن يخبروا كل من يبلغونهم الإنجيل في عالم اليهودية كلها بما فعلته تلك المرأة. فخبر تلك المرأَة ليس من الإنجيل الذي جاء في كلام المسيح، وقد ذكر في تلك التواريخ امتثالاً لأَمره. وسميت تلك التواريخ أَناجيل لأَنها تتكلم عن انجيل المسيح وتجيء بشيء منه. ولذلك بدأَ مرقس تاريخه بقوله:
بدأَ انجيل يسوع المسيح –ثم قال حكاية عن المسيح- 1: 15 فتوبوا وآمنوا بالإنجيل. فالإنجيل الذي أَمر الناس أَن يؤمنوا به ليس هو أَحد هذه التواريخ الأربعة ولا مجموعها وهو الذي سماه بولس في رسالته الأولى إلى أَهل تسالونيكي –الإنجيل- المطلق 2: 4 وانجيل الله 8:2 و 9 وانجيل المسيح 2:3. والكتاب الإلهي يضاف إلى الله بمعنى أَنه أَوحاه، وإلى النبي بمعنى أَنه أَوحى إليه أَو جاء به، كما يقال توراة موسى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/330)
3 - كانت الأناجيل في القرون الأولى للمسيح كثيرة جدًا حتى قيل إنها بلغت زهاء سبعين إنجيل. وقال بعض مؤرخي الكنيسة إن الأَناجيل الكاذبة كانت 35 انجيل. وقد رد صاحب كتاب ((ذخيرة الأَلباب)) الماروني القول بكثرتها، وقال إن سبب ذلك تسمية الواحد بعدة أَسماء. وقال إن الخمسة والثلاثين لا تكاد تبلغ العشرين. وعددها كلها وذكر أَن بعضها مكرر الإسم، وذكر منها إنجيل القديس برنابا، وذكر أَن جاحدي الوحي طعنوا في الأَناجيل ثلاثة مطاعن.
(1) أَن الآباء الذين سبقوا القديس يوستينوس الشهيد لم يذكروا إلا أَناجيل كاذبة ومدخولة.
(2) لا سبيل إلى إظهار أَسفار العهد الجديد التي خطها مؤلفوها.
(3) قد فات الجميع معرفة الموضع والعهد اللذين كتبت فيهما.
4 - أَن كورنتس وكربو كراتوس قد نبذا ظهريًا منذ أَوائل الكنيسة انجيل القديس لوقا، والأَلوغيين انجيل القديس يوحنا ولم يستطع أَن يرد هذه الاعتراضات ردًا مقبولاً عند مستقبلي الفكر.
وقال الدكتور بوست البروتستاني في قاموس الكتاب المقدس: إن نقص الأناجيل غير القانونية ظاهر لأَنها مضادة لروح المُخَلص وحياته، ونحن نقول إننا قد أَطلعنا على واحد منها وهو انجيل برنابا فوجدناه أَكمل من مجموع الأربعة في تقديس الله وتوحيده وفي الحث على الآداب والفضائل، فإذا كان هذا برهانهم على رد تلك الأَناجيل الكثيرة وإثبات هذه الأَربعة فهو برهان يثبت صحة انجيل برنابا قبل غيره أَو دون غيره.
5 - بدىء تحريف الإنجيل من القرن الأول. قال بولس في رسالته إلى أهل غلاطية:1:6 إني أَتعجب أَنكم تنتقلون هكذا سريعًا عن الذي دعاكم بنعمة المسيح إلى إنجيل آخر، لا ليس هو آخر غير أَنه يوجد قوم يزعجونكم ويريدون أَن يحولوا إنجيل المسيح. فالمسيح كان له انجيل واحد، وبين بولس أَنه كان في عصره من القرن الأول أُناس يدعون المسيحيين إلى انجيل غيره بالتحويل أَي التحريف كما في الترجمة القديمة، وفي ترجمة الجزويت –يقلبوا- بدل يحولوا، وهي أَبلغ في التحريف والتبديل، وبين بولس أَن الناس كانوا ينتقلون سريعًا إلى دعاة هذا الإنجيل المحرف المحول عن أَصله الذي جاء به المسيح. وقد بين بولس في رسالته الثانية إلى أهل كورنثيوس (11: 13 - 15) أَن هؤلاء القوم الذين يحرفون إنجيل المسيح –رسل كذبة ماكرون مغيرون شكلهم إلى رسل المسيح- وتتمة العبارة تدل أَنهم كانوا كرسل المسيح ويشتبهون بهم كما يتشبه الشيطان بالملائكة إذ –يغير شكله إلى ملاك نور-.
وفي الفصل الخامس عشر من سفر الاعمال ما يوضح هذه المسأَلة وهو أَن اليهود كانوا ينبثون بين المسيحيين ويعلمونهم غير ما يعلمهم رسل المسيح، وأَن المشايخ والرسل أَرسلوا برنابا وبولس إلى انطاكية ليحذروا أَهلها من هؤلاء المعلمين الكاذبين، وأَن بولس وبرنابا تشاجرا وافترقا هنالك، وهما ما تشاجرا وافترقا إلا لاختلافهما في حقيقة تعليم المسيح، فبرنابا يذكر في مقدمة انجيله أَن بولس كان من الذين خالفوا المسيح في تعليمه.
ولا شك أَن برنابا أَجدر بالتقديم والتصديق من بولس لأَنه تلقى عن المسيح مباشرة وكان بولس عدوًا للمسيح والمسيحيين. ولولا أَن قدمه برنابا للرسل لما وثقوا بدعوة التوبة والإيمان بالمسيح، ولكن النصارى رفضوا انجيل برنابا المملوء بتوحيد الله وتنزيهه وبالحكمة والفضيلة وآثروا عليه رسائل بولس وأَناجيل تلاميذه ومرقس وكذا يوحنا كما حققه بعض علماء أُوربه، لأَن تعاليم بولس كانت أَقرب إلى عقائد الرومانيين الوثنية، فكانوا هم الذين رجحوها ورفضوا ماعداها، إذ كانوا هم أَصحاب السلطة الأولى في النصرانية، وهم الذين كونوها بهذا الشكل.
6 - اختلف علماء الكنيسة وعلماء التاريخ في الأَناجيل الأَربعة التي اعتمدوها في القرن الرابع من هم الذين كتبوها؟ ومتى كتبوها؟
وبأي لغة كتبت؟ وكيف فقدت نسخها الأصلية؟ كما ترى ذلك مفصلاً في دائرة المعارف الفرنسية الكبرى وفي غيرها من كتب الدين والتاريخ.
وهذه كلمات من كتب المدافعين عنها:
قال صاحب كتاب (مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين) إن متى بموجب اعتقاد جمهور المسيحيين كتب انجيله قبل مرقس ولوقا ويوحنا، ومرقس ولوقا كتبا انجيلهما قبل خراب أُورشليم، ولكن لا يمكن الجزم في أَية سنة كتب كل منهم بعد صعود المخلص لأَنه ليس عندنا نص إلهي على ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/331)
((إنجيل متى)): قال صاحب ((ذخيرة الأَلباب)) أَن القديس متى كتب إنجيله في السنة 41 للمسيح باللغة المتعارفة يومئذ في فلسطين وهي العبرانية أَو السير كلدانية. (ثم قال): ثم ما عتم هذا الإنجيل أَن ترجم إلى اليونانية ثم تغلب استعمال الترجمة على الأَصيل الذي لعبت به أَيدي النساخ الابونيين ومسخته بحيث أَضحى ذلك الأَصل هاملاً بل فقيدًا وذلك منذ القرن الحادي عشر. اهـ.
أقول يا ليت شعري من هو الذي ترجم إنجيل متى باليونانية ومن عارض هذه الترجمة على الاصل قبل أَن يعبث به النساخ ويمسخوه. الله أعلم.
ثم قال صاحب الذخيرة: يترجح أَنه كتبه في نفس أُورشليم. وقال: إنما هو رواية جدلية عن المسيح لا ترجمة حياته.
وقال: إن البروتستانت المتاخرين امتروا وشكوا في كون الفصلين الأولين منه لمتى.
وقال الدكتور (بوست) في قاموس الكتاب المقدس: واختلف القول بخصوص لغة هذا الإنجيل هل هي العبرانية أَو السريانية التي كانت لغة فلسطين في تلك الأيام؟ وذهب آخرون إلى أَنه كتب باليونانية كما هو الآن. ثم تكلم في شبهة عظيمة على أَصل هذا الانجيل تكلم فيها صاحب الذخيرة أيضًا، وهي أَن شواهده في العظات من الترجمة السبعينية للعهد العتيق، وفي بقية القصة من الترجمات العبرانية. وأَجاب كل منهما عن ذلك بما تراءى له.
ثم رجح (بوست) أَنه أَلف باليونانية خلافًا لجمهور رؤساء الكنيسة المتقدمين. فثبت بهذا وذاك أَنه لا علم عندهم بتاريخه ولا لغته (وإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ).
ثم قال: ولا بد أَن يكون هذا الانجيل قد كتب قبل خراب أُورشليم. إلى أَن قال: ويظن البعض أَن انجيلنا الحالي كتب بين سنة 60 وسنة 65. وقد علمت أَن صاحب الذخيرة زعم أَنه كتب سنة 41، وأَن هي إلا ظنون وأَوهام يناطح بعضها بعضًا.
وأَما علماء النصارى الأَقدمين فالمأْثور أَن متى لم يكتب هذا الانجيل وإنما كتب بعض أَقوال المسيح باللغة العبرانية، والنصارى يحتجون الآن على كون هذه الأناجيل التي لا سند لها لفظيًا ولا كتابيًا كانت معروفة في العصور الأولى بأَقوال لأولئك العلماء المتقدمين هي حجة عليهم لا لهم، وقد جاء في ((المنار)) بيان ذلك غير مرة.
وأَقدم شهادة يتناقلونها في ذلك شهادة (بابياس) أَسقف هيرابوليس في منتصف القرن الثاني فقد نقل عنه (أُوسابيوس) المتوفي سنة 340 ما ترجمته:
إن متى كتب مجموعة من الجمل باللغة العبرانية، وقد ترجمها كل بحسب طاقته.
ويمتاز انجيل متى بأَن من نسب إليه من تلاميذ المسيح، وبأَنه أَقرب إلى التوحيد وأَبعد عن الوثنية من سائر الأناجيل.
((انجيل مرقس)): ذكر صاحب الذخيرة أَن مرقس كان عبرانيًا ملة (أَي لا نسبًا) وأَنه كان تلميذًا لبطرس وتبناه بطرس، وأَنه اقتبس انجيله من انجيل متى ومن خطب بطرس، وأَن بعض المتأَخرين زعموا أَنه كان يوجد إنجيل سابق لإنجيلي متى ومرقس أَخذا عنه إنجيلهما، وأَن بعض البرتستانت شكوا في الاعداد الإثني عشر الأخيرة من الفصل السادس عشر من هذا الإنجيل لأَسباب منها أَنه لا ذكر لها في النسخ الخطية القديمة.
وقال (بوست): مرقس لقب يوحنا، يهودي يرجح أَنه ولد في أُورشليم. (قال) وتوجه مرقس مع بولس وبرنابا خاله في رحلتهم التبشيرية الأولى غير أَنه فارقهما في (برجه) فصار علة مشاجرة قوية بين بولس وبرنابا وبعد ذلك تصافح مع بولس فرافقه إلى (رومية) وكان مع بطرس لما كتب رسالته الأولى (1 بط 5: 136) ثم مع ثيموناوس في (افسس) ولا يعرف شيء حقيقي عن حياته بعد ذلك.
ثم ذكر أَنه كتب انجيله باليونانية وشرح فيه بعض الكلمات اللاتينية فاستدل بذلك على أَنه كتبه في رومية. (قال) إنما المشابهة بين انجيلي متى ومرقس حملت بعض الناس على أَن يعتقدوا أَن الثاني مختصر من الأَول.
ولم يذكر هذا ولا ذاك تاريخ كتابة هذا الانجيل، وقد روي عن ابرنياوس أَنه كتبه بعد موت بطرس وبولس فلم يطلعا عليه. فكيف نثق بأَنه وعى ما سمعه من بطرس وأَداه كما سمعه؟ هذا إذا صحت نسبته إليه بسند متصل، ولن تصح.
((إنجيل لوقا)): قال في الذخيرة: أَن لوقا كان من انطاكية. ومن الشراح من ظن أَنه اغريقي متهود لأَنه لا يذكر الكتاب المقدس إلا نقلاً عن الترجمة السبعينية. ومنهم من قال أَنه وثني هاد إلى الحق وارتد إلى الدين القويم. وقال: لوقا كان تلميذًا ومعاونًا لبولس.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/332)
ثم قال ما نصه: وقد أَغفل متى ومرقس بعض حوادث وأُمور تتعلق بسيرة المسيح وقام بعض الكتبة واختلقوا ترجمة مموهة ليسوع المسيح، وكثيرًا ما فاتهم فيها الرواية والتدقيق، فبعث ذلك بلوقا على وضع إنجيله ضنًا بالحق فكتبه باليونانية وجاء كلامه أَصح وأَفصح وأَشد انسجامًا من كلام باقي مؤلفي العهد الجديد. وذهب كثير من المحققين إلى أَنه كتب إنجيله في السنة 53 للمسيح. وقيل بل سنة 51.
ثم ذكر الخلاف في المكان الذي كتبه فيه وبين غرضه منه فقال في آخره:-
وأَن يكشف النقاب عن الأَغلاط المدخولة في تراجم حياة المسيح المموهة –أَي الأَناجيل التي ردتها الكنيسة بعد- وينفي كل ركون إليها، ثم يبين أَنه كان يحمل إنجيلي متى ومرقس وأَنه اقتبس منها ما وافقهما فيه. ثم عقد فصلا لما اعترض به على ما حذفوه وأَسقطوه من هذا الإنجيل لأَنهم رأَوه لا يليق بالمسيح أو لعلة أُخرى.
وقال الدكتور بوست في قاموسه: ظن بعضهم أَنه – أَي لوقا مولود في انطاكية إلا أَن ذلك ناتج من اشتباهه بلو كيوس، قال: ومن تغيير صيغة الغائب إلى صيغة المتكلمين في سياق القصة يستدل على أَن لوقا اجتمع مع بولس في ترواس –أَ ع 16: 1 - وذهب معه إلى فيلبي في سفره الثاني ثم اجتمع معه ثانية في فيلبي بعد عدة سنين –أَ ع 20: 5ر6 - وبقي معه إلى أَن أُسر وأُخذ إلى رومية –أَ ع 28: 20 - ولم يعلم شيء من حياته بعد ذلك.
فلينظر القاريء كيف يستنبطون تاريخه من أُسلوب عبارته التي لم تصل إليهم بسند متصل لا صحيح ولا ضعيف، كما استدلوا على كونه إيطاليًا لا فلسطينيًا من كلامه عن القطرين، ذلك بأَنه ليس عندهم نقل يعرفون به شيئًا عن مؤسسي دينهم.
ثم قال: وظن البعض أَن لفظة انجيل الواردة –3: تي 2: 8 - تدل على أَن بولس أَلف انجيل لوقا لم يكن إلا كاتبًا.
ثم قال:- وقد كتب هذا الإنجيل قبل خراب أُورشليم وقبل الأعمال ويرجح أَنه كتب في قيصرية في فلسطين مدة أَسر بولس؟ من 58 - 60 م غير أَن البعض يظنون أَنه كتب قبل ذلك .. اهـ.
فأنت ترى من التعبير بلفظ الترجيح والظن ومن الخلاف بين سنة 51 و 53 كما في الخلاصة و 58 و 60 كما أَنه لا علم عند القوم بشيء (وإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) ولعل الذين قالوا إن بولس هو الذي كتب هذا الإنجيل هم المصيبون لمشابهة أُسلوبه لأسلوب رسائله باعترافهم. فإن قيل وما تفعل بتحريفه؟ قلت هو كتحريفها وتجد فيه مثل ما تجد فيها من ذكر وضع بعض الناس لأَناجيل كاذبة. ومن لنا بدليل يثبت لنا صدقه هو؟ وأَنى لنا بتمييز هذه الأَناجيل ومعرفة صادقها من كاذبها؟
((إنجيل يوحنا)). تقول النصارى: إن يوحنا هذا هو تلميذ المسيح ابن زبدي وسالومه، ويقول أَحرار المؤرخين منهم غير ذلك كما في دائرة المعارف الفرنسية، ويرجح بعضهم أَنه من تلاميذ بولس أيضًا.
وذكر في الذخيرة ثلاثة أقوال في تاريخ كتابته وهي 64 و 94 و 97 وأَنه كتبه باليونانية ليثبت أُلوهية المسيح ويسدد النقص الذي في الأَناجيل الثلاثة –إجابة لرغبة أَكثر الأَساقفة ونواب كنائس آسية وإلحاحهم عليه أَن يبقى من بعده ذكرًا مخلدًا- ومفهوم هذا أَنه لولا هذا الإلحاح لم يكتب ما كتب، وإذا لبقيت أَناجيلهم ناقصة وخلوا من شبهة على عقيدتهم المعقدة التي لا تعقل، إذ لا توجد الشبهة عليها إلا في هذا الإنجيل الذي هو أَكثر الأَناجيل تناقضًا، وناهيل بجمعه بين الوثنية والتوحيد، وقوله عن المسيح: أَنه إن كان يشهد لنفسه فشهادته حق، ثم قوله عنه في موضع آخر: أَنه وإن كان يشهد لنفسه فشهادته ليست حقًا- إلى أَمثال ذلك.
وقال الدكتور بوست: ويظن أَنه كتب في أَفسس بين سنة 70 و 95. ثم قال في الرد على علماء أوربه الأَحرار ما نصه:
وقد أَنكر بعض الكفار قانونية هذا الإنجيل لكراهتهم تعليمه الروحي ولا سيما تصريحه الواضح بلاهوت المسيح. غير أَن الشهادة بصحته كافية: فإن بطرس يشير إلى آية منه 2 بط 1: 14 قابل يو 21: 18 وأَغناطيوس وبوليكريس يقتطفان من روحه وفحواه وكذلك الرسالة إلى ديو كنيتس وباسيلدس وجوستينس الشهيد وتانيانس. وهذه الشواهد يرجع بنا زمانها إلى منتصف القرن الثاني وبناء على هذه الشهادة وعلى نفس كتابته الذي يوافق ما نعلمه من سيرة يوحنا نحكم أَنه من قلمه. وإلا فكاتبه من المكر والغش على جانب عظيم. وهذا الأمر يعسر تصديقه لأَن الذي يقصد به أَن يغش العالم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/333)
لا يكون روحيًا ولا يتصل إلى علو وعمق الأَفكار والصلوات الموجودة فيه. وإذا قابلناه بمؤلفات الآباء رأَينا بينه وبينها بونًا عظيمًا حتى نضطر للحكم أَنه لم يكن منهم من كان قادرًا على تأْليف كهذا، بل لم يكن بين التلاميذ من يقدر عليه إلا يوحنا، ويوحنا ذاته لا يستطيع تأْليفه بدون إلهام من ربه. اهـ.
أَقول: إن من عجائب البشر أَن يقول مثل هذا القول أَو ينقله معتمدًا له عالم طبيب كالدكتور بوست فإنه كلام لا يخفى بطلانه وتهافته على الصبيان، ولا أًَعقل له تعليلاً إلا أَن يكون تصنعًا وغشًا لارضاء عامة النصارى لا لإرضاء اعتقاده ووجدانه، أَو يكون التقليد الديني من الصغر قد ران على قلب الكاتب فسلبه عقله واستقلاله وفهمه في كل ما يتعلق بأَمر دينه.
وإليك البيان بالإيجاز:
إن الدكتور بوست من أَعلم الأوربيين اللذين خدموا دينهم في سورية وأَوسعهم اطلاعًا، وهو يلخص في قاموسه هذا أَقوى ما بسطه علماء اللاهوت في إثبات دينهم وكتبهم ورد اعتراضات العلماء عليها. فإذا كان هذا منتهى شرطهم في إثبات إنجيل يوحنا الذي هو عمدتهم في عقيدة تأْليه المسيح، فما هو الظن بكلام المؤرخين الأَحرار والعلماء المستقلين في إبطال هذا الإنجيل؟
إبتدأَ رده على منكري هذا الإنجيل بأَن بطرس أَشار إلى آية منه في رسالته الثانية. فهذا أَقوى برهان عندهم على كون هذا الإنجيل كتب في العصر الأول.
فأول ما نقوله في رد هذا الدليل الوهمي أَن رسالة بطرس الثانية كتبت في بابل سنة 64، 68 كما قاله صاحب كتاب (مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين) وانجيل يوحنا كتب سنة 95 أَو 98 على ما اعتمده بوست وصاحب هذا الكتاب وسائر علماء طائفتهم (البروتستانت) فهو قد أُلف بعد كتابة رسالة بطرس بثلاثين سنة أَو أَكثر على رأْيهم، فإذا وافقها في شيء فأَول ما يخطر في بال العاقل أَنه نقله عنها وإن أُلف بعدها بعدة قرون، فكيف يكون ذلك دليلاً على صحته؟ ولو لم يكن في رد هذه الشبهة الواهية إلا احتمال نقل المتأَخر وهو مؤلف انجيل يوحنا عن المتقدم وهو بطرس لكفى، وهم جازمون بتقدمه عليه وإن لم يكن عندهم تاريخ صحيح لأَحد منهما، بل تاريخ ولادة الههم وربهم الذي يؤرخون به كل شيء فيه خطأ كما حققه يعقوب باشا أَرتين وغيره.
ونقول (ثانيًا): إننا قابلنا بين –2 بط 1: 14 - وبين –يو 21: 18 - فلم نجد في كلام بطرس في ذلك العدد إشارة واضحة إلى ماذكره يوحنا. فعبارة بطرس التي سموها شهادة له هي قوله –عالمًا أَن خلع سكني قريب كما أَعلن لي ربنا يسوع المسيح أَيضًا- وعبارة يوحنا المشهود لها هي أَن المسيح قال لبطرس –الحق الحق أَقول لك لما كنت أَكثر حداثة كنت تمنطق ذاتك وتمشي حيث تشاء. ولكن متى شخت فإنك تمد يدك وآخر يمنطقك ويحملك حيث لا تشاء-.
فمعنى عبارة بطرس أَنه يستبدل مسكنه باختياره ويرحل عن القوم الذين يكلمهم. ومعنى عبارة المسيح أَنه إذا شاخ وهرم يقوده من يخدمه ويشد له منطقته، فإن فرضنا أَن بطرس كتب هذا بعد يوحنا لم يكن فيه أَدنى شبهة على تصديق يوحنا في عبارته هذه، فضلاً عن تصديقه في كل إنجيله، فما أَوهى دينًا هذه أسسه ودعائمه!
ذكرني هذا الاستدلال نادرة رويت لي عن رجل هرم من صيادي السمك- ولا أذكر هذا الوصف تعريضًا بتلاميذ المسيح عليه السلام وعليهم الرضوان- قال: إن رجلاً غريبًا من الدراويش علمه سورة لا يعرفها أحد من خلق الله سواهما إلا أَن خطيب البلد يحفظ منها كلمتين يدلان على أَصلها. وأَول هذه السخافة التي سماها سورة:
الحمد لله الذين المددا. عند النبي أَشهدا، نبينا محمدًا، في الجنان مخلدا، أَجت فاطمة الزهرا، بنت خديجة الكبرى، آلت لو يابابتي يابابتي علمني كلمتين الخ. والكلمتان اللتان يحفظهما الخطيب منها هما فاطمة الزهرا، وخديجة الكبرى، رضي الله عنهما، لأَنه كان يقول في دعاء الخطبة الثانية بعد الترضي عن الحسن والحسين، وارض اللهم عن أَمهما فاطمة الزهرا، وعن جدتهما خديجة الكبرى.
ولا يخفى على القاريء أَن الاتفاق بين هذه الأَسجاع العامية وخطبة خطيب البلد في تينك الكلمتين أَشهر من الاتفاق بين رسالة بطرس وانجيل يوحنا، بل ليس بين هذا الإنجيل وهذه الرسالة اتفاق ما فيما زعموه تكليفًا وتحريفًا للعبارة عن معناها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/334)
وأَما استدلاله باقتطاف اغناطيوس وبوليكريس من روح هذا الإنجيل فهو مثل استدلاله بشهادة بطرس له بل أَضعف. إذ معنى هذا الاقتطاف أَنه روي عن هذين الرجلين شيء يتفق مع بعض معاني هذا الإنجيل فإذا سلمنا أَن هذا صحيح فهو لا يدل على أَن هذا الإنجيل كان معروفًا في زمنهما في القرن الثاني للمسيح لأَنهما لم يذكراه ولم يعزوا إليه شيئا. ويجوز أَن يكون ما اتفقا فيه من المعنى –إن صح ذلك ولم يكن كالاتفاق الذي ذكروه- بينه وبين بطرس مقتبسًا من كتاب آخر كان متداولاً في ذلك الزمان، كما يجوز أَن يكون مأْخوذًا من التقاليد الموروثة عند بعض شعوبه. مثال ذلك: أَن يوحنا انفرد باستعمال لفظ –الكلمة- والقول بألوهية الكلمة، ولم يؤثر هذا عن غيره من مؤلفي الكتب المقدسة عندهم، ولا عن أَحد من تلاميذ المسيح. وقد بينا في تفسير (وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ) (5) أَن هذه العقيدة وهذا اللفظ مما أَثر عن اليونان والبراهمة والبوذيين وقدماء المصريين. وبحث فيها أَيضًا (فيلو) الفيلسوف اليهودي المعاصر للمسيح. فإذا فرضنا أَن (أَغناطيوس) استعمل هذا اللفظ وذكر هذه العقيدة في القرن الثاني، لا يكون هذا دليلاً على نقلها عن يوحنا وعلى أَن انجيل يوحنا ورسالته ورؤياه كانت معروفة في القرن الثاني. لاحتمال أَن يكون نقل ذلك عن الأمم الوثنية التي كانت تدين بهذه العقيدة قبل يوحنا وقبل المسيح عليه السلام وإذا كان الاتفاق بينهما في المعنى الذي انفرد به يوحنا عن غيره لا يدل على ذكر فكيف يدل عليه الاتفاق في المعاني الأخرى التي لم ينفرد بها يوحنا؟
فتبين من هذا النقد الوجيز أَن ما ذكره بوست وسماه كغيره شهادة لإنجيل يوحنا ليس شهادة، وأَن ما سميناه شهادة مندوحة لنا عن القول بأَنها شهادة زور.
وأَما زعمهم أَن كتابة هذا الإنجيل توافق سيرة يوحنا ولا يقدر عليه غيره، فهو تمويه نقضوه بقولهم إنه هو لا يقدر عليه أَيضًا إلا بالإلهام إذ كل ملهم يقدر باقدار الله الذي أَلهمه، وليس ليوحنا عندهم سيرة تثبت أَو تنفي.
بقي استدلاله الأَخير على صحة هذا الإنجيل بأَنه لو لم يكن من قلم يوحنا لكان الكاتب له على جانب عظيم من المكر والغش.
قال: هذا الأَمر يعسر تصديقه لأَن الذي يقصد أَن يغش العالم لا يكون روحيًا. الخ. فنقول إن هذا الاستدلال ينبىء بسذاجة من اخترعه ونقله وغرارتهم. وإن شئت قلت بغباوتهم أَو قصدهم مخادعة الناس، وبطلانه بديهي، فإن الكاتب للمعاني الروحية لا يجب أَن يكون روحيًا، والكاتب في الفضائل لا يقضي العقل أَن يكون فاضلا. وقد كان في مصر كاتب من أَبلغ كتاب العربية في الأَخلاق والفضائل. ومع هذا وصفه بعض عارفيه بقوله: إن حروف الفضيلة تتأَلم من لوكها بفمه، ووخزها بسن قلمه. وأَن الروحانية التي نجدها في انجيل برنابا وما فيه من تقديس الله وتنزيهه، ومن الأَفكار والصلوات، لهو أَعلى وأَشد تأْثيرًا في النفس من انجيل يوحنا، ويزعمون مع هذا كله أَنه قصد به غش الناس، وتحويلهم عن التثليث والشرك إلى التوحيد والتنزيه.!!!
إن هذا المسلك الأخير الذي سلكه بوست في الاستدلال على صحة نسبة انجيل يوحنا إليه يقبله المقلدون لعلماء اللاهوت عندهم بغير بحث ولا نظر، والناظر المستقل يراه يؤدي إلى بطلان نسبته إليه لأَسباب أَهمها ثلاثة:
1 - أَنه جاء بعقيدة وثنية نقضت عقيدة التوحيد الخالص المقررة في التوراة وجميع كتب أنبياء بني إسرائيل، وقد صرح المسيح بأَنه ما جاء لينقض الناموس بل ليتممه، وأَصل الناموس وأَساسه الوصايا العشر، وأَولها وأَولاها بالبقاء ودوام البناء وصية التوحيد.
2 - مخالفته في عقيدته وأُسلوبه لكل ما هو مأْثور عن جماعته وقومه قبل المسيح وبعده.
3 - مخالفته للأَناجيل التي كتبت قبله في أُمور كثيرة أَهمها تحاميه ما ذكر فيها من الأَعراض البشرية المنسوبة إلى المسيح مما ينافي الألوهية كتجربة الشيطان له وخوفه من فتك اليهود به وتضرعه إلى الله خائفًا متألمًا ليصرف عنه كيدهم وينقذه منهم، وصراخه وقت الصلب من شدة الألم – إلى غير ذلك.
ومن تأمل أَساليب الأَناجيل وفحواها يرى أَن إنجيل يوحنا غريب عنها ويجزم بأَن كاتبه متأَخر سرت إليه عقائد الوثنيين، فأَحب أَن يلقح بها المسيحيين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/335)
ونقول (ثانيًا): إذا فرضنا أَن موافقة بعض أَهل القرن الثاني لهذا الإنجيل في روح معناه يعد شهادة له بأَنه كان موجودًا في منتصف القرن الثاني، فأَين الشهادة التي تثبت أَنه كان موجودًا في القرن الأَول والصدر الأَول مما بعده؟
ثم تبين لنا من تلقاه عنه حتى وصل إلى أُولئك الذين اقتطفوا من روحه.
بعد كتابة ما تقدم راجعت (إظهار الحق) فرأَيته استدل على أَن انجيل يوحنا ليس من تصنيف يوحنا الذي هو أَحد تلاميذ المسيح بعدة أُمور. (منها): أُسلوبه الذي يدل على أَن الكاتب لم يكتب ما شاهده وعاينه بل ينقل عن غيره. (ومنها): آخر فقرة منه وهي ما أَوردناه في الاستدلال على أَنه لم يكتب عن أَحوال المسيح وأَقواله إلا القليل، فإنه ذكر فيها يوحنا بضمير الغائب وأَنه كتب وشهد بذلك. فالذي ينقل هذا عنه لا بد أَن يكون غيره، وقصاراه أَنه ظفر بشيء مما كتبه فحكاه عنه ونقله في ضمن إنجيله، ولكن أَين الأَصل الذي ادعى أَن يوحنا كتبه وشهد به؟
وكيف نثق بنقله عنه ونحن لا نعرفه، ورواية المجهول عند محدثي المسلمين وجميع العقلاء لا يعتد بها البتة. (ومنها): أَنهم نقلوا أَن الناس أَنكروا كون هذا الإنجيل ليوحنا في القرن الثاني على عهد (أَرينيوس) تلميذ (بوليكارب) الذي هو تلميذ يوحنا، ولم يرد عليهم أرينيوس بأَنه سمع من بوليكارب أَن أُستاذه يوحنا هو الكاتب له (ومنها) نقله عن بعض كتبهم ما نصه: كتب استادلن في كتابه: ان كافة إنجيل يوحنا تصنيف طالب من طلبة مدرسة الإسكندرية بلا ريب. (ومنها): أَن المحقق (برطشنيدر) قال: إن هذا الإنجيل كله وكذا رسائل يوحنا ليست من تصنيفه بل صنفها أَحد (كذا) في ابتداء القرن الثاني.
(ومنها): أَن المحقق (كروتيس) قال إن هذا الإنجيل عشرين بابًا أَلحقت كنيسة أَفساس الباب الحادي والعشرين بعد موت يوحنا. (ومنها) أَن جمهور علمائهم ردوا إحدى عشرة آية من أَول الفصل الثامن الخ.
7 - علمنا مما تقدم أَن النصارى ليس عندهم أَسانيد متصلة ولا منقطعة لكتبهم المقدسة، وإنما بحثوا ونقبوا في كتب الأَولين والآخرين وفلوها فليا لعلهم يجدون فيها شبهة دليل على أَن لها أصلاً كان معروفًا في القرون الثلاثة الأولى للمسيح، ولكنهم لم يجدوا شيئًا صريحًا يثبت شيئًا منها، وإنما وجدوا كلمات مجملة أَو مبهمة فسروها كما شاءت أَهواؤهم وسموها شهادات ونظموها في سلك الحجج والبينات، وإن كانت هي أَيضًا غير منقولة عن الثقات، ثم استنبطوا من فحواها ومضامينها مسائل متشابهة زعموا أَن كلا منها يؤيد الآخر ويشهد له، وقد أَشرنا إلى ضعف كل واحدة من هاتين الطريقتين.
فثبت بهذا البيان الوجيز صدق قول القرآن المجيد: (فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ) (6) وثبت به أَنه كلام الله ووحيه، إذ ليس هذا مما يعرف بالرئي حتى يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم قد اهتدى إليه بعقله ونظره.
ونظير هذه العبارة وأَمثالها في الدلالة على كون القرآن من عند الله تعالى قوله تعالى: (فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء) (7) فأَنت ترى مصداق هذا القول بين فرقهم وبين دولهم لم ينقطع زمنًا ما.
8 - ان أَحد فلاسفة الهنود درس تاريخ الأَديان كلها وبحث فيها بحث مستقل منصف، وأَطال البحث في النصرانية لما للدول المنسوبة إليها من الملك وسعة السلطان والتبريز في الفنون والصناعات ثم نظر في الإسلام فعرف أَنه الدين الحق فأَسلم، وأَلف كتابًا باللغة الإنجليزية سماه ((لماذا أَسلمت)) بين فيه ما ظهر له من مزايا الإسلام على جميع الأَديان، وكان أَهمها عنده أَن الإسلام هو الدين الوحيد الذي له تاريخ صحيح محفوظ فالآخذ به يعلم أَنه هو الدين الذي جاء به محمد بن عبدالله النبي الأمي العربي المدفون في المدينة المنورة من بلاد العرب. وقد كان من مثار العجب عنده أَن ترضى أُوربه لنفسها دينًا ترفع من تنسبه إليه عن مرتبة البشر فتجعله إلهًا وهي لا تعرف من تاريخه شيئًا يعتد به، فإن هذه الأناجيل الأربعة على عدم ثبوت أَصلها، وعدم الثقة بتأْريخها ومؤلفيها لا تذكر من تاريخ المسيح إلا وقائع قليلة، حدثت كما تقول في أَيام معدودة. ولا يذكر فيها شيء يعتد به عن نشأَة هذا الرجل وتربيته وتعليمه وأَيام صباه وشبابه، ولله في خلقه شئون. اهـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/336)
بل إن كثيرًا من مفكريهم وأُدبائهم وعلمائهم المعاصرين يعترفون أَن الأَناجيل الموجودة ليست سوى مجموعة كتب كتبت في أَوقات متباعدة عن بعضها فقد جاء في دائرة المعارف البريطانية في المجلد الخامس صحيفة 636 طبعة 1953 ما نصه: -لم يبق من أَعمال السيد المسيح شيء ولا كلمة واحدة مكتوبة- وقال اللورد هدلي في أَحد كتبه: - ليس الإنجيل إلا مجموعة كتب كتبت في أَوقات متباعدة عن بعضها-. وقال الأستاذ ولز: إن السيد المسيح هو راضع نواة المسيحية وليس بمنشئها. وقال أيضًا: إن بعض الكتاب يرى أَن السيد المسيح لا تربطه بالمسيحية الحاضرة أَية صلة.
ولعل من أَبرز الدلائل على التحريف والتغيير والتبديل ما يزعمه النصارى من أَن عيسى ابن الله ورسوله – ففضلاً عما لدينا من كتاب الله وسنة رسوله من النصوص الواضحة في أَنه عبد الله ورسوله وكلمته أَلقاها إلى مريم وروح منه- فقد جاء في دائرة المعارف البريطانية المجلد الخامس منها ما نصه: -إن سيدنا عيسى عليه السلام- لم تصدر عنه أَي دعوى تفيد أَنه من عنصر إلهي أَو من عنصر أَعلى من العنصر الإنساني المشترك- كما أَنه جاء فيها أَن كثيرًا من المراسيم والطقوس الكنيسية المعمول بها الآن لم يمارسها سيدنا عيسى نفسه ولم يأْمر بها.
وقد يكون من المناسب أَن نذكر خلاصة أَقوال استشهد بها الأستاذ أَحمد علوش في كتابه (( The Religion of Islam)) لعلماء مسيحيين غيورين على المسيحية. أَحد هذه الأقوال: أَن الأَناجيل الأَربعة الموجودة الآن سبقتها محاولات عديدة وقد كان قبل هذه الأَربعة عدة أَناجيل. القول الثاني: أَن نسبة الأَناجيل الأَربعة الموجودة الآن إلى كاتبيها المعنيين نسبة مشكوك فيها ولم تثبت صحتها حتى الآن وما زالت مصدر أَخذ ورد.
الثالث: هذه الأَناجيل الأَربعة أُلفت تأْليفًا ولم تصدر عن وحي.
الرابع: يختلف إنجيل يوحنا عن الأَناجيل الثلاثة الأخرى اختلافًا شديدًا واضحًا.
الخامس: الأَناجيل الثلاثة الأخرى تختلف فيما بينها اختلافًا واضحًا كبيرًا. وان كان الاختلاف فيما بينها أَقل بالنسبة إلى إنجيل يوحنا.
----------------------------------------------------------------
أَما ما ذكره الأخ شمس الدين أَحمد من أَن من ناقشوه من رجال الدين المسيحي تعرضوا للقرآن. فلم يذكر لنا الطريقة التي تعرضوه بها حتى يكون ردنا عليهم متجهًا نحوها. ولعله وفقه الله يذكر لنا الشبه التي ذكروها له لأَن مجرد قولهم بأَن القرآن لم يسلم من التحريف يكفي في الرد عليهم به أَنهم كذابون وأَن الله تعالى تولى حفظه عن التغيير والتبديل والتحريف. قال تعالى وهو أَصدق القائلين: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (8).وقال تعالى: (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ - لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (9).
فلقد نقل القرآن إلينا بالنقل المتواتر بإجماع الأمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأَلفاظه ومعانيه. كما أَن كثيرًا من المسلمين سلفهم وخلفهم يحفظون القرآن في صدورهم حفظًا يستغنون به عن القراءة في المصاحف مصداقًا لما ثبت في صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَنه قال: ((إِنَّ رَبي قَالَ لِيْ إِني مُنَزِّل عَلَيْكَ كِتَابًا لا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ تَقْرَأُهُ نَائِمًا ويَقْظَانًا)).
فلو غسل بالماء من المصاحف لم يغسل من القلوب، ولو أُخفيت بعض قراطيسه كما هي الحال في التوراة والإنجيل وغيرهما لما خفي الأَمر على المسلمين فضلاً عن حفَّاظهم.
بل إن من كمال الحق ما شهد به الأَعداء فلقد قال ((السير وليم موير)) وهو أَحد خصوم الإسلام حسبما حكاه عنه الدكتور حسنين هيكل في كتابه (حياة محمد) (10): ومع ما أَدى إليه مقتل عثمان نفسه من قيام شيع متعصبة ثائرة زعزعت ولا تزال تزعزع وحدة العالم الإسلامي فإن قرآنًا واحدًا قد ظل دائمًا قرآنها جميعًا، وهذا الإسلام منها جميعًا إلى كتاب واحد على اختلاف العصور حجة قاطعة على أَن ما أَمامنا اليوم إنما هو النص الذي جمع بأَمر الخليفة السيء الحظ (11) والأَرجح أَن العالم كله ليس فيه كتاب غير القرآن ظل اثني عشر قرنًا كاملاً بنص هذا مبلغ صفائه ودقته.
وقال في موضع آخر (12): والنتيجة التي نستطيع الاطمئنان إلى ذكرها هي أَن مصحف زيد وعثمان لم يكن دقيقًا فحسب بل كان كما تدل عليه الوقائل كاملاً وانَّ جامعيه لم يتعمدوا إغفال أَي شيء من الوحي، ونستطيع كذلك أَن نؤيد إستنادًا إلى أَقوى الأَدلة أَن كل آية من القرآن دقيقة في ضبطها كما تلاها محمد.
وقال هيكل بعد ذلك (13): أَطلنا في اقتطاف عبارات ((سير وليم موير)) على أَن ما اقتطفناه يغنينا عن ذكر ما كتبه (الأَب لامنسي)) و ((فون هامر)) ومن يرون هذا الرأي من المستشرقين هؤلاء جميعًا يقطعون بدقة القرآن الذي نتلوه اليوم بأَنه يحتوي على كل ما تلاه محمد على أًَنه الوحي الذي تلقاه من ربه صادقًا كاملاً. فإذا ذهبت بعد ذلك قلة من المستشرقين غير مذهبهم غير آبهين بالأَدلة العلمية التي ساقها ((موير)) وكثرة المستشرقين كان ذلك تجنيًا على الإسلام لم يمله غير الحقد على الإسلام، وعلى صاحب الرسالة الإسلامية. اهـ.
وقال ((اربثنت)): ولقد ظل القرآن كما هو حتى اليوم بدون أَي تحريف أو تبديل لا من المتحمسين له ولا من ناقليه إلى لغات أُخرى ولا ممن يتربصون به الدوائر وهو موقف لم يقفه مع الأَسف أَي كتاب من كتب العهدين القديم والحديث معًا.
وقال (لوزتنا بوز) كذلك: فلم تكن هناك أَي فرصة لتبديل أَي جزء في القرآن أَو تحويره ولو بوازع الحماس له، وهو الكتاب الوحيد الذي ينفرد بهذه الميزة بين سائر الكتب التي جاءت بها الديانات القديمة العظمى.
هذا ما تيسر لنا إيراده، وبالله التوفيق. والسلام عليكم.
(ص-ف-2852 - 1 في 13 - 7 - 87هـ) مفتي الديار السعودية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/337)
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[01 - 05 - 04, 09:25 م]ـ
الحواشي:
(1) وانظر رسالة تتعلق بتدشين كنيسة في كتاب الحدود 683 في 18 - 2 - 85هـ.
(2) سورة المائدة 14 - 15.
(3) سورة التوبة 31.
(4) سورة المائدة 14.
(5) سورة النساء 171.
(6) سورة المائدة 14.
(7) سورة المائدة 14.
(8) سورة الحجر 9.
(9) سورة فصلت 41، 42.
(10) ص 30.
(11) قتل مظلومًا شهيدًا بغير سبب يبيح قتله وهو صابر محتسب لم يقاتل مسلمًا، وهو أحد الخلفاء الراشدين الأَربعة، وقد أَوصى النبي بسنتهم، وهو أَحد العشرة المبشرين بالجنة، وزوج ابنتي الرسول عليه الصلاة والسلام، وصاحب الفضائل المشهورة، وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم ((ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم)) وقال ((اءذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه)) وهذا من حسن الحظ.
(12) ص 38.
(13) 38.(26/338)
سؤال مهم حول عقيدة العادة عند الأشاعرة ـ هل هو قول ابن القيم؟
ـ[حسام العقيدة]ــــــــ[29 - 12 - 03, 08:17 ص]ـ
قال لي احدهم ان ابن القيم يقول بأن الله يخلق الإحراق عند الحرق
فهل هذا صحيح
أرجو ان تراجعوا قوله وتأتونا بالمفيد
حسام العقيدة
الكتاب غير متوفر عندي
لا تبخلوا علينا للضرورة
وهل في كتبه الأخرى ما يخالف هذا إن ثبت؟؟؟
حسام العقيدة
ـ[مسدد2]ــــــــ[30 - 12 - 03, 06:56 ص]ـ
للرفع
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[30 - 12 - 03, 07:29 ص]ـ
الذي أعرفه في هذا الباب، ولستُ أزعم أنني خبير فيه هو:
أن القول بأن الإحراق يُخلق عند الحرق يشترك فيه أهل السنة والأشاعرة على خلاف بينهم في تحديد القدرة التي صاحبت / سبقت الخلق.
فالأشاعرة يقولون بأن النار ليس لديها القدرة على الحرق. وأنه ليس هناك سبب أدّى إلى الحرق. وأن الحرق إنما خلق بقدرة ربانية قديمة.
في حين يقول أهل السنة بأن الله أودع في النار القدرة على الإحراق، وأن هذه القدرة هي سبب الحرق.
فكلام ابن القيم (رحمه الله) إن ثبت عنه صحيح بحسب ما أعرف.
والله اعلم.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[30 - 12 - 03, 09:19 ص]ـ
هذا كذب وافتراء على ابن القيم رحمه الله
ولعلي أنقل لك هذا النص من كلامه وهو يشنع على من يقول بهذا
شفاء العليل ص: 189
ولو تتبعنا ما يفيد إثبات الأسباب من القرآن والسنة لزاد على عشرة آلاف موضع
ولم نقل ذلك مبالغة بل حقيقة
ويكفي شهادة الحس والعقل والفطر
ولهذا قال من قال من أهل العلم تكلم قوم في إنكار الأسباب فأضحكوا ذوي العقول على عقولهم وظنوا انهم بذلك ينصرون التوحيد فشابهوا المعطلة الذين أنكروا صفات الرب ونعوت كماله وعلوه على خلقه واستواءه علىعرشه وتكلمه بكتبه وتكليمه لملائكته وعباده
وظنوا أنهم بذلك ينصرون التوحيد فما أفادهم إلا تكذيب الله ورسله وتنزيهه عن كل كمال ووصفه بصفات المعدوم والمستحيل
ونظير من نزه الله في أفعاله وأن يقوم به فعل البتة وظن انه ينصر بذلك حدوث العالم وكونه مخلوقا بعد أن لم يكن وقد أنكر اصل الفعل والخلق جملة
ثم من أعظم الجناية على الشرائع والنبوات والتوحيد إيهام الناس أن التوحيد لا يتم إلا بإنكار الأسباب!!
فإذا رأى العقلاء أنه لا يمكن إثبات توحيد الرب سبحانه إلا بإبطال الأسباب ساءت ظنونهم بالتوحيد وبمن جاء به
وأنت لا تجد كتابا من الكتب أعظم إثباتا للأسباب من القرآن ويا لله العجب إذا كان الله خالق السبب والمسبب وهو الذي جعل هذا سببا لهذا والأسباب والمسببات طوع مشيئته وقدرته منقادة لحكمه إن شاء أن يبطل سببيه الشيء أبطلها كما أبطل إحراق النار على خليله إبراهيم وإغراق الماء على كليمه وقومه وإن شاء أقام لتلك الأسباب موانع تمنع تأثيرها مع بقاء قواها وإن شاء خلى بينها وبين اقتضائه لآثارها فهو سبحانه يفعل هذا وهذا وهذا فأي قدح يوجب ذلك في التوحيد وأي شرك يترتب على ذلك بوجه من الوجوه
ولكن ضعفاء العقول إذا سمعوا أن النار لا تحرق والماء لا يغرق والخبر لا يشبع والسيف لا يقطع ولا تأثير لشيء من ذلك البتة ولا هو سبب لهذا الأثر وليس فيه قوة وإنما الخالق المختار يشاء حصول كل أثر من هذه الآثار عند ملاقاة كذا لكذا قالت هذا هو التوحيد وإفراد الرب بالخلق والتأثير ولم يدر هذا القائل أن هذا إساءة ظن بالتوحيد وتسليط لأعداء الرسل على ما جاؤوا به كما تراه عيانا في كتبهم ينفرون به الناس عن الإيمان
ـ[مسدد2]ــــــــ[30 - 12 - 03, 01:22 م]ـ
حسناً، النار سبب الاحراق
والاحراق لم يكن موجودا ووجد لحظة ملاقاة النار بالشيء المحروق ..
فمن خلق هذا الاحراق الجديد الذي كان بعد ان لم يكن؟
بالتأكيد، الله عز وجل؟
فإذن فالنار كانت سبب خلق الله عز وجل للاحراق لحظة الملاقاة ..
فهناك تلاق ثلاثي: النار، الشيء، الاحراق.
فالنار مقدمة، وسبب غير المباشر للنتيجة ان شئتم، لكنها ليس صاحبة التأثير بذاتها ..
فلا فاعل بذاته الا الله
وآلاف الأمثلة المذكورة لا تنقض هذا الامر الواضح.
وللمتردد في التسليم نسأل:
1 - الاحراق خلق الله ام خلق النار؟
2 - الاحراق سببته النار بذاتها ام بقدرة الله؟
3 - قدرة الله هذه، مودعة في النار استقلالا ام تعليقا بقدرة الله ومشيئته سويا؟
4 - ما معنى ان النار هي السبب اذا كان الله هو الفاعل و صاحب المشيئة ولا قدرة للنار على الاحراق بذاتها؟
ـ[حسام العقيدة]ــــــــ[30 - 12 - 03, 01:50 م]ـ
مسدد إن اردت من كلامك اثبات ان قول الأشاعرة بانكار الأسباب
(#حرّر#).
ويوجد على الشبكة كتابان في الرد على ذلك
احدها لمختار طيباوي في الرد على البوطي في ذلك يسمى
(الإقتران والتاثير)
والثاني لكاتب لا ادري اسمه واسم الكتاب
(عقيدة العادة عند الأشاعرة
والكتاب وضعته مرفق
اتمنى ان تقرأه جيدا (#حرّر#)
أما شيخنا
الفقيه
فأقول
انا اعرف استنكار ابن القيم لذلك
ولكن ليس بين يدي مفتاح دار السعادة
فارجو ان ينظر الى قول ابن القيم في ذلك وهل هذا صحيح
فقط هذا سؤالي
فانا بحثت في هذه المسالة ولكن سؤالي فقط حول نسبة ذلك لابن القيم في كتاب مفتاح دار السعادة
يقول الناقل انه موجود في كتاب (مفتاح دار السعادة)
آسف نسيت وضع الكتاب فيما مضى
حسام العقيدة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/339)
ـ[مسدد2]ــــــــ[30 - 12 - 03, 03:07 م]ـ
لا لم ارد انكار الاسباب، وانما انكار انها تؤثر بذاتها واثبات ان الله هو خالق الاثر عند الاقتران.
وشكرا على غيرتك المحمودة
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[30 - 12 - 03, 03:07 م]ـ
أخي مسدّد وفقه الله:
النار سبب في الحرق الذي هو خلق لله (سبحانه وتعالى)، كما أن قدرة العبد هي سبب في فعله الذي هو خلق لله (سبحانه وتعالى).
ومآل القول بقانون الأشاعرة هذا هو نفي صفة الخلق عن الله (عز وجل):
فإن الأشاعرة يقولون بأن الحرق يُخلق بقدرة ربانية قديمة. يعني خلق الله للحرق ليس على الحقيقة وإنما على المجاز. وإلا كان الله محلاً للحوادث، وهو منفي عندهم. ولذلك لم يجعلوا الخلق من الصفات المثبتة لله (سبحانه).
والله أعلم.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[30 - 12 - 03, 03:12 م]ـ
أحسنت ياشيخ هيثم وفقك الله ونفع بك.
ـ[مسدد2]ــــــــ[30 - 12 - 03, 03:19 م]ـ
بالرغم من عدم بعدي عن المباحث العقدية، لكن لم أر الترابط بين متفرقات جملتك أخي هيثم، فلو تكرمت بتوضيح ما عنيته.
فعندي اشكالات كثيرة حول جملتك القصيرة!
ـ[حسام العقيدة]ــــــــ[31 - 12 - 03, 04:05 ص]ـ
أخي مسدد
أعتذر إن بدى مني ما يغضبك
ولكنها البشرية ..... اخطاء البشر
ولك مني أن أدعو لك أن ينور قلبك بالعلم والإيمان
وعذرا أخي
أريد ان تتأكدوا لي من مقولة ابن القيم في مفتاح دار السعادة؟؟
الكتاب غير متوفر عندي
حسام العقيدة
ـ[حسام العقيدة]ــــــــ[01 - 01 - 04, 01:22 م]ـ
للرفع عل أحد يتحفنا بما في (مفتاح دار السعادة)
حسام العقيدة
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[01 - 01 - 04, 01:36 م]ـ
لعلك تبحث في الكتاب على هذا الرابط:
http://arabic.islamicweb.com/Books/taimiya.asp?book=82
وهنا كلامه (رحمه الله) عن الحكمة من خلق النار:
http://arabic.islamicweb.com/Books/taimiya.asp?book=82&ID=214(26/340)
مسائل عقدية
ـ[الفقير إلى عفو ربه]ــــــــ[03 - 01 - 04, 02:26 ص]ـ
مما أشكل على أخيكم ويرجو أن يجد جوابا لبعضه عند بعضكم أيها الفضلاء مايلي:
1 - نسب بعض الإخوة إلى الشيخ: ابن عثيمين رحمه الله أنه يقول بعد سؤال الكافر في القبر،وإنما السؤال يكون للمؤمن وللمنافق: أما المؤمن فيجيب بما هو معلوم،وأما المنافق فيسئل لأجل أن يقرر بكذبه الذي كان يظهره،فعند تلك الأهوال ينسى ماكان يدّعي من قبل ويقول: هاه .. هاه .. لاأدري،سمعت الناس يقولون شيئا فقلته،ويزعم من نقل بأن الشيخ رحمه الله استدل على ذلك بأن بعض المحدثين ذكروا أن في بعض طرق الحديث الشك بين الكافر والمنافق وفي بعضها الجزم بأحدهما،والكلام في الشك وفي تحديد المنافق واضح،أما الكافر فخطأ بعضهم هذه الروايات وصوّب بعضا ووجهها إلى أن المقصود بها المنافق،قال: وذلك لأن الكافر معلوم سلفا بأنه غير مؤمن بما يسئل عنه المؤمن.
فالمطلوب من المشايخ الكرام الجواب في ذلك عن أمرين فضلا لاأمرا:
الأول: هل مانسب إلى الشيخ صح عنه القول به؟
والثاني: هل ماقُرر من قول يستقيم؟
2 - تسمية المَلَكين السائلين في القبر بمنكر ونكير هل صح في ذلك حديث؟
ـ[الفقير إلى عفو ربه]ــــــــ[03 - 01 - 04, 02:38 ص]ـ
أرجو ممن لديه علم فيما سأسأل عنه أن يذكر ذلك؛علّ الله عز وجل أن ينفع به أخاكم السائل،وسأسأل عن أمرين الجامع بينهما واحد،وهما:
1 - هل الكفار يمرون على الصراط،أو هو خاص بالمؤمنين والمنافقين؟
وذلك لأن أحاديث الصحيحين في بعضها الإشارة إلى أن الله عز وجل يقول: لتتبع كل أمة ماكانت تعبد،وفيه: أنه لايبقى إلا هذه الأمة وفيها منافقوها،ثم في آخره: فينصب الصراط فيمرون عليه .. الحديث.
ومما يؤيد ذلك الفهم ماجاء عن أن الكفرة يساقون إلى جهنم زمرا كما في آخر الزمر،وهذا مخصص لعموم آية الورود؟
2 - الصراط في لغة العرب الطريق الواسع،ولم يأت فيما صح على حسب علمي في صفاته أنه أحد من السيف وأدق من الشعر،ومع ذلك فإن هذا الكلام يذكره بعض أهل العلم بصيغة الجزم،والمقصود أنه إذا لم يثبت في الشرع وصف لشيء وهو معلوم المعنى من لغة العرب وجب الصيرورة إليه.
فهل ماتقدم وجيه أم لا؟
آمل أن تتسع صدوركم لأخيكم ..
ـ[الفقير إلى عفو ربه]ــــــــ[03 - 01 - 04, 04:11 ص]ـ
درسنا على بعض مشايخنا أن الخلاف قد انعقد في أول المخلوقات:
فقيل العرش وقيل القلم،وذلك في شرحهم لبعض الكتب،وكان الانتصار دوما لمن يذهب إلى أن العرش هو أول المخلوقات لحديث " أول ماخلق الله القلم فقال له اكتب ماهو كائن إلى يوم القيامة ..... وكان عرشه على الماء "
فقالوا بأن المقصود بقوله أول: أن القلم أول ماخُلق هو أُمر بالكتابة لاأنه أول المخلوقات،ونقضوا قول من ذهب إلى الرأي الآخر بأن الحديث قد احتوى على أن ذلك كان والعرش على الماء.
وسؤالي: مالدليل على أن العرش بذلك يكون أول المخلوقات؟ حيث إن الحديث ليس فيه التصريح بذلك من قريب ولا من بعيد؟
ثم إن نفس الجملة: " وكان عرشه على الماء " تحتمل كقسمة عقلية أن خلق العرش كان متقدما على خلق الماء،أو أن خلق الماء كان أسبق،أو أنهما خلقا معا،فما هو السبب المرجح لأحد هذه الأقوال على الآخر حتى يقال بأن العرش كان متقدما على الماء؟ مع أن الناظر قد يقول بأن العرش جاء هنا بأنه على الماء فالأصوب أن يترجح لنا أمران إما: أنهما خلقا معا،أو أن الماء متقدم .. مع علمي بأن مسائل الغيب لايحكم فيها بالإلزامات العقلية ..
والسؤال الثاني: من المتقرر عند أهل السنة والجماعة في مسائل الإيجاد: المراتب الأربعة،ومنها: الكتابة،ولاتكون إلا بالقلم،فهل خلق الماء والعرش والقلم كان بدون هذه المرتبة؟
ـ[الفقير إلى عفو ربه]ــــــــ[03 - 01 - 04, 07:29 م]ـ
أيها الفضلاء:
هل رأيتموه وصددتم؟
أم قصرت في رفعه لتروه؟
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[04 - 01 - 04, 02:13 ص]ـ
للرفع والإجابة على أسئلة الأخ الكريم.
ـ[الفقير إلى عفو ربه]ــــــــ[04 - 01 - 04, 03:43 ص]ـ
أشكر لك صنيعك ..
ولقد وددت والله أنه قد تفاعل معي الأعضاء الكرام والمشايخ الفضلاء ولو برفع الموضوع حتى يقيض الله من يجيب على ماسألت عنه ..
ولقد عانيت نوعا من الإهمال لما سألت عنه هنا وفي موضوعين آخرين سألت فيهما عن بعض مسائل القبر وبعض مسائل الصراط،بل لقد بحثت عنهما الآن فلم أعد أراهما!!
وأرجو ألا يكونان قد حذفا!!
ـ[الساجي]ــــــــ[04 - 01 - 04, 09:54 ص]ـ
بالنسبة لما يتعلق بالصراط ومسائله فهناك رسالة علمية مطبوعة في ثلاث مجلدات للدكتور غالب عواجي بعنوان الحياة الآخرة تناول ما يتعلق بذلك بالتفصيل ومنها انه نقل قول ابن جرير في ان الصراط هو الطريق الواضح (وليس الواسع) المستقيم بإجماع الأمة وانه كذلك في استعمال العرب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/341)
ـ[المسيطير]ــــــــ[04 - 01 - 04, 04:21 م]ـ
اولا:
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه للغقيدة الواسطية ج2 ص112 مانصه:
تنبيه: الناس ثلاثة اقسام: مؤمنون خلص ومنافقون، وهذان القسمان يفتنون، والثالث كفار خلص، ففي فتنتهم خلاف، وقد رجح ابن القيم رحمه الله في كتابه " الروح " انهم يفتنون.
*وهل تسأل الامم السابقة؟
ذهب بعض العلماء - وهو الصحيح - الى انهم يسألون، لأنه اذا كانت هذه الأمة - وهي أشرف الأمم - تسأل، فمن دونها من باب اولى.
ثم قال رحمه الله ص117:
قوله: " فيضرب بمرزبة من حديد، فيصيح صيحة يسمعها كل شئ الا الانسان ".
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه: يعني الذي لم يجب، سواء كان الكافر او المنافق، والضارب له الملكان اللذان يسألانه.
ثانيا:
تسمية المَلَكين السائلين في القبر بمنكر ونكير هل صح في ذلك حديث؟.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه في شرحه على الواسطية ص113:
وورد في بعض الآثار ان اسمهما: منكر ونكير.
وأنكر بعض العلماء هذين الاسمين، قال: كيف يسمى الملائكة وهم الذين وصفهم الله تعالى بأوصاف الثناء بهذين الاسمين المنكرين، وضعف الحديث الوارد في ذلك.
وذهب آخرون الى ان الحديث حجة، وأن هذه التسمية ليس لأنهما منكران من حيث ذواتهما، ولكتهما منكران من حيث ان الميت لايعرفهما، وليس له بهما علم سابق، وقد قال ابراهيم عله السلام لأضيافه الملائكة (قوم منكرون) أنه لايعرفهم، فهذان منكر ونكير، لانهما غير معروفين للميت.
قال صاحب حاشية ابن عثيمين على الواسطية الشيخ سعد الصميل في الحديث:
لما رواه الترمذي (1083) وابن ابي عاصم في السنة (864) والآجري في الشريعة (365) ظن عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اذا قبر الميت - او قال احدكم - اتاه ملكان اسودان ازرقان، يقال لأحدهما: المنكر والآخر: النكير .. "والحديث صححه الالباني في الصحيحة (1391).
ثالثا:
هل الكفار يمرون على الصراط،أو هو خاص بالمؤمنين والمنافقين؟
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ص161:
قوله:" يمر الناس على قدر اعمالهم - اي على الصراط - " المراد بالناس هنا: المؤمنون، لأن الكفار قد ذهب بهم الى النار.أ. هـ
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابي هريرة رضي الله عنه قال في اجابته للصحابة عندما سألوه عن رؤيتهم لله تعالى " هل تضارّون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟ قالوا: لا يارسول الله. قال: فإنكم ترونه يوم القيامة، كذلك يجمع الله الناس، فيقول: من كان يعبد شيئا فليتبعه، فيتبع من كان يعبد الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت، وتبقى هذه الامة فيها منافقوها، فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفونها، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: انت ربنا، فيتبعونه، ويضرب جسر جهنم ...... الحديث ".
رابعا:
الصراط في لغة العرب الطريق الواسع،ولم يأت فيما صح على حسب علمي في صفاته أنه أحد من السيف وأدق من الشعر،ومع ذلك فإن هذا الكلام يذكره بعض أهل العلم بصيغة الجزم،والمقصود أنه إذا لم يثبت في الشرع وصف لشيء وهو معلوم المعنى من لغة العرب وجب الصيرورة إليه.
فهل ماتقدم وجيه أم لا؟
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ص 160:
وقد اختلف العلماء في كيفيته:
- فمنهم من قال: طريق واسع يمر الناس على قدر اعمالهم، لأن كلمة صراط مدلولها اللغوي هو هذا، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه دحض ومزلة (رواه البخاري ومسلم عن ابي سعيد رضي الله عنه)، والدحض وامزلة لا يكونان الا في طريق واسع، اما الضيق، فلا يكون دحضا ومزلة.
- ومن العلماء من قال: بل هو صراط دقيق جدا، كما جاء في حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه بلاغا (مسلم)، انه ادق من الشعر، وأحد من السيف.
وهذه المسألة لايكاد الانسان يجزم بأحد القولين، لأن كليهما له وجهة قوية.
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[04 - 01 - 04, 05:57 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي المسيطير
نيابة عن الفقير إلى عفو ربه
وعن الإخوة جميعا
ـ[الفقير إلى عفو ربه]ــــــــ[05 - 01 - 04, 11:03 ص]ـ
أشكر أخي المسيطير
والشكر موصول لأخي إحسان
ولي عودة بإذن الله على ماأجاب به أخي الفاضل ..
ـ[المسيطير]ــــــــ[05 - 01 - 04, 03:31 م]ـ
الشيخ احسان،،، جزاك الله خيرا
الاخ الفقير الى عفو ربه،،،، وكلنا ذاك الفقير،،، وفقه الله
جزاك الله خيرا
قولك وفقك الله:
ولي عودة بإذن الله على ماأجاب به أخي الفاضل ..
والصحيح:
ولي عودة بإذن الله على مانقله أخي الفاضل ..
ـ[سيف الخولاني]ــــــــ[06 - 04 - 06, 02:44 م]ـ
السلام عليكم:
لقد جاء ياأخي في الحديث عند البخاري من حديث عمران بن الحصين عندما سأل الوفد النبي صلى الله عليه وسلم وسألوا عن أول الأمر قال: كان الله ولاشي قبله وكان عرشه على الماء ثم خلق السموات والأرض إلى أخر الحديث في كتاب بدء الخلق. لكن الفائدة التي ذكرها الحافظ في الفتح، وهي أن بن شاهين ذكر الحديث في ترجمة نافع بن زيد الحميري بلفظ يحل الإشكال إن شاء الله. واللفظ هو: "كان الله لاشيء غيره، وكان عرشه على الماء ثم خلق القلم فقال: أكتب ماهو كائن، ثم خلق السموات والأرض ومابينهما واستوى على عرشه". ولم اقف على كلام العلماء على إسناد بن شاهين في كتابه معرفة الصحابة. ومن خلال علمي البسيط أن الحديث سيكون صحيح لغيره على أقل الدرجات إذا كان سند بن شاهين ضعيف. لكن، لو كانت هذه الزيادة في الحديث لا تقبل إلا من ثقة، فلا أدري ماهو الحكم حينها. وفوق كل ذي علم عليم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/342)
ـ[سيف الخولاني]ــــــــ[11 - 04 - 06, 04:55 م]ـ
السلام عليكم:
ذكر الحافظ بن حجر رحمه الله في كتابة الإصابة في معرفة الصحابة حديث نافع الحميري الذي عند بن شاهين بسند الأخير، ثم قال بعده: " وفي سنده مجاهيل". إذن، إسناد بن شاهين رحمه الله للحديث المذكور ضعيف. لكن مازال سؤالي بدون جواب: هل الحديث يكون صحيح لغيره؟؟ وهل تعتمد الزيادة التي فيه " ثم خلق القلم " رغم أنها ليست في الصحيحين وغيرهما؟ فمن كان عنده علم فليتفضل علينا، مع العلم أن الحافظ بن حجر ذكر رواية بن شاهين كالمعتمد على الزيادة التي فيه في الفتح، والله الموفق.
ـ[أبو محمد العدني]ــــــــ[17 - 06 - 07, 06:33 م]ـ
السلام عليكم
عندي سؤال على بعض ما تقدم وهو: من سلف الشيخ ابن عثيمين في تضعيف حديث تسمية الملكان بمنكر ونكير؟(26/343)
هل هذه الرسالة ثابتة لابن تيمية؟
ـ[راشد]ــــــــ[03 - 01 - 04, 05:56 ص]ـ
http://www.albrhan.com/arabic/books/hoqoq/index.html
حقوق آل البيت
بين السنة والبدعة
لشيخ الإسلام
ابن تيميه
رحمه الله
هذه رسالة نادرة لشيخ الاسلام ابن تيمية –رحمه الله - قام بنشرها الشيخ ابو تراب الظاهرى – رحمه الله – وكذلك الاستاذ عبد القادر عطا – رحمه الله – وقد جمعنا تخريجهم للاحاديث الواردة فى الرسالة مع الاختصار واضفنا حكم العلامة الالبانى – رحمه الله – عليها.
وكانت مجلة التصوف الاسلامى قد نشرت الرسالة بتعليق الشيخ ابى تراب لكنها حذفت منها القسم الاخير المتعلق بالمشاهد والقبور!!!
ولقد ابقينا على العناوين الفرعية التى وضعها الاستاذ عبد القادر، والمقدمة التى كتبها الشيخ ابى تراب.
والعنوان الذى نشرته مجلة التصوف هو (فضل اهل البيت وحقوقهم) ولا ندرى هل هو من وضعهم ام من صنيع ابى تراب؟
ولقد نشرها ايضا الشيخ العلامة بكر ابو زيد فى كتابه جامع الرسائل المنثورة 3/ 69 - 115.
مقدمة الشيخ ابو تراب الظاهرى
قال ابو تراب:
هذه رسالة نادرة لشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله وجدتها في كناشتى، وهي على صغر حجمها جليلة القدر، لملمت بين ثناياها أطراف موضوعها من جميع الجوانب، كعادة ابن تيميه إذا تكلم في مسألة فهو بحر مواج يبعد عليك الوصول إلى ساحله.
ومحتوى الرسالة كما أنبنا عنه عنوانها – بيان مذهب السلف في شعبة من شعب الإيمان – التي تتعلق بأعمال القلب وهي حب أهل بيت النبوة كما دل عليه القرآن والحديث، وقد أوضح ذلك في هذه الرسالة أتم إيضاح، وكلامه عن ذلك في الفتاوى الكبرى (ج3 ص154) وهو في العقيدة الواسطية ما نصه: (ومن أصول أهل السنة والجماعة أنهم يحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتولونهم، ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال يوم غدير خم: (أذكركم الله في أهل بيتي)، وقال للعباس عمه – وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم- (والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي) وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله أصطفى بني إسماعيل واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم).
وقال في الفتاوى (ج3 ص407) وهو في الوصية الكبرى (ص297) ما نصه: (آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم من الحقوق ما يجب رعايتها، فإن الله جعل لهم حقاً في الخمس والفيء، وأمر بالصلاة عليهم مع الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لنا: (قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد)، وآل محمد هم الذين حرمت عليهم الصدقة هكذا قال الشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهما من العلماء رحمهم الله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد) وقد قال الله في كتابه: ((إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً))
وحرم الله عليهم الصدقة لأنها أوساخ الناس. وفي المسانيد والسنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للعباس – لما شكا إليه جفوة قوم لهم – (والذي نفسي بيده لا يدخلون الجنة حتى يحبوكم من أجلي) وفي الصحيح أنه قال: (إن الله اصطفى .. الحديث المذكور).
وأورد شيخ الإسلام ابن تيميه في درجات اليقين (ص149) قوله صلى الله عليه وسلم: (أحبوا الله لما يغذوكم من نعمة وأحبوني لحب الله وأحبوا أهل بيتي لحبي).
وقال ابن تيميه في اقتضاء الصراط (ص 73) الحجة قائمة بالحديث. وقال في (ص89) وانظر إلى عمر بن الخطاب حين وضع الديوان فبدأ بأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ونقل العلامة السيد حامد المحضار في الجزء الذي جمع فيه أقوال الشيخين ابن تيميه وابن القيم (ص23) قول شيخ الإسلام في رسالة (رأس الحسين) عقب حديث: (والذي نفسي بيده لا يدخلون الجنة حتى يحبوكم لله ولقرابتي) فإذا كانوا أفضل الخلق فلا ريب أن أعمالهم أفضل الأعمال.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/344)
هذا والأحاديث في فضائل أهل البيت النبوي مستفيضة في المسانيد والمعاجم والسنن والمصنفات، وفيها الضعيف والموضوع مع الصحيح، وقد ميز بينها نقاد المحدثين، ومعظمها في جامع المسانيد لابن كثير والجامع الكبير للسيوطي وكنز العمال للمتقى، ونقد بعضها ابن كثير في تفسيره (ج3 ص 483)، وللمحب الطبري في ذلك تأليف مفرد سماه: ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى، وانظر شرف بيت النبوة في جلاء الأفهام لابن القيم (ص 177) ولغلاة الشيعة فيها تأليف مفردة فيها من المنكر شيء كثير، وحسبنا ما صحت به الرواية، وجاء به الحديث الثابت، قال ابن كثير (ج4 ص 113): (ولا ننكر الوصاة بأهل البيت، والأمر بالإحسان إليهم واحترامهم وإكرامهم فإنهم من ذرية طاهرة من أشرف بيت وجد على وجه الأرض فخراً وحسباً ونسباً، ولا سيما إذا كانوا متبعين للسنة النبوية الصحيحة الواضحة الجلية كما كان عليه سلفهم كالعباس وبنيه، وعليّ وأهل بيته وذريته رضي الله عنهم أجمعين).
وفي صحيح البخاري قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: ارقبوا محمداً صلى الله عليه وسلم في أهل بيته.
وقال لعليّ رضي الله عنهما: والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليّ أن أصل من قرابتي، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للعباس: والله لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إليّ من إسلام الخطاب لو أسلم، لأن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب.
وفي صحيح مسلم عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أنه خطب فقال: (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي)، ورواه الإمام أحمد والنسائي والترمذي، وفي رواية (كتاب الله وعترتي وإنهما لم يفترقا حتى يردا عليّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما).
وروى ذلك أيضاً أبو ذر وأبو سعيد وجابر وحذيفة بن أسيد رضي الله عنهم وأورده ابن تيميه في الفرقان (ص 163) وفي لفظ مسلم: (أذكركم الله في أهل بيتي).
قال الطيبي كما في تحفة الأحوذي (ج4 ص 343): لعل السر في هذه التوصية واقتران العترة بالقرآن أن إيجاب محبتهم لائح من معنى قوله تعالى: ((قل لا أسلكم عليه أجراً إلا المودة في القربى)) فإنه تعالى جعل شكر إنعامه وإحسانه بالقرآن منوطاً بمحبتهم على سبيل الحصر فكأنه صلى الله عليه وسلم يوصي الأمة بقيام الشكر، وقيد تلك النعمة به، ويحذرهم عن الكفران، فمن أقام بالوصية، وشكر تلك الصنيعة بحسن الخلافة فيهما لن يفترقا، فلا يفارقانه في مواطن القيامة ومشاهدها حتى يردوا الحوض، فشكر صنيعه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ هو بنفسه يكافئه، والله تعالى يجزيه الجزاء الأوفى، فمن أضاع الوصية وكفر النعمة فحكمه على العكس، وعلى هذا التأويل حسن موقع قوله: (فانظروا كيف تخلفوني فيهما)، أي: تأملوا وتفكروا واستعملوا الروية في استخلافي إياكم هل تكونون خلف صدق أو خلف سوء.
هذا وفي الرسالة فوائد يحرص أهل العلم على اقتناصها كمسألة إعطاء آل البيت من الزكوات.
وكمسألة تخصيص أصحاب الكساء من عموم أهل البيت الذين نزلت فيهم الآية المذكورة في الأحزاب: ((إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً)) وهم ذوو قرباه وأزواجه اللاتي سيقت الآيات فيهن وفي مخاطبتهن وتنظير ذلك بالمسجد الذي أسس على التقوى، وهو مسجد قباء وعلى الأخص مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.
وكمسألة سيادة الحسن دون الحسين رضي الله عنهما وتنظير ذلك بإسحاق وإسماعيل عليهما السلام إلى غير ذلك مما تجده فيها.
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ الإمام العالم العامل فريد عصره، مفتي الفرق، شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن الشيخ الإمام العالم شهاب الدين عبد الحليم بن الشيخ الإمام العلامة مجد الدين عبد السلام بن تيميه رضي الله عنه وأرضاه، وأعلى درجته:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/345)
هذا الكتاب إلى من يصل إليه من الإخوان المؤمنين الذين يتولون الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون. الذين يحبون الله ورسوله، ومن أحبه الله ورسوله، ويعرفون من حق المتصلين برسول الله ما شرعه الله ورسوله، فإن من محبة الله وطاعته محبة رسوله وطاعته، ومن محبة رسوله وطاعته محبة من أحبه الرسول صلى الله عليه وسلم وطاعة من أمر الرسول بطاعته، كما قال تعالى: ((يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً)).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن عصى أميري فقد عصاني) 1، وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (إنما الطاعة في المعروف) 2، وقال: (لا
1 رواه الإمام أحمد والشيخان والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة.
2 هذه قطعة حديث أخرجه البخاري ومسلم، ونصه عند البخاري: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية واستعمل عليهم رجلاً من الأنصار وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا، فأغضبوه إلى شيء، فقال: اجمعوا لي حطباً فجمعوا له ثم قال: أوقدوا ناراً فأوقدوا ثم قال: ألم يأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسمعوا لي وتطيعوا؟ قالوا: بلى، قال: فادخلوها، فنظر بعضهم إلى بعض فقالوا: إنما فررنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار، فكانوا كذلك، وسكن غضبه وطفئت النار فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: لو دخلوها ما خرجوا منها إنما الطاعة في المعروف.
طاعة لمخلوق في معصية الخالق) 1.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فإنا نحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، وهو للحمد أهل وهو على كل شيء قدير، ونصلي على إمام المتقين، وخاتم النبيين عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد:
وحدة المسلمين بالكتاب والسنة
فإن الله سبحانه وتعالى بعث محمداً بالكتاب والحكمة ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد، وقال الله تعالى: ((لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)). وقال تعالى: ((واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به)). وقال لأزواج نبيه صلى الله عليه وسلم: ((واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة)).
والذي كان يتلوه هو رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيوت أزواجه: كتاب الله والحكمة. فكتاب الله هو القرآن، والحكمة هي ما كان يذكره من كلامه، وهي سنته صلى الله عليه وسلم. فعلى المسلمين أن يتعلموا هذا وهذا.
وفي الحديث المشهور الذي رواه الترمذي وغيره عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ستكون فتنة. قلت: فما المخرج يا رسول الله؟ قال: كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسن، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم).2
1 رواه أحمد والحاكم والطيالسي عن عمران بن حصين والحكم والغفاري وعبد الله بن الصامت وله مخارج آخر، وصححه الالبانى فى الصحيحة برقم 179
2 اخرجه الترمذى و الدارمى و احمد، وضعفه الالبانى فى ضعيف سنن الترمذى حديث رقم 554
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/346)
وقال الله تعالى في كتابه: ((واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا))، وقال في كتابه: ((إن الذين تفرقوا وكانوا شيعا لست منهم في شيء)). فذم الذين تفرقوا فصاروا أحزاباً وشيعاً، وحمد الذين اتفقوا وصاروا معتصمين بحبل الله الذي هو كتابه شيعة واحدة للأنبياء كما قال تعالى: ((وإن من شيعته لإبراهيم))، وإبراهيم أبو الأنبياء، كما قال: ((وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين)). وقال تعالى: ((إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفا ولم يكن من المشركين))، إلى أن قال: ((ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركيين)).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أمته أن يقولوا إذا أصبحوا: (أصبحنا على فطرة الإسلام، وكلمة الإخلاص ودين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وملة أبينا إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين) 1. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، فلا ألفين رجلاً شبعان على أريكته يقول: بيننا وبينكم هذا القرآن، فما وجدنا فيه من حلال حللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه) 2.
فهذا الحديث موافق لكتاب الله، فإن الله ذكر في كتابه أنه صلى الله عليه وسلم يتلو الكتاب والحكمة، وهي التي أوتيها مع الكتاب، وقد أمر في كتابه بالاعتصام بحبله جميعاً، ونهى عن التفرق والاختلاف، و (أمر) أن نكون شيعة واحدة، لا شيعاً متفرقين، وقال الله تعالى في كتابه: ((وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين * إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون)) فجعل المؤمنين إخوة، وأمر بالإصلاح بينهم بالعدل مع وجود الاقتتال والبغي.
1 أخرجه أحمد والطبراني والنسائي عن عبد الرحمن بن ابزى، وصححه الالبانى فى الجامع 4550
2 رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة وابن حيان والحاكم عن أبي رافع، وأخرجه أحمد وأبو داود عن المقدام بن معد يكرب أيضاً، صحيح المشكاة 162
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) 1، وقال: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) 2، وشبك بين أصابعه.
فهذه أصول الإسلام التي هي الكتاب والحكمة، والاعتصام بحبل الله جميعاً (واجب) على أهل الإيمان للاستمساك بها.
اهل البيت وخصائصهم
من هم اهل البيت؟
ولا ريب أن الله قد أوجب فيها من حرمة خلفائه وأهل بيته والسابقين الأولين، والتابعين لهم بإحسان ما أوجب. قال الله تعالى: ((يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً * وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيماً)).
وقد روى الإمام أحمد والترمذي وغيرهما عن أم سلمة: أن هذه الآية لما نزلت أدار النبي صلى الله عليه وسلم كساءه على عليّ وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم فقال: (اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً) 3. وسنته تفسر كتاب الله وتبينه، وتدل عليه، وتعبر عنه. فلما قال: (هؤلاء أهل بيتي) مع أن سياق القرآن يدل على أن الخطاب مع أزواجه، علمنا أن أزواجه وإن كن من أهل بيته كما دل عليه القرآن، فهؤلاء أحق بأن يكونوا أهل بيته، لأن صلة النسب أقوى من صلة الصهر، والعرب تطلق هذا البيان للاختصاص بأصل الحكم، كقول النبي صلى الله عليه وسلم ليس المسكين بالطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، وإنما المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يتفطن له يتصدق عليه، ولا يسأل الناس إلحافاً).
بين بذلك: أن هذا مختص بكمال المسكنة، بخلاف الطواف فإنه لا تكمل فيه المسكنة، لوجود من يعطيه أحياناً، مع أنه مسكين أيضاً. ويقال: هذا هو العالم، وهذا هو العدو، وهذا هو المسلم، لمن كمل فيه ذلك وإن شاركه غيره في ذلك وكان دونه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/347)
1 رواه الشيخان و الإمام أحمد.
2 أخرجه البخاري ومسلم، عن أبي موسى.
3 اخرجه الترمذى واحمد، صحيح الترمذى 3435
ونظير هذا في الحديث ما رواه مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى فقال: (مسجدي هذا) يعني مسجد المدينة. مع أن سياق القرآن في قوله عن مسجد الضرار: ((لا تقم فيه أبداً لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين)). يقتضى أنه مسجد قباء. فإنه قد تواتر أنه قال لأهل قباء: (ماهذا الطهور الذي أثنى الله عليكم به؟ فقالوا: لأننا نستنجي بالماء).1 لكن مسجده أحق بأن يكون مؤسساً على التقوى من مسجد قباء، وإن كان كل منهما مؤسساً على التقوى، وهو أحق أن يقوم فيه من مسجد الضرار، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: أنه كان يأتي قباء كل سبت راكباً وماشياً، فكان يقوم في مسجده القيام الجامع يوم الجمعة، ثم يقوم بقباء يوم السبت 2، وفي كل منهما قد قام في المسجد المؤسس على التقوى.
ولما بين سبحانه أنه يريد أن يذهب الرجس عن أهل بيته ويطهرهم تطهيرا، دعا النبي صلى الله عليه وسلم لأقرب أهل بيته وأعظمهم اختصاصاً به، وهم: علي، وفاطمة، رضي الله عنهما، وسيدا شباب أهل الجنة، جمع الله لهم بين أن قضى لهم بالتطهير، وبين أن قضى لهم بكمال دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، فكان في ذلك ما دلنا على أن إذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم نعمة من الله ليسبغها عليهم، ورحمة من الله وفضل لم يبلغوهما بمجرد حولهم وقوتهم، إذ لو كان كذلك لاستغنوا بهما عن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، كما يظن من يظن أنه استغنى في هدايته وطاعته عن إعانة الله تعالى له، وهدايته إياه.
وقد ثبت أيضاً بالنقل الصحيح: أن هذه الآيات لما نزلت قرأها النبي صلى الله عليه وسلم على أزواجه، وخيرهن كما أمره الله، فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة، ولذلك أقرهن، ولم يطلقهن، حتى مات عنهن 3، ولو أردن الحياة الدنيا وزينتها لكان يمتعهن ويسرحهن كما أمره الله سبحانه وتعالى، فإنه صلى الله عليه وسلم أخشى الأمة لربه وأعلمهم بحدوده.
ولأجل ما دلت عليه هذه الآيات من مضاعفة للأجور والوزر بلغنا عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين وقرة عين الإسلام أنه قال: (إني لأرجو أن يعطي الله للمحسن منا أجرين، وأخاف أن يجعل على المسيء منا وزرين).
1 اخرجه احمد وابن ماجه. صحيح ابن ماجه 1/ 62
2 رواه الشيخان
3 رواه الشيخان
وثبت في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم أنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بغدير يدعى (خم) بين مكة والمدينة فقال: (وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي). قيل لزيد بن أرقم: ومن أهل بيته؟ قال: الذين حرموا الصدقة: آل علي، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل عباس. قيل لزيد: أكل هؤلاء أهل بيته؟ قال: نعم) 1.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه صحاح أن الله لماأنزل عليه: ((إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً)). سأل الصحابة: كيف يصلون عليه؟ فقال: (قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد) 2. وفي حديث صحيح: (اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته).
مالهم وما عليهم:
وثبت عنه أن ابنه الحسن لما تناول تمرة من تمر الصدقة قال له: (كخ، كخ، أما علمت أنا آل البيت لا تحل لنا الصدقة) 3، وقال: (إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد) 4 وهذا والله أعلم من التطهير الذي شرعه الله لهم، فإن الصدقة أوساخ الناس، فطهرهم الله من الأوساخ، وعوضهم بما يقيتهم من خمس الغنائم، ومن الفيء الذي جعل منه رزق محمد حيث قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد وغيره: (بعثت بالسيف بين يدي الساعة، حتى يعبد اللله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم) 5.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/348)
ولهذا ينبغي أن يكون اهتمامهم بكفاية أهل البيت الذين حرمت عليهم الصدقة أكثر من اهتمامهم بكفاية الآخرين من الصدقة، لا سيما إذا تعذر أخذهم من الخمس والفيء، إما لقلة ذلك، وإما
1 رواه مسلم و أحمد والنسائي والترمذي.
2 رواه الشيخان.
3 رواه البخارى.
4 اخرجه الدارمى والنسائى ومالك، صحيح صحيح الجامع 1660.
5 رواه البخارى تعليقا واحمد، صحيح الجامع 2828.
لظلم من يستولي على حقوقهم، فيمنعهم إياها من ولاة الظلم، فيعطون من الصدقة المفروضة ما يكفيهم إذا لم تحصل كفايتهم من الخمس والفيء 1.
صفات اهل الفيء:
وعلى الآخذين من الفيء من ذوي القربى وغيرهم أن يتصفوا بما وصف الله به أهل الفيء في كتابه حيث قال: ((ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل)) الآيات.
فجعل أهل الفيء ثلاثة أصناف: المهاجرين، والأنصار، والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين بقونا بإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربينا إنك رؤوف رحيم.
وذلك أن الفيء إنما حصل بجهاد المهاجرين والأنصار وإيمانهم وهجرتهم ونصرتهم، فالمتأخرون إنما يتناولونه مخلفا عن أولئك، مشبها بتناول الوارث ميراث أبيه، فإن لم يكن مواليا له لم يستحق الميراث، (فلا يرث المسلم الكافر) 2، فمن لم يستغفر لأولئك بل كان مبغضا لهم خرج عن الوصف الذي وصف الله به أهل الفيء، حتى يكون قلبه مسلما لهم، ولسانه داعيا لهم، ولو فرض أنه صدر من واحد منهم ذنب محقق فإن الله يغفره له بحسناته العظيمة، أو بتوبة تصدر منه، أو يبتليه ببلاء يكفر به سيئاته، أو يقبل في شفاعة نبيه وإخوانه المؤمنين، أو يدعو الله بدعاء يستجيب له.
سب الصحابة ... حرام على ال البيت وغيرهم:
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحاح من رواية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن حاطب بن أبي بلتعة كاتب كفار مكة لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يغزوهم غزوة الفتح، فبعث إليهم إمرأة معها كتاب يخبرهم فيه بذلك، فجاء الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فبعث عليا والزبير فأحضروا الكتاب، فقال: (ما هذا يا حاطب؟) فقال: والله يا رسول الله ما فعلت ذلك أذى ولا كفرا، ولكن كنت امرأ ملصقا من قريش، ولم أكن
1 قال أبو تراب: وقال بذلك أبو سعيد الأصطخري قال الرافعي: وكان محمد بن يحيى صاحب الغزالي يفتي بهذا. انظر شرح المهذب للنووي ج6 ص 227.
2قال عبد القادر عطا:لانقطاع الموالاة بينهما لحديث اسامة بن زيد الذى اخرجه احمد والبخارى ومسلم والاربعة.
من أنفسهم، وكان من معك من أصحابك لهم قرابات يحمون بها أهليهم، فأردت أن أتخذ عندهم يدا أحمي بها قرابتي، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق. فقال صلى الله عليه وسلم: (إنه شهد بدرا، وما يدريك لعل الله قد اطلع عل أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم). وأنزل الله تعالى في ذلك: ((يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة)) الآيات.
وثبت في صحيح مسلم أن غلام حاطب هذا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله والله ليدخلن حاطب النار، وكان حاطب يسىء إلى مماليكه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كذبت، إنه قد شهد بدرا والحديبية). وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل النار واحد بايع تحت الشجرة) 1.
فهذا حاطب قد تجسس على رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فتح مكة التي كان صلى الله عليه وسلم يكتمها عن عدوه، وكتمها عن أصحابه، وهذا من الذنوب الشديدة جدا، وكان يسيء إلى مماليكه، وفي الحديث المرفوع، (لن يدخل الجنة سيء الملكة) 2. ثم مع هذا لما شهد بدرا والحديبية غفر الله له ورضي عنه، فإن الحسنات يذهبن السيئات. فكيف بالذين هم أفضل من حاطب وأعظم إيماناً وعلما وهجرة وجهادا، فلم يذنب أحد قريبا من ذنوبه؟!.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/349)
ثم إن أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه روى هذا الحديث في خلافته، ورواه عنه كاتبه عبيد الله بن أبي رافع، وأخبر فيه أنه هو والزبير ذهبا لطلب الكتاب من المرأة الظعينة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم شهد لأهل بدر بما شهد، مع علم أمير المؤمنين بما جرى، ليكف القلوب والألسنة عن أن تتكلم فيهم إلا بالحسنى، فلم يأت أحد منهم بأشد مما جاء به حاطب، بل كانوا في غالب ما يأتون به مجتهدين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر) 3 .. وهذا حديث صحيح مشهور.
1 رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن جابر ومسلم عن أم بشر.
2 أخرجه الترمذي وابن ماجه واحمد، ضعيف ضعيف ابن ماجه 3691.
3 رواه الشيخان.
وثبت عنه أيضا أنه لما كان في غزوة الأحزاب فرد الله الأحزاب بغيظهم لم ينالوا خيرا، وأمر نبيه بقصد بني قريظة قال لاصحابه (لايصلين احد منكم العصر إلافى بنى قريظة) 1، فأدركتهم الصلاة في الطريق، فمنهم قوم قالوا: لا نصليها إلا في بني قريظة، ومنهم قوم قالوا: لم يرد منا تفويت الصلاة، إنما أراد المسارعة، فصلوا في الطريق. فلم يعنف النبي صلى الله عليه وسلم واحدة من الطائفتين.
وكانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه موافقة لما ذكره الله سبحانه وتعالى حيث قال: ((وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما)) فأخبر سبحانه وتعالى أنه خص أحد النبيين بفهم الحكم في تلك القضية، وأثنى على كل منهما بما اتاه من العلم والحكم.
فهكذا السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ورضوا عنه، كانوا فيما تنازعوا فيه مجتهدين طالبين للحق.
جهل الشيعة بمذهب الامام علي
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة) 2. وروى عنه مولاه سفينة أنه قال: (الخلافة ثلاثون سنة، ثم تصير ملكا) 3. فكان آخر الثلاثين حين سلم سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحسن بن علي رضي الله عنهما الأمر إلى معاوية. وكان معاوية أول الملوك، وفيه ملك ورحمة، كما روى في الحديث: (ستكون خلافة نبوة، ثم يكون ملك ورحمة، ثم يكون ملك وجبرية، ثم يكون ملك عضوض) 4.
وقد ثبت عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه من وجوه أنه لما قاتل أهل الجمل لم يسب لهم ذرة، ولم يغنم لهم مالا، ولا أجهز على جريح، ولا اتبع مدبرا، ولا قتل أسيرا، وأنه صلى على قتلى الطائفتين بالجمل وصفين، وقال: (إخواننا بغوا علينا) 5. وأخبر أنهم ليسوا بكفار ولا منافقين، واتبع فيما قاله كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فإن الله سماهم
1رواه البخارى.
2رواه ابو داود و الترمذى وابن ماجه، صحيح صحيح الترغيب 1/ 123.
3رواه احمد، صحيح صحيح الجامع 3336.
4 اخرجه ابو داود والترمذى واحمد، صحيح الصحيحة 5.
5 رواه ابن ابى شيبة.
إخوة وجعلهم مؤمنين في الاقتتال و البغي كما ذكر في قوله: ((وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا)).
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحاح أنه قال: (تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين، تقتلهم أولى الطائفتين بالحق) 1.
وهذه المارقة هم أهل حروراء، الذين قتلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأصحابه لما مرقوا من الإسلام، وخرجوا عليه، فكفروه، وكفروا سائر المسلمين، واستحلوا دمائهم وأموالهم.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق متواترة أنه وصفهم وأمر بقتالهم، فقال: يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقرآنه مع قرآنهم، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لو يعلم الذين يقتلونهم ما لهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم لنكلوا عن العمل) 2. فقتلهم علي رضي الله عنه وأصحابه، وسر أمير المؤمنين بقتلهم سرورا شديدا وسجد لله شكرا، لما ظهر فيهم علامتهم وهو المخدج اليد، الذي على يده مثل البضعة من اللحم، عليها شعرات فاتفق جميع الصحابة على استحلال قتالهم،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/350)
وندم كثير منهم كابن عمر وغيره على ألا يكونوا شهدوا قتالهم مع أمير المؤمنين، بخلاف ما جرى في وقعة الجمل وصفين، فإن أمير المؤمنين كان متوجعا لذلك القتال، متشكياً مما جرى، يتراجع هو وابنه الحسن القول فيه، ويذكر له الحسن أن رأيه ألا يفعله.
فلا يستوي ما سر قلب أمير المؤمنين وأصحابه وغبطه به من لم يشهده، مع ما تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه وساءه وساء قلب أفضل أهل بيته، حب النبي صلى الله عليه وسلم، الذي قال فيه: (اللهم إني أحبه فأحبه، وأحب من يحبه) 3. وإن كان أمير المؤمنين هو أولى بالحق ممن قاتله في جميع حروبه.
ولا يستوي القتلى الذين صلى عليهم و سماهم إخواننا، والقتلى الذين لم يصل عليهم، بل قيل له: من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا؟ فقال: هم أهل حروراء.
1 أخرجه مسلم وأبو داود عن أبي سعيد.
2 رواه الشيخان.
3 رواه البخارى.
فهذا الفرق بين أهل حروراء وبين غيرهم الذي سماه أمير المؤمنين في خلافته بقوله وفعله موافقا فيه لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم هو الصواب الذي لا معدل عنه لمن هدى رشده، وإن كان كثير من علماء السلف والخلف لا يهتدون لهذا الفرقان، بل يجعلون السير في الجميع واحدة. فإما أن يقصروا بالخوارج عما يستحقونه من البغض واللعن والقتل واما يزيدوا على غيرهم ما يستحقون من ذلك
عوامل الضلال
وسبب ذلك قلة العلم والفهم لكتاب الله وسنة رسوله الثابتة عنه، وسيرة خلفائه الراشدين المهديين، وإلا فمن استهدى الله واستعانه، وبحث عن ذلك، وطلب الصحيح من المنقول، وتدبر كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وسنة خلفائه رضي الله عنهم، ولا سيما سيرة أمير المؤمنين الهادي المهدي التي جرى فيها ما اشتبه على خلق كثير فضلوا بسبب ذلك، إما غلوا فيه، وإما جفاء عنه، كما روى عنه قال: (يهلك في رجلان: محب غال يقرظني بما ليس في، ومبغض قال يرميني بما نزهني الله منه) 1.
وحد ذلك وملاك ذلك شيئان: طلب الهدى، ومجانبة الهوى، حتى لا يكون الإنسان ضالا وغاويا، بل مهتديا راشدا، قال الله تعالى في حق نبيه صلى الله عليه وسلم: ((والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى)). فوصفه بأنه ليس بضال – أي ليس بجاهل – ولا غاو – أي ولا ظالم – فإن صلاح العبد في أن يعلم الحق ويعمل به، فمن لم يعلم الحق فهو ضال عنه. ومن علمه فخالفه واتبع هواه فهو غاو، ومن علمه وعمل به كان من أولى الأيدي عملا، ومن أولى الأبصار علما، وهو الصراط المستقيم الذي أمرنا الله سبحانه في كل صلاة أن نقول: ((اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضآلين)).
فالمغضوب عليهم: الذين يعرفون الحق ولا يتبعونه كاليهود، والضالون: الذين يعملون أعمال القلوب و الجوارح بلا علم كالنصارى. ولهذا وصف الله اليهود بالغواية في قوله تعالى: ((سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا)).
1رواه احمد واسناده ضعيف وجاء عند ابن ابى عاصم (يهلك في رجلان مفرط فى حبى ومفرط فى بغضى) وحسنه الالبانى السنة لأبى عاصم 984.
ووصف العالم الذي لم يعمل بعلمه في قوله تعالى: ((واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين * ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه)). ووصف النصارى بالضلال في قوله تعالى: ((ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل)).
ووصف بذلك من يتبع هواه بغير علم حيث قال: ((وإن كثيراً ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين)). وقال: ((ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله)).
وأخبر من اتبع هداه المنزل فإنه لا يضل كما ضل الضالون، ولا يشقى كما يشقى المغضوب عليهم فقال: ((فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى)). قال ابن عباس: تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه ألا يضل في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/351)
ومن تمام الهداية: أن ينظر المستهدي في كتاب الله وفيما تواتر من سنة نبيه، وسنة الخلفاء، وما نقله الثقات الأثبات، ويميز بين ذلك وبين ما نقله من لا يحفظ الحديث، أو يتهم فيه بكذب لغرض من الأغراض، فإن المحدث بالباطل إما أن يتعمد الكذب، أو يكذب خطأ لسوء حفظه أو نسيانه، أو لقلة فهمه وضبطه.
ثم إذا حصلت للمستهدى المعرفة بذلك تدبر ذلك، وجمع بين المتفق منه، وتدبر المختلف منه، حتى يتبين أنه متفق في الحقيقة وإن كان الظاهر مختلفا، أو أن بعضه راجح يجب اتباعه، والآخر مرجوح ليس بدليل في الحقيقة، وإن كان في الظاهر دليلا.
أما غلط الناس فلعدم التمييز بين ما يعقل من النصوص والآثار، أويعقل بمجرد القياس والاعتبار، ثم إذا خالط الظن والغلط في العلم هوى النفوس ومناها في العمل صار لصاحبها نصيب من قوله تعالى: ((إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى)).
وهذا سبب ما خلق الإنسان عليه من الجهل في نوع العلم، والظلم في نوع العمل فبجهله يتبع الظن، وبظلمه يتبع ما تهوى الأنفس. ولما بعث الله رسله وأنزل كتبه، لهدى الناس وإرشادهم، صار أشدهم اتباعا للرسل أبعدهم عن ذلك، كما قال تعالى: ((كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم)).
ولهذا صار ما وصف الله به الإنسان لا يخص غير المسلمين دونهم، ولا يخص طائفة من الأمة، لكن غير المسلمين أصابهم ذلك في أصول الإيمان التي صار جهلهم وظلمهم فيها كفراناً وخسرانا مبينا، ولذلك من ابتدع في أصول الدين بدعة جليلة أصابه من ذلك أشد مما يصيب من أخطأ في أمر دقيق أو أذنب فيه، والنفوس لهجة بمعرفة محاسنها، ومساويء غيرها.
وأما العالم العادل فلا يقول إلا الحق، ولا يتبع إلا إياه، ولهذا من يتبع المنقول الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وخلفائه، وأصحابه، وأئمة أهل بيته، مثل الإمام علي بن الحسين زين العابدين، وابنه الإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر، وابنه الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق شيخ علماء الأمة، ومثل أنس بن مالك، والثوري وطبقتهما، وجد ذلك جميعه متفقا مجتمعا في أصول دينهم، وجماع شرائعهم، ووجد في ذلك ما يشغله وما يغنيه عما أحدثه كثير من المتأخرين من أنواع المقالات التي تخالف ما كان عليه أولئك السلف وهؤلاء المتأخرين، ممن ينتصب لعداوة آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويبخسهم حقوقهم، ويؤذيهم، أو ممن يغلو فيهم غير الحق، ويفتري عليهم الكذب، ويبخس السابقين والطائعين حقوقهم، ورأى أن في المأثور عن أولئك السلف في باب التوحيد والصفات، وباب العدل والقدر، وباب الإيمان والأسماء والأحكام، وباب الوعيد والثواب، والعذاب، وباب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما يتصل به من حكم الأمراء أبرارهم وفجارهم، وحكم الرعية معهم، والكلام في الصحابة والقرابة ما يبين لكل عاقل عادل أن السلف المذكورين لم يكن بينهم من النزاع في هذه الأبواب إلا من جنس النزاع الذي أقرهم عليه الكتاب والسنة كما تقدم ذكره، وإن البدع الغليظة المخالفة للكتاب والسنة، واتفاق أولي الأمر الهداة المهتدين إنما حدثت مع الأخلاف، وقد يعزون بعض ذلك إلى بعض الأسلاف، تارة بنقل غير ثابت، وتارة بتأويل لشيء من كلامهم متشابه.
ثم إن من رحمة الله أنه قل أن ينقل عنهم شيء من ذلك إلا وفي النقول الصحيحة الثابتة عنهم للقول المحكم الصريح ما يبين غلط الغالطين عليهم في النقل أو التأويل، وهذا لأن الصراط المستقيم في كل الأمة بمنزلة الصراط في الملك، فكمال الإسلام هو الوسط في الأديان والملك، كما قال تعالى: ((وكذلك جعلناكم أمة وسطا)) لم ينحرفوا انحراف اليهود والنصارى والصابئين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/352)
فكذلك أهل الاستقامة، ولزوم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما عليه السلف، تمسكوا بالوسط، ولم ينحرفوا إلى الأطراف، فاليهود مثلا جفوا في الأنبياء والصديقين حتى قتلوهم وكذبوهم، كما قال الله تعالى: ((فريقا كذبتم وفريقا تقتلون))، والنصارى غلوا فيهم حتى عبدوهم كما قال تعالى: ((يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق)) الآية.
واليهود انحرفوا في النسخ حتى زعموا أنه لا يقع من الله ولا يجوز عليه، كما ذكر الله عنهم إنكاره في القرآن حيث قال: ((سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها)) والنصارى قابلوهم فجوزوا للقسيسين والرهبان أن يوجبوا ما شاءوا، ويحرموا ما شاءوا، وكذلك تقابلهم في سائر الأمور.
فهدى الله المؤمنين إلى الوسط، فاعتقدوا في الأنبياء ما يستحقونه، ووقروهم، وعزروهم، وأحبوهم، وأطاعوهم، واتبعوهم، ولم يردوهم كما فعلت اليهود، ولا أطروهم ولا غلوا بهم فنزلوهم منزلة الربوبية كما فعلت النصارى، وكذلك في النسخ، جوزوا أن ينسخ الله، ولم يجوزوا لغيره أن ينسخ، فإن الله له الخلق والأمر، فكما لا يخلق غيره لا يأمر غيره.
وهكذا أهل الاستقامة في الإسلام المعتصمون بالحكمة النبوية، والعصبة الجماعية، متوسطون في باب التوحيد والصفات بين النفاة المعطلة وبين المشبهة الممثلة، وفي باب القدر والعدل والأفعال بين القدرية والجبرية والقدرية والمجوسية، وفي باب الأسماء والأحكام بين من أخرج أهل المعاصي من الإيمان بالكلية كالخوارج أهل المنزلة، وبين من جعل إيمان الفساق كإيمان الأنبياء والصديقين كالمرجئة والجهمية، وفي باب الوعيد والثواب والعقاب بين الوعيديين الذين لا يقولون بشفاعة نبينا لأهل الكبائر، وبين المرجئة الذين لا يقولون بنفوذ الوعيد. وفي باب الإمامة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين الذين يوافقون الولاة على الإثم والعدوان، ويركنون إلى الذين ظلموا، وبين الذين لا يرون أن يعاونوا أحدا على البر والتقوى، لا على جهاد ولا على جمعة ولا أعياد إلا أن يكون معصوما، ولا يدخلوا فيما أمر الله به ورسوله إلا في طاعة من لا وجود له.
فالأولون يدخلون في المحرمات، وهؤلاء يتركون واجبات الدين، وشرائع الإسلام، وغلاتهم يتركونها لأجل موافقة من يظنونه ظالماً، وقد يكون كاملاً في علمه وعدله.
اهل الاستقامة ... عند المصيبة
وأهل الاستقامة والاعتدال يطيعون الله ورسوله بحسب الإمكان، فيتقون الله ما استطاعوا، ولا يتركون ما أمروا به لفعل غيرهم ما نهى عنه، بل كما قال تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم)). ولا يعاونون أحدا على المعصية، ولا يزيلون المنكر بما هو أنكر منه، ولا يأمرون بالمعروف إلا بالمعروف، فهم وسط في عامة الأمور، ولهذا وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم الطائفة الناجية لما ذكر اختلاف أمته وافتراقهم.
ومن ذلك أن اليوم الذي هو يوم عاشوراء الذي أكرم الله فيه سبط نبيه، وأحد سيدي شباب أهل الجنة بالشهادة على أيدي من قتله من الفجرة الأشقياء، وكان ذلك مصيبة عظيمة من أعظم المصائب الواقعة في الإسلام. وقد روى الإمام أحمد وغيره عن فاطمة بنت الحسين وقد كانت شهدت مصرع أبيها، عن أبيها الحسين بن علي رضي الله عنه، عن جده رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من رجل يصاب بمصيبة فيذكر مصيبته وإن قدمت، فيحدث لها استرجاعا إلا أعطاه الله من الأجر مثل أجره يوم أصيب بها) 1.
1 أخرجه احمد وابن ماجه، ضعيف جدا ضعيف ابن ماجه 1600.
فقد علم الله أن مثل هذه المصيبة العظيمة سيتجدد ذكرها مع تقادم العهد، فكان من محاسن الإسلام أن روى هذا الحديث صاحب المصيبة والمصاب به أولا، ولا ريب أن ذلك إنما فعله الله كرامة للحسين رضي الله عنه، ورفعا لدرجته ومنزلته عند الله، وتبليغا له منزل الشهداء، وإلحاقا له بأهل بيته الذين ابتلوا بأصناف البلاء، ولم يكن الحسن والحسين حصل لهما من الابتلاء ما حصل لجدهما ولأمهما وعمهما، لأنهما ولدا في عز الإسلام، وتربيا في حجور المؤمنين، فأتم الله نعمته عليهما بالشهادة، أحدهما مسموما، والآخر مقتولا، لأن الله عنده من المنازل العالية في دار
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/353)
كرامته ما لا ينالها إلا أهل البلاء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وقد سل: أي الناس أشد بلاء؟ فقال: (الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه، وإن كان في دينه رقة خفف عنه، وما يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة) 1.
وشقي بقتله من أعان عليه، أو رضي به، فالذي شرعه الله للمؤمنين عند الإصابة بالمصاب وإن عظمت أن يقولوا: إنا لله وإنا إليه راجعون، وقد روى الشافعي في مسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مات وأصاب أهل بيته من المصيبة ما أصابهم، سمعوا قائلا يقول: يا آل بيت رسول الله، إن في الله عزاء من كل مصيبة، وخلفا من كل هالك، ودركا من كل فائت، فبالله فثقوا، وإياه فارجوا، فإن المصاب من حرم الثواب .. فكانوا يرونه الخضر جاء يعزيهم بالنبي صلى الله عليه وسلم.
فأما اتخاذ المآتم في المصائب، واتخاذ أوقاتها مآتم، فليس من دين الإسلام، وهو أمر لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أحد من السابقين الأولين، ولا من التابعين لهم بإحسان، ولا من عادة أهل البيت، ولا غيرهم، وقد شهد مقتل علي أهل بيته، وشهد مقتل الحسين من شهده من أهل بيته، وقد مرت على ذلك سنون كثيرة، وهم متمسكون بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يحدثون مأتما ولا نياحة، بل يصبرون ويسترجعون كما أمر الله ورسوله، أو يفعلون ما لا بأس به من الحزن والبكاء عند قرب المصيبة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما كان من العين والقلب فمن الله، وما كان من اليد واللسان
1 أخرجه الإمام أحمد، والترمذي، وابن ماجة، صحيح صحيح الترغيب 3/ 329.
فمن الشيطان) 1، وقال: (ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية) 2، يعني مثل قول المصاب: يا سنداه يا ناصراه، يا عضداه. وقال: (إن النائحة إذا لم تتب قبل موتها فإنها تلبس يوم القيامة درعا من جرب، وسربالا من قطران) 3. وقال: (لعن الله النائحة والمستمعة إليها) 4.
وقد قال في تنزيله: ((يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على ألا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم)). وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ((ولا يعصينك في معروف)) بأنها النياحة. وتبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من الحالقة والصالقة. والحالقة: التي تحلق شعرها عند المصيبة، والصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة. وقال جرير بن عبد الله: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعهم الطعام للناس من النياحة، وإنما السنة: أن يصنع لأهل الميت طعام، لأن مصيبتهم تشغلهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما نعى جعفر بن أبي طالب لما استشهد بمؤتة فقال: (اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد جاءهم ما يشغلهم) 5.
وهكذا ما يفعل قوم آخرون يوم عاشوراء من الاكتحال والاختضاب أو المصافحة والاغتسال، فهو بدعة أيضا لا أصل لها، ولم يذكرها أحد من الأمة المشهورين، وإنما روى فيها حديث: (من اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض تلك السنة، ومن اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد ذلك العام) 6 ونحو ذلك، ولكن الذي ثبت
1 اخرجه ابو نعيم، وهو ضعيف جدا.
2 أخرجه الشيخان واحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة.
3 رواه مسلم.
4 اخرجه احمد وابو داود، ضعيف ضعيف الجامع 4693.
5 اخرجه الترمذى وابن ماجه، حسن صحيح الجامع 1026.
6 موضوع الضعيفة 2/ 89.
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صام يوم عاشوراء، وأمر بصيامه وقال صلى الله عليه وسلم: (صومه يكفر سنة) 1، وقرر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله أنجى فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه، وروى أنه كان فيه حوادث الأمم .. فمن كرامة الحسين أن الله جعل استشهاده فيه.
وقد يجمع الله في الوقت شخصا أو نوعا من النعمة التي توجب شكرا، أو المحنة التي توجب صبرا، كما أن سابع عشر شهر رمضان فيه كانت وقعة بدر، وفيه كان مقتل علي .. وأبلغ من ذلك: أن يوم الاثنين في ربيع الأول مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه هجرته، وفيه وفاته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/354)
والعبد المؤمن يبتلى بالحسنات التي تسره، والسيئات التي تسوءه في الوقت الواحد، ليكون صبارا، شكورا، فكيف إ‘ذا وقع مثل ذلك في وقتين متعددين من نوع واحد.
ويستحب صوم التاسع والعاشر، ولا يستحب الكحل، والذين يصنعونه من الكحل من أهل الدين لا يقصدون به مناصبة أهل البيت، وإن كانوا مخطئين في فعلهم، ومن قصد منهم أهل البيت بذلك أو غيره، أو فرح، أو استشفى بمصائبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لا يدخلون الجنة حتى يحبوكم من أجلي) 2، لما شكا إ‘ليه العباس أن بعض قريش يجفون بني هاشم وقال: (إن الله اصطفى قريشا من بني كنانة، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من بني هاشم) 3. وروى عنه أنه قال: (أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمة، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي) 4.
وهذا باب واسع يطول القول فيه.
1 أخرجه أحمد ومسلم والترمذي.
2 احمد والترمذى مع اختلاف فى الالفاظ , ضعيف ضعيف الترمذى 774.
3 أخرجه مسلم والترمذي عن واثلة.
4 أخرجه الترمذي والحاكم، ضعيف ضعيف الجامع 176.
بدع وضلالات
وكان سبب هذه المواصلة أن بعض الإخوان قدم بورقة فيها ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر سادة أهل البيت، وقد أجرى فيها ذكر النذور لمشهد المنتظر، فخوطب من فضائل أهل البيت وحقوقهم، بما سر قلبه، وشرح صدره، وكان ما ذكر بعض الواجب، فإن الكلام في هذا طويل، ولم يحتمل هذا الحامل أكثر من ذلك. وخوطب فيما يتعلق بالأنساب والنذور بما يجب في دين الله، فسأل المكاتبة بذلك إلى من يذهب إليه من الإخوان، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الدين النصيحة)، قالوا لمن يا رسول الله؟ قال: (لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم) 1.
أما ورقة الأنساب والتواريخ ففيها غلط في مواضع متعددة، مثل ذكره أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي في صفر، وأنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن عمرو بن العلاء بن هاشم، وأن جعفر الصادق توفي في خلافة الرشيد وغير ذلك.
فإنه لا خلاف بين أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي في شهر ربيع الأول، شهر مولده وشهر هجرته، وأنه توفي يوم الاثنين وفيه ولد، وفيه أنزل عليه. وجده هاشم بن عبد مناف، وإنما كان هاشم يسمى عمرا، ويقال له: عمرو العلا، كما قال الشاعر:
عمر العلا هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف
وأن جعفرا أبا عبد الله توفي في سنة ثمان وأربعين في إمارة أبي جعفر المنصور، وأما المنتظر فقد ذكر طائفة من أهل العلم بأنساب أهل البيت: أن الحسن ابن علي العسكري لما توفي بعسكر سامراء لم يعقب ولم ينسل، وقال من أثبته: إن أباه لما توفي في سنة ستين ومائتين كان عمره سنتين أو أكثر من ذلك بقليل، وأنه غاب من ذلك الوقت وأنه من ذلك الوقت حجة الله على أهل الأرض، لا يتم الإيمان إلا به، وأنه هو المهدي الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه يعلم كل ما يفتقر إليه الدين.
وهذا موضع ينبغي للمسلم أن يثبت فيه، ويستهدي الله ويستعينه، لأن الله قد حرم القول بغير
1 رواه الشيخان.
علم، وذكر أن ذلك من خطوات الشيطان وحرم القول المخالف للحق، ونصوص التنزيل شاهدة بذلك، ونهى عن اتباع الهوى.
فأما المهدي الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم فقد رواه أهل العلم العالمون بأخبار النبي صلى الله عليه وسلم، الحافظون لها، الباحثون عنها وعن رواتها، مثل أبي داود، والترمذي، وغيرهما، ورواه الإمام أحمد في مسنده.
فعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله رجلا من أهل بيتي، يوطيء اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وجورا) 1.
وروى هذا المعنى من حديث أم سلمة وغيرها.
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: (المهدي من ولد ابني هذا). وأشار إلى الحسن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/355)
وقال صلى الله عليه وسلم: (يكون في آخر الزمان خليفة يحثو المال حثوا) 2. وهو حديث صحيح. فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن اسمه محمد بن عبد الله، ليس محمد بن الحسن. ومن قال: إن أبا جده الحسين، وإن كنيته الحسين أبو عبد الله فقد جعل الكنية اسمه، فما يخفى على من يخشى الله أن هذا تحريف الكلم عن مواضعه، وأنه من جنس تأويلا القرامطة، وقول أمير المؤمنين صريح في أنه حسني لا حسيني، لأن الحسن والحسين مشبهان من بعض الوجوه بإسماعيل وإسحاق، وإن لم يكونا نبيين، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لهما: (أعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة) 3. ويقول: (إن إبراهيم كان يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق). وكان إسماعيل هو الأكبر والأحلم، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب على المنبر والحسن معه على المنبر: (إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به فئتين عظيمتين من
1 أخرجه أبو داود واحمد والترمذى، وانظر في أحاديث هذا الباب، تحفة الأحوذي وله شواهد كثيرة وأنه من ولد فاطمة.صحيح الجامع 5180
2 رواه أحمد ومسلم.
3 رواه البخارى.
المسلمين) 1.
فكما أن غالب الأنبياء كانوا من ذرية إسحاق، فهكذا كان غالب السادة الأئمة من ذرية الحسين، وكما أن خاتم الأنبياء الذي طبق أمره مشارق الأرض ومغاربها كان من ذرية إسماعيل، فكذلك الخليفة الراشد المهدي الذي هو آخر الخلفاء يكون من ذرية الحسن.
وأيضا فإن من كان ابن سنتين كان في حكم الكتاب والسنة مستحقا أن يحجر عليه في بدنه، ويحجر عليه في ماله، حتى يبلغ ويؤنس منه الرشد، فإنه يتيم، وقد قال الله تعالى:
((وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم)).
فمن لم تفوض الشريعة إليه أمر نفسه كيف تفوض إليه أمر الأمة؟
وكيف يجوز أن يكون إماما على الأمة من لا يرى ولا يسمع له خبر؟ مع أن الله لا يكلف العباد بطاعة من لا يقدرون على الوصول إليه، وله أربعمائة وأربعون سنة ينتظره من ينتظره وهو لم يخرج، إذ لا وجود له.
وكيف لم يظهر لخواصه وأصحابه المأمونين عليه كما ظهر آباؤه، وما الموجب لهذا الاختفاء الشديد دون غيره من الآباء؟
وما زال العقلاء قديما وحديثا يضحكون بمن يثبت هذا، ويعلق دينه به، حتى جعل الزنادقة هذا وأمثاله طريقا إلى القدح في الملة، وتسفيه عقول أهل الدين إذا كانوا يعتقدون مثل هذا.
لهذا قد اطلع أهل المعرفة على خلق كثير منافقين زنادقة بإظهار هذا وأمثاله، ليستميلوا قلوب وعقول الضعفاء، وأهل الأهواء، ودخل بسبب ذلك من الفساد ما الله به عليم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والله يصلح أمر هذه الأمة ويهديهم ويرشدهم.
النذور للمشاهد والمساجد:
وكذلك ما يتعلق بالنذور للمساجد والمشاهد، فإن الله في كتابه وسنة نبيه التي نقلها السابقون والتابعون من أهل بيته وغيرهم قد أمر بعمارة المساجد، وإقامة الصلوات فيها بحسب الإمكان، ونهى عن بناء المساجد على القبور، ولعن من يفعل ذلك، قال الله تعالى:
((إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين)).
1 أخرجه البخاري.
وقال تعالى:
((ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين)).
وقال تعالى:
((في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة)).
وقال: ((وإن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا)).
وقال: ((ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا)).
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة) 1.
وقال: (وبشر المشائين في ظلم الليل إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة) 2.
وقال: (من غدا إلى المسجد أو راح، أعد الله له نزلا كلما غدا أو راح) 3.
وقال: (صلاة الرجل في المسجد تفضل على صلاته في بيته وسوقه بخمس وعشرين درجة) 4.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/356)
وقال: (من تطهر في بيته فأحسن الطهور، وخرج إلى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة، كانت خطوتاه إحداهما ترفع درجة، والأخرى تضع خطيئة) 5.
وقال: (صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وماكان أكثر أحب إلى الله) 6.
وقال: (سيكون عليكم أمراء يؤخرن الصلاة عن وقتها، فصلوا الصلاة لوقتها، ثم اجعلوا صلاتكم معهم نافلة) 7.
1 رواه مسلم.
2 اخرجه ابن ماجه، صحيح صحيح الجامع 2820.
3 أخرجه البخاري.
4 أخرجه البخاري.
5 أخرجه البخاري.
6 أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي، صحيح صحيح ابو داود 1/ 111.
7 أخرجه مسلم.
وقال: (يصلون لكم، فإن أحسنوا فلكم، وإن أساءوا فلكم وعليهم).
وهذا باب واسع جدا.
وقال أيضا: (لعن الله اليهود، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) 1. يحذر مما فعلوا. قالوا: ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذ مسجدا. وهذا قاله في مرضه.
وقال قبل موته بخمس: (إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذون القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك) 2.
ولما ذكر كنيسة الحبشة قال: (أولئك إذا مات الرجل فيهم بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك التصاوير، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة) 3.
وكل هذه الأحاديث في الصحاح المشاهير.
وقال أيضا: (لعن الله زوارات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج) 4. رواه الترمذي وغيره وقال: حديث حسن.
فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد لعن الذين يتخذون على القبور والمساجد، ويسرجون عليها الضوء، فكيف يستحل مسلم أن يجعل هذا طاعة وقربة؟!!
وفي صحيح مسلم عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرني ألا أدع قبر مشرفا إلا سويته، ولا تمثالا إلا طمسته).
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد) 5.
وقال: (لا تتخذوا قبري عيدا، وصلوا عليّ حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني) 6.
فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الاجتماع عند قبره.
وأمر بالصلاة عليه في جميع المواضع، فإن الصلاة عليه تصل إليه من جميع المواضع.
وهذه الأحاديث رواها أهل بيته، مثل: علي بن الحسين عن أبيه عن جده علي، ومثل: عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
1 رواه الشيخان.
2 رواه الشيخان.
3 رواه الشيخان.
4 اخرجه الترمذى، ضعيف الضعيفة 225. والجملة الاولى ثابتة عن النبى عليه الصلاة والسلام.
5 رواه مالك واحمد، صحيح تحذير الساجد 18.
6 رواه ابو داود واحمد، صحيح صحيح ابو داود 1/ 383.
فكانوا هم وجيرانهم من علماء أهل المدينة ينهون عن البدع التي عند قبره أو غير قبر غيره، امتثالا لأمره، ومتابعة لشريعته.
فإن من مبدأ عبادة الأوثان: العكوف على الأنبياء و الصالحين، والعكوف على تماثيلهم، وإن كانت وقعت بغير ذلك.
وقد ذكر الله في كتابه عن المشركين أنهم قالوا:
((لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد أضلوا كثيرا)).
وقد روى طائفة من علماء السلف أن هؤلاء كانوا قوما صالحين، فلما ماتوا بنوا على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم.
وكذلك قال ابن عباس في قوله: ((أفرأيتم اللات والعزى. ومنات الثالثة الأخرى)). قال ابن عباس: كان اللات رجلا يلت السويق للحجاج، فلما مات عكفوا على قبره، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد). ونهى أن يصلى عند قبره.
ولهذا لما بنى المسلمون حجرته حرفوا مؤخرها، وسنموه لئلا يصلي إليه احد فإنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها) رواه مسلم.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى أهل البقيع يسلم عليهم، ويدعو لهم.
وعلم أصحابه أن يقولوا إذا زاروا القبور: (سلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين، وإن شاء الله بكم لاحقون، ويرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين، نسأل الله لكم العافية، اللهم آجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم) 1.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/357)
هذا مع أن في البقيع إبراهيم وبناته أم كلثوم ورقية، وسيدة نساء العالمين فاطمة، وكانت إحداهن دفنت فيه قديما قريبا من غزوة بدر، ومع ذلك فلم يحدث على أولئك السادة شيئا من هذه المنكرات، بل المشروع التحية لهم، والدعاء بالاستغفار وغيره.
وكذلك في حقه، أمر بالصلاة والسلام عليه من القرب والبعد، وقال: (أكثروا عليّ من الصلاة يوم الجمعة وليلة الجمعة، فإن صلاتكم معروضة علي. قالوا: كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ يعني: بليت. قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء) 2.
وقال: (ما من رجل يمر بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام) 3.
1 أخرجه مسلم.
2 أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة في كتاب والدارمي صحيح صحيح ابو داود 1/ 196
3 ضعيف رواه ابن الجوزى فى العلل المتناهية و ضعفه.
وكل هذه الأحاديث ثابتة عن أهل المعرفة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم.
فالدعاء والاستغفار يصل إلى الميت عند قبره وغير قبره، وهو الذي ينبغي للمسلم أن يعامل به موتى المسلمين من الدعاء لهم بأنواع الدعاء، كما كان في حياته يدعو لهم.
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا أن نصلي عليه ونسلم تسليما في حياته ومماته، وعلى آل بيته.
وأمرنا أن ندعو للمؤمنين والمؤمنات في محياهم ومماتهم، عند قبورهم وغير قبورهم.
ونهانا الله أن نجعل لله أندادا، أو نشبه بيت المخلوق الذي هو قبره ببيت الله الذي هو الكعبة البيت الحرام، فإن الله أمرنا أن نحج ونصلي إليه، ونطوف به، وشرع لنا أن نستلم أركانه، ونقبل الحجر الأسود الذي جعله الله بمنزلة يمينه.
قال ابن عباس: (الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن استلمه وصافحه فكأنما صافح الله وقبل يمينه) 1.
وشرع كسوة الكعبة، وتعليق الستار عليها، وكان يتعلق من يتعلق بأستار الكعبة كالمتعلق بأذيال المستجير به، فلا يجوز أن تضاهى بيوت المخلوقين ببيت الخالق.
ولهذا كان السلف ينهون من زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبله، بل يسلم عليه بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم، ويصلي عليه كما كان السلف يفعلون.
فإذا كان السلف أعرف بدين الله وسنة نبيه وحقوقه، وحقوق السابقين والتابعين من أهل البيت وغيرهم، ولم يفعلوا شيئا من هذه البدع التي تشبه الشرك وعبادة الأوثان، لأن الله ورسوله نهاهم عن ذلك، بل يعبدون الله وحده لا شريك له، مخلصين له الدين كما أمر الله به ورسوله، ويعمرون بيوت الله بقلوبهم وجوارحهم من الصلاة والقراءة، والذكر والدعاء وغير ذلك.
فكيف يحل للمسلم أن يعدل عن كتاب الله، وشريعة رسوله، وسبيل السابقين من المؤمنين، إلى ما أحدثه ناس آخرون، إما عمدا وإما خطأ.
فخوطب حامل هذا الكتاب بأن جميع هذه البدع التي على قبور الأنبياء والسادة من آل البيت والمشايخ المخالفة للكتاب والسنة، ليس للمسلم أن يعين عليها، هذا إذا كانت القبور صحيحة، فكيف وأكثر هذه القبور مطعون فيها؟.
وإذا كانت هذه النذور للقبور معصية قد نهى الله عنها ورسوله والمؤمنون السابقون، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من نذر أن يعطي الله فليطعمه، ومن نذر أن يعصى الله فلا
1 هذا الاثر منكر الضعيفة 1/ 350.
يعصيه) 1.
وقال صلى الله عليه وسلم: (كفارة النذر كفارة اليمين) 2. وهذا الحديث في الصحاح.
فإذا كان النذر طاعة لله ورسوله، مثل أن ينذر صلاة أو صوما أو حجا أو صدقة أو نحو ذلك، فهذا عليه أن يعني به.
وإذا كان المنذر معصية كفرا أو غير كفر، مثل: أن ينذر للأصنام كالنذور التي بالهند، ومثلما كان المشركون ينذرون لآلهتهم، مثل: اللات التي كانت بالطائف، والعزى التي كانت بعرفة قريبا من مكة، ومناة الثالثة الأخرى التي كانت لأهل المدينة.
وهذه المدائن الثلاث هي مدائن أرض الحجاز، كانوا ينذرون لها النذور، ويتعبدون لها، ويتوسلون بها إلى الله في حوائجهم، كما أخبر عنهم بقوله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/358)
((ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى)). ومثلما ينذر الجهال من المسلمين لعين ماء، أو بئر من الآبار، أو قناة ماء أو مغارة، أو حجر، أو شجرة من الأشجار، أو قبر من القبور، وإن كان قبر نبي أو رجل صالح، أو ينذر زيتا أو شمعا أو كسوة أو ذهبا، أو فضة لبعض هذه الأشياء، فإن هذا كله نذر معصية لا يوفى به.
لكن من العلماء من يقول: على صاحبه كفارة يمين، لما روى أهل السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين) 3
وفي الصحيح عنه أنه قال: (كفارة النذر كفارة يمين) 4.
وإذا صرف من ذلك المنذور شيء في قربة من القربات المشروعة كان حسنا، مثل: أن يصرف الدهن إلى تنوير بيوت الله، ويصرف المال والكسوة إلى من يستحقه من المسلمين ومن آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسائر المؤمنين، وفي سائر المصالح التي أمر الله بها ورسوله.
1 أخرجه البخاري.
2 أخرجه مسلم.
3 رواه مسلم.
4 رواه مسلم.
وإذا اعتقد بعض الجهال أن بعض هذه النذور المحرمة قد قضت حاجته بجلب المنفعة من المال والعافية ونحو ذلك، أو بدفع المضرة من العدو ونحوه، فقد غلط في ذلك.
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النذر وقال: (إنه لا يأتي بخير، ولكنه يستخرج به من البخيل) 1.
فعد النذر مكروها، وإن كان الوفاء به واجبا إذا كان المنذور طاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن النذر لا يأتي بخير، وإنما يستخرج من البخيل، وهذا المعنى قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه، فيما كان قربة محضة لله، فكيف بنذر شرك؟ فإنه لا يجوز نذره ولا الوفاء به.
وهذا وإن كان قد عمر الإسلام، وكثر العكوف على القبور التي هي للصالحين من أهل البيت وغيرهم، فعلى الناس أن يطيعوا الله ورسوله، ويتبعوا دين الله الذي بعث به نبيه، صلى الله عليه وسلم، ولا يشرعوا من الدين مالم يأذن به الله، فإن الله إنما أرسل الرسل، وأنزل الكتب ليكون الدين كله لله، وليعبدوا الله وحده لا شريك له.
كما قال تعالى:
((واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون)).
وقال تعالى:
((شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب)).
وقال تعالى:
((ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة)) وقال تعالى في حق الذين كانوا يدعون الملائكة والنبيين:
((قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا. أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا)).
وقال: ((ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا من دون الله أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون)).
1 أخرجه البخاري
ورد على من اتخذ شفعاء من دونه فقال:
((أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أو لو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون قل لله الشفاعة جميعا له ملك السموات والأرض ثم إليه ترجعون. وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون. قل اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون)).
وقال: ((اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون)).
وقال تعالى:
((من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه)).
وقال:
((وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى)).
وقال تعالى:
((ولا يشفعون إلا لمن ارتضى)).
قال:
((ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له)).
وكتب الله من أولها إلى آخرها تأمر بإخلاص الدين لله، ولا سيما الكتاب الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم أو الشريعة التي جاء بها، فإنها كملت الدين.
قال تعالى:
((اليوم أكملت لكم دينكم)).
وقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/359)
((ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون)).
وقد جعل قوام الأمر بالإخلاص لله، والعدل في الأمور كلها، كما قال تعالى:
((قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون. فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة)).
ولقد خلص النبي صلى الله عليه وسلم التوحيد من دقيق الشرك وجليله، حتى قال: (من حلف بغير الله فقد أشرك) 1 رواه الترمذي وصححه.
وقال: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت) 2. وهذا مشهور في الصحاح.
وقال: (ولا يقولن أحدكم ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا: ما شاء الله، ثم شاء محمد) 3.
وقال له رجل: ما شاء الله وشئت، فقال: (أجعلتني لله ندا؟ بل ما شاء الله وحده) 4.
وروي عنه أنه قال: (الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل) 5.
وروي عنه أن الرياء شرك 6.
وقال تعالى:
((فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا)).
وعلّم بعض أصحابه أن يقول: (اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم).
ومن هذا الباب الذين يسألون الصدقة أو يعطونها لغير الله، مثل من يقول: لأجل فلان، إما بعض الصحابة، أو بعض أهل البيت، حتى يتخذ السؤال بذلك ذريعة إلى أكل أموال الناس بالباطل، ويصير قوم ممن ينتسب إلى السنة يعطي الآخرين، والشيطان قد استحوذ على الجميع، فإن الصدقة وسائر العبادات لا يشرع أن تفعل إلا لله، كما قال تعالى:
((وسيجنبها الأتقى. الذي يؤتي ماله يتزكى. وما لأحد عنده من نعمة تجزى. إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى. ولسوف يرضى)).
وقال تعالى:
((وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون)).
وقال: ((مثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة
1 أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة والدارمي و أحمد، صحيح صحيح الجامع 6080.
2 أخرجه أحمد والترمذي، صحيح صحيح الجامع 1919.
3 أخرجه الدارمي وابن ماجة و أحمد، صحيح الصحيحة 1/ 264.
4 أخرجه الإمام أحمد، حسن الصحيحة 1/ 266.
5 أخرجه الإمام أحمد، صحيح صحيح الجامع 3624. .
6 أخرجه الترمذي وابن ماجة والإمام أحمد، صحيح صحيح الترغيب 1/ 120.
أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل)).
وقال:
((ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا. إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا)).
وقال تعالى كلمة جامعة:
((وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة. وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة)).
وعبادته تجمع الصلاة وما يدخل فيها من الدعاء والذكر، وتجمع الصدقة والزكاة بجميع الأنواع، من الطعام واللباس والنقد وغير ذلك.
والله يجعلنا وسائر اخواننا المؤمنين مخلصين له الدين، نعبده ولا نشرك به شيئا، معتصمين بحبله، متمسكين بكتابه، متعلمين لما أنزل من الكتاب والحكمة، ويصرف عنا شياطين الجن و الإنس، ويعيذنا أن تفرق بنا عن سبيله، ويهدينا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما كثيرا(26/360)
التشكيك والاستشكال في نصوص الشرع المعصوم المحكم
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[04 - 01 - 04, 07:35 ص]ـ
تمهيد:
المتشابه في القرآن: أخبر الله سبحانه وتعالى أنَّ في بعض آي القرآن آيات محكمات بينات واضحات لا التباس ولا اشتباه في معناها أو مدلولها على أحد و (هنَّ أمُّ الكتاب) أي: غالب آياته.
وأخبر أنَّ فيها آيات أُخَر متشابة المعنى وملبسة اللفظ على بعض الناس وأنَّ ((الزائغة قلوبهم ممن في قلبه ضلال وخروج عن الحق إلى الباطل يتتبَّعون المتشابه منه الذي يمكن لهم تحريفه إلى مقاصدهم الفاسدة وينزِّلوه عليها لاحتمال لفظه لما يصرِّفونه فأما المحكم فلا نصيب لهم فيه لأنه دافع لهم وحجَّة عليهم، ولهذا قال: (ابتغاء الفتنة) أي: لإضلال أتباعهم، إيهاماً لهم أنهم يحتجُّون على بدعتهم بالقرآن)). انظر: تفسير ابن كثير (1/ 353).
وهم الذين حذَّر منهم ?، فعن عائشة ? قالت: ((تلا رسول الله ? هذه الآية: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلاَّ الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب} [آل عمران: 7] قالت: قال رسول الله ?: إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمَّى الله فاحذروهم)). أخرجه الشيخان وابوداود والترمذي، و هذا لفظ مسلم.
وقد أخبر الله سبحانه وتعالى في موضع آخر أن القرآن نزل كلُّه متشابهاً، فقال سبحانه وتعالى:
{الله نزَّل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً} [الزمر: 23].
وأخبر في موضع آخر أنَّ القرآن كله محكم فقال سبحانه وتعالى: {الر كتاب أحكمت آياته ثم فصِّلت من لدن حكيم خبير} [هود: 1].
وقد ورد إشكال في هذا الاختلاف (الظاهر) من وصف القرآن؛ ففي مرَّة وصف القرآن أنه كله محكم، وفي مرَّة أنه كله متشابه، وفي مرَّةً أنَّ بعضه محكم وبعضه متشابهٌ كما تقدَّم، فما الجواب على ذا الاشكال والتعارض الظاهر؟!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((مما يوضح هذا أنَّ الله سبحانه وتعالى وصف القرآن بأنه محكم وبأنه متشابه، وفي موضع آخر جعل منه ما هو محكم ومنه ما هو متشابه؛ وليس في هذا أي تعارض؛ لأنَّ الإحكام والتشابه فيه عموم وخصوص؛ فينبغي معرفة الإحكام العام والتشابه العام اللذان يعمَّان القرآن، والإحكام الخاص والتشابه الخاص الَّلذان لا يعمَّانه.
فأما الإحكام العام فهو المذكور في قوله سبحانه وتعالى: {الر كتاب أحكمت آياته ثم فصِّلت من لدن حكيم خبير} [هود: 1] ومعنى الإحكام العام: هو الإتقان، والقرآن كلُّه محكم بمعنى الإتقان؛ فلا اختلاف ولا تضاد في آياته، بل هو متقن تام الإتقان، يصدِّق بعضه بعضاً ويؤيِّد بعضه بعضاً.
وأما الإحكام الخاص فهو بمعنى: الفصل بين الشيئين المتشابهين؛ بحيث لا يشتبه أحدهما على الآخر، والحكمة: فصل بين المشتبهات علما وعملا، وإحكام الكلام إتقانه بتمييز الصدق من الكذب في أخباره، وتمييز الرشد من الغي في أوامره.
وأما التشابه العام فهو: ضد الاختلاف المنفي عنه في قوله سبحانه وتعالى: {ولوكان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً} [النساء: 82] وهو الاختلاف المذكور في قوله: {إنكم لفي قول مختلف ? يؤفك عنه من أُفك} [الذاريات: 8 - 9].
ومعناه تماثل الكلام وتناسبه بحيث لاتناقض بينه؛ كالتناقض في أوامره ونواهيه، فالأقوال المختلفة هي المتضادة، والمتشابهة هي المتوافقة.
وأما التشابه الخاص فهو: مشابهة الشيء لغيره من وجه مع مخالفته إياه من وجه آخر حتى يشتبه على بعض الناس أنه هو أو مثله وليس كذلك، وهذا التشابه إنما يكون لقدر مشترك بين الشيئين مع وجود الفاصل بينهما؛ إذ ما من شيئين إلاَّ ويجتمعان في شيء ويفترقان في آخر، ثم من الناس من لا يهتدي للفصل بينهما فيكون مشتبهاً عليه، ومنهم من يهتدي لذلك - وهم الراسخون في العلم و الإيمان - فلا يكون مشتبهاً عليهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/361)
ومن هذا التشابه الخاص: الشبه التي يضل بها عامة بني آدم، وهي ما يشتبه فيها الحق بالباطل، ومنه القياس الفاسد؛ لأنه تشبيهٌ للشيء في بعض الأمور بما لا يشبهه فيه وإنما كان ضلال هؤلاء بالمتشابه لأنهم لا يجمعون بينه وبين المحكم الذي يبينه ويفْرقه عن غيره، كالاستدلال ببعض النصوص وإغفال غيرها مما يزيل الإشكال الوارد فيها)).
انظر: الرسالة التدمرية (102 - 109)، ومجموع الفتاوى (17/ 353 ـ 445).
وقد وقع في تفسيرالمتشابه الخاص الوارد في النصوص تحريف وانبنى عليه مناهج باطلة في العقيدة؛ كتأويل المبتدعة لنصوص الوحي وتلاعبهم بمعانيها، وجعل نصوص الصفات من المتشابه الذي يتأوَّلونه.
كما قرَّر ذلك السيوطي في: الإتقان (1/ 649 - 658) فزعم أنَّ آيات الصفات من المتشابه! ونقل - موافقاً - عن ابن اللبان ما ذكره في كتاب مستقل من تأويل الصفات، فأتى عليها تحريفاً، على طريقة المؤوِّلة، زاعماً إيَّاها تأويلاً صحيحاً.
بل هو عام في استدلال كل مبطل على باطله بنصوص يدَّعي تشابهها دون النظر في المحكمات البيِّنات الواضحات.
قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: ((فالمرجئة والجهمية والخوارج والمعتزلة، وكل الطوائف المبتدعة تحتج بنصوص المتشابه على قولها، وبما يفسِّرونه برأيهم وتأويلهم، وكان الإمام أحمد ينكر طريقة أهل البدع الذين يفسرون القرآن برأيهم وتأويلهم، من غير استدلال بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة والتابعين الذين بلَّغهم الصحابة معاني القرآن كما بلَّغوها ألفاظه ونقلوا هذا كما نقلوا هذا.
وكل طائفة تعتقد من الآراء ما يناقض ما تدل عليه نصوص القرآن يجعلون تلك النصوص من المتشابه، ويقولون إن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما لم يبين الحق بخطابه ليجتهد الناس في معرفة الحق من غير جهته بل بعقولهم وأذهانهم، يعنون أنهم يعتقدون معنى بعقولهم وأذهانهم ثم يتأوَّلون القرآن عليه بما يمكنهم من التأويلات والتفسيرات المتضمنة لتحريف الكلم عن مواضعه)). انظر: مجموع الفتاوى (17/ 361 - 355 - 415).
ومما يماثل ما تقدَّم من الكلام على المتشابه من النصوص:
المتشابه من الأحكام، وهي: (ما لم يتبيَّن حلُّها أوحرمتها تبيناً واضحاً)؛ لكونها برزخاً بين الحلال والحرام باشتباهها علىكثير من الناس، واستبانت للراسخين في العلم.
كما في حديث النعمان بن بشير ? قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنَّ الحلال بيِّن وإنَّ الحرام بيِّن، وبينهما مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ... الحديث)). أخرجه الستة بألفاظ مختلفة، وهذا لفظ مسلم.
والاشتباه في الأحكام يقع لكون الفرع متردِّداً بين أصول تجتذبه وأطراف تتنازعه ولا بد أن يتبيَّن لبعض الناس كونها حلالاً أو حراماً لما عنده من مزيد علم وهداية؛ وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يعلمهن كثير من الناس))؛ يدلَّ على أنَّ من الناس من يعلمها.
فمن اشتبه عليه الحكم فإن الواجب عليه حينئذٍ هو: الورع، باتقاء ما اشتبهه.
فإن كان الحكم متنازعاً بين الوجوب والندب ـ مثلاً ـ فعله خروجاً من حياط الشبهة وإن كان الحكم متنازعاً بين الحرمة والكراهة التنزيهية - مثلاً - تركه ورعاً وحيطةً.
كما قال صلى الله عليه وسلم: ((فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام))، ومن لم يشتبه عليه فليحمدالله سبحانه وتعالى على توفيقه وهدايته. انظر: فتح الباري (1/ 154) و (4/ 341)، جامع العلوم والحكم (66 - 75).
تمهيد ثان ٍ:
الفائدة المقصودة من هذا المطلب بيان قِدَم شأن الاستدلال بالشبهة لمعارضة الحق بها، وأنَّ المبتدعة لهم سلف سوء في الغابرين، بل كل ضال فله أئمة في الضلالة سابقين.
كما قال الله سبحانه وتعالى: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوَّاً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً ولو شاء ربُّك ما فعلوه فذرهم وما يفترون} [الأنعام: 112].
وقال سبحانه وتعالى: {وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية كذلك قال الذين قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم} [البقرة: 118].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/362)
وقال سبحانه وتعالى: {كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلاَّ قالوا ساحر أو مجنون} [الذاريات: 52].
الخلاصة:
وقد أحببت قبيل الشروع في ذا المطلب التنبيه إلى ضرورة إدراك التفريق المهم بين حالين مختلفين لمن يتعامل مع الشرع ونصوصه؛ ذلك أنَّه ليس كل جدال أو بحث في الشرع أوالنصوص مذموم ألبته، بل الأمر فيه تفصيل وتفريق.
فإنَّ سنَّة الاسترشاد عن مدلولات بعض النصوص سنَّة قديمة، والجدال القائم لطلب بيان الحق.
أوإزالة الإشكالات الواردة في توهُّم تناقض أو تعارض بعض النصوص طريق من طرق الصالحين مسلوكة.
لذا فهذه (أمثلة سريعة مقتضبة) لكلا الحالين المختلفين، وإشارة لمبدأ كليهما وتسلسله وتعاقب توارد الطائفتين عليه:
(1): الحال الأولى: وهي ما يورده المبتدع (مريض الشبهة) من شبهات معترضة على الشرع؛ بقصد الاعتراض ومحاولة التهويش على النصوص المحكمة بالمتشابه منها، أو الاعتراض بالرأي والقياس ومحصَّل زبالة الأذهان، أو بادِّعاء تناقض النصوص واضطرابها ونحو هذه المقاصد والمسالك؛ وهذا هو الزيغ عن الطريق القويم، واتباع المتشابه المذموم بقصد الفتنة؛ وهذا كالكفار والجهميِّة والمعتزلة والفلاسفة والمتكلِّمين بأصنافهم، والزنادقة المنافقين من الملحدين والرافضة وأشباههم، وكل منحرف عن أصل هذا الدين وطريقة السلف الصالحين، وهي مبثوثة في كتبهم المنحرفة، كما سيأتي.
أمثلة للحال الأولى:
1 ـ ((اعلم أنَّ أوّل شبهة وقعت في الخليقة هي شبهة إبليس لعنه الله، ومصدرها استبداده بالرأي في مقابلة النص، واستكباره بالمادة التي خلق منها وهي النار على مادة آدم ? وهي الطين؛ وذلك حين قال: {أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين} [الأعراف: 12]، ودعواه أنَّه خير من آدم، وأنَّ النار خير من التراب دعوى كاذبة خاطئة.
وقد ردَّ شبهة إبليس اللعين وبيَّن بطلانها الإمام ابن القيِّم؛ فانظره في: بدائع الفوائد (4/ 321) ومختصر الصواعق المرسلة (152 - 155).
وانشعبت من هذه الشبهة شبهاً عدَّة، وسارت في الخليقة وسرت في أذهان الناس حتى صارت مذاهب بدعةٍ وضلالة.
هذا وكلُّ من جادل نوحاً وهوداً وصالحاً وإبراهيم ولوطاً وشعيباً وموسى وعيسى ومحمداً صلوات الله وسلامه عليهم فقد نسج على منوال اللعين الأول في إظهار شبهاته؛ فاللعين الأول لما حكَّم العقل على من لا يُحْكم عليه بالعقل لزمه أن يجري حكم الخالق في الخلق، أو حكم الخلق في الخالق، والأول غلو، والثاني تقصير.
وكما تقرَّر أن الشبهات التي وقعت في آخر الزمان هي بعينها تلك التي وقعت في أوَّل الزمان، كذلك يمكننا أن نقرِّر في زمان كل نبي ودور صاحب كل ملَّة وشريعة: أنَّ شبهات أمته في آخر زمانه ناشئة من شبهات خصماء أوَّل زمانه من الكفَّار والملحدين وأكثرها من المنافقين.
وإن خفي ذلك علينا في الأمم السالفة لتمادي الزمان فلم يخف في هذه الأمة أنَّ شبهاته نشأت كلَّها من شبهات منافقي زمن النبي صلى الله عليه وسلم، إذ لم يرضوا بحكمه فيما كان يأمر وينهى، وشرعوا فيما لا مسرح للفكر فيه ولا مسرى، وسألوا عما منعوا من الخوض فيه والسؤال عنه، وجادلوا بالباطل فيما لا يجوز الجدال فيه.
والمنافقون يُخادعون فيظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، وإنما يظهر نفاقهم بالاعتراض في كل وقت، فصارت الاعتراضات كالبذور، وظهرت منها الشبهات كالزروع)) انظر: الملل والنحل (1/ 23 - 29)!
2 ـ ومن الأمثلة: حكاية الله سبحانه وتعالى عن بعض أعداء الرسل في تكذيبهم الرسل بحجج واهية وبأدلةٍ ونظرةٍ مادِّية لا علاقة لها بصحَّة حجَّة الرسول ولا تصلح حجَّة لهم، وإنما غاية ما فيها التشبيه والتلبيس على ضعاف العقول من الدهماء، فتارةً يحتجُّون ببشريَّة الرسول، وتارة بكون أتباعه من الضعفاء، وتارةً بما عندهم من العلم، أوكثرة المال والولد، وتارةً بالمطالبة - تعنُّتاً وتعجيزاً - بالمعجزات، وتارةً بتقليدهم ما عليه الأباء والرؤساء من الدين، وبحجج باطلة كأمثال ما تقدَّم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/363)
فمن ذلك ما حكاه الله سبحانه وتعالى عن قوم نوح عليه الصلاة والسلام حين قالوا له: {أنؤمن لك واتبعك الأرذلون} [الشعراء: 111]، وقولهم كذلك: {ما نراك إلاَّ رجلاً مثلنا وما نراك اتبعك إلاَّ الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين}.
فكان جواب نوح عليه الصلاة والسلام المفحم لهم: {قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بيِّن من ربِّي وآتاني رحمةً من عنده فعُمِّيت عليكم أنُلْزِمكُمُوْها وانتم لها كارهون ? وياقوم لا أسألكم عليه مالا إن أجريَ إلاَّ على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنَّهم ملاقوا ربِّهم وكنِّي أراكم قوماً تجهلون ? ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذّكَّرون ? ولا لأقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيراً الله أعلم بما في أنفسهم إني إذاً لمن الظالمين.
ولهذا كان جوابهم بعد نفاد حججهم الباطلة: {قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ? قال إنَّما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين ... الآيات} [هود: 27 - 32].
وقال سبحانه وتعالى حاكياً عن آخرين: {فقالوا أبشر منا واحد نتبعته إنا إذاً لفي ضلال وسعر? ءأنزل عليه الذكر من بيننا بل هوكذَاب أشر}.
فكان الردُّ عليهم: {سيعلمون غداً من الكذَّاب الأشر} [القمر: 24 - 26].
واحتجَّ بعضهم فقالوا: {وقالوا نحن أكثر أموالاً وأولاداً وما نحن بمعذَّبين} فكان الردَّ بقوله: {قل إنَّ ربِّي يبسط الرزق لمن يشاء وقدر ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون ? وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقرِّبكم عندنا زلفى إلاَّ من آمن وعمل صالحاً فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرُفات آمنون} [سبأ: 35 - 37].
وكذا احتجاج مشركي مكة على النبي صلى الله عليه وسلم: {وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً ? أو تكون لك جنَّةٌ من نخيل وعنب فتفجِّر الأنهار خلالها تفجيراً ? أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً أو تأتي بالله والملائة قبيلاً ? أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيِّك حتى تنزِّل علينا كتاباً نقرؤه}.
فردَّ عليهم بقوله: {قل سبحان ربِّي هل كنت إلاَّ بشراً رسولاً ? وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جائهم الهدى إلاَّ أن قالوا أبعث الله بشراً رسولاً ? قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزَّلْنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً} [الإسراء:90 - 95].
3 - ومن الأمثلة: أنَّ بعض المشركين - وهو: عبدالله بن الزبعرى - حين سمع من الوليد قوله سبحانه وتعالى: {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنَّم أنتم لها واردون ? لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون ? لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون} [الأنبياء: 98 ـ 100].
قال: أما والله لو وجدت محمداً لخصمته؛ فسلوا محمداً: أكل ما نعبد من دون الله في جهنَّم مع من عبده؟ فنحن نعبد الملائكة واليهود تعبد عزيراً والنصارى تعبد المسيح عيسى ابن مريم
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم كلُّ من أحبَّ أن يُعبد من دون الله فهو مع من عبده، إنما يعبدون الشياطين ومن أمرهم بعبادته، فأنزل الله قوله: {إنّ الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ? لا يسمعون حسيسها وهم فيما اشتهت انفسهم خالدون ? لايحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون} [الأنبياء: 101 ـ 103].
فالمعنى: أنَّ عيسى ابن مريم وعزير ومَنْ عُبِدوا من دون الله من الأحبار والرهبان الذين مضوا على طاعة الله فاتُّخذوا أرباباً من دون الله مبعدون عن جهنم ودخولها.
قال ابن كثير رحمه الله: وهذا الذي أورده ابن الزبعرى خطأ كبير؛ لأنَّ الآية إنما نزلت في أهل مكة في عبادتهم الأصنام، التي هي جماد لا تعقل، فكيف يُورَد على المسيح والعزير ونحوهما، ممن له عمل صالح ولم يرض بعبادته، وعوَّل ابن جرير في الجواب: أنَّ (ما) لما لا يعقل عند العرب. انظر: تفسير ابن كثير (3/ 207)، جامع البيان (9/ 91)، القرطبي (11/ 227)، زاد المسير (5/ 271)، فتح القدير (3/ 613).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/364)
وانظر كذلك أقوال المفسرين في سبب نزول قوله تعالى: {ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدون ? وقالوا ءألهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلاَّ جدلاً بل هم قوم خصمون}.
4 - ومن الأمثلة: مناظرة إبراهيم عليه الصلاة والسلام للملك الكافر، حين حاجَّه في ادَّعاء ه الأُلوهية: {إذ قال إبراهيم ربِّي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإنَّ الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين} [البقرة: 258].
ووجه الشبهة: أنَّ إبراهيم حين حاجَّه على إثبات ألوهية الله سبحانه وتعالى بكونه يحيي ويميت الناس، عارضه الكافر بشبهةٍ باردةٍ فقال: {أنا أُحيي وأُميت}.
وذلك أنِّي أوتى برجلين قد استحقَّا القتل فآمر بقتل أحدهما فيُقتل وآمر بالعفو عن الآخر فلا يُقتل، فذلك معنى الإحياء والإماتة عنده.، انظر: جامع البيان (3/ 26)، القرطبي (3/ 186)، ابن كثير (1/ 321)، فتح القدير (1/ 419).
ومن المعلوم أنَّ في جوابه هذا تمويهٌ وتزوير وحيدةٌ عن المقصود؛ فلما رآه الخليل مموِّهاً تمويهاً قد يروج على العوام قال له ملزماً بصدق قوله إن كان كما يزعم: {فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب} وليس هذا من الخليل انتقالاً من دليل لآخر، وإنما هو إلزام له بطرد دليله إن كان صادقاً، وأتى بهذا الذي لا يقبل الترويج والتزوير والتمويه. تيسير الكريم الرحمن (1/ 206).
وقيل: إنَّ هذا الكافر إنَّما أراد أن يدَّعي لنفسه هذا المقام عناداً ومكابرةً، ويوهم أنَّه الفاعل لذلك وأنه يحيي ويميت حقيقة؛ فقال له إبراهيم ذلك لأن الذي يحيي ويميت هو الذي يتصرَّف في الوجود ومنه تسخير الكواكب والشمس التي تبدو كل يوم.
تفسير ابن كثير (1/ 321).
5 ـ ومن الأمثلة: قصَّة حمل بن النابغة الهذلي، في معارضته الشرع بالرأي والكلام المسجوع المنمَّق ...
(2): الحال الثانية: وهي ما قد يحصل من إشكال لدى بعض المعظِّمين للنصوص من الراسخين في العلم والإيمان، مع كمال يقينهم بصدق الشرع وتسليمهم له.
وإنما ورد ذلكم الإشكال لقصد الفهم وإزالة اللبس والخلط؛ وذلك كالمحاورة في بعض النصوص والاسترشاد عن مقصود الشرع فيها، أو التوجيه والجمع بين ما قد يُضنُّ تعارضه وتناقضه - ظاهراً - لشيءٍ من النصوص - وليس هوكذلك في الحقيقة - خشية الغلط.
وهو ما يُسمَّى بـ (الإشكال)، وهذا قد يقع في قلب أي مخلوق؛ لضعفه بالنسبة للخالق العظيم المنزَّه عن كلِّ عيب ونقص، ولقلَّة علمه وإدراكه لإنَّه مخلوق.
أمثلة للحال الثانية:
1 ـ ((أوَّل من سنَّ ذلك هم (الملائكة) عليهم الصلاة والسلام حين أراد الله أن يخلق آدم ويجعله في الأرض خليفة فقالوا: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن سبح بحمدك ونقدس لك} [البقرة: 30].
ووجه كونه استرشاداً وليس معارضةً قولهم: (ونحن نسبِّح بحمدك ونقدِّس لك)، فهم يستفهمون مع تمام تقديسهم لربِّهم سبحانه وتعالى،.
لذا قالوا بعد ذلك: {سبحانك لا علم لنا إلاَّ ما علَّمتنا إنَّك أنت العليم الحكيم} [البقرة: 32] فاعترفوا وسلَّموا بعظيم علمه سبحانه وتعالى وأنهم لا يعلمون إلاَّ ما علَّمهم إياه.
2 ـ ومن الأمثلة: قول نوح عليه الصلاة والسلام: {إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين}، ومما يدلُّ على عدم كون ذلك منه اعتراضاً قوله: (وإنَّ وعدك الحق وأنت أرحم الرَّاحمين) فأجابه الله بقوله: {إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألني ماليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين}، ولهذا كان قوله صلى الله عليه وسلم مسلِّماً لربِّه سبحانه وتعالى غاية التسليم: {رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفرلي وترحمني أكن من الخاسرين} [هود: 45 ـ 47].
ومن الأمثلة: ((أنَّ الصحابة كانوا يستشكلون بعض النصوص ويوردون استشكالاتهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيجيبهم عنها، وكانوا يسئلونه عن الجمع بين النصوص ويوردون عليه ما يوهم ظاهرها التعارض؛ ولم يكن أحد منهم يورد عليه معقولاً يعارض النص ألبته)) مختصر الصواعق المرسلة (ص: 164 - 168).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/365)
وكانوا مسلِّمين ومتَّبعين لأمر نبيِّهم صلى الله عليه وسلم، وما يوحى إليهم من ربِّهم سبحانه وتعالى، وما عارضوه في شيء من أمره إلاَّ استغفروا وأنابوا وتابوا، فمن ذلك:
3 ـ ما حصل عام الحديبية حين أراد النبي صلى الله عليه وسلم الصلح مع قريش ((فجاء سهيل بن عمرو – رضي الله عنه - فقال: هات اكتب بيننا وبينكم كتاباً، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الكاتب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم.
فقال سهيل: أما الرحمن فوالله ما أدري ما هي، ولكن اكتب باسمك اللهم، كما كنت تكتب.
فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اكتب باسمك اللهم.
ثم قال: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله.
فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والله إني لرسول الله وإن كذبتموني، أكتب محمد بن عبد الله.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به.
فقال سهيل: والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة، ولكن ذلك من العام المقبل، فكتب.
فقال سهيل: وعلى أنه لا يأتيك منا رجل - وإن كان على دينك - إلا رددته إلينا، قال المسلمون: سبحان الله! كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلماً.
فبينما هم كذلك إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده، وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين.
فقال سهيل: هذا يا محمد أول من أقاضيك عليه أن ترده إلي.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنا لم نقض الكتاب بعد.
قال: فوالله إذاً لا أصالحك على شيء أبداً.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: فأجزه لي.
قال: ما أنا بمجيزه لك.
قال: بلى فافعل.
قال: ما أنا بفاعل.
قال مكرز: بل قد أجزناه لك.
قال أبو جندل: أي معشر المسلمين أرد إلى المشركين وقد جئت مسلماً، ألا ترون ما قد لقيت، وكان قد عذب عذاباً شديداً في الله.
قال: فقال عمر بن الخطاب: فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ألست نبي الله حقاً؟!!
قال: بلى!
قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟!!
قال: بلى!
قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟!!
قال: إني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولست أعصيه، وهو ناصري.
قلت: أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟!
قال: بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام؟
قال: قلت: لا.
قال: فإنك آتيه ومطوف به، قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر: أليس هذا نبي الله حقاً؟
قال بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟
قال: بلى، قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟
قال: أيها الرجل إنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليس يعصي ربه وهو ناصره، فاستمسك بغرزه فوالله إنه على الحق.
قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟!!
قال: بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟
قلت: لا.
قال: فإنك آتيه ومطوف به.
قال الزهري: - قال عمر: - فعملت لذلك أعمالاً.
قال: فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: قوموا فانحروا ثم احلقوا.
قال: فوالله ما قام منهم رجل، حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس.
فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك؟ اخرج، ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك.
فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك: نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه.
فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً ... )). صحيح البخاري، الفتح (5/ 388 ـ 392).
- تنبيه هام: هذا المبحث كتبته بطوله مع غيره من سنين متطاولة، ولم أفرغ لتنقيح ما فيه من غلط أو عدم تحرير إن كان ثم.
لكن .. لكم غنمه وعليَّ غرمه.
- يتبع التعليق عليه إنشاء الله إن كان في الوقت فسحة.
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[04 - 01 - 04, 06:40 م]ـ
أحسنت شيخنا الكريم بارك الله فيك وحفظك من كل سوء ومكروه
وفي هذا الرابط كذلك بعض الفوائد حول الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=9189
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/366)
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[04 - 01 - 04, 11:23 م]ـ
أحسنتم يا شيخ عبدالرحمن ... بارك الله فيكم
يتبع:
من وسائل درء الشبهات والتشكيك:
1 - الاحتراس من التأثير الخفي للشبهات:
وذلك إما من كثرة ممارسة المناظر والرَّادِّ لأنواع الشبهات والتعامل معها وتردادها.
وإما من إيرادها على ضعيف الإيمان والعلم.
فمن كان على أحد هذين فليحترس من تقحُّم ما لا يحسن فيضرُّ نفسه أو غيره بالوقوع في شكوك الشبهات وإيراداتها على القلب.
قال ابن القيِّم رحمه الله تعالى: ((فإذا وردت على قلب الزائغ أو الجاهل أدنى شبهة قدحت فيه الشك والريب.
بخلاف الراسخ في العلم فإنه لو وردت عليه من الشبه بعدد أمواج البحر ما أزالت يقينه ولا قدحت فيه شكَّاً؛ لأنه قد رسخ في العلم فلا تستفزه الشبهات، بل إذا وردت عليه ردَّها حرس العلم وجيشه مغلولة مغلوبة.
فلا يغتر بذلك بل يجاوز نظره إلى باطنها وما تحت لباسها، فينكشف له حقيقتها.
ومتى لم يباشر القلب حقيقة العلم قدحت الشبهات في قلبه الشك وبأول وهلة، فإن تداركها وإلاَّ تتابعت عليه أمثالها حتى يصير شاكاً مرتاباً.
وأيما قلب ركن إليها تشرَّبها وامتلأ بها؛ فينضح بها وتتفجَّر على لسانه وجوارحه الشكوك والشبهات والإيرادات، فيظنُّ الجاهل أنَّ ذلك لسعة علمه، وإنما ذلك من عدم علمه ويقينه.
وقال لي شيخ الإسلام [يعني ابن تيميَّة] رضي الله عنه، وقد جعلت أورد عليه إيراداً بعد إيراد: (لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة؛ فيتشرَّبها فلا ينضح إلاَّ بها.
ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمرُّ الشبهات بظاهرها ولا تستقرّ فيها، فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته.
وإلاَّ فإذا أشربت قلبك كل شبهة تمرُّ عليها صار مقرَّاً للشبهات) أو كما قال.
فما علمت أني انتفعت بوصيَّةٍ في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك.
وإنا سميت الشبهة شبهة لاشتباه الحق بالباطل فيها، فإنها تلبس ثوب الحق على جسم الباطل، وأكثر الناس أصحاب حسن ظاهر.
فينظر الناظر فيما ألبسته من اللباس فيعتقد صحتها.
واما صاحب العلم واليقين، فانه لا يغتر بذلك بل يجاوز نظره الى باطنها، وماتحت لباسها؛ فينكشف له حقيقتها.
ومثال هذا الدرهم الزائف؛ فإنه يغتر به الجاهل بالنقد نظراً إلى ما عليه من لباس الفضة.
والناقد البصير يجاوز نظره إلى ما وراء ذلك فيطَّلع على زيفه.
فاللفظ الحسن الفصيح هو للشبهة بمنزلة اللباس من الفضة على الدرهم الزائف، والمعنى كالنحاس الذي تحته، وكم قد قتل هذا الاعتذار من خلق لا يحصيهم إلا الله.
وإذا تأمل العاقل الفطن هذا القدر وتدبَّره رأى أكثر الناس يقبل المذهب والمقالة بلفظ، ويردُّها بعينها بلفظ آخر، وكم رُدَّ من الحق بتشنيعه بلباس من اللفظ قبيح.
وقد رأيت أنا من هذا في كتب الناس ما شاء الله.
وكم رد من الحق بتشنيعه بلباس من اللفظ قبيح.
وفي مثل هذا قال أئمة السنة - منهم الإمام أحمد - وغيره: (لا نزيل عن الله صفة من صفاته لأجل شناعة شنعت).
فهؤلاء الجهمية يسمون إثبات صفات الكمال لله من حياته وعلمه وكلامه وسمعه وبصره وسائر ما وصف به نفسه = تشبيهاً وتجسيماً، ومن أثبت ذلك مشبهاً.
فلا ينفر من هذا المعنى الحق لأجل هذه التسمية الباطلة.
إلا العقول الصغيرة القاصرة خفافيش البصائر.
وكل أهل نحلة ومقالة يكسون نحلتهم ومقالتهم أحسن ما يقدرون عليه من الالفاظ، ومقالة مخالفيهم أقبح ما يقدرون عليه من الألفاظ.
ومن رزقه الله بصيرة فهو يكشف به حقيقة ما تحت تلك الألفاظ من الحق والباطل ولا تغتر باللفظ.
كما قيل في هذا المعنى:
تقول هذا جنى النحل تمدحه * * * وان نشأ قلت ذا قيء الزنابير
مدحاً وذماً وما جاوزت وصفهما * * * والحق قد يعتريه سوء تعبير
فإذا اردت الاطلاع على كنه المعنى هل هو حق او باطل فجرده من لباس العبارة، وجرِّد قلبك عن النفرة والميل، ثم اعط النظر حقه، ناظراً بعين الانصاف.
ولا تكن ممن ينظر في مقالة أصحابه ومن يحسن ظنه نظراً تاماً بكل قلبه، ثم ينظر في مقالة خصومه وممن يسيء ظنه به كنظر الشزر والملاحظة.
....
وكون العبد يغترُّ بأول عارض من شبهة دليل على ضعف عقله ومعرفته، إذ تؤثر فيه البداءات ويستفز بأوائل الأمور.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/367)
بخلاف الثابت التام العاقل؛ فإنه لا تستفزه البداءات ولا تزعجه وتقلقه، فإن الباطل له دهشة وروعة في أوله.
فإذا ثبت له القلب رُدَّ على عقبيه، والله يحب مَن عنده العلم والأناة، فلا يعجل بل يثبت حتى يعلم ويستيقن ما ورد عليه، ولا يعجل بأمرٍ من قبل استحكامه.
فالعجلة والطيش من الشيطان.
فمن ثبت عند صدمة البداءات استقبل أمره بعلم وحزم ... الخ)). مفتاح دار السعادة (ص/144 - 146).
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[06 - 01 - 04, 02:57 ص]ـ
- لا جديد في شبهات العصر:
ما ألَّفه المبتدعة في هذا العصر (بأنواعهم) من الكتب المليئة بالاعتقادات الباطلة المناقضة لدعوة الرسل والمحشوَّة بشبهاتٍ وحججٍ ساقطة؛ ظنُّوها أو أوهموا غيرهم من الجهلاء أنها حججاً دامغة وبراهين واضحة = كل تلك الحجج والأدلَّة ليست إلاَّ شبهات قديمة قد قالها الذين من قبلهم من المبتدعة الذين خرجوا في القرون الأولى ورُدَّ عليهم حينها بما يُدحض باطلهم.
ولعل من أعظم الكتب وأهمها في الرد على بعض شبهات أهل الضلال = كتاب الله تعالى.
فالاستفادة من طريقة القرآن الكريم في الرد وإدحاض الشبهة قضية لابد لطالب العلم أن يوليها عناية تامة.
قال ابن القيم رحمه الله: ((في القرآن الكريم وفي السنة المطهَّرة الإرشاد إلى طريق المناظرة وتصحيحها، وبيان العلل والفروق المؤثرة.
وإشارتهما إلى إبطال الدور والتسلسل بأوجز لفظ وأبينه.
وذكر ما تضمَّناه من التسوية بين المتماثلين والفرق بين المختلفين، والأجوبة عن المعارضات.
وإلغاء ما يجب إلغاؤه من المعاني التي لاتأثير لها واعتبار ما يجب اعتباره.
وإبداء تناقض المبطلين في دعاويهم وحججهم.
وتقرير الحجج الصحيحة وإبطال الشبه الفاسدة، وذكر النقض والفرق والمعارضة والمنع ...
وأمثال ذلك من كنوز القرآن التي ضل عنها أكثر المتأخرين فوضعوا لهم شريعة جدلية فيها حق وباطل)). بدائع الفوائد (4/ 311 ـ 314).
ومن المعلوم أنَّ المبتدعة والضلاَّل كما أنهم يتناسلون جيلاً بعد جيل؛ فكذلك هم يتوارثون بدعهم وشبهاتهم جيلاً بعد جيل.
صحيح أنَّ هنا بدع محدثة؛ لكنها ترجع في ((أصولها)) إلى أصول أهل البدع الأقدمين، من كل مدارس البدع والضلال؛ كالاعتزال والتجهم والرفض والخروج وغيرها.
ولو ألقيت نظرةً متفحصةً للشبهات التي أوردها بشر بن غياث المريسي الجهمي في كتاب الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في ردِّه ونقضه عليه في باب الصفات والأحاديث الدالة عليه، ثم نظرت إلى شبهات المبتدعة العصرانيين = لما وجدت فارقاً كبيراً بين الشبه المريسيَّة وشبه هؤلاء، اللهم إلاَّ في طريقة السبك والعبارة، وبعض شبهٍ يسيرة زادها المحدثون عليه!
قال ابن القيِّم رحمه الله في الثناء على كتابي عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله - الرد على بشر المريسي العنيد و الرد على الجهمية -: ((وكتاباه من أجلِّ الكتب المصنفة في السنة وأنفعها، وينبغي لكل طالب سنة مراده الوقوف على ما كان عليه الصحابة والتابعون والأئمة أن يقرأ كتابيه، وكان شيخ الإسلام رحمه الله يوصي بهذين الكتابين أشد الوصيَّة ويعظِّمهما جدَّاً، وفيهما من تقرير التوحيد والأسماء والصفات بالعقل والنقل ما ليس في غيرهما)). اجتماع الجيوش الإسلامية (ص/108).
وكذلك بعض الشبه التي أوردها الفخر الرازي في كتبه وغيره، وردَّها شيخ الإسلام ابن تيميَّة في كثير من كتبه قد أوردها المبتدعة العصرانيون في كتبهم المليئة باعتراضات المتكلَّمين والمعظمين للعقل من المدرسة العقليَّة الغابرة.
وصدق شيخ الإسلام ابن تيميَّة حين قال: ((وهذه التأويلات الموجودة اليوم بأيدي الناس، هي بعينها تأويلات بشر المريسي التي ذكرها في كتابه؛ مثل التأويلات التي ذكرها أبو بكر ابن فورك في (كتاب التأويلات)، وذكرها أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي في كتابه الذي سماه (تأسيس التقديس)، ويوجد كثير منها في كلام خلق كثير غير هؤلاء، مثل أبي علي الجيَّاني وعبد الجبَّار الهمذاني وأبي الحسين البصري وأبي الوفاء ابن عقيل وأبي حامد الغزالي وغيرهم ... )). الفتوى الحمويَّة الكبرى (ص/14).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/368)
وقد ردَّ عليه شيخ الإسلام ابن تيميَّة نفسه في كتابه العظيم، المسمَّى بنقض تأسيس الجهميَّة لبدعهم الكلاميَّة، أو: بيان تلبيس الجهميَّة.
فالحاصل مما مضى أنَّ الإهتمام بكتب الردود على شبهات المبتدعة بألوانهم، والتحذير منهم؛ والتي ألَّفها أئمة السلف وأتباعهم من الأئمة مهم جداً في ردِّ الشبه المستحدثة، قبل الشروع في الرد ابتداءاً.
ثم إنَّ ردود أئمة السلف على المبتدعة الأقدمين أقوى وأخصر؛ فيستفاد منها إن لم يقتصر عليها حسب الحاجة.
ولعل من أعظم من فصَّل في هذه الأصول وفنَّدها بالذكر والبيان الشيخ الإمام ابن قيم الجوزية نور ضريحه = في كتابه العظيم (الصواعق المرسلة).
وسيأتي ذكر بعض الأصول التي يفرِّع عليها كل مبتدع بدعته في كل عصر.
وبمعرفة ذلك الأصل ونقضه يملك الداعية وطالب العلم حجة ومكنة في الرد عليهم ارتجالاً قبل نسف التفاصل المتفرعة عن ذانك الأصل.
============
فاصلة:
مثال في الاستفادة من طريقة القرآن الكريم للرد على بعض الشبهات العصرانية.
من الأمثلة: أن الله ? لما حرَّم الرِّبا في كتابه قال المشركون: {إنما البيع مثل الربا} فردَّ عليهم بقوله: {وأحل الله البيع وحرَّم الربا} [البقرة: 275].
وبيان الجواب عن شبهتهم من وجوه:
الوجه الأول: أنهم كانوا يعلمون الفرق بين البيع والربا، ولكنَّ هذه المعارضة منهم مغالطة بالمسلَّمات، فكان الوضوح الظاهر لوهاء حجَّتهم ومغالطتهم مغنياً عن استهلاك الوقت بالمناظرة في المسلَّمات،كحجَّة الكافر لإبراهيم ?، كماتقدم.
الوجه الثاني: أن يُبيَّن تحريمه من كل وجهٍ مطلقاً، وأنَّ الله ? حرَّمه عليهم، وأغلق بابه بجميع صوره ألبته، لئلاَّ يحتجَّ محتجُّ بحجَّة أخرى غير تلك الحجة الهالكة، من الحيل والشبه التي قد تستحدث مستقبلاً، فالتحريم المطلق يقطع الجدال.
الوجه الثالث: أنَّ تلك المعارضة كانت معارضة بالرأي والقياس؛ فأجيب بأن لا قياس مع النص، وهي كحجَّة إبليس اللعين في الاحتجاج بالرأي - وقد تقدَّمت -.
ومما يماثل هذه الشبهة ما سمعته بنفسي من بعض منحرفي الاعتقاد والمعظِّمين لدين القبوريين؛ من القول بمشروعية الطواف بالأصنام أوالقبب المبنيَّة على القبور والأضرحة والسجود لها؛ استدلالاً واحتجاجاً بمشروعيَّة الطواف بالكعبة والسجود لها وهي حجارة، وادِّعاء المساواة بين الصورتين، والزعم بعدم وجود فرق بينهما.
والجواب عن هذه الشبه من وجوه:
الوجه الأول: أنه كقوله تعالى: {وأحلَّ الله البيع وحرَّم الربا} فحيث إنَّ الطواف بالكعبة مشروع من قبل الله ? فكذلك الطواف أو السجود لغيره منهي عنه من قِبَلِه، ولله ? أن يحرِّم ما شاء ويحلَّ ما شاء، فعليك التسليم، وإيَّاك والاعتراض بالقياس على النص، فإنك إنما تعترض على تشريع الله وحكمه وأمره برأيك وقياسك، ونعوذ بالله من الزيغ.
ويشابهه اعتراض السفهاء (وهم اليهود ومن تبعهم) على الرسول ? والمؤمنين معه حين أمرهم الله ? أن يتوجَّهوا بالقبلة إلى الكعبة في صلاتهم بدلاً من بيت المقدس؛ كما قال تعالى: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاَّهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ? وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلاَّ لنعلم من يتَّبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرةً إلاَّ على الذين هدى الله ... الآيات} [البقرة: 142 ـ 150].
الوجه الثاني: أنَّ هذا قياس فاسد ومغالطة واضحة؛ فإنَّ المسلمين لا يتوجَّهون إلى الكعبة بالسجود وعليها بالطواف إلاَّ امتثالاً لأمر الله ?؛ ويعلمون يقيناً أنها حجارة لا تضرُّ ولا تنفع؛ ولولا أنَّ الله ? ورسوله ? أمرا بذلك لما فعلوه؛ وكما قال عمر بن الخطَّاب ? عند استلامه للحجر الأسود بها: ((والله إني لأعلم أنَّك حجر لا تضرُّ ولاتنفع، ولولا أنَّي رأيت النبي ? يقبِّلك ما قبَّلْتُك)). أخرجه الستة وأحمد إلاَّ الترمذي.
بخلاف هؤلاء المعظِّمين للحجارة والأضرحة والأصنام من المشركين وكثير من جهلة المنتسبين إلى الإسلام في أرجاء شتَّى؛ فإنهم إنما يعتقدون فيها النفع والضرَّ استقلالاً، ويرجون رحمتها ويخافون عذابها، ولها هيبة وإجلال ظاهر في قلوبهم وجوارحهم،كما لوكانت إلهاً؛ ولذا تراهم على تماثيلها عاكفين وبحجارتها متمسِّحين وبترابها متبرِّكين متعفِّرين، وأمور جليلة الوصف؛ بل هذا حال كثير من جهلة المسلمين حين يتمسَّحون بأركان الكعبة كلِّها وثيابها وحجارتها وبمقام إبراهيم، بل وبأبواب المسجد وبسطه، يعتقدون بركتها ونفعها ... هذه حالهم المشاهدة بالعيان وما خفي أعظم!
أما الموحِّدون من أتباع السلف فإنَّهم لايعتقدون ذا الاعتقاد، لافي الكعبة ولا في غيرها، ولا يسجدون للكعبة ولا يطوَّفون بها إلاَّ لأمر الله ? ورسوله ?.
ولا يعظِّمون منها أومن غيرها إلاَّ بنصِّ الشرع الصحيح الصريح، ويعلمون أنها لا تضرُّ ولا تنفع استقلالاً كنحو ما قاله عمر ? في الحجر الأسود؛ بل يرجون الثواب من الله ? وحده لا شريك له ...
فأين المشابهة بين الفريقين؟!
إنَّه المغالطة والدجل!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/369)
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[01 - 03 - 04, 08:50 ص]ـ
للإفادة ..(26/370)
تبرك الشافعى بقبر أبى حنيفة باطل
ـ[ابو سفيان اليونسى]ــــــــ[05 - 01 - 04, 02:18 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه القصة هي من القصص العجيبة الغريبة التي تشكك في عقيدة أئمة المذاهب الأربعة ومنهم الإمام الشافعي - رحمه الله - فهذه القصة من الكذب الصريح على هذا الإمام الجليل والعالم النحرير.
أما القصة فقد ذكرها الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد بإسناده (1/ 123) عن السافعي أنه قال: إني لأتبرك بأبي حنيفة، وأجيء إلى قبره في كل يوم - يعني زائرا - فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره، وسألت الله تعالى عنده، فما تبعد عني حتى تُقضى.
قال العلامة الألباني عن سند هذه القصة في الضعيفة (1/ 31ح22):
فهذه رواية ضعيفة بل باطلة فإن عمر بن إسحاق بن إبراهيم غير معروف وليس له ذكر في شيء من كتب الرجال، ويحتمل أن يكون هو " عمرو - بفتح العين - بن إسحاق بن إبراهيم بن حميد بن السكن أبو محمد التونسي وقد ترجمه الخطيب وذكر أنه بخاري قدم بغداد حاجا سنة 341هـ ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا فهو مجهول الحال، ويبعد أن يكون هو هذا إذ أن وفاة شيخه علي بن ميمون سنة 247هـ على أكثر الأقوال فبين وفاتيهما نحو مائة سنة فيبعد أن يكون قد أن يكون قد أدركه.
وعلى كل حال فهي رواية ضعيفة لا يقوم على صحتها دليل.ا. هـ.
وقد رد العلامة الألباني على الكوثري في نفس الموضع فقال:
وأما قول الكوثري في مقالاته: وتوسل الإمام الشافعي بأبي حنيفة مذكور في أوائل تاريخ الخطيب بسند صحيح. فمن مبالغاته بل مغالطاته ا. هـ.
وقد كذب شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - هذه القصة ورد على ما جاء فيها برد يروي الغليل فقال في اقتضاء الصراط المستقيم (2/ 692):
... الثاني: أنه من الممتنع أن تتفق الأمة على استحسان فعل لو كان حسنا لفعله المتقدمون، ولم يفعلوه، فإن هذا من باب تناقض الإجماعات، وهي لا تتناقض، وإذا اختلف فيها التأخرون فالفاصل بينهم: هو الكتاب والسنة، وإجماع المتقدمين نصا واستنباطا فكيف - والحمدلله - لم ينقل عن إمام معروف ولا عالم متبع. بل المنقول في ذلك إما أن يكون كذبا على صاحبه، مثل ما حكى بعضهم عن الشافعي أنه قال: ... فذكره أو كلاما هذا معناه، وهذا كذلك معلوم كذبه بالاضطرار عند من له معرفة بالنقل، فإن الشافعي لما قدم بغداد لم يكن ببغداد قبر ينتاب للدعاء عنده البتة، بل ولم يكن هذا على عهد الشافعي معروفا، وقد رأى الشافعي بالحجاز واليمن والشام والعراق ومصر من قبور الأنبياء والصحابة والتابعين، من كان أصحابها عنده وعند المسلمين أفضل من أبي حنيفة وأمثاله من العلماء. فما باله لم يتوخ الدعاء إلا عنده. ثم أصحاب أبي حنيفة الذين أدركوه مثل أبي يوسف ومحمد وزفر والحسن بن زياد وطبقتهم، ولم يكونوا يتحرون الدعاء لا عند أبي حنيفة ولا غيره.
ثم قد تقدم عند الشافعي ما هو ثابت في كتابه من كراهة تعظيم قبور المخلوقين خشية الفتنة بها، وإنما يضع مثل هذه الحكايات من يقل علمه ودينه. وإما ان يكون المنقول من هذه الحكايات عن مجهول لا يعرف،ونحن لو روي لنا مثل هذه الحكايات المسيبه احاديث عمن لاينطلق عن الهوى لما جاز التمسك بها حتى تثبت. فكيف بالمنقول عن غيره؟ ا. هـ.
رحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية، وجزاه الله عنا وعن الإسلام خير الجزاء.
وهذه القصة يُشم منها رائحة التعصب المذهبي المقيت، ولا يستبعد أن يكون الأحناف وضعوها لأجل تعصبهم الشديد لأبي حنيفة - رحم الله الجميع -.(26/371)
مناظرات في إثبات العلو
ـ[عبد المحسن العبدالعزيز]ــــــــ[07 - 01 - 04, 09:26 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
حدث أحمد بن موسى بن بريدة، عن أحمد بن عبد الله بن محمد بن بشير، عن الترمذي: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: اجتمعت الجهمية إلى عبد الله بن طاهر يوماً، فقالوا له: "أيها الأمير، إنك تقدم إسحاق وتكرمه وتعظمه، وهو كافر يزعم أن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة ويخلو منه العرش".
قال: فغضب عبد الله وبعث إلي، فدخلت عليه وسلمت، فلم يرد علي السلام غضباً، ولم يستجلسني، ثم رفع رأسه وقال لي: "ويلك يا إسحاق ما يقول هؤلاء؟ " قال: "قلت: لا أدري"، قال: "تزعم أن الله سبحانه وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة ويخلو منه العرش؟ " فقلت: "أيها الأمير، ليست أنا قلته، قاله النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: ثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن الأغر - أبو مسلم - أنه قال: أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد أنهما شهدا على رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه قال: "ينزل الله إلى سماء الدنيا في كل ليلة فيقول: من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له". ولكن مرهم أن يناظروني".
قال: فلما ذكرت له النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - سكن غضبه، وقال لي: "اجلس"، فجلست، فقلت: "مرهم أيها الأمير يناظروني"، قال: "ناظروه"، قال: فقلت لهم: "يستطيع أن ينزل إلى السماء الدنيا ولا يخلو منه العرش أم لا يستطيع؟! " قال: فسكتوا وأطرقوا رؤوسهم. فقلت: "أيها الأمير، مرهم يجيبوا"، فسكتوا، فقال: "ويحك يا إسحاق، ماذا سألتهم؟! "، قال: قلت: "أيها الأمير: قل لهم يستطيع أن ينزل ولا يخلو منه العرش، أم لا؟ " قال: "فأي شيء هذا"، قلت: "زعموا أنه لا يستطيع أن ينزل إلى أن يخلو منه العرش: فقد زعموا أن الله عاجز مثلي ومثلهم، وقد كفروا، وإن زعموا أنه يستطيع أن ينزل ولا يخلو منه العرش: فهو ينزل إلى السماء الدنيا كيف يشاء، ولا يخلو منه المكان".
المصدر: شرح حديث النزول، لابن تيمية، ص184 - 186.
ـ[عبد المحسن العبدالعزيز]ــــــــ[07 - 01 - 04, 09:28 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
روى أبو بكر الأثرم، في السنة، قال: حدثنا إبراهيم بن الحارث - يعني العبادي - قال: حدثني الليث بن يحيى، قال: سمعت إبراهيم بن الأشعث، يقول: سمعت فضيل بن عياض يقول: إذا قال الجهمي: "أنا أكفر برب يزول عن مكانه"، فقل: "أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء".
المصدر: شرح حديث النزول، لابن تيمية، ص154؛ قال المحقق: أخرجه: ابن بطة في الإبانة الكبرى، كما في مختصر الإبانة، ص198، من طريق إبراهيم بن الأشعث عن الفضيل.
ـ[عبد المحسن العبدالعزيز]ــــــــ[07 - 01 - 04, 09:29 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال أبو منصور بن الوليد الحافظ في رسالة له إلى الزنجاني: أنبأنا عبد القادر الحافظ بحران، أنبأنا الحافظ أبو العلاء، أنبأنا أبو جعفر بن أبي علي الحافظ فقال:
سمعت أبا المعالي الجويني وقد سئل عن قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}؟
فقال: "كان الله ولا عرش" - وجعل يتخبط في الكلام -،
فقلت: "قد علمنا ما أشرت إليه، فهل عندك للضرورات من حيلة؟ "
فقال: "ما نريد بها القول وما تعني بهذه الإشارة؟ "
فقلت: "ما قال عارف قط: رباه، إلا قبل أن يتحرك لسانه، قام باطنه قصد لا يلتفت يمنة ولا يسرة يقصد الفوق، فهل لهذا القصد الضروري عندك من حيلة؟ فنبئنا نتخلص من الفوق والتحت"،
وبكيت وبكى الخلق، فضرب الأستاذ بكمه على السرير وصاح: "يا للحيرة"، وخرق ما كان عليه وانخلع، وصارت قيامة في المسجد، ونزل، ولم يجبني إلا: "يا حبيبي الحيرة الحيرة، والدهشة الدهشة".
فسمعت بعد ذلك أصحابه يقولون: "سمعناه يقول: حيرني الهمداني".
توفي إمام الحرمين في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة، وله ستون سنة، وكان من بحور العلم في الأصول والفروع، يتوقد ذكاء.
المصدر: مختصر العلو، للألباني، ص276 - 277؛ وقال: وإسناد هذه القصة صحيح مسلسل بالحفاظ، وأبو جعفر اسمه محمد بن أبي علي الحسن بن محمد الهمداني مات سنة 531، وقد وصفه ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (4/ 44) بـ"الشيخ العارف".
ويبدو لي أن هذه الحيرة كانت قبل استقرار عقيدة أبي المعالي الجويني على مذهب السلفي، بل لعلها كانت المنطلق إلى هذا الاستقرار الذي أبان عنه فيما سبق من كلامه في "الرسالة النظامية".
وما أشبه حاله بحال أبيه العلامة أبي محمد عبد الله بن يوسف الجويني، فقد كان برهة من الدهر متحيراً في هذه المسألة "الاستواء" وسواها من مسائل الصفات، بسبب تأثره بعلم الكلام الذي تلقاه عن شيوخه، ثم استقر أمره - والحمد الله - على العقيدة السلفية فيها، كما شرح ذلك هو نفسه أحسن الشرح في رسالته القيمة في "إثبات الاستواء والفوقية" وهي مطبوعة في المجلد الأول من "مجموعة الرسائل المنيرية" (ص170 - 187). وإني لأستغرب كيف فات ذكر هذا الإمام على الحافظ الذهبي في جملة هؤلاء الأئمة الأعلام الذين قالوا بقول السلف في هذه المسألة الهامة، ولكن جل من لا ينسى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/372)
ـ[عبد المحسن العبدالعزيز]ــــــــ[07 - 01 - 04, 09:30 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مناظرة مع أحد مشايخ الأزهريين:
قال الألباني: "وقد التقينا عشرات الأشخاص الأزهريين وغيرهم، نجدهم يا أخي حيارى لا يستطيعون أن يجادلوا شاباً أمياً عامياً نشأ على هذه الفكرة وعلى هذه الدعوة، وهو دَرَسَ في الأزهر عشرين سنة، يحار!
وأنا أذكر من أواخر ما جرى النقاش بيني وبين أحد الأزهريين في ليلة من ليالي منى أيام الحج، جرى هذا البحث طويلاً لكن بطريقة فيها شيء من التسلسل المنطقي. هم يستلزمون ويتهمون السلف الصالح كلهم - مع شيء من التحفظ لبعضهم - بأنهم مجسمة؛ لأنهم يقولون: الله على المخلوقات وفوق المخلوقات كلها.
وهذا الشيخ الأزهري نفسه قال: "أنتم (تضعون) الله في مكان! ".
فقلتُ له: "سبحان الله! هذا بهتان عظيم! "، فجرى بيني وبينه البحث الآتي، بإيجاز:
قلت له: "يا أستاذ! المكان شيء وجودي أم عدمي؟ "
قال: "لا، وجودي".
قلتُ: "وهنا الموجود محدودٌ أم غير محدود؟ "
قال: "محدود".
قلت: "لنبحث الآن: نحن على الأرض، فوقنا ماذا؟ "
قال: السماء الأولى".
قلت: "حتى السابعة؟ "
قال: "نعم".
قلت: "وفوق السابعة؟ "
قال: "العرش".
قلت: "وفوق العرش إيش في؟ " فأجابني بجواب يدل على مبلغ الثقافة والدراسة التي يُدَرَّسُوها في الأزهر!
قال: "فوق العرش الكروبيون"!!
قلتُ: "إيش هؤلاء الكروبيون؟ "
قال: "هؤلاء ملائكةٌ".
قلتُ له: "هل تعلمُ آيةً في القرآن الكريم ذَكَرتْ أنَّ هناك ملائكةً إسمهم (كروبيون)؟ "
قال: "لا".
قلت: "هل هناك حديثٌ عن الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بهذا؟ "
قال: "لا".
قلت: "إذن؛ من أين جئْتَ بهذه الدعوى وهذه العقيدة؟ "
فقال: "يا أستاذ! هكذا دَرَسْنا في الأزهر".
فقلت: "يا أستاذ! ما دَرَسْتَ في الأزهر أن العقيدة لا تُؤْخذ - كما يزعمون! - إلاّ من قطعيِّ الثبوت، قطعيِّ الدلالة، ويبنون على ذلك أن العقيدة لا تؤخذ من الحديث الصحيح إلاّ إذا كان متواتراً؟ "
قال: "نعم".
قلت: "لا آيةً ولا حديثاً متواتراً ولا حديث آحادٍ!! فكيف تَلَقَّفْتُم هذه العقيدة؟!! (1) لسنا بصدد هذا، هَبْ أن فوق العرش هؤلاء الملائكة المُسَمَّوْنَ: (الكروبيون)، وفوق هؤلاء الملائكة ماذا؟ "
قال: "خلاص انتهى الكون".
قلت: "هناك مكان؟ "
قال: "لا".
قلت: نحن نقول الله فوق المخلوقات، إذن ليس في مكان؛ لأن المكان مخلوق محدود، فهو ليس في مكان (2)، فنحن عندنا نصف اللهَ بما وصف به نفسَهُ لماذا أنتم تفسرون هذا الاعتقاد وهذا القول بخلاف الواقع؟! أولاً: في مفاهيمكم على اعتبار أن الكون محدود، فلماذا تقولون: الله في مكان عند هؤلاء المجسمة أو المشبهة الذين يُدْعَوْنَ بالسلف الصالح، ثم خلاف الآيات الكريمة؟! لماذا لا تُسَلِّمُونَ عقيدتَكم لهذه النصوص المتواترة؟! حتى إن بعض أئمة الحديث كالحافظ الذهبي ألَّفَ رسالةً خاصةً بعنوان "العلو للعلي الغفار"!!!
هذا من جلمة النقاش الذي جرى بيني وبين أحد الأزهريين، وما استطاع المسكين أن يصول أو يجول في هذه المسألة وهي عقيدته.
المصدر: مِنْهَاجُ أَهْلِ السُّنَّةِ والجَمَاعَة في العقيدةِ والعمل، لابن العثيمين والألباني، ص139 - 143؛ وقال المحقق:
(1) رُوي حَدِيثٌ ضَعِيفٌ جِدَّاً في إثبات طائفة من الملائكة يتسمون باسم (الكروبيون)، لكن ليس فيه أنهم فوق العرش!! وهاك نصه:
"إنَّ للهِ ملائكةً، وهم الكُرُوبِيُّونَ، من شحمةِ أُذُنِ أحدِهم إلى تُرْقُوَتِهِ مَسِيرةُ سبعِ مئةِ عامٍ للطائرِ السريعِ في انْحِطَاطِهِ".
أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (12/ 231/ب) عن محمد بن أبي السَّريّ: نا عمرو بن أبي سلمة عن صدقة بن عبد الله القرشي عن موسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله مرفوعاً به.
قال شيخنا في "الضعيفة" (2/ 323): "وهذا اسنادٌ واهٍ جداً، وله علَّتان:
الأولى: محمد بن أبي السَّري، وهو متهم.
والأخرى: صدقة هذا - وهو الدمشقي السمين - وهو ضعيف، ووقع في السند: "القرشي"، ولم ترد هذه النسبة في ترجمة من "التهذيب"، فلعله تحرف على الناسخ نسبة "الدمشقي" بالقرشي، والله أعلم. وقد خالفه إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة به، بلفظ:
"أُذِنَ لي أَنْ أُحَدِّثّ عنْ مَلَكٍ من ملائكةِ اللهِ تعالى مِنْ حملَةِ العرشِ، ما بَيْن شحمةِ أُذُنِهِ إلى عَاتِقِهِ مسيرةُ سَبْعِ مئةِ سَنَة".
وهو بهذا اللفظ صحيح، كما بينتُه في "الأحاديث الصحيحة" (رقم: 151) ".
(2) لأن كلَّ موجودٍ يُسَّمى شيئاً، والعدمُ ليس بشيءٍ؛ بدليل قوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - الذي رواه مسلم في "صحيحه" (رقم: 2713) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في دعائه ربَّه جَلَّ وعَلا عند النوم -: "وأنتَ الظاهِرُ فليس فَوْقَكَ شَيءٌ".
وانظر: "نقض التأسيس" (2/ 153 - 199)، و"درء التعارض" (6/ 299 - 309، و7/ 10 - 14).
:::: الموضوع منقول ... من الأخ / ابوابراهيم احمد الرئيسي:::
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/373)
ـ[عبد المحسن العبدالعزيز]ــــــــ[11 - 01 - 04, 08:17 م]ـ
يرفع
ـ[علي الأسمري]ــــــــ[12 - 01 - 04, 12:43 ص]ـ
في صحيح الترمذي 3/ 192 للألباني
عن سمرة بن جندب قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نتداول من قصعة من غدوة حتى الليل تقوم عشرة وتقعد عشرة قلنا فما كانت تمد قال من أي شيء تعجب ما كانت تمد إلا من هاهنا وأشار بيده إلى السماء.
قال الألباني:
(صحيح _ المشكاة 5958).
ـ[أبا عبد الرحمن]ــــــــ[25 - 12 - 04, 05:16 م]ـ
للرفع
ـ[علي الأسمري]ــــــــ[26 - 12 - 04, 02:20 م]ـ
مر بي أن ابن فورك تكلم أما الملك محمود الغزنوي
في مسألة العلو
وأخذ ابن فورك ينظر لقولهم أنه في كل مكان فقال
الملك فما رأيك بقول: إنه في السماء فرد عليه ابن فورك بغضب فقال الملك: لست أنا الذي يقول ذلك الله هو الذي يقول ذلك.!!!
فمرض بعدها ابن فورك ومات غماً بعد أيام
حقيقة قرأتها قديما وأرويها بمعناها ولا أذكر المصدر
فحبذا من يفيدني بها
و - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[27 - 12 - 04, 10:21 م]ـ
مناظرة لإمام أحمد للجهمية في الاستواء
قال لهم أحمد لما أنكرتم أن يكون الله على العرش وقد قال تعالى (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طه: 5) وقال (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) (يونس: 3)
فقالوا هو تحت الأرض السابعة كما هو على العرش وفي السموات وفي الأرض وفي كل مكان ولا يخلو منه مكان ولا يكون في مكان دون مكان وتلوا آية من القرآن (وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ) (الأنعام: 3)
فقلنا قد عرف المسلمون أماكن كثيرة ليس فيها من عظم الرب شيء
فقالوا أي مكان
فقلنا أجسامكم وأجوافكم وأجواف الخنازير والحشوش والأماكن القذرة ليس فيها من عظم الرب شيء.
وقد أخبرنا أنه في السماء فقال (أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ) (الملك: 16 - 17)
وقال (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) (فاطر: 10)
وقال (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ َ) (آل عمران: 55)
وقال (بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً) (النساء: 158)
وقال (وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) (الأنبياء: 19)
وقال (يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ) (النحل: 50)
وقال (مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ) (المعارج: 3)
وقال (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ) (الأنعام: 18)
وقال وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) (البقرة: 255) فهذا خبر الله أخبرنا أنه في السماء
ووجدنا كل شيء أسفل منه مذموما
يقول الله جل ثناؤه (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً) (النساء: 145)
وقال (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ) (فصلت: 29)
وقلنا لهم أليس تعلمون أن إبليس كان مكانه والشياطين مكانهم فلم يكن الله ليجتمع هو وإبليس في مكان واحد وإنما معنى قول الله جل ثناؤه وهو الله في السموات وفي الأرض يقول هو إله من في السموات وإله من في الأرض وهو على العرش وقد أحاط علمه بما دون العرش ولا يخلو من علم الله مكان ولا يكون علم الله في مكان دون مكان فذلك قوله (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) (الطلاق: 12). ومن الإعتبار في ذلك لو أن رجلا كان في يديه قدح من قوارير صاف وفيه شراب صاف كان بصر ابن آدم قد أحاط بالقدح من غير أن يكون ابن آدم في القدح فالله وله المثل الأعلى قد أحاط بجميع خلقه من غير أن يكون في شيء من خلقه.
ـ[أبو عاصم العتيبي]ــــــــ[27 - 12 - 04, 10:26 م]ـ
بارك الله فيكم موضوع رائع، ومصري جهمي ضائع!
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[27 - 12 - 04, 10:51 م]ـ
مناظرة لإمام أحمد للجهمية في العرش
قال الإمام أحمد ومما تأولت الجهمية من قول الله تعالى (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) فقالوا إن الله معنا وفينا فقلنا لهم لم قطعتم الخبر من أوله إن الله تعالى يقول (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (المجادلة: 7)
فالله جل ثناؤه يفتح الخبر بعلمه ويختم الخبر بعلمه
ويقال للجهمي إن الله إذا كان معنا بعظمة نفسه فقل له هل يغفر الله لكم فيما بينه وبين خلقه
فإن قال نعم فقد زعم أن الله بائن من خلقه دونه
وإن قال لا كفر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/374)
ـ[الجندى المسلم]ــــــــ[28 - 12 - 04, 03:53 م]ـ
جزاكم الله كل خير
ـ[سلمان الأيوبي]ــــــــ[29 - 12 - 04, 08:52 ص]ـ
قال: فغضب عبد الله وبعث إلي، فدخلت عليه وسلمت، فلم يرد علي السلام غضباً، ولم يستجلسني، ثم رفع رأسه وقال لي: "ويلك يا إسحاق ما يقول هؤلاء؟ " قال: "قلت: لا أدري"، قال: "تزعم أن الله سبحانه وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة ويخلو منه العرش؟ " فقلت: "أيها الأمير، لست أنا قلته، قاله النبي - صلى الله عليه وسلم
.
أين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله ينزل ويخلو منه العرش؟
هذه من العبارات المبتدعة وكذلك القول انه ينزل بذاته.
قال الامام الذهبي في السير ج: 20 ص: 331:
وننهى عن القول ينزل بذاته كما لا نقول ينزل بعلمه بل نسكت ولا نتفاصح على الرسول صلى الله عليه وسلم بعبارات مبتدعة.
وهو كذلك فلا نزيد ولا نتفاصح على الرسول صلى الله عليه وسلم.
جزاكم الله خيرا.
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[29 - 12 - 04, 04:43 م]ـ
أين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله ينزل ويخلو منه العرش؟
هذه من العبارات المبتدعة وكذلك القول انه ينزل بذاته.
قال الامام الذهبي في السير ج: 20 ص: 331:
وننهى عن القول ينزل بذاته كما لا نقول ينزل بعلمه بل نسكت ولا نتفاصح على الرسول صلى الله عليه وسلم بعبارات مبتدعة.
وهو كذلك فلا نزيد ولا نتفاصح على الرسول صلى الله عليه وسلم.
جزاكم الله خيرا.
هل تريد تفويض الصفة والكيفية أم تفويض الكيفية فقط؟
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[29 - 12 - 04, 05:41 م]ـ
بل نقول ينزل نزول يليق بجلاله سبحانه وتعالى
ولا نقول ينزل ونسكت فإن هذا مذهب أهل التفويض الذين يعطلون الصفات
ولكننا نقول النزول معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعه حيث أن نزوله إلى السماء الدنيا له كيفية، لكن لا تعلم فأهل السنة والجماعة يثبتون الصفة دون الكيفية لأن الكيفية مجهولة
أما أهل التفويض فيفوضون الصفة والكيفية جميعا وهذا تعطيل.
ـ[سلمان الأيوبي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 04:40 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
استشهدت بكلام الامام الذهبي رحمه الله للحث على الابتعاد عن العبارات الغريبة التي لم ينطق بها السلف وعدم التفاصح على الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال حنبل بن اسحاق: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل عن الأحاديث التي تروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الله ينزل إلى السماء الدنيا فقال ابو عبد الله نؤمن بها ونصدق بها ولا نرد شيئا منها إذا كانت اسانيد صحاح ولا نرد على رسول الله قوله ونعلم أن ما جاء به الرسول حق حتى قلت لأبي عبد الله ينزل الله إلى سماء الدنيا قال قلت نزوله بعلمه بماذا فقال لي اسكت عن هذا مالك ولهذا امض الحديث على ما روي بلا كيف ولاحد وإنما جاءت به الأثار وبما جاء به الكتاب قال الله عزوجل ولا تضربوا لله الأمثال ينزل كيف يشاء بعلمه وقدرته وعظمته أحاط بكل شيء علما لا يبلغ قدره واصف ولا ينأى عنه هرب هارب. (اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة 3/ 453)
فالامام احمد رحمه الله لم يقل ينزل نزول حقيقي ولم يقل ينزل بذاته ولم يقل يخلو منه العرش وغيره وانما قال بلا كيف ولاحد ينزل كيف يشاء.
جزاكم الله خيرا.
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[01 - 01 - 05, 05:50 م]ـ
الأخ سلمان الأيوبي
لا زال كلامك فيه غموض أمل أن توضحه؟
هل تقصد أن نفوض الصفة والكيفية؟
أم تقصد أن نفوض الكيفية فقط؟
سؤالي واضح؟
إذا لم تجيب على سؤالي فسوف أحمل كلامك على تفويض الصفة والكيفية وسوف أرد عليك حينها بما يبين لك بطلان تفويض الصفة؟
وإذا كنت لا تدري الفرق بين تفويض الصفة والكيفية فقل لا أدري؟
ـ[سلمان الأيوبي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 06:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ أبو عبد الرحمن الشهري،، الموضوع ليس عن الفرق بين تفويض الصفة والكيفية ولا عن الفرق بين الصفات الفعلية والذاتية .... !!!
كلامي واضح جدا ولا ادري ما هو المطلوب!! اشكرك على اهتمامك والى هنا اعتذر عن تكملة هذا الموضوع.
جزاكم الله خيرا.
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[01 - 01 - 05, 09:31 م]ـ
أخي سلمان الأيوبي وفقه الله
سألتك لأن اعتراضك موهم ومع ذلك لم تصرح لي بماذا تقصد ولكن لا عليك ونحملك على أحسن المحامل:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/375)
وأنا سوف أبين معنى تفويض الصفة بما يلي:
أهل التفويض يقولون: إن طريقة السلف هي التفويض، وقد أخطأوا، لأن مذهب أهل السنة هو إثبات المعنى وتفويض الكيفية.
وليعلم أن القول بالتفويض ـ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ من شر أقوال أهل البدع والإلحاد!
لأن فيه تكذيباً للقرآن وتجهيلاً للرسول واستطالة للفلاسفة.
تكذيب للقرآن، لأن الله يقول: ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء [[النحل: 89]، وأي بيان في كلمات لا يدرى ما معناها؟ وهي من أكثر ما يرد في القرآن، وأكثر ما ورد في القرآن أسماء الله وصفاته، إذا كنا لا ندري ما معناها، هل يكون القرآن تبياناً لكل شيء؟ أين التبيان؟
إن أهل التفويض يقولون: إن الرسول لا يدري عن معاني القرآن فيما يتعلق بالأسماء والصفات وإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام لا يدري، فغيره من باب أولى.
وأعجب من ذلك يقولون: الرسول يتكلم في صفات الله، ولا يدري ما معناه يقول: "ربنا الله الذي في السماء" (1)، وإذا سئل عن هذا؟ قال: لا أدري وكذلك في قوله: "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا" (2) وإذا سئل ما معنى "ينزل ربنا"؟ قال: لا أدري .... وعلى هذا، فقس.
وهل هناك قدح أعظم من هذا القدح بالرسول بل هذا من أكبر القدح رسول من عند الله ليبين للناس وهو لا يدري ما معنى آيات الصفات وأحاديثها وهو يتكلم بالكلام ولا يدري معنى ذلك كله.
فهذان وجهان:
تكذيب بالقرآن.
وتجهيل الرسول.
وفيه فتح الباب للزنادقة الذين تطاولوا على أهل التفويض، وقالوا: أنتم لا تعرفون شيئاً، بل نحن الذين نعرف، وأخذوا يفسرون القرآن بغير ما أراد الله، وقالوا: كوننا نثبت معاني للنصوص خير من كوننا أميين لا نعرف شيئاً وذهبوا يتكلمون بما يريدون من معنى كلام الله وصفاته!! ولا يستطيع أهل التفويض أن يردوا عليهم، لأنهم يقولون: نحن لا نعلم ماذا أراد الله، فجائز أن يكون الذي يريد الله هو ما قلتم! ففتحوا باب شرور عظيمة.
فتبين أن طريقة التفويض طريق خاطئ، لأنه يتضمن ثلاث مفاسد: تكذيب القرآن، وتجهيل الرسول، واستطالة الفلاسفة!
وأن الذين قالوا: إن طريقة السلف هي التفويض كذبوا على السلف بل هم يثبتون اللفظ والمعني ويقررونه، ويشرحونه بأوفى شرح.
أهل السنة والجماعة لا يحرفون ولا يعطلون، ويقولون بمعنى النصوص كما أراد الله:] ثم استوى على العرش [[الأعراف: 54]، بمعنى: علا عليه وليس معناه: استولى.] بيده [: يد حقيقية وليست القوة ولا نعمة، فلا تحريف عندهم ولا تعطيل ولاتكييف ولا تمثيل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انظر شرح العقيدة الواسطية للشيخ ابن عثيمين رحمه الله
ـ[عارف]ــــــــ[02 - 01 - 05, 10:49 م]ـ
من أثبت النزول وأنكر النقلة والخلو من العرش فلا أدري ما الذي لم يفوضه؟
ولو كنت عند إسحاق رحمه الله لقلت له: هل يقدر أن ينزل إلى السماء الدنيا مع كونه فوق العليا؟
فإن قال نعم جوز المحال، وإن قال هذا لا يقدح في القدرة إذا لم يدخل فيها لأنه محال والمحال عدمي والعدمي ليس بشيء فلا يدخل في {على كل شيء قدير} فهذا بعينه جواب سؤاله: ألا يقدر أن ينزل مع بقائه على العرش.
بقي أن يقال: يمكن أن ينزل مع بقائه مستويا في صورة واحدة: أن ينزل العرش معه، لكن دليله من جهة اللزوم، فهل يؤخذ بها في العقائد عند السلف؟ هذا محل بحث، والله أعلم.(26/376)
مناظرات في إثبات العلو
ـ[عبد المحسن العبدالعزيز]ــــــــ[07 - 01 - 04, 09:26 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
حدث أحمد بن موسى بن بريدة، عن أحمد بن عبد الله بن محمد بن بشير، عن الترمذي: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: اجتمعت الجهمية إلى عبد الله بن طاهر يوماً، فقالوا له: "أيها الأمير، إنك تقدم إسحاق وتكرمه وتعظمه، وهو كافر يزعم أن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة ويخلو منه العرش".
قال: فغضب عبد الله وبعث إلي، فدخلت عليه وسلمت، فلم يرد علي السلام غضباً، ولم يستجلسني، ثم رفع رأسه وقال لي: "ويلك يا إسحاق ما يقول هؤلاء؟ " قال: "قلت: لا أدري"، قال: "تزعم أن الله سبحانه وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة ويخلو منه العرش؟ " فقلت: "أيها الأمير، ليست أنا قلته، قاله النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: ثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن الأغر - أبو مسلم - أنه قال: أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد أنهما شهدا على رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه قال: "ينزل الله إلى سماء الدنيا في كل ليلة فيقول: من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له". ولكن مرهم أن يناظروني".
قال: فلما ذكرت له النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - سكن غضبه، وقال لي: "اجلس"، فجلست، فقلت: "مرهم أيها الأمير يناظروني"، قال: "ناظروه"، قال: فقلت لهم: "يستطيع أن ينزل إلى السماء الدنيا ولا يخلو منه العرش أم لا يستطيع؟! " قال: فسكتوا وأطرقوا رؤوسهم. فقلت: "أيها الأمير، مرهم يجيبوا"، فسكتوا، فقال: "ويحك يا إسحاق، ماذا سألتهم؟! "، قال: قلت: "أيها الأمير: قل لهم يستطيع أن ينزل ولا يخلو منه العرش، أم لا؟ " قال: "فأي شيء هذا"، قلت: "زعموا أنه لا يستطيع أن ينزل إلى أن يخلو منه العرش: فقد زعموا أن الله عاجز مثلي ومثلهم، وقد كفروا، وإن زعموا أنه يستطيع أن ينزل ولا يخلو منه العرش: فهو ينزل إلى السماء الدنيا كيف يشاء، ولا يخلو منه المكان".
المصدر: شرح حديث النزول، لابن تيمية، ص184 - 186.
ـ[عبد المحسن العبدالعزيز]ــــــــ[07 - 01 - 04, 09:28 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
روى أبو بكر الأثرم، في السنة، قال: حدثنا إبراهيم بن الحارث - يعني العبادي - قال: حدثني الليث بن يحيى، قال: سمعت إبراهيم بن الأشعث، يقول: سمعت فضيل بن عياض يقول: إذا قال الجهمي: "أنا أكفر برب يزول عن مكانه"، فقل: "أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء".
المصدر: شرح حديث النزول، لابن تيمية، ص154؛ قال المحقق: أخرجه: ابن بطة في الإبانة الكبرى، كما في مختصر الإبانة، ص198، من طريق إبراهيم بن الأشعث عن الفضيل.
ـ[عبد المحسن العبدالعزيز]ــــــــ[07 - 01 - 04, 09:29 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال أبو منصور بن الوليد الحافظ في رسالة له إلى الزنجاني: أنبأنا عبد القادر الحافظ بحران، أنبأنا الحافظ أبو العلاء، أنبأنا أبو جعفر بن أبي علي الحافظ فقال:
سمعت أبا المعالي الجويني وقد سئل عن قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}؟
فقال: "كان الله ولا عرش" - وجعل يتخبط في الكلام -،
فقلت: "قد علمنا ما أشرت إليه، فهل عندك للضرورات من حيلة؟ "
فقال: "ما نريد بها القول وما تعني بهذه الإشارة؟ "
فقلت: "ما قال عارف قط: رباه، إلا قبل أن يتحرك لسانه، قام باطنه قصد لا يلتفت يمنة ولا يسرة يقصد الفوق، فهل لهذا القصد الضروري عندك من حيلة؟ فنبئنا نتخلص من الفوق والتحت"،
وبكيت وبكى الخلق، فضرب الأستاذ بكمه على السرير وصاح: "يا للحيرة"، وخرق ما كان عليه وانخلع، وصارت قيامة في المسجد، ونزل، ولم يجبني إلا: "يا حبيبي الحيرة الحيرة، والدهشة الدهشة".
فسمعت بعد ذلك أصحابه يقولون: "سمعناه يقول: حيرني الهمداني".
توفي إمام الحرمين في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة، وله ستون سنة، وكان من بحور العلم في الأصول والفروع، يتوقد ذكاء.
المصدر: مختصر العلو، للألباني، ص276 - 277؛ وقال: وإسناد هذه القصة صحيح مسلسل بالحفاظ، وأبو جعفر اسمه محمد بن أبي علي الحسن بن محمد الهمداني مات سنة 531، وقد وصفه ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (4/ 44) بـ"الشيخ العارف".
ويبدو لي أن هذه الحيرة كانت قبل استقرار عقيدة أبي المعالي الجويني على مذهب السلفي، بل لعلها كانت المنطلق إلى هذا الاستقرار الذي أبان عنه فيما سبق من كلامه في "الرسالة النظامية".
وما أشبه حاله بحال أبيه العلامة أبي محمد عبد الله بن يوسف الجويني، فقد كان برهة من الدهر متحيراً في هذه المسألة "الاستواء" وسواها من مسائل الصفات، بسبب تأثره بعلم الكلام الذي تلقاه عن شيوخه، ثم استقر أمره - والحمد الله - على العقيدة السلفية فيها، كما شرح ذلك هو نفسه أحسن الشرح في رسالته القيمة في "إثبات الاستواء والفوقية" وهي مطبوعة في المجلد الأول من "مجموعة الرسائل المنيرية" (ص170 - 187). وإني لأستغرب كيف فات ذكر هذا الإمام على الحافظ الذهبي في جملة هؤلاء الأئمة الأعلام الذين قالوا بقول السلف في هذه المسألة الهامة، ولكن جل من لا ينسى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/377)
ـ[عبد المحسن العبدالعزيز]ــــــــ[07 - 01 - 04, 09:30 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مناظرة مع أحد مشايخ الأزهريين:
قال الألباني: "وقد التقينا عشرات الأشخاص الأزهريين وغيرهم، نجدهم يا أخي حيارى لا يستطيعون أن يجادلوا شاباً أمياً عامياً نشأ على هذه الفكرة وعلى هذه الدعوة، وهو دَرَسَ في الأزهر عشرين سنة، يحار!
وأنا أذكر من أواخر ما جرى النقاش بيني وبين أحد الأزهريين في ليلة من ليالي منى أيام الحج، جرى هذا البحث طويلاً لكن بطريقة فيها شيء من التسلسل المنطقي. هم يستلزمون ويتهمون السلف الصالح كلهم - مع شيء من التحفظ لبعضهم - بأنهم مجسمة؛ لأنهم يقولون: الله على المخلوقات وفوق المخلوقات كلها.
وهذا الشيخ الأزهري نفسه قال: "أنتم (تضعون) الله في مكان! ".
فقلتُ له: "سبحان الله! هذا بهتان عظيم! "، فجرى بيني وبينه البحث الآتي، بإيجاز:
قلت له: "يا أستاذ! المكان شيء وجودي أم عدمي؟ "
قال: "لا، وجودي".
قلتُ: "وهنا الموجود محدودٌ أم غير محدود؟ "
قال: "محدود".
قلت: "لنبحث الآن: نحن على الأرض، فوقنا ماذا؟ "
قال: السماء الأولى".
قلت: "حتى السابعة؟ "
قال: "نعم".
قلت: "وفوق السابعة؟ "
قال: "العرش".
قلت: "وفوق العرش إيش في؟ " فأجابني بجواب يدل على مبلغ الثقافة والدراسة التي يُدَرَّسُوها في الأزهر!
قال: "فوق العرش الكروبيون"!!
قلتُ: "إيش هؤلاء الكروبيون؟ "
قال: "هؤلاء ملائكةٌ".
قلتُ له: "هل تعلمُ آيةً في القرآن الكريم ذَكَرتْ أنَّ هناك ملائكةً إسمهم (كروبيون)؟ "
قال: "لا".
قلت: "هل هناك حديثٌ عن الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بهذا؟ "
قال: "لا".
قلت: "إذن؛ من أين جئْتَ بهذه الدعوى وهذه العقيدة؟ "
فقال: "يا أستاذ! هكذا دَرَسْنا في الأزهر".
فقلت: "يا أستاذ! ما دَرَسْتَ في الأزهر أن العقيدة لا تُؤْخذ - كما يزعمون! - إلاّ من قطعيِّ الثبوت، قطعيِّ الدلالة، ويبنون على ذلك أن العقيدة لا تؤخذ من الحديث الصحيح إلاّ إذا كان متواتراً؟ "
قال: "نعم".
قلت: "لا آيةً ولا حديثاً متواتراً ولا حديث آحادٍ!! فكيف تَلَقَّفْتُم هذه العقيدة؟!! (1) لسنا بصدد هذا، هَبْ أن فوق العرش هؤلاء الملائكة المُسَمَّوْنَ: (الكروبيون)، وفوق هؤلاء الملائكة ماذا؟ "
قال: "خلاص انتهى الكون".
قلت: "هناك مكان؟ "
قال: "لا".
قلت: نحن نقول الله فوق المخلوقات، إذن ليس في مكان؛ لأن المكان مخلوق محدود، فهو ليس في مكان (2)، فنحن عندنا نصف اللهَ بما وصف به نفسَهُ لماذا أنتم تفسرون هذا الاعتقاد وهذا القول بخلاف الواقع؟! أولاً: في مفاهيمكم على اعتبار أن الكون محدود، فلماذا تقولون: الله في مكان عند هؤلاء المجسمة أو المشبهة الذين يُدْعَوْنَ بالسلف الصالح، ثم خلاف الآيات الكريمة؟! لماذا لا تُسَلِّمُونَ عقيدتَكم لهذه النصوص المتواترة؟! حتى إن بعض أئمة الحديث كالحافظ الذهبي ألَّفَ رسالةً خاصةً بعنوان "العلو للعلي الغفار"!!!
هذا من جلمة النقاش الذي جرى بيني وبين أحد الأزهريين، وما استطاع المسكين أن يصول أو يجول في هذه المسألة وهي عقيدته.
المصدر: مِنْهَاجُ أَهْلِ السُّنَّةِ والجَمَاعَة في العقيدةِ والعمل، لابن العثيمين والألباني، ص139 - 143؛ وقال المحقق:
(1) رُوي حَدِيثٌ ضَعِيفٌ جِدَّاً في إثبات طائفة من الملائكة يتسمون باسم (الكروبيون)، لكن ليس فيه أنهم فوق العرش!! وهاك نصه:
"إنَّ للهِ ملائكةً، وهم الكُرُوبِيُّونَ، من شحمةِ أُذُنِ أحدِهم إلى تُرْقُوَتِهِ مَسِيرةُ سبعِ مئةِ عامٍ للطائرِ السريعِ في انْحِطَاطِهِ".
أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (12/ 231/ب) عن محمد بن أبي السَّريّ: نا عمرو بن أبي سلمة عن صدقة بن عبد الله القرشي عن موسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله مرفوعاً به.
قال شيخنا في "الضعيفة" (2/ 323): "وهذا اسنادٌ واهٍ جداً، وله علَّتان:
الأولى: محمد بن أبي السَّري، وهو متهم.
والأخرى: صدقة هذا - وهو الدمشقي السمين - وهو ضعيف، ووقع في السند: "القرشي"، ولم ترد هذه النسبة في ترجمة من "التهذيب"، فلعله تحرف على الناسخ نسبة "الدمشقي" بالقرشي، والله أعلم. وقد خالفه إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة به، بلفظ:
"أُذِنَ لي أَنْ أُحَدِّثّ عنْ مَلَكٍ من ملائكةِ اللهِ تعالى مِنْ حملَةِ العرشِ، ما بَيْن شحمةِ أُذُنِهِ إلى عَاتِقِهِ مسيرةُ سَبْعِ مئةِ سَنَة".
وهو بهذا اللفظ صحيح، كما بينتُه في "الأحاديث الصحيحة" (رقم: 151) ".
(2) لأن كلَّ موجودٍ يُسَّمى شيئاً، والعدمُ ليس بشيءٍ؛ بدليل قوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - الذي رواه مسلم في "صحيحه" (رقم: 2713) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في دعائه ربَّه جَلَّ وعَلا عند النوم -: "وأنتَ الظاهِرُ فليس فَوْقَكَ شَيءٌ".
وانظر: "نقض التأسيس" (2/ 153 - 199)، و"درء التعارض" (6/ 299 - 309، و7/ 10 - 14).
:::: الموضوع منقول ... من الأخ / ابوابراهيم احمد الرئيسي:::
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/378)
ـ[عبد المحسن العبدالعزيز]ــــــــ[11 - 01 - 04, 08:17 م]ـ
يرفع
ـ[علي الأسمري]ــــــــ[12 - 01 - 04, 12:43 ص]ـ
في صحيح الترمذي 3/ 192 للألباني
عن سمرة بن جندب قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نتداول من قصعة من غدوة حتى الليل تقوم عشرة وتقعد عشرة قلنا فما كانت تمد قال من أي شيء تعجب ما كانت تمد إلا من هاهنا وأشار بيده إلى السماء.
قال الألباني:
(صحيح _ المشكاة 5958).
ـ[أبا عبد الرحمن]ــــــــ[25 - 12 - 04, 05:16 م]ـ
للرفع
ـ[علي الأسمري]ــــــــ[26 - 12 - 04, 02:20 م]ـ
مر بي أن ابن فورك تكلم أما الملك محمود الغزنوي
في مسألة العلو
وأخذ ابن فورك ينظر لقولهم أنه في كل مكان فقال
الملك فما رأيك بقول: إنه في السماء فرد عليه ابن فورك بغضب فقال الملك: لست أنا الذي يقول ذلك الله هو الذي يقول ذلك.!!!
فمرض بعدها ابن فورك ومات غماً بعد أيام
حقيقة قرأتها قديما وأرويها بمعناها ولا أذكر المصدر
فحبذا من يفيدني بها
و - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[27 - 12 - 04, 10:21 م]ـ
مناظرة لإمام أحمد للجهمية في الاستواء
قال لهم أحمد لما أنكرتم أن يكون الله على العرش وقد قال تعالى (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طه: 5) وقال (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) (يونس: 3)
فقالوا هو تحت الأرض السابعة كما هو على العرش وفي السموات وفي الأرض وفي كل مكان ولا يخلو منه مكان ولا يكون في مكان دون مكان وتلوا آية من القرآن (وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ) (الأنعام: 3)
فقلنا قد عرف المسلمون أماكن كثيرة ليس فيها من عظم الرب شيء
فقالوا أي مكان
فقلنا أجسامكم وأجوافكم وأجواف الخنازير والحشوش والأماكن القذرة ليس فيها من عظم الرب شيء.
وقد أخبرنا أنه في السماء فقال (أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ) (الملك: 16 - 17)
وقال (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) (فاطر: 10)
وقال (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ َ) (آل عمران: 55)
وقال (بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً) (النساء: 158)
وقال (وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) (الأنبياء: 19)
وقال (يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ) (النحل: 50)
وقال (مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ) (المعارج: 3)
وقال (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ) (الأنعام: 18)
وقال وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) (البقرة: 255) فهذا خبر الله أخبرنا أنه في السماء
ووجدنا كل شيء أسفل منه مذموما
يقول الله جل ثناؤه (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً) (النساء: 145)
وقال (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ) (فصلت: 29)
وقلنا لهم أليس تعلمون أن إبليس كان مكانه والشياطين مكانهم فلم يكن الله ليجتمع هو وإبليس في مكان واحد وإنما معنى قول الله جل ثناؤه وهو الله في السموات وفي الأرض يقول هو إله من في السموات وإله من في الأرض وهو على العرش وقد أحاط علمه بما دون العرش ولا يخلو من علم الله مكان ولا يكون علم الله في مكان دون مكان فذلك قوله (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) (الطلاق: 12). ومن الإعتبار في ذلك لو أن رجلا كان في يديه قدح من قوارير صاف وفيه شراب صاف كان بصر ابن آدم قد أحاط بالقدح من غير أن يكون ابن آدم في القدح فالله وله المثل الأعلى قد أحاط بجميع خلقه من غير أن يكون في شيء من خلقه.
ـ[أبو عاصم العتيبي]ــــــــ[27 - 12 - 04, 10:26 م]ـ
بارك الله فيكم موضوع رائع، ومصري جهمي ضائع!
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[27 - 12 - 04, 10:51 م]ـ
مناظرة لإمام أحمد للجهمية في العرش
قال الإمام أحمد ومما تأولت الجهمية من قول الله تعالى (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) فقالوا إن الله معنا وفينا فقلنا لهم لم قطعتم الخبر من أوله إن الله تعالى يقول (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (المجادلة: 7)
فالله جل ثناؤه يفتح الخبر بعلمه ويختم الخبر بعلمه
ويقال للجهمي إن الله إذا كان معنا بعظمة نفسه فقل له هل يغفر الله لكم فيما بينه وبين خلقه
فإن قال نعم فقد زعم أن الله بائن من خلقه دونه
وإن قال لا كفر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/379)
ـ[الجندى المسلم]ــــــــ[28 - 12 - 04, 03:53 م]ـ
جزاكم الله كل خير
ـ[سلمان الأيوبي]ــــــــ[29 - 12 - 04, 08:52 ص]ـ
قال: فغضب عبد الله وبعث إلي، فدخلت عليه وسلمت، فلم يرد علي السلام غضباً، ولم يستجلسني، ثم رفع رأسه وقال لي: "ويلك يا إسحاق ما يقول هؤلاء؟ " قال: "قلت: لا أدري"، قال: "تزعم أن الله سبحانه وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة ويخلو منه العرش؟ " فقلت: "أيها الأمير، لست أنا قلته، قاله النبي - صلى الله عليه وسلم
.
أين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله ينزل ويخلو منه العرش؟
هذه من العبارات المبتدعة وكذلك القول انه ينزل بذاته.
قال الامام الذهبي في السير ج: 20 ص: 331:
وننهى عن القول ينزل بذاته كما لا نقول ينزل بعلمه بل نسكت ولا نتفاصح على الرسول صلى الله عليه وسلم بعبارات مبتدعة.
وهو كذلك فلا نزيد ولا نتفاصح على الرسول صلى الله عليه وسلم.
جزاكم الله خيرا.
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[29 - 12 - 04, 04:43 م]ـ
أين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله ينزل ويخلو منه العرش؟
هذه من العبارات المبتدعة وكذلك القول انه ينزل بذاته.
قال الامام الذهبي في السير ج: 20 ص: 331:
وننهى عن القول ينزل بذاته كما لا نقول ينزل بعلمه بل نسكت ولا نتفاصح على الرسول صلى الله عليه وسلم بعبارات مبتدعة.
وهو كذلك فلا نزيد ولا نتفاصح على الرسول صلى الله عليه وسلم.
جزاكم الله خيرا.
هل تريد تفويض الصفة والكيفية أم تفويض الكيفية فقط؟
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[29 - 12 - 04, 05:41 م]ـ
بل نقول ينزل نزول يليق بجلاله سبحانه وتعالى
ولا نقول ينزل ونسكت فإن هذا مذهب أهل التفويض الذين يعطلون الصفات
ولكننا نقول النزول معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعه حيث أن نزوله إلى السماء الدنيا له كيفية، لكن لا تعلم فأهل السنة والجماعة يثبتون الصفة دون الكيفية لأن الكيفية مجهولة
أما أهل التفويض فيفوضون الصفة والكيفية جميعا وهذا تعطيل.
ـ[سلمان الأيوبي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 04:40 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
استشهدت بكلام الامام الذهبي رحمه الله للحث على الابتعاد عن العبارات الغريبة التي لم ينطق بها السلف وعدم التفاصح على الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال حنبل بن اسحاق: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل عن الأحاديث التي تروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الله ينزل إلى السماء الدنيا فقال ابو عبد الله نؤمن بها ونصدق بها ولا نرد شيئا منها إذا كانت اسانيد صحاح ولا نرد على رسول الله قوله ونعلم أن ما جاء به الرسول حق حتى قلت لأبي عبد الله ينزل الله إلى سماء الدنيا قال قلت نزوله بعلمه بماذا فقال لي اسكت عن هذا مالك ولهذا امض الحديث على ما روي بلا كيف ولاحد وإنما جاءت به الأثار وبما جاء به الكتاب قال الله عزوجل ولا تضربوا لله الأمثال ينزل كيف يشاء بعلمه وقدرته وعظمته أحاط بكل شيء علما لا يبلغ قدره واصف ولا ينأى عنه هرب هارب. (اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة 3/ 453)
فالامام احمد رحمه الله لم يقل ينزل نزول حقيقي ولم يقل ينزل بذاته ولم يقل يخلو منه العرش وغيره وانما قال بلا كيف ولاحد ينزل كيف يشاء.
جزاكم الله خيرا.
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[01 - 01 - 05, 05:50 م]ـ
الأخ سلمان الأيوبي
لا زال كلامك فيه غموض أمل أن توضحه؟
هل تقصد أن نفوض الصفة والكيفية؟
أم تقصد أن نفوض الكيفية فقط؟
سؤالي واضح؟
إذا لم تجيب على سؤالي فسوف أحمل كلامك على تفويض الصفة والكيفية وسوف أرد عليك حينها بما يبين لك بطلان تفويض الصفة؟
وإذا كنت لا تدري الفرق بين تفويض الصفة والكيفية فقل لا أدري؟
ـ[سلمان الأيوبي]ــــــــ[01 - 01 - 05, 06:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ أبو عبد الرحمن الشهري،، الموضوع ليس عن الفرق بين تفويض الصفة والكيفية ولا عن الفرق بين الصفات الفعلية والذاتية .... !!!
كلامي واضح جدا ولا ادري ما هو المطلوب!! اشكرك على اهتمامك والى هنا اعتذر عن تكملة هذا الموضوع.
جزاكم الله خيرا.
ـ[أبو عبد الرحمن الشهري]ــــــــ[01 - 01 - 05, 09:31 م]ـ
أخي سلمان الأيوبي وفقه الله
سألتك لأن اعتراضك موهم ومع ذلك لم تصرح لي بماذا تقصد ولكن لا عليك ونحملك على أحسن المحامل:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/380)
وأنا سوف أبين معنى تفويض الصفة بما يلي:
أهل التفويض يقولون: إن طريقة السلف هي التفويض، وقد أخطأوا، لأن مذهب أهل السنة هو إثبات المعنى وتفويض الكيفية.
وليعلم أن القول بالتفويض ـ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ من شر أقوال أهل البدع والإلحاد!
لأن فيه تكذيباً للقرآن وتجهيلاً للرسول واستطالة للفلاسفة.
تكذيب للقرآن، لأن الله يقول: ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء [[النحل: 89]، وأي بيان في كلمات لا يدرى ما معناها؟ وهي من أكثر ما يرد في القرآن، وأكثر ما ورد في القرآن أسماء الله وصفاته، إذا كنا لا ندري ما معناها، هل يكون القرآن تبياناً لكل شيء؟ أين التبيان؟
إن أهل التفويض يقولون: إن الرسول لا يدري عن معاني القرآن فيما يتعلق بالأسماء والصفات وإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام لا يدري، فغيره من باب أولى.
وأعجب من ذلك يقولون: الرسول يتكلم في صفات الله، ولا يدري ما معناه يقول: "ربنا الله الذي في السماء" (1)، وإذا سئل عن هذا؟ قال: لا أدري وكذلك في قوله: "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا" (2) وإذا سئل ما معنى "ينزل ربنا"؟ قال: لا أدري .... وعلى هذا، فقس.
وهل هناك قدح أعظم من هذا القدح بالرسول بل هذا من أكبر القدح رسول من عند الله ليبين للناس وهو لا يدري ما معنى آيات الصفات وأحاديثها وهو يتكلم بالكلام ولا يدري معنى ذلك كله.
فهذان وجهان:
تكذيب بالقرآن.
وتجهيل الرسول.
وفيه فتح الباب للزنادقة الذين تطاولوا على أهل التفويض، وقالوا: أنتم لا تعرفون شيئاً، بل نحن الذين نعرف، وأخذوا يفسرون القرآن بغير ما أراد الله، وقالوا: كوننا نثبت معاني للنصوص خير من كوننا أميين لا نعرف شيئاً وذهبوا يتكلمون بما يريدون من معنى كلام الله وصفاته!! ولا يستطيع أهل التفويض أن يردوا عليهم، لأنهم يقولون: نحن لا نعلم ماذا أراد الله، فجائز أن يكون الذي يريد الله هو ما قلتم! ففتحوا باب شرور عظيمة.
فتبين أن طريقة التفويض طريق خاطئ، لأنه يتضمن ثلاث مفاسد: تكذيب القرآن، وتجهيل الرسول، واستطالة الفلاسفة!
وأن الذين قالوا: إن طريقة السلف هي التفويض كذبوا على السلف بل هم يثبتون اللفظ والمعني ويقررونه، ويشرحونه بأوفى شرح.
أهل السنة والجماعة لا يحرفون ولا يعطلون، ويقولون بمعنى النصوص كما أراد الله:] ثم استوى على العرش [[الأعراف: 54]، بمعنى: علا عليه وليس معناه: استولى.] بيده [: يد حقيقية وليست القوة ولا نعمة، فلا تحريف عندهم ولا تعطيل ولاتكييف ولا تمثيل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انظر شرح العقيدة الواسطية للشيخ ابن عثيمين رحمه الله
ـ[عارف]ــــــــ[02 - 01 - 05, 10:49 م]ـ
من أثبت النزول وأنكر النقلة والخلو من العرش فلا أدري ما الذي لم يفوضه؟
ولو كنت عند إسحاق رحمه الله لقلت له: هل يقدر أن ينزل إلى السماء الدنيا مع كونه فوق العليا؟
فإن قال نعم جوز المحال، وإن قال هذا لا يقدح في القدرة إذا لم يدخل فيها لأنه محال والمحال عدمي والعدمي ليس بشيء فلا يدخل في {على كل شيء قدير} فهذا بعينه جواب سؤاله: ألا يقدر أن ينزل مع بقائه على العرش.
بقي أن يقال: يمكن أن ينزل مع بقائه مستويا في صورة واحدة: أن ينزل العرش معه، لكن دليله من جهة اللزوم، فهل يؤخذ بها في العقائد عند السلف؟ هذا محل بحث، والله أعلم.
ـ[باوزير]ــــــــ[14 - 06 - 05, 01:04 م]ـ
السلام عليكم
هنا شبهة يا جماعة وهي:
جاء في صحيح البخاري حديث (إن الله كتب في كتاب وهو عنده فوق العرش إن رحمتي سبقت غضبي)
يستدلون به على أن فوق العرش مخلوق وهو هذا الكتاب، وأن فوق العرش مكان فيه هذا الكتاب، ويريدون الوصول بذلك إلى أن الله ليس فوق العرش.
أرجو الرد للأهمية
ـ[عبد]ــــــــ[14 - 06 - 05, 02:37 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/381)
(النزول) و (عدم الخلو) ليسا نقيضان أصلاً حتى نقول لا يجتمعان، ولا يحصل الإشكال إلا عند اجتماع نقيضين حقيقيين كما لو قلنا (نزول) و (وارتفاع) أو كمن يقول:"سميع لكن ليس له سمع" (لأن هذا الأخير جمع بين الوجود والعدم) وغيرها ممّا يماثلها. ولمّا كانا غير نقيضان لم يكن اجتماعهما من محالات العقول وإنما من محاراتها وقد وجدت محارات عقلية في عالم الشهادة في قراءات لي متفرقة عن الفيزياء الكمومية، وهي ثابتة بالحساب الرياضي (أي أنها لم تخالف العقل وإن كان ليس لها وجود حقيقي في الخارج، وما ثبت بالحساب الرياضي فقد ثبتت صحته في نفسه ولا يلزم ثبوت صحة وجوده) هذا فيما يتعلق بالمواد غير العاقلة فكيف بالله تعالى الذي ليس كمثله شيء؟.
ولذلك عقلاً - على وجه التقريب - يمكن اجتماع النزول وعدم الخلو، فلو كنت أنا جالساً على كرسي ويوجد في الأرض شيء أريد أن التقطه فإنه يمكنني النزول لإلتقاطه مع بقائي في الكرسي. هذا طبعاً تقريب لأذهاننا الفقيرة. أوليس الله الذي ليس كمثله شيء وله المثل الأعلى أولى بذلك على الوجه اللائق به.
ولذلك فأنسب ما يقابل "الخلو" هو "عدم الخلو" وليس "النزول" أو قل وجوده تعالى على العرش وعدم وجوده عليه في وقت احد، لو قيل بهذا نقول محال لأنه جمع بين ما لا يجتمع وهذا - لو فرّقنا بين لوازم معنى النزول ولوازم معنى الخلو - غير متحقق في الجمع بين "النزول" و "عدم الخلو".
ولي رسالة مختصرة أسميتها "رفع اللبس عن حديث سجود الشمس" على هذا الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=30220&highlight=%D1%DD%DA+%C7%E1%E1%C8%D3+%CD%CF%ED%CB+% D3%CC%E6%CF+%C7%E1%D4%E3%D3
وفي هذه الرسالة أجوبة على إشكال الجمع بين سجود الشمس تحت العرش و وعدم توقفها بحيث تغرب وتشرق دون وقوف، كيف يكون هذا؟ والمقصد من الإحالة على هذه الرسالة القصيرة هو لفت النظر إلى وجود محارات عقلية كبيرة عندنا في عالم المادة تجاوزناها للحديث عن محارات أعظم وأخفى منها تتعلق بذات الله تعالى. كما أن المقصود الإشارة إلى أن الجمع قد يكون صعبٌ جداً ولكنه ممكن عقلاً على حسب الاجتهاد وما يفتح الله به على مريد الحق
=============
تنبيه: لاحظوا هذا الأثر: حدث أحمد بن موسى بن بريدة، عن أحمد بن عبد الله بن محمد بن بشير، عن الترمذي: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: اجتمعت الجهمية إلى عبد الله بن طاهر يوماً، فقالوا له: "أيها الأمير، إنك تقدم إسحاق وتكرمه وتعظمه، وهو كافر يزعم أن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة ويخلو منه العرش".
الملاحظة: لاحظوا كيف أقحم المبتدعة خلو العرش وجعلوه من لوازم النزول وهذا خطأ من الأصل. إذاً فالخلاصة هي في معرفة المتناقضات الحقيقية لأن هذا يساعدنا في التفريق بين اللوازم الممكنة وغير الممكنة، وعليه يسهل الجواب ويتيسر الجمع.
ـ[عبد]ــــــــ[14 - 06 - 05, 04:40 م]ـ
وقد يقول قائل: ((المثال الذي ضربته على التدلي وليس على النزول؟)) فنقول هذا صحيح ولكن التدلي صورة من صور النزول فكل تدلّ نزول وليس كل نزول تدلّ. والمثال السابق الذي ضربته هو للدلالة بالتقريب على ان الإنسان الضعيف يستطيع أن يبقى على كرسيه وينزل ليأخذ شيئاً على الأرض ولكن نوع نزوله هنا تدل. إذا كان هذا صحيحاً في حق الانسان، فلم لا يحتمل نزول الله كيفية نزول على الوجه اللائق به تعالى؟
هل المقصود إذاً أن الله تعالى يتدلّى؟ الجواب: لا، ليس المقصود إثبات التدلي وإنما المقصود إثبات ما يحتمله معنى النزول من الدلالات المختلفة من حيث الكيفية. بل إن التدلي يعني التعلق قال في اللسان: ((وتَدَلَّى) تَدَلَّلَ ومن الشَّجَرِ تَعَلَّقَ))، والله لا يتعلق سبحانه لأن الشيء المعلّق مفتقر إلى ما يمسكه كي لا يسقط والله ليس كذلك سبحانه. فإذا ثبت احتمال معنى النزول لكيفيات مختلفة كما مر هنا فلِمَ لا نحمل نزول الله تعالى على إحدى هذه الكيفيات التي نجهلها وتليق به سبحانه وتعالى.
ولذلك حتى في عالم الشهادة مما نعرفه وندركه، لو قيل لنا أن فلان من الناس نزل إلى المكان الفلاني ولكن دون ان نرى ذلك، فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون إدراكنا لصفة نزوله بالإخبار كإدراكنا لصفة نزوله بالمعاينة. فما بالك بالله تعالى؟
والشيء الآخر أن هنا فارقة لغوية وهي أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: ((ينزل الله إلى سماء الدنيا)). ولم يقل: ((ينزل عن العرش)) كما تقول العرب:"نزل الرجل عن دابته"، ولكنهم المبتدعة الذين توهموا التماثل والتكافؤ بين قولنا:"نزل عن الشيء" وقولنا:"نزل إلى الشيء"، فقالوا بلزوم خلو العرش وهذا خطأ بيّن.
وانظر مثلاً كيف هو الاختلاف بين قولك: (استوى إلى الشيء) و قولك: (استوى على الشيء)، فالأول لا يستلزم الجهة والثاني يستلزمها. فكذلك قولك: (نزل عن الشيء) وقولك: (نزل إلى الشيء) فالأول يسلتزم الجهة والانفصال والتخلّي والثاني لا يستلزم ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/382)
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[05 - 09 - 06, 06:18 ص]ـ
بيض الله وجهك يا عبد والله انك اثلجت صدري
ـ[المقدادي]ــــــــ[05 - 09 - 06, 02:42 م]ـ
السلام عليكم
هنا شبهة يا جماعة وهي:
جاء في صحيح البخاري حديث (إن الله كتب في كتاب وهو عنده فوق العرش إن رحمتي سبقت غضبي)
يستدلون به على أن فوق العرش مخلوق وهو هذا الكتاب، وأن فوق العرش مكان فيه هذا الكتاب، ويريدون الوصول بذلك إلى أن الله ليس فوق العرش.
أرجو الرد للأهمية
ذكر السقاف قول الشيخ الألباني ((لا يوجد فوق العرش مخلوق)) وذلك في تعليق الألباني على الطحاوية
وأورد (السقاف) عليه (الألباني) حديث ((إن الله كتب كتاباً قبل أن يخلق الخلق: إن رحمتي سبقت غضبي، فهو مكتوب عنده فوق العرش)) زاعما أن هذا الكتب مخلوق باتفاق العقلاء
وهذا مردود فالله عزوجل كتب الكتاب والكتابة فعل وأفعال الخالق ليست مخلوقة اتفاقا
والمكتوب كلام الله وهو من علمه وعلمه غير مخلوق وكذلك كلامه والطحاوي الذي كان الألباني يشرح عبارته يرى أن كلام الله عزوجل غير مخلوق
وقد وقعت مني زلة حيث قلت أن علو هذا الكتاب على العرش علو مخلوق على مخلوق وأستغفر الله وأتوب إليه منها ولا بأس بإثباتها لإلزام السقاف الذي يقول بخلق القرآن
فإن قال قائل الكتاب لا بد أن يكون مكتوبا على شيء وهذا الشيء لا بد أن يكون مخلوقا وعلى هذا يكون الحق مع السقاف
فأقول جوابا على هذا الكتاب أصلا مكتوب على العرش فكيف يكون فوقه؟!!!!!!!!
والدليل على ذلك ما رواه الإمام أحمد في مسنده برقم 9849 عن وكيع (هو ابن الجراح) عن سفيان (هو الثوري) عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ((لما فرغ الله من الخلق كتب على عرشه رحمتي سبقت غضبي)) وهذا اسناد صحيح وقوله ((لما فرغ)) موافقة لرواية البخاري التي بلفظ ((لما قضى))
هذا والله الموفق
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=206219&highlight=%DF%CA%C8+%DD%E6%DE+%C7%E1%DA%D1%D4#post 206219(26/383)
حول أقسام التوحيد
ـ[الناصح المشفق الغيور]ــــــــ[11 - 01 - 04, 03:09 م]ـ
هل صحيح ان بعض علماء السلف قسموا التوحيد الى اربعة اقسام و بعضهم الى خمسة و بعضهم الى ستة، و من هم هؤلاء العلماء، افيدونا و جزاكم الله خيرا؟؟؟؟
ـ[أبوتميم الرائد]ــــــــ[11 - 01 - 04, 09:32 م]ـ
المشهور عن العلماء تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام
1_ربوبية
2_وألوهية
3_وأسماء وصفات
(وانظر في ذلك طريق الهجرتين ص30 وشرح الطحاوية ص76 ولوامع الأنوار للسفاريني 1/ 128 وتيسير العزيز الحميد ص 17_19)
ومنهم من قال أن التوحيد قسمان
1_توحيد المعرفة والإثبات
2_وتوحيد القصد والطلب
(انظر في ذلك مدراج السالكين3/ 449)
ومنهم من قسم التوحيد إلى:
1_توحيد علمي خبري
2_توحيد إرادي طلبي
(راجع مدراج السالكين3/ 450 والصفدية لابن تيمية3/ 450)
ومنهم من يقول التوحيد نوعان:
1_التوحيد القولي
2_والتوحيد العملي
(انظر مجموع الفتواى لابن تيمية1/ 367)
وزاد بعض المعاصرين قسماً رابعاً سماه
توحيد الحاكمية
وآخر زاد قسماً سماه
توحيد المتابعة
وقد رد عليهما العلماء في تقسيمهم هذا ... ومن أفضل ماسمعت من الردود على هذه التقسيمات الجديدة ... كلام العلامة ابن عثيمين في أول شرحه على (القواعد المثلى)
ـ[الناصح المشفق الغيور]ــــــــ[12 - 01 - 04, 12:40 ص]ـ
هل من الممكن ذكر اسماء هؤلاء العلماء؟؟؟
و هل تعتبر هذه التقسيمات الزائدة بدعة في الدين ضلالة؟؟؟
افيدونا و جزاكم الله خيرا؟؟؟
ـ[ابوفيصل]ــــــــ[12 - 01 - 04, 07:05 ص]ـ
أنقل لكم كلام الامام الاثري المحدث الفقيه ابن باز رحمه الله:
" وأقسام التوحيد ثلاثة، بالاستقراء والنظر والتأمل في الآيات والأحاديث وما كان عليه أهل الشرك اتضح أنها ثلاثة أقسام، اثنان أقر بهما المشركون، والثالث جحده المشركون وقام النزاع بينهم وبين الرسل في ذلك، والقتال والولاء والبراء والعداوة والبغضاء.
ومن تأمل القرآن الكريم والسيرة النبوية وأحوال الرسل عليهم الصلاة والسلام وأحوال الأمم عرف ذلك، وقد زاد بعضهم قسما رابعا سماه " توحيد المتابعة " يعني وجوب اتباع الرسول والتمسك بالشريعة، فليس هناك متبع آخر غير الرسول فهو الإمام الأعظم وهو المتبع، فلا يجوز الخروج عن شريعته فهي شريعة واحدة إمامها واحد وهو نبينا عليه الصلاة والسلام فليس لأحد الخروج عن شريعته، بل يجب على جميع الثقلين الجن والإنس أن يخضعوا لشريعته، وأن يسيروا على منهاجه في التوحيد، وفي جميع الأوامر والنواهي
وهذا القسم الرابع معلوم، وهو داخل في قسم توحيد العبادة، لأن الرب سبحانه أمر عباده باتباع الكتاب والسنة، وهذا هو توحيد المتابعة، وقد أجمع العلماء على وجوب اتباع الرسول والسير على منهاجه، وأنه لا يسع أحد الخروج عن شريعته كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى، فإن الخضر نبي مستقل على الصحيح ليس تابعا لموسى، وقد كان الأنبياء والرسل قبل محمد كثيرين كل له شريعة كما قال الله سبحانه: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا "
المصدر:
http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=bz01696.htm
المجلد التاسع من الفتاوى ص66.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[12 - 01 - 04, 08:02 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5102
ـ[الناصح المشفق الغيور]ــــــــ[12 - 01 - 04, 03:59 م]ـ
جزاكم الله الفردوس الاعلى على هذه الاجابة(26/384)
رسالة الذهبي ـ المزعومة ـ إلى ابن تيمية هل تصح؟!
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[12 - 01 - 04, 12:23 ص]ـ
رسالة الذهبي ـ المزعومة ـ إلى ابن تيمية هل تصح؟!
المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
السؤال
احتج أحد الضالِّين، الذين يتهمون شيخ الإسلام ابن تيمية بالضلال، برسالة أرسلها إليه الإمام الذهبي وينصحه فيها بالعودة عن ضلالته, فأرجو أن تبينوا لنا الحقيقة حول هذه الرسالة، وقد أوردت الرسالة المعنية هنا، وجزاكم الله كل خير
-والصلاة والسلام- على نبيّنا الكريم، قال الذهبي في رسالته لابن تيمية: رسالة الذهبي إلى ابن تيمية: الحمد لله على ذلتي، يا رب ارحمني، وأقلني عثرتي، واحفظ عليّ إيماني، واحزناه على قلة حزني، وأسفاه على السنة وذهاب أهلها، واشوقاه إلى إخوان مؤمنين يعاونوني على البكاء، واحزناه على فقد أناس كانوا مصابيح العلم وأهل التقوى وكنوز الخيرات، آه على وجود درهم حلال وأخ مؤنس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وتباً لمن شغلته عيوب الناس عن عيبه، إلى كم ترى القذاة في عين أخيك وتنسى الجذع في عينك؟ إلى كم تمدح نفسك وشقاشقك وعباراتك وتذم العلماء وتتبع عورات الناس؟ مع علمك بنهي الرسول -صلى الله عليه وسلم-: لا تذكروا موتاكم إلا بخير، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا. بل أعرف أنك تقول لي لتنصر نفسك: إنما الوقيعة في هؤلاء الذين ما شموا رائحة الإسلام، ولا عرفوا ما جاء به محمد – صلى الله عليه وسلم- وهو جهاد، بلى والله عرفوا خيراً كثيراً مما إذا عمل به العبد فقد فاز، وجهلوا شيئاً كثيراً مما لا يعنيهم، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، يا رجل! بالله عليك كفّ عنّا، فإنك محجاج عليم اللسان لا تقر ولا تنام، إياكم والغلوطات في الدين، كره نبيك -صلى الله عليه وسلم- المسائل وعابها، ونهى عن كثرة السؤال وقال: إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان، وكثرة الكلام بغير زلل تقسي القلب إذا كان في الحلال والحرام، فكيف إذا كان في عبارات اليونسية والفلاسفة وتلك الكفريات التي تعمي القلوب، والله قد صرنا ضحكة في الوجود، فإلى كم تنبش دقائق الكفريات الفلسفية؟ لنرد عليها بعقولنا، يا رجل! قد بلعتَ سموم الفلاسفة تصنيفاتهم مرات، وكثرة استعمال السموم يدمن عليها الجسم، وتكمن والله في البدن، واشوقاه إلى مجلس فيه تلاوة بتدبر وخشية بتذكر وصمت بتفكر، واهاً لمجلس يذكر فيه الأبرار فعند ذكر الصالحين تنزل الرحمة، بل عند ذكر الصالحين يذكرون بالازدراء واللعنة، كان سيف الحجاج ولسان ابن حزم شقيقين فواخيتهما، بالله خلونا من ذكر بدعة الخميس وأكل الحبوب، وجدوا في ذكر بدع كنا نعدها من أساس الضلال، قد صارت هي محض السنة وأساس التوحيد، ومن لم يعرفها فهو كافر أو حمار، ومن لم يكفر فهو أكفر من فرعون، وتعد النصارى مثلنا، والله في القلوب شكوك، إن سلم لك إيمانك بالشهادتين فأنت سعيد، يا خيبة من اتبعك فإنه معرض للزندقة والإنحلال، لا سيما إذا كان قليل العلم والدين باطولياً شهوانيا، لكنه ينفعك ويجاهد عنك بيده ولسانه، وفي الباطن عدو لك بحاله وقلبه، فهل معظم أتباعك إلا قعيد مربوط خفيف العقل، أو عامي كذاب اليد والذهن، أو غريب واجم قوي المكر؟ أو ناشف صالح عديم الفهم؟ فإن لم تصدقني ففتشهم وزنهم بالعدل، يا مسلم أقدم حمار شهوتك لمدح نفسك، إلى كم تصادقها وتعادي الأخيار؟ إلى كم تصادقها وتزدري الأبرار؟ إلى كم تعظمها وتصغّر العباد؟ إلى متى تخاللها وتمقت الزهاد؟ إلى متى تمدح كلامك بكيفية لا تمدح والله بها أحاديث الصحيحين؟ يا ليت أحاديث الصحيحين تسلم منك، بل في كل وقت تغير عليها بالتضعيف والإهدار، أو بالتأويل والإنكار، أما آن لك أن ترعوي؟ أما حان أن تتوب وتنيب؟ أما أنت في عشر السبعين وقد قرب الرحيل؟ بلى -والله- ما أذكر أنك تذكر الموت، بل تزدري بمن يذكر الموت، فما أظنك تقبل عليّ قولي، ولا تصغي إلى وعظي، بل لك همة كبيرة في نقض هذه الورقة بمجلدات، وتقطع لي أذناب الكلام، ولا تزال تنتصر حتى أقول ليته سكت، فإذا كان هذا حالك عندي وأنا الشفوق المحب الواد، فكيف حالك عند أعدائك؟ وأعداؤك -والله- فيهم صلحاء وعقلاء وفضلاء، كما أن أولياءك فيهم فجرة وكذبة وجهلة وبطلة وعور وبقر، قد رضيت منك بأن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/385)
تسبني علانية، وتنتفع بمقالتي سرا، فرحم الله امرءاً أهدى إليّ عيوبي، فإني كثير العيوب، غزير الذنوب، الويل لي إن أنا لا أتوب، وافضيحتي من علاّم الغيوب، ودوائي عفو الله ومسامحته وتوفيقه وهدايته، والحمد لله رب العالمين، -وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين-.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه وبعد:
فهذه الرسالة لا تحتاج إلى كبير عناء في بيان كذب صاحبها واختلاقها على الإمام الذهبي، – رحمه الله تعالى- وهو بريء منها ومن أسلوبها براءة الذئب من دم يوسف – عليه السلام- وظاهر من أسلوبها أنها من اختلاق مبتدع جاهل معاصر، شرق بالحجج والبيانات التي أوردها شيخ الإسلام ابن تيمية في تفنيد بدعه، فلم يجد لها جواباً، فلجأ إلى اختلاق هذه الرسالة على أحد تلاميذ شيخ الإسلام الخاصين الذين علا صيتهم ونفع الله بعلومهم، وما الذهبي إلا حسنة من حسنات شيخه ابن تيمية – رحمة الله على الجميع-، وهذه إشارات إلى بعض الوجوه الدالة على كذب مدعي هذه الرسالة:
أولاً: أن الرسالة بلا زمام ولا خطام، فأين ذكرها الذهبي؟ وهذه كتبه المطبوعة تطفح بالمدح والثناء على شيخه، وأين كتبها الذهبي؟ ومتى كتبها؟ ومن ذكرها من العلماء الذين ترجموا للذهبي؟ ومن هو ناسخها؟ وما تاريخ نسخها؟ وأين مخطوطاتها؟ وهذه كلها من بدهيات إثبات الكتب والرسائل إلى أصحابها.
ثانياً: الأسلوب السوقي العامي السخيف الذي كتبت به الرسالة، والذي يدل على جهل صاحبه وامتلاء قلبه حقداً وحسداً لابن تيمية، وإلا فهل من أسلوب الذهبي ذاك الإمام الجهبذ الذي أعطاه الله ذلك البيان والأسلوب الراقي، فهل من أسلوبه مثل هذه العبارات التي ذكرها هذا المفتري؟ كقوله: (بالله خلونا من بدعة الخميس) وكقوله: (إلى كم تمدح نفسك وشقاشقك!!) وقوله: (يا رجل بالله عليك كف عنك هذا والله قد صرنا ضحكة في الوجود) و (إذا كان قليل العلم والدين باطولياً!!)، إلخ .. هذا الغثاء.
ثالثاً: ثبت عن الإمام الذهبي - رحمه الله- أنه رثى شيخ الإسلام – بعد وفاته- بمرثية قال فيها:
يا موت خذ من أردت أو فدع ... محوت رسم العلوم والورع
أخذت شيخ الإسلام وانفصمت ... عرى التقى واشتفى أولو البدع
إلخ ... القصيدة في العقود الدرية ص 423، فأيهما أسبق هذه الرسالة المزعومة أو هذه المرثية!
رابعاً: أيضاً تحتوي الرسالة على أخطاء علمية وافتراءات على شيخ الإسلام يعرفها من قرأ له، فكيف بمن تتلمذ على يديه؟ ومنها على سبيل المثال قوله: (بلى والله ما أذكر أنك تذكر الموت، بل تزدري بمن يذكر بالموت .. )، وغيرها كثير، - وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين-.
المصدر: http://www.islamtoday.net/questions/show_question_*******.cfm?id=18274
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[12 - 01 - 04, 06:01 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2245
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2216
ـ[عثمان القطعانى]ــــــــ[28 - 05 - 10, 11:13 ص]ـ
جزاك الله خبرا شيخنا الفاضل00وهذه الرسالة المزعومة روج لها الكوثرى الهالك فمقدمة كتاب: السيف الصقيل) - هامش ص 211 - 219 ثم دافع عنها-المتشيع الضال -حسن السقاف- فى تعليقه- على كتاب- دفع التشبيه-
لابن الجوزي الحنبلي - 597 - تحقيق وتقديم: حسن السقاف ط - 3 - الثالثة -1413 - - ص 60 - 61 -
و علاوة على ماذكر الشيخ الفاضل من أدلة قاطعة على بطلان هذه الرسالة المفتراه واهمها رثاء الذهبى له بع وفاته فان المفترون لم يستندوا فى دعواهم الا الى مايزيدها بطلانا حيث فضحوا انفسهم بأن هذه الرسالة كتبت بمعرفة احد اعداء شيخ الاسلام الذى لم يكن من معاصريه ولا معاصرى- الذهبى1! - قال السقاف-قبحه الله-:
إن هذه النسخة مصورة عن نسخة خطية محفوظة في دار الكتب المصرية ـ القاهرة ـ تحت رقم /18823 ب، وهي مكتوبة بخط الفقيه ابن قاضي شهبة، نقلًا عن خط قاضي القضاة برهان الدين المعروف بابن جماعة، عن خط الحافظ أبي سعيد العلائي المنسوخ عن خط الذهبي نفسه.
هو الفقيه المؤرخ أبو بكر بن أحمد بن محمد بن عمر الأسدي الدمشقي الشافعي المعروف بابن قاضي شهبة، ولد بدمشق سنة 779هـ، وأخذ عن جماعة كالسراج البلقيني وابن حجى والغزي وغيرهم، وتصدَّى للإفتاء والتدريس، وحدَّث ببلده وبيت المقدس وسمع منه الفضلاء، وناب في القضاء بدمشق، توفي بها سنة 851هـ.- فمتى عرف المحققون النزهاء الاعتماد على كلام الخصوم فى خصمهم؟
ـ[أبو نسيبة السلفي]ــــــــ[30 - 05 - 10, 02:31 ص]ـ
جزاك الله خبرا شيخنا الفاضل00وهذه الرسالة المزعومة روج لها الكوثرى الهالك فمقدمة كتاب: السيف الصقيل) - هامش ص 211 - 219 ثم دافع عنها-المتشيع الضال -حسن السقاف- فى تعليقه- على كتاب- دفع التشبيه-
لابن الجوزي الحنبلي - 597 - تحقيق وتقديم: حسن السقاف ط - 3 - الثالثة -1413 - - ص 60 - 61 -
و علاوة على ماذكر الشيخ الفاضل من أدلة قاطعة على بطلان هذه الرسالة المفتراه واهمها رثاء الذهبى له بع وفاته فان المفترون لم يستندوا فى دعواهم الا الى مايزيدها بطلانا حيث فضحوا انفسهم بأن هذه الرسالة كتبت بمعرفة احد اعداء شيخ الاسلام الذى لم يكن من معاصريه ولا معاصرى- الذهبى1! - قال السقاف-قبحه الله-:
إن هذه النسخة مصورة عن نسخة خطية محفوظة في دار الكتب المصرية ـ القاهرة ـ تحت رقم /18823 ب، وهي مكتوبة بخط الفقيه ابن قاضي شهبة، نقلًا عن خط قاضي القضاة برهان الدين المعروف بابن جماعة، عن خط الحافظ أبي سعيد العلائي المنسوخ عن خط الذهبي نفسه.
هو الفقيه المؤرخ أبو بكر بن أحمد بن محمد بن عمر الأسدي الدمشقي الشافعي المعروف بابن قاضي شهبة، ولد بدمشق سنة 779هـ، وأخذ عن جماعة كالسراج البلقيني وابن حجى والغزي وغيرهم، وتصدَّى للإفتاء والتدريس، وحدَّث ببلده وبيت المقدس وسمع منه الفضلاء، وناب في القضاء بدمشق، توفي بها سنة 851هـ.- فمتى عرف المحققون النزهاء الاعتماد على كلام الخصوم فى خصمهم؟
إن صح سند المخطوطة فقد عرفنا الكذاب!!!
فقط ينظر في ديانة كل منهم وبغضه لشيخ الاسلام .. انتهى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/386)
ـ[أبو الحسن الرفاتي]ــــــــ[30 - 05 - 10, 05:24 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[30 - 05 - 10, 11:34 م]ـ
شكرًا لكم!
ـ[أبو سليمان الجسمي]ــــــــ[30 - 05 - 10, 11:47 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[بن محمد الحنبلي المصري]ــــــــ[31 - 05 - 10, 12:06 ص]ـ
جزاك الله خيرا.(26/387)
عقيدة الأمام أحمد (رحمه الله)
ـ[أبو هريره المصرى]ــــــــ[14 - 01 - 04, 09:01 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاتة
إخوتى فى الله إنى أستعين بالله ثم بكم فى درء شيئاً من الشبهات
التى ألقيت على من بعض الأشخاص
1:- هل كانت عقيدة الأمام أحمد فى الأسماء و الصفات هى التفويض و هل قال بذلك إبن قدامه المقدسى
2:- هل كان شيخ الإسلام إبن تيميه رحمه الله يقول بأن لله يد حقيقيه
وهل يد حقيقه فى اللغه تعنى يد جارحه.
أرجو الإسراع فى الإجابه حفظكم الله و جزاكم الله عنى خير الجزاء.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[14 - 01 - 04, 09:13 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أما الإمام أحمد رحمه الله فلم يقل بالتفويض، بل كان يثبت الأسماء والصفات بدون تكييف أو تمثيل أو تحريف
وأما ابن قدامة رحمه الله فيمكنك مراتجعة هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=541
وهذا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4926
أرجوا أن تجد فيها الإجابة الكافية.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[14 - 01 - 04, 09:15 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4724
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=11921(26/388)
موقفنا من الامامين النووى و بن حجر و تأويلتهما. كلام يكتب بماء الذهب
ـ[حنبل]ــــــــ[15 - 01 - 04, 05:16 ص]ـ
بعد ما صليت العصر اليوم فى المسجد المعتاد صرفت بصرى الى المكتبه الموجوده به اتفحصها فلفت نظرى منظر كتاب من الواضح انه اضيف اليها حديثا فمددت يدى و اخذته فوجدت عنوانه الردود و التعقيبات على ما وقع للامام النووى فى شرح مسلم من التأويل فى الصفات و غيرها من المسائل المهمات. تصنيف الشيخ مشهور بن حسن آل سليمان.
فجذبنى العنوان فأخذت اتصفح فى المقدمة ووجت نفسى مجذوبا للمتابعة فقد كانت قيمة و سهلة الالفاظ و كانت تناقش مواضيع هى الشغل الشاغل للمناقشين فى الانترنت و لا اخفيكم سرا إن قلت لكم انى قد فرغت من اغلب الكتاب عندما قارب آذان العشاء أن يرفع.
فأحببت اخوتى ان انقل لكم هذه الكلمات التى تقع على أهل السنة بردا و سلاما و ترد على فريقين:
فريقا غلى فى أمثال النووى و بن حجر و من كان مثلهم فأخذ كل ما عندهم من خطأ و صواب متمثلين قول القائل فخذه حيث حافظ عليه نص جاعلين منهم معصومين بهذا الكلام.
و فريقا آخر شذ و ند و رفض ما فى كتب الشيخين بل حرقهما دالالة على ما يتمتعون به من دين و آخلاق كياسة. دلالة على الحرمان الذى وقعوا فيه.
و إن كان الكاتب يتكلم على النووى فهو ايضا ينطبق على بن حجر ايضا و من نحى نحوهم.
و كان بودى ان انقل لكم كل الكتاب و لكنه امر عزيز أسال الله ان ييسر له من ينزله على الانترنت و إن كان موجودا فارجو من الاخوة أن يدلونا عليه و على كتاب الشيخ بن باز تعليقاته على شرح بن حجر للبخارى.
ـ[حنبل]ــــــــ[15 - 01 - 04, 05:17 ص]ـ
قال المصنف تحت عنوان موقفنا من الامام النووى
لا تتسع السطور لتدبيج عبارات العلماء التى فيها المدح و الثناء على امثال هؤلاء الاعلام و لا أخالني بحاجة التى التركيز على هذا لشهرتهم و معرفتهم عند كل واحد من طلبة العلم.
و اريد فى هذا المقام أن أنبة على أمر مهم جدا و هو أن فى الاشعرية علماء لهم قدم فى خدمة الشريعة أمثال الحافظين أبى بكر البيهقى و أبى القاسم بن عساكر و الامام العز بن عبد السلام و غيرهم من فضلاء الاشاعرة نذكرهم بما لهم من المحاسن غير أننا ننبة على ما وقعوا فيه من البدعة فإن الحق لا محاباة فيه و لا تمنعنا بدعتهم من الانتفاع بعلومهم فى الس - و الفقه و التفسير و التاريخ و غير ذلك مع الحذر.
و لنا أسوة بالسلف و الائمة فإنهم رووا عن الكثير من المبتدعة لعلمهم بصدقهم.
و نجتنب التكفير و التضليل و التفسيق للمعين من هذا الصنف من العلماء فإن هذا ليس من منهج السلف و إنما نكتفي ببيان بدعته و ردها إذا تعرضنا لها.
و هذا كله فى حق العالم إذا لم تغلب عليه البدع و الاهواء و علمنا منه حرصة على متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم و تحرى الحق من الكتاب و السنة إلا أنه لم يصبه لشبه ما او غير ذلك شأن الامام النووى و بن حجر رحمهما الله فإن لهما اجتهادا فى طلب الحق و الوقوف عليه و الاخذ به - و لا نزكى على الله احدا 0.
قال شيخ الاسلام كلام نفيس ذكر فيه الحكم على العالم المتأول الذى من عادته و ديدنه الوقوف على الحق و لكن لم يصبه فى بعض الامور أو فى بعض الاحايين و ذكر فيه أيضا تحذير طلبة العلم من اتباع هذا العالم فى زلاته، أو ترديد قا لاته و يقع ذلك بسبب شهرته و صلاحة و طول باعة و كثرة مصنفاته قال رحمة الله
" و ليس لاحد أن يتبع زلات العلماء كما ليس له أن يتكلم على أهل العلم و الايمان إلا بما هم له أهل فإن الله تعالى عفا للمومنين عما أخطؤوا. فقال ((ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطانا))
قال الله: (قد فعلت) اخرجة مسلم
و أمرنا ان نتبع ما أنزل إلينا من ربنا و لا نتبع من دونه أولياء و أمرنا أن لا نطيع مخلوقا فى معصية الخلاق و نستغفر لاخوننا الذين سبقونا بالايمان فنقول ((ربنا اغفر لنا و لاخوننا الذين سبقونا بالايمان)).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/389)
و هذا أمر واجب على المسلمين فى كل ما كان يشبه هذا من الامور و نعظم أمره تعالى بالطاعة لله و رسوله و نرعى حقوق المسلمين لا سيما أهل العلم منهم كما أمر الله و رسوله و من عدل عن هذه الطريق فقد عدل عن اتباع الحجة إلى اتباع الهوى فى التقليد و آذى المؤمنين و المؤمنات بغير ما اكتسبو فهو من الظالمين و من عظم حرمات الله و أحسن إلى عبادة الله كان من أولياء الله المتقين و الله سبحانه و تعالى اعلم)) مجموع الفتاوى 32/ 239
و قال ايضا ((إذا رايت المقالة المخطئة قد صدرت من إمام قديم فاغتفرت لعدم بلوغ الحجة له فلا يغتفر لمن بلغته الحجة ما اغتفر للاول فلهذا يبدع من بلغته احاديث عذاب القبر و نحوها إذا أنكر ذلك و لا تبدع عائشة و نحوها ممن لم يعرف بأن الموتى يسمعون فى قبورهم فهذا أصل عظيم فتدبره فإنه نافع)) مجموع الفتاوى 6/ 61
و قال بعد أن ذكر الفرقة الناجية و اعتقادها و الدليل على نجاتها:
((و ليس كل من خالف فى شئ من هذا الاعتقاد يجب أن يكون هالكا فإن المنازع قد يكون مجتهدا مخطئا يغفر الله خطأه و قد لا يكون بلغه فى ذلك من العلم ما تقوم به عليه الحجة)) مجموع الفتاوى 3/ 179
و أوضح أنه ربما يكون العالم من المتأولين و من أهل الاجتهاد و من ذوى فضل و صلاح و حرص على اتباع الشريعة و اقتفاء آثار الرسول و لكنه أخطأ فى فهم النصوص و غلط فى اجتهاده و وهم فيما ذهب إليه من أويل و بين أن الصنف مأجور و معذور و لكن لا يجوز اتباعه فى غلطه فقال:
((فمن ندب إلى شئ يتقرب به إلى الله أو أوجبه بقوله أو بفعله من غير أن يشرعه فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله و من اتبعه فى ذلك فقد اتخذه شريكا لله شرع ما لم يأذن به الله نعم قد يكون متأولا فى هذا الشرع فيغفر له لاجل تأويله إذا كان مجتهدا الاجتهاد الذى يعفى معه عن المخطئ و يثاب أيضا على اجتهاده و لكن لا يجوز اتباعه فى ذلك ما لا يجوز اتباع سائر من قال أو عمل قولا أو عملا قد علم الصواب فى خلافه و إن كان القائل أو الفاعل مأجورا أو معذورا)) اقتضاء الصراط المستقيم 2/ 580
و مع هذا فلا يتساوى من وقع فى شئ من هذا لسبب من الاسباب فقد يغلظ على بعض دون بعض و هذا ما استخرجة شيخ الاسلام باستقراء النصوص الشرعية و الاحوال السلفية و خلص القول:
((فإذا رأيت إماما قد غلّظ على قائل مقالته أو كفره فلا يعتبر هذا حكما عاما فى كل من قالها، لا إذا حصل فيه الشرط الذى يستحق به التغليظ عليه و التكفير)) مجموع الفتاوى 23/ 349
و لما نقرر قبول هذا العذر من هذا الامام بسبب إجتهاده و تأول فلا يلزم هذا القبول الاقرار بالخطأ و المخالفة و الرضى بها.
بل يجب بيان الصواب فالحكم بعذره فى الاخرة و عدم نيله الوزر و القول بالاجر بسبب الاجتهاد و بذل الوسع شئ و إنكار الخطأ و التحذير منه شئ آخر فتنبه و لا تكن من الغافلين. انتهى بتصرف و قليل من التغير.
ـ[حنبل]ــــــــ[15 - 01 - 04, 05:18 ص]ـ
الفوائد.
1/ مكانة الشيخين عند اهل السنة و إجلالهما
2/ الاختلاف حاصل فى الحكم على النووى و بن حجر فى هل انهم من أهل السنة او لا.
3/ إن اهل السنة يختلف حكمهم من عالم الى عالم حسب حاله و مدى حرصة لمتابعة الكتاب و السنة و قلة خطأه
4/ ليس لاحد أن يتبع زلات العلماء كما ليس له أن يتكلم فى أهل العلم و الايمان.
5/ لا يمنع الاخطاء التى فى كتب الشيخين رحمهما الله الاستفادة من كتبهم.
6/ الرد على من الزم أهل السنة بأن موافقة الحافظين لبعض اقوال البدع يقضتى خروجهما من أهل السنة و الجماعة و أنهما فى النار بناءا على حديث تفرق الامة.
7/ ليس كل من خالف أهل السنة و الجماعة يعتبر هالكا فإن المجتهد يغفر له ما لا يغفر للمقلد إذا علم الدليل و خالفه.
8/ إن المقلد للامامين غير معذور فى المسائل التى خالفو فيها السلف إذا وصله الدليل.
نسأل الله ان يجزى صاحب الكتاب كل خير و ان يجعله عمله هذا فى ميزان حسناته و ننصح الاخوة بقتناء هذا الكتاب.
ـ[تميم1]ــــــــ[15 - 01 - 04, 06:16 ص]ـ
بارك الله فيك وفي مؤلف الكتاب ...
ـ[حنبل]ــــــــ[15 - 01 - 04, 06:41 ص]ـ
و فيك بارك اخي.(26/390)
لماذا نطلق على الصوفية الوثنيون و عباد القبور
ـ[حنبل]ــــــــ[15 - 01 - 04, 04:40 م]ـ
ا لماذا نطلق على الصوفية الوثنيون او عباد القبور لتوضيح هذه النقطة نحتاج الى توضيح اربعة نقاط مترابطة و متسلسلة
1/ دعاء الميت او الحى يجعلة إله.
2/ دعاء الميت عبادة له.
3/ هل كان المشركون الاوائل يعبدون حجارة ام رجال صالحين فى صورة حجارة.
3/ الايمان ببعض الدين و ترك بعضه لا ينفع صاحبة.
النقطة الاولى: -
الدليل:
قال تعالى ((و إذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذونى و امى إلاهين))
و من المعلوم ان النصارى يقولون ان عيسى إله و لا يقولون ان مريم إله بل هى بشر و لا نعتقد انها تخلق نفعا و لا ضرا غير اننا نتخذها شفيعة لنا عند الرب. و لكن الله ألزمهم بعبادتها و إن رفضو لانهم يدعونها من دون الله و يطلبون منها ما يطلبه الصوفية اليوم من الجيلانى و الدسوقى و البرعى.
و فى حديث ذات انواط نرى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف طلب الصحابة التبرك بالسدرة مثل طلب اصحاب موسى ان يجعل لهم الها كما لهم آله فدل ذلك على ان التبرك بالقبور و اعتقاد نفعها و ضرها يصيرها وثنا و إلها.
النقطة الثانية.
قال تعالى على لسان إبراهيم ((هل يسمعونكم إذ تدعون* او ينفعونكم او يضرون* قالوا كذلك وجدنا آباءنا يفعلون* قال افرايتم ما كنتم تعبدون)) و فى الاية الثانية ((افتعبدون مالا ينفعكم شيئا و لا يضركم))
انظر كيف قال الله تعالى اولا ((تدعون)) ثم قال ((تعبدون)) فجعل دعاء هؤلاء الاولياء الذين على صورة اصنام عبادة لهم.
و فى الاية الاخرى قوله تعالى ((وأعتزلكم و ما تدعون من دون الله)) و بعدها قال ((فلما اعتزلهم و ما يعبدون من دون الله))
و قال صلى الله عليه وسلم ((الدعاء هو العبادة)) و قوله ((الدعاء مخ العبادة))
هل رايتم يا بنى صوفان فدعاء غير الله سواء كان بشرا حيا او ميتا عبادة له هذا إلزام من رب العالمين سواء رضيتم ام أبيتم لا فهو لازمكم. بذلكم اصبحتم عبادا للقبور و وثنين.
النقطة الثالثة.
من المعلوم ان المشركين الاوائل لم يكونو يعبدون الحجارة لكونها حجارة و إنما لانها صورت على شكل صورة رجال صالحين يتقربون بها الى الله.
الدليل:
قال تعالى ((إن الذين تدعون من دون الله عباد امثالكم فادعوهم فاليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين))
فالله قال ((عباد امثالكم)) يعنى بشر مثلنا و هذا لا يصح فى وصف الاصنام و إنما يصح فى وصف الاولياء الذين صور المشركين إلهتم على صورهم.
و قال تعالى ((و الذين تدعون من دون الله لا يخلقون شيئا و هم يخلقون. اموات غير احياء. و ما يشعرون إيان يبعثون))
هل تتحدث الاية عن بعث الاصنام الى الحياة بعد الموت لا يمكن ذلك: لان الاصنام لا يحل بها موت و لا بعث، و لان الشعور يستعمل فيمن يعقل و ليس فى الحجارة.
و الاهم من ذلك إن اموات غير احياء لا يصح إضافتها إلى الاحجار التى صنع منها الصنم إذ هى جماد لا يصح وصفة بالحياة و لا بالموت فلم يبق إلا أن الكلام متعلق بالصالحين الذين نحتت الاصنام على صورهم.
قال تعالى ((و يوم نحشرهم و ما يعبدون من دون الله فيقول ءانتم اضللتم عبادى هؤلاء ام هم ضلوا السبيل * قالوا سبحانك ما كان ينبغى لنا ان نتخذ من دونك اولياء))
اهذا الكلام ينفع للاصنام هل الاصنام تتكلم ام هل الاصنام تتخذ الله وليا
و قال تعالى ((و إذا راى الذين اشركوا شركاءهم قالوا ربنا هؤلاء شركائنا الذين كنا ندعو من دونك. فالقو اليهم القول إنكم لكاذبون)) هل الاصنام تقول إنكم لكاذبون سبحان الله. و هنا فائده اخرى ان دعاء غير الله شرك و مؤلة الى نار جهنم و بئس المصير فمن لقى الله و هو يدعو من دونه ندا دخل النار
و بما إن غالبية الوثنين الجدد اشاعرة فهاكم هذه الحجة الملزمة من شيخك الرازى فى تفسيرة الكبير ((إعلم إن الكفار أوردوا سؤلا فقالوا نحن لا نعبد هذه الاصنام لاعتقاد أنها تضر و تنفع و إنما نعبدها لاجل أنها تماثيل لاشخاص كانوا عند الله من المقربين فنحن نعبدها لاجل أن يصير هولاء الاكابر شفعاء لنا عند الله فاجاب الله تعالى ((أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل اولوا كانوا لا يملكون شيئا و لا يعقلون))
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/391)
و قال ايضا: ((إن المشركين وضعوا هذه الاصنام و الاوثان على صور أنبيائهم و أكابرهم و زعموا أنهم متى اشتغلوا بعبادة هذه التماثيل - دعائها - تكون شفعاء لهم عند الله تعالى.
قال و نظيره فى الزمان إشتغال كثير من الخلق بتعظيم قبور الاكابر على اعتقادهم أنهم إذا عكفوا على قبورهم فانهم يكونون لهم شفعاء عند الله))
يبدوا ان الرازى عنده لوثة وهابية حتى يقول هذا الكلام
و قال التفتازنى الاشعرى ((إن شرك المشركين وقع حين مات منهم من هو كامل المرتبة عند الله و اتخذوا تمثلا على صورته و عظموه تشفعا الى الله تعالى و توسلا))
و التفتزانى ايضا تأثر بكلام محمد بن عبد الوهاب حتى يوافقه.
و نقولها لكم خلاصة إنما يقع فى نفس الفخ من لم يعرف نوع الفخ الذى نصبه الشيطان لمشركى الامس.
النقطة الرابعة: -
الدليل:
قال تعالى ((افاتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض))
الايمان ببعض الكتاب والكفر ببعضه لا ينفع عند الله لا بد للتسليم لله بكامل الدين.
فلو ان رجلا يعبد الله و يسبح فى اليوم مائة الف مرة و يؤلف الكتب و يدعوا الى الله و يزوج الايمى و يطعم الفقراء و عمل ما عمل ثم قال ان الخمر حلال و ليس حرام لحبط عملة و لم ينفعه مثقال ذره.
فكذلك من دعى غير الله فقد عبده و ألهه و اشركه مع الله فى العبادة و من دعاء مع الله ندا لا يقبل منه صرفا و لا عدلا.
و كذلك نقطة اخرى القران يشهد للكفار انهم كانو يؤمنون ان الله هو الرازق المدبر الخالق المميت النافع الضار و كانوا يصلون و يزكون و يحجون و كانوا يقولون نحن على دين ابراهيم نحن على الحنيفية السمحة فلم ينفعهم قولهم و لم تنفعهم عبادتهم لانهم اشرك مع الله ندا و دعوا مع الله وليا فكان جزائهم نار جهنم خالدين فيها.
فدعوى الصوفية انهم اهل السلوك و التزكية و الاخلاق و الزهد و الاحسان لا ينفع عند الله جناح بعوضه إذا لم يؤسس على توحيد صافى لله رب العالمين
الخلاصة: -
دعاء غير الله يؤلهه فعندما يدعو الصوفية الدسوقى و الجيلانى و الشاذلى و النقشبندى فقد جعلوهم اله واوثان.
الدعاء عبادة فعندما يدعو الصوفية الاله الدسوقى يعنى انهم عبدوه و يعنى جعلوا قبره وثنا و إلها يعبد.
فاذا عبد الصوفية الاله الدسوقى و الاله الشاذلى و الوثن البدوى و الصنم الجيلانى و فعلوا معها السبعة و زمتها حفظوا القران و ذكروا الله بالالاف و قاموا الليل و صاموا النهار و تركوا الدنيا و حسنوا اخلاقهم فهذا لا ينفعهم عند الله و لا يسوى عند الله جناح باعوض.
فتنبهو يا اصحاب ديانة بنى صوفان.
ـ[أبو عمر الدوسري]ــــــــ[20 - 08 - 05, 03:13 م]ـ
الأخ الفاضل/ حنبل جُزيت خيراً
وأتمنى أن لا يطول غيابك، فالصوفية تحتاجك.
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[20 - 08 - 05, 04:08 م]ـ
هل هذا الكلام ينطبق على كل فرق الصوفية في العالم
ـ[حارث همام]ــــــــ[21 - 08 - 05, 10:48 م]ـ
أخي نضال ..
المعاصرون الآن ربما صح فيهم ما ذكر الأخ فلا أعرف في الطوائف الشائعة اليوم طائفة إلاّ ولهم من البدع أضرباً، ولعامة المنتسبين إليهم من الشركيات ما هو ظاهر. وأما الصوفية المتقدمين وبالأخص في القرن الثاني والثالث وكثير من أعلامهم في القرن الرابع فجل مشايخهم من أهل السنة والاستقامة وأولئك كان تصوفهم تصوفا صحيحا وكان رجالاتهم من أهل السنة ودعاة التوحيد ولايعدو تصوفهم الزهد مع الالتزام بأشياء من الطاعات، وإن دخلت بعضهم بدعة فباجتهاد قد يكون سائغاً وقد لايكون.
ولعل الباحث يظهر له جلياً أن هذا التفريق بين المتقدمين منهم والمتأخرين هو الحق الذي ينبغي أن يقال ولاينكر، على أن يذكر هذا الكلام في إطار دعوة المنتسبين إليهم لأجل تصحيح مسار الأتباع المتأخرين، ولا ينبغي لعاقل سلفي أن يذكره أبداً في إطار تسويغ واقع صوفية اليوم المنحرف بحجة التقارب مع الباطل. وقد كتب في ذلك فضيلة الشيخ عبدالعزيز القاري مقالاً جيداً وإن لم يرق لكثيرين فأكثروا من الرد عليه ولعل الحق في المسألة متنازع وجله أراه معه والله أعلم.
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[22 - 08 - 05, 12:12 ص]ـ
بوركت أخي الحبيب وجزاك الله كل خير
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[22 - 08 - 05, 12:19 م]ـ
وفق الله الجميع
ومن باب التوضيح حول التصوف فهو بدعة ليس لها أصل من الكتاب والسنة ولايجوز الانتساب للصوفية
فلا يعرف لهم أصل ثابت لكلمة التصوف ولماذا تسموا بهذا الاسم؟
وكان فعلهم هذا سببا لنشر البدع والخرافات والشرك في بلاد الإسلام، فقد سببوا ضررا كبيرا جدا بسبب ما سموه زهدا وورعا، فمن أعظم كبائرهم نشرهم الشرك باسم الإسلام، وتسويغهم لعبادة غير الله بطرق ملتوية
فنسأل الله أن يكفي المسلمين شرهم وأن يرد كيدهم في نحورهم
فما هي الفائدة التي استفادها أهل الإسلام من الصوفية الأوائل غير فتح باب البدع والضلالات
ولماذا لم يحبهم الأئمة المتقدمين أمثال مالك والشافعي وأحمد وغيرهم
فقد ترك الإمام الشافعي صحبة الصوفية الأوائل لما رأى من بدعهم وضلالاتهم فكيف يأتي من يقول في هذا العصر بأن تصوف المتقدمين صحيح؟ وأنى له الصحة؟ ونحن نطالب بمثال واحد على صوفي من المتقدمين سالم من البدع والخرافات حتى تصح له دعواه تلك؟ ولا يستطيع ذلك؟
فحتى مذهب الشيعة فيه حق وباطل وحتى مذهب الزيدية فيه حق وباطل وهكذا
فمحاربة الصوفية والتحذير منهم هو منهج أهل السنة والجماعة المتبعين لسلف الأمة، وأما مداهنتهم ومجاملتهم على حساب التقريب فليس هذا من سيما أهل السنة السلفيين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/392)
ـ[حارث همام]ــــــــ[22 - 08 - 05, 08:22 م]ـ
قال الشيخ العلامة ابن جبرين -حفظه الله-:
"وأما معتدلوهم -معتدلو التصوف - من المتقدمين؛ مثل بشر الحافي والحارث المحاسبي الجنيد بن محمد الفضيل بن عياض إبراهيم الخواص وأشباههم من أهل الاعتدال. أما الشيخ عدي وكذلك شيخه القرشي الهكاري؛ هذان ولو كانا على طريقة الصوفية، ولكن تصوفهم؛ ولو كانوا متأخرين تصوف معتدل.
وذلك لأن الصوفية القدامى ليس تصوفهم تصوف عقيدة، ولكنه تصوف زهادة؛ زهد، تقشف، تقلل من الدنيا، انقطاع من اللذات والشهوات وقريب من الرهبنة، والانقطاع الكلي في كثير منهم.
ولكن فعلهم هذا؛ الذي هو الزهد من الدنيا والزهد في ملذاتها قد أنكره كثير من أهل زمانهم، وقالوا: إن الله تعالى أباح زينة الدنيا (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ)؛ أي: من حرمها؟ ليست حراما، ولكن كأنهم يقولون: إن هذه الشهوات قد تشغل وقد تلهي، وقد يكون فيها شيء مما يقسي القلب، ويثقل الطاعات على القلب وعلى البدن، ويخفف المعاصي ويدعو إلى اللهو وإلى التساهل في العبادة؛ هكذا رأوا، ولكنهم في باب العقيدة على الكتاب والسنة. وإذا وجد من بعضهم شطحات كثيرة فإنها تغتفر. ويكون الحامل عليه هو جهله ببعض الأدلة". أهـ
وقال حفظه الله:
"إن الصوفية أصلا هم الزهاد في الدنيا والمشتغلون بالعبادة، وكانوا في الزمن الأول يرتدون الصوف الخشن من باب التقشف فعرفوا بهذا الاسم، كإبراهيم بن أدهم وبشر الحافي وإبراهيم الخواص والجنيد بن محمد ونحوهم، وكان أولئك يعبدون الله على علم وبصيرة؛ فيحافظون على الجماعات، ويبتعدون عن المحرمات، ويسارعون في الخيرات، ولم يكن عندهم شيء من البدع ولا الخرافات.
ثم جاء بعدهم من تسمى باسم الصوفية، وانتحل مذهبا خاصا وأصبح الصوفية أهل خلة وطريقة مستقلة، وابتعدوا عن العلم والعلماء، واعتمدوا على الأذواق والمواجيد، فدخلت عليهم بدع وخرافات في المعتقد وفي العمل، كالسماع والرقص والتواجد وصحبة الأحداث، والزهد في المباحات، وتأليم النفس ونحو ذلك، وقد ناقشها ورد عليهم فيها الشيخ ابن الجوزي في كتابه (تلبيس إبليس) وغيره.
ثم جاء بعدهم من تسمى بالتصوف أيضا وغلا حتى تدخل في الربوبية، واعتقد أن الوجود واحد بالعين، وأنكر الفرق بين الخلق والخالق، وهم المسمون بالاتحاديين الحلوليين وأهل وحدة الوجود، وقولهم من أشنع الأقوال، كفرهم أوضح من كفر اليهود والنصارى، فمنهم من أفصح عما يكنه، وأعلن معتقده كالحلاج فحكم بكفره أهل زمانه، وأفتوا بقتله فقتل، ومنهم من يتستر ويخفي معتقده ولكنه يظهر للمتمعن والمتفطن في كلامه، أمثال ابن عربي وابن سبعين وابن الفارض ونحوهم.
وهذا المعتقد الكفري قد تمكن وفشا القول به زمن شيخ الإسلام ابن تيمية فرد على أهله ضمن رسائل مطبوعة في المجلد الثاني من مجموع فتاوى شيخ الإسلام وله رسائل كثيرة في حقيقة التصوف والسلوك في المجلدين العاشر والحادي عشر.
ومن هذا التقديم الموجز يعرف أنه لا يجوز إطلاق الذم ولا المدح للصوفية، بل يعطى كل منهم حكمه، أما الصوفية في هذا الزمان ومنهم من يعرفون بالتيجانية وغيرهم، فإنهم قد انتحلوا طرقا وصارت لهم مقامات وخواص تصادم الأدلة؛ حيث يعتقدون في أوليائهم الأقدمية على الرسل الكرام ويزعمون أن الولي يأخذ عن الله بلا واسطة، ويرجعون إلى أقوال مقدميهم، ويحكمونهم في الأنفس والأرواح والأموال ويعتقدون فيهم العصمة وملكية التصرف، ونحو ذلك من الاعتقادات السيئة فما داموا كذلك فهم مجانبون للصواب ومحادون لله ورسوله، فلا نعرف لهم فضلا ولا كرامة".
ـ[حارث همام]ــــــــ[22 - 08 - 05, 09:42 م]ـ
وقال المفتي الأسبق العلامة محمد بن إبراهيم -رحمه الله-:
"التصوف ينقسم إلى: سني، وبدعي. فإن كان متقيداً بالكتاب والسنة كالجنيد (فهو سني).
وأما القسم الذين ما تقيدوا بهما (فهو بدعي) لكن في آخر هؤلاء من آلت بهم تلك الشطحات إلى دعوى الربوبية، بل بعضهم إلى القول بالحلول. والفتنة بهم كالفتنة بالقبور، فإنهم يدعون أشياء كلها سخافة.
وهذا المسلك هو الذي ينبغي، بخلاف مسلك بعض المنتسبين الذين يجعلونهم قسماً واحداً.
فالذين تقيدوا بهما هم من خيار المسلمين. وقابلهم من جعل طريقة الصوفية لابد منها".
أما نصوص الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا الصدد فكثيرة مشهورة. وأما أمثلة رجالاتهم المتقدمين من أهل السنة فأكثر من تفصل ههنا [ما بين الأقواس من المحشي].
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[23 - 08 - 05, 12:00 ص]ـ
بارك الله فيكم
كون بعض الزهاد يسمونه صوفيا فقد لايكون كذلك
فهل أحد من الزهاد الذين انتقطعوا عن الدنيا ممن كانوا من المتقدمين كان يسمى نفسه صوفيا أو ينتسب إلى الصوفية أم أن من ابتدع التصوف ممن بعدهم انتسبوا إليهم واتخذوا ذلك مطية لنشر بدعهم!
فهل بشر الحافي كان يسمى نفسه صوفيا أو ينتسب إلى جماعة الصوفية؟
ففيما سبق من الكلام خلط بين الزهاد الأوائل الذين قد يقع منهم الهفوات والغلطات وبين المتصوفة المبتدعة
فالمقصود أن نسبة بشر الحافي إلى الصوفية نسبة غير صحيحة، وكذلك نسبة بعض من سبق كذلك إلى الصوفية غير صحيح
فيبقى أن من انتسب إلى الصوفية فهو مبتدع وقد أحدث في دين الله ما ليس منه وقد تقل هذه البدعة وقد تكبر على حسب ما أحدث في الدين من بدعة
فليس هناك تصوف سني، فالصوفية لاتجتمع مع السنة!
فالمقصود أن من ينسب بعض الزهاد الأوائل إ‘لى الصوفية فعليه أن يثبت أنه انتسب إليهم أو يثبت ذلك بطريقة صحيحة
فالصوفية ليس لهم أصل معروف حتى يكون هناك تصوف صحيح
فما معنى الصوفية أصلا وإلى ماذا ينتسبون ومتى بدأ مذهبهم ومن من علماء الإسلام الأوائل أيدهم وكان معهم
فالإمام أحمد رحمه الله كان من الزهاد الكبار وحاشاه أن يكون صوفيا
فزهاد السنة يختلفون عن صوفية البدعة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/393)
ـ[أبو لجين]ــــــــ[23 - 08 - 05, 01:10 ص]ـ
الحقيقة من أروع المواضيع المقتضبة التي قرأتها في مسائل التوحيد
لله درك
ـ[حارث همام]ــــــــ[23 - 08 - 05, 12:10 م]ـ
نعم أخي الفاضل (أهل الحديث) ومثل هذا ما كان ليغيب على شيخ الإسلام ابن تيمية ولا العلامتين ابن إبراهيم وابن جبرين وغيرهم من المحققين.
أما نشأة الاسم فمختلف فيها، وكونها مختلف فيها لا يعني هذا أن الصحيح لايعرف، وليس موضوعنا تحقيق نشأة الاسم غير أنه واضح بالنسبة لكثير من الباحثين.
ولايعني اختلافهم في النسبة اختلافهم في أن مبدأهم كان هو الزهد الكلي والتقلل من الدنيا، وترك حظوظ النفس، وعلى هذا نص الأئمة بغض النظر عن ما رجحوه في أصل التسمية اللهم إلاّ من اتبع القول الحادث في القرن الرابع أو الخامس والذي أحدثه البيروني وليس من علماء الشريعة.
وقد نص أمثال الجنيد ومعروف الكرخي وتلميذه سري السقطي على مصطلح التصوف، وأطلقه الناس لهم (وأعني بالناس الأئمة والعلماء)، وقد عرف هذا المصطلح لتلك الطائفة من الزهاد في القرن الثاني الهجري وكان جل رجالاتهم من أهل السنة.
حكى القشيري في رسالته عن سري السقطي قوله: التصوف أسم لثلاث معان؛ هو الذي لا يطفيء نور معرفته نور ورعه، ولا يتكلم بباطن في علم ينقضه عليه ظاهر الكتاب أو السنة، ولا تحمله الكرامات على هتك أستار محارم الله. وقال صاحبه أبو الحسين النوري رحمه الله: التصوف ترك كل حظ للنفس. ونحو هذا مأثور عن صاحبهم أبو علي الروذباري.
وقال الجنيد: ما أخذنا التصوف عن القيل والقال، لكن عن الجوع وترك الدنيا، وقطع المألوفات والمستحسنات.
وفي ترجم الأئمة لؤلئك المتقدمين من الزهاد خلع اسم التصوف عليهم، أو نص المنسوبين إليه عليه، وهذا كله مما يبين أن المتصوفة كان أول أمرهم الزهد والتقلل من الدنيا وترك حظوظ النفس، وقد نص على ذلك شيخ الإسلام قال: "فإن معرفة أصول الأشياء ومبادئها ومعرفة الدين وأصله وأصل ما تولد فيه من أعظم العلوم نفعاً، إذ المرء ما لم يحط علما بحقائق الأشياء التي يحتاج إليها يبقى في قلبه حسكة. وكان للزهاد عدة أسماء يسمون بالشام الجوعية، ويسمون بالبصرة الفقرية و الفكرية، ويسمون بخراسان المغاربة، ويسمون أيضا الصوفية والفقراء"، وقال رحمه الله: "وكذلك في أثناء المائة الثانية صاروا يعبرون عن ذلك بلفظ الصوفي لأن لبس الصوف يكثر في الزهاد" ونحوه ذكره النووي. بل حتى ابن الجوزي على الرغم مما أورده من أخبار في تلبيس إبليس فيها شناعة على بعض متقدميهم المشهورين -وما أورده ابن الجوزي في حق هؤلاء جله ليس له سند صالح للتعويل- ينص على أن منشأهم هو الزهد الكلي ثم انحرف الأمر.
وهؤلاء المتقدمون من أمثال إبراهيم بن أدهم والفضيل بن عياض ومعروف الكرخي وسري السقطي وبشر الحافي والحارث المحاسبي وداود الطائي وشقيق البلخي وغيرهم ممن ذكروا بل من جاء بعدهم يقيدون طريقهم بالكتاب والسنة ويتبرأون ممن خالفهما. بل حتى من هو دونهم من أمثال أبونعيم صاحب الحلية والقشيري صاحب الرسالة وأضرابهم الذين هم دون المتقدمين في العلم بطريق الصوفية، وأكثر غلطاً واعتماداً على المنقولات الضعيفة والمقولات المبتدعة، هؤلاء على الرغم من ذلك كله كانوا يتبرأون مما أحدثه بعض المنتسبين إلى التصوف في أزمانهم بل لايرونهم متصوفة، بل حتى المتأخرين من علمائهم يبطل الوقف على رباط الصوفية على أمثال من تحمل اسم الصوفية عليهم، ويراهم دخلاء ليسوا من القوم.
فأنتم -بارك الله فيكم- تجعلون الذَنب الذي نبت في عجز زمان ودَبر العلم هم الأصل مع أن مشايخهم الكبار يتبرأون منهم.
ومع ذلك أرى أنه لامشاحة في الاصطلاح إن كنتم ترون أن طائفة الزهاد الأوائل من أمثال من سميت من جملة أهل السنة ولكن لاترون إطلاق اسم الصوفية عليهم، على الرغم من أن هؤلاء المتأخرين -بل حتى القشيري وأبو نعيم وطبقتهما- يرونهم من أئمتهم، فإن هذا يفي بالمقصود وهو:
1 - الإنصاف، ومعرف الفضل لأهل الفضل، وعدم الوقوع فيهم بظلم.
2 - الاستفادة من سيرة أولئك وطريقتهم في دعوة معظميهم من المنتسبين إليهم أو من يرون أنهم أئمتهم من جهلة الصوفية اليوم.
فإذا تحقق هذا لم يكن للخلاف في التسمية كبير أثر، فجميعنا نتفق على ضلال الطرقية المتأخرين وتحتم دعوتهم، وعلى أن المتقدمين من الزهاد وأكابر المشايخ في القرن الثاني والثالث عامتهم من أهل السنة وعلمائها.
ـ[محمد عبد الحكيم]ــــــــ[23 - 08 - 05, 03:42 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أريد أن أوضح أن الذين يعبدون القبور وغيرها من الأمور البدعية والشركية ليسوا من الصوفية في شيء، وأما بخصوص التسمية فقد اختلف فيها: فرأي يرى أنها أتت أن العباد والزهاد كانوا يلبسون الصوف فلذلك سموا بذلك
ورأي يرى أنه مصطلح دخل مع دخول مصطلحات الفلاسفة وبداية الترجمة في العصر العباسي، فأرادوا أن يجعلوا لهم تسمية خاصة بهم، وهذا الرأي أميل إليه.
أما بأصنافهم فقد قسمهم الشيخ ابن القيم؛ رحمه الله، إلى ثلاثة أقسام:
1 - قسم عبادة السوى وهم الحسن البصري وأصحابه (طبقة الزهاد)
2 - قسم شهود السوى وهم الإمام الهروي وأصحابه، وقال عنهم الإمام: لهم ما لهم وعليهم
3 - قسم وجود السوى وهم ابن عربي ومن سار على نهجه، ولم يختلف أحد على كفر أصحاب هذا القسم من أهل السنة والجماعة.
وكتاب مدارج السالكين لابن القيم كتاب قيم جدا أنصح كل مسلم يريد أن يستزيد في إيمانه ويعرف ما هي الصوفية الحقة وما لهم وما عليهم
والسلام عليكم ورحمة الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/394)
ـ[حارث همام]ــــــــ[24 - 08 - 05, 12:29 ص]ـ
شكر الله لك، ولعل توضيحكم يحتاج إلى توضيح:)
أما الآراء حول منشأ مصطلح التصوف فقد أوصلها بعضهم إلى ألف رأي (ليست هذه مبالغة بل حقيقة)! منها الاثنين الذين أشرت إليهما، والحق عند المحققين هو الأول، ولعل من أضعفها الأخير الذي أشرت إليه وهي أنها نشأت من ترجمة (سوفا) بمعنى الحكمة ومن أسباب ذلك على عجل:
- حركة الترجمة لم تقو إذ ذاك ولم يكن لها شيوع بين العوام ليشاع الاسم عنهم.
- ولم يكن لجل مشيختهم المنسوبين إليها ارتباطاً بالفلسفة حسب تراجم الأئمة لهم بل كان جلهم يرى الكلام من الشقائق التي لاينبغي أن تورد.
- ولبعضهم نصوص في تحذير الناس مما هو دون الفلسفة من العلوم الباطلة كالكلام.
- وهي مع ذلك نسبة لم يشر إليها أي أحد من متقدميهم مع أن بعضهم كما أسلفت بالغ في عدها، فهذه النسبة قول حادث متأخر في المسألة أول من قال به البيروني في القرن الخامس وليس هو من أهل علم الشرعي بل كانت له عناية بالفلسفة وغيرها من العلوم الطبيعية والتجريبية.
- كما أنهم لم يعرفوا التصوف بأنه الحكمة وإنما ربط تعريفه بأمور أخرى.
- وكل ما قيل فيرد النسب الأخرى يصح أن ترد به هذه النسبة فإن كانت النسبة إلى الصفاء أو الصفة لايصح الاشتقاق منها [الأصغر دون الأكبر والأوسط] فإن النسبة إلى سوفا لايصح فيها لا الاشتقاق الأصغر ولا أوسط ولا الأكبر!
أما الأقسام التي أشرتم إليها فليست أقسام الصوفية يرحمكم الله، وإنما هي أقسام الفناء، فبعضهم يعني به الفناء عن مراد السوى، وبعضهم يعني به الفناء عن شهود السوى، وبعضهم يعني به الفناء عن وجود السوى.
فالأول معنى صحيح، والثاني معنى بدعي قد يعذر مقارفه، والثالث معنى كفري يقول به ابن عربي وابن سبعين وأضرابهم من ملاحدة الصوفية كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم.
وأخيراً فإن الذين يعبدون القبور اليوم فيذبحون لها، ويدعون أصحابها، وينذرون ويحجون قاتلهم الله أنى يؤفكون، ففيهم من الصوفية المتأخرين أصحاب التصوف البدعي أو الكفري فئام، وفيهم من الرافضة جملة، وفيهم من أرباب الفرق الكفرية الباطنية كالبهائية والقاديانية ونحوها أعداد، وفيهم من مذاهب الضلال غير هؤلاء، وفيهم نفر من الجهلة العوام غير المنتسبين إلى أي من تلك الفرق كلها.
إلاّ أن ما يقطع به أنه ليس فيهم من أتباع المتصوفة الأوائل أرباب التصوف الصحيح أحد، فإن هذا خلاف المنقول عنهم ولاسيما الجنيد بن محمد سيد الطائفة العارف بالله عليه رحمة الله، والله أعلم.
ـ[حنبل]ــــــــ[25 - 08 - 05, 06:41 ص]ـ
بل هناك راي آخر هو اقرب إلى الصواب عندي يرى ضلال هذه الطبقة و انها كانت تستعمل التقية مع اهل السنة لذلك احسن بعض علماء اهل السنة الاجلاء رحمهم الله بهؤلاء المتصوفة.
و قد حدث نقاش بيني و بين الاخ حارث الهمام و هو له من الفضل ما له نحسبه كذلك و الله حسيبه و لا نزكي على الله احدا و قد استفدت في لمحاورتي له جدا وانا الفقير من العلوم و انقطع الحوار بسبب حدوث خلل في المنتدى فوجدت هذه فرصة ملائمة لمتابعة الحوار.
مما قلته له في ذلك الوقت و انقطع الحديث عنده
و المتعمق فى دراسة الصوفية يلحظ شئ مهم هو.
1 - هنالك سر غريب يتواصون بكتمانه من غير أهلة.
2 - أهل هذا السر هم الصوفية
3 - هذا السر هو كفر و زندقة، يقتل من يبوح به على أنه مرتد عن الاسلام.
4 - يقسمون المجتمع الاسلامي إلى صنفين: أهل الشريعة و يسمونهم اهل الوظاهر أو أهل الرسوم أو أهل الاوراق أو العامة و أهل الحقيقة و هم الصوفية
5 - يتواصون دائما و فى كل زمان و مكان أن يظهرو لاهل الشريعة ما يوافقهم من الاحكام الإسلامية، و أن يكتمو عنهم ذلك السر ئلا تباح دماؤهم، و عندما يعبرون عنه يعبرون عن هذا السر بالالغاز و الرمز و الإشارة و العبارة المنمقة.
6 - لا يعرف هذا السر إلا بالذوق، أي يذوقه الانسان بنفسه.
7 - فى العادة يرمزون إلى الذات الإلاهية بأسماء مؤنثة مثل ليى و بثينة و غيرها.
و بما أن خلافنا اشده حول الجنيد كما ذكرت فهاك من كلامه ما يؤكد ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/395)
قال الجنيد للشبلي: نحن حبرنا هذا العلم تحبيرا، ثم خبأناه فى السراديب، فجئت أنت فأظهرته على رؤوس الملإ فقال: أنا أقول و أنا اسمع، فهل فى الدارين غيري. و من المعلوم ان الشبلي كان على مذهب الحلاج الذى اجمع الفقهاء على كفره التعرف لمذهب أهل التصوف للكلاباذي باب 65 ص 145
و انظر إلى قول الجنيد إنه يخبر عن علم حبره هو تحبيرا (أي وضع قواعدة و أصوله) ثم خبأه فى السراديب فما هو هذا العلم المخبأ؟! و لم خبأه فى السراديب؟!
و يقول الجنيد أيضا، مجيبا على رسالة أرسلها له أبوبكر الشبلي:
يا أبا بكر الله الله فى الخلق، كنا نأخذ الكلمة فننشقها، و نقرظها، و نتكلم بها السراديب، و قد جئت أنت فخلعت العذار بينك و بين أكابر الخلق ألف طبقة و فى أول طبقة يذهب ما وصفت. اللمع ص 306 التعرف للكلاباذي ص 111
و من تمرس على أساليب الصوفية و ألفاظهم علم ان معنى قول الجنيد يذهب ما وصفت هو القتل.
و يقول الجنيد ايضا: لا يكون الصديق صديقا حتى يشهد له فى حق سبعون صديقا أنه زنديق هم يشهدون على ظاهرة، مما ظهر من حاله، لان الصديق يعطى الظاهر حكم الظاهر و يعطي الباطن حكم الباطن، فلا يلبسون بالبطن على الظاهر و لا بالظهر على الباطن فهم يشهدون أنه زنديق ظاهرا، كما يعلمون أنه صديق باطنا لتحققهم بذلك فى نفوسهم. المناظر الإلاهية ص 44 و كشف الحجاب ص 373
و قال ايضا ((أهل الأنس يقولون فى كلامهم و مناجاتهم فى خلواتهم أشياء هى كفر عند العامة)) إحياء علوم الدين 4/ 292
كما روى ذلك أبو طالب المكي فى قوت القولب 2/ 77 حيث قال
و قال الجنيد ((و هؤلاء – اى المتصوفة – هم المدلون على الله تبارك و تعالى و المستأنسون بالله تعالى، هم جلساء الله تعالى، قد رفع الحشمة بينه و بينهم. و زالت الوحشة بينهم و بينه، فهم يتكلمون أشياء هى عند العامة كفر بالله تعالى، لما قد علموا أن الله تعالى يحبهم و أن لهم عند الله جاها و منزلة ثم قال عن بعض العلماء: أما أهل الانس بالله تعالى فليس إلى معرفتهم سبيل)) ... ثم قال هذا من كلام الجنيد و نحو معناه، حدثني به الخاقاني المقري، لولا أنا روينا عنه ما ذكرناه، ما كنا نشرح حال هؤلاء إشفاقا على الالباب.
و للجنيد ابياتا يشير بها إلى أسرار أحوال العارفين و أن ذلك لا يجوز إظهاره.
سرت بإناس فى الغيوب قلوبهم فحلو بقرب الماجد المتفضل
عراصا بقرب الله فى ظل قدسه تجول بها أرواحهم و تنقل
موارهم فيها على العز و النهى و مصدرهم فيها لما هو أكمل
تروح بعز مفرد من صفاته و ما كتمه أولى لدين و أعدل
سأكتم من علمي به ما يصونه و أبذل منه ما أرى الحق يبذل
و أعطي عباد منه حقوقهم و أمنع منه ما أرى المنع يفضل
على أن للرحمن سرا يصونه إلى أهله فى السر و الصون أجمل.
إحياء علوم الدين 4/ 288
فهل اجد عندكم ردا على هذه الاقوال مع العلم ان هذا غيض من فيض و قد وجدت كتابا لاحد المتصوفة
اسمه الجنيد بن محمد
- سيد الطائفة -
حياته وآثاره وطريقته الجنيدية
تأليف الأستاذ الدكتور
شوقي بشير عبدالمجيد
نقل فيه عشرات العشرات لاقوال اقل ما يقال عنها انها طوام وراح يعتذر لها بعض اعذاره فيها مقبول و البعض الاخر تلتيق في تلتيق.
الذي اريد ان اقوله ان كثرة هذه الاقوال و بعضها بسند متصل كما عند ابو طالب المكي في قوت القلوب يؤكد ان في الامر شئ و ما قصة اتهام الجنيد بالزندقة اكثر من مرة بخافية عنكم.
ـ[أبو حذيفة الحنبلىّ]ــــــــ[25 - 08 - 05, 07:46 ص]ـ
لا مشاحة فى الاصطلاح ..... سميتم التقلل من الدنيا زهدا سميتموه سنّة حقيقته هى التقشف من الدنيا و الزهد
يقول شيخ الاسلام ابن تيميّة رحمه الله و هو يتكلم عن أهل الحديث
(ففقهاء الحديث أخبر بالرسول من فقهاء غيرهم , و صوفيتهم أتبع للرسول من صوفية غيرهم) مجموع الفتاوى ج4 ص (91 - 95)
ـ[حنبل]ــــــــ[25 - 08 - 05, 02:56 م]ـ
هل يوجد شئ اسمه تصوف سني؟؟؟؟؟
ابن الجوزي يرد على السؤال ....................
http://www.sd-sunnah.com/vb/showthread.php?t=1586
ـ[حنبل]ــــــــ[25 - 08 - 05, 02:58 م]ـ
رائ بن الجوزي في الطبقة الاولى من المتصوفة.
صحيح الاخبار فى الرد على زعم الصوفية ان طبقتهم الاولى طبقة الاخيار
http://www.sd-sunnah.com/vb/showthread.php?t=1040
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/396)
ـ[عبدالباري]ــــــــ[26 - 08 - 05, 01:08 ص]ـ
الحمدلله و بعد،
أعلم أن مقالة الأخ حنبل قديمة، قبل نحو العام، و لكنني لاحظت خطأ وقع في أثناء تقرير الأخ الفاضل، و هو خطأ عرضي، لا يتعلق بأصل موضوع اعتبار غلاة الصوفية مشركين و عبادا للقبور، و هذا بيانه:
قال الأخ حنبل في تعليقه على قوله تعالى: ((و الذين تدعون من دون الله لا يخلقون شيئا و هم يخلقون. اموات غير احياء. و ما يشعرون إيان يبعثون)): "و الاهم من ذلك إن اموات غير احياء لا يصح إضافتها إلى الاحجار التى صنع منها الصنم إذ هى جماد لا يصح وصفة بالحياة و لا بالموت فلم يبق إلا أن الكلام متعلق بالصالحين الذين نحتت الاصنام على صورهم ... " اهـ.
ليقارن هذا، بتقرير شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في التدمرية أثناء رده على المتكلمين:
"يلزمكم أن تكون الجامدات لا توصف بأنها لاحية ولا ميتة ولا ناطقة ولا صامته وهو قولكم - لكن هذا اصطلاح محض - والا تصفوا هذا الجمادات بالموت والصمت، وقد جاء القرآن بذلك قال تعالى: {والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون * أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون} فهذا في (الأصنام) وهي من الجمادات وقد وصفت بالموت، والعرب تقسم الأرض الى الحيوان والموتان.
قال أهل اللغة: الموتان بالتحريك خلاف الحيوان يقال اشتر الموتان والا تشتر الحيوان أي اشتر الأرض والدور ولا تشتر الرقيق والدواب، وقالوا أيضا: الموات ما لا روح فيه فإن قيل: فهذا يسمى مواتا باعتبار قبوله (للحياة) التي في إحياء الأرض: قيل وهذا يقتضي أن الحياة أعم من حياة الحيوان وأن الجماد يوصف بالحياة إذا كان قابلا للزرع والعمارة.
والخرس ضد النطق والعرب تقول (لبن أخرس) إي خائر لا صوت له في الإناء (وسحابة خرساء) ليس فيها رعد ولا برق (وعلم أخرس) إذا لم يسمع له في الحبل صوت صدى ويقال (كتيبة خرساء) قال أبو عبيدة: هي صمتت من كثرة الدروع ليس لها فقاقع .... " اهـ.
و الله أعلم.
ـ[حارث همام]ــــــــ[27 - 08 - 05, 06:44 م]ـ
أولاً:
أنبه هنا الأخوة إلى أهمية الإنصاف، ولهذا سطرت الرد ابتداء على تعقيب (أهل الحديث) فإن تعميم بعض المشايخ وطلاب العلم يثمر مثل هذه النتيجة من الفهم والتي تبناها الأخ حنبل وفقه الله.
ثانياً:
الأخ حنبل -وفقه الله- لنفترض أن معاشر المتأخرين وقفوا على ما لم يقف عليه شيخ الإسلام ولا غيره ممن أثنوا عليهم من علماء الإسلام.
وأذكرك بشيء مما نقلته لك قديماً:
"
- قال محمد بن عبيد الله المنادي: كان الجنيد بن محمد بن الجنيد قد سمع الحديث الكثير من الشيوخ وشاهد الصالحين وأهل المعرفة ورزق من الذكاء وصواب الجوابات في فنون العلم ما لم ير في زمانه مثله ثم أحد من قرنائه ولا ممن أرفع سنا منه ممن كان ينسب منهم الى العلم الباطن والعلم الظاهر في عفاف وعزوف عن الدنيا وأبنائها لقد قيل لي إنه قال ذات يوم كنت أفتي في حلقة أبي الفقيه ولي عشرون سنة (تاريخ بغداد 7/ 242).
- وقال جعفر بن محمد الخلدي: لم نر في شيوخنا من اجتمع له علم أبي القاسم الجنيد والا فأكثرهم كان يكون لأحدهم علم كثير ولا يكون له حال وآخر يكون له حال كثير وعلم يسير وأبو القاسم الجنيد كانت له حال خطيرة وعلم غزير فإذا رأيت حاله رجحته على علمه وإذا رأيت علمه رجحته على حاله (تاريخ بغداد 7/ 244).
- قال عنه أبونعيم في الحلية: " ومنهم المربي بفنون العلم المؤيد بعيون الحلم المنور بخالص الإيقان وثابت الإيمان العالم بمودع الكتاب والعامل بحلم الخطاب الموافق فيه للبيان والصواب أبو القاسم الجنيد بن محمد الجنيد كان كلامه بالنصوص مربوطا وبيانه بالأدلة مبسوطا فاق أشكاله بالبيان الشافي واعتناقه للمنهج الكافي ولزومه للعمل الوافي" (10/ 255).
- وقال عنه الذهبي: " الإمام القدوة المحدث أبو القاسم القايني نزيل هراة وشيخ الصوفية" (السير 20/ 272).
- وقال ابن النجار كان فقيها فاضلا محدثا صدوقا موصوفا بالعبادة تفقه على أبي المظفر وحصل الأصول وسمع بقاين من الحسن ابن إسحاق التوني روى عنه ابن ناصر وابن عساكر ... (السابق).
- وقد ترجم له ابن مفلح في المقصد الأرشد ولم يذكره إلاّ بخير.
- قال عنه السمعاني في التجبير ص167: " كان اماما فاضلا متقنا ورعا عالما عاملا بعلمه كثير العبادة دائم التجهد والتلاوة تفقه على جدي الإمام أبي المظفر السمعاني على أبي الفرج عبد الرحمن بن أحمد الزاز السرخسي وغيرهما وشيخه في التصوف عبد العزيز بن عبد الله القايني وكان شيخ الصوفية"، وقد ذكر جمهرة من شيوخه الذين أخذ عنهم فلينظرها طالبها.
- قال عنه ابن كثير [ترجمته في تاريخه البداية والنهاية 11/]: "ففتح عليه من العلم النافع والعمل الصالح بأمور لم تحصل لغيره في زمانه وكان يعرف سائر فنون العلم وإذا أخذ فيها لم يكن له فيها وقفة ولا كبوة حتى كان يقول في المسألة الواحدة وجوها كثيرة لم تخطر للعلماء ببال وكذلك في التصوف وغيره".
- وقال أيضاً: " والصحيح أنه كان على مذهب سفيان الثوري وطريقه والله أعلم".
وثناء شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم عليه أكثر من أن يذكر وهو معروف فشهرته تغني عن حكايته".
ومع ذلك لا مانع من أن نتحاور حول ماذكرت فهات الإسناد الذي بنيت عليه حكمك مخالفاً لؤلئك الأئمة ومخالفاً للشيخ ابن إبراهيم وللشيخ ابن جبرين وللشيخ عبدالعزيز الراجحي وغيرهم من علماء الأمة المعاصرين. وهبك أثبت الزندقة على الجنيد وهيهات هيهات! هل تستطيع أن تثبتها على طبقته من المتقدمين!! إذا لا فكيف تعمم الحكم يرحمك الله؟!
وبسم الله نبدأ:
1 - هات سند ما نسبته للجنيد واحكم عليه، وإلاّ فاعلم أنه لاينفعك عند الله أن تقول وجدت الناس يقولون شيئاً فقلته!
2 - زعمت أنه من المعلوم أن الشبيلي كان على مذهب الحلاج وأن الفقهاء قد أجمعوا على كفره. أثبت الدعوى وأثبت الإجماع.
3 - أما ما نقلته عن الغزالي وأمثالهم من المتأخرين فخارج موضوعنا، فإذا انتهينا من المتقدمين يمكن أن نتحدث عن الحكم على أبي حامد وأمثاله، وعلى المتأخرين كذلك.
وفقكم الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/397)
ـ[حنبل]ــــــــ[28 - 08 - 05, 10:56 م]ـ
الاخ الغالي الحبيب إلى النفس الحارث الهمام.
احس في كلامك نبرة غضب و شدة لم نعهدها منك مع اهل البدع فهلا اخي النت جانبك لاخوانك وصبرت قليلا على من احبوك حتى وإن خالفوك فيما تسلم به انه الحق و هم لا يرون ذلك.
اخي انا لم اخالف هؤلاء الائمة و العلماء عن هوى و لا عن اقوال المتأخرين فقط كما تدعي رغم ان فيهم علماء اجلاء لا يقلون قدرا عن الذين سقت أقوالهم مستدلا بها، و لكني متبع لاقوال علماء أجلاء هم من أعلام اهل السنة عاشرو هذه الطبقات و حكمو عليها بالبدعة و الزندقة فهل يا ترى هؤلاء كانو ينقصهم الانصاف الذي تنادي!!!! به و الذي اراه تهاون في حق المتصوفة لا يستحقونه فقد كانو على اقل الاحوال البوابة التي ولج منها الذين اجمع العلماء على زندقتهم كما ذكر الاخ اهل الحديث.
و اليك أقوال بعض من حكمت عليهم بعدم الانصاف في هؤلاء ...................
أولا: عدم انصاف الامام مالك للصوفية
الإمام مالك بن أنس: يتسأل عن الصوفية امسلمين هم؟؟!!
روى الإمام ابن الجوزي في كتابه تلبيس إبليس صفحة: (392) عن عبد الملك بن زياد النصيبي قال: كنا عند مالك فذكرت له صوفيين في بلادنا، فقلت له: يلبسون فواخر ثياب اليمن، ويفعلون كذا. قال: ويحك ومسلمين هم.!؟ قال: فضحك حتى استلقى. قال فقال لي بعض جلسائه: يا هذا ما رأينا أعظم فتنة على هذا الشيخ منك ما رأيناه ضاحكا قط.
ورواها القاضي عياض رحمه الله في كتابه "ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك" (2ـ54) عن عبد الله بن يوسف التنيسي، وكان أحد الحاضرين لهذه القصة، وهو من مشاهير أصحاب الإمام مالك.
قال التنيسي: كنا عند مالك وأصحابه حوله فقال رجل من أهل نصيبين: يا أبا عبد الله عندنا قوم يقال لهم الصوفية يأكلون كثيراً ثم يأخذون في القصائد ثم يقومون فيرقصون.
فقال مالك: أصبيان هم? قال: لا.
قال: أمجانين? قال: لا، قوم مشائخ وغير ذلك عقلاًء.
قال مالك: ما سمعت أن أحداً من أهل الإسلام يفعل هذا.
قال الرجل: بل يأكلون ثم يقومون فيرقصون نوائب ويلطم بعضهم رأسه وبعضهم وجهه. فضحك مالك ثم قام فدخل منزله.
فقال أصحاب مالك للرجل: لقد كنت يا هذا مشؤوماً على صاحبنا، لقد جالسناه نيفاً وثلاثين سنة فما رأيناه ضحك إلا في هذا اليوم.
فهل يا ترى كلام الامام مالك كان عن الطبقات الاولى للصوفية ام عن المتأخرين!!!!!.
عدم انصاف الامام الشافعي!!!!
قال الإمام الشافعي رحمه الله:
"تركت بالعراق شيئاً يقال له (التغبير)،أحدثه الزنادقة، ويصدُّون الناس عن القرآن" روى ذلك الخلال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 36،وأبو نعيم في الحلية 9/ 146،وابن الجوزي 244 - 249) وقال الألباني إسناده صحيح، وكذلك ابن القيم في الإغاثة (1/ 229).
روى البيهقي في مناقب الشافعي (2 ـ208) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا محمد جعفر بن محمد بن الحارث يقول: سمعت أبا عبد الله: الحسين بن محمد بن بحر يقول: سمعت يونس بن عبد الله الأعلى يقول: سمعت الشافعي يقول: لو أن رجلاً تصوَّف من أول النهار لم يأت عليه الظهر إلا وجدته أحمق.
أخبرنا محمد بن عبد الله قال: سمعت أبا زرعة الرازي يقول: سمعت أحمد بن محمد بن السندي يقول: سمعت الرَّبيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي يقول: ما رأيت صوفياً عاقلاً قط إلا مسلم الخوَّاص.
أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: سمعت أبا عبد الله الرازي يقول: سمعت إبراهيم بن المولد يحكي عن الشافعي أنه قال: لا يكون الصوفي صوفياً حتى يكون فيه أربع خصال كسول أكول نئوم كثير الفضول.
وروى ابن الجوزي (تلبيس إبليس صفحة: 371) عن الشافعي قوله: "ما لزم أحد الصوفيين أربعين يوماً فعاد عقله أبداً.
فهل يا ترى هذا الزندقة و هذه الكلمات الصعبة التي رمى بها هذا الامام صوفية بغداد كانت عن الطبقات الاولى ام المتأخرة؟؟؟
عدم انصاف الامام احمد!!!!!!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/398)
يقول ابن رجب الحنبلي –رحمه الله تعالى-: " ذكر طائفة من أصحابنا أنَّ الكشف ليس بطريق للأحكام، وأخذه القاضي أبو يعلى من كلام أحمد في ذمِّ المتكلِّمين في الوساوس والخطرات .... وإنما ذمَّ أحمدُ وغيره المتكلمين على الوساوس والخطرات من الصوفية حيث كان كلامُهم في ذلك لا يستند إلى دليل شرعيٍّ؛ بل إلى مجرد رأي وذوقٍ "
جامع العلوم والحكم (ص 482)
قال الخلال: أخبرنا إسماعيل بن إسحاق الثقفي أن أبا عبدالله سئل عن سماع القصائد. فقال: أكرهه.
وقال أيضاً أخبرني محمد بن موسى، قال: سمعت عبدان الحذاء، قال سمعت عبدالرحمن المتطبب، قال سألت أحمد بن حنبل، قلت: ما تقول في أهل القصائد؟ قال: بدعة لا يجالسون "
المسائل والرسائل (2/ 276)
وسئل عنه أحمد؟ فقال: "بدعة"، وفي رواية: "فكرهه ونهى عن استماعه" وقال: "إذا رأيت إنساناً منهم في طريق فخذ في طريق أُخرى"
رواه الخلال أيضاً من طريق عنه والزيادة من مسألة السماع ص (124) نقلاً عن تحريم الآلات الطرب للألباني.
قال شيخ الإسلام:
" أن الإمام أحمد ذكر له عن السرى السقطى أنه ذُكر عن بكر بن حبيش العابد أنه قال: لما خلق الله الحروف سجدت له، إلا الألف، فقالت: لا أسجد حتى أُومر. فقال أحمد: هذا كفر"
الاستقامة لابن تيمية (1/ 201)
" ثم إن هذه الحكاية المعروفة عن السرى لما بلغت الإمام أحمد أنكرها غاية الإنكار، حتى توقَّف عن مدح السرى، مع ما كان يذكر من فضله وورعه، ونهى عن أن يذكر عنه مدحه حتى يظهر خطأه في ذلك"
الاستقامة (1/ 205)
وقال علي بن أبي خالد: قلت لأحمد بن حنبل –رحمه الله-: إن هذا الشيخ –لشيخ حضر معنا- هو جاري، وقد نهيته عن رجل، ويحب أن يسمع قولك فيه: حارث القصير –يعني حارثاً المحاسبي- وكنت رأيتني معه منذ سنين كثيرة، فقلت لي: لا تجالسه، فما تقول فيه؟:
فرأيت أحمد قد احمرّ لونه، وانتفخت أوداجه وعيناه، وما رأيته هكذا قط، ثم جعل ينتفض، ويقول: " ذاك؟ فعل الله به وفعل، ليس يعرف ذاك إلا من خَبَره وعرفه، أوّيه، أوّيه، أوّيه،ذاك لا يعرفه إلا من قد خبره وعرفه، ذاك جالسه المغازلي ويعقوب وفلان، فأخرجهم إلى رأي جهم، هلكوا بسببه.
فقال له: يا أبا عبدالله يروي الحديث، ساكنٌ خاشعٌ، من قصته ومن قصته؟
فغضب أبو عبدالله، وجعل يقول: لا يغرّك خشوعه ولِينه، ويقول: لا تغتر بتنكيس رأسه، فإنه رجل سوء ذاك لا يعرفه إلا من خبره، لا تكلمه، ولا كرامة له، كل من حدّث بأجاديثِ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وكان مبتدعاً تجلس إليه؟! لا، ولا كرامة ولا نُعْمَى عين، وجعل يقول: ذاك، ذاك "
طبقات الحنابلة (1/ 234)
فهل يا ترى كلام الامام احمد كان منصبا في هذه الطبقات الاولى ام المتأخرة ام ان الحارث المحاسبي و السري السقطي هما من المتأخرين؟.
عدم انصاف ابو سعيد عبدالرحمن بن مهدي
قال الخلال أخبرني أبو بكر احمد بن محمد بن عبد الله بن صدقة ثنا اسحق بن داود بن صبيح قال قلت لعبد الرحمن بن مهدي يا أبا سعيد إن ببلدنا قوما من هؤلاء الصوفية فقال لا تقرب هؤلاء فانا قد رأينا من هؤلاء قوما أخرجهم الأمر إلى الجنون وبعضهم أخرجهم إلى الزندقة
فهل يا ترى هذا الكلام في الطبقات الاولى ام في غيرها؟؟
عدم انصاف الإمام أبو زرعة الرازي!!!
قال البرذعي: سئل أبو زرعة عن المحاسبي وكتبه، فقال للسائل: إياك وهذه الكتب، هذه كتب بدع وضلالات، عليك بالأثر فإنك تجد فيه ما يغنيك عن هذه الكتب. قيل له: في هذه الكتب عبرة، فقال: من لم يكن له في كتاب الله عبرة فليس له في هذه عبرة، بلغكم أن مالك بن أنس أو سفيان الثوري أو الأوزاعي أو الأئمة صنفوا كتباً في الخطرات والوساوس وهذه الأشياء، هؤلاء قوم قد خالفوا أهل العلم ....... ثم قال: ما أسرع الناس إلى البدع.
"تهذيب التهذيب" (2ـ135)
قال الذهبي مُعلقاً على كلام أبي زرعة في ميزان الاعتدال (1ـ431):
((وأين مثل الحارث؟ فكيف لو رأى أبو زرعة تصانيف المتأخرين كالقوت لأبي طالب، وأين مثل القوت! كيف لو رأى بهجة الأسرار لابن جهضم، وحقائق التفسير للسلمي لطار لُبُّه.
كيف لو رأى تصانيف أبي حامد الطوسي في ذلك على كثرة ما في الإحياء من الموضوعات؟!! (يعني كتاب أبو حامد الغزالي الطوسي الإحياء)
كيف لو رأى الغنية للشيخ عبد القادر! كيف لو رأى فصوص الحكم والفتوحات المكية؟!
بلى لما كان لسان الحارث لسان القوم في ذلك العصر كان معاصره ألف إمام في الحديث، فيهم مثل أحمد بن حنبل وابن راهويه، ولما صار أئمة الحديث مثل ابن الدخميس، وابن حانه كان قطب العارفين كصاحب الفصوص وابن سفيان. نسأل الله العفو والمسامحة آمين.))
فعن اي طبقه تكلم الامام هل عن الطبقات الاولى ام المتأخرة؟؟؟
و الان اخي هل كلام هؤلاء الائمة في الطبقات الاولىللصوفية التي تدعي انهم من اهل السنة معتبر عندك أم لا زلت ترى انهم ليسو اهلا للانصاف؟؟.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/399)
ـ[حنبل]ــــــــ[01 - 09 - 05, 06:19 ص]ـ
لا زلت انتظر رد شيخنا عسى المانع خير .................
ـ[حارث همام]ــــــــ[01 - 09 - 05, 12:15 م]ـ
الأخ المفضال ..
- بدءاً أعتذر عن أي كلمة فهمت منها إساءة لشخصكم الكريم أو قسوة في الرد عليكم، وما سطرت ما سلف إلاّ بقصد محض النصح لأخ عزيز مثلك، وإلاّ فأنت تعلم بأني لست في عير القوم ولا نفيرهم. بل أنا وأنت نجتمع -إن شاء الله-في معسكر واحد وهو معسكر أهل السنة وسلف الأمة قائدنا هو محمد صلى الله عليه وسلم. أبرأ كما تتبرأ من كل قول محدث في الدين، ومن كل اعتقاد خالف اعتقاد السلف الصالحين.
وإن افترقنا في اختيار الطريق الدعوة الموصل إلى هداية بعض من ضل إلى الهدى، مع اختلفنا في الحكم على أمة أبيت إلاّ تضليلها والحكم عليها بالزندقة خلافاً للأئمة المعاصرين والمتقدمين كما سوف يأتي بيانه.
وما دفعني لكتابة هذا إلاّ الحرص على أن تتبعوا منهج أهل السنة والجماعة القائم على العدل والإنصاف، والحياد عن العدل والإنصاف حياد عن منهج أهل السنة وأربأ بك أن تقع فيه.
فأسأل الله أن يجعلني وإياك من الهداة المهتدين غير الضالين ولا المضلين، الذين يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنور الله أهل العمى.
وإن كنت تركت شيئاً من التلطف معكم في الرد السابق فللاستعجال ولقول الأول:
إذا صفت المودة بين قوم * ودام ولاؤهم سَمُج الثناء
وبعد أخي الكريم:
أولاً:
كنت أرجو أن لا تنتقل من الموضوع الأول فقد فتحت موضوع حال الجنيد –سيد الطائفة- عليه رحمة الله، ولم نكمله فلم الانتقال عنه وفقكم الله؟ ولم تجاهل الأسئلة التي طرحت فيه؟
هل أفهم من ذلك تسليمكم بأن ما نقله أبو طالب وما حكاه غيره أقوال كأقوال كثير منهم ليس لها خطام أو زمام؟ وعليه لايصلح الحكم على إنسان بالبدعة فضلاً عن الزندقة بها؟ أم أنكم تستطيعون إثباتها؟ أو تجهلون حالها؟ أرجو عدم تجاهل هذه الأسئلة أيضاً.
ثانياً: أخي الكريم: لئن كان أقوام من جهلة الصوفية قد بنو أعمالهم على أمور لاتثبت فأخشى أن تكون ممن بنو أحكامهم على أمور لاتثبت. وهذا باب خطر عليك عظيم، فمن قال لأخيه ياكافر فقد باء بها أحدهما، ومن هذا الضرب الرمي بالزندقة أو القبورية ونحوها من الكفريات ولاسيما أن الكلام في معينين.
فهل تجاوزت –يرحمك الله- أول مبدء ينبغي أن يسلك قبل الحكم على شخص أو طائفة ألا وهو التثبت من ما تكتبه من نقول؟
علماً بأن هذا وحده لايكفي في الحكم على شخص فضلاً عن طائفة، ولعلي أشير لاحقاً إلى ما ذكره العلامة المعلمي في هذا الصدد فقد بين أن هناك عشرة مسائل –على الأقل- ينبغي أن تراعى وتسلك قبل الحكم.
والذي يظهر لي بجلاء: أنك لم تحقق المبدأ الأول. اللهم إلاّ إن كان فيما نقل عن الشافعي في مسألة التغبيير.
ولم تتجاوز العشر في أي نقل منها. ودعني من تفصيل ذلك إلى أن ننتهي من المسألة التي بدأت أولاً أعني الجنيد وحاله.
وأخبرك أيها العزيز أنه بإمكاني هنا أن أدخل سوق المتردية والنطيحة من الأقوال وأنقل لك ما قيل عن الأئمة الذين ذكرتهم في مقابل ما نقلت عنهم وهو كثير ولعلك تعرفه.
ولكني أكتفي بنقل الصحيح عنهم –إن شاء الله- في مقابل ما ذكرته وذلك يأتي في حينه.
وأقدم بذكر الخلاصة إلى أن يحين نقاش ما نقلتم أولاً ولم يتم الكلام فيه بعد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وكذلك ما يروى من أنهم تواجدوا، وأنهم مزقوا الخرقة، ونحو ذلك، كل ذلك كذب، لم يكن في القرون الثلاثة، لا بالحجاز ولا بالشام ولا باليمن ولا بالعراق ولا خراسان من يجتمع على هذا السماع المحدث". ثم ذكر التغبير الذي نشأ في أواخر القرن الثاني وكلام الإمام الشافعي فيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/400)
وقال أيضاً: "والأئمة المشائخ الكبار لم يحضروا هذا السماع المحدث، مثل الفضيل بن عياض، وإبراهيم بن أدهم، وأبي سليمان الداراني، ومعروف الكرخي، والسري السقطي، وأمثالهم. ولا أكابر الشيوخ المتأخرين: مثل الشيخ عبد القادر، والشيخ عدي، والشيخ أبي مدين، والشيخ أبي البيان، والشيخ أبي القاسم الحوفي، والشيخ علي بن وهب، والشيخ حياة، وأمثالهم. وطائفة من الشيوخ حضروه ثم رجعوا عنه. وسئل الجنيد عنه فقال: من تكلف السماع فتن به، ومن صادفه السماع استراح به، فبين الجنيد أن قاصد هذا السماع صار مفتوناً، وأما من سمع ما يناسبه بغير قصد فلا بأس.
فإن النهي إنما يتوجه إلى الاستماع دون السماع. ولهذا لو مر الرجل بقوم يتكلمون بكلام محرم لم يجب عليه سد أذنيه؛ لكن ليس له أن يستمع من غير حاجة، ولهذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلَّم ابن عمر بسد أذنيه لما سمع زمارة الراعي؛ لأنه لم يكن مستمعاً بل سامعاً.
وقول السائل وغيره: هل هو حلال؟ أو حرام؟ لفظ مجمل فيه تلبيس. يشتبه الحكم فيه، حتى لا يحسن كثير من المفتين تحرير الجواب فيه؛ وذلك أن الكلام في السماع وغيره من الأفعال على ضربين ... "إلخ. أهـ المراد من الفتاوى.
ولعل المقام ليس لتفصيل هذا أو ذكر من أجاز السماع من أئمة السلف في مقابل قول الإمام الشافعي، وليس مقام ترجيح رأي في هذا المجال، إن كنت أكره حتى ما يسمى بالأناشيد الإسلامية ولا أرى أن يصرف طالب العلم وقته بسماعها.
ولكن المقصود بأن السماع أول ما ظهر أنكره أئمتهم المتقدمين، ولم يحضروه فقد ذكر شيخ الإسلام أيضاً في موضع آخر أن في كلام طائفة من هؤلاء النهي عنه. وذكر رجوع الجنيد عنه.
وذكروا عنه قوله: إذا رأيت المريد يُحب السماع فاعلم أن فيه بقية من البطالة. ونحوه مروي عن أبي حفص الحداد منهم.
أقول هذا على أن الصواب التفصيل في حكم التغبير وعدم صحة إطلاق البدعة عليه كما نص عليه الإمام أحمد واختاره شيخ الإسلام وسوف تأت الإشارة إلي كلام الإمام أحمد رحمه الله.
فكيف تحكم رحمك الله بقول الشافعي على من قال نفس قول الشافعي يرحمه الله من أئمة التصوف المتقدمين؟!
ثم إن قول الإمام الشافعي: "أحدثه الزنادقة" يشغلون به الناس ... تفريق بين المحدثين للسماع، وبين المنشغلين به، فكأنه نمى إلى علمه أن من أحدثه بعض الزنادقة فشغلوا به جهال المتصوفة وعامتهم وهم الناس فهم من يشهده ليس غيرهم في الغالب. وقد علمت أن كبار الطائفة المتقدمة وأئمتهم لم يكونوا يحضروه أصلاً فتعين أن الزنادقة غيرهم ولايعنيني تعينهم فالشافعي لم يعينهم عليه رحمة الله.
ومع ذلك أنا لا أنكر أن بعض الأئمة ولاسيما بعض أتباع الأربعة ذم الصوفية مطلقاً، كما أن فيهم من أثنى عليهم مطلقاً، ولا أخالفك في أن مالك ((حكي)) عنه شيء من ذم ((بعضهم))، وأن الشافعي أثر عنه ذمهم بما لايوجب تبديعاً أو حكماً شنيعاً على الطائفة المتقدمة، ولكن الذي يظهر لي أن ذمه متجه إلى طائفة من الجهلة التي كان ينكر أفعالها أئمة الصوفية أنفسهم، كشأن ذمهم جهلة عوام أهل السنة في أبواب أخرى. فعامة المتصوفة كعامة أهل السنة فيهم السابق بالخيرات وفيهم الظالم وفيهم المقتصد، ومن هؤلاء من يقع في البدعة بغير اجتهاد، ومنهم باجتهاد قد يكون مقبولاً وقد لايكون، كشأن أتباع المذاهب المعتبرة من عامة أهل السنة.
ولئن أثر ذم بعضهم فقد أثر كذلك مدح آخرين منهم ويبقى الحق ما دلت عليه السنة والحكم بغير حجة جور لايجوز وتعميمه من هذاالقبيل، ولعلك ترى ما عليه كثير من المتأخرين من تقليد مقيت في الأحكام الشرعية، وأنت لاتسوغه فكيف تسوغ الحكم على أشخاص اختلف فيهم بمحض التقليد؟
وقد ذكر شيخ الإسلام أن أهل العلم تكلموا في التصوف مدحاً وذماً فالاختلاف حاصل وإن لم يكن الاختلاف في التصوف المتقدم [القرن الثاني والثالث] يصل بحال إلى تكفير أهله جملة أو رمي عامتهم بالزندقة وربما أثر ذلك عن أفراد منهم ظلموا فيما رموا به أو لم يثبت عنهم ما اتهموا به.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/401)
ثم قال شيخ الإسلام بعد أن ذكر الاختلاف في التصوف: "والتحقيق فيه أنه مشتمل على الممدوح والمذموم كغيره من الطريق، وإن المذمم منه قد يكون اجتهاديا وقد لا يكون، وإنهم في ذلك بمنزلة الفقهاء في الرأي، فإنه قد ذم الرأي من العلماء والعباد طوائف كثيرة، و القاعدة التي قدمتها تجمع ذلك كله، وفى المتسمين بذلك من أولياء الله وصفوته وخيار عباده مالا يحصى عده، كما في أهل الرأي من أهل العلم والإيمان من لا يحصى عدده إلا الله والله سبحانه اعلم".
على أن النقول في ذم الصوفية المتقدمين بهذا الاسم عن الأئمة التي أشرت إليها سابقاً لاتثبت، وإن ثبت بعضها فليس بحجة لك وهذه إشارات سريعة كافية ببيان ما ذكر:
- فما نقلته عن مالك لايثبت عنه فإن النصيبي –وبالمناسبة هو واحد في الكتابين تصحف في ترتيب المدارك إلى المسيبي- لايعول عليه وخصوصاً عن مالك فمن قواه نص على أنه يغرب في مالك، وهناك من اتهمه بالوضع واطرحه مطلقاً. ثم إن ما أنكره مالك في هذه القصة أنكره غيره من متصوفة عصره ومن بعدهم من المستقيمين. [يمكن أن نتناقش في ثبوت هذا عنه بتفصيل بعد المسألة الأولى التي بدأت].
- أما الشافعي فكلامه في التغبير ثابت بنصه أو نحوه، وقد عرضت ما يكفي جواباً على استدلالك به فإن كثيراً من أئمة التصوف المتقدمين ومن معاصريه لم يقعوا فيه بل حذر بعضهم منه. وعليه فإن الزنادقة الذين عناهم ليس فيهم من سمي لك، وأنت تقول الصوفية متقدمهم ومتأخرهم زنديق، والشافعي يقول من أحدث التغبير زنديق، وقد تبين أنه لم يحدثه أئمتهم المتقدمين والحمد الله. وقد خالف الإمام الشافعي في حكمه على التغبير غيره من الأئمة ولعله تأت الإشارة إليه. وأما الآثار الباقية فصحيحة غير أثر ابن المولد فهو مرسل بينه وبين الشافعي أكثر من قرن، وأثر ابن الجوزي لم يذكر سنده، وكل هذه الآثار لاتدل على ما ذهبت إليه من حكم على القوم بالقبورية والزندقة، ولاسيما متقدميهم، وكلام الشافعي يحمل على طوائف من الجهال، وليس فيه حتى تبديع لهؤلاء الجهال الذين فيهم المبتدع حقاً!
- وأما الإمام أحمد فذمه للتغبير وقوله إنه بدعة كان أولاً ثم كرهه ونهى أن يقال بدعة على خلاف سوف يأتي بيانه، مع أني لا أناقشك هل حدثت في متقدمي المتصوفة من الأئمة بدع أولا؟ ولكن محل النقاش هل أولئك قبورية؟ هل هم زنادقة؟ بل هل خرجوا من دائرة أهل السنة؟ وأما ذم الإمام أحمد لمن خالف الشرع أياً كان مذهبه ولو كان ابنه فهذا معروف عنه رحمه الله.
وأما التغبير فقد ثبت عنه قولاً آخر -بعد أن استمع للحارث المحاسبي ولآخرين- وهذا معروف في كتب الحنابلة، نقل ابن مفلح وغيره أنه كره التغبير ونهى عن استماعه وقال: بدعة ومحدث. ونقل أبو داود: لا يعجبني، ونقل يوسف: لا يستمعه، وقيل: هو بدعة؟ قال: حسبك. قال في المستوعب منع من اسم البدعة عليه ومن تحريمه، لأنه شعر ملحن كالحداء، والحدو للإبل ونحوه، واحتج قبل هذا بكراهة أحمد له على تحريم الغناء، ومن علم أنه إذا سمعه زال عقله حرم، وإن كان تارة وتارة لم يكره، ذكره في الفنون، ويتوجه: يكره، قال: والوعاظ المنشدون لغزل الأشعار وذكر العشاق كالمغني والنائح يجب تعزيرهم، لأنهم يهيجون الطباع. ونقل إبراهيم بن عبد الله القلانسي أن أحمد قال عن الصوفية: .. إلخ ما تعرفه.
وخبر رجوع الإمام أحمد عن القول بأن التغبير بإطلاق بدعة معروف، أشار إلى ما يثبته الخطيب البغدادي في ترجمة ابن الخبازة بسند صالح إن شاء الله، وكذلك ما نقل من خبر الحارث بسند صحيح إن شاء الله، فالأقرب أن الإمام مال إلى التفصيل فيه بعد.
- أما ما نقلته عن شيخ الإسلام في الشأن الذي دار بين الإمام أحمد وسري السقطي، فهذه القصة ذكرها يعقوب بن الحنبلي في كتاب الحروف وهو أحد تلاميذ أبي يعلى الفراء [بينه وبين الإمام مفاوز]، ولاندري –مع اشتهارها- ما سنده فيها فهل وقفت عليه؟ خاصة وأن شيخ الإسلام لم يجزم بها وذكرها فيما هو معروف يحكى. ثم كنت أتمنى أن تكمل النقل عن شيخ الإسلام لنتبين حكمه على سري وعلى موقف الإمام أحمد منه، قال شيخ الإسلام بعد أن ذكر ما نقلتم: "وهذا الكلام لم يقله بكر بن حبيش، والسري، ونحوه من العباد، إلا ليبينوا الفرق بين من لا يفعل إلا ما أمر به، ومن يعتمد بما لم يؤمر به من البدع، وهذا مقصود صحيح،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/402)
فإن العمل الصالح المقبول هو ما أمر الله به ورسوله دون شرع من الدين الذي لم يأذن به الله". فهل ترى أن هذا مقصوداً يشنع على قائله؟ إذا قلت نعم فشنع على الإمام أحمد إذاً!!
قال شيخ الإسلام بعدها (ص 203): "مع أن أحمد من أعظم الناس قولا لما قصده السري من الفرق بين المأمور وغير المأمور، وهو من أعظم الناس أمرا بالعمل المشروع ونهيا عن غير المشروع.
ثم حكاية السري لعله لم يرد بالحروف إلا المداد الذي تكتب به الحروف فسجدت. فإنه قال فسجدت له إلا الألف فقالت لا أسجد حتى أومر. وهذا إشارة إلى انتصاب الألف وانخفاض غيرها، وهذا صورة ما يكتب به من المداد. وأما الحروف التي أنزلها الله في كتابه فلا يختلف حكمها باختلاف ما يكتب به من صورة المداد، ولعل هذا أيضا هو الذي قصده في حكاية ابن عطاء إن كان لها أصل".
وبعد هذا كله فإن السري بعدها بين أنه لم يقلها ذاكراً بل آثراً أي لايريد بها ما قد يفهم منها من القول بخلق القرآن بل كان ذاهلاً عن هذا المعنى الذي أنكر عليه، وبهذا لم يبق وجه لذمه بذلك القول.
وأما كلامه في الحارث المحاسبي فقد كان لأجل ما سمي هنا من صحبة بعض الجهمية الذين خرجوا به لأقوال مبتدعة، غير أنه تاب منها، ولم يكن لأجل تنسكه وعبادته، وكنت قد كتبت لك رداً في هذا قديماً لم تجبه بما يذكر.
ولابأس أن أعيد مذاكرت ما كتبته بعد أن نفرغ مما بدأته من اتهام للجنيد بما لايثبت عنه فلنا عودة إلى تفاصيل كل هذا إن شاء الله.
-أما ما نقلته عن عبدالرحمن بن مهدي: فليتك نظرت في إسناده لتعلم أن الراوي عنه لاتقوم به حجة!! ومع ذلك فإني لا أخالفك في وجود مجانين منهم وفي وجود زنادقة، ولكن أئمتهم يتبرأون منهم ويرونهم دخلاء عليهم.
-أما كلام ابي زرعة ففي رجل معين، وليس في طائفتهم وسبق أن ذكرت لك أن ذلك الرجل وهو الحارث المحاسبي تكلم فيه حتى كبار أولئك كسري السقطي، وحذروا منه. على أن ذلك كله لتأثره بالمتكلمين رحمه الله وقد رجع عن ذلك والحمد لله، وتفصيله نعود إليه إن شاء الله بعد.
ولعل العرض السابق يظهر لك إن قمت لله متفكراً منصفاً أنه ليس في أحد من المتقدمين من حكم على أئمة المتصوفة المتقدمين بمثل حكمك؛ قبورية، زنادقة. عفا الله عنك وتداركك برحمته فإن هذا تكفير يكاد أن يكون صريحاً إذا أنزل على معين.
وبهذا يتضح شيء من تحقيق أكابر المشايخ المعاصرين الذين سميتهم لك ونقلت بعض كلامهم كابن إبراهيم وابن جبرين وبذلك يبين وجه قول الشيخ العلامة عبدالعزيز الراجحي عن الجنيد: "والظاهر أنه من الصوفية المعتدلين".وهو قول علماء الإسلام قبلهم.
- ونصيحتي لك أخي الحبيب قبل أن تحكم على شخص أو طائفة أن تتدبر كلام المعلمي -رحمه الله-الآتي، ولاسيما أن الكلام الذي يروى وينقل في طعن الأئمة على بعضهم أو طعن بعضهم على فضلاء دونهم، أو طعن من هم دونهم عليهم أكثر من أن يحصر، وقد قال الذهبي –لو لم تخني الذاكرة- لو شئت أن أكتب كراريس في مثل هذا لفعلت. هذا معنى كلامه رحمه الله وهذا الكلام المشار إليه بعضه بحق وأكثره بباطل، وما كان بحق فبعضه لقائليه عذر في قوله وبعضه ليس لهم عذر في قوله وهو خطأ وإن ثبت عنهم، وما كان لقائليه عذر في قوله فبعضه لمن قيل فيهم عذر له وبعضه ليس لمن قيل فيهم عذر. ومن لم يكن لهم عذر فيتعين على أمثالنا في بعضهم أحياناً التماس العذر ما أمكن، وفي أحياناً أخرى لا. ومن لم يستقم منهجه في الحكم على الرجال أو الطوائف أوشك أن يقع في الزلل.
وأنت تعلم أن أبو حنيفة أثر عن بعض السلف تكفيره وممن! من الحميدي وأضرابه من جبال العلم. والإمام مالك شهر به وجلد، وإمام السنة أحمد ابن حنبل رمي بالزندقة والكفر وسعي في ضرب عنقه، وشيخ المحدثين وأستاذ الأستاذين البخاري –رحمه الله- بدع وهجر وأخرج وتكلم فيه وفيمن تكلم من! شيخه الإمام محمد بن يحيى الذهلي، ومثله ابن حبان أخرج واتهم في دينه. وهذا في القرون المتوسطة كثير وحسبك أن ابن تيمية كفر، وسعى بعض كبار قضاة المذاهب في ضرب عنقه، ولايزال إلى اليوم كتاب الحصني يطبع، وأقوال العلاء البخاري تنشر، وكذا البقاعي وأضرابهم وابتلاء أصحابه وأتباعه كثير يعرفه كل مطلع على كتب التراجم. ومحن أهل الفضل والعلم على مر التاريخ كثيرة بل وفي الحاضر أيضاً، فابن سعدي أنكروا عليه مسألة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/403)
مشهورة وعقد له مجلس يعرفه المهتمين، وتلميذه العلامة ابن عثيمين قام عليه البعض في مسألة المعية حتى ألف بعض الأفاضل النقول الواضحة الجلية في الرد على كلامه –وهو الحق- وقد رماه فيه –الشيخ الكريم- بما لاينبغي أن يذكر، وأنت تجد في رد بعضهم على العلامة السلفي المحدث الألباني ذكر أمور لاتنبغي أيضاً وقد بدرت من أفاضل. وكذلك ما قيل في كثير من الدعاة وهذا كله مما لايحسن تفصيله بل ولا نشره.
وإذا كان الأمر كذلك فلابد أن يستقيم منهجنا في الحكم على الأشخاص، وإلاّ فإني قد رأيت أناساً ينسبون إلى العلم أو طلبه في أصقاع مختلفة من العالم ذهبوا إلى تكفير بعض من ذكرت لك ههنا أو تبديعهم ولست أدري أي قدمان تحمل أمثال هؤلاء إذا وقوفوا بين يدي الله خصوم مع أولئك!
- أخي الفاضل أختم كلامي هنا بما قرره العلامة عبدالرحمن المعلمي فهي بحق قواعد تكتب بماء الذهب في رده على الكوثري لما كتب تأنيب الخطيب، على ما ذكره من نقول في حق الإمام أبي حنيفة، فاتخذ الكوثري من ذلك –الدفاع عن أبي حنيفة- باباً للطعن في السنة ورجالاتها فأعمل جهده وبذل علمه لأجل تضعف الصحيح والحط على من حط على الإمام أبي حنيفة من ألأئمة.
فكان فيما ذكر المعلمي –وهو منهج ينبغي أن يسلكه من أقحم نفسه في الحكم على الأشخاص- قوله:
"ولا يلزم من تثبيتي ثقة رجل من رجال السند ثبوت ثقة غيره، بل الأمر أبعد من ذلك، فإن المقالة المسندة، إذا كان ظاهرها الذم أو ما يقتضيه لا يثبت الذم إلا باجتماع عشرة أمور:
الأول: أن يكون الرجل المعين الذي وقع في الإسناد ووقعت فيه المناقشة ثقة.
الثاني: أن يكون بقية رجال الإسناد كلهم ثقات.
الثالث: ظهور اتصال السند تقوم به الحجة.
الرابع: ظهور أنه ليس هناك علة خفية يتبين بها انقطاع أو خطأ أو نحو ذلك مما يوهن الرواية.
الخامس: ظهور أنه لم يقع في المتن تصحيف أو تحريف أو تغيير قد توقع فيه الرواية بالمعنى.
السادس: ظهور أن المراد في الكلام ظاهره.
السابع: ظهور أن الذام بنى ذمه على حجة لا نحو أن يبلغه إنسان أن فلاناً قال كذا أو فعل كذا فيحسبه صادقاً وهو كاذب أو غالط.
الثامن: ظهور أن الذام بنى ذمه على حجة لا على أمر حمله على وجه مذموم وإنما وقع على وجه سائغ.
التاسع: ظهور أنه لم يكن للمتكلم فيه عذر أو تأويل فيما أنكره الذام.
العاشر: ظهور أن ذلك المقتضي للذم لم يرجع عنه صاحبه. والمقصود بالظهور في هذه المواضع الظهور الذي تقوم به الحجة.
وقد يزاد على هذه العشرة، وفيها كفاية.
فهذه الأمور إذا اختل واحد منها لم يثبت الذم، وهيهات أن تجتمع على باطل". انتهى كلامه يرحمه الله
فهل حققت المسألة الأولى؟ لعل الذي يظهر: بعد تأمل جل ما نقلته لا.
وعوداً إلى بدء لنكمل ما عُلق من موضوع بدأت نقاشكم فيه ولم تكملوه، وهو الحديث عن حال الجنيد في ردك قبل السابق، والحديث بعدها ذو شجون نعود فيه إلى هذا فأرجو أن لاتخرج عن الموضوع الأول، وأعدك بأن نعود إلى هذا بعد:
- فهل أفهم من تخطيكم للرد عما سألتكم عنه حول الجنيد هل أفهم من ذلك تسليمكم بأن ما نقله أبو طالب عن الجنيد وما حكاه غيره مما ذكرتم أقوال كأقوال كثير منهم ليس لها خطام أو زمام؟ وعليه لايصلح الحكم على إنسان بالبدعة فضلاً عن الزندقة بها؟ أم أنكم تستطيعون إثباتها؟ أو تجهلون حالها؟
في انتظار الجواب ليتسنى الانتقال إلى ما أثرتموه من أقوال (تحكى) عن بعض الأئمة بشيء من التفصيل.
وأرجوك ثم أرجوك لاتشعب الحديث حتى ننتهي مما نحن فيه.
وفقك الله لما فيه رضاه والسلام عليكم ورحمة الله
ـ[حنبل]ــــــــ[01 - 09 - 05, 12:46 م]ـ
الاخ العزيز الحارث الهمام ................
اخي هذا رد سريع وبعد ان اقرأ كلامك بتدبر و تأمل سأرد ....................
اولا اخي انا لم اتراجع عن ما نقل عن الجنيد و لكن اردت ان اقفز إلى النقطة التي بعدها و التي جزمت بإستحالة إثبات ضلال كل هذه الطبقة فأردت ان اثبت لك انه إذا كان هذا ممكن فغيرة امكن و اسهل إن شاء الله.
ثانيا: انا لم اكفر الطبقة الاولى و لكن اقول كما قال ائمة اهل السنة و الذي حاولت ان تصرف كلامهم عن حقيقته بتكلف انهم ليسو من اهل السنة و إنما هم إلى البدعة اقرب كما قال الامام احمد و ابوزرعة و الشافعي - راجع الرابط الذي وضعته لك بخصوص صحيح الاخبار فى الرد على زعم الصوفية ان طبقتهم الاولى طبقة الاخيار - وراجع حواري معك في منتدى انا مسلم يتبين لك ذلك ايضا
ثالثا: ان رمي الائمة للحارث المحاسبي لم يكن بسبب خوضه في الكلام فقط بل في الكلام حول الخطرات والوساوس و كلام ابو ذرعة واضح و هي من تأليفات التصوف و ليس اهل الكلام و للامام احمد كلام حول جرحه بسبب قصصه التي لا خطام لها و لا ذمام لعلي اتيك به.
رابعا: اراك اخي تطالبني بالسند عند الكلام عن الجنيد و امثالة ثم تنقل انت عنهم من غير سند فارجو منك ايضا عند نقل اقوالهم ان يكون مسندا.
خامسا: اخي قد استفاض و اشتهر عن الامام احمد ذمه للصوفية و لا اعتقد ان هذا يخفى عليك و قد تكلم بذلك غير واحد من ائمة الحنابلة وابن حجر عندما تكلم عن بعد الاثار التي دسها الصوفية عليه.
واخيرا اثمن لك اخي غيرتك علي ان اقع في مذالق ما ينبغي ان يقع فيها من ينتسب إلى اهل السنة و الله يعلم ان نقاشي معك سببه هذا الشئ أريد ان اصل إلى حقيقة الامر هل هو كما قاله الائمة ام كما قاله شيخ الاسلام و لكني اخي لا اخفيك القول ان تفنيدك لاقوال الائمة مبدئيا لم يشفي في شئ فإن كان عندك اضافة فلتضفها الان ...............
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/404)
ـ[حارث همام]ــــــــ[01 - 09 - 05, 03:01 م]ـ
شكر الله لكم ..
وما أرجوه هو ما ذكرتموه أن يكون مبتغانا:
1 - التجرد لله وطلب الحق ومن كانت هذه صفته هداه الله إليه جزماً.
2 - القيام بالحق في دعوة من ضل من الخلق، على منهج أهل السنة في كلمة الإمام عنهم: يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى ... إلى آخرها.
3 - مجاهدة النفس في كل حين فلا يدخل أحدنا عجب برأيه، و لا يكون رده لأجل تجهيل الآخر وتصغيره أو التعالم وإثبات الذات والانتصار لحظ النفس، بل إن ردنا على المبتدعة -فضلاً عن بعضنا- ينبغي أن نراعي فيه هذا، ويجب أن نتذكر دائماً أننا دعاة مبتغانا هداية الخلق وإدخالهم في رحمة ربهم باتباعهم أمره وتركهم نهيه، مستحضرين قوله صلى الله عليه وسلم لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً ... ولاينبغي أن يكون مبتغى الداعية مجرد التسفيه والتحطيم والهدم، ومتى كان الفرح بخطأ مخطئ من سبيل المؤمنين! وإذا كان هذا متوجهاً مع المبتدعة فمعكم ومن كان مثلكم -معظماً للكتاب والسنة ولاعتقاد سلف الأئمة- أحرى بهذا وأولى إن اُختُلف معه في مسائل.
وهذا يتطلب –أخي الكريم- التروي في الرد، والرجوع إلى أهل العلم والإنصاف. ولهذا أرجو منكم أن لا تكتبوا رداً لم تدرسوه فليس الغرض الرد لأجل الرد، ولايسرني أن يكون تعليقي هو التعليق الأخير وفقط وكما لايسرني لنفسي فلا يسرني لك ولأجلك أولاً.
وبعد أخي الكريم:
1 - قلتم أنكم انتقلتم إلى مسألة أخرى لمقتض، ولا أراه صحيحاً فكيف تنتقل على سبيل التسليم الجدلي عن أحد أبرز أعلامهم ولم تثبت عليه شيئاً بنقل صحيح، لتقول إذا ثبت ضلال كلهم فقد ثبت ضلاله، ثم ما جئت به من نقول على فرض التسليم بها فهي مطلقة وليست عامة -وفرق بين الإطلاق والعموم الذي له ألفاظ معروفة- ليصح توجيهكم حفظكم الله. بل الذي ينبغي أن يقال إن لم يثبت ضلال واحد منهم فقد ثبت عدم ضلالهم كلهم. وقد نقلت لك عن الأعلام ما يفيد مدحه، ونقلت لك من كلامه ما يفيد أنه على منهج الكتاب والسنة. وأمثاله كثيرون وثناء الأئمة عليهم معروف.
2 - (أ) كيف لم تكفر الطبقة كلها، وأنت تحكم عليهم بالزندقة، ولاتفرق بين متقدميهم ومتأخريهم، بل تثبت الحكم على بعض أعيانهم وبعض تجلتهم بالزندقة (والزندقة من أشد الكفر). فإذا كان هذا الحكم على أفاضلهم فما هو حكم جهلتم ومن ومبتدعتهم عندكم؟ ثم أنتم –حفظكم الله- صدرتم المقال بأربعة أمور كلها من أعظم الكفر نسبتوها إلى الصوفية جملة وتفصيلاً ولم تفرقوا.
(ب) ما نقلته من كلام أئمة السنة بينت لك أنه لم ينقل ما يفيد حكمك عليهم بالزندقة ورميهم بالقبورية بنص ثابت في ما ذكرته، وأنه بإمكان كل أحد أن يأتي في مقابلها بأقوال أخرى مثلها ليس لها سند ثابت في مدحهم هذا أولاً، ثم ثانياً نصوص الأئمة في مدح كثير من أئمتهم المتقدمين أكثر من أن تحصر وقد نقلت لك طرفاً مما قيل في الجنيد وحده، ثم ثالثاً بينت لك كلام شيخ الإسلام في العبارات التي ((تحكى)) وضع تحت تحكى خطين لتتبين أنها مجملة لو ثبت النقل عن أحد بأنه كفرهم بها لم تكن لك أنت حجة في تكفيرهم بها لكونها مجملة محتملة، فكيف وإن لم يثبت!
(ج) أفيدكم بأنه عندما ألزقتم الرابطين قرأتهما ولم أهملهما فيهمني أن أعرف ما يدعوك إلى مثل تلك الأحكام، وكاتبهما عفا الله عنه لم يوفق في الطرح وحكم على طائفة منهم بالكفر والزندقة، وكل تعويله على نحو مادة ابن الجوزي -وسبق أن حدثتك عنها- أوعلى أقوال لايكون بمثلها إثبات حكم البدعة فضلاً عن الزندقة، وسوف تكتب أحكامه وشهادته وسوف يسئل عنها، ونقاشي هنا معك، ثم إن ما قيل هنا يصح أن يقال هناك، فالأخ الكريم يحى أقاصيص لم يحرر أسانيدها، والأشنع أنه يحكم بناءاً عليها بأحكام عظيمة. أو يحكي أموراً لاتساعده في أحكامه.
3 - لا مانع أن نعرض نصوص الأئمة ((الثابتة)) في الحارث المحاسبي لننظر فيم ولم كان حكمهم عليه، وعلى ماذا استقر أمره. وقد كررت لك مراراً أن ذم الحارث المحاسبي نقل حتى عن بعض أئمتهم. فهذا لايؤثر في الحكم على مجموعهم فلئن هجر الحارث فلم يهجر معروف الكرخي ولا الفضيل ولا الجنيد ولا أضرابهم. ولئن وقع أحدهم في بدعة باجتهاد رجع عنه أو لم يرجع فلا يعني هذا وقوع كل الطائفة فيها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/405)
4 - نعم أطالبك بالسند لأنك أنت من يريد أن يثبت على من ثبت له عقد الإيمان حكم بكفر أو زندقة أو بدعة، فمن الطبيعي أن تأتي أنت بالسند لا من يبقى لهم أصل عقد الإسلام ويستصحب ظاهر البراءة الأصلية فيهم. ومع هذا فلا منع من أن أنقل لك النصوص المسندة الثابتة الصحيحة في الثناء على بعض رجالاتهم الذين تحمل عليهم، ولا أمانع كذلك في نقل النصوص الصريحة الجلية الثابتة عن أولئك الطبقة والتي تبين التزامهم بالكتاب والسنة وبراءتهم من ما خالفهما، مع أنه يلزمك التفريق والإثبات حتى وإن لم أنقله لك في ذلك شيئاً. بل يلزمك أمر آخر غير إثبات ذم فلان لهم ليتحقق ذمهم على ما بان في النقل عن المعلمي. فإذا قلت لك: ثبت تكفير أبي حنيفة عن فلان من سلف، فلا يجوز لك أن تقلده بالتكفير حتى يتبين لك وجه تكفيره له، ويثبت عندك صحة التكفير به، وبغير هذا لايجوز لك اتباعه في تكفيره أو رميه بالزندقة أو البدعة ونحو ذلك.
5 - أما الإمام أحمد فلم أر عنه نقلاً يذم فيه الصوفية بإطلاق، ولعلك تنقل للإخوة بعض ما يفيد مما ذكرتم أنه اشتهر غير خبر هجره للحارث بسبب الكلام لا ما كان عليه من سلوك، وغير ما حكي عن هجره لسري لما في ما ذكره عن حبيش من إجمال قد يفهم منه القول بخلق القرآن، ولم يكن هجره في هذا الذي يحكى لأجل سلوكه وزهده!! [بالمناسبة أنا لم أأول كلام السري وإنما نقلت كلام شيخ الإسلام فيه فأنا ناقل لست إلا وأما تراجعه وذكره أنه كان آثراً فهذا نصه وليس تأويلاً مني!! - هذا من جهة ومن جهة أخرى فقد وقفت للإمام من النقول الثابتة المسندة في مدح بعض أئمتهم ما يمكن أن يذكر في محله وحينه.
6 - أما كلام الأئمة فمن أنا حتى أفنده!! وهل يفند مثلي قول الشافعي أو أحمد أو أبو زرعة أو ابن مهدي!! سبحان الله؟!
إذا عَيّر الطائي بالبخل مادرٌ * وعير قُساً بالفهاهة باقلُ!
وقال السهى للشمس أنت ضئيلة * وقال الدجى ياصبح لونك حائل
وطاولت الأرضُ السماءَ سفاهة! * وفاخرت الشهب الحصى والجنادلُ
فيا موت زر إن الحياة ذميمة * ويانفس جُدّي إن دهرك هازلُ
وإنما صاحبك مبرئ للأئمة من أن يلزق بهم قول بغير سند صالح، ناقل كلام بعضهم في التعليق على آراء بعضهم، وقد يلجأ المرء لأن يختار ما دل عليه الدليل إذا اختلف الأئمة الأعلام مع التماس العذر لهم ومعرفة حقهم وقدرهم.
هذا وأسأل الله ان يرزقني وإياك العدل والإنصاف، وأن يجعلنا هداة مهتدين للسنة متبعين وإليها داعين وفقاً لمنهج الأولين من السلف الصالحين، وإلى حين ألقاك أستودعك الله فالسلام عليك.
ـ[حنبل]ــــــــ[02 - 09 - 05, 08:32 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله حمدا لا ينفد واصلي واسلم على النبي احمد و على آله و صحبة و من تعبد ثم اما بعد
الاخ الغالي الحارث الهمام جزاه ربي الجنة.
قد استغربت قولك الذي قلت فيه "لئن كان أقوام من جهلة الصوفية قد بنو أعمالهم على أمور لاتثبت فأخشى أن تكون ممن بنو أحكامهم على أمور لاتثبت وهذا باب خطر عليك عظيم، فمن قال لأخيه ياكافر فقد باء بها أحدهما، ومن هذا الضرب الرمي بالزندقة أو القبورية ونحوها من الكفريات ولاسيما أن الكلام في معينين."
و ذلك لامرين:
اولهما: لعلك تذكر جيدا في حواري السابق معك و ما نقلته اعلاه أني لا ارمي الطبقة الاولى بالقبورية و لا اذكر اني في يوم من الايام ذكرت ذلك لاني اعلم علم يقيني ان القبورية ظرت بعد هذه الطبقة بمراحل كثيرة و قرون عديدة و لكن كل كلامي حول هذه الطبقة كان منصبا في أنها مخالفة للسنة ولا يعتبرون من اهل السنة ولا زلت عند قولي بسبب ما سقته لك من ادلة.
ثانيهما: بعد كل ما سقته لك من ادلة و عجزك عن تفنيد جرح الائمة لهذه الطبقات المتقدمة للصوفية تدعي أني قد بنيت حكمي على امور لا تثبت مع انك إلى الان لم تأتي بدليل واحد على أن هذه الطبقة تعتبر من اهل السنة ولم تأتي بكلمة ثناء واحدة صحيحة في حق الصوفية من قبل الائمة حتى و إن كانت في حق الطبقات الاولى.
ثم زاد استغرابي عندما رأيتك تنكر ثبوت ما ذكرة الامام مالك في حق الصوفية بسبب رواية و تغفل رواية صحيحة اخرى تساندها و تعضدها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/406)
و بعد بحثي حول صحة الرواية المذكورة عن الامام مالك و يقيني بصحتها عملت بنصيحتك و اتصلت بأحد المشايخ عندنا هنا- ممن عنده اجازة وسند للامام مالك و سألته عن صحة هذا الرواية عن مالك فقال لي نعم تصح عن الامام مالك وقد رواها ايضا عنه الشاطبي في كتاب الاعتصام و قد سألته عدد من الاسئلة حول الموضوع فأيدني في قولي ان التصوف بين البدعة و الكفر و أن الائمة قد ميزو فرقة تختلف عن أهل السنة اسمها التصوف و زموها فإن كان صاحبك يقصد الزهاد و لا مشاحة في الاصطلاح فكلامة صحيح أما إذا كان يقصد الصوفية فكلامه فيه نظر لان الائمة ميزو بين الزهد و التصوف. واشياء اخرى سأذكرها في حينها إن شاء الله.
فسألته هل هذا يعتبر جرحا من الامام مالك لهذه الطبقة؟
قال لي: نعم و إذا لم يكن جرحا فماذا يسمى!!!
و الان اخي ماذا تقول عن رواية مالك التي نقلها القاضي عياض في ترتيب المدارع عن عبد الله بن يوسف التنيسي و الذي انقل لك بعد ما قاله الائمة عنه في تهذيب الكمال 16/ 334 – 336
قال أبو بكر بن خزيمة سمعت نصر بن مرزوق يقول سمعت يحيى بن معين يقول وسألته عن رواة الموطأ عن مالك فقال أثبت الناس في الموطأ عبد الله بن مسلمة القعنبي وعبد الله بن يوسف التنيسي بعده
وقال في موضع أخر سمعت يحيى بن معين يقول ما بقي علي أديم الأرض أحد أوثق في الموطأ من عبد الله بن يوسف التنيسي.
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم سمعت أبي يقول كتبت عنه سنة سبع عشرة ومئتين وسألته عنه فقال هو أتقن من مروان الطاطري وهو ثقة.
وقال أحمد بن عبد الله العجلي ثقة.
وقال البخاري كان من أثبت الشاميين.
وقال عبد الله بن الحسين المصيصي سمعت عبد الله بن يوسف يقول سماعي الموطأ من مالك عرض الحنيني عرضه عليه الحنيني مرتين سمعت أنا وأبو مسهر.
وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني سمعت أبا مسهر يقول عبد الله بن يوسف الثقة المقنع.
و هل عندك اي نقولات تصح عن الامام مالك في مدح الصوفية
ثم بعد ذلك ننتقل إلى كلام الشافعي بإذن الله.
ـ[حارث همام]ــــــــ[03 - 09 - 05, 02:34 م]ـ
الأخ الفاضل ..
شكر الله لكم مراجعة أهل العلم والفضل فإن من استقل عقله زل ومن أعجب برأيه ضل، وأسأل الله أن يجعلني وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وبعد
قلت -أيها الكريم-: "اولهما: لعلك تذكر جيدا في حواري السابق معك و ما نقلته اعلاه أني لا ارمي الطبقة الاولى بالقبورية و لا اذكر اني في يوم من الايام ذكرت ذلك لاني اعلم علم يقيني ان القبورية ظرت بعد هذه الطبقة بمراحل كثيرة و قرون عديدة و لكن كل كلامي حول هذه الطبقة كان منصبا في أنها مخالفة للسنة ولا يعتبرون من اهل السنة ولا زلت عند قولي بسبب ما سقته لك من ادلة ".
وهذا جيد دعنا من الخوض في ماض قيل وروابط نقلت قد يفهم منها شيء آخراً، ودعنا فيما نحن فيه الساعة لنصل إلى نتيجة.
فلنثبت إذاً أن عامة الطبقة الأولى في القرن الثاني والثالث من أهل الإسلام وليسوا زنادقة، ولاقبوريين، يدعون الأموات.
ولكنهم عندك:
1 - مبتدعة (هكذا جميعهم).
2 - تخرجهم تلك البدع عن دائرة أهل السنة والجماعة.
وهذا يقضي بالتفريق بين المتقدمين والمتأخرين من الصوفية، فنحن إذاّ نتفق على التفريق بينهم، ثم نختلف في الفرق بينهم هل يخرجهم (جملة) من دائرة أهل السنة أو لا؟ [هذا ما أفهمه الآن فهل هو صحيح].
إذا كان صحيح فإني لا أنكر ما نقل عن شيخ الإسلام سابقاً وحاصله أن تلك الطبقة فيهم المخطئ باجتهاد قد يكون مقبولاً وقد لايكون، وإن كان هذا ينسب إلى من أخطأ لا إلى المجموع. فهل توافق على هذا؟
ثم قلت –حفظك الله-: "ثانيهما: بعد كل ما سقته لك من ادلة و عجزك عن تفنيد جرح الائمة لهذه الطبقات المتقدمة للصوفية تدعي أني قد بنيت حكمي على امور لا تثبت مع انك إلى الان لم تأتي بدليل واحد على أن هذه الطبقة تعتبر من اهل السنة ولم تأتي بكلمة ثناء واحدة صحيحة في حق الصوفية من قبل الائمة حتى و إن كانت في حق الطبقات الاولى".
أخي الكريم، أسأل الله أن يجعلني وإياك ممن يتقون الله فيما يقولون، أن يهدينا جميعاً إلى صراطه المستقيم صراط الذين أنعم عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.
هل المطالب بالدليل من يرم مسلماً بالبدعة؟ أو من يبقيه على البراءة الأصلية؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/407)
لو اختلفنا فقلت: زيد من الناس مبتدع، وقلت ليس بمبتدع، أو قلت: كافرٌ، وقلت ليس بكافر، أو قلت عاص وقلت ليس بعاص فمن المطالب بإثبات الدليل؟ الذي يجري له عقد الإسلام كما هو أم من ينفيه أو ينتقصه ببدعة أو معصية طارئة على عقد الإسلام؟
ومع هذا كلمات الثناء على رجالات تلك الطبقة أشهر من أن يذكر وإذا كان الحوار موقوفاً عليها، فسوف أنقل لك ثناء الأئمة الثابت على أئمتهم فهل تسلم به بعدها؟
قلت: "ثم زاد استغرابي عندما رأيتك تنكر ثبوت ما ذكرة الامام مالك في حق الصوفية بسبب رواية و تغفل رواية صحيحة اخرى تساندها و تعضدها ".
أسألك بالله هل راجعت تلك الرواية لتعرف سندها؟
أما صاحبك فقد راجع كلا النقلين، وأما النقل الثاني الذي ذكرت أنه صحيح، فقد راجعت فيه نسختين لترتيب المدارك ولم أكتف بواحدة، وتبين لي بجلاء أن الراوي عنه واحد هو النصيبي تصحف في بعض طبعات ترتيب المدارك إلى المسيبي (وهذه شخصية لا وجود لها بين أصحاب مالك). أما من زعم أنه التنيسي فالذي يظهر أنه قد أخطأ.
والمطلوب منك أن تراجع المطبوع ليس إلاّ قبل أن تتهم غيرك يرحمك الله.
ثم اعلم –أخي الفاضل- بأن القاضي عياض لم يسند ذلك الأثر عن الراوي سواء أكان النصيبي أو المسيبي أو التنيسي فبفرض التسليم الجدلي (ليس إلاّ) بأن الراوي هو التنيسي فإنه قد مات رحمه الله عام 218، والقاضي عياض رحمه الله ولد عام 476، فبينهما قرون يرحمك الله، أما الشاطبي (ت: 790) فضرب من الخيال أن يقال أسنده في الاعتصام، فهلا أبنت لي كيف ثبت السند عندك؟
وقد ذكرت لك قول شيخ الإسلام ابن تيمية –وحسبك به من إمام عارف بالمذاهب والرجال- أن هذا الغناء والتواجد والرقص إنما حدث في القرن الثالث أي بعد أن مات الإمام مالك رحمه الله.
واعلم أخي الكريم أن أثر الإمام أحمد في قولته: دعهم يفرحون ساعة على نكارته هو أثبت من الأثر المنسوب إلى الإمام مالك هذا، فعلى الأقل له سند معروف وإن جهل حال بعض رواته. وأنا هنا لا أحتج عليك به ولكن أبين لك إن كان ذلك منهجك في قبول الآثار فقد يحتج عليك أحدهم بأثر الإمام مالك ولن تستطيع له دفعاً وفقاً لمنهجك هذا.
ثم هب أن الأثر المذكور عن الإمام مالك ثبت، فهل يفهم منه ذم كل الصوفية أو هي طائفة من العوام مخصوصة بفعل معين، وما هو الشاهد في الكلام على الجواب؟
ما يظهر بجلاء هو أنك لم تثبت ولن تثبت أن جميعهم كان يفعله فضلاً عن أئمتهم الذين نص شيخ الإسلام على عدم حضورهم له بل أثر عنهم ذمه [أعني التغبير المختلف فيه لا الغناء والرقص].
ثم هل يدل الأثر أن الإمام يعرف (تلك الطائفة المخصوصة) بذلك مسبقاً أو أنه لايدري من هم إلاّ بما عرفهم به الرجل المجهول؟
وأما قولكم –أخي الفاضل- إنكم اتصلتم بشيخ إلى آخر ما نقلتموه عنه.
فأقدر رأي الشيخ وأحترم وجهة نظره، وأسأل الله أن ينفع به وبعلمه.
وبعد الرجوع للاعتصام لم أجد للأثر المشار إليه أثر، فهل ثبت عندك أو عند الشيخ من طريق صحيح؟ أرجو الإفادة. علما بأن صاحب الاعتصام مات عام 790 عليه رحمة الله وعادته أنه لايسند الأخبار
ومع ذلك ربما تكون مراجعتي للاعتصام عجلة فأرجو أن تراجعه بنفسك وأن تذكر لي بعدها أين أجد الأثر فيه.
والشيخ المذكور لا أعرفه ولكن أحسن به الظن فإن كنت ترجحه على من نقلت كلامهم من المشايخ كابن جبرين، والراجحي، والعلامة محمد بن إبراهيم، من المعاصرين فلك أن تقلده –على مذهب- وأن تلتزم رأيه، ولكن فرض المقلد التقليد، أما أن يكون المقلد مناظراً عن مقلده داعياً لرأيه فاللهم لا.
قلتم: "و الان اخي ماذا تقول عن رواية مالك التي نقلها القاضي عياض في ترتيب المدارع عن عبد الله بن يوسف التنيسي و الذي انقل لك بعد ما قاله الائمة عنه في تهذيب الكمال 16/ 334 – 336
... "إلخ.
سبق جوابه: ثبت العرش ثم انقش، والتنيسي لا يخفى شأنه على صغار طلاب علم الحديث الشريف الذين أرجو أن أكون منهم! كما لايخفى أمر الزهري من شيوخ مالك! ومن غير المجدي أن أنقل لك ما قيل فيه هنا!
فإن كنت تزعم أنه صح عنه فهات سندك بالقصة إليه. بعد أن تثبت نسبتها إليه.
وقبل أن ننتقل إلى مناقشة غير هذه المسألة هل أعتبر المسألة الأولى قد انتهت بأن لم تعثر على نقل يفيد صحة ما نقلته عن زندقة الجنيد –رحمه الله؟
وهل تراه الآن على أصل عقد الإسلام لاتصح نسبته إلى بدعة فضلاً عن زندقة؟
أخي الكريم ليس في الاعتراف بالحق أو الرجوع عن الخطأ غضاضة، ولكن الغضاضة كل الغضاضة في الإصرار عليه، وأرجو أن لا أكون ولا تكون ممن يصرون مستكبرين، وفقني الله وإياك لما فيه رضاه والسلام.
ـ[ذو المعالي]ــــــــ[03 - 09 - 05, 03:17 م]ـ
حوارٌ جميلٌ بين فاضلين كريمين، و يُؤتي ثماره بعد حين بإذن ربهما تعالى، و لعلَّ من كرمِ الأخوين الإذنُ للفقير بإضافةِ شيءٍ قَدْ يُفيدُ في تحرير محالِّ النزاع، و هو:
أولاً: التصوف من حيث أصله قد سلكه أهل القرون الأولى، مع تجريده من الاسم،و الذي قد يطمسُ المعالم _ و لا غَرْوَ فنحنُ في زمن المظاهر لا المخابر، و المباني لا المعاني _، فلا سبيل لإنكاره و تقبيحه.
ثانياً: من حيثُ ما طرأَ عليه، و صرفه عن قطعيات الدين المجمع عليها بين أهل الملة _ بلا استثناء _، و على وَفْقِ ما هو مقرر و محررٌ لدى أهل التفسير و الحديث و الفقه و غيرها من علوم الشريعة الأصلية و الآلية، من حيثُ هذا و ذاك الطاريءِ فإنه مما يجبُ إنكاره، على الاتفاق بأنه مما أجمع على إنكاره.
ثالثاً: ما كان طارئاً و ليس مما أجمعَ عليه، فإنَّ الأمرَ فيه خلافٌ، و لكل مشربه و مذهبه و منهجه، و لا أظنَّ أن هناك مسألةً نخالفُ فيها الآخر _ من أهل العلم و الصلاح _ ليس له فيها دليل معتبر، و لا إمام معولٌ عليه، و الشأنُ هنا أن يُعملَ في ذلك منهج الحوار و المناظرة و النقاش قصداً للحق ليس إلا.
رابعاً: ليُعلم أن في كلا الطرفين _ الصوفية و خصومهم _ مَنْ غلا و أفرط في حقِّ الآخر، و لا عبرةَ بهم، و العبرةُ إنما تكون بالنظر في المنهج، و دراسة كتب القوم _ من كل الطرفين تجاه الطرف الآخر _ و الحكم على المنهج لا على تصرفات الأفراد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/408)
ـ[حارث همام]ــــــــ[03 - 09 - 05, 06:16 م]ـ
الأخ الكريم ذو المعالي شكر الله لكم التعقيب والمرور ولعل محل النزاع محرر، وواضح عند الأخ حنبل وعند أخيك.
وما ذكرته جيد إلاّ أن قولكم:
"ثالثاً: ما كان طارئاً و ليس مما أجمعَ عليه، فإنَّ الأمرَ فيه خلافٌ، و لكل مشربه و مذهبه و منهجه، و لا أظنَّ أن هناك مسألةً نخالفُ فيها الآخر _ من أهل العلم و الصلاح _ ليس له فيها دليل معتبر، و لا إمام معولٌ عليه، و الشأنُ هنا أن يُعملَ في ذلك منهج الحوار و المناظرة و النقاش قصداً للحق ليس إلا".
لعله لم يحرر، فإن الخلاف بين الأفاضل قديم وفيه المعتبر والمطرح:
وليس كل خلافاً جاء معتبراً * إلاّ خلاف له حظ من النظر
ولهذا لعل الصحيح أن يقال ما أحدثه متقدموا الصوفية من الأئمة الذين هم من جملة أهل السنة، فيه ما بني على اجتهاد قد يكون معتبراً، وقد يكون لايكون معتبراً، وغير المعتبر قد يكون لهم عذر فيه وقد لايكون.
فأما ما أحدث على اجتهاد غير معتبر فهو بدعة. قد يعذر مقارفها منهم إن كان له عذر صحيح، وقد لايعذر إن لم يكن له عذر صحيح.
وأشكر للأخ العزيز عبدالله بن خميس تعقيبه وحرصه على السنة وغيرته وهو ما نحسبه قام قبل في الأخ حنبل فكتب ما كتب، بيد أن تقديم حسن الظن أحرى بمثله وأسلم. والرجوع إلى قول كبار أهل العلم أولى به وأجمل.
ـ[حنبل]ــــــــ[04 - 09 - 05, 02:33 م]ـ
إمتثالا لتوجيهات الاخ الغالي الحارث الهمام و الله على ما اقول شهيد طلبت من احد الدكاترة من طلبة احد كبار المشايخ ممن انتهت لهم الفتوى في المدينة وممن اجازهم الشيخ بن باز في الفتوى و من عمت سيرته الافاق ان يقدم لشيخه هذا السؤال؟ هل الطبقات الاولى من المتصوفة يعتبرون من اهل السنة و كيف نجمع بين ما ثبت عن الائمة في جرحهم و كلام شيخ الاسلام الذي اثنى عليهم؟
فرد علي بقوله اولا ان الشيخ لا يحب ان يذكر اسمه في المنتديات.
ثانيا: ان الطبقات الاولى من الصوفية ليسو من اهل السنة المحضة لانهم ميزو انفسهم بمذهب و مسمى غير مسمى أهل السنة.
ثالثا: قال انه يفهم ثناء شيخ الاسلام لهذه الطبقات في مقابل من جاء بعدهم اما ان يعتبرون من اهل السنة المحضة فلا؟
ملحوظة: -
- هذا الدكتور المتخصص في مجال العقيدة والذي له كتب مطبوعة في الرد على المتصوفة و اشرطة مسموعة ايضا وممن يزكيه عدد من العلماء الكبار هو ايضا يرى ان الطبقة الاولى ليسو من أهل السنة المحضة.
و سأقوم بكتابة ردي بعد وصول رد بقية كبار العلماء- سواء سلبا او ايجابا - الذين كلفت بعض الاخوة في مختلف الدول بتقديم هذا السؤال لهم.
و كل من وافق ان يذكر اسمه سأذكرة و من لم يوافق فلن اذكره و لكن والله يعلم انهم من كبار العلماء ممن يجمع اهل السنة على إمامتهم ...........................
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[07 - 09 - 05, 10:48 ص]ـ
[ FONT=Traditional Arabic] بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آل محمد كما صلّيت على آل إبراهيم، أمّا بعد:
فقد طلَبَ مني أحد الأحباب أن أقرَأَ النقاش الدّائر بين الأخ حنبل والأخ حارث همّام، وأنّ أُعلّقَ عليه بخصوص بعض النقول عن الإمام مالك رحمه الله، فاستجَبْتُ لطلب هذا الأخ الحبيب وقَرَأْتُ الموضوع كاملاً، وكنتُ أودّ أنْ أُعلّق على الموضوع كاملاً، ولكن أسألُ الله تعالى أن يُبارك في أوقاتنا، وعلى كلّ حال ما لا يُدرَك جُلّه لا يُترك كلّه.
أقول بدايةً: إنّ ما قاله الأخ حارث من ضرورة التّحري الدقيق قبل الإقدام على الطعن بمسلمٍ ما، هو كلامٌ صحيح ويجب الانضباط به، فحُرْمَةُ المسلم عظيمة ولا يجوز التهاون فيها، وهذا أصلٌ ينبغي أن نستحضره في أذهاننا دائماً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/409)
وكذلك فإنّ ما قاله الأخ حنبل من ضرورة بيان انحرافات البعض (الصوفيّة)، والتّأسي بأئمّة المسلمين في التحذير من تلك الانحرافات وأصحابها، هو كلامٌ صحيح ويجب على أهل العلم العمل به، وإلاّ ضاعَ الحق والتبسَ بالباطل. ورَحِمَ الله الإمام يحيى بن معين فقد سألَه حمّاد بن زيد (الإمام) وقال له:" إنَّ فلاناً يُكثر الكلام في الرجال أليست غِيبَة؟؟ فقال ابن معين: يا أحمق هذا دِيْنٌ وتَرْكُه مُحَابَاة ". {يقصد ترك الكلام في الرجال بالجرح والتعديل}.
ـ إنّ النصوص التي ذَكَرها الأخ حنبل نقلاً عن الأئمّة المتقدّمين هي نصوص صحيحة ثابتة مستفيضة في كتب العلماء ولا داعي للتكلّف في ردّها أو تقييدها بقيود لم يذكرها أصحابُ تلك النصوص.
فكل النصوص المنقولة عن الإمام الشافعي رحمه الله مُسنَدَة وصحيحة ومستفيضة في كتب أتباع مذهبه وغيرهم فقد ذكرها البيهقي في كتابه مناقب الشافعي، وابن حجر في كتابه توالي التأسيس في معالي محمد بن إدريس، وعبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي في كتابه مناقب الشافعي، وغيرهم.
وهي نصوص واضحة وعامّة ومطلَقة لم يُقيّدها الشافعي ولا أحد من أصحابه، فلماذا يريد الأخ حارث أن يخصصها بأقوام دون أقوام ويصرفها عن شمولها الذي أراده الشافعي؟
1ـ روى البيهقي في مناقب الشافعي 2/ 208: عن يونس بن عبد الله الأعلى يقول: سمعت الشافعي يقول: لو أن رجلاً تصوَّف من أول النهار لم يأت عليه الظهر إلا وجدته أحمقَ
2ـ عن الرَّبيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي يقول:
ما رأيت صوفياً عاقلاً قط إلا مسلم الخوَّاص.
3ـ وعن إبراهيم بن المولد يحكي عن الشافعي أنه قال:
لا يكون الصوفي صوفياً حتى يكون فيه أربع خصال كسولٌ أكولٌ نؤوم كثير الفضول.
4ـ وروى ابن الجوزي في تلبيس إبليس صـ 371 عن الشافعي قوله:
"ما لزم أحدٌ الصوفيين أربعين يوماً فعاد عقلُه أبداً.
أليست هذه النصوص واضحة ودالّة على أنّ مراد الشافعي هو ذم طائفة الصوفيّة جميعها؟ وأنه إذا كان هناك ثَمَّ استثناءٌ فإنه يستثنيه كما في قوله: ما رأيت صوفياً عاقلاً قط إلا مسلم الخوَّاص!!
فللإنصاف أقول: إنّ ردَّ الأخ حارث لهذه النصوص غير مقبول من الناحية العلمية، وفيه تحكّم واضح بكلام الإمام. ولا أدري لماذا أثبتَ قول الشافعي في "التغبير" دون باقي الأقوال؛ هل لأنّ ابن تيمية ذكره فرضي به الأخ حارث؟؟
وأمّا القصّة التي ذَكَرها القاضي عياض في كتابه" ترتيب المدارك " والتي فيها استنكار الإمام مالك لأفعال شيوخ الصوفيّة الذين أُخبِرَ عنهم، فهي قصّة ثابتة عن الإمام مالك بدون أدنى شك، وقد ذكَرَها الكثير من العلماء المالكيّة في كتبهم واستندوا إليها في فتاويهم، وثبوتها مماثلٌ لثبوت كل ما رُوي عن مالك من أقوال وفتاوى وفِقه. والذي يريد إنكارها يلزمه إنكار كل أقوال وفقه مالك رحمه الله!! وإنّك إذا نظرتَ في فتاوى العلماء المالكيّة وجدّتهم يستشهدون بهذه القصة على الفور لأنّهم يعدّونها من المسلّمات في المذهب. فقد سُئلَ فقيهُ بجاية وصالحها أبو زيد سيّدي عبد الرحمن الواغليسي عن مثل هذا السؤال.
فأجابَ عنه بما نصّه:
" قد نصَّ أهلُ العلم فيما ذكرتَ منْ أحوال بعض الناس منَ الرقص والتصفيق، على أنّ ذلك بدعةٌ وضلال. وقد أنكره مالك وتعجّب ممن يفعل ذلك لمّا ذُكر له أنّ أقواماً يفعلون ذلك فقال: أصبيانٌ هم أم مجانين؟! ما سمِعْنا أحداً من أهل الإسلام يفعل هذا. انتهى المعيار ج11/ 29
ـ ينبغي على طلاّب العلم، بل ويجب، أن يتنبّهوا لأمرٍ هام، وهو أنّ البحث عن إسنادٍ متّصل برواية الثقات التَّامِّي الضبط غير المعلل ولا الشاذ، إنما هو خاصّ بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ولايمكن سحبه على كلام غيره، لأنّ ذلك يعسر جداً ويكاد يندر. فأخبار الصحابة وفتاويهم ليس لجلّها أسانيد متّصلة، وكذلك السِّيَر والتواريخ والأشعار والمذاهب الفقهيّة وكتب الأئمّة أين أسانيدها؟ إننا إذا أردنا أن نمحّص كل ذلك على طريقة الأخ حارث همام فلن يمكننا الأخذ بأقوال مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة وغبرهم! فأين أسانيد أقوال مالك وفقهه؟ وأين سند كتاب الأم للشافعي؟ والرّواة لمذهب أبي حنيفة هما الحسن بن زياد اللؤلؤي ومحمد بن شجاع الثلجي ولم يُوثّقهما أحدٌ من
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/410)
العلماء ويمكنك مراجعة لسان الميزان لابن حجر. إنّ الطريقة التي يريد الأخ حارث أن ينتهجها الناس عند البحث ستفضي لترك كل تراثنا الفقهي والأدبي والتاريخي وهذا غير مقبول ولم يقُل به أحدٌ من العلماء، بل على العكس لقد كانوا يروون البلاغات والمراسيل عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم فما بالك بمن هو دونه؟
انظر إلى قول الشيخ ابن القيّم في "إعلام الوقّعين" عند الكلام على رسالة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، في القضاء. والتي لا سند لها! قال: (وشهرتها تُغني عن سندها). انتهى
وانظر إلى قول حافظ المغرب ابن عبد البر القرطبي عند كلامه على حديث معاذ في فضل العلم. قال: (وشُهرته تغني عن سنده).انتهى
وأمثال هذا يكثر وإنّك إذا رجعتَ إلى كتاب سير أعلام النبلاء للذهبي أو البداية والنهاية لابن كثير ستجدهم ينهجون هذا النهج.
نعم إذا كانت المسألة تتعلّق بالحكم على مسلم بالكفر أو الزندقة ولم تكن مشهورة ومستفيضة فعندها ينبغي علينا التحرّي وتوخّي ثبوت المسألة.
وعلى كلّ حال فإنّ القصّة التي رواها القاضي عياض عن مالك إنّما يرويها عن عبد الله بن يوسف التّنيسي وهكذا هي في الطبعة المغربيّة وقد استشهد بها الشيخ عبد القادر أرناؤوط في تقديمه لكتاب "الرّهص والوقص لمستحل الرقص " صـ7. وكذلك الشيخ عبد الفتّاح أبو غدّة في حاشيته على كتاب "رسالة المسترشدين للمحاسبي "الطبعة الخامسة صـ67 كلاهما رواها عن التنيسي. وأمّا ما وجده الأخ حارث في طبعة دار الحياة، من أن الراوي هو المسيّبي فهذا تصحيفٌ ولاشك. لعدّة أمور:
أولاً ـ إنّ هذه الطبعة والطبعات المصوّرة عليها مليئة بالأخطاء والسقط والتحريف والتصحيف.
ثانياً ـ إنّ المسيّبي وهو محمد بن إسحاق بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن المسيب المسيبي، مدني سكن بغداد؛ روى عن أبيه عن نافع القراءآت، ويروي الحديث عن يزيد بن هارون وابن عيينة وغيرهما؛ وروى عنه أبو زرعة الرازي ومسلم بن الحجاج وغيرهما، مات ربيع الأول 236هـ ببغداد. ليس من أصحاب مالك ولا من الرواة عنه.
ثالثاً ـ إنّ الأئمّة المالكيّة المحققين يروون هذه القصّة عن التنيسي عن مالك كما في فتوى الإمام الشاطبي، سُئل الشيخ أبو إسحاق الشاطبي (من أئمة المالكية والمرجع في علم الأصول) عن حال طائفة ينتمون إلى التّصوّف والفقر، يجتمعون في كثير من الليالي عند واحد من الناس، فيفتتحون المجلس بشيء من الذكر على صوت واحد ثمّ ينتقلون بعد ذلك إلى الغناء والضرب بالأكفّ والشطح هكذا إلى آخر الليل ويأكلون في أثناء ذلك طعاماً يَعُدُّه لهم صاحبُ المنزل، ويحضر معهم بعض الفقهاء، فإذا تُكُلِّمَ معهم في أفعالهم تلك يقولون: لو كانت هذه الأفعال مذمومة أو محرّمة شرعاً لما حضرها الفقهاء.
فأجابَ ما نصّه: الحمد لله كما يجب لجلاله، والصلاة على محمّدٍ وآله .......................... وحَكَى عياض عن التنيسي أنه قال: كنا عند مالك وأصحابه حوله، فقال رجل من أهل نصيبين يا أبا عبد الله عندنا قوم يُقال لهم الصوفيّة، يأكلون كثيراً، ثمّ يأخذون في القصائد، ثمّ يقومون فيرقصون؟ فقال مالك: أَصبيانٌ هم؟ قال: لا، قال: أمجانينُ هم؟ قال: لا، هم قومٌ مشايخ، وغيرُ ذلك عقلاء، فقال مالك: ما سمعتُ أنّ أحداً من أهل الإسلام يفعلُ هذا!! ...... انتهى
المعيار للونشريسي ج11صـ41
ولا ينبغي أن يُقال إنّ الشاطبي توفي سنة 790 وعياض توفي سنة 544 لأنّ كتاب عياض معروف، إذاً فرواية الشاطبي عن عياض ليس فيها إشكال. وأمّا رواية عياض عن التنيسي فكما قلتُ آنفاً إنما هي على طريق الرواية لخبر مشهور ومستفيض في المذهب.
وبالمناسبة إنّ الأخ حارث اعتمد على كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في نفي حدوث هذا الرقص الصوفي في القرون الثلاثة الأولى. والذي أفهمه من كلام ابن تيميّة أنّه يقصد قرن الصحابة والتابعين وتابعيهم، ولا يقصد المئة الأولى والثانية والثالثة! وكما تعلم فإنّ الإمام مالك هو من تابع التابعين وقد ولدَ سنة 93هـ. فتنبّه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/411)
وأُحبّ أنْ أنبّه الأخ حارث أنّه قد ارتكبَ خطأً عند كلامه على الشيخ الجُنيد، فقد سَرَدَ أقوال العلماء الذهبي وابن النجار والسمعاني في ترجمة أبو القاسم الجنيد المحدّث المعروف المتوفّى سنة547، ولكنّه جَعَلَها في ترجمة الجُنيد صاحب السري السقطي المتوفى سنة 298!!
وهذا خلط عجيب لا ينبغي أن يصدر منه وخصوصاً وهو يتحدّث عن الإسناد والتثبّت! وجلَّ من لا يُخطئ. ولكن المشكلة أنّ القرّاء ظنّوا أنّ الشيخ الجنيد هو من المحدّثين والأئمة والأصوليين. والأمر ليس كذلك لأننا إذا رجعنا إلى ترجمة الذهبي للجُنيد سنجده يقول: (الجنيد بن محمد بن الجنيد النهاوندي ثم البغدادي القواريري، والده الخزّاز هو شيخ الصوفيّة، وتفقه على أبي ثور، وسمع من السري السقطي وصحبه ... إلخ انتهى ثمّ ذَكَرَ بعض ما قيل فيه من الثناء وروى بعض أقواله.ولكنّه لم يصفه بالإمام القدوة والمحدّث كما فعل مع الجنيد القايني.
وفي الختام: إنّ الصوفيّة مذ ظهرت في الإسلام لم تكن مرضيّة ولم يسلكها الأئمّة المتّبعون، وإنّما نُسِبَ إليها أشخاص أفاضل أمثال الفُضيل وبشر الحافي ولا شأن لهم بها، كما أنّه إنتَسَبَ إليها رجالٌ عبّاد وزهّاد وأهل صدق وصلاح أمثال الجنيد والسري السقطي وتَنَزّهوا عن كثيرٍ من أفعال الصوفيّة المخالفة للشرع ولكن هذا لا يعني أبداً أنّ باقي رجال الصوفيّة الذين هم من طبقتهم كانوا على حالٍ مُرْضِيَة، والصحيح إطلاق الذم على الصوفيّة واستثناء أمثال الجنيد. على أنّه لا يمكن أن نتجاهل كون الجنيد أو السري أو المحاسبي قد خاضوا في أمور محدثة ليست من الدين وقد تسبب ذلك في إحداث خَرْقٍ في الدين مازال يتّسع حتى ادّعى الحلاج ـ وهو صاحب الجنيد ـ الحلولَ والاتحاد. وأرجو أن تقرؤا ترجمة الحلاّج عند الذهبي. وللعلم فإنّ كل أصحاب الفرق الباطنيّة كانوا في الأصل من أصحاب السري والجنيد ثمّ زادوا عليهما كثيراً وأسرفوا فوصلوا إلى تأسيس تلك الفرق.
ونحنُ عندما نقف على وصف ما كان عليه الجنيد من العبادة والزهد وسمو الأخلاق لا يسعنا إلاّ أن نشهد له بذلك، وبالمقابل إذا قرأنا بعض أقواله التي ليست من معين الهدي المحمّدي فلا يسعنا إلاّ أن ننكر عليه ذلك.
وبالمناسبة إنّ ماذكره الأخ حارث عن المحاسبي والقشيري و أبي نُعيم لا نسلّم له به.
أمّا المحاسبي فإنّ انتقادات العلماء عليه كثيرة والإمام أحمد انتقده على أمور كثيرة وليس فقط على مسألة علم الكلام. وأمّا القشيري فأمره أشد وانحرافاته كبيرة وقد ردَّ عليه شيخ الإسلام بكتابٍ كبير جداً اسمه "الاستقامة"، وأمّا أبو نُعيم فإنّ الإمام ابن مندة كان معاصراً له ومن بلده وكانا يُكفّران بعضهما! والحديث في هذا يطول ولا أريد أن أفتح هذا الباب. ولكن أحببتُ أن أقول للأخ حارث أنني أظن أني فهمت مرادك وكان يكفيك أن تقول:] ((إنّ بعض الرجال المتقدّمين المنتمين للصوفيّة كانوا ينكرون بعض انحرافاتها ولم يكونوا متلبّسين بكل أخطائها فلا يصح تعميم الحكم عليهم بالمروق والزندقة وخاصّة أن بعض علمائنا الثقات قد أثنوا على جوانب من حياة هؤلاء وحاولوا أن يلتمسوا لهم العذر واستَغْفَروا لهم، وعلينا أن لا نستفيض في الكلام عليهم وإلصاق كل عيوب الصوفيّة بهم، بل علينا أن نتصدّى للصوفيّة الموجودة الآن ونبيّن لهم أخطاءهم ونتناصح معهم، ونحذّر الناس من ضلالاتهم، ويجب علينا أن لا نسمح للمتصوّفة أن يخدعوا الناس بأنّهم أتباع الجنيد أو السري وأنّهم على منهجهم)) [/ COLOR]
أسأل الله تعالى أن يهدينا سبيل الرّشاد. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين
ـ[حذافة]ــــــــ[07 - 09 - 05, 08:50 م]ـ
الحمد لله
الإخوة الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحمد الله الذي وفق الإخوة إلى هذا الحوار الطيب، وأسأله تعالى أن يتجاوز عن زلاتنا جميعاً وأن يرشدنا سبل الرشاد.
اطلعت على ما دار بين الأخوين ((حنبل)) و ((حارث همام)) ووقفت عند مسألتين.
الأولى: تكلفُ الأخ ((حارث همام)) كثيراً في رد وتأويل عبارات الأئمة المتقدمين في نقد الصوفية، وهو الشيء الذي لا أعرفه في كتاباته سابقاً.
الثانية: أن الأخ ((حارث همام)) قد شوش القارئَ بإيراده لمسألة التصحيف في احدى طبعات كتاب ترتيب المدارك، وأوهم القارئ أن الإسنادين إسناد واحد، وما كان ينبغي له ذلك.
لأن الذي يروي عنه ابن الجوزي هو: عبد الملك بن زياد النصيبي. وهو من أصحاب مالك.
والذي يروي عنه القاضي عياض هو: عبد الله بن يوسف التنيسي. وهو من أصحاب مالك أيضاً، وكل من الراويين معروف مشهور بصحبته للإمام.
فالأول وهو النصيبي صاحب القصة يروي عن أهل بلده.
والثاني وهو التنيسي حاضر لرواية النصيبي وسؤاله الإمام مالك.
ومن تأمل متن الروايتين علم أنهما روايتين من طريقين مختلفين.
ولا يضر التصحيف في احدى نسخ كتاب ((ترتيب المدارك)) خاصة وقد تعدد نقل هذه القصة من طريق التنيسي في عدة مراجع أن الراوي هو ((التنيسي)) كما أفاد ذلك الأخ ((أبو إدريس الحسني)) جزاه الله خيراً على ما قدم في مشاركته.
وقد طلبت النسخة المسندة من كتاب تلبيس إبليس، فوجدت محقق الكتاب الأخ د. أحمد بن عثمان المزيد، لم يصل بتحقيق الكتاب المطبوع إلى هذا الجزء، فلعل من لديه النسخة المسندة من كتاب تلبيس إبليس يفيدنا بذكر إسناد ابن الجوزي لهذه القصة حتى يُنظر فيه، والله الموفق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/412)
ـ[حنبل]ــــــــ[08 - 09 - 05, 09:19 م]ـ
جزى الله الشيخ الجليل ابو ادريس الحسني على تبيانه و بيانه و اسال الله ان يجعل ما سطر في ميزان حسانته فقد عبر عن كثير مما يجيش بصدري بعبارة جليه جزلة قوية بليغة لو جلست الشهور في محاولة تزويرها ما نجحت فجزاه الله خير الجزاء و بارك الله فيه.
اخي حذافه جزاه ربي الجنه نعم كلامك صحيح و قد حاولت اكثر من مرة ان الفت نظر الاخ حارث همام إلى تكلفه الواضح في رد اقوال الائمة في هذه الطبقة فكان يأتيني بما هو اعجب.
فالملاحظ للرواية الثانية التي نقلها التنيسي انه روها و هي يحكي عن سؤال النصيبي و ليس عنه.
بالاضافة إلى تناسية كثير من قواعد السنة مثل قوله ان القول بأن الصوفية بين البدعة الكفر تستلزم خروج كل الطبقة الاولى بالتعين من اهل السنة و نسى او تناسى ان القول ببدعية الفعل غير القول ببدعية الفاعل ....
على العموم لا زلت في انتظار رد بعض الاخوة لنقل اراء كبار اهل العلم حول الموضوع و اتمنى ان يرد الاخ الحارث الهمام على ما ساقة الشيخ الفاضل ابو ادريس حتى تعم الفائدة.
ـ[حارث همام]ــــــــ[10 - 09 - 05, 11:45 ص]ـ
غفر الله لك أخي الكريم حنبل، أما لم أتناسى قواعد أهل السنة أبداً، وقد فرحت بردك هذا فإني أفهم من كلامكم هذا هو قولكم بوقوع الصدر الأول من أئمة الطائفة في البدعة أو الكفر، ولكن الذي هناك موانع حالت دون إنزال الحكم.
وهذه أمر جيد ما كان ليفهم أحد وأنت تنقل النقول حول زندقة الجنيد وتحيل في الروابط على وصفهم بالزندقة واحداً واحداً بعينه، ثم تعمم الأحكام التي لاعذر فيها البتة لأحد كالقول بالحلول والوحدة والثنية ونحوها.
أما كلام أهل العلم فبما أنك لم تجد من ينقله ولا أخالك تجد من ينقله عن مشاهير المحققين المعروفين منهم لا قديماً ولا حديثاً فيسرني أن أنقله لك أنا ولكن لعله على خلاف مرادك، وهنا يأتي الامتحان أتوافق أهل الحق والسنة في المسألة أو لا.
وقبل أن أعلق هذه النقول أعلق رداً على ما كتبه الأخوين الفاضلين أبو إدريس وحذيفة، وأسأل الله عزوجل أن يجنبنا الاغترار بالرأي والاعجاب بالنفس.
فبسم الله أبدأ وبه أستعين:
ـ[حارث همام]ــــــــ[10 - 09 - 05, 12:34 م]ـ
الحمد لله وكفى وبعد:
فشكر الله للأخ الكريم الفاضل أبو إدريس الحسيني كلماته وشكر الله له بيانه، وأسأل الله أن يجزيه خير الجزاء، وأن يجعله من خير الدعاة إلى الكتاب والسنة، تابع بإحسان لسلف الأمة، مجانباً طريق الغالين والجافين.
ومثله يقال للأخ حذافة، وأخبركم أيها الأخوان الفاضلان بأن تعليقكم قد سرني، ويسرني أن أتلقى كل تعليق أو كلام ألمس فيه نفس طلاب العلم وأرى فيه شيء من إنصاف، فهذا يؤذن بالوصل إلى نتيجة إن خلصت النيات ووفق رب البريات. في قضية يخلط فيها كثير من دعاة أهل السنة، وأحسب ذلك لغيرتهم عليها وما من عمل إلاّ وفيه للشيطان نزغة.
كما أني أرجو من مشايخي وإخوتي في هذا المنتدى المبارك أن يمحضوني النصيحة –بعد قراءة ما كتب وقيل- ولا يجاملوني وتلك أمانة أعلقها في أعناقهم (وإذا استنصحك فانصحه).
ولعلي هنا أعلق على كلام الأخ الكريم أبو إدريس وسوف يشمل ذلك بين طياته التعليق على ما علقه الأخ حذيفة، فأقول: ما ذكرتموه من:
-أهمية التحري قبل الإقدام على الطعن في مسلم، أصل نتفق عليه.
- وكذلك ما ذكرتموه من ضرورة بيان انحرافات بعض الصوفية -وقد أحسنتم بالتبعيض- وأزيد على ما قلتم بل عامة الصوفية المعاصرين، والتأسي في بيان ذلك بأئمة المسلمين فهذا أصل أوافقك عليه أيضاً. ولم أيقل أحد أن نشر ذلك من الغيبة المحرمة بل هو نصح للأمة والحمد لله على أن يكون المنشور ثابتاً عن المذكور وإلاّ فكفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع، فكيف إن كان ما يقال ويحكى تترتب عليه أحكام شرعية.
ثم يأتي ما تتباين فيه الرؤى، فما أفهمه هو:
- تبديعكم لكافة رجالات الطبقة الأولى المنسوبة للتصوف، اللهم إلاّ القليل الذي هو معذور، ظهر عذره، والأصل عندكم أنه مهما كان الرجل منتسباً إلى التصوف فليس من أهل السنة في الجملة.
فأنتم لاتوافقون شيخ الإسلام ابن تيمية في حكمه عليهم بقوله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/413)
"والتحقيق فيه أنه مشتمل على الممدوح والمذموم، كغيره من الطريق، وإن المذموم منه قد يكون اجتهادياً، وقد لا يكون، وإنهم في ذلك بمنزلة الفقهاء في الرأي، فإنه قد ذم الرأي من العلماء والعباد طوائف كثيرة، و القاعدة التي قدمتها تجمع ذلك كله، وفي المتسمين بذلك من أولياء الله وصفوته وخيار عباده مالا يحصى عده، كما في أهل الرأي من أهل العلم والإيمان من لا يحصى عدده الا الله، والله سبحانه أعلم".
لو قرأتم الردود السالفة فهذا هو قول الشيخ ابن جبرين والعلامة ابن إبراهيم والشيخ عبدالعزيز الراجحي، وغيرهم، بل لعله قول جل المحققين من أهل العلم قديماً وحديثاً، ولعله تأت الإشارة إلى شيء من ذلك في آخر الرد.
وقد بنيتم مخالفتكم له بناء على أن:
* النقول التي ذكرها الأخ حنبل عن المتقدمين صحيحة ثابتة مستفيضة.
* لا داعي للتكلّف في ردّها أو تقييدها بقيود لم يذكرها أصحابُ تلك النصوص.
وقبل الخوض في هذا ما هو تعليقكم حفظكم الله على ما ذكره المعلمي في التنكيل:"ولا يلزم من تثبيتي ثقة رجل من رجال السند ثبوت ثقة غيره، بل الأمر أبعد من ذلك، فإن المقالة المسندة، إذا كان ظاهرها الذم أو ما يقتضيه لا يثبت الذم إلا باجتماع عشرة أمور
الأول: أن يكون الرجل المعين الذي وقع في الإسناد ووقعت فيه المناقشة ثقة.
الثاني: أن يكون بقية رجال الإسناد كلهم ثقات.
الثالث: ظهور اتصال السند تقوم به الحجة.
الرابع: ظهور أنه ليس هناك علة خفية يتبين بها انقطاع أو خطأ أو نحو ذلك مما يوهن الرواية.
الخامس: ظهور أنه لم يقع في المتن تصحيف أو تحريف أو تغيير قد توقع فيه الرواية بالمعنى.
السادس: ظهور أن المراد في الكلام ظاهره.
السابع: ظهور أن الذام بنى ذمه على حجة لا نحو أن يبلغه إنسان أن فلاناً قال كذا أو فعل كذا فيحسبه صادقاً وهو كاذب أو غالط.
الثامن: ظهور أن الذام بنى ذمه على حجة لا على أمر حمله على وجه مذموم وإنما وقع على وجه سائغ.
التاسع: ظهور أنه لم يكن للمتكلم فيه عذر أو تأويل فيما أنكره الذام.
العاشر: ظهور أن ذلك المقتضي للذم لم يرجع عنه صاحبه. والمقصود بالظهور في هذه المواضع الظهور الذي تقوم به الحجة.
وقد يزاد على هذه العشرة، وفيها كفاية".
فهذه الأمور إذا اختل واحد منها لم يثبت الذم، وهيهات أن تجتمع على باطل". انتهى كلامه يرحمه الله. أهذا منهج صحيح أم هو تكلف وتعسف؟ إذا لم يكن فما قولكم فيما تعلمه من تكفير غير واحد من الأئمة والذي (ثبت ولايحكى) من إمام آخر؟
ثم لنتناقش –أخي الفاضل- حول ما ذكرتم على ضوء ما سبق بإنصاف، لا تحامل فيه ولا اعتساف.
ولنبدأ بما ذكرتموه حول النقول عن الشافعي، وأسأل الله أن يوفقني وإياك للصواب.
ولعل ردي السابق المتعلق بهذا الصدد أبنت فيه أن جل ما نقله الأخ الفاضل حنبل عن الشافعي ثابت، إلاّ ما بينته ولعله كما أعدت النقول التي ذكرها الأخ حنبل وفقه الله أعيد ما ذكرته هنا من تعقيب عليها:
"أما الشافعي فكلامه في التغبير ثابت بنصه أو نحوه، وقد عرضت ما يكفي جواباً على استدلالك به فإن كثيراً من أئمة التصوف المتقدمين ومن معاصريه لم يقعوا فيه بل حذر بعضهم منه. وعليه فإن الزنادقة الذين عناهم ليس فيهم من سمي لك، وأنت تقول الصوفية متقدمهم ومتأخرهم زنديق، والشافعي يقول من أحدث التغبير زنديق، وقد تبين أنه لم يحدثه أئمتهم المتقدمين والحمد الله. وقد خالف الإمام الشافعي في حكمه على التغبير غيره من الأئمة ولعله تأت الإشارة إليه. وأما الآثار الباقية فصحيحة غير أثر ابن المولد فهو مرسل بينه وبين الشافعي أكثر من قرن، وأثر ابن الجوزي لم يذكر سنده، وكل هذه الآثار لاتدل على ما ذهبت إليه من حكم على القوم بالقبورية والزندقة، ولاسيما متقدميهم، وكلام الشافعي يحمل على طوائف من الجهال، وليس فيه حتى تبديع لهؤلاء الجهال الذين فيهم المبتدع حقاً! "
قال حارث الهمام: ولازلت بحمد الله عند هذا القول.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/414)
أما التغبير فق نقلت عن الإمام أحمد كلاماً كان من نصه: "وأما التغبير فقد ثبت عنه قولاً آخر -بعد أن استمع للحارث المحاسبي ولآخرين- وهذا معروف في كتب الحنابلة، نقل ابن مفلح وغيره أنه كره التغبير ونهى عن استماعه وقال: بدعة ومحدث. ونقل أبو داود: لا يعجبني، ونقل يوسف: لا يستمعه، وقيل: هو بدعة؟ قال: حسبك. قال في المستوعب منع من اسم البدعة عليه ومن تحريمه، لأنه شعر ملحن كالحداء، والحدو للإبل ونحوه، واحتج قبل هذا بكراهة أحمد له على تحريم الغناء، ومن علم أنه إذا سمعه زال عقله حرم، وإن كان تارة وتارة لم يكره، ذكره في الفنون، ويتوجه: يكره، قال: والوعاظ المنشدون لغزل الأشعار وذكر العشاق كالمغني والنائح يجب تعزيرهم، لأنهم يهيجون الطباع. ونقل إبراهيم بن عبد الله القلانسي أن أحمد قال عن الصوفية: .. إلخ ما تعرفه.
وخبر رجوع الإمام أحمد عن القول بأن التغبير بإطلاق بدعة معروف، أما اشتهاره واستفاضته فأكثر مما ثبت بغير سند وزُعم أنه مستفيض عن مالك! فهذا كثير من كتب الحنابلة الأصول يذكره. ومع ذلك فقد أشار إلى ما يثبته الخطيب البغدادي في ترجمة ابن الخبازة بسند صالح إن شاء الله، وكذلك ما نقل من خبر الحارث بسند صحيح إن شاء الله، فالأقرب أن الإمام مال إلى التفصيل فيه بعد". وكلام شيخ الإسلام ابن تيمية في التفصيل فيه معروف.
وهنا أستدرك فأقول: خبر الحارث لامدخل له في مسألة التغبيير فليتنبه إلاّ أنه يبين وجه ذم الإمام أحمد له وأنه ليس لما كان فيه من زهد وعبادة عليها أئمة المتصوفة في ذلك العصر بل لما وقع فيه من كلام.
أما خبر ابن الخبازة فقد رواه الخطيب قال أخبرنا محمد بن علي بن الحسين التوزي حدثنا يوسف بن عمر القواس قال سمعت أبا بكر بن مالك القطيعي يحكى أظنه عن عبد الله بن أحمد قال كنت ادعو بن الخبازة وكان أبي ينهانا عن التغبير فكنت إذا كان عندي أكتمه من أبي لئلا يسمع قال فكان ذات ليلة عندي وكان يقول فعرضت لأبي عندنا حاجة وكانوا في زقاق فجاء فسمعه يقول فتسمع فوقع في سمعه شيء من قوله فخرجت لأنظر فإذا بأبي يترجح ذاهبا وجائيا فرددت الباب ودخلت فلما أن كان من الغد قال لي يا بني إذا كان مثل هذا نعم هذا الكلام أو معناه.
ولعل هذا سند صالح للاعتبار إن شاء الله فالقاضي التوزي فيه جرح خفيف لوهم أثر عنه ووثقه غير واحد فلا تخرج روايته عن حد الحسن.
فتبين من هذا أن الحكم على التغبير مسألة لايسلم الحكم على المخالف فيها بزندقة،
فهل توافق –أحسن الله إليك- على هذا أولا؟
إذا قلت أوافق فالحمد لله، وخير لك بعدها أن تحمل كلام الشافعي على ماوُجِه به فأنكرته –حفظك الله- بغير مسوغ ظاهر. فإن من عَرف لسان العرب أردك أن كلام الإمام مطلق يصح حمله كما خرجته للأخ حنبل سابقاً على طائفة مخصوصة، وليس فيه من ألفاظ العموم شيء.
ثم إن رددت هذا الذي دل عليه نصه يرجع السؤال ماذا تقول في قول الشافعي:
- أهو باطل؟ فليس كل من أحدث التغبير زنديق؟
- أم أن كل من أحدث التغبير زنديق؟
وإذا قلت يحكم على محدث التغبير بالزندقة فما هي حجتك؟ أهو إجماع أم كتاب أم سنة؟
ثم إذا أتيت بالحجة قيل لك: إن أئمة التصوف المتقدمين أنكروه، وأجل من روي عنه سماعه روي عنه الرجوع عنه، وقد نص على ذلك الأئمة كشيخ الإسلام ابن تيمية، بل ابن الجوزي قريباً من الموضع الذي نقل فيه عن مالك والشافعي!
وإذا كان الأمر كذلك فأبن –أيها الشيخ الكريم- كيف أنزلت كلام الإمام الشافعي على أئمة تلك الطبقة؟ والانصاف عزيز.
أما النصوص الأخرى فقد صححتُ نسبتها للشافعي أُنفاً فلا أدري لم تذكرها ههنا، وتقول بأني رددتها! غير أثر ابن المولد وما حكاه ابن الجوزي الذين لاتبدو صحتهما حتى اللحظة ولم تنقل فيهما مايذكر.
ألم يكن الأجدر أن تبين وجه الدلالة فيها على أن الصوفية المتقدمين مبتدعة؟
أما الذم فهو منقول عنه رحمه الله وما يفهم منه اتهام من عاصرهم بالسزاجة والبله، دون البدعة والزندقة، فهل عندك نقل عن الشافعي في حكمه عليهم حكما شرعيا؟
ثم هل حقاً تعتقد بأن كل من تصوف في تلك القرون كأمثال معروف الكرخي والفضيل بن عياض وبشر الحافي وعتبة الغلام وسري السقطي والجنيد بن محمد ... فهم ما بين مجنون أو غير عاقل أو أحمق؟ بل كافة الطبقة الأولى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/415)
إذا قلت نعم: كل أولئك حمقى والدليل (!!) هو قول الإمام الشافعي، يقال لك فقد قال الإمام الشافعي أيضاً: "ما رأيت سميناً عاقلاً إلاّ محمد بن الحسن"، وفي رواية ما رأينا سمينا عاقلاً إلا رجلا واحداً، وهذا مسند عنه.
فهل تحتج بهذا وتعده دليلاً على أن كل سمين أحمق؟ كما استدللت بقوله على أن كل صوفي ساذج أو أبله أو أحمق؟
أم تحمله على واقع معين أو طائفة مخصوصة عناها الإمام؟
أما قولك عفا الله عنك: " فللإنصاف أقول: إنّ ردَّ الأخ حارث لهذه النصوص غير مقبول من الناحية العلمية ... " فلا أنتصر لنفسي فيه غير أنه ينبغي التنبيه على أن شيخ الإسلام لايثبت عن الشافعي قوله في التغبير فقط بل يثبت عنه نحو ما نقلتم، أيضاً.
وما نازعت الأخ فيه هو دلالته على مراده، فإن كنت تستدل به على مراده فأبن الآن وجه الشاهد منه على مراد الأخ حنبل وفقا للمنهج العلمي الرصين الذي يتضمن جواب السؤالات الآنفة.
========================ما نسب إلى الإمام مالك====================
قلتم: "وأمّا القصّة التي ذَكَرها القاضي عياض في كتابه" ترتيب المدارك " والتي فيها استنكار الإمام مالك لأفعال شيوخ الصوفيّة الذين أُخبِرَ عنهم، فهي قصّة ثابتة عن الإمام مالك بدون أدنى شك". هكذا بكل هذا الجزم.
وهذا زعم قد سمعناه آنفاً، غير أنكم ههنا –وفقكم الله- احتججتم على صحته وثبوته بأمرين:
الأول: كثير من علماء المالكية ذكره واستند على فتاويه به، ثم من هم هؤلاء الكثير؟ ذكر تم اثنين أحدهما هو عبدالرحمن بن زيد الوغليسي (ت:786)! والآخر الإمام الشاطبي معاصر له، فهلا ذكرت عشراً أو عشرين من فقهاء المالكية الذين ملأوا الآفاق لتثبت هذا الكثير ... لعله سبق قلم غفر الله لك!
وتعلم أخي الكريم أنه بإمكان أي طالب علم أن يأتيك بقصص وأخبار لاتثبت عن الأئمة، معارضة لنقلك هذا، تكرر نقلها في غير كتاب من كتب الفقه بل ما أكثر ذلك في كتب الفقه، فضلاً عن التراجم والتواريخ، بل ما أكثره حتى في كتب الاعتقاد وليس ذلك دليل على صحة النسبة، ويأتي بيانه مفصلاً.
أما الحجة الثانية في زعم ثبوت النقل عن الإمام مالك فهي قولكم:
"ينبغي على طلاّب العلم، بل ويجب، أن يتنبّهوا لأمرٍ هام، وهو أنّ البحث عن إسنادٍ متّصل برواية الثقات التَّامِّي الضبط غير المعلل ولا الشاذ، إنما هو خاصّ بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ولايمكن سحبه على كلام غيره ... "
سبحان الله! رحمك الله انظر ما تقول. لو كان غيرك قالها!
ما الفرق بيننا وبين الرافضة إذاً!
الله عزوجل يقول: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) وحاصل قولكم هنا لا حاجة للتثبت من كلام غير الرسول، بل نأخذ الناس بالقيل والقال! أفبقول الله نأخذ أم بقولكم؟
أتراه منهجاً صواباً الحكم على الناس بالبدعة لأقوال ليس لها خطام أو زمام أهذا هو التحقيق الذي ينبغي أن يعلمه طالب العلم بل يجب!
أذكرك غفر الله لك بأن الحكم على الأشخاص بزندقة أو كفر أو بدعة أو فسق أو معصية، حكم شرعي لايقال بغير دليل، ولايقبل من كل دعي، (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين).
وهذا غير نسبتك قولاً لإمام تستأنس -لا تحتج- به و لاتبني عليه حكماً.
فأما إذا جاء الكلام عن الأحكام الشرعية المرتبة على ذلك القول فهنا تسأل عن الإسناد وهنا تسئل عن الدليل.
وكم رأيت إماماً محققاً يذكر له قول عن إمام فتراه يقول هذا لايثبت عن مالك، أو لايثبت عن أحمد، أو لايثبت عن الشافعي .... إلخ.
ألا ترى أن قولك هذا يفتح لأهل البدع الباب على مصراعيه ويجرؤهم عليك، فكيف ترد على من نقل لك القصص المنكرة عن الأئمة –وما أكثرها- إما استدلالاً بها على توسلهم بالصالحين، أو تبركهم بآثار المرضيين، أو نسبتهم إلى أقاويل لا دليل عليها ولا تعويل إذا كنت ترى أن ما قيل وحكي يقبل لمجرد تناقله في كتب الفقه أو التراجم وتكراره الذي يدل على اشتهاره –فيما أفهم- عندكم! وأمثلة هذا بالعشرات ولا أخالها تخفاك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/416)
ثم قلتم: "فأخبار الصحابة وفتاويهم ليس لجلّها أسانيد متّصلة، وكذلك السِّيَر والتواريخ والأشعار والمذاهب الفقهيّة وكتب الأئمّة أين أسانيدها؟ إننا إذا أردنا أن نمحّص كل ذلك على طريقة الأخ حارث همام فلن يمكننا الأخذ بأقوال مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة وغبرهم! فأين أسانيد أقوال مالك وفقهه؟ وأين سند كتاب الأم للشافعي؟ والرّواة لمذهب أبي حنيفة هما الحسن بن زياد اللؤلؤي ومحمد بن شجاع الثلجي ولم يُوثّقهما أحدٌ من العلماء ويمكنك مراجعة لسان الميزان لابن حجر".
سبحان الله!
ومن قال للناس احتجوا في دينكم بما لم يثبت، إذا لم تثبت لكم الفتوى عن الصحابي أو تبين لكم ضعف نسبتها إليه فكيف تسندونها إليه؟ لا أخالفك في أنها تنسب، ولكن هل تكون تلك النسبة حجة لك في ترجيح قول أو النقل عن أصل مستقر ثابت الأصل استصحابه؟
بيد أن في كتب أهل العلم بحمد الله نقل كثير من علمهم وفتاواهم وأقوالهم بالأسانيد المقبولة وأما ماعداها مما لم تصح نسبته إليهم فلا ينسب إلاّ على سبيل النسبة بما يذكر من غير أن ترتب عليها الأحكام والاختيارات التي تتعبد الله بها.
واعلم أخي الكريم أنكم في هذا الكلام:
1 - خرقتم الإجماع المنعقد على خلافه، فقد قال سائر أهل العلم وجماعة أصحاب الحديث في كل الأمصار أن الإنقطاع في الخبر علة في إيجاب العمل به، سواء عارضه خبر متصل أو لا نقل هذا الإجماع غير واحد منهم ابن عبدالبر ومنهم ابن القطان تجده في الإقناع في مسائل الإجماع (1/ 67).
2 - ثم كأني بكم خلطتم والله أعلم في كلامكم بين مسألة نسبة الكتب إلى الأئمة، ونسبة الأقوال، أما نسبة الكتب فهي على ضربين:
الأول: كتب عُلمت صحة نسبتها إلى أصحابها، كالموطأ للإمام مالك، والمدونة لسحنون، فهذه عليها المعتمد في نقل أقواله ولايطعن فيها عاقل. وكذلك نسبة كتاب الأم للإمام الشافعي من رواية الربيع بن سليمان وكذا كتب أصحاب السنن والصحاح والمسانيد وغيرها.
فتلك نقلت عن رواة معروفون، ونسخت، ثم تناقلتها الأجيال من بعدهم جيلاً عن جيل يقتنيها أهل العلم وينتقل المخطوط من يد إلى يد إلى حين يطبع.
وضرب آخر من الكتب لم تثبت نسبتها بسند صحيح إلى مؤلفيها رغم تناقل الأجيال لها، مثل رسالة الاصطخري التي ينقلها عن الإمام أحمد، ووصية الإمام أحمد إلى مسدد بن مسرهد البصري من رواية البردعي، وعقيدة الإمام الشافعي التي يرويها أبوطالب العشاري. ونحو هذه الرسائل التي لم تجي أصلاً من طريق ثابت صحيح، كطريق الاصطخري، والبردعي، وأبي طالب العشاري، رغم اشتهارها وضع خطاً تحت اشتهارها فهذه مشتهرة بحق وبنصوص الأئمة.
فهذه الأخيرة مع ذلك تباينت فيها مناهج المحققين من أهل العلم، فبينما يقبلها بعضهم ويعول عليها في النسبة إجمالاً لايقبلها آخرون، فالرسائل السالفة يستأنس بها شيخ الإسلام والإمام ابن القيم وينسبانها -بناءً على الاستفاضة- منها (بعض) الأقاويل للأئمة بها. ويقبلونها جملة لا بكل تفاصيلها.
وهذا هو المنهج الذي يبدو للمتأمل أنه الحق فإن تناقلها مع اشتهارها بين أهل العلم من دون نكير دليل على إقرارهم ما فيها وعلى قبولها في الجملة، بيد أن هذا لايعني قبول كل الأقوال المفصلة فيها، فقد يكون فيها ما لم يضبط أو لم يفهم أو نقل على غير وجهه، وهذا يعرف بتتبع أقوال الإمام الأخرى، شأنها مثل شأن صحيفة علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في التفسير. فله واسطة معلومة قد يأخذ من غيرها، وكذلك ما مثلتم به وذكرتم أنه ليس له سند (!) وهي صحيفة عمر رضي الله عنه في القضاء، من طريق سعيد عن جده، وقد علم أن سعيدا يأخذ من والده. وهذا كاف إن كنتم على رأي من لايقبلون الرواية بالوجادة مطلقاً (وهذا الرأي في نسبة الكتب سبق لي نقاشه مع أحد المشايخ الأفاضل ممن يرون الرأي الآخر –عدم صحة النسبة مطلقاً- في هذا المنتدى المبارك يمكن الرجوع إليه). فالشاهد هذه الكتب ينجبر ضعف بعض رواتها أو جهالتهم بتلقى الأجيال لها، إلاّ ما استنكر فيها فلابد أن يثبت هذا عمل طائفة ولعله هو الصواب. ثم إن تلقى أهل العلم لها بالقبول إما أن يكون إجماعاً أو لايكون، فإن كان فلا يلحق ما أجمعوا عليه وأجماعهم حجة بما لم يجمعوا عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/417)
أما الرأي الآخر فيميل إليه طائفة من المحدثين من أمثال الإمام الذهبي وهو أن تلك الكتب (كنحو التي أشير إليها) لاتقبل ولاتصح نسبتها إلى الأئمة بمثل ذلك أصلاً، ولهذا قال معقباً على وصية الإمام أحمد والتي نقلها ابن عبدالله وغيره قال: "فهذه الرسالة إسنادها كالشمس فانظر إلى هذا النفس النوراني، لا كرسالة الاصطخري، ولا كالرد على الجهمية الموضوع على أبي عبدالله، فإن الرجل كان تقياً ورعاً لا يتفوه بمثل ذلك، ولعله قاله. وكذلك رسالة المسيء في الصلاة باطلة وما ثبت عنه أصلا وفرعاً ففيه كفاية" ويظهر أن هذا خلاف لمنهج شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية وشمس الدين ابن القيم الذين مع معرفتهما بهذا الشأن بل مع إمامتهما فيه يحتجان بتلك الرسائل في الجملة. اللهم إلاّ بعض العبارات كإثبات الفم لله ونحو ذلك مما يتوقف فيه أهل السنة لعدم وروده، فهذا يبعد أن يقول به الإمام أحمد وإن جاء في بعضها فهذا يرد خاصة ويقال أخطأ فيه الراوي وهو محل للخطأ أو مجهول أو نحو ذلك. فإن قبول أهل العلم وتناقلهم لها بغير نكير يشير إلى صحتها إجمالاً.
وبعد هذا كله فإن هذا شيء وما نحن فيه صدد آخر، فالعبارة محل النزاع عن الإمام مالك لم تؤثر عن كتاب مختلف في نسبته إليه، ولو قلت لك أثبت أن كتاب ترتيب المدارك –بالسند المتصل غير الشاذ أو المعلل- هو للقاضي عياض لحق لك أن تعترض بمثل ما ذكرت.
وإنما خلافي معك في أثر معلق بينه وبين صاحبه قرون.
فهبه يروي عن التنيسي الثقة [ولي تعليق على هذا يأتي] فالخبر علقه القاضي عياض، ومعلقات الكتب الأشهر والتي ألفها أئمة أثقل وأجل في هذا الشأن من عياض وأقرب إلى عهد الرواة لاتقبل فكيف بمعلقات ومعضلات ومنقطعات القاضي في القرن السادس؟!
والحاصل إذا أردت أن تستأنس بالأشعار والأقوال فلك ذلك، أما إذا أردت أن تحتج بها في الكفر والإيمان، والبدعة والفسوق، والحلال والحرام عند منازع لك في بعضها فأنت مطالب عندها بالتثبت، ولهذا أنكر أئمتنا ما يروى من قول الأخطل –أو غيره:
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما ...
وقول الآخر:
قد استوى بشر على العراق ...
لما جاءت في موضع الاستدلال والاعتقاد.
أما مجرد الرواية فلا يعني الاحتجاج والاستدلال، وهل تقرر حكماً بحديث ليس له سند [ولا أقول فيه ضعف] اشتهر؟
وأما قولهم: "شهرته تغني عن إسناده" في بعض الآثار النبوية فربما احتمل هذا لحديث علم سنده وإن كان ليس بذاك فتلقى الأئمة له بالقبول دون نكير ربما دل من لم يقف على أسانيده بأن أصله هذا يتقوى بغيره، فإن وجد من هذا شيء كان قبوله أقرب لقبول الإجماع الذي لم يعرف أصله، كما قالوا في تحريم القرود من غير أثر ولانظر.
ومع ذلك تجد نزاع أهل العلم في هذا كثير ومخالفتهم حتى في المثال المنقول على الرغم من أن له أصلاً، فكيف بأثر لا سند له! وهل وجدت أثراً واحداً لايعرف له سند يعرف قالوا شهرته تغني عن إسناده؟
أما أثر ابن عمر فغريب ما ذكرتم –بورك فيكم- من أنه لاسند له! ألا ترى ابن القيم يصدر ذكره في الموضع الذي أحلت عليه بذكر سنده؟! ثم هلا دللتني أين قال رحمه الله شهرتها تغني عن إسنادها؟ فقد راجعت كلامه على عجل ولم أجده في هذه الصحيفة فأرشدني إليه مشكوراً. علماً بأنه قد قالها في مواضع أخر كلها لها أسانيد ربما كانت واهية ترقى إلى الحسن بمجموعها عن طائفة من أهل العلم.
ولعله يغني المنصف عن الخوض في هذه المسائل هنا كون هذا الأثر لايعرف له سند أصلاً بين القاضي عياض –وهو يروي الصحيح والسقيم- وبين من نسب إليه أياً كان.
بل لم يقل أحد من أهل العلم أو الأئمة المعتبرين بأن الأثر الذي نحن بصدده شهرته تغني عن إسناده!!
بل هل تعلم بأن بعض فقهاء المالكية ينص على جواز ما أنكر فيه كأبي العباس الصاوي صاحب الحاشية على الشرح الصغير! فهل ضل عن المالكية قول إمامها المشتهر؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/418)
أخي الكريم لو سلكت هذا المسلك في الحكم على مثل هذه الآثار فماذا تقول لمن يجيئك فيذكر لك ما أورده ابن القيسراني المقدسي (محمد بن طاهر)، في صفوة التصوف محتجاً به على صحة سماع الصوفية، وعن مالك نفسه! فقد ذكر عن مصعب الزبيري قال حضرت مجلس مالك بن أنس فسأله أبومصعب عن السماع فقال: ما أدري، أهل العلم ببلدنا هذا لاينكرون ذلك، ولايقعدون عنه، ولاينكره إلاّ غبي جاهل أو ناسك عراقي غليظ الطبع؟!. [انظره ط المنتخب العربي ص328 - 329].
وماذا تقول لمن يجيئك فيروي لك أثر الإمام أحمد لما سئل عن الصوفية فقال لا أعلم أقواماً أفضل منهم! قيل إنهم يستمعون ويتواجدون؟ قال دعهم يفرحون مع الله ساعة!
سبحان الله! أيقبل مثل هذا بحجة الاستفاضة لأن بعض الفقهاء ذكره وتكرر ذكره عندهم [أستطيع أن أنقله عن خمسة كتب –لا اثنين- بدون بحث وعناء].
ثم أنتم قلتم بارك الله فيكم: "نعم إذا كانت المسألة تتعلّق بالحكم على مسلم بالكفر أو الزندقة ولم تكن مشهورة ومستفيضة فعندها ينبغي علينا التحرّي وتوخّي ثبوت المسألة".
وهذا فيه حق. إذ التثبت مطلوب حتى وإن استفاض الخبر وانتشر، ولهذالم يعذر من وقع من أفاضل الصحابة في حادثة الإفك وحُد إلاّ من عُفي عنه، مع أن الخبر مستفيض منتشر! واقرأ –حفظك الله- قول الله تعالى-ولن تعدم أجر القراءة بقلب حاضر-: (ولولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا هذا إفك مبين * ولو لا جاءوا بأربعة شهداء فإذا لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون * ولولا فضل الله عليكم ورحمته لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم * إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم * ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم * يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبداً إن كنتم مؤمنين).
(إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد).
فما استفاض ولم يثبت عن شخص فلا يحكم به عليه، وإن كان الأمر حداً لايتجاوز كونه عقوبة دنيوية، فكيف بالأحكام العظام كأحكام التكفير والزندقة والتبديع، أخي الكريم البينة على المدعي، والاستفاضة إذا لم يكن لها مستند ليست بينة.
وكم من عَلَمٍ إمام استفاضت عنه أمور بين العوام بان بطلانها وثبت كذبها.
بل النبي صلى الله عليه وسلم الذي من كذب عليه متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ما أكثر ما اشتهر عنه وهو باطل ليس له أصل إليه.
مسألة الراوي أهو التنيسي أو النصيبي أم كلاهما؟
أما قولك بأن القصة رواها القاضي عياض عن التنيسي فمبناه عندكم على:
1 - الطبعة المغربية -وليست عندي- للمدارك جاء فيها ذكر التنيسي ومع أني من ثقة في نقلكم إلاّ أن مراجعتها مهمة على الأقل لنعرف الأصول المخطوطة المعتمدة عندهم فلعله تتيسر مراجعتها.
2 - نقل فقيهين من فقهاء المالكية لها عن التنيسي.
3 - نقل بعض المعاصرين لها كذلك. وهذا لا دلالة فيه إذ النقل عن ما أشير له في (1) و (2)، ولذلك أزيدك مع من ذكرتم محمد أبو الأجفان في جمعه لفتاوى الشاطبي ص251. فكل هؤلاء ينقلون عن المطبوع.
ولعله ربما كان لكلامكم وجاهة، ولكن الجزم بهذا موقوف على الوقوف على مخطوط جيد لترتيب المدارك.
أما استبعادي لرواية التنيسي لها فلأن:
1 - طبعات المدارك التي رأيتها كطبعة دار الحياة بيروت مع دار الفكر طرابلس ص180 جاء فيها المسيبي وهذه في الخط شبيهة بالنصيبي يسهل التصحيف فيها وليست شبيهة بالتنيسي فالميم قد تختلط بالصاد والنقط ولاسيما المغربي مشكل وإن كانت نسخة المخطوط واضحة لارطوبة فيها ولا أرضة لحقتها، فلا عجب إذا أخطأ أحدهم فجعلها التنيسي لكونه معروف بالرواية عن مالك.
2 - ولأن ابن الجوزي أورد الخبر على النصيبي وابن الجوزي ينقل عن أصوله وحسبك بالأصول في عصره نفاسة لقرب العهد، ويبعد أن يكون ابن الجوزي وقف على رواية –أنتم تزعمون أنها مستفيضة مشتهرة- عن التنيسي ثم ينقل بعدها عن النصيبي الذي ذكره في الضعفاء والمتروكين وقال منكر الحديث. والتنيسي يبعد اختلاطها بالنصيبي على المحققين.
3 - أن ابن الجوزي سماه عبدالملك بن زياد وهذا هو النصيبي فلا احتمال آخر، بينما النسخ الأخرى التي أشرتم إليها لم تذكر إلاّ الاسم المحتمل وقوع التصحيف فيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/419)
وبعد هذا لا ألومك إن رأيت أنه التنيسي ولكن ثبت السند عنه، ولعل الوقوف على بعض المخطوط يفصل النزاع في المسألة. بل العثور على السند سوف يفصل القول في المسألة بمعرفة التلاميذ النقلة وأنا أستبعد أن يروي التنيسي عن مالك خبراً ويغفل إسناده ويهمل فلا يذكر.
وإلى ذلك الحين القصة منقطعة من هذا الطريق لاتثبت فدون الإمام التنيسي والقاضي عياض مفاوز وقرون!
وأما القول بأنه قد رواها هذا ورواها هذا فمحتمل، ولكن يبعد أن يختار ابن الجوزي رواية عبدالملك ورواية ذلك محفوظة مأثورة. والأصل أن لانثبت شيئاً لم يثبت سنده مع احتمال غلطه، فمن أنكر تلك الرواية هو على الأصل الذي هو العدم، ومن نقلها مصوبها مع الاحتمال احتاج إلى أن يبرهن قوله.
ومع هذا أقول يا إخوان –حفظكم الله- لنقل إنها ثبتت عن التنيسي فإن الناقل للخبر المستشهد به رجل مجهول من نصيبيين لاتعرف حاله، حكى قصة أشبه بالطرفة لا تطابق ما عليه صوفية ذلك العصر من التقلل في المأكل وما تواطأ على نقله المحققون من أن أول مبتدأهم الزهد، مع رميهم بأفعال لم تظهر إلاّ في المتأخرين كالرقص! وقد ذكر ذلك ابن الجوزي في تلبيسه عليهم بالتقلل من المأكل، ونص على ما يفهم منه أن الرقص ما ظهر إلاّ متأخراً الشاطبي نفسه وسيأتي إن شاء الله، فهذا يدل على نكارة ما أخبر به ذلك الرجل من أهل نصبيين ولهذا أنكره مالك وقال ما سمعت أن أحداً من أهل الإسلام يفعل هذا، مع أنه يعرف الأئمة المنتسبين إلى التصوف في ذلك العصر، والإمام مالك ليس بجاهل منقطع عن الناس تخفى عليه أحوالهم، فهذا كله يدل على أن الخبر منكر، وهو مع نكارته يحكى صورة معينين لايتعداهم الحكم إلى من كان ينكر عليهم ذلك حتى من المتصوفة الذين جاءوا من بعدهم.
أما الزعم بأن هذه القصة مستفيضة فدعوى، وهي مع كونها دعوى، لاحجة فيها كما أشير إليه. ومع ذلك فلو ذكرها ذاكر لأجل الاستئناس بها على أصل صحيح وهو حرمة الرقص وتلك الأفعال المذكورة فلا بأس ولعله لهذا أوردها الشاطبي والوغليسي.
ومن العتاب الذي ينبغي أن يوجه هنا لأخينا الفاضل أبو إدريس:
1 - نقلتم فتوى الشاطبي عن المعيار المعرب لتستدلوا بها على إنكار مالك على صوفية ذلك العصر، ولا أدري لماذا تغافلتم عما نقله قبيل قول مالك من كلام الحارث المحاسبي –قال حارث الهمام: وهو في رسالة المسترشدين- نفسه مستدلاً به على نكارة ما جاء في الفتوى الموجهة إليه من صنيع أولئك المتأخرين؟! ألأن هذا يثبت سلامة أئمة ذلك الصدر من تلك البدعة؟ أرجو أن لايكون كذلك! [انظر آخر الصفحة قبل التي أحلت عليها في المعيار المعرب!]. وهذا الصنيع أشبه بصنيع من نقل عن ابن الجوزي الفتوى من طريق النصيبي وتغافل عما نقله عن أئمة تلك الطبقة من المتصوفة في هذا الصدد –فأين الإنصاف- فابن الجوزي نقل النهي عنه جماعة منهم أبوعلي الروذباري والجنيد وأبوالحسن النوري، بل علق قائلاً: "هذا قول مشايخ القوم، وإنما ترخص المتأخرون حب اللهو فتعدى شرهم من وجهين؛ أحدهما: سوء ظن العوام بقدمائهم لأنهم يظنون أن الكل كانوا هكذا، والثاني: أنهم جرأوا العوام ... " ولكن عين السخط تبدي المساوي!
2 - ذكر الشاطبي في الاعتصام الفتوى المذكورة بنحوها فكان مما قال: "ثم إن الجواب وصل إلى بعض البلدان، فقامت القيامة على العاملين بتلك البدع، وخافوا اندراس طريقتهم وانقطاع أكلهم بها، فأرادوا الانتصار لأنفسهم، بعد أن راموا ذلك بالانتساب إلى شيوخ الصوفية الذين ثبتت فضيلتهم، واشتهرت في الانقطاع إلى الله والعمل بالسنة طريقتهم، فلم يستقر لهم الاستدلال لكونهم على ضد ما كان عليه القوم، فإنهم كانوا بنوا نحلتهم على ثلاثة أصول الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، في الأخلاق، والأفعال، وأكل الحلال، وإخلاص النية في جميع الأعمال، وهؤلاء قد خالفوهم في هذه الأصول، فلا يمكنهم الدخول تحت ترجمتهم. وكان من قدر الله أن بعض الناس سأل بعض شيوخ الوقت في مسألة تشبه هذه لكن حسن ظاهرها بحيث يكاد باطنها يخفى على غير المتأمل ... " إلخ، فها أنت ترى الشاطبي يقسم المتصوفة إلى ما ترى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/420)
أما قولكم –أحسن الله إليكم-: "وبالمناسبة إنّ الأخ حارث اعتمد على كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في نفي حدوث هذا الرقص الصوفي في القرون الثلاثة الأولى. والذي أفهمه من كلام ابن تيميّة أنّه يقصد قرن الصحابة والتابعين وتابعيهم، ولا يقصد المئة الأولى والثانية والثالثة! وكما تعلم فإنّ الإمام مالك هو من تابع التابعين وقد ولدَ سنة 93هـ فتنبّه".
أقول: شكر الله لك وكثر فوائدك، هذا كلام جيد وتصويب وجيه، وكما تفضلتم فإن الإمام مالك من كبار تبع التابعين كسفيان عليهما رحمة الله، وهو داخل في القرون المذكورة فيشملهم نفي شيخ الإسلام فلا ينتقض الاعتراض بما ذكرته والحمد لله غير أني أحببت أن أشكر لك التنبيه وأنبه على أنه لم يفد في خرم ما قررته على قول شيخ الإسلام شيئاً.
ثم قلت بورك فيك: "وأُحبّ أنْ أنبّه الأخ حارث أنّه قد ارتكبَ خطأً عند كلامه على الشيخ الجُنيد، فقد سَرَدَ أقوال العلماء الذهبي وابن النجار والسمعاني في ترجمة أبو القاسم الجنيد المحدّث المعروف المتوفّى سنة547، ولكنّه جَعَلَها في ترجمة الجُنيد صاحب السري السقطي المتوفى سنة 298!!
وهذا خلط عجيب لا ينبغي أن يصدر منه وخصوصاً وهو يتحدّث عن الإسناد والتثبّت! وجلَّ من لا يُخطئ".
وأقول: جزاك الله خيراً على التنبيه فقد أصبتَ وأخطأتُ فشكر الله لك التنبيه.
ولهذا الخطأ قصة فوالله ما تعمدته، ولا أذكرها ليفهم منها تبريري بها فهذا خطأ لم أتنبه له فجزاك الله خيراً على تنبيهي فتنبهوا أيها الناس.
غير أن ثناء الأئمة كالذهبي وغيره على الجنيد بن محمد سيد الطائفة كثير فلا يؤثر هذا في موضوعنا.
ثم قلتم: "ولكن المشكلة أنّ القرّاء ظنّوا أنّ الشيخ الجنيد هو من المحدّثين والأئمة والأصوليين. والأمر ليس كذلك لأننا إذا رجعنا إلى ترجمة الذهبي للجُنيد سنجده يقول: (الجنيد بن محمد بن الجنيد النهاوندي ثم البغدادي القواريري، والده الخزّاز هو شيخ الصوفيّة، وتفقه على أبي ثور، وسمع من السري السقطي وصحبه ... إلخ انتهى ثمّ ذَكَرَ بعض ما قيل فيه من الثناء وروى بعض أقواله.ولكنّه لم يصفه بالإمام القدوة والمحدّث كما فعل مع الجنيد القايني".
أما ظنهم فإن صدق ما قلته فهو ظن صحيح مطابق للواقع! وإن كان طريق إثباته بذاك النقل عن الذهبي ليس بصحيح.
وقد وصف الجنيدَ الذهبيُ نفسه بأنه ممن أتقن العلم (السير 14/ 66)، فليس في هذا الظن باطل، ونقل إفتاؤه في حلقة أبي ثور –وناهيك به- وهو في العشرين فئام، ونقل عن الخلدي قوله: لم نر في شيوخنا من اجتمع له علم الجنيد، كانت له حال خطيرة، وعلم غزير، إذا رأيت حاله رجحته على علمه، وإذا تكلم رجحت علمه على حاله.
ثم قال الذهبي في ختام ترجمته: "رحمه الله وأين مثل الجنيد في علمه وحاله". فهلا أشرت إليه غفر الله لك.
وأما وصفه بالإمامة فما قيل فيه أكثر مما قيل في المحدث الذي نقلت عنه قال عنه شيخ الذهبي شيخ الإسلام ابن تيمية: "فإن الجنيد قدس الله روحه، كان من أئمة الهدى". وقال: "والوقوف عند هذا الجمع، هو الذي أنكره الجنيد وغيره من أئمة طريق أهل الله أهل الحق".
أرأيت كيف كانت النتيجة واحدة والظن الذي انقذف في ذهن من انقذف صحيح؟ بل ربما كان دون قدر الإمام الجنيد قدس الله روحه!
أما قولكم –حفظكم الله-: "وفي الختام: إنّ الصوفيّة مذ ظهرت في الإسلام لم تكن مرضيّة ولم يسلكها الأئمّة المتّبعون، وإنّما نُسِبَ إليها أشخاص أفاضل أمثال الفُضيل وبشر الحافي ولا شأن لهم بها، كما أنّه إنتَسَبَ إليها رجالٌ عبّاد وزهّاد وأهل صدق وصلاح أمثال الجنيد والسري السقطي وتَنَزّهوا عن كثيرٍ من أفعال الصوفيّة المخالفة للشرع ولكن هذا لا يعني أبداً أنّ باقي رجال الصوفيّة الذين هم من طبقتهم كانوا على حالٍ مُرْضِيَة، والصحيح إطلاق الذم على الصوفيّة واستثناء أمثال الجنيد. على أنّه لا يمكن أن نتجاهل كون الجنيد أو السري أو المحاسبي قد خاضوا في أمور محدثة ليست من الدين وقد تسبب ذلك في إحداث خَرْقٍ في الدين مازال يتّسع حتى ادّعى الحلاج ـ وهو صاحب الجنيد ـ الحلولَ والاتحاد".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/421)
أما ما ذكرته حول الفضيل بن عياض وبشر الحافي فمتأخروا الصوفية ومتقدميهم الذين ألفوا في تراجمهم أجمعوا على أنهم منهم، ثم هم شيوخ من جاء بعدهم فسري السقطي صاحب بشر ومن ملازميه والجنيد من أصحاب السري، وعلى كل حال كونك لا تراهم منهم لايؤثر في المسألة كثيراً إن سلمتهم من البدعة وإن خولفوا في بعض الاجتهاد فلا مشاحة في الاصطلاح حينها، فما كتبتُ ردودي هذه إلاّ ذبا عن أعراض أولئك المتقدمين الذين نقل ما يفهم منه في حقهم ما لاينبغي.
غير أنه يحسن التنبيه هنا إلى أن التصوف اصطلاح وأهل هذا الاصطلاح يجمعون على أن أولئك داخلون فيه، وأنت تريد أن تخرجهم منهم لأنك قررت أصلاً لم يسبقك له إمام محقق -[أعني رميهم بالبدعة عموماً لواحد منهم]- مخالفاً لاصطلاح القوم لماذا لأنك اعتقدت أولاً ثم نظرت ثانياً وهذا لاينبغي في حقك. بل ينبغي أن تنظر في اصطلاحهم –عوضاً عن مغالطته- ثم تحكم عليه مفصلاً كما هو شأن المحققين من أهل العلم.
وقد نص على من أخرجتهم من التصوف أنهم من جملة المتصوفة أهل العلم، كشيخ الإسلام ابن تيمية ووافقه مؤرخ الإسلام أحمد البلوي المعروف بالبرزلي جاء في فتاواه (ط دار الغرب 6/ 203):
"وأهل التصوف ثلاثة أصناف:
1 - قوم على مذهب أهل الحديث والسنة، كهؤلاء المذكورين [قال حارث وهؤلاء المذكورين الذين سماهم فيهم من زعمت أنهم ليسوا صوفية فقد ذكر الفضيل بن عياض، وإبراهيم بن أدهم، والداراني، ومعروف الكرخي، والسقطي، والجنيد، وسهل بن عبدالله، وعمر بن عثمان المكي ونعتهم بالتصوف قبلها]. ثم إذا كان ابن الجوزي يقرر أن اسم التصوف ظهر قبل المائتين فمن هم رجاله ياترى قبلها إن لم يكونوا هؤلاء؟!
2 - وقوم على طريقة بعض أهل الكلام من الكلامية وغيرهم.
3 - وقوم خرجوا إلى طريق الفلسفة مثل من سلك مسلك رسائل إخوان الصفا ... " راجعه لزاماً.
أما القول بأن كل أصحاب الفرق الباطنية كانوا كانوا في الأصل من أصحاب السري والجنيد ... فتلك دعوى لابأس من تباحثها، على أن رأسي المعتزلة كانا من تلاميذ إمام السنة الحسن البصري، فهل يقدح هذا فيه عندكم؟ وهكذا حال كثير من الزائغين المنحرفين ولهذا صح وصفهم بالزيغ والانحراف عن السنة وأهلها.
وأما ترجمة الحلاج فقد قرأتها –بحمد الله- في غير موضع وها أنا أستجيب لدعوتك الكريمة فأقرؤها ثانية من السير وأنقل لك منها قول الذهبي: "وتبرأ منه سائر الصوفية والمشايخ والعلماء" [السير 14/ 314].
وقال نقلاً عن ابن الوليد: "كان المشايخ يستثقلون كلامه، وينالون منه".
ونقل أيضاً: " .. أبو عبدالرحمن السلمي، أخبرنا محمد بن الحضرمي، عن أبيه، قال كنت جالسا عند الجنيد، إذ ورد شاب عليه وجلس ساعة، فأقبل عليه الجنيد فقال له سل ما تريد أن تسأل!
فقال: له ما الذي باين الخليقة عن رسوم الطبع؟
فقال الجنيد: له أرى في كلامك فضولا، لم لا تسأل عن ما في ضميرك من الخروج والتقدم على أبناء جنسك؟
فأقبل الجنيد يتكلم، وأخذ هو يعارضه، إلى أن قال له الجنيد أي خشبة تفسدها يريد أنه يصلب".
ونقل كذلك تكفيره عن بعض أئمة المتصوفة وكل هذا في ترجمته التي أحلت عليها!
ولعل مما لايعلم عنه أنه كان يبدي للعامة أنه متصوف ليغرهم، كما يظهر لآخرين كالسلاطين والشيعة أنه منهم [الأصفهانية 115]. ذكر ذلك شيخ الإسلام وذكر أيضاً أن من غالية الشيعة من يعتقد ألوهيته [2/ 296].
قال شيخ الإسلام: "وليس أحد من مشايخ الطريق لا أولهم ولا آخرهم يصوب الحلاج في جميع مقاله، ... " ...
وتبرؤهم منه معروف محفوظ فلماذا ذكرته!
ثم قلتم: "ونحنُ عندما نقف على وصف ما كان عليه الجنيد من العبادة والزهد وسمو الأخلاق لا يسعنا إلاّ أن نشهد له بذلك، وبالمقابل إذا قرأنا بعض أقواله التي ليست من معين الهدي المحمّدي فلا يسعنا إلاّ أن ننكر عليه ذلك".
ليس هذا محل الخلاف ولكن هل تبدع مثل هذا أو تقول اجتهد فأخطأ كما اجتهد كثير من العلماء فأخطأ؟
وهل تثبت عنه كل ما ينسب إليه من المجاهيل وما كذب عنه بدعوى الاستفاضة! أم تتحرى عندما تنسب بدعة أو كفر إليه؟
ثم قلتم: "وبالمناسبة إنّ ماذكره الأخ حارث عن المحاسبي والقشيري و أبي نُعيم لا نسلّم له به".
دعني –أخي الفاضل- من أمر الحارث الآن فإن لي فيه تعقيب وموضوع أحيلك على رابطه ولك أن ترد على أن تناقشه نقاشاً علمياً:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/422)
وهذا هو الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=28486
أما القشيري! فأين أثنيت عليه في كلامي وأنا أعرف أنه مخالف للسلف في مسائل من الاعتقاد!
كل ما هناك أني نقلت عنه كما نقل أخٌ كريم عن ابن الجوزي وهو مثل القشيري عليه مآخذ في الاعتقاد وحسبك بدفع شبه التشبيه شاهداً، بل بما أشار إليه في تلبيس إبليس من تلبيسه في العقائد، حتى إن شيخ الإسلام ابن تيمية ذكره بكلام شديد لايحسن أن أسترسل فيه فعفى الله عنه ورحمه.
وليس في كلامي تعظيم للقشيري بل هناك تعظيم ممن ينقل عن ابن الجوزي ذمه للصوفية!
بل قد ذكرت القشيري في معرض النقد وبينت أنه دون الأوائل حتى في العلم بطريق الصوفية المتقدمين المستقيمين.
بينما يصف آخرون ابن الجوزي –وهو على عقيدة التفويض والقول بجواز التبرك غفر الله له ورحمه وتجاوز عنا جميعاً- بالإمامة؟! فأسألك بالله من كان أجدر بإنكارك؟ وأنت أهل للإنصاف إن شاء الله.
وقولك: "وأمّا أبو نُعيم فإنّ الإمام ابن مندة كان معاصراً له ومن بلده وكانا يُكفّران بعضهما! والحديث في هذا يطول ولا أريد أن أفتح هذا الباب".
إذا لم ترد أن تفتحه فلماذا تذكره!!
وعلى كل ثناء العلماء على أبي نعيم معروف إن فتحت الباب نقلته لك.
قلتم: "ولكن أحببتُ أن أقول للأخ حارث أنني أظن أني فهمت مرادك وكان يكفيك أن تقول ... " إلخ.
هذا فيه شيء من مرادي، ليس كله باطلا، وليس كله صوابا.
ومع أني أشرت إلى مرادي مراراً إلا أني أكرره هنا حتى لا يتأول عني مراداً لا أريده:
1 - لا يحل لي أن أرى أحداً يخوض في أعراض بعض الصالحين المرضيين من مقدمي هذه الأمة ويتهمهم بالزندقة وينقل الأقوال في ذلك ثم أسكت عن بيان عوارها إيثاراً للسلامة. وكان جدير بك –أخي الكريم- أن تذب أنت عن أعراضهم طالما أن رأيك حسن فيهم تعذر مخطأهم باجتهاده أو على الأقل تنكر وصفهم بالزندقة ورمي بعض من سموا بالبدعة.
2 - الحق الذي يظهر للمتأمل بعد البحث أن الطبقة الأولى من أئمة أولئك القوم المنتسبين المنسوبين للتصوف كانوا من أهل السنة في الجملة، وأن طريقهم الحق فيه كما قال شيخ الإسلام ابن تيمة:"والتحقيق فيه أنه مشتمل على الممدوح والمذموم، كغيره من الطريق، وإن المذموم منه قد يكون اجتهادياً، وقد لا يكون، وإنهم في ذلك بمنزلة الفقهاء في الرأي، فإنه قد ذم الرأي من العلماء والعباد طوائف كثيرة، و القاعدة التي قدمتها تجمع ذلك كله، وفي المتسمين بذلك من أولياء الله وصفوته وخيار عباده مالا يحصى عده، كما في أهل الرأي من أهل العلم والإيمان من لا يحصى عدده الا الله، والله سبحانه أعلم"، ومن رمى جمهور هؤلاء بالبدعة فليس معه حجة تقوم على ساق، بل لم يسبقه بذلك إمام عارف بالمذاهب، وهذا البرزلي ينقل التفريق كما مر، وشيخ الإسلام كذلك، وابن ناصر الدين من بعده، بل الشاطبي أيضاً وقد مر، وأبو اليسر محمد بن محمد بن عبدالكريم في كتابه أصول الدين، وغيرهم من أئمة المسلمين، وأما المعاصرين فحسبك بكلام العلامة ابن جبرين، والعلم ابن إبراهيم، وقد نقلت عن غيرهم من الأعلام الدين الموثوقين في هذا العصر ولا بأس في نقل المزيد إن كان يجدي.
3 - ومن مرادي أن أقول ليس السب والشتم والجور وتعميم الأحكام بغير برهان هو سبيل أهل السنة، فهم يعرفون الحق ويرحمون الخلق، وليس هو طريق النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة، فلا يسلم طريقاً مرضيا يسلك في دعوة المتأخرين، هذا أشبه بصنع المحاربين لا الدعاة المشفقين، وقد وجدت بالتجربة أن هؤلاء المساكين -الذين ينبغي أن ننظر إليهم نظرة إشفاق ورحمة لما وقعوا فيه من بدع منكرة بل مكفرة- من أكثر ما يساعد على دعوتهم هو تقرير الحق الذي قيل من الثناء على أئمتهم المتقدمين وبيان مخالفتهم له وصاحبك صاحب تجربة في هذا. وبالمقابل ليس اختلاق المعارك وتعميم الأحكام على المتقدمين سبيل يقدم أو يفيد في دعوة هؤلاء المتأخرين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/423)
4 - وأضيف رابعاً ألا وهو أن عامة المتصوفة الأوائل من جملة عامة أهل السنة، وكما أن عامة أهل السنة تؤثر عنهم أفعال منكرة، وبدع شنيعة لاتخرجهم من جملة أهل السنة لجهلهم أو غيره فعامة الصدر الأول من عوام الصوفية نحوهم، ومن قرأ بعض كتب السير وجد ابن كثير يشير إلى أفعال منكرة بدعية قبيحة وينسبها لجهلة أهل السنة. فمنع إثباته الجهل نزع اسم السنة عنهم.
هذا ولعلي أتبع هذا الرد بتعقيب مستقل أذكر فيه كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في بعض هذه المعاني.
وفي الختام أكرر شكري لكل من عقب ومن سيعقب وأسأل الله أن يرزقني وإياكم الإنصاف، واقتفاء سبيل أهل السنة في الحكم على الرجال، وأن يمن علينا بدين وسوطاً لاهابطاً هبوطاً ولا ذاهباً شطوطاً.
والحمد لله أولاً وآخراً، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[حارث همام]ــــــــ[11 - 09 - 05, 07:06 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، فبعض الإخوة وفقهم الله رغم إحالاتي المتكرر على كلام المشايخ المحققين قديماً وحديثاً، يظن أن ما أسطره هنا من كيسي! أو أني حدث قولاً ما قال به سلفنا الصالح رحمة الله عليهم.
مع أنه هو ما يقوله محققوا الإسلام قديماً وحديثاً، وعلى رأسهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وأنقل فيما يلي من مجموع كتبه عليه رحمة الله نقولاً تبين منهجه في الحكم على الصدر المتقدم من الصوفية وأئمتهم، ليرى بعدها، هل ما قررته هو قول شيخ الإسلام أم أن الحق مع من أنكر النسبة إليه، واعتسف حمل كلامه على ما لايمكن أن يحمل عليه. وبعد قراءتك -أخي الكريم- هذه النقول لعلك تستطيع أن تحكم بجلاء:
- هل حكم شيخ الإسلام على أفراد مع تبديعه طريقهم وطائفتهم في الجملة؟ فضلاً عن رميهم بالكفر والزندقة!
- أم هو حكم على عامة ذلك الجيل؟
مع التنبيه هنا مرة أخرى على أن الحديث عن أمة خلت لها ماكسبت وعليها ما اكتسبت، ولايتناول واقع أدعيائهم اليوم، وأن ذلك الصدر المتحدث عنه فيهم العوام ولهم أفعالهم المنكرة والتي تصدر من عموم جهلة أهل السنة، كما أشير إليه في آخر الرد قبل هذا، وأن أئمتهم فيهم المجتهد المصيب، والمجتهد المخطئ المعذور وغير المعذور.
وبعد قال شيخ الإسلام:
"معرفة أصول الأشياء ومبادئها، ومعرفة الدين وأصله وأصل ما تولد فيه من أعظم العلوم نفعاً، إذ المرء ما لم يحط علما بحقائق الأشياء التي يحتاج إليها يبقى في قلبه حسكة".
[حارث همام: إي والله صدق]، ثم قال: "وكان للزهاد عدة أسماء، يسمون بالشام الجوعية، ويسمون بالبصرة الفقرية والفكرية، ويسمون بخراسان المغاربة، ويسمون أيضاً الصوفية والفقراء.
والنسبة في الصوفية إلى الصوف لأنه غالب لباس الزهاد، وقد قيل هو نسبةً إلى صوفة بن مراد بن أد بن طابخة قبيلة من العرب كانوا يجاورون حول البيت ... ".
وفي هذا بيان أن أول أول أمر الصوفية هو الزهد، وهذا منقول عن كثير من الأئمة، والميل إلى الزهد الأصل ألايبدع صاحبه.
ثم قال: "وقد تكلم بهذا الاسم قوم من الأئمة كأحمد بن حنبل، وغيره، وقد تكلم به أبو سليمان الداراني، وغيره، وأما الشافعي فالمنقول عنه ذم الصوفية، وكذلك مالك فيما أظن، وقد خاطب به أحمد لأبي حمزة الخراساني، وليوسف بن الحسين الرازي، ولبدر بن أبى بدر المغازلي.
وقد ذم طريقهم طائفة من أهل العلم ومن العباد أيضا، من أصحاب أحمد، ومالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وأهل الحديث والعباد ومدحه آخرون.
والتحقيق فيه أنه مشتمل على الممدوح والمذموم كغيره من الطريق وأن المذمم منه قد يكون اجتهادياً، وقد لا يكون، وأنهم في ذلك بمنزلة الفقهاء في الرأي، فإنه قد ذم الرأي من العلماء والعباد طوائف كثيرة، و القاعدة التي قدمتها تجمع ذلك كله، وفى المتسمين بذلك من أولياء الله وصفوته وخيار عباده مالا يحصى عده، كما في أهل الرأي من أهل العلم والإيمان من لا يحصى عدده إلا الله، والله سبحانه أعلم".
هذا نص شيخ الإسلام، فهل يفهم أن هؤلاء مبتدعة عنده من هذا الكلام؟ وهل يتحدث هنا عن أشخاص أم عن طريقهم؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/424)
واسمع قوله: "ولأجل ما وقع في كثير منهم من الاجتهاد والتنازع فيه، تنازع الناس في طريقهم، فطائفة ذمت الصوفية والتصوف، وقالوا إنهم مبتدعون خارجون عن السنة، ونقل عن طائفة من الأئمة في ذلك من الكلام ما هو معروف، وتبعهم على ذلك طوائف من أهل الفقه والكلام، وطائفة غلت فيهم، وادعوا أنهم أفضل الخلق وأكملهم بعد الأنبياء، وكلا طرفي هذه الأمور ذميم".
وهذا صريح في أن ما نقل عن الأئمة من قول بتبديعهم –بغض النظر عن ثبوته من عدمه- ذميم. والحديث هنا عن التصوف والصوفية في عصورها الأولى.
قال عليه رحمة الله: "والصواب أنهم مجتهدون في طاعة الله، كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله، ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده، وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين، وفى كل من الصنفين من قد يجتهد فيخطىء، وفيهم من يذنب فيتوب، أو لا يتوب، ومن المنتسبين إليهم من هو ظالم لنفسه، عاص لربه، وقد انتسب إليهم طوائف من أهل البدع والزندقة، ولكن عند المحققين من أهل التصوف ليسوا منهم كالحلاج مثلا، فإن أكثر مشايخ الطريق أنكروه، وأخرجوه عن الطريق مثل الجنيد بن محمد سيد الطائفة، وغيره، كما ذكر ذلك الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي فى طبقات الصوفية، وذكره الحافظ أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد.
فهذا أصل التصوف ثم إنه بعد ذلك تشعب وتنوع .. ".
فهل هذا الكلام واضح وصريح في مبتدئهم أو لا؟
وقال في موضع: "ثم الصوفية المشهورون عند الأمة الذين لهم لسان صدق في الأمة لم يكونوا يستحسنون مثل هذا بل ينهون عنه".
وقال في معرض حديثه عن المتكلمين وأقسامهم:
"ثم هم إما قائمون بظاهر الشرع فقط كعموم أهل الحديث، والمؤمنين الذين في العلم بمنزلة العباد الظاهرين في العبادة، وإما عالمون بمعاني ذلك، وعارفون به، فهم في العلوم كالعارفين من الصوفية الشرعية، فهؤلاء هم علماء أمة محمد المحضة، وهم أفضل الخلق، وأكملهم، وأقومهم طريقة، والله أعلم".
فماذا بعد هذا؟
وقال في الاستقامة: "الثابت الصحيح هو أن الذي عن أكابر المشايخ يوافق ما كان عليه السلف، وهذا الذي كان يجب أن يذكر.
فإن في الصحيح الصريح المحفوظ عن أكابر المشايخ، مثل الفضيل بن عياض، وأبي سليمان الداراني، ويوسف بن أسباط، وحذيفة المرعشي، ومعروف الكرخي، إلى الجنيد بن محمد، وسهل بن عبدالله التستري، وأمثال هؤلاء ما يبين حقيقة مقالات المشايخ".
ماذا يفهم من هذا؟
وماذا يفهم من قوله: "كان مشايخ الصوفية العارفون أهل الاستقامة يوصون كثيراً بمتابعة العلم ومتابعة الشرع .. ". وضع خطاً تحت قوله أهل الاستقامة.
وماذا يفهم من قوله في منهاج السنة أيضاً: "وكذلك جماهير أهل السنة من: أهل الحديث، والفقه، والتفسير، والتصوف، لا يقرون بهذه الأقوال المتضمنة للخطأ".
أفلا يدل ذلك على أنه يعتقد بأن من جماهير أهل السنة أهل تصوف؟ أليس هذا نصه؟
وقال: "هذا وشيوخ التصوف المشهورون، من أبرأ الناس من هذا المذهب، وأبعدهم عنه، وأعظمهم نكيراً عليه وعلى أهله، وللشيوخ المشهورين بالخير كالفضل بن عياض، وأبي سليمان الداراني، والجنيد بن محمد، وسهل بن عبد الله التستري، وعمر بن عثمان المكي وأبي عثمان النيسابوري، وأبي عبد الله بن خفيف الشيرازي، ويحيى بن معاذ الرازي، وأمثالهم من الكلام في إثبات الصفات والذم للجهمية والحلولية مالا يتسع هذا الموضع لعشره، بل قد قيل للشيخ عبد القادر الجيلي قدس الله روحه هل كان لله ولي على غير اعتقاد أحمد بن حنبل؟ فقال: لا كان ولا يكون".
فماذا ترى يرحمك الله؟
أما حديثه عن بعض أعلامهم فكثير وأذكر فيما يلي خمسة نقول عن أحد الذين اتهموا هنا وهو الجنيد رحمه الله:
1 - قال في موضع وهو يتحدث في القدر: "فمن سلك مسلك الجنيد من أهل التصوف و المعرفة كان قد اهتدى و نجا و سعد.
ومن لم يسلك في القدر مسلكه، بل سوى بين الجميع لزمه أن لايفرق بين الحسنات و السيئات، وبين الأنبياء و الفساق، فلا يقول إن الله يحب هؤلاء، و هذه الأعمال ولا يبغض هؤلاء".
فانظر كيف جعل من التزم مسلكه في القدر قد اهتدى ونجا وسعد!
2 - وقال:"وكان الجنيد رضي الله عنه سيد الطائفة".
فهل تراه يترضى على مبتدع؟
3 - وقال عنه: "ولهذا كان العارفون كالجنيد بن محمد قدس الله روحه لما سئل عن التوحيد .. ".
4 - وقال:"فإن الجنيد قدس الله روحه، كان من أئمة الهدى".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/425)
5 - وقال: "والوقوف عند هذا الجمع، هو الذي أنكره الجنيد وغيره من أئمة طريق أهل الله أهل الحق".
فهل يكون إمام طريق أهل الحق مبتدعاً، أو متلبساً ببدع يمنع الجهل أو غيره إنزالها عليه؟!
فائدة حول من هجر منهم، ماذا يُقال عنهم؟
"ومن هذا الباب هجر الإمام أحمد للذين أجابوا فى المحبة قبل القيد، ولمن تاب بعد الإجابة، ولمن فعل بدعة ما، مع أن فيهم أئمة في الحديث والفقه والتصوف والعبادة.
فإن هجره لهم والمسلمين معه لا يمنع معرفة قدر فضلهم، كما أن الثلاثة الذين خلفوا، لما أمر النبي [صلى الله عليه وسلم] المسلمين بهجرهم لم يمنع ذلك ما كان لهم من السوابق، حتى قد قيل إن اثنين منهما شهدا بدراً، وقد قال الله لأهل بدر: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.
وأحدهم كعب بن مالك شاعر النبي [صلى الله عليه وسلم]، وأحد أهل العقبة، فهذا أصل عظيم فإن عقوبة الدنيا المشروعة من الهجران إلى القتل، لا يمنع أن يكون المعاقب عدلاً، أو رجلاً صالحا كما بينت من الفرق بين عقوبة الدنيا المشروعة والمقدورة، وبين عقوبة الآخرة، والله سبحانه أعلم".
فهل يحق لمحتج أن يحتج بعد هذا على إخراج تلك الطبقة من جملة أهل السنة بهجر إمام لأحدهم، أو تحذير آخر لفرد منهم، على ما فيه من تعميم بغير مسوغ، وأخذ للجميع بجريرة الواحد، مع أن البقية المخرجين عن السنة! ربما أنكروا عليه كما أنكر عليه الإمام.
وقال في كلام له عن الإحياء: "وقد أنكر أئمة الدين على أبى حامد هذا في كتبه، وقالوا مرضه الشفاء، يعنى شفاء ابن سينا في الفلسفة، وفيه أحاديث وآثار ضعيفة بل موضوعة كثيرة، وفيه أشياء من أغاليط الصوفية وترهاتهم، وفيه مع ذلك من كلام المشايخ الصوفية العارفين المستقيمين في أعمال القلوب الموافق للكتاب والسنة، ومن غير ذلك من العبادات والأدب، ما هو موافق للكتاب والسنة ما هو أكثر مما يرد منه فلهذا إختلف فيه إجتهاد الناس وتنازعوا فيه".
وشاهدي ما لونته ليس إلا وهو دال على مرادي.
وممن أثنى عليهم وبرأهم من اعتقاد الأشعرية والكلابية في موطن واحد:
"فأما المشايخ الذين عاصرناهم والذين أدركناهم [يعني القشيري] وإن لم يتفق لنا لقياهم مثل الأستاذ الشهيد لسان وقته وواحد عصره أبى على الدقاق، والشيخ شيخ وقته أبى عبد الرحمن السلمي، وأبى الحسن علي بن جهضم، مجاور الحرم، والشيخ أبى العباس القصاب بطبرستان، وأحمد الأسود الدينوري، وأبى القاسم الصيرفي بنيسابور، وأبي سهل الخشاب الكبير بها، ومنصور بن خلف المغربي، وأبى سعيد الماليني، وأبى طاهر الجحدري قدس الله أرواحهم وغيرهم.
فإن هؤلاء المشايخ مثل أبى العباس القصاب، له من التصانيف المشهورة في السنة، ومخالفة طريقة الكلابية الأشعرية ما ليس هذا موضعه.
وكذلك سائر شيوخ المسلمين من المتقدمين والمتأخرين، الذين لهم لسان صدق في الأمة، كما ذكر الشيخ يحيى بن يوسف الصرصري، ونظمه في قصائده، عن الشيخ على بن إدريس شيخه، أنه سأل قطب العارفين أبا محمد عبد القادر بن عبد الله الجيلي فقال: ياسيدي هل كان لله ولي على غير اعتقاد أحمد بن حنبل فقال ما كان ولا يكون.
وكذلك نقل الشيخ شهاب الدين أبو حفص عمر بن محمد السهروردى، وحدثنيه عنه الشيخ عز الدين عبد الله بن أحمد بن عمر الفاروثي، أنه سمع هذه الحكاية منه، ووجدتُها معلقة بخط الشيخ
موفق الدين أبي محمد بن قدامة المقدسي، قال السهروردي كنت عزمت على أن أقرأ شيئا من علم الكلام وأنا متردد هل أقرأ الإرشاد لإمام الحرمين، أو نهاية الإقدام للشهرستاني، أو كتاب شيخه، فذهبت مع خالي أبي النجيب وكان يصلى بجنب الشيخ عبد القادر، قال فالتفت الشيخ عبدالقادر وقال لي يا عمر! ما هو من زاد القبر ما هو من زاد القبر! فرجعت عن ذلك.
فأخبر أن الشيخ كاشفه بما كان في قلبه، ونهاه عن الكلام الذي كان ينسب إليه القشيرى ونحوه،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/426)
وكذلك حدثني الشيخ أبو الحسن بن غانم، أنه سمع خاله الشيخ إبراهيم بن عبد الله الأرومي، أنه كان له معلم يقرئه، وأنه أقرأه اعتقاد الأشعرية المتأخرين، قال: فكنت أكرر عليه، فسمع والدي والشيخ عبد الله الأرميني، قال فقال: ما هذا يا إبراهيم! فقلت هذا علمنيه الأستاذ. فقال: يا إبراهيم أترك هذا، فقد طفت الأرض واجتمعت بكذا وكذا ولي لله، فلم أجد أحداً منهم على هذا الاعتقاد، وإنما وجدته على اعتقاد هؤلاء. وأشار إلى جيرانه أهل الحديث والسنة من المقادسة الصالحين إذ ذاك.
وحدثني أيضا الشيخ محمد بن أبي بكر بن قوام، أنه سمع جده الشيخ أبا بكر بن قوام يقول: إذا بلغك عن أهل المكان الفلاني -سماه لي الشيخ محمد- إذا بلغك أن فيهم رجلاً مؤمنا، أو رجلا صالحا فصدق، وإذا بلغك أن فيهم ولياً لله فلا تصدق!
فقلت: ولم يا سيدي؟
قال: لأنهم أشعرية.
وهذا باب واسع ومن نظر في عقائد المشايخ المشهورين؛ مثل الشيخ عبد القادر، والشيخ عدى بن مسافر، والشيخ أبي البيان الدمشقي وغيرهم، وجد من ذلك كثيراً، ووجد أنه من ذهب إلى مذهب شيء من أهل الكلام وإن كان متأولاً ففيه بعض نقص وانحطاط عن درجة أولياء الله الكاملين، ووجد أنه من كان ناقصاً في معرفة اعتقاد أهل السنة واتباعه ومحبته وبعض ما يخالف ذلك وذمه بحيث يكون خالياً عن اعتقاد كمال السنة واعتقاد البدعة، تجده ناقصاً عن درجة أولياء الله الراسخين في معرفة اعتقاد أهل السنة واتباع ذلك وقد جعل الله لكل شئ قدراً".
أفلا يحسن أن يستفاد من مثل هذا في الدعوة عوضاً عن الخوض فيما لايجدي؟!
وقال: "والمقصود هنا أن المشايخ المعروفين الذين جمع الشيخ أبو عبد الرحمن أسماءهم في كتاب طبقات الصوفية، وجمع أخبارهم وأقوالهم، دع من قبلهم من أئمة الزهاد من الصحابة والتابعين الذين جمع أبو عبد الرحمن وغيره كلامهم في كتب معروفة، وهم الذين يتضمن أخبارهم كتاب الزهد للإمام أحمد وغيره، لم يكونوا على مذهب الكلابية الأشعرية، إذ لو كانت كذلك لما كان أبو عبدالرحمن يلعن الكلابية". [قال حارث الهمام: ولم يذكر الأشعرية لأنه لم يدرك أوان انتشارهم أشار إليه شيخ الإسلام في موضع آخر].
ثم قال: "وقال شيخ الإسلام الأنصاري: سمعت أحمد بن حمزة، وأبا علي الحداد يقولان: وجدنا أبا العباس أحمد بن محمد النهاوندي، على الإنكار على أهل الكلام، وتكفير الأشعرية، وذكرا عظم شأنه في الإنكار على أبي الفوارس القرمسيني، وهجر ابنه إياه لحرف واحد.
قال شيخ الإسلام سمعت أحمد بن حمزة يقول: لما اشتد الهجران بين النهاوندي وأبي الفوارس، سألوا أبا عبد الله الدينوري فقال لقيت ألف شيخ على ما عليه النهاوندي.
وقد ذكر الشيخ أبو عبد الرحمن السلمى في كتابه في ذم الكلام ما ذكره أيضا شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري، فقال أخبرني ابن أحمد، حدثنا محمد بن الحسين، فقال رأيت بخط أبي عمرو بن مطر يقول: سئل ابن خزيمة عن الكلام في الأسماء والصفات. فقال: بدعة ابتدعوها ولم يكن أئمة المسلمين وأرباب المذاهب وأئمة الدين مثل مالك وسفيان والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق ويحيى بن يحيى وابن المبارك ومحمد بن يحيى وأبي حنيفة ومحمد بن الحسن وأبي يوسف يتكلمون في ذلك، وينهون عن الخوض فيه، ويدلون أصحابهم على الكتاب والسنة، فإياك والخوض فيه والنظر في كتبهم بحال ... ".
فهل يقال إن هؤلاء مبتدعة لأقاويل تحكى وأخبار لم تحقق؟
5/ 61: "وقال الإمام العارف معمر بن أحمد الأصبهانى شيخ الصوفية في حدود المائة الرابعة في بلاده، قال: أحببت أن أوصى أصحابي بوصية من السنة، وموعظة من الحكمة، وأجمع ما كان عليه أهل الحديث والأثر بلا كيف، وأهل المعرفة والتصوف من المتقدمين والمتأخرين، قال فيها: وإن الله استوى على عرشه بلا كيف ولا تشبيه ولا تأويل، والاستواء معقول، والكيف فيه مجهول، وأنه عز وجل مستو على عرشه بائن من خلقه، والخلق منه بائنون بلا حلول ولا ممازجة ولا اختلاط ولا ملاصقة، لأنه الفرد البائن من الخلق الواحد الغنى عن الخلق.
وان الله عز وجل، سميع، بصير، عليم، خبير، يتكلم، ويرضى، ويسخط، ويضحك، ويعجب، ويتجلى لعباده يوم القيامة ضاحكا، وينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا كيف شاء، فيقول: هل من داع فاستجيب له؟ هل من مستغفر فاغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ حتى يطلع الفجر، ونزول الرب إلى السماء بلا كيف ولا تشبيه ولا تأويل، فمن أنكر النزول أو تأول فهو مبتدع ضال، وسائر الصفوة من العارفين على هذا" أهـ.
أهذا اعتقاد المبتدعة؟
وبعد ثانياً فإن مج فاه تلك الدعوى السمجة فقال شذ شيخ الإسلام وانفرد بهذا الرأي من بين أئمة السنة. فلله ما أعرضها من دعوى، كبرت كلمة عهدناها تخرج من أفواه المبتدعة يرمونه بها في كل مسألة حققها كالزيارة. إن يقولون إلاّ كذباً.
قيل لصاحبه:
أولاً: هبه انفرد فأين الدليل ومع من؟
ثانياً: إذا انفرد شيخ الإسلام فحق له وحق لمن تبعه أن يتبعه، فهو إمام يضاهي الأئمة الأوائل بشهادة من ترجم له من أهل العلم والمعرفة ولاسيما في باب الاعتقاد ومعرفة الملل والنحل إن لم يفقهم.
ثالثاً: بل هذا هو قول المحققين من أهل العلم قديما وحديثاً.
فإن قيل تلك دعوى! قيل هذا البرهان:
الرد التالي فيه بيان ذلك، وأسأل الله أن ييسر تعليقه قريباً، والحمد لله أولاً وأخيراً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/427)
ـ[محمد أمجد البيطار]ــــــــ[13 - 09 - 05, 08:49 م]ـ
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره.
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه، وبعد:
باختصار شديد أقول للأخ حارث همام الذي طلب النصح من إخوانه.
أخي الكريم حارث همام ـ هداني الله وإياه ـ لقد قرأت المشاركات جميعها فرأيت أنه قد صدق من وصفك بالتكلف في رد العبارات فاسمع وع هداك الله.
وقد أنصف من وصفك بأنك تشوش على القراء، وقد تكرر هذا منك مؤخراً في ردك على الأخ أبي إدريس الحسني، فقد قرأ أكثر من أخ حولي ردك عليه فظنه ممن يكفر الناس من على اليمين والشمال، وهو في مشاركاته قد أظهر موقفه واضحاً من التكفير و ..... .
وأنا أتعجب لهذا النفس الطويل لديك في الكتابة، هل من المعقول أن يكون لديك كل هذا الوقت لكي تسود هذه الصفحات، وأن لا يكون لديك الوقت لكي تتأمل ما تكتب وتسمع لمن يوجهك وينصحك.
جعلني الله وإياك ممن يتقونه ويسمعون القول فيتبعون أحسنه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لي رجاء عندك أن لا ترد على مشاركتي.
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[13 - 09 - 05, 10:55 م]ـ
قول شيخ الإسلام:
"ولأجل ما وقع في كثير منهم من الاجتهاد والتنازع فيه، تنازع الناس في طريقهم، فطائفة ذمت الصوفية والتصوف، وقالوا إنهم مبتدعون خارجون عن السنة، ونقل عن طائفة من الأئمة في ذلك من الكلام ما هو معروف، وتبعهم على ذلك طوائف من أهل الفقه والكلام، وطائفة غلت فيهم، وادعوا أنهم أفضل الخلق وأكملهم بعد الأنبياء، وكلا طرفي هذه الأمور ذميم"
وهناك كلام مثل هذا في المدراج السالكين لإمام ابن القيم
هذا هو الحق هذا الحق وقليل من هو علي هذا المذهب ....
القول الاول هو قول أكثر السلفيين
والقول الثاني هو قول اكثر الصوفية
والقول الذي هو وسط بين القولين هو القول شيخ الإسلام ابن تيمية وكثير من المحققين
المتقدمين فيهم من هو من اهل السنة وفيهم اهل البدع وليس كلهم من اهل البدع
بل فيهم اهل الصلاح واهل الخير
فهل الإمام سهل بن عبد التستري إمام الصوفية في زمانه (وتلميذه الإمام البربهاري)
هل التستري من ائمة البدع؟ وهل يجلس الإمام البربهاري المعروف بصلابته في السنة الي بدعي خارج عن السنة؟!
وكل من قرأ التاريخ يعرف ان سهل بن عبد التستري كان يتكلم عن التصوف وعن مقامات القلوب
وهو المرجع في زمانه في التصوف ولكن التصوف كان عنده بمعني التزكية النفس
وليس معناه انه لا يخطئ ولكن المشهور عند اهل أن الإمام التستري إمام في السنة
وأبو سليمان الداراني وتلميذه احمد الحواري هل هؤلاء خارجون من أهل السنة؟
بل هؤلاء نظن فيهم خيرا ولا اظن احد يكتب في هذا المنتدي مثل هؤلاء
بل علي وجه الارض
فلا نعمم ونقول كلهم اهل البدع ....
ولا نقول كلهم اهل السنة
بل فيهم اهل البدع واهل السنة واهل الحديث (بالطبع نحن نتكلم عن المتقدمين)
وفيهم اهل الصلاح واهل زندقة
وفيهم اهل الزهد واهل الدنيا
وما نقل عن الإمام الشافعي وبعض الائمة في ذم الصوفية ليس معناه انه يشمل كل أئمتهم
فهل نخرج الإمام سهل بن عبد التستري من السنة
ثم اطلاق الوثنية وعبادة القبور علي جميع الصوفية
هل هذا من الانصاف؟
وهل ائمة التصوف
سهل بن عبد التستري وثني؟ وهل عبد القادر جيلاني وثني
فان قلت لا اذن أليس من الافضل ان تقول "بعض الصوفية"
والله تعالي اعلم
ـ[حنبل]ــــــــ[14 - 09 - 05, 09:33 ص]ـ
الحمد لله و الحمد لله ثم الحمد لله .......
جزى الله المشاركين خير الجزاء و بارك الله فيهم.
اتمنى ان يضع الاخوة نصب اعينهم بأننا أخوة اصحاب منهج واحد و إن اختلفنا في الراي فلن يفسد للود قضية بإذن الله لان المسالة فيها الخلاف صائغ.
الاخ الغالي حارث همام و من يناصرة الرائ من الاخوة المشاركين او اطلع و لم يشارك من الذين نعتقد انهم اعتنقو رأيهم و اعتقدوه بعد ان وجدو لهم سلف في ما ذهبو اليه و علماء لهم قدرهم نحبهم و نجلهم و إن كنا لا نرى ما ذهبو إليه و لم نقتنع ما ساقوه و بداء لنا اعتذارهم تكلف واضح و لكنا نقرهم على رأيهم واعتقادهم وندعو لهم بالتوفيق و الثبات.
اما انا فبعد الاسشارة و سؤال العلماء و الاستخارة و التضرع إلى الله ليل نهار بأن يشرح صدري إلى ما هو الحق فقد انشرح صدري و الحمد لله إلى القول الاول و هو ان الصوفية بين البدعة و الكفر و ان التصوف منشأة مبتدع و تسمية مبتدعة.
أما الاعيان منهم - اقصد الطبقات الاولى طبعا - فمن اثنى عليه اهل السنة و حاولو الاعتذار لهم نثنى عليهم ان شاء الله و نعتذر لهم و نحذر من اقوالهم التي نسبت لهم بقول - هذا خطأ إن ثبت عنهم و لا يقرون عليه و نرد عليهم كائن من كان.
اما من انتقدهم العلماء فلا نبرر لهم و لا نبحث لهم عن اعذار و لا اعتبار لما نقل عنهم من كثرة العبادة و الزهد لان النبي صلى الله عليه وسلم سمى الخوارج كلاب النار مع ما اثبته لهم من عبادة وقراءة قرآن.
و اتمنى من الاخ حارث الهمام ان لايشوش على الاخوة بعض كلماته الكبيرة الخالية من اي الدليل مثل
ان هذا الراي غير عادلو منصف
و أن هذا القول منشأة الهوى
و ان صاحب هذا القول غير متجرد و لا يطلب الحق
و ان اصحاب هذا الراي مخالف لمنهج اهل السنة في دعوة المخالفين
و غيرها من الكلمات الجوفاء التي اتخذت في حق من خالفك في الراي وصدرت بطريقة عاطفية وجدانية لم يستند على علي دليل
و الحمد لله و الصلاة و السلام على النبي المختار.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/428)
ـ[حارث همام]ــــــــ[14 - 09 - 05, 12:26 م]ـ
شكر الله لك أخي الكريم هذه الكلمات وأسأل الله أن يغفر لي ولك، وأن يتجاوز عني وعنك، وأن يثبتني وإياك على السنة، وقد سرني ما كتبت لما توصلتم إليه من رأي سطرتموه هنا وهذا الرأي يمكن تفهمه، ولكم فيه من أهل السنة المعاصرين المتجردين المنصفين سلف، وأخبركم بأنه فيما يظهر لي هو قول الشيخ صالح الفوزان -وهو أجل مشايخنا الأحياء الذين أراهم يقولونه- وهو رأي الشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله فيما يظهر لي، وهو رأي الشيخ إحسان إلهي ظهير عليه رحمة الله كذلك.
وتبع لهؤلاء جملة من الدكاترة والباحثين ومنهم بعض المشاركين في هذا المنتدى المبارك كأستاذ العقيدة الشيخ الفاضل لطف الله خوجة وله هنا مقالين حول الموضوع. ولعله رأي الأخ الحسني -كاتب التعقيب- أيضاً.
وهذا الرأي مخالف لرأي آخرين من أئمة أهل السنة المعاصرين والسالفين، وكذلك مخالف لجملة من آراء المتخصصين في الفرق والاعتقاد، وهو الذي أراه أقرب للصواب عند النظر إلى أدلة كل طائفة وتمحيصها، ويظهر لي أنه قول جماهير أهل العلم قديماً وحديثاً. وآمل أن يتيسر لي وقت أعلق فيه بعض نقولهم.
مرة أخرى جزاك الله خيراً أخي الكريم حنبل، ووفقني وإياك لما يحبه ويرضاه، وأرجو أن تعذرني إن ندت مني كلمة جرحتك أو أسأت إليك فيها، فأنت أهل للإحسان، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
ـ[حنبل]ــــــــ[14 - 09 - 05, 01:05 م]ـ
اخي حارث قلت
"ومنهم بعض المشاركين في هذا المنتدى المبارك كأستاذ العقيدة الشيخ الفاضل لطف الله خوجة وله هنا مقالين حول الموضوع "
إذا امكن الروابط لو سمحت.
ـ[حارث همام]ــــــــ[14 - 09 - 05, 06:21 م]ـ
ولم لا أسمح! أما الأول فهذا هو:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=30621
وقد رأيته رداً على مقال فضيلة الشيخ الدكتور عبدالعزيز القاري والذي كان عنوانه: "التصوف الصحيح عين التوحيد"، نشر في موقع المسلم الذي يشرف عليه فضيلة الشيخ ناصر العمر، ونوه في مقدمته بأنه رد على مقال الشيخ القاري وغيره من أهل العلم الذين يرون رأيه، وكان قد نشر قبله مقال الشيخ عبدالعزيز القاري في نفس الموقع (المسلم)، ثم حذفا جميعا! وهذا رابط مقال الشيخ عبدالعزيز القاري:
http://www.almokhtsar.com/html/best/3/220.php
وقد رد عليه غير واحد من دعاة السنة إضافة للشيخ لطف الله في مقاله المشار إليه هذا، وفي المقال الثاني الذي تأتي الإشارة إليه. وبعض تلك الردود فيها ظلم واعتساف، وبعضها فيه شيء من إنصاف واتباع لمنهج علمي مقبول في الجدل.
ومن الردود أيضاً على هذا المقال رد الشيخ عبد الرحمن بن صالح محيي الدين أستاذ الحديث في مقال له سماه التصوف عين البدعة، وهذا رابطه:
http://saaid.net/feraq/sufyah/91.htm
وكذلك للشيخ ربيع بن هادي المدخلي رد عليه وهو في موقعه وهذا رابطه:
http://www.rabee.net/read_books.aspx?ID=88&IND=0&Cat=columns
ولعل أجودها من الناحية العلمية رد الشيخ لطف الله خوجه.
أما المقال الآخر الذي أشرت إليه من كتابة الدكتور لطف الله خوجه فقد نشر في البيان إبان نشر كلام الشيخ عبدالعزيز القاري، وهذا رابطه هنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=34397
ومع احترامي للشيخ الكريم، ولغيره ممن رد وأجاب فلعل الذي يظهر هو أن أغلب الحق مع الشيخ عبدالعزيز القاري ومن تأمل هذه الردود بعين الإنصاف كفته في بيان هذا.
وفقك الله للانتفاع بما قيل وبما أحيل عليه، ورزقني وإياك التجرد والإنصاف في النظر، والهداية لما اختلف فيه من الحق بإذنه، إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
ـ[أبو إدريس الحسني]ــــــــ[27 - 09 - 05, 10:44 م]ـ
الحمد لله ربّ العالمين، ولا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم
أمّا بعد: فإنه من المؤسف حقاً أن يكتبَ المرءُ مقالة عن شيء محدد، ثمّ يتصدى للرد عليه إنسانٌ يرفع راية العدل والإنصاف؛ ولكن مع غير الكاتب؛ فيهجم عليه ويتّهمه بأمور لم يتلفّظ بها بل صرّح أكثر من مرّة بأنّه يرفضها!!! نعم هذا ما حدثَ معي عندما ردَّ على مشاركتي الأخ حارث همام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/429)
لقد افتتحتُ كلامي بوجوب التحري والتوثق قبل الإقدام على إطلاق حكم الكفر أو الزندقة أو الفسق على أي مسلم، وأعدتُ التأكيد على هذا الأمر في أثناء كلامي ثمّ ختمتُ كلامي به أيضاً ولم أصف أحداً بكفرٍ أو زندقة في مشاركتي كلّها!
ولكن الأخ حارث همام كان؛فيما يبدو؛ يقرأ كلامي من خلال المساجلات التي تجري بينه وبين الأخ حنبل وغيره، ولذلك فهو يردّ على كلامٍ في مخيلته ولكن ينسبه لي ويردّ عليّ به!!!
فها هو يقول لي:
1ـ " .. أذكّرُكَ غفر الله لك بأن الحكم على الأشخاص بزندقة أو كفر أو بدعة أو فسق أو معصية، حكم شرعي لايقال بغير دليل، ولايقبل من كل دعي، (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) ".
2ـ "وأنت تقول الصوفية متقدمهم ومتأخرهم زنديق، والشافعي يقول من أحدث التغبير زنديق،
وكل هذه الآثار لاتدل على ما ذهبت إليه من حكم على القوم بالقبورية والزندقة."
3ـ " .. والحاصل إذا أردت أن تستأنس بالأشعار والأقوال فلك ذلك، أما إذا أردت أن تحتج بها في الكفر والإيمان، والبدعة والفسوق، والحلال والحرام عند منازع لك في بعضها فأنت مطالب عندها بالتثبت. "
4ـ " وهل تثبت عنه كل ما ينسب إليه من المجاهيل وما كذب عنه بدعوى الاستفاضة! أم تتحرى عندما تنسب بدعة أو كفر إليه؟ "
5ـ " وكان جدير بك –أخي الكريم- أن تذب أنت عن أعراضهم طالما أن رأيك حسن فيهم تعذر مخطأهم باجتهاده أو على الأقل تنكر وصفهم بالزندقة ورمي بعض من سموا بالبدعة."
فلا أدري على أي شيء اعتمد الأخ حارث في اتهامه لي؟؟ مع أنّه يُنادي بالذب عن أعراض المسلمين، أفلا يراني منهم؟ لماذا كل هذا الهجوم وهذه الاتّهامات الباطلة؟ ولماذا هذه اللهجة في الخطاب؟ وأين التثبّت؟ و لم يمض على كلامي إلا أيّام، والحمد لله مازال موجوداً كما هو، فهلاّ أشار الأخ همام إلى المواضع التي فهم منها خلاف ما أريد؟ مع أنّ كلامي واضح وبسيط!
ثمّ وبعد سلسلة التهم الظاهرة بزعمه! ينتقل الأخ حارث همام إلى سلسلة التهم الباطنة التي أُخفيها في نفسي بزعمه، ولكنّه؛ فيما يبدو؛ قد اطّلع عليها. فها هو يقول لي:
1ـ " ثم قال الذهبي في ختام ترجمته: "رحمه الله وأين مثل الجنيد في علمه وحاله". فهلا أشرت إليه غفر الله لك."
2ـومن العتاب الذي ينبغي أن يوجه هنا لأخينا الفاضل أبو إدريس:
1 - نقلتم فتوى الشاطبي عن المعيار المعرب لتستدلوا بها على إنكار مالك على صوفية ذلك العصر، ولا أدري لماذا تغافلتم عما نقله قبيل قول مالك من كلام الحارث المحاسبي –قال حارث الهمام: وهو في رسالة المسترشدين- نفسه مستدلاً به على نكارة ما جاء في الفتوى الموجهة إليه من صنيع أولئك المتأخرين؟! ألأن هذا يثبت سلامة أئمة ذلك الصدر من تلك البدعة؟ أرجو أن لايكون كذلك! "
3ـ " وإذا كان الأمر كذلك فأبن –أيها الشيخ الكريم- كيف أنزلت كلام الإمام الشافعي على أئمة تلك الطبقة؟ والانصاف عزيز." انتهى ....................
وأقول: أهذا هو المنهج العلمي الذي ينهجه أهل السنّة؟؟!!
كيف سمح لنفسه الأخ حارث أن يدخل إلى باطني فيطلق عليه الأحكام كما يشاء؟؟!! ولا أظنه سيدّعي علم الغيب و ما يخفى!!
أولاً ـ كنتُ ولا أزال أكره للمرء أن يُنادي بأخلاق وشعارات ثمّ يستثني نفسه من العمل بها!
فإذا كان الأخ حارث يُنادي بتحسين الظن بالآخرين (رغم وجود الكثير من الأمور المريبة حولهم) فلماذا يستثني نفسه من هذا الخلق، ولم يُحسن الظنّ بي (رغم انعدام أي شبهة تساعد على إساءة الظن بي)؟؟ بل أجده يذهبُ بعيداً جداً في إساءة الظنّ بي ودون أي دليل، مع أنّه ينبغي له أن يُحسن الظنّ بي ولو وجد ما يساعد على خلافه، فكيف مع فقدانه؟؟!!!
ثانياً ـ أمّا المسألة الأولى فكان غرضي منها واضحاً: وهو تنبيهكَ إلى خطأ كبير وقعتَ فيه. وهو نقل ترجمة شخص على أنّها لشخص آخر. فقلتُ لك: إنّك نقلتَ ترجمة الإمام الذهبي والسمعاني وابن النجار لرجلٍ مُحَدّثٍ وجَعَلْتَها لرجلٍ آخر وهو الجنيد مع أنه يوجد بينهما قرون.
واعتمدتُ في تنبيهي لكَ على أمرٍ ظاهر ولم أتدخّل بباطنك! وقلتُ: إنّ ذلك حدث من قبيل الخطأ ولم أقل إنّك تعمّدتَ ذلك، ولم أغمز بك!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/430)
ولم يكن غرضي نقل ترجمة الجُنيد وما قيل فيه، بل الذي قلتُه أنّ هناك فرقٌ بين البداية التي بدأها الذهبي عند ترجمته للجنيد المحدّث القايني، حيثُ قال:
" الإمام القدوة المحدث أبو القاسم القايني .... "
وبين البداية التي بدأها في ترجمة الجُنيد الصوفي النهاوندي، حيثُ قال:
" الجنيد بن محمد بن الجنيد النهاوندي ثم البغدادي القواريري، والده الخزّاز هو شيخ الصوفيّة، وتفقه على أبي ثور، وسمع من السري السقطي وصحبه ... إلخ
أليسَ الفرق واضحاً، هذا الذي أردتُ بيانه (غفر الله لي). وقد ذكرتُ أن الذهبي ذَكَرَ بعض ما قيل فيه من الثناء، ولم أقل إنّه طعن فيه، ولكنني قلتُ إنّه لم يصفه بالإمام القدوة والمحدّث كما فعل مع الجنيد القايني. وهذا واضح في الترجمة. فلماذا يغمز بي الأخ حارث ويأثّمني ثمّ يستغفر لي؟؟؟!!!
وأمّا ثانياً ـ فأنا لم أنقل فتوى الإمام الشاطبي لأستدلّ بها في إنكار مالك على صوفيّة عصره!
كما يتوهّم الأخ حارث ثمّ يتَقوَّل علي!!
بل نقلتها لأُبيّن له أنّ الشاطبي ذكرها عن عياض عن التنيسي!!!!
وهذا هو الغرض الوحيد من نقل الفتوى، وهذا كان موضوع حديثي، وهذا واضح لكل ذي نظر فكيف إذا كان النّاظر من أهل الإنصاف والورع والنقد والتمحيص!!؟؟
ثمّ يتابع الأخ حارث اتّهاماته الباطلة لي فيقول: " ولا أدري لماذا تغافلتم عما نقله قبيل قول مالك من كلام الحارث المحاسبي "انتهىوإنني لأعجبُ حقاً من قوله هذا و تخرّصه عليّ!!!
يا أخي من قال لك أنني أتغافل أو تغافلت؟؟ لماذا تُهلكُ نفسك بالوقيعة بي من دون بيّنة أو أثارة من بيّنة؟
إنّ فتوى الإمام الشاطبي قدرها ثلاث صفحات وأنا لم أنقل منها سوى أربعة أسطر مكان الشاهد فحسب. ولم أتعرّض لموضوع السماع والغناء أبداً ولم يكن ذلك موضوع مشاركتي، وهذا واضح في كلامي لكل متأمّل. ومع ذلك لم يكتفِ الأخ حارث بكل اتهاماته تلك حتى ختمها بقوله غامزاً: " ألأن هذا يثبت سلامة أئمة ذلك الصدر من تلك البدعة؟ أرجو أن لايكون كذلك! " انتهى
وأقول:سبحان الله! هل يُعقل أنّ الورع والإنصاف والعدل التي يُنادي بها الأخ حارث هي التي دفعته لهذا الكلام والجرح؟؟
وأعود فأذكّر الأخ حارث بأنني لم أتعرّض لموضوع السماع في مشاركتي، ومِنْ ثَمَّ فأنا لم أنسب للصوفيّة الأوائل أي شيء بهذا الخصوص ولم أكتم شيئاً مما قالوه، لأنني أصلاً لم أتعرّض لهذا الموضوع. أرجو أن يكون هذا واضحاً عندك.
ولأُبيّنَ لك سوء ظنّك بي، فإنني منذ مدّة قريبة جداً نشرتُ في موقع أهل الحديث رسالةً لي جمعتُ فيها أقوال وفتاوى العلماء من المذاهب الأربعة ومن ضمنها فتوى الشاطبي كاملةً، وأضفتُ في آخر الرسالة مذهب الصوفيّة وأثبتُ فيه سبعة نقول عن أئمّة الصوفيّة في النهي عن السماع وذمّه، وجاء ذكر مقولة المحاسبي في أكثر من موضع من الرسالة، ولم أتغافل عن ذكر أي مقولة للصوفيّة في ذمّ السماع، فما قولك؟ وكذلك كنتُ قد كتبتُ رسالة في مسألة زيارة قبور الأولياء وتعظيمها، وتعمّدتُ أن آتي فيها بنصوص وفتاوى شيوخ الصوفيّة الذين أنكروا ما يفعله صوفيّة عصرنا عند القبور لأُبيّن للناس أنّه حتى شيوخ الصوفيّة الذين تدّعي الصوفيّة الاقتداء بهم برآءُ مما يفعله هؤلاء الجهلة! هذا هو منهجي ولي عدّة رسائل أدافع فيها عن بعض رجال الصوفيّة الذين يُتّهمون بغير حق! وإن شئتَ أرسلتُ لك تلك الرسائل.
وأمّا ثالثاً ـ فأنا عندما أوردتُ كلام الإمام الشافعي كان غرضي أن أُبيّن لك أنه ورد عن الأئمّة الكبار أمثال الشافعي كلامٌ مسندٌ وصحيح الإسناد فيه ذمٌ مطلقٌ للصوفيّة، مثل ما روى البيهقي في مناقب الشافعي 2/ 208: عن يونس بن عبد الله الأعلى يقول: سمعت الشافعي يقول:
" لو أن رجلاً تصوَّف من أول النهار لم يأت عليه الظهر إلا وجدته أحمقَ "
وعلّقتُ عليها قائلاً " أليست هذه النصوص واضحة ودالّة على أنّ مراد الشافعي هو ذم طائفة الصوفيّة جميعها؟ وأنه إذا كان هناك ثَمَّ استثناءٌ فإنه يستثنيه كما في قوله: ما رأيت صوفياً عاقلاً قط إلا مسلم الخوَّاص!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/431)
فبدل أن يُقرّ الأخ حارث بهذا النقل وبوضوح معناه، وبدل أن يُجيب عليه، ذهب إلى مسألة التغبير وأطنبَ فيها، وجعل محور الأقوال كلها يدور عليها، وهذا تحكّم غير مقبول ولا سائغ، ثمّ بعد ذلك يقول لي: " " وإذا كان الأمر كذلك فأبن –أيها الشيخ الكريم- كيف أنزلتَ كلام الإمام الشافعي على أئمة تلك الطبقة؟ والانصاف عزيز." انتهى
وكما ترون تتابع التهم علي، مع أنني بريء منها، وليت شعري من هو البعيد عن الإنصاف والإنصاف في كلامه عزيز؟؟؟ لماذا اللف والدوران؟ والطعن في الآخرين بسوء الظن والكلام على البواطن. هلاّ أجبتَ يا أخ حارث على مقولة الشافعي هذه!!! "
" لو أن رجلاً تصوَّف من أول النهار لم يأت عليه الظهر إلا وجدته أحمقَ "
ـ وأمّا مسألة ترجمة الشيخ الجنيد، التي غمزني الأخ حارث بعدم نقلها، فكما قلتُ آنفاً لم يكن غرضي الكلام في ترجمته. ولكن عندما قلتُ إن الجنيد كان له أقوال ليست من معين الهدي النبوي. فذلك لما وردَ في ترجمته عند الذهبي قال: " .... وقيل إنّ بعض المتكلمين؛ ويقال هو ابن كلاب ولم يصح؛قيل له قد ذ كرت الطوائف وعارضتهم ولم تَذْكُر الصوفية؟ فقال لم أعرف لهم علماً ولا قولاً ولا ما راموه. قيل بل هم السّادة وذكروا له الجنيد ثم أتوا الجنيد فسألوه عن التصوف فقال: " هو إفراد القديم عن الحدث، والخروج عن الوطن، وقطع المحاب، وترك ما عُلم أو جُهل،وأن يكون المرءُ زاهداً فيما عند الله، راغباً فيما لله عنده،فإذا كان كذلك حَظاه إلى كشف العلوم، والعبارة عن الوجوه،وعلم السرائر، وفقه الأرواح، فقال المتكلم هذا والله علم حسن فلو أعدته حتى نكتبه قال كلا مر إلى المكان الذي منه بدأ النسيان.
وذكر فصلا طويلا فقال المتكلم إن كان رجل يهدم ما يثبت بالعقل بكلمة من كلامه، فهذا، فإن كلامه لا يحتمل المعارضة ..... انتهى
ـ والسؤال: هل هذا الكلام من السنّة؟ أم هو مُبتَدَع ويخالفها؟ وما حكم قائله؟
وهذه القصّة لم يعترض عليها الذهبي أو يقدح في سندها. بل إنّه أتى على ذكر أبي الحسين النوري صديق الجنيد في أثناء ترجمة الجنيد وذكر الكثير من بدعه وغرائبه، فلماذا لم تذكرها يا أخ حارث؟ ألم يذكر الذهبي أنّه لمّا مات النوري قال الجنيد: ذهب نصف العلم.!!
ثمّ قال وقيل قال النُّوري للجنيد: غَشّشتَهم فَصَدَّروك، ونَصَحْتُ لهم فَرَمَوني بالحجارة.!!! انتهى
لعلّك ستقول إنّ أسانيدها لم تثبت عندي؟ وأقول لك: ألَسْتَ القائل: " غير أنه يحسن التنبيه هنا إلى أن التصوف اصطلاح وأهل هذا الاصطلاح يجمعون على أن أولئك داخلون فيه، وأنت تريد أن تخرجهم منهم لأنك قررت أصلاً لم يسبقك له إمام محقق -[أعني رميهم بالبدعة عموماً لواحد منهم]- مخالفاً لاصطلاح القوم لماذا لأنك اعتقدت أولاً ثم نظرت ثانياً وهذا لاينبغي في حقك. بل ينبغي أن تنظر في اصطلاحهم –عوضاً عن مغالطته- ثم تحكم عليه مفصلاً كما هو شأن المحققين من أهل العلم." انتهى
فهل هذا الكلام يلزمُ غيرك ولا يلزمك؟؟ إنّ أهل هذا الاصطلاح أثبتوا هذا الكلام عن الجنيد والنوري وغيرهما فلماذا ترفضه ولم يرفضه أحدٌ من العلماء المحققين من قبل؟؟
المشكلة يا أخ حارث أنّك تحمل كلامي على غير محمله ولا تعطي نفسك الوقت الكافي لمعرفة ما يريده محاورك، بل تسرع الطعن فيه كما في قولك لي: " لأنك اعتقدت أولاً ثم نظرت ثانياً وهذا لاينبغي في حقك." انتهى
أنا لستُ كما تتخرّص، وأنا لا أبتدع أقوالاً من عندي ولا أفتري على أحد، ومعاذ الله أن أفعل ذلك، الذي أفعله أنني أُثبت ما ذكره أئمّتنا وعلماؤنا وسلفنا الصالح عن أحوال زمانهم وأخبار رجاله هكذا بعمومه، دون الخروج بأحكامٍ فيها تكفير أو ما شابهه. أنا لم أقل أبداً إنّ الشافعي يقصد بكلامه الحكم على الصوفيّة بالزندقة، ولا أظنّ كلامه بحاجة لمزيد من التوضيح، لأنّه واضح لكل من يقرؤه بإمعان وتروٍّ. الزنادقة هم الذين أحدثوا التغبير هذا مراد الشافعي ولا يستطيع أحدٌ أن يُنكر هذا المعنى من كلامه، وليس كل من حضرَ التغبير أو سمعه يكون زنديقاً كما يتوهّم الأخ حارث وينسبه لي!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/432)
ومكان الشاهد من هذا الكلام هو: ما حكم الذي يتلبّس بفعلٍ أحدثه الزنادقة؟ هل يكون متّبعاً للسنّة النبويّة؟ وهل يكون بفعله ذلك من أئمّة الهدى؟ أم يكون مبتدعاً جاهلاً!
والعجيب من الأخ حارث أنّه يتوسّع في هذه المسألة لدرجة أنه يريد أن يقنعنا بأنّ التغبير ليس مُحدثاً وأن الإمام أحمد كان غير جازم في حكمه عليه فمرّة قال عنه محدث ثم قال مكروه ثم رجع عن قوله الأول ثم فصّل القول فيه بل إنه قد سمعه واستحسنه!! ويستدلُّ الأخ حارث بروايةٍ مبدؤها التوزي ومنتهاها القطيعي ويقول عنها إنّ سندها صالح للاعتبار ولا يخرج عن حدّ الحسن! هكذا يقول!
ـ وأنا أسأله للاعتبار مع ماذا؟ مع الرواية التي ساقها السلمي أم مع الرواية التي ساقها ابن طاهر وكلاهما غير ثقة ولا مأمون!! والتوزي ضعيف والقطيعي ضعيف!!
أهذا هو الإسناد الذي تطالب به لحسم الأمور؟؟ أبإسنادٍ كهذا تقبل أنّ عبد الله ابن الإمام أحمد كان يُغافل أباه ويأتي بالمغني للبيت ليغني له مع نهي الإمام أحمد له عن سماعه؟ وبإسنادٍ كهذا تقبل أنّ الإمام أحمد كان يتسمّع للمغني الذي عند ولده ويعجبه بعد ذلك؟ وبهذا الإسناد تريد منّا أن نلغي كل ما ورد عن الإمام أحمد من ذمّه للتغبير وبأسانيد صحيحة كما روى أبو بكر الأثرم قال: سمعت أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - يقول: " التغبير محدث " وقال أبو الحارث: سألت أبا عبد الله عن التغبير وقلت: إنه تَرِقُّ عليه القلوب. فقال: " هو بدعة " وروى غيره أنه كرهه، ونهى عن إسماعه. أهذا هو التحقيق عندك يا أخ حارث؟ وهذا هو الإسناد الذي تنادي به؟
إذا كنتَ تحسّن إسناداً كهذا، وهذه الطريقة غير مرضيّة، فعلى أقل تقدير لا يحلّ لك أن تدفع بهذا السند سنداً آخر صحيحاً لا غبار عليه!!
ـ عندما قلتُ إنّ القصّة التي رواها القاضي عياض عن مالك ـ في إنكاره على أولئك الذين يأكلون كثيراً ثمّ يغنون ثم يرقصون ويلطمون ـ هي قصّة مشهورة عن مالك ومستفيضة، وشهرتها تغني عن إسنادها. فذلك لأنه ليس فيها أي تكفير لأحد بعينه ولا بعمومه، بل فيها الإنكار على أمور لا يسعُ أحداً من العقلاء إلا إنكارها، فما بالك بالإمام مالك الذي ينكر ما هو أقل منها بكثير!!!!!!! وليس فيما صحَّ عن مالك أي شيء يعارضها!! ولم يردّها أحدٌ من العلماء المعتبرين من مذهب مالك أو غيره. وليس في نسبتها للإمام مالك أي جُرحة له أو انتقاص من قدره. ومع ذلك فقد رفضها الأخ حارث وصار يريد الكلام على التصحيف والتحريف والإسناد وغير ذلك وبتكلّفٍ شديد.
ولكنّه رضيَ أن ينسبَ للإمام أحمد ولابنه تلك القصّة الباردة المهلهلة الإسناد والتي فيها انتقاص لهما لأنّهما تلبّسا بأمرٍ ثبتَ أن الإمام الشافعي قال إنّ الزنادقة قد أحدثوه، فضلاً عن مخالفتها الصريحة لكل ما ورد عن الإمام أحمد بأسانيد صحيحة!! وفضلاً عن إنكار بعض أصحاب الإمام أحمد لها، واستشهادهم بأقواله المخالفة لها واعتمادهم عليها في الفتوى. والعجيب أنّ الأخ حارث لا يعجبه كلام الإمام المحدّث المحقق ابن الجوزي وهو من كبار شيوخ المذهب الحنبلي المتقدّمين؛ عندما يُثبت بعض الأقوال وينفي غيرها، لكنّه يحتجُّ عليَّ بالصّاوي ويقول إنّه أنكر القصّة التي رواها عياض عن مالك ويجعله في مقابلة عياض والشاطبي والونشريسي .... عجيبٌ حقاً، ومتى كان الصاوي ممن يُحتجُّ بهم؟ وكيف يقبل الأخ حارث كلامه مع أنّه حريصٌ على علم الإسناد والرجال؟
إنّ الصاوي يُنكر الحديث الصحيح إذا عارضَ مذهبه، بل يحكم بردّة من يعمل بغير المذاهب الأربعة ويحكم بكفر من يأخذ بظاهر الآيات والأحاديث! أيريد مني الأخ حارث أن ألتفتَ لأمثال الصاوي؟ في حين يرفضُ هو احتجاجي بالإمام الشاطبي!!!!!!!
مع أنّه قال لي في ردّه عليّ: "ومن قال للناس احتجوا في دينكم بما لم يثبت، إذا لم تثبت لكم الفتوى عن الصحابي أو تبين لكم ضعف نسبتها إليه فكيف تسندونها إليه؟ لا أخالفك في أنها تنسب، ولكن هل تكون تلك النسبة حجة لك في ترجيح قول أو النقل عن أصل مستقر ثابت الأصل استصحابه؟ انتهى
فهل نسي ما قاله أم هذا الكلام فقط يُلزِمُ به غيره؟!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/433)
إنّ قصّة الإمام مالك في إنكاره على الشطح الصوفي قد رواها إمامان كبيران الأوّل هو القاضي عياض في أقصى المغرب، والآخر هو الإمام ابن الجوزي في أقصى المشرق، وهما متعاصران ولم ينقلها أحدهما عن الآخر! فهذا يدل على أنّ القصّة كانت معروفة في زمانهما ومنشرة في المشرق والمغرب!!. والقاضي عياض ذكرَ في مقدّمة كتابه أنّه يُعوِّل فيه على كُتب من سبقه ككتاب أبي عبد الله التستري المالكي محمد بن أحمد 273ـ 345 وكتاب الإمام المحدث الحسن بن إسماعيل الضراب 313ـ 392.
والإمام ابن الجوزي يروي القصّة ويقول في أوّلها وبإسنادٍ!! وعياض يروي عمّن هو أعلى منه، ولكنهما اختصرا الكلام ولم يذكرا السند كاملاً، ولكن هناك إسنادٌ طبعاً، ولم يرد على حد علمي أي إنكار للقصّة من العلماء المحققين، مع أنّهم قد ردّوا بعضَ ما رواه عياض أو ابن الجوزي، وهناك ردودٌ مطوّلة لشيخ الإسلام ابن تيميّة حول بعض القصص التي رواها عياض (وهي مسندة) ومع ذلك رفضها ابن تيمية رحمه الله وبيّن أسباب ذلك، في حين لم يتعرّض لهذه القصّة بالنقض بل أثبتها عن مالك.
وأنا عندما أقول هذه القصّة ثابتة عن مالك لشهرتها واستفاضتها، لم آتي ببدع من القول ولم أخالف أحداً من الأئمّة، وإنّما أسير على نهجهم، فهذه هي كتبهم يروون فيها تلك القصص وأكثر منها، ويروون أموراً فيها ذكر استتابة بعض العلماء وتكفير البعض وشطط البعض .. دون أن يُطالبوا أحداً باعتقاد تلك القصص والأحداث والتعبّد بها!!
· وإذا أراد الأخ حارث الحجّة والبرهان، فإنّه قد ذكره بنفسه في ردّه عندما ذكر قول
الشيخ ابن تيميّة رحمه الله بخصوص مواقف العلماء الأوائل من الصوفيّة قال: " ثم قال: "وقد تكلم بهذا الاسم قوم من الأئمة كأحمد بن حنبل، وغيره، وقد تكلم به أبو سليمان الداراني، وغيره، وأما الشافعي فالمنقول عنه ذم الصوفية، وكذلك مالك فيما أظن، وقد خاطب به أحمد لأبي حمزة الخراساني، وليوسف بن الحسين الرازي، ولبدر بن أبى بدر المغازلي. وقد ذمَّ طريقهم طائفة من أهل العلم ومن العبّاد أيضاً، من أصحاب أحمد، ومالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وأهل الحديث والعباد ومدحه آخرون". انتهى
أرأيت يا أخ حارث هذا شيخ الإسلام؛ كما نقلتَ بنفسك؛ يُثبت ذم الصوفيّة على لسان كل من الأئمّة الأربعة وأصحابهم وأهل الحديث والعبّاد. وأنا لم أزد شيئاً على ما قال، فإذا كان كلامي لا يعجبك وكنتَ منصفاً كما تزعم؛ فلماذا لا تتوجّه بالنقد اللاذع لشيخ الإسلام على ما قال؟؟ ولماذا لا تحذّر الناس مما قاله وأثبته من ذمّ الأئمّة المتقدّمين لصوفيّة زمانهم؟؟؟
ولماذا لا تطالب شيخ الإسلام بالأسانيد المتّصلة الصحيحة لإثبات دعواه في ورود ذم الصوفيّة الأوائل على لسان الأئمّة المعاصرين لهم؟؟
بل على العكس أجدك تكثر من النقول عنه والاحتجاج بما يرويه عن بعض أقطاب التصوّف، مع أنّه إمّا يروي الأخبار بدون إسناد، أو بأسانيد لا تصح أبداً!!!!!! وكذلك فعلتَ في نقولك عن الذهبي!!!!!!! فمثلاً:
1ـ قلتَ ناقلاً عن الذهبي: " ونقل أيضاً: " .. أبو عبدالرحمن السلمي، أخبرنا محمد بن الحضرمي، عن أبيه، قال كنت جالسا عند الجنيد، إذ ورد شاب عليه وجلس ساعة، فأقبل عليه الجنيد فقال له سل ما تريد أن تسأل!
فقال: له ما الذي باين الخليقة عن رسوم الطبع؟
فقال الجنيد: له أرى في كلامك فضولا، لم لا تسأل عن ما في ضميرك من الخروج والتقدم على أبناء جنسك؟
فأقبل الجنيد يتكلم، وأخذ هو يعارضه، إلى أن قال له الجنيد أي خشبة تفسدها يريد أنه يصلب".انتهى
2ـ ونقلتَ عن ابن تيميّة: " وقد انتسب إليهم طوائف من أهل البدع والزندقة، ولكن عند المحققين من أهل التصوف ليسوا منهم كالحلاج مثلا، فإن أكثر مشايخ الطريق أنكروه، وأخرجوه عن الطريق مثل الجنيد بن محمد سيد الطائفة، وغيره، كما ذكر ذلك الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي في طبقات الصوفية، وذكره الحافظ أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد.
فهذا أصل التصوف ثم إنه بعد ذلك تشعب وتنوع .. ".
وعلّقتَ عليه فرحاً به ومعتقداً فيه قائلاً: "فهل هذا الكلام واضح وصريح في مبتدئهم أو لا؟ "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/434)
3ـ وقال: "والمقصود هنا أن المشايخ المعروفين الذين جمع الشيخ أبو عبد الرحمن أسماءهم في كتاب طبقات الصوفية، وجمع أخبارهم وأقوالهم، دع من قبلهم من أئمة الزهاد من الصحابة والتابعين الذين جمع أبو عبد الرحمن وغيره كلامهم في كتب معروفة، وهم الذين يتضمن أخبارهم كتاب الزهد للإمام أحمد وغيره، لم يكونوا على مذهب الكلابية الأشعرية، إذ لو كانت كذلك لما كان أبو عبدالرحمن يلعن الكلابية". [قال حارث الهمام: ولم يذكر الأشعرية لأنه لم يدرك أوان انتشارهم أشار إليه شيخ الإسلام في موضع آخر]. انتهى
فالمشكلة أنّ أبا عبد الرحمن السلمي عند أهل الحديث غير ثقة وتُهْمَتُه أنّه يضع الأحاديث للصوفيّة. ووصفَ الذهبي كتابَه حقائق التفسير بأنّه قرمطةٌ، وقال ابن الصلاح إن كان يعتقد أنّ ذلك تفسير فقد كفر.وما يُذكر من ثناءٍ على بعض أقطاب التصوف في كتب التراجم ككتاب السير للذهبي فمنه الكثير مرويٌّ عن السُلمي، كما في ترجمة السري السّقطي وغيره!!
فكيف يسوغ للأخ حارث وكيف يرضى لنفسه؛ وهو الذي يهجم على الآخرين لأجل قصّة لا ينبني عليها كبير أمرٍ لأجل انقطاع في سندها؛ أن يورد أمثال هذه الروايات مستدلاً بها بكل ثقة ويطلب منا أن نخضع لأقواله المبنيّة على هذه الروايات الباطلة!!
فإذا قال: إنني لا أعتمد جرح السلمي وهو عندي مقبول. قلنا له هذه ليست طريقة أهل الحديث والأسانيد. وعلى كلّ حال فلا بأس إذا كنتَ ترى صحّة الاستدلال بروايات السلمي فعليك أن تسلّم وترضى بما قال: أخبرنا محمد بن عبد الباقي نا أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي عن أبي عبد الرحمن السلمي قال أول من تكلم في بلدته في ترتيب الأحوال ومقامات أهل الولاية ذو النون المصري فأنكر عليه ذلك عبد الله بن عبد الحكم وكان رئيس مصر، وكان يذهب مذهب مالك، وهجره لذلك علماء مصر لما شاع خبره أنه أحدث علماً لم يتكلم فيه السلف حتى رموه بالزندقة.
قال السلمي وأُخرِجَ أبو سليمان الداراني من دمشق وقالوا إنه يزعم أنه يرى الملائكة وأنهم يكلمونه وشهد قومٌ على أحمد بن أبي الحواري أنه يفضل الأولياء على الأنبياء فهرب من دمشق إلى مكة. وأنكر أهل بسطام على أبي يزيد البسطامي ما كان يقول حتى أنه ذكر للحسين بن عيسى أنه يقول لي معراج كما كان للنبي "صلى الله عليه وسلم " معراج فأخرجوه من بسطام وأقام بمكة سنتين ثم رجع إلى جرجان فأقام بها إلى أن مات الحسين بن عيسى ثم رجع إلى بسطام قال السلمي وحكى رجل عن سهل بن عبد الله التستري أنه يقول إن الملائكة والجن والشياطين يحضرونه وإنه يتكلم عليهم فأنكر ذلك عليه العوام حتى نسبوه إلى القبائح فخرج إلى البصرة فمات بها.
قال السلمي وتكلم الحارث المحاسبي في شيء من الكلام والصفات فهجره أحمد بن حنبل فاختفى إلى أن مات. انتهى تلبيس إبليس صـ 187فهل سيسلّم الأخ حارث بهذه الروايات وهناك أشد منها، أم أنّه سيرفضها، فيكون متناقضاً مع نفسه وأمام الناس.
إذاً الروايات السابقة التي رواها ابن تيميّة وساقها الأخ حارث همام مستدلاً بها ومنتصراً لها وبها!! غير صحيحة ولا يعوّل عليها أبداً، وخاصّة إذا كان الناقل لها متمسّك بالأسانيد الصحيحة المتّصلة! ومع ذلك فهو يعدُّ نفسه صاحب المنهج الصحيح المتثبّت المسلسل بالأسانيد.
وأمّا أنا فيقول لي:
" واعلم أخي الكريم أنكم في هذا الكلام:
1 - خرقتم الإجماع المنعقد على خلافه، فقد قال سائر أهل العلم وجماعة أصحاب الحديث في كل الأمصار أن الإنقطاع في الخبر علة في إيجاب العمل به، سواء عارضه خبر متصل أو لا نقل هذا الإجماع غير واحد منهم ابن عبدالبر ومنهم ابن القطان تجده في الإقناع في مسائل الإجماع (1/ 67)."
يقول لي هذا الكلام فقط لأنني قلت إنّه يجب علينا ألا نعالج كل ما يصادفنا من أخبار في السير والتواريخ والأشعار والأدب وأخبار الصحابة والأئمّة بنفس الطريقة التي يُعالج بها الحديث النّبوي الشريف. لأنّ علم الحديث والجرح والتعديل إنّما وُضعا وتوخيَ فيهما شدّة التوثّق لأنّ الأمر يتعلّق بكلام نبي الإسلام سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك فقد فرّق العلماء في معالجة الأسانيد ورجالها بين الحديث والقرآن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/435)
ولا أدري لماذا لم يُجب الأخ حارث عن أسئلتي، وبدلاً من ذلك راح يضخّم المسألة ويوهم القارئ أنني أقول بقبول الأحاديث بدون إسناد أو بإسناد ضعيف وأنني أخرق الإجماع وما إلى ذلك؟؟
قلتُ له إنّ أقوال أبي حنيفة و فتاويه إنّما هي مرويّة عن طريق الحسن بن زياد اللؤلؤي ومحمد بن شجاع الثلجي وكلاهما متروك باتّفاق، فهل نستخدم كلام أهل الجرح والتعديل فيهما عندما ينقلان عن أبي حنيفة؟ إذا قال نعم. قلنا له إذاً ضاع المذهب!
قلتُ له: إنّ الكثير من أقوال وفتاوى مالك والشافعي وسفيان والليث وغيرهم أسانيدها منقطعة ولكنّها مشهورة ومستفيضة في كتب العلماء وتلقّوها بالقبول، فهل نطرحها لأجل الانقطاع؟ فلم يجب أيضاً. وراح يتكلّم عن نسبة الكتب ونسبة الأقوال والفرق بينهما ... وكالعادة يتكلّف في الكلام .... يا أخي إذا قلنا لك هذا الكتاب يُنسب للشافعي وفيه كلامٌ له عن الصوفيّة. أو قلنا لك هذا القول في الصوفيّة يُنسب للشافعي، وكلى الأمرين بنفس النسبة فما الفرق بينهما؟؟ هذا ما أردته لا ما ظننته ووصفتني بالذي يخلط ...
وكالعادة يمنعني من القبول بكتاب الشافعي بدون سند صحيح متّصل، ويستشهد بشيخ الإسلام ابن تيميّة الذي يقبل الكتب بدون سند إذا كانت مشهورة عند العلماء؟؟؟!! وهذا ما رواه الأخ حارث: شيخ الإسلام ابن تيمية وشمس الدين ابن القيم الذين مع معرفتهما بهذا الشأن بل مع إمامتهما فيه يحتجان بتلك الرسائل في الجملة (أي التي ليس لها سند يعوّل عليه).
ليتك يا أخ حارث تلتزم بطريقة ابن تيميّة في التعامل مع الأمور فعندها يكون منهجك واضحاً ونعلم أنّ لك سلفاً تتبعه!
وأمّا الإجماع الذي تذكره فهو في الأخبار النبويّة، وهذا الإمام الحافظ ابن عبد البر القرطبي المالكي الذي تروي عنه الإجماع يقول:
1ـ حديث سادس وعشرون من البلاغات
مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أيما بيعين تبايعا، فالقول قول البائع أو يترادان)
......... وهذا الحديث محفوظ عن ابن مسعود كما قال مالك، وهو عند جماعة العلماء أصلٌ تلقّوه بالقبول، وبنوا عليه كثيراً من فروعه؛ واشتهر عندهم بالحجاز والعراق شهرةً يُستغنى بها عن الإسناد.كما اشتهر عندهم قوله ـ عليه السلام ـ (لا وصية لوارث)
ومثل هذا من الآثار التي قد اشتهرت عند جماعة العلماء استفاضة يكاد يستغنى فيها عن الإسناد لأن استفاضتها وشهرتها؛ عندهم؛ أقوى من الإسناد. انتهى
التمهيد ج 24 صـ290
2ـ وقال أبو عمر: هذا الحديث وإن كان في إسناده مقال من جهة الانقطاع مرة وضعف بعض نقلته أخرى فإن شهرته عند العلماء بالحجاز والعراق يكفي ويغني. انتهى
التمهيد ج24صـ293
3ـ وقال ابن عبد البر: حديث ثان وثلاثون من البلاغات
مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة نبيه).
وهذا أيضا محفوظ معروف مشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم شهرة يكاد يستغني بها عن الإسناد وروى في ذلك من أخبار الآحاد أحاديث من أحاديث أبي هريرة وعمرو بن عوف. انتهى التمهيد ج 24 صـ 331فهل هذه النقول تجيب عن سؤالك الاستنكاري لي: وهل وجدت أثراً واحداً لا يعرف له سند يعرف قالوا شهرته تغني عن إسناده؟
وأمّا قصّة رسالة عمر في القضاء فبعد أن ساق خبرها ابن القيّم في كتابه أعلام الموقّعين ج1صـ92 قال في ختامه: " قال أبو عبيد: فقلتُ لكثير: هل أسنده جعفر؟ قال: لا ".
ثم علّق على ذلك ابن القيم فقال: وهذا كتابٌ جليل تلقاه العلماء بالقبول، وبنوا عليه أصول الحكم والشهادة، و الحاكم والمفتي أحوج شيء إليه و إلى تأمله والتفقه فيه. انتهى
و هذه القصة كما تعلم ليس لها سند يصح.
أم أنّ الأخ حارث يريد صورة إسناد فقط بغضّ النظر عن صحّته أو ضعفه واتّصاله أو انقطاعه؟
ــ وأوجه للأخ حارث هذا السؤال: إذا قال لك شخصٌ إنّ إسنادي في القرآن هو عن ... عن ... عن حفص عن عاصم ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/436)
فهل ستقول له إنّ حفصاً قال عنه البخاري: تركوه وقال مسلم متروك وقال ابن معين ليس بثقة كان كذّاباً،وقال ابن المديني والنسائي وأحمد: متروك الحديث، وقال صالح محمد: أحاديثه كلها مناكير، وقال ابن خراش: كذّاب متروك يضع الحديث، وقال عبد الرحمن بن مهدي: لا تحلّ الرواية عنه ...
فسندُك بالقرآن غير صحيح وباطل؟! أم تقول له إنّ حفصاً متروك الحديث نعم؛ ولكنّه إمامٌ في القراءة. كما أنّ الواقدي متروك الحديث مع إمامته في السيرة والتواريخ. وكذلك شأن الكثير من الفقهاء لا يُأخذ حديثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، في حين هم مرجع في حديث إمام مذهبهم.
الذي أحببتُ أن أنبّه إليه في مشاركتي السابقة، هو أنّ المنهج الجديد الذي بدأ البعض بنشره والتعويلِ عليه، والقاضي بمعالجة السِّيَر والتواريخ والأشعار والحِكَم وأمثال ذلك، بنفس الطريقة التي يُعالج بها الحديث النبوي الشريف، منهجٌ محدث (وبالمناسبة فإنّ شيخ الإسلام ابن تيميّة لم يكن هذا منهجه كما هو واضح للباحثين في كتبه)
قال ابن تيمية في الفتاوى ج14صـ365: " ومن الناس من يحكي عن سهل بن عبد اللّه: أنه لما دخل الزّنْجُ البَصْرة، قيل له في ذلك، فقال: هاه إن ببلدكم هذا من لو سألوا اللّه أن يزيل الجبال عن أماكنها لأزالها، ولو سألوه ألا يقيم القيامة لما أقامها، لكنهم يعلمون مواضع رضاه، فلا يسألونه إلا ما يحب. وهذه الحكاية، إما كذب على سهل ـ وهو الذي نختار أن يكون حقاً ـ أو تكون غلطاً منه، فلا حول ولا قوة إلا باللّه وهذه. " أرأيتَ كيف يتعامل شيخ الإسلام مع أخبار الرجال!. وكمثال قريب يقول بعضهم في كتابٍ له إنّ قصيدة ابن المبارك: يا عابد الحرمين لو أبصرتنا .....
باطلة لأنّ في سندها فلان متروك الحديث.
ـ لقد مضى على هذه القصيدة أكثر من أحد عشر قرناً تناقلها العلماء والفقهاء والمحدّثين والمفسّرين بالرضى والقبول،قبلَ الأدباء والشعراء، ولم يرد أنّ أحداً أنكرها. فما معنى ما يحدث في هذه الأيّام؟!
أنا أفهم أنّه في حالة وروود قصيدة أو مقولة أو حادثة معيّنة فيها إشكال كبير وينبني عليها خلاف كبير فإننا نضطرّ إلى الاحتكام لكتب الجرح والتعديل ومعالجة السند بالطريقة المعروفة حديثياً، هذا لا خلاف فيه (ومن المستغرب جداً أن يكون كل العلماء السالفون قد مرّوا على تلك الأحداث ولم ينكروها ثمّ نحن اليوم نزعم أنّ فيها ما يُنكر) وقد قلتُ سابقاً إذا تعلّق الأمر بالحكم على مسلم بالكفر أو الزندقة أو ما شابه ذلك فلابد من توخي الحرص والتّثبت. وما ذكرته عن أخبار الصحابة لم أعن فيه ما جاء عنهم من أمور الحلال والحرام التي تعلّموها من رسول الله صلى الله عليه وسلّم ... كما فهم الأخ حارث، وإنّما قلتُ أخبارهم وفتاويهم. والله المستعان.
ــ وأمّا ما ذكرتُهُ في مشاركتي السابقة من كون الصوفيّة منذ نشأتها في الإسلام غير مَرْضِيّة ولم يسلكها الأئمّة المتّبعون، وإنّما نُسِبَ إليها أشخاص أفاضل أمثال الفُضيل وبشر الحافي ولا شأن لهم بها، كما أنّه انتَسَبَ إليها رجالٌ عبّاد وزهّاد وأهل صدق وصلاح أمثال الجنيد والسري السقطي وتَنَزّهوا عن كثيرٍ من أفعال الصوفيّة المخالفة للشرع ولكن هذا لا يعني أبداً أنّ باقي رجال الصوفيّة الذين هم من طبقتهم كانوا على حالٍ مُرْضِيَة، والصحيح إطلاق الذم على الصوفيّة واستثناء أمثال الجنيد.
فأنا مازلت على هذا القول، لأنّ أمثال الفضيل ومعروف الكرخي وبشر الحافي ومالك بن دينار وأمثالهم من علماء المسلمين الربانيين، لم يصفوا أنفسهم بأنهم متصوّفة ولم يصفهم أقرانهم ومن عاصرهم من العلماء بالصوفيّة!! في حين أنّ الجنيد وصف نفسه بالصوفي وطريقته وعلمه بالتصوّف.
ـ هل وجد الأخ حارث كلاماً للإمام مالك أو سفيان أو أبو حنيفة أو الشافعي وأمثالهم ممن هم في طبقتهم، يصفون فيه الفضيل أو مالك بن دينار أو الكرخي بالمتصوّفة؟؟ إذا كان عندك نقلٌ بهذا الخصوص فأظهره لنا.
لقد سألَ رجلٌ مالكاً: مَنْ أهلُ السُّنّة يا أبا عبد الله؟ قال: " الذين ليس لهم لقبٌ يُعرفون به، لا جهمي ولا رافضي ولا قدري .. " انتهى ترتيب المدارك ج1 صـ 172
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/437)
ـ إنّ الذي ينبغي أن يعرفه الأخ حارث وغيره أنه إذا ترجّح لديهم معنىً خاص في منشأ كلمة صوفيّة، فهذا لا يسمح لهم أن يحملوا كلام الآخرين؛ المخالفين لهم في هذا الترجيح؛ على ما ترجّحَ عندهم، ومن باب أولى أن لا يحملوا كلام المتقدّمين الذين سبقوهم بقرون طويلة على فهمهم الخاص!
والذي أحب أن أنبّه الأخ حارث عليه هو أنّ كلمة صوفي وصوفيّة موجودة ومستخدمة قبل الإسلام، ونجد في تراجم رجال الكنيسة النصارى من يوصف بأنّه صوفي! فهم يقولون أغناطيوس الصوفي مثلاً. ولذلك عندما جاء ذلك الرجل من أهل نَصيبين (وهي في شمال بلاد الشام حيث الروم النصارى) للإمام مالك وقال له عندنا قومٌ يُقال لهم الصّوفيّة ثمّ ذَكَرَ أفعالهم العجيبة ... أجابه مالك قائلاً: ما سمعتُ أنّ أحداً من أهل الإسلام يفعلُ هذا.
فلو كان مالك يصف أمثال الفضيل بأنه صوفي لَمَا أجاب بذلك الجواب.
وكذلك أقوال الشافعي رحمه الله في ذمّ الصوفيّة لم تكن لتصدر عنه لو كان يعتقد أنّ أمثال الكرخي و الحافي وابن دينار من الصوفيّة.
ومما يساعد على فهم هذا المعنى الذي أُشير إليه قول الإمام سفيان بن عُيينه، المشهور: " مَنْ فَسَدَ من علمائنا ففيه شبهٌ من اليهود، ومَنْ فَسَدَ من عُبّادنا ففيه شبهٌ من النصارى "
قال المناوي في فيض القدير ج 5 صـ 261
: ولهذا كان السلف كسفيان بن عيينة يقولون من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى. انتهى
وقال ابن كثير في تفسيره ج 2 صـ 461
كما قال سفيان بن عيينة: من فسد من علمائنا كان فيه شبه من اليهود ومن فسد من عبادنا كان فيه شبه من النصارى. انتهى
فمن هذا المنظار نحن ننظر لقضيّة الصّوفيّة الأولى وما قيلَ فيها وبخاصّة كلام الأئمّة المتقدّمين كمالك وسفيان والشافعي. والحديث في هذا يطول وشرحه يحتاج للكثير من الوقت وظروفي لا تسمح. (وبالمناسبة رأيت برنامجاً عن الصوفيّة في قناة الجزيرة عَرَضوا فيه لقاءً مع زعيم طريقة صوفيّة اسمها "نعمة الله " قال فيه: " إنّ أساتذة الصوفيّة الذين كانوا يؤمنون بوحدة الخالق وبقيم الفروسيّة قَبِلوا الإسلام ولم يقبلوا ثقافة العرب، والسبب في ذلك هو أنّ ثقافة العرب لم تكن آنذاك أي شيء سوى ثقافة قتل وسلب واغتصاب، وربّما حتى اليوم لم يتغيّر الأمر كثيراً. لقد أخذنا رحيق الإسلام وألقينا بقشرته إلى العرب. الأذكياء فقط يعلمون أننا لسنا مسلمين والأغبياء يظنوننا مسلمين مثلهم. انتهى كلامه)
ـ وأنا عندما نبّهت الأخ حارث لقضيّة ما يقصده الشيخ ابن تيمية من القرون الأولى وهي الصحابة و التابعون وأتباعهم وليس المئة الأولى والثانية والثالثة، كنتُ أتكلّم من هذا المنطلق وكلامي لا يُعارض كلام شيخ الإسلام ولم أسقه لأخرم به كلام ابن تيمية كما زعم الأخ حارث؛ لأنّ الرقص الصوفي كان موجوداً عند الصوفيّة ولم يكن موجوداً عند الفضيل والحافي وابن دينار!
وفي الحقيقة فإنني نبّهتُ على ذلك لأنني لمستُ في كلام الأخ حارث شيئاً من الغياب للربط التاريخي المتسلسل، ولطبقات الرجال، فإقحامه للجنيد ضمن الطبقة التي ذمّها الشافعي من الصوفيّة دليل آخر على ذلك لأنّ الجنيد ليس من طبقة الشافعي بل في القرن الذي بعده!! وأما الآخرون كالفضيل والكرخي وهؤلاء فكما قلت لك لم يكن الشافعي يسمّيهم صوفيّة أصلاً!!!!
ـ وأحب أن أسأل الأخ حارث لماذا كل هذا الصخب؟ لقد قلتُ لك إنّ الأسماء التي ذَكَرْتَها في الطبقة الأولى من الصوفيّة جلّهم ليسوا منها ولم يسمّهم علماء التراجم المتخصصون كالذهبي بالصوفيّة، وإنما أوردهم متأخرة الصوفية في أسماء رجالهم وهذا لا يسلّم لهم أبداً، وكما تعلم فإنّ معظم هؤلاء الكتّاب كالسلمي والسراج وأمثالهم من الصوفيّة مجروحون ولا يعوّلُ المهتمّون بالأسانيد على كلامهم!!
فمن بقي إذاً السري السقطي والجنيد وكم .. ثلاثة آخرون أم خمسة؟ طيّب قلنا لك إنهم مستثنون من الذمّ، فلماذا تظهر المسألة وكأنّها ذمٌ للمئات أو العشرات من أمثال الجنيد، ليتك تذكر أسماءهم في تلك الطبقة حتى نعلم عمن تدافع!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/438)
· والعجيب من الأخ حارث كيف يتعامل مع الأمور؟! ففي حين أنّه يُطالب بالأسانيد واتّصالها وصحّتها وسلامة رجالها، نجده يرضى بما يسوقه له شيخ الإسلام من منامات ومكاشفات القلوب ومعرفة لما في الصدور وأمثال ذلك، والتي أقل ما يُقال فيها أنّه لا يبني عليها أي حكم شرعي أو حتى علمي، فضلاً عن أن تكون حجّة دامغة أو مرجّحة!!
فانظر إلى ما ساقه الأخ حارث كدليل يريد أن يحسم به الأمور ويُسكت به الآخرين.
قال: " وكذلك نقل الشيخ شهاب الدين أبو حفص عمر بن محمد السهروردى، وحدثنيه عنه الشيخ عز الدين عبد الله بن أحمد بن عمر الفاروثي، أنه سمع هذه الحكاية منه، ووجدتُها معلقة بخط الشيخ موفق الدين أبي محمد بن قدامة المقدسي، قال السهروردي: كنت عزمت على أن أقرأ شيئا من علم الكلام وأنا متردد هل أقرأ الإرشاد لإمام الحرمين، أو نهاية الإقدام للشهرستاني، أو كتاب شيخه، فذهبت مع خالي أبي النجيب وكان يصلى بجنب الشيخ عبد القادر (يعني الجيلاني)، قال فالتفت الشيخ عبدالقادر وقال لي يا عمر! ما هو من زاد القبر ما هو من زاد القبر! فرجعت عن ذلك. فأخبر أن الشيخ كاشفه بما كان في قلبه، ونهاه عن الكلام الذي كان ينسب إليه القشيرى ونحوه" انتهى
وليس ذلك فحسب بل يرضى بقصص وحكايات فيها تكفيرٌ لمئات من الأئمّة والعلماء على طول الدهر، أو قصص فيها نفي وجود أولياء لله في مدن كاملة. قال حارث: " وحدثني أيضا الشيخ محمد بن أبي بكر بن قوام، أنه سمع جده الشيخ أبا بكر بن قوام يقول: إذا بلغك عن أهل المكان الفلاني -سماه لي الشيخ محمد- إذا بلغك أن فيهم رجلاً مؤمناً، أو رجلاً صالحاً فصدق، وإذا بلغك أن فيهم ولياً لله فلا تصدق!
فقلت: ولم يا سيدي؟
قال: لأنهم أشعرية.
ويُعلّق الأخ حارث على هذه الحكايات قائلاً:
" أفلا يحسن أن يستفاد من مثل هذا في الدعوة عوضاً عن الخوض فيما لايجدي؟! انتهى
وأقول: فإن تعجب فعجبٌ قولهم، يا أخي حارث ما هو المجدي من هذه القصص؟ قلنا لك إنّ الأئمّة الكبار ذموا الصوفيّة فلم ترضَ! وقلنا لك إنّ عند بعض أوائل الصوفيّة ابتداع فثارت ثائرتك! ورفعتَ راية الذبّ عن أعراضهم، فقلنا طيّب لأن يُخطئ المرءُ في حُسن الظن خيرٌ له من أن يُخطئ في سوء الظن، ولكنّ المفاجأة كانت عندما نجد الأخ حارث يرضى بقصصٍ عن أشخاصٍ ليسوا في رتبة الأئمّة ولا يُقاربوها؛ وفيها الطعن والتكفير بالجملة وبإطلاق!!
قال حارث:" ثم قال: "وقال شيخ الإسلام الأنصاري: سمعت أحمد بن حمزة، وأبا علي الحداد يقولان: وجدنا أبا العباس أحمد بن محمد النهاوندي، على الإنكار على أهل الكلام، وتكفير الأشعرية، وذكرا عظم شأنه في الإنكار على أبي الفوارس القرمسيني، وهجر ابنه إياه لحرف واحد.
قال شيخ الإسلام سمعت أحمد بن حمزة يقول: لما اشتد الهجران بين النهاوندي وأبي الفوارس، سألوا أبا عبد الله الدينوري فقال لقيت ألف شيخ على ما عليه النهاوندي. انتهى
أهذا ما يرضيك؟ أهذه القصص عندك أولى من كلام الأئمة؟ أهذه هي الأسانيد التي تنادي بها؟
- وعندما يمرّ الأخ حارث على قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وقال:"وكان الجنيد رضي الله عنه سيد الطائفة". يعلّق عليه بكل ثقة وعزم: "فهل تراه يترضى على مبتدع؟
- يا أخ حارث إنّ ابن تيميّة يصرّح بأنّ الهروي (صاحب منازل السائرين) له كلام فيه شيء من الحلول كما أنّه يحكي عنه مسائل خطيرة في الاعتقاد، وطبعاً لا يوافقه عليها أبداً بل يعُدّها من أخطر بدع العقائد؛ ويقول عنه إنّه يوافق جهماً، ومع ذلك يقول عنه ويصفه كلّما ذَكَرَه بشيخ الإسلام الهروي!!
كما في الفتاوى كتاب الإيمان الكبير: " وكذلك قال شيخ الإسلام الهروي: الإيمان تصديق كله ". انتهى
وإليك كلام شيخ الإسلام الذي جاء في الفتاوى ج14صـ 352، 358
" ... والمقصود هنا أن جهماً اشتهر عنه نوعان من البدعة: أحدهما: نفي الصفات. والثاني: الغلو في القدر والإرجاء. فجعل الإيمان مجرد معرفة القلب، وجعل العباد لا فعل لهم و لا قدرة. .... ...........................
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/439)
وشاع هذا القول في كثير من الصوفية ومشايخ المعرفة والحقيقة، فصاروا يوافقون جهماً في مسائل الأفعال والقدر، وإن كانوا مكفرين له فى مسائل الصفات، كأبي إسماعيل الأنصاري الهروي، صاحب كتاب (ذم الكلام)، فإنه من المبالغين فى ذم الجهمية لنفيهم الصفات. وله (تكفير الجهمية) ويبالغ فى ذم الأشعرية، مع أنهم من أقرب هذه الطوائف إلى السنة والحديث، وربما كان يلعنهم. وقد قال له بعض الناس؛ بحضرة نظام المُلك؛: أتلعن الأشعرية؟ فقال: ألعن من يقول ليس في السموات إله، ولا في المصحف قرآن، ولا في القبر نبي، وقام من عنده مغضبًا.
ومع هذا، فهو فى مسألة إرادة الكائنات، وخلق الأفعال، أبلغ من الأشعرية. لا يثبت سبباً ولا حكمة، بل يقول: إن مشاهدة العارف الحكم لا تبقى له استحسان حسنة، ولا استقباح سيئة.
والحكم ـ عنده ـ هي المشيئة؛ لأن العارف المحقق ـ عنده ـ هو من يصل إلى مقام الفناء، فيفنى عن جميع مراداته بمراد الحق، وجميع الكائنات مرادة له، وهذا هو الحكم عنده. والحسنة والسيئة يفترقان فى حظ العبد؛ لكونه ينعّم بهذه، ويعذّب بهذه. والالتفات إلى هذا هو حظوظ النفس، ومقام الفناء ليس فيه إلا مشاهدة مراد الحق. وهذه المسألة وقعت في زمن الجنيد، كما ذكر ذلك فى غير موضع. وبين لهم الجنيد الفرق الثاني، وهو أنهم ـ مع مشاهدة المشيئة العامة ـ لابد لهم من مشاهدة الفرق بين ما يأمر الله به وما ينهى عنه وهو الفرق بين ما يحبه وما يبغضه. وبين لهم الجنيد، كما قال فى التوحيد: هو إفراد الحدوث عن القدم. فمن سلك مسلك الجنيد، من أهل التصوف والمعرفة، كان قد اهتدى ونجا وسعد. ومن لم يسلك فى القدر مسلكه، بل سوى بين الجميع، لزمه ألا يفرق بين الحسنات والسيئات، وبين الأنبياء والفساق، فلا يقول: إن اللّه يحب هؤلاء وهذه الأعمال. ولا يبغض هؤلاء وهذه الأعمال، بل جميع الحوادث هو يحبها كما يريدها، كما قاله الأشعري. وإنّما الفرق: أنّ هؤلاء ينعمون، وهؤلاء يعذّبون.
والأشعري لما أثبت الفرق بين هذا وهذا ـ بالنسبة إلى المخلوق ـ كان أعقل منهم. فإن هؤلاء يدعون أن العارف الواصل إلى مقام الفناء لا يفرق بين هذا وهذا. وهم غلطوا في حق العبد وحق الرب ....................
والمقصود هنا: الكلام على من نفى الحكم والعدل والأسباب في القدر من أهل الكلام والمتصوّفة، الذين وافقوا جهماً في هذا الأصل. وهو بدعته الثانية التي اشتهرت عنه، بخلاف الإرجاء، فإنه منسوب إلى طوائف غيره. فهؤلاء يقولون: إن الرب يجوز أن يفعل كل ما يقدر عليه ويمكن فعله، من غير مراعاة حكمة ولا رحمة ولا عدل. ويقولون: إنّ مشيئته هي محبّته. ولهذا تجد من اتبعهم غيَر معظّمٍ للأمر والنهي، والوعد والوعيد، بل منحلّ عن الأمر الشرعي كلّه أو عن بعضه، أو متكلّف لما يعتقده أو يعلمه، ............ وهؤلاء يدعون الفناء عن الحظوظ. فتارة يقولون فى امتثال الأمر والنهي: إنه من مقام التلبيس، أو ما يشبه هذا، كما يوجد فى كلام أبي إسماعيل الهروي ـ صاحب منازل السائرين. انتهى
فهل يصحّ أن يُقال في مذهبك يا أخ حارث عن الهروي شيخ الإسلام؟
إن قلتَ لا. قلنا لك قد قالها ابن تيمية.
وإن قلتَ نعم. رسبتَ في الامتحان وكنتَ متناقضاً.
لذلك أنصحكَ أن تلتزم بالدليل الحقيقي والحجّة القاطعة ولا تلتفت إلى أمثال هذه الأشياء، فأقوال الشيخ ابن تيميّة في هذا السياق لا يمكنك أن تُنْزِلها منزلة أقوال النبي صلى الله عليه وسلّم في الإقرار والإطلاق كما يفعل أهل الفقه والأصول.
على أنّه ينبغي أن نعلم أن كلام الإمام ابن تيمية في مسألةٍ ما، لا يمكن حمله على محملٍ معيّن حتى يُجمع كل ما قاله في تلك المسألة ويُمحّص ومن ثَمَّ يمكن إطلاق الحكم عليه. هذا لكي لا يتقوّل أحدنا عليه ويسقط أراءه الخاصّة على كلامه رحمه الله.
ـ هناك شخصيّات ليست من الصحابة وإنّما من أعيان القرن الرابع وما بعده، عندما يصف الإمام ابن تيميّة أحدهم يقول رضي الله عنه! ويقول العارف بالله، ويقول قدّس الله روحه وأمثال هذه الكلمات. فهل إذا قال أحدهم إنّ كلمة رضي الله عنه خاصّة بالصحابة والسلف لم يستخدموها مع غيرهم، وكلمة العارف بالله وقدس الله روحه مُحدَثة لم تجري على ألسنة السلف! سيرضى الأخ حارث أم ستثور ثائرته؟ مع العلم أنّ كون ذلك مُحدَث لا يطعن بإمامة شيخ الإسلام.
وختاماً أقول: والله العظيم إنني لم أتعرّض في حياتي كلّها للكلام في أمثال الجنيد أو السري وهذه أوّل مرّة أضطر فيها للخوض في هذه الأمور، ومع ذلك فأنا لم أنسبهما إلى كفر أو زندقة أو فسق كما يوهم كلام الأخ حارث، ولم تكن مشاركتي السابقة انتصاراً للأخ حنبل أو لغيره ولم تكن هجوماً على أحدٍ أبداً، وإنّما أحببتُ أن أوضّحَ مسألة كانتَ محلّ خلاف بين المتحاورين، ولم يكن غرضي إطلاق حكم على أحد من صالحي الأمّة التي خلَت، ويبدو أنّ الأخ حارث أساء فهمي جداً وحمّل كلامي ما لا يحتمل وصار يخاطبني وكأنني أنا صاحب عنوان الموضوع.
بقي أن يعرف الأخ حارث أنني إنما أكتب وأشارك باسمي الحقيقي الذي أُعرف به، ولا أستخدم اسماً وهمياً كما يفعل الكثيرون، وعندما أكتب فأنا أراعي تَبعَات ذلك. فأرجو من الأخ حارث أن يراعي ذلك.
ملاحظة: أرجو التنبّه لأمر هام وهو أنّ هذه الرسالة التي كتبتُها تعليقاً على بعض القضايا التي ورَدَت في رد الأخ حارث، إنّما هي لمحات موجزة وعناوين مختصرة، وليست بحوثاً أو تحقيقات محكمة العرض والتناول، والغرض منها التنبيه على مسائل وأصول علميّة ينبغي أن تأخذ في الحسبان عند النظر في ما كُتِبَ ويُكتب في المؤلّفات القديمة أو الحديثة.
ولذلك أرجو أن لا تُتّخذ أمثال هذه الردود والتعليقات كمرجع لتصنيف الكاتب. وإذا كان هناك ثَمّةَ إشكال في فهم المراد من بعض التعليقات فأرجو أن لا يتسرّع الإخوة في إطلاق الحكم قبل الاستفسار من الكاتب.
والحمد الله في بدء وفي الختام والسلام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/440)
ـ[حارث همام]ــــــــ[04 - 10 - 05, 03:24 م]ـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
طالعت مساء أمس متأخراً رد الشيخ الفاضل الحبيب أبو إدريس، وقد وجدته كما أشار في آخره تعليقات وإشارات، لم تحتو على تقريرات محررة وبحوث مطولة، وهذا التعقيب من قبيل ذلك الباب، فإن الوقت في هذه الأيام عزيز والاشتغال بالأولى فيه أولى، غير أني أرجو أن تتاح له فرصة بعيد رمضان يحرر فيها جوابه ويبسط فيها مقاله لعل ذلك يشجعني للتحرير والبسط والله من وراء القصد.
وأول ما أبدأ به هذا الرد أخي الفاضل هو تهنأتك بحلول الشهر المبارك، وأسأل الله أن يوفقك فيه لخير العمل، وأن يغفر لي ولك الزلل، وأرجو أن يكون لك من دعائي في أيامه ولياليه نصيب، وأرجو أن تكون أنت كذلك.
ثم ثانياً: ذكرت كلاماً فهمت منه إساءتي الظن بك، واتهامك بما أنت منه براء، وكان بإمكانك عفى الله عنك أن تنقل من كلامي نحو ما نقلت شيئا فيه حسن الظن بك، بل والإشادة مع الدعاء أيضاً. كما أن بإمكاني أن أحمل بعض عباراتكم في هذا الرد والذي سبقه نحواً مما حملته كلامي، ولكن حسن ظن بكم لا أفعله وليس هو موضوعي.
ثم أقول أخي الفاضل لك وللقراء الأكارم راجعوا الكلام الذي نقله الشيخ حول اتهامي له في سياقه فإن وجد فيه شيء لايمكن حمله إلاّ على ما فهم الشيخ فأنا أعتذر له منه، وأتحلله فيه، وأطلب منه في هذا الشهر العظيم أن يعفو ويصفح. ولو علمت أن مما يرضيكم تكرار ما سطرته من فرق بينكم وبين غيركم في المسألة، لفعلت.
أما ماذكرتموه في ثانياً، فأحيل فيه على الرد الماضي وكفى. وأنبه أنه ليس من لازم الاستغفار لك تأثيمك، ووالله لو وجدت منك استغفاراً لي هنا فإن ذلك يسعدني ولايسؤني.
وكذلك يقال في (وأما ثانياً) الثانية فأحيال على ما رددت به على الشيخ الكريم ليتأمل، هل تجدون في الاستفهام تهمة؟ ومع رجائي بأن لايكون الظن السيء قد حاق به يأبى الشيخ إلاّ أن يقول ما حاصله أني أقول قد حاق الظن السيء به. لا يا أخي أنا استفهمت وأنت هنا بينت من مرادك ما لم تبينه هناك، والحمد لله. ولو أبيت إلاّ أن تحمل كلامي على تهمتك وإساءة الظن بك، فمع أني أستطيع أن أحمل من كلامك هنا وهناك فيَّ مثله إلاّ أن ديني يأبى علي ظلمك، وحب رفع التهمة وسد مدخل الشيطان يأطرني للاعتذار عما فهمته مني، فاقبل عذري معتبراً سياق الحوار والموضوع مذ شرع وقصد المتناقشين فيه.
ولايفوتني قبل تجاوز هذه النقطة –وأرجو أن تحسن بي الظن في الطلب- وأنت القائل: "وإن شئتَ أرسلتُ لك تلك الرسائل"، أرجو أن ترسل لي تلك الرسائل وأأكد اعتنائي بهذا الطلب لأجل أن أستفيد منها، وجزاك الله خيراً مقدماً وأعدك بأنك لن تعدم فائدة أو تعليق قد يفتح الله به علي.
أما ثالثاً: فلماذا تبين لي أخي الكريم شيئاً قررته بنفسي في رد سابق وأجبت عليه بما لم تشر إليه؟ فنقل الإمام الشافعي الآنف أثبت صحته قبل نقلك بمدة طويلة، وبينت وجهه فيما أُرى، فلم يكن لتكراره في هذا السياق معنى. ولهذا لم يسبق إلاّ فهمي باعتبارك قارئ لما سبق والحديث في التعليق عليه إلاّ ما رددت به عليك.
أما عبارة الشافعي التي طلبت مني الجواب عليها فقد فعلت في الرد السابق، بل والذي قبله على استدلال الأخ الكريم حنبل بها، فليراجعه من أراد.
- أما مسألة الشيخ الجنيد، فقد نقلت عن الذهبي وشكرتك على التبيه ودعوت لك، إلاّ أني بينت بأن ذلك لايغير من حقيقة ثنائه عليه شيئاً فقد حكم على الجنيد في تاريخ الإسلام، وفي العبر، وفي السير، أفترضى بحكمه؟ أظنك كذلك.
أما إذا أردتم أن نناقش حال الجنيد بتفصيل، بعيداً عن القيال وقال، آخذين كلام أهل العلم، محققين في الأسانيد فلا بأس أن تسند لي ما صح عندكم في ذمه، وحينها أجيبك إن شاء الله، وأسند لك ما صح من كلامه في السنة، وما صح من ثناء ((أهل السنة)) عليه بما يكفي. ولن أخرج في حديثي عما نقلته لك من كلمة العلامة المعلمي رحمه الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/441)
أما التعويل على مسألة نسبة أهل الاصطلاح نحو هذا الكلام إليه فقشة لن تنجي غريقاً ولغ في عرض الإمام يوم يلقى ربه ويقف الجنيد خصمه -ولا أعنيك بهذا فقد كررت عدم قولك بما تنقل أكثر من مرة- وفرق بين أن نقول اصطلح القوم على أن هذا اللفظ يدخل فيه معنى الزهاد بل هو أصله فيشمل فلان وفلان ممن نصوا عليهم، وبين أن نزعم أن القوم اصطلحوا على أن الجنيد قال كذا وكذا، فنسبة القول ليست أمراً إصطلاحياً، وإنما هي دعوى تقبل إن توفرت فيها شروط القبول أو ترد إذا لم تتوفر فيها شروط القبول، وإذا سلمنا جدلاً بأن نسبة الأقوال لأشخاص تصح باصطلاح آخرين، فما كل اصطلاح يقبل ولاسيما إن عارض الشرع! فلو اصطلح قوم على أن الفناء هو الفناء عن وجود السوى فلايعني كونه اصطلاحاً عندهم صوابه أومطابقته للواقع عند آخرين، لأنه يخالف بدهيات الشريعة، وضروريات الدين، فكيف ننسب لأحد قولاً بمثل هذا ولاسيما الجنيد رحمه الله والذي أنكر أهل العلم كثيراً مما ينسب إليه من الباطل، بل نصوا على عدم ثبوته، وبينوا أن كثيراً من مشايخ القوم ينقلون الغث والسمين ولا يميزون.
ثم أقول أخي الكريم ما أوضحت هنا من قصد بنقلك كلام الإمام الشافعي في التغبير، "أنا لم أقل أبداً إنّ الشافعي يقصد بكلامه الحكم على الصوفيّة بالزندقة، ولا أظنّ كلامه بحاجة لمزيد من التوضيح، لأنّه واضح لكل من يقرؤه بإمعان وتروٍّ. الزنادقة هم الذين أحدثوا التغبير هذا مراد الشافعي ولا يستطيع أحدٌ أن يُنكر هذا المعنى من كلامه، وليس كل من حضرَ التغبير أو سمعه يكون زنديقاً كما يتوهّم الأخ حارث وينسبه لي!! " هذا معنى ذكرتُه أُنُفاً في ردي على الأخ حنبل قبل ردك، وقد ذكره مستدلاً به على غير هذا القصد فيما أفهم ويظهر، فلما جئت تثبته لم يكن لأفهم منه إلاّ القصد الذي ذكره في سياقه مستدلاً به، ثم أكد لي استفاهمك وسؤالك بعدها استدلالك به على ذم تلك الطبقة التي لم تحدث هذا السماع، ومن هنا كان ردي فأرجو أن تعذرني. ولم يكن يخطر ببالي أنك تسوقه متعقباً لي وتعتقد فيه ما قلته أنا قبل، ودعوة أخرى هنا للقراء لمراجعة ما سبق وكفى.
أما مسألة التغبير فأنا لم أثرها ابتداء فضلاً عن التوسع فيها، وما ذكرتُ هنا إلاّ نتفاً حولها، وسبب ذكري لها اقحامها في الاستدلال بها إما على زندقة الطبقة الأولى من القوم كما هو سياق الأخ الكريم ابن حنبل أولاً وأفهم عدم قوله به الآن ولله الحمد، وإما على إخراجهم من دائرة أهل السنة، كما هو سياقكم ثانياً، فأحببت حينها أن أبين أنها لم تتناول القوم، وأن القوم لم يكن صدرهم الأول يقول بها، وأنه كما قيل من وقوع بعض أكابرهم فيها قيل برجوعهم أيضاً، وأن بعضهم أخطأ فيها ولاينسب هذا لمجموعهم، وأن آخرين لم يكن سماعهم السماع المحرم، ولا شك أن الخلاف في المسألة حاصل، وقد نص على نقله شيخ الإسلام، ولو أردت أن نفرد مقالاً لنقاشها بعد رمضان فحسن، فصاحبك يرى التفصيل فيها ويراه قول الإمام أحمد واختيار شيخ الإسلام، وقد نص على أن عدم وصفه بالبدعة كان آخر أمر الإمام أحمد غير كتاب من كتب المذهب المعتمدة.
وأما خبر الإمام أحمد المنقول فقد ضعفته بناء على تضعيفك التوزي، فأنت تضعفه ويوثقه السلمي وابن ماكولا فمن أتبع؟ وغاية ما وجدت في جرحه من أئمة الشأن لامن عرف بتعسف في الجرح عبارات لينة كليس بالقوي ولايلزم منها الضعف أوالاطراح. وأما القطيعي فلا أدري هل تقصد بتضعيفك أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك بن شبيب بن عبد الله أبو بكر بن مالك القطيعي راوي مسند الإمام أحمد وهو الراوي هنا أولا؟ فإن سبق إلى ذهنك غيره فغلط، وإن كنت تعني صاحبنا فأنت ترى أنه ضعيف والإمام ابن كثير يقول: "وكان ثقة كثير الحديث، وقد حدث عنه الدارقطني وابن شاهين والبرقاني وأبو نعيم والحاكم، ولم يمتنع أحد من الرواية عنه ولا التفتوا إلى ما شغب به بعضهم من الكلام فيه، بسبب غرق بعض كتبه حين غرقت القطيعة بالماء الأسود، فاستحدث بعضها من نسخ أخر، وهذا ليس بشيء؛ لأنها قد تكون معارضة على كتبه التي غرقت والله أعلم ويقال: إنه تغير في آخر عمره فكان لا يدري ما قرئ عليه. وقد جاوز التسعين رحمه الله". فمن نتبع؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/442)
وعلى العموم ليس هناك بأس من بسط الكلام في حال التوزي، وحال القطيعي، وها أنا ذا أنتظر بسطك حتى لا أصدر حكماً مسبقاً على قولك وأصفه بما لا ترضاه.
وهذا الإسناد (الحسن) لا أطالبك أن تلغي به غيره مما ثبت عنه وليس هو كل ما نقلت، ولكن أن تفهم منه ما ذكرت لك في الرد السابق من أمر التفصيل فيه طالما صح السند إليه بهذا، وإن كنت لابد لاغياً قولاً فالغ المتقدم يا صاحبي ولا أقول به ولكنه إلزام يلزمك إن كنت تقول لابد من إلغاء أحدهما فالتزمه أو أجب عليه خاصة وقد ذكر غير واحد من علماء الحنابلة المعتبرين أنه آخر قوله في المسألة مشيرا لإلغاء الأول، وإن شئت بسطها نقلت لك، وأخالك اطلعت على بعضها يوم نقلتَ ما نقلتَ من قول ببدعيتها إن كنت نقلته من مصادر الحنابلة الأصلية فعادة يذكرونها متجاورة وقد أشرت إلى طرف من ذلك في ردي السابق.
وقد نقلت لك عمن هو أعلم من ابن الجوزي –رحمه الله وقد ذكرت اسمه لأنك أشرت إلى ما ذكره- بمذهب أحمد ومعتقده ما نقله في هذا الصدد أعني ابن مفلح في نفس مسألة السماع هذه.
أما قولكم حفظكم الله: "وشهرتها تغني عن إسنادها. فذلك لأنه ليس فيها أي تكفير لأحد بعينه ولا بعمومه، بل فيها الإنكار على أمور لا يسعُ أحداً من العقلاء إلا إنكارها، فما بالك بالإمام مالك الذي ينكر ما هو أقل منها بكثير!!!!!!! وليس فيما صحَّ عن مالك أي شيء يعارضها!! ولم يردّها أحدٌ من العلماء المعتبرين من مذهب مالك أو غيره. وليس في نسبتها للإمام مالك أي جُرحة له أو انتقاص من قدره. ومع ذلك فقد رفضها الأخ حارث وصار يريد الكلام على التصحيف والتحريف والإسناد وغير ذلك وبتكلّفٍ شديد."
قلتَ: فذلك لأنه ... فهل ترى هذه أسباباً كافية في الحكم على قول بالاشتهار حقاً؟ إذا لم فكيف تقرر أنه مشتهر؟ وإذا قلت نعم فأبن لي وجه كل واحدة منها في دلالتها على الاشتهار؟ والاستفاضة، وتلقى الأمة جيلاً لها عن جيل بالقبول؟ وهل أفهم من اقتصارك على هذا أنك لم تجد من أهل العلم رجلاً يقول بأنه مشتهر مستفيض؟
أما ما ذكرته من كلام حول تصحفها فليراجعه من شاءه في الرد السابق ولن يضيرني إلى أي قول مال، وسيجد هل ردي لها بناء على هذا التصحيف فقط، أم لأنها ليس لها سند، وليست فيها دلالة؟ راجع يا باغي الإنصاف ما سلف لزاماً.
أما إنكاري عليك بالصاوي -إن ساغ أن يسمى ما قلته إنكاراً- ففي دعوى اشتهار القصة التي لاسند لها! فلا تخلط أخي الكريم كما أن من سميتهم –حفظك الله- من أهل العلم لم يحكموا بصحتها مثلك، وغاية ما هناك استئناسهم بها لا دعوى اشتهارها أو استفاضتها أو حتى صحتها. وأنت تعلم أن الأحاديث المصنفة في السنن مع أنها منسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم، لا يلزم من إيراد المحدث لها قوله بصحتها في غير الصحاح ما لم يبين، ولهذا يوردون الضعيف عندهم لأسباب كثيرة من أهما الاستئناس على معنى ثبت يوضحه التبويب أو السياق، وهذا موجود حتى في كتب الاعتقاد قديمها وحديثها والتي ألفها أئمة الشأن المعتبرين. فمن ساقها في هذا السياق لايثرب عليه ومن ساقها مستدلاً بها على مراد آخر من نحو الحكم على طبقة بالبدعة (أو إخراجهم من دائرة أهل السنة) زاعماً استفاضة قبولها أو اشتهار ذلك فيقال له هات البرهان وأثبت الحجة وبين وجه الدلالة فيها فالحكم عظيم. (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثما مبينا) أما إن كنت تقصها لكونها قصة تحكى فلم يكن ليعقب عليك أحد ولكن ظاهر كلامك حفظك الله أنك تستدل على ما قررته من حكم على الطبقة الأولى بنحوها.
ولعل الحكم على طبقة بأسرها وإن لم تعين أشخاصها أعظم من الحكم جوراً على معين واحد، من نحو الحكم على أهل بلد بأسره بل هذا أعظم، وقد أنكرتم حفظكم الله إنكاراً عظيماً على من رمى الأشاعرة والكلابية بأمر مختلف فيه بين أهل العلم من أهل السنة إذا أطلق لا على التعين كما هو منقول، بينما أراكم هنا تطلقون حكما على طبقة بأسرها فيه إخراج لهم عن دائر الفرقة الناجية، التي ما عدها كلها في النار. وليس الحكم بالبدعة دون الحكم بالكفر أو الزندقة في استيفاء الشروط وتحققها وإزالة الموانع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/443)
وأما قولكم بارك الله فيكم: " أرأيت يا أخ حارث هذا شيخ الإسلام؛ كما نقلتَ بنفسك؛ يُثبت ذم الصوفيّة على لسان كل من الأئمّة الأربعة وأصحابهم وأهل الحديث والعبّاد " فيظهر منه أن النص لم يتضح لكم، ولو تأملتم ما نقلته عن شيخ الإسلام من نقول متفرقة لا أظن أن يسبق إليكم هذا الفهم، فالنص يفيد ظاهره مدح إمامنا أبي عبدالله والدرارني للاسم، مع ذم الشافعي ومالك له فيما يظن. ولا أدل على هذا المراد من مخاطبته به طوائف جاء عنه مدحهم. ثم ذكر اختلاف أتباعهم وانقسامهم بين في القوم بين ذام باغ ومادح غال، فتأمل كلامه مراراً وفقك الله. ثم هو رجح التفريق والتقسيم فهل اختار قولاً خارجاً عن أقوال الأئمة وأتباعهم؟
فلا أدري كيف تطالبني بنقد شيخ الإسلام وأنا أرى ما يرى وأقول بقوله في المسألة! وعلقت في قوله مقالاً كاملاً لأبين غلط من ظن أن حكمه على أفراد لا عن طائفتهم ولعله لايزال موجوداً هنا.
وأين في كلام شيخ الإسلام (هذا) إثبات قول للإمام مالك، أو حتى الشافعي حتى أقول أخطأ! يا أخي شيخ الإسلام أكثر تحقيقاً وأجل من ذلك، ولهذا احتاط في عبارته ولم يقل صح عنهم أو نحو ذلك.
أخي الكريم أرجوك أن تعيد قراءة ما نقلته عن شيخ الإسلام في حكمه على تلك القوم بهدوء بغية الانصاف وليس لزاماً أن توافقه لأنه قول شيخ الإسلام. بل إن وجدته موافقاً للحق والصواب فبه قل لذلك لا غير، وإن وجدته مخالفاً له فقل هذا رأيه وأنا أخالفه لما يلي من أسباب.
أما الأقوال غير المسندة فمع أنه لايلزمني في استصحاب براءة مسلم إثبات سند بذلك، إلا أن الأمور الثلاثة التي ذكرت لا مانع من إثباتها لك في تعليق مستقل، ومعها إثبات النقول الواضحة الجلية المتصلة بالأسانيد الصحيحة على التزام القوم بالكتاب والسنة ونبذ ما خالفهما، فهل ستحكم على تلك الطبقة بعدها بأنهم من أهل السنة في الجملة وإن ندت من بعضهم اجتهادات وخرج منها أفراد بأعيانهم؟
أما الكلام في السلمي فلعله لايخفاك فليتك نقلت من كلام المادحين والموثقين كما نقلت عن الذاميين.
وليس معنى كونه ثقة أو صدوق عندي يلزمني بقبول كل ما روى، بل أعلم بأن فيما رواه الموضوع، والضعيف وما أجهل حاله، وإذا أردت أن نناقش بعضها وفقاً لمنهج أهل الحديث فحي هلا، ولكن يلزمك قبل النقاش عدم ذم أحد ببدعة أو فسق أو كفر أو زندقة [وأقول هذا لا لأنك تحكم بالزندقة أو الكفر على تلك الطبقة ولكن الإخراج من دائرة أهل السنة يلزم منه أحد هذه لكل فرد من أفراد تلك الطبقة إلاّ من استثنيتهم] أقول ليس لك ذم أحدهم قبل أن تثبت النص وتثبت دلالته وتثبت ارتفاع العذر وعدم المانع من إنزاله، أما بالنسبة لي فلايلزمني أصل البراءة بشيء من ذلك.
أما قولكم: " إذاً الروايات السابقة التي رواها ابن تيميّة وساقها الأخ حارث همام مستدلاً بها ومنتصراً لها وبها!! غير صحيحة ولا يعوّل عليها أبداً، وخاصّة إذا كان الناقل لها متمسّك بالأسانيد الصحيحة المتّصلة! ومع ذلك فهو يعدُّ نفسه صاحب المنهج الصحيح المتثبّت المسلسل بالأسانيد ".
فإن كنت تعني ما رقمته بـ 1، و2 و3 فلا مانع عندي كما مر من أن أثبت لك مضمون 1، و2 وهو تبرؤ أئمتهم من الحلاج، وعدم عذرهم له بل تكفيرهم له، وأما الثالثة وهي براءة متقدميهم من مذهب الكلابية فهذا كلام أحد أعلم أئمة الشأن في هذا الصدد، وأنت نقلت ذمهم من نحو ابن كلاب، كما أن الأصل براءتهم من مذهبه، فمن المطالب فينا بإثبات الأسانيد وأنت أهل للإنصاف؟
كما أني لم أفهم ماذا تعني بقول إذاً الروايات السابقة .. لا أدري قولك يوهم بأنك ضعفتها مع أنك لم تفعل! فبماذا تتعلق إذاً؟
أما قولكم بورك فيكم: " يقول لي هذا الكلام فقط لأنني قلت إنّه يجب علينا ألا نعالج كل ما يصادفنا من أخبار في السير والتواريخ والأشعار والأدب وأخبار الصحابة والأئمّة بنفس الطريقة التي يُعالج بها الحديث النّبوي الشريف. لأنّ علم الحديث والجرح والتعديل إنّما وُضعا وتوخيَ فيهما شدّة التوثّق لأنّ الأمر يتعلّق بكلام نبي الإسلام سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك فقد فرّق العلماء في معالجة الأسانيد ورجالها بين الحديث والقرآن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/444)
ولا أدري لماذا لم يُجب الأخ حارث عن أسئلتي، وبدلاً من ذلك راح يضخّم المسألة ويوهم القارئ أنني أقول بقبول الأحاديث بدون إسناد أو بإسناد ضعيف وأنني أخرق الإجماع وما إلى ذلك؟؟
قلتُ له إنّ أقوال أبي حنيفة و فتاويه إنّما هي مرويّة عن طريق الحسن بن زياد اللؤلؤي ومحمد بن شجاع الثلجي وكلاهما متروك باتّفاق، فهل نستخدم كلام أهل الجرح والتعديل فيهما عندما ينقلان عن أبي حنيفة؟ إذا قال نعم. قلنا له إذاً ضاع المذهب! "
فما أنصفتني فيه وقد قلت لك ما سبق لأنك باختصار تورد الآثار التي ليس لها سند مستدلاً بها محتجاً وهذا هو مربط الفرس، وأدعو القارئ الكريم لمراجعة ما قيل في الرد السابق على صاحبنا الفاضل.
أما الكتاب الذي تشير إليه فلم أبحث أمر نسبته ولذلك لم أتكلم فيه بخصوصه، ولا يعني هذا أني لم أجب على وجه العموم، ولكن إن كنت ترى أن نسبته لاتصح فببساطة لاتنسب عن الإمام قولاً تحكم عليه به فيه بسند لايصح عندك. أما إذا نسبته مستأنساً به أو ناقلاً ما قيل فلا حرج.
وما ذكرته عن النقول عن الأئمة كذلك، ولا يعني هذا أني قد أغفلت جوابك بل أجبتك بكلام عام بينت فيه المنهج المرضي تجاه المسألة، في كلام عام يشمل ما ذكرت وغيره مما لم تذكر، فكيف تزعم أني لم أجبك عفى الله عنك؟ وهنا أدعو القارئ الكريم مرة أخرى لمراجعته في الرد السابق.
أما منهج شيخ الإسلام فقد فصلته لك وبينت الفرق بين نسبة الكتب التي نقلتها الأمة جيلاً عن جيل دون نكير في الجملة وماهو الذي يرد منها ومثلت بصحيفة علي بن أبي طلحة فيما أذكر وفرقت بين هذا وبين إثبات صحة الأقوال المنقطعة التي لا إسانيد لها وليراجعه من شاء.
أما ما نقلته من كلام لابن عبدالبر فإن كنت تستدل به على أن تلك آثار لاأسانيد لها وقد تلقتها الأمة بالقبول، فأقول لك أين هو الأثر الذي لا إسناد له فيها؟ مع أنه نص في الأخير منها على أنه محفوظ معروف مشهور! وما قبلهما مثله لهما أسانيدها المعروفة والتي فيها ضعف وليست كأثر النصيبي لا أصل لها ولا سند يعرف، ولم يقل إمام أن الأمة تلقته بالقبول، أو يزعم بأن شهرته تغني عن إسناده، بل دللت على عدم اشتهاره بشيء من كلام المالكية، كما أن في الرد السابق بيان أن ما ذكرته عن ابن عبدالبر في هذه ونحوها لايعدو كونه إجماع أو خلاف، فإذا كان إجماع فالإجماع حجة، وإن كان غير مجمع عليه فبم تحتج؟ وفي الرد السابق فوائد أخرى فراجعه أيها القارئ الكريم.
أما قصة كتاب عمر في القضاء فأين ما نقلته هنا من كلامك الأول؟ مع أني قد عقبت على هذا المعنى هناك.
والحاصل أخي الفاضل لم أتعمد إغفال شيء من كلامكم، وبالمقابل لعلكم تجدون في ردي عليكم والذي يليه قرابة المائة استفاهم –وليست هذه مبالغة ولك أن تعدها أيها القارئ الفطن- لم تجيبوا على أكثر من نصفها فيما أحسب.
أما ما ذكرته من كلام حول نسبة الكتب فكنت أتمنى أن تعقب على كلامي فيه لأثق من حسن فهمك له فربما اسأت التعبير فلم أُفهم، وعلى العموم أحيل مرة أخرى إلى ما سبق، ويكفيني منك هنا قولك: " أنا أفهم أنّه في حالة وروود قصيدة أو مقولة أو حادثة معيّنة فيها إشكال كبير وينبني عليها خلاف كبير فإننا نضطرّ إلى الاحتكام لكتب الجرح والتعديل ومعالجة السند بالطريقة المعروفة حديثياً"، ونحن هنا نختلف في تبديع طبقة أو إخراجهم من جملة أهل السنة، إخراجهم من جملة الفرقة الناجية، إلى حيز البقية التي في النار، إلاّ افراداً سميتهم، أليس هذا إشكال كبير ينبني عليه خلاف كبير أحسن الله إليكم؟
وقولكم بورك فيكم: " هل وجد الأخ حارث كلاماً للإمام مالك أو سفيان أو أبو حنيفة أو الشافعي وأمثالهم ممن هم في طبقتهم، يصفون فيه الفضيل أو مالك بن دينار أو الكرخي بالمتصوّفة؟؟ إذا كان عندك نقلٌ بهذا الخصوص فأظهره لنا.
لقد سألَ رجلٌ مالكاً: مَنْ أهلُ السُّنّة يا أبا عبد الله؟ قال: " الذين ليس لهم لقبٌ يُعرفون به، لا جهمي ولا رافضي ولا قدري .. " انتهى ترتيب المدارك ج1 صـ 172".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/445)
فجوابه: لايلزم من ذلك أن أجد، كما لايلزم في إثبات أن عبدالله بن وهب، وعبدالرحمن بن القاسم، وأشهب بن عبدالعزيز، وأبو محمد بن الحكم، وأصبغ بن الفرج، وشبطون، وابن المواز، ويحيى بن يحيى، .... إلخ مالكية وجود نص من إمام معاصر يفيد أنهم مالكية ولعلك لن تجد في بعضهم.
فمن اشترط لصحة النسبة وجود نص من إمام معاصر للمنسوبين لها فقد غلط، فإن أبى قيل له ماهي حجتك على ما تقول؟ وهل عدم النقل نقل للعدم عندكم؟
وقد نسب إلى مذهب مالك أناس لا تجد في أقوال معاصريهم أنهم مالكية، وكذلك لأبي حنيفة والشافعي وأحمد، واقرأ المقصد الأرشد لتجد نسبة من تنوزع فيهم أحياناً.
ومع ذلك فلا يختلف أئمة الشأن في جملة هؤلاء أنهم مالكية وشافعية وحنابلة وحنفية، كما نصوا على أن من ذكرت لك صوفية وقد مضى بعض النقل في ذلك وإن شئت زدتك.
أما النقل الأخير عن الإمام مالك فهل تفهم منه أن من نسب لأبي حنيفة أو أحمد أو الشافعي أو مالك فليس من أهل السنة؟ أخالك تقول لا، لا يفهم منه ذلك، ولكن من انتسب إلى فرقة مخالفة لاعتقاد أهل السنة فهو كذلك. فإذا كان هذا هو جوابك فإن الصوفية في ذلك العصر لم تثبت بشيء يذكر أنها فرقة مستقلة عن جملة أهل السنة، بل بعض من ألف في الفرق عدهم من جملة أهل السنة، وأول من فرق من المؤلفين في الفرق فجعلهم فرقة مستقلة الرازي في عجب القرن السادس بل ربما أول السابع، على أن في كلامه بعض التفصيل، ولم يؤثر في خمسة قرون قبله هذا التفريق من قبل المؤلفين في الفرق أو أحد من الأئمة فيما أفهم.
أما ماذكرت أنه معنى خاص بي في مصطلح الصوفية فقد يكون لكنه ليس خاصنا بي لوحدي بل هو المعنى عند شيخ الإسلام ابن تيمية ولهذا عد من جملتهم من أنكرت، وهو المعنى عند مؤرخي الإسلام كالبرزلي والذهبي وأضرابها، ولهذا عدوا فيهم من ذكرت بل نسب اللقب إلى بعض الصحابة الذهبي يرحمك الله قريباً من كلام الهروي الذي نقلته!
أما استثناؤك أنت لهؤلاء منهم فلم أر أحداً من أهل العلم خلال ثلاثة عشر قرناً يقوله إلاّ بعض الباحثين [رأيت بحوثا لبعضهم ثلاثة منها رسائل علمية] في عجز زماننا هذا!! فإن كان عندك نقل يستثنيهم فاذكره مشكوراً، لأن جملة الصوفية يجمعون على أنهم منهم، ولذا يستهلون بهم تراجمهم، ولأن ماذكره كثير منهم في معنى التصوف يشملهم، ولأن هناك أقوالاً وأحاديث تذكر تثبت هذا فيما نقل عن بعض من أنكرت (أستأنس) بها، ولأن أعظم مؤرخي الإسلام نقلوه ولأني لا أعلم من خالف إلاّ من ذكرت لك.
أقول ومع هذا ذكرت في الرد السابق إن كان هذا اصطلاح تخرج بهم أمثال هؤلاء من حد الذم فلا مشاحة حينها في الاصطلاح ويكون الخلاف معك أهون ومع ذلك أبيت إلاّ أن تصفني بالصخب، سبحان الله! اللهم إني صائم.
ثم قلتم: " والذي أحب أن أنبّه الأخ حارث عليه هو أنّ كلمة صوفي وصوفيّة موجودة ومستخدمة قبل الإسلام، ونجد في تراجم رجال الكنيسة النصارى من يوصف بأنّه صوفي! فهم يقولون أغناطيوس الصوفي مثلاً. ولذلك عندما جاء ذلك الرجل من أهل نَصيبين (وهي في شمال بلاد الشام حيث الروم النصارى) للإمام مالك وقال له عندنا قومٌ يُقال لهم الصّوفيّة ثمّ ذَكَرَ أفعالهم العجيبة ... أجابه مالك قائلاً: ما سمعتُ أنّ أحداً من أهل الإسلام يفعلُ هذا.
فلو كان مالك يصف أمثال الفضيل بأنه صوفي لَمَا أجاب بذلك الجواب"
أقول: هذا كلام يذكر لا دليل عليه ولايلتفت إليه، ولو ذكرت ما نقله السراج في اللمع المنسوب إليه لكان أقوى فعلى الأقل لذلك أسانيد تروى. ولعله بين أهل العلم شبه اتفاق على أن هذا الاسم حادث في القرن الثاني، بل نقل النووي الإجماع وتأمل الإجماع على حدوثه أواخر القرن الثاني أي قريباً من تاريخ وفاة الإمام مالك!
ثم قلتم: "ولذلك عندما جاء ذلك الرجل من أهل نَصيبين (وهي في شمال بلاد الشام حيث الروم النصارى) للإمام مالك وقال له عندنا قومٌ يُقال لهم الصّوفيّة ثمّ ذَكَرَ أفعالهم العجيبة ... أجابه مالك قائلاً: ما سمعتُ أنّ أحداً من أهل الإسلام يفعلُ هذا.
فلو كان مالك يصف أمثال الفضيل بأنه صوفي لَمَا أجاب بذلك الجواب" .. إلخ ما نقل.
يا صاحبي ثبت العرش ثم انقش!
قلت لك مراراً احتجاجك بهذه المعضلات يفتح عليك الباب ويجرؤ عليك أهل التصوف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/446)
ماذا تقول لجاهل متصوف تبع منهجك فقال لك قال الشافعي: "حبب إلي من دنياكم ثلاث: ترك التكلف، وعشرة الخلق بالتلطف، والاقتداء بطريق أهل التصوف" [كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس للعجلوني 2/ 73].
وكذلك من يقول لك قال الإمام مالك رحمه الله تعالى: "من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن تصوف ولم يتفقه فقد تزندق، ومن جمع بينهما فقد تحقق" [حاشية العدوي على شرح الزرقاني على متن العزية 3/ 195. وشرح عين العلم وزين الحلم لملا علي القاري 1/ 33]. بل قد يزعم لك اشتهاره واستفاضته عنه لأنه ذكر في بضعة كتب!
وماذا تقول لمن قال لك قال أحمد عن الصوفية لا أعلم قوماً أفضل منهم!!
وكذلك مايذكرونه عن من هو أجل منهم: "لا تطعنوا على أهل التصوف" المروي عن أبي هريرة وعن أنس رواه الديلمي وذكر في كشف الخفاء وفي الفردس بمأثور الخطاب عن أبي هريرة.
ما عساك أن تقول في مثل هذا الهراء –الذي إن شئت زدتك منه- غير أنها أقوال لم تثبت وليس لها خطام أو زمام كمثل ما نقلت غفر الله لك.
أما ما نسبته إلى من رضى بما يسوقه لي! شيخ الإسلام من منامات ومكاشفات القلوب ومعرفة لما في الصدور وأمثال ذلك، وحكايات فيها تكفيرٌ لمئات من الأئمّة والعلماء على طول الدهر، أو قصص فيها نفي وجود أولياء لله في مدن كاملة، وقلتم عني: "يرضى بقصصٍ عن أشخاصٍ ليسوا في رتبة الأئمّة ولا يُقاربوها؛ وفيها الطعن والتكفير بالجملة وبإطلاق! "
فلا أملك إلاّ أن أقول والله آلمني كلامك هذا، وإن كان هو ما فهمته حقاً لهو أشد وقعاً في نفسي، فقد كنت أحسن بكم الظن وأضعكم في مكان أجل من هذا، وأسأل الله أن يعفو عنك، ويغفر لك.
انظر في أي سياق ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية وليس حارث همام! وعلى ماذا استشهد بها، وهل خرجت عن ذلك عندما نقلتها، والحر تكفيه الإشارة أخالك والقراء منهم. ولا يفوتني استطراداً هنا أن أقول بأن مسألة الكشف الصحيح إثباتها عند أهل السنة، وقد أنكرها بعضهم وأجلهم العلامة الألباني أول ما وقفت على كلامه في تعقبه العلامة المعلمي حولها ولم يأت المعلمي بدعاً بل تبع شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم –أقول وقد كان ابن القيم أعظم إلماماً بمذهب السلف في المسألة ممن تعقبه في المدراج عفى الله عنه- وغيرهما، إلاّ أن أهل السنة لايبنون عليه أحكاماً كالرؤية المنامية، ولم يكن الغرض من ذكر ذلك الكشف العظيم إثبات حكم على أحد وإنما كان السياق الذي كنت أظن أن يعقله كل من قرأه هو إثبات منافرة أولئك للبدع الكلامية وأهلها، وما سيق من أخبار يؤيد هذا المعنى ويدل عليه وهو المقصود.
أما سؤالك: " أهذا ما يرضيك؟ أهذه القصص عندك أولى من كلام الأئمة؟ أهذه هي الأسانيد التي تنادي بها؟ "
فأقول الخلاف في تكفير الأشعرية لا على التعيين قال به بعض أهل العلم وليس فيما نقل أكثر من هذا، ولست أريد تحرير هذه المسألة هنا، وإنما ذكرت ما ذكرت لأبين كما بين شيخ الإسلام به مباينة طريق القوم لطريقهم فهل هذا يدل عليه أو لا؟ والفرق بين هذا وبين الأسانيد المنقولة بغير خطام عن الأئمة أن هذه أخبار ثابتة تبين لك مراد صحيحاً، والأخبار عن الأئمة أخبار غير ثابتة يستدل بها على مراد باطل في اعتقادي، فما أعظم الفرق والله أعلم.
وأما الهروي فقد حدت به –غفر الله لك- عن الجنيد، فأجب عن السؤال حول الجنيد الذي وصفه بالإمامة وترضى عنه ودعاء له دعاء عريضاً، هل ترى ظاهر هذا إخراجه له من جملة أهل السنة؟ واترك شأن الهروي الآن.
ثم هل تفهم من وصف شيخ الإسلام لأبي إسماعيل رحمه الله بشيخ الإسلام أنه يراه من جملة أهل السنة رغم ما وقع فيه من خطأ أم يخرجهم عنهم؟ وإذا قلت هو يخرجه عنهم فمن أين فهمته أمن دلالة قوله عنه شيخ الإسلام، أم من نص آخر تعده استدراكاً على هذه اللفظة أو بيانا لمراده بها؟ وهل كل من وصف بالوقوع في ببدعة يخرج عندكم من جملة أهل السنة؟ ثم هل تفرق بين لفظ شيخ الإسلام وبين الترضي والوصف بالإمامة أم لا؟ وهل قرأت ما ذكره ابن ناصر الدين في أوجه معنى قولهم شيخ الإسلام؟
أرجو أن تدعوك هذه الأسئلة للمراجعة، وإن أجبت عليها فلا حاجة لما فرعته عليها بعد حفظك الله.
أما قولكم:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/447)
" هناك شخصيّات ليست من الصحابة وإنّما من أعيان القرن الرابع وما بعده، عندما يصف الإمام ابن تيميّة أحدهم يقول رضي الله عنه! ويقول العارف بالله، ويقول قدّس الله روحه وأمثال هذه الكلمات. فهل إذا قال أحدهم إنّ كلمة رضي الله عنه خاصّة بالصحابة والسلف لم يستخدموها مع غيرهم، وكلمة العارف بالله وقدس الله روحه مُحدَثة لم تجري على ألسنة السلف! سيرضى الأخ حارث أم ستثور ثائرته؟ مع العلم أنّ كون ذلك مُحدَث لا يطعن بإمامة شيخ الإسلام ".
لا لن تثور ثائرتي أخي الحبيب، بل سأقول لمن قال ذلك ثبت العرش ثم انقش فعدم النقل ليس نقلاً للعدم، والدعاء بمثل هذا من جملة الدعاء الذي يحمل معان طيبة مشروعة فهو مشروع لايذم من دعى به إلاّ إذا التزمه لشخص فخصه به، وأرجو أن تكون قد فهمتني رضي الله عني وعنك، وقدس روحي وروحك.
ثم قال أخي الفاضل: " وختاماً أقول: والله العظيم إنني لم أتعرّض في حياتي كلّها للكلام في أمثال الجنيد أو السري وهذه أوّل مرّة أضطر فيها للخوض في هذه الأمور، ومع ذلك فأنا لم أنسبهما إلى كفر أو زندقة أو فسق كما يوهم كلام الأخ حارث، ولم تكن مشاركتي السابقة انتصاراً للأخ حنبل أو لغيره ولم تكن هجوماً على أحدٍ أبداً، وإنّما أحببتُ أن أوضّحَ مسألة كانتَ محلّ خلاف بين المتحاورين، ولم يكن غرضي إطلاق حكم على أحد من صالحي الأمّة التي خلَت، ويبدو أنّ الأخ حارث أساء فهمي جداً وحمّل كلامي ما لا يحتمل وصار يخاطبني وكأنني أنا صاحب عنوان الموضوع ".
أولاً ليتك سكت فقد كان السكوت أجدر وأسلم. ووالله ما أقوله تبكيتاً ولكن نصحاً وتمنياً لخير عظيم لك.
ثم ليتك لما تكلمت تكلمت بسنة قائمة أو آية محكمة أو كلام محرر تابث يصح به إخراج تلك الطبقة عن دائرة أهل السنة، وقد بينت في رد سابق على الأخ الكريم حنبل، بأن ما قيل وحكي فيمن تشهد لهم أنت رحمك الله بالإمامة أكثر من ذلك، فلم يقدح فيهم عند أهل العلم الراسخين فراجعه.
ثالثاً: أين قلت إنك تنسب الجنيد والسري إلى كفر وزندقة؟ وأين أوهمته، ألم أشكر لك عذرك لهم ولأضرابهم سابقاً؟ أما ما نقلته هنا فلأي شيء تنقله إن كانت تعلم أنه واه لايصح به حكم عليهم ببدعة، فضلاً عن الحكم على طبقتهم بها؟ أما كونك بينت هنا أن مرادك ذكر أن المسألة محل خلاف فهذا أمر مقرر قررته أنا قبل أن تعلق هنا، وما كنت لأفهمه لو لم تعلقه فإن هذه الأحاجي لاتساعد على ذلك، لأنك لم تثبت صحتها بل لاتثبتها فيما أفهم فكيف تدل على ذم لهم عند من نسبت إليهم؟ إلاّ إن كنت تعني بعض المعاصرين الذين لايميزون الغث من السمين.
فكيف وقد بينت في ردودي الأولى أني ما أكتب ما أكتب إلاّ دباً عنهم ومنعاً من التسرع في التكفير والتبديع والتفسيق لأمة خلت عامتهم من أهل السنة وليس كلهم. وأن الغرض نقد تعميم الحكم عليهم بخلاف الأصل وغير ذلك مما أشرت إليه في موضعه.
هذا وفي الختام أيها الشيخ الفاضل خلافي معك هنا (في هذه المسألة) لن يحملني على بخسك حقك ومعرفة قدرك وحسن قصدك وحسن الظن بك، ولن يدفعني هذا للتنازل عن رد رأيكم الذي قال به نفر من أهل العلم قبلكم لأن حاصله الحكم على طبقة بالبدعة وإخراجهم بها عن جملة أهل السنة -إلاّ نفراً سميتهم ونحوهم- بغير حجة مرضية، ولو كان كلامك في الشبلي أو البسطامي أو نحوهما حكمٌ على أفراد لايشمل عموم طبقتهم لكان لكلامكم وجه محتمل، أما وقد عممتم فإن الذب عن أولئك واجب ودين أتقرب إلى الله به، أرجو أن يذب الله به النار عن وجهي يوم القيامة، كما أن وصف من وصفهم بالزندقة، من الباحثين المعاصرين وللأسف بعضه مفهوم كلام دكاترة لا أدري كيف أجيزت أطروحاتهم! يشجعني على مواصلة ما كنت قد آثرت طويه من بسط الكلام في المسألة، ولعل الرد التالي أول هذا، فما سبق من تعليق عليكم، فكما قلتم أنتم هنا إشارات مختصرة، وطريق التحقيق طويل، فالله المستعان.
وقبل البدء أرجو منك ما يلي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/448)
- أن يكون من أوليات جوابك أس الخلاف بيننا -ولنبتعد عن الحواشي والفوائد الجانبية-إثبات النقول التي تصلح حجة لك أمام الله تعالى تخرج بها عامة متقدمي الصوفية من جملة أهل السنة؟ وبيان وجه دلالتها؟ ويلزمني حينها أن أقرك أو أذكر المانع أو أنقل العذر. ولايخفاك هنا أن ما نقلته عن بعض الأئمة ليس حجة، ثم إن بعضه ولاسيما عن غير الشافعي لايثبت، وما ثبت يفيد مطلق الذم ولايلزم من مطلق الذم إخراج عن دائرة أهل السنة كالوصف بالغباء أو الحمق أو البدن (السمن) المذموم أو غيره.
- حبذا لو كان جوابك عقب رمضان فلا أحب أن تشغل نفسك بالدون والشهر شهر القرآن، وأخبركم بأنكم لو عقبتم فلن أنظر في الرد قبل مضي الشهر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[حارث همام]ــــــــ[04 - 10 - 05, 03:46 م]ـ
كما وعدت في الرد السابق وقد وعدت بهذا الأخ الكريم حنبل سلفاً بذكر أقوال أهل العلم والاختصاص قديماً وحديثاً في الطبقة الأولى من المتصوفة هل كانوا من أهل السنة؟ أو كانوا زنادقة! أو كانوا مبتدعة في عامتهم إلاّ من استثني، وكأن الخلاف الآن بين المتحاورين في الأول والأخير مع الاتفاق على إساقط رميهم بالزندقة أو الكفر. ولعلي أبسط الكلام هنا فهو غير موجه للأخوين الكريمين حنبل وأبو إدريس وإن اشتمل على جوابهما.
والذي يظهر للباحث أنه لايصح إطلاق القول في الصوفية إلاّ على ما قرر آنفاً طالما أن الحديث عن جملتهم متقدميهم ومتأخريهم.
إلاّ أنه لاينبغي أن نغالط في أن عامة المتأخرين من جملة أهل الأهواء والبدع.
وأن عامة المتقدمين من جملة أهل السنة، وفيهم من أئمتها. ولا ينافي هذا وجود بعض المبتدعة فيهم. كشأن عامة الفقهاء المنتسبين في تلك المدة.
وهؤلاء شأنهم شأن باقي أهل السنة فلبعض أئمتهم اجتهادات لاتخرجهم عن دائرتها إلى حيز أهل الأهواء والبدع شأنهم شأن كثير من الأئمة في الماضي والحاضر. ولعوامهم أفعال منكرة وقعوا فيه بجهل وسفه لايخرجهم ذلك عن حد عوام أهل السنة، وشأن هؤلاء شأن عامة منتسبي المذاهب الفقهية من العلماء والعامة في صدورهم الأولى، فلم يكن التصوف فكرا عقدياً إذ ذاك وإنما كان سلوكاً عملياً تعبدياً كما كان لأصحاب المذاهب مسلكهم العلمي، ولهذا من ألف في الفرق قديماً لم يذكرهم كفرقة مستقلة، بل ما ذكرهم أول من ذكرهم إلاّ الرازي في القرن السادس وهو معاصر لابن عربي، واستدرك على من سبقه وكان من سبقه أبصر بالفرق والرجال منه، على أن الرازي وصف بعضهم بحسن الطريق فكأنه فصل. بل أبعد من هذا كان يعدهم من كتب قبله في الفرق من جملة أهل السنة نصاً كأبي منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي في الفرق بين الفرق حيث يقول: " والصنف السادس منهم [يعني ما عنون له: الفصل الأول من فصول هذا الباب في بيان أصناف أهل السنة والجماعة]: الزهاد الصوفية الذين أبصروا فأقصروا، واختَبروا فاعتبروا، ورضوا بالمقدور وقنعوا بالميسور، وعلموا أن السمع والبصر والفؤاد كل أُولئك مسؤول عن الخير والشر، ومحاسب على مثاقيل الذر، فأعدُّوا خير الإِعداد ليوم المعاد، وجرى كلامهم في طريقَيْ العبارة والإِشارة على سَمْتِ أهل الحديث دون من يشتري لهو الحديث، لا يعملون الخير رياء، ولا يتركونه حياء، دينُهم التوحيد ونفي التشبيه، ومذهبهم التفويضُ إِلى الله تعالى، والتوكلُ عليه والتسليمُ لأمره، والقناعةُ بما رزقوا، والإِعراضُ عن الاعتراض عليه. {ذلكَ فضلُ اللهِ يؤتِيهِ مَنْ يشاءُ واللهُ ذو الفضلِ العظيمِ} ".
وذكر نحوه غيره، حتى أن ابن حزم لما أشكلت عليه أقوال طوائف من حلوليتهم ومارقتهم لم يجد فرقة ينسبهم إليها، فقال ذكر طائفة لاتعرف لهم فرقة أو نحو هذا، وهذا يدل على أنهم لم يكونون يعدون فرقة عقدية مستقلة، إلاّ مؤخراً.
ومع ذلك وقع الخلاف في ذم أولئك المتقدمين فذمتهم طائفة من أتباع الأئمة، ومتعلقات ذمهم مختلفة، ولايلزم من الذم الإخراج عن جملة أهل السنة كما هومعلوم، فكم من عوام السنة مذمومون وهم أهل السنة، وعلى الطرف الآخر غلت طائفة فيهم، كما حصل مع أصحاب الرأي من الفقهاء، وكلا طرفي قصد الأمور ذميم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/449)
ولعل من أشهر من يستشهد به في ذمهم من المعاصرين الشيخ إحسان إلهي ظهير –عليه رحمة الله- والشيخ عبدالرحمن الوكيل –يرحمه الله- ولعل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان يميل إلى هذا الرأي وهو أجل من رأيته من المعاصرين ينحى إليه.
وعلى هذا الرأي طائفة من الدكاترة والباحثين كالشيخ الدكتور محمد العبدة، وصاحبه طارق عبدالحليم في كتيبهم الصوفية نشأتها وتطورها، مع أنهم ذكروا مراراً أن انحراف المتقدمين كان يسيراً ولم يبن لي هل يرون ذلك الانحراف اليسير مخرجاً عن حد أهل السنة أو لا، وكان جديربهم أن يصرحوا طالما تصدوا للكلام في المسألة.
وممن يرى انحراف عامة الصوفية حتى صدرهم الأول بعض المشايخ في هذا المنتدى، وقد مضت الإحالة على مقالات بعضهم، ويبدو لي أن الشيخ المشار إليه تبع في مقالاته الدكتور أحمد القصير في رسالته عقيدة الصوفية ووحدة الوجود الخفية، ولعله نقل منها في كتاباته هنا شيئاً.
غير أنه لم يصرح بتبن رأيه والذي أبعد فيه الدكتور عفا الله عنه، فقد نسب الفعال الشنيعة وفقاً لنقول لا خطام لها لجملة من الصدر الأول دون تحر من الأسانيد لايليق بأطروحته، ولايوافق المنهج العلمي في الحكم على الفرق.
هذا وقد مضت الإشارة إلى مقالات وكتابات تنصر هذا الرأي أو قريبة منه، وجل هؤلاء يرون أن التصوف بدء منحرفاً انحرافاً يسيراً عن أهل السنة ثم اتسع.
وهؤلاء المعاصرين كثيراً ما يتبنون الرأي الإستشراقي القائل بالعلاقة بين الصوفية وبين الفلسفة الهندية وتارة اليونانية وتارة غيرهما! مستشهدين به على صواب ما جنحوا إليه.
وأقول هذا رأي استشراقي لعدم معرفتي بأحد أعلام الشريعة رجحه أو قال به خلال أربعة عشر قرناً من قرون الإسلام! فحتى ابن الجوزي والذي يعد من أشهر من قال بذم الصوفية بل هو حامل لواء ذلك وفقاً لقول بعض الباحثين في الشأن، فقد وصف صدرها الأول بشيء من الانحراف متبعاً في ذلك شيخه ابن عقيل الذي نشأ معتزلياً وعداء هؤلاء للصوفية قديم، ثم بقي معه بعد رجوعه وتوبته من الاعتزال ذم أولئك، أقول حتى ابن الجوزي لم ير صحة هذه النسبة بل نسبهم إلى قبيلة من العرب، وقد أبعد.
أما هذه النسبة إلى الفلسفة فما راجت عند الباحثين إلاّ في القرنين الأخيرين، وبالمقابل هو القول الشائع عند كثير من المستشرقين كما يقول المستشرق الشهير ر. ا. نيكسون. وهؤلاء لايتوقفون كما يتوهم البعض لتخصص دراسته مثلاً عند اتهام تصوف الصدر الأول بالاقتباس من الحضارات، بل يتهمون الإسلام جملة فهم يكررون" أن الإسلام أخذ من اليهودية والمسيحية، وأن فكرة العقل مأخذوة من تفكير المسحيين واليهود، وأن حياته الروحية مأخوذة من هذه وتلك، وأن شريعته مزيج من قوانين اليهود والنصارى، وأن أخلاقياته هي المسيحية المعدلة" [ينظر كتاب النشار نشأة الفكر 3/ 185] ولايشك عاقل في أن من المستشرقين من أبدى سوء النية كأمثال شبرنجر في إساءاته المتكررة لنبينا صلى الله عليه وسلم، و جولد تسهير بطوعناته المتكررة في السنة.
ولا يعني ذلك أنه ليس فيهم أهل إنصاف وبحث موضوعي التزموا جانب الأمانة العلمية من أمثال سيديو و جو سناف لبون وغيرهما. وهنا يحسن التنبيه إلى أن عامة المستشرقين يعجبون ويثنون على التصوف المتأخر لأغراض لا تخفى.
أما في الإسلام فأشهر من يقرر النسبة بين التصوف وبين الفلسفة على مدار تسعة عشر قرناً هو البيروني في القرن الخامس، والبيروني فيلسوف، وصاحب فنون أو علوم غير شرعية، ولم يكن له في علم الشريعة، ومعرفة الفرق والمذاهب، شيء يذكر.
على أن كبار المستشرقين الذين يشار إليهم بالبنان من أمثال نيكسون هذا ومن قبله نولدكه، بينوا أن ذلك ليس بالرأي المنصف الصواب، فأخرج أولاً نولدكه رسالة حول الموضوع نشرت عام 1894 بين في يقين بطلان ما يذكره المستشرقون، وقطع بأن الكلمة مشتقة من الصوف. وهو الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، وعليه قول جمهور المتصوفة، واختاره ابن خلدون، وغير واحد من المحققين.
يقول نيكسون في كتابه الصوفية في الإسلام مبيناً الفرق بين اللفظ المزعوم وبين مصطلح التصوف أو الصوفية: "واللفظان على كل حال ليسا مترادفين تماماً" يعني كلمة mystic بمدولالتها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/450)
ثم قال ص3: "وبعض الباحثين الأروبيين يردها إلى الكلمة الإغريقية (سوفوس) بمعنى (ثيو صوفي) ". ثم ذكر رد الألماني الشهير اثيودور نولدكه على هؤلاء.
ثم قال ص11: "برهن البحث الحديث، على أن أصل الصوفية لايمكن أن يرد لسبب واحد محدود، ومن هنا لم يرتض باحث منصف، هذه التعميمات الجارفة، من أمثال أنها رد فعل العقل الآري تجاه الدين السامي الفاتح، أو أنها ليست إلاّ نتاجاً خالصاً للفكر الفارسي أو الهندي، وأمثال هذه الأحكام وإن لم يكن لها نصيب من الصحة، تغفل البديهية التي تحتم لإقامة رابطة تاريخية بين (أ) و (ب) أنه لايكفي أن تستدل بشبه أحدهما للآخر ... ". مع أن نكسون يرى تأثر الزهاد الأوائل –سواء اتفقنا على نسبتهم إلى التصوف أو لم نتفق .. وسواء كان زهدهم صحيحا شرعيا أو باطلا- بالروح النصرانية، ولكنهم في أول أمرهم لم يكن فرق بينهم وبين من يسميهم متعصبي أهل السنة، أما اشتقاق الكلمة فلا يظهر قوله به. رغم تأكيده على تأثر المتأخرين بالديانات الأخرى ومن ثم تمجيد هذا الأخير، بينما يسمون التيار السلفي بالجمود تارة ويغفلونه تارة أخرى.
أقول: وينبغي أن يتأكد هذا الرفض للاشتقاق من الكلمات الأعجمية عند أولئك الذين كانت غاية دعوتهم في إبطال النسبة إلى الصفة والصفاء، ونحوهما الاشتقاق اللغوي، فهذه وإن كان يأتي عليهما الاشتقاق الأكبر دون الأصغر، فإنها –مع وجهها اللغوي الصحيح-مرفوضة، فكيف بهم ينسبون إلى ما لاتصح النسبة إليه في تلك العصور التي سلم لسان أصحابها في الغالب، إلى سوفوس ( sophos) أو سافيس ( Saphis) فيقولون صوفي! هذا لايجي على أي ضرب من أضرب الاشتقاق أبداً، فضلاً عن كونه قول حادث في المسألة. فضلاً عن البون الشاسع بين متقدمي أولئك بنصوصهم الكثيرة عن الكلام والفلسفة، وتصريحهم بالتعويل على الكتاب والسنة، فضلاً عن بعد نعت عامتهم الدهماء بالحكمة، بل وصفوا بضدها كعدم العقل أو الجنون من أمثال الإمام الشافعي، بل من بعض أئمتهم أنفسهم كأمثال أبي سليمان الدارني فما أثر عن الشافعي أثر نحوه عنه أيضاً. وكيف تصح تلك الفرية واسم التصوف قد ظهر في القرن الثاني –وقيل قبل ذلك- مع أن أول من قام بالترجمة كما يذكر ابن النديم في الفهرست هو حكيم آل مروان خالد بن يزيد بن معاوية (ت:285) في النصف الأخير من القرن الثالث، وقد حكي عن المأمون تشجيعها دون أن تذكر له جهود في تبنيها والمأمون مات في الربع الأول من القرن الثالث. فكيف يقول منصف بأن المصطلح الناشئ في القرن الثاني نتج جراء حركة ما شاعت إلاّ في القرن الثالث!
لقد كان نيكسون أكثر إنصافاً من بعض باحثينا حين لم يغفل هذه الحقائق القاضية ببطلان صحة الزعم الذي يذكر من تأثر متقدميهم -وضع خطاً تحت الأخيرة- بالهنود تارة! وبالإغريق أو اليونان تارة أخرى! وبالفارسي تارة ثالثة! من غير دليل يصح دليلاً غير التخرص والتخمين.
ولهذا لم يجد بداً من أن يصرح بالحقيقة قائلاً: "وإلى هنا [يعني حوالي القرن الثامن الميلادي] لم يكن ثمة فرق كبير بين الصوفية، وبين المتشددين من أهل السنة". [كتابه المذكور ص4].
وفي الختام إن المرء ليعجب إذا وجد بعض المستشرقين من أمثال لاوست وسارطون أكثر تحرياً ومعرفة لقول شيخ الإسلام ابن تيمية من بعض دكاترتنا المتخصصين المعاصرين، فحينما يخطئ ماسينيوس مثلاً فيجعل ابن تيمية وابن الجوزي في خط واحد تجاه التصوف قد يفسر ذلك بأعجميته أو قلة اطلاعه أو سوء غرضه، ولكن بماذا يعتذر وبأي حجة يغالط في قول شيخ الإسلام بعض باحثينا المتخصصين!
غير أني لا أجزم بأن مثل ماسينيوس قد أخطأ فقد قرر الباحثون والمختصون من أمثال مصطفى حلمي تعمد هذا الأخير إخفاء حقائق وتمجيد ساقطين هالكين كالحلاج لأجل إبراز عقائد نصرانية مروجاً بها فكره. كما تعمد كاراديفو إلصاق الغزالي بهم للدخول به إلى أغراض أخرى.
ولعلي أتبع هذا بذكر بعض المعاصرين الذين خالفوا هذا الرأي الاستشراقي، والله المستعان.
ـ[حارث همام]ــــــــ[04 - 10 - 05, 11:34 م]ـ
نظرت في ما أعددته آنفاً فوجدت بعضه يحتاج إلى مراجعة مصادر، وآخر إلى مزيد تحرير ولهذا أعلق هذا الرد وأقف حى ينتهي رمضان فإن نشطت بعد واصلت، والله المستعان:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/451)
وفي مقابل بعض دعاة السنة ومشايخها المعاصرين الذين تأثروا بالرأي السابق في مقابل هؤلاء كثير من محققي المعاصرين من الدكاترة والباحثين والعلماء الجبال المرضيين يرون أن التصوف فيه ما يوافق السنة، وفيه ما يخالفها.
فممن مات ويظهر لي أنه يرى هذا التقسيم وعدم الإطلاق العلامة الألباني –رحمه الله تعالى- قال في جوابه لسائل: "فالتصوف كذلك [يعني كحال أقوال المذاهب الأربعة المعروفة] يُقالُ فيه ما وافق الكتاب والسنة فهو صواب، وما خالفه فليس بصواب، لكن لا ينبغي أن يقال هناك تصوف صالح وتصوف طالح لأن ما في الكتاب والسنة يغني عن كل ذلك، هذا رأيي واعتقادي"، وهذا أفهم منه عدم صواب الإطلاق عنده رحمه الله، وأن حاله حال أقوال أتباع المذاهب الأربعة، وقد عد في موطن آخر بعض الجهلة المتصوفة القائلين بعقائد منكرة من جملة أهل السنة لعذره لهم بجهلهم وعدم فهمهم لما يقولون. ولعل في ما قاله الإمام حول هؤلاء بعض نظر. وكل هذا موجود في الموقع الذي أنشيء باسمه.
ولا غرابة أن يرى العلامة الألباني مثل هذا الرأي وقد كان أجل مشايخه العلامة المسند الأثري محمد راغب الطباخ يراه ويعلنه.
- يقول العلامة محمد راغب الطباخ: "فسلف الصوفية هم أعلام الملة وسادة الأمة وسراجها الوهاج ونورها الوضاح، وبهم وبأمثالهم من المحدثين والفقهاء اهتدت الأمة إلى الصراط المستقيم، وسلكت المنهاج القويم، وانتظمت أحوال معاشهم، وصلحت أمور معادهم، وفازوا فوزاً عظيماً" [الثقافة الإسلامية له ص303].
- ومن أعلام النبلاء المعاصرين الذين يرون هذا التقسيم أيضاً العلامة محمد بن إبراهيم شيخ العلامة ابن باز، ومفتى الديار السعودية قبله. قال رحمه الله: "التصوف ينقسم إلى: سني، وبدعي. فإن كان متقيداً بالكتاب والسنة كالجنيد (فهو سني)
وأما القسم الذين ما تقيدوا بهما (فهو بدعي) لكن في آخر هؤلاء من آلت بهم تلك الشطحات إلى دعوى الربوبية، بل بعضهم إلى القول بالحلول. والفتنة بهم كالفتنة بالقبور، فإنهم يدعون أشياء كلها سخافة.
وهذا المسلك هو الذي ينبغي، بخلاف مسلك بعض المنتسبين الذين يجعلونهم قسماً واحداً.
فالذين تقيدوا بهما هم من خيار المسلمين. وقابلهم من جعل طريقة الصوفية لابد منها"، وهذا موجود في فتاواه المجموعة.
- ومن أعلامنا المحققين الأحياء –نسأل الله أن يحفظهم- الذين يرون هذا التقسيم، العلامة عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين نفع الله بعلمه، حيث يقول: "وأما معتدلوهم -معتدلو التصوف - من المتقدمين؛ مثل بشر الحافي والحارث المحاسبي الجنيد بن محمد الفضيل بن عياض إبراهيم الخواص وأشباههم من أهل الاعتدال. أما الشيخ عدي وكذلك شيخه القرشي الهكاري؛ هذان ولو كانا على طريقة الصوفية، ولكن تصوفهم؛ ولو كانوا متأخرين تصوف معتدل"، ويقول حفظه الله: "إن الصوفية أصلا هم الزهاد في الدنيا والمشتغلون بالعبادة، وكانوا في الزمن الأول يرتدون الصوف الخشن من باب التقشف فعرفوا بهذا الاسم، كإبراهيم بن أدهم وبشر الحافي وإبراهيم الخواص والجنيد بن محمد ونحوهم، وكان أولئك يعبدون الله على علم وبصيرة؛ فيحافظون على الجماعات، ويبتعدون عن المحرمات، ويسارعون في الخيرات، ولم يكن عندهم شيء من البدع ولا الخرافات"، ويقول: "ومن هذا التقديم الموجز يعرف أنه لا يجوز إطلاق الذم ولا المدح للصوفية، بل يعطى كل منهم حكمه". وهذا موجود في موقع فضيلته.
- وقال الشيخ العلامة عبدالعزيز الراجحي وقد سئل عن الجنيد ما نصه بعد أن ذكر ثناء شيخ الإسلام ابن تيمية عليه: "والظاهر أنه من الصوفية المعتدلين"، وما يهمني عده من الصوفية أهل اعتدال كالجنيد والجنيد من أئمة السنة.
قلت هؤلاء بعض أعلامنا الذين لا نشك في سلفيتهم.
وقد تبعهم جماعات من الدكاترة والباحثين الذين لم يعرفوا إلاّ بخير، ونصرهم لاعتقاد أهل السنة، ولعلي أذكر بعض الذين وقفت على كلام لهم هنا، وسأتجنب الكم الهائل من الدكاترة والباحثين غير المرضيين فليس غرضي التكثر بهم، وحسبك من القلادة ما أحاط بالعنق:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/452)
-فمن هؤلاء الذين يرون التفريق بين المتقدمين والمتأخرين فيما يظهر، ويرون أن لفظ الصوفية أضحى لفظاً مجملاً للتباين على من أطلق عليهم قديماً وحديثاً، الشيخ الأستاذ الدكتور عبدالعزيز العبد اللطيف، صاحب نواقض الإيمان القولية والعملية، وصاحب الكتاب الشهير دعاوى المناوئين لدعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب، وهو غني عن التعريف، يقول في مقال له نشر في البيان العدد 213 جمادى الأولى 1426: "ولما كان أهل السنة والجماعة يعلمون الحق ويرحمون الخلق، فقد بينوا ما في هذا التصوف من إجمال يحتاج إلى تفصيل، وتحدثوا بعلم وعدل عن مفهومه وإطلاقاته. يقول ابن تيمية: (لفظ التصوف قد أدخل فيه أمور يحبها الله ورسوله، فتلك يؤمر بها وإن سميت تصوفاً؛ لأن الكتاب والسنة إذا دل على استحبابها لم يخرج عن ذلك بأن تسمى باسم آخر، وقد أدخل فيها أمور يكرهها الله ورسوله، كما يدخل فيه بعضهم نوعاً من الحلول والاتحاد، وآخرون نوعاً من الرهبانية المبتدعة في الإسلام. والمؤمن الكيس يوافق كل قوم فيما وافقوا فيه الكتاب والسنة، وأطاعوا فيه الله ورسوله، ولا يوافقهم فيما خالفوا فيه الكتاب والسنة أو عصوا فيه الله ورسوله) [الفتاوى 11/ 28 - 29 باختصار وتصرف]، وقال الشاطبي: (وأما الكلام في دقائق التصوف، فليس ببدعة بإطلاق، ولا هو مما صح بالدليل بإطلاق، بل الأمر ينقسم. ولفظ التصوف لابد من شرحه أولاً، حتى يقع الحكم على أمر مفهوم؛ لأنه مجمل عند هؤلاء المتأخرين)، ثم ساق الشاطبي رحمه الله المعاني الصحيحة والفاسدة في التصوف [انظر: الاعتصام 1/ 265 - 269]." إلى أن قال: "وهذا ما ارتكبه بعض فضلاء هذا العصر؛ حيث قرروا (الصوفية الحقة) التي كان عليها الجنيد والفضيل –رحمهما الله تعالى- ونحوهما؛ فأوقعوا بذلك التقرير لبساً وشكاً في انحراف الصوفية المعاصرة، وتهويناً لحالهم .. " إلى آخر ما ذكره في تقرير انحراف هؤلاء المتأخرين والتحذير من التشويش بالأولين الذين لاوجود لهم في أرض الواقع. وكلام الشيخ الدكتور كلام جيد يبين تفريقه بن المتقدمين والمتأخرين، ويبين فقهه لواقع هؤلاء الأدعياء المتأخرين، إلاّ أنه فيما يظهر ولم يقله يستدرك على ما نسب للشيخ الدكتور عبدالعزيز القاري، بناء على ما نشرته بعض الجرائد مختزلاً فأوهمت أمراً غير مراد الشيخ القاري، الذي ما ذكر ماذكره مقرراً لصواب المعاصرين، بل ساقه في إطار دعوتهم إلى ما كان عليه سلفهم ولم يقرر أبداً ما أوهمته بعض الجرائد من تصويب لحال بعض الطرق المعاصرة، وهو ما تولى الشيخ عبدالعزيز العبداللطيف الرد عليه، وقد أحسن يوم احتاط فجعل مقاله غير مسمى، وفلم يوجه فيه الخطاب لأحد بعينه، فكان جواباً عما يصلح في الرد على إيهام الصحف. ولو كان أكثر احتياطاً فلم يذكر الإشارة بقوله: "بعض الفضلاء" قبل التحقق لزاد إلى خيره خيراً. ولاسيما أن الشيخ عبدالعزيز القاري معروف بعقيدته السلفية فلا ينبغي أن يظن به سوءاً.
-ومن نافلة القول أن يقال من هؤلاء فضيلة الشيخ العلامة الأستاذ الدكتور عبدالعزيز القاري حفظه الله.
- ومن هؤلاء أيضاً فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور مصطفى حلمي عندما ذكر اتجاه المعارضين للتصوف من الفقهاء والمتكلمين قال: "وربما يمثله اتجاه ابن الجوزي، وهذا الاتجاه لايسلم من التحيز، ويفتقد النظرة العلمية الصحيحة، إلى جانب تأثره بشيخه ابن عقيل ... "، إلى أن قال: "الثالث: الموقف الوسط ويعبر عنه أمثال ابن تيمية وابن القيم وابن خلدون، إذ يؤيدون الاتجاهات الصوفية المطابقة للكتاب والسنة، ويعارضون بشدة مذاهب التصوف الفلسفي عن الحلاج والسهروردي المقتول وابن عربي ومن سلك مسلكهم" قرر هذا في كتابه ابن تيمية والتصوف ص6،
وللشيخ عدة مؤلفات في هذا المعنى أهمها: التصوف والاتجاه السلفي في العصر الحديث، وأعمال القلوب بين علماء السنة والصوفية، مع المسلمين الأوائل في نظرتهم للحياة والقيم، ابن تيمية والتصوف، ومعرفة الله وطريق الوصول إليه عند ابن تيمية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/453)
-ومنهم فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله الفقيه رئيس لجنة الفتوى في الشبكة الإسلامية ومجموعته: " والتصوف من حيث الأصل ينقسم إلى تصوف فلسفي مذموم، وتصوف سني مقبول مقيد بالكتاب والسنة مقصده الزهد في الدنيا، والتفرغ للعبادة، ومجاهدة النفس، وحملها على الأخلاق الجميلة، لكن يجب التنبه إلى أن الصوفية المعاصرة تشتمل على كثير من البدع والشركيات، و المذاهب الفلسفية"، وذكر في فتوى أخرى: " وفي الختام ينبغي التنبه باختصار إلى أمرين مهمين:
أولهما: أنه لا ينبغي ذم التصوف بإطلاق، بل هناك تصوف صحيح مضبوط بالضوابط الشرعية، لتزكية النفس وتهذيبها، وهذا ما كان عليه بعض العلماء والزهاد في العصور المتقدمة، قبل دخول الانحراف والابتداع على رجال التصوف".
- وممن قال بهذا التقسيم من المشايخ المشهود لهم بحسن الاعتقاد والمعرفة الشيخ حامد العلي قال: " وينبغي أن يعلم أن الصوفية وإن كانت أول ما ظهرت تنقسم الى صوفية سنية وصوفية بدعية، غير أنها من قرون أصبحت كلها طرقا بدعية، ومجمعا للبدع والخرافات والانحرافات عن الشريعة والسنة، كما دخل فيها الزندقة والالحاد في عقيدة وحدة الوجود والاتحاد، وتجب محاربتها والنهي عن الدخول في طرقها لما فيها من المنكرات المخالفة للسنة ونهج السلف الصالح".
-ومنهم الشيخ عمار بدوي مفتي محافظة طول كرم بفلسطين قال: " التصوف معروف منذ سنوات قديمة إذا أريد به تهذيب النفس وترويضها وتزكيتها والسير بها نحو الطريقة الحسنى، فهذا أمر دعت إليه الشريعة قال تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهديهم سبلنا .. ).
وقال تعالى: (قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها).
أما علاقة التصوف بالعلماء فهناك عدد كبير من العلماء على مر العصور كانوا من المتصوفين الذين اعتنوا بالنفس الإنسانية وتزكيتها، ومما ينبغي التنبه له ألا يكون في التصوف شطط في الفكر أو انحراف في السلوك كما يفعل أدعياء التصوف، والله تعالى أعلم".
- ومنهم الدكتور أبو العلاء عفيفي في كتابه التصوف الثورة الروحية في الإسلام.
- ومنهم فريد الأنصاري في كتاب الأمة الثامن والأربعين والذي قدم له عمر عبيد حسنة "التوحيد والوساطة في التربية الدعوية" عقد فيه فصلاً بعنوان: نموذج الوساطة الروحية لدى المتصوفة، أشار فيه لما يبين المراد وجعل القرن الرابع هو بداية الانحراف.
- ومنهم الدكتور محمد جلال شرف في كتابه دراسة في التصوف الإسلامي الذي أكد على لفظ الصوفية السنيون في أكثر من موضع، وكتابه جزء مقدر منه كأنه ما هو إلاّ رد على كتاب الصلة بين التصوف والتشيع للدكتور كامل مصطفى الشيبي.
وغير هؤلاء فئام، لا أعرف الكثير عن أكثرهم، وبعضهم من أمثال الأستاذ الدكتور النشار الذين عرفوا بمخالفات مشهورة لم أذكرهم على الرغم من أنهم غير متصوفة استغناء بغيرهم، والحمد لله.
فإن نشط نقبت في كلام المرضيين من علماء السنة وأتبعته بهذا وإن فترت اكتفيت به وسقت أقوال أهل العلم المتقدمين الثابتة.
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[05 - 10 - 05, 03:49 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي حارث همام استوقفني الموضوع بادي ذي بدء ثم قرأت كثيرا مما كتبته.
ورأيت فيها نفس أخ قد سمعت كلماته من قبل وعلى كل حال.
عندمايرغب المرء الوقف على الحق لايجعل من المصطلحات التي يتغير أصحابها المنتسبون إليها في كل زمان بل وتتغير أشخاصهم وأفهامهم عند لقاء أهل العلم.
فما كان هذا حاله لا يمكن الحكم عليه اطرادا في كل عصر على النحو الغابر فلكل حادث في وقته حكم والحكم على الأشخاص وفق ظاهرهم ولما كان التاريخ قد حوى أقوالا فما من قول سيأتي به خصمك على هذا النحو إلا وستأتي بنقيضه أو ما يمكن أن يشكك في دلالته وما ذلك إلا لاختلاف المعروض والمسموع بين يدي علماء الزمان.
والرأي أن نحاكم الصوفية على أصول الشريعة لامن حيث الدلالة اللغوية ولا أقصد محاكمة أشخاص بعينهم لآن هذا قد يوغر الصدور وقد يقول المحب من سيحاكم ولي الزمان وركن الأركان والقطب الوتد ابن عربي أو ابن سبعين صاحب الحقيقة والمعرفة المطلقة أو الحلاج الذي صبر على أذية قومه إلى مماته لآنهم لا يعرفون ولا ذاقوا طعم الحقيقة يوما ... إلى غيرها من النماذج.
فهل يمكن أن نحاكم قوام الطرق من معتقد وشريعة على ضوابط أهل السنة وفق الدليل الصحيح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/454)
هل لنا أن نظهر موضع البدعة والسنة في هذه المملكة السرية الممتدة جذورها إلى حيث شئت مدها.
لعل بهذه العجالة أقدم الطرح ليكون على ثوابت العلم وبالله التوفيق.
أخوكم المحب شاكر بن توفيق العاروري
ـ[حارث همام]ــــــــ[05 - 10 - 05, 11:56 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
...
فما كان هذا حاله لا يمكن الحكم عليه اطرادا في كل عصر على النحو الغابر فلكل حادث في وقته حكم والحكم على الأشخاص وفق ظاهرهم ولما كان التاريخ قد حوى أقوالا فما من قول سيأتي به خصمك على هذا النحو إلا وستأتي بنقيضه أو ما يمكن أن يشكك في دلالته وما ذلك إلا لاختلاف المعروض والمسموع بين يدي علماء الزمان.
...
الأخ الكريم .. هذا ما أحاول تقريره مع الإخوان. بل لعله مقرر الآن.
ربما قرأت شيئاً من الاسترسالات وإلاّ فالموضوع محرر ومحدد عند المتناقشين وليس غرضنا (أعني: صاحبك والإخوة) الحديث عن مصطلح التصوف بشكل عام، ولا على على الألقاب التي خلعت على منتسبيه على مر العصور، ومحاكمة أحوالهم إلى ثوابت الشرع، ووزنهم بها، بل الاتفاق على كثير من ذلك بين المنتناقشين حاصل.
وإنما أصل الحديث عن حكم الطبقة الأولى منهم وبالأخص أصحاب القرن الثاني والثالث، هل هم من أهل السنة في الجملة وإن كانت لبعضهم اجتهادات أخطأوا فيها قد يعذر بها أفراد منهم وقد لايعذر بها آخرون؟ أو الأصل أنهم ليسوا من أهل السنة إلاّ أفرادا نعذرهم في أخطائهم؟
وثمرة الحديث في هذا من جهتي:
1 - الذب عن أهل طبقة لا على التعيين، وقد وقع فيهم، وهو كالذب عن أهل مصر بل الأول أعظم.
2 - تقرير التاريخ والواقع الذي قرره أهل العلم في هؤلاء وهو الحق الذي ينبغي أن يقال، والانصاف الذي ينبغي أن يعلن في اعتقادي.
3 - الاستفادة منه في دعوة أهل الضلال المتأخرين من المتصوفة الذين يزعمون أن ألئك أئمتهم.
وجزاكم الله خيراً على المرور والمشاركة.
ـ[أحمددرويش]ــــــــ[10 - 11 - 05, 05:17 م]ـ
إن عدت إلى نشر شيء من هذه الشركيات والخرافات
فستطرد من الملتقى
حرر من قبل ## المشرف ##
ـ[أبو هاشم]ــــــــ[12 - 11 - 05, 10:00 م]ـ
الإخوة الذين يبحثون في التصوف أنصحكم بعدم اتمام هذا البحث فالأمة تحتاج إلى جهود غير هذا الأمر بل وتحتاج إلى الاتحاد أمام أعداء الدين الحنيف والسلام
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[12 - 11 - 05, 10:33 م]ـ
الإخوة الذين يبحثون في التصوف أنصحكم بعدم اتمام هذا البحث فالأمة تحتاج إلى جهود غير هذا الأمر بل وتحتاج إلى الاتحاد أمام أعداء الدين الحنيف والسلام
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=226980#post226980
ـ[سالم بن حمد]ــــــــ[09 - 11 - 07, 08:15 ص]ـ
الإخوة الذين يبحثون في التصوف أنصحكم بعدم اتمام هذا البحث فالأمة تحتاج إلى جهود غير هذا الأمر بل وتحتاج إلى الاتحاد أمام أعداء الدين الحنيف والسلام
كيف اتحد الصوفية اما الاعداء .....
من اسقط مصر بيد العثمانيين هم الصوفيه .... كانوا جواسيس للعثمانييين على المماليك
من اعتبر نابليون بونابرت ولي امر هم الصوفية
اذكر لي موقف وقف فيه الصوفية موقف صارم امام الاعداء
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[10 - 11 - 07, 12:53 ص]ـ
- عفواً على المداخلة الطارئة-أخي الشيخ الكريم حارث همام؛ هل كلام الشيخ ابن جبرين في إبراهيم الخواص أم مسلم الخواص؟ فالذي أعرفه أن إبراهيم الخواص له نقولات تؤيد رأي الحلولية الاتحادية من الصوفية. ولك جزيل الشكر والامتنان
ـ[ام سمية]ــــــــ[04 - 12 - 07, 10:01 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[02 - 11 - 08, 08:00 م]ـ
- عفواً على المداخلة الطارئة-أخي الشيخ الكريم حارث همام؛ هل كلام الشيخ ابن جبرين في إبراهيم الخواص أم مسلم الخواص؟ فالذي أعرفه أن إبراهيم الخواص له نقولات تؤيد رأي الحلولية الاتحادية من الصوفية. ولك جزيل الشكر والامتنان
يرفع للفائدة(26/455)
تنبيه عقدي في مقدمة نزهة النظر
ـ[أبو يوسف السبيعي]ــــــــ[18 - 01 - 04, 11:43 ص]ـ
تنبيه عقدي في مقدمة نزهة النظر
الحمد لله، وبعد: فلقد نفع الله بكتب خاتمة الحفاظ العلامة ابن حجر، وبورك له فيها، بحيث يصح أن يقال: إن المؤلفين بعد الحافظ عيال على كتبه رحمه الله ورفع درجته، وكلهم معترف له بذلك شاهد له بالتقدم والفضل، ولا يحصى كم تخرج بكتبه من عالم ومحقق.
وإنما قدمت هذه المقدمة لئلا يتجرأ أحد الأغمار على الأئمة الأبرار فيتخذ ما ذكرته مدرجاً لتعميم للطعن بكتبهم التي انتفع بها العام والخاص.
أقول: إن الحافظ ابن حجر قال في مقدمة النزهة: (الحمد لله الذي لم يزل عليماً قديراً حياً قيوماً سميعاً بصيراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ... ) إلخ كلامه.
ذكر ابن حجر ستة أسماء لله عز وجل، تتضمن وصف الله بالعلم والقدرة والحياة والقيومية والسمع والبصر، وهذه هي الصفات الست التي يثبتها الأشاعرة وينفون ما عداها، فصنيع الحافظ هنا واختياره لهذه الصفات من بين سائر الصفات قد يستشف منه تأكيد عقيدة الأشاعرة في الصفات.
والحافظ كما هو معلوم اضطرب قوله في هذه المسائل، فتارة يصرح بقول المؤولة، وتارة يكتفي بنقل أقوالهم – وهو الأكثر-، وتارة يوافق أهل الحق.
وعقيدة الحافظ مبحوثة في رسالة علمية مستقلة، ولا أدري هل أشار الباحث فيها إلى ماذكرته، أم لا، والله أعلم.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[18 - 01 - 04, 01:41 م]ـ
استدراك فيه تكلف.
والمعروف أنهم يثبتون سبعة بإضافة الكلام ولا ينفون ما عداها
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[18 - 01 - 04, 04:38 م]ـ
أحسنت أخي الفاضل السبيعي، استنباط متين وثاقب، فجزاك الله خيرا وبارك فيك
وأما الأشاعرة فعندهم عجائب وغرائب ومناهج متعددة في الصفات
فهم يثبتون (كل صفة قائمة بموصوف موجبة له حكما) تحفة المريد ص 63
فهم يثبتون أن صفات المعاني السبع صفات حقيقية وأنها صفات كمال لله، واختاروا بأن صفات المعاني ليست عين الذات ولا غير الذات!!
وفي هذا يقول اللقاني صاحب جوهرة التوحيد!! (متكلم. ثم صفات الذات **ليست بغير أو بعين الذات)
ويقسمون صفات المعاني باعتبارين
الأول: باعتبار الدليل الدال عليها
والثاني: باعتبار التعلق
فهم يقسمونها إلى عقلية وسمعية
فالعقلية ضابطها ما تتوقف عليه المعجزة من الصفات وهي (القدرة والإرادة والعلم والحياة)
والسمعية ضابطها ما لاتتوقف عليه المعجزة من الصفات وهي (السمع والبصر والكلام)
ينظر منهج أهل السنة ومنهج الأشاعرة لخالد نور (1/ 502وما بعده)
وموقف ابن تيمية من الأشاعرة للشيخ المحمود، وغيرها
---------------
وأما إثباتهم لصفة الكلام فأثبتوها بطريقة لم يسبقوا إليها، فذكروا بأنه معنى قائم بالذات وليس متعلقا بالمشيئة والإرادة، واتفقوا على أنه ليس بحرف ولا صوت (خلاف إجماع السلف)
-------------
وأما بقية الصفات فهم يحرفونها ويصرفونها عن ظاهرها بالتأويل الفاسد مخالفين بذلك إجماع السلف رضوان الله عليهم
والأشاعرة كما سبق مختلفون بينهم اختلافا كبيرا، فهم مناهج متعددة
------------
وأما الحافظ ابن حجر رحمه الله فهو كما تفضلت أخي الكريم قد حصل عنده في باب الاسماء والصفات اضطراب
فجزاك الله خيرا على هذا التنبيه، فلم يتفطن له الكثير
ـ[خالد الشايع]ــــــــ[18 - 01 - 04, 06:00 م]ـ
بورك فيك أخي: أبو يوسف السبيعي وسلمت يمينك
فهذا استنباط جيد، فتق الله ذهنك لكل خير، نحن معك.
ـ[محمد حسين شعبان]ــــــــ[18 - 01 - 04, 07:19 م]ـ
جزاك الله خيراًً على نشر فوائدك التي تقف عليها.
وزادك الله علماً وفضلاً.
ـ[المتبصر]ــــــــ[18 - 01 - 04, 11:15 م]ـ
أوافق على هذا التنبيه اللطيف من الأخ السبيعي، و اعتراض راجي رحمة الله غير وارد، فالمراد أنه اختارها لأنها الصفات المثبتة عندهم، و هو تنبيه جيد، بل مهم لشراح الكتاب
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[19 - 01 - 04, 12:40 ص]ـ
وفقك الله أخي أبا يوسف.
مما يدلّ على أن الحافظ ذكر ذلك من دافع تأثره بمذهب الأشاعرة قوله: "لم يزل" ثم اقتصاره على تلك الصفات، فلم يقل: "خالقاً رازقاً ... " وغيرها من الصفات الفعلية، والسبب هو أنهم ينفون أن تكون الصفات الفعلية أزلية، بل وينفون حقيقتها ويثبتونها مجازاً.
مع ملاحظة أن القيومية ليست من الصفات المعنوية السبع التي يثبتها الأشاعرة، بل هي من الصفات النفسية أو الذاتية عندهم. أما السبع المعنوية فهي التي تفضل الشيخ أبو عمر بذكرها. وأما النفسية فهي: الوجود والقدم والبقاء والوحدانية والقيام بالذات والمخالفة للحوادث.
والأشاعرة لا ينفون بقية الصفات لكنهم يقولون بأنه لا يلزم المسلم أن يثبت سوى هذه الصفات السبع. أما غيرها فهو غير ملزم بإثباتها لأنها تابعة لهذه الصفات السبع. ولكن حقيقة مذهبهم هو إثباتها مجازاً فقط لا حقيقة.
وإضافة إلى كلام الشيخ أبي عمر: فإن قول الأشاعرة في السمع والبصر هو أن الله (سبحانه) سمع المسموعات وأبصر المبصرات في الأزل! وأن ذلك لا يعارض حدوثها، مثلما أنه (سبحانه) علم المعلومات في الأزل دون أن يعارض ذلك حدوثها.
ففي الحقيقة هم أثبتوا السمع والبصر والكلام لكي يفرّقوا أنفسهم عن المعتزلة الذين أثبتوا أربع صفات فحسب، ومن باب رفع العتب عند العامة. وإلا فإن السمع والبصر عندهم يؤولان إلى صفة العلم.
وأمّا صفة الكلام فقد قادهم قولهم فيها والذي ذكره الشيخ أبو عمر إلى القول بخلق القرآن الذي قرأه جبريل على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، والمحفوظ في الصدور والمكتوب في المصاحف والمتلو في الكتاتيب ... صرّح بذلك التفتازاني في شرح النسفية والكوثري في مقالاته.
نسأل الله العافية والسلامة، ونعوذ به من الكلام وأهله ومن كل أسباب الحيرة والشكّ في أمور ديننا كلها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/456)
ـ[أبو خديجة]ــــــــ[19 - 01 - 04, 12:51 ص]ـ
استدراك (راجي رحمة ربه) على الأخ (أبي يوسف السبيعي)
لا يقل عن
استدراك (أبي يوسف السبيعي) على شمس الحفاظ (ابن حجر) رحمه الله تعالى.
فالعدل يقتضي الإشادة بالفائدتين، جزاهما الله خيرا.
ـ[خالد القسري]ــــــــ[19 - 01 - 04, 01:54 ص]ـ
ربما لم يذكر الكلام لقوله (لم يزل)
فهل قولنا (لم يزل متكلماً) عند الأشاعرة فيه محذور؟؟
الله أعلم Question
ـ[السدوسي]ــــــــ[19 - 01 - 04, 02:19 ص]ـ
أحسنت أخي واستدراكك في محله زادك الله علما ورحم الله الحافظ وجعل ماقدمه للسنة والأثر كفارة لما وقع فيه من الطوام التي أوردها في شرحه لكتاب التوحيد من صحيح البخاري وقد أبدع الشيخ عبدالله الغنيمان في الرد عليها وكتابه شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري وقد طبعته مكتبة العاصمة طبعة جديدة.
ولعل الله ييسر من يرد على ماوقع فيه من أخطاء في كتاب الإيمان واستدراك الشبل لايفي بالغرض نفع الله به.
وأنبه إلى ماأكده الشيخ الفاضل أبو يوسف من أن التنبيه على أخطاء الحافظ لايعني التحذير مما كتب كيف وقد قيل لاهجرة بعد الفتح.
ـ[أبو يوسف السبيعي]ــــــــ[22 - 01 - 04, 10:54 ص]ـ
بارك الله في المشايخ الأفاضل، على إفاداتهم وتنبيهاتهم، وقد ذهلت فقلت إن الصفات المثبتة عند الأشاعرة ست، وعلى كلٍ، فعلمي قليل بمذهب الأشاعرة.
وأما قول الأخ (راجي رحمة ربه) بأن ما ذكرته استدراك متكلف فلا أراه يصح إلا في حال واحدة، وهي أن يكون الحافظ ابن حجر على عقيدة السلف، فلا يستفاد من تخصيصه هذه الصفات بالذكر تأكيد قول الأشاعرة.
ومثال هذا قول السفاريني في الدرة المضية:
له الحياة والكلام والبصر سمع إرادة علم واقتدر
قال السفاريني في شرحه لوامع الأنوار 1/ 130: (ولما كانت صفاته تعالى منها ما اتفق عليه كالصفات السبع، ومنها ما اختلف فيه كصفات فعله تعالى ورحمته بدأ بما اتفق عليه منها وهي السبع صفات).
وقال الشيخ ابن عثيمين في شرحه للدرة المضية: (فهذه سبع صفات أثبتها المؤلف - رحمه الله - لله عز وجل، وسنبين أن في كلامه إيهاماً بأنه لا يثبت إلا هذه الصفات السبع، ولكن له كلام آخر بأنه يجب إثبات كل ما وصف الله به نفسه ... ).
فلو كان الحافظ ابن حجر على منهج السلف في الصفات لما كان للاستدراك وجه، ولاعتذر عنه بما اعتذر به السفاريني.
ـ[المسيطير]ــــــــ[22 - 11 - 04, 11:47 م]ـ
بورك فيك أخي: أبو يوسف السبيعي وسلمت يمينك
فهذا استنباط جيد، فتق الله ذهنك لكل خير، نحن معك.
ـ[ابن عايض]ــــــــ[24 - 11 - 04, 01:42 م]ـ
استنباط فيه تكلف!!!
ـ[حارث همام]ــــــــ[24 - 11 - 04, 08:33 م]ـ
الإخوة الأفاضل ..
الذي يظهر للباحث بغير شك هو تأثر الحافظ ابن حجر -رحمه الله- بالأشاعرة، أما القول بأنه أشعري يعتقد ما اعتقده متأخريهم فموضع نظر وخاصة عند النظر إلى أصولهم التي يخالفون أهل السنة فيها غير المتعلقة بالصفات وهي نحو من ستة أصول معروفة عند المعتنين بالشأن، فإن قيل هو أشعري باعتبار أنه في أشعريته منسوب لأبي الحسن الأشعري وأصحابه من مثبتة متكلمي أهل السنة لا ما عرف بمذهب الأشاعرة عند المتأخرين فهو أقرب للصواب وإن لم يكن مطابقاً.
وما أشار إليه الأخوان: ابن عياض، وأبو خديجة، وراجي عفو ربه، من استدراك فلعل له موضعه من النظر وليس ببعيد فإن من المتقرر أنه لاينسب لساكت قول، وليس في كلامه أعلاه ما يفيد الحصر بتلك الصفات التي سمى، كما أنه ليس من لازم كلامه نفيه ماعداها ولو كان من لازمه لما صح أن ننسبه له قولاً، فلم يبق إلاّ أن نظن ظناً، وإن كان لهذا الظن مسوغاته فتبقى فضائله -عليه رحمة الله- ومناته على أهل العلم بعده وقربه من السنة الذي عصمه من الجنوح نحو قول الأشاعرة في مسائل متعددة يبقى ذلك موجباً لحسن الظن به فنقول لايبعد أن يكون اقتصاره عليها لأجل تلطف بعض أهل الزمان ومدارات بعضهم بغير الوقوع في محذور وهو مشروع ومثل هذا التقدير قد يكون موضع نظر ومحل اعتبار. أقول ذلك اعتذاراً له ومثله ينبغي أن يعذر عليه رحمة الله ورضوانه.
ـ[حسن باحكيم]ــــــــ[01 - 12 - 06, 08:40 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[صخر]ــــــــ[04 - 12 - 06, 03:21 ص]ـ
شيخنا أبو همام في شرحه للنزهة عند قول ابن حجر الحمد لله الذي لم يزل قديما قال لو عبر بلا يزال قديرا لكان أولى
ـ[صخر]ــــــــ[04 - 12 - 06, 03:22 ص]ـ
شيخنا أبوهمام في شرحه للنزهة قال عند قول الحافظ الحمد لله الذي لم يزل عليما قدير
لو عبر بلايزال قديرا لكان أولى
ـ[جمعه بن آل طاحون]ــــــــ[08 - 12 - 06, 08:22 ص]ـ
معلوم ان بن حجر كان له بعض الأقوال فى الصفات تشبه الأشاعرة و غيره من بعض الأئمة صدرت اقوال، حيث انتشر مذهب الأشاعرة على أنه مذهب أهل السنة و تسلل الى كتبهم، بيد أنهم لم يتعمدوا ذلك و لم ينافحوا عنها كما فعل اهل البدع فهذا الزلل نقطة فى بحر علمهم فهى شيىء لا يذكر.
أما ما استنبطه الأخ هاهنا فلا حاجة لذكره و لا مصلحة منه تأتى إذ أن بن حجر ما صرح بقول حتى تلزمه به فلا يلزم من قوله ما قلت.
لكن لو صرح بقول فيه أشعرية حينها يحق لك ان تسنبط و تستدرك على استحياء مع مثل هذا العالم النحرير، لأن هنا الاستدراك فيه درأ مفسدة وهى ألا يظن احد أن هذا القول حق.
و على كل حال نحن نحيى فيك قوة الاستنباط و دقة الملاحظة فهى منة من الله و نغبطك عليها.
غفر الله للجميع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/457)
ـ[بن سالم]ــــــــ[09 - 12 - 06, 02:51 م]ـ
.... جَزَاكُمُ اللهُ خَيْراً.
ـ[أبو أسامة ابن سعد]ــــــــ[09 - 12 - 06, 04:57 م]ـ
ما شاء الله استنباط طيب ,
ولا ضير من الجمع بين أقوال الإخوة ,
1 - فى عدم الزام ابن حجر رحمه الله بكلامه.
2 - التنبيه على هذه الجملة وتوضيح عقيدة أهل السنة للطالب احترازا.
والله أعلم.
ـ[أبوالزبير الأثري]ــــــــ[09 - 12 - 06, 11:58 م]ـ
اخوانى فى الله لاشك ولاريب فى مدى علم بن حجر العسقلانى رحمه الله والذى كما قيل فيه لم تلد النساء مثله قط
ان من خلال سرده لهذه الصفات فقط هو بيان مايعتقده وهو منهج الاشاعرة الذى كان عليه رحمه الله خصوصا ماذكره هو ايضا من قرائن أخرى فى النزهة والتى تدل على ذلك كقوله فى أحاديث الآحاد (قد) تفيد العلم الظنى ولاشك ان لفظ (قد) على حسب دخول الفعل عليه قد يفيد التحقق
وقد يفيد القلة والذى يثبت لنا انه يقصد به القلة هو معتقده الذى هو عليه فلا داعى لان نتكلف فى الموضوع ونحيد عنه فما منا من احد الا ويخطئ وهذا مما أخذ على الحافظ رحمه الله
اخوكم ابو الزبير الاثرى
ـ[أبو أسامة ابن سعد]ــــــــ[11 - 12 - 06, 09:53 ص]ـ
[ quote= أبو يوسف السبيعي;75803] تنبيه عقدي في مقدمة نزهة النظر
أقول: إن الحافظ ابن حجر قال في مقدمة النزهة: (الحمد لله الذي لم يزل عليماً قديراً حياً قيوماً سميعاً بصيراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ... ) إلخ كلامه.
فى أى الطبعات هذه الزيادة أخى العزيز؟
فلقد قرأتها على عدد من المشايخ ولم ينبه أحدهم الى هذه الزيادة المذكورة بعد قديرا,
فالذى عندى (لم يزل عليما قديرا, وصلى الله على سيدنا محمد ..... ) إلخ.
ـ[محمد بن حسن أبو خشبة]ــــــــ[11 - 12 - 06, 11:56 ص]ـ
أنت قرأت النخبة، والزيادة في شرحها النزهة
ـ[أبو أسامة ابن سعد]ــــــــ[19 - 12 - 06, 01:43 ص]ـ
جزاك الله خيرا ,
لقد ظننت ان النص يوجد فى المتن أيضا لا فى الشرح وحده لذلك سألت عن الطبعة.
فعندى فى المتن ط. مكتبة الاداب ت. محمود محمد حمودة ,
قال: الحمد لله الذى لم يزل عالما قديرا,
وأثبت المحقق فى الحاشية:فى (ن):عليما.
وفى نسخة أخرى عندى:عليما قديرا ,
ـ[فواز الجهني]ــــــــ[19 - 12 - 06, 12:07 م]ـ
قد قال باضطراب الحافظ عليه رحمة الله ورضوانه شيخنا العلامة عبدالمحسن العباد حفظه رب العباد
وهذا الاستدراك فيه ملحظ جميل والذي يخرجه من حد التكلف إلى الاحتراز السؤال التالي:
لماذا زاد هذه الأسماء على مافي النخبة (عالما قديرا) حياً قيوماً سميعاً بصيراً؟
فلو اقتصر على مافي النخبة لقلنا بالتكلف أما وقد زاد ما أكمل ما يثبته الأشاعرة فهذا محل شك مع استحضار اضطرابه في هذا الباب والله أعلم
ـ[الجعفري]ــــــــ[23 - 12 - 06, 09:26 م]ـ
استدراك فيه تكلف.
ومما يوضح ذلك:
1 - ذكر الحافظ رحمه الله لاسم القيوم.
2 - لم يذكر الصفات السبعة كلها.
3 - الكتاب في علم المصطلح وليس في العقيدة , بخلاف ما ذكره بعض الإخوة في
من التمثيل بما في الدرة المضيئة.
وهذا لا يعني أني أنفي ما وقع فيه الحافظ رحمه الله من الخطأ في الصفات في موضع آخر , لكننا نهينا عن التكلف وتحميل الكلام ما يحتمل , بارك الله في صاحب الموضوع وفي الجميع. [/ b](26/458)
النجديون هم أهل التوحيد هكذا قال ...
ـ[المحقق]ــــــــ[18 - 01 - 04, 11:01 م]ـ
و قال عنهم: هم يقولون بقول ابن تيمية، فهل ابن تيمية وهابي؟
و قد وجد قبل ابن عبد الوهاب بأربع قرون ..
من كلام جيد للألباني رحمه الله
وقال: إن كان تابع أحمد متوهبا فيشهد الثقلان أني وهابي
وقال: هم في التوحيد قدوة للناس جميعًا.
استمع
http://www.almoslim.net/Moslim_Files/dawah/sounds_main_list.cfm
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[19 - 01 - 04, 12:38 ص]ـ
جزاك الله خيراً أخي المحقق وأحسن الله إليك.
نسأل الله أن يحمي بلاد التوحيد وأهل التوحيد في كل مكان من كل شر.
ـ[أبو أنس الحريري]ــــــــ[10 - 05 - 08, 12:01 ص]ـ
نسأل الله أن يحمي بلاد التوحيد وأهل التوحيد في كل مكان من كل شر.
اللهم آمين
بارك الله فيكم
ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[10 - 05 - 08, 12:46 ص]ـ
لا ينفق هذا الكلام في سوق العلم، فمتى كان التوحيد الذي أنزله الله على العبيد مرتبطا بأهل قطر أو إقليم أو بلد، فدين الله ليس حجازيا أو نجديا أو تهاميا أو مصريا أو شاميا، وهو أجلُّ من أن يُنسب إلى أهل نجد أو غيرهم، وليست هذه من العبارات السالمة من التعقب.
والمدح والثناء متوجه إلى الشيخ محمد بن عبدالوهاب ودعوته التي أعادت التوحيد إلى نجد بعد أن عشش الشرك فيها وضرب أطنابه، لا أن يقال النجديون هم أهل التوحيد، فالقبح على هذه العبارة ظاهر.
ونجد التي أنجبت الإمام محمد بن عبدالوهاب وشيوخ الدعوة هي ذاتها التي أخرجت شيوخ الشرك ودعاة البدعة الذين عادوا الإمام وأجلبوا عليه بخيلهم ورجلهم، فكيف يتوجه الثناء إلى الجميع؟!
ـ[نواف البكري]ــــــــ[10 - 05 - 08, 01:12 ص]ـ
أخي المطوع:
أولاً أنا حجازي حتى لا أوصف بالإقليمية والعنصرية
ولكن:
ليس في كلام الأخ ما يوجب هذا الإنكار الهجومي الغريب
فكلامه عن النجديين من بعد دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب
وعندما يقال بأنهم هم أهل التوحيد لا يراد به: انتقاص غيرهم.
ولكن المراد: استفاضة عنايتهم بهذا الباب، وشهرة اهتمامهم به كعلم ودعوة وجهاد
ولك أن تقلب طرفك في العالم الإسلامي من شرقه إلى غربه، ولن تجد في العصور المتأخرة بل والمتقدمة أيضاً أهل قطرٍ اهتموا بهذا الباب تصنيفاً وعناية وتصنيفاً وردا بالعلم والبيان والسيف والسنان أكثر منهم.
وأنا أجزم بأنك إن عرضت لك مسألة تتعلق بتوحيد الألوهية لن تهمل كتبهم من أولى مصادر التحقيق في هذا الباب العظيم.
ولا عجب أن يشتهر وينفرد أهل قطر بعلم من العلوم، وقد حصل هذا في عصور عديدة في عديد من العلوم
فآمل أن يؤخذ الأمر بهدوء
أو يناقش بهدوء
والسلام
ـ[مستور مختاري]ــــــــ[10 - 05 - 08, 01:45 ص]ـ
حجرت واسعاً ..
فلا يخلو الحجاز وغيره والله من أئمة التوحيد حقا وصدقاً
ولا أقولها تعصباً، لكن هم أسبق الناس إليه وأسرع الناس إجابة إليه .. وما صدر عهد النبوة بمثل بعيد
ونسبة الأهلية في التوحيد إلى أهل نجد لا يليق إطلاقه كذا، بل ذلك فضل الله يؤتيه من أحب ..
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[10 - 05 - 08, 02:24 ص]ـ
أيها الأفاضل
لا بد من معرفة السابق واللاحق من كلام الشيخ الألباني رحمه الله أو معرفة سبب هذا الكلام حتى نفهمه جيدا
فالكلام المبتور من سابقه ولاحقه، كل واحد منا سيفسره بما يريد، وهذا منهج غير سديد
والذي أفهمه من الموجود أن الشيخ يناظر مبتدعا أو يرد عليه، وهذا المبتدع يتكلم عن الوهابية
والله العالم
فمن كان عند التسجيل كاملا فليتحفنا به لنفهم المقصود
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[10 - 05 - 08, 03:12 ص]ـ
الحمد لله وحده ...
لم أستطع تحميل المقطع، لكن المكتوب في أول الموضوع كلام مستقيم لا أرى عليه انتقادًا.
وأهل نجد في التوحيد قدوة للناس في شيى البقاع، داخل الممكلمة وخارجها.
وليس في هذا أي تحجير لواسع ولله الحمد.
وليس معنى هذا أن دين الله نجدي أو حجازي أو مصري ... إلخ
وإذا قال القائل إن جزيرة العرب خاصة مكة والمدينة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم هي قدوة العالم في التوحيد والعلم ما كان لأحد أن يغلّطه.
وليس معنى هذا أن باقي البلاد مشركون أو جهلة هكذا ضربة لازب، بل كان في غيرهما من البقاع علم وتوحيد.
وإذا قيل إن عمان هي بلاد الخوارج المعتزلة الجهمية لم يكن لأحد أن يغلّط القائل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/459)
وليس معنى هذا أنهم كلهم على هذه الصفة
بل في غيرها من هم على هذه الصفة، وإن كانت فيهم أظهر.
وإذا قيل إن إيران هي بلاد الرافضة الفجرة الملاعين، لم يكن القائل مخطئًا، مع أن في غيرها من البلاد روافض ..
لكن الرفض فيهم أظهر وأبين ..
ونظائر ذلك عبر التاريخ كثيرة
كمصر في زمن الرافضة ونحو ذلك
وهذا نظير ما يقوله المحدثون من أن بلاد كذا يغلب على أهلها التشيع ..
ونحو ذلك ..
وأما قول القائل إن دين الله الحق وعقيدة أهل السنة والجماعة ليست مختصة بزمان ولا مكان فغير صحيح بهذا الإطلاق.
فإن الله عز وجل قد يقسم في زمن من الأزمنة لأهل بلادٍ من الخير والسنة ما لا يقسم لغيرهم
كما أن الله عز وجل قد يقسم لأهل بلاد من الشر والفتنة والبدعة ما لا تجده في غيرهم
ويتغير الأمر من زمان إلى آخر كما سبق وضربت الأمثلة، والأيام دول ..
======
وقد ذكرت هذا المعنى منذ أكثر من سنتين حين كنت أتحاور مع بعض المخلّطين في مسألة الإيمان
وقد أشرت حينها إلى أن اعتناء بلاد الحرمين بالتوحيد والسنة والعلم لا يضاهيه اعتناء غيرها من البلاد
وكان مما قلتُه:
ومعلوم أن الله - عزّ وجلّ - قد منَّ على الأمّة بالصحوة العلميّة السلفيّة السنّية في بلاد الجزيرة العربية منذ الشيخ الإمام محمّد عبدالوهّاب رحمه الله ..
وأن التأييد حصل للسلفيّة من الأمراء وقتها ..
بحيث تركوا علماء أهل السنّة والجماعة يقررون العقائد السلفية ... ويعتمدون الفقه الحنبلي ..
فعلى مدار عشرات وعشرات السنين والعلماء هناك يقرءون كتب شيخ الإسلام وابن القيّم .. وكتب السّلف.
ويضعون متونًا ومنظومات، ثم يشرحون هذه المتون، أويُحَشّون عليها ..
فلمّا أكرمهم الله بالجامعات .. حقّقوا ودرسوا عشرات من كتب اعتقاد أهل السنة وشيخي الإسلام ..
حتى إن من أراد أن يدرس عقيدة الفرقة الناجية لا بد سيمر على مؤلفات هؤلاء، وتحقيقاتهم لكتب السنّة ..
فكيف يخالفهم مَنْ تسوّر على كتبهم وتحقيقاتهم وتعلّم منها، في شيءٍ فهموه وتناقلوه بأسانيد متصلة إلى شيخ الإسلام ابن تيمية (مثلاً) ويزعم أنّ فهم جميعهم لكلام شيخ الإسلام غلط؟!!
ولستُ الآن بصدد امتداح الدعوة السلفيّة في الجزيرة التي قوّم الله بها الدين ..
أو القول بأن أفراد العلماء هناك معصومون من الزلل .. لكنّني سأنبّه على بعض مرادي بنقلين أراهما نفيسين .. ثم الله تعالى يرزق الفهم لمن أراد ..
قال الإمام العلامة الشيخ محمّد بن إبراهيم آل الشيخ – رحمه الله – بعد استعراض المذاهب في الصلاة على النبي في الصلاة:
«ثم انظر العجب أن أهل نجدٍ يرون الصلاة على النبي ركنًا، وأولئك لا يرون أنها ركن في الصلاة!
فهم – أهل نجد – أعظم الناس حفظًا لحقوق الرسول. وهم خير من جميع النواحي، فإنه لم يوجد إطباق على الخير مثل إطباق أهل نجدٍ. أما الأفراد فموجود كثير في المغرب وغيره». (فتاوي الشيخ 1/ 73).
وقال الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن قاسم – رحمه الله – في حاشية نفس الكتاب:
«قلتُ: وقد قرأت في بعض المؤلفات التي تدافع عنهم في الشام إذ ذاك: أن عوام أهل نجد علماء. واستدل بأنهم إذا سمعوا بعض الأحاديث ينكرونها ويقولون: هذا ما قاله الرسول، هذا ما سمعناه. وأنه فتّش فوجد الأمر كما ذكروا. وكذلك إنكارهم للبدع. وقد قال الشيخ محمد بن عبدالوهّاب والعامي من الموحدين يغلب الألف من علماء هؤلاء المشركين».أهـ (حاشية على 2/ 237 من فتاوى محمد بن إبراهيم).
والمقصود بيانه هنا:
أن قول بعض الصّغار، والجهلة الأغمار: (إن عقيدة أهل السنّة والجماعة لا يتميّز بها مكان دون آخر).
أو: (إن كبار علماء أهل السنّة والجماعة لا يختص بهم مكان ولا زمان).
قول ظاهر الفساد لا يقوله إلا من لا يفقه شيئًا في نشأة الفرق البدعية، ولا يعلم شيئًا عن تواريخ الدّول الإسلاميّة!
وإلا فمن أظهر الردود أننا نستطيع أن نقول: لقد ظهرت بدعة الإرجاء أوّل ما ظهرت في كذا من البلدان ... ثم انتشرت في كذا ... ثم استقرّت وترعرعت في كذا ..
وقل مثل ذلك في التجهّم، والخروج ..
بل يمكننا حقيقةً الآن أن نقول: (إن دولة كذا قد امتاز فيها الخوارج الإباضيّة فهي بلد خارجيّة) ومن خالف ذلك فقد خالف المحسوس المُشاهد.
...
واقرءوا تاريخكم أيها الإخوة ..
على سبيل المثال أنصحكم بنقض عثمان بن سعيد ابتداءً ..
ولا أنسى أن أذكّركم: أفضل طبعات الكتاب من جهة ضبط النصّ والتعليقات هي المطبوعة في مجلدين ط. الرشد في مجلدين وقدّم لها فضيلة الشيخ عبدالعزيز الراجحي ..
وهي رسالة الماجستير للشيخ الدكتور رشيد بن حسن الألمعي .. وقدّم لها بمقدّمة حافلة حاشدة .. جزاه الله خيرًا
والله سبحانه هو وحده المستعان لا إله لنا سواه ..
اللهم اغفر زللي وخطئي .. وقوّم لساني واغفر خطاياي .. وأصلح لي قلبي .. واهدني إلى صراطك المستقيم .. آمين .. آمين.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.)) اهـ.
والمقصود:
أنه ما من حرج أن يقول قائل إن بلاد كذا اختصّت بالعقيدة الصحيحة، وأن مجموع أهل هذه البلاد خير من غيرهم إذا لم يحصر العلم والسنة والتوحيد فيهم.
أو حتى بالاهتمام بالعلم والدين.
كما أنه ما من حرج أن يقول قائل إن بلاد كذا بلاد بدعة وأهلها أهل سوء ..
والأمران سيان ..
والدليل على ذلك
أن هذا واقع مشاهَد معايَن لا ينبغي أن يُنكَر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/460)
ـ[صالح بن علي]ــــــــ[11 - 05 - 08, 11:29 ص]ـ
لا تنسوا أن ألد أعداء الشيخ آنذك هو أخوه وبعض عشيرته
فليس لأهل التوحيد بلد معين الآن
نسأل الله السلامة والعافية
ـ[عبد الرشيد الهلالي]ــــــــ[11 - 05 - 08, 01:51 م]ـ
انما يعرف الفضل لذوي الفضل ذووه، وقولنا ان نجدا دار التوحيدلاينفي وجوده في ديار أخرى، غير أن أهل نجد في هذا العصر هم الذين جددوه وأحيوه ونشروه،لا يخالف في ذلك الا مكابر أو حاسد أو ذو امتراء ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.و لقد قال الذي لاينطق عن الهوى" الإيمان يماني والحكمة يمانية" فهل كل أهل اليمن مؤمنون حكماء؟ ولكن لم الخوض في هذا الموضوع؟ أليس عندكم ما هو أهم منه؟ من أراد أن يوصف بحامي التوحيد فليرفع رايته وليجعل الدعوة اليه غايته فمن أكثر من شيء عرف به.ويرحم الله القائل ـ ان كان مسلما ـ:
أقلوا عليهم لا أبا لأبيكمو * * * من اللوم،أو سدوا المكان الذي سدوا
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[11 - 05 - 08, 02:26 م]ـ
بارك الله فيكم ..
مع أنني من نجد .. فإني أقول:
(الأماكن لا تُقدس أحدًا).
فأول من عارض دعوة التوحيد ونفّر منها وأتعب أهلها، هم علماء السوء من (أهل نجد).
=====
وأرى أن مثل هذا المقال (من عضو جديد) يؤول إلى ما لا يتمناه أهل السنة.
وفقكم الله ..
ـ[أبو سفيان العامري]ــــــــ[11 - 05 - 08, 06:03 م]ـ
بارك الله فيكم ..
مع أنني من نجد .. فإني أقول:
(الأماكن لا تُقدس أحدًا).
فأول من عارض دعوة التوحيد ونفّر منها وأتعب أهلها، هم علماء السوء من (أهل نجد).
=====
وأرى أن مثل هذا المقال (من عضو جديد) يؤول إلى ما لا يتمناه أهل السنة.
وفقكم الله ..
أحسن الله إليكم وغفر لكم ولوالديكم
وكما ذكرتم (إن الأرض لا تقدس أحدا وإنما يقدس الإنسان عمله)
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[11 - 05 - 08, 07:16 م]ـ
أحسن الله إليكم وغفر لكم ولوالديكم
وكما ذكرتم (إن الأرض لا تقدس أحدا وإنما يقدس الإنسان عمله)
ولكن يبقى ((الإيمان يأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها))، ويبقى ((لا هجرة بعد الفتح))، وتبقى المملكة حوزة التوحيد - حرسها الله تعالى وسائر بلاد المسلمين -.(26/461)
التحذير من الفلاسفة الملحدين المنتسبين زوراً إلى المسلمين (ابن سينا والفارابي) ..
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[19 - 01 - 04, 10:46 م]ـ
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
- قد زعم (بعض الناس) ممن قابلته أنَّ ابن تيمية وابن القيم لم يصرِّحا بكفر بعض الملاحدة من المتفلسفة؛ كابن سينا والفارابي وغيرهم.
فحملت إليه هذه النقول دون تنسيق أو ترتيب، وأحببت أن أشرككم في محتواها:
إغاثة اللهفان ج: 2 ص: 266
وكان ابن سينا كما أخبر عن نفسه قال أنا وأبي من أهل دعوة الحاكم فكان من القرامطة الباطنية الذين لا يؤمنون بمبدأ ولا معاد ولا رب خالق ولا رسول مبعوث جاء من عند الله تعالى وكان هؤلاء زنادقة يتسترون بالرفض ويبطنون الإلحاد المحض وينتسبون إلى أهل بيت الرسول وهو وأهل بيته برآء منهم نسبا ودينا وكانوا يقتلون أهل العلم والإيمان ويدعون أهل الإلحاد والشرك والكفران لا يحرمون حراما ولا يحلون حلالا وفي زمنهم ولخواصهم وضعت رسائل إخوان الصفا
إغاثة اللهفان ج: 2 ص: 267: " إمام الملحدين ابن سينا ".
شفاء العليل (ص/14): " شيخ الملحدين ابن سينا ".
درء التعارض ج: 1 ص: 289
كان ابن سينا وأمثاله من أهل دعوة القرامطة الباطنية من أتباع الحاكم الذي كان بمصر وهؤلاء وأمثالهم من رءوس الملاحدة الباطنية وقد ذكر ذلك عن نفسه وأنه كان هو وأهل بيته من أهل دعوة هؤلاء المصريين الذين يسميهم المسلمون الملاحدة لإلحادهم في أسماء الله وآياته إلحادا أعظم من إلحاد اليهود والنصارى
درء التعارض ج: 5 ص: 54
ابن سينا وأمثاله من هؤلاء الملحدة
الرد على البكري ج: 2 ص: 579
وقد ذكر عبد اللطيف بن يوسف أن الفارابي كان قد تعلق بالفلسفة في بلاده فلما دخل حران وجد بها من الصابئة من أحكمها عليه وابن سينا إنما حذق فيها بما وجده من كتب الفارابي فهؤلاء و أتباعهم حقيقة قولهم هو قول الصابئة المشركين الذين هم شر من مشركي العرب وهؤلاء عند من لا يقبل الجزية إلا من أهل الكتاب لا تؤخذ منهم الجزية إلا أن يدخلوا في دين أهل الكتاب
اجتماع الجيوش الإسلامية ج: 1 ص: 45
قول ابن سينا والنصير الطوسي وأتباعهما من الملاحدة الجاحدين لما اتفقت عليه الرسل عليهم الصلاة والسلام والكتب وشهدت به العقول والفطر
الصفدية ج: 2 ص: 297
يوجد في كلام ابن سينا وأمثاله من تحقيق الأمور الإلهية والكليات العقلية ما لا يوجد لأوليهم وإن كان هو وأمثاله عند أهل الإيمان بالله ورسوله من جملة المرتدين والمنافقين
الجواب الصحيح ج: 4 ص: 463
ما يقوله ابن سينا وأمثاله وهؤلاء قولهم شر من قول اليهود والنصارى ومشركي العرب
مفتاح دار السعادة ج: 2 ص: 119
رام فلاسفة الإسلام الجمع بين الشريعة والفلسفة كما فعل ابن سينا والفارابي و اضرابهما وآل بهم أن تكلموا في خوارق العادات و المعجزات على طريق الفلاسفة المشائين وجعلوا لها أسبابا ثلاثة أحدها القوى الفلكية والثاني القوى النفسية و الثالث القوى الطبيعية وجعلوا جنس الخوارق جنسا واحدا وأدخلوا ما للسحرة وأرباب الرياضة والكهنة وغيرهم مع ما للأنبياء والرسل في ذلك وجعلوا سبب ذلك كله واحدا وان اختلفت بالغايات والنبي قصده الخير والساحر قصده الشر وهذا المذهب من افسد مذاهب العالم و أخبثها وهو مبني على إنكار الفاعل المختار وانه تعالى لا يعلم ألجزئيات ولا يقدر على تغيير العالم ولا يخلق شيئا بمشيئته وقدرته وعلى إنكار الجن والملائكة ومعاد الأجسام وبالجملة فهو مبني على الكفر بالله وملائكته و كتبه و رسله واليوم الآخر وليس هذا موضوع الرد هنا على هؤلاء و كشف باطلهم و فضائحهم إذ المقصود ذكر طرق الناس في المقصود بالشرائع والعبادات وهذه الفرقة غاية ما عندها في العبادات و الأخلاق والحكمة العلمية أنهم رأوا النفس لها شهوة وغضب بقوتها العملية ولها تصور وعلم بقوتها العلمية فقالوا كمال الشهوة في العفة وكمال الغضب في الحكم والشجاعة وكمال القوة النظرية بالعلم و التوسط في جميع ذلك بين طرفي الإفراط و التفريط هو العدل هذا غاية ما عند القوم من المقصود بالعبادات و الشرائع وهو عندهم غاية كمال النفس وهو استكمال قويتها العلمية والعملية فاستكمال قوتها العلمية عندهم بانطباع صور المعلومات في النفس واستكمال قوتها العلمية بالعدل وهذا مع انه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/462)
غاية ما عندهم من العلم والعمل وليس فيه بيان خاصية النفس التي لا كمال لها بدونه البتة وهو الذي خلقت له و أريد منها بل ما عرفه القوم لأنه لم يكن عندهم من معرفة متعلقة إلا نزر يسير غير مجد ولا محصل للمقصود وذلك معرفة الله بأسمائه وصفاته ومعرفة ما ينبغي لجلاله وما يتعالى ويتقدس عنه و معرفة أمره ودينه والتمييز بين مواقع رضاه وسخطه و استفراغ الوسع في التقريب إليه وامتلاء القلب بمحبته بحيث يكون سلطان حبه قاهرا لكل محبة ولا سعادة للعبد في دنياه ولا أخراه إلا بذلك ولا كمال للروح بدون ذلك البتة وهذا هو الذي خلق له بل وأريد منه بل ولأجله خلقت السماوات والأرض واتخذت الجنة والنار كما سيأتي تقريره من أكثر من مائة وجه أن شاء الله ومعلوم أنه ليس عند القوم من هذا خبر بل هم في واد وأهل الشأن في واد و هذا هو الدين الذي الذي أجمعت الأنبياء عليه من أولهم إلي خاتمتهم كلهم جاء به وأخبر عن الله أنه دينه الذي رضيه لعباده وشرعه لهم وأمرهم به كما قال تعالى ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت وقال تعالى وما أرسلنا من قبلك رسولا إلا نوحي إليه أنه لا اله إلا أنا فاعبدون
نونية ابن القيم ج: 1 ص: 86
هذا الذي قاد ابن سينا * * * والالى قالوا مقالته الى الكفران
نونية ابن القيم ج: 1 ص: 504
وكذاك أفراخ القرامطة الالى * * * قد جاهزوا بعداوة الرحمن
كالحاكمية والالى وألوهم * * * كأبي سعيد ثم آل سنان
وكذا ابن سينا والنصير نصير أهل الشـ * * *ـرك والتكذيب والكفران
وكذاك أفراخ المجوس وشبههم * * * والصائبين وكل ذي بهتان
إخوان ابليس اللعين وجنده * * * لا مرحباً بعساكر الشيطان
أفمن حوالته على التنزيل والوحـ* * *ـي المبين ومحكم القرآن
كمحير أضحت حوالته على * * * أمثاله أم كيف يستويان؟
نونية ابن القيم ج: 2 ص: 7
وهو الذي جرَّ ابن سينا * * * والألى قالوا مقالته على الكفران
نونية ابن القيم ج: 2 ص: 17
قال الناظم رحمه الله: فصل: في طريقة ابن سينا وذويه من الملاحدة في التأويل:
وأتى ابن سينا بعد ذا بطريقةٍ * * * أخرى ولم يأنف من الكفران
نونية ابن القيم ج: 2 ص: 275
أو ذلك المخدوع حامل راية * * * الإلحاد ذاك خليفة الشيطان
أعني ابن سينا ذلك المحلول من * * * أديان أهل الأرض ذا الكفران
نونية ابن القيم ج: 2 ص: 378
شيخ لكم يدعى ابن سينا * * * لم يكن متقيدا بالدين والإيمان
ـ[هيثم حمدان.]ــــــــ[20 - 01 - 04, 01:56 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي أبا عمر، وجزاك الله خيراً على ما كتبت.
لعلّ الذين لا يقولون بكفر ابن سينا والفارابي يخلطون بين تكفيرهم عموماً، وتكفيرهم لقولهم بقدم العالم. فإن الأول لا شك فيه، وأما الثاني فقد يكون لهم فيه مجال للنقاش.
ومن عقائد ابن سينا وغيره من "الفلاسفة الإلهيين":
* القول بأن الله ذات بسيطة لا صفات لها سوى العلم. وأن مجرّد علمه (سبحانه) بوجود الشيء يوجب وجوده.
* إنكارهم النبوات، وقولهم بأن النبي رجل عبقري خارق الذكاء سعى لإصلاح الناس بأفكاره هو.
* قولهم في القرآن أنه ليس كلام الله، وأنه إلهامات ينتجها عقل العبقري.
* إنكارهم وجود الملائكة وأنهم مشاهدات نورانيّة ينتجها عقل العبقري.
* إنكارهم الأحكام الشرعية وقولهم بأن هذه الأحكام هي من عند العبقري لكي يحسّن أوضاع العوام. فالعبقري رأى أن للخمر مضاراً فقال بأنها حرام، لا لأن تحريمها وحي من الله. ولذلك فإن الذي يصل درجة الحكمة عندهم لا يلزمه الالتزام بهذه الأحكام.
* إنكارهم للبعث والميعاد والصراط والميزان وعذاب القبر وغير ذلك من الغيبيات، وأن هذه أفكار اخترعها العبقري لكي يقرّب الصورة لأذهان العوام ويحفزهم على الالتزام بأوامره.
* القول بقدم العالم. وهي بدعة ابتدعها أرسطو خلافاً لشيخه أفلاطون ومن قبله، والكلام فيها يطول.
وسمّوا "إلهيين" لأنهم كانوا يحترمون العقيدة الإسلامية إلى حدّ ما وكانوا يسعون للتوفيق بينها والفلسفة الإغريقية. خلافاً للفلاسفة "المشائين" الذين كانوا ينكرون الديانات بالكلية.
فنسأل الله العافية والثبات على الدين القويم.
والله أعلم.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[20 - 01 - 04, 06:32 م]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[أبو بكر الغزي]ــــــــ[21 - 01 - 04, 06:08 م]ـ
هناك من يرى أن حضارتنا الأصح أن تسمى بـ’الحضارة العربية‘ (نسبة للغة التي قامت عليها) لا ’الإسلامية‘، ذلك أن كثيراً من رموزها في المجالين الديني والدنيوي لم يكونوا علي عقائد إسلامية صحيحة أو لم تكن سلوكياتهم سلوكيات المسلمين، سواء أكانوا من الحكام أم علماء الدين أم علماء الدنيا، فهل توافقون هذا القول؟
وجزاكم الله خيراً.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[22 - 01 - 04, 12:06 ص]ـ
الأخ الفاضل الغزي ... وفقه الله
- بصرف النظر عن مسألة تسمية الحضارة التي كان عليها المسلمون (إسلامية أو عربية) = فإنَّ الأمر المسلَّم به أنَّ هذه الحضارة كانت في ظل حكم المسلمين لربع العالم الحالي، وأنّ الإسلام لا يدعو إلى الانغلاق أو التخلف أو التأخر في النمو والتحضُّر.
- وأما البلاء العقدي الذي أصاب كثيراً من علماء العلوم التجريبية والرياضية فإنما هو لدراسة كثير منهم منطق اليونان الذي أدخله الخليفة العباسي المأمون - عامله الله بعدله -.
- وأما المسألة المقترحة، وهي تسمية الحضارة التي كان عليها المسلمون بـ (العربية) = فإنما هي لوثة قومية جاهلية حديثة، دعا إليها المستشرقون وأذنابهم من العلمانيين والمارقين والمستغفَلين، لصرف الناس عن الدين الذي به عزهم وعلو شأنهم.
- وإلاَّ فأي شيء كان العرب الجاهليون قبل دخولهم في الإسلام؟!!
ثم أي شيء صاروا بعد ودعهم الإسلام وتركه وراءهم ظهرياً، ودعوتهم إلى الرابطة القومية والجامعة العنصرية = التي صاروا بها أذل خلق الله وموضع سخريتهم.
- إنَّ الأمر يدرك بقليل من التأمل والنظر.
((نحن قومٌ أعزّنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله)).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/463)
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[22 - 01 - 04, 08:36 ص]ـ
ابن عربي الحاتمي – ابن سبعين – القونوي – التلمساني ...
الرد على المنطقيين (1/ 281 - 282): " وكثير من ملاحدة المتصوفة كابن عربي وابن سبعين والقونوي والتلمساني وغيرهم ...
وهؤلاء المتفلسفة ومتصوفوهم كابن سبعين وأتباعه يجوزون ان يكون الرجل يهوديا اونصرانيا او مشركا يعبد الاوثان فليس الاسلام عندهم واجبا، ولا التهود والتنصر والشرك محرما، لكن قد يرجحون شريعة الاسلام على غيرها.
وإذا جاء المريد الى شيخ من شيوخهم وقال اريد ان اسلك على يديك يقول له على دين المسلمين أو اليهود أو النصارى؟!!
فاذا قال له المريد اليهود والنصارى أما هم كفار؟
يقول: لا، ولكن المسلمون خير منهم ... ".؟!!
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[22 - 01 - 04, 08:38 ص]ـ
الاخ الفاضل أبو بكر:
تسمية الحضارة بالاسلامية صحيح وان كان (بعض) رؤوس العلماء في العلوم التطبيقية ممن صار عنده دخن في مسائل الاعتقاد.
غير ان تسميتها بالاسلامية صحيح من الناحية الاصطلاحيه و من جهة ان قيام العلوم انما كان بتأثير القيم الاسلامية وتحركت هذه الحركة الفكرية ونمت تحت ظل الحكم المدنى والقوانين الاسلامية. والمناهج الاسلامية الحاكمة.
فالعبرة في النسبة انما تقوم على (المظلة) الحاكمة بغض النظر عن مدى التزام المنتسبين لاصولها.
ولذا فان الحضارات اليونانية والرومانية قائمة على مثل هذا الامر من جهة التسمية.
وأيضا فان هؤلاء المنتسبين الى الامة المسلمة صار لهم التأثير من جهة المدنية لا من جهة الحضارة.
لان الحضارة هي عبارة عن امتزاج القيم الروحية مع المدنية فتنتج الحضارة القائمة.
فالاولى مثلا ان تسمى الحضارة (الغربية) - مدنية - غربية لافتقادها لعنصر الزخم الروحي لقيامها على العلمانيه.
بخلاف الحضارات السابقة التى اشرنا الى بعضها , غير ان الاتجاه الديني لدى القوى المؤثرة واقطاب المدنية الغربية وهي الولايات الامريكية تحديدا يجعل هناك نزوعا كبيرا للعودة للقيم الروحيه , بعد القيم العائلية والوطنية التى نجحت القوى السياسية في ترسيخها داخل المجتمع الامريكي بخلاف المجتمعات الاوربية التى هرمت وصارت في أطوار الشيخوخة.
وهذا يؤكد أقتراب الصدام بين الحضارتين الاسلامية المحمدية والغربية المشركة , لان محرك هذا الصراع الحقيقي وهو (الدين) بدأ في الصعود بقوة بخلاف المحرك القديم الذي فقد زخمه وهو (المصلحة) التى صارت الان متجسده في الدين.
ـ[الرايه]ــــــــ[23 - 01 - 04, 05:27 ص]ـ
صدر حديثاً
موقف شيخ الإسلام ابن تيمية من آراء الفلاسفة ومنهجه في عرضها
رسالة دكتوراة للشيخ صالح غرم الله الغامدي.
تكلم فيها عن هذا الموضوع، وافرد مبحث في ترجمة ابن سينا، والفارابي ..
ولقد بدئت القراءة فيها وهي ممتعة ومفيدة
فانصحكم بها
ـ[أبو يوسف السلفى]ــــــــ[27 - 08 - 09, 05:11 ص]ـ
صدر حديثاً
موقف شيخ الإسلام ابن تيمية من آراء الفلاسفة ومنهجه في عرضها
رسالة دكتوراة للشيخ صالح غرم الله الغامدي.
تكلم فيها عن هذا الموضوع، وافرد مبحث في ترجمة ابن سينا، والفارابي ..
ولقد بدئت القراءة فيها وهي ممتعة ومفيدة
فانصحكم بها
قد طبعت عند مكتبة المعارف بالرياض
ـ[البتيري]ــــــــ[27 - 08 - 09, 11:41 ص]ـ
هل يوجد حاليا كتب مطبوعة لابن سينا؟
ـ[عبدالله عبدالوهاب]ــــــــ[28 - 08 - 09, 04:52 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو عائشة التميمي]ــــــــ[04 - 09 - 09, 02:08 م]ـ
بارك الله بكم ونقع بعلمكم
أتمنى لو أرى بعض المقتطفات لكلام ابن سينا و انحرافه عن العقيدة و الفارابي إن كانت لهم كتب مطبوعة.
ـ[أبو عبد الرحمن العتيبي]ــــــــ[05 - 09 - 09, 06:50 ص]ـ
جزاكم الله خيرا، وبارك فيكم.
ـ[معاذ ابوداود]ــــــــ[06 - 09 - 09, 04:21 ص]ـ
جزاك اله خيرا
ـ[خالد الغنامي]ــــــــ[04 - 10 - 09, 06:24 م]ـ
جزاك الله خير
ـ[السليماني]ــــــــ[05 - 10 - 09, 03:31 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[10 - 10 - 09, 02:39 ص]ـ
* إنكارهم النبوات، وقولهم بأن النبي رجل عبقري خارق الذكاء سعى لإصلاح الناس بأفكاره هو.
* قولهم في القرآن أنه ليس كلام الله، وأنه إلهامات ينتجها عقل العبقري.
* إنكارهم وجود الملائكة وأنهم مشاهدات نورانيّة ينتجها عقل العبقري.
كون ابن سينا ينكر النبوات يتعارض مع كونه يقول بأن النبي رجل عبقري خارق الذكاء سعى لإصلاح الناس بأفكاره هو؛ لأن قوله هذا _ على ما نقل فضيلتكم _ يعد تأويلًا للنبوات لا إنكارًا لها، فهل ابن سينا وقع في هذا التعارض فعلا أم ماذا؟! مع التوثيق من كتبه بارك الله فيك.
وكذلك قوله _ على نقلكم _ في الملائكة، أسأل فيه نفس السؤال ومع التوثيق من كتبه أيضًا.
وأما عن القرآن فكيف يقول إنه إلهام ثم يجعله من منتجات العقل مع أن الألهام إنما هو إلقاء من الله، وليس منتج العقل كذلك؟! أم أنه لا يحسن التعبير؟!
فأرجو أن تفيدونا فقد أشكل علينا كلامكم مع العلم أن هذا الذي نقلتموه مخالف لما فهمته (أنا) من ابن سينا، بل لدي رسالة له سماها: << رسالة في إثبات النبوات وتأويل رموزهم أومثالهم >> يثبت فيها النبوة والوحي والملائكة بكل صراحة!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/464)
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[10 - 10 - 09, 02:40 ص]ـ
* إنكارهم النبوات، وقولهم بأن النبي رجل عبقري خارق الذكاء سعى لإصلاح الناس بأفكاره هو.
* قولهم في القرآن أنه ليس كلام الله، وأنه إلهامات ينتجها عقل العبقري.
* إنكارهم وجود الملائكة وأنهم مشاهدات نورانيّة ينتجها عقل العبقري.
كون ابن سينا ينكر النبوات يتعارض مع كونه يقول بأن النبي رجل عبقري خارق الذكاء سعى لإصلاح الناس بأفكاره هو؛ لأن قوله هذا _ على ما نقل فضيلتكم _ يعد تأويلًا للنبوات لا إنكارًا لها، فهل ابن سينا وقع في هذا التعارض فعلا أم ماذا؟! مع التوثيق من كتبه بارك الله فيك.
وكذلك قوله _ على نقلكم _ في الملائكة، أسأل فيه نفس السؤال ومع التوثيق من كتبه أيضًا.
وأما عن القرآن فكيف يقول إنه إلهام ثم يجعله من منتجات العقل مع أن الألهام إنما هو إلقاء من الله، وليس منتج العقل كذلك؟! أم أنه لا يحسن التعبير؟!
فأرجو أن تفيدونا فقد أشكل علينا كلامكم مع العلم أن هذا الذي نقلتموه مخالف لما فهمته (أنا) من ابن سينا، بل لدي رسالة له سماها: << رسالة في إثبات النبوات وتأويل رموزهم أومثالهم >> يثبت فيها النبوة والوحي والملائكة بكل صراحة!!
ـ[عبدالرحيم العلالي]ــــــــ[26 - 11 - 09, 06:21 م]ـ
في الحقيقة أتعجب للبعض حينما يثير بعض المواضيع لا محل لها من الإعراب في العصر الحاضر، وذالك مثل قولهم هذا سلفي وذاك أشعري وفلان ملحد محسوب على الإسلام، وعلان غير ذالك. هل البحث العلمي هو تصنيف الناس عقديا فقط وما الفائدة من إثارة ذلك من جديد؟؟ عار ثم عار في نظري أن يعتمد على نص معين لعالم من علمائنا رحمهم الله مجتثا من سياقه التاريخي فيحكم بمقتضاه على عالم آخر بالإلحاد وإن وقع في ذلك، أقول ما الفائدة من هذا في عصرنا هذا؟
ـ[أبو حمزة المقدادي]ــــــــ[26 - 11 - 09, 08:28 م]ـ
الفائدة أن يحذر منه ومن كتبه وأفكاره .... ومنهج أهل السنة قائم على هذا وأنصحك بقراءة الاعتصام وكتب السنة ففيها الاجابة عن تساؤلك ..
ـ[أبو عائشة التميمي]ــــــــ[26 - 11 - 09, 09:08 م]ـ
بارك الله فيكم هل لابن سينا و الفارابي و الكندي كتب مطبوعة؟
أو حتى كتب مخطوطة نستطيع أن نرجع إليها؟
ـ[أسامة الأثري]ــــــــ[26 - 11 - 09, 11:13 م]ـ
كون ابن سينا ينكر النبوات يتعارض مع كونه يقول بأن النبي رجل عبقري خارق الذكاء سعى لإصلاح الناس بأفكاره هو؛ لأن قوله هذا _ على ما نقل فضيلتكم _ يعد تأويلًا للنبوات لا إنكارًا لها، فهل ابن سينا وقع في هذا التعارض فعلا أم ماذا؟! مع التوثيق من كتبه بارك الله فيك.
وكذلك قوله _ على نقلكم _ في الملائكة، أسأل فيه نفس السؤال ومع التوثيق من كتبه أيضًا.
وأما عن القرآن فكيف يقول إنه إلهام ثم يجعله من منتجات العقل مع أن الألهام إنما هو إلقاء من الله، وليس منتج العقل كذلك؟! أم أنه لا يحسن التعبير؟!
فأرجو أن تفيدونا فقد أشكل علينا كلامكم مع العلم أن هذا الذي نقلتموه مخالف لما فهمته (أنا) من ابن سينا، بل لدي رسالة له سماها: << رسالة في إثبات النبوات وتأويل رموزهم أومثالهم >> يثبت فيها النبوة والوحي والملائكة بكل صراحة!!
اتمنى من كل من رمى ابن سينا بشيء من ذلك ان ينقل هذا من كتبه
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[30 - 11 - 09, 04:19 ص]ـ
بارك الله فيكم هل لابن سينا و الفارابي و الكندي كتب مطبوعة؟
أو حتى كتب مخطوطة نستطيع أن نرجع إليها؟
كتب ابن سينا ورسائله المطبوعة كثيرة جدا والرجوع لها متيسر، منها: كتاب النجاة وكتاب الشفاء وكتاب التنبيهات والإشارات ومن رسائله ما هو نفيس جدا، وفي كتبه خرافات وحقائق ولابد أن تجد فرقا ظاهرا بين من قرأ كتبه ومن لم يعرفها.
وكذلك للفارابي كتب متوفرة منها: كتاب المدينة الفاضلة وكتاب تحصيل السعادة وكتاب إحصاء العلوم وهو كتاب مهم، وكتب كثيرة.
وأما الكندي فهو فليسوف العرب وهو المترجم لكتب الفلاسفة، ويقال إن كتبه من تأليف وترجمة أكثر من 250 كتابا، ولكن لم يطبع منها على حسب علمي إلا القليل منها: كتاب الفلسفة الأولى.
ومن قرأ كتبهم بتأمل وإنصاف عرف أن كثيرا مما ينسب لهم لا علاقة لهم به، كما ترى في هذه الصفحة.
وأود أن أنبه على أن الفلسفة ليست هي السبب في ضلالاتهم، فضلالاتهم نائشئة من سوء فهمهم لا منها، وهذا يعترف به الفلاسفة كما نص ابن سينا على هذا في رسالة أقسام العلوم، وابن رشد في كتابه فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من اتصال ..
وكل من له أدنى علاقة بالفلسفة يلاحظ ذلك، فالفسلفة تخرج ملحدين كجورجياس وتخرج صوفية كابن سينا في الوقت نفسه، وتخرج ماديين كأبيقور وتخرح روحيين كبركلي في الوقت نفسه، وتخرج أنانيين كهوبز وتخرج مؤثرين كآدم سمث .. وهكذا، فلسيت الفلسفة إلا بحثا عن المعرفة فمنهم من يصيبها ومنهم من يخطئها .. فقد تخرج الفلسفة سلفيا وقد تخرج مبتدعا، وفي النهاية لا بد للمرء أن يتفلسف ويبحث عن الحقيقة بنفسه حتى يصل إليها ولا يقلد لا في الإصول ولا في الفروع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/465)
ـ[أبو عائشة التميمي]ــــــــ[30 - 11 - 09, 06:42 ص]ـ
الحمد لله وحده , ...
جزاك الله خيراً أخي الكريم على هذه الفائدة.
ـ[صخر]ــــــــ[30 - 11 - 09, 10:42 ص]ـ
في مكتبة المصطفى جملة صالحة من كتب الشيخ الرئيس.
ومن أراد أن يعرف أراؤه الحقيقية فعليه بكتاب المباحث المشرقية , لكونه قد صرح بذلك مطلع الكتاب: وفي هذا الكتاب تظهر التأثيرات الإشراقية على ابن سينا.
--------------
أحسنت أخي الفاصل , بارك الله فيك.
ـ[محمد الحافي]ــــــــ[01 - 12 - 09, 11:10 ص]ـ
ليس "المباحث المشرقية " لابن سينا الملقب بالشيخ الرئيس ... لكنه لخادم كتبه وشارحها ابن الخطيب الرازي ..... ولعلك تقصد "منطق المشرقيين " لابن سينا.
والغالب أن المرجع في معرفة آراء ابن سينا يكون لأهم كتبه وآخرها والذي كان يشح به "الإشارات واتنبيهات" ولذلك كثرت شروحه وحواشيه ... واكثر من تأثر به وشرحه شيوخ المتكلمين: 1 - الرازي وأكثر من نقده
2 - الآمدي رد به على الرازي
3 - تاج الدين الارموي تلميذ الرازي
4 - محمد بن اشرف السمرقندي الحنفي الماتريدي مؤلف "الصحائف الالهية"
5 - النصير الطوسي وهو أشهر شروحه وعليه حواش منها حاشية القطب الرازي شارح الشمسية والأشاعرة يتبنونه ويعدونه منهم أعني القطب ... والله أعلم
ـ[ابو إسحاق عبد الله السلفي]ــــــــ[01 - 12 - 09, 08:24 م]ـ
بارك الله فيك.
ـ[أم صفية وفريدة]ــــــــ[02 - 12 - 09, 01:50 م]ـ
لو كانت الفلسفة هي حب الحكمة
وكان المقصود بالحكمة كلام النبي صلى الله عليه وسلم {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَة}
فكل المسلمين فلاسفة!!
لكن الأمر خلاف ذلك
لذا لا مكان لهذه البدعة في ديننا، ووجب التحذير من مبتدعيها
ـ[حارث البديع]ــــــــ[12 - 12 - 09, 02:16 ص]ـ
أحسنت ابا عبد الله الفاصل بارك الله فيك
ـ[أبو مسلم الشامي]ــــــــ[12 - 12 - 09, 12:03 م]ـ
جزاكم الله الف خير،
و لكن هل بأمكاننا ان نعتبر كبار المتصوفة أصحاب الشطحات الشركية، امثال بن عربي و ابو يزيد البسطامي و ابن سبعين من المنتسبين زورا الى الاسلام كذلك؟
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[12 - 12 - 09, 01:43 م]ـ
قول ابن سينا بقدم العالم كفر بلا نقاش ولا أعلم أحدًا من أهل العلم ناقش فيه، هذا فصلا على أن هذين الرجلين يعتقدان بنظرية الفيض والصدور والواحد لا يصدر عنه إلا واحد وان الله تعالى لا يعلم الجزئيات، وأن جبريل أو العقل الفعال هو رب ما تحت فلك القمر.
وقال ابن تيمية في نقض المنطق حدثني ابن الشيخ الخضري عن أبيه أن فقهاء بخارى كانوا يقولون عنه: كان كافرًا ذكيًا.
....
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[14 - 01 - 10, 06:42 م]ـ
قول ابن سينا بقدم العالم كفر بلا نقاش ولا أعلم أحدًا من أهل العلم ناقش فيه، هذا فصلا على أن هذين الرجلين يعتقدان بنظرية الفيض والصدور والواحد لا يصدر عنه إلا واحد وان الله تعالى لا يعلم الجزئيات، وأن جبريل أو العقل الفعال هو رب ما تحت فلك القمر.
وقال ابن تيمية في نقض المنطق حدثني ابن الشيخ الخضري عن أبيه أن فقهاء بخارى كانوا يقولون عنه: كان كافرًا ذكيًا.
....
ناقش في ذلك كله ابن رشد في أكثر من مناسبة، وهو من أهل العلم.
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[14 - 01 - 10, 10:32 م]ـ
ناقش في ذلك كله ابن رشد في أكثر من مناسبة، وهو من أهل العلم.
على رسلك أبا عبد الله ....
ابن رشد قائل بقدم العالم كذلك، وهو قائل بقدم الأفلاك كما صرح ابن تيمية في شرح سورة الإخلاص .... !
وفي المعتقد ابن رشد الحفيد ليس بشيء ولا يذكر هنالك أصلا، ناقشه ابن تيمية في درء التعارض وغيره ...
وإن كان ابن رشد من أشد الناس على الأشاعرة فهذا لا يغفر له تقديسه لأرسطو ...
أليس هو القائل في بداية شرحه لكتاب (ما بعد الطبيعة) لأرسطو قال: أرسطو ينبغي أن يدعى إلهيًا لا بشريًا.
تنبيه: أنا من المعتنين بشأن الفلاسفة الإسلاميين! وأعرف عنه ما من متفلسف اشتهر من أهل الإسلام إلا وفيه زندقة ومخالفة صريحة لدين الإسلام ....
وللحديث بقية.
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[16 - 01 - 10, 02:42 م]ـ
حياك الله ..
مرادي أن ابن رشد قد ناقش في هذه المسألة، وهو من أهل العلم، وهذا بغض النظر عن مناقشة المسألة نفسها. هذا هو الذي أريد إثباته؛ لأنك تنفي أن أحدا من أهل العلم ناقش فيها، فهل ترى أن ابن رشد ليس من أهل العلم؟
وأما مسألة قدم العالم فبإمكانك مناقشتها بعد ذلك، وحبذا أن يكون في موضوع مستقل حتى لا نخرج عن الموضوع.
فإن أحببت ذلك فبودي قبل أن تفيد بها أن تنظر في مسألة التحلل أعني فيما بين المخلوقات، ومسألة محسوسية المكان، في القول بالقدم النوعي الذي يقول به ابن تيمية ثم حاول أن تفرق بين كلام ابن تيمية والقول بالقدم الذاتي.
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[17 - 01 - 10, 01:50 ص]ـ
يا أخي ابن رشد في المعتقد ليس من أهل العلم بل وإن زكيته فليس لك إلا أن تقول: هو من أهل السلامة أو من المسلمين وإلا فله مقالات مخرجة من الملة وليس كل قائل للكفر يكفر إنما ثمت شروط وموانع وإقامة للحجة وكما كلفنا الله بالتعنت في شأن ابن رشد ....
وإن كنت لا ترى فرقًا بين قول ابن تيمية وبين القول بالقدم الذاتي فاجعل لذلك موضوعًا وسنجيبك بما فيه الكفاية والغنية إن شاء الله وأحيلك من قبل ذلك إلى كتبه: مناهج السنة والصفدية ودرء التعارض .... فإن استثقلتها فكتاب كاملة الكواري (قدم العالم وتسلسل الحوادث) فإنه نافع!
وأفيدك: أن كلام ابن تيمية جلي لمن تمعن فيه وهو كما قال ابن تيمية:" المعاني الدقيقة تحتاج إلى استماع وتمعن ونظر".
ونحن نفهمه ولا نمره كما جاء بلا فهم!
فإن لم تكن أنت كذلك فاطلب الفهم في الدين وابتهل إلى الله تعالى آناء الليل وأطراف النهار أن يفهمك الحق في معضلات المسائل ...
والله الموفق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/466)
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[17 - 01 - 10, 05:01 م]ـ
يا أخي ابن رشد في المعتقد ليس من أهل العلم بل وإن زكيته فليس لك إلا أن تقول: هو من أهل السلامة أو من المسلمين وإلا فله مقالات مخرجة من الملة وليس كل قائل للكفر يكفر إنما ثمت شروط وموانع وإقامة للحجة وكما كلفنا الله بالتعنت في شأن ابن رشد ....
لم تقيد الأهلية العلمية بالمعتقد الذي تعتقده في المشاركة الأولى، فابن رشد لا يشك أحد في أنه من أهل العلم إلا من جعل للعلم معنى خاصا فبإمكانه أن يخرج ابن رشد منه.
وإن كنت ترى أن ابن رشد قد وقع فيما يخرجه عن الإسلام، فأخبرني ما المانع من موانع التكفير الذي يمنعك من تكفيره إذن؟ هل تعرف مانعا يمنعك من تكفير ابن رشد إذا وقع في قول صريح الكفر؟
وإن كنت لا ترى فرقًا بين قول ابن تيمية وبين القول بالقدم الذاتي فاجعل لذلك موضوعًا وسنجيبك بما فيه الكفاية والغنية إن شاء الله وأحيلك من قبل ذلك إلى كتبه: مناهج السنة والصفدية ودرء التعارض .... فإن استثقلتها فكتاب كاملة الكواري (قدم العالم وتسلسل الحوادث) فإنه نافع!
وأفيدك: أن كلام ابن تيمية جلي لمن تمعن فيه وهو كما قال ابن تيمية:" المعاني الدقيقة تحتاج إلى استماع وتمعن ونظر".
ونحن نفهمه ولا نمره كما جاء بلا فهم!
فإن لم تكن أنت كذلك فاطلب الفهم في الدين وابتهل إلى الله تعالى آناء الليل وأطراف النهار أن يفهمك الحق في معضلات المسائل ...
والله الموفق.
لم أقل إني لم أفهم كلام ابن تيمية حتى تتكلف، بل إني أفهمه وأعرف في الوقت نفسه أنه لا يستطيع أن يفرق أحد _ بعد التأمل _ بين كلامه وكلام القائلين بالقدم الذاتي. ولن تتبين هذا إلا إذا فهمت مسألة احتياج المحسوس إلى مكان، ومسألة محسوسية المكان، ومسألة التحلل بين المخلوقات.
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[17 - 01 - 10, 05:29 م]ـ
الأخ الفاصل
دفاعك عن ابن سينا والفارابي يحتاج إلى تحرير أكثر، بمعنى أنه ينبغي عليك أن تأتي بالقول المنسوب لهم خطأ وتنفيه من كلامهم، أما هكذا تنفي عنهم ما نسب إليهم من كفريات إجمالاً قول ليس بمحرر.
ـ[أبو علاء الجزائري]ــــــــ[17 - 01 - 10, 09:01 م]ـ
هنا في باريس يوجد مستشفى إسمه إبن سينا و هناك معهد علمي إسمه إبن رشد و لقد تساءلت كيف يسمي الفرنسيون معاهد و مستشفيات
باسماء لمسلمين لكن العجب يزول عندما تعرف عقيدة الرجلين.
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[18 - 01 - 10, 03:49 ص]ـ
لم تقيد الأهلية العلمية بالمعتقد الذي تعتقده في المشاركة الأولى، فابن رشد لا يشك أحد في أنه من أهل العلم إلا من جعل للعلم معنى خاصا فبإمكانه أن يخرج ابن رشد منه.
وإن كنت ترى أن ابن رشد قد وقع فيما يخرجه عن الإسلام، فأخبرني ما المانع من موانع التكفير الذي يمنعك من تكفيره إذن؟ هل تعرف مانعا يمنعك من تكفير ابن رشد إذا وقع في قول صريح الكفر؟
لم أقل إني لم أفهم كلام ابن تيمية حتى تتكلف، بل إني أفهمه وأعرف في الوقت نفسه أنه لا يستطيع أن يفرق أحد _ بعد التأمل _ بين كلامه وكلام القائلين بالقدم الذاتي. ولن تتبين هذا إلا إذا فهمت مسألة احتياج المحسوس إلى مكان، ومسألة محسوسية المكان، ومسألة التحلل بين المخلوقات.
توجد موانع كثيرة لتكفير ابن رشد منها التأويل الذي بنى عليه أغلب مذهبه! ولا اعلم أحدًا من الأئمة كفره فلا أجرؤ على ولوج باب لم يطرقه إمام ...
لو فهمت كلام ابن تيمية لم تسأل سؤالك، لعلك فهمته على غير وجهه وإلا فأخبرني أي كلام لابن تيمية قرأته ... أعني من أي مصدر .... قرأت كلامه في الكتب التي ذكرتها لك .... أم أنك فهمت كلامه من كتابات المعاصرين التي فيها غنية لغير المتوسع؟!
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[18 - 01 - 10, 02:04 م]ـ
توجد موانع كثيرة لتكفير ابن رشد منها التأويل الذي بنى عليه أغلب مذهبه! ولا اعلم أحدًا من الأئمة كفره فلا أجرؤ على ولوج باب لم يطرقه إمام ...
أريد هذه الموانع الكثيرة، أريد أن أعرف ما الفرق بين ابن سينا وابن رشد في ذلك؟ هل ابن سينا كافر لأن هناك إماما كفره، وابن رشد ليس بكافر لأنه ليس هناك إمام يكفره؟
يا أخي، والله لا نعرف من علمائنا هذا المنهج، لانعرف عنهم أنهم يقولون إذا رأيتمونا نكفر فلانا فاحكموا بكفره، وإذا لم نحكم على فلان بالكفر فلا تكفروه حتى وإن وجدتموه قد وقع في مكفر كالذي كفرنا به الأول!
بل وجدناهم يدرسونا قواعد متى ما توفرت في شخص فإننا نكفره ومتى فقدت فإننا لا نكفره.
فإن كنت تكفر بعلم، فأخبرني ما الفرق بين ابن سينا وابن رشد في ذلك؟
وإن كنت تكفر بتقليد، فليست لمقلد أن يناظر.
تقول: التأويل!
والله إن هذه لأعجوبة، هل تمتنع عن تكفيره؛ لأنه أول مسألة لا يسوغ فيها التأويل عندك؟! إذن ما الفرق بين هذا وبين من يدعي النبوة ويقول إن اسمه " لا " وأن المراد بالحديث أن " لا " من قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لا نبي بعدي) هي اسم له، ويأول قوله تعالى {وخاتم النبيئين} بأن المراد بها أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خاتم النبيين من بني إسماعيل!
أهذا الذي يقول هذا الكفر الصريح ليس بكافر عندك؟ لأنه مأول، وإن كان تأويله غير سائغ.
يا أخي، نحن لا نعرف المجاملة في الدين، إذا رأينا رجلا وقع في كفر صريح فإننا سنكفره ولن نلين له لأنه خدم الأمة بكتاب فقه.
فهات هذه الموانع التي تزعمها وأر الناس هل تكفر بعلم أم أنك تقلد؟ وفرق لنا بين تكفيرك لابن سينا وعدم تكفيرك لابن رشد؟
لو فهمت كلام ابن تيمية لم تسأل سؤالك، لعلك فهمته على غير وجهه وإلا فأخبرني أي كلام لابن تيمية قرأته ... أعني من أي مصدر .... قرأت كلامه في الكتب التي ذكرتها لك .... أم أنك فهمت كلامه من كتابات المعاصرين التي فيها غنية لغير المتوسع؟
قرأت كلام ابن تيمية من مجموع الفتاوى وشرح لي عدد من المشايخ وقرأته في غير كتبه نقلا عنه، وأما كتب المعاصرين فإني لا أحسن قراءتها، ولذلك لما قرأت كتاب كاملة الكواري وجدت فيه تلفيقا وتلبيسا على الناس، ولما ناقشتها في ذلك ووصلنا للمحك لم تكمل معي النقاش!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/467)
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[18 - 01 - 10, 02:16 م]ـ
الفرق بين ابن سينا وابن رشد:
1) ابن سينا باطني إسماعيلي بخلاف ابن رشد.
2) ابن سينا يقول بأن الفيلسوف أفضل من النبي وابن رشد لا يقول ذلك.
3) ابن سينا يرى أن النبوة مكتسبة وابن رشد ليس كذلك.
4) ابن سينا كفره فقهاء بخارى كما نقل ابن تيمية عنهم قال: حدثني ابن الشيخ الخضري عن أبيه أنه قال: كان فقهاء بخارى يقولون: كان ابن سينا كافرًا ذكيًا ... وابن رشد لم يقل عليه أحد ذلك.
أنا أعرف عن ابن رشد أنه قام به مكفر ولكن ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه ..... هذا قولي وكما قال الشافعي: لئن أخوض في مسألة فيقال لي خطأت أحب إلي من أن أخوض في مسألة فيقال لي كفرت!
وأنت إن كان قام عندك فيه مكفر ورأيت توافر الشروط وانتفاء الموانع فكفره ولن يلقى تكفيرك له رواجًا لأن القوم لا يعرفونك .... !!
أنا غير مقلد بل أجتهد قدر الطاقة ....
أما عن المجامة فلم نأمر بالحكم بالتكفير على الناس هذا ندعه للعلماء الراسخين المميزين بين المقالات المكفرة أما أن نكفر الناس بمقالات خفية فهذا ما تعبدنا الله به .... (وما أنا من المتكلفين) ...
وأخشى ما أخشاه أن يصير الموضوع جدلا عقيمًا لذا ستكون هذه آخر مشاركة لي وإن شئت أن تستمر في مسألة تسلسل الحوادث فضعها في موضوع على حدة وأنا مستعد أن أناقشك ....
والله الموفق ...
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[18 - 01 - 10, 02:31 م]ـ
الأخ الفاصل
دفاعك عن ابن سينا والفارابي يحتاج إلى تحرير أكثر، بمعنى أنه ينبغي عليك أن تأتي بالقول المنسوب لهم خطأ وتنفيه من كلامهم، أما هكذا تنفي عنهم ما نسب إليهم من كفريات إجمالاً قول ليس بمحرر.
حياك الله أخي الحبيب ..
مثبت الحكم هو الملزم بالدليل، وليس النافي؛ لأن النافي على الأصل.
فإذا نسب أحد أي قول لأي إنسان فيلزمه أن يثبت ذلك من المصدر الموثوق، وأما أن ينسب كل أحد أقوالا للناس يكذبها عليهم ثم يطالب الناس بإثبات خلاف ذلك فلا يستقيم.
فليس لي أن أقول إن ابن تيمية يقول بالقدم الذاتي إلا إذا أتيتُ بمصدر موثوق يدل على ذلك، أما أن أنسب ذلك له، فإذا طولبت بالإثبات أقول للناس أثبتوا أنتم لي أنه لم يقل ذلك فلا يستقيم عند أحد من الناس.
وأنا وجدت في هذه الصفحة أعجب من ذلك، وجدت أقوالا منسوبة لابن سينا لايمكن أن تعقل، نسبها الشيخ هيثم بن حمدان له، ووجدت قولا يمكن أن يعقل قد نسبه له ولكنه في الحقيقة لايقول به ابن سينا، فأما الأقوال التي لا يمكن أن تعقل فلعل الذي نسبها يشرحها لنا وهذا هو الذي طلبته، وأما القول الذي نسبه ولم يقل به ابن سينا فهو القول بإنكار النبوات، وأنا مع ما قدمته لك من أني لست ملزما بنفيها عنه بل الشيخ هيثم هو الملزم بإثبات نسبتها له فإني مع ذلك سأثبت لك عدم صحة نسبتها له، فإن بين يدي رسالة تامة لابن سينا بعنوان: (رسالة في إثبات النبوات)!. وإن أردت أن أرفعها فأمر وسأرفعها لك، ولكن لعلك تمهلني حتى أتعلم طريقة الرفع.
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[18 - 01 - 10, 02:36 م]ـ
وجدت على الشبكة إعلانا عن الرسالة التي أشرت إليها على هذا الرابط:
http://www.adabwafan.com/display/product.asp?id=3286
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[18 - 01 - 10, 02:39 م]ـ
فإن بين يدي رسالة تامة لابن سينا بعنوان: (رسالة في إثبات النبوات)!. وإن أردت أن أرفعها فأمر وسأرفعها لك، ولكن لعلك تمهلني حتى أتعلم طريقة الرفع.
هل قرأت هذه الرسالة؟!
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[18 - 01 - 10, 02:42 م]ـ
يا أخي لعلي أشد عليك إذا قلت لك: أخبرني عن قراءاتك لكتب ابن سينا ورسائله! ولكن أخبرني؟!
ابن سينا ولو لم يتكلم في إثبات النبوة لكان أحسن له!
وأخبرني ما الفرق بين النبي والفيلسوف عند ابن سينا!
وأخبرني هل النبوة محض اصطفاء أم مكتسبة عند ابن سينا!
هذا يلزمك حتى تتكلم على بصيرة في هذا الشأن ...
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[18 - 01 - 10, 02:43 م]ـ
نعم!
ووالله العظيم الذي لا إله غيره إنني قرأتها وتمعنتها وكدت أحفظها!
يشهد علي الله والملائكة.
ولو كنت أعلم شاهدا لي على ذلك من الناس لأحضرته لك حتى تنتهي من هذا التعنت.
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[18 - 01 - 10, 02:44 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/468)
أوافقك بلا شاهد من الملائكة!
أجب على بقية الأسئلة ....
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[18 - 01 - 10, 02:50 م]ـ
الفرق بين ابن سينا وابن رشد:
1) ابن سينا باطني إسماعيلي بخلاف ابن رشد.
2) ابن سينا يقول بأن الفيلسوف أفضل من النبي وابن رشد لا يقول ذلك.
3) ابن سينا يرى أن النبوة مكتسبة وابن رشد ليس كذلك.
4) ابن سينا كفره فقهاء بخارى كما نقل ابن تيمية عنهم قال: حدثني ابن الشيخ الخضري عن أبيه أنه قال: كان فقهاء بخارى يقولون: كان ابن سينا كافرًا ذكيًا ... وابن رشد لم يقل عليه أحد ذلك.
لم أسألك عن هذا .. سؤالي ما الفرق بين تكفيرك لابن سينا لقوله بقدم العالم وعدم تكفيرك لابن رشد وهو يقول به عندك؟
أم إنه لابد أن يكفر ابنَ رشد فقهاءُ بخارى حتى تتم شروط التكفير؟!
أنا أعرف عن ابن رشد أنه قام به مكفر ولكن ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه ..... هذا قولي وكما قال الشافعي: لئن أخوض في مسألة فيقال لي خطأت أحب إلي من أن أخوض في مسألة فيقال لي كفرت!
وأنت إن كان قام عندك فيه مكفر ورأيت توافر الشروط وانتفاء الموانع فكفره ولن يلقى تكفيرك له رواجًا لأن القوم لا يعرفونك .... !!
أنا لا أعتبر ابن رشد وقع في مكفر بكلامه هذا، وإن كنت أعتبره قد وقع فيه فسأكفره وأعلن هذا في الملأ وسأعلم أن هناك أناسا يقدرون العلم ويحترمونه فسينظرون في أدلتي ويحكمون، ولا أبالي بغيرهم ممن يعبد المعروفين.
أنا غير مقلد بل أجتهد قدر الطاقة ....
أما عن المجامة فلم نأمر بالحكم بالتكفير على الناس هذا ندعه للعلماء الراسخين المميزين بين المقالات المكفرة أما أن نكفر الناس بمقالات خفية فهذا ما تعبدنا الله به .... (وما أنا من المتكلفين) ...
وأخشى ما أخشاه أن يصير الموضوع جدلا عقيمًا لذا ستكون هذه آخر مشاركة لي وإن شئت أن تستمر في مسألة تسلسل الحوادث فضعها في موضوع على حدة وأنا مستعد أن أناقشك ....
والله الموفق ...
لعلك تتأمل تناقضك أو عدم تناسب كلامك الملون.
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[18 - 01 - 10, 02:58 م]ـ
أنت تتهرب عمدًا من المناقشة وقد سألت أسئلة ولم تجب عليها!
اقرأ توقيعي تعلم لماذا لا أكفر ابن رشد يا أخي!
لا أدري سبب دفاعك هذا عن ابن سينا الكافر وإن رغمت أنوف!
لا يلزمنا أن ننقل لك من كلامه الكفر! الخوارج ذمهم السلف ولم يؤلفوا في مقالاهم كتابًا، قال ابن تيمية ما حاصله:" أن الخوارج لا يعرف لهم كتاب، وقد استفاض عن السلف ذمهم".
فأجب عن الأسئلة، ولا تراوغ وتتهرب .....
طريقة: لا بد أن تكفر ابن رشد .... هذه طريقة التهويل والتشويش ولا أعرف أحدا يمارسها إلا الأشاعرة والصوفية في منتدياتهم فأجبني عن أسئلتي أخي بارك الله فيك ......
وهي:
وأخبرني ما الفرق بين النبي والفيلسوف عند ابن سينا!
وأخبرني هل النبوة محض اصطفاء أم مكتسبة عند ابن سينا!
هذا يلزمك حتى تتكلم على بصيرة في هذا الشأن ...
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[18 - 01 - 10, 02:59 م]ـ
أخبرني ما الفرق بين النبي والفيلسوف عند ابن سينا!
وأخبرني هل النبوة محض اصطفاء أم مكتسبة عند ابن سينا!
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[18 - 01 - 10, 03:00 م]ـ
هل لله صفة عند ابن سينا وما هي صفاته؟
هل خلق الله إلا شيئًا واحدًا عنده؟
هل يعلم الله الجزئيات عنده؟
هل يبعث الله الأبدان عنده؟
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[18 - 01 - 10, 03:18 م]ـ
يا أخي لعلي أشد عليك إذا قلت لك: أخبرني عن قراءاتك لكتب ابن سينا ورسائله! ولكن أخبرني؟!
ابن سينا ولو لم يتكلم في إثبات النبوة لكان أحسن له!
وأخبرني ما الفرق بين النبي والفيلسوف عند ابن سينا!
وأخبرني هل النبوة محض اصطفاء أم مكتسبة عند ابن سينا!
هذا يلزمك حتى تتكلم على بصيرة في هذا الشأن ...
أما كتب ابن سينا فإني قرأت له كثيرا من الرسائل وجزءا من الشفاء وجزءا من الإشارات، ولم أنسب له قولا إلا إذا كنت متأكدا منه، ولا أنفي عنه قولا إلا إذا كنت متأكدا منه، ولذلك وجدت في هذه الصفحة أشياء ليست من لغة ابن سينا ولكني لم أنكرها لأني لم أراجعها.
وأما المسائل التي سألت عنها فإن مذهب ابن سينا فيها كمذهب شيخه مسكويه وسائرِ الفلاسفة المسلمين مقلدين مدرسة الأفلاطونية المحدثة ونسب ابتداع هذه المسألة إلى القديس بولس الذي يقال إنه من الحواريين.
ومذهبهم في ذلك أن للحقيقة طريقين، الأول: إدامة الفكر مدة الحياة في الموجودات للوصول إلى حقيقتها بقدر الطاقة البشرية.
والثاني: التدرج في الحكمة بأحد السلالم التي وضعوها حتى يؤمن صحة حكمه بالبرهان، فيصل إلى الحقيقة بالنظر.
فالأول هو النبي، الثاني هو الحكيم.
فكلهم اتفقوا في الحقيقة، وامتاز الأول عن الثاني بإمكانه مخاطبة العوام وتلقينهم الحقائق على قدر فهومهم باستخدام الرموز ونحوها، وامتاز الثاني بالوضوح والدقة.
هذه خلاصة مذهبهم الباطل، ولهم كلام مفرق فيه تفسير اتفاق النبي مع الحكيم في الاطلاع عل الحقائق الغيبية
.
والآن لعلي أنصرف؛ لأني أجد الوقت قد ضاق. واعلم أني أفرح بمثل هذه الإختبارات والإلزامات لأنها تفيدني في الإستحضار فإن شئت فأكثر منها.
وأرجو أن تعذرني إن وجدت في كلامي شدة.
وإلى اللقاء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/469)
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[18 - 01 - 10, 03:23 م]ـ
عفوا، نسيت أن أذكر أن النبوة ليست محض اصطفاء عندهم؛ وليست محض اكتساب.
وهذا يجهله كثير من الناس، بل لابد أن يتفق اكتساب النبي مع اصطفاء الله حتى تكون النبوة.
فاكتساب النبي يكون بإدامة الفكر، واصطفاء الله بمساعدة هذا النبي بتغيير الكون حتى يسهل له الإطلاع على الغيب.
ولعلي أكمل لاحقا؛ لأني في شغل الآن.
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[18 - 01 - 10, 03:24 م]ـ
يا أخي حدت حيدة عجيبة ولم تجب!
ابن سينا (ت:428) ليس تلميذا لمسكويه (ت: 421) .... ولن تستطيع إن شاء إثبات وجه تلمذته عليه! ولعلك تحيد!
وأسئلتي لم تجب عليها!
وأنا الآن أقطع أنك تراوغ وتتهرب وتخرج من موضوع إلى موضوع!
وسأنصرف أنا ... وسأنتظر جوابك ..... وإن أجبت فانتظر ردي عند أول دخول لي ....
والله الموفق ...
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[20 - 01 - 10, 02:00 م]ـ
يا أخي أنت لا تستطيع أن تأتي بدليل واحد من كلام ابن سينا فيه أنه يثبت لله صفة أو أنه يقول بأن الله خالق كل شيء كما نطق القرآن .... لا تستطيع أن تكذب ما قلته من كلام ابن سينا!
ولكني!
أعدك بوضع موضوع فيه ما يدل على مروقه من الإسلام من كلامه هو!
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[24 - 01 - 10, 01:08 ص]ـ
يا أخي حدت حيدة عجيبة ولم تجب!
بل أجبتك ولم أحد، ولكنك زدت الأسئلة الأخيرة أثناء كتابتي للرد على السؤالين الأولين، فلم أر بقية الأسئلة إلا أخيرا. وسأجيبك عنها، ولكن قبل ذلك أود أن أذكرك بأني لم أقل بأني حافظ تراث ابن سينا، ولا يلزمني، فأنا لا يعيبني أن أكون جاهلا بمذهبه، ولكن العيب أن أنسب له قولا لم يقل به. فأنا لست ملزما بالإجابة عن أسئلتك لما أخبرتك. ولكني سأجيب من أجلك.
ابن سينا (ت:428) ليس تلميذا لمسكويه (ت: 421) .... ولن تستطيع إن شاء إثبات وجه تلمذته عليه! ولعلك تحيد!
بل تلميذه! وعجبي من استدلالك بالوفاة، فأنا درست على ابن باز وقد توفى قبلي فهل هذا يمنع من كونه شيخا لي؟!
وأنت تعلم أن مسكويه يكبر ابن سينا بما يزيد عن أربعين سنة، وقد التقى به واستفاد منه كما استفاد هو أيضا من ابن سينا.
وأنت تعلم أن ابن سينا كان معتنيا بالحكمة العملية، وما استفاد ذلك إلا من مسكويه؛ فمسكويه شيخ المسلمين في الحكمة العملية وهو أول من كتب فيها واعتنى بها وهذا معروف عند العوام من المفكرين قبل أن يعرف عند من اعتنى بالفلاسفة المسلمين!
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[24 - 01 - 10, 01:14 ص]ـ
هل لله صفة عند ابن سينا وما هي صفاته؟
نعم، يثبت له صفات، منها الوجود والعلم والخلق، ولا أحصي ما أثبته له من صفات.
هل خلق الله إلا شيئًا واحدًا عنده؟
خلق كل شيء ولكن بالتوسط.
هل يعلم الله الجزئيات عنده؟
نعم، يعلم الجزئيات ولكن بنوع كلي.
هل يبعث الله الأبدان عنده؟
لا.
ـ[أبو عبدالله الفاصل]ــــــــ[24 - 01 - 10, 01:37 ص]ـ
يا أخي أنت لا تستطيع أن تأتي بدليل واحد من كلام ابن سينا فيه أنه يثبت لله صفة أو أنه يقول بأن الله خالق كل شيء كما نطق القرآن .... لا تستطيع أن تكذب ما قلته من كلام ابن سينا!
ولكني!
أعدك بوضع موضوع فيه ما يدل على مروقه من الإسلام من كلامه هو!
هذا عجيب! ويناقض كلامك؛ فأنت تقر بأن ابن سينا يثبت لله صفات، فتقر بأنه يثبت العلم ولكن الذي لا تقره هو أن يثبت العلم بالجزئيات، وتقر بأنه يثبت الخلق ولكن الذي لا تقره هو أن يثبت خلق الكل.
فلعدم دقتك، ولاختلافي معك في منهج الحكم وأصول الأدلة، ولأني رأيت في كلامك علي ما لا أطيق وجدت نفسي مضطرا لترك النقاش معك.
ولكن قبل ذلك وتعليقا على وعدك بتبيين كفر ابن سينا أقول إن هذا ليس ما أريد إثباته _ أعني أني لا أريد أن أثبت أن ابن سينا مسلم بكلامي هذا كله، بل الذي أريده أن ننصفهم. وأن الفلسفة ليست هي السبب في ضلالهم واقرأ إن شئت المشاركة رقم (23) لتفهم ما أريد أن أصل إليه.
وأنصحك بأن تستقل بعقلك ولا تستأجر عقول (المعروفين) فتحكم بأحكامهم دون أن تنظر إلى أدلتهم.
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[28 - 01 - 10, 01:36 ص]ـ
بل أجبتك ولم أحد، ولكنك زدت الأسئلة الأخيرة أثناء كتابتي للرد على السؤالين الأولين، فلم أر بقية الأسئلة إلا أخيرا. وسأجيبك عنها، ولكن قبل ذلك أود أن أذكرك بأني لم أقل بأني حافظ تراث ابن سينا، ولا يلزمني، فأنا لا يعيبني أن أكون جاهلا بمذهبه، ولكن العيب أن أنسب له قولا لم يقل به. فأنا لست ملزما بالإجابة عن أسئلتك لما أخبرتك. ولكني سأجيب من أجلك.
بل تلميذه! وعجبي من استدلالك بالوفاة، فأنا درست على ابن باز وقد توفى قبلي فهل هذا يمنع من كونه شيخا لي؟!
وأنت تعلم أن مسكويه يكبر ابن سينا بما يزيد عن أربعين سنة، وقد التقى به واستفاد منه كما استفاد هو أيضا من ابن سينا.
وأنت تعلم أن ابن سينا كان معتنيا بالحكمة العملية، وما استفاد ذلك إلا من مسكويه؛ فمسكويه شيخ المسلمين في الحكمة العملية وهو أول من كتب فيها واعتنى بها وهذا معروف عند العوام من المفكرين قبل أن يعرف عند من اعتنى بالفلاسفة المسلمين!
عذرًا على ذلك.
ابن سينا ليس عندي دليلعلى تتلمذه على ابن مسكويه فآمل منك النقل عمن ترجم لابن سينا وبيان ذلك!
وابن سينا أصلا يخالف مسكويه في الحكمة العملية في مسائل كثيرة ليس هذا موضع بيانها فآمل عدم الخروج عن الموضوع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/470)
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[28 - 01 - 10, 01:49 ص]ـ
نعم، يثبت له صفات، منها الوجود والعلم والخلق، ولا أحصي ما أثبته له من صفات.
خلق كل شيء ولكن بالتوسط.
نعم، يعلم الجزئيات ولكن بنوع كلي.
لا.
1) الوجود صفة عقلية وكذلك العلم والخلق .... وابن سينا إثباته لتلك الصفات فيه دخن، فهو لا يثبت علم الله بالجزئيات ولا خلقه لسائر الكائنات .... ولا تستطيع إثبات تلم الصفات التي لا تستطيع إحصاءها من كلامه هو! أين كلامه؟!!
2) هات الدليل على خلقه كل شيء بالتوسط من كلامه.
3) هذا قول ابن رشد لا قول ابن سينا فلا تخلط.
4) لا يمن بحشر الأبدان وهذا مكفر فإنه لا يستقيم عند من عرف دين الإسلام أن الله لا يحشر الأبدان كما قال الرازي زميله.
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[28 - 01 - 10, 02:00 ص]ـ
هذا عجيب! ويناقض كلامك؛ فأنت تقر بأن ابن سينا يثبت لله صفات، فتقر بأنه يثبت العلم ولكن الذي لا تقره هو أن يثبت العلم بالجزئيات، وتقر بأنه يثبت الخلق ولكن الذي لا تقره هو أن يثبت خلق الكل.
فلعدم دقتك، ولاختلافي معك في منهج الحكم وأصول الأدلة، ولأني رأيت في كلامك علي ما لا أطيق وجدت نفسي مضطرا لترك النقاش معك.
ولكن قبل ذلك وتعليقا على وعدك بتبيين كفر ابن سينا أقول إن هذا ليس ما أريد إثباته _ أعني أني لا أريد أن أثبت أن ابن سينا مسلم بكلامي هذا كله، بل الذي أريده أن ننصفهم. وأن الفلسفة ليست هي السبب في ضلالهم واقرأ إن شئت المشاركة رقم (23) لتفهم ما أريد أن أصل إليه.
وأنصحك بأن تستقل بعقلك ولا تستأجر عقول (المعروفين) فتحكم بأحكامهم دون أن تنظر إلى أدلتهم.
أنا مستقل بعقلي ولكن فهم سلف الأمة أولى من فهمي كما قال الشافعي: هم فوقنا في كل علم ..... ووسيلة يدرك بها علم!
وأقول: إنصاف ابن سينا هو الحكم بكفره نصيحة له وللمسلمين:
نصيحة له: لتخفيف عذابه في النار وذلك بتقليل ضرره على المسلمين.
نصيحة للمسلمين: وذلك بتحذيرهم منه.
وىمل منك أن توثق كلامك في حكاية أقوال الرجل من كتبه ...
وفقك الله.
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[28 - 01 - 10, 09:01 ص]ـ
قول ابن تيمية في ابن رشد وانه وقع في الكفر {ولكنه لم يوقع الكفر عليه}:
قال رحمه الله:"وابن رشد الحفيد زعم أن الفلك بما فيه صادر عن الأول. والطوسي وزير الملاحدة يقرب من هذا، فجعل الأول شرطًا في الثاني، والثاني شرطا في الثالث، وهم مشتركون في الضلال وهو إثبات جواهر قائمة بنفسها أزلية مع الرب لم تزل ولا تزال معه، لم تكن مسبوقة بعدم، وجعل الفلك أيضا أزليا، وهذا وحده فيه من مخالفة صريح المعقول والكفر بما جاءت به الرسل ما فيه كفاية، فكيف إذا ضم إليه غير ذلك من أقاويلهم المخالفة للعقل والنقل؟! " (تفسير سورة الإخلاص:141).
ـ[إبن أبي إسحاق الجزائري]ــــــــ[28 - 01 - 10, 09:30 ص]ـ
نعم كثير من الناس من يعتقد ان هؤلاء من المسلمين
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[29 - 01 - 10, 10:29 ص]ـ
للأسف!
ولا زلت أنتظرك يا أبا عبد الله الفاصل!
ـ[عبدالرحمن آل منصور]ــــــــ[19 - 07 - 10, 03:15 ص]ـ
هل لله صفة عند ابن سينا وما هي صفاته؟
هل خلق الله إلا شيئًا واحدًا عنده؟
هل يعلم الله الجزئيات عنده؟
هل يبعث الله الأبدان عنده؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وصفات الله عند ابن سينا أن الصفات ليست زائدة على الذات لأنها إن كانت زائدة على الذات فإما يكون وجودها من ذاتها أو من غيرها وكلاهما محال، لأن كون وجودها من ذاتها يستلزم أن تكون واجبة الوجود بالذات وهذا يؤدي إلى التعدد في الواجب وهذا باطل على -حد قول ابن سينا - وكذلك كون وجودها من غيرها فإن ذلك الغير إما يكون الواجب أو غيره في ثبوت شئ له، وهو باطل!!، ولا جائز أن يكون الواجب هو العلة في وجودها، لأنه بهذا الوصف يكون فاعلا لها، وبوصف كونها صفات له يكون قابلا لها، فيكون الواجب قابلا وفاعلا من جهتين، وهذا غير جائز، لأن الواجب لذاته واحد بسيط. انظر كتاب الشفاء، الإلهيات.
ويقول ابن سينا ((أن الأول يعقل ذاته ويعقل نظام الخير الموجود في الكل،، وأنه كيف يكون فذلك النظام لأنه يعقله هو مستفيض كائن موجود، وكل معلوم الكون، وجهة الكون عن فاعله عند مبدئه، وهو خير غير مناف، وتابع لخيرته، ذات المبدأ وكمالها المعشوقين لذاتيهما فذلك الشئ مراد، لكن ليس مراد الأول هو على نحو مرادنا حتى يكون له فيما يكون عنه غرض فكأنك قد علمت استحالة هذا وستعلم بل هو لذاته مريد هذا النحو من الإرادة العقلية المحضة)) النجاة في المنطق والإلهيات
إذا ابن سينا أثبت الإرادة والعلم لله عز وجل وذلك أنه يعلم ذاته اللتي هي مبدأ النظام والخير في الوجود، وعلمه بالذات على هذا النحو يجعله عالما مريداً.
و بعث الأبدان فابن سينا ينفيها نفيا قاطعا.
وأخيرا يقول ابن سينا في الإشارات والتنبيهات ((أن واجب الوجود يعقل كل شئ))
أخبرني ما الفرق بين النبي والفيلسوف عند ابن سينا!
وأخبرني هل النبوة محض اصطفاء أم مكتسبة عند ابن سينا!
الأنبياء عليهم السلام أفضل من الفلاسفة عند ابن سينا ... يقول في النجاة القسم الثالث ص 339 ((فهذا الإنسان إن وجد، وجب أن يسن للناس أمورهم سننا بأمر الله تعالى بإذنه، ووحيه وإنزاله الروح القدس عليه، فيكون في الأصل فيما يسنه تعريفه إياهم أن لهم صانعا واحدا قادراً، وأنه عالم بالسر والعلانية، وأن من حقه أن يطاع أمره، وأنه يجب أن يكون الأمر لمن له الخلق، وأنه قد أعد، لمن أطاعة المعاد المسعد، ولم عصاه المعاد الشقي)).
ويقول أيضا ((فحاجة الناس للنبوة أشد من حاجتهم لإنبات الشعر على الحاجبين وتقعير الأخمص على القدمين، ومن غير المعقول أن تقتضي العناية الإلهية مثل هذه المنافع اللتي لا ضرورة لها في البقاء، ولا تقتضي النبوة اللتي هي ضرورية، لأنه لولا النبوة لما كان هناك بقاء للنوع الإنساني)).
وللحديث بقية ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/471)
ـ[بن عبد الرحمن السكندرى]ــــــــ[25 - 07 - 10, 08:16 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان ابن سينا، كما أخبر عن نفسه قال: أنا وأبي من أهل دعوة الحاكم – الحاكم منصور بن العزيز بالله نزار بن المعز بالله العبيدي الثالث من الخلفاء الكذبة الفجرة العبيديين المغاربة المتغلبين على مصر. ادعى الألهية وقتل من العلماء ما لا يحصى. وكتب على المساجد والجوامع سب أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم، ولعنه الله ولعن شيعته وحزبه. وهو الذي يعبده الدروز بلبنان والاسماعيلية بالهند – فكان من القرامطة الباطنية، الذين لا يؤمنون بمبدأ ولا معاد، ولا رب خالق، ولا رسول مبعوث جاء من عند الله تعالى. أ هـ إغاثة اللهفان لابن القيم جـ 2 صـ 286.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن عقيدة ابن سينا القرمطي:
وابن سينا أحدث فلسفة ركبها من كلام سلفه اليونان , ومما أخذه من أهل الكلام المبتدعين الجهمية ونحوهم , وسلك
طريق الملاحدة الإسماعيلية في كثير من أمورهم العلمية والعملية ومزجه بشي من كلام الصوفية , وحقيقته تعود إلى كلام إخوانه الإسماعيلية القرامطة الباطنية , فإن أهل بيته كانوا من الإسماعيلية: أتباع الحاكم الذي كان بمصر وكانوا في زمنه , ودينهم دين أصحاب رسائل إخوان الصفا وأمثالهم من أئمة منافقي الأمم , الذين ليسوا بمسلمين , ولا يهود ولا نصارى اهـ. مجموع الفتاوى 11/ 571
من المعلوم أن المجوس من أشد المحاربين للتوحيد وأهله، وكتبهم تطفح بالطعن والسب لعلماء أهل السنة مثل ابن تيمية وتلميذه ابن القيم فلماذا هذا الإهتمام بابن سيناء وعمل مزار وقبر له يطوفون حوله في إيران يزار من قبل المجوس طلاب الجامعات وغيره، ويعتبرونه الفيلسوف الإسلامي** الذي يقتدى به، و شكل ضريحه يضاهي قبر أبو لؤلؤة المجوسي من ضخامته وتزيينه وبجانب الضريح القسم الثاني وهي المكتبة لابن سيناء (كتب الفلسفة والطب وغيره)؟
لا بد أن ابن سيناء هذا القرمطي الملحد على شاكلتهم وهو إمام لهم يقتدون به وإلآ لما لاقى هذا التكريم والحفاوة من قبلهم فلعنة الله على الزائر والمزار.
http://www.alsaffah.net/up_img/out.php/t2184_hamedan04.jpg
صورة الضريح
قال شيخ الإسلام ابن تيمية يرحمه الله تعالى:
(ولكن المتأخرون رتبوه على ذلك إما بطريق الصابئة الذين لبسوا الحنيفية بالصابئة كابن سينا ونحوه) مجموع الفتاوى ج 9 - صـ 14
(والأقوال التي قالها المنتسبون إلى القبلة فى هذه المسألة تبلغ سبعة أو أكثر
الأول قول المتفلسفة ومن وافقهم من متصوف ومتكلم كابن سينا وإبن عربي الطائي وابن سبعين وأمثالهم ممن يقول بقول الصابئة الذين يقولون إن كلام الله ليس له وجود خارج عن نفوس العباد بل هو ما يفيض على النفوس من المعاني أعلاما وطلبا إما من العقل الفعال كما يقوله كثير من المتفلسفة وأما مطلقا كما يقوله بعض متصوفة الفلاسفة وهذا قول الصابئة ونحوهم وهؤلاء يقولون الكلام الذي سمعه موسى لم يكن موجودا إلا في نفسه وصاحب مشكاة الأنوار وأمثاله في كلامه ما يضاهي كلام هؤلاء أحيانا وان كان أحيانا يكفرهم وهذا القول أبعد عن الإسلام ممن يقول القرآن مخلوق). مجموع الفتاوى ج 12 - صـ 163
(قول من يقول إن كلام الله ما يفيض على النفوس من المعاني التي تفيض إما من العقل الفعال عند بعضهم وإما من غيره وهذا قول الصابئة والمتفلسفة الموافقين لهم كابن سينا وأمثاله ومن دخل مع هؤلاء من متصوفة الفلاسفة ومتكلميهم كأصحاب وحدة الوجود وفي كلام صاحب الكتب المضنون بها على غير أهلها بل المضنون الكبير والمضنون الصغير ورسالة مشكاة الأنوار وأمثاله ما قد يشار به إلى هذا وهو في غير ذلك من كتبه يقول ضد هذا لكن كلامه يوافق هؤلاء تارة وتارة يخالفه وآخر أمره استقر على مخالفتهم ومطالعة الأحاديث النبوية) منهاج السنة النبوية ج 2 - صـ 359
قال الشاطبي:
(وأيضا فإن بعض الفلاسفة الإسلاميين تأول فيها غير هذا وأنه إنما يشربها للنفع لا للهو وعاهد الله على ذلك فكأنها عندهم من الأدوية أو غذاء صالح يصلح لحفظ الصحة,
ويحكى هذا العهد عن ابن سيناء:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/472)
ورأيت في بعض كلام الناس ممن عرف عنه أنه كان يستعين في سهره للعلم والتصنيف والنظر بالخمر فإذا رأى من نفسه كسلا أو فترة شرب منها قدر ما ينشطه وينفى عنه الكسل بل ذكروا فيها أن لها حرارة خاصة تفعل أفعالا كثيرة تطيب النفس وتصير الإنسان محبا للحكمة وتجعله حسن الحركة والذهن والمعرفة فإذا استعملها على الاعتدال عرف الأشياء وفهمها وتذكرها بعد النسيان فلهذا - والله أعلم - كان ابن سينا لا يترك استعمالها - على ما ذكر عنه - وهو كله ضلال مبين عياذا بالله من ذلك) اهـ (الاعتصام للشاطبي)
قال ابن القيم يرحمه الله تعالى:
فاسمع إذا أنواعه هي خمسة ... قد حصلت أقسامها ببيا
توحيد أتباع ابن سينا وهو منسوب ... لأرسطو من اليونان
ما للإله لديهم ماهية ... غير الوجود المطلق الوجدان
مسلوب أوصاف الكمال جميعها ... لكون وجود حسب ليس بفان
ما أن له ذات سوى نفس الوجو د ... المطلق المسلوب كل معان
فلذاك لا سمع ولا بصر ولا ... علم ولا قول من الرحمن
ولذاك قالوا ليس ثم مشيئة ... وإرادة لوجود ذي الأكوان
بل تلك لازمة له بالذات لم ... تنفك عنه قط في الأزمان
******** ********* *******
هذا المعاد وذلك المبدأ الذي ... جهم وقد نسبوه للقرآن
هذا الذي قاد ابن سينا والأولى ... قالوا مقالته إلى الكفران
(القصيدة النونية للابن القيم)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى حين أبطل شبه وأباطيل المتكلمة والفلاسفة في مسمى القياس
و " ابن سينا " تكلم في أشياء من الإلهيات والنبوات والمعاد والشرائع لم يتكلم فيها سلفه ولا وصلت إليها عقولهم ولا بلغتها علومهم فإنه استفادها من المسلمين وإن كان إنما أخذ عن الملاحدة المنتسبين إلى المسلمين كالإسماعيلية.
وكان هو وأهل بيته وأتباعهم معروفين عند المسلمين بالإلحاد وأحسن ما يظهرون دين الرفض وهم في الباطن يبطنون الكفر المحض.
وقد صنف المسلمون في كشف أسرارهم وهتك أستارهم كتبا كبارا وصغارا وجاهدوهم باللسان واليد إذ كانوا بذلك أحق من اليهود والنصارى.
ولو لم يكن إلا كتاب " كشف الأسرار وهتك الأستار " للقاضي أبي بكر محمد بن الطيب وكتاب عبد الجبار بن أحمد وكتاب أبي حامد الغزالي وكلام أبي إسحاق وكلام ابن فورك والقاضي أبي يعلى والشهرستاني.
وغير هذا مما يطول وصفه. والمقصود هنا أن ابن سينا أخبر عن نفسه أن أهل بيته وأباه وأخاه كانوا من هؤلاء الملاحدة وأنه إنما اشتغل بالفلسفة بسبب ذلك فإنه كان يسمعهم يذكرون العقل والنفس.
وهؤلاء المسلمون الذين ينتسب إليهم هم مع الإلحاد الظاهر والكفر الباطن أعلم بالله من سلفه الفلاسفة: كأرسطو وأتباعه؛ فإن أولئك ليس عندهم من العلم بالله إلا ما عند عباد مشركي العرب ما هو خير منه.
وابن سينا لما عرف شيئا من دين المسلمين وكان قد تلقى ما تلقاه عن الملاحدة وعمن هو خير منهم من المعتزلة والرافضة أراد أن يجمع بين ما عرفه بعقله من هؤلاء وبين ما أخذه من سلفه.
ومما أحدثه مثل كلامه في النبوات وأسرار الآيات والمنامات؛ بل وكلامه في بعض الطبيعيات وكلامه في واجب الوجود ونحو ذلك.
وإلا فأرسطو وأتباعه ليس في كلامهم ذكر واجب الوجود ولا شيء من الأحكام التي لواجب الوجود وإنما يذكرون " العلة الأولى " ويثبتونه من حيث هو علة غائية للحركة الفلكية يتحرك الفلك للتشبه به.
فابن سينا أصلح تلك الفلسفة الفاسدة بعض إصلاح حتى راجت على من يعرف دين الإسلام من الطلبة النظار.
وصار يظهر لهم بعض ما فيها من التناقض فيتكلم كل منهم بحسب ما عنده؛ ولكن سلموا لهم أصولا فاسدة في المنطق والطبيعيات والإلهيات ولم يعرفوا ما دخل فيها من الباطل فصار ذلك سببا إلى ضلالهم في مطالب عالية إيمانية ومقاصد سامية قرآنية خرجوا بها عن حقيقة العلم والإيمان وصاروا بها في كثير من ذلك لا يسمعون ولا يعقلون بل يسفسطون في العقليات ويقرمطون في السمعيات.
والمقصود هنا التنبيه على أنه لو قدر أن النفس تكمل بمجرد العلم.
كما زعموه مع أنه قول باطل فإن النفس لها قوتان: قوة علمية نظرية وقوة إرادية عملية فلا بد لها من كمال القوتين بمعرفة الله وعبادته وعبادته تجمع محبته والذل له فلا تكمل نفس قط إلا بعبادة الله وحده لا شريك له.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/473)
والعبادة تجمع معرفته ومحبته والعبودية له؛ وبهذا بعث الله الرسل وأنزل الكتب الإلهية كلها تدعوا إلى عبادة الله وحده لا شريك له.
وهؤلاء يجعلون العبادات التي أمرت بها الرسل؛ مقصودها إصلاح أخلاق النفس لتستعد للعلم الذي زعموا أنه كمال النفس أو مقصودها إصلاح المنزل والمدينة وهو الحكمة العملية؛ فيجعلون العبادات وسائل محضة إلى ما يدعونه من العلم؛ ولذلك يرون هذا ساقطا عمن حصل المقصود كما تفعل الملاحدة الإسماعيلية ومن دخل في الإلحاد أو بعضه وانتسب إلى الصوفية أو المتكلمين أو الشيعة أو غيرهم.
والمقصود هنا الكلام على برهانهم فقط وإنما ذكرنا بعض ما لزمهم بسبب أصولهم الفاسدة.
وما يذكرون من اقتران المعلول بعلته فإذا أريد بالعلة ما يكون مبدعا للمعلول فهذا باطل بصريح العقل. ولهذا تقر بذلك جميع الفطر السليمة التي لم تفسد بالتقليد الباطل.
ولما كان هذا مستقرا في الفطر كان نفس الإقرار بأنه خالق كل شيء موجبا لأن يكون كل ما سواه محدثا مسبوقا بالعدم وإن قدر دوام الخالقية لمخلوق بعد مخلوق فهذا لا ينافي أن يكون خالقا لكل شيء وما سواه محدث مسبوق بالعدم ليس معه شيء سواه قديم بقدمه؛ بل ذلك أعظم في الكمال والجود والإفضال.
وأما إذا أريد بالعلة ما ليس كذلك. كما يمثلون به من حركة الخاتم بحركة اليد وحصول الشعاع عن الشمس فليس هذا من باب الفاعل في شيء بل هو من باب المشروط والشرط قد يقارن المشروط وأما الفاعل فيمتنع أن يقارنه مفعوله المعين وإن لم يمتنع أن يكون فاعلا لشيء بعد شيء فقدم نوع الفعل كقدم نوع الحركة.
وذلك لا ينافي حدوث كل جزء من أجزائها؛ بل يستلزمه لامتناع قدم شيء منها بعينه.
وهذا مما عليه جماهير العقلاء من جميع الأمم حتى أرسطو وأتباعه فإنهم وإن قالوا: بقدم العالم فهم لم يثبتو له مبدعا ولا علة فاعلية؛ بل علة غائية يتحرك الفلك للتشبه بها لأن حركة الفلك إرادية.
وهذا القول وهو أن الأول ليس مبدعا للعالم وإنما هو علة غائية للتشبه به وإن كان في غاية الجهل والكفر فالمقصود أنهم وافقوا سائر العقلاء في أن الممكن المعلول لا يكون قديما بقدم علته كما يقول ذلك ابن سينا وموافقوه؛ ولهذا أنكر هذا القول ابن رشد وأمثاله من الفلاسفة الذين اتبعوا طريقة أرسطو وسائر العقلاء في ذلك وبينوا أن ما ذكره ابن سينا مما خالف به سلفه وجماهير العقلاء وكان قصده أن يركب مذهبا من مذاهب المتكلمين ومذهب سلفه فيجعل الموجود الممكن معلول الواجب.
مع كونه أزليا قديما بقدمه. واتبعه على إمكان ذلك أتباعه في ذلك كالسهروردي الحلبي والرازي والآمدي والطوسي وغيرهم.
وزعم الرازي فيما ذكره في محصله أن القول بكون المفعول المعلول يكون قديما للموجب بالذات مما اتفق عليه الفلاسفة المتقدمون الذين نقلت إلينا أقوالهم كأرسطو وأمثاله.
إنما قاله ابن سينا وأمثاله. والمتكلمون إذ قالوا: بقدم ما يقوم بالقديم من الصفات ونحوها فلا يقولون إنها مفعولة ولا معلولة لعلة فاعلة؛ بل الذات القديمة هي الموصوفة بتلك الصفات عندهم فصفاتها من لوازمها يمتنع تحقق كون الواجب واجبا قديما إلا بصفاته اللازمة له كما قد بسط في موضعه.
ويمتنع عندهم قدم ممكن يقبل الوجود والعدم مع قطع النظر عن فاعله. وكذلك أساطين الفلاسفة يمتنع عندهم قديم يقبل العدم ويمتنع أن يكون الممكن لم يزل واجبا سواء قيل إنه واجب بنفسه أو بغيره.
ولكن ما ذكره ابن سينا وأمثاله في أن الممكن قد يكون قديما واجبا بغيره أزليا أبديا - كما يقولونه في الفلك هو الذي فتح عليهم في " الإمكان " -
من الأسئلة القادحة في قولهم ما لا يمكنهم أن يجيبوا عنه كما بسط في موضعه.
فإن هذا ليس موضع تقرير هذا؛ ولكن نبهنا به على أن برهانهم القياسي لا يفيد أمورا كلية واجبة البقاء في الممكنات.
وأما واجب الوجود - تبارك وتعالى - فالقياس لا يدل على ما يختص به وإنما يدل على أمر مشترك كلي بينه وبين غيره.
إذ كان مدلول القياس الشمولي عندهم ليس إلا أمورا كلية مشتركة وتلك لا تختص بواجب الوجود - رب العالمين سبحانه وتعالى - فلم يعرفوا ببرهانهم شيئا من الأمور التي يجب دوامها لا من الواجب ولا من الممكنات.
وإذا كانت النفس إنما تكمل بالعلم الذي يبقى ببقاء معلومه. لم يستفيدوا ببرهانهم ما تكمل به النفس من العلم؛ فضلا عن أن يقال: إن ما تكمل به النفس من العلم لا يحصل إلا ببرهانهم؛ ولهذا كانت طريقة الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه الاستدلال على الرب تعالى بذكر آياته.
فابن سينا لما تميز عن أولئك؛ بمزيد علم وعقل؛ سلك طريقهم المنطقي في تقرير ذلك.
وصار سالكوا هذه الطريق وإن كانوا أعلم من سلفهم وأكمل فهم أضل من اليهود والنصارى وأجهل إذ كان أولئك حصل لهم من الإيمان بواجب الوجود وصفاته ما لم يحصل لهؤلاء الضلال لما في صدورهم من الكبر والخيال وهم من أتباع فرعون وأمثاله ولهذا تجدهم لموسى ومن معه من أهل الملل والشرائع متنقصين أو معادين.
قال الله تعالى: ? الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه ? وقال تعالى: ? كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار ? وقال: ? فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن ? أهـ مجموع فتاوى ابن تيمية - ج 9
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/474)
ـ[بن عبد الرحمن السكندرى]ــــــــ[25 - 07 - 10, 08:18 م]ـ
فى كتاب (تلبيس إبليس) للإمام أبي الفرج عبد الرحمن الجوزي، الذى فيه من فوائد وتبيين لطرائق أهل الأهواء والبدع، وتبيين طرق إبليس في التلبيس على العباد
يقول محقق الكتاب تعريفاً للشخصية التي أوردها الإمام إبن الجوزي في أصل كتابه:
أبو علي، الحسين بن عبد الله بن سينا، شرف الملك، من أشهر الأطباء والفلاسفة المسلمين، له تصانيف كثيرة، توفي سنة 428هـ. أهـ صـ47ـــ.
نعم هو إبن سينا، وما شدّني في تعريفه الموجز هو عدّ المحقق ذلك الهالك من المسلمين، وللفائدة والتبيين أحببت هنا أن أضع بين يدي القارئ الكريم ما قيل حول إبن سينا ومعتقداته:
قال الإمام الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء:
وقد كفّره الغزالي في كتاب المنقذ من الضلال وكفّر الفارابي. أهـ
وفي ميزان الإعتدال قال: ما أعلمه روى شيئاً من العلم ولو روى لما حلّت الرواية عنه لأنه فلسفي النحلة ضال. أهـ
وفي اللسان لإبن حجر، نقل الحافظ عبارة الذهبي وجاء آخرها:لا رضي الله عنه. أهـ
وذكر إبن كثير رحمه الله في البداية والنهاية: ذكر الغزالي رد على إبن سينا في تهافت الفلاسفة في عشرين مجلساً له كفره في ثلاث منها وهي:
1ــ قدم العالم
2ــ عدم المعاد الجثماني
3ــ أن الله لا يعلم الجزئيات.
وبدّعه في البواقي. أهـ
أما شيخ الإسلام صادق اللهجة إبن تيمية عدّه من ملاحدة الفلاسفة لأن إبن سينا سار على نهج أهل الوهم والتخييل وهم يقولون أن الأنبياء قصدوا إفهام الجمهور بالكذب والباطل للمصلحة، وعلى هذا القانون سار إبن سينا وألّف رسالته (الأضحوية). أهـ درء تعارض العقل والنقل
وفي الإستقامة قال: وهو من الصابئة الذين خلطوا بها من الحنيفية ما خلطوا. أهـ
وقال الإمام إبن القيم في إغاثة اللهفان:فالرجل معطل مشرك جاحد للنبوات والمعاد لا مبدأ عنده ولا معاد ولا رسول ولا كتاب. أهـ
وقال: وكان إبن سينا كما أخبر عن نفسه قال: أنا وأبي من أهل دعوة الحاكم.
فكان من القرامطة الباطنية الذين لا يؤمنون بمبدأ ولا معاد ولا رب خالق ولا رسول مبعوث جاء من عند الله تعالى. أهـ
وقال رحمه الله: هو إمام الملحدين إبن سينا، وقال أيضاً: وبالجملة فكان هذا الملحد هو وأتباعه من الملحدين الكافرين بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر. أهـ
وقد سئل الإمام إبن الصلاح عن جماعة من المسلمين المنتسبين لأهل العلم والتصوف: هل يجوز لهم أن يشتغلوا بتصنيف إبن سينا وأن يطالعوا في كتبه وهل يجوز أن يعتقدوا أنه كان من العلماء أم لا؟
فأجاب رحمه الله: لا يجوز لهم ذلك ومن فعل ذلك غرر بدينه وتعرض للفتنة العظمى ولم يكن من العلماء، بل كان شيطاناً من شياطين الإنس وكان حيراناً في كثير من أمره وينشد كثيراً:
إن كنت أدري فعلى بدنه ... من كثرة التخليط أني من أنه
المزيد هنا:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=33350
و
http://www.mazameer.com/vb/t100989.html
اللهم اهدنا واهد بنا(26/475)
نُقول من (خلق أفعال العباد) تصلح ردّاً على الأشاعرة
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[23 - 01 - 04, 09:23 ص]ـ
هذه نُقول تبيّن عقيدة الإمام البخاري في مسألة كلام الله سبحانه، منقولة من كتابه (خلق أفعال العباد). وتصلح ردّاً على الأشاعرة:
* تصريح الإمام البخاري بأن لله صوتاً هو صفة له لا كأصوات المخلوقين:
قال (رحمه الله): "وفي هذا دليل أن صوت الله لا يشبه أصوات الخلق، لأن صوت الله جل ذكره يُسمع من بُعد كما يُسمع من قُرب، وأن الملائكة يُصعقون من صوته، فإذا تنادى الملائكة لم يصعقوا، وقال عز وجل: "فلا تجعلوا لله أنداداً"، فليس لصفة الله ند ولا مثل، ولا يوجد شيء من صفاته في المخلوقين".
* الإمام البخاري يرى أن القرآن المتلو المثبت في المصاحف والموعى في القلوب كلام الله غير مخلوق وهو غير التلاوة والكتابة والحفظ فإنها مخلوقة:
قال (رحمه الله): "فالصلاة طاعة الله، والأمر بالصلاة قرآن، وهو مكتوب في المصاحف محفوظ في الصدور مقروء على اللسان، والقراءة والحفظ والكتابة مخلوق، وما قُرئ وحُفظ وكُتب ليس بمخلوق".
وقال: "حركاتهم وأصواتهم واكتسابهم وكتابتهم مخلوقة، فأمّا القرآن المتلو المبين المثبت في المصاحف المسطور المكتوب الموعى في القلوب فهو كلام الله ليس بخلق".
وقال: "ولا نشك في قراءة الكفار وأهل الكتاب أنها أعمالهم، وأما المقروء فهو كلام الله العزيز المنان ليس بمخلوق".
وقال: "مع أن الجهمية والمعطلة إنما ينازعون أهل العلم على قول: إن الله لا يتكلم، وإن تكلم فكلامه خلق، فقالوا: إن القرآن المقروء بعلم الله مخلوق، فلم يميزوا بين تلاوة العباد وبين المقروء".
* تصريح البخاري بأن القرآن الذي نقرؤه قد خرج من الله (سبحانه):
قال (رحمه الله): "وإن قال قائل: فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إنكم لن ترجعوا إلى الله بشيء أفضل مما خرج منه" قيل له: أليس القرآن خرج منه؟ فخروجه منه ليس كخروجه منك، إن كنت تفهم".
* الإمام البخاري يرى أن فعل الله صفة له سبحانه وأنه يحدثه:
قال (رحمه الله): "واختلف الناس في الفاعل والمفعول والفعل، فقالت القدرية: الأفاعيل كلها من البشر ليست من الله، وقالت الجبرية: الأفاعيل كلها من الله، وقالت الجهمية: الفعل والمفعول واحد، لذلك قالوا لكلٍ مخلوق، وقال أهل العلم: التخليق فعل الله، وأفاعيلنا مخلوقة لقوله تعالى: "وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور ألا يعلم من خلق"، يعني السر والجهر من القول، ففعل الله صفة الله والمفعول غيره من الخلق".
وقال: "فالفعل إنما هو إحداث الشيء، والمفعول هو الحدث، لقوله: "خلق السماوات والأرض"، فالسموات والأرض مفعوله، وكل شيء سوى الله بقضائه فهو مفعول، فتخليق السماوات فعله، لأنه لا يمكن أن تقوم سماء بنفسها من غير فعل الفاعل، وإنما تنسب السماء إليه لحال فعله، ففعله من ربوبيته حيث يقول: كن فيكون، ولكن من صنعته وهو الموصوف به كذلك".
وقال: "فالفعل صفة والمفعول غيره، وبيان ذلك في قوله تعالى: "ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم"، ولم يرد بخلق السماوات نفسها، وقد ميز فعل السماوات من السماوات، وكذلك فعل جملة الخلق، وقوله: "ولا خلق أنفسهم" وقد ميز الفعل والنفس، ولم يصر فعله خلقاً".
والله تعالى أعلم.
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[18 - 06 - 10, 06:21 م]ـ
وقال: "فالفعل إنما هو إحداث الشيء، والمفعول هو الحدث، لقوله: "خلق السماوات والأرض"، فالسموات والأرض مفعوله، وكل شيء سوى الله بقضائه فهو مفعول، فتخليق السماوات فعله، لأنه لا يمكن أن تقوم سماء بنفسها من غير فعل الفاعل، وإنما تنسب السماء إليه لحال فعله، ففعله من ربوبيته حيث يقول: كن فيكون، ولكن من صنعته وهو الموصوف به كذلك".
هذا النص مختلف عما ورد في طبعة دار أطلس الخضراء وتحقيق فهد بن سليمان الفهيد، حيث جاء كما يلي:
وأما الفعل من المفعول، فالفعل إنما هو إحداث الشيء، والمفعول هو الحدث، لقوله: "خلق السماوات والأرض"، فالسموات والأرض مفعوله، وكل شيء سوى الله بصفاته فهو مفعول، فتخليق السماوات فعله، لأنه لا يمكن أن تقوم سماء بنفسها من غير فعل الفاعل، وإنما تنسب السماء إليه لحال فعله، ففعله من ربوبيته حيث يقول: "كن فيكون"، والـ"كن" منه صفته، وهو الموصوف به، لذلك قال: رب السماوات، ورب الأشياء، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "رب كل شيء ومليكه"(26/476)
تباين الناس بل طلبة العلم في تطبيق السنة فوق الصفا والمروة
ـ[المقرئ.]ــــــــ[24 - 01 - 04, 02:44 ص]ـ
إخواني أهل الحديث: كثير منا حج واعتمر ورأى الجهل الكبير في تطبيق السنة
ومما لحظته كثيرا سنة الصعود إلى الصفا والمروة وماهو الثابت عن رسولنا صلى الله عليه وسلم أنه فعله
فمن الناس من يكبر تكبير الصلاة ومنهم من يقف للدعاء ويرفع يديه تارة وينزلها تارة ومنهم من يستديم رفعهما فما هو الثابت في الوقوف
لعلي أجيب إن شاء الله إن لم يكفني أحد المشايخ ذلك وله من الجميع الدعاء ومن دعا إلى خير كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيئا
أخوكم: المقرئ = القرافي
ـ[المقرئ.]ــــــــ[24 - 01 - 04, 09:27 م]ـ
الذي ظهر لي والله أعلم أن هناك خمس سنن حال الوقوف على الصفا والمروة:
1 - استقبال القبلة بدليل حديث جابر وأبي هريرة في صحيح مسلم
2 - يرفع يديه لما رواه مسلم من حديث أبي هريرة في صحيح مسلم
وما نراه من بعض طلبة العلم أنه يرفع يديه عند الدعاء ثم يخفضهما عند الذكر هذا لا أعلم له نصا ولا أعلم له مثيلا وهو من الاستحسانات البعيدة جدا وهذا عجيب [وله نظير في مسألتين أرى أن طلاب العلم يفعلونها وبودي لو نعلم أدلتهم ولعلي في مناسبة أخرى أذكرها] فإن ذكر الله وحمده هو دعاء
3 - يوحد الله ويحمده ويكبره ويذكره ويدعوه:
أ - أما توحيد الله وحمده: ما ورد في صحيح مسلم من حديث جابر " لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده " يقوله ثلاثا
ب - أما التكبير فيكبر ثلاثا والدليل حديث جابر عند أحمد وغيره
ج - أما دعاء المسألة فيدعو بما أحب بدليل حديث جابر " ودعا بين ذلك " ولا أعلم حديثا مرفوعا صحيحا يحدد دعاء النبي صلى الله عليه وسلم
لكن هنا مسألة اختلف فيها الشراح في قوله " ودعا بين ذلك " أي أن الدعاء بين الذكر والرسول فعل الذكر ثلاث مرات فقال بعض المحققين إن معنى ذلك أن يكون الدعاء مرتين لأنه بين الذكر، وقال بعضهم إن قوله " ودعا بين ذلك " أن معناه أنه كلما قال الذكر دعا فسيكون الدعاء ثلاث مرات
وأحسب أن الأمر واسع والله المستعان
[ما منا إلا وهو راد أو مردود عليه فأفيضوا علينا من بحور علومكم والله لا يضيع أجر من أحسن عملا]
أخوكم: المقرئ = القرافي
ـ[أخوكم]ــــــــ[25 - 01 - 04, 04:44 م]ـ
السلام عليكم
الأخ كريم السجايا " المقرئ "
لدي سؤال بارك الله فيك
من خلال الأدلة _ لا من خلال اختلاف البشر _ هل التكبير يكون حال رفع اليدين بالدعاء أم أن التكبير يكون منفصلا وتحديدا عند الصعود _سواء للصفا أو المروة _ لوجود النصوص الحاثة على التكبير عند صعود المرتفعات كالجبال ونحوها
؟
ـ[المقرئ.]ــــــــ[25 - 01 - 04, 06:01 م]ـ
شكر الله لك على حسن ظنك بأخيك
الذي يظهر لي والله أعلم أن التكبير يكون حال رفع اليدين لأن الحديث فيه أن الرسول لما وقف على الصفا وحد الله وحمده وكبره فهي في موضع واحد
لكن حقيقة أعجبني استدلالك كثيرا بالتكبير حال الصعود والتسبيح حال الهبوط للحديث الصحيح المعروف
أخوك: المقرئ = القرافي
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[02 - 07 - 04, 05:58 م]ـ
الشيخ المقرئ ما رأيكم في قول أبدأ بما بدأ الله به وكذلك قراءة الآية إن الصفا والمروة من شعائر الله، وذلك لأني رأيت الشيخين ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله يذكرانها في منسكيهما، و الشيخ عبدالعزيز الطريفي يرى أن لا تُذكر لأنها من باب التعليم من المصطفى صلى الله عليه وسلم كقوله عليه الصلاة والسلام واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى
فهل من فائدة حول هذا، أيضا هلى ورد شئ في الإشارة إلى الكعبة على الصفا
وبارك الله فيكم وفي علمكم.
ـ[المقرئ.]ــــــــ[03 - 07 - 04, 05:30 م]ـ
إلى الأخ الكريم الشيخ: عبد الله المحمد
بالنسبة لقراءة الآيتين فكلا القولين محتمل وأصحابنا الحنابلة وكثير من الفقهاء لم يذكروا قراءة هاتين الآيتين في صفة الحج والعمرة فكأنهم فهموا أنها تعليل للفعل
بينما شيخنا ابن عثيمين وبعض العلماء قال السنة أن يقرأ المعتمر والحاج هاتين الآيتين بعد الطواف يقرأ الآية وعند صعود الصفا يقرأ الآية
ومنهم من فرق بين السعي الطواف
وأما سؤالكم عن الإشارة إلى الكعبة عند الصفا فلا أعلم فيه سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه سلم السنة فقط رفع اليدين
أخوك المقرئ
ـ[المسيطير]ــــــــ[03 - 07 - 04, 09:26 م]ـ
فيما يتعلق بالدعاء في اشواط السعي:
سئل سماحة الإمام ابن باز رحمه الله: هل يدعو الساعي عند نهاية الشوط السابع وقبل مغادرة المسجد؟
فقال رحمه الله: نعم يدعو، الشوط الأخير مثل باقي الأشواط.
انتهى من شرحه على بلوغ المرام.
ـ[المقرئ.]ــــــــ[04 - 07 - 04, 02:17 ص]ـ
إلى أخي المسيطير:
نقلتم عن شيخ شيوخنا هذا النقل المتين
ولكن هل تحفظون رأيه في الطواف في نهاية الشوط السابع هل يكبر أم لا؟
أو إذا كان أحد الإخوة يعرف رأيه فليتحفنا به
المقرئ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/477)
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[04 - 07 - 04, 01:53 م]ـ
جزاكم الله خيراً
قال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -:
((ويختم الشوط السابع باستلام الحجر الأسود وتقبيله إن تيسر، أو الإشارة إليه مع التكبير حسب التفصيل المذكور آنفا. وبعد فراغه من هذا الطواف يرتدي بردائه فيجعله على كتفيه وطرفيه على صدره.)).
http://www.binbaz.org.sa/last_resault.asp?title= صفة%20العمرة
ـ[عمر ابو عبد الله]ــــــــ[04 - 07 - 04, 03:14 م]ـ
هل الاشاره الى الحجر ةا ولتكبير هي للبدايه الشوط في الطواف او اذا انتهى
الظاهر عند البدء وقد يقال كلما حاذى كبر فيكبر عند انتهاء الشوط السابع وقد يقال ليس هناك محاذى عند نهاية الشوط السابع لانه ليس هناك شوط بعده فلا محاذاه والله اعلم
ـ[المسيطير]ــــــــ[04 - 07 - 04, 08:32 م]ـ
شيخنا الكريم / المقرئ
نعم الذي احفظه من كلام الامام ابن باز رحمه الله هو ان يكبر حتى في نهاية الشوط الأخير من الطواف والسعي، وقد ذكره في شرحه على بلوغ المرام - كما أشار الشيخ الفاضل / احسان العتيبي حفظه الله.
ولدي نسخة مفرغة من شرح الشيخ رحمه الله على البلوغ، ان رغب بها فضيلتكم، فأتشرف بإهدائكم اياها.
ـ[المقرئ.]ــــــــ[04 - 07 - 04, 09:24 م]ـ
إلى الشيخ الكريم: المسيطير
جزاك الله خيرا على الفائدة وأتشرف بهديتكم وجعلها في ميزان حسناتكم
الشيخ إحسان: كفيت ووفيت وجزيت خيرا
الشيخ عمر:
هما احتمالان فكما رأيت العلامة ابن باز يرى التكبير في آخر الشوط بناء على حديث جابر " كلما حاذى الحجر كبر "
وشيخنا ابن عثيمين لا يرى التكبير في آخر الشوط السابع ولا يرى الدعاء في آخر المروة لأن التكبير لأول الشوط وليس لآخره وكذا الدعاء في السعية الوقوف لبداية الشوط وليس لنهايته
وعلى كل لكل مأخذه ولا تثريب
المقرئ
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[05 - 07 - 04, 07:21 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
الأخ الفاضل المسيطير
النسخة المفرغة كم صفحة؟ وكم ثمنها؟:)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[05 - 07 - 04, 09:53 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
احتج بعض الناس بأن رفع اليدين على الصفا في التكبير يكون على هيئة رفع اليدين في الافتتاح واحتج
بما روا البيهقي في السنن
(2370] أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنبأ الربيع بن سليمان قال قلت للشافعي ما معنى رفع اليدين عند الركوع فقال مثل معنى رفعهما عند الافتتاح تعظيما لله وسنه متبعة يرجى فيها ثواب الله عز وجل ومثل رفع اليدين على الصفا والمروة وغيرهما انتهى
وهو في كتاب الأم
قال:
الشافعي ذكر رفع اليدين على الصفا فهذا يدل على أن الشافعي كان يرى أن هيئة رفع اليدين على الصفا كهيئته في افتتاح الصلاة
قال ومن جهة المعنى أن رفع اليدين في التكبير يكون على هذه الهيئة
وهذا الموضع يشرع فيه التكبير مع رفع اليدين
الى آخر ماذكر
في شرح معاني الاثار للطحاوي
(
(حدثنا سليمان بن شعيب بن سليمان عن أبيه عن أبى يوسف رضى الله تعالى عنه عن أبى حنيفة رضى الله تعالى عنه عن طلحة بن مصرف عن إبراهيم النخعي قال ترفع الأيدى في سبع مواطن في افتتاح الصلاة وفي التكبير للقنوت في الوتر وفي العيدين وعند استلام الحجر وعلى الصفا والمروة وبجمع وعرفات وعند المقامين عند الجمرتين قال أبو يوسف رحمه الله فأما في افتتاح الصلاة في العيدين وفي الوتر وعند استلام الحجر فيجعل ظهر كفيه الى وجهه وأما في الثلاث الأخر فيستقبل بباطن كفيه وجهه))
قال الطحاوي
(فأما ما ذكرنا في افتتاح الصلاة فقد اتفق المسلمون على ذلك جميعا وأما التكبيرة في القنوت في الوتر فإنها تكبيرة زائدة في تلك الصلاة وقد أجمع الذين يقنتون قبل الركوع على الرفع معها فالنظر على ذلك أن يكون كذلك كل تكبيرة زائدة في كل صلاة فتكبير العيدين الزائد فيها على سائر الصلاة كذلك أيضا وأما عند استلام الحجر فإن ذلك جعل تكبيرا يفتتح به الطواف كما يفتتح بالتكبير الصلاة وأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا
حدثنا يونس قال ثنا سفيان عن أبي يعفور العبدي قال سمعت أميرا كان على مكة من طرف الحجاج عنها سنة ثلاث وسبعين يقول كان عمر رضى الله تعالى عنه رجلا قويا وكان يزاحم على الركن فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا حفص أنت رجل قوي وإنك تزاحم على الركن فتؤذي الضعيف فإذا رأيت خلوة فاستلمه وإلا فكبر وامض
حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا أبو عوانة عن أبي يعفور عن رجل من خزاعة قال وكان الحجاج استعمله على مكة ثم ذكر مثله فلما جعل ذلك التكبير يفتتح به الطواف كالتكبير الذي جعل يفتتح به الصلاة أمر بالرفع فيه كما يؤمر بالرفع في التكبير لافتتاح الصلاة ولا سيما إذ قد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الطواف بالبيت صلاة
حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد ح وحدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قالا ثنا الفضيل بن عياض عن طاوس عن بن عباس رضى الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله عز وجل قد أحل لكم المنطق فمن نطق فلا ينطق إلا بخير فهذه العلة التي لها وجب الرفع فيما زاد على ما في الحديث الأول وأما الرفع على الصفا والمروة وبجمع وعرفات وعند المقامين عند الجمرتين فإن ذلك قد جاء منصوصا في الخبر الأول وهذا الذي وصفنا من هذه المعاني التي ثبتناها قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى
) انتهى
والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/478)
ـ[المسيطير]ــــــــ[05 - 07 - 04, 05:17 م]ـ
الشيخ الكريم / احسان حفظه ربي المنان،،،
ثمن النسخة زيارة تشرفنا بها اذا قدمت السعودية (نسخة بزيارة).
وهذا الشرط سقط سهوا عن الشيخ المقرئ فإن قبل به فبها، وان لم يقبل فلعل الشيخ يرسل العنوان، او ان كان في الرياض تشرفنا بلقياه وإهداءه.
ـ[المقرئ.]ــــــــ[05 - 07 - 04, 07:13 م]ـ
إلى الشيخ: المسيطير حفظه الله
لست من أهل الرياض ولكن لعلكم ترسلون رقم جوالكم على الخاص وسأرسل لكم من يستلمها منكم
وأسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتكم
محبكم: المقرئ
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[05 - 07 - 04, 08:04 م]ـ
إلى الشيخ: المسيطير حفظه الله
لست من أهل الرياض وعندي رقم جوالكم على الخاص وسأرسل لكم من يستلمها منكم
وأسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتكم
محبكم: أبو طارق
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[07 - 07 - 04, 05:58 م]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة المقرئ
إلى أخي المسيطير:
نقلتم عن شيخ شيوخنا هذا النقل المتين
ولكن هل تحفظون رأيه في الطواف في نهاية الشوط السابع هل يكبر أم لا؟
أو إذا كان أحد الإخوة يعرف رأيه فليتحفنا به
المقرئ
لئلا يلتبس على الإخوة الذين يسمعون أشرطة شرح الشيخ رحمه الله على كتاب الحج من البلوغ
سُئل الشيخ رحمه الله
السائل: يقول بسم الله والله أكبر ياشيخ في كل شوط يقول بسم الله والله أكبر في كل شوط في الطواف
الشيخ رحمه الله: في أوله، الله أكبر أو بسم الله والله أكبر نعم في أول كل شوط
انتهى من بداية الوجه الثاني من الشريط الثاني من شرحه رحمه الله على كتاب الحج من بلوغ المرام
والشيخ رحمه الله أجاب على سؤال السائل بدون التعرض لذكر في أن الذي يطوف هل يذكر ذلك في نهاية الشوط أم لا، والذي قد يُفهم من أن الشيخ رحمه الله يرى فقط ذكره في بداية كل شوط وهذا غير صحيح
يوضحه السؤال التالي في " نهاية " الوجه الثاني من الشريط الثاني من شرحه رحمه الله على كتاب الحج من البلوغ:
السائل: هل الرسول صلى الله عليه وسلم في آخر شوط من طوافه كبّر -عفا الله عنك-
الشيخ - رحمه الله -: إي نعم كلما حاذى الحجر كبّر في الشوط الأخير والشوط الأول والأشواط اللي بينهما، يختم بالتكبير ويبدأ بالتكبير
أخيرا بالنسبة للنسخة عند الأخ المسيطير أنا أعرف أنه يذهب أحيانا للقصيم فلعله يحتسب الأجر ويوصلها شخصيا إلى الشيخ المقرئ:)
ـ[المسيطير]ــــــــ[07 - 07 - 04, 10:38 م]ـ
شيخنا الكريم / المقرئ
اقتراح الأخ عبدالله المحمد جيد، فلعلي إذا اتيت إلى القصيم أهديتك المذكرة (ابتسامة).
شيخنا الفاضل /
لعلي أنقل ماذكره سماحة الإمام بحروفه:
السائل:
هل يقال الدعاء والذكر في آخر شوط عند المروة؟
فأجاب سماحته:
نعم على الصفا والمروة وجميع الأشواط، حتى الشوط الأخير يختم بالدعاء والذكر.
-------------------------------------------------------------------
السائل:
هل كبّر النبي صلى الله عليه وسلم في آخر شوط في الطواف؟.
فأجاب سماحته:
نعم كلما حاذى الحجر كبّر، في الشوط الأول وفي الشوط الأخير والتي بينها يبدأ بالتكبير ويختتم بالتكبير.
--------------------------------------------------------------------
السائل:
في السعي في آخر شوط عند المروة هل يكبر ويهلل ويحمد الله ويدعو أم لا؟
فأجاب سماحته:
نعم، مثل الطواف في أوله وآخره، والنبي صلى الله عليه وسلم فعل على المروة مثل ما فعل على الصفا في جميع الأشواط.
-----------------------------------------------------------------------
السائل:
هل يكون الذكر ثلاث مرات والدعاء مرتين لأنه بين ذلك؟
فأجاب سماحته:
يذكر الذكر ثلاث مرات والدعاء ثلاث مرات رافعا يديه.
--------------------------------------------------------------------
انتهى من كلام سماحته الامام ابن باز رحمه الله عند شرحه لكتاب الحج من بلوغ المرام.
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[08 - 07 - 04, 06:25 ص]ـ
أخي المسيطير بارك الله فيك
لي استفساران ....
الأول: هل هذه النسخة كاملة لما شرحه الشيخ من بلوغ المرام؟ بمعنى هل هي مفرغة من أشرطته التي أصدرتها تسجيلات البردين أم من أشرطة تسجيلات طيبة؟ وهل فيها الأسئلة التي بعد كل درس؟
ثانياً: لي زيارة للرياض الأسبوع القادم بإذن الله تعالى، فهل لنا حظٌ في هذه النسخة؟
جعل ما تقوم به في ميزان حسناتك عند الله يوم تلقاه
ـ[المقرئ.]ــــــــ[08 - 07 - 04, 03:21 م]ـ
الشيخ: المسيطير جزاكم الله خيرا على نقلكم لفتوى الشيخ رحمه الله
وأهلا بك ويشرفني حضورك
المقرئ
ـ[المسيطير]ــــــــ[09 - 07 - 04, 08:28 م]ـ
شيخنا الكريم المقرئ اتمنى ان اتشرف بلقيا شخصكم الكريم.
الاخ الكريم / اباعمر الناصر
النسخة مفرغة من اشرطة البردين، وأبشر سأهديك نسخة من الشرح، فراجع رسائلك الخاصة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/479)
ـ[المسيطير]ــــــــ[20 - 10 - 04, 12:18 ص]ـ
للفائدة.
علما أن العرض لازال ساريا للمشايخ الفضلاء.
ـ[أبو المنذر الأثري]ــــــــ[20 - 10 - 04, 02:54 ص]ـ
الأخ المسيطير بارك الله فيك ..
هل لنا نصيب من تركة الإمام إبن باز فتتحفنا بها؟؟
فإن لم تمانع بارك الله فيك أرسلت لك أخي ليأخذها؟؟
أحسن الله إليكم
ـ[ابو عبد الرحمن الغانم]ــــــــ[20 - 10 - 04, 03:54 م]ـ
في فتاوى اللجنة الدئمة (11/ 224 - 225)
........ ولا شك أن الطائف يحاذيه في نهاية الشوط السابع، فيسن له أن يكبر .......
ابن قعود،،،،ابن باز
ـ[رياض بن سعد]ــــــــ[20 - 10 - 04, 10:52 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أظن أن العرض للمشائخ فقط ,, وبما أني لست بشيخ
فأرجوا أن يشفع لي أحد المشائخ عند الشيخ المسيطير
ليتكرم علي بنسخة من ذلك الشرح المفرغ ..
سائلا المولى أن يغفر له ويرحمه ويجعل ذلك في ميزان حسناته
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[31 - 01 - 05, 07:16 ص]ـ
قال الشيخ سليمان العلوان -حفظه الله تعالى- في شرحه على كتاب الحج من بلوغ المرام:
قوله " فلما دنا من الصفا قرأ {إن الصفا والمروة من شعائر الله} ":
استحب بعض أهل العلم قراءة هذه الآية عند الدنو من الصفا، والذي يظهر والعلم عند الله أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قرأها من أجل التعليم كما قرأ عند المقام {واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى}، فنلاحظ على بعض الناس أنهم يقرأون {إن الصفا والمروة ... } الآية. ويعتقدون سنية هذا، ولهم سلف في هذه القضية، ولكنهم لا يقرأون {واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى} عند المقام وقد جاءت قراءة هاتين الآيتين في حديث واحد، فإما إلتزام قراءتهما معاً وإما تركهما معاً إلا عند انعقاد السبب من أجل التعليم، وهذا هو الذي يظهر دليله والعلم عند الله.
قوله صلى الله عليه وسلم (أبدأ بما بدأ الله به)
هكذا جاء في مسلم بلفظ الخبر، وقد رواه النسائي رحمه الله بلفظ الأمر وهي رواية شاذة، وقد رجح أكثر الحفاظ رواية الخبر. فقد اتفق حاتم ابن اسماعيل ووهيب ومالك وسفيان على روايته بلفظ الخبر وهو الذي رجحه الإمام ابن التركماني رحمه الله في (الجوهر النقي). أ. هـ
ـ[المسيطير]ــــــــ[14 - 12 - 07, 01:45 م]ـ
جزاكم الله خيرا.
قد يناسب نقل الموضوع للمنتدى الشرعي أو منتدى الحج.
ـ[عبدالرحمن العامر]ــــــــ[01 - 12 - 08, 05:52 م]ـ
الموضوع قد يناسب المنتدى الشرعي أو الدراسات الفقهية،،،(26/480)
يا أهل العلم افتونا فى الشعرانى صاحب الطبقات هل هو مخرف أم عالم رباني
ـ[حنبل]ــــــــ[24 - 01 - 04, 04:42 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله و كفى و الصلاة و السلام على عبد الذى اصطفى.
لا يخفى على احد منا كتاب الطبقات و مافيه خرفات و خزعبلات و طامات و التى تدل على عقيدة مؤلفة و لكن وقع بين يدى هذه الترجمه للشعرانى و التى جعلتنى اتسأل:
هل هو عالم ربانى ام زنديق مخرف صوفى.
هل كتابه الطبقات دس فيه كما يدعى بعض الصوفيه ام هو من قبيل الكذب.
هل هذه الترجمة لنفس الشعرانى صاحب الطبقات ام شعرانى آخر.
جزى الله خيرا من عنده علم و افتانا.
ذكر المؤرخ عبد الحي بن العماد الحنبلي رحمه الله تعالى في كتابه شذرات الذهب في أخبار من ذهب ترجمة الشيخ عبد الوهاب الشعراني رحمه الله تعالى وبعد أن أثنى عليه، وذكر مؤلفاته الكثيرة، وأثنى عليها أيضاً قال فيه: (وحسده طوائف فدسوا عليه كلمات يخالف ظاهرها الشرع، وعقائد زائغة، ومسائل تخالف الإِجماع، وأقاموا عليه القيامة، وشنَّعوا وسبُّوا، ورموه بكل عظيمة، فخذلهم الله، وأظهره الله عليهم وكان مواظباً على السنة، ومبالغاً في الورع، مُؤثِراً ذوي الفاقة على نفسه حتى بملبوسه، متحملاً للأذى، موزعاً أوقاته على العبادة؛ ما بين تصنيفٍ وتسليكٍ وإِفادة .. وكان يُسمَعُ لزاويته دوي كدوي النحل ليلاً ونهاراً، وكان يحيي ليلة الجمعة بالصلاة على المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولم يزل مقيماً على ذلك، معظَّماً في صدور الصدور، إِلى أن نقله الله تعالى إِلى دار كرامته) ["شذرات الذهب في أخبار من ذهب". ج8. ص374].
ارجو ان نسمع كلام اهل العلم فى هذا الرجل.
ـ[حنبل]ــــــــ[25 - 01 - 04, 03:59 ص]ـ
ننتظر ردودكم مشايخنا فلا تبخلوا علينا.
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[25 - 01 - 04, 05:07 ص]ـ
أخي الكريم حنبل _ وفقه الله _
عبد الوهاب الشعراني رجل ضال مضل، وكتابه الطبقات أعظم شاهد على زيغه وضلاله، لما فيه من الدعوة إلى الشرك بالله تعالى والتعلق بالمقبورين والاستغاثة بهم ودعائهم وعبادتهم من دون الله واعتقاد أنهم يعلمون الغيب ويدبرون أمور الكون، فضلا عما فيه من الخزعبلات والفسق والفجور، فتجده يذكر في كتابه كرامات الشيخ إبراهيم العريان رضي الله عنه!! فيقول في الطبقات 2/ 142: " وكان يخرج الريح بحضرة الأكابر ثم يقول: هذه ضرطة فلان ويحلف على ذلك، فيخجل ذلك الكبير منه مات رضي الله عنه سنة نيف وثلاثين وتسعمائه وكان رضي الله عنه يطلع المنبر ويخطب عريانا فيقول: (السلطان ودمياط باب اللوق وجامع طولون الحمد لله رب العالمين) فيحصل للناس بسط عظيم ".اهـ
، ويذكر في الطبقات 2/ 185 ترجمة سيده شعبان المجذوب رضي الله عنه!! فيقول: " كان من أهل التصريف بمصر المحروسة وكان يخبر بوقائع الزمان المستقبل واخبرني سيدي علي الخواص رضي الله عنه ان الله تعالى يطلع الشيخ شعبان على ما يقع في كل سنة من رؤية هلالها، فكان إذا رأى الهلال عرف جميع ما فيه مكتوبا على العباد وكان يقرأ سورا غير السور التي في القرآن على كراسي المساجد يوم الجمعة وغيرها فلا ينكر عليه أحد، وكان العامي يظن أنها من القرآن لشبهها بالآيات في الفواصل " اهـ
ويذكر في كتابه أن من كرامات سيده فلان (رضي الله عنه! بزعمه) أنه كان ينكح الحمير في الطرقات! نعوذ بالله من الخذلان.
وأمثال ذلك مما لو قرأته لشاب شعر رأسك، وحمدت الله ليل نهار على أن منّ عليك باتباع السنة، ولدعوت لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب _ عليه سحائب الرحمات _ فقد جعله الله تعالى وأولاده وتلاميذه سببا في تخليص الأمة الإسلامية من هذا الخزي الذي كانت ترتع فيه إلا من رحم الله، فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
وأما كون الشعراني كان عابدا فلا ينافي _ إن صح _ أنه كان ضالا مضلا، فكما أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وصف الخوارج بالمروق من الدين وانهم كلاب أهل النار مع كونهم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم، فكذلك القبوريون منهم عبّاد ولكنهم ضالون منحرفون.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/481)
كذلك قد يستشكل البعض أن الشعراني له كتب في الحديث و الفقه كالميزان وكشف الغمة من رآها لم يكد يصدق أن كاتبها هو كاتب الطبقات، وذلك لأن هؤلاء القبوريين لديهم انفصام في الشخصية بسبب تقسيم الدين إلى حقيقة وشريعة، فعندما يكلمك في الشريعة يكلمك كلام العقلاء، ثم إذا خاض في الحقيقة انقلب 180 درجة وتحول كلامه إلى كلام المجانين.
وأما ثناء المؤرخ عبد الحي بن العماد الحنبلي في كتابه شذرات الذهب في أخبار من ذهب على الشعراني،، فذلك لأنه على شاكلته، والطيور على أشكالها تقع، وهو صوفي قبوري مثله، فمن الطبيعي أن يثني عليه، بالإضافة إلى كون العالم الإسلامي في تلك الحقبة كان مغموسا في هذه الشركيات والبدع والخرافات يشب عليها الصغير ويشيب عليها الكبير، ومن لم يكن قبوريا مشركا رأيته مجاريا لهم مثنيا على ضلالاتهم بجهل أو تأويل، إلا من رحم الله عز وجل، ولو طالعت بقية كتاب الشذرات لوجدته يمجد القبوريين ويقر شركياتهم، وانظر إلى قوله هنا عن الشعراني: " موزعاً أوقاته على العبادة؛ ما بين تصنيفٍ وتسليكٍ وإِفادة " فالتسليك في مصطلح القوم هو جعل الشيخ تلميذه من السالكين وذلك بأن يلبسه الخرقة، فابن العماد لم ينف عن الشعراني التصوف بل إنه يثني عليه بأنه كان يقضي أوقاته في التسليك!
وليس هذا إن شاء الله من الغيبة وإنما هو من تحذير الأمة من أئمة أهل البدع البينة والضلالات الظاهرة والشركيات الجلية وكانوا مستعلنين بها ويدعون إليها في مصنفاتهم.
على كل حال فقد أفضى الشعراني وابن العماد إلى ما قدما وحسابهم على الله عز وجل.
واقرأ إن شئت ما قاله الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق _ حفظه الله _ في كتابه (فضائح الصوفية) عن الشعراني واحكم بنفسك، قال _ حفظه الله _:
" فهذا هو عبد الوهاب الشعراني يجمع في كتابه الطبقات الكبرى كل فسق الصوفية وخرافاتها وزندقتها فيجعل كل المجانين والمجاذيب واللوطية والشاذين جنسياً، والذين يأتون البهائم عياناً وجهاراً في الطرقات، يجعل كل أولئك أولياء وينظمهم في سلك العارفين وأرباب الكرامات وينسب إليهم الفضل والمقامات. ولا يستحي أن يبدأهم بأبي بكر الصديق ثم الخلفاء الراشدين ثم ينظم في سلك هؤلاء من كان (يأتي الحمارة) جهاراً نهاراً أمام الناس ومن كان لا يغتسل طيلة عمره، ومن كان يعيش طيلة عمره عرياناً من الثياب ويخطب الجمعة وهو عريان، ومن ومن… من كل مجنون وأفاك وكذاب ممن لم تشهد البشرية كلها أخس منهم طوية، ولا أشد منهم مسلكاً ولا أقبح منهم أخلاقاً، ولا أقذر منهم عملاً ينظم كل أولئك في سلك واحد مع أشرف الناس وأكرمهم من أمثال الخلفاء الراشدين والصحابة الأكرمين وآل بيت النبي الطاهرين فيخلط بذلك الطهر مع النجاسة والشرك بالتوحيد، والهدى بالضلال، والإيمان بالزندقة، ويلبس على الناس دينهم، ويشوه عقيدتهم.
وأقرأ الآن بعض ما سطره هذا الأثيم عمن سماهم بالأولياء العارفين: قال في ترجمة من سماه بسيده علي وحيش:
"وكان إذا رأى شيخ بلد، أو غيره ينزله من على الحمار ويقول: امسك رأسها حتى أفعل فيها. فإن أبى شيخ البلد تسمر في الأرض ولا يستطيع أن يمشي خطوة. وإن سمع حصل له خجل عظيم والناس يمرون عليه"!! (الطبقات الكبرى ج2ص135)
فانظر كيف كان سيده علي وحيش يفعل هذا أمام الناس!! فهل يتصور عاقل بعد هذا أن هذا التصوف النجس من دين المسلمين ومما بعث به رسول رب العالمين، محمد صلى الله عليه وسلم الهادي الأمين. وهل ينظم أمثال علي وحيش ومن على شاكلته في سلك أصحاب الرسول ويجعل هؤلاء جميعا أصحاب صراط واحد إلا زنديق أفاك أراد هدم دين الإسلام وتخريب عقائد المسلمين.
وحتى لا تستفيق العقول من رقادها، فإن الشعراني هذا زعم لهم أن الأولياء لهم شريعتهم الخاصة التي يعبدون الله بها ويتقربون إلى الله بها وإن كان منها إتيان الحمير!! وكلما حاولت نفس أن تستيقظ، وتفكر لتفرق بين الهدى والضلال، والطهر والنجاسة، ألقى هؤلاء عليها التلبيس والتزوير. وهذا هو الشعراني يذكر أن رجلاً أنكر الفسق والفجور الذي يكون في مولد (السيد) البدوي حيث وما زال يجتمع الناس بمئات الآلاف في مدينة طنطا ويكون هناك الاختلاط المشين بين الرجال والنساء بل تصنع الفاحشة في المساجد والطرقات، وحيث كانت تفتح دور البغاء وحيث يمارس
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/482)
الصوفيون والصوفيات الرقص الجماعي في قلب المسجد وحيث يستحل كل الحرمات أقول يروي الشعراني في كتابه الطبقات أن رجلاً أنكر ذلك فسلبه الله الإيمان!! -أنظر- ثم يقول: (فلم يكن شعرة فيه تحن الى دين الإسلام فاستغاث بسيدي أحمد رضي الله عنه. فقال: بشرط إن لا تعود فقال: نعم فرد عليه ثوب إيمانه. ثم قال له: وماذا تنكر علينا؟ قال: اختلاط الرجال بالنساء. فقال له سيدي أحمد رضي الله عنه: ذلك واقع في الطواف ولم يمنع حرمته ثم قال: وعزة ربي ما عصى أحد في مولدي إلا وتاب .. وحسنت توبته وإذا كنت أرعى الوحوش والسمك في البحار واحميهم بعضهم بعضا. أفيعجزني الله عز وجل من حماية من حضر مولدي!!) (الطبقات الكبرى ج1 ص162)
ولا عجب أن يروي الشعراني كل ما يروي في كتابه من الزندقة والكفر والجهالة والضلالة فهذا هو يفتري عن نفسه أن السيد البدوي الذي هلك قبله بنحو من أربعة قرون كان يخرج له من يده من القبر ليسلم عليه، وأنه أعد له زاوية من زوايا مسجده غرفة ليدخل فيها على زوجته!! وأنه كان إذا تأخر عن مولد السيد البدوي كان البدوي هذا يخرج من قبره ويزيح الستر الموضوع فوق القبر ويقول أبطأ عبد الوهاب ما جاء!! وهذه نصوص عبارته في ذلك، يقول: "إن سبب حضوري مولد أحمد البدوي كل سنة أن شيخي العارف بالله تعالى محمد الشناوي رضي الله عنه أحد أعيان بيته رحمه الله قد كان أخذ علي العهد في القبة تجاه وجه سيدي أحمد رضي الله عنه، وسلمني إليه بيده، فخرجت اليد الشريفة من الضريح، وقبضت على يدي وقال يا سيدي يكون خاطرك عليه، واجعله تحت نظرك!!
فسمعت سيدي أحمد من القبر يقول: نعم، ثم يسترسل عبد الوهاب الشعراني قائلا: لما دخلت بزوجتي أم عبد الرحمن وهي بكر مكثت خمسة شهور لم أقرب منها، فجاءني وأخذني وهي معي وفرش لي فراشا فوق ركن القبة التي على اليسار الداخل وطبخ لي الحلوى، ودعا الأحياء والأموات إليه وقال: أزل بكارتها هنا، فكان الأمر تلك الليلة.
ثم يقول: وتخلفت عن ميعاد حضوري للمولد سنة 948 ثمان وأربعين وتسعمائة وكان هناك بعض الأولياء فأخبرني أن سيدي أحمد رضي الله عنه كان ذلك اليوم يكشف الستر من الضريح ويقول: أبطأ عبد الوهاب ما جاء" (الطبقات الكبرى ج1 ص161،162) اهـ "
نسأل الله تعالى العفو والمغفرة.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[25 - 01 - 04, 12:57 م]ـ
حقيقة يصعب تصديق وجود هذه العبارات في كتابات شخص، كما أشار الشيخ وليد له كتابة متزنة في الفقه والحديث وغيرها.
فهل يعقل أن يصل الرجل في الإتقان في علوم الشريعة لهذه الدرجة ثم هو يكتب هذه الخرافات والفسق والفجور
والذي يظهر أن الدس قد أخذ نصيبا وافرا من كتبه
وقد أكد على هذا صاحب الشذرات أعلاه
ثم ما في كلام الشعراني نفسه
قال في كتابه لطائف المنن والأخلاق فقال: (ومما مَنَّ الله تبارك وتعالى به عليَّ، صبري على الحسدة والأعداء، لما دسوا في كتبي كلاماً يخالف ظاهر الشريعة، وصاروا يستفتون عليَّ زوراً وبهتاناً، ومكاتبتهم فيَّ لِبابِ السلطان، ونحو ذلك. إِعلم يا أخي أن أول ابتلاء وقع لي في مصر من نحو هذا النوع، ... إلخ
وقال:
ثم إِني لما صنفت كتاب البحر المورود في المواثيق والعهود، وكتب عليه علماء المذاهب الأربعة بمصر، وتسارع الناس لكتابته، فكتبوا منه نحو أربعين نسخة، غار من ذلك الحسدةُ، فاحتالوا على بعض المغفلين من أصحابي، واستعاروا منه نسخته، وكتبوا لهم منها بعض كراريس، ودسوا فيها عقائد زائغة ومسائل خارقة لإِجماع المسلمين، وحكايات وسخريات عن جحا، وابن الراوندي، وسبكوا ذلك في غضون الكتاب في مواضع كثيرة، حتى كأنهم المؤلف، ...
وقال:
وأعرفُ بعض جماعة من المتهوِّرين، يعتقدون فيَّ السوء إِلى وقتي هذا، وهذا بناء على ما سمعوه أولاً من أُولئك الحسدة، ثم إِن بعض الحسدة، جمع تلك المسائل التي دُسَّت في تلك الكراريس وجعلها عنده، وصار كلما سمع أحداً يكرهني، يقول له: إِن عندي بعض مسائل تتعلق بفلان، فإِن احتجت إِلى شيء منها أطلعتك عليه، ثم صار يعطي بعض المسائل لحاسد بعد حاسد إِلى وقتي هذا، ويستفتون عليَّ وأنا لا أشعر، فلما شعرتُ، أرسلت لجميع علماء الأزهر أنني أنا المقصود بهذه الأسئلة، وهي مفتراة عليَّ، فامتنع العلماء من الكتابة عليها)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/483)
[كتاب "لطائف المنن والأخلاق" للشعراني ج2. ص190ـ191].
وقد أخذت من بعض الإخوة كتاب اللطائف لتأكيد ما نقل أعلاه.
وقال أيضاً: (وكذلك دسوا عليَّ أنا في كتابي المسمى بالبحر المورود جملةً من العقائد الزائغة، وأشاعوا تلك العقائد في مصر ومكة نحو ثلاث سنين، وأنا بريء منها كما بَيَّنْتُ في خطبة الكتاب لمَّا غيرتها، وكان العلماء كتبوا عليه وأجازوه، فما سكنت الفتنة حتى أرسلت إِليهم النسخة التي عليها خطوطهم)
["اليواقيت والجواهر" ج1. ص8].
وقال في مقدمة كتابه (الأنوار القدسية): ((و قد ضمنت كل باب ما تقر به أعين الناظرين من قول السلف و الخلف إى عصرنا هذا. فأكرم بها من رسالة كلها نصح و أدب و لا أظن أن فيها كلمة واحدة يرمى بها. و أعيذها بالله تعالى من شر كل عدو أو حاسد يدس فيها ما ليس من كلامي فينفر الناس من مطالعتها، كما وقع ذلك في كتاب ""العهود" و في مقدمة كتاب "كشف الغمة" فإن بعض الحسدة لما رألى إقبال الحسدة على هذين الكتابين غار من ذلك فاستعار له نسخة من كل كتاب و دس فيها كلاماً ليس كلامي و سلكه في غضونها حتى كأنه المؤلف. ثم أعطى ذلك لبعض المتهورين في دينهم و قال أطلع العلماءعلى هذا الكلام المخالف لظاهر الشريعة الذي ألفه فلان! فلا يعلم عدد من استغابني إلا الله تعالى. مع إني بحمد الله سني محمدي .. و ما ألفت شيئاً من هذا الكتاب إلا بعد تبحري في علوم الشريعة الإسلامية و اطلاعي على مذاهب المجتهدين و أدلتهم. فكيف أخالفهم؟ و أعرف بعض جماعة يظنون إنني أعتقد ما دسوه في كتبي من العقائد الزائغةإلى وقتي هذا و ما منهم أحد يجالسني قط. فالله يغفر لهم جميعاً .. فإياك أن تصغيي لقولهم .. فإني بريء من جميع ما دسوه و بيني و بينهم يوم القيامة))
كتاب الأنوار القدسية - مكتبة المعارف بيرت - ص 18].
اهـ
بتصرف يسير
=================
أما كتاب الطبقات والذي حوى تلك الشنائع التي نقلت منها تلك النقولات القبيحة
فقد أعيد طبع الكتاب بتحقيق عبدالرحمن حسن محمود.
ووضع على غلافه: أول طبعه محققة في العالم.
ومما كُتب على الغلاف أيضاً: قوبلت هذه الطبعة على مخطوطة نادرة، ومقابلة قراءة كاملة على طبعة بولاق عام 1292 هـ، وعدة مخطوطات بمكتبة الأزهر الشريف، وهي خالية تماماً من التحريف والتخريف.
الناشر: مكتبة الآداب، 42 ميدان الأوبرا ـ القاهرة ت: 3900868
الطبعة الأولى. 1414 هـ ـ 1993 م وحقوق الطبع محفوظة لمكتبة الآداب.
ومما قاله المحقق في مقدمته للكتاب صفحة رقم 25، تحت عنوان:
كتاب ((الطبقات الكبرى)) والكذب على الشيخ رحمه الله ورضى الله عنه
ما نصه:
((وأما ما كذب على الشيخ الشعراني في هذا الكتاب " لواقح الأنوار في طبقات السادة الأخيار " فكثير، وقد مكننا الله تعالى من الاطلاع على تراجم نظيفة أثبتناها في نسختنا هذه، وأشرنا إلى كلٍ في موضعه.
إن النسخة التى كتبها الشيخ بيده رحمه الله تعالى قد فقدت، أو هى في سرداب من سراديب المكتبات، أو أضاعوها ليتمكنوا من دس ما يمكن دسه فيما تنسخه أيديهم.
والنسخ الموجودة في بعض تراجمها زيادة عن المطبوع أو نقص، فما رأيت فيه مخالفة تستحق أن تظهر: نقلته برمته، بدلاً عن ما في النسخ المطبوعة، وما لا: تركته كما هو، وإليك بعض من المخالفات الواضحة:
وذكر الكثير من الأمثلة
ومنها:
* فى ترجمة الشيخ على أبو خوذة ص 122 ج2 ما نصه:
" وقال لى مرة احذر أن تنيكك أمك، فقلت لعبد من عبيده: ما معنى كلام الشيخ؟ قال: يحذرك أن يدخل حب الدنيا فى قلبك، لأن الدنيا هى أمك " إهـ.
وفى المخطوطة التى راجعت عليها ما نصه:
" اجتمعت به كثيراً، فقلت له مرة: أوصنى! فقال: احترس أن تلعب بك أمك، فقلت لعبيده: ما معنى هذا؟ فقالوا: احذر أن تميل إلى الدنيا بقلبك " إهـ.
أما الذي هو أشهر مثال ينسبونه للشعراني فما جاء في ترجمة الشيخ " على وحيش " ج 2 ص 135 من المطبوعة: " وكان إذا رأى شيخ بلد وغيره ينزله من على الحمارة، ويقول له: إمسك رأسها لى حتى أفعل فيها، فإن أبَى شيخ البلد تسمر فى الأرض حتى لا يستطيع يمشى خطوة، وإن سمع حصل له خجل عظيم " إهـ.
والترجمة التى أثبتها بالكامل فى هذا الكتاب من المخطوطة التى استعنت بها ليس فيها هذا الكلام إطلاقاً.
ثم وضع المحقق صورة المخطوطة وقال:
ولذلك صوّرتها لك أيها القارئ الكريم مع المقدمة لتقرأها بعينك، ويستريح قلبك: أن هؤلاء الناس قد افترى عليهم مَنْ قدوته مغرضو اليهود والنصارى، في الافتراء على أهل الله، والكذب عليهم.
ثم ذكر ترجمة كلٍّ من ناصر الدين أبى العمائم الزفتاوى، والشيخ شرف الدين الصعيدى، والشيخ أبى القاسم المغربى، والشيخ إبراهيم أبى لحاف: مقتضبة، أثبتنا في نسختنا من المخطوطة ما هو أوسع , وأكمل، وأنظف، وهى من الأدلة الواضحة على أن هذا الكتاب لعبت فيه أيدٍ غير أمينة على دين لاو خلق.
اهـ
باختصار
والكتاب طبع مكتبة الآداب بمصر
============
وقد ذكر مثل هذا الكلام عبد القادر عطا في مقدمة كتاب ((الطبقات الصغري))
وبعد أن قال كلاما كثيرا في صفحة رقم 11 تحت عنوان: (الدس في كتب الشعراني) قال ما نصه:
إن سلوك الإمام الشعراني وكتبه ودعوته كلها تنآى عن هذه الانحلالات الهادمة، وتبرأ منها وممن دسها عليه، ثم إنه لم يغفل التنبيه في غير موضع من كتبه على أمر هؤلاء الدساسين، وفي كتاب الطبقات الصغرى هذا نبه على شأنهم في غير موضع أيضاً.
ومن عجيب الأمر أن تبقى تلك المدسوسات في كتب الشعراني إلى الآن، ويجبن الناشرون والمحققون عن حذفها حتى تعود الى الطبقات قيمتها العلمية
اهـ
بتصرف
فأرى أن تلك الأمثلة المخلة والتي لا يقبلها عاقل يجب أن تحارب دونما هوادة، لكن الحق أحق أن يتبع ولابد من الاعتراف بأن التزوير قد حصل في كتب الشعراني مما يوجب على الإنسان الإنصاف في عدم نسبة هذه الشنائع لهذا الرجل، وما سوى ذلك فيقاس على الكتاب والسنة ففيهما النجاة والفوز العظيم.
والله أعلم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/484)
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[25 - 01 - 04, 04:16 م]ـ
- في سير أعلام النبلاء: قال ابن النديم: قرأت بخط عبيدالله بن أحمد بن أبي طاهر: كان الحلاج مشعبذا محتالا، يتعاطى التصرف، ويدعي كل علم وكان صفرا من ذلك.
وكان يعرف في الكيمياء، وكان مقداما جسورا على السلاطين، مرتكبا للعظائم يروم إقلاب الدول ويدعي عند أصحابه الإلهية، ويقول بالحلول.
ويظهر التشيع للملوك ومذاهب الصوفية للعامة.
وفي تضاعيف ذلك يدعي أن الإلهية حلت فيه تعالى الله وتقدس عما يقول ".
- قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (14/ 351): " قال ابن باكويه سمعت ابن خفيف يسأل ما تعتقد في الحلاج قال أعتقد أنه رجل من المسلمين فقط فقيل له قد كفره المشايخ وأكثر المسلمين فقال إن كان الذي رأيته منه في الحبس لم يكن توحيدا فليس في الدنيا توحيد.
قلت [يعني الذهبي]: هذا غلط من ابن خفيف فإن الحلاج عند قتله ما زال يوحد الله ويصيح: الله .. الله في دمي فأنا على الإسلام وتبرأ مما سوى الإسلام والزنديق فيوحد الله علانية، ولكن الزندقة في سره، والمنافقون فقد كانوا يوحدون ويصومون ويصلون علانية والنفاق في قلوبهم.
والحلاج فما كان حمارا حتى يظهر الزندقة بإزاء ابن خفيف وأمثاله.
بل كان يبوح بذلك لمن استوثق من رباطه.
ويمكن أن يكون تزندق في وقت ومرق وادعى الإلهية وعمل السحر والمخاريق الباطلة مدة؛ ثم لما نزل به البلاء ورأى الموت الأحمر أسلم ورجع إلى الحق.
والله أعلم بسره.
ولكن مقالته نبرأ إلى الله منها فإنها محض كفر نسأل الله العفو والعافية " انتهى المقصود منه.
- قال أبو عمر: وكذا رؤوس الصوفية – ومنهم الشعراني - فليسوا حميراً حتى يظهروا للناس كل زيغهم، إنما يظهرون من استوثقوا منه عدم النفرة والنكرة.
وكذا الشعراني فليس حماراً حتى يعترف بما يُرمى به، ودفاع ابن العماد عنه اشبه بدفاع ابن خفيف عن الحلاّج.
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[26 - 01 - 04, 03:44 ص]ـ
الحمد لله وحده ...
الشيخ الحبيب السمرقندي
لو أننا أخرنا الذي تقول بعد أن نستفرغ الوسع في تحقيق نسبة المخالفات التي في الطبقات لمن نسبت إليه
لكان أقرب للمنهج السديد الذي ينبغي أن يُترسمَ
فإن مقالتك - بارك الله فيك - مبناها على الظن
فإياكه
والمعذرة على تعقب أمثالي على من هو مثلك و السلميَّ
وفقكما الرب لما يرضاه
ـ[العدوي]ــــــــ[26 - 01 - 04, 08:11 ص]ـ
حقيقة قد شغلني هذا الموضوع فترة كبيرة بالدراسة والتمحيص والتدقيق عن مخطوطات الشعراني، وغيره من متفلسفة الصوفية كابن عربي الحاتمي الطائي، وابن الفارض وغيرهما، والذي ظهر لي بما لا يدع مجالا للشك أن الشعراني كان رجلا مبتدعًا مخرفًا، لأننا وإن قلنا حتى بوضع كتاب الطبقات من أصله، فكتبه الأخرى طافحة بذلك، ومن أهمها "لطائف المنن والأخلاق" أو المسمى بالمنن الكبرى، ولكن هذا الانحراف لا يلاحظ إلا إن كتب الرجل في مجال السلوك والتصوف، ولكن كتاباته الأخرى قد لا يلحظ فيها شيء من الأصل يدل على هذه البدعة، ومن أبرز الأمثلة على ذلك كتابه " مختصر الاعتقاد للبيهقي " وقد اطلعت عليه كاملا، وقمت بنسخه من النسخة الكائنة بدار الكتب المصرية، فلا تكاد تلمح فيها أي انحراف متعلق بالشركيات والخزعبلات، وإنما جل ما فيها التأشعر على عادة علماء تلك الأزمان المتأخرة التي قل فيها الحق، وللوقوف على المزيد من أحوال هذا الرجل عليك بكتابات بعض من رجع من المتصوفة أنفسهم، ومن قرأ كلام شيوخ الصوفية بعمق سواء المتقدم أو المتأخر سيجد أن الضلال واحدٌ، الفارق الوحيد أن المتقدمين كانوا على حذر وعلم بالفلسفة والكلام، فكانوا يدسون السم في العسل، وأما متأخروهم فهم أجهل من الدواب، جل علمهم وعملهم هو اقتفاء آثار شيوخهم الجهال، ولعل الله تعالى أن ييسر وانتهي من دراستي الموسعة حول الطرق الصوفية، وجذورها العقدية، وأصولها التاريخية، وصدرتها ببحث مطول عن مناهج متقدمي الصوفية في تصانيفهم، يسر الله تعالى إتمامه، فلعله يكون الأول - بتوسع - في هذا المضمار، مع تحليل كامل للألفاظ والمصطلحات، والسياقات، واعلم أخي الكريم أن كل مشايخ الصوفية والطرقيين قد دوفع عنهم بأن الكلام المنسوب إليهم لا يثبت، ومن أطرف ما قرأت في هذا كلامًا للهرري الضال
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/485)
المضل يجزم فيه بأن كتب ابن عربي قد وضعت عليه، دسها عليه اليهود، والمسكين لا يدري بذلك أنه ربما نسف الرجل لا دافع عنه، فكل بساطة إن لم يكن لابن عربي هذا كلام، فهو إذن شخصية وهمية!!!!!، وأود أن أسأل سؤالا هامًا لهؤلاء؛ فأقول: لماذا لا يختار اليهود غير شيوخكم لوضع هذا الضلال في كتبهم؟!!!
أقول: إن للسؤال إجابتين أحلاهما مر؛ فالأولى: إما لأن اليهود قد وجدوا كتب هؤلاء المشايخ طافحة بالضلال الذي يساعدهم على ذلك، وإلا فلماذا لم يحرفوا كتب علماء أهل السنة؟!!!
وههنا ملمح ولطيفة: وذلك أنه لو ثبت حتى أن اليهود كانوا يعمدون إلى كتب شيوخهم فيحرفونها؛ فذلك لعلمهم أن الصوفية قومٌ لا علاقة لهم بالعلم، ويأخذون من كل حاطب ليل، كما يقولون" من كل من هب ودب " وأن أهل السنة قوم ينقبون عن الكلام، ولا يقبلون من كل أحد، بل لا يقبلون إلا ممن اجتمعت فيه شرائط تحققوا منها من أن الناقل عدل في دينه، ضابط في روايته، وهذا الملمح يعني ببساطة أن نهج الصوفية قائم على نقولات لا أصل لها، ولا يعرف لها واضع،وهذا وحده كفيل بهدم كلامهم من أوله إلى آخره.
وأما الإجابة الثانية: أنهم قومٌ كذابون، وأن اليهود لم يضعوا شيئًا، بل هو مما كتبت أيدي مشايخهم، والله الموعد.
فالخلاصة: أنه لا يصح أن نُنَصِّلَ كلَّ أحد من مسئولية ما كتب بزعم أن هذا الكلام وضع عليه، فإما أن تكون بينة من مثل: أن يكون الرجل معروفٌ عنه الاستقامة في تصانيفه، ووجدنا له كلامًا مخالفًا، فقد نقبل الكلام في هذه الحالة، ونقول: إنه دُسَّ عليه، أما أن يكون هذا دأبه وديدنه، بل ودأب وديدن من نقل عنه، وكذلك نقولات من رد عليه، فهذا مما يحيل العقل حدوثه، إذ يبعد أن يكون الكل متواترون على نقل الكذب عن واحد، خصوصًا وإن نقل معاصرون عن هذا المرمي بالبدعة نفس الكلام
هذه عجالة سريعة لأن هذا الموضوع لا تكفي لسرد كل جوانب الإجابة، ولعل الله تعالى ييسر نشر الموضوع بكامله عند فراغ البال، وجزاكم الله خيرًأ
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[26 - 01 - 04, 11:18 ص]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة العدوي
لا يصح أن نُنَصِّلَ كلَّ أحد من مسئولية ما كتب بزعم أن هذا الكلام وضع عليه، فإما أن تكون بينة من مثل: أن يكون الرجل معروفٌ عنه الاستقامة في تصانيفه، ووجدنا له كلامًا مخالفًا، فقد نقبل الكلام في هذه الحالة، ونقول: إنه دُسَّ عليه، أما أن يكون هذا دأبه وديدنه، بل ودأب وديدن من نقل عنه، وكذلك نقولات من رد عليه، فهذا مما يحيل العقل حدوثه، إذ يبعد أن يكون الكل متواترون على نقل الكذب عن واحد، خصوصًا وإن نقل معاصرون عن هذا المرمي بالبدعة نفس الكلام.
أولاً ... جزى الله خيراً أخي الفاضل العدوي وبارك في علمه ونفع به.
أخي المفضال الكريم الأزهري السلفي ... بارك الله فيك على تواضعك وأدبك وتوجيهك
- كلام الأخ العدوي المقتبس ههنا جميل جداً في الإجابة عن توجيهك السديد.
- وإضافة إلى ما ذكره - بارك الله فيه - فإنَّ الأصل أنَّ الكتاب منسوب لمؤلفه حتى يثبت ما يدفع عنه ذلك.
- وعموماً فأنا يكفيني على أقل الأحوال ما قاله الذهبي رحمه الله في المقالة السالفة التي نقلتها عنه في التعامل مع هؤلاء المدافع عنهم ممن لهم كتب طافحة بالكفر والضلال:
" ... ويمكن أن يكون تزندق في وقت ومرق وادعى الإلهية وعمل السحر والمخاريق الباطلة مدة؛ ثم .... أسلم ورجع إلى الحق.
والله أعلم بسره.
ولكن مقالته نبرأ إلى الله منها فإنها محض كفر، نسأل الله العفو والعافية ". انتهى.
وبالله تعالى التوفيق
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[26 - 01 - 04, 01:45 م]ـ
فإنَّ الأصل أنَّ الكتاب منسوب لمؤلفه حتى يثبت ما يدفع عنه ذلك
أعتقد أنه حتى الصوفية أنفسهم لا ينكرون نسبة الكتاب له، لكنهم يدافعون عنه بأن فيه مدسوسات
فلعله من الأنسب أن يطلع أحد على الكتاب بتحقيق عبدالرحمن حسن محمود،
وبنظر هل فيه تلك السخافات ثم نحكم، لأن الرجل حسب ما نقل من مقدمته أنه خال من معظم تلك القصص المختلقة، والتي يتداولها كل من أراد انتقاد الشعراني.
ـ[حنبل]ــــــــ[26 - 01 - 04, 06:54 م]ـ
جزاء الله اخوانى المشاركين خير الجزاء.
حقيقة استمتعت بمشاركاتكم.
اخى راجى رحمة ربه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/486)
الحسد موجود بين العلماء منذ الاذل و لم يحسد عالما فى الدنيا مثل ما حسد شيخ الاسلام و كان فى بيئة لا توافق على اعتقاداته بالرغم من ذلك لم يدس فى كتبه شيئا و الكذبات التى قيلت حوله فندها المفندون فكيف بالشعرانى الذى نشأ فى بيئة خصبة لكتابة هذا من جه و الحسد بين العلماء يكون دائما بين الاقران فكما ان مكانة الشعرانى العلمية تدفع عنه مثل هذه الخزعبلات فكذلك مكانت اقرانه تدفع عنهم شبه الدس.
أما مسالة الكتاب المحقق و الذى لم يوجد فيه هذه الخرافات انت اعترفت اخى ان الكاتب لم يجد المخطوطة الاصلية اذا التحقيق غير حقيقى هذه الاولى.
ثانيا الصوفية قد ضجو من هذه الخرافات لانها صارت طعن لهم بسبب انتشار العلم المادى عند الكثيرين و انتشار العلم الشرعى عن القليلين و اصبحت هذه الخرافات حاجز صد و اصبحت لا تؤدى غرضها الترهيبى و الترغيبى حتى عند اتباعهم فاصبح خيرا للمتصوفة ان يحذفوها.
و عندنا مثال كتاب جواهر المعانى للتجانى لا تجد الان طبعة فى السوق تذكر فضل صلاة الفاتح و التى قال شيخهم انها تعدل قراءة القرآن ستة الاف مرة و ذلك بسبب عدم تقبل الناس لهذا الكلام فحذفوها بينما كانت فى الطبعات القديمة مثبته.
و عندك مثال آخر ما يقوم به الهررى يصدر الفتوى فاذا تقبلها الناس فخيرا اما اذا رفضوها اخرج طبعة جديد و حذف منها الفتاوى الغير مقبولة.
أخى هنالك كثير من اشعار الصوفية التى تتحدث عن هذه الكرامات المزعومة للاولياء التى ذكرها الشعرانى فى كتابة الطبقات و لا زال كثير من المتصوفة يتلون هذه الكرامات فى الموالد تحت بند المناقب.
و الان اخى راجى رحمة ربه هل يمكن ان تتفضل و تجيبنى على هذه الاسئلة
لماذا لا يكون الدس دائما الا فى الكتب الا عند الشعية و الصوفية.
لماذا لم يقوم الشعرانى بتنقية كتبه من الدس بالرغم من ان الدس حصل و هو حى.
هل يعقل ان لا يؤثر و لا حتى دس واحد بينه الشعرانى بل الكلام عام و يمكن لا احد ان يزيده.
اليس الاسهل ان نقول ان الكلام الذى دس هو الذى ذكرته لانه كلام بسيط بينما الامور الباطلة التى نتحدث عنها ربما تمثل جل الكتاب.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[27 - 01 - 04, 03:50 ص]ـ
الشيخ حنبل
بعض أسئلتك كأنه أجيب عليها ضمن الكلام السابق، وبعضها الآخر وجيه وهو محتمل، ولست ممن تعمق في البحث في شأن الشعراني أكثر مما نقلته لك، والله أعلم بالرجل وبما ختم له.
وليس عندي للرجل إلا كتاب كشف الغمة وهو كتاب ليس فيه إلا قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وضعه ليرجع العباد إلى اتباع الدليل من الكتاب والسنة مما عليه الأئمة المتبوعين.
ولولا حرمة لا إله إلا الله لما التفت لما ينقل ويقال من قصص شنيعة لا يقبلها عاقل في حق العوام فكيف بمن ينسب للعلم.
نسأل الله أن يجعل عاقبتنا في مرضاته، ويجنبنا الزلل ويقبضنا وهو راض عنا على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وفقك الله لما يحب ويرضى.
ـ[العدوي]ــــــــ[27 - 01 - 04, 07:07 ص]ـ
اعتذر إخوتي الكرام عن خطأين نحويين ذهلت عنهما، وأنا أكتب في هذا الموضوع وهما:
الأول:
أن يكون الرجل معروفُ
إذ الصواب: أن يكون الرجلُ معروفًا، إذ يبعد احتمال كان التامة في هذا الموضع، والصواب أنها كان الناقصة، وتكون كلمة " معروفًا " خبر كان الناقصة.
والثاني:
أن يكون الكل متواترون
والصواب: متواترين
والرجاء من الأخ المشرف تصويب الجملتين مباشرة، وجزاكم الله خير الجزاء، وأرجو المعذرة للتعجل الذي أدى إلى الوقوع في الأخطاء.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[27 - 01 - 04, 09:33 ص]ـ
الحمد لله ....
ليسمح لي الأخوة أن أدلي بدلوي في هذا الموضوع حيث أني من المهتمين بأمر الصوفية.
بداية أنا لا أستبعد مبدأيا أن يكون الشعراني بريء من هذه الأكاذيب وأنا أقول دائما - وغيري من طلبة العلم - عندما أتكلم عن كلام مردود منسوب إلى أحد المؤلفين - أقول - احتياطا-: إن كان قال هذا الكلام فالأمر كذا وكذا، ولكن الأمر هنا فيه شيء من الغرابة ولي عليه بعض النقاط:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/487)
1) لماذا لم يحدث هذا الدس الشنيع إلا في كتب أو كتاب الشعراني؟ لماذا لم يحدث مع غيره من العلماء - حتى من الصوفية -؟ أم أنه الوحيد الذي له أعداء؟ وما موقف العلماء المعاصرين له من ذلك وأقوالهم حول هذا الأمر؟ ولماذا بقي الكتاب يُطبع طيلة هذه المدة دون تغيير علما بأن أحد الطبعات وهي طبعة دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بالقاهرة 1954م كُتِبَ في آخرها ما يلي: " بحمد الله تعالى!!! قد تم طبع كتاب [الطبقات الكبرى، المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار] لأبي المواهب الشيخ " عبد الوهاب الشعراني "
مصححا بمعرفة لجنة من العلماء!!!! برياسة الشيخ أحمد سعد علي
القاهرة في يوم الثلاثاء 20 ربيع الأول سنة 1374 - 16 نوفمبر 1954 م "
(وبالمناسبة أريد معرفة ترجمة أحمد سعد علي الذي ترأس لجنة التصحيح هذه والذي صحح أكثر من كتاب من كتب الفقه وغيره في تلك الفترة فعلى من يعرف في هذا شيئا من الأخوة أن يسعفني به)
2) إذا كان هذا المحقق قد أثبت أن الشعراني لم يكتب هذا الكلام وفقا لما حصل عليه من مخطوطات فهل أثبت أن الشعراني لم يكتب أيضا في مقدمة وداخل كتابه هذا وغيره من كتبه عن " الذوق " وعن الظاهر والباطن وغيرها من مصطلحات الصوفية الفاسدة؟
أقصد أننا لا نستطيع تبرئة الشعراني إلا إذا رمينا أيضا في المزبلة أصوله وتقعيداته هذه، لأنك لا تستطيع التخلص من الشجرة برمي ثمارها ما دامت الشجرة تضرب بجذورها في الأرض.
هو يقول في مقدمة كتابه هذا ص 6 " فافهم يا أخي ولا يصدنك عن تلقي هذه المعاني الغريبة!!! عن فهوم العلوم من هذه الطائفة الشريفة قول ذي جدل ومعارضة: إن هذا إحالة لكلام الله تعالى وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه ليس ذلك بإحالة وإنما يكون إحالة لو قالوا لا معنى للآية الشريفة أو الحديث إلا هذا الذي قلناه "!!!
ويقول في المقدمة نفسها ص 11: " قلت: ومن هنا أخفى الكاملون من أهل طريق (كذا ولعل الصواب: الطريق) الكلام في مقامات التوحيد الخاص شفقة على عامة المسلمين ورفقا بالمجادل من المحجوبين!!! وأدبا مع أصحاب ذلك الكلام من أكابر العارفين. وكان الجنيد رضي الله عنه لا يتكلم قط في علم التوحيد إلا في قعر بيته بعد أن يغلق أبواب داره ويأخذ مفاتيحها تحت وركه!!! ويقول أتحبون أن يُكذِّب الناس أولياء الله تعالى وخاصته ويرمونهم بالزندقة والكفر "!!!
ويقول في نفس المقدمة ص 12: " ولا يجوز أن يُعتقد في هؤلاء السادة أنهم زنادقة في الباطن لكتمهم ما هم متحققون به في الباطن عن العلماء والعوام!! وإنما يجب علينا حملهم على المحامل الحسنة من كوننا جاهلين باصطلاحاتهم فإن من لم يدخل حضرتهم لا يعرف حالهم "!!!
ويقول في مقدمة كتاب: " الأنوار القدسية في بيان آداب العبودية " وهو مطبوع بهامش الطبعة المذكورة سابقا من كتاب الطبقات ص 14: " .. على أني حذفت غالب ما لا يُدرك إلا بالذوق خوفا من رده إذا رآه من لم يذق ممن يقبل الكلام على التقليد لأن كل من زُين له اعتقاد يرد ما أتى بخلاف معتقده وإن كان حقا ولأن طريق القوم ذوق لا نقل!!! فمن لم يذق وأنكر فهو معذور وكل عالم إذا ذاق علما فوق علمه لا يمكنه التقيد معه ويترك لأدنى درجة وليس من نقل كمن شهد "
إذاً فلا يمكن لك على مذهب المتصوفة أن تحاسب أحدا أوتُخطِّأه على ضوء الكتاب والسنة لأن المسألة مسألة ذوق " ومن ذاق عرف "
3) الذي يدعوني إلى التردد أو رفض هذا التشكيك من المحقق وغيره في نسبة ما ذكره الأخوة للشعراني - أن القوم عندهم إنفصام في هذا الأمر كما ذكر الأخ " أبو خالد السلمي "، والدليل ما يذكره الشعراني في المقدمة وداخل تضاعيف هذا الكتاب وغيره من كتبه من تبريرات يهيء بها القاريء إلى ما سيقرأ من أمور غريبة وطوام عجيبة، إلا إذا قلنا أن المقدمة أيضا وديباجة التراجم وما تخللها من تعليقات الشعراني مدسوس عليه وعندها لا يكون ثمة كتاب الطبقات للشعراني.
وهذا الإنفصام والتفريق عند المتصوفة بين الحقيقة والشريعة والظاهر والباطن وبين كلامهم عن الأمور الفقهية والأمور الروحية السلوكية معروف عند غيره من منحرفي الصوفية ومعروف حتى عند باقي الصوفية كالغزالي وغيره بل إم مصحح كتاب الطبقات " أحمد سعد علي " المذكور سابقا قد قام بتصحيح كتاب الطبقات وتصحيح كتب تتناقض معه بالمرة ككتب الفقه وغيرها، رغم أنه شيخ يُشار إليه بالبنان - كما هو واضح - ويرأس لجان تصحيح لكتب دينية، فلولا هذا الإنفصام لما وُجِد اسم هذا الشيخ المصحح على الشيء ونقيضه، أو أنه بيَّن خطأ وتهافت هذه النصوص التي ذكرها الأخوة وغيرها مما هو موجود في الكتاب مما ذكرتُ شيئا منه، ولكنه مر هو ولجنته!!! على هذه الطوام دون أن يُهمِّش عليها بشيء، وهذا دليل على وجود هذا الإقتناع بأن هذه المسائل ذوقية!! لا تُناقش بنصوص الشرع!
4) لماذا لم يتبرأ الصوفية وهم المعنيون بهذا الكلام والمتهمون به - لماذا لم يتبرأوا من هذه الطوام ويُكذِّبوها، وهذا الكلام ينطبق على الشيعة أيضا، فهم أيضا إذا جوبهوا بطوام كتبهم وكفريات كُتَّابهم أنكروها وعارضوها ولكنهم يعيدون طبعها ويتداولونها ويوزعونها ولم يجرؤ أحد من الطرفين أن يخرج على الملأ ليقول أن الكلام المذكور في كتاب فلان وفلان خطأ ومردود شرعا، وهم لا يستطيعون القيام بهذه الخطوة حتى وإن اقتنعوا باعتراضاتنا لأنهم يقدسون شيوخهم ولأنهم يعلمون أن أكثر طقوسهم وغرائبهم وأذكارهم لا تقوم على الكتاب والسنة فإذا تحاكموا إلى الكتاب والسنة في هذه النصوص فإن هذا يُلزمهم بأن يُحاكموا منهجهم برمته إلى الكتاب والسنةوهذا ما لا يريدونه أو يستطيعونه لأنه يهدم مسلكهم من الأساس.
لهذا فأنا لا أميل إلى أن هذا الكلام مدسوس على الشعراني فقد عُرف الكثير من الصوفية بنقل مثل هذه القباحات في كتبهم ولولا خشية الإطالة - وقد أطلت - لذكرت شيئا من هذا هنا.
آمل أن أكون اضفت ما يفيد في هذا الموضوع والحمد لله أولا وآخرا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/488)
ـ[الاثر]ــــــــ[28 - 01 - 04, 01:32 ص]ـ
أخواني في الله اسمحوا لي أن اشارككم الحديث وأقول: إن مماتميزت به الفرق الصوفية أنها تعتقد بأن هناك علم الظاهر وعلم الباطن أو علم الشريعة وعلم الحقيقة وأن علم الشريعة يخص العوام وأما علم الحقيقة فهو يخص الخواص فهم لايجعلون العوام يتتطلعون على كتب الخواص ثم هم عندما يواجهوان بسهام السنة والدليل وتكشف اوراقهم الخفية فإنهم يسارعون بنفي تلك الطوام التي عندهم أويتأولون كلام مشايخهم أويقومون بطبع كتبهم الخاصة بعد حذف العبارات الشنيعة وهكذا يتحايلون , وهذا دأبهم في كل مكان فهم عندنا في حضرموت لهم كتب من هذا القبيال مثل كتاب المشرع الروي في مناقب السادة الكرام آل باعلوي وقد أحتوي على تراجم كبارائهم ويذكرون لهم من المواقف ما يقشعر البدن بذكره من الشركيات والكفريات والضلالات وغيرها من الكتب ولما احسوا ان الناس اصبحوا يتتطلعون على حقائقهم من كتبهم قاموا بحذف بعض هذه الطوام كماأنهم لاينزلونها في دور النشر ويسحبون هذه الكتب من المكاتب العامة حتى لايتعرف على حقائقهم ولهم اشرطة فيديوا صور فيه ما يدور من شركيات عند زيارتهم لأوليائهم ثم اختفت وهكذا لهم اشرطة خاصة يظهرون فيها مايبطنون وقد حكى لي أخ في الله انه وجد عند أحد مريديهم شريط للضال الجفري المعروف يتكلم فيه عن السيمياء وهم من علوم السحر كما هو معروف وهم يتعاطونه ويظهرون للسذج به أن لهم كرامات .. وقد منعوا من نشر الشريط,
وفي الاخير أحب أن أنبه أخواني أهل التوحيد السنة أن يكون على حذر من تلبيسات هؤلاء القوم وخدعاتهم من انكارهم بعض ما جاء عن كبرائهم اودعوى دخول التحريف والدس في كتبهم وإلا مابالهم لاينبهون الى هذه الشنيعة وينكرونها ويحكمون على قائلي هذه العبارت بمايستحقون من أحكام ويتبرؤن منها على رؤوس الأشهاد ويحرقون مثل هذه الكتب التي فيها الطوام غيرة على هذه العقيدة ثم تبرءة لعلمائهم زعموا ,لكن لانجد مثل هذه الخطوات عند هؤلاء القوم وإنما المكابرة والتمسك بالباطل مم يدل على خداعهم وتليسهم , واكتفي بهذا القدر وجزاكم الله خيرا
ـ[حنبل]ــــــــ[30 - 01 - 04, 04:08 م]ـ
جزاكم الله خيرا و نفع بكم و اعلى من درجاتكم.
وفيتم و كفيتم.
ـ[أبومحمد 2003م]ــــــــ[30 - 01 - 04, 05:46 م]ـ
هناك مقال للأخ العزيز إحسان العتيبي
في موقع صيد الفوائد قمت بنسخها
ولصقها لكم، نفعتا الله من علم الشيخ
المقال:
بسم الله الرحمن الرحيم
الشعراني وابن حجر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
هذه خرافة في طبقات الشعراني، أرجو أن يكون في ذكرها تبصرة لأولي الألباب.
قال الشعراني: .. ومنهم: سيدي! الشيخ محمد بن أحمد الفرغل رضي الله تعالى عنه!! … مِن الرجال المتمكنين أصحاب التصريف.
ومِن كراماته:
… ومرَّ عليه شيخ الإسلام ابن حجر رضي الله عنه! بمصر يوماً حين جاء في شفاعة لأولاد عمر، فقال في سرِّه: ما اتَّخذ الله مِن وليٍّ جاهل، ولو اتَّخذه لعلَّمه – على وجه الإنكار عليه – فقال له: قف يا قاضي، فوقف فمسكه وصار يضربه! ويصفعه على وجهه!! ويقول: بل اتَّخذني وعلَّمني!!!. أ. هـ "طبقات الشعراني" (2/ 95) ط دار البيان العربي. مصر.
التعليق:
1. إما أن يكون الشعراني كاذباً، أو صادقاً، فإن كان كاذباً: فلا كلام فيكفيه أن يبوء بإثم الكذب ونشر الخرافة!.
وإن كان صادقاً فلم سكت الحافظ ابن حجر عنه، وهل وقع عنده تصديق أن هذا الزنديق مِن الأولياء؟؟
2. أليس في هذه الخرافة ادَّعاء علم الغيب عند هؤلاء المتدثرين بثوب الإسلام، المدَّعين للولاية؟؟
3. هل يمكن للأولياء!! أن يُخبرونا لا بما في نفوس أعداء الإسلام علينا، بل بما يقولونه سرّاً في اجتماعاتهم؟؟ أم لا يعلمون إلا بما في نفوس المسلمين؟؟
4. هل ضربُ الوجه وإهانة أهل العلم هو مما علَّم الله هذا الجاهل؟؟
5. ها أنذا أتكلم على هذا المجنون الزنديق وأشباهه علناً لا سرّاً، فهل يمكن أن يُخرج واحدٌ مِن الأولياء! يدَه مِن شاشة جهازي فيصفعني!؟؟
انتظروا حتى أخبركم!!!!
6. تكلمنا فيما سبق عن الشعراني وخرافاته فلم يرُق لبعض الناس كشف حقائق هؤلاء الزنادقة، وذكرنا اعتقاد الحافظ ابن حجر وأنه من الأشاعرة فلم يرُق لهم الحديث، فماذا سيقول هؤلاء في هذه الخرافة، والتي جَمعت بين الإثنين، الشعراني وابن حجر المصفوع على وجهه؟؟
كتبه
إحسان بن محمد بن عايش العتيبي
أبو طارق
المصدر:
http://www.saaid.net/Doat/ehsan/80.htm
ـ[أبو عمر الكود]ــــــــ[10 - 12 - 06, 07:42 م]ـ
حذف الرد
## المشرف ##
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[19 - 12 - 06, 05:22 م]ـ
إنما يُحكم بالوضع فيما دُسَّ في كتب الأئمة الأعلام علماء الإسلام كالنووي و ابن حجر و ابن تيمية و ابن عبدالبر و أضرابهم، فهؤلاء ثبتت عدالتهم بل إمامتهم، فلو وُجِد دسٌّ في كتبهم عرفنا ذلك و ميَّزناه بما وقرَ في أذهاننا من البراهين و الدلائل الناطقة في سائر و مصنفاتهم و تآليفهم.
أمَّا الشعراني فبضاعته ـ إن سلمت من الالحاد ـ فهي في السلوك و التراجم، فلم تقُم إمامته في الدين أصلاً، فلا يُحتاجُ إلى الاعتذار عنه.
ثم من يكون الشعراني حتى يتكلَّفُ أعداؤه إلى وضع ذلك في جميع كتبه ـ و فيها من المطوَّلات الكثير ـ، و هذا يتطلَّب إعادة نسخها مرارا و في هذا من المشقَّة ما فيه.
هذا شيخ الاسلام ابن تيمية و هذا ابن حزم وابن جرير و ابن خزيمة و غيرهم من الأعلام كان لهم من الأعداء أضعاف من سمِع باسم الشعراني و لم يُزَد في كتبهم و لم يوضَع عليهم شيءٌ يُذكر.
فالادعاء بالوضع على الشعراني و غيره بابٌ مفتوح و مهيعٌ مشروع لا يعجزُ عنه أحد، و لو فتِح هذا الباب لم يصح خطاب.
مع أننا حين نحكم بخَرَف الشعراني و انحلاله فإنما نحكم على الشعراني الذي ألف تلك التآليف الرديئة البذيئة، فإن كان مزيداً على كتبه موضوعاً عليه فلا يدخل في حكمنا عليه لأنه ليس بواضع جملة تلك الكتب، و الله أعلم
على الأ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/489)
ـ[أبو عثمان_1]ــــــــ[20 - 12 - 06, 09:08 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا: يجب علينا معرفة حال التصوف في ذلك الوقت الذي ألف فيه كتاب الشعراني، فلقد كانت الدولة للصوفية، وللمجاذيب فيها صولة وجدولة.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى المنهج الصوفي في عدم الانكار على الولي يجعلنا نصدق أن الشعراني يسطر ما سطر على أنه كرامة لأنه لا يسعه الانكار وهو المنظر لهذا المذهب فيكف نظر له ويخالفه.
((أما الذي هو أشهر مثال ينسبونه للشعراني فما جاء في ترجمة الشيخ " على وحيش " ج 2 ص 135 من المطبوعة: " وكان إذا رأى شيخ بلد وغيره ينزله من على الحمارة، ويقول له: إمسك رأسها لى حتى أفعل فيها، فإن أبَى شيخ البلد تسمر فى الأرض حتى لا يستطيع يمشى خطوة، وإن سمع حصل له خجل عظيم " إهـ.
والترجمة التى أثبتها بالكامل فى هذا الكتاب من المخطوطة التى استعنت بها ليس فيها هذا الكلام إطلاقاً.
ثم وضع المحقق صورة المخطوطة وقال:
ولذلك صوّرتها لك أيها القارئ الكريم مع المقدمة لتقرأها بعينك، ويستريح قلبك: أن هؤلاء الناس قد افترى عليهم مَنْ قدوته مغرضو اليهود والنصارى، في الافتراء على أهل الله، والكذب عليهم))
يا أخي الكريم من قال أن هذه النسخة التي عنده هي الصحيحة، فكل هذه النسخة التي اعتمد عليها في الطبعات بل حتى التي اعتمد عليها النبهاني الصوفي الكبير ونقل منها في جامع كرامات الاولياء محرفة مدسوس فيها، وهذه النسخة هي الصحيحة؟؟!!!
ثم لم ينفرد الشعراني بذكر هذا علي وحيش هذا وكرامته القبيحة، بل ذكره المناوي في كتابه الكواكب الدرية في مناقب السادة الصوفية ص 131/ 4، تحقيق الدكتور عبد الحميد صالح حمدان، وكتب في الحاشية: ((سيدي على وحيش، الشعراني 2/ 135؛ والنبهاني 2/ 184)).
فتأمل قوله سيدي، فالصوفية يعتقدون بولايته على الرغم من أنه لم يذكر في سيرته ما يدل على صلاحه!!!
ففي عهد الشعراني والمناوي كان لهؤلاء المجاذيب مكانة عند الناس حتى عند مثل الشعراني والمناوي، أما الآن فهؤلاء المنكرين ليس لديهم حيلة إلا أن يقولوا مدسوس بعد أن شاع نور الدعوة مرة أخرى، واحمدوا الله على هذه النعمة أنكم تنكرون هذه القبائح ففي زمن مضى كانت هذه القبائح من الكرامات بسبب الاصول الصوفية.
واتمنى لو أجد صوفي ينكر هذا الفعل على علي وحيش بل يدعون الدس حتى لا ينكروا على سيدهم علي وحيش، ولله المستعان
=============
أبو عثمان
ـ[أبو عمر الدوسري]ــــــــ[27 - 12 - 06, 09:38 م]ـ
بارك الله فيكم جميعاً، موضوع قيم، ونقاش رائع، ورد منطقي مقنع، فلله دركم يا أهل السنة .. أهل نظر بعيد، وفكر دقيق ..
الأخ الكريم العدوي
سارع ببحثك فنحن في لهف لقراءته
ـ[ابوريم]ــــــــ[05 - 01 - 07, 12:49 ص]ـ
السلام عليكم
ثمة دراسة حول طبقات الشعراني
بعنوان ملامح الفكر الصوفي في الطبقات الكبرى
وهي هامة في بابها
ـ[ابو الاشبال السكندرى]ــــــــ[05 - 09 - 09, 03:43 ص]ـ
للرفع
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[08 - 09 - 09, 05:06 ص]ـ
بارك الله فيكم ..
- ترجم الشيخ صديق حسن خان - رحمه الله - للشعراني في كتابه " التاج المكلل " (ص 451)، وقال: " ذا كرامات نفيسة، وتأليفات نفيسة .. "!
فعلّق الشيخ ابن مانع - رحمه الله - قائلاً:
(هذا كله كذب، بل من طالع كتبه، مثل " البحر المورود " و " الطبقات "؛ علم أنه رجلٌ خرافي مبتدع ضال، وكتبه مشحونة من الشرك والخرافات والأضاليل، وقد طالعت كثيرًا منها).
ـ[أبو عبدالرحمن مصطفي]ــــــــ[08 - 09 - 09, 11:34 ص]ـ
بارك الله فيكم ..
- ترجم الشيخ صديق حسن خان - رحمه الله - للشعراني في كتابه " التاج المكلل " (ص 451)، وقال: " ذا كرامات نفيسة، وتأليفات نفيسة .. "!
فعلّق الشيخ ابن مانع - رحمه الله - قائلاً:
(هذا كله كذب، بل من طالع كتبه، مثل " البحر المورود " و " الطبقات "؛ علم أنه رجلٌ خرافي مبتدع ضال، وكتبه مشحونة من الشرك والخرافات والأضاليل، وقد طالعت كثيرًا منها).
جزاك الله خيرًا شيخ سليمان على النقل
ـ[أبو البركات]ــــــــ[20 - 09 - 09, 11:27 ص]ـ
نقاش نافع وطيب ويبدو أن مسألة الدس في كتب الصوفية ماهي إلا حجة ضعيفة لأجل الهروب من العار والشنار الذي بداخلها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/490)
ـ[المهندس]ــــــــ[25 - 09 - 09, 04:49 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي قهر العباد بالموت، وجعل كلام الراحلين عن الدنيا سكوت، سبحانه إذ قال مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة. والصلاة والسلام على من اسري به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.
أما بعد فاني أستغفر الله لكم في الوقوع في لحوم العلماء فإنها مسمومة وأما تتبع عثراتهم والوقوف على زلاتهم والقدح فيهم ونعتهم بالألقاب التي لا تصح فإنها من علامات قيام الساعة.
واني أقسمت بالله أني صوفي المنشأ منذ سبع وثلاثين عاماً وأنا أنهل العلم على أيدي مشايخ لهم اجازات تصلهم بالاكابر من العلماء وقفوا حياتهم للعلم ولم أسمع من أحدهم قدحا في أي من العلماء واني أيضا من عائلة سلفية لم أختلف مع أحد من أهلي في يوم على رأي فالكل يريد وجه الله واني أعتقد في شيخنا الجليل ابن تيمية كل الخير ولم يكن ممن يقدح بهذا القدح الخطير بان يقول الصوفية كالبهائم مثل الحمار، ولا أعلم من قال أنهم قبوريون فاني والله لم أسمع في حياتي رجلا صوفياً واحداً قال بزيارة القبور وحتى لم أسمع من كلام الاكابر ذكر القبور فضلا عن قصدها بقصد التوسل، أما ما ابتدعته جهال الصوفية وأهل الظلال منها فان الصوفية منها براء، وحسبي الله ونعم الوكيل على كل من غير الطريقة وبدلها. فلا الذكر الذي نسمعه اليوم هو ذكر القوم ولا العلم والحكمة والورع بات لدى كبار أهل طرق التصوف اليوم، ولقد عاصرت علماء من أهل التصوف في فتوتي وشبابي ولم أجد لديهم غير العلم المتواتر الصحيح ولم أجد مخالفة لا في علمهم باصول الدين ولا في سلوكهم في طريق التصوف.
أما ان قال قائل من السلفية أن أهل التصوف هم قبوريون وأهل زيغ وظلال فاني أسأله بالله أن يقرأ كتاب الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى المسمى (شرح كلمات الشيخ عبد القادر الكيلاني من فتوح الغيب) وهو كتاب مطبوع ومحقق. ولعلي أكتفي بهذا في بيان أن التصوف اسم لا معنى له بدون اتباع كتاب الله تعالى وسنة الهادي الامين، ولكنه اصطلح عليه قدماء العلماء بهذا المصطلح على أنه علم يراد منه تزكية النفس بالعلم والعمل والتلقي من أهل العلم والصلاح الذين عرفوا بين الناس بصلاحهم على وفق كتاب الله تعالى ونهج المصطفى صلى الله عليه واله.
وأما الخوض في علماء التصوف وكتبهم بقصد تتبع العثرات فهذا مما لم يفعله غالب العلماء السابقين. ثم القدح فيهم ونعتهم بأقبح النعوت فهذا أمر جد خطير والى الله نستجير. فغالب علماء التصوف كانوا علماء دين ذوي اجلال واحترام، فان شذت كلمة من أحدهم فلا يجوز أن نطلق عليهم أجمعه وعلى طريقتهم بانها ضالة جملة وتفصيلا.
والله أسألكم أن تقرأوا الرحلة المشهورة المسماة برحلة ابن بطوطة (وان كانت لا تعتبر دليلا بل أقصد من قرائتها أنها تقص علينا اخبار رجل زار الاقطار والامصار فكتب عنها) لتجدوا أن غالب الامصار في عصره بل وكل الاقطار كانت تسلك مسلك التصوف. ولقد كانت الامة متنعمة بالعلماء الصوفية الذين لم يأمروا أحداً بزيارة قبر ولا غيره مما نهت العقيدة الصافية عنه.
ولن ادافع عن الشعراني بل أكتفي بسرد بعض مشايخه
جلال الدين السيوطي و زكريا الأنصاري و ناصرالدين اللقاني و شهاب الدين الرملي، ونورالدين المحلي، وأمين الدين الإمام بجامع الغمري، وعبدالحق السنباطي، و برهان الدين بن أبي شريف، و شمس الدين السمانودي وعلي المرصفي. وغيرهم مما يقال أنه يصل الى نحو سبعين شيخا في عصره.
فكيف بالله عليكم يا اخوة الملة ويا اخوة الدين أن ينقل عنه مثل هذا الهراء والكلام السخيف والغبي والحقير الذي لم يسطره في كتاب أحد من الاوائل والاواخر. وان المطلع على غالب كتب الشعراني يجد فيها كلاما طيبا مباركاً فما معنى أن يكتب الشعراني هذه الاسطر؟ وما معنى أن نلح في نسبتها اليه مع أنه من الواضح وضوح الشمس أنها دس عليه كما دست كتب كثيرة نسبوها الى السيوطي.
مثل الشعراني مثل الامام شهاب الدين السهروردي الذي صلب في حلب بكتاب من صلاح الدين الايوبي رحمهما الله كلاهما وكان سبب ذلك سوء فهم من علماء عصره ودس عليه بالاتهامات.
رحم الله الائمة الاجلاء من علماء الصوفية الذين فارقونا ورحم الله طريقتهم كيف أصبحت بدعة وكيف أصبح الصوفي قبوري.
هذا واني والله أكن لكم كل الخير وأعتقد فيكم أنكم تريدون الخير وتريدون وجه الله تعالى وما اتهمتم التصوف ولا الشعراني الا محبة في الدين أن يحرف ويصبح محلا للبدع والاهواء والفساد.
واختم قولي بأبيات من الشعر قالها السروردي
قِف عَلى المَنزل وَاِسأَل طَلَلَه مَن بِهِ بَعدَهُم قَد نَزَله
وَلِماذا رَحَل السُكّان عَن سَكَنٍ كانوا بِهِ عَن عَجَله
طالَ شَوقي فَاِبكِ إِن شِئتَ مَعي وَاِندُبِ الرّبعَ وَكَلّم طَلله
خَلِّني يا صاحِ عَن عَذلِكَ لي قَد عَصى قَلبي عَلى مَن عَذَلَه
لا تَزده فَوقَ ما حَلَّ بِهِ فَبِقَلبي شاغلٌ قَد شَغَلَه
لَستُ أَنسى ساعَة البَينِ وَقَد ثوّر المَحبوبُ فيها جُملَه
أَودَع القَلب وَقَد وَدَّعني نارَ وَجدٍ لَم تَزَل مُشتَعِلَه
حَرّمَ الوَصلَ عَلى عاشِقِهِ فَهوَ يَدري أَنَّهُ قَد قَتَلَه
أَيُّها القَلبُ المُعنّى هَكَذا تطلب الحُبَّ وَتَهوى مَلَلَه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/491)
ـ[محب البويحياوي]ــــــــ[25 - 09 - 09, 05:09 ص]ـ
بغض النظر عن موضوع النقاش في ما كتبه العلامة الشعراني ... فما اشار اليه المهندس جدير بالملاحظة (مع التأكيد على ان السهروردي قد تبتث زندقته و بشهادة ائمة و متصوفة أيضا فلا معنى لتبرئته) .. اذ ان التصوف اصلا مبناه على عدم الالتجاء الى غير الله وتحقيف توحيد الطلب والقصد واوائل الصوفية كانوا أشد الناس نفورا من الشرك جليله و دقيقه .. بل كانوا يبالغون في التنفير عن الاستعانة بغير الله فيما يقدر عليه المخلوق سدا لذريعة الالتجاء للمخلوف فيما لا يقدر عليه تمرينا للنفس على التعود على التوحيد في معرفة الخالق وجده و الالتجاء اليه .. فتعجب كيف انقلبت احوال الممارسين لهذا العلم حين طال الأمد في القرون المتأخرة الى ان لا يردعهم رادع عن كبير شرك دع عنك صغيره .. فما تركوا بابا يفسد التوحيد الا اتوه الا من رحم ربك ممن انكروا عليهم انكار نوح على قومه .. مع كثرة الطرق و كثرة الدعاوي الفارغة ما لم يعهد في اوائلهم .. فلا يستغرب ما تراه عند الشغراني غيره .. و
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[25 - 09 - 09, 05:13 م]ـ
- الأخ الكريم: المهندس: جزاكم الله خيرًا ..
- قلتم: (فإني والله لم أسمع في حياتي رجلا صوفياً واحداً قال بزيارة القبور وحتى لم أسمع من كلام الاكابر ذكر القبور فضلا عن قصدها بقصد التوسل، أما ما ابتدعته جهال الصوفية وأهل الظلال منها فان الصوفية منها براء، وحسبي الله ونعم الوكيل على كل من غير الطريقة وبدلها. فلا الذكر الذي نسمعه اليوم هو ذكر القوم ولا العلم والحكمة والورع بات لدى كبار أهل طرق التصوف اليوم، ولقد عاصرت علماء من أهل التصوف في فتوتي وشبابي ولم أجد لديهم غير العلم المتواتر الصحيح ولم أجد مخالفة لا في علمهم باصول الدين ولا في سلوكهم في طريق التصوف) ..
1 - إن كان كما تقول، فمن تذكرهم هم أهل سنة - ولله الحمد -، فلماذا تصفهم بـ (الصوفية)؟ أي: ماالفارق بينهم وبين السلفيين أهل السنة؟ إن قلتَ: في الذكر وطريقته .. فهلا وضحتَ هذا، ودليله من الكتاب والسنة؟ لأنه الفيصل.
2 - ثم، إن نقد أهل السنة هو لمن تبرأت منهم من الضُلاّل، ممن سميتهم " جهال الصوفية ".
3 - كلامك السابق، ألا يتعارض مع قولك فيما بعد:
(أسألكم أن تقرأوا الرحلة المشهورة المسماة برحلة ابن بطوطة (وان كانت لا تعتبر دليلا بل أقصد من قرائتها أنها تقص علينا اخبار رجل زار الاقطار والامصار فكتب عنها) لتجدوا أن غالب الامصار في عصره بل وكل الاقطار كانت تسلك مسلك التصوف. ولقد كانت الامة متنعمة بالعلماء الصوفية الذين لم يأمروا أحداً بزيارة قبر ولا غيره مما نهت العقيدة الصافية عنه)! والرحلة المذكورة مشحونة بتعظيم القبور والمشاهد البدعية.
4 - لم تُجب بحجة مقبولة عن ماذكره الإخوة في كتب الشعراني. ودعوى الدس أجابوا عنها.
5 - السهروردي قُتل بفتيا كبار علماء عصره. ونقل المؤرخون شيئًا من اعتقاداته وأقواله، فلا داعي للتشكيك.
وفقني الله وإياك لما يُحب ويرضى ..
http://www.saaid.net/feraq/sufyah/index.htm
ـ[أبو راشد التواتي]ــــــــ[25 - 09 - 09, 08:31 م]ـ
الشعراني هذا كبير المخرفين حيث قال في طبقاته:
يتكلم علي الرفاعي: كان قطب الاقطاب في الارض فانتقل الي قطبية السماوات فاصبحت السماوات السبع في رجله كلخلخال
ـ[حسن عتر]ــــــــ[06 - 11 - 09, 08:21 م]ـ
######
ـ[أبو الحسن الرفاتي]ــــــــ[11 - 03 - 10, 10:10 ص]ـ
جزيتم خيراً
ـ[أبو عمر محمد بن إسماعيل]ــــــــ[28 - 04 - 10, 04:42 م]ـ
ومن كلامه أيضا في الطبقات
ومنهم الشيخ أحمد بن أبي الحسين الرفاعي
رضي الله تعالى عنه
وكان يقول: إن العبد إذا تمكن من الأحوال بلغ محل القرب من الله تعالى وصارت همته خارقة للسبع السموات، وصارت الأرضون كالخلخال برجله، وصار صفة من صفات الحق جل وعلا لا يعجزه شيء، وصار الحق تعالى يرضى لرضاه، ويسخط لسخطه
والله المستعان
ـ[أبو عمر محمد بن إسماعيل]ــــــــ[28 - 04 - 10, 04:43 م]ـ
نقاش نافع وطيب ويبدو أن مسألة الدس في كتب الصوفية ماهي إلا حجة ضعيفة لأجل الهروب من العار والشنار الذي بداخلها
بارك الله فيكم
ـ[أبو عمر محمد بن إسماعيل]ــــــــ[28 - 04 - 10, 04:47 م]ـ
آمل أن أكون اضفت ما يفيد في هذا الموضوع والحمد لله أولا وآخرا
بارك الله فيكم(26/492)
للأهمية! هل قال أحد العلماء قبل شيخ الاسلام بحوادث لا أول لها؟؟
ـ[محب الحديث]ــــــــ[26 - 01 - 04, 08:49 ص]ـ
السلام عليكم
إخوتي في الله طلاب العلم، سؤالي المطروح مهم بالنسبة لي!! البعض يقول أن شيخ الاسلام أحدث أشياء في العقيدة ومنها هاته!!
هل من جواب؟؟
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[26 - 01 - 04, 10:09 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هذا الأمر بارك الله فيك لايرد على الإمام ابن تيمية رحمه الله في هذه المسألة، لأن هذه المسألة لم تكن موجودة في عهد السلف المتقدمين، فلو تكلم مثلا أحد العلم المعاصرين على مسألة من النوازل الفقهية المعاصرة فلا يقال من سبقه من أهل العلم، وإنما يرد هذا السؤال إذا كانت هذه المسألة موجودة في عهد السلف المتقدمين ولم يرد عنهم هذا القول، وابن تيمية رحمه الله تصدى للرد على غالب أهل البدع فقد قال في رده على بعض الفرق أنه لم يسبق أن رد عليها أحد من المتقدمين لعدم وجود هذا القول في عصرهم أو لكونه لم يكن مشتهرا وله علماء ونحو ذلك.
فلو تكلم أحد المعاصرين مثلا عن فرقة العلمانيين أو الحداثيين أو البعثيين فلا يقال له إنه أحدث في العقيدة ما ليس منها.
ولذلك تجد في رد عثمان بن سعيد الدارمي على بشر المريسي عبارات قد تستغرب، وكذلك استعمل بعض السلف في الردود بعض المصطلحات في حالة الرد مثل الحد والجهة ونحوها، فالسلف رحمهم الله قبل ابن تيمية لم يتصدوا للرد التفصيلي على بعض شبه المتكلمين والفلاسفه، فعندما رد عليهم الإمام ابن تيمية رحمه الله احتاج أن يستعمل بعض العبارات في إلزامهم والرد عليهم.
ـ[محب الحديث]ــــــــ[26 - 01 - 04, 10:36 م]ـ
جزاكم الله خيرا يا شيخ!!
إذن أفهم من قولكم أنه لم يسبق أحد من علماء السنة أن تكلم في هذه المسألة بالذات، لكن هل خالفه أحد من أهل السنة في هذا الأمر؟! وهل تبقى المسألة اجتهادية فقط؟
ـ[أبو مقبل]ــــــــ[26 - 01 - 04, 11:42 م]ـ
لعلك ترجع إلى هذا الرابط:
ففي هذا الرابط بحث مفيد لعله يفيدك.
قدم العالم و تسلسل الحوادث بين شيخ الإسلام ابن تيمية والفلاسفة
http://saaid.net/book/open.php?cat=1&book=113
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[27 - 01 - 04, 02:29 ص]ـ
لكن ممكن أن نقول أن لا دليل على هذه القاعدة (حوادث لا أول لها).(26/493)
ما هو المعنى المتبادر من لفظ (القدم) و الذي نثبته لله و نفوض كيفيته؟
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[29 - 01 - 04, 08:31 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
أما بعد ... فكلنا يعرف قاعدة أهل السنة و الجماعة (نثبت المعنى و نفوض الكيفية)
و التي مؤداها أننا نثبت المعنى المتبادر من اللفظ و نفوض كيفية هذه الصفة و مداها ...
فنثبت معنى القدرة و نفوض كيفية هذه القوة و مداها
و نثبت معنى السمع و نفوض كيفيته ومداه
و نثبت معنى الوجه و نفوض كيفيته
و نثبت معنى القدم و نفوض كيفيته
و هذا يقتضي أن لكل لفظ معنى متبادر إلى الذهن يجب تصديقه و الإيمان به، و أما كيفية هذا العنى و مداه فهذا لا يثبت البتة، بل لا تدركه العقول ...
و السؤال / حينما أسمع لفظ (القدم) فما هو المعنى المتبادر إلى ذهني حتى أثبت هذا المعنى و أفوض كيفيته؟ و ألا يلزم من تصور هذا المعنى ـ الذي هو القدم ـ في الذهن ضبطه بكيفية معينة؟
ملحوظة / هذه السؤال وجه لي من أحد الأشاعرة و نحن نتناقش و نتحاور منذ أشهر، و قد تعاهدنا على الإنصاف و الصدق قبل بدء هذا الحوار، لذا فحينما استوقفني هذا السؤال شيئا ما لزم مني التأني و معرفة الحق .... و أيضا فأنا لا أعطي أهمية لمعرفة الإجابة للرد على هذا الأخ أكثر مما أريد أن أعرف ذلك لعقيدتي التي أعتقدها في الله تعالى .....
تنبيه / أنا أعلم أنني يمكن لي تعجيز ذلك الأشعري بأن أسأله / و ما هو معنى السمع الذي تثبته لله تعالى .... فأنا موقن من أن إجابته ستلزمه بالتجسيم بمجرد أن يقول لي / وصول الصوت .... و لكن كما سبق .. أنا أعلم العقيدة لنفسي أولا و كل شيء بعد ذلك فهو نفل ...
و جزاكم الله تعالى خير الجزاء
ـ[هيثم حمدان.]ــــــــ[29 - 01 - 04, 01:11 م]ـ
شيخنا محمد رشيد وفقه الله ... مدوّخ الأشاعرة:)
ليست مشاركتي للجواب على السؤال لكن للتنبيه على أمر ورد في كلامك (أحسن الله إليك).
وهو أن الأشاعرة بحسب أحد تعريفاتهم لصفة السمع لا يلزمهم ما ذكرت من التجسيم.
والتعريف هو: أن السمع صفة تكشف عن حقيقة الموجودات بقدر زائد على العلم، يتعلق بها كل ما تعلق به علمه (سبحانه)، أي: كل الموجودات.
فالإنسان إذا سمع شيئاً كان يعلم عنه في السابق، فإن حقيقة هذا الشيء تنكشف لديه بقدر زائد على ما علمه منه.
وعليه فإن صفة السمع لا تتعلق بالمسموعات فقط بناء على هذا التعريف.
ولذلك تجد الأشاعرة يقولون: إن الله أبصر وسمع نفسه في الأزل! علماً بأن الله ليس "جسماً" كما يقولون.
وأنت تعرفهم، يخترعون أصولاً بحسب الحاجة، وكلما ردّ عليهم أهل السنة أصلاً اخترعوا غيره.
والله أعلم.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[30 - 01 - 04, 11:19 ص]ـ
الشيء بالشيء يذكر .... كنت جالسا و مشاهدا في صحن الجامع الأزهر لمناظرة جرت بين أحد السلفيين المصريين و أحد الأشعريين السوريين، و كلاهما من طلبة المفتي .... فكان التجمع كبيرا نوعا ما بالنسبة للتجمعات داخل الأزهر .... و الشاهد أن هذا الأشعري قال حينما احتج عليه السلفي بإثباته للرؤية .. قال: ليس بين الرؤية المعهودة و بين رؤية الله تعالى إلأا مجرد اللفظ ....
سبحان الله ..... يخاطبنا الله تعالى بلغة غير العربية لا نفهمها!!!!!
ـ[السدوسي]ــــــــ[01 - 02 - 04, 06:55 ص]ـ
أخي محمدرشيد أسأل الله لي ولك العون والتوفيق وأسأله أن يلهمك الحجة لإقناع هؤلاء المساكين الذين أتوا من جهلهم بالكتاب والسنة ولغة العرب.
وأما ماذكرت فلم يظهر لي وجه الإشكال فالقدم كغيرها من الصفات قدم معلومة لكن كيفيتها لنا غير معلومة لأن الله ليس كمثله شيء.
وبعض علماء السنة يستحب قول نثبت ماأثبته الله لنفسه أو أثبته رسوله من غير تمثييل ولاتكييف ولاتحريف ولايستحب إيراد كلمة (تشبيه) لعدم موافقتها للقرآن ولعدم دقتها فالتشابه موجود بين صفات الخالق والمخلوق من وجه لكن المنفي المثلية.
ـ[سلطان العتيبي]ــــــــ[01 - 02 - 04, 09:13 ص]ـ
أسأل الله أن يجري الحق على لسانك , ويهدي الخلق بكلامك!!
نقول - نحن أهل السنة والجماعة- أن القدم صفة ذاتية ثابتة بالكتاب-على قول- والسنة!!
فهي صفة ذاتية غير صفة الوجه واليدين والعلم والسمع ...... الخ
فإن قال كيف؟!
قلنا الله أعلم بذلك , نقف حيث وقف القوم!!
ولكن انت لماذا تحرف؟!
لأنك شبهت!!
ثم يكمل النقاش على طريقة أهل السنة في الإلزام!!
ـ[خالد القسري]ــــــــ[01 - 02 - 04, 09:13 م]ـ
أخي السدوسي
لعلك ملزم في هذ الرابط ببيان ما قلته في ردك حيث استشكله أحد الأشاعرة وأخذ يشنع على أهل السنة
(#الرجاء عدم وضع روابط لمواقع أهل البدع. بارك الله في جهودك#الإشراف#).
وعذرا إذا تكلمنا بالنيابة عنك وأحب أن أستفيد منك.
وليتك توضح مقصدك في هذا الموضوع ولا تذهب للتسجيل هناك وإشغال نفسك بالرد والجدال فإني أحب لك ما أحب لنفسي من عدم التفريط في الوقت وإجهاد الذهن والبدن في جدال قد يكون عقيما.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/494)
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[02 - 02 - 04, 05:10 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
تقبل الله تعالى منا و منكم ... ###
تقول أخي السدوسي ((وأما ما ذكرت فلم يظهر لي وجه الإشكال فالقدم كغيرها من الصفات قدم معلومة لكن كيفيتها لنا غير معلومة لأن الله ليس كمثله شيء))
نحن نقول نثبت المعنى و نفوض الكيفية، أي أنه يلزم وجود معنى متصور ـ و انتبه أقول معنى ـ في الذهن يخاطبنا الله تعالى على أساسه، و الذي أطلبه هو شرح هذا المعنى الذي يتطرق إلى ذهنك ن و انتبه فأنا مازلت في إطار المعنى و لم أمس الكيفية مطلقا، فطلبي بشرح المعنى لا تطرق له للكيفية ألبتة .... الآن أقول (لله قدم)
الآن أنت أثبت معنى هذا القدم
الآن أريد منك وصف أو شرح هذا المعنى الذي تطرق إلى ذهنك .....
ـــــــــــــــــــــــ
تقول أخي العتيبي ((قلنا الله أعلم بذلك , نقف حيث وقف القوم!!))
قولك الله أعلم بذلك و أننا نقف حيث وقف القوم، هل تريد به ما يتعلق بالمعنى أم بالكيفية؟
إن كنت تريد ما يتعلق بالكيفية فهذا لا نقاش فيه، و ليس هو محل كلامي
و إن كنت تريد المعنى، فهل حقا تكون هذه هي إجابتك؟
أي أنك تفوض المعنى الذي دل عليه اللفظ؟
ـ[هيثم حمدان.]ــــــــ[02 - 02 - 04, 01:36 م]ـ
هل التعبير عن المعنى بالكتابة أو الكلام ضروري أخي محمد؟
فإن معنى صفة القدم حاضر في أذهان الناس، وإن كان من الصعب التعبير عنه كتابة أو كلاماً. ولم يأت في السنة -بحسب علمي- من مقتضيات هذه الصفة سوى أن الله (سبحانه) يضعها على نار جهنم فتقول: قط قط، وقول ابن عباس (رضي الله عنهما) إن الكرسي موضع القدمين.
ويشبهها صفة الأصابع، ما هو المعنى المتبادر منها؟
خلافاً لصفة اليدين التي جاء في السنة بعض مقتضياتها من قبض وبسط وخلق وأخذ.
والله أعلم.
ـ[راشد]ــــــــ[02 - 02 - 04, 07:35 م]ـ
المعنى الحاضر في أذهان الناس يمكن التعبير عن بالكلام
فالقدم عندما تذكر يتصور المرء ذلك العضو الذي يمشي عليه ويكون في أسفل الساق
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[03 - 02 - 04, 11:49 ص]ـ
الإشكال شيخنا هيثم أنه ـ أنا لا أؤكد و لكن أناقش ـ أقول أنه يلزم من تصور المعنى في الذهن تصور كيفيته، بخلاف السمع و البصر مثلا، لأننا نتصور معان ... أما القدم المعهودة لدى البشر فهي عضو ...
فإذا خاطبني الله تعالى بصفة السمع أستطيع فصل المعنى و تفويض الكيفية ـ لأن المفهوم من اللفظ أمرا معنويا يسهل إثباته منفصلا عن مداه و كيفيته ...
أما القدم فهي عضو ... تصوره يلزم منه تصور كيفيته ... و إن قال لي البعض / لا نتصوره .. فما هو إذا المعنى الذي يخاطبني الله تعالى به من هذا اللفظ؟
و إن قيل لي / أنت تسمع لفظ القدم فتتصور معناه و مع ذلك فلا تتصور كل الكيفيات دفعة واحدة لأن القدم للفيل غير القدم للنملة غير القدم للإبل ....
أقول نعم صدقت ... و إجابتي هي نفس إجابة الأخ راشد ـ وفقه الله تعالى ـ
و لكن يا أخ راشد الإشكال أنني ذكرت ذلك المعنى بتمامه لأحد الإخوة المعروفين بالتعمق في دراسة العقيدة فرفض هذا المعنى .... و قال لي / القدم هي القدم .. معروفة المعنى ... فقلت له / مادامت معروفة المعنى فيمكنك إخراج هذا المعنى على لسانك ... و لكني ما وجدت منه ما يشفي غليلي ....
و لكن الأخ راشد قد أعمل رأسه جيدا ووقف على المفيد ....
و قد اتصلت هاتفيا بالشيخ حسن عبد الوهاب البنا المتخصص في العقيدة و لكني وجدته نائما، وسأتصل عليه غدا إن شاء الله تعالى و أخبركم بالإجابة ....
ملحوظة / ليس هذا الحوار والله تشكيكا في عقيدة السلف في الإثبات، و لكني أتثبت لما أنا عليه و ليس لهذا أي تعلق بالمحاورة بيني و بين الأشعري ففي غالب الظن أن الحوار قد أغلق معه لعدم احترام مشرفي الموقع لمشاركات المحاور
و الله المستعان
ـ[هيثم حمدان.]ــــــــ[03 - 02 - 04, 12:27 م]ـ
موضوع قديم ذو صلة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&postid=2089
ـ[سلطان العتيبي]ــــــــ[03 - 02 - 04, 11:42 م]ـ
أخي محمد ... وفقه المولى!!
قلت: (أقول أنه يلزم من تصور المعنى في الذهن تصور كيفيته)
وقلت: (أما القدم فهي عضو ... تصوره يلزم منه تصور كيفيته ... و إن قال لي البعض / لا نتصوره .. فما هو إذا المعنى الذي يخاطبني الله تعالى به من هذا اللفظ؟)
فيبدو أخي الكريم أن التشبيه وقع في ذهنك فعلاً , وإلا لما حصل لك هذا الإشكال وقلت هذا الكلام!!
أخي: هي صفة ذاتية ..... أكرر هي صفة ذاتية ......
فهي كالوجه واليدان والساق والأصابع , فلماذا صار الإشكال على القدم فقط!!
فمعناها الذي نؤمن به أن لله سبحان صفات ذاتية هي اليدان والوجه والقدم .... الخ
فأخي يبدو أن المسألة أسهل مما طرحت بكثير!!
ـ[سلطان العتيبي]ــــــــ[03 - 02 - 04, 11:51 م]ـ
ثم قولك (يلزم من تصور المعنى في الذهن تصور كيفيته)
وكذا (أما القدم فهي عضو ... تصوره يلزم منه تصور كيفيته)
أقول هذا الإلزام غير صحيح بل باطل ...
لأن الكلام على الصفات كالكلام على الذات كما قرره ابن تيمية في التدمرية!!
بمعنى من قال (يلزم من تصور الصفة الفلانية تصور الكيفية) ...
كقول (يلزم من تصور معنى الذات الإلاهية تصور الكيفية)
كلا هما كلام باطل!!
بل لا يخرج إلا من رأس لم تسلم من لوثات التشبيه!!
ولا أقصدك أخي محمد , فأنت من خيرة السلفيين الصادقين المتبعين (نحسبك والله حسيبك)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/495)
ـ[السدوسي]ــــــــ[04 - 02 - 04, 12:52 ص]ـ
أخي الفاضل: خالد القسري.
السلام عليكم ورجمة الله وبركاته
طلبت البيان فيما أوضحته للأخ:محمدرشيد فيماأشكل عليه في صفة القدم ولست أرى في المسألة إشكالا أصلا على مذهب سلف الأمة فالقدم كغيرها من الصفات هي معلومة لنا لأن الله لايخاطب عبادة بمالايعرفون، والقول في الصفات كاالقول في الذات فكما أن لله ذاتا معلومة لاتماثل ذات المخلوق فله كذلك صفات معلومة لاتماثل صفات المخلوقين ولست أدري لم قصر الإشكال على القدم إن كان ثمة إشكال فما يتبادر إلى الذهن عند ذكر الصفة هو مقصود لكن الكيفية مختلفة.
ولكي أقرب لك أكثر عندما تسمع قول الله عزوجل مخبرا عما في الجنة (فيهما فاكهة ونخل ورمان) ألست ياأخي تعرف الرمان؟.الجواب أنك تعرفه ... هل الرمان الذي في الجنة مثل الرمان الذي نعرفه في الدنيا؟ والجواب هنا بالنفي لأن الله أخبرنا بأن مافي الجنة مختلف من جهة الكيفية عما في الدنيا (فلاتعلم نفس ماأخفي لهم من قرة أعين .. ) وفي الصحيح (فيها مالاعين رأت ولاأذن سمعت ولاخطر على قلب بشر).
إذن ياأخي نحن نثبت لله قدما معروفة لنا في لغة العرب لكننا ننزهه سبحانه من أن نشبه قدمه بقدم المخلوقين بل اعتقاد ذلك كفر لأنه تكذيب لله الذي أخبرنا في كتابه (ليس كمثله شيء) (ولم يكن له كفوا أحد) (هل تعلم له سميا).
ونبينا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخاطب الأعراب أهل البادية وهم لايفهمون من اللفظ إلا الظاهر ولم ينقل عن نبينا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه أخبرهم في حديث واحد أن الظاهر من اللفظ غير مراد فدل هذا على أن الظاهر من نصوص الكتاب والسنة مراد وهو ماكان عليه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأصحابه والسلف
ـ[سلطان العتيبي]ــــــــ[04 - 02 - 04, 02:15 ص]ـ
كلامك ظاهر جداً!!!
وهو موافق تمام الموافقة لما ذكرت آنفاً ....
ولا إشكال بحمد الله , والمسألة كمثيلاتها من المسائل , وهي مشتبهه على أناس ولكن أناس عندهم المسألة ظاهرة جداً وواضحة وسهلة!!
اللهم اهدنا واشرح صدورنا لفهم كلامك وكلام رسوله!!! صلى الله عليه وسلم.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[09 - 02 - 04, 07:46 ص]ـ
المعنى المتبادر يظهر من معنى الحديث ككل وليس مجرد لفظ القدم
والله أعلم
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[09 - 02 - 04, 11:07 ص]ـ
اتصل أحد أصحابي بالشيخ (حسن عبد الوهاب البنا) و سألة في هذه المسألة .... و للأسف كانت الإجابة // لا تسمع لهؤلاء الذين سيلبسون عليك!!!!!
ـ[رياض بن سعد]ــــــــ[09 - 02 - 04, 06:40 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم ونفع الله بكم
قال الاخ محمد رشيد حفظه الله (و التي مؤداها أننا نثبت المعنى المتبادر من اللفظ و نفوض كيفية هذه الصفة و مداها ...
فنثبت معنى القدرة و نفوض كيفية هذه القوة و مداها
و نثبت معنى السمع و نفوض كيفيته ومداه)
اردت ان اسال عن كلمة المدى هل يقصد بها ان لها حداً؟
مثلا: قال الاخ الفاضل محمد رشيد (فنثبت معنى السمع ونفوض كيفيته ومداه) فالذي يتبادر الى ذهني من كلمة المدى ان هناك حدا لهذا المدى ....
ام نقول إن سمعه سبحانه يحيط بكل الاصوات بلا مدى محدود
ارجوا توضيح هذه الاشكالات
وارجوا ان تتسع صدورك للاجابه على اسئلتى الصغيره فانا لازت طويلب علم صغير
وبارك الله فيكم
ـ[راشد]ــــــــ[09 - 02 - 04, 08:51 م]ـ
هل الصواب أن نقول: نثبت المعنى المتبادر من اللفظ، أم:نثبت أصل المعنى.؟؟
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[10 - 02 - 04, 03:53 ص]ـ
جزاك الله تعالى خير الجزاء أخي رياض،، و لا تقل أنك طويلب علم خاصة إن تكلمت مع المسكين / محمد رشيد .. و هذا ليس تواضعا بل هي حقيقة والله
و عطف المدى على الكيفية تستطيع أن تجعله أقرب إلى عطف الترادف ...
فمثلا نثبت معنى القوة .. و لكن كيفيتها (أي التي هي مداها) .. أي إلى أي حد هي فلا نتكلم في ذلك و هذا هو المطلوب تفويضه ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/496)
و لا يلزم من التعبير بالمدى وجود حد لها .. لأنني أخاطب الآن بشر، و البشر مهما تصور و تخيل فلن يتخيل إلا مدى، فحين أقول أنا ((أفوض مداها)) أي مداها الباطل الذي يمكن للإنسان أن يتخيله .. كأن نصف ما يعبد من دون الله تعالى بأنه (آلهة) و لكن بالمعنى الإضافي و هو آلهة الباطل ..
و أنا كذلك أقصد المدى بالمعنى الإضافي و هو المعنى التصوري الباطل الذي يصل إليه عقل الإنسان ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حقيقة أخي راشد تعجبني طريقة تفكيرك، فأشعر أحيانا أنك تتكلم بما في رأسي ...
تقول أخي ((هل الصواب أن نقول: نثبت المعنى المتبادر من اللفظ، أم:نثبت أصل المعنى.؟؟))
لو كنت أخي ترى أن إثبات المعنى يلزم منه إثبات الكيفية، فنقول نثبت أصل المعنى ...
و لكن ما الداعي إلى ذلك؟
هل يلزم من إثبات المعنى إثبات الكيفية حتى أضطر إلى العدول إلى إثبات أصل المعنى؟
لا أرى ذلك .. و لو كنت قرأت ذلك في شيء من كتب العقيدة فأرجو نقله و الإحالة، لأنه لو كان لكان مهما جدا كما لا يخفى ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و جزاكم الله تعالى خير الجزاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و في الحقيقة أنا إلى الآن لم أجد من يدلني بصراحة و جرأة على المعنى المثبت من القدم ...
فمن قائل: المعنى معلوم و لا نخوض في الكيفية
و من قائل: قد يصعب التعبير عن المعنى باللسان أو القلم
ومن قائل: معنى القدم معروف في لغة العرب
و من قائل: معنى القدم أو اليد يختلف من المعنى المجرد إلى المعنى الإضافي
و حقيقة أرى توجسا و خيفة من نقل معنى القدم من لغة العرب ـ قبل الإضافة ـ و كأن من يخشى النقل يخشى أن يثبت من هذا المعنى كونها جارحة .....
و لم يشف غليلي شيئا ما إلا ما قاله أخونا راشد حين قال ما معناه: معنى القدم معلوم و هو ذلك العضو الواقع أسفل البدن و الذي يمكّن من السير ... هكذا أذكر أنه قال حفظه الله
و لكن هذا المعنى أخي الحبيب راشد .. و أستحلفك بالله تعالى أن تصدقني القول و ألا تحدث إلا بما في نفسك ..
ألا ينصرف ذهنك من هذا المعنى المتبادر إلى الجسمية؟
أصدقني القول أخي .. و اعلم أن الله تعالى سيحاسبك في اعتقادك على ما تعتقد أنت فقط لا على ما نشأت عليه و قيل لك أنه مذهب أهل السنة .. و لو راجعت كتب الأصول ستجد أنه لا يجوز التقليد في أصول الدين إجماعا ...
ـــــــــــــــــــــــــ
ملحوظة / أنا ما زلت في طور النقاش، و كلامي مع الأخ راشد مجرد استفسار عما في صدره، لا مطالبة بتقرير شيء ما ...
و أنا لو اتضح لي بطلان إثبات القدم فسأعلنها دون أدنى مداهنة أو حتى مداراة ... و سيحاسبني الله تعالى على ما اعتقد فقط .. و ليقال بعدها أشعري أو ماتريدي أو يقال ما يقال ....
و لكن لو تبين لي بطلان إثبات القدم فأنا لن أناقش في ذلك و لن أفتح فيها المواضيع ... لسببين الأول منهما رئيسيا:
الأول / أنني أناقش مسائل العقيدة على مضض واضطرار .. لأن بعض الواقع بفرض ذلك، و إلا فأنا لا أفضل ذلك ألبتة، بل أكره الكلام في هذه المسائل تماما، و أرى أن نثبت لله تعالى كل كمال إجمالا و ننفي عنه كل نقص إجمالا .. دون الدخول في الكلام و التفاصيل التي شتت جهود المسلمين و فترت طاقتهم عن عدوهم، حتى وجدت بعض الجهال السفهة يأتي ويقول / الأشاعرة أشد على الدين من اليهود في فلسطين أو النصارى في البوسنة و الهرسك و العراق .. و هكذا تضيع الجهود و الطاقات على بعضنا البعض، و يفني هذا السفيه عمره في الرد على فلان و علان .. و يؤلف الكتب التي ترى عناوينها ما هي إلا انعكاس لعقله التافه .. و ننشغل عن الدعوة و عن النوازل و عن القضايا المعاصرة ..........
الثاني / أنني أريد الاحتفاظ بتسجيلي على هذا الملتقى العلمي .. (ابتسامة)
ـ[رياض بن سعد]ــــــــ[10 - 02 - 04, 08:04 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله في جهودكم احبتي في الله
وجزاك الله خير وبارك الله فيك وفي عملك وعلمك
ـ[المسترشد]ــــــــ[12 - 02 - 04, 04:24 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وكفى والسلام على عباده الذين اصطفى
أما بعد
فهذا نوع من توضيح لمسألة الشيخ الفاضل / محمد رشيد حفظه الله ورعاه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/497)
لا بد أن نعلم أن هذا القرآن نزل بلغة العرب كما جاء ذلك في محكم التنزيل وبناء على ذلك كان من الواجب حمل معاني الصفات على اللسان العربي.
فالوجه معناه في لغة العرب ما تكون فيه المواجه
والنزول معناه في لغة العرب الانحطاط من أعلى إلى أسفل
والقدم كما قال أخينا هو ما كان في الأسفل
واليد معناها في اللغة هي الكف والأصابع
لكن قد يأتي صاحب شبه ويقول لك أنت أثبت الكف و الأصابع لله لماذا لم تثبت الأصابع للقدم في حق الله؟
نقول له أن الكف والأصابع جاءت بنص صحيح صريح فلذا أثبتناها أما كون القدم لها أصابع أم ليس لها أصابع نقول هذا اللفظ محدث لم يرد فيه نص وكونه كذلك فإننا لا نثبته ولا ننفيه بل نستفصل فيه كستفصلنا في لفظ الجهة والحيز والجسمية
أما القول بأن إثبات المعنى يستلزم الجسمية أو التجسيم؟
هذا غير صحيح بل الصحيح أن يقال: إن إثبات المعنى لا يستلزم الجسمية أو التجسيم؟
فلو جئنا للقدم مثلا فإننا نقول في ذلك أمور هي كما يلي:
أولا: إن الله جل وعلا خاطبنا بهذا اللفظ اعني لفظ القدم وهو لفظ عربي.
ثانيا: كون اللفظ عربي والمخاطب هم أناس من العرب فإن ذلك يستلزم منهم فهم ذلك بحسب ما هو متعارف عندهم من معنا لذلك اللفظ.
ثالثا: أن من كان عربيا فصيحا سيفهم من معنا لفظ القدم هو ذلك العضو الكائن في الأسفل.
لكن قد يقول القائل ألا ينقدح في ذهن الإنسان عند المعنى المتبادر للقدم الجسمية.
نقول اعلم أنه وإن إنقدح في ذهنك شيء من ذلك فإن الله أعظم وأجل مما تتصور وتتخيل وذلك لأن طرق معرفة كيفية الشيء لا بد فيه من ثلاث حالات:
الحالة الأولى: معرفة ذاته
الحالة الثانية: معرفة نظيره المساوي
الحالة الثالثة: الخبر الصادق عنه
وكل هذه الطرق منفية في كيفية صفات الله عز وجل فوجب بطلان تكييفها.
وبناء على ذلك فأي كيفية تقدرها في ذهنك فالله أعظم وأجل من ذلك.
لذا عليك أن تعرف أن تفويض المعنى خشية إنقداح الجسمية في الذهن باطل من جميع الوجوه بل كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمعون القرآن ويقرؤونه وما قال أحد منهم ما معنى القدم بل بقوا على الأصل المتعارف عليه في لغتهم من فهم القدم إذ لو كان للقدم معنى أخر غير المعنى المتعارف عليه عندهم في لغتهم لبينه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقال لهم إن معنى القدم هو كذا وكذا ومن المعروف أن الأصل بقاء الشيء على معناه الحقيقي ولأنه صلوات الله وسلامه عليه لا يجوز في حقه تأخير البيان عن وقت الحاجة.
أما قولك ينقدح ولا ينقدح كل ذلك من عمل الشيطان ووساوس منطق اليونان
ثم اعلم أن القول بإثبات المعنى أنه يستلزم إثبات الجسمية يستلزم منه والعياذ بالله أن الأنبياء خالجهم التجسيم لأنهم خاطبوا أقوامهم بلغاتهم هل والعياذ بالله نقول في حق موسى عليه السلام لما قال كما في قوله تعالى {قال ربي أرني أنظر إليك} هل نقول إن موسى عليه السلام إنقدح في ذهنه أن الله محدود أو جسم حشا أن يكون في حقه ذلك
إذن لم يقل أحد بمثل هذا القول بل كان السلف رحمهم الله يفهمون معنى الألفاظ ولم يقل أحد منهم إنقدح في ذهني أو لم ينقدح
فقد جاء في الحديث المتفق عليه عن بن مسعود رضي الله عنه قال: ((جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع و الأرضين على إصبع والشجر على إصبع والماء على إصبع والثرى على إصبع وسائر الخلق على إصبع ثم يقول: أنا الملك. فضحك النبي – صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر ثم قرأ رسول الله – صلى الله عليه وسلم: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيمة}.
فلو نظرت لهذا الحديث لاستخرجت منه فوائد منها ما يلي:
منها: أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم يقل للحبر ماذا تعني بالإصبع لأن الرسول اعلم بالله من غيره من البشر ولم يكن الإصبع لغزا غامضا إذ لو كان كذلك لبين الرسول – صلى الله عليه وسلم ذلك بل أقره الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/498)
ومنها: لم ينكر الصحابة هذا الكلام ولم يزجروه ولو كان هذا الكلام غير معهود عندهم وغير معروف المعنى لقالوا هذا مجسم يا رسول الله أو لقالوا ماذا يعني بالإصبع يا رسول الله بل فهموا الإصبع كما هو معروف عندهم في لغتهم لأن هذا اليهودي يتكلم العربية ويخاطب أُناس من العرب مع علمهم أن الله فوق ما يتصورون وأعظم مما يتخيلون لذا لم يقع في قلوبهم ولم ينقدح في أذهانهم الجسمية على إثر هذا الحديث إذ لو كان ذلك لسألوا
ومنها: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أقر اليهودي على وصفه لله عز وجل لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أعلم بالله من غيره من البشر أما نحن إذا عرضت علينا صفات لم يثبته الله لنفسه في كتابه ولم يثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم على لسانه فإننا نقول ببدعية تلك الصفة لعدم ورود النص فيها في الكتاب والسنة ولا ننفيها ولا نثبتها بل نستفصل فيها فإن أُريد بها حق أثبتناها على الوجه اللائق به وإن أُريد بها باطل رددناها ونفيناها عنه جل وعلا.
لذا الصحيح هو إثبات المعنى فإن شعرت أو انقدح في ذهنك شيء من التجسيم فذلك نقص فيك لا في كلام الله فقرن ذلك بقوله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} فبذلك ينصرف عنك ذلك التصور الشيطان لأن ذلك من عمل الشيطان واقرنه أيضا بقوله تعالى: {ولا يحيطون به علما}
كما إنه إذا جاء في ذهنك من خلق الله فاستعذ بالله و انتهي كما جاء ذلك من حديث أبو هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغة فليستعذ بالله ولينته)). فهل أهناك شيء أعظم من أن يقدح الشيطان في ذهنك من خلق الله أتصور أنه ليس هناك أعظم من ذلك فلذا كان العلاج في مثل هذا وذاك حيث تنقطع وساوس الشيطان والمتكلمين وغيرهم من أهل البدع والضلال.
لذا أقول لك يا شيخ محمد أحذر كل الحذر مجاراة أهل البدع وبتعد عن مناظراتهم وأنت غير متمكن فيما تجارهم فيه فيلقوا عليك شبهة تشوش عليك دينك ومعتقدك فتكون في حيرة من أمرك.
ولا يغرنك تشكيك المشككين ولا تبجح المتبجحين في غيهم وضلالهم فالحق هو فتبع من سلف والله تعالى أعلم.
كتبت هذا الكلام على عجالة لذا أعتذر إذا كان فيه شيء من المغالطات والله تعالى أعلم والكلام له بقية إن شاء الله كما أننا لا نستغني من تعليقات المشايخ حفظهم الله.
أخوكم / أبو محمد
ـ[راشد]ــــــــ[12 - 02 - 04, 04:56 ص]ـ
يقول الشيخ العثيمين: الله تعالى خاطب العباد بما يفهمون من حيث أصل المعنى، أما الحقيقة والكنه الذي عليه ذلك المعنى فهو مما استأثر الله تعالى بعلمه فيما يتعلق بذاته، وصفاته
ـ[هيثم حمدان.]ــــــــ[13 - 02 - 04, 02:05 ص]ـ
جزاك الله خيراً أخي المسترشد وبارك الله فيك.
وما تفضلت به يتفق مع ما ذكره الشيخ عبدالرحمن الفقيه والشيخ ذو المعالي من قبل
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[13 - 02 - 04, 06:15 ص]ـ
جزى الله الإخوة على بيانهم وتوضيحهم ولإثراء المشاركة
السؤال:
قال أهل السنة إن الصفات معاني، فمعنى الاستواء هو العلو، فما معنى الوجه والقدم والساق والعين؟
جواب الشيخ محمد عبدالمقصود - حفظه الله تعالى - تجده على الرابط
أسفل
http://www.islamway.com/bindex.php?section=fatawa&fatwa_id=897
ـ[المسترشد]ــــــــ[14 - 02 - 04, 10:58 م]ـ
الحمد لله وكفى والسلام على عباده الذين اصطفى
أما بعد:
فهذا تكملة للموضوع السابق وقبل هذا أقول لشيخ الفاضل / هيثم حمدان جزاك الله خير وبارك الله فيك وشكر الله سعيكم وكذلك المشاركين.
أعود مرة أخرى وأخاطب الشيخ / محمد رشيد ولي مع كلامه وقفات:
الأولى: قوله أنه يعجب من قول القائل أن الأشاعرة أشد على الدين من اليهود والنصارى ويتهمه بالسفه.
هذا الكلام عجيب وغريب أخي الحبيب الشيخ الفاضل / محمد رشيد يبدو أنك لم تقرأ جيدا في كتب الأشاعرة أو لم تعرف عن معتقدهم إلا النزر اليسير عموما أخي الحبيب الشيخ الفاضل / محمد رشيد.
إن كان السفيه من قال في الأشاعرة و الجهمية و وغيرهم من منكر صفات رب العالمين ومدخل البدع على المسلمين فنعم والله ذاك السفه لقد أنكر هؤلاء صفات رب العالمين فكانوا أشر وأشد من اليهود والنصارى في قولتهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/499)
يقول شيخ الإسلام بن تيمية – رحمه الله تعالى – في كتابه الفتوى الحموية: وروى ابن أبى حاتم في كتاب الرد على الجهمية عن سعيد بن عامر الضبعي – إمام أهل البصرة علما ودينا من شيوخ الإمام أحمد – أنه ذكر عنده الجهمية فقال: هم أشر قولا من اليهود والنصارى قد أجمع اليهود والنصارى وأهل الأديان مع المسلمين على أن الله على العرش وهم قالوا: ليس على شيء.
وكذلك قال الأشاعرة إن الله لم يستوي على عرشه بل قالوا بنفي العلو فكانوا مثلهم وإن كانوا يثبتون بعض الصفات في الظاهر.
أما أشر قولا فلأن هذا القول لم يقل به أحد من أصحاب الديانات السماوية
أما أنهم أشد فلأنهم يدخلون الشبه والبدع و الضلالات على المسلمين بفلسفات اليونان من حيث يشعرون أو لا يشعرون ويمتحنون الناس ويشككونهم في معتقدهم بل وصل بعضهم بتكفير المخالفين
أخي الحبيب الشيخ الفاضل / محمد رشيد، إن اليهودي إذا أراد أن يلبس عليك لا يستطيع لأنك تعرف أنه يهودي فتتقيه وكذلك النصراني لكن المصيبة إذا جاءك من هو من بني جلدتك ويلبس عليك في دينك وعقيدتك التي هي من أعظم ما تملكه في حياتك أليسوا بهذا أشد من اليهود والنصارى على عقيدتنا وديننا
أخي الحبيب الشيخ الفاضل / محمد رشيد لا تأخذك العاطفة التي في غير محلها
و اعلم إن من أسباب النصر هو وحدة العقيدة على منهج السلف الصالح ثم اعلم أن أعداء المسلمين من اليهود والنصارى ما استطاعوا التغلب على المسلمين وثنيهم عن معتقدهم السليم بالسنان بل عجزوا كل العجز فما كان لهم إلا إدخال الشكوك والبدع والضلالات عن طريق مدعي الإسلام منهم حتى أسسوا وجندوا أناس من بني جلدتنا ولبسوا عليهم مما جعلهم يحذون حذوهم فكان ذلك سبب في منشأ الفُرْقة بين المسلمين حتى أصبح المسلمون صيدا سهلا لأعداء الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم ولكن ولله الحمد جاء من جاء من العلماء المخلصين لكي يبين لناس الحق ويردهم إلى عقيدتهم الصحيحة والسليمة فتنبه لذلك يا شيخنا الفاضل حفظك الله.
الوقفة الثانية / قولك [و يفني هذا السفيه عمره في الرد على فلان و علان .. و يؤلف الكتب التي ترى عناوينها ما هي إلا انعكاس لعقله التافه .. ]
هذا الكلام عجيب وغريب وأيضا خطير شيخنا الفاضل حفظك الله من هو السفيه
هل السفيه من يرد على أهل البدع والضلال من أصحاب الفرق الضالة وكشف عورهم لناس وإظهار الحق و أبطال الباطل أما السفيه من يلبس على الناس في دينهم ومعتقدهم؟
شيخنا الفاضل هل ترى من الأمانة العلمية أن ترى كتب أهل البدع والضلال وهي تنشر معتقدهم الباطل وتلبس على الناس وتذم علماء السلف وترميهم بالباطل وتكفرهم وأنت تنظر إليهم بعين الشفقة وتسكت وتقول إن الذي يرد عليهم سفيه هل هذا الكلام يصح هل هذا يعقل فتنبه يا شيخنا الفاضل ثم اعلم أن السلف ومن نهج منهجهم ما زالوا ولا يزالون يردون على أهل الزيف والضلال ويكشفون عورهم ويحقون الحق ويبطلون الباطل نسأل الله أن يرحم أمواتهم ويغفر لأحيائهم.
فمن تلك الردود الرد على الجهمية وكذلك ردود ابن تيمية على المخالفين وغيرهم من علماء السلف رحمهم الله الذين أفنوا أعمارهم في البذل لهذا الدين وتنقيته من شوائب أهل البدع والزيف والضلال رحمهم الله.
الوقفة الثالثة / قولك [و ننشغل عن الدعوة و عن النوازل و عن القضايا المعاصرة]
شيخنا الفاضل / محمد رضا اعلم أن الدعوة هي الدعوة إلى التوحيد وتصيح وتنقية معتقد الناس من شوائب الشرك والبدع والضلال وإلا ما فائدة الرجل يصلي ويصوم ويقوم الليل وفيه من الصلاح ما فيه وهو يقول يا بدوي يا زينب أو يذبح لغير الله فهل يستقيم أمره يا شيخنا الفاضل وهو فاسد المعتقد هل ننشغل بالدعوة إلى فقه النوازل والقضايا المعاصرة عن الدعوة إلى التوحيد رب العالمين وكشف عور المفترين هل يعقل هذا يا شيخنا الفاضل والرسول صلى الله عليه وسلم جلس في مكة يدعو إلى التوحيد ثلاث عشرة سنة ثم لو نظرت يا شيخنا الفاضل إلى كتاب الله لوجدت أنه يقرر التوحيد فكيف ترى أن ننشغل عن ذلك إلى غيره من النوازل والقضايا المعاصرة فتنبه والله المستعان
هذه بعض الخواطر كتبتها لشيخ الفاضل / محمد رضا عسى أن تعم بها الفائدة وإن كانت في خارج الموضوع واعتذر إن بدر فيها شيء من الأخطاء أو عدم التناسق لكونها خواطر كتبت على عجالة والله تعالى اعلم وهناك كلام نفيس لشيخ الأمين رحمه الله تعالى يخص المسألة المتكلم فيها لعلي أضعه فيما بعد إذا تيسر الأمر والله المستعان
أخوكم / أبو محمد
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[15 - 02 - 04, 02:28 ص]ـ
بسم الله
قدم الله عزوجل هي: شيء يفعل الله به كذا وكذا من الأفعال الثابتة لقدمه عزوجل في الكتاب والسنة. ولا نعلم ماهيتها ولا حقيقتها ولا كنهها.
ولا إضافة على الكلام السابق إلا بالدليل.
وكذلك اليد وكذلك الأصابع ولا نقول أصابع الله عزوجل ليده فهذا قول بلا دليل ولا سلف.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=14407
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/500)
ـ[راشد]ــــــــ[15 - 02 - 04, 06:24 ص]ـ
فإذا قيدت بالخالق لم تدل على شيء من خصائص المخلوقين
فإذا قيل علم الله وقدرته واستواؤه ومجيئه ويده ونحو ذلك كانت هذه الإضافة توجب ما يختص به الرب الخالق وتمنع أن يدخل فيها ما يختص به المخلوق
كتاب الجواب الصحيح، الجزء 4، صفحة 424
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[15 - 02 - 04, 01:36 م]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة
والقدم كما قال أخينا هو ما كان في الأسفل
واليد معناها في اللغة هي الكف والأصابع
هذا مثال غير جيد. لأن القدم في اللغة هي العضو الذي في الأسفل. وهذا لا يجوز في صفات الله عز وجل.
ـ[محب ابن تيمية]ــــــــ[16 - 02 - 04, 02:41 ص]ـ
السلام عليكم أخواني الكرام
أحب أن أستفسر أمرين وجزاكم الله خيرا
الأول: اللغة العربية لا تكون حكماً في الأسماء والصفات اي بمعنى أن اللغة العربية لا ندخلها في معنى اليد أو القدم فاليد في اللغة الجارحه بل تكون اللغة العربية بالإثبات أو النفي فقط .. فهل هذا صحيح لأنني سمعتها من طالب استنتجها أمامي لا يبلغ من العمر 16 وأردت السؤال فوجدت أهل العلم الموثوقين
الثاني: مامعنى: نؤمن بالإسم والمعنى: المعنى كيف يكون الإيمان به
وجزاكم الله خير
وأنا اتابعكم من دون مشاركة وأستفيد منكم كثيراً وأحبكم في الله والسلام عليكم
ـ[ابو بندر]ــــــــ[17 - 02 - 04, 12:26 ص]ـ
بسم الله
باختصار شديد
اقول للاخوان لقد سمعت شيخنا صالح ال الشيخ يقول عن ابن تيميه ان للصفات معنيين
الاول الكلي وهو الذي نثبته لله مثاله الوجه هو ما تحصل به المواجهه والقدم مايتقدم عند المشي وهكذا
الثاني الاضافي وهو مثل القدم في الانسان الجارحة المعروفة اي المضافة لمعين وهي التي يمتنع وصف الله بها لان فيها تشبيها وهذه المساله من المسائل التي لايصلح الخوض فيها بالعقل وكثرة الجدال الذي كلما كثر زادت الشبهه فالواجب التسليم والوقوف وكذلك سمعت الشيخ محمد امان رحمه الله يقرر مانقلته عن الشيخ صالح واسال الله للجميع العلم النافع والعمل الصالح
ـ[البراق]ــــــــ[17 - 02 - 04, 08:33 م]ـ
ليس بالضرورة أنه إذا تبادر للذهن تصور معين يكون مانعا من إثبات الفكرة المطروحة ... فلما أقول لعامي أن الله يسمع مثلا فمستحيل أن يتخيل السمع بلا أذن ... أو يتخيله عدم انتقال الصوت من صادره الى سامعه ... وغير ذلك وليس فقط ذلك على السمع بل على جميع الصفات المعنوية فهل نكون معتزلة ... بل حتى المعتزلة يجري على اثبات الصفات كأسماء فقط .. فقوله الله يتبادر للذهن أن الله عز وجل موجود وكل موجود في عقول العامة مما عرفو ا من المخلوقات له جسم وحدود .. الخ فهل ننفي الذات أيضا حتى لايتبادر للذهن تصور معين كل ما علينا أن نوضح رسالة الرسل والتشبيهات الشيطانية نبددها بحقائق القرآن والسنة أما مقياس الذهن فهو الهاوية لكل الأطراف.
ـ[راشد]ــــــــ[19 - 02 - 04, 09:26 ص]ـ
×الرجاء عدم تغيير الموضوع، فالحديث هو عن صفة القدم (الإشراف) ×
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[21 - 02 - 04, 12:58 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&postid=71092
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة خالد بن عمر
جزاك الله خيرا أخي الفاضل " حارث همام "
وجعلك شوكة في حلوق المبتدعة
******************
هذا كلام ابن رجب رحمه الله كاملا حول المسألة التي سأل عنها السائل
قال الإمام ابن رجب رحمه الله تعالى في كتابه النافع " فضل علم السَّلف على علم الخلف "
بعد كلامه عن الخوض في القدر ثم الكلام عن الخوض في سرِّ القدر، قال:
((ومن ذلك _ أعني محدثات الأمور _ ما أحدثه المعتزلة، ومن حذا حذوهم من الكلام في ذات الله تعالى وصفاته وهو أشد خطرا من الكلام في القدر، لأن الكلام في القدر كلام في أفعاله، وهذا كلام في ذاته وصفاته.
وانقسم هؤلاء إلى قسمين:
أحدهما:
من نفى كثيرا مما ورد به الكتاب والسُّنة من ذلك لاستلزامه عنده التشبيه بالمخلوقين، كقول المعتزلة: لو رؤي لكان جسما، لأنه لا يرى إلا في جهة، وقولهم: لو كان له كلام يسمع لكان جسما.
ووافقهم من نفى الاستواء، فنفوه لهذه الشبهة، وهذا طريق المعنزلة والجهمية.
وقد اتفق السَّلف على تبديعهم وتضليلهم، وقد سلك سبيلهم في بعض الأمور كثير ممن انتسب إلى الكتاب والسُّنة والحديث من المتأخرين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/1)
والثَّاني:
من رام إثبات ذلك بأدلة العقول التي لم يرد بها الأثر، ورد على أولائك مقالتهم، كما هي طريقة مقاتل بن سليمان ومن تابعه كنوح بن أبي مريم، وتابعهم طائفة من المحدِّثين قديما وحديثا، وهو أيضا مسلك الكرَّامية، فمنهم من أثبت لإثبات الصِّفات الجسم، إما لفظا أو معنى،
ومنهم من أثبت للَّه صفات لم يأت بها الكتاب والسنة كالحركة وغير ذلك مما هي عنده لازم الصفات الثابتة. وقد أنكر السلف على مقاتل قوله في رده على جهم بأدلة العقل وبالغوا في الطعن عليه. ومنهم من استحل قتله، منهم مكي بن إبراهيم شيخ البخاري وغيره.
والصواب ما عليه السلف الصالح من إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت من غير تفسير لها ولا تكييف ولا تمثيل: ولا يصح من أحد منهم خلاف ذلك البتة خصوصاً الإمام أحمد ولا خوض في معانيها ولا ضرب مثل من الأمثال لها: وإن كان بعض من كان قريباً من زمن الإمام أحمد فيهم من فعل شيئاً من ذلك اتباعاً لطريقة مقاتل فلا يقتدى به في ذلك إنما الإقتداء بأئمة الإسلام كابن المبارك. ومالك. والثوري والأوزاعي. والشافعي. وأحمد. واسحق. وأبي عبيد. ونحوهم.
وكل هؤلاء لا يوجد في كلامهم شيء من جنس كلام المتكلمين فضلا عن كلام الفلاسفة، ولم يُدخِل ذلك في كلامه من سلم من قدح وجرح
وقد قال أبو زرعة الرازي: كل من كان عنده علم فلم يصن علمه واحتاج في نشره إلى شيء من الكلام فلستم منه. ا. هـ
********************
وقد فصَّل الإمام ابن رجب - رحمه الله - بكلام بديع حال المتأثرين بالمتكلمين، وحال السلف رحمهم الله في شرحه لحديث ((الجهنميين)) في كتابة القيِّم " فتح الباري " (5/ 95_107) حديث رقم [806]
وقال: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفاًّ صَفاًّ} [الفجر:22].
ولم يتأول الصحابة ولا التابعون شيئاً من ذلك، ولا أخرجوه عن مدلوله، بل روي عنهم؛ يدل على تقريره والإيمان به وامراره كما جاء.؟
وقد روي عن الإمام أحمد، أنه قال في مجيئه: هو مجيء أمره.
وهذا مما تفرد به حنبل عنه.
_ فمن أصحابنا من قال: وهم حنبل فيما روى، وهو خلاف مذهبه المعروف المتواتر عنه.
وكان أبو بكر الخلال وصاحبه لا يثبتان بما تفرد به حنبل، عن أحمد رواية.
_ ومن متأخريهم من قال: هو رواية عنه، بتأويل كل ما كان من جنس المجيء والإتيان ونحوهما.
_ ومنهم من قال: إنما قال ذلك إلزاماً لمن ناظره في القرآن، فأنهم استدلوا على خلقه بمجيء القرآن، فقال: إنما يجيء ثوابه، كقوله: {جاء ربك}، أي: كما تقولون أنتم في مجيء الله، أنه مجيء أمره.
وهذا أصح المسالك في هذا المروي.
وأصحابنا في هذا على ثلاث فرق:
[#] فمنهم من يثبت المجيء والإتيان، ويصرح بلوازم ذلك في المخلوقات، وربما ذكروه عن أحمد من وجوه لا تصح أسانيدها عنه.
[##] ومنهم من يتأول ذلك على مجيء أمره.
[###] ومنهم من يقر ذلك، ويمره كما جاء، ولا يفسره، ويقول: هومجيء وإتيان يليق بجلال الله وعظمته سبحانه.
وهذا هو الصحيح عن أحمد، ومن قبله من السلف، وهو قول إسحاق وغيره من الأئمة.
وكان السلف ينسبون تأويل هذه الآيات والأحاديث الصحيحة إلى الجهمية؛ لأن جهماً وأصحابه أول من أشتهر عنهم أن الله تعالى منزه عما دلت عليه هذه النصوص بأدلة العقول التي سموها أدلة قطعية هي المحكمات، وجعلوا ألفاظ الكتاب والسنة هي المتشابهات فعرضوا ما فيها على تلك الخيالات، فقبلوا ما دلت على ثبوته بزعمهم، وردوا مادلت على نفيه بزعمهم، ووافقهم على ذلك سائر طوائف أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم.
وزعموا أن ظاهر ما يدل عليه الكتاب والسنة تشبيه وتجسيم وضلال، واشتقوا من ذلك لمن آمن بما أنزل الله على رسوله اسماء ما أنزل الله بها من سلطان، بل هي افتراء على الله، ينفرون بها عن الإيمان بالله ورسوله.
وزعموا أن ما ورد في الكتاب والسنة من ذلك – مع كثرته وأنتشاره – من باب التوسع والتجوز، وأنه يحمل على مجازات اللغة المستبعدة، وهذا من أعظم أبواب القدح في الشريعة المحكمة المطهرة، وهو من جنس حمل الباطنية نصوص الإخبار عن الغيوب كالمعاد والجنةوالنار على التوسع والمجاز دون الحقيقة، وحملهم نصوص الامروالنهي على مثل ذلك،وهذا كله مروق عن دين الإسلام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/2)
ولم ينه علماء السلف الصالح وأئمة الإسلام كالشافعي وأحمد وغيرهما عن الكلام وحذروا عنه، إلا خوفاً من الوقوع في مثل ذلك، ولو علم هؤلاء الأئمة أن حمل النصوص على ظاهرها كفر لوجب عليهم تبيين ذلك وتحذير الأمة منه؛ فإن ذلك من تمام نصيحة المسلمين، فكيف كان ينصحون الأمة فيما يتعلق بالاحكام العملية ويدعون نصيحتمهم فيما يتعلق بأصول الاعتقادات، هذا من أبطل الباطل. ...
وقد صح عن ابن عباس أنه أنكر على من أستنكر شيئاً من هذه النصوص، وزعم أن الله منزه عما تدل عليه:
فروى عبد الرزاق في ((كتابه)) عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، قال: سمعت رجلاً يحدث ابن عباس بحديث أبي هريرة: ((تحاجت الجنة والنار))، وفيه:
((فلا تمتلي حتى يضع رجله)) – أو قال: ((قدمه – فيها)).
قال: فقام رجل فانتفض، فقال ابن عباس: ما فرق هؤلاء، يجدون رقة عند محكمة، ويهلكون عند متشابهه.
وخَّرجه إسحاق بن راهويه في ((مسنده)) عن عبد الرزاق.
ولو كان لذلك عنده تأويل لذكره للناس ولم يسعه كتمانه.
وقد قابل هؤلاء المتكلمين طوائف آخرون،فتكلموا في تقرير هذه النصوص بأدلة عقلية، وردوا على النفاة، ووسعوا القول في ذلك، وبينوا أن لازم النفي التعطيل المحض.
وأما طريقة أئمة أهل الحديث وسلف الامة: فهي الكف عن الكلام في ذلك من الطرفين، وإقرار النصوص وإمرارها كما جاءت، ونفي الكيفية عنها والتمثيل.
وقد قال الخطابي في ((الأعلام)): مذهب السلف في أحاديث الصفات:
الإيمان، وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية عنها.
ومن قال: الظاهر منها غير مراد، قيل له: الظاهر ظاهران: ظاهر يليق ببالمخلوقين ويختص بهم، فهو غير مراد، وظاهر يليق بذي الجلال والإكرام، فهو مراد، ونفيه تعطيل.
ولقد قال بعض أئمة الكلام والفلسفة من شيوخ الصوفية، الذي يحسن به الظن المتكلمون: إن المتكلمين بالغوا في تنزيه الله عن مشابهة الأجسام، فوقعوا في تشبيهه بالمعاني، والمعاني محدثة كالأجسام، فلم يخرجوا عن تشبيهه بالمخلوقات.
وهذا كله إنما أتى من ظن أن تفاصيل معرفة الجائز على الله والمستحيل عليه يؤخذ من أدلة العقول، ولا يؤخذ مما جاء به الرسول.
وأما أهل العلم والايمأن، فيعلمون أن ذلك كله متلقى مماجاء به الرسول صلى الله عليه وسلَّم وأن ما جاء به من ذلك عن ربه فهو الحق الذي لا مزيد عليه، ولا عدول عنه، وأنه لا سبيل لتلقي الهدى إلا منه، وأنه ليس في كتاب الله ولا سنة رسوله الصحيحة ما ظاهرة كفر أو تشبيه، أو مستحيل، بل كل ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله، فإنه حق وصدقٍ، يجب اعتقاد ثبوته مع نفي التمثيل عنه، فكما أن الله ليس كمثله شيء في ذاته، فكذلك في صفاته.
وما أشكل فهمه من ذلك، فإنه يقال فيه ما مدح الله الراسخين من أهل العلم، أنهم يقولون عند المتشابهات:] آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا [[آل عمران:7].
وما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلَّم في متشابه الكتاب، أنه يرد إلى عالمه، والله يقول الحق ويهدي السبيل.
وكلمة السلف وأئمة أهل الحديث متفقة على أن آيات الصفات وأحاديثها الصحيحة كلها تمر كما جاءت، من غير تشبيه ولا تمثيل، ولا تحريف ولا تعطيل.
قال أبو هلال: سأل رجل الحسن عن شيء من صفة الرب عز وجل، فقال: أمروها بلا مثال.
وقال وكيع: أدركت إسماعيل بن أبي خالد وسفيان ومسعراً يحدثون بهذه الأحاديث، ولا يفسرون شيئاً.
وقال الأوزاعي: سُئل مكحول والزهري عن تفسير هذه الأحاديث، فقالا: أمرها على ما جاءت.
وقال الوليد بن مسلم: سألت الأوزاعي ومالكاً وسفيان وليثاً عن هذه الأحاديث التي فيها الصفة والقرآن،فقالوا: أمروها بلا كيف.
وقال ابن عيينة: ما وصف الله به نفسه فقراءته تفسيره، ليس لأحد أن يفسره إلا الله عز وجل.
وكلام السلف في مثل هذا كثير جداً.
وقال أشهب: سمعت مالكاً يقول: إياكم وأهل البدع، فقيل: يا أبا عبد الله: وما البدع؟
قال: أهل البدع الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته وعلمه وقدرته، ولا يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون لهم بإحسان.
خرّجه أبو عبد الرحمن السُلمي الصوفي في كتاب ((ذم الكلام)).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/3)
وروى – أيضاً - بأسانيده ذم الكلام وأهله عن مالك، وأبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد،وابن مهدي، وأبي عبيد، والشافعي، والمزني، وابن خزيمة.
وذكر ابن خزيمة النهي عنه عن مالك والثوري و الأوزاعي والشافعي وأبي حنيفة وصاحبيه وأحمد وإسحاق وابن المبارك ويحيى بن يحيى ومحمد بن يحيى الذهلي.
وروى –أيضاً – السلمي النهي عن الكلام وذمه عن الجنيد وإبراهيم الخواص.
فتبين بذلك أن النهي عن الكلام إجماع من جميع أئمة الدين من المتقدمين من الفقهاء وأهل الحديث والصوفية،وأنه قول أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وغيرهم من أئمة المسلمين.
ومن جملة صفات الله التي نؤمن بها، وتمر كما جاءت عندهم: قوله تعالى:
] وَجَاءَ رَبُّكَ والْمَلَكُ صَفاًّ صَفاًّ [[الفجر:22] ونحو ذلك مما دل على إتيانه ومجيئه يوم القيامة.
وقد نص على ذلك أحمد وإسحاق وغيرهما.
وعندهما: أن ذلك من أفعال الله الاختيارية التي يفعلها بمشيئته واختياره.
وكذلك قاله الفضيل بن عياض وغيره من مشايخ الصوفية أهل المعرفة.
وقد ذكر حرب الكرماني أنه أدرك على هذا القول كل من أخذ عنه العلم في البلدان، سمى منهم: أحمد وإسحاق والحميدي وسعيد بن منصور.
وكذلك ذكره أبو الحسن الأشعري في كتابه المسمى بـ – الإبانة -، وهو من أجل كتبه، وعليه يعتمد العلماء وينقلون منه، كالبيهقي وأبي عثمان الصابوني وأبي القاسم ابن عساكر وغيرهم.
وقد شرحه القاضي أبو بكر ابن الباقلاني.
وقد ذكر الأشعري في بعض كتبه أن طريقة المتكلمين في الاستدلال على قدم الصانع وحدوث العالم بالجواهر والأجسام والأعراض محرمة عند علماء المسلمين.
وقد روي ذم ذلك وإنكاره ونسبته إلى الفلاسفة عن أبي حنيفة.
وقال ابن سريج: توحيد أهل العلم وجماعة المسلمين: الشهادتان، وتوحيد أهل الباطن من المسلمين: الخوض في الأعراض والأجسام، وإنما بعث النبي صلى الله عليه وسلَّم بإنكار ذلك.
خرّجه أبو عبد الرحمن السلمي.
وكذلك ذكره الخطابي في رسالته في - الغنية عن الكلام وأهله -.
وهذا يدل على أن ما يؤخذ من كلامه في كثير من كتبه مما يخالف ذلك ويوافق طريقة المتكلمين فقد رجع عنه، فإن نفي كثير من الصفات إنما هو مبني على ثبوت هذه الطريقة.
قال الخطابي في هذه الرسالة في هذه الطريقة في إثبات الصانع: إنما هو شيء أخذه المتكلمون عن الفلاسفة، وإنما سلكت الفلاسفة هذه الطريقة لأنهم لا يثبتون النبوات ولا يرون لها حقيقة، فكان أقوى شيء عندهم في الدلالة على إثبات هذه الأمور ما تعلقوا به من الاستدلال بهذه الأشياء، فأما مثبتوا النبوات، فقد أغناهم الله عن ذلك، وكفاهم كلفة المؤنة في ركوب هذه الطريقة المتعرجة التي لا يؤمن العنت على من ركبها، والإبداع والانقطاع على سالكها.
ثم ذكر أن الطريق الصحيحة في ذلك: الاستدلال بالصنعة على صانعها، كما تضمنه القرآن، وندب إلى الاستدلال به في مواضع، وبه تشهد الفطر السليمة
المستقيمة.
ثم ذكر طريقتهم التي استدلوا بها، وما فيها من الاضطراب والفساد والتناقض والاختلاف.
ثم قال: فلا تشغل –رحمك الله- بكلامهم، ولا تغتر بكثرة مقالاتهم؛ فأنها سريعة التهافت، كثيرة التناقض، وما من كلام تسمعه لفرقة منهم إلا ولخصومهم عليه كلام يوازيه ويفارقه، فكل بكل معارض، وبعضهم ببعض مقابل.
قال: وإنما يكون تقدم الواحد منهم وفلجه على خصمه بقدر حظه من الثبات والحذق في صنعة الجدل والكلام، وأكثر ما يظهر به بعضهم على بعض إنما هو إلزام من طريق الجدل على أصول مؤصلة لهم، ومناقضات على مقالات حفظوها عليهم […] تقودها وطردها، فمن تقاعد عن شيء منها سموه من طريق […] وه مبطلاً، وحكموا بالفلج لخصمه عليه، والجدل لا يقوم به حق [ ... ] به حجة.
وقد يكون الخصمان على مقالتين مختلفتين، كلاهما باطل، ويكون الحق في ثالث غيرهما، فمناقضة أحدهما صاحبة غير مصحح مذهبه، وإن كان مفسداً به قول خصمه؛ لأنهما مجتمعان معاً في الخطأ، مشتركان فيهِ، كقول الشاعر:
حجج تهافتت كالزجاج تخالها ... حقاً، وكلٌ واهن مكسور
ومتى كان الأمر كذلك، فإن أحد من الفريقين لا يعتمد في مقالته التي نصرها أصلاً صحيحاً، وإنما هو أوضاع وأراء تتكافأ وتتقابل، فيكثر المقال، ويدوم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/4)
الاختلاف، ويقل الصواب، كما قال تعالى:] وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [[النساء:82]، فأخبر تعالى أن ما كثر فيه الاختلاف فليس من عنده، وهو من أدل الدليل على أن مذاهب المتكلمين مذاهب فاسدة؛ لكثرة ما يوجد فيها من الاختلاف المفضي بهم إلى التكفير والتضليل.
وذكر بقية الرسالة، وهي حسنة متضمنة لفوائد جليلة، وإنما ذكرنا هذا القدر منها ليتبين به أن القواعد العقلية التي يدعي أهلها أنها قطعيات لا تقبل الاحتمال، فترد لأجلها –بزعمهم –نصوص الكتاب والسنة، وتصرف عن مدلولاتها، إنما هي عند الراسخين شبهات جهليات، لا تساوي سماعها، ولا قراءتها، فضلا عن أن يرد لأجلها ما جاء عن الله ورسوله، أو يحرف شيء من ذلك عن مواضعه.
وإنما القطعيات ما جاء عن الله ورسوله من الآيات المحكمات البينات، والنصوص الواضحات، فترد إليها المتشبهات، وجميع كتب الله المنزلة متفقة على معنى واحد، وإن ما فيها محكمات ومتشابهات، فالراسخون في العلم يؤمنون بذلك كله، ويردون المتشابهة إلى المحكم، ويكلون ما أشكل عليهم فهمه إلى عالمه، والذين في قلوبهم ريع يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، فيضربون كتاب الله بعضه ببعض، ويردون
المحكم، ويتمسكون بالمتشابه ابتغاء الفتنة، ويحرفون المحكم عن مواضعه، ويعتمدون على شبهات وخيالات لا حقيقة لها، بل هي من وسواس الشيطان وخيالاته، يقذفها في القلوب.
فأهل العلم وإلايمان يمتثلون في هذه الشبهات ما أمروا به من الاستعاذة بالله، والانتهاء عما ألقاه الشيطان، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلَّم ذلك من علامات الأيمان، وغيرهم فيصغون إلى تلك الشبهات، ويعبرون عنها بألفاظ مشتبهات، لا حرمة لها في نفسها، وليس لها معنىً يصح، فيجعلون تلك الألفاظ محكمة لا تقبل التأويل، فيردون كلام الله ورسوله إليها، ويعرضونه عليها، ويحرفونه عن مواضعه لأجلها.
هذه طريقة طوائف أهل البدع المحضة من الجهمية والخوارج والروافض والمعتزلة ومن أشبههم، وقد وقع في شيء من ذلك كثير من المتأخرين المنتسبين إلى السنة من أهل الحديث والفقه والتصوف من أصحابنا وغيرهم في بعض الأشياء دون بعض.
وأما السلف وأئمة أهل الحديث، فعلى الطريقة الأولى، وهي الأيمان بجميع ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم أنه أثبته له، مع نفي التمثيل والكيفية عنه، كما قاله ربيعة ومالك وغيرهما من أئمة الهدى في الاستواء، وروي عن أم سلمة أم المؤمنين، وقال مثل ذلك غيرهم من العلماء في النزول، وكذلك القول في سائر الصفات، والله سبحانه وتعالى الموفق.
وقوله صلى الله عليه وسلَّم: ((فأكون أول من يجوز بأمته)) حتى يقطع الجسر بأمته، وروي: ((يجيز))، وهما لغتان، يقال: جزت الوادي وأجزته، وهما بمعنى.
وعن الأصمعي، قال: أجزته: قطعته، وجزته: مشيت عليه.
وقوله: ((منهم الموبق بعمله)) –أي: الهالك.
وقوله: ((ومنهم المخردل))، هو بالدال المهملة والمعجمة-: لغتان مشهورتان، والمعنى: المقطع، والمراد –والله أعلم-: أن منهم من يهلك فيقع في النار، ومنهم من تقطعه الكلاليب التي على جسر جهنم، ثم لا ينجو ولا يقع في النار.
وقيل: معناه أنه ينقطع عن النجاة واللحاق بالناجين.
والمقصود من تخريج الحديث بطوله في هذا الباب: أن أهل التوحيد لا تأكل النار منهم مواضع سجودهم، وذلك دليل على فضل السجود عند الله وعظمته، حيث حرّم على النار أن تأكل مواضع سجود أهل التوحيد.
واستدل بذلك بعض من يقول: إن تارك الصلاة كافر؛ فإنه تأكله النار كله، فلا يبقى حاله حال عصاة الموحدين.
وهذا فيمن لم يصلِ لله صلاة قط ظاهر.
وقوله: ((امتحشوا)) أي: احترقوا، وضبطت هذه الكلمة بفتح التاء والحاء. وفي بعض النسخ بضم التاء وكسر الحاء.
و ((الحبة)) –بكسر الحاء – قال الأصمعي: كل نبت له حب فاسم جميع ذلك الحب: الحبة.
وقال الفراء: الحبة: بذور البقل.
وقال أبو عمرو: الحبة نبت ينبت في الحشيش صغار.
وقال الكسائي: الحبة بذر الرياحين، وأحدها حبة، وأما الحنطة فهو الحب لا غير –يعني: بالفتح.
و ((الحميل)): ما حمله السيل من كل شيء، فهو حميل بمعنى محمول، كقتيل بمعنى مقتول.
ويأتي الكلام على باقي الحديث في موضع آخر – أن شاء الله تعالى. ا. هـ
**********
قال الذهبي رحمه الله تعالى في كتابه " سير أعلام النبلاء " (19/ 449)
في ترجمة ابن عقيل الحنبلي
قلت قد صار الظاهر اليوم ظاهرين:
أحدهما حق
والثاني باطل
_ فالحق: أن يقول إنه سميع بصير مريد متكلم حي عليم كل شيء هالك إلا وجهه خلق آدم بيده وكلم موسى تكليما واتخذ إبراهيم خليلا وأمثال ذلك فنمره على ما جاء ونفهم منه دلالة الخطاب كما يليق به تعالى ولا نقول له تأويل يخالف ذلك
_ والظاهر الآخر وهو الباطل والضلال: أن تعتقد قياس الغائب على الشاهد وتمثل البارئ بخلقه تعالى الله عن ذلك بل صفاته كذاته فلا عدل له ولا ضد له ولا نظير له ولا مثل له ولا شبيه له وليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته وهذا أمر يستوي فيه الفقيه والعامي والله أعلم(27/5)
ياأهل الملتقى هلموا نتذاكر ماوقع من أشراط الساعة
ـ[السدوسي]ــــــــ[29 - 01 - 04, 11:24 م]ـ
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على خير خلقه وبعد
فإني لم أجد مصنفا يذكر أشراط الساعة التي وقعت في زماننا هذا ومن تتبعها وجدها كثيرة، وقد عن في الخاطر استنهاض همم أهل الحديث لذكر ماأخبر به النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ووقع في زماننا خاصة وإلا فما أخبر به ووقع قديما كثير وفيه مؤلفات لاتخفى.
آمل من إخواني الحرص على تقييد مالديهم لعله يتوفر من ذلك مايسد النقص في هذا الباب.
ـ[السدوسي]ــــــــ[29 - 01 - 04, 11:43 م]ـ
قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه
حدثنا عياش بن الوليد أخبرنا عبد الأعلى حدثنا معمر عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يتقارب الزمان وينقص العمل ويلقى الشح وتظهر الفتن ويكثر الهرج قالوا يا رسول الله أيم هو قال القتل القتل.
أيم يعني أي شيء هو وفي رواية وماالهرج.
قلت: وتقارب الزمان مما وقع في زماننا وتفسيره جاء عند أحمد في مسنده قال:
حدثنا هاشم حدثنا زهير حدثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر ويكون الشهر كالجمعة وتكون الجمعة كاليوم ويكون اليوم كالساعة وتكون الساعة كاحتراق السعفة الخوصة.
ـ[السدوسي]ــــــــ[30 - 01 - 04, 12:27 ص]ـ
جاء في معجم الطبراني الأوسط والصغير عن أنس رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليو وسلم:
(من اقتراب الساعة أن يرى الهلال قبلا فيقال: لليلتين و أن تتخذ المساجد طرقا و أن يظهر موت الفجأة). والحديث حسنه الألباني رحمه الله بشواهده.
قلت وليس بخاف أن الناس في الآونة الأخيرة إذا رأوا الهلال ظنوه لليلتين، ولاشك أن موت الفجأة في زماننا قد كثر وهذا المراد بالظهور وإلا فهو موجود في القرون الأولى ومن سأل أدرك وقوعه بكثرة.
ـ[السدوسي]ــــــــ[30 - 01 - 04, 12:42 ص]ـ
(يوشك أن لا تقوم الساعة؛ حتى يقبض العلم، وتظهر الفتن، ويكثر الكذب، ويتقارب الزمان، وتتقارب الأسواق) ابن حبان عن أبي هريرة
(لاتقوم الساعة حتى تظهر الفتن ويكثر الكذب وتتقارب الأسواق ويتقارب الزمان ويكثر الهرج قيل وما الهرج قال القتل) الإمام أحمد عن أبي هريرة.
ومثله كثرة الكذب ولاسيما في وسائل الاعلام
ـ[السدوسي]ــــــــ[01 - 02 - 04, 06:38 ص]ـ
اخرج البخاري في التاريخ وابن حبان والحاكم والطبراني في الأوسط من حديث ‘بي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال {والذي نفسي بيده لاتقوم الساعة حتى يظهر الفحش والبخل، ويخون الأمين ويؤتمن الخائن، ويهلك الوعول، وتظهر التحوت، قالوا يارسول الله: وما الوعول والتحوت، قال الوعول: وجوه الناس وأشرافهم. والتحوت: الذين كانوا تحت أقدام الناس لايعلم بهم}.
من تأمل الوزراء وأصحاب الأمر والنهي ومن تأمل حال كتاب الصحف اليوم تبين له وقوع ماأخبر به المعصوم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في زماننا.
ـ[السدوسي]ــــــــ[05 - 02 - 04, 11:09 ص]ـ
(إن من أشراط الساعة أن يفيض المال، ويكثر الجهل، وتظهر الفتن،وتفشو التجارة) رواه النسائي والحاكم عن عمرو بن تغلب.
وللبخاري في الأدب المفرد وأحمد عن عبدالله بن مسعود عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة،وفشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة، وقطع الأرحام، وشهادة الزور، وكتمان شهادة الحق، وظهور القلم}(27/6)
ما حكم طلب الدعاء من صاحب القبر؟!
ـ[سلطان العتيبي]ــــــــ[05 - 02 - 04, 09:28 ص]ـ
أشكل علي أيها الأحبة كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية (وسأنقله بتمامه في آخر المقال) , ومضمون الكلام الخطير الذي لو ظفر به أهل البدع وعباد القبور لكان فتنة لهم ولغيرهم ...
مضمونه: أن دعاء الرجل صاحب القبر أو الضريح بقوله: ادع الله لي بـ ... ليس شركا إنما هو بدعة لم يفعلها أحد من السلف .
وهذا هو عين الشرك الذي وقع للمشركين الجاهلين (مانعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى).
فهل يقال أن هذا الكلام مما دخل على كلام شيخ الإسلام (علما أن كلامه هذا في كتاب التوسل والمجلد الأول من الفتاوي).
فهل من أحد يكون كلامه كافٍ شاف ...
وأهيب بالمشايخ (الفقيه وإحسان وغيرهم)
فإليكم نص كلام شيخ الإسلام ....
قال ابن تيمية بعد أن قسم التوسل إلى مراتب , قال:
(الثانية أن يقال للميت أو الغائب من الأنبياء والصالحين
ادع الله لى أو ادع لنا ربك أو إسأل الله لنا كما تقول النصارى
لمريم وغيرها فهذا أيضا لا يستريب عالم أنه غير جائز وأنه من
البدع التى لم يفعلها أحد من سلف الأمة وان كان السلام على أهل القبور
جائزا ومخاطبتهم جائزة كما كان النبى صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه
اذا زاروا القبور أن يقول قائلهم السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين
والمسلمين وانا ان شاء الله بكم لاحقون يغفر الله لنا ولكم نسأل
الله لنا ولكم العافية اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا
ولهم وروى أبو عمر بن عبد البر عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال
ما من رجل يمر بقبر الرجل كان يعرفه فى الدنيا فيسلم عليه الا رد الله
عليه روحه حتى يرد عليه السلام فتاوى ابن تيمية ج1/ص351
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[05 - 02 - 04, 10:03 ص]ـ
الأخ الفاضل: سلطان العتيبي ... وفقه الله
أولاً ... الحمدلله على استشكالك وعدم جزمك بما فهمته من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
فقولك: " مضمونه: أن دعاء الرجل صاحب القبر أو الضريح بقوله: ادع الله لي بـ ... ((ليس شركاً)) إنما هو بدعة لم يفعلها أحد من السلف ".
عليه ملحظ:
- وهو أن لفظة: ((ليس شركاً)) لم يقلها شيخ الإسلام ولا يفهم هذا من كلامه ألبتة.
إذ المعتاد على قراءة كلام شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله = يعرف أنَّ الشيخ يطلق البدعية على ما كان شركاً وما لك يكن كذلك.
فالبدعة - من حيث إحداثها - هي بدعة، بصرف النظر عن كونها شركاً أو أصغر أو ذريعة لأحدهما أوكبيرة من الكبرائر.
- فقول الشيخ: ((لا يستريب عالم أنه غير جائز وأنه من البدع التى لم يفعلها أحد من سلف الأمة)) = ليس فيه نفي الشركية أو الكلام عليها ألبتة.
- بل المعروف عموماً أنَّ البدعة بدعتان، شركية وغير شركية.
- وبالله تعالى التوفيق ...
ـ[السدوسي]ــــــــ[05 - 02 - 04, 10:46 ص]ـ
ومصداقا لما قاله أبوعمر حفظه الله أن شيخ الإسلام بين في ثنايا رسالته أن هذا شرك أكبر وهذا يدل أن مراده بالبدعة هنا الشركية.
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[05 - 02 - 04, 11:45 ص]ـ
ليس هذا شركاً أكبراً، لكنه بدعة منكرة ووسيلة إلى الشرك.
وليس هو مثل شرك أهل الجاهلية لأنه ليس فيه توجيه نوع عبادة لصاحب القبر، كصلاة أو ذبح أو ما شابه.
أما سؤالهم دعاء الله لهم فسببه أنهم يظنون لجهلهم أن الولي حي في قبره، وأن طلب الدعاء من الولي الميت هو كطلبه منه وهو حي.
والله أعلم.
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[05 - 02 - 04, 01:39 م]ـ
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتاب " الرَّدِّ على الأخنائي ":
وقد حدث من بعض المتأخرين في ذلك بدع لم يستحبَّها أحد من الأئمة الأربعة، كسؤاله الاستغفار.
وزاد بعض جهَّال العامة ما هو محرَّم أو كفر بإجماع المسلمين كالسُّجود للحجرة والطَّواف بها وأمثال ذلك مما ليس هذا موضعه.
ومبدأ ذلك من الذين ظنوا أن هذا زيارة لقبره وظن هؤلاء أن الأنبياء والصالحين تزار قبورهم لدعائهم والطلب منهم واتخاذ قبورهم أوثاناً حتى قد يفضلون تلك البقعة على المساجد وأن بنى عليها مسجد فضلوه على المساجد التي بنيت لله وحتى قد يفضلون الحج إلى قبر من يعظمونه على الحج إلى البيت العتيق إلى غير ذلك مما هو كفر ورده عن الإسلام باتفاق المسلمين. ا. هـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/7)
وقد قال الشوكاني في الدر النضيد:
إذا عرفت هذا فاعلم أن الرَّزية كل الرزيَّة والبليَّة كل َّ البليَّة أمر غير ما ذكرناه من التوسل المجرَّد، والتَّشفُّع ممَّن له الشَّفاعة،وذلك ما صار يعتقده كثير من العوام وبعض الخواصِّ في أهل القبور، وفي المعروفين بالصَّلاح من الأحياء أنهم يقدرون على ما لا يقدر عليه إلاَّ الله، ويفعلون بهم مالا يفعله إلا الله عزَّ وجلَّ، حتى نطقت ألسنتهم بما انطوت عليه قلوبهم، فصاروا يدعونه تارة مع الله وتارة استقلالا ويصرِّحون بأسمائهم، ويعظِّمونهم تعظيم من يملك الضُّرَّ والنفع، ويخضعون لهم خضوعا زائدا على خضوعهم عند وقوفهم بين يدي ربهم في الصَّلاة والدُّعاء.
وهذا إذا لم يكن شركا فلا ندري ما هو الشِّرْك، وإذا لم يكن كفْرا فليس في الدنيا كفْر. ا. هـ
وقال في موضع آخر:
إذا لم يحصل من المسلمين إلا مجرد التوسل الذي قدمنا تحقيقه فهو كما ذكرنا سابقا، ولكن من زعم أنه لم يقع منه إلا مجرد التوسل وهو يعتقد من تعظيم ذلك الميت ما لا يجوز اعتقاده في أحد من المخلوقين، وزاد على مجرِّد الاعتقاد فتقرّب إلى الأموات بالذبائح والنذور، وناداهم مستغيثا بهم عند الحاجة، فهذا كاذب في دعواه أنَّهُ متوسل فقط، فلو كان الأمر كما زعمه لم يقع منه شيء من ذلك، إذا المتوسَّلُ به لا يحتاج إلى رشوة بنذر، أو ذبح، ولا تعظيم، ولا اعتقاد، لأن المدعو هو الله، وهو أيضا المجيب.
ولا تأثير لمن وقع به التوسل قطُّ، بل هو بمنزلة العمل الصَّالح، فأيُّ جدوى في رشوة من قد صار تحت أطباق الثَّرى بشيء من ذلك، وهل هذا إلاَّ فعل من يعتقد التأثير اشتراكا أو استقلالا، ولا شهادة أعدل من جوارح الإنسان على بطلان ما ينطق به لسانه من الدَّعاوى الباطلة العاطلة، بل من زعم أنه لم يحصل منه إلاَّ مجرَّد التوسل وهو يقول بلسانه: يا فلان .. مناديا لمن يعتقده من الأموات، فهو كاذب على نفسه.
ومن أنكر حصول النداء للأموات والاستغاثة بهم استقلالا، فليخبرنا ما معنى ما يسمعه في الأقطار اليمنية من قولهم: با ابن عجلان، يا زيلعي، يا ابن علوان، يا فلان ... . ا. هـ
أقول:
وهذا الذي أحدثه المتأخرون هو من أعظم وسائل الشرك بالله والتعلق بغيره من الأموات، والمنع منه هو الصَّواب، والقبورية وغيرهم يهتمون بمثل هذه النقول عن شيخ الإسلام وغيره ليقولوا نحن ندينكم من كلام من تعظِّمون من أئمتكم، فانظروا إلى شيخ الإسلام كيف أنه لا يكفر من طلب من الميت أن يستغفر له.
ويقولون نحن لا ندعوا الرسول بذاته لينفعنا أو يضرَّنا، وإنما ندعوه ليستغفر لنا عند الله، وهو ليس كفرا أو شركا كما نقلنا لكم عن شيخ الإسلام الذي تأخذون أقواله على أنها قرآن لا يقبل النقاش.
والجواب عن هذه السخافات أن يقال:
أولا: فليذهب هؤلاء القبورية إلى أي من القبور التي يزعمون وليرون ما يحدث عندها من الشرك الصريح بالله ودعاء غيره فهم يطلبون من الميت كل ما يريدون من أمور الدنيا والآخرة.
ثانيا: الطواف الذي يقوم به هؤلاء الجهال هل هو شرك أم لا، وأين توجيهكم أيها المرتزقة لهؤلاء المشركين، أن لا يطوفوا بالقبور، وأن لا يدعون أصحابها ويطلبون منهم ما لا يستطيعونه من أمور الدنيا والآخرة.
ثالثا: الذبائح التي يذبحها هؤلاء المشركين عند القبور هل هي من دين الله الذي أنزله على رسوله.
وإن كنتم لا تستطيعون توجيه العوام كما تزعمون، فلا تقدموا لهم وسائل الشرك الأكبر المخرج من الملة على أطباق من ذهب، وتصفوها بأنها من القربات لله تعالى كزيارة القبور ودعاء أصحابها _ الأولياء كما يزعمون _ ثم أذا وقعوا في الشرك الأكبر قلتم لم نستطع السيطرة عليهم لأنهم جهال.
فالمنع من هذه الوسيلة المفضية إلى الشرك الأكبر هو الذي يدين الله به كل من عرف مقاصد الشريعة من جعل المخلوقين يتعلَّقون بالله ربهم ويدعونه ويرجونه ويقطعون العلائق عن غيره.
هذه كلمات سريعة كتبتها أسأل الله أن ينفع بها.
والله أعلم وأحكم.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[05 - 02 - 04, 05:24 م]ـ
- بارك الله فيكم وجزاكم خيراً
تعقيبات وتأصيل:
الأول: قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((الدعاء هو العبادة)).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/8)
والأصل: أنَّ من صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله فقد أشرك به في ألوهيته.
الثاني: من قال بأنَّ دعاء الأموات ليس بشرك فقد غلط.
- قال الله عزوجل: ((إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم)).
- قال أبو عمر: فقد قال تعالى: (يكفرون بشرككم).
- وقال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتاب التوحيد: (باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره)
وقول الله تعالى: (ولا تدعُ من دون الله مالا ينفعك ولا يضرُّك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين) ...
وقوله: ((ومن أضلُّ ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون - وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتم كافرين)).
.... فيه مسائل:
... الثالثة: أنَّ هذا هو الشرك الأكبر.
... السادسة: كون ذلك لا ينفع في الدنيا مع كونه كفراً.
... الثالثة عشرة: تسمية تلك الدعوة عبادة للمدعو.
الرابعة عشرة: كُفر المدعو بتلك العبادة)).
الثالث: ما تقدَّم من أنَّ دعاء الأموات وطلب الحوائج منهم - دنيوية أو أخروية - شركٌ أكبر لا يغفره الله تعالى هو الصحيح.
- وهذا لا يتنافى مع كونه ذريعة إلى الشرك الأكبر.
وبيان هذا: أنَّ الذرائع لها أحكام المقاصد، أو الوسائل لها أحكام المطالب.
وهذا في كثير من المسائل التي هي ذرائع للشرك لا يلزم كونها ليست شركاً.
- وأيضاً: وصف دعاء الميت بـ (الذريعة إلى الشرك) = إنما هو أمرٌ اصطلاحي لتقريب وجه الشركية لا لبيان حكمها!
فكوننا سميناه (ذريعة) أو لم نسمِّه = لن يغيِّر في حكم الأمر شيئاً.
وكتاب الله ناطق بشركية هذا الفعل، كما تقدَم بيانه أول هذا التعقيب.
ثم كوننا سميناه ذريعةً إلى الشرك ((لبيان سببه)) لا يخرجه عن كونه شركاً أكبر وكفراً ناقلاً مخرجاً من الملة، مخلداً لصاحبه في النار.
الرابع: ولو عدنا لأصل المسألة التي أثير لأجلها هذا الموضوع؛ فشيخ الإسلام ابن تيمية قد سمَّى دعاء الأموات (((في كثير من كتبه وكلامه))): (ذريعة إلى الشرك)، وسمَاه (محرماً)، وسمَّاه (بدعة لم يكن عليها السلف)، وسمَاه (شركاً أكبر) وسمَّاه (كفراً).
وكلها صحيحة الإطلاق، ولكل منها معنى عند الاستعمال.
والمقام أضيق من التفصيل في الكلام عليها، ونقل كلامه الدال على هذا.
ولعل ذلك في مستقبل الأيام لو فسح الوقت.
(يتبع فيما بعد إنشاء الله) = !
- وبالله تعالى التوفيق ...
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[05 - 02 - 04, 05:43 م]ـ
- إلحاق:
الخامس (تنبيه): من نسب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله نفيه الشركية الكبرى عن دعاء الأموات = فقد أعظم عليه الفرية.
أما لو كان فهماً خاطئاً له فالخطب سهل، والخطأ واقعٌ منا جميعاً.
- التنبيه على التنبيه: إنما ذكرت هذا لأجل ما عنون به هذا الموضوع، ثم ما استفتح به!
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[05 - 02 - 04, 11:34 م]ـ
الاخ المبارك (أبوعمر السمرقندي) الكلام ليس على (دعاء الاموات).
فهذا قد نص أهل العلم ومنهم شيخ الاسلام على انه من أعظم الشرك.
لكن الكلام هو على (طلب الدعاء من الاموات).
وهو ليس بشرك لكنه بدعة ووسيلة الى الشرك كما نص على ذلك شيخ الاسلام أيضا.
وبين المسألتين فرق كبير بارك الله فيك.
ـ[المسيطير]ــــــــ[06 - 02 - 04, 12:15 ص]ـ
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في الفتاوى ج27 ص152 ومابعدها،:
وقصد القبور لأجل الدعاء عندها، رجاء الأجابة هو من هذا الباب، فإنه ليس من الشريعة: لا واجبا ولا مستحبا، فلا يكون دينا ولا حسنا، ولا طاعة لله، ولا مما يحبه الله ويرضاه، ولا يكون عملا صالحا، ولاقربة، ومن جعله من هذا الباب فهو ضال باتفاق المسلمين.
وذكر رحمه الله في هذا الجزء (27) فتاوي تتعلق بماذكره الأخوة، ففيه البيان لما ذكره الاخوان.
وقد اقترحت على معالي الشيخ صالح آل الشيخ ان يتكلم الخطباء في الحرم المكي والمدني في رمضان وفي الحج عن خطورة دعاء الله عند القبور وأنها شرك وأن بعض الناس ... فلم أكمل كلامي، اذ قال الشيخ معترضا: هناك فرق بين دعاء صاحب القبر ودعاء الله عند صاحب القبر، فالأول شرك والثاني بدعة منكرة قد توصل الى الشرك.
الشاهد ان عنوان المقال لم يقل به شيخ الاسلام رحمه الله، فليته يغير حتى لايوهم.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[06 - 02 - 04, 01:18 ص]ـ
وأيضا أخي الحبيب (المسيطير) الدعاء عند القبر غير طلب الدعاء من صاحب القبر ودعاء صاحب القبر.
عندنا ثلاث مسائل:
دعاء صاحب القبر:
وهذا شرك بين وهو كالاستعانة والاستغاثة وطلب الرزق وطلب الولد وهو شرك المشركين واعظم ما كفر به المشركين.
طلب (الدعاء) من صاحب القبر:
وهو ليس بشرك غير انه وسيلة مفضية الى الشرك بل اقرب طريق موصل اليه وهو من جنس التوسل في ا لحكم العام وفي خطورته وفي الخلاف فيه.
الدعاء عند القبر:
فلايدعو صاحب القبر ولا يسأله الدعاء له بل هو يدعو الله وحده لكن في مكان القبر.
وهذا وسيلة مفضية الى دعاء اصحاب القبور وكان هذا مشتهرا حتى عند بعض العلماء المتقدمين ولو علموا ما افضت اليه الحال لما فعلوا هذا البته.
وقد تدرج الشيطان بمن يتعمد الدعاء عند القبر الى دعاء اصحاب القبر أذ انهم وجدوا في انفسهم ان الدعاء عند بعض القبور احرى بالاجابة (زعموا) من بقية القبور فصاروا يتعمدون الدعاء عند قبور مخصوصة ,
بعد ان كانوا يدعون عند القبور مطلقا دون ان يخصوا قبرا بالدعاء. ثم تدرجت الحال فقال العامة ومن بعدهم انما تعمد من قبلنا الدعاء عند هذا القبر لمزية صاحبه فصار الشرك والعياذ بالله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/9)
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[06 - 02 - 04, 01:37 ص]ـ
الشيخ المتمسك بالحق
لماذا لا يكون طلب (الدعاء) من صاحب القبر شركا أكبر
وكما أعلم أن هذا الطلب لا يقدر عليه إلا الله
قال الله عزوجل: ((إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم)).
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[06 - 02 - 04, 02:40 ص]ـ
الأخوة الأفاضل ... جزاكم الله خيراً وبارك فيكم
وأخصُّ منهم الأخ زياداً والأخ خالد بن عمر - عبر الخاص - (: ... وفقهما الله وبارك فيهما
أنا معكم في الفرق النوعي والتقسيمي:
1 - بين طلب الدعاء والشفاعة من الأموات عند الله.
2 - وبين دعاء الأموات وطلب الحوائج منهم مباشرة.
ومما يفصل المسألتين ويبينهما مثالين:
رجل يسأل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد وفاته أن يتجاوز عن سيئاته أو يعطيه سؤله.
ورجل يسأل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد وفاته أن يشفع له عند الله تعالى ليغفر له ذنبه أو يعطيه سؤله.
هذا بيِّن واضح لا غبار عليه من حيث التقسيم.
لكن ... الأمر الذي يبقى للمطارحة والإفادة هو الحكم عليهما:
فهل الطلب الذي هو من الجنس الأول، وهو طلب الدعاء من الأموات شرك أكبر أو غيره.
ههنا النقاش أيها الأفاضل.
والذي يظهر من الأدلة الشرعية عدم التفريق بينهما، ومن فرَّق فعليه بالدليل.
لأن الأدلة التي قدَّمت ببعضها عامة في كلا الحالتين.
- وقد قلت في التعقيب الرابع (4):
" الثالث: ما تقدَّم من أنَّ دعاء الأموات (((وطلب الحوائج منهم - دنيوية أو أخروية -))) شركٌ أكبر لا يغفره الله تعالى هو الصحيح.
وهذا لا يتنافى مع كونه ذريعة إلى الشرك الأكبر.
وبيان هذا: أنَّ الذرائع لها أحكام المقاصد، أو الوسائل لها أحكام المطالب.
وهذا في كثير من المسائل التي هي ذرائع للشرك لا يلزم كونها ليست شركاً ".
هذه واحدة ...
الأمر الثاني ... ((لا أعرف)) لشيخ الإسلام كلاماً يبين فيه أن الجنس الأول ليس بشرك أكبر بل هو ذريعة إليه فحسب (كبيرة وبدعة).
فليت الأخوة يأتونا بكلام للشيخ رحمه الله حتى نرى كلامه ونستفيد.
وجزاكم الله خيراً مضاعفاً ...
_____________
الأخ الفاضل ... المسيطير ... بارك الله فيه ووفقه
المسألة التي ذكرتها دعاء ((الله)) عند القبور غير المسألة المبحوثة ههنا، وهي ذريعة إلى الشرك لا شركاً بذاتها.
وقد بين الأخ زياداً ذلك.
ـ[ابن عبد الوهاب السالمى]ــــــــ[06 - 02 - 04, 03:03 ص]ـ
اخي الفاضل ان من يقف امام الجيلاني وهو يعتقد انة القطب الغوث الذي يقضي حوائج الخلق ثم يدعو الله عندة ............. الا يكون ذلك شركا
ان من يقف علي قبر البدوي في خشوع وكانة متوجها للقبلة ثم يدعوة ان يوصل دعائة لله فهو الغوث .............. الايكون ذلك شركا
اخي الفاضل ان الحالة التي تتكلم عليها انقرضت في هذا الزمن فلا تجد متصوف يدعو الله عند القبر او يطلب من الدعاء وهو لايعتقد ان من يدعوة هو القطب الغوث
اخي الفاضل المسئلة ليست علي العموم بل بها تفصيل يتوقف علي حال الداعي
والله اعلم
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[06 - 02 - 04, 03:03 ص]ـ
الأخ الكريم المفضال .. خالد بن عمر ... وفقه الله
ما نقلته من كلامي شيخ الإسلام ابن تيمية والشوكاني رحمهما الله ليس واضحاً ولا قاطعاً في المسألة؛ إذ هو حمال أوجه، كما سبقت الإشارة إليه في تعقيب (6).
فأنا أريد كلاماً واضحاً ينفي الشركية الكبرى عن فاعل هذه المسألة ..
ول من احتج بأهل البدع بمثل هذه الجمل بينا له إجمالها وبيانها في موضع آخر ..
ولعلي سأنقل من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ما يبين رأيه في المسألة بجلاء إنشاء الله تعالى.
____
- إلحاق:
مقدمتان ونتيجة: دعاء الأموات لطلب الدعاء منهم = دعاء.
والدعاء عبادة، بل هو العبادة، وصرفها لغير الله شرك أكبر.
فدعاء الأموات لطلب دعائهم شرك أكبر.
____
ملاحظة: انتهت مدة التحرير قبل إضافة هذا التعقيب فاضطررت لتعقيب جديد!
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[06 - 02 - 04, 04:07 ص]ـ
الأخ الفاضل .. ابن عبدالوهاب السالمي .. وفقه الله
قلت بارك الله فيك: " ان من يقف امام الجيلاني وهو يعتقد انة القطب الغوث الذي يقضي حوائج الخلق ثم يدعو الله عندة الا يكون ذلك شركا
ان من يقف علي قبر البدوي في خشوع وكانة متوجها للقبلة ثم يدعوة ان يوصل دعائة لله فهو الغوث الايكون ذلك شركا ".
- الجواب: بلى يكون شركاً، بل شركاً أكبر؛ لا لأجل الدعاء عند القبر، بل لأجل الناتج عنه.
فدعاء ((الله تعالى)) عند قبر الولي أو المعظَّم ليس شركاً في حدِّ ذاته، إذ ليس فيه صرف شيءٍ لغير الله تعالى.
لكنه ذريعة (أو وسيلة أو سبب أو طريق أو ... ) للوقوع في الشرك الأكبر.
ولو أنك - وفقك الله - أمعنت ما ذكرته في التعقيب (6) لوضح لك ما أرمي إليه قبل عزمك على تعقيبك واستشكالك.
فقد قلت بالنص: " كثير من المسائل التي هي ذرائع للشرك لا يلزم كونها ليست شركاً ".
ومعنى هذا: أنَّ الذريعة معصية وكبيرة قد توصل صاحبها للشرك، وقد لا توصل، فينهى عنها سداً للباب وحماية لجناب التوحيد.
- وهنا يتميَّز الفرق بين ما أجزم به وبين ما استشكله الأخ ابن عبدالوهاب.
فدعاء الأموات بكل صوره عبادة مصروفة لغير الله ابتداءاً.
أما دعاء الله عند القبور فهي لله وقد تصرف لغيره فيقع الشرك المحذر منه.
- وبيان هذا: أنَّ دعاء الأموات لطلب الدعاء منهم شرك ابتداءاً؛ إذ هو صرف عبادة لغير الله.
وإلاَّ فما هو الشرك إلم يكن هذا شركاً!
____________
ملاحظة: لافرق بين دعاء الأموات مباشرة وبين دعائهم لطلب دعائهم = ((من جهة الحكم))؛ وهو: أن كليهما دعاء للأموات، وأنَّ كليهما شرك أكبر.
حتى يفهم عني ما أقصده من كل تعقيباتي السابقة!!
- وبالله تعالى التوفيق ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/10)
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[06 - 02 - 04, 11:03 ص]ـ
الاخ المبارك أبو عمر:
قال شيخ الاسلام رحمه الله:
وكذلك الأنبياء والصالحون وإن كانوا أحياء في قبورهم وإن قدر أنهم يدعون للأحياء وإن وردت به آثار فليس لأحد أن يطلب منهم ذلك ولم يفعل ذلك أحد من السلف لأن ذلك (ذريعة إلى الشرك بهم وعبادتهم من دون الله تعالى)؛ بخلاف الطلب من أحدهم في حياته فإنه لا يفضي إلى الشرك
صفحة 332
وقال:
وأيضا فإنه ليس في طلب الدعاء منه ودعائه هو والتوسل بدعائه ضرر بل هو خير بلا شر وليس في ذلك محذور ولا مفسدة ............... وأما بعد موته (فيخاف الفتنة والإشراك به) كما أشرك بالمسيح والعزير وغيرهما
بعدها بصفحتين.
غير ان من ظن ان دعاء الله لايصح الا من طريق طلب الدعاء من هولاء فالامر فيه أخطر فقد يكون لامس الشرك ولابسه لان جعل وسطاء بينه وبين الله , بخلاف من لم يظن هذا.
ـ[العدوي]ــــــــ[06 - 02 - 04, 10:48 م]ـ
أخي الفاضل - وفقه الله تعالى - أظن إن كلام الشيخ واضح؛ إذ أن المعنى أن طلب الدعاء من الميت - لا دعاؤه من دون الله تعالى - هو بمنزلة مخاطبة الحي من الصالحين، لأن كلام الشيخ مبني أصلا على إثبات سماع الأموات في قبورهم، وشعورهم بمن حولهم لأدلة عديدة؛ أورد شيخ الإسلام بعضها في كلامه، فيكون الأمر مفترق عن شرك أهل الجاهلية، لأن الطالب في هذه الحالة لم يطلب من الميت تحقيق نفع، أو ضر، أو صرف له عبادة الدعاء، وإنما غاية ما في الأمر أنه افترض أن بإمكانه أن يطلب منه أن يدعو له، كما كان يطلب منه في الدنيا - وهو في الحياة جائز بالإجماع أي: طلب الدعاء من الصالحين - فكانت هذه الصورة بدعةٌ منكرةٌ لعدم ورود الدليل عليها - حتى وإن أثبتنا، أو نفينا سماع الموتى -، وأما كونها شركًا من جنس شرك أهل الجاهلية فلا قطعًا، لعدم صرف العبادة إلى غير الله تعالى في هذه الصورة، والله الموفق.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[06 - 02 - 04, 11:20 م]ـ
الأخوان الفاضلان زياد والعدوي ... وفقهما الله
- لفظة الذريعة في كلام شيخ الإسلام رحمه الله - وغيره - قد تقدم الكلام عليه في أكثر من تعقيب، وبينته ووضحته.
- الذريعة قد تكون شركاً، وسمي ذريعة لأنه سبب الوقوع في الشرك.
فمن وقع فيها فقد يقع في الشرك وقد لا يقع.
والصحيح في هذه المسألة أنه يقع.
- قال الله تبارك وتعالى: (إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير).
فالأنبياء والصالحون لا يسمعون دعاء الداعي بطلب دعائهم، ولو سمعوا ما استجابوا، ثم هو شرك يكفرون به يوم القيامة بنص الآية.
- وأما طلب الدعاء من الأموات - حتى وإن قلنا بسماعهم في قبورهم على القول المرجوح الذي ليس عليه دليل معتمد - فهو داخل في الشرك من جهة أخرى، وهو اتخاذهم وسطاء بين الداعي وبين الله، وهذا شرك من وجهٍ آخر.
وهو الذي شبهه شيخ الإسلام بشرك النصارى وغيرهم ن وأنه لا ينفع الداعي بل يضره.
- ثم ما غرض الداعي لطلب الدعوة من هؤلاء؟ أليس هو تعظيمهم وظن أنَّ حاجته تقضى من طريق دعوتهم وشفاعتهم.
وهذا هو الشرك.
هذا فقط في الرد على ما نُقِلَ واستشكِلَ من كلام شيخ الإسلام رحمه الله.
- وإلاَّ فإنَّ المسألة من أساسها بصرف النظر عن كلام شيخ الإسلام (شرك أكبر) كما تقدمت البراهين عليه.
وبالله تعالى التوفيق ...
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[07 - 02 - 04, 12:55 ص]ـ
- قال شيخ الإسلام أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن تيمية النميري الحراني الدمشقي رحمه الله في كتابه العظيم: قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص/18) [وهو في مجموع الفتاوى (1/ 158 - 160)]: " والمشركون من هؤلاء قد يقولون إنا نستشفع بهم أى نطلب من الملائكة والأنبياء أن يشفعوا.
فإذا أتينا قبر أحدهم طلبنا منه أن يشفع لنا فإذا صورنا تمثاله - والتماثيل إما مجسدة وإما تماثيل مصورة - كما يصورها النصارى فى كنائسهم قالوا فمقصودنا بهذه التماثيل تذكر أصحابها وسيرهم ونحن نخاطب هذه التماثيل ومقصودنا خطاب أصحابها ليشفعوا لنا إلى الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/11)
فيقول أحدهم: يا سيدى فلان أو يا سيدى جرجس أو بطرس أو ياستى الحنونة مريم أو يا سيدى الخليل أو موسى بن عمران أو غير ذلك = اشفع لى إلى ربك. وقد يخاطبون الميت عند قبره سل لى ربك أو يخاطبون الحى وهو غائب كما يخاطبونه لو كان حاضرا حيا.
وينشدون قصائد يقول أحدهم فيها: يا سيدى فلان أنا فى حسبك، أنا فى جوارك اشفع لى إلى الله، سل الله لنا أن ينصرنا على عدونا، سل الله أن يكشف عنا هذه الشدة، أشكوا إليك كذا وكذا فسل الله أن يكشف هذه الكربة.
أو يقول أحدهم: سل الله أن يغفر لى.
ومنهم من يتأول قوله تعالى: (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيماً).
ويقولون: إذا طلبنا منه الإستغفار بعد موته كنا بمنزلة الذين طلبوا الإستغفار من الصحابة.
ويخالفون بذلك إجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر المسلمين.
فإن أحداً منهم لم يطلب من النبى بعد موته أن يشفع له ولا سأله شيئا ولا ذكر ذلك أحد من أئمة المسلمين فى كتبهم.
وإنما ذكر ذلك من ذكره من متأخرى الفقهاء وحكوا حكاية مكذوبة على مالك رضى الله عنه سيأتى ذكرها وبسط الكلام عليها إن شاء الله تعالى.
فهذه الأنواع من خطاب الملائكة والأنبياء والصالحين بعد موتهم، عند قبورهم، وفى مغيبهم، وخطاب تماثيلهم = هو من أعظم أنواع الشرك الموجود فى المشركين من غير أهل الكتاب، وفى مبتدعة أهل الكتاب، والمسلمين الذين أحدثوا من الشرك والعبادات مالم يأذن به الله تعالى.
قال الله تعالى: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله).
فإن دعاء الملائكة والأنبياء - بعد موتهم - وفى مغيبهم وسؤالهم والإستغاثة بهم (((والإستشفاع بهم))) فى هذه الحال ونصب تماثيلهم، بمعنى طلب الشفاعة منهم هو = من الدين الذى لم يشرعه الله، ولا ابتعث به رسولا، ولا أنزل به كتابا، وليس هو واجبا ولا مستحبا باتفاق المسلمين، ولا فعله أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا أمر به إمام من أئمة المسلمين وإن كان ذلك مما يفعله كثير
من الناس ممن له عبادة وزهد ويذكرون فيه حكايات ومنامات فهذا كله من الشيطان.
وفيهم من ينظم القصائد فى دعاء الميت والإستشفاع به والإستغاثة أو يذكر ذلك فى ضمن مديح الأنبياء والصالحين فهذا كله ليس بمشروع ولا واجب ولا مستحب باتفاق أئمة المسلمين.
ومن تعبد بعبادة ليست واجبة ولا مستحبة وهو يعتقدها واجبة أو مستحبة فهو ضال مبتدع بدعة سيئة لا بدعة حسنة باتفاق أئمة الدين.
فإن الله لا يعبد إلا بما هو واجب أو مستحب.
وكثير من الناس يذكرون فى هذه الأنواع من الشرك منافع ومصالح، ويحتجون عليها بحجج من جهة الرأى أو الذوق أو من جهة التقليد والمنامات ونحو ذلك ... ".
- وبهذا النقل الصريح لشيخ الإسلام رحمه الله في شركية دعاء الأموات لطلب دعائهم وغيره = يقطع النزاع في مقصود كلامه من كلامه نفسه رحمه الله.
ولم أتصرف فيه بأي حذف أو اختصار حتى لا يُدَّعى التصرف في فهم كلامه رحمه الله.
- وبالله تعالى التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[07 - 02 - 04, 02:53 ص]ـ
- وقال ابن تيمية رحمه الله أيضاً في (27/ 72): " وأما من يأتي إلى قبر نبي أو صالح، أو من يعتقد فيه أنه قبر نبي أو رجل صالح وليس كذلك، ويسأله حاجته مثل أن يسأله أن يزيل مرضه، أو مرض دوابه، أو يقضي دينه، أو ينتقم له من عدوه، أو يعافي نفسه وأهله ودوابه، ونحو ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل، فهذا شرك صريح، يجب أن يستتاب صاحبه فإن تاب وإلا قتل.
وإن قال أنا أسأله لكونه أقرب إلى الله مني ليشفع لي في هذه الأمور، لأني أتوسل إلى الله به كما يتوسل إلى السلطان بخواصه وأعوانه، فهذا من أفعال المشركين والنصارى، فإنهم يزعمون أنهم يتخذون أحبارهم ورهبانهم شفعاء، يستشفعون بهم في مطالبهم، وكذلك أخبر الله عن المشركين أنهم قالوا: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) [الزمر: 3] ".
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[07 - 02 - 04, 03:34 ص]ـ
- وقال ابن تيمية رحمه الله أيضاً في الفتاوى (27/ 87): " فإذا قال قائل: أنا أدعو الشيخ ليكون شفيعا لى؛ فهو من جنس دعاء النصارى لمريم والأحبار والرهبان.
والمؤمن يرجو ربه ويخافه ويدعوه مخلصا له الدين، وحق شيخه أن يدعو له ويترحم عليه ".
- إلى أن قال رحمه الله (27/ 90): " فكيف يعدل المؤمن بالله ورسوله عما شرع الله ورسوله إلى بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، تضاهى دين المشركين والنصارى ".
- إلى أن قال رحمه الله (27/ 98): " وبالجملة .. فقد علم المسلمون كلهم أن ما ينزل بالمسلمين من النوازل فى الرغبة والرهبة مثل دعائهم عند الإستسقاء لنزول الرزق ودعائهم عند الكسوف، والإعتداد لرفع البلاء وأمثال ذلك = إنما يدعون فى ذلك الله ((وحده لا شريك له))، لا يشركون به شيئاً.
لم يكن للمسلمين قط أن يرجعوا بحوائجهم إلى غير الله عز وجل.
بل كان المشركون فى جاهليتهم يدعونه بلا واسطة فيجيبهم الله.
أفتراهم بعد التوحيد والإسلام لا يجيب دعاءهم إلا بهذه الواسطة التى ما أنزل الله بها من سلطان؟! ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/12)
ـ[السدوسي]ــــــــ[07 - 02 - 04, 05:33 ص]ـ
كلام الشيخ أبي عمر واضح جزاه الله خيرا، ولست أدري كيف يستشكل الإخوان مثل هذا الأمر سواء تكلم فيه شيخ الإسلام ابن تيمية أم لم يتكلم وهو عين شرك أهل الجاهلية (مانعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى).
ـ[ابن عبد الوهاب السالمى]ــــــــ[07 - 02 - 04, 07:45 ص]ـ
اخي الكريم أبو عمر السمرقندي حفظة الله
الحمد الله علي نعمة الاسلام وبعد فانا لم استشكل علي كلامك لاني موافقكك علي ما قلت مائة بالمائة ولكني كنت اقصد اخونا الكريم المفضال المستمسك بالحق وما قلت ليس بة اي شك بل هو عين ما قصد شيخ الاسلام
بارك اللة فيك وفي جميع الاخوة
ـ[المسيطير]ــــــــ[07 - 02 - 04, 08:45 ص]ـ
فائدة حول الموضوع /
سألت الشيخ الدكتور عبدالعزيز العبداللطيف حفظه الله وهو من المهتمين بهذا الموضوع فقال:
(ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ان هذا العمل بدعة في أكثر من موضع، وذكر في أحد المواضع أنه شرك، وتكلم عن ذلك في الاقتضاء في الجزء الثاني فليراجع.
واما أئمة الدعوة فقد ذكروا ان هذا العمل شرك - اي الطلب من الميت ان يدعو الله له -. (ولم يذكر المرجع).
ثم ذكر ان هناك كتابا جيدا بعنوان الدعاء وأثره على العقيدة لمؤلفه / خضر جيلاني، وهو مهم في هذا الباب) أ، هـ من كلام الشيخ العبداللطيف - مهاتفة -.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[07 - 02 - 04, 11:47 ص]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة المسيطير
وتكلم عن ذلك في الاقتضاء في الجزء الثاني فليراجع
- أخي الفاضل: المسيطير ... وفقه الله
أحسنت، بارك الله فيك على هذه الفائدة.
- ولكن لم تذكر لنا رأي الشيخ عبدالعزيز آلعبداللطيف في المسألة، هل يقول بشركيتها أو لا، أو يتوقف؟
- وأما ما أحاله الشيخ إلى كلام ابن تيمية رحمه الله في اقتضاء الصراط = فدونكه.
- قال رحمه الله في (2/ 224 - 226): " ومن رحمة الله تعالى أن الدعاء المتضمن شركاً؛ كدعاء غيره أن يفعل، أو دعائه أن يدعو الله، ونحو ذلك = لا يحصل به غرض صاحبه، ولا يورث حصول الغرض شبهة إلا في الأمور الحقيرة.
فأما الأمور العظيمة كإنزال الغيث عند القحوط، وكشف العذاب النازل فلا ينفع فيه هذا الشرك ".
- إلى أن قال رحمه الله: " ... فكون هذه المطالب العظيمة لا يستجيب فيها إلا هو سبحانه دل على: توحيده، وقطع شبهة من أشرك به ".
- إلى أن قال رحمه الله: " ... وجماع الأمر أن الشرك نوعان:
1 - شرك في ربوبيته؛ بأن يجعل لغيره معه تدبيراً ما ...
2 - وشرك في الألوهية؛ بأن يدعو غيره دعاء عبادة، أو دعاء مسألة كما قال تعالى: (إياك نعبد وإياك نستعين) ... ".
- وبالله تعالى التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[07 - 02 - 04, 06:42 م]ـ
فرغت لكم كلام الشيخ في هذه المسألة ولمن أراد الرجوع للمصدر
يجده في شرح الشيخ رحمه الله لكشف الشبهات، إصدار تسجيلات
البردين الشريط الثاني الوجه الأول، وقد نقلته بحروفه والحمد لله رب
العالمين:
السائل: أحسن الله إليك يا شيخ من جاء إلى قبر وطلب منه أن يدعو
له عند الله؟
الشيخ: كذلك لا يملك، إذا قال له اشفع لي أو ادع لي شرك على
الصحيح، ما في شك لأنه لا يملك ذلك.
السائل: أحسن الله عملك إذا قال للقبر
الشيخ مداخلا: ادع الله له او اشفع لي
السائل: ادع لي، ادع لي عند الله
الشيخ: ما يجوز، هذا من الشرك شرك أكبر لأنه طلب منه ما لا يقدر عليه انتهى أمره.
السائل: زعم بعض الناس إن هذا قول ابن تيمية صحيح هذا يا شيخ.
الشيخ: نعم هذا هو، مثل ما صرح ابن تيمية
السائل مستفسرا من جواب الشيخ: سم
الشيخ: صرح ابن تيمية أنه شرك أكبر.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[07 - 02 - 04, 08:17 م]ـ
الأخوة الأفاضل: السدوسي، وابن عبدالوهاب السالمي، وعبدالله المحمد، والمسيطير ... وفقهم الله
جزاكم الله خيراً على مشاركاتكم.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[07 - 02 - 04, 09:07 م]ـ
- قال أبو عمر السمرقندي - عامله الله بلطفه ومننه وإحسانه - ههنا الشروع في بيان وجه استشكال كلام شيخ الإسلام:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/13)
لو نظرنا إلى النقل الذي سبق في تعقيب رقم (19) = لظهر لنا اطلاق شيخ الإسلام على هذا العمل الشركي الشنيع (الدعاء لطلب الدعاء من الأموات) ما يلي:
1 - وصف فاعله بالشرك؛ إذ قال: ((والمشركون من هؤلاء ... )).
2 - وصف فاعليه بمخالفة إجماع الصحابة ومن تبعهم بإحسان رضي الله عنهم؛ إذ قال: ((ويخالفون بذلك إجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر المسلمين)).
3 - أنه لم يذكره أحد من أئمة المسلمين في كتبهم؛ إذ قال: ((ولا ذكر ذلك أحد من أئمة المسلمين فى كتبهم)).
4 - أنه قد ذكره بعض من متأخرى الفقهاء وحكوا حكاية مكذوبة عن مالك في ذلك؛ إذ قال: ((وإنما ذكر ذلك من ذكره من متأخرى الفقهاء وحكوا حكاية مكذوبة على مالك رضى الله عنه)).
5 - وصفه بأنه من أعظم أنواع الشرك الموجود فى المشركين من كل الأمم؛ إذ قال: ((من أعظم أنواع الشرك الموجود فى المشركين من غير أهل الكتاب، وفى مبتدعة أهل الكتاب، والمسلمين الذين أحدثوا من الشرك والعبادات مالم يأذن به الله تعالى)).
6 - وصفه بأنه من الدين الذي لم يشرعه الله، ولا ابتعث به رسولا، ولا أنزل به كتاباً؛ إذ قال: ((من الدين الذى لم يشرعه الله، ولا ابتعث به رسولا، ولا أنزل به كتابا)).
7 - وصفه بأنه ليس واجباً ولا مستحباً عمله باتفاق المسلمين؛ إذ قال: ((وليس هو واجبا ولا مستحبا باتفاق المسلمين)).
8 - وصفه بأنه لم يفعله أحد من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين؛ إذ قال: ((ولا فعله أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا أمر به إمام من أئمة المسلمين)).
- وقال: ((فهذا كله ليس بمشروع ولا واجب ولا مستحب باتفاق أئمة المسلمين)).
9 - وصف فاعله بالضلال والابتداع؛ إذ قال: ((ضال مبتدع بدعة سيئة لا بدعة حسنة باتفاق أئمة الدين)).
- قال أبو عمر السمرقندي - عامله الله بإحسانه -:
فإذا رأى أحدٌ النقطة (2) أو (3) أو (4) أو (6) أو (7) أو (8) أو (9) = لظنَّ أنَّ الأمر لا يعدو كونه بدعةً أو ذريعة إلى الشرك كما توهَّم ذلك بعض الأخوة وتقدم الرد عليه وبيان غلطه.
ولو نظر في كلام الشيخ الذي ذكرته في نقطة (1) أو (5) = لبان له وجه فهمه الخاطيء لهذه المقولة.
- ولعلِمَ أنَّ وصف الشيء بالبدعية ومخالفة الكتاب والسنة وإجماع الأمة وخلاف عمل الصحابة والأئمة وعدم وجوبه واستحبابه = لايقتضي خروجه من الشركية الكبرى.
- إذ كل كفر أكبر هو: معصية ومخالفة لإجماع المسلمين وليس بواجبٍ ولا مستحب و ... ، الخ من الأوصاف التي لا تضاد بينها لا تعارض.
إنما الشأن أنها ألفاظ تنفيرية من هذا العمل الشنيع المنكر.
- قال أبو عمر: ومما يزيد الأمر إشكالاً، ورود بعض هذه العبارات السالفة الذكر دون ورود ما يبينها فيقع الغلط في الفهم.
نن والعمل ههنا: أنه لابد من رد المتشابه إلى المحكم من كلام أهل العلم.
- قال أبوعمر: هذا ما لزم بيانه في ختام تعقيبي على ما عقّب به هذا الموضوع الذي أطيل ذيله.
وبالله تعالى التوفيق والسداد، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...
ـ[سلطان العتيبي]ــــــــ[08 - 02 - 04, 07:17 ص]ـ
بارك الله فيك على هذا البيان الطيب ...
وجزى الله خيراً الأخوة الذين شاركوا من النقاش المبارك ......
وباقي بعض النقاط لا أود طرحها لأن الموضوع أخذ أكبر من حجمه , والقضايا الأساسية جليت والأصول المهمة ضبط بحمدالله , والباقي يسير , ولا يستحق الإطالة ....
وصلى الله وسلم على محمد.
ـ[راشد]ــــــــ[08 - 02 - 04, 07:45 ص]ـ
أخي الشيخ أبو عمر لدي سؤال
قلت:ثم ما غرض الداعي لطلب الدعوة من هؤلاء؟ أليس هو تعظيمهم وظن أنَّ حاجته تقضى من طريق دعوتهم وشفاعتهم.
وهذا هو الشرك
وسؤالي: ألا ينطبق هذا على من طلب الدعاء من الأحياء أيضاً؟
فالتوسل بدعاء الصالحين مشروع رغم ذلك
فالرجاء تبيان الفرق بين طلب الدعاء من الحي ومن الميت،كيف ولماذا أن الأول جائز والثاني شرك؟
ـ[ظافر آل سعد]ــــــــ[08 - 02 - 04, 08:37 ص]ـ
الإخوة الكرام ..
هذه المسألة من دقائق المسائل في باب الشرك , ولذا لا يستغرب من وقوع الغلط فيها من بعض الأفاضل.
ولا ريب أن طلب الدعاء من صاحب القبر بالقيد الآتي هو من البدع المنكرة في الدين , وليس شركا مخرجا عن الملة.
وذلك أن أصل اعتبار الشرك في اتخاذ الوسطاء هو إيجاب الإجابة على الله , وكون المرجح في إجابة الدعاء هو مجرد إرادة الشافع (وهو المناط نفسه في التوسل) , فإذا لم يتحقق ذلك في طلب الدعاء من الميت لم يكن هذا الطلب بمجرده شركا , إلا إذا تضمن اعتقاد أن الميت يعلم الغيب , كأن يدعوه من مكان بعيد يتعذر معه سماعه لو كان حيا.
وبيان ذلك: أنك حين تطلب من الحي الحاضر أن يدعو لك أن يشفيك الله (وهذه صورة الشفاعة؛ لأن الداعي يشفع الطالب في طلبه من الله؛ فيصيران شفعًا) , دون أن تعتقد أن لهذا الداعي حقا واجبا على الله في إجابته = فإن هذه الصورة جائزة , وفي كراهتها خلاف , ولا يقول أحد: إن فعلك هذا دعاءٌ صرفته لغير الله , فيكون شركا.
فإنْ طلب الحي من الميت ذلك الطلب بعينه , وخاطبه به بذلك الاعتبار , والميت يسمعه (وسماع الأموات اختيار ابن تيمية وابن القيم والشنقيطي وسواهم) , فما الذي يجعل هذا الفعل شركا؟! وما هو وجه اعتباره كذلك في هذه الصور ة؟!
لكننا نقول: إن هذا الفعل وسيلة وذريعة توصل إلى الشرك (الذي هو دعاء الميت مباشرة وطلب الحاجات منه التي لا يقدر عليها إلا الله , أو اعتقاد أن له حقا واجبا على الله) , وهو بدعة منكرة محرمة في الدين , لم يفعلها الصحابة.
مسألة أن هذه الصورة قليلة الوقوع من الناس , وأن الغالب هو دعاء الأموات مباشرة , أو اعتقاد أن لهم حقا واجبا على الله , لا يدفعنا إلى مجاوزة حدود الشريعة في الحكم على كل بما يستحقه.
وقد وقع في هذه المسألة نزاع مشهور في هذا العصر , وصنفت فيها ردود , وثارت فيها نعرات , والله المستعان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/14)
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[08 - 02 - 04, 09:27 ص]ـ
نعم هذه المسألة أشكلت على كثيرا أذ أن المتقرر عندي انها من جنس التوسل لكنه توسل بالدعاء.
ولان الشبهة أظهر وأقوى فيه , ولقد عزمت على سؤال المتخصصين من أهل العلم في هذه المسألة وطلبت من الاخ الفاضل (سليل الاكابر) وهو أحد طلاب الشيخ العلامة (عبدالرحمن البراك) أن يسأل الشيخ فنقل لي جوابا للشيخ من شرحه على العقيدة الطحاوية حينما سأل عن هذه المسألة فقال حفظه الله:
ذهب شيخ الاسلام ابن تيمية في مواضع من كتبه الى ان ذلك وسيلة من وسائل الشرك وذهب أئمة الدعوة الى ان هذا هو الشرك عينه وانه من دعاء الاموات.
قال الشيخ البراك:
وفي هذا نظر لان هذا الداعى يظن ان هذ الميت يسمع دعاءه وجاء ان النبى صلى الله عليه وسلم يسمع كما قال أهل العلم وهذا الفاعل ضال مبتدع وفعله وسيلة الى الشرك
انتهى كلام الشيخ.
قلت والمسألة مشكلة من جهات عدة , فلا ينبغى الجزم بها على أي وجه الا من ظهر له الامر تمام الظهور , لان المسألة لها تبعات لا تخفى من استحلال الدماء والاموال واعراض و البراءة من أهل هذا الفعل اذا انتفت الموانع عنهم .. الخ من الامور الخطيرة.
ويتبع هذا ان شاء الله بيان كلام أهل العلم عند سؤالهم.
والله الموفق.
ـ[المقرئ]ــــــــ[08 - 02 - 04, 05:19 م]ـ
لا زالت المسألة تحتاج إلى تأصيل أكثر وكما رأينا من نقول الإخوة المسألة اختلفت أفهام العلماء فيها فليت الإخوة يشاركون في تأصيلها
وسأشارك ببعض النقول
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والمقصود هنا أنه إذا كام السلف والأئمة قالوا في سؤال الله بالمخلوق ما قد ذكرنا فكيف بسؤال المخلوق الميت؟ سواء سأل الميت أن يسأل الله أو سأل قضاء الحاجة ونحو ذلك مما يفعله بعض الناس ... وصاحب الشريعة حسم المادة وسد للذريعة بلعنه من يتخذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد وأن لا يصلي عندها لله ولا يسأل إلا الله وحذر أمته ذلك فكيف إذا وقع نفس المحذور من الشرك وأسباب الشرك.
وسأنقل لكم كلام شيخنا ابن عثيمين فله كلام واضح جدا.
أخوكم المقرئ = القرافي
ـ[المقرئ]ــــــــ[08 - 02 - 04, 08:06 م]ـ
قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله:
سؤال الميت أن يسأل الله أو سؤال قضاء الحاجة بينهما فرق: إذا سأل
قضاء الحاجة فهذا شرك أكبر وإذا سأل أن يسأل الله فهذا بدعة
وضلالة لأن الميت إذا مات انقطع عمله والدعاء من عمله فكيف تسأله
ما لا يمكن يعني إذا جئت إلى ميت وقلت: ادع الله لي فإنه لن يدعو
الله لك ومن ذلك تقول عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم: اشفع لي
فإن هذا حرام وبدعة منكرة لكن إذا قلت: يا رسول الله أنجني من النار
كان شركا أكبر.
أخوكم: المقرئ = القرافي
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[08 - 02 - 04, 08:30 م]ـ
مو شرك فكيف تكون شركا فهل نحن نطلب من الله عزوجل نفس الشيء لا وألف لا ...
وين الدليل على أنها دعاء وأنها شرك؟؟
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[08 - 02 - 04, 10:22 م]ـ
في كتاب ضوابط التكفير عند أهل السنة والجماعة للشيخ عبدالله بن محمد القرني وهو عبارة عن رسالة ماجستر في جامعة أم القرى وكان من المناقشين له فضيلة الشيخ الدكتور سفر الحوالي وقد قدم للكتاب أيضا
أقول ذكر المؤلف ص108 حاشية طويلة .. في موضوع شرك الشفاعة:
قال في خاتمتها: فتلخص من كل ما سبق أن مجرد طلب الدعاء من الأموات بدعة لا دليل عليها وهي في معنى التوسل بجاه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الذي هو بدعة لا دليل عليها.
وقد كان قرر أنه ليس شركا أكبر.
والكتاب طبع في عام 1413هـ في مؤسسة الرسالة ... ورأيته قبل مدة قد طبع طبعة جديدة فلعل بها مزيدا من البحث ...
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[08 - 02 - 04, 10:59 م]ـ
- الأخوة الأفاضل ... بارك الله في إثرائهم الموضوع بالنقل عن أهل العلم وجزاهم خيراً، ونأمل وننتظر منهم المزيد.
- أما الإجابة عما أورده الأخوة في بعض مناقشات من قال بعدم شركية هذا الأمر فكالتالي:
1 - أولاً: حجة: (أنّ الداعى يظن ان هذ الميت يسمع دعاءه).
هل هذا عذر في عدم كفره بهذا العمل لو ثبت ما يوجب الكفر؟
فكون الداعي (يظن أو يعتقد) أنَّ المدعو للدعاء حي أو ميت، أويسمع أو لا يسمع هل له تأثير في الحكم على فعله بالكفر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/15)
هذا إيراد أرجو الإجابة عليه بالدليل والبيان الواضح.
إذ يقال: إنَّ مسألة كون العمل شرك شيء، وبيان السبب الداعي للوقوع فيه شيء آخر.
- أما إثار ة مسألة سماع الأموات بنقل من قال به كابن تيمية وابن القيم والشنقيطي = فهل هذا هو الراجح الذي عليه الدليل المعتمد؟! حتى يبنى عليه علة عدم كفرية هذا الفعل؟!
فما انبنى على مرجوح فهو مرجوح أو غلط.
ولعل هذه المسألة تناقش باستقلال فيما بعد؛ ليظهر الراجح منها بجلاء.
@ وقد قدمت في تعقيبات سبقت أنَّ مما يدلِّل - ما أجزم به لظهور دليله - قول الله عزوجل: (إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم).
فالمشركون ما سألوا آلهتهم ودعوهم إلا وهم يظنون أنهم يسمعون.
ومع ذلك فقد أكفرهم الله وحكم بشركية فعلهم؛ فقال: (ويوم القيامة يكفرون بشرككم).
- فالتفريق بين طلب الأموات أن ينفعوا الأحياء أو يسألوا الله لهم منعدم وضعيف.
أولاً: لأنه لو سأل حي حياً مثله أن يطعمه أو ينقذه أو غير ذلك مما يقدر عليه = لكان لك جائزاً ولا يكون صرف عبادة لغير الله!
وهذا بصرف النظر عن مسألة تعلق القلب به أو تعظيمه أو ...
وإذا سأل نفس السؤال (بما يقدر عليه المدعو لو كان حياً) وهو ميت فإنه يكون كافراً بلا خلاف أعلمه بين أهل العلم.
وهذا الكفر دون الحاجة إلى الاعتذار عنه بأنه قد يظن أن الميت حي أو ليس بحي أو يسمع أولا يسمع.
الثاني: ليس السبب في شركية هذا العمل كونه توسلاً أو شفاعة فقط حتى تعقد المقارنة مع الحي؛ بل بما تقدم من كونه صرف دعاء لميت.
ومن فهم أئمة الدعوة - ومن تبعهم - لهذه العلة فإنهم يذكرون شرطين لجواز طلب المخلوق من المخولق:
1 - الحياة.
2 - والقدرة على إجابة الداعي وتحقيق سؤله.
فمتى انعدم أحد هذين الشرطين فقد وقع الشرك.
- أما مقارنة ذلك بما يطلبه الداعي من الحي فالجواب عليه بالآتي.
لو طلب الداعي من الحي الحاضر (ما يقدر عليه) كأن يساعده في الخروج من مأزق أويطعمه أويكسوه = فهو جائز بلا خلاف.
ولو طلب الداعي نفس الطلب من الميت (ما يقدر عليه وهو حي) فهو شرك بلا خلاف أعلمه.
بصرف النظر عن كونه حياً أو ميتاً (في قبره)، أو يسمع أولا يسمع، أو يقدر أولا يقدر.
ونفس القضية في الدعاء فيما لو سأله وهو حي فهو جائز.
أما لو سأله وهو ميت فهو شرك.
ومن فرَّق فليسعفنا بالتعليل أو الدليل.
- وهذا مما يدلُّ على عمق فهم أئمة الدعوة وشيخ الإسلام بما نقلته عنه من عدم التفريق بين كون الطلب من الأموات دعاء أو غيره، أنَّ كلها شرك أكبر.
- فلو قيل: إنَّ الدعاء يقدر عليه الميت والرزق والإطعام والكسوة لا يقدر عليه.
@ فيقال مالدليل على كونه يقدر على الدعاء.
والآية السالفة تبين عدم قدرته على شيء لا دعاء ولا غيره.
2 - أما (وين!) الدليل على أنها دعاء، وأنها شرك؟
- فالجواب:
1 - أما الدليل على كونها (دعاء) فكونها سؤالاً موجّهاً من الأدنى للأعلى يطلق عليه دعاءاً.
ولو أطلقنا عليه سؤالاً، أو طلباً، أو شفاعة = فالحكم لا يتغيَّر بتغيِّر المسميات، لأنَّ المعنى واحد.
وإلاَّ فما تسمي هذا الطلب؟!
- قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبو بطين – كما في الدرر السنية (2/ 143، 144) -: " فمن صرف لغير الله شيئاً من أنواع العبادة فقد عبد ذلك الغير واتخذه إلهاً، وأشركه مع الله في خالص حقه.
وإن فر من تسمية فعله ذلك تألهاً وعبادة وشركاً، ومعلوم عند كل عاقل أن حقائق الأشياء لا تتغير بتغير أسماءها ...
فالشرك إنما حرم لقبحه في نفسه، وكونه متضمناً مسبة للرب، وتنقصه وتشبيهه بالمخلوقين، فلا تزول هذه المفاسد بتغيير اسمه، كتسميته توسلاً، وتشفعاً، وتعظيماً للصالحين، وتوقيراً لهم ونحو ذلك، فالمشرك مشرك شاء أم أبى ... ".
2 - وأما الدليل على كونها شركاً فمن وجوهٍ تقدَّم بيانها وتكرارها غير مرةٍ.
@ الأخوة الأفاضل ... ظافر، وزياد ... وفقهم الله
لا شك أنَّ المسألة من المشكلات عند من لم يظهر له دليلها ورجحان القول بشركيتها، أما مع ظهورها فلا.
@ الأخ المقريء ... وفقه الله
الشيخ ابن عثيمين يرى جواز سماع الأموات في قبورهم وقد نوقش فيها غير مرة، ففتواه المنقولة مبنية على هذا الرأي.
@ الأخ الأسيف ... وفقه الله
أرجو أن تشارك بما يثري الموضوع بلغة علمية فصيحة.
وأما قولك: " مو (!) شرك فكيف تكون شركا فهل نحن نطلب من الله عزوجل نفس الشيء لا وألف لا (!) ... ".
فلا أدري ماذا تريد من جملتك الأخيرة.
أرجو التوضيح - بارك الله فيك - لكي نستفيد جميعاً بالنقاش.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[09 - 02 - 04, 12:07 ص]ـ
الأخ الفاضل .. عبدالرحمن السديس ... وفقه الله
لم انتبه لتعقيبك إلا الساعة، فعفواً.
وقد راجعت كلام الشيخ القرني في كتابه - الطبعة الأول - فإذا حجته هو ما اقتبسه الأخ الفاضل ظافر من كلامه السابق.
وقد نقل القرني كلام الشيخ ابن تيمية من موضع واحد يفهم منه حكمه عليها بالذريعة للشرك، ولم ينقل ما تقدم نقله من كلامه مما يدل على كونه شركاً عنده.
والعجب أنه رجَّح عدم سماع الأموات مطلقاً إلا ما ورد في النص، وهو ما ذكرته سلفاً؟!!
عموماً .. جزاك الله خيراً
ونأمل في المزيد مما يثري الموضوع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/16)
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[09 - 02 - 04, 12:08 ص]ـ
الاخ الفاضل أبو عمر بارك الله فيه قلتم:
(هل هذا عذر في عدم كفره بهذا العمل لو ثبت ما يوجب الكفر؟
فكون الداعي (يظن أو يعتقد) أنَّ المدعو للدعاء حي أو ميت، أويسمع أو لا يسمع هل له تأثير في الحكم على فعله بالكفر). اهـ
قلتُ: ليس لهذا تأثير على جنس الفعل أنما ينفع في نفى الكفر عنه من جهة التأويل لان التأول يصلح ان يكون عذرا دافعا عن الشرك اذا قوى وظهر وهذا بحسب المتأول وحاله وبلوغ الحجة له.
وهذه المسألة أي طلب الدعاء من الميت مما يصلح في هذا الباب لان النصوص الشرعيه قد وردت في أن الميت قد يسمع بعض كلام الاحياء وسلامهم و كسماع الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لمن يصلى عليه , وكما ورد أن الميت المؤمن يسمع كلام اخيه .. الخ فهذه تورث (نوع) شبهه قد ترفع تهمة الكفر عن من وقع فيها والاشتباه ليس في النصوص بقدر ما هو متلعق بالفهوم وخاصة ان بعض المؤصلين لاهل البدع كالسبكى - وهو ممن له جلد في هذا الباب - لم يقصروا في بث هذه الشبه الداعيه الى الشرك والمهونة من خطره.
هذا استطراد.
أما على أصل المسألة فالجواب انه لايؤثر على جنس الفعل هل هو كفر ام ليس بكفر (لكن) لعل الائمة نظروا الى ان هذا الطالب للدعاء لم يقدم على هذا الفعل الا من هذه الجهه فصار المرجع والمآل الى هذه الشبهه فأثرت على الحكم من هذا الباب.
______________________
يتبع بأذن الله.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[09 - 02 - 04, 12:14 ص]ـ
بارك الله فيكم .. أخي المفضال زياد ونفع بكم
إذن .. فهناك فرق بين الحكم على هذا الفعل بالكفر وبين الحكم على فاعله بالكفر؛ لقوة الشبهة والتأويل.
وهنا مربط الفرس ..
لكن .. سأنتظر ما ستتبعونه من الكلام في المسألة.
وجزاكم الله خيراً
ـ[المقرئ]ــــــــ[09 - 02 - 04, 12:44 ص]ـ
أعجبني حقيقة تعاملك مع الخلاف وعدم التعصب لرأيك زادك الله برا وتوفيقا
وأما قولك نفع الله بك: " الشيخ ابن عثيمين يرى جواز سماع الأموات في قبورهم وقد نوقش فيها غير مرة، ففتواه المنقولة مبنية على هذا الرأي "
فلا أظنه كذلك، لا أظن هذا ملحظ الشيخ وكما تعلم شيخ الإسلام يرى سماعهم ومع هذا يرى أن هذا شرك
والمسألة ليست على السماع وإنما المسألة استعانة بميت فيما لا يقدر عليه ولا شرعه الله ولا رسوله ولا نقل عن الأئمة
فلا أعتقد أن هناك تلازما بين المسألتين ولا أعتقد أن من أفتى بهذا يلزمه القول بهذا
وسأنقل عن أهل العلم فيما أقف عليه لأهمية المسألة
أخوكم: المقرئ = القرافي
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[09 - 02 - 04, 12:46 ص]ـ
- من كلام أئمة الدعوة في المسألة:
- قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في الدرر السنية (2/ 19): " فمن دعا غير الله طالباً منه ما لا يقدر عليه إلا الله من جلب نفع، أو دفع ضر فقد أشرك في عبادة الله، كما قال تعالى: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ - وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ) [الأحقاف: 6، 7].
وقال تعالى: (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ - إِن تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) [فاطر: 14، 15].
فأخبر تبارك وتعالى أن دعاء غير الله شرك.
فمن قال: يا رسول الله، أو يا عبد الله بن عباس، أو يا عبد القادر، أو يا محجوب =
زاعماً أنه يقضي حاجته إلى الله تعالى، أو أنه شفيعه عنده أو وسيلته إليه = فهو الشرك الذي يهدر الدم، ويبيح المال إلا أن يتوب من ذلك ".
ا
أخي المفضال ... المقريء ... وفقه الله وإياي لمحابه دوماً
إنما قلت هذا لأني لم أر للساعة دليلاً للقائلين بعدم تكفير دعاء الأموات (لقصد دعائهم) والتفريق بين الدعاء المطلق والدعاء المخصوص بطلب الدعاء = غير تلك الحجة.
- لكن هناك فارق آخر محتمل، وهو بديع، ومما يدلِّل على ما أقول به.
ألا وهو: أنَّ الشيخ ابن تيمية لو كان يرى - ولا أجزم بهذا - بسماع الأموات في قبورهم فإنه قد حكم بشركية دعائهم لطب دعائهم = لاحتمال عدم اعتباره ذلك حجة في عدم الكفر أو التكفير.
بمعنى: أن عذر اعتقاد أوظن سماع الأموات في قبورهم ليس عذراً في كون دعائهم لطب دعائهم كفراً.
واسلم لمحبك وبورك في أدبك.
ـ[راشد]ــــــــ[09 - 02 - 04, 01:04 ص]ـ
الأخ الفاضل أبو عمر
قلت:ثم ما غرض الداعي لطلب الدعوة من هؤلاء؟ أليس هو تعظيمهم وظن أنَّ حاجته تقضى من طريق دعوتهم وشفاعتهم.
وهذا هو الشرك
وسؤالي: ألا ينطبق هذا على من طلب الدعاء من الأحياء أيضاً؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/17)
ـ[المقرئ]ــــــــ[09 - 02 - 04, 01:40 ص]ـ
قال شيخ الإسلام: ولا يشرع لأحد أن يقول لميت: سل الله لي أو ادع لي "
وقال أيضا: فأما قول القائل عند ميت من الأنبياء والصالحين اللهم إني أسألك بفلان أو بجاه فلان أو بحرمة فلان فهذا لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة ولا عن التابعين وقد نص غير واحد من العلماء أنه لا يجوز ونقل عن بعضهم جوازه فكيف يقول القائل للميت أنا
أستغيث بك وأستجير بك أو أنا في حسبك أو سل لي الله
ونحو ذلك فتبين أن هذا ليس من الأسباب المشروعة ولو قدر أن له تأثيرا فكيف إذا لم يكن له تأثير صالح بل مفسدته راجحة على مصلحته كأمثاله من دعاء غير الله.
سيتبع بإذن الله
أخوكم: المقرئ = القرافي
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[09 - 02 - 04, 02:34 ص]ـ
الأخ راشد ... وفقه الله
قلت: ثم ما غرض الداعي لطلب الدعوة من هؤلاء؟ أليس هو تعظيمهم وظن أنَّ حاجته تقضى من طريق دعوتهم وشفاعتهم.
وهذا هو الشرك
وسؤالي: ألا ينطبق هذا على من طلب الدعاء من الأحياء أيضاً؟
- أولاً هذا الذي تسأل عنه إنما وجهٌ واحد ذكرته تبعاً واستطراداً في بيان كفر طلب الدعاء من الأموات، وليس هو كل الأدلة في المسألة.
لذا عقبت بقولي (ثم)، والمعتمد ما تقدم تفصيله وإعادته مراراً.
@ وأما عن سؤالك فجوابه: (نعم)، ينطبق عليه لو وصل به الحد إلى هذا التعظيم، بحيث ظنَّ أن هذا الدعاء (لا يقبل) إلاَّ إذا شفَّع به فلانا من الناس.
فجعل هذا الـ (فلان!) واسطة بينه وبين الله هو الشرك أو ذريعة إليه.
وهو دين النصارى ومن نحى نحوهم من مشركي المتصوفة الغلاة، عباد الشيوخ الأحياء منهم والأموات!
والتعظيم المقصود هنالك تعليق القلب به وجعله واسطة بينه وبين ربه.
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (1/ 126): " وإن أثبتم وسائط بين الله وبين خلقه - كالحجاب الذين بين الملك ورعيته -؛ بحيث يكونون هم يرفعون إلى الله حوائج خلقه، فالله إنما يهدي عباده ويرزقهم بتوسطهم، فالخلق يسألونهم، وهم يسألون الله، كما أن الوسائط عند الملوك، يسألون الملوك الحوائج للناس، لقربهم منهم، والناس يسألونهم أدباً منهم أن يباشروا سؤال الملك، أو لأن طلبهم من الوسائط أنفع لهم من طلبهم من الملك، لكونهم أقرب إلى الملك من الطالب للحوائج.
فمن أثبتهم وسائط على هذا الوجه = فهو كافر مشرك، يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل.
وهؤلاء مشبهون لله، شبهوا المخلوق بالخالق، وجعلوا لله أنداداً ".
- ويقول ابن تيمية رحمه الله أيضاً في مجموع الفتاوى أيضاً (1/ 134، 135): " من أثبت وسائط بين الله وبين خلقه، كالوسائط التي تكون بين الملوك والرعية، فهو مشرك، بل هذا دين المشركين عباد الأوثان، كانوا يقولون: إنها تماثيل الأنبياء والصالحين وأنها وسائل يتقربون بها إلى الله، وهو من الشرك الذي أنكره الله على النصارى ".
@ فإذن سؤاله الدعاء يكون شركاً في حال حياته لو اقترن باعتقاده السالف، أما لو رجى ذلك لصلاحه فلا شرك، وإن كره طلب الدعاء عموماً من الأحياء بعض أهل العلم.
______________
@ الأخ الفاضل ... المقريء ...
حبذا لو عزوت للمرجع والجزء والصفحة.
ـ[المقرئ]ــــــــ[09 - 02 - 04, 03:04 ص]ـ
قال سماحة المفتي الشيخ: محمد بن إبراهيم رحمه الله:
وجائز في الآخرة أن تأتي عند رجل صالح حي يجالسك ويسمع كلامك قادر على الكلام وتقول ادع الله لي لأنه متمكن وكذلك الأنبياء مع الناس يوم القيامة متمكنون أن يسألوا الله ويدعوه كما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه ذلك في حياته كما قالت أم أنس " يا رسول الله خويدمك أنس ادع اللله له وكما قال عكاشة بن محصن: ادع الله أن يجعلني منهم وأما بعد موته فحاشا وكلا أنهم سألوه ذلك عند قبره بل جاءتهم الكروب ولم يأت أحد زمن الحرة ولا غيرها بل يعدونه من
أعظم المنكرات فإن هذا هو الشرك الأكبر
ولعلمهم أن ذلك مختص في حياته وأنه انقطع بعد مماته فلا يستغيثونه ولا يسألونه أن يدعو الله لهم أو يدعو له.
يتبع إن شاء الله
أخوكم: المقرئ = القرافي
ـ[المقرئ]ــــــــ[09 - 02 - 04, 04:36 ص]ـ
وقال شيخ الإسلام أيضا: ومن قال لغيره من الناس: ادع لي أو لنا وقصده أن ينتفع ذلك المأمور بالدعاء وينتفع هو أيضا بأمره ويفعل ذلك المأمور به كما يأمره بسائر فعل الخير فهو مقتد بالنبي صلى الله عليه وسلم مؤتم به ليس هذا من السؤال المرجوح وأما من لم يكن مقصوده إلا طلب حاجته لم يقصد نفع ذلك والإحسان إليه فهذا ليس من المقتدين بالرسول المؤتمين به في ذلك بل هذا هو من السؤال المرجوح الذي تركه إلى الرغبة إلى الله ورسوله أفضل من الرغبة إلى المخلوق وسؤاله وهذا كله من سؤال الأحياء السؤال الجائز المشروع، وأما سؤال الميت فليس بمشروع لا واجب ولا مستحب بل ولا مباح ولم يفعل هذا قط أحد من الصحابة والتابعين بإحسان ولا استحب ذلك أحد من سلف الأمة لأن ذلك فيه مفسدة راجحة وليس فيه مصلحة راجحة والشريعة إنما تأمر بالمصالح الخالصة أو الراجحة وهذا ليس فيه مصلحة راجحة بل إما أن تكون مفسدة محضة أو مفسدة راجحة وكلاهما غير مشروع
يتبع: أخوكم: المقرئ = القرافي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/18)
ـ[راشد]ــــــــ[09 - 02 - 04, 05:51 م]ـ
ما حكم من طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم يقصد شفاعته الثابتة في الآخرة؟
ـ[المقرئ]ــــــــ[09 - 02 - 04, 05:57 م]ـ
قال شيخ الإسلام:
وعقلاؤهم يقولون: مقصودنا أن يسأل الله لنا ويشفع لنا ويظنون
أنهم إذا سألوه بعد موته أن يسأل الله لهم فإنه يسأل ويشفع كما
كان يسأل ويشفع لما سأله الصحابة الاستسقاء وغيره وكما يشفع يوم
القيامة إذا سئل الشفاعة ولا يعلمون أن سؤال الميت والغائب غير
مشروع البتة ولم يفعله أحد من الصحابة بل عدلوا عن سؤاله وطلب
الدعاء منه وأن الرسول صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء والصالحين وغيرهم لا يطلب من أحدهم بعد موته من الأمور ما كان يطلب منه في حياته.
قال عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن معلقا على هذا الكلام:
فانظر رحمك الله إلى ما ذكره هذا الإمام من أنواع الشرك الأكبر الذي وقع في زمانه ممن يدعي العلم والمعرفة وينتصب للفتيا والقضاء.
أخوكم: المقرئ = القرافي
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[10 - 02 - 04, 06:43 ص]ـ
كنت قد توقفت عن نقاش الاخ الحبيب (أبو عمر) لسبب ظاهر.
والليلة تكرم الاخ الحبيب سليل الاكابر و يسر لي سبيل مقابلة الشيخ (عبدالرحمن البراك) فجئنا بهذه الاوراق وهذا الحوار والعزم على قراءته - كله - على الشيخ لينظر فيه غير ان الطول منع من هذا و كذلك وجود بعض الفضلاء من طلاب العلم اصحاب الاستحقاق للتقديم منع من هذا ايضا.
المهم انا قرأنا عليه ما نقله (أبو عمر) حفظه الله عن شيخ الاسلام فقال الشيخ البراك انه ليس بصريح في انه شرك أكبر فكونه من افعال المشركين لايعنى انه شرك فليست كل افعال المشركين شرك وكونه متضمن للشرك لايعنى الشرك الاكبر.
فقلت: اذا يا شيخ هل يقال ان شيخ الاسلام لم يقرر الامر. أم ما هو القول الذي ينسب اليه.
فقال: انه لايقول بأنه شرك أكبر ونصوصه الاخرى على انه بدعة و وسيلة شرك أظهر و أكثر.
ثم رجعنا الى أصل المسألة وحصل حوار حول هذا الفعل ومقتضاه وتكلم بعض طلبة العلم. خلاصة الامر ان الشيخ يقول ليس هو بشرك أكبر بل هو بدعة ومنكر عظيم.
وأنقل هنا كلام الشيخ بكر ابو زيد (شفاه الله ومتع به) والذي احال اليه الشيخ البراك.
قال الشيخ بكر ابو زيد في كتابه تصحيح الدعاء صفحة 250 قال:
النوع الثاني: سؤال حي لميت بأن يدعو الله له
وفي هذا النوع فرعان:
1 - سؤال حي لميت وهو غائب عن قبره , بأن يدعوا الله له.
وهذا النوع لايختلف المسلمون بأنه شرك أكبر، وأنه من جنس شرك النصارى في مريم .... الخ.
2 - سؤال حي لميت (بحضرة قبره) بأن يدعو الله له.
مثل قول عباد القبور مخاطبين لها: (يافلان ادعو الله لي بكذا وكذا) ...... فهذا لايختلف المسلمون بأنه واسطة بدعيه، و وسيلة مفضية الى الشرك بالله ودعاء الاموات من دون الله وصرف القلوب عن الله، لكن هذا النوع يكون (شركا أكبر) في حال ما إذا أراد الداعي من صاحب القبر (الشفاعه) والوساطه الشركيه على حد عمل المشركين (ما نعبدهم الا ليقربونا اى الله زلفى).
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[10 - 02 - 04, 07:03 ص]ـ
الأخ الفاضل ... زياد ... وفقه الله وإيانا لمحابه
- عموماً هذا رأيٌ للشيخ وفهمٌ له، والذي يظهر لي ولغيري وضوح كلام شيخ الإسلام رحمه الله في غيرما نقل نقلته سلفاً بشركية هذا الفعل.
بل هو الذي فهمه كثير من العلماء، منهم الشيخ ابن باز وغيره كما تقدم.
ثم ما عليه علماء الدعوة رحمهم الله تعالى.
- وبقي ههنا سؤال: هل تم عرض الأدلة بعدم شركية هذا الأمر والمناقشات التي نوقشت به، كمسألة العذر أو عدمه في ظن سماع الميت أو عدمه؟ وماذا كان جواب الشيخ عنها؟
- وجزاكم الله خيراً ...
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[10 - 02 - 04, 07:16 ص]ـ
وقد قرر ذلك الشيخ البراك (حفظه الله) في أشرطة شرحه لكلمة التوحيد.
ويا ليت الإخوة من سكان الرياض يسألون الشيخين عبدالعزيز الراجحي وصالح الفوزان نفس السؤال.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[10 - 02 - 04, 08:18 ص]ـ
الاخ الفاضل أبو عمر سؤالى للشيخ لم يكن لاجل التأكد من رايه فأن هذا معلوم , لكن كان لغرض عرض الادلة لانها قد تغير رأى الشيخ , وخاصة فيما يتعلق بقول شيخ الاسلام المنسوب اليه.
لان الشيخ قد يكون فاته هذه المواضع , لكن الشيخ قرر قوله السابق.
الامر الثاني: ما رايكم بكلام الشيخ بكر أبو زيد.
الامر الثالث: نواصل الحوار معكم بارك الله فيك لاني توقفت لاجل مداخلات بعض الاخوة وكونكم تناقشون أكثر من واحد في هذا تشتيت.
اقررت لكم بارك الله فيك بأن مسألة التأويل غير مؤثرة في جنس الفعل ومقتضاه.
فاريد تقريركم بارك الله فيك فيمن يفعل هذا الفعل وهو معتقد لسماع الميت وانه يملك ان يدعو له.
هل هذا يصرف عنه وصف الشرك أم لا؟ أي هل يعذر بهذا الفعل ام لا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/19)
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[10 - 02 - 04, 08:56 ص]ـ
- الأخ الكريم ... زياد .. وفقه الله
حسناً .. سنعاود التناظر للفائدة فيما توقفنا عليه.
- أما كلام الشيخ بكر - حفظه الله - فليس فيه جديد على ما تقدم غير التفرقة بين حالتين لا يفرق بينهما إلاَّ بدليل خال من الاعتراض.
والذي أنشده من أول هذه المناظرة (الدليل على التفريق)، والرد على مناقشة حجة العذر بظن الاستماع.
ولم أرَ للساعة من كل من نقل عنهم القول بالتفريق أي دليل ظاهر يسلم من المعارضة والنقاش، ولا يرد على قوة أدلة الذين لا يفرقون.
- ولم أشأ أن أشعر الأخوة بأن كثرة النقل عمن قال بهذا ومن قال بهذا = لايفيدنا في مسألتنا شيئاً غير ضرب قول هذا بهذا أو محاولة الترجيح بالكثرة.
لكن قلت لعلي أظفر بشيء من الدليل الذي يغيب عنا لقصورنا.
نعم ... هناك فائدة لا تنكر بإثراء الموضوع من جهة معرفة القائلين بكل قول، لكنه لا يفيدنا في مسألة التناظر حول الدليل وجوابه و ... الخ
- إذ المسألة كلها طلب دليل وفهمه الفهم الصحيح.
وأكثر النقولات تقرير دون بيان وجه دليل سالم من الاعتراض والرد، وخالٍ من التفريق بالحجة بين الوجهين.
هذا أولاً ...
- أما مسألة العذر بالجهل أو التأويل الضعيف أو القوي فهي مسألة كبيرة، ليست خاصة بهذا الفعل دون غيره.
- وقد تقرَّر عند أهل العلم العذر بالجهل - بشروطه - فيما هو أكبر من هذه المسألة مما أجمع على كفره ولا خلاف فيه.
ذلكم أنَّ من يسجد لقبر البدوي أو يستغيث به، وهو جاهل فإنه قد يعذر (بشروط).
- وأخيراً فإنَّ قضيتنا في تسمية الفعل كفراً وشركاً أكبر، لا في طلب العذر لمن وقع فيه وتحقيقه على مقتضى الشرع، فهذا بحث آخر لا علاقة له بالمسألة ههنا.
ودمتم موفقين مسددين ...
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[10 - 02 - 04, 09:08 ص]ـ
الاخ الفاضل أبو عمر لم يكن سؤالى بعيدا عن الموضوع.
ولم يكن هناك حاجة الى معرفة هل يعذرون بهذا التأويل ام لا يعذرون , لانه لاشك عندي في أن هذا المتأول مصروف عنه وصف الشرك.
معذور بهذا التأويل.
انما سألتك لانك لو قلت هو معذور بهذا التأويل.
فأني ابين لك انه لايوجد شخص يطلب من ميت ويسأله ان يدعو له الا وهو يظن ان الميت يسمع. فعلى هذا فأنت تعذر (كل) و لفظة (كل) هنا على بابها (في انها تفيد العموم) = كل من يطلب الدعاء من الميت.
وهذا هو الوجه الذي (قد) يكون نظر اليه أهل العلم القائلين بعدم الكفر لان الخلاف في هذا قد يكون خلافا لفظيا.
أما موضع الخلاف في هذه المسألة فهو في نظري لايخرج عن هذه الامور:
1 - هل (طلب) الدعاء (دعاء) فيكون الحكم واحد ولا وجه للتفريق.
2 - هل هو من جنس اتخاذ الوسطاء كما يتخذ الحجاب.
3 - هل هو من جنس طلب الشفاعه فيكون (شركا) او هو من جنس (التوسل) فيكون دون ذلك.
أذا وافقتني أخي ابو عمر كان النقاش حول هذه الامور , وان كان لديكم اضافه لهذه المحاور فتذكرونها بارك الله فكيم.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[10 - 02 - 04, 10:37 ص]ـ
أخي الفاضل .. زياد ... وفقه الله
بارك الله فيكم، لعلي أستريح أياماً عن هذا الموضوع، ثم أعاود التباحث معكم في النقاط التي ذكرتها.
وجزاكم الله خيراً
لنا عودة إنشاء الله =
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[10 - 02 - 04, 03:38 م]ـ
ما دام أن الشيخ أبا عمر سيستريح ....
سأذكر هذا التنبيه:
أن فضيلة الشيخ عبدالرحمن البراك حفظه الله بيته مفتوح للزوار من طلبة العلم وغيرهم كل أسبوع مرتين:
بعد مغرب يوم الاثنين.
وبعد صلاة الجمعة إلى الساعة الثانية تقريبا.
علما أنه يمكن سؤال الشيخ عبر الهاتف ...
أو الصلاة معه أي فرض وسؤاله.
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[10 - 02 - 04, 10:13 م]ـ
إلى الأخ أبي عمر السمرقندي:
1 - ما الدليل على أن سؤال الأدنى للأعلى دعاء؟ فهذا يعني أن كل الناس مشركين فلا يخلو أحد من سؤال الأعلى منه؟؟؟؟؟
2 - هذا الفعل ليس شركا لإنعدام الدليل على أنه دعاء شركي ولأننا لا نفعل هذا الشيء مع الله عزوجل فهل أحد يطلب من الله هذا الطلب (طلب الدعاء) أرجو أن اكون واضحا فهذا ليس عبادة وإنما ضلال وبدعة.
ـ[أخوكم]ــــــــ[11 - 02 - 04, 07:50 ص]ـ
هذا الموضوع يهمني جدا
وإن شاء الله لي عودة إليه
أسأل الله أن يبعدنا عن الشرك صغيره وكبيره
وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه
ـ[المنهال]ــــــــ[11 - 02 - 04, 06:09 م]ـ
سألت الشيخ سليمان العلوان عن المسألة عينها 0
فأجاب حفظه الله بما معناه (اشار الى ذلك شيخ الاسلام والصواب انه شرك اكبر لانه من اتخاذ الوسائط وهل شرك المشركين الاهذا 0000) ا0هـ مختصرا من سؤال وجهته اليه في قرأة عليه في نواقض الاسلام
والمتأمل ماذكره ابوعمر السمرقندي هوالموافق لاصل التوحيد , وهل المشركون الاوائل حينما عبدوا اصنامهم عبدوا مجرد الحجارة؟ القران أجاب على هذه الشبهة (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ) (الزمر:3) ومايفعله هؤلاء اليوم من طلب الدعاء من صاحب القبر الا اتخاذ الوسائط الذي جاء التوحيد بنفيه ,
وهل صاحب القبر يملك ذلك , ثم الذي يقد م على صاحب القبر لايقدم عليه الا وهو معتقدا تعظيمه وجعله واسطة بينه وبين الله وهذا مانص عليه شيخ الاسلام محمد بن عبدالوهاب في نواقض الاسلام
وهل بلية العالم الاسلامي الا من هذا ,
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/20)
ـ[عبدالله المحمد]ــــــــ[11 - 02 - 04, 08:40 م]ـ
الأخ الفاضل المنهال، جزاك الله خيرا على هذا النقل وهذه الفائدة
وبما قال الشيخ العلوان ((وهل شرك المشركين الاهذا)) قاله أيضا
سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله في كلام ماتع جميل له في تعليقه
على كشف الشبهات (الوجه الثاني من الشريط الأول).
وأيضا بعد كلام الشيخ تردد نفس السؤال وسأنقله لكم بحروفه سائلا
المولى عز وجل أن يفقهنا في دينه وأن ينفعنا بما نكتب وأن يرحم
سماحة الشيخ رحمة واسعه ويجزل له المثوبة على ما قدم للأمة من
خير وعلم وبذل لنفسه وماله فجزاه الله خيرا وأعلى منزلته.
السائل: أحسن الله عملكم يا شيخ، كثير من الطلبة يا شيخ يفهم من الشرك أنه طلب قضاء الحاجة من الأموات، يقول إذا طلب منه الشفاعة أنه يطلب له الدعاء، الميت يطلب له الدعاء يعني يدعو له يقول هذا ما هو من الشرك الأكبر لكن يكون بدعة.
الشيخ رحمه الله: لا من الشرك الأكبر
السائل: هذا منتشر، الفهم هذا
الشيخ رحمه الله: ما يستطيعون يدعو لك ولا يشفعو لك كلهم مرتهنون
بأعمالهم، الدعاء الشفاعة في حياته ولهذا لما استسقى عمر الصحابة
مااستسقوا بالنبي، ليشفع لهم استسقوا بالعباس وبيزيد بن الأسود
وبالدعاء، لو كان هذا نافع وشرعي استسقوا بالنبي وقالوا ادعو له يا
رسول الله وهو في قبره.ا. هـ
وصلى الله وسلم على محمد وآله ومن اقتفى أثره
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[08 - 04 - 04, 06:32 م]ـ
وممن ذكر الخلاف في هذه المسألة ورجح أن هذه الصورة من الشرك الأكبر الشيخ عبدالعزيز الراجحي (حفظه الله) (شرح أصول السنة لابن أبي زمنين، ش 12 د 73).
ـ[خالد الوايلي]ــــــــ[06 - 04 - 05, 12:00 م]ـ
طلب الدعاء من الأموات (شرك أكبر)
هذا تلخيص لكلام الشيخ أبي عمر السمرقندي
وبعض طلبة العلم
- حفظهم الله-
فأقول:
اعلم علمني الله وإيّاك وجميع المسلمين
- آمين-
أن من قال عند صاحب قبرٍ مثلاً:
(يا حُسين أُدْعُ الله لي أن يشفي مريضي)
أنه شرك أكبر
وهذا كتابُ الله ناطق بشركية هذا الفعل
قال تعالى:
" إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم "
وقال تعالى:
" ولا تدعُ من دون الله مالا ينفعك ولا يضرُّك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين"
وقوله تعالى:
" ومن أضلُّ ممن يدعوا من دون الله
من لا يستجيب له إلى يوم القيامة
وهم عن دعائهم غافلون
وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداءً
وكانوا بعبادتم كافرين"
وقال -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-:
" الدعاء هو العبادة "
فإن دعاء الأموات وطلب الحوائج منهم
- دنيوية أو أخروية -
شركٌ أكبر لا يغفره الله تعالى
وهذا الطلب لا يقدر عليه إلا الله
ودعاء الأموات لطلب الدعاء منهم دعاء!
والدعاء عبادة
بل هو العبادة
وصرفها لغير الله شرك أكبر
فدعاء الأموات بكل صورةٍ
عبادة مصروفة لغير الله ابتداءاً
وإلاَّ فما هو الشرك إلم يكن هذا شركاً!
ولافرق بين دعاء الأموات مباشرة وبين دعائهم لطلب دعائهم
فكليهما دعاء للأموات
وأنَّ كليهما شرك أكبر
والأدلة الشرعية لاتفرّق بينهما
ومن فرَّق بينهما فعليه الدليل
فالأدلة عامة في كلا الحالتين
ولاشك أن غرض الداعي لطلب الدعوة من هؤلاء
هو تعظيمهم وظن أنَّ حاجته تقضى من طريق دعوتهم وشفاعتهم
وهذا هو الشرك الأكبر الذي وقع فيه مشركوا قريشٍ وأمثالهم
قال شيخ الإسلام
أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن تيمية النميري الحراني الدمشقي رحمه الله في كتابه:
قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص/18)
[وهو في مجموع الفتاوى (1/ 158 - 160)]:
" والمشركون من هؤلاء
قد يقولون إنا نستشفع بهم
أى نطلب من الملائكة والأنبياء أن يشفعوا
فإذا أتينا قبر أحدهم طلبنا منه أن يشفع لنا
فإذا صوّرنا تمثاله
- والتماثيل إما مجسدة وإما تماثيل مصورة -
كما يصورها النصارى فى كنائسهم
قالوا فمقصودنا بهذه التماثيل تذكُّر أصحابها وسِيَرهم
ونحن نخاطب هذه التماثيل
ومقصودنا خطاب أصحابها ليشفعوا لنا إلى الله
فيقول أحدهم:
يا سيدى فلان أو يا سيدى جرجس أو بطرس أو ياستى الحنونة مريم
أو يا سيدى الخليل أو موسى بن عمران أو غير ذلك
(اشفع لى إلى ربك)
وقد يخاطبون الميت عند قبره
(سل لى ربك)
أو
(يخاطبون الحى وهو غائب)
كما يخاطبونه لو كان حاضراً حياً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/21)
وينشدون قصائد يقول أحدهم فيها:
يا سيدى فلان أنا فى حسبك
أنا فى جوارك اشفع لى إلى الله
سل الله لنا أن ينصرنا على عدونا
سل الله أن يكشف عنا هذه الشدة
أشكوا إليك كذا وكذا
فسل الله أن يكشف هذه الكربة
أو يقول أحدهم:
(سل الله أن يغفر لى)
ومنهم من يتأول قوله تعالى:
(ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيماً)
ويقولون:
إذا طلبنا منه الإستغفار بعد موته
كنا بمنزلة الذين طلبوا الإستغفار من الصحابة
ويخالفون بذلك إجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر المسلمين
فإن أحداً منهم لم يطلب من النبى بعد موته
أن يشفع له ولا سأله شيئاً
ولا ذكر ذلك أحد من أئمة المسلمين فى كتبهم
وإنما ذكر ذلك من ذكره
من متأخرى الفقهاء
وحكوا حكاية مكذوبة على مالك رضى الله عنه
سيأتى ذكرها وبسط الكلام عليها إن شاء الله تعالى.
فهذه الأنواع من خطاب الملائكة والأنبياء والصالحين
بعد موتهم
عند قبورهم
وفى مغيبهم
وخطاب تماثيلهم
هو من أعظم أنواع الشرك
الموجود فى المشركين
من غير أهل الكتاب
وفى مبتدعة أهل الكتاب
والمسلمين الذين أحدثوا من الشرك والعبادات مالم يأذن به الله تعالى
قال الله تعالى:
(أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله)
فإن دعاء الملائكة والأنبياء
- بعد موتهم -
وفى مغيبهم
وسؤالهم
والإستغاثة بهم
((والإستشفاع بهم))
فى هذه الحال ونصب تماثيلهم
بمعنى طلب الشفاعة منهم هو
من الدين الذى لم يشرعه الله
ولا ابتعث به رسولاً
ولا أنزل به كتاباً
وليس هو واجباً ولا مستحباً باتفاق المسلمين
ولا فعله أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان
ولا أمر به إمام من أئمة المسلمين
وإن كان ذلك مما يفعله كثير
من الناس ممن له عبادة وزهد
ويذكرون فيه حكايات ومنامات فهذا كله من الشيطان
وفيهم من ينظم القصائد
فى دعاء الميت
والإستشفاع به
والإستغاثة
أو يذكر ذلك فى ضمن مديح الأنبياء والصالحين
فهذا كله ليس بمشروع ولا واجب ولا مستحب باتفاق أئمة المسلمين
ومن تعبد بعبادة ليست واجبة ولا مستحبة
وهو يعتقدها واجبة أو مستحبة
فهو ضال مبتدع بدعة سيئة لا بدعة حسنة باتفاق أئمة الدين
فإن الله لا يعبد إلا بما هو واجب أو مستحب
وكثير من الناس يذكرون فى هذه الأنواع من الشرك منافع ومصالح
ويحتجون عليها بحجج
من جهة
الرأى
أو الذوق
أو من جهة
التقليد
والمنامات
ونحو ذلك ... ".
وقال ابن تيمية رحمه الله أيضاً في (27/ 72): "
وأما من يأتي إلى قبر نبي أو صالح
أو من يعتقد فيه أنه قبر نبي أو رجل صالح وليس كذلك
ويسأله حاجته
مثل
أن يسأله أن يزيل مرضه
أو مرض دوابه
أو يقضي دينه
أو ينتقم له من عدوه
أو يعافي نفسه وأهله ودوابه
ونحو ذلك
مما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل
فهذا شرك صريح
يجب أن يستتاب صاحبه فإن تاب وإلا قتل
وإن قال أنا أسأله
لكونه أقرب إلى الله مني ليشفع لي في هذه الأمور
لأني أتوسل إلى الله به كما يتوسل إلى السلطان بخواصه وأعوانه
فهذا من أفعال المشركين والنصارى
فإنهم يزعمون أنهم يتخذون أحبارهم ورهبانهم شفعاء
يستشفعون بهم في مطالبهم
وكذلك أخبر الله عن المشركين أنهم قالوا:
(مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)
الزمر آية 3 ".
وقال ابن تيمية رحمه الله أيضاً في الفتاوى (27/ 87):
" فإذا قال قائل:
أنا أدعو الشيخ ليكون شفيعا لى
فهو من جنس دعاء النصارى
لمريم والأحبار والرهبان.
والمؤمن يرجو ربه ويخافه ويدعوه مخلصا له الدين
وحق شيخه أن يدعو له ويترحم عليه ".
إلى أن قال رحمه الله (27/ 90): "
فكيف يعدل المؤمن بالله ورسوله عما شرع الله ورسوله
إلى بدعة ما أنزل الله بها من سلطان
تضاهى دين المشركين والنصارى ".
إلى أن قال رحمه الله (27/ 98):
" وبالجملة .. فقد علم المسلمون كلهم أن ما ينزل بالمسلمين من النوازل
فى الرغبة والرهبة مثل دعائهم عند الإستسقاء لنزول الرزق ودعائهم عند الكسوف
والإعتداد لرفع البلاء وأمثال ذلك
إنما يدعون فى ذلك الله ((وحده لا شريك له)) لا يشركون به شيئاً
لم يكن للمسلمين قط أن يرجعوا بحوائجهم إلى غير الله عز وجل
بل كان المشركون فى جاهليتهم يدعونه بلا واسطة فيجيبهم الله
أفتراهم بعد التوحيد والإسلام
لا يجيب دعاءهم إلا بهذه الواسطة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/22)
التى ما أنزل الله بها من سلطان؟! ".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (1/ 126):
" وإن أثبتم وسائط بين الله وبين خلقه
- كالحجاب الذين بين الملك ورعيته -
بحيث يكونون هم يرفعون إلى الله حوائج خلقه
فالله إنما يهدي عباده ويرزقهم بتوسطهم
فالخلق يسألونهم
وهم يسألون الله
كما أن الوسائط عند الملوك
يسألون الملوك الحوائج للناس
لقربهم منهم
والناس يسألونهم أدباً منهم أن يباشروا سؤال الملك
أو لأن طلبهم من الوسائط أنفع لهم من طلبهم من الملك
لكونهم أقرب إلى الملك من الطالب للحوائج.
فمن أثبتهم وسائط على هذا الوجه
فهو كافر مشرك
يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل
وهؤلاء مشبهون لله
شبهوا المخلوق بالخالق
وجعلوا لله أنداداً ".
ويقول ابن تيمية رحمه الله أيضاً في مجموع الفتاوى أيضاً (1/ 134، 135):
" من أثبت وسائط بين الله وبين خلقه
كالوسائط التي تكون بين الملوك والرعية
فهو مشرك
بل هذا دين المشركين عباد الأوثان
كانوا يقولون:
إنها تماثيل الأنبياء والصالحين
وأنها وسائل يتقربون بها إلى الله
وهو من الشرك الذي أنكره الله على النصارى ".
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في الدرر السنية (2/ 19):
" فمن دعا غير الله طالباً منه ما لا يقدر عليه إلا الله
من جلب نفعٍ
أو دفع ضرٍ
فقد أشرك في عبادة الله
كما قال تعالى:
(وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ
وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ)
الأحقاف آية 6، 7
وقال تعالى:
(وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ
إِن تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ
وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ)
فاطر آيتي 14 و 15
فأخبر تبارك وتعالى أن دعاء غير الله شرك
فمن قال:
يا رسول الله
أو يا عبد الله بن عباس
أو يا عبد القادر
أو يا محجوب
زاعماً أنه يقضي حاجته إلى الله تعالى
أو أنه شفيعه عنده أو وسيلته إليه
فهو الشرك الذي يهدر الدم
ويبيح المال إلا أن يتوب من ذلك ".
ولاشك أن هؤلاء الأموات ما يستطيعون الدعاء لأحد
أو أن يشفعوا لأحد لأنهم مرتهنون بأعمالهم
ولو كانوا يستطيعون هذا لدعوا لأنفسهم بمغفرة الذنوب أو رفع الدرجات
وهيهات
وهل الصلاة على الجنائز إلا دليل على أن الأموات بحاجة إلى دعاء الأحياء
وهل المشركون الاوائل
حينما عبدوا أصنامهم عبدوا مجرد الحجارة؟
القران أجاب على هذه الشبهة
(أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ
مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى
إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ)
الزمرآية 3
ومايفعله هؤلاء اليوم من طلب الدعاء من صاحب القبر
إلا اتخاذ الوسائط الذي جاء التوحيد بنفيه
وهل صاحب القبر يملك ذلك
ثم الذي يقدم على صاحب القبر لايقدم عليه
إلا وهو معتقد تعظيمه وجعله واسطة بينه وبين الله
وهذا مانص عليه شيخ الاسلام محمد بن عبدالوهاب في نواقض الاسلام
وهل بلية العالم الاسلامي الا من هذا
وممن قال بأنه شرك أكبر
غير شيخ الإسلام ابن تيمية
ومحمد بن عبد الوهاب
الشيخ ابن باز في شرح كشف الشبهات
رحمهم الله تعالى
ومن الأحياء
الشيخ سليمان العلوان حفظه الله في سؤال وجهه أحد طلبة العلم في قراءته لنواقض الإسلام
والشيخ عبدالعزيز الراجحي حفظه الله في (شرح أصول السنة لابن أبي زمنين، الشريط 12 د 73).
ثم اعلم علمني الله وإيّاك وسائر المسلمين
- آمين-
أن هناك من تمسّك بهذا الكلام المتشابه
لشيخ الإسلام بن تيميّة رحمه الله ولم يرده إلى مُحكمه
كما سبيل الراسخين في العلم
وهو قوله في الفتاوى
ج1/ص351
(الثانية أن يقال للميت أو الغائب من الأنبياء والصالحين
ادع الله لى أو ادع لنا ربك أو إسأل الله لنا كما تقول النصارى
لمريم وغيرها فهذا أيضا لا يستريب عالم أنه غير جائز وأنه من
البدع التى لم يفعلها أحد من سلف الأمة وان كان السلام على أهل القبور
جائزا ومخاطبتهم جائزة كما كان النبى صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه
اذا زاروا القبور أن يقول قائلهم السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين
والمسلمين وانا ان شاء الله بكم لاحقون يغفر الله لنا ولكم نسأل
الله لنا ولكم العافية اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا
ولهم وروى أبو عمر بن عبد البر عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال
ما من رجل يمر بقبر الرجل كان يعرفه فى الدنيا فيسلم عليه الا رد الله
عليه روحه حتى يرد عليه السلام)
والجواب بما يلي:
أن شيخ الإسلام رحمه الله لم يقل ليس شركاً ولاتُفهم من كلامه أصلاً
فالشيخ يطلق البدعية على ما كان شركاً وما لم يكن كذلك
فالبدعة - من حيث إحداثها - هي بدعة
بصرف النظر
عن كونها
شركاً أكبر
أو شركاً أصغر
أو ذريعة لأحدهما
أوكبيرة من الكبائر
فقول الشيخ:
((لا يستريب عالم أنه غير جائز وأنه من البدع التى لم يفعلها أحد من سلف الأمة))
ليس فيه نفي الشركية أو الكلام عليها ألبتة.
بل المعروف عموماً
أنَّ البدعة بدعتان:
بدعة شركية
وبدعة غير شركية
ومن نسب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله نفيه الشركية الكبرى
عن دعاء الأموات فقد أعظم عليه الفرية
أما لو كان فهماً خاطئاً له فالخطب سهل
والخطأ واقعٌ منا جميعاً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/23)
ـ[أبو محمد التميمي]ــــــــ[06 - 04 - 05, 02:29 م]ـ
قال سماحة المفتي الشيخ: محمد بن إبراهيم رحمه الله:
وجائز في الآخرة أن تأتي عند رجل صالح حي يجالسك ويسمع كلامك قادر على الكلام وتقول ادع الله لي لأنه متمكن وكذلك الأنبياء مع الناس يوم القيامة متمكنون أن يسألوا الله ويدعوه كما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه ذلك في حياته كما قالت أم أنس " يا رسول الله خويدمك أنس ادع اللله له وكما قال عكاشة بن محصن: ادع الله أن يجعلني منهم وأما بعد موته فحاشا وكلا أنهم سألوه ذلك عند قبره بل جاءتهم الكروب ولم يأت أحد زمن الحرة ولا غيرها بل يعدونه من
أعظم المنكرات فإن هذا هو الشرك الأكبر
ولعلمهم أن ذلك مختص في حياته وأنه انقطع بعد مماته فلا يستغيثونه ولا يسألونه أن يدعو الله لهم أو يدعو له.
أخوكم: المقرئ = القرافي
أخي الفاضل الشيخ المقرئ لو تذكرون المصدر لهذا الكلام حتى تتم الفائدة ,
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم,,,
ـ[المقرئ]ــــــــ[06 - 04 - 05, 05:52 م]ـ
إلى الشيخ أبي محمد:
المرجع هو تقريرات الشيخ على كشف الشبهات ص122
ـــــــــــــــــ
وقد كنت وقفت على كلام للشيخ صالح الفوزان حفظه الله لعله يتيسر لأنقله لكم
المقرئ
ـ[أبو محمد التميمي]ــــــــ[06 - 04 - 05, 06:44 م]ـ
أخي الفاضل الشيخ المقرئ
وفقك الله لمرضاته
وجزاك خيرا
وبارك فيك,,,,
ـ[عبد الرحمن خالد]ــــــــ[08 - 04 - 05, 10:16 ص]ـ
ابو عمر نفع الله بك: الاعتقاد يجعل الشي كفر ويجعله بدعة ..... الخ فلا يشك في هذا احد واضرب لك مثلا (لو ان رجلا ينادي رجلا في اقصى الدنيا ويستنجده بدون اي واسطة فسوف نقول هذا شرك ,,,,,ولو قلنا ان هذا الرجل قيل له ان امريكا صنعت جهاز يبث ذبذبات بمجرد ان تنادي باسم الشخص فينتقل هذا الكلام ولو بعد فترة الى هذا الشخص فسوف نقول لا يعد هذا شرك فهو مثل الهاتف وغيره سواء كان صنع هذا الجهاز في نفسه صحيحا او لا ... ومثله لو نادى رجلا اصم ابكم اعمى مشلولا يستنجده وهو لا يعلم بحاله ... فهل نقول ان هذا الكلام الذي حصل هو شرك اكبر وكفر اكبر فنحن نريد ان ينصب الحكم على هذا الكلام بهذا الاعتقاد
فلا نتكلم على الشخص نفسه
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[09 - 04 - 05, 12:10 ص]ـ
من أجوبة الشيخ عبد الرحمن البراك على أسئلة أعضاء الملتقى
14 - فضيلة الشيخ
نقل عنكم - حفظكم الله في هذا المنتدى - أنكم تفرقون بين الذي يطلب من الميت قُرْبَ قبره الدعاء له، وبين الذي يطلب منه الشفاعة؟ فما الفرق الجوهري المؤثر بينهما , علما أن طلب الشفاعة نوع من طلب الدعاء؟
الجواب:
الحمد لله، من أنواع الشرك الأكبر شرك الدعاء، وهو: دعاء الأموات، والغائبين في قضاء الحوائج، والاستغاثة بهم في الشدائد، وطلب النصر والرزق منهم، سواء طلب ذلك من الميت من قرب، أو بعد؛ إذا كان الداعي، والطالب يعتقد أنه يفعل ذلك بقدرته، وحينئذ يكون قد جمع بين الشرك في الربوبية، والشرك في العبادة.
وأما إذا كان الداعي للميت يطلب منه أن يدعو الله له، وهو قريب من قبره لاعتقاده أنه يسمع؛ فذلك بدعة، ووسيلة إلى الشرك كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع من كلامه، ومعلوم أن الدعاء للغير شفاعة له فطالب الدعاء هو طالب للشفاعة، فلهذا يقال له: استشفاع، وتوسل كما قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه " اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا، فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ".، وما ذاك إلا طلب الدعاء من النبي صلى اله عليه وسلم، ثم من العباس، وذلك في حياتهما، ولم يذهب عمر ولا غيره إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم لطلب الدعاء منه مما يدل على أنه غير مشروع، ولا هو سبب لحصول مطلوب، وإذا كان هذا في حق النبي صلى الله عليه فغيره من باب أولى.
وأما إذا اقترن بطلب الدعاء من الميت، والاستشفاع به تقرب إليه بنوع من أنواع العبادة، فذلك عين ما كان يفعله المشركون يعبدون ما يعبدون زاعمين أنهم يشفعون لهم، وأنهم يقربونهم إلى الله كما قال تعالى {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}، وقال تعالى {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ}؛ فكانوا كفارا، ومشركين حيث جعلوا بينهم، وبين الله وسائط في العبادة.
وأما من يطلب من الغائب عنه، أو من الميت، وهو بعيد من قبره، فيدعوه في كل مكان، ويستغيث به لذلك فهو مشرك، لأنه قد شبهه بالله الذي يسمع دعاء الداعين، ويغيث الملهوفين.
وبهذا يتبين أنه لا فرق في الحقيقة بين طلب الدعاء، وطلب الشفاعة من حي أو ميت، ولا أذكر أني فرقت بينهما، فلعل الذي نقل ذلك عني قد وهم، أو أني تطرقت لمعنى آخر، ولم يفهم مرادي، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=20518
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/24)
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[09 - 04 - 05, 01:26 ص]ـ
وأما إذا كان الداعي للميت يطلب منه أن يدعو الله له، وهو قريب من قبره لاعتقاده أنه يسمع؛ فذلك بدعة، ووسيلة إلى الشرك كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع من كلامه،
وأما إذا اقترن بطلب الدعاء من الميت، والاستشفاع به تقرب إليه بنوع من أنواع العبادة، فذلك عين ما كان يفعله المشركون
جزاكم الله خيرا هل نفهم من كلام الشيخ هنا انه يجعل طلب الدعاء من الميت عند قبره (بدعة) كما نص - هنا - لا شركا.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[09 - 04 - 05, 01:59 ص]ـ
نعم هذا رأيه في هذه المسألة. والله أعلم.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[09 - 04 - 05, 11:59 م]ـ
ابو عمر نفع الله بك: الاعتقاد يجعل الشي كفر ويجعله بدعة ..... الخ فلا يشك في هذا احد واضرب لك مثلا (لو ان رجلا ينادي رجلا في اقصى الدنيا ويستنجده بدون اي واسطة فسوف نقول هذا شرك ,,,,,ولو قلنا ان هذا الرجل قيل له ان امريكا صنعت جهاز يبث ذبذبات بمجرد ان تنادي باسم الشخص فينتقل هذا الكلام ولو بعد فترة الى هذا الشخص فسوف نقول لا يعد هذا شرك فهو مثل الهاتف وغيره سواء كان صنع هذا الجهاز في نفسه صحيحا او لا ... ومثله لو نادى رجلا اصم ابكم اعمى مشلولا يستنجده وهو لا يعلم بحاله ... فهل نقول ان هذا الكلام الذي حصل هو شرك اكبر وكفر اكبر فنحن نريد ان ينصب الحكم على هذا الكلام بهذا الاعتقاد
فلا نتكلم على الشخص نفسه
- أخي ... وفقك الله
حقيقة لا أدريِ ماذا تريد بالضبط؟
فهلاَّ اختصرت السؤال أو الكلام السابق.، أو أعدت صياغته.
ـ[ابو سلمان]ــــــــ[10 - 04 - 05, 02:59 ص]ـ
اقتراح
الاخوة الاكارم لو نقلنا البحث للقبوريين وتبرع احد الاخوان خصوصا من مصر عند قبر السيدة زينب والبدوي وغيرهما وسالهم اساله حول كيفية دعائهم لهولاء الاموات وما هي عقيدتهم وما هي ادعيتهم لهولاء الاموات لكان تقريبا لنا لفهم ما يحصل بالضبط ولا نجعل مجالا للافتراض ان هذا الفعل يقع منهم (ان يطلب من الميت الدعاء له) او هو دعاء الميت او دعاء للميت واستغاثة به (والعباذ بالله) وليجعل على شكل استبيان لتقصي الحقائق لا على شكل انكار (طبعا في البدايه لكى يصرحوا بافعالهم ولا ينفرون)
بعدها نتصور هل خلاف الشيخ سائغ ام لا
والله اعلم
والبحث على ارض الواقع افيد واضبط للنقاش
والله اعلم
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[10 - 04 - 05, 10:57 ص]ـ
أبا سلمان الفاضل
لا يخفاك أن القبور في العالم الإسلامي اليوم قد تصل إلى عشرات الألوف بدون مبالغة! ويزورها عشرات الملايين، وهؤلاء الزوار علومهم، ومذاهبهم، وبدعهم، مختلفة .. فتقرير المسألة على جميع الافتراضات أنفع، والعلم عند الله.
ـ[ابو سلمان]ــــــــ[11 - 04 - 05, 03:11 ص]ـ
الاخ السديس حفظه الله
الاقتراح مهم حتى نتمكن من فهم المسائل على وجهها الاكمل فان الذي لايعرف الجاهلية والباطل كما هو يبقى في حكمه على المبطلين بعض الغموض فانك تعلم ان شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وشيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب قد عرفوا احوال هؤلاء عن كثب بخلافنا نحن وخصوصا من تربى بين الموحدين في الجزيرة
والله اعلم
ـ[عبد الرحمن خالد]ــــــــ[11 - 04 - 05, 03:00 م]ـ
اخي ابو عمر اسال الله ان يسددك لكل خير ..... السؤال باختصار ان الذي يسال صاحب القبر ان يدعو له الله معتقدا انه يسمع كلامه فلا يعد هذا شرك,,,,, (واخيرا مالذي جعل دعاء الميت شرك بهذه الصورة هل العلة هو الموت ام كونه لا يستطيع ام كونه لا يسمع ......
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[11 - 04 - 05, 07:11 م]ـ
مالذي جعل دعاء الميت شرك بهذه الصورة هل العلة هو الموت ام كونه لا يستطيع ام كونه لا يسمع.
- بارك الله فيك تقدَّم الجواب على هذا السؤال في تعقيب سابق، فلعلك تراجع ما تقدَّم، وجزاك الله خيراً.
ـ[عبد الرحمن خالد]ــــــــ[12 - 04 - 05, 12:13 ص]ـ
نعم تقدم ولكنه غير واضح
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[16 - 04 - 05, 12:56 ص]ـ
- وقال الشيخ الإمام ابن تيمية رحمه الله في الرد على البكري (1/ 93 - 95): " والاستغاثة بالميت والغائب، سواء كان نبيا، أو وليا ليس مشروعا، ولا هو من صالح الأعمال.
إذ لو كان مشروعا، أو حسنا من العمل لكانوا به أعلم، وإليه أسبق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/25)
ولم يصح عن أحد من السلف أنه فعل ذلك.
فكلام هؤلاء يقتضي جواز سؤال الميت والغائب.
وقد وقع دعاء الأموات والغائبين لكثير من جهال الفقهاء والمفتين، حتى لأقوام فيهم زهد وعبادة ودين! ّ
ترى أحدهم يستغيث بمن يحسن به الظن حيا كان أو ميتاً.
وكثير منهم تتمثل له صورة المستغاث به وتخاطبه، وتقضي بعض حوائجه، وتخبره ببعض الأمور الغائبة.
ويظن الغِرُّ أنه المستغاث به، أو أن ملكا جاء على صورته.
وإنما هي شياطين تمثَّلت له به، وخيالات باطلة، فتراه يأتي قبر من يحسن به الظن إن كان ميتاً، فيقول: يا سيدي فلان .. أنا في حسبك .. أنا في جوارك .. أنا في جاهك .. قد أصابني كذا .. وجرى عليَّ كذا.
ومقصوده قضاء حاجته، إما من الميت، أو به.
ومنهم من يقول للميت: اقض ديني واغفر ذنبي، وتب عليَّ.
ومنهم من يقول: سل لي ربك!
ومنهم من يذكر ذلك في نظمه ونثره.
ومنهم من يقول: يا سيدي الشيخ فلان، أو يا سيدي رسول الله .. نشكو إليك ما أصابنا من العدو .. وما نزل بنا من المرض .. وما حل بنا من البلاء.
ومنهم من يظن أن الرسول، أو الشيخ يعلم ذنوبه وحوائجه، وإن لم يذكرها، وأنه يقدر على غفرانها، وقضاء حوائجه، ويقدر على ما يقدر عليه الله، ويعلم ما يعلمه الله.
وهؤلاء قد رأيتهم، وسمعت هذا منهم.
ومن شيوخ يقتدي بهم ومفتين وقضاة ومدرسين.
ومعلوم أن هذا لم يفعله أحد من السلف، ولا شرع الله ذلك ولا رسوله، ولا أحد من الأئمة، ولا مع من يفعل ذلك حجة شرعية أصلاً.
بل من فعل ذلك كان شارعا من الدين ما لم يأذن به الله.
فإن هذا الفعل منه ما هو كفر صريح، ومنه ما هو منكر ظاهر.
سواء قُدِّرَ أنَّ الميت يسمع الخطاب كما إذا خُوطِبَ من قريب.
أو قُدِّرَ أنه لا يسمعه، كما إذا خوطب من بعيد.
فإنَّ مجرد سماع الميت للخطاب لا يستلزم أنَّه قادر على ما يطلب الحي منه، وكونه قادرا عليه لا يستلزم أنَّه شرع لنا أن نسأله، ونطلب منه كل ما يقدر عليه.
فليس لنا في حياة الرسل أن نسألهم كل ما يمكنهم فعله.
بل ولا نسأل الله تعالى كل ما يمكنه فعله.
بل الدعاء عبادة شرعية، فكيف يجوز أن نسألهم ذلك بعد مماتهم، وليس لنا أن نسألهم كل ما يقدر الله عليه من المفعولات، ليسألوا ربهم إياه؟!
كما سأل قوم موسى موسى أن يريهم الله جهرة، وسألوا المسيح إنزال المائدة، وسألوا صالحا الناقة، وسألوا الأنبياء الآيات ... ".
ـ[عبد الرحمن خالد]ــــــــ[16 - 04 - 05, 02:09 ص]ـ
كلام جميل بارك الله فيك ونقل موفق
ورحم الله امر عرف قدر نفسه
ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[23 - 04 - 05, 04:38 م]ـ
قال أبو عبد الرحمن المدني:
ومما يدلك أن هذا الصنيع من وصف ابن تيمية رحمه الله لهذا العمل بالبدعية غير مراد عنده أنه من قبيل البدعة التي هي من جنس الشرك الأكبر الذي يفارق ملابسه به ملة التوحيد = مورد التقسيم إذ إنه رحمه الله جعل المراتب في هذا الباب ثلاثة:
فوسم الأول وهو دعاء غير الله بقوله: (فهذا هو الشرك بالله)
ثم وسم الثاني وهو طلب الدعاء بقوله: (فهذا أيضًا لايستريب عالم أنه غير جائز،وأنه من البدع التى لم يفعلها أحد من سلف الأمة؛ وإن كان السلام على أهل القبور جائز ومخاطبتهم جائزة .... )
وهاكم النقل (الفتاوى 1/ 351):
وقد ذكر علماء الإسلام وأئمة الدين الأدعية الشرعية، وأعرضوا عن الأدعية البدعية، فينبغى اتباع ذلك. والمراتب فى هذا الباب ثلاث:
إحداها: أن يدعو غير الله وهو ميت أو غائب، سواء كان من الأنبياء والصالحين أو غيرهم فيقول: يا سيدى فلان، أغثنى، أو أنا أستجير بك، أو أستغيث بك، أو انصرنى على عدوى، ونحو ذلك فهذا هو الشرك بالله. والمستغيث بالمخلوقات قد يقضى الشيطان حاجته أو بعضها، وقد يتمثل له فى صورة الذى استغاث به، فيظن أن ذلك كرامة لمن استغاث به، وإنما هو شيطان دخله وأغواه لما أشرك بالله، كما يتكلم الشيطان فى الأصنام وفى المصروع وغير ذلك، ومثل هذا واقع كثيرًا فى زماننا وغيره، وأعرف من ذلك ما يطول وصفه فى قوم استغاثوا بى أو بغيرى، وذكروا أنه أتى شخص على صورتى أو صورة غيرى وقضى حوائجهم فظنوا أن ذلك من بركة الاستغاثة بى أو بغيرى! وإنما هو شيطان أضلهم وأغواهم وهذا هو أصل عبادة الأصنام واتخاذ الشركاء مع الله تعالى فى الصدر الأول من القرون الماضية كما ثبت ذلك، فهذا أشرك بالله نعوذ بالله من ذلك.
وأعظم من ذلك يقول: اغفر لي وتب عليّ، كما يفعله طائفة من الجهال المشركين.
وأعظم من ذلك أن يسجد لقبره ويصلي إليه ويرى الصلاة أفضل من استقبال القبلة، حتى يقول بعضهم: هذه قبلة الخواص والكعبة قبلة العوام.
وأعظم من ذلك أن يرى السفر إليه من جنس الحج، حتى يقول: إن السفر إليه مرات يعدل حجة، وغلاتهم يقولون: الزيارة إليه مرة أفضل من حج البيت مرات متعددة. ونحو ذلك، فهذا شرك بهم، وإن كان يقع كثير من الناس فى بعضه.
الثانية: أن يقال للميت أو الغائب من الأنبياء والصالحين: ادع الله لى، أو ادع لنا ربك، أو اسأل الله لنا، كما تقول النصارى لمريم وغيرها ـ فهذا أيضًا لايستريب عالم أنه غير جائز،وأنه من البدع التى لم يفعلها أحد من سلف الأمة؛ وإن كان السلام على أهل القبور جائز ومخاطبتهم جائزة كما كان النبى صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقول قائلهم: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يغفر الله لنا ولكم، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم،ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم).
وروى أبو عمر بن عبد البر عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من رجل يمر بقبر الرجل كان يعرفه فى الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/26)
ـ[محمد أحمد جلمد]ــــــــ[26 - 04 - 05, 02:35 ص]ـ
السلام عليكم
شيوخنا الأفاضل أحسن الله إليكم جميعا
أود أن أسأل عن الذي يقول أنه لا يدعوا الميت الذي في القبر ولكنه يدعوا عنده أو يجلس بجانب قبره أو يصلي عند قبره رجاء بركة هذا الميت لأن هذا الميت كان مباركا صالحا
أفيدوني جوزيتم خيرا
ـ[أبو محمد]ــــــــ[02 - 05 - 05, 08:03 ص]ـ
هذه فوائد وتتمات لعلها تثري الموضوع:
أما عن رأي شيخ الإسلام فقد كنت بحثت هذه المسألة من مدة طويلة وتحصل لي أن لشيخ الإسلام رحمه الله قولين في المسألة: القول الأول: أنه بدعة وليس شركا ويدل عليه صراحة تقسيم الشيخ لمراتب الدعاء إلى ثلاث مراتب في التوسل والوسيلة (290 - 291 ط المدخلي) وقد نقل الكلام أخونا المفضال أبو عبد الرحمن آنفا وتأويل كلامه رحمه الله السابق فيه تكلف، ويفهم هذا الرأي أيضا من كلام له في الكتاب السابق أيضا ص50.
لكن للشيخ كلام صريح يخالفه ويضاف إلى ما نقله أخونا المفضال أبو عمر من الاقتضاء بل هو أصرح منه وهو قوله في ص406 ط الفقي: (فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن الصلاة التي تتضمن الدعاء لله وحده خالصا عند القبور لئلا يفضي ذلك إلى نوع من الشرك بربهم فكيف إذا وجد ما هو عين الشرك من الرغبة إليهم، سواء طلب منهم قضاء الحاجات أو طلب منهم أن يطلبوا ذلك من الله؟)
فهذا الكلام صريح لا تعريض فيه ولا احتمال، وآمل عرضه على الشيخ البراك حفظه الله لأنه وصف كلاما منقولا سابقا أنه غير صريح.
وقد وقفت قبل مدة على فتوى للشيخ ابن باز رحمه الله بناء على سؤال أرسله أحد الإخوة إليه يستشكل فيه كلام شيخ الإسلام في التوسل والوسيلة فأجاب الشيخ بأن لشيخ الإسلام كلاما يخالف هذا ويبين أنه شرك ثم نقل هذا الكلام من الاقتضاء.
وكنت سألت قبل مدة من الزمن الشيخ المفيد صالح آل الشيخ عن رأي شيخ الإسلام الذي في التوسل والوسيلة السابق فقال عبارة أنقلها بالمعنى: قال شيخ الإسلام أو لم يقل، هذا شرك أكبر لأنه طلب من ميت، ثم إن لشيخ الإسلام في المسألة قولين: هذا الرأي ورأي بأنه شرك أكبر ذكره في الاقتضاء وفي الفتاوى الكبرى.
قلت: ولم أقف على هذا النقل من الفتاوى الكبرى فياليت أحد الإخوة يراجع ذلك ويفيدنا.
وبالنسبة لرسالة الدعاء للأخ العروسي التي أشار إليها الدكتور آل عبد اللطيف فليس فيها تحرير شاف للمسألة وإنما اعتمد على تقسيم شيخ الإسلام الذي في التوسل والوسيلة وكأنه لم يهتد إلى كلامه الآخر في المسألة.
وعلى كل حال: الذي يلوح لي صوابه في المسألة دون أدنى شك أن هذا شرك أكبر ولا فرق بينه وبين غيره من أنواع الطلب من الموتى، وقد أحسن في بيان هذا ما شاء الله أن يحسن أخونا الكريم الشيخ أبو عمر أثابه الله.
ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[02 - 05 - 05, 12:48 م]ـ
عند التأمل لا تجد أن ثمة فرقا بين النقلين عن ابن تيمية رحمه الله وبيان ذلك بفقه المسألة، لأن دعاء الميت شرك أكبر سواء كان بطلب الحاجات من الميت مباشرة أو يطلب الدعاء له عند الله، والدعاء عبادة مختصة بالله فإشراك أحد سواه معه بالدعاء فرط لعقد التوحيد وولوج في الشرك من واسع أبوابه وهذا هو مراد شيخ الإسلام في النقل من الصراط تأمل قوله: (فكيف إذا وجد ما هو عين الشرك من الرغبة إليهم، سواء طلب منهم قضاء الحاجات أو طلب منهم أن يطلبوا ذلك من الله؟) قال رحمه الله: (فكيف إذا وجد ما هو عين الشرك كان بالرغبة إليهم) والرغبة إلى الأموات بدعائهم والاضطرار إليهم والرجاء منهم عبادات قلبية صرفها لغير الله شرك أكبر لا يسوغ بأي حال سواء كان ذلك بطلب الحاجات منهم مباشرة أو حتى بطلب الدعاء لهم.
ومما يؤكد هذا التفسير أن ابن تيمية رحمه الله يحكي صنيع عباد القبور أهل الشرك وهم متلبسون بالنوعين ويقع منهم فيهما الشرك الأكير.
ثم إن هذا الواقع أن أكثر من يصنعه لا بد أن يصاحبه في هذا الصنيع ما يصيره شركا أكبر والله المستعان.
وإنما تختص مسألتنا بمجرد طلب الدعاء من صاحب القبر وربما قارنه بالسلام المشروع عليه فحينئذ يعز على القائل بشركية هذا النوع البرهان، فإنه وإن كان دعاء الميت شركا أكبر بكل صوره فإن مجرد طلب الدعاء لا يصيره عبادة بل هو من جنس السلام على الميت في مخاطبة الميت وهو يظن سماعه.
ولعل مربط الفرس في المسألة: هل هذه الصورة عبادة فيشرك صاحبها، أو ليست كذلك فيسلم صاحبها من الشرك ويقع في وحل البدعة.
والله أعلم
ـ[أبو حذيفة الحنبلىّ]ــــــــ[14 - 05 - 05, 12:52 م]ـ
أوليست الشفاعة بمعنى الدعاء ... ؟؟؟؟؟؟؟؟
أوليس قولى للميت يا فلان ادع الله لى كمثل قولى يا فلان اشفع لى عند الله .... ؟؟؟؟؟؟؟
أوليس الاثنين من الدعاء ... ؟؟؟؟
أوليس هذا طلب الشفاعة بمعنى طلب الدعاء ... ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
طيب هل أصلا ما تناقشونه موجود فى الواقع ... ؟؟؟
يعنى شخصا ذهب الى قبر فقال
(يا فلان ادع الله لى بكذا و كذا .. )))
طيبما الفرق بينه و بين
(يا فلان اشفع لى عند الله ... )))
الاثنين مخاطبة للميت و الاثنين طلب منه ... !!!
فعلا قد تعذّر علىّ الفهم ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/27)
ـ[أبو خولة]ــــــــ[21 - 05 - 05, 11:07 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ...
السلام عليكم ورحمة الله ..
كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في (التوسل والوسيلة) ظاهر في عدم إرادته الشرك الأكبر؛ إذ أن المراد من التقسيم التفريق في الوصف والحكم أو أحدهما، والشيخ ذكر في الأول وصفا وحكما غير ما قاله في الثاني فدل على إرادة التفريق في الأمرين، ولو كان يراى التوافق في الحكم لكان مقتضى البيان من مثله التنصيص لأن عدمه يستلزم الاشتباه، والمقام مقام توضيح وبيان، والشيخ أطال النفس وفصل القول فيما سئل عنه في الكتاب تفصيلا.
وانظر كلامه في زيارة القبور ص 17 _ 38 فإنه مطابق لهذا.
وليس من مقتضى التوضيح أن تسأل عن أمرين فتجيب في الموضع الواحد أنه أحدهما شرك والآخر بدعة، ويكون مرادك بالبدعة معنى الشرك دون التنصيص أو القرينة التي تقوم مقامه.
نعم إن لم يكن الكلام في موضع واحد لكن هناك نظر في الإجمال والتفصيل، والإطلاق والتقييد، ونحو ذلك.
وقد وقفت على كلام جملة من المعاصرين على هذا الرأي منهم سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ ابن عثيمين والشيخ الألباني وغيرهم ...
يقول الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى في تعليقه على تصحيح الحافظ ابن حجر لقصة مالك الدار ـ في الذي طلب من النبي الاستسقاء في القحط الذي أصاب الناس زمن عمر رضي الله عنه ـ: (بل عدل عمر عنه لما وقع الجدب إلى الاستسقاء بالعباس ولم ينكر ذلك عليه أحد من الصحابة، فعلم أن ذلك هو الحق، وأن ما فعله هذا الرجل منكر ووسيلة إلى الشرك، بل قد جعله بعض أهل العلم من أنواع الشرك)
انظر تعليقه على فتح الباري 2/ 575، حديث رقم 1008.
وقد سبق في التعليق رقم 34 فيما نقله الأخ المقرئ كلام الشيخ محمد.
وانظر فتاواه بجمع فهد السليمان 2/ 339.
وكذلك تقدم النقل عن الشيخ عبدالرحمن البراك في التعليق رقم 32 فيما نقله أخونا زياد.
وانظر التوسل للشيخ الألباني ص 133، وصيانة الإنسان للشيخ السهسواني ص 206.
هذا والله تعالى أعلم.
والسلام عليكم ورحمة الله
ـ[الطنجي]ــــــــ[21 - 05 - 05, 01:09 م]ـ
السلام عليكم
سأدلو بدلوي والله الموفق.
الذي يتوجه لي، والله أعلم، أنه يجب المصير إلى الذي ذكره الشيخ في (التوسل والوسيلة)، وذلك من طريقين:
ـ الطريق الأول: أن نفرض التعارض بين كلامه الأول وكلامه الثاني، ثم نرجح الأول لأنه واقع منه رحمه الله في موقع البحث والتفصيل، الثاني صدر منه على سبيل الاستطراد والإجمال، وهذه طريقة مرضية عند أهل العلم، لأن العالم إذا تعرض للمسألة على سبيل الاستطراد، وبطريقة عرضية وموجزة، فإنه يكون مظنة لعدم ظبطها، بينما إذا خاض في المسألة على سبيل الأصالة، والقصد، والتفصيل، فإنه يجمع لها نفسه، ويدقق العبارة، ويحكم اللفظ، ويكون متيقظا غاية التيقظ، ويبذل الوسع والجهد.
ـ الطريق الثاني: أن ندفع التعارض رأسا، فنحمل كلامه الثاني على وجه لا يعارض الأول، وهو أمر سهل إن شاء الله تعالى، ذلك أن الشيخ حكم بالشرك على أولئك الذين يطلبون من الأموات التوسط لهم عند الله لنيل الحاجات، وهذا لا يعارض الكلام الأول إن حملناه على الذين يطلبون من الأموات الوساطة على معتقد أهل الجاهلية الذين كانوا يرون لشفعائهم سلطانا على الله تعالى، وأن لهم الحق أن يشفعوا ويتوسطوا في نيل الحاجات دونما إذن من الله تعالى.
وهذا لا شك في أنه شرك بالله تعالى، وهو موجود في كثير ممن يعتقد في الأموات، خصوصا في الأمكنة والأزمنة التي يقل فيها علم التوحيد ودعاته.
وبه ينحل التعارض.
وأرى أن هذا لابد منه، لأن الحكم على العمل بأنه شرك إنما يتأتى إذا كان فيه صرف شيء خاص بالله تعالى لغيره عز وجل، وإلا فلا، وهذا ضابط الشرك.
وهذا الذي نحن فيه ليس فيه صرف شيء خاص بالله تعالى لغيره، فإن طلب الدعاء من الشخص جائز إجماعا، وكون ذلك الشخص ميتا لا يخرجه إلى الشرك، بل إلى البدعة، وأما أن يقال بأنه شرك، فلا، لأن الذي يلتمس الدعاء من الميت لم يصرف له عبادة، فلو كان ذلك عبادة لما صح صرفها للحي أيضا، وهذا ظاهر.
والله أعلم.
والحمد لله رب العالمين.
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[01 - 09 - 06, 11:51 ص]ـ
ذكر الشيخ عبدالعزيز آل عبداللطيف كتاب الدعاء ومنزلته في العقيدة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/28)
لكن هذا الكتاب نفد منذ سنوات، وهو لمؤلفه جيلان خضر العروسي الأثيوبي.
والناشر مكتبة الرشد
وهذه مشكلة نواجهها .. إذ أن كثيرا من الكتب المتخ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ة القوية تنفد من السوق ولاتعاد طباعتها .. لأسباب متنوعة،، فهل من حل لهذا الإشكال؟!!!
ـ[عبدالله البلجيكي]ــــــــ[22 - 06 - 07, 07:37 م]ـ
السلام عليكم
سأدلو بدلوي والله الموفق.
الذي يتوجه لي، والله أعلم، أنه يجب المصير إلى الذي ذكره الشيخ في (التوسل والوسيلة)، وذلك من طريقين:
ـ الطريق الأول: أن نفرض التعارض بين كلامه الأول وكلامه الثاني، ثم نرجح الأول لأنه واقع منه رحمه الله في موقع البحث والتفصيل، الثاني صدر منه على سبيل الاستطراد والإجمال، وهذه طريقة مرضية عند أهل العلم، لأن العالم إذا تعرض للمسألة على سبيل الاستطراد، وبطريقة عرضية وموجزة، فإنه يكون مظنة لعدم ظبطها، بينما إذا خاض في المسألة على سبيل الأصالة، والقصد، والتفصيل، فإنه يجمع لها نفسه، ويدقق العبارة، ويحكم اللفظ، ويكون متيقظا غاية التيقظ، ويبذل الوسع والجهد.
ـ الطريق الثاني: أن ندفع التعارض رأسا، فنحمل كلامه الثاني على وجه لا يعارض الأول، وهو أمر سهل إن شاء الله تعالى، ذلك أن الشيخ حكم بالشرك على أولئك الذين يطلبون من الأموات التوسط لهم عند الله لنيل الحاجات، وهذا لا يعارض الكلام الأول إن حملناه على الذين يطلبون من الأموات الوساطة على معتقد أهل الجاهلية الذين كانوا يرون لشفعائهم سلطانا على الله تعالى، وأن لهم الحق أن يشفعوا ويتوسطوا في نيل الحاجات دونما إذن من الله تعالى.
وهذا لا شك في أنه شرك بالله تعالى، وهو موجود في كثير ممن يعتقد في الأموات، خصوصا في الأمكنة والأزمنة التي يقل فيها علم التوحيد ودعاته.
وبه ينحل التعارض.
وأرى أن هذا لابد منه، لأن الحكم على العمل بأنه شرك إنما يتأتى إذا كان فيه صرف شيء خاص بالله تعالى لغيره عز وجل، وإلا فلا، وهذا ضابط الشرك.
وهذا الذي نحن فيه ليس فيه صرف شيء خاص بالله تعالى لغيره، فإن طلب الدعاء من الشخص جائز إجماعا، وكون ذلك الشخص ميتا لا يخرجه إلى الشرك، بل إلى البدعة، وأما أن يقال بأنه شرك، فلا، لأن الذي يلتمس الدعاء من الميت لم يصرف له عبادة، فلو كان ذلك عبادة لما صح صرفها للحي أيضا، وهذا ظاهر.
والله أعلم.
والحمد لله رب العالمين.
السلام عليكم
لكن الذي يطلب من الميت الشفاعة, يطلب من غير الله ما لا يملكه إلا الله لقوله تعالى: لا يملكون الشفاعة إلا من أذن له الرحمن و رضي له قولا أليس من طلب من دون الله ما لا يقدر عليه و ما لا يملكه إلا الله قد جعل غير الله في منزلة الله؟
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[23 - 06 - 07, 04:37 ص]ـ
جزيتم خيرا.
ـ[نايف أبو محمد]ــــــــ[25 - 06 - 07, 04:19 م]ـ
العلملاء اذا ذكروا في شيء من الامور الشركية أنه بدعة المعنى أنه بدعة مكفرة وكلام شيخ الاسلام ابن تيمية ينصرف الى هذا
ـ[ابومحمد بكري]ــــــــ[30 - 09 - 07, 09:10 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[ابو عبد الرحمن المكي]ــــــــ[07 - 02 - 08, 01:56 ص]ـ
اخوتي الكرام جزاكم الله خير الجزاء اليس قولي يا فلان ادع لي هو نفسه دعاء اليس الدعاء من معانيه النداء والله سبحان وتعالى قال [والذين يدعون من دونه لا يخلقون شيئا وهم يخلقون اموات غير احياء ولايشعرون ايان يبعثون] وقال [ان تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا مااستجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم] فما الدليل على ان قول القائل يا فلان ادع لي ليس دعاء له مع ثبوته في لغة العرب فان قولي يا زيد معناه ادعوا زيدا فلماذا التفرقة بين هذه الصيغة من صيغ الدعاء وبين قوله يا فلان اشفني والذي فهمته انهم يفرقون بين الطلب الشركي وغير الشركي بان الشركي طلب من حي السامع الحاضر مالا يقدر عليه الا الله وغير الشركي ماكان في مقدوره وبالنسبة للميت يرون ان الداعي بجوار القبر يمكن ان يسمعه الميت ولو فرضنا ان الميت يمكن ان يسمعه ويدعو له اليس نفس نداء الميت دعاءاً في اللغة والله سبحانه وتعالى جعل دعاء الميت شركاً فلماذا التفريق
ـ[سعيد بن خليل]ــــــــ[10 - 02 - 08, 05:13 م]ـ
وقولنا للحي يا أخي الكريم: يا فلان ادع الله لي .. هو أيضاً دعاء .. فلماذا التفريق؟؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/29)
فإن كان هذا الجنس من الدعاء عبادة، لما جاز صرفه للحي أصلاً .. ولا يصرف إلا لله تعالى .. فهذا يدل على أن هذا الفعل ليس من جنس صرف العبادة لغير الله تعالى.
تبقى مسألة .. ما العلة في كون هذا الفعل شركاً أكبر؟؟ أين هو الشرك في العبادة في هذه الحال؟؟
=======
أما آية ..
إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر: 14]
فقبلها بيّن الله - عز وجل - العلة في الشرك، فقال:
يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ [فاطر: 13]
يعني .. سؤال العاجز ما لا يستطيعه، واعتقاد ذلك، هذا هو الشرك الأكبر .. لأن ذلك من رفع المخلوق فوق الأسباب .. والله أعلم.
كذلك آية:
وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ [النحل: 20]
أبطل الله - عز وجل - معتقدهم بأن من يدعونهم لا يخلقون شيئاً .. فهو من سؤال العبد ما يعجز عنه ..
أما سؤال صاحب القبر الدعاء عند قبره، فإن صاحب القبر يستطيع الدعاء ..
جاء في الحديث الصحيح عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - في حديث عذاب القبر: "فيقول المؤمن رب عجل قيام الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي" ..
وكذلك جاء أن الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون ..
فإن الدعاء يستطيعه العبد الصالح في قبره .. ولكن سؤالهم الدعاء مما لم يشرعه الله تعالى لنا، وهو يفضي إلى سؤالهم ما لا يملكون، فيقع المرء في الشرك الأكبر.
جاء في منهاج التأسيس والتقديس:
القسم الثانى وهو: ألا يطلب منه الفعل ولا يدعوه، ولكن يطلب أن يدعو له. كما يقول للحى: ادع لى، وكما كان الصحابة يطلبون من النبي - صلى الله عليه وسلم - الدعاء، فهذا مشروع في الحى كما تقدم، وأما الميت من الأنبياء والصالحين وغيرهم فلم يشرع لنا أن نقول: ادع لنا، ولا اسأل لنا ربك، ولا نحو ذلك، ولم يفعل هذا أحد من الصحابة والتابعين، ولا أمر به أحد من الأئمة، ولا ورد فيه حديث، بل الذى ثبت في الصحيح أنهم لما أجدبوا زمن عمر استسقى عمر بالعباس - رضي الله عنهما - وقال: " اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، فيسقون ". ولم يجيئوا إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - قائلين: يا رسول اللّه، ادع لنا واستسق لنا، ونحن نشكو إليك ما أصابنا، ونحو هذا. لم يقله أحد من الصحابة قط، بل هو بدعة، ما أنزل اللّه بها من سلطان.
هذا ما خلصت إليه .. فإن أصبت، من الله .. وإن أخطأت، فمن نفسي .. والحمد لله رب العالمين.
ـ[بندار]ــــــــ[22 - 02 - 08, 05:39 م]ـ
ليس هذا شركاً أكبراً، لكنه بدعة منكرة ووسيلة إلى الشرك.
وليس هو مثل شرك أهل الجاهلية لأنه ليس فيه توجيه نوع عبادة لصاحب القبر، كصلاة أو ذبح أو ما شابه.
أما سؤالهم دعاء الله لهم فسببه أنهم يظنون لجهلهم أن الولي حي في قبره، وأن طلب الدعاء من الولي الميت هو كطلبه منه وهو حي.
والله أعلم.
شيخنا الكريم:
ما توجيهكم حول مفهوم قوله تعالى"ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى"
أليسوا يسألونهم الشفاعة ويطلبون منهم الدعاء؟؟
شكر الله لك
ـ[المعلمي]ــــــــ[15 - 09 - 08, 05:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تفريق الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله تفريق نفيس، ويعكره ما يعتقده أهل البدع من عدم المسانخة بين سماع الأموات وسماع الأحياء فسماع الأموات هو إسماع وليس سماعا من جنس سائر السماعات فهو بتقدير مخصوص وطريق مخصوصة.
لذلك هو لا يستلزم القرب ومقتضى الأحاديث التي تدل على نوع سماع للأموات ترجح ذلك.
فالذي يظهر والعلم عند الله، أن طلب الدعاء من الميت ليس بشرك سواء كان الطالب بعيدا أم قريبا.
وهذا يذكرني بطرفة يرددها بعض الحجاج:
روي أن حاجا " تكرونيا " ولا أعرف نسبة أخرى لهؤلاء الحجاج أتى بيت الله الحرام وأخذ يدعو " يامحمد حدث ر بك أن التكارنة تكملا " لعل هذا الدعاء إبان حرب وقعت هناك.
والحقيقة أن تخريج مناط الشرك في دعاء الأموات مشكل لذلك لايبعد كون هذا النوع من الدعاء أيضا شرك.
ـ[موسى الكاظم]ــــــــ[15 - 09 - 08, 06:48 م]ـ
الخلاصة:
أن ما أتى به الأخ صاحب الموضوع كلام مجمل متشابه من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية
وقد أتى بعض الإخوة بكلام محكم، فينبغي رد المتشابه إلى المحكم.
قال ابن تيمية رحمه الله في (2/ 224 - 226): " ومن رحمة الله تعالى أن الدعاء المتضمن شركاً؛ كدعاء غيره أن يفعل، أو دعائه أن يدعو الله، ونحو ذلك = لا يحصل به غرض صاحبه، ولا يورث حصول الغرض شبهة إلا في الأمور الحقيرة.
فأما الأمور العظيمة كإنزال الغيث عند القحوط، وكشف العذاب النازل فلا ينفع فيه هذا الشرك ". أهـ
------
ونحن ننزه ابن تيمية من أن يقع في شئ كهذا، فإن أئمة المذاهب من الأشاعرة وغيرهم لم يتنازعوا في أن هذا شركا، فكيف بابن تيمية ... !!
لكن ينبغي ألا يكفر صاحب هذا الدعاء، حتى تقام عليه الحجة، لأن بعض الإخوة المتسرعين يقولون: سواء أقمت الحجةأو لم تقيمها فهو كافر غير مسلم قياسا بالمشركين القدامى ... ، وهذا كلام مردود، لأن من يفعل ذلك يعتقد خطأ أنه يعبد الله وأن هذا دين النبي،،،
ولابن تيمية كلاما نفيسا في عدم تكفيرهم في كتابه الرد على البكري
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/30)
ـ[محمد البيلى]ــــــــ[15 - 09 - 08, 07:00 م]ـ
سؤال من متطفل:
يقول الأخ خالد الوايلى:" فإن دعاء الأموات وطلب الحوائج منهم
- دنيوية أو أخروية -
شركٌ أكبر لا يغفره الله تعالى
وهذا الطلب لا يقدر عليه إلا الله
ودعاء الأموات لطلب الدعاء منهم دعاء!
والدعاء عبادة
بل هو العبادة
وصرفها لغير الله شرك أكبر
فدعاء الأموات بكل صورةٍ
عبادة مصروفة لغير الله ابتداءاً
وإلاَّ فما هو الشرك إلم يكن هذا شركاً! "
وسؤالى للإخوة جميعا:
على هدا الكلام والقول بأن طلب الدعاء من الأموات شرك لأنه طلب مالايقدر عليه إلا الله، أليس طلب الدعاء من الأحياء شرك أيضا؟
الدى يطلب من الله هو المدعو به لا الدعاء داته، و المطلوب من الميت لا أن يأتى بالمدعو به إنما أن يدعو الله عز وجل، فإن كان مجرد الطلب من الغير هو الدعاء وهو العبادة فالطلب من الحى و الميت سواء إدا؟
مادا تقولون؟
ـ[أبو مريم الباكستاني]ــــــــ[15 - 11 - 08, 11:06 ص]ـ
ليس هذا شركاً أكبراً، لكنه بدعة منكرة ووسيلة إلى الشرك.
وليس هو مثل شرك أهل الجاهلية لأنه ليس فيه توجيه نوع عبادة لصاحب القبر، كصلاة أو ذبح أو ما شابه.
أما سؤالهم دعاء الله لهم فسببه أنهم يظنون لجهلهم أن الولي حي في قبره، وأن طلب الدعاء من الولي الميت هو كطلبه منه وهو حي.
والله أعلم.
و لكن شيخنا الا ترون أن هذا اللذي يطلب الدعاء من صاحب القبر يعتقد الامور التالية:
أن صاحب القبر يسمعه من تحت التراب بدون ادوات لهذا سماع الغير عادي-و كأنه جعل هذا المدفون نداً لله في صفة السماع
أن صاحب القبر يفهمه و لو طلب منه في لغة اللتي ما كان صاحب القبر يعلمها في حياته- مثلاً لو قال:"أدع لي" في الأردية- و كأنه جعل هذا المدفون عالم الغيب-
أن صاحب القبر يسمعه و لو طلب منه هامساً- مثلاً لو قال:"أدع لي" و هو يهمس كما يفعلونه عند قبره عليه الصلوة و السلام في المدينة- و كأنه جعل هذا المدفون نداً لله في صفة السماع -
أفليس هذا شرك في صفاته سبحانه و تعالي؟
ـ[فاطمة السمرقندي]ــــــــ[10 - 03 - 09, 11:32 م]ـ
أنقل كلام الشيخ سليمان العلوان -حفظه الله- في شرحه تجريد التوحيد للمقريزي -رحمه الله:
- من يقول للميت ادعُ الله لي أو ادعُ لنا ربك هذا محرم بإجماع المسلمين.وقد جعله جماعة من العلماء شركاً أكبر لقوله تعالى:} والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير * إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم {.ولقوله تعالى عن المشركين:} ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى {ولقوله تعالى:} ومن يدع مع الله إله آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لايفلح الكافرون {، وغير ذلك من الأدلة العامة.وكون هذا شرك أكبر هو ظاهر كلام المؤلف هنا.بينما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في المجلد الأول من الفتاوى وفي مواضع من مؤلفاته بأن هذا من البدع المحرمة بالإجماع ولم يجعله يصل إلى الشرك الأكبر لأنه لم يدع نفس الميت ولا طلب منه الفعل.وذكر هذا صاحب كتاب ((صيانة الإنسان)) وقد ذكر هذا في مواضع من كتابه، وذكر أن هذا النوع من البدع التي لا تصل إلى حد الشرك الأكبر , وذكر هذا الإمام العالم أو عالم نجد عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل شيخ في مواضع من مؤلفاته من ذلك الرسائل والمسائل، وأشار إلى ذلك غير واحد من أكابر المحققين
ـ[نايف أبو محمد]ــــــــ[17 - 05 - 10, 01:38 ص]ـ
بعض العلماء حين يذكر بعض الامور الشركية يصفها بالبدعة , ومقصودهم انها بدعة مكفرة , وهذا يمر في كلام شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله أحياناً
ـ[سمير محمود]ــــــــ[18 - 10 - 10, 10:20 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إذاً نقول إن الشيخين ابن تيمية وابن باز - رحمهما الله - لهما قولان في المسألة ولا أعرف أيهما من قولي شيخ الإسلام آخر! وأما الشيخ ابن باز فيظهر أن قوله بعدم شركية هذا العمل هو قوله القديم فإنه قرّره في تعليقه على فتح الباري. والله أعلم
ـ[سمير محمود]ــــــــ[19 - 10 - 10, 02:31 ص]ـ
وهذا كلام الشيخ محمد بشير السهسواني الهندي في كتابه "صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان":
على أنا نقول: إذا قال أحد من عبدة الأنبياء والصالحين: يا فلان اشف مريضي فما مراده؟ إن كان المراد الإسناد الحقيقي فلا ارتياب في كونه كفر وشركاً، وإن كان المراد الإسناد المجازي بمعنى يا فلان كن سبباً لشفاء مريضي أي ادع الله تعالى أن يشفي مريضي، فإن كان ذلك المدعو حياً حاضراً فليس هذا من الشرك في شيء، ولكنه لما كان موهماً للإسناد الحقيقي الذي هو شرك صريح كان حقيقاً بالترك، فإن الله تعالى قد نهانا عن استعمال اللفظ الموهم كما تقدم، وإن كان المدعو حياً غير حاضر، أو ميتاً وينادى من مكان بعيد من القبر، فهذا أيضاً شرك، فإن فيه إثبات علم الغيب لغير الله تعالى وهو من الصفات المختصة به تعالى، وإن كان ذلك المدعو ميتاً وينادى عند قبره، فهذا ليس بشرك ولكنه بدعة، فعلى كل حال ينبغي للمؤن أن يجتنب دعاء غير الله، وذلك هو القول الذي لا إفراد فيه ولا تفريط
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/31)
ـ[سمير محمود]ــــــــ[01 - 11 - 10, 12:55 ص]ـ
وهذا قول الشيخ عبد العزيز بن مرزوق الطريفي في موضوعنا من شرحه لمفيد المستفيد
فمن يدعو حاجته من غير الله سبحانه وتعالى مما لا يقدر عليه إلا الله فهذا من الشرك مع الله عز وجل غيره، ولذلك الإنسان لا يسأل أحدا من الناس إلا ما يقدر عليه، فإذا سأل غيره مما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل - وهذا تقييد مهم ... مما لا يقدر عليه إلا الله، فقد يقدر عليه غيره - ... إذا سأل الإنسان من شخص حاجة ونحو ذلك، لكنه لا يقدر عليه هو لكن يقدر عليه شخص آخر، فلا حرج في ذلك لعل هذا يُبَلِّغ حاجته إلى ذاك، ولذلك المقيد بالنهي هنا: يسأل غير الله مما لا يقدر عليه إلا الله، أي استثناء القدرة الله عز وجل، ولا يمكن للإنسان أن يعين غيره في هذا الباب، فهذا يكون من أبواب الشرك، فربما استعان الإنسان بآخر، وهو يعلم أنه لا يقضي حاجته لعلمه أنه يعلم أن ثمة شخص يُعِينُه، فلا حرج في ذلك ولا يدخل في هذا الباب قطعا.
وكذلك ما يفعله كثيرمن المشركين عند القبور من دعاء غير الله سبحانه وتعالى بغفران الذنب، وقضاء الحاجات ونحو ذلك، فإن هذا من الإشراك مع الله عز وجل غيره.
وأما دعاء الأموات أن يدعوا للإنسان فهل هذا من الشرك أم لا؟
هذا ليس من الشرك، بل هو من البدع المحدثات ... أن يأتي عند قبر فيقول: يا فلان، ادعوا لي. فهذا ليس من الشرك، بل هو من البدع، وفرق بينه وبين أن يأتي الإنسان إلى القبر ويقول: يا فلان، اغفر لي ... أو كن لي شفيعا عند الله. ونحو ذلك، هذا من الشرك، أما أن يأتي إلى قبر ويقول: يا فلان، أدع الله لي.
لم كان بدعة؟ لأنه شبهة، وقد ورد في الشرع أن من في القبر يسمع من يأتي ويُسلِّم عليه، وقد ثبت أن الإنسان لا حرج عليه أن يسأل الإنسان أن يدعو له في حال حياته، فيقول: يا فلان ادعُ لي. وإن كان الخبر في هذا ضعيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في المسند والسنن: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لعمر: (لا تنسنا يا أخي من دعائك) فهذا ضعيف، في إسناده عاصم بن عبيد الله وقد تفرَّد به وهو ضعيف، لكن إذا جاز هذا في حق الحي ... إذاً هو قادر عليه، وكان ثمة شبهة، وهي سماع الميت، فإذا شخص عند قبر فقال: يا فلان ادع لي. فيقال أن هذا من البدع المحدثات التي يجب على الإنسان إنكارها، لكنها ليست من الإشراك مع الله عز وجل غيره، لأنه يسأل شخصاً قد دل الدليل على سماعه، لكنه لم يدل الدليل على قدرته بأن يقول ذلك، فيكون حينئذ من البدع المحدثات، باعتبار أنه جائز في حال حياته، فكان من البدع المحدثات في حال مماته، والانتفاع هنا يكون في قدرته لا على السماع بورود أدلة في هذا، والخلاف هذا معروف عند الصحابة ومن جاء بعدهم، وإنما هو لقدرته على الدعاء ... نعم:
ـ[وليد]ــــــــ[01 - 11 - 10, 01:07 ص]ـ
سؤال إخوتي
ما هو الراجح
هل يشعر الميت ويحس بمن يزورونه؟
ـ[سمير محمود]ــــــــ[01 - 11 - 10, 04:34 ص]ـ
"الشعور من الميت بزائره اللهُ أعلم به، وقد قال بعض السلف بذلك، ولكن ليس عليه دليل واضح فيما أعلم، ولكن السنة معلومة في شرعية زيارة القبور، وأن نسلم عليهم، فنقول: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يغفر الله لنا ولكم، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين).
كل هذا مشروع، وأما كونه يشعر أو لا يشعر هذا يحتاج إلى دليل واضح. والله أعلم سبحانه وتعالى، ولكن لا يضرنا شَعرَ أم لم يَشْعرُ، علينا أن نفعل السنة فيُستحب لنا أن نزور القبور، وأن ندعوا لهم ولو لم يشعروا بنا؛ لأن هذا أجر لنا وينفعهم، فدعاؤنا لهم ينفعهم، وزيارتنا تنفعنا لأن فيها أجراً، ولأن فيها ذكر الموت وذكر الآخرة فننتفع بها، والميت ينتفع بذلك أيضاً؛ بدعائنا له، واستغفارنا له، فينتفع الميت بذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/32)
أما الوقوف على القبر، فالأمر فيه واسع إن وقف على القبر فلا بأس، وإن وقف على حافة المقبرة وسلم كفى، فإذا وقف على طرف القبور قال: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين) كفى هذا، وإن اتصل بقبر أبيه، وإن اتصل بقبر أخيه يكون أفضل وأتم، فكونه يصل إلى قبر أخيه أو أبيه أو قريبه، أو صديقه يقف عليه، ويقول السلام عليك يا فلان ورحمة الله وبركاته، غفر الله لك ورحمك الله، وضاعف حسناتك، ونحوها طيب، وهذا أفضل وأكمل" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (1/ 195).
ـ[وليد]ــــــــ[01 - 11 - 10, 08:06 ص]ـ
بارك الله فيك أخي سمير
وجزاك كل الخير
ـ[أبو موسى البهوتى]ــــــــ[01 - 11 - 10, 01:49 م]ـ
هذه مسألة من مسألتين كان الإشكال فيهما هو الإجتهاد فى فهم كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ذاته:
1 - مسألة تكفير تارك الصلاة كفرا أكبر من عدمه وهذا فيه اضطراب ايضا فى كلام ابن تيمية رحمه الله (وعليه مسألة تارك جنس العمل)
2 - مسألة سؤال الأموات ان يدعو الله لهم
ولولا أن المسألة الأولى فيها خلاف عن السلف مروى لزعم القائلين بالتكفير نهاية الجولة, والظاهر والله أعلم ان هناك فعلا تلازما بين مسألة القول بسماع الأموات وبين مسألة دعاء الميت ان يدعو الله له, والقائل بجواز السماع على الإطلاق يضعف عنده القول بشركية هذا الفعل. لكن الملاحظ أنه لا يلتزم ذلك من ناحية أخرى وهو أن السلف لم يفعل مثل ذلك. والراجح والله اعلم ان هذه بدعة ضلالة وذريعة مفضية الى الشرك الأكبر ولا يلزم من فعل ما لم يفعله السلف أنه شرك. بل قد يكون أيضا بدعة. والى هنا ينتقل البحث فى هذه المسألة الى القول بالبدعية لا الشرك.
ومن القائلين ببدعية هذا القول الشيخ ياسر برهامى من المعاصرين
وأما علماء السعودية فالأقوال عندهم فيها اضطراب وهم مختلفون ولم تكن مطروقة فى كتبهم حتى أثيرت المسألة مؤخرا وكان كثير منهم يكتفون بنقل قول ابن تيمية لا يتعداه وهو القول أن هذا بدعة ضلالة ولم يفعله أحد من السلف حتى أصبح السؤال فيها ملح فاضطروا الى الفصل فيها فوقع الإختلاف الذى كان يبدى للعيان اتفاق والله أعلم.
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[01 - 11 - 10, 09:24 م]ـ
هذه مسألة من مسألتين كان الإشكال فيهما هو الإجتهاد فى فهم كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ذاته:
1 - مسألة تكفير تارك الصلاة كفرا أكبر من عدمه وهذا فيه اضطراب ايضا فى كلام ابن تيمية رحمه الله (وعليه مسألة تارك جنس العمل)
ليس في كلام شيخ الإسلام اضطراب في إكفار تارك الصلاة ..
بل كلامه متساوق متعاضد مستفيض في إكفاره والتدليل عليه بأجناس الأدلة، في كتبه القديمة والجديدة ..
وليس هناك علاقة مطردة منعكسة بين إكفار تارك الصلاة و إكفار تارك العمل الظاهر ..
فمن يقول بكفر تارك الصلاة فالقضية عنده منتهية ...
ومن لا يقول بكفر تارك الصلاة فإنه يقول بكفر تارك العمل الظاهر كله ..
فليس في تلك المسألة خلاف بين السلف قط ...
فياحبذا ترك الاجتهادات والفهوم الشخصية، لاسيما في مسائل خارج موضوعكم ..
ـ[أبو موسى البهوتى]ــــــــ[02 - 11 - 10, 12:23 ص]ـ
ومن لا يقول بكفر تارك الصلاة فإنه يقول بكفر تارك العمل الظاهر كله ..
لا سيدى الفاضل:من لا يكفر تارك الصلاة لا يكفر تارك العمل الظاهر جملة.
والأحكام الجاهزة المسبقة المعلبة التى تستخدم لذر الرماد فى العيون لا تستقيم فى مجال النقاش والمدارسة.
وأرجو من الأخ الا يخرج عن الموضوع, ولو كان كلام شيخ الإسلام فى المسألتين نصا ظاهرا لما كان هذا الإختلاف الرهيب فى هذا الموضوع حتى استغرق 4 صفحات على غير عادة المواضيع الأخرى وأببسط من هذا النقولات المختلفة من كثير من العلماء حفظهم الله فالخلاف لا ينكره عاقل.
ولولا الخلاف بين السلف فى كفر تارك الصلاة لكان فى الموضوع كلام أكبر من هذا.
سؤال:لماذا استخدمت لفظة"العامل الظاهر" وتركت كلمة "جنس العمل"؟
ـ[سمير محمود]ــــــــ[02 - 11 - 10, 12:27 ص]ـ
الشيخ عمرو! بارك الله فيكم!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/33)
كيف إذاً تعالجون التناقض فيما يتعلق مسألة طلب الدعاء من الميت في كلام شيخ الإسلام رحمه الله, هل ترجّحون الجمع بين قوليه أم تُنسبون إليه قولين متفارقين؟ ما أرجح عندكم, جزيتم خيرا شيخنا الفاضل!
ـ[أبوعبدالله الحنبلي]ــــــــ[02 - 11 - 10, 01:46 ص]ـ
وأما علماء السعودية فالأقوال عندهم فيها اضطراب وهم مختلفون ولم تكن مطروقة فى كتبهم حتى أثيرت المسألة مؤخرا وكان كثير منهم يكتفون بنقل قول ابن تيمية لا يتعداه وهو القول أن هذا بدعة ضلالة ولم يفعله أحد من السلف حتى أصبح السؤال فيها ملح فاضطروا الى الفصل فيها فوقع الإختلاف الذى كان يبدى للعيان اتفاق والله أعلم.
من فال هذا؟ وهل قرأت في كتب أئمة الدعوة النجدية؟ لا أظن هذا وإلا لم تكن بمثل هذه النتيجة المضحكة, هناك الكثير من النصوص في بطون كتب أئمة الدعوة, وكنتُ قد جمعتها قديماً قبل أن ينفجر الهاردديسك, ولكن الكثير منها بالفعل موجود هنا في الملتقى في موضوع سابق.
ليس في كلام شيخ الإسلام اضطراب في إكفار تارك الصلاة ..
بل كلامه متساوق متعاضد مستفيض في إكفاره والتدليل عليه بأجناس الأدلة، في كتبه القديمة والجديدة ..
وليس هناك علاقة مطردة منعكسة بين إكفار تارك الصلاة و إكفار تارك العمل الظاهر ..
فمن يقول بكفر تارك الصلاة فالقضية عنده منتهية ...
ومن لا يقول بكفر تارك الصلاة فإنه يقول بكفر تارك العمل الظاهر كله ..
فليس في تلك المسألة خلاف بين السلف قط ...
فياحبذا ترك الاجتهادات والفهوم الشخصية، لاسيما في مسائل خارج موضوعكم ..
أحسنت وبارك الله فيك.
لا سيدى الفاضل:من لا يكفر تارك الصلاة لا يكفر تارك العمل الظاهر جملة.
والأحكام الجاهزة المسبقة المعلبة التى تستخدم لذر الرماد فى العيون لا تستقيم فى مجال النقاش والمدارسة.
وأرجو من الأخ الا يخرج عن الموضوع, ولو كان كلام شيخ الإسلام فى المسألتين نصا ظاهرا لما كان هذا الإختلاف الرهيب فى هذا الموضوع حتى استغرق 4 صفحات على غير عادة المواضيع الأخرى وأببسط من هذا النقولات المختلفة من كثير من العلماء حفظهم الله فالخلاف لا ينكره عاقل.
ولولا الخلاف بين السلف فى كفر تارك الصلاة لكان فى الموضوع كلام أكبر من هذا.
سؤال:لماذا استخدمت لفظة"العامل الظاهر" وتركت كلمة "جنس العمل"؟
من لم يُكفر تارك الصلاة, فحتماً سيكفر تارك العمل جملة, سمه العمل الظاهر, سمه جنس العمل, سمه العفريت الأزرق حتى. ونقل على ذلك الإجماع الشافعي وغير من أهل العلم ممن لا يكفر تارك الصلاة.
ولا أدري ماذا تقصد بقولك "لو كان كلام شيخ الإسلام نصا ظاهراً .... " هل تقصد في مسألة دعاء المقبور؟ لأنك طلبت من الأخ ألا يخرج عن الموضوع, أم في مسألة كفر تارك الصلاة؟ لأنك عدت وقلت ولولا الخلاف بين السلف في كفر تارك الصلاة!!!
وما أجمل استدلالك على عدم وضوح كلام شيخ الإسلام بتضخم الموضوع, هكذا فليكن البحث العلمي وإلا فلا!
وسبب عدول الأخ عن لفظة جنس العمل هدم فهم -أو قل تعمد عدم فهم- بعض الناس لها, حتى فسرها أحد من كتبوا في الموضوع بتفسير هزلي تضحك منه الثكالى. حتى سار في كتابه يبتر كل لفظة (جنس العمل) عند نقله عن أهل العلم, لكي لا ينقض أصله الذي ادعاه ببدعية اللفظة, ولما فُضح قيل أخطاء حاسوبية, أخطاء صف, حتى قيل أن بعض طلاب العلم هم من جمعوا الكتاب والشيخ يبرأ من هذه السقطات. يا سلام.
عموماً لا أحب أن أنكث جرحاً قديماً اندمل, ولا أظنك تريد هذا ولا شيخك الذي يقول هذا بعد أن طلب من طلابه عدم الخوض في المسألة.
خصوصاً أن للتاج وعبدالرحمن ومنصور ومحمد وصالح كبير محبة وفضل (ابتسامة).
الشيخ عمرو! بارك الله فيكم!
كيف إذاً تعالجون التناقض فيما يتعلق مسألة طلب الدعاء من الميت في كلام شيخ الإسلام رحمه الله, هل ترجّحون الجمع بين قوليه أم تُنسبون إليه قولين متفارقين؟ ما أرجح عندكم, جزيتم خيرا شيخنا الفاضل!
كلام الشيخ عمرو كان عن كفر تارك الصلاة والعمل بالكلية.
ـ[سمير محمود]ــــــــ[02 - 11 - 10, 02:55 ص]ـ
كلام الشيخ عمرو كان عن كفر تارك الصلاة والعمل بالكلية.
نعم, ولم أفهم غير ذلك وإنما سألته عن رأيه في هذه المسألة لأنه شيخي فأحترم رأيه وأردت أيضا أن أعيد الموضوع إلى مجراه, فالرجاء عدم الخروج عن الموضوع من فضلكم!
ـ[أبوعبدالله الحنبلي]ــــــــ[02 - 11 - 10, 03:31 ص]ـ
الأخ أبو موسى البهوتي,
أعتذر منكم إن كان في ردي شدة وحدة, ولكن الكلام فوّر دمي (ابتسامة)
أرجو قبول الاعتذار.
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[02 - 11 - 10, 09:00 ص]ـ
لا سيدى الفاضل:من لا يكفر تارك الصلاة لا يكفر تارك العمل الظاهر جملة.
هذا الكلام ليس صحيحا وليس علميا من الأساس ..
فهذا الشافعي يكفر تارك جنس العمل وليس له كلام صريح في تكفير تارك الصلاة بل المشهور من مذهبه عدم التكفير ..
وأرجو من الأخ الا يخرج عن الموضوع, ولو كان كلام شيخ الإسلام فى المسألتين نصا ظاهرا لما كان هذا الإختلاف الرهيب فى هذا الموضوع حتى استغرق 4 صفحات على غير عادة المواضيع الأخرى وأببسط من هذا النقولات المختلفة من كثير من العلماء حفظهم الله فالخلاف لا ينكره عاقل.
الاستدلال على كون الكلام ليس نصا ظاهرا بمجرد الاختلاف في فهمه = غلط
إنما العبرة بالفهوم المعتبرة من أهل العلم الأثبات الراسخين ..
فالصوفية يدعون أن ابن تيمية صوفي ذائق، والأحباش يدعون أنه فيلسوف دهري، والأشاعرة يدعون أنه مجسم، والرافضة يدعون أنه ناصبي جلد، وأصحاب الاتجاهات الغالية في مسائل التبديع والتفسيق والتكفير على الطرفين كلٌّ يستدل بنقوله عن الشيخ، فهل اختلاف فهومهم وأغراضهم يرفع عن كلام ابن تيمية وصف الإحكام؟!
لو كان كذا، لما كان في كلام الشيخ علم ولا نفع أصلا ..
وعلى كلٍّ فإني لم أتكلم عن مسألة طلب الدعاء من الميت أساسا، وإنما تكلمت عن إقحامك كفر تارك الصلاة ومن ثم تارك العمل الظاهر هاهنا لادعاءك تشابههما في الاشتباه ..
وإلا فأنا أطالبك بكلام شيخ الإسلام الذي يذكر فيه اختياره أن تارك الصلاة لا يكفر، كما هو كلامه المستفيض في تكفيره، حتى يقع الاشتباه الذي زعمت َ ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/34)
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[02 - 11 - 10, 10:00 ص]ـ
الشيخ عمرو! بارك الله فيكم!
كيف إذاً تعالجون التناقض فيما يتعلق مسألة طلب الدعاء من الميت في كلام شيخ الإسلام رحمه الله, هل ترجّحون الجمع بين قوليه أم تُنسبون إليه قولين متفارقين؟ ما أرجح عندكم, جزيتم خيرا شيخنا الفاضل!
لا تناقض في كلام شيخ الإسلام ...
والوصف بالبدعية يجامع الشرك ويفارقه
ـ[أبو موسى البهوتى]ــــــــ[02 - 11 - 10, 10:38 م]ـ
أعتذر اليكم جميعا أيها الأخوة يبدو أننى قد أثرت حفيظة الكثيرين ولكن أحب أن أنوه أن لعلماء الجزيرة فضل على الناس أجمعين فعلمائهم هم سادة علماء العقيدة وكل الناس عليهم لا شك عيال وهذه حقيقة لا تنكر. وشكرا لكم أهلى و أخوانى لكم منة علينا وفضل أن حفظ الله بكم منهج السلف غضا طريا وكان لكم الفضل بعد الله فى نشره بيننا فقد فتح الله بكم اعينا عميا وآذنا صما ولا شك. ونحن ندين لكم بالفضل والمنة كافأكم الله على ذلك وأجزل لكم المثوبة.
ولكن دورنا قادم ان شاء الله خصوصا بعد أن بدأ المد الشيعى يهدد المنطقة, خاصة وانتم الجوار. نصرنا الله عليهم ورد كيدهم فى نحورهم.
ـ[سمير محمود]ــــــــ[07 - 11 - 10, 02:07 م]ـ
يقول الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ في شرح كتاب التوحيد
والشفاعة هي الدعاء، وطلب الشفاعة هو طلب، فإذا قال قائل: استشفع برسول الله، كأنه قال: أطلب من الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يدعو لي عند الله، فالشفاعة طلب؛ ولهذا من استشفع فقد طلب الشفاعة، فالشفاعة دعاء؛ وهي طلب الدعاء أيضا.
فلهذا صار كل دليل تقدم لنا؛ وكل دليل في الكتاب؛ أو في السنة فيه إبطال أن يُدْعَى مع الله -جل وعلا- إله آخر يصلح أن يكون دليلا للشفاعة يعني: لإبطال الاستشفاع بالموتى، وبالذين غابوا عن دار التكليف؛ لأن حقيقة الشافع أنه طالب؛ ولأن حقيقة المستشفع أنه طالب، فالشافع في ظن المستشفع يدعو، والمستشفع يدعو من أراد منه الشفاعة.
يعني: إذا أتى آت إلى قبر النبي أو قبر ولي أو نحو ذلك فقال: أستشفع بك، أو أسألك الشفاعة، يعني: طلب منه ودعاه أن يدعو له، فلهذا صار صرفها، أو صار التوجه بها إلى غير الله -جل وعلا- شركا أكبر؛ لأنها في الحقيقة دعوة لغير الله؛ لأنها في الحقيقة سؤال من هذا الميت سؤال وتوجه بالطلب والدعاء من غير الله -جل وعلا- فيتوجه إلى غير الله في السؤال والطلب والدعاء.
ما قال الشيخ صالح مشكل في الحقيقة فكيف يجعل مجرد التوجه والدعوة من غير الله شركا أكبر؟! ولازم هذا القول تكفير علماء أهل السنة المعتبرين مثل ابن قدامة والنووي وكمال الدين ابن همام وغيرهم فإنهم استحسنوا أن يأتي آت إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويقول له إني أستشفع بك إلى ربي أو إني أطلب منك الشفاعة أو نحو ذلك وأنا أعرف أن لازم المذهب ليس بمذهب ولكن يلزم ذلك على الأقل نسبة الكفر والشرك إلى هؤلاء العلماء أليس كذلك؟ ولذلك لا أفهم ولا أقبل كون مجرد التوجه والدعوة من غير الله شركا ما دام المتوجه لا يطلب ما يختص بالله أو يدعو بدعاء العبادة وبالتضرع والتذلل. هذا هو فهمي حصلت عليه بعد قراءة جملة أقوال العلماء.
أفيدونا بارك الله فيكم!
ـ[أبو موسى البهوتى]ــــــــ[10 - 11 - 10, 06:10 م]ـ
" والناس فى هذا الباب- أعنى زيارة القبور- على ثلاثة أقسام:
- قوم يزورون الموتى فيدعون لهم. وهذه هى الزيارة الشرعية.
- وقوم يزورونهم يدعون بهم, وهؤلاء هم المشركون وجهلة العوام, والطغام من غلاتهم.1
- وقوم يزورونهم فيدعونهم انفسهم, وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم " اللهم لا تجعل قبرىوثناً يعبد" ......
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------
1*قال الشارح: (تحقيق وتعليق:ياسين بن على بن سالم الحوشبى العدنى)
ظاهر كلام المؤلف: أن هذا شرك أكبر, وقد نقل ابن القيم عن شيخه ابن تيمية أن هذا الفعل بدعة باتفاق المسلمين. (الإغاثة) (1/ 246).
ووالله ما أردت إثارة هذا الموضوع من جديد ولكن اتفق لى هذ النقل فوجدته قدرا وأنا أقرأ كتاب: تجريد التوحيد المفيد للمقريزى وقد أوصى به الشيخ: محمد بن اسماعيل المقدم حفظه الله(27/35)
الفرق بين (لا معبود حق .. ) و (لا معبود بحق .. )
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[06 - 02 - 04, 08:50 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
سُئل الشيخ العثيمين رحمه الله عن قول "لا معبود بحق إلا الله" وقول "لا معبود حقٌ إلا الله"
فأجاب الشيخ رحمه الله:
(الفرق بينهما أنك إذا قلت "لا معبود حق إلا الله " صار هذا أوفق للقرآن، [ذلك بأن الله هو الحق] (الحج:62)، وأنه لا يحتاج إلى تقدير، لأنك إذا قلت "لا معبود بحق" فالجار والمجرور خبر متعلق بمحذوف ... تقديره "لا معبود كائن بحق"، أما إذا قلت "لا معبود حق" فإن الخبر هو الموجود ولا نحتاج إلى تقدير.
لكن لو قلت "لا معبود موجود" يصح؟
أجاب الطلاب: "لا يصح"
فقال الشيخ: لماذا؟
لأنك إذا قلت "لا معبود موجود إلا الله" صارت الأصنام كلها هي الله عز وجل، وهذا منكر عظيم) انتهى
ـ[المحب الكبير]ــــــــ[06 - 02 - 04, 10:10 ص]ـ
جزاك الله خيرا .....
ـ[المحب الكبير]ــــــــ[06 - 02 - 04, 10:14 ص]ـ
جزاك الله خيرا .....
إتماما للفائدة: المرجع / الشريط الأول / الوجه الثاني/ من شرح عقيدة
أهل السنة والجماعة.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[26 - 06 - 10, 11:44 ص]ـ
للفائدة
ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[26 - 06 - 10, 02:47 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
فقال الشيخ: لماذا؟
لأنك إذا قلت "لا معبود موجود إلا الله" صارت الأصنام كلها هي الله عز وجل، وهذا منكر عظيم) انتهى
لو قيل " لا معبود موجود حقٌ إلا الله "؟
فما الخلل؟(27/36)
نسبة بشر المريسي
ـ[ابو الوفا العبدلي]ــــــــ[12 - 02 - 04, 12:42 ص]ـ
قال أبو منصور الثعالبي في كتابه ثمار القلوب (2/ 765):
حمير مصر موصوفة بحسن المنظر وكرم المخبر , وكذلك أفراسها , إلا أن بعض البلاد يشارك مصر في عتق الأفراس وكرمها. وتختص مصر بالحمير التي لا تخرج البلدان أمثالها.
وكان الخلفاء لا يركبون الا حمير مصر في دورهم وبساتينهم, وكان المتوكل يصعد منارة سر من رأى على حمار مريسي , ودرج تلك المنارة من خارج , وأساسها على جريب من الأرض , وطولها تسعة وتسعون ذراعا.
ومريس قرية بمصر ينسب اليها بشر المريسي.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[12 - 02 - 04, 06:58 ص]ـ
### وقفت على خلاف ما ذكر
قال الحافظ عماد الدين ابن كثير في البداية والنهاية
(ج/ص: 10/ 309)
بشر المريسي
وهو بشر بن غياث، بن ابي كريمة، ابو عبد الرحمن المريسي المتكلم شيخ المعتزلة، وأحد من اضل المامون.
وقد كان هذا الرجل ينظر اولاً في شيء من الفقه، واخذ عن ابي يوسف القاضي، وروى الحديث عنه وعن: حماد بن سلمة، وسفيان بن عيينة، وغيرهم، ثم غلب عليه علم الكلام، وقد نهاه الشافعي عن تعلمه وتعاطيه فلم يقبل منه.
وقال الشافعي: لئن يلقى الله العبد بكل ذنب ما عدا الشرك احب الي من ان يلقاه بعلم الكلام.
وقد اجتمع بشر بالشافعي عندما قدم بغداد.
قال ابن خلكان: جدد القول بخلق القران وحكي عنه اقوال شنيعة، وكان مرجئياً واليه تنسب المريسية من المرجئة.
وكان يقول: ان السجود للشمس والقمر ليس بكفر، وانما هو علامة للكفر.
وكان يناظر الشافعي وكان لا يحسن النحو، وكان يلحن لحناً فاحشاً.
ويقال: ان اباه كان يهودياً صبَّاغاً بالكوفة، وكان يسكن درب المريسي ببغداد.
والمريس عندهم هو: الخبز الرقاق يمرس بالسمن والتمر.
قال: ومريس ناحية ببلاد النوبة تهب عليها في الشتاء ريح باردة.
http://www.al-eman.com/Islamlib/viewchp.asp?BID=251&CID=170
ونصر هذا القول عبد السلام ترمانيني في أحداث التاريخ الإسلامي فقال:
كان يسكن درب المريس في بغداد فنسب إليه (والمريس هو الخبز الرقاق، يمرس بالسمن والتمر)
فالله أعلم أيهما بالصواب.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[12 - 02 - 04, 07:31 ص]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة راجي رحمة ربه
وقال الشافعي: لئن يلقى الله العبد بكل ذنب ما عدا الشرك احب الي من ان يلقاه بعلم الكلام.
قال ابن خلكان: جدد القول بخلق القران وحكي عنه اقوال شنيعة، وكان مرجئياً واليه تنسب المريسية من المرجئة.
وكان يقول: ان السجود للشمس والقمر ليس بكفر، وانما هو علامة للكفر.
أليس هذا قول الأشاعرة الذين أوصلهم إليه بنائهم للعقائد على علم الكلام؟
وقد ناظرت بعضهم فأصر على صحة هذا القول، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[17 - 02 - 04, 05:50 م]ـ
سبحان الله تعالى!
لما رأيت هذا القول تعجبت [[وكان يقول: ان السجود للشمس والقمر ليس بكفر، وانما هو علامة للكفر]]
ما الفرق بين هذا القول وبين قول أحد المعاصرين ممن اتهم بالإرجاء ورد عليه كبار العلماء في بيان أخرجوه - وقد سُئل عن الساجد لصنم! ما حكمه؟
قال: ربما يكون أعمى!! فعله دليل على استحلاله لهذا الفعل، وهذا الاستحلال كفر .. !
سبحان الله! كيف تطابق القولان!
ـ[ابو الوفا العبدلي]ــــــــ[21 - 02 - 04, 09:06 م]ـ
النسب للقبيلة
والنسبة للبلد.
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[22 - 02 - 04, 07:23 م]ـ
فهل قبيلة بشر (مريس) أما أنها بلدته؟؟؟
وأنت قلت نسب بشر المريسي ثم نسبته إلى بلدته،
ثم عقبت بأن النسب للقبيلة والنسبة للبلد ... فعلى أي القولين نعتمد؟
ـ[ابو الوفا العبدلي]ــــــــ[23 - 02 - 04, 12:37 ص]ـ
يا شيخ رضا سلمك الله.
العنوان من وضع المشرف.
ولذلك كتبت ما كتبت للتنبيه.
) تم التعديل إلى نسبة (المشرف)
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[23 - 02 - 04, 02:54 م]ـ
وسلمك الله يا شيخ أبا الوفا .. حسبت أن العنوان من تحريركم ...
وعذرا وجزاك الله خيرا ...
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[12 - 08 - 04, 02:51 ص]ـ
سبحان الله تعالى!
لما رأيت هذا القول تعجبت [[وكان يقول: ان السجود للشمس والقمر ليس بكفر، وانما هو علامة للكفر]]
ما الفرق بين هذا القول وبين قول أحد المعاصرين ممن اتهم بالإرجاء ورد عليه كبار العلماء في بيان أخرجوه - وقد سُئل عن الساجد لصنم! ما حكمه؟
قال: ربما يكون أعمى!! فعله دليل على استحلاله لهذا الفعل، وهذا الاستحلال كفر .. !
سبحان الله! كيف تطابق القولان!
{أَتَوَاصَوْا بِهِ؟ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} (53) سورة الذاريات
ـ[أبو حبيب التتاري]ــــــــ[27 - 04 - 10, 11:19 م]ـ
السلام عليكم
من يزودني بمصدر نقل ابن ابي العز في استتابة أبي يوسف بشرا على نفي علو الله؟(27/37)
هل نقول ان هذه قاعدة عند الحنابلة (كل صلاة لايشرع لها أذان لاتجب على الاعيان)
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[13 - 02 - 04, 09:47 ص]ـ
هذا الامر يحتج به ابن قدامة كثيرا. وهو ان كل صلاة لايشرع لها آذان فلا تكون واجبة وجوبا عينيا بل هي اما سنة او على فرض الكفاية.
وقد احتج بها في صلاة الجنازة وكذلك صلاة العيدين , فأنه جعل عدم الاذان لمثل هذا الصلوات من دلائل عدم وجوبها على الاعيان؟
فهل نستطيع:
اولا: ان نؤكد هذه القاعدة.
ثانيا: التأكد من جريانها.
ثالثا: التأكد من صحتها , وكأن ملحظ ابن قدامة ان الاذان شرع لدعوة الناس للصلوات الواجبة فلما لم يشرع دل عدم النداء على عدم الوجوب؟
فما رأى الافاضل الاكارم.
ـ[الجود]ــــــــ[14 - 02 - 04, 12:04 ص]ـ
هل قال أحد بهذا قبل إبن قدامة يرحمه الله؟
وإن كان قوله هذا له وجه (هل تسمع النداء ... لا أجد لك رخصة)
ـ[الجامع الصغير]ــــــــ[14 - 02 - 04, 11:43 ص]ـ
جزاك الله خيرًا ياشيخ زياد،،
الصلاة الواجبة في السفر هل يصح القول بعدم (مشروعية) الأذان لها؟
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[14 - 02 - 04, 03:29 م]ـ
الصلاة الواجبة في السفر يؤذن لها ولاشك. وقد ثبت هذا بالفعل والقول من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
أما بالفعل فقد كان هذا فعل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في أسفاره ولعلكم تذكرون القصة المشهورة الواردة في الصحيح والسنن وغيرهما لما نام بلال عن صلاة الفجر وقد أمره الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن يكلأ لهم الفجر فما استيقظوا الا على حر الشمس الشاهد من الحديث أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمر بلال ان يؤذن للصلاة.
وكذلك الحديث الآخر الذي فيه ان الرسول كان في سفر فكل ما أراد المؤذن ان يؤذن لصلاة الظهر كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقول له أبرد أبرد , والشاهد منه ان المؤذن اراد ان يؤذن فدل هذا على انه الحال المستمرة من رسولنا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والحديث عند البخاري وغيره.
وكذا ثبت بالقول كما أمر رسول الله مالك بن الحويرث وصاحبه اذا حضرت الصلاة ان يؤذنا.
وعلى هذا (أي الاذان في السفر) بوب البخارى في صحيحه حيث قال (الاذان في الليلة الباردة أو المطيرة في السفر).
وذكر فيه حديث ابن عمر انه كان يؤذن في الليلة المطيرة في السفر.
وهذا القول هو الذي عليه جماهير أهل العلم ولا اعرف من لم يستحب الاذان في السفر من أهل العلم الا ما يروى عن الامام (مالك) وبعض التابعين ,
أما الصحابة فلا اعلم بينهم اختلاف فيه هذا وهذا الذي تدل عليه النصوص النبوية من جهة (النص) ومن جهة (العموم) في فضل الاذان واستحبابه في السفر وغيره.
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[15 - 02 - 04, 06:16 م]ـ
الإشكال الذي ذكره الأخ الجامع الصغير
بقوله
(الصلاة الواجبة في السفر هل يصح القول بعدم (مشروعية) الأذان لها؟)
فهذا لايقدح في صحة الضابط الذي ذكره الشخ زياد عن ابن قدامة، لأن صلاة الفرض للمسافر يشرع لها الأذان وهي واجبة على الأعيان الذين هم المسافرون، فلا إشكال في ذلك.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[07 - 09 - 04, 08:05 ص]ـ
جزاكم الله خيرا يا شيخ عبدالرحمن، هل قال بهذه القاعدة أحد غير الحنابلة؟
ـ[رياض بن سعد]ــــــــ[07 - 09 - 04, 08:33 ص]ـ
ثالثا: التأكد من صحتها , وكأن ملحظ ابن قدامة ان الاذان شرع لدعوة الناس للصلوات الواجبة فلما لم يشرع دل عدم النداء على عدم الوجوب؟
في صلاة الكسوف ـ مثلا ـ شرع النداء بـ (الصلاة جامعة) وهذا نداء ليجتمع الناس للصلاة ,
فهل نقول على أساس هذه القاعدة أن صلاة الكسوف واجبة؟
مع العلم أن هناك من الفقهاء من أوجب صلاة الكسوف (فرض عين) ,
ولكن بالنسبة للنداء , أعتقد أن النداء شرع لأجل أن هذه النازلة (الكسوف) تأتي فجأة
ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر مناديا فينادي: الصلاة جامعة , عندما يكون هناك أمر ضروري من حرب أو إذا أراد صلى الله عليه وسلم أن يجتمع بأصحابه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/38)
وهنا يظهر لي إشكال آخر (مع أني أظن أن هذا ليس محله في موضوعنا هذا): في الوقت الحالي ومع تقدم العلم , أصبح بالأمكان تحديد يوم ووقت الكسوف , ويتم نشر ذلك في الصحف وعبر القنوات , ويتداول الناس الخبر قبل وقوعه , فهل نترك النداء لصلاة الكسوف؟
أود أن أنبه: أن هذه مجرد أشكالات , فوددت أن أشارك بها حتى يبين لي أخواني ومشائخنا الأفاضل الخطأ إن وجد ,
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[ابن وهب]ــــــــ[12 - 09 - 04, 07:51 ص]ـ
(وهنا يظهر لي إشكال آخر (مع أني أظن أن هذا ليس محله في موضوعنا هذا): في الوقت الحالي ومع تقدم العلم , أصبح بالأمكان تحديد يوم ووقت الكسوف , ويتم نشر ذلك في الصحف وعبر القنوات , ويتداول الناس الخبر قبل وقوعه , فهل نترك النداء لصلاة الكسوف؟)
شيخنا الحبيب
معرفة وقت الكسوف هذا أمر معروف من قديم
في تاريخ الاسلام للذهبي
(وقال أبو شامة: وفي ليلة السّادسة عشر، كذا قال، من جمادى الآخرة خُسف القمر أول الليل، وكسفت الشمس في عبدة، كذا قال، وما احمرَّت وقت طلوعها وغروبها. وبقيت كذلك أيّاماً متغيّرة ضعيفة النّور، واتّضح بذلك ما صوّره الشّافعيّ من اجتماع الكسوف والعبد
قلت: هذا الكلام فيه ما فيه، وقوله كُسفت الشّمس في العبدة دعوى ما علِمتُ أحداً وافقه عليها ولا ورَّخها غيره. ثم بيَّن مسْتنده باحمرار الشمس وضعف نورها، وهذا لا يُسمى كسوفاً أبداً. ولقد كنت في رحلتي إلى الإسكندرية وأنا في المركب أنظر إلى الشمس قبل غروبها بساعة، وهي كأنها نحاسةٌ حمراء ما لها من النّور شيء أصلاً إلى أن تتوارى. وذلك لكثافة الأبخرة الأرضية. ومثل هذا إذا وقع لا تصلِّي له صلاةَ الكسوف. والنبيّ صلى الله عليه وسلم لم نسمعه سمّى ذلك كسوفاً في وصف ليلة القدر بالآية التي ميَّزها بها فقال: إنّ الشمس تطلُع من صبيحتها ولا شُعاع لها.
وأما كسوف الشّمس والقمر فشيءٌ ظاهر يبدو قليلاً قليلاً في القُرص إلى أن يذهب نورهما ولونهما، وتظهر الكواكب بالنَّهار. وقد يكون كسوفاً ناقصاً فيبقى شطر من الشّمس كاسفاً، وشطرٌ نيّراً.
وأما حساب أهل الهيئة لذلك فشيء ما علمْتُه يحرَّم أبداً، وهو عندهم حساب قطعي، ومن نظر في مستندهم جَزَمَ به، بخلاف قولهم في تأثير الكسوف في الأرض من موت عظيم، أو حادث كبير، فإن هذا من الإفك والزُّور والهذَيان الذي لا يحل لمسلم أن يعتقده. وذلك التّأثير عند المنجّمين ظنٌُّ وحدْس؛ والظّن الكذب، الحديث. وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الشمس والقمر لا يُكْسفان لموت أحدٍ ولا لحياته، ولكنَّهما آيتان يخوّف اللهٌ بهما عباده ".)
انتهى
انما نقلت هذا للفائدة
وأرى ان النداء لابد منه لان الانسان لايعرف متى يصلي الامام فاذا قال الصلاة جامعة عرفنا وقت صلاته فنخرج
فالخسوف او الكسوف يمتد فترة وبعض الائمة يصلون في وقت واخرون بعد ذلك
وهكذا
والله أعلم(27/39)
الفرق بين مجهول وغير معقول
ـ[أبو تقي]ــــــــ[14 - 02 - 04, 05:29 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم،
توجد عدة الفاظ لقول الامام مالك رحمه الله في الاستواء، اشهرها:
-الاستواء معلوم والكيف مجهول
-الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول
البعض يقول بان هناك فرق كبير بين اللفظين، الاولى فيها اثبات للكيف ولكنه مجهول بالنسبة لنا والثانية تثبت وجود اللفظ ولكن تنفي الكيف (تفويض المعنى).
ما هو الرد على هذا الكلام بارك الله فيكم.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[14 - 02 - 04, 07:16 م]ـ
الأثر المشهور عن الإمام مالك
رحمه الله
في صفة الاستواء
دراسة تحليلية
بقلم
عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله.
? يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ ولا تَمُوتُنَّ إلاَّ وأنتُم مُسْلِمُونَ ?.
? يأيّها الناسُ اتّقُوا ربَّكمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ واحِدَةٍ وخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً واتَّقُوا اللهََ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ والأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كان عَلَيْكُمْ رَقِيباً ?.
? يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ وقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكمْ ويَغْفِرْ لَكمْ ذُنوبَكُمْ ومَن يُطِعِ اللهَ ورَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ?.
أما بعد، فلا ريب في عِظم فضل وكبر شرف العلم بأسماء الله وصفاته الواردة في كتابه وسنة رسوله ? وفهمها فهماً صحيحاً سليماً بعيداً عن تحريفات المحرّفين وتأويلات الجاهلين؛ إذ إنَّ شرف العلم تابعٌ لشرف معلومه، وما من ريب أنَّ أجَلَّ معلوم وأعظمه وأكبره هو الله الذي لا إله إلاّ هو رب العالمين، وقيّوم السموات والأرضين، الملك الحقّ المبين، الموصوف بالكمال كلّه، المنزَّه عن كلِّ عيب ونقص، وعن كلِّ تمثيل وتشبيه في كماله ? ذَالِكُمْ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ فَاطِرُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ? ().
ولا ريب أنَّ العلم بالله تعالى وبأسمائه وصفاته وأفعاله أجَلُّ العلوم وأفضلُها وأشرفُها، ونسبة ذلك إلى سائر العلوم كنسبة معلومه إلى سائر المعلومات، والعلم به -سبحانه- هو أصل كلِّ علم، وهو أصل علم العبد بسعادته وكماله ومصالح دنياه وآخرته، والجهل به مستلزم للجهل بنفسه ومصالحها وكمالها وما تزكو به، فالعلم به -سبحانه- عنوان سعادة العبد في الدنيا والآخرة، والجهل به أصل شقاوته في الدنيا والآخرة، ومن عرف الله عرف ما سواه، ومن جهل ربّه فهو لما سواه أجهل، قال الله تعالى: ? وَلاَ تَكُونُوا كالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ? ()، وقد دلّت هذه الآية على معنى شريف عظيم، وهو أنَّ من نسيَ ربَّه أنساه ذاتَه ونفسَه فلم يعرف حقيقته ولا مصالحه، بل نسي ما به صلاحه وفلاحه في معاشه ومعاده فصار معطَّلاً مهملاً ().
ولهذا فإنَّ العناية بفهم هذا العلم وضبطه وعدم الغلط فيه أمر متأكّد على كلِّ مسلم، وقد كان أئمّة المسلمين، الصحابة ومن تبعهم بإحسان على نهجٍ واحدٍ في هذا العلم وعلى طريقة واحدة، ليس بينهم في ذلك نزاع ولا خلاف، ((بل كلُّهم [بحمد الله] على إثبات ما نطق به الكتاب والسنة كلمةً واحدةً من أوّلهم إلى آخرهم، لم يسوموها تأويلاً، ولم يحرّفوها عن موضعها تبديلاً، ولم يُبدوا لشيء منها إبطالاً، ولا ضربوا لها أمثالاً، ولم يدفعوا في صدورها وأعجازها، ولم يقل أحدٌ منهم يجب صرفها عن حقائقها وحملها على مجازها، بل تلقّوها بالقبول والتسليم، وقابلوها بالإيمان والتعظيم، وجعلوا الأمر فيها كلَّها أمراً واحداً، وأجرَوْها على سنن واحد، ولم يفعلوا كما فعل أهل الأهواء والبدع حيث جعلوا القرآن عِضين، وأقرّوا ببعضها وأنكروا بعضَها من غير فُرقان مبين)) ().
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/40)
بل زاد المعطِّلة على ذلك فجعلوا جحد الصفات وتعطيل الربّ عنها توحيداً، وجعلوا إثباتها لله تشبيهاً وتجسيماً وتركيباً، فسمّوا الباطل باسم الحق ترغيباً فيه، وزخرفاً ينفقونه به، وسمّوا الحقَّ باسم الباطل تنفيراً عنه، والناس أكثرهم مع ظاهر السكّة، ليس لهم نقد النقّاد ().
ولا يأمن جانب الغلط في هذا الباب الخطير من لا يتعرّف على نهج السلف ويسلك طريقتهم، فهي طريقة سالمة مأمونة مشتملة على العلم والحكمة، وكلامهم في التوحيد وغيره قليلٌ كثيرُ البركة ()، فهم لا يتكلّفون، بل يعظِّمون النصوص، ويعرفون لها حرمتها، ويقفون عندها، ولا يتجاوزونها برأي أو عقل أو وَجْدٍ أو غير ذلك.
فهم بحقٍّ الأئمةُ العدول والشهود الأثبات، ولا يزال بحمد الله في كلِّ زمان بقايا منهم ((يدعون من ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يُحيون بكتاب الله الموتى، ويبصِّرون بنور الله أهلَ العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالٍّ تائهٍ قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن عباد الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عِقال الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله بغير علم، يتكلّمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهّال الناس بما يشبّهون عليهم، فنعوذ بالله من فتن المضلّين)) ().
ولهذا فإنَّ دراسة آثار هؤلاء وأقوالهم المنقولة عنهم في نصر السنة وتقرير التوحيد والردّ على أهل الأهواء يُعدّ من أنفع ما يكون لطالب العلم، للتمييز بين الحقّ والباطل، والسنة والبدعة، والهدى والضلال؛ لأنَّ هؤلاء الأئمة قد مضوا في معتقدهم على ما كان عليه رسول الله ? وصحابته من بعده، فهم بنبيّهم محمد ? مقتدون، وعلى منهاجه سالكون، ولطريقته مقتفون، وعن الأهواء والبدع المضلّة معرضون، وعلى الصراط المستقيم والمحجّة البيضاء سائرون، يوصي بذلك أولُهم آخرَهم، ويقتدي اللاحقُ بالسابق؛ ولهذا ((لو طالعتَ جميع كتبهم المصنّفة من أوّلهم إلى آخرهم، قديمهم وحديثهم -مع اختلاف بلدانهم وزمانهم، وتباعد ما بينهم في الديار، وسكون كلّ واحد منهم قطراً من الأقطار- وجدتَهم في بيان الاعتقاد على وتيرة واحدة ونمطٍ واحد، يجرون فيه على طريقة واحدة، لا يحيدون عنها، ولا يميلون فيها، قولهم في ذلك واحد، ونقلهم واحد، لا ترى بينهم اختلافاً، ولا تفرّقاً في شيء ما وإن قلّ، بل لو جمعتَ جميعَ ما جرى على ألسنتهم ونقلوه عن سلفهم وجدته كأنّه جاء من قلب واحد، وجرى على لسانٍ واحد)) ()، والسبب في ذلك هو لزوم الجميع سنة النبي ?، وبُعدُهم عن الأهواء والبدع، فهم كما قال الأوزاعي -رحمه الله-: ((ندور مع السنة حيث دارت)) ()، فهذا شأنهم وديدنُهم، يدورون مع السنة حيث دارت نفياً أو إثباتاً، فلا يثبتون إلاَّ ما ثبت في الكتاب والسنة، ولا ينفون إلاَّ ما نفي في الكتاب والسنة، لا يتجاوزون القرآن والحديث.
وهؤلاء الأئمة لم يكفّوا عن الخوض فيما خاض فيه من سواهم لعجز منهم عن ذلك أو لضعف وعدم قدرة بل الأمر كما قال عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-: (( ... فإنَّ السابقين عن علم وقفوا، وببصر نافذ كفّوا، وكانوا هم أقوى على البحث ولم يبحثوا)) (). ومن كان على نهج هؤلاء فهو في طريق آمنة وسبيل سالمة، قال محمد بن سيرين -رحمه الله-: ((كانوا يقولون: إذا كان الرجل على الأثر فهو على الطريق)) ().
ولما كان الأمر بهذه المثابة وعلى هذا القدر من الأهمية أحببت أن أقدّم دراسة لأحد الآثار المرويّة عن السلف الصالح -رحمهم الله- في تقرير التوحيد وردّ البدع والأهواء؛ ليكون –إن شاء الله- أنموذجاً للتدليل على عِظم فائدة العناية بآثار السلف وعظم ما يحصله من عُنيَ بذلك من فوائد وثمار ومنافع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/41)
ولهذا نشطت في إعداد هذه الدراسة للأثر المشهور عن الإمام مالك -رحمه الله- عند ما جاءه رجل وقال له: يا أبا عبد الله ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? كيف استوى؟، فتأثّر مالك –رحمه الله- من هذه المسألة الشنيعة وعلاه الرحضاء [أي العَرَق]، وقال في إجابته لهذا السائل: ((الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة))، وأمر بالسائل أن يُخرج من مجلسه، وهو أثر عظيمُ النفع جليلُ الفائدة.
ويمكن أن أحدِّد أهمّ الدوافع التي شجّعت لتقديم هذه الدراسة لهذا الأثر خاصة في النقاط التالية:
أوّلاً: أنَّ هذا الأثر قد تلقّاه الناس بالقبول، فليس في أهل السنة والجماعة من ينكره، كما يذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- ()، بل إنَّ أهل العلم قد ائتمّو به واستجودوه واستحسنوه ().
ثانياً: أنَّه من أنبل جواب وقع في هذه المسألة وأشدّه استيعاباً؛ لأَنَّ فيه نبذ التكييف وإثبات الاستواء المعلوم في اللغة على وجه يليق بالله ? ().
ثالثاً: أنَّ قوله هذا ليس خاصّاً بصفة الاستواء، بل هو بمثابة القاعدة التي يمكن أن تُقال في جميع الصفات.
رابعاً: محاولة أهل البدع في القديم والحديث تبديل معناه وتحريف مراده بطرق متكلّفة وسبل مختلفة.
خامساً: محاولة أحد جهّال المعاصرين التشكيك في ثبوته والطعن في أسانيده.
سادساً: التنبيه إلى أنَّ بعض أتباع الأئمة في الفروع لم يوَفَّقوا إلى العناية بمذهب أئمّتهم في الأصول، ولهذا ترى في بعض من يتعصّبون إلى مذهب الإمام مالك -رحمه الله- في الفروع من يخالفه في أصول الدين، ويفارقه في أساس المعتقد بسبب غلبة الأهواء وانتشار البدع.
إلى غير ذلك من الأسباب، وقد جعلت هذه الدراسة بعنوان:
((الأثر المشهور عن الإمام مالك -رحمه الله-
في صفة الاستواء، دراسة تحليلية))
أما الهدف من هذه الدراسة فهي إعطاء هذا الأثر مكانته اللائقة به واستخراج الدروس والقواعد العلمية المستفادة منه، والردّ على تحريفات المناوئين، وتشكيكات المحرّفين.
وقسمته إلى تمهيد وأربعة فصول وخاتمة على النحو التالي:
التمهيد، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: ترجمة موجزة للإمام مالك بن أنس -رحمه الله-.
المبحث الثاني: في ذِكر معتقد أهل السنة والجماعة في صفة الاستواء بإيجاز.
المبحث الثالث: في بيان أهمية القواعد وعِظم نفعها في معرفة صفات الباري.
الفصل الأول: في تخريج هذا الأثر، وبيان ثبوته، وذكر الشواهد عليه من الكتاب والسنة وأقوال السلف الصالح، وفيه أربعة مباحث:
المبحث الأول: تخريج الأثر، وبيان ثبوته عن الإمام مالك -رحمه الله-.
المبحث الثاني: ذكر الشواهد عليه من الكتاب والسنة.
المبحث الثالث: ذكر نظائر هذا الأثر ممّا جاء عن السلف الصالح.
المبحث الرابع: ذكر كلام أهل العلم في التنويه بهذا الأثر، وتأكيدهم على أهميّته، وجعله قاعدة من قواعد توحيد الأسماء والصفات.
الفصل الثاني: في ذكر معنى هذا الأثر، وبيان مدلوله وما يُستفاد منه من ضوابط في توحيد الأسماء والصفات، وفيه أربعة مباحث:
المبحث الأول: في معنى قوله: ((الاستواء غير مجهول)) والضوابط المستفادة منه.
المبحث الثاني: في معنى قوله: ((الكيف غير معقول)) والضوابط المستفادة منه.
المبحث الثالث: في معنى قوله: ((الإيمان به واجب)) والضوابط المستفادة منه.
المبحث الرابع: في معنى قوله: ((السؤال عنه بدعة)) والضوابط المستفادة منه.
الفصل الثالث: في إبطال تحريفات أهل البدع لهذا الأثر.
الفصل الرابع: في ذكر فوائد عامة مأخوذة من هذا الأثر، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: ذكر ما في قولهم: ((حتى علاه الرّحضاء)) من فائدة.
المبحث الثاني: ذكر ما في قوله: ((ما أراك إلاَّ مبتدعاً)) من فائدة.
المبحث الثالث: ذكر ما في قوله: ((أخرجوه عنِّي)) من فائدة.
الخاتمة: وفيها خلاصة البحث وأهمّ نتائجه.
هذا وإني أسأل الله الكريم أن يتقبّل مني هذا العمل بقبول حسن، وأن يجعله لوجهه خالصاً، وللحق موافقاً، وأن يغفر لي ولوالديّ وللإمام مالكٍ ولجميع أئمة المسلمين، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، إنَّه هو الغفور الرحيم.
?
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/42)
لعل من الحسن قبل الشروع في الموضوع أن أُمهِّد بذكر بعض الأمور المهمّة بين يديه، وذلك من خلال المباحث التالية:
المبحث الأول: ترجمة موجزة للإمام مالك بن أنس -رحمه الله- ().
أولاً: نسبه:
هو شيخ الإسلام، حجّة الأمة، إمام دار الهجرة، أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عَمرو بن الحارث بن غيمان بن خُثيل بن عَمرو بن الحارث، وهو ذو أصبح بن عوف بن مالك بن زيد بن شدّاد بن زرعة، وهو حِمير الأصغر، الحِميري ثم الأصبحي المدني، حليف بني تَيم من قريش، فهم حلفاء عثمان أخي طلحة بن عبيد الله أحدِ العشرة.
وأمُّه هي عالية بنت شريك الأزدية.
وأعمامه هم: أبو سُهيل نافع، وأُويس، والربيع، والنضر، أولاد أبي عامر.
ثانياً: مولده:
قال الذهبي -رحمه الله-: ((مولد مالك على الأصح في سنة ثلاث وتسعين، عام موتِ أنس خادم رسول الله ?، ونشأ في صَون ورفاهية وتجمّل)).
ثالثاً: نشأته وطلبه للعلم:
طلب مالكٌ العلمَ وهو ابن بضع عشرة سنة، وتأهّل للفتيا، وجلس للإفادة وله إحدى وعشرون سنة، وحدّث عنه جماعة وهو حيٌّ شابٌّ طريٌّ، وقصدَه طلبة العلم من الآفاق في آخر دولة أبي جعفر المنصور وما بعد ذلك، وازدحموا عليه في خلافة الرشيد، إلى أن مات.
رابعاً: شيوخه:
طلب الإمام مالك -رحمه الله- العلمَ وهو حدَثٌ بُعيد موت القاسم وسالم، فأخذ عن نافع، وسعيد المقبري، وعامر بن عبد الله ابن الزبير، وابن المنكدر، والزهري، وعبد الله بن دينار، وخلق.
وقد أحصى الذهبي -رحمه الله - شيوخه الذين روى عنهم في الموطأ وذكر إلى جنب كلِّ واحد منهم عدد ما روى عنه الإمام مالك ورتّبهم على حروف المعجم.
خامساً: تلاميذه:
قال الذهبي -رحمه الله-: ((وقد كنت أفردتُ أسماء الرواة عنه في جزء كبير يُقارب عددهم ألفاً وأربع مائة، فلنذكر أعيانهم، حدّث عنه من شيوخه: عمّه أبو سُهيل، ويحيى بن أبي كثير، والزهري، ويحيى بن سعيد، ويزيد بن الهاد، وزيد بن أبي أُنيسة، وعمر بن محمد بن زيد، وغيرهم، ومن أقرانه: معمر، وابن جريج، وأبو حنيفة، وعمرو بن الحارث، والأوزاعي، وشعبة، والثوري ... ))، وذكر آخرين.
سادساً: مؤلفاته:
من مؤلفاته -رحمه الله-:
1 ـ الموطأ.
2 ـ رسالة في القدر كتبها إلى ابن وهب.
3 ـ مؤلف في النجوم ومنازل القمر.
4 ـ رسالة في الأقضية.
5 ـ رسالة إلى أبي غسان بن مطرّف.
6 ـ جزء في التفسير.
وأما ما نقله عنه كبار أصحابه من المسائل والفتاوى والفوائد فشيءٌ كثيرٌ.
سابعاً: ثناء العلماء عليه:
1 ـ قال الشافعي: ((العِلمُ يدور على ثلاثة: مالك، والليث، وابن عيينة)).
2 ـ وروي عن الأوزاعي أنه كان إذا ذكر مالكاً يقول: ((عالم العلماء، ومفتي الحرمين)).
3 ـ وعن بقيّة أنَّه قال: ((ما بقي على وجه الأرض أعلم بسنّةٍ ماضية منك يا مالك)).
4 ـ وقال أبو يوسف: ((ما رأيت أعلمَ من أبي حنيفة، ومالك، وابن أبي ليلى)).
5 ـ وذكر أحمد بن حنبل مالكاً فقدّمه على الأوزاعي، والثوري، والليث، وحماد، والحَكم، في العلم، وقال: ((هو إمام في الحديث، وفي الفقه)).
6 ـ وقال القطّان: ((هو إمام يُقتدى به)).
7 ـ وقال ابن معين: ((مالكٌ من حُجج الله على خلقه)).
8 ـ وقال أسد بن الفرات: ((إذا أردتَ الله والدارَ الآخرة فعليك بمالكٍ)).
ثامناً: أقواله في السنة:
1 ـ قال مطرّف بن عبد الله: سمعتُ مالكاً يقول: ((سنَّ رسول الله ? ووُلاة الأمر بعده سُنناً، الأخذُ بها اتّباع لكتاب الله، واستكمالٌ بطاعة الله، وقوّةٌ على دين الله، ليس لأحد تغييرها، ولا تبديلُها، ولا النّظرُ في شيء خالفها، من اهتدى بها فهو مهتدٍ، ومن استنصر بها فهو منصور، ومن تركها اتّبع غير سبيل المؤمنين، وولاّه الله ما تولّى، وأصلاه جهنّم وساءت مصيراً)).
2 ـ وروى إسحاق بن عيسى عن مالك -رحمه الله- أنَّه قال: ((أكلّما جاءنا رجلٌ أجدلُ من رجل تركنا ما نزل به جبريل على محمد ? لجدلِه)).
3 ـ وقال أبو ثور: سمعت الشافعيَّ يقول: ((كان مالك إذا جاءه بعض أهل الأهواء قال: أمَا إني على بيّنة من ديني، وأمَّا أنت فشاكٌّ، اذهب إلى شاكٍّ مثلكَ فخاصمه)).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/43)
4 ـ وقال يحيى بن خلف الطَرسوسي: ((كنت عند مالك فدخل عليه رجل، فقال: يا أبا عبد الله ما تقول فيمن يقول: القرآن مخلوق؟ فقال مالك: زنديق، اقتلوه، فقال: يا أبا عبد الله، إنّما أحكي كلاماً سمعته، قال: إنّما سمعته منك، وعظَّم هذا القول)).
5 ـ وروى ابن وهب عن مالك -رحمه الله- أنّه قال: ((الناس ينظرون إلى الله ? يوم القيامة بأعينهم)).
6 ـ وقال القاضي عياض: قال معنٌ: ((انصرف مالكٌ يوماً فلحقَه رجلٌ يُقال له: أبو الجويرية، متّهمٌ بالإرجاء، فقال: اسمع مني، قال: احذر أن أشهد عليك، قال: والله ما أريد إلاَّ الحق، فإن كان صواباً فقُل به، أو فتكلّم، قال: فإن غلبتني، قال: اتبعني، قال: فإن غلبتُك، قال: اتّبعتُك، قال: فإن جاء رجل فكلّمنا، فغلبنا؟ قال: اتّبعناه، فقال مالك: يا هذا، إنَّ الله بعث محمداً ? بدين واحد، وأراك تتنقّل)).
7 ـ وعن مالك قال: ((الجدالُ في الدِّين ينشئ المراء، ويذهب بنور العلم من القلب ويقسّي، ويورث الضِّغن)).
تاسعاً: وفاته:
قال القعنبي: ((سمعتهم يقولون: عُمر مالك تسع وثمانون سنة، مات سنة تسع وسبعين ومائة)).
وقال إسماعيل بن أبي أُويس: ((مرض مالك، فسألتُ بعض أهلنا عما قال عند الموت، قالوا: تشهّد، ثم قال: ? للهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ? ()، وتوفي صبيحة أربع عشرة من ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومائة، فصلَّى عليه الأمير عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي، وَلَد زينب بنت سليمان العباسية، ويُعرف بأمِّه))، رواها محمد بن سعد عنه، ثم قال: ((وسألتُ مصعباً، فقال: بل مات في صفر، فأخبرني معن بن عيسى بمثل ذلك)).
وقال أبو مصعب الزهري: ((مات لعشر مضت من ربيع الأول سنة تسع)).
وقال محمد بن سحنون: ((مات في حادي عشر ربيع الأول)).
وقال ابن وهب: ((مات لثلاث عشرة خلت من ربيع الأول)).
قال القاضي عياض: ((الصحيح وفاته في ربيع الأول يوم الأحد لتمام اثنين وعشرين يوماً من مرضه)).
قال الذهبي: ((تواترت وفاتُه في سنة تسع، فلا اعتبار لقول من غلِط وجعلها في سنة ثمان وسبعين، ولا اعتبار بقول حبيب كاتبه، ومطرِّف فيما حكي عنه، فقالا: سنة ثمانين ومائة)).
ونقل عن القاضي عياض أنَّ أسد بن الفرات قال: ((رأيتُ مالكاً بعد موته، وعليه طويلة وثياب خضر وهو على ناقة، يطير بين السماء والأرض، فقلت: يا أبا عبد الله، أليس قد متَّ؟ قال: بلى، فقلت: فإلامَ صِرتَ؟، فقال: قدِمتُ على ربي وكلّمني كفاحاً، وقال: سلني أعطِك، وتمنَّ عليَّ أُرضِك)).
فرحمه الله، وغفر له، وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنّة.
المبحث الثاني: في ذكر معتقد أهل السنة والجماعة في صفة الاستواء بإيجاز
الاستواء صفةٌ من صفات الكمال الثابتة لذي العظمة والجلال -سبحانه-، وقد دلّ النقل على هذه الصفة حيث أثبتها الربٌّ -سبحانه- لنفسه في كتابه، وأثبتها له رسوله ? في سنّته، وأجمع على ثبوتها المسلمون.
وقد وردت هذه الصفة في القرآن الكريم في مواطن عديدة، وكان ورودها فيه على نوعين: تارة معدّاة بـ ((على))، وتارة معدّاة بـ ((إلى)).
1 ـ أمّا النوع الأول: وهو مجيئها معدّاة بـ ((على)) فقد ورد في القرآن الكريم في سبعة مواضع، حيث تمدّح بها الرب -سبحانه-، وجعلها من صفات كماله وجلاله، وقرنها بما يبهر العقول من صفات الجلال والكمال، مما يدل على ثبوت هذه الصفة العظيمة لله ثبوت غيرها من الصفات.
قال الشيخ العلاّمة محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: ((اعلموا أنَّ هذه الصفة التي هي الاستواء صفةُ كمال وجلال تمدّح بها ربُّ السموات والأرض، والقرينة على أنّها صفة كمال وجلال أنَّ الله ما ذكرها في موضع من كتابه إلاَّ مصحوبة بما يبهر العقول من صفات جلاله وكماله التي هي منها، وسنضرب مثلاً بذكر الآيات:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/44)
فأوّل سورة ذكر الله فيها صفة الاستواء حسب ترتيب المصحف سورة الأعراف قال: ? إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي الَّيلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ ? ()، فهل لأحد أن ينفي شيئاً من هذه الصفات الدالة على الجلال والكمال.
الموضع الثاني في سورة يونس قال: ? إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللهِ حَقاًّ إِنَّهُ يَبْدَؤُا الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ إِنَّ فِي اخْتِلافِ الَّيْلِ وَ النَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللهُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ ? ().
فهل لأحد أن ينفيَ شيئاً من هذه الصفات الدالة على هذا من الكمال والجلال.
الموضع الثالث في سورة الرعد في قوله جلّ وعلا: ? اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمَّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَآءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي الَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَآءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ? ()، وفي القراءة الأخرى: ? وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ تُسْقِى بِمَآءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ?.
فهل لأحد أن ينفي شيئاً من هذه الصفات الدالة على الجلال والكمال.
الموضع الرابع في سورة طه: ? طَهَ مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ القُرآنَ لِتَشْقَى إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَن يَخْشَى تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَوَاتِ العُلَى الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى وَإِن تَجْهَرْ بِالقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَآءُ الحُسْنَى ? ().
فهل لأحد أن ينفي شيئاً من هذه الصفات الدالة على الجلال والكمال.
الموضع الخامس في سورة الفرقان في قوله: ? وَتَوَكَّلْ عَلَى الحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّاٍم ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً ? ().
فهل لأحد أن ينفي شيئاً من هذه الصفات الدالة على هذا من الكمال والجلال.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/45)
الموضع السادس في سورة السجدة في قوله تعالى: ? أَمْ يَقولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِن نَذِيرٍ مِن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ مَا لَكُمْ مِن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَآءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ذَلِكَ عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ العَزِيزُ الرَّحِيمُ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ
وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِن مَآءٍ مَهِينٍ ثُمَّ سَوَّاهُ
وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكْمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ ? ().
فهل لأحد أن ينفي شيئاً من هذه الصفات الدالة على هذا من الجلال والكمال.
الموضع السابع في سورة الحديد في قوله تعالى: ? هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنتُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ? ())) ().
أما النوع الثاني: وهو مجيئها معدّاة بـ ((إلى)) فقد ورد في القرآن في موطنين:
الأول في سورة البقرة، قال الله تعالى: ? هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ? ().
الثاني: في سورة فُصّلت، قال الله تعالى: ? ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَآئِعِينَ ? ().
والاستواء معناه معلوم في لغة العرب، لا يجهله أحد منهم، والله قد خاطب عباده في القرآن الكريم بكلام عربيٍّ مبين، والاستواء معناه في اللغة العلوّ والارتفاع ().
ولهذا فإنَّ مذهب السلف في الاستواء هو إثباته لله ? كما أثبته لنفسه، وكما أثبته له رسوله ? من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل يؤمنون بأنَّ الله مستو على عرشه استواء يليق بجلاله وكماله، ولا يشبه استواء أحد من خلقه -تعالى الله عن ذلك-، ومعنى الاستواء عندهم العلوّ والارتفاع، ولا خلاف بينهم في ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: ((وكلام السلف والأئمة ومن نقل مذهبهم في هذا الأصل كثير يوجد في كتب التفسير والأصول.
قال إسحاق بن راهويه: حدّثنا بشر بن عمر: سمعت غير واحد من المفسّرين يقولون: ((? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ?: أي ارتفع)) ().
وقال البخاري في صحيحه: قال أبو العالية: ((استوى إلى السماء: ارتفع))، قال: وقال مجاهد: ((استوى: علا على العرش)) ().
وقال الحسين بن مسعود البغوي في تفسيره المشهور: ((وقال ابن عباس وأكثر مفسري السلف: استوى إلى السماء: ارتفع إلى السماء، وكذلك قال الخليل بن أحمد)) ().
وروى البيهقي في كتاب الصفات قال: قال الفرّاء: ((ثم استوى، أي صعد، قاله ابن عباس، وهو كقولك للرجل: كان قاعداً فاستوى قائماً)) ().
وروى الشافعي في مسنده عن أنس ? أنَّ النبي ? قال عن يوم الجمعة: ((وهو اليوم الذي استوى فيه ربّكم على العرش)) ().
والتفاسير المأثورة عن النبي ? والصحابة والتابعين مثل تفسير محمد بن جرير الطبري، وتفسير عبد الرحمن بن إبراهيم المعروف بدُحيم، وتفسير عبدالرحمن بن أبي حاتم، وتفسير أبي بكر بن المنذر، وتفسير أبي بكر عبد العزيز، وتفسير أبي الشيخ الأصبهاني، وتفسير أبي بكر بن مردويه، وما قبل هؤلاء من التفاسير مثل تفسير أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم، وبقي بن مخلد وغيرهم، ومن قبلهم مثل تفسير عبد بن حميد، وتفسير سُنيد، وتفسير عبد الرزاق، ووكيع بن الجراح فيها من هذا الباب الموافق لقول المثبتين ما لا يكاد يُحصى، وكذلك
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/46)
الكتب المصنّفة في السنة التي فيها آثار النبي ? والصحابة والتابعين)) ().
وجاء عن الخليل بن أحمد قال: ((أتيت أبا ربيعة الأعرابي وكان من أعلم من رأيت وكان على سطح فلما رأيناه أشرنا إليه بالسلام، فقال: استووا، فلم ندر ما قال، فقال لنا شيخ عنده: يقول لكم: ارتفعوا، قال الخليل: هذا من قوله تعالى: ? ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ ?)) ()، أي: ارتفع وعلا ().
والاستواء سواء عُدّيَ بـ"إلى" أو بـ"على" فمعناه العلو والارتفاع، قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-: ((ومن قال: استوى بمعنى عَمَدَ، ذكره في قوله: ? ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ ?؛ لأنَّه عُدي بحرف الغاية، كما يقال: عمدت إلى كذا، وقصدت إلى كذا، ولا يقال: عمدت على كذا ولا قصدت عليه، مع أنَّ ما ذُكر في تلك الآية لا يُعرف في اللغة أيضاً، ولا هو قول أحد من مفسريّ السلف؛ بل المفسِّرون من السلف قولهم بخلاف ذلك -كما قدّمناه عن بعضهم -)) ()، وقد حكى ابن القيم -رحمه الله- إجماع السلف على ذلك ().
فهذا ملخَّص معتقد أهل السنة والجماعة في هذه الصفة، ومن أراد الاطّلاع على كلام أهل العلم في هذه الصفة موسّعاً فليطالع الكتب التي أُفرِدت في ذلك وهي كثيرة جداًّ، وكما قال السفاريني -رحمه الله-: ((وقد أكثر العلماء من التصنيف، وأجلبوا بخيلهم ورَجِلِهم من التأليف، في ثبوت العلوّ والاستواء ونبّهوا على ذلك بالآيات والحديث وما حوى، فمنهم الراوي الأخبارَ بالأسانيد، ومنهم الحاذفُ لها وأتى بكلِّ لفظٍ مفيدٍ، ومنهم المُطَوِّل المُسهِب، ومنهم المُختصِر والمتوسِّط والمهذِّب، فمن ذلك ((مسألة العلوّ)) لشيخ الإسلام ابن تيمية، و ((العلوّ)) للإمام الموفق صاحب التصانيف السنيّة، و ((الجيوش الإسلاميّة)) للإمام المحقق ابن قيِّم الجوزية، و ((كتاب العرش)) للحافظ شمس الدين الذهبي صاحب الأنفاس العليّة، وما لا أُحصي عدّهم إلاّ بكُلْفة، والله تعالى الموفِّق)) ().
المبحث الثالث: في بيان أهميّة القواعد وعظم نفعها في معرفة صفات الباري
لا ريب أنَّ معرفةَ القواعد والأصول والضوابط الكليّة الجامعة يُعدُّ من أعظم العلوم وأجلِّها نفعاً وأكثرها فائدةً، ذلك أنَّ ((الأصول والقواعد للعلوم بمنزلة الأساس للبنيان والأصول للأشجار لا ثبات لها إلاّ بها، والأصول تبنى عليها الفروع، والفروع تثبت وتتقوّى بالأصول، وبالقواعد والأصول يثبت العلم ويقوى وينمي نماءً مطَّرداً، وبها تُعرف مآخذ الأصول، وبها يحصل الفرقان بين المسائل التي تشتبه كثيراً، كما أنَّها تجمع النظائر والأشباه التي من جمال العلم جَمعُها)) () إلى غير ذلك من الفوائد العظيمة والمنافع الجليلة التي لا تحصى.
بل إنَّ ((من محاسن الشريعة وكمالها وجمالها وجلالها: أنَّ أحكامَها الأصوليَّة والفروعية والعبادات والمعاملات وأمورها كلّها لها أصولٌ وقواعدُ تَضبِطُ أحكامَها وتَجمعُ مُتفرِّقَها وتَنشر فروعَها وتَردُّها إلى أصولها)) ().
والقاعدة: هي أمرٌ كلّيٌّ ينطبق على جزئيّاتٍ كثيرةٍ تُفهم أحكامُها منها ().
فإذا ضُبطت القاعدةُ وفُهم الأصلُ أمكن الإلمام بكثيرٍ من المسائل التي هي بمثابة الفرع لهذه القاعدة، وأُمن الخلطُ بين المسائل التي قد تشتبه، وكان فيها تسهيلٌ لفهم العلم وحفظه وضبطه، وبها يكون الكلام مبنياًّ على علمٍ متينٍ وعدلٍ وإنصافٍ.
ولذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: ((لا بُدَّ أنْ يكون مع الإنسان أصولٌ كليّةٌ تُردُّ إليها الجزئيّات؛ ليتكلّم بعلمٍ وعدلٍ، ثمّ يعرف الجزئيّات كيف وقعت، وإلاّ فيبقى في كذبٍ وجهلٍ في الجزئيّات، وجهلٍ وظُلمٍ في الكليّات فيتولّد فسادٌ عظيمٌ)) ().
لأجل هذا عُني أهل العلم كثيراً بوضع القواعد وجَمعها في الفنون المختلفة، فلا تكاد تجد فناًّ من الفنون إلاّ وله قواعدُ كثيرةٌ وضوابطُ عديدةٌ تَجمع مُتَفرِّقَه، وتُزيل مشتَبهَه، وتُنير معالمَه، وتُيسِّر فهمَه وحِفظَه وضبطَه ()، ((ويحصل بها من النفع والفائدة على اختصارها ما لا يحصل في الكلام الطويل)) ().
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/47)
ولهذا فإنَّه يترتَّب على العناية بالقواعد المأثورة والأصول الكليّة المنقولة عن السلف الصالح -رحمهم الله- من الفوائد والمنافع ما لا يعلمه إلاّ الله؛ لأنَّ فيها كما يقال وضعُ النقاط على الحروف، وفيها تجليةٌ للأُمور، وتوضيحٌ للمسائل، وإزالةٌ للّبْس، وأَمْنٌ من الخَلْط، إلى غير ذلك من الفوائد.
الفصل الأوَّل
في تخريج هذا الأثر، وبيان ثبوته،
وذكر الشواهد عليه من الكتاب والسنة
وأقوال السلف الصالح
المبحث الأوَّل: تخريج هذا الأثر وبيان ثبوته عن الإمام مالك -رحمه الله-
لقد اشتهر هذا الأثر عن الإمام مالك -رحمه الله- شهرة بالغة، ورواه عنه طائفة من تلاميذه، وهو مرويٌّ عنه من طرق عديدة، وقد حَظِي باستحسان أهل العلم، وتلقَّوه بالقبول، وهو مخرَّج في كتب عديدة من كتب السنة.
وفيما يلي ذكرٌ لما وقفت عليه من طرق لهذا الأثر مع ذكر مخرِّجيها، وما وقفت عليه من كلام أهل العلم في بيان ثبوته.
1 ـ رواية جعفر بن عبد الله ()
قال الحافظ أبو نعيم في الحلية: حدّثنا محمد بن علي بن مسلم العقيلي، ثنا القاضي أبو أميَّة الغلابي، ثنا سلمة بن شبيب ()، ثنا مهدي بن جعفر ()، ثنا جعفر بن عبد الله قال: كنا عند مالك بن أنس فجاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? كيف استوى؟، فما وجد مالك من شيء ما وجد من مسألته، فنظر إلى الأرض وجعل ينكتُ بعود في يده حتى علاه الرّحضاء ـ يعني العرق ـ ثمَّ رفع رأسه ورمى بالعود وقال: ((الكيف منه غير معقول، والاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة))، وأمر به فأُخرج ().
ورواه الإمام أبو إسماعيل الصابوني في كتابه ((عقيدة السلف)) قال: أخبرنا أبو محمد المخلدي العدل، حدّثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن مسلم الإسفراييني، حدّثنا أبو الحسين علي بن الحسن، حدّثنا سلمة بن شبيب به، وذكر نحوَه، إلاّ أنّه قال: ((الكيف غير معلوم)) ().
ورواه أيضاً الإمام الصابوني من طريق أخرى قال: أخبرنا به جدّي أبو حامد أحمد بن إسماعيل، عن جدّ والدي الشهيد، وأبو عبد الله محمد بن عدي بن حمدويه الصابوني، حدّثنا محمد بن أحمد ابن أبي عون النسوي، حدّثنا سلمة بن شبيب به ().
ورواه الحافظ اللالكائي في شرح الاعتقاد من طريق علي بن الربيع التميمي المقري قال: ثنا عبد الله بن أبي داود قال: ثنا سلمة ابن شبيب به، باللفظ السابق ().
وتابعه بكّار بن عبد الله () عن مهدي بن جعفر عن مالك، ولم يذكر شيخه جعفر بن عبد الله.
أخرجه ابن عبد البر في التمهيد ()، أخبرنا محمد بن عبد الملك قال: حدّثنا عبد الله بن يونس قال: حدّثنا بقيُّ بن مخلد قال: حدّثنا بكار بن عبد الله القرشي قال: حدّثنا مهدي بن جعفر عن مالك ابن أنس أنَّه سُئل عن قول الله ?: ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ?: كيف استوى؟، قال: فأطرق مالك ثم قال: ((استواؤه مجهول ()، والفعل منه غير معقول، والمسألة عن هذا بدعة)).
وتابعه أيضاً الإمام الدارمي، قال في كتابه الردّ على الجهميّة: حدّثنا مهدي بن جعفر الرملي ثنا جعفر بن عبد الله ـ وكان من أهل الحديث ثقة ـ عن رجل قد سمّاه لي، قال: جاء رجل إلى مالك ابن أنس، وذكره ().
فزاد في إسناده بعد جعفر بن عبد الله: ((عن رجل)).
ومهدي بن جعفر صدوق له أوهام وقد اضطرب في روايته لهذه القصة، فرواها مرّة عن شيخه جعفر بن عبد الله عن مالك، ورواها مرّة أخرى عن شيخه جعفر عن رجل عن مالك، ورواها مرّة ثالثة عن مالك مباشرة، وهذا الاضطراب الذي في هذه الطريق لا ينفي صحة القصة؛ لأنَّها قد جاءت من طرق أخرى تعضدها وتقوِّيها -كما سيأتي-.
2 ـ رواية عبد الله بن وهب ()
قال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أحمد بن محمد بن إسماعيل بن مهران ()، ثنا أبي ()، حدّثنا أبو الربيع بن أخي رشدين ابن سعد () قال: سمعت عبد الله بن وهب يقول: كنا عند مالك بن أنس فدخل رجل فقال: يا أبا عبدالله ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? كيف استواؤه؟، قال: فأطرق مالك وأخذته الرحضاء، ثم رفع رأسه فقال: ((الرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه، ولا يقال كيف، وكيف عنه مرفوع، وأنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه، قال: فأُخرج)) ().
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/48)
قال الذهبي في العلوّ: ((وساق البيهقي بإسناد صحيح عن أبي الربيع الرشديني عن ابن وهب ... )) وذكره ().
وقال الحافظ ابن حجر: ((وأخرج البيهقي بسند جيِّد عن ابن وهب ... )) وذكره ().
3 ـ رواية يحيى بن يحيى التميمي ()
قال البيهقي -رحمه الله- في كتابه الأسماء والصفات:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه الأصفهاني ()، أنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيَّان المعروف بأبي الشيخ ()، ثنا أبو جعفر أحمد بن زيرك اليزدي: سمعت محمد بن عمرو بن النضر النيسابوري () يقول: سمعت يحيى بن يحيى يقول: كنا عند مالك بن أنس فجاء رجل فقال: يا أبا عبد الله ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? فكيف استوى؟، قال: فأطرق مالك رأسه حتى علاه الرحضاء ثم قال: ((الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلاّ مبتدعاً. فأمر به أن يُخرج)) ().
ورواه البيهقي في كتابه الاعتقاد بالإسناد نفسه ().
وأورده الذهبي في العلوّ قال: وروى يحيى بن يحيى التميمي وجعفر بن عبدالله وطائفة، وذكره ثم قال: ((هذا ثابت عن مالك)) ().
وقال الإمام شمس الدين محمد بن عبد الهادي في كتابه في الاستواء: ((صحيح ثابت عن مالك)) ().
4 ـ رواية جعفر بن ميمون ()
قال الإمام أبو إسماعيل الصابوني حدّثنا أبو الحسن بن إسحاق المدني، حدّثنا أحمد بن الخضر أبو الحسن الشافعي ()، حدّثنا شاذان، حدّثنا ابن مخلد بن يزيد القهستاني، حدّثنا جعفر بن ميمون قال: سئل مالك بن أنس عن قوله: ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? كيف استوى؟، قال: ((الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلاّ ضالاًّ، وأمر به أن يخرج من مجلسه)) ().
5 ـ رواية سفيان بن عيينة ()
قال القاضي عياض: ((قال أبو طالب المكي: كان مالك -رحمه الله- أبعدَ الناس من مذاهب المتكلِّمين، وأشدَّهم بُغضاً للعراقيين، وألزَمَهم لسنة السالفين من الصحابة والتابعين، قال سفيان بن عيينة: سأل رجلٌ مالكاً فقال: ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? كيف استوى يا أبا عبد الله؟، فسكت مالكٌ مليًّا حتى علاه الرحضاء، وما رأينا مالكاً وجد من شيء وجده من مقالته، وجعل الناس ينظرون ما يأمر به، ثمَّ سُريَّ عنه فقال: ((الاستواء منه معلوم، والكيف منه غير معقول، والسؤال عن هذا بدعة، والإيمان به واجب، وإني لأظنُّك ضالاًّ، أخرجوه)).
فناداه الرجل: يا أبا عبد الله، والله الذي لا إله إلاَّ هو، لقد سألتُ عن هذه المسألة أهلَ البصرة والكوفة والعراق، فلم أجِد أحداً وُفِّق لما وُفِّقت له)) ().
6 ـ رواية محمد بن النعمان بن عبد السلام التيمي ().
قال أبو الشيخ الأنصاري في كتابه طبقات المحدّثين: حدّثنا عبد الرحمن بن الفيض ()، قال: ثنا هارون بن سليمان ()، قال: سمعت محمد بن النعمان بن عبدالسلام يقول: ((أتى رجل مالكَ بنَ أنس فقال: ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى? كيف استوى؟، قال: فأطرق، وجعل يعرق، وجعلنا ننتظر ما يأمر به، فرفع رأسه، فقال: ((الاستواء منه غير مجهول، والكيف منه غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلاّ ضالاًّ، أَخرجوه من داري)) ()، وإسناده جيّد.
7 ـ رواية عبد الله بن نافع ().
قال الحافظ ابن عبد البر -رحمه الله-: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن ()، قال: حدّثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ابن مالك ()، قال: حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ()، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا سريج بن النعمان ()، قال: حدّثنا عبد الله بن نافع، قال: قال مالك بن أنس: ((الله ? في السماء وعلمه في كلِّ مكان، لا يخلو منه مكان، قال: وقيل لمالك: ?الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? كيف استوى؟، فقال مالك -رحمه الله-: استواؤه معقول، وكيفيته مجهولة، وسؤالك عن هذا بدعة، وأراك رجل سوء)) ().
8 ـ رواية أيوب بن صالح المخزومي ().
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/49)
قال الحافظ ابن عبد البر -رحمه الله-: وأخبرنا محمد بن عبد الملك ()، قال: حدّثنا عبد الله بن يونس ()، قال: حدّثنا بقي بن مخلد ()، قال: حدّثنا بكّار بن عبد الله القرشي () ... وساق روايته للأثر المتقدّمة من طريق مهدي بن جعفر، ثم قال: قال بقي: وحدّثنا أيوب بن صلاح () المخزومي بالرملة، قال: ((كنا عند مالك إذ جاءه عراقي فقال له: يا أبا عبد الله مسألة أريد أن أسألك عنها؟، فطأطأ مالك رأسه فقال له: يا أبا عبدالله ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? كيف استوى؟، قال: سألتَ عن غير مجهول، وتكلّمت في غير معقول، إنّك امرؤ سوء، أخرِجوه، فأخذوا بضبعيه فأخرجوه)) ().
9 ـ رواية بشّار الخفّاف الشيباني ().
قال ابن ماجه في التفسير: حدّثنا علي بن سعيد ()، قال: حدّثنا بشّار الخفّاف أو غيره، قال: ((كنت عند مالك بن أنس فأتاه رجل فقال: يا أبا عبدالله ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ?، كيف استوى؟، وذكره، كذا في تهذيب الكمال ().
وقال أبو المظفر السمعاني في تفسيره: ((وقد رووا عن جعفر بن عبد الله وبشر الخفّاف () قالا: كنّا عند مالك بن أنس فأتاه رجل فسأله عن قوله: ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ?، كيف استوى؟ فأطرق مالك مليًّا، وعلاه الرحضاء، ثم قال: ((الكيف غير معقول، الاستواء مجهول ()، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أظنّك إلاّ ضالاًّ، ثم أمر به فأخرج)) ()، من غير شك في رواية بشار الخفاف.
10 ـ رواية سحنون () عن بعض أصحاب مالك.
قال ابن رشد في البيان والتحصيل: قال سحنون: أخبرني بعض أصحاب مالك أنَّه كان قاعداً عند مالك فأتاه رجل فقال: ((يا أبا عبد الله مسألة؟، فسكت عنه ثم قال له: مسألة؟، فسكت عنه، ثم عاد فرفع إليه مالك رأسَه كالمجيب له، فقال السائل: يا أبا عبد الله: ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ?، كيف كان استواؤه؟ فطأطأ مالك رأسَه ساعة ثم رفعه، فقال: ((سألتَ عن غير مجهول، وتكلّمتَ في غير معقول، ولا أراك إلاَّ امرأ سوء، أَخرِجوه)) ().
فهذا جملة ما وقفت عليه من طرق لهذا الأثر عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس -رحمه الله-، وبعض طرقه صحيحة ثابتة، وبعضها لا يخلو من مقال، إلا أنّها يشدّ بعضها بعضاً، ويشهد بعضها لبعض، والأثر ثابت بلا ريب بمجموع هذه الطرق، ولذا اعتمده أهل العلم، وصححه غير واحد، وقد تقدّم الإشارة إلى بعض من صحّحه، ولا يُعرف أحدٌ منهم ضعّفه، وسيأتي في مبحث لاحق نقل كلام أهل العلم في التنويه به، والثناء عليه، وتلقّيهم له بالقبول والاستحسان.
المبحث الثاني: ذكر الشواهد على هذا الأثر من الكتاب والسنة
لقد تضمّن هذا الأثر العظيم جملاً أربعاً وهي:
1 ـ الاستواء غير مجهول.
2 ـ والكيف غير معقول.
3 ـ والإيمان به واجب.
4 ـ والسؤال عنه بدعة.
وهي جمل صحيحة المعنى عظيمة الدلالة، لكلِّ جملة منها شواهدها الكثيرة في كتاب الله وسنة رسوله ?، وسيمرُّ معنا في ثنايا هذا المبحث العديد من النصوص التي تشهد لصحة كلِّ جملة من هذه الجمل، ولنقف هنا مع كلِّ جملة من هذه الجمل لذكر بعض الشواهد عليها من القرآن والسنة.
أوّلاً: أما قوله: ((الاستواء غير مجهول)) فالمراد به أنَّ الاستواء معلوم المعنى؛ لأنَّ الله قد خاطبنا في القرآن الكريم بكلام عربيٍّ مبين، قال الله تعالى: ? نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ? ()، وقال تعالى: ? إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ? ()، وقال تعالى: ? كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ? ()، وقال تعالى: ? وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَاناً عَرَبِيًّا ? ()، وقال تعالى: ? قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ? ()، فهو -سبحانه- أنزل القرآن الكريم بلسان عربي مبين؛ ((لأنَّ لغة العرب أفصح اللغات وأبينها وأوسعها وأكثرها تأدية للمعاني التي تقوم بالنفوس، فلهذا أنزل أشرف الكتب بأشرف اللغات)) ()، وليفهم المخاطَبون به كلام الله وليعقلوا خطابه ويحيطوا بمعانيه كما قال -سبحانه-: ? وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ? () فمن لطف الله بخلقه أنه يرسل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/50)
إليهم الرسل منهم بلغاتهم ليفهموا عنهم ما يريدون وما أرسلوا به إليهم، قال تعالى: ? وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ? ()، وفي المسند من حديث أبي ذر ? قال: قال رسول الله ?: ((لم يبعث الله ? نبيًّا إلاَّ بلغة قومه)) ().
والقرآن الكريم شأنه كذلك، فهو بلسان عربيٍّ مبين، يفهمه المخاطَبون به، فمدلولاته ظاهرة، ومعانيه واضحة، وقد فهمه المخاطَبون به وعقلوا معناه، ولا سيما في أشرف مقاصده وأعظم أبوابه وهو توحيد الله ?، ((ومن المعلوم أنَّ الصحابة سمعوا القرآن والسنة من النبي ?، وقرأوه وأقرأوه مَن بعدهم، وتكلّم العلماء في معانيه وتفسيره، ومعاني الحديث وتفسيره، وما يتعلّق بالأحكام وما لا يتعلّق بها، وهم مجمعون على غالب معاني القرآن والحديث، ولم يتنازعوا إلاّ في قليل من كثير، لا سيما القرون الأولى، فإنَّ النزاع بينهم كان قليلاً جدًّا بالنسبة إلى ما اتفقوا عليه، وكان النزاع في التابعين أكثر، وكلّما تأخّر الزمان كثر النزاع وحدث من الاختلاف بين المتأخرين ما لم يكن في الذين قبلهم، فإنَّ القرآن تضمّن الأمر بأوامر ظاهرة وباطنة، والنهي عن منَاهٍ ظاهرة وباطنة، ورسول الله ? بيَّن مقادير الصلوات ومواقيتها وصفاتها، والزكوات ونصبها ومقاديرها، وكذلك سائر العبادات، وعامة هذه الأمور نقلتها الأمة نقلاً عاماًّ متواتراً خلَفاً عن سلف، وحصل العلم الضروري للخلق بذلك كما حصل لهم العلم الضروري بأنَّه بلغهم ألفاظها، وأنَّه قاتل المشركين وأهل الكتاب، وأنَّه بُعث بمكة وهاجر إلى المدينة، وأنَّه دعا الأمة إلى أن شهدوا أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله، وأخبرهم أنَّ هذا القرآن كلام الله الذي تكلّم به لا كلامه ولا كلام مخلوق، وأنَّه ليس قول البشر، وأنَّه علمهم أنَّ ربه فوق سمواته على عرشه، وأنَّ المَلَك نزل من عنده إليه، ثم يعرج إلى ربِّه، وأنَّ ربّه يسمع ويرى ويتكلّم وينادي ويحب ويبغض ويرضى ويغضب، وأنَّ له يدَيْن ووجهاً، وأنَّه يعلم السِرَّ وأخفى، فلا يخفى عليه خافية في السماء ولا في الأرض، وأنَّه يقيمهم من قبورهم أحياء بعدما مزّقهم البِلى إلى دار النعيم أو إلى الجحيم)) ().
ثمَّ ((إنَّ الله -سبحانه- وصف نفسه بأنّه بيّن لعباده غاية البيان، وأمر رسوله بالبيان، وأخبر أنَّه أنزل عليه كتابه ليبيّن للناس، ولهذا قال الزهري: ((مِن الله البيان، وعلى رسوله البلاغ، وعلينا التسليم)) ()، فهذا البيان الذي تكفّل به -سبحانه-، وأمر به رسوله، إما أن يكون المراد به بيان اللفظ وحده، أو المعنى وحده، أو اللفظ والمعنى جميعاً، ولا يجوز أن يكون المراد به بيان اللفظ دون المعنى، فإنَّ هذا لا فائدة فيه، ولا يحصل به مقصود الرسالة، وبيان المعنى وحده بدون دليله وهو اللفظ الدال عليه ممتنع، فعُلم قطعاً أنَّ المراد بيان اللفظ والمعنى.
والله تعالى أنزل كتابه -ألفاظه ومعانيه-، وأرسل رسوله ليبيّن اللفظ والمعنى، فكما أنّا نقطع ونتيقّن أنّه بيَّن اللفظ، فكذلك نقطع ونتيقّن أنّه بيّن المعنى، بل كانت عنايته ببيان المعنى أشدّ من عنايته ببيان اللفظ، وهذا هو الذي ينبغي، فإنَّ المعنى هو المقصود، وأمَّا اللفظ فوسيلة إليه ودليل عليه، فكيف تكون عنايته بالوسيلة أهمّ من عنايته بالمقصود؟، وكيف نتيقّن بيانه للوسيلة ولا نتيقّن بيانه للمقصود؟، وهل هذا إلا من أبين المحال؟
فإنْ جاز عليه ألاّ يبيّن المراد من ألفاظ القرآن، جاز عليه ألاّ يبيّن بعض ألفاظه، فلو كان المراد منها خلاف حقائقها وظواهرها ومدلولاتها وقد كتمه عن الأمة، ولم يبيّنه لها كان ذلك قدحاً في رسالته وعِصمته، وفتحاً للزنادقة والملاحدة من الرافضة وإخوانهم بابَ كتمان بعض ما أنزل عليه، وهذا منافٍ للإيمان به وبرسالته)) ().
وقد أخبر الله -سبحانه وتعالى- أنَّه أكمل به الدِّين وأتمَّ به النعمة، وأمره أن يبلّغ البلاغ المبين كما في قوله تعالى: ? اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِيناً ? ()، وقوله: ? يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ? ().
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/51)
((ومحال مع هذا أن يدع أهم ما خلق له الخلق وأرسلت به الرسل، وأنزلت به الكتب، ونصبت عليه القبلة، وأسست عليه الملة، وهو باب الإيمان به ومعرفته ومعرفة أسمائه وصفاته وأفعاله ملتبساً مشتبهاً حقّه بباطله، لم يتكلّم فيه بما هو الحق، بل تلكّم بما ظاهره الباطل، والحق في إخراجه عن ظاهره، وكيف يكون أفضل الرسل وأجلّ الكتب غير وافٍ بتعريف ذلك على أتمِّ الوجوه، مبيّن له بأكمل البيان، موضح له غاية الإيضاح، مع شدّة حاجة النفوس إلى معرفته، ومع كونه أفضل ما اكتسبته النفوس، وأجلّ ما حصلته القلوب، ومن أبين المحال أن يكون أفضل الرسل ? قد علّم أمّته آداب البول، قبله وبعده ومعه، وآداب الوطء وآداب الطعام والشراب، ويترك أن يعلّمهم ما يقولونه بألسنتهم وتعتقده قلوبهم في ربهم ومعبودهم الذي معرفته غاية المعارف، والوصول إليه أجلّ المطالب، وعبادته وحده لا شريك له أقرب الوسائل، ويخبرهم فيه بما ظاهره باطل وإلحاد، ويحيلهم في فهم ما أخبرهم به على مستكرهات التأويلات، ومستنكرات المجازات، ثم يحيلهم في معرفة الحق على ما تحكم به عقولهم وتوجبه آراؤهم، هذا وهو القائل: ((تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلاّ هالك)) ()، وهو القائل: ((ما بعث الله من نبي إلاّ كان حقًّا عليه أن يدلَّ أمّته على خير ما يعلمه لهم وينهاهم عن شرِّ ما يعلمه لهم)) ()، وقال أبو ذر: ((لقد توفي رسول الله ? وما طائر يقلّب جناحيه في السماء إلا ذكّرنا منه علماً)) ()، وقال عمر بن الخطاب: ((قام فينا رسول الله ? مقاماً، فذكر بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم، وأهل النار منازلهم، حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه))، ذكره البخاري… ().
فكيف يتوهّم مَن لله ولرسوله ولدينه في قلبه وَقار أن يكون رسول الله ? قد أمسك عن بيان هذا الأمر العظيم ولم يتكلّم فيه بالصواب، بل تكلّم بما ظاهره خلاف الصواب؟، بل لا يتمّ الإيمان إلا باعتقاد أنَّ بيان ذلك قد وقع من الرسول على أتمِّ الوجوه، وأوضحه غاية الإيضاح، ولم يَدَع بعده لقائل مقالاً ولا لمتأوّل تأويلاً، ثم من المحال أن يكون خير الأمة وأفضلها وأعلمها وأسبقها إلى كلِّ فضل وهدى ومعرفة قصروا في هذا الباب فجفوا عنه أو تجاوزوا فغلوا فيه)) ().
ثمّ إنَّ الله -سبحانه وتعالى- قد حثَّ عباده على تدبّر القرآن وتعقّل آياته وفهم معانيه في مواطن عديدة في القرآن الكريم، فقال سبحانه: ? أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ? ()، وقال تعالى: ? أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً ? ()، وقال تعالى: ? كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَبَّرُوا آيَاتِهِ ? ()، وقال تعالى: ? وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا القُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ? ()، وقال تعالى: ? إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ? ()، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: ((فحضَّ على تدبّره وفقهه وعقله والتذكّر به والتفكر فيه، ولم يستثن من ذلك شيئاً؛ بل نصوص متعدّدة تصرّح بالعموم فيه مثل قوله: ? أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ?، وقوله: ? أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً ?، ومعلوم أن نفي الاختلاف عنه لا يكون إلاّ بتدبّره كلّه، وإلاَّ فتدبّر بعضه لا يوجب الحكم بنفي مخالفه ما لم يتدبّر لما تدبّر.
وقال علي ? لما قيل له: هل ترك عندكم رسول الله ? شيئاً؟، فقال: ((لا، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهماً يؤتيه الله عبداً في كتابه، وما في هذه الصحيفة)) (). فأخبر أنَّ الفهم فيه مختلف في الأمة، والفهم أخصُّ من العلم والحكم، قال الله تعالى: ? فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً ? ()، وقال النبي ?: ((رُبَّ مبلّغ أوعى من سامع)) ()، وقال: ((بلِّغوا عني ولو آية)) ()، وأيضاً فالسلف من الصحابة والتابعين وسائرالأمة قد تكلّموا في جميع نصوص القرآن آيات الصفات وغيرها، وفسّروها بما يوافق دلالتها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/52)
وبيانها، ورووا عن النبي ? أحاديث كثيرة توافق القرآن، وأئمة الصحابة في هذا أعظم من غيرهم مثل عبد الله بن مسعود الذي كان يقول: ((لو أعلم أعلمَ بكتاب الله مني تبلغه آباط الإبل لأتيته)) ()، وعبد الله بن عباس الذي دعا له النبي ? وهو حبر الأمة وترجمان القرآن كانا هما وأصحابهما من أعظم الصحابة والتابعين إثباتاً للصفات، ورواية لها عن النبي ?، ومَن له خبرة بالحديث والتفسير يعرف هذا، وما في التابعين أجلّ من أصحاب هذين السيّدين، بل وثالثهما في عليّة التابعين من جنسهم أو قريب منهم، ومثلهما في جلالته جلالة أصحاب زيد بن ثابت؛ لكن أصحابه مع جلالتهم ليسوا مختصين به بل أخذوا عن غيره مثل عمر وابن عمر وابن عباس، ولو كان معاني هذه الآيات منفياً ومسكوتاً عنه لم يكن ربانيو الصحابة أهل العلم بالكتاب والسنة أكثر كلاماً فيه.
ثم إنَّ الصحابة نقلوا عن النبي ? أنّهم كانوا يتعلمون منه التفسير مع التلاوة، ولم يذكر أحد منهم عنه قط أنَّه امتنع من تفسير آية، قال أبو عبدالرحمن السلمي: ((حدّثنا الذين كانوا يقرؤوننا القرآن عثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما أنّهم كانوا إذا تعلّموا من النبي ? عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يتعلّموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلّمنا القرآن والعلم والعمل)) ()، وكذلك الأئمة كانوا إذا سُئلوا عن شيء من ذلك لم ينفوا معناه بل يثبتون المعنى وينفون الكيفية كقول مالك بن أنس لما سئل عن قوله تعالى: ?الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? كيف استوى؟، فقال: ((الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة))، وكذلك ربيعة قبله، وقد تلقى الناس هذا الكلام بالقبول، فليس في أهل السنة مَن ينكره ... )) ().
فهذه هي طريقة أئمة السلف أهل السنة والجماعة في هذا الباب وفي جميع أبواب الدين، وقد لخّص الإمام ابن القيم -رحمه الله- طريقتهم هذه بقوله: ((كان أئمة السلف وأتباعهم يذكرون الآيات في هذا الباب، ثم يُتبعونها بالأحاديث الموافقة لها، كما فعل البخاري ومَن قبله ومَن بعده من المصنفين في السنة، فإنَّ الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وغيرهما يحتجون على صحة ما تضمّنته أحاديث النزول والرؤية والتكليم والوجه واليدين والإتيان والمجيء بما في القرآن، ويثبتون اتفاق دلالة القرآن والسنة عليها، وأنّهما من مشكاة واحدة، ولا ينكر ذلك مَن له أدنى معرفة وإيمان، وإنّما يحسن الاستدلال على معاني القرآن بما رواه الثقات عن الرسول ? ورثة الأنبياء، ثم يتبعون ذلك بما قاله الصحابة والتابعون أئمة الهدى.
وهل يخفى على ذي عقل سليم أنَّ تفسير القرآن بهذه الطريق خير مما هو مأخوذ عن أئمة الضلال وشيوخ التجهّم والاعتزال كالمريسي والجبّائي والنظّام والعلاّف وأضرابهم من أهل التفرّق والاختلاف الذين أحدثوا في الإسلام ضلالات وبدعاً، وفرّقوا دينهم وكانوا شيعاً، وتقطّعوا أمرهم بينهم كلُّ حزب بما لديهم فرحون.
فإذا لم يجز تفسير القرآن وإثبات ما دلّ عليه، وحصول العلم واليقين بسنن رسول الله ? الصحيحة الثابتة، وكلام الصحابة وتابعيهم، أفيجوز أن يرجع في معاني القرآن إلى تحريفات جهم وشيعته، وتأويلات العلاّف والنظام والجبّائي والمرّيسي وعبد الجبار وأتباعهم من كلِّ أعمى أعجمي القلب واللسان، بعيد عن السنة والقرآن، مغمور عند أهل العلم والإيمان؟)) ().
ويمكن أن نلخِّص ما تقدّم في ستة وجوه ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، فيها أوضح دلالة على أن المعنى معلوم ومطلوب من العباد العلم به:
((أحدها: أنَّ العادة المطَّرَدة التي جبل الله عليها بني آدم توجب عنايتهم بالقرآن ـ المنزّل عليهم ـ لفظاً ومعنىً؛ بل أن يكون عنايتهم بالمعنى أوكد، فإنَّه قد عُلم أنَّه مَن قرأ كتاباً في الطب أو الحساب أو النحو أو الفقه أو غير ذلك، فإنَّه لا بدَّ أن يكون راغباً في فهمه، وتصوُّر معانيه، فكيف بمن قرؤوا كتاب الله تعالى المنزل إليهم، الذي به هداهم الله، وبه عرّفهم الحق والباطل، والخير والشر، والهدى والضلال، والرشاد والغي؟!.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/53)
فمن المعلوم أنَّ رغبتهم في فهمه وتصور معانيه أعظم الرغبات؛ بل إذا سمع المتعلّم من العالم حديثاً فإنَّه يرغب في فهمه، فكيف بمن يسمعون كلام الله من المبلّغ عنه؟!، بل ومن المعلوم أنَّ رغبة الرسول ? في تعريفهم معاني القرآن أعظم من رغبته في تعريفهم حروفه، فإنَّ معرفة الحروف بدون المعاني لا تحصل المقصود؛ إذ اللفظ إنما يُراد للمعنى.
الوجه الثاني: إنَّ الله سبحانه وتعالى قد حضّهم على تدبّره وتعقّله واتباعه في غير موضع، كما قال تعالى: ? كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَبَّرُوا آيَاتِهِ ? ()، وقال تعالى: ? أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ? ()، وقال تعالى: ? أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا القَوْلَ أَمْ جَآءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَآءَهُمُ الأَوَّلِينَ ? ()، وقال تعالى: ? أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيرا ? ().
فإذا كان قد حضّ الكفار والمنافقين على تدبّره، علم أنَّ معانيه مما يمكن الكفار والمنافقين فهمها ومعرفتها، فكيف لا يكون ذلك ممكناً للمؤمنين، وهذا يبيّن أنَّ معانيه كانت معروفة بيّنة لهم.
الوجه الثالث: أنَّه قال تعالى: ? إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ? ()، وقال تعالى: ? إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ? ()، فبيّن أنَّه أنزله عربيًّا؛ لأنْ يعقلوا، والعقل لا يكون إلاّ مع العلم بمعانيه.
الوجه الرابع: أنّه ذمّ من لا يفهمه فقال تعالى: ? وَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَسْتُوراً وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً ? ()، وقال تعالى: ? فَمَا لِهؤَلاَءِ القَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً? ()، فلو كان المؤمنون لا يفقهونه أيضاً لكانوا مشاركين للكفار والمنافقين فيما ذمّهم الله تعالى به.
الوجه الخامس: أنَّه ذمّ من لم يكن حظّه من السماع إلا سماع الصوت دون فهم المعنى واتباعه، فقال تعالى: ? وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَآءً وَنِدَآءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ ? ()، وقال تعالى: ? أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ? ()، وقال تعالى: ? وَمِنْهُمْ مَن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمُ واتَّبَعُوا أَهْوَآءَهُم ? ()، وأمثال ذلك.
وهؤلاء المنافقون سمعوا صوت الرسول ? ولم يفهموا، وقالوا: ماذا قال آنفا؟، أي: الساعة، وهذا كلام من لم يفقه قوله، فقال تعالى: ? أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمُ واتَّبَعُوا أَهْوَآءَهُم ?.
فمن جعل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان غير عالمين بمعاني القرآن، جعلهم بمنزلة الكفار والمنافقين فيما ذمّهم الله تعالى عليه.
الوجه السادس: أنَّ الصحابة -رضي الله- عنهم فسّروا للتابعين القرآن، كما قال مجاهد: ((عرضت المصحف على ابن عباس من أوله إلى آخره، أقف عند كلِّ آية وأسأله عنها)) ().
ولهذا قال سفيان الثوري: ((إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به)). وكان ابن مسعود يقول: ((لو أعلم أحداً أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل لأتيته)) (). وكلُّ واحد من أصحاب ابن مسعود وابن عباس نقل عنه من التفسير ما لا يحصيه إلا الله، والنقول بذلك عن الصحابة والتابعين ثابتة معروفة عند أهل العلم بها)) ().
ثانياً: قوله: ((والكيف غير معقول)) فإنَّ العقول لا يمكن لها أن تدرك كيفية صفات الباري -سبحانه-، وقد نصّ الله على ذلك في قوله تعالى: ? يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ? ().
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/54)
قال الشيخ العلاّمة محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: ((فقوله: ?يُحِيطونَ بِه ? فعل مضارع والفعل الصناعي الذي يسمى بالفعل المضارع وفعل الأمر والفعل الماضي ينحل عند النحويين عن مصدر وزمن كما قال ابن مالك في الخلاصة ():
المصدر اسمُ ما سوى الزمان مِنْ مدلولي الفعل كأَمْنٍ مِنْ أَمِنْ
وقد حرّر علماء البلاغة في مبحث الاستعارة التبعية أنه ينحل عن مصدر وزمن ونسبة، فالمصدر كامن في مفهومه إجماعاً، فـ"يحيطون" في مفهومها الإحاطة، فيتسلّط النفي على المصدر الكامن في الفعل فيكون معه كالنكرة المبنية على الفتح، فيصير المعنى: لا إحاطة للعلم البشري برب السموات والأرض، فينفي جنس أنواع الإحاطة عن كيفيتها، فالإحاطة المسندة للعلم منفية عن رب العالمين، فلا يشكل عليكم بعد هذا صفة نزول ولا مجيء ولا صفة يد ولا أصابع ولا عجب ولا ضحك؛ لأنَّ هذه الصفات كلّها من باب واحد، فما وصف الله به نفسه منها فهو حق، وهو لائق بكماله وجلاله لا يشبه شيئاً من صفات المخلوقين، وما وُصف به المخلوقون منها فهو حق مناسب لعجزهم وفنائهم وافتقارهم، وهذا الكلام الكثير أوضحه الله في كلمتين ? لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ?، ? لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ? تنزيه بلا تعطيل، ? وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ? إيمان بلا تمثيل، فيجب من أول الآية وهو ? لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ? التنزيه الكامل الذي ليس فيه تعطيل، ويلزم من قوله: ? وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ? الإيمان بجميع الصفات الذي ليس فيه تمثيل، فأول الآية وآخرها إيمان، ومن عمل بالتنزيه الذي في ? لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ? والإيمان الذي في قوله: ? وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ? وقطع النظر عن إدراك الكنه والكيفية المنصوص في قوله: ? وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ? خرج سالماً)) ().
وروى أحمد وأبو داود وغيرهما عن معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-: ((أنَّ النبي ? نهى عن الأغلوطات)) ().
قال عيسى بن يونس: ((والأغلوطات ما لا يحتاج إليه من كيف وكيف)) ().
وقال الخطابي: ((وفيه كراهية التعمّق فيما لا حاجة للإنسان إليه من المسائل ووجوب التوقّف عمّا لا علم للمسؤول به)) ().
والله - تبارك وتعالى- لم يكلّف عباده ولم يأمرهم بالبحث عن كيفية صفاته ولا أراد منهم ذلك، بل لم يجعل لهم سبيلاً إليه، ((ولهذا لمّا سئل مالك وغيره من السلف عن قوله تعالى: ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? قالوا: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وكذلك قال ربيعة شيخ مالك قبله: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، ومن الله البيان، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا الإيمان.
فبيَّن أنَّ الاستواء معلوم، وأنَّ كيفية ذلك مجهول، ومثل هذا يوجد كثيراً في كلام السلف والأئمة، ينفون علم العباد بكيفية صفات الله، وأنَّه لا يعلم كيف الله إلاَّ الله، فلا يعلم ما هو إلاَّ هو، وقد قال النبي ?: ((لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك))، وهذا في صحيح مسلم وغيره ()، وقال في الحديث الآخر: ((اللّهم إني أسألك بكلّ اسم هو لك سمّيت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علّمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك))، وهذا الحديث في المسند وصحيح أبي حاتم ()، وقد أخبر فيه أنَّ لله من الأسماء ما استأثر به في علم الغيب عنده)) ().
بل إنَّ المخلوقَ عاجزٌ عن إدراك كنه كثير من المخلوقات وكيفيتها، فلأن يكون عن إدراك كنه صفات الباري وكيفيتها أعجز من باب أولى، قال رُسته: سمعتُ ابن مهدي يقول لفتى من ولد الأمير جعفر بن سليمان: ((بلغني أنَّك تتكلّم في الرب، وتصفه وتشبهه. قال: نعم، نظرنا فلم نر من خلق الله شيئاً أحسن من الإنسان، فأخذ يتكلّم في الصفة، والقامة، فقال له: رُويدك يا بنيّ حتى نتكلّم أول شيء في المخلوق، فإن عجزنا عنه فنحن عن الخالق أعجز، أخبرني عمّا حدّثني شعبة، عن الشيباني، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله: ? لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ? () قال: ((رأى جبريل له ستمائة جناح)) ()، فبقي الغلام ينظر، فقال: أنا أُهوِّن عليك صِفْ لي خلقاً له ثلاثة أجنحة، وركّب الجناح الثالث منه موضعاً حتى أعلم، قال: يا أبا سعيد عجزنا عن صفة المخلوق، فأُشهدك أني قد عجزتُ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/55)
ورجعتُ)) ().
وقال أبو يحيى زكريا الساجي: حدّثنا المزني: قال: قلت: ((إن كان أحدٌ يخرجُ ما في ضميري، وما تعلّقَ به خاطري من أمر التوحيد فالشافعي، فصِرتُ إليه وهو في مسجد مصر، فلما جثوت بين يديه قلت: هجس في ضميري مسألة في التوحيد، فعلمت أنَّ أحداً لا يعلم علمك، فما الذي عندك؟، فغضب، ثم قال: أتدري أين أنت؟ قلت: نعم، قال: هذا الموضع الذي أغرق الله فيه فرعون، أبلَغك أنَّ رسول الله ? أمر بالسؤال عن ذلك؟، قلت: لا، قال: هل تكلّم فيه الصحابة؟، قلت: لا، قال: تدري كم نجماً في السماء؟، قلت: لا، قال: فكوكبٌ منها تعرف جنسَه، طلوعَه، أفولَه، ممّ خُلق؟، قلت: لا، قال: فشيء تراه بعينك من الخلق لستَ تعرفه، تتكلّم في علم خالقه؟!، ثم سألني عن مسألة في الوضوء، فأخطأتُ فيها، ففرّعها على أربعة أوجه، فلم أُصب في شيء منه، فقال: شيء تحتاج إليه في اليوم خمس مرّات، تدعُ علمه، وتتكلّف علمَ الخالق، إذا هجس في ضميرك ذلك، فارجع إلى الله وإلى قوله تعالى: ? وَإِلهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ? الآية ()، فاستدِلَّ بالمخلوق على الخالق، ولا تتكلّف علمَ ما لم يبلغه عقلك، قال: فتبتُ)) ().
وقال القاضي أبو يعلى في كتابه إبطال التأويلات: ((والله إنّا لعاجزون كالّون حائرون باهتون في حدّ الروح التي فينا، وكيف تعرج كلَّ ليلة إذا توفّاها بارئها، وكيف يرسلها؟، وكيف تستقلّ بعد الموت؟، وكيف حياة الشهيد المرزوق عند ربّه بعد قتله؟، وكيف حياة النبيين الآن؟، وكيف شاهد النبي ? أخاه موسى يصلي في قبره قائماً، ثم رآه في السماء السادسة وحاوره، وأشار عليه بمراجعة رب العالمين، وطلب التخفيف منه على أمته؟، وكيف ناظر موسى أباه آدم، وحجّه آدم بالقدر السابق، وبأنَّ اللّوم بعد التوبة وقبولها لا فائدة فيه؟، وكذلك نعجز عن وصف هيأتنا في الجنة، ووصف الحور العين، فكيف بنا إذا انتقلنا إلى الملائكة وذواتهم وكيفياتها؟، وأنّ بعضهم يمكنه أن يلتقم الدنيا في لقمة مع رونقهم وحسنهم وصفاء جوهرهم النوراني، فالله أعلى وأعظم، وله المثل الأعلى والكمال المطلق، ولا مثل له أصلا ? آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ?)) ().
وممّا يعين المسلم على قطع الطمع عن إدراك كيفية صفات الباري -سبحانه-، اعتقاده وإيمانه بأنَّ الله أكبر من كلِّ شيء، فإذا اعتقد المسلم وآمن بأنّ الله -سبحانه وتعالى- أكبر من كلِّ شيء، وأنّ كلَّ شيء مهما كبر يصغر عند كبرياء الله وعظمته، علمَ من خلال ذلك علم اليقين أن كبرياءَ الربِّ وعظمتَه وجلالَه وجمالَه وسائرَ أوصافه ونعوته أمرٌ لا يمكن أن تحيط به العقول أو تتصوّره الأفهام أو تدركه الأبصار والأفكار، فالله أعظم وأعظم من ذلك، بل إنّ العقولَ والأفهامَ عاجزةٌ عن أن تدركَ كثيراً من مخلوقات الرب -تبارك وتعالى-، فكيف بالرب -سبحانه-.
ثبت عن ابن مسعود ? أنّه قال: ((بين السماء الدنيا والتي تليها خمسمائة عام، وبين كلِّ سماء وسَمَاءٍ خمسمائة عام، وبين السماء السابعة والكرسيِّ خمسمائة عام، وبين الكرسيِّ والماء خمسمائة عام، والعرش فوق الماء، والله فوق العرش، لا يخفى عليه شيء من أعمالكم)) ().
وروي عن زيد بن أسلم ? قال: قال رسول الله ?: ((ما السموات السبع في الكرسي إلاّ كدراهم سبعة أُلقيت في تُرس)) ().
وقال أبو ذر ?: سمعت رسول الله ? يقول: ((ما الكرسي في العرش إلاّ كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض)) ().
وليتأمّل المسلم في عظم السماء بالنسبة إلى الأرض، وعظم الكرسيِّ بالنسبة إلى السماء، وعِظم العرش بالنسبة إلى الكرسيِّ، فإنّ العقولَ عاجزةٌ عن أن تدرك كمال هذه الأشياء أو أن تحيط بكُنْهِها وكيفيتها، فكيف بالأمر إذاً في الخالق -سبحانه-، فهو أكبر وأجلُّ من أن تعرف العقولُ كُنْهَ صفاته أو تدرك الأفهامُ كبرياءَه وعظمتَه، ولهذا جاءت السنةُ بالنهي عن التفكّر في الله؛ لأنّ الأفكار والعقول لا تدرك كنه صفاته، فالله أكبر من ذلك، قال ?: ((تفكّروا في آلاء الله، ولا تفكّروا في الله ?)) ().
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/56)
والتفكّرُ المأمور به هنا كما يبيّن ابن القيّم -رحمه الله - هو إحضار معرفتين في القلب ليستثمر منهما معرفة ثالثة ()، وهذا يتضح بالمثال، فالمسلم إذا أحضر في قلبه كبر هذه المخلوقات من سموات وأرض وكرسي وعرش ونحو ذلك، ثم أحضر في قلبه عجزه عن إدراك هذه الأشياء والإحاطة بها حصل له بذلك معرفة ثالثة وهي عظمة وكبرياء خالق هذه الأشياء وعجز العقول عن أن تدرك صفاته أو تحيط بنعوته -سبحانه-، يقول -سبحانه-: ? وَقُلِ الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ? ()، فالله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً.
ثالثاً: وأمَّا قوله: ((والإيمان به واجب)) أي: الاستواء الذي وصف الرب به نفسه في كتابه، ووصفه به رسوله ? في سنّته، وهكذا الشأن في جميع الصفات الواردة في الكتاب والسنة، يجب الإيمان بها وإمرارها كما جاءت دون تعرّض لها بردّ أو تحريف أو تكييف أو تمثيل أو غير ذلك، ولهذا ندب الله عباده وحثّهم ورغّبهم في مواطن كثيرة من القرآن الكريم على تعلّم أسماء الرب وصفاته والإيمان بها ومعرفتها معرفة صحيحة سليمة.
يقول الله تعالى: ? وَللهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ? ()، وقال تعالى: ? قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوْ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاًمَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى ? ()، وقال تعالى: ? هُوَ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلاَمُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهَ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللهُ الخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَواتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ? ()، وقال تعالى: ? اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضَ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيء عِلْماً ? ()، وقال تعالى: ? فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ? () وقال: ? وَاعْلَمُوا اَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ? ()، وقال: ?وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ? ()، وقال: ? وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ? ()، وقال: ? وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ? ()، وقال: ? وَاعْلَموا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ? ()، وقال: ? اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ وَأَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ? ()، وقال: ? فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ المَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرِ ? ()، وقال: ? وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ ? ()، وقال: ? وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ? ()، وقال: ?فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ? ()، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
فهذه الآيات وما في معناها تدلّ أوضح الدلالة على أهمية الإيمان بأسماء الرب -تبارك وتعالى- الحسنى، وصفاته العظيمة، وأنَّ ذلك من أصول الإيمان الراسخة، وأسسه العظيمة التي لا إيمان إلاّ بها، فمن جحدها أو جحد شيئاً منها فليس بمؤمن، كما قال الله تعالى: ? وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ ?، قال ذلك -سبحانه- في شأن من ينكر اسمه الرحمن، فكيف بمن ينكر أسماءه جميعها أو صفاته كلَّها؟!.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/57)
وقال تعالى في شأن من شك في صفة واحدة: ? وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مَمَّا تَعْمَلُونَ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ ? ()، فهؤلاء حصل منهم شك في صفة العلم، فظنوا أنَّ الله لا يعلم كثيراً من أعمالهم، فترتّب على هذا الظنّ الفاسد والاعتقاد الباطل تردّيهم في مهاوي الباطل وأودية الضلال، فكيف إذاً بمن عنده شك في جميع الصفات أو غالبها؟!.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن مسعود ?: ? وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ ? الآية: ((كان رجلان من قريش وخَتَنٌ لهما من ثقيف أو رجلان من ثقيف وخَتَنٌ لهما من قريش في بيت، فقال بعضهم: أترون أنَّ الله يسمع حديثنا؟، قال بعضهم: يسمع بعضه، وقال بعضهم: لئن كان يسمع بعضه لقد يسمع كلّه، فأنزلت: ? وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ ?)) ().
هذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم: عن ابن مسعود قال: ((اجتمع عند البيت ثلاثة نفر، قرشيّان وثقفي، أو ثقفيان وقرشي، قليلٌ فقه قلوبهم، كثير شحم بطونهم، فقال أحدهم: أترون الله يسمع ما نقول؟، وقال الآخر: يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا؟، وقال الآخر: إن كان يسمع إذا جهرنا فهو يسمع إذا أخفينا، فأنزل الله ?: ? وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ ?)) ().
وقال -تعالى- في شأن من لم ينزّه الله عمّا نزّه عنه نفسه مما لا يليق بجلاله وكماله -سبحانه- من النقائص والعيوب: ? وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الجِبَالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ? () فهؤلاء غلطوا في صفة من صفات التنزيه ـ تنزيه الله عن الولد ـ فهو -سبحانه- الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحدٌ، وقد وصف الرب -سبحانه- غلطهم هذا بأنَّه ? إِدًّا ? أي عظيماً بالغ العظمة والخطورة، تكاد السموات على اتّساعها أن تتفطّر منه، والأرض على ترامي أطرافها أن تنشقّ والجبال على قُوَّتها وصلابتها أن تخرَّ هداًّ، كلُّ ذلك بسبب تفوُّه هؤلاء بهذه المقالة الجائرة، المشتملة على هذا الغلط الفاحش في صفة من صفات الرب سبحانه، فكيف الشَّأن بمن كثرت أغلاطهم في هذا الباب، وتنوَّع باطلهم فيه؟!
وروى البخاري ومسلم عن أمِّ المؤمنين عائشة –رضي الله عنها- أنَّ النبي ? بعث رجلاً على سريّة وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم بـ ? قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ?، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي ? فقال: ((سلوه لأيِّ شيء يصنع ذلك؟، فسألوه فقال: لأنَّها صفة الرحمن، وأنا أحبُّ أن أقرأ بها، فقال النبي ?: أخبروه أنَّ الله يحبُّه)) ().
وقد دلَّ هذا الحديث على عظم شأن الإيمان بصفات الرب ومحبّتها والحرص على تعلُّمها، وأنَّ ذلك سببٌ عظيمٌ من أسباب دخول الجنة ونيل رضى الرب -سبحانه-.
وروى عبد الرزاق في مصنّفه عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنَّه رأى رجلاً انتفض لما سمع حديثاً عن النبي ? في الصفات استنكاراً لذلك، فقال: ((ما فَرَقُ هؤلاء؟، يجدون رقّة عند محكمه ويهلكون عند متشابهه)) ().
وصفات الله الواردة في القرآن والسنة جميعها من المحكم، إلاّ أنَّ هذا الرجل لقلّة علمه وضعف تفريقه اشتبه عليه الأمر فبادر إلى الاستنكار، فأنكر عليه ابن عباس -رضي الله عنهما- ذلك وأخبر أنَّ هذا الاستنكار سبيل هلكه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/58)
والشاهد من جميع ما تقدّم أنَّ الإيمان بأسماء الرب وصفاته الواردة في كتابه وسنة نبيِّه محمد ? يجب الإيمان بها جميعها، والإيمان بها داخل في الإيمان بالله بل هو ركن من أركان الإيمان بالله؛ لأنَّ الإيمان بالله يقوم على أركان ثلاثة هي: الإيمان بوحدانية الله في ربوبيته، والإيمان بوحدانيته في ألوهيته، والإيمان بوحدانيته في أسمائه وصفاته ().
ولذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مقدمة العقيدة الواسطية: ((ومن الإيمان بالله الإيمانُ بما وصف به نفسه في كتابه وبما وصفه به رسوله ? من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، بل يؤمنون بأنَّ الله -سبحانه- ? لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ? ()، فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه، ولا يحرفون الكلم عن مواضعه، ولا يلحدون في أسماء الله وآياته، ولا يكيِّفون ولا يمثِّلون صفاته بصفات خلقه .. ؛ لأنه –سبحانه- لا سميّ له ولا كفء ولا ندّ له، ولا يقاس بخلقه –سبحانه وتعالى-، فإنه أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلاً وأحسن حديثاً من خلقه، ثم رسله صادقون مصدَّقون بخلاف الذين يقولون على الله ما لا يعلمون، ولهذا قال: ? سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلاَمٌ عَلَى المُرْسَلِينَ وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ ? ()، فسبّح نفسه عما وصفه به المخالفون للرسل وسلّم على المرسلين لسلامة ما قالوه من النقص والعيب.
وهو -سبحانه- قد جمع فيما وصف وسمّى به نفسه بين النفي والإثبات، فلا عدول لأهل السنة والجماعة عما جاء به المرسلون، فإنَّه الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين)).
رابعاً: وأما قوله: ((والسؤال عنه بدعة)) فلأنَّ السؤال عنه والبحث فيه أمرٌ لم يشرع للعباد، بل دلّت النصوص على عدم إمكان ذلك، وأنَّه لا سبيل إلى العلم به.
ولهذا فإنَّه من خاض فيه وبحث عن علمه يكون قد قال على الله بلا علم، وقد قال الله تعالى: ? أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ? ().
وهذا من أعظم المحرّمات، وقد قال الله تعالى: ? قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ ما ظهر منها وما بطن والإِثْمَ والبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ? ().
وقفا ما ليس له به علم، وقد قال الله تعالى: ? وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً ? ().
وتقدّم بعقله القاصر بين يدي الله ورسوله، وقد قال الله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ? ().
ثم إنَّه قد ورد في القرآن والسنة النهي عن الأسئلة عن الأمور المغيبة، وعن الأمور التي عفا الله عنها فلم يوجبها ولم يحرِّمها، وكذلك عن سؤال التعنُّت والأغلوطات، قال الله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ? ().
وقد ثبت في الحديث عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي ? قال:
((دعوني ما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرةُ سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم)) ().
قال الشيخ العلاّمة عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله- في شرح هذا الحديث: ((ومما يدخل في هذا الحديث السؤال عن كيفية صفات الباري؛ فإنَّ الأمر في الصفات كلّها كما قال الإمام مالك لمن سأله عن كيفية الاستواء على العرش؟، فقال: ((الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة))، فمن سأل عن كيفية علم الله، أو كيفية خلقه وتدبيره، قيل له: فكما أنَّ ذات الله -تعالى- لا تشبهها الذوات، فصفاته لا تشبهها الصفات، فالخلق يعرفون الله ويعرفون ما تعرّف لهم به من صفاته وأفعاله، وأما كيفية ذلك، فلا يعلم تأويله إلاّ الله)) ().
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/59)
فهذه بعض الشواهد لقول الإمام مالك -رحمه الله- ((الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة))، والمقصود هنا هو الإشارة إلى بعض الشواهد فقط، وإلاّ فإنَّ استقصاء ذلك يطول.
المبحث الثالث: ذكرُ نظائر هذا الأثر مما جاء عن السلف الصالح
إنَّ لقول الإمام مالك -رحمه الله- هذا نظائرَ كثيرةً جداًّ عند أئمّة السلف وأهل العلم، وسوف أتناول في هذا المبحث -إن شاء الله- ذكر بعض نظائره، لكن يحسن قبل ذلك الإشارةُ إلى أنَّ هذا اللفظ المنقول عن مالك والمشهور عنه -رحمه الله- قد سبقه إليه شيخُه ربيعةُ الرأي، ويُروى قبل ذلك عن أمِّ سلمة زوج النبي ? لكن من وجه لا يثبت عنها -رضي الله عنها-.
روى اللالكائي في شرح الاعتقاد، والصابوني في عقيدة السلف، وابن قدامة في إثبات صفة العلوّ، والذهبي في العلوّ من طريق أبي كنانة محمد بن الأشرس الورّاق، حدّثنا أبو عمير الحنفي، عن قُرَّة بن خالد عن الحسن، عن أمِّه، عن أمِّ سلمة في قوله تعالى: ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? قالت: ((الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإقرار به إيمان، والجحود به كفر)) ().
قال شيخ الإسلام: ((وقد رُوي هذا الجواب عن أمِّ سلمة -رضي الله عنها- موقوفاً ومرفوعاً، ولكن ليس إسناده مما يُعتمد عليه)) ().
وقال الذهبي: ((هذا القول محفوظ عن جماعة كربيعة الرأي، ومالك الإمام، وأبي جعفر الترمذي، فأما عن أم سلمة فلا يصح؛ لأنَّ أبا كنانة ليس بثقة، وأبو عمير لا أعرفه)) ().
وقال الذهبي في ذيل ديوان الضعفاء والمتروكين عن ابن الأشرس: ((له مناكير، ليس بشيء)) ().
أما أثرُ ربيعة الرأي فقد رواه اللالكائي في شرح الاعتقاد وابن قدامة في العلوّ من طريق يحيى بن آدم عن ابن عيينة قال: سئل ربيعة عن قوله: ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? كيف استوى؟، قال: ((الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ومن الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التصديق)) ().
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((روى الخلال بإسناد كلهم ثقات عن سفيان بن عيينة قال: سئل ربيعة بن أبي عبد الرحمن .. )) فذكره ().
ورواه الذهبي في العلوّ من طريق النجَّاد قال: حدّثنا معاذ بن المثنى حدّثني محمد بن بشر حدّثنا سفيان [وهو الثوري] قال: ((كنت عند ربيعة بن أبي عبدالرحمن ... )) فذكره ().
قال الألباني: ((وهو صحيح)) ().
ورواه البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عبد الله بن صالح بن مسلم قال: سئل ربيعة الرأي عن قول الله -تبارك وتعالى-: ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? كيف استوى؟، قال: ((الكيف مجهول، والاستواء غير معقول، ويجب عليَّ وعليكم الإيمان بذلك كلِّه)) ().
هكذا لفظه: ((الكيف مجهول، والاستواء غير معقول))، وهو مخالف للفظ السابق في الطريقين المتقدِّمين، وفي إسناده عبد الله بن صالح بن مسلم وهو أبو صالح المصري كاتب الليث، قال الحافظ في التقريب: ((صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة)).
ثم هو أيضاً لم يدرك ربيعة، فقد كان مولده سنة سبع وثلاثين ومائة كما في ترجمته في تهذيب الكمال ()، وكانت وفاة ربيعة الرأي على الصحيح كما في التقريب لابن حجر () سنة ست وثلاثين ومائة.
أورد هذه الآثار الثلاثة ـ أعني أثر أم سلمة وربيعة ومالك ـ ابنُ قدامة في كتابه ((ذمّ التأويل)) ثم قال: ((وهذه الأقوال الثلاثة متقاربة المعنى واللفظ، فمن المحتمل أن يكون ربيعة ومالك بلغهما قول أم سلمة فاقتديا بها وقالا مثل قولها لصحته وحسنه وكونه قول إحدى أزواج النبي ?، ومن المحتمل أن يكون الله تعالى وفقهما للصواب وألهمهما من القول السديد مثل ما ألهمها)) ().
وقد تقدّم أنَّ أثر أم سلمة -رضي الله عنها- لم يثبت عنها، فلم يبق إلاّ الاحتمال الثاني وهو أنَّ الله وفقهما للصواب وألهمهما هذا القول السديد، وربما أنَّ مالكاً -رحمه الله- سمعه من شيخه فاقتدى به، أو أنَّه لم يسمعه منه ولكن وُفِّق إليه كما وُفِّق إليه شيخه.
وذكر الذهبي في كتابه الأربعين أنَّ هذا الأثر يروى أيضاً عن وهب بن منبِّه ()، لكن لم أقف عليه في مصادر التخريج.
ويشبه تماماً قولَ ربيعة ومالك هذا قولُ أبي جعفر الترمذي (ت295هـ) -رحمه الله- عندما سُئل عن صفة النزول.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/60)
قال الخطيب البغدادي: حدّثني الحسن بن أبي طالب قال: نبّأنا أبو الحسن منصور بن محمد بن منصور القزاز قال: سمعت أبا الطيب أحمد بن عثمان السمسار والد أبي حفص بن شاهين يقول: حضرت عند أبي جعفر الترمذي فسأله سائل عن حديث النبي ?: ((إنَّ الله تعالى ينزل إلى سماء الدنيا ... ))، فالنزول كيف يكون يبقى فوقه علوّ؟!، فقال أبو جعفر الترمذي: ((النزول معقول، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة)))) ().
وأورده الذهبي في العلوّ، قال الألباني -حفظه الله-: ((وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات ... )) ().
وعلّق الذهبيُّ على هذا الأثر بقوله: ((صدق فقيهُ بغداد وعالمُها في زمانه؛ إذ السؤال عن النزول ما هو؟ عيٌّ؛ لأنَّه إنما يكون السؤال عن كلمة غريبة في اللغة، وإلاّ فالنزول والكلام والسمع والبصر والعلم والاستواء عباراتٌ جليّةٌ واضحةٌ للسامع، فإذا اتّصف بها من ليس كمثله شيء، فالصفة تابعةٌ للموصوف، وكيفية ذلك مجهولة عند البشر، وكان هذا الترمذي من بحور العلم ومن العباد الورعين. مات سنة خمس وتسعين ومائتين)) ().
ويشبه هذا الأثر إلى حدٍّ ما ما أجاب به سهل بن عبد الله التستري (ت283هـ) عندما سُئل عن القدر.
قال الحافظ اللالكائي: أخبرنا محمد بن إبراهيم النجيرمي، قال: ثنا أبو عبيد محمد بن عليّ بن حيدرة، قال: ثنا أبو هارون الأُبُلِّي وكان ممن صحب سهل بن عبد الله، وكان رجلاً صالحاً، وكان يُقرئنا القرآن في المسجد الجامع، قال: سُئل سهل بن عبد الله عن القدر، فقال: ((الإيمان بالقدر فرضٌ، والتكذيب به كفرٌ، والكلام فيه بدعةٌ، والسكوت عنه سنةٌ)) ().
ثم إنَّ لأهل العلم أقوالاً كثيرةً جداًّ مماثلة لقول الإمام مالك هذا، وتُؤدّي إلى مقصوده، وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: ((وهكذا سائر الأئمّة قولهم يوافق قول مالك ... )) ().
ومن أقوال السلف المماثلة لقول مالك ما يلي:
1 ـ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((روى أبو بكر الخلال في كتاب السنة عن الأوزاعي قال: سئل مكحول والزهري عن تفسير الأحاديث فقالا: ((أمرّوها كما جاءت))، وروى أيضاً عن الوليد ابن مسلم قال: سألت مالك ابن أنس وسفيان الثوري والليث بن سعد والأوزاعي عن الأخبار التي جاءت في الصفات، فقالوا: ((أمرُّوها كما جاءت))، ـ وفي رواية قالوا: ((أمرُّوها كما جاءت بلا كيف)) ـ وقولهم -رضي الله عنهم-: ((أمرّوها كما جاءت)) ردٌّ على المعطِّلة، وقولهم: ((بلا كيف)) ردٌّ على الممثِّلة، والزهري ومكحول هما أعلم التابعين في زمانهم، والأربعة الباقون أئمة الدنيا في عصر تابعي التابعين، ومن طبقتهم حماد بن زيد وحماد بن سلمة وأمثالهما ... )).
وأورد أثر مالك وربيعة ثم قال: ((فقول ربيعة ومالك ((الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب)) موافق لقول الباقين: ((أمرُّوها كما جاءت بلا كيف))، فإنما نفوا علم الكيفية ولم ينفوا حقيقة الصفة، ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرّد من غير فهم لمعناه على ما يليق بالله لما قالوا ((الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول))، ولما قالوا: ((أمرّوها كما جاءت بلا كيف))، فإنَّ الاستواء حينئذ لا يكون معلوماً، بل مجهول بمنزلة حروف المعجم، وأيضاً فإنَّه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ معنى، إنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا أُثبتت الصفات.
وأيضاً فإنَّ من ينفي الصفات الخبرية أو الصفات مطلقاً لا يحتاج إلى أن يقول: ((بلا كيف))، فمن قال: إنَّ الله ليس على العرش، لا يحتاج أن يقول: بلا كيف، فلو كان مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر لما قالوا: بلا كيف.
وأيضاً فقولهم: ((أمرّوها كما جاءت)) يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه، فإنها جاءت ألفاظاً دالَّة على معاني، فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال أمرّوا لفظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد، أو: أمرّوا لفظها مع اعتقاد أنَّ الله لا يوصف بما دلّت عليه حقيقةً، وحينئذ تكون قد أُمرَّت كما جاءت، ولا يقال حينئذٍ: ((بلا كيف))؛ إذ نفي الكيف عما ليس بثابت لغو من القول.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/61)
وروى الأثرم في السنة وأبو عبد الله بن بطة في الإبانة وأبو عمرو الطلمنكي وغيرهم بإسناد صحيح عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون ـ وهو أحد أئمة المدينة الثلاثة الذين هم: مالك بن أنس وابن الماجشون وابن أبي ذئب ـ وقد سُئل عما جحدت به الجهمية: ((أما بعد فقد فهمتُ ما سألتَ فيما تتابعت الجهمية ومن خلفها في صفة الرب العظيم الذي فاقت عظمته الوصف والتدبر، وكلّت الألسن عن تفسير صفته، وانحصرت العقول دون معرفة قدرته، وردت عظمته العقول فلم تجد مساغاً فرجعت خاسئة وهي حسيرة، وإنما أُمروا بالنظر والتفكير، فيما خلق بالتقدير، وإنما يقال: ((كيف)) لمن لم يكن مرّة ثم كان، فأما الذي لا يحول ولا يزول ولم يزل وليس له مثل، فإنه لا يعلم كيف هو إلاّ هو، وكيف يعرف قدر من لم يبدأ، ومن لا يموت ولا يبلى؟، وكيف يكون لصفته شيء منه حدٌّ أو منتهى يعرفه عارف، أو يحدُّ قدره واصف؟، على أنَّه الحق المبين لا حق أحق منه ولا شيء أبين منه، الدليل على عجز العقول عن تحقيق صفته عجزها عن تحقيق صفة أصغر خلقه، لا تكاد تراه صغراً، يحول ويزول، ولا يُرى له سمع ولا بصر، لما يتقلّب به ويحتال من عقله أعضل بك وأخفى عليك مما ظهر من سمعه وبصره، فتبارك الله أحسن الخالقين، وخالقهم، وسيِّد السادة، وربُّهم، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
اعرف -رحمك الله- غناك عن تكلف صفة ما لم يصف الرب من نفسه بعجزك عن معرفة قدر ما وصف منها، إذا لم تعرف قدر ما وصف فما تكلّفك علم ما لم يصف؟!، هل تستدل بذلك على شيء من طاعته؟، أو تزجر به عن شيء من معصيته؟ …)).
إلى أن قال: ((فما وصف الله من نفسه فسماه على لسان رسوله ? سميناه كما سماه، ولم تتكلّف منه صفة ما سواه، لا هذا ولا هذا، ولا نجحد ما وصف، ولا نتكلّف معرفة ما لم يصف …))، إلى آخر كلامه -رحمه الله- ().
2 ـ وقال إسماعيل بن علي الأبلي: سمعت سهل بن عبد الله بالبصرة سنة ثمانين ومئتين يقول: ((العقل وحده لا يدل على قديم أزليّ فوق عرش محدث، نصبه الحق دلالة وعلَماً لنا لتهتدي القلوب به إليه ولا تتجاوزه، ولم يكلّف القلوبَ علم ماهية هُويّته، فلا كيف لاستوائه عليه، ولا يجوز أن يُقال: كيف الاستواء لمن أوجد الاستواء؟، وإنَّما على المؤمن الرضى والتسليم لقول النبي ?: ((إنَّه على عرشه))، وقال: إنَّما سُمي الزنديق زنديقاً؛ لأنَّه وَزَن دِقَّ الكلام بمخبول عقله وقياس هوى طبعه، وترك الأثر والاقتداء بالسنة، وتأوّل القرآن بالهوى، فسبحان من لا تكيّفه الأوهام، في كلام نحو هذا)) ().
3 ـ وقال الإمام أبو حنيفة في كتابه الفقه الأكبر: ((فما ذكره الله تعالى في القرآن من ذِكر الوجه واليد والنفس فهو له صفاتٌ بلا كيف، ولا يُقال إنَّ يده قدرته أو نعمته؛ لأنَّ فيه إبطال الصفة، هو قول أهل القدر والاعتزال، ولكن يده صفتُه بلا كيف، وغضبه ورضاه صفتان من صفاته بلا كيف)) ().
4 ـ وروى الأثرم في كتاب السنة حدّثنا إبراهيم بن الحارث يعني العبادي، حدّثني الليث بن يحيى، قال: سمعت إبراهيم بن الأشعث، قال أبو بكر صاحب الفضيل: سمعت الفضيل بن عياض يقول: ((ليس لنا أن نتوهّم في الله كيف وكيف؛ لأنَّ الله وصف نفسه فأبلغ فقال: ? قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ?، فلا صفة أبلغ مما وصف الله به نفسه، وكذا النزول والضحك والمباهاة والاطلاع، كما شاء أن ينزل، وكما شاء أن يباهي وكما شاء أن يطلع، وكما شاء أن يضحك، فليس لنا أن نتوهّم كيف وكيف، وإذا قال لك الجهمي: أنا أكفر برب ينزل عن مكانه، فقل أنت: أنا أومن برب يفعل ما يشاء)) ().
5 ـ وعن سلمويه بن عاصم قاضي هجر قال: ((كتب بشر المريسي إلى منصور بن عمار يسأله عن قول الله تعالى: ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ?: كيف استوى؟، فكتب إليه: استواؤه غير محدود، والجواب فيه تكلّف، ومسألتك عن ذلك بدعة، والإيمان بجملة ذلك واجب، قال الله تعالى: ? فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ?)) ().
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/62)
6 ـ وسئل أبو علي الحسين بن الفضل البجلي عن الاستواء وقيل له: كيف استوى على عرشه؟، فقال: ((أنا لا أعرف من أنباء الغيب إلاَّ مقدار ما كُشف لنا، وقد أعلمنا جلّ ذكره انَّه استوى على عرشه ولم يخبرنا كيف استوى)) ().
7 ـ وقال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي: ((أما الكلام في الصفات، فإنَّ ما روي منها في السنن الصحاح، مذهبُ السلف إثباتُها وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عنها، وقد نفاها قومٌ فأبطلوا ما أثبته الله، وحققها قوم من المثبتين، فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف، والقصدُ إنَّما هو سلوك الطريقة المتوسّطة بين الأمرين، ودينُ الله تعالى بين الغالي فيه والمقصِّر عنه، والأصلُ في هذا أنَّ الكلام في الصفات فرعُ الكلام في الذات، ويُحتذى في ذلك حذوه ومثاله، فإذا كان معلوماً أنَّ إثبات ربِّ العالمين إنّما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته إنَّما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف، فإذا قلنا: لله يدٌ وسمعٌ وبصرٌ، فإنَّما هي صفاتٌ أثبتها الله لنفسه، ولا نقول: إنَّ معنى اليد القدرة، ولا إنَّ معنى السمع والبصر العلم، ولا نقول: إنَّها جوارح، ولا نشبّهها بالأيدي والأسماع والأبصار التي هي جوارحُ وأدوات للفعل، ونقول: إنَّما وجب إثباتها؛ لأنَّ التوقيف ورد بها، ووجب نفي التشبيه عنها لقوله: ? لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ?، ? وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ?)) ().
8 ـ وقال أبو منصور معمر بن أحمد: ((ولما رأيت غربة السنة، وكثرة الحوادث واتباع الأهواء أحببت أن أوصي أصحابي وسائر المسلمين بوصية من السنة وموعظة من الحكمة، وأجمع ما كان عليه أهل الحديث والأثر، وأهل المعرفة والتصوف من السلف المتقدّمين، والبقية من المتأخرين ... ـ فذكر أموراً- ثم قال: وأنَّ الله ? استوى على عرشه بلا كيف ولا تشبيه ولا تأويل، فالاستواء معقول، والكيف فيه مجهول، والإيمان به واجب، والإنكار له كفر، وأنَّه –جلّ جلاله- مستوٍ على عرشه بلا كيف، وأنَّه -جلَّ جلاله- بائنٌ من خلقه والخلق بائنون منه، فلا حلول ولا ممازجة ولا اختلاط ولا ملاصقة؛ لأنَّه الفرد البائن من خلقه، الواحد الغني عن الخلق، علمه بكلِّ مكان، ولا يخلو من علمه مكان)) ().
9 ـ وقال ابن قتيبة: ((وعدلُ القول في هذه الأخبار أن نؤمن بما صحّ منها بنقل الثقات لها، فنؤمن بالرؤية والتجلي، وأنَّه يعجب وينزل إلى السماء الدنيا، وأنَّه على العرش استوى وبالنفس واليدين من غير أن نقول في ذلك بكيفية أو بحدّ أو أن نقيس على ما جاء ما لم يأت، فنرجو أن نكون في ذلك القول والعقد على سبيل النجاة غداً -إن شاء الله تعالى-)) ().
والآثار في هذا المعنى عن السلف مستفيضة، وممّا روي في هذا المعنى -لكن لم أقف له على إسناد- ما روي عن الشافعي أنَّه قال -لما سئل عن الاستواء-: ((آمنت بلا تشبيه، وصدّقت بلا تمثيل، واتهمت نفسي في الإدراك، وأمسكت عن الخوض غاية الإمساك)).
وعن أحمد أنّه قال: ((استوى كما ذكر لا كما يخطر للبشر)) ()، والله أعلم.
ومن جميل ما قيل في هذا شعراً قول الناظم:
((على عرشه الرحمن سبحانه استوى كما أخبر القرآن والمصطفى روى
وذاك استواء لائق بجلاله وأبرأ من قولي له العرش قد حوى
فمن قال مثلَ الفلك كان استواؤه على جبل الجودي من شاهق هوى
ومن يتبع ما قد تشابه يبتغي به فتنة أو يبغِ تأويله غوى
فلم أقل: استولى ولست مكلّفاً بتأويله كَلاَّ ولم أقل احتوى
ومن قال لي كيف استوى؟، لا أجيبه بشيء سوى أني أقول له: استوى)) ().
المبحث الرابع: ذكر كلام أهل العلم في التنويه بهذا الأثر وتأكيدهم على أهميته، وجعله قاعدة من قواعد توحيد الأسماء والصفات
لا ريب في صحة هذا الأثر وثبوته عن إمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس -رحمه الله-، وحسنه وقوّة دلالته، وقد تلقّاه أهل العلم بالقبول، واستحسنوه واستجادوه، واعتبروه من أحسن جواب وأنبل جواب قيل في هذه المسألة، وجعلوه قاعدة من قواعد توحيد الأسماء والصفات تطبق في جميع الصفات، فيُقال في كلِّ صفة ما قاله الإمام مالك -رحمه الله- في صفة الاستواء، وقد سبق أن مرّ معنا في مبحث مستقلّ تخريج هذا الأثر وبيان ثبوته عن الإمام مالك -رحمه الله-.
وسأتناول في هذا المبحث أمرين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/63)
1 ـ ذكر بعض النقول عن أهل العلم في استحسانه والثناء عليه.
2 ـ ذكر بعض النقول عنهم في عدِّهم له قاعدة من قواعد توحيد الأسماء والصفات.
أولاً: أما كلام أهل العلم في استحسانه واستجادته وتلقيه بالقبول فكثير جدًّا، ولهذا لا يخلو في الغالب كتاب من كتب العقيدة لأهل السنة والجماعة من ذكر هذا الأثر والاستشهاد به والثناء عليه.
ومما جاء عن أهل العلم في الثناء على هذا الأثر واستحسانه ما يلي:
1 ـ قال الإمام أبو سعيد الدارمي عقِب روايته لهذا الأثر في كتابه الرد على الجهمية: ((وصدق مالك، لا يُعقل منه كيف، ولا يُجهل منه الاستواء، والقرآن ينطق ببعض ذلك في غير آية)) ().
2 ـ وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((وقول مالك من أنبل جواب وقع في هذه المسألة وأشدّه استيعاباً؛ لأنَّ فيه نبذ التكييف وإثبات الاستواء المعقول، وقد ائتمَّ أهل العلم بقوله واستجادوه واستحسنوه)) ().
وقال أيضاً: ((وقد تلقى الناس هذا الكلام بالقبول، فليس في أهل السنة من ينكره)) ().
وقال أيضاً: ((فإنَّه قد رُوي من غير وجه أنَّ سائلاً سأل مالكاً عن قوله: ?الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى? كيف استوى؟، فأطرق مالك حتى علاه الرحضاء ثم قال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا رجل سوء، ثم أمر به فأُخرج، ومثل هذا الجواب ثابت عن ربيعة شيخ مالك، وقد رُوي هذا الجواب عن أمِّ سلمة -رضي الله عنها- موقوفاً ومرفوعاً، ولكن ليس إسناده مما يُعتمد عليه، وهكذا سائر الأئمة قولهم يُوافق قول مالك في أنّا لا نعلم كيفية استوائه كما لا نعلم كيفية ذاته، ولكن نعلم المعنى الذي دلَّ عليه الخطاب، فنعلم معنى الاستواء، ولا نعلم كيفيته، وكذلك نعلم معنى النزول ولا نعلم كيفيته، ونعلم معنى السمع والبصر والعلم والقدرة، ولا نعلم كيفية ذلك، ونعلم معنى الرحمة والغضب والرضا والفرح والضحك ولا نعلم كيفية ذلك)) ().
3 ـ وقال الذهبي -رحمه الله-: ((هذا ثابت عن مالك، وتقدّم نحوه عن ربيعة شيخ مالك، وهو قول أهل السنة قاطبة: أنَّ كيفية الاستواء لا نعقلها، بل نجهلها، وأنَّ استواءه معلوم كما أخبر في كتابه، وأنَّه كما يليق به، ولا نتعمّق ولا نتحذلق، ولا نخوض في لوازم ذلك نفياً ولا إثباتاً، بل نسكت ونقف كما وقف السلف، ونعلم أنَّه لو كان له تأويل لبادر إلى بيانه الصحابة والتابعون، ولما وسعهم إقراره وإمراره والسكوت عنه، ونعلم يقيناً مع ذلك أنَّ الله -جلَّ جلاله- لا مثل له في صفاته، ولا في استوائه، ولا في نزوله، سبحانه وتعالى عمّا يقول الظالمون علواً كبيراً)) ().
4 ـ وقال أبو المعالي الجويني في الرسالة النظامية في الأركان الإسلامية: ((ومما استُحسن من كلام مالك أنَّه سُئل عن قوله تعالى: ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ?: كيف استوى؟، فقال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، فلتُجرَ آية الاستواء والمجيء وقوله: ? لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ? ()، وقوله: ? وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ? ()، وقوله: ? تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ? ()، وما صح من أخبار الرسول كخبر النزول وغيره على ما ذكرنا)) ().
5 ـ وقال الإمام البغوي في تفسيره: ((فأمَّا أهل السنة يقولون: الاستواء على العرش صفة الله تعالى بلا كيف، يجب على الرجل الإيمان به، ويكِلُ العلم فيه إلى الله ?، وسأل رجل مالك بن أنس عن قوله: ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ?: كيف استوى؟، فأطرق رأسه مليًّا وعلاه الرَّحضاء ثم قال: ((الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أظنك إلاَّ ضالاًّ، ثم أمر به فأُخرج، وروي عن سفيان الثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك، وغيرهم من علماء السنة في هذه الآيات التي جاءت في الصفات المتشابهات: أمِرُّها كما جاءت بلا كيف)) ().
6 ـ وقال ملا علي القاري: ((ونِعم ما قال الإمام مالك -رحمه الله- حيث سُئل عن ذلك الاستواء، فقال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة، والإيمان به واجب، وهذه طريقة السلف وهي أسلم، والله أعلم)) ().
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/64)
ومع ذلك فقد قال بعض جُهّال المعاصرين بعد محاولة فاشلة لتضعيف هذا الأثر: ((وعلى أيٍّ فالقضية تبقى رأياً من عالم غير ملزم للناس ولا قاطع للجدل والفهم، ولا محدد لفهم واحد، بل لكلّ متّسع فيما يرى)) ().
فالجهمي له متسع، والمعتزلي له متسع، والأشعري له متّسع، فالله وحده المستعان.
ثانياً: أما عدّ أهل العلم لهذا الأثر قاعدة من قواعد توحيد الأسماء والصفات فمن ذلك:
1 ـ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((فإذا قال السائل: كيف استوى على العرش؟، قيل له كما قال ربيعة ومالك وغيرهما -رضي الله عنهما-: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عن الكيفية بدعة؛ لأنَّه سؤال عما لا يعلمه البشر، ولا يمكنهم الإجابة عنه.
وكذلك إذا قال: كيف ينزل ربّنا إلى السماء الدنيا؟، قيل له: كيف هو؟، فإذا قال: لا أعلم كيفيته، قيل له: ونحن لا نعلم كيفية نزوله؛ إذ العلم بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف، وهو فرع له وتابع له، فكيف تطالبني بالعلم بكيفية سمعه وبصره، وتكليمه، واستوائه ونزوله، وأنت لا تعلم كيفية ذاته))؟! ().
وقال أيضاً: ((ومن أوَّل الاستواء بالاستلاء فقد أجاب بغير ما أجاب به مالك وسلك غير سبيله، وهذا الجواب من مالك –رحمه الله- في الاستواء شافٍ كافٍ في جميع الصفات مثل: النزول والمجيء، واليد، والوجه، وغيرها، فيقال في مثل النزول: النزول، معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وهكذا يُقال في سائر الصفات؛ إذ هي بمثابة الاستواء الوارد به الكتاب والسنة)) ().
2 ـ وقال العلاّمة ابن القيم رحمه الله: ((وهذا الجواب من مالك ? شافٍ، عامّ في جميع مسائل الصفات، فمن سأل عن قوله: ? إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأرَى ? () كيف يسمع ويرى؟، أجيب بهذا الجواب بعينه، فقيل له: السمع والبصر معلوم، والكيف غير معقول، وكذلك من سأل عن العلم، والحياة، والقدرة، والإرادة، والنزول، والغضب، والرضى، والرحمة، والضحك، وغير ذلك، فمعانيها كلها مفهومة، وأما كيفيتها فغير معقولة؛ إذ تعقُّل الكيفية فرع العلم بكيفية الذات وكنهها، فإذا كان ذلك غير معقول للبشر، فكيف يعقل لهم كيفية الصفات؟!.
والعصمة النافعة في هذا الباب: أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله ? من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل تثبِتُ له الأسماء والصفات، وتنفِي عنه مشابهة المخلوقات.
فيكون إثباتُك منزَّهاً عن التشبيه، ونفيُك منزَّهاً عن التعطيل، فمن نفى حقيقة الاستواء فهو معطِّل، ومن شبّهه باستواء المخلوق على المخلوق فهو ممثِّل، ومن قال: استواء ليس كمثله شيءٌ فهو الموحِّد المنزِّه.
وهكذا الكلام في السمع والبصر والحياة والإرادة والقدرة واليد والوجه والرضى والغضب والنزول والضحك، وسائر ما وصف الله به نفسه)) ().
3 ـ وقال الشيخ العلاّمة عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله-: ((سُئل الإمام مالك -رحمه الله- وغيره من السلف عن قوله تعالى: ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ?: كيف الاستواء؟، فقال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، فبيّن أنَ الاستواء معلوم، وأنَّ كيفية ذلك مجهول، وهكذا يُقال في كلِّ ما وصف الله به نفسه)) ().
4 - وقال الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي: ((واعلموا أنّ آيات الصفات كثير من الناس يُطلق عليها اسم المتشابه وهذا من جهة غلطٌ، ومن جهة قد يسوغ كما يثبته الإمام مالك بن أنس، أما المعاني فهي معروفة عند العرب كما قال الإمام مالك بن أنس -رحمه الله-: ((الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والسؤال عنه بدعة))، كذلك يقال في النزول: النزول غير مجهول، والكيف غير معقول، والسؤال عنه بدعة، واطّرده في جميع الصفات؛ لأنَّ هذه الصفات معروفة عند العرب، إلاّ أنَّ ما وصف به خالق السموات والأرض منها أكمل وأجلّ وأعظم من أن يشبه شيئاً من صفات المخلوقين، كما أنَّ ذات الخالق –جلّ وعلا- حق والمخلوقون لهم ذوات، وذات الخالق -جلّ وعلا- أكمل وأنزه وأجلّ من أن تشبه شيئاً من ذوات المخلوقين)) ().
وللبحث صلة تأتي في العدد القادم إن شاء الله تعالى وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[14 - 02 - 04, 07:17 م]ـ
الحواشي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/65)
() سورة الشورى، الآيتان: (10،11).
() سورة الحشر، الآية: (19).
() انظر: مفتاح دار السعادة لابن القيّم (ص:86).
() إعلام الموقعين (1/ 49).
() انظر: مدارج السالكين لابن القيم (1/ 26،27).
() انظر: مدارج السالكين (1/ 139)، وشرح العقيدة الطحاوية (ص19).
() مقتبس من مقدّمة كتاب الردّ على الزنادقة والجهمية للإمام أحمد بن حنبل.
() الحجة للتيمي (2/ 224،225)، وهو من كلام أبي المظفر السمعاني.
() رواه اللالكائي في شرح الاعتقاد (1/ 64).
() رواه ابن بطّة في الإبانة (1/ 321).
() رواه ابن بطة في الإبانة (1/ 357).
() مجموع الفتاوى (13/ 309).
() انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (5/ 520).
() انظر: مجموع الفتاوى (5/ 520).
() وهي ملخّصة من سير أعلام النبلاء للذهبي (8/ 48 وما بعدها)، وللوقوف على مصادر ترجمة الإمام مالك انظر هامش السير، الصفحة المتقدّمة.
() سورة الروم، الآية: (4).
() سورة الأعراف، الآية: (54).
() سورة يونس، الآيات: (3 ـ 6).
() سورة الرعد، الآيات: (2 ـ 4).
() سورة طه، الآيات: (1 ـ 7).
() سورة الفرقان، الآيات: (58،59).
() سورة السجدة، الآيات: (3 ـ 9).
() سورة الحديد، الآيات: (3،4).
() منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات (ص:15 ـ 17).
() سورة البقرة، الآية: (29).
() سورة فصّلت، الآية: (11).
() هذا إذا كان معدًّى بـ ((إلى)) أو ((على))، أما إذا كان مطلقاً كقوله تعالى: ? ولمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ? فإنَّ معناه: كمُل وتمَّ، وأمَّا إذا كان مقروناً بواو (مع) التي تعدي الفعل إلى المفعول معه نحو: ((استوى الماء والخشبة)) فإنَّ معناه ساواها، انظر: مختصر الصواعق (ص:320).
() أورده الذهبي في العلو، وقال الألباني -حفظه الله- (ص:160 ـ مختصره): ((وهذا إسناد صحيح مسلسل بالثقات الحفاظ ... )).
() صحيح البخاري (13/ 403 ـ الفتح).
() تفسير البغوي (1/ 59).
() الأسماء والصفات (2/ 310).
() مسند الشافعي (ص:70 ـ 71)، ورواه الذهبي في العلو من طريق الشافعي (ص:29 ـ 30) ثم قال: ((إبراهيم وموسى ضعفاء، أخرجه الإمام محمد بن إدريس في مسنده، وقد أخرجه الدارقطني من طريق حمزة بن واصل المنقري، عن قتادة، عن أنس، ومن طريق عنبسة الرازي، عن أبي اليقظان عثمان بن عُمير، عن أنس، عن ابن محمد بن شعيب بن سابور، عن عمر مولى عفرة، عن أنس.
وأخرجه القاضي أبو أحمد العسّال في كتاب المعرفة له عن رجال، عن جرير ابن عبد الحميد، عن ليث بن أبي سليم، عن عثمان بن أبي حميد ـ وهو أبو اليقظان ـ عن أنس، ورواه من طريق سلام بن سليمان، عن شعبة وإسرائيل وورقاء، عن ليث أيضاً.
وساقه الدارقطني من رواية شجاع بن الوليد، عن زيادة بن خيثمة، عن عثمان ابن أبي سليمان، عن أنس، والظاهر أنَّ عثمان أبو اليقظان، وحدّث به الوليد ابن مسلم، عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن سالم بن عبد الله، عن أنس ابن مالك، وهذه طرق يعضد بعضها بعضاً، رزقنا الله وإيّاكم لذّةَ النظر إلى وجهه الكريم)).
() درء تعارض العقل والنقل (2/ 20 ـ 22)، وانظر أيضاً: مجموع الفتاوى (5/ 518 وما بعدها).
() سورة فصّلت، الآية: (11).
() أورده الذهبي في العلو (ص:171 ـ مختصره).
() مجموع الفتاوى (5/ 521).
() مختصر الصواعق (ص:320).
() لوامع الأنوار البهيّة (1/ 195،196).
() طريق الوصول إلى العلم المأمول بمعرفة القواعد والضوابط والأصول للشيخ عبد الرحمن بن سعدي (ص:4).
() الرياض الناضرة للشيخ عبد الرحمن بن سعدي (ص:243).
() انظر: شرح الكوكب المنيّر للفتوحي (ص:6).
() الفتاوى (19/ 203).
() انظر: مقدمة الرسالة التي بعنوان: ((فائدة جليلة في قواعد الأسماء الحسنى)) المستلّة من بدائع الفوائد لابن القيِّم، بتحقيقي.
() تفسير ابن سعدي (5/ 3).
() عدَّه الذهبي في المشتبه في الرواة عن مالك، وتعقَّبه ابن ناصر الدين في توضيح المشتبه (4/ 98 ـ 99) بقوله: ((فيه نظر؛ لأنَّ هذا الإطلاق يوهم أنَّ شيخ جعفر مالكُ بن أنس الإمام، وكأنَّه ـ والله أعلم ـ عند المصنِّف الإمام مالك، فلهذا أطلقه، وليس بالإمام، إنَّما هو مالك بن خالد الأسدي البصري كما سمَّاه الأمير وغيره))، وذكر نحواً من هذا ابن حجر في تبصير المنتبه (2/ 621).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(27/66)