ما الفارق بين مسائل الفقه والعقيدة؟
ـ[أبوعبدالرحمن الناصري]ــــــــ[19 - 09 - 03, 03:04 ص]ـ
هل هناك قاعدة نستطيع من خلالها أن نحكم على مسألة شرعية بأنها عقدية أو فقهية؟
لأن هناك من الناس من إذا أنكرت عليه في مسألة من مسائل العقيدة رد عليك بأنها مسألة فقهية، والمسائل الفقهية الخلاف فيها سائغ؟
بارك الله فيكم(26/6)
سؤال عن كتاب الإبانة للإمام الأشعري
ـ[مهداوي]ــــــــ[21 - 09 - 03, 08:17 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الأفاضل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كما تعلمون فإن الأشاعرة يطعنون في نسبة هذا الكتاب إلى أبي الحسن الأشعري ويدعون امتلاك أدلة على ذلك، لأن ثبوت هذه النسبة يعني محق مذهبهم من أصله ...
ولكن على الطرف المقابل، ما هي الإثباتات على صحة نسبة هذا الكتاب للإمام الأشعري؟ وهل هناك تحقيق موثق في ذلك. وهل هذا التحقيق يجيب على كل أدلتهم؟
أفيدونا مباركين
ـ[الوسيط]ــــــــ[22 - 09 - 03, 03:43 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ممن عزا الإبانة إلى أبي الحسن الأشعري
قال ابن عساكر في صفحة 28 من التبيين: وتصانيف ابي الحسن الاشعري بين اهل العلم مشهورة معروفه وبالاجادة والاصابة للتحقيق عند المحققين موصوفة ومن وقف على كتابه المسمى بالابانة عرف موضعه من العلم واليانة.
الحافظ الكبير ابو بكر احمد بن الحسين بن علي البيهقي الشافعي المتوفي سنة 458. قال في كتاب (الاعتقاد والهداية الى سبيل الرشاد) في باب القول في القرآن صفحة 31.
وممن ذكر الابانة وعزاها لابي الحسن الاشعري الحافظ المعروف بالذهبي في كتابه (العلو للعلي الغفار) صفحة 160.
وذكر الذهبي عن الحافظ ابي العباس احمد بن ثابت الطرقي انه قال: قرأت في كتاب ابي الحسن الاشعري الموسوم بالابانة ادلة على اثبات الاستواء. ونقل عن ابي علي الدقاق انه سمع زاهر بن احمد الفقيه يقول مات الاشعري رحمه الله ورأسه في حجري فكان يقول شيئا في حال نزعه. لعن الله المعتزلة موهوا ومخرقوا ا هـ
وممن نسبها الى ابي الحسن الاشعري ابن فرحون المالكي قال في كتاب الديباج صفحة 193 الى ص 194: ولابي الحسن الاشعري كتب منها كتاب اللمع الكبير وكتاب اللمع الصغير وكتاب الابانة في اصول الديانة ا هـ.
وممن عزاها لابي الحسن الاشعري ابو الفلاح عبدالحي ابن العماد الحنبلي المتوفي سنة 1098 هـ. قال في الجزء الثاني من كتابه (شذرات الذهب في اعيان من ذهب) صفحة 303: قال ابو الحسن الاشعري في كتابه (الابانة في اصول الديانة) وهو اخر كتاب صنفه ..
وممن عزاها له السيد مرتضى الزبيدي قال في (اتحاف السادة المتقين بشرح اسرار احياء علوم الدين) في الجزء الثاني صفحة 2 قال: صنف ابو الحسن الاشعري بعد رجوعه من الاعتزال الموجز وهو في ثلالث مجلدات كتاب مفيد في الرد على الجهمية والمعتزلة ومقالات الاسلاميين وكتاب الابانة.
وممن ذكر ان الابانة تأليف ابي الحسن الاشعري ابو القاسم عبدالملك بن عيسى بن درباس الشافعي قال في رسالته (الذب عن ابي الحسن الاشعري) اعلموا معشر الاخوان ان كتاب الابانة في اصول الديانة الذي الفه الامام ابو الحسن علي بن اسماعيل الاشعري هو الذي استقر عليه امره فيما كان يعتقده وبه كان يدين لله سبحانه وتعالى بعد رجوعه من الاعتزال بمن الله ولطفه.
وذكر ابن درباس طائفة من الذين قدمنا ذكرهم وزاد الحافظ ابو العباس احمد بن ثابت الطرقي، وذكر عنه انه قال في بيان مسألة الاستواء من تأليفه رأيت هؤلاء الجهمية ينتمون في نفي علو الله على العرش وتأويل الاستواء الى ابي الحسن الاشعري وما هذا بأول باطل ادعوه وكذب تعاطوه فقد قرأت في كتابه الموسوم بالابانة في اصول الديانة ..... الخ ومنهم الامام الاستاذ الحافظ ابو عثمان اسماعيل بن عبدالرحمن بن احمد الصابوني ذكر عنه انه ما كان يخرج الى مجلس درسه الا بيده كتاب الابانة لابي الحسن الاشعري ويظهر الاعجاب به، ويقول ما الذي ينكر على من هذا الكتاب شرح مذهبه (هذا قول الامام ابو عثمان وهو من اعيان اهل الاثر بخراسان).
ومنهم امام القراء ابو علي الحسن بن علي بن ابراهيم الفارسي ذكر الامام ابا الحسن الاشعري رحمة الله عليه فقال: وله كتاب في السنة سماه كتاب الابانة صنفه ببغداد لما دخلها، وذكر ابن درباس انه وجد كتاب الابانة في كتب ابي الفتح نصر المقدسي – رحمه الله – ببيت المقدس وقال رايت في بعض تآليفه في الاصول فصولا منها بخطه.
ومنهم الفقيه ابو المعالي مجلي صاحب كتاب الذخائر في الفقه، قال ابن درباس انباني غير واحد عن الحافظ ابي محمد المبارك بن علي البغدادي ونقلته انا من خطه في اخر كتاب الابانه قال نقلت هذا الكتاب جميعه من نسخة كانت مع الشيخ الفقيه المجلي الشافعي اخرجها في مجلده فنقلتها وعارضت بها .... الخ
وممن ذكر الابانة ونسبها الى ابي الحسن الاشعري تقي الدين احمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام الشهير بابن تيمية المتوفي سنة 728 هـ قال في الفتوى الحموية الكبرى صفحة 70: قال ابو الحسن الاشعري في كتابه الذي سماه الابانة في اصول الديانة وقد ذكر انه اخر كتاب صنفه وعليه يعتمدون في الذب عنه عند من يطعن عليه .... الخ
وممن عزاها الى ابي الحسن الاشعري شمس الدين ابو عبدالله محمد بن ابي بكر بن ايوب الزرعي المعروف بابن قيم الجوزية الحنبلي الدمشقي قال في كتابه اجتماع الجيوش الاسلامية على غزو المعطلة والجهمية الطبعة الهندية صفحة 111 قال شيخ الاسلام ابن تيمية ... الخ
قلت (بشير محمد عيون محقق كتاب الابانة عن اصول الديانة) هذه نقول الائمة الاعلام التي تضمنت بالصراحة التي لا يتناطح عليها عنزان ان كتاب الابانة ليس مدسوسا على ابي الحسن الاشعري كما زعمه الاغمار من المقلدة بل هو من تواليفه التي الفها اخيرا واستقر امره على مافيها من عقيدة السلف التي جاء بها القرآن الكريم والسنة النبوية.
منقول من كتاب .. الابانة في اصول الديانة للامام ابي الحسن علي بن اسماعيل الاشعري .. تحقيق بشير محمد عيون. للمزيد من الفائدة الرجاء الرجوع للكتاب.
إعترافات أشعرية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=11921&highlight=%DD%E5%D0%E5+%E3%CC%E3%E6%DA%E5+%E3%E4+% C7%E1%E4%DE%E6%E1%C7%CA)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=10013&highlight=%D4%C7%DA%D1
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/7)
ـ[مهداوي]ــــــــ[22 - 09 - 03, 07:18 م]ـ
أحسنت بارك الله فيك
ـ[الوسيط]ــــــــ[23 - 09 - 03, 07:36 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وللفائدة
الأشاعرة فرقة تنسب لأبي الحسن الأشعري الذي خرج على المعتزلة. وقد اتخذت الأشاعرة البراهين والدلائل العقلية والكلامية وسيلة في محاججة خصومها من المعتزلة والفلاسفة وغيرهم، لإثبات حقائق الدين والعقيدة الإسلامية على طريقة ابن كلاب.
التأسيس وأبرز الشخصيات
- أبو الحسن الأشعري: هو أبو الحسن علي بن إسماعيل، ولد بالبصرة سنة 270هـ ومرت حياته الفكرية بثلاث مراحل:
- المرحلة الأولى: عاش فيها في كنف أبي علي الجبائي شيخ المعتزلة في عصره وتلقى علومه حتى صار نائبه وموضع ثقته. ولم يزل أبو الحسن يتزعم المعتزلة أربعين سنة.
- المرحلة الثانية: ثار فيها على مذهب الاعتزال الذي كان ينافح عنه، بعد أن اعتكف في بيته خمسة عشر يوماً، يفكر ويدرس ويستخير الله تعالى حتى اطمأنت نفسه، وأعلن البراءة من الاعتزال وخط لنفسه منهجاً جديداً يلجأ فيه إلى تأويل النصوص بما ظن أنه يتفق مع أحكام العقل وفيها اتبع طريقة عبد الله بن سعيد بن كلاب في إثبات الصفات السبع عن طريق العقل: الحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام، أما الصفات الخبرية كالوجه واليدين والقدم والساق فتأولها على ما ظن أنها تتفق مع أحكام العقل وهذه هي المرحلة التي ما زال الأشاعرة عليها.
- المرحلة الثالثة: إثبات الصفات جميعها لله تعالى من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تحريف ولا تبديل ولا تمثيل، وفي هذه المرحلة كتب كتاب الإبانة عن أصول الديانة الذي عبر فيه عن تفضيله لعقيدة السلف ومنهجهم والذي كان حامل لوائه الإمام أحمد بن حنبل. ولم يقتصر على ذلك بل خلف مكتبة كبير ة في الدفاع عن السنة وشرح العقيدة تقدر بثمانية وستين مؤلفاً، توفي سنة 324هـ ودفن ببغداد ونودي على جنازته: " اليوم مات ناصر السنة ".
- بعد وفاة أبو الحسن الأشعري، وعلى يد أئمة المذهب وواضعي أصوله وأركانه، أخذ المذهب الأشعري أكثر من طور، تعددت فيها اجتهاداتهم ومناهجهم في أصول المذهب وعقائده , من أبرز مظاهر ذلك التطور:
- القرب من أهل الكلام والاعتزال.
- الدخول في التصوف، والتصاق المذهب الأشعري به.
- الدخول في الفلسفة وجعلها جزء من المذهب.
من أبرز أئمة المذهب
-القاضي أبو بكر الباقلاني: (328 - 402هـ) (950 - 1013هـ) هو محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر، من كبار علماء الكلام، هذب بحوث الأشعري، وتكلم في مقدمات البراهين العقلية للتوحيد وغالى فيها كثيراً إذ لم ترد هذه المقدمات في كتاب ولا سنة، ثم انتهى إلى مذهب السلف وأثبت جميع الصفات كالوجه واليدين على الحقيقة وأبطل أصناف التأويلات التي يستعملها المؤولة وذلك في كتابه: تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل.
ولد في البصرة وسكن بغداد وتوفي فيها. وجهه عضد الدولة سفيراً عنه إلى ملك الروم، فجرت له في القسطنطينية مناظرات مع علماء النصرانية بين يدي ملكها.
_ أبو إسحاق الشيرازي: (293 - 476هـ) (1003 - 1083م). وهو إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروز أبادي الشيرازي , بنى له الوزير نظام الملك: المدرسة النظامية على شاطىء دجلة، فكان يدرس فيها ويديرها.
- أبو حامد الغزالي: (450 - 505هـ) (1058 - 1111م) وهو محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي، لم يسلك الغزالي مسلك الباقلاني، بل خالف الأشعري في بعض الآراء وخاصة فيما يتعلق بالمقدمات العقلية في الاستدلال، وذم علم الكلام وبين أن أدلته لا تفيد اليقين كما في كتبه المنقذ من الضلال، وكتاب التفرقة بين الإيمان والزندقة، وحرم الخوض فيه فقال: " لو تركنا المداهنة لصرحنا بأن الخوض في هذا العلم حرام ". اتجه نحو التصوف، واعتقد أنه الطريق الوحيد للمعرفة .. وعاد في آخر حياته إلى السنة من خلال دراسة صحيح البخاري.
- أبو إسحاق الإسفراييني: (ت418هـ) (1027م) وهو إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/8)
- إمام الحرمين أبو المعالي الجويني: (419 - 478هـ) (1028 - 1085م). وهو عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني، دافع عن الأشعرية فشاع ذكره في الآفاق، إلا أنه في نهاية حياته رجع إلى مذهب السلف. وقد قال في رسالته: النظامية والذي نرتضيه رأياً وندين الله به عقيدة اتباع سلف الأمة للدليل القاطع على أن إجماع الأمة حجة … ويعضد ذلك ما ذهب إليه في كتابه غياث الأمم فبالرغم من أن الكتاب مخصص لعرض الفقه السياسي الإسلامي فقد قال فيه:" والذي أذكره الآن لائقاً بمقصود هذا الكتاب، أن الذي يحرص الإمام عليه جمع عامة الخلق على مذاهب السلف السابقين، قبل أن نبغت الأهواء وزاغت الآراء وكانوا رضي الله عنهم ينهون عن التعرض للغوامض والتعمق في المشكلات … ".
- نقل القرطبي في شرح مسلم أن الجويني كان يقول لأصحابه: " يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام، فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي ما بلغ ما تشاغلت به ". توفي بنيسابور وكان تلامذته يومئذ أربعمائة.
- الفخر الرازي (544هـ - 1150م) (606هـ - 1210م): هو أبو عبد الله محمد بن عمر الحسن بن الحسين التيمي الطبرستاني الرازي المولد المعبر عن المذهب الأشعري في مرحلته الأخيرة حيث خلط الكلام بالفلسفة، بالإضافة إلى أنه صاحب القاعدة الكلية التي انتصر فيها للعقل وقدمه على الأدلة الشرعية. قال فيه الحافظ ابن حجر في لسان الميزان: (4/ 426 - 429): " كان له تشكيكات على السنة على غاية من الوهن " إلا أنه أدرك عجز العقل فأوصى وصية تدل على حسن اعتقاده فقد نبه في أواخر عمره إلى ضرورة اتباع منهج السلف، وأعلن أنه أسلم المناهج بعد أن دار دورته في طريق علم الكلام فقال: " لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية رأيتها لا تشفي عليلاً ولا تروي عليلاً، ورأيت أقرب الطرق، طريقة القرآن، اقرأ في الإثبات [الرحمن على العرش استوى] و [إليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصالح يرفعه]، و أقر في النفي [ليس كمثله شيء وهو السميع البصير] و [ولا يحيطون به علماً]، ثم قال في حسرة وندامة: " ومن جرب تجربتي عرف معرفتي " أهـ. (الحموية الكبرى لا بن تيمية).
الأفكار والمعتقدات
- مصدر التلقي عند الأشاعرة: الكتاب والسنة على مقتضى قواعد علم الكلام ولذلك فإنهم يقدمون العقل على النقل عند التعارض، صرح بذلك الرازي في القانون الكلي للمذهب والآمدي وابن فورك وغيرهم.
- عدم الأخذ بأحاديث الآحاد في العقيدة ولا مانع من الاحتجاج بها في مسائل السمعيات أو فيما لا يعارض القانون العقلي. والمتواتر منها يجب تأويله، ولا يخفى مخالفة هذا لما كان عليه السلف الصالح من أصحاب القرون المفضلة ومن سار على نهجهم حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يرسل الرسل فرادى لتبليغ الإسلام كما أرسل معاذاً إلى أهل اليمن، ولقوله صلى الله عليه وسلم " نضر الله امرءاً سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها كما سمعها … " الحديث، وحديث تحويل القبلة وغير ذلك من الأدلة.
- مذهب طائفة منهم وهم: صوفيتهم كالغزالي والجامي في مصدر التلقي، تقديم الكشف والذوق على النص، وتأويل النص ليوافقه. ويسمون هذا " العلم اللدني " جرياً على قاعدة الصوفية " حدثني قلبي عن ربي " , ولا يخفى ما في هذا من البطلان والمخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة وإلا فما الفائدة من إرسال الرسل وإنزال الكتب.
- التوحيد عند الأشاعرة: فسروا الإله بأنه الخالق أو القادر على الاختراع، وبذلك جعلوا التوحيد هو إثبات ربوبية الله عز وجل دون ألوهيته مع تأويل أكثر صفاته جل وعلا.
وهكذا خالف الأشاعرة أهل السنة والجماعة في معنى التوحيد حيث يعتقد أهل السنة والجماعة أن التوحيد أول واجب على العبد هو إفراد الله بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته على نحو ما أثبته تعالى لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، ونفي ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف أو تعطيل أو تكييف أو تمثيل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/9)
- يعتقد الأشاعرة تأويل الصفات الخبرية كالوجه واليدين والعين والقدم والأصابع وكذلك صفتي العلو والاستواء. وقد ذهب المتأخرون منهم إلى تفويض معانيها إلى الله تعالى على أن ذلك واجب يقتضيه التنزيه، ولم يقتصروا على تأويل آيات الصفات بل توسعوا في باب التأويل حيث أولوا أكثر نصوص الإيمان.
أما مذهب السلف فإنهم يثبتون النصوص الشرعية دون تأويل معنى النص - بمعنى تحريفه - أو تفويضه، سواءاً كان في نصوص الصفات أو غيرها.
- الأشاعرة في الإيمان بين المرجئة التي تقول يكفي النطق بالشهادتين دون العمل لصحة الإيمان، وبين الجهمية التي تقول يكفي التصديق القلبي. ورجح الشيخ حسن أيوب من المعاصرين إن المصدق بقلبه ناجٍ عند الله وإن لم ينطق بالشهادتين، (تبسيط العقائد الإسلامية 29 - 32). و مال إليه البوطي (كبرى اليقينيات 196). وفي هذا مخالفة لمذهب أهل السنة والجماعة الذين يقولون إن الإيمان قول وعمل واعتقاد، ومخالفة لنصوص القرآن الكريم الكثيرة منها: (أم حسب الذين اجترحوا اليسئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواءً محياهم و مماتهم ساء ما يحكمون). عليه يكون إبليس من الناجين من النار لأنه من المصدقين بقلوبهم، وكذلك أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم كثير.
- الأشاعرة مضطربون في قضية التكفير فتارة يقولون لا تكفر أحداً، وتارة يقولون لا تكفر إلا من كفرنا، وتارة يقولون بأمور توجب التفسيق و التبديع أو بأمور لا توجب التفسيق، فمثلاً يكفرون من يثبت علو الله الذاتي أو من يأخذ بظواهر النصوص حيث يقولون: إن الأخذ بظواهر النصوص من أصول الكفر.
أما أهل السنة والجماعة فيرون أن التكفير حق لله تعالى لا يطلق إلا على من يستحقه شرعاً،
ولا تردد في إطلاقه على من ثبت كفرة بإثبات شروط وانتفاء موانع 0
-قولهم بأن القرآن ليس كلام الله على الحقيقة ولكنه كلام الله النفسي وإن الكتب المنزلة بما فيها القرآن مخلوقة.
أما مذهب أهل السنة والجماعة فهو: أن القرآن كلام الله غير مخلوق وأنه تعالى يتكلم بكلام مسموع تسمعه الملائكة وسمعه جبريل و سمعه موسى - عليه السلام - ويسمعه الخلائق يوم القيامة. يقول تعالى: ((وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله)).
- حصر الأشاعرة دلائل النبوة بالمعجزات التي هي الخوارق، موافقة للمعتزلة وإن اختلفوا معهم في كيفية دلالتها على صدق النبي بينما يرى جمهور أهل السنة أن دلائل ثبوت النبوة للأنبياء كثيرة ومنها المعجزات.
- قالوا بنفي الحكمة والتعليل في أفعال الله مطلقاً.
- وافق الأشاعرة أهل السنة والجماعة في الإيمان بأحوال البرزخ، وأمور الآخرة من: الحشر والنشر، والميزان، والصراط، والشفاعة والجنة والنار، لأنها من الأمور الممكنة التي أقر بها الصادق صلى الله عليه وسلم، وأيدتها نصوص الكتاب والسنة، وبذلك جعلوها من النصوص السمعية.
- كما وافقوهم في القول في الصحابة على ترتيب خلافتهم، وأن ما وقع بينهم كان خطأً وعن اجتهاد منهم، ولذا يجب الكف عن الطعن فيهم، لأن الطعن فيهم إما كفر، أو بدعة، أو فسق، كما يرون الخلافة في قريش، وتجوز الصلاة خلف كل بر وفاجر، ولا يجوز الخروج على أئمة الجور. بالإضافة إلى موافقة أهل السنة في أمور العبادات والمعاملات.
- الأشعري في كتاب الإبانة عن أصول الديانة الذي هو آخر ما ألف من الكتب على أصح الأقوال، رجع عن كثير من آرائه الكلامية إلى طريق السلف في الإثبات وعدم التأويل .. يقول رحمه الله:" وقولنا الذي نقول به، وديانتنا التي ندين بها التمسك بكتاب ربنا عز وجل وبينة نبينا عليه السلام، وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون، وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل - نضر الله وجهه، ورفع درجته، وأجزل مثوبته - قائلون، ولما خالف قوله مخالفون، لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل الذي أبان الله به الحق، ورفع به ضلال الشاكين، فرحمة الله عليه من إمام مقدم وجليل معظم وكبير مفخم ".
- تصدي الإمام ابن تيمية لجميع المذاهب الإسلامية التي اعتقد أنها انحرفت عن الكتاب والسنة - ومنهم الأشاعرة وبخاصة المتأخرة منهم - في كتابه القيم: درء تعارض العقل والنقل وفند آراءهم الكلامية، وبين أخطاءهم وأكد أن أسلوب القرآن والسنة هو الأسلوب اليقيني للوصول إلى حقيقة التوحيد.
الانتشار ومواقع النفوذ
انتشر المذهب الأشعري في عهد وزارة نظام الملك الذي كان أشعري العقيدة، وصاحب الكلمة النافذة في الإمبراطورية السلجوقية، وكذلك أصبحت العقيدة الأشعرية عقيدة شبه رسمية تتمتع بحماية الدولة.
وزاد في انتشارها وقوتها مدرسة بغداد النظامية، ومدرسة نيسابور النظامية، وكان يقوم عليهما رواد المذهب الأشعري، وكانت المدرسة النظامية في بغداد أكبر جامعة إسلامية في العالم الإسلامية وقتها، كما تبنى المذهب وعمل على نشره المهدي بن تومرت مهدي الموحدين، ونور الدين محمود زنكي، والسلطان صلاح الدين الأيوبي، بالإضافة إلى اعتماد جمهرة من العلماء عليه، وبخاصة فقهاء الشافعية والمالكية المتأخرين. ولذلك انتشر المذهب في العالم الإسلامي كله، ولا زال المذهب الأشعري سائداً في أكثر البلاد الإسلامية وله جامعاته ومعاهده المتعددة.(26/10)
قطعة من كتاب (شعار الدين) للإمام الخطابي
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[22 - 09 - 03, 07:30 م]ـ
قال الإمام ابن تيمية رحمه الله في (بيان تلبيس الجهمية) 1/ 249
قال الشيخ أبو سليمان الخطابي في كتاب (شعار الدين)
أما بعد فإن أخا من إخواني سألني بيان ما يجب على المسلمين علمه ولا يسعهم جهله من أمر الدين وشرح أصوله في التوحيد وصفات الباري تعالى والكلام في القضاء والقدر والمشيئة والدلالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وبيان إعجاز القرآن والقول في ترتيب الصحابة رضي الله عنهم أجمعين وما يتصل به من الكلام وطلب إلي أن أورد في كل شيء منها أوضح ما أعرفه من الدلالة وأقربها من الفهم ينتفع به من لا يرضى بالتقليد في ما يعتقده من أصول الدين وكان مع ذلك ممن لا يحب النظر في الكلام ولا يجرد القول على مذهب المتكلمين
وذكر تمام الكلام وذكر عدة أصول من الاستدلال بخلق الإنسان والاستدلال بتركيب المتضادات وتأليفها والاستدلال بما في الوجود من الحكمة الغائية الذي يسميه ابن رشد دليل العناية الدال على الإرادة والرحمة والعناية الدالة على الصانع
إلى أن قال
وطرق الاستدلال كثيرة إلا أنا أخترنا منها في الكتاب ما هو أقرب إلى الأفهام وأشبه بمذاهب السلف والعلماء وقد أنزل الله تعالى كتابه على رسوله صلى الله عليه وسلم وحاج به قومه وهم عرب ليسوا بفلاسفة ولا متكلمين وإنما خاصمهم بما يفهمه ألوا العقول الصحيحة ويستدركه ذووا الطباع السليمة وتشهد له المعارف وتجري به العادات القائمة فما قامت الحجة عليهم كان من الاستدلال على إثبات الصانع وحدوث العالم قال وقد أبى متكلمو زماننا هذا إلا الاستدلال بالأعراض وتعلقها بالجواهر وانقلابها فيها وزعموا أنه لا دلالة أقوى من ذلك ولا أصح منه ونحن إن كنا لا ننكر الاستدلال بهذا النوع من الدلالة فإن الذي أختاره ونؤثره هو ما قدمنا ذكره لأنه أدلة اعتبار وطريق السلف من علماء أمتنا وإنما سلك المتكلمون في الاستدلال بالأعراض مذهب الفلاسفة وأخذوه عنهم وفي الأعراض اختلاف كثير فمن الناس من ينكرها ولا يثبتها رأسا ومنهم من لا يفرق بينها وبين الجواهر في أنها قائمة بأنفسها كالجواهر والاستدلال لا يصح بها إلا بعد استبراء هذه الشبهة وطريقنا الذي سلكناه بريء من هذه الآفات سليم من هذه الريب
قال ولقد سلك بعض مشائخنا في هذا طريقة الاستدلال بمقدمات النبوة ومعجزات الرسالة لأن دلائلها مأخوذة من طريق الحس لمن شاهدها ومن طريق استفاضة الخبر لمن غاب عنها فلما ثبتت النبوة صارت أصلا في وجوب قبول ما دعا إليه صلى الله عليه وسلم وهذا النوع مقنع في الاستدلال لمن لا يتسع فهمه لاستدراك وجوه سائر الأدلة ولم يتبين تعلق الأدلة بمدلولاتها ولن يكلف الله نفسا إلا وسعها)
ثم علق عليها ابن تيمية رحمه الله وبين أن فيها بعض المخالفات
قال (قلت هذه الطريق يستدل صاحبها بالنبوة على حدوث العالم لأن معرفة الصانع تعلم بدون ذلك إما بالأدلة الأخر وإما بالفطرة وصدق الرسول مبني على مقدمات ضرورية أو نظرية قريبة من الضرورية ثم يستدل بقوله على حدوث العالم
فالخطابي في هذه الطريق ذكر أن طريقة الأعراض غير منكرة عنده ولكنه كرهها ورغب عنها إلى ما ذكر أنه طريق السلف لأنها بدعة ولأن فيها آفات
وقد قال في رسالته في الغنية عن الكلام وأهله كلاما أسد من هذا وبين أنها محرمة كما ذكره الأشعري في رسالته إلى أهل الثغر فقال الخطابي في هذه الرسالة0000)
انظر رسالة (الغنية عن الكلام وأهله) وكذلك رجوع الخطابي لعقيدة السلف على هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb//showthread.php?s=&threadid=3483
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[09 - 11 - 08, 07:04 م]ـ
بارك الله فيك ونفع بكم
العجيب أن المحقق لبيان تلبيس الجهمية -طبعة المجمع- ذكر في تعليقه (1/ 501) عند قول ابن تيمية عن الموضع أعلاه: وقد ذكرنا كلام الخطابي في كراهية دليل الأعراض.
قال المحقق: لم أجده فيما تقدم!
لكن ربما حصل تقديم وتأخير.
أيضا شيخ الإسلام ذكر كلامًا لأبي سليمان الخطابي من كتابه شعار الدين في نفس الموضع السابق.
ـ[أنس الرشيد]ــــــــ[10 - 11 - 08, 04:53 ص]ـ
ما شاء الله
بارك الله فيك يا شيخ عبد الرحمن
فائدة عظيمة ..(26/11)
أَيِّهَا السُنِّيُّ ... احْذَرْ وَلا تَغْتَرْ بِتَشَابُهِ الأَسْمَاءِ
ـ[عبد الله زقيل]ــــــــ[23 - 09 - 03, 05:08 م]ـ
http://alsaha.fares.net/sahat?128@135.PxIFgAZZLls.9@.1dd46032
من لديه إضافةٌ فليضعها وله من الله الأجر.
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[24 - 09 - 03, 08:14 ص]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيك ونصرك بك السنة.
ـ[العنزي]ــــــــ[24 - 09 - 03, 10:17 ص]ـ
شكر الله لك وبارك في عمرك و علمك وعملك
اللهم آمين ....
ارجو من الشيخ الفقيه ان يراجع بريده الخاص في الملتقى
وجزيتم خيرا ..
ـ[أبو محمد السلفي]ــــــــ[24 - 09 - 03, 08:43 م]ـ
بارك الله فيك ونفع بك
جزالك اله كل خير على هذا التوضيح المهم جدا
واشير إلى أنهم يدلسون بطرق أخرى فقد قال الاسدي أن الشيخ الالباني صحح حديثا كاملا وفي الحقيقة لم يصحح الشيخ الا الفقرة الاولى منه كما بين احد المشايخ المتصلين من السعودية جزاه اله خيرا(26/12)
حول الفلسفة والوجه الآخر ....
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[23 - 09 - 03, 05:52 م]ـ
مما يميز أهل الحديث والاثر (نظرتهم النقدية) الناشئة عن عملية نقد الاخبار وتمحيصها مما أثمر لهم منهجا فريدا في التعامل مع الفنون والعلوم المختلفة.
أذ ان النظرية النقدية الحديثية مبنية على عدة قضايا منها مسألة الاسناد ومنها مسألة المعارضة بين النصوص .. الخ , من مقومات المنهج الحديثي في التعامل مع الاخبار.
ومن العلوم البشرية التى (ظلمت) خطأ علم (الفلسفة) وهذا العلم عبارة عن مجموعة علوم وفنون لاينبغى الحكم عليها حكما واحد بالرد او القبول.
بل ينبغى النظر في تفاصيلها بل وتدقيق النظر لان الفلسفة تحتوى جملة العلوم الانسانية والطبيعية المنتخبة.
ومن اسباب هذه النظرة الخاطئة. ان هذا العلم لما انتحله بعض المنتسبين للملة انتحل منه جميع اجزائه كالطب والفلك وعلم الارض وكذلك ما يتعلق بالالهيات وهنا يكمن الخطر والخطأ واتى نقد علمائنا الاجلاء للفسلفة على انها قرين السفسطة والانحلال الفكري وهذا حق من جهة المنتحلين له من اهل الملة. لانهم عمدوا الى اخذ جملة العلوم الفلسفية دون التفصيل في المقبول منها والمردود.
وهذه الفلسفة قد اثمرت الكثير من وسائل الارتقاء الحديثة وهذا واضح في المجالات الفيزيائية والرياضية والتى كانت من نتاج هذه الفلسفة بل ويمكن التعامل مع مخرجات الفلسفة الفكرية كبعض النظريات الاجتماعية على انها قابلة للتطبيق او الفحص على اقل تقدير.
ولعلنا في هذه العجالة نتطرق الى امرين مهمين وبالتفصيل:
1 - انواع الفلسفة وما المحمود منها وما المرذول المردود.
2 - ونظريات المعرفة الفلسفية مثل الاستقراء والمنهج التجريبي ثم نلحقها بنظرية المعرفة عند ابن تيمية وعلاقتها بالفكر الفلسفي وأين موقع علماء الكلام من الفكر الفلسفي.
أنواع الفلسفة:
وهذه الانواع تفوق الحصر غير اننا من الممكن ان نستبعد منها علم ما وراء الطبيعة. وفنون الجمال ومسائل الجمال المطلق وغيرها والكثير من نظريات (العقد الاجتماعي) كما سماها جان جاك روسو الاب الروحى للثورة الفرنسية.
ومن هذه الانواع العوم الطبيعية كعلوم الفلك والرياضة وهذه العلوم هي من بعض ثمار النظريات الفلسفية وخاصة المنهج الفلسفي التحليلي ولعلنا في المبحث الثاني نتكلم عن اسباب الصدام الفكري بين الفلسفية القديمة الطاغية والفلسفة الحديثة وموقف ابن تيمية من نقد القياس الصورى الارسطي السابق للفلسفة الحديثة.
وينبغى ان ننبه هنا الى التريث عندما يلامس هذا المصطلح
(الفلسفة) الاذان. اذ ان عملية تلقى الفلسفة وظهور الفلاسفة المنتسبين الى الاسلام كالفارابي وابن سينا وابن رشد.
والاخير واعنى ابن رشد هو من فحول الفلاسفة بل ان بقية الفلاسفة المنتسبين الي الملة لايعدون شيئا وعلى رأسهم ابن سينا بمقارنتهم بابن رشد الحفيد بل انه اظهر الكثير من الاخطاء عند هؤلاء الفلاسفة.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[23 - 09 - 03, 07:03 م]ـ
وقبل ان نشرع في بيان المناهج الفلسفية في النظر والاستنباط كمنهاج الاستنباط للعلوم النظرية formal scienc والبعض يترجمها حرفيا بالعلوم الصورية. وهذا ترجمة في نظري تحتاج الى اعادة نظر. ومنهج استنباط العلوم الخبريه informal scinece .
فأنا لابد ان نبين ان عدم قبول جمهور السلفية وعلمائها لامثال هذه الاصطلاحات لايعنى عدم تواجد المنهج الفكري والاستنباطي لديهم بل انك واجد لهم كلاما في الاستقراء غاية في الدقة وحسن التصور.
غير ان المذهب الفكري الاسلامي حقيقة وليس فقط السلفي (اذ ان السلفية ترفض الانسياق) خلق الانساق الفكرية الكلامية الهلامية الفلسفية.
وتختط لنفسها منهاجا ربانيا وطريقا فكريا فريدا في الاستنباط متعلق بالنصوص الشرعية لذا فانك تجد ان التركيب الفكري عند (أهل الحديث) يتميز بالمناعة والاستقلال عن عنفوان الفكر الفلسفي المعاصر او السابق.
وحتى نوضح الفرق بين منهج التعامل مع الوقائع بين السلفية والفلسفية الكلامية سنضرب مثالا بسيطا يقرب هذا الامر: وهذا المثال هو ان يأتي سيد الى مملوكه فيقول له لاتفعل اي شئ امرك به!
فان العقل المباشر (وهذا الاصطلاح سوف نستخدمه كثيرا في بيان منهج ابن تيمية في التعامل مع الحس والعقل) أقول ان العقل المباشر سوف يأمر المملوك ان لايفعل اي شي يأمره سيده به؟ وقد يكون لهذا اسباب مقبولة كأن يكون السيد صاحب قرارت خاطئة او صاحب غضب شديد فيخشى ان تخرج منه اوامر غير موفق.
اما العقل الكلامي فأنه ينزع الى التعقيد فسوف يأمر العقل الكلامي هذا المملوك ان يطيع سيده!!! وسبب ذلك ان السيد امره ان لايفعل ما يأمره به وقد أمره بعدم الفعل فكي يخالفه لابد ان يفعل ما يأمره؟؟
بهذا المستوى من التعقيد يتم التعامل مع النصوص بطريقة بعض اهل الاصول بل كثير ممن ينزعون النزعة الكلامية دع عنك الفلاسفة الصراح.
ومن هنا تعرف الفرق بين العقل عند السلف والعقل عند أهل الكلام وهو فرق شاسع كبير سنذكر بعض ثمار الاختلاف فيه في العقائد خاصة وبقية الفروع عامة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/13)
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[23 - 09 - 03, 08:23 م]ـ
ابن تيمية واعادة القداسة للنص الشرعي
- اعترف ان هذا العنوان ينبغى ان يؤخر حتى الفراغ من مناهج الاستنباط والاستقراء عند الفلاسفة ثم الشروع في منافع الفلسفة ثم بعد ذلك من المفترض ان يأتي الكلام على منهج ابن تيمية رحمه الله.
غير اني اعاني كثيرا من تعدد المسارات حال الطرح وهي مشكلة اعمل على معالجتها. غير ان سبب تقديم هذا العنوان له فائدة يعرفها الاخ محمد بن يوسف بن رشيد.
- على العموم نحتاج الى اعادة سرد سريعة لبيان هيبة النصوص الشرعية الربانية زمن القرون المضلة.
فالكل يعرف ان تعظيم النصوص وتقديسها سواء النصوص القرآنية او النبوية كان من اكثر ما يميز القرون المفضلة الاولى ولايوجد واحد منا الا ويستحضر صور من هذا التعظيم العجيب والذي اثمر ذلك الايمان الراسخ والمقامات العالية.
غير ان حركة الزمن والانخراط في سلك الحضارات الاخرى ودخول بعض الافكار الفلسفية المتعلقة بالتعامل مع اللغة.
و وجود قواعد مؤطرة وضابطة لهذا التعامل. أثمر بعدا حقيقا عن النصوص وصار سيف تأويل النص وصرفه عن ظاهرة من المسائل التى يكاد يتفق عليها ارباب الكلام!
وما زال الائمة يعظمون هذا الخطر ويحذرون منه وكان نصيب هؤلاء الزنادقة في زمن القوة السيف الذي ندر الكثير من رؤوسهم غير ان الزمن لم يلبث ان دار دورته وصارت الغلبة المادية لهم فبثوا من علومهم الكثير حتى غدت قواعدهم الفكرية هي المنطلقات التى يقيس بها كثير من الفرق الكلامية وجود البارئ وصفاته وغير ذلك من أمور الاعتقاد.
وضعفت هيبة النص الاسلامي وقل الاعتناء به وصار الحديث والاية يؤول بطرق غريبة.
حتى فزع ألإفراد من العلماء الى هذا الخطر الداهم ومن أشهرهم شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.
وحتى لانطيل في بيان هذه المحاولات من هذا العالم. دعونا نبين هذا بطريقة المقارنة.
سنقارن بين رسالة ابن تيمية رحمه الله الصغيرة في الاعتقاد والموسومة بالواسطية و بين اشهر كتب الاعتقاد عند بعض الطوائف وهو متن (أم البراهين) وهي التى يعتمدونها حفظا و تلقينا.
لكن ما هو الفرق الكبير بين العقيدتين هذا الفرق يعطينا فكرة عن مدى اتساع شقة الاختلاف بين المنهجين:
من المنطقى ان يحوى الكتابين او المتنين العشرات على الاقل من آيات الكتاب العزيز والعديد من الاحاديث النبوية الصحيحة لانهما كتابان في الاعتقاد.
لكن الصدمة تقع عندما نعلم ان متن ام البراهين لم يحوى ولا آية واحدة!! بل ولا حديث واحد!! بينما حشى بمقدمات منطقية!!! اما متن العقيدة الواسطية فقد استدل فيه بأكثر من مائة وعشرين آية وما يقارب الثلاثين حديثا نبويا أغلبها من الصحيحين! وهذا مثال بسيط يبين مدى الفرق في طرق الاستدلال بين الفريقين مع العلم انهما بنفس الحجم تقريبا
ومن تأمل في الكثير من كلام ابن تيمية في الفروع وفي الاصول وجد تعظيم النص والفزع اليه هو المقدم وبعكس اهل الكلام الذي صارت المقدمات المنطقية عندهم هي القطعية والنصوص الشرعية ظنيه!
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[24 - 09 - 03, 06:15 م]ـ
ومن الفروقات الرئيسية بين المنهجين الفكريين ... المنهج السلفي المتابع للهدى النبوى , والمنهج الفلسفي الكلامي.
تباعد طرق الاستدلال ومسالك التدليل .... ولسنا هنا نناقش في صحة طرق الاستدلال الفلسفية اذ انها قد تكون صحيحة.
وهذا بين للمتتبع فمثلا الدليل الفلسفي على العقل الفعال قوى ومنطقي وكذلك الدليل الذي نزع اليه فلاسفة الاسلام كبن سينا في الاشارات (و طار به الرازي) وهي طريقة واجب الوجود وممكن الوجود طريقة (صحيحة) لكن هل هي طريقة ((شرعية)) بالطبع ليست كذلك .. ولذا فقد اقر بصعوبة مسالك الادلة عند الاشاعرة العز بن عبدالسلام رحمه الله كما في القواعد الكبرى بل قال ان العوام لاتفهم هذه القواعد. قلت بل حتى كثير من علمائهم ودعهم يفسروا نظرية الكسب التى تباينت فيها اقوالهم وتشعبت ارائهم.
ودعونا نأخذ هذا الاقرار من احد الجبال العقلية الفلسفية وهو ابن رشد رحمه الله (على ضلاله غير انه عقلية فذه).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/14)
يقول ابن رشد كما في مناهج الادلة: (وأما ما يتكلفه الاشعرية من الدليل الذي يستنبطونه وهو الذي يسمونه دليل التمانع ..... الى ان قال وأما كونه لايجرى مجرى الشرع بأن الجمهور لايقدروا على فهم ما يقولون ذلك فضلا أن يقع لديهم به أقتناع) اهـ.
وقال الشاطبي رحمه الله في أول الموافقات:
((المقدمة السادسة:
وذلك ان ما يتوقف عليه معرفة المطلوب قد يكون له طريق تقريبي يليق بالجمهور وقد يكون له طريق لايليق بالجمهور .... الى ان قال فان التصورات المستعمله في الشرع انما هي تقريبات بالالفاظ المترادفة وما قام مقامها من البينات التقريبية وضرب امثلة رحمه الله واجاد وافاد)).
وليت الشيخ العلامة دراز ما علق على هذا الموضع فهو في واد والشاطبي رحمه الله في واد آخر.
وهذا المسلك وهو المسلك المتقرر شرعا فكثيرا ما تفسر الاحكام باللوازم وليس بالماهيات والحدود.
وتجد ان الفكر السلفي يتمسك بالنتائج الواقعية العملية اكثر من الابحار في أعماق صورية والتعليل بعلل وهمية.
وهذه هي الطريقة النبوية ... وتجد العجزة عن الافعال المبرزين في تكلف الاقوال من أهل الكلام يصمون اتباع هذا المنهج بالضعف العلمي!!
وأنا نتسائل هل هذا الضعف ضعف فقهي فيكون جوابهم لا؟ هل ضعف حديثي فيقال بل هم اهل هذه الصناعة وحذاقها؟ فيقال هل هو ضعف عملي فيقال لا؟ فهل هو ضعف لغوي او نحوي او اصولي الى اخره فتجد الجواب لا؟ فما هو الضعف اذا؟ فيكون الجواب عدم المامهم بعلوم المنطق فنقول وما هو مكمن الصعوبة في علم المنطق! ان اعظم الصعوبة في علم المنطق هو قلة الاثار العملية لهذا الفن؟ فهو اشبه بقوالب جامد قد تنفع في العلوم المرتبطة بقوانين ثابتة لكنها لاتنفع في العلوم التحليلة المرتبطة بمفاهيم وليست قوانين.ومن هذه العلوم العلوم الشرعية.
ولم تتطور هذه المدنية الغربية الا بنبذهم للمنطق الصورى الارسطي بل انهم عزوا سبب التخلف الى التمسك بهذا المنطق ولم يظهر الفكر الفلسفي التجريبي الا بعد القضاء على الارث الارسطي الموغل في التنظير.
قال (بيكون) العالم المشهور وابو الفلسفة الحديثة قال في كتابه المشهور (الاورجانون الجديد) في اشارة الى اورجانون ارسطوا.
قال ((لقد فقدوا غايةالعلوم وهدفها واختاروا طريقا خاطئا بتباعهم منهحا ليس من شأنه ان يكتشف جديدا من مبادئ المعرفه .. الى ان قال: فقد ضللهم منهج البحث الذي يهجر الخبرة التجريبية ويدورون حول انفسهم في دوائر مغلقة)). انتهى من ترجمة د/ منى الخولي
بل انما قام النهج الحديث على نبذ هذا الارث وهاجمه اساطين الفكر الحديث:
أمثال: ديكارت , رسل , مل , بوبر وغيرهم.
ولان كان هذا الهجوم والنبذ والنقد سبب تحرك المارد التجريبي وسبب نهضة نيوتن والنسبية والكوانتم الحديثة.
فلقد كان نقد ابن تيمية بلا مواربه سببا لنهضة فكرية ويقضه علميه نبذت القوالب الجامدة التى وصل اليها الفكر الاسلامي بل صار هذا على مستوى العبادات.
وحتى لانتهم الفلاسفة المنتسبين للاسلام بالاغراق في علوم ماوراء الطبيعه وتركهم المنافع الجليلة في الفكر الفلسفي.
فسوف نكون منصفين ونبين اقسام الآخذين بالفكر الفلسفي في المقال التالي ان شاء الله.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[24 - 09 - 03, 06:45 م]ـ
قبل ان نشرع في ذكر بعض الفلاسفة الاسلاميين الذين اخذوا ببعض الجوانب الايجابية في الفلسفة.
لابد ان نطرح تساؤل: اليسوا هؤلاء الفلاسفة من أهل الاسلام؟ الم يعلموا بمنافرة الفكر الذي انتحلوه لهذه الشريعة؟
فيكون الجواب ان المدنية اليونانية كانت مدنية وثنية فصار عند الفلاسفة اليونان نوع من محاولات اكتشاف القوة المسيطرة على هذا الكون وقد نزع بعضهم نزوعا روحيا وهو افلاطون ونزع بعضهم الى الكيان المادي الطبيعي وهو ارسطوا. غير انهم لم يستنيروا بانوار الوحى وقد دخل الفكر الارسطي في كيان ديانات متعددة اشهرها المسيحية وتشكلت المسيحية الحديثة بانواع من هذا الامتزاج.
غير ان هذه الوثنية الفكرية عجزت عن ممازجة الفكر الاسلامي القائم على التوحيد.
ولكن الفلاسفة المنتسبين للملة حاولوا التوفيق بينهما , كمحاولات الفارابي التوفيق بين نظرية النبوة الفلسفية وقضية النبوة في الشريعة الاسلامية وخرج بهذا الى مساواة النبى بالفيلسوف فجميعهم ينهل من معين واحد وهو العقل الفعال بل الفيلسوف اعظم مكانة من النبى فالنبى يصل الى العقل الفعال بالقوة التخيلية خلاف الفيلسوف الذي وصل اليها بجهوده العقليه ...
وكذلك حاول الكثر الفلاسفة كابن سينا وغيره , و كانت اشهر هذه المحاولات واكثرها جدية محاولة ابن رشد التى جسدها في كتابة الشهير (فصل المقال في ما بين الحكمة والشريعة من الاتصال).
حيث قال فيه (الحكمة صاحبة الشريعة وأختها الرضيعة) ... وعزا التضاد الحاصل بين الفلسفة والشريعة الى صعف نظر لآخذين وليس الى كتب الحكمة كما سماها.
أما الفلاسفة المنتسبين للملة الذين قد ركزوا على الجوانب الايجابية الفلسفة من مثل ابو الريحان البيروني فلقد كان يعنى كثيرا بالابحاث التجريبية وان كان له الكثير من المشاركات في العلوم الانسانية والشرعية.
وكذلك ترجم علماء الاسلام كتاب المخروطات لصاحبه (لابلوينس) وكتب المجسطي وكتب الطب لجالينوس وغيرها. وانتخبوا علم الجبر واسسوا الكثير من المبادئ والعلوم كعلم البصريان وغيرها.
ولم تكن الشريعة ولا الفكر السلفي الخالص ابدا معارضة لامثال هذا التوجه غير ان المعارضة كل المعارضة بل المحاربة والمقاتله على مزج العلوم الدينية بمثل هذه الافكار الفلسفية.
وسوف نتكلم في المقال القادم ان شاء الله على قضايا المنهج العلمي لان له نوع ارتباط بالعلوم الدينية لانها من جنس العلوم النظرية اجمالا وهذا هو المحز من المفصل , اذ انه هو الذي كثر فيه الخلط والتخليط.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/15)
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[05 - 11 - 03, 09:01 م]ـ
أرتبطت الفلسفة بمفهومين:
المفهوم الاول مفهوم السفسطه.
المفهوم الثاني مفهوم الزندقة والانحلال عن الدين.
و لاشك ان هذه القضية ليست بالصحيحه وحتى نعرف سبب نشأة هاذين المفهومين لابد ان نلقى نظرة تاريخية سريعة على ظهور الفكر الفلسفي في الاسلام.
بغض النظر عن صحة قصة المأمون وطلبه للكتب اليو نانية في المكتبات الرومانيه فان عصر المأمون هو اول عصر تتلاقي في الثقافتين الاسلامة واليونانية الفلسفية وهو عصر الترجمة والنقل من هذه الثقافة الوثنية فلما تلقف فلاسفة الاسلام الفكر الفلسفي في ذلك العصر تلقفوه على انه مزيج متجانس لاينفك بعضه وقد تقدم نقد هذا في الكلام السابق فتجد الفارابي مثلا يحاول صوغ مدينة فاضلة على غرار مدينة افلاطون محاولا التوفيق بين المفهوم الاسلامي للحكم والمفهوم الفلسفي!
وكذلك في قضايا النبوات وغيرها مما اوجد تركيب متناقض متباعد اذ ان الحكم الاسلامي في القضايا الانسانية وقطبي رحاها علم النفس وعلم الاجتماع له منظور خاص قد لايوافق في كثير من النقاط المنظور الفلسفي.
وحتى تعرف الفكر الفلسفي المنتسب للاسلام يكفيك التعرف على فكر اقطاب الفلسفة الثلاثة فيه وهم ابن سينا والفارابي و بن رشد.
وقد ذكرت لك سابقا ان ابن رشد اكثرهم علما ودقة وفهما وعقلا و كافة فلاسفة الاسلام في كفة وابن رشد في كفة ولهذا سببين:
الاول: العلم الشرعي الذي يمتلكه ابن رشد وهو علم شرعي قوى مؤصل بخلاف البقية.
الثاني: الاطلاع الفلسفي الحاضر والقوى وخاصة للفكر الارطسي عند ابن رشد حتى انه ترجم عدة من كتب ارسطوا ومنها نقل اكثر الاوربيين ومذهبه الرشدي الفلسفي لا زال قائم وله اتباعه وخاصة من اليهود.
وقد بين رحمه الله في (تهافت التهافت) في الرد على الغزالي ان بن سينا والذي اعتمد الغزالي كلامه كمفهوم للفلاسفة في الاسلام لم يفهم كلام ارسطوا واخطاء في البناء عليه.
الخلاصة ان من اشنع الاخطاء أخذ الفلسفة على انها فكر موحد بل يجب عدم الاتفتات للطرح الفلسفي فيما يتعلق بما وراء الطبيعة او الالهيات لان هذا الطرح لم يتنور بانوار الرسالات ولم يقتبس من مشكاة النبوات.
غير ان الطرح الفلسفي في بقية القضايا اكثره ذو نفع وفائدة كما قال شيخ الاسلام رحمه الله تعالى (وكثير من كلامهم نافع في الطبيعيات ولهم عقول عرفوا بها ذلك) أو كما قال رحمه الله.
فالعلوم الدنيوية تحتاج الى روح والى علم يضبطها في مناهج البحث والنظر والفلسفة هي تلك الروح.
أما سبب نشوء المفهوم الثاني مفهوم السفسطة وهو الوصول الى المعاني السهلة بالالفاظ المعقدة , فهو ما ساتكلم عليه ان شاء الله في المقال التالي.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[10 - 11 - 03, 09:34 م]ـ
أما مفهوم السفسطة و تعقيد الواضحات او بمعنى ادق (الوصول الى المعاني السهلة او النتائج السهله باللالفاظ الصعبة).
وهو وصف اقترن بالفلسفة تاريخيا خاصة عند المسلمين ولم اجد هذا الوصف منتشرا في الفكر الغربي الاوربي الا بعض الاشارات وخاصة الى بعض الطوائف الفلسفية كالسفسطائية وغيرها.
ولكنك واجد هذا الوصف يكاد لاينفك عن الفلسفة في النظرة النقدية الاسلامية العامية للفلسفة ولهذا اسباب عديدية نوجزها فيما يلي:
1 - واقع حقيقي مرتبط بطائفة من معتنقي الفلسفة الاسلاميين ممن استخدموا العقل الفلسفي في التعامل مع النصوص خاصة وكما مثلنا في المثال السابق بين العقل المباشر والعقل الفلسفي وذكرنا الفرق بينهما وسيأتي مزيد كلام بأذن الله حول العقل المباشر او العقل الشرعي والعقل الفلسفي.
هذا الواقع الناتج عن التطبيق الفلسفي الفكري الخاطئ من طائفة من معتنقيه بل ومن اكابرهم ان اصبحنا اكثر دقة قد اثمر هذ النظرة التى تلزم الفلسفة بالسفسطة.
2 - قصور في الفهم من بعض النقاد المسلمين من اي طائقة كانوا للمعاني الفلسفية واللوم لايقع عليهم بالدرجة الاولى اذ انهم ينقدون الفلسفة التى عرضت بين ايديهم في عصور الترجمة وانتحلها الكثير من الباطنية.
ولكن اللوم يقع على طوائف العارضين لهذه الفلسفة من منتحليها.
3 - الطبيعة التركيبية الفكرية للفلسفة مركبة من التحليل واعادة التركيب مما يعنى النظر من زوايا متعددة للمسائل النظرية قبل ظهور الفلسفة التجريبية.
وهذه النظرة المركبة التحليلية قد لاتلقى رواجا وقبولا عند بعض الطوائف فضلا عن ان تكون منهجا استنباطيا اساسيا في قائمة الفكر الفلسفي.
ومن الواضح ان الكلام هنا على المسائل النظرية دون المسائل التجريبية اذ ان هذا نوع من انواع الفلسفة يأتي الكلام عليه بأذن الله.
ـ[الدرعمى]ــــــــ[04 - 08 - 04, 01:03 ص]ـ
شيخنا الجليل لم أكن قد اطلعت على هذا الرابط من قبل والذى أكد لى أن هذا الملتقى ملىء بالدرر الكامنه ويحتاج منا إلى وقفات ووقفات
الواقع شيخنا الجليل أننى قد انبهرت بأسلوبك من حيث إلمامك بالمتناقضين ومحاولتك الجمع بينهما فتذكرت على الفور الشيخ متولى الشعراوى الذى كان يلقى على الناس وأكثرهم من العوام مثلى مذاهب الفلاسفة والمعتزلة والمتكلمين بأبسط عبارة ولا نسمع إلا صيحات الإعجاب
حقيقة شيخنا الجليل إن حديثك عن الفلسفة والشريعة يحتاج إلى تأمل ونظر ولى مبدئيًا ملاحظة:
الذى أعلمه أن الفلسفة هى قسيم العلم وليست علمًا من العلوم وأن العلم قد انفصل عن الفلسفة منذ قديم الأزل وإن كان خرج من عباءتها ذلك أن منهج العلم وغايته مختلف عن منهج الفلسفة وغايتها.
وكذلك اختلف فى علاقة المنطق بالفلسفة بين الفلاسفة أنفسهم فذهب الرواقيون إلى أن المنطق جزء منها وذهب المشائيون إلى أنه اداه وليس جزءًا وذهب أصحاب أفلوطين إلى أنه جزء وأداة معًا ولكل منهم حججه وإن كان مذهب المشائيين الراجح عند المسلمين.
وعليه شيخنا الجليل فإن أرى من حيث المبدًا أن الفلسفة ليست علمًا وأنها نتاج للجهد العقلى المجرد البعيد عن الوحى وأنه لا يمكن الجمع بين الفلسفة والدين.
وأنا مستعد لمناقشتك حول تلك القضية باستفاضة إن شاء الله تعالى.(26/16)
الدفاع عن أهل الحديث للأخ فتحي العيساوي حوار مع الدكتور عمارة
ـ[منهاج السنة]ــــــــ[02 - 10 - 03, 09:42 ص]ـ
الدفاع عن أهل الحديث للأخ فتحي العيساوي
بسم الله الرحمن الرحيم
الدفاع عن أهل الحديث
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين.
أما بعد، فهذا مقال جيد كتبه الأخ الفاضل: فتحي العيساوي ناقش فيه فضيلة الدكتور محمد عمارة في موضوع شديد الحساسية و بالغ الأهمية وهو مفهوم اتباع السلف الصالح، و ما يتعلق بذلك من مسائل علمية منهجية تتفرع عنه كمفهوم الوسطية و الاعتدال و الحرفية و العقلانية و غير ذلك.
وقد كثر في هذه الأيام ظهور فضيلة الدكتور على القنوات الفضائية، وهو يؤدي خدمة للإسلام و المسلمين يجب أن يشكر عليها، و أن يحمد ولا يذم، فإنه قد سخر لسانه للدفاع عن قضايا الإسلام، خاصة العصرية منها، ولا يخلو حديثه من فوائد جمة تنير الطريق و تبدد بعض الشبهات التي يثيرها أعداء الدين و يلغمون بها الساحة العلمية.
و بطبيعة الحال فإن مثله إذا اعتلى مثل هذا الكرسي فلابد أن يواجه بالنقد، فإنه لا يعدم أن يوجد من يخالفه كلية أو جزئيا في بعض ما يتقدم به من أفكار و تحليلات، وهذا أمر طبيعي أرجو من الدكتور أن لا يضيق به، كما أرجو ممن ينتقده أن ينتقده بعلم و عدل ولا يضيع حسناته.
ولولا أن فضيلة الدكتور قد يتعرض أحيانا إلى مسائل من الشرع يؤولها تأويلات باطلة تقع ضمن البدع الظاهرة لما كان يجب التعرض له، ومع ذلك فإن نقده بالدليل الصريح الصحيح لا ينقص من قدره ولا يعطل عمله، بل المرجو أن يزيده رونقا و سدادا.
و أنا و إن كنت شخصيا أخالف فضيلة الدكتور في بعض المسائل، و اعلم سبب توجهه و انتحائه نحو فكر معين و أصول معروفة، قد تجعل من بعض مقالاته امتدادا لفكر المعتزلة و العقلانيين، فإني أعمل معه و مع غيره من علماء و مفكرين بالقاعدة التالية، وهي قاعدة عملية استفدتها من بعض فضلاء أهل العلم المتحققين به، و ملخص هذه القاعدة أن مقالات بعض العلماء و المفكرين أقصد المتأخرين منهم، ومن لم يتحقق علميا بما كان عليه السلف الصالح في الاعتقاد و السلوك و المنهج العلمي، و ضعف بضاعته في الرواية و الآثار، قد تكون في الباطن مقالة اعتزالية أو جهمية أو غربية محضة، وهذا لا يمنع أن يكون صاحبها من حيث العموم صاحب فضيلة و تمييز و خدمة للدين، فمثل هؤلاء نعرفهم ونميزهم عن المعتزلة و الجهمية و المتأثرين بالغرب بنقطة أساسية في التحليل، هي كونهم يجمعون بين المتناقضات تقليدا و ظنا، ولهذا لا يكونون جاحدين للسنة لأنهم يثبتونها من وجه و ينفونها من وجه، فيجمعون بين النفي و الإثبات، فتجدهم في بعض مقالاتهم يثبتون السنة و يدافعون عنها، و في بعضها الآخر ينفونها و يثبتون نقيضها إما تقليدا لمذهبهم و أئمتهم، و إما ظنا بصحته و سلامته، فمثل هؤلاء لا يجب أن نقول عنهم: إنهم معتزلة أو جهمية لمجرد أن بعض مقالاتهم باطنها باطن الفكر الاعتزالي و الجهمي.
وعليه، يجب معاملتهم بالحسنى، و الرد عليهم بالتي هي أحسن، وعدم هضم فضلهم ولا حقوقهم وقد قام بذلك أخونا فتحي العيساوي أحسن القيام، فقام مع الحق الذي تشهد عليه الأدلة المعتبرة و نصره و دل عليه من يجهله، وشرح بعض القواعد العزيزة التي سطرها شيخ الإسلام ابن تيمية و تلميذه و صاحبه ابن القيم، ولم يبغ على الدكتور ولم يعتد عليه، و شهد له بفضله و جهده فأصاب حسنتين و خدم غرضين، وعلى هذا المنوال يجب أن تكون ردود أهل السنة خاصة طلبة العلم منهم، فإنهم الرائد و النموذج الذي يقتدي به غيرهم.
وإضافة إلى ما تفضل به أخونا من ملاحظات علمية صحيحة، فقد ذكرت بعض الاستدراكات على مقال الدكتور محمد عمارة في موضعها من هذا المقال، في هامش الصفحات.
وفقنا الله جميعا للدفاع عن دينه المنزل، و الدعوة إليه دون جور أو بغي على أحد، و أعاننا على جمع كلمة المسلمين على حق وهدى، و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين، و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرزيو، الجزائر بتاريخ 2003 - 09 - 17
مختار الأخضر الطيباوي
الحمد لله وحده و الصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/17)
الحمد لله الذي بعث فينا رسولا من أنفسنا يتلو علينا آياته ويزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة، الحمد لله الذي أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة ورضي لنا الإسلام دينا، الحمد لله الذي أنزل الكتاب تفصيلا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين، {ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون} [يوسف 111].
لقد كثرت الفرق وتطاحنت فيما بينها حتى أصاب أمتنا ما أصابها من الوهن، ولم يكن ذلك إلا بتركهم لكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وامتطائهم مركب البغي والجهل، حتى إن فضلاء القوم من أمثال الدكتور البوطي والدكتور محمد عمارة وغيرهم ممن لهم مساع كبيرة في الدفاع عن الإسلام والمسلمين والوقوف في وجوه أعدائهم من المستشرقين والعلمانيين ودعاة الانحلال؛ يحتقرون ويعيبون أقرب الناس إلى الحق من أهل السنة والحديث، فيطعنون في طريقهم ويسمونهم بالجهل والتقليد أو الجمود والتحجر على النصوص أو حشو القول، وهم في ذلك مخطئون حائدون عن سبيل أئمة الهدى.
ولما كان يجب على المسلمين بعد موالاة الله ورسوله موالاة المؤمنين، خصوصا العلماء الذين هم ورثة الأنبياء، خصوصا أهل الحديث والسنة منهم كالإمام مالك والشافعي وأحمد والبخاري والدارمي وابن تيمية وابن القيم والشيخ الألباني في هذا العصر؛ ارتأينا كتابة هذه الورقات دفاعا عن أهل الحديث والسنة عموما؛ وردا للباطل المدسوس في كلام بعض المفكرين والدعاة ممن ينتسب إلى السلفية والأشعرية على حد السواء.
وحتى يكون كلامنا بعلم وعدل وإنصاف، لابد من سلوك سبيل الموضوعية والتعقل الخالية من الهوى والتعصب، ومن البغي والعدوان، ولا يتم ذلك إلا بتجريد التوحيد، وتحقيق قول السلف: كن مع الحق بلا خلق ومع الخلق بلا نفس، ثم إنه لابد مع ذلك من معرفة سبيل المؤمنين على التفصيل، ومعرفة سبل أهل البدع والمنافقين والكفار والمشركين على التفصيل، فإنه من كان كذلك كان من أنفع الخلق للناس، وأنصحهم لهم، وأعلمهم بالحق، وأتبعهم للهدى والرشاد، وأبعدهم عن الغي والضلال، فكان من أحب الخلق إلى الله عز وجل.
وهذا الإمام ابن القيم –رحمه الله- يبين أنه من كان خبيرا بطريق الهدى وطريق الضلال، متبعا للرشاد مجانبا للغي كان من أفضل الخلق، إذ يقول في الفوائد ج: 1 ص: 1
قاعدة جليلة: قال الله تعالى: {وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين}، وقال: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى} الآية.
والله تعالى قد بين في كتابه سبيل المؤمنين مفصلة، وسبيل المجرمين مفصلة، وعاقبة هؤلاء مفصلة، وعاقبة هؤلاء مفصلة، وأعمال هؤلاء وأعمال هؤلاء، وأولياء هؤلاء وأولياء هؤلاء، وخذلانه لهؤلاء وتوفيقه لهؤلاء، والأسباب التي وفق بها هؤلاء والأسباب التي خذل بها هؤلاء، وجلا سبحانه الأمرين في كتابه وكشفهما وأوضحهما وبينهما غاية البيان، حتى شاهدتهما البصائر كمشاهدة الأبصار للضياء والظلام.
فالعالمون بالله وكتابه ودينه عرفوا سبيل المؤمنين معرفة تفصيلية، وسبيل المجرمين معرفة تفصيلية، فاستبانت لهم السبيلان كما يستبين للسالك الطريق الموصل إلى مقصوده، والطريق الموصل إلى الهلكة، فهؤلاء أعلم الخلق، وأنفعهم للناس، وأنصحهم لهم، وهم الأدلاء الهداة.
وبذلك برز الصحابة على جميع من أتى بعدهم إلى يوم القيامة، فإنهم نشأوا في سبيل الظلال والكفر والشرك والسبل الموصلة إلى الهلاك وعرفوها مفصلة، ثم جاءهم الرسول فأخرجهم من تلك الظلمات إلى سبيل الهدى وصراط الله المستقيم، فخرجوا من الظلمة الشديدة إلى النور التام، ومن الشرك إلى التوحيد، ومن الجهل إلى العلم، ومن الغي إلى الرشاد، ومن الظلم إلى العدل، ومن الحيرة والعمى إلى الهدى والبصائر، فعرفوا مقدار ما نالوه وظفروا به، ومقدار ما كانوا فيه، فإن الضد يظهر حسنه الضد، وإنما تتبين الأشياء بأضدادها، فازدادوا رغبة ومحبة فيما انتقلوا إليه، ونفرة وبغضا لما انتقلوا عنه، وكانوا أحب الناس في التوحيد والإيمان والإسلام، وأبغض الناس في ضده، عالمين بالسبيل على التفصيل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/18)
وأما من جاء بعد الصحابة، فمنهم من نشأ في الإسلام غير عالم تفصيل ضده، فالتبس عليه بعض تفاصيل سبيل المؤمنين بسبيل المجرمين، فإن اللبس إنما يقع إذا ضعف العلم بالسبيلين أو أحدهما، كما قال عمر بن الخطاب: إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية، وهذا من كمال علم عمر رضي الله عنه، فإنه إذا لم يعرف الجاهلية وحكمها وهو كل ما خالف ما جاء به الرسول فانه من الجاهلية؛ فإنها منسوبة إلى الجهل، وكل ما خالف الرسول فهو من الجهل.
فمن لم يعرف سبيل المجرمين ولم تستبن له أوشك أن يظن في بعض سبيلهم أنها من سبيل المؤمنين، كما وقع في هذه الأمة من أمور كثيرة في باب الاعتقاد والعلم والعمل هي من سبيل المجرمين والكفار وأعداء الرسل؛ أدخلها من لم يعرف أنها من سبيلهم في سبيل المؤمنين، ودعا إليها، وكفر من خالفها، واستحل منه ما حرمه الله ورسوله، كما وقع لأكثر أهل البدع من الجهمية والقدرية والخوارج والروافض وأشباههم، ممن ابتدع بدعة ودعا إليها وكفر من خالفها.
والناس في هذا الموضع أربع فرق:
الأولى: من استبان له سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين على التفصيل علما وعملا وهؤلاء أعلم الخلق.
الفرقة الثانية: من عميت عنه السبيلان من أشباه الأنعام، وهؤلاء بسبيل المجرمين أحضر ولها أسلك.
الفرقة الثالثة: من صرف عنايته إلى معرفة سبيل المؤمنين دون ضدها، فهو يعرف ضدها من حيث الجملة والمخالفة، وأن كل ما خالف سبيل المؤمنين فهو باطل وإن لم يتصوره على التفصيل، بل إذا سمع شيئا مما خالف سبيل المؤمنين صرف سمعه عنه، ولم يشغل نفسه بفهمه ومعرفة وجه بطلانه، وهو بمنزلة من سلمت نفسه من إرادة الشهوات فلم تخطر بقلبه ولم تدعه إليها نفسه، بخلاف الفرقة الأولى فإنهم يعرفونها، وتميل إليها نفوسهم، ويجاهدونها على تركها لله.
وقد كتبوا إلى عمر بن الخطاب يسألونه عن هذه المسألة أيما أفضل: رجل لم تخطر له الشهوات ولم تمر بباله أو رجل نازعته إليها نفسه فتركها لله؟ فكتب عمر: إن الذي تشتهي نفسه المعاصي ويتركها لله عز وجل من الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم.
وهكذا من عرف البدع والشرك والباطل وطرقه، فأبغضها لله، وحذرها، وحذر منها، ودفعها عن نفسه، ولم يدعها تخدش وجه إيمانه، ولا تورثه شبهة، ولا شكا، بل يزداد بمعرفتها بصيرة في الحق ومحبة له، وكراهة لها ونفرة عنها، أفضل ممن لا تخطر بباله ولا تمر بقلبه، فإنه كلما مرت بقلبه وتصورت له ازداد محبة للحق ومعرفة بقدره وسرورا به، فيقوى إيمانه به ...
الفرقة الرابعة: فرقة عرفت سبيل الشر والبدع والكفر مفصلة، وسبيل المؤمنين مجملة، وهذا حال كثير ممن اعتنى بمقالات الأمم ومقالات أهل البدع فعرفها على التفصيل، ولم يعرف ما جاء به الرسول كذلك، بل عرفه معرفة مجملة وإن تفصلت له في بعض الأشياء، ومن تأمل كتبهم رأى ذلك عيانا، وكذلك من كان عارفا بطرق الشر والظلم والفساد على التفصيل، سالكا لها إذا تاب ورجع عنها إلى سبيل الأبرار يكون علمه بها مجملا غير عارف بها على التفصيل معرفة من أفنى عمره في تصرفها وسلوكها.
والمقصود أن الله سبحانه يحب أن تعرف سبيل أعدائه لتجتنب وتبغض، كما يحب أن تعرف سبيل أوليائه لتحب وتسلك، وفى هذه المعرفة من الفوائد والأسرار مالا يعلمه إلا الله: من معرفة عموم ربوبيته سبحانه، وحكمته، وكمال أسمائه وصفاته، وتعلقها بمتعلقاتها، واقتضائها لآثارها وموجباتها، وذلك من أعظم الدلالة على ربوبيته وملكه وإلهيته وحبه وبغضه وثوابه وعقابه .. والله أعلم، (انتهى كلام ابن القيم).
الرسول صلى الله عليه وسلم بين أصول الدين وفروعه غاية البيان:
لقد كثر الطعن في الدين قديما وحديثا، وخاصة في الآونة الأخيرة، وإن من أعظم مطاعن الزنادقة والمنافقين في الحنيفية السمحة أن يظن أن الرسول صلى الله عليه وسلم أهمل الأمور المهمة التي يحتاج إليها الدين فلم يبينها، أو أنه بينها لكن التقصير كان من الأمة التي لم تنقلها، وإنما يظن هذا وأمثاله من هو جاهل بحقائق ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، أو جاهل بما يعقله الناس بقلوبهم، أو جاهل بالأمرين جميعا، ثم إن جهله بالأول يوجب عدم علمه بما اشتمل عليه ذلك من أصول الدين وفروعه، وجهله بالثاني يوجب أن يدخل في الحقائق المعقولة ما يسميه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/19)
هو وأشكاله عقليات، وإنما هي جهليات، وجهله بالأمرين يوجب أن يظن من أصول الدين ما ليس منها من المسائل التي يجب اعتقادها ويجب أن تذكر قولا أو تعمل عملا كمسائل التوحيد والصفات والقدر والنبوة والمعاد، ومن الوسائل الباطلة من دلائل هذه المسائل، وأن يظن عدم بيان الرسول لما ينبغي أن يعتقد في ذلك، كما هو الواقع لطوائف من أصناف الناس حذاقهم من مفكري هذه الأمة، فضلا عن عامتهم.
وعليه، فكل ما يحتاج الناس إلى معرفته واعتقاده والتصديق به من هذه المسائل فقد بينه الله ورسوله بيانا شافيا كافيا قاطعا للعذر، وهو من أعظم ما بلغه الرسول البلاغ المبين، ومن أعظم ما أقام الله به الحجة على عباده، وكتاب الله الذي هو القرآن الكريم الذي نقل الصحابة ثم التابعون عن الرسول صلى الله عليه وسلم لفظه ومعانيه، والحكمة التي هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي نقلوها أيضا عن الرسول مشتملان من ذلك على غاية المراد وتمام الواجب والمستحب، كيف لا والرسول صلى الله عليه وسلم قد علم هذه الأمة حتى آداب الأكل والشرب والوطء والخروج إلى الخلاء وغيرها من صغار المسائل، كيف لا وأصحابه قد نقلوا عنه دق المسائل من بصاقه وشعره الذي يحلقه وغيرها مما يطول ذكره كثير.
وإنما يظن عدم اشتمال الكتاب والحكمة على بيان أصول الدين من كان ناقصا في عقله وسمعه، ومن كان له نصيب من قول أهل النار الذين قالوا: {لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير} [الملك10]، وهذا موجود في كثير من المتفلسفة والمتكلمة والمفكرين وجهال أهل الحديث والمتفقهة والصوفية، وأما دلائل هذه المسائل الأصولية فإن طوائف من المتكلمين والمتفلسفة والمفكرين قد غلطوا غلطا عظيما بل ضلوا ضلالا مبينا في ظنهم أن دلالة الكتاب والسنة إنما هي بطريق الخبر المجرد، ومعلوم أن ذلك لا يوجب العلم إلا بعد العلم بصدق المخبر، وهذا ما اضطرهم إلى أن يجعلوا العلوم العقلية أصلا كما يفعل أبو المعالي و أبو حامد و الرازي و غيرهم، وأن طريقهم هي الطريق البرهانية الدالة بواسطة العقل، وحقيقة الأمر ما عليه سلف الأمة أهل العلم والإيمان من أن الله سبحانه وتعالى بين من الأدلة العقلية التي يحتاج إليها في ذلك العلم مالا يقدر أحد من هؤلاء قدره، ونهاية ما يذكره هؤلاء الطاعنون في كتبهم ومقالاتهم جاء القرآن بخلاصته على أحسن وجه، كالأمثال المضروبة التي يذكرها الله في كتابه، المتمثلة في الأقيسة العقلية باستعمال اللزوم العقلي.
الحياة الحقيقية لا تكون إلا بالكتاب والحكمة:
وقد ضرب الله تبارك وتعالى لعباده مثلين أحدهما مائي والآخر ناري في سورة البقرة وفي سورة الرعد وفي سورة النور، فجعل المؤمن حي القلب مستنيره، والكافر والمنافق ميت القلب مظلمه.
قال الله تعالى: {أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس} الآية، وقال تعالى: {وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات} فجعل من اهتدى بهداه واستنار بنوره بصيرا حيا في ظل يقيه من حر الشبهات والضلال والبدع والشرك مستنيرا بنوره، والآخر أعمى ميتا في حر الكفر والشرك والضلال منغمسا في الظلمات.
وقال تعالى: {وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان} الآية، فسمى وحيه روحا لما يحصل به من حياة القلوب والأرواح التي هي الحياة الحقيقية، ومن عدمها فهو ميت لا حي، والحياة الأبدية السرمدية في دار النعيم في جنات الخلد هي ثمرة حياة القلب بهذا الروح الذي أوحاه الله تعالى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن لم يحي به في الدنيا فهو ممن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا.
وأعظم الناس حياة في الدور الثلاث؛ دار الدنيا ودار البرزخ ودار الجزاء أعظمهم نصيبا من الحياة بهذه الروح، وسماه روحا في غير موضع من القرآن كقوله تعالى: {رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق}، وقال تعالى: {ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن انذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون}، وسماه نورا لما يحصل به من استنارة القلوب وإضاءتها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/20)
وكمال روح الإنسان بهاتين الصفتين بالحياة والنور، ولا سبيل إليهما إلا على أيدي الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، باتباعهم والانقياد لهم انقيادا تاما، والاهتداء بما بعثوا به، وتلقي العلم النافع والعمل الصالح من مشكاتهم، و إلا فالروح ميتة مظلمة وإن كان العبد رأسا في القوم، مشارا إليه بالزهد والفقه والفكر والفضيلة والكلام في البحوث وعلى الفضائيات، فإن الحياة والاستنارة بالروح الذي أوحاه الله تعالى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وجعله نورا يهدي به من يشاء من عباده، وراء ذلك كله.
حقيقة العلم:
فليس العلم كثرة النقل والبحث والكلام والكتب والمقالات في الجرائد والمجلات وعلى شبكات الإنترنيت والفضائيات، ولكنه نور يميز به صحيح الأقوال من سقيمها، وحقها من باطلها، وما هو من مشكاة النبوة مما هو من آراء الرجال وتنطع المتنطعين أو تهوك المتهوكين، ويميز بين ما عليه أتباع أنبياء الله تعالى من أهل الحديث والفقه والزهد من أهل مدينة نبينا صلوات الله وسلامه عليه، والذي لا يقبل الله عز وجل ثمنا لجنته سواه، مما هو عليه الغرب ونوابه من الفلاسفة ودعاة العلمانية والانحلال، والجهمية، ومخانيثهم من المعتزلة، وكل من اتخذ لنفسه سلعة يروجها بين العالم، فإنها كلها زيف، لا يقبل الله سبحانه وتعالى في ثمن جنته شيئا منها، بل ترد على عاملها أحوج ما يكون إليها، وتكون من الأعمال التي قدم الله تعالى عليها فجعلها هباء منثورا، ولصاحبها نصيب وافر من قوله تعالى: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا}، وهذا حال أرباب الأعمال التي كانت لغير الله عز وجل، أو على غير سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحال أرباب العلوم والأفكار التي لم يتلقوها عن مشكاة النبوة، ولكن تلقوها عن زبالة أذهان الرجال وكناسة أفكارهم، فاتعبوا قواهم وأفكارهم وأذهانهم في تقرير آراء الرجال، والانتصار لهم، وفهم ما قالوه وبثه في المجالس والمحاضر والموائد المستديرة على الفضائيات، وأعرضوا عما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم صفحا، ومن به رمق منهم يعير النبي صلى الله عليه وسلم أدنى إلتفات طلبا للفضيلة والعلو في الأرض بغير حق، أو خوفا من اندراس ذكره ومقته عند عامة المسلمين.
وأما تجريد اتباعه ونبذ اتباع من سواه أيا كان، وتحكيمه في كل صغيرة وكبيرة وعدم تحكيم من سواه وما اعتاده الناس وتقلدوه عن آبائهم وأسلافهم أو وضعوه من قوانين مما لم ينزل الله تعالى به سلطانه، ثم لابد من تفريغ قوى النفس في طلبه، والتفكر فيه، وفهمه، وعرض آراء الرجال عليه لا عرضه هو على آراء الرجال، ورد ما خالفه منها، وقبول ما وافقه، ولا يلتفت إلى شيء من آرائهم وأقوالهم إلا إذا أشرقت عليها شمس الوحي، وشهد لها بالصحة الكتاب والحكمة، فهذا الذي لا ينجي سواه، أمر لا تكاد ترى أحدا منهم يحدث به نفسه فضلا عن أن يكون مطلبه ومناه ومبتغاه، و إلا لظهر على صفحات كتبهم وفلتات ألسنتهم.
ولقد جاء في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: سألت ربي ثلاثا فأعطاني اثنتين ومنعني الثالثة سألته أن لا يهلك أمتي بسنة عامة فأعطانيها وسألته أن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم فيجتاحهم فأعطانيها وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها"، والبأس مشتق من البؤس، قال الله تعالى: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا و يذيق بعضكم بأس بعض}، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما نزل قوله تعالى" {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم} قال: "أعوذ بوجهك" {أو من تحت أرجلكم} قال: "أعوذ بوجهك" {أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض} قال: "هاتان أهون"، فدل على أنه لابد أن يلبسهم شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض مع براءة الرسول في هذه الحال و هم فيها في جاهلية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/21)
وقد روى مالك عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول: ترك الناس العمل بهذه الآية تعنى قوله تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما}، فإن المسلمين إذا اقتتلوا كان الواجب الإصلاح بينهم وجبر الكسر، فإذا لم يعمل بذلك صارت فتنة وجاهلية واستفحل المرض، وهكذا مسائل النزاع التي تنازع فيها الأمة في الأصول والفروع، إذا لم ترد إلى الله والرسول لم يتبين فيها الحق، بل يصير فيها المتنازعون على غير بينة من أمرهم، فإن رحمهم الله أقر بعضهم بعضا ولم يبغ بعضهم على بعض، كما كان الصحابة في خلافة عمر وعثمان يتنازعون في بعض مسائل الاجتهاد، فيقر بعضهم بعضا دون بغي ولا عدوان، وإن لم يرحموا وقع بينهم الاختلاف المذموم، فبغى بعضهم على بعض، إما بالقول مثل تكفيره ورميه بالزندقة و تفسيقه وتبديعه، وإما بالفعل مثل حبسه و ضربه و قتله و هذه حال أهل البدع و الظلم كالخوارج و أمثالهم يظلمون الأمة و يعتدون عليهم إذا نازعوهم في بعض مسائل الدين، وكما تفعل الرافضة و المعتزلة و الجهمية و غيرهم.
فالعبد إذا خفي عليه بعض ما بعث الله به الرسول صلى الله عليه وسلم إما عادل يعمل بما و صل إليه من آثار الأنبياء و لا يظلم غيره، وإما ظالم يعتدي على غيره، و هو ظالم مع علمه بأنه يظلم، كما قال تعالى: {وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم}، و إلا فلو سلكوا ما علموه من العدل أقر بعضهم بعضا، كالمقلدين لأئمة الفقه الذين يعرفون من أنفسهم أنهم عاجزون عن معرفة حكم الله ورسوله في تلك المسائل، فالعادل منهم لا يظلم الآخر ولا يعتدي عليه بقول ولا فعل، مثل أن يدعى أن قول متبوعه هو الصحيح بلا حجة يبديها، ويذم من يخالفه مع أنه معذور، ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه.
شبهات في طريق الدعوة إلى الله:
ثم إن الناس في نقدهم وردهم على خصومهم قد تسود نفوسهم وتسيطر على عقولهم شبه تعمي القلوب وتصم الآذان وتوهم السامع ما لا حقيقة له، فيضيع في سراديب الشك والحيرة، وتولد لهم من الاختلاف المذموم ما يوجب لهم من العداوة والبغضاء ما الله به عليم، وهي مبنية على مقدمات، نذكر منها لا على سبيل الحصر ما يلي:
الأولى: حسن ظن العبد بنفسه وبدينه، واعتقاده أنه قائم بما يجب عليه وتارك ما نهى عنه، واعتقاده في خصمه وعدوه خلاف ذلك، وأنه مقصر في دينه، وأنه تارك للمأمور مرتكب للمحظور، وأنه نفسه أولى بالله ورسوله ودينه منه، وأنه أعلى منزلة عند الله منه، وأنه أسد قولا وأصح عقلا وأقوم منهاجا من خصمه، وأنه القائم بأصول الدين وغيره غارق في فروع الدين، وأنه الناصح الأمين لهذه الأمة والفاعل في تفعيل طاقاتها للنهوض بها، وخصمه غير ناصح يحسب أنه كذلك، مثبط لهذه الأمة، محرف لغايتها ومطلبها من إقامة هذا الدين في الأرض والخروج بها من التخلف المطبق عليها، واعتقاده أنه هو المعتدل وأنه صاحب الوسطية، وخصمه هو المتطرف أو المتسيب حسب ما يحلو له وتهواه نفسه من إدانة الخصم دون بينة، فيتسلط على غيره بتهم كثير منها باطلة حتى يتسنى له تهميشه ثم نشر أفكاره ومعتقداته وتعميمها، نسأل الله العافية من هذا الظن الكاذب والغرض الفاسد، ونعوذ بالله من الغرور بالنفس، والله المستعان.
وما أكثر من يعتقد أنه هو المظلوم المحق من كل وجه، وغيره هو الظالم المبطل من كل وجه، وحقيقة الأمر خلاف ذلك، بل يكون معه نوع من الحق ونوع من الباطل والظلم، ومع خصمه نوع من الحق والعدل، والإنسان مجبول على حب نفسه فهو لا يرى إلا محاسنها، بل قد يشتد به حبه لنفسه حتى يرى مساوئها محاسن، كما قال تعالى: {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا}، وهو أيضا مبغض لخصمه فهو لا يرى إلا مساوئه، بل قد يشتد به بغض خصمه حتى يرى محاسنه مساوئ، كما قيل: نظروا بعين عداوة ولو أنها عين الرضا لاستحسنوا ما استقبحوا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/22)
ثم إن العبد وهو تحت سيطرة ذلك الغرور، كثيرا ما يترك واجبات لا يعلم بها ولا بوجوبها فيكون مقصرا في العلم، وكثيرا ما يتركها بعد العلم بها وبوجوبها إما كسلا وتهاونا، وإما لنوع تأويل باطل أو تقليد، أو لظنه أنه مشتغل بما هو أوجب منها، أو لغير ذلك، فتراه يتحرج من ترك واجب من واجبات الدين وقد ترك ما هو أهم وأعظم منه وأوكد، ويتحرج من فعل أدنى المحرمات وقد ارتكب من المحرمات ما هو أشد تحريما وأعظم إثما، بل ما أكثر من يتعبد لله عز وجل بترك ما أوجب عليه فيتخلى وينقطع عن الجماعة وعن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع قدرته عليه، ويزعم أنه متقرب إلى الله تعالى بذلك، مجتمع على ربه تارك ما لا يعنيه، فهذا من أمقت الخلق إلى الله تعالى وأبغضهم إليه -كما وصفه الإمام ابن القيم رحمه الله-، مع ظنه أنه قائم بحقائق الإيمان وشرائع الإسلام وأنه من خواص أوليائه وحزبه، بل ما أكثر من يتعبد لله تعالى بما حرمه الله عليه، ويعتقد أنه طاعة وقربة، وحاله في ذلك شر من حال من يعتقد ذلك معصية وإثما، كمن يتقرب إلى الله تعالى بالغيبة والطعن في الناس وهو يظنها من باب الجرح والتعديل، وكمن يتقرب إلى الله تعالى بالسماع الشيطاني ويظن أنه من أولياء الرحمن وهو في الحقيقة من أولياء الشيطان.
الثانية: عدم تقديره الله حق قدره، واعتقاده أنه سبحانه وتعالى قد لا يؤيد صاحب الدين الحق ويعزه وينصره في مناظراته ومجادلاته، وقد لا يجعل له العاقبة في الدنيا بوجه من الوجوه، بل يعتقد أن الله يذل عبده القائم بدينه، فيعيش عمره مظلوما مقهورا مستبدا مستعبدا مع قيامه بما أمر به ظاهرا وباطنا، وانتهائه عما نهي عنه باطنا وظاهرا، فهو يرى نفسه قائما بشرائع الإسلام وحقائق الإيمان دون الإفراط وفوق التفريط، وهو مع استقامته تحت قهر أهل الظلم والفجور والعدوان، فيعطي الدنية في دينه ويجبن عن الصدع بالحق في وجه خصمه كائنا من كان، وهذا قدح بين في إيمان من هذا حاله وتوحيده، فلا إله إلا الله كم فسد بهذا الاغترار من عابد جاهل، ومتدين لا بصيرة له، ومنتسب إلى العلم لا معرفة له بحقائق الدين.
الثالثة: إن الدنيا مرقاة الآخرة، وإن العبد وإن آمن بالآخرة فإنه طالب في الدنيا لما لا بد له منه؛ من جلب النفع ودفع الضر بما يعتقد أنه مستحب أو واجب أو مباح، فإذا اعتقد أن الدين الحق واتباع الهدى والاستقامة على التوحيد ومتابعة السنة ينافي ذلك بحيث يفوت عليه نصيبه من الدنيا، وأنه يعادي جميع أهل الأرض، ويتعرض لما لا يقدر عليه من البلاء وفوات حظوظه ومنافعه العاجلة، لزم من ذلك كله ومن غيره مما يطول ذكره إعراضه عن الرغبة في كمال دينه، وتجرده لله ورسوله، فيعرض عن حال السابقين المقربين، بل قد يعرض عن حال المقتصدين أصحاب اليمين، بل قد لا يرضى لنفسه إلا أن يكون مع الظالمين أنفسهم المسيئين لها ولغيرهم، وقد يدخل مع المنافقين الذين يظهرون خلاف ما يبطنون، وإن لم يكن هذا في أصل الدين كان في كثير من فروعه وأعماله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسى كافرا ويصبح مؤمنا يبيع دينه بعرض من الدنيا".
والمقصود أن الرجل إذا اعتقد الثنائية المتناسبة عكسا في نظره من أن الدين الكامل لا يحصل إلا بفساد دنياه من حصول ضرر لا يحتمله وفوات منفعة لا بد له منها، لم يقدم على احتمال هذا الضرر ولا تفويت تلك المنفعة، فيترجح عنده إيثار دنياه التي لا تكون إلا بتفويت دينه، فسبحان الله يا له من ظن فاسد أصله ناشئ من جهل كبير، جهل بحقيقة الدين وعدم فهمه والفقه فيه، وجهل بحقيقة الدنيا وحقيقة النعيم الذي هو غاية مطلوب النفوس وكمالها وبه ابتهاجها والتذاذها، ولأي شيء خلق الإنسان ولأي شيء خلقت الدنيا، ومن هو أحق بالدنيا وبالتمكين فيها أهو المسلم المؤمن بالله ورسوله أم الكافر والمنافق، فيا لها من فتنة قد صدت الكثير من الخلق، بل أكثرهم عن القيام بحقيقة الدين مرورا بالدنيا، فتولد إعراض جماعي للمسلمين عن حقيقة دينهم ودنياهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/23)
الرابعة: الطائفية وهي التعصب المقيت للطائفة التي ينتمي إليها، وهي داء قد ساد وعم، فلا تكاد تجد داعيا إلى الله ولا عالما ولا فقيها ولا مفكرا ولا عابدا ولا متكلما ولا فاضلا من فضلاء الناس –إلا من رحم الله- ناهيك عن عوامهم في عصرنا هذا البعيد عن مشكاة النبوة، إلا وهو يدعو إلى طائفته وإلى أصولها، ويعادي ويوالي من أجلها، وإن ادعى الدعوة إلى الكتاب والسنة والموضوعية والعقلانية واتباع الدليل، فواقع حاله وحقيقة جداله أنه بعيد كل البعد عن المنهج العلمي في نقد ومناظرة الخصم، وفي تحقيق ومعالجة المسائل وفقا لما أوصله إليه الدليل، دون سابق ظن واعتقاد يصادر على المطلوب، ودون خوف من فوات منفعة وجلب مضرة.
وبيان هذه الجملة أن تعلم أن أفضل ما اكتسبته النفوس وحصلته القلوب، ونال به العبد الرفعة والدرجات العالية في الدنيا والآخرة هو العلم والإيمان، ولهذا قرن بينهما سبحانه وتعالى في قوله: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}، ولكن أكثر الناس غالطون في حقيقة مسمى العلم والإيمان اللذين فيهما السيادة والرفعة، حتى إن كل طائفة تظن أن الحق وقف عليها، وأن ما معها من العلم والإيمان هو هذا الذي به تنال السعادة الكاملة والنعيم التام، وليس كذلك، بل أكثرهم ليس معهم إيمان ينجي، ولا علم يرفع، بل قد سدوا على نفوسهم طرق العلم والإيمان اللذين جاء بهما الرسول صلى الله عليه وسلم، ودعا إليهما الأمة، وكان عليهما هو وأصحابه من بعده، وتابعوهم على منهاجهم وآثارهم من كل خلف عدوله، فكل طائفة اعتقدت أن العلم ما معها، وفرحت، وتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون، وأكثر ما عندهم كلام وآراء وخرص وظنون، ولكن العلم وراء الكلام، كما قال حماد بن زيد: قلت لأيوب: العلم اليوم أكثر أو فيما تقدم؟ فقال: الكلام اليوم أكثر والعلم فيما تقدم أكثر، ففرق هذا الراسخ في العلم بين العلم والكلام، فهذا واقع الحال في زمن حماد وأيوب القريب من مشكاة النبوة، فماذا عن زماننا هذا؟، زمان الفتن المضلة كقطع الليل المظلم، زمان الإعلام ووسائله السريعة، فالكتب كثيرة جدا تغزو المكتبات، والكلام والجدال والمقدرات الذهنية كثيرة طافحة بها المواقع على شبكات الإنترنيت، والعلم بمعزل عن أكثرها، وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل، فلقد قال تعالى: {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم}، وقال: {ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم}، وقال في القرآن: {أنزله بعلمه}، أي: وفيه علمه.
فلما بعد العهد بالعلم النبوي، اتخذ كثير من الناس هواجس الأفكار وسوانح الخواطر والآراء علما، ووضعوا فيها الكتب وكدسوا فيها المقالات وأنفقوا فيها الأنفاس والأموال والأوقات، فضيعوا فيها الزمان، وملأوا بها الصحف مدادا والعقول فسادا والقلوب سوادا، حتى صرح كثير منهم أنه ليس في القرآن والسنة علم، وأن أدلتها لفظية لا تفيد يقينا ولا علما، وأنها إذا تعارضت مع العقل وجب تقديم العقل على النقل، و أن أحاديث الصفات أخبار آحاد لا تفيد إلى الظن والكلام في الصفات من المسائل العلمية فلا يجوز أن يحتج فيها بأخبار الآحاد، وأن الخلف أعلم من السلف من الصحابة والتابعين، وأن سبب تخلف المسلمين هو دينهم فنادوا بفصله عن حياتهم السياسية والاقتصادية ودعوا إلى العلمانية والانحلالية باسم التقدم والحرية، وصرخ الشيطان بهذه الكلمات فيهم، وأذن بها بين أظهرهم، حتى أسمعها دانيهم لقاصيهم، فانسلخت بها القلوب من العلم والإيمان كانسلاخ الحية من قشرها والثوب عن لابسه.
الخامسة: إن الفرقة والاختلاف لا بد من وقوعهما في الأمة فهو أمر لا مناص عنه، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر أمته منه، لينجو من الوقوع فيه من رحمه الله وشاء له السلامة، كما روى الإمام مسلم عن النزال بن سبرة عن عبد الله بن مسعود قال: سمعت رجلا قرأ آية سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ خلافها فأخذت بيده فانطلقت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فعرفت في وجهه الكراهية وقال: "كلاكما محسن ولا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا"، ومثل ذلك ما رواه مسلم أيضا عن عبد الله بن رباح الأنصاري أن عبد الله بن عمرو قال: هجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فسمعت أصوات
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/24)
رجلين اختلفا في آية فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف في وجهه الغضب فقال: "إنما هلك من كان قبلكم من الأمم باختلافهم في الكتاب" فعلل غضبه صلى الله عليه وسلم بأن الاختلاف في الكتاب هو كان سبب هلاك من قبلنا.
ومن هذه الأحاديث نستخلص ما يلي:
-نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الاختلاف الذي فيه جحد كل واحد من المختلفين ما مع الآخر من الحق، لأن كلا القارئين كان محسنا فيما قرأه، وهذا النهي يفيد التحريم.
-تعليل النبي صلى الله عليه وسلم لذلك بأن من كان قبلنا اختلفوا فهلكوا، ولهذا قال حذيفة لعثمان –رضي الله عنهما-: أدرك هذه الأمة لا تختلف في الكتاب كما اختلفت فيه الأمم قبلهم، لما رأى أهل الشام وأهل العراق يختلفون في حروف القرآن الاختلاف الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه دعوة للاعتبار بمن كان قبلنا والحذر من مشابهتهم حتى لا نهلك كما هلك من قبلنا.
واعلم أن أكثر الاختلاف بين الأمة الذي يورث الأهواء تجده من هذا الضرب، وهو أن يكون كل واحد من المختلفين مصيبا فيما يثبته أو في بعضه، مخطئا في نفي ما عليه الآخر، كما أن القارئين كل منهما كان مصيبا في القراءة بالحرف الذي علمه، مخطئا في نفي حرف غيره، فإن أكثر الجهل إنما يقع في النفي الذي هو الجحود والتكذيب، لا في الإثبات، لأن إحاطة الإنسان بما يثبته أيسر من إحاطته بما ينفيه، ولهذا نهيت هذه الأمة أن تضرب آيات الله تعالى بعضها ببعض لأن مضمون الضرب -حين يعتقد أن بينهما تضادا وأن الضدان لا يجتمعان- الإيمان بإحدى الآيتين والكفر بالأخرى، وهذا شر عظيم.
والمقصود أن هذا الاختلاف المذموم من الطرفين يكون عن سببين: تارة عن فساد القصد لما في نفوس الناس من البغي والحسد وحب الرئاسة وإرادة العلو في الأرض بغير حق والفساد فيها ونحو ذلك، فيلزم من ذلك ذم قول الآخر أو فعله أو غلبته وقهره ليتميز عليه، أو يحب قول من يوافقه في نسب أو مذهب أو بلد أو صداقة ونحو ذلك لما في قيام قوله من حصول الشرف والرئاسة له، وما أكثر هذا في بني آدم، وهذا ظلم حرمه الله تعالى، وتارة أخرى عن فساد التصور، ومنه جهل المختلفين بحقيقة الأمر الذي يتنازعان فيه، أو الجهل بأن كل من القولين هما في الواقع قول واحد لكن العبارتين مختلفتين كاختلاف عبارات الحدود والتعاريف الدالة على شيء واحد، أو الجهل بأن المعنيين غيريين كلاهما صحيح لكن لا يتنافيان، أو الجهل بالدليل الذي يرشد به أحدهما الآخر، أو جهل أحدهما بما مع الآخر من الحق في الحكم أو في الدليل، وإن كان عالما بما مع نفسه من الحق حكما ودليلا، أو الجهل بأن الطريقتين مشروعتين وكلاهما حسن في الدين، ولكن قد سلك رجل أو قوم هذه الطريقة وآخرون قد سلكوا الأخرى، ثم الجهل أو الظلم يحمل على ذم أحدهما أو تفضيله بلا قصد صالح أو بلا علم أو بلا نية، فالجهل والظلم هما أصل كل شر كما قال سبحانه وتعالى: {وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا}.
وعليه فأكثر ديانات الخلق إنما هي عادات أخذوها عن آبائهم وأسلافهم، قد تقدست آراؤهم عبر التاريخ، وقلدوهم فيها في الإثبات والنفي، والحب والبغض، والموالاة والمعاداة، والله سبحانه إنما ضمن نصر دينه وحزبه وأوليائه القائمين بدينه علما وعملا، لم يضمن نصر المتخاذلين عن دينه من أهل الباطل ولو اعتقد صاحبه أنه محق، قال تعالى: {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد}، وقال: {فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين}، وكذلك العزة والعلو إنما هما لأهل الإيمان الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه، قال تعالى: {وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين}، وقال تعالى: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين}، فللعبد من النصر والتأييد والعزة والعلو بحسب ما معه من الإيمان وحقائقه، فما فاته من العلو والعزة والنصر والتأييد ففي مقابلة ما فوته العبد من حقائق الإيمان علما وعملا وحالا ظاهرا وباطنا، وكذلك الدفع عن العبد هو بحسب إيمانه، قال تعالى: {إن الله يدافع عن الذين آمنوا}، فإذا ضعف الدفع عنه فهو من نقص إيمانه، وكذلك الكفاية والحسب هي بقدر إيمانه، قال تعالى: {يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين}، وكذلك معية الله تعالى الخاصة وولايته لعبده هي بحسب إيمانه، قال تعالى: {والله ولي المؤمنين}،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/25)
وقال تعالى: {وإن الله لمع المؤمنين}.
قال تعالى: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا}، أي أن انتفاء السبيل عن أهل الإيمان الكامل فإذا ضعف الإيمان صار لعدوهم عليهم من السبيل بحسب ما نقص من إيمانهم، فهم جعلوا لهم عليهم السبيل بما تركوا من طاعة الله تعالى، فالكامل من هذه الصفات هو لأصحاب الإيمان الكامل، وينقص من قدرها بقدر ما نقص من إيمان العبد، ولهذا إذا أصيب العبد بمصيبة في نفسه أو ماله أو تسلط عدوه عليه، فإنما هي بذنوبه إما بترك واجب أو فعل محرم، وهو من نقص إيمانه، وبهذا تنحل شبه كثيرة حول تسلط الكفار على المسلمين عبر التاريخ إلى يومنا هذا، لطالما سيطرت على عقول الناس ونفوسهم.
نقل كلام الدكتور عمارة:
قال الدكتور محمد عمارة -نقلا من برنامج موسوعة المفاهيم الإسلامية-الأزهر-:
السلفيون:
لغة: هم الذين يحتذون حذو السلف، الذين سلفوا، أي سبقوا ومضوا.
واصطلاحا: يدخل فى إطار السلفيين أغلب تيارات الفكر ومذاهبه ومدارسه بدرجات متفاوتة ومعان متمايزة، لأن لها ماضيا ومرجعية ونموذجا ترجع إليه وتنتسب له وتحتذيه وتستصحب ثوابته ومناهجه، وذلك إذا استثنينا تيار الحداثة بالمعنى الغربي، والتي يقيم أصحابه قطيعة معرفية مع الموروث.
وإذا كان السلف هو الماضي فكلنا سلفيون
لكن السلفيين أنواع:
فمن السلفيين من يقلد السلف، وهؤلاء هم أهل الجمود والتقليد.
ومن السلفيين من يرجع إلى السلف، فيجتهد في ميراثهم وتراثهم، مميزا فيه الثوابت عن المتغيرات والصالح للاستصحاب والاستلهام عن ما تجاوزته الوقائع المتغيرة، والعادات المتبدلة، والأعراف المختلفة، والمصالح المستجدة.
ومن السلفيين من يستلهم من فقه السلف ما يتطلبه فقه الواقع الجديد.
ومن السلفيين من يهاجر من واقعه المعيش إلى واقع السلف الذي تجاوزه الزمان، وإلى تجاربهم التي طوتها القرون.
ومن السلفيين من سلفه عصر الازدهار والإبداع فى تاريخنا الحضاري.
ومن السلفيين من سلفه عصر الركاكة والتراجع فى مسيرتنا الحضارية.
ومن السلفيين من سلفه تراثنا وحضارتنا وثقافتنا الوطنية والقومية والإسلامية.
ومن السلفيين من سلفه تراث الآخر الحضاري ومذاهبه وتياراته الفلسفية والاجتماعية، وبهذا المعنى يمكن إدخال الليبراليين الذين يحتذون حذو الليبرالية الغربية، والماركسيين اللذين يحتذون حذو الماركسية الغربية، وأمثالهم من المتغربين فى عداد السلفيين الذين أصبح الموروث والماضي الغربي سلفا لهم يحتذونه أحيانا مع قدر من التحوير، وأحيانا بجمود وتقليد.
ومن السلفيين من سلفه المذاهب والتيارات النصية الحرفية فى تراثنا.
ومن السلفيين من سلفه تيارات العقلانية فى تراثنا أو النزعات الصوفية فى موروثنا الحضاري.
ومن السلفيين من سلفه مذهب تراثي بعينه يتعصب له ولا يتعداه.
ومن السلفيين من مرجعيته تراث الأمة، على اختلاف مذاهبها، يحتضنها جميعا، ويعتز بها، ويتخير منها.
ولكن مع صدق وصلاحية إدخال أغلب تيارات الفكر تحت مصطلح السلفيين، إلا أن هذا المصطلح قد ادعاه واشتهر به وكاد يحتكره أولئك الذين غلبوا النص، وفى أحيان كثيرة ظاهر النص على الرأي والقياس وغيرهما من سبل وآليات النظر العقلي، فوقفوا عند الرواية أكثر من وقوفهم عند الدراية، وحرموا الاشتغال بعلم الكلام فضلا عن الفلسفات الوافدة على حضارة الإسلام، وهؤلاء هم الذين يطلق عليهم أحيانا أهل الحديث، لاشتغالهم بصناعة المأثور وعلوم الرواية، ورفضهم علوم النظر العقلي.
وإمام هذه المدرسة هو أبو عبد الله أحمد ابن حنبل (164 - 241هـ /780 - 855م) وفيها نجد أبرز الأئمة الذين اشتغلوا بصناعة الرواية وعلومها، من أمثال: ابن راهويه (238هـ/852م) وإمام علم الجرح والتعديل، وأصحاب الصحاح والجوامع والمسانيد: البخاري (256هـ/870م)، وأبو داود (275هـ/888م)، والدارمي (280هـ/893م)، والطبراني (360هـ/971م)، والبيهقى (458هـ/1066م) إلخ ...
ولقد تطورت هذه المدرسة فى مرحلة ابن تيمية (661 - 728هـ/1263 - 1328م) وابن قيم الجوزية (691 - 751هـ/1292 - 1350م) فضمت إلى المأثور بعضا من أدوات النظر العقلي، وإن ظلت الغلبة والأولوية عندها للنصوص والمأثورات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/26)
وعن هذا المنهاج يعبر ابن القيم، فيقول: "إن النصوص محيطة بأحكام الحوادث، ولم يحلنا الله ولا رسوله على رأى ولا قياس، وإن الشريعة لم تحوجنا إلى قياس قط، وإن فيها غنية عن كل رأى وقياس وسياسة واستحسان، ولكن ذلك مشروط بفهم يؤتيه الله عبده فيها".
فلقد ظل النص وحده هو المرجع عند هؤلاء السلفيين، لكن التطور قد أصاب هذا المنهاج النصي -فى مرحلة ابن تيمية وابن القيم- فحدث إعمال الفهم والعقل فى النصوص، دون الاكتفاء بالوقوف عند ظواهر هذه النصوص.
ولقد كان غلو هؤلاء السلفيين فى الانحياز إلى النص وحده، ثمرة لعوامل كثيرة، منها: مخافة غلو مضاد انحاز أهله -وهم فلاسفة العقلانية اليونانية من المشائيين- إلى عقلانية غير مضبوطة بالنص الديني، وأيضا النزعة الصوفية الباطنية الإشراقية، التي انحازت إلى الذوق والحدس، دونما ضابط من النص ولا من العقل.
ولأن هذه النزعات جميعها -النصية منها والعقلانية والباطنية- قد شابها قدر، كثير أو قليل، من الغلو، فلقد ظلت عاجزة عن استقطاب جمهور الأمة، وانحاز هذا الجمهور إلى النزعة الوسطية فى السلفية، تلك التي جمعت بين النقل والعقل ووازنت بينهما، وهى الأشعرية التي أسسها إمامها أبو الحسن الأشعرى: على بن إسماعيل (260 - 324هـ/874 - 936م) ففي هذه المدرسة من مدارس السلفيين اجتمع النقل والمأثور مع النظر العقلي والاشتغال بعلم الكلام -الذي حرم السلفيون النصيون الاشتغال به - مع علم أصول الفقه، الذي يمثل فلسفة العقلانية الإسلامية فى التشريع.
ثم تطورت هذه المدرسة -بعد مرحلة التأسيس- على يد كوكبة من أئمتها، فى مقدمتهم الباقلاني: أبو بكر محمد بن أبى الطيب (453هـ-1013م) وإمام الحرمين الجويني: أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله ابن يوسف (419 - 478هـ/1028 - 1085م) وحجة الإسلام أبو حامد الغزالي (450 - 505هـ/1058 - 1111م).
وعلى امتداد تاريخ الحضارة الإسلامية، ظلت هذه الصورة وهذه الموازنة ملحوظة فى مدارس ومذاهب السلفيين، فالنزعة النصية تمثلها فى عصرنا الحديث وواقعنا المعاصر دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (1115 - 1206هـ/1702 - 1792م) المسماة بالوهابية، بينما لا تزال الأشعرية، الممثلة للعقلانية، النصية، تستقطب جمهور المسلمين.
د/محمد عمارة.
تعليق مجمل على كلام الدكتور عمارة:
فهذا كلام لواحد من فضلاء الأمة، قد تكلم بما يعتقده وبما أداه إليه اجتهاده إن كان من أهل الاجتهاد في هذه المسائل التي أثارها، لكنه جانب فيه الصواب، وتعدى على السنة وأئمتها، فالدكتور عمارة يزعم أن أهل السنة والحديث ليسوا هم السلفية الحقيقية، ولكنهم حرفيون ونصيون وأهل ظواهر وليس لهم فهم للنصوص، إلى أن جاء ابن تيمية وابن القيم فأعملوا العقل والفهم فيها على حد قوله، ثم إنهم هم و أهل النزعة العقلانية والباطنية الصوفية على طرفي الغلو؛ قد فشلوا في استقطاب جمهور الناس، وكأن الحق في نظر الدكتور يوزن بعدد الملتزمين به، ونسي أن الله تعالى غني عن العالمين وأنه يرضى عن عبده إذا كان على الحق ولو كان وحده، ثم يقرر الدكتور أن الأشعرية هم أهل الوسط الذين استطاعوا استقطاب الناس وفازوا بالعدد الكبير منهم، لأنهم في نظره هم الذين جمعوا بين العقل والنقل ووازنوا بينهما، وبعد هذا يزعم أن أئمة الدين هم أبو المعالي الجويني وأبو حامد الغزالي، فهؤلاء في نظر الدكتور هم أئمة الطائفة الوسطية المتمثلة في الأشاعرة، لكن كلا المقدمتين خاطئتين، فلا الأشاعرة هم أهل الوسط ولا الجويني والغزالي هم أئمة الدين، وما يلي سيكون إن شاء الله تعالى تفصيلا لهذه الجملة.
قاعدة في التزكية والتفضيل:
إن التفضيل بين الأشخاص لا يتم إلا إذا حرر محل التفضيل، فالتفضيل بدون التفصيل لا يستقيم، فإن أريد بالفضل كثرة الثواب عند الله عز وجل فذلك أمر لا يطلع عليه إلا بالنص، لأنه بحسب تفاضل أعمال القلوب لا بمجرد أعمال الجوارح، وكم من عاملين أحدهما أكثر عملا بجوارحه والآخر أرفع درجة منه في الجنة، وإن أريد بالتفضيل التفضيل بالعلم، فلا ريب أن أئمة السنة كالإمام أحمد والإمام مالك والإمام الشافعي وشيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم أعلم وأنفع للأمة من الجويني والغزالي وغيرهما من الأشاعرة وغير الأشاعرة، فقد أدركوا من العلم ما لم يدركه غيرهم، وقد أدوا إلى الأمة من العلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/27)
ما لم يؤد غيرهم، وقد احتاج إليهم خاص الأمة وعامتها، والواقع شاهد على ذلك، وإن أريد بالتفضيل شرف الأصل وجلالة النسب فلا ريب أن هذا دين الرافضة ولا ريب أن الدكتور لا يعتبره في مفاضلته، وهو يعلم كسائر الأمة أن أكرم الناس عند الله أتقاهم.
وإذا ثبتت وجوه التفضيل وموارد الفضل وأسبابه صار الكلام بعلم وعدل، وأكثر الناس إذا تكلم في التفضيل لم يفصل جهات الفضل، ولم يوازن بينهما، فيبخس الحق، وإن انضاف إلى ذلك نوع تعصب وهوى لمن يفضله تكلم بالجهل والظلم، واعتدى على خصمه بما لا يجوز من القول والفعل.
قال الإمام ابن القيم –رحمه الله- في بدائع الفوائد ج: 3 ص: 684:
"فعلى المتكلم في هذا الباب أن يعرف أسباب الفضل أولا، ثم درجاتها ونسبة بعضها إلى بعض والموازنة بينها ثانيا، ثم نسبتها إلى من قامت به ثالثا كثرة وقوة، ثم اعتبار تفاوتها بتفاوت محلها رابعا"، وفي جميع هذه المقامات ننازع الدكتور ولا نسلم له لا أسباب فضل من ذكرهم على غيرهم ولا نسبة ما فضلهم به إليهم.
ثم قال الإمام ابن القيم مبينا نكتة بديعة في الفرق بين التفضيل بين الأنواع والتفضيل بين الأشخاص، وأيهما عسر؟، ولماذا؟، وما هي الدوافع الخفية في تفضيل شخص على غيره أو طريقة ومذهب على غيره؟:
"فهذه أربع مقامات يضطر إليها المتكلم في درجات التفضيل، وتفضيل الأنواع على الأنواع أسهل من تفضيل الأشخاص على الأشخاص، وأبعد من الهوى والغرض، وهاهنا نكتة خفية لا ينتبه لها إلا من بصره الله، وهي: أن كثيرا ممن يتكلم في التفضيل يستشعر نسبته وتعلقه بمن يفضله ولو على بعد، ثم يأخذ في تقريظه وتفضيله، وتكون تلك النسبة والتعلق مهيجة له على التفضيل، والمبالغة فيه، واستقصاء محاسن المفضل، والإغضاء عما سواها، ويكون نظره في المفضل عليه بالعكس، ومن تأمل كلام أكثر الناس في هذا الباب رأى غالبه غير سالم من هذا، وهذا مناف لطريقة العلم والعدل التي لا يقبل الله سواها، ولا يرضي غيرها، ومن هذا تفضيل كثير من أصحاب المذاهب والطرائق وأتباع الشيوخ كل منهم لمذهبه وطريقته، أو شيخه، وكذلك الأنساب والقبائل والمدائن والحرف والصناعات، فإن كان الرجل ممن لا يشك في علمه وورعه خيف عليه من جهة أخرى، وهو: أنه يشهد حظه نفعه المتعلق بتلك الجهة، ويغيب عن نفع غيره بسواها، لأن نفعه مشاهد له، أقرب إليه من علمه بنفع غيره، فيفضل ما كان نفعه وحظه من جهته باعتبار شهوده ذلك وغيبته عن سواه، فهذه نكت جامعة مختصرة إذا تأملها المنصف عظم انتفاعه بها واستقام له نظره ومناظرته والله الموفق".
وبعد هذا نشرع في كشف وبيان تلبيسات الدكتور عمارة في مقاله عن السلفية، فنقول مستعينين بالله السميع العليم:
ذم أهل السنة للكلام:
إن أئمة الإسلام وجهابذة السنة لما عرفوا أن طرق المتكلمين إنما تنتهي إلى ما هو شر على سالكيها وعلى عوام المسلمين وعلى الدين، تنوعوا في ذمها والطعن فيها وعيب أهلها والتنفير منهم ومنها، والحكم بعقوبتهم بهجرانهم وإشهارهم والتحذير منهم، قال أبو القاسم بن عساكر: "وقد حفظ عن غير واحد من علماء الإسلام عيب المتكلمين وذم أهل الكلام، ولو لم يذمهم غير الشافعي لكفى، فإنه قد بالغ في ذمهم وأوضح حالهم وشفى"، ثم ذكر ابن عساكر عن الشافعي أنه قال: "لئن يبتلى العبد بكل ما نهى الله عنه سوى الشرك خير له من أن يبتلى بالكلام، ولقد اطلعت من أهل الكلام على شيء ما ظننت أن مسلما يقوله"، وقال الإمام أحمد: "علماء الكلام زنادقة".
قال ابن القيم في الصواعق المرسلة ج: 4 ص: 1266
قال شيخنا: "والكلام الذي اتفق سلف الأمة وأئمتها على ذمه وذم أصحابه والنهي عنه وتجهيل أربابه وتبديعهم وتضليلهم هو هذه الطرق الباطلة التي بنوا عليها نفي الصفات والعلو والاستواء على العرش، وجعلوا بها القرآن مخلوقا، ونفوا بها رؤية الله في الدار الآخرة، وتكلمه بالقرآن وتكليمه لعباده، ونزوله كل ليلة إلى سماء الدنيا، ومجيئه يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده، فإنهم سلكوا فيه طرقا غير مستقيمة، واستدلوا بقضايا متضمنة للكذب، فلزمهم بها مسائل خالفوا بها نصوص الكتاب والسنة، وصريح المعقول، وكانوا جاهلين كاذبين ظالمين في كثير من مسائلهم ورسائلهم وأحكامهم ودلائلهم، وكلام السلف والأئمة في ذلك مشهور، وما من أحد قد شدا طرفا من العلم إلا وقد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/28)
بلغه من ذلك بعضه، لكن كثيرا من الناس لم يحيطوا علما بكثير من أقوال السلف والأئمة، وقد أفرد الناس في ذلك مصنفات مثل أبي عبد الرحمن السلمي، ومثل شيخ الإسلام أبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري، وسمى كتابه ذم الكلام وأهله، وممن ذكر اتفاق السلف على ذلك أبو حامد الغزالي في أجل كتبه الذي سماه إحياء علوم الدين، قال فيه: فإن قلت فعلم الكلام والجدل مذموم كعلم النجوم أو هو مباح أو مندوب إليه، فاعلم أن الناس في هذا غلوا وإسرافا في الطرفين، فمن قائل إنه بدعة وحرام، وإن العبد أن يلقى الله بكل ذنب سوى الشرك خير له من أن يلقاه بالكلام، ومن قائل إنه واجب فرض إما على الكفاية أو على الأعيان، وإنه أجل الأعمال وأعلى القربات، وإنه تحقيق لعلم التوحيد ونضال عن دين الله، قال: وإلى التحريم ذهب الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل وسفيان وجميع أهل الحديث من السلف، ثم ذكر بعض نصوص الشافعي التي تقدمت.
قال: وقال أحمد بن حنبل: لا يفلح صاحب الكلام أبدا، ولا تكاد ترى أحدا نظر في الكلام إلا وفي قلبه دغل، قال: وبالغ فيه حتى هجر الحارث المحاسبي، قال: وقال الإمام أحمد أيضا: علماء الكلام زنادقة، قال: وقال مالك: أرأيت إن جاء رجل أجدل من رجل يدع الرجل دينه كل يوم لدين جديد، قال: وقال مالك: لا تجوز شهادة أهل الأهواء والبدع، قال بعض أصحابه: أراد بأهل الأهواء أهل الكلام على أي مذهب كانوا، وهذا الذي حكى عنه أبو حامد تأويل قول مالك هو محمد بن خويز منداد البصري المالكي، قال: إن أهل الأهواء عند مالك وأصحابه الذين ترد شهادتهم هم أهل الكلام، قال: وكل متكلم هو من أهل الأهواء والبدع عند مالك وأصحابه أشعريا كان أو غير أشعري، هكذا ذكره عنه أبو عمر بن عبد البر في كتاب فضل العلم، ثم ذكر أبو حامد كلام أبي يوسف: من طلب العلم بالكلام تزندق، قال: وقد اتفق أهل الحديث من السلف على هذا، ولا ينحصر عنهم ما نقل من التشديدات فيه، وقالوا: ما سكت عنه الصحابة رضي الله عنهم مع أنهم أعرف بالحقائق وأفصح في ترتيب الألفاظ من غيرهم إلا لعلمهم بما يتولد عنه، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "هلك المتنطعون هلك المتنطعون" أي: المتعمقون في البحث والاستقصاء، قال: واحتجوا بأن ذلك لو كان من الدين لكان أهم ما يأمر به النبي ويعلم طريقه ويثني على أربابه، فقد علمهم الاستنجاء وندبهم إلى حفظ الفرائض ونهاهم عن الكلام في القدر، وعلى هذا استمر الصحابة، فالزيادة على الأستاذ طغيان وظلم، وهم الأستاذون والقدوة ونحن الأتباع والتلامذة، إلى أن قال: وأما منفعته فقد يظن أن فائدته كشف الحقائق ومعرفتها على ما هي عليه، وهيهات فليس في الكلام وفاء بهذا المطلب الشريف، وهذا إذا سمعته من محدث أو حشوي ربما خطر ببالك أن الناس أعداء ما جهلوا، فاسمع هذا ممن خبر الكلام، ثم قلاه بعد حقيقة الخبرة وبعد التغلغل فيه إلى درجة المتكلمين، وجاوز ذلك إلى التعمق في علوم أخرى سوى نوع الكلام، وتحقق أن الطريق إلى حقائق المعرفة من هذا الوجه مسدود.
قال: ولعمري لا ينفك الكلام عن كشف وتعريف وإيضاح لبعض الأمور، ولكن على سبيل الندور في أمور جليلة تكاد تفهم قبل التعمق في صناعة الكلام، قل بل منفعته شيء واحد وهو حراسة العقيدة وحفظها عن تشويشات المبتدعة بأنواع الجدل، فإن العامي يستفزه جدل المبتدع وإن كان فاسدا، ومعارضة الفاسد بالفاسد نافعة، ثم قال: وإذا وقعت الإحاطة بضرره ومنفعته فينبغي أن يكون صاحبه كالطبيب الحاذق في استعمال الدواء الخطر أن لا يضعه إلا في موضعه، وعلى قدر الحاجة، وقال: إن فيه من المضرة من إثارة الشبهات وتحريك العقائد وإزالتها عن الجزم والتصميم، وفيه مضرة في تأكيد اعتقاد المبتدعة وتثبيته في صدورهم، بحيث تنبعث دواعيهم ويشتد حرصهم على الإصرار عليه، ويمكن هذا الإصرار بواسطة التعصب الذي يثور عن الجهل، (انتهى كلام أبي حامد).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/29)
قال ابن القيم معلقا: فهذا كلام أبي حامد مع معرفته بالكلام والفلسفة وتعمقه في ذلك، يذكر اتفاق سلف أهل السنة على ذم الكلام، ويذكر أنه ليس فيه فائدة إلا الذب عن هذه العقائد الشرعية التي أخبر بها الرسول أمته، وإذا لم يكن فيه فائدة إلا الذب عن هذه العقائد امتنع أن يكون معارضا لها، فضلا عن أن يكون مقدما عليها، فامتنع أن يكون الكلام العقلي المقبول معارضا للكتاب والسنة، وما كان معارضا لهما فهو من الكلام الباطل المردود المرذول، الذي لا ينازع في ذمه أحد من أهل الإسلام، لا من السلف ولا من أتباعهم من الخلف، هذا مع أن السلف والأئمة يذمون ما كان من العقليات والجدل والكلام مبتدعا وإن قصد به نصر السنة، فكيف ذمهم لمن عارض السنة بالبدعة والوحي بالرأي وجادل في آيات الله بالباطل ليدحض به الحق؟ وهذا الذم من أبي حامد للكلام وأهله ذم متوسط بحسب ما اطلع عليه من غوائله وآفاته وبحسب ما بلغه من السلف، ولم يكن جزمه بأقوال السلف وحقيقة ما جاء به الرسول كجزمه بما سلكه من طريق الكلام والفلسفة، فلذلك لم يكن في كلامه من هذا الجانب من العلم والخبرة ما فيه من الجانب الذي هو به أخبر من غيره، فإن ما ذكره من أن مضرته في إثارة الشبهات في العلم وإثارة التعصب في الإرادة إنما يقال إذا كان الكلام في نفسه حقا بأن تكون قضاياه ومقدماته صادقة، بل معلوماته، فإذا كان مع ذلك قد يورث النظر فيه شبها وعداوة قيل فيه ذلك.
ثم قال: وأما السلف فلم يكن ذمهم للكلام لمجرد ذلك، ولا لمجرد اشتماله على ألفاظ اصطلاحية إذا كانت معانيها صحيحة، ولا حرموا معرفة الدليل على الخالق وصفاته وأفعاله، بل كانوا أعلم الناس بذلك، ولا حرموا نظرا صحيحا في دليل صحيح يفضي إلى علم نافع، ولا مناظرة في ذلك إما لهدى مسترشد وأما لقطع مبطل، بل هم أكمل الناس نظرا واستدلالا واعتبارا وهم نظروا في أصح الأدلة وأقومها، فإن القوم كان نظرهم في خير الكلام وأفضله وأصدقه وأدله على الحق وأوصله إلى المقصود بأقرب الطرق وهو كلام الله، وكانوا ينظرون في آيات الله تعالى الأفقية والنفسية فيرون منها من الأدلة ما يبين أن القرآن حق، فيتطابق عندهم السمع والعقل ويتصادق الوحي والفطرة كما قال تعالى: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق} [فصلت53]، وقال: {ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق} [سبأ6]، (انتهى كلام ابن القيم).
فهذا أبو حامد الغزالي قد أخبر بما حصل له من التيه والسفسطة، حيث انحصرت فرق الطالبين عنده في أربع فرق وهي: المتكلمين والباطنية والفلاسفة والصوفية، ومعلوم أن هذه الفرق كلها إنما ظهرت وانتشرت بعد القرون الثلاثة الصحابة والتابعين وتابعيهم، ثم الفلاسفة والباطنية هم كفار كفرهم ظاهر عند المسلمين كما ذكر هو وغيره، وكفرهم ظاهر عند أقل من له علم وإيمان من المسلمين إذا عرفوا حقيقة قولهم، لكن لا يعرف كفرهم من لم يعرف حقيقة قولهم، وقد يكون قد تشبث ببعض أقوالهم من لم يعلم أنه كفر فيكون معذورا لجهلة، ولكن في المتكلمين والصوفية ممن له علم وإيمان طوائف كثيرون، وكلام السلف والأئمة في ذم البدع الكلامية في العلم والبدع المحدثة في طريقة الزهد والعبادة مشهور كثير مستفيض، ولم يتنازع أهل العلم والإيمان فيما استعاض عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم، وكل من له لسان صدق من مشهور بعلم أو دين معترف بأن خير هذه الأمة هم الصحابة، وأن المتبع لهم أفضل من غير المتبع لهم، ولم يكن في زمنهم أحد من هذه الصنوف الأربعة، ولا تجد إماما في العلم والدين كمالك والأوزاعي والثوري وأبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوايه ومثل الفضيل بن عياض وأبي سليمان الداراني ومعروف الكرخي وأمثالهم إلا وهم مصرحون بأن أفضل علمهم ما كانوا فيه مقتدين بعلم الصحابة، وأفضل عملهم ما كانوا فيه مقتدين بعمل الصحابة، وهم يرون أن الصحابة فوقهم في جميع أبواب الفضائل والمناقب، والذين اتبعوهم من أهل الآثار النبوية وهم أهل الحديث والسنة، العالمون بطريقهم، المتبعون لها، وهم أهل العلم بالكتاب والسنة في كل عصر ومصر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/30)
فهؤلاء الذين هم أفضل الخلق من الأولين والآخرين لم يذكرهم أبو حامد، وذلك لأن هؤلاء لا يعرف طريقهم إلا من كان خبيرا بمعاني القرآن، خبيرا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، خبيرا بآثار الصحابة، فقيها في ذلك، عاملا بذلك، وهؤلاء هم أفضل الخلق من المنتسبين إلى العلم والعبادة، وأبو حامد لم ينشأ بين من كان يعرف طريقة هؤلاء، ولا تلقى عن هذه الطبقة، ولا كان خبيرا بطريقة الصحابة والتابعين فلم يكن منهم، بل كان يقول عن نفسه أنا مزجى البضاعة في الحديث، ولهذا يوجد في كتبه من الأحاديث الموضوعة والحكايات المكذوبة ما لا يعتمد عليه من له علم بالآثار، ولكن نفعه الله تعالى بما وجده في كتب الصوفية والفقهاء من ذلك، وبما وجد في كتب أبي طالب ورسالة القشيري وغير ذلك، وبما وجده في كتب أصحاب الشافعي ونحو ذلك، فنور النبوة ولابد أن يضيء حتى لمن حام حوله، فخيار ما يأتي به ما يأخذ من هؤلاء وهؤلاء (من العقيدة الأصفهانية بتصرف).
وهذا إمام الحرمين أبو المعالي الجويني يذم الكلام ويحذر منه، وهو آخر ما مات عليه، إذ يقول الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء ج: 18 ص: 471:
"وقرأت (القارئ هو السمعاني) بخط أبي جعفر أيضا سمعت أبا المعالي يقول: قرأت خمسين ألفا في خمسين ألفا، ثم خليت أهل الإسلام بإسلامهم فيها وعلومهم الظاهرة، وركبت البحر الخضم، وغصت في الذي نهى أهل الإسلام، كل ذلك في طلب الحق، وكنت أهرب في سالف الدهر من التقليد، والآن فقد رجعت إلى كلمة الحق، عليكم بدين العجائز، فإن لم يدركني الحق بلطيف بره فأموت على دين العجائز ويختم عاقبة أمري ثم الرحيل على كلمة الإخلاص لا إله إلا الله؛ فالويل لابن الجويني".
ثم قال: "قال المازري في شرح البرهان، في قوله: إن الله يعلم الكليات لا الجزئيات، وددت لو محوتها بدمي، وقيل: لم يقل بهذه المسألة تصريحا، بل ألزم بها، لأنه قال بمسألة الاسترسال فيما ليس بمتناه من نعيم أهل الجنة فالله أعلم، قلت: هذه هفوة اعتزال هجر أبو المعالي عليها، وصله أبو القاسم القشيري لا يكلمه، ونفي بسببها، فجاور وتعبد وتاب ولله الحمد منها، كما أنه في الآخر رجح مذهب السلف تركها".
ثم قال: "قال الفقيه غانم الموشيلي: سمعت الإمام أبا المعالي يقول: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما اشتغلت بالكلام.
قال أبو المعالي في كتاب الرسالة النظامية: اختلفت مسالك العلماء في الظواهر التي وردت في الكتاب والسنة، وامتنع على أهل الحق فحواها، فرأى بعضهم تأويلها، والتزم ذلك في القرآن وما يصح من السنن، وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل، وإجراء الظواهر على مواردها، وتفويض معانيها إلى الرب تعالى، والذي نرتضيه رأيا، وندين الله به عقدا، اتباع سلف الأمة، فالأولى الاتباع، والدليل السمعي القاطع في ذلك أن إجماع الأمة حجة متبعة، وهو مستند معظم الشريعة، وقد درج صحب الرسول صلى الله عليه وسلم على ترك التعرض لمعانيها، ودرك ما فيها، وهم صفوة الإسلام المستقلون بأعباء الشريعة، وكانوا لا يألون جهدا في ضبط قواعد الملة، والتواصي بحفظها، وتعليم الناس ما يحتاجون إليه منها، فلو كان تأويل هذه الظواهر مسوغا أو محتوما لأوشك أن يكون اهتمامهم بها فوق اهتمامهم بفروع الشريعة، فإذا تصرم عصرهم وعصر التابعين على الإضراب عن التأويل، كان ذلك قاطعا بأنه الوجه المتبع، فحق على ذي الدين أن يعتقد تنزه الباري عن صفات المحدثين، ولا يخوض في تأويل المشكلات، ويكل معناها إلى الرب، فليجر آية الاستواء، والمجيء، وقوله {لما خلقت بيدي} [ص]، {ويبقى وجه ربك} [الرحمن]، و {تجري بأعيننا} [القمر]، وما صح من أخبار الرسول، كخبر النزول وغيره على ما ذكرناه، قال الحافظ محمد بن طاهر: سمعت أبا الحسن القيرواني الأديب، وكان يختلف إلى درس الأستاذ أبي المعالي في الكلام، فقال: سمعت أبا المعالي اليوم يقول يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي ما بلغ ما اشتغلت به، وحكى الفقيه أبو عبد الله الحسن بن العباس الرستمي قال: حكى لنا أبو الفتح الطبري الفقيه قال: دخلت على أبي المعالي في مرضه فقال: اشهدوا علي أني قد رجعت عن كل مقالة تخالف السنة وأني أموت على ما يموت عليه عجائز نيسابور، قال محمد بن طاهر: حضر المحدث أبو جعفر الهمذاني في مجلس وعظ أبي المعالي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/31)
فقال: كان الله ولا عرش وهو الآن على ما كان عليه فقال أبو جعفر: أخبرنا يا أستاذ عن هذه الضرورة التي نجدها ما قال قط يا الله إلا وجد من قلبه ضرورة تطلب العلو ولا يلتفت يمنة ولا يسرة فكيف ندفع هذه الضرورة عن أنفسنا؟ أو قال: فهل عندك هذه الضرورة التي نجدها؟ فقال: يا حبيبي ما ثم إلا الحيرة، ولطم على رأسه، ونزل، وبقي وقت عجيب، وقال فيما بعد: حيرني الهمذاني".
مراتب الناس في العلم بالنبوة ومعرفة قدرها:
قال شيخ الإسلام في العقيدة الأصفهانية ج: 1 ص: 166
"ومعلوم أن كل من سلك إلى الله جل وعز علما وعملا بطريق ليست مشروعة، موافقة للكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة وأئمتها، فلابد أن يقع في بدعة قولية أو عملية".
فكل من سلك غير طريق الأنبياء في الدعوة والاستدلال، ولا نهج نهجهم في المسائل والدلائل، فإن ما يفعله الرجل من ذلك لا يخرج عن أن يكون مجتهدا فيه مخطئا مغفورا له خطؤه، وقد يكون ذنبا، وقد يكون فسقا، وقد يكون كفرا، بخلاف الطريقة المشروعة في العلم والعمل فإنها أقوم الطرق، ليس فيها عوج، وأوصلها للحقيقة، وأحقها بالسير عليها كما قال تعالى: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم}، وقال عبد الله بن مسعود: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا وخط خطوطا عن يمينه وشماله ثم قال: "هذا سبيل الله وهذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه" ثم قرأ: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}، وقال الزهري: كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة، ولهذا قيل: مثل السنة مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق، وهو يروى عن مالك.
والمقصود هنا أن عامة الطرق التي سلكها الناس –متكلمين وعباد- في العلم بالنبوة هي طرق مفيدة نافعة، لكن تختلف مقادير فوائدها ومنافعها، وفيها ما يضر من وجه كما ينفع من وجه مما أدخلوه فيها من آراء الرجال وزبالة أذهانهم، وفيها ما ينتفع به من كان عديم الإيمان أو ضعيف الإيمان، فيحصل به له بعض الإيمان أو يقوي إيمانه، وإن كان ذلك يضر من كان قوي الإيمان، ويكون رجوعه إليه ردة في حقه، بمنزلة من كان معتصما بحبل قوي وعروة وثقى لا انفصام لها فاعتاض عن ذلك بحبل ضعيف يكاد ينقطع به، يحسب نفسه على شيء وهو في أوهن البيوت.
_____العقل شرط في العلم والعمل:
لما أعرض كثير من أرباب الكلام والحروف عن القرآن والإيمان بتقديمهم لما يسمونه عقليات من تلك الطرق التي ابتدعوها في الاستدلال على مسائل كثير منها مركوز في فطرهم لكنهم أضاعوها أو غفلوا عنها حين فسدت فطرهم، وهذا كاستدلالهم على وجود الصانع مثلا بطريق حدوث العالم وإثبات حدوث العالم عن طريق حدوث الأجسام، ومن المعلوم بالاضطرار من دين الرسول صلى الله عليه وسلم والنقل المتواتر أنه دعا الخلق إلى الإيمان بالله ورسوله ولم يدع الناس بهذه الطريق، وآمن بالرسول من آمن به من المهاجرين والأنصار ودخل الناس في دين الله أفواجا ولم يدع أحدا منهم بهذه الطريق، ولا ذكرها أحد منهم، ولا ذكرت في القرآن، ولا في حديث الرسول، ولا دعا بها أحد من الصحابة.
وهؤلاء من أرباب الحروف تجدهم في العقل على طريق كثير من المتكلمة، يجعلون العقل وحده أصل علمهم، فيعلون من شأنه ويفردونه، ويجعلون الإيمان والقرآن تابعين له، والمعقولات عندهم هي الأصول الكلية الأولية المستغنية بنفسها عن الإيمان والقرآن، كأصول الجهمية والمعتزلة والأشعرية وغيرهم، ولكل طائفة من هذا الزيف والوهم نصيب.
ولما أعرض أيضا أرباب العمل والصوت عن القرآن والإيمان بتقديمهم لما يسمونه وجديات وذوقيات، تجد كثير من هؤلاء المتصوفة يذمون العقل ويعيبونه، ويرون أن الأحوال العالية والمقامات الرفيعة لا تحصل إلا مع عدمه، فيعادونه ويعزلونه، ويقرون من الأمور بما يكذب به صريح العقل ويأبى أن يصدقه ذو مسكة من عقل من عوام الناس فضلا عن مفكيرهم وعلمائهم، ويمدحون السكر والغياب والجنون والوله، لما يجدونه من المعارف والأحوال التي لا تكون إلا مع زوال العقل والتمييز.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/32)
وكلا الطرفين من أرباب الحروف والأحوال مذموم، فإن العقل شرط في معرفة العلوم ودركها، وصلاح الأعمال وكمالها، وبه يكمل العلم والعمل، لكنه ليس مستقلا بذلك، ولا له السيادة المطلقة في العلم والعمل، فهو غريزة في النفس وقوة فيها بمنزلة قوة البصر التي في العين، فإن اتصل به نور الإيمان والقرآن كان كنور العين إذا اتصل به نور الشمس والنار، وإنه لا يدرك الحقيقة إلا بشمس الوحي من الكتاب والسنة، فلابد له منهما في صحته وسلامته، و إلا لازمه السقم حتى الموت، وإن انفرد بنفسه فقد يبصر ما لا ينفعه في الآخرة، وإن أبصر ما فيه منفعة فهي مقصورة على الدنيا، لكنه لا يبصر الأمور التي يعجز وحده عن دركها والتي لابد له فيها من النبوة، وإن عزل بالكلية كانت الأقوال والأفعال مع عدمه أمورا حيوانية، قد يكون فيها محبة ووجد وذوق كما قد يحصل للبهيمة والحيوان.
فالأحوال الحاصلة مع عدم العقل ناقصة وقد تكون فاسدة، والأقوال المخالفة للعقل باطلة بائرة، والرسل جاءت بما يعجز العقل عن دركه، ولم تأت بما يعلم العقل امتناعه، فجاءت بمحارات العقول ولم تأت بمحالات العقول، لكن المسرفون في العقل من أرباب الكلام والحروف من المتكلمين قضوا بوجوب أشياء وجوازها وامتناعها لحجج عقلية بزعمهم، اعتقدوها حقا وهي باطل معارض للعقل الصريح، وعارضوا بها النبوات وما جاءت به، والمعرضون عنه صدقوا بأشياء باطلة، ودخلوا في أحوال وأعمال فاسدة، وخرجوا عن التمييز الذي فضل الله به بني آدم على غيرهم، وكلما ابتعد العبد عن النبوة كان له نصيب إما من الإفراط في رفع العقل وأي عقل؟ عقل المتكلمين، وإما إلى التفريط فيقترب من حال من لا عقل له، وقد يقترب من كل من الطائفتين بعض أهل الحديث تارة بعزل العقل عن محل ولايته، وتارة بمعارضة السنن به، وهذا مشاهد عيان فلا أحد يستطيع أن ينكره، وقد كانت لنا ولغيرنا من ذوو الفهم جولات وجولات معهم ولازالت.
ونظير هذا الإسراف لدى المتكلمين في العقل التمييزي، يوجد مثله لدى الصوفية في الوجد القلبي، فإنهم صدقوه وعظموه وأسرفوا فيه حتى جعلوه هو الميزان، وهو الغاية، مثلهم مثل أولئك في العقل تماما، ثم كان لهم جولات من الطعن والعيب فيما عند الآخر بإطلاق ودون تمييز، فالمتكلمين ذموا ما عند الصوفية من وجد وأحوال، والصوفية ذموا ما عند المتكلمين من عقل، وسبب ذلك أن أهل الحرف لما كان مطلبهم العلم وبابه هو العقل، وأهل الصوت لما كان مطلبهم العمل وبابه الحب، صار كل فريق يعظم ما يتعلق به هو، ويذم ما يتعلق به الآخر، فصار محجوبا بما عنده عما عند غيره، مع أنه لا بد من علم وعمل، ومن حب وتمييز وحركة وحال، فالحرف مرقاة العلم والصوت مرقاة العمل، وكلاهما إذا كان موزونا بالكتاب والسنة كان هو الصراط المستقيم والمنهج القويم، الذي يرفع العبد ويرفع الأمة إلى أعلى المقامات، فلا تكون أمة كلام دون عمل ولا تكون أمة خرافات وخزعبلات وتواكلات، بل أمة متمكنة من دينها ودنياها، قائمة بشرع الله سبحانه وتعالى ظاهرا وباطنا، ناصرة لكلمة الله عز وجل.
والمقصود أن على المسلمين أن يتخلصوا مما ورثوه من آراء الرجال ومنطق اليونان، ومن أحوال الشيطان وأعوانه، ويجددوا دينهم بتحقيق ما كان عليه نبينا صلى الله عليه وسلم، واتبعه فيه صحابته الكرام رضوان الله عليهم، ثم التابعين لهم بإحسان، من الأولين والآخرين، ولا يتم ذلك إلا بتصفية ماء النبوة الزلال مما علق به ثم تراكم وترسب عند كثير من الناس من المفاهيم والأفكار الخاطئة، والتي لا تمت إلى الإسلام بشيء من الوصال، ولا حتى بشيء من العقلانية والموضوعية.
فلقد ورث المسلمون كما هائلا من أراء الرجال -متكلمين وصوفية ونظار ومفكرين وفقهاء-، وبجهلهم ودون تحقيق جعلوها هي الدين وهي منهج السلف الصالح، فجنوا على قائليها عند من لا يعرفهم ولا يقدرهم حق قدرهم، وجنوا على الرعيل الأول إذ نسبت إليهم وهم براء من كثير منها، ثم جنوا على هذه الشريعة، إذ أظهروها في أعين الغير ضعيفة عقيمة لا تصلح لمسايرة مستجدات العصر بكل مشاكله وأطروحاته، ولا لقيادة الأمة والنهوض بها من الأوحال الغارقة فيها منذ أن تركت الكتاب والسنة على هامش الحياة، فسلطوا عليها الفلاسفة والمستشرقين في هذا العصر وأفراخهم من العلمانيين واللبراليين والمدعون للمنهج
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/33)
العلمي والتحقيق والموضوعية من الغرب والشرق.
إن مما لابد منه حتى ترجع الأمور إلى نصابها، وحتى تعلو هذه الأمة على غيرها، أن تصير هذه الأمة أمة دليل ودليل فقط، وهذا هو التجديد الذي يجب على علمائها ودعاتها ومفكريها السعي وراءه وتحصيله، والتجديد إنما يكون بعد الدروس، وحتى يتم لنا ولهم ذلك؛ علينا تجديد هذا الدين بتنقية منهج السلف الصالح مما علق به من آراء شخصية قد قيلت تحت ملابسات وظروف عصر سالف قد لا تصلح في هذا العصر المغاير للعصور السالفة مغايرة كبيرة، وعليه فالملزم الوحيد للناس هو العلم الذي يقوم على الدليل من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما وراءه من أراء الناس ينبذ ويترك وإن قاله من قاله، إذ يجوز أن يكون للعالم والمفكر حجة في ترك العمل بالحديث الصحيح، لكننا لم نطلع على هذه الحجة، ثم إن مدارك العلم واسعة، ولم نطلع على جميع ما في بواطن العلماء، والعالم قد يبدي حجته وقد لا يبديها أو لا يتسنى له ذلك، وإذا أبداها فقد تبلغنا كما أبداها وقد تبلغ محرفة وقد لا تبلغ، وإذا بلغتنا فقد ندرك موضع احتجاجه ووجه استدلاله وقد لا ندركه، سواء كانت الحجة صوابا في نفس الأمر أم لا، لكن وإن جاز هذا وكان صاحبه معذورا فيه مغفورا له خطؤه مأجورا على اجتهاده، فلا يجوز لنا أن نعدل عن قول ظهرت حجته بحديث صحيح، ووافقه طائفة من أهل العلم، إلى قول آخر قاله عالم أو مفكر يجوز أن يكون معه ما يدفع به هذه الحجة وإن علا شأنه وعظم قدره، إذ تطرق الخطأ إلى آراء العلماء والمفكرين أكثر من تطرقه إلى الأدلة الشرعية، فإن الأدلة الشرعية حجة الله على جميع عباده، بخلاف رأي العالم والمفكر.
من هم أهل الحديث؟
وفي الصحيح من حديث أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مثل ما بعثني الله تعالى به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكان منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكان منها طائفة أجاذب أمسكت الماء فسقى الناس وزرعوا وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه دين الله تعالى ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع يذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به".
نستخلص من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الناس بالنسبة إلى الهدى والعلم ثلاث طبقات:
الطبقة الأولى: وهم ورثة الرسل وخلفاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم حقا، وهم الذين فهموا الدين ومقاصده، فقاموا به علما وعملا ودعوة إلى الله عز وجل ورسوله وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر، وهم الذين قام الدين بهم، وهم بمنزلة الطائفة الطيبة من الأرض التي زكت فقبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، فزكت في نفسها وزكا الناس بها، وهؤلاء هم الذين جمعوا بين البصيرة في الدين فأدركوا الحق وبين القوة على تبليغ الدعوة وتنفيذها، وهم الذين قال الله تعالى فيهم: {واذكروا عبادنا إبراهيم وإسحق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار}، فهذه الطبقة كان لها قوة الحفظ والفهم في الدين، والتفكير والبصر بالتأويل، ففجرت من النصوص واستنبطت منها ونهلت من علومها وكنوزها، كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وقد سئل هل خصكم رسول الله بشيء دون الناس؟ فقال: "لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهما يؤتيه الله عبدا في كتابه"، فهذا الفهم هو بمنزلة الكلأ والعشب الكثير الذي أنبتته الأرض، وهو ما تميزت به هذه الطبقة عن غيرها.
الطبقة الثانية: وهم قوم حفظوا النصوص، وكان همهم حفظها وضبطها ليردها الناس قصد الاستنباط منها واستخراج كنوزها، وهؤلاء هم الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: "نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها ثم أداها كما سمعها فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه"، وهذا عبد الله بن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن، مقدار ما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم لم يبلغ نحو العشرين حديثا الذي يقول فيه سمعت ورأيت، وسمع الكثير من الصحابة، وبورك في فهمه والاستنباط منه حتى ملأ الدنيا علما وفقها، فتفوق بما آتاه الله تعالى من فهم النصوص وتفجيرها على كثير من الناس، وقد سمع كما سمعوا وحفظ كما حفظوا، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، حتى فاق في ذلك أبو هريرة رضي الله عنهما مع أنه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/34)
كان أحفظ منه، بل هو حافظ الأمة على الإطلاق، يؤدي الحديث كما سمعه، وهكذا الناس بعدهما قسمان:
قسم الحفاظ الذين يعتنون بالضبط والحفظ والأداء الحرفي كما سمعوا، ولا يعملون عقولهم فيفجرون النصوص، فلا يستنبطون ولا يستخرجون كنوز ما حفظوه؛ كأبي زرعة وأبي حاتم وابن دارة وقبلهم كبندار محمد بن بشار وعمرو الناقد وعبد الرزاق وقبلهم كمحمد بن جعفر غندر وسعيد بن أبي عروبة وغيرهم من أهل الحفظ والإتقان.
وقسم جمع الاستنباط والفقه إلى الرواية، واعتنى بتفجير النصوص والتفقه فيها؛ كالليث بن سعد ومالك والشافعي والأوزاعي وإسحق والإمام أحمد بن حنبل والدارمي والبخاري وأبي داود ومحمد بن نصر المروزي.
فهاتان الطائفتان هم الذين قبلوا ما بعث الله تعالى به رسوله صلى الله عليه وسلم، وهم الذين رفعوا به رأسا، وأما الطائفة الثالثة وهم أشقى الخلق الذين أعرضوا فلم يقبلوا هدى الله ولم يرفعوا به رأسا، فلا حفظ ولا فهم، ولا رواية ولا دراية ولا رعاية، إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا.
وهذا كلام اللالكائي –رحمه الله- ننقله بتمامه لما فيه من عظيم الفوائد: من تبيين فضل أصحاب الحديث على الناس وبما استحقوه ولو كره من كره، ثم تبيين فخرهم وعظم قدرهم وشرف ذكرهم وعلو اسمهم بانتسابهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستنادهم على سنته والتعويل عليها في إصلاح الذات والرد على المبطل، ثم تبيين وجه تسميتهم بأهل الحديث من الكتاب والسنة، ثم تبيين صفاتهم وأخلاقهم ومكانتهم في الأمة بما حفظوه لها، إذ بهم حفظ الله تعالى الدين.
قال اللالكائي في اعتقاد أهل السنة ج: 1 ص: 23 - 26
"فضل أصحاب الحديث على الأمة: فهؤلاء الذين تعهدت بنقلهم الشريعة، وانحفظت بهم أصول السنة، فوجبت لهم بذلك المنة على جميع الأمة، والدعوة لهم من الله بالمغفرة، فهم حملة علمه ونقلة دينه وسفرته بينه وبين أمته وأمناؤه في تبليغ الوحي عنه، فحرى أن يكونوا أولى الناس به في حياته ووفاته، وكل طائفة من الأمم مرجعها إليهم في صحة حديثه وسقيمه، ومعولها عليهم فيما يختلف فيه من أموره.
انتساب أهل الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثم كل من اعتقد مذهبا فإلى صاحب مقالته التي أحدثها ينتسب وإلى رأيه يستند، إلا أصحاب الحديث، فإن صاحب مقالتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم إليه ينتسبون، وإلى علمه يستندون، وبه يستدلون، وإليه يفزعون، وبرأيه يقتدون، وبذلك يفتخرون، وعلى أعداء سنته بقربهم منه يصولون، فمن يوازيهم في شرف الذكر، ويباهيهم في ساحة الفخر وعلو الاسم.
وجه تسميتهم بأهل الحديث: إذ اسمهم مأخوذ من معاني الكتاب والسنة، يشتمل عليهما لتحققهم بهما، أو لاختصاصهم بأخذهما، فهم مترددون في انتسابهم إلى الحديث بين ما ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه فقال تعالى ذكره: {الله أنزل أحسن الحديث}؛ فهو القرآن، فهم حملة القرآن وأهله وقراؤه وحفظته، وبين أن ينتموا إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم نقلته وحملته، فلا شك أنهم يستحقون هذا الاسم لوجود المعنيين فيهم لمشاهدتنا أن اقتباس الناس الكتاب والسنة منهم، واعتماد البرية في تصحيحهما عليهم، لأنا ما سمعنا عن القرون التي قبلنا ولا رأينا نحن في بكذا مبتدعا رأسا في إقراء القرآن، وأخذ الناس عنه في زمن من الأزمان، ولا ارتفعت لأحد منهم راية في رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما خلت من الأيام، ولا اقتدى بهم أحد في دين ولا شريعة من شرايع الإسلام، والحمد لله الذي كمل لهذه الطايفة سهام الإسلام، وشرفهم بجوامع هذه الأقسام، وميزهم من جميع الأنام، حيث أعزهم الله بدينه، ورفعهم بكتابه، وأعلى ذكرهم بسنته، وهداهم إلى طريقته وطريقة رسوله، فهي الطايفة المنصورة، والفرقة الناجية، والعصبة الهادية، والجماعة العادلة المتمسكة بالسنة، التي لا تريد برسول الله صلى الله عليه وسلم بديلا، ولا عن قوله تبديلا، ولا عن سنته تحويلا، ولا يثنيهم عنها تقلب الأعصار والزمان، ولا يلويهم عن سمتها تغير الحدثان، ولا يصرفهم عن سمتها ابتداع من كاد الإسلام، ليصد عن سبيل الله ويبغيها عوجا، ويصرف عن طرقها جدلا ولجاجا، ظنا منه كاذبا وتخمينا باطلا أنه يطفي نور الله، والله متم نوره ولوكره الكافرون.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/35)
مكانة أهل الحديث وصفاتهم: واغتاظ بهم الجاحدون الأعظم والجمهور الأضخم، فيهم العلم والحكم والعقل والحلم والخلافة والسيادة والملك والسياسة، وهم أصحاب الجمعات والمشاهد والجماعات والمساجد والمناسك والأعياد والحج والجهاد، وباذلي المعروف للصادر والوارد، وحماة الثغور والقناطر الذين جاهدوا في الله حق جهاده، واتبعوا رسوله على منهاجه، الذين أذكارهم في الزهد مشهورة، وأنفاسهم على الأوقات محفوظة، وآثارهم على الزمان متبوعة، ومواعظهم للخلق زاجرة، وإلى طرق الآخرة داعية، فحياتهم للخلق منبهة، ومسيرهم إلى مصيرهم لمن بعدهم عبرة، وقبورهم مزارة، ورسومهم على دارسة وعلى تطاول ناسية، يعرف الله إلى القلوب محبتهم، ويبعثهم على حفظ مودتهم، يزارون في قبورهم كأنهم أحياء في بيوتهم، لينشر الله لهم بعد موتهم الأعلام حتى لا تندرس أذكارهم على الأعوام، ولا تبلى أساميهم على مر الأيام، فرحمة الله عليهم ورضوانه وجمعنا وإياهم في دار السلام.
حفظ عقيدة أهل الحديث: ثم إنه لم يزل في كل عصر من الأعصار إمام من سلف أو عالم من خلف قايم لله بحقه، وناصح لدينه فيها، يصرف همته إلى جمع اعتقاد أهل الحديث على سنن كتاب الله ورسوله وآثار صحابته، ويجتهد في تصنيفه ويتعب نفسه في تهذيبه رغبة منه في إحياء سنته، وتجديد شريعته، وتطرية ذكرهما على أسماع المتمسكين بهما من أهل ملته، أو لزجر غال في بدعته، أو مستغرق يدعو إلى ضلالته، أو مفتتن بجهالته لقلة بصيرته"، (انتهى كلام اللالكائي).
وهذا الحاكم –رحمه الله- ينقل كلام الأئمة كالإمام أحمد وغيره في وسم من طعن في أهل الحديث وتسلط عليهم بالسب والشتم، بالزندقة والإلحاد، وعلى ما أعتقد في إمامة هؤلاء الأئمة وعدالتهم، قالوا ما قالوه لأنهم قد عرفوا منهم في طعنهم في أهل الحديث الطعن في السنة النبوية وبالتالي يتسنى لهم الطعن في الدين، وهو لا يبدر إلا من منافق زنديق.
قال الحاكم في معرفة علوم الحديث ج: 1 ص: 4
"سمعت أبا الحسين محمد بن أحمد الحنظلي ببغداد يقول: سمعت أبا إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي يقول: كنت أنا وأحمد بن الحسن الترمذي ثم أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل فقال له أحمد بن الحسن: يا أبا عبد الله ذكروا لابن أبي فتيلة بمكة أصحاب الحديث فقال: أصحاب الحديث قوم سوء، فقام أبو عبد الله وهو ينفض ثوبه فقال: زنديق زنديق زنديق، ودخل البيت، سمعت أبا علي الحسين بن علي الحافظ يقول: سمعت جعفر بن محمد بن سنان الواسطي يقول: سمعت أحمد بن سنان القطان يقول: ليس في الدنيا مبتدع إلا وهو يبغض أهل الحديث، وإذا ابتدع الرجل نزع حلاوة الحديث من قلبه، سمعت أبا نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخارى يقول: سمعت أبا نصر أحمد بن سلام الفقيه يقول: ليس شيء أثقل على أهل الإلحاد والبدع ولا أبغض إليهم من سماع الحديث وروايته بإسناد، قال أبو عبد الله: وعلى هذا عهدنا في أسفارنا وأوطاننا كل من ينسب إلى نوع من الإلحاد والبدع لا ينظر إلى الطائفة المنصورة إلا بعين الحقارة ويسميها الحشوية، سمعت الشيخ أبا بكر أحمد بن إسحاق الفقيه وهو يناظر رجلا فقال الشيخ: حدثنا فلان فقال له الرجل دعنا من حدثنا إلى متى حدثنا؟ فقال له الشيخ: قم يا كافر ولا يحل لك أن تدخل داري بعد هذا، ثم التفت إلينا فقال: ما قلت قط لأحد لا تدخل داري إلا لهذا"، (انتهى كلام الحاكم).
وهذا الإمام الخطيب يبين أنه لما كان الناس صنفان: جاهل وفاهم، كان أهل الحديث كذلك، حيث أن الجاهل منهم هو الذي سلط على الحديث وأهله بعض الأغمار ممن تصدر للفتوى والكلام في العلم وهو ليس من أهله، وكانوا مطية أهل الأهواء ومركب أهل البدع للوقيعة في سلف العلماء والطعن عليهم والتجرؤ على ذم ما هم عليه من العلم والعمل، قد أعيتهم السنة أن يحفظوها، فجانبوا ما استثقلوا، وعادوا ما جهلوا، وخاضوا في الدين بالضعيف والموضوع والرأي الفاسد والكلام المذموم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/36)
ثم بين هذا الإمام الواجب على كل من تصدر للكلام في الدين، وأن الفقهاء الفهماء من أهل الحديث كانوا أكثر الناس عناية بالسنة جمعا وضبطا واستنباطا ونظرا، وأنه لولاهم لبطلت الشريعة وتعطلت أحكامها، وأنه لو عرف للإسلام حقه وأوجب للدين حرمته أكبر أن يحتقر من عظم الله شأنه وأعلى مكانه وأظهر حجته وأبان فضيلته، ولم يرتق بطعنه إلى حزب الرسول، وأتباع الوحي، وأوعية الدين، وخزنة العلم كما سماهم.
قال الخطيب في الكفاية في علم الرواية ج: 1 ص: 3
ولما كان ثابت السنن والآثار وصحاح الأحاديث المنقولة والأخبار ملجأ المسلمين في الأحوال، ومركز المؤمنين في الأعمال، إذ لا قوام للإسلام إلا باستعمالها، ولا ثبات للإيمان إلا بانتحالها، وجب الاجتهاد في علم أصولها، ولزم الحث على ما عاد بعمارة سبيلها، وقد استفرغت طائفة من أهل بكذا وسعها في كتب الأحاديث والمثابرة على جمعها، أن يسلكوا مسلك المتقدمين، وينظروا نظر السلف الماضين في حال الراوي والمروى، وتمييز سبيل المرذول والمرضى، واستنباط ما في السنن من الأحكام، وإثارة المستودع فيها من الفقه بالحلال والحرام، بل قنعوا من الحديث باسمه، واقتصروا على كتبه في الصحف ورسمه، فهم أغمار وحملة أسفار، قد تحملوا المشاق الشديدة وسافروا إلى البلدان البعيدة وهان عليهم الدأب والكلال، واستوطئوا مركب الحل والارتحال، وبذلوا الأنفس والأموال، وركبوا المخاوف والأهوال، شعث الرؤوس شحب الألوان خمص البطون نواحل الأبدان، يقطعون أوقاتهم بالسير في البلاد طلبا لما علا من الإسناد، لا يريدون شيئا سواه، ولا يبتغون إلا إياه، يحملون عمن لا تثبت عدالته، ويأخذون ممن لا تجوز أمانته، ويروون عمن لا يعرفون صحة حديثه، ولا يتيقن ثبوت مسموعه، ويحتجون بمن لا يحسن قراءة صحيفته، ولا يقوم بشيء من شرائط الرواية، ولا يفرق بين السماع والإجازة، ولا يميز بين المسند والمرسل والمقطوع والمتصل، ولا يحفظ اسم شيخه الذي حدثه حتى يستثبته من غيره، ويكتبون عن الفاسق في فعله المذموم في مذهبه، وعن المبتدع في دينه المقطوع على فساد اعتقاده، ويرون ذلك جائزا، والعمل بروايته واجبا إذا كان السماع ثابتا والإسناد متقدما عاليا، فجر هذا الفعل منهم الوقيعة في سلف العلماء، وسهل طريق الطعن عليهم لأهل البدع والأهواء، حتى ذم الحديث وأهله بعض من ارتسم بالفتوى في الدين، ورأى ثم إعجابه بنفسه أنه أحد الأئمة المجتهدين، بصدوفه عن الآثار إلى الرأي المرذول، وتحكمه في الدين برأيه المعلول، وذلك منه غاية الجهل ونهاية التقصير عن مرتبة الفضل، ينتسب إلى قوم تهيبوا كد الطلب ومعاناة ما فيه من المشقة والنصب، وأعيتهم الأحاديث أن يحفظوها واختلفت عليهم الأسانيد فلم يضبطوها، فجانبوا ما استثقلوا، وعادوا ما جهلوا، وآثروا الدعة واستلذوا الراحة، ثم تصدروا في المجالس قبل الحين الذي يستحقونه، وأخذوا أنفسهم بالطعن على العلم الذي لا يحسنونه، إن تعاطى أحدهم رواية حديث فمن صحف ابتاعها، كفى مئونة جمعها سماع لها ولا معرفة بحال ناقلها، وان حفظ شيئا منها خلط الغث بالسمين، وألحق الصحيح بالسقيم، وإن قلب عليه إسناد خبر أو سئل عن علة تتعلق بأثر تحير واختلط وغيث بلحيته وامتخط تورية عن مستور جهالته، فهو كالحمار في طاحونته، ثم رأى ممن يحفظ الحديث ويعانيه ما ليس في وسعه الجريان فيه، فلجأ إلى الازدراء بفرسانه، واعتصم بالطعن على الراكضين في ميدانه، كما أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن جعفر الخرقي أنا احمد بن جعفر بن محمد بن سلم الختلي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن على الأبار قال: رأيت بالأهواز رجلا حف شاربه وأظنه قد اشترى كتبا وتعبأ للفتيا فذكروا أصحاب الحديث فقال: ليسوا بشيء وليس يسوون شيئا، فقلت له: أنت لا تحسن تصلي، قال: أنا؟ قلت: نعم، قلت: أيش تحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتحت الصلاة ورفعت يديك فسكت، فقلت: وأيش تحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وضعت يديك على ركبتيك فسكت، قلت: أيش تحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجدت فسكت، قلت: مالك لا تكلم؟ ألم أقل لك أنك لا تحسن تصلي؟ أنت إنما قيل لك: تصلي الغداة ركعتين والظهر أربعا فالزم ذا خير لك من أن تذكر أصحاب الحديث، فلست بشيء، ولا تحسن شيئا، فهذا المذكور مثله في الفقهاء كمثل من
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/37)
تقدم ذكرنا له ممن انتسب إلى الحديث، ولم يعلق به سماعه وكتبه دون نظره في أنواع عمله، وأما المحققون فيه المتخصصون به فهم الأئمة العلماء والسادة الفهماء أهل الفضل والفضيلة والمرتبة الرفيعة، حفظوا على الأمة أحكام الرسول، وأخبروا على أنباء التنزيل، وأثبتوا ناسخه ومنسوخه، وميزوا محكمه ومتشابهه، ودونوا أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله، وضبطوا على اختلاف الأمور أحواله في يقظته ومنامه وقعوده وقيامه وملبسه ومركبه ومأكله ومشربه، حتى القلامة من ظفره ما كان يصنع بها والنخاعة من فيه كيف كان يلفظها، وقوله ثم كل فعل يحدثه، ولدى كل موقف يشهده، تعظيما لقدره صلى الله عليه وسلم، ومعرفة بشرف ما ذكر عنه وعزى إليه، وحفظوا مناقب صحابته، ومآثر عشيرته، وجاءوا بسير الأنبياء ومقامات الأولياء واختلاف الفقهاء، ولولا عناية أصحاب الحديث بضبط السنن وجمعها واستنباطها من معادنها والنظر في طرقها لبطلت الشريعة وتعطلت أحكامها، إذ كانت مستخرجة من الآثار المحفوظة، ومستفادة من السنن المنقولة، فمن عرف للإسلام حقه وأوجب للدين حرمته أكبر أن يحتقر من عظم الله شأنه وأعلى مكانه وأظهر حجته وأبان فضيلته، ولم يرتق بطعنه إلى حزب الرسول، وأتباع الوحي، وأوعية الدين، وخزنة العلم الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه فقال: {والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه}، وكفى المحدث شرفا أن يكون اسمه مقرونا باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكره متصلا بذكره، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
والواجب على من خصه الله تعالى بهذه الرتبة وبلغه إلى هذه المنزلة أن يبذل مجهوده في تتبع آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه، وطلبها من مظانها، وحملها عن أهلها، والتفقه بها، والنظر في أحكامها، والبحث عن معانيها، والتأدب بآدابها، ويصدف عما يقل نفعه وتبعد فائدته من طلب الشواذ والمنكرات، وتتبع الأباطيل والموضوعات، ويؤتى الحديث حقه من الدراسة والحفظ والتهذيب والضبط، ويتميز بما تقتضيه حاله ويعود عليه زينه وجماله، فقد أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب الخوارزمي قال: قرئ على أبي أحمد الحسين بن على التميمي وأنا اسمع حدثني محمد بن المسيب قال: حدثنا أبو الخصيب المصيصي إملاء قال: سمعت سعيد بن المغيرة يقول: سمعت مخلد بن الحسين يقول: إن كان الرجل ليسمع العلم اليسير فيسود به أهل زمانه يعرف ذلك في صدقه وورعه وإنه ليروى اليوم خمسين ألف حديث لا تجوز شهادته على قلنسوته، أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إبراهيم الأشناني بنيسابور قال: حدثنا أبو العباس محمد بن قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قال: أنبأ بن وهب وأخبرنا أبو الحسين علي بن القاسم بن الحسن الشاهد بالبصرة واللفظ له قال: ثنا أبو روق الهزاني قال: ثنا بحر بن نصر الخولاني قال: ثنا بن وهب قال: حدثني يحيى بن سلام عن عثمان بن مقسم عن المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لا ينفعه الله بعلمه"، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن حماد الواعظ مولى بنى هاشم قال: ثنا أبو بكر يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول الأزرق إملاء قال: حدثني جدي أبو يعقوب إسحاق بن البهلول قال: ثنا سفيان ويعلى عن إسماعيل يعنى بن أبي خالد عن قيس عن عبد الله رفعه يعلى ووقفه سفيان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله حكمة فهو يقول بها ورجل آتاه الله ما لا فهو ينفقه في حقه".
قاعدة في الفرقة الناجية:
إن الفرقة الناجية هي الفرقة التي وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بالنجاة حيث قال: "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي"، وقال أيضا: "ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين: اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/38)
فالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ومن اتبعهم هم الجماعة وهم الفرقة الناجية، وليس كل من خالف في شيء مما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يجب أن يكون هالكا، فإنه قد يكون مجتهدا مخطئا يغفر الله خطأه، وقد لا يكون بلغه في ذلك من العلم ما تقوم به عليه الحجة النبوية، وقد يكون له من الحسنات ما يمحو الله به سيئاته، وإذا كانت ألفاظ الوعيد المتناولة لمن ارتكب جرما كأكل مال اليتيم مثلا، أو الجس، أو شرب الخمر، لا يجب أن يدخل فيها المتأول والقانت وذو الحسنات الماحية والمغفور له وغير ذلك، فكذلك من خالف في شيء من اعتقاد أهل السنة والجماعة.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- عن افتراق الأمة إلى ناجية وهالكة فقال في مجموع الفتاوى ج: 3 ص: 345: "ولهذا وصف الفرقة الناجية بأنها أهل السنة والجماعة وهم الجمهور الأكبر والسواد الأعظم، وأما الفرق الباقية فإنهم أهل الشذوذ والتفرق والبدع والأهواء، ولا تبلغ الفرقة من هؤلاء قريبا من مبلغ الفرقة الناجية، فضلا عن أن تكون بقدرها، بل قد تكون الفرقة منها في غاية القلة، وشعار هذه الفرق مفارقة الكتاب والسنة والإجماع، فمن قال بالكتاب والسنة والإجماع كان من أهل السنة والجماعة".
وعليه فإن خصوصية الفرقة الناجية هي الجماعة وهي اتباع النبي صلى الله عليه وسلم حق الإتباع بالرجوع إلى الكتاب والسنة والإجماع، وخصوصية الفرق الهالكة هي الفرقة والاختلاف واتباع الهوى ومخالفة الكتاب والسنة والإجماع، وهذا لا يعني أن أفراد الفرقة الناجية لا يخطئون ولا يختلفون، بل قد كان ذلك في فضلاء الصحابة لكن دون اتباع الهوى، ولكن المقصود الكلام عن المخالفة التي تخرج صاحبها عن دائرة الفرقة الناجية، وتلقي به في أحضان الهالكة.
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ج: 3 ص: 348
"ومما ينبغي أيضا أن يعرف أن الطوائف المنتسبة إلى متبوعين في أصول الدين والكلام على درجات: منهم من يكون قد خالف السنة في أصول عظيمة، ومنهم من يكون إنما خالف السنة في أمور دقيقة، ومن يكون قد رد على غيره من الطوائف الذين هم أبعد عن السنة منه؛ فيكون محمودا فيما رده من الباطل وقاله من الحق، لكن يكون قد جاوز العدل في رده بحيث جحد بعض الحق وقال بعض الباطل، فيكون قد رد بدعة كبيرة ببدعة أخف منها، ورد بالباطل باطلا بباطل أخف منه، وهذه حال أكثر أهل الكلام المنتسبين إلى السنة والجماعة، ومثل هؤلاء إذا لم يجعلوا ما ابتدعوه قولا يفارقون به جماعة المسلمين يوالون عليه ويعادون كان من نوع الخطأ، والله سبحانه وتعالى يغفر للمؤمنين خطأهم في مثل ذلك، ولهذا وقع في مثل هذا كثير من سلف الأمة وأئمتها لهم مقالات قالوها باجتهاد وهي تخالف ما ثبت في الكتاب والسنة، بخلاف من والى موافقه وعادى مخالفه، وفرق بين جماعة المسلمين، وكفر وفسق مخالفه دون موافقه في مسائل الآراء والاجتهادات، واستحل قتال مخالفه دون موافقه، فهؤلاء من أهل التفرق والاختلافات".
قلت: فهذا شيخ الإسلام –رحمه الله- قد جعل من ابتدع قولا مخالفا للسنة؛ إن لم يتعصب له فيوالي عليه ويعادي عليه؛ من أهل الخطأ، ولم يخرجه عن دائرة أهل السنة، وجعله صنفا أخر مغايرا لمن كان من أهل الأهواء؛ فتعصب لبدعته بهواه؛ ممتحنا فيها الناس؛ حاكما عليهم بالتكفير أو التبديع أو التفسيق.
قال الشيخ الألباني نقلا عن الشيخ صالح المقبلي –رحمهم الله- في شرح الحديث المذكور أعلاه "سلسلة الأحاديث الصحيحة" رقم 2
"إن الناس عامة وخاصة، فالعامة آخرهم كأولهم، كالنساء والعبيد والفلاحين والسوقة ونحوهم ممن ليس من أمر الخاصة في شيء؛ فلا شك في براءة آخرهم من الابتداع كأولهم.
وأما الخاصة؛ فمنهم مبتدع اخترع البدعة وجعلها نصب عينيه، وبلغ في تقويتها كل مبلغ، وجعلها أصلا يرد إليها صرائح الكتاب والسنة، ثم تبعه أقوام من نمطه في الفقه والتعصب، وربما جددوا بدعته وفرعوا عليها وحملوه ما لم يتحمله، ولكنه إمامهم المقدم، وهؤلاء هم المبتدعة حقا، وهو شيء كبير {تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا}؛ كنفي حكمة الله تعالى، ونفي إقداره المكلف، وككونه يكلف ما لا يطاق، ويفعل سائر القبائح ولا تقبح منه، وأخواتهن! ومنها ما هو دون ذلك، وحقائقها جميعا عند الله تعالى، ولا ندري بأيها يصير
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/39)
صاحبها من إحدى الثلاث وسبعين فرقة.
ومن الناس من تبع هؤلاء وناصرهم وقوى سوادهم بالتدريس والتصنيف، ولكنه عند نفسه راجع إلى الحق، وقد دس في تلك الأبحاث نقوضها في مواضع، لكن على وجه خفي، ولعله تخيل مصلحة دنيئة، أو عظم عليه انحطاط نفسه، وإيذاؤهم له في عرضه، وربما بلغت الأذية إلى نفسه، وعلى الجملة، فالرجل قد عرف الحق من الباطل وتخبط في تصرفاته، وحسابه على الله سبحانه، إما أن يحشره مع من أحب بظاهر حاله، أو يقبل عذره، وما تكاد تجد أحدا من هؤلاء النظار إلا قد فعل ذلك، لكن شرهم والله كثير، فلربما لم يقع خبرهم بمكان، وذلك لأنه لم يفطن لتلك اللمحة الخفية التي دسوها إلا الأذكياء المحيطون بالبحث، وقد أغناهم الله بعلمهم عن تلك اللمحة، وليس بكبير فائدة أن يعلموا أن الرجل كان يعلم الحق ويخفيه، والله المستعان.
ومن الناس من ليس من أهل التحقيق، ولا هيئ للهجوم على الحقائق، وقد تدرب في كلام الناس، وعرف أوائل الأبحاث، وحفظ كثيرا من غثاء ما حصلوه، ولكن أرواح الأبحاث بينه وبينها حائل، وقد يكون ذلك لقصور الهمة والاكتفاء والرضا عن السلف لوقعهم في النفوس، وهؤلاء هم الأكثرون عددا، والأرذلون قدرا؛ فإنهم لم يحظوا بخصيصة الخاصة، ولا أدركوا سلامة العامة، فالقسم الأول من الخاصة مبتدعا قطعا والثاني ظاهره الابتداع والثالث له حكم الابتداع.
ومن الخاصة قسم رابع، ثلة من الأولين وقليل من الآخرين، أقبلوا على الكتاب والسنة وساروا بسيرها، وسكتوا عما سكتا عنه، وأقدموا وأحجموا بهما، وتركوا تكلف ما لا يعنيهم، وكان تهمهم السلامة، وحياة السنة آثر عندهم من حياة نفوسهم، وقرة عين أحدهم تلاوة كتاب الله تعالى، وفهم معانيه على السليقة العربية والتفسيرات المروية، ومعرفة ثبوت حديث نبوي لفظا وحكما؛ فهؤلاء هم السنة حقا، وهم الفرقة الناجية، وإليهم العامة بأسرهم، ومن شاء ربك من أقسام الخاصة الثلاثة المذكورين، بحسب علمه بقدر بدعتهم ونياتهم ... ".
والمقصود هنا أنه لما كان العامة هم الأكثر قديما وحديثا وكذلك الخاصة في القرون المتقدمة؛ كان أهل السنة هم الأكثر في الأمة، وهم السواد الأعظم، ومن عداهم كانوا هم الشواذ وهم أهل الفرقة والاختلاف، ثم إنه لابد من ذكر أصلين لاعتبارها في إنزال الأحكام:
الأصل الأول: أن أهل البدع فيهم المنافق الزنديق، فهذا كافر، ويكثر مثل هذا في الرافضة والجهمية، فإن رؤساءهم كانوا منافقين زنادقة، ومن أهل البدع من يكون فيه إيمان وتقوى باطنا وظاهرا لكن فيه جهل وظلم جره إلى الخطأ ومجانبة السنة؛ فهذا ليس بكافر ولا منافق، ثم قد يكون منه عدوان وظلم يكون به فاسقا أو عاصيا، وقد يكون مخطئا متأولا مغفورا له خطأه، ومن هذا حاله فإنه يكون معه من ولاية الله بقدر إيمانه وتقواه.
والأصل الثاني: أن المقالة تكون كفرا كجحد ما هو معلوم من الدين بالضرورة؛ كوجوب الصلاة والزكاة والصيام والحج، وكتحليل ما حرم الله تعالى؛ كالزنا والخمر والميسر والربا، ثم القائل بها لا يكفر إن كان حديث عهد بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة لم تبلغه الشريعة فيها، أو كان في زمن الفترات، فهذا لا يحكم بكفره لما جحده عن جهل بما أنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم، {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا}.
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ج:6 ص:61:
"فإذا رأيت إماما قد غلظ على قائل مقالته أو كفره فيها؛ فلا يعتبر هذا حكما عاما في كل من قالها، إلا إذا حصل فيه الشرط الذي يستحق به التغليظ عليه والتكفير له، فان من جحد شيئا من الشرائع الظاهرة وكان حديث العهد بالإسلام أو ناشئا ببلد جهل؛ لا يكفر حتى تبلغه الحجة النبوية.
وكذلك العكس إذا رأيت المقالة المخطئة قد صدرت من إمام قديم فاغتفرت لعدم بلوغ الحجة له؛ فلا يغتفر لمن بلغته الحجة ما اغتفر للأول، فلهذا يبدع من بلغته أحاديث عذاب القبر ونحوها إذا أنكر ذلك، ولا تبدع عائشة ونحوها ممن لم يعرف بأن الموتى يسمعون في قبورهم، فهذا أصل عظيم فتدبره فانه نافع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/40)
وهو أن ينظر في شيئين في المقالة؛ هل هي حق أم باطل؟ أم تقبل التقسيم فتكون حقا باعتبار، باطلا باعتبار؟ وهو كثير وغالب، ثم النظر الثاني في حكمه إثباتا، أو نفيا، أو تفصيلا، واختلاف أحوال الناس فيه، فمن سلك هذا المسلك أصاب الحق قولا وعملا، وعرف إبطال القول وإحقاقه وحمده، فهذا هذا والله يهدينا ويرشدنا إنه ولي ذلك والقادر عليه".
قلت: وبهذا يتضح الفرق بين المقالة والقائل؛ فإنه لابد من رد المقالة إن كانت كلها باطلا، أو قبول ما فيها من حق ورد ما فيها من باطل؛ إن كانت تحتملهما معا، أما القائل فإن عرف بالبدعة وجب معاملته معاملة أهل السنة للمبتدعة؛ بحسب بدعته وحاله وحال الرادين عليه من أهل السنة؛ حسب ما تقتضيه الشريعة العظيمة من اعتبار المصالح والمفاسد والترجيح بينها، وهذا بخلاف ما زعمه بعض المعاصرين من عدم التفريق بين البدعة ومرتكبها، وأنه بارتكابه البدعة الواحدة فإنه يستحق اسم المبتدع وأنه من أهل الأهواء، وأن حكمها حكمه على حد السواء، فإنه باطل قطعا ولا يخفى تهافته عند العقلاء، إذ يلزم من هذا المذهب الشاذ تبديع جمع المسلمين إلا الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم.
وأما الجهمية؛ فإن المأثور عن السلف والأئمة إطلاق أقوال بتكفير الجهمية المحضة، الذين ينكرون الصفات، وحقيقية قولهم أن الله لا يتكلم ولا يرى ولا يباين الخلق، ولا له علم ولا قدرة ولا سمع ولا بصر ولا حياة، ولا فوق العرش إله يعبد، بل القرآن مخلوق، وأهل الجنة لا يرونه كما لا يراه أهل النار، وأمثال هذه المقالات الضالة، ثم إن مقالات الجهمية هذه؛ وإن كانت من أعظم الجحد لأسماء الله تعالى وصفاته ولما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، ولما كان مبدأ البدع هو الطعن في السنة بالظن والهوى، كما طعن إبليس في أمر ربه برأيه وهواه؛ فهؤلاء الجهمية عمدوا إلى ما هو مشهور من الكتاب والسنة فخالفوه، وتسلطوا عليه بالتحريف، وحقيقة قولهم تعطيل الصانع والكفر بالنبوة، وإن كان منهم من لا يعلم أن قولهم مستلزم تعطيل الصانع وعدم الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم، كما خالفوا ما اتفقت عليه الملل وأهل الفطر السليمة كلها، لكن مع هذا قد يخفى كثير من مقالاتهم على كثير ممن يكون من أهل الإيمان باطنا وظاهرا؛ فيروج ذلك بينهم، حتى يظن أن الحق معهم لما يوردونه من الشبهات والتلبيسات، -لأن هؤلاء الجهمية ينفون الصفات وهم في الحقيقة ينفون الأسماء أيضا لكن يحتاجون إلى إطلاقها في الظاهر لأجل تظاهرهم بالإسلام-، وإنما التبس على أهل الإيمان واشتبه هذا كما التبس على غيرهم من أصناف المبتدعة، فهؤلاء ليسوا كفارا قطعا، بل قد يكون منهم الفاسق والعاصي، وقد يكون منهم المخطئ المغفور له، وقد يكون معه من الإيمان والتقوى ما يستحق به من ولاية الله بقدر إيمانه وتقواه، فهذا هذا والله أعلم.
رأي الأشعري مؤسس المذهب في الإمام أحمد مخالف للدكتور عمارة:
قال أبو الحسن الأشعري في الإبانة: فإن قال قائل قد أنكرتم قول المعتزلة والقدرية والجهمية والحرورية والرافضة والمرجئة فعرفونا قولكم الذي به تقولون وديانتكم التي بها تدينون، قيل له قولنا الذي به نقول وديانتنا التي بها ندين التمسك بكتاب الله عز وجل وبسنة نبينا صل الله عليه وسلم وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون وبما كان أحمد بن حنبل نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته قائلون ولما خالف قوله مخالفون لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل الذي أبان الله به الحق عند ظهور الضلالة وأوضح به المناهج وقمع به بدع المبتدعين وزيغ الزائغين وشك الشاكين فرحمة الله عليه من إمام مقدم وكبير مفهم وعلى جميع أئمة المسلمين.
من هو الأشعري؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/41)
هذا والأشعري أقرب إلى السلف من القاضي أبي بكر الباقلاني، والقاضي أبو بكر وأمثاله أقرب إلى السلف من أبى المعالي وأتباعه، فان هؤلاء نفوا الصفات كالاستواء والوجه واليدين، ثم اختلفوا هل تتأول أو تفوض على قولين أو طريقين: فأول قولي أبي المعالي هو تأويلها كما ذكر ذلك في الإرشاد، وآخر قوليه تحريم التأويل كما ذكره في الرسالة النظامية، مستدلا بإجماع السلف على منع التأويل، وأما الأشعري نفسه وأئمة أصحابه فلم يختلف قولهم في إثبات الصفات الخبرية وفى الرد على من يتأولها، كمن يقول استوى بمعنى استولى، وهذا مذكور في كتبه كلها، كالموجز الكبير و المقالات الصغيرة والكبيرة و الإبانة وغير ذلك، وهكذا نقل عنه إثبات الصفات الخبرية سائر الناس، حتى المتأخرون كالرازي والآمدي ينقلون عنه ذلك، ولا يحكون عنه في ذلك قولين، فمن قال أن الأشعري كان ينفيها، وأن له في تأويلها قولين فقد افترى عليه، ولكن هذا فعل طائفة من متأخري أصحابه كأبي المعالي ونحوه، فإن هؤلاء أدخلوا في مذهبه أشياء من أصول المعتزلة.
فالأشعري شخصية مركبة، قليل من الناس من يفهمها، وأحسن وأعدل ترجمة له تلك الكلمات المتفرقة لشيخ الإسلام في كتبه، وإليك بعضها:
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ج: 12 ص: 204
والأشعري ابتلى بطائفتين: طائفة تبغضه وطائفة تحبه، كل منهما يكذب عليه ويقول: إنما صنف هذه الكتب تقية وإظهارا لموافقة أهل الحديث والسنة من الحنبلية وغيرهم، وهذا كذب على الرجل، فإنه لم يوجد له قول باطن يخالف الأقوال التي أظهرها، ولا نقل أحد من خواص أصحابه ولا غيرهم عنه ما يناقض هذه الأقوال الموجودة في مصنفاته، فدعوى المدعي أنه كان يبطن خلاف ما يظهر دعوى مردودة شرعا وعقلا، بل من تدبر كلامه في هذا الباب في مواضع تبين له قطعا أنه كان ينصر ما أظهره، ولكن الذين يحبونه ويخالفونه في إثبات الصفات الخبرية يقصدون نفى ذلك عنه لئلا يقال: إنهم خالفوه مع كون ما ذهبوا إليه من السنة قد اقتدوا فيه بحجته التي على ذكرها يعولون وعليها يعتمدون، والفريق الآخر دفعوا عنه لكونهم رأوا المنتسبين إليه لا يظهرون إلا خلاف هذا القول، ولكونهم اتهموه بالتقية، وليس كذلك، بل هو انتصر للمسائل المشهورة عند أهل السنة التي خالفهم فيها المعتزلة، كمسألة الرؤية و الكلام واثبات الصفات ونحو ذلك، لكن كانت خبرته بالكلام خبرة مفصلة، وخبرته بالسنة خبرة مجملة، فلذلك وافق المعتزلة في بعض أصولهم التي التزموا لأجلها خلاف السنة، واعتقد أنه يمكنه الجمع بين تلك الأصول وبين الانتصار للسنة، كما فعل في مسألة الرؤية والكلام والصفات الخبرية وغير ذلك، والمخالفون له من أهل السنة والحديث ومن المعتزلة والفلاسفة يقولون إنه متناقض، وإن ما وافق فيه المعتزلة يناقض ما وافق فيه أهل السنة، كما أن المعتزلة يتناقضون فيما نصروا فيه دين الإسلام، فإنهم بنوا كثيرا من الحجج على أصول تناقض كثيرا من دين الإسلام، بل جمهور المخالفين للأشعري من المثبتة والنفاة يقولون: إنما قاله في مسألة الرؤية والكلام معلوم الفساد بضرورة العقل، ولهذا يقول أتباعه: إنه لم يوافقنا أحد من الطوائف على قولنا في مسألة الرؤية والكلام، فلما كان في كلامه شوب من هذا وشوب من هذا صار يقول من يقول: إن فيه نوعا من التجهم، وأما من قال: إن قوله قول جهم فقد قال الباطل، ومن قال: إنه ليس فيه شيء من قول جهم فقد قال الباطل، والله يحب الكلام بعلم وعدل، وإعطاء كل ذي حق حقه، وتنزيل الناس منازلهم، (انتهى).
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ج: 16 ص: 307
وكثير من الكتب المصنفة في أصول الدين و الكلام يوجد فيها الأقوال المبتدعة، دون القول الذي جاء به الكتاب والسنة، فالشهرستاني مع تصنيفه في الملل والنحل يذكر في مسألة الكلام والإرادة وغيرهما أقوالا ليس فيها القول الذي دل عليه الكتاب و السنة، و إن كان بعضها أقرب، وقبله أبو الحسن كتابه في اختلاف المصلين من أجمع الكتب، وقد استقصى فيه أقاويل أهل البدع، ولما ذكر قول أهل السنة والحديث ذكره مجملا غير مفصل، وتصرف في بعضه، فذكره بما اعتقده هو أنه قولهم من غير أن يكون ذلك منقولا عن أحد منهم، وأقرب الأقوال إليه قول ابن كلاب، فأما ابن كلاب فقوله مشوب بقول الجهمية، وهو مركب من قول أهل السنة وقول الجهمية،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/42)
وكذلك مذهب الأشعري في الصفات، وأما في القدر والإيمان فقوله قول جهم، وأما ما حكاه عن أهل السنة والحديث وقال: وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول وإليه نذهب، فهو أقرب ما ذكره، وبعضه ذكره عنهم على وجه، وبعضه تصرف فيه وخلطه بما هو من أقوال جهم في الصفات والقدر، إذ كان هو نفسه يعتقد صحة تلك الأصول، وهو يحب الانتصار لأهل السنة والحديث وموافقتهم، فأراد أن يجمع بين ما رآه من رأى أولئك و بين ما نقله عن هؤلاء، ولهذا يقول فيه طائفة إنه خرج من التصريح إلى التمويه، كما يقوله طائفة: إنهم الجهمية الإناث وأولئك الجهمية الذكور، وأتباعه الذين عرفوا رأيه فى تلك الأصول ووافقوه، أظهروا من مخالفة أهل السنة والحديث ما هو لازم لقولهم، ولم يهابوا أهل السنة والحديث، ويعظموا ويعتقدوا صحة مذاهبهم، كما كان هو يرى ذلك، والطائفتان أهل السنة والجهمية يقولون: إنه تناقض، لكن السني يحمد موافقته لأهل لحديث ويذم موافقته للجهمية، و الجهمي يذم موافقته لأهل الحديث ويحمد موافقته للجهمية، ولهذا كان متأخروا أصحابه كأبي المعالي ونحوه أظهر تجهما وتعطيلا من متقدميهم، وهي مواضع دقيقة يغفر الله لمن أخطأ فيها بعد اجتهاده، لكن الصواب ما أخبر به الرسول، فلا يكون الحق فى خلاف ذلك قط، و الله أعلم، (انتهى).
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ج: 16 ص: 470
وأئمة المتكلمين يعترفون بأن القرآن بين الأدلة العقلية، كما يذكر ذلك الأشعري وغيره، وعبد الجبار بن أحمد وغيره من المعتزلة، ثم هؤلاء قد يذكرون أدلة يجعلونها أدلة القرآن ولا تكون هي إياها، كما فعل الأشعري في اللمع وغيره، حيث احتج بخلق الإنسان، وذكر قوله: {أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون}، لكن هو يظن أن النطفة فيها جواهر باقية، وأن نقلها فى الأعراض يدل على حدوثها، فاستدل على حدوث جواهر النطفة، وليست هذه طريقة القرآن ولا جمهور العقلاء، بل يعرفون أن النطفة حادثة بعد أن لم تكن، مستحيلة عن دم الإنسان، وهي مستحيلة إلى المضغة، وأن الله يخلق هذا الجوهر الثاني من المادة الأولى بالاستحالة، ويعدم المادة الأولى، لا تبقى جواهرها بأعيانها دائما كما تقدم، فالنظار فى القرآن ثلاث درجات: منهم من يعرض عن دلائله العقلية، ومنهم من يقر بها لكن يغلط فى فهمها، ومنهم من يعرفها على وجهها، كما أنهم ثلاث طبقات في دلالته الخبرية: منهم من يقول لم يدل على الصفات الخبرية، ومنهم من يستدل على غير ما دل عليه، ومنهم من يستدل به على ما دل عليه، والأشعري وأمثاله برزخ بين السلف والجهمية، أخذوا من هؤلاء كلاما صحيحا، ومن هؤلاء أصولا عقلية ظنوها صحيحة وهي فاسدة، فمن الناس من مال إليه من الجهة السلفية، ومن الناس من مال إليه من الجهة البدعية الجهمية كأبي المعالي وأتباعه، و منهم من سلك مسلكهم كأئمة أصحابهم، كما قد بسط فى مواضع، (انتهى).
رأي الدكتور أبو زهرة في الإمام أحمد مخالف للدكتور عمارة:
مع العلم أنه إمام في المذهب الأشعري فقد قال فضيلة الدكتور أبو زهرة –رحمه الله- عن الإمام أحمد في "تاريخ المذاهب الإسلامية" ص:484:
"ذلكم الرجل هو إمام دار السلام، وشيخ الفقهاء والمحدثين في عصره أحمد بن حنبل رضي الله عنه ...
وإن السنة التي كان يجمعها هي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتاوى أصحابه وأقضيتهم وفتاوى التابعين وأقضيتهم، وإن هذه الروايات فوق أنها سنن مأثورة هي فقه عميق دقيق، ولذلك لا نقول إنه في رواياته وانغماره فيها كان منقطعا عن الفقه والمسائل والفتاوى، بل كان متصلا بالفقه غير منقطع، فإذا كان قد تفرغ شطرا كبيرا من حياته للرواية، فإنه لم يكن فيها مقطوعا عن الفقه.
وإنه في دراسته الأولى اتجه إلى طلب الفقه على القاضي أبي يوسف، ولما بلغ أشده كان يتجه إلى فقه السنة، ولعل ذلك قد جذبه إلى علم الفقه، وخصوصا عندما التقى بالشافعي رضي الله عنه في مكة، فقد استرعاه عقل الشافعي، ووضعه موازين دقيقة للاستنباط الفقهي ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/43)
وبهذا التقى الحديث والسنة والآثار مع الفقه، وسواء أكان طلبه للفقه سابقا للحديث والسنة أم كان بعد أن اتجه إلى الآثار، وجمع منها الكثير، فإنه من المؤكد أنه اتجه إلى الفقه، والذي أراه في هذه القضية أنه اتجه إلى الفقه بدراسة عميقة عندما أخذ يدرس الفقه في المرويات التي آل إليه علمها، فإنه طلب فقه الصحابة، وخصص لكل صحابي سندا قائما بذاته في كتابه "المسند" وفي كل سند لصحابي من المجتهدين الذين اشتهروا بالإفتاء كعلي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت وخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر، وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين، فلا بد أنه كان يعنى بدراسة فقه هؤلاء، وتعرف غاياته ومراميه، وأن دراسة فقه هؤلاء وغيرهم كعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص- يرهف عقل الراوي المستيقظ، ويعطيه ملكة فقهية عميقة؛ وإذا أضيف إلى ذلك أنه التقى بضابط علم الاستنباط الإمام الشافعي رضي الله عنه، فإنه بلا ريب يكون فقيها عريقا في فقه السنة، لا يمكن في آرائه أن يخرج عن سمت الشريعة المستقيم".
الحمد والذم إنما يكون بحسب موقع العبد من الحديث والسنة قربا وبعدا:
إن القاسم المشترك بين جميع المسلمين هو كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا ينال الكمال إلا من جهتهما، وكل كمال ناله أحدهم إلا وهو يشارك غيره في بعضه ويمتاز عليه بما اختص به من مزيد إتباعه للنبي صلى الله عليه وسلم، وعليه، فأهل الحديث والأثر يشاركون كل طائفة فيما يتحلون به من صفات الكمال، ويمتازون عنهم بما ليس عندهم من مزيد عنايتهم بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فإن المنازع لهم لا بد أن يذكر فيما يخالفهم فيه طريقا أخرى، مثل المعقول والقياس والرأي والكلام والفكر والنظر والاستدلال والمحاجة والمجادلة والمكاشفة والمخاطبة والحال والوجد والذوق ونحو ذلك، ومن المعلوم أن الصحابة رضوان الله عليهم هم أكمل الخلق في هذه الطرق جميعها علما وعملا وحالا، ومن المعلوم أيضا أن أهل الحديث هم أقرب الناس إليهم، فهم قد نالوا من هذه الطرق صفوتها، وخلاصتها، فكانوا أكمل الناس عقلا، وأعدلهم قياسا، وأصوبهم رأيا، وأسدهم كلاما، وأصحهم فكرا ونظرا، وأهداهم استدلالا، وأقومهم جدلا، وأتمهم فراسة، وأصدقهم إلهاما، وأحدهم بصرا ومكاشفة، وأصوبهم سمعا ومخاطبة، وأعظمهم وأحسنهم وجدا وذوقا وأشرفهم حالا وأعلاهم مقاما، وهذا هو للمسلمين بالنسبة إلى سائر الأمم ولأهل السنة والحديث بالنسبة إلى سائر الملل.
وهذا لا ينبع عن محض تقليد أو عصبية كما يدعيه كثيرون، ولكن لما كان اعتقاد الحق الثابت يقوى الإدراك ويصححه، قال تعالى: {والذين اهتدوا زادهم هدى}، وقال: {ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا وإذا لأتيناهم من لدنا أجرا عظيما ولهديناهم صراطا مستقيما}، كان ما يناله الملتزمون بهذا الدين في المدة اليسيرة من حقائق العلوم والأعمال أضعاف ما يناله غيرهم في قرون وأجيال، وكذلك أهل السنة والحديث تجدهم كذلك متمتعين، وهكذا كل من كان أقرب إلى الله تعالى فإنه هو المؤيد المنتصر.
واعلم أن كل من استحمد في الإسلام فبحسب ما معه من حسنات، وهي نوعان إما موافقة أهل السنة والحديث وإما الرد على من خالف السنة والحديث وبيان تناقض حججهم وتهافتها.
فالراد على أهل البدع مجاهد حتى كان يحيى بن يحيى يقول: الذب عن السنة أفضل من الجهاد، لكن المجاهد قد يكون عادلا وقد يكون فيه فجور، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر وبأقوام لا خلاق لهم"، والجهاد عمل مشكور لصاحبه في الظاهر لا محالة، وهو مع النية الحسنة مشكور باطنا وظاهرا، ووجه شكره نصره للسنة والدين، فهكذا المنتصر للإسلام والسنة يشكر على ذلك من هذا الوجه، وهذا لا يعني القول بعصمته واتباعه في كل ما قاله وإن خالف فيه السنة والحديث، فالحاكم هو الحديث وليس ذلك المنتصر له.
قال شيخ الإسلام في المجموع ج:4 ص:14:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/44)
"فحمد الرجال عند الله ورسوله وعباده المؤمنين بحسب ما وافقوا فيه دين الله وسنة رسوله وشرعه من جميع الأصناف، إذ الحمد إنما يكون على الحسنات، والحسنات هي ما وافق طاعة الله ورسوله من التصديق بخبر الله والطاعة لأمره، وهذا هو السنة، فالخير كله باتفاق الأمة هو فيما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك ما يذم من يذم من المنحرفين عن السنة والشريعة وطاعة الله ورسوله إلا بمخالفة ذلك، ومن تكلم فيه من العلماء والأمراء وغيرهم إنما تكلم فيه أهل الإيمان بمخالفته السنة والشريعة، وبهذا ذم السلف والأئمة أهل الكلام والمتكلمين الصفاتية كابن كرام وابن كلاب والأشعري، وما تكلم فيه من تكلم من أعيان الأمة وأئمتها المقبولين فيها من جميع طوائف الفقهاء وأهل الحديث والصوفية إلا بما يقولون إنهم خالفوا فيه السنة والحديث، لخفائه عليهم، أو إعراضهم عنه، أو لاقتضاء أصل قياس مهدوه رد ذلك، كما يقع نحو ذلك في المسائل العلمية، فإن مخالفة المسلم الصحيح الإيمان النص إنما يكون لعدم علمه به أو لاعتقاده صحة ما عارضه لكن هو فيما ظهر من السنة وعظم أمره يقع بتفريط من المخالف وعدوان فيستحق من الذم ما لا يستحقه في النص الخفي وكذلك فيما يوقع الفرقة والاختلاف يعظم فيه أمر المخالفة للسنة".
فكل من نبل في الإسلام وعظم قدره في الأمة وقبل قوله عند عامة الناس فإنما ذلك باتباع الحديث والسنة وفيما قاله مما وافق فيه الكتاب والحكمة، فأئمة الأمة كالشافعي وإسحق وغيرهما إنما نبلوا في الإسلام باتباع أهل الحديث والسنة، وكذلك البخاري ومسلم وأمثالهما إنما نبلوا بذلك، وكذلك مالك والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة وأحمد وغيرهم إنما نبلوا بذلك، وكل من تكلم فيه منهم فما هو إلا بسبب المواضع التي لم يتفق له متابعتها من الحديث والسنة، إما لعدم بلاغها إياه، أو لاعتقاده ضعف دلالتها، أو رجحان غيرها عليها أو لغيرها من الأسباب التي قد يكون بها معذورا مغفورا له خطأه مأجورا على اجتهاده، لكن مع ذلك فهو مردود عليه قوله، بل مضروب بعرض الحائط كما هي رغبتهم هم أنفسهم.
وكذلك المسائل الاعتقادية الخبرية، لم ينبل أحد من الطوائف ورءوسهم عند الأمة إلا بما معه من الإثبات والسنة، فالمعتزلة أولا وهم فرسان الكلام إنما يحمدون ويعظمون عند أتباعهم وعند من يغض الطرف عن مساوئهم لأجل محاسنهم عند المسلمين بما وافقوا فيه مذهب أهل الإثبات والسنة والحديث، وردهم على الرافضة بعض ما خرجوا فيه عن السنة والحديث من إمامة الخلفاء وعدالة الصحابة وقبول الأخبار وتحريف الكلم عن مواضعه والغلو في على والقول بالمعصوم ونحو ذلك، وكذلك كانوا يستحمدون بما خالفوا فيه الخوارج من تكفير علي وعثمان وغيرهما وتكفير المسلمين بالذنوب، وكذلك كانوا يستحمدون بما خالفوا فيه المرجئة بإدخال الواجبات في الإيمان، ولهذا قالوا بالمنزلة بين المنزلتين وإن لم يهتدوا إلى السنة المحضة من أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص.
وكذلك الشيعة المتقدمون كانوا يرجحون على المعتزلة بما خالفوهم فيه من إثبات الصفات والقدر والشفاعة ونحو ذلك.
وكذلك متكلمة أهل الإثبات مثل الكلابية والكرامية والأشعرية إنما قبلوا واتبعوا واستحمدوا إلى عموم الأمة بما أثبتوه من أصول الإيمان من إثبات الصانع وصفاته وإثبات النبوة، و بما قاموا به من الجهاد بالرد على الكفار من المشركين وأهل الكتاب وبيان تناقض حججهم وتهافتها، وكذلك استحمدوا بما ردوه على الجهمية والمعتزلة والرافضة والقدرية من أنواع المقالات التي يخالفون فيها أهل السنة والجماعة.
فاتباع السنة والدفاع عنها هو العامل الرئيسي والوحيد لعموم الأمة في تعظيم متبوعيها، فإنه لم يتبع أحد مذهب الأشعري ونحوه إلا لأحد هذين الوصفين أو كلاهما، وكل من أحبه وانتصر له من المسلمين وعلمائهم فإنما يحبه وينتصر له بذلك، كما فعل البيهقي وأبي القاسم القشيري وابن عساكر الدمشقي، فإنهم إنما يحتجون لذلك بما يقوله من أقوال أهل السنة والحديث أو بما رده من أقوال مخالفيهم، ولولا أنه كان من أقرب بني جنسه إلى ذلك لألحقوه بطبقته الذين لم يكونوا كذلك كشيوخه المعتزلة أبي علي الجبائي وولده أبي هاشم، لكن كان للأشعري من موافقة مذهب السنة والحديث في الصفات والقدر والإمامة والفضائل والشفاعة والحوض والصراط
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/45)
والميزان، وله من الردود على المعتزلة والقدرية والرافضة والجهمية وبيان تناقضهم ما أوجب أن يمتاز بذلك عن أولئك ويعرف له حقه وقدره، وبما وافق فيه السنة والحديث صار له من القبول والأتباع ما صار، فقطب رحى ذيوع صيته وشهرته وكثرة أتباعه كان له بما وافق فيه أهل السنة والحديث وبدفاعه عنها، قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ج: 4 ص: 17: "ولهذا تجد أعظمهم موافقة لأئمة السنة والحديث أعظم عند جميعهم ممن هو دونه، فالأشعري نفسه لما كان أقرب إلى قول الإمام أحمد ومن قبله من أئمة السنة كان عندهم أعظم من أتباعه، والقاضي أبو بكر بن الباقلاني لما كان أقربهم إلى ذلك كان أعظم عندهم من غيره، وأما مثل الأستاذ أبي المعالي وأبي حامد ونحوهما ممن خالفوا أصوله في مواضع فلا تجدهم يعظمون إلا بما وافقوا فيه السنة والحديث، وأكثر ذلك تقلدوه من مذهب الشافعي في الفقه الموافق للسنة والحديث، ومما ذكروه في الأصول مما يوافق السنة والحديث، وما ردوه مما يخالف السنة والحديث، وبهذا القدر ينتحلون السنة وينحلونها و إلا لم يصح ذلك".
فهذا شيخ الإسلام يبين أن ذيوع المذهب الأشعري لم يكن إلا باتباعه لمذهب الإمام أحمد في المسائل العلمية ولنصرته لمذهب أهل السنة والحديث لا للكلام، ولدفاعه عن هذا المذهب، ولانتحال أتباعه مثل الأستاذ أبي المعالي الجويني وأبي حامد الغزالي لمذهب الشافعي في الفقه صار له من الأتباع ما صار.
ما فضل به أهل الحديث على سائر الطوائف:
وحتى نستكمل ما فضل به أهل الحديث على سائر الطوائف نذكر أمورا منها إقرار أئمة الكلام والفلسفة وشهادتهم على أنفسهم وعلى بني جنسهم بالضلال، بينما أهل الحديث لا يشهد أحد على نفسه بذلك، وكذلك رجوع أئمة الكلام إلى مذهب عموم أهل السنة وعجائزهم كثير، بينما أئمة السنة والحديث لا يرجع منهم أحد، لأن الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد، وكذلك شهادتهم لأهل الحديث بالسلامة والخلاص من أنواع الضلال، بينما أهل الحديث لا يشهدون لأهل البدع إلا بالضلال، وكذلك تجد أهل الكلام إذا ما ظفروا من سنة رسول الله بما يؤيد مذهبهم أشادوا به وعظموه، بينما أهل الحديث لا تجدهم يعظمون الكلام وإن وافق ما ذهبوا إليه، وكذلك كون جميع الطوائف المتقابلة من أهل الأهواء تشهد لهم بأنهم أصلح من الآخرين وأقرب إلى الحق، فتجد كلام أهل النحل فيهم وحالهم معهم بمنزلة كلام أهل الملل مع المسلمين وحالهم معهم.
وأما ما عاب به المتكلمون أهل الحديث من حشو القول فمرجعه لأمرين:
-قلة المعرفة: كأن يحتجوا بأحاديث ضعيفة أو موضوعة أو بآثار لا تصلح للاحتجاج.
-قلة الفهم: كأن لا يفهموا معنى الأحاديث الصحيحة، أو كأن يقولون القولين المتناقضين ولا يهتدون للخروج من ذلك.
والأمر راجع إلى شيئين: إما زيادة أقوال غير مفيدة يظن أنها مفيدة، كالأحاديث الموضوعة، وإما أقوال مفيدة لكنهم لا يفهمونها أو يفهمونها على غير مراد الله ورسوله، إذ كان اتباع الحديث يحتاج أولا إلى صحة الحديث وهو العلم بالرواية، وثانيا إلى فهم معناه وهو العلم بالدراية، والخلل قد يدخل عليهم من ترك إحدى المقدمتين أو الإخلال بهما جميعا، ومن عابهم من الناس فإنما يعيبهم بهذا، ولا ريب أن هذا موجود في بعضهم لا يستطيع أحد أن يجحده وهو كثير ومشاهد عيانا، يحتجون بأحاديث موضوعة في مسائل الأصول والفروع، وآثار مفتعلة، وحكايات غير صحيحة، ويذكرون من القرآن والحديث الصحيح ما لا يفهمون معناه، وربما تأولوه على غير تأويله، ووضعوه على غير موضعه.
ومع إخلالهم بالمقدمتين قد يكفرون ويضللون ويبدعون أقواما من أعيان الأمة، ويجهلونهم، ففي بعضهم من البغي والعدوان ما قد يكون بعضه خطأ مغفورا، وقد يكون منكرا من القول وزورا، وقد يكون من البدع والضلالات التي توجب غليظ العقوبات، فهذا لا ينكره إلا جاهل أو ظالم، لكنهم وإن كان فيهم ما فيهم من العيوب إلا أنه في غيرهم أكثر، فهم بالنسبة إلى غيرهم في ذلك كالمسلمين بالنسبة إلى بقية الملل، ولا ريب كل شر يكون في بعض المسلمين فهو في غيرهم أكثر، وكل خير يكون في غيرهم فهو فيهم أعلى وأعظم، وهكذا أهل الحديث بالنسبة إلى غيرهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/46)
ثم إن ما ذكر من فضول الكلام وزيادته التي لا تفيد مع اعتقاد أنه طريق إلى العلم لتحقيق التصور والتصديق هو في أهل الكلام والمنطق بما لا مجال للمقارنة بينهم وبين أهل الحديث، فأهل الكلام هم أحق بالحشو وفضول الكلام من أهل الحديث، وإذا قابلنا بينهم وجدنا ما عند أهل الكلام شر مما عند أهل الحديث، فبإزاء احتجاج أولئك بالحديث الضعيف، احتجاج هؤلاء بالحدود المتوهة والأقيسة الكثيرة العقيمة، والتي لا تفيد معرفة ولا تنتج علما، بل تفيد جهلا وتلد ضلالا، وبإزاء قلة الفهم وعدم الفقه عند أهل الحديث، تكلف أهل الكلام من القول على الله بغير علم والتكلم من غير دليل شرعي أو عقلي وإن زعموا أنه كذلك؛ ما هو أعظم من ذلك وأكثر سوءا، وما أحسن قول الإمام أحمد: ضعيف الحديث خير من رأي فلان.
ثم إن ما يتكلم به أهل الحديث وإن لم يفهم معناه ولم يدرك مغزاه بعضهم هو كلام في نفسه حق، وقد آمنوا بذلك، فهذا الإيمان يحسب لهم وليس عليهم، وأما المتكلمة فيتكلفون من القول ما لا يفهمونه ولا يعلمون أنه حق، بل قد يكون باطلا فيحسب عليهم، وكذلك أهل الحديث لا يستدلون بحديث ضعيف في نقض أصل عظيم من أصول الشريعة، بل يستعملونه في تأييد ذلك الأصل أو في تأييد فرع من الفروع، بل عند التقرير لا يستدلون إلا بالصحيح، بينما أهل الكلام يحتجون بالحدود والمقاييس الفاسدة في نقض الأصول الحقة الثابتة، كما فعلوا في نفي صفات الله سبحانه وتعالى الثابتة بالكتاب والسنة الصحيحة، وكما فعلوا في تأويلها على غير مراد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهم يحسبون أنهم على شيء.
الرد على الدكتور عمارة في اتهامه لأهل الحديث بالنصية والحرفية:
وأما ما عاب به الدكتور عمارة وغيره أهل الحديث من كونهم حرفيين ونصيين، فإن من ورائه خلفية فكرية تتمثل في كون ظاهر النصوص هل هو مراد لله ورسوله أو غير مراد، وهؤلاء مخطئون من وجهين: تارة يجعلون المعنى الفاسد ظاهر اللفظ حتى يجعلونه محتاجا إلى تأويل يخالف الظاهر ولا يكون كذلك، وتارة يردون المعنى الحق الذي هو ظاهر اللفظ لاعتقادهم أنه باطل.
وحتى يستبين الأمر نذكر على سبيل المثال قوله في الحديث: عبدي جعت فلم تطعمني، الحديث وفى الأثر الآخر: الحجر الأسود يمين الله في الأرض فمن صافحه أو قبله فكأنما صافح الله وقبل يمينه، وقوله: قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن، فقالوا: قد علم أن ليس في قلوبنا أصابع الحق، فيقال لهم: لو أعطيتم النصوص حقها من الدلالة لعلمتم أنها لم تدل إلا على حق، أما قوله: الحجر الأسود يمين الله فى الأرض فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله وقبل يمينه، فهو صريح فى أن الحجر الأسود ليس هو صفة لله، ولا هو نفس يمينه، لأنه قال: يمين الله فى الأرض، فإضافة في الأرض تبين المعنى، وقال فمن قبله وصافحه فكأنما صافح الله وقبل يمينه، ومعلوم أن المشبه ليس هو المشبه به، ففي نفس الحديث بيان أن مستلمه ليس مصافحا لله، وأنه ليس هو نفس يمينه، فكيف يجعل ظاهره كفرا، حتى يحتاج إلى التأويل، مع أن هذا الحديث إنما يعرف عن ابن عباس، وأما الحديث الآخر فهو فى الصحيح مفسرا، يقول الله: عبدي جعت فلم تطعمني، فيقول: رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ فيقول: أما علمت أن عبدي فلانا جاع فلو أطعمته لوجدت ذلك عندي، عبدي مرضت فلم تعدني، فيقول: رب كيف أعودك وأنت رب العالمين، فيقول: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلو عدته لوجدتني عنده، وهذا صريح فى أن الله سبحانه لم يمرض ولم يجع، ولكن مرض عبده وجاع عبده فجعل جوعه جوعه ومرضه مرضه، مفسرا ذلك بأنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي ولو عدته لوجدتني عنده، فلم يبق فى ظاهر الحديث ما يعاب حتى يحتاج إلى تأويل.
وأما قوله قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن، فإنه ليس فى ظاهره أن القلب متصل بالأصابع، ولا مماس لها، ولا أنها فى جوفه، ولا في قول القائل هذا بين يدي ما يقتضى مباشرته ليديه، وإذا قيل السحاب المسخر بين السماء والأرض لم يقتض أن يكون مماسا للسماء والأرض، ونظائر هذا كثيرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/47)
وإن كان القائل يعتقد أن ظاهر النصوص المتنازع فى معناها من جنس ظاهر النصوص المتفق على معناها والظاهر هو المراد فى الجميع فإن الله لما أخبر أنه بكل شيء عليم، وأنه على كل شيء قدير، واتفق أهل السنة وأئمة المسلمين على أن هذا على ظاهره، وأنه هو المراد، كان من المعلوم أنهم لم يريدوا بهذا الظاهر أن يكون علمه كعلمنا، وقدرته كقدرتنا، وكذلك لما اتفقوا على أنه حي حقيقة عالم حقيقة قادر حقيقة لم يكن مرادهم أنه مثل المخلوق الذي هو حي عليم قدير، فكذلك إذا قالوا في قوله تعالى: يحبهم ويحبونه، رضي الله عنهم ورضوا عنه، وقوله: ثم استوى على العرش، أنه على ظاهره، لم يقتض ذلك أن يكون ظاهره إستواءا كاستواء المخلوق، ولا حبا كحبه، ولا رضا كرضاه.
فإذا ظن العبد أن ظاهر الصفات مماثل لصفات المخلوقين لزمه أن لا يكون شيء من ظاهر ذلك مرادا، وإن كان يعتقد أن ظاهرها ما يليق بالخالق ويختص به، لم يكن له نفي هذا الظاهر، ولا ينفى إلا بدليل يدل على النفي، وليس في العقل فضلا عن السمع ما ينفي هذا إلا من جنس ما ينفى به سائر الصفات، فيكون الكلام فى الجميع واحدا.
وبيان هذا أن صفاتنا إما أعيان وأجسام وهي أبعاض لنا كالوجه واليد، وإما معان وأعراض وهي قائمة بنا كالسمع والبصر والكلام والعلم والقدرة، ومن المعلوم أن الله تعالى لما وصف نفسه بأنه حي عليم قدير لم يقل المسلمون إن ظاهر هذا غير مراد بحجة أن مفهوم ذلك فى حقه مثل مفهومه فى حقنا، وهيهات أن يأتوا بواحد من الصحابة الكرام يقول بذلك، فكذلك لما وصف نفسه بأنه خلق آدم بيديه لم يوجب ذلك أن يكون ظاهره غير مراد بحجة أن مفهوم ذلك فى حقه كمفهومه فى حقنا، بل صفة الموصوف تناسبه، فإذا كانت ذاته المقدسة ليست مثل ذوات المخلوقين، فصفاته كذلك ليست كصفات المخلوقين، ونسبة صفة المخلوق إليه كنسبة صفة الخالق إليه، وليس المنسوب كالمنسوب، ولا المنسوب إليه كالمنسوب إليه، كما قال صلى الله عليه وسلم: ترون ربكم كما ترون الشمس والقمر، فشبه الرؤية بالرؤية ولم يشبه المرئي بالمرئي، ثم إنه لما كان إثبات الذات هو إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات الصفات إثبات وجود لا إثبات كيفية، والله أعلم.
رد تهمة الجمود والتقليد عن أهل الحديث والسنة:
ومن العجب أن أهل الكلام ويوافقهم الدكتور عمارة وغيره كالدكتور أبو زهرة، يزعمون أن أهل الحديث والسنة أهل جمود وتقليد، ليسوا أهل نظر واستدلال، وأنهم ينكرون حجة العقل وربما حكى إنكار النظر عن بعض أئمة السنة، وهذا مما ينكرونه عليهم، فيقال لهم: ليس هذا بحق، وهو وليد عن الظلم والجهل الذي سيطر على عقول هؤلاء المتكلمين، فإن أهل السنة والحديث لا ينكرون ما جاء به القرآن، هذا أصل متفق عليه بينهم، وهو المقدمة الإيمانية التي ينطلقون منها، والله قد أمر بالنظر والاعتبار والتفكر والتدبر في غير آية، ولا يعرف عن أحد من سلف الأمة ولا أئمة السنة وعلمائها أنه أنكر ذلك، بل كلهم متفقون على الأمر بذلك، ولكن وقع اشتراك في لفظ النظر والاستدلال ولفظ الكلام، فإن أهل السنة والحديث أنكروا ما ابتدعه المتكلمون من باطل نظرهم وكلامهم واستدلالهم، فاعتقد أهل الكلام أن إنكار هذا مستلزم لإنكار جنس النظر والاستدلال، فأخذوا يشنعون على أهل السنة والحديث بأنهم معادون للعقل والنظر والفكر، وهم في الحقيقة لم يعادوا إلا نظر هؤلاء المتكلمين واستدلالهم، ونظير هذا تسمية أهل الكلام لأصولهم التي وضعوها بأصول الدين، وهذا اسم عظيم والمسمى به فيه من فساد الدين ما الله به عليم، فإذا أنكر أهل الحق والسنة ذلك، قال المبطل قد أنكروا أصول الدين، وهم لم ينكروا ما يستحق أن يسمى أصول الدين، وإنما أنكروا ما سماه هذا أصول الدين، وهي مسميات ما أنزل الله بها من سلطان، فالدين ما شرعه الله ورسوله، وهكذا لفظ النظر والاعتبار والاستدلال، وعامة هذه الضلالات إنما تطرق من لم يعتصم بالكتاب والسنة، كما كان الزهري يقول: كان علماؤنا يقولون الاعتصام بالسنة هو النجاة، وقال الإمام مالك: السنة سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق، وذلك أن السنة والشريعة والمنهاج هو الصراط المستقيم الذي يوصل العباد إلى الله، والرسول هو الدليل الهادي في هذا الصراط كما قال تعالى: {إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/48)
الله بإذنه وسراجا منيرا}، وقال تعالى: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور}، وقال تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}، وقال عبد الله بن مسعود: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا وخط خطوطا عن يمينه وشماله ثم قال: "هذا سبيل الله وهذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه" ثم قرأ {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}، وإذا تأمل العاقل هذا المثال وتأمل سائر الطوائف من الخوارج ثم المعتزلة ثم الجهمية والرافضة ومن أقرب منهم إلى السنة من أهل الكلام مثل الكرامية والكلابية والأشعرية وغيرهم وأن كلا منهم له سبيل يخرج به عما عليه الصحابة وأهل الحديث ويدعى أن سبيله هو الصواب وجدت أنهم المراد بهذا المثال الذي ضربه المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، ووجدت أن أهل السنة والحديث هم حقا ورثة الأنبياء والمرسلين الناصرين لهذا الدين.
قال الله تعالى عن أتباع الأئمة من أهل الملل المخالفين للرسل: {فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم}، وقال تعالى: {يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا} إلى قوله {والعنهم لعنا كبيرا}.
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ج: 4 ص: 26:
"وإذا كانت سعادة الدنيا والآخرة هي باتباع المرسلين، فمن المعلوم أن أحق الناس بذلك هم أعلمهم بآثار المرسلين، وأتبعهم لذلك، فالعالمون بأقوالهم وأفعالهم المتبعون لها هم أهل السعادة في كل زمان ومكان، وهم الطائفة الناجية من أهل كل ملة، وهم أهل السنة والحديث من هذه الأمة، فإنهم يشاركون سائر الأمة فيما عندهم من أمور الرسالة، ويمتازون عنهم بما اختصوا به من العلم الموروث عن الرسول، مما يجهله غيرهم أو يكذب به، والرسل صلوات الله وسلامه عليهم؛ عليهم البلاغ المبين، وقد بلغوا البلاغ المبين، وخاتم الرسل محمد أنزل الله كتابه مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه، فهو الأمين على جميع الكتب، وقد بلغ أبين البلاغ وأتمه وأكمله، وكان أنصح الخلق لعباد الله، وكان بالمؤمنين رؤوفا رحيما، بلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله حق جهاده، وعبد الله حتى أتاه اليقين".
فإذا انطلقنا من آخر ما ذكره شيخ الإسلام في هذه الفقرة، وهي المقدمة الإيمانية من كون النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ المبين وأن الله تعالى قد أتم وأكمل لنا الدين، فهذا يعني أننا لا نحتاج إلى غير ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأن السعادة كل السعادة والنعيم كل النعيم هو في إتباعه وموافقته علما وعملا وحالا، وأما غير ذلك من أقيسة أهل الكلام والمفكرين التي هي حججهم وبراهينهم على معارفهم وعلومهم فهي لا تقود إلا إلى البوار، وهذا يدخل فيه كل من خالف شيئا من السنة والحديث مما عند المتكلمين والفلاسفة، إذ هؤلاء من أعظم بني آدم حشوا وقولا للباطل وتكذيبا للحق في مسائلهم ودلائلهم، لا يكاد والله أعلم يتكلم الواحد منهم إلا ويفسد أكثر مما يصلح.
وكذلك تجد أهل الكلام والفلسفة من أعظم الناس شكا واضطرابا، وأضعف الناس علما ويقينا، كما قال الغزالي: أكثر الناس شكا عند الموت أهل الكلام، ولهذا تجد غالب حججهم تتكافأ إذ كل منهم يقدح في أدلة الآخر، وإنما فضيلة أحدهم باقتداره على الاعتراض والقدح والجدل والمغالطة ورد الخصم بدون علم وإن سموا ما عندهم علما وحكمة، كما هو معلوم عن أبي عبد الله الرازي من أنه له نهمة في التشكيك دون التحقيق، ومن المعلوم أن الاعتراض والقدح ليس بعلم، ولا فيه منفعة، وأحسن أحوال صاحبه أن يكون بمنزلة العامي، فهو لا يرفع صاحبه إلا عند جاهل أو أحمق، وإنما العلم في جواب السؤال، وحل الإشكال، بتقرير الحق ورد الشبهات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/49)
وبهذا وبغيره مما يطول ذكره يتبين أن أحق الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية والطائفة المنصورة هم أهل الحديث والسنة، الذين ليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم المختصون بالعلم بأقواله وأحواله مميزين بين صحيحها وسقيمها، وأئمتهم فقهاء فيها، وأهل معرفة بمعانيها، وإتباعا لها تصديقا وعملا وحبا وموالاة لمن والاها ومعاداة لمن عاداها، الذين يرجعون فيما تنازعوا فيه -من مسائل الصفات والقدر والوعيد والأسماء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك- إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فلا ينصبون مقالة ويجعلونها من أصول دينهم، ويقدمونها على الدين المنزل، بل يجعلون ما بعث به الرسول صلى الله عليه وسلم من الكتاب والحكمة هو الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه، ويفصلون في ما تنازع فيه الناس من الألفاظ المجملة؛ فما كان من معانيها موافقا للكتاب والسنة أثبتوه، وما كان منها مخالفا للكتاب والسنة أبطلوه، ولا يتبعون الظن وما تهوى الأنفس، إذ هما عين الجهل والظلم ومنبعه، قال الله تعالى: {وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا}.
ومما ينبغي أيضا أن يعرف أن الطوائف المنتسبة إلى متبوعين في أصول الدين والكلام من المعتزلة والأشاعرة والمرجئة على درجات، منهم من يكون قد خالف السنة في أصول عظيمة، كما هو الحال عند الأشاعرة في الإيمان مثلا، إذ يقولون بأن الإيمان هو المعرفة فقط، فوافقوا الجهمية الزنادقة وخالفوا أهل السنة والجماعة الذين يقولون بأن الإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، ومنهم من يكون إنما خالف السنة في أمور دقيقة، ومن يكون قد رد على غيره من الطوائف الذين هم أبعد عن السنة منه كما فعلت ذلك الأشاعرة مع المعتزلة، فيكون محمودا فيما رده من الباطل وقاله من الحق، لكن يكون قد جاوز العدل في رده بحيث جحد بعض الحق وقال بعض الباطل، فيكون قد رد بدعة كبيرة ببدعة أخف منها، وهذه حال أكثر أهل الكلام المنتسبين إلى السنة والجماعة، ومثل هؤلاء إذا لم يجعلوا ما ابتدعوه قولا يفارقون به جماعة المسلمين يوالون عليه ويعادون كما فعلت الخوارج، كان من نوع الخطأ الذي قد يكون مغفورا، وقد وقع في مثل هذا كثير من سلف الأمة وأئمتها، بخلاف من والى موافقه، وعادى مخالفه، وفرق بين جماعة المسلمين، وكفر وفسق مخالفه دون موافقه في مسائل الآراء والإجتهادات، واستحل قتال مخالفه دون موافقه، فهؤلاء من أهل التفرق والاختلافات المذمومين شرعا وعقلا.
الأحق بعلم أصول الفقه أئمة السلف وليس المتكلمين:
وأما ما يزعمه هؤلاء المتكلمة وكذلك الدكتور عمارة من أن علم أصول الفقه يمثل فلسفة العقلانية الإسلامية في التشريع، وأن أئمته هم الباقلاني والجويني والغزالي، فهذا من قلة خبرته بعلوم السلف كالإمام مالك والإمام أحمد والإمام الشافعي والإمام أبي حنيفة.
فان الكلام في أصول الفقه، وتقسيمها إلى الكتاب والسنة والإجماع واجتهاد الرأي، والكلام في وجه دلالة الأدلة الشرعية على الأحكام أمر معروف من زمن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعين لهم بإحسان، ومن بعدهم من أئمة المسلمين، وهم كانوا أقعد بهذا الفن وغيره من فنون العلم الدينية ممن بعدهم، فلقد كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى شريح: "اقض بما في كتاب الله، فان لم يكن فبما في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فان لم يكن فبما اجتمع عليه الناس، وفى لفظ فبما قضى به الصالحون، فان لم تجد فان شئت أن تجتهد رأيك"، وكذلك قال ابن مسعود وابن عباس، وحديث معاذ من أشهر الأحاديث عند الأصوليين.
فما من نازلة نزلت على العبد إلا وفي كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم الدليل على سبيل الهدى فيها، قال الله تبارك وتعالى: {كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد}، وقال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}، وقال تعالى: {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وبشرى للمسلمين}.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/50)
وهذا الإمام الشافعي -رحمه الله- وهو أول من جرد الكلام في أصول الفقه، يقول في الرسالة ج:1ص:19: "فإن من أدرك علم أحكام الله في كتابه نصا واستدلالا ووفقه الله للقول والعمل بما علم منه فاز بالفضيلة في دينه ودنياه وانتفت عنه الريب ونورت في قلبه الحكمة"، فالرعيل الأول من سلف الأمة وأئمتها كانوا هم الأسبق إلى هذه الفضيلة، والأكثر نورا بهذه الحكمة.
وأحق الناس بمعرفة أصول الفقه هم الأئمة المجتهدون؛ كمالك والشافعي والأوزاعي وأبى حنيفة وأحمد بن حنبل، وأتباعهم، بل هؤلاء ونحوهم كانوا يعرفون الأدلة بأعيانها، ويستعملون الأصول في الاستدلال على الأحكام، بخلاف غيرهم من الذين يجردون الكلام في أصول مقدرة أنتجها التخمين، بعضها وجد وبعضها لا يوجد، من غير معرفة بأعيانها، فإن هؤلاء لو كان ما يقولونه حقا فمنفعته إما قليلة أو معدومة، كمن يتكلم في الفقه فيما يقدره من أفعال العباد؛ وهو لا يعرف حكم الأفعال المحققة منه، فكيف وأكثر ما يتكلمون به من هذه المقدرات هو كلام باطل.
شيخ الإسلام ابن تيمية ليس حنبليا:
وأما ما زعمه كثير من المتأخرين من أمثال الدكتور عمارة والدكتور أبو زهرة وغيرهم، من أن شيخ الإسلام كان حنبليا متعصبا للمذهب الحنبلي، فهذا جواب شيخ الإسلام عنهم:
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ج: 3 ص: 227
والناس يعلمون أنه كان بين الحنبلية والأشعرية وحشة ومنافرة، وأنا كنت من أعظم الناس تأليفا لقلوب المسلمين، وطلبا لاتفاق كلمتهم، واتباعا لما أمرنا به من الاعتصام بحبل الله، وأزلت عامة ما كان فى النفوس من الوحشة، وبينت لهم أن الأشعرى كان من أجل المتكلمين المنتسبين إلى الإمام أحمد رحمه الله ونحوه، المنتصرين لطريقه، كما يذكر الأشعرى ذلك فى كتبه، وكما قال أبو إسحاق الشيرازي: إنما نفقت الأشعرية عند الناس بانتسابهم إلى الحنابلة، وكان أئمة الحنابلة المتقدمين كأبي بكر عبد العزيز وأبى الحسن التميمي ونحوهما يذكرون كلامه فى كتبهم، بل كان عند متقدميهم كابن عقيل عند المتأخرين، لكن ابن عقيل له اختصاص بمعرفة الفقه وأصوله، وأما الأشعرى فهو أقرب إلى أصول أحمد من ابن عقيل، وأتبع لها، فإنه كلما كان عهد الإنسان بالسلف أقرب كان أعلم بالمعقول والمنقول، وكنت أقرر هذا للحنبلية، وأبين أن الأشعرى وإن كان من تلامذة المعتزلة ثم تاب فإنه تلميذ الجبائي ومال إلى طريقة ابن كلاب وأخذ عن زكريا الساجى أصول الحديث بالبصرة، ثم لما قدم بغداد أخذ عن حنبلية بغداد أمورا أخرى، وذلك آخر أمره، كما ذكره هو وأصحابه فى كتبهم، وكذلك ابن عقيل كان تلميذ ابن الوليد وابن التبان المعتزليين ثم تاب من ذلك، وتوبته مشهورة بحضرة الشريف أبي جعفر، وكما أن فى أصحاب أحمد من يبغض ابن عقيل ويذمه فالذين يذمون الأشعرى ليسوا مختصين بأصحاب أحمد، بل فى جميع الطوائف من هو كذلك، ولما أظهرت كلام الأشعرى ورآه الحنبلية قالوا: هذا خير من كلام الشيخ الموفق، وفرح المسلمون باتفاق الكلمة، وأظهرت ما ذكره ابن عساكر فى مناقبه: أنه لم تزل الحنابلة والأشاعرة متفقين إلى زمن القشيري، فإنه لما جرت تلك الفتنة ببغداد تفرقت الكلمة، ومعلوم أن فى جميع الطوائف من هو زائغ ومستقيم، مع أني فى عمري إلى ساعتي هذه لم أدع أحدا قط فى أصول الدين إلى مذهب حنبلي وغير حنبلي، ولا انتصرت لذلك، ولا أذكره فى كلامي، ولا أذكر إلا ما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها، وقد قلت لهم غير مرة أنا أمهل من يخالفني ثلاث سنين إن جاء بحرف واحد عن أحد من أئمة القرون الثلاثة يخالف ما قلته فأنا أقر بذلك، وأما ما أذكره فأذكره عن أئمة القرون الثلاثة بألفاظهم، وبألفاظ من نقل إجماعهم من عامة الطوائف، (انتهى).
الخاتمة:
قد ذم الله في كتابه الذين يكتمون ما أنزله من البينات والهدى، وكل من اختار كتمان ما أنزل الله فلا لشيء إلا لأنه يخالف ما يقوله هو وطائفته، ويعارض ما حكمت به عقولهم وآراؤهم، وهؤلاء فيهم جاء الأثر المعروف عن عمر –رضي الله عنه- قال: إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن أعيتهم السنن أن يحفظوها وتفلتت منهم أن يعوها وسئلوا فقالوا في الدين برأيهم.
ثم إن كل من أبغض شيئا من نصوص الوحي ففيه من عداوة الله ورسوله بحسب ذلك، ومن أحب نصوص الوحي ففيه من ولاية الله ورسوله بحسب ذلك، وأصل العداوة البغض، كما أن أصل الولاية الحب، قال عبد الله بن مسعود: لا يسأل أحدكم عن نفسه غير القرآن فإن كان يحب القرآن فهو يحب الله وإن كان يبغض القرآن فهو يبغض الله.
قال تعالى: {فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات}، سبحانك الله وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك والله أعلم.
والحمد لله رب العالمين، وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين.
آرزيو يوم 10/ 09 /2003
كتبه فتحي خليفة عيساوي
_____________(26/51)
طليعة (صيانة الإنسان عن وَسوسَة الشيخ دَحلاَن) للسهسواني
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[03 - 10 - 03, 04:06 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=12093
صيانة الإنسان
عن وَسوسَة الشيخ دَحلاَن
تأليف
العلاّمة الكبير، المحدِّث الفقيه النِّحرير
محمد بشير السهسواني الهندي
1252 - 1326
الطبعةُ الثالثة
تقديم الكتاب للعلامة محمد رشيد رضا رحمه الله
التعريف بكتاب صيانة الإنسان
بسم الله الرحمن الرحيم
? وقُلْ جاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ الباطِلُ، إنَّ البَاطِلَ كانَ زَهُوقَا ?
تمهيد في معنى السنة والجماعة والبدع
لما حدثت البدع في الأمة وصار لها شيع وأنصار، جعل لكل شيعة منها اسم، وأطلق على المحافظين على ما كان عليه السواد الأعظم من الصحابة والتابعين المجتنبين للمحدثات والبدع لقب "أهل السنة والجماعة".
والمراد بالسنة هنا معناها اللغوي، وهي الطريقة المخصوصة المسلوكة المتبعة بالفعل في أمر الدين – فعلاً وتركاً – من عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فالتعريف فيها للعهد، وليس المراد بها ما اصطلح علماء الحديث من إطلاقها على أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته وشمائله، ولا ما اصطلح عليه الفقهاء من إطلاقها على ما واظب عليه صلى الله عليه وسلم غالباً على غير سبيل الوجوب، فإن جميع فرق المبتدعة في الإسلام يأخذون بالسنة بمعنييها الأخيرين على اصطلاحات لهم وقواعد في إثباتها ونفيها وتأويلها وتعارضها، كما أن للفقهاء والمتكلمين المنسوبين إلى السنة والجماعة بالمعنى الأصلي قواعد في ذلك.
والتحقيق أن ما كان عليه السلف في الصدر الأول لم يكن يسمى مذهباً، ولا يصح أن يسمى مذهباً في الإسلام، لأنه هو الإسلام كله، وهو وحدة لا تفرق فيها ولا اختلاف، والله يقول لرسوله: ? إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ?. ويقول: ? أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ?. وإنما صار يسمى مذهباً بالإضافة إلى ما حدث من البدع التي تتعصب لها الشيع.
ولو أن الأشاعرة جروا في تقرير العقائد للمسلمين في التعليم والتصنيف على صراط القرآن في إثبات ما أثبته ونفي ما نفاه والاستدلال بما استدل به من آيات الله في الأنفس والآفاق، والتزموا في ذلك هدي السلف من غير تعطيل ولا تمثيل ولا تأويل، ثم جروا في الرد على المخالفين على قاعدة الغزالي من كونه ضرورة تقدَّر بقدرها في كل زمن بحسنه بإدحاض شبهاتهم، والتفرقة بينا ما لا يتفق مع أصول الملة القطعية وما يتفق معها ولو بضرب من تأويل بعض الظواهر غير القطعية – لو أنهم فعلوا هذا وذاك – لما كان ثمَّ وجه لتقسيم أهل السنة والجماعة إلى مذهبين مختلفين: سلفية، وخلفية. حتى أفضى ذلك إلى رد بعض متكلمي الخلف على متبعي السلف من أهل الحديث ورد هؤلاء عليهم، كما يردُّ الفريقان على المعتزلة وغيرهم من الذين خرجوا عن صراط الجماعة الذي كان عليه أهل الصدر الأول المتفق بينهما على هَدْيهم وهداهم.
وهذا ما جرينا عليه في مجلة المنار وفي تفسير المنار: نقرر مذهب السلف بالحجة وندافع عنه وندعو إليه، وقد نورد ما نراه ضرورياً من تأويل لغير القطعي المجمع عليه لبيان سعة الإسلام، وكون من لم يطمئن قلبه لبعض الظواهر على مذهبهم، فإن تأوله لها مع الإيمان بكل ما هو قطعي مجمع عليه لا يخرجه من حظيرة الحنيفية السمحة، ولكن لا يقتدى به في تأويله، وهذا هو الموافق لقول أئمة السنة والجماعة: لا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب ولا بدعة عملية، وإن المتأول المخطئ غير كافر.
ولكن الأشاعرة جروا على طريقة متكلمي المعتزلة في بناء العقائد على النظريات العقلية، وتأويل النصوص المخالفة لها، إلا قليلاً مما خالفهم فيه أبو الحسن وغيره من كبار نظارهم كمسألة الرؤية فصاروا فرقة غير أهل الحديث المتبعين للسلف من كل وجه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/52)
لما حدثت البدع كان الأئمة يحتجون على أهلها بأنهم خالفوا السنة – أي الطريقة المتبعة – وفارقوا الجماعة والسواد الأعظم، واتبعوا غير سبيل المؤمنين، ويطبقون عليهم ما ورد في الكتاب والسنة من النصوص في وجوب الاتباع، وحظر الابتداع، والتفرق في الدين، حتى كانت حجة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله على بدعة القول بخلق القرآن أن هذا قول لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه ولا أصحابه، ولا علماء التابعين، أفلا يسعنا ما وسعهم؟ أي أن فرضنا أنه في نفسه صحيح، فكيف إذا كان رأياً باطلاً في كتاب الله عز وجل فتح باب فتنة في الإسلام فرقت أهله شيعاً يسفك بعضهم دماء بعض ويكفر بعضهم بعضاً؟
وقد قال قبله إمام دار الهجرة مالك بن أنس رضي الله عنه: أكلما جاءنا رجل ذكي فصيح برأي في دين الله زينه بخلابته اللسانية ونظرياته الفكرية نترك ما نزل به جبريل من عند الله تعالى على محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونتبعه فيه، حتى إذا جاء ذكي آخر بما ينقضه بقول أفصح منه اتبعناه فيه، وهكذا دواليك لا يسفر لنا في ديننا حال؟ ا هـ مبسوطاً بمعناه، وكان يقول: كل ما لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ديناً لا يكون بعده ديناً، فإن الله تعالى أكمل لنا الدين بنص كتابه قبل أن يقبضه إليه.
وقد قيل له: إن أناساً من أهل المدينة يقفون عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون ويدعون ساعة، فقال: لم يبلغني هذا عن أحد من أهل الفقه ببلدنا وتركه واسع، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك، ويكره إلا لمن جاء من سفر أو أراده. اهـ. ذكر هذا في المبسوط.
وإنما استثنى مالك من أراد سفراً أو قدم منه لأنه صح عن عبدالله بن عمر أنه كان يفعل ذلك أي يأتي القبر فيقول: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا برك، السلام عليك يا أبت، وينصرف كما في صحيح البخاري، ولم يرو هذا عن غيره من الصحابة، وكان عبدالله بن عمر رضي الله عنه أشدهم عناية بمثل هذا، فقد روى عنه أنه كان يتحرى في نسكه تتبع خطوات النبي صلى الله عليه وسلم ومواقفه وأمكنة طهارته، وصلاته ومنحره، وإن صح أن هذا غير مسنون، ولم يكن يفعله أبوه ولا غيره من الخلفاء الأربعة وعلماء الصحابة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال كما في صحيح مسلم وغيره: "وقفت هنا وعرفه كلها موقف". وقال مثل ذلك في المزدلفة وقال في منى: "نحرت هاهنا ومنى كلها منحر لئلا يتحرى الناس موقفه و منحره ويجعلوه مشروعاً فيزدحموا عليه، وهذا زيادة في الشرع وهي كالنقص منه.
ثم إن البدع فشت بضعف العلم والعمل بالكتاب والسنة ونصر الملوك والحكام لأهلها كما فعل بعض العباسيين في عصر دولة العلم، وتفاقم في عصور من بعدهم من دول الأعاجم، حتى صار لفظ "السنة والجماعة" لقباً مذهبياً انتحله بعض علماء الكلام المبتدع – وكادوا يحتكرونه دون متبعي السلف، وهم الحنابلة وأهل الحديث – ومن هؤلاء المتكلمين المقلدون في الفروع لأبي حنيفة ومالك والشافعي وكذا أحمد ابن حنبل وإن خالفوا أئمتهم فيما كانوا عليه من اتباع السلف، واجتناب البدع، وعدهم علم الكلام منها، فتى المتأخرين منهم يشاركون العوام في بدعهم، ويتأولونها لهم، وابتدعوا لهم قاعدة في إقرار البدع والإنكار على منكريها، وهي تقسيم البدعة إلى حسنة وسيئة! واختراع محسان لما فشا منها، ككونها من حب الأنبياء و الصالحين وتعظيمهم والتبرك بهم، وهذا عين الغلو الذي فعله أهل الكتاب وقوم نوح من قبلهم، وحذرنا الله ورسوله من فعلهم.
ومقتضى هذه القاعدة أن لكل أحد أن يبتدع في دين الله تعالى كل ما يستحسنه كما فعل أهل الملل السابقة بعد أبنيائهم، حتى إذا فشت البدع وكثر أهلها أيدها الحكام الجاهلون المستبدون إرضاء للعامة، وأيدها المعممون المقلدون إرضاء للفريقين، وأعقب ذلك إنكار الثلاثة على أنصار السنة، وتسميتهم مبتدعة مخالفين للجماعة، وهكذا انعكست القضية، وانقلبت البدعة سنة والسنة بدعة، وتحول المعروف منكراً والمنكر معروفاً، وصار أهل البدع يحتجون على دعاة الكتاب والسنة بمخالفة الجماعة، والخروج على السواد الأعظم من الأمة، وتبديعهم، وتضليلهم بدعوى أن الأكثر هم المسلمون لا سواهم، ولا يقتصروا في ذلك على البدع الإضافية العملية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/53)
كالأوراد المخالفة للمأثور في صفتها وتوقيتها، وجعلها كالشعائر في الاجتماع لها ورفع الأصوات بها، وبدعة محمل الحج، بل أدخلوا فيها البدع الوثنية بعبادة الصالحين بالدعاء وغيره، والعوام يتبعون من يدافع عنهم، ويدعي اتباع أئمتهم، وتؤيده حكوماتهم، ونبز داعي السنة بلقب المجتهد المحاول لهدم المذاهب المحتقر للأئمة، وباب الجدل واسع لا نهاية له، والعمدة في اتباع السنة والجماعة ما كان علي أهل الصدر الأول في أمر الدين – ومنهم أئمة الحديث والفقه المعروفون – ولا سيما العبادات والقربات ومنها تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم وآل بيته وأصحابه والمهتدين بهديهم من غير غلو ولا ابتداع.
الشيخ محمد بن عبدالوهاب:
لم يخل قرن من القرون التي كثرت فيها البدع من علماء ربانيين يجددون لهذه الأمة أمر دينها، بالدعوة والتعليم وحسن القدوة، وعدول ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، كما ورد في الأحاديث، ولقد كان الشيخ محمد بن عبدالوهاب النجدي من هؤلاء العدول المجددين، قام يدعو إلى تجريد التوحيد وإخلاص العبادة لله وحده، بما شرعه في كتابه وعلى لسان رسوله خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، وترك البدع والمعاصي وإقامة شعائر الإسلام المتروكة، وتعظيم حرماته المنتهكة المنهوكة، فنهدت لمناهضته واضطهاده القوى الثلاث: قوة الدولة والحكام، وقوة أنصارها من علماء النفاق، وقوة العوام الطغام، وكان أقوى سلاحهم في الرد عليه أنه خالف جمهور المسلمين.
من هؤلاء المسلمين الذين خالفهم الشيخ محمد بن عبدالوهاب في دعوته؟ هم أعراب البوادي شر من أهل الجاهلية، يعيشون بالسلب والنهب، ويستحلون قتل المسلم وغيره لأجل الكسب، ويتحاكمون إلى طواغيتهم في كل أمر، ويجحون كثيراص من أمور الإسلام المجمع عليها التي لا يسع مسلماً جهلها، ولا يقيمون ما حفظوا اسمه منها، ولكنهم قد يسمون أنفسهم مسلمين، وأهل حضر، فشت فيهم البدع الوثنية والمعاصي وأضاعوا هدي الشرع في العمل والحكم، فضاع جل ملكهم، وذهب سابق عزهم، وعرف هذا عالمهم وجاهلهم، وصرنا نسمع خطباءهم على منابر الجمعة يقولون: "لم يبق من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه، على ما في كثير من هذه الخطب من تأييد البدع والكذب على الله ورسوله، والتعاليم التي تزيد الأمة جهلاً وضعفاً وفقراً، وهم لها مقترفون، وعليها مصرون، حتى إذا ما ارتفع صوت مصلح بالأمر بالمعروف والهي عن المنكر الذي يشكون منه بالإجمال، مبيناً لهم أسبابه وسوء عاقبته بالتفصيل، هبوا لمعارضته، واستعدوا عليه الظالمين المستبدين للانتقام منه، إذا لم يجد هؤلاء الظالمون باعثاً سياسياً للإيقاع به.
ولا حج ابن جبير الأندلسي في القرن السادس ورأى ما رأى من المنركات في مصر والحجاز حكم بأن الإسلام قد ذهب من المشرق ولم يحفظ إلا في المغرب.
رسالة الشيخ أمد زيني دحلان في الرد على الوهابية:
تصدى للطعن في الشيخ محمد بن عبدالوهاب والرد عليه أفرادٌ من أهل الأمصار المختلفة، منهم رجل من أحد بيوت العلم في بغداد، قد عهدناه يفتخر بأنه من دعاة التعطيل والإلحاد (). وكان أشهر هؤلاء الطاعنين مفتي مكة المكرمة الشيخ أحمد زيني دحلان المتوفى سنة 1304 ألَّف رسالة في ذلك تدور جميع مسائلها على قطبين اثنين: قطب الكذب والافتراء على الشيخ، وقطب الجهل بتخطيئه فيما هو مصيب فيه.
أنشئت أول مطبعة في مكة المكرمة في زمن هذا الرجل فطبع رسالته وغيرها من مصنفاته فيها، وكانت توزع بمساعدة أمراء مكة ورجال الدولة على حجاج الآفاق نعم نشرها، وتناقل الناس مفترياته وبهاءته في كل قطر، وصدقها العوام وكثير من الخواص، كما اتخذ المبتدعة الحشوية والخرافيون رواياته نقوله الموضوعة والواهية والمنكرة، وتحريفاته للروايات الصحيحة، حججاً يعتمدون عليها في الرد على دعاة السنة المصلحين، وقد فنيت نسخ رسالته تلك ولم يبق منها شيء بين الأيدي، ولكن الألسن والأقلام لا تزال تتناقل كل ما فيها من غير عزو إليها، ودأب البشر العناية بنقل ما يوافق أهواءهم، فكيف إذا وافقت هوى ملوكهم وحكامهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/54)
كنا نسمع في صغرنا أخبار الوهابية المستمدة من رسالة دحلان هذا ورسائل أمثاله فنصدقها بالتبع لمشايخنا وآبائنا، ونصدق أن الدولة العثمانية هي حامية الدين ولأجله حارتهم وخضدت شوكتهم، وأنا لم أعلم حقيقة هذه الطائفة إلا بعد الهجرة إلى مصر والإطلاع على تاريخ الجبرتي وتاريخ الاستقصا في أخبار المغرب الأقصى، فعلمت منهما أنهم هم الذين كانوا على هداية الإسلام دون مقاتليهم، وأكده الاجتماع بالمطلعين على التاريخ من أهلها ولا سيما تواريخ الإفرنج الذين بحثوا عن حقيقة الأمر فعلموها وصرحوا أن هؤلاء الناس أرادوا تجديد الإسلام وإعادته إلى ما كان عليه في الصدر الأول، وإذاً لتجدد مجده، وعادت إليه قوته وحضارته، وأن الدولة العثمانية ما حاربتهم إلا خوفاً من تجديد ملك العرب، وإعادة الخلافة الإسلامية سيرتها الاولى.
على أن العلامة الشيخ عبدالباسط الفاخوري مفتي بيروت كان ألف كتاباً في تاريخ الإسلام ذكر فيه الدعوة التي دعا إليها الشيخ محمد بن عبدالوهاب وقال إنها عين ما دعا إليه النبيون والمرسلون، ولكنه قال إن الوهابيين في عهده متشددون في الدين، وقد عجبنا له كيف تجرأ على مدحهم في عهد السلطان عبدالحميد، ورأيت شيخنا الشيخ محمد عبده في مصر على رأيه في هداية سلفهم، وتشدد خلفهم، وأنه لولا ذلك لكان إصلاحهم عظيماً ورجى أن يكون عاماً، وقد ربى الملك عبدالعزيز الفيصل أيده الله غلاتهم المتشددين منذ سنتين بالسيف تربية يرجى أن تكون تمهيداً لإصلاح عظيم ().
ثم أطلعت على أكثر كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب ورسائله وفتاويه وكتب أولاده وأحفاده ورسائلهم ورسائل غيرهم من علماء نجد في عهد هذه النهضة التجديدية فرأيت أنه لم يصل إليهم اعتراض ولا طعن فيهم إلا وأجابوا عنه، فما كان كذباً عليهم قالوا: "سبحانك هذا بهتان عظيم" وما كان صحيحاً أو له أصل بينوا حقيقته وردوا عليه وقد طبعت أكثر كتبهم، وعرف الألوف من الناس أصل تلك المفتريات عنهم.
ومن المستبعد جداً أن يكون الشيخ أحمد دحلان لم يطلع على شيء من تلك الكتب والرسائل وهو في مركزه بمكة المكرمة على مقربة منهم، فإن كان قد اطلع عليها ثم أصر على ما عزاه إليهم من الكذب والبهتان – ولا سيما ما نفوه صريحاً وتبرؤا منه – فأي قيمة لنقله ولدينه وأمانته؟ وهل هو إلا ممن باعوا دينهم بدنياهم؟
ولقد نقل عنه بعض علماء الهند ما يؤيد مثل هذا فيه، فقد قال صاحب كتاب (البراهين القاطعة على ظلام الأنوار الساطعة) المطبوع بالهند: إن شيخ علماء مكة في زماننا (قريب من سنة 1303هـ) قد حكم – أي أفتى – بإيمان أبي طالب وخالف الأحاديث الصحيحة لأنه أخذ الرشوة الربابي القليلة من الرافضي البغدادي اهـ. وشيخ مكة في ذلك العهد هو الشيخ أحمد دحلان الذي توفي سنة 1304هـ، وصاحب الكتاب المذكور هو العلامة الشيخ رشيد أحمد الكتكوتي مؤلف (كتاب بذل المجهود شرح سنن أبي داود) والخبر مذكور فيه، وهو قد نسب إلى أحد تلاميذ مؤلفه الشيخ خليل أحمد والصحيح أنه هو الذي أملاه عليه، وهو كبير علماء ديوبند في عصره رحمه الله.
وإذا فرضنا أن الشيخ أحمد دحلان لم ير شيئاً من تلك الكتب والرسائل، ولم يسمع بخبر عن تلك المناظرات والدلائل، وأن كل ما كتبه في رسالته قد سمعه من الناس وصدقه، أفلم يكن من الواجب عليه أن يتثبت فيه، ويبحث ويسأل عن كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب ورسائله ويجعل رده عليها، ويقول في الأخبار اللسانية قال لنا فلان أو قيل عنه كذا، فإن صح فحكمه كذا؟
إن علماء السنة في الهند واليمن قد بلغهم كل ما قيل في هذا الرجل فبحثوا وتثبتوا وتبينوا كما أمر الله تعالى، فظهر لهم أن الطاعنين فيه مفترون لا أمانة لهم، وأثنى عليه فحولهم في عصره وبعد عصره، وعدُّوه من أئمة المصلحين المجدّدين للإسلام، ومن فقهاء الحديث كما نراه في كتبهم، ولا تتسع هذه المقدمة لنقل شيء من ذلك، وإنما هي تمهيد للتعريف بهذا الكتاب في الرد عليه.
كتاب (صيانة الإنسان ومؤلفه)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/55)
كان الشيخ محمد بشير السهسواني رحمه الله تعالى من فحول علماء الهند وكبار رجال الحديث فيهم، ومن النظار الجامعين بين العلوم الشرعية والعقلية مع العمل بالعلم والتقوى والصلاح، وهو قد اجتمع بالشيخ أحمد دحلان في مكة المكرمة، وناظره في التوحيد الذي هو أساس دعوة الوهابية وأقام عليه الحجة، ولما عاد إلى الهند ألف كتابه هذا، ولكنه طبع في عهده منسوباً إلى العلامة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن عبدالرحيم السندي كما حصل في كتاب (بذل المجهود)، والعلماء كثيراً ما يفعلون هذا في عصورهم، وهذا كتاب (نيل الأماني في الرد على النبهاني) هو من تأليف علامة العراق السيد محمود شكري الألوسي رحمه الله تعالى وعزى إلى الشيخ أبي المعالي الشافعي السلامي.
جرى الشيخ في رده على منهاج المحدّثين في التثبيت في النقل بتحرير الروايات وعزو الأحاديث والأخبار إلى مخرجيها، وبيان علل اسانيدها، وتحكيم قواعد الجرح والتعديل في رجالها، بنقل ما قاله كبار المصنفين في نقد الرجال في أشهر كتبهم، فاضطر إلى التكرار الممل فيها، ولعل سببه اتقاء تهمة كتمان بعض ما قيل في جرح المجروح منهم، كما يفعله أولو العصبيان المذهبية في محاولة تضعيف ما يخالف مذاهبهم وتقوية ما يؤيدها، وقد فضح بهذا جهل دحلان بعلم الحديث وأثبت أنه غير ثقة ولا صادق في النقل.
وجرى في تفنيد مطاعنه على طريقة الاستقلال الاجتهادي في الاستدلال وتحرير ما هو من دين الإسلام وما ليس منه، والاعتماد فيما هو سنة وما هو بدعة على نصوص الكتاب المعصوم، والسنن الصحيحة المأثورة، وما كان عليه أهل الصدر الأول من الصحابة والتابعين، وأئمة الأمصار المجتهدين، في مقابلة احتجاج دحلان بالآثار الموضوعة والمنكرة، وبأقوال لبعض علماء التقليد المعروفين الذين أجمع أئمتهم على أن أقوالهم لا يعتدُّ بها، وبنقول لا يعرف لها قائل، وبتحريف بعض النصوص الثابتة عن مواضعها، وجعلها مثبتة للبدع المحدثة المورودة بالنصوص القطعية، وسيرة السلف العملية، كحديث استسقاء عمر بالعباس رضي الله عنهما، وهو صحيح، ولكنه حجة على القبوريين لا لهم، وحديث توسل الأعمى بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهو على كونه غير صحيح يدل على توسله بدعائه صلى الله عليه وسلم في حياته لا بشخصه، وهو حجة على توسل القبوريين المخالف لأصول الدين ونصوص القرآن والسنن الصحيحة.
علم مما أجملناه أن قواعد الجهل التي بنى عليها الشيخ أحمد دحلان رده على الوهابية، وإباحة دعاء غير الله تعالى من الأنبياء والصالحين الميتين، والاستغاثة بهم وشد الرحال إلى قبورهم لدعائهم عندها وطلب قضاء الحوائج منهم – ثلاث قواعد:
(1) الروايات الباطلة وما في معناها من الحكايات والمنامات والأشعار، وهي لا قيمة لها عند أحد من علماء الملة، وإنما تروج بضاعتها في سوق العوام.
(2) الاستدلال بالنصوص على ما لا تدل عليه شرعاً كاستدلاله بالسلام على أهل القبور، وبخطاب النبي صلى الله عليه وسلم لقتلى المشركين ببدر وأمثال ذلك على حياة الموتى وجواز دعائهم ومطالبتهم بقضاء الحوائج ودفع المصائب، ووجه الجهل في هذا أنه يقيس حياة البرزخ على حياة الدنيا، وعالم الغيب على عالم الشهادة، وهو قياس باطل عند علماء أصول الشرع وعند جميع العقلاء، ويترتب عليه عقائد وأحكام تعبدية لا تثبت إلا بنص الشارع، مع كون الذي يثبتها مقلداً ليس من أهل الاجتهاد باعترافه واعتراف متبعيه في جهله هذا.
(3) قلب الحقيقة وعكس القضية فيما ورد من الترغيب في اتباع جماعة المسلمين والترهيب من مفارقة الجماعة، فالجماعة بزعمه ومقتضى جهله هم الأكثرون في العدد في كل عصر، وهذه الدعوى مخالفة لنصوص القرآن والأحاديث الصحيحة وآثار السلف والواقع ونفس الأمر في كثير من البلاد والأزمنة، وقد فند المؤلف هذه الدعوى بما أوتي من سعة الإطلاع على كتب الحديث والآثار، فبين ما ورد من الآيات والروايات فيها، وما قاله أئمة العلماء في تفسيرها، وما في معناها من فشو البدع والضلالات بعد خير القرون، وكون كل زمان يأتي شراً مما بعده، ومن بقاء طائفة على الحق في كل زمان هم الأقلون، حتى تقوم الساعة، فعلم من هذا التفصيل المؤيد بالنقل ما هو الحق في هذه المسألة المهمة التي بينا في التمهيد سبب ضلال المتأخرين فيها.
ومن فضائل هذا الكتاب ومؤلفه علو أدبه في عبارته، وتحاميه المبالغة في ذم المذموم، ومدح الممدوح، فهو لا يطري الإمام المجدد الذي يدافع عنه، ولا يهجو المتجرم الذي يرد عليه هجواً شعرياً يدخل في مفهوم السباب المذموم وإن كان جزاء وفاقاً، ومقابلة للسيئة بمثلها، فتراه يقول في كل فرية من مفترياته على الشيخ نفسه أو نقوله غير المسندة: هذا قول لم تصح به رواية، فليأتنا بروايته وما قيل في تعديل رواتها لنجيب عنها.
وجملة ما يقال في هذا الكتاب أنه ليس رداً على الشيخ دحلان وحده، ولا على من احتج بما نقله عنهم من الفقهاء مما لا حجة فيه كالشيخ تقي الدين السبكي والشيخ أحمد بن حجر الهيثمي المكي، بل هو رد على جميع القبوريين والمبتدعين حتى الذين جاءوا بعده إلى زماننا هذا.
ومما ينتقد على كتاب (صيانة الإنسان) هذا من ناحية صناعة التصنيف أنه لم يجعله أبواباً مقسمة، ولا فصولاً مفصلة، ذات عناوين تسهّل المراجعة، وقد تلافينا هذا في طبعتنا هذه فجعلنا لكل صفحة عنواناً في أعلاها لأهم ما فيها، وأحصينا في الفهرس جميع المسائل المهمة فيها، فبهذا سهل سبيل المراجعة لها كلها.
وقد طبع من نسخة الطبعة الهندية الأولى، وهي طبعة حجرية كثيرة الغلط والتحريف، فمنه ما هو معروف بالبداهة، ومنه ما هو منقول عن كتب موجودة راجعناها عند التصحيح، ومنه ما وضعنا له حواشي بينا رأيه فيه، وما عدا هذا قليل يمكن فهم المراد منه بالقرينة غالباً، ونسأل الله تعالى أن يثبتنا على ما أنفقناه من وقت طويل في العناية بهذا الكتاب المفيد، والحمد لله على ما من به من التوفيق.
وكتب في صفر سنة 1352
محمد رشيد رضا
منشئ مجلة المنار الإسلامية بمصر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/56)
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[03 - 10 - 03, 04:12 م]ـ
ترجمة المؤلف
معربة من كتاب (الياقوت والمرجان، في ذكر علماء سهسوان)
للعلامة محمد عبدالباقي السهسواني
هو العلامة المحدّث النحرير مولانا الشيخ محمد بشير الفاروقي، ابن الحكيم محمد بدر الدين، بقية السلف الصالحين في الفضائل والكمالات، وأعظم مفخرة في العلم والحكمة، كان من المجددين للدين، وأد المحققين المتأخرين، بلغ درجة الاجتهاد المطلق في عصره، ولد في أواسط القرن الثالث عشر الهجري، وتوفي أبوه وهو ابن تسع سنين، وكان له أخوان أكبر منه وثالث أصغر.
قضى زمن طفولته في لكنو، وبدأ فيها تعلمه بالقراءة على الشيخ محمد واجد علي، وعلى بعض أفاضل فرنجي محل، قرأ فنون المعقولات والمنقولات المتداولة، ثم ذهب إلى دهلي لتكميل علوم التفسير والحديث والفقه والأصول، فقرأ على السيد أمير حسن بعض الكتب الدينية، وأخذ عن مولانا سيد حسين كتب الصحيح والسنن الستة وغيرها سماعاً وقراءة، واستجاز من الشيخ حسين بن محسن الأنصاري اليمني والشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى النجدي نزيل مكة، والشيخ محمد السهارنبوري المهاجر بمكة.
وبعد فراغه من الطلب استغل أولاً بتدريس العلوم العقلية من المنطق والفلسفة، ثم حصل له انهماك كثير من الفقه والأصول والأدب، وكان يفتي في الفقه موافقاً لمذهب الحنفية، ثم صاحب السيد أمير حسن فغلب عليه ذوق التحقيق في الدينيات، وتقدم في تحقيق اتباع القرآن والحديث، ومن ذلك حين رجع في تحقيق جميع المسائل الجزئية والفرعية إلى الكتاب والسنة، وشرع في العمل بالحديث على طريقة المجتهدين، وصار يفتي بوجوب ترك الآراء والتقليد الشخصي، وكل مسألة وقع فيها اختلاف بين الأئمة الأربعة كان يرجع فيها مسلك المحدثين بأقوال السلف وآثار الصحابة، وكان يستدل لكل مطلب بالحجج القوية، ويستنبط شواهده من الكتاب والسنة.
وكان رحمه الله وحيد عصره في سعة المعلومات والإطلاع على مذاهب السلف، يصرف أكثر أوقاته في التدريس والتصنيف والوعظ والإرشاد، ثم صار مدرساً للغة الفارسية والعربية في كلية سنت جونس بمدينة آكره، وزيادة على هذا كان يدرس للطلبة الذين يجيئون إلى داره فنون المعقول والمنقول، فقرأ عليه الحكيم مبارك علي والحكيم معصوم على كتاب (الأفق المبين) واشترك في هذا الدرس السيد أمير أحمد السهسواني.
وقد خرج حاجاً من آكره ولما رجع من الحج – أي بلا زيارة لقبر الرسول صلى الله عليه وسلم فاعترضوا عليه – صنف كتب (القول المحقق المحكم، في حكم زيارة قبر الحبيب الأكرم)، فرد عليه الشيخ عبدالحي اللكنوي بكتاب أسماه (الكلام المبرور) فرد عليه الشيخ بكتابه (القول المنصور)، فكتب جوابه الشيخ عبدالحي اللكنوي (المذهب المأثور)، فكتب الشيخ جوابه وجمع فيه جميع الاعتراضات على هذه المسألة من قديم وحديث وأجاب عنها كلها بجواب جامع سماه (إتمام الحجة، على من أوجب الزيارة كالحجة)، والمعارضون له وإن كانوا قد كتبوا في جوابه لم يلتفت أهل التحقيق إلى جوابهم، ومع ذلك فقد كتب الشيخ جواباً على ذلك لكنه لم يطبع، وكان ابتداء هذا البحث من السيد إمداد على الذي كان من أكابر تلاميذ الشيخ بشير الدين القنوجي، لكن الشيخ إمداد على لما أحس بضعفه عن مقابلة الشيخ بشير دعا الشيخ عبدالحي لهذا الميدان وفوض إليه الأمر، وأعطاه جميع ما كتب، وإمداد على هذا كان نائب مدير المقاطعة، وكان الشيخ بشير المترجم مع ذلك كلما ذهب إلى لكنو نزل ضيفاً على الشيخ عبدالحي، فيستقبله بالاحترام والبشاشة، ويمسكه في ضيافته أياماً كثيرة أزيد مما يريد الشيخ، ويجلس في درس وعظه مستمعاً مع الأدب والتوقير للشيخ، وفي أيام مقامه بآكره حصل للشيخ أمير أحمد السهسواني مع الشيخ بشير اختلاف في بعض المسائل الفرعية، وكان الشيخ أمير أحمد يدفع فيها بلين والشيخ بشير يخالفه بالشدة، ثم انتهى الأمر إلى الاعتراف بالحق والمصالحة بينهما.
كان الشيخ بشير على جانب عظيم من الورع والتقوى والعبادة وقيام الليل، وكان يغلب عليه في وعظه رقة القلب والخشية حتى تدمع عيناه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/57)
وفي 5 المحرم سنة 1295 استدعاه النواب صديق حسن خان بهادر من (آكره) إلى (بهوبال) وفوض إليه رياسة المدارس الدينية في إمارة بهوبال، فكان يتبرع لتدريس التفسير والحديث، وكان يجيب عن المسائل ويكتب الفتاوى بطريق الاجتهاد، وفي كل جمعة يجلس لدرس الوعظ في جامع القاضي ويصرح برأيه ولو خالف الحكومة بلا مبالاة، ويقيم حجته على المخالفين تقريراً وتحريراً مع التواضع وحسن الخلق.
وكان يخالط أحبابه بلا تكلف ولا احتشام، وكان ديدنه إكرام الضيوف وإمداد الغرباء بلا رياء ولا عجب ولا سمعة، وكان نصب عينيه اتباع آداب الكتاب والسنة، حتى كان يثقل على طبعه ترك المستحبات، وقد أقر له أهل الهند كافة بقوة الاجتهاد والفضيلة العملية واعترفوا له بها.
تناظر الشيخ أحمد دحلان مفتي مكة في زمانه ()، و الشيخ بشير في مسألة التوحيد، فكتب الشيخ رداً عليه كتابه المسمى (صيانة الإنسان، عن وسوسة الشيخ دحلان)، واشتهر الكتاب وطبعه علماء نجد ولم يرد عليه أحد من المخالفين.
ولما حصل النزاع بين النوّاب صديق حسن خان والشيخ عبدالحي اللكنوي وكتبت كتب من الطرفين وقع في نفس الشيخ عبدالحي أن بعض رسائل الرد من تصنيف الشيخ، وصرح بذلك في كتابه (إبراز الغي)، فسعى الشيخ لدفع هذا الوهم عن فكر الشيخ عبدالحي وتصالحا بعد هذا.
ولما توفي النواب رحمه الله في جمادى الأولى سنة 1307هـ أراد الشيخ مفارقة بهوبال ولكن بيكم بهوبال () تعلقت به وعطفت عليه واستبقته، فكان يذهب في كل يوم اثنين من الأسبوع إلى تاج محل (قصر الأميرة بيكم) فيجلس للوعظ، ويجتمع عليه النساء المتصلات ببيكم لسماع وعظه وطلب الدعوات الصالحة منه، وكان يتكلم في وعظه هذا بالترغيب والترهيب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بلا مداهنة ولا مبالاة، حتى توفيت بيكم رحمها الله في سنة 1319، ولما جلست بعدها على عرش ولايتها بنتها سلطان جيهان بيكم وأخذت في نشر العلوم العصرية والفنون الأوربية وتقليل شأن العلوم الدينية وا لقائمين بها ارتحل الشيخ عن بهوبال إلى دهلي بعد ما أقام فيها خمساً وعشرين سنة.
وكان الشيخ قد دعي لمنظرة مرزا غلام أحمد القادياني في دهلي فجاءها بأمر حكومة بهوبال، فأقبل عليه أهل العلم والدين والتجار وغيرهم ممن لهم تعلق بالشيخ نذير حسين كبير علمائها ورغبوا إليه أن يقيم بدهلي بسبب ضعف الشيخ نذير حسين وكبر سنه للقيام مقامه، ولكن لما كانت حكومة بهوبال لا تزال تعظم الشيخ وتسند إليه رياسة الأمور الدينية لم يستطع إجابتهم إلى رغبتهم حينئذ، فلما تغيرت الأحوال في بهوبال استأنفوا الطلب فأجابهم إلى ذلك، وتحول إليهم، ثم جلس في مقام شيخه يدرس ويفتي ويعظ.
وكان مرزا غلام أحمد ادعى أنه المهدي المنتظر، ثم ترقى عن دعوى المهدوية لنفسه إلى دعوى المسحية، وتحول عن اشتغاله بمناظرة المسيحيين وأرياسماج من الهندوس إلى مناظرة علماء المسلمين، وكان لا يناظر إلا بالقرآن معرضاً عن الأحاديث وأقوال الصحابة، واشتهر أمره حتى صرح بطلب المناظرة، حينئذ أمرت بيكم بهوبال الشيخ محمد بشير أن يتوجه إلى دهلي لمناظرة المرزا، ولما لم يرض مرزا بالمناظرة الشفوية تناظرا كتابة وهما في دهلي وكل منهما في محله.
كان مرزا يصرّح بموت المسيح مستدلاً بقوله تعالى: ?إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ?. فعارضه الشيخ مثبتاً حياة المسيح بقوله تعالى: ?وَإِن مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ?. ثم أخذ مرزا على عادته يجادل بالتأويلات، وينتقد القواعد النحوية والصرفية ليستدل على أن الآية لا تثبت حياة المسيح، فرد عليه الشيخ بأجوبة لم يستطع ردها، فانقطع عن المناظرة معتذراً بأن أحد أقاربه بقاديان مريض، وأنه سيسافر لعيادته. وجميع المكاتبات التي دارت في هذه المناظرة حتى انقطع المرزا مدونة في كتاب (الحق الصريح، في إثبات حياة المسيح) وهو مطبوع، وكانت تلك المناظرة في سنة 1312هـ.
وفي مدة إقامته في دهلي كتب رسالة سماها (القول المحمود، في رد السود) (). وكان أصل تلك المسألة من الشيخ نذير أحمد الدهلوي.
ومن مفردات الشيخ أنه كان يجيز الأضحية إلى آخر ذي الحجة، وخالفه أهل العلم في ذلك، فجمع كتاباً استدل فيه على رأيه بأقوال أهل العلم، فجاء كتاباً ضخماً ولكنه لم يطبع.
وصنف كتاباً مبسوطاً في مسألة القراءة خلف الإمام سماه (البرهان العجاب، في مسألة فرضية أم الكتاب) طبع بعد وفاته.
وله غير ذلك رسائل دينية منسوبة إلى بعض تلاميذه.
وكانت عادة الشيخ مدة مقامه في دهلي أن يعقد مجالس للتدريس في جميع العلوم، ومن ذلك ساعتان بعد صلاة الصبح لتفسير القرآن بالحديث، وكان الناس يحضرون من أماكن بعيدة لاستماع هذا الدرس بشوق عظيم.
توفي رحمه الله في دهلي سنة 1326هـ، وكان عمره حينئذ أربعاً وسبعين سنة (إنا لله وإنا إليه راجعون) طيب الله ثراه، وجعل الجنة مثواه، وقد جمع الشيخ (نظر أحمد) تاريخ وفاته بحسب الجمل الحرفية فكانت (قد دخل الجنة بلا حساب) والشيخ إعجاز أحمد قد أخرج من لفظ (مغفور) تاريخ وافته، وأنشد في ذلك قصيدة عربية فصيحة بليغة لا بأس بإيراد شيء منها قال:
خطب أباد نفوسنا لكبيرُ
أما الهدى فتضعضعت أركانه
شمس الضحى أفلت وغاب شروقها
وكذا الزمان على النفوس يجور
والدين أسقمه ضنىً وفتور
فإذا النهار كليلنا ديجور
وقال بعد هذا ولله دره:
تبكي عليه مساجد ومنابر
قد كان مجتهداً مصيباً ناسكا
متخاشعاً لله منقاداً له
نقاد إسناد الحديث متنه
لما سألت القلب عام وفاته
ولأهل علم رنة وزفير
يحمي الشرائع سعيه المشكور
متلألئاً من وجهه التنوير
كشاف أسرار الكتاب بصير
فأجابني تاريخه (مغفور)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/58)
ـ[المضري]ــــــــ[04 - 10 - 03, 03:41 ص]ـ
الله يعزك شيخنا عبدالرحمن ,, في الوقت المناسب رفع الله قدرك!
لايوجد موقع رافضي ييثير الشبه على أهل السنة إلا ويضع على واجهته الرئيسية كتاب دحلان هذا .. إلى درجة ان الشيعة في المنتديات يعرفون عنه وعن كتابه مالانعرفه!
فالحمدلله الذي وفقكم لنشر هذا الكتاب المهم جدا.
وليتكم ياشيخ تكملون معروفكم بنشر كتاب الصارم المنكي للحافظ إبن عبدالهادي وتكملته الكشف المبدي للعلامة سليمان الفقيه.
ـ[ابوعمر]ــــــــ[04 - 10 - 03, 06:16 ص]ـ
جزاك الله خيراً شيخنا عبدالرحمن وكتب الله أجرك ورفع قدرك وجعل ذلك في موازين حسناتك ........
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[04 - 10 - 03, 12:16 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
نسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى
أما تكملة الصارم المنكي فاقتراح موفق جدا، نسأل الله التوفيق لنشره.
وسفو يكون كتاب صيانة الإنسان على ملف قريبا بإذن الله
وكذلك الصارم المنكي لابن عبدالهادي رحمه الله.
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[04 - 10 - 03, 12:30 م]ـ
صيانة الإنسان
عن وسوسة الشيخ دحلان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي تعالى عن الشريك والمثل والكفؤ والنديد، والحمد لله الذي لا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه، وهو فعال لما يريد، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كلمة خلقت لأجلها الجن والإنس من إماء وعبيد، ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله المبعوث بالملة الحنيفية القيمة وخالص التوحيد، اللهم فصلِّ وسلم على سيدنا محمد قاطع ذرائع الكفر وحبائل التقليد، وعلى آله وصحبه الآخذين بسنته والمقتدين بأمره في المدن والقرى والبيد، وعلى العدول الحاملين لهذا العلم النافين عنه تحريف كل غالٍ عنيد، وانتحال كل مبطل مريد، وتأويل كل جاهل ضديد (1).
أما بعد فإن وقفت على الرسالة التي جمعها الشيخ أحمد بن زيني دحلان، أنقذه الله من دحلان الخذلان، وسماها (الدرر السنية، في الرد على الوهابية) ورأيت مؤلفها يدَّعي في ديباجة رسالته الباطلة الساقطة الدنية الردية، أنه جمع فيها ما تمسك به أهل السنة في زيارة النبي صلى الله عليه وسلم والتوسل به من الدلائل والحجج القوية، من الآيات والأحاديث النبوية، فتعجبت منه التعجب الصراح، كيف وليس في الباب حديث واحد حسن فضلاً عن الصحاح، فتأملت فيها تأمل الناقد البصير، لكي أعلم أنه هل صدق في تلك الدعوى أم كذب كذب المجادل الضرير، فوجدت دعواها عارية من لباس الصدق والحق المبين، محلاة بحلية الزور والكذب والباطل المهين،
فإنه ليس فيها من الأحاديث إلا ما أورده التقي السبكي (في شفاء الأسقام) (2)
وهي دائرة بين الاحتمالات الثلاثة السقام:
(1) إما موضوعة عملتها أيدي الوضاع اللئام،
(2) أو ضعاف واهية رواها من وسم بمثل كثرة الغلط والخطأ والأوهام،
(3) أو شيء يسير من الصحيح والحسن في زعمه قاصر عن إفادة المرام،
كما بين ذلك كله الإمام أبو عبدالله محمد بن أحمد بن عبدالهادي في (الصارم المنكى)،
وليس فيها من الآيات والأحاديث الصحيح والحسان ما يدل على المطلوب المحكي، وكان حقاً على المؤلف تعاطي واحدا مما يذكر، لئلا يعد كلامه مما يهجر وينكر:
(1) إما إيراده لأحاديث صحيحة أو حسن دالة على المطلوب غير ما أورده في الشفاء (3)،
(2) أو الإجابة عما تكلم به عليها صاحب الصارم وغيره من الأئمة الأذكياء.
وإذ لم يفعل هذا ولا ذاك فليس لها فائدة!!!!، ولا يؤول هذا الطول إلى منفعة وعائدة!!!.
ومن عجائب صنيعه أن المؤلف مع زعمه أنه من جملة المقلدين، يستدل بالأدلة الشرعية وهو منصب المجتهدين،
فعنَّ لي أن أنبه على ما وقع فيه من مساوئ المفاهيم وزخارف الأقوال، وأراجيف الاستدلال، لئلا يغتر بها من يقف عليها ممن لا خبرة له بحقائق علم السنة من المتون والرجال، فالله أستعين وأقول، وبه أحول وبه أصول.
الحواشي
(1) مبالغة من الضد.
(2) سماه في (الصارم) شفاء السقام، وذكر في هذا الكتاب بالاسمين، فتركناه على أصله في كل موضع فليعلم.
(3) يعني شفاء الأسقام الذي مر ذكره آنفاً.
ـ[ابن عبد الوهاب السالمى]ــــــــ[07 - 10 - 03, 07:58 ص]ـ
بارك الله فيك شيخنا الجليل
دائما تتحفنا بدرر التي يصعب منالها وخاصة علي الشبكة
نحن في شوق للكتابين جزاك الله خيرا
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[24 - 10 - 03, 01:21 ص]ـ
حمّل صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان للعلامة السهسواني ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=13610)
ـ[سيف الله]ــــــــ[24 - 10 - 03, 11:05 ص]ـ
الأخ عبد الرحمن الفقيه زاده الله فقها في الدين لي سنة كاملة أبحث عن هذا الكتاب في جميع المكتبات لحاجتي الماسة لاستكمال القراءة في موضوع الكتاب دون جدوى حتى يأست تماما من الحصول عليه. ولم يمر على وجودي في هذا المنتدى سوى أقل من شهر حتى وجدته ينشر في حلقات وأيش كمان بالمجان ودون مشقة فجزاك الله عن المسلمين خيرا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/59)
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[24 - 10 - 03, 01:31 م]ـ
.
ولكنه طبع في عهده منسوباً إلى العلامة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن عبدالرحيم السندي كما حصل في كتاب (بذل المجهود)، والعلماء كثيراً ما يفعلون هذا في عصورهم، وهذا كتاب (نيل الأماني في الرد على النبهاني) هو من تأليف علامة العراق السيد محمود شكري الألوسي رحمه الله تعالى وعزى إلى الشيخ أبي المعالي الشافعي السلامي
يا ترى ما هو السبب، هل خطأ أم عمدا لسبب لا يعلن عنه؟؟؟؟(26/60)
هل سوء التربية عذر في كفر من سب الله ورسوله؟
ـ[الرايه]ــــــــ[06 - 10 - 03, 02:14 ص]ـ
هل سوء التربية عذر في كفر من سب الله ورسوله؟
الجواب:
أن سب الله ورسوله من نواقض الإسلام البينة، لأنه استهانة بالله ورسوله، وذلك يناقض ما تقتضيه الشهادتان من التعظيم لله ورسوله.
وسوء التربية ليس عذراً للمكلف في ترك واجب، ولا فعل محرم من سائر المحرمات فضلا عما هو من أنواع الكفر بالله.
ولو صح أن سوء التربية عذر في شيء من ذلك لكان أولاد اليهود والنصارى وغيرهم معذورين في تهويدهم وتنصرهم، وهذا لايقوله مسلم، ومن قال ذلك فهو كافر يًعَرَّف ويستتاب، فان وجب قتله مرتداً.
.
وفي الصحيحين عن أبى هريرة انه كان يقول: قال رسول الله (ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه، وينصرانه، ويمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء؟) ثم يقول أبو هريرة: واقرؤا أن شئتم (فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله)
وقال تعالى (بل قالوا انا وجدنا آبائنا على أمة وانا على آثارهم مهتدون)
هذا وأسال الله أن يثبت قلوبنا على دينه، وان يحبب إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا، ويكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، ويجعلنا من الراشدين، انه سميع الدعاء،
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
**************************************
فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك
من رسالته (جواب في الايمان ونواقضه)
ـ[مركز السنة النبوية]ــــــــ[06 - 10 - 03, 07:59 ص]ـ
هذا هو الحقُّ والحقيقةُ والتحقيقُ ..
اللهم رحماك: لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين ...
ـ[الرايه]ــــــــ[07 - 10 - 03, 02:27 ص]ـ
بارك الله فيك وشكرا لك اخي الكريم /مركز السنة النبوية
ـ[مركز السنة النبوية]ــــــــ[07 - 10 - 03, 05:56 ص]ـ
هداك الله تعالى أخي ......
وجه هذا السؤال إلى (فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك) وهو حي يرزق، وسوف تجد عنده الإجابة الوافية ..
وحبذا لو أفدتنا بإجابته!
ـ[أبو حازم المسالم]ــــــــ[07 - 10 - 03, 07:38 ص]ـ
علي الحلبي قالت فيه هيئة كبار العلماء و غيرهم أنه على مذهب المرجئة، لا سيما بعدما أصر و عاند.
و قول الألباني مثبت في شريطه ((الكفر كفران)) و هي زلة منه رحمه الله.
ـ[الرايه]ــــــــ[07 - 10 - 03, 08:28 ص]ـ
جميع الاخوة الكرام الفضلاء الذين علقوا على الموضع
الشكر موصول لكم جميعاً
وحبذا النقاش بالادلة وترك الكلام على أي شخص
وجزاكم الله خيراً(26/61)
سؤالان في التوحيد مهمان ..
ـ[أم البراء]ــــــــ[09 - 10 - 03, 06:09 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
س1/ يتردد على ماسمعنا من بعض أهل العلم:
(إن الله لن يسألك لمَ لم تكفّري فلان .. ولكن سيسألك لمَ كفّرتِ فلان)
ما صحّة هذه العبارة؟
ثم إذا كانت صحيحة .. هل أنا غير ملزمة بتكفير المشركين واليهود والنصارى بأعيانهم بل يكفي العموم؟؟؟؟؟
س2/ قال بعضهم (لأن أدخل ألف رجل في الإسلام من الكفّار، أسلم لي من أن أخرج مسلم واحد إلى الكفر)
القول منسوب لابن فورك أبو بكر محمد بن الحسن الأنصاري.
ما موقع هذه العبارة من الولاء والبراء ونواقض الإسلام؟
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[09 - 10 - 03, 07:00 م]ـ
الأخت المكرمة ..
هناك كافر أصلي وهو من ولد ونشأ في الكفر ولم يثبت له الإٍسلام،
مثل البوذي واليهودي والنصراني ..
وهناك الكافر الطارئ (غير الأصلي) وهو الذي ثبت له الإسلام بطريق
معتبر ثم طرأ عليه ما يستدعي إطلاق الكفر عليه ...
فمن ثبت له الكفر الأصلي فالمسلم مطالب أن يعتقد كفره لأنه مثبت
في القرآن، والمسلم مطالب بالإيمان بما أثبته القرآن، وهذا ينطبق
على التكفير النوعي والعيني، فكفر اليهود والنصارى لا خلاف أنه
كفر مخرج من الملة الحنيفية الإسلامية الحقة ..
والتكفير العيني أن نعتقد كل من انطبقت عليه صفات الكفر الأصلي
مثل من استعلن بعقيدة اليهود والنصارى والبوذيين فإننا يجب أن
نطلق عليه لفظ كافر دون مواربة أو حياء.
أما الكافر كفرا طارئا فهو من ثبت له الإسلام بيقين فإننا لا نخرجه
إلا بيقين، فمن كان عنده دليل يفيداليقين في الثبوت والدلالة كفر من ثبت
له الإسلام بطريق يفيد اليقين في الثبوت والدلالة جاز له تكفير العين
في الكفر الطارئ، أما الكفر النوعي في الكفر الطارئ فلا خلاف في
وجوب اعتقاد أنه كفر إذا أجمع العلماء على أنه كفر مثل الاستهانة
بالمصحف أو سب الله أو الرسول صلى الله عليه وسلم أو سب كل الصحابة
ونحو ذلك مما هو مجمع على أنه كفر ...
ولو رأينا من تلبس بمثل هذا الكفر المجمع عليه وثبت لنا أنه فعله
دون إكراه جاز لنا إطلاق لفظ الكفر عليه عينا، ولكن إلزام الغير
ممن لم ير فعله ولم يتأكد له ثبوت الكفر الطارئ له لا يجوز، بل
يحتاج إلى وظيفة قضائية تشفع للحكم الشخصي حتى يصبح الحكم عاما
لازما ...
وفي حكم الوظيفة القضائية (عندي) تمالؤ علماء الأمة على تكفير
معين أو تواتر ذلك عنهم من غير نكير من أحد، فهذا يعطى صفة الحكم
القضائي فيلزم المسلمين الأخذ به واعتباره .. والله أعلم.
ـ[أم البراء]ــــــــ[11 - 10 - 03, 03:25 ص]ـ
الشيخ الفاضل ..
جزاكم الله خيرا ..
ولي بعض التساؤلات حول جوابكم ..
قلتم: (أما الكفر النوعي في الكفر الطارئ فلا خلاف في
وجوب اعتقاد أنه كفر إذا أجمع العلماء على أنه كفر)
ومن خالف .. وقال: لست ملزم بتكفير العين .. ويكفي النوع؟
وأيضا قلتم: (ولو رأينا من تلبس بمثل هذا الكفر المجمع عليه وثبت لنا أنه فعله دون إكراه جاز لنا إطلاق لفظ الكفر عليه عينا)
ما ضوابط الإكراه؟
ـ[المرابط]ــــــــ[11 - 10 - 03, 01:48 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ,,,, فمشاركة مني للفائده في هدا الموضوع المهم الدي دكرته الاخت الفاضله أم البراء جزاه الله خيرا, وكل من شارك في هدا المنتدى المبار ك اسأل الله ان يبارك فيه وفي علمه وعمله واهله , واما بالنسبة للسؤالين فالجواب أن يقال: ان المسلم مطلوب منه ان يكفر الكفار ولا يشك في كفرهم , وقد دكر المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله ان من نواقص التوحيد الشك في كفر الكفار او عدم تكفيرهم , لان هدا من التصديق للكتاب والسنه ومن الايمان بهما ,,والمقصود ان تعتقد تكفيرهم عموما وليس مطلوب منك ان تكفر كل شخص منهم على حده وتعدد الكفار باسمائهم فهدا لاتكلف به , ولكن لك ان تكفر منهم من ترا بعينه مادام انه من الكفار كاليهود والنصارى , أو مثلا من كفر لديك بيقين بحيث تحققت فيه الشروط وانتفت عنه الموانع,,,,,, واما الشق الثاني وهو قولهم ان الله سيسألك لم كفرت فلان ,,,, فهدا صحيح لان العبد سيسأل عن كل صغيرة وكبيره ومنها التكفير لكونه حكما شرعيا وقد تكون أخطأت فيه وجانبت الصواب وحينئد تقع في مزلق خطير .................................................. .................. وهدا لايتعارض مع الدي قبله فتامل .... وأما قولك: هل انا غير ملزمه بتكفير الكفار كاليود والنصار باعيانهم,,, فالجواب::: أن يقال يجب عليك ان تعتقدي كفر كل من ثبت كفره بالكتاب والسنه وتحققت فيه الشروط وانتفت عنه الموانع كما تقدم آنفا , كاليهود والنصارى مثلا فيجب الاعتقاد بكفرهم , وكل من ثبت انه منهم فيجب عليك ان تعتقدي كفره , ولكن لايقال انت ملزمه ان تكفريهم باعيانهم فتحصينهم ثم تبدأين بتكفيرهم , فهدا غير صحيح ..... فالجواب باختصار هو انك ملزمه وواجب عليك تكفيرهم بالعموم لا باعيانهم لان هدا من تكليف ملايطاق وفوق استطاعة العبد ,,,, والله تعالى اعلم ............................... أما الجواب عن السؤال الثاني أن يقال ((((أن ادخال الكافر الاسلام يكون بالشهادتين اولا , فادا ثبت هدا للمسلم صح منه ادخال الكافر الاسلام واطلاق لفظ المسلم عليه وهدا واضح جلي لايخفى على احد , فان كانت العباره يقصد منها هدا المعنى فهدا لاشي فيه بل واجب على المسلم ,,, اما ان كان يقصد منها الشك في كفر من ثبت كفره وعدم تكفير الكفار فهدا لاشك انه كما تقدم من نواقض الاسلام ,,, ولاشك انها ان حملت على المعنى الاول تكون اهون بكثير من تكفير مسلم , ولدالك العلماء تكلموا وشددوا على قضية تكفير المسلم اكثر من ادخال الكافر الاسلام , والناظر في الايات والاحاديث يجد الترهيب من تكفير المسلم عظيم وامره خطير ,,,, ولا اريد ان اطيل اكثر من هدا فلعل الله ان يجعل فيما كتبت الفائده والبركه انه جواد كريم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين(26/62)
أحمد بن حجر آل بوطامي
ـ[مهداوي]ــــــــ[09 - 10 - 03, 11:18 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
الإخوة الكرام، هل يفيدني أحدكم وخاصة إخواننا في قطر أو مصر بترجمة للشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي، صاحب كتابي:
* "العقائد السلفية بأدلتها النقلية والعقلية"
* "الشيخ محمد بن عبد الوهاب: عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه "
وجزاكم الله كل خير
ـ[مهداوي]ــــــــ[13 - 10 - 03, 08:24 م]ـ
اسمحوا لي أيها الإخوة أن أجدد الطلب لا بقصد الإلحاح، وإنما حتى لا يضيع هذا الموضوع .. فعسى أن يقرأه أخ عنده جواب.
جزاكم الله خيرا
ـ[الذهبي]ــــــــ[14 - 10 - 03, 05:09 ص]ـ
يقوم أحد طلاب العلم بالمدينة النبوية بتحضير رسالة دكتوراة حول الشيح أحمد بن حجر آل بوطامي - رحمه الله تعالى -.
والشيخ توفي منذ عام تقريبًا، وكنت ممن حملت نعشه إلى مقبرة أبو هامور بدولة قطر.
وكان الشيخ رحمه الله تعالى يعد في طبقة العلامة ابن باز في العلم، ولكنه لم يأخذ حقه في الشهرة.
وكان رئيسًا للمحاكم الشرعية بقطر، وكان معتنيًا تمام الاعتناء بتطبيق الأحكام الشرعية.
ـ[مهداوي]ــــــــ[14 - 10 - 03, 07:43 م]ـ
أخي الذهبي، جزاك الله كل خير
اقتنيت كتابا له بعنوان "العقائد السلفية بأدلتها النقلية والعقلية" وقد وقع في يدي صدفة، وأعجبني الشيخ بأسلوبه في عرض مسائل العقيدة وسرد الشبهات التي اعترضته أو ألقيت عليه ودحضها بأسلوب علمي رزين. وعجبت أن هذا الشيخ الكريم (رحمه الله وغفر له) غير معروف، وقتلني حب الاستطلاع إلى البحث عمن يترجم لي هذا الشيخ، وها قد يسر الله لي من يعرفه معرفة شخصية .. أرجو منك يا أخي أن تتحفني بمزيد من أخباره رحمه الله برسالة خاصة أو على بريدي:
mahdawi1@hotmail.com
بارك الله فيكم
ـ[الذهبي]ــــــــ[14 - 10 - 03, 11:07 م]ـ
إن شاء الله تعالى سوف ألبي لك طلبك أخي الكريم، ولكن أرجو أن تمهلني بعض الوقت.
ولكن لا بأس أن أذكر لك هذه المنقبة عن الشيخ - رحمه الله تعالى -، فقد حدثني أحد أحفاده أن الشيخ لما كان قاضيًا شرعيًا حكم على شخص ما بتطبيق حدًا شرعيًا عليه بسبب اقترافه ذنبًا يستوجب عليه هذا الحد، فتدخل أحد الأشخاص لكي يبطل تطبيق هذا الحد على الجاني، فاعتصم الشيخ في البيت وأبي أن يخرج من بيته إلا أن يقام الحد الشرعي على الجاني، وبالفعل تم ما أراده الشيخ من تطبيق حكم الله تعالى على الجاني.
قال لي حفيده: وكانت هذه الواقعة في الصيف، إلا أنه لما أقيم الحد على الجاني أمطرت السماء. والله أعلم.
ـ[خالد الشايع]ــــــــ[15 - 10 - 03, 06:53 م]ـ
لقد وفقت في رؤية الشيخ قبل وفاته بقرابة خمس
سنوات، وزرته في منزله فرأيت شيخا وقورا ذا خلق عظيم، ومما
أعجبني في الشيخ شدة تواضعه حتى أني أذكر أني عرضت عليه قرابة
ست أسئلة وكان الجواب عليها أن يسألني عن رأي الشيخ ابن باز ثم
يقول أنا على هذا القول، ثم قال نحن نسير على خطا ذلك الشيخ،
وقال عجبا لكم تسألونني وعندكم الشيخ ابن باز رحم الله الجميع رحمة
واسعة
ـ[مهداوي]ــــــــ[15 - 10 - 03, 07:13 م]ـ
جزاكما الله خيرا شيخي الكريمين وأجزل لكما العطاء
ـ[ابو عمر المدني]ــــــــ[15 - 10 - 03, 07:18 م]ـ
الشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي كان أشعري المعتقد ولكن الله هداه إلى عقيدة السلف واصبح كأحد أبنائها الذين نشؤ عليها وله مولفات عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- والإعتقاد.
ـ[الذهبي]ــــــــ[16 - 10 - 03, 07:30 ص]ـ
الأخ: أبا عمر المدني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما هو دليلك على أن الشيخ - رحمه الله تعالى - كان أشعريًا ثم التزم منهج السلف؟
فالمشهور عن الشيخ أنه كان سلفيًا منذ نشأته إلى أن توفي رحمة الله عليه.
وأنا في انتظار إجابتك.
ـ[مهداوي]ــــــــ[16 - 10 - 03, 07:28 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما هو موطن الشيخ الأصلي وأين نشأ؟
كيف كانت بداياته في طلب العلم وعلى يد من تتلمذ؟
ما هي سيرته المهنية؟
يمكن أن يكون في الإجابة على هذه الأسئلة إجابة على سؤال شيخنا الذهبي.
ـ[ابو عمر المدني]ــــــــ[17 - 10 - 03, 02:50 ص]ـ
أخي الفاضل الذهبي.
الدليل على أن الشيخ أحمد بن حجر كان أشعرياً هو شريط سمعته للشيخ/ محمد بن سعيد القحطاني- حفظه الله - رئيس قسم العقيده في جامعة ام القرى والشريط من سلسلة دروس مختصر الصواعق المرسله لإبن القيم -رحمه الله- وقامت بتسجيلها تسجيلات الأثار بجده
والشيخ -رحمه الله - لايضره إذا كان أشعرياً ورجع الا عقيدة السلف الصالح فالعبرة بنهايه وليست البدايه وفق الله الجميع للخير والتقوى.
ـ[الذهبي]ــــــــ[17 - 10 - 03, 08:50 ص]ـ
وممن علمته من مصنفات الشيخ العلامة أحمد بن حجر آل بوطامي رحمه الله تعالى:
1 - جوهرة الفرائض (منظومة).
2 - الآلئ السنية في التوحيد والنهضة و الأخلاق المرضية (منظومة).
3 - الرد الشافي الوافر على من نفي أمية سيد الأوائل والأواخر.
4 - تطهير الأركان من درن الشرك والكفران.
5 - نيل الأماني شرح مباسم الغواني.
6 - الجمعة ومكانتها في الدين.
7 - تحذير المسلمين عن الأبتداع والبدع في الدين.
8 - تنزيه السنة والقرآن من أن يكونا من أصول الضلال والكفران.
9 - نقض كلام المفترين على الحنابلة السلفيين.
10 - تطهير المجتمعات من أرجاس الموبقات.
11 - الشهب المرمية في الرد على شبهات البهائية.
12 - أطوار دعاية ميرزا غلام أحمد القاديانية والرد على شبهاته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/63)
ـ[محمد الجروان]ــــــــ[09 - 12 - 09, 11:50 م]ـ
اين يمكن ان اجد هذا الكتاب في السعوديه
العقائد السلفية بأدلتها النقلية والعقلية(26/64)
هل الرافضي ... كافر أصلي .. ؟
ـ[خالد الوايلي]ــــــــ[10 - 10 - 03, 09:18 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
هل يصح لنا أن نقول إن الروافض كفار أصليون أتباعاً ومتبوعين .. ؟
فلا عيب علينا إن كفرناهم
كما نكفر البوذيين والنصارى والهندوس
الكافرون كفراً أصلياً ... ؟
ارجوا ارشادنا الى الصواب مع الرفق واللين
حفظكم رب العالمين
- آمين-
ـ[أبو العالية]ــــــــ[10 - 10 - 03, 12:24 م]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ..
الأخ الكريم / خالد وفقه الله
أي رفق وأي لين في هذا الموضوع.
نعم هم كما ذكرت ولا كرامة، فهم كفاراً أصليين يولدون وينشؤون على الكفر والشرك بالله.
والله أعلم
ـ[المضري]ــــــــ[10 - 10 - 03, 12:58 م]ـ
مرتدون وليسوا كفارا اصليين.
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[10 - 10 - 03, 01:33 م]ـ
من قال من أهل العلم إنهم كفار أصليون؟؟؟
ـ[المسيطير]ــــــــ[10 - 10 - 03, 02:41 م]ـ
اقول والله اعلم انه لاخلاف في كفر ائمتهم ورؤوسهم الضلال لما فيهم من تأليه ائمتهم ووصفهم بالصفات التي لاتليق الا بمن خلقهم جل وعلا، والاستعانة والاستغاثة بالاموات ودعائهم اصحاب القبور،وادعائهم ان جبريل عليه السلام خان الرسالة، وادعائهم تحريف القرآن الكريم، وتكذيبهم لآيات صريحة في كتاب الله تعالى كايآت براءة عائشة رضي الله عنها،وايآت الثناء على ابي بكر والصحابة عامة، وغيرها من الطوام التي تكون في اعتقاداتهم وعباداتهم، لكني اظن ان قصد السائل عامتهم الجهال واطفالهم، لذا انقل لكم ما سمعته من الامام ابن باز رحمه الله وقد سئل عن الرافضة فقال: هم كفار، فقال السائل وعوامهم؟ فالتفت اليه الشيخ (حيث كان السائل في جهة الشيخ اليسرى) فقال: وعوام اليهود والنصارى، اليسوا كفار؟ فقال السائل: بلى، فقال الشيخ وكذلك الرافضة.أ. هـ
وقد سمعت من احد المشايخ (بالياء لا بالهمزة) يقول: حكمهم في الدنيا الكفر لما يرى عليهم من نواقض الاسلام الظاهرة والباطنة، اما في الاخرة فحكمهم الى الله تعالى.
ـ[خالد الوايلي]ــــــــ[10 - 10 - 03, 07:42 م]ـ
أشكر المشايخ الفضلاء على مرورهم الكريم
وإجابة العلامة القدوة /عبد العزيز بن باز - رحمه الله -
نافعة جداً في هذا الباب كما سمعها أخونا الشيخ المسيطير
وكأن القول بردتهم بعيد
لأن الردة عن الإسلام هي الخروج منه بعد الدخول فيه
والروافض رؤوساً ومتبوعين ماذاقوا طعم التوحيد
فالشرك يشب عليه الصغير ويهرم عليه الكبير
فانحرافهم عن التوحيد من الصغر حتى الهرم والكبر
ولا نستغني عن توجيه مشايخنا الى الصواب بدليله
ـ[جليس الصالحين]ــــــــ[10 - 10 - 03, 09:32 م]ـ
السلام عليكم
ايها الاخوة الكرام توخوا الحذر في هذه المسالة!!!!!
ماالمقصود بانهم كفار؟ هل كفر يخرج من الملة؟ فان كانو كذلك فما معنا صلاتهم الى قبلتكم التي تصلون اليها!!!
اما طوافهم حول القبور فهناك من حالهم من جلدتنا الذين ينتسبون الى اهل السنة مثل الصوفية والاحباش وغيرهم من عوام الناس
واما الاستغاثة فهناك ايضا من هم من ينتسب الى اهل السنة من يستغيث بالرسول المصطفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وبعبد القادر الكيلاني وبالرفاعي والمرسي ......
فياليت شعري لو اننا تريثنا قليلا عن تكفير عباد الله وهو اعلم بهم ما كان هذا حال الامة والامثلة كثير امامكم وهذا صحابي يشهر سيفه لقتل كافر فينطق ذلك الكافر بكلمة التوحيد فتردد ذلك الصحابي لقتل هذا الكافر فقتله فقال له بنفسي وامي وابي هو رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اين انت من لا اله الا الله يوم القيامة
والرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقول من قال للاخر ياكفر فقد بائة بها احدهما!!!!
فرجعوا بارك الله عليكم الى اهل العلم في هذه المسالة الذين هم سطروا كتب من ذهب لا لتوضع على الرفوف ليقال عنه طالب علم ولا يعلم مابداخلها من رحيق المختوم ومن هؤلاء الاجلاء التقاة لله سبحانه وتعالى ابن تيمية ذلك الفدائي المجاهد في الله حق الجهاد الذي كان يكتب بين صلاة الظهر والعصر كتاب من مائتين واكثر صفحة فله باع طويل في محاربة اهل البدع والضلال. ومن العلماء المعاصرين الجلاء الشيخ الاباني عليه رحمة من الله واسعة الى يوم يرث الله الارض ومن عليها وغيره من العلماء التقاة
واخيرا يا اخوان هذا منتدى فيه من اهل العلم والصلاح الكثير كثرهم الله وجعلهم ذخر لنا وللامة الامية وهناك في هذا المنتدى الكثير من العلوم الفقهية والحديث والعقيدة فلو انشغلت بها لكان الخير وكل الخير في ذاك
وفي الختام ارجوا المعذرة ان اخطأة في حقكم وانا اخوكم الصغير وقد تطاولت على اساتذتي ومشايخي واخوتي ولكم مني الاعتذار والعفو
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أبو حازم المسالم]ــــــــ[11 - 10 - 03, 12:41 ص]ـ
من من العلماء يا (جليس الصالحين) قال بعدم كفر الرافضة القائلين بتحريف القرآن و الطاعنين في أصحاب رسول الله و أزواجه؟!!!
و هل صلاتهم مثل صلاتنا؟
و هل من يعبد القبور يكون من أهل السنة يا فقيه؟
أنتظر ردك بعد خمسمائة سنة!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/65)
ـ[أبو عبد الله الروقي]ــــــــ[11 - 10 - 03, 02:10 ص]ـ
قال شيخ الإسلام ابن تيميّة في خاتمة جوابٍ له عن الرافضة:
(وأما تكفيرهم وتخليدهم: ففيه أيضا للعلماء قولان مشهوران: وهما روايتان عن أحمد. والقولان في الخوارج والمارقين من الحرورية والرافضة ونحوهم. والصحيح أن هذه الأقوال التي يقولونها التي يعلم أنها مخالفة لما جاء به الرسول كفر وكذلك أفعالهم التي هي من جنس أفعال الكفار بالمسلمين هي كفر أيضا. وقد ذكرت دلائل ذلك في غير هذا الموضع؛ لكن تكفير الواحد المعين منهم والحكم بتخليده في النار موقوف على ثبوت شروط التكفير وانتفاء موانعه. فإنا نطلق القول بنصوص الوعد والوعيد والتكفير والتفسيق ولا نحكم للمعين بدخوله في ذلك العام حتى يقوم فيه المقتضى الذي لا معارض له. وقد بسطت هذه القاعدة في " قاعدة التكفير ". ولهذا لم يحكم النبي صلى الله عليه وسلم بكفر الذي قال: إذا أنا مت فأحرقوني ثم ذروني في اليم فوالله لأن قدر الله علي ليعذبني عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين مع شكه في قدرة الله وإعادته؛ ولهذا لا يكفر العلماء من استحل شيئا من المحرمات لقرب عهده بالإسلام أو لنشأته ببادية بعيدة؛ فإن حكم الكفر لا يكون إلا بعد بلوغ الرسالة. وكثير من هؤلاء قد لا يكون قد بلغته النصوص المخالفة لما يراه ولا يعلم أن الرسول بعث بذلك فيطلق أن هذا القول كفر ويكفر متى قامت عليه الحجة التي يكفر تاركها؛ دون غيره. والله أعلم؟.)
انظر الجواب كاملاً في (مجموع الفتاوي) (28/ 468ـ501) وفيه عَرضٌ لتاريخ الرافضة و معاونتهم لأعداء الإسلام ..
ـ[أبو نادر]ــــــــ[11 - 10 - 03, 02:24 ص]ـ
الأخ المضري إلى الآن لم يتصور أصل عقيدة الرافضة. ولذلك خُلِّطَ عليه بين الكافر الأصلي والمرتد.
وأما جليس الصالحين: فياليته لم يُشارك, لأنه في وادٍ والمسألة في وادٍ آخر. لأن الكلام الذي ذكره يُنكره العامي البليد من أهل السنة فضلا عن طلبة العلم والعلماء.
وأما الحكم على الرافضة فقد بينه العلماء في القديم والحديث وزبدته موجوده في فتوى ابن باز رحمه الله وفتاوى اللجنة الدائمة. فياليت من عنده القدره على وضعه ضمن المشاركات أن يضعه هنا إغلاقا للباب ومنعاً من دخول بعض أهل السفسطة والقرمطة.
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[11 - 10 - 03, 02:27 ص]ـ
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى
فصل في تفصيل القول فيهم
(( ... وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد الرسول صلى الله عليه وسلم إلا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر نفسا، أو أنهم فسقوا عامتهم، فهذا لا ريب أيضا في كفره لأنه مكذب لما نصّه القرآن في غير موضع: من الرضى والثناء عليهم، بل من شك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين ... ))
الصَّارم المسلول ص 586 ط الكتب العلمية
وهو آخر فصل في الكتاب
فمن من هؤلاء الروافض لا يلعن الشيخين الإمامين العدلين خليفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهما ولعن من سبهما أو من أحبَّ سابهما وداهنه
ـ[أم البراء]ــــــــ[11 - 10 - 03, 03:19 ص]ـ
المشايخ الأفاضل ..
الرافضة - لعنهم الله - كفار ..
وكنت قد سألت أحد أساتذة العقيدة عن تكفيرهم .. فقال: لا تكفري أعيانهم!! حتى تقام الحجة!!
فما صحّة قوله .. مع يقيني أن الحجة قد قامت عليهم .. ولا أدري ما الذي دعاه لذلك القول ..
أريد بيان الحق في ذلك ..
وجزاكم الله خيرا ..
ـ[المسيطير]ــــــــ[11 - 10 - 03, 05:05 ص]ـ
الاخت امالبراء وفقها الله هو كما قلت من ناحية اقامة الحجة، فقد سمعت الامام ابن باز رحمه الله تعالى وقد سئل عن الكفار الموجوين في العالم هل قامت عليهم الحجة، فقال رحمه الله تعالى: يظهر ان الحجة قد قامت عليهم، لأن وسائل الاتصالات الحديثة قد اوصلت الاسلام الى كل من سمعها او اطلع عليها.أ. هـ
قلت: لو ما يكون في الوسائل الا ذكر اسم الاسلام وانه دين سماوي، لوجب على الكافر البحث عنه والسؤال عنه، وبهذا تقوم عليه الحجة.
ايضا الاحداث الاخيرة لا أظنها غابت عن احد من الكفار - الا من شاء الله - ولا بد انهم سمعوا عن الاسلام، فعلى فتوى الامام ابن باز قد قامت عليهم الحجة.
والله اعلم،،
والحمد لله على نعمة الاسلام والسنة.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[11 - 10 - 03, 06:34 ص]ـ
الحمدلله والصلاة و السلام على رسول الله وبعد.
أعتقد أن الأمر ظاهر والعلم عند الله في كفرهم كفراً أصلياً.
والحجة قائمة عليهم في كل وقت وفي كل مكان، وهذا ظاهر لمن أتعب نفسه قليلاً في التأمل.
وأما الورع البارد فيهم نوعاً ما فلا حباً ولا كرامة!! مع حبنا لعلمائنا الربانيين في ذلك، ولكن يبقى الحق حقاً.
وأخشى أن يأتي اليوم (وقد أتى) من يشكك في كفر أهل الكتاب، والله المستعان.
وتكبر الطامة حين يكون ممن ينسب إلى أهل العلم؟؟!!!
ولا حول ولا قوة إلا الله.
دعوة للمراجعة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/66)
ـ[السعيدي]ــــــــ[11 - 10 - 03, 06:56 ص]ـ
أخواني هذه المسأله في غاية الخطوره
حيث نحكم بهذه المسأله على ملايين المسلمين بالكفر
فبالرغم من كراهيتنا لأعمال الرافضة والشيعه والاباضية، إلا انه يجب التريث بالحكم عليهم جميعا بالخروج من المله
فهم على ما يقومون به من اعمال شركيه وتكفيرهم لبعض الصحابة رضوان الله عليهم وبعض امهات المؤمنين
فهم بمنزلة اليهود والمجوس
ولكن الحكم على جميعهم بالكفر
هذا يحتاج الى تريث وتأني
والله أعلم
هذا على عجاله
وللكلام بقية
ـ[أخوكم]ــــــــ[11 - 10 - 03, 08:01 ص]ـ
ما حكم الطائفة الزيدية الشيعية؟
ـ[ابن فواز]ــــــــ[11 - 10 - 03, 02:07 م]ـ
السلام عليكم
الاخ كاتب الموضوع ... جزاه الله خير ... اوصاكم عند سؤاله باللين والرفق
ويا ليت ... ابونادر التزم بهذا الامر ...
فيا اخ ابونادر .... الرسول -صلى الله عليه وسلم -قال"من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او لبصمت ... "
اما انك تاتي باسلوب غير لائق ... وتبدا الرد بعبارة"""ايش هذا ... ؟؟؟؟!!! "
ثم تقول للاخ جليس الصالحين ... يا ليته ما كتب او ليته ما دخل!!!!!!
والله يا ليتك انت ما كتبت هذا الرد ... فالرجاء انك تلتزم الادب مع اخوانك فالله .. واما ان ترد بخير ورد علمي رصين او ما تكتب شي ... لاني وانت وكل الاخوان في هذا المنتدى ما ولدنا علماء ... فرجاءا بين الحق للاخوان قبل ان تقول يا ريته ويا ليته!!!!!
اما الاخ المسيطير ... جزاك الله خير على نقل الشيخ بن باز ... ويا اخي الفاضل ... نحن الذين نكتب في النت مجهولين ولا يعرف بعضنا بعض ... وبالنسبة لقولك سمعت من الشيخ بن باز ... رحمه الله ... تحتاج الى تبين المصدر او الرابط ... اما انك سمعت ... فعذرا .... نحن لا نعرفك ان كنت جليس للشيخ رحمه الله ... لذلك اخي ارجو منك ان تحيلنا الى كتاب او رابط حتى يتسنا نحن نعرف الحق.
اما تكفير الشيعة الروافض ... فربما الكل سمع المناظرات الثانية بين الشيخ عثمان خميس والرافضي الموسوي ... فلقد نقل قول الشيخ ابن عثيمين بالنسبة لتكفير عوام الشيعة ... فارجو ان ترجعوا اليه
اما تكفير خواص الشيعة وعلمائم (ان قلنا بان العوام غير كفار .. ) فالاصل ان العالم منهم كان عاميا وجاهل ثم عرف الدليل وقرا وزتبين له الحق فجحد واعرض .. ثم بذلك كفر فاصبح كفره كفر ردة.
وبالنسبة للراي الاخر ... ان قلنا ان كفرهم كفر اصلي ... فهذا يستلزم ان من شك في كفرهم فهو كافر .. كمن يشك في كفر اليهود والنصارى ... لذا اقول فلننقل كلام اهل العلم مفصلا عن هذا الامر وبدقة حتى نتعلم ونتبين.
هذا والله اعلى واعلم
والسلام عليكم
ـ[ابو عبد الرحمن الداخل]ــــــــ[11 - 10 - 03, 02:48 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الروافض ايه الاخوة الذين يعيشون في بلادنا قد قا مت عليهم الحجة لانهم درسوا في مدارسنا وتعلموا ديننا واخذوا منمناهج التوحيد من تعريف للشرك وانواعه وحرمته وانه يخرج الانسان من الاسلام بالكلية فهؤلاء كفار والله اعلم ولقد سمعت احد علماء الاحساء يكفرهم فما بعد الاستغاثة بعلي شي ولقد سمعت احدهم يقول لي: ولدي اعلمه اذا قام يقول يا علي واذا نا م يقول يا علي ولو ادري انه ما يقولها كان قطعت عنقه فماتذا تعتقد بهؤلاء.
اما الذين يعيشون في غير بلاد الحرمين كإران والعراق مثلاَ فالخلاف فيها اوسع والله اعلم انهم كفار لان الحجه قد بلغتهم وقد يفصل في بعض افرادهم كالذين لم تبلغهم الحجه وعلمهم عند الله. والله اعلم
لكن المهم من ذلك ما اذا قدمنا في سبيل دعوتهم والعمل المفيد الذي يخدم امتنا وديننا وتعريف الناس بحقيقة هؤلاء الروافض.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
الحق هو الغالب و لو طال الزمان
ـ[عبد الله زقيل]ــــــــ[11 - 10 - 03, 04:55 م]ـ
إليكم رأي سماحة العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - في الرافضة:
1 - ما رأي سماحتكم في الشيعة، وهل يجوز أن نأكل أو نشرب معهم؟
http://media.islamway.com/fatawa/binbaz/0233B.rm
2 - ما الفرق بين الفقه عند أهل السنة والشيعة؟
http://media.islamway.com/fatawa/binbaz/0113B.rm
3 - ما حكم زواج المسلم من أهل السنة والجماعة من الشيعة؟
http://media.islamway.com/fatawa/binbaz/0420B.rm
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/67)
4 - ما حكم تكفير طائفة "الرافضة"؟
http://media.islamway.com/fatawa/binbaz/0120B.rm
5 - ما رأيكم في تشاؤم الرافضة من شهر صفر، وفعلهم لبعض الأفعال الغريبة في هذا الشهر؟
http://media.islamway.com/fatawa/binbaz/0234B.rm
ـ[السعيدي]ــــــــ[11 - 10 - 03, 11:43 م]ـ
اسم المفتى: محمد بن صالح العثيمين
رقم الفتوى: 15279
المصدر: http://www.al-eman.com/
نص السؤال
سئل فضيلة الشيخ: هل يعتبر الشيعة في حكم الكُفَّار؟ وهل ندعوالله تعالى أن ينصر الكفار عليهم؟
نص الفتوى
فأجاب بقوله: الكفر حكم شرعي مرده إلى الله ورسوله فما دل الكتاب والسنة على أنه كفر فهو كفر، وما دل الكتاب والسنة على أنه ليس بكفر فليس بكفر، فليس على أحد بل ولا له أن يكفر أحداً حتى يقوم الدليل من الكتاب والسنة على كفره.
وإذا كان من المعلوم أنه لا يملك أحد أن يحلل ما حرم الله، أو يحرم ما أحل الله، أو يوجب مالم يوجبه الله تعالى إما في الكتاب أو السنة، فلا يملك أحد أن يكفر من لم يكفره الله إما في الكتاب وإما في السنة.
ولا بد في التكفير من شروط أربعة:
الأول: ثبوت أن هذا القول، أو الفعل، أو الترك كفر بمقتضى دلالة الكتاب أو السنة.
الثاني: ثبوت قيامه بالمكلف.
الثالث: بلوغ الحجة.
الرابع: انتفاء مانع التكفير في حقه.
فإذا لم يثبت أن هذا القول، أو الفعل، أو الترك كفر بمقتضى دلالة الكتاب والسنة، فإنه لا يحل لأحد أن يحكم بأنه كفر، لأن ذلك من القول على الله بلا علم وقد قال الله تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها ومابطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} وقال: {ولا تقف ماليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً}.
وإذا لم يثبت قيامه بالمكلف فإنه لا يحل أن يرمى به بمجرد الظن لقوله تعالى: {ولا تقف ماليس لك به علم}. الآية ولأنه يؤدي إلى استحلال دم المعصوم بلا حق.
وفي الصحيحين من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: "أيما أمرئ قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما؛ إن كان كما قال، وإلا رجعت عليه"، هذا لفظ مسلم. وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه ـ أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: "لا يرمي رجل رجلاً بالفسوق، ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه، إن لم يكن صاحبه كذلك". أخرجه البخاري ولمسلم معناه.
وإذا لم تبلغه الحجة فإنه لا يحكم بكفره لقوله تعالى: {وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ}. وقوله تعالى: {وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولاً يتلو عليهم آياتنا وماكنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون}. وقوله تعالى: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ـ إلى قوله ـ: رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً}. وقوله تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً}.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه -أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: "والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ـ يعني أمة الدعوة ـ يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار".
لكن إن كان مَن لم تبلغه الحجة لا يدين بدين الإسلام، فإنه لا يعامل في الدنيا معاملة المسلم، وأما في الآخرة فأصح الأقوال فيه أن أمره إلى الله تعالى.
وإذا تمت هذه الشروط الثلاثة أعني ثبوت أن هذا القول، أو الفعل أو الترك كفر بمقتضى دلالة الكتاب والسنة، وأنه قام بالمكلف، وأن المكلف قد بلغته الحجة ولكن وجد مانع التكفير في حقه فإنه لا يكفر لوجود المانع.
فمن موانع التكفير:
الإكراه فإذا أُكره على الكفر فكفر وكان قلبه مطمئناً بالإيمان لم يحكم بكفره، لوجود المانع وهو الإكراه قال الله تعالى: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم}.
ومن موانع التكفير:
أن يغلق على المرء قصده فلا يدري ما يقول لشدة فرح، أو حزن، أو خوف، أو غير ذلك لقوله تعالى:
{وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفوراً رحيماً}.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/68)
وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم،: "لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ خطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح".
فهذا الرجل أخطأ من شدة الفرح خطأ يخرج به عن الإسلام لكن منع من خروجه منه أنه أغلق عليه قصده فلم يدر مايقول من شدة الفرح، فقد قصد الثناء على ربه لكنه من شدة الفرح أتى بكلمة لو قصدها لكفر.
فالواجب الحذر من إطلاق الكفر على طائفة أو شخص معين حتى يعلم تحقق شروط التكفير في حقه وانتفاء موانعه.
إذا تبين ذلك فإن الشيعة فرق شتى ذكر السفاريني في شرح عقيدته أنهم اثنتان وعشرون فرقة، وعلى هذا يختلف الحكم فيهم بحسب بعدهم من السنة، فكل من كان عن السنة أبعد كان إلى الضلال أقرب.
ومن فرقهم الرافضة الذين تشيعوا لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين ـ رضي الله عنهم جميعاً ـ تشيعاً مفرطاً في الغلو لا يرضاه علي بن أبي طالب ولا غيره من آثمة الهدى، كما جفوا غيره من الخلفاء جفاء مفرطاً ولا سيما الخليفتان أبو بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ. فقد قالوا فيهما شيئاً لم يقله فيهما أحد من فرق الأمة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى 3/ 356 من مجموع ابن قاسم:
"وأصل قول الرافضة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، نص على علي ـ يعني في الخلافة ـ نصاً قاطعاً للعذر، وأنه إمام معصوم، ومن خالفه كفر، وأن المهاجرين والأنصار كتموا النص، وكفروا بالإمام المعصوم، واتبعوا أهواءهم، وبدلوا الدين، وغيروا الشريعة، وظلموا واعتدوا، بل كفرواً إلا نفراً قليلاً إما بضعة عشره، أو أكثر، ثم يقولون إن أبابكر وعمر ونحوهما مازالوا منافقين، وقد يقولون: بل آمنوا ثم كفروا، وأكثرهم يكفر من خالف قولهم ويسمون أنفسهم المؤمنين، ومن خالفهم كفاراً ومنهم ظهرت أمهات الزندقة والنفاق كزندقة القرامطة والباطنية وأمثالهم ". أ. هـ. وانظرقوله فيهم أيضاً في المجموع المذكور4/ 428ـ 429.
وقال في كتابه القيم: (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم) ص951 تحقيق الدكتور ناصر العقل:
"والشرك وسائر البدع مبناها على الكذب والافتراء، ولهذا كل من كان عن التوحيد والسنة أبعد كان إلى الشرك والابتداع والافتراء أقرب، كالرافضة الذين هم أكذب طوائف أهل الأهواء، وأعظمهم شركاً فلا يوجد في أهل الأهواء أكذب منهم، ولا أبعد عن التوحيد منهم، حتى إنهم يخربون مساجد الله التي يذكر فيها اسمه فيعطلونها من الجماعات والجمعات ويعمرون المشاهد التي على القبور التي نهى الله ورسوله عن اتخاذها". أ. هـ.
وانظر ما كتبه محب الدين الخطيب في رسالته "الخطوط العريضة" فقد نقل عن كتاب "مفاتيح الجنان" من دعائهم ما نصه: "اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، والعن صنمي قريش، وجبتيهما، وطاغوتيهما، وابنتيهما" قال: ويعنون بهما وبالجبت والطاغوت أبابكر وعمر، ويريدون بابنتيهما أم المؤمنين عائشة، وأم المؤمنين حفصة رضي الله عن الجميع.
ومن قرأ التاريخ علم أن للرافضة يداً في سقوط بغداد وانتهاء الخلافة الإسلامية فيها حيث سهلوا للتتار دخولها وقتل التتار من العامة والعلماء أمماً كثيرة، فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب "منهاج السنة" أنهم هم الذين سعوا في مجيء التتر إلى بغداد دار الخلافة حتى قتل الكفار ـ يعني التتر ـ من المسلمين مالا يحصيه إلا الله تعالى من بني هاشم وغيرهم وقتلوا بجهات بغداد ألف ألف وثمانمائة ألف ونيفاً وسبعين ألفاً وقتلوا الخليفة العباسي وسبوا النساء الهاشميات وصبيان الهاشميين. أ. هـ. 4/ 592. تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم.
ومن عقيدة الرافضة: "التقية" وهي أن يظهر خلاف ما يبطن ولا شك أن هذا نوع من النفاق يغتر به من يغتر من الناس.
والمنافقون أضر على الإسلام من ذوي الكفر الصريح ولهذا أنزل الله تعالى فيهم سورة كاملة كان من هدي النبي، صلى الله عليه وسلم، أن يقرأ بها في صلاة الجمعة، لإعلان أحوال المنافقين والتحذير منهم في أكبر جمع أسبوعي وأكثره وقال فيها عن المنافقين: {هم العدو فاحذرهم}.
وأما قول السائل: هل يدعو المسلم الله أن ينصر الكفار عليهم؟
فجوابه: أن الأولى والأجدر بالمؤمن أن يدعو الله تعالى أن يخذل الكافرين وينصر المؤمنين الصادقين الذين يقولون بقلوبهم وألسنتهم ما ذكر الله عنه في قوله: {ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم}. ويتولون أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، معترفين لكل واحد بفضله، منزلين كل واحد منزلته من غير إفراط ولا تفريط، نسأل الله تعالى أن يجمع كلمة المؤمنين على الحق وأن ينصرهم على من سواهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/69)
ـ[الوسيط]ــــــــ[12 - 10 - 03, 03:15 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله في جميع الاخوة ونفع بهم اللهم آمين
الفتاوى المعاصرة في الرافضة ( http://www.saaid.net/book/open.php?cat=86&book=36)
ـ[المسيطير]ــــــــ[12 - 10 - 03, 05:40 ص]ـ
الاخ ابن فواز،،،
اشكرك على موقفك تجاه المعلومة، وهذا هو المطلوب تجاة الاخبار، ولقد حاولت ان ابحث عن بريدك الخاص لكني لم استطع الحصول عليه.
اما بالنسبة لما نقلت عن الامام ابن باز فقد سمعته باذني رأسي وكاني انظر اليه رحمه الله امام عيني وهو يقولها، وقد كتبتها عنه باليوم والتاريخ والوقت، وهي موجودة لدي.
وقد كان لي شرف حضور دروس الامام، اسأل الله تعالى ان يبارك فيها. حيث كنت من ضمن المتفرجين في الدرس على سماحته، ليس الا.
ـ[أخوكم]ــــــــ[21 - 10 - 03, 05:01 م]ـ
الطائفة التي نص الشرع على كفرها فنكفرها ولا كرامة لها كاليهود والنصارى ونحوهم. بدون الحاجة لمعرفة من عمل الكفر منهم.
فبما أن الله كفرهم فكلهم عملوا الكفر.
أما الطوائف التي لم يرد نص في الشرع بتسميتها وكفرها
فلا أفضل من: تكفير من عمل الكفر منهم
دون الحاجة لتعميم التكفير خاصة تلك الطائفة التي هي منقسمة في داخلها وينكر بعضها على بعض.
والله أعلم
ـ[الفاضل]ــــــــ[21 - 10 - 03, 07:50 م]ـ
أخي المسيطر قلت:
وقد سمعت من احد المشايخ (بالياء لا بالهمزة) يقول: حكمهم في الدنيا الكفر لما يرى عليهم من نواقض الاسلام الظاهرة والباطنة، اما في الاخرة فحكمهم الى الله تعالى.
هل نستطيع الحكم على شخص بالكفر ونقول أمره إلى الله؟؟!!
لا يستقيم، هل قال أحد من أهل العلم بهذا الكلام؟؟
أرجو التوضيح .. وجزاك الله خيرا
ـ[محب أهل العلم]ــــــــ[21 - 10 - 03, 08:36 م]ـ
الشيخ الألباني - رحمه الله - يرى أن علمائهم كفار لأن الحجة قامت عليهم بخلاف العوام فأنهم في الآخرة حكمهم حكم على أهل الفترة!
وفي نظري أن هذا يلتقى مع كلام ابن باز في الثمرة! لأنه في الآخرة لم يجعلهم من المسلمين
والطوائف الإسلامية منها كفريه ومنها بدعية!
- فالبهائية طائفة كافرة! وهم يدعون الانتساب إلى الإسلام
- والقادينية مثلهم
- والباطنية
- فما هو حكم عوامهم؟ هو حكم عوام الرافضة! لأن المعتقدات واحدة و إن أحتلفت التسيمة بين الإيمان برسول جديد والإيمان بإمام معصوم يبلغ الدين عن الله!
والسؤال المهم في الموضوع! هل هناك من عوام الرافضة من يؤمن بالإسلام إيمانا مجملا! لا يعرف شيئا عن معتقدات الرافضة الكفرية؟
أم أنه لا يوجد؟ فإن كان يوجد فهل هم قلة في الرافضة نادرة أو كثرة كاثرة!
في ظني الجواب على السؤال الأخير هو فصل النزاع في مسألة عوام الرافضة
أما علمائهم! فلا ينبغي الاختلاف في كفرهم والله أعلم
ـ[السعيدي]ــــــــ[21 - 10 - 03, 10:33 م]ـ
أنا اتفق مع الأخ محب أهل العلم
فيما مال إليه وصرح
والله أعلم بالنيات
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[22 - 10 - 03, 07:46 ص]ـ
وهذه فتوى لعلماء أهل السنة المعاصرين في إكفار علماء وعوام الرافضة الإمامية المتواجدين في وقتنا هذا فتمعن فيها عل الله أن ينفعك بها.
وتعرف حكم الله في هذه الفرقة التي حادت الله ورسوله
(15) س / ما حكم عوام الروافض الإمامية الإثني عشرية؟ وهل هناك فرق بين علماء أي فرقة من الفرق الخارجة عن الملة وبين أتباعها من حيث التكفير أو التفسيق.
ج / من شايع من العوام إماماً من أئمة الكفر والضلال وانتصر لسادتهم وكبرائهم بغياً وعدواً حكم له بحكمهم كفراً وفسقاً قال تعالى: " يسئلك الناس عن الساعة " إلى أن قال: " وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا * ربنا ءاتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا " وأقرأ الآية رقم 165،166،167 من سورة البقرة والآية رقم 37،38،39، من سورة الأعراف والآية رقم 21،22 من سور سبأ والآيات قم 20 حتى 36 من سورة الصافات والآيات 47 حتى 50 من سورة غافر وغير ذلك في الكتاب والسنة كثير ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قاتل رؤساء المشركين وأتباعهم وكذلك فعل أصحابه ولم يفرقوا بين السادة والأتباع.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس نائب رئيس اللجنة عضو عضو
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز عبدالرزاق عفيفي عبدالله بن غديان عبدالله بن قعود
[فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ج2/ 377]
ـ[أبوبدر ناصر]ــــــــ[23 - 10 - 03, 06:44 ص]ـ
تكفبر الرافضة و المشرعين؟
السلام عليكم,
هل الرافضة كفار أصليون أو مرتدون؟
الذي أسلم جديدا ثم أضله بعض المنتسبين إلى إسلام إلى عبادة القبور بسم الإسلام, هل يعتبر كافر أصلي لجهله بمقتضاة الشهادة أم هو مرتد؟ و إذا قلنا أنه كافر أصلي ألا يفتح الباب للناس أن يسلم بنية الردة و التعذر بالجهل؟
هل يعد العلم شرط للإسلام الحكمي أو الحقيقي؟
و هل أعضاء المجالس التشريعية من الإسلاميين كفار بأعيانهم كما يقول أبو محمد المقدسي؟ لأنهم قد وقعو في شرك أكبر و لا عذر في الشرك الأكبر في مسمى الإسلام؟
و ما حكم المصوطين من أعوم المسليمين؟
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد:
فالرافضة كفار أصليون؛ لأنهم لم يدخلوا في دين الإسلام أصلاً، وإذا كان الرجل كافراً أصلياً ثم نطق بالشهادتين ثم صار عابداً للقبر أو نحو ذلك فهو مرتد، لأنه دخل الإسلام بالشهادتين ثم خرج منه بهذا العمل.
أما قولك: هل يعد العلم شرط للإسلام الحكمي أو الحقيقي؟ فلم أدر ما المقصود به!.
وأما أعضاء المجالس التشريعية من الإسلاميين فلا يكفرون بأعيانهم لوجود التأويل والشبهة لأنهم لم يدخلوا في البرلمان إلا لتحكيم شريعة الإسلام بزعمهم، وهذه شبهة تدرء الكفر عنهم.
وبالنسبة للمصوتين: فإن من كانت لديه شبهة كشبهة البرلمانيين الإسلاميين فإنه لا يكفر، وأما غيره: فإن كان يعلم حقيقة البرلمان ثم صوّت بعد ذلك فإنه يكفر؛ لأنه أجاز أن يكون التشريع لغير الله تعالى، والله تعالى أعلم.
المصدر:
http://www.al-fhd.com/vb/showthread.php?s=&threadid=541
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/70)
ـ[المسيطير]ــــــــ[26 - 10 - 03, 06:55 ص]ـ
الاخ الفاضل / الفاضل
نعم يمكنك مراجعة المنتقى من الملتقى الذي اعده الشيخ ابو عمر فائدة رقم 206.
وجزاك الله خيرا.
ـ[سيف الله]ــــــــ[26 - 10 - 03, 09:22 ص]ـ
الحمد لله
رأيي أن مذهب الرافضة أنه عقيدة مستقلة بذاتها كديانات الكفر الموجودة الآن كالنصرانية واليهودية ولكن مهندس صناعة هذا الدين كان من الذكاء بأن جعل في طياته مجموع من أصول الأسلام ونواقضه معا تحت سقف واحد:
شهدوا بأصل الأصول: أن لا إله إلا الله ثم أتوا بناقضه حين عبدوا المقابر واستغاثوا بالأموات والأحجار.
قالوا نشهد ان محمد رسول الله ثم أتوا بحمار يقول لمحمد بأبي انت وأمي الحمارين يا رسول الله.
قالوا بحب محمد وآل محمد ثم نقضوا ذلك بان طعنوا في محمد بتكفير صحابته ورد سنته
أخذوا من الأصول حديث الثقلين ومن النواقض الطعن في الثقل الأكبر. ومن الأصول أخذوا الحج للبيت الحرام ومن النواقض أخذوا الحج لما يسمى بـ "مراقد الأئمة".
ومن الأصول تمسكوا بـ "إن هذه امتكم أمتة واحدة" ومن نواقضها "كل الناس أولاد زنا ما خلا شيعتنا"
نادوا "خمس رسول الله" ثم أتوا بسفهة خونة قطاع طرق كبار الكروش وألبسوهم عمائم سود وقالوا ضع هنا خمس رسول الله.
قالوا علي ولي الله ثم جعلوا منه جبانا ينتهك عرضه ويغصب فرج بنته وهو مستكين خوار يتقي على نفسه ويهرب من عدوه.
قالوا لا صوت يعلوا على صوت العقل ثم ردموا على أبسط قواعد العقل بتعليق مصيرهم بشريعة خلاص معدومة ياتي بها معدوم لا يثبت التاريخ له ولادة ولا وجود .. ظلمات بعضها فوق بعض.
وهكذا مزجوا بين أصول الُسلام ونواقضه فأصبح الخليط عجيبا ينخدع به الجهلاء ويفرح به الأعداء ويحتار في خبثه العقلاء.
هذه الملة بلا جدال ملة كفرية لا يشك في ذلك عاقل اما عموم الشيعة فلا جدال انهم أجهل الناس بدينهم لو كانوا من البهائم لكانو حمرا مع الاعتذار للحمير ... فمنهم من يعلن رفضه للنصف الناقض للأسلام في مذهبه ويدعي تمسكه بالشطر الآخر كالشهادتين والصلاة والصيام .. ألخ قد يكون تقية منه وقد يكون عن صدق ... ومنهم الانسان الطيب المخلص فعلا الذي تعلم ان الاسلام الحقيقي هو سب الصحابة ونقض القرآن والتوجه للأضرحة ... إلخ فهو يتقرب إلى الله ببغض الشيخين لا لشيء إلا لأن الحاخامات علموه أن هذا هو الاسلام الحق فهذا لو توفر له علم صحيح وصحبة طيبة لاستيقظ فورا من نومه.
لذا أرى أن نقول بل دين الشيعة هو دين كفر ورفض للإسلام ولا نقول الشيعة كفرة [إلا من تفوه وأصر منهم على كفرية من كفريات مذهبه علنا أو حارب أهل السنة أو والى الكفار واستنصرهم على سائر المسلمين]
أضف أن الشيخ عثمان الخميس -وهو سيف حام سله الله على حاخامات قم والنجف- يعلن ويكرر وينبه أنه لا يكفر الشيعة ويرى أن علماء السلف لم يكفروا الشيعة على عمومهم بل ويتمنا لهم الهداية ويحب لهم الخير وهذا هو الموقف الدعوي الصحيح. أخشى على الأخوة الذين يصرحون بكفر الشيعة إن وضعتهم الظروف أمام الكاميرات والمحطات الفضائية ووجدوا انفسهم يخاطبون ملايين الشيعة والسنة على الهواء مباشرة ثم سئلوا هذا السؤال "هل تكفر الشيعة" فيردوا بالنفي حتى يدفعوا عن أهل السنة تهمة الغلو في التكفير التي يرميهم بها الشيعة [ظلما] فيجدون انفسهم قد قلدوا الرافضة دون أن يشعروا في أخذهم بالتقية.
وصلى اللهم على محمد وآله وصحبه
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[28 - 10 - 03, 07:34 ص]ـ
الأخ سيف الله
((أضف أن الشيخ عثمان الخميس -وهو سيف حام سله الله على حاخامات قم والنجف- يعلن ويكرر وينبه أنه لا يكفر الشيعة ويرى أن علماء السلف لم يكفروا الشيعة على عمومهم)))
هذا كلام خطير جداً وفيه مخالفة لإجماع السلف على تكفير الرافضة، ولا يوجد الآن شيعة أبداً حيث إن كلهم على عقيدة الرفض والخبث، فآمل الإحالة على كلامك هذا نفع الله بك والتأكد منه
ـ[سيف الله]ــــــــ[28 - 10 - 03, 09:54 ص]ـ
الحمد لله
الأخ الكريم كلام الشيخ عثمان الخميس أشهر من أن يحال اليه وأشرطته التسجيلية متداولة وموجوده في موقع البرهان وموقعه الشخصي وإسلام واي.
ومناظراته في قناة المستقلة ذائعة الصيت وما فهمته من أخذه ورده مع الطرف الشيعي هو أنه يدفع عن نفسه انه قال أو يقول بـ "كفر الشيعة" بل إنه لما احتج الشيعي عليه بأحد الكتاب وما كتب كدليل على أن "السنة" يكفرون الشيعة رد الشيخ الخميس: "ما كفرهم" يريد دفاعا عن هذا الكاتب كمان ضد هذه التهمة ... وما لنا لا نقطع الشك باليقين؟ لماذا لا تراسل الشيخ على موقعة وتسأله بنفسك؟ مع العلم ان الشيخ بطيء جدا في الرد وربما لا يلتفت أساسا لسؤالك كما يفعل دائما معي (:
ـ[سيف الله]ــــــــ[28 - 10 - 03, 06:29 م]ـ
كنت قد نقلت عن الشيخ عثمان الخميس "ان علماء السنة لا يكفرون الشيعة" والصحيح أن الشيخ لم يقل هذا على العكس تماما نقل الشيخ أجماع أهل السنة على تكفير هذا المذهب الخبيث كما تقرر أنت اخي أبو عمر الناصر فمعذرة على هذا الوهم مني!
الحقيقة أنه قد اختلط علي كلام للشيخ في مناسبتين مختلفتين الأولى ردا على كذبة افتراها الخصم الرافضي في أحد مناظرات الفضائية المستقلة حيث أراد التدليس حين أكد ان الشيعة كانوا من نسيج الأمة ولم يرميهم بالكفر سوى الشيخ محمد بن عبد الوهاب وما يسمونه بالمذهب "الوهابي" فرد الشيخ عثمان من خلال نصوص أئمةالسنة الأربعة الذين سبقوا الشيخ بن عبد الوهاب بعدة قرون بما يهدم أساس تلك الكذبة وبما يفيد الإجماع الذي أشار إليه الأخ الناصر.
والكلام الثاني أيضا في نفس هذه المناظرات فيه يدفع الشيخ عن نفسه كونه يكفر الشيعة بل يقول أنه يحب لهم الخير كما ذكرت أنا سابقا ... وأكيد الشيخ عثمان لا يحب الخير لكفرة والسؤال الذي في ذهنك وذهني أخ الناصر الآن لماذا لم يلتزم الشيخ خط هذا الأجماع الذي نقله هو في تكفير الرافضة فهذا سؤال يتوجه للشيخ نفسه ليجيب عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/71)
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[12 - 11 - 03, 10:45 ص]ـ
س 3: لدينا مجموعة من الرافضة المدرسين ونحن نتقابل معهم ونخاطبهم ونحن نملك دعوتهم، فما رأيكم أن نكلمهم وأن نسلِّم عليهم؟ وما الرأي في التعامل معهم؟
الجواب:
نقول: إذا كان هؤلاء يقولون نحن رافضة جعفرية ونعتقد اعتقاد الجعفرية، فإن هؤلاء تنتهي بهم مقالاتهم إلى الكفر بالله، فيعاملون معاملة الكفار، فلا تبدأوهم بالسلام.
أما بالنسبة لدعوتهم، فإن الكفار وغير الكفار يُدعون إلى الله سبحانه، ونقول: إذا أمكن دعوة هؤلاء لإغن من دعاهم إلى الله فهو مأجور وأجره على الله تعالى.
المجيب: الشيخ عبدالرحمن المحمود
كتيب: أخطاء عقدية ص 58
ـ[سيف الله]ــــــــ[12 - 11 - 03, 11:38 ص]ـ
ألأخ الكريم هل أعطيتنا معلومات عن الكتاب الذي تنقل منه للشيخ المحمود سدده الله حتى يمكنني الاستفادة منه مشكورا.
وبالمناسبة قفقد أفتى الشيخ الخميس فتوى جديدة تتفق تماما مع رأيي ومداخلتي السابقة باعتقاد كفر أئمة الشيعة وعلمائهم دون عامتهم الجاهلين بالمذهب الرافضي إلا من ينطق منهم بكفرية من كفريات هذه العقيدة الرافضية أو ياتي منهم بقول أو عمل عدائي يضر أهل السنة والجماعة فهو إذن كافر مثل علمائه ... تجدوا هذه الفتوى على هذا الرابط:
http://www.almanhaj.net/fatwaa/article.php?ID=255
سـ: هل علماء الشيعه هم فقط الكفار ام العلماء والعامه كفار مع دكر الدليل من القرآن والسنه وافتونا ماجورين ان شاء اللهْ.
جـ: علمائهم كفار لأنهم يعلمون الحق وعوامهم ليسوا بكفار لأنهم جهال والدليل قوله تعالى (وكنا معذبين حتى نبعث رسولا).
ـ[الأعمش]ــــــــ[13 - 11 - 03, 02:06 ص]ـ
أيه الأخوة لقد سألت الشيخ صالح الدرويش وهو رئيس محكمة القطيف عن هذه المسألة قبل أكثر من سنتين فقال:
يعاملون معاملة المنافقين وله بحث في هذا
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[14 - 03 - 04, 06:34 ص]ـ
الأخ سيف الله
الحمدلله أنك راجعت هذه المسألة، حيث إن الكلام المترتب عليها خطير جداً، فالحمدلله مرة أخرى أن هذا لم يثبت للشيخ الخميس نفع الله به وبارك فيك
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[14 - 03 - 04, 07:28 ص]ـ
الحمد الله و الصلاة و السلام على رسول الله
الرافضة اليوم حالهم يختلف عن حالهم في زمن التابعين و تابعي التابعين و لا يصح الإحتجاج بأقوال أهل العلم من أهل السنة و الجماعة في الرافضة الذين في عصرهم لأنهم يقصدون أناس إما فعلوا كفرا و لكن هذا الكفر مما يعذروا به في الجهل أو كانوا يستترون بكفرهم فحكمهم حكم المنافقين و إلا لو اظهروا الشرك و عبادة غير الله كما هو الحال اليوم تعالى فهل يتوقف عالم في كفرهم و الأمة مجمعة على كفر من عبد غير الله تعالى و اتخذ مع الله إلها غيره هذا لا يخالف فيه عالم أن مشرك لا يعذر بجهله فالعذر فالشرك لا يعذر من وقع فيه بالجهل و هذا مجمع عليه بين اهل العلم و أما من فهم من إطلاقات بعض أهل العلم أنهم يعذرون بالجهل في الشرك الأكبر فهذا لم يفهم حقيقة أقوالهم إلا أقوال بعض الخوالف الذين لم يفهموا أصول اهل السنة و الجماعة على حقيقتها.
و الحكم هذا ينسحب على عوامهم و علمائهم قال تعالى {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ} (47) سورة غافر و التقليد في الشرك الأكبر ليس بعذر بالإجماع.
و من أراد الإستزادة في ان الجهل و التقليد ليس بعذر في الشرك الأكبر فهذا رابط لأحد المواقع الذي جرت فيه مناقشة بيني و بين أحد الإخوة في هذه المسألة: http://forums.almuslem.net/viewthread.php?tid=928
وهل يدخلون في حكم الكفار الأصليين أم المرتدين فقد اختلف علماء نجد في هذه المسألة فقال بعضهم بأنهم كفار أصليون لأنهم ولدوا على اشرك و نشؤوا عليه و هذا هو الكفار الأصلي حيث أن اليهود و النصارى و غيرهم من الكفار الأصليين إنما حكم عليهم بهذا بسبب ولادتهم على الكفر و نشؤوهم عليه و هذا المناط يعم من انتسب للإسلام و إلى غيره كاليهود و النصارى فإنهم كانوا على الحق فمن خرج من الدين الحق و كفر ثم نشأ بعده من نشأ على هذا الكفر و لم يعرف غيره من دين الحق فهذا كافر أصلي.
و القول الآخر أنهم مرتدون لأنهم منتسبون للإسلام و خرجوا منه فحكمهم حكم المرتدين.
و الحق أنهم كفار أصليون لأنهم نشؤوا على هذا الكفر و ولدوا عليه فحكمهم حكم النصارى و اليهود الذين ينتسبون إلى دين صحيح و إلى كتب منزل من الله تعالى و إلى رسل أرسلهم الله تعالى و أنزل عليهم الكتب و لكن لما كفروا و نشؤوا على الكفر و و لدوا عليه أصبحوا كفارا أصليين فوص الإسلام هنا وصف غير مؤثر كما ان وصف اليهودية و النصرانية وصف غير مؤثر في منع وصفهم بالكفار بالأصليين فالمناط المؤثر حقيقة هو نشؤوهم على الكفر و لادتهم عليه.
و الله اعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/72)
ـ[السدوسي]ــــــــ[14 - 03 - 04, 08:48 ص]ـ
ياإخوتي الكرام
لم الاختلاف، تعالوا إلى كلمة سواء.
دعونا من كلمة شيعي ورافضي (رغم أنه لاوجود للشيعة اليوم).
- ماحكم من زعم أن القرآن الذي بين أيدينا اليوم قد زيد فيه ونقص؟.
سيكون جوابنا بالاجماع أنه كافر كفرا أكبر.
الرافضة كلهم على هذا المعتقد.
- ماحكم من يقول بالبداء على الله؟.
كافر إجماعا.
والرافضة كلهم يقولون بالبداء على الله دون تقية.
- ماحكم من يطعن بنقلة الوحيين بل ويكفرهم؟.
- لاشك في كفره لأن طعنه بالناقل طعن بالمنقول.
والرافضة كلهم يطعنون في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إذن الرافضة كفار بإجماع أهل السنة والشيعة الأوائل ..... ومن لم يكفرهم فليراجع دينه وليسأل الله العافية.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[14 - 03 - 04, 08:50 ص]ـ
يا إخوان
كيف نعذرهم بالجهل؟
هل نعذر النصارى واليهود اليوم بالجهل كذلك؟!! أليس من سمع بمحمد عليه الصلاة والسلام ثم لم يتبعه فهو في النار؟
طيب إن سلمنا بأن الرافضي في "قم" جاهل، فماذا عن الرافضي في المملكة؟ ألم يسمع بدعوة التوحيد؟ ألم يدرسها في المدارس على الأقل؟ ألم يسمع أن الاستغاثة بغير الله شرك؟ ألم يعلم بأن لعن وتكفير الصحابة وأمهات المؤمنين كفر؟
وقال الإمام ابن القيم فى طبقات المكلفين: الطبقة السابعة عشرة: طبقة المقلدين وجهال الكفر وأتباعهم وحميرهم الذين معهم .. اتفقت الأمة على أن هذه الطبقة كفار وإن كانوا جهالا مقلدين لرؤسائهم وأئمتهم إلا ما يحكى عن بعض أهل البدع أنه لم يحكم لهؤلاء بالنار وجعلهم بمنزلة من لم تبلغه الدعوة, وهذا مذهب لم يقل به أحد من أئمة المسلمين" [عقيدة الموحدين:160].
وقال الشيخ الموفق بن قدامة: وزعم الجاحظ أن مخالف ملة الإسلام , إذا نظر فعجز عن إدراك الحق , فهو معذور غير آثم .. إلى أن قال: أما ماذهب إليه الجاحظ فباطل يقينا , وكفر بالله تعالى , ورد عليه وعلى رسوله ... [الدرر السنية:10\ 366 - 367].
وقال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب: "فمن المعلوم أن قيام الحجة ليس معناه أن يفهم كلام الله ورسوله مثل أبى بكر الصديق! بل إذا بلغه كلام الله ورسوله وخلا عن ما يعذر به فهو كافر كما كان الكفار كلهم تقوم عليهم الحجة بالقرآن مع قول الله {إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه} " .. [عقيدة الموحدين:152].
سئل الشيخ ابن باز: جملة من المعاصرين ذكروا أن من قال الكفر أو عمل الكفر فلا يكفر حتى تقام عليه الحجة ودرجوا عبادة القبور في هذا؟
فاجاب: هذا من جهلهم، هذا من جهلهم عباد القبور كفار واليهود كفار
ولكن عند القتل يستتاب
والنصارى كفار، فإن تاب وإلا قتل.
السائل: ولكن مسألة قيام الحجة؟
الجواب: بلغهم القرآن
(هذا بلاغ للناس) القرآن بلغهم بين المسلمين (وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ) (هذا بلاغ للناس) (يا أيها الرسول بلغ) قد بلغ الرسول
وجاء القرآن
وهم بين أيديهم يسمعونه في الاذاعات وفي كل شئ ولا يبالون ولا يلتفتون
ولو جاء أحد
ينذرهم وينهاهم آذوه _ نسأل الله العافية.
سؤال: حديث الرجل الذي قال إذا مت
فاسحقوني ......
الجواب: هذا جهل بعض الشيء من الامور الخفية من كمال القدرة
وجهلها فعذر خوفا من الله ..
مصدر الأسئلة والأجوبة: أشرطة شرح كشف الشبهات للشيخ تسجيلات البردين
وسئل الشيخ ابن عثيمين: ما رأيك فى مسلمين يستغيثون بالسادة والأولياء وغيرهم؟
الجواب: إذا كان فى بلاد الإسلام التى يظهر فيها التوحيد وليس فيها شىء من شعائر الكفر, وهو يعيش بينهم؛ فإنه لا يعذر فيه.
ثم بين الشيخ حال من كان فى البلاد"التى يكون فيها شعائر الشرك"! فقال: فذلك قد يعذر بالجهل! لإنه قد يكون عاميا لايدرى عن شىء أبدا .. ولم ينبهه أحد على ذلك!!
{س1215 من أسئلة لقاء الباب المفتوح}.
===========
نعود إلى السؤال: هل الرافضي ... كافر أصلي .. ؟
أقول: هناك ملايين المسلمين في إسبانيا تم تنصيرهم منذ قرون وصاروا اليوم نصارى، فهل ذريتهم اليوم في حكم المرتدين أم الكفار الأصليين؟
بالطبع هم كفار أصليون. لكن الشيعة الإمامية يخالفونهم في شيء، أن الشيعة يدعون أنهم من المسلمين، بينما هؤلاء الإسبان يصرحون بأنهم من غير المسلمين. بينما الشيعة البهائية والشيعة الإسماعيلية في الهند يتم معاملتهم (حتى من الهندوس والديانات الأخرى) على اعتبار أنهم دين آخر غير الإسلام.
فيجب تخيير أتباع الخميني بين أن يصرحوا بأنهم من المسلمين فيعاملون معاملة الزنادقة الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر. وبين المجوس فيعاملون معاملة الأديان الأخرى، وتبقى لهم حرية دينية نسبية (أقول نسبية لأنه لا يجوز أن نجيز لهم سب سادتنا الصحابة).
والله أعلم.
ـ[أحمد الفاضل]ــــــــ[06 - 02 - 05, 10:54 ص]ـ
سألت شيخي الشيخ عبد الرحمن البراك - حفظه الله - عن حكم الرافضة فقال: يعاملون معاملة المنافقين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/73)
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[06 - 02 - 05, 01:32 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=17498&highlight=%C8%C7%E1%DA%E4%C8%D1
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[06 - 02 - 05, 02:32 م]ـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله غي مجموع فتاواه (28/ 500 - 501):
"وأما تكفيرهم وتخليدهم ففيه أيضا للعلماء قولان مشهوران وهم روايتان عن أحمد والقولان فى الخوارج والمارقين من الحرورية والرافضة ونحوهم والصحيح أن هذه الأقوال التى يقولونها التى يعلم أنها مخالفة لما جاء به الرسول كفر وكذلك أفعالهم التى هى من جنس أفعال الكفار بالمسلمين هى كفر أيضا وقد ذكرت دلائل ذلك فى غير هذا الموضع لكن تكفير الواحد المعين منهم والحكم بتخليده فى النار موقوف على ثبوت شروط التكفير وإنتفاء موانعه فإنا نطلق القول بنصوص الوعد والوعيد والتكفير والتفسيق ولا نحكم للمعين بدخوله فى ذلك العام حتى يقوم فيه المقتضى الذى لا معارض له وقد بسطت هذه القاعدة فى "قاعدة التكفير"
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[06 - 02 - 05, 02:45 م]ـ
وقال ابن القيم رحمه الله في الطرق الحكمية:
قلت من كفر بمذهبه كمن ينكر حدوث العالم وحشر الأجساد وعلم الرب تعالى بجميع الكائنات وأنه فاعل بمشيئته وإرادته فلا تقبل شهادته لأنه على غير الإسلام فأما أهل البدع الموافقون لأهل الإسلام ولكنهم مخالفون في بعض الأصول كالرافضة والقدرية والجهمية وغلاة المرجئة ونحوهم فهؤلاء أقسام:
أحدها الجاهل المقلد الذي لا بصيرة له فهذا لا يكفر ولا يفسق ولا ترد شهادته إذا لم يكن قادرا على تعلم الهدى وحكمه حكم المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا
القسم الثاني المتمكن من السؤال وطلب الهداية ومعرفة الحق ولكن يترك ذلك اشتغالا بدنياه ورياسته ولذته ومعاشه وغير ذلك فهذا مفرط مستحق للوعيد آثم بترك ما وجب عليه من تقوى الله بحسب استطاعته فهذا حكمه حكم أمثاله من تاركي بعض الواجبات فإن غلب ما فيه من البدعة والهوى على ما فيه من السنة والهدى ردت شهادته وإن غلب ما فيه من السنة والهدى قبلت شهادته
القسم الثالث أن يسأل ويطلب ويتبين له الهدى ويتركه تقليدا وتعصبا أو بغضا أو معاداة لأصحابه فهذا أقل درجاته أن يكون فاسقا وتكفيره محل اجتهاد وتفصيل فإن كان معلنا داعية ردت شهادته وفتاويه وأحكامه مع القدرة على ذلك ولم تقبل له شهادة ولا فتوى ولا حكم إلا عند الضرورة كحال غلبة هؤلاء واستيلائهم وكون القضاة والمفتين والشهود منهم ففي رد شهادتهم وأحكامهم إذ ذاك فساد كثير ولا يمكن ذلك فتقبل للضرورة
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[06 - 02 - 05, 06:06 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اخوتي الاعزاء
فرق كبير بين كفر وكفر.
اعتذر الى الله من كل من رمى مسلما بالكفر.
تكلم البعض عن تكفير عوامهم وتكفير خواصهم.
الحقيقة الامر لا يرتبط بفرقة معينة ولا بطائفة , فمن اقترف الكفر خرج من الملة وان سمى نفسه ما يريد من اسماء.
الحق الذي لا مرية فيه , ان من عمل عملا نقض فيه اسلامه فهو الكافر اما ان يتوب والا فهو مرتد.
وللاسف فان الكثير منا قد يتكلم باناس بغير حق.
ان الذي يفعله شيخ الاسلام ابن تيمية انه كان يوضح مذهب من خرج عن الشرع ويبين انه بفعلته اصبح كذا او كذا ويبين اراء العلماء بالفعل. وفي العادة لا يذكر اسم الشيعة ويقول هم كذا او كذا. ومن المعروف ان الاسم لا يغير المسى ان لم تكن حقيقته كما سمي.
فكم من رافضي لا يعرف من الرافضية الا اليسير.
فمن يعلم شيئا فليبين علمه ويخص من فعل بمثل تلك الفعلة.
فالتوسل بالصالحين بدعة وليس كفرا وانما الشرك دعائهم باشخاصهم.
ومن قال بتحريف القران هو كافر دون من لا يعتقد ذلك.
والذي اعلمه عنهم انهم اجهل الناس في الاصول والذي يفعلونه اكثره لا يمكن معرفة حقيقته لوجود التقية.
فقول بعض اهل السنة بالكفر لا يكفر الا من قال به او اعتقد به.
ويمكن الاستزادة من كتاب الايمان الابي بكر ابن ابي شيبة.
ـ[الحارثي]ــــــــ[06 - 02 - 05, 07:42 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله وبعد:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/74)
فجزى الله إخواني خيراً، ومن يقولون بعدم كفر الرافضة من بعد ما تبين لهم حالهم فإنني أقول لهم كما قال الأخ الكريم فليراجعوا دينهم!
ولعلني أعذر من قال من الإخوة الكرام وممن نقلوا عنهم من طلبة العلم أن الرافضة يعاملون معاملة المنافقين ولكنني والله لا أجد العذر لمن ينفي عنهم الكفر أو يخوف الناس من تكفيرهم او يرهبهم منه!
ويلكم! إذا كان الذي يستغيث بأمير المؤمنين علي أو بأمير المؤمنين الحسن أو بالحسين رضي الله عنهم أجمعين ليس مشركاً فما هو الشرك؟!
وإذا لم يكن الذي يذبح لهم رضوان الله عليهم مشركاً فما هو الشرك؟!
وإذا كان الذي يعتقد جازماً أن كل ذرة من ذرات الكون في يدي الأئمة -عليهم السلام- ويجعل ذلك من ضروريات مذهبه! ليس مشركاً فمن هو المشرك؟!
وماذا عن الذي يقول إن إياب الخلق إلى الأئمة وحسابهم عليهم؟!
ولن أذكر بإجماع الأمة على كفر من ينكر معلوماً من الدين بالضرورة وهم ينكرون ضرورة هذا الدين وهو التوحيد وينكرون مصدره الضروري وهو القرآن -مهما أظهروا من معسول الكلام! -
وأقول لمن حاولوا التفريق بين علمائهم وعوامهم -بعد أن احيلهم على جواب الشيخ -رحمة الله عليه- إن الكافر المرتد هو الذي يدخل الإسلام ثم يخرج منه أما هؤلاء فمتى دخلوا الإسلام؟!
إن دخول الإسلام يكون اولاً وقبل كل شيء بأن يشهدوا ألا إله إلا الله (والشهادة تعني العلم بما يشهد به) فهل يعلم الرافضة معنى لاإله إلا الله؟! وهل يشهدون حقاً أنه كذلك؟! لا يكفي أن يظهروها حتى يقال عنهم مسلمين فقد قال المنافقون لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (نشهد إنك لرسول الله) وقد رد الله تعالى عليهم (ولله يشهد إنهم لكاذبون)!
واسأل أي رافضي عن معنى لا إله إلا الله وانظر ماذا يجيبك؟! إن أقصى علمهم بها هو أن معناها: لا خالق إلا الله! ومن المعلوم بالضرورة من الدين واللغة أن الإله هو (المعبود) أي الذي له كل شيء خالصاً وله يخضع كل شيء مطلقاً، وقد لخص العلماء المقصود بلا إله إلا الله بأنه (لا معبود بحق إلا الله)! فالرافضة على ذلك ما دخلوا في الإسلام أصلاً حتى يخرجوا منه!
فأنصح المتخوفين من تكفير الرافضة بأن يتقوا الله تعالى وأن يتفكروا في أمرهم!
وقد قال أحد الإخوة إنه يخشى أن يصل الأمر إلى التوقف في عوام اليهود والنصارى! ووالله الذي لا إله إلا هو -الذي مردنا إليه- لقد وصل الأمر إلى ما خشيت منه!! فقد كنت أناقش أحدهم حول موضوع الرافضة وأمثالهم ووصل الأمر إلى أن سألته عن (كلنتون) -أكرمكم الله- فوالله الذي لا إله إلا هو لقد قال لي: إنه يتوقف فيه ولا يستطيع الجزم بحاله!!! فإنا لله وإنا إليه راجعون! مع العلم بأن هذا الذي أتحدث عنه يعد نفسه طالب علم! وله كتيبات ونشرات مطبوعة! فانظروا إلى من يتبع خطوات الشيطان! إلى أين يصل به الأمر!!
وأما من يحتج بالمشركين الذين يستغيثون بالأضرحة وادعى أنهم من أهل السنة فمن قال إنهم من المسلمين أصلاً؟! فكيف تحتج بهم علينا؟! أسال الله تعالى أن يهديكم وأن يرفع عنكم الغشاوة!
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[06 - 02 - 05, 08:58 م]ـ
هل كل الشيعة سواء؟؟؟(26/75)
هل الرافضي ... كافر أصلي .. ؟
ـ[خالد الوايلي]ــــــــ[10 - 10 - 03, 09:18 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
هل يصح لنا أن نقول إن الروافض كفار أصليون أتباعاً ومتبوعين .. ؟
فلا عيب علينا إن كفرناهم
كما نكفر البوذيين والنصارى والهندوس
الكافرون كفراً أصلياً ... ؟
ارجوا ارشادنا الى الصواب مع الرفق واللين
حفظكم رب العالمين
- آمين-
ـ[أبو العالية]ــــــــ[10 - 10 - 03, 12:24 م]ـ
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ..
الأخ الكريم / خالد وفقه الله
أي رفق وأي لين في هذا الموضوع.
نعم هم كما ذكرت ولا كرامة، فهم كفاراً أصليين يولدون وينشؤون على الكفر والشرك بالله.
والله أعلم
ـ[المضري]ــــــــ[10 - 10 - 03, 12:58 م]ـ
مرتدون وليسوا كفارا اصليين.
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[10 - 10 - 03, 01:33 م]ـ
من قال من أهل العلم إنهم كفار أصليون؟؟؟
ـ[المسيطير]ــــــــ[10 - 10 - 03, 02:41 م]ـ
اقول والله اعلم انه لاخلاف في كفر ائمتهم ورؤوسهم الضلال لما فيهم من تأليه ائمتهم ووصفهم بالصفات التي لاتليق الا بمن خلقهم جل وعلا، والاستعانة والاستغاثة بالاموات ودعائهم اصحاب القبور،وادعائهم ان جبريل عليه السلام خان الرسالة، وادعائهم تحريف القرآن الكريم، وتكذيبهم لآيات صريحة في كتاب الله تعالى كايآت براءة عائشة رضي الله عنها،وايآت الثناء على ابي بكر والصحابة عامة، وغيرها من الطوام التي تكون في اعتقاداتهم وعباداتهم، لكني اظن ان قصد السائل عامتهم الجهال واطفالهم، لذا انقل لكم ما سمعته من الامام ابن باز رحمه الله وقد سئل عن الرافضة فقال: هم كفار، فقال السائل وعوامهم؟ فالتفت اليه الشيخ (حيث كان السائل في جهة الشيخ اليسرى) فقال: وعوام اليهود والنصارى، اليسوا كفار؟ فقال السائل: بلى، فقال الشيخ وكذلك الرافضة.أ. هـ
وقد سمعت من احد المشايخ (بالياء لا بالهمزة) يقول: حكمهم في الدنيا الكفر لما يرى عليهم من نواقض الاسلام الظاهرة والباطنة، اما في الاخرة فحكمهم الى الله تعالى.
ـ[خالد الوايلي]ــــــــ[10 - 10 - 03, 07:42 م]ـ
أشكر المشايخ الفضلاء على مرورهم الكريم
وإجابة العلامة القدوة /عبد العزيز بن باز - رحمه الله -
نافعة جداً في هذا الباب كما سمعها أخونا الشيخ المسيطير
وكأن القول بردتهم بعيد
لأن الردة عن الإسلام هي الخروج منه بعد الدخول فيه
والروافض رؤوساً ومتبوعين ماذاقوا طعم التوحيد
فالشرك يشب عليه الصغير ويهرم عليه الكبير
فانحرافهم عن التوحيد من الصغر حتى الهرم والكبر
ولا نستغني عن توجيه مشايخنا الى الصواب بدليله
ـ[جليس الصالحين]ــــــــ[10 - 10 - 03, 09:32 م]ـ
السلام عليكم
ايها الاخوة الكرام توخوا الحذر في هذه المسالة!!!!!
ماالمقصود بانهم كفار؟ هل كفر يخرج من الملة؟ فان كانو كذلك فما معنا صلاتهم الى قبلتكم التي تصلون اليها!!!
اما طوافهم حول القبور فهناك من حالهم من جلدتنا الذين ينتسبون الى اهل السنة مثل الصوفية والاحباش وغيرهم من عوام الناس
واما الاستغاثة فهناك ايضا من هم من ينتسب الى اهل السنة من يستغيث بالرسول المصطفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وبعبد القادر الكيلاني وبالرفاعي والمرسي ......
فياليت شعري لو اننا تريثنا قليلا عن تكفير عباد الله وهو اعلم بهم ما كان هذا حال الامة والامثلة كثير امامكم وهذا صحابي يشهر سيفه لقتل كافر فينطق ذلك الكافر بكلمة التوحيد فتردد ذلك الصحابي لقتل هذا الكافر فقتله فقال له بنفسي وامي وابي هو رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اين انت من لا اله الا الله يوم القيامة
والرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقول من قال للاخر ياكفر فقد بائة بها احدهما!!!!
فرجعوا بارك الله عليكم الى اهل العلم في هذه المسالة الذين هم سطروا كتب من ذهب لا لتوضع على الرفوف ليقال عنه طالب علم ولا يعلم مابداخلها من رحيق المختوم ومن هؤلاء الاجلاء التقاة لله سبحانه وتعالى ابن تيمية ذلك الفدائي المجاهد في الله حق الجهاد الذي كان يكتب بين صلاة الظهر والعصر كتاب من مائتين واكثر صفحة فله باع طويل في محاربة اهل البدع والضلال. ومن العلماء المعاصرين الجلاء الشيخ الاباني عليه رحمة من الله واسعة الى يوم يرث الله الارض ومن عليها وغيره من العلماء التقاة
واخيرا يا اخوان هذا منتدى فيه من اهل العلم والصلاح الكثير كثرهم الله وجعلهم ذخر لنا وللامة الامية وهناك في هذا المنتدى الكثير من العلوم الفقهية والحديث والعقيدة فلو انشغلت بها لكان الخير وكل الخير في ذاك
وفي الختام ارجوا المعذرة ان اخطأة في حقكم وانا اخوكم الصغير وقد تطاولت على اساتذتي ومشايخي واخوتي ولكم مني الاعتذار والعفو
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أبو حازم المسالم]ــــــــ[11 - 10 - 03, 12:41 ص]ـ
من من العلماء يا (جليس الصالحين) قال بعدم كفر الرافضة القائلين بتحريف القرآن و الطاعنين في أصحاب رسول الله و أزواجه؟!!!
و هل صلاتهم مثل صلاتنا؟
و هل من يعبد القبور يكون من أهل السنة يا فقيه؟
أنتظر ردك بعد خمسمائة سنة!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/76)
ـ[أبو عبد الله الروقي]ــــــــ[11 - 10 - 03, 02:10 ص]ـ
قال شيخ الإسلام ابن تيميّة في خاتمة جوابٍ له عن الرافضة:
(وأما تكفيرهم وتخليدهم: ففيه أيضا للعلماء قولان مشهوران: وهما روايتان عن أحمد. والقولان في الخوارج والمارقين من الحرورية والرافضة ونحوهم. والصحيح أن هذه الأقوال التي يقولونها التي يعلم أنها مخالفة لما جاء به الرسول كفر وكذلك أفعالهم التي هي من جنس أفعال الكفار بالمسلمين هي كفر أيضا. وقد ذكرت دلائل ذلك في غير هذا الموضع؛ لكن تكفير الواحد المعين منهم والحكم بتخليده في النار موقوف على ثبوت شروط التكفير وانتفاء موانعه. فإنا نطلق القول بنصوص الوعد والوعيد والتكفير والتفسيق ولا نحكم للمعين بدخوله في ذلك العام حتى يقوم فيه المقتضى الذي لا معارض له. وقد بسطت هذه القاعدة في " قاعدة التكفير ". ولهذا لم يحكم النبي صلى الله عليه وسلم بكفر الذي قال: إذا أنا مت فأحرقوني ثم ذروني في اليم فوالله لأن قدر الله علي ليعذبني عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين مع شكه في قدرة الله وإعادته؛ ولهذا لا يكفر العلماء من استحل شيئا من المحرمات لقرب عهده بالإسلام أو لنشأته ببادية بعيدة؛ فإن حكم الكفر لا يكون إلا بعد بلوغ الرسالة. وكثير من هؤلاء قد لا يكون قد بلغته النصوص المخالفة لما يراه ولا يعلم أن الرسول بعث بذلك فيطلق أن هذا القول كفر ويكفر متى قامت عليه الحجة التي يكفر تاركها؛ دون غيره. والله أعلم؟.)
انظر الجواب كاملاً في (مجموع الفتاوي) (28/ 468ـ501) وفيه عَرضٌ لتاريخ الرافضة و معاونتهم لأعداء الإسلام ..
ـ[أبو نادر]ــــــــ[11 - 10 - 03, 02:24 ص]ـ
الأخ المضري إلى الآن لم يتصور أصل عقيدة الرافضة. ولذلك خُلِّطَ عليه بين الكافر الأصلي والمرتد.
وأما جليس الصالحين: فياليته لم يُشارك, لأنه في وادٍ والمسألة في وادٍ آخر. لأن الكلام الذي ذكره يُنكره العامي البليد من أهل السنة فضلا عن طلبة العلم والعلماء.
وأما الحكم على الرافضة فقد بينه العلماء في القديم والحديث وزبدته موجوده في فتوى ابن باز رحمه الله وفتاوى اللجنة الدائمة. فياليت من عنده القدره على وضعه ضمن المشاركات أن يضعه هنا إغلاقا للباب ومنعاً من دخول بعض أهل السفسطة والقرمطة.
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[11 - 10 - 03, 02:27 ص]ـ
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى
فصل في تفصيل القول فيهم
(( ... وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد الرسول صلى الله عليه وسلم إلا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر نفسا، أو أنهم فسقوا عامتهم، فهذا لا ريب أيضا في كفره لأنه مكذب لما نصّه القرآن في غير موضع: من الرضى والثناء عليهم، بل من شك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين ... ))
الصَّارم المسلول ص 586 ط الكتب العلمية
وهو آخر فصل في الكتاب
فمن من هؤلاء الروافض لا يلعن الشيخين الإمامين العدلين خليفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهما ولعن من سبهما أو من أحبَّ سابهما وداهنه
ـ[أم البراء]ــــــــ[11 - 10 - 03, 03:19 ص]ـ
المشايخ الأفاضل ..
الرافضة - لعنهم الله - كفار ..
وكنت قد سألت أحد أساتذة العقيدة عن تكفيرهم .. فقال: لا تكفري أعيانهم!! حتى تقام الحجة!!
فما صحّة قوله .. مع يقيني أن الحجة قد قامت عليهم .. ولا أدري ما الذي دعاه لذلك القول ..
أريد بيان الحق في ذلك ..
وجزاكم الله خيرا ..
ـ[المسيطير]ــــــــ[11 - 10 - 03, 05:05 ص]ـ
الاخت امالبراء وفقها الله هو كما قلت من ناحية اقامة الحجة، فقد سمعت الامام ابن باز رحمه الله تعالى وقد سئل عن الكفار الموجوين في العالم هل قامت عليهم الحجة، فقال رحمه الله تعالى: يظهر ان الحجة قد قامت عليهم، لأن وسائل الاتصالات الحديثة قد اوصلت الاسلام الى كل من سمعها او اطلع عليها.أ. هـ
قلت: لو ما يكون في الوسائل الا ذكر اسم الاسلام وانه دين سماوي، لوجب على الكافر البحث عنه والسؤال عنه، وبهذا تقوم عليه الحجة.
ايضا الاحداث الاخيرة لا أظنها غابت عن احد من الكفار - الا من شاء الله - ولا بد انهم سمعوا عن الاسلام، فعلى فتوى الامام ابن باز قد قامت عليهم الحجة.
والله اعلم،،
والحمد لله على نعمة الاسلام والسنة.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[11 - 10 - 03, 06:34 ص]ـ
الحمدلله والصلاة و السلام على رسول الله وبعد.
أعتقد أن الأمر ظاهر والعلم عند الله في كفرهم كفراً أصلياً.
والحجة قائمة عليهم في كل وقت وفي كل مكان، وهذا ظاهر لمن أتعب نفسه قليلاً في التأمل.
وأما الورع البارد فيهم نوعاً ما فلا حباً ولا كرامة!! مع حبنا لعلمائنا الربانيين في ذلك، ولكن يبقى الحق حقاً.
وأخشى أن يأتي اليوم (وقد أتى) من يشكك في كفر أهل الكتاب، والله المستعان.
وتكبر الطامة حين يكون ممن ينسب إلى أهل العلم؟؟!!!
ولا حول ولا قوة إلا الله.
دعوة للمراجعة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/77)
ـ[السعيدي]ــــــــ[11 - 10 - 03, 06:56 ص]ـ
أخواني هذه المسأله في غاية الخطوره
حيث نحكم بهذه المسأله على ملايين المسلمين بالكفر
فبالرغم من كراهيتنا لأعمال الرافضة والشيعه والاباضية، إلا انه يجب التريث بالحكم عليهم جميعا بالخروج من المله
فهم على ما يقومون به من اعمال شركيه وتكفيرهم لبعض الصحابة رضوان الله عليهم وبعض امهات المؤمنين
فهم بمنزلة اليهود والمجوس
ولكن الحكم على جميعهم بالكفر
هذا يحتاج الى تريث وتأني
والله أعلم
هذا على عجاله
وللكلام بقية
ـ[أخوكم]ــــــــ[11 - 10 - 03, 08:01 ص]ـ
ما حكم الطائفة الزيدية الشيعية؟
ـ[ابن فواز]ــــــــ[11 - 10 - 03, 02:07 م]ـ
السلام عليكم
الاخ كاتب الموضوع ... جزاه الله خير ... اوصاكم عند سؤاله باللين والرفق
ويا ليت ... ابونادر التزم بهذا الامر ...
فيا اخ ابونادر .... الرسول -صلى الله عليه وسلم -قال"من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او لبصمت ... "
اما انك تاتي باسلوب غير لائق ... وتبدا الرد بعبارة"""ايش هذا ... ؟؟؟؟!!! "
ثم تقول للاخ جليس الصالحين ... يا ليته ما كتب او ليته ما دخل!!!!!!
والله يا ليتك انت ما كتبت هذا الرد ... فالرجاء انك تلتزم الادب مع اخوانك فالله .. واما ان ترد بخير ورد علمي رصين او ما تكتب شي ... لاني وانت وكل الاخوان في هذا المنتدى ما ولدنا علماء ... فرجاءا بين الحق للاخوان قبل ان تقول يا ريته ويا ليته!!!!!
اما الاخ المسيطير ... جزاك الله خير على نقل الشيخ بن باز ... ويا اخي الفاضل ... نحن الذين نكتب في النت مجهولين ولا يعرف بعضنا بعض ... وبالنسبة لقولك سمعت من الشيخ بن باز ... رحمه الله ... تحتاج الى تبين المصدر او الرابط ... اما انك سمعت ... فعذرا .... نحن لا نعرفك ان كنت جليس للشيخ رحمه الله ... لذلك اخي ارجو منك ان تحيلنا الى كتاب او رابط حتى يتسنا نحن نعرف الحق.
اما تكفير الشيعة الروافض ... فربما الكل سمع المناظرات الثانية بين الشيخ عثمان خميس والرافضي الموسوي ... فلقد نقل قول الشيخ ابن عثيمين بالنسبة لتكفير عوام الشيعة ... فارجو ان ترجعوا اليه
اما تكفير خواص الشيعة وعلمائم (ان قلنا بان العوام غير كفار .. ) فالاصل ان العالم منهم كان عاميا وجاهل ثم عرف الدليل وقرا وزتبين له الحق فجحد واعرض .. ثم بذلك كفر فاصبح كفره كفر ردة.
وبالنسبة للراي الاخر ... ان قلنا ان كفرهم كفر اصلي ... فهذا يستلزم ان من شك في كفرهم فهو كافر .. كمن يشك في كفر اليهود والنصارى ... لذا اقول فلننقل كلام اهل العلم مفصلا عن هذا الامر وبدقة حتى نتعلم ونتبين.
هذا والله اعلى واعلم
والسلام عليكم
ـ[ابو عبد الرحمن الداخل]ــــــــ[11 - 10 - 03, 02:48 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الروافض ايه الاخوة الذين يعيشون في بلادنا قد قا مت عليهم الحجة لانهم درسوا في مدارسنا وتعلموا ديننا واخذوا منمناهج التوحيد من تعريف للشرك وانواعه وحرمته وانه يخرج الانسان من الاسلام بالكلية فهؤلاء كفار والله اعلم ولقد سمعت احد علماء الاحساء يكفرهم فما بعد الاستغاثة بعلي شي ولقد سمعت احدهم يقول لي: ولدي اعلمه اذا قام يقول يا علي واذا نا م يقول يا علي ولو ادري انه ما يقولها كان قطعت عنقه فماتذا تعتقد بهؤلاء.
اما الذين يعيشون في غير بلاد الحرمين كإران والعراق مثلاَ فالخلاف فيها اوسع والله اعلم انهم كفار لان الحجه قد بلغتهم وقد يفصل في بعض افرادهم كالذين لم تبلغهم الحجه وعلمهم عند الله. والله اعلم
لكن المهم من ذلك ما اذا قدمنا في سبيل دعوتهم والعمل المفيد الذي يخدم امتنا وديننا وتعريف الناس بحقيقة هؤلاء الروافض.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
الحق هو الغالب و لو طال الزمان
ـ[عبد الله زقيل]ــــــــ[11 - 10 - 03, 04:55 م]ـ
إليكم رأي سماحة العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - في الرافضة:
1 - ما رأي سماحتكم في الشيعة، وهل يجوز أن نأكل أو نشرب معهم؟
http://media.islamway.com/fatawa/binbaz/0233B.rm
2 - ما الفرق بين الفقه عند أهل السنة والشيعة؟
http://media.islamway.com/fatawa/binbaz/0113B.rm
3 - ما حكم زواج المسلم من أهل السنة والجماعة من الشيعة؟
http://media.islamway.com/fatawa/binbaz/0420B.rm
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/78)
4 - ما حكم تكفير طائفة "الرافضة"؟
http://media.islamway.com/fatawa/binbaz/0120B.rm
5 - ما رأيكم في تشاؤم الرافضة من شهر صفر، وفعلهم لبعض الأفعال الغريبة في هذا الشهر؟
http://media.islamway.com/fatawa/binbaz/0234B.rm
ـ[السعيدي]ــــــــ[11 - 10 - 03, 11:43 م]ـ
اسم المفتى: محمد بن صالح العثيمين
رقم الفتوى: 15279
المصدر: http://www.al-eman.com/
نص السؤال
سئل فضيلة الشيخ: هل يعتبر الشيعة في حكم الكُفَّار؟ وهل ندعوالله تعالى أن ينصر الكفار عليهم؟
نص الفتوى
فأجاب بقوله: الكفر حكم شرعي مرده إلى الله ورسوله فما دل الكتاب والسنة على أنه كفر فهو كفر، وما دل الكتاب والسنة على أنه ليس بكفر فليس بكفر، فليس على أحد بل ولا له أن يكفر أحداً حتى يقوم الدليل من الكتاب والسنة على كفره.
وإذا كان من المعلوم أنه لا يملك أحد أن يحلل ما حرم الله، أو يحرم ما أحل الله، أو يوجب مالم يوجبه الله تعالى إما في الكتاب أو السنة، فلا يملك أحد أن يكفر من لم يكفره الله إما في الكتاب وإما في السنة.
ولا بد في التكفير من شروط أربعة:
الأول: ثبوت أن هذا القول، أو الفعل، أو الترك كفر بمقتضى دلالة الكتاب أو السنة.
الثاني: ثبوت قيامه بالمكلف.
الثالث: بلوغ الحجة.
الرابع: انتفاء مانع التكفير في حقه.
فإذا لم يثبت أن هذا القول، أو الفعل، أو الترك كفر بمقتضى دلالة الكتاب والسنة، فإنه لا يحل لأحد أن يحكم بأنه كفر، لأن ذلك من القول على الله بلا علم وقد قال الله تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها ومابطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} وقال: {ولا تقف ماليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً}.
وإذا لم يثبت قيامه بالمكلف فإنه لا يحل أن يرمى به بمجرد الظن لقوله تعالى: {ولا تقف ماليس لك به علم}. الآية ولأنه يؤدي إلى استحلال دم المعصوم بلا حق.
وفي الصحيحين من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: "أيما أمرئ قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما؛ إن كان كما قال، وإلا رجعت عليه"، هذا لفظ مسلم. وعن أبي ذرٍ رضي الله عنه ـ أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: "لا يرمي رجل رجلاً بالفسوق، ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه، إن لم يكن صاحبه كذلك". أخرجه البخاري ولمسلم معناه.
وإذا لم تبلغه الحجة فإنه لا يحكم بكفره لقوله تعالى: {وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ}. وقوله تعالى: {وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولاً يتلو عليهم آياتنا وماكنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون}. وقوله تعالى: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ـ إلى قوله ـ: رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً}. وقوله تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً}.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه -أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: "والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ـ يعني أمة الدعوة ـ يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار".
لكن إن كان مَن لم تبلغه الحجة لا يدين بدين الإسلام، فإنه لا يعامل في الدنيا معاملة المسلم، وأما في الآخرة فأصح الأقوال فيه أن أمره إلى الله تعالى.
وإذا تمت هذه الشروط الثلاثة أعني ثبوت أن هذا القول، أو الفعل أو الترك كفر بمقتضى دلالة الكتاب والسنة، وأنه قام بالمكلف، وأن المكلف قد بلغته الحجة ولكن وجد مانع التكفير في حقه فإنه لا يكفر لوجود المانع.
فمن موانع التكفير:
الإكراه فإذا أُكره على الكفر فكفر وكان قلبه مطمئناً بالإيمان لم يحكم بكفره، لوجود المانع وهو الإكراه قال الله تعالى: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم}.
ومن موانع التكفير:
أن يغلق على المرء قصده فلا يدري ما يقول لشدة فرح، أو حزن، أو خوف، أو غير ذلك لقوله تعالى:
{وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفوراً رحيماً}.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/79)
وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم،: "لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ خطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح".
فهذا الرجل أخطأ من شدة الفرح خطأ يخرج به عن الإسلام لكن منع من خروجه منه أنه أغلق عليه قصده فلم يدر مايقول من شدة الفرح، فقد قصد الثناء على ربه لكنه من شدة الفرح أتى بكلمة لو قصدها لكفر.
فالواجب الحذر من إطلاق الكفر على طائفة أو شخص معين حتى يعلم تحقق شروط التكفير في حقه وانتفاء موانعه.
إذا تبين ذلك فإن الشيعة فرق شتى ذكر السفاريني في شرح عقيدته أنهم اثنتان وعشرون فرقة، وعلى هذا يختلف الحكم فيهم بحسب بعدهم من السنة، فكل من كان عن السنة أبعد كان إلى الضلال أقرب.
ومن فرقهم الرافضة الذين تشيعوا لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين ـ رضي الله عنهم جميعاً ـ تشيعاً مفرطاً في الغلو لا يرضاه علي بن أبي طالب ولا غيره من آثمة الهدى، كما جفوا غيره من الخلفاء جفاء مفرطاً ولا سيما الخليفتان أبو بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ. فقد قالوا فيهما شيئاً لم يقله فيهما أحد من فرق الأمة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى 3/ 356 من مجموع ابن قاسم:
"وأصل قول الرافضة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، نص على علي ـ يعني في الخلافة ـ نصاً قاطعاً للعذر، وأنه إمام معصوم، ومن خالفه كفر، وأن المهاجرين والأنصار كتموا النص، وكفروا بالإمام المعصوم، واتبعوا أهواءهم، وبدلوا الدين، وغيروا الشريعة، وظلموا واعتدوا، بل كفرواً إلا نفراً قليلاً إما بضعة عشره، أو أكثر، ثم يقولون إن أبابكر وعمر ونحوهما مازالوا منافقين، وقد يقولون: بل آمنوا ثم كفروا، وأكثرهم يكفر من خالف قولهم ويسمون أنفسهم المؤمنين، ومن خالفهم كفاراً ومنهم ظهرت أمهات الزندقة والنفاق كزندقة القرامطة والباطنية وأمثالهم ". أ. هـ. وانظرقوله فيهم أيضاً في المجموع المذكور4/ 428ـ 429.
وقال في كتابه القيم: (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم) ص951 تحقيق الدكتور ناصر العقل:
"والشرك وسائر البدع مبناها على الكذب والافتراء، ولهذا كل من كان عن التوحيد والسنة أبعد كان إلى الشرك والابتداع والافتراء أقرب، كالرافضة الذين هم أكذب طوائف أهل الأهواء، وأعظمهم شركاً فلا يوجد في أهل الأهواء أكذب منهم، ولا أبعد عن التوحيد منهم، حتى إنهم يخربون مساجد الله التي يذكر فيها اسمه فيعطلونها من الجماعات والجمعات ويعمرون المشاهد التي على القبور التي نهى الله ورسوله عن اتخاذها". أ. هـ.
وانظر ما كتبه محب الدين الخطيب في رسالته "الخطوط العريضة" فقد نقل عن كتاب "مفاتيح الجنان" من دعائهم ما نصه: "اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، والعن صنمي قريش، وجبتيهما، وطاغوتيهما، وابنتيهما" قال: ويعنون بهما وبالجبت والطاغوت أبابكر وعمر، ويريدون بابنتيهما أم المؤمنين عائشة، وأم المؤمنين حفصة رضي الله عن الجميع.
ومن قرأ التاريخ علم أن للرافضة يداً في سقوط بغداد وانتهاء الخلافة الإسلامية فيها حيث سهلوا للتتار دخولها وقتل التتار من العامة والعلماء أمماً كثيرة، فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب "منهاج السنة" أنهم هم الذين سعوا في مجيء التتر إلى بغداد دار الخلافة حتى قتل الكفار ـ يعني التتر ـ من المسلمين مالا يحصيه إلا الله تعالى من بني هاشم وغيرهم وقتلوا بجهات بغداد ألف ألف وثمانمائة ألف ونيفاً وسبعين ألفاً وقتلوا الخليفة العباسي وسبوا النساء الهاشميات وصبيان الهاشميين. أ. هـ. 4/ 592. تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم.
ومن عقيدة الرافضة: "التقية" وهي أن يظهر خلاف ما يبطن ولا شك أن هذا نوع من النفاق يغتر به من يغتر من الناس.
والمنافقون أضر على الإسلام من ذوي الكفر الصريح ولهذا أنزل الله تعالى فيهم سورة كاملة كان من هدي النبي، صلى الله عليه وسلم، أن يقرأ بها في صلاة الجمعة، لإعلان أحوال المنافقين والتحذير منهم في أكبر جمع أسبوعي وأكثره وقال فيها عن المنافقين: {هم العدو فاحذرهم}.
وأما قول السائل: هل يدعو المسلم الله أن ينصر الكفار عليهم؟
فجوابه: أن الأولى والأجدر بالمؤمن أن يدعو الله تعالى أن يخذل الكافرين وينصر المؤمنين الصادقين الذين يقولون بقلوبهم وألسنتهم ما ذكر الله عنه في قوله: {ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم}. ويتولون أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، معترفين لكل واحد بفضله، منزلين كل واحد منزلته من غير إفراط ولا تفريط، نسأل الله تعالى أن يجمع كلمة المؤمنين على الحق وأن ينصرهم على من سواهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/80)
ـ[الوسيط]ــــــــ[12 - 10 - 03, 03:15 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله في جميع الاخوة ونفع بهم اللهم آمين
الفتاوى المعاصرة في الرافضة ( http://www.saaid.net/book/open.php?cat=86&book=36)
ـ[المسيطير]ــــــــ[12 - 10 - 03, 05:40 ص]ـ
الاخ ابن فواز،،،
اشكرك على موقفك تجاه المعلومة، وهذا هو المطلوب تجاة الاخبار، ولقد حاولت ان ابحث عن بريدك الخاص لكني لم استطع الحصول عليه.
اما بالنسبة لما نقلت عن الامام ابن باز فقد سمعته باذني رأسي وكاني انظر اليه رحمه الله امام عيني وهو يقولها، وقد كتبتها عنه باليوم والتاريخ والوقت، وهي موجودة لدي.
وقد كان لي شرف حضور دروس الامام، اسأل الله تعالى ان يبارك فيها. حيث كنت من ضمن المتفرجين في الدرس على سماحته، ليس الا.
ـ[أخوكم]ــــــــ[21 - 10 - 03, 05:01 م]ـ
الطائفة التي نص الشرع على كفرها فنكفرها ولا كرامة لها كاليهود والنصارى ونحوهم. بدون الحاجة لمعرفة من عمل الكفر منهم.
فبما أن الله كفرهم فكلهم عملوا الكفر.
أما الطوائف التي لم يرد نص في الشرع بتسميتها وكفرها
فلا أفضل من: تكفير من عمل الكفر منهم
دون الحاجة لتعميم التكفير خاصة تلك الطائفة التي هي منقسمة في داخلها وينكر بعضها على بعض.
والله أعلم
ـ[الفاضل]ــــــــ[21 - 10 - 03, 07:50 م]ـ
أخي المسيطر قلت:
وقد سمعت من احد المشايخ (بالياء لا بالهمزة) يقول: حكمهم في الدنيا الكفر لما يرى عليهم من نواقض الاسلام الظاهرة والباطنة، اما في الاخرة فحكمهم الى الله تعالى.
هل نستطيع الحكم على شخص بالكفر ونقول أمره إلى الله؟؟!!
لا يستقيم، هل قال أحد من أهل العلم بهذا الكلام؟؟
أرجو التوضيح .. وجزاك الله خيرا
ـ[محب أهل العلم]ــــــــ[21 - 10 - 03, 08:36 م]ـ
الشيخ الألباني - رحمه الله - يرى أن علمائهم كفار لأن الحجة قامت عليهم بخلاف العوام فأنهم في الآخرة حكمهم حكم على أهل الفترة!
وفي نظري أن هذا يلتقى مع كلام ابن باز في الثمرة! لأنه في الآخرة لم يجعلهم من المسلمين
والطوائف الإسلامية منها كفريه ومنها بدعية!
- فالبهائية طائفة كافرة! وهم يدعون الانتساب إلى الإسلام
- والقادينية مثلهم
- والباطنية
- فما هو حكم عوامهم؟ هو حكم عوام الرافضة! لأن المعتقدات واحدة و إن أحتلفت التسيمة بين الإيمان برسول جديد والإيمان بإمام معصوم يبلغ الدين عن الله!
والسؤال المهم في الموضوع! هل هناك من عوام الرافضة من يؤمن بالإسلام إيمانا مجملا! لا يعرف شيئا عن معتقدات الرافضة الكفرية؟
أم أنه لا يوجد؟ فإن كان يوجد فهل هم قلة في الرافضة نادرة أو كثرة كاثرة!
في ظني الجواب على السؤال الأخير هو فصل النزاع في مسألة عوام الرافضة
أما علمائهم! فلا ينبغي الاختلاف في كفرهم والله أعلم
ـ[السعيدي]ــــــــ[21 - 10 - 03, 10:33 م]ـ
أنا اتفق مع الأخ محب أهل العلم
فيما مال إليه وصرح
والله أعلم بالنيات
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[22 - 10 - 03, 07:46 ص]ـ
وهذه فتوى لعلماء أهل السنة المعاصرين في إكفار علماء وعوام الرافضة الإمامية المتواجدين في وقتنا هذا فتمعن فيها عل الله أن ينفعك بها.
وتعرف حكم الله في هذه الفرقة التي حادت الله ورسوله
(15) س / ما حكم عوام الروافض الإمامية الإثني عشرية؟ وهل هناك فرق بين علماء أي فرقة من الفرق الخارجة عن الملة وبين أتباعها من حيث التكفير أو التفسيق.
ج / من شايع من العوام إماماً من أئمة الكفر والضلال وانتصر لسادتهم وكبرائهم بغياً وعدواً حكم له بحكمهم كفراً وفسقاً قال تعالى: " يسئلك الناس عن الساعة " إلى أن قال: " وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا * ربنا ءاتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا " وأقرأ الآية رقم 165،166،167 من سورة البقرة والآية رقم 37،38،39، من سورة الأعراف والآية رقم 21،22 من سور سبأ والآيات قم 20 حتى 36 من سورة الصافات والآيات 47 حتى 50 من سورة غافر وغير ذلك في الكتاب والسنة كثير ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قاتل رؤساء المشركين وأتباعهم وكذلك فعل أصحابه ولم يفرقوا بين السادة والأتباع.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس نائب رئيس اللجنة عضو عضو
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز عبدالرزاق عفيفي عبدالله بن غديان عبدالله بن قعود
[فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ج2/ 377]
ـ[أبوبدر ناصر]ــــــــ[23 - 10 - 03, 06:44 ص]ـ
تكفبر الرافضة و المشرعين؟
السلام عليكم,
هل الرافضة كفار أصليون أو مرتدون؟
الذي أسلم جديدا ثم أضله بعض المنتسبين إلى إسلام إلى عبادة القبور بسم الإسلام, هل يعتبر كافر أصلي لجهله بمقتضاة الشهادة أم هو مرتد؟ و إذا قلنا أنه كافر أصلي ألا يفتح الباب للناس أن يسلم بنية الردة و التعذر بالجهل؟
هل يعد العلم شرط للإسلام الحكمي أو الحقيقي؟
و هل أعضاء المجالس التشريعية من الإسلاميين كفار بأعيانهم كما يقول أبو محمد المقدسي؟ لأنهم قد وقعو في شرك أكبر و لا عذر في الشرك الأكبر في مسمى الإسلام؟
و ما حكم المصوطين من أعوم المسليمين؟
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد:
فالرافضة كفار أصليون؛ لأنهم لم يدخلوا في دين الإسلام أصلاً، وإذا كان الرجل كافراً أصلياً ثم نطق بالشهادتين ثم صار عابداً للقبر أو نحو ذلك فهو مرتد، لأنه دخل الإسلام بالشهادتين ثم خرج منه بهذا العمل.
أما قولك: هل يعد العلم شرط للإسلام الحكمي أو الحقيقي؟ فلم أدر ما المقصود به!.
وأما أعضاء المجالس التشريعية من الإسلاميين فلا يكفرون بأعيانهم لوجود التأويل والشبهة لأنهم لم يدخلوا في البرلمان إلا لتحكيم شريعة الإسلام بزعمهم، وهذه شبهة تدرء الكفر عنهم.
وبالنسبة للمصوتين: فإن من كانت لديه شبهة كشبهة البرلمانيين الإسلاميين فإنه لا يكفر، وأما غيره: فإن كان يعلم حقيقة البرلمان ثم صوّت بعد ذلك فإنه يكفر؛ لأنه أجاز أن يكون التشريع لغير الله تعالى، والله تعالى أعلم.
المصدر:
http://www.al-fhd.com/vb/showthread.php?s=&threadid=541
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/81)
ـ[المسيطير]ــــــــ[26 - 10 - 03, 06:55 ص]ـ
الاخ الفاضل / الفاضل
نعم يمكنك مراجعة المنتقى من الملتقى الذي اعده الشيخ ابو عمر فائدة رقم 206.
وجزاك الله خيرا.
ـ[سيف الله]ــــــــ[26 - 10 - 03, 09:22 ص]ـ
الحمد لله
رأيي أن مذهب الرافضة أنه عقيدة مستقلة بذاتها كديانات الكفر الموجودة الآن كالنصرانية واليهودية ولكن مهندس صناعة هذا الدين كان من الذكاء بأن جعل في طياته مجموع من أصول الأسلام ونواقضه معا تحت سقف واحد:
شهدوا بأصل الأصول: أن لا إله إلا الله ثم أتوا بناقضه حين عبدوا المقابر واستغاثوا بالأموات والأحجار.
قالوا نشهد ان محمد رسول الله ثم أتوا بحمار يقول لمحمد بأبي انت وأمي الحمارين يا رسول الله.
قالوا بحب محمد وآل محمد ثم نقضوا ذلك بان طعنوا في محمد بتكفير صحابته ورد سنته
أخذوا من الأصول حديث الثقلين ومن النواقض الطعن في الثقل الأكبر. ومن الأصول أخذوا الحج للبيت الحرام ومن النواقض أخذوا الحج لما يسمى بـ "مراقد الأئمة".
ومن الأصول تمسكوا بـ "إن هذه امتكم أمتة واحدة" ومن نواقضها "كل الناس أولاد زنا ما خلا شيعتنا"
نادوا "خمس رسول الله" ثم أتوا بسفهة خونة قطاع طرق كبار الكروش وألبسوهم عمائم سود وقالوا ضع هنا خمس رسول الله.
قالوا علي ولي الله ثم جعلوا منه جبانا ينتهك عرضه ويغصب فرج بنته وهو مستكين خوار يتقي على نفسه ويهرب من عدوه.
قالوا لا صوت يعلوا على صوت العقل ثم ردموا على أبسط قواعد العقل بتعليق مصيرهم بشريعة خلاص معدومة ياتي بها معدوم لا يثبت التاريخ له ولادة ولا وجود .. ظلمات بعضها فوق بعض.
وهكذا مزجوا بين أصول الُسلام ونواقضه فأصبح الخليط عجيبا ينخدع به الجهلاء ويفرح به الأعداء ويحتار في خبثه العقلاء.
هذه الملة بلا جدال ملة كفرية لا يشك في ذلك عاقل اما عموم الشيعة فلا جدال انهم أجهل الناس بدينهم لو كانوا من البهائم لكانو حمرا مع الاعتذار للحمير ... فمنهم من يعلن رفضه للنصف الناقض للأسلام في مذهبه ويدعي تمسكه بالشطر الآخر كالشهادتين والصلاة والصيام .. ألخ قد يكون تقية منه وقد يكون عن صدق ... ومنهم الانسان الطيب المخلص فعلا الذي تعلم ان الاسلام الحقيقي هو سب الصحابة ونقض القرآن والتوجه للأضرحة ... إلخ فهو يتقرب إلى الله ببغض الشيخين لا لشيء إلا لأن الحاخامات علموه أن هذا هو الاسلام الحق فهذا لو توفر له علم صحيح وصحبة طيبة لاستيقظ فورا من نومه.
لذا أرى أن نقول بل دين الشيعة هو دين كفر ورفض للإسلام ولا نقول الشيعة كفرة [إلا من تفوه وأصر منهم على كفرية من كفريات مذهبه علنا أو حارب أهل السنة أو والى الكفار واستنصرهم على سائر المسلمين]
أضف أن الشيخ عثمان الخميس -وهو سيف حام سله الله على حاخامات قم والنجف- يعلن ويكرر وينبه أنه لا يكفر الشيعة ويرى أن علماء السلف لم يكفروا الشيعة على عمومهم بل ويتمنا لهم الهداية ويحب لهم الخير وهذا هو الموقف الدعوي الصحيح. أخشى على الأخوة الذين يصرحون بكفر الشيعة إن وضعتهم الظروف أمام الكاميرات والمحطات الفضائية ووجدوا انفسهم يخاطبون ملايين الشيعة والسنة على الهواء مباشرة ثم سئلوا هذا السؤال "هل تكفر الشيعة" فيردوا بالنفي حتى يدفعوا عن أهل السنة تهمة الغلو في التكفير التي يرميهم بها الشيعة [ظلما] فيجدون انفسهم قد قلدوا الرافضة دون أن يشعروا في أخذهم بالتقية.
وصلى اللهم على محمد وآله وصحبه
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[28 - 10 - 03, 07:34 ص]ـ
الأخ سيف الله
((أضف أن الشيخ عثمان الخميس -وهو سيف حام سله الله على حاخامات قم والنجف- يعلن ويكرر وينبه أنه لا يكفر الشيعة ويرى أن علماء السلف لم يكفروا الشيعة على عمومهم)))
هذا كلام خطير جداً وفيه مخالفة لإجماع السلف على تكفير الرافضة، ولا يوجد الآن شيعة أبداً حيث إن كلهم على عقيدة الرفض والخبث، فآمل الإحالة على كلامك هذا نفع الله بك والتأكد منه
ـ[سيف الله]ــــــــ[28 - 10 - 03, 09:54 ص]ـ
الحمد لله
الأخ الكريم كلام الشيخ عثمان الخميس أشهر من أن يحال اليه وأشرطته التسجيلية متداولة وموجوده في موقع البرهان وموقعه الشخصي وإسلام واي.
ومناظراته في قناة المستقلة ذائعة الصيت وما فهمته من أخذه ورده مع الطرف الشيعي هو أنه يدفع عن نفسه انه قال أو يقول بـ "كفر الشيعة" بل إنه لما احتج الشيعي عليه بأحد الكتاب وما كتب كدليل على أن "السنة" يكفرون الشيعة رد الشيخ الخميس: "ما كفرهم" يريد دفاعا عن هذا الكاتب كمان ضد هذه التهمة ... وما لنا لا نقطع الشك باليقين؟ لماذا لا تراسل الشيخ على موقعة وتسأله بنفسك؟ مع العلم ان الشيخ بطيء جدا في الرد وربما لا يلتفت أساسا لسؤالك كما يفعل دائما معي (:
ـ[سيف الله]ــــــــ[28 - 10 - 03, 06:29 م]ـ
كنت قد نقلت عن الشيخ عثمان الخميس "ان علماء السنة لا يكفرون الشيعة" والصحيح أن الشيخ لم يقل هذا على العكس تماما نقل الشيخ أجماع أهل السنة على تكفير هذا المذهب الخبيث كما تقرر أنت اخي أبو عمر الناصر فمعذرة على هذا الوهم مني!
الحقيقة أنه قد اختلط علي كلام للشيخ في مناسبتين مختلفتين الأولى ردا على كذبة افتراها الخصم الرافضي في أحد مناظرات الفضائية المستقلة حيث أراد التدليس حين أكد ان الشيعة كانوا من نسيج الأمة ولم يرميهم بالكفر سوى الشيخ محمد بن عبد الوهاب وما يسمونه بالمذهب "الوهابي" فرد الشيخ عثمان من خلال نصوص أئمةالسنة الأربعة الذين سبقوا الشيخ بن عبد الوهاب بعدة قرون بما يهدم أساس تلك الكذبة وبما يفيد الإجماع الذي أشار إليه الأخ الناصر.
والكلام الثاني أيضا في نفس هذه المناظرات فيه يدفع الشيخ عن نفسه كونه يكفر الشيعة بل يقول أنه يحب لهم الخير كما ذكرت أنا سابقا ... وأكيد الشيخ عثمان لا يحب الخير لكفرة والسؤال الذي في ذهنك وذهني أخ الناصر الآن لماذا لم يلتزم الشيخ خط هذا الأجماع الذي نقله هو في تكفير الرافضة فهذا سؤال يتوجه للشيخ نفسه ليجيب عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/82)
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[12 - 11 - 03, 10:45 ص]ـ
س 3: لدينا مجموعة من الرافضة المدرسين ونحن نتقابل معهم ونخاطبهم ونحن نملك دعوتهم، فما رأيكم أن نكلمهم وأن نسلِّم عليهم؟ وما الرأي في التعامل معهم؟
الجواب:
نقول: إذا كان هؤلاء يقولون نحن رافضة جعفرية ونعتقد اعتقاد الجعفرية، فإن هؤلاء تنتهي بهم مقالاتهم إلى الكفر بالله، فيعاملون معاملة الكفار، فلا تبدأوهم بالسلام.
أما بالنسبة لدعوتهم، فإن الكفار وغير الكفار يُدعون إلى الله سبحانه، ونقول: إذا أمكن دعوة هؤلاء لإغن من دعاهم إلى الله فهو مأجور وأجره على الله تعالى.
المجيب: الشيخ عبدالرحمن المحمود
كتيب: أخطاء عقدية ص 58
ـ[سيف الله]ــــــــ[12 - 11 - 03, 11:38 ص]ـ
ألأخ الكريم هل أعطيتنا معلومات عن الكتاب الذي تنقل منه للشيخ المحمود سدده الله حتى يمكنني الاستفادة منه مشكورا.
وبالمناسبة قفقد أفتى الشيخ الخميس فتوى جديدة تتفق تماما مع رأيي ومداخلتي السابقة باعتقاد كفر أئمة الشيعة وعلمائهم دون عامتهم الجاهلين بالمذهب الرافضي إلا من ينطق منهم بكفرية من كفريات هذه العقيدة الرافضية أو ياتي منهم بقول أو عمل عدائي يضر أهل السنة والجماعة فهو إذن كافر مثل علمائه ... تجدوا هذه الفتوى على هذا الرابط:
http://www.almanhaj.net/fatwaa/article.php?ID=255
سـ: هل علماء الشيعه هم فقط الكفار ام العلماء والعامه كفار مع دكر الدليل من القرآن والسنه وافتونا ماجورين ان شاء اللهْ.
جـ: علمائهم كفار لأنهم يعلمون الحق وعوامهم ليسوا بكفار لأنهم جهال والدليل قوله تعالى (وكنا معذبين حتى نبعث رسولا).
ـ[الأعمش]ــــــــ[13 - 11 - 03, 02:06 ص]ـ
أيه الأخوة لقد سألت الشيخ صالح الدرويش وهو رئيس محكمة القطيف عن هذه المسألة قبل أكثر من سنتين فقال:
يعاملون معاملة المنافقين وله بحث في هذا
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[14 - 03 - 04, 06:34 ص]ـ
الأخ سيف الله
الحمدلله أنك راجعت هذه المسألة، حيث إن الكلام المترتب عليها خطير جداً، فالحمدلله مرة أخرى أن هذا لم يثبت للشيخ الخميس نفع الله به وبارك فيك
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[14 - 03 - 04, 07:28 ص]ـ
الحمد الله و الصلاة و السلام على رسول الله
الرافضة اليوم حالهم يختلف عن حالهم في زمن التابعين و تابعي التابعين و لا يصح الإحتجاج بأقوال أهل العلم من أهل السنة و الجماعة في الرافضة الذين في عصرهم لأنهم يقصدون أناس إما فعلوا كفرا و لكن هذا الكفر مما يعذروا به في الجهل أو كانوا يستترون بكفرهم فحكمهم حكم المنافقين و إلا لو اظهروا الشرك و عبادة غير الله كما هو الحال اليوم تعالى فهل يتوقف عالم في كفرهم و الأمة مجمعة على كفر من عبد غير الله تعالى و اتخذ مع الله إلها غيره هذا لا يخالف فيه عالم أن مشرك لا يعذر بجهله فالعذر فالشرك لا يعذر من وقع فيه بالجهل و هذا مجمع عليه بين اهل العلم و أما من فهم من إطلاقات بعض أهل العلم أنهم يعذرون بالجهل في الشرك الأكبر فهذا لم يفهم حقيقة أقوالهم إلا أقوال بعض الخوالف الذين لم يفهموا أصول اهل السنة و الجماعة على حقيقتها.
و الحكم هذا ينسحب على عوامهم و علمائهم قال تعالى {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ} (47) سورة غافر و التقليد في الشرك الأكبر ليس بعذر بالإجماع.
و من أراد الإستزادة في ان الجهل و التقليد ليس بعذر في الشرك الأكبر فهذا رابط لأحد المواقع الذي جرت فيه مناقشة بيني و بين أحد الإخوة في هذه المسألة: http://forums.almuslem.net/viewthread.php?tid=928
وهل يدخلون في حكم الكفار الأصليين أم المرتدين فقد اختلف علماء نجد في هذه المسألة فقال بعضهم بأنهم كفار أصليون لأنهم ولدوا على اشرك و نشؤوا عليه و هذا هو الكفار الأصلي حيث أن اليهود و النصارى و غيرهم من الكفار الأصليين إنما حكم عليهم بهذا بسبب ولادتهم على الكفر و نشؤوهم عليه و هذا المناط يعم من انتسب للإسلام و إلى غيره كاليهود و النصارى فإنهم كانوا على الحق فمن خرج من الدين الحق و كفر ثم نشأ بعده من نشأ على هذا الكفر و لم يعرف غيره من دين الحق فهذا كافر أصلي.
و القول الآخر أنهم مرتدون لأنهم منتسبون للإسلام و خرجوا منه فحكمهم حكم المرتدين.
و الحق أنهم كفار أصليون لأنهم نشؤوا على هذا الكفر و ولدوا عليه فحكمهم حكم النصارى و اليهود الذين ينتسبون إلى دين صحيح و إلى كتب منزل من الله تعالى و إلى رسل أرسلهم الله تعالى و أنزل عليهم الكتب و لكن لما كفروا و نشؤوا على الكفر و و لدوا عليه أصبحوا كفارا أصليين فوص الإسلام هنا وصف غير مؤثر كما ان وصف اليهودية و النصرانية وصف غير مؤثر في منع وصفهم بالكفار بالأصليين فالمناط المؤثر حقيقة هو نشؤوهم على الكفر و لادتهم عليه.
و الله اعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/83)
ـ[السدوسي]ــــــــ[14 - 03 - 04, 08:48 ص]ـ
ياإخوتي الكرام
لم الاختلاف، تعالوا إلى كلمة سواء.
دعونا من كلمة شيعي ورافضي (رغم أنه لاوجود للشيعة اليوم).
- ماحكم من زعم أن القرآن الذي بين أيدينا اليوم قد زيد فيه ونقص؟.
سيكون جوابنا بالاجماع أنه كافر كفرا أكبر.
الرافضة كلهم على هذا المعتقد.
- ماحكم من يقول بالبداء على الله؟.
كافر إجماعا.
والرافضة كلهم يقولون بالبداء على الله دون تقية.
- ماحكم من يطعن بنقلة الوحيين بل ويكفرهم؟.
- لاشك في كفره لأن طعنه بالناقل طعن بالمنقول.
والرافضة كلهم يطعنون في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إذن الرافضة كفار بإجماع أهل السنة والشيعة الأوائل ..... ومن لم يكفرهم فليراجع دينه وليسأل الله العافية.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[14 - 03 - 04, 08:50 ص]ـ
يا إخوان
كيف نعذرهم بالجهل؟
هل نعذر النصارى واليهود اليوم بالجهل كذلك؟!! أليس من سمع بمحمد عليه الصلاة والسلام ثم لم يتبعه فهو في النار؟
طيب إن سلمنا بأن الرافضي في "قم" جاهل، فماذا عن الرافضي في المملكة؟ ألم يسمع بدعوة التوحيد؟ ألم يدرسها في المدارس على الأقل؟ ألم يسمع أن الاستغاثة بغير الله شرك؟ ألم يعلم بأن لعن وتكفير الصحابة وأمهات المؤمنين كفر؟
وقال الإمام ابن القيم فى طبقات المكلفين: الطبقة السابعة عشرة: طبقة المقلدين وجهال الكفر وأتباعهم وحميرهم الذين معهم .. اتفقت الأمة على أن هذه الطبقة كفار وإن كانوا جهالا مقلدين لرؤسائهم وأئمتهم إلا ما يحكى عن بعض أهل البدع أنه لم يحكم لهؤلاء بالنار وجعلهم بمنزلة من لم تبلغه الدعوة, وهذا مذهب لم يقل به أحد من أئمة المسلمين" [عقيدة الموحدين:160].
وقال الشيخ الموفق بن قدامة: وزعم الجاحظ أن مخالف ملة الإسلام , إذا نظر فعجز عن إدراك الحق , فهو معذور غير آثم .. إلى أن قال: أما ماذهب إليه الجاحظ فباطل يقينا , وكفر بالله تعالى , ورد عليه وعلى رسوله ... [الدرر السنية:10\ 366 - 367].
وقال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب: "فمن المعلوم أن قيام الحجة ليس معناه أن يفهم كلام الله ورسوله مثل أبى بكر الصديق! بل إذا بلغه كلام الله ورسوله وخلا عن ما يعذر به فهو كافر كما كان الكفار كلهم تقوم عليهم الحجة بالقرآن مع قول الله {إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه} " .. [عقيدة الموحدين:152].
سئل الشيخ ابن باز: جملة من المعاصرين ذكروا أن من قال الكفر أو عمل الكفر فلا يكفر حتى تقام عليه الحجة ودرجوا عبادة القبور في هذا؟
فاجاب: هذا من جهلهم، هذا من جهلهم عباد القبور كفار واليهود كفار
ولكن عند القتل يستتاب
والنصارى كفار، فإن تاب وإلا قتل.
السائل: ولكن مسألة قيام الحجة؟
الجواب: بلغهم القرآن
(هذا بلاغ للناس) القرآن بلغهم بين المسلمين (وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ) (هذا بلاغ للناس) (يا أيها الرسول بلغ) قد بلغ الرسول
وجاء القرآن
وهم بين أيديهم يسمعونه في الاذاعات وفي كل شئ ولا يبالون ولا يلتفتون
ولو جاء أحد
ينذرهم وينهاهم آذوه _ نسأل الله العافية.
سؤال: حديث الرجل الذي قال إذا مت
فاسحقوني ......
الجواب: هذا جهل بعض الشيء من الامور الخفية من كمال القدرة
وجهلها فعذر خوفا من الله ..
مصدر الأسئلة والأجوبة: أشرطة شرح كشف الشبهات للشيخ تسجيلات البردين
وسئل الشيخ ابن عثيمين: ما رأيك فى مسلمين يستغيثون بالسادة والأولياء وغيرهم؟
الجواب: إذا كان فى بلاد الإسلام التى يظهر فيها التوحيد وليس فيها شىء من شعائر الكفر, وهو يعيش بينهم؛ فإنه لا يعذر فيه.
ثم بين الشيخ حال من كان فى البلاد"التى يكون فيها شعائر الشرك"! فقال: فذلك قد يعذر بالجهل! لإنه قد يكون عاميا لايدرى عن شىء أبدا .. ولم ينبهه أحد على ذلك!!
{س1215 من أسئلة لقاء الباب المفتوح}.
===========
نعود إلى السؤال: هل الرافضي ... كافر أصلي .. ؟
أقول: هناك ملايين المسلمين في إسبانيا تم تنصيرهم منذ قرون وصاروا اليوم نصارى، فهل ذريتهم اليوم في حكم المرتدين أم الكفار الأصليين؟
بالطبع هم كفار أصليون. لكن الشيعة الإمامية يخالفونهم في شيء، أن الشيعة يدعون أنهم من المسلمين، بينما هؤلاء الإسبان يصرحون بأنهم من غير المسلمين. بينما الشيعة البهائية والشيعة الإسماعيلية في الهند يتم معاملتهم (حتى من الهندوس والديانات الأخرى) على اعتبار أنهم دين آخر غير الإسلام.
فيجب تخيير أتباع الخميني بين أن يصرحوا بأنهم من المسلمين فيعاملون معاملة الزنادقة الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر. وبين المجوس فيعاملون معاملة الأديان الأخرى، وتبقى لهم حرية دينية نسبية (أقول نسبية لأنه لا يجوز أن نجيز لهم سب سادتنا الصحابة).
والله أعلم.
ـ[أحمد الفاضل]ــــــــ[06 - 02 - 05, 10:54 ص]ـ
سألت شيخي الشيخ عبد الرحمن البراك - حفظه الله - عن حكم الرافضة فقال: يعاملون معاملة المنافقين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/84)
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[06 - 02 - 05, 01:32 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=17498&highlight=%C8%C7%E1%DA%E4%C8%D1
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[06 - 02 - 05, 02:32 م]ـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله غي مجموع فتاواه (28/ 500 - 501):
"وأما تكفيرهم وتخليدهم ففيه أيضا للعلماء قولان مشهوران وهم روايتان عن أحمد والقولان فى الخوارج والمارقين من الحرورية والرافضة ونحوهم والصحيح أن هذه الأقوال التى يقولونها التى يعلم أنها مخالفة لما جاء به الرسول كفر وكذلك أفعالهم التى هى من جنس أفعال الكفار بالمسلمين هى كفر أيضا وقد ذكرت دلائل ذلك فى غير هذا الموضع لكن تكفير الواحد المعين منهم والحكم بتخليده فى النار موقوف على ثبوت شروط التكفير وإنتفاء موانعه فإنا نطلق القول بنصوص الوعد والوعيد والتكفير والتفسيق ولا نحكم للمعين بدخوله فى ذلك العام حتى يقوم فيه المقتضى الذى لا معارض له وقد بسطت هذه القاعدة فى "قاعدة التكفير"
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[06 - 02 - 05, 02:45 م]ـ
وقال ابن القيم رحمه الله في الطرق الحكمية:
قلت من كفر بمذهبه كمن ينكر حدوث العالم وحشر الأجساد وعلم الرب تعالى بجميع الكائنات وأنه فاعل بمشيئته وإرادته فلا تقبل شهادته لأنه على غير الإسلام فأما أهل البدع الموافقون لأهل الإسلام ولكنهم مخالفون في بعض الأصول كالرافضة والقدرية والجهمية وغلاة المرجئة ونحوهم فهؤلاء أقسام:
أحدها الجاهل المقلد الذي لا بصيرة له فهذا لا يكفر ولا يفسق ولا ترد شهادته إذا لم يكن قادرا على تعلم الهدى وحكمه حكم المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا
القسم الثاني المتمكن من السؤال وطلب الهداية ومعرفة الحق ولكن يترك ذلك اشتغالا بدنياه ورياسته ولذته ومعاشه وغير ذلك فهذا مفرط مستحق للوعيد آثم بترك ما وجب عليه من تقوى الله بحسب استطاعته فهذا حكمه حكم أمثاله من تاركي بعض الواجبات فإن غلب ما فيه من البدعة والهوى على ما فيه من السنة والهدى ردت شهادته وإن غلب ما فيه من السنة والهدى قبلت شهادته
القسم الثالث أن يسأل ويطلب ويتبين له الهدى ويتركه تقليدا وتعصبا أو بغضا أو معاداة لأصحابه فهذا أقل درجاته أن يكون فاسقا وتكفيره محل اجتهاد وتفصيل فإن كان معلنا داعية ردت شهادته وفتاويه وأحكامه مع القدرة على ذلك ولم تقبل له شهادة ولا فتوى ولا حكم إلا عند الضرورة كحال غلبة هؤلاء واستيلائهم وكون القضاة والمفتين والشهود منهم ففي رد شهادتهم وأحكامهم إذ ذاك فساد كثير ولا يمكن ذلك فتقبل للضرورة
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[06 - 02 - 05, 06:06 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اخوتي الاعزاء
فرق كبير بين كفر وكفر.
اعتذر الى الله من كل من رمى مسلما بالكفر.
تكلم البعض عن تكفير عوامهم وتكفير خواصهم.
الحقيقة الامر لا يرتبط بفرقة معينة ولا بطائفة , فمن اقترف الكفر خرج من الملة وان سمى نفسه ما يريد من اسماء.
الحق الذي لا مرية فيه , ان من عمل عملا نقض فيه اسلامه فهو الكافر اما ان يتوب والا فهو مرتد.
وللاسف فان الكثير منا قد يتكلم باناس بغير حق.
ان الذي يفعله شيخ الاسلام ابن تيمية انه كان يوضح مذهب من خرج عن الشرع ويبين انه بفعلته اصبح كذا او كذا ويبين اراء العلماء بالفعل. وفي العادة لا يذكر اسم الشيعة ويقول هم كذا او كذا. ومن المعروف ان الاسم لا يغير المسى ان لم تكن حقيقته كما سمي.
فكم من رافضي لا يعرف من الرافضية الا اليسير.
فمن يعلم شيئا فليبين علمه ويخص من فعل بمثل تلك الفعلة.
فالتوسل بالصالحين بدعة وليس كفرا وانما الشرك دعائهم باشخاصهم.
ومن قال بتحريف القران هو كافر دون من لا يعتقد ذلك.
والذي اعلمه عنهم انهم اجهل الناس في الاصول والذي يفعلونه اكثره لا يمكن معرفة حقيقته لوجود التقية.
فقول بعض اهل السنة بالكفر لا يكفر الا من قال به او اعتقد به.
ويمكن الاستزادة من كتاب الايمان الابي بكر ابن ابي شيبة.
ـ[الحارثي]ــــــــ[06 - 02 - 05, 07:42 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله وبعد:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/85)
فجزى الله إخواني خيراً، ومن يقولون بعدم كفر الرافضة من بعد ما تبين لهم حالهم فإنني أقول لهم كما قال الأخ الكريم فليراجعوا دينهم!
ولعلني أعذر من قال من الإخوة الكرام وممن نقلوا عنهم من طلبة العلم أن الرافضة يعاملون معاملة المنافقين ولكنني والله لا أجد العذر لمن ينفي عنهم الكفر أو يخوف الناس من تكفيرهم او يرهبهم منه!
ويلكم! إذا كان الذي يستغيث بأمير المؤمنين علي أو بأمير المؤمنين الحسن أو بالحسين رضي الله عنهم أجمعين ليس مشركاً فما هو الشرك؟!
وإذا لم يكن الذي يذبح لهم رضوان الله عليهم مشركاً فما هو الشرك؟!
وإذا كان الذي يعتقد جازماً أن كل ذرة من ذرات الكون في يدي الأئمة -عليهم السلام- ويجعل ذلك من ضروريات مذهبه! ليس مشركاً فمن هو المشرك؟!
وماذا عن الذي يقول إن إياب الخلق إلى الأئمة وحسابهم عليهم؟!
ولن أذكر بإجماع الأمة على كفر من ينكر معلوماً من الدين بالضرورة وهم ينكرون ضرورة هذا الدين وهو التوحيد وينكرون مصدره الضروري وهو القرآن -مهما أظهروا من معسول الكلام! -
وأقول لمن حاولوا التفريق بين علمائهم وعوامهم -بعد أن احيلهم على جواب الشيخ -رحمة الله عليه- إن الكافر المرتد هو الذي يدخل الإسلام ثم يخرج منه أما هؤلاء فمتى دخلوا الإسلام؟!
إن دخول الإسلام يكون اولاً وقبل كل شيء بأن يشهدوا ألا إله إلا الله (والشهادة تعني العلم بما يشهد به) فهل يعلم الرافضة معنى لاإله إلا الله؟! وهل يشهدون حقاً أنه كذلك؟! لا يكفي أن يظهروها حتى يقال عنهم مسلمين فقد قال المنافقون لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (نشهد إنك لرسول الله) وقد رد الله تعالى عليهم (ولله يشهد إنهم لكاذبون)!
واسأل أي رافضي عن معنى لا إله إلا الله وانظر ماذا يجيبك؟! إن أقصى علمهم بها هو أن معناها: لا خالق إلا الله! ومن المعلوم بالضرورة من الدين واللغة أن الإله هو (المعبود) أي الذي له كل شيء خالصاً وله يخضع كل شيء مطلقاً، وقد لخص العلماء المقصود بلا إله إلا الله بأنه (لا معبود بحق إلا الله)! فالرافضة على ذلك ما دخلوا في الإسلام أصلاً حتى يخرجوا منه!
فأنصح المتخوفين من تكفير الرافضة بأن يتقوا الله تعالى وأن يتفكروا في أمرهم!
وقد قال أحد الإخوة إنه يخشى أن يصل الأمر إلى التوقف في عوام اليهود والنصارى! ووالله الذي لا إله إلا هو -الذي مردنا إليه- لقد وصل الأمر إلى ما خشيت منه!! فقد كنت أناقش أحدهم حول موضوع الرافضة وأمثالهم ووصل الأمر إلى أن سألته عن (كلنتون) -أكرمكم الله- فوالله الذي لا إله إلا هو لقد قال لي: إنه يتوقف فيه ولا يستطيع الجزم بحاله!!! فإنا لله وإنا إليه راجعون! مع العلم بأن هذا الذي أتحدث عنه يعد نفسه طالب علم! وله كتيبات ونشرات مطبوعة! فانظروا إلى من يتبع خطوات الشيطان! إلى أين يصل به الأمر!!
وأما من يحتج بالمشركين الذين يستغيثون بالأضرحة وادعى أنهم من أهل السنة فمن قال إنهم من المسلمين أصلاً؟! فكيف تحتج بهم علينا؟! أسال الله تعالى أن يهديكم وأن يرفع عنكم الغشاوة!
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[06 - 02 - 05, 08:58 م]ـ
هل كل الشيعة سواء؟؟؟
ـ[أبو الفضل المغربي]ــــــــ[05 - 06 - 08, 11:07 م]ـ
ما شاء الله الكريم
بارك الله فيكم
طلب العلم كثير وعلى تحصيله العمر قصير فبدأ بالأهم فالأهم
ـ[عبدالرحمن الناصر]ــــــــ[06 - 06 - 08, 01:59 م]ـ
الروافض الآن جميعهم يكفر الصحابة.
ومن لا يكفر عمر وأبو بكر وعائشة فهو ليس رافضيا.
والشيخ ابن باز رحمه الله يكفر عوامهم المتواجدين في الدول العربية لأنه بلغتهم الحجة.
والمسألة مختلف فيها، ولا يُنكر على من لا يكفرهم والعكس.
ـ[أبو حذيفه السلفي]ــــــــ[07 - 06 - 08, 06:42 م]ـ
واما عن تكفير الشيعه الاماميه الاثنا عشريه فأنا في العراق من اكثر الناس احتكاكا بهم والذي اراه والله تبارك وتعالى اعلم (ان علمائم مرتدون عن الاسلام وذلك انهم مطلعون على كتبهم ويدعون الناس اليها بل عندنا في العراق تعصبهم لمذهب التشيع اكثر من غير مكان اخر - والله المستعان-
واما عن العوام فالذي اراه انهم على قسمين
قسم تبع العلماء على أرائهم و وكفرياتهم وناصروهم وأزروهم فهؤلاء عندي مرتدون عن الاسلام وذلك ان القول بالتحريف وتكفير الصحابه 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - والطعن بعرض عائشه 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ونحو ذلك من الشرك الصريح كفر باجماع الامه ودليلي على هذا القسم قول الله تبارك وتعالى {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا .. الايه} قال ابن كثير، عند تفسير هذه الآية: قال طاوس: سادتنا يعني أمراءنا، وكبراءنا يعني علماءنا.
واما القسم الثاني فهم الذين لم يتابعوا العلماء ولم يناصروهم على هذه المعتقدات بل اني قد اجد ان هؤلاء القوم يوقرون الصحابه ويحبون عائشه واذا بينت لم السخافات الشيعيه تبرأوا منها ولكن هم منتسبون الى التشيع دون ان يعتقدوا عقيدة العلماء فهؤلاء عندي مسلمون قد يتلبسون ببعض البدع كالتوسل بالجاه والبراء من يزيد واتخاذ الموقف من بني اميه ونحو ذلك وقد يعتقدون بعض المسائل الخرافيه كالمهدويه وبعض الانحرافات الخفيه فهذا لايوجب تكفيرهم.
هذا ما أو صلني إليه أجتهادي فأن أصبت فمن الله وإن كان غير ذلك فالتقصير تقصيري
والله تعالى أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/86)
ـ[أسامة]ــــــــ[14 - 06 - 08, 06:31 ص]ـ
إخوتي الكرام .. أحب أن أوضح بعض الأشياء لعلي أضع من خلالها بعض النقاط على الحروف.
الذي يظهر من خلال المشاركات السابقة أن الجميع متفقون على كفر علماء الرافضة، وإنما النزاع في عوامهم.
و خلاصة القول أن من الإخوة من يرى كفرهم مطلقا، سواء قالوا إنهم مرتدون أو قالوا إنهم كفار أصليون.
ومن الإخوة من يراهم مسلمين ويعذرهم بجهلهم.
وقسم ثالث يرى التفصيل، و التفريق بين من بلغته الحجة ومن لم تبلغه الحجة، أو بين من يعرف حقيقة مذهبه وملته ومن لا يعرف حقيقتها.
وسأحاول تحرير الكلام في هذه القضية بما يفتح الله به علي، فأقول و بالله التوفيق:-
أولا ـ من المعلوم أن ملة الرفض ملة كفرية لا تمت إلى الإسلام بصلة، وأنها قائمة على الشرك و الكفر والبدعة.
وعليه فمن دخل في هذه الملة عالما بحقيقتها عامدا من غير إكراه و لا تأويل فهو منسوب إليها ومحكوم عليه بحكمها.
فإن كان من أبوين مسلمين ثم دخل فيها بالشرط المذكور فهو مرتد عن الإسلام بلا ريب، وإن كان من أبوين رافضيين فحكمه حكم أبويه لحديث: ((فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)) وحديث: ((هم منهم)) أي الذرية من آبائهم وفي هذه الحالة لا حاجة لنا إلى الشرط المذكور.
ثانيا ـ من المعلوم أن الروافض الأوائل كانوا مسلمين ثم دخلوا في ملة الرفض،التي تطورت مع الزمن شيئا فشيئا، حتى صارت مسخا وكفرا بواحا.
وعليه فالروافض الأوائل كانوا من أهل البدع، ولم يكن بالإمكان الحكم عليهم بالردة عن الإسلام ولذا كان بعض الأئمة يروون عن بعضهم الأحاديث، و لكن لما تطور مذهبهم و صاروا يكفرون عامة الصحابة و يدّعون تحريف القرآن و يؤلهون أئمة أهل البيت أو بعضهم و يدعونهم من دون الله و يستغيثون بهم عند الشدائد و يذبحون لهم من دون الله، إلى غير ذلك من أنواع الكفر الأكبر، فعند ذلك مرقوا من الإسلام و خلعوا ربقته من أعناقهم و صاروا بذلك مرتدين عن الإسلام، حالهم في هذا حال قوم نوح الذين كانوا على التوحيد حتى مات صالحوهم فغلوا فيهم شيئا فشيئا حتى دعوهم من دون الله و عبدوهم فصاروا بذلك كفارا مشركين مرتدين، وعند ذلك بعث الله لهم أو لأبنائهم من بعدهم نوحا عليه السلام يدعوهم إلى التوحيد و ينهاهم عن الشرك.
ومن المعلوم أن الذين وقعوا في الشرك من قوم نوح لم يقعوا فيه عالمين بأنه شرك، بل كان ذلك منهم عن جهل كما قال ابن عباس - رضي الله عنهما-: ((فلما مات أولئك و نُسي العلم عبدت)).
إذاً فهؤلاء كفروا و ارتدوا عن الإسلام و لم يعذروا بجهلهم لأنهم عبدوا غير الله بغير سلطان أتاهم.
وهكذا كفار قريش الذين اتخذوا الأوثان كفروا مع أن أكثرهم كانوا جهالا يظنون أن هذه الأوثان تقربهم إلى الله زلفى، ولكنهم لما عبدوا الأوثان بغير حجة و لا برهان وإنما طاعة لسادتهم و كبرائهم كفروا و مقتهم الله كما في الحديث الصحيح.
ومما يزيد الأمر وضوحا الاعتبار بحال الكتابيين الذين لا فرق بين علمائهم وجهالهم في الحكم، بل قد كفرهم الله مع ادعائهم أنهم على ملة أنبيائهم لشركهم بالله ولأنهم اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله بطاعتهم في تحليل ما حرم الله و تحريم ماأحل الله، تماما كما يفعل جهال الرافضة.
وهاهنا لا بد من التنبه إلى الفرق بين الحكم عليهم و تسميتهم بالكفار، و بين استحقاقهم للعذاب، فإن الله - تعالى - قال لنبيه عليه الصلاة و السلام: {وإن أحد من المشركين استجاركك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه} فسماه مشركا قبل سماعه لكلام الله ولذا قال: {ذلك بأنهم قوم لا يعلمون} مما يدل على أن اسم الشرك يصدق عليه قبل العلم ,وأنه لا يعذر بجهله لأنه خالف أمر الله بغير حجة و لا برهان، و أما العذاب فإنه لا يثبت استحقاقه إلا بعد بلوغ الحجة الرسالية لقوله تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا}. فهذا في العذاب لا في التسمية،وهو شامل لعذاب الدنيا و الآخرة.
وبناء على ما تقدم فأوائل الرافضة الذين مرقوا من الدين كفار مرتدون، وأما ذرياتهم من بعدهم فكفار أصليون لأنهم ما عرفوا الإسلام و إنما ملتهم ملة آبائهم، لا فرق في هذا بين عالمهم و جاهلهم، كما أنه لا فرق بين علماء كفار قريش و جهالهم و لا بين كبارهم و صغارهم.
ولا ينفعهم انتسابهم إلى الإسلام و تسميهم به كما لم ينفع كفار قريش انتسابهم إلى إبراهيم و ادعاؤهم أنهم على ملته و تصويره مع إسماعيل في الكعبة وهما يمسكان بالأزلام كذبا و زورا و ترويجا على العوام.
ثالثا ـ ما تقدم ذكره إنما هو في الرافضة الذين يصرحون بالكفر والشرك فيما بينهم، أما الذين يخفون ذلك عن أتباعهم و لا يظهرون لهم إلا بعض البدع فهؤلاء لا يمكننا تكفير عوامهم لأنهم لم يقعوا في الكفر أصلا، ولكن هل لمثل هذه الصورة وجود؟! ربما!
رابعا ـ لما كان الرافضة يمارسون التقية التي هي في الحقيقة نفاق، فقد شابهوا المنافقين من هذا الوجه، ولهذا ذهب بعض العلماء إلى أنهم يعاملون معاملة المنافقين، وهذا يتضمن تكفيرهم في نفس الأمر، فإن المنافقين كفار في الدرك الأسفل من النار، ونلاحظ أن هؤلاء العلماء لم يفرقوا بين علمائهم و عامتهم في هذا الحكم، مما يدل على تساويهم في الحكم عندهم و الله أعلم.
خامسا ـ الرافضة يظهرون بعض بدعهم أو كثيرا منها، فهم من هذا الوجه ليسوا كالمنافقين الخلص الذين يمعنون في الاستتار، بل هم من هذا الوجه يشابهون سائر أهل البدع، وعليه فيجب علينا أن نعاملهم معاملة أهل البدع لا معاملة المنافقين فقط، لأنهم يظهرون بدعهم كمفارقة الجماعة و مخالفة الهدي النبوي في الصلاة و الصيام و غير ذلك كدفع الخمس لمشايخهم، و التحاريم و غيرها.
هذا ما تيسر لي الآن و الله الموفق للصواب.
-----------------------
أسامة بن عقيل الكوهجي - كلية المعلمين بالدمام(26/87)
مااول ماخلق الله هل هو العرش ام القلم
ـ[ابو بندر]ــــــــ[11 - 10 - 03, 10:36 م]ـ
السلام عليكم
مااول ماخلق الله هل هو العرش ام القلم.
وجزاكم الله خيرا
ـ[عبد الله زقيل]ــــــــ[11 - 10 - 03, 10:52 م]ـ
السؤال:
كيف يمكن الجمع بين الأحاديث الآتية: (كان الله ولم يك شيء قبله , وكان عرشه على الماء وكتب بيده كل شيء ثم خلق السموات والأرض). وحديث: (أول ما خلق الله القلم). فظاهر هذه الأحاديث متعارض في أي المخلوقات أسبق في الخلق , وكذلك ما جاء أن أول المخلوقات هو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟.
الجواب:
الحمد لله
هذه الأحاديث متفقة مؤتلفة وليست بمختلفة , فأول ما خلق الله من الأشياء المعلومة لنا هو العرش واستوى عليه بعد خلق السموات , كما قال - تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا) هود/7.
وأما بالنسبة للقلم فليس في الحديث دليل على أن القلم أول شيء خلق , بل معنى الحديث أنه في حين خلق القلم أمره الله بالكتابة فكتب مقادير كل شيء.
وأما محمد صلى الله عليه وسلم فهو كغيره من البشر , خلق من ماء أبيه عبد الله بن عبد المطلب ولم يتميز على البشر من حيث الخلقة , كما قال عن نفسه: (إنما أنا بشر أنسى كما تنسون). فهو عليه الصلاة والسلام يجزع , ويعطش ويبرد ويصيبه الحر, ويمرض ويموت فكل شيء يعتري البشرية من حيث الطبيعة البشرية فإنه يعتريه , لكنه يتميز بأنه يوحى إليه وأنه أهل للرسالة كما قال تعالى: (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) الأنعام/124
مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ج/1 ص 62 - 63. ( www.islam-qa.com)
ـ[ابن أبي حاتم]ــــــــ[11 - 10 - 03, 11:24 م]ـ
أخي الفاضل أبا بندر سدد الله خطاه
السؤال الذي نقله الأخ عبد الله زقيل أصح، من السؤال الذي طرحته، وذلك لأن المخلوقات -كما قرره الأمام ابن تيمية- متسلسلة في الأزل، كما أنها متسلسلة في الأبد، وإنما النقاش في العرش والقلم= أيهما سبق الآخر؟
ولله در الإمام ابن القيم، حيث قال في نونيته:
والناس مختلفون في القلم الذي ... كتب القضاء به من الديان
هل كان قبل العرش أو هو قبله ... قولان عند أبي العلا الهمداني
والحق أن العرش قبل لأنه ... عند الكتابة كان ذا أركان
أسأل الله أن يرزقني وإياك الفقه في دينه، وصلى الله على نبينا محمد.
وكتب: ابن أبي حاتم
ـ[محمد عبادي]ــــــــ[12 - 10 - 03, 08:15 ص]ـ
الأخ الكريم ابن ابي حاتم
قلت: كما قرره الامام ابن تيمية
فهل كان ابن تيمية أول من قرر ذلك؟
فإن كان الجواب لا، أفليس من الأولى أن تنسب القول الى من قاله أولاً.
وان كان الجواب نعم، فماذا كان عليه السلف؟
ـ[ابن أبي حاتم]ــــــــ[13 - 10 - 03, 04:35 ص]ـ
أخي الكريم (محمد عبادي). نفع الله به، ووفقه لطريق مرضاته.
إنما نسبت القول للإمام ابن تيمية _رحمه الله_ باعتبار أنه من أشهر من قرر هذه المسألة، وأطال في تقريرها والاستدلال لها، وناظر عليها أصناف المخالفين لطريقة السلف، من المعتزلة والأشاعرة وغيرهم، والذين جعلوا منع تسلسل المخلوقات في الأزل من أهم المقدمات التي بنوا عليها دليل الأعراض، والذي أخذوه عن الفلاسفة الأوائل، ثم صار هذا الدليل أصلا لسائر المخالفين لطريقة السلف في نفي شيء من صفات الله أو بعضها.
وهذه المسألة طويلة الذيول، وتحتاج إلى فهم لتفاصيل ما بنيت عليه، وعليه فأرى أن هذا المكان غير مناسب لناقشها، ولذا فأنا أحيلك على البحث المرفق في المشاركة أسأل الله أن ينفع به.
لكن حسبي في هذا المقام أن أقول إنه ليس في نصوص الشرع ما يفيد أن للمخلوقات أولاً، وأما الحديث: (أول ما خلق الله القلم قال له اكتب) فجوابه كما في فتوى الشيخ العلامة محمد بن عثيمين رحمه الله من أن أول بمعنى حين، ويوضح هذا التأويل الأحاديث الدالة على سبق العرش لخلق القلم، والله أعلم.
ـ[محمد عبادي]ــــــــ[13 - 10 - 03, 08:23 ص]ـ
ولكن حسب ما قرأت في شرح الطحاوية أن الامام الطحاوي ينفي التسلسل في الماضي
والشيخ الألباني أيضاً قال:ولقد أطال ابن تيمية رحمه الله الكلام في رده على الفلاسفة محاولاً إثبات حوادث لا أول لها، وجاء في أثناء ذلك بما تحار فيه العقول، ولا تقبله أكثر القلوب، حتى اتهمه خصومه بأنه يقول بأن المخلوقات قديمة لا أول لها، مع أنه يقول ويصرح بأن ما من مخلوق إلا وهو مسبوق بالعدم، ولكنه مع ذلك يقول بتسلسل الحوادث إلى ما لا بداية له. كما يقول هو وغيره بتسلسل الحوادث إلى ما لا نهاية، فذلك القول منه غير مقبول، بل هو مرفوض بهذا الحديث، وكم كنا نود أن لا يلج ابن تيمية رحمه الله هذا المولج، لأن الكلام فيه شبيه بالفلسفة وعلم الكلام الذي تعلمنا منه التحذير والتنفير منه، ولكن صدق الإمام مالك رحمه الله حين قال: " ما منا من أحد إلا رد ورد عليه إلا صاحب هذا القبر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "
فهل فعلاً ثبتت هذه المقولة عن السلف؟
وشكرا على الملف، علما أنه كتاب موجود على الانترنت للقراءة بدون تحميل ومنه نقلت كلام الألباني رحمه الله
http://www.ansar.org/arabic/kamela2.htm
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/88)
ـ[المضري]ــــــــ[13 - 10 - 03, 09:57 ص]ـ
الأخ الكريم محمد عبادي ,,
سبب سوء فهم الامام الالباني وقبله العلامة محمد خليل هراس هو عدم فهمهم لتعريف شيخ الإسلام لمصطلح "قديم" , فهم ظنوا ان تعريف كلمة قديم عند ابن تيمية هو نفسه تعريف اهل الكلام لها , والتي تعني " ماليس مسبوقاً بعدم" ,, والحقيقة ان شيخ الاسلام عرف كلمة قديم على أنه "الشيء المتعاقب شيئاً بعد شيء , أي أنه مسبوق بالعدم من حيث عين الفعل والمفعول لكنه متعاقب ومستمر فيطلق على الفعل المتعاقب والمفعول المتعاقب انه قديم أيضاً لكن من حيث النوع المتوالي وعدم سبق العدم عليه واضح من كون لازم ذلك أن يكون الرب معطلاً ".
وبإمكانك الاطلاع على مناقشة الأخ الرئيسي لأحد الشيعة حول هذا الموضوع , فقد وضح الأمر بصورة رائعة جدا وازال الاشكال حول هذه القضية:
http://www.almanhaj.net/vb/showthread.php?threadid=817&perpage=15&pagenumber=1
وان كنت ذا نفس طويل فاقرأ هذا البحث الهام حول قضية تسلسل الحوادث عند ابن تيمية:
http://www.ansar.org/arabic/kamela.htm
ـ[الشافعي]ــــــــ[13 - 10 - 03, 02:55 م]ـ
تعليقان سريعان:
1 - عبارة ((وذلك لأن المخلوقات -كما قرره الأمام ابن تيمية- متسلسلة
في الأزل)) ليست دقيقة لأن ابن تيمية لم يقرر تسلسل المخلوقات في
الأزل!!!!! وإنما قرر أنه لا مانع عند عقلاء الفلاسفة من وجود حوادث لا
أول لها، فكلام ابن تيمية لم يكن عن المخلوقات، ويوضحه:
2 - أن هذا الباب لم يذكره ابن تيمية من أجل القلم أو العرش ونحو ذلك
وإنما في كلامه على الأفعال الاختيارية وهذه ليست من المخلوقات.
والله أعلم.
ـ[القوس]ــــــــ[13 - 10 - 03, 09:02 م]ـ
مسألة حوادث لا أول لها مسألة طويلة الذيل قليلة النيل وشيخ الإسلام رحمه الله نفسه يقرر أن المسألة ذهنية، والذهني عنده هو ما لا وجود له في الخارج.
وإن كنت أقر أنا بأنني بعد بذل الجهد لم استطع أن أفهم كلام شيخ الإسلام رحمه الله، خاصة ما قام بنفسي من تعارض في قوله بين الحوادث متسلسلة في الأزل تسلسلاً لا أول له وبين تقريره أن العرش أول مخلوق.
ـ[المضري]ــــــــ[13 - 10 - 03, 10:09 م]ـ
الاخ ابو المنهال الابيضي ..
نحن نتحدث عن قضية أخرى لاعلاقة لها بماكتبته انت!
ـ[محمد عبادي]ــــــــ[14 - 10 - 03, 01:50 ص]ـ
حديث: ((كان الله ولم يكن شىء غيره)) ألا يقوي موقف القائلين ببدء الخلق؟؟؟؟
كما ان حديث: أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب قال يا رب وما أكتب قال ((أكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة))
أليس فيه دلالة واضحة على أن مقادير ((كل شيء)) قد تمت كتابتها بعد خلق القلم؟؟ فهذا ينفي تسلسل المخلوقات قبل خلق القلم،لأن تقديرها يصبح متأخراً عن خلقها.
ـ[ابن أبي حاتم]ــــــــ[14 - 10 - 03, 02:02 ص]ـ
أخي الفاضل: أبا المنهال البياضي زاده الله من فضله.
قرأت جوابك – رعاك الله – حول ما ذكرت، وتمنيت انك لو تأنيت بعض التأني لتنظر في أدلة ما ذكرت، وإن كنت لم اقصد ذكر الأدلة على ذلك لشهرتها.
ثم اعلم وفقك الله أنك تُدَندِن حول واو تقتضي الترتيب أو لا، وهذه لا وجود لها, وإلا فالحديث الذي أعنيه هو ما رواه مسلم رحمه الله برقم (2653) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة قال وعرشه على الماء.
واعلم –هديت للخير- أن الواو في قوله: (وعرشه على الماء) هي واو الحال، أي أن كتابة المقادير (وهي بالقلم كما هو معلوم) كان ذلك حال كون العرش على الماء.
ولا أعلم أن لها احتمالاً آخر في لغة العرب!!
فأين هذا من قولك _وأنت متعجل!! _:
(والاستدلال بأن الواو تقتدى الترتيب، ليس بصواب؛ فإنه لا يشترط ذلك دائما، والحديث صريح فالأولى أن يقال أن الواو لا تقتدى الترتيب).
ولا يمكن أن نحكم بقطعة دلالة لرواية جاءت في السنن، ولفظة إن لم يتفق الرواة عليها، ولم يخرجها أصحاب الصحيح!!
ولست بهذا مغلقا باب خلاف لأهل العلم في هذه المسألة (وهي أيها تقدم في الخلق ألعرض أم القلم) فهذا كما قال ابن القيم فيها قولان لأهل العلم، ولكن المقصود التأني التأني!!
وأما ما وصفت الأخ المضري به من سوء الفهم، فلا أُراك إلا أحق بهذا الوصف منه، وما نقلته من كلام الشيخ ناصر _ رحمه الله _ فلا علاقة له بما نقول ألبتة!!
وكلام الذي ذكره الأخ المضري صحيح النسبة إليه، ولا أدري لم تلحق بنفسك عناء الوقوف على الإحالة التي ذكرها الأخ وفقه الله.
إذا الكلام حول مسألة تسلسل الحوادث في الماضي، وهو ما يسمى (القدم النوعي للحوادث).
والله يحفظك ويرعاك.
الأخ الشافعي _ بارك الله فيه وعمر أوقاته بطاعته _
نعم الأمر كما ذكرت من أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إنما تعرض لقضية إمكان التسلسل في المخلوقات، على ما ذكره الأخ المضري _وفقه الله_.
بخلاف تسلسل الفعل في حق الرب _جل وعلا_ فإنه سبحانه لم يزل فعالاً لما يريد.
ثم إني لم أذكر أن المسألة مبينة على أن القلم خلق قبل العرش أم القلم، وتأمل في تعليقي تجد ذلك بوضوح.
وأخيراً.
أيها الأخوة الأفاضل:
فما أحلت عليه في البحث المرفق، وكذلك الروابط التي ذكرها الأخ المضري نافعة ماتعة، وهذه المسألة طويلة جداً كما ترون، ولا نريد أن ندور في حلقات ونقاشات، ثم نرجع إلى أن كل من اعترض على هذا التقرير نفاجأ أنه لم يستوعب الكلام في هذه المسألة الطويلة، ولم ينظر في ذيولها وأبحاثها وأصولها ولوازمها.
أَلا فمن لم يستوعب ذلك ولم يقرأ ذلك فليسعه السكوت، وليأخذ من العلم ما يطيقه، وليعلم أن باب الاستدارك والتعقب لا يكون إلا بعد فهم المسألة، على نحو ما ذكرت، ولا يصح في مثل هذه المسائل المعقدة أن تطرح للنقاش بحيث يناقش فيها من طرف الذهن، وباحتمالات من بادئ الرأي، والله تعالى يقول: (وأتوا البيوت من أبوابها).
ولله درُّ القائل:
وكم من عائبٍ قولاً سديداً **** وآفته من الفهم السقيم.
والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/89)
ـ[الشافعي]ــــــــ[14 - 10 - 03, 02:14 ص]ـ
أخي محمد عبادي
الرواية التي تذكر -وبفرض أنها هي الصحيحة- لم تذكر ظرفاً لكن على كل
تقدير فإن (الشيء) المذكور فيها يقصد بها مخلوقات الله تعالى أنا وأنت
والعرش والقلم إلخ ولا يدخل فيها أفعال الرب سبحانه وصفاته، وهذا هو
ما يرد عليه ابن تيمية، فكل خوضه في هذه المسألة كان للرد على من
يقول أو يلزم عن قوله أن الله عز وجل كان في الأزل بلا بعض صفاته ولا
فعل وأن أفعاله (ككلامه مثلاً) مخلوقة، تعالى الله عن ذلك.
ولعل هذا يبين الفرق للأخ القوس، فابن تيمية لا يسوي بين ما هو
مخلوق وما هو متجدد الأفراد.
أعود إلى رواية كان الله ولم يكن شيء غيره فهي ورواية كان الله ولم
يكن شيء قبله موجودتان في الصحيح، وابن تيمية ذهب ومن منطلق
حديثي محض إلى أن أحد هذين اللفظين هو الذي قاله النبي صلى الله
عليه وسلم وذلك بناء على اتحاد المجلس ووجود تفاصيل في الخبر تمنع
من القول بالتعدد.
ثم رجح بأحاديث أخرى رواية (ولم يكن شيء قبله) وكما قلت لك لا يوجد
تعارض في الظرفية لأنه يصح في كلامنا أن نقول: جاء فلان ولم يأت
غيره معه أو قبله أو بعده.
والله أعلم
ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[14 - 10 - 03, 02:27 ص]ـ
لقد حذفت ما كتبت مع إقراري أني أخطأت في المشاركة الأولى *
أما الثانية فلا , ولكنى فضلت أن أجعله موضوعا مستقلا لما ذكره الأخ ابن أبي حاتم من كلام غريب على الرويتين المذكورتين.
فرأيت أن أفصل الكلام في هذه المسألة في موضوع مستقل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
<*> أعنى أنى لم أقرأ الموضوع جيدا
فكان الرد خطاء.
أما كون الشيخ الألباني أخطاء فليس هو
مرادي من هذا التراجع.
ـ[المضري]ــــــــ[14 - 10 - 03, 04:47 ص]ـ
أخي ابن ابي حاتم وفقه الله
عذراً فلم انتبه للملف الذي ارفقته في المشاركة السابقة , فقمت بوضع رابط لنفس الكتاب .. ارجو ان تسامحني:)
اخي ابو المنهال .. جزاك الله خير .. وللعلم فان الشيخ الالباني تراجع عن كلامه بحق ابن تيمية في قضية تسلسل الحوادث .. وقد نشر احد تلاميذه نص تراجعه في احد المنتديات او المواقع.
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[21 - 10 - 03, 12:30 ص]ـ
قال الشيخ إحسان العتيبي:
ومما نقله الأخ عصام عن شيخنا – رحمه الله – تراجعه عن نقده لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في مسألة " تسلسل الحوادث "، واعتراف شيخنا أنه لم يفهم كلام شيخ الإسلام، فرحمه الله ما أعدله وما أنصفه. ( http://www.saaid.net/Doat/ehsan/105.htm)
ـ[سيف الخولاني]ــــــــ[05 - 04 - 06, 03:39 م]ـ
السلام عليكم:
لقد ذكر الحافظ في الفتح رواية أخرى لحديث البخاري عند بن شاهين في كتاب الصحابة في ترجمة نافع بن زيد الحميري وهو الذي وفد على النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمران بن الحصين الذي في الصحيحين، ولفظ الحديث: كان الله لا شيء غيره وكان عرشة على الماء ثم خلق القلم فقال: اكتب ماهو كائن ثم خلق السموات والأرض ومابينهما واستوى على عرشه. ولم اقف على سند بن شاهين في كتابة، وأظن والله أعلم أنه وإن كان ضعيفا، فسيكون صحيحا لغيره على الأقل، والله ولي التوفيق.
ـ[سيف الخولاني]ــــــــ[05 - 04 - 06, 03:50 م]ـ
السلام عليكم:
هذا الحديث السابق يثبت ان القلم خلق بعد العرش.
ولم أجد حديثا يثبت أيهما خلق أولا: العرش، ام الماء إلا في أثر رواه الإمام الطبري، والبيهقي في الصفات وذكره الذهبي في العلو، وصححه الألباني عن أناس من الصحابة رضي الله عنهم في قوله جل وعلا " وكان عرشه على الماء" أن الله خلق الماء ولم يخلق شيئا قبل الماء ...
وحديث اخر عن ابن عمر في العلو: أن الله جل وعلا خلق أربعة أشياء بيده: العرش، والقلم، وآدم، وجنة عدن، وسنده جيد. والله الموفق.
ـ[سيف الخولاني]ــــــــ[06 - 04 - 06, 03:50 م]ـ
السلام عليكم:
قد يكون البحث في أول ماخلق الله عز وجل - عند إنعدام النص - من الأمور التي لم يكلفنا بها الشارع الحكيم. خاصة، وعند التأمل، نرى أن الأحاديث التي نعرفها لم تتحدث عن خلق الكرسي!
ثانيا: ذكر الحافظ بن حجر في الفتح ان هناك أحاديث عند احمد والترمذي تقول بأن الماء خلق قبل العرش. لكن هذه الأحاديث ليست قويه بل فيها ضعف لجهالة بن حُدُس. فقد قال عنه الحافظ انه لين، ولم يتابع حديثه أحد، فهو ليس مقبول، وقال عنه الذهبي انه لا يعرف. هذا خلاصة كلام الألباني رحمه الله. ومن الغريب ان الشيخ أحمد شاكر قد صحح الحديث في المسند. وقد وقف علمي البسيط عن معرفة حديث أو أثر يستأنس به عن أول ماخلق الله عز وجل. وعند انعداد النص في هذه المسألة الغيبيه، لا يجوز الإجتهاد فيها، إلا إذا كان الإستنباط مبني على نصوص واضحة.
وفوق كل ذي علم عليم.
ـ[إسماعيل إبراهيم محمد]ــــــــ[06 - 06 - 09, 05:10 ص]ـ
حديث: أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب
إن فرضنا أن كلمة "أول" بمعنى حين للظرف، فأين المبتدأ وأين الخبر، وما فائدة الفاء في "فقال"؟
يظهر - والله أعلم - أن "أول" مرفوع في محل الابتداء، و"القلم" خبره.
صححوني بارك الله فيكم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/90)
ـ[أحمد الغريب]ــــــــ[06 - 06 - 09, 12:29 م]ـ
لعل حديث أبي رزين العقيلي يدل على خلق العرش قبل القلم لمن تأمله ..
ونص الحديث قال أبو رزين: قلت يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق السماء والارض؟ قال: كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء ثم خلق عرشه على الماء.
ـ[إسماعيل إبراهيم محمد]ــــــــ[06 - 06 - 09, 09:01 م]ـ
السؤال:
هل صحيح أن نقول: كلمة "أول ما خلق الله" مبتدأ، وكلمة "القلم" خبره؟(26/91)
الفناء الصوفي هل هو غاية التوحيد للاخ الفاضل مختار طيباوي
ـ[منهاج السنة]ــــــــ[13 - 10 - 03, 05:40 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
حوار مع الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي
الحلقة الثالثة
الفناء الصوفي بين الحق الموجود و الحق المقصود
الفناء الصوفي بين الحق الموجود والحق المقصود
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لانبي بعده
أما بعد، فهذه الحلقة الثالثة من حوارنا الشهري مع الدكتور البوطي فيما انتقده على أهل السنة و الجماعة السلفيين خاصة شيخ الإسلام ابن تيمية، وفي هذه الحلقة سنخوض معه في مسألة عظيمة عند بعض أهل التصوف وهي مسألة "الفناء"، وقد يجد بعض الناس أنهم غير معنيين بهذه المسألة، لأنهم لم يدركوا بعد مكانتها عند غيرهم من المسلمين، أو لأنهم لم يدكوا أقوم السبل للدعوة إلى الله، فإن الحق المقصود وهو الحق الذي دل عليه الكتاب و السنة، والذي يوافق مراد الله لا يتم تصوره في ظل إنكار الحق الموجود، و الحق الموجود هو الحق الكوني أي: الأمور التي قدرها الله و كونها بأمر التكوين، أما الحق المقصود فهو الدين الذي أمرنا به الله و نهانا عن خلافه.
ومتى أنكرنا للصوفي ما يجده من ذوق، أو ما يقع فيه من أحوال، و إن خالفت الشرع، نكون قد أنكرنا الحق الموجود، و لم نصدق في الإخبار عنه، و بالتالي سنعجز عن بيان الحق المقصود و الإرشاد إليه.
يخلط كثير من الناس بين الحق الموجود و الحق المقصود، فكلما وجدوا لشيء ما منفعة في دينهم أو دنياهم تمسكوا به و اعتنوا به، و أنكروا على الذي ينكره، إذ اعتقدوا أنّه من الدين ما دام هو حق.
و من هذه الأمور المصطلحات الكلامية و الصوفية: كلفظ الجوهر، و الهيولي و الصورة، و الحيز و العرض و الفناء و البقاء، و المقامات و الأحوال.
فمثل هذه الأمور موجودة، و بعضها موجود من زمن الفلاسفة، و هي عمدة المتكلمين و الصوفيين التي بنووا عليها عقائدهم في الأسماء و الصفات، وفي العبادة و الزهد، فإنكارها دون بيان أنّها من الباطل أو البدع في الدين، و عدم بيان أن معانيها لا توافق الكتاب و السنة إنكار للحق الموجود، و كذب في الإخبار عنه، فليس هذا إلا جهلا بهذا الحق الموجود.
فإذا عرفت أنّها محدثة في الدين، وجب عليك بيان الباطل الذي تحويه، عرفت إذ ذاك أنّها ليست من الحق المقصود، أي الحق الذي وصانا الله بطلبه و إرادته، فالحق المقصود هو الذي دلّ عليه الكتاب و السنة، وعليه، فإن أولئك الذين أنكروا على شيخ الإسلام و تلميذه ابن القيم إيرادهم هذه المصطلحات في كتبهم حتى قال أحدهم عن كتاب " مدارج السالكين «لابن القيم: " ليت ابن القيم لم يكتبه ".
فهؤلاء لم يعلموا أن الشيوخ أوردوها لبيان حقيقتها، و تحذير المسلمين منها، و دعوة المتكلمين بها إلى الاعتصام بألفاظ القرآن و السنة، فهؤلاء لم يعرفوا الحق الموجود، و لم يصدقوا في الإخبار عنه، و إن عرفوا الحق المقصود فإنهم لم يرشدوا إليه، و لم يأمروا به، فلم يكن كلامهم إلاّ مجرد غمز في أئمة عرفوا الحق الموجود فبينوه، و عرفوا الحق المقصود فأرشدوا إليه.
و عليه نقول لهؤلاء: إذا عرض للإنسان إشكال سأل حتى يتبين له الصواب و لا يتكلم بغير علم، و إلا كان همزة لمزة، طعان عياب، من الذين تحملهم محبة الشرف و المشيخة على انتقاص غيره بالهمزة و اللمزة، فإن محبة المال تدعوا إلى البخل، و محبة الشرف و المشيخة تدعوا إلى المنافسة، و لذلك قال تعالى: (الذي جمع مالا وعدده) (الهمزة:2).
قال الشافعي في " الرسالة (فقرة 132/ 41): " فالواجب على العالمين أن لا يقولوا إلاّ من حيث علموا".
فإذا عرفت ما هو الحق الموجود، وماهو الحق المقصود، وعرفت أنه لا يمكنك الدعوة إلى الحق المقصود إن لم تعرف الحق الموجود، و في أي شيء يخالف الحق المقصود، فعلى هذا الأساس نخوض في هذه المسألة المعقدة، وعلى الله التكلان و إليه الوجه و العمل.
الموضوع:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/92)
قال الدكتور البوطي في كتابه (السّلفية ... ) الصفحة (204) هامش: " أما أن يكون في كتب ابن عربي كلام كثير يخالف العقيدة الصحيحة و يستوجب الكفر، فهذا ممّا لا ريبة و لا نقاش فيه، وأما أن يدّل ذلك دلالة قاطعة على أن ابن عربي كافر، وأنّه ينطلق في فهم (شهود الذّات الإلهية) من أصل كفري هو نظرية الفيض، فهذا ما لا يملك ابن تيمية و لا غيره أي دليل قاطع عليه .. "
و قال في هامش الصفحة (207): " ما من ريب أن كلّ من اعتقد أنّ الله هو عين الموجودات أو متلبس بها أو أنّها فيض حتمي من علّيته و سببيته الحتمية للأشياء، فهو كافر خارج عن الملّة الإسلامية، غير أن تبنّي هذه العقيدة لا يدخل في أي قسم أو معنى من معان الفناء كما قسم ابن تيمية رحمه الله، فجعل أصحاب هذا الاعتقاد ممّن اتصفوا بالفناء بمعناه الثالث، فأصحاب هذا الاعتقاد في غاية اليقظة و الصحو، و هم يدافعون عن أوهامهم هذه بمنتهى اليقظة الفكرية، فكيف يوصفون بأنّهم ممّن وقعوا في الفناء؟
هذا إن كان ابن تيمية يعني بهذا الفريق الثالث، أولئك الزّنادقة الذين يدافعون عن باطلهم بأدلة عقلية و فلسفية معروفة ".
أقول: لنا على كلامه هذا، الذي لا يشدّ أوّله آخره، اعتراضات قاطعة لشغبه، منها:
إنّه يقرّ و يشهد على نفسه وجود زنادقة في الإسلام يقولون بوحدة الوجود، و يدافعون عن باطلهم بالعقل و الفلسفة، دون أن يشير إلى واحد منهم باسمه.
و نحن نسأله: من هم هؤلاء الزنادقة، حتى نقول لك: إن كانوا زنادقة أم لا؟
فلربما دسّت عليهم تلك المقالات، أو أنّهم تابوا منها في آخر حياتهم، أو أنّهم لا يعتقدونها، أو أنّها لا تدل على الزندقة، و لماذا لا يسعك ما وسع أئمتك، من تحريم قراءة كتبهم، دون أن تقتحم عليهم ما يكفرهم؟
هذه بضاعتك ردّت إليك، لأنها فاسدة!
ثانيا: إنّ الذي دفع الدكتور، إلى الادّعاء أنّ الذين ينطلقون في فهم شهود الذات الإلهية من نظرية - الفيض- لم يكونوا في حالة من حالات الفناء؛ خوفه من أن يجرّ نفسه إلى ما تراه الصوفية أعظم مقام في السلوك و هو الفناء، و أنّه سبب وقوع كثير من السالكين في الاتّحاد و الحلول، و ليبقي هذا الحصن في مأمن من هجومات أهل السنة و الجماعة، زعم ألاّ صلة لأصحاب وحدة الوجود بقضية الفناء.
ثالثا: ذهب بعيدا في تناقضا ته، عندما عاد ليقول لنا: إنّ أولئك الزنادقة الذين هم من أصحاب القسم الثالث للفناء معذورون، لأنّ الفرق بينهم و بين أصحاب الفناء من القسم الثاني، هو كمية الذّهول الذي يصابون به، فنقضَ ما بناه بعد سطرين من الكلام، فمرّة هم زنادقة، لا علاقة لهم بالفناء، و مرّة هم معذورون، لأنهم أصحاب فناء!
هذا المجمل أما التفصيل فهو:
تعريف الفناء:
الفناء عند الصوفية غاية السلوك، و أعلى المطالب، و نهاية المقاصد؛ و هم يقصدون به اضمحلال النّفس، و تلاشيها أمام شهود ربوبية الله، و تقديره المحكم للكون؛ و يسمون هذا - شهود الذات -، و كل من خاض في أمر الفناء من الصوفية، لم يتعرض إلى شهود إلهية الله لعباده، وتجلي صفاته و أسمائه؛ و هذه حقيقة يستخلصها من نظر في كلامهم، فإنّ الذي يدندن حوله هؤلاء، و ترى كتبهم مشحونة به، هو الفناء في توحيد الربوبية، و هو فناء من عجز عن شهود شيء من المخلوقات إذا شهد قلبه وجود الخالق، لا " ذات الخالق " كما يزعمون.
فلا يفرقون بين المأمور و المحظور، و بين المحبوب و بين المكروه، فإنّ مشاهدتهم القدرة و المشيئة، حجب عنهم شهود الشرع: و الأمر و النهي، و عبادة الله وحده، و طاعة رسوله.
و يسمون الفناء في الربوبية: الفناء عن شهود السوى، و لهم شطحات في شرحه و تقريره.
و الفناء لغة هو: الاضمحلال و التلاشي و الانعدام، و قد يراد به الهلاك، و أما قصدهم الاصطلاحي فهو: أن تذهب المخلوقات و تتلاشى في شهود العبد و تغيب في العدم كما كانت قبل أن توجد، و يبقى الله كما لم يزل، ثم تغيب صورة الفاني، و تضمحل أيضا، فلا يبقى له صورة و لا رسم، ثم تغيب مشاهدته و يصير الله هو الذي يشاهد نفسه بنفسه، كما كان الأمر قبل إيجاد المكوّنات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/93)
قال الغزالي في (الإحياء): " المرتبة الرابعة من التوحيد: أن لا يرى في الوجود إلا واحد، و هي مشاهدة الصديقين، و تسميه الصوفية الفناء في التوحيد، لأنّه من حيث لا يرى إلا واحدا، فلا يرى نفسه أيضا، و إذا لم ير نفسه لكونه مستغرقا بالتوحيد، كان فانيا عن نفسه في توحيده، بمعنى أنّه فنا عن رؤية نفسه و الخلق ". (ص: 229) طبعة دار القلم الثالثة.
و إن كان هذا الكلام يبدوا للوهلة الأولى منسجما منضدا، فإنه كلام مضطرب، جميل المبنى، فارغ المعنى.
فكيف يعدم الإنسان نفسه و هو موجود؟، و كيف يلغي مشاهدته بعد أن ألغى نفسه و قذفها في العدم؟ وهل الله جلّ وعلا محتاج إلى هذا الفاني عن نفسه ليشهد نفسه بنفسه؟، و من شهد منهم العدم فليصفه لنا؟.
و قد اتفقت كلمتهم على أن أعلى درجات الفناء: أن يفنى من لم يكن و يبقى من لم يزل.
و هذا الكلام يحتمل ثلاثة معاني لا رابع لها:
الأول: إمّا أن يقصد به الفناء عن رؤية المخلوق كحال المغشي عليه و النائم، وهذا إن كان يقع في حالة الذّهول، أو الخوف الشديد، أو السكر؛ فإنه نقص في الإيمان والتوحيد، إذ هو فقدان لقدرة التمييز و السيطرة على العقل، التي يرى بها المخلوق نفسه مخلوقا، و يرى الخالق خالقا.
ثانيا: إمّا أن يقصد به فناء المخلوق في إرادة السالك العابد، وهذا إن كان لباب التوحيد، فإنه ليس الفناء المصطلح عليه عند القوم، وإنما سمي بالفناء: لتلاشي إرادة المخلوق و التعلق به في قلب السالك، أي أنه يدرك حسُّا و علمًا ألا قدرة للمخلوق في نفعه أو ضره.
ثالثا: أن يقصد به فناء المخلوق في الوجود الخارجي، أي الحقيقي لا الذهني؛ فإن للوجود أربع مراتب: وجود خارجي، و ذهني، و رسمي، و لفظي.
وهذا الفناء مكابرة ومعاندة للعقل والحس، باطل بنفسه لا يحتاج في إبطاله إلى شيء.
قال الهروي في (المنازل): " الفناء اضمحلال ما دون الحق علما، ثم جحدا، ثم حقا و هو على ثلاث درجات ... " (ص: 404/ 3) (مدارج السالكين).
وفي هذا الكلام من الفساد ما يوجب التصديق بأنّه وقع في الاتحاد الخاص كما قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية، فإنّ اضمحلال ما دون الحق (المخلوق) علما، و إن أمكن وقوعه لقدرة الذهن على تصور ما لا يجوز خارجه، فإنه لا يسمى علما إلا تساهلا في الألفاظ، فإن العلم و الإدراك هو مطابقة صورة ما في الذهن لما هو خارجه، فإن لم يطابق ما في الذهن ما هو في الخارج سمي تخيلا لا علما.
و المخلوق موجود في الخارج (أي موجود حقيقة)، باق للأبد، إمّا إلى الجنّة و إمّا إلى النار، فانعدامه في الذهن ليس علما، و إنما وهما و خيالا إذ هو باق، لا ينعدم بحال.
و عليه انتقل الهروي بعدها إلى الجحود، فقال: - اضمحلاله جحودا -، و هذا يؤكدّ أنه لم يضمحل علما، فأراد جحد وجوده، و هذا إنكار و مكابرة، قال تعالى: (و جحدوا بها و استيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا) (النمل: 14).
و أما اضمحلاله حقا، فلا يكون إلاّ بالاتحاد، لأن الحق هو إدراك الحقائق على ما هي عليه، و الحقائق تثبت حسا و وجدا، أنّ الربّ ربّ، و الإنسان إنسان، فما بقي إلا الاتحاد ليكون اضمحلال المخلوق حقا.
و أما اضمحلاله مشاهدة، و التي لم يذكرها الهروي لأنه جعلها من باب الاضمحلال الأول، أي الاضمحلال علما، فإن أمكن وقوعه في حالة غيبة العقل، فهو زيف وسراب، إذ بمجرد عودة العقل تنقضي المشاهدة ويعود المخلوق إلى وجوده، ولذلك قالوا:"دوام الحال من المحال"، وهم يقصدون: عدم دوام المشاهدة والاتصال.
فإذا عرفت معاني الفناء و انقسامه ضرورة إلى ثلاث أقسام، وجب ذكر هذه الأقسام بصورة أوضح، فنقول:
القسم الأول من الفناء:
أول أقسام الفناء: الفناء عن وجود المخلوق، وهو الذي يذكره البوطي في القسم الثالث، و هو فناء القائلين بوحدة الوجود، و أصلهم الذي بنوا عليه هذا الفناء: أنّه لا يوجد وجودان ممكن وواجب، فلا يفرقون بين كون وجود المخلوقات بالله، وبين كون جودها هو عين وجوده، فالفناء عندهم فناء عن شهود المخلوق في حالة الغيبة و اليقظة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/94)
قال ابن خلدون في (المقدمة): " إن هؤلاء المتأخرين من المتصوفة المتكلمين في الكشف و فيما وراء الحّس توغلوا في ذلك، فذهب الكثير منهم إلى الحلول و الاتحاد كما أشرنا إليه، و ملأوا الصحف منه، مثل الهروي في كتاب المقامات له و غيره، و تبعهم ابن عربي و ابن سبعين و تلميذهما ابن العفيف، و ابن الفارض و النجم الإسرائيلي في قصائدهم " (ص: 473) طبعة دار القلم 1409.
قال الغزالي في (الإحياء) و هو يشرح التوحيد:" موحد بمعنى أنه لم يحضر في شهوده غير الواحد، فلا يرى الكل من حيث أنه كثير، بل من حيث أنه واحد، و هذه الغاية القصوى في التوحيد ". (ص: 230/ 4).
تعريف الاتحاد:
الاتحاد هو: صعود السالك بروحه بواسطة التجرد و الاستغراق في العبادة حتى يصل إلى - مقام الله - و يتحد معه، فتصير الكثرة في الواحد؛ و الصوفية المغالطون للشرع يخفون - كلمة الاتحاد - بقولهم:-" يفنى في الله " -، وإنما مقصدهم الاتحاد به.
و هنا يجب ملاحظة الفرق بين الاتحاد و الحلول:
فالاتحاد صعود الإنسان من عالم الحسّ و المادة إلى عالم الملكوت، مفارقا كل صور المحسوسات، غائبا عنها منسلخا عن جسده، ليتحد بالخالق في تجلياته؛ بينما الحلول هو: نزول الخالق و حلوله في جميع مخلوقاته، لتكون مظهرا من مظاهره، و امتدادا لوجود.
فالأوّل، أي: الاتحاد عبارة عن الكثرة في الواحد، و الثاني، أي: الحلول عبارة عن الواحد في الكثرة.
و القول أو الاعتبار الأوّل هو الذي وقع فيه الهروي و أبو طالب المكي ثم بعد ذلك الغزالي، كما هو مؤكد في كلامه المنقول آنفا.
والوحدة هي الحلول أو الاتحاد الخاص المعين.
و قد فسر ابن تيمية أقسام ذلك فقال في" المجموع" {172/ 2}:" القسمة رباعية لأن من جعل الرب هو العبد حقيقة فإما أن يقول بحلوله فيه، أو اتحاده به، و على التقديرين: فإما أن يجعل ذلك مختصا ببعض الخلق، كالمسيح أو يجعله عاما لجميع الخلق، فهذه أربعة أقسام:
1 ـ الحلول الخاص وهو قول النسطورية من النصارى يقولون: اللاهوت حل في الناسوت وتدرع به كحلول الماء في الإناء.
وهؤلاء مثلهم غلاة الرافضة الذين قالوا: إن الله حل في علي بن أبي طالب و أئمة البيت، وكذلك غلاة المتصوفة.
2 ـ الاتحاد الخاص وهو قول اليعقوبية من النصارى وهم أخبث قولا وهم السودان و القبط، يقولون: إن اللاهوت و الناسوت اختلطا و امتزجا كاختلاط اللبن بالماء، وهؤلاء يقول مثلهم ابن عربي.
3 ـ الحلول العام وهو قول الجهمية المتقدمين الذين يقولون: الله بذاته في كل مكان.
4 ـ الاتحاد العام وهم الذين يزعمون أنه عين وجود الكائنات وهم أكفر الطوائف [مثل التلمساني]."
فأصحاب يجعلون هذه العقيدة على أربعة مذاهب:
إما أن يجعلوه جملة المخلوقات ـ أو جزءا من كل مخلوق ـ أو صفة لكل مخلوق ـ أو يجعلونه عدما محضا لا وجود له إلا في الأذهان، لا في الأعيان.
كيف بدأ ظهور هذا الكفر في المسلمين:
فأول ما بدأ ظهور هذه العقائد في الإسلام، و كما أكّد ابن خلدون سابقا، بدأ بالاتحاد الموجود في كلام الهروي و الغزالي، ثم جاء آخرون أقل معرفة بالشرع و أكثر خلطة للفلسفة و الكلام أمثال: ابن عربي، و كانت لهم جرأة فزادوا الاتحاد توسيعا، فوقعوا في الحلول الذي صار امتدادا ضروريا للاتحاد، و لذلك قال ابن عربي عن الغزالي: " أنه قيده الشرع «، أي: أن مخالطته للشرع، و هو الفقه و التفسير و الحديث، منعه من البوح بالحلول.
القسم الثاني من الفناء:
أما القسم الثاني من الفناء: فهو غيبة أحدهم عن سوى مشهوده، بل أنه يغيب عن مشاهده شهوده، و هؤلاء حاول البوطي أن يجعل أصحاب الفناء الأول مثلهم، عندما قال: " و الفرق بين الفناء الثالث (الأول عندنا) و الفناء الثاني (هذا الذي نحن بصدده) في كمية الذهول حتى لا يدري ما يقول مثل الذي قال: " سبحاني، أو: ما في الجبة إلا الله ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/95)
فلم يفرق - الدكتور - بين من سكر وفقد تمييزه للأشياء حتى لا يدري ما يقول، فهو غائب العقل مثل السكران من الخمر، فإن حقيقة السكر أن لا يعلم ما يقول، قال تعالى: (لا تقربوا الصلاة و أنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون) " النساء"، و السكر عبارة عن غمور نشوة لذيذة للعقل تفقده توازنه، و قد يحدث بتناول مواد مسكرة، كما قد يحدثه العشق، أو الخوف الشديد، قال تعالى: (و ترى الناس سكارى و ما هم بسكارى و لكن عذاب الله شديد) (الحج: 2).
و قالوا: كلام السكران يطوى و لا يروى، و وجد في الشرع أحكام خاصة به، لأنه فقد تمييزه.
فإن كان مثل هذا قد فقد وعيه لسبب مباح أو محظور، كالسماع الصوفي، فلم ير في مشاهدته مخلوقا، و التبس عليه الأمر فظن نفسه الله، ثم إذا أفاق عاد عن غيّه و شهد الفرقان بين الحق و الخلق.
أفيمكن أن يقال عن شخص سكر، شهد المشاهدة نفسها، و وقع فيما وقع فيه الأول، إلا أنه عند إفاقته أصرّ، و لم يفرق بين الحق و الخلق، و كتب في ذلك كتبا و صحفا لينصر بها هذا الضلال؛ أفيصح أن نقول:
إن الفرق بينهما في كمية الذهول فقط؟ أم إن الاتحادية زنادقة، دافعوا عن عقيدتهم بالعقل و الفلسفة في يقظة تامة؟.
و هل هؤلاء أصحاب الفناء الأول، فناؤهم مستمر لا ينقطع و لا يفيقون منه، عندما يأكلون، أو ينامون، أو غير ذلك من أمور الحياة، فهم في فناء و اصطلام دائم و متصل، حتى نعذرهم كما ارتأى البوطي؟ أم أن الفناء ذهول ذهني، مؤقت، يزول بزوال سببه من وجد، أو شوق، أو خوف، أو سماع و يعود صاحبه إلى رشده و يقظته؟
فالقاسم الوحيد بين الفنائين هو وقوع كليهما في الاتحاد، أما الأول فلم يعذر لأنه اعتقد ما توهمه في فنائه بعد يقظته، و أعذر الثاني لأنه اعتقده وهو في حالة ذهول، لكنه لاحظ الفرق و هو حاضر.
قال ابن خلدون في (المقدمة): " و صاحب الغيبة غير مخاطب و المجبور معذور فمن علم فضله و اقتداؤه حمل على القصد الجميل من هذا، و أن العبارة عن المواجد صعبة لفقدان الوضع لها كما وقع لأبي يزيد و أمثاله و من لم يعلم فضله و لا اشتهر فمؤاخذ بما صدر عنه من ذلك إذا لم يتبين لنا ما يحملنا على تأويل كلامه، و أما من تكلم بمثلها و هو حاضر في حسه و لم يملكه الحال فمؤاخذ أيضا و لهذا أفتى الفقهاء و أكابر المتصوفة بقتل الحلاّج لأنه تكلم في حضور و هو مالك لحاله " (ص: 474).
إن الفناء استهلاك الشيء في الوجود الذهني، لا في الوجود العيني الخارجي، و لذلك أعذر أهل الفناء من القسم الثاني، لأن ما وقعوا فيه من الاتحاد بدون سبب محظور، اتحاد ذهني سببه قوة الوارد من وجد أو خوف أو شوق الذي أسكرهم و أفقدهم وعيهم، فإذا أفاقوا عادوا إلى رشدهم و تابوا من غيّهم.
أما أصحاب الفناء الأول فلم يعذروا لأنّ الاتحاد عندهم عيني خارجي، فهم يكابرون الحق، فصاروا بذلك كفرة، وقعوا فيما وقعت فيه النصارى عندما ادعت حلول الله في المسيح عليه السلام، بل هم أكفر، لأنهم لا يقولون بالحلول في معيّن فحسب، بل الحلول عندهم عام مطلق نابع من عقيدة الفيض الفلسفية.
و سبب القسم الثاني من الفناء قوة الوارد و ضعف المحل عن استقباله و تحمله، و هو صفة نقص فيمن أصيب به، و له سبب آخر هو نقصان العلم و التمييز؛ فإننا لم نجد من عرف بالعلم الشرعي قد أصيب بهذا الفناء و لا ذكره أحد منهم.
و من تنبه لهذين السببين من صلحاء العبّاد، أوصى أتباعه بالتمسك بالعلم الشرعي كما هو مشهور عن أبي سليمان الداراني و غيره.
قال ابن خلدون في (المقدمة): « .... وسلف المتصوفة من أهل الرسالة أعلام الملة لم يكن لهم حرص على كشف الحجاب و لا هذا النوع من الإدراك، و إنما همّهم الإتباع و الإقتداء ما استطاعوا، و من عرض له شيء من ذلك أعرض عنه ولم يحفل به، بل يفرون منه و يرون أنه من العوائق و المحن و إنه إدراك من إدراكات النفس مخلوق حادث و أن الموجودات لا تنحصر في مدارك الإنسان و علم الله أوسع و خلقه أكبر و شريعته بالهداية أملك .... " (ص: 475).
أين وقع الخلل في توحيد المتصوفة؟:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/96)
من فحص موضوع الفناء بدقة، فإنه لا يجد من أصحابه إلا إقرارا بالربوبية و رؤية الله متفردا بالخلق، مدبرا لهم، و رؤية مشيئته نافذة فيهم و هذا و إن كان حقا، فإنه ليس العروة الوثقى و لا معصم التوحيد، الذي هو رؤية الله مستحقا لكمال الحب و تمام الذلّ، و ما يتبعهما من أوصاف الإيمان و محامد الأخلاق.
أنكر جمهور المتكلمين اتباعا للفلاسفة أن يكون الله محبوبا، أو انه يحب شيئا أو يحبه أحد، وهذا في الحقيقة إنكار لكونه إلها معبودا، فإن الإله هو المألوه الذي يستحق أن يؤله و يعبد، و التأله و التعبد يتضمن غاية الحب بغاية الذل، ولكن غلط كثير من أولئك فظنوا أن الإلهية هي القدرة على الخلق، و أن العباد يألههم الله لأنهم هم يألهون الله، كما ذكر ذلك طائفة منهم كالأشعري، وطائفة أخرى لما رأت الكتاب و السنة وكلام السلف و شيوخ أهل المعرفة يدل على أن الله يحب أن يكون محبوبا، صاروا يقرون بأنه محبوب، لكن هو نفسه لا يحب شيئا إلا بمعنى المشيئة، وجميع الأشياء مرادة له، فهي محبوبة له، وهذه طريقة أبي إسماعيل الأنصاري و أبي حامد الغزالي و أبي بكر بن العربي، وحقيقة هذا القول أن الله يحب الكفر و الفسوق و العصيان و يرضاه، وهذا هو المشهور من قول الأشعري و أصحابه ذكره عنه أبو المعالي و ابن عقيل و قالوا: إنه أول من قال بذلك.
فلما لم يعرفوا من الألوهية إلا الربوبية، ووجدوا أن الله رب كل شيء، ظنوا أن الإله هو القادر على الخلق فقط، ولذلك انتهوا كلهم إلى الجبر و نفي الاختيار و الحرية عن الإنسان، ومتى انتهينا إلى قول الجهمية الجبرية، التي تنفي الأفعال عن المخلوق نفيا مطلقا، قاد ذلك حتما إلى القول بوحدة الوجود فالخالق هو الله، و الفاعل هو الله، و ما الإنسان إلا صورة أو شبح، فهكذا عندما أخذ المتكلمون عن الفلاسفة قولهم في الأجسام و الذرة، لم يقدروا على معرفة الله إلا من جهة الربوبية، أي القدرة على الخلق، ثم انكروا المحبة و الحكمة في أفعاله، ثم امتزج ذلك بالتصوف فخرج الاتحاد و الحلول.
وعليه لا يعرف المتكلمون و موافقوهم من المتصوفة توحيد الألوهية، ولا يعرفون إلا توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية عندهم هو نفي الشريك في الفعل فقط، كما سنبينه في حلقة "مناقشة البوطي في مفهوم التوحيد".
و لا ريب أن من اصطلم و غاب عقله، فتلاشى المخلوق في شهوده، فإما أن لا يشاهد شيئا البتة، وهذا لعمر الله تلاش للمخلوق مثله مثل المغشيي عليه فلا مزية له؛ و إما أن يشاهد خيالات، فقولهم (الصوفية):" يغيب بمشهوده عما سواه" قول مجمل يحتاج إلى التحرير، فإن مشهوده الذي يقصدونه هو الله.
قال أبو بكر بن العربي في (العواصم): "إن الصوفية يقولون، لا ينال العلم إلا بطهارة النفس و تزكية القلب و قطع العلائق بينه و بين البدن، و حسم مواد أسباب الدنيا من الجاه و المال و الخلطة بالجنس و الإقبال على الله بالكلية، علما دائما و عملا مستمرا حتى تنكشف له الغيوب فيرى الملائكة و يطلع على أرواح الأنبياء و يسمع كلامهم، وراء هذا غلو ينتهي إلى القول بمشاهدة الله " (ص: 30/ 1) طبعة الشركة الوطنية للنشر و التوزيع الجزائر 1981.
و قال ابن حزم في (الملل و النحل): " رأيت لرجل من الصوفية يعرف بابن شمعون كلاما نصه: أن لله تعالى مائة اسم و أن الموفى مائة هو ستة و ثلاثون حرفا، ليس فيها في حروف الهجاء شيء إلاّ واحد فقط، وبذلك الواحد يصل أهل المقامات إلى الحق، و قال أيضا: أخبرني بعض من رسم لمجالسة الحق أنه مدّ رجليه يوما فنودي ما هكذا يجالس الملوك، فلم يمد رجله بعدها، يعني أنه كان مديما لمجالسة الله تعالى " (ص:)
و ادعاء الصوفية رؤية الله، غايتهم القصوى، و جل كلامهم يدور حولها، و هي مقصدهم من الفناء؛ و كل من أثبت رؤية الله يوم القيامة من الأشاعرة، فإما لتعظيمه النصوص كابن فورك و قدماء الأشاعرة، و إما لميله للصوفية، لأن دعوى رؤية الله في الدنيا أهم مطالب الصوفية المتأخرين، و إلا فإن حذاق الأشاعرة، و وفقا لأصولهم ينكرون الرؤية، لأن إثباتها مع إنكار العلو و الاستواء والفوقية، تناقض بشع.
و هذا ما وقع فيه البوطي كما سنبينه في مسألة - المصطلحات الكلامية -.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/97)
قال النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح عند ذكر الدّجال: " اعلموا أنه لا يرى أحد منكم ربه حتى يموت "،فعلم بيقين لا ريب فيه، أن دعوى المتصوفة: رؤية الله في الدنيا، كذبة باردة، وقحة سمجة.
بيان سبب ادعاء الصوفية الاتحاد:
فإذا لم يكن الفاني عن نفسه و عن الخلق قد شهد الله، فما سبب اعتقاده أنه شاهد الله، أو أنه قد اتحد به، حتى يقول: «سبحاني، أو ما في الجبة إلا الله "؟.
إنها الأوهام و الخيالات، فإن قوة الوارد الذي يحدث نتيجة وجده الحاصل من الشوق، أو السماع، أو غيرها من الأسباب المحركة للقلب، لذّة و شعورا مطربا يغمر عقله فيفقده تمييزه، و يحصل له اصطلام كالتخدير و من ثم تستولي عليه الأوهام و الخيالات لفقدان عقله انسجام التفكير وترتيب الصور؛ فإن أصحاب الفناء أصحاب خيال كبير و أوهام، يتخيلون في أنفسهم صورا فيظنونها ثابتة في الخارج، و إنما هي من خيالاتهم، و الخيال الباطل يتصور فيه ما لا حقيقة له.
فحقيقة الفناء تصور باطل، مصدره عقيدة باطلة و ذهول سببه محظور.
فالصوفية أحدثوا تلك الحلقات التي يجذبون فيها بالسماع الباطل، بحثا عن الذهول، و الغشي، والنشوة؛ وقد يستدلون بقصة يوسف عليه السلام لتقرير الفناء كما فعل القشيري.
و ليس في ذهول النسوة عند مشاهدتهن يوسف عليه السلام، و تقطيع ما في أيدهن، حتى تخطاه إلى الأيدي، أي دليل على هذا الفناء المزعوم، لأنه دليل على الباطل، و سمي وراء فتنة النفس من الشهوات و الأهواء، كما أنه دليل على تعرض الإنسان للذهول؛ فنحن وسائر البشر نسلم إمكانية وقوع الإنسان في الذهول لسبب من الأسباب.
فذهول النسوة أحدثه عشقهن الصور الجميلة، و عندما صادف هذا العشق الكامن فيهن مطلوبه، أحدث هذا الالتقاء لذة غمرت العقل، و شدت انتباهه إلى تلك الصور، فطغت اللذة على الألم فأنسته، فهن سكرن بالصورة الجميلة كما يسكر الآخر بالهوى أو الخمر، و لم يتلاش أي شيء عندهن، كما لم يعتقدن أنهن صرن يوسف؛ قال تعالى: (فلما رأينه أكبرنه و قطعن أيديهن و قلن حاشا لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم)، (يوسف: 31)، فلم يصبن بأي فناء كما تزعم الصوفية.
و ما يحدثه العشق و الهوى بالنفس من ذهول شيء معروف، و لو ضربت دابة حال السفاد لم تذعن، و هذا بسبب طغيان اللذة على الألم، أفيمكن أن نقول عنها: إنها دخلت في فناء؟!
كما تجد أحدهم مطعونا بخنجر، و هو يقاتل لشدة غضبه الذي أنساه الألم، و لو لم يكن غاضبا ثائرا لرأيته يتوجع و يتأوه و لا يصطبر، و إذا تأمل الإنسان في نفسه، يجد أنه عند استيلاء اللذة على عقله و تمكنها منه غاية التمكن، ينسى ما دونها، و قد يفقد السيطرة على نفسه، و لهذا قالت عائشة رضي الله عنها عن تقبيل المرأة في رمضان: (و أيكم أملك لإربه)،فكم من شخص جامع أهله في رمضان لمجرد مداعبة، فوقع في المحظور مع أنه قد يكون من أهل الإيمان و الالتزام.
وذلك الصحابي رضي الله عنه الذي كان قائما يصلي في احدى الغزوات، فرشق بسهم ولم يحرك ساكنا، إنما إستيلاء لذة مناجاة الله عليه، أنسته الإحساس بالألم، فلم يصرخ و لم يتأوّه واستمر في صلاته ليزداد ذوقا لحلاوة الإيمان، فلم يصب بفناء ولا اعتقد أنه شاهد الله، فضلا عن أن يقول " سبحاني "!
و لما كان الفناء عند الصوفية من أعلى مقامات العبادة، و طريقتهم تدور حوله، وهم يأمرون المريد برياضات و تجردات يطول ذكرها، و مقامات يقطعها يصعب عدّها، ليصل إلى مقام الفناء؛ و حصل هذا الفناء أو ما يشبه لنسوة لا دين لهن سوى العشق، علم حينئذ قيمة هذا الفناء الذي تدعي الصوفية أنّه حقيقة التوحيد.
هذا الفناء الذي لم يرد له ذكر، لا في الكتاب، و لا في السنة، و لا في كلام الصحابة و التابعين، و لا في كلام الزهّاد المتقدمين و لا جعلوه غاية و لا مقاما، و قد كانوا أحق الناس بكل كمال، فلقد كانوا أعلم الناس و أقواهم في دين الله، فهم كما قال ابن القيم في (المدارج): " سادات العارفين و أئمة الواصلين و قدوة السالكين، مع قوة إراداتهم و كثرة عباداتهم، ومعاينة ما لم يعاينه غيرهم ولا شمّ له رائحة ولم يخطر على قلبه ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/98)
فكان هذا دليلا آخر على باطل هذا الفناء، و أنه لو كان كمالا، لكانوا هم أحق به، و لكان لهم منه ما لم يكن لغيرهم، و لكان أيضا لنبينا، كما كانوا في الإيمان، و الجهاد، و الصلاة، و الزكاة؛ و لهذا في ليلة المعارج لما عاين النبي ما لم يره أحد من المخلوقين، من آيات ربه الكبرى، لم يعرف له هذا الفناء، و لم يعرف صعقا أو غشيا وأصبح يخبرهم عن تفصيل ما رأى غير فان عن نفسه ولا عن شهوده. .
و لو كان هذا الفناء المزعوم أعلى مقامات العبادة و ذورة التوحيد لدلّ عليه النبي و الأنبياء من قبله.
فلقد دلّ الرسول أمته على كل خير علمه باتفاق أهل السنة و الجماعة، فإن لم يدل على هذا الفناء، علم يقينا دون تردّد أنه مما لا حاجة إليه، إلا أن يقول أحدهم: إن الرسول لم يخبر أمته بكل خير علمه لها كما هو قول طائفة من المتكلمين.
واعلم حينئذ أيها المسلم أن لازم قولنا محمد رسول الله، أن نعتقد جازمين دون أية ريبة، ألا عقيدة إلا عقيدته، و لا طريقه إلا طريقته، و لا شريعة إلا شريعته، و لا حقيقة إلا حقيقته، و اعلم أنه لا يصل أحد من الخلق إلى الله و إلى رضائه و كرامته، إلا بمتابعته باطنا وظاهرا في الأقوال و الأعمال الباطنة و الظاهرة سواء ما يسمى الأحكام أو الرقائق لا فرق في كل ذلك.
واعلم أن على كل أحد يدعي علما في الإسلام أو عمل، أن يوافق عمله كلام النبي، و إلا فإنه علم لا ينفع، فالنظر في القرآن و السنة و تدبر معانيهما هو الموجب للعلم، فإن طريق العلم لابد فيه من العلم النبوي، بحيث تكون معلوماتك مطابقة لما أخبر به الرسول، و إلا فإنك لا تنتفع بها مهما كانت، فلابد من شيئين اثنين: أن يوافق نظرك ما أخبر به الرسول، و أن يوافق عملك عمل الرسول.
فإن لم يقل البوطي أو غيره، هذا لازم قولنا: محمد رسول الله، قلنا له: أعد النظر في عقيدتك في النبوة؟
القسم الثالث من الفناء:
قلنا عن تلاشي إرادة ما سوى الله في قلب المسلم و حبّه و خوفه ورجائه بأنه فناء، لتبيان القصد المحمود من هذه الكلمة التي وردت في كلام بعض الأفاضل، لأن هذا التلاشي هو التوحيد الذي دلّ عليه القرآن و السنة و صاحبه يقظ في كامل قواه العقلية، لم يغب عقله و لا فقد تمييزه، و هو حالة موجودة في كل مسلم اتبع الرسول باطنا و ظاهرا، لا يطلب منه سلوك مقامات معينة، و لا اتباع طريق سوى طريق الله المستقيم التي هي الإسلام؛ فمن عمل بعمل الرسول، و انتهى عما انتهى عنه بإخلاص، و تعلق قلبه بربه، فعلم أنه هو النافع الضار، كان من أصحاب هذا التوحيد الذي يسميه بعض الأفاضل: فناء عن إرادة السوى.
أسباب وقوع الصوفية في الاتحاد و الحلول:
إن لوقوع بعض المتصوفة من جراء ما يسمى بمقام الفناء، في الاتحاد و الحلول، أسبابا عديدة و عوامل متنوعة.
فمما لا شك فيه، أن أول ما ظهر في الإسلام أواخر المئة الثانية، هو الاتحاد الموجود في كلام بعض المتصوفة الذين سبق ذكرهم، و لما جاء أتباعهم ممن خاض في الفلسفة، و خالط الرافضة القائلين بحلول الله في الإمام، تطورت عقيدة الاتحاد، لتصبح فيما بعد الحلول والوحدة.
و من فحص هذا الموضوع بدقة، و قابله بمقالات الرافضة و الباطنية الإسماعيلية و غيرهم، و مقامات الفلاسفة في نظرية الصدور؛ وجد تشابها كبيرا بين هذه الطوائف، و استنتج بأن الذي قاد الفلاسفة إلى القول بنظرية الصدور، هو نفسه الذي قاد الصوفية إلى القول بالاتحاد و وحدة الوجود؛ ذلك أن نظرية الفلاسفة و مباحثهم لا يتناول إلا الكليات التي يعتقدونها في أذهانهم و يثبتونها في الخارج، فأثبتوا إلها مطلقا (عقل كلي) صدر عنه العالم.
و هذا الذي قاد الصوفية إلى القول بوحدة الوجود، فالكلي عند الفلاسفة هو المطلق عند الصوفية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/99)
إن اقتصار المتصوفة في سلوكهم، على مجرد ما يحصل بنظر القلب و الذوق، دون عرض مواجيدهم على الكتاب و السنة، قادهم إلى التأله المطلّق؛ ذلك أن الزهد المطلق، و العبادة المطلقة بترك الشهوات البدنية من الطعام و الشراب، و التزام الخلوة، يقود إلى معرفة مطلقة بثبوت الربّ ووجوده، فلذلك تجد المتصوفة يحبون ذكر الله بالاسم المفرد (الله)، أو بضمير الغيبة (هو)، وهذا الذكر المبتدع، لم يرد في السنة، ولا يمكن عده ذكرا لله إلا بقصد المتكلم به فهذا الذكر لا يفيد إلا أن الله مطلق، بخلاف الذكر المشروع بصفات الله و أسمائه، الذي فيه تعيين للإله المعبود و معرفة به معينة، تدعو إلى التفريق بينه و بين غيره من معبودات الناس المتعددة، فالذكر الصوفي لا يثبت إلا مدبّرا للعالم لا صفة له، كما أن كليات الفلاسفة لا تثبت إلا مدبّرا للعالم لا صفة له.
فهذا التأله المطلق، الموجود عند الصوفية، يقود إلى معرفة بحسب مقتضاه.
إن جل الأمم التي لا خبر عندها بصفات الله و أسمائه، تثبت إلها كليا مطلقا، تجسد تجليه في صور شتى منها: الشمس، أو الريح، أو النور، أو غير ذلك؛ و لأن فطر هؤلاء لا تستطيع الإيمان بإله لا مظهر له، تحاول تجسيد ذلك التصور المطلق الكلي للمدبّر، في ظاهرة من ظواهر الطبيعة.
و لما كان المتصوفة منتمين للإسلام، و عندهم من العلم أكثر مما لأولئك، و علموا استحالة وصفه بجزء من جزئيات الوجود، ادّعوا الوحدة و الظهور المطلق في الكون.
إن التأله المطلق أفضى بهم إلى الاتحاد و الحلول، لأن المعرفة المطلقة بالرّب، و التي هي عبارة عن الشعور بخالق مدبر للعالم تثبت له صفات تميزه عن غيره.
و لهذا لا يثبت له أصحاب و حدة الوجود أية صفة من الصفات، لأن الصفات عندهم تفرقة تنافي اعتقاد أن الرب هو الوجود المطلق، الذي لا يتميز، و أن عين الوجود هو عين الخالق، و أن الربوبية و الألوهية مراتب ذهنية لا حقيقية.
قال الهروي في (المنازل) في منزلة الفكرة:" و نعت ما ينعته لاحد «.
قال ابن القيم:" أي نعت الناعت له، ميل و خروج عن التوحيد، ( .... ) و الاتحادي يقول: نعت الناعت له شرك، لأنه أسند إلى المطلق ما لا يليق به إسناده من التقييد، و ذلك شرك و إلحاد «.
قال ابن القيم:" فرحمة الله على أبي إسماعيل، فتح للزنادقة باب الكفر و الإلحاد، فدخلوا منه و أقسموا بالله جهد أيمانهم، إنّه لمنهم و ما هو منهم، و غره سراب الفناء، فظن أنه لجة بحر المعرفة و غاية العارفين، و بالغ في تحقيقه و إثباته فقاده قسرا إلى ما ترى " (ص: 178/ 1).
هذا الرجل أعني الهروي مع ما له من الفضل في نفسه، و في أهل طبقته، لما صنف من كتب ذم بها الكلام و أهله؛ وقع في هذا الضلال، لأنه أنساق خلف بريق التصوف ظنا منه أنه سنا المعرفة و التوحيد، فكان كما قال عنه شيخ الإسلام الذي لا يلتذ بنقد الأئمة و العلماء:" عمله خير من علمه ".
و لا تجد عند أكثر الصوفية نتيجة هذا التأله المطلق، إلا الإقرار بالربوبية الذي ليس فرقانا بين أهل التوحيد و المشركين، و لم يمدح به الله المؤمنين، و إنما مدحهم بتوحيد الإلهية الذي دعاهم إليه الرسول، لأن الإقرار بالربوبية فطري في الناس، لا يحتاج إلى دليل و برهان، و الاستدلال عليه بطرق المتكلمين و الصوفية من باب إيضاح الواضح، و قد هديت إليه غالب الأمم، فإنها تقر بوجود خالق مدبر للكون، و إنما اختلفت في تسميته، و الذي خص به أتباع الأنبياء: توحيد الألوهية، المفرق بين الكفر و الإيمان.
و الذي أوقع هؤلاء في هذا الضلال المركب، عدم علمهم بالكتاب و السنة، فإنهما أصلان إن لم يصحبا الناظر أو المريد ضل و غوى، فالإنسان بدون الإيمان بالله و رسوله لا يمكنه أن ينال معرفة الله و لا الهداية إليه، و هؤلاء استقوا معرفتهم المطلقة من التجرد و التخلي، لا من الكتاب و السنة، فحقيقة قولهم: إن ذوات المخلوقات بأسرها كانت ثابتة في العدم، ذاتها أبدية أزلية، و أن وجود الله فاض عليها، فوجودها وجود الله، و ذواتها ليست ذوات الله، و يفرقون بين الوجود و الثبوت، فالثبوت في العدم، و الوجود بعد الفيض، و منهم من لا يفرق، الكل عنده واحد كالعفيف التلمساني.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/100)
نقل ابن خلدون في (المقدمة) عن الفرغاني شارح (نظم السلوك) لابن الفارض في الديباجة:" أن صدور الوجود عن الفاعل و ترتيبه: أن الوجود كله صادر عن صفة الوحدانية التي هي مظهر الأحدية، و هما معا صادران عن الذات الكريمة التي هي عين الوحدة لا غير، و يسمون هذا الصدور بالتجلي و أول مراتبه عندهم تجلي الذات على نفسه المتضمن الكمال بإفاضة الإيجاد و الظهور.
ويكون هذا في عالم المعاني، المسمى عندهم الحقيقة المحمدية و فيه حقائق الصفات، و اللوح و القلم، وحقائق الأنبياء و الرسل و يصدر عن هذا العالم حقائق أخرى عن العرش و الكرسي و الأفلاك، ثم عالم العناصروالتركيب، وكل هذه العوالم في عالم الرّتق أي العدم، فإذا فاض عليها وجود الله كإشراق الأنوار على السطوح، تجلت وظهرت في عالم الفتق أي: خرجت إلى الوجود المادي". {471}.اهـ
و قادهم هذا الخيال المركّب، رأسا إلى الحلول فعدوا جميع الذوات هي القوة الإلهية التي انبثت في جميع الموجودات كلية و جزئية، و أحاطت هذه القوة الإلهية، التي هي جميع الذوات بالموجودات من كل وجه، من جهة الظهور و الخفاء، و الصورة و المادة، فالكل واحد هو نفس الذات الإلهية، التي هي في حقيقتها ذات واحدة بسيطة، و إنما التفصيل فيها بالاعتبار فقط.
أي: أن جميع الموجودات مشروطة بوجود المدرك العقلي (اليقظة)، فهو الذي يظهرها منفصلة كوجود الألوان مشروط بوجود الضوء، فإذا غاب المدرك العقلي (الفناء - الغيبة - الغشي) فإنما هو الوجود الوحيد البسيط، و مثلوا ذلك بحالة النائم عند استيقاظه، أي: رجوع المدرك العقلي فتعود الموجودات إلى التعدّد و الكثرة.
تفصيل ظاهرة الفناء:
إن التأله المطلق بالرياضات و التجرد و الذكر المطلق، قاد الصوفية إلى إثبات وجود وطلق لله، و من ثم اعتقاده، و عندما يصادف هذا الاعتقاد حالة الفناء، و كثير منهم يصطلم و يسكر بالسماع و الرّقص، أو الخمر و البنج، يغيب عقله كالسكران فتحدث له تلك الأوهام و الخيالات فيعتقد الحلول والاتحاد، ذلك أن الخيال و الأوهام نسيج تلك الاعتقادات الكامنة في عقولهم قبل السكر، فإن كل اعتقاد يعتقده الإنسان، و لابد له من تصور مجمل له، ذلك أن الإنسان لا يمكنه فهم ما لا يتصوره، و الحافظة (الذاكرة) لها قدرة على تركيب تلك التصوّرات، و مهما بلغ خيال الإنسان فإنه لا يعدو أن يكون قياسا للموجودات، و من هنا منشأ الخيال و الأوهام؛ و لهذا تجد من يعتقد الأشباح إذا دخل في أرض قفار و انتابه الخوف، ظهرت له تلك الأوهام و الخيالات، و تجسدت عقيدته في الأشباح صورا أمامه.
قال النبي صلى الله عليه و سلم عن أحد أقسام الرؤية: إنه حديث النفس، فما يحدث به الشخص نفسه في النهار، متصورا له في ذهنه، يعود إليه في حالة النوم الذي هو شبيه بالغشي و الإسكار، من حيث فقدان الإنسان السيطرة على عقله، و تتولى الذاكرة تركيب صور ذلك الحديث في النهار.
بيان العناصر الشيعية و المسيحية في التصوف الكشفي:
فإذا فهمت أن هذا التصوف الذي يريد البوطي الدفاع عنه، لا أصل له في الإسلام، و إنما هو وليد أفكار يونانية و هندية و مسيحية، و جد ميدانا خصبا عند الرافضة فترعرع و نما.
قال ابن حزم في الملل و النحل:"اعلموا أن كل من كفر هذه الكفرات الفاحشة ممن ينتمي للإسلام، فإنما عنصرهم الشيعة و الصوفية " (ص: 188/ 4) طبعة دار المعرفة 1403.
قال ابن خلدون في (المقدمة) عند ذكر ابن عربي و أتباعه:» .... و كان سلفهم مخالطين للإسماعيلية المتأخرين من الروافض، الدائنين أيضا بالحلول و إلهية الأئمة، مذهبا لم يعرف لأولهم فأشرب كل واحد من الفريقين مذهب الآخر و اختلط كلامهم، و تشابهت عقائدهم و ظهر في كلام المتصوفة القول بالقطب، و معناه رأس العارفين، يزعمون أنه لا يمكن أن يساويه أحد في مقامه في المعرفة حتى يقبضه الله، ثم يورث مقامه لآخر من أهل العرفان، و قد أشار إلى ذلك ابن سينا في كتابه (الإشارات) في فصول التصوف منها، فقال:" جلّ جناب الحق أن يكون شرعة لكل وارد، أو يطلع عليه إلا الواحد بعد الواحد «، و هذا الكلام لا تقوم عليه حجة عقلية، و لا دليل شرعي و إنما هو من أنواع الخطابة، و هو بعينه ما تقوله الرافضة و دانوا به، ثم قالوا: بترتيب وجود الأبدال بعد هذا القطب، كما قاله الشيعة في النقباء، حتى إنهم لما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/101)
أسندوا لباس الخرقة، خرقة التصوف ليجعلوه أصلا لطريقتهم و تخليهم رفعوه إلى علي رضي الله عنه ( .... ) يشهد لذلك من كلام هؤلاء المتصوفة من أمر الفاطمي، و ما شحنوا كتبهم في ذلك، مما ليس لسلف المتصوفة فيه كلام بنفي أو إثبات و إنما هو مأخوذ من كلام الشيعة و الرافضة، و مذاهبهم في كتبهم " (ص: 473).
فهذه النقول تثبت أن التشيع كان من العوامل الأساسية في نشأة التصوف الغالي، فالصوفية يسندون الإمامة الروحية إلى علي رضي الله عنه و أنه منبع العلم اللدني، و إليه ترجع الأسرار الإلهية، و هذا بعينه عقيدة الشيعة.
يقول الدكتور عبد القادر محمود في كتابه (الفلسفة الصوفية في الإسلام):" إن التصوف قد أفرخ في بيئة التشيع، و كان التشيع مدخل التطور إلى النظريات الفلسفية المنحرفة في القطبية، و الحقيقة المحمدية، و الإنسان الكامل عن الإمام المعصوم، و كانت الولاية الصوفية هي الإمامة الشيعية «.
كما تضمنت أقوال المتصوفة عناصر مسيحية، كحب لباس الصوف المنسوب للمسيح عليه السلام و ظهور ألفاظ كالناسوت و اللاهوت، التي هي ألفاظ مسيحية بحتة؛ و تقليد المتصوفة للنصارى في الرهبانية التي ذمها الإسلام بنص القرآن: (و رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم) (الحديد:27)، كما أن الحلول عقيدة النصارى لهم فيه تفاصيل تشبه تلك التي توجد في كتب المتصوفة، و كذلك إقامة الزوايا و التكايا يشبه دور النصارى، و صوامعهم التي يتخذونها للعبادة، و لقد شرع في الإسلام المسجد فتركه المتصوفة و ابتنوا الدور لإشاعة عقائدهم و طرائقهم.
إن كثيرا من أخلاق المتصوفة لا يتفق مع مقاصد الإسلام حتى يمكن أن نتأول لهم أنهم استنبطوها من النصوص.
إن تأثر المتصوفة بالعقائد الدخيلة على الإسلام، لم يقف عند هذا الحدّ، فإن متأخّريهم وصلتهم عقيدة الحلول و الاتحاد من النصارى الذين أخذوها عن اليونان و الهنود.
ففي كتاب الهنود المقدس (الفدا): إنّ الله واحد لأنّه الجميع، أي: إنّ الله و الإنسان و جميع الكائنات شيء واحد، فالفناء الذي تدعيه الصوفية هو عند هنود عالم - النيرفانا - و معناه إفناء الذات في الله؛ و هم يستعملون للوصول إلى هذا العالم الطرق نفسها التي
تستعملها المتصوفة عندنا، من خلع الشهوات و لو كانت مباحة كالجوع و العطش و الصوم الطويل و التجوّل في الصحاري و البراري، و ترك الكسب، و تعذيب الجسد، و إذلال النفس؛ و لإحداث السكر حتى تحصل المكاشفة المزعومة، يستعمل صوفية الهند الأفيون و مخدّرات أخرى.
و لقد تأثر الأوروبيون بهذه العقيدة، و لأجلها ينتقلون إلى الهند جماعات و فرادى، وجعلوا لها جمعيات ثقافية وغير ذلك.
علاقة الفناء الصوفي بالفيض الفلسفي:
إن الفناء كرحلة علية عند متصوفة جميع الأمم، لا يمثل إلا الفوضى الفكرية و الإباحية الأخلاقية.
إن نظرية الفيض بشقيها: فيض وجود الله على الكائنات، و فيض النفس المتجردة بالعلوم و الحقائق، نظرية فلسفية يونانية تبناها الفلاسفة الإشراقيون تحت عنوان: صدور الكائنات عن الله فيضا و إشراقا، فحاولوا تفسير الكثرة في الوجود بإثبات المبدأ الواحد الذي سموه المبدأ العقلي، وصرح أفلاطون أن عالم المثل هو العالم الحقيقي، وأن هذا العالم الحسي إن هو إلا عالم الخيال، أو مظهر خيالي لذلك العالم الحقيقي.
ولما أخذها عنهم فلاسفة المسلمين كابن سينا كيّفوها، فأثبتوا العقل الأول أي الله الذي عقل نفسه فصدر عنه عقل ثان، عقله و عقل ذاته، و بتعلقه به صدر عنه إشراق، و بتعلقه بنفسه صدر عنه صورة أو هيولي تعلق بالمادة و النفس، و حدث عنه الفلك الأول و بالتوّلد يصدر فلك آخر حتى تصير عشرة، و هي نظرية باطلة لا ترتكز على أي أساس علمي أو عقلي أو وجداني، فهي مجرد دعوة أراد من خلالها الفلاسفة أن يفسروا سبب صدور الكثرة عن الواحد، و لقد كفانا شرّها و زيّفها بمطارق المعقول شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الفريد (منهاج أهل السنة).
نقد مجمل لنظرية الفيض أو الصدور:
مفهوم هذه النظرية عند الفلاسفة هو: إن الله لا يصدر عنه الوجود غائيا أي لحكمة، بل فعل الصدور تلقائي ضروري لا يتعلق باختياره و إرادته سبحانه، فالصدور هو نتيجة خصوبة الواحد وسعة جوده و غناه المطلق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/102)
فمادام الأول واحدا، فيجب أن يكون الصادر عن الواحد إلا واحد، وذلك لأن صدور أكثر من واحد عن ذات الله، يعني تعدد الذات الإلهية، أي وجود كثرة في ذاته تعالى وهذا محال.
ومرجع هذا الكفر الفلسفي أن الله تعالى ليس خالقا لهذا الوجود بل مصدرا له، كما يصدر عن الشمس أشعة، و يفيض من الحوض ماء، ومعلوم أن الأشعة جزء من الشمس، و الماء الفائض جزء من الماء الذي في الحوض، فالوجود جزء من الله، والله واحد بسيط لو صدر عنه اثنان لكانت ذاته متعددة، ومن هنا تعرف مصدر وحدة الوجود.
لقد شبه هؤلاء الله سبحانه وتعالى عنا وعن أوهامنا و عيوبنا و نقائصنا علوا لا تدركه عقولنا و أفهامنا بحمل المرأة، بل جعلوها أكمل منه، فهي تحمل بالتومئين و الله لا يصدر عنه إلا واحد، فالمخلوقات لم تصدر عن فعله الذي هو الخلق، و إنما تولدت عنه نتيجة خصوبته، فهم لا يثبتون خلقا و إنما يثبتون فيضا و صدورا، و عليه فالخلق عندهم هو مجرد التعقل، أي أن قوة الفيض تستند إلى تعقل الله و صدور العقول عنه في ترتيب تنازلي.
فالخلق كما يعرفه المسلمون و أهل الكتاب غير الفيض عند هؤلاء الكفار فإنه عند الفلاسفة لا يقوم به إلا عقل من العقول الكونية التي أثبتوها جزافا، وهو العقل الفعال، أما الله فلا يكون منه إلا الفيض.
فعندهم أول الصادرات، أو أول العقول هو الذي يتكثر منه الوجود، فمن جهة تعقله الله تأتيه الوحدة ومن جهة تعقله ذاته تأتيه التعدد، فهو مصدر إبداع الكثرة.
إن الخلق الذي هو بمعنى الصدور عند هؤلاء فعل ضروري، كما أن حركة القلب في الإنسان ضرورية لا يتحكم فيها بإرادة، فكذلك الصدور من الله ضروري لا يتحكم فيه بمشيئته و إرادته و اختياره و حكمته، إنما لما خصبت ذاته امتلأت بالجود أو الخير ففاضت على الوجود، كما يندفع الماء من الحوض فيضا وفيضانا.
ولهذا لا يوصف الله عندهم بالخلق، لان معنى الخلق في عرفهم مرادف للإحداث و الإيجاد في الزمان أي الحدوث من العدم ومن غير سبق، و الصدور عند المشائين أزلي قديم.
ولما تحرج ابن سينا و شيعته من القول بقدم العالم و قد تلقوا مقالات فلسفية مضطربة من الترجمة السريانية بحيث مزجوا بين فلسفة أفلاطون و فلسفة أرسطو، لم يستطعوا البرهنة على حدوث العالم ابتدعوا فكرة وسط بين الحدوث و القدم، هي فكرة الفيض أو الصدور خارج الزمان.
إن أول من خرف بهذه الخرافة: الفيلسوف أفلوطين المسيحي، لما واجهته مشكلة الجمع بين عقيدته المسيحية و فلسفة أرسطو ابتدع هذا الهراء، و تبعه عليه الفلاسفة المسلمون.
و قد نقض علماء الإسلام هذه النظرية، و كتبوا عنها منهم: الغزالي و ابن تيمية و الفيلسوف أبو البركات ابن ملكا و غيرهم، ومن جملة اعتراضاتهم الأصيلة:
1 ـ إذا كان الصدور أو الفيض من غير إرادة، أصبح الوجود و العدم متساويان، لأن الفلاسفة يقولون: إن الأول عالم بذاته، و علمه بذاته هو أساس صدور الموجودات، أي لما تعقل ذاته صدر عنه الوجود، فإذا كان أصل صدور الكائنات و الوجود تعقله و علمه، كيف يكون صدورها من غير إرادة ومجرد فعل تلقائي؟
2 ـ إذا قالوا عن الله سبحانه و تعالى إنه المحرك الأول و العلة الأولى، ثم زعموا أن الصدور عنه تلقائي، لزم أن تصبح العلة الأولى مجرد مادة للمعلول الثاني، و ليست بعلة بالمفهوم الفلسفي إذ العلة تفعل المعلول.
وعليه فهذا المعلول الثاني: العقل الفعال إن شئت لا يكون إلا قديما كقدم علته و مادته، فهو و إن كان له فاعل، ولكن هو فاعل من غير إرادة، فهو بالتالي لا أول له.
3 ـ وضعوا سلما أساسيا صاروا عليه دون تحليل أو نقد، وهو قولهم: الواحد لا يصدر عنه إلا واحد، وجعلوا عدد العقول الصادرة بعدد ما يعرفونه من الأفلاك مما قاله علماء الهيئة، فلما لم يعرفوا إلا المجموعة الشمسية حرروا العقول على عددها، و ادعوا إن للأفلاك نفوسا تحركها.
فلو عرفوا ما يعرفه علماء الفلك في هذا العصر من وجود ملايين المجموعات الشمسية و المنظومات الفلكية لقالوا شيئا آخر، فهكذا يكون مصدر الفلسفة الخرافات و الأساطير، ثم يأتي الحمقى من المسلمين و يطلبون لها التبريرات الشرعية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/103)
4 ـ إذا صدر عن المبدأ الأول واحد، و عن المعلول الأول ثلاثة أشياء، وليس لهم على هذا الخبط أي برهان، بل مجرد الخيال و الوهم و السفه، فهم لم يحددوا العقل الفعال بدقة أهو العاشر أم التاسع أم الثامن؟
ولماذا حصروا عقول الأفلاك في عدد معين، و ما الدليل على هذا الحصر؟ فلماذا لا تكون مئة أو خمسة فقط؟
ولما اختلف قدماء علماء الهيئة في عدد الأفلاك اختلف الفلاسفة في عدد العقول.
5 ـ في نفس الوقت الذي يقولون فيه: إن المبدأ الأول لا يصدر عنه سوى موجود واحد وهو العقل الأول، يجعلون من هذا العقل مصدرا لثلاث صدورات فيتناقضون؟.
6 ـإن نظرية الصدور أو الفيض تحد القدرة الإلهية بشروط وهمية هي نتاج تصور خاطيء للفلك، فتفترض أن عملية الخلق تتخذ اتجاها واحدا فقط هو الاتجاه الطولي التنازلي، ولا تتكثر إلا طولا، بينما المشاهد في الخارج والواقع أشخاص لا يتناهى عددها تنتشر أفقيا، فالله سبحانه خلق الإنسان من التراب و منه خلق أولاده، وهم كثير و كذلك سائر المخلوقات.
7 ـ إذا قال أصحاب هذه النظرية: إن الصدور فعل قديم لا أول له، فإننا نرى الآن أفعال الله سبحانه و تعالى داخل هذا الزمان، و تتصل بالجزئيات الحادثة في هذا العالم، كما نراه في أنواع المخلوقات، فلا زلنا نرى الناس يولدون، و المطر ينزل مرة بعد مرة، و كذلك الريح وغيرها.
و الخلق مستمر، فكيف يكون أزليا قديما خارج الزمن؟
هذا بعض ما يبين خرافة هذه الخرافة، لنا عودة إلى هذا الموضوع عند ترجمة الغزالي إن شاء الله حيث نكرّ هناك عليها كرّ الإيمان على الكفر، ولكن في جانبها الإشراقي.
يقول السهروردي المقتول:" إن الله نور الأنوار فاضت منه الأنوار الأخرى و هي النفوس و العقول و الجواهر".
نظرية الفيض الإشراقي:
أما نظرية الفيض كمعرفة، فقد حاز فيها اليونانيون قصب السبق؛ و الفلسفة الإشراقية طورت هذا المفهوم و خاصة عند فلاسفة كزينون و ديوجين الذي كان يحمل برميلا على ظهره أينما أدركه الليل طرحه و نام فيه، و معه كأس يشرب منها، و ذات مرة رأى صبيا يشرب الماء باستعمال صفيحة يديه فرمى الكأس و قال: هذا الصبي أزهد مني.
و بمثل هذه القصص عن متصوفة المسلمين شحن الغزالي كتابه (الإحياء)، و صرح في كتابه (المنقذ من الضلال) بأن العلم لا يحصل إلا من طريق الفيض والإشراق.
نقل أبو بكر بن العربي عن الغزالي أنه سأله عن بعض ما جاء في كتابه الإحياء من الرموز، فقال له:" إن القلب إذا تطهر عن علاقة البدن المحسوس و تجرد للمعقول انكشفت له الحقائق " (العواصم) (ص:31).
إن كلام المتصوفة هو بعينه كلام الفلاسفة.
قال ابن خلدون في (المقدمة):" و جاء المتأخرون من غلاة المتصوفة المتكلمين بالمواجد أيضا فخلطوا مسائل الفنّين (الفلسفة و الكلام) بفنّهم، و جعلوا الكلام واحدا فيها كلها، مثل كلامهم في النبؤات و الاتحاد و الحلول الوحدة، و غير ذلك، و المدارك في هذه الفنون الثلاثة متغايرة، مختلفة، و أبعدها من جنس الفنون و العلوم مدارك المتصوفة. لأنهم يدّعون فيها الوجدان و يفرون من الدليل، و الوجدان بعيد عن المدارك العلمية و أبحاثها و توابعها " (ص: 496)
فهل بعد هذا الحديث عن الفناء، يقول البوطي عن ابن عربي و أمثاله: إنهم لا ينطلقون في فهم شهود الذات من نظرية الفيض، و كل كلام نسبناه للاتحادية و الحلولية فكتبه مثل (فصوص الحكم) و (الفتوحات المكية) مشحونة به، و قد بلغت من الكثرة، لو قلنا دسّت عليه لما صح نسبة هذه الكتب إليه، أو أن يقول: ألا دور للفناء في وجود أولئك الزنادقة الذين يدافعون عن باطلهم بالعقل و الفلسفة؟
وبهذا يتبين أن الدكتور البوطي بدفاعه عن ابن عربي يدافع عن فلسفة وحدة الوجود اليونانية، و إن كان معذورا في دفاعه عن هذا الرجل، فقد دافع عنه من هو خير من البوطي، ولكن الدكتور يدعي التحقيق و نوعا من المعرفة الفلسفية، فإن دافع بعض من لم يحط بالمقالات الفلسفية عن ابن عربي، وظنوه وقع في نوع من الوله، فإن الدكتور يعرف أن استدراك ابن تيمية على ابن عربي استدراك علمي، و انه يجب التفريق بين من يقع في مثل هذه الأفكار انطلاقا من شعور وجداني، و بين من يخوض فيه كعقيدة فلسفية يرتب له الأدلة العقلية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/104)
و عليه لم يوفق الدكتور في دفاعه عن ابن عربي، و لو أنه بدأ بحثه بنية الدفاع عن الشريعة التي أهدرها ابن عربي لوفقه الله للصواب، و لكن الطائفية العمياء التي لا يزال المسلمون يعانون منها، رغم ظهور الحقائق، و مبدأ "كذاب ربيعة أفضل من صادق مضر"، غلب عليه فترك الموضوعية جانبا، ووقع في ابن تيمية تكذيبا و اتهاما، غفر الله لنا جميعا، و سدد خطانا لما فيه خير المسلمين.
و من شاء التفصيل في هذه المسألة فعليه بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية (الربوبية) و (الاستقامة) و (السلوك)، فإن فيها من الشرح و الإيضاح ما لا يدع للبوطي ما يقعد عليه، و إنما اقتصرت على هذا البحث البسيط لظني أنه يفي بالمقصود، لرد الباطل حتى يقتلعه من جذوره.
و كذلك (مدارج السالكين) لابن القيم ـ رحمه الله ـ من نظر فيه بحكمة، و تعقل، و أعطى الأشياء حقوقها، و لم يسرط الكلام دون مضغه، وجده كتابا فذا، أظهر من خلاله ابن القيم متاهات الصوفية الفلسفية الكشفية و الإشراقية، وأن السلوك الحقيقي والمعرفة الحقيقية لأتباع الرسول صلى الله عليه و سلم، لا لغيرهم، و إن هذا الدين يسر لا حرج فيه، جعله هؤلاء القوم إشارات و أسرارا، باطنها الإيمان و ظاهرها الكفر زعموا، فصار الإسلام دينا معقدا مشوشا، وقد جاء به النبي صلى الله عليه و سلم بيضاء ناصعة و اضحة وضوح النهار.
و قد جمعني في أحد الأيام حديث مع طرقي زار شيخا لهم فأخبرني أن له سبحة طويلة تشغل كل مساحة الغرفة التي يستقبل فيها زائريه، و أنه يبقى بين التسبيحة و الأخرى ساعة من الوقت، و بعد أن بينت له أن هذا لم يكن من هدي نبينا عليه الصلاة و السلام،
و في خضمّ الحديث قلت له إن الإمام أحمد رحمه الله كرّه دخول الخلاء في كل يوم كناية عن كثرة الطعام، فتعجب و اندهش، و قال لي: أو عندكم مثل هذه الأخبار، ظنا منه أن السلفية لا يحسنون الكلام إلا في الفقه و العقائد و الحديث، و أن السلوك من أسرار الصوفية، و أنه العلم الباطني و الحقيقة التي ليست لغيرهم فدعاني ذلك إلى الاسترسال في الكلام، و إلى رواية كل ما أحفظه من أخبار السلف في هذا الباب، مما أحفظه من كتابي (الزهد) لابن المبارك و الإمام أحمد، و منذ ذلك اليوم تحسنت علاقتنا، و كلما رآني أقبل و سلم علي و بادلني أطراف الحديث، و صار يحافظ على الصلوات في المسجد، لأنه كان لا يؤديها إلا في الزاوية أين يقدم لهم الأكل و الشرب بعد الفراغ من الحلقة.
وعليه وجب فهم القوم ومعرفة أين خالفوا الشرع النبوي، فإن من المغترين بهم عن حسن قصد لو وجدوا من يبين لهم لكانوا من أقوى الناس في السنة تطبيقا ودعوة إليها.
إننا إن أهملنا عبادة القلب و طهارته التي هي أعظم ما بينه الله في كتابه و رسوله في سنته، لا يمكننا أن نهدي قسما كبيرا من هذه الأمة، ولا نقدر أن نفهمهم، و نفهم شبهاتهم و شهواتهم.
و للمزيد من حديث التصوف موعد في الأجزاء القادمة من هذا الرد، أين سنناوشهم من زاويا أخرى لا يحتملها هذا المقال.
و الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده، و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجزائر، أرزيو في 2003 - 05 - 17
مختار الأخضر طيباوي
فهرس بموضوعات المقال
الموضوع: 2
تعريف الفناء: 3
القسم الأول من الفناء: 6
تعريف الاتحاد: 6
و هنا يجب ملاحظة الفرق بين الاتحاد و الحلول: 6
كيف بدأ ظهور هذا الكفر في المسلمين: 7
القسم الثاني من الفناء: 9
أين وقع الخلل في توحيد المتصوفة؟: 10
بيان سبب ادعاء الصوفية الاتحاد: 12
القسم الثالث من الفناء: 15
أسباب وقوع الصوفية في الاتحاد و الحلول: 15
تفصيل ظاهرة الفناء: 19
بيان العناصر الشيعية و المسيحية في التصوف الكشفي: 20
علاقة الفناء الصوفي بالفيض الفلسفي: 21
نقد مجمل لنظرية الفيض أو الصدور: 30
نظرية الفيض الإشراقي: 33
ـ[حسام العقيدة]ــــــــ[14 - 10 - 03, 04:15 ص]ـ
ممكن اعرف لماذا اقفل المشرف موضوعي الذي فتحته وهو اني اريد
أبحاث الشيخ طيباوي؟؟؟؟
لا ادري أنا أريد حلقات الرد على البوطي كاملة
فما ادري لماذا اغلق من قبل المشرف؟؟؟؟؟
لا ادري
ممكن تشرحولي؟؟؟؟؟
أخوكم حسام العقيدة
ـ[منهاج السنة]ــــــــ[14 - 10 - 03, 05:23 ص]ـ
اخي الكريم للاخ الفاضل مختار طيباوي رد كامل على البوطي
وقد نشرت على النت وهده صفحة الشيخ مختار طيباوي و عن قريب ارسل لك بكل بحوثه ان شاء الله
وابلغ سلامي للاخ الفاضل راية التوحيد
والسلام عليكم
ـ[حسام العقيدة]ــــــــ[14 - 10 - 03, 10:43 ص]ـ
أخي جزاك الله خيرا انتظر الكتاب منك
أما راية التوحيد فلا اعرف احدا بهذا الإسم
ربما هناك تشابه اسماء؟؟؟
قد يكون
على العموم يشرفني ان نكون إخوة في الله
أخوكم حسام العقيدة
لكن ايضالماذا اقفل موضوعي
ـ[أبو الوليد الهاشمي]ــــــــ[15 - 10 - 03, 01:40 ص]ـ
يبدو أن الملتقى سيفسد إن استمر بذكر العقائد الباطلة وتقريرها
يكفي أولي النهى رد ابن القيم رحمه الله على الحلوليين في كتابه الفريد مدارج السالكين
وكل خير في اتباع من سلف ........ وكل شر في ابتداع من خلف
والله أعلم(26/105)
هناك حيوانات بحرية لا يجوز أكلها؟
ـ[الرايه]ــــــــ[14 - 10 - 03, 09:04 ص]ـ
هل هناك حيوانات بحرية لا يجوز أكلها؟.
الجواب:
الحمد لله
إن من نعمة الله علينا أن جعل دينناً يسراً ولم يشدد علينا ولم يحملنا ما لا طاقة لنا به فقد أباح لنا كثيراً مما حُرم في الشرائع السابقة، فقال تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر).
ومن ذلك المأكولات البحرية سواء كانت حيواناً أو نباتاً حياً أو ميتاً، فقال تعالى (أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة) قال ابن عباس: صيده ما أُخِذَ منه حياً وطعامه ما لفظه ميتاً.
وهناك أشياء قليلة من أنواع الحيوانات المائية استثناها بعض أهل العلم من الإباحة السّابقة وهي:
1) التمساح فلا يجوز أكله على الصحيح لأن له ناباً مع كونه يعيش في البر - ولو مكث وقتاً طويلاً في الماء - فَيُغَلَّب جانب الحظر (وهو أنه حيوان بري له ناب).
2) الضفدع فلا يجوز أكلها لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلها كما في حديث عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ الضِّفْدَعِ. رواه الإمام أحمد وابن ماجة وهو في صحيح الجامع 6970. والقاعدة أن كل ما نهي عن قتله فلا يجوز أكله، إذ لو جاز أكله جاز قتله.
3) استثنى بعض أهل العلم حية البحر، والصحيح أنها لا تعيش إلا في البحر فيجوز أكلها لعموم قوله تعالى: (أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم …).
4) كلب الماء والسلحفاة الصحيح أنه يجوز أكلها بعد ذبحها لأنها تعيش في البر والبحر فغُلِّب جانب الحظر، وهاهنا قاعدة وهي أن كل ما يعيش في البر والبحر فيأخذ أحكام حيوانات البر - احتياطاً - فتلزم له الذكاة إلا السلطعون (السرطان) فلا تلزم له الذكاة ولو كان يعيش في البر والبحر لأنه لا دم له
5) كل ما فيه ضرر فلا يجوز أكله ولو كان بحرياً، قال تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً)، (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة).
يُنظر المغني 11/ 83، حاشية الروض 7/ 430، تفسير ابن كثير 3/ 197، أحكام الأطعمة للفوزان
الشيخ محمد صالح المنجد - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=1919&dgn=4 (http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=1919&dgn=4)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[14 - 10 - 03, 06:32 م]ـ
2 - حديث قتل الضفدع -على ما أذكر- لا يصح. وفي كل الأحوال فإن الضفدع حيوان مائي وليس بحري!!!
4 - كلب الماء هو سمك القرش، وهو حلال.
- أما السلحفاة فلها ثلاثة أنواع: برية، ونهرية، وبحرية. والبحرية تعيش في البحر إلا أنها تبيض على رمال الشاطئ. فالسلحفاة إذاً حلال.
والله أعلم.
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[14 - 10 - 03, 07:30 م]ـ
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية
الحيوان المائيّ: حلاله وحرامه:
15 - المقصود بالحيوان المائيّ ما يعيش في الماء، ملحاً كان أو عذباً، من البحار أو الأنهار أو البحيرات أو العيون أو الغدران أو الآبار أو المستنقعات أو سواها. ولا يحلّ عند الحنفيّة من الحيوان المائيّ شيءٌ سوى السّمك فيحلّ أكله سواءٌ أكان ذا فلوسٍ (قشّر) أم لا. وهناك صنفان من الحيوان المائيّ اختلف فيهما الحنفيّة، للاختلاف في كونهما من السّمك أو من الحيوانات المائيّة الأخرى، وهما الجرّيث، والمارماهيّ. فقال الإمام محمّد بن الحسن بعدم حلّ أكلهما، لكنّ الرّاجح عند الحنفيّة الحلّ فيهما، لأنّهما من السّمك. ويستثنى من السّمك ما كان طافياً، فإنّه لا يؤكل عندهم. والطّافي: هو الّذي مات في الماء حتف أنفه، بغير سببٍ حادثٍ، سواءٌ أعلا فوق وجه الماء أم لم يعل، وهو الصّحيح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/106)
وإنّما يسمّى طافياً إذا مات بلا سببٍ ولو لم يعل فوق سطح الماء نظراً إلى الأغلب، لأنّ العادة إذا مات حتف أنفه أن يعلو. وإنّ حكمة تحريم الطّافي احتمال فساده وخبثه حينما يموت حتف أنفه ويرى طافياً لا يدرى كيف ومتى مات؟ فأمّا الّذي قتل في الماء قتلاً بسببٍ حادثٍ فلا فرق بينه وبين ما صيد بالشّبكة وأخرج حتّى مات في الهواء. وإذا ابتلعت سمكةٌ سمكةً أخرى فإنّ السّمكة الدّاخلة تؤكل، لأنّها ماتت بسببٍ حادثٍ هو ابتلاعها. وإذا مات السّمك من الحرّ أو البرد أو كدر الماء ففيه روايتان عند الحنفيّة:
إحداهما: أنّه لا يؤكل، لأنّ هذه الأمور الثّلاثة ليست من أسباب الموت غالباً، فالظّاهر أنّ السّمك فيها مات حتف أنفه فيعتبر طافياً.
والثّانية: أنّه يؤكل، لأنّ هذه الأمور الثّلاثة أسبابٌ للموت في الجملة فيكون ميّتاً بسببٍ حادثٍ فلا يعتبر طافياً، وهذا هو الأظهر، وبه يفتى. وإذا أخذ السّمك حيّاً لم يجز أكله حتّى يموت أو يمات. واستدلّ من حرّم الطّافي بالأدلّة التّالية:
أ - بحديث أبي داود عن جابر بن عبد اللّه رضي الله عنهما قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «ما ألقى البحر أو جزر عنه فكلوه، وما مات فيه فطفا فلا تأكلوه». وروى نحوه سعيد بن منصورٍ عن جابرٍ مرفوعاً أيضاً.
ب - بآثارٍ عن جابر بن عبد اللّه، وعن ابن أبي طالبٍ، وعبد اللّه بن عبّاسٍ رضي الله عنهم: أنّهم نهوا عن أكل الطّافي. ولفظ جابرٍ في روايةٍ: «ما طفا فلا تأكلوه، وما كان على حافّتيه أو حسر عنه فكلوه». وفي روايةٍ أخرى: «ما حسر الماء عن ضفّتي البحر فكل، وما مات فيه طافياً فلا تأكل». ولفظ عليٍّ: «ما طفا من صيد البحر فلا تأكلوه». ولفظ ابن عبّاسٍ: «لا تأكل منه - أي من سمكٍ وفي البحر - طافياً».
16 - وذهب من عدا الحنفيّة إلى إباحة كلّ حيوانات البحر بلا تذكيةٍ ولو طافيةً حتّى ما تطول حياته في البرّ، كالتّمساح والسّلحفاة البحريّة، والضّفدع والسّرطان البحريّين. ولا يعدّ الفقهاء طير الماء بحريّاً، لأنّه لا يسكن تحت سطح الماء، وإنّما يكون فوقه وينغمس فيه عند الحاجة ثمّ يطير، ولهذا لا يحلّ عندهم إلاّ بالتّذكية. وللمالكيّة في كلب البحر وخنزيره قولٌ بالإباحة، وآخر بالكراهة، والرّاجح في كلب الماء الإباحة، وفي خنزيره الكراهة، - أي الكراهة التّنزيهيّة عند الحنفيّة -.
واختلفوا في إنسان الماء، فمنهم من حرّمه ومنهم من أباحه، وهو الرّاجح، وصرّح المالكيّة بجواز قلي السّمك وشيّه من غير شقّ بطنه ولو حيّاً. قالوا: ولا يعدّ هذا تعذيباً، لأنّ حياته خارج الماء كحياة المذبوح.
17 - ويستحبّ عند الشّافعيّة ذبح ما تطول حياته كسمكةٍ كبيرةٍ. ويكون الذّبح من جهة الذّيل في السّمك، ومن العنق فيما يشبه حيوان البرّ. فإذا لم يكن ممّا تطول حياته كره ذبحه وقطعه حيّاً. وهذا التّعميم في الحلّ هو أصحّ الوجوه عندهم. وهناك سواه وجهان آخران: أحدهما: أنّه لا يحلّ من حيوان البحر سوى السّمك كمذهب الحنفيّة.
والثّاني: أنّ ما يؤكل مثله في البرّ كالّذي على صورة الغنم يحلّ، وما لا يؤكل مثله في البرّ كالّذي على صورة الكلب والحمار لا يحلّ. ويحرم عند الشّافعيّة الحيوان (البرمائيّ) أي الّذي يمكن عيشه دائماً في كلٍّ من البرّ والبحر إذا لم يكن له نظيرٌ في البرّ مأكولٌ. وقد مثّلوا له بالضّفدع، والسّرطان، والحيّة، والنّسناس، والتّمساح، والسّلحفاة. وتحريم هذا النّوع البرمائيّ هو ما جرى عليه الرّافعيّ والنّوويّ في " الرّوضة " وأصلها واعتمده الرّمليّ. لكن صحّح النّوويّ في " المجموع " أنّ جميع ما يكون ساكناً في البحر فعلاً تحلّ ميتته، ولو كان ممّا يمكن عيشه في البرّ، إلاّ الضّفدع، وهذا هو المعتمد عند الخطيب وابن حجرٍ الهيتميّ، وزادا على الضّفدع كلّ ما فيه سمٌّ. وعلى هذا فالسّرطان والحيّة والنّسناس والتّمساح والسّلحفاة إن كانت هذه الحيوانات ساكنة البحر بالفعل تحلّ، ولا عبرة بإمكان عيشها في البرّ، وإن كانت ساكنة البرّ بالفعل تحرم. واختلفوا في الدّنيلس: فأفتى ابن عدلان بحلّه، ونقل عن الشّيخ عزّ الدّين بن عبد السّلام الإفتاء بتحريمه. ولا يعتبر الإوزّ والبطّ ممّا يعيش في البرّ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/107)
والبحر، لأنّها لا تستطيع العيش في البحر دائماً، فهي من طيور البرّ، فلا تحلّ إلاّ بالتّذكية كما يأتي (ف 41). ويكره عند الشّافعيّة ابتلاع السّمك حيّاً إذا لم يضرّ، وكذا أكل السّمك الصّغير بما في جوفه، ويجوز قليه وشيّه من غير شقّ بطنه، لكن يكره ذلك إن كان حيّاً، وأيّاً ما كان فلا يتنجّس به الدّهن.
18 - وذهب الحنابلة في الحيوان البرمائيّ، ككلب الماء والسّلحفاة والسّرطان إلى أنّه إنّما يحلّ بالتّذكية. وزادوا بالإضافة للضّفدع استثناء الحيّة والتّمساح، فقالوا بحرمة الثّلاثة: فالضّفدع للنّهي عن قتلها، والحيّة لاستخباثها، والتّمساح لأنّ له ناباً يفترس به. لكنّهم لم يستثنوا سمك القرش فهو حلالٌ، وإن كان له نابٌ يفترس به. والظّاهر أنّ التّفرقة بينهما مبنيّةٌ على أنّ القرش نوعٌ من السّمك لا يعيش إلاّ في البحر بخلاف التّمساح. وقد قالوا: إنّ كيفيّة ذكاة السّرطان أن يفعل به ما يميته، بأن يعقر في أيّ موضعٍ كان من بدنه. وإذا أخذ السّمك حيّاً لم يجز أكله حتّى يموت أو يمات، كما يقول الحنفيّة والحنابلة. ويكره شيّه حيّاً، لأنّه تعذيبٌ بلا حاجةٍ، فإنّه يموت سريعاً فيمكن انتظار موته.
19 - وفي حيوانات البحر مذاهب أخرى: منها أنّ ابن أبي ليلى يقول: إنّ ما عدا السّمك منها يؤكل بشريطة الذّكاة واللّيث بن سعدٍ يقول كذلك أيضاً، غير أنّه لا يحلّ عنده إنسان الماء ولا خنزيره، وعن سفيان الثّوريّ في هذا روايتان:
إحداهما: تحريم ما سوى السّمك كمذهب الحنفيّة.
وثانيهما: الحلّ بالذّبح كقول ابن أبي ليلى.
20 - ودليل الجمهور الّذين أحلّوا كلّ ما يسكن جوف الماء ولا يعيش إلاّ فيه قوله تعالى: {وما يستوي البحران، هذا عذبٌ فراتٌ سائغٌ شرابه وهذا ملحٌ أجاجٌ، ومن كلٍّ تأكلون لحماً طريّاً}. وقوله سبحانه: {أحلّ لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسّيّارة}، فلم يفرّق عزّ وجلّ بين ما يسمّيه النّاس سمكاً وما يسمّونه باسمٍ آخر كخنزير الماء أو إنسانه، فإنّ هذه التّسمية لا تجعله خنزيراً أو إنساناً. ومن أدلّة ذلك أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم لمّا سئل عن الوضوء بماء البحر: «هو الطّهور ماؤه، الحلّ ميتته». وهذا دليلٌ على حلّ جميع الحيوان الّذي يسكن البحر سواءٌ أخذ حيّاً أم ميّتاً، وسواءٌ أكان طافياً أم لا. واستدلّوا أيضاً بحديث دابّة العنبر، وهو حديثٌ صحيحٌ أخرجه مسلمٌ عن أبي الزّبير المكّيّ، قال حدّثني جابرٌ، قال: «بعثنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأمّر علينا أبا عبيدة، نتلقّى عيراً لقريشٍ، وزوّدنا جراباً من تمرٍ لم يجد لنا غيره، فكان أبو عبيدة يعطينا تمرةً تمرةً. قال أبو الزّبير: فقلت لجابرٍ: كيف كنتم تصنعون بها؟ قال: نمصّها كما يمصّ الصّبيّ، ثمّ نشرب عليها الماء، فتكفينا يومنا إلى اللّيل. وكنّا نضرب بعصيّنا الخبط، ثمّ نبلّه بالماء ونأكله. قال: وانطلقنا على ساحل البحر فرفع لنا كهيئة الكثيب الضّخم، فأتيناه فإذا هو دابّةٌ تدعى العنبر. قال أبو عبيدة: ميتةٌ؟ ثمّ قال: لا، بل نحن رسل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وفي سبيل اللّه تعالى، وقد اضطررتم، فكلوا. فأقمنا عليه شهراً ونحن ثلاثمائةٍ حتّى سمّنّا، ولقد رأيتنا نغترف من وقب عينه بالقلال الدّهن، ونقتطع منه الفدر كالثّور أو كقدر الثّور، فلقد أخذ منّا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلاً، فأقعدهم في وقب عينه، وأخذ ضلعاً من أضلاعه فأقامها ثمّ رحل أعظم بعيرٍ معنا فمرّ تحتها. وتزوّدنا من لحمه وشائق. فلمّا قدمنا المدينة أتينا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فذكرنا له ذلك، فقال: هو رزقٌ أخرجه اللّه تعالى لكم، فهل معكم من لحمه شيءٌ فتطعمونا؟، فأرسلنا إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم منه فأكله». فهذا الحديث يستدلّون به: على أربعة أمورٍ:
أوّلاً: على أنّ حيوان البحر من غير السّمك يحلّ أكله في حالتي الاختيار والضّرورة.
ثانياً: على أنّه لا يحتاج إلى ذكاةٍ.
ثالثاً: على حلّ الطّافي، لأنّه لا يدري هل مات حتف أنفه أو بسبب حادثٍ.
رابعاً: على أنّ صيد المجوسيّ والوثنيّ للسّمك لا تأثير له، لأنّه إذا كانت ميتته حلالاً فصيد المجوسيّ والوثنيّ والمسلم سواءٌ. هذا، والفسيخ إن كان صغيراً كان طاهراً في المذاهب الأربعة، لأنّه معفوٌّ عمّا في بطنه، لعسر تنقية ما فيه، وإن كان كبيراً فهو طاهرٌ عند الحنفيّة والحنابلة وابن العربيّ والدّردير من المالكيّة، خلافاً للشّافعيّة ولجمهور المالكيّة. وإذا اعتبر طاهراً فإنّ أكله مع تفسّخه والتّغيّر في رائحته يتبع فيه شرعاً رأي الطّبّ في ضرره أو عدمه: فإن قال الأطبّاء الثّقات: إنّه ضارٌّ يكون أكله محظوراً شرعاً لضرره بالصّحّة، وإلاّ فلا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/108)
ـ[الرايه]ــــــــ[15 - 10 - 03, 03:20 ص]ـ
الشكر موصول للجميع ...
الاخ/محمد الامين لعلك تقرأ المقال كاملا قبل ان تعلق!
فالحديث في الضفدع صححه الالباني، وبالنسبة لكلب الماء والسلحفاة فقد ذكر في المقال ان الصحيح جواز اكلها ..
اكرر شكري لك وللشيخ / عبد الرحمن الفقيه
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[15 - 10 - 03, 03:37 ص]ـ
الأخ الراية
بالله عليك كيف سمك القرش يعيش في البر والبحر؟!
أما حديث قتل الضفدع فمأخوذ من الإسرائيليات. ورفعه خطأ. وقد رواه سعيد بن خالد، وفيه مقال. وباقي الطرق متروكة.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[15 - 10 - 03, 02:46 م]ـ
كأنه يقصد بكلب البحر الفقمة هذه التي تلعب بالكرة على منخارها في حدائق الحيوانات.
وهي قطعا تعيش في البر والبحر فكثير من الناس يسمونها بكلب البحر. وهي عدة أنواع متشابه لكن لها أحجام متفاوتة
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[16 - 10 - 03, 02:42 ص]ـ
الأخ الفاضل راجي رحمة ربه
هل تعرف ماذا يقصدون بخنزير البحر؟
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[16 - 10 - 03, 10:33 م]ـ
تجد في هذا الرابط تعريفه ولكن لا توجد له صورة، وفي المقابل وضعوا صورا للفقمة إن أحببت
http://www.moqatel.com/Mokatel/data/Behoth/ModoatAma16/naturallife/Mokatel14_1-2.htm
وهنا من يسمي الفقمة بعجل البحر
http://www.moqatel.com/Mokatel/data/Behoth/ModoatAma16/naturallife/Mokatel12_1-2.htm#81
وهاك وصف خنزير البحر
التصنيف: الرتبة: Cetacea العائلة: Phocoenidae
المواصفات: الطول: 1.2 - 2.25متر وذلك حسب النوع. الوزن: 30 - 160 كجم. الغذاء: متنوع مثل القشريات الحبار والعديد من أنواع الأسماك الأخرى.
السلوك: تكون خنازير البحر في شكل قطعان من 2 - 20 لكن عادة ما يتكون القطيع من أربعة أفراد، تحمفل الأنثى لمدة 11 - 12 شهرًا، ترزق بعدها بصغير واحد، ويعتبر الصغير بالغًا بعد مرور 4 - 7 سنوات حسب النوع، وقد يمتد به العمر من 12 - 23 سنة. يعتقد بأن لخنازير البحر ذخيرة كبيرة من الأصوات بما في ذلك الطقطقة التي تستخدم في تحديد مواقع الفرائس. وهناك ستة أنواع من خنازير البحر، ووتواجد في المياه الساحلية وتدخل في بعض الأحيان إلى المرافيء ومصبات الأنهار، وغالباً ما تسبح لمسافات بعيدة داخل الأنهار. إن خنزير البحر المسمى بحوت الدال يعتبر من أكثر خنازير البحر نشاطاً واجتماعية وهي واحدة من الكائنات البحرية التي تجذبها السفن المتحركة، وتتواجد في شمال اليابان وعلى سواحل أمريكا الشمالية. كما أن حوت خنزير البحر آكل لحوم من الطراز الأول بالرغم من أن الأنواع المختلفة لها بعض الأغذية المتباينة فمثلاً حوت خنزير البحر عديم الزعانف يفضل القشريات بينما حوت خنزير البحر الدال يتغذى على الحبار، أما حوت خنزير البحر الشائع (المرافي) فيتغذى على الأسماك مثل الساردين والقد. وتتكون حيتان خنازير البحر في مجموعات صغيرة وفي بعض الأحيان تحوي المجموعة الواحدة على اثنين أو 4 أعضاء فقط ويغطس الحوت منفرداً بحثاً عن فريسته حيث أنها تتغذى بصورة عامة على الأسماك، وإذا توفر عدد كبير منها فإن الحيتان تتجمع بشكل كبير لتتغذى على هذه الوليمة. إن معظم مظاهر صيد حيتان خنازير البحر تبدو فقط بواسطة النظر والسمع للأسماك إذ أنها لا تستخدم حاسة تحديد المواقع كثيراً كما تستخدمها الدلافين. وعند الأكل يمتليء بلعوم ومعدة حوت خنزير البحر بالفرائس لأنها تبتلع بطولها أو يتم تقسيمها إلى قطع كبيرة. ترضع أنثى خنزير البحر عجلها لمدة 6 - 8 أشهر فقط، أما حوت خنزير البحر دال فإن الرضاعة تستمر لأكثر من سنتين. وعادة ما تميل الأنثى التي لها عجل إلى الانفصال عن القطيع، لكنها ربما تنضم إلى أنثى أخرى لها عجل صغير أيضاً. ويسبح عجل خنزير البحر بشكل مستقيم مباشر أمام زعنفة أمه الظهرية، وعادة ما تبقى العجول مع أمهاتها بعد أن يتم فطامها عن الرضاعة.
الموطن: يعيش خنزير البحر في المياه الساحلية حول مناطق المحيط الهادي الشمالي والهادي والهندي الغربي وفي المياه المعتدلة شبه القطبية الجنوبية في أمريكا الجنوبية وحول جزر أوكلاند في نيوزيلنده.
http://www.alhamoor.net/dive/autohtml.php?op=modload&name=f13.htm&file=index
وهنا صورته
http://212.187.155.84/wnv/Subdirectories_for_Search/Glossary&References_*******s/Miscellaneous*******s/RSPCA-StrandedWhales/Images/Phocoena_phocoena_PW.gif
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[16 - 10 - 03, 11:31 م]ـ
وحدت لك صورة أوضح، إن شاء الله تعجبك.
يعني باختصار هو نوع من الحيتان زي الدلفين على كبير شوية
http://www.turbosquid.com/Previews/*******_on_10_17_2000_16_22_09/vaquita.lwo_thumbnail1.jpgC434DB78-FB29-4829-8095169C407A8106Large.jpg
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[16 - 10 - 03, 11:34 م]ـ
وهذا أيضا من نفس الفصيلة، وشكلهم سموه خنزير البحر لأنه أنفه يشبه أنف الخنزير مع أن هذا عندي شكله أجمل بكثير من الخنزير.
http://www.turbosquid.com/Previews/*******_on_10_17_2000_16_22_09/finlessporpoise.lwo_thumbnail1.jpg626BB619-246F-4772-9B0494B215B85BF5Large.jpg
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/109)
ـ[الرايه]ــــــــ[17 - 10 - 03, 02:29 ص]ـ
أشكر الاخوة جميعا دون استثناء على مشاركاتهم الطيبة والتي اثرت الموضوع ...
وأحببت أن أضيف بعض الشيء
فبالنسبة لحديث النهي عن قتل الضفدع
رواه الإمام أحمد في المسند – مسند المكيين رقم (15197)
ثنا يزيد نا ابن أبي ذئب عن سعيد بن خالد عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن عثمان قال ذكر طبيب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم دواء وذكر الضفدع يجعل فيه فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الضفدع.
ورواه أيضا في مسند المكيين برقم (15489)
ثنا هاشم عن ابن أبي ذئب ويزيد نا ابن أبي ذئب عن سعيد بن خالد به
ورواه النسائي – كتاب الصيد والذبائح رقم (4280)
قال أخبرنا قتيبة ثنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب به
أبو داود – كتاب الطب رقم (3373)
قال حدثنا محمد بن كثير نا سفيان عن ابن أبي ذئب به
ورواه أبو داود -أيضا- في كتاب الأدب رقم (4585)
ورواه ابن ماجه – كتاب الصيد رقم (3214)
حدثنا محمد بن بشار وعبد الرحمن بن عبد الوهاب قالا حدثنا أبو عامر العقدي حدثنا إبراهيم بن الفضل عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الصرد والضفدع والنملة والهدهد.
و (إبراهيم بن الفضل)
ضعفه جماعة منهم أحمد و أبو حاتم و أبو زرعه و النسائي، وقال ابن معين: ليس بشيء.
وينظر للاستزادة والشواهد له إرواء الغليل8/ 142 - 143 حديث رقم (2490)
ومن اراد التوسع فلينظر الى
1) شرح النووي على مسلم
كتاب الصيد وما يؤكل من الذبائح والحيوان – باب إباحة ميتات البحر
حديث رقم (3576)
2) تحفة الأحوذي شرح الترمذي
كتاب الطهارة - باب ما جاء في البحر انه طهور، رقم الحديث (64)
ولم احبب الاكثار من النقل منها وقد ذكر الشيخ عبد الرحمن الفقيه من الموسوعة غالب معناه.
لكن اذكر بعض الشيء:
فمن شرح النووي
((وَمِمَّنْ قَالَ بِإِبَاحَةِ جَمِيع حَيَوَانَات الْبَحْر إلا الضُّفْدَع أَبُو بَكْر الصِّدِّيق وَعُمَر وَعُثْمَان وَابْن عَبَّاس - رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ -))
وَقَالَ الإِمَامُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: قَالَ عُمَرُ صَيْدُهُ مَا اُصْطِيدَ وَطَعَامُهُ مَا رُمِيَ بِهِ.
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّارِيخِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا قَدِمْت الْبَحْرَيْنِ سَأَلَنِي أَهْلُهَا عَمَّا قَذَفَ الْبَحْرُ فَأَمَرْتهمْ أَنْ يَأْكُلُوهُ فَلَمَّا قَدِمْت عَلَى عُمَرَ فَذَكَرَ قِصَّةً قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} فَصَيْدُهُ مَا صِيدَ وَطَعَامُهُ مَا قَذَفَ فَإِذَا عَرَفْت هَذَا كُلَّهُ فَاعْلَمْ أَنَّ السَّمَكَ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ حَلَالٌ بِلَا شَكٍّ وَأَمَّا غَيْرُ السَّمَكِ مِنْ سَائِرِ دَوَابِّ الْبَحْرِ فَمَا كَانَ مِنْهُ ضَارًّا يَضُرُّ أَكْلُهُ أَوْ مُسْتَخْبَثًا أَوْ وَرَدَ نَصٌّ فِي مَنْعِ أَكْلِهِ فَهُوَ حَرَامٌ. وَأَمَّا مَا لَمْ يَثْبُتْ بِنَصٍّ صَرِيحٍ أَكْلُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عَنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مَعَ وُجُودِهِ فِي ذَلِكَ الْعَهْدِ فَالاقْتِدَاءُ بِهِمْ فِي عَدَمِ الأَكْلِ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ , هَذَا مَا عِنْدِي وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[24 - 10 - 03, 03:43 ص]ـ
سعيد بن خالد مختلف فيه، وإن كان ثقة فحديث قتل الضفادع صحيح. والأمر يحتاج لبحث أكثر.
سؤال جانبي: ما الدليل على أن كل حيوان مائي حلال حتى وإن كان الماء عذباً ولم يكن بحرياً مالحاً؟
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[24 - 10 - 03, 03:46 م]ـ
أخي محمد الأمين!!!
إذا كان الأمر يحتاج إلى بحث أكثر من هذا فلماذا جزمت أن النهي
في الحديث من الإسرائيليات وأن رفعه خطأ؟؟؟؟
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[24 - 10 - 03, 06:01 م]ـ
كلامي كان عن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص. لذلك أتبعته بذكر سعيد بن خالد وأن فيه مقال. ذلك أن مسلماً نص على أنه لم يرو عنه إلا ابن أبي ذئب. لكن المزي ذكر أن ابن إسحاق والزهري رويا عنه. ونقل المزي والذهبي تضعيف المزي له. فيما نقل ابن حجر توثيق النسائي له. فربما الحل الوحيد فيه هو جمع حديث، ويبدو أنه عزيز. فالأفضل التوقف فيه.
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[24 - 10 - 03, 10:38 م]ـ
ما هو حديث عبد الله بن عمرو بن العاص؟؟؟
أول تعليق لك كان على ما أورده الأخ الراية من أحاديث، ولم يورد
إلا حديث عبد الرحمن بن عثمان الذي فيه النهي عن قتل الضفدع فعقبت
أنت بأنه لا يصح، فاستدرك عليك الأخ الراية بأن الألباني صححه
فقلت إن فيه سعيد بن خالد وأن رفعه خطأ وأن حديث قتل الضفدع
مأخوذ من الإسرائيليات ..
وقد كان لك تردد في أول تعقيب حين قلت: على ما أذكر ..
ثم ترددت ثانية حين قلت: والأمر يحتاج إلى بحث أكثر ..
ثم ترددت ثالثة فقلت: فالأفضل التوقف فيه ...
وأنا أريد أن أعرف ويعرف القراء ما هو منهجك في تضعيف هذا
الحديث ... ويما أنك الوحيد الذي تعرض لتضعيف الحديث في
هذا الموضوع فمن حق القراء عليك أن تبين أمرين:
الأول: من إمامك في تضعيف الحديث، أم أنك الوحيد من المتأخرين
الذي ضعفه؟؟؟
الثاني: كيف ضعفته، وهل لنا أن تفصل ... وجزاك الله خيرا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/110)
ـ[أخوكم]ــــــــ[10 - 11 - 03, 08:25 ص]ـ
غالب ما تم استثناؤه في المقال له حظ من العيش في البر
فتبقى الآية على عمومها في جواز أكل حيوانات البحر التي لا تعيش إلا في البحر فقط
والحمد لله
وجزاك الله كل خير يا راية الخير
ـ[الرايه]ــــــــ[27 - 12 - 04, 01:54 م]ـ
يرفع للتذكير، ولمن كان لديه اضافة حول الموضوع او مشاركة.
ورجاء من الاخوة الكرام الفضلاء عدم الخروج عن الموضوع
جزى الله الجميع خيرا ووفقهم لكل خير
آمين(26/111)
هل يصح اطلاق عبارة (الاديان السماوية) والدين واحد!!
ـ[المسيطير]ــــــــ[15 - 10 - 03, 05:04 ص]ـ
ذكر بعض اهل العلم ان من العبارات الدارجة حتى على السنة بعض اهل العلم قول (الأديان السماوية)، وكما هو معلوم لدى الاخوة الاكارم ان الدين عند الله الاسلام، كما قال تعالى (ان الدين عند الله الاسلام)، اما الشرائع وهي المقصودة في اطلاق هذه العبارة فهي شتى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (نحن معاشر الانبياء اخوة لعلات، ديننا واحد) رواه البخاري، قال الامام ابن كثير رحمه الله: يعني بذلك التوحيد، الذي بعث الله به كل رسول ارسله، وضمنه كل كتاب انزله، اما الشرائع فمختلفة في الاوامر والنواهي.أ. هـ
وفق الله الجميع لكل خير.
ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[15 - 10 - 03, 05:56 ص]ـ
إن أرادوا بالسماوية: اليهودية قبل التحريف والتبديل والمسيحية قبل التحريف والتغيير فنعم، أما إن ارادوا بها ما بعد ذلك فلا، والله اعلم.
ـ[أبو خالد السلمي.]ــــــــ[15 - 10 - 03, 10:17 ص]ـ
الذي أراه أن هذا المصطلح لا حرج فيه، وذلك لأن الأصل في الألفاظ التي يعبر بها الناس عن المعاني الإباحة، فإذا كان اللفظ ليس منهيا عنه، وأراد به المتكلم معنى صحيحا، فمن التشدد في غير محله حظره بلا برهان، وجمع دين على (أديان) واستعمال هذا الجمع لا حرج فيه، لوروده في الأحاديث الآتية:
1 تصدقوا على أهل الأديان ذكر له شاهداً الألباني السلسلة الصحيحة 2766
2 أحب الأديان إلى الله تعالى الحنيفية السمحة حسن الألباني صحيح الجامع 160
4 أما إنه ليس من أهل الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم. ثم نزلت عليه {ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قآئمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون} حسن الألباني صحيح الموارد 231
5 أخر رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- صلاة العشاء ثم خرج إلى المسجد فإذا الناس ينتظرون الصلاة قال: أما إنه ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكر الله في هذه الساعة غيركم قال وأنزل هؤلاء الآيات {ليسوا سوآء من أهل الكتب} حتى بلغ {وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين}. حسن الوادعي الصحيح المسند 858
6 أخر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلاة العشاء ثم خرج إلى المسجد فإذا الناس ينتظرون الصلاة قال: أما إنه ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم قال: وأنزل الله هؤلاء الآيات: {ليسوا سواء من أهل الكتاب} حتى بلغ {وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين}. حسن الوادعي أسباب النزول 54
وأما وصف اليهودية والنصرانية بأنها أديان سماوية، فمعناه أنها في أصلها ليست من إحداث البشر بل هي نازلة من السماء من عند الله، وإن كان البشر حرفوها وزادوا فيها ونقصوا، لكن باعتبار أصلها السماوي جاز وصفها بأنها أديان سماوية والمراد أصلها ومنشؤها.
ملاحظة: لو استعمل ضالٌّ مصطلح (الأديان السماوية) في سياق كلام يقر فيه اليهودية والنصرانية المحرفتين أو يصحح التعبد بهما أو يرى فيه أنهما طريق نجاة كالإسلام، فهنا يمنع من هذا لا لكون المصطلح في ذاته منهيا عنه، ولكن لأجل التلبيس به على الناس وإرادة المعنى الباطل به، والله أعلم
ـ[مسدد2]ــــــــ[16 - 10 - 03, 04:25 م]ـ
يمكن حمل كلمة دين وأديان عى معنى الشريعة والشرائع، كما قال تعالى (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) أي في شريعته.
لذلك فالأديان السماوية المراد به: الشرائع السماوية، وبينها اختلاف كما لا يخفى، فيزول الاشكال.
ـ[الجامع الصغير]ــــــــ[16 - 10 - 03, 09:21 م]ـ
اليهودية شريعة موسى عليه السلام، والنصرانية شريعة عيسى عليه السلام، ودينهما الإسلام.
ـ[المسيطير]ــــــــ[02 - 05 - 04, 10:43 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=9649&highlight=%CD%CC+%C7%C8%E4+%CD%D2%E3(26/112)
اشكال في كلام ابن تيمية فى موضوع العذر بالجهل
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[18 - 10 - 03, 09:32 ص]ـ
اشكال في كلام ابن تيمية فى موضوع العذر بالجهل
قال شيخ الاسلام فى معرض كلامه عن اهل البدع [والنقل من كتاب "وجوب لزوم الجماعة وترك التفرق]:وان كان هؤلاء لهم من الايمان نصيب وافرمن اتباع السنة’ لكن فيهم من النفاق والبدعة بحسب ما تقدموا فيه بين يدي الله ورسوله، وخالفوا الله ورسوله، ثم إن لم يعلموا ان ذلك يخالف الرسول، ولو علموا لما قالوه لم يكونوا منافقين، بل ناقصي الايمان مبتدعين، وخطؤهم مغفور لهم لا يعاقبون عليه وإن نقصوا به ... انتهى كلامه م. ف.13/صص 62 - 63
كيف يمكن التوفيق بين الخطإ المغفور ... و .... وصفهم بالابتداع ونقصان الايمان ...
وههنا إشكال آخر:
قال شيخ الاسلام-رحمه الله-:ولهذا كنت أقول للجهمية من الحلولية والنفاة الذين نفوا أن الله تعالى فوق العرش -لما وقعت محنتهم-"انا لو وافقتكم كنت كافرا لاني اعلم ان قولكم كفر، وانتم عندي لاتكفرون لانكم جهال" ... وكان هذا خطابا لعلمائهم وقضاتهم وشيوخهم وأمرائهم ..
كيف يعذر هؤلاء .. ومنهم علماء وقضاة وشيوخ ... (وهؤلاء ليسوا من العامة) فلو صح هذا العذر .. لكان العذر بالجهل مطلقا .. وهذا لا يقوله ابن تيمية ولا غيره من اهل السنة ..
ارجو من الاخوة البحث والمشاركة فى هذا الموضوع الخطير ... خاصة ممن استقرؤا كلام شيخ الاسلام فى مسألتنا هذه- العذر بالجهل .. -
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[18 - 10 - 03, 10:54 م]ـ
جزاك الله خيراً
فعلاً موضوع مهم جداً لا بد فيه من إزالة الإشكال حول كلام شيخ الإسلام
علماً بأن لشيخ الإسلام كلاماً آخرا يخالف كلامه هذا
ـ[أخوكم]ــــــــ[21 - 10 - 03, 05:09 م]ـ
1 - هناك بدع مكفرة وبدع غير مكفرة.
2 - البدع غير المكفرة تحت المشيئة.
والله أعلم
ـ[البخاري]ــــــــ[18 - 03 - 04, 03:17 م]ـ
كلام ابن تيمية يفسر بعضه بعضاً
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[18 - 03 - 04, 07:37 م]ـ
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله (]:وان كان هؤلاء لهم من الايمان نصيب وافرمن اتباع السنة’ لكن فيهم من النفاق والبدعة بحسب ما تقدموا فيه بين يدي الله ورسوله، وخالفوا الله ورسوله، ثم إن لم يعلموا ان ذلك يخالف الرسول، ولو علموا لما قالوه لم يكونوا منافقين، بل ناقصي الايمان مبتدعين، وخطؤهم مغفور لهم لا يعاقبون عليه وإن نقصوا به ... انتهى كلامه م. ف.13/صص 62 - 63
كلام شيخ الإسلام هذا ليس فيه أي إشكال فإن لا تلازم بين الوصف بالبدعة و بين عدم المغفرة.
فالمبتدع اسم لمن أحدث في الدين ما ليس منه و هذا الأصل يعم من وقع في الشرك و لكن الفرق أن المبتدع يبقى على أصل الإسلام و المشرك يخرج بفعله من الإسلام و لكن الجامع بينهما أن من وقع في وصف سمي باسم هذا الوصف كمن وقع في الشرك الأكبر سمي مشركا و من وقع في بدعة سمي مبتدعا و من زنى سمي زانيا.
و لكن هذا لا يلزم أن يكون من أشرك بالله أن يدخل النار او أن المبتدع يعذب بسبب بدعته أو أن الزناي يعاقب على زناه فحكم الآخرة بالنسبة للمشرك قد يكون لم تقم عليه الحجه فيكون من اهل الفترة فيدلي بحجته يوم القيامه فيقول ربي ما أتاني من نذير فهذا لا يعذب حتى يمتحن يوم القيامه كما في الحديث الذي صححه عدة من أهل العلم من حديث الأسود بن سريع و أبي هريرة.
أما المبتدع فالكلام فيه على وجهين الوجه الأول تكفيره فالمبتدع لا يكفر حتى تقوم عليه الحجة كما قال الشيخ رحمه الله في الموضع السابق (ورسوله، ثم إن لم يعلموا ان ذلك يخالف الرسول، ولو علموا لما قالوه لم يكونوا منافقين، بل ناقصي الايمان مبتدعين) وهذه المسألة فيها تفصيل طويل ليس هذا موضعه و هذا ما يسمى بموانع تكفير أهل البدع من الجهل و التأول و غيرها من الموانع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/113)
و الوجه الثاني و هو على قسمين الأول منها من فرط في طلب الحق و إيثاره فهذا آثم لتقصيره في طلب الحق لا يدخل في كلام شيخ الإسلام السابق قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله (وأما التفصيل، فعلى كل مكلف أن يقر بما ثبت عنده من أن الرسول أخبر به وأمر به، وأما ما أخبر به الرسول ولم يبلغه أنه أخبر به، ولم يمكنه العلم بذلك، فهو لا يعاقب على ترك الإقرار به مفصلًا، وهو داخل في إقراره بالمجمل العام، ثم إن قال خلاف ذلك متأولًا كان مخطئًا يغفر له خطؤه، إذا لم يحصل منه تفريط ولا عدوان؛ ولهذا يجب على العلماء من الاعتقاد ما لا يجب على آحاد العامة، ويجب على من نشأ بدار علم وإيمان من ذلك ما لا يجب على من نشأ بدار جهل، وأما ما علم ثبوته بمجرد القياس العقلي دون الرسالة، فهذا لا يعاقب إن لم يعتقده.)
القسم الثاني من كان طالبا للحق مؤثرا له مجتهدا في طلبه إلا أنه لم يصل إليه فهذا يسمى مبتدعا و لكن لا يأثم و لا يعاقب و ذنبه مغفور لعدم تفريطه و تقصيره قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله (و (فى الجملة (من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم الى ما يخالف ذلك كان مخطئا فى ذلك بل مبتدعا وان كان مجتهدا مغفورا له خطؤه).
و أما نقص إيمانه فهذا لا شك فيه و ليس من لوازم نقص الإيمان أن يكون آثما عاصيا بل قد ينقص الإيمان مع عدم الإثم فالإيمان ينقص بنقص العلم و نقص العمل فمن جهل بعض الشرائع لا بد و أن يكون إيمانه ناقص بالنسبة لمن علم هذه الشرائع و عمل بها ثم من علم بعض الشرائع و لم يقدر على العمل بها إيمانه أنقص ممن علم هذه الشرائع و عمل بها بل لو كانت هناك شرائع لا نلزم بعض الأشخاص و تلزم بعضهم فمن لزمته و عمل بها إيمانه أكمل ممن لم تلزمه كما في الحديث الصحيح من حديث أبي سعيد الخدري قال (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى، أو فطر، إلى المصلى، فمر على النساء، فقال: يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار. فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن. قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل. قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم. قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان دينها.) فجعل النبي صلى الله عليه و سلم النساء ناقصات دين بسبب عدم صلاتهن و صيامهن عند حلول الحيض مع انه هذا الأمر ليس تحت قدرتهن بل هو مما كتبه الله تعالى على بنات آدم بل هو مما حرم عليهن فيه الصلاة و الصيام و لكن لما كانت فعل الصلاة و الصيام يزيد الإيمان كان تركه حتى لو كان لعذر شرعي نقص في الإيمان فكان الرجال أكمل منهن إيمانا في هذا الباب.
هذا بالنسبة لنقل شيخ الإسلام الأول.
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[18 - 03 - 04, 10:09 م]ـ
عفوا الأخ عبد الرحمن بن طلاع المخلاف:
أين ذكر شيخ الإسلام هذه المقولة:
(و (فى الجملة (من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم الى ما يخالف ذلك كان مخطئا فى ذلك بل مبتدعا وان كان مجتهدا مغفورا له خطؤه)
ثانيا:
لعل مقولة شيخ الإسلام الأولى التي حصل النقاش بسببها فيها سقط
لأنه قال رحمه الله: ثم إن لم يعلموا أن ذلك يخالف الرسول (ثم انقطع الكلام ولم يذكر جواب الشرط)
بل قال: ولو علموا لما قالوه لم يكونوا منافقين ........
وأيضا لم يتضح لي من تركيب الجملة إلا أن المراد: أنهم لو علموا أن القول يخالف الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقولا هذا القول وحينئذ لايكونون منافقين بل ناقصي الإيمان مبتدعين.
وهذا عجيب كيف يعرضون عن قول بسبب مخالفته للرسول فيسبب ذلك نقصان الإيمان ويكونون به مبتدعين
وهذا إذا اعتبرنا (ما) نافية في قوله (لما قالوه)
أما إذا أعتبرناها موصولة فيكون المعنى: لو علموا أن قولهم يخالف الرسول لم يكونوا منافقين بل ناقصي الإيمان مبتدعين وخطؤهم مغفور لهم لايعاقبون عليه وإن نقصوا به.
وهنا عجب آخر من نوع آخر إذ كيف يتخفف قولهم بسبب العلم بالمخالفة وحقه التغليظ والحالة هذه.
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[18 - 03 - 04, 11:01 م]ـ
الأخ الفاضل البخاري كلام الشيخ رحمه الله موجود في مقدمة في التفسير.
أما مراد الشيخ رحمه الله في قوله ( ... ثم إن لم يعلموا ان ذلك يخالف الرسول، ولو علموا لما قالوه لم يكونوا منافقين، بل ناقصي الايمان مبتدعين، وخطؤهم مغفور لهم لا يعاقبون عليه وإن نقصوا به).
أن هؤلاء المبتدعة لم يعلموا أن قولهم هذا مخالف للرسول صلى الله عليه و سلم لذا قالوه و لم علموا أنه مخالف للرسول صلى الله عليه و سلم لما قالوه.
ثم إنهم لو قالوه و هم يعلمون لكانوا منافقين فارتفع عنه حكم النفاق بسبب جهلهم بمخالفة قولهم لقول الرسول صلى الله عليه و سلم.
فقول الشيخ رحمه الله تعالى (ولو علموا لما قالوه) جملة اعتراضية و لو قرأت الموضع من دون هذه الكلمة لتجلى لك معنى كلام الشيخ و إليك كلام الشيخ من دون هذه الجملة الإعتراضية (( ... ثم إن لم يعلموا ان ذلك يخالف الرسول لم يكونوا منافقين، بل ناقصي الايمان مبتدعين، وخطؤهم مغفور لهم لا يعاقبون عليه وإن نقصوا به).
فتجلى لنا أن مراد الشيخ هو أن من لم يعلم بمخالفة بدعته للرسول صلى الله عليه و سلم يكون مبتدعا لا منافقا فإن كان مجتهدا مستفرغا وسعه في ذلك فإن خطأه هذا مغفور و لا يعاقب عليه مع نقص إيمانه عن إيمان من عرف الحق في هذه المسألة و اتبع الرسول صلى الله عليه و سلم.
و الله اعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/114)
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[18 - 03 - 04, 11:10 م]ـ
أخي الفاضل: عبد الرحمن المخلف
جزاك الله خيرا ونفعنا بك
نعم قد تبين لي كلام شيخ الإسلام والحمدلله
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[18 - 03 - 04, 11:16 م]ـ
معذرة أخي أبو عبد الرحمن المدني وضعت سهوا مني تسميتك بالبخاري لعله وقع نظري على مشاركة أحد الإخوة في هذا الموضوع.
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[19 - 03 - 04, 12:27 ص]ـ
أما موضع شيخ الإسلام الثاني و هو (ولهذا كنت أقول للجهمية من الحلولية والنفاة الذين نفوا أن الله تعالى فوق العرش -لما وقعت محنتهم-"انا لو وافقتكم كنت كافرا لاني اعلم ان قولكم كفر، وانتم عندي لاتكفرون لانكم جهال).
فهذا نعم قد يشكل على بعض طلبة العلم و لكن من عرف أصل الشيخ رحمه الله في تكفير اهل البدع تبين له المراد من كلام الشيخ هذا
قال شيخ الإسلام رحمه الله (وقد ثبت بالكتاب والسنة والاجماع أن من بلغته رسالة النبي فلم يؤمن به فهو كافر لا يقبل منه الاعتذار بالاجتهاد لظهور أدلة الرسالة واعلام النبوة ولأن العذر بالخطأ حكم شرعي فكما أن الذنوب تنقسم إلى كبائر وصغائر والواجبات تنقسم إلى اركان وواجبات ليست أركانا فكذلك الخطأ ينقسم إلى مغفور وغير مغفور والنصوص إنما أوجبت رفع المؤاخذة بالخطأ لهذه الأمة وإذا كان كذلك فالمخطىء في بعض هذه المسائل اما ان يلحق بالكفار من المشركين وأهل الكتاب مع مباينته لهم في عامة اصول الايمان وإما ان يلحق بالمخطئين في مسائل الايجاب والتحريم مع انها أيضا من اصول الايمان
فإن الايمان بوجوب الواجبات الظاهرة المتواترة وتحريم المحرمات الظاهرة المتواترة هو من أعظم اصول الايمان وقواعد الدين والجاحد لها كافرا بالاتفاق مع ان المجتهد في بعضها ليس بكافر بالاتفاق مع خطئه
وإذا كان لا بد من الحاقه بأحد الصنفين فمعلوم ان المخطئين من المؤمنين بالله تعالى أشد شبها منه بالمشركين وأهل الكتاب فوجب ان يلحق بهم وعلى هذا مضى عمل الأمة قديما وحديثا في أن عامة المخطئين من هؤلاء تجري عليهم احكام الاسلام التي تجري على غيرهم هذا مع العلم بأن كثير من المبتدعة منافقون النفاق الاكبر وأولئك كفار في الدرك الأسفل من النار فما اكثر ما يوجد في الرافضة والجهمية ونحوهم زنادقة منافقون بل اصل هذه البدع هو من المنافقون الزنادقة ممن يكون اصل زندقته عن الصابئين والمشركين فهؤلاء كفار في الباطن ومن علم حاله فهو كافر في الظاهر أيضا
وأصل ضلال هؤلاء الاعراض عما جاء به الرسول من الكتاب والحكمة وابتغاء الهدى في خلاف ذلك فمن كان هذا أصله فهو بعد بلاغ الرسالة كافر لا ريب فيه مثل من يرى ان الرسالة للعامة دون الخاصة كما يقوله قوم من المتفلسفة وغالية المتكلمة والمتصوفة أو يرى أنه رسول إلى بعض الناس دون بعض كما يقوله كثير من اليهود والنصارى
فهذا الكلام يمهد أصلين عظيمين
(إحدهما (أن العلم والايمان والهدى فيما جاء به الرسول وان خلاف ذلك كفر على الاطلاق فنفي الصفات كفر والتكذيب بأن الله يرى في الآخرة أو أنه على العرش أو أن القرآن كلامه أو أنه كلم موسى أو أنه اتخذ ابراهيم خليلا كفر وكذلك ما كان في معنى ذلك وهذا معنى كلام أئمة السنة وأهل الحديث
و (الأصل الثاني (ان التكفير العام كالوعيد العام يجب القول باطلاقه وعمومه
واما الحكم على المعين بأنه كافر أو مشهود له بالنار فهذا يقف على الدليل المعين فإن الحكم يقف على ثبوت شروطه وانتفاء موانعه ... ).
هذا أصل شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في تكفير أهل البدع و الشيخ رحمه الله لا يفرق بين عامي و لا عالم و هذا هو الحق فإن التفريق ليس عليه دليل لا من كتاب و لا سنة و لا إجماع و إنما هو متلقاه من أقوال المتأخرين فالأدلة في العذر بالجهل في تكفير أهل البدع عامة غير مخصصة بعالم و لا بغيره و إنما التكفير متعلقه إقامة الحجة فمن علم أنه أقيمت عليه الحجه فعاند حكم بكفره و خروجه من الإسلام و أما من لم تقم عليه الحجة فلا يحكم بكفره.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/115)
قال الشيخ رحمه الله (وإذا عرف هذا فتكفير (المعين (من هؤلاء الجهال وأمثالهم بحيث يحكم عليه بأنه من الكفار لا يجوز الاقدام عليه الا بعد ان تقوم على أحدكم الحجة الرسالية التي يتبين بها أنهم مخالفون للرسل وان كانت هذه المقالة لا ريب انها كفر
وهكذا الكلام في تكفير جميع (المعينين (مع ان بعض هذه البدعة أشد من بعض وبعض المبتدعة يكون فيه من الايمان ما ليس في بعض فليس لأحد أن يكفر احدا من المسلمين وان اخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحبة
ومن ثبت إيمانه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة).
هذه هو أصل الشيخ رحمه الله.
الأمر الآخر من هم الحلولية و النفاة الذين توقف الشيخ رحمه الله في تكفيرهم.
قال الشيخ رحمه الله (قول الحلولية الذين يقولون هو فى العالم كالماء فى الصوفة وكالحياة فى الجسم ونحو ذلك ويقولون هو بذاته فى كل مكان وهذا قول قدماء الجهمية الذين كفرهم أئمة الإسلام وحكى عن الجهم أنه كان يقول هو مثل هذا الهواء أو قال هو هذا الهواء .. ) كتاب مجموع الفتاوى، الجزء 2، صفحة 195.
و قال رحمه الله (وهذا هو الذى وقعت فيه الاتحادية والحلولية من النصارى وغيرهم من غالية هذه الأمة وغيرها وهو اتحاد متجدد بين ذاتين كانتا متميزتين فصارتا متحدتين أو حلول احداهما فى الأخرى فهذا بين البطلان
وأبطل منه قول من يقول ما زال واحدا وما ثم تعدد أصلا وانما التعدد فى الحجاب فلما انكشف الأمر رأيت أنى أنا وكل شىء هو الله سواء قال بالوحدة مطلقا أو بوحدة الوجود المطلق دون المعين أو بوحدة الوجود دون الأعيان الثابتة فى العدم ... ) كتاب مجموع الفتاوى، الجزء 2، صفحة 435.
و قال (حتى قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم أنه أعور وإن ربكم ليس بأعور واعلموا أن أحدا منكم لن يرى ربه حتى يموت فذكر لهم علامتين ظاهرتين يعرفهما جميع الناس لعلمه بأن من الناس من يضل فيجوز أن يرى ربه في الدنيا في صورة البشر كهؤلاء الضلال الذين يعتقدون ذلك وهؤلاء قد يسمون الحلولية والاتحادية وهم صنفان
قوم يخصونه بالحلول أو الاتحاد في بعض الأشياء كما يقوله النصارى في المسيح عليه السلام والغالية في علي رضي الله عنه ونحوه وقوم في أنواع من المشائخ وقوم في بعض الملوك وقوم في بعض الصور الجميلة إلى غير ذلك من الأقوال التي هي شر من مقالة النصارى
وصنف يعمون فيقولون بحلوله أواتحاده في جميع الموجودات حتى الكلاب والخنازير والنجاسات وغيرها كما يقول ذلك قوم من الجهمية ومن تبعهم من الاتحادية كأصحاب ابن عربي وابن سبعين وابن الفارض والتلمساني والبلياني وغيرهم
ومذهب جميع المرسلين ومن تبعهم من المؤمنين وأهل الكتب أن الله سبحانه خالق العالمين ورب السموات والأرض وما بينهما ورب العرش العظيم والخلق جميعهم عباده وهم فقراء إليه
وهو سبحانه فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه ومع هذا فهو معهم أينما كانوا .... ) كتاب مجموع الفتاوى، الجزء 3، صفحة 393.
و قال (فقد بان بما ذكرناه أن من قال إن أرواح بني آدم قديمة غير مخلوقة فهو من أعظم أهل البدع الحلولية الذين يجر قولهم إلى التعطيل بجعل العبد هو الرب وغير ذلك من البدع الكاذبة المضلة) كتاب مجموع الفتاوى، الجزء 4، صفحة 226.
و قال (و (المعية (لا تدل على الممازجة والمخالطة وكذلك لفظ (القرب (فان عند الحلولية أنه فى حبل الوريد كما هو عندهم فى سائر الاعيان وكل هذا كفر وجهل بالقرآن) كتاب مجموع الفتاوى، الجزء 5، صفحة 124.
و قال رحمه الله (فالحلولية المشهورون بهذا الإسم من يقول بحلول الله فى البشر كما قالت النصارى والغالية من الرافضة وغلاة اتباع المشايخ أو يقولون بحلوله فى كل شىء كما قالت الجهمية أنه بذاته فى كل مكان وهو سبحانه ليس في مخلوقاته شىء من ذاته ولا فى ذاته شىء من مخلوقاته وكذلك من قال باتحاده بالمسيح أو غيره أو قال باتحاده بالمخلوقات كلها أو قال وجوده وجود المخلوقات أو نحو ذلك) كتاب مجموع الفتاوى، الجزء 12، صفحة 293.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/116)
و قال (ومن هؤلاء الحلولية والإتحادية من يخص الحلول وأفتحاد ببعض الأشخاص إما ببعض الأنبياء أو ببعض الصحابة كقول الغالية فى علي أو ببعض الشيوخ كالحلابية ونحوهم أو ببعض الملوك أو ببعض الصور كصور المردان ويقول احدهم إنما أنظر إلى صفات خالقى واشهدها فى هذه الصورة والكفر فى هذا القول أبين من أن يخفى على من يؤمن بالله ورسوله ولو قال مثل هذا الكلام فى نبى كريم لكان كافرا فكيف إذا قاله فى صبى أمرد فقبح الله طائفة يكون معبودها من جنس موطوئها) كتاب مجموع الفتاوى، الجزء 15، صفحة 424.
و قال (والحلولية يقولون إنه يأتى ويجيء بحيث يخلو منه مكان ويشغل آخر فيخلو منه ما فوق العرش ويصير بعض المخلوقات فوقه فاذا اتى وجاء لم يصر على قولهم العلى الأعلى ولكن هو العلى العظيم لا سيما إذا قالوا إنه يحويه بعض المخلوقات فتكون أكبر منه سبحانه وتعالى عما يقول هؤلاء وهؤلاء علوا عظيما) كتاب مجموع الفتاوى، الجزء 16، صفحة 108.
هذا اهم ما ذكره الشيخ رحمه الله من ضلالات الحلولية.
و المتمعن في هذه الأقوال يجد أن واحدها فقط يخرج من الملة و لا يعذر به صاحبه لا بجهل و لا تأويل سواء كان عالما او جاهلا إلا أن يكون قد تلفظ بهذه الألفاظ و أراد بها معنى صحيحا و لكن من علم معانى هذه الألفاظ ثم تقلدها فهو كافر و لا شك.
و لا أعلم حقيقة مراد الشيخ بتوقفه في تكفير هؤلاءالحلولية مع ظهور أقوالهم و مناقضتها مناقضة تامة لدين الإسلام إلا أن يكون هؤلاء الحلولية لا يعتقدون ما يعتقده من ذكرهم شيخ الإسلام في المواضع السابقة و أن ما ذكره عن الحلولية إنما هي لوازم لمن توقف في تكفيرهم و إن كان هذا الرأي بعيد عن الصواب و لكن مجر احتمال.
و عموما الأصل عند التنازع و الخلاف الرجوع إلى الكتاب و السنة و فهمها فهما صحيحا فقول شيخ الإسلام في عدم التفريق في تكفير أهل البدع بين العامي و العالم و قوله بالتوقف عن تكفير الحلولية غير صحيح فلا يمكن التوقف عن تكفير هذا الصنف مع ظهور أقواله و مناقضتها لأصل الدين لذا كان السلف رحمهم الله لم توقفوا عن تكفير الجهمية المعطلة و لم يجعلوهم من أهل القبلة هم و الرافضة.).
فالحق أن التفريق بين العامي و العالم في تكفير اهل البدع تفريق غير صحيح.
و أما عدم تكفير شيخ الإسلام للحلولية فهو غير صحيح و الصحيح كفر الحلولية و عدم عذرهم لا بجهل و لا تقليد و لا تأويل.
و الله أعلم.
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[19 - 03 - 04, 09:25 ص]ـ
و لا يقال بأن السلف أرادوا بتكفير الرافضة و الجهمية تكفير نوع لا تكفير عين لأن السلف رحمهم الله كفروا غيرهم من هل البدع نوعا و لم يكفروهم عينا و لم يخرجوهم من فرق الأمة فدل على أن تكفير الجهمية و الرافضة تكفير بالعين بل لم يعذروهم بجهل و جعلوا حكمهم حكم أهل الإشراك و ذلك أن أهل البدع من أهل القبلة لا يكفرون حتى تقام عليهم الحجة فعذروا بجهلهم او تأويلهم فتدبر هذا الفرق من أقوال السلف يتبين لك أن الرافضة و الجهمية ليسوا من أهل الإسلام بإجماع السلف.
و الله أعلم.
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[22 - 03 - 04, 03:59 م]ـ
الأخ المكرم عبد الرحمن.
أحمد بن حنبل لم يكفر المعتصم مع أنه جهمي محض.
وإن كنت تقصد الروافض في عصر السلف فهم على أنواع، ومنهم من
كفره السلف ومنهم من لم يكفره السلف أيضا فأي الروافض تعني؟
وذاك الأجماع على تكفير عين الروافض والجهمية من السلف، هل
تذكر لنا (تكرما) من نقله من أهل العلم؟
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[23 - 03 - 04, 11:23 ص]ـ
جزاك الله خير الجزاء يا أخ رضا على مداخلتك.
أما بالنسبة للإجماع على تكفير الجهمية فهذا الإجماع نقله شيخ الإسلام بن تيمية و غيره و لكن الخلاف في فهم هذا الإجماع فأنا أرى بأن السلف رضوان الله عليهم كانوا بتكفيرهم للجهمية المحضة مرادهم بذلك الإعيان لا النوع و بينت وجه ذلك بأن أهل البد ما دون الجهمية المحضة كانوا يعتبرونهم من فرق الإسلام بينما الجهمية لم يكونوا يتعبرونهم من فرق الإسلام فيفهم من هذا أن الجهمية بأعيانهم كفار و أما ما دونهم من أهل البدع مثل المعتزلة و المرجئة فهؤلاء لا يكفرون حتى تقام عليهم الحجة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/117)
لذا نقلت كلام شيخ الإسلام رحمه الله و ان مذهبه في هذا عدم تكفير الجهمية بأعيانهم حتى تقوم عليه الحجة.
و أما الإجماع المنقول في كفرهم قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله (فإن قال المتكلمون من الجهمية وغيرهم فمن خالف ما علم بالضرورة من الدين فهو كافر قيل لهم لهذا السلف والأئمة مطبقون على تكفير الجهمية حين كان ظهور مخالفتهم للرسول مشهورا معلوما بالاضطرار لعموم المسلمين حتى قيل العلم بالإيمان فيما بعد وصار يشتبه بعض ذلك على كثير ممن ليس بزنديق).
قال شيخ الإسلام أبو إسماعيل عبدالله بن محمد الأنصاري في كتابه المشهور في ذم الكلام وأهله (ولما نظر المبرزون من علماء الأمة وأهل الفهم من أهل السنة طوايا كلام الجهمية وما ادعته من أمور الفلاسفة ولم يقف فيها إلا على التعطيل البحت وإن قطب مذهبهم ومنتهى عقدتهم ما صرحت به رؤوس الزنادقة قبلهم إن الفلك دوار والسماء خالية وأن قولهم إنه تعالى في كل موضع وفي كل شيء ما استثنوا جوف كلب ولا جوف خنزير ولا حشا فرارا من الإثبات وذهابا عن التحقيق فإن قولهم سميع بلا سمع بصير بلا بصر عليم بلا علم قادر بلا قدرة إله بلا نفس ولا شخص ولا صورة ثم قالوا لا صورة له ثم قالوا لا شيء فإنه لو كان شيئا لا أشبه الأشياء حاولوا حول مقال رؤوس الزنادقة القدماء إذ قالوا الباري لا صفة ولا لا صفة خفوا على قلوب ضعفى المسلمين وأهل الغفلة وقلة الفهم منهم إذ كان ظاهر تعلقهم القرآن وإن كان اعتصاما به من السيف واجتنابا به منهم وإذ هم يوردون التوحيد ويخادعون المسلمين ويحملون الطيالسة فافتضحوا بمعايبهم وصاحوا بسوء ضمائرهم ونادوا على خبايا نكتهم فيا طول ما لقوا في أيامهم من سيوف الخلفاء وألسن العلماء وهجران الدهماء فقد شحنت كتاب تكفير الجهمية من مقالات علماء المسلمين فيهم ودأب الخلفاء فيهم ودق عامة أهل السنة عليهم وإجماع المسلمين على إخراجهم من الملة ..... ) نقلا من كتاب بيان تلبيس الجهمية.
و قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله (والمأثور عن السلف والأئمة إطلاق أقوال بتكفير الجهمية المحضة الذين ينكرون الصفات وحقيقية قولهم أن الله لا يتكلم ولا يرى ولا يباين الخلق ولا له علم ولا قدرة ولا سمع ولا بصر ولا حياة بل القرآن مخلوق وأهل الجنة لا يرونه كما لا يراه أهل النار وأمثال هذه المقالات).
و قال رحمه الله (ولهذا كان السلف والأئمة يتكلمون في تكفير الجهمية النفاة بما لا يتكلمون به في تكفير غيرهم من أهل الأهواء والبدع وذلك لأن الإيمان إيمان بالله وإيمان للرسول فإن الرسول أخبر عن الله بما أخبر به من أسماء الله وصفاته ففي الإيمان خبر ومخبر به فالإيمان للرسول تصديق خبره والإيمان بما أخبر به والإقرار بذلك والتصديق به).
(و معلوم أن كل قول خلاف قول الرسول صلى الله عليه و سلم كفر دق أم جل) و هذا الكلام هو كلام شيخ الإسلام رحمه الله في شرح العمدة نقله عنه بعض علماء نجد.
و قال رحمه الله (قلت وكلام السلف والأئمة في تكفير الجهمية وبيان أن قولهم يتضمن التعطيل والإلحاد كثير ليس هذا موضع بسطه
وقد سئل عبد الله بن المبارك ويوسف بن أسباط عنهم فأجابا بما تقدم
وقد تبين أن الجهمية عندهم من نوع الملاحدة الذين يعلم بالاضطرار أن قولهم مخالف لما جاءت به الرسل بل إنكار صفات الله أعظم إلحادا في دين الرسل من إنكار معاد الأبدان فإن إثبات الصفات لله أخبرت به الرسل أعظم مما أخبرت بمعاد الأبدان ... ).
و معلوم لو أن مسلما اليوم أنكر معاد الأبدان و البعث لكفر بالإجماع فكيف بمن أنكر جميع صفات الباري عز و جل.
و قال رحمه الله (لهذا كان السلف يجعلون الجهمية زنادقة).
أما المعتصم فلم يكن يرى ما يراه الجهمية المحضة من تعطيل الخالق و نفي صفاته بالكلية و القول بالحلول قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله (واذا كان كذلك فالجهمية الذين كان باطن امرهم السلب والتعطيل لما نبغوا لم يكونوا يظهرون للناس الا ما هو اقل انكارا عليهم فاظهروا القول بان القرآن مخلوق واظهروا القول بأن الله لا يرى وكانت مسألة القرآن عندهم اقوى ولهذا افسدوا من افسدوه من ولاة الامور في امارة ابي العباس الملقب بالمأمون واخيه ابي اسحاق المعتصم والواثق جعلوا هذه المسألة مسألة يمتحنون بها الناس واظهروا ان مقصودهم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/118)
انما هو توحيد الله وحده لانه هو الخالق وكل ما سواه مخلوق وان من جعل شيئا ليس هو الله تعالى وقال انه غير مخلوق فقد اشرك وقال بقول النصارى او نحو ذلك فصار كثير ممن لم يعرف حقيقة امرهم يظن ان هذا من الدين ومن تمام التوحيد فضلوا واضلوا وكانوا يتظاهرون بأن الله لا يرى لكن لم يجعلوا هذه المسألة المحنة لانه لا يظهر فيها من شبهة التوحيد للعامة ما يظهر في ان كل ما سوى الله مخلوق
وكان اهل العلم والايمان قد عرفوا باطن زندقتهم ونفاقهم وان المقصود بقولهم ان القرآن مخلوق ان الله لا يكلم ولا يتكلم ولا قال ولا يقول وبهذا تتعطل سائر الصفات من العلم والسمع والبصر وسائر ما جاءت به الكتب الالهية وفيه ايضا قدح في نفس الرسالة فان الرسل انما جاءت بتبليغ كلام الله فاذا قدح في ان الله يتكلم كان ذلك قدحا في رسالة المرسلين فعلموا ان في ان باطن ما جاؤا به قدح عظيم في كثير من اصلي الاسلام شهادة ان لا اله الا الله وشهادة ان محمدا رسول الله
لكن كثيرا من الناس لا يعلمون ذلك كما ان كثيرا من الناس لا يعلم باطن حال القرامطة لانهم انما يظهرون موالاة آل محمد صلى الله عليه وسلم ولا ريب ان كل مؤمن يجب عليه ان يواليهم وان اظهروا شيئا من التشيع الباطل الذي يوافقهم عليه الشيعة الذين ليسوا زنادقة ولا منافقين ولكن فيهم جهل وهوى تلبس عليهم فيه بعض الحق كما ان هؤلاء الجهمية وافقهم من العلماء والامراء في بعض ما يظهرونه من لم يكن من الزنادقة المنافقين لكن كان فيهم جهل وهوى لهم فاخبر الله ان المنافقين لا يزيدون المؤمنين الا خبالا وانهم يوضعون خلالهم أي يبتغون بينهم ويطلبون لهم الفتنة قال الله تعالى وفيكم سماعون لهم فاخبر ان في المؤمنين من يستجيب للمنافقين ويقبل منهم فاذا كان هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان استجابة بعض المؤمنين لبعض المنافقين فيما بعده اولى و لهذا استجاب لهؤلاء الزنادقة المنافقين طوائف من المؤمنين في بعض ما دعوهم اليه حتى اقاموا الفتنة وهذا موجود في الزنادقة الجهمية والزنادقة الرافضة والزنادقة الجامعة للامرين واعظمهم القرامطة والمتفلسفة ونحوهم ... ).
لذا أنا أزعم أن إجماع السلف في تكفير الجهمية المحضة المراد به الأعيان لا النوع بل بمجرد اعتقاد مثل هذه الإعتقادات بالباطلة يخرج قائلها من الملة و لا يتشرط لذلك إقامة حجه لأن هذه الأقوال مناقضة مناقضة تامة لأصل الدين.
و قال شيخ الإسلام رحمه الله (الحمد لله رب العالمين قول القائل إن اختلاف المسلمين فى كلام الله على (ثلاثة أنحاء (الخ هو كلام بحسب ما بلغه من ذلك واكثر من تكلم فى هذه المسألة من المتأخرين إنما يذكر فيها بعض اختلاف الناس فقوم يحكون أربعة أقوال كأبى المعالي ونحوه وقوم يحكون خمسة أو ستة كالشهرستانى ونحوه ....
(القول الثانى) قول الجهمية من المعتزلة وغيرهم الذين يقولون كلام الله مخلوق يخلقه فى بعض الأجسام فمن ذلك الجسم ابتدأ لا من الله ولا يقوم عندهم بالله كلام ولا إرادة وأول هؤلاء (الجعد بن درهم (الذى ضحى به خالد بن عبد الله القسرى لما خطب الناس يوم عيد النحر وقال ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإنى مضح بالجعد بن درهم انه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما تعالى الله عما يقول الجعد علوا كبيرا ثم نزل فذبحه
وهؤلاء هم الذين دعوا من دعوه من الخلفاء إلى مقالتهم حتى امتحن الناس فى القرآن بالمحنة المشهورة فى إمارة المأمون والمعتصم والواثق حتى رفع الله شأن من ثبت فيها من أئمة السنة كالامام أحمد رحمه الله وموافقيه وكشفها الله عن الناس فى إمارة المتوكل وظهر فى الأمة (مقالة السلف (ان القرآن كلام الله غير مخلوق منه بدأ واليه يعود أى هو المتكلم به لم يبتدأ من بعض المخلوقات كما قالت الجهمية .... ).
هذا ما تحصل لدي في هذه المسألة فإن أصبت فمن الله و إن اخطأت فمن و من الشيطان.
علما بأن القول بتكفير الجهمية المحضة بأعيانهم يكاد يكون قول علماء الدعوة النجدية أجمعهم و لولا خشية الإطالة لنقلت أقوالهم.
ـ[أبو أسيد]ــــــــ[21 - 12 - 04, 12:29 م]ـ
بارك الله في شيخنا ابي مريم عبد الرحمن المخلف
ويرفع الموضوع للاهمية
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[22 - 12 - 04, 12:40 م]ـ
في السنة للخلال (الرد على الجهمية) كلاماً للإمام أحمد يفهم منه تكفير المأمون
ـ[سعيد السلفي]ــــــــ[22 - 12 - 04, 12:51 م]ـ
العذر بالجهل امر ثابت بالكتاب و السنة في التوحيد و غيره
تنبيه من المشرف:
الأخ الفاضل سعيد السلفي الرجاء المناقشة بالأدلة والطريقة العلمية وعدم الاكتفاء بذكر المسألة هكذا لأن الموضوع هنا للنقاش العلمي وجزاكم الله خيرا.
ـ[عمرعبد الرحمن]ــــــــ[22 - 12 - 04, 02:58 م]ـ
حرر من قبل المشرف لعدم تعلقه بالموضوع فالموضوع عن العذر بالجهل وليس عن الغناء!(26/119)
اشكال في كلام ابن تيمية فى موضوع العذر بالجهل
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[18 - 10 - 03, 09:32 ص]ـ
اشكال في كلام ابن تيمية فى موضوع العذر بالجهل
قال شيخ الاسلام فى معرض كلامه عن اهل البدع [والنقل من كتاب "وجوب لزوم الجماعة وترك التفرق]:وان كان هؤلاء لهم من الايمان نصيب وافرمن اتباع السنة’ لكن فيهم من النفاق والبدعة بحسب ما تقدموا فيه بين يدي الله ورسوله، وخالفوا الله ورسوله، ثم إن لم يعلموا ان ذلك يخالف الرسول، ولو علموا لما قالوه لم يكونوا منافقين، بل ناقصي الايمان مبتدعين، وخطؤهم مغفور لهم لا يعاقبون عليه وإن نقصوا به ... انتهى كلامه م. ف.13/صص 62 - 63
كيف يمكن التوفيق بين الخطإ المغفور ... و .... وصفهم بالابتداع ونقصان الايمان ...
وههنا إشكال آخر:
قال شيخ الاسلام-رحمه الله-:ولهذا كنت أقول للجهمية من الحلولية والنفاة الذين نفوا أن الله تعالى فوق العرش -لما وقعت محنتهم-"انا لو وافقتكم كنت كافرا لاني اعلم ان قولكم كفر، وانتم عندي لاتكفرون لانكم جهال" ... وكان هذا خطابا لعلمائهم وقضاتهم وشيوخهم وأمرائهم ..
كيف يعذر هؤلاء .. ومنهم علماء وقضاة وشيوخ ... (وهؤلاء ليسوا من العامة) فلو صح هذا العذر .. لكان العذر بالجهل مطلقا .. وهذا لا يقوله ابن تيمية ولا غيره من اهل السنة ..
ارجو من الاخوة البحث والمشاركة فى هذا الموضوع الخطير ... خاصة ممن استقرؤا كلام شيخ الاسلام فى مسألتنا هذه- العذر بالجهل .. -
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[18 - 10 - 03, 10:54 م]ـ
جزاك الله خيراً
فعلاً موضوع مهم جداً لا بد فيه من إزالة الإشكال حول كلام شيخ الإسلام
علماً بأن لشيخ الإسلام كلاماً آخرا يخالف كلامه هذا
ـ[أخوكم]ــــــــ[21 - 10 - 03, 05:09 م]ـ
1 - هناك بدع مكفرة وبدع غير مكفرة.
2 - البدع غير المكفرة تحت المشيئة.
والله أعلم
ـ[البخاري]ــــــــ[18 - 03 - 04, 03:17 م]ـ
كلام ابن تيمية يفسر بعضه بعضاً
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[18 - 03 - 04, 07:37 م]ـ
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله (]:وان كان هؤلاء لهم من الايمان نصيب وافرمن اتباع السنة’ لكن فيهم من النفاق والبدعة بحسب ما تقدموا فيه بين يدي الله ورسوله، وخالفوا الله ورسوله، ثم إن لم يعلموا ان ذلك يخالف الرسول، ولو علموا لما قالوه لم يكونوا منافقين، بل ناقصي الايمان مبتدعين، وخطؤهم مغفور لهم لا يعاقبون عليه وإن نقصوا به ... انتهى كلامه م. ف.13/صص 62 - 63
كلام شيخ الإسلام هذا ليس فيه أي إشكال فإن لا تلازم بين الوصف بالبدعة و بين عدم المغفرة.
فالمبتدع اسم لمن أحدث في الدين ما ليس منه و هذا الأصل يعم من وقع في الشرك و لكن الفرق أن المبتدع يبقى على أصل الإسلام و المشرك يخرج بفعله من الإسلام و لكن الجامع بينهما أن من وقع في وصف سمي باسم هذا الوصف كمن وقع في الشرك الأكبر سمي مشركا و من وقع في بدعة سمي مبتدعا و من زنى سمي زانيا.
و لكن هذا لا يلزم أن يكون من أشرك بالله أن يدخل النار او أن المبتدع يعذب بسبب بدعته أو أن الزناي يعاقب على زناه فحكم الآخرة بالنسبة للمشرك قد يكون لم تقم عليه الحجه فيكون من اهل الفترة فيدلي بحجته يوم القيامه فيقول ربي ما أتاني من نذير فهذا لا يعذب حتى يمتحن يوم القيامه كما في الحديث الذي صححه عدة من أهل العلم من حديث الأسود بن سريع و أبي هريرة.
أما المبتدع فالكلام فيه على وجهين الوجه الأول تكفيره فالمبتدع لا يكفر حتى تقوم عليه الحجة كما قال الشيخ رحمه الله في الموضع السابق (ورسوله، ثم إن لم يعلموا ان ذلك يخالف الرسول، ولو علموا لما قالوه لم يكونوا منافقين، بل ناقصي الايمان مبتدعين) وهذه المسألة فيها تفصيل طويل ليس هذا موضعه و هذا ما يسمى بموانع تكفير أهل البدع من الجهل و التأول و غيرها من الموانع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/120)
و الوجه الثاني و هو على قسمين الأول منها من فرط في طلب الحق و إيثاره فهذا آثم لتقصيره في طلب الحق لا يدخل في كلام شيخ الإسلام السابق قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله (وأما التفصيل، فعلى كل مكلف أن يقر بما ثبت عنده من أن الرسول أخبر به وأمر به، وأما ما أخبر به الرسول ولم يبلغه أنه أخبر به، ولم يمكنه العلم بذلك، فهو لا يعاقب على ترك الإقرار به مفصلًا، وهو داخل في إقراره بالمجمل العام، ثم إن قال خلاف ذلك متأولًا كان مخطئًا يغفر له خطؤه، إذا لم يحصل منه تفريط ولا عدوان؛ ولهذا يجب على العلماء من الاعتقاد ما لا يجب على آحاد العامة، ويجب على من نشأ بدار علم وإيمان من ذلك ما لا يجب على من نشأ بدار جهل، وأما ما علم ثبوته بمجرد القياس العقلي دون الرسالة، فهذا لا يعاقب إن لم يعتقده.)
القسم الثاني من كان طالبا للحق مؤثرا له مجتهدا في طلبه إلا أنه لم يصل إليه فهذا يسمى مبتدعا و لكن لا يأثم و لا يعاقب و ذنبه مغفور لعدم تفريطه و تقصيره قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله (و (فى الجملة (من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم الى ما يخالف ذلك كان مخطئا فى ذلك بل مبتدعا وان كان مجتهدا مغفورا له خطؤه).
و أما نقص إيمانه فهذا لا شك فيه و ليس من لوازم نقص الإيمان أن يكون آثما عاصيا بل قد ينقص الإيمان مع عدم الإثم فالإيمان ينقص بنقص العلم و نقص العمل فمن جهل بعض الشرائع لا بد و أن يكون إيمانه ناقص بالنسبة لمن علم هذه الشرائع و عمل بها ثم من علم بعض الشرائع و لم يقدر على العمل بها إيمانه أنقص ممن علم هذه الشرائع و عمل بها بل لو كانت هناك شرائع لا نلزم بعض الأشخاص و تلزم بعضهم فمن لزمته و عمل بها إيمانه أكمل ممن لم تلزمه كما في الحديث الصحيح من حديث أبي سعيد الخدري قال (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى، أو فطر، إلى المصلى، فمر على النساء، فقال: يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار. فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن. قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل. قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم. قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان دينها.) فجعل النبي صلى الله عليه و سلم النساء ناقصات دين بسبب عدم صلاتهن و صيامهن عند حلول الحيض مع انه هذا الأمر ليس تحت قدرتهن بل هو مما كتبه الله تعالى على بنات آدم بل هو مما حرم عليهن فيه الصلاة و الصيام و لكن لما كانت فعل الصلاة و الصيام يزيد الإيمان كان تركه حتى لو كان لعذر شرعي نقص في الإيمان فكان الرجال أكمل منهن إيمانا في هذا الباب.
هذا بالنسبة لنقل شيخ الإسلام الأول.
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[18 - 03 - 04, 10:09 م]ـ
عفوا الأخ عبد الرحمن بن طلاع المخلاف:
أين ذكر شيخ الإسلام هذه المقولة:
(و (فى الجملة (من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم الى ما يخالف ذلك كان مخطئا فى ذلك بل مبتدعا وان كان مجتهدا مغفورا له خطؤه)
ثانيا:
لعل مقولة شيخ الإسلام الأولى التي حصل النقاش بسببها فيها سقط
لأنه قال رحمه الله: ثم إن لم يعلموا أن ذلك يخالف الرسول (ثم انقطع الكلام ولم يذكر جواب الشرط)
بل قال: ولو علموا لما قالوه لم يكونوا منافقين ........
وأيضا لم يتضح لي من تركيب الجملة إلا أن المراد: أنهم لو علموا أن القول يخالف الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقولا هذا القول وحينئذ لايكونون منافقين بل ناقصي الإيمان مبتدعين.
وهذا عجيب كيف يعرضون عن قول بسبب مخالفته للرسول فيسبب ذلك نقصان الإيمان ويكونون به مبتدعين
وهذا إذا اعتبرنا (ما) نافية في قوله (لما قالوه)
أما إذا أعتبرناها موصولة فيكون المعنى: لو علموا أن قولهم يخالف الرسول لم يكونوا منافقين بل ناقصي الإيمان مبتدعين وخطؤهم مغفور لهم لايعاقبون عليه وإن نقصوا به.
وهنا عجب آخر من نوع آخر إذ كيف يتخفف قولهم بسبب العلم بالمخالفة وحقه التغليظ والحالة هذه.
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[18 - 03 - 04, 11:01 م]ـ
الأخ الفاضل البخاري كلام الشيخ رحمه الله موجود في مقدمة في التفسير.
أما مراد الشيخ رحمه الله في قوله ( ... ثم إن لم يعلموا ان ذلك يخالف الرسول، ولو علموا لما قالوه لم يكونوا منافقين، بل ناقصي الايمان مبتدعين، وخطؤهم مغفور لهم لا يعاقبون عليه وإن نقصوا به).
أن هؤلاء المبتدعة لم يعلموا أن قولهم هذا مخالف للرسول صلى الله عليه و سلم لذا قالوه و لم علموا أنه مخالف للرسول صلى الله عليه و سلم لما قالوه.
ثم إنهم لو قالوه و هم يعلمون لكانوا منافقين فارتفع عنه حكم النفاق بسبب جهلهم بمخالفة قولهم لقول الرسول صلى الله عليه و سلم.
فقول الشيخ رحمه الله تعالى (ولو علموا لما قالوه) جملة اعتراضية و لو قرأت الموضع من دون هذه الكلمة لتجلى لك معنى كلام الشيخ و إليك كلام الشيخ من دون هذه الجملة الإعتراضية (( ... ثم إن لم يعلموا ان ذلك يخالف الرسول لم يكونوا منافقين، بل ناقصي الايمان مبتدعين، وخطؤهم مغفور لهم لا يعاقبون عليه وإن نقصوا به).
فتجلى لنا أن مراد الشيخ هو أن من لم يعلم بمخالفة بدعته للرسول صلى الله عليه و سلم يكون مبتدعا لا منافقا فإن كان مجتهدا مستفرغا وسعه في ذلك فإن خطأه هذا مغفور و لا يعاقب عليه مع نقص إيمانه عن إيمان من عرف الحق في هذه المسألة و اتبع الرسول صلى الله عليه و سلم.
و الله اعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/121)
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[18 - 03 - 04, 11:10 م]ـ
أخي الفاضل: عبد الرحمن المخلف
جزاك الله خيرا ونفعنا بك
نعم قد تبين لي كلام شيخ الإسلام والحمدلله
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[18 - 03 - 04, 11:16 م]ـ
معذرة أخي أبو عبد الرحمن المدني وضعت سهوا مني تسميتك بالبخاري لعله وقع نظري على مشاركة أحد الإخوة في هذا الموضوع.
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[19 - 03 - 04, 12:27 ص]ـ
أما موضع شيخ الإسلام الثاني و هو (ولهذا كنت أقول للجهمية من الحلولية والنفاة الذين نفوا أن الله تعالى فوق العرش -لما وقعت محنتهم-"انا لو وافقتكم كنت كافرا لاني اعلم ان قولكم كفر، وانتم عندي لاتكفرون لانكم جهال).
فهذا نعم قد يشكل على بعض طلبة العلم و لكن من عرف أصل الشيخ رحمه الله في تكفير اهل البدع تبين له المراد من كلام الشيخ هذا
قال شيخ الإسلام رحمه الله (وقد ثبت بالكتاب والسنة والاجماع أن من بلغته رسالة النبي فلم يؤمن به فهو كافر لا يقبل منه الاعتذار بالاجتهاد لظهور أدلة الرسالة واعلام النبوة ولأن العذر بالخطأ حكم شرعي فكما أن الذنوب تنقسم إلى كبائر وصغائر والواجبات تنقسم إلى اركان وواجبات ليست أركانا فكذلك الخطأ ينقسم إلى مغفور وغير مغفور والنصوص إنما أوجبت رفع المؤاخذة بالخطأ لهذه الأمة وإذا كان كذلك فالمخطىء في بعض هذه المسائل اما ان يلحق بالكفار من المشركين وأهل الكتاب مع مباينته لهم في عامة اصول الايمان وإما ان يلحق بالمخطئين في مسائل الايجاب والتحريم مع انها أيضا من اصول الايمان
فإن الايمان بوجوب الواجبات الظاهرة المتواترة وتحريم المحرمات الظاهرة المتواترة هو من أعظم اصول الايمان وقواعد الدين والجاحد لها كافرا بالاتفاق مع ان المجتهد في بعضها ليس بكافر بالاتفاق مع خطئه
وإذا كان لا بد من الحاقه بأحد الصنفين فمعلوم ان المخطئين من المؤمنين بالله تعالى أشد شبها منه بالمشركين وأهل الكتاب فوجب ان يلحق بهم وعلى هذا مضى عمل الأمة قديما وحديثا في أن عامة المخطئين من هؤلاء تجري عليهم احكام الاسلام التي تجري على غيرهم هذا مع العلم بأن كثير من المبتدعة منافقون النفاق الاكبر وأولئك كفار في الدرك الأسفل من النار فما اكثر ما يوجد في الرافضة والجهمية ونحوهم زنادقة منافقون بل اصل هذه البدع هو من المنافقون الزنادقة ممن يكون اصل زندقته عن الصابئين والمشركين فهؤلاء كفار في الباطن ومن علم حاله فهو كافر في الظاهر أيضا
وأصل ضلال هؤلاء الاعراض عما جاء به الرسول من الكتاب والحكمة وابتغاء الهدى في خلاف ذلك فمن كان هذا أصله فهو بعد بلاغ الرسالة كافر لا ريب فيه مثل من يرى ان الرسالة للعامة دون الخاصة كما يقوله قوم من المتفلسفة وغالية المتكلمة والمتصوفة أو يرى أنه رسول إلى بعض الناس دون بعض كما يقوله كثير من اليهود والنصارى
فهذا الكلام يمهد أصلين عظيمين
(إحدهما (أن العلم والايمان والهدى فيما جاء به الرسول وان خلاف ذلك كفر على الاطلاق فنفي الصفات كفر والتكذيب بأن الله يرى في الآخرة أو أنه على العرش أو أن القرآن كلامه أو أنه كلم موسى أو أنه اتخذ ابراهيم خليلا كفر وكذلك ما كان في معنى ذلك وهذا معنى كلام أئمة السنة وأهل الحديث
و (الأصل الثاني (ان التكفير العام كالوعيد العام يجب القول باطلاقه وعمومه
واما الحكم على المعين بأنه كافر أو مشهود له بالنار فهذا يقف على الدليل المعين فإن الحكم يقف على ثبوت شروطه وانتفاء موانعه ... ).
هذا أصل شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في تكفير أهل البدع و الشيخ رحمه الله لا يفرق بين عامي و لا عالم و هذا هو الحق فإن التفريق ليس عليه دليل لا من كتاب و لا سنة و لا إجماع و إنما هو متلقاه من أقوال المتأخرين فالأدلة في العذر بالجهل في تكفير أهل البدع عامة غير مخصصة بعالم و لا بغيره و إنما التكفير متعلقه إقامة الحجة فمن علم أنه أقيمت عليه الحجه فعاند حكم بكفره و خروجه من الإسلام و أما من لم تقم عليه الحجة فلا يحكم بكفره.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/122)
قال الشيخ رحمه الله (وإذا عرف هذا فتكفير (المعين (من هؤلاء الجهال وأمثالهم بحيث يحكم عليه بأنه من الكفار لا يجوز الاقدام عليه الا بعد ان تقوم على أحدكم الحجة الرسالية التي يتبين بها أنهم مخالفون للرسل وان كانت هذه المقالة لا ريب انها كفر
وهكذا الكلام في تكفير جميع (المعينين (مع ان بعض هذه البدعة أشد من بعض وبعض المبتدعة يكون فيه من الايمان ما ليس في بعض فليس لأحد أن يكفر احدا من المسلمين وان اخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحبة
ومن ثبت إيمانه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة).
هذه هو أصل الشيخ رحمه الله.
الأمر الآخر من هم الحلولية و النفاة الذين توقف الشيخ رحمه الله في تكفيرهم.
قال الشيخ رحمه الله (قول الحلولية الذين يقولون هو فى العالم كالماء فى الصوفة وكالحياة فى الجسم ونحو ذلك ويقولون هو بذاته فى كل مكان وهذا قول قدماء الجهمية الذين كفرهم أئمة الإسلام وحكى عن الجهم أنه كان يقول هو مثل هذا الهواء أو قال هو هذا الهواء .. ) كتاب مجموع الفتاوى، الجزء 2، صفحة 195.
و قال رحمه الله (وهذا هو الذى وقعت فيه الاتحادية والحلولية من النصارى وغيرهم من غالية هذه الأمة وغيرها وهو اتحاد متجدد بين ذاتين كانتا متميزتين فصارتا متحدتين أو حلول احداهما فى الأخرى فهذا بين البطلان
وأبطل منه قول من يقول ما زال واحدا وما ثم تعدد أصلا وانما التعدد فى الحجاب فلما انكشف الأمر رأيت أنى أنا وكل شىء هو الله سواء قال بالوحدة مطلقا أو بوحدة الوجود المطلق دون المعين أو بوحدة الوجود دون الأعيان الثابتة فى العدم ... ) كتاب مجموع الفتاوى، الجزء 2، صفحة 435.
و قال (حتى قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم أنه أعور وإن ربكم ليس بأعور واعلموا أن أحدا منكم لن يرى ربه حتى يموت فذكر لهم علامتين ظاهرتين يعرفهما جميع الناس لعلمه بأن من الناس من يضل فيجوز أن يرى ربه في الدنيا في صورة البشر كهؤلاء الضلال الذين يعتقدون ذلك وهؤلاء قد يسمون الحلولية والاتحادية وهم صنفان
قوم يخصونه بالحلول أو الاتحاد في بعض الأشياء كما يقوله النصارى في المسيح عليه السلام والغالية في علي رضي الله عنه ونحوه وقوم في أنواع من المشائخ وقوم في بعض الملوك وقوم في بعض الصور الجميلة إلى غير ذلك من الأقوال التي هي شر من مقالة النصارى
وصنف يعمون فيقولون بحلوله أواتحاده في جميع الموجودات حتى الكلاب والخنازير والنجاسات وغيرها كما يقول ذلك قوم من الجهمية ومن تبعهم من الاتحادية كأصحاب ابن عربي وابن سبعين وابن الفارض والتلمساني والبلياني وغيرهم
ومذهب جميع المرسلين ومن تبعهم من المؤمنين وأهل الكتب أن الله سبحانه خالق العالمين ورب السموات والأرض وما بينهما ورب العرش العظيم والخلق جميعهم عباده وهم فقراء إليه
وهو سبحانه فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه ومع هذا فهو معهم أينما كانوا .... ) كتاب مجموع الفتاوى، الجزء 3، صفحة 393.
و قال (فقد بان بما ذكرناه أن من قال إن أرواح بني آدم قديمة غير مخلوقة فهو من أعظم أهل البدع الحلولية الذين يجر قولهم إلى التعطيل بجعل العبد هو الرب وغير ذلك من البدع الكاذبة المضلة) كتاب مجموع الفتاوى، الجزء 4، صفحة 226.
و قال (و (المعية (لا تدل على الممازجة والمخالطة وكذلك لفظ (القرب (فان عند الحلولية أنه فى حبل الوريد كما هو عندهم فى سائر الاعيان وكل هذا كفر وجهل بالقرآن) كتاب مجموع الفتاوى، الجزء 5، صفحة 124.
و قال رحمه الله (فالحلولية المشهورون بهذا الإسم من يقول بحلول الله فى البشر كما قالت النصارى والغالية من الرافضة وغلاة اتباع المشايخ أو يقولون بحلوله فى كل شىء كما قالت الجهمية أنه بذاته فى كل مكان وهو سبحانه ليس في مخلوقاته شىء من ذاته ولا فى ذاته شىء من مخلوقاته وكذلك من قال باتحاده بالمسيح أو غيره أو قال باتحاده بالمخلوقات كلها أو قال وجوده وجود المخلوقات أو نحو ذلك) كتاب مجموع الفتاوى، الجزء 12، صفحة 293.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/123)
و قال (ومن هؤلاء الحلولية والإتحادية من يخص الحلول وأفتحاد ببعض الأشخاص إما ببعض الأنبياء أو ببعض الصحابة كقول الغالية فى علي أو ببعض الشيوخ كالحلابية ونحوهم أو ببعض الملوك أو ببعض الصور كصور المردان ويقول احدهم إنما أنظر إلى صفات خالقى واشهدها فى هذه الصورة والكفر فى هذا القول أبين من أن يخفى على من يؤمن بالله ورسوله ولو قال مثل هذا الكلام فى نبى كريم لكان كافرا فكيف إذا قاله فى صبى أمرد فقبح الله طائفة يكون معبودها من جنس موطوئها) كتاب مجموع الفتاوى، الجزء 15، صفحة 424.
و قال (والحلولية يقولون إنه يأتى ويجيء بحيث يخلو منه مكان ويشغل آخر فيخلو منه ما فوق العرش ويصير بعض المخلوقات فوقه فاذا اتى وجاء لم يصر على قولهم العلى الأعلى ولكن هو العلى العظيم لا سيما إذا قالوا إنه يحويه بعض المخلوقات فتكون أكبر منه سبحانه وتعالى عما يقول هؤلاء وهؤلاء علوا عظيما) كتاب مجموع الفتاوى، الجزء 16، صفحة 108.
هذا اهم ما ذكره الشيخ رحمه الله من ضلالات الحلولية.
و المتمعن في هذه الأقوال يجد أن واحدها فقط يخرج من الملة و لا يعذر به صاحبه لا بجهل و لا تأويل سواء كان عالما او جاهلا إلا أن يكون قد تلفظ بهذه الألفاظ و أراد بها معنى صحيحا و لكن من علم معانى هذه الألفاظ ثم تقلدها فهو كافر و لا شك.
و لا أعلم حقيقة مراد الشيخ بتوقفه في تكفير هؤلاءالحلولية مع ظهور أقوالهم و مناقضتها مناقضة تامة لدين الإسلام إلا أن يكون هؤلاء الحلولية لا يعتقدون ما يعتقده من ذكرهم شيخ الإسلام في المواضع السابقة و أن ما ذكره عن الحلولية إنما هي لوازم لمن توقف في تكفيرهم و إن كان هذا الرأي بعيد عن الصواب و لكن مجر احتمال.
و عموما الأصل عند التنازع و الخلاف الرجوع إلى الكتاب و السنة و فهمها فهما صحيحا فقول شيخ الإسلام في عدم التفريق في تكفير أهل البدع بين العامي و العالم و قوله بالتوقف عن تكفير الحلولية غير صحيح فلا يمكن التوقف عن تكفير هذا الصنف مع ظهور أقواله و مناقضتها لأصل الدين لذا كان السلف رحمهم الله لم توقفوا عن تكفير الجهمية المعطلة و لم يجعلوهم من أهل القبلة هم و الرافضة.).
فالحق أن التفريق بين العامي و العالم في تكفير اهل البدع تفريق غير صحيح.
و أما عدم تكفير شيخ الإسلام للحلولية فهو غير صحيح و الصحيح كفر الحلولية و عدم عذرهم لا بجهل و لا تقليد و لا تأويل.
و الله أعلم.
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[19 - 03 - 04, 09:25 ص]ـ
و لا يقال بأن السلف أرادوا بتكفير الرافضة و الجهمية تكفير نوع لا تكفير عين لأن السلف رحمهم الله كفروا غيرهم من هل البدع نوعا و لم يكفروهم عينا و لم يخرجوهم من فرق الأمة فدل على أن تكفير الجهمية و الرافضة تكفير بالعين بل لم يعذروهم بجهل و جعلوا حكمهم حكم أهل الإشراك و ذلك أن أهل البدع من أهل القبلة لا يكفرون حتى تقام عليهم الحجة فعذروا بجهلهم او تأويلهم فتدبر هذا الفرق من أقوال السلف يتبين لك أن الرافضة و الجهمية ليسوا من أهل الإسلام بإجماع السلف.
و الله أعلم.
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[22 - 03 - 04, 03:59 م]ـ
الأخ المكرم عبد الرحمن.
أحمد بن حنبل لم يكفر المعتصم مع أنه جهمي محض.
وإن كنت تقصد الروافض في عصر السلف فهم على أنواع، ومنهم من
كفره السلف ومنهم من لم يكفره السلف أيضا فأي الروافض تعني؟
وذاك الأجماع على تكفير عين الروافض والجهمية من السلف، هل
تذكر لنا (تكرما) من نقله من أهل العلم؟
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[23 - 03 - 04, 11:23 ص]ـ
جزاك الله خير الجزاء يا أخ رضا على مداخلتك.
أما بالنسبة للإجماع على تكفير الجهمية فهذا الإجماع نقله شيخ الإسلام بن تيمية و غيره و لكن الخلاف في فهم هذا الإجماع فأنا أرى بأن السلف رضوان الله عليهم كانوا بتكفيرهم للجهمية المحضة مرادهم بذلك الإعيان لا النوع و بينت وجه ذلك بأن أهل البد ما دون الجهمية المحضة كانوا يعتبرونهم من فرق الإسلام بينما الجهمية لم يكونوا يتعبرونهم من فرق الإسلام فيفهم من هذا أن الجهمية بأعيانهم كفار و أما ما دونهم من أهل البدع مثل المعتزلة و المرجئة فهؤلاء لا يكفرون حتى تقام عليهم الحجة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/124)
لذا نقلت كلام شيخ الإسلام رحمه الله و ان مذهبه في هذا عدم تكفير الجهمية بأعيانهم حتى تقوم عليه الحجة.
و أما الإجماع المنقول في كفرهم قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله (فإن قال المتكلمون من الجهمية وغيرهم فمن خالف ما علم بالضرورة من الدين فهو كافر قيل لهم لهذا السلف والأئمة مطبقون على تكفير الجهمية حين كان ظهور مخالفتهم للرسول مشهورا معلوما بالاضطرار لعموم المسلمين حتى قيل العلم بالإيمان فيما بعد وصار يشتبه بعض ذلك على كثير ممن ليس بزنديق).
قال شيخ الإسلام أبو إسماعيل عبدالله بن محمد الأنصاري في كتابه المشهور في ذم الكلام وأهله (ولما نظر المبرزون من علماء الأمة وأهل الفهم من أهل السنة طوايا كلام الجهمية وما ادعته من أمور الفلاسفة ولم يقف فيها إلا على التعطيل البحت وإن قطب مذهبهم ومنتهى عقدتهم ما صرحت به رؤوس الزنادقة قبلهم إن الفلك دوار والسماء خالية وأن قولهم إنه تعالى في كل موضع وفي كل شيء ما استثنوا جوف كلب ولا جوف خنزير ولا حشا فرارا من الإثبات وذهابا عن التحقيق فإن قولهم سميع بلا سمع بصير بلا بصر عليم بلا علم قادر بلا قدرة إله بلا نفس ولا شخص ولا صورة ثم قالوا لا صورة له ثم قالوا لا شيء فإنه لو كان شيئا لا أشبه الأشياء حاولوا حول مقال رؤوس الزنادقة القدماء إذ قالوا الباري لا صفة ولا لا صفة خفوا على قلوب ضعفى المسلمين وأهل الغفلة وقلة الفهم منهم إذ كان ظاهر تعلقهم القرآن وإن كان اعتصاما به من السيف واجتنابا به منهم وإذ هم يوردون التوحيد ويخادعون المسلمين ويحملون الطيالسة فافتضحوا بمعايبهم وصاحوا بسوء ضمائرهم ونادوا على خبايا نكتهم فيا طول ما لقوا في أيامهم من سيوف الخلفاء وألسن العلماء وهجران الدهماء فقد شحنت كتاب تكفير الجهمية من مقالات علماء المسلمين فيهم ودأب الخلفاء فيهم ودق عامة أهل السنة عليهم وإجماع المسلمين على إخراجهم من الملة ..... ) نقلا من كتاب بيان تلبيس الجهمية.
و قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله (والمأثور عن السلف والأئمة إطلاق أقوال بتكفير الجهمية المحضة الذين ينكرون الصفات وحقيقية قولهم أن الله لا يتكلم ولا يرى ولا يباين الخلق ولا له علم ولا قدرة ولا سمع ولا بصر ولا حياة بل القرآن مخلوق وأهل الجنة لا يرونه كما لا يراه أهل النار وأمثال هذه المقالات).
و قال رحمه الله (ولهذا كان السلف والأئمة يتكلمون في تكفير الجهمية النفاة بما لا يتكلمون به في تكفير غيرهم من أهل الأهواء والبدع وذلك لأن الإيمان إيمان بالله وإيمان للرسول فإن الرسول أخبر عن الله بما أخبر به من أسماء الله وصفاته ففي الإيمان خبر ومخبر به فالإيمان للرسول تصديق خبره والإيمان بما أخبر به والإقرار بذلك والتصديق به).
(و معلوم أن كل قول خلاف قول الرسول صلى الله عليه و سلم كفر دق أم جل) و هذا الكلام هو كلام شيخ الإسلام رحمه الله في شرح العمدة نقله عنه بعض علماء نجد.
و قال رحمه الله (قلت وكلام السلف والأئمة في تكفير الجهمية وبيان أن قولهم يتضمن التعطيل والإلحاد كثير ليس هذا موضع بسطه
وقد سئل عبد الله بن المبارك ويوسف بن أسباط عنهم فأجابا بما تقدم
وقد تبين أن الجهمية عندهم من نوع الملاحدة الذين يعلم بالاضطرار أن قولهم مخالف لما جاءت به الرسل بل إنكار صفات الله أعظم إلحادا في دين الرسل من إنكار معاد الأبدان فإن إثبات الصفات لله أخبرت به الرسل أعظم مما أخبرت بمعاد الأبدان ... ).
و معلوم لو أن مسلما اليوم أنكر معاد الأبدان و البعث لكفر بالإجماع فكيف بمن أنكر جميع صفات الباري عز و جل.
و قال رحمه الله (لهذا كان السلف يجعلون الجهمية زنادقة).
أما المعتصم فلم يكن يرى ما يراه الجهمية المحضة من تعطيل الخالق و نفي صفاته بالكلية و القول بالحلول قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله (واذا كان كذلك فالجهمية الذين كان باطن امرهم السلب والتعطيل لما نبغوا لم يكونوا يظهرون للناس الا ما هو اقل انكارا عليهم فاظهروا القول بان القرآن مخلوق واظهروا القول بأن الله لا يرى وكانت مسألة القرآن عندهم اقوى ولهذا افسدوا من افسدوه من ولاة الامور في امارة ابي العباس الملقب بالمأمون واخيه ابي اسحاق المعتصم والواثق جعلوا هذه المسألة مسألة يمتحنون بها الناس واظهروا ان مقصودهم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/125)
انما هو توحيد الله وحده لانه هو الخالق وكل ما سواه مخلوق وان من جعل شيئا ليس هو الله تعالى وقال انه غير مخلوق فقد اشرك وقال بقول النصارى او نحو ذلك فصار كثير ممن لم يعرف حقيقة امرهم يظن ان هذا من الدين ومن تمام التوحيد فضلوا واضلوا وكانوا يتظاهرون بأن الله لا يرى لكن لم يجعلوا هذه المسألة المحنة لانه لا يظهر فيها من شبهة التوحيد للعامة ما يظهر في ان كل ما سوى الله مخلوق
وكان اهل العلم والايمان قد عرفوا باطن زندقتهم ونفاقهم وان المقصود بقولهم ان القرآن مخلوق ان الله لا يكلم ولا يتكلم ولا قال ولا يقول وبهذا تتعطل سائر الصفات من العلم والسمع والبصر وسائر ما جاءت به الكتب الالهية وفيه ايضا قدح في نفس الرسالة فان الرسل انما جاءت بتبليغ كلام الله فاذا قدح في ان الله يتكلم كان ذلك قدحا في رسالة المرسلين فعلموا ان في ان باطن ما جاؤا به قدح عظيم في كثير من اصلي الاسلام شهادة ان لا اله الا الله وشهادة ان محمدا رسول الله
لكن كثيرا من الناس لا يعلمون ذلك كما ان كثيرا من الناس لا يعلم باطن حال القرامطة لانهم انما يظهرون موالاة آل محمد صلى الله عليه وسلم ولا ريب ان كل مؤمن يجب عليه ان يواليهم وان اظهروا شيئا من التشيع الباطل الذي يوافقهم عليه الشيعة الذين ليسوا زنادقة ولا منافقين ولكن فيهم جهل وهوى تلبس عليهم فيه بعض الحق كما ان هؤلاء الجهمية وافقهم من العلماء والامراء في بعض ما يظهرونه من لم يكن من الزنادقة المنافقين لكن كان فيهم جهل وهوى لهم فاخبر الله ان المنافقين لا يزيدون المؤمنين الا خبالا وانهم يوضعون خلالهم أي يبتغون بينهم ويطلبون لهم الفتنة قال الله تعالى وفيكم سماعون لهم فاخبر ان في المؤمنين من يستجيب للمنافقين ويقبل منهم فاذا كان هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان استجابة بعض المؤمنين لبعض المنافقين فيما بعده اولى و لهذا استجاب لهؤلاء الزنادقة المنافقين طوائف من المؤمنين في بعض ما دعوهم اليه حتى اقاموا الفتنة وهذا موجود في الزنادقة الجهمية والزنادقة الرافضة والزنادقة الجامعة للامرين واعظمهم القرامطة والمتفلسفة ونحوهم ... ).
لذا أنا أزعم أن إجماع السلف في تكفير الجهمية المحضة المراد به الأعيان لا النوع بل بمجرد اعتقاد مثل هذه الإعتقادات بالباطلة يخرج قائلها من الملة و لا يتشرط لذلك إقامة حجه لأن هذه الأقوال مناقضة مناقضة تامة لأصل الدين.
و قال شيخ الإسلام رحمه الله (الحمد لله رب العالمين قول القائل إن اختلاف المسلمين فى كلام الله على (ثلاثة أنحاء (الخ هو كلام بحسب ما بلغه من ذلك واكثر من تكلم فى هذه المسألة من المتأخرين إنما يذكر فيها بعض اختلاف الناس فقوم يحكون أربعة أقوال كأبى المعالي ونحوه وقوم يحكون خمسة أو ستة كالشهرستانى ونحوه ....
(القول الثانى) قول الجهمية من المعتزلة وغيرهم الذين يقولون كلام الله مخلوق يخلقه فى بعض الأجسام فمن ذلك الجسم ابتدأ لا من الله ولا يقوم عندهم بالله كلام ولا إرادة وأول هؤلاء (الجعد بن درهم (الذى ضحى به خالد بن عبد الله القسرى لما خطب الناس يوم عيد النحر وقال ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإنى مضح بالجعد بن درهم انه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما تعالى الله عما يقول الجعد علوا كبيرا ثم نزل فذبحه
وهؤلاء هم الذين دعوا من دعوه من الخلفاء إلى مقالتهم حتى امتحن الناس فى القرآن بالمحنة المشهورة فى إمارة المأمون والمعتصم والواثق حتى رفع الله شأن من ثبت فيها من أئمة السنة كالامام أحمد رحمه الله وموافقيه وكشفها الله عن الناس فى إمارة المتوكل وظهر فى الأمة (مقالة السلف (ان القرآن كلام الله غير مخلوق منه بدأ واليه يعود أى هو المتكلم به لم يبتدأ من بعض المخلوقات كما قالت الجهمية .... ).
هذا ما تحصل لدي في هذه المسألة فإن أصبت فمن الله و إن اخطأت فمن و من الشيطان.
علما بأن القول بتكفير الجهمية المحضة بأعيانهم يكاد يكون قول علماء الدعوة النجدية أجمعهم و لولا خشية الإطالة لنقلت أقوالهم.
ـ[أبو أسيد البغدادي]ــــــــ[21 - 12 - 04, 12:29 م]ـ
بارك الله في شيخنا ابي مريم عبد الرحمن المخلف
ويرفع الموضوع للاهمية
ـ[أبو عمر الناصر]ــــــــ[22 - 12 - 04, 12:40 م]ـ
في السنة للخلال (الرد على الجهمية) كلاماً للإمام أحمد يفهم منه تكفير المأمون
ـ[سعيد السلفي]ــــــــ[22 - 12 - 04, 12:51 م]ـ
العذر بالجهل امر ثابت بالكتاب و السنة في التوحيد و غيره
تنبيه من المشرف:
الأخ الفاضل سعيد السلفي الرجاء المناقشة بالأدلة والطريقة العلمية وعدم الاكتفاء بذكر المسألة هكذا لأن الموضوع هنا للنقاش العلمي وجزاكم الله خيرا.
ـ[عمرعبد الرحمن]ــــــــ[22 - 12 - 04, 02:58 م]ـ
حرر من قبل المشرف لعدم تعلقه بالموضوع فالموضوع عن العذر بالجهل وليس عن الغناء!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/126)
ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[06 - 09 - 05, 03:45 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=37486
ـ[داؤود بن محمد]ــــــــ[01 - 04 - 08, 01:02 م]ـ
نريد الاجماع الذي كتبته يا عبد الرحمن وليس فهمك
وكان الاولي ان تنقل كلام اهل العلم الكبار امثال الشيخين ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله وكذا كلام ائمة الدعوة النجدية(26/127)
قال الإمام أحمد: لا كيف ولا معنى!!!
ـ[المهاجر الأنصاري]ــــــــ[19 - 10 - 03, 04:11 ص]ـ
نقل الخلال في كتاب السنة عن حنبل أنه قال:
(سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تروى "إن الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا". و "إن الله يرى" و "إن الله يضع قدمه" وما أشبه هذه الأحاديث؟ فقال أبو عبد الله: نؤمن بها ونصدق بها ولا كيف ولا معنى، ولا نرد منها شيئاً، ونعلم أن ما جاء به رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حق إذا كان بأسانيد صحاح، ولا نرد على الله قوله، ولا يوصف الله تبارك وتعالى بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية، ليس كمثله شيء)
* هل صح مثل هذا القول عن الإمام أحمد رحمه الله؟
* وإن صح فما توجيه قوله لا معنى؟
وبارك الله فيكم.
ـ[أبو الوليد الجزائري]ــــــــ[19 - 10 - 03, 05:56 م]ـ
(***** السادس ********)
الجواب عما نسبه السقاف إلى الإمام أحمد - رحمه الله – من التأويل
وقد نسب السقاف التأويل – أيضاً – إلى الإمام أحمد في أربعة مواضع:
قال: (روى الحافظ البيهقي في كتابه ((مناقب الإمام أحمد)) – وهو كتاب مخطوط – ومنه نقل الحافظ ابن كثير في ((البداية والنهاية)) (1/ 327)، فقال: ((روى البيهقي عن الحاكم، عن أبي عمرو بن السماك، عن حنبل، أن أحمد ابن حنبل تأول قوله تعالى: {وجاء ربك} أنه جاء ثوابه، ثم قال البيهقي، وهذا إسناد لا غبار عليه)) انتهى كلام ابن كثير. وقال ابن كثير أيضاً في ((البداية)) (10/ 327): ((وكلامه – أحمد – في نفي التشبيه، وترك الخوض في الكلام، والتمسك بما ورد في الكتاب والسنة عن النبي ? وعن أصحابه)) اهـ.
قلت:ومثل هذا لا يصح عن الإمام أحمد، وإن ورد عنه بإسناد رجاله ثقات، من وجهين:
? أولهما: أن روايه عنه هو حنبل بن إسحاق، وهو وإن كان ثقة، ومن تلاميذ الإمام أحمد – وابن عمه – إلا أنه يغرب ويتفرد عنه ببعض المسائل. قال الحافظ الذهبي – رحمه الله – في ((السير)) (3/ 52): ((له مسائل كثيرة عن أحمد، ويتفرد، ويغرب)). ونقل العليمى في ((المنهج الأحمد)) (1/ 245) عن أبي بكر الخلال قوله: ((قد جاء حنبل عن أحمد بمسائل أجاد فيها الرواية، وأغرب بشيء يسير، وإذا نظرت في مسائله شبهتها في حسنها وإشباعها وجودتها بمسائل الأثرم)). قلت: فإن صح هذا الخبر عن حنبل، فيكون قد أغرب به على أبي عبد الله – رحمه الله – فإن المحفوظ عنه إمرار النص على وجهه، والتصديق، وعدم التأويل (4).
ثم وقفت بعد ذلك على كلام لابن رجب الحنبلي في شرحه على البخاري المسمى بـ ((فتح الباري)) في دفع هذه النسبة، فقال – رحمه الله – (9/ 279) في معرض الكلام على حديث النزول: ((ومنهم من يقول: هو إقبال الله على عباده، وإفاضة الرحمة والإحسان عليهم. ولكن يردُّ ذلك: تخصيصه بالسماء الدنيا، وهذا نوع من التأويل لأحاديث الصفات، وقد مال إليه في حديث النزول – خاصة – طائفة من أهل الحديث، منهم: ابن قتيبة، والخطابي، وابن عبد البر، وقد تقدَّم عن مالك، وفي صحته عنه نظر، وقد ذهب إليه طائفة ممن يميل إلى الكلام من أصحابنا، وخرجوا عن أحمد من رواية حنبل عنه في قوله تعالى: {وجاء ربك} أن المراد: وجاء أمر ربك. وقال ابن حامد: رأيت بعض أصحابنا حكى عن أبي عبدالله الإتيان، أنه قال: تأتي قدرته، قال: وهذا على حدَّ التوهم من قائله، وخطأ في إضافته إليه)).
حتى قال: ((والفرقة الثالثة: أطلقت النزول كما ورد، ولم تتعد ماورد، ونفت الكيفية عنه، وعلموا أن نزول الله تعالى ليس كنزول المخلوق. وهذا قول أئمة السلف: حماد بن زيد، وأحمد، فإن حماد بن زيد سئل عن النزول فقال:هو في مكانه يقرب من خلقه كيف يشاء. وقال حنبل: قلت لأبي عبدالله: ينزل الله تعالى إلى سماء الدنيا؟ قال: نعم، قلت: نزوله بعلمه أو بماذا؟ قال لي: اسكت عن هذا، مالك ولهذا، أتقن الحديث على ما روي بلا كيف ولا حدٍّ، إلا بما جاءت به الآثار وبما جاء به الكتاب، فقال الله عز وجل: {فلا تضربوا لله الأمثال} {النحل:74} ينزل كيف يشاء بعلمه وقدرته وعظمته، أحاط بكل شيء علماً، لا يبلغ قدره واصف، ولا ينأى عنه هارب)).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/128)
ثانيهما: أن هذه الرواية الأخيرة تدل على مذهب الإمام أحمد في حديث النزول، وهي موافقة لسائر الروايات عنه في ذلك، مما يدل على أن الرواية الأولى من المفاريد والغرائب عنه، فهي غير مقبولة. ثم إن هذا الخبر من زيادات إحدى نسخ البداية والنهاية، وهي النسخة المصرية، وباقي النسخ لم يرد فيها هذا الخبر، فثبوته محل نظر.
ومما ينبغي التنبيه عليه هنا: أن السقاف أورد كلام ابن كثير الأخير مورد الاستدلال على المخالف بأن أحمد نفى التشبيه، يقصد بذلك صفات اليد، والضحك، والوجه، والساق. وهذا فهم خاطئ، وإنما التشبيه المقصود به هنا أن يقول: وجه كوجه، أويد كيد، أو ساق كساق. . وهكذا. قال الإمام الترمذي – رحمه الله – في ((جامعه)) (3/ 50): ((قد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه: اليد، والسمع، والبصر، فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم، وقالوا: إن الله لم يخلق آدم بيده، وقالوا: إن معنى اليد هاهنا القوة. وقال إسحاق بن إبراهيم – (وهو ابن راهويه) -: إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد، أو مثل يد، أو سمع كسمع، أو مثل سمع، فإذا قال: سمع كسمع، أو مثل سمع فهذا هو التشبيه. وأما إذا قال كما قال الله تعالى: يد وسمع وبصر، ولا يقول كيف، ولا يقول مثل سمع، ولا كسمع، هذا لا يكون تشبيهاً، وهو كما قال الله تعالى في كتابه: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}.))
قلت: ونمثل للسقاف هنا بصفة الحلم. فإن الله عز وجل وصف نبيه إبراهيم بهذه الصفة فقال: {إن إبراهيم لأواه حليم} {التوبة: 114} وقال: {إن إبراهيم لحليم أواه منيب} {هود:75}. ووصف سبحانه وتعالى نفسه بنفس الصفة فقال: {والله شكور حليم} {التغابن:17} {وإن الله لعليم حليم} {الحج: 59} {إنه كان حليماً غفوراً} {الإسراء: 44} ولكن اختلفت كيفية الصفة في ذلك، ولا أظن أن السقاف يقول بأن حلم الله كحلم إبراهيم – والعياذ بالله – وإلا لكان هو المشبه.
.................................................. ......
http://arabic.islamicweb.com/sunni/reply_saqqaf_1.htm
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[19 - 10 - 03, 06:02 م]ـ
رواية حنبل عن الإمام أحمد وحكم تفرداته ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3557)
ـ[الباحث عن الحق الصراح]ــــــــ[20 - 10 - 03, 09:37 ص]ـ
السلام عليكم أهل الحديث
ما رأيكم إذن فيما رواه التميمي عن أحمد في كتاب عقيده الإمام أحمد
المنشور ضمن المتون علي موقعكم والذي جاء فيه
قال التميمي: سئل (أي الإمام أحمد) قبل موته بيوم عن أحاديث الصفات
فقال:
(تمر كما جاءت ويؤمن بها إذا كانت بأسانيد صحاح ولا يوصف الله بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غايه لبس كمثله شيء وهو السميع البصير ومن تكلم في معناها ابتدع)
تأملوا قوله ومن تكلم في معناها ابتدع أليس هذا موافقا لروايه حنبل (لا كيف ولا معني)
ـ[الباحث عن الحق الصراح]ــــــــ[20 - 10 - 03, 09:58 ص]ـ
السلام عليكم أهل الحديث
الذي أقصده أن توضحوا الأمر لي
هل روايه التميمي تعضد روايه حنبل إذا كان الأمر كذلك فما توجيه هذا الكلام
أم أن روايه التميمي هي الأخري لا تصح وحينئذ لا ضير
وجزاكم الله خيرا وجعلكم نبراسا للعقيده الحقه والسلام عليكم
ـ[ساري عرابي]ــــــــ[20 - 10 - 03, 10:46 ص]ـ
قال الشيخ علي الخضير في كتابه: (الزناد في شرح لمعة الإعتقاد)، بعد أن ساق اعتراض الإمام العلامة "محمد بن إبراهيم" -رحمه الله- على عبارة ابن قدامة -رحمه الله-: (وما أشكل من ذلك وجب إثباته لفظاً وترك التعرض لمعناه):
[وقوله (وجب إثباته لفظاً) هو معنى قول السلف أمروها كما جاءت.
ومعنى (ترك التعرض لمعناه) أي ترك التعرض لحقيقة الصفة من حيث الكيفية. وعلى ذلك يكون المصنف استخدم أسلوبا كان معهوداً عندهم، وهو أنهم إذا أرادوا عدم التعرض للكيفية قالوا: ولا نتعرض لمعناه، يقصدون به عدم التعرض للكيفية أو للمعنى الباطل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/129)
ومثل ذلك قول الإمام أحمد الذي ذكره المصنف قال: (نؤمن بها ونصدق بها لا كيف ولا معنى) ويقصد بقول ولا معنى في كلام أحمد: أي المعنى الباطل وهو التأويل في اصطلاح المتأخرين، وهو صرف اللفظ عن معنى راجح إلى معنى مرجوح، ومما يدل على ذلك ما نقله الذهبي في سير أعلام النبلاء لما ترجم للخطيب البغدادي ذكر عقيدة الخطيب الموافقة لمذهب السلف إلى أن قال: " كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل ... إلى أن قال: فإذا قلنا: إن للَّه يد وسمع وبصر، فإنما هي صفات أثبتها اللَّه لنفسه، فلا نقول أن معنى اليد القدرة ولا نقول السمع والبصر العلم. والشاهد قوله ولا نقول أن معنى اليد القدرة، فجعل تسمية اليد بالقدرة معنى، فأصبح باصطلاحهم إذا نفوا المعنى في صفات اللَّه يكون المقصود به شيئان:
1 - نفي الكيفية أي لا تكييف.
2 - نفي المعنى الباطل وهو التأويل.
ومن قال إن اليد هي القدرة فقد جعل لها معنى. هذا إذا أطلقت كلمة معنى. أما إذا قال: " لا كيفية ولا معنى " فجمع بين المعنى والكيفية كما فعل الإمام أحمد فيحمل المعنى على التأويل الباطل.
وبذلك نكون قد انتصرنا لقول المؤلف وأنه كلام سليم على اصطلاحهم وأنه موجود في كلام السلف نفي المعنى بل موجود في كلام السلف نفي التفسير فيقولون ولا نفسرها. كما نقل الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أبي عبيد القاسم بن سلام قال أبو عبيد: وقال عبد العزيز الماجشون في رسالته في الرد على الجهمية ونقلها ابن تيمية في الحموية، قال في المقدمة بعدما حمد اللَّه وأثناء عليه قال: وكلّت الألسن عن تفسير صفته، فمعنى نفي التفسير في كلام السلف أي نفي الكيفية أو التأويل الباطل مثل كلمة نفي المعنى.
ومثله أسلوب درج عليه السلف في آيات الصفات أمِرّوها كما جاءت، أي لا تكيفوا ولا تذكروا معنى باطل. لكن إذا مرت هذه العبارات في كلام السلف فالأولى أن نوضح معناها ونفسره كما هو اعتقاد السلف، لا أن ننتقدهم على هذه الألفاظ ونخطئهم بها وهو أسلوب دارج عندهم ويرحم الله الجميع.] ...
إنتهى كلام الشيخ علي الخضير ...
ـ[ساري عرابي]ــــــــ[20 - 10 - 03, 10:59 ص]ـ
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في شرحه للمعة الاعتقاد أيضاً، عند تعليقه على هذه الرواية المنسوبة للإمام أحمد -رحمه الله- (لا كيف ولا معنى) وقد ساقها ابن قدامة -رحمه الله- في لمعة الاعتقاد:
[وقوله: (ولا معنى): أي لا نثبت لها معنى يخالف ظاهرها كما فعله أهل التأويل، وليس مراده نفي المعنى الصحيح الموافق لظاهرها الذي فسرها به السلف، فإن هذا ثابت ويدل على هذا قوله ولانرد شيئاً منها ونصفه بما وصف به نفسه ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعت ولا نعلم كيف كنه ذلك، فإن نفيه لرد شيء منها ونفيه لعلم كيفيتها دليل على إثبات المعنى المراد منها.] ...
إنتهى كلام الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-
فالمقصود من قول الإمام (لا معنى) وقوله (ومن تكلم في معناها ابتدع) -إن صح صدورها عنه-: ليس نفي المعنى الظاهر، وإنما النهي عن إثبات معنى آخر يخالف ظاهرها، كفعل من فسر اليد بالقدرة ... أو النهي عن التعرض لحقيقة الصفة من حيث الكيفية ...
ولا يمكن فهم هذه الأقوال إلا على هذا النحو، عند عرضها على أقوال الإمام الأخرى الواضحة، وأقوال السلف -رضوان الله عليهم-.
فالكلام المفصل يفسر الكلام المجمل ... فلا إشكال.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[20 - 10 - 03, 01:43 م]ـ
ومن هو هذا التميمي الذي تحيل عليه؟
ـ[المضري]ــــــــ[20 - 10 - 03, 02:07 م]ـ
هو رزق الله بن عبدالوهاب التميمي ان لم أخطئ , أحد علماء الحنابلة في القرن الرابع الهجري.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[20 - 10 - 03, 02:13 م]ـ
ظننت أنه:
د. محمد بن خليفة التميمي
الأستاذ المشارك بقسم العقيدة - الجامعة الإسلامية بالمدينة
ـ[الباحث عن الحق الصراح]ــــــــ[21 - 10 - 03, 06:01 ص]ـ
التميمي هو عبد الواحد بن عبد العزيز التميمي أحد أصحاب الإمام أحمد رحمه الله وروايته عن الإمام أحمد صحيحه ثابته فيما أعلم وجزاكم الله خيرا
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[21 - 10 - 03, 09:09 ص]ـ
هل تتكرم علينا برابط الكتاب.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[21 - 10 - 03, 05:20 م]ـ
ترجمته في المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد ج: 2 ص: 143
عبد الواحد بن عبد العزيز بن الحارث أبو الفضل التميمي وكان قد عنى بالعلوم وأملى الحديث بجامع المنصور بانتفاء أبي الفتح ابن أبي الفوارس حدث عن أبي بكر النجاد وأحمد ابن كامل في آخرين وكانت له حلقة في جامع المدينة للوعظ والفتوى ثم خرج إلى خراسان توفي يوم الإثنين مستهل الحجة سنة 410 ودفن في يومه وصلى عليه أخوه عبد الوهاب ودفن بين قبر إمامنا وقبر أبيه
وفي سير أعلام النبلاء ج: 17 ص: 273
أبو الفضل التميمي
الإمام الفقيه رئيس الحنابلة أبو الفضل عبد الواحد بن عبد العزيز بن الحارث التميمي البغدادي الحنبلي حدث عن أبيه وعبد الله بن إسحاق الخراساني وأبي بكر النجاد وأحمد بن كامل وعدة وعنه الخطيب ورزق الله التميمي ابن أخيه وعمر بن عبيد الله ابن عمر المقرئ وجماعة قال الخطيب كان صدوقا دفن إلى جنب قبر الإمام أحمد وحدثني أبي وكان ممن شيعه انه صلى عليه نحو من خمسين ألفا رحمه الله قلت كان صديقا للقاضي أبي بكر بن الباقلاني وموادا له توفي سنة عشر وأربع مئة
فهو إذن متأخر جدا فلا اعتبار لمتابعته إلا إن كان له سند من طريق آخر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/130)
ـ[محب أهل العلم]ــــــــ[21 - 10 - 03, 10:17 م]ـ
بل بين التميمي وأحمد مفاوز! وهو في حكايته عن أحمد أشياء منكرة
وانظر جامع المسائل والرسائل المروية عن أحمد
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[22 - 10 - 03, 01:41 ص]ـ
هل له رابط؟
ـ[ابن أبي حاتم]ــــــــ[22 - 10 - 03, 02:15 ص]ـ
- تأثر التميمين من الحنابلة بطريقة الأشاعرة
قال الإمام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (4/ 166وما بعدها):
«فما زال في الحنبلية من يكون ميله إلى نوع من الإثبات الذي ينفيه طائفة أخرى منهم، ومنهم من يمسك عن النفي والإثبات جميعا.
ففيهم جنس التنازع الموجود في سائر الطوائف لكن نزاعهم في مسائل الدق؛ وأما الأصول الكبار فهم متفقون عليها، ولهذا كانوا أقل الطوائف تنازعا وافتراقا لكثرة اعتصامهم بالسنة والآثار؛ لأن للإمام أحمد في باب أصول الدين من الأقوال المبينة لما تنازع فيه الناس ما ليس لغيره، وأقواله مؤيدة بالكتاب والسنة واتباع سبيل السلف الطيب.
ولهذا كان جميع من ينتحل السنة من طوائف الأمة - فقهائها ومتكلمتها وصوفيتها - ينتحلونه، ثم قد يتنازع هؤلاء في بعض المسائل، فإن هذا أمر لا بد منه في العالم، والنبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر بأن هذا لا بد من وقوعه وأنه لما سأل ربه أن لا يلقي بَأْسُهم بينهم منع ذلك.
فلا بد في الطوائف المنتسبة إلى السنة والجماعة من نوع تنازع لكن لا بد فيهم من طائفة تعتصم بالكتاب والسنة كما أنه لا بد أن يكون بين المسلمين تنازع واختلاف، لكنه لا يزال في هذه الأمة طائفة قائمة بالحق لا يضرها من خالفها ولا من خذلها حتى تقوم الساعة.
ولهذا لما كان أبو الحسن الأشعري وأصحابه منتسبين إلى السنة والجماعة = كان منتحلا للإمام أحمد ذاكرا أنه مقتد به متبع سبيله، وكان بين أعيان أصحابه من الموافقة والمؤالفة لكثير من أصحاب الإمام أحمد ما هو معروف حتى إن أبا بكر عبد العزيز يذكر من حجج أبي الحسن في كلامه مثل ما يذكر من حجج أصحابه، لأنه كان عنده من متكلمة أصحابه.
وكان من أعظم المائلين إليهم التميميون= أبو الحسن التميمي وابنه وابن ابنه ونحوهم؛ وكان بين أبي الحسن التميمي وبين القاضي أبي بكر بن الباقلاني من المودة والصحبة ما هو معروف مشهور.
ولهذا اعتمد الحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه الذي صنفه في مناقب الإمام أحمد - لما ذكر اعتقاده - اعتمد على ما نقله من كلام أبي الفضل عبد الواحد بن أبي الحسن التميمي.
وله في هذا الباب مصنف ذكر فيه من اعتقاد أحمد ما فهمه؛ ولم يذكر فيه ألفاظه وإنما ذكر جمل الاعتقاد بلفظ نفسه وجعل يقول: " وكان أبو عبد الله ". وهو بمنزلة من يصنف كتابا في الفقه على رأي بعض الأئمة ويذكر مذهبه بحسب ما فهمه ورآه وإن كان غيره بمذهب ذلك الإمام أعلم منه بألفاظه وأفهم لمقاصده؛ فإن الناس في نقل مذاهب الأئمة قد يكونون بمنزلتهم في نقل الشريعة.
ومن المعلوم: أن أحدهم يقول: حكم الله كذا أو حكم الشريعة كذا بحسب ما اعتقده عن صاحب الشريعة؛ بحسب ما بلغه وفهمه وإن كان غيره أعلم بأقوال صاحب الشريعة وأعماله وأفهم لمراده. فهذا أيضا من الأمور التي يكثر وجودها في بني آدم.
ولهذا قد تختلف الرواية في النقل عن الأئمة كما يختلف بعض [أهل] الحديث في النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم.
فلا يجوز أن يصدر عنه خبران متناقضان في الحقيقة. ولا أمران متناقضان في الحقيقة إلا وأحدهما ناسخ والآخر منسوخ. وأما غير النبي صلى الله عليه وسلم فليس بمعصوم. فيجوز أن يكون قد قال خبرين متناقضين. وأمرين متناقضين ولم يشعر بالتناقض. لكن إذا كان في المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يحتاج إلى تمييز ومعرفة - وقد تختلف الروايات حتى يكون بعضها أرجح من بعض والناقلون لشريعته بالاستدلال بينهم اختلاف كثير - لم يستنكر وقوع نحو من هذا في غيره؛ بل هو أولى بذلك. لأن الله قد ضمن حفظ الذكر الذي أنزله على رسوله ولم يضمن حفظ ما يؤثر عن غيره. لأن ما بعث الله به رسوله من الكتاب والحكمة هو هدى الله الذي جاء من عند الله وبه يعرف سبيله وهو حجته على عباده؛ فلو وقع فيه ضلال لم يبين لسقطت حجة الله في ذلك وذهب هداه وعميت سبيله؛ إذ ليس بعد هذا النبي نبي آخر ينتظر ليبين للناس ما اختلفوا فيه؛ بل هذا الرسول آخر الرسل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/131)
وأمته خير الأمم. ولهذا لا يزال فيها طائفة قائمة على الحق بإذن الله. لا يضرها من خالفها ولا من خذلها. حتى تقوم الساعة.
وانظر أيضاً: عن ابي الفضل التميمي وتأثره بالمتكلمة من اتباع أبي الحسن الأشعري لا سيما طريقة القاضي أبي بكر الباقلاني الذي يُعد المؤسس الثانية لمدرس أبي الحسن الأشعري = ما ذكره _ رحمه الله وأجزل له المثوبة_ في الفتاوى: (12/ 323) وما بعدها.
- تمسك التميمين برواية حنبل عن الإمام أحمد: لا كيف ولا معنى.
قال الإمام ابن تيمية_رحمه الله_:
«والمنتسبون إلى السنة من الحنابلة وغيرهم الذين جعلوا لفظ التأويل يعم القسمين يتمسكون بما يجدونه في كلام الأئمة في المتشابه مثل قول أحمد في رواية حنبل ولا كيف ولا معنى ظنوا أن مراده. أنا لا نعرف معناها. وكلام أحمد صريح بخلاف هذا في غير موضع وقد بين أنه إنما ينكر تأويلات الجهمية ونحوهم الذين يتأولون القرآن على غير تأويله وصنف كتابه في " الرد على الزنادقة والجهمية " فيما أنكرته من متشابه القرآن وتأولته على غير تأويله فأنكر عليهم تأويل القرآن على غير مراد الله ورسوله وهم إذا تأولوه يقولون: معنى هذه الآية كذا والمكيفون يثبتون كيفية. يقولون: إنهم علموا كيفية ما أخبر به من صفات الرب. فنفى أحمد قول هؤلاء وقول هؤلاء: قول المكيفة الذين يدعون أنهم علموا الكيفية وقول المحرفة الذين يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون معناه كذا وكذا. وقد كتبت كلام أحمد بألفاظه - كما ذكره الخلال في كتاب السنة وكما ذكره من نقل كلام أحمد بإسناده في الكتب المصنفة في ذلك - في غير هذا الموضع. وبين أن لفظ التأويل في الآية إنما أريد به التأويل في لغة القرآن كقوله تعالى: {هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل}. وعن ابن عباس في قوله: {هل ينظرون إلا تأويله} تصديق ما وعد في القرآن وعن قتادة تأويله ثوابه وعن مجاهد جزاؤه وعن السدي عاقبته وعن ابن زيد حقيقته. قال بعضهم تأويله ما يئول إليه أمرهم من العذاب وورود النار. وقوله تعالى: {بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله} قال بعضهم تصديق ما وعدوا به من الوعيد والتأويل ما يئول إليه الأمر وعن الضحاك يعني عاقبة ما وعد الله في القرآن أنه كائن من الوعيد والتأويل ما يئول إليه الأمر. وقال الثعلبي: تفسيره. وليس بشيء. وقال الزجاج: لم يكن معهم علم تأويله. وقال يوسف الصديق عليه السلام: {يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل} فجعل نفس سجود أبويه له تأويل رؤياه. وقال قبل هذا: {لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما} أي قبل أن يأتيكما التأويل. والمعنى لا يأتيكما طعام ترزقانه في المنام لما قال أحدهما: {إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا}. {إلا نبأتكما بتأويله} في اليقظة {قبل أن يأتيكما} الطعام هذا قول أكثر المفسرين وهو الصواب. وقال بعضهم لا يأتيكما طعام ترزقانه تطعمانه. وتأكلانه إلا نبأتكما بتأويله بتفسيره وألوانه أي طعام أكلتم وكم أكلتم ومتى أكلتم؟ فقالوا: هذا فعل العرافين والكهنة فقال ما أنا بكاهن وإنما ذلك العلم مما يعلمني ربي. وهذا القول ليس بشيء فإنه قال: {إلا نبأتكما بتأويله} وقد قال أحدهما: {إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله} فطلبا منه تأويل ما رأياه وأخبرهما بتأويل ذاك ولم يكن تأويل الطعام في اليقظة ولا في القرآن أنه أخبرهما بما يرزقانه في اليقظة فكيف يقول قولا عاما: {لا يأتيكما طعام ترزقانه} وهذا الإخبار العام لا يقدر عليه إلا الله والأنبياء يخبرون ببعض ذلك لا يخبرون بكل هذا. وأيضا فصفة الطعام وقدره ليس تأويلا له. وأيضا فالله إنما أخبر أنه علمه تأويل الرؤيا قال يعقوب عليه السلام: {وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث} وقال يوسف عليه السلام: {رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث} وقال: {هذا تأويل رؤياي من قبل} ولما رأى الملك الرؤيا قال له الذي ادكر بعد أمة: {أنا أنبئكم بتأويله فأرسلوني} والملك قال: {يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون} {قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين}. فهذا لفظ التأويل في مواضع متعددة كلها بمعنى واحد. وقال تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا} قال مجاهد وقتادة: جزاء وثوابا وقال السدي وابن زيد وابن قتيبة والزجاج: عاقبة. وعن ابن زيد أيضا: تصديقا. كقوله: {هذا تأويل رؤياي من قبل}
وكل هذه الأقوال صحيحة والمعنى واحد وهذا تفسير السلف أجمعين ومنه قوله: {سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا} فلما ذكر له ما ذكر قال: {ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا}. وهذا تأويل فعله ليس هو تأويل قوله والمراد به عاقبة هذه الأفعال بما يئول إليه ما فعلته: من مصلحة أهل السفينة ومصلحة أبوي الغلام ومصلحة أهل الجدار.
وأما قول بعضهم: ردكم إلى الله والرسول أحسن من تأويلكم فهذا قد ذكره الزجاج عن بعضهم وهذا من جنس ما ذكر في تلك الآية في لفظ التأويل وهو تفسير له بالاصطلاح الحادث لا بلغة القرآن فأما قدماء المفسرين فلفظ التأويل والتفسير عندهم سواء كما يقول ابن جرير: القول في تأويل هذه الآية. أي في تفسيرها. ولما كان هذا معنى التأويل عند مجاهد وهو إمام التفسير جعل الوقف على قوله: {والراسخون في العلم} فإن الراسخين في العلم يعلمون تفسيره وهذا القول اختيار ابن قتيبة وغيره من أهل السنة. وكان ابن قتيبة يميل إلى مذهب أحمد وإسحاق وقد بسط الكلام على ذلك في كتابه في " المشكل " وغيره.»
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/132)
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[23 - 10 - 03, 05:05 ص]ـ
الصفات قسمين فعلية وذاتية بالنسبة للفعلية نستطيع أن نقول الفعل معلوم أصلا لدينا ولكن فعل الله مجهول (الكيف).
وأما الذاتية فكيف نقول اليد معلومة و و و؟؟؟ وما الفرق بين المفوضة وأهل السنة في هذه المسألة؟؟
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[27 - 10 - 03, 07:48 م]ـ
...
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[09 - 08 - 09, 01:59 م]ـ
جاء في كتاب آخر لابن قدامة المقدسي رحمه الله رواية فيها تفسير لمعنى قول الإمام أحمد: "ولا معنى"
وهو كتابه "تحريم النظر في كتب الكلام"، وجاء في الرواية التي فيها:
((فنقول كما قال ونصفه كما وصف نفسه لا نتعدى ذلك ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعت نؤمن بهذه الأحاديث ونقرها ونمرها كما جاءت بلا كيف ولا معنى إلا على ما وصف به نفسه تبارك وتعالى وهو كما وصف نفسه سميع بصير بلا حد ولا تقدير))
وهي أيضا موجودة في رواية عند ابن بطة رحمه الله في كتابه الإبانة، جزء الرد على الجهمية، باب بأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة:
(قال أبو عبد الله ونحن نؤمن بالأحاديث في هذا ونقرها ونمرها كما جاءت بلا كيف ولا معنى إلا على ما وصف به نفسه تعالى)
ـ[موسى الكاظم]ــــــــ[09 - 08 - 09, 04:02 م]ـ
لماذا تناسى المحتجون بهذه الرواية أن الرواية ذُكرت فيها الرؤية
سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تروى "إن الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا". و "إن الله يرى" و "إن الله يضع قدمه" وما أشبه هذه الأحاديث؟ فقال أبو عبد الله: نؤمن بها ونصدق بها ولا كيف ولا معنى
قلت: رؤية الله- تبارك وتعالى- لا تفوض بالاتفاق، حتى الأشاعرة لا يفوضونها. فتأمل!
مما يدل أن مراد الامام أحمد للمعنى غير ما اصطلح عليه المتأخرون
والله أعلم
ـ[ابوالعلياءالواحدي]ــــــــ[10 - 08 - 09, 01:47 ص]ـ
قد علمت مما تقدم أن المراد بنفي المعنى نفي التأويل،و الجهمية تأولوا الرؤية والنزول ووضع القدم.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[10 - 08 - 09, 09:34 ص]ـ
كان مقصود الأخ موسى الرد على الأشاعرة الذين يقولون بأن معنى قوله "ولا معنى" هو تفويض المعنى(26/133)
الإستواء صفة فعليه أم ذاتيه؟؟
ـ[الفاضل]ــــــــ[20 - 10 - 03, 04:29 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أشكل علي كلام للشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في العقيدة الواسطيه،
لعل إخواني بفيدونني فيه وهو:
... فإن قلت: هل استواء الله تعالى على عرشه من الصفات الفعليه أو الذاتيه؟
فالجواب: أنه من الصفات الفعليه، لأنه يتعلق بمشيئته،
وكل صفه تتعلق بمشيئته، فهي من الصفات الفعليه.
أرجو التفصيل .... وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو مقبل]ــــــــ[20 - 10 - 03, 06:20 ص]ـ
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله (الصفات الذاتية فيراد بها الصفات اللازمة لذاته تعالى، التي لم يزل ولا يزال متصفاً بها مثل الحياة، والعلم، والقدرة، والعزة، والحكمة، والعظمة، والجلال، والعلو ونحوها من صفات المعاني، وسميت ذاتية للزومها للذات، ومثل اليدين، والعينين، والوجه، وقد تسمى هذه بالصفات الخبرية.
وأما الصفات الفعلية فهي التي تتعلق بمشيئته، وليست لازمة لذاته لا باعتبار نوعها، ولا باعتبار آحادها، مثل الاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا، والمجيء للفصل بين العباد يوم القيامة فهذه الصفات صفات فعلية تتعلق بمشيئته، إن شاء فعلها، وإن شاء لم يفعلها، وهي صفات حادثة في نوعها وآحادها، فالاستواء على العرش لم يكن إلا بعد خلق العرش، والنزول إلى السماء الدنيا لم يكن إلا بعد خلق السماء، والمجيء يوم القيامة لم يكن قبل يوم القيامة.
وأما الصفات الذاتية الفعلية فهي التي إذا نظرت إلى نوعها وجدت أن الله تعالى، لم يزل ولا يزال متصفاً بها، فهي لازمة لذاته، وإذا نظرت إلى آحادها وجدت أنها تتعلق بمشيئته وليست لازمة لذاته، ومثلوا لذلك بكلام الله تعالى، فإنه باعتبار نوعه من الصفات الذاتية، لأن الله لم يزل ولا يزال متكلماً، فكلامه من كماله الواجب له سبحانه، وباعتبار آحاد الكلام أعني باعتبار الكلام المعين الذي يتكلم به سبحانه متى شاء، من الصفات الفعلية لأنه كان بمشيئته سبحانه.
وصرح بالقسمين الأولين في التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية ص 20 للشيخ ابن رشيد.
وقد أشار إلى نحو مما ذكرنا في الفتاوي مجموع ابن قاسم ص 150 - 160 مج 6.) ا. هـ
=================
فبهذا التحرير سوف يزول الإشكال ....
ـ[محب العلم]ــــــــ[20 - 10 - 03, 07:00 ص]ـ
العجيب أن الشيخ صالح آل الشيخ يختار ان صفة الاستواء ذاتية، كما حدثني بذلك أحد طلابه، وذكر أنه قرر ذلك في شرحه على الطحاوية!
فهل هو فعلا يختار هذا؟
وما وجهه؟
ومن سبقه إليه؟
أرجو ممن عنده علم أن يفيدنا.
ـ[الفاضل]ــــــــ[20 - 10 - 03, 07:42 ص]ـ
الذي أشكل علي هو هل نقول أن الإستواء على العرش من الصفات الفعليه؟؟ ((أي أن الله متى شاء استوى ومتى شاء لم يستوي؟؟؟!!))
ولم لايقال أنه من الصفات الذاتيه الفعليه؟؟
ـ[ابن أبي حاتم]ــــــــ[20 - 10 - 03, 08:44 ص]ـ
أخي: (الفاضل) _وفقه الله_
فما استشكلته _وفقك الله_ في صفة الاستواء، وهل هي صفة ذاتية أو فعلية =راجع _فيما يظهر إلى عدم تحرر التفريق عندكم، بين الصفة الذاتية والصفة الفعلية؟
وتوضيح ذلك أن يقال: إن الصفة الذاتية هي التي لم يزل الله متصفاً فيها أزلاً، وأبداً.
وأما الصفة الفعلية، فهي المتعلقة بمشيئتة الله.
وإذا نظرت إلى المعنى السابق في التفريق بينهما = تبين لك أن صفة الاستواء: صفة فعلية، وليست صفة ذاتية.
ولا يمكن أن يقال في صفة الاستواء إنها فعلية ذاتية؛ لامتناع الجمع بينها باعتبار واحد، حتى فيما يتعلق بصفة الكلام، فإنه جمع بينها باعتبارين، فصفة الكلام لله تعالى أزلية باعتبار أن الله لم يزل متكلماً، وكلامه سبحانه لا يتناهى، وباعتبار الآحاد فهي فعلية، ولكل اعتبار من هذين مخالفة لأصناف من المخالفين لطريقة السلف، ولهذه الجمل بسط ليس ذا محله.
والمقصود أن صفة الإستواء لم تكن إلا بعد الاستواء على العرش، كما قال الله تعالى: (ثم استوى على العرش).
وأما النقل الذي نقله الأخ الفاضل (محب العلم) _ وفقه الله_ عن أحد طلاب الشيخ الفاضل صالح آل الشيخ _وفقه الله_ فهذا لا يصح نسبته للشيخ صالح _ وفقه الله_، وقد استمعت إلى أشرطة الواسطية والطحاوية، ولا أعرف هذا عن الشيخ ألبتة!! ولعل موجب هذا سوء فهم من الناقل عن الشيخ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/134)
وأنقل لكم كلام الشيخ صالح آل الشيخ في شرحه للواسطية؛ حتى يتضح المقصود.
قال الشيخ _وفقه الله_:
«الصفات الفعلية، ونعني بالصفات الفعلية التي يتصف الله جل وعلا بها بمشيئته وقدرته، يعني أنه ربما اتصف بها في حال وربما لم يتصف بها مثل صفة الغضب مثلا، فالله جل وعلا ليس من صفاته الذاتية الغضب فإنه يغضب ويرضى، يغضب حينا ويرضى حينا وهذا كما جاء في آية سورة طه قال جل وعلا " ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى " " ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى "، وهنا الغضب يحل وهذا أيضا جاء مبينا في حديث الشفاعة أنه عليه الصلاة والسلام قال " إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله " وهذا باب واسع، مثل الاستواء فإن الاستواء صفة فعلية باعتبار أن الله جل وعلا لم يكن مستويا على العرض ثم استوى على العرش، وهذا باب واسع، وهذا يسمى عند كثير من العلماء يسمى بالصفات الاختيارية وهي التي نفاها ابن كلاب ومن شابهه وأخذ نهجه من الأشاعرة والماتريدية ونحوهم كما سيأتي تفصيله إن شاء الله في مواضعه».
وقال أيضا:
«صفة الاستواء من الصفات التي وقع فيها الاشتباه معناها هو العلو والارتفاع على العرش، علو خاص وارتفاع خاص، العلو صفة ذاتية لله جل وعلا لا تنفك عن الله جل وعلا، العرش الله جل وعلا لم يكن مستويا على العرش يعني لم يكن عاليا ومرتفعا على العرش علوا خاصا، هو له العلو المطلق الذي هو صفة ذاتية، لكن العلو الخاص والارتفاع الخاص على العرش هذا لم يكن مستويا عليه جل وعلا ثم استوى وهذا لأجل أن الأدلة التي فيها الاستواء في أكثرها ذكر (ثم) ومن المعلوم أن (ثم) هذه للتراخي تفيد أنه لم يكن كذلك ثم كان كذلك، لهذا صفة الاستواء على العرش معناها أن الله جل وعلا قد علا وارتفع على عرشه علوا وارتفاعا خاصا وإلا فإن صفة العلو له جل وعلا على وجه الاطلاق».
والله اعلم.
- وكتب: ابن أبي حاتم _عفا الله عنه_.
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[20 - 10 - 03, 09:07 ص]ـ
وكيف نجمع بين هذه الأقوال وبين ما في السنة أن الله لا تغيره الحوادث؟
ـ[الشافعي]ــــــــ[20 - 10 - 03, 09:21 ص]ـ
أخي راجي رحمة ربه وفقه الله
ليس فيما تقدم أن الله تغيره الحوادث سبحانه إلا إذا فهمت أن فعله لما
يريد ويشاء يعني أن الحوادث تتغيره فهذا فهم خاطئ وقد ورد الكتاب
والسنة بأنه عز وجل يفعل ما يشاء ولا يوجد فيهما معارض لذلك أبداً.
ـ[محمد عبادي]ــــــــ[20 - 10 - 03, 05:49 م]ـ
الاستواء هو علو خاص غير صفة العلو المطلق .. هل يوجد في كلام السلف ما يشير إلى هذا التفريق.؟؟؟؟
ـ[أبو مقبل]ــــــــ[21 - 10 - 03, 02:24 ص]ـ
أشكر للشيخ ابن أبي حاتم كلامه الموفق المسدد في توضيح ما أشكل على الأخ .. فجزاه الله خيرا ...
اما عن سؤال الأخ محمد عبادي فأقول له:
إن هذا السؤال قد ورد على فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فأجاب بقوله:
: قولنا في استواء الله تعالى على عرشه: "إنه علو خاص على العرش يليق بجلال الله تعالى وعظمته" نريد به أنه علو يختص به العرش وليس هو العلو العام الشامل لجميع المخلوقات، ولهذا لا يصح أن نقول: استوى على المخلوقات، أو على السماء، أو على الأرض مع أنه عال على ذلك، وإنما نقول: هو عال على جميع المخلوقات عال على السماء، عال على الأرض ونحو ذلك، وأما العرش فنقول: إن الله تعالى عال على عرشه ومستو على عرشه، فالاستواء أخص من مطلق العلو. ولهذا كان استواء الله تعالى على عرشه من صفاته
الفعلية المتعلقة بمشيئته بخلاف علوه فإنه من صفاته الذاتية التي لا ينفك عنها.
وقد صرح بمثل ما قلنا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله تعالى في شرح حديث النزول ص 522 مج 5 مجموع الفتاوي جمع ابن قاسم: " فإن قيل: فإذا كان إنما استوى على العرش بعد أن خلق السماوات والأرض في ستة أيام فقبل ذلك لم يكن على العرش؟ قيل: الاستواء علو خاص فكل مستو على شيء عال عليه، وليس كل عال على شيء مستوياً عليه، ولهذا لا يقال: لكل ما كان عالياً على غيره: إنه مستو عليه واستوى عليه، ولكن كل ما قيل فيه: استوى على غيره فإنه عال عليه". ا. هـ. المقصود منه وتمامه فيه.
وأما قولنا: "يليق بجلاله وعظمته" فالمراد به أن استواءه على عرشه كسائر صفاته يليق بجلاله وعظمته، ولا يماثل استواء المخلوقين، فهو عائد إلى الكيفية التي عليها هذا الاستواء، لأن الصفات تابعة للموصوف، فكما أن لله تعالى ذاتاً لا تماثل الذوات، فإن صفاته لا تماثل الصفات (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) (1) ليس كمثله شيء في ذاته ولا صفاته.
ولهذا قال الإمام مالك رحمه الله في الاستواء حين سئل كيف استوى؟ قال: " الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة ". وهذا ميزان لجميع الصفات فإنها ثابتة لله تعالى كما أثبتها لنفسه على الوجه اللائق به من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.
وبهذا تبين فائدة القول بأن الاستواء على العرش علو خاص على العرش مختص به، لأن العلو العام ثابت لله عز وجل قبل خلق السماوات والأرض، وحين خلقهما، وبعد خلقهما، لأنه من صفاته الذاتية اللازمة كالسمع، والبصر، والقدرة، والقوة ونحو ذلك بخلاف الاستواء.
=====================
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/135)
ـ[العبد الضعيف]ــــــــ[21 - 10 - 03, 08:10 ص]ـ
من أفضل الأجوبة التي يمكن الإجابة بها عن هذا الإشكال أن يقال:
إن صفة الاستواء على العرش قبل استواء الله تعالى على عرشه هي صفة فعلية؛ باعتبار أن الله تعالى إن شاء فعلها، وإن شاء لم يفعلها. ثم لمّا استوى الله تعالى على عرشه بعد خلق السماوات والأرض صارت صفة ذاتية؛ لأن الله تعالى لم يزل ولا يزال متصفاً بها.
فإن قال قائل: إن الله ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من كل ليلة؛ وهذا يلزم منه أن العرش يخلو منه -عزّ وجل-؛ وبالتالي فصفة الاستواء صفة فعلية لا ذاتية.
فالجواب عليه بان يقال: هذا اللازم يلزم في صفات المخلوق لا في صفات الخالق، فالله -عزّ وجل- "ليس كمثله شيء"، فصفات الخالق في الكيفية ليست كصفات المخلوق. ولذلك قال العلماء: (إن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا وهو مستو على عرشه). والسؤال عن كيفية ذلك هو من الخوض في كيفية الصفات؛ الذي أُمِرنا بتفويضه إلى رب العزة والجلال.
والله تعالى أعلم.
ـ[ابن أبي حاتم]ــــــــ[21 - 10 - 03, 08:31 ص]ـ
أخي الفاضل: (العبد الضعيف) _هداك الله لسبل مرضاته.
اعلم أخي _ وفقك الله _ أن هذا الأمر ليس مما يحتاج فيه للظن، إذ هو باب بين الحقائق، واضح المعالم، فلا يحتاج فيه إلى بادئ رأي، وجواب دَبري.
ولعلك لو أمعنت النظر فيما سطرته _ فيما تقدم _؛ لاتضح لك خلطك الجلي في قولك: «لمّا استوى الله تعالى على عرشه بعد خلق السماوات والأرض صارت صفة ذاتية؛ لأن الله تعالى لم يزل ولا يزال متصفاً بها».
إذ كيف تقول: إن الله استوى على العرش بعد أن لم يكن، ثم تقول إن بعد استوائه صار صفة ذاتية {لأن الله تعالى لم يزل ولا يزال متصفاً بها}.
هل تدري ما معنى قولك: (لم يزل ولا يزال متصفا بها)؟!!!!!
أرجو منك _ وفقك الله _ النظر مرة أخرى فيما كتبته، نفع الله به كاتبه وقارئه، وجعله خالصا لوجهه.
ـ[الفاضل]ــــــــ[21 - 10 - 03, 06:44 م]ـ
الصفة الذاتيه هي المتعلقة بذات الله التي لاتنفك عنه (منها اليدين والساق)
الصفة الفعليه هي التي تنفك عن الله ومتى شاء فعلها ومتى شاء لم يفعلها (منها نزول الله إلى السماء الدنيا)
شتان بينها وبين الصفة الذاتيه فلا نستطيع القول بأن الله متى شاء يكون له يد،
لكني فهمت من شروحات الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أن الإستواء يأتي بمعنى: العلو، الإرتفاع، الصعود، الإستقرار.
فإن قلنا أن الإستواء صفه فعليه يعني أن الله يعلو أو يستقر أو يرتفع أو يصعد متى شاء؟؟؟ ((فهل على هذا القول يعني أن الله أحيانا لا يكون مستو على عرشه،؟؟!!!))
أرجو التوضيح، وحزاكم الله خيرا
ـ[ابن أبي حاتم]ــــــــ[21 - 10 - 03, 10:51 م]ـ
أخي الفاضل _ لازال مسدداً_.
قد سألت _ وفقك الله _ تقويمك فيا أخطأت فيه، فأقول وبالله التوفيق:
- إن الصفات يقال فيها: إنها قامت بالله، أو أن الله اتصف بها. ولا يُعبر بالانفكاك _سواء في مقام السلب أو الإيجاب_؛ لأن فيه نوع من الإجمال والإشكال.
- قولك: في الصفات الفعلية صحيح (إذا سلم من المحذور السابق) وينبغي التنبه إلا أنه يحتاج إلى قيد الأزلية والأبدية.
- ما فهمته من كلام الشيخ محمد بن عثمين _رحمه الله_ =فهمٌ سديد، إلا أن هذه المعاني هي مختصة بالعرش، لإن الله سبحانه إنما خص العرش دون سائر المخلوقات بالاستواء، ولهذا سبق في مشاركات الأخوة من كلام الشيخ محمد بن عثيمين _رحمه الله_ أنه علوٌ خاص، وذلك حتى لا يكون بالمعنى العلو العام الذي هو من صفات ذاته، وذالك لأن حقيقة هذا الاستواء وكنهه كما قال الإمام مالك: غير معقول، وإنما المقصود الوقوف على ما دلت عليه النصوص من المعاني الصحيحة واثباتها على الوجه اللائق به جل وعلا.
- وأما الاشكال الأخير الذي ذكرته فهو غريب، وهو قولك: (فهل على هذا القول يعني أن الله أحيانا لا يكون مستو على عرشه،؟؟!!!)).
وأقول: اليس الله هو الذي أخبر أنه استوى على عرشه بعد أن لم يكن مستويا عليه، فقال تعالى: (ثم استوى على العرش)، وهذا صريحٌ في كونها صفة فعلية، إذ الاستواء علوٌ خاص غير العلو المطلق على جميع المخلوقات؛ لأنه لو كان هو، لما كان لقوله تعالى: (ثم) معنى.
ولو تدبرت في كلام الشيخ صالح لاتضح لك المقصود.
ـ[محمد عبادي]ــــــــ[22 - 10 - 03, 07:57 ص]ـ
سألت (هل يوجد في كلام السلف ما يشير إلى هذا التفريق.) أعني التفريق بين الاستواء والعلو، لأن كل ما قرأته من أقوال السلف ليس فيه الا تفسير الاستواء بالعلو، وليس فيه الإشارة الى أنه (علو خاص)
فهل عرف السلف هذا الفرق؟
ـ[شمس الدين ابو عبد الله]ــــــــ[27 - 02 - 04, 01:26 ص]ـ
قال الشيخ صالح ال الشيخ في شرح الواسطيه ان الصفه الذاتيه اما:
1 - الصفات التي لم تنفك عن الله جل وعلا ازلا ولن تنفك عنه ابدا
2 - الصفات التي لا يزال متصفا بها ولا تنفك عنه
وعلي ما قال الشيخ فالاستواء صفه ذاتيه باعتبار الثاني وفعليه باعتبر الاول
والسؤال الان هل الاستواء لا ينفك عن الله عز و جل وانه لن ينفك عنه
اي هل يمكن ان يخلو العرش منه ام انه لا يمكن ذلك ولن يكون ابدا لان معتقد اهل السنه انه عند النزول لا يخلو العرش منه جل وعلا فاذا كانت الصفه فعليه ما المانع ان يخلو العرش وهل في ذلك منقصه؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/136)
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[27 - 02 - 04, 04:48 ص]ـ
هذا تفصيل حسن للإمام محمد بن أحمد بن عبدالهادي رحمه الله في كتابه القيِّم ((الصَّارم المنكي في الرَّدِّ على السُّبكي))
وقد اختلف المثبتون للنزول هل يلزم منه خلو العرش منه أم لا، ونحن نشير إلى ذلك إشارة مختصرة فنقول:
قالت طائفة:
لا يلزم منه خلو العرش، بل ينزل إلى سماء الدنيا وهو فوق العرش، قالوا وكذلك كلم موسى من الشجرة وهو فوق عرشه وكذلك يحاسب الناس يوم القيامة، ويجيء ويأتي وينطلق وهو فوق العرش، لأنه سبحانه أكبر من كل شيء، كما دل عليه السمع والعقل،وهو العلي العظيم،فلا يزال سبحانه علياً على المخلوقات كلها العرش وغيره في كل وقت، وفي كل حال من نزول وإتيان وقرب وغير ذلك، فلو خلا منه العرش حال نزوله لكان فوقه شيء، وكان غير عال وهذا ممتنع في حقه سبحانه، لأن علوه من لوازم ذاته فلا يكون غير عال أبداً، ولا يكون فوقه شيء أصلاً.
وقالت طائفة أخرى:
بل خلوا العرش منه من لوازم نزوله، فتقول: ينزل إلى سماء الدنيا ويخلو منه العشر إذا نزل، لأن النزول الحقيقي يستلزم ذلك، والقول بإثبات النزول معكونه فوق العرش غير معقول، وكذلك القول بأنه يحاسب الناس يوم القيامة في الأرض، وأنه يجيء ويقبل ويأتي وينطلق ويتبعونه، وأنه يمر أمامهم، وأنه يطوف في الأرض ويهبط عن عرشه إلى كرسيه، أو غيره، ثم يرتفع إلى عرشه كما ورد هذا كله في الحديث، وأنه كلم موسى عليه السلام من الشجرة حقيقة ()، وهو مع ذلك كله فوق عرشه أملا يتصوره العقل، ولم يدل عليه النقل فيجب القول به والانقياد له، بل هو شيء لا يخطر ببال من سمع الأحاديث في ذلك وكان سليم الفطرة إلا أنه يوافقه عليه من يعتقد فيقرره في ذهنه.
وقد علم أن نزول الرب تبارك وتعالى أمر معلوم معقول كاستوائه وباقي صفاته، وأن كانت الكيفية مجهولة غير معقولة، وهو ثابت حتى حقيقة لا يحتاج إلى تحريف، ولكن يصان عن الظنون الكاذبة، وما لزم الحق فهو عين الحق.
قال هؤلاء:
ونحن أقرب إلى الحق وأولى بالصواب ممن خالفنا، لأننا قلنا بالنصوص كلها، ولم نرد منها شيئاً ولم نتأوله، بل أثبتنا نزول الرب تبارك وتعالى حقيقة مع إقرارنا بأنه العلي العظيم الكبير المتعال، فلا شيء أعلى منه، ولا أعظم منه ولا إله غيره ولا رب سواه هو الأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء، وكونه علياً عظيماً لا ينافي نزوله حقيقة عند من عقل معنى النصين وفهم معنى الخبرين، قالوا: فنحن قلنا بموجب النصين العلو والنزول.
وأما مخالفتنا القائل بأنه ينزل ولا يخلو منه العرش فحقيقة قوله إما نفي معنى النزول بالكلية، وإثبات مجرد لفظه، وإما حمله له على أمر لا يعقل أصلاً، وأما تفسيره بما يخالف ظاهر اللفظ وحقيقته وهو القول بنزول بعض الذات.
ثم إنه يرد على قائل هذا ما أورده علينا من أنه يبقى شيء من المخلوقات فوق بعض الذات، وذلك ينافي العلو المطلق الذي هو من لوازم ذاته، فمخالفتنا يلزمه أمران:
أحدهما: ما أورده علينا.
والآخر: مخالفته اللفظ وحمله (له) على المجاز دون الحقيقة من غير دليل، ونحن لا يلزمنا محذور أصلاً، فإنا جمعنا بين نصوص الكتاب والسنة وقلنا بها كلها وحملناها على الحقيقة دون المجاز لم نتأول منها شيئاً برأينا ولا صرفنا منها شيئاً عن ظاهر بعقلنا.
قالت الطائفة الأولى القائلة بعدم الخلو:
بل نحن أولى بالحق منكم، فإنا نحن القائلون بالنصوص كلها الجامعون بين الأدلة العقلية والسمعية.
وأما أنتم فيلزمكم مخالفة ما ورد من نصوص العظمة، وأن يكون المخلوق محيطاً بالخالق، وما ذكرتموه من استلزام النزول بخلو العرش هو عين الجهل، وإنما ذلك لازم في نزول المخلوق والله تعالى ليس كمثله شيء لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وهو العالي في دنوه، القريب في علو، ليس فوقه شيء ولا دونه شيء بل هو العالي على جميع خلقه في حال نزوله، وفي غير حال نزوله، وهو الواسع العليم، أكبر من كل شيء وأعظم من كل شيء، وهو المحيط بكل شيء ولا يحيط به شيء ما السموات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن في يده إلا كخردلة في يد أحدكم، وهو الموصوف بالعلو المطلق،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/137)
ولم يزل عالياً ولا يكون إلا عالياً سبحانه وتعالى.
وفي هذا كله ما يبطل قولكم إنه إذا نزل يخلوا منه العرش، فإن ذلك يلزم منه أمور ممتنعة، منها إحاطة المخلوق بالخالق، وأن لا يكون الخالق أكبر من كل شيء ولا أعظم من كل شيء وكل ذلك محال.
وقالوا: وأما نحن فنقول لا يخلو منه العرش إذا نزل، بل هو فوق عرشه يقرب من خلقه كيف شاء وإن كنا قد نقول إنه غير موصوف بالاستواء حال النزول، فإن الاستواء علو خاص، وهو أمر معلوم بالسمع.
وأما مطلق العلو فإنه معلوم بالعقل، وهو من لوازم ذاته، فقربه إلى خلقه حال نزوله لا ينافي مطلق علوه على عرشه، قالوا: وما ذكره مخالفنا من أنا ننفي معنى النزول بالكلية أو نفسره بأمر لا يعقل، باطل، بل النزول عندنا أمر معلوم معقول غير مجهول، وهو قرب الرب تبارك وتعالى من خلقه كيف يشاء، وقول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه ((ينزل ربنا)) كقوله تعالى {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا} (الأعراف 143) وقد ثبت أن الذي تجلى منه مثل الخنصر، أو مثل طرف الخنصر مع إضافة التجلي إليه، فكذلك النزول من غير فوق، ولا يلزمنا على هذا ما لزمكم من إحاطة المخلوق بالخالق وكونه غير علي عظيم.
وقد ثبت أن جبريل عليه السلام كان يأتي النبي r في صورة دحية، مع العلم بأن صورته التي خلق عليها لم تزل ولم تعدم في تلك الحال، بل تمثل له بعضها في صورة دحية، فخاطبه، ولبس في الشرع ولا في العقل ما ينافي ذلك.
قالت الطائفة الأخرى القائلة بالخلو:
الواجب علينا كلنا اتباع النصوص كلها والجمع بينها وأن لا نضرب بعضها ببعض، ولا يخفى أن جميع ما ورد من نصوص العظمة نحن به مصدقون، وإليه منقادون وبه موقنون، وما ذكرتموه من العلو والعظمة لا ينافي حقيقة النزول، ونحن لا نمثل نزول الرب تبارك وتعالى بنزول المخلوق ولا استواءه باستوائه، وكذلك سائر الصفات نعوذ بالله من التمثيل والتعطيل.
لكن إثبات القدر المشترك لا بد منه كما في الوجود، وباقي الصفات، وإلا لزم التعطيل المحض، فنحن نثبت النزول على وجه يليق بجلال الله وعظمته، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، ونقول قد أخبر (به) الصادق وما أخبر به فهو عين الحق، وما لزم الحق فهو حق، ونقول: أن النزول الحقيقي يستلزم ما ذكرناه وما استروح إليه مخالفتنا من أن المراد نزول بعض الذات كما في قوله {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا} (الأعراف 143) والمراد تجلي البعض أمر غير معقول منه، والفرق بين الموضوعين ظاهر والدليل هناك دل على إرادة البعض فلا يلزم من الحمل على إرادة البعض في مكان بديل الحمل على إرادة البعض في مكان آخر من غير دليل.
وما ذكر من أمر جبريل وتمثل بعضه للنبي صلى الله عليه وسلَّم في صورة دحية، أمر لم يدل على عقل ولا شرع، فلا يجوز المصير إليه بمجرد الرأي،ـ بل الذي كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلَّم في صورة دحية هو جبريل حقيقة، ولعظيم مرتبته وعلو منزلته أقدره الله تعالى على أن يتحول من صورة إلى صورة، ومن حال إلى حال، فيرى مرة كبيراً، ومرة صغيراً كما رآه النبي صلى الله عليه وسلَّم ولله سبحانه وتعالى المثل الأعلى في السموات والأرض.
وقد دل العقل والنقل على قيام الأفعال الاختيارية به فهو الفاعل المختار بفعل ما يشاء ويختار، ذو القدرة التامة والحكمة البالغة والكمال المطلق، وقد ثبت في الصحيح أنه يتحول من صورة إلى صورة وثبت أنه يتبدى لهم في صورة غير الصورة التي رأوه فيها أول مرة ثم يعود في الصورة التي رأوه فيها أول مرة.
وهذا كله حق لأن الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى قد أخبر به،وليس في العقل ما ينفيه، بل جميع ما أمر به صاحب الشرع يوافقه العقل الصحيح ويؤيده وينصره ولا يخالفه أصلاً.
وإذا عرف هذا فقد يقال ما ورد من الأدلة الدالة على العظمة وكبر الذات، ليس بينها وبين ما قيل إنه يعارضها منافاة ولا معارضة، بل جميع ذلك حق والجمع بين ذلك كله سهل يسير بعد العلم بإثبات الأفعال الاختيارية،وأن الله هو الفعال لما يريد وهو الفاعل المختار يفعل ما يشاء ويختار لا إله غيره ولا رب سواه.
وقالت طائفة ثالثة:
نحن لا نوافق الطائفة الأولى ولا الثانية، بل نقول:ينزل كيف يشاء غير مثبتين للخلو ولا نافين له بل مقتصرين على ما جاء في الحديث سالكين في ذلك طريق السلف الصالح.
وقد روى (أبو) الشيخ عن إسحاق بن راهويه، قال: سألني ابن طاهر عن حديث النبي صلى الله عليه وسلَّم يعني في النزول، فقلت له: النزول بلا كيف، وروى الأوزاعي عن الزهري ومكحول أنهما قالا: امضوا الأحاديث على ما جاءت، وقال الأوزاعي ومالك والثوري والليث بن سعد وغيرهم من الأئمة: أمروا الأحاديث كما جاءت بلا كيف، ولبسط الكلام في هذا موضع آخر والله سبحانه وتعالى أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/138)
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[27 - 02 - 04, 01:46 م]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة محمد عبادي
سألت (هل يوجد في كلام السلف ما يشير إلى هذا التفريق.) أعني التفريق بين الاستواء والعلو، لأن كل ما قرأته من أقوال السلف ليس فيه الا تفسير الاستواء بالعلو، وليس فيه الإشارة الى أنه (علو خاص)
فهل عرف السلف هذا الفرق؟
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة خالد بن عمر
هذا تفصيل حسن للإمام محمد بن أحمد بن عبدالهادي رحمه الله في كتابه القيِّم ((الصَّارم المنكي في الرَّدِّ على السُّبكي))
قالت الطائفة الأولى القائلة بعدم الخلو:
وقالوا: وأما نحن فنقول لا يخلو منه العرش إذا نزل، بل هو فوق عرشه يقرب من خلقه كيف شاء وإن كنا قد نقول إنه غير موصوف بالاستواء حال النزول، فإن الاستواء علو خاص، وهو أمر معلوم بالسمع.
وأما مطلق العلو فإنه معلوم بالعقل، وهو من لوازم ذاته، فقربه إلى خلقه حال نزوله لا ينافي مطلق علوه على عرشه
ـ[محمد عبادي]ــــــــ[27 - 02 - 04, 07:19 م]ـ
هذا من كلام ابن عبد الهادي يشرح به موقف طائفة من السلف ولكن هل ورد عن السلف مثل هذه العبارات.؟؟ الله أعلم
وقوله:قد نقول إنه غير موصوف بالاستواء حال النزول، فإن الاستواء علو خاص، وهو أمر معلوم بالسمع.
فيه إشكال ظاهر لأن النزول يحصل في كل وقت ولكن يختلف المكان حسب دوران الأرض
ـ[حارث همام]ــــــــ[02 - 03 - 04, 05:09 ص]ـ
جزى الله الشيخين خالد بن عمر، وابن أبي حاتم خيراً فقد أحسنا وأجداً ووبينا.
وهو مقتضى لغة العرب.
ونصيحتي لأخي الفاضل محمد بأن يراجع كلامهما بتأمل ففيه الجواب.(26/139)
الإتحاف بردود أهل العلم على السقاف
ـ[ابو عمر المدني]ــــــــ[21 - 10 - 03, 02:24 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سئيات أنفسنا من يهده الله فلامضل له ومن يضلل فلاهادي له وبعد:
مازالت طائفة من الأمة على الحق ظاهره، وبالسنة قائمه، وعلى الشريعة سائره، وعلى النهج السلفي ماضيه، لايضرها من خذلها، ولا من تنكب لها، وعلى كل فترةٍَ لها فرسان، من أهل الحق والإيمان، من الصحب والآل ومن تبع بإحسان، ينفون عن الشريعة تحريف الغلاة، وإبطال المؤلة العتادة، وكيد أهل الزندقة الملاحدة النفاة.
ولله در الصديق - رضي الله عنه - قامع الفتنة الأولى، فتنة الردة عن دين الهدى، الذي أعاد للإسلام عزه، واذل الردة وأهلها، وظل نور النبوة ساطعاً في القرن الأول لم تطفئه عواصف الأهواء، ولم يلبس بظلم الآراء، حتى ظهرت فيهم الفتنه بعد مقتل الخليفه الراشد عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، ونشات من يومها الفرقه في الأمه، وظهرت البدع والأهواء، وخرجت الفرق الضاله؛ كالقدريه التي تصدى لها ابن عمر - رضي الله عنهما -، وظهر الخوارج فناظرهم ابن عباس -رضي الله عنهما -؛ فلم يرجع بعضهم فقاتلهم علي ابن أبي طالب - رضي الله عنه-
، وظهرت السبئيه فحرقهم - رضي الله عنه - وأتسعت الرقعة الإسلاميه فدخلت الجموع في دين الله أفوجا، فرس وهند ورومانا، فدخلت علومهم وأفسدت عقيدة التوحيد، وتبني تلك العلوم بعض أهل الأهواء بمؤازرة من بعض السلاطين وسموا بالمعتزله وأظهروا مقالة خلق القرآن فخرج لهم الصديق الثاني الإمام أبا عبدالله أحمد ابن حنبل الشيباني - رحمه الله - وكشف عوارهم وأبطل مقالتهم، فخمدت فتنتهم، وتوالت القرون وظهر شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيميه الحراني فكتب الكتب وناظر من ناظر من رافضة وصوفية وفلاسفةٍ وإتحاديه فنفع الله به العباد والبلاد.
فتلقف تلك العلوم الإمام الأواب محمد ابن عبدالوهاب - رحمة الله عليه - فجدد وأظهر مااندرس من معالم هذا الدين على قواعد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ومكنه الله في الأرض، فطفق يدعو الناس إلى عبادة الله وحده وترك الإشراك به، ويبث فيهم مذهب السلف والتي تصدى لها بعض المبتدعة الضلال في هذه الأعاصر المتأخره من رؤوس جهمية هذه الأزمان ألا وهو المدعو حسن السقاف ألف الكتب وحقق الرسائل التي تطعن كتب السلف وترميهم بالتجسيم والتكفير والعياذ بالله.
والمقدمه التي ذكرتها في الأعلى ماهو الا النذر اليسير من جهاد السلف ضد أهل الأهواء وتصديهم لباطلهم وكشف زيغهم ومدخل في ذكر المصنفات والتأليفات التي ألفها بعض علمائنا وطلبة العلم السلفيين في كشف باطل هذا الرجل.
من الأمور التي دعتني إليها في ذكر المؤلفات التي ترد عليه هو لقاء له في شبكة الميزان الرافضيه والتي قدمت له ترجمة مسهبه في تصديه للفكر الوهابي الحشوي؟؟ (كبرت كلمة تخرج من أفوههم إن يقولون الا كذبا).
مامن كتاب من كتب العقيدة السلفيه ولا شيخ سلفي الا وقد نقده وذمه وإليك أخي طالب العلم سرداً لمؤلفاته وردود أهل العلم عليه:
1 - تناقضات الألباني الواضحات فيما وقع له من تصحيح الأحاديث وتضعيفها من أخطاء وغلطات، في ثلاثة مجلدات.
من الكتب التي ردت على هذا الكتاب:
1 - الأنوار الكاشفه لتناقضات الخساف الزائفه وكشف مافيها من الزيغ والتحريف والمجازفه، نشر دار الأصاله، للشيخ علي حسن الحلبي - حفظه الله -.
2 - افتراءات السقاف الأثيم على الألباني شيخ المحدثين، للشيخ خالد العنبري.
3 - التنبيهات المليحه، نشر دار الراوي، لشيخ عبد الباسط بن يوسف الغريب.
4 - (قل موتو بغيظكم) شريط صوتي للشيخ ناصر العمر - حفظه الله -.
وهناك ردود متفرقه للشيخ الألباني - رحمه الله - في السلسلتين الصحيحه والضعيفه وبعض الأشرطه من سلسلة الهدى والنور.
2 - دفع شبه التشبيه، لابن الجوزي، (تحقيق)
قدم السقاف في هذا الكتاب بمقدمة طعن فيه أئمة السلف مثل ابن خزيمه وعبدالله ابن الإمام احمد وغيرهم.
ومن الكتب التي ردت على السقاف وان الجوزي في هذا المصنف:
1 - الكشاف عن ضلالات حسن السقاف، دار المنار، للشيخ سليمان العلوان - حفظه الله -.
2 - إتحاف أهل الفضل والإنصاف بنقض كتاب دفع شبهة التشبيه وتعليقات السقاف، دار الصميعي، للشيخ سليمان العلوان - حفظه الله -.
3 - الإتحاف بعقيدة الإسلام والتحذير من جهمية السقاف، للشيخ عبدالكريم الحميد - حفظه الله -.
4 - الصواعق واشهب المرميه على ضلالات وانحرافات السقاف البدعيه، للشيخ عبدالرحمن بن يوسف الرحمه - حفظه الله -، نشر دار الحميضي.
وهذا الكتاب ممن حذر منه الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - وذلك في رسالة بعثها إلى الشيخ سليمان العلوان يؤيده في الرد عليها، وكتاب الشيخ سليمان العلوان - الأتحاف - له جزء ثاني ذكره الشيخ في الكتاب وذكر في ترجمة له على شبكة الأنترنت قبل عامين وذكر أنه مخطوط.
وبعث بإحالة إلى الشيخ سفر الحوالي - حفظه الله - في حدود 1414 ليرد على هذا الكتاب.
5 - أقوال الحفاظ المنثوره لبيان وضع حديث (رأيت ربي في أحسن صوره).
وقد رد عليه الشيخ سليمان العلوان في رسالة سماها (القول المبين في إثبات الصوره لرب العالمين)، نشر دار الأنصار.
6 - قاموس ألفاظ الألباني.
ورد عليه الشيخ علي حسن الحلبي - حفظه الله - في كتاب مسماه (الإيقاف على أباطيل قاموس شتائم السقاف)، نشر دار الأصاله.
7 - التنديد بمن عدد التوحيد.
وقد رد عليه الشيخ عبدالرزاق بن الشيخ عبدالمحسن العباد - حفظههما الله - في كتاب أسمه (القول السديد في الرد على من أنكر تقسيم التوحيد)؛ بتقديم معلي الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله - والذي قال عن السقاف أنه من المهزومين والعياذ بالله.
ونشر كتاب الشيخ عبدالرزاق عن عدة دور نشر وآخرها عن دار ابن القيم وابن عفان.
ومن عنده معلومات إضافيه فليراسلني على بريدي الألكتروني
UArakany@hotmail.com
يتبع الموضوع إنشاء الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/140)
ـ[أبو الوليد الجزائري]ــــــــ[21 - 10 - 03, 05:00 ص]ـ
http://arabic.islamicweb.com/sunni/reply_saqqaf_1.htm
ـ[ابو عمر المدني]ــــــــ[22 - 10 - 03, 02:07 ص]ـ
10 - إعلام الخائض بتحريم القرآن على الجنب والحائض، وقد تعقبه الشيخ مشهور بن عبيده آل سلمان - حفظه الله - في تعليقه على كتاب الخلافيات للإمام البيهقي - رحمه الله -، (1/ 506) و (2/ 18، 28).
11 - تحذير العبد الأواه من تحريك الأصبع في الصلاة، وقد تعقبه الشيخ مشهور بن عبيده آل سلمان - حفظه الله - في تعليقه على كتاب تزيين العبارة بتحسين الإشارة لعلي القاري.
ومن الكتب التي تعقبت السقاف موسوعة الشيخ عمرو عبدالمنعم سليم - حفظه الله -، لادفاعاً عن الألباني فحسب .... بل دفاعاً عن السلفيه، نشر مكتبة الضياء.
وقد قسم هذه الموسوعة الى ثلاثة أقسام في مجلد لطيف وجعلها في أبواب وهي كتالي:
القسم الأول ويتناول مسائل التوحيد والإعتقاد في الكتب التاليه:
1 - " دفع شبه التشبيه " لإبن الجوزي، بتعليق السقاف
2 - كتاب " إلقام الحجر للمتطاول على الأشاعرة من البشر ".
3 - كتاب " عقيدة أهل السنة والجماعة " وهو نفسه جزء من توحيد الغزالي في " الإحياء "، مع مقدمة السقاف.
4 - حاشية السقاف على " فتح المعين بنقد كتاب الأربعين " لشيخه عبدالله الغماري.
5 - حاشية السقاف على " إرغام المبتدع الغبي بجواز التوسل بالنبي " لشيخه عبدالله الغماري ايضاً.
القسم الثاني ويتناول مسائل الفقه والفروع في:
1 - كتاب " صحيح صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ".
2 - كتاب " الأدلة الجليه لسنة الجمعة القبليه ".
القسم الثالث ويتناول دراسة ونقد كتاب:
" تناقضات الألباني الواضحات ".
ومن الأشرطة التي ردت عليه:
1 - مناظرة مع الأشاعرة للشيخ على حسن الحلبي - حفظه الله -، ناظر فيه السقاف وأفحمه في ثمانية أشرطه.
2 - مناظرة الشيخ الألباني - رحمه الله - مع بعض تلامذة السقاف في أربعة أشرطه، سلسلة الهدى والنور برقم (566 - 569).
3 - بعض أشرطة سلسلة الهدى والنور بأرقام (595، 596، 591)
4 - وهناك ردود متفرقه في كتب ومجلات وأشرطه للمشايخ على سبيل التمثيل ليس الحصر (القحطاني، البشر، الفراج، الوادعي، المدخلي وغيرهم من طلبة الشيخ الألباني).
وهذا جهد مقل فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت من نفسي والشيطان، وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ـ[أبو عمر الدوسري]ــــــــ[22 - 02 - 06, 09:33 ص]ـ
العنوان الكشاف عن ضلالات حسن السقاف
المؤلف سليمان بن ناصر العلوان
http://saaid.net/book/open.php?cat=88&book=1011
وقريباً بإذن الله سأنشر كتاب [إتحاف أهل الفضل والإنصاف بنقض كتاب دفع شبهة التشبيه وتعليقات السقاف، دار الصميعي، للشيخ سليمان العلوان - حفظه الله -.]
ويا ليت يأ أبا عمر أن تحركوا الشيخ عبدالمحسن العباد للرد عليه في كتاب عن الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.
ـ[فارس النهار]ــــــــ[22 - 02 - 06, 10:48 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم ..
ووددتُ لو وضع الإسم الكامل للمردود عليه في العنوان حتى لا يشتبه على أحدٍ كما حصل مراراً ..
فهناك سقافٌ سنّيٌ .. وآخرُ مبتدع.
أما السني فهو: علوي بن عبد القادر السقاف.
وأما المبتدع فهو: حسن بن علي السقاف.
وقد اشتبه الاسمين عليّ شخصيا وعلى غيري .. انظر هنا ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=410807#post410807) و هنا ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=12155) وغير ذلك مما لم نرَ.
وكثيرٌ من القراء لا تتاح له فرصة قراءة جميع المشاركات ولكنهم في الوقت ذاته يمرون على العناوين بأعينهم .. فتترسخ الفكرة الخاطئة عن الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف خادم السنة.
ليتنا جميعا نستخدم اسمه كاملاً بعد ذلك.
هذه ملحوظةٌ صغيرةٌ أضعها بين أيدي أساتذتي لعلها تفيد.
أخوكم
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[22 - 02 - 06, 02:18 م]ـ
أحسنت يا فارس النهار!!
فكأنك أزلت ظلمة الليل بضوء النهار
ومن هذا الباب أيضا من يخلط بين شعيب الأرناؤوط وعبد القادر الأرناؤوط
وانظر هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=71226&highlight=%D4%DA%ED%C8+%C7%E1%C3%D1%E4%C7%C4%E6%D8 +%DA%C8%CF+%C7%E1%DE%C7%CF%D1
وهل ذاك الذي نراه من أخطاء المحققين في ضبط أسماء الأعلام إلا من تلك البابة!!
ـ[المقدادي]ــــــــ[22 - 02 - 06, 04:08 م]ـ
وقريباً بإذن الله سأنشر كتاب [إتحاف أهل الفضل والإنصاف بنقض كتاب دفع شبهة التشبيه وتعليقات السقاف، دار الصميعي، للشيخ سليمان العلوان - حفظه الله -.]
.
بارك الله فيك اخي ابو عمر الدوسري و ياليت تسرعون في تنزيله الى النت
و قد سمعت ان كتاب الشيخ العلامة المحدث سليمان العلوان حوى فوائد جمه في دحض شبهات حسن السقاف
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/141)
ـ[أبو عمر الدوسري]ــــــــ[28 - 11 - 06, 03:42 م]ـ
1 - الكشاف عن ضلالات حسن السقاف لشيخنا المحدث سليمان بن ناصر العلوان -فرج الله عنه-
http://saaid.net/book/open.php?cat=88&book=1011
2- اتحاف أهل الفضل والإنصاف بنقض كتاب ابن الجوزي دفع شبه التشبيه وتعليقات السقاف لشيخنا المحدث سليمان بن ناصر العلوان -فرج الله عنه-.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=74753&highlight=%C7%E1%D1%CF+%DA%E1%EC+%C7%E1%D3%DE%C7%D D
http://saaid.net/book/open.php?cat=88&book=2433
3- لا دفاعاً عن الألباني فحسب .. بل دفاعاً عن السلفية للشيخ عمرو عبدالمنعم سليم -وفه الله-
http://arabic.islamicweb.com/sunni/reply_saqqaf_1.htm
http://arabic.islamicweb.com/sunni/reply_saqqaf_2.htm
http://arabic.islamicweb.com/sunni/reply_saqqaf_3.htm
http://arabic.islamicweb.com/sunni/reply_saqqaf_4.htm
ـ[أبو حسان السلفي]ــــــــ[13 - 03 - 09, 07:24 م]ـ
للإثراءردود الشيخ الألباني رحمه الله على المدعو حسن السقاف
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=91270
www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=5490 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=5490)
www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=8856 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=8856)
www.ahlalhdeeth.com/vb/archive/index.php/t-4898.html (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/archive/index.php/t-4898.html)
www.ahlalhdeeth.com/vb/archive/index.php/t-8812.html (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/archive/index.php/t-8812.html)
www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=8986 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=8986)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=5418
حسن السقاف وعلاقته بالرافضة الخوارج لشيخنا الفاضل خالد الأنصاري
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=66246
الإسعاف في الكشف عن حقيقة حسن السقاف خزانة الكتب والأبحاث. www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=82559 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=82559)
الكشف عن حقيقة حسن السقاف من كتبه - ملتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=439269 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=439269)
تناقض التناقضات الألباني الواضحات لحسن السقاف-الذب عن الألباني ...
www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=154212 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=154212)
و ينظر ما في هذه الرسالة العلمية لنيل الدكتوراه حول السقاف و موقعه
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=52469&d=1198477794
التوفيق الرباني في الذب عن الألباني لشيخنا عبد الله الخليفي
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=151863
تأكيد الأقوال السنيّة لعلماء المذاهب الفقهيّة أن الأشاعرة ليست من المرضيّة
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=606557
هذا رابط التحميل المباشر
www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=60604&d=1225127703 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=60604&d=1225127703)
و لا يفوتك النقض العلمي لما سوده السقاف والزمزمي
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=75446 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=75446)
ينظر أيضا مواضع من صحيفة سوابق لشيخنا العلامة أبي خبزة الحسني
www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=43801&d=1168643532 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=43801&d=1168643532)
ـ[أبو إسحاق الحضرمي]ــــــــ[25 - 04 - 10, 05:09 م]ـ
وهناك رسالة للشيخ الفاضل / محمد بن سعيد الكثيري - وفقه الله -
في الرد على المدعو حسن السقاف
قدَّم له فيها:
شيخنا السنِّي السلفي: علوي بن عبد القادر السقَّاف
و
شيخي الفقيه السنِّي / علي بن سالم بكير باغيثان - مفتي الشافعية بتريم حضرموت -.
وهي مطبوعة، حسن السقاف وتحريفه للنصوص أو قريباً من هذا العنوان - لا يحضرني الآن اسمها -.
ـ[عبيد الله المقبلي]ــــــــ[26 - 04 - 10, 11:27 م]ـ
اسم كتاب الشيخ محمد الكثيري: عبث أهل الأهواء بتراث الأمة ووقيعتهم في علمائها حسن بن علي السقاف انموذجا
والشيخ محمد محدث فقيه سلفي .. ثبتنا الله وإياه حتى نلقاه.
ـ[عبيد الله المقبلي]ــــــــ[26 - 04 - 10, 11:57 م]ـ
عفوا .. تتمة اسم الكتاب: نظرة تطبيقية في كتب حسن السقاف
وهذا رابط الكتاب:
http://www.asha3ira.co.cc/2010/02/blog-post_4659.html
ـ[ابو سمية الأثري]ــــــــ[27 - 04 - 10, 10:23 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ونفعنا بكم ان شاء الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/142)
ـ[فلاح حسن البغدادي]ــــــــ[28 - 04 - 10, 02:42 ص]ـ
يكفيه خزياً وعاراً أن يكون في خندق الرافضة السبئية الوثنية أهل المتعة
أيهما أوسع الكشاف أم الإتحاف بارك الله فيكم(26/143)
سؤال هام فى علم التوحيد؟
ـ[العلم]ــــــــ[24 - 10 - 03, 08:42 ص]ـ
ما هو الترتيب الأصح لدراسة كتب التوحيد التالية:
ثلاثة الأصول
القواعد الأربعة
كشف الشبهات
كتاب التوحيد
وامثال ذلك مثل القواعد المثلى، الواسطية، الطحاوية
فقد سمعت الشيخ صالح آل الشيخ يقول إن كتاب كشف الشبهات هو المنتهى، وعليه فأرجوا من الأخوة توضيح الترتيب الأصح لدراسة التوحيد بدءاً من مستوى المبتدئين إلى المنتهيين
وجزاكم الله خيراً
ـ[ساري عرابي]ــــــــ[24 - 10 - 03, 09:09 ص]ـ
قال الشيخ حامد العلي:
ويقرأ في العقيدة:
1ـ الثلاثة أصول والقواعد الأربعة بشرح العلاّمة العثيمين
2ـ كتاب التوحيد مع القول السديد
3ـ كشف الشبهات للإمام المجدد محمد بن عبدالوهّاب.
* * *
أقول:
أما بالنسبة لـ: القواعد المثلى، الواسطية، الطحاوية ... فأظنها بهذا الترتيب مناسبة ...
ـ[العلم]ــــــــ[24 - 10 - 03, 09:19 ص]ـ
جزاك الله خيرا يا أخ / سارى عرابى على سرعة الرد
وبارك الله فيك وزادك علما
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(26/144)
فتوى مستعجله في العقيدة من طلاب العلم
ـ[السعيدي]ــــــــ[29 - 10 - 03, 09:49 م]ـ
في حينا أخ عراقي سني من اسرة متصوفه، في بعض الاحيان يقوم بأداء أذان الصلوات نيابة عن مؤذن المسجد، و يحضر الصلوات الخمس تقريبا معنا، ولكن بدا لي بعد نقاش طويل معه في احدى الليالي انه متأثرا ببعض الصوفيه أو الرافضه في الحكم على بعض الصحابة، فهو يبغض خالد ابن الوليد وعمرو ابن العاص والمغيرة بن شعبة ومعاويه بن سفيان واباه رضي الله عنهم جميعا ويكفر أمير المؤمنين يزيد بن معاويه ويسبه ويلعنه، ويفضل علي رضي الله عنه على أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه وأرضاه، بل في احيان اخرى يفضله على الشيخين ابا بكر وعمر رضي الله عنهما.
والغريب انه من احدى عوائل اهل السنه والجماعه المشهورة في العراق ولكن من اسرة متصوفه وله اصحاب من الرافضه في بغداد.
فسؤالي:
1 - هل يجوز لنا السماح له لاقامة الاذان في بعض الاحيان؟
2 - من يعتقد هذه العقيده في الصحابة رضوان الله عليهم، ينتمى الى أي فرقة من الفرق الضالة؟
أفتونا مأجورين، وبارك الله فيكم
ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[30 - 10 - 03, 12:32 ص]ـ
هذا مبتدع .. وليس كافرا، وأذانه وصلاته صحيحة.
وحتى على قول من يقول بعدم صحة الإئتمام بفاسق، فإنه يستثني الفاسق إعتقاديا، والله أعلم.
ـ[السعيدي]ــــــــ[30 - 10 - 03, 01:11 ص]ـ
أخي الكريم: لم نقل انه كافر او مرتد
ولكن هل نسمح له بالاستمرار لاقامه الاذان؟
ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[01 - 11 - 03, 09:53 ص]ـ
إذا كانت لديك سلطةٌ على المسجد، فامنعْه من باب: الهجر والزجر، لعله يرعوي ويرجع عن بدعته، وراعِ في ذلك المصلحة، فحكم الهجر يدور مع المصلحة وجوداً وعدماً، والله أعلم
والعدالة مستحبة في الأذان كما نص فقهاء الحنابلة.(26/145)
مخطوطة في العقيدة للإمام اللالكائي رحمه الله
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[31 - 10 - 03, 06:58 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
وبعد
فالإمام اللا لكائي من كبار أئمة أهل السنة والجماعة من الشافعية في زمانه.
وله كتب قيمة جدا في العقيدة السلفية، منها كتابه المشهور (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة).
ويوجد عندي كتاب مخطوط للإمام اللالكائي بعنوان (كاشف الغمة في اعتقاد أهل السنة) أعمل في تحقيقها منذ مدة
ولا أدري هل هناك من يحقق هذه المخطوطة القيمة أولا، وإذا كان هناك نسخ أخرى لهذه المخطوطة فآمل ممن يعلم عنها أن يذكر أماكن وجودها.
وهذه المخطوطة من المكتبة الظاهرية وحصلت على صورتها من الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية.
تحت رقم 510
وعدد صفحاتها حوالي 83 ورقة
وهذه صورة للصفحة الأولى منها:
http://www.al-hdhd.net/up/files/rayaan-1067542661.jpg
وهذه صورة للصفحة الأخيرة منها:
http://www.al-hdhd.net/up/files/rayaan-1067542673.jpg
ـ[ aboumalik] ــــــــ[31 - 10 - 03, 07:05 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم , هلا أرسلتم لنا هذه المخطوطة بارك الله فيكم , فأنا آمل في تحقيقها ونشرها بإذن الله ,
ولكم مني خالص الشكر , وجزاكم الله خيرا
وهذا بريدي الخاص يمكن أن تكتب لي للاتفاق في هذا الامر.
aboumalik3@hotmail.com
ـ[ناصر بن عبدالله الدرعاني]ــــــــ[31 - 10 - 03, 09:09 ص]ـ
اطلعت قبل عشرة أعوام تقريباً في قسم الرسائل الجامعية في جامعة الإمام بالرياض فوجدت هذا الكتاب محققا في رسالة جامعية / ماجستير أو دكتوراة _ نسيت _
ومصورة الكتاب محفوظة لديّ ويغلب على الظن أنها مختصر لشرح أصول السنة والمختصر مؤلف يسمى الأدكائي والله أعلم
تنبيه: أكتب من ذهن مكدود والله أعلم بالصواب
ـ[ناصر بن عبدالله الدرعاني]ــــــــ[31 - 10 - 03, 09:32 ص]ـ
بعد كتابتي لما سبق ذهبت فبحثت ووجدت هذه المعلومات على هذا الرابط مطابقة لما ذكرت
كاشف الغمة ( http://213.150.161.217/scripts/minisa.dll/781/L120/ كاشف+الغمه+في+اعتقاد+اهل+السنه?
قال الشيخ الألباني :
EYSEARCH)
فالحمد لله على التمام
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[31 - 10 - 03, 09:37 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على التعقيب.
وهذه المخطوطة هي مختصر (لكتاب للإمام اللالكائي) لم يذكر عنوانه الذي اختصر الكتاب وإنما ذكر أنه لم يحذف منه سوى الأسانيد.
ولكن لم أجد اسم الذي اختصره ولعله هو الذي سماه بـ (كاشف الغمة) كما يظهر من الورقة الأولى.
وهذه المخطوطة عندي منذ عام 1413 للهجرة.
تنبيه: الرابط الذي ذكره الأخ لا يعمل معي.
ـ[إسلام بن منصور]ــــــــ[31 - 10 - 03, 04:49 م]ـ
جزاكما الله خيرا
ـ[ناصر بن عبدالله الدرعاني]ــــــــ[31 - 10 - 03, 10:05 م]ـ
الرابط هو لمركز الملك فيصل للدراسات والبحوث وهو:
http://213.150.161.217/scripts/minisa.dll/144/kfcris?DIRECTSEARCH
في خانة العنوان اكتب: كاشف الغمة
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[01 - 11 - 03, 12:00 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبو الفهد العرفي]ــــــــ[09 - 08 - 09, 02:59 م]ـ
أخي الحبيب، لو في الإمكان إرسال نسخة من المخطوطة أكون لك من الشاكرين.
فقط أعلمني وسأقوم بإرسال رسالة خاصة إليك بالبريد الإلكتروني الخاص بي، وجزاك الله خيرا.
ـ[أبو الفهد العرفي]ــــــــ[11 - 08 - 09, 11:12 ص]ـ
الأخ: ناصر الدرعاني
هذه الرسالة تظهر عند الضغط على الرابط:
Invalid profile setting for command search
فما العمل إذا؟(26/146)
الإستواء معلوم والكيف مجهول
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[02 - 11 - 03, 07:57 م]ـ
هل هذه الرواية صحيحة عن مالك؟؟
ـ[ساري عرابي]ــــــــ[02 - 11 - 03, 10:33 م]ـ
فهذا جزء من بحث بعنوان (الأثر المشهور عن الإمام مالك رحمه الله في صفة الاستواء دراسة تحليلية) بقلم الشيخ: (عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر) ... أنقل الجانب الحديثي منه وهو إثبات صحة الأثر عن مالك، معتذراً عن عرض الهوامش هنا، إلا أني سأرفق معه الدراسة كاملة في ملف مضغوط إن شاء الله:
وإليك كلام الشيخ:
[المبحث الأوَّل: تخريج هذا الأثر وبيان ثبوته عن الإمام مالك -رحمه الله-
لقد اشتهر هذا الأثر عن الإمام مالك -رحمه الله- شهرة بالغة، ورواه عنه طائفة من تلاميذه، وهو مرويٌّ عنه من طرق عديدة، وقد حَظِي باستحسان أهل العلم، وتلقَّوه بالقبول، وهو مخرَّج في كتب عديدة من كتب السنة.
وفيما يلي ذكرٌ لما وقفت عليه من طرق لهذا الأثر مع ذكر مخرِّجيها، وما وقفت عليه من كلام أهل العلم في بيان ثبوته.
1 ـ رواية جعفر بن عبد الله ()
قال الحافظ أبو نعيم في الحلية: حدّثنا محمد بن علي بن مسلم العقيلي، ثنا القاضي أبو أميَّة الغلابي، ثنا سلمة بن شبيب ()، ثنا مهدي بن جعفر ()، ثنا جعفر بن عبد الله قال: كنا عند مالك بن أنس فجاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? كيف استوى؟، فما وجد مالك من شيء ما وجد من مسألته، فنظر إلى الأرض وجعل ينكتُ بعود في يده حتى علاه الرّحضاء ـ يعني العرق ـ ثمَّ رفع رأسه ورمى بالعود وقال: ((الكيف منه غير معقول، والاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة))، وأمر به فأُخرج ().
ورواه الإمام أبو إسماعيل الصابوني في كتابه ((عقيدة السلف)) قال: أخبرنا أبو محمد المخلدي العدل، حدّثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن مسلم الإسفراييني، حدّثنا أبو الحسين علي بن الحسن، حدّثنا سلمة بن شبيب به، وذكر نحوَه، إلاّ أنّه قال: ((الكيف غير معلوم)) ().
ورواه أيضاً الإمام الصابوني من طريق أخرى قال: أخبرنا به جدّي أبو حامد أحمد بن إسماعيل، عن جدّ والدي الشهيد، وأبو عبد الله محمد بن عدي بن حمدويه الصابوني، حدّثنا محمد بن أحمد ابن أبي عون النسوي، حدّثنا سلمة بن شبيب به ().
ورواه الحافظ اللالكائي في شرح الاعتقاد من طريق علي بن الربيع التميمي المقري قال: ثنا عبد الله بن أبي داود قال: ثنا سلمة ابن شبيب به، باللفظ السابق ().
وتابعه بكّار بن عبد الله () عن مهدي بن جعفر عن مالك، ولم يذكر شيخه جعفر بن عبد الله.
أخرجه ابن عبد البر في التمهيد ()، أخبرنا محمد بن عبد الملك قال: حدّثنا عبد الله بن يونس قال: حدّثنا بقيُّ بن مخلد قال: حدّثنا بكار بن عبد الله القرشي قال: حدّثنا مهدي بن جعفر عن مالك ابن أنس أنَّه سُئل عن قول الله ?: ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ?: كيف استوى؟، قال: فأطرق مالك ثم قال: ((استواؤه مجهول ()، والفعل منه غير معقول، والمسألة عن هذا بدعة)).
وتابعه أيضاً الإمام الدارمي، قال في كتابه الردّ على الجهميّة: حدّثنا مهدي بن جعفر الرملي ثنا جعفر بن عبد الله ـ وكان من أهل الحديث ثقة ـ عن رجل قد سمّاه لي، قال: جاء رجل إلى مالك ابن أنس، وذكره ().
فزاد في إسناده بعد جعفر بن عبد الله: ((عن رجل)).
ومهدي بن جعفر صدوق له أوهام وقد اضطرب في روايته لهذه القصة، فرواها مرّة عن شيخه جعفر بن عبد الله عن مالك، ورواها مرّة أخرى عن شيخه جعفر عن رجل عن مالك، ورواها مرّة ثالثة عن مالك مباشرة، وهذا الاضطراب الذي في هذه الطريق لا ينفي صحة القصة؛ لأنَّها قد جاءت من طرق أخرى تعضدها وتقوِّيها -كما سيأتي-.
2 ـ رواية عبد الله بن وهب ()
قال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أحمد بن محمد بن إسماعيل بن مهران ()، ثنا أبي ()، حدّثنا أبو الربيع بن أخي رشدين ابن سعد () قال: سمعت عبد الله بن وهب يقول: كنا عند مالك بن أنس فدخل رجل فقال: يا أبا عبدالله ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? كيف استواؤه؟، قال: فأطرق مالك وأخذته الرحضاء، ثم رفع رأسه فقال: ((الرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه، ولا يقال كيف، وكيف عنه مرفوع، وأنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه، قال: فأُخرج)) ().
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/147)
قال الذهبي في العلوّ: ((وساق البيهقي بإسناد صحيح عن أبي الربيع الرشديني عن ابن وهب ... )) وذكره ().
وقال الحافظ ابن حجر: ((وأخرج البيهقي بسند جيِّد عن ابن وهب ... )) وذكره ().
3 ـ رواية يحيى بن يحيى التميمي ()
قال البيهقي -رحمه الله- في كتابه الأسماء والصفات:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه الأصفهاني ()، أنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيَّان المعروف بأبي الشيخ ()، ثنا أبو جعفر أحمد بن زيرك اليزدي: سمعت محمد بن عمرو بن النضر النيسابوري () يقول: سمعت يحيى بن يحيى يقول: كنا عند مالك بن أنس فجاء رجل فقال: يا أبا عبد الله ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? فكيف استوى؟، قال: فأطرق مالك رأسه حتى علاه الرحضاء ثم قال: ((الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلاّ مبتدعاً. فأمر به أن يُخرج)) ().
ورواه البيهقي في كتابه الاعتقاد بالإسناد نفسه ().
وأورده الذهبي في العلوّ قال: وروى يحيى بن يحيى التميمي وجعفر بن عبدالله وطائفة، وذكره ثم قال: ((هذا ثابت عن مالك)) ().
وقال الإمام شمس الدين محمد بن عبد الهادي في كتابه في الاستواء: ((صحيح ثابت عن مالك)) ().
4 ـ رواية جعفر بن ميمون ()
قال الإمام أبو إسماعيل الصابوني حدّثنا أبو الحسن بن إسحاق المدني، حدّثنا أحمد بن الخضر أبو الحسن الشافعي ()، حدّثنا شاذان، حدّثنا ابن مخلد بن يزيد القهستاني، حدّثنا جعفر بن ميمون قال: سئل مالك بن أنس عن قوله: ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? كيف استوى؟، قال: ((الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلاّ ضالاًّ، وأمر به أن يخرج من مجلسه)) ().
5 ـ رواية سفيان بن عيينة ()
قال القاضي عياض: ((قال أبو طالب المكي: كان مالك -رحمه الله- أبعدَ الناس من مذاهب المتكلِّمين، وأشدَّهم بُغضاً للعراقيين، وألزَمَهم لسنة السالفين من الصحابة والتابعين، قال سفيان بن عيينة: سأل رجلٌ مالكاً فقال: ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? كيف استوى يا أبا عبد الله؟، فسكت مالكٌ مليًّا حتى علاه الرحضاء، وما رأينا مالكاً وجد من شيء وجده من مقالته، وجعل الناس ينظرون ما يأمر به، ثمَّ سُريَّ عنه فقال: ((الاستواء منه معلوم، والكيف منه غير معقول، والسؤال عن هذا بدعة، والإيمان به واجب، وإني لأظنُّك ضالاًّ، أخرجوه)).
فناداه الرجل: يا أبا عبد الله، والله الذي لا إله إلاَّ هو، لقد سألتُ عن هذه المسألة أهلَ البصرة والكوفة والعراق، فلم أجِد أحداً وُفِّق لما وُفِّقت له)) ().
6 ـ رواية محمد بن النعمان بن عبد السلام التيمي ().
قال أبو الشيخ الأنصاري في كتابه طبقات المحدّثين: حدّثنا عبد الرحمن بن الفيض ()، قال: ثنا هارون بن سليمان ()، قال: سمعت محمد بن النعمان بن عبدالسلام يقول: ((أتى رجل مالكَ بنَ أنس فقال: ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى? كيف استوى؟، قال: فأطرق، وجعل يعرق، وجعلنا ننتظر ما يأمر به، فرفع رأسه، فقال: ((الاستواء منه غير مجهول، والكيف منه غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلاّ ضالاًّ، أَخرجوه من داري)) ()، وإسناده جيّد.
7 ـ رواية عبد الله بن نافع ().
قال الحافظ ابن عبد البر -رحمه الله-: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن ()، قال: حدّثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ابن مالك ()، قال: حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ()، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا سريج بن النعمان ()، قال: حدّثنا عبد الله بن نافع، قال: قال مالك بن أنس: ((الله ? في السماء وعلمه في كلِّ مكان، لا يخلو منه مكان، قال: وقيل لمالك: ?الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? كيف استوى؟، فقال مالك -رحمه الله-: استواؤه معقول، وكيفيته مجهولة، وسؤالك عن هذا بدعة، وأراك رجل سوء)) ().
8 ـ رواية أيوب بن صالح المخزومي ().
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/148)
قال الحافظ ابن عبد البر -رحمه الله-: وأخبرنا محمد بن عبد الملك ()، قال: حدّثنا عبد الله بن يونس ()، قال: حدّثنا بقي بن مخلد ()، قال: حدّثنا بكّار بن عبد الله القرشي () ... وساق روايته للأثر المتقدّمة من طريق مهدي بن جعفر، ثم قال: قال بقي: وحدّثنا أيوب بن صلاح () المخزومي بالرملة، قال: ((كنا عند مالك إذ جاءه عراقي فقال له: يا أبا عبد الله مسألة أريد أن أسألك عنها؟، فطأطأ مالك رأسه فقال له: يا أبا عبدالله ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ? كيف استوى؟، قال: سألتَ عن غير مجهول، وتكلّمت في غير معقول، إنّك امرؤ سوء، أخرِجوه، فأخذوا بضبعيه فأخرجوه)) ().
9 ـ رواية بشّار الخفّاف الشيباني ().
قال ابن ماجه في التفسير: حدّثنا علي بن سعيد ()، قال: حدّثنا بشّار الخفّاف أو غيره، قال: ((كنت عند مالك بن أنس فأتاه رجل فقال: يا أبا عبدالله ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ?، كيف استوى؟، وذكره، كذا في تهذيب الكمال ().
وقال أبو المظفر السمعاني في تفسيره: ((وقد رووا عن جعفر بن عبد الله وبشر الخفّاف () قالا: كنّا عند مالك بن أنس فأتاه رجل فسأله عن قوله: ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ?، كيف استوى؟ فأطرق مالك مليًّا، وعلاه الرحضاء، ثم قال: ((الكيف غير معقول، الاستواء مجهول ()، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أظنّك إلاّ ضالاًّ، ثم أمر به فأخرج)) ()، من غير شك في رواية بشار الخفاف.
10 ـ رواية سحنون () عن بعض أصحاب مالك.
قال ابن رشد في البيان والتحصيل: قال سحنون: أخبرني بعض أصحاب مالك أنَّه كان قاعداً عند مالك فأتاه رجل فقال: ((يا أبا عبد الله مسألة؟، فسكت عنه ثم قال له: مسألة؟، فسكت عنه، ثم عاد فرفع إليه مالك رأسَه كالمجيب له، فقال السائل: يا أبا عبد الله: ? الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ?، كيف كان استواؤه؟ فطأطأ مالك رأسَه ساعة ثم رفعه، فقال: ((سألتَ عن غير مجهول، وتكلّمتَ في غير معقول، ولا أراك إلاَّ امرأ سوء، أَخرِجوه)) ().
فهذا جملة ما وقفت عليه من طرق لهذا الأثر عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس -رحمه الله-، وبعض طرقه صحيحة ثابتة، وبعضها لا يخلو من مقال، إلا أنّها يشدّ بعضها بعضاً، ويشهد بعضها لبعض، والأثر ثابت بلا ريب بمجموع هذه الطرق، ولذا اعتمده أهل العلم، وصححه غير واحد، وقد تقدّم الإشارة إلى بعض من صحّحه، ولا يُعرف أحدٌ منهم ضعّفه، وسيأتي في مبحث لاحق نقل كلام أهل العلم في التنويه به، والثناء عليه، وتلقّيهم له بالقبول والاستحسان.] أ. هـ
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[03 - 11 - 03, 08:00 م]ـ
...
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[08 - 11 - 03, 12:14 ص]ـ
ضعف حسان هذه الرواية فهل كلامه صحيح نريد مشاركات أخرى غير الأخ.(26/149)
هل يجوز أن يجزم بخلود من مات على الكفر أنه في النار بعينه
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[03 - 11 - 03, 08:32 ص]ـ
http://www.saaid.net/Doat/alharfi/41.htm
قال الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن علي الهرفي:
المسألة: هل يجوز أن يجزم بخلود من مات على الكفر أنه في النار بعينه
صورة المسألة: مكلف مات وظاهره أنه كافر أصلي أو مرتدا هل نحكم أنه بعينه في النار؟
• القول الأول: لا نشهد لأحد بجنة ولا نار إلا من شد له الشارع الحكيم
1. الأصل عندنا ألا نحكم لمعين بجنة ولا نار إلا من حكم له الله تعالى كأبي لهب وأبي طالب فهما في النار، وأبو بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ في الجنة، والحكم على المعين بالنار من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى وقد قال: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (الأنعام:59) وقال تعالى: (عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (المؤمنون:92)، وهذا من التألي على الله جل وعلا.
2. أننا لا ندري بماذا ختم لهذا المعين فلعله تاب إن كان مرتدا أو اسلم إن كان كافرا كما أسلم الرجل الذي قتله اسامة بن زيد ـ رضي الله عنه ـ.
3. قال الطحاوي رحمه الله ــ (ونرى الصلاة خلف كل بَرّ ٍ وفاجر ٍ من أهل القبلة، وعلى من مات منهم، ولانُنْزِلُ أحداً منهم جنة ً ولا ناراً).
4. أن من مات على الكفر قد يعذر بالجهل أو التأويل أو غيره كمن قال لأبنائه حرقوني وذروني فلو سمعه أحد الناس لحكم عليه بالكفر ولكن الله عذره.
5. أننا نحكم على أطفال الكفار ومجاننهم بالكفر وأمرهم إلى الله تعالى.
6. كما أننا لا نشهد للمسلم بالجنة ونرجوا له ذلك فكذلك لا نشهد للكافر بالنار.
7. لا نعرف أحد من أهل العلم المعتبرين قال بهذا القول.
• القول الثاني: نشهد لمن مات وظاهره أنه مات كافرا بالنار
1. قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً) (النساء:48) وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) (النساء:116) وقال تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) (المائدة:72)
هذا وعد جازم من الله تعالى ألا يدخل مشرك الجنة، فيجوز لنا الجزم بالنار لمن حرم الله عليه الجنة قطعا.
2. أخرج ابن ماجه عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ وَكَانَ وَكَانَ فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي النَّارِ قَالَ فَكَأَنَّهُ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ أَبُوكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُمَا مَرَرْتَ بِقَبْرِ مُشْرِكٍ فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ قَالَ فَأَسْلَمَ الْأَعْرَابِيُّ بَعْدُ وَقَالَ: لَقَدْ كَلَّفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَبًا مَا مَرَرْتُ بِقَبْرِ كَافِرٍ إِلَّا بَشَّرْتُهُ بِالنَّارِ) قال الهيثمي (رواه البزار والطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح) (مجمع الزوائد) 1/ 118.
هذا النص صريح في كون الصحابي كان يبشر المشركين بالنار، فإذا مر بقبر الكافر فلان بن فلان بشره بالنار وهكذا وهذا فيه تحديد لكل مشركة بعينه.
(قال ابن الأمين: هذا الحديث لو صح لكان فصلاً في المسألة لكنه معلول)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/150)
3. أجمع الصحابة ومنهم الشيخان ـ رضي الله عنهما ـ على أننا نحكم على من مات على بأنه في النار، واجماعهم يظهر في قصة قتال قول طليحة الأسدي مارواه طارق بن شهاب قال (جاء وفد بُزَاخة من أسد وغطفان إلى أبي بكر يسألونه الصلح، فخيَّرهم بين الحرب المُجْلِيَة والسلم المُخْزِيَة، فقالوا: هذه المُجْلِيَة قد عرفناها فما المخزية؟. قال: تُنْزَع منكم الحَلْقَة والكُرَاع، ونَغْنَم ما أصبنا منكم، وتَرُدُّون علينا ماأصبتم منا، وتَدُون قتلانا وتكون قتلاكم في النار، وتتركون أقواماً يتبعون أذناب الإبل حتى يرِيَ الله خليفة رسوله والمهاجرين أمراً يعذرونكم به) فعَرَض أبو بكر ماقال على القوم، فقام عمر فقال: قد رأيت رأيا وسنشير عليك، أما ماذكرت من الحرب المجلية والسلم المخزية فَنِعْم ماذكرت، وأما ماذكرت أن نغنم ماأصبنا منكم وتردون ماأصبتم منا فنِعْم ماذكرت، وأما ماذكرت تدون قتلانا وتكون قتلاكم في النار، فإن قتلانا قاتلت فقُتِلت على أمر الله أجورها على الله ليس لها ديات) قال: فتتابع القوم على ماقال عمر. أهـ. رواه البرقاني على شرط البخاري. عن (نيل الأوطار) للشوكاني، 8/ 22. وذكره ابن حجر في الفتح ثم قال (قال الحميدي: اختصره البخاري فذكر طرفاً منه وهو قوله لهم «يتبعون أذناب الإبل ــ إلى قوله ــ يعذرونكم به» وأخرجه بطوله البرقاني بالإسناد الذي أخرج البخاري ذلك القدر منه) (فتح الباري) 13/ 210. وأصل الحديث بالبخاري في باب (الاستخلاف) بكتاب الأحكام برقم (7221). ووفد بُزَاخة هم قوم طُلَيْحَة بْن خُوَيْلِدٍ الْأَسَدِيَّ , وَكَانَ قَدْ اِدَّعَى النُّبُوَّة بَعْدَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطَاعُه قومه لِكَوْنِهِ مِنْهُمْ فَقَاتَلَهُمْ خَالِد بْن الْوَلِيد بَعْد أَنْ فَرَغَ مِنْ مُسَيْلِمَة بِالْيَمَامَةِ ,، فلما هزمهم بعثوا وفدهم إلى أبي بكر.
وقد ذكر ابن حجر هذا الحديث وقال في شرحه (و «المجلية» بضم الميم وسكون الجيم بعدها لام مكسورة ثم تحتانية من الجلاء بفتح الجيم وتخفيف اللام مع المد ومعناها: الخروج عن جميع المال. و «المخزية» بخاء معجمة وزاي بوزن التي قبلها: مأخوذة من الخزي، ومعناها: القرار على الذل والصغار، و «الحلقة» بفتح المهملة وسكون اللام بعدها قاف: السلاح، و «الكُرَاع» بضم الكاف على الصحيح وبتخفيف الراء: جميع الخيل. وفائدة نزع ذلك منهم أن لايبقى لهم شوكة ليأمن الناس من جهتهم، وقوله «ونغنم ما أصبنا منكم» أي يستمر ذلك لنا غنيمة نقسمها على الفريضة الشرعية ولانرد عليكم من ذلك شيئا، وقوله «وتردون علينا ما أصبتم منا» أي ماانتهبتموه من عسكر المسلمين في حالة المحاربة، وقوله «تدون» بفتح المثناة وتخفيف الدال المضمومة: أي تحملون إلينا دياتهم، وقوله «قتلاكم في النار» أي لاديات لهم في الدنيا لأنهم ماتوا على شركهم، فقتلوا بحق فلا دية لهم، وقوله و «تتركون» بضم أوله، و «يتبعون أذناب الإبل» أي في رعايتها لأنهم إذا نزعت منهم آلة الحرب رجعوا أعرابا في البوادي لاعيش لهم إلا مايعود عليهم من منافع إبلهم، قال ابن بطال: كانوا ارتدوا ثم تابوا، فأوفدوا رسلهم إلى أبي بكر يعتذرون إليه فأحب أبو بكر أن لايقضي بينهم إلا بعد المشاورة في أمرهم، فقال لهم: ارجعوا واتبعوا أذناب الإبل في الصحاري، انتهى. والذي يظهر أن المراد بالغاية التي أنظرهم إليها أن تظهر توبتهم وصلاحهم بحُسْن إسلامهم) (فتح الباري) 13/ 210 ــ 211.
والشاهد من هذا: هو قول أبي بكر للمرتدين التائبين (وتكون قتلاكم في النار) وموافقة عمر وسائر الصحابة رضي الله عنهم له على ذلك، وهذا إجماع منهم على تكفير أنصار أئمة الردة وجنودهم على التعيين، إذ لاخلاف في أن القتلى أشخاص معينون، كما أنه لاخلاف بين أهل السنة في أنه لايشهد لمعيَّن بالنار إلا المقطوع بكفرهوقد قال ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عَضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) الحديث رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/151)
وبلا ريب أن هذا إجمع من الصحابة على كفر أنصار مسيلمة المتنبيء الكذاب وأنصار طليحة الأسدي المتنبيء الكذاب، فقد غنموا أموالهم وسَبَواْ نساءهم وشهدوا على قتلاهم بأنهم في النار وهذا تكفير منهم لهم على التعيين، ودليله:
4. أما المسلم مهما كان فاسقاً فاعتقاد أهل السنة ــ هو كما ذكره الطحاوي رحمه الله ــ (ونرى الصلاة خلف كل بَرّ ٍ وفاجر ٍ من أهل القبلة، وعلى من مات منهم، ولانُنْزِلُ أحداً منهم جنة ً ولا ناراً)، أما من مات كافراً فإنه يُشهد له بالنار وأنه من أهلها كما في قوله صلى الله عليه وسلم (إن أبي وأباك في النار) الحديث رواه مسلم، وكما في قوله صلى الله عليه وسلم ــ عن عمّه أبى طالب ــ (هو في ضَحْضاح من نار) الحديث رواه البخاري (3883). وقال صلى الله عليه وسلم (حيثما مررت بقبر كافر ٍ فبشِّره بالنار)
5. ذكر ابن تيمية أن اتباع مسيلمة كانوا نحو مائة ألف أو أكثر (منهاج السنة النبوية) 7/ 217، وقال ـ رحمه الله ـ (ولأن المرتد لو امتنع ــ بأن يلحق بدار الحرب، أو بأن يكون المرتدون ذوي شوكة يمتنعون بها عن حكم الإسلام ــ فإنه يُقتل قبل الاستتابة بلا تردد) (الصارم المسلول) صـ 322، وقال أيضا (على أن الممتنع لايُستتاب، وإنما يُستتاب المقدور عليه) (الصارم المسلول) صـ 325 ــ 326.
6. نحن لا نحكم للمسلم بالجنة لأنه قد يدخل النار وإن كنا نرجوا له الجنة ويزداد هذا الرجاء كلما زاد صلاحه، والله تعالي جزم بدخول المشركين النار ونحن محكم على الظواهر فقط وندع البواطن لله تعالى.
7. أطفال الكفار ومجاننيهم ليسوا معنيين في هذه المسألة.
8. لو حكمنا على معين بالكفر وجزمنا له بالنار ثم ظهر خلاف ذلك لا نأثم، كقول عمر لحاطب، وسعد مع سعد في حادثة الإفك، وهذا مستفيض في الشريعية.
9. عدم العلم بمن قال بهذا القول لا يعني العدم، وهاك كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: قال شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله عن مانعي الزكاة: ( ... وقد روي أن طوائف منهم كانوا يقرون بالوجوب ــ وجوب الزكاة ـ ومع هذا فسيرة الخلفاء فيهم واحدة وهي قتل مقاتيلهم وسبي ذراريهم وغنيمة أموالهم، والشهادة على قتلاهم بالنار .. )
قال الإم محمد بن عبدالوهاب تعلقيا: (فتأمل كلامه في تكفير المعين، والشهادة عليه إذا قتل بالنار .. ) انظر الدرر 9/ 418
قال ابن الأمين: ويظهر من الشيخ الهرفي التفريق بين قضية الحكم على الكافر المعين بالنار وبين الحكم علىالمسلم المعين بالجنة. ولا يجوز الحكم على رجل معين بالجنة إلا بنص الوحي لأن الإسلام وحده لا يكفي لدخول الجنة فقد يدخل المسلمون العصاة النار لكن لا يخلدون بها
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[03 - 11 - 03, 08:53 ص]ـ
المسألة: هل يجوز أن يجزم بخلود من مات على الكفر أنه في النار بعينه ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3381&highlight=%ED%CC%D2%E3)
ـ[ع. ع]ــــــــ[03 - 11 - 03, 09:36 ص]ـ
الجزم بخلود الميت المعين الكافر في النار
فتوى للشيخ؛ علي الخضير
هل يجزم الإنسان بدخول المعين الذي يموت على الكفر - مثل " الخميني " و " ستالين " و " لينين " - النار.
فنقول؛ إن الخميني الآن في النار يعذب؟
الجواب:
من مات على الكفر - وهو كافر أصلي - فهذا يشهد عليه بالنار.
لحديث ((إن أبي وأباك في النار)).
وحديث " وفد بني المنتفق " وفيه: ((إذا مررت بقبر قرشي أو دوسي، فقل: ابشر بما يسؤك تجر على وجهك إلى النار)).
خصوصا إذا كان من اليهود أو النصارى، لحديث: ((والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي يهودي أو نصراني من هذه الأمة ثم لا يؤمن بالذي أرسلت به إلا دخل النار)).
قال ابن القيم في [زاد المعاد]: (فيه دليل أن من مات مشركا فهو في النار).
وقوله تعالى {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا}.
وإن كان مرتدا - ومات على ردته - فهذا يشهد له بالنار أيضا.
كما صح عن أبي بكر في قتلى المرتدين، وأنه صالحهم على أن يشهدوا أن قتلاهم من المرتدين في النار، وهو إجماع الصحابة.
المصدر: http://www.alsunnah.info/r?c=2.1.05&i=49
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[03 - 11 - 03, 04:49 م]ـ
((والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي يهودي أو نصراني من هذه الأمة ثم لا يؤمن بالذي أرسلت به إلا دخل النار))
ليس فيه إطلاق بل شرط أن يكون سمع به، وكأنه أي سمع به على وجه صحيح لا بالطريقة المشوهة التي شوهدت في كثير من الأحيان.
وقال تعالى:
وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا
ـ[أبو نايف]ــــــــ[03 - 11 - 03, 10:11 م]ـ
الجنة والنار علمها عند الله عز وجل وحده
ولا يجوز لأحد بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يحكم لأحد ((بعينه)) بأنه من أهل النار أو من أهل الجنة
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[04 - 11 - 03, 12:42 ص]ـ
عقيدة الموافاة من عقائد الأشاعرة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/152)
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[04 - 11 - 03, 01:30 ص]ـ
صحيح البخاري ج: 2 ص: 935
عن أبي الأسود قال أتيت المدينة وقد وقع بها مرض وهم يموتون موتا ذريعا فجلست إلى عمر رضي الله عنه فمرت جنازة فأثني خيرا فقال عمر وجبت ثم مر بأخرى فأثني خيرا فقال وجبت ثم مر بالثالثة فأثني شرا فقال وجبت فقلت ما وجبت يا أمير المؤمنين قال قلت كما قال النبي صلى الله عليه وسلم أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة قلنا وثلاثة قال وثلاثة قلت واثنان قال واثنان ثم لم نسأله عن الواحد
قال الحافظ في الفتح
[1302] قوله فأثنى على صاحبها خيرا كذا في جميع الأصول خيرا بالنصب وكذا شرا وقد غلط من ضبط أثنى بفتح الهمزة على البناء للفاعل فإنه في جميع الأصول مبنى للمفعول قال بن التين والصواب الرفع وفي نصبه بعد في اللسان ووجهه غيره بأن الجار والمجرور أقيم مقام المفعول الأول وخيرا مقام الثاني وهو جائز وأن كان المشهور عكسه وقال النووي هو منصوب بنزع الخافض أي أثنى عليها بخير وقال بن مالك خيرا صفة لمصدر محذوف فأقيمت مقامه فنصبت لأن أثنى مسند إلى الجار والمجرور قال والتفاوت بين الإسناد إلى المصدر والإسناد إلى الجار والمجرور قليل قوله فقال أبو الأسود هو الراوي وهو بالإسناد المذكور قوله فقلت وما وجبت هو معطوف على شيء مقدر أي قلت هذا شيء عجيب وما معنى قولك لكل منهما وجبت مع اختلاف الثناء بالخير والشر قوله قلت كما قال النبي صلى الله عليه وسلم أيما مسلم الخ الظاهر أن قوله أيما مسلم هو المقول فحينئذ يكون قول عمر لكل منهما وجبت قاله بناء على اعتقاده صدق الوعد المستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم أدخله الله الجنة
وأما اقتصار عمر على ذكر أحد الشقين فهو أما للإختصار وإما لإحالته السامع على القياس والأول أظهر وعرف من القصة أن المثنى على كل من الجنائز المذكورة كان أكثر من واحد وكذا في قول عمر قلنا وما وجبت إشارة إلى أن السائل عن ذلك هو وغيره
وقد وقع في تفسير قوله تعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) في البقرة عند ابن أبي حاتم من حديث أبي هريرة أن أبي بن كعب ممن سأل عن ذلك قوله فقلنا وثلاثة فيه اعتبار مفهوم الموافقة لأنه سأل عن الثلاثة ولم يسأل عما فوق الأربعة كالخمسة مثلا وفيه أن مفهوم العدد ليس دليلا قطعيا بل هو في مقام الاحتمال قوله ثم لم نسأله عن الواحد قال الزين بن المنير إنما لم يسأل عمر عن الواحد استبعادا منه أن يكتفى في مثل هذا المقام العظيم بأقل من النصاب وقال أخوه في الحاشية فيه إيماء إلى الاكتفاء بالتزكية بواحد كذا قال وفيه غموض وقد استدل به المصنف على أن أقل ما يكتفي به في الشهادة اثنان كما سيأتي في كتاب الشهادات إن شاء الله تعالى
قال الداودي المعتبر في ذلك شهادة أهل الفضل والصدق لا الفسقة لأنهم قد يثنون على من يكون مثلهم ولا من بينه وبين الميت عداوة لأن شهادة العدو لا تقبل
وفي الحديث فضيلة هذه الأمة واعمال الحكم بالظاهر
ونقل الطيبي عن بعض شراح المصابيح قال ليس معنى قوله أنتم شهداء الله في الأرض أن الذي يقولونه في حق شخص يكون كذلك حتى يصير من يستحق الجنة من أهل النار بقولهم ولا العكس بل معناه أن الذي اثنوا عليه خيرا رأوه منه كان كذلك علامة كونه من أهل الجنة وبالعكس
وتعقبه الطيبي بان قوله وجبت بعد الثناء حكم عقب وصفا مناسبا فاشعر بالعلية وكذا قوله أنتم شهداء الله في الأرض لأن الإضافة فيه للتشريف لأنهم بمنزلة عالية عند الله فهو كالتزكية للأمة بعد أداء شهادتهم فينبغي أن يكون لها أثر
قال وإلى هذا يومئ قوله تعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) الآية
قلت وقد استشهد محمد بن كعب القرظي لما روى عن جابر نحو حديث أنس بهذه الآية أخرجه الحاكم
وقد وقع ذلك في حديث مرفوع غيره عند بن أبي حاتم في التفسير وفيه أن الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم ما قولك وجبت هو أبي بن كعب
وقال النووي قال بعضهم معنى الحديث أن الثناء بالخير لمن أثنى عليه أهل الفضل وكان ذلك مطابقا للواقع فهو من أهل الجنة فإن كان غير مطابق فلا وكذا عكسه
قال والصحيح أنه على عمومه وأن من مات منهم فألهم الله تعالى الناس الثناء عليه بخير كان دليلا على أنه من أهل الجنة سواء كانت أفعاله تقتضي ذلك أم لا فإن الأعمال داخلة تحت المشيئة وهذا إلهام يستدل به على تعيينها وبهذا تظهر فائدة الثناء انتهى
وهذا في جانب الخير واضح ويؤيده ما رواه أحمد وابن حبان والحاكم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس مرفوعا ما من مسلم يموت فيشهد له أربعة من جيرانه الأدنين أنهم لا يعلمون منه الا خيرا الا قال الله تعالى قد قبلت قولكم وغفرت له ما لا تعلمون ولأحمد من حديث أبي هريرة نحوه وقال ثلاثة بدل أربعة وفي إسناده من لم يسم وله شاهد من مراسيل بشير بن كعب أخرجه أبو مسلم الكجي
وأما جانب الشر فظاهر الأحاديث أنه كذلك لكن إنما يقع ذلك في حق من غلب شره على خيره وقد وقع في رواية النضر المشار إليها أولا في آخر حديث أنس إن لله ملائكة تنطق على ألسنة بني آدم بما في المرء من الخير أو الشر واستدل به على جواز ذكر المرء بما فيه من خير أو شر للحاجة ولا يكون ذلك من الغيبة وسيأتي البحث عن ذلك في باب النهي عن سب الأموات آخر الجنائز وهو أصل في قبول الشهادة بالاستفاضة وأن أقل أصلها اثنان وقال بن العربي فيه جواز الشهادة قبل الاستشهاد وقبولها قبل الاستفصال وفيه استعمال الثناء في الشر للمؤاخاة والمشاكلة وحقيقته إنما هي في الخير والله أعلم(26/153)
من قال من السلف بأن لله عينين؟
ـ[المتبصر]ــــــــ[05 - 11 - 03, 11:25 م]ـ
صفة العين ثابتة لله عز و جل، و لا شك بنصو الكتاب و السنة و الإجماع السلفي، لكن تثنية العين أخذها بعض أهل السنة من قول النبي صلى الله عليه و سلم في حديثه عن الدجال (إن الله ليس بأعور وأشار بيده إلى عينه) كما فعل عثمان الدارمي في رده على بشر المريسي.
فهل هناك نقول عمن قبل الدارمي في إثبات العينين لله تعالى.
أرجو المشاركة
ـ[إسلام بن منصور]ــــــــ[05 - 11 - 03, 11:53 م]ـ
هذه فقره من كتاب يعد للنشر جامع في معاني أسماء الله وصفاته وأثر الإيمان بها، للد / إبراهيم عبد المنعم الشربيني.
عين الله
نثبت لله سبحانه وتعالى صفة العين على النحو الذي يليق بجلاله من غير تأويل ولا تكييف ولا تشبيه على ما أثبته الخالق البارئ لنفسه في محكم تنزيله وعلى لسان نبيه المصطفي r.
وقد جاء ذكر العين في القرآن الكريم على حالتين:
1) ذكرت العين مضاعفة إلى الضمير المفرد. مثل قوله تعالى: «ولتصنع على عيني» ().
2) ذكرت العين بصيغة الجمع مضافة إلى ضمير الجمع مثله قوله تعالى: «تجرى
بأعيننا» ()، وقوله تعالى لنبيه نوح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام «واصنع الفلك بأعيننا ووحينا»، وقال تعالى: «واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا»
وذكر العين مفردة لا يدل على أنها عين واحدة فقط لان المفرد المضاف يراد به اكثر من واحد، مثل قوله تعالى: «وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها» (). فالمراد نعم الله المتنوعة التي لا تدخل تحت الحصر والعد. وقوله تعالى: «أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم» ().
فالمراد بها جميع ليالي رمضان. ولو قال قائل: نظرت بعيني أو وضعت المنظار على عيني لا يكاد يخطر ببال أحد ممن سمع هذا الكلام أن هذا القائل ليست له إلا عين واحدة. هذا ما لا يخطر ببال أحد أبدا ().
قال الإمام ابن القيم: إذا أضيفت العين إلى اسم الجمع ظاهرًا أو مضمرًا فالأحسن جمعها مشاكلة للفظ، كقوله تعالى: «تجرى بأعيننا» (). و «فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا» (). وهذا نظير المشاكلة في لفظ اليد المضافة إلى المفرد كقوله تعالى: «بيدك الخير» ().، و «بيده الملك» (). وإن أضيفت إلى جمع جمعت كقوله تعالى: «مما عملت أيدينا» ().
وتدل النصوص على أن لله تعالى عينين وأما قوله {بأعيننا} في الآيات المذكورة فإن لفظ عينين إذا أضيف إلى ضمير الجمع جمع كما يجمع مثنى قلب إذا أضيف إلى ضمير مثنى أو جمع كما في قوله تعالى: «إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما» ().
ويدل على ذلك أيضاً ما ورد في حديث النبي r عن الله وعن الدجال «من أن الدجال أعور» وأن الله ليس بأعور فقد استدل به أهل السنة على إثبات العينين لله سبحانه.
وقد ذكرت العين في السنة في قصة المسيح الدجال في حديث عبد الله ابن عمر الذي يقول فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام: «إن الله لا يخفي عليكم إن الله ليس بأعور وأشار بيده إلى عينيه وان المسيح الدجال أعور العين اليمنى، كأنها عنبة طافية» (). ().
وللحديث سبب وهو أن الدجال ذكر عند النبي عليه الصلاة والسلام، وأخبر أنه ما من نبي إلا وقد أمر أمته أو نصحهم بالاستعاذة منه ثم ذكر أن من صفاته أنه أعور العين اليمنى. وأنه على الرغم من دعوى الألوهية وما يجرى له من الأمور الخارقة للعادة امتحانا واستدراجا فيه عيوب ونقائص وهو عاجز عن دفع ذلك عن نفسه فلن يلتبس عليكم الأمر في شأنه لأنه ناقص إذ به عور، وربكم ليس بأعور، بل له سبحانه عينان يبصر بهما لأنه سميع بصير.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال في هذه الآية «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيراً» رأيت رسول الله r يضع إبهامه على أذنه وإصبعه التي تليها على عينه قال أبو هريرة رضي الله عنه: (رأيت رسول الله r يفعل ذلك).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/154)
وأما إشارته عليه الصلاة والسلام بيده إلى عينيه - وهو يخبر عن عور المسيح الدجال وفي حديث أبي هريرة السابق فإنما تفيد تأكيد المعنى الحقيقي للعين على ما يليق بالله تعالى ولا يفهم منها أن عين الله جارحة كأعيننا بل له سبحانه وتعالى عين حقيقة تليق بعظمته وجلاله وقِدَمِهِ. وللمخلوق عين حقيقية تناسب حاله وحدوثه وضعفه وليست الحقيقة كالحقيقة وهذا شأن جميع الصفات التي فيها المشاركة اللفظية مع صفات المخلوق كما تقدم هذا البحث في غير موضع ().
وهذه النصوص التي ذكرناها من القرآن والسنة يراد بها إثبات صفة العين لله حقيقية على ما يليق بجلاله من غير تشبيه ولا تمثيل لها بعين المخلوقين ولا تحريف لها عن مسماها في لغة العرب.
وسياق الكلام لا تأثير له في صرف تلك الكلمات عن مسماها وإنما تأثيره في المراد بالجمل التي وردت فيها هذه الكلمات ().
ومعنى ذلك أن هذه النصوص:
أولاً: تفيد إثبات صفة العين لله.
ثانياً: سياق الكلام في هذه الآيات «واصنع الفلك بأعيننا»، «واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا»، «ولتصنع على عيني»
لا يجعلنا نصرف كلمة العين عن مسماها وإنما تأثير سياق الكلام في المراد بالجمل التي وردت فيها هذه الكلمات، فالمقصود بهذه الجمل كلها هو في قوله تعالى: «واصنع الفلك بأعيننا ووحينا» أمر نوح عليه السلام أن يصنع السفينة وهو في رعاية الله وحفظه.
وفي قوله تعالى: «واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا» أمر نبينا محمد عليه الصلاة والسلام أن يصبر على أذى قومه حتى يقضي الله بينه وبينهم بحكمه العدل وهو مع ذلك بمرأى من الله وحفظه ورعايته.
وفي قوله تعالى: «ولتصنع على عيني» إخبار موسى عليه الصلاة والسلام بأن الله تعالى قد من عليه مرة أخرى إذا أمر أمه بما أمرها به ليربيه تربية كريمة في حفظه تعالى ورعايته.
وروى عكرمة عن ابن عباس () تفسير قوله تعالى: «واصنع الفلك بأعيننا» أنه قال رضي الله عنه بعين الله تبارك وتعالى.
قال الإمام البيهقي - بعد رواية قول ابن عباس السالف الذكر: ومن أصحابنا من حمل العين المذكورة في الكتاب على الرؤية. وقال: قوله تعالى: «ولتصنع على عيني» معناه بمرأى مني وقوله: «فإنك بأعيننا» أي بمرأى منا وكذلك قوله: «تجرى بأعيننا» وقد يكون ذلك من صفات الذات. وتكون صفة واحدة والجمع فيه للتعظيم. كقوله «ما نفدت كلمات الله».
ومنهم من حملها على الحفظ والكلاءة. وقال: إنها من صفات الفعل والجمع فيها شائع، ومن قال بأحد هذين زعم أن المراد بالخبر نفي نقص العور عن الله سبحانه وتعالى وأنه لا يجوز عليه ما يجوز على المخلوقين من الآفات والنقائص.
ثم قال البيهقي: والذي يدل عليه ظاهر الكتاب والسنة من إثبات العين صفة، لا من حيث (الحدقة) أولى. وبالله التوفيق ().
وهذا القول الذي اختاره الإمام البيهقي هو الذي عليه سلف الأمة، وأما محاولة بعض الناس حمل النصوص على خلاف ما يظهر من ألفاظها فمحاولة جهمية معروفه وأما تفسير من فسر الآيات السابقة بالرؤية مع إنكار صفة العين فشبيه بقول الجهمية القائلين: أنه تعالى سميع بلا سمع، بصير بلا بصر عليم بلا علم. وهو قول مرفوض شرعًا وعقلاً كما تقدم في غير موضع. وأما عند أهل السنة فجميع هذه الصفات تساق سوقًا واحدًا خبرية أو عقلية. ذاتية أو فعلية فتثبت بلا كيف. ولا يلزم من إثباتها تشبيه ولا تجسيم كما يظن النفاة بل يلزم من تحريف القول فيها التعطيل. وينتج من ذلك تكذيب خبر الله وخبر رسوله عليه الصلاة والسلام. هذا ما يلزم النفاة - ولا محالة - وهم كل من ينفي صفة ثابتة بالكتاب والسنة أو بالسنة الصحيحة فقط، أدركوا ذلك أو لم يدركوا. والله المستعان ().
قال ابن خزيمة: لربنا الخالق عينان يبصر بهما ما تحت الثرى وتحت الأرض السابعة السفلى وما في السموات العلى وما بينهما من صغير وكبير لا يخفى عليه خافية في السموات السبع والأراضين السبع ولا مما بينهما من صغير وكبير لا يخفى على خالقنا خافية في السموات السبع والأراضين السبع ولا مما بينهم ولا فوقهم (). ولا أسفل منهن لا يغيب عن بصره من ذلك شيء يرى ما في جوف البحار ولججها كما يرى عرشه الذي هو مستو عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/155)
وبنو آدم وإن كانت لهم عيون يبصرون بها فأنهم إنما يرون ما قرب من أبصارهم مما لا حجاب ولا ستر بين المرئي وبين أبصارهم لا ما يبعد منهم وإن كان يقع اسم القرب عليه في بعض الأحوال لان العرب التي خوطبنا بلغتها قد نقول قرية كذا منا قريبة وبلدة كذا قريبة منا ومن بلدنا. ومنزل فلان قريب منا وإن كان بين القريتين وبين المنزلين فراسخ (). والبصير من بني آدم لا يدرك ببصره شخص آخر (). من بني آدم وبينهما فرسخان فأكثر، وكذلك لا يرى أحد من الآدميين ما تحت الثرى والأرض إذا كان فوقها (). المرئي من الأرض والتراب قدر أنملة أو أقل منها بقدر ما يغطي ويواري الشيء.
وكذلك لا يدرك بصره إذا كان بينهما حجاب من حائط أو ثوب صفيق ما يغطي الشيء، عن عين الناظر فكيف يكون – يا ذوي الحجا- مشبها من يصف عين الله بما ذكرنا وأعين بني آدم بما وصفنا ونزيد شرحًا وبيانًا نقول عين الله عز وجل قديمة لم تزل باقية ولا يزال محكوم لها بالبقاء منفي عنها الهلاك والفناء وعيون بنى آدم محدثة كانت عدمًا غير مكونة فَكَوّنها الله وخلقها بكلامه الذي هو صفة من صفات ذاته وقد قضى الله وقدر أن عيون بنى آدم تصير إلى بلاء عن قليل - والله نسأل خير ذلك المصير - وقد يُعمي الله عيون كثير من الآدميين فيذهب بأبصارها قبل نزول المنايا بهم ولعل كثيراً من أبصار الآدميين قد سلط خالقنا عليها ديدان الأرض حتى تأكلها وتفنيها بعد نزول المنية بهم (). ثم ينشئها الله بعد فنائها على ما قد ذكرنا قبل في ذكر الوجه فما الذي يشبه - يا ذوى الحجا - عين الله التي هو موصوفة بما ذكرنا عيون بنى آدم التي وصفناها بعد.
ولست أحسب لو قيل لبصير لا آفة ببصره ولا علة بعينه ولا نقص بل هو أعين أكحل أسود الحدق شديد بياض العين أهدب الأشفار، عيناك كعين فلان الذي هو صغير العين أزرق أحمر بياض العينين قد تأثرت أشفاره وسقطت أو كان أخفش العين أزرق أحمر بياض شحمها يرى الموصوف الأول الشخص من بعيد ولا يرى الثاني مثلا ذلك الشخص من قدر عشر ما يرى الأول لعلة في بصرة أو نقص في عينه، إلا غضب من هذا وأنف منه فلعله يخرج إلى القائل له ذلك إلى المكروه من الشتم والأذى ولست أحسب عاقلاً يسمع هذا المشبه عيني أحدهما بعيني الآخر إلا وهو يكذب هذا المشبه عين أحدهما بعين الآخر ويرميه بالعته والخبل والجنون ويقول له لو كنت عاقلاً يجري عليك القلم لم تشبه عيني أحدهما بعيني الآخر وإن كان يسميان بصيرين إذ ليس بأعميين () ويقال لكل منهما عينان يبصر بهما (). فكيف لو قيل له: عينك كعين الخنزير والقرد والدب أو الكلب أو غيرها من السباع أو هوام الأرض والبهائم، فتدبروا يا ذوي الألباب أبين عيني خالقنا الأزلي الدائم الباقي الذي لم يزل وبين عيني الإنسان من الفرقان أكثر أو مما بين أعين بني آدم وبين عيون ما ذكرنا تعلموا أن المخلوقين من السباع والبهائم والهوام وكلها لها عيون يبصرون بها وعيون جمعهم محدثة مخلوقه خلقها الله بعد أن كانت عدما وكلها تصير إلى فناء وبلى غير جائز إسقاط اسم العيون والأبصار عن شيء منها فكيف يحل لمسلم لو كانت الجهمية من المسلمين أن يرموا من عليه ذلك الاسم (). لم يجز قراءة كتاب الله ووجب (). محو كل آية بين الدفتين فيها (). ذكر نفس الله أو عينه أو يده ().
ولوجب الكفر بكل ما في كتاب الله عز وجل من ذكر صفات الرب كما يجب الكفر بتشبيه الخالق إلا أن القوم جهلة لا يفهمون العلم ولا يحسنون لغة العرب فيضلون ويضلون والله نسأل العصمة والتوفيق والرشاد. اهـ
ـ[المتبصر]ــــــــ[06 - 11 - 03, 11:59 م]ـ
الأخ الفاضل إسلام بارك الله فيك
لكن السؤال المطروح أعلاه، هل هناك من السلف من صرح بأن لله عينين قبل عثمان الدارمي؟
أما غيره فيوجد ابن خزيمة و الأشعري في الإبانة و اللالكائي و غيرهم ..
ـ[المتبصر]ــــــــ[11 - 11 - 03, 01:51 ص]ـ
للرفع
أين الفقيه و أمثاله من الإخوان؟
ـ[حارث همام]ــــــــ[11 - 11 - 03, 08:37 م]ـ
"نحن نقول: لربنا الخالق عينان يبصر بهما ما تحت الثرى وتحت الأرض السابعة السفلى، وما في السموات العلى، وما بينهما من صغير وكبير، لا يخفى على خالقنا خافية في السموات السبع والأرضين السبع، ولا مما بينهم ولا فوقهم، ولا أسفل منهن لا يغيب عن بصره من ذلك شيء، يرى ما في جوف البحار ولججها كما يرى عرشه الذي هو مستو عليه".
هكذا قال إمام الأئمة ابن خزيمة في كتابه التوحيد.
ـ[حارث همام]ــــــــ[11 - 11 - 03, 10:11 م]ـ
ونقل القول بأن لله عينان ابن عساكر في كذب المفترى عن أبي الحسن الأشعري، وذكره ابن القيم في اجتماع الجيوش قال في معرض رده على المعتزلة -أعني الأشعري-: "وأنكروا أن تكون لله عينان"، وقد نص على العينين في غير موضع.
ـ[حارث همام]ــــــــ[11 - 11 - 03, 10:17 م]ـ
وحكاه في الباز الأشهب -عفا الله عن واضعه- عن ابن حامد أيضاً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/156)
ـ[حارث همام]ــــــــ[11 - 11 - 03, 10:21 م]ـ
وقرره أبوإسماعيل الهروي -رحمه الله- في الأربعين في دلائل التوحيد.
فقال: "باب إثبات العينين له تعالى وتقدس".
ـ[المتبصر]ــــــــ[11 - 11 - 03, 10:42 م]ـ
الأخ المكرم حارث همام
بارك الله فيكم كثيرا ..
و ما ذكرتموه - حفظكم الله - سبق البيان أنه غير المطلوب في السؤال تعقيبا على كلمة المعقب الأول، فقد نقل نحو ما نقلتم، لكن زدتم أنتم عليه قليلا ..
المطلوب: هل هناك من السلف من صرح بأن لله عينين قبل عثمان الدارمي؟
أما غيره فيوجد ابن خزيمة و الأشعري في الإبانة و اللالكائي و غيرهم ..
و المراد: أئمة السنة كالإمام أحمد و من سبقه ممن دونت عقائدهم ..
و كذلك من كانوا أقرانا للدارمي كالبخاري و غيره ..
فذلك أن أكثر من يدلل على هذه الصفة بصيغة التثنية ينقل كلام الأشعري و منهم من ينتقل إلى كلام ابن خزيمة، و حتى كلام الدارمي قل من ينقله و هو في رده على بشر المريسي ..
ـ[حارث همام]ــــــــ[11 - 11 - 03, 11:29 م]ـ
معذرة ..
على كل لا أذكر أحداً صرح بهذا قبله ولكن البخاري في الصحيح ذكر ما يشير إليه، فقد أورد في كتاب التوحيد (وقد ساقه للإثبات الصفات) في باب قول الله (ولتصنع على عيني) حديث أنس في صفة الدجال قال فيه (وإن ربكم ليس بأعور)
وكأنه يشير بذلك إلى أن لله عينين فالعور في اللغة ذهاب إحدى العينين.
ولكن -أحسن الله إليكم- هل لي أن أسأل من الثمرة المرجوة من هذا السؤال؟
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[26 - 04 - 04, 01:18 ص]ـ
كنت أبحث عن موضوع فعرض لي هذا ... فنقلت هذا
أحسنت أخي حارث بارك الله فيك
كنت قد سألت الشيخ عبد الرحمن البراك قبل بضع سنين هل ورد نص على أن لله عينين، فرد عليّ بقوة كالزاجر، فقال أجمع أهل السنة على أن لله عينين .. وذكر حديث الدجال، ومفهومه .. وقال في الصواعق ذكر خبرا لكنه ضعيف.اهـ.
والذي أرشدني له الشيخ في الصواعق المرسلة 1/ 256: ونطقت السنة بإضافتها إليه مثناة كما قال عطاء عن أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:" إن العبد إذا قام في الصلاة قام بين عيني الرحمن فإذا التفت قال له ربه إلى من تلتفت إلى خير لك مني". وقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وسلم إن ربكم ليس بأعور صريح في أنه ليس المراد إثبات عين واحدة ليس إلا فإن ذلك عور ظاهر تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وهل يفهم من قول الداعي اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام أنها عين واحدة ليس إلا إلا ذهن أقلف وقلب أغلف. انتهى.
وهذا الذي عناه ابن القيم رواه ابن أبي الدنيا في كتاب التهجد وقيام الليل رقم 508 قال حدثنا محمد بن حسان الأزرق. والعقيلي في الضعفاء 1/ 70 قال حدثنا محمد بن إسماعيل بن سالم كلاهما قال: حدثنا إسحاق بن سليمان حدثنا إبراهيم الخوزي عن عطاء بن أبي رباح سمعت أبا هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (إن العبد إذا قام في الصلاة فإنه بين عيني الرحمن عز وجل فإذا التفت قال له الرب عز وجل ابن آدم إلى من تلتفت إلى خير لك مني تلتفت ابن آدم أقبل إلى خير لك ممن تلتفت إليه).
ولكن إبراهيم الخوزي هذا شديد الضعف.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الجواب الصحيح 4/ 413
وأما لفظ العينين فليس هو في القرآن ولكن جاء في حديث [وهذا الشاهد]، وذكر الأشعري عن أهل السنة، والحديث أنهم يقولون: إن لله عينين .. اهـ.
ووجود هذا الحديث في كتب هؤلاء العلماء وغيرهم يدل أنه مسموع قبل الأشعري. والله اعلم.
وما دام أنه مجمع عليه عند السلف فلا فائدة في التنقيب في ذلك.
ـ[المتبصر]ــــــــ[26 - 04 - 04, 12:45 م]ـ
الأخ الفاضل عبد الرحمن السديس بارك الله فيك ..
قولك (وما دام أنه مجمع عليه عند السلف فلا فائدة في التنقيب في ذلك.).
هذا يحتاج إلى بيان من نقل الإجماع منهم، و لم تذكر لنا ذلك؟
و هؤلاء أئمة السنة كابن القيم مثلا إذا أرادوا النقل في هذا لم يتجاوزوا النقل عن الأشعري و أحسنهم من ينقل عن الدارمي و ابن خزيمة ..
و الموضوع يا أخي، مهم جدا، لا سيما إذا علمت أن هناك من طلبة العلم من ينكر ذلك، و لا يرى إثبات العينين بالمفهوم لحديث الدجال.
و يرى أن الحديث منطوقه: نفي العور عن الله، فيكتفى به، و لا يضرب لله الأمثال، فيقاس بخلقه، و من أشهر القائلين بهذا ممن عاصرنا الشيخ عبد الله الجديع في كتابه تيسير أصول الفقه، و كان قبل قد حصل بينه و بين الشيخ ابن عثيمين مراسلة في هذه المسألة، و لأجل هذا نبه عليها ابن عثيمين في القواعد المثلى.
و ممن نعرف من هؤلاء من يقول: لم يسبق الدارمي بقوله، و الدارمي ليس بحجة بل يحتج له ..
و القول في صفات الله بغير ما نطق به الكتاب و السنة لا يجوز ..
فلا نتجاوز قول الله و قول رسوله ..
فهل قال الله أو قال رسوله: إن له عينين؟
أقول هذا: مع أن الذي أدين الله به ما قاله الأئمة الأعلام الدارمي و ابن خزيمية و اللالكائي و غيرهم و أرجح فهمهم على فهم هؤلاء، بل أرى حديث الصورة دليلا لهم و الله اعلم.
و لعل هذا أخي السديس يوضح لك سبب إثارة المسألة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/157)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[26 - 04 - 04, 11:34 م]ـ
أخي المتبصر حفظك الله
قول الجديع هذا قول فاسد، وتهويش بلا فائدة ولا طائل! وتبريرك له غير مقبول!
فهل كلما قال أحد قولا، واشتبه شبهة أثرناها للناس، وتكلفنا لها الرد والتأويل؟ بل الواجب أن تطوى، ولا تروى، وتهجر، ولا تذكر، وتخفى ولا تنشر؛ أما وقد وقع خلافه فأقول مستعينا بالله وعليه التكلان:
كان الواجب عليه أن يتبع علماء أهل السنة ـ إن كان منهم فلست أعرفه ـ فليس هو بخير منهم، ولا أعلم، ولا أفقه، ولا أتقى لله منهم.
- قال أبو الحسن الأشعري في مقالات الإسلاميين ص211و290: هذه حكاية قول جملة أصحاب الحديث، وأهل السنة: جملة ما عليه أصحاب الحديث وأهل السنة الإقرار بالله تعالى وملائكته وكتبه ـ إلى أن قال ـ وأن له عينين بلا كيف كما قال تجري بأعيننا ..
وانظره في: بيان تلبيس الجهمية 1/ 397 و2/ 27 والفتاوي 4/ 174.
فانظر نقله عن السلف، وأهل الحديث فليس هو من عند نفسه؛ ولو كان كذلك، وخالف الحق لما تبعه عليه العلماء، أو كان كذبا أو خطأ على أهل السنة، والحديث لبينوا فساده، ووجه الصواب فيه. فلا يجوز سكوتهم على ذلك.
- وصنيع البخاري في صحيحه ظاهر.
- وتقرير الدارمي لذلك في عصر الأئمة، وكذا ابن خزيمة يدل على أن هذا المستقر عند هؤلاء الأئمة، وأنهم تلقوه كابرا عن كابر.
وفهموه من النصوص، فهم لا يستجيزون الكلام في الصفات بلا دليل.
- وتوارد أهل السنة والجماعة على هذا في كتبهم من غير نكير حتى هذا الزمان مرورا بأكابر المحققين، وتتابعهم على هذا؛ يبين فساد اعتراض هذا المعترض.
وقد نقل الإجماع على ذلك أبو الحسن الأشعري وأبو بكر الباقلاني، هكذا ذكر ابن عثيمين رحمه الله في شرح الواسطية 1/ 314.
وذكر كذلك إجماع العلماء العلامة عبد الله الغنيمان في شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري 1/ 276.
وكذا العلامة زيد بن فياض في شرح الواسطية ص 124.
وقدمت لك نقل العلامة البراك لذلك.
ولا يعرف من أهل السنة من خالف في ذلك لا سلفا ولا خلفا، ولذا لا يجوز الخروج عن أقاويلهم في ذلك بالإجماع، انظر: الإقناع في مسائل الإجماع 1/ 69 لابن القطان الفاسي.
وقال ابن القيم في الصواعق 1/ 262:
بعد أن نقل عن الأشعري في كتبه ... قوله: ـ وأن له عينين بلا كيف كما قال تعالى (تجري بأعيننا) ـ فهذا الأشعري والناس قبله، وبعده، ومعه لم يفهموا من الأعين أعينا كثيرة على وجه، ولم يفهموا من الأيدي أيديا كثيرة على شق واحد حتى جاء هذا الجهمي ... الخ كلامه.
الشاهد: والناس قبله وبعده.
وقد نص الأشعري أنه متابع لأحمد في عقيدته قال في الإبانة ص 20 .. ثم ذكر بعد أسطر: العينين.
فلو لم يكن هذا قول أحمد لكذبه أصحابه، واتباعه فيما ادعاه.
وانظر: درء التعارض 7/ 103و بيان تلبيس الجهمية1/ 422.
وقال الإمام الطبري في كتاب صريح السنة ص 25: وأما القول في ألفاظ العباد بالقرآن فلا أثر فيه نعلمه عن صحابي مضى ولا تابعي قضى إلا عمن في قوله الغناء والشفاء رحمة الله عليه ورضوانه وفي اتباعه الرشد والهدى ومن يقوم قوله لدينا مقام قول الأئمة الأولى أبي عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه فإن أبا إسماعيل الترمذي حدثني قال: سمعت أبا عبدالله أحمد بن حنبل يقول: اللفظية جهمية لقول الله جل اسمه (حتى يسمع كلام الله) فممن يسمع؟ ثم سمعت جماعة من أصحابنا لا أحفظ اسماءهم يذكرون عنه أنه كان يقول: من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي ومن قال هو غير مخلوق فهو مبتدع، ولا قول في ذلك عندنا يجوز أن نقوله إذ لم يكن لنا فيه إمام نأتم به سواه، وفيه الكفاية والمنع وهو الإمام المتبع رحمة الله عليه ورضوانه. اهـ.
يقول هذا الكلام ابن جرير الطبري رحمه الله وهو من هو في العلم! يقول في أحمد. فكيف إذا كان القول لأهل الحديث، والسنة مجتمعين! وكان الأولى بهذا الجديع إن ارتفع أن يقول مثله، ولا يتنكب أقوال العلماء والأئمة الفضلاء.
ولعلي أختم بهذه النقول النافعة في مثل هذه الأقول الغريبة الحادثة المخالفة لما عليه أهل الحق والإيمان مما أخترعه هؤلاء متنكبين فيه أقوال أهل السنة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/158)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوي 21/ 291، والفتاوي الكبرى 2/ 71: وكل قول ينفرد به المتأخر عن المتقدمين، ولم يسبقه إليه أحد منهم، فإنه يكون خطأ، كما قال الإمام أحمد بن حنبل: إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام. اهـ.
فمن سبق الجديع لهذا القول، وعمّن تلقاه، وأخذه؟!
وقال الشاطبي في الموفقات 3/ 402: ... ولا يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها، ولا هم أعرف بالشريعة منهم ... اهـ.
وبناء على هذا فالقولُ الذي يقوله، القولُ به ممتنع!؛ لأنه يلزم منه نسبة علماء السلف إلى الخطأ، والأعتقاد الباطل في صفات الباري سبحانه، وغفلة الأمة عن اعتقاد الحق طيلة هذه القرون، وهذا والله محال أن يكون.
قال العلامة أبو إسحاق الشاطبي في الموافقات: 3/ 75 - 77
فصل: وأعلم أن المخالفة لعمل الأولين ... ليست على رتبة واحدة بل فيها ما هو خفيف، ومنها ما هو شديد، وتفصيل القول في ذلك يستدعي طولا؛ فلنكله إلى نظر المجتهدين، ولكن المخالف على ضربين:
أحدهما: أن يكون من أهل الاجتهاد؛ فلا يخلو أن يبلغ في اجتهاده غاية الوسع، أو لا؛ فإن كان كذلك، فلا حرج عليه، وهو مأجور على كل حال، وإن لم يعط الاجتهاد حقه، وقصر فيه = فهو آثم، حسبما بينه أهل الأصول.
والثاني: أن لا يكون من أهل الاجتهاد، وإنما أدخل نفسه فيه غلطا، أو مغالطة إذ لم يشهد له بالاستحقاق أهل الرتبة، ولا رأوه أهلا للدخول معهم = فهذا مذموم.
وقلما تقع المخالفة لعمل المتقدمين إلا من أهل هذا القسم، لأن المجتهدين، وإن اختلفوا في الأمر العام في المسائل التي اختلفوا فيها لا يختلفون إلا فيما اختلف فيه الأولون، أو في مسألة موارد الظنون لا ذكر لهم فيها ... ـ إلى أن قال ـ، فلهذا كله يجب على كل ناظر في الدليل الشرعي مراعاة ما فهم منه الأولون، وما كانوا عليه في العمل به، فهو أحرى بالصواب، وأقوم في العلم، والعمل.
----------------------------------------
ومن أراد مزيدا في أوجه دلالة النصوص على تحقيق هذه الصفة فليراجع شرح العلامة ابن عثيمين على الواسطية وشرح الغنيمان المتقدم ذكرهما، وغيرها مما ذكر.
------------
لم أفهم ما الذي تعنيه في القواعد المثلى لابن عثيمين.
ـ[المضري]ــــــــ[27 - 04 - 04, 02:18 ص]ـ
ترجمة الشيخ عبدالله الجديع ( http://64.246.11.80/~baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&threadid=14786&highlight=%C7%E1%CC%CF%ED%DA)
ـ[المتبصر]ــــــــ[27 - 04 - 04, 12:35 م]ـ
أولا: كنت أرجو ألا يخرج بك النقاش عن حدود الأدب!
ثانيا: أنا كاتب المشاركة، و لم أطلب منك و لا من غيرك أن تنقل لي من أثبت العينين من أئمة السلف و غيرهم، فأنا بحمد الله و فضله غير عاجز عن ذلك، و لو راجعت ما كتبته أولا لكتبت غيره، و لأجبت عن السؤال أعلاه!!
ثالثا:
قولك غفر الله لك (وتبريرك له غير مقبول)
أقول: هداك الله، و هل نقل شبه أو أدلة الخصم - تبرير له.
إذا كان هذا فهمك، فهاهي مشاركاتك و لا سيما الأخيرة التي عن الصوفية فيها من النقل لشبه أهل البدع ما لا يحصى!!!
فهلا لنفسك كان ......
رابعا: أعلمك يا أخي أن كتب السلف و الأئمة من بعدهم مليئة بالاستشكالات و حلها، بل منتدانا هذا (منتدى أهل الحديث) أغلبه لاستشكالات لمسائل من العلم!!؟
فهلا عددت المسألة مشكلة عند أصحابها؟؟
خامسا: كما أنك أخي الكريم قلبت الكتب و الصحف للبحث عمن نقل الإجماع فلم تفلح فلجأت إلى كتب المعاصرين، فنقلت عن بعض المشايخ الفضلاء المعاصرين: البراك و الغنيمان و الفياض؟ فلم هذه النقلة؟؟
سادسا: أعلمك كما أعلمتك من قبل و أزيد: هذه المسألة بحثتها منذ سنين طويلة، و قلبت فيها الكتب، و اجتهدت في الاستدلال لها و تقريرها، و نقلت ما ذكرت و أكثر، فلا يذهب بك الظن يا أخي إلى شيء آخر - كما يوحي ردك الأخير -،و الله يتولانا جميعا برحمته ..
أخيرا
الأخ الفاضل الشيخ عبد الله الجديع من أبرز المعتنين بعلوم الحديث رواية و دراية و من المبرزين في فهم عقيدة السلف و الاستدلال لها، و لعلك تطالع تصانيفه،كما أنه كغيره بشر يخطئ و يصيب، و الله الموفق.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[27 - 04 - 04, 03:03 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/159)
أَعُوذُ بِالله مِنْ هَمَزَات الشَّيَاطين وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ
قال المتبصر: أولا: كنت أرجو ألا يخرج بك النقاش عن حدود الأدب!
أقول: كأنك عضبت، مع ظني أني سأفرحك؛ لأني قررت معك ما تعتقد، وبينت عقيدة السلف الصالح الذي يفرح المؤمن إذا رآى من يقررها. و قولك هذا يحتاج إلى بيان ما هو الذي في كلامي خارج عند حدود الأدب؛ لعلي أتوب وأستغفر الله منه، فمنكم نستفيد، ومن أدبك نتأدب.
قال المتبصر: ثانيا: أنا كاتب المشاركة، و لم أطلب منك و لا من غيرك أن تنقل لي من أثبت العينين من أئمة السلف و غيرهم، فأنا بحمد الله و فضله غير عاجز عن ذلك، و لو راجعت ما كتبته أولا لكتبت غيره، و لأجبت عن السؤال أعلاه!!
أقول بارك فيك: الملتقى هنا عالمي يدخله، ويكتب فيه الكتاب من كل البلاد، ولا أعرف أنه من حق صاحب المشاركة أن يحدد ما يكتب في التعقيب عليها، وما يريد هو، وإذا سقت هذه الشبهة ودللت لها وجب على من يستطيع أن يبين الحق فيها، فليس الجواب خاص بك لا يطلع عليه غيرك حتى تشترط هذه الشروط، وكان الأولى بك لما أوردت الشبهة (مع التحفظ على إيراد الشبه) أن تجتهد في بيان بطلانها، لا أن تحتفظ وحدك بالاستدلال لردها وتترك القارئ هكذا، ولعلمك فإنه يطلع على هذه المواضيع طلبة العلم، والعوام من أهل السنة، ومن غيرهم ممن ليس منهم! وقد راجعتُ ما كتبتَه في المرتين، وهذا جوابه ظاهر، لمن له عينين.
قال المتبصر: ثالثا: قولك غفر الله لك (وتبريرك له غير مقبول) أقول: هداك الله، و هل نقل شبه أو أدلة الخصم - تبرير له. إذا كان هذا فهمك، فهاهي مشاركاتك و لا سيما الأخيرة التي عن الصوفية فيها من النقل لشبه أهل البدع ما لا يحصى!!!
فهلا لنفسك كان ......
أقول هداك الله بهداه: الشبهة ليست على درجة واحدة، وليس من منهج أهل السنة طرح الشبه على العموم يقرأها العلماء والعوام، وهذا ظاهر، وكان الواجب عليك إن أشكل عليك شيء من ذلك أن تهرع إلى العلماء الربانيين ليبينوا لك الحق فيها، ويردوا الباطل، لا أن تطرحها هنا. ومشاركتي عن الصوفية رد لشبههم، ولم يَرد في كلامي شيء إلا لإبطال شبههم من كلام العلماء المعتبرين، وقولك: من الشبه ما لا يحصى ..
أقول غفر الله لك: لعلك تستغفر الله، فإني لم أذكر شبهة واحدة فضلا عن ما لا تحصى، وتحري الدقة والصدق من خلق المؤمن جعلني الله وإياك منهم.
قال المتبصر:رابعا: أعلمك يا أخي أن كتب السلف و الأئمة من بعدهم مليئة بالاستشكالات و حلها، بل منتدانا هذا (منتدى أهل الحديث) أغلبه لاستشكالات لمسائل من العلم!!؟
فهلا عددت المسألة مشكلة عند أصحابها؟؟
أقول: لا يخفى عليّ هذا لكن فرق بين ما في كتب السلف، وبين ما يلقى هنا ليطلع عليه العالم والجاهل! هلا قمت في أحد المساجد، أو المجامع العامة وألقيت الشبه على العوام بحجة أنها في كتب السلف، لا أطنك تقول بهذا. واستشكال مسائل العلم ليس على درجة واحدة، ومسائل الصفات الدقيقة هذه، والرد عليها ليست بالهينة وإلقاؤها بين الناس مضرٍ، وأيضا الشبه لها درجات بحسب حظها من النظر، وحظ قائلها من العلم والإيمان، ولعلمك فإدارة الملتقى تمنع من نشر الشبهات في العقيدة، وإن شئت راجعهم. وأنا في المشاركة الأولى نقلت لك النص الوارد في المسألة وهو ضعيف، وقلتُ لك ما أرشد إليه العلامة البراك وأنه قد أجمُِعَ عليه .. فلم ترضى ذلك، ثم عقبتَ بردك لذلك، وأنه لا إجماع، وطالبتني بذكره ... ثم عقبت ببيان عقيدتك في المسألة ... أقول: لا يهمني كثيرا أن شخصا لا يدرى من هو يكتب باسم المتبصر يرى هذا القول في المسألة، أو لا يراه، المهم دفع الشبهة عن القارئ الذي قد يخرج من مقالك بتشكيك في عقيدة السلف المستقرة من جراء ما تكتب؛ فتنبه لهذا فهو خطير.
قال المتبصر:خامسا: كما أنك أخي الكريم قلبت الكتب و الصحف للبحث عمن نقل الإجماع فلم تفلح فلجأت إلى كتب المعاصرين، فنقلت عن بعض المشايخ الفضلاء المعاصرين: البراك و الغنيمان و الفياض؟ فلم هذه النقلة؟؟
أقول: سقط منك ابن عثيمين فهو معهم. أنت طالبتني ببيان من نقل الإجماع، وأنا فعلت، ولم أشترط لك، ولم تشترط عليّ أن يكون النقل من كتب السلف، ثم قد نقلت لك كلام الشيخ ابن عثيمين وقوله أن الأشعري والباقلاني نقلا الإجماع على ذلك، وكذا بقية العلماء المعاصرين .. فهل أنت غير معتبر بما ينقلون، ويقررون؟
ولو أنك مع بحثك السنين الطويلة تأملت قول الأشعري: جملة ما عليه أصحاب الحديث وأهل السنة الإقرار بالله تعالى ـ إلى أن قال ـ وأن له عينين بلا كيف كما قال تجري بأعيننا .. اهـ وتوارد أهل السنة على ذلك من غير نكير لعلمت أن هذا إجماع منهم على ذلك، وهذا ما فهمه العلامة ابن عثيمين، وكذا قول ابن القيم: الأشعري والناس قبله وبعده .. الخ
والذي أشتهيه أن ترد على ما ذكرتُ لك في المشاركة التي قبل هذه إن كان ثمتَ رد، لا أن تحوم من بعيد، وتعرض عما قررت لك.
قال المتبصر سادسا: أعلمك كما أعلمتك من قبل و أزيد: هذه المسألة بحثتها منذ سنين طويلة، و قلبت فيها الكتب، و اجتهدت في الاستدلال لها و تقريرها، و نقلت ما ذكرت و أكثر، فلا يذهب بك الظن يا أخي إلى شيء آخر - كما يوحي ردك الأخير -،و الله يتولانا جميعا برحمته ..
أقول: كونك بحثتها سنين ... أقول:تأجر على بحثك إن شاء الله، ووالله لم يخطر في بالي أنك تتبناه كما أوحى إليك فهمك، وقد قدمت لك بيان سبب ردي، وقولي هناك تبريرك له غير مقبول يعني الدفاع عن هذا القول مردود؛ فأنت دللت له، وبينت وجهه بكل قوة، وتركت تقرير الحق مكتفيا بأنك تعتقده، وهذا خطأ. ويكفي أنه قول مخالف لقول الجماعة من أهل السنة.
وبالنسبة للشيخ الجديع فأنا أعيد أني لا أعرف عنه كبير شيء خصوصا في علم العقيدة، فقط سمعت عنه أشياء مختلفة جدا، ولم يتبين لي حقيقة الأمر، ولا يهم القائل بقدر ما يهم القول.
والله يعفو عني وعنك، وجميع المسلمين، ويهدينا الصراط المستقيم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/160)
ـ[المتبصر]ــــــــ[27 - 04 - 04, 04:50 م]ـ
أخي عبد الرحمن ..
لا بأس عليك ..
هل ترى قولك (قول الجديع
هذا قول فاسد،
و تهويش بلا فائدة ولا طائل!
وتبريرك له غير مقبول!
فهل كلما قال أحد قولا، واشتبه شبهة أثرناها للناس،
وتكلفنا لها الرد والتأويل؟
بل الواجب أن تطوى، ولا تروى، وتهجر، ولا تذكر، وتخفى ولا تنشر؛ أما وقد وقع خلافه فأقول مستعينا بالله وعليه التكلان:
كان الواجب عليه أن يتبع علماء أهل السنة ـ إن كان منهم فلست أعرفه ـ
فليس هو بخير منهم، ولا أعلم، ولا أفقه، ولا أتقى لله منهم).
تراه من حسن القول المأمور به شرعا (وقولوا للناس حسنا) أم من سيئه؟؟
إذا كان هذا في نظرك هو الأسلوب الحسن و الرد العلمي، و ليس خارجا عما نحن فيه فهذا رأيك أخي الكريم ...
ثم قولك: (الملتقى هنا عالمي يدخله، ويكتب فيه الكتاب من كل البلاد، ولا أعرف أنه من حق صاحب المشاركة أن يحدد ما يكتب في التعقيب عليها، وما يريد هو، وإذا سقت هذه الشبهة ودللت لها وجب على من يستطيع أن يبين الحق فيها، فليس الجواب خاص بك لا يطلع عليه غيرك حتى تشترط هذه الشروط، وكان الأولى بك لما أوردت الشبهة (مع التحفظ على إيراد الشبه) أن تجتهد في بيان بطلانها، لا أن تحتفظ وحدك بالاستدلال لردها وتترك القارئ هكذا، ولعلمك فإنه يطلع على هذه المواضيع طلبة العلم، والعوام من أهل السنة، ومن غيرهم ممن ليس منهم! وقد راجعتُ ما كتبتَه في المرتين، وهذا جوابه ظاهر، لمن له عينين.)
أقول لك:
هذه حيدة عن الموضوع، الموضوع كان عمن سبق الدارمي بالقول بأن لله عينين، فأخرجته بمشاركتك الأولى عن موضوعه، و قلت (لا فائدة في التنقيب في ذلك) و هذا أيضا من حسن أدبك ..
لازلت متعجبا، رجل يسأل عن أركان الصلاة، تريد رغما عنه أن تجيبه عن شروطها؟؟؟؟
يا أخي الموضوع المطروح حق للإخوان المشاركة فيه؛ لكن من حق من طرح المسألة أن يقيدهم بألا يخرجوا عن موضوعه، وهذا معمول به في كل المشاركات؟؟؟
ما أدري ما الذي أزعجك في هذا ...
ـ[المتبصر]ــــــــ[27 - 04 - 04, 04:59 م]ـ
و سيأتيك الجواب تفصيلا عما ذكرت -
لاحقا
لأني الآن منشغل
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[27 - 04 - 04, 06:14 م]ـ
عملا بنصيحة أحد المشايخ الفضلا هنا، واتباعا لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:" أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا ".
فسأمسك عن الكلام، والرد ما استطعت، لأنه خرج عن المقصود.
وما تقدم فيه كفاية.
والله يعفو عن الجميع.
ـ[محمد عبادي]ــــــــ[27 - 04 - 04, 10:47 م]ـ
دعوى الإجماع هل تثبت بقول ابي الحسن؟؟
قال أبو الحسن الأشعري: قال أهل السنة وأصحاب الحديث: ليس بجسم ولا يشبه الأشياء
فهل يثبت بقوله هذا إجماع أهل السنة على التصريح بنفي الجسم؟؟
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[27 - 04 - 04, 11:14 م]ـ
نعم يثبت لو أطبق أهل السنة في وقته وبعده على ذلك
أما إن خالفوه في إطلاقه ...
فيكون قوله خطأ في نقل الإجماع كما يخطئ غيره في نقل بعض الإجماعات.
ـ[المتبصر]ــــــــ[28 - 04 - 04, 12:38 ص]ـ
...
و أقول: أحسنت صنعا بإجابتك للشيخ الفاضل المشار إليه ...
و لكني أرى أنه لا بد من أن أبين أمورا لم يتم الجواب عنها:
أولا: اعلم أيها الأخ الفاضل أني لم أطرح شبهة في أصل الموضوع، و لكنها المذاكرة بالعلم ..
لكنك بدخولك على المشاركة حولتها إلى تنقيب بلا فائدة!
ثم ثنيت علينا بما نقلنا لك ..
و لما سقنا لك أدلة الخصم و حججه، رحت تحتج علينا بالإجماع ..
و لما طالبناك بالإجماع ..
نقلته من كتب من ذكرت و هي لا تخفى على من اجتهد في بحث المسألة ممن يقول بإثبات العينين، و لا من قال بخلافها، و هؤلاء المنقول عنهم مطالبون ببيان ممن سبقهم إلى نقل الإجماع!!! و إلا صارت دعوى الإجماع متيسرة لكل أحد، ممن يقف على قول إمام و لا يقف له على مخالف.
و قد علمت أن عدم الاختلاف ليس إجماعا؛ فقولنا: لا أعلم فيه خلافا، ليس كقولنا: أجمعوا عليه ..
و هذا ما أظنك تخالف فيه ...
كذلك: أخي السديس ... اعلم أن ما نقلته عن الأشعري غير خاف علينا، كيف و قد أشرنا إليه مرات في التعليقات المتقدمة، و إلى نقل ابن القيم لكلامه ..
كما أنه قول لا يدل على الإجماع، بل هو يدل على أحسن تقدير على أن هناك من سبقه بالقول به، و هذا لا يخالف فيه أحد، لا من المثبتين و لا من النفاة ..
و هذا شيخ الإسلام لم يعد في الاستدلال لها قوله: (و أما لفظ العينين فليس هو في القرآن ولكن جاء في حديث، وذكر الأشعري عن أهل السنة و الحديث أنهم يقولون: إن لله عينين .. )
كما ينبغي أن تعلم أن الأشعري في نقله لمذاهب أهل السنة، لا ينقل عن تتبع و استقراء و معرفة بمذهبهم، بل قد بين شيخ الإسلام في مواضع من كتبه ضعفه في معرفة أقوال أهل الحديث و السنة، و ذلك أن معرفته بالحديث كانت متأخرة، فمعرفته بأقوالهم مجملة، بخلاف غيرهم فهي مفصلة ...
و العبد الفقير بفضل الله كان يطمح من خلال طرح المسألة إلى تكميل ما عنده فيها، و ذلك بالوقوف على أقوال أئمة السنة قبل الدارمي، وبالأخص الإمام أحمد رحمه الله ...
لكن أخذت المشاركة منحى آخر ...
و بخصوص بيان هذه الصفة و الاستدلال لها، فقد سبقني الأخ إسلام في أول تعقيب، فجزاه الله خيرا ..
و لعلي أقول أخيرا - مع أن في الجعبة أشياء أخرى تحتاج إلى تنبيه -: اعلم أيها الأخ الفاضل عبد الرحمن أنني كتبت هذا، مع أني أكن لك المحبة و الاحترام و التقدير ..
ولا تحسب أني كنت أطمح إلى الرد و التعقيب عليك، بل كتبته كارها، بيانا لما أرى ..
فإن أصبت فالفضل لله، و إن أخطأت، فالله أسأل أن يعفو عني و عنك وعن جميع المسلمين
و الله ولي التوفيق ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/161)
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[28 - 04 - 04, 07:58 ص]ـ
الإجماع مستنده النص، فأين النص الواضح البيِّن؟
النفي في الصفات يتضمن كمال الضد، وكمال الضد في نفي " العور " إثبات أعين لا عينين!
من أثبت لله أعيناً أثبت له عينين
ومن أثبت لله عينين فقط فقد نفى الأعين الواردة نصا في الشرع وتكلف تأويلها مع أن إثباتها ثابت في النص وهي كمال لا نقص
وحديث الدجال لم يُسق لبيان صفة للرب تعالى بل لبيان كذب زاعم الربوبية وأنه عاجز عن نفي عيبه
وأعور العين الواحدة فيه إثبات عينين لكن للمخلوق لا للخالق
والله الهادي
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[30 - 04 - 04, 06:50 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على الهادي الأمين وبعد:
فالحقيقة أني ترددت مرارا هل أعقب أم أكتفي بما تقدم من الكلام؟
حتى أنشرح صدري لذلك بعد ما جلست مع الشيخ البراك اليوم وسألته عن هذه المسألة .. وغيرها،
وقلتُ: لعل الله أن يجعل فيه خيرا لي ولإخواني فالواجب على الإخوة وإن اختلفوا أن يتناصحوا، وإن قسوا أن يعودوا فيلينوا .. فنحن في غربة بين الناس والأمم!
وأقول للأخ المتبصر: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.
وأنا كذلك أكن التقدير والاحترام لك، ولأخواني أهل السنة جميعا، وأتمنى لي ولهم التمسك بهذه العقيدة الصافية كما قال ابن عون رحمه الله: ثلاث أحبهن لنفسي، ولإخواني هذه السنة أن يتعلموها، ويسألوا عنها، والقرآن أن يتفهموه، ويسألوا عنه، ويدعوا الناس إلا من خير (1).
ثم هذه كليمات أحب أن أنبه نفسي، وإخواني لها وهي:
خطورة الكلام في هذه المسائل، لأنها ليست بالهينة فالكلام عن صفات الباري سبحانه وتعالى،، وليس الكلام على مسألة فقهية فروعية تختلف فيها أنظار الفقهاء ..
وإذا كان الأمر كذلك فلا بد من التأني في ذلك، والتروي، والتأمل وأخذ هذا العلم عن أهله المعروفين به المعروفين بصحة الاعتقاد، وسلامة العقيدة، ومتابعة منهج أهل السنة والجماعة، وينبغي على طالب العلم إذا خالف فهمه فهم الأئمة الأعلام أهل السنة والتحقيق، والنظر والتدقيق؛ أن يتهم فهمه، و نفسه ويعزوها إلى النقص والتقصير فهم والله القوم، قال الإمام سفيان الثوري رحمه لما بلغه قول أبي حنيفة عن التابعين، هم رجال ونحن رجال ... قال: نتهم رأينا لرأيهم .. (2)، و قيل للإمام أحمد من نسأل بعدك؟ قال: عبدالوهاب الوراق. قيل له: إنه ليس له اتساع في العلم؟ قال: إنه رجل صالح مثله يوفق لإصابة الحق. (3)
فانظر رحمك الله إلى هذين النصين من هذين الإمامين، وتأملهما، ثم قل لنفسك:
هل أنت أعلم بنصوص الكتاب، والسنة من السلف الصالح الأبرار فطاحلة العلم والعمل؟
هل أنت أولى منهم بفهم النصوص، ومدلولاتها؟
هل أنت أولى بالتوفيق إلى إصابة الحق منهم؟
هل كانوا على خطإ، وأنت على صواب؟
هل خصك الله بهذا العلم والفهم من بينهم؟
هل أنت أعلم باللغة ومدلولاتها منهم؟
أسئلة كثيرة ....
ويكثر الالتجاء إلى الله سبحانه أن يعلمه، ويفهمه ويشرح صدره لقبول الحق ... كما كان يفعل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .. حتى يشرح الله صدره لمتابعتهم، فهم ـ والله ـ على الحق ومن سواهم على خلافه.
------------------------
(1) صحيح البخاري 6/ 2654.
(2) مختصر المؤمل لأبي شامة ص100.
(3) الورع ص3.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[30 - 04 - 04, 06:54 م]ـ
قبل أن أبدأ بنقاش ما ذكر أخي الفاضل الشيخ إحسان أذكر بما قلتُ سابقا:
ولا يعرف من أهل السنة من خالف في ذلك لا سلفا ولا خلفا، ولذا لا يجوز الخروج عن أقاويلهم في ذلك بالإجماع ...
وبناء عليه فهذا القول، القول به ممتنع!؛ لأنه يلزم منه نسبة علماء السلف إلى الخطأ، والأعتقاد الباطل في صفات الباري سبحانه، وغفلة الأمة عن اعتقاد الحق طيلة هذه القرون ..
وليعلم أنه لا توجد بدعة، ولا مخالفة إلا، ولأصحابها شيء من النص، أو العقل يستندون إليه، ويتشبثون به، ولذا تجب العناية بموافقة سلف الأمة أهل السنة لأنهم أبرُّ هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، وأكثرها اتباعا ..
--------------
قال الأخ إحسان: الإجماع مستنده النص، فأين النص الواضح البيِّن؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/162)
أقول: نعم الإجماع مستنده النص، ولا أدري من أين أتيت بقيد الواضح البين هذا؟!
وعلى كلٍ فأهل السنة القائلون بهذا = النص عندهم واضح بين، وهو ما تقدم ذكره في الآية والحديث.
قال الأخ إحسان: النفي في الصفات يتضمن كمال الضد، وكمال الضد في نفي " العور " إثبات أعين لا عينين!
أقول: هذا التقعيد هو من تقيعد أهل السنة، وتطبيقهم لهذا التقعيد خالف تطبيقك لأن فهمهم أن كمال ضد العور إثبات عينين فقط لا أعين، وهذا هو الذي دلت عليه لغة العرب فليست ضد العور إلا من له عينين، وإنما معنى العور عندهم ذهاب عين من العينين وليس عين من أعين.
وهذه المسألة تشبه مسألة من يصحح حديثا ضعفه الأئمة المتقدمون من أهل الصناعة، ثم يأتي من يصححه ثم يحتج عليهم بأقوالهم في توثيق رجاله!
قال الأخ إحسان: من أثبت لله أعيناً أثبت له عينين.
أقول: نعم أثبت له عينين لكنه زاد هذه الزيادة في صفة الباري سبحانه بغير علم، وهذا كمن زاد في صفة اليدين وقال: لله أيد وليس فقط يدين .. كما سيأتي.
قال الأخ إحسان: ومن أثبت لله عينين فقط فقد نفى الأعين الواردة نصا في الشرع وتكلف تأويلها مع أن إثباتها ثابت في النص وهي كمال لا نقص.
أقول: جاءت صيغة العين على الجمع ولم يفهموا منها الجمع، والكلام هنا كالكلام على صفة اليدين الواردة بالجمع قل هنا ما ستقوله هناك، فهل تقول إن لله أيد مع أني أثبت اليدين؟
فأن قلتَ: جاءت الأيد مثناة في مواضع كقوله (خلقت بيدي) يأتي قائل: ويقول: خلق بيدين ولا يمنع من وجود أيد أخرى لم يخلقه بها دل على وجودها النص وتكلف تأويلها مع أن إثباتها ثابت في النص وهي كمال لا نقص!
قال الأخ إحسان: وحديث الدجال لم يُسق لبيان صفة للرب تعالى بل لبيان كذب زاعم الربوبية وأنه عاجز عن نفي عيبه.
أقول: قولك هذا في الحكمة في سياق الحديث هل هو منصوص عليه أو استباط وفهم؟
فالمخالف لا يوافقك على حصر الحكمة في هاتين التي ذكرت ...
وإن سلمنا إنه لم يسق أصلا لبيان صفة الرب إلا أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نص فيه على صفة الرب نصا بينا فقال: عن الدجال إنه أعور، وقال عن صفة ربنا تعالى: وإن ربكم ليس بأعور.
وهل لا يؤخذ بما في النصوص إلا إن كانت السياقات من أجلها .. أو أن هذا سبب في رد ما كان كذلك أو تأويله!
قال الأخ إحسان: وأعور العين الواحدة فيه إثبات عينين لكن للمخلوق لا للخالق.
أقول: نص الحديث على أن الله تعالى: ليس بأعور والعور في لغة العرب ذهاب عين من عينين ومن ليس بأعور فله عينين لا غير .. هذه لغة العرب التي خاطبنا الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بها لنفهم بها دين الله وشرعه، و إلا كان الكلام لا فائدة منه.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[30 - 04 - 04, 06:58 م]ـ
سألت الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله عمّن يقول [ولم أُسمِّ أحدا]:
بأن النصوص دلت على أن لله أعين لا عينين فقط، وأنه يستدل بكذا ... نحو ما ذكر هنا
فقال: عليه أن يتبع سبيل المؤمنين من أهل السنة والجماعة، ولا يخالف قولهم.
فقلت: هل هذا القول بدعة؟
قال: نعم بدعة.(26/163)
من قال من السلف بأن لله عينين؟
ـ[المتبصر]ــــــــ[05 - 11 - 03, 11:25 م]ـ
صفة العين ثابتة لله عز و جل، و لا شك بنصو الكتاب و السنة و الإجماع السلفي، لكن تثنية العين أخذها بعض أهل السنة من قول النبي صلى الله عليه و سلم في حديثه عن الدجال (إن الله ليس بأعور وأشار بيده إلى عينه) كما فعل عثمان الدارمي في رده على بشر المريسي.
فهل هناك نقول عمن قبل الدارمي في إثبات العينين لله تعالى.
أرجو المشاركة
ـ[إسلام بن منصور]ــــــــ[05 - 11 - 03, 11:53 م]ـ
هذه فقره من كتاب يعد للنشر جامع في معاني أسماء الله وصفاته وأثر الإيمان بها، للد / إبراهيم عبد المنعم الشربيني.
عين الله
نثبت لله سبحانه وتعالى صفة العين على النحو الذي يليق بجلاله من غير تأويل ولا تكييف ولا تشبيه على ما أثبته الخالق البارئ لنفسه في محكم تنزيله وعلى لسان نبيه المصطفي r.
وقد جاء ذكر العين في القرآن الكريم على حالتين:
1) ذكرت العين مضاعفة إلى الضمير المفرد. مثل قوله تعالى: «ولتصنع على عيني» ().
2) ذكرت العين بصيغة الجمع مضافة إلى ضمير الجمع مثله قوله تعالى: «تجرى
بأعيننا» ()، وقوله تعالى لنبيه نوح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام «واصنع الفلك بأعيننا ووحينا»، وقال تعالى: «واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا»
وذكر العين مفردة لا يدل على أنها عين واحدة فقط لان المفرد المضاف يراد به اكثر من واحد، مثل قوله تعالى: «وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها» (). فالمراد نعم الله المتنوعة التي لا تدخل تحت الحصر والعد. وقوله تعالى: «أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم» ().
فالمراد بها جميع ليالي رمضان. ولو قال قائل: نظرت بعيني أو وضعت المنظار على عيني لا يكاد يخطر ببال أحد ممن سمع هذا الكلام أن هذا القائل ليست له إلا عين واحدة. هذا ما لا يخطر ببال أحد أبدا ().
قال الإمام ابن القيم: إذا أضيفت العين إلى اسم الجمع ظاهرًا أو مضمرًا فالأحسن جمعها مشاكلة للفظ، كقوله تعالى: «تجرى بأعيننا» (). و «فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا» (). وهذا نظير المشاكلة في لفظ اليد المضافة إلى المفرد كقوله تعالى: «بيدك الخير» ().، و «بيده الملك» (). وإن أضيفت إلى جمع جمعت كقوله تعالى: «مما عملت أيدينا» ().
وتدل النصوص على أن لله تعالى عينين وأما قوله {بأعيننا} في الآيات المذكورة فإن لفظ عينين إذا أضيف إلى ضمير الجمع جمع كما يجمع مثنى قلب إذا أضيف إلى ضمير مثنى أو جمع كما في قوله تعالى: «إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما» ().
ويدل على ذلك أيضاً ما ورد في حديث النبي r عن الله وعن الدجال «من أن الدجال أعور» وأن الله ليس بأعور فقد استدل به أهل السنة على إثبات العينين لله سبحانه.
وقد ذكرت العين في السنة في قصة المسيح الدجال في حديث عبد الله ابن عمر الذي يقول فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام: «إن الله لا يخفي عليكم إن الله ليس بأعور وأشار بيده إلى عينيه وان المسيح الدجال أعور العين اليمنى، كأنها عنبة طافية» (). ().
وللحديث سبب وهو أن الدجال ذكر عند النبي عليه الصلاة والسلام، وأخبر أنه ما من نبي إلا وقد أمر أمته أو نصحهم بالاستعاذة منه ثم ذكر أن من صفاته أنه أعور العين اليمنى. وأنه على الرغم من دعوى الألوهية وما يجرى له من الأمور الخارقة للعادة امتحانا واستدراجا فيه عيوب ونقائص وهو عاجز عن دفع ذلك عن نفسه فلن يلتبس عليكم الأمر في شأنه لأنه ناقص إذ به عور، وربكم ليس بأعور، بل له سبحانه عينان يبصر بهما لأنه سميع بصير.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال في هذه الآية «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيراً» رأيت رسول الله r يضع إبهامه على أذنه وإصبعه التي تليها على عينه قال أبو هريرة رضي الله عنه: (رأيت رسول الله r يفعل ذلك).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/164)
وأما إشارته عليه الصلاة والسلام بيده إلى عينيه - وهو يخبر عن عور المسيح الدجال وفي حديث أبي هريرة السابق فإنما تفيد تأكيد المعنى الحقيقي للعين على ما يليق بالله تعالى ولا يفهم منها أن عين الله جارحة كأعيننا بل له سبحانه وتعالى عين حقيقة تليق بعظمته وجلاله وقِدَمِهِ. وللمخلوق عين حقيقية تناسب حاله وحدوثه وضعفه وليست الحقيقة كالحقيقة وهذا شأن جميع الصفات التي فيها المشاركة اللفظية مع صفات المخلوق كما تقدم هذا البحث في غير موضع ().
وهذه النصوص التي ذكرناها من القرآن والسنة يراد بها إثبات صفة العين لله حقيقية على ما يليق بجلاله من غير تشبيه ولا تمثيل لها بعين المخلوقين ولا تحريف لها عن مسماها في لغة العرب.
وسياق الكلام لا تأثير له في صرف تلك الكلمات عن مسماها وإنما تأثيره في المراد بالجمل التي وردت فيها هذه الكلمات ().
ومعنى ذلك أن هذه النصوص:
أولاً: تفيد إثبات صفة العين لله.
ثانياً: سياق الكلام في هذه الآيات «واصنع الفلك بأعيننا»، «واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا»، «ولتصنع على عيني»
لا يجعلنا نصرف كلمة العين عن مسماها وإنما تأثير سياق الكلام في المراد بالجمل التي وردت فيها هذه الكلمات، فالمقصود بهذه الجمل كلها هو في قوله تعالى: «واصنع الفلك بأعيننا ووحينا» أمر نوح عليه السلام أن يصنع السفينة وهو في رعاية الله وحفظه.
وفي قوله تعالى: «واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا» أمر نبينا محمد عليه الصلاة والسلام أن يصبر على أذى قومه حتى يقضي الله بينه وبينهم بحكمه العدل وهو مع ذلك بمرأى من الله وحفظه ورعايته.
وفي قوله تعالى: «ولتصنع على عيني» إخبار موسى عليه الصلاة والسلام بأن الله تعالى قد من عليه مرة أخرى إذا أمر أمه بما أمرها به ليربيه تربية كريمة في حفظه تعالى ورعايته.
وروى عكرمة عن ابن عباس () تفسير قوله تعالى: «واصنع الفلك بأعيننا» أنه قال رضي الله عنه بعين الله تبارك وتعالى.
قال الإمام البيهقي - بعد رواية قول ابن عباس السالف الذكر: ومن أصحابنا من حمل العين المذكورة في الكتاب على الرؤية. وقال: قوله تعالى: «ولتصنع على عيني» معناه بمرأى مني وقوله: «فإنك بأعيننا» أي بمرأى منا وكذلك قوله: «تجرى بأعيننا» وقد يكون ذلك من صفات الذات. وتكون صفة واحدة والجمع فيه للتعظيم. كقوله «ما نفدت كلمات الله».
ومنهم من حملها على الحفظ والكلاءة. وقال: إنها من صفات الفعل والجمع فيها شائع، ومن قال بأحد هذين زعم أن المراد بالخبر نفي نقص العور عن الله سبحانه وتعالى وأنه لا يجوز عليه ما يجوز على المخلوقين من الآفات والنقائص.
ثم قال البيهقي: والذي يدل عليه ظاهر الكتاب والسنة من إثبات العين صفة، لا من حيث (الحدقة) أولى. وبالله التوفيق ().
وهذا القول الذي اختاره الإمام البيهقي هو الذي عليه سلف الأمة، وأما محاولة بعض الناس حمل النصوص على خلاف ما يظهر من ألفاظها فمحاولة جهمية معروفه وأما تفسير من فسر الآيات السابقة بالرؤية مع إنكار صفة العين فشبيه بقول الجهمية القائلين: أنه تعالى سميع بلا سمع، بصير بلا بصر عليم بلا علم. وهو قول مرفوض شرعًا وعقلاً كما تقدم في غير موضع. وأما عند أهل السنة فجميع هذه الصفات تساق سوقًا واحدًا خبرية أو عقلية. ذاتية أو فعلية فتثبت بلا كيف. ولا يلزم من إثباتها تشبيه ولا تجسيم كما يظن النفاة بل يلزم من تحريف القول فيها التعطيل. وينتج من ذلك تكذيب خبر الله وخبر رسوله عليه الصلاة والسلام. هذا ما يلزم النفاة - ولا محالة - وهم كل من ينفي صفة ثابتة بالكتاب والسنة أو بالسنة الصحيحة فقط، أدركوا ذلك أو لم يدركوا. والله المستعان ().
قال ابن خزيمة: لربنا الخالق عينان يبصر بهما ما تحت الثرى وتحت الأرض السابعة السفلى وما في السموات العلى وما بينهما من صغير وكبير لا يخفى عليه خافية في السموات السبع والأراضين السبع ولا مما بينهما من صغير وكبير لا يخفى على خالقنا خافية في السموات السبع والأراضين السبع ولا مما بينهم ولا فوقهم (). ولا أسفل منهن لا يغيب عن بصره من ذلك شيء يرى ما في جوف البحار ولججها كما يرى عرشه الذي هو مستو عليه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/165)
وبنو آدم وإن كانت لهم عيون يبصرون بها فأنهم إنما يرون ما قرب من أبصارهم مما لا حجاب ولا ستر بين المرئي وبين أبصارهم لا ما يبعد منهم وإن كان يقع اسم القرب عليه في بعض الأحوال لان العرب التي خوطبنا بلغتها قد نقول قرية كذا منا قريبة وبلدة كذا قريبة منا ومن بلدنا. ومنزل فلان قريب منا وإن كان بين القريتين وبين المنزلين فراسخ (). والبصير من بني آدم لا يدرك ببصره شخص آخر (). من بني آدم وبينهما فرسخان فأكثر، وكذلك لا يرى أحد من الآدميين ما تحت الثرى والأرض إذا كان فوقها (). المرئي من الأرض والتراب قدر أنملة أو أقل منها بقدر ما يغطي ويواري الشيء.
وكذلك لا يدرك بصره إذا كان بينهما حجاب من حائط أو ثوب صفيق ما يغطي الشيء، عن عين الناظر فكيف يكون – يا ذوي الحجا- مشبها من يصف عين الله بما ذكرنا وأعين بني آدم بما وصفنا ونزيد شرحًا وبيانًا نقول عين الله عز وجل قديمة لم تزل باقية ولا يزال محكوم لها بالبقاء منفي عنها الهلاك والفناء وعيون بنى آدم محدثة كانت عدمًا غير مكونة فَكَوّنها الله وخلقها بكلامه الذي هو صفة من صفات ذاته وقد قضى الله وقدر أن عيون بنى آدم تصير إلى بلاء عن قليل - والله نسأل خير ذلك المصير - وقد يُعمي الله عيون كثير من الآدميين فيذهب بأبصارها قبل نزول المنايا بهم ولعل كثيراً من أبصار الآدميين قد سلط خالقنا عليها ديدان الأرض حتى تأكلها وتفنيها بعد نزول المنية بهم (). ثم ينشئها الله بعد فنائها على ما قد ذكرنا قبل في ذكر الوجه فما الذي يشبه - يا ذوى الحجا - عين الله التي هو موصوفة بما ذكرنا عيون بنى آدم التي وصفناها بعد.
ولست أحسب لو قيل لبصير لا آفة ببصره ولا علة بعينه ولا نقص بل هو أعين أكحل أسود الحدق شديد بياض العين أهدب الأشفار، عيناك كعين فلان الذي هو صغير العين أزرق أحمر بياض العينين قد تأثرت أشفاره وسقطت أو كان أخفش العين أزرق أحمر بياض شحمها يرى الموصوف الأول الشخص من بعيد ولا يرى الثاني مثلا ذلك الشخص من قدر عشر ما يرى الأول لعلة في بصرة أو نقص في عينه، إلا غضب من هذا وأنف منه فلعله يخرج إلى القائل له ذلك إلى المكروه من الشتم والأذى ولست أحسب عاقلاً يسمع هذا المشبه عيني أحدهما بعيني الآخر إلا وهو يكذب هذا المشبه عين أحدهما بعين الآخر ويرميه بالعته والخبل والجنون ويقول له لو كنت عاقلاً يجري عليك القلم لم تشبه عيني أحدهما بعيني الآخر وإن كان يسميان بصيرين إذ ليس بأعميين () ويقال لكل منهما عينان يبصر بهما (). فكيف لو قيل له: عينك كعين الخنزير والقرد والدب أو الكلب أو غيرها من السباع أو هوام الأرض والبهائم، فتدبروا يا ذوي الألباب أبين عيني خالقنا الأزلي الدائم الباقي الذي لم يزل وبين عيني الإنسان من الفرقان أكثر أو مما بين أعين بني آدم وبين عيون ما ذكرنا تعلموا أن المخلوقين من السباع والبهائم والهوام وكلها لها عيون يبصرون بها وعيون جمعهم محدثة مخلوقه خلقها الله بعد أن كانت عدما وكلها تصير إلى فناء وبلى غير جائز إسقاط اسم العيون والأبصار عن شيء منها فكيف يحل لمسلم لو كانت الجهمية من المسلمين أن يرموا من عليه ذلك الاسم (). لم يجز قراءة كتاب الله ووجب (). محو كل آية بين الدفتين فيها (). ذكر نفس الله أو عينه أو يده ().
ولوجب الكفر بكل ما في كتاب الله عز وجل من ذكر صفات الرب كما يجب الكفر بتشبيه الخالق إلا أن القوم جهلة لا يفهمون العلم ولا يحسنون لغة العرب فيضلون ويضلون والله نسأل العصمة والتوفيق والرشاد. اهـ
ـ[المتبصر]ــــــــ[06 - 11 - 03, 11:59 م]ـ
الأخ الفاضل إسلام بارك الله فيك
لكن السؤال المطروح أعلاه، هل هناك من السلف من صرح بأن لله عينين قبل عثمان الدارمي؟
أما غيره فيوجد ابن خزيمة و الأشعري في الإبانة و اللالكائي و غيرهم ..
ـ[المتبصر]ــــــــ[11 - 11 - 03, 01:51 ص]ـ
للرفع
أين الفقيه و أمثاله من الإخوان؟
ـ[حارث همام]ــــــــ[11 - 11 - 03, 08:37 م]ـ
"نحن نقول: لربنا الخالق عينان يبصر بهما ما تحت الثرى وتحت الأرض السابعة السفلى، وما في السموات العلى، وما بينهما من صغير وكبير، لا يخفى على خالقنا خافية في السموات السبع والأرضين السبع، ولا مما بينهم ولا فوقهم، ولا أسفل منهن لا يغيب عن بصره من ذلك شيء، يرى ما في جوف البحار ولججها كما يرى عرشه الذي هو مستو عليه".
هكذا قال إمام الأئمة ابن خزيمة في كتابه التوحيد.
ـ[حارث همام]ــــــــ[11 - 11 - 03, 10:11 م]ـ
ونقل القول بأن لله عينان ابن عساكر في كذب المفترى عن أبي الحسن الأشعري، وذكره ابن القيم في اجتماع الجيوش قال في معرض رده على المعتزلة -أعني الأشعري-: "وأنكروا أن تكون لله عينان"، وقد نص على العينين في غير موضع.
ـ[حارث همام]ــــــــ[11 - 11 - 03, 10:17 م]ـ
وحكاه في الباز الأشهب -عفا الله عن واضعه- عن ابن حامد أيضاً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/166)
ـ[حارث همام]ــــــــ[11 - 11 - 03, 10:21 م]ـ
وقرره أبوإسماعيل الهروي -رحمه الله- في الأربعين في دلائل التوحيد.
فقال: "باب إثبات العينين له تعالى وتقدس".
ـ[المتبصر]ــــــــ[11 - 11 - 03, 10:42 م]ـ
الأخ المكرم حارث همام
بارك الله فيكم كثيرا ..
و ما ذكرتموه - حفظكم الله - سبق البيان أنه غير المطلوب في السؤال تعقيبا على كلمة المعقب الأول، فقد نقل نحو ما نقلتم، لكن زدتم أنتم عليه قليلا ..
المطلوب: هل هناك من السلف من صرح بأن لله عينين قبل عثمان الدارمي؟
أما غيره فيوجد ابن خزيمة و الأشعري في الإبانة و اللالكائي و غيرهم ..
و المراد: أئمة السنة كالإمام أحمد و من سبقه ممن دونت عقائدهم ..
و كذلك من كانوا أقرانا للدارمي كالبخاري و غيره ..
فذلك أن أكثر من يدلل على هذه الصفة بصيغة التثنية ينقل كلام الأشعري و منهم من ينتقل إلى كلام ابن خزيمة، و حتى كلام الدارمي قل من ينقله و هو في رده على بشر المريسي ..
ـ[حارث همام]ــــــــ[11 - 11 - 03, 11:29 م]ـ
معذرة ..
على كل لا أذكر أحداً صرح بهذا قبله ولكن البخاري في الصحيح ذكر ما يشير إليه، فقد أورد في كتاب التوحيد (وقد ساقه للإثبات الصفات) في باب قول الله (ولتصنع على عيني) حديث أنس في صفة الدجال قال فيه (وإن ربكم ليس بأعور)
وكأنه يشير بذلك إلى أن لله عينين فالعور في اللغة ذهاب إحدى العينين.
ولكن -أحسن الله إليكم- هل لي أن أسأل من الثمرة المرجوة من هذا السؤال؟
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[26 - 04 - 04, 01:18 ص]ـ
كنت أبحث عن موضوع فعرض لي هذا ... فنقلت هذا
أحسنت أخي حارث بارك الله فيك
كنت قد سألت الشيخ عبد الرحمن البراك قبل بضع سنين هل ورد نص على أن لله عينين، فرد عليّ بقوة كالزاجر، فقال أجمع أهل السنة على أن لله عينين .. وذكر حديث الدجال، ومفهومه .. وقال في الصواعق ذكر خبرا لكنه ضعيف.اهـ.
والذي أرشدني له الشيخ في الصواعق المرسلة 1/ 256: ونطقت السنة بإضافتها إليه مثناة كما قال عطاء عن أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:" إن العبد إذا قام في الصلاة قام بين عيني الرحمن فإذا التفت قال له ربه إلى من تلتفت إلى خير لك مني". وقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وسلم إن ربكم ليس بأعور صريح في أنه ليس المراد إثبات عين واحدة ليس إلا فإن ذلك عور ظاهر تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وهل يفهم من قول الداعي اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام أنها عين واحدة ليس إلا إلا ذهن أقلف وقلب أغلف. انتهى.
وهذا الذي عناه ابن القيم رواه ابن أبي الدنيا في كتاب التهجد وقيام الليل رقم 508 قال حدثنا محمد بن حسان الأزرق. والعقيلي في الضعفاء 1/ 70 قال حدثنا محمد بن إسماعيل بن سالم كلاهما قال: حدثنا إسحاق بن سليمان حدثنا إبراهيم الخوزي عن عطاء بن أبي رباح سمعت أبا هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (إن العبد إذا قام في الصلاة فإنه بين عيني الرحمن عز وجل فإذا التفت قال له الرب عز وجل ابن آدم إلى من تلتفت إلى خير لك مني تلتفت ابن آدم أقبل إلى خير لك ممن تلتفت إليه).
ولكن إبراهيم الخوزي هذا شديد الضعف.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الجواب الصحيح 4/ 413
وأما لفظ العينين فليس هو في القرآن ولكن جاء في حديث [وهذا الشاهد]، وذكر الأشعري عن أهل السنة، والحديث أنهم يقولون: إن لله عينين .. اهـ.
ووجود هذا الحديث في كتب هؤلاء العلماء وغيرهم يدل أنه مسموع قبل الأشعري. والله اعلم.
وما دام أنه مجمع عليه عند السلف فلا فائدة في التنقيب في ذلك.
ـ[المتبصر]ــــــــ[26 - 04 - 04, 12:45 م]ـ
الأخ الفاضل عبد الرحمن السديس بارك الله فيك ..
قولك (وما دام أنه مجمع عليه عند السلف فلا فائدة في التنقيب في ذلك.).
هذا يحتاج إلى بيان من نقل الإجماع منهم، و لم تذكر لنا ذلك؟
و هؤلاء أئمة السنة كابن القيم مثلا إذا أرادوا النقل في هذا لم يتجاوزوا النقل عن الأشعري و أحسنهم من ينقل عن الدارمي و ابن خزيمة ..
و الموضوع يا أخي، مهم جدا، لا سيما إذا علمت أن هناك من طلبة العلم من ينكر ذلك، و لا يرى إثبات العينين بالمفهوم لحديث الدجال.
و يرى أن الحديث منطوقه: نفي العور عن الله، فيكتفى به، و لا يضرب لله الأمثال، فيقاس بخلقه، و من أشهر القائلين بهذا ممن عاصرنا الشيخ عبد الله الجديع في كتابه تيسير أصول الفقه، و كان قبل قد حصل بينه و بين الشيخ ابن عثيمين مراسلة في هذه المسألة، و لأجل هذا نبه عليها ابن عثيمين في القواعد المثلى.
و ممن نعرف من هؤلاء من يقول: لم يسبق الدارمي بقوله، و الدارمي ليس بحجة بل يحتج له ..
و القول في صفات الله بغير ما نطق به الكتاب و السنة لا يجوز ..
فلا نتجاوز قول الله و قول رسوله ..
فهل قال الله أو قال رسوله: إن له عينين؟
أقول هذا: مع أن الذي أدين الله به ما قاله الأئمة الأعلام الدارمي و ابن خزيمية و اللالكائي و غيرهم و أرجح فهمهم على فهم هؤلاء، بل أرى حديث الصورة دليلا لهم و الله اعلم.
و لعل هذا أخي السديس يوضح لك سبب إثارة المسألة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/167)
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[26 - 04 - 04, 11:34 م]ـ
أخي المتبصر حفظك الله
قول الجديع هذا قول فاسد، وتهويش بلا فائدة ولا طائل! وتبريرك له غير مقبول!
فهل كلما قال أحد قولا، واشتبه شبهة أثرناها للناس، وتكلفنا لها الرد والتأويل؟ بل الواجب أن تطوى، ولا تروى، وتهجر، ولا تذكر، وتخفى ولا تنشر؛ أما وقد وقع خلافه فأقول مستعينا بالله وعليه التكلان:
كان الواجب عليه أن يتبع علماء أهل السنة ـ إن كان منهم فلست أعرفه ـ فليس هو بخير منهم، ولا أعلم، ولا أفقه، ولا أتقى لله منهم.
- قال أبو الحسن الأشعري في مقالات الإسلاميين ص211و290: هذه حكاية قول جملة أصحاب الحديث، وأهل السنة: جملة ما عليه أصحاب الحديث وأهل السنة الإقرار بالله تعالى وملائكته وكتبه ـ إلى أن قال ـ وأن له عينين بلا كيف كما قال تجري بأعيننا ..
وانظره في: بيان تلبيس الجهمية 1/ 397 و2/ 27 والفتاوي 4/ 174.
فانظر نقله عن السلف، وأهل الحديث فليس هو من عند نفسه؛ ولو كان كذلك، وخالف الحق لما تبعه عليه العلماء، أو كان كذبا أو خطأ على أهل السنة، والحديث لبينوا فساده، ووجه الصواب فيه. فلا يجوز سكوتهم على ذلك.
- وصنيع البخاري في صحيحه ظاهر.
- وتقرير الدارمي لذلك في عصر الأئمة، وكذا ابن خزيمة يدل على أن هذا المستقر عند هؤلاء الأئمة، وأنهم تلقوه كابرا عن كابر.
وفهموه من النصوص، فهم لا يستجيزون الكلام في الصفات بلا دليل.
- وتوارد أهل السنة والجماعة على هذا في كتبهم من غير نكير حتى هذا الزمان مرورا بأكابر المحققين، وتتابعهم على هذا؛ يبين فساد اعتراض هذا المعترض.
وقد نقل الإجماع على ذلك أبو الحسن الأشعري وأبو بكر الباقلاني، هكذا ذكر ابن عثيمين رحمه الله في شرح الواسطية 1/ 314.
وذكر كذلك إجماع العلماء العلامة عبد الله الغنيمان في شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري 1/ 276.
وكذا العلامة زيد بن فياض في شرح الواسطية ص 124.
وقدمت لك نقل العلامة البراك لذلك.
ولا يعرف من أهل السنة من خالف في ذلك لا سلفا ولا خلفا، ولذا لا يجوز الخروج عن أقاويلهم في ذلك بالإجماع، انظر: الإقناع في مسائل الإجماع 1/ 69 لابن القطان الفاسي.
وقال ابن القيم في الصواعق 1/ 262:
بعد أن نقل عن الأشعري في كتبه ... قوله: ـ وأن له عينين بلا كيف كما قال تعالى (تجري بأعيننا) ـ فهذا الأشعري والناس قبله، وبعده، ومعه لم يفهموا من الأعين أعينا كثيرة على وجه، ولم يفهموا من الأيدي أيديا كثيرة على شق واحد حتى جاء هذا الجهمي ... الخ كلامه.
الشاهد: والناس قبله وبعده.
وقد نص الأشعري أنه متابع لأحمد في عقيدته قال في الإبانة ص 20 .. ثم ذكر بعد أسطر: العينين.
فلو لم يكن هذا قول أحمد لكذبه أصحابه، واتباعه فيما ادعاه.
وانظر: درء التعارض 7/ 103و بيان تلبيس الجهمية1/ 422.
وقال الإمام الطبري في كتاب صريح السنة ص 25: وأما القول في ألفاظ العباد بالقرآن فلا أثر فيه نعلمه عن صحابي مضى ولا تابعي قضى إلا عمن في قوله الغناء والشفاء رحمة الله عليه ورضوانه وفي اتباعه الرشد والهدى ومن يقوم قوله لدينا مقام قول الأئمة الأولى أبي عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه فإن أبا إسماعيل الترمذي حدثني قال: سمعت أبا عبدالله أحمد بن حنبل يقول: اللفظية جهمية لقول الله جل اسمه (حتى يسمع كلام الله) فممن يسمع؟ ثم سمعت جماعة من أصحابنا لا أحفظ اسماءهم يذكرون عنه أنه كان يقول: من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي ومن قال هو غير مخلوق فهو مبتدع، ولا قول في ذلك عندنا يجوز أن نقوله إذ لم يكن لنا فيه إمام نأتم به سواه، وفيه الكفاية والمنع وهو الإمام المتبع رحمة الله عليه ورضوانه. اهـ.
يقول هذا الكلام ابن جرير الطبري رحمه الله وهو من هو في العلم! يقول في أحمد. فكيف إذا كان القول لأهل الحديث، والسنة مجتمعين! وكان الأولى بهذا الجديع إن ارتفع أن يقول مثله، ولا يتنكب أقوال العلماء والأئمة الفضلاء.
ولعلي أختم بهذه النقول النافعة في مثل هذه الأقول الغريبة الحادثة المخالفة لما عليه أهل الحق والإيمان مما أخترعه هؤلاء متنكبين فيه أقوال أهل السنة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/168)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوي 21/ 291، والفتاوي الكبرى 2/ 71: وكل قول ينفرد به المتأخر عن المتقدمين، ولم يسبقه إليه أحد منهم، فإنه يكون خطأ، كما قال الإمام أحمد بن حنبل: إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام. اهـ.
فمن سبق الجديع لهذا القول، وعمّن تلقاه، وأخذه؟!
وقال الشاطبي في الموفقات 3/ 402: ... ولا يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها، ولا هم أعرف بالشريعة منهم ... اهـ.
وبناء على هذا فالقولُ الذي يقوله، القولُ به ممتنع!؛ لأنه يلزم منه نسبة علماء السلف إلى الخطأ، والأعتقاد الباطل في صفات الباري سبحانه، وغفلة الأمة عن اعتقاد الحق طيلة هذه القرون، وهذا والله محال أن يكون.
قال العلامة أبو إسحاق الشاطبي في الموافقات: 3/ 75 - 77
فصل: وأعلم أن المخالفة لعمل الأولين ... ليست على رتبة واحدة بل فيها ما هو خفيف، ومنها ما هو شديد، وتفصيل القول في ذلك يستدعي طولا؛ فلنكله إلى نظر المجتهدين، ولكن المخالف على ضربين:
أحدهما: أن يكون من أهل الاجتهاد؛ فلا يخلو أن يبلغ في اجتهاده غاية الوسع، أو لا؛ فإن كان كذلك، فلا حرج عليه، وهو مأجور على كل حال، وإن لم يعط الاجتهاد حقه، وقصر فيه = فهو آثم، حسبما بينه أهل الأصول.
والثاني: أن لا يكون من أهل الاجتهاد، وإنما أدخل نفسه فيه غلطا، أو مغالطة إذ لم يشهد له بالاستحقاق أهل الرتبة، ولا رأوه أهلا للدخول معهم = فهذا مذموم.
وقلما تقع المخالفة لعمل المتقدمين إلا من أهل هذا القسم، لأن المجتهدين، وإن اختلفوا في الأمر العام في المسائل التي اختلفوا فيها لا يختلفون إلا فيما اختلف فيه الأولون، أو في مسألة موارد الظنون لا ذكر لهم فيها ... ـ إلى أن قال ـ، فلهذا كله يجب على كل ناظر في الدليل الشرعي مراعاة ما فهم منه الأولون، وما كانوا عليه في العمل به، فهو أحرى بالصواب، وأقوم في العلم، والعمل.
----------------------------------------
ومن أراد مزيدا في أوجه دلالة النصوص على تحقيق هذه الصفة فليراجع شرح العلامة ابن عثيمين على الواسطية وشرح الغنيمان المتقدم ذكرهما، وغيرها مما ذكر.
------------
لم أفهم ما الذي تعنيه في القواعد المثلى لابن عثيمين.
ـ[المضري]ــــــــ[27 - 04 - 04, 02:18 ص]ـ
ترجمة الشيخ عبدالله الجديع ( http://64.246.11.80/~baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&threadid=14786&highlight=%C7%E1%CC%CF%ED%DA)
ـ[المتبصر]ــــــــ[27 - 04 - 04, 12:35 م]ـ
أولا: كنت أرجو ألا يخرج بك النقاش عن حدود الأدب!
ثانيا: أنا كاتب المشاركة، و لم أطلب منك و لا من غيرك أن تنقل لي من أثبت العينين من أئمة السلف و غيرهم، فأنا بحمد الله و فضله غير عاجز عن ذلك، و لو راجعت ما كتبته أولا لكتبت غيره، و لأجبت عن السؤال أعلاه!!
ثالثا:
قولك غفر الله لك (وتبريرك له غير مقبول)
أقول: هداك الله، و هل نقل شبه أو أدلة الخصم - تبرير له.
إذا كان هذا فهمك، فهاهي مشاركاتك و لا سيما الأخيرة التي عن الصوفية فيها من النقل لشبه أهل البدع ما لا يحصى!!!
فهلا لنفسك كان ......
رابعا: أعلمك يا أخي أن كتب السلف و الأئمة من بعدهم مليئة بالاستشكالات و حلها، بل منتدانا هذا (منتدى أهل الحديث) أغلبه لاستشكالات لمسائل من العلم!!؟
فهلا عددت المسألة مشكلة عند أصحابها؟؟
خامسا: كما أنك أخي الكريم قلبت الكتب و الصحف للبحث عمن نقل الإجماع فلم تفلح فلجأت إلى كتب المعاصرين، فنقلت عن بعض المشايخ الفضلاء المعاصرين: البراك و الغنيمان و الفياض؟ فلم هذه النقلة؟؟
سادسا: أعلمك كما أعلمتك من قبل و أزيد: هذه المسألة بحثتها منذ سنين طويلة، و قلبت فيها الكتب، و اجتهدت في الاستدلال لها و تقريرها، و نقلت ما ذكرت و أكثر، فلا يذهب بك الظن يا أخي إلى شيء آخر - كما يوحي ردك الأخير -،و الله يتولانا جميعا برحمته ..
أخيرا
الأخ الفاضل الشيخ عبد الله الجديع من أبرز المعتنين بعلوم الحديث رواية و دراية و من المبرزين في فهم عقيدة السلف و الاستدلال لها، و لعلك تطالع تصانيفه،كما أنه كغيره بشر يخطئ و يصيب، و الله الموفق.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[27 - 04 - 04, 03:03 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/169)
أَعُوذُ بِالله مِنْ هَمَزَات الشَّيَاطين وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ
قال المتبصر: أولا: كنت أرجو ألا يخرج بك النقاش عن حدود الأدب!
أقول: كأنك عضبت، مع ظني أني سأفرحك؛ لأني قررت معك ما تعتقد، وبينت عقيدة السلف الصالح الذي يفرح المؤمن إذا رآى من يقررها. و قولك هذا يحتاج إلى بيان ما هو الذي في كلامي خارج عند حدود الأدب؛ لعلي أتوب وأستغفر الله منه، فمنكم نستفيد، ومن أدبك نتأدب.
قال المتبصر: ثانيا: أنا كاتب المشاركة، و لم أطلب منك و لا من غيرك أن تنقل لي من أثبت العينين من أئمة السلف و غيرهم، فأنا بحمد الله و فضله غير عاجز عن ذلك، و لو راجعت ما كتبته أولا لكتبت غيره، و لأجبت عن السؤال أعلاه!!
أقول بارك فيك: الملتقى هنا عالمي يدخله، ويكتب فيه الكتاب من كل البلاد، ولا أعرف أنه من حق صاحب المشاركة أن يحدد ما يكتب في التعقيب عليها، وما يريد هو، وإذا سقت هذه الشبهة ودللت لها وجب على من يستطيع أن يبين الحق فيها، فليس الجواب خاص بك لا يطلع عليه غيرك حتى تشترط هذه الشروط، وكان الأولى بك لما أوردت الشبهة (مع التحفظ على إيراد الشبه) أن تجتهد في بيان بطلانها، لا أن تحتفظ وحدك بالاستدلال لردها وتترك القارئ هكذا، ولعلمك فإنه يطلع على هذه المواضيع طلبة العلم، والعوام من أهل السنة، ومن غيرهم ممن ليس منهم! وقد راجعتُ ما كتبتَه في المرتين، وهذا جوابه ظاهر، لمن له عينين.
قال المتبصر: ثالثا: قولك غفر الله لك (وتبريرك له غير مقبول) أقول: هداك الله، و هل نقل شبه أو أدلة الخصم - تبرير له. إذا كان هذا فهمك، فهاهي مشاركاتك و لا سيما الأخيرة التي عن الصوفية فيها من النقل لشبه أهل البدع ما لا يحصى!!!
فهلا لنفسك كان ......
أقول هداك الله بهداه: الشبهة ليست على درجة واحدة، وليس من منهج أهل السنة طرح الشبه على العموم يقرأها العلماء والعوام، وهذا ظاهر، وكان الواجب عليك إن أشكل عليك شيء من ذلك أن تهرع إلى العلماء الربانيين ليبينوا لك الحق فيها، ويردوا الباطل، لا أن تطرحها هنا. ومشاركتي عن الصوفية رد لشبههم، ولم يَرد في كلامي شيء إلا لإبطال شبههم من كلام العلماء المعتبرين، وقولك: من الشبه ما لا يحصى ..
أقول غفر الله لك: لعلك تستغفر الله، فإني لم أذكر شبهة واحدة فضلا عن ما لا تحصى، وتحري الدقة والصدق من خلق المؤمن جعلني الله وإياك منهم.
قال المتبصر:رابعا: أعلمك يا أخي أن كتب السلف و الأئمة من بعدهم مليئة بالاستشكالات و حلها، بل منتدانا هذا (منتدى أهل الحديث) أغلبه لاستشكالات لمسائل من العلم!!؟
فهلا عددت المسألة مشكلة عند أصحابها؟؟
أقول: لا يخفى عليّ هذا لكن فرق بين ما في كتب السلف، وبين ما يلقى هنا ليطلع عليه العالم والجاهل! هلا قمت في أحد المساجد، أو المجامع العامة وألقيت الشبه على العوام بحجة أنها في كتب السلف، لا أطنك تقول بهذا. واستشكال مسائل العلم ليس على درجة واحدة، ومسائل الصفات الدقيقة هذه، والرد عليها ليست بالهينة وإلقاؤها بين الناس مضرٍ، وأيضا الشبه لها درجات بحسب حظها من النظر، وحظ قائلها من العلم والإيمان، ولعلمك فإدارة الملتقى تمنع من نشر الشبهات في العقيدة، وإن شئت راجعهم. وأنا في المشاركة الأولى نقلت لك النص الوارد في المسألة وهو ضعيف، وقلتُ لك ما أرشد إليه العلامة البراك وأنه قد أجمُِعَ عليه .. فلم ترضى ذلك، ثم عقبتَ بردك لذلك، وأنه لا إجماع، وطالبتني بذكره ... ثم عقبت ببيان عقيدتك في المسألة ... أقول: لا يهمني كثيرا أن شخصا لا يدرى من هو يكتب باسم المتبصر يرى هذا القول في المسألة، أو لا يراه، المهم دفع الشبهة عن القارئ الذي قد يخرج من مقالك بتشكيك في عقيدة السلف المستقرة من جراء ما تكتب؛ فتنبه لهذا فهو خطير.
قال المتبصر:خامسا: كما أنك أخي الكريم قلبت الكتب و الصحف للبحث عمن نقل الإجماع فلم تفلح فلجأت إلى كتب المعاصرين، فنقلت عن بعض المشايخ الفضلاء المعاصرين: البراك و الغنيمان و الفياض؟ فلم هذه النقلة؟؟
أقول: سقط منك ابن عثيمين فهو معهم. أنت طالبتني ببيان من نقل الإجماع، وأنا فعلت، ولم أشترط لك، ولم تشترط عليّ أن يكون النقل من كتب السلف، ثم قد نقلت لك كلام الشيخ ابن عثيمين وقوله أن الأشعري والباقلاني نقلا الإجماع على ذلك، وكذا بقية العلماء المعاصرين .. فهل أنت غير معتبر بما ينقلون، ويقررون؟
ولو أنك مع بحثك السنين الطويلة تأملت قول الأشعري: جملة ما عليه أصحاب الحديث وأهل السنة الإقرار بالله تعالى ـ إلى أن قال ـ وأن له عينين بلا كيف كما قال تجري بأعيننا .. اهـ وتوارد أهل السنة على ذلك من غير نكير لعلمت أن هذا إجماع منهم على ذلك، وهذا ما فهمه العلامة ابن عثيمين، وكذا قول ابن القيم: الأشعري والناس قبله وبعده .. الخ
والذي أشتهيه أن ترد على ما ذكرتُ لك في المشاركة التي قبل هذه إن كان ثمتَ رد، لا أن تحوم من بعيد، وتعرض عما قررت لك.
قال المتبصر سادسا: أعلمك كما أعلمتك من قبل و أزيد: هذه المسألة بحثتها منذ سنين طويلة، و قلبت فيها الكتب، و اجتهدت في الاستدلال لها و تقريرها، و نقلت ما ذكرت و أكثر، فلا يذهب بك الظن يا أخي إلى شيء آخر - كما يوحي ردك الأخير -،و الله يتولانا جميعا برحمته ..
أقول: كونك بحثتها سنين ... أقول:تأجر على بحثك إن شاء الله، ووالله لم يخطر في بالي أنك تتبناه كما أوحى إليك فهمك، وقد قدمت لك بيان سبب ردي، وقولي هناك تبريرك له غير مقبول يعني الدفاع عن هذا القول مردود؛ فأنت دللت له، وبينت وجهه بكل قوة، وتركت تقرير الحق مكتفيا بأنك تعتقده، وهذا خطأ. ويكفي أنه قول مخالف لقول الجماعة من أهل السنة.
وبالنسبة للشيخ الجديع فأنا أعيد أني لا أعرف عنه كبير شيء خصوصا في علم العقيدة، فقط سمعت عنه أشياء مختلفة جدا، ولم يتبين لي حقيقة الأمر، ولا يهم القائل بقدر ما يهم القول.
والله يعفو عني وعنك، وجميع المسلمين، ويهدينا الصراط المستقيم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/170)
ـ[المتبصر]ــــــــ[27 - 04 - 04, 04:50 م]ـ
أخي عبد الرحمن ..
لا بأس عليك ..
هل ترى قولك (قول الجديع
هذا قول فاسد،
و تهويش بلا فائدة ولا طائل!
وتبريرك له غير مقبول!
فهل كلما قال أحد قولا، واشتبه شبهة أثرناها للناس،
وتكلفنا لها الرد والتأويل؟
بل الواجب أن تطوى، ولا تروى، وتهجر، ولا تذكر، وتخفى ولا تنشر؛ أما وقد وقع خلافه فأقول مستعينا بالله وعليه التكلان:
كان الواجب عليه أن يتبع علماء أهل السنة ـ إن كان منهم فلست أعرفه ـ
فليس هو بخير منهم، ولا أعلم، ولا أفقه، ولا أتقى لله منهم).
تراه من حسن القول المأمور به شرعا (وقولوا للناس حسنا) أم من سيئه؟؟
إذا كان هذا في نظرك هو الأسلوب الحسن و الرد العلمي، و ليس خارجا عما نحن فيه فهذا رأيك أخي الكريم ...
ثم قولك: (الملتقى هنا عالمي يدخله، ويكتب فيه الكتاب من كل البلاد، ولا أعرف أنه من حق صاحب المشاركة أن يحدد ما يكتب في التعقيب عليها، وما يريد هو، وإذا سقت هذه الشبهة ودللت لها وجب على من يستطيع أن يبين الحق فيها، فليس الجواب خاص بك لا يطلع عليه غيرك حتى تشترط هذه الشروط، وكان الأولى بك لما أوردت الشبهة (مع التحفظ على إيراد الشبه) أن تجتهد في بيان بطلانها، لا أن تحتفظ وحدك بالاستدلال لردها وتترك القارئ هكذا، ولعلمك فإنه يطلع على هذه المواضيع طلبة العلم، والعوام من أهل السنة، ومن غيرهم ممن ليس منهم! وقد راجعتُ ما كتبتَه في المرتين، وهذا جوابه ظاهر، لمن له عينين.)
أقول لك:
هذه حيدة عن الموضوع، الموضوع كان عمن سبق الدارمي بالقول بأن لله عينين، فأخرجته بمشاركتك الأولى عن موضوعه، و قلت (لا فائدة في التنقيب في ذلك) و هذا أيضا من حسن أدبك ..
لازلت متعجبا، رجل يسأل عن أركان الصلاة، تريد رغما عنه أن تجيبه عن شروطها؟؟؟؟
يا أخي الموضوع المطروح حق للإخوان المشاركة فيه؛ لكن من حق من طرح المسألة أن يقيدهم بألا يخرجوا عن موضوعه، وهذا معمول به في كل المشاركات؟؟؟
ما أدري ما الذي أزعجك في هذا ...
ـ[المتبصر]ــــــــ[27 - 04 - 04, 04:59 م]ـ
و سيأتيك الجواب تفصيلا عما ذكرت -
لاحقا
لأني الآن منشغل
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[27 - 04 - 04, 06:14 م]ـ
عملا بنصيحة أحد المشايخ الفضلا هنا، واتباعا لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:" أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا ".
فسأمسك عن الكلام، والرد ما استطعت، لأنه خرج عن المقصود.
وما تقدم فيه كفاية.
والله يعفو عن الجميع.
ـ[محمد عبادي]ــــــــ[27 - 04 - 04, 10:47 م]ـ
دعوى الإجماع هل تثبت بقول ابي الحسن؟؟
قال أبو الحسن الأشعري: قال أهل السنة وأصحاب الحديث: ليس بجسم ولا يشبه الأشياء
فهل يثبت بقوله هذا إجماع أهل السنة على التصريح بنفي الجسم؟؟
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[27 - 04 - 04, 11:14 م]ـ
نعم يثبت لو أطبق أهل السنة في وقته وبعده على ذلك
أما إن خالفوه في إطلاقه ...
فيكون قوله خطأ في نقل الإجماع كما يخطئ غيره في نقل بعض الإجماعات.
ـ[المتبصر]ــــــــ[28 - 04 - 04, 12:38 ص]ـ
...
و أقول: أحسنت صنعا بإجابتك للشيخ الفاضل المشار إليه ...
و لكني أرى أنه لا بد من أن أبين أمورا لم يتم الجواب عنها:
أولا: اعلم أيها الأخ الفاضل أني لم أطرح شبهة في أصل الموضوع، و لكنها المذاكرة بالعلم ..
لكنك بدخولك على المشاركة حولتها إلى تنقيب بلا فائدة!
ثم ثنيت علينا بما نقلنا لك ..
و لما سقنا لك أدلة الخصم و حججه، رحت تحتج علينا بالإجماع ..
و لما طالبناك بالإجماع ..
نقلته من كتب من ذكرت و هي لا تخفى على من اجتهد في بحث المسألة ممن يقول بإثبات العينين، و لا من قال بخلافها، و هؤلاء المنقول عنهم مطالبون ببيان ممن سبقهم إلى نقل الإجماع!!! و إلا صارت دعوى الإجماع متيسرة لكل أحد، ممن يقف على قول إمام و لا يقف له على مخالف.
و قد علمت أن عدم الاختلاف ليس إجماعا؛ فقولنا: لا أعلم فيه خلافا، ليس كقولنا: أجمعوا عليه ..
و هذا ما أظنك تخالف فيه ...
كذلك: أخي السديس ... اعلم أن ما نقلته عن الأشعري غير خاف علينا، كيف و قد أشرنا إليه مرات في التعليقات المتقدمة، و إلى نقل ابن القيم لكلامه ..
كما أنه قول لا يدل على الإجماع، بل هو يدل على أحسن تقدير على أن هناك من سبقه بالقول به، و هذا لا يخالف فيه أحد، لا من المثبتين و لا من النفاة ..
و هذا شيخ الإسلام لم يعد في الاستدلال لها قوله: (و أما لفظ العينين فليس هو في القرآن ولكن جاء في حديث، وذكر الأشعري عن أهل السنة و الحديث أنهم يقولون: إن لله عينين .. )
كما ينبغي أن تعلم أن الأشعري في نقله لمذاهب أهل السنة، لا ينقل عن تتبع و استقراء و معرفة بمذهبهم، بل قد بين شيخ الإسلام في مواضع من كتبه ضعفه في معرفة أقوال أهل الحديث و السنة، و ذلك أن معرفته بالحديث كانت متأخرة، فمعرفته بأقوالهم مجملة، بخلاف غيرهم فهي مفصلة ...
و العبد الفقير بفضل الله كان يطمح من خلال طرح المسألة إلى تكميل ما عنده فيها، و ذلك بالوقوف على أقوال أئمة السنة قبل الدارمي، وبالأخص الإمام أحمد رحمه الله ...
لكن أخذت المشاركة منحى آخر ...
و بخصوص بيان هذه الصفة و الاستدلال لها، فقد سبقني الأخ إسلام في أول تعقيب، فجزاه الله خيرا ..
و لعلي أقول أخيرا - مع أن في الجعبة أشياء أخرى تحتاج إلى تنبيه -: اعلم أيها الأخ الفاضل عبد الرحمن أنني كتبت هذا، مع أني أكن لك المحبة و الاحترام و التقدير ..
ولا تحسب أني كنت أطمح إلى الرد و التعقيب عليك، بل كتبته كارها، بيانا لما أرى ..
فإن أصبت فالفضل لله، و إن أخطأت، فالله أسأل أن يعفو عني و عنك وعن جميع المسلمين
و الله ولي التوفيق ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/171)
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[28 - 04 - 04, 07:58 ص]ـ
الإجماع مستنده النص، فأين النص الواضح البيِّن؟
النفي في الصفات يتضمن كمال الضد، وكمال الضد في نفي " العور " إثبات أعين لا عينين!
من أثبت لله أعيناً أثبت له عينين
ومن أثبت لله عينين فقط فقد نفى الأعين الواردة نصا في الشرع وتكلف تأويلها مع أن إثباتها ثابت في النص وهي كمال لا نقص
وحديث الدجال لم يُسق لبيان صفة للرب تعالى بل لبيان كذب زاعم الربوبية وأنه عاجز عن نفي عيبه
وأعور العين الواحدة فيه إثبات عينين لكن للمخلوق لا للخالق
والله الهادي
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[30 - 04 - 04, 06:50 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على الهادي الأمين وبعد:
فالحقيقة أني ترددت مرارا هل أعقب أم أكتفي بما تقدم من الكلام؟
حتى أنشرح صدري لذلك بعد ما جلست مع الشيخ البراك اليوم وسألته عن هذه المسألة .. وغيرها،
وقلتُ: لعل الله أن يجعل فيه خيرا لي ولإخواني فالواجب على الإخوة وإن اختلفوا أن يتناصحوا، وإن قسوا أن يعودوا فيلينوا .. فنحن في غربة بين الناس والأمم!
وأقول للأخ المتبصر: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.
وأنا كذلك أكن التقدير والاحترام لك، ولأخواني أهل السنة جميعا، وأتمنى لي ولهم التمسك بهذه العقيدة الصافية كما قال ابن عون رحمه الله: ثلاث أحبهن لنفسي، ولإخواني هذه السنة أن يتعلموها، ويسألوا عنها، والقرآن أن يتفهموه، ويسألوا عنه، ويدعوا الناس إلا من خير (1).
ثم هذه كليمات أحب أن أنبه نفسي، وإخواني لها وهي:
خطورة الكلام في هذه المسائل، لأنها ليست بالهينة فالكلام عن صفات الباري سبحانه وتعالى،، وليس الكلام على مسألة فقهية فروعية تختلف فيها أنظار الفقهاء ..
وإذا كان الأمر كذلك فلا بد من التأني في ذلك، والتروي، والتأمل وأخذ هذا العلم عن أهله المعروفين به المعروفين بصحة الاعتقاد، وسلامة العقيدة، ومتابعة منهج أهل السنة والجماعة، وينبغي على طالب العلم إذا خالف فهمه فهم الأئمة الأعلام أهل السنة والتحقيق، والنظر والتدقيق؛ أن يتهم فهمه، و نفسه ويعزوها إلى النقص والتقصير فهم والله القوم، قال الإمام سفيان الثوري رحمه لما بلغه قول أبي حنيفة عن التابعين، هم رجال ونحن رجال ... قال: نتهم رأينا لرأيهم .. (2)، و قيل للإمام أحمد من نسأل بعدك؟ قال: عبدالوهاب الوراق. قيل له: إنه ليس له اتساع في العلم؟ قال: إنه رجل صالح مثله يوفق لإصابة الحق. (3)
فانظر رحمك الله إلى هذين النصين من هذين الإمامين، وتأملهما، ثم قل لنفسك:
هل أنت أعلم بنصوص الكتاب، والسنة من السلف الصالح الأبرار فحول العلم والعمل؟
هل أنت أولى منهم بفهم النصوص، ومدلولاتها؟
هل أنت أولى بالتوفيق لإصابة الحق منهم؟
هل كانوا على خطإ، وأنت على صواب؟
هل خصك الله بهذا العلم والفهم من بينهم؟
هل أنت أعلم باللغة ومدلولاتها منهم؟
أسئلة كثيرة ....
ويكثر الالتجاء إلى الله سبحانه أن يعلمه، ويفهمه ويشرح صدره لقبول الحق ... كما كان يفعل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .. حتى يشرح الله صدره لمتابعتهم، فهم ـ والله ـ على الحق ومن سواهم على خلافه.
------------------------
(1) صحيح البخاري 6/ 2654.
(2) مختصر المؤمل لأبي شامة ص100.
(3) الورع ص3.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[30 - 04 - 04, 06:54 م]ـ
قبل أن أبدأ بنقاش ما ذكر أخي الفاضل الشيخ إحسان أذكر بما قلتُ سابقا:
ولا يعرف من أهل السنة من خالف في ذلك لا سلفا ولا خلفا، ولذا لا يجوز الخروج عن أقاويلهم في ذلك بالإجماع ...
وبناء عليه فهذا القول، القول به ممتنع!؛ لأنه يلزم منه نسبة علماء السلف إلى الخطأ، والأعتقاد الباطل في صفات الباري سبحانه، وغفلة الأمة عن اعتقاد الحق طيلة هذه القرون ..
وليعلم أنه لا توجد بدعة، ولا مخالفة إلا، ولأصحابها شيء من النص، أو العقل يستندون إليه، ويتشبثون به، ولذا تجب العناية بموافقة سلف الأمة أهل السنة لأنهم أبرُّ هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، وأكثرها اتباعا ..
--------------
قال الأخ إحسان: الإجماع مستنده النص، فأين النص الواضح البيِّن؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/172)
أقول: نعم الإجماع مستنده النص، ولا أدري من أين أتيت بقيد الواضح البين هذا؟!
وعلى كلٍ فأهل السنة القائلون بهذا = النص عندهم واضح بين، وهو ما تقدم ذكره في الآية والحديث.
قال الأخ إحسان: النفي في الصفات يتضمن كمال الضد، وكمال الضد في نفي " العور " إثبات أعين لا عينين!
أقول: هذا التقعيد هو من تقيعد أهل السنة، وتطبيقهم لهذا التقعيد خالف تطبيقك لأن فهمهم أن كمال ضد العور إثبات عينين فقط لا أعين، وهذا هو الذي دلت عليه لغة العرب فليست ضد العور إلا من له عينين، وإنما معنى العور عندهم ذهاب عين من العينين وليس عين من أعين.
وهذه المسألة تشبه مسألة من يصحح حديثا ضعفه الأئمة المتقدمون من أهل الصناعة، ثم يأتي من يصححه ثم يحتج عليهم بأقوالهم في توثيق رجاله!
قال الأخ إحسان: من أثبت لله أعيناً أثبت له عينين.
أقول: نعم أثبت له عينين لكنه زاد هذه الزيادة في صفة الباري سبحانه بغير علم، وهذا كمن زاد في صفة اليدين وقال: لله أيد وليس فقط يدين .. كما سيأتي.
قال الأخ إحسان: ومن أثبت لله عينين فقط فقد نفى الأعين الواردة نصا في الشرع وتكلف تأويلها مع أن إثباتها ثابت في النص وهي كمال لا نقص.
أقول: جاءت صيغة العين على الجمع ولم يفهموا منها الجمع، والكلام هنا كالكلام على صفة اليدين الواردة بالجمع قل هنا ما ستقوله هناك، فهل تقول إن لله أيد مع أني أثبت اليدين؟
فأن قلتَ: جاءت الأيد مثناة في مواضع كقوله (خلقت بيدي) يأتي قائل: ويقول: خلق بيدين ولا يمنع من وجود أيد أخرى لم يخلقه بها دل على وجودها النص وتكلف تأويلها مع أن إثباتها ثابت في النص وهي كمال لا نقص!
قال الأخ إحسان: وحديث الدجال لم يُسق لبيان صفة للرب تعالى بل لبيان كذب زاعم الربوبية وأنه عاجز عن نفي عيبه.
أقول: قولك هذا في الحكمة في سياق الحديث هل هو منصوص عليه أو استباط وفهم؟
فالمخالف لا يوافقك على حصر الحكمة في هاتين التي ذكرت ...
وإن سلمنا إنه لم يسق أصلا لبيان صفة الرب إلا أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نص فيه على صفة الرب نصا بينا فقال: عن الدجال إنه أعور، وقال عن صفة ربنا تعالى: وإن ربكم ليس بأعور.
وهل لا يؤخذ بما في النصوص إلا إن كانت السياقات من أجلها .. أو أن هذا سبب في رد ما كان كذلك أو تأويله!
قال الأخ إحسان: وأعور العين الواحدة فيه إثبات عينين لكن للمخلوق لا للخالق.
أقول: نص الحديث على أن الله تعالى: ليس بأعور والعور في لغة العرب ذهاب عين من عينين ومن ليس بأعور فله عينين لا غير .. هذه لغة العرب التي خاطبنا الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بها لنفهم بها دين الله وشرعه، و إلا كان الكلام لا فائدة منه.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[30 - 04 - 04, 06:58 م]ـ
سألت الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله عمّن يقول [ولم أُسمِّ أحدا]:
بأن النصوص دلت على أن لله أعين لا عينين فقط، وأنه يستدل بكذا ... نحو ما ذكر هنا
فقال: عليه أن يتبع سبيل المؤمنين من أهل السنة والجماعة، ولا يخالف قولهم.
فقلت: هل هذا القول بدعة؟
قال: نعم بدعة.
ـ[أبو خليفة العسيري]ــــــــ[13 - 05 - 05, 07:11 م]ـ
يمكن الموضوع قديم
فاعتذر للرفع
لكني أحب التعليق على (من سبق الدارمي) لأن الدارمي ليس حجة!
أقول صحيح ليس بحجة، وكذلك لو ذُكر رجل سابق له لما كان حجة كذلك لا أحمد بن حنبل ولا غيره من أئمة السنة، والذين منهم الدارمي، رحم الله الجميع
هذا للتنبيه على تعليل البحث عن السابق بأن الدارمي ليس حجة
ثم إن كثيرا من تفاصيل الاعتقاد الذي احتاج الأئمة للتنبيه عليها وذكر أدلتها لما ظهر أهل الأهواء قد لا تجد صحابيا أو تابعيا نص على اعتقاد أهل السنة فيها إلا البدع الأولى كالقدر والحرورية وغيرها، ومن الإجماعات في الاعتقاد كما يقول ابن عثيمين عدم وجود نقل عنهم يخالف ظاهر النصوص.
وإذا وصل السائل الفاضل أو غيره بالنقل إلى صحابي فهل سيكون عنده حجة؟!
أم سيقول ليس له مخالف من غيره أو من الشرع فهو حجة لدلالته على النقل أو الإجماع؟!
فليقل هذا في من بعده من الأئمة لاسيما مسائل الاعتقاد في عهودهم اعتنوا بنقلها والبحث فيها عن مذاهب السلف ونقبوا دلالات النصوص فيها وردوا على شبه أهل الأهواء، فلو وجدوا ما يخالف نقلهم لذكروه، فضلا عن أن يقف عليه أهل الأهواء.
أما جملة الأخ إحسان الأخيرة فتحتاج إلى تأمل منه - ومنا كذلك -
إذ الدلالات اللغوية سواء التلازم أو التضمن أو غيرها إنما ينظر فيها إلى مطلق اللغة لا إلى ذات الموصوف، فهي دالة على مدلولها في كل من أضيفت إليه، فيحتاج من نفي شيئا منها أن يثبت أنها روعي فيها الموصوف، أي أن هذا المعنى اللازم أو غيره إنما لزم لخصوصية الموصوف فيختص به، وليس من هذا العور، ولو فعل هذا بالعور لفعل بكل المعاني العظيمة التي تستنبط من كلام الله بحجة أنها في المخلوق وليست في الخالق، والسلف أهل العربية والشرع لم يكونوا يفعلون هذا، بل من الفوارق بين المفوضة وبين أهل الحديث هذا، وهذا كان من أعظم أسباب كلام أهل الأهواء في أمثال الدارمي وابن خزيمة وهما من هما في الإمامة في اللغة والشرع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/173)
ـ[فيصل]ــــــــ[14 - 05 - 05, 12:26 م]ـ
####
الأعور في لغة العرب هو ضد البصير بعينين، لذا لا يقال لبعض الحيوانات البحرية ذات العيون الكثيرة إذا فقدت واحدة منها أنها عوراء! ###
اما أن من ((نفى الأعين الواردة نصا في الشرع وتكلف تأويلها)) فيقال كذلك في يدين الله وقد وردت بالجمع كقوله تعالى: «مما عملت أيدينا». فهل تثبت أيدي كثيرة لله!!؟ وعجبي على قائل هذا الكلام -وهو طالب علم-ألم يقرأ كلام المحققين من اهل العلم في توضيح وجه ذلك من اللغة وأنه ليس فيه كما يزعم ((تكلف تأويل))!؟ كابن القيم في صواعقه وغيره من الأئمة.
أما قوله: ((وحديث الدجال لم يُسق لبيان صفة للرب تعالى بل لبيان كذب زاعم الربوبية وأنه عاجز عن نفي عيبه))
وما أدراك أنه لم يُسق لبيان صفة للرب تعالى!؟
إذاً قل لي بربك ما فائدة قوله ((وأن الله ليس بأعور))؟؟
أما النقل عن السلف -غير ما ذكر أعلاه- فقد نقل اللالكائي عن ابن عباس اثبات العينين
ـ[أبو علي]ــــــــ[14 - 05 - 05, 05:45 م]ـ
كلام عجيب غريب
بالرّجوع لكلام أهل اللسان يجد أنَّ العور لا يقال إلاَّ لمن له عينين.
فنفي العور يدلَّ على إثبات العينين.
وغير ذلك سفسطة، وعجمة.
وممَّن قال بذلك من السَّلف البخاريّ، وأحمد على ما أظنّ.
وإن قيل الدَّارميّ ليس بحجة، نقول لغته وفهمه للنُّصوص أولى من فهم من اختلط لسانه بالأعجميَّة اختلاطًا شديدًا.
والحقيقة أنَّ بعض الإخوة في ذهنهم تشويش، فعليه بالرجوع لأهل العلم.
والله أعلم
ـ[أبو محمد الموحد]ــــــــ[25 - 07 - 07, 06:48 م]ـ
جزاكم الله خيرًا.
ـ[بنت فايد السلفي]ــــــــ[26 - 07 - 07, 02:50 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
وددت الإطلاع و حسب لأستفيد و أتعلم منكم دون المشاركة أو الخوض فى حديث
و لفت نظري عنوان الموضوع من قال من السلف بأن لله عينين؟
فدخلت و قرأت و استفدت من بعض مشاركات الإخوة جزاهم الله عنا خير الجزاء
و لكن بعد ذلك حيد الموضوع عن أصله وبدأ بعض الإخوة عفا الله عنهم بالشد و العصبية و التجريح و الإساءة و ما ينبغي أن يكون أمثالكم هكذا::أنتم يا طلبة العلم. و فى الحقيقة لي أكثر من تعقيب
و لكن أكتفي بالنصح و حسب قال النبي صلى الله عليه وسلم «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه». رواه مسلم
جزاك الله خيرا أيها الأخ الفاضل / عبدالرحمن السديس على حسن أدبك و أجزل الله لك المثوبة على صبرك و دعوتك المصطحبة برفق و أيضا جزا الله خيرا جميع الإخوة المشاركين
و أنصح إخواني جميعا التحلي بالصبر ولا داع للخلاف و نحن نحسن الظن بكم جميعا يا أهل السنة
و قد قال أحد السلف الصالح:إذا بلغك عن رجل في المشرق صاحب سنة و آخر بالمغرب فابعث إليهما بالسلام و ادع لهما ما أقل أهل السنة و الجماعة ..
فالسلام لكم و عليكم و بارك الله فيكم(26/174)
أبشروا بليلة القدر ... أبشروا ...
ـ[ممدوح بن متعب الجبرين]ــــــــ[11 - 11 - 03, 10:41 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم،
امّا بعد:
فأبشروا ايها المسلمون، أبشروا بالخير العظيم، أبشروا بالخير العظيم،
أبشروا بمعرفة وتحديد ليلة القدر تحديدا بأسمها، نعم والحمد لله،
أبشروا بمعرفة اسم ليلة القدر حيث ان اسمها لن يتغير الى يوم
القيامه،
أبشروا ايها المسلمون برحمة من الله عز وجل، فبمعرفة اسم ليلة القدر نستطيع وبسهوله تحديد دخول شهر رمضان المبارك على كوكب الارض وفي ليلة واحده،
سيصوم المسلمون بيوم واحد بأذن الله، وستكون ليلة القدر ليلة واحده على الارض كلها،
أبشروا والحمد لله وحده،
أبشروا والحمد لله وحده،
أبشروا والحمد لله وحده ... بأن ليلة القدر هي ليلة الثلاثاء من كل وتر
من العشر الاواخر من كل رمضان، ووفقني الله عز وجل ايضا الى تحديد
الجدول الزمني الذي تنتقل فيه في كل عام، من يوم الى يوم آخر ...
ووفقني الله عز وجل الى معرفة ان شهر رمضان المبارك لن يدخل
على الكرة الارضيه في يومين هما يوم الاحد ويوم الجمعه ...
هذه البشرى ازفّها الى كل مسلم حي على هذه الارض، ومن حق
كل مسلم ان ينقل هذا الخبر الى اية وسيله اعلاميه شريطة ذكر المصدر على انه مقتطفات من كتاب / ممدوح بن متعب الجبرين
وهو بعنوان: معرفة وتحديد ليلة القدر.
والذي يتوفر منه نسخ خاصّه ...
أدعوا علماءالدين في الأقطار العربيه والاسلاميه وأخص:
هيئة كبار العلماء بالمملكة العربيه السعوديه
هيئة علماء الازهر في جمهوريةمصر العربيه
فضيلة الشيخ عبدالمجيد الزنداني (بيننا اتصالات مباشره)
فضيلة الشيخ سفر الحوالي
فضيلة الشيخ سلمان العوده
فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي
فضيلة المشايخ العلماء في الجامعة الاسلاميه وفي جامعة: الامام
ادعوهم جميعا الى التحقق من هذا الخير العظيم ومن هذا العلم الفريد
أدعوا كل مسلم بيده من الامر شيء ان ينشر هذا الخير الى كل المسلمين وأن يسعى الى تحقيقه في قلبه تحقيقا لا جدال فيه ...
وأعلموا ايها المسلمون اننا في بداية علم جديد قد علّمنا طريقه رسول
الله عليه الصلاة والسلام فالحمد لله رب العالمين،،،
أدعوا الى هذا كل مسلم، وأدعوا كل مسلم كبيرا او صغيرا عالما او غير عالم رجلا او امرأة ومهما كان موقعه، من مقام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الى كل ملوك المسلمين والى كل الرؤساء في
كل الدول العربيه والاسلاميه، أدعوهم جميعا الى مراقبة شروق الشمس في صبيحة يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من شهر رمضان المبارك فأن أشرقت بيضاء (كما وصفها لنا رسول الله عليه الصلاة والسلام في حديث أبيّ بن كعب رضي الله عنه) لا شعاع لها فوالله انها
ليلة القدر، ومن هذا يثبت حد اليقين القدره على تحديد دخول رمضان المبارك بطريقة لا يأتيها الباطل ابدا ...
وضعت هنا مقتطفات من الكتاب الذي سبق ذكره لكم،
ولمن أراد من العلماء والفلكيين والمهتمّين التحادث مع اخيكم في الله
*************
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[12 - 11 - 03, 04:20 م]ـ
الكتاب اسمه: (معرفة وتحديد ليلة القدر)
الكاتب: ممدوح بن متعب الجبرين.
ـ[العلم]ــــــــ[12 - 11 - 03, 08:25 م]ـ
بدأ شهر رمضان هذا العام مختلف فى بعض الدول، وعلى هذا سيكون مثلا يوم الثلاثاء فى مصر هو 24 رمضان ولكن فى المملكة السعودية سيكون 23 رمضان مع العلم أن مصر ثبتت رؤيته كما قال المفتى الشيخ /على جمعه، فبرجاء حل هذا المشكل لأن المعروف أن ليلة القدر ليلة وترية؟
وأيضا قولك ان شهر رمضان المبارك لن يدخل
على الكرة الارضيه في يومين هما يوم الاحد ويوم الجمعه ...
فماذا عن الذين كان عندهم أول رمضان يوم الأحد؟
وجزاك الله خيرا
ـ[ abouzied550] ــــــــ[12 - 11 - 03, 08:58 م]ـ
أولا: الملف لا يفتح ..... و بصراحه انا خايف يكون فيه فيرس .....
ثانيا: أول مره أشوف واحد سلفي يعلن أنه يعرف ما لم يعرفه الاولون ...
علي فكره: رمصان مره دخل عندنا يوم جمعة ........
علي العموم نشوف يمكن ......
ـ[أبوتميم]ــــــــ[13 - 11 - 03, 02:17 ص]ـ
!!!
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[13 - 11 - 03, 02:19 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/175)
القول بأن رمضان لا يمكن أن يبدأ يوم أحد أو جمعة قول باطل بلا شك أولا لأنه لا سلف لقائله، ولا خير في قول لا يكون لك فيه إمام، وثانياً لأنه يلزم عليه لوازم شنيعة، منها أنه إذا كان التاسع والعشرون من شعبان يوم جمعة ولم ير الناس الهلال أنهم يؤمرون بالصيام يوم السبت ولو لم يرو الهلال، لأنهم لو أكملوا العدة ثلاثين كما أمرنا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فسيبدأ رمضان يوم الأحد وهو ممنوع عند الأخ ممدوح!
ومنها أنه إذا كان التاسع والعشرون من شعبان يوم سبت فلا يجوز للناس ترائي الهلال لأنهم على زعم الأخ ممدوح سواء رأوه أو لم يروه فإنهم يجب عليهم أن يكملوا العدة ثلاثين حتى لا يبدأ رمضان الأحد، وهذا باطل بلا شك.
وثالثاً: ادعاء أن ليلة القدر لا تكون إلا ليلة ثلاثاء رجمٌ بالغيب، فقد خفيت ليلة القدر على المصطفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ولم يكن يعلمها تعيينا، فاعتكف العشر الأوسط يلتمسها، ثم أوحي إليه أنها في العشر الأواخر فاعتكفها، ولا يعقل أن الله تعالى يخفي عن نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن ليلة القدر لا تكون إلا ليلة ثلاثاء ثم يكتشف ذلك أخونا بعد أربعة عشر قرناً! وقد عينها الله تعالى لنبيه في إحدى السنوات بعلامة يعرفها في صبيحتها وهي أن يسجد في ماء وطين، فلم يكن جازما أنها هي حتى رأى العلامة في صلاة الفجر، فمن أين للأخ ممدوح هذا الاستقراء التام لرمضان خلال 1424 عاما والتأكد من أن ليلة القدر لم تكن إلا ليلة الثلاثاء؟ فلو سلمنا أنه راقب علامات ليلة القدر عشر سنين أو عشرين سنة ووافقت ليلة ثلاثاء فهل يلزم أنها لا تكون إلا كذلك؟
فالخلاصة أنه لا يلتفت لهذه الحسابات فنحن أمة أمية لا نحسب كما أخبرنا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ومعنى لا نحسب لا نعتمد على الحساب في معرفة ابتداء الصيام أو الفطر، وإنما نعتمد على الرؤية، وكذلك على المسلم ألا يركن إلى ما ذكره الأخ ممدوح في تعيين ليلة القدر، وأن يجتهد في العشر الأواخر كلها ولا سيما في أوتارها، والله أعلم.
ـ[ aboumalik] ــــــــ[13 - 11 - 03, 02:46 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كلامك أخي الكريم فيه شئ من الرجم بالغيب , وشئ من المغالطة.
أما الرجم بالغيب , فمن المعروف لدى كل مسلم أن ليلة القدر من الأمور التي لم يجمع عليها المسلون في ليلة معينة , ولذا طُلب منا تحريها في العشر ا لأواخر.
وأما المغالطة: فمن أين لك بهذا العلم؟
وبصراحة أنا أتخيل أنه إعلان عن كتابك المزعوم فيه بأنك أتيت بما لم يأت به أحد من العالمين قبلك.
هداك الله إلى الصواب , ومنحك الفقه في الدين , واتباع سيد المرسلين , والسير على النهج القويم , نهج السلف الصالحين.
وأنا أشكر أخي الشيخ خالد السلمي على كلمته هذه , وبالطبع أنا معه.
وعلى فكرة أخي ممدوح: رمضان أتى مرة عندنا يوم أحد , ويوم جمعة.
والسلام
ـ[نصر]ــــــــ[29 - 09 - 06, 02:59 ص]ـ
لقاء مع الأخ / ممدوح متعب الجبرين:
عبر منتدى: شبكة فضاء الثقافية
نص الحوار
في البداية .. نحييك في ملتقيات فضاء ونشكر لك قبول هذا اللقاء ..
ممدوح متعب الجبرين: شكرا لكم هذه المبادرة وأنا على أتم استعداد لتلقي أي سؤال والإجابة عليه.
نريد منك تعريف مبسط بالبحث وما نتج عنه؟
ممدوح متعب الجبرين: فكرة البحث .. هي محاولة البحث عن ليلة القدر،عن هذه الليلة العظيمة المباركة .. أما النتائج فهي ولله الحمد كانت أكبر وأعظم مما كنت " أفكر " فيه ومن هذه النتائج:
1_ تحديد ليلة القدر ومعرفة أسم هذه الليلة معرفة يقينية.
2_ معرفة وتحديد ليلة القدر في عشرات بل مئات بل ألوف السنين القادمة وكذلك الماضية.
3_ تثبيت العلم بدخول شهر رمضان المبارك في مئات القرون القادمة تثبيتاً قطعي الصحة، وهذا التثبيت هو على كل بقعة على الأرض بليلة واحدة .. أي أن المسلمين في أي بقعة على هذه الأرض (كل الأرض) سيصومون في يوم واحد.
4_تحديد دخول السنة الهجرية وانتهائها تحديداً صحيحاً.
5_ تحديد دخول شهر (ذو الحجة) تحديداً صحيحاً.
6_ تحديد ليلة نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاسم والتأريخ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/176)
7_ معلومة هي في غاية الجمال والصحة: من أن التوقيت الذي أنزل فيه القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار حراء كان " الوقت " في شرق الكرة الأرضية _ اليابان تحديداً _ هو " ليل " ويكون هذا التوقيت في مكة المكرمة هو قريباً من " العشاء " فإنزال القرآن في "ليلة القدر " أي في ليلة واحدة على كل الأرض وتكون هذه ليلة واحدة في حالة واحدة وهي أن التوقيت في اليابان " ليلة " أي قبل " مطلع الفجر " بكون وقت مكة المكرمة " ليلة " أيضاً .. ويا سبحان الله العظيم ..
ونتائج البحث كثيرة .. كثيرة وكلها خير ولله الحمد فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليهدينا إلا لخير عظيم.
هل طرحت البحث على جهات علمية متخصصة اوعلماء؟ وماهي ردود أفعالهم؟
ممدوح متعب الجبرين: نعم طرحته على جهات علمية متخصصة وعلى علماء!! ولكن ردود الفعل كانت دائماً " مندهشة " و " متعجبة " ودائماً مايسألون قريباً من سؤالك: هل طرحت هذا البحث على جهة متخصصة وعلى كبار العلماء؟!!
لم أجد من يتفهم ما أقول تفهماً " بحثيا"، الشيخ عبد المجيد الزنداني جزاه الله خيراً كان " أقل " من اتصلت بهم انفعالا مع انه تعجب كثيراً عندما قال في السنة الماضية 1424هـ قال أن ليلة القدر هي ليلة 27 فقلت له: بل هي ليلة 23 أندهش كثيراً لهذا، ووعد بمراقبة طلوع الشمس صبيحة ليلة 23 رمضان 1424هـ ولم أتصل به بعدئذ .. لاأدري عنه هل وفا بما وعد أم أن ظروفه غفر الله منعته.
من العلماء من يقول أن العلم بليلة القدر هو من علم الغيب .. فكيف تقول بعلمها؟
ممدوح متعب الجبرين: الحمدلله .. كنت احسب ان من يقول ان علمها من علم الغيب هم من جهلة القوم، امّا وقد قال هذا رجل احسب انه من المحبين لله ولكتابه ولرسوله وللمؤمنين فانه يلزمني ان أبيّن ما اؤمن به ولن اقول انني على خطأ بل انني على هدى من ربي وعلى بيّنة من أمري وعلى هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام فمن رأى اني على غير هذا فالحمد لله رب العالمين ((بيننا كتاب الله وسنّة رسوله والحق احق ان يتبع))
الدليل على ان ليلة القدر ليست من علم الغيب:
اولا: روى البخاري رحمه الله في صحيحه، حدثني محمد أخبرنا عبدة عن هشام
عن عروةعن ابيه عن عائشة رضي الله عنها
قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يجاور في العشر الاواخر من رمضان، ويقول ((تحرّوا ليلة القدر في العشر الاواخر من رمضان))
فهل يأمرنا رسول الله بأن نتحرّاها وهي من علم الغيب؟
ثانيا: وفي صحيح البخاري عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
((خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت وعسى ان يكون خيرا لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسه))
فهل يأمرنا رسول الله بألتماسها وهي من علم الغيب؟
ثالثا: وفي صحيحه رحمه الله، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ان رجالا
من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام، في السبع
الاواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الاواخر، فمن كان متحريها، فليتحرّها في السبع الاواخر))
فهل يأمرهم رسول الله بتحرّيها ويوافقهم على رؤياهم ثم تكون من علم الغيب؟
رابعا: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يارسول الله أرأيت ان علمت اي ليلة القدر ما اقول فيها؟ قال، ((قولي: اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عني))
رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه.
فهل يقول رسول الله عليه الصلاة والسلام لعائشة رضي الله عنها هذا، ثم تكون من علم الغيب؟ ...
خامسا: روى مسلم رحمه الله في صحيحه ان صاحب رسول الله أبيّ بن كعب رضي الله عنه قال:
(والله الذي لااله الاّ هو انها لفي رمضان، ووالله اني لأعلم اي ليلة هي، هي الليلة التي امرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها هي ليلة صبيحة سبع وعشرين)
فياسبحان الله أيحلف أبيّ بن كعب صاحب رسول الله زورا وبهتانا؟ لا والله لقد صدق وبرّ ...
أبعد هذا تكون من علم الغيب؟ سبحان الله ...
سادسا: ابوسعيد الخدري رضي الله عنه يقول انها ليلة احدى وعشرين وهذا في الصحيحين، ثم تقولون انها من علم الغيب؟ أأنتم أعلم ام صاحب رسول الله؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/177)
سابعا: عبدالله بن انيس رضي الله عنه كان يقول انها ليلة ثلاث وعشرين، وهذا في الصحيحين، أبعد هذا تكون من علم الغيب؟
ثامنا: روى الامام احمد رحمه الله في مسنده عن ابي عقرب الاسدي قال، اتيت عبدالله بن مسعود فوجدته على انجاز له، يعني سطحا، فسمعته يقول:
صدق الله ورسوله،فصعدت اليه فقلت: ياابا عبدالرحمن مالك قلت، صدق الله ورسوله؟ قال: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نبأنا ان ليلة القدر في النصف من السبع الاواخر وان الشمس تطلع صبيحتها ليس لها شعاع
قال، فصعدت فنظرت اليها فقلت: صدق الله ورسوله، صدق الله ورسوله.
أبعد هذا يقول من يقول انها من علم الغيب؟
تاسعا: قال شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله في مجموعة الفتاوى، المجلد 25 ص 285 و 286: فينبغي ان يتحراها المؤمن في العشر الاواخر جميعه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، ((تحروها في العشر الاواخر)) وتكون في السبع الاواخر أكثر،
وقد يكشفها الله لبعض الناس في المنام او اليقظه فيرى انوارها، او يرى من يقول له هذه ليلة القدر، وقد يفتح الله على قلبه من المشاهدة مايتبيّن به الامر.
أيقول هذا شيخ الاسلام ثم تكون من علم الغيب؟ مالكم، كيف تحكمون؟
عاشرا: وقال الامام النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم الجزء الثامن، كتاب الصيام باب 40 ص 314 ما نصّه:
واعلم ان ليلة القدر موجوده كما سبق بيانه في اول الباب فانها ترى ويتحققها من شاء الله تعالى من بني آدم كل سنه في رمضان كما تظاهرت عليه هذه الاحاديث السابقه في الباب، واخبار الصالحين بها ورؤيتهم لها اكثر من ان تحصر،
انتهى قوله رحمه الله ...
أبعد هذا يأتي من يأتي ويقول انها من علم الغيب؟ سبحان الله ...
تكاد تكون مسالة تحديد أسم ليلة القدر هي محور البحث؟ كيف توصلت إلى تحديد أسم الليلة؟ هل بالنص أم باستقراء علامات ليلة القدر؟
ممدوح متعب الجبرين: كنت أعلم أن ليلة القدر هي في صبيحتها، كنت أعلم ذلك كنت أعلم هذا علم اليقين وكنت كما " كثيرين " ممن رأوا صبيحة ليلة القدر بطلوع الشمس بيضاء لاشعاع لها، رأيت هذا سنوات كنت أبحث في الوصول إلى هذه المعرفة تحديداً في تأريخ تلك الليلة كأن تكون في ليلة (21،23،25،27،29) .. وأثناء هذا البحث هداني الله عز وجل إلى معرفة الإجابة عن سؤال " تحديد الليلة " وهو: لماذا لا أبحث في أسم الليلة؟!! اليست تطلع الشمس بيضاء لاشعاع لها صبيحة ليلة القدر؟! اليس لهذه الليلة من أسم؟!! فثبت اسم الليلة وتركت البحث في تاريخ الليلة ...
وفي سنوات متتالية وجدت شيئاً عظيماً ذرفت منه عيوني وأقشعر منه قلبي .. أي والله أنها ليلة القدر .. ووالله أن اسمها ثابت لايتغير .. ووالله أنها ليلة الثلاثاء، راقبتها في سنوات متتالية فكانت لاتطلع بيضاء لاشعاع لها إلا في صبيحة ليلة الثلاثاء ... فالحمد لله رب العالمين أن هداني الله عز وجل برحمته وتوفيقه إلى تغيير مجال البحث من التاريخ إلى " الاسم " فكان هذا ماتفضل به الله به عز وجل به على عبد ذنوبه كثيرة وأعماله قليله وقلبه ... إلا أن يرحمه الله.
لماذا أنت؟!! سؤال يتردد ماردك عليه؟
ممدوح متعب الجبرين: سبحان ربي العظيم، كيف تجرؤ على هذا السؤال؟!!
أنا يا أبن العم عبد من عباد الله أعطاه الله فأخذ شاكراً لله رب السموات والأرض، وعبد من عباد الله هداه الله عز وجل لهذه المعرفة فالحمد لله وحده لاشريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.ولا أدري هل لو كانت عيني زرقاء وشعري أشقر وجنسيتي " أمريكي " هل كنت ستسأل هذا السؤال أم لا؟!! سبحان الله يفعل مايريد ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم فالحمد لله رب العالمين.
الأمر المشكل بالموضوع هو قولك باستحالة دخول رمضان في يوم جمعة أو احد .. ماالدليل على ذلك؟ هل من نص أو إجماع أو مشاهدة؟ وإذا قلت بالاستقراء وغيره فالعالم اليوم أجمع أكثره على دخول رمضان في يوم الجمعة بل حتى الفلكيين دخلوه بجمعه .. هذا ماجعل البعض يتردد بالاقتناع الكامل بالموضوع .. ماردك؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/178)
ممدوح متعب الجبرين: نعم يستحيل دخول شهر رمضان المبارك في ليلة " جمعة " وفي ليلة " الأحد " والى يوم القيامة واقرأ ما أخرّجه أهل الصحاح من أحاديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومنها قوله صلى الله عليه وسلم " تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان " أخرجه البخاري عن عائشة رضي الله عنها والأحاديث كثيرة عن طلب وتحري وتحين ليلة القدر وابتغاء ليلة القدر في " الوتر " وأعيد للأهمية " في الوتر " من العشر الأواخر.
وبمعرفة وتحديد ليلة القدر نعلم علماً ان هذه الليلة لن تكون الا في الوتر أي: 21 - 23 - 25 - 27 - 29 وهذا بنص نبوي صحيح غير قابل للتأويل، فعندما نرى " بعيوننا " ان ليلة القدر ليست وتراً!! أي ليست في ليلة وتر فأين يكون الخطأ؟!!! الخطأ هو في الليلة التي أدخل فيها رمضان ... كما وقع في عام 1422 خيث إدخل شهر رمضان يوم " جمعة" وكما هو حاصل في هذه السنة 1425 مع أني ذهبت الى مدينة الملك عبدالعزيز قبل ثلاث سنوات وقلت لهم ان رمضان في عام 1424هـ وفي عام 1425هـ وحددت لهم سنوات عديدة يخطيء تقويكم في إدخاله!! حيث كان في عام 1424 يدخل في يوم الأحد حسب تقويم ام القرى وفي عام 1425هـ يدخل في يوم الجمعه فكان أن دخل في عام 1424هـ في ليلة الاثنين وهذه السنة الصحيح ان يدخل في ليلية السبت وهذا ليس كلاماً " فقط " بل هو حقيقه وعليها من كتاب الله ومن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "" وهي الصحيحه ""
هل يمكن اعتبار العلامة الواردة في السنة عن شروق شمس اليوم التالي دليلاً قطعياً يمكن البناء عليه لتحديد اسم الليلة مع أن هذه العلامة قد تحول دون رؤيتها عوامل الطبيعة أو الطقس في كثير من الأحيان؟؟
ممدوح متعب الجبرين: ليس شرطاً ان نراها ونحن في مساحة محدودة كأن نكون في حائل مثلاً .. تراقب في تلك الصبيحة من كثير من المسلمين من طوكيو إلى بكين إلى مكة المكرمة إلى القاهرة إلى الرباط إلى نيويورك إلى سياتل فإن " غميّ " علينا في حائل فوسائل المعرفة متوفرة لأن يثبت معرفتها على باقي مدن ودول العالم الإسلامي وعلى المسلمين عامة في أي مكان آخر.
هل سمعت بالمقولة القديمة: رابع رجب يوم صومكم، فيه تضحون اول عامكم الجديد .. مار أيك فيها؟ مع أن من قالها زعم الاستقراء أيضا!!
ممدوح متعب الجبرين: الدين يا أخي لايعمل فيه بالمقولات لا القديمة ولا الجديدة .. الدين هو قول الله عز وجل وحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم وما اتفق على فهمه صحابة رسول الله وهم الخلفاء الراشدين المهديين من بعد رسول الله.
هل من كلمة أخيرة ... ؟ ولمن توجهها؟؟
ممدوح متعب الجبرين: أي والله يا أبن العم أريد عبر منتداكم ومن الرجال المؤمنين الصادقين ان يراقبوا صبيحة ليلة قبل ليلة القدر كأن تكون صبيحة الأثنين ويراقبوا طلوع الشمس حتى ترتفع ..
ويقارنوا مايرونه من صفة الشمس صبيحة ليلة القدر وهي صبيحة يوم الثلاثاء .. ليروا بأعينهم ولتؤمن قلوبهم بما دل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن الشمس صبيحة ليلة القدر تطلع بيضاء لاشعاع لها فهذه الصفه للشمس صبيحة ليلة القدر هي صفة قد " هدانا " لها ولمراقبتها ولمعرفتها رسول الله، وهي بكل تأكيد تختلف اختلافاً كلياً عن طلوع الشمس في أي صبيحة أخرى ....
وما حددها لنا رسول الله الا أنها حقاً ويقيناً صحيحه من انها تطلع بيضاء لاشعاع لها وهذا الوصف من رسول الله هو فقط مخصص لصبيحة ليلة القدر، والحمد لله رب العالمين وجزاكم الله خيراً على هذا اللقاء.
حقوق النشر محفوظة لشبكة فضاء الثقافية
رمضان 1425هـ
---------------------------------------
أضغط على الرابط التالي لتحميل البحث:
http://www.fadhaa.com/vb/attachment.php?attachmentid=14177&d=1137572434
========================
========================
وقد وجدت رداً على بحث الأخ / متعب الجبرين وهو:
حوار هادىء مع الأخ ممدوح بن متعب الجبرين حول نظريته العقلية في تحديد ليلة القدر
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، أما بعد:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/179)
فإن خير الهدى هدى محمّد صلى الله عليه وسلم ثم صحابته الكرام ثم من تبعهم بإحسانٍ من التابعين الأجلاّء وأئمة الدين وأعلام الهُدى ومنارات الإسلام، واقتفى أثرهم ووسعه ما وسعهم فلم يحد عمّا كانوا عليه من العمل والقول والفهم، فبهذا يكون المسلم مرتاح الضمير، ومعذورٌ أمام الله سبحانه وتعالى في اتباعه لهم، وقد أغلق في ذلك الباب على الشيطان خشية أن يوصله إلى الابتداع أو اتباع غير هُداهم.
والمسلم مفتاح للخير مغلاقٌ للشر، والحكمةُ ضالته أين ما وجدها فهو أحق بها. وخط رجعته مفتوح متى ما رأى الحق اتبعه، وعمل به، وأين ما وجد الصواب أخذه وقال به، لا يحيده عن ذلك بَطَرٌ أو هوى، ولا يضيرهُ ذلك أمن صغير أو كبير صدَر، أو مِن أقل أو أكثر منه قيمةً بدَر.
وما السبيل الموصل إلى الحق إلا الكلمة الطيبة والدليل الناصع والحجة الواضحة مع فهم سليم وقلب بعيد عن الهوى وحب الذات، ودعوة صادقة يسألها المسلم لنفسه من الله تعالى بأن يريه الحق ويرزقه اتباعه، ويريه الباطل ويرزقه اجتنابه، مهما بلغ من مراتب الفهم والعلم والوضوح والبيان، فعقل الإنسان وفهمه مظنة الخطأ.
بهذه المبادئ العظيمة التي رسمها التشريع لنا يستطيع المسلم الوصول إلى الحق مهما وقفت العقبات أمامه شامخة _ إن كان يريد اتباع الحق _ وإلا فهو يقول مالا يفعل ويدعي مالا يعي.
وقد يكون الحق الذي اختلفت عليه عقول البشر بطلبه أو ادّعائه في أمر لا مكان للاختلاف فيه، وقد يكون ذلك أيضاً في أمرٍ المكان فيه للاختلاف ساحةٌ رحبةٌ يمكن للعقل أن يصول ويجول فيها، فلتفرّق أيها العقل بين ما يمكن أن تخوض فيه ومالا يمكن أن تخوض فيه.
وما يمكن للعقل أن يخوض فيه يكون ذلك بتوضيح البراهين والنقاش العلمي البعيد عن كل آفةٍ تؤول به إلى وحل التنازع المقيت والبلَد الذهني المُميت.
وإني أسألُ الله تعالى أن يوفقني في حواري مع الأخ القدير ممدوح بن متعب الجبرين إلى المعاني العظيمة التي رسمها لنا الشرع في مخاطبة المسلم أخيه المسلم، ففي الحديث " لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه " متفق عليه.
فالأخ الكريم ممدوح بن متعب الجبرين نظّر تنظيراً فريداً لم يأت به أحدٌ من قبل، وقعّد تقعيداً جديداً لم يُسبق إليه حول مسألة تسمية ليلة القدر تسميةً مرتبطةً بليلة الثلاثاء وإبطال كل ما ترتب على خلاف ذلك.
وهو حفظه الله عُرف بالصلاح، وما هذا التنظير الذي نظّره والتقعيد الذي قعّده إلا لنية صالحةٍ في سويداء قلبه، أراد بها الخير ما استطاع، والله يجازي المجتهد على قدر اجتهاده.
وفي عام 1424هـ رأيت بحث الأخ الكريم الذي راج بين الناس، ووقع في نفسي ما وقع من الغرابة والدهشة ممّا أتى به الأخ العزيز سدد الله خطاه على طريق الحق. فلمّا كان هذا العام 1425هـ الذي أعاد فيه الأخ تنظيره وتقعيده وبحثه، وفُتح الحوار معه عبر ملتقيات فضاء، وتوالت عليه الأسئلة والردود مابين مستنكر ومستفسر ومؤيّد ومعجب، وبإجابات الأخ الكريم على هؤلاء عرفت المزيد عن نظريته وقاعدته بل أكاد أني ألممتُ بكل ما أراد الوصول إليه جزاهُ الله خيراً.
فعرفتُ استدلالاتِه وبراهينَه النقلية والعقلية، وما ساقه فهمه واجتهادهُ إليه، واعتراضاتِهِ وتوجيهاتهِ، وتأويلاته وما إلى ذلك من المسائل الشرعية أو العرفية التي تصح أو تبطل إذا بنيناها على النظرية التي أتى بها، وما يلزم ذلك وما لا يلزم.
ولمّا راج هذا الرأي للأخ العزيز القدير حفظه الله هذا العام بين الناس مرةً أخرى، وأصبح حديث بعض المجالس العامة والخاصة. حُقَّ لمن خالفَهُ أن يبدي وجهة نظره من غير تعصّب ولا تشنيع، والخلاف لا يفسد للود قضية، والاختلاف في العلم لا يورث إيغار الصدور، ولا يولّد الشحناء أو البغضاء.
لذلك لما تيقنتُ ممّا سبق من الأدلة والبراهين والحجج والتوجيهات والاعتراضات التي يعتقد بها الأخ الكريم جازماً صحة ما ذهب إليه شرعتُ في بيان عدم صحة هذا الرأي وهذه النظرية وما ورائها من تلازم وانتقاض في بعض الأحكام الشرعية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/180)
وقد سميت هذا البيان: (حوار هادئ مع الأخ ممدوح الجبرين حول نظريته العقلية في تحديد ليلة القدر)، وأبعدتُ عن هذا العنوان صيغة الرد الجافّة أو السجع المتكلف حتى يكون صدر أخي ممدوح حفظه الله منشرحاً لما أذكر، متيقناً أني لا أبتغي بهذا الحوار إلا وجه الله تعالى والنصح لي وله، والحوار العلمي الهادف البعيد عن كل الآفات. وسمّيته نظرية عقلية وإن كان الأخ الفاضل يستشهد بأشياء محسوسة لكنه بنى هذه الأشياء المحسوسة على تركيبٍ نظريٍ عقليٍ بحت. ولم أدوّن هذا الحوار إلا بعد يقيني أن الأخ ممدوح قد كان في نظريته متيقناً وقاطعاً وجازماً فيما يقول، حيث لو كان ظانّاً أو مستأنساً بنظريته فقط، ما سطرتُ حرفاً واحداً. وأكثرت فيه قضية على فرض التسليم حتى تنحصر الحجج.
فإن كان أخي العزيز ممدوح – وهو كذلك إن شاء الله – رجلاً قد جعل خط الرجعة إلى الحق مفتوح متى ما حاد عن الصواب فليقرأ هذا الحوار، وإن لا فلا.
كما أني لا أدعي العصمة فيه فمتى ما وجد الأخ العزيز القدير ممدوح في كلامي خلل أو نقص أو اعتراض، فليشرع بتبيينه وتوضيحه علميّاً بالطريقة التي يريد وبالأسلوب الذي يبتغي، فإنّ صدري له منشرحٌ ما دامَ توضيحه وتعقيبهُ علميّاً صرفاً.
أخيراً: هذا الحوار مع أخي الحبيب إنما هو مكشوفٌ للناس لا يواريه شيء عنهم، فالأخ ممدوح قد أظهر نظريته للملأ بعد أن تيقن منها كما ذكر سدده الله، وفي إظهاره علامةٌ على قبوله رأي الآخر وإعلانه أنّ هذا اجتهاده، فكان من العدل أن لا يكون هذا الحوار سرّيَّاً بيني وبينه، بل يظهر وينتشر كما انتشر رأيه حفظه الله أمام الناس، فهذا الحوار لا يوجد فيه إلا: قال الله وقال رسوله وقال الصحابة وأئمة الإسلام.
واللهَ أسأل أن يُلهمني وأخي ممدوح والقارئ الكريم الصوابَ، وسلوك الجادة التي وسعت القرون المفضلة ومن بعدهم من السلف الصالحين، وأن يرزقنا حسن القول والعمل، والحمد لله أولاً وآخراً.
وكتبه
حسان بن إبراهيم بن عبد الرحمن الرديعان
19/ 9/1425هـ
حائل – حرسها الله
لتحميل كامل الرد المفصل
http://www.fadhaa.com/as/11.zip
المصدر: شبكة فضاء الثقافية
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن خير الهدى هدى محمّد صلى الله عليه وسلم ثم صحابته الكرام ثم من تبعهم بإحسانٍ من التابعين الأجلاّء وأئمة الدين وأعلام الهُدى ومنارات الإسلام، واقتفى أثرهم ووسعه ما وسعهم فلم يحد عمّا كانوا عليه من العمل والقول والفهم، فبهذا يكون المسلم مرتاح الضمير، ومعذورٌ أمام الله سبحانه وتعالى في اتباعه لهم، وقد أغلق في ذلك الباب على الشيطان خشية أن يوصله إلى الابتداع أو اتباع غير هُداهم.
والمسلم مفتاح للخير مغلاقٌ للشر، والحكمةُ ضالته أين ما وجدها فهو أحق بها. وخط رجعته مفتوح متى ما رأى الحق اتبعه، وعمل به، وأين ما وجد الصواب أخذه وقال به، لا يحيده عن ذلك بَطَرٌ أو هوى، ولا يضيرهُ ذلك أمن صغير أو كبير صدَر، أو مِن أقل أو أكثر منه قيمةً بدَر.
وما السبيل الموصل إلى الحق إلا الكلمة الطيبة والدليل الناصع والحجة الواضحة مع فهم سليم وقلب بعيد عن الهوى وحب الذات، ودعوة صادقة يسألها المسلم لنفسه من الله تعالى بأن يريه الحق ويرزقه اتباعه، ويريه الباطل ويرزقه اجتنابه، مهما بلغ من مراتب الفهم والعلم والوضوح والبيان، فعقل الإنسان وفهمه مظنة الخطأ.
بهذه المبادئ العظيمة التي رسمها التشريع لنا يستطيع المسلم الوصول إلى الحق مهما وقفت العقبات أمامه شامخة _ إن كان يريد اتباع الحق _ وإلا فهو يقول مالا يفعل ويدعي مالا يعي.
وقد يكون الحق الذي اختلفت عليه عقول البشر بطلبه أو ادّعائه في أمر لا مكان للاختلاف فيه، وقد يكون ذلك أيضاً في أمرٍ المكان فيه للاختلاف ساحةٌ رحبةٌ يمكن للعقل أن يصول ويجول فيها، فلتفرّق أيها العقل بين ما يمكن أن تخوض فيه ومالا يمكن أن تخوض فيه.
وما يمكن للعقل أن يخوض فيه يكون ذلك بتوضيح البراهين والنقاش العلمي البعيد عن كل آفةٍ تؤول به إلى وحل التنازع المقيت والبلَد الذهني المُميت.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/181)
وإني أسألُ الله تعالى أن يوفقني في حواري مع الأخ القدير ممدوح بن متعب الجبرين إلى المعاني العظيمة التي رسمها لنا الشرع في مخاطبة المسلم أخيه المسلم، ففي الحديث " لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه " متفق عليه.
فالأخ الكريم ممدوح بن متعب الجبرين نظّر تنظيراً فريداً لم يأت به أحدٌ من قبل، وقعّد تقعيداً جديداً لم يُسبق إليه حول مسألة تسمية ليلة القدر تسميةً مرتبطةً بليلة الثلاثاء وإبطال كل ما ترتب على خلاف ذلك.
وهو حفظه الله عُرف بالصلاح، وما هذا التنظير الذي نظّره والتقعيد الذي قعّده إلا لنية صالحةٍ في سويداء قلبه، أراد بها الخير ما استطاع، والله يجازي المجتهد على قدر اجتهاده.
وفي عام 1424هـ رأيت بحث الأخ الكريم الذي راج بين الناس، ووقع في نفسي ما وقع من الغرابة والدهشة ممّا أتى به الأخ العزيز سدد الله خطاه على طريق الحق. فلمّا كان هذا العام 1425هـ الذي أعاد فيه الأخ تنظيره وتقعيده وبحثه، وفُتح الحوار معه عبر ملتقيات فضاء، وتوالت عليه الأسئلة والردود مابين مستنكر ومستفسر ومؤيّد ومعجب، وبإجابات الأخ الكريم على هؤلاء عرفت المزيد عن نظريته وقاعدته بل أكاد أني ألممتُ بكل ما أراد الوصول إليه جزاهُ الله خيراً.
فعرفتُ استدلالاتِه وبراهينَه النقلية والعقلية، وما ساقه فهمه واجتهادهُ إليه، واعتراضاتِهِ وتوجيهاتهِ، وتأويلاته وما إلى ذلك من المسائل الشرعية أو العرفية التي تصح أو تبطل إذا بنيناها على النظرية التي أتى بها، وما يلزم ذلك وما لا يلزم.
ولمّا راج هذا الرأي للأخ العزيز القدير حفظه الله هذا العام بين الناس مرةً أخرى، وأصبح حديث بعض المجالس العامة والخاصة. حُقَّ لمن خالفَهُ أن يبدي وجهة نظره من غير تعصّب ولا تشنيع، والخلاف لا يفسد للود قضية، والاختلاف في العلم لا يورث إيغار الصدور، ولا يولّد الشحناء أو البغضاء.
لذلك لما تيقنتُ ممّا سبق من الأدلة والبراهين والحجج والتوجيهات والاعتراضات التي يعتقد بها الأخ الكريم جازماً صحة ما ذهب إليه شرعتُ في بيان عدم صحة هذا الرأي وهذه النظرية وما ورائها من تلازم وانتقاض في بعض الأحكام الشرعية.
وقد سميت هذا البيان: (حوار هادئ مع الأخ ممدوح الجبرين حول نظريته العقلية في تحديد ليلة القدر)، وأبعدتُ عن هذا العنوان صيغة الرد الجافّة أو السجع المتكلف حتى يكون صدر أخي ممدوح حفظه الله منشرحاً لما أذكر، متيقناً أني لا أبتغي بهذا الحوار إلا وجه الله تعالى والنصح لي وله، والحوار العلمي الهادف البعيد عن كل الآفات. وسمّيته نظرية عقلية وإن كان الأخ الفاضل يستشهد بأشياء محسوسة لكنه بنى هذه الأشياء المحسوسة على تركيبٍ نظريٍ عقليٍ بحت. ولم أدوّن هذا الحوار إلا بعد يقيني أن الأخ ممدوح قد كان في نظريته متيقناً وقاطعاً وجازماً فيما يقول، حيث لو كان ظانّاً أو مستأنساً بنظريته فقط، ما سطرتُ حرفاً واحداً. وأكثرت فيه قضية على فرض التسليم حتى تنحصر الحجج.
فإن كان أخي العزيز ممدوح – وهو كذلك إن شاء الله – رجلاً قد جعل خط الرجعة إلى الحق مفتوح متى ما حاد عن الصواب فليقرأ هذا الحوار، وإن لا فلا.
كما أني لا أدعي العصمة فيه فمتى ما وجد الأخ العزيز القدير ممدوح في كلامي خلل أو نقص أو اعتراض، فليشرع بتبيينه وتوضيحه علميّاً بالطريقة التي يريد وبالأسلوب الذي يبتغي، فإنّ صدري له منشرحٌ ما دامَ توضيحه وتعقيبهُ علميّاً صرفاً.
أخيراً: هذا الحوار مع أخي الحبيب إنما هو مكشوفٌ للناس لا يواريه شيء عنهم، فالأخ ممدوح قد أظهر نظريته للملأ بعد أن تيقن منها كما ذكر سدده الله، وفي إظهاره علامةٌ على قبوله رأي الآخر وإعلانه أنّ هذا اجتهاده، فكان من العدل أن لا يكون هذا الحوار سرّيَّاً بيني وبينه، بل يظهر وينتشر كما انتشر رأيه حفظه الله أمام الناس، فهذا الحوار لا يوجد فيه إلا: قال الله وقال رسوله وقال الصحابة وأئمة الإسلام.
واللهَ أسأل أن يُلهمني وأخي ممدوح والقارئ الكريم الصوابَ، وسلوك الجادة التي وسعت القرون المفضلة ومن بعدهم من السلف الصالحين، وأن يرزقنا حسن القول والعمل، والحمد لله أولاً وآخراً.
وكتبه
حسان بن إبراهيم بن عبد الرحمن الرديعان
19/ 9/1425هـ
حائل – حرسها الله
توطئة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/182)
تعريف بالنظرية التي قال بها الأخ الباحث سدده الله:
ليلة القدر لا تكون إلا في ليلة ثُلاثاء في ليالي الوتر من العشر الأواخر من رمضان، كأن تكون ليلة الثلاثاء 21أو23 أو25أو27أو29، فإذا دخلت العشر الأواخر فانظر إلى ليلة الثلاثاء من هذه العشر فاظفر بها فإنها ليلة القدر (على رأي الباحث)، و ترتيب ليالي الوتر عنده على مر السنوات هو هكذا: 27، 23، 25، 21، 23، 25، 29، 25 ثم تعود من 27.
الدليل الذي جعل الباحث يقطع بهذه النظرية:
أن النبي صلى الله عليه وسلم _ كما جاءت الأحاديث الصحيحة المخرجة في الصحيحين _ أخبر أن ليلة القدر في ليالي الوتر من العشر الأواخر من رمضان فقال من حديث عائشة (تحرَّوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان). وأخبر أنّ من علاماتها أن تطلع الشمس فيها لا شعاع لها كما ثبت في مسلم وأنّها بلجةٌ منيرة عند ابن خزيمة في صحيحه، فقام الباحث عفا الله عنه بتتبع ليالي الوتر من العشر الأواخر من رمضان لمدة خمس سنوات فوجد أنّ علامة ليلة القدر التي جاءت في الحديث قد وقعت وحدثت في ليلة الثلاثاء من العشر الأواخر من رمضانات هذه الخمس سنوات، ووجد أن ليالي الثلاثاء في هذه الخمس سنوات هي ليالي وتر وإن كانت تختلف بالتاريخ مرةً ليلة 21 ومرةً ليلة 27. وقال بأن هذا كشفُ من الله وتوفيق له.
ما يترتب على هذه النظرية:
أن شهر رمضان لا يدخل في يوم جمعة أو يوم أحد، فإذا دخل في يوم جمعة أو أحد فلن تكون ليلة الثلاثاء من العشر الأواخر من رمضان ليلة وتر، فالخطأ في دخول شهر.
هذا ملخّص تعريفي بما قال به الباحث غفر الله له، وسآتي في معرض الحوار على أدلته وتوجيهاته واعتراضاته، وحتى يكون الحوار مركَّزاً على الجوانب المهمّة دون الخوض في تفصيلات لا تربط نقاط الحوار برابط، جعلت هذا الحوار مع الأخ الفاضل ممدوح الجبرين على أبواب وفصول، هذه الأبواب تشتمل على ما يلي:
1 - بيان بطلان هذه القاعدة والنظرية من الناحية اللغوية والعقلية (العلمية) والشّرعية.
2 - بيان بطلان هذه القاعدة والنظرية من أدلةٍ لم يتطرق لها الباحث غفر الله له.
3 - بيان بطلان هذه القاعدة والنظرية من خلال الأدلة التي استدل بها الباحث جزاه الله خيراً، أو بمعنى آخر (نقض الأدلة إلى مقابل ماجاء بها الباحث)، وهذا هو الباب الأهم في هذا الحوار.
4 - بيان بطلان هذه القاعدة والنظرية من خلال المسائل المبنيّة على هذه النظرية والتي يستلزم أن يقول ببطلانها الباحث عفا الله عنه.
وهذه الأبواب تشمتل على فصول فيها التوضيح والتبيين لمسائل فصول الباب، وهي بمجملها أدلة وتوجيهات واعتراضات وفرضيات ومستلزمات على الباحث وعلى النظرية التي أتى بها، وقبل أن أبدأ في سَبْر هذه الأبواب أكرر لأخي الفاضل والرجل الصالح ممدوح الجبرين وفقه الله أينما كان وأكرر أيضاً للقارئ الكريم أن هذا الحوار علمي صرف لا مجال فيه للحظ والنفس والهوى والميول والتعصب والكلمات الخارجة عن مخاطبة المسلم لأخيه المسلم.
فإن كان هذا الحوار موافق لما جاء في الكتاب والسنة وفهم الصحابة والعُلماء فإمساكٌ بمعروف، وإن كان غير ذلك فتسريحٌ بإحسان، والغض عمّا فيه من زلل ونقصان.
الباب الأول:
بطلان نظرية تسمية ليلة القدر بليلة الثلاثاء
وتحت هذا الباب فصول:
الفصل الأول: بطلان تسمية ليلة القدر من الناحية اللغوية.
الفصل الثاني: بطلان تسمية ليلة القدر من الناحية العقلية (العلمية).
الفصل الثالث: بطلان تسمية ليلة القدر من الناحية الشرعية.
الفصل الأول: بطلان تسمية ليلة القدر من الناحية اللغوية
*الألفاظ التي جاءت بها الأحاديث في الأمر بتقدير هذه الليلة هي كما يلي:
1 - التحرّي (متفق عليها) 2 - الالتماس (متفق عليها). 3 - التحيّن (عند مسلم). 4 - ابتغوها (البخاري).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/183)
فعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تحروا ليلة القدر في الوتر، من العشر الأواخر من رمضان) متفق عليه. وفي حديث ابن عمر رضي الله عنه: أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر) متفق عليه، ومن حديث ابن عمر قال صلى الله عليه وسلم (تحينوا ليلة القدر في العشر الأواخر أو قال: في السبع الأواخر.) وفي لفظ متفق عليه (التمسوها). وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في رمضان العشر التي في وسط الشهر فإذا كان حين يمسي من عشرين ليلة تمضي ويستقبل إحدى وعشرين رجع إلى مسكنه ورجع من كان يجاور معه وأنه أقام في شهر جاور فيه الليلة التي كان يرجع فيها فخطب الناس فأمرهم ما شاء الله ثم قال كنت أجاور هذه العشر ثم قد بدا لي أن أجاور هذه العشر الأواخر فمن كان اعتكف معي فليثبت في معتكفه وقد أريت هذه الليلة ثم أنسيتها فابتغوها في العشر الأواخر وابتغوها في كل وتر وقد رأيتني أسجد في ماء وطين فاستهلت السماء في تلك الليلة فأمطرت فوكف المسجد في مصلى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة إحدى وعشرين فبصرت عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم ونظرت إليه انصرف من الصبح ووجهه ممتلئ طينا وماء
*توجيه العُلماء لمعاني هذه الألفاظ:
قال ابن منظور في لسان العرب: (والحينُ: الوقتُ. وفي حديث الجِمارِ: كنا نَتَحَيَّنُ زوالَ الشمس. وفي الحديث: تَحَيَّنُوا نُوقَكم؛ هو أَن تَحْلُبها مرة واحدة وفي وقت معلوم.) وقال: (والالْتِماسُ: الطَّلَب)، وقال ابن حجر: {قوله (باب رفع معرفة ليلة القدر لتلاحي الناس) أي بسبب تلاحي الناس , وقيد الرفع بمعرفة إشارة إلى أنها لم ترفع أصلا ورأسا. قال الزين بن المنير: يستفاد هذا التقييد من قوله " التمسوها " بعد إخبارهم بأنها رفعت , ومن كون أن وقوع التلاحي في تلك الليلة لا يستلزم وقوعه فيما بعد ذلك , ومن قوله " فعسى أن يكون خيرا " فإن وجه الخيرية من جهة أن خفاءها يستدعي قيام كل الشهر أو العشر بخلاف ما لو بقيت معرفة تعيينها}.وكذا قال بن الأثير في النهاية أن الالتماس والتحين هو الطَلب.
فلا يكاد يكون هناك خلاف في أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بطلب هذه الليلة ومراده أي تقديرها والتحصّل لها بالعمل والقيام لها، لا أن يكون الطلب بتعيينها بالشواهد الحسية التي يقطع بها المسلم أنها هذه الليلة، وهذا واضح من نقل ابن حجر رحمه الله تعالى. والنووي رحمه الله فسر الالتماس بأنه لا يعني معرفةُ عينها.
والأخ الكريم ممدوح الجبرين وفقه الله حصر المعنى اللغوي للطلب بالعلامة القاطعة لتحديدها إلى أن قال بتسميتها، وتسمية هذه الليلة بليلة الثلاثاء ليس من حث النبي صلى الله عليه وسلم أمته بطلبها، فطلب الشيء مراراً قد لا يستلزم اتفاقه في الزمان أو المكان كل مرة. مثال لذلك: طلب رؤية الهلال لا يعني أننا لابد أن نراه في المكان الذي رآهُ ابن عمر عندما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أو ذاك الأعرابي، فالأمر لا يعني اتفاق المكان كل مرة. فبالتالي لا يعني طلب الشيء كل مرة اتفاقه في الزمان كذلك.
وهنا تحصّل لنا مقدمتين ونتيجة:
المقدمة الأولى: أُمرنا بطلب ليلة القدر. (نص)
المقدمة الثانية: اختلاف النصوص على تحديدها في أي أيام الوتر.
النتيجة: قيام كل ليلة من ليالي العشر لإدارك هذه الليلة.
الفصل الثاني: بطلان تسمية ليلة القدر من الناحية العقلية (العلمية)
الوتر هو الفرد، والمقصود بليالي الوتر هي الليالي التي يكون عددها فرد في العشر الأواخر وهي:21 - 23 - 25 - 27 - 29.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/184)
وبعيداً عن نظرية الأخ الجبرين = العُلماء رحمهم الله تكلموا عن أن ليلة القدر في حسابها فرداً لا يمكن معرفته إلا بعد خروج شهر رمضان ورؤية هلال شوال، وقد ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقال في مجموع الفتاوى (284/ 25): (فأجاب: الحمد لله. ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان هكذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " {هي في العشر الأواخر من رمضان}. وتكون في الوتر منها. لكن الوتر يكون باعتبار الماضي فتطلب ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين وليلة خمس وعشرين وليلة سبع وعشرين وليلة تسع وعشرين. ويكون باعتبار ما بقي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " {لتاسعة تبقى لسابعة تبقى لخامسة تبقى لثالثة تبقى}. فعلى هذا إذا كان الشهر ثلاثين يكون ذلك ليالي الأشفاع. وتكون الاثنين والعشرين تاسعة تبقى وليلة أربع وعشرين سابعة تبقى. وهكذا فسره أبو سعيد الخدري في الحديث الصحيح. وهكذا أقام النبي صلى الله عليه وسلم في الشهر. وإن كان الشهر تسعا وعشرين كان التاريخ بالباقي. كالتاريخ الماضي. وإذا كان الأمر هكذا فينبغي أن يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " {تحروها في العشر الأواخر}) انتهى كلامه. وقد أشار إليه ايضاً المباركفوري في تحفة الأحوذي (3/ 426) ويأتي.
وعندما نربط ليلة القدر وهي ليلة الثلاثاء بكل وتر في العشر الأواخر يحتمل أن يكون الشهر ناقصاً فتكون في الحقيقة شفعاً وليس وتراً للحديث (لتاسعة تبقى لسابعة تبقى لخامسة تبقى لثالثة تبقى) أو كاملاً فتكون وتراً، فأصبحت ظنية.
فكيف لنا أن نجزم عقلاً بأن ليلة الثلاثاء في الوتر من العشر الأواخر هي وتر فعلاً ونحن لم نعلم هل الشهر كامل أم ناقص؟! هذا متعذر عقلاً وعلماً وحساباً، ولا يمكن ذلك إلا في حالة أنك تقول بأن دخول هلال شوال خطأ كما قلت في رمضان، وهذا جحود للنصوص الشرعية ومنها حديث (الشهر تسعة وعشرون يوماً .. والشهر ثلاثون يوماً).
وهنا يصح قول من قال من العُلماء أن ليلة القدر تنتقل في كل عام وأن هذا الانتقال مخفي لا يعلمه أحد.
كل ما تقدم هو من المسلَّمات جدلاً لك أخي الحبيب ممدوح الجبرين، وعلى فرض التنزّل في أنّ هذا التتبع ليس فيه تطاول على الأمر الغيبي الذي أخفاه الله عنا، لكن هذا الجواب هو على فرض نفي الغيبية عن العلم بليلة القدر.
ومن الأدلة العقلية على بطلان تسمية ليلة القدر بليلة الثلاثاء هو أنّ الأشهر القمرية في السنة تارةً تكون ستة أشهر كاملة والناقصة ستة أشهر، وتارةً تكون الكاملة سبعة والناقصة خمسة، فلا تكون الناقصة أكثر من ستة ولا الكاملة أكثر من سبعة في السنة، وهذا أمر مقطوع به عند الفلكيين، وأشار إليه من المتقدمين تقي الدين السبكي في كتابه (العلم المنشور في إثبات خير الشهور) ص 24، فبهذا نعلم يقيناً أن تاريخ الأيام لا يمكن أن ترتبط بمسمياتها، فالأيام تزيد وتنقص في الشهر مما يجعل تثبيت التاريخ بالمسمّى مجرّد تخرّص، وأعني بالتاريخ هنا ليس تاريخ يوم معين إنما هو تاريخ خمسة ايام وهي ليال الوتر التي ربطها الباحث حفظه الله بليلة الثلاثاء، حيث إنه لا يمكن أن تكون ليلة الثلاثاء في العشر الأواخر من رمضان إلا في وتر، وهذا مردودٌ بما تقدّم.
دليل آخر: ثبوت ليلة القدر لا يعني ثبوت اسمها.
استدل الأخ ممدوح بدليل عقلي صرف لا حظ للنص فيه حيث قال:
(فمن قول الله عز وجل عن ليلة القدر نعلم بأنها ليلة واحده ثابت اسمها ومن قول الرسول صلى الله عليه وسلم نعلم بأنها تنتقل في ليالي الوتر 21 و 23 و 25 و 27 و 29 وهي تنتقل من وتر في سنه الى وتر في السنة الاخرى الى وتر في السنة التاليه لها ولكنها بنفس الاسم لا يتغير اسمها ابدا.)
قول الله سبحانه وتعالى (ليلة القدر) وفهمنا للآية أنها ليلة ثابتة لا يعني أن اسمها ثابت، فماهو المعنى المراد من ثبوت الاسم وعدم ثبوتها في العشر؟
وما الرابط الشرعي والعقلي الذي جعلنا نربط أن ليلة القدر تنتقل وهي ثابتة وخرجنا بهذا الرابط الوهمي هو أن اسمها ثابت.
الفصل الثالث: بطلان تسمية ليلة القدر من الناحية الشرعية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/185)
نقض التسمية شرعاً بليلة الثلاثاء تكاد تطبق عليه جميع النصوص الواردة المرفوعة للنبي صلى الله عليه وسلم والموقوفة على الصحابة، لكن هذا الفصل مسلَّطٌ على تحديد التسمية سواءً كانت وتراً كما ذكر الأخ ممدوح أم كانت شفعاً على خلاف رأيه، فما هو الاعتبار الشرعي الذي يجعلنا نبرهن بأنّ ليلة القدر لا تكون إلا ليلة ثلاثاء؟؟
المسألة الأولى:
فعندما تشهد لنا الشواهد الحسية أن ليلة القدر هي ليلة الثلاثاء على مر حقبة معينة من الزمن وكانت هذه الليلة على مر هذه الحقبة مرتبطة بالعلامة الشرعية لليلة القدر، وهذه العلامة ليست قطعية، فأين البناء الشرعي القاطع هنا لهذا التحديد؟
فعندنا الآن توافق في ظهور العلامة ليلة الثلاثاء حصل في سنوات معدودة، هذا التوافق ليس مقصداً شرعياً ولا قاعدة شرعية ولا وسيلة شرعية لإصدار حكم هذا أولاً، ثانياً: ظهور العلامة أمرٌ ليس مقطوع به لما يعتري هذه العلامة حال رؤيتها في كل السنوات من الاختلاف في الإشعاع ومقداره، فهذه الحالة لا تخرج عن كونها ظنَّاً يمكن الاستئناس بها والإشارة على الاحتمالية لا أكثر، دون القطع والجزم الذي يُعمل به ويُبطِل كل ما خالفه كما سيأتي.
وأخي الكريم ممدوح الجبرين يعتقد بأن هذا التوافق محل استنباط للحكم الذي رآه، والتوافق الذي حصل له هو لخمس سنين فقط، فهل هذه السنوات كفيلة لأن يقول حكم كهذا؟ سملًّتُ لك جدلاً أخي العزيز ممدوح أن هذا الاستنتاج الذي ظفرت به ليس لخمس سنوات فقط بل هو نتاج خبرة وتجربة خمسين سنة، أقول فيه أيضاً كما قلت في الخمس، فهو لا يعدو كونه توافقاً يُستأنس به، ولا يخرج من دائرة الاحتمالية والظن.
واعلم أخي الكريم ممدوح أن هذا التوافق لم يحصل لك فقط ولم تكن أنت أول من قطع غلاصمه، فقد حُكي عن ابن عباس رضي الله عنه مثل هذا التوافق (وفي صحته نظر) حيث قال: {سورة القدر ثلاثون كلمة، السابعة والعشرون منها (هي)} أي أنّ في كلمة (هي) في الآية إشارةٌ إلى أن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين، ونقل هذا الكلام ابن حجر في الفتح (4/ 265) وأشار إلى استشهاد ابن قدامة له في المغني (4/ 451) وقال ابن حجر إن ابن حزم نقله عن بعض المالكية وبالغ في إنكاره، ونقله ابن عطية في تفسيره وقال: إنه من مُلَح التفسير وليس من متين العلم.
انظر أخي الكريم ممدوح على فرض صحة هذا الأثر عن ابن عباس انظر بماذا وجهه العُلماء؟ قالوا إنّه ليس من متين العلم ولم يبنوا عليه لا قطعاً ولا ظنّاً أنها ليلة السابع والعشرين، وهذا هو ابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن يقول مثل هذا في كتاب الله ثم لا يعدو كون من ملح العلم وليس من متينه؟؟!! فتأمّل!!
فماذا عسانا أن نقول أخي أدام الله علينا وعليك لباس التقوى فيما أتيت به من توافق لا يعدو كونه احتمال مجرّد عن أي أدلة تخرجه من هذا الأمر؟!.
ولعلك تعرف التوافق الذي حصل فيما يزعمون أنه المعجزة التي حدثت في أعقاب 11 سبتمبر وآية التوبة رقم 110 التي تشير إلى عدد أبراج البناية التي اصطدمت وانهدمت، وأن هذه الآية في الجزء الحادي عشر. كذلك الأرقام المستنبطة من سورة الإسراء لتاريخ زوال إسرائيل والاستشهاد على هذا بشواهد حسية.
هذه الأمور المتوافقة تتفق مع نظريتك أخي العزيز ممدوح من ناحية أنها جاءت متوافقة لبعض الأحداث وارتبطت بعلاماتها، لكن من الفروقات التي بينها وبين نظريتك هي أن هذه التوافقات لا تبطل أموراً شرعية كما هي النظرية التي أتيت بها، وهذا سيتضح لك في فصول الباب الرابع.
المسألة الثانية:
تحديد النبي صلى الله عليه وسلم لعلامات ليلة القدر إذا تأملناها حق التأمل وتمعّنّاها حق التمعّن عرفنا أنّها مرتبطة بنهايتها، وأصح هذه العلامات ما جاء في صحيح مسلم أن الشمس في صبيحتها لا شعاع لها. فما الحكمة من وصف ليلة القدر ومعرفة علامتها البارزة بعد مضيها؟. وإليك العلامات الأخرى الواردة:
1 - في صحيح مسلم عن أبي بن كعب " أن الشمس تطلع في صبيحتها لا شعاع لها ".
2 - في رواية لأحمد من حديث أبي " مثل الطست ".
3 - ونحوه لأحمد من طريق أبي عون عن ابن مسعود وزاد " صافية ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/186)
4 - ولابن خزيمة من حديث ابن عباس مرفوعا " ليلة القدر طلقة لا حارة ولا باردة , تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة ". 5 - ولأحمد من حديث عبادة بن الصامت مرفوعا " إنها صافية بلجة كأن فيها قمرا ساطعا , ساكنة صاحية لا حر فيها ولا برد , ولا يحل لكوكب يرمى به فيها , ومن أماراتها أن الشمس في صبيحتها تخرج مستوية ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر ولا يحل للشيطان أن يخرج معها يومئذ ".
6 - ولابن أبي شيبة من حديث ابن مسعود أيضا " أن الشمس تطلع كل يوم بين قرني شيطان , إلا صبيحة ليلة القدر ".
7 - ولابن أبي شيبة من حديث جابر ابن سمرة مرفوعا " ليلة القدر ليلة مطر وريح ".
وغيرها من الآثار التي تدل على علامات ليلة القدر، وهذه العلامات مرتبطة بالنهاية، وقد يشكل قوله " ساكنة صاحية لا حر فيها ولا برد "بأن هذا يتبين من نفس تلك الليلة لا في النهاية، والجواب: أن هذه العلامات كلها قد يحصل كلها أو بعضها، وقد لا تكون معرفة أول الليل باستواء الجو أمر يستمر إلى نهايته، أو العكس كذلك، فالحاصل أنه لا يمكن التيقن من معرفة هذه العلامات إلا بعد مضي الليلة كاملة وإشراق شمس صبيحتها فلنا حينئذ أن نقول: ليلة البارحة كانت مستوية الجو لا باردة ولا حارة، كما هو قولنا في سائر الأيام. وقال ابن حجر رحمه الله: (وقد ورد لليلة القدر علامات أكثرها لا تظهر إلا بعد أن تمضي). فلماذا لم يظهر لنا الشرع علامات قبل بداية ليلة القدر حتى يعلم المسلم أنها ليلة القدر الآتية بعد هذه العلامات فيظفر بها بالقيام دون بقية الليالي؟ لقائل أن يقول هذا مادام أن الشرع أوجد علامات لها، لماذا لا تكون قبلها؟ ومالحكمة من كونها بعدها؟.
فماذا نقول أخي الكريم ممدوح فيمن قطع وجزم بأنها ليلة الثلاثاء وبلاشك أننا عرفناها على هذه النظرية قبل أن تغرب شمس اليوم الذي قبل ليلة القدر؟.
فخلاصة ما تقدم من هذا الفصل أنّ التسمية تعدٍّ شرعي، وتطاول على النصوص الشرعية، كما سيأتي، فلو أردنا أن نستوحي الأسئلة المستنكرة على هذا الأمر وهو أن ليلة القدر هي ليلة ثلاثاء، خرجنا بما يلي:
س1: ما الدليل القاطع على التسمية؟
س2: لماذا لم تُسمَّ في النصوص الشرعية أو لماذا لم يُسمِّيها لنا من كان في القرون المفضلة التي هي خير القرون ومثل هذا الأمر لا تأتي به القرون المتأخرة متفضلة على القرون المتقدمة؟؟
س3: ثم ما الحكمة من ربطها بليلة ثلاثاء وترٍ في العشر الأواخر وشحذ الهمم لإثبات ذلك؟
ثم إذا كان العُلماء وهم هُداة الأمة وسُرُج كل ظلمة قد كرهوا القطع عندما يرى المسلم علامة ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر لسنة واحدة وليلة واحدة بأنها ليلة القدر دون تسمية، فكيف بمنّ سمّاها على مر الأزمان والعصور؟!.
هذا لا يقبل إلا من رجل ركب زورق رأيه وميوله وأبحر عن سفينة القوم من الصحابة والتابعين والسلف الصالحين الذين مازالوا يقودون الأمة إلى سفينة النجاة بهديهم وسنتهم.
الباب الثاني:
بيان بطلان هذه القاعدة والنظرية من أدلةٍ لم يتطرق لها الباحث غفر الله له
وتحت هذا الباب فصول:
الفصل الأول: الأدلة المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم
الفصل الثاني: الأدلة الموقوفة على أقوال وأفعال وفهم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين
**تنبيه مهمّ **
هذا الباب هو في الاستدلال على بطلان القاعدة والنظرية من خلال الأدلة التي لم يتطرق لها الباحث لا توضيحاً ولا تبييناً، وقد تجد هذه الأدلة مسطرة في بحثه، لكنه لم يتعرض لها لا بشرح ولا توضيح، ولا تعتبر كل الأدلة التي ملأ بها الأخ العزيز بحثه دليلاً على ما أتى به، بل أغلبها دليلاً عليه، لذلك أدلة أخي ممدوح التي استدل بها – وهي قليلةُ جداً - سأتطرق لها في الباب الذي يلي الباب هذا، وهذا الباب هو في أدلة لم يتطرق لها وإن كان قد ذكرها في بحثه، فالعبرة في حجج المسائل العلمية هو الاستدلال ثم توجيه الاستدلال ثم الاستنتاج، لا في عرض الأدلة ثم تخريج النتائج مباشرة دون توجيه للأدلة، وهذا صنيع العُلماء وطلاب العلم قديماً وحديثاً ومن أنكر ذلك فالكتب بيني وبينه، وهذا الأسلوب يجعل القارئ على بينه من الدليل ومالمراد به.
الفصل الأول:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/187)
الأدلة المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم التي تقتضي بطلان النظرية
الدليل الأول:
عن ابن عمر رضي الله عنه أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر. متفق عليه.
وجه الاستدلال به: كشف الله تعالى لصحابة النبي صلى الله عليه وسلم مظنة ليلة القدر أنها في السبع الأواخر من رمضان، وقلتُ هنا مظنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقطع لهم بها، فقال بعد ذلك: (أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر)، فهنا جعلهم في خيار التحري في السبع الأواخر، ولم يجعلهم في خيار القطع والجزم بأي ليلة هي، كما يدل الحديث على أنّ ليلة إحدى وعشرين لا تدخل في تحديد ليلة القدر، فهي ليست من السبع الأواخر فهذا الحديث ينقض القاعدة نقضاً من جذورها هذا إجمالاً فكيف بمن يقطع بأن ليلة القدر تكون ليلة إحدى وعشرين في إحدى السنوات. فدلّ على ان القطع بتحديد ليلة القدر سواء في التسمية باطلٌ بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الاستدلال من كلام العُلماء: قال ابن حجر رحمه الله:
{أروا بضم أوله على البناء للمجهول أي قيل لهم في المنام إنها في السبع الأواخر , والظاهر أن المراد به أواخر الشهر , وقيل المراد به السبع التي أولها ليلة الثاني والعشرين وآخرها ليلة الثامن والعشرين , فعلى الأول لا تدخل
ليلة إحدى وعشرين ولا ثلاث وعشرين , وعلى الثاني تدخل الثانية فقط ولا تدخل ليلة التاسع والعشرين , وقد رواه المصنف في التعبير من طريق الزهري عن سالم عن أبيه " إن ناسا أروا ليلة القدر في السبع الأواخر , وإن ناسا أروا أنها في العشر الأواخر , فقال النبي صلى الله عليه وسلم: التمسوها في السبع الأواخر " وكأنه صلى الله عليه وسلم نظر إلى المتفق عليه من الروايتين فأمر به , وقد رواه أحمد عن ابن عيينة عن الزهري بلفظ " رأى رجل أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين أو كذا وكذا , فقال النبي صلى الله عليه وسلم: التمسوها في العشر البواقي في الوتر منها " ورواه أحمد من حديث علي مرفوعا " إن غلبتم فلا تغلبوا في السبع البواقي " ولمسلم عن جبلة بن سحيم عن ابن عمر بلفظ " من كان ملتمسها فليلتمسها في العشر الأواخر " ولمسلم من طريق عقبة بن حريث عن ابن عمر " التمسوها في العشر الأواخر , فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي " , وهذا السياق يرجح الاحتمال الأول من تفسير السبع.}
الدليل الثاني:
عن عائشة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان، متفق عليه وجاء عن غيرها من الصحابة بمعنى هذا الحديث وسبق ذكر بعضها.
وجه الاستدلال من الحديث: أن ليلة القدر تكون في ليالي الوتر، وقد يعترض عليّ أخي الحبيب ممدوح وينقض استدلالي هذا بأنه فيه تحديدٌ لليلة القدر مع أنك استدللت سابقاً بأن ليالي الوتر لا تعلم إلا بعد خروج الشهر، فالجواب: أن النبي صلى الله عليه وسلم أبهم وهذا الإبهام يشمل الليلة ويشمل كذلك ليالي الوتر مما يجعل المرء مستغلاًّ لكل الليالي بالقيام، هذا على قول من قال بأن الوتر لا يعلم إلا بعد خروج الشهر أمّا من قال بأن ليالي الوتر المرادةُ بالحديث هي ليالي الوتر نفسها وإن نقص الشهر فالإبهام هنا يكون لليلة القدر نفسها، فكلا أصحاب القولين يردون على هذه النظرية سواء أبهمت ليلة القدر وحدها أم أبهمت ليلة القدر مع ليالي الوتر، فالنتيجة واحدة وهي عدم جواز القطع بتحديد وتسمية ليلة القدر بليلة الثلاثاء.
الدليل الثالث: عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ليلة القدر في تاسعة تبقى في سابعة تبقى في خامسة تبقى. أخرجه البخاري.
وجه الاستدلال بالحديث:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/188)
الرسول صلى الله عليه وسلم حدد إمكانية حصول ليلة القدر في الليلة التاسعة المتبقية من الشهر، وهذا لا يمكن معرفته إلا بخروج الشهر هل هو ثلاثين أو تسعة وعشرين؟. وكذلك الكلام في السابعة التي تبقي والخامسة التبي تبقي، فهذا فيه الدلالة على أنه لا يمكن تحديد ليلة القدر بليلةٍ معينة فكيف بمن ربطها باسمٍ معين، وأصحبت ليلة الثلاثاء!!.
الدليل الرابع: عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين فقال خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت وعسى أن يكون خيرا لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة. أخرجه البخاري.
وجه الاستدلال بالحديث: هذا الحديث فيه رفع العلم بليلة القدر عن النبي صلى الله عليه وسلم تلك السنة، وذكر ابن حجر أن سبب الرفع ما حدث في القصة والسبب الآخر هو ما رواه مسلم من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " أريت ليلة القدر , ثم أيقظني بعض أهلي فنسيتها " قال ابن حجر: (وهذا سبب آخر)، وقال عن رفعها رحمه الله:
{قوله (فرفعت) أي من قلبي , فنسيت تعيينها للاشتغال بالمتخاصمين , وقيل: المعنى فرفعت بركتها في تلك السنة , وقيل التاء في رفعت للملائكة لا لليلة , وقال الطيبي قال بعضهم رفعت أي معرفتها , والحامل له على ذلك أن رفعها مسبوق بوقوعها فإذا وقعت لم يكن لرفعها معنى , قال ويمكن أن يقال المراد برفعها أنها شرعت أن تقع فلما تخاصما رفعت بعد , فنزل الشروع منزلة الوقوع , وإذا تقرر أن الذي ارتفع علم تعيينها تلك السنة فهل أعلم النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بتعيينها؟ فيه احتمال , وقد تقدم قول ابن عيينة في أول الكلام على ليلة القدر أنه أعلم , وروى محمد بن نصر من طريق واهب المغافري أنه سأل زينب بنت أم سلمة: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم ليلة القدر؟ فقالت: لا , لو علمها لما أقام الناس غيرها ا ه. وهذا قالته احتمالا وليس بلازم , لاحتمال أن يكون التعبد وقع بذلك أيضا فيحصل الاجتهاد في جميع العشر كما تقدم. واستنبط السبكي الكبير , في " الحلبيات " من هذه القصة استحباب كتمان ليلة القدر لمن رآها ; قال: ووجه الدلالة أن الله قدر لنبيه أنه لم يخبر
بها , والخير كله فيما قدر له فيستحب اتباعه في ذلك , وذكر في " شرح المنهاج " ذلك عن " الحاوي " قال: والحكمة فيه أنها كرامة والكرامة ينبغي كتمانها بلا خلاف بين أهل الطريق من جهة رؤية النفس فلا يأمن السلب , ومن جهة أن لا يأمن الرياء , ومن جهة الأدب فلا يتشاغل عن الشكر لله بالنظر إليها وذكرها للناس , ومن جهة أنه لا يأمن الحسد فيوقع غيره في المحذور , ويستأنس له بقول يعقوب عليه السلام (يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك) الاية}.
وكلام ابن حجر ومن نقل عنهم رحمهم الله هنا غايةً في الوضوح والبيان في رد هذه النظرية والقاعدة التي أتيت بها أخي الحبيب الكريم ممدوح الجبرين سددك الله، فأين تسمية ليلة القدر صراحةً من النبي صلى الله عليه وسلم كما ادعيت؟؟
والكلام على علم الرسول ليس حجة فالرسول يعلم مالا نعلم وقد قال: (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ..... الحديث).
الدليل الخامس:
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من كان متحريها فليتحرها ليلة سبع وعشرين، أو قال: تحروها ليلة سبع وعشرين يعني ليلة القدر}. رواه أحمد بإسناد صحيح. وبمثله عن معاوية عند أبي داود وعن ابن عباس عند أحمد.
وجه الاستدلال بالحديث: هنا عيّن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة القدر فقال هي ليلة سبع وعشرين؟ سواءً أكانت ليلة ثلاثاء أم كان الشهر كاملاً أو ناقصاً، فهذا التعيين ليس فيه ارتباط بالتسمية، ومعنى هذا الحديث وربطه بليلة سبع وعشرين يخالف الأصول التي بنيت عليها أخي العزيز الكريم ممدوح تسميتها بليلة الثلاثاء من ناحتين: العقلية الحسابية، والشرعية النظرية، وقد تقدم توضيح هذا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/189)
وقد تحتج عليّ أخي الكريم برأي القائلين أنه لا تعلم ليلة سبع وعشرين حتى ننظر هل الشهر كامل أم ناقص، فإن احتججتَ به احتججتُ عليك بحجة أصحاب هذا القول في رد نظريتك وقاعدتك وتسميتك، وهذا قد سبق الكلام عليه أيضاً في معرض الأدلة السابقة.
خاتمة هذا الفصل:
اعلم أخي ممدوح سددك الله دوماً وأنت أخي القارئ الكريم أن كل الأحاديث الواردة في تحري ليلة القدر والتماسها وتحينها في الصحيحين وغيرها، كلها تدور على نفس أوجه الاستدلال على الأدلة الخمسة التي ذكرتها، فأي دليل لم أذكره تستطيع أن تدرجه مع نظيره، فألفاظ هذه الأحاديث متقاربة ولا زيادة فيها على ذلك.
الفصل الثاني:
الأدلة الموقوفة على أقوال وأفعال وفهم الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين والتي تقتضي بطلان النظرية
الدليل الأول والثاني: (1 - صيام معاوية رضي الله عنه يوم الجمعة 2 - عمل ابن عباس رضي الله عنه بالرؤية)
عن كريب أن أم الفضل بعثته إلى معاوية بالشام فقال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل علي رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس، ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية، فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت: ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم}. رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه
وجه الاستدلال من الحديث: هذا دليلٌ صريح واضحٌ على أن معاوية صام يوم الجمعة وصام معه الصحابة والتابعون وعامة المسلمين في الشام، وتوجيه هذا الدليل بأكثر من ذلك تكلّف، فإن قال أخي الحبيب ممدوح أن صيامه يحتمل الخطأ بناءاً على أن ليلة القدر التي مرت عليهم تلك السنة لم تكن ليلة الثلاثاء حيث دخل رمضان يوم الجمعة، نقول: التخطأةُ هنا لدليل شرعي صريح، فعمل الصحابة دليل حتى وإن خالف ابن عباس عمل معاوية فالخلاف بينهم على الرؤية لا على أنّ رمضان لا يدخل يوم الجمعة؟! وهذه القاعدة والنظرية تقتضي بطلان العمل باختلاف المطالع التي يُعتبر هذا الحديث أحد أعمدتها وسيأتي في باب الإلزامات على هذه النظرية، فانظر أخي ممدوح رعاك الله كيف كانت هذه النظرية محبطة مهبطةً لأحد أنواع الأدلة في الشرع وهي عمل الصحابة، حيث إن عمل الصحابة هنا مع اختلافهم، كليهما دليل على بطلان النظرية التي أتيت بها.
فعمل معاوية دليل على بطلان قاعدتك أخي ممدوح فقد صام يوم الجمعة، وعمل ابن عباس دليل على بطلان قاعدتك حيث إن ابن عباس وإن صام يوم السبت إلا أنه عمل بالرؤية، وأنت لا تقول بالعمل بالرؤية واختلاف المطالع إذا كانت يوم الخميس يوم 29 ولا نرى الهلال ليلة الجمعة مثل ما حدث هذا العام 1425هـ.
وعلة عدم عمل ابن عباس برؤية معاوية هو إيمانه بأن المطالع تختلف لكل بلد، فأين التشابه في مطالع المدينة والشام؟؟.
الدليل الثالث والرابع: (1 - جزم ابن عباس بأنها ليلة سبع وعشرين، 2 - وجزمه أيضاً أنها ليلة أربع وعشرين)
روى عبد الرزاق في مصنفه موقوفا عن معمر عن قتادة وعاصم أنهما سمعا عكرمة يقول " قال ابن عباس: دعا عمر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألهم عن ليلة القدر , فأجمعوا على أنها العشر الأواخر , قال ابن عباس: فقلت لعمر إني لأعلم - أو أظن - أي ليلة هي , قال عمر: أي ليلة هي؟ فقلت: سابعة تمضي أو سابعة تبقى من العشر الأواخر , فقال: من أين علمت ذلك؟ قلت خلق الله سبع سموات وسبع أرضين وسبعة أيام والدهر يدور في سبع والإنسان خلق من سبع ويأكل من سبع ويسجد على سبع والطواف والجمار وأشياء ذكرها , فقال عمر: لقد فطنت لأمر ما فطنا له ".
وأخرج البخاري موقوفاً على ابن عباس قال: وعن خالد عن عكرمة عن ابن عباس التمسوا في أربع وعشرين.
وجه الاستدلال من الحديثين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/190)
أن ابن عباس رضي الله عنه عرف ليلة القدر بمظانها، فرآى انها ليلة سبع وعشرين، كما رآى أنها ليلة أربع وعشرين، وهذا اختلافٌ في عدد ليالي الوتر والشفع، فهذا اجتهاد صحابي يخالف الاجتهادات الأخرى من الصحابة التي استدللت بها _ إن سلمنا لك أن الاستدلال بها صحيح _، فدلّ لنا أن المسألة ليست قطعية، وأنت تقطع في نظريتك، فظهر هنا بطلان قطعك بها.
الباب الثالث:
بيان بطلان هذه النظرية من خلال الأدلة التي استدل بها الباحث جزاه الله خيراً
أو بمعنى آخر (نقض الأدلة إلى مقابل ما جاء بها الباحث)
وتحت هذا الباب فصول:
الفصل الأول: نقض الاستدلال بالأدلة المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
الفصل الثاني: نقض الاستدلال بالأدلة الموقوفة على عمل وقول الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
الفصل الثالث: نقض الاستدلال بأقوال العُلماء الأجلاَّء.
الفصل الأول
نقض الاستدلال بالأدلة المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم
الأخ الكريم ممدوح ملأ بحثه بكل الأحاديث التي وردت عن ليلة القدر، فثلاثة أرباع البحث كله نقولات دون توجيه أو تحرير أو استنباط، إلا في صفحات يسيرة وأسطر يسيرة فيها. فقام بسرد الأحاديث التي في البخاري ومسلم، وأنا لا أعتبره هنا استدلال، حيث إنّ هذه الأدلة لم توجّه ولم تحرر ولا يمكن الاستدلال بها على الظاهر، وإنما الأحاديث التي أعتبره استدل بها هي ما أشار إليها بتوجيه بسيط أو أدرجها تحت بعض العناوين ومنها:
الدليل الأول الذي استدل به:
قال الباحث عفا الله عنه (الرسول الكريم يوجهّنا لطلب ليلة القدر) ثم سرد تحت هذا الباب الأحاديث نفسها التي كررها في صفحات كثيرة عن البخاري ومسلم وغيرهما.
نقض توجيه هذا الدليل على خلاف ما استدل به:
كل هذا التضخيم والتكرار والعنوان يعود لمسألة واحدة بسيطة جداً تطرقنا إليها في أول هذا الحوار وهي (المراد بالطلب والتحري والالتماس)، وسبق تحرير هذه المسألة وأنها ليست على وفق ما جاء به الباحث غفر الله له، لأنه استدل بالالتماس والطلب على تسمية ليلة القدر ليلة الثلاثاء، وذكرت أن هذا لم يفهمه الصحابة ولا التابعون ولا غيرهم، وإنما فهموا من الالتماس والطلب هو تعيينها بالقيام والتحديد الشرعي عبر العلامات، دون تسميتها وتحديد ليلة القدر في الأعوام القادمة والماضية وما إلى ذلك من التجوّز العقلي والحسابي والشرعي كما سبق بيانه.
إذاً فالأدلة التي استدل بها هي دليلٌ لمن لم يُسمِّ ليلة القدر وليست مع من يُسمِّ ليلة القدر، حيث إنّه لا يوجد تسمية ولا تحديد، ولا يمكن فهم التحديد والطلب والتحري على التسمية فقط.
الدليل الثاني الذي استدل به:
بعد أن ذكر الباحث سدده الله قوله (الرسول الكريم يوجهّنا لطلب ليلة القدر) وسرد تحته أحاديث الالتماس، ذكر بعد ذلك قوله (توجيه الرسول صلى الله عليه وسلم للصحابة بطلب ليلة القدر) ثم ذكر نفس الأحاديث السابقة!!
نقض توجيه هذا الدليل على خلاف ما استدل به:
يا للعجب ما أدري ما الفرق بين هذين الفصلين الذين عقدهما؟؟! لا من ناحية العنوان ولا من ناحية الأحاديث.
أما العنوان فلا فرق بينهما فالرسول هنا يوجه الأمة من عهد الصحابة إلى عصرنا بالتحري والالتماس فلماذا يكونان في فصلين مع أن الاستشهاد هو نفسه. وأمّا الأحاديث فإنها هي نفسها اللهمّ إنه قدم وأخّر في تسمية الصحابي وتخريجها، وأعد النظر أخي القارئ في بحث الأخ الكريم ممدوح تجد هذا الأمر عياناً.
إذاً فالكلام على هذا الباب الذي عقده هو نفس الكلام على الدليل السابق لأنه لا فرق بينهما، فقط أضاف كلمة الصحابة للباب الثاني.
الدليل الثالث الذي استدل به:
في صحيح ابن حبّان، عن عيينة ابن عبدالرحمن عن أبيه قال، ذكرت ليلة القدر عند ابي يكرة رضي الله عنه فقال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: التمسوها في العشر الاواخر في سبع بقين أو خمس بقين او ثلاث بقين او في آخر ليله ... وفيه ايضا عن معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التمسوا ليلة القدر في آخر ليله.
نقض توجيه هذا الدليل على خلاف ما استدل به:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/191)
هذان الأثران عن أبي بكرة وعن معاوية دليل على الأخ ممدوح فيما ذهب إليه، حيث هنا حدد النبي صلى الله عليه وسلم الليالي التي تكون فيها ليلة القدر وهي آخر سبعة ليالي تبقي أو آخر خمس أو آخر ثلاث أو آخر ليلة، وقد عرفت أن مثل هذا الدليل الذي ورد عن جمع من الصحابة، دليل على الأخ ممدوح لا له، وذلك لأمرين:
1 - اختلاف الليلة السابعة أو الخامسة أو الثالثة التي تبقى من رمضان لأننا لا ندري كم بقي من رمضان؟ فإذا كنا في يوم عشرين من رمضان في بداية العشر لا ندري كم بقي من رمضان؟ يحتمل أنه بقي من رمضان تسع ليالٍ إذا كان الشهر ناقصاً ويحتمل أن تكون عشر ليالٍ إذا كان الشهر كاملاً.
مثال آخر للتوضيح أكثر: نحن في رمضان هذه السنة 1425هـ يوم عشرين منه هو يوم الأربعاء تعقبه ليلة إحدى وعشرين ليلة الخميس، وهي الليلة الأولى للعشر، نحن الآن لا ندري قد يكون بقي تسع ليالي مع هذه الليلة إذا كان الشهر ناقص.
وقد يكون بقي عشر ليالي مع هذه الليلة إذا كان الشهر كاملاً. فمتى تكون الليلة السابعة؟ أو الخامسة؟ أو الثالثة؟ التي جاء ذكرهن في الحديث. على هذه السنة احتمال أن تكون الليلة السابعة الباقية من رمضان هي ليلة الأحد إذا كان رمضان كاملاً، واحتمال أن تكون ليلة السبت إذا كان ناقصاً .. فالدليل يبين لنا أنها قد تكون ليلة الوتر متقدمة عن ظواهر التاريخ لنا والحساب.
السؤال أخي ممدوح رعاك الله: رمضان هذه السنة كامل أم ناقص حتى نحدد السابعة أو الخامسة المتبقية؟؟ طبعاً لا جواب لأنه علم غيبي لا يقوله أحد.
2 - أمر النبي صلى الله عليه وسلم لنا بالالتماس بالسابعة والخامسة والثالثة دليل على اختلاف الحساب واختلاف الحساب يؤدي إلى اختلاف التسمية، فإذا بطل تحديد ليلة القدر بالحساب بطل تحديدها بالتسمية.
بهذا يتبين لك أن الأدلة التي استدل بها الأخ ممدوح جزاه الله خيرا جاءت على خلاف استدلاله، والله أعلم.
الدليل الرابع الذي استدل به:
عقد الأخ الحبيب ممدوح فصلاً قال في بدايته: (الد ليل على ان علم ليلة القدر ليس من علم الغيب) ثم ذكر نفس الأحاديث السابقة وقال في نهاية كل حديث (بحسب لفظ الحديث):
(فهل يأمرنا رسول الله بأن نتحرّاها وهي من علم الغيب؟
فهل يأمرنا رسول الله بألتماسها وهي من علم الغيب؟)
إضافة إلى أنه استشهد بأدلة لا علاقة لها بجواز تسمية ليلة القدر شرعاً البتة، ومنها حديث عائشة: (قلت يارسول الله أرأيت ان علمت اي ليلة القدر ما اقول فيها؟ قال: قولي: اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عني رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه. فهل يقول رسول الله عليه الصلاة والسلام لعائشة رضي الله عنها هذا، ثم تكون من علم الغيب؟).
نقض توجيه هذا الدليل على خلاف ما استدل به:
قبل أن انتقض هذا الدليل، يجب علينا أن نفرق بين مسألتين: الأولى: تحديد ليلة القدر بالعلامات الشرعية، الثانية: تحديد ليلة القدر بالتسمية. وهاتان المسألتان بينهما ما بين المشرق والمغرب من الفرق والبون. لا من حيث الصورة ولا من حيث الحكم والاستدلال، وما هذا الحوار وتقسيم أبوابه إلا لتوضيح ذلك.
فتحديد ليلة القدر بالعلامة الشرعية كأن تكون ليلة إحدى وعشرين من هذه السنة فيما يظهر لنا بالتاريخ شمسها صافية لا شعاع ولا برد فيها ولا حر، كما أننا تحرينها قبل ذلك بالعبادة والتضرع والبذل والاستمرار عليه طيلة العشر فهذا ليس من ادعاء علم الغيب بل امتثال لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم.
أما التسمية بان تكون ليلة القدر هي ليلة الثلاثاء طول السنوات فهذا إدعاء علم الغيب صراحةً وتطاول على نصوص الكتاب والسنة وفهم على غير فهم القرون المفضلة وهم قومٌ عرفوا الحساب والعد، وأرجو أن لا تغضب عليّ أخي العزيز ممدوح من هذا الكلام، فقد قلتُ ما أعتقده كما قلتَ أنتَ ما تعتقده. وسيتضح لك ذلك جليَّاً في باب الإلزامات.
الدليل الخامس الذي استدل به:
قال أخي ممدوح: (الرسول صلى الله عليه و سلم كان يعلم باسم ليلة القدر) ثم ذكر الأحاديث التي تبين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم تلك الليلة.
نقض توجيه هذا الدليل على خلاف ما استدل به:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/192)
أقول أن هذا من المسلّمات عقلاً أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم اسم ليلة القدر التي أنسيها، فقد أوحى الله إليه بليلة القدر، وبالتأكيد أنه سيعرفها باسمها تلك السنة، لكن أين الدليل على أن اسم تلك الليلة هي ليلة الثلاثاء يا أخي ممدوح؟ ثم لو فرضنا أن تلك الليلة هي ليلة الثلاثاء وجاءت رواية صحيحة أو ضعيفة أن تلك الليلة هي ليلة الثلاثاء: أين الدليل صحيحاً كان أو ضعيفاً أن ليلة القدر ستستمر على أن اسمها ليلة الثلاثاء؟؟؟ فهذا مما يجعل المرء عند سماعه مثل هذه النظرية وهذا الكلام يصاب بالوحشة والنفرة من مثل هذه الأمور، فطريق السلف أعلم وأحكم.
إلى هنا عرفت بطلان الاستدلال بهذه الأدلة على هذه النظرية والله أعلم.
الفصل الثاني
نقض الاستدلال بالأدلة الموقوفة على عمل وقول الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين
الدليل الأول الذي استدل به: (قول أبيّ بن كعب رضي الله عنه)
قال أخي العزيز ممدوح (روى مسلم رحمه الله في صحيحه ان صاحب رسول الله أبيّ بن كعب رضي الله عنه قال: والله الذي لااله الاّ هو انها لفي رمضان، ووالله اني لأعلم اي ليلة هي، هي الليلة التي امرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها هي ليلة صبيحة سبع وعشرين .. فيا سبحان الله أيحلف أبيّ بن كعب صاحب رسول الله زورا وبهتانا؟ لا والله لقد صدق وبرّ ... أبعد هذا تكون من علم الغيب؟ سبحان الله ... ).
نقض توجيه هذا الدليل على خلاف ما استدل به:
أقول والله لقد صدق وبر وصدق الصحابة كلهم أجمعون، ووالله إني لا أفهم ولا يفهم القارئ الكريم ولا أحد من العرب الأقحاح أنَّ يمين أبيّ بن كعب تجوّز لنا تحديد ليلة القدر بليلة الثلاثاء من كل رمضان، ووالله أن أبيّ لصادق في تحديدها لأنه لم يحددها من عقله ولا من حسابٍ تعارض مع النقل بل أخذها من فلَقَ فم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأبيّ ضرب بالعقل عرض الحائط وأخذ بالنقل وهو تحديد الرسول صلى الله عليه وسلم لليلة القدر، وتوجيه هذا الدليل نقَلَتْهُ يداك أخي ممدوح عن ابن حجر من فتح الباري، فأين جمع التوجيه بين الأدلة التي حددت ليلة القدر بسبع وعشرين أو ثلاث وعشرين؟!.
فشتان بين استدلال أبي رضي الله عنه وبين استدلالك أخي الحبيب ممدوح، فهذا الصحابي الجليل أبي بن كعب استدل بالنقل، وأنت استدللت بالعقل، وإن قلت أنت: (بل استدللتُ بالنقل) أقول لك النقل يخالف دليلك وقد سبق بيان ذلك جليّاً.
الدليل الثاني الذي استدل به:
قال أخي العزيز ممدوح: (ابوسعيد الخدري رضي الله عنه يقول انها ليلة احدى وعشرين وهذا في الصحيحين، ثم تقولون انها من علم الغيب؟ أأنتم أعلم ام صاحب رسول الله؟؟).
نقض توجيه هذا الدليل على خلاف ما استدل به:
أخي العزيز ممدوح كيف تستدل بهذا الأثر مجرداً، وأنت نقلت بخط يدك في بحثك ما يخالف هذا صراحةً؟! وقبل أن أبين لك ما نقلت بخط يدك، أنت هنا تفهم من هذا النص أنه يؤيد تسمية ليلة القدر بليلة الثلاثاء، فما نقلته بخط يدك هو أثر ابن عباس الذي حدد ليلة القدر بليلة أربع وعشرين.
فتبين هنا أن استدلالك بهذا الأثر جاء عليك لا لك من ناحيتين:
1 - أنه متعارض مع أثر ابن عباس في تحديد ليلة القدر بغير ليلة الوتر وهي ليلة أربع وعشرين.
2 - أنت فهمت أن ابا سعيد الخدري يوافق فهمك، وشيخ الإسلام يخالفك في الفهم أخي ممدوح، وقد نقلت لك كلامه سابقاً في الفصل الثاني من الباب الأول، وأعيده لك الآن: (فعلى هذا إذا كان الشهر ثلاثين يكون ذلك ليالي الأشفاع. وتكون الاثنين والعشرين تاسعة تبقى وليلة أربع وعشرين سابعة تبقى. وهكذا فسره أبو سعيد الخدري في الحديث الصحيح. وهكذا أقام النبي صلى الله عليه وسلم في الشهر. وإن كان الشهر تسعا وعشرين كان التاريخ بالباقي. كالتاريخ الماضي. وإذا كان الأمر هكذا فينبغي أن يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " {تحروها في العشر الأواخر}) انتهى، وأنت للأسف لم تنقل هذا النص في بحثك بينما نقلت من كلام شيخ الإسلام ما يوافق رأيك فقط، وسيأتي توضيح ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/193)
من هنا عرفت أخي الكريم ممدوح أن هذا الدليل عليك لا لك، فالفهم لهذا الأثر قُدتُّهُ قوداً لرأيك ولم وتطلق عنان فهمك لما يوافق اللغة والشرع وفهم من سبقك من أئمة الإسلام.
الدليل الثالث الذي استدل به:
قال أخي الكريم ممدوح: (عبدالله بن انيس رضي الله عنه كان يقول انها ليلة ثلاث وعشرين، وهذا في الصحيحين. أبعد هذا تكون من علم الغيب؟).
نقض توجيه هذا الدليل على خلاف ما استدل به:
أقول في هذا الأثر كما قلت في أثر ابي سعيد الخدري رضي الله عنهما بالأمرين، وأزيد ثالثاً أيضاً: أن هذا ليس علماً بالغيب فهو فَهِمَ كما فهم أبي بن كعب رضي الله عنه وغيره من الصحابة رضي الله عنهم، فهم فهموا حسب النقل لا العقل، وأنت قلت بالعقل والحساب المخالف للشرع والنقل. وقلتُ سابقاً شتان بين تحري ليلة القدر بالعلامة الشرعية وبالعمل والطاعة، وبين تسمية ليلة القدر بليلة الثلاثاء.
الدليل الرابع الذي استدل به:
قال أخي ممدوح: (روى الامام احمد رحمه الله في مسنده عن ابي عقرب الاسدي قال، اتيت عبدالله بن مسعود فوجدته على انجاز له، يعني سطحا، فسمعته يقول: صدق الله ورسوله،فصعدت اليه فقلت: ياابا عبدالرحمن مالك قلت، صدق الله ورسوله؟ قال: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نبأنا ان ليلة القدر في النصف من السبع الاواخر وان الشمس تطلع صبيحتها ليس لها شعاع قال، فصعدت فنظرت اليها فقلت: صدق الله ورسوله، صدق الله ورسوله أبعد هذا يقول من يقول انها من علم الغيب؟).
نقض توجيه هذا الدليل على خلاف ما استدل به:
نقض هذا الدليل هو بما نقض الاستدلال بالأدلة السابقة من الأمور الثلاثة السابقة، وأزيد أمراً رابعاً وهو:
أن قول ابن مسعود: (نبأنا ان ليلة القدر في النصف من السبع الاواخر وان الشمس تطلع صبيحتها ليس لها شعاع) هنا نص صريح بأنها تكون إحدى ليلتين متتاليتين، حيث إن نصف السبع الأخير يكون وتراً في حال كمال الشهر ويكون شفعاً في حال نقص الشهر.
من هنا تبين بطلان استدلالك بأثر ابن مسعود وأنه دليل عليك لا لك.
الدليل الخامس الذي استدل به:
قال اخي القدير ممدوح: (عمر ابن الخطاب (رضي الله عنه) كان يسأل الصحابه عن ليلة القدر) ثم ذكر تحته الحديث الآتي: (في صحيح ابن خزيمه, باب الأمر بالتماس ليلة القدر وطلبها في العشر الاواخر من رمضان روى ابن خزيمه في صحيحه: (ح2172) باسناد صحيح قال حدثنا علي ابن المنذر حدثنا ابن فضيل حدثنا عاصم ابن كليب الجرمي عن ابيه عن ابن عباس قال: كان عمر يدعوني مع اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فيقول لي:لا تكلّم حتى يتكلموا. قال:فدعاهم فسألهم عن ليلة القدر فقال:أرأيتم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: التمسوها في العشر الاواخر. أي ليلة ترونها؟
وفي مسند الامام احمد ,عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال , ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ليلة القدر ما قد علمتم (فالتمسوها في العشر الاواخر وترا) ففي أي الوتر ترونها؟)
نقض توجيه هذا الدليل على خلاف ما استدل به:
على فرض صحة هذا الأثر (فقد تُكلم في عاصم بن كليب عن ابيه عن جده) أقول على فرض صحته فإن هذا الحديث يصح الاستدلال به على عدم جواز تسمية ليلة القدر لا في جوازها، حيث سبق بيان رواية عبد الرزاق في مصنفه وهي: (عن معمر عن قتادة وعاصم أنهما سمعا عكرمة يقول " قال ابن عباس: دعا عمر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألهم عن ليلة القدر , فأجمعوا على أنها العشر الأواخر , قال ابن عباس: فقلت لعمر إني لأعلم - أو أظن - أي ليلة هي , قال عمر: أي ليلة هي؟ فقلت: سابعة تمضي أو سابعة تبقى من العشر الأواخر , فقال: من أين علمت ذلك؟ قلت خلق الله سبع سموات وسبع أرضين وسبعة أيام والدهر يدور في سبع والإنسان خلق من سبع ويأكل من سبع ويسجد على سبع والطواف والجمار وأشياء ذكرها , فقال عمر: لقد فطنت لأمر ما فطنا له).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/194)
فإذا علمت تمام هذه القصة وعلمت أن ابن عباس لم يقطع بها، وعلمتَ أن سؤال عمر رضي الله عنهم أجمعين ليس سؤالاً عن تسميتها بل عن تحديدها الشرعي الذي جاءت به الأدلة السابقة، عرفت بعد ذلك بطلان الاستدلال بهذا السؤال لعمر وأن سؤال عمر إنما هو دليل على العمل بالتحديد الشرعي، لا بالتسمية، والله أعلم.
الفصل الثالث
نقض الاستدلال بأقوال العُلماء الأجلاَّء
* كان من دوافع هذا الحوار مع أخي الحبيب ممدوح هو الدفاع عن الأئمة الأعلام ومنارات الإسلام، إضافةً إلى الدافع الأساسي وهو مناقشة عدم صحة هذه النظرية من الوجوه والتقاسيم التي ذكرتها.
فعندما يقرأ القارئ بحث الأخ ممدوح يظن أن هؤلاء الأئمة يقولون بهذه النظرية التي أتى بها الأخ الفاضل، وحتى لا يتوهم أحدٌ بذلك أفردت تفصيل تبرئتهم من هذه النظرية ذبَّاً عنهم ودفاعاً عنهم.
وتحت هذا الفصل مسائل:
المسألة الأولى: تبرئة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى من القول بهذه النظرية أو مقدماتها.
المسألة الثانية: تبرئة الإمام شرف الدين النووي رحمه الله من القول بهذه النظرية أو مقدماتها.
المسألة الثالثة: تبرئة الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله من القول بهذه النظرية أو مقدماتها.
المسألة الأولى:
تبرئة شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله من القول بهذه النظرية أو مقدماتها
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله براء من هذا القول، وقد قال بما يخالف مقتضى هذه النظرية وهذه القاعدة التي أتى بها الأخ ممدوح، وستعرف ذلك أخي القارئ من خلال الأمور التالية:
الأمر الأول: قال الأخ ممدوح حفظه الله: (قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله في مجموعة الفتاوى، المجلد 25 ص 285 و 286: فينبغي أن يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (تحروها في العشر الأواخر) وتكون في السبع الأواخر أكثر، وقد يكشفها الله لبعض الناس في المنام او اليقظه فيرى انوارها، او يرى من يقول له هذه ليلة القدر، وقد يفتح الله على قلبه من المشاهدة مايتبيّن به الامر. أيقول هذا شيخ الإسلام ثم تكون من علم الغيب؟)
القارئ لهذا الكلام يعتقد أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يرى أن تسمية ليلة القدر بليلة الثلاثاء ليست من العلم بالغيب، وما قال شيخ الإسلام إلا القول الذي فهمه الصحابة رضوان الله عليهم، حيث رأوا أن التحري بالعلامة الشرعية ليس علماً بالغيب، بخلاف التسمية التي هي من ضروب التنجيم والتكهّنّ، وشيخ الإسلام جعل العلامة الشرعية التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم هي التي يُلهمها المسلم وتكشف له سواء في المنام بأن يراها أنّها ليلة كذا، والرؤيا معتبرة شرعاً مالم تخالف القواعد الشرعية، أو في اليقظة بأن يوفّق لرؤية العلامة، لا أن يقارن بالحساب عدة سنوات ثم يأتي ويطبق هذا التوافق على الدهر كله ويبني فوق ذلك تخطئة المسلمين في صيامهم وإفطارهم.
هذا هو الذي قصد شيخ الإسلام رحمه الله وغفر له وجمعنا به في جنات النعيم مع النبيين والصديقين والصالحين.
الأمر الثاني: لو كان شيخ الإسلام رحمه الله يرى جواز تسمية ليلة القدر تحديداً باسم معيّن، لما قال هذا القول والذي نقلتُه لك سابقاً: قال في مجموع الفتاوى (284/ 25): (فأجاب: الحمد لله. ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان هكذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " {هي في العشر الأواخر من رمضان}. وتكون في الوتر منها. لكن الوتر يكون باعتبار الماضي فتطلب ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين وليلة خمس وعشرين وليلة سبع وعشرين وليلة تسع وعشرين. ويكون باعتبار ما بقي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " {لتاسعة تبقى لسابعة تبقى لخامسة تبقى لثالثة تبقى}. فعلى هذا إذا كان الشهر ثلاثين يكون ذلك ليالي الأشفاع. وتكون الاثنين والعشرين تاسعة تبقى وليلة أربع وعشرين سابعة تبقى. وهكذا فسره أبو سعيد الخدري في الحديث الصحيح. وهكذا أقام النبي صلى الله عليه وسلم في الشهر. وإن كان الشهر تسعا وعشرين كان التاريخ بالباقي. كالتاريخ الماضي. وإذا كان الأمر هكذا فينبغي أن يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " {تحروها في العشر الأواخر}) انتهى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/195)
كلامه.
فماذا سيقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لو سمع بقولك؟! وقد فصّل القول رحمه الله في مجموع الفتاوى بأن الإلهام ليس من مصادر الأحكام الشرعية التي يبني عليها المسلم حكماً كالذي ذكرت في خطأ دخول رمضان وأنّ هذا إلهام الهمكَهُ الله تعالى.
الأمر الثالث: أن شيخ الإسلام رحمه الله تعالى لا ينكر ترائي الهلال مهما كانت الحال، ويقول باختلاف المطالع، وأنت لا تقول به، وسيأتي تفصيل ذلك في باب الإلزامات، فشيخ الإسلام برئ ورب الكعبة من القول بعدم جواز ترائي الهلال يوم الخميس الموافق29 من شعبان، لأنّ رمضان لا يمكن أن يدخل في يوم جمعة، وكذلك إذا كان 29 من شعبان يوم السبت، برئ ورب الكعبة، وكتبه وتراثه ناطقة بذالك، فأعطها من وقتك بالسبر والقراءة والتمعّن تدرك ذلك جيداً أخي ممدوح سددك الله.
بهذا يتبين لك أخي القارئ أن شيخ الإسلام برئ من القول بهذه النظرية أو بمقدماتها براءةً ناصعة كالشمس.
المسألة الثانية:
تبرئة الإمام شرف الدين النووي رحمه الله من القول بهذه النظرية أو مقدماتها.
تبرئة الإمام النووي رحمه الله من القول بهذه النظرية أو القول بمقدماتها، وذلك واضحٌ من نفس المصدر الذي استدل به الأخ ممدوح عفا الله عنه، وذلك يتضح في أمور:
الأمر الأول: قال الأخ ممدوح: (وقال الامام النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم الجزء الثامن، كتاب الصيام باب 40 ص 314 ما نصّه: واعلم ان ليلة القدر موجوده كما سبق بيانه في اول الباب فانها ترى ويتحققها من شاء الله تعالى من بني آدم كل سنه في رمضان كما تظاهرت عليه هذه الاحاديث السابقه في الباب، واخبار الصالحين بها ورؤيتهم لها اكثر من ان تحصر) انتهى قوله رحمه الله،أبعد هذا يأتي من يأتي ويقول انها من علم الغيب؟ سبحان الله ... ) انتهى كلام ونقل الأخ ممدوح.
الذي جعل الأخ ممدوح يتشبث بأن النووي يقول بمقدمات هذه النظرية هو قول النووي (فانها تُرى ويتحققها من شاء الله تعالى من بني آدم كل سنه) وهذا ما لُبّس على الأخ ممدوح كما سبق ذلك في فهم كلام شيخ الإسلام، فالنووي رحمه الله كابن تيمية وهما فهما كفهم الصحابة من أن بعض الصالحين يرى ليلة القدر سواء كان يقظةً أو مناماً، لكن هذه الرؤية هي حسب العلامات الشرعية، لا أنّ يسمِّيها كل سنة بليلة الثلاثاء ويبطل الحساب الذي يؤخرها أو يقدمها عن هذه الليلة. فالنووي واضح كلامه أنه يقصد ذلك وهو براء من هذا القول أو مقدماته.
الأمر الثاني: أن النووي رحمه الله لا ينكر ترائي الهلال مهما كانت الحال ويرى اختلاف المطالع وأنت أخي ممدوح لا تقول به، والذي جعلني أقول ذلك ما ذكرته سابقاً من أنك تنكر ترائي الهلال إذا كان يوم الخميس الموافق29 من شعبان، لأنّ رمضان لا يمكن أن يدخل في يوم جمعة، وكذلك إذا كان 29 من شعبان يوم السبت.
واقرأ ماذا يقول النووي رحمه الله: (والصحيح عند أصحابنا أن الرؤية لا تعم الناس بل تختص بمن قرب على مسافة لا تقصر فيها الصلاة .. )، أي أنّ لكل بلد رؤيته، ولا بد من رؤية الهلال ولا يستنثى ذلك أبداً لا حالة خاصة ولا حالة عامة.
الأمر الثالث: الأصرح ممّا سبق أخي ممدوح في أن النووي يخالفك مخالفةً شديدة هو قوله رحمه الله: (المراد برفعها رفع بيان علم عينها، ولو كان المراد رفع وجودها لم يأمر بالتماسها). وعضّ على هذا الكلام أخي ممدوح بالنواجذ، ففيه أمور: الأول: أن التسمية لو صحت تُعد من العين المرفوع عن ليلة القدر، فكيف يرفع العلم بعينها ويبقى اسمها؟
الثاني: أن الالتماس لا يعني معرفةُ عنيها عند تعريف الإمام النووي.
الثالث: قول النووي: (تحينوا) أي اطلبوا حينها وهو زمانها، أي أن زمن وجودها باقي لكن العلم بعينها رفع.
بهذا يتبين لك براءة النووي رحمه الله من القول بمقدمات هذه النظرية فضلاً عن القول بها، والله أعلم.
المسألة الثالثة:
تبرئة الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله من القول بهذه النظرية أو مقدماتها.
تبرئة الإمام ابن حجر رحمه الله أمر واضح يتبين لك أخي الكريم مما سبق الاستشهاد به من كلامه رحمه الله، وهنا أمور ننبه عليها:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/196)
الأمر الأول: قال ابن حجر رحمه الله في أقوال العلماء في تحديد ليلة القدر – وهذا مما سطره ونقله الأخ ممدوح في بحثه -: (الخامس والعشرون: أنها في أوتار العشر الأخير وعليه يدل حديث عائشة وغيرها في هذا الباب , وهو أرجح الأقوال).
قد يظن الباحث أن ابن حجر يوافقه في التنقل وفي الأوتار، لكن هذا سيتضح لك في الأمر الثاني.
الأمر الثاني: قال ابن حجر رحمه الله: {أروا بضم أوله على البناء للمجهول أي قيل لهم في المنام إنها في السبع الأواخر , والظاهر أن المراد به أواخر الشهر , وقيل المراد به السبع التي أولها ليلة الثاني والعشرين وآخرها ليلة الثامن والعشرين , فعلى الأول لا تدخل ليلة إحدى وعشرين ولا ثلاث وعشرين , وعلى الثاني تدخل الثانية فقط ولا تدخل ليلة التاسع والعشرين , وقد رواه المصنف في التعبير من طريق الزهري عن سالم عن أبيه " إن ناسا أروا ليلة القدر في السبع الأواخر , وإن ناسا أروا أنها في العشر الأواخر , فقال النبي صلى الله عليه وسلم: التمسوها في السبع الأواخر " وكأنه صلى الله عليه وسلم نظر إلى المتفق عليه من الروايتين فأمر به , وقد رواه أحمد عن ابن عيينة عن الزهري بلفظ " رأى رجل أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين أو كذا وكذا , فقال النبي صلى الله عليه وسلم: التمسوها في العشر البواقي في الوتر منها " ورواه أحمد من حديث علي مرفوعا " إن غلبتم فلا تغلبوا في السبع البواقي " ولمسلم عن جبلة بن سحيم عن ابن عمر بلفظ " من كان ملتمسها فليلتمسها في العشر الأواخر " ولمسلم من طريق عقبة بن حريث عن ابن عمر " التمسوها في العشر الأواخر , فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي " , وهذا السياق يرجح الاحتمال الأول من تفسير السبع.}
هنا يتبين لك أن ابن حجر يقول بأنه لا يمكن تحديد ذلك إلا بعد خروج الشهر فنعرف متى تكون الليلة التاسعة التي تبقى والخامسة وهكذا.
الأمر الثالث: قال ابن حجر: {قوله (باب رفع معرفة ليلة القدر لتلاحي الناس) أي بسبب تلاحي الناس , وقيد الرفع بمعرفة إشارة إلى أنها لم ترفع أصلا ورأسا. قال الزين بن المنير: يستفاد هذا التقييد من قوله " التمسوها " بعد إخبارهم بأنها رفعت , ومن كون أن وقوع التلاحي في تلك الليلة لا يستلزم وقوعه فيما بعد ذلك , ومن قوله " فعسى أن يكون خيرا " فإن وجه الخيرية من جهة أن خفاءها يستدعي قيام كل الشهر أو العشر بخلاف ما لو بقيت معرفة تعيينها}.
هنا ابن حجر يرجح خفاء عينها، وبالتالي لا يمكن أن يقول بجواز تسميتها.
بهذه الأمور يتبين لك سلامة ابن حجر من مقدمات هذا القول أو أن يدلي بمبادئه، والله أعلم
الباب الرابع:
(الإلزامات المستخرجة من هذه النظرية)
بيان بطلان هذه القاعدة والنظرية من خلال المسائل المبنيّة على هذه النظرية والتي يستلزم أن يقول ببطلانها الباحث عفا الله عنه.
المسألة الأولى: الخلل في نص حديث (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته).
المسألة الثانية: أنّ الصحابة رضوان الله عليهم كانوا على صيامٍ خاطئ في التوقيت.
المسألة الثالثة: أن المطالع لا تختلف، والعالم كله يكون له رؤية واحدة.
المسألة الأولى:
الخلل في نص حديث (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته).
هذا أمرٌ من النبي صلى الله عليه وسلم بأن نتراءى الهلال يوم التاسع والعشرين من شعبان، فإن رأيناه وإلا أكملنا عدة شعبان ثلاثين، كما هو تمام الحديث الذي في الصحيحين. وهذا الحديث عام في كل مقام وحال وكل سنة، لا نستثني من ذلك أي سنة. و بناءاً على النظرية التي أتى بها أخي ممدوح الجبرين فإننا لا نتراءى الهلال إذا كان يوم الخميس أو السبت من كل سنة هو التاسع والعشرون من شهر شعبان، لأن ذلك مفضي إلى أنه لا تكون ليلة القدر ليلة ثلاثاء في وتر العشر الأواخر. وإذا ترائينا فنحن مخطئون. كما قال بذلك هذا العام 1425هـ.
فالأمر لايخلو من حالين:
1 - إمّا أن نص الحديث فيه خلل في فهمه أو ألفاظه، وحاشا النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.
2 - أو أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم بهذه الحالة ولم يبينها لنا، وتأخير البيان لا يجوز عن وقت الحاجة.
وهذه المسألة من المستلزمات الباطلة المبنية على هذه النظرية التي هي أشد بطلاناً وخرقاً للقواعد الشرعية.
المسألة الثانية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/197)
أنّ الصحابة رضوان الله عليهم كانوا على صيامٍ خاطئ في التوقيت.
عن كريب أن أم الفضل بعثته إلى معاوية بالشام فقال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل علي رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس، ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية، فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت: ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم}. رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه
بناءاً على هذه النظرية والقاعدة يتبين لنا أن الصحابة كانوا على خطأ في صيامهم في الشام مع معاوية حيث رأوا الهلال ليلة الجمعة، هذا في هذا الحديث، ويقاس على ذلك في السنوات التي صاموها يوم الجمعة أو يوم أحد، ولم يأتنا تحديدها، لكن حديث كريب مثال عليها.
وتخطئتهم لا تكون إلا لسببين لا ثالث لهما:
1 - أنهم ليسوا على درجة من الفهم لنصوص السنة التي جاءت في ليلة القدر، وهذا باطل.
2 - أن عصرنا تفضل عليهم بهذه النظرية، فتبين لنا مالم يتبين لهم من خطأهم في التوقيت وهذا أشد بطلاناً.
وهذه المسألة من المستلزمات الباطلة المبنية على هذه النظرية التي هي أشد بطلاناً وخرقاً للقواعد الشرعية.
المسألة الثالثة:
أنَّ المطالع لا تختلف، والعالم كله يكون له رؤية واحدة
من الأمور التي تنبني على هذه المسألة ولا بد من القول بها هو أنَّ المطالع لا تختلف، والعالم كله يكون له رؤية واحدة، فالبلد المتأخر عن البلد الذي صام يوم الخميس يَرِدُ عليه أن يرى الهلال ليلة الجمعة فيصوم يوم الجمعة، إذا رأوا الهلال، وهنا نقول بخطأ هذا الاختلاف بناءاً على أن المطالع لا تختلف.
واختلاف المطالع مشاهد حساً وعقلاً، ولا ينكره إلا من أنكر الشيء المحسوس، وقد ثبت ذلك بالأدلة الشرعية، وإقرار علماء الفلك.
وهذه المسألة التي ذكرت من المستلزمات الباطلة المبنية على هذه النظرية التي هي أشد بطلاناً وخرقاً للقواعد الشرعية.
...
ختاماً أقول
بالرغم من أن النفس في وحشةٍ من هذه النظرية التي أتى بها الآخ الفاضل الصالح ممدوح بن متعب الجبرين، وبالرغم من أن العُلماء استنكروها، وبالرغم من كل التوجيه السابق والأدلة وأوجه الاستدلال التي ذكرتها وسبرتها وحررتها، وبالرغم من استنكار البعض من أن هذه النظرية فيها من الاتّكال والتقاعس وغيرها ممّا أتت الشريعة بخلافه ونبذه.
بالرغم من ذلك كله، أرجو ثم أرجو منك أخي الكريم، أن تقبل هذه الأسطر كنقاشٍ علمي صرف، وأن تبيّن ما فيه من خطأ إذا بدر ذلك، أو تراجع في ذلك أهل العلم من الجانبين الشرعي والفلكي، فالإنسان ألزم ما عليه نفسه، فلا نكون باباً يلجه الناس للنيل من الخير وأهله، واعلم أني لم أرد التشهير بك أو النيل منك والله يعلم ذلك.
واعلم ايضاً أن هذه الأسطر التي كتبتها قد لخصتها تلخيصاً سريعاً، ولولا ضيق الوقت - لا سيما ونحن في أوقاتٍ نفيسة - لأكملتُ وفصلتُ فيما أجملتُ واقتضبتُ.
واللهُ يحسن العاقبة لي ولك في الدنيا والآخرة، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
أخوك
حسان بن إبراهيم بن عبد الرحمن الرديعان
تم ذلك مساء الخميس 22/ 9/1425هـ
ـ[محمود بهلول]ــــــــ[29 - 09 - 06, 04:06 ص]ـ
جزاك الله خير على ماقدمته لنا من معلومات
بارك الله فيك اخي العزيز وجزاك الله الف خير
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[08 - 10 - 06, 12:18 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نرحب بك وحياك الله
ولانمانع في طرح الموضوع للنقاش بهدف الوصول للحق
وما دام أنك مستعد للنقاش مع المشايخ فحياك الله ووفقنا وإياك لما يحب ويرضى.
فليتك أولا تبدأ بالإجابة على الردود السابقة في الموضوع ومن ثم ننتقل لأمور أخرى.
ـ[ممدوح بن متعب الجبرين]ــــــــ[09 - 10 - 06, 12:33 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله ...
جزاك الله خيراً ياأخي المشرف، الحمد لله ان تكون عند حسن الظن فيك ...
هذا هو الكتاب - البحث، للتصفّح والقراءة او للتحميل ...
بعد قرائته والتمعّن بالأحاديث وقول شيخ الإسلام وقول ابن القيم
من شاء ان يقول قولاً مدللاً عليه بالدليل فهذا ما أنتظره لنصل بإذن الله الى توافق
كامل على أسس شرعية ...
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[09 - 10 - 06, 02:01 ص]ـ
المطلوب هو النقاش العلمي المفيد، بعيداً عن المراء والجدل المذموم.
ونحن ننتظر من الأخ ممدوح إقناعنا بالدليل القوي بدعواه، أو بدعته التي لم يُسبق إليها، وهو أن ليلة القدر لا تكون إلا في ليلة الثلاثاء، فهذا هو مناط النزاع، ولعله يقتصر عليه، وعند الامتحان يكرم المرء أو يهان.
وأما حشد النصوص التي لا تتعلق بمناط النزاع فهو تشتيت للموضوع.
وأنا أستغرب قوله (من شاء ان يقول قولاً مدللاً عليه بالدليل فهذا ما أنتظره لنصل بإذن الله الى توافق كامل على أسس شرعية)!!
سبحان الله!! كنا نظن أن البينة على المدّعي!!
يا أستاذ: نحن الذين ننتظر منك قولاً مدللاً عليه!!
وأما التوافق الكامل على أسس شرعية فعندما تأتي بنص واضح من الشرع بأن ليلة القدر لا تكون إلا ليلة الثلاثاء!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/198)
ـ[ممدوح بن متعب الجبرين]ــــــــ[10 - 10 - 06, 12:30 ص]ـ
السلام عليكم ...
اخي او اختي: خزانة الأدب،
تقول / تقولين:
سبحان الله!! كنا نظن أن البينة على المدّعي!!
يا أستاذ: نحن الذين ننتظر منك قولاً مدللاً عليه!!
تجد / تجدين بيّنتي في البحث المرفق بعاليه ...
ثم بالله عليك / عليكِ لا تقيس / تقيسين علم الدين وفقه الحديث على ما تعرفه / تعرفينه
وإن كان غير متماثلاً مع فهمك / فهمكِ يصير بالتالي: بدعه!
الأصل في المعرفه هو فقه اللغة النبوية فهي لا تحصر على فهم شخص ...
والاّ ماكان للدين ان يكون صالحاً لكل زمان ومكان ولأي شخص وفي اي مكان ...
فلو قلت لك ان توقيت ليلة القدر يكون في القطب الشمالي في وقت النهار!
وليس في (ليل) ...
كن / كوني على يقين من اني لا اريد الاّ الخير لي ولك / لكِ ولكل المسلمين،
فعلم كتاب الله عزّ وجل وعلم السنّة الشريفه لا تحصر بزمن ولا بمكان ولا بشخص ...
حتى أننا سنرى تأويل بعض آيات الله بعد ان نموت ويوم البعث ويوم الحشر ويوم الحساب ... وفيما بعد ...
فعجائبه ليست محصوره بالزمن ولا بمكان ولا بشخص ...
بارك الله في الجميع ووفقنا لمايرضيه ...
ـ[أهل الحديث]ــــــــ[10 - 10 - 06, 12:43 ص]ـ
الأخ ممدوح وفقه الله
نحن فتحنا الموضوع لتجيب على الردود التي ذكرها الإخوة بالأدلة
فالرجاء كتابة الرد وذكر الأدلة الخاصة التي تستدل بها على هذا الأمر بدون إحالة إلى الرسالة.
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[10 - 10 - 06, 02:19 ص]ـ
الأخ ممدوح
وعليكم السلام
أولا: أنا رجل!
ثانياً: جوابك كله خارج الموضوع، لأنني طلبت منك الاقتصار على مناط النزاع، وهو أن ليلة القدر لا تكون إلا في ليلة الثلاثاء.
وهذا أهون شيء عليك، إن كان لديك دليل أصلاً.
وأرجو أن تهجم على الموضوع بالإجابة الشافية المختصرة، من غير إحالة على رسالة أو كتاب!
كما أرجو عدم تشتيت الموضوع، بالكلام على قياسي وفهمي، وفقه اللغة النبوية، وصلاح الدين لكل زمان ومكان، وليلة القدر في القطب الشمالي، وإرادتك الخير لي ولك ولكل المسلمين، وعجائب قدرة الله التي لا تنتهي ... إلخ
كل هذه الاستطرادات خارج الموضوع، وعلى حساب المطلوب، بصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف معك عليها.
مناط النزاع: ما الدليل الشرعي الذي يجعلك تحدّد ليلة القدر بليلة الثلاثاء من كل عام، بحيث لا يدخل رمضان في الجمعة ولا الأحد؟ ونحن نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرشد أمّته إلى ما تريد إرشادنا إليه، وحاشاه أن يكتم عنا أمراً من الدين، فكيف خُصصت بهذه الفائدة العظيمة التي خفيت على الرسول والصحابة؟
وإن كان دليلك أنك مخصوص بعلم لدنّي فصرّح بذلك بارك الله فيك، بدلاً من هذه التلويحات الغامضة.
نحن بانتظار الجواب، هدانا الله وإياك إلى سواء السبيل
ـ[سعيد الحلبي]ــــــــ[10 - 10 - 06, 03:34 ص]ـ
[ QUOTE= ممدوح بن متعب الجبرين;486343] السلام عليكم ...
اخي او اختي: خزانة الأدب،
...
ثم بالله عليك / عليكِ لا تقيس / تقيسين علم الدين وفقه الحديث على ما تعرفه / تعرفينه
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حسبنا الياء الأولى سقط بنان
فإذا بالنون بعد ذلك تقول:
بل سبق تصدر
ـ[عبد]ــــــــ[10 - 10 - 06, 03:40 ص]ـ
... فرحوا بما عندهم من العلم
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[10 - 10 - 06, 05:11 ص]ـ
بصراحة \يا بن جبرين لم تأت بجواب قاطع الى الان
والى الان اراه امرا غيبيا واعذرني فهذا رأيي
ـ[ممدوح بن متعب الجبرين]ــــــــ[10 - 10 - 06, 11:49 ص]ـ
المشرف العزيز:
لا تهتم، سأجيب _ وربك _ على كل سؤال أعلم له جوابا، من غير ان ألتزم بوقت محدد ...
ولكن من الأفضل أن يكون السائل قد قرأ الكتاب لأن الكثير من الأسئله إجاباتها في الكتاب ...
وحتى لا يطول الطريق مابيننا وبين الغاية المنشوده ...
الأخ المشرف: آمل حذف هذه العبارة من قول خزينة، فهذا القول لا يليق بمسلم قوله ولا يليق بمن يتقي الله بقاءه ...
((ونحن نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرشد أمّته إلى ما تريد إرشادنا إليه، وحاشاه أن يكتم عنا أمراً من الدين، فكيف خُصصت بهذه الفائدة العظيمة التي خفيت على الرسول والصحابة؟)) ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/199)
اما هذه فلا استطيع ان أجاملك فقد كذبت على رسول بقولك (أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يرشد أمته الى ماتريد إرشادنا إليه) ... ويلٌ لك من أحمق ...
وليعلم المشرف والإخوة أن قولي له كذبت هو دفاعاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
وإن كان هو المشرف العام فلي الشرف ان تلغى عضويتي من أجل ان أدافع عن رسول الله عليه السلام ... ((وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ))
وكذبت أيضاً يا خزينة السوء بقولك المنكر والزور: (فكيف خُصصت بهذه الفائدة العظيمة التي خفيت على الرسول ... ) ... فهذه ليست من أدبيات المسلمين في مناقشاتهم ابداً ...
وكذبت اخيراً ايها المعتوه الأحمق: (فكيف خُصصت بهذه الفائدة العظيمة التي خفيت على الرسول والصحابة؟)
والى الأخ المشرف (الذي أرجو ان يفهم جُرم قول خزانة السو ء) والى الإخوة القرّاء بإستثناء خزانة السوء ...
ليلة القدر لم تُخفى على رسول الله صلى الله عليه وسلم بل كان يعلمها بنص الحديث الصحيح
والدليل:
روى البخاري في صحيحه قال: حدّثنا محمد ابن المثنى حدثنا خالد بن الحارث حدثنا حميد حدثنا أنس عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين فقال صلى الله عليه وسلم: (خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت وعسى ان يكون خيراً لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة).
قوله صلى الله عليه وسلم (خرجت لأخبركم)، فهو عليه السلام يريد ان يخبر بأمر يعلمه
اي انه كان يعرف إسم ليلة القدر وهذا مدار البحث.
كما روى إبن حبّان في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها أُبينت لي ليلة القدر وإنّي خرجت لأُثْبِتها لكم ... الحديث.
فإثباته صلى الله عليه وسلم لا يكون في تاريخ الليله لأنه صلى الله عليه وسلم قال: (تحرّوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان) صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها.
وروي احاديث متعدده يفهم منها ان ليلة القدر في الوتر ... فكيف يثبتها صلى الله عليه وسلم وهي متنقلة في ليالي الوتر؟، التثبيت هو لإسمها فإذا عُلم إسمها ثبتت ... والى يوم القيامه ...
مع انها تتنقّل في ليالي الوتر من العشر ...
فعلمه عليه السلام بتاريخها تكرر في أحاديث كثيره ومعرفة الصحابة رضي الله عنهم ومن حديث رسول الله عليه السلام عن ليلة القدر كانوا يعرفون تاريخها تحديداً في اي ليلة كانت من ليالي الوتر ...
ودليلي على هذا:
روى ابن خزيمة في صحيحه قال، حدثنا اسماعيل بن عليّه عن محمد بن اسحاق عن معاذ بن عبدالله بن خبيب عن اخيه فلان بن عبدالله بن خبيب قال، جلسنا مع عبدالله بن انيس في مجلس جهينه في هذا الشهرفقلنا:
يا ابا يحيى هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة المباركه؟ قال، نعم، جلسنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر هذا الشهر فقال له رجل، متى نلتمس هذه الليلة المباركه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلتمسوها هذه الليلة ثلاث وعشرين.
ومعرفة الصحابة رضي الله عنهم لتاريخها لم تكن مجهولة فهل يُتّهم الصحابي الجليل أبيّ بن كعب بمثل قول خزانة إن كان قوله رضي الله عنه: والله الذي لا اله الاّ هو إني أعلمها ...
وهذا في صحيح مسلم ...
أبو سعيد الخدري رضي الله عنه يقول ليلة إحدى وعشرين، البخاري و مسلم.
فقد عرف تاريخها رضي الله عنه وحدده بأنه ليلة إحدى وعشرين تحديدا ...
عبدالله بن أُنيس رضي الله عنه يقول إنها ليلة ثلاث وعشرين، رواه مسلم ...
فقد عرف تاريخها ايضا عبدالله بن أنيس رضي الله عنه ...
هل سيقال لهم كيف تعرفونها وتحددون ليلتها ...
وقول شيخ الإسلام بن تيمية عن إمكانية معرفة ليلة القدر:
وتكون في السبع الأواخر أكثر وقد يكشفها الله لبعض الناس في المنام أو اليقظة فيرى أنوارها أو يرى من يقول له هذه ليلة القدر، وقد يفتح الله على قلبه من المشاهدة ما يتبيّن به الأمر.
بصيغة أُخرى: لو جاء رجل الى شيخ الإسلام وقال له: إني أريت ان البارحة هي ليلة القدر ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/200)
فالأمر بحسب فتواه رحمه الله أمر ممكن ...... بل عادي ان يُخبر بليلة القدر ...
وهذا النووي رحمه الله يقول عن معرفة ليلة القدر:
واعلم ان ليلة القدر موجودة كما سبق بيانه في أول الباب فإنها تُرى ويتحققها من شاء الله تعالى من بني آدم كل سنه في رمضان كما تظاهرت عليه هذه الأحاديث السابقة في الباب، وإخبار الصالحين بها ورؤيتهم لها أكثر من ان تحصر.
إقرأ قول النووي، مرّه ومرّتين ... (فإنها ترى) و (إخبار الصالحين بها ورؤيتهم لها اكثر من ان تحصر) ... لا اله الاّ الله ... فإذا رأى فلان من المسلمين ليلة القدر وأخبر بها ... فإن الأمر ليس غريباً وليس هو أول من قال انه رأى ليلة القدر ... الأمر سهل ... و صحيح ... ممكن شرعاً ...
فهذه المعرفة هي من دلائل حديث رسول الله عليه السلام وليست الاّ هكذا، بل لن تكون ...
امّا عن معرفة إسم ليلة القدر، فأقول:
اولاً:
روى مسلم في صحيحه قال: وحدثني محمد بن عبدالاعلى، حدثنا المعتمر، حدثنا عمارة بن غزية الانصاري قال: سمعت محمد بن ابراهيم يحدث عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم إعتكف العشر الاول من رمضان ثم اعتكف العشرالاوسط في قبة تركيه على سدتها حصير قال فأخذ الحصير بيده فنحّاها في ناحية القبّه ثم أطلع رأسه فكلم الناس فدنوا منه فقال: إني إعتكفت العشر الاوَل التمس هذه الليله ثم اعتكفت العشر الاوسط ثم أّتيت فقيل لي إنها في العشر الأواخر فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف. فاعتكف الناس معه قال: وإني أّريتها ليلة وتر وإني أسجد صبيحتها في طين وماء.
فأصبح من ليلة إحدى وعشرين وقد قام الى الصبح فمطرت السماء فوكف المسجد فأبصرت الطين والماء، فخرج حين فرغ من صلاة الصبح وجبينه وروثة أنفه فيهما الطين والماء، واذا هي ليلة إحدى وعشرين من العشر الاواخر.
يكفينا هذا الحديث الصحيح لمعرفة متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم لليلة القدر
وهذا الحديث يوضّح ان المقصود ليس العبادة فقط في ليلة القدر إنما لمعرفتها تحديداً
فلو كان المقصد هو العبادة لكان صلى الله عليه وسلم تعبّد في كل الشهر ودلّنا على التعبّد من غير متابعة وتتبّع لليلة القدر و تحرّيها و إلتماسها، فهو رسول الله وهو قد أوتي جوامع الكلم وهو أفصح العرب لساناً وأكملهم بيانا ... فقد قال للحث على معرفة ليلة القدر
(تحرّوا) في حديث وفي حديث آخر (إلتمسوها) وفي حديث آخر (اطلبوها) وفي حديث آخر (تحيّنوا) وفي حديث آخر (إبتغوها) ... أكثر من ثمانية عشر حديثا ...
فحصر المقصود من هذه الأحاديث هو للعبادة فقط أمرٌ فيه نظر، فهو رسول الله نؤمن بأن مقصوده من العباده لا خلاف عليه ... الخلاف هو في حصر المعنى بالعباده، فمدلول فعل الأمر في الحديث:
إلتمسوها، اطلبوها، ابتغوها، تحيّنوها، تحرّوا ... كل هذه لا تفيد العباده على وجه التحديد ...
فالمتابعة لليلة القدر لمعرفتها هي مايفهم من: إلتمسوها، تحرّوا، اطلبوها ....
ففي لسان العرب، (إلتمسوها) الإلتماس هو الطلب و التلمّس هو التطلّب مرّة بعد أُخرى ...
فهل يفهم من التطلّب مرّة بعد أخرى العباده فقط؟ ام (البحث عن هذا المطلوب ومعرفته)؟ ...
وفي لسان العرب، (اطلبوها)، الطلب هو محاولة وجدان الشيء وأخذه ... فهل المعنى من اطلبوها ينحصر معناه في العبادة فقط؟ ام البحث عن الشيء و تحصيله وأخذه ...
وهكذا يتضح ان حصر المعنى في الحديث الشريف ان مقصوده العباده فقط، هو لاشك تحجير للواسع وغلق لباب من الخير ماكان ولله الحمد مغلقاً عند كثير من العلماء ...
قد ثبت شرعاً بالحديث الصحيح و المتفق عليه ان رجالاً من صحابة رسول الله صلى الله عليه
وسلم قد عرفوا ليلة القدر ... فمنهم من حددها بليلة 21 و منهم من حددها بليلة 23 ومنهم من حددها بليلة 27 في سنوات مختلفه ...
فهي تنتقل في الأوتار ... في الأوتار فقط ...
ثانياً:
وليلة القدر في كتاب الله الكريم نجد ان الله عزّ وجل حدّدها ووصفها بأنها ليلة ...
ومدلول ليله هي ذات إسم واحد فلا يمكن ان تكون بإسمين مختلفين وتُسمّى: ليله ...
كذلك يثبت ان إسمها واحد لا يتغير هو أنها الليلة التي أنزل فيها القرآن وهذا واضح ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/201)
فلا يمكن أن ينزّل القرآن وللمرّة الأولى في ليلتين مختلفتين بالإسم!!
فلا يمكن ان ينزّل القرآن ولأول مرّه في ليلة الثلاثاء وفي ليلة الأربعاء او الخميس او الأحد ...
عندما أنزل الله عزّوجل القرآن على قلب رسول الله عليه السلام أول مرّة ... كانت هذه الليلة هي ليلة القدر وكان لها إسم وهذا الإسم سيبقى ثابتاً الى يوم القيامه ... لا يتغيّر ...
فليلة القدر تنتقل في ليالي الوتر ...
وليلة القدر ذات إسم واحد ...
ولمعرفة إسم ليلة القدر تحديداً يهدينا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليها:
قال الإمام مسلم في صحيحه:
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، كِلاَهُمَا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ ابْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ،عَنْ عَبْدَةَ، وَعَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، سَمِعَا زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ، يَقُولُ سَأَلْتُ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ رضى الله عنه فَقُلْتُ إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ مَنْ يَقُمِ الْحَوْلَ يُصِبْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ. فَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَرَادَ أَنْ لاَ يَتَّكِلَ النَّاسُ أَمَا إِنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ وَأَنَّهَا فِي ْعَشْرِ الأَوَاخِرِ وَأَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ. ثُمَّ حَلَفَ لاَ يَسْتَثْنِي أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ فَقُلْتُ بِأَىِّ شَىْءٍ تَقُولُ ذَلِكَ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ قَالَ بِالْعَلاَمَةِ أَوْ بِالآيَةِ الَّتِي أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
(أَنَّهَا تَطْلُعُ يَوْمَئِذٍ لاَ شُعَاعَ لَهاَ).
ففي الوتر من العشر الأواخر (على صحة دخول الشهر) ... ولنقل إجمالاً أنه في العشر الأواخر
هناك صبيحة تطلع فيها الشمس لا شعاع لها، ومن راقب طلوع الشمس في العشر الاواخر سيرى (قطعاً) تلك الصبيحة ... سيراها بعينيه رؤية واضحة مميزةً عن غيرها وسيعرفها ...
وبمعرفة تلك الصبيحة سيعرف إسمها ...
وفي هذا الشهر الكريم ليلة القدر هي ليلة الثلاثاء 25 رمضان على تحديد الصيام بيوم السبت ...
كالسعودية مثلاً ... ولن يتغير إسمها ستبقى ليلة الثلاثاء الى آخر الزمان ...
هذا بإختصار ما اردت قوله ...
فمعرفة ليلة القدر ليست خارجة عن معرفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تكن معرفتها الاّ بفضل الله عزّ وجل ثم بهداية من أرسله الله رحمة للعالمين عليه وعلى آله الصلاة والسلام ...
ومن أراد ان يرى آية حيّة من آيات الله عزّ وجل لا زالت طريّة بها كلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم فلينظر الى طلوع الشمس صبيحة الإثنين 24 رمضان و صبيحة الثلاثاء 25 رمضان في توقيت واحد ...
(اول اثنين و ثلاثاء من العشر) ...
بقي أمران في غاية الدقّة والأهميّة وهما:
الأول:
لماذا لم يرد الينا خبر من صحابة رسول الله عن تحديد إسم ليلة القدر؟
الثاني:
سئل صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الإثنين فقال:
" ذاك يوم ولدت فيه. ويوم بعثت (أو أنزل علي فيه) "
ـ[ممدوح بن متعب الجبرين]ــــــــ[10 - 10 - 06, 11:52 ص]ـ
الأخ سعيد الحلبي:
زادك الله علماً الى علمك ...
لست على قدر كاف من معرفة اللغة حتى أني لا اخطيء ... بل أخطيء ...
شكراً لك ...
ـ[ممدوح بن متعب الجبرين]ــــــــ[10 - 10 - 06, 11:55 ص]ـ
عبد: وبذلك فليفرحوا ...
ـ[زكريا أبو مسلم]ــــــــ[10 - 10 - 06, 12:02 م]ـ
السّلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته ..
الظّاهر أنّ الأخ الباحث ليس له دليل سوى ما ظنّ أنّه استقراء في الخمس سنوات, وهو لا ينهض استقراءً فضلاً عن أن ينهض استدلالاً, وحتّى لو سلّم له بكون ما ذكره فرضيّة, فإنّها لا تزال تحتاج إلى دليل.
واستقراء خمس سنوات إلى 1420 سنة مضت (ويزيد) وإلى ما لا يعلمه إلاّ اللّه من مستقبل هو استقراء مخالف لما تعارف عليه عن أهل الأصول وأهل العقول!
فنسبة 5 إلى 1400 على الأقلّ هي 0.0035! , أي تقريبًا 3 في الألف!!! وهي نسبة هزيلة جدًّا (إحصائيًّا) ليتحقّق فيها كلام.
وعند أهل الإحصاء أحيانًا يربو الاستقراء إلى أكثر من ستّين فلا يمكن اعتبار الفرضيّة قائمة ولو على أساس ظنّيّ جدليّ.
ـ[ممدوح بن متعب الجبرين]ــــــــ[10 - 10 - 06, 12:08 م]ـ
معذور أيها العزيز ... تفكّر في هذا الحديث يا احمد ... لثواني فقط،
إقرأ بالله عليك:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت، يارسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال (صلى الله عليه وسلم) قولي: اللّهم إنك عفوٌ تحبُ العفو فأعفُ عني.
رواه الخمسة غير أبي داود وصححه الترمذي والحاكم، وقال عنه الشيخ الألباني في تحقيقه للمشكاة: إسناده صحيح.
يا احمد الشمري: هل هذه الإجابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم
أعلم خلق الله في دين الله توحي بأن العلم بليلة القدر هو من علم الغيب؟
ثم لو كانت من علم الغيب هل تكون الإجابة هكذا؟
شكراً لك ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/202)
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[10 - 10 - 06, 12:42 م]ـ
والله اني احبك وتعرف لماذا
لاكن يأخي تدبر كلام عائشة رضي الله عنهاوهي تقول (أرأيت) فهي لم تجزم
وانظر الى رد الرسول علية الصلاة والسلام هل فيه تحديد الى ليلة معينة لا،وانما اخبر بأشارات او علامات لهذه الليلة
والله اعلم
ـ[ممدوح بن متعب الجبرين]ــــــــ[10 - 10 - 06, 12:46 م]ـ
زكريا أبو مسلم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
هناك فرق كبير بين ان تكون وسائل الإستقراء من رسول الله صلى الله عليه وسلم
وبين ان تكون مجموعة من قصاصات الصحف ومراكز الإستفتاء ...
فعندما يقول صلى الله عليه وسلم ان الشمس تطلع صبيحة ليلة القدر (لا شعاع لها) ...
وعندما تراقب كل ليالي الوتر في العشر الأواخر وترى ان الشمس لا تطلع بالصفة التي وصفها
رسول الله عليه السلام الاّ صبيحة الثلاثاء وخلال ثماني سنوات فإن هذا لا يوصف بالإستقراء
ولا يحاصر بنسبة ...
هذا حق ... فالنسبة لا تعمل في قياس الحق، فهو حق ...
و لا أملك الاّ ان أخبرك الآن بليلة القدر دليلاً على كسر حاجز النسبة
ولتؤمن ان القضية أكبر من ممدوح الجبرين وأكبر من البشر ... كل البشر، فهو رسول الله ...
فهذا العلم ليس قول البشر بل هو قول نبي رسول ...
وانا أثق في أنك تدرك مدلول اللغة ...
هاهي ليلة القدر آتية ولله الحمد واسأل الله أن يبلّغنا ليلة القدر ...
يا اخي الفاضل:
عندما ترى ليلة القدر او ترى صبيحتها فتعلمها تتغير فيك أشياء و أشياء
حتى الفكر و مجالات التفكّر ترتقي الى عالم مدهش ...
وعلى اي حال انا على يقين بأن الله عزّ وجل سيهيء لهذا الدين رجال ...
ومن أهم صفاتهم (كما افهم) أنهم لا يستخدمون عقولهم كما يستخدمون
أرفف المكتبات ترصّ فيها الكتب فلا الكتب تعرف المكتبات ولا الرفوف تعرف الكتب!!
ومع ذلك لا يزال الرصّ والتنضيد والحشو مستمرا!
هذا لا يثمر التقوى والإحسان والإيمان والحب في الله ...
يثمر مجموعة مشوهة من المعوّقين فكرياً ... وهم دائما مايضعون العربة امام الحصان ...
فأنظر _ يرحمك الله _ ماموقعنا في ميدان سباق الأمم؟
لتعرف حقيقة اننا لا زلنا نقيس كلام رسول الله بمقياس كلام البشر ...
وإننا نتعامل بتقييم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بنسبة مؤية!!
مع تقديري ...
ـ[احمد الشمري]ــــــــ[10 - 10 - 06, 01:14 م]ـ
هون عليك
الثلاثاء قريب بأذن الله
ـ[عبد]ــــــــ[10 - 10 - 06, 03:10 م]ـ
عبد: وبذلك فليفرحوا ...
... إن الله لا يحب الفرحين.
ـ[ممدوح بن متعب الجبرين]ــــــــ[10 - 10 - 06, 08:28 م]ـ
(قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) يونس58
الفرح هنا هو بما جاء من الله العزيز الحكيم بالإسلام والهدى ... (وعلم اللغة هو بلا شك أساس لفقه الدين ومعاني التنزيل) ...
(إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) القصص76
الفرح هنا فرحٌ بالمال وشهوة الدنيا والبطر ...
عبد: أيها الأخ العزيز بالله ... جعلنا الله وإياك من عباده المتّقين الذين يفرحون لله ويحزنون لله ويحبّون لله ويبغضون لله ...
ـ[ممدوح بن متعب الجبرين]ــــــــ[10 - 10 - 06, 08:41 م]ـ
والله اني احبك وتعرف لماذا
لاكن يأخي تدبر كلام عائشة رضي الله عنهاوهي تقول (أرأيت) فهي لم تجزم
وانظر الى رد الرسول علية الصلاة والسلام هل فيه تحديد الى ليلة معينة لا،وانما اخبر بأشارات او علامات لهذه الليلة
والله اعلم
قد فعلت، وتدبّرت، فقولها رضي الله عنها هو (إن علمت اي ليلة ليلة القدر ... ) ...
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم هو موافقتها بأنها (قد) تعلمها ...
فلم ينكر عليها إمكانية المعرفة، ولو ان ليلة القدر ومعرفتها من علم الغيب لقال لها غير هذا ...
فقوله عليه السلام (قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فأعف عني) ...
هو تأكيد على إمكانية معرفة ام المؤمنين لليلة القدر، فكأن الصيغة تقول:
إذا علمتي بليلة القدر فقولي فيها (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني) ...
واستشهدت به لإقرار الرسول لعائشة إمكانية معرفة ليلة القدر ...
أترى لو كان علمها من علم الغيب هل كان رسول الله عليه السلام سيقول ماقال؟
أجيب بـ (لا لن تكون إجابته بما قد اجاب به) ...
والأمر أسهل من ان نختلف عليه يا احمد ...
تقبل الله منك صالح الأعمال وغفر لك ولوالديك ...
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[10 - 10 - 06, 11:25 م]ـ
أراك خرجت عن طورك وقذفت بمكنون صدرك، لمجرد أنني أطالبك بالدليل الواضح المختصر المفيد!!
والشتائم التي سطرتها في هذه الليالي الفاضلة كُتبت في سجلّ أعمالك، وحسبي الله عليك، لا جواب عليها إلا هذا
والمهم هو جوهر الموضوع: فإن حَيْدَتُك عن الجواب أظهرت للجميع أنه لا يوجد عندك جواب أصلاً
وأما قولي (نحن نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرشد أمّته إلى ما تريد إرشادنا إليه) فهو مما يعلم بالضرورة، لأنك تدعي أن ليلة القدر لا تكون إلا ليلة الثلاثاء، وأي طالب ابتدائي يعلم أنها في العشر الأواخر، وتتأكد في الأوتار وفي ليلة سبع وعشرين، ولم يقل أحد غيرك، منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم، بأنها في ليلة الثلاثاء.
هدانا الله وإياك إلى سواء السبيل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/203)
ـ[أبو تميم المصري]ــــــــ[11 - 10 - 06, 12:50 ص]ـ
... وليعلم المشرف والإخوة أن قولي له كذبت هو دفاعاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
ولتعلم انت ايضا اننا لا نشك لحظة واحدة في ان الأخ خزانة الأدب زاده الله ادباً ورفعة من المدافعين عن سنة نبي الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
وليس بمجرد فهمك الخاطيء لكلامه يكون من المحاربين للرسول صلى الله عليه وسلم ..
الأخ المشرف: آمل حذف هذه العبارة من قول خزينة، فهذا القول لا يليق بمسلم قوله ولا يليق بمن يتقي الله بقاءه ...
اما هذه فلا استطيع ان أجاملك فقد كذبت على رسول بقولك (أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يرشد أمته الى ماتريد إرشادنا إليه) ... ويلٌ لك من أحمق ...
وكذبت أيضاً يا خزينة السوء بقولك المنكر والزور: (فكيف خُصصت بهذه الفائدة العظيمة التي خفيت على الرسول ... ) ... فهذه ليست من أدبيات المسلمين في مناقشاتهم ابداً ...
وكذبت اخيراً ايها المعتوه الأحمق: (فكيف خُصصت بهذه الفائدة العظيمة التي خفيت على الرسول والصحابة؟).
ثم لما هذه البذائة في كلامك لأخينا (حفظه الله) ما طلب إلا الدليل ... ءأنت فقط المنافح والمدافع عن رسول الله وهذا الملعون خزينة (كما ذكرت) وغيره ممن يحاورنك يكذبون على رسول الله .. اراه الغرور وحتى وإن كان الدليل واضحاً في عقلك انت وخافياً على عباد الله الحمقى ... فلا تلزم كل من يقرأ هذا الذي كتبته ان يكون قرآناً. وإن من لم يفهم ما سطرته (من جبال ووديان وتكلف) معتوه وابله ..
اوتريد ان يقول لك من يحاورك قبل بداية كلامه إني احبك حتى تحترمه وتدعو له ولوالديه!!
والى الأخ المشرف (الذي أرجو ان يفهم جُرم قول خزانة السو ء) والى الإخوة القرّاء بإستثناء خزانة السوء ...
واحيطك علما انني من القراء الذين ذكرتهم وانا متفهم جدا لأخينا خزانة الادب حفظه الله ولك ...
ولتعلم أني ما كنت لاكتب في مثل تلك المواضيع لولا ما هالني من إتهامك الفاحش لأخينا رعاه الله وحفظه بكذبه على الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وإهاناتك التي تدل على ... طلبك للعلم وبحثك الفريد
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[11 - 10 - 06, 02:04 ص]ـ
هداكم الله
ماهذا نحن طلاب علم، وفي شهر رمضان
لعل المشرف يقفل النقاش حفاظا على حسناتنا
ـ[ممدوح بن متعب الجبرين]ــــــــ[11 - 10 - 06, 02:08 ص]ـ
الحمد لله، انا لم العن أحداً، ومن اراد ان يلعن احداً بطريقة خبيثه ويمرّره على لساني
فليس لي من سلطان عليه وإثمه عليه هو ...
فما قلته لخزانة موجود وليس فيه _ والله _ لعن ...
ثم ان الدليل لم يطلب بطريقة الحوار بين المسلمين، ابداً والاّ سبق ان قلت انني أقف عند الدليل ...
الذي يغضب اي مسلم هو هذا القول:
((ونحن نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرشد أمّته إلى ما تريد إرشادنا إليه، وحاشاه أن يكتم عنا أمراً من الدين، فكيف خُصصت بهذه الفائدة العظيمة التي خفيت على الرسول والصحابة؟)) ...
فهذا إتهام صريح بالكفر ... وبأكثر من إشارة:
الأولى: يتهمني بأنني (أريد) ان ارشد الى مالم يرشدنا اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
ومن قال أنه سيأتي بأمر من الدين خير مما جاء به رسول الله صلى الله عليه ولم فهو كافر ...
الثانيه:إتهامه لي بأنني (أريد) ان أبيّن أمراً رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كتمه عن أمته!
فكيف لا يغضب من في قلبه مثقال ذرّة من الإيمان وهو يسمع من يتهمه بهذا الكفر؟
الثالثه: يتهمني بأنني (اقول) انني خُصّصت بفائدة عظيمة خفيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وخفيت على الصحابة رضي الله عنهم ...
اليس إتهاماً بالكفر؟
ثم تريدني ان لا اغضب؟
اي أرض تقلّني واي سماء تظلني إن وافقته على ماقال؟
انا لله وإنا اليه راجعون ...
ـ[زيد الزعيبر]ــــــــ[11 - 10 - 06, 02:56 ص]ـ
أين مشايخنا الفضلاء حفظهم الله حتى يناقشوا الأخ في هذا الأمر
ويكون بأدب واحترام حتى ولو كنا على علم يقيني مخالف لما ذكر أخينا متعب.
ـ[أحمد المحيل]ــــــــ[11 - 10 - 06, 04:09 ص]ـ
محكمة حائل تقضي بحبس الجبرين شهراً بعد أن ادعى معرفته بليلة القدر
http://www.alwatan.com.sa/daily/2006-03-29/first_page/first_page02.htm
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/204)
محكمة حائل تقضي بحبس الجبرين شهراً بعد أن ادعى معرفته بليلة القدر
ممدوح الجبرين
الرياض: سمر المقرن
حكمت المحكمة المستعجلة بحائل أول من أمس على الباحث الإسلامي ممدوح الجبرين بالسجن لمدة شهر بعد أن رد على أحد المشايخ الذي اتهمه بالكذب والافتراء بما جاء به في كتاب "معرفة ليلة القدر"، وكان رده بأن الكاذب والمفتري هو من لا يرد عليه بالدليل كما أنه لم يقابله أو يسائله، وبعد عام مضى على التحقيق وخضوع الجبرين أمام القاضي 3 مرات حيث سأله القاضي عن ولائه لوطنه وإيمانه وتصديقه لفتاوى علماء البلاد فأجابه الجبرين بالإيجاب فأطلقه القاضي - على حد قوله - إلا أن محكمة التمييز أعادت القضية مرة أخرى حتى تم النطق بالحكم.
وتحدث الجبرين لـ "الوطن " عن بداية تفكيره بهذه الليلة وقال: راقبت ليلة القدر لمدة 7 سنوات فوجدت أن الشمس تطلع في يوم من العشرة الأواخر من شهر رمضان لا شعاع لها تماما كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح عن أبي بن كعب سأله زر بن حبيش رضي الله عنهما قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إنها تطلع لا شعاع لها" يقصد الشمس.
وأضاف: راقبتها حتى تيقنت أن هذا حق لا لبس فيه وخلال هذه الفترة أجريت بحثاً موسعاً في كتاب " معرفة ليلة القدر " وسُئل أحد المشايخ في قناة فضائية عن بحثي فرد " من يقول هذا الكلام فهو كاذب مفتر على الله ويقول بغير علم " فما كان مني إلا الرد عليه بضرورة تكذيبي بالأدلة الشرعية وإلا فإن إطلاق التهم هكذا جزافا فهو أمر لا يقره المنطق مؤكداً أنه بعد رده هذا تم استدعاؤه من إحدى الجهات.
ثم بدأت إجراءات القضية التي وصفها بأنها (بلا خصم) حيث إنه لم ير أو يقابل أو يعرف خصمه حتى الآن.
ويتضمن الكتاب بحثاً في دلائل ليلة القدر وفي نتائج معرفة هذه الدلائل وصاحب البحث فترة التأمل، وقال "إن ليلة القدر تتنقل من عام لآخر وهناك من الصحابة من حلف بأنه رآها" كما في مسند الإمام أحمد عندما جاء رجل للرسول صلى الله عليه وسلم يقول (يا رسول الله إني شيخ عليل يشق علي أن أقوم فأمرني بليلة لعلي أوافق فيها ليلة القدر؟ فقال الرسول: الليلة)
وأضاف الجبرين: أن من يقول بأن علم ليلة القدر علم من الغيب فهو مخطئ والدليل عندما سألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة القدر ماذا أقول فيها، فرد عليها: قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عني. وأبرز الجبرين في كتابه أن أحد أهم نتائج معرفة ليلة القدر هو توحيد الصيام في العالم الإسلامي واختفاء مشكلة تعدد واختلاف أيام الصيام والفطر.
ـ[أبو تميم المصري]ــــــــ[11 - 10 - 06, 04:27 ص]ـ
محكمة حائل تقضي بحبس الجبرين شهراً بعد أن ادعى معرفته بليلة القدر
http://www.alwatan.com.sa/daily/2006-03-29/first_page/first_page02.htm
محكمة حائل تقضي بحبس الجبرين شهراً بعد أن ادعى معرفته بليلة القدر
.
لا حول ولا قوة إلا بالله ...
اعتقد انه آن الأوان لإعادة غلق الموضوع .....
ـ[راشد عبدالله القحطاني]ــــــــ[11 - 10 - 06, 04:48 ص]ـ
الأخ: ممدوح ..
أرجو: انتقاء ألفاظك في ردودك ..
أرجو مراحعة ما كتبته للأخ: خزانة الأدب ..
فنحن هنا في مجلس علم ... ادفع بالتي هي أحسن ..
ـ[أبو تميم المصري]ــــــــ[11 - 10 - 06, 05:03 ص]ـ
الحمد لله، انا لم العن أحداً، [ COLOR="Red"] ومن اراد ان يلعن احداً بطريقة خبيثه ويمرّره على لساني فليس لي من سلطان عليه وإثمه عليه هو ...
هداك الله يا بن متعب ...
ـ[ممدوح بن متعب الجبرين]ــــــــ[11 - 10 - 06, 05:56 ص]ـ
ولا زلت اقول ان من يقول ان العلم بليلة القدر هو من علم الغيب هو مخطيء ...
وانه لا يملك اي دليل على قوله .... لا من الكتاب العزيز ولا من الحديث الشريف ولا من قول السلف الصالح ...
الأخ نبيه، جزاك الله خيرا على اي حال،
------------
ـ[زكريا أبو مسلم]ــــــــ[11 - 10 - 06, 06:36 ص]ـ
السّلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.
الأخ الفاضل ممدوح وفّقه اللّه ورعاه,
أنا تكلّمت عن الاستقراء بعينه ولم أتكلّم عن وسائله, الاستقراء من حيث أنّه مراقبة الشّمس في اليوم الموالي لمدّة سبع سنوات في مقابل كمّ هائل من سنوات! وللمعترض أن يقول أنّ ما حدث في السّبع سنوات من اتّفاق كونها ليلة الثّلاثاء هو مجرّد "صدفة", وليس هو من قبيل المستحيلات ولا الخوارق .. فتأمّل.
والذي ظهر لي أنّ الأخ ممدوح أوتي من قبل سوء فهمه لمسألة بسيطة جدًّا
وهو معنى الالتماس والتّحرّي
ولو راجع الأخ هذا المعنى وتأمّل فيه تبيّن له الكثير من الأمور.
فأمّا معنى التّحرّي والالتماس فإنّه فهمه على أنّه البحث والتّنقيب لا القيام والإحياء بالعبادة والتّهجّد, فتأمّل!
ـ[ممدوح بن متعب الجبرين]ــــــــ[11 - 10 - 06, 04:28 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله ...
بارك الله فيك ونفعنا بعلمك يا اخي،
انا قلت ان حصر معنى الإلتماس والتحرّي والطلب والتحيّن ... في مفهوم العبادة فقط فيه نظر ...
فقل لنا غفرالله لك مامعنى الإلتماس والتحرّي والطلب والتحيّن ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/205)
ـ[ممدوح بن متعب الجبرين]ــــــــ[12 - 10 - 06, 01:57 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله ...
أهل الحديث هم أولى الناس بفقه حديث رسول رب العالمين عليه الصلاة والسلام
وهم أقرب الناس لدلالات لغة الحديث الشريف ...
فهم بالتالي أولى الناس بفهم الحديث وأقدر الناس على الإستنباط القويم ...
فإشتراط وجود (نص) للتدليل هو شرط (مكابره، ليس الاّ) ...
فهذه كتب الفقه بين أيدينا (ولله الحمد على نعمه) تحوي كثير من الفتاوى
ليس فيها (نص) بل فيها إستنباط من النص ...
والإستنباط هو أصل من أصول علم الدين وليس رأي ...
والدليل (مع ان هذه المسألة بغنى عن اي دليل لوضوحها الكامل) ...
قَالَ الْبُخَارِيّ حَدَّثَنَا مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَة عَنْ أَبِي بِشْر عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ عُمَر يُدْخِلنِي مَعَ أَشْيَاخ بَدْر فَكَأَنَّ بَعْضهمْ وَجَدَ فِي نَفْسه فَقَالَ لِمَ يَدْخُل هَذَا مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاء مِثْله؟ فَقَالَ عُمَر إِنَّهُ مِمَّنْ قَدْ عَلِمْتُمْ فَدَعَاهُمْ ذَات يَوْم فَأَدْخَلَنِي مَعَهُمْ فَمَا رَأَيْت أَنَّهُ دَعَانِي فِيهِمْ يَوْمئِذٍ إِلَّا لِيُرِيَهُمْ فَقَالَ مَا تَقُولُونَ فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " إِذَا جَاءَ نَصْر اللَّه وَالْفَتْح "؟ فَقَالَ بَعْضهمْ أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَد اللَّه وَنَسْتَغْفِرهُ إِذَا نَصَرَنَا وَفَتَحَ عَلَيْنَا وَسَكَتَ بَعْضهمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَقَالَ لِي أَكَذَلِكَ تَقُول يَا اِبْن عَبَّاس؟ فَقُلْت لَا فَقَالَ مَا تَقُول؟ فَقُلْت هُوَ أَجَل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ لَهُ قَالَ " إِذَا جَاءَ نَصْر اللَّه وَالْفَتْح " فَذَلِكَ عَلَامَة أَجَلك قَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب لَا أَعْلَم مِنْهَا إِلَّا مَا تَقُول تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيّ.
والشاهد هنا (فَقَالَ بَعْضهمْ أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَد اللَّه وَنَسْتَغْفِرهُ إِذَا نَصَرَنَا وَفَتَحَ عَلَيْنَا)
فهو فقههم رضي الله عنهم وارضاهم والحقنا بالفاروق ...
الاّ ان الفقه الصحيح هو ما وافق عليه الفاروق لقول ابن عباس رضي الله عنهم
وهو: (هُوَ أَجَل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ لَهُ قَالَ " إِذَا جَاءَ نَصْر اللَّه وَالْفَتْح " فَذَلِكَ عَلَامَة أَجَلك) ...
مع ان قوله رضي الله عنه ليس عليه (نص) ... وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء ...
وتعطيل (الاستنباط) بالمطالبه بـ (نص) ... هو تعسّف إعتباطي ليس فيه وجه حق ...
والأصل هو متابعة الإستنباط وتخطئته (إن كان خطأً) بأدوات علميّه وليس بالتعسّف ...
واسأل الله عزّ وجل ان يوفق الجميع وان يغفر لنا وان يرحمنا ...
ولازلت _ يا إخواني _ ملتزماً بالرجوع عن هذا الأمر عهداً قاطعاً إن جاء أحد منكم
ياأهل الحديث و يا أتباع رسول الله عليه السلام بدليل واحد (وهو والله كثير)
ينص او يستنبط منه او يدلل به او يفهم منه، ان العلم بليلة القدر من علم الغيب
وستجدوني بإذن الله من الذين يضعون أنوفهم بالتراب طاعة لله عزّ وجل ...
ولكن دعوا عنكم آرائكم و إحتمالاتكم وظنونكم إن كانت بلا دليل ...
قال بن حجر العسقلاني في فتح الباري شرح صحيح البخاري مانصّه:
لقد اختلف العلماء في ليلة القدر اختلافاً كثيرا. وتحصّل لنا من مذاهبهم في ذلك أكثر من أربعين قولا ... (وأوردها كاملة ... )
فهؤلاء العلماء ومنهم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عن أصحابه يقولون قولاً يحددون فيه ليلة القدر، فهل كل هؤلاء يُظن فيهم أنهم كانوا يقولون في علم ٍ هو من علم الغيب؟
ستقولون ... انهم يُحدِّدون تاريخها في العشر، 21، او 23، او 25، او 27 ...
وأوافقكم على قولكم لصحّته ...
ولكن لو كان المفهوم عندهم من الحديث الشريف هو العبادة فقط فلماذا يبحثون عنها؟
لماذا لا يتعبّدون في العشر الأواخر جميعها؟ وينتهي الأمر ...
ثم:
في صحيح مسلم عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: رأى رجلٌ ان ليلة القدر ليلة سبع وعشرين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أرى رؤياكم في العشر الأواخر فاطلبوها في الوتر منها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/206)
(في الوتر منها)، هل تحديد الوتر يفهم منه العبادة ام يفهم منه معرفتها تحديداً؟
ثم:
النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم قال: قوله صلى الله عليه وسلم (تحيّنوا ليلة القدر)، أي اطلبوا حينها وهو زمانها.
وهل نعرف زمانها دون ان نعرف إسمها؟ وهل نعرف انها ليلة (27) مثلاً وتكون هذه الليلة بلا إسم؟ ثم إن عرفنا انها ليلة (27) ... أليس لهذه الليلة من إسم؟
ثم:
قوله صلى الله عليه وسلم: (فمن كان متحرّيها فليتحرّها في السبع الأواخر) صحيح البخاري عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما.
قوله صلى الله عليه وسلم: (فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر) صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
قوله صلى الله عليه وسلم: (تحرّوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر) صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها.
قوله صلى الله عليه وسلم: (التمسوا ليلة القدر في الوتر من العشرالأواخر) صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها.
قوله صلى الله عليه وسلم: (التمسوها في العشر الأواخر) صحيح البخاري عن إبن عباس رضي الله عنهما.
قوله صلى الله عليه وسلم: (فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة) صحيح البخاري عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
قوله صلى الله عليه وسلم: (فأبتغوها في العشر الأواخر وأبتغوها في كل وتر) صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
قوله صلى الله عليه وسلم: (فالتمسوها في العشر الغوابر) صحيح ابن حبّان عن أبي هريرة رضي الله عنه.
قوله صلى الله عليه وسلم: (فالتمسوها في العشر الأواخر) صحيح ابن حبّان عن أبي هريرة رضي الله عنه.
قوله صلى الله عليه وسلم: (تحرّوا ليلة القدر في السبع الأواخر) صحيح مسلم عن إبن عمر رضي الله عنهما.
قوله صلى الله عليه وسلم: (فاطلبوها في الوتر منه) صحيح مسلم عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما.
قوله صلى الله عليه وسلم: (فالتمسوها في العشر الغوابر) صحيح مسلم عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما.
قوله صلى الله عليه وسلم: (فالتمسوها في العشر الغوابر) صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
قوله صلى الله عليه وسلم: (تحينّوا ليلة القدر ... ) صحيح مسلم عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما.
قوله صلى الله عليه وسلم: (إلتمسوها في العشر الأواخر) صحيح ابن خزيمة عن أبي بكرة رضي الله عنه.
قوله صلى الله عليه وسلم: (إلتمسوها الليله) صحيح ابن خزيمة عن أبي هريرة رضي الله عنه.
قوله صلى الله عليه وسلم: (إلتمسوها في العشر الأواخر) صحيح ابن خزيمة عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما.
قوله صلى الله عليه وسلم: (إلتمسوها هذه الليله ثلاث وعشرين) صحيح ابن خزيمة عن عبدالله بن أُنيس رضي الله عنه.
كل هذا الأمر وكل هذا التحفيز وكل هذا القول من رسول الله عليه الصلاة والسلام هو حتى نتعبّد فيها فقط؟ ... هل يفهم من كل هذه الأوامر الشريفة الكريمة ان المطلوب هو فقط العباده ...
الا يجوز لنا ان نحتمل (وهذا حق ليس لنقضه من دليل) ان المطلوب هو مع العباده ان نعرفها أيضا؟
أليس العلامة او الآية التي حددها رسول الله وهو ان الشمس تطلع صبيحتها ليس لها شعاع
هو بعد ان تنقضي تلك الليله؟ فأين وجه العباده بعد ان تنتهي أصلاً ليلة القدر؟
اليس بعضاً من المقصود هو ان نعرفها تحديداً من ليالي العشر ...
ثم انه بمعرفتنا لها بعد ان تنقضي نعرف ونعلم مجيئها في السنة الآتيه؟
مالفائده من معرفتها بعد طلوع شمسها ... وهي سلام حتى مطلع الفجر فقط وليس بعده ...
----------------------------------
للحديث بقيّة، وباب المداخلة مفتوح، ولكن بالله عليكم لا تكفّروني ولا تتقوّلون علي مالم أقله!!، من اعطاه الله فهماً فالحمد لله ... ومن اراد ان يبحث فالحمد لله ... ومن لم يفهم فإني اعتذر له عن سوء إسلوبي، ربما لو أعاد القراءة بتركيز أكثر لفهم ما اعني، ومن جاء بدليل يرد فيه ما اقول فالحمد لله ... الأمر أسهل من يدخل المسلم وهو متشنّج ... والله يحفظكم.
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[12 - 10 - 06, 07:40 ص]ـ
أيه الإخوة الكرام جميعًا
الأخ ممدوح بن متعب الجبرين -بارك الله فيه- ابن بلدتي (حائل حرسها الله) وسبق أني نشرتُ حوارًا معه في إحدى المنتديات قبل سنوات- وقد أضاف هنا الأخ نصر مشكوراً حواري معه والذي وصفتُهُ بالهاديء -. ورد عليه غيري.
وقد وجد الأخ ممدوح تأثرًا من بعض العامة فظنّ أن هذا علامة على القبول والكشف من الله له في مكرمةٍ لم يسبقه إليها أحد.
والأخ ممدوح أحسبه من أهل الصلاح والعبادة ولا أزكي على الله أحدًا، لكنه ليس من أهل العلم ولا عُرف عنه طلب العلم أو التصاق بأهل العلم وطلبتهم عندنا في حائل.
ولن تصلوا معه في هذا الحوار إلى طائل، لأني لا زلت أرى الأخ ممدوح على طريقته السابقة في التعقيب والجدال وتكرار الأدلة في كل رد أو تعقيب دون توجيه أو نظر، علاوةً على حشو ردوده بألفاظ التكرم من الله له والفتح عليه، ورمي الآخرين بالجهل ونقصان الفهم.
والأخ ممدوح -عفا الله عنه- لم يتأدب مع سماحة مفتي عام المملكة عندما رد عليه، فكيف بنا هنا.
وأقول لأخي الحبيب الفاضل المسدّد خزانة الأدب:
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ** حتى يراق على جوانبه الدم
وأنصحُ نفسي وجميع الإخوة هنا باغتنام أوقات هذا الحوار بالتسبيح والاستغفار وقراءة القرآن بدلاً وعوضًا.
أخيرًا:
ومنْ كانَ يهوى أَن يُرى متصدّرًا * ويكرهُ لا أَدري أُصيبتْ مَقَاتِلُهْ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/207)
ـ[المسيطير]ــــــــ[12 - 10 - 06, 08:00 ص]ـ
أيه الإخوة الكرام جميعًا
الأخ ممدوح بن متعب الجبرين -بارك الله فيه- ابن بلدتي (حائل حرسها الله) وسبق أني نشرتُ حوارًا معه في إحدى المنتديات قبل سنوات- وقد أضاف هنا الأخ نصر مشكوراً حواري معه والذي وصفتُهُ بالهاديء -. ورد عليه غيري.
وقد وجد الأخ ممدوح تأثرًا من بعض العامة فظنّ أن هذا علامة على القبول والكشف من الله له في مكرمةٍ لم يسبقه إليها أحد.
والأخ ممدوح أحسبه من أهل الصلاح ولا أزكي على الله أحدًا، ولكن لن تصلوا معه في هذا الحوار إلى طائل، لأني لا زلت أرى الأخ ممدوح على طريقته السابقة في التعقيب والجدال وتكرار الأدلة في كل رد أو تعقيب دون توجيه أو نظر، علاوةً على حشو ردوده بألفاظ التكرم من الله له والفتح عليه، ورمي الآخرين بالجهل ونقصان الفهم.
والأخ ممدوح -عفا الله عنه- لم يتأدب مع سماحة مفتي عام المملكة عندما رد عليه، فكيف بنا هنا.
وأقول لأخي الحبيب الفاضل المسدّد خزانة الأدب:
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ** حتى يراق على جوانبه الدم
وأنصحُ نفسي وجميع الإخوة هنا باغتنام أوقات هذا الحوار بالتسبيح والاستغفار وقراءة القرآن بدلاً وعوضًا.
أخيرًا:
ومنْ كانَ يهوى أَن يُرى متصدّرًا * ويكرهُ لا أَدري أُصيبتْ مَقَاتِلُهْ
أحسنتم شيخنا / الحائلي
لا أرى كبيرَ فائدةٍ من النقاش مع الأخ ممدوح ........ والأمر لا يخفى على جهلة العامة فضلا عن طلاب العلم.
فنرجو من الأخ ممدوح أن يلتزم طريقة السلف، ويهتدي بهديهم، وأن يقتدي بهم، وأن يسعه ما وسعهم.
ولو قال بما قاله الأئمة لكان خيرا له .......... لكان أن يأتي بما لم يأتِ به الأوائل، وينافح عنه، ويجزم أن الصواب معه، وغيرَه مع غيرِه ......... فلا أظنه يليق .......... وكثيرا ما يتهم صاحبه في عقله.
فالأخ ممدوح في سعة ......... وإخفاء ليلة القدر أمرٌ مقصود - كما ذكر ذلك العلماء - ليكون العبد في عمل صالح دائم ......... تحريا لليلة القدر (وقد ذكر ذلك الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، والشيخ عبدالكريم ذلك مرارا عندما يأتي تحديد الليلة عن طريق الرؤى).
وهي عشر مباركة فاضلة ....... ونحن مقصرون في حق ربنا ...... فدع الناس تعمل، وتجتهد فيها، ولاحاجة لنا في تحديدها.
وأنصح الأخ ممدوح - أيضا - بأن ينظر ماذا يقول الناس عنه.
أسأل الله أن يوفق أخانا ممدوح لكل خير، وأن يجنبه كل شر.
ـ[علي بن سليمان]ــــــــ[12 - 10 - 06, 03:17 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ولماذا لايُغلق الموضوع، ويُنتهى عن الجدال المذموم الذي لاطائل من ورائه، ولنا في منهج السلف غنية.
أسأل الله تعالى أن يهدي الجميع لرضاه.(26/208)
استخرجتُ من (الكشّاف) اعتزالاً بالمناقيش
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[13 - 11 - 03, 04:14 م]ـ
قال السيوطي في (الإتقان):
قال البلقيني: استخرجتُ من (الكشّاف) اعتزالاً بالمناقيش.
منها أنه قال في قوله (تعالى): "فمن زُحزح عن النار وأُدخل الجنة فقد فاز": وأي فوز أعظم من دخول الجنة؟!
أشار به إلى عدم الرؤية. اهـ.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[13 - 11 - 03, 08:37 م]ـ
يقول ابن تيمية رحمه الله كما في المجلد الثالث عشر من مجموع فتاواه
وهذا كالمعتزلة ـ مثلاـ فإنهم من أعظم الناس كلامًا وجدالا، وقد صنفوا تفاسير على أصول مذهبم؛ مثل تفسير عبد الرحمن بن كيسان الأصم شيخ إبراهيم بن إسماعيل بن علية الذي كان يناظر الشافعي، ومثل كتاب أبي علي الجبائي، والتفسير الكبير للقاضي عبد الجابر بن أحمد الهمداني، ولعلي بن عيسى الرماني، والكشاف لأبي القاسم الزمخشري، فهؤلاء وأمثالهم اعتقدوا مذاهب المعتزلة.
وأصول المعتزلة خمسة، يسمونها هم: التوحيد، والعدل، والمنزلة بين المنزلتين، وإنفاذ الوعيد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وتوحيدهم هو توحيد الجهمية الذي مضمونه نفي الصفات وغير ذلك، قالوا: إن اللّه لا يرى، وإن القرآن مخلوق، وإنه ليس فوق العالم، وإنه لا يقوم به علم ولا قدرة، ولا حياة ولا سمع، ولا بصر ولا كلام، ولا مشيئة ولا صفة من الصفات.
وأما عدلهم فمن مضمونه أن اللّه لم يشأ جميع الكائنات ولا خلقها كلها، و لا هو قادر عليها كلها، بل عندهم أن أفعال العباد لم يخلقها اللّه لا خيرها ولا شرها، ولم يرد إلا ما أمر به شرعًا، وما سوى ذلك فإنه يكون بغير مشيئته، وقد وافقهم على ذلك متأخرو الشيعة، كالمفيد، وأبي جعفر الطوسي وأمثالهما، ولأبي جعفر هذا تفسير على هذه الطريقة، لكن يضم إلى ذلك قول الإمامية الاثنى عشرية؛ فإن المعتزلة ليس فيهم من يقول بذلك ولا من ينكر خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي.
ومن أصول المعتزلة مع الخوارج: إنفاذ الوعيد في الآخرة، وأن اللّه لا يقبل في أهل الكبائر شفاعة، ولا يخرج منهم أحدًا من النار. ولا ريب أنه قد رد عليهم طوائف من المرجئة والكرامية والكلابية وأتباعهم، فأحسنوا تارة وأساؤوا أخرى، حتى صاروا في طرفي نقيض كما قد بسط في غير هذا الموضع.
والمقصود أن مثل هؤلاء اعتقدوا رأيًا ثم حملوا ألفاظ القرآن عليه، وليس لهم سلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا من أئمة المسلمين لا في رأيهم ولا في تفسيرهم، وما من تفسير من تفاسيرهم الباطلة إلا وبطلانه يظهر من وجوه كثيرة، وذلك من جهتين: تارة من العلم بفساد قولهم، وتارة من العلم بفساد ما فسروا به القرآن، إما دليلاً على قولهم أو جوابًا على المعارض لهم.
ومن هؤلاء من يكون حسن العبارة فصيحًا، ويدس البدع في كلامه، وأكثر الناس لا يعلمون كصاحب الكشاف ونحوه، حتى إنه يروج على خلق كثير ممن لا يعتقد الباطل من تفاسيرهم الباطلة ما شاء اللّه. وقد رأيت من العلماء المفسرين وغيرهم من يذكر في كتابه وكلامه من تفسيرهم ما يوافق أصولهم التي يعلم أو يعتقد فسادها ولا يهتدي لذلك.
ـ[أبو الوليد الجزائري]ــــــــ[13 - 11 - 03, 09:08 م]ـ
كتاب الصواعق المرسلة، الجزء 4، صفحة 1532.
.....
أن يعارض المنقول بمثله ويسقط دلالتهما أو يرجح دلالة المعارض كما عارض الجهمي قوله (الرحمن على العرش استوى) < طه5 >
بقوله (قل هو الله أحد) < الإخلاص1 >
وزعم أنه لو كان على العرش لم يكن أحدا وعارضه بقوله (وهو معكم أين ما كنتم) < الحديد4 >
وزعم أنه لو كان على عرشه لم يكن معنا وعارضه بقوله (الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به) < غافر7 >
وهذه معارضة الزمخشري في كشافه قال وفيها التنبيه على أن الأمر لو كان كما يقوله المجسمة كان حملة العرش ومن حوله مشاهدين معاينين ولما وصفوا بالإيمان لأنه إنما يوصف بالإيمان الغائب ولما وصفوا به على سبيل الثناء عليهم علم أن إيمانهم وإيمان من في الأرض وكل من غاب عن ذلك المقام سواء في إيمان الجميع بطريق النظر والاستدلال لا غير وأنه لا طريق إلى معرفته إلا هذا وأنه منزه عن صفات الأجرام
فلو كان المجسم بزعمك جسما حقيقة لما رضي لنفسه ولمن يخاطبه بمثل هذا الكلام الذي هو من أقبح الكلام وأبطله ولشح على زمانه وأوراقه أن يضيعه بمثله ولمنعه وقار القرآن وعظمته في صدره أن يفسره بمثل هذا الكلام الذي هو كما قيل مثل حجارة الكنيف ترجع وتنجس فقد صرح قائله بأن إيمان محمد بن عبدالله وإبراهيم الخليل وموسى الكليم وجميع الأنبياء والمرسلين إنما هو عن نظر واستدلال وهم بسعادتهم قد سدوا جميع طرق الإيمان والمعرفة إلا طريق الجواهر والأعراض والاجتماع والافتراق وإبطال حوادث لا أول لها وزعموا أن من لم يعرف ربه من تلك الطريق مات ولم يعرف له ربا ولم يقر بأن له إلها وخالقا وزادوا في الافتراء والكذب والبهت فزعموا أن إيمان جبريل وميكائيل والملائكة المقربين وجميع المرسلين مبني على هذه الطريقة وأن إيمانهم كلهم سواء وأنهم لا طريق لهم إلى معرفته إلا هذا النظر والاستدلال الذي وضعه لهم شيوخ الجهمية ومبتدعة المتكلمين وضلال أهل الاعتزال فها هنا يسجد المجسم بزعمكم شكرا لله إذ عافاه الله من مثل هذا البلاء العظيم وهذا القول أقل وأحقر من أن يتكلف للوجوه التي تدل على بطلانه بأكثر من حكايته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/209)
ـ[عصام البشير]ــــــــ[13 - 11 - 03, 09:08 م]ـ
ألا ترون أن هذه الكلمة التي أنكرها البلقيني على الزمخشري لو قالها من هو غير معروف بالاعتزال لما أنكرت عليه؟
فإن رؤية الله تعالى من نعيم الجنة وهو أعظمها، فلا شك أن دخول الجنة أعظم فوز، وهذا لا يقتضي نفي الرؤية ..
ما رأيكم؟
ـ[حارث همام]ــــــــ[13 - 11 - 03, 11:53 م]ـ
لو قالها غير الزمخشري لما عبأ له، وقد سمعنا بعض أهل السنة يقول نحوها في مواعظهم.
ولكن المسألة ترجع إلى منهج الحكم على العبارات المجملة ومراد قائلها الذي تحمل عليه.
وأخيراً ملاحظة: أذكر قديماً أني سمعت بعض مشايخنا يعلق على كلام البلقيني معترضاً بأن اعتزاليات الزمخشري في الكشاف ظاهرة بينة لاتحتاج إلى مناقيش وضرب لذلك أمثلة من نحو كلامه عند قول الله (فترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة) وغيرها.
ولعل الصواب-بعد قراءتي كثيرة في الكشاف- أنه يحتوي على اعتزاليات ظاهرة بينة، وأخرى أحسن دسها ومهد لها، وثالثة عرفت من معرفتهم بمنهج الرجل، ومنها هذا المثال.
ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[15 - 11 - 03, 10:31 ص]ـ
كما قال الاخ حارث .. بعض المشايخ يقول: بأن الإعتزاليات ظاهرة لا تحتاج الى مناقيش، ومن قال ذلك .. فإنما قاله لعدم معرفته التامة بمنهج أهل السنة والجماعة انتهى كلامه حفظه الله ..
قلتُ: يتوجه كلام شيخنا لو كانت العبارة: استخرجت الإعتزاليات .. ، ولكنّ العبارة: استخرجت اعتزاليات ... وفرقٌ بين العبارتين.
والله أعلم.(26/210)
ما موقفنا من هذا .. ؟ ثناء بعض العلماء على متقدمي الصوفية
ـ[الرميح]ــــــــ[27 - 11 - 03, 04:22 م]ـ
تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وأعاده علينا ونحن في صحة وعافية وكل عام وانتم بخير.
أيها الإخوة الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معلوم ثناء بعض العلماء على متقدمي الصوفية وما تضمنه من مدح وثناء وإطراء ولكن خرج متأخريهم أصحاب الطرق البدعية الشركية وقاموا يذكرون تلك الأقوال على عوامهم وبعض السذج ويكأنهم هم من أُثني عليه،،،
فما موقفنا من ذلك وكيف نرد عليهم مشكورين مأجورين.
ـ[الرميح]ــــــــ[28 - 11 - 03, 11:29 ص]ـ
كيف نرد بارك الله فيكم
ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[28 - 11 - 03, 12:20 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
الردُّ يكون ببيان الفروق بين متقدمي الصوفية ومتأخريهم، وبيان خلوِّ المتقدمين من مخالفات المتأخرين.
والله أعلم.
ـ[الجامع الصغير]ــــــــ[28 - 11 - 03, 09:29 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. ولكن هل كان ثناء أولئك العلماء على من هم صوفيّة فعلاً؟ بمعنى: هل كان هذا المسمّى يطلق عليهم .. أم يطلق عليهم لفظ آخر، كالعبّاد والزّهاد؟
إذ أن الصوفيّة مصطلح مرتبط عمومًا بالبدع والمحدثات التي استبعد وقوع متقدّمي الزهاد وأهل العبادة فيها، لا سيما وأن بعض العلماء - كما تفضّلت أخي الكريم - الرميح - قد أثنوْا عليهم.
ـ[الرميح]ــــــــ[28 - 11 - 03, 11:19 م]ـ
بارك الله فيكما
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى ج10. ص516ـ517:
(فأما المستقيمون من السالكين كجمهور مشايخ السلف مثل الفضيل بن عياض، وإبراهيم بن أدهم، وأبي سليمان الداراني، ومعروف الكرخي، والسري السقطي، والجنيد بن محمد، وغيرهم من المتقدمين، ومثل الشيخ عبد القادر [الجيلاني] والشيخ حماد، والشيخ أبي البيان، وغيرهم من المتأخرين، فهم لا يسوغون للسالك ولو طار في الهواء، أو مشى على الماء، أن يخرج عن الأمر والنهي الشرعيين، بل عليه أن يعمل المأمور ويدع المحظور إِلى أن يموت. وهذا هو الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة وإِجماع السلف، وهذا كثير في كلامهم)
اعتقد أن شيخ الإسلام يتكلم عن الصوفية ... !
هناك كلام أوضح للإمام الشاطبي فيقول في الإعتصام: إِن كثيراً من الجهال، يعتقدون في الصوفية أنهم متساهلون في الاتباع والتزام ما لم يأت في الشرع التزامه، مما يقولون به ويعملون عليه، وحاشاهم من ذلك أن يعتقدوه أو يقولوا به. فأول شيء بَنَوْا عليه طريقهم اتباع السنة واجتناب ما خالفها، حتى زعم مُذكِّرُهُم وحافظ مأخذهم، وعمود نحلتهم أبو القاسم القشيري: إِنهم إِنما اختصوا باسم التصوف انفراداً به عن أهل البدع. فذكر أن المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتسَمَّ أفاضلهم في عصرهم باسم عَلَمٍ سوى الصحبة، إِذ لا فضيلةَ فوقها، ثم سمي من يليهم التابعون، ثم اختلف الناس، وتباينت المراتب، فقيل لخواص الناس ممن لهم شدة عناية في الدين: الزهاد والعبَّاد. قال: ثم ظهرت البدع وادَّعى كل فريق أن فيهم زهاداً وعُبَّاداً، فانفرد خواص أهل السنة، المراعون أنفسهم مع الله، والحافظون قلوبهم عن الغفلة باسم التصوف، فتأمل تغنم، والله أعلم. أه
ياليت تدلوني على تعليق يداوي المرضى.
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[29 - 11 - 03, 03:43 ص]ـ
أي تصوف نلحق بركبه أيها المهاجر
تصوف الذين يشركون بالموتى ويدعونهم من دون الله
أم تصوف الذين يستعينون بالسحر ليدلسوا على مريديهم من الحمقى والمغفلين
التصوف وهو الزهد وتزكية النفس لا يمنع منه أحد إن كان منضبطا بالكتاب والسنة وعلماء الإسلام رحمهم الله لم يهملوا هذا الجانب
فمن كتب الزهد:
كتاب الزهد لابن المبارك، ولأحمد، ولوكيع، ولأبي داود، ولغيرهم كثير من علماء الإسلام رحمهم الله
أما ما يفعله من يدعي التصوف في هذه الأيام من الشرك وغيره فهذا شبيه بما يدعيه الروافض المشركون عليهم لعنة الله إلى يوم الدين
حيث إنهم يأتون لمن وصف من علماء الأمة بالتشيع _ الذي هو التفضيل كما يعلمه من له أدنى معرفة بالعلم _ ثم يقولون للبلهاء والحمقى من العوام انظروا هؤلاء العلماء كانوا شيعة لأهل البيت فلكم فيهم أسوة
فلا تظنن أنك فعلت شيئا بهذه الكلمات العابرة هدانا الله وإياك
ـ[الرميح]ــــــــ[30 - 11 - 03, 06:15 ص]ـ
بارك الله فيك وفي علمك
ولكني أفهم من كلامك أنه يجوز أن يقول الرجل عن نفسه أنه صوفي ... منهجه قائم على الكتاب والسنة
فهل يجوز ذلك حقاً .... ؟
عموماً وقعت على قول لشيخ الإسلام حول هذه المسألة فمن أحب المطالعة فلينظر إلى هنا ( http://ibntaimiah.al-islam.com/Display.asp?DocID=62&MaksamID=616&ParagraphID=587)
أريد أقوال أهل العلم في هذه المسألة إن أمكن بارك الله فيكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/211)
ـ[أبو عمر الدوسري]ــــــــ[20 - 08 - 05, 03:31 م]ـ
عذراً على التطفل.
أخي الفاضل/ الرميح.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الكلام حول هذا الموضوع يطول، ولكن ألخص لك ما فهمته من مشايخنا، وأخص منهم شيخنا صالح الفوزان رفع الله منزلته في أعلى الجنان ..
وهو أن الانتساب لغير السنة مذمة، والتصوف خط انحراف بدأ صغيراً حتى (اتسع الشق على الراقع)، وأصبح الانحراف أصلاً .. وكان متقدمي الصوفية [زهاد] على السنة، ثم تسمى بعضهم (رمياً ونبزاً) من غيرهم بالصوفية، لأنهم زهدوا ولبسوا الصوف، ولا مشاحة في الاصطلاح ..
وكان الزهاد الأوائل على السنة، وفي بعضهم -إن لم يكن الغالب- دخن، وكانت لهم إشارات وأفكار، يطالبون القوم بعرض بضاعتهم على الكتاب والسنة، فإن وافقتها قبلت، وإلا فلا .. ومنهم الجنيد وغيره من الزهاد الأوائل ..
فمتقدمي الصوفية [زهاد] على السنة، ومن بعدهم بدأ الانحراف من أبي سليمان الدراني وبعده رابعة العدوية حتى جاء الضلال والشطح والكفر ..
وأدعك مع شيخنا صالح الفوزان -حفظه الله-:
حقيقة التصوف
لفظ التصوف والصوفية لم يكن معروفا في صدر الاسلام وإنما هو محدث بعد ذلك أو دخيل على الاسلام من أمم أخرى. قال شيخ الاسلام ابن تيمية ـ يرحمه الله ـ في مجموع الفتاوى: (* (أما لفظ الصوفية فإنه لم يكن مشهورا في القرون الثلاثة، وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك وقد نقل التكلم به عن غير واحد من الأئمة والشيوخ، كالامام أحمد بن حنبل، وأبي سليمان الداراني وغيرهما، وقد روي عن سفيان الثوري أنه تكلم به، وبعضهم يذكر ذلك عن الحسن البصري، وتنازعوا في المعنى الذي أضيف إليه الصوفي، فإنه من أسماء النسب كالقرشي والمدني وأمثال ذلك، فقيل: إنه نسبة إلى أهل الصفة، وهو غلط، لأنه لو كان كذلك، لقيل: صفي، وقيل نسبة إلى الصف المقدم بين يدي الله ـ وهو أيضا غلط فإنه لو كان كذلك لقيل: صوفي، وقيل نسبة إلى صوفة بن بشر بن أد بن بشر بن طابخة، قبيلة من العرب كانوا يجاورون بمكة من الزمن القديم ينسب إليهم النساك، وهذا وإن كان موافقا للنسب من جهة اللفظ فإنه ضعيف أيضا، لأن هؤلاء لكان هذا النسب في زمن الصحابة والتابعين وتابعيهم أولى. ولأن غالب من تكلم باسم الصوفي لا يعرف هذه القبيلة ولا يرضى أن يكون مضافا إلى قبيلة في الجاهلية، لا وجود لها في الاسلام وقيل ـ وهو العروف ـ أنه نسبة إلى الصوف، فإنه أول ما ظهرت الصوفية في البصرة. وأول من ابتنى دويرة الصوفية بعض أصحاب عبد الواحد بن زيد، وعبد الواحد من أصحاب الحسن، وكان في البصرة من المبالغة في الزهد والعبادة والخوف ونحو ذلك ما لم يكن في سائر أهل الأمصار.) *) وقد روى أبو الشيخ الأصبهاني بإسناده عن محمد بن سيرين أنه بلغه أن قوما يفضلون لباس الصوف، فقال: (* (إن قوما يتخيرون لباس الصوف يقولون إنهم يتشبهون بالمسيح بن مريم، وهدي نبينا أحب إلينا وكان " صلى الله عليه وسلم " يلبس القطن وغيره، أو كلاما نحوا من هذا، ثم يقول بعد ذلك: هؤلاء نسبوا إلى اللبسة الظاهرة وهي لباس الصوف فقيل في أحدهم صوفي، وليس طريقهم مقيدا بلبس الصوف ولا هم أوجبوا ذلك ولا علقوا الأمر به ـ لمن أضيفوا إليه لكونه ظاهر الحال) *). إلى أن قال: (* (فهذا أصل التصوف، ثم إنه بعد ذلك تشعبوتنوع) *).إنتهى وكلامه (1) .. ـ يرحمه الله ـ يعطي أن التصوف نشأ في بلاد الاسلام على يد عباد البصرة .. نتيجة لمبالغتهم في الزهد والعبادة ثم تطور بعد ذلك ـ والذي توصل إليه بعض الكتاب العصريين ـ أن التصوف تسرب إلى بلاد المسلمين من الديانات الأخرى كالديانة الهندية والرهبانية النصرانية وقد يستأنس لهذا بما نقله الشيخ عن ابن سيرين أنه قال: (* (إن قوما يتخيرون لباس الصوف يقولون إنهم يتشبهون بالمسيح بن مريم، وهدي نبينا أحب إلينا.) *) فهذا يعطي أن التصوف له علاقة بالديانة النصرانية؛؛ ويقولون الدكتور // صابر طعيمة \\ في كتابه: " الصوفية معتقدا ومسلكا ": ويبدوا أنه لتأثير الرهبنة المسيحية التي كان فيها الرهبان يلبسون الصوف وهم في أديرتهم كثرة كثيرة من المنقطعين لهذه الممارسة على امتداد الأرض التي حررها الاسلام بالتوحيد أعطى هو الآخر دورا في التأثير الذي بدا على سلوك الأوائل (2) .. وقال الشيخ " إحسان إلهي ظهير" ـ يرحمه الله ـ في كتابه: " التصوف، المنشأ والمصادر" (* (عندما نتعمق في تعاليم الصوفية الأوائل والأواخر وأقاويلهم المنقولة منهم والمأثورة في كتب الصوفية القديمة والحديثة نفسها نرى بونا شاسعا بينها وبين تعاليم القران والسنة، وكذلك لا نرى جذورها وبذورها في سيرة سيد الخلق محمد " صلى الله عليه وسلم " وأصحابه الكرام البررة خيار خلق الله وصفوة الكون، بل بعكس ذلك نراها مأخوذة مقفبسة من الرهبنة المسيحية والبرهمة الهندوكية وتنسك اليهودية وزهد البوذية. (3) .. ويقول الشيخ: عبد الرحمن الوكيل ـ يرحمه الله ـ في مقدمة كتاب: " مصرع التصوف ": (* (إن التصوف أدنأ وأوألأم كيدا ابتدعه الشيطان ليسخر معه عباد الله في حربه لله ولرسله، إنه قناع المجوس يتراءى بأنه لرباني، بل قناع كل عدو صوفي للدين الحق فتش فيه تجد برهمية وبوذية وزرادشتية ومانوية وديصانية، تجد أفلاطونية وغنوصية، تجد فيه يهودية ونصرانية ووثنية جاهلية (4) .. ) *) ومن خلال عرض اراء هؤلاء الكتاب المعاصرين في أصل الصوفية، وغيرهم مما لم نذكره كثيرون يرون هذا الرأي. يتبين أن الصوفية دخيلة على الاسلام، يظهر ذلك في ممارسات المنتسبين إليها ـ تلك الممارسات الغريبة على الاسلام والبعيدة عن هديه ن وإنما نعني بهذا المتأخرين من الصوفية حيث كثرت وعظمت شطحاتهم. أما المتقدمون منهم فكانوا على جانب من الاعتدال، كالفضيل بن عياض، والجنيد وإبراهيم بن أدهم وغيرهم.
http://saaid.net/book/open.php?cat=89&book=905
http://saaid.net/feraq/sufyah/m.htm
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/212)
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[20 - 08 - 05, 04:05 م]ـ
من الافضل والله تبارك وتعالى اعلم ان لا نعمم عند الحديث عن الصوفية والرد على ما تعلقوا به من ضلالات على جميع من يطلقون على أنفسهم الصوفية لان الصوفية منتشره في الكثير من الاماكن في العالم وهناك تناقض بين الكثير من هذه الفرق الصوفية من منطقة الى أخرى
فهناك الكثير من الفرق المنحرفة عن منهج الكتاب والسنه وبعضها يلتزم هذا النهج القويم
فلنعرض هذه الفرق على الكتاب والسنة فما وافقه كان مقبولا وما لم يوافقه نبذناه
تنبيه من المشرف:
تعقيبا على هذا الكلام فيقال بأن الصوفية بدعة لايجوز الانتساب لها، ويجب على من ينتسب للصوفية سواء كان عنده بدع مغلظة أو بدع أخرى أن يتوب إلى الله من هذه البدع ويعلن توبته عن الصوفية ويعود لمنهج المسلمين السائرين على كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ومنهج سلف الأمة.
ـ[أبو عمر الدوسري]ــــــــ[20 - 08 - 05, 05:13 م]ـ
بارك الله بالأخ نضال دويكات ..
يقول:
فهناك الكثير من الفرق المنحرفة عن منهج الكتاب والسنه وبعضها يلتزم هذا النهج القويم
فلنعرض هذه الفرق على الكتاب والسنة فما وافقه كان مقبولا وما لم يوافقه نبذناه
قال أبو عمر:
وهو أن الانتساب لغير السنة مذمة، والتصوف خط انحراف بدأ صغيراً حتى (اتسع الشق على الراقع)، وأصبح الانحراف أصلاً .. وكان متقدمي الصوفية [زهاد] على السنة، ثم تسمى بعضهم (رمياً ونبزاً) من غيرهم بالصوفية، لأنهم زهدوا ولبسوا الصوف، ولا مشاحة في الاصطلاح ..
وكان الزهاد الأوائل على السنة، وفي بعضهم -إن لم يكن الغالب- دخن، وكانت لهم إشارات وأفكار، يطالبون القوم بعرض بضاعتهم على الكتاب والسنة، فإن وافقتها قبلت، وإلا فلا .. ومنهم الجنيد وغيره من الزهاد الأوائل ..
فمتقدمي الصوفية [زهاد] على السنة، ومن بعدهم بدأ الانحراف من أبي سليمان الدراني وبعده رابعة العدوية حتى جاء الضلال والشطح والكفر ..
قلتُ:
وفي هذا العصر لا نرى من الصوفية من ينهج النهج القويم، وعلى المدعي البينة، فنحن أحرص ما يكون أن نقرب الصوفية إلى السنة، ونقرب الصوفية الكفرية إلى البدعية ..
أخوك المحب لأتباع الحق
تنبيه:
ارجوا أن تقرأ المقال كاملاً ثم تنبهني على ما بدا لك
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[21 - 08 - 05, 12:04 ص]ـ
بوركت أخي الكريم على المقال الرائع مع انني أردت من كلامي السابق ان أوصل معلومة ان بعض الصوفية في بلادنا لا يمتون الى ما ذكرتم من بعض شان الصوفية المنحرفين الا الاسم اما بقية شانهم فهم كبقية المسلمين يصلون معنا ويصومون معنا وانما يجتمعون للذكر وتذكر الموت في بعض الاماكن وهذا ليس فيه ضير وانت تقول ان في هذا العصر لا نجد من الصوفية من ينهج النهج القويم. أقول: وهل أحصيت الصوفية في كل العالم ونظرت في شؤون احوالهم وتصرفاتهم فقد يكون لهم شان في بلد غير شان الذين في البلاد الاخرى.
والله تعالى أعلم
ـ[ثابت عبد الإله]ــــــــ[21 - 08 - 05, 09:14 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
والله إن لم يكن للصوفية إلا خلق واحد لكفاهم: قال من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى: خصلتان من الخير ليس بعدهما خير حسن الظن بالله وحسن الظن بالناس، فهم حسنوا الظن بجميع المخلوقات. ولمن اشتغل بتقييمهم وكثرة الرد عليهم واعتبارهم خارجين عن السنة وحتى عن الاسلام كما يعتبر أن كثرة الأمة مشركون ضالون لعدم تمييزهم بين توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية الشيء الذي لا يمكنه أن يفسره هو: هؤلاء يكفينا فيهم قول سيدنا #### صلى الله عليه وسلم: خصلتان من الشر ليس بعدهما شر سوء الظن بالله وسوء الظن بالناس.
تنبيه من المشرف:
تعقيبا على هذا الكلام، هذا ديدن الصوفية في اعتمادهم على أحاديث موضوعة ومكذوبة ينسبونها للنبي صلى الله عليه وسلم وهو منها براء
والصوفية من الفرق الضالة والمنحرفة ويجب الرد عليهم وبيان شركهم وبدعهم حتى لاينتشر شرهم وهذا الأمر من الدعوة إلى الإسلام والسنة.
فما ذكره ثابت عبدالإله فهو كلام باطل، ولتكرر هذا الكلام منه في أكثر من موضوع تم إيقافه عن الكتابة في الملتقى، ونسأل الله أن يهدينا وإياه للسنة ويصرف عنا البدع والأهواء.
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[22 - 08 - 05, 01:17 ص]ـ
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/213)
لو بينت لنا صحة هذا الكلام الذي نسبته إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يا أخ ثابت و أين نجده في كتب الحديث وهل هو صحيح أم ضعيف
فاحذر أن تكون من الذين يكذبون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم (من كذب عليَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)
أما الذي يخرج المشركين عباد القبور من الدين فليس بسبب عدم تفريقهم بين توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية، إنما هو بسبب شركهم بالله ودعائهم أصحاب القبور من دون الله وتوكلهم عليهم وغير ذلك مما لا يستطيع عباد القبور أن ينكروه، والسبب الذي أوصلهم لهذا الشرك هو عدم تفريقهم بين الألوهية والربوبية، لأنهم يظنون أن الإلهية هي (القدرة على الاختراع) ويقولون نحن لا نقر لهؤلاء الأموات بالقدرة على الاختراع ولا الخلق ولا التدبير فنتج عن هذه المقدمة الفاسدة نتيجة فاسدة في عقولهم الخاوية وهي أن دعاءهم لأصحاب القبور ليس شركا _ بزعمهم _ وما علم هؤلاء الحمقى أن الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يقرون لله بما أقر به هؤلاء حذو القذة بالقذة حيث إنهم لم يزعموا أن أصنامهم تخلق وترزق والقبورية يقولون هذا في من يدعونه من دون الله، ثم ينكرون على الموحدين الذين أنزلوا عليهم حكم المشركين الأولين
وهناك شبهة يقولها هؤلاء الحمقى وهي أن كفار قريش كانوا يدعون الأصنام التي لا تسمع ولا تبصر ونحن لا ندعوا الأصنام فكيف تسوونا بهم
والجواب عنها يسير وهو
1 - أن المدعو من دون الله لا يهمنا من هو سواء كان صنما أو حجرا أو شجرا أو بشرا _ مسلما أو كافرا _ الذي يهم أن الصورة انطبقت عليكم تماما حيث إنكم دعوتم هؤلاء من دون الله وتوسلتم بهم وإليهم كما كان يفعل كفار قريش الذين قاتلهم رسول الله على هذه العقيدة الفاسدة التي تظنونها لا تناقض الإسلام وتوحيد العبادة لله وحده
2 - أعطونا الدليل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقاتل هؤلاء المشركين إلا من أجل أنهم كانوا يدعون ألأصنام، ولو أنهم كانوا يدعون الأموات لما قاتلهم
والمقام ليس مقام بسط
والله أعلم وأحكم
أبو عبدالرحمن(26/214)
({مع اسم الله القريب)}
ـ[عبدالله 12]ــــــــ[30 - 11 - 03, 02:08 م]ـ
*#*بسم الله الرحمن الرحيم *#*
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده اللَّه فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم:
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [[الأحزاب/71:70]] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوااللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [[الحشر/18] أما بعد ..
القريب جل جلاله وتقدست أسمائه .. المعني اللغوي:القرب نقيض البعد.
قَرُبَ الشيء بالضم , يَقرُبُ قُرٌباً وقُرباناً وقِرباناً أى: دنا, فهوقريب ,الواحد والأثنان والجميع في ذلك سواء.
والقُربان:ما قُرب إلى الله عزوجل وتقربت به (1).
(1)."الصحاح " (1\ 198 - 199) و"اللسان " (5\ 3566) مادة (قرب).أنظر:"اشتقاق الأسماء للزجاجي (ص146 - 148).
v وروده في القرآن الكريم:
ورد الأسم ثلاث مرات في الكتاب وهى:
قوله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}. (البقرة:189)
وقوله: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ}. (هود:60\ 61)
وقوله: {قُلْ إِن ضَلَلْت ُفَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} (سبأ:50)
معني الأسم في حق الله تعالى:
v قال ابن جرير في قوله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي} (البقرة):189
يعني تعالى ذكره بذلك:وإذا سألك يامحمد عبادي عني أين أنا؟
فإنني قريب منهم أسمع دعائهم وأُجيب دعوة الداعي منهم. (1)
وقال في قوله: {إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيب}. (هود:61): يقول:إن ربي قريب
ممن أخلص له العبادة, ورغب إليه في التوبة مجيب له إذا دعاه. (2)
وفي قوله: {إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ}. (سبأ:50)
قال:إن ربي سميع لما أقول لكم حافظ له وهو المجازي لى على صدقي في ذلك ,وذلك مني غير بعيد فيتعذر عليه سماع مااقول لكم وما تقولون وما يقوله غيرنا ,ولكنه قريب من كل متكلم ,يسمع كل ماينطق به ,أقرب إليه من حبل الوريد (3)
(2) -1 - "جامع البيان " (2\ 92)
-2 - "المصدر السابق (12\ 38)
-3 - "المصدر السابق" (22\ 72)
v وقال الزجاجي (القريب) في اللغة على اوجه:
القريب الذى ليس ببعيد ,فالله عزوجل قريب ليس ببعيد كما قال عزوجل: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}. (البقرة 186)
أى:أنا قريب الإجابة ,وهو مثل قةله عزوجل: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَبَصِيرٌ} (الحديد:4)
وكما قال عزوجل: {الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} (المجادلة:7).
وكما قال عزوجل: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} (ق:16)
وكما قال: {} وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ
إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ} (الزخرف:84)
والله عزوجل محيط بالأشياء كلها علماً بكل شيء لايعزب عنه منها شيء ,وكل هذا يراد به -والله اعلم - إحاطة علمه بكل شيء ,وكون كل شيءتحت قدرته وسلطانه وحكمه وتصرفه ,ولايراد بذلك قرب المكان والحلول في بعضه دون بعض جل الله وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً (1)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/215)
v وقال الخطابي: (القريب) معناه:أنه قريب بعلمه من خلقه ,قريب ممن يدعوه بالإجابةكاقوله تعالى:} وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}.
v قال ابن القيم:
وهو القريب وقربه المختص ... بالداعي وعابده على الإيمان (3)
(3).-1 - "اشتقاق اسماء الله " (ص146 - 147) ونظر تفصيل القول فيما ذكره في ىخر كلامه في آثار الإيمان بهذا الاسم.
-2 - "شأن الدعاء" (ص102 - 103)
-3 - "النونية" (2\ 229).
v قال الإمام السعدي رحمه الله تعالى: (القريب المجيب)
أى هو تعالى القريب من كل أحد ,وقربه تعالى نوعان:
قرب عام من كل أحد بعلمه وخبرته ومراقبته ومشاهدته وإحاطته.
وقرب خاص من عابديه وسائليه ومحبيه ,وهو قرب لاتُدرك له حقيقة ,وإنماتعلم آثاره من لطفه بعبده وعنايته به وتوفيقه وتسديده ومن آثاره الإجابة للداعين ,والغنابة للعابدين. فهو (المجيب) إجابة عامة للداعين مهما كانوا وأينما كانوا وعلى أى حال كانوا ,وكما وعدهم بهذا الوعد المطلق ,وهو (المجيب) إجابة خاصة للمستحبين له المنقادين لشرعه ,وهو (المجيب) أيضاُ للمضطرين ومن انقطع رجاؤه ممن المخلوقين ,وقوي تعلقهم به طمعاً ورجاءً وخوفاً (1)
v قال ابن عثيمين رحمه الله تعالى في رده على أهل التحريف
قال أهل التأويل:
"أنتم يا أهل السنة أولتم قوله تعالى: (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُم) (الواقعة: من الآية85). إلى أن المراد أقرب بملائكتنا و هذا تأويل، لأنا لو أخذنا بظاهر اللفظ لكان الضمير (نَحْنُ) يعود إلى الله، و أقرب خبر المبتدأ، و فيه ضمير مستتر يعود على الله، فيكون القرب لله – عز وجل -، و معلوم أنكم أهل السنة لا تقولون بذلك، لا تقولون إن الله تعالى يقرب من المحتضر بذاته حتى يكون في مكانه، لأن هذا أمر لا يمكن أن يكون، إذ أنه قول أهل الحلول الذي ينكرون علو الله – عز وجل –، و يقولون إنه
بذاته في كل و أنتم أهل السنة تنكرون ذلك أشد الإنكار. إذن ما تقولون أنتم يا أهل السنة ألستم تقولون نحن أقرب إليه أي إلى المحتضر بملائكتنا، أي الملائكة تحضر إلى الميت
(4) -1 - "تيسير الكريم " (5\ 304)
-2 - "أسماء الله وصفاته ةوموقف أهل السنة منها"
و تقبض روحه؟! هذا تأويل، قلنا الجواب على ذلك سهل و لله الحمد، فإن الذي يحضر الميت هم الملائكة (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ) (الأنعام: من الآية61). (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِم
ْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُم) (الأنعام: من الآية93). فالذي يحضر إلى المحتضر عند
الموت هم الملائكة، وأيضاً في نفس الآية ما يدل على أنه ليس المراد قرب الله – سبحانه وتعالى – نفسه فإنه قال: (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ) (الواقعة:85). فهذا يدل على أن هذا القريب الحاضر، لكن لا نبصره، وكذلك لأنك الملائكة عالم غيبي الأصل فيهم الخفاء وعدم الرؤية. وعلى هذا فنحن لم نخرج بالآية عن ظاهرها لوجود لفظٍ فيها يعين المراد، ونحن على العين والرأس، والقلب نقبل كل شيء كان بدليل من كتاب الله، ومن سنة رسوله صلى الله عليه و سلم.
أنتهي كلامه رحمه الله
قرب الله عزوجل من السنة المكرمة وأقوال أهل العلم:
(1) قال الإمام أحمد: عن أبي موسى الأشعري, قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة, فجعلنا لا نصعد شرفاً ولا نعلو شرفاً ولا نهبط وادياً, إلا رفعنا أصواتنا بالتكبير, قال: فدنا منا, فقال "يا أيها الناس, اربعوا على أنفسكم, فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً, إنما تدعون سميعاً بصيراً, إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته, يا عبد الله بن قيس, ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله" أخرجاه في الصحيحين وبقية الجماعة من حديث أبي عثمان النهدي واسمه عبد الرحمن (1)
(1) - مسند الإمام أحمد
(2) -عن أبو هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله تعالى أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه". (قلت) وهذا كقوله تعالى: "إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون",
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/216)
وقوله لموسى وهارون عليهما السلام "إنني معكما أسمع وأرى" والمراد من هذا أنه تعالى لا يخيب دعاء داع, ولا يشغله عنه شيء, بل هو سميع الدعاء, ففيه ترغيب فالدعاء, وأنه لا يضيع لديه تعالى.
(3) -سأل جماعة النبي صلى الله عليه وسلم أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه فنزل: " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب " منهم بعلمي فأخبرهم بذلك " أجيب دعوة الداع إذا دعان " بإنالته ما سأل " فليستجيبوا لي " دعائي بالطاعة " وليؤمنوا " يداوموا على الإيمان " بي لعلهم يرشدون " يهتدون.
v قال ابن تيمية في قرب الله تعالى
"وقد دخل في ذلك الإيمان بأنه قريب مجيب كما جمع بين ذلك في قوله: " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب " الآية - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحته " وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته، لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته فإنه سبحانه ليس كمثله شئ في جميع نعوته، وهو عال في دنوه قريب في علوه". (1)
وقال ايضاً شيخ الإسلام في العقيدة الوسطيه
في قوله وهو معكم أينما كنتم
وقد دخل فيما ذكرناه من الإيمان بالله الإيمان بما أخبر الله به في كتابه وتواتر عن رسوله وأجمع عليه سلف الأمة من أنه سبحانه فوق سماواته على عرشه بائن على خلقه، وهو سبحانه معهم أينما كانوا يعلم ما هم عاملون كما جمع بين ذلك في قوله: " هو
الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير ".
وليس معنى قوله: " وهو معكم " أنه مختلط بالخلق فإن هذا لا توجهه اللغة، بل القمر آية من آيات الله من أصغر مخلوقاته، وهو موضوع في السماء، وهو مع المسافر وغير المسافر أينما كان.
وهو سبحانه فوق عرشه رقيب على خلقه مهيمن عليهم مطلع عليهم إلى غير ذلك من معاني ربوبيته، وكل هذا الكلام الذي ذكره الله - من أنه فوق العرش وأنه معنا - حق على حقيقته لا يحتاج إلى تحريف، ولكن يصان عن الظنون الكاذبة مثل أن يظن أن ظاهر قوله (في السماء) أن السماء تظله أو تقله، وهذا باطل بإجماع أهل العلم والإيمان، فإن الله قد وسع كرسيه السموات والأرض وهو يمسك السموات والأرض أن تزولا، ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره
وقال أيضاً في الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان
معية الله بعلمه لا بذاته وهي عامة وخاصة
وأما قوله: " وهو معكم " فلفظ " مع " لا تقتضي في لغة العرب أن يكون أحد الشيئين مختلطا بالآخر، كقوله تعالى: " اتقوا الله وكونوا مع الصادقين"، وقوله تعالى: " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار "، وقوله تعالى: " والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم "، ولفظ " مع " جاءت في القرآن عامة وخاصة، فالعامة في هذه الآية وفي آية المجادلة: " ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم "، فافتتح الكلام بالعلم، وختمه بالعلم، ولهذا قال ابن عباس و الضحاك و سفيان الثوري و أحمد بن حنبل: هو معهم بعلمه. (2)
(1) نفس المصدرالسابق.(26/217)
مذهب المفوضة هل هو خطأ في الصفات الذاتية؟
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[01 - 12 - 03, 09:20 م]ـ
مثلا صفة اليد: أهل السنة يقولون نعلم معناها ونجهل كيفيتها فأقول ما معنى يد الله ومن قال بذلك من الأئمة؟
ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[01 - 12 - 03, 09:37 م]ـ
أخي الفاضل: الفرق بين مذهب السلف ومذهب المفوضة، أن السلف يُفوضون الكيف، ويثبتون المعنى، أما المفوضة فيفوضون الكيف والمعنى أيضا.
أعطيك مثال:
اليد مثالا - كما قلتَ -:
فنحن نعلم معنى يد، ولا يلزم التشبيه، فمثلا للإنسان يد، وللحيوان يد فهل نحن شبهنا؟!
ولله المثل الأعلى.
وأما المفوض فيثبت اللفظ فقط.
لعلي أن أكون بسطت الأمر.
وأما أقوال الأئمة فلست أفهم مرادك!
هل تريد أقوالهم في اليد فقط؟
أم في الصفات الذاتية عامة؟
أنتظر تعليقك؛ كي أضع لك ما تريد.
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[01 - 12 - 03, 09:46 م]ـ
أنت تقول نعلم معنى اليد ولكن ما معنى يد الله سبحانه وتعالى؟؟ وأريد أقوال الأئمة في معاني الصفات الذاتية؟؟
ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[01 - 12 - 03, 11:30 م]ـ
قبل الكلام على ذلك وسرد أقوال الأئمة ,
هناك قاعدة إن اتفقت معي عليها أكملنا، وإن لم تتفق تكلمنا على القاعدة وأدلتها وأقوال العلماء.
وهي أن: الكلام على الذات كالكلام على الصفات تماماً، فكما أن إثبات الصفات إثبات بلا كيف، فالذات كذلك.
ـ[حارث همام]ــــــــ[01 - 12 - 03, 11:57 م]ـ
أخي الأسيف:
يد الله يد حقيقية صفة ذاتية، وهذا ما يقوله أهل السنة يقولون أن يد الله هي: صفة ذات، يفعل بها؛ يقبض ويبسط ويطوي ويخلق ويحثو، لها راحة وقبضة وأصابع.
نقر بذلك كما جاء في النصوص الصريحة ونمرها بغير تكييف أو تمثيل، فلا نقول هي كيد الإنسان أو كيد أحد من المخلوقات تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ومن قال ذلك كفر فهو سبحانه لايدرك بقياس ولا يقاس بالناس لا إله إلاّ هو، فإثباتنا لهذا مع تنزيه ربنا الرحمن عن مشابهة خلقه.
أما الأدلة على ذلك فأكثر من أن تحصر:
وأكتفي بما جمع ابن فياض في شرح الواسطية بقوله: "وفي حديث الشفاعة: فأقوم عن يمين الرحمن مقاماً لايقومه غيري. وإذا ضممت قوله (والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة) إلى قوله صلى الله عليه وسلم: يأخذ الجبار السماواته وأرضه بيده يهزهن، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبض يده ويبسطها، وفي صحيح مسلم يحكي ربه بهذا اللفظ، وقال: ما من قلب إلاّ هو بين أصبعين من أصابع الرحمن إن شاء أن يقيمه أقامه وإن شاء أن يزيغه أزاغه، وفي حديث الشفاعة: وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي أربعمائة ألف. فقال أبو بكر زدنا يارسول الله، قال: وثلاث حثيات من حثيات ربي، فقال عمر: حسبك يا أبابكر إن شاء أدخل خلقه الجنة بكف واحدة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدق عمر. فهذا القبض والبسط والطي باليمين والأخذ والوقوف عن يمين الرحمن والكف وتقليب القلوب بأصابعه ووضع السماوات على أصبع والجبال على أصبع، فذكر إحدى اليدين ثم قوله: وبيده الأخرى، ممتنع فيه اليد المجازية سواء كانت بمعنى القدرة أو بمعنى النعمة، فإنه لايتصرف فيها هذا التصرف وقد أنكر الله تعالى على اليهود نسبة يده إلى النقص والعيب ولم ينكر عليهم يده، وقد إثباتها له زيادة على ما قالوا بأنهما مبسوطتان.
==========================================
وهنا مسألة: هل هذا يصح أن يكون معنى لهذه الصفة الذاتية؟ ولمعرفة ذلك لابد من بيان المعنى، فما الذي يعنينه الناس بالمعنى، لنعرف هل ما ذكرته يصح معنى لليد في حق الله أم لا؟
قال ابن أبي العز الحنفي عليه رحمة الله في شرح الطحاوية:
" .. اعلم أن المخاطب لا يفهم المعاني المعبر عنها باللفظ إلاّ أن يعرف عينها (أو مايناسب عينها) ويكون بينهما قدر مشترك ومشابهة في أصل المعنى، وإلاّ فلا يمكن تفهيم المخاطبين بدون هذا قط، حتى في أول تعليم معاني الكلام بتعليم معاني الألفاظ المفردة، مثل تربية الصبي الذي يعلم البيان واللغة ينطق له باللفظ المفرد ويشار له لمعناه، (إن كان مشهوداً بالإحساس الظاهر أو الباطن) فيقال له لبن ... ويشار له إلى كل مسمى من هذه المسميات ... فدلالة اللفظ على المعنى هي بواسطة دلالته على ماعناه المتكلم وأراده وإرادته وعنايته في قلبه فلا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/218)
يعرف باللفظ ابتداء ولكن يعرف المعنى بغير اللفظ حتى يعلم أولاً أن هذا المعنى المراد هو الذي يراد بذلك اللفظ ويعنى به فإذا عرف ذلك ثم سمع اللفظ مرة ثانية عرف المعنى المراد بلا إشارة إليه، وإن كانت الإشارة إلى ما يحس بالباطن مثل الجوع ... فإنه لا يعرف اسم ذلك حتى يجده بنفسه فإذا وجده أشير له إليه وعرف أن اسمه كذا .....
إذا عرف ذلك فالمخاطب المتكلم إذا أراد بياناً معان فلا يخلو إما أن يكون مما أدركها المخاطب المستمع إليه بإحساسه وشهوده أو بمعقوله (وإما أن لا يكون كذلك)، فإن كانت من القسمين الأولين لم يحتج إلاّ إلى معرفة اللغة، بأن يكون عرف معاني الألفاظ المفردة ومعنى التركيب فإذا قيل له بعد ذلك (ألم نجعل له عينين* ولساناً وشفتين) .. ونحو ذلك فهم المخاطب بما أدركه بحسه، (وإن كانت المعاني التي يراد تعريفه بها ليست مما أحسه وشهده بعينه ولا بحيث صار له معقول كلي يتناولها حتى يفهم به المراد بتلك الألفاظ، بل هي مما لم يدركه بشيء من حواسه الباطنة والظاهرة، فلا بد في تعريفه من طريق القياس والتمثيل والاعتبار بما بينه وبين معقولات الأمور التي شاهدها من التشابه والتناسب وكلما كان التمثيل أقوى كان البيان أحسن والفهم أكمل) ........ وكذلك لمّا أخبرنا بأمور تتعلق بالإيمان بالله وباليوم الآخر وهم لم يكونوا يعرفونها قبل ذلك (حتى يكون لها ألفاظ تدل عليها بعينها أخذ من اللغة الألفاظ المناسة لتلك بما تدل عليه من القدر المشترك بين تلك المعاني الغيبية والمعاني الشهودية التي كانوا يعرفونها) ....... كما أخبرهم **يعني النبي صلى الله عليه وسلم –وما بين النجوم مني**عن الأمور الغيبية المتعلقة بالله واليوم الآخر فلابد أن يعلموا معنى مشتركاً وشبهاً بين مفردات تلك الألفاظ وبين مفردات ألفاظ ما علموه في الدنيا بحسهم وعقلهم ...... فينبغي أن تُعرف هذه الدرجات:
أولاها: إدراك الإنسان المعاني الحسية المشاهدة.
وثانيها: عقله لمعانيها الكلية.
وثالثها: تعريف الألفاظ الدالة على تلك المعاني الحسية والعقلية
فهذه المراتب الثلاث لابد منها في كل خطاب. فإذا أخبرنا عن الأمور الغائبة فلابد من تعريفنا المعاني المشتركة بينها وبين الحقائق المشهودة والاشتباه الذي بينهما وذلك بتعريفنا الأمور المشهودة ثم إن كانت مثلها لم يحتج إلى ذكر الفارق .... (وإن لم يكن مثلها بين ذلك بذكر الفارق بأن يقال ليس ذلك مثل هذا ونحو ذلك، (وإذا تقدر انتفاء المماثلة كانت الإضافة وحدها كافية في بيان الفارق) (وانتفاء التساوي لايمنع منه وجود القدر المشترك الذي هو مدلول اللفظ المشترك وبه صرنا نفهم الأمور الغائبة ولولا المعنى المشترك ما أمكن ذلك قط .. " هذا ما ذكره ابن أبي العز في شرح العقيدة الطحاوية 1/ 66 - 68 ط الرسالة.
فالمعنى الذي نثبته ونعقله هو المشترك الكلي، وما أضيف إليه من صفات إثبات تليق بمن أضيفت إليه مع نفينا الفارق إذا كان ثمت فارق يلزم منه أمر باطل.
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[02 - 12 - 03, 08:12 م]ـ
1 - ما دليل القاعدة؟
2 - ما معنى يد الله سبحانه وتعالى؟
3 - من قال بذلك من أئمة السلف؟
ـ[حارث همام]ــــــــ[03 - 12 - 03, 06:06 ص]ـ
أخي الأسيف:
أجبتك عن المعنى في ردي السابق ولكن يبدو أنك لم تنتبه له فتأمله.
ملاحظة قال ابن منظور: "اليَدُ: الكَفُّ، وقال أَبو إِسحق: اليَدُ من أَطْراف الأَصابع إِلى الكف، وهي أُنثى محذوفة اللام، وزنها فَعْلٌ يَدْيٌ، فحذفت الياء تخفيفاً فاعْتَقَبت حركة اللام على الدال، والنسَبُ إِليه على مذهب سيبويه يَدَوِيٌّ، والأَخفش يخالفه فيقول: يَدِيٌّ كَنَديَ، والجمع أَيْدٍ، على ما يغلب في جمع فَعْلٍ في أَدْنى العَدَد. الجوهريّ: اليَدُ أَصلها يَدْيٌ على فَعْل، ساكنة العين، لأَن جمعها أَيْدٍ و يُدِيٌّ، وهذا جمع فَعْلٍ مثل فَلْسٍ وأَفْلُسٍ وفُلُوسٍ، ولا يجمع فَعَلٌ على أَفْعُل إِلا في حروف يسيرة معدودة مثل زَمَنٍ وأَزْمُنٍ وجَبَلٍ وأَجْبُلٍ وعصاً وأَعْصٍ، وقد جمعت الأَيْدي في الشعر على أَيادٍ ... "
وبعض اللغويين يقول: الجارحة المعروفة أو العضو ونحو ذلك، وهذا (أعني جارحة أو عضو) وصف زائد عن أصل المعنى يثبت في حق يد بعض المخلوقات وقد شاع فذكروه، وإطلاقه في حق الباري لايجوز إذ لم يثبت أما معناه فيخضع لقاعدة أهل السنة والجماعة في الألفاظ المجملة وقد قررها شيخ الإسلام في غير موضع، خاصة وأنهم يطلقونها وقد يريدون بها معان مختلفة.
كما أن لليد إطلاقات أخرى معروفة منشورة في بطون كتب اللغة وغيرها.
========================================
أما القاعدة التي ذكرها أبوالمنهال الأبيضي -حفظه الله- فقد قررها شيخ الإسلام في غير موضع، وإن كنت تسأل عمن سبق شيخ الإسلام في ذلك فهو ظاهر استدلالات كثير من مثبة الصفات، ولايحضرني ((نص)) مقارب الآن قبل زمن شيخ الإسلام ابن تيمية غير ما ذكره ابن خزيمة في كتاب التوحيد وقد ناقش به الجهمية كثيراً ولبعدي عن مكتبتي لاتتيسر لي مراجعته فراجعه تجده بإذن الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/219)
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[03 - 12 - 03, 08:49 ص]ـ
لراشد
4728 حدثنا علي بن نصر ومحمد بن يونس النسائي المعنى قالا ثنا عبد الله بن يزيد المقرئ ثنا حرملة يعني بن عمران حدثني أبو يونس سليم بن جبير مولى أبي هريرة قال سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها إلى قوله تعالى سميعا بصيرا}
قال ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه
قال أبو هريرة رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها ويضع إصبعيه قال بن يونس قال المقرئ يعني إن الله سميع بصير يعني أن لله سمعا وبصرا
قال أبو داود وهذا رد على الجهمية
معنى قول بعض الأئمة عن أحاديث الصفات ((أمروها كما جاءت .... بلا معنى))! ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3271&highlight=%C7%E1%D5%DD%C7%CA)
أقسام الناس في نصوص الصفات ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4866&highlight=%C7%E1%D5%DD%C7%CA)
حوار مع مؤلف كتاب ((مذهب أهل التفويض في نصوص الصفات، عرض ونقد)) حول كتابه. ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=60&highlight=%C7%E1%D5%DD%C7%CA)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[03 - 12 - 03, 06:28 م]ـ
قال الأخ الفاضل حارث همام حفظه الله
((أما القاعدة التي ذكرها أبوالمنهال الأبيضي -حفظه الله- فقد قررها شيخ الإسلام في غير موضع، وإن كنت تسأل عمن سبق شيخ الإسلام في ذلك فهو ظاهر استدلالات كثير من مثبة الصفات، ولايحضرني ((نص)) مقارب الآن قبل زمن شيخ الإسلام ابن تيمية غير ما ذكره ابن خزيمة في كتاب التوحيد وقد ناقش به الجهمية كثيراً ولبعدي عن مكتبتي لاتتيسر لي مراجعته فراجعه تجده بإذن الله.))
----------------------
وممن ذكرها كذلك الخطيب البغدادي في رسالة في الصفات ص 20 (تحقيق عمرو عبدالمنعم) حيث قال:
(وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله سبحانه، وحققها قوم من المثبتين فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات ويحتذى في ذلك حذوه) انتهى.
وذكرها كذلك قوام السنة الأصبهاني في الحجة في بيان المحجة (1/ 175).
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[03 - 12 - 03, 11:25 م]ـ
جزاكم الله خيرا سوف أراجع ما سبق ولكن:
تقولون نعلم معنى يد الله فما معناها وإن لم تجيبوا فهذا هو مذهب المفوضة فلا يعقل أن يقول شخص لا نعلم معنى يد ولكنهم يقولون لا نعلم معنى يد الله؟
ـ[حارث همام]ــــــــ[04 - 12 - 03, 02:18 ص]ـ
جزى الله خيراً شيخنا عبدالرحمن وكثر فوائده ..
أخي الفاضل راشد:
قلتم: "يد الله صفة ذاتية ليست جارحة ولا عضواً، ولا يلزمنا أن نبحث ونخوض في معناها أكثر من ذلك"
هو كذلك وقد كان السلف على ذلك .. بل كانوا لاينفون تلك الألفاظ الحادثة أيضاً إلاّ لمقتض أو مع تبيين خاصة بعد أن تعدد مايريده المتكلمون بها فقد يريدون نفي معنا صحيح بنفي لفظ محدث، والخير في هدي من سلف
وخير الأمور السالفات على الهدى ** وشر الأمور المحدثات فبعد
ولكن اضطرنا للخوض فيها ما اضطر أهل السنة قديماً وحديثاً، وإلاّ فالأصل ما قلتم.
أما كون اليد معناها الجارحة عند المخلوق فهذا ليس من خصيصة الصفة (اليد) ولكن ذكروه لأنه ثبت بالإضافة للذات في حق الحيوان المحدث.
فقد سميت الحيوانات المصيودة كسباع الطير والبهائم جوارح لأنها تكتسب الصيود والباري مستغن عن الاكتساب فلا يتصور استحقاقه لتسميته جارحة لغة.
ولشيخ الإسلام كلام محكم بديع حول هذا في بيان تلبيس الجهمية ص37، فأرجو أن تنظره.
=========================================
االأخ الفاضل لأسيف وفقه الله ..
هل بالإمكان أن توضح لي ماهو مرادكم (بالمعنى)؟ ماهو المعنى وكيف يعلم؟ [أرجو أن تراجع كلام ابن أبي العز في أول رد لي وتعرضه على ما عندكم جزيتم خيراً].
أما مذهب المفوضة فهم يقولون اليد لانعلم ما أراد بهاالله، الله وحده يعلم مراده منها. فكلمة يد عندهم ككلمة (بهشقفغ) أو غيرها مما لا يعلم معناه إلاّ من قاله فقط.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/220)
وأهل السنة يقولون هي يد (((حقيقية))) والمفوضة لايقولون هذا-وقد أُشير فيما سبق إلى أنه لايلزم من ذلك أن تكون جارحة أو عضواً في حق غير الحيوان المخلوق- ويبينون معناها بذكر ((ما يناسب عينها)) مما ثبتت به النصوص، فيقولون هي: صفة ذات، يفعل بها؛ يقبض ويبسط ويطوي ويخلق ويحثو، لها راحة وقبضة وأصابع.
وهذا الذي ذكرته لك من بيان المعنى دل عليه كلام العرب (راجع ما نقلته عن لسان العرب لابن منظور).
ودل عليه تعريفهم لفهم المعاني كما في عبارة ابن أبي العز: "المخاطب لايفهم ((المعاني)) المعبر عنها باللفظ إلا أن يعرف ((عينها))، أو ((ما يناسب عينها)) "
أما قوله يعرف عينها، فهو يقتضي معرفة الكيف بواحدة من طرقها الثلاثة المعروفة، وهذه ممتنعة في حق الباري سبحانه وتعالى.
أما قوله أو ما يناسب عينها فهو المتعين في معرفة معان الصفات، وتأمل هذا الكلام:
"وأما قولهم إن أردتم إثبات صفة تقارب الشاهد فيما يستحق مثله الاشتراك في الوصف فهذا هو التشبيه بعينه فنقول لهم المقاربة تقع على وجهين:
أحدهما: مقاربة في الاستحقاق لسبب موجبه التمام والكمال وتنفي النقص.
والثاني: مقاربة في الاستحقاق لسبب تقتضيه الحاجة ويوجبه الحس ومحال أن يراد به الثاني لأن الله تعالى قد ثبت أنه غني غير محتاج ولا يوصف بأنه يحتاج إلى الإحساس لما في ذلك من النقص.
فيبقى الأول وصار هذا كإثبات الصفات الموجبة للكمال ودفع النقص.
وأما قولهم: إن ذلك يوجب إثبات الجوارح والأعضاء فليس بصحيح من جهة أنه يكتسب بها ما لو لا ثبوتها له لعدم الاكتساب مع كونه محتاجا إليه ولهذا سميت الحيوانات المصيودة كسباع الطير والبهائم جوارح لأنها تكتسب الصيود والباري مستغن عن الاكتساب فلا يتصور استحقاقه لتسميته جارحة مع عدم السبب الموجب للتسمية فأما تسمية الأعضاء فإنها تثبت في حق الحيوان المحدث لما تعينت له من الصفات الزائدة على تسمية الذات لأن العضو عبارة عن الجزء ولهذا نقول عضيته أي جزيته وقسمته ومنه قوله تعالى الذين جعلوا القرآن عضين أي قسموه فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه فإذا كان العضو إنما هو مأخوذ من هذا فالباري تعالى ليس بذي أجزاء يدخلها الجمع وتقبل التفرقة والتجزئة فامتنع أن يستحق ما يسمى عضوا فإذا ارتفع هذا بقي أنه تعالى ذاته لا تشبه الذوات مستحقة للصفات المناسبة لها في جميع ما تستحقه فإذا ورد القرآن وصحيح السنة في حقه بوصف تلقي في التسمية بالقبول ووجب إثباته له مثل ما يستحقه ولا يعدل به عن حقيقة الوصف إذ ذاته تعالى قابلة للصفات وهذا واضح بين لمن تأمله" إنتهى من بيان تلبيس الجهمية.
ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[04 - 12 - 03, 10:58 م]ـ
جزى الله خيراً الأخوة الذين شاركوا.
وأعتذر لأخينا الأسيف على أني لم أكمل.
فهذا لأنني أصبح ليس عندي هاتف أدخل منه على الإنترنت، وهذا للأسباب خارجة عن إرادتي.
وأنا الآن أكتب هذه المشاركة من أحد الأماكن العامة.
ولعل دخولى على الملتقى يكون من هذا المكان للأسف.
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[04 - 12 - 03, 11:00 م]ـ
جيد ولكن:
لا أريد معنى اليد فاليد عند المفوضة معروفة ولكن يد الله عندهم لا يعلمونها ولهذا فأريد معنى يد الله أو أن تقول لا معنى لها أو أن تقول لا نعلم معناها أرجو أن تفهمني فأنا لا أريد ما الذي يفعله الله عزوجل بيده ولكن أريد إحدى الأمور التي ذكرتها لك قبل قليل فلا أدري ما الفرق بين المفوضة وبيننا في عقيدتنا بهذه الصفات الذاتية خاصة.
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[04 - 12 - 03, 11:19 م]ـ
إلى خالد بن عمر الحديث الذي ذكرته ينظر فيه فعبد الله بن يزيد المقرئ قال فيه أبو حاتم الرازي صدوق وهذه معناها عنده يكتب حديثه وينظر فيه. وقال الخليلي أن المقرئ يتفرد بأحاديث.
ـ[حارث همام]ــــــــ[05 - 12 - 03, 02:23 ص]ـ
ما ذكرته لك من معناه وفقاً لما يفهمه العرب بـ (المعنى) ووفقاً لما ذكره أهل العلم حول مفهوم (المعنى). وهذا ما فصلته في الردود السابقة.
فأي معنى تريد أكثر من أن يقال المراد بها صفة ذات حقيقية لها كفة ... إلى آخر ماذكرت!
إلاّ إذا كان (للمعنى) عندكم مراد آخر فأرجو أن تبينه! خاصة وأن كثيرين يقع عندهم خلط إذ يسألون عن الكيف ويظنون أنهم يسألون عن معنى.
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[05 - 12 - 03, 08:06 ص]ـ
الأسيف = عبدالرحمن الخبري
أخرج البخاري في صحيحه
297 باب وما قدروا الله حق قدره
4533 حدثنا آدم حدثنا شيبان عن منصور عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله رضي الله عنه قال ثم جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر على إصبع ظاهرا والثرى على إصبع وسائر الخلائق على إصبع فيقول أنا الملك فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون}
وأخرجه مسلم [2786]
******************
ومحاولة إعلالك لحديث أبي هريرة عند أبي داود فأقول:
عبدالله بن يزيد المقريء إمام ثقة عند الجميع
قال الخليلي: ثقة، حديثه عن الثقات محتج به، ويتفرد بأحاديث، وابنه محمد ثقة متفق عليه
أقول: وقد روى هنا عن محمد بن حرملة وهو ثقة
فبطل استدلالك بكلام الخليلي
أما قول أبي حاتم عن الرجل إنه صدوق:
فهو يساوي ثقة عند غيره لأنه من المتشددين وهذا يعلمه كل من له اطلاع على أحوال المتكلمين في الرواة
والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/221)
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[05 - 12 - 03, 11:04 م]ـ
الحديث الذي في البخاري غير ما ذكرت سابقا ولكن ما معنى إصبع الله تعالى أم تقول لا معنى أم تقول لا أدري ما المعنى
؟
وبالنسبة للمقرئ هلا نقلت لنا من وثقه فالخليلي فصل في أنه يتفرد أحيانا وهذه مع قول أبو حاتم الرازي أنه صدوق = (ينظر فيه) تجعلنا نتوقف في الحديث؟
لا تنسى ذكر الموثقين للمقرئ؟
وجزاكم الله خيرا وبارك فيكم وهدانا وإياكم إلى الصراط المستقيم
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[05 - 12 - 03, 11:06 م]ـ
إلى الأخ حارث لم أفهم بعد أتقول أنه لا معنى ليد الله تعالى أم أن لها معنى فالكلام الذي قلته صحيح هي يد حقيقية ولا نعطل ولا نؤول ولكن لا أدري ما أقول للأشعري عن معنى يد الله فكأن المفوضة هنا لهم وجه؟
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[06 - 12 - 03, 12:15 ص]ـ
الأسيف هدانا الله وإياه
إذا استطعت أن تصل إلى كلام أبي حاتم والخليلي فستستطيع الوصول إلى كلام غيرهم، وإن كنت لا تستطيع الوصول إلى كلام غيرهم فالسكوت عما لا تعلم خير من الكلام بغير علم
أما ما نقلته لك عن البخاري فهو تأسيا بإبراهيم عليه السلام عندما قال النمرود إنه يستطيع الإحياء والإماته فلم يجادله فيما قال مع أن الرد عليه سهل ولكنه انتقل إلى شيء آخر لا يستطيع الخصم أن يشكك فيه
*******************
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة الأسيف
إلى الأخ حارث لم أفهم بعد أتقول أنه لا معنى ليد الله تعالى أم أن لها معنىفالكلام الذي قلته صحيح هي يد حقيقية ولا نعطل ولا نؤول ولكن لا أدري ما أقول للأشعري عن معنى يد الله فكأن المفوضة هنا لهم وجه؟
أقول لك:
هل تثبت لله ذاتا حقيقية
إن كنت تثبتها فقل لنا كيف هي هذه الذات
ـ[مجرد إنسان]ــــــــ[06 - 12 - 03, 12:30 ص]ـ
الأخوة الكرام
شكر الله للجميع ما كتبوا، وغفر لهم
الأخ الأسيف، وباقي الإخوة
لا بد أن نعلم أن السلف عندما يقولون نعلم معاني الصفات لا يقصدون بها أنهم يعرفونها كما الله متصف بها حقيقة، إذ لو كانوا يعلمون كما الله متصف بها حقيقة لعرفوا كيفيتها.
وإنما السلف يثبتون حقيقة هذه الصفات على الوجه اللائق به سبحانه مع وجود معنى كلي (وهذا مهم جدا) يقتضي فهم معنى صفة الله عز وجل.
فأنت إذا وصفت الله عز وجل بالعلم، فأنت لا تدرك معنى الصفة كما الله متصف بها حقيقة لكنك تعرف أن العلم: هو إدراك المعلوم.
وانتبه، ليس هذا معنى العلم في حق الآدمي أو غيره، بل هو المعنى الكلي المشترك لفهم تلك الصفة، والذي لا بد من وجوده في كل من اتصف به، وإلا لما كان للكلام العربي فائدة.
وأعود مرة أخرى للعلم، فالعلم في حق الإنسان هو إدراك معلوم على وجه مستحدث يسبقه جهل ويلحقه نسيان.
ولا يمكننا أن نقول إن هذا معنى العلم، بل هو معنى العلم في حق الإنسان فقط.
أما معنى العلم بشكل عام: هو إدراك المعلوم.
وقل مثل ذلك في صفة المغفرة والرحمة والرضا والكلام، ولهذا قال السلف إن كلام الله عز وجل بحرف وصوت، لأن هذا هو معنى الكلام في اللغة ولا يمكن أن يكون كلام بلا حرف ولا صوت، إذ هو المعنى الكلي لهذه الصفة.
ثم عندما تضيف الكلام لمن اتصف به، فإنه يأخذ مقتضيات أخرى تستلزم من اتصف به، فاتصاف الإنسان بالكلام ليس كاتصاف الله جل وعلا.
واتصاف الإنسان بالكلام، ليس كاتصاف هدهد سليمان به، وهكذا.
لكن هناك قدر مشترك لا بد من وجوده لفهم معنى الصفة.
واعلم ..... أن هذه الكلي (القدر المشترك) لا وجود له في الأعيان، فلا تجد علما مجرد بمعنى إدراك المعلوم فقط دون إضافة ذلك، بل هذا القدر المشترك هو في الأذهان كما قرره الأئمة، ويتحدد القدر المشترك بالإضافة.
ونعود إلى اليد.
فاليد هي ما يمسك بها ويقبض ويبسط.
هذا معنى كلي لليد، لكن هذا المعنى الكلي إذا إضيف للإنسان أخذ مقتضيات أخرى تدل على تلك الصفة في حق الإنسان، وهكذا.
هذا معنى اليد الذي يقصده السلف ولا يقصدون تمثيله بالإنسان أو غيره.
فإن قلت ما الفرق إذا بين مذهب المفوضة ومذهب السلف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/222)
فالجواب: أنه عند المفوضة يجوز أن يكون معنى اليد هو العلم، ويجوز أن يكون معنى الغضب الرحمة، ويجوز أن يكون وجود الله هو مغفرته، فليس لتلك الصفات دلالات لأنك لا تعرف معناها ولا ما تدل عليه بأي وجه أو شكل.
وأنت إذا قلت على مذهبهم يا غفور اغفر لي، كما يقول يا كلام الله اغفر لي.
بينما مذهب السلف يقولون إن الرحمة معلومة لدينا، والمغفرة كذلك، وأنت عندما تدعوا وتقول اللهم اغفر لي، فإنك تسأل الله بصفة من صفاته تقتضي التجاوز والستر والصفح.
وهكذا.
ـ[حارث همام]ــــــــ[06 - 12 - 03, 06:53 ص]ـ
الأخ الفاضل مجرد إنسان جزاك الله خيراً كلامك محكم ورصين، وهو كذلك.
ولكن لعل الأسيف يسأل عن المعنى المشترك الكلي (لليد) فكما قلتم العلم هو إدراك المعلوم، فما هو معنى اليد (المشترك الكلي).
وللتوضيح أقول لو قيل أن معنى علم الله: إدراك المعلومات ما كان منها وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون ويشمل ذلك ما كان في السماوات السبع، والأرضين السبع، وما بينهما، وما تحت الثرى، وما في قعر البحار، ومنبت كل شعرة وكل شجرة وكل زرع وكل نبات، ومسقط كل ورقة، وعدد ذلك، وعدد الحصى والرمل والتراب، ومثاقيل الجبال، وأعمال العباد وآثارهم، وكلامهم، وأنفاسهم، ويعلم كل شيء، لا يخفى عليه من ذلك شيء، وهو على العرش فوق السماء السابعة، [وكل هذا ثبت عن أهل السنة نصه].
لو قيل هذا لكان الجواب صحيحاً في معنى علم الله.
وهنا قلنا له في معنى اليد أنها صفة ذاتية حقيقية يفعل الله بها ما يشاء. ثم فصلنا له هذا المعنى وفقاً للغة العرب وما يأيدها مما ثبت (عن السلف) وجاءت به النصوص فنقلت قول أهل السنة من كونها صفة ذات حقيقية ونقلت ما أثبتوه لها كالقبضة والأصابع والطي والبسط والكتابة وغير ذلك لمزيد البيان والإيضاح.
ومع ذلك يقول يريد المعنى!
فالذي يظهر من هذا أن في تعريف المعنى إشكال عند أخينا الأسيف، على الرغم من أن توضيح (المعنى) قد سبق بيانه وكذلك (المعنى المشترك الكلي) في كلمة ابن أبي العز، هذا وقد سبق النقل عن بعض أهل اللغة بيانهم لمعنى اليد، وقد كان جزءا من بيان معنى اليد الذي نقلته للأخ. ومازال يقول لم تذكروا المعنى!
ولهذا أقول: الأخ الأسيف .. وفقكم الله تعالى
عرف المعنى، حد لي المعنى الذي تريده؟ ماهو المعنى عندكم؟
ـ[السفاريني]ــــــــ[06 - 12 - 03, 08:18 ص]ـ
لها راحة وقبضة وأصابع
هل من دليل على ما ذكرت؟
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[06 - 12 - 03, 08:47 م]ـ
إلى خالد بن عمر: الحديث الذي في البخاري لا أخالفه وكذلك الحديث المتوقف فيه ولكن الحق يقال فأنت صححت وعليك ان تذكر من وثقه (المقرئ) فإن قلت النسائي وابن حبان فأبو حاتم الرازي أعلم منهما وأنا متوقف في الحديث وعلى المصحح الدليل فأين هو؟ والكلام عن صفة اليد ولا علاقة لما ذكرت بالموضوع!
________________
إلى مجرد إنسان وحارث:
أنتم تقولون نعلم معنى يد الله عزوجل وأقول لكم ما معناها فتقولون يقبض ويبسط بها فاقول وكذلك مذهب المفوضة فتقولون صفة ذات وأقول كذلك مذهب المفوضة وتقولون له أصابع وقبضة فأقول وكذلك مذهب المفوضة وأما أن اليد قد تكون العلم عند الله فهذا غريب فهم لا يعلمون معنى علم الله فكيف قد وقد؟! ولكن على العموم أنا ليس لي علاقة بالمفوضة وأقول لله عزوجل يد ولكن لا أعلم معناها حاليا فهلا علمتوموني بمعناها فالقبضة والكف والأصابع صفات أخرى وليس هذا بمعنى فمثلا يد الإنسان تعني: عضو أو جارحة (له صفة معينة) يفعل بها كذا وكذا فهل تقولون هذا عن يد الله عزوجل؟ أم تقولون لا معنى أم تقولون لا نعلم المعنى؟
ثلاثة خيارات أرجو الإختيار
ـ[مجرد إنسان]ــــــــ[06 - 12 - 03, 09:50 م]ـ
إلى الأسيف
يبدو أنك تجادل دون أن تعرف أصلا مذهب المفوضة.
تقول:" فتقولون يقبض ويبسط بها فاقول وكذلك مذهب المفوضة فتقولون صفة ذات وأقول كذلك مذهب المفوضة وتقولون له أصابع وقبضة فأقول وكذلك مذهب المفوضة "
أرجو أن تراجع مذهب المفوضة وتعلم حقيقة مذهبهم، ثم تأتي إلى هنا لنبين لك الفرق بينه وبين مذهب السلف.
وضعت علامة (####) عند الكلام المقصود.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/223)
قال شيخ الإسلام:" إن هؤلاء المبتدعين الذين يفضلون طريقة الخلف من المتفلسفة ومن حذا حذوهم على طريقة السلف: إنما أتوا من حيث ظنوا: أن طريقة السلف هي مجرد الإيمان بألفاظ القرآن والحديث من غير فقه لذلك بمنزلة الأميين الذين قال الله فيهم: {ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني} وأن طريقة الخلف هي استخراج معاني النصوص المصروفة عن حقائقها بأنواع المجازات وغرائب اللغات. فهذا الظن الفاسد أوجب " تلك المقالة " التي مضمونها نبذ الإسلام وراء الظهر وقد كذبوا على طريقة السلف وضلوا في تصويب طريقة الخلف، فجمعوا بين الجهل بطريقة السلف في الكذب عليهم. وبين الجهل والضلال بتصويب طريقة الخلف.
######### وسبب ذلك اعتقادهم أنه ليس في نفس الأمر صفة دلت عليها هذه النصوص بالشبهات الفاسدة التي شاركوا فيها إخوانهم من الكافرين، فلما اعتقدوا انتفاء الصفات في نفس الأمر وكان مع ذلك لا بد للنصوص من معنى بقوا مترددين بين الإيمان باللفظ وتفويض المعنى - وهي التي يسمونها طريقة السلف - وبين صرف اللفظ إلى معان بنوع تكلف - وهي التي يسمونها طريقة الخلف - فصار هذا الباطل مركبا من فساد العقل والكفر بالسمع " ا. هـ
وانتبه في الفقرة الثانية إلى حقيقة مذهب المفوضة، فالمفوضة والمؤولة متفقون على أنه لا يراد بتلك النصوص ظاهرها، ثم المفوضة يمسكون عن المعاني معرفة ودلالة وبحثا، خلافا للمؤولة.
وقال رحمه الله:" لكن نفوا الصفات لما رأوا أن ما ذكروه من النفي لم يذكره الرسول فلم يخبر به ولا ذكر دليلا عقليا عليه، بل إنما ذكر الإثبات ######## وليس هو في نفس الأمر حقا، فأحوج الناس إلى التأويل أو التفويض "
وقال رحمه الله:" ######## ولهذا لا يوجد لنفاة بعض الصفات دون بعض - الذين يوجبون فيما نفوه: إما التفويض، وإما التأويل المخالف لمقتضى اللفظ - قانون مستقيم. فإذا قيل لهم: لم تأولتم هذا وأقررتم هذا والسؤال فيهما واحد؟ لم يكن لهم جواب صحيح فهذا تناقضهم في النفي وكذا تناقضهم في الإثبات "
وقال رحمه الله:" فلو كان النهي عن رفع البصر إلى السماء وليس في السماء إله لكان لا فرق بين رفعه إلى السماء ورده إلى جميع الجهات ولو كان مقصوده أن ينهى الناس أن يعتقدوا أن الله في السماء أو يقصدوا بقلوبهم التوجه إلى العلو لبين لهم ذلك كما بين لهم سائر الأحكام.
فكيف وليس في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا في قول سلف الأمة حرف واحد يذكر فيه أنه ليس الله فوق العرش أو أنه ليس فوق السماء أو أنه لا داخل العالم ولا خارجه ولا محايث له ولا مباين له أو أنه لا يقصد العبد إذا دعاه العلو دون سائر الجهات؟ بل جميع ما يقوله الجهمية من النفي - ويزعمون أنه الحق - ليس معهم به حرف من كتاب الله ولا سنة رسوله ولا قول أحد من سلف الأمة وأئمتها بل الكتاب والسنة وأقوال السلف والأئمة مملوءة بما يدل على نقيض قولهم ز
###### وهم يقولون: إن ظاهر ذلك كفر، فنؤول أو نفوض، فعلى قولهم ليس في الكتاب والسنة وأقوال السلف والأئمة في هذا الباب إلا ما ظاهره الكفر وليس فيها من الإيمان في هذا الباب شيء والسلب الذي يزعمون أنه الحق - الذي يجب على المؤمن أو خواص المؤمنين اعتقاده عندهم - لم ينطق به رسول ولا نبي ولا أحد من ورثة الأنبياء والمرسلين "
وقال رحمه الله:" والقاضي أبو بكر وأمثاله أقرب إلى السلف من أبي المعالي وأتباعه ####### فإن هؤلاء نفوا الصفات: كالاستواء والوجه واليدين. ثم اختلفوا هل تتأول أو تفوض؟ على قولين أو طريقين فأول قولي أبي المعالي هو تأويلها كما ذكر ذلك في " الإرشاد " وآخر قوليه تحريم التأويل ذكر ذلك في " الرسالة النظامية " واستدل بإجماع السلف على أن التأويل ليس بسائغ ولا واجب "
وقال رحمه الله:" ولهذا صار للناس فيما ذكر الله في القرآن من الاستواء والمجيء ونحو ذلك ستة أقوال.
طائفة يقولون: تجري على ظاهرها ويجعلون إتيانه من جنس إتيان المخلوق ونزوله من جنس نزولهم. وهؤلاء المشبهة الممثلة .....
وطائفة يقولون: بل النصوص على ظاهرها اللائق به كما في سائر ما وصف به في نفسه وهو {ليس كمثله شيء} لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ......
######## وطائفتان يقولان: بل لا ينزل ولا يأتي كما تقدم ثم منهم من يتأول ذلك ومنهم من يفوض معناه.
وطائفتان واقفتان منهم من يقول: ما ندري ما أراد الله بهذا ومنهم من لا يزيد على تلاوة القرآن. "
هذه بعض النقولات وهناك أمثالها كثير.
والله الموفق
ـ[حارث همام]ــــــــ[07 - 12 - 03, 02:06 ص]ـ
الأخ السفاريني -وفقه الله- ما ذكرتُه ذكرت دليله في أول رد لي فراجعه.
=========================================
الأخ الفاضل مجرد إنسان، يبدو أن الأخ الأسيف لايعرف مذهب المفوضة غير أنه يعلم أنهم يقولون لامعنى، ولكن الإشكال أنه لايعرف ماذا يراد بالمعنى؟
سألته أكثر من ثلاث مرات عن تعريف المعنى، ماهو المعنى فحاد في كل مرة!
طلب آخر من الأخ الأسيف:
انقل لنا عن واحد فقط من الفوضة يقول أن يد الله صفة ذات حقيقية لها كف وأصابع يقبضها ويبسطها ..
وما نريد إلاّ واحد واحد فقط!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/224)
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[07 - 12 - 03, 08:15 م]ـ
إلى الإخوة أعلاه إنما أنا متعلم فقط ولست بمفوض ولكن قولوا لي هذه العبارات صحيحة ولا لا:
1 - إذن نقول أن معنى يد الله عزوجل: هي ما يقبض بها ويخلق و و و؟ ولكننا لا نعرف ماهيتها.
2 - المفوضة لا تقول بأن لله يد يفعل بها كذا وكذا ولا نعرف معناها ولكنهم ينفون ظاهر المعنى ويقولون ربما هي القوة وربما كذا وكذا ولكننا لا نعرف المقصود؟
والسلام
ـ[حارث همام]ــــــــ[07 - 12 - 03, 09:03 م]ـ
أسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن يطلبون الحق ويسعون إلى تحصيله.
وحقيقة لازلت أنتظر جوابك حتى نفهم ماعندك تماماً وحتى نعرف ما هو وجه الإشكال فأرجو الرد على ما سبق السؤال عنه.
ولو لم يكن عندك جواب فلا إشكال قل لا أعرف ما يريدون بالمعنى، وتنتهي المسألة.
ولعلي أوضح لك مرادهم به مرة أخرى مع فك العبارات التي سبقت.
=========================================
أما قولك يد الله هي ما يقبض بها ويخلق .... فهو من المعنى، ولكن جزؤه الأهم أنها صفة ذات حقيقية، وهذا ما لن تجد أحد من المفوضة يقول به، بل هم يزعمون أن القول بأنها صفة ذات حقيقية كما يقول أهل السنة تليق بجلال الله يزعمون أن هذا تشبيه.
وهذا مطرد عنهدهم في كل صفات الذات، فأهل السنة يقولون أنها صفات ذات حقيقية، والمفوضة يقولون هذا تشبيه.
ثم يميز أهل السنة في تعريفهم صفة الذات بنحو ما ذكرت فإن كانت يد أثبتوا: أن الله يقبضها ويبسطها .... إلى آخر ما سبق ذكره.
وإذا كانت عيناً قالوا (صفة ذات حقيقية) يبصر بها ما فوق السماوات العلى وما تحت الأرضين السفلى، ونحو ذلك مما ثبتت به النصوص.
وهكذا
========
أما قولك "2 - المفوضة لاتقول بأن لله ... "
فليس بدقيق بل هو أشبه بوصف المأولة شيئاً ما، فالمفوضة تثبت اللفظ المثبت (يد الله) لايستطيعون حكها من المصحف، ثم تسلبه ما دل عليه (تنكر أن تكون تلك صفة ذات حقيقية) وترى أن ذلك تنزيهاً.
ثم هم لايقولون معناها القوة أو غيرها مما تفعله المأولة بل يزعمون أنه لايعلم المعنى من هذه اللفظة إلاّ الله.
والله أعلم.
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[10 - 12 - 03, 11:19 م]ـ
المعنى هو ما يقوم مقام الكلمة أي المعبر عنها حتى يعرفها القارئ أو السامع.
على العموم لدي سؤال حتى يكتمل فهمي لكلامكم:
هل هذه العبارة صحيحة: معنى يد الله تعالى: هو ما يفعل الله به كذا وكذا من الأفعال ولكننا لا نعلم ماهية هذا الشيء.
ـ[حارث همام]ــــــــ[11 - 12 - 03, 12:15 ص]ـ
لعله تكون هناك رجعة حول ما ذكرتم عن المعنى ...
وعلى كل مرة أخرى جواباً لسؤالكم:
قال ابن منظور في لسان العرب ناقلاً عن بعض أهل اللغة، معرفاً اليد: "اليَدُ: الكَفُّ، وقال أَبو إِسحق: اليَدُ من أَطْراف الأَصابع إِلى الكف .. "
فمن قال أن يد الله: صفة ذات حقيقية لها كف وأصابع يقبضها ويبسطها يخلق بها ويطوي ويحثو يكتب بها ويخط ويفعل بها مايشاء.
فقد ذكر معنى يد الله، بما ثبت لأصل المعنى (أعني: صفة الذات الحقيقية) مما أثبته الشرع وهو ظاهر قول السلف والحمد لله.
وأصل المشكلة أن كثيراً ممن يسألون عن المعنى لايعرفون ماذا يريدون، فبعضهم يسأل عن معنى اليد ويستغرب إثباته لأنه يظن أن اليد معنى آخر يراه في بعض المخلوقات (كالجارحة مثلاً)! وهذا باطل، وآخرون يسألون ويريدون جواب ماهو! (معرفة الماهية).
وبعضهم لايتصور أن المعنى المشترك الكلي هو المراد لأنه لاوجود له في الخارج ويغفل عن وجود ألفاظ وأوصاف مقيدة له في حق الخالق جل وعلا على ما يليق به.
وهذا المعنى المشترك نبه عليه أهل العلم كثيراً قال ابن أبي العز في شرح الطحاوية:
"اعلم أن المخاطب لا يفهم المعاني المعبر عنها باللفظ إلاّ أن يعرف عينها " وهذا يستلزم معرفة الكيف وله طرق ثلاثة ذكرها أهل العلم كلها ممتنعة في حق الله تعالى.
ثم قال -رحمه الله-: "أو مايناسب عينها ويكون بينهما قدر مشترك ومشابهة في أصل المعنى وإلاّ فلا يمكن تفهيم المخاطبين بدون هذا قط"
ثم قال: "وإن كانت المعاني التي يراد تعريفه بها ليست مما أحسه وشهده بعينه ولا بحيث صار له معقول كلي يتناولها حتى يفهم به المراد بتلك الألفاظ، بل هي مما لم يدركه بشيء من حواسه الباطنة والظاهرة، فلا بد في تعريفه من طريق القياس والتمثيل والاعتبار بما بينه وبين معقولات الأمور التي شاهدها من التشابه والتناسب وكلما كان التمثيل أقوى كان البيان أحسن والفهم أكمل".
وإذا قال المفوضة أو المأولة أنتم بذلك تقعون في التشبيه نرد عليهم بما قاله شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية:
"وأما قولهم إن أردتم إثبات صفة تقارب الشاهد فيما يستحق مثله الاشتراك في الوصف فهذا هو التشبيه بعينه فنقول لهم المقاربة تقع على وجهين:
أحدهما: مقاربة في الاستحقاق لسبب موجبه التمام والكمال وتنفي النقص.
والثاني: مقاربة في الاستحقاق لسبب تقتضيه الحاجة ويوجبه الحس ومحال أن يراد به الثاني لأن الله تعالى قد ثبت أنه غني غير محتاج ولا يوصف بأنه يحتاج إلى الإحساس لما في ذلك من النقص.
فيبقى الأول وصار هذا كإثبات الصفات الموجبة للكمال ودفع النقص."
أما القول بأنها (صفة ذات حقيقية) فلا تقول به المفوضة أو المأولة، وهو معنى كلي مشترك لاوجود له إلاّ في الأهان لسائر صفات الذات يقول به أهل السنة، ثم يأتي ما يناسب كل صفة على حدة وفقاً لما جاء به الشرع.
ولئن أثبت بعض المفوضة لفظ اليد، فقد جردوه من المعنى وعندهم أنه لا علاقة بين القبض والبسط والطي واليمين والقبضة والأصابع والكتابة والخط مع اليد فكلها أمورلايعلمون ماذا تعني قد تكون مترادفة وقد تكون متباينة وقد يكون لبعضها تعلق ببعض لايدرون، غير أنهم ينفون التشبيه الذي يرونه لازماً من قول أهل السنة صفة ذات حقيقية!
وعليه لعل جواب سؤالكم الأخير قد اتضح فما ذكرته شيء من تعريف اليد ولكن لابد من القول قبل ذلك أنها صفة ذات حقيقية، ثم تأتي الصفات التي ذكرت وغيرها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/225)
ـ[حارث همام]ــــــــ[11 - 12 - 03, 02:17 ص]ـ
المعنى هو ما يقوم مقام الكلمة أي المعبر عنها حتى يعرفها القارئ أو السامع.
كنت أرجو أن تشير إلى واضع التعريف ومصدره لعلنا نظفر بمناقشه أو على الأقل نعرف حال واضعه، خاصة وأن فواصل تعريفكم هذا وحدوده يرد عليها ما يرد، وعلى كل حسبي قولكم في التعريف:
(ما يقوم مقام الكلمة) وهذا حد يشمل الإشارة والصورة والكلمات المرادفة -إن كانت ثم- وكذلك الأوصاف والخصائص اللازمة للشيء.
أفلا ترون بعد هذا -وفقاً لتعريفكم للمعنى- أن القول بأن يد الله: هي صفة ذات حقيقية لها كف وقبضة وأصابع (لانعلم كيفها) غير أن الله يقبضها ويسطها .... ويفعل بها ما شاء.
وغير ذلك من أوصاف ثبتت لها وخصائص جاء الوحي بها وبينها النبي صلى الله عليه وسلم أوضح بيان كما في الأثر الذي أورده الأخ الفاضل خالد بن عمر في أول رد له وكما في حديث عبد الله بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول يأخذ الجبار سماواته وأرضه بيده فأتى بيده فجعل يقبضها ويبسطها ثم يقول أنا الجبار أين الجبارون أين المتكبرون قال ويتميل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمينه وعن يساره حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه حتى إني أقول أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم.
ألا ترون أن هذا بيان للمعنى!
أخي الكريم، تأمل ما جاء في هذه الأحاديث، وتأمل كلام ابن أبي العز وشيخ الإسلام:
"وإن كانت المعاني التي يراد تعريفه بها ليست مما أحسه وشهده بعينه ولا بحيث صار له معقول كلي يتناولها حتى يفهم به المراد بتلك الألفاظ، بل هي مما لم يدركه بشيء من حواسه الباطنة والظاهرة، فلا بد في تعريفه من طريق القياس والتمثيل والاعتبار بما بينه وبين معقولات الأمور التي شاهدها من التشابه والتناسب وكلما كان التمثيل أقوى كان البيان أحسن والفهم أكمل".
وإذا قال المفوضة أو المأولة أنتم بذلك تقعون في التشبيه نرد عليهم بما قاله شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية:
"وأما قولهم إن أردتم إثبات صفة تقارب الشاهد فيما يستحق مثله الاشتراك في الوصف فهذا هو التشبيه بعينه فنقول لهم المقاربة تقع على وجهين:
أحدهما: مقاربة في الاستحقاق لسبب موجبه التمام والكمال وتنفي النقص.
والثاني: مقاربة في الاستحقاق لسبب تقتضيه الحاجة ويوجبه الحس ومحال أن يراد به الثاني لأن الله تعالى قد ثبت أنه غني غير محتاج ولا يوصف بأنه يحتاج إلى الإحساس لما في ذلك من النقص.
فيبقى الأول وصار هذا كإثبات الصفات الموجبة للكمال ودفع النقص."
لتوقن بأن النبي صلى الله عليه وسلم بين المعنى أيما بيان، لم يكتم شيء منه، ولم يدع لمنكره مجال.
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[11 - 12 - 03, 06:15 م]ـ
إذن هذه العبارة صحيحة: معنى يد الله تعالى: هو ما يفعل الله به كذا وكذا من الأفعال ولكننا لا نعلم ماهية هذا الشيء.
ـ[حارث همام]ــــــــ[11 - 12 - 03, 10:26 م]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة حارث همام
=========================================
أما قولك يد الله هي ما يقبض بها ويخلق .... فهو من المعنى، ولكن جزؤه الأهم أنها صفة ذات حقيقية، وهذا ما لن تجد أحد من المفوضة يقول به، بل هم يزعمون أن القول بأنها صفة ذات حقيقية كما يقول أهل السنة تليق بجلال الله يزعمون أن هذا تشبيه.
وهذا مطرد عنهدهم في كل صفات الذات، فأهل السنة يقولون أنها صفات ذات حقيقية، والمفوضة يقولون هذا تشبيه.
ثم يميز أهل السنة في تعريفهم صفة الذات بنحو ما ذكرت فإن كانت يد أثبتوا: أن الله يقبضها ويبسطها .... إلى آخر ما سبق ذكره.
وإذا كانت عيناً قالوا (صفة ذات حقيقية) يبصر بها ما فوق السماوات العلى وما تحت الأرضين السفلى، ونحو ذلك مما ثبتت به النصوص.
وهكذا
========================================
وعليه لعل جواب سؤالكم الأخير قد اتضح فما ذكرته شيء من تعريف اليد ولكن لابد من القول قبل ذلك أنها صفة ذات حقيقية، ثم تأتي الصفات التي ذكرت وغيرها.
وهذه المرة الثالثة:
==========
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/226)
لو قلت لك أن يدك: ما تفعل بها. وسكت لكان الوصف ناقصاً والمعنى عاماً، لكن لو قلت لك يدك صفة ذات لك حقيقية تطويها وتبسطها لها قبضة وأصابع (وكل ذلك على ما يليق بك، كما أن للقرد يد ينطبق عليها ما ذكرته في تعريفه ولكن على ما يليق به، وكذلك الدواب لها أيد ولها أوصافها التي تليق بها) ... إلخ
لو قلت هذا لتخصص المعنى العام وأصبح المراد واضحاً.
ـ[مجرد إنسان]ــــــــ[11 - 12 - 03, 11:47 م]ـ
الإخوة الكرام
أنا لا أرى هذا التمحل في صفة اليد، ويكفينا ما كفى السلف.
إن معنى اليد الكلي هو الإمساك والقبض والبسط ونحو ذلك.
ثم صفات اليد الأخرى تختلف باختلاف ما يضاف إليه، فيد النملة تليق بها، وكذا الإنسان.
ثم جاءت النصوص في صفة اليد في حق الله تعالى لتبين لنا معاني أخرى لا يمكن إداركها بمجرد المعنى الكلي فضلا عن العقل أو القياس الشمولي أو التمثيلي كالإصبع ونحو ذلك.
ثم أقول للأخ الأسيف.
إنني اعتذر إن كنت قد قسوت عليك، لكن لا بد أن يكون كلامنا في حق صفات الله عز وجل وأسمائه أكثر تحرزا وأقل تمحلا من بحثنا لمسألة فقهية أو أصولية جدلية.
ثم قولك: إن معنى اليد في حق الله ..... الخ
أقول فيه إن الإمام مالك لما قال عن الاستواء: الاستواء معلوم، قال أهل العلم فيه: أي معلوم في اللغة، وبالتالي هو في القرآن معلوم، لأن القرآن بلسان عربي مبين.
انظر تفسير القرطبي 7/ 195
وقال شيخ الإسلام:" أن معنى هذه الكلمة - أي الاستواء - مشهور ولهذا لما سئل ربيعة بن أبى عبدالرحمن ومالك بن أنس عن قوله الرحمن على العرش استوى قالا الاستواء معلوم والكيف مجهول والايمان به واجب والسؤال عنه بدعة.
ولا يريد أن الاستواء معلوم فى اللغة دون الآية لأن السؤال عن الاستواء فى الآية كما يستوى الناس
الثالث: أنه اذا كان معلوما فى اللغة التى نزل بها القرآن كان معلوما فى القرآن " مجموع الفتاوى 5/ 144
وقال في نقض التأسيس:" وانما جهلوا كيفية الاستواء فانه لا تعلم حقيقته كما قال مالك رحمه الله الاستواء معلوم يعني في اللغة والكيف مجهول والسؤال عن هذا بدعة " [2/ 37]
وأؤكد على ما قاله الحارث أن تكون صفة اليد صفة ذات في حق الله تعالى، فإذا قلت إنها صفة ذات لكان هذا كافيا.
والله أعلم
ـ[أبو منال]ــــــــ[12 - 12 - 03, 11:49 م]ـ
وما معنى: عين الله؟!!
لم ينقل شيء عن السلف الكرام في معني "يد الله"! او عين الله" ,,,
سال حنبل الامام أحمد عن الاحاديث التي تروى "إن الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا". و "إن الله يرى" و "إن الله يضع قدمه" وما أشبه هذه الأحاديث؟
فقال أبو عبد الله: نؤمن بها ونصدق بها ولا كيف ولا معنى،
ولا نرد منها شيئاً، ونعلم أن ما جاء به رسول الله حق إذا كان بأسانيد صحاح، ولا نرد على الله قوله، ولا يوصف الله تبارك وتعالى بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية، ليس كمثله شيء.
فهل توجيه قول الامام أحمد "ولا كيف ولا معنى" اننا لا نعرف معناها ام ماذا؟
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[13 - 12 - 03, 01:13 ص]ـ
1 - إلى أبي منال: حنبل يروي غرائب عن الإمام أحمد.
2 - معنى يد الله تعالى: هو ما يفعل الله به كذا وكذا من الأفعال ولكننا لا نعلم ماهية هذا الشيء. (يعني هذه العبارة خطأ)
3 - طيب هل هذه صحيحة: يد الله تعالى هي الشيء الذي يفعل الله به كذا وكذا وهي صفة ذات حقيقية لها قبضة ويطويها ويبسطها الله عزوجل ولكننا لا نعلم ماهيتها؟
4 - إيش يعني صفة ذات حقيقية؟
أرجو عدم الحيدة عما سبق وعدم الخوض في هذه المسائل إن لم تكونوا تستطيعون الجواب على سؤال بسيط!
ـ[مجرد إنسان]ــــــــ[13 - 12 - 03, 09:57 ص]ـ
والله إنك عجيب يا أسيف
تقول أرجو عدم الخوض في هذه المسائل إن لم تكونوا تستطيعون الجواب، وأنت تتكلم فيها كأنك تتكلم عن صديق لك والعياذ بالله.
حتى جعلت أسلوبك في الكلام عن صفات الله كأنك تتكلم عن مسألة فقهية تريد الجدال فيها
للأسف لن أجيبك على أسئلتك - البسيطة على حد زعمك -، ولأنك استاذ في عدم الحيدة، فسأترك لك الإجابة على تلك الأسئلة البسيطة جدا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/227)
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:" فمن كان قصده الحق وإظهار الصواب اكتفى بما قدمناه ومن كان قصده الجدال والقيل والقال والمكابرة لم يزده التطويل إلا خروجا عن سواء السبيل والله الموفق " [مجموع الفتاوى 4/ 7]
=============
أما الإجابة عن الأخ أبي منال، فإن السلف عندما أطلق بعضهم عبارات لا تفسير أو لا معنى كانوا يقصدون به التفسير والمعنى الذي أطلقه الجهمية والمحرفة، لا المعنى الذي أراده السلف، بدليل أنهم أثبتوا المعاني في الصفات الأخرى كالاستواء وغيرها، كما ذكر مالك، ولهذا قال شيخ الإسلام في الفتوى الحموية في قول محمد بن الحسن:" اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الايمان بالقرآن والأحاديث التى جاء بها الثقات عن رسول الله فى صفة الرب عز وجل من غير تفسير ولا وصف ولا تشبيه "
قال رحمه الله:" اراد به تفسير الجهمية المعطلة الذين ابتدعوا تفسير الصفات بخلاف ما كان عليه الصحابة والتابعون من الاثبات " [5/ 51]
أما قولك إنه لم ينقل شيء عن السلف في معنى تلك الصفات، فلأن القرآن نزل بلسان عربي مبين، وإذا كان كذلك، لم يجب أن يصرحوا في كل صفة بأنه معناه هو باللسان العربي، ولن تجد عنهم أنهم فسروا معنى رحمة الله، وعلى كلامك، فليس لصفة الرحمة معنى!!!!
إن السلف أثبتوا معاني الصفات، بدليل صريح كلامهم في بعض المواضع، وبدليل عدم نقل ما يخالف ظاهر المعنى عنهم، وليس عن أئمة السلف كلام في الصفات يخالف ظاهر المعنى اللائق بالله تعالى إلا وفيه مقال من عدة جهات.
ولهذا قال الإمام أحمد:" وكما صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: وكلتا يديه يمين، الإيمان بذلك، فمن لم يؤمن بذلك، ويعلم أن ذلك حق كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مكذب برسول الله صلى الله عليه وسلم "
فقد نص على أنه حق، وأنه يعلم، ويؤمن به.
إن المعنى هو ظاهر اللفظ اللائق بالله، فإثباتك للصفة على حقيقتها دون الخوض في كيفيتها هو إثبات للمعنى.
أرأيت أنك تثبت أن في الجنة خمرا، ولا تعلم كيفيته، لكنك تعلم أنه في الجنة شرابا اسمه خمرا، وتثبت ذلك بدليل السمع.
فإذا وصف الله نفسه بالمغفرة، فأنت لا تعلم كيفيتها، لكن تعلم اتصاف الله عز وجل بها، وأنها صفة تقتضي الصفح والتجاوز والستر، وهكذا إذا وصف الله نفسه بالاستواء، فأنت لا تعلم كيفيته، ولكن تعلم أنها صفة تعنى العلو.
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[13 - 12 - 03, 10:58 م]ـ
إلى مجرد إنسان هدئ من روعك يا أخي وأجب على أسئلتي فأنا طالب علم فقط وقد أستفدت من كلامكم وكلام الهمام ولكن هناك بعض الأسئلة:
1 - معنى يد الله تعالى: هو ما يفعل الله به كذا وكذا من الأفعال ولكننا لا نعلم ماهية هذا الشيء. (يعني هذه العبارة خطأ)؟
2 - طيب هل هذه صحيحة: يد الله تعالى هي الشيء الذي يفعل الله به كذا وكذا وهي صفة ذات حقيقية لها قبضة ويطويها ويبسطها الله عزوجل ولكننا لا نعلم ماهيتها؟
3 - إيش يعني صفة ذات حقيقية؟
أسئلة سهلة لمن يتبع منهج السلف.
ـ[حارث همام]ــــــــ[14 - 12 - 03, 01:27 ص]ـ
الأخ الفاضل مجرد إنسان أريد أن أعلق هذه الرسالة ومن ثم أترك المجال لكم في مناقشة أخينا الأسيف، ولعلي أكتفي بمتابعتكم هنا، وبمناقشة الأخ الفاضل الأسيف (إن كان هو نفسه عبدالرحمن الخبري) في منتدى المسلم:
http://www.muslm.biz/showthread.php?s=&postid=485596#post485596
هذا وقد كان جوابي على هذه الأسئلة كما يلي:
العجيب أنك قلت فيما سبق (سؤال .. حتى يكتمل فهمي لكلامكم) (تاريخ:16/ 10/24)
ثم تتوالى الأسئلة على كل لابأس ربما فات عن بالكم أو بدا لكم:
1 - ليست خطأ ولكنها ناقصة، كما لو قلت: عبدالرحمن الخبري إنسان مسلم عاقل يعيش في بلد من بلاد الله، واكتفيت بهذا فهل تقول هو خطأ؟ أم تقول أصبت كبد الحقيقة!
2 - هو كذلك وإن ثبتت أوصاف أخرى جاء بها شرعنا كالأصابع والخط بها والكتابة والخلق، وكل ذلك على ما يليق بربنا لا كما يتوهم كنهه المخلوق، فلو أضفت إلى ما ثبت هنا يفعل الله بها ما شاء لكان المعنى أدق.
3 - معنى ذلك أنها صفة غير مؤولة أو مجازية فالحقيقة تقابل المجاز، وأن من أولها بالنعمة أو القوة أو القدرة أو نحو ذلك فقد أخطأ بل هي ما عرفه الشارع وقال به السلف مما ذكرت.
أرجو أن يكون الفرق بين مذهب أهل السنة وبين مذهب المفوضة قد اتضح.
=========================================
أرجو من الأخ الأسيف -من باب ترتيب الحوار- أن يتجاهل الرد علي هنا، وليرد على هذا في أنا المسلم فقد علق هناك، وأن يتولى الرد على تعليقات مجرد إنسان وغيره من الإخوان.
وإذا رأيت أمراً آخراً فلا بأس الأمر لك.
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[14 - 12 - 03, 07:38 م]ـ
جزاك الله خيرا
النتيجة: يد الله تعالى هي صفة ذات حقيقية يفعل الله بها كذا وكذا ولها قبضة ولكننا نجهل
ما هذا الشيء ونسميه يدا. (صح ولا خطأ)
سؤال جانبي: ما الدليل على أن ليد الله تعالى أصابع؟!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/228)
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[14 - 12 - 03, 07:39 م]ـ
تنبيه من الإشراف
الأخ الأسيف أعطيناك فرصة للحوار مع الشيخ حارث همام مع أن هذا مخالف لشروط الملتقى في نشر عقيدة أهل البدع، فلعلك تنصاع لما كان عليه السلف من الإيمان بالصفات وتأخذ بقولهم وتترك النقاش فيما أجمعوا عليه من الإيمان بها والتسليم بما تضمنته نصوص الصفات من إثبات الصفات لله سبحانه وتعالى من غير تكييف ولا تمثيل ولاتحريف
وبهذا ينتهي هذا النقاش ويتم قفل الموضوع
نسأل الله التوفيق للجميع.
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[14 - 12 - 03, 07:40 م]ـ
وأقول:
جيد جدا
الذي أعلمه عن يد الله تعالى:
1 - الإسم.
2 - ما الذي يفعله الله بها.
3 - ولها قبضة (الكف والإصابع بعد الدليل؟).
4 - أنها صفة ذات حقيقية (وبالنسبة لرؤيتها يوم القيامة كما قال البعض فبعد الدليل؟).
فقط
الذي أجهله عن يد الله تعالى:
1 - حقيقيتها.
2 - كيفيتها.
3 - كنهها.
الكلام السابق للتفصيل حتى لا يحدث إشكال في العقيدة فعذرا.
والسلام
ـ[حارث همام]ــــــــ[14 - 12 - 03, 11:22 م]ـ
الأخ الفاضل .. إذا كنت ستنقل مشاراكاتي فدعني أعلقها بنفسي! على الأقل يزداد عدد مشاركاتي في هذا المنتدى المبارك:)
=========================================
وبعد: بل الشكر لك موفور موصول على التفصيل ..
وكلامك طيب وقولك -حسب ما أفهم- يدور إن شاء الله في فلك أهل السنة والجماعة، يخالف أقوال المأولة والمفوضة، فهؤلاء لايقولون بأن يد الله صفة ذات حقيقية لها قبضة يفعل بها ماشاء، وأنت تثبت له صفة الذات هذه، وتثبت أن لها قبضة وأن الله يفعل بها ما شاء من نحو الطي والبسط والقبض، ثم أنت تفوض معرفة الكنه والكيف، (ولعلهما هما المرادان من قولك حقيقتها، وإلاّ فالمعنى تعلمه وتقول به غير أن بعض جوانبه تريد الدليل عليها قبل إثباتها لله).
هذا ما أفهمه فإن أصبت فالحمد لله وإن أخطأت فزدني تفصيلاً وبياناً.
وتبقى مسائل:
الأولى: إثبات الأصابع.
الثانية: إثبات الكف.
الثالثة: إثبات الرؤية لها كما قال البعض.
ودعني أضيف مسألة رابعة للفائدة: إثبات غيرها مما ثبتت به النصوص كالأنامل لليد.
نناقش ما سلف بالكتاب والسنة وقول سلف الأمة، مراعين قواعد الشرع واللغة التي نزل الكتاب بها.
هل تجد إشكالاً في هذا الكلام أم تراه صواباً فنبدأ باسم الله.
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[15 - 12 - 03, 11:14 م]ـ
أنا موافق ولكن قيد أخير حتى تفهمني جيدا ألا وهو: ((أنني أعتقد أن التشابه بين يد الله عزوجل وبين يد المخلوق هو الأسم فقط وبعض الأفعال أسميا كذلك))
وسامحني على إضاعة وقتك معي.
ـ[حارث همام]ــــــــ[16 - 12 - 03, 03:14 ص]ـ
هل تعني بأن القدر المشترك الذي نفهمه من اللغة (الذي لاوجود له -إذا أطلق بغير قيد- إلاّ في الأذهان) منتفٍ؟
أم تثبته بكيفية لاتعلمها على ما يليق بالله سبحانه وتعالى؟
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[17 - 12 - 03, 08:43 م]ـ
أثبت قدر مشترك معين وهو:
1 - أنها صفة ذات حقيقية.
2 - الأسم.
3 - بعض الأفعال الثابتة شرعا.
ـ[حارث همام]ــــــــ[17 - 12 - 03, 10:57 م]ـ
أحسنتم، وبما أنكم تثبتون هذه الثلاثة، أخرج بنتيجة وهي أنكم تقولون بخطأ المفوضة في تفويضهم معنى الصفات.
فهم لايقولون أنها صفة ذات حقيقية وأنتم تقولونه كشأن أهل السنة بحمد الله.
ثم أقول:
ما الذي يمنعكم من إثبات الأصابع ليد ربنا سبحانه من غير خوض أو قول بتركيب أو تعضية أو غيرها من اللوازم الباطل ولكن بكيفية الله أعلم بها على ما يليق به.
خاصة وأنكم تثبتون أن لله (يداً) هي صفة ذات حقيقية، وقد علم من لغة العرب ما قاله أَبو إِسحق: اليَدُ من أَطْراف الأَصابع إِلى الكف؟ (اللسان).
فما هو وجه الإشكال عندكم في إثبات الأصابع ليد ربنا، وقد جاءت بإثبات الأصابع النصوص (في الصحيحين وغيرهما) وبناء على ماتقتضيه لغة العرب هي لليد؟
فلماذا لا تقولون أن ليد ربنا أصابع هي صفات ذات له وهي -كما دلت اللغة- لليد، لانعلم كيفها ولانقول بتركيب فيها ولاتعضية على وجه باطل.
كما أنكم تثبتون لليد خلقاً وقبضاً وبسطاً وفعلاً يليق بصاحبها جل في علاه فأثبت لها أصابع تليق به سبحانه.
أم أنكم تريدون الدليل على إثبات أن لله جل وعز متصف بأن له أصابع؟
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[18 - 12 - 03, 07:58 م]ـ
أخي الكريم:
إذن أنت تؤيد القدر المشترك الذي ذكرته لك؟
وبالنسبة للأصابع فلا إثبات إلا بدليل وبما أنه هناك دليل فنعم نقول له سبحانه وتعالى أصابع ولكن ما الدليل على أن يد الله عزوجل لها اصابع؟ فالتعريفات التي ذكرتها من أن اليد من كذا إلى كذا فهذا نوع معين من الأيدي وإلا فيد الباب ليس فيها أصابع.
ـ[حارث همام]ــــــــ[18 - 12 - 03, 08:51 م]ـ
نعم ولكن مقبض الباب ليس صفة ذات حقيقية، أما اليد التي هي صفة ذات حقيقية لها أصابع في لغة العرب، وأنت أقررت بأنها صفة ذات حقيقية، فإذا كان كذلك، فلا مناص من القول بأن أصابع الرحمن الثابتة في الأحاديث هي لليد.
ثم لنقل إن اليد التي هي صفة ذات حقيقية قد تكون لها أصابع أو لاتكون، بحسب المضافة إليه.
وقد ثبت أن لله أصابع وأنت تثبت هذا وتقول لا أدري ماهي!
فنقول لك الأصابع في لغة العرب لليد، ويستدل على ذلك بنفس عبارة أبي إسحق الماضية.
فأصبح الاستدلال عليك من الجهتين.
فهل تثبت أن ليد الله أصابع على نحو ما ذُكر في ردي السابق؟ أم ثمة إشكال لايزال قائم؟
على كل إذا لم يكن كذلك فلماذا؟ أرجو أن تفصل الرد حتى أستطيع فهمكم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/229)
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[18 - 12 - 03, 08:53 م]ـ
إذن لم أفهم ما معنى صفة ذات حقيقية؟
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[18 - 12 - 03, 09:18 م]ـ
وبالنسبة للأصابع فهي كما قلنا في اليد: صفة ذات حقيقية لا خيالية ولا مجازية وتسمى أصابع يفعل الله بها كذا وكذا كما يليق بجلاله.
ـ[حارث همام]ــــــــ[18 - 12 - 03, 09:52 م]ـ
لابأس .. على كل أهل اللغة بينوا أن الأصابع التي هي صفة ذات حقيقية لاخيالية ولا مجازية أنها لليد.
ثم لنرجع -أخيّ الكريم- هل تقول بوجود حقيقة ومجاز في لغة العرب أم لاتقول به؟
إذا كنت تقول بوجود المجاز؟ فما هو المعنى الحقيقي (في لغة العرب) لليد وما هو المعنى المجازي؟
آمل أن أسمع تفصيلكم بورك فيكم
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[19 - 12 - 03, 11:13 م]ـ
قصدت بالمعنى المجازي تاويلات الأشاعرة من أنها القوة و كذا وكذا والحقيقية هي الشيء الذي يفعل الله عزوجل به كذا وكذا على ما يليق بجلاله وأي شيء غير هذا يحتاج لدليل ونسميها يدا وأنها ليست بمجازية كما تقول المبتدعة.
وأما أن الصابع لليد فهذا يحتاج لدليل ونحن نتكلم عن الله عزوجل فكأنك عرفت كيفية اليد بقولك هذا؟!
ـ[ابن عبد الوهاب السالمى]ــــــــ[20 - 12 - 03, 04:39 ص]ـ
الاخ الاسيف حياك الله بارك الله في جميع الاخوة الكرام
اود ان استأذنكم في انهاء هذا الجدل بما فهمت من اقوالكم وبما اعرف بكلمات قليلة حواريه
معني اليد عند السلف هي اليد التي يقبض بها الله ويبسط ويضم ويطوي وهذا اليد لها اصابع ودلل الاخوة علي ذلك بما ورد من احاديث
اما المفوضة فيقولون ان اليد هي يد لانعرف عنها شئ اي انها كلمة طلمسية
والمعني الذي فهمة السلف هو ماقالة النبيي صلي الله علية وسلم وفهمة السلف وسكت النبيي واصحابة عن توضيح ذلك
ولقد وسع النبيي علية صلوات الله وسلامة واصحابة ذلك.
افلا يسعنا ما وسع النبيي صلي الله علية وسلم
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[21 - 12 - 03, 03:14 ص]ـ
أنا أثبت اليد والأصابع كما يقول السلف دون تكييف وتفصيل ولكن ما الدليل على أن الأصابع لليد؟ أليس هذا تكييف؟
ـ[حارث همام]ــــــــ[21 - 12 - 03, 05:26 ص]ـ
أقول جزاك الله خيراً على إثباتك لفظ اليد، وإني لأرجو أن تثبت المعنى اللغوي الدال عليه هذا اللفظ على مايليق بربنا سبحانه وتعالى.
ثم هل تعلم -أخي الكريم- ماهي الكيفية؟
لأنك إن جهلت هذا فلن تعرف إذا كان إثبات ما أثبته الله لنفسه (الأصابع) لليد من الخوض في الكيفية أم لا.
أما إثبات أهل السنة الأصابع ليد الله، فمبناه على أنهم علموا معنى الأصابع التي أقررت بثبوتها لله من اللغة وليست هي كلمة ليس لها معنى أو مأولة عن حقيقتها عندهم.
فقد علموا من لغة العرب أن الأصابع لليد كما مر سابقاً، وإذا انتفى عندك المعنى المأول لليد كالقدرة والنمعة ونحو ذلك فاعلم أن المعنى الحقيقي لها يفيد أن الأصابع من معناها فهي لها.
فلم تنكر هذا المعنى الذي دلت عليه لغة العرب؟ (أرجو الإجابة)
نحن لا نتحدث الآن عن كيف هي تلك الأصابع مم تكونت وماهي صفتها .. وغير ذلك مما يتعلق بالكيفيات التي نفوض علمها لله، غير أننا نعلم أنها ليست كأصابع بني آدم ولا كأصابع الطيور ولا كأصابع غيرها من المخلوقات.
ونريد منك أن تثبت أن لله يداً (لفظاً ومعنى) فتثبت لها ما ثبتت به النصوص مما هو من معناها (المنقول عن العرب) ككونها صفة ذات حقيقية وأنه يقبضها ويبسطها ويطوي بها ويكتب ويخلق ويفعل بها ما شاء، ومن ذلك الأصابع والكف والأنامل، وغير ذلك مما جاء به النص تثبته على معناه ولاتخض في كيفيته. وإلاّ بين لنا سبب عدم إثبات المعنى.
========================================
أخي الحبيب أقول إذا لم يكن إلاّ ما سبق فهو حجة كافية كيف وقد قال بهذا أهل العلم، وقد دلت عليه نصوص الشرع.
فقد ثبت أنه جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السموات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر على إصبع والماء والثرى على إصبع وسائر الخلائق على إصبع فيقول أنا الملك فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون).
فانظر كيف جعل تصديقه بقراءة الآية، تأمل قوله صلى الله عليه وسلم: "يجعل السماوات على إصبع" واجمعه لقول الله (والسموات مطويات بيمينه).
ثم لم يدع الأئمة الذين رووا هذا الحديث سؤالا لسائل قال ابن حجر: "وزاد بن خزيمة عن محمد بن خلاد عن يحيى بن سعيد القطان عن الأعمش فذكر الحديث، قال محمد عدها علينا يحيى بأصبعه، وكذا أخرجه أحمد بن حنبل في كتاب السنة عن يحيى بن سعيد وقال: وجعل يحيى يشير بأصبعه يضع أصبعاً على أصبع حتى أتى على آخرها، ورواه أبو بكر الخلال في كتاب السنة عن أبي بكر المروزي عن أحمد وقال رأيت أبا عبد الله يشير بأصبع أصبع"
وقد جاء في بعض طرق الحديث اللفظ بأوضح من هذا فقال ابن حجر: "ووقع في حديث ابن عباس عند الترمذي: مر زفر بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (يا زفر حدثنا) فقال: كيف تقول يا أبا القاسم إذا وضع الله السماوات على ذه والأرضين على ذه .... ) وأشار أبو جعفر يعني أحد رواته بخنصره أولا ثم تابع حتى بلغ الإبهام قال الترمذي حديث حسن غريب صحيح".
فها أنت ترى دلالة اللغة تفيد أن الأصابع ليد الله.
وقد جاءت النصوص فأثبتت بالاقتضاء واللزوم هذا المعنى.
ثم هو ما قال به أهل العلم وبالغوا في إيصال معناه.
وبعد ذلك لماذا تنفيه أو تتوقف فيه؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/230)
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[21 - 12 - 03, 11:27 م]ـ
إلى الأخ حارث نفسك طويل في المناقشة فجزاك الله خيرا
بالنسبة لليد فنحن لا نعلم حقيقيتها فكيف نقول لها أصابع فهنا يلزمك إثبات أن في اليد دم وعظم وجلد!!! تعالى الله عزوجل عن ذلك. ولماذا يد الباب ليس فيها أصابع؟!
والأدلة التي ذكرتها أنت ليس فيها أن الأصابع لليد عند الله عزوجل وحتى كلام السلف ليس فيه ذلك وأريد نقل صحيح صريح لو سمحت يا أخي.
وخذ هذا السؤال: إن كنت تثبت القدم لله عزوجل فهل تثبت الأصابع للقدم مع اليد كذلك فالقدم في اللغة فيها أصابع؟!
ـ[مجرد إنسان]ــــــــ[21 - 12 - 03, 11:34 م]ـ
وأنا أشهد الله العلي العظيم، أن كل ما تتناقش فيه أيها الأخ الأسيف من العدوان على ذات الله، والتمحل في صفات الله، ولا ينفع إلا جواب الإمام مالك.
وأرجو من المشرفين أن يطلعوا ويحكموا بأنفسهم، لا لشيء، إلا تعظيما لحق الله تعالى.
والله المستعان.
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[21 - 12 - 03, 11:42 م]ـ
استغفر الله العظيم إن كنت فعلت ذلك من غير قصد ولكنني يا أخي الكريم أريد معرفة معنى قولكم نعلم المعنى ونجهل الكيف؟! فلست أنا البادي فتنبه. وهذا النقاش قد استفدت منه فعلمت من هم المفوضة وخالفتهم.
ـ[أبو منال]ــــــــ[22 - 12 - 03, 01:20 ص]ـ
السؤال الان عن اللحم والعظم والجلد!! لم يسال ويفعل هذا من قبل الا داود الجواربي ومقاتل بن سليمان.
العجب ان في هذا الحوار مخالفة صريحة لما اوصى به ائمة الدين! فلماذا يسكت المشائخ والمشرفين عن هذا ولا يعتبرون الحوار نوع من السفسطة والتجرا على ذات الله!!!؟ الله المستعان.
ـ[حارث همام]ــــــــ[22 - 12 - 03, 01:47 ص]ـ
أخي أبا منال هدئ من روعك فلم نثبت إلاّ ما أثبته السلف، ولم نقل إلاّ ما جاءت به النصوص، وقد ابتدءت ردي على الأخ الأسيف بنقل كل ما أثبته عن كتاب ابن فياض في شرح الواسطية الذي أثنى عليه كبار أهل العلم في زماننا كابن باز وابن عثيمين وغيرهم ممن عرفوا بسلامة المعتقد.
ولكن الإشكال أن الأخ الأسيف لايرد أ ثبت ما ثبت بالنص من غير خوض في الكيف.
===========================================
أخي الكريم .. الأسيف -وفقه الله وغفر لنا وله:
أنت تقول أن لله أصابع، فهل الأصابع في لغة العرب لليد أم لشيء آخر (من معرفتك بالمعنى فقط)؟ الجواب: لغة العرب تفيد بأن الأصابع التي هي صفة ذات لليد. (راجع نقلي عن اللسان فإذا كان لديك اعتراض على هذا بينه).
تنبيه: لا أتحدث عن أن كل يد لها أصابع، ولكن الأصابع في اللغة لليد.
وهذا الكلام من ذكر المعنى لاالكيف (وقد نقلته لك عن مظنة بيان المعنى)،أما الكيف فيتباين بحسب المضاف إليه، وإذا كان التباين في كيفية أصابع المخلوقات متفاوت تفاوتاً عظيماً، فأصابعك ليست كأصابع القرد أو الطائر، فالله أولى بأن تكون لأصابعه كيفية تليق بجلاله لانخوض فيها.
إذاً فليس مجرد إثبات أصابع يقتضي إثبات كيف معين كنحو ماذكرته من الدم والعظم والجلد وغيره ..
================================================== ======
أما الأدلة التي ذكرتها فليس فيها أن الأصابع لليد نصاً (وإن كان هذا في لغة العرب التي جاء بها الشرع معروف)، ولكنها تفيده وتدل عليه، ولك أن تناقش الاستدلال، فقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم قول الحبر: يضع السماوات على إصبع، واستدل له بقوله تعالى: (والسماوات مطويات بيمينه) وفي هذا دليل على أن الأصبع ليمين الله، أما إذا قلت لا أدري ما اليمين، فأقول لك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في شرحها: (وكلتا يديه يمين).
فإن اقتنعت بهذا الاستدلال فبها ونعمة وإن لم يكن فلنناقشه بنية الوصول إلى الحق، وعندها بين لي مآخذك عليه.
================================================== ======
أما كلام السلف وفعلهم فواضح فإن الحبر ومن حكى فعله من السلف فسر المعنى بأن أشار إلى أصبع يده لا رجله، وتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم له بالآية يدل على أن المراد أصابع اليد فـ (قبضته) في الآية تدل على أن المراد اليد وكذلك ذكر اليمين فيها، كما أنه قد جاء النص بأنه يأخذها بيده.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/231)
وبعد فأقول ومع ذلك فقد ثبت النص عن بعض أهل العلم بأن الأصابع من اليد، قال ابن القيم -رحمه الله- (المدارج 3/ 253): "يضع السماوات على إصبع من أصابع يده والأرض على إصبع والجبال على إصبع والشجر على إصبع والماء على إصبع ويقبض سماواته بإحدى يديه والأرضين باليد الأخرى فالسماوات السبع في كفه كخردلة في كف العبد"
وقال في الصواعق (2/ 432): "وقد أعلمهم سبحانه على لسان رسوله أنه يقبض سماواته بيده والأرض باليد الأخرى ثم يهزهن وأن السماوات السبع والأرضين السبع في كفه تعالى كخردلة في كف أحدكم وأنه يضع السماوات على أصبع والأرضين على أصبع والجبال على أصبع والشجر على أصبع وسائر الخلق على أصبع فأي أيدي
للخلق وأي أصبع تشبه هذه اليد وهذه الأصبع حتى يكون إثباتها تشبيها وتمثيلا فقاتل الله أصحاب التحريف والتأويل وأصحاب التخييل وأصحاب التجهيل وأصحاب التشبيه والتمثيل ماذا حرفوه من الحقائق الإيمانية والمعارف الإلهية وماذا تعوضوابه من زبالة الأذهان ونخالة الأفكار فما أشبههم بمن كان غذاؤهم المن والسلوى بلا تعب ولا كلفة فآثروا عليه الفوم والعدس والبصل وقد جرت عادة الله سبحانه أن يذل من آثر الأدنى على الأعلى ويجعله عبرة للعقلاء"
================================================== ======
أما سؤالك الأخير فأأخر الجواب عليه ريثما نتهي من مسائلنا هذه فإذا أثبت الأصابع لليد يجيء النقاش في غيرها، وإن لم تثبت ذلك فلا معنى للانتقال وينبغي أن نناقش المسألة الأولى لنصل فيها إلى كلمة سواء.
================================================== ======
ولأن الكلام قد كثر في هذا الرد فأذن لي بتلخيص ما أريده من فضيلتكم حتى نصل لكلمة سواء:
1 - لغة العرب تفيد بأن الأصابع التي هي صفة ذات لليد، وأنت تثبت الأصابع وأنها صفة ذات، وقد جاء النص بإثبات أصابع لله، فلماذا تنكر ما دلت عليه لغة العرب؟
2 - مناقشة الاستدلال الذي سقته لكم مرة أخرة في هذا الرد بذكر اليمين في الآية وتفسير الرسول صلى الله عليه وسلم لها.
3 - مناقشة الاستدلال بفعل الحبر الذي صدقه الرسول صلى الله عليه وسلم إذ أشار إلى أصابع يده لاغير.
4 - مناقشة الاستدلال بصنيع السلف كالأعمش وسفيان وأحمد وغيرهم ممن أشاروا بأصابع أيديهم وهم يبلغون الحديث، وفيه دلالة على أن الأصبع لليد.
5 - ذكر من أنكر من السلف على ابن القيم -رحمه الله قوله-: "يضع السماوات على إصبع من أصابع يده".
وفقنا الله وإياكم لتصديق نبينا فيما أخبرانا به من صفات الحق سبحانه وتعالى على وجه يليق بجلاله وكماله.
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[22 - 12 - 03, 09:09 م]ـ
أخي الفاضل:
1 - إستدلالك باللغة يلزمك بأشياء لا تستطيع إلتزامها: للقدم أصابع فلتثبت أصابع للقدم - السمع يكون عن طريق الأذن فلتثبت الأذن - و غيرها كثير وإن لم تلتزم ما ذكرته اللغة فلن ألتزم أنا كذلك خصوصا وأن هناك أيد ليس فيها أصابع كيد الباب مثلا بلا تشبيه.
2 - قصة الحبر ليس فيها دليل البتة فكون السموات على إصبع وكون السموات مطويات بيمينه لا يعني تلازم الفعل وإلا هناك إختلاف بين الوضع وبين الطي لغة. والرسول صلى الله عليه وسلم قال الآية المذكورة في القرآن وليس هذا بترجمة لكلام الحبر فتنبه. والحبر لم يقل أن الأصابع لليد عند الله عزوجل بل شرح بأصابعه فلا دليل هنا.
3 - كلام السلف غير صريح فأصابع الإنسان في يده وهم مثلوا بأصابعهم ليشرحوا العقيدة ولم يقولوا أن أصابع الله عزوجل ليده.
4 - أين كلام السلف الصريح وما الفائدة من الخوض في أمر تفصيلي كهذا؟!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[حارث همام]ــــــــ[22 - 12 - 03, 10:19 م]ـ
وفقكم الله تعالى لما يحب ويرضى ..
سأرد على ما أشرتم إليه، ولكن أرجو أن تكمل الرد على ما ذكرت بقي النقطة رقم (5):
قال ابن القيم -رحمه الله- (المدارج 3/ 253): "يضع السماوات على إصبع من أصابع يده والأرض على إصبع والجبال على إصبع والشجر على إصبع والماء على إصبع ويقبض سماواته بإحدى يديه والأرضين باليد الأخرى فالسماوات السبع في كفه كخردلة في كف العبد"
أرجو الرد، ليأتيك الجواب إن شاء الله تعالى.
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[23 - 12 - 03, 02:08 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/232)
جيد جدا كلام ابن القيم بمعزل عن السلف والدليل غير ملزم وجزاك الله خيرا
ـ[حارث همام]ــــــــ[23 - 12 - 03, 05:03 ص]ـ
يعني ابن القيم ليس من السلف، ثاياً ابن القيم خالف السلف في ما قاله.
ـ[حارث همام]ــــــــ[23 - 12 - 03, 07:57 م]ـ
لنأتي على مناقشة ماذكرته بنداً بنداً
أولاً: المعنى اللغوي
أرجو أن تثبت علي ما قلتم فما أفهم منه وهو إقراركم بأن الأصابع (التي هي صفة ذاتية) في لغة العرب تكون لليد وللقدم.
فلماذا إذاً نفيت أن تكون ليد الله أصابع مع أنك تثبت الأصابع؟ هل لأنك لاتدري أهذه الأصابع لليد أم للقدم أم لكليهما أم لماذا؟ (أرجو الإجابة).
ثم إنك تثبت يداً لله هي صفة ذات حقيقية وتثبت أن الله يقبض بها والقبض في اللغة إمساك الشيء بضم الأصابع، والبسط عكسه وأنت تثبته على ماذكرت، فإثباتك للقبض والبسط يستوجب إثبات أن ما تثبته من أصابع هي لليد. (أرجو التوضيح إذا لم يكن ثمة تسليم).
أما أهل السنة فيثبتون أن لله يداً حقيقية لامجازية يقبض بها ويبسطها ويأخذ السماوات بها وكل هذا يدل على أن الأصابع المذكورة في الأحاديث الأخرى أنها لليد، أما قولكم بأن يد الباب ليس لها أصابع فيد الباب لايقبضها أو يقبض بها أو يبسطها، بل هي مايقبض منه، فضلاً عن كونها يد مجازية استعملت في بعض ما له مقبض من الأبواب وليس أصل الوضع لها فلايصرف المعنى لها بغير قرينة صارفة.
أما قولكم بأن إثبات السمع يستوجب إثبات الأذن وفقاً للغة فغير مسلم به، فهذا النمل يسمع وقد خاطبت إحداهن أخواتها فقالت: "يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لايحطمنكم سليمان وجنوده وهم لايشعرون"، والجن من خلق الله نعلم أنهم يسمعون ويبصرون ولا نثبت لهم آذاناً ولاننفيها فالله أعلم كيف يسمعون، والهدد يسمع .. وعلى كل السمع هو إدراك المسموعات أما بأي شيء فهذا خارج عن معنى السمع. غير أنه قد يأخذ (السمع) معنى حس الأذن إذا أضيف إلى بعض المخلوقات التي ثبت أن لها آذان أما التي لم يثبت لها ذلك فلايقال أن سمعها حس أذنها، ولهذا فأقول نحن نثبت ما جاء به الشرع في حق الله ونعرف معناه في اللغة فسمعه إدراكه المسموعات أو الأصوات، أما (كيف وبأي شيء) فلا نعلمه لأن ما لم يثبته الشرع لا نخوض فيه بنفي أو إثبات، والأُذْنُ لا أعلم ثبوتها لله ولاأعلم أن من السلف من قال أنها صفة ذاتية، ولذلك أكتفي بأن إثبت لله سمعاً على ما يليق به.
فهل تثبت الآن بأن الأصابع ليد الله كما قال ابن القيم أم عدكم اعتراض؟
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[24 - 12 - 03, 12:16 ص]ـ
بالنسبة لأبن القيم فقد قصدت بالسلف هنا القرون الأولى ولم أقصد التعميم فعذرا.
وبالنسبة للمعنى اللغوي:
فأنا أردت إلزامك ومع هذا لا تصرح بعقيدتك عن الأصابع فهل هي للقدم كذلك وأنا بالنسبة لي لا آخذ باللغة بمعزل عن الدليل الشرعي وإلا لذهبنا بعيدا فأرجو أن توضح عقيدتك هنا بالنسبة للأصابع وما أريد إلا الدليل ...
وكون القبض والبسط ثابت فهو مختلف عن أفعالنا نحن ولهذا فإثبات الأصابع تبعا لهذا غير صحيح وإنما نثبت أصابع ونقف ولا نقول لليد وإلا دخلنا في الكيفية فأنت تتكلم عن الله عزوجل فتريث خصوصا وأن لا كلام للسلف صريح فيما نحن فيه.
والسلام عليكم
ـ[حارث همام]ــــــــ[24 - 12 - 03, 01:17 ص]ـ
بالنسبة لكلام الإمام ابن القيم فأشكر لك تنبيهك، وهو أدب منكم يدل على احترامكم أهل العلم.
ولا أكتمك لم أنقل كلامه -رحمه الله- رغم تيقني من صوابه احتجاجاً به ولكن للاعتبار خاصة وقد فهمت منكم أنكم تظنون بأن هذا لم ينقل عن أهل العلم، والحجة في الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة.
=============================================
ثم أقول أُخّي الفاضل ..
قلتم أنكم لا تأخذون باللغة بمعزل عن الدليل الشرعي وكلنا إن شاء الله ذاك الرجل وهذا ما نريده منك.
أما الدليل فهو ماتثبته من نصوص جاءت بإثبات اليد ونصوص جاءت بإثبات الأصابع، على أن لاتعطل معناها وتفهماً وفقاً للغة التي جاء بها الشرع أعني لغة العرب.
أنت تثبت أصابع وتثبت أنها صفة ذات وتثبت القبض والبسط ليد الله، لم أسألك كيف هي الأصابع ولم أسألك كيف هي اليد ولم أسألك كيف هو البسط أو القبض، حتى تقول لادخل لنا بالكيف!
وسؤالي لك لماذا لاتثبت المعنى الذي أثبتته لغة العرب وجاءت به الأدلة (وسبق نقله عن أبي إسحق)، وهو أن ليدالله التي يقبضها ويبسطها، كف وأصابع، طلما أن هذا هو المفهوم من لغة العرب!
ثم إنه قد سبق البيان بأن القبض والبسط في اللغة وكذلك الطي والكتابة والخلق كان بيد الله كما جاءت بذلك النصوص، ولم يثبت للقدم -إن كنت تثبتها- ذكر أصابع ولاشيء يدل على معنى الأصابع فلا نخوض فيها بنفي أو إثبات.
وطالما أننا متفقين على عدم إثبات أصابع لقدم الله -بغض النظر عن عدم نفي لها أو عدم إثباتك القدم- وطالما نحن متفقان على إثبات الأصابع لله، وطالما أننا متفقان على أن لغة العرب تدل على أن الأصابع قد تكون لليد وقد تكون للرجل وقد تكون لإثنين معاً، فيتعين أن نكون متفقين على إثبات أصابع ليد الله.
فهل تثبت ما أثبت الله، وفقكم الله؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/233)
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[24 - 12 - 03, 11:49 م]ـ
أخي الكريم حارث:
السلام عليكم
لا أنكر وجود معنى لغوي لما تقول ولكنك علقت ثبوت الأصابع بالأفعال كما فهمت منك ولهذا لم تثبتها للقدم وهذا خطأ فكون هذه الأفعال ثابتة لرب العالمين لا يعني أنها بالأصابع فتنبه وقف وتريث وأرجو أن لا تكون ممن يجتهد في العقيدة فالكلام يدور حول الدليل وكلام السلف ولهذا وإن كان لك وجه ولكنه فيه إلزامات وتناقضات وتحكمات فالله المستعان فإنني لن أثبت الأصابع ليد الله عزوجل وسأقف حيث وقفوا وإلا فالقدم لها أصابع وإن قلت يقبض ويبسط بيده ولهذا فالأصابع لليد فهذا دخول في كيفية القبض والبسط وإستعمال اللغة لا يكون بمعزل عن الدليل كما تعلم.
ـ[حارث همام]ــــــــ[25 - 12 - 03, 02:29 ص]ـ
أخي عبدالرحمن وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
هل من شرط القدم أن تكون لها أصابع، بمعنى ماليست لها أصابع فليست بقدم، بعيارة ثالثة ألايمكن أن يطلق في اللغة لفظ القدم على ماليس له أصابع؟
الأمر الثاني لم أثبت الأصابع للقدم لاتفاقنا على عدم الإثبات، فكيف تحتج علي بما تقول به وترى صوابه؟
أما قولك "كون هذه الأفعال ثابة لرب العالمين فلا يعني ذلك أنها بالأصابع"، فكلام غريب مخالف لما تدل عليه اللغة كما مر سلفاً. فهذه الأفعال ثابتة ليد رب العالمين الحقيقية التي هي صفة ذاتية وهذا معنى تلك الأفعال في اللغة العربية فلا أود أن أثقل بالتكرار (وأرجو أن تتأمل الردود بتاريخ 29/ 10).
أما نصيحتك لي بأن لا أجتهد في العقيدة، فهي نصيحة ثمينة أقدرها وأشكرك عليها، وأفيدكم بأني وبحمد الله درست الاعتقاد على أهل العلم الراسخين والمتخصصين ولم أقتصر في ذلك على دراسة كتب أهل السنة بل لعلك تعجب إذا علمت أن مما درست (إضاءة الدجنة في اعتقاد أهل السنة) على بعض مشايخ إفريقيا ممن من الله عليهم بالرجوع عن العقيدة الأشعرية إلى عقيدة أهل السنة والجماعة بعد أن درسها ودرسها قرابة الثلاثين عاما.
ونصيحتي لك بالمقابل أن لاتقلد من تحب فربما كان معذوراً ولست معذوراً في تقليده، ولا أريد من هذا الحوار معكم إلاّ أن نراجع أنفسنا ونعيد البحث والنظر مراراً سائلين الله أن يهدينا لحسن الاعتقاد فيه.
ثم اعلم أخي الكريم بأن معي في إثبات ما أثبته من أصابع ليد الله علماء راسخون ذكرت لك منهم ابن فياض (معاصر ومن أثنى على رسالته وهم كثير من أعلام العصر) وكذلك ابن القيم -رحمه الله- وهو ظاهر كلام كثير من السلف. وبالمقابل لا أعلم معك رجلاً واحداً من أهل العلم المعروفين! نفى أن تكون الأصابع ليد الله وقال يلزم من هذا ويلزم، فأهل العلم إما أن يثبتوا الأصابع، وإما أن يأولوها، ولاأعلم فيمن أثبتها (أثبت أنها صفة ذات حقيقية) واحد نفى أن تكون لليد.
أما قولك بأن إثبات ذلك فيه إلزامات وتحكمات وتناقضات، فأقول إيت بها ولنناقشها، غير أني أرجو أن تتنبهو لمسألة وهي التفريق بين النقض الصحيح وبين الشبهة.
النقض الصحيح يعود على أصل الدليل أو الاستدلال، والشبهة تأتي بعد العجز عن الطعن في الدليل أو الاستدلال بذكر مسائل مشتبه باطلة تبدو أنها مثل ما ثبت، فيطلب من صاحب الحق الرجوع عن الحق لعدم التمييز بين المسألة المشتبهة وبين ما أثبته بالدليل الصريح والاستدلال الواضح.
وبعد هذا:
بما أنكم لا تنكرون وجود معنى لغوي لما أقول كما ذكرتم، فليس عندي مانع من أن أكتفي بها وأنتقل إلى النقطة الثانية مناقشة الأدلة والآثار الواردة ووجه دلالتها على أن الأصابع لليد مستأنسين بكلام أهل العلم وفعلهم، فهل نبدأ أم لديكم تعليق؟
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[25 - 12 - 03, 02:52 ص]ـ
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة الأسيف
استغفر الله العظيم إن كنت فعلت ذلك من غير قصد ولكنني يا أخي الكريم أريد معرفة معنى قولكم نعلم المعنى ونجهل الكيف؟! فلست أنا البادي فتنبه. وهذا النقاش قد استفدت منه فعلمت من هم المفوضة وخالفتهم.
ـ[أبو منال]ــــــــ[25 - 12 - 03, 05:11 ص]ـ
قال الاخ حارث: أن لغة العرب تدل على أن الأصابع قد تكون لليد وقد تكون للرجل وقد تكون لإثنين معاً، فيتعين أن نكون متفقين على إثبات أصابع ليد الله.
اخي الكريم، لغة العرب تدل على ان الضحك للفم! هل يجوز ان نثبت لله فم لانه يضحك؟
ـ[حارث همام]ــــــــ[25 - 12 - 03, 06:16 ص]ـ
أضحك الله سنك أبا منال، وأضحك لك السماء يوم العرض عليه، وأضحك لنا ولكم طريق الحق. فقد أضحكتني!
ـ[أبو منال]ــــــــ[25 - 12 - 03, 06:26 ص]ـ
وسنك اخي الحبيب حارث، هل من جواب اخي الكريم؟
ـ[راشد]ــــــــ[25 - 12 - 03, 06:41 ص]ـ
قد يقال أيضاً العينان في الوجه
والقدم في الساق
ـ[حارث همام]ــــــــ[25 - 12 - 03, 07:04 م]ـ
نثبت ما أثبته الشرع ونمره بغير تحريف أو تأويل أو تمثيل أو تكييف.
وما أثبتناه لربنا وكان من معناه ما ثبتت به النصوص نثبته له، وأما ما كان من معناه ولم يأت به نص فلا نخوض فيه بنفي أو إثبات إلاّ ما كان معنى مشتركاً كلياً.
وقد أشرت إلى هذا فيما سبق وبإمكانكما مراجعة الردود.
غير أني أرجو أن تعلقا مقالاً مستقلاً أنقشكما فيه أو يناقشكما فيه غيري من أراد بيان الحق، إذا أردتما الاستفصال عن غير ما نحن فيه، خاصة وأن عدم لزوم ما ذكرتم له أوجه كثيرة لغوية وعقلية وشرعية.
أما إقحام هذه المسائل هنا لتشعيب النقاش لعله حيدة ظاهرة، ومسألتنا الآن بعد أن بان لأخينا (صاحب الموضوع) بطلان مذهب المفوضة، هو إثبات الأصابع ليد الله.
وما يلينا بعد هذه المسألة هو ما سبقت الإشارة إليه:
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة حارث همام
وتبقى مسائل:
الأولى: إثبات الأصابع.
الثانية: إثبات الكف.
الثالثة: إثبات الرؤية لها كما قال البعض يوم القيامة.
ودعني أضيف مسألة رابعة للفائدة: إثبات غيرها مما ثبتت به النصوص كالأنامل لليد.
نناقش ما سلف بالكتاب والسنة وقول سلف الأمة، مراعين قواعد الشرع واللغة التي نزل الكتاب بها.
هل تجد إشكالاً في هذا الكلام أم تراه صواباً فنبدأ باسم الله.
أما المسألة الأولى والتي نحن فيها فلها محاور عدة سبقت الإشارة إليها أتى الكلام على بعضها.
فهل عندكما تعليق على مسألتنا؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/234)
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[27 - 12 - 03, 08:29 م]ـ
إلى الأخ حارث زاده الله علما السلام عليكم:
بالنسبة لكلام السلف فلا دليل صريح حتى الآن وأنت تقر بذلك وأنا لا أنفي كون الأصابع لليد ولكنني لا أثبت أي أقف حيث لا دليل وأنا أثبت الأصابع بلا كيف وبالنسبة للغة فلماذا لا تثبت الأصابع للقدم كذلك إذ أنك تستدل باللغة وكون القدم قد يكون ليس لها أصابع فكذلك اليد سواء بسواء كيد الباب مثلا؟ وهذا التناقض الأول ونقف عنده.
ـ[حارث همام]ــــــــ[27 - 12 - 03, 10:23 م]ـ
أخي الحبيب:
قولك: بأن كلام السلف فلا دليل صريح حتى الآن وأنت تقر بذلك.
فسمح لي بأن أقول: ليس بصحيح، وأرجو أن تحيل على المحل الذي أقررت أنا فيه بذلك، لأراجعه وأزيل اللبث إن كان ثم!
أما إذا فهمت ذلك مني فهذا الفهم غير صحيح.
أما قولكم يلزم من ذلك إثبات أصابع للرجل، فأوضح فيه أمراً -وإن كنت لا أريد أن أخوض في هذه المسألة قبل الفراغ مما نحن فيه ولكن لأنك قد أكثرت من تكراره وحتى تعلم أن هذا ليس بإيراد صحيح يرد على أهل السنة فأقول:
إذا صح الدليل أوالاستدلال على أن الأصابع لليد، وأشكل عليك أنه يلزم من ذلك إثبات أصابع للرجل، فوجب عليك شيئان:
الأول: أن تثبت أصابع لليد.
الثاني: ثم تناقش من لم يبثت أصابع للقدم.
فالدليل عندك صحيح يدل على الأمرين. وكون الخصم لم يقل بمقتضى الدليل في الثاني هو الذي ينبغي بحث سببه ومناقشته فيه.
وليس عدم قول الخصم بالدليل في الثاني عائداً على ماثبت بالبطلان.
فإذا كنت تثبت الآن أصابع لليد وتريد أن نتناقش حول عدم إثبات أصابع للرجل فقد آن أوان المسألة.
والآن هل نحن متفقان على أن اليد التي هي صفة ذات حقيقية تقبض وتبسط وتكتب وتخلق والتي من معناها في اللغة الكف والأصابع، وأن الأصابع جاء إثباتها في الشرع وهي صفة ذات حقيقية فنثبتها لما ثبت له القبض والبسط والكتابة والطي لأن المعنى يدل عليه.
أما هل نثبتها لغير اليد أو لانثبتها فمسألة أخرى ولعل الصواب فيها التوقف عن إثباتها لما لم نعلم زيادة على أصل معناه ما يفيد إثباتها له (أعني القدم)؟
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[29 - 12 - 03, 02:04 ص]ـ
إلى الأخ حارث: أنا أثبت الأصابع بلا كيف ولا أقول لليد ولا للقدم وأنا أناقش إستدلالك واحدة بواحدة فلنبدأ لغة وهذا قولك أن اللغة تفيد بأن الأصابع لليد وبهذا أنا ألزمك بأن تقول الأصابع للقدم لغة وإلا تناقضت فخلينا الآن في اللغة هل تستدل باللغة فإن قلت لا فلننتقل للأدلة الأخرى وإن قلت نعم فقل لي لماذا لم تثبت الأصابع للقدم لغة؟
لا تنتقل رجاء فخلينا في اللغة هل هي دليلك على ما تقول؟
ـ[حارث همام]ــــــــ[29 - 12 - 03, 02:37 ص]ـ
أنبهكم إلى أن استدلالي اللغوي ليس على ما جاء في القاموس، ولكنه على النصوص الواردة في المسألة!
وبعد ذلك أرجو الجواب عما أغفلته وأعيده:
أما قولكم يلزم من ذلك إثبات أصابع للرجل، فأوضح فيه أمراً -وإن كنت لا أريد أن أخوض في هذه المسألة قبل الفراغ مما نحن فيه ولكن لأنك قد أكثرت من تكراره وحتى تعلم أن هذا ليس بإيراد صحيح يرد على أهل السنة فأقول:
إذا صح الدليل أوالاستدلال على أن الأصابع لليد، وأشكل عليك أنه يلزم من ذلك إثبات أصابع للرجل، فوجب عليك شيئان:
الأول: أن تثبت أصابع لليد.
الثاني: ثم تناقش من لم يبثت أصابع للقدم.
فالدليل عندك صحيح يدل على الأمرين. وكون الخصم لم يقل بمقتضى الدليل في الثاني هو الذي ينبغي بحث سببه ومناقشته فيه.
وليس عدم قول الخصم بالدليل في الثاني عائداً على ماثبت بالبطلان.
فإذا كنت تثبت الآن أصابع لليد وتريد أن نتناقش حول عدم إثبات أصابع للرجل فقد آن أوان المسألة.
والآن هل نحن متفقان على أن اليد التي هي صفة ذات حقيقية تقبض وتبسط وتكتب وتخلق والتي من معناها في اللغة الكف والأصابع، وأن الأصابع جاء إثباتها في الشرع وهي صفة ذات حقيقية فنثبتها لما ثبت له القبض والبسط والكتابة والطي لأن المعنى يدل عليه.
أما هل نثبتها لغير اليد أو لانثبتها فمسألة أخرى ولعل الصواب فيها التوقف عن إثباتها لما لم نعلم زيادة على أصل معناه ما يفيد إثباتها له (أعني القدم)؟
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[29 - 12 - 03, 02:49 ص]ـ
نعم الأصابع لليد والقدم لغة حسب معلوماتي ولكن أصابع الله عزوجل فلم يثبت
وجزاكم الله خيرا
ـ[حارث همام]ــــــــ[29 - 12 - 03, 03:12 ص]ـ
من مجمل الردود الماضية أفهم مايلي:
1 - نحن متفقان على أن اليد التي تقبض وتبسط لها أصابع لغة.
2 - ليس كل قدم لغة لها أصابع.
3 - يد الله وأصابعه سبحانه وتعالى عندكم لايثبت لها المعنى اللغوي.
هل هذا الفهم صحيح.
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[29 - 12 - 03, 04:20 ص]ـ
الثانية الصحيحة فقط وبالنسبة للمعنى اللغوي لليد فقد قلت سابقا: هي صفة ذات حقيقية يفعل الله عزوجل بها كيت وكيت وتسمى يدا ولا ندري ما حقيقتها.
والظاهر أن كلامكم له وجه ولكنني خائف من مخالفة السلف.
ولكنني أريد منك أن نرجع خطوة للوراء: ذكرني بأدلة صفة الأصابع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/235)
ـ[حارث همام]ــــــــ[29 - 12 - 03, 05:03 ص]ـ
بدءاً أكبر فيكم حرصكم على عدم مخالفة السلف، وأسأل الله أن يرزقنا وإياكم اقتفاء طريقهم.
وبعد:
1 - بالنسبة للنقطة الأولى من فهمك للغة العرب فقط ولنقل أننا لا نتكلم عن الصفات الآن، هل لليد الحقيقية التي من أفعالها القبض البسط والكتابة والطي ... هل لها أصابع كما قال أبو إسحق، أم لا؟
2 - أدلة إثبات الأصابع لم أعتن بذكرها أصلاً، وإنما اكتفيت بقولكم:
وبالنسبة للأصابع فلا إثبات إلا بدليل وبما أنه هناك دليل فنعم نقول له سبحانه وتعالى أصابع ولكن ما الدليل على أن يد الله عزوجل لها اصابع؟
وقولكم:
وبالنسبة للأصابع فهي كما قلنا في اليد: صفة ذات حقيقية لا خيالية ولا مجازية وتسمى أصابع يفعل الله بها كذا وكذا كما يليق بجلاله.
فهل تراجعتم عنه؟ أنا لا أريدك إلاّ أنت تثبت ما تعتقده فالأمر أمر اعتقاد، فإذا تراجعتم أخبرني لنتناقش في أدلتها ومن قال بها من السلف.
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[30 - 12 - 03, 01:48 ص]ـ
بالنسبة للغة فنعم الكتابة تكون بيد لها أصابع أما الطي والقبض و و فلم يثبت عندي لغة أنه يشترط لها أصابع أرجو أن أكون واضحا وبالنسبة لباقي الكلام فليكن الرد عليه غدا إن شاء الله تعالى
ـ[حارث همام]ــــــــ[30 - 12 - 03, 02:01 ص]ـ
على أقل من رسلكم .. وهذه صفة أخرى أكبرها إذ الرد السريع المرتجل يدل على خفة عقل في كثير من الأحيان.
غير أني أنبه بأن قواميس اللغة أشارت بجلاء إلى أن القبض والبسط لليد يتعلق بالأصابع، ولا بأس من نقله عن بعضهم إذا أردته.
وجزاكم الله خيراً
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[01 - 01 - 04, 02:09 ص]ـ
بسم الله
السلام عليكم
1 - بالنسبة للبخاري فقد ذكر الحديث في تفسير الآية وذكره في باب (ما خلقت بيدي) لإثراء الباب وعلى العموم كلها توقعات ولم يصرح البخاري بما تريد.
2 - قد ثبت في الصحيح أن لله عزوجل أصابع فنحن نثبتها ونقول هي شيء يفعل الله به كذا وكذا كما في الحديث وهي صفة حقيقية ولا نعلم كيفيتها.
3 - الأفضل أن نقول نفس بدل ذات لأن هذا الذي ثبت بالنص الشرعي.
4 - الأصابع لغة حسب علمي تلحق بالقدم واليد هذا الذي يتبادر للذهن وليس لكل قدم أصابع وليس لكل يد اصابع.
5 - القبض والبسط لا يشترط لها يد لها أصابع ولو ثبت لغة (لو) لا يثبت ذلك لله عزوجل إلا بالدليل.
والله أعلم
ـ[حارث همام]ــــــــ[02 - 01 - 04, 01:18 ص]ـ
1 - أخي الفاضل ما يمنعك أن تأخذ كلام البخاري على ما ظاهر منه، ثم تقول أخالفه، فهو أورد حديث الأصابع ليثبت اليد لله، ولم يرد الآية فقط ولذلك كرر الحديث، فإذا كان مراده الآية بمفردها فليس من التنويع في شيء تكرارها أو حتى تكرار الحديث، وقد عهدنا من صنيعه أنه إذا استشهد بآية يفردها ولايذكر حديثاً وردت فيه وهذا كثير في صحيحه، فلماذا لاتقول ظاهر صنيعه أنه يرى الأصابع لليد غير أنك لاتوافقه فيه.
2 - إذا قلت صفة ذات أو نفس لم يختلف المعنى كثيراً، لأن النفس هي الذات المتصفة بالصفات، على أني لا أذكر أين ورد أن الأصبع صفة نفس في كلام السلف، غير أن صفة ذات وارد عن السلف عليهم رحمة الله فالتقيد به ربما كان أظهر.
3 - حتى لانكثر الجدل حولها أقول قطعاً للجدال القدم معناه من حيث أصل الوضع (عند من يقول بالمجاز) ليس منه الأصابع، وإنما ذاك أمر إضافي واستعمال لحق ببعض أقدام المخلوقات فصار لحوقها بها ليس أصلاً حقيقياً عند الإطلاق ولكنه استعمال لغوي، فإن القاف والدال والميم أصل صحيح واحد يدل على سبق ورعف، ومنه القدم خلاف الحدوث، وسميت القدم قدماً لأنهات أول ما يسبق فيطأ بها صاحبها، بخلاف اليد من حيث أصل الوضع فإنها في الأصل استخدمت ليد الإنسان وهذه لها أصابع ولهذا قال أبوإسحق ما سبق نقله، فلا إلزام لغة إضافة لما سبق من عدم صحة استدلالك علي بما لاتثبته، إضافة لوجه ثالث وهو إذا ثبت أصابع وأجمعنا على أنها لاتثبت للقدم لزم إثباتها لمابقي (أعني لغة). فهذه ثلاثة أوجه لا أدري كيف تردها.
وأمر أخير وهو أني لا أعلم أحداً من أهل العلم سواء المأولة أو المفوضة أو المثبة لا أعلم أن واحداً منهم جادل فيما تجادل فيه، فمن يأول أو يفوض يوجد في كلام بعضهم نفي أن تكون الأصبع ليد الله ولكن ليس ذلك لما تدعيه، وإنما مأخذهم آخر وهو أنه يلزم من المعنى الحقيقي قول بالتركيب أو التعضية أو إثبات الجارحة أو نحو ذلك وهم يرون تنزيه الله عن ذلك. أما أنت فمأخذ غريب لم يجادل فيه أحد من أهل العلم فيما أعلم.
4 - نعم ماذكرته صحيح من حيث أصل معنى القبض والبسط، ولكن بسط اليد هذا المعنى المقيد معناه نشر الكف أو الأصابع والقبض ضده وهذا قد نص عليه أهل اللغة. ولهذا ذكر ابن خزيمة رحمه الله في باب إثبات إمساك الله السماوات والأرض وما عليها على أصابعه ذكر الحديث في القبضتين: " هذه في الجنة ولا أبالي، وهذه في النار ولا أبالي " إذ هو المعلوم من معنى القبض باليد في اللغة فاستدل به على المسك بالأصابع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/236)
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[05 - 01 - 04, 02:13 ص]ـ
إلى الأخ الفاضل حارث:
1 - هل قال البخاري أن الأصابع لليد؟ وأما ظاهر صنيعه فهذا رأيك الخاص.
2 - بالنسبة للغة فالأصابع للقدم واليد وكون القدم لا يشترط لها أصابع فكذلك اليد وبالنسبة للشرح اللغوي الذي قدمته لنا فهذا رأي ولكل رأي والمرجع الدليل فلو ثبت صحة كلامك (لو) فكذلك لن أثبت إلا بالدليل.
4 - وبالسنبة لسلفي فأنا لم أنف ولم أثبت والنافي والمثبت عليه بالدليل وكلام السلف.
5 - من قال صفة ذات؟ وأنا أقول الأفضل أن نقول نفس لا ذات للفظ الشرعي فقط.
... أرجو أن ننتقل لمسألة أخرى حتى تأتي بدليل صريح وبكلام السلف وأما ابن خزيمة فلم يقل أن الأصابع لليد.
والسلام
ـ[حارث همام]ــــــــ[05 - 01 - 04, 02:44 ص]ـ
خيراً ليس لدي مانع أن ننتقل إلى غيرها، ولكني أنبه على أمور:
1 - ما قلته سابقاً: "حتى لانكثر الجدل حولها أقول قطعاً للجدال القدم معناه من حيث أصل الوضع (عند من يقول بالمجاز) ليس منه الأصابع، وإنما ذاك أمر إضافي واستعمال لحق ببعض أقدام المخلوقات فصار لحوقها بها ليس أصلاً حقيقياً عند الإطلاق ولكنه استعمال لغوي، فإن القاف والدال والميم أصل صحيح واحد يدل على سبق ورعف، ومنه القدم خلاف الحدوث، وسميت القدم قدماً لأنهات أول ما يسبق فيطأ بها صاحبها، بخلاف اليد من حيث أصل الوضع فإنها في الأصل استخدمت ليد الإنسان وهذه لها أصابع ولهذا قال أبوإسحق ما سبق نقله، فلا إلزام لغة إضافة لما سبق من عدم صحة استدلالك علي بما لاتثبته، إضافة لوجه ثالث وهو إذا ثبت أصابع وأجمعنا على أنها لاتثبت للقدم لزم إثباتها لمابقي (أعني لغة). فهذه ثلاثة أوجه لا أدري كيف تردها".
هذا ليس رأياً لي وإنما هو كلام أئمة اللغة، وإذا سألتك ماهو الأصل في إطلاق لفظ القدم في اللغة فهل تستطيع أن تثبت فيه شيئاً غير ما نقلته لك؟
وأنا ألتزم بنقل النصوص -إذا أردت- عن أئمة اللغة التي تبين أن لفظ القدم الأصل فيه ما ذكرته وليس هو أمر من فهمي أو تلقاء نفسي، وكذلك لفظ اليد، فهل تستطيع أن تنقل لنا عن واحد من أهل اللغة يقول الأصل في القدم أنها بأصابع؟
فهل أنقل لك النصوص وتسلم بأنه ليس رأياً لي ولكنها لغة العرب؟
إذا قلت لا فانقل لي عن واحد يبين أن الأصل في القدم مطلقة بغير قيدإضافي هو ما ذكرت.
2 - بالنسبة لسلفك، فأنت الآن تقول بقول في المسألة لم يسبقك به أحد من أهل العلم بغض النظر هل كان هذا القول نفياً أو إثباتاً أو نفياً لنفي أو إثبات، إلاّ إن كنت تقول بأنك تتوقف عن ترجيح قول لأنك لاتعلم أين الصواب من أقوال الفريقين.
3 - أرجو أن تعلق كذلك على (قبض اليد) وبسطها أعني المعنى المركب واستدلال ابن خزيمة بحديث القبضتين في إثبات الإمساك على الأصابع.
أما البخاري فقد أورد حديث الأصابع في معرض إثباته لصفة اليد من كتاب التوحيد وظاهر هذا الصنيع هو ما ذكرت، وحتى لايكون رأيي الخاص ملزما لك فرده وبين لي أنه غير ظاهر.
وفقكم الله ونفع بكم
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[05 - 01 - 04, 02:55 ص]ـ
1 - بالنسبة للبخاري وابن خزيمة فلا تقول ظاهر كلامهم فهو رأيك الخاص وقد أتيتك بشبهة ولكن أريد أن تنقل عن السلف: أن الأصابع لليد؟
2 - أما عن سلفي فأنا متوقف والتوقف لا يحتاج لسلف وسبب توقفي عدم الدليل وعدم وصول كلام السلف لي.
3 - وبالنسبة للغة فقد قلت مرارا وتكرارا لو صح كلامك فلن أثبت إلا بالدليل ولكن القدم واليد لا يشترط لها أصابع ولكن الأصابع عندما تطلق يراد بها اليد والقدم ولم أقصد أن القدم لها أصابع شرطا وهذا الكلام كله قياس للخالق على المخلوق. ولكن الدليل الدليل والسلف السلف. وكذلك القبض والبسط فلا أدري وجه إشتراط يد لها أصابع ولو كان شرطا لغة فلا ينفع إلا بالدليل وكلام السلف.
أرجو أن أكون واضحا
ـ[حارث همام]ــــــــ[05 - 01 - 04, 06:27 ص]ـ
1 - قلتم: "ولكن القدم واليد لا يشترط لها أصابع ولكن الأصابع عندما تطلق يراد بها اليد والقدم ولم أقصد أن القدم لها أصابع شرطا وهذا الكلام كله قياس للخالق على المخلوق".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/237)
نحن نتحدث عن أصل المعنى وإثبات الزيادة عليه يلزمها دليل منفصل، وأصل المعنى لليد التي تقبض وتبسط تدخل فيه الأصابع هكذا جاءت لغة العرب، ولا يدخل هذا في أصل معنى الرجل. وإن كان يجيء في استعمالهم زيادة على أصل المعنى عند التقييد ونحن هنا لا نتحدث عن الاستخدمات المنقولة عن الأصل أو الإطلاقات التي يصار إليها بقرينة.
وأما سؤالك عن الدليل فأنا لا أريدك إلاّ أن تثبت معنى الدليل الذي تقول بموجبه أن لله يداً , وأن لله أصابعاً، فإن كنت تنازعني في المعنى فأجبني إلى ما طلبته منك في ردي السابق بعد قراءته بتأمل.
2 - الكلام عن السلف نقلته لك عن ابن القيم فضلاً عن المعاصرين فرفضته، ولو نقلته لك عن شيخ الإسلام سترفضه، ثم مقتضى اللغة الذي قررته فيما سبق يفهم منه أن كل من يثبت لله صفة اليد والأصبع على أنها صفات حقيقية فهو يقول بأنها لها لأن لغة العرب تقتضي ذلك.
ولو قلت لي أنا خططت هذا الكتاب بيدي، فقلت لك لا بل بأصابعك، فقلت لي أن أصابعي من يدي، فقلت لك أثبت ذلك بأدلة اللغة أو الشرع لعددت ذلك حمقاً، إذ أنه قد علم من اللغة أن اليد التي تخط لها أصابع.
وكذلك التي تقبض وتبسط.
3 - مرة أخرى أنا لم أزعم أن البخاري أو ابن خزيمة نصا على أن الأصابع لليد، ولكني قلت أن لغة العرب تقتضي قولهم بذلك هذا أولاً، ثم ثانياً لايشترط أن يكون الكلام نصاً حتى تفهم منه قول الإمام في مسألة، وإلاّ لما صح نسبة جل المذاهب إلى الأئمة، فقد يكون الكلام نصاً وقد يكون ظاهراً وقد يكون ظناً ترجح أحد طرفيه، ثالثاً من الأمور المعتبرة الظاهر وهذا ظاهر كلامهما فناقشني في نفي كونه الظاهر من كلامهما.
ثم أنت لم تعلق على شيء من كلام ابن خزيمة، فأرجو إن كنت ترى أن مايلي غير ظاهر أن تبين لي ما الذي يظهر منه عندك؟
أ- البخاري قال: باب قول الله تعالى: لما خلقت بيدي
ثم أورد أحاديث في إثبات الأصابع، وابن حجر أثبت الأصابع بالحديث الذي أورده في هذا الباب ونحوه، ثم إنه ليبين أن مراده الحديث كرره بإسناد آخر، فكيف تقول أن ظاهر كلامه لايفيد أن الأصابع لليد؟!
ثم أخبرك أخي الكريم بأن هذا ليس استدلالي ولا استدلال الأخ فيصل، قال في العيني في عمدة القاري: "مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله والخلائق على إصبع على ما لا يخفى على المتأمل" ثم ذكر الكلام في تأويله و إثباته.
ب- لم أسمع لك تعقيب على كلام ابن خزيمة واستدلاله بحديث القبضتين في باب إثبات الإمساك على الأصابع.
ج- حتى البيهقي في الصفات ذكر تحت باب ما جاء في الأصابع ذكر حديث أن الله غرس ثلاثة أشياء بيده وذكرها، فما مناسبة ذكره هنا، إن لم يكن يرى أن الأصابع لليد؟
كما أن هذا صنيع غيرهم، فهل أخطأ هؤلاء جميعاً أم كيف تصرف ظاهر صنيعهم؟
أخي الفاضل هذا الموضوع وضعته من أجل النقاش ولو كانت المسألة لك رأي ولي رأي وانتهينا فما الداعي إلى تعليقه؟ فغرضي وغرضك الاستفادة والفائدة، فإن كان رأيي صواب فقل به وإلاّ بين لي عوجه بارك الله فيكم.
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[06 - 01 - 04, 02:20 ص]ـ
إلى الأخ الفاضل حارث لا تلزمني بلا دليل:
1 - سوف أقف الجدال في اللغة فاللغة غير حاكمة على الله عزوجل في شيء لم يصرح به الدليل وأقصد هنا الكتاب والسنة فدع عنا التفصيل ولنتوقف حتى يأتي الدليل وهذا الذي عندي.
2 - وبالنسبة للعلماء فلم تنقل إلا عن ابن القيم وعن عالم معاصر فقط والباقي لم يصرح ولا بأس أن تنقل أقوال العلماء لنستفيد وكون البخاري أو ابن خزيمة أدرج حديث تحت باب معين فهذا السؤال يوجه للمؤلف لا لي أنا وإلا لا نستطيع أن نقولهم رحمهم الله تعالى ما لم يقولوا ولو كان الأمر ظاهر عند البعض.
3 - وكون لكل رأي غير صحيح وأنت تعرف أنني أستفدت منك في معرفة المفوضة ومخالفتهم ولدي مسائل أخرى وأنت قلت أنك مستعد للمتابعة فلنكمل ما بدأنا به ولتبقى هذه المسالة معلقة حتى تأتي بالدليل (الكتاب والسنة) وكلام السلف.
وكوننا في باب اليد فأنت قلت أن لها أنامل وكف فما الدليل؟
وجزاك الله خيرا وبارك فيك وهدانا للحق المبين ولتتسع صدورنا ولنتبع الحق فلو صمم كل ذي رأي على رأيه لما استفدنا من هذه المدارسة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[حارث همام]ــــــــ[06 - 01 - 04, 04:24 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/238)
جزاك الله خيراً، أحترم رأيك وأقدر ما تقول وأعلم أن الاتفاق والمطابقة قد يكون عسير، وإذا كان فلن يكون بين عشية وضحاها.
ونزولاً عند رغبتكم سأبدأ في المسألة الثانية.
ولكني أجد لزاماً علي أن أشير إلى مسألة تتعلق بقولكم: "فاللغة غير حاكمة على الله عزوجل في شيء لم يصرح به الدليل"، فإن كنت تعني أن نجرد المعنى المفهوم من لغة العرب ونعري الدليل عنه فلا أوافقك، وإن كنت تعني لا نثبت إلاّ ما أثبته الدليل فأوافقك وهذا ما نتحدث فيه، ولكن ينبغي أن تثبت لفظه ومعناه على ما يليق بالله، أما إثبات اللفظ دون المعنى فهو نقص في التصديق، فالله يقول: (وما أرسلنا من رسول إلاّ بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء)، وقال (قرآناً عربياً غير ذي عوج لعلهم يتقون)، وقال: (نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين) .. إلى آخر هذه الآيات التي لا تخفاكم.
فوجب علينا أن نؤمن باللفظ والمعنى الذي تدل عليه اللغة التي جاء بها القرآن على ما يليق بربنا إن كان الحديث عن صفاته سبحانه وتعالى.
ويتفرع عن هذا جواب قلوكم من قال بهذا غير فلان، فالأصل أن من أثبت صفة أثبت المعنى الذي تدل عليه لغة العرب، ومن زعم أنهم خالفوا وإنما أثبتوا لفظاً وجردوه عن دلال اللغة فهو الذي يتوجب عليه أن يأتي بالنقول ويثبت ذلك عنهم إذ هو خلاف الأصل.
ولو قال لك قائل أثبت لي أن أحداً من الأئمة يحرم (وسمى لك نوعاً من أنواع الخمور الحديثة) فنقلت له قول الإمام في تحريم الخمر، فقال لك لا أنا أريد نصاً يفيد أن هذا النوع حرام! أظنك سوف تعد هذا ضعفاً في الإدارك لأن مسمى الخمر يتناول ماذكر.
ولهذا فهم من كلام البخاري وغيره أنه يثبت الأصابع لليد كما أشار العيني بأن مراده لا يخفى على المتأمل.
وبعد هذاوبناء على ما سبق .. يتعين عليك أنت حتى تتوقف أن تأتي بالدليل على أن الصابع ليست لليد التي تقبض وتبسط على مابينته، وأن من أثبت الأصابع يقول بأنها ليست لليد أو يتوقف فيها، إذ أن هذا خلاف الأصل المعروف في لغة العرب فعلى من زعمه أن يأتي بالدليل.
================================================== ==
أما الكف فأدلتها كثيرة، ولكن ألاتثبت أ لله كفاً هي صفة ذاتية يفعل الله بها ما يشاء؟
على كل أكتفي بشيء مما ذكره الإمام ابن خزيمة، قال رحمه الله:
باب ذكر سنة خامسة تثبت أن لمعبودنا يدا:
يقبل بها صدقة المؤمنين عز ربنا وجل عن أن تكون يده كيد المخلوقين.
قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا يزيد –يعني ابن هارون عن محمد بن عمرو، عن سعيد بن أبي سعيد مولى المهري، عن أبي هريرة (رضى الله عنه) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أن أحدكم ليتصدق بالتمرة من طيب، ولا يقبل الله إلا طيباً، فيجعلها الله في يده اليمنى، ثم يربيها ما يربي أحدكم فلوه أو فصيله، حتى تصير مثل أحد ".
وقال: حدثنا محمد، قال: ثنا يزيد بن هارون قال: ثنا محمد –يعني ابن عمرو عن سعيد بن أبي سعيد مولى المهري، عن أبي هريرة (رضى الله عنه) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أن أحدكم ليتصدق بالتمرة إذا كانت من الطيب ولا يقبل الله إلا طيباً فيجعلها الله في كفه فيربيها كما يربى أحدكم مهرة أو فصيله، حتى تعود في يده مثل الجبل".
وقال: حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا يحيى –يعني ابن سعيد قال: ثنا ابن عجلان، قال: ثنا سعيد بن يسار، عن أبي هريرة (رضى الله عنه) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من تصدق بصدفة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيباً ولا يصعد إلى السماء إلا الطيب فيقع في كف الرحمن، فيربيه كما يربي أحدكم فصيله حتى أن التمرة لتعود مثل الجبل العظيم ".
وقال: حدثنا محمد بن يحيى قال: ثنا ابن أبي مريم، أخبرنا بكر –يعني ابن مضر قال: ثنا ابن عجلان، قال: أخبرني أبو الحباب، سعيد بن يسار، أن أبا هريرة أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بمثله، وقال: " إلا وهو يضعها في يد الرحمن أو في كف الرحمن وقال: حتى أن التمرة لتكون مثل الجبل العظيم ".
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[08 - 01 - 04, 12:39 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
بالنسبة للأصابع فأنا لم أقل أن الأصابع ليست لليد فأنا متوقف وهل المتوقف يحتاج لدليل؟! ولازم المذهب ليس بمذهب فلا نستطيع القول أن السلف يروا ما قد رأيت أنت وبما أنك ما أتيت بدليل ولا بكلام السلف فما زال القول هو هو ولننتقل على المسألة الثانية وسوف أمر على الأحاديث من ناحية الرواية فيما بعد أما من ناحية الدراية فلماذا يقال هذا مجاز وإذا تأول أحدهم نصا آخر أنكرنا عليه أليس هذا تناقضا؟!
ـ[حارث همام]ــــــــ[08 - 01 - 04, 01:08 ص]ـ
نعم التوقف يحتاج لدليل لأنك توقفت في شيء دلت لغة العرب عليه بغير مسوغ صحيح.
وأنا لا أقول لازم المذهب مذهب، ولكن أقول الظاهر من صنيعهم أنهم يريدون كذا وكذا، لكذا وكذا، فناقش ذا.
أما عبارتك الأخير فلست أدري لمن توجهها هل تعني الأخ الفاضل عمر عبدالسلام، إذا كانت متوجهة لعبارة عمر في موقع المسلم فانظر الكلام حولها هناك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/239)
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[08 - 01 - 04, 01:15 ص]ـ
لماذا عدت للموضوع وقد قلت لك بدون دليل من الكتاب والسنة وكلام السلف فلن أقبل فخلينا في (الكف) الآن حتى يجد جديد.
ـ[حارث همام]ــــــــ[08 - 01 - 04, 01:18 ص]ـ
معذرة أما الكلف فقد أوردت لك دليله، وأما ماقبله فلأبين لك أن ما سبق ليس بياناً لغوياً لكلمات اخترتها عشوائياً من القاموس، ولكنها ألفاظ الأحاديث التي وردت في الصفات التي تثبتها.
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[08 - 01 - 04, 01:20 ص]ـ
قد عدت مرة أخرى بدون كتاب ولا سنة ولا سلف ..
خليني أركز في الأدلة والمسائل الجديدة ودعك مني فأنا جاهل فكيف تقول لجاهل هات دليلك على جهلك بهذه المسألة؟!!!
ـ[حارث همام]ــــــــ[08 - 01 - 04, 01:25 ص]ـ
لست بجاهل إن شاء الله، ولا أظن فيك هذا أخي الحبيب ولكن ما أعتقده أن إشكالاً عندك وأنا على يقين بأن زواله لن يكون بكلمة ورد غطاها ولكنه -أحسن الله إليكم- يحتاج إلى نقاش هاديء طويل.
ثم يا أخي الفاضل هبك جاهل -وحاشاك- ليس عندي من مانع في التبين والنقل عن أئمة اللغة فهل يفيدكم هذا؟
ثم إني لا أرى فيه تعارض بين هذا وبين النظر في الأدلة الأخرى.
وجزاكم الله خيراً
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[09 - 01 - 04, 03:13 ص]ـ
أخي الفاضل حارث لا بأس بنقلك لكلام العلماء في المسألة السابقة ولكن سوف أركز على الجديد: وأقول سمعنا وأطعنا نقول كف الرحمن للحديث الصحيح الذي في مسلم وغيره ونعرفها بأنها شيء يفعل الله بها كذا وكذا كما في الحديث.
1 - ولكن هل تأويل ابن عبد البر للحديث مقبول ولماذا؟
2 - ما أدلة الأنامل أخي الكريم؟
وجزاك الله خيرا
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[09 - 01 - 04, 03:13 ص]ـ
أخي الفاضل حارث لا بأس بنقلك لكلام العلماء في المسألة السابقة ولكن سوف أركز على الجديد: وأقول سمعنا وأطعنا نقول كف الرحمن للحديث الصحيح الذي في مسلم وغيره ونعرفها بأنها شيء يفعل الله بها كذا وكذا كما في الحديث.
1 - ولكن هل تأويل ابن عبد البر للحديث مقبول ولماذا؟
2 - ما أدلة الأنامل أخي الكريم؟
وجزاك الله خيرا
ـ[حارث همام]ــــــــ[09 - 01 - 04, 08:22 ص]ـ
شكر الله لكم، ولا أريد منكم الخروج بقرار متسرع فيما يتعلق بالاعتقاد، خاصة وأن ماتجيء به الرياح يذهب أدراج الرياح!
أما المسألة الأولى فهي متعلقة على ما أعتقد بما انتهى الكلام عنه: وكان آخر ما ذكرته"نحن نتحدث عن أصل المعنى وإثبات الزيادة عليه يلزمها دليل منفصل، وأصل المعنى لليد التي تقبض وتبسط تدخل فيه الأصابع هكذا جاءت لغة العرب، ولا يدخل هذا في أصل معنى الرجل. وإن كان يجيء في استعمالهم زيادة على أصل المعنى عند التقييد ونحن هنا لا نتحدث عن الاستخدمات المنقولة عن الأصل أو الإطلاقات التي يصار إليها بقرينة".
وقد سبق النقل عن أبي إسحق كما في لسان العرب والذي يفيد أن اليد تدخل فيها الكف والأصابع، وبقي تقرير أن ما ذكرت أنه الأصل هو الأصل وأن هذا ليس أصلاً في القدم.
وهنا أذكر فائدة مهمة -خذها من أخ محب وادعو لي- قلّ أن تجد في كتب اللغة وقواميسها من يعتني بذكر المعنى الأصلي والمعنى المنقول أو الاستعمال، ولعل سبب هذا علم المتقدمين باللغة الذي يغنيهم عن مثل هذا، ولهذا لم يكن يجادل الأئمة المتقدمون في المعنى أعني إنكاره فهم أئمة في اللغة وإليهم المنتهى فيها من أمثال الإمام الخطابي وغيره، ولكنهم ينفون المعنى اللغوي الحقيقي و يأولونه إلى معنى مجازي أو استعمال لغوي أو يفوضون ويقولون هو غير مراد إذ يلزم منه ويلزم وهذا اجتهادهم رحمة الله على محسنهم.
غير أن أحد المتقدمين وهو أبوالحسين أحمد بن فارس المتوفي عام 395هـ، المعروف بابن فارس أحد أئمة اللغة والسنة، اعتنى بذلك عناية خاصة، ولاسيما في معجمه الفريد: معجم مقاييس اللغة، فإذا أردت معرفة أصل كلمة فراجعه تجده بإذن الله.
وما سبق نقله مستفاد من كلامه رحمه الله عند الجزر (ق دم) وكذلك (يد)، فبين أن القدم أصل صحيح يدل على سبق ورعف ثم ذكر أن قدم الإنسان معروفة (وهي مايطأ عليه الإنسان الأرض كما فيالعين للخليل وغيره) ثم بين سبب تسميتها بذلك فقال: ولعلها سميت بذلك لأنها آلة للتقدم والسبق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/240)
أما اليد فقد ذكروا في معناه ما قاله أبو إسحق، وبينو أنها أصل في نحو يد الإنسان وغيره وقد ذكر ذلك ابن فارس.
أما قبض اليد فهو جمع الكف على الشيء كما في العين للخليل والمحيط للصاحب بن عباد.
ولهذا قال في البصائر الكف: ما بها يقبض ويبسط وقد نقل ذلك المعاصرون فإذا راجعت المحيط ومحيط المحيط والوسيط وجدت الكف الراحة مع الأصابع.
وأنشد الفراء (عن اللسان):
أوفيكما ما بلّ حلقي ريقتي * وما حملت كفاي أنملي العشرا
هذا ما عن لي ذكره الآن ولعلي أرتبه بشيء من التفصيل على شكل مقال مستقل إن يسر الله ولم تعرض الأشغال.
==================================================
أما المسألة الثانية وهي عبارة الإمام ابن عبدالبر، فقبولها وردها يتوقف على المراد منها، وظاهرها يحتمل ما سبق نقله:
الأول: أنه يقول التعبير مجاز عن قبول الصدقة وليس فيه إثبات يد حقيقة لله، فهذا باطل وابن عبدالبر يثبتها وهذا تفيده نصوصه يرحمه الله.
الثاني: أنه يقول التعبير مجاز كقولك أمرك بيدي، فالصورة مجازية مع أنها أثبتت يد حقيقية إذ لاتعارض بينهما وهذا حق.
وهذه الأخير هو مراد ابن عبدالبر بدليل أنعه يقوله ويثبت لله يدا.
قال أبو عمر (في التمهيد): الذي عليه أهل السنة وأئمة الفقه والأثر في هذه المسألة وما أشبهها الإيمان بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها والتصديق بذلك وترك التحديد والكيفية في شيء منه .... عن أحمد بن نصر أنه سأل سفيان بن عيينة قال حديث عبدالله إن الله عز وجل يجعل السماء على أصبع وحديث إن قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن وإن الله يعجب أو يضحك ممن يذكره في الأسواق وأنه عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة (ونحو هذه الأحاديث) فقال هذه الأحاديث نرويها ونقر بها كما جاءت بلا كيف .. إلى آخر ما قال رحمه الله.
وقال أيضاً: أهل السنة مجموعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز إلا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك ولا يحدون فيه صفة محصورة وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج فكلهم ينكرها ولا يحمل شيئا منها على الحقيقة ويزعمون أن من أقر بها مشبه وهم ثم من أثبتها نافون للمعبود والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله وهم أئمة الجماعة والحمد لله.
==================================================
أما أدلة الأنامل فأذكر منها:
1 - حديث الإمام أحمد من طريق ثابت عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى فلما تجلى ربه للجبل، قال قال: هكذا، يعنى أنه أخرج طرف الخنصر! قال أبي أرانا معاذ، قال فقال له حميد الطويل: ما تريد إلى هذا يا أبا محمد! قال فضرب صدره ضربة شديدة وقال: من أنت يا حميد وما أنت يا حميد! يحدثني به أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم فتقول أنت: ما تريد إليه!
* وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عدي في الكامل وأبو الشيخ والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في كتاب الرؤية من طرق عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية: فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً، قال هكذا وأشار بإصبعيه ووضع طرف إبهامه على أنملة الخنصر، وفي لفظ على المفصل الاَعلى من الخنصر، فساخ الجبل وخر موسى صعقا. وفي لفظ فساخ الجبل في الاَرض فهو يهوي فيها إلى يوم القيامة.
وقد رويت في ذلك آثار عن السلف رحمهم الله في تفسير هذه الآية غير ما ذكر، فالتراجع في مظانها.
2 - حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه: (فإذا أنا بربي عَزَّ وجَلَّ .. في أحسن صورة، فقال: يا محمد! فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري رب! قال: يا محمد! فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري رب! قال: يا محمد! فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري رب! فرأيته وضع كفه بين كتفي، حتى وجدت برد أنامله في صدري) والحديث جاء بعدة طرق رواه أحمد، والترمذي، وابن خزيمة، وابن أبي عاصم وغيرهم وهو مقبول إن شاء الله.
وقد أشار شيخ الإسلام إلى إثبات الأنامل لله بهذا الحديث.
والله أعلم.
ـ[عبدالعزيز الجزري]ــــــــ[21 - 01 - 04, 02:16 ص]ـ
أخي الفاضل حارث:
بالنسبة للحديث الأول فهو ليس بصريح الدلالة فالكلام ليس عن رب العالمين. وبالنسبة للحديث الثاني فمضطرب كما قال الدارقطني.
وبالنسبة لتأويل ابن عبد البر فأفهم منه أنك لا تعارض تأويل أحاديث الصفات الفعلية!(26/241)
مدخل لدراسة العقيدة
ـ[الأترجة]ــــــــ[08 - 12 - 03, 09:55 ص]ـ
تعريف العقيدة:
في اللغة:- مأخودة من العقد والربط والشد بقوة ومنه الإحكام والإبرام والتماسك والمراصة والتوثق.
عند علماء النفس:- هو كل ما عقد في النفس ويصعب فكه ويصدر عنه فعل لاإرادي، مثل:- النار معقود في لنفس أنها محرقة ويصعب أقناع شخص بأنها لاتحرق وعند محاولة تقريبها من شخص يصدر عنه فعلا لاأرادي كالأبتعاد عنها مثلا.
في الشرع:- هو الإيمان الجازم بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره وبكل ما جاء في القرآن الكريم والسنة الصحيحة من أصول الدين (سيأتي شرحه لاحفا).
ولكن .... هل الأعتقد فطرة في النفس أم مكتسب؟
وما هي طرق أكتساب العقائد؟
هدا ما سنتعلمه لاحقا؟(26/242)
التوسل أنواعه وأحكامه لأسد السنه الهمام العلامة الالباني رحمه الله
ـ[ولد الدمام]ــــــــ[08 - 12 - 03, 12:10 م]ـ
التوسل
أنواعه وأحكامه
آلف بينها ونسقها
محمد عيد العباسي
بحوث كتبها وألقاها
محمد ناصر الدين الألباني
الطبعة الخامسة
1406 هـ - 1986م
منقحة ومصححه
المكتب الإسلامي
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه، ومن اتبع هداه إلى يوم الدين.
أما بعد، فأصل هذه الرسالة التي أقدمها إلى القراء الكرام محاضرتان اثنتان، كان قد ألقاهما أستاذنا محمد ناصر الدين الألباني في جمع من الشباب المسلم، في صيف عام1932هـ في داره في مخيم اليرموك بمدينة دمشق الفيحاء، تناول فيهما مسألة التوسل من جميع جوانبها، وبحثها من جميع نواحيها، بما عرف من علم غزير، ونظر سديد، وتحقيق دقيق، قلَّ أن تجد له في هذا العصر مثيلاً.
وقد أعجب الحاضرون بهذا البحث القيم، لما فيه من دراسة علمية رصينة، وحجة قوية ناصعة، واقتنعوا بالنتائج التي توصل إليها، والرأي الذي ذهب إليه، والذي هو في الوقت نفسه مذهب الأئمة المجتهدين المتقدمين رحمهم الله تعالى.
وقد رأينا الفائدة كبيرة، والحاجة ماسة إلى نشر هذا البحث، وتقديمه للمسلمين لعلهم يخلصون من الاضطراب الكبير الذي يعيش فيه كثير منهم إزاء هذا الموضوع الخطير.
هذا وقد يسَّر الله تعالى – وله الفضل الكبير والمنة – ذلك، إذ كان عدد من الاخوة قد سجل تلكما المحاضرتين، وتطوع بعض الإخوان الغيورين والحريصين على العلم، بنقلهما من آلة التسجيل إلى القرطاس بخط واضح جميل، فجزاه الله تعالى على ذلك خيراً، وشكر له
سعياً.
وقد عدت إلى ما كتبه، فنقحته بما يجعله مناسباً للنشر، وأضفت إليه بعض الفوائد المناسبة له، وخرجت الآيات وبعض الأحاديث الواردة فيه، ثم كان أن وقف أستاذنا الألباني على رسالة له مخطوطة، كان كتبها منذ قرابة عشرين سنة بعنوان "التوسل وأحاديثه" وكانت حلقة من سلسلة أصدرها بعنوان "تسديد الإصابة إلى من زعم نصرة الخلفاء الراشدين والصحابة" رد فيها على بعض المبتدعين والخرافيين الذين تهجمهوا في عدة رسائل أصدروها على الدعوة السلفية، وافتروا عليها، وخلطوا فيها وخبطوا خبط عشواء، بما لا يتفق مع العلم والإخلاص في شيء، فأطلعني استاذنا على تلك الرسالة، وطالعتها، فوجدت فيها فوائد قيمة، وزيادات على ما في المحاضرتين نافعة، فضممتها إليهما، وآلفت بينها وبينهما، وحذفت ما ذهبت مناسبته، ولم تبق ثمة حاجة إليه، ثم عرضت البحث كله بشكله الجديد على المؤلف حفظه الله تعالى، فهذبه ونقحه بما يزيد في توضيحه وإفادته وتحسينه، فجاءت هذه الرسالة على اختصارها وإيجازها جامعة مانعة بفضل الله تعالى وتوفيقه، وها أنذا أقدمها إلى القراء الكرام، راجياً أن يجدوا فيها الخير الكثير، والنفع العظيم، سائلاً المولى الكريم أن يكتب لمؤلفها وناشرها الثواب الجزيل، والأجر الكبير، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
دمشق في 27 ربيع الأول 1395 هـ
الموافق لـ 19 نيسان سنة 1975 م.
محمد عيد العباسي
التوسل: أنواعُه وَأحكَامه
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
} يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون {،} يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجلاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً {.} يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً {.
أما بعد: فإن خير الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/243)
اضطرب الناس في مسألة التوسل، وحكمها في الدين اضطراباً كبيراً، واختلفوا فيها اختلافاً عظيماً، بين محلل ومحرم، ومغال ومتساهل، وقد اعتاد جمهور المسلمين منذ قرون طويلة أن يقولوا في دعائهم مثلاً: "اللهم بحق نبيك أو بجاهه أو بقدره عندك عافني واعف عني" و"اللهم إني أسألك بحق البيت الحرام أن تغفر لي" و"اللهم بجاه الأولياء والصالحين، ومثل فلان وفلان" أو "اللهم بكرامة رجال الله عندك، وبجاه من نحن في حضرته، وتحت مدده فرج الهم عنا وعن المهمومين"و"اللهم إنا قد بسطنا إليك أكف الضراعة، متوسلين إليك بصاحب الوسيلة والشفاعة أن تنصر الإسلام والمسلمين .. " الخ.
ويسمون هذا توسلاً، ويدَّعون أنه سائغ ومشروع، وأنه قد ورد فيه بعض الآيات والأحاديث التي تقره وتشرعه، بل تأمر به وتحض عليه، وبعضهم غلا في إباحة هذا حتى أجاز التوسل إلى الله تعالى ببعض مخلوقاته التي لم تبلغ من المكانة ما يؤهلها لرفعة الشأن، كقبور الأولياء، والحديد المبني على أضرحتهم، والتراب والحجارة والشجر القريبة منها، زاعمين أن ما جاور العظيم فهو عظيم، وأن إكرام الله لساكن القبر يتعدى إلى القبر نفسه حتى، يصح أن يكون وسيلة إلى الله، بل قد أجاز بعض المتأخرين الاستغاثة بغير الله!
فما هو التوسل يا ترى؟ وما هي أنواعه؟ وما معنى الآيات والأحاديث الواردة فيه؟ وما حكمه الصحيح في الإسلام؟
الفصل الأول:
التوسل في اللغة والقرآن
معنى التوسل في لغة العرب:
وقبل الخوض في هذا الموضوع بتفصيل، أحب أن ألفت النظر إلى سبب هام من أسباب سوء فهم كثير من الناس لمعنى التوسل، وتوسعهم فيه، وإدخالهم فيه ما ليس منه، وذلك هو عدم فهمهم لمعناه اللغوي، وعدم معرفتهم بدلالته الأصلية، ذلك أن لفظة (التوسل) لفظة عربية أصيلة، وردت في القرآن والسنة وكلام العرب من شعر ونثر، وقد عنى بها: التقرب إلى المطلوب، والتوصل إليه برغبة، قال ابن الأثير في "النهاية": (الواسل: الراغب، والوسيلة: القربة والواسطة، وما يتوصل به إلى الشيء ويتقرب به، وجمعها وسائل) وقال الفيروز أبادي في "القاموس": (وسل إلى الله تعالى توسيلاً: عمل عملاً تقرب به إليه كتوسل) وقال ابن فارس في "معجم المقاييس": (الوسيلة: الرغبة والطلب، يقال: وسل إذا رغب، والواسل: الراغب إلى الله عز وجل، وهو في قول لبيد:
أرى الناس لا يدرون ما قدْرُ أمرهم بلى، كل ذي دين إلى الله واسلُ).
وقال الراغب الأصفاني في "المفردات": (الوسيلة: التوصل إلى الشيء برغبة، وهي أخص من الوصيلة، لتضمنها لمعنى الرغبة، قال تعالى:} وابتغوا إليه الوسيلة {، وحقيقة الوسيلة إلى الله تعالى: مراعاة سبيله بالعمل والعبادة، وتحري مكارم الشريعة، وهي كالقربة، والواسل: الراغب إلى الله تعالى).
وقد نقل العلامة ابن جرير هذا المعنى أيضاً وأنشد عليه قول الشاعر:
إذا غفل الواشون عدنا لوصلنا وعاد التصافي بيننا والوسائل
هذا وهناك معنى آخر للوسيلة هو المنزلة عند الملك، والدرجة والقربة، كما ورد في الحديث تسمية أعلى منزلة في الجنة بها، وذلك هو قوله r: p إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل
ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة i (1).
وواضح ان هذين المعنيين الأخيرين للوسيلة وثيقا الصلة بمعناها الأصلي، ولكنهما غير مرادين في بحثنا هذا.
معنى الوسيلة في القرآن:
إن ما قدمته من بيان معنى التوسل هو المعروف في اللغة، ولم يخالف فيه أحد، وبه فسر السلف الصالح وأئمة التفسير الآيتين الكريمتين اللتين وردت فيهما لفظة (الوسيلة)، وهما قوله تعالى:} يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدا في سبيله لعلكم تفلحون {
] المائدة: 35 [، وقوله سبحانه:} أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذوراً {] الإسراء: 57 [.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/244)
فأما الآية الأولى، فقد قال إمام المفسرين الحافظ ابن جرير رحمه الله في تفسيرها: (يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله فيما أخبرهم، ووعد من الثواب، وأوعد من العقاب.} اتقوا الله {يقول: أجيبوا الله فيما أمركم، ونهاكم بالطاعة له في ذلك.} وابتغوا إليه الوسيلة {: يقول: واطلبوا القربة إليه بالعمل بما يرضيه).
ونقل الحافظ ابن كثير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن: معنى الوسيلة فيها القربة، ونقل مثل ذلك عن مجاهد وأبي وائل والحسن وعبد الله بن كثير والسدي وابن زيد وغير واحد، ونقل عن قتادة قوله فيها: (أي تقربوا إليه بطاعته، والعمل بما يرضيه) ثم قال ابن كثير: (وهذا الذي قاله هؤلاء الأئمة لا خلاف بين المفسرين فيه .. والوسيلة هي التي يتوصل بها إلى تحصيل المقصود) (1).
وأما الآية الثانية فقد بين الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مناسبة نزولها التي توضح معناها فقال: (نزلت في نفر من العرب كانوا يعبدون نفراً من الجن، فأسلم الجنيون، والإنس الذين كانوا يعبدونهم لا يشعرون) (2).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله (3): (أي استمر الإنس الذين كانوا يعبدون الجن على عبادة الجن، والجن لا يرضون بذلك، لكونهم أسلموا، وهم الذين صاروا يبتغون إلى ربهم الوسيلة، وهذا هو المعتمد في تفسير الآية).
قلت: وهي صريحة في أن المراد بالوسيلة ما يتقرب به إلى الله تعالى، ولذلك قال:
} يبتغون {أي يطلبون ما يتقربون به إلى الله تعالى من الأعمال الصالحة، وهي كذلك تشير
إلى هذه الظاهرة الغريبة المخالفة لكل تفكير سليم، ظاهره أن يتوجه بعض الناس بعبادتهم ودعائهم إلى بعض عباد الله، يخافونهم ويرجونهم، مع أن هؤلاء العباد المعبودين قد أعلنوا إسلامهم، وأقروا لله بعبوديتهم، وأخذوا يتسابقون في التقرب إليه سبحانه، بالأعمال الصالحة التي يحبها ويرضاها، ويطمعون في رحمته، ويخافون من عقابه، فهو سبحانه يُسَفه في هذه الآية أحلام أولئك الجاهلين الذين عبدوا الجن، واستمروا على عبادتهم مع أنهم مخلوقون عابدون له سبحانه، وضعفاء مثلهم، لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، وينكر الله عليهم عدم توجيههم بالعبادة إليه وحده، تبارك وتعالى، وهو الذي يملك وحده الضر والنفع، وبيده وحده مقادير كل شيء وهو المهيمن على كل شيء.
الأعمال الصالحة وحدها هي الوسائل المقربة إلى الله:
ومن الغريب أن بعض مدعي العلم اعتادوا الاستدلال بالآيتين السابقتين على ما يلهج به كثير منهم من التوسل بذوات الأنبياء أو حقهم أو حرمتهم أو جاههم، وهو استدلال خاطى لا يصح حمل الآيتين عليه، لأنه لم يثبت شرعاً أن هذا التوسل مشروع مرغوب فيه، ولذلك
لم يذكروا هذا الاستدلال أحد من السلف الصالح، ولا استحبوا التوسل المذكور، بل الذي فهموه منهما أن الله تبارك وتعالى يأمرنا بالتقرب إليه بكل رغبة، والتقدم إليه بك قربة، والتوصل إلى رضاه بكل سبيل.
ولكن الله سبحانه قد علمنا في نصوص أخرى كثيرة أن علينا إذا أردنا التقرب إليه أن
نتقدم إليه بالإعمال الصالحة التي يحبها ويرضاها، وهو لم يكل تلك الأعمال إلينا، ولم يترك
تحديدها إلى عقولنا وأذواقنا، لأنها حينذاك ستختلف وتتباين، وستضطرب وتتخاصم،
بل أمرنا سبحانه أن نرجع إليه في ذلك، ونتبع إرشاده وتعليمه فيه، لأنه لا يعلم ما يرضي الله عز وجل إلا الله وحده، فلهذا كان من الواجب علينا حتى نعرف الوسائل المقربة إلى الله أن نرجع في كل مسألة إلى ما شرعه الله سبحانه، وبينه رسول الله r، ويعني ذلك أن نرجع إلى كتاب الله وسنة رسوله r وهذا هو الذي وصانا به رسولنا محمد صلوات الله عليه وسلامه حيث قال: p تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة
رسوله i (1).
متى يكون العمل صالحاً:
وقد تبين من الكتاب والسنة أن العمل حتى يكون صالحاً مقبولاً يقرب إلى الله سبحانه، فلا بد من أن يتوفر فيه أمران هامان عظيمان، أولهما: أن يكون صاحبه قد قصد به وجه الله عز وجل، وثانيهما: أن يكون موافقاً لما شرعه الله تبارك وتعالى في كتابه، أو بينه رسوله في سنته، فإذا اختل واحد من هذين الشرطين لم يكن العمل صالحاً ولا مقبولاً.
ويدل على هذا قوله تبارك وتعالى:} فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً، ولا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/245)
يشرك بعبادة ربه أحداً {] الكهف:110 [فقد أمر سبحانه أن يكون العمل صالحاً، أي موافقاً
للسنة، ثم أمر أن يخلص به صاحبه لله، لا يبتغي به سواه.
قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره": (وهذان ركنا العمل المتقبل، لا بد أن يكون خالصاً لله، صواباً على شريعة رسول الله r ) وروي مثل هذا عن القاضي عياض رحمه الله وغيره.
الفصل الثاني:
الوسائل الكونية والشرعية
إذا عرفنا أن الوسيلة هي السبب الموصل إلى المطلوب برغبة فاعلم أنها تنقسم إلى قسمين، وسيلة كونية، ووسيلة شرعية.
فأما الوسيلة الكونية فهي كل سبب طبيعي يوصل إلى المقصود بخلقته التي خلقها الله بها، ويؤدي إلى المطلوب بفطرته التي فطره الله عليها، وهي مشتركة بين المؤمن والكافر من غير تفريق، ومن أمثلتها الماء فهو وسيلة إلى ريّ الإنسان، والطعام وسيلة إلى شبعه، واللباس وسيلة إلى حمايته من الحر والقر، والسيارة وسيلة إلى انتقاله من مكان إلى مكان، وهكذا.
وأما الوسيلة الشرعية فهي كل سبب يوصل إلى المقصود عن طريق ما شرعه الله تعالى، وبينه في كتابه وسنة نبيه، وهي خاصة بالمؤمن المتبع أمر الله ورسوله.
ومن أمثلتها النطق بالشهادتين بإخلاص وفهم وسيلة إلى دخول الجنة والنجاة من الخلود في النار، وإتباع السيئة الحسنة وسيلة إلى محو السيئة، وقول الدعاء المأثور بعد الأذان وسيلة إلى نيل شفاعة النبي r، وصلة الأرحام وسيلة لطول العمر وسعة الرزق، وهكذا.
فهذه الأمور وأمثالها إنما عرفنا أنها وسائل تحقق تلك الغايات والمقاصد عن طريق الشرع وحده، لا عن طريق العلم أو التجربة أو الحواس، فنحن لم نعلم أن صلة الرحم تطيل العمر وتوسع الرزق إلا من قوله صلوات الله وسلامه عليه: p من أحب أن يُبْسَط له في رزقه، وأن يُنْسَأ له في أثره فَلْيَصِلْ رحمه i (1).
وهكذا الأمثلة الأخرى.
ويخطىء الكثيرون في فهم هذه الوسائل بنوعيها خطأ كبيراً، ويهمون وهماً شنيعاً، فقد يظنون سبباً كونياً ما يوصل إلى غاية معينة، ويكون الأمر بخلاف ما يظنون، وقد يعتقدون سبباً شرعياً ما يؤدي إلى مقصد شرعي معين، ويكون الحق بخلاف ما يعتقدون.
فمن أمثلة الوسائل الباطلة شرعاً وكوناً في آن واحد، ما يراه المار في شارع النصر في دمشق في كثير من الاحيان، إذ يجد بعض الناس قد وضعوا أمامهم مناضد صغيرة، وعليها حيوان صغير يشبه الفأر الكبير، وقد وضع بجانبه بطاقات مضمومة كتب فيها عبارات فيها توقعات لحظوظ الناس، كتبها صاحب الحيوان، أو أملاها عليه بعض الناس كما شاء لهم جهلهم وهواهم، فيمر الصديقات الحميمان فيقول أحدهم للأخر: تعال لنرى حظنا ونصيبنا، فيدفعان للرجل بضعة قروش، فيدفع الحوين لسحب بطاقة ما، ويعطيها أحدهما فيقرؤها، ويطالع حظه المزعوم فيها!
ترى ما مبلغ عقل هذا الإنسان الذي يتخذ الحيوان دليلاً ليعلمه ما جهله، وليطلعه على
ما غُيّب عنه من قدره؟
إنه إن كان يعتقد فعلاً أن هذا الحيوان يعلم الغيب فلا شك أن الحيوان خير منه، وإن كان لا يعتقد ذلك ففعله هذا عبث وسخف وإضاعة وقت ومال يتنزه عنه العقلاء. كما أن تعاطي هذا العمل تدجيل وتضليل وأكل لأموال الناس بالباطل.
ولا شك أن لجوء الناس إلى هذا الحيوان لمعرفة الغيب وسيلة كونية بزعمهم، ولكنها باطلة تدحضها التجربة، ويهدمها النظر السليم، فهي وسيلة خرافية أدى إليها الجهل والدجل، وهي من الناحية الشرعية باطلة أيضاً تخالف الكتاب والسنة والإجماع، ويكفي في ذلك مخالفتها لقوله سبحانه في الثناء على نفسه:} عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول .. {] الجن: 26 - 27 [.
ومن الأسباب الكونية الموهومة ظن بعضهم انه إذا سافر أو تزوج مثلاً يوم الأربعاء أخفق في سفره وخاب في زواجه، واعتقادهم أنه من شرع في عمل هام فرأى أعمى أو ذو عاهة
لم يتم عمله ولم ينجح فيه!
ومن هذه الأسباب أيضاً ظن كثير من العرب والمسلمين اليوم أنهم بعددهم الكبير فقط ينتصرون على أعدائهم من الصهاينة والمستعمرين، وأنهم على وضعهم الذي هم عليه سيرمون اليهود في البحر، وقد أثبتت التجارب خطأ هذه الظنون وبطلانها، وأن الأمر أعمق من أن يعالج بهذه الطريقة السطحية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/246)
ومن الأسباب الشرعية الموهومة اتخاذ بعض الناس أسباباً يظنونها تقربهم إلى الله سبحانه، وهي تبعدهم منه في الحقيقة، وتجلب لهم السخط والغضب، بل واللعنة والعذاب، فمن ذلك استغاثة بعضهم بالموتى المقبورين من الأولياء والصالحين، ليقضوا لهم حوائجهم التي لا يستطيع قضاءها إلا الله سبحانه وتعالى، كطلبهم منهم دفع الضر وشفاء السقم، وجلب الرزق وإزالة العقم، والنصر على العدو وأمثال ذلك، فيتمسحون بحديد الأضرحة وحجارة القبور، ويهزونها أو يلقون إليها أوراقاً كتبوا فيها طلباتهم ورغابتهم، فهذه وسائل شرعية بزعمهم، ولكنها في الحقيقة باطلة، ومخالفة لأساس الإسلام الأكبر الذي هو العبودية لله تعالى وحده، وإفراده سبحانه بجميع أنواعها وفروعها.
ومن ذلك اعتقاد بعضهم الصدق في خبر يتحدث به إنسان ما إذا عطس هو أو أحد الحاضرين عند تحدثه بذلك (1).
ومنها اعتقادهم بأن أحداً من أصحابهم أو أقربائهم يذكرهم بخير إذا طنت آذانهم (2)،وكذلك اعتقادهم بأن بلاء ينزل عليهم إذا قصوا أظافرهم في الليل وفي أيام السبت والأحد (3) ... ، أو إذا كنسوا بيوتهم ليلاً ... ، ومنها اعتقادهم أنهم إذا حسنوا ظنهم بحجر واعتقدوا فيه فإنه ينفهم (4).
فهذه وأمثالها اعتقادات باطلة، بل خرافات وترهات، وظنون وأوهام ما أنزل الله بها من سلطان، وقد رأيت أن أصلها أحاديث موضوعة مكذوبة، لعن الله واضعها، وقبح ملفقها.
وعلى هذا فإن الوسائل الكونية منها ما هو مباح أذن الله به، ومنها ما هو حرام نهى الله عنه، وقد ذكرت فيما سبق أمثلة من هذه الوسائل بنوعيها مما يَهم الناس فيه، ويظنونه مباحاً وموصولاً إلى القصد مع أنه بعكس ذلك، وأذكر فيما يلي بعض الأمثلة على الوسائل الكونية المشروعة وغير المشروعة.
فمن الوسائل الكونية المشروعة للكسب والحصول على الرزق اتخاذ البيع والشراء والتجارة والزراعة والإجارة، ومن الوسائل الكونية المحرمة الإقراض بالربا وبيع العينة والاحتكار والغش والسرقة، والميسر وبيع الخمور والتماثيل، ومن أدلة ذلك قوله تعالى:} وأحل الله البيع وحرم الربا {] سورة البقرة: الآية 275 [.
فكل من البيع والربا سبب كوني لكسب الرزق، ولكن الله تعالى أحل الأول، وحرم الثاني.
كيف تعرف صحة الوسائل ومشروعيتها:
والطريق الصحيح لمعرفة مشروعية الوسائل الكونية والشرعية هو الرجوع إلى الكتاب والسنة، والتثبت مما ورد فيهما عنها، والنظر في دلالات نصوصهما، وليس هناك طريق آخر لذلك البتة.
فهناك شرطان لجواز استعمال سبب كوني ما، الأول أن يكون مباحاً في الشرع، والثاني أن يكون قد ثبت تحقيقه للمطلوب، أو غلب ذلك على الظن.
وأما الوسيلة الشرعية فلا يشترط فيها إلا ثبوتها في الشرع ليس غير.
فاتخاذ الحيوان في المثال الاسبق وسيلة مزعومة لمعرفة الغيب هو من الناحية الكونية باطل تدحضه التجربة والنظر، ومن الناحية الشرعية كفر وضلال، بين الله بطلانه وحذر منه.
وكثيراً ما يخلط الناس في هذه الأمور، فيظنون أنه بمجرد ثبوت النفع بوسيلة ما تكون هذه الوسيلة جائزة ومشروعة، فقد يحدث أن يدعو أحدهم ولياً، أو يستغيث بميت فيتحقق طلبه، وينال رغبته، فيدعي أن هذا دليل على قدرة الموتى والأولياء على إغاثة الناس، وعلى جواز دعائهم والاستغاثة بهم، وما حجته في ذلك غير حصوله على طلبه، وقد قرأنا مع الأسف في بعض الكتب الدينية أشياء كثيرة من هذا القبيل، إذ يقول مسطرها، أو ينقل عن بعضهم قوله مثلاً: إنه وقع في شدة، واستغاث بالولي الفلاني، أو الصالح العلاني، وناداه باسمه، فحضر حالاً، أو جاءه في النوم فأغاثه، وحقق له ما أراد.
وما درى هذا المسكين وأمثاله أن هذا - إن صح وقوعه - استدراج من الله عز وجل للمشركين والمبتدعين، وفتنة منه سبحانه لهم، ومكر منه بهم، جزاءاً وفاقاً على إعراضهم عن الكتاب والسنة، واتباعهم لأهوائهم وشياطينهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/247)
فهذا الذي يقول ذاك الكلام يجيز الاستغاثة بغير الله تعالى، هذه الاستغاثة التي هي الشرك الأكبر بعينه، بسبب حادثة وقعت له أو لغيره، ويمكن أن تكون هذه الحادثة مختلقة من أصلها، أو محرفة ومضخمة لإضلال بني آدم، كما يمكن أن تكون صحيحة، وراويها صادقاً فيما أخبر، ولكنه أخطأ في حكمه على المنقذ والمغيث، فظنه ولياً صالحاً، وإنما هو شيطان رجيم، فعل ذلك عن قصد خبيث، هو تلبيس الأمور على الناس، وإيقاعهم في حبائل الكفر والضلال من حيث يشعرون أو لا يشعرون.
وقد تضافرت الأخبار على أن المشركين في الجاهلية كانوا يأتون إلى الصنم، وينادونه فيسمعون صوتاً، فيظنون أن الذي يكلمهم ويجيبهم إنما هو معبودهم الذي قصدوه من دون الله، وليس هو في الحقيقة والواقع غير شيطان لعين يريد إضلالهم، وإغراقهم في العقائد الباطلة.
والمقصود من ذلك كله أن تعرف أن التجارب والأخبار ليست الوسيلة الصحيحة لمعرفة مشروعية الأعمال الدينية، بل الوسيلة الوحيدة المقبولة لذلك هي الاحتكام للشرع المتمثل في الكتاب والسنة وليس غير.
وأهم ما يخلط فيه كثير من الناس في هذا الباب الاتصال بعالم الغيب بطريقة من الطرق، كإتيان الكهان والعرافين، والمنجمين والسحرة والمشعوذين، فتراهم يعتقدون في هؤلاء معرفة الغيب، لأنهم يحدثونهم عن بعض الأمور المغيبة عنهم، ويكون الأمر وفق ما يحدثون أحياناً، ويظنون ذلك جائزاً مباحاً، بدليل وقوعه كما يخبرون. وهذا خطأ جسيم، وضلال مبين، فإن مجرد حصول منفعة ما بواسطة ما لا يكفي لإثبات مشروعية هذه الواسطة، فبيع الخمر مثلاً قد يؤدي إلى منفعة صاحبه وغناه وثروته، وكذلك الميسر واليانصيب أحياناً، ولذلك قال ربنا تبارك وتعالى فيهما:} يسألونك عن الخمر والميسر، قل فيهما إثم كبير، ومنافع للناس، وإثمهما أكبر من نفعهما {] سورة البقرة: الآية: 219 [ومع ذلك فهما محرمان، وملعون
في الخمر عشرة كما ثبت في الحديث (1).
فإتيان الكهان كذلك حرام، لأنه قد ثبت في الدين النهي عنه، والتحذير منه، قال النبي r: p من أتى كاهناً، فصدقه بما يقول فقد برىء مما أنزل على محمد i (2).
وقال r: p من أتى عرافاً، فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة i (3).
وقال معاوية بن الحكم السلمي للنبي r: إن منا رجالاً يأتون الكهان؟ فقال r: p فلا تأتهم ... i (4).
وقد بين الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه طريقة حصول الكهان والسحرة على بعض المغيبات بقوله r: p إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله كالسلسلة على صفوان (5)، فإذا فُزّع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال: الحق، وهو العلي الكبير، فيسمعها مسترقو السمع، ومسترقو السمع هكذا واحد فوق آخر، ووصف سفيان - أحد رواة الحديث - (وهو ابن عيينة كما قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (3/ 537) بيده، وفرَّج بين أصابع يده اليمنى، نصبها بعضها فوق بعض، فربما أدرك الشهاب المستمع قبل ان يرمي بها إلى صاحبه، وربما لم تدركه حتى يرمي بها إلى الذي يليه، الذي هو أسفل منه، حتى يلقوها إلى الساحر، فيكذب معها مائة كذبة، فيصدق، فيقولون: ألم يخبرنا يوم كذا وكذا، يكون كذا وكذا، فوجدناه حقاً؟ (للكلمة التي سُمعت من
السماء) i(1) .
وورد مثل هذا في حديث آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله r جالساً في نفر من أصحابه، فاستنار نجم، فقال r: p ما كنتم تقولون إذا كان مثل هذا في الجاهلية؟ i قالوا: كنا نقول: يولد عظيم أو يموت عظيم، فقال رسول الله r: p فإنها
لا يُرْمى بها لموت أحد ولا لحياته، ولكن ربنا تبارك وتعالى إذا قضى أمراً سبح حملة العرش، ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم، حتى يبلغ التسبيح السماء الدنيا، ثم يستخبر أهل السماء الذين يلون حملة العرش، فيقول الذين يلون حملة العرش لحملة العرش: ماذا قال ربكم؟ فيخبرونهم، ويخبر أهل كل سماء سماء، حتى ينتهي الخبر إلى هذه السماء، وتخطف الجن السمع، فيُرمَون، فما جاؤوا به على وجهه فهو حق، ولكنهم يقرفون فيه ويزيدون i (2).
فمن هذين الحديثين وغيرهما نعلم أن الاتصال بين الإنس والجن واقع، وأن الجني يخبر الكاهن ببعض الأخبار الصادقة، فيضيف إليها الكاهن أخباراً أخرى ملفقة من عنده، فيحدث الناس، فيطلعون على صدق بعضها، ومع ذلك فقد نهى الشارع الحكيم عن إتيان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/248)
هؤلاء الكهان، وحذر من تصديقهم فيما يقولون، كما مر معنا آنفاً.
وبهذه المناسبة فلا يفوتنا أن نذكر أن الكهانة والعرافة والتنجيم ما يزال لها أثر كبير على كثير من الناس، حتى في عصرنا هذا الذي يدعي أهله أنه عصر العلم والتفكير، والتمدن والثقافة، ويظنون أن الكهانة والشعوذة والسحر قد ولّت أيامها وانقضى سلطانها، ولكن الذي يمكن النظر، ويطلع على خفايا ما يحدث هنا وهناك يعلم علم اليقين أنها ما تزال تسيطر على كثيرين، ولكنها لبست لبوساً جديداً، وتدبت بأشكال عصرية، لا بفطن إلى حقيقتها إلا القليل، وما استحضار الأرواح ومخاطبتها، والاتصال بها بأنواعه المختلفة إلا شكل من أشكال هذه الكهانة الحديثة التي تضلل الناس، وتفتنهم عن دينهم، وتربطهم بالأوهام والأباطيل، ويظنونها حقيقة وعلماً، وديناً، والحقيقة والعلم والدين منها بُرءاء.
والخلاصة أن الأسباب الكونية، وما يُظن أنه من الأسباب الشرعية لا يجوز إثباتها،
ولا تعاطيها إلا بعد ثبوت جوازها في الشرع، كما يجب في الأسباب الكونية إثبات صحتها وفائدتها بالنظر والتجربة.
ومما يجب التنبه له، أن ما ثبت كونه وسيلة كونية، فإنه يكفي في إباحته والأخذ به، أن
لا يكون في الشرع النهي عنه، وفي مثله يقول الفقهاء: الأصل في الأشياء الإباحة. وأما الوسائل الشرعية، فلا يكفي في جواز الأخذ بها، أن الشارع الحكيم لم ينه عنها، كما يتوهمه الكثيرون بل لا بد فيها من ثبوت النص الشرعي المستلزم مشروعيتها واستحبابها. لأن الاستحباب شيء زائد على الإباحة، فإنه مما يتقرب إلى الله تعالى، والقربات لا تثبت بمجرد عدم ورود النهي عنها، ومن هنا قال بعض السلف: (كل عبادة لم يتعبدها اصحاب رسول الله r
فلا تتعبدوها)، وهذا مستفاد من أحاديث النهي عن الابتداع في الدين وهي معروفة، ومن هنا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (الأصل في العبادات المنع إلا لنص، وفي العادات الإباحة إلا لنص). فاحفظ هذا فإنه هام جداً يساعدك على استبصار الحق فيما اختلف فيه الناس.
الفصل الثالث:
التوسل المشروع وأنواعه
عرفنا مما سبق أن هناك قضيتين مستقلتين، أولاهما وجوب أن يكون التوسل به مشروعاً، وذلك لا يعرف إلا بدليل صحيح من الكتاب والسنة، وثانيهما أن يكون التوسل بسبب كوني صحيحاً يوصل إلى المطلوب.
ونحن نعلم أن الله عز وجل أمرنا بدعائه سبحانه والاستغاثة به، فقال:} وقال ربكم ادعوني استجب لكم، إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين {] سورة: غافر: الآية 60 [. وقال تعالى:} وإذا سألك عبادي عني فإني قريب، أجيب دعوة الداعٍ إذا دعان، فليستجيبوا لي، وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون {] سورة البقرة: الآية 178 [.
وقد شرع لنا عز شأنه أنواعاً من التوسلات المشروعة المفيدة المحققة للغرض، والتي تكفل الله بإجابة الداعي بها، إذا توفرت شروط الدعاء الأخرى، فلننظر الآن فيم تدل عليه النصوص الشرعية الثابتة من التوسل دون تعصب او تحيز.
إن الذي ظهر لنا بعد تتبع ما ورد في الكتاب الكريم والسنة المطهرة أن هناك ثلاثة أنواع للتوسل شرعها الله تعالى، وحث عليها، وَرَدَ بعضها في القرآن، واستعملها الرسول r وحض عليها، وليس في هذه الأنواع التوسل بالذوات أو الجاهات أو الحقوق أو المقامات، فدل ذلك على عدم مشروعيته وعدم دخوله في عموم (الوسيلة) المذكورة في الآيتين السالفتين.
أما الأنواع المشار إليها من التوسل المشروع فهي:
1 - التوسل إلى الله تعالى باسم من أسمائه الحسنى، أو صفة من صفاته العليا: كأن يقول المسلم في دعائه: اللهم إني أسألك بأنك أنت الرحمن الرحيم، اللطيف الخبير أن تعافيني.
أو يقول: أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن ترحمني وتغفر لي. ومثله قول القائل: اللهم إني أسألك بحبك لمحمد r. فإن الحب من صفاته تعالى.
ودليل مشروعية هذا التوسل قوله عز وجل:} ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها {] سورة الأعراف: الآية 180 [.والمعنى: ادعوا الله تعالى متوسلين إليه بأسمائه الحسنى. ولا شك أن صفاته العليا عز وجل داخلة في هذا الطلب، لأن أسماءه الحسنى سبحانه صفات له، خصت به تبارك وتعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/249)
ومن ذلك ما ذكره الله تعالى من دعاء سليمان عليه السلام حيث قال:} قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه، وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين {] سورة النمل: الآية 19 [.
ومن الأدلة أيضاً قول النبي r في أحد أدعيته الثابتة عنه قبل السلام من صلاته r:
p اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خير لي .. i (1).
ومنها أنه r سمع رجلاً يقول في تشهده: (اللهم إني أسألك يا الله الواحد الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد أن تغفر لي ذنوبي، إنك أنت الغفور الرحيم)
فقال r p قد غفر له قد غفر له i (1).
وسمع النبي r رجلاً آخر يقول في تشهده: (اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، المنان يا بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم، إني أسألك الجنة، وأعوذ بك من النار) فقال النبي r لأصحابه: p تدرون بما دعا؟ i قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: p والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه العظيم (وفي رواية: الأعظم) الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطي i (2).
ومنها قوله r: p من كثر همه فليقل: (اللهم إني عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو علمته أحد من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي) إلا أذهب الله همه وحزنه، وأبدله مكانه فرجا i(3).
ومنها ما ورد في استعاذته r وهي قوله: p اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني .. i (4) .
ومنها ما رواه أنس رضي الله عنه أن النبي r: p كان إذا حزبه - أي اهمه وأحزنه- أمر قال: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث i (1).
فهذه الأحاديث وما شابهها تبين مشروعية التوسل إلى الله تعالى باسم من أسمائه أو صفه من صفاته، وأن ذلك مما يحبه الله سبحانه ويرضاه، ولذلك استعمله رسول الله r، وقد قال الله تبارك وتعالى:} وما آتاكم الرسول فخذوه {] سورة الحشر: الآية 8 [. فكان من المشروع لنا أن ندعوه سبحانه بما دعاه به رسوله r، فذلك خير ألف مرة من الدعاء بأدعية ننشئها، وصيغ نخترعها.
2 ـ التوسل إلى الله تعالى بعمل صالح قام به الداعي: كأن يقول المسلم: اللهم بإيماني بك، ومحبتي لك، واتباعي لرسولك اغفر لي .. أو يقول: اللهم إني أسألك بحبي لمحمد r وإيماني به أن تفرج عني .. ومنه أن يذكر الداعي عملاً صالحاً ذا بالٍ، فيه خوفه من الله سبحانه، وتقواه إياه، وإيثاره رضاه على كل شيء، وطاعته له جل شأنه، ثم يتوسل به إلى ربه في دعائه، ليكون أرجى لقبوله وإجابته.
وهذا توسل جيد وجميل قد شرعه الله تعالى وارتضاه، ويدل على مشروعيته قوله تعالى:} الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار {] سورة آل عمران: الآية 16 [وقوله:} ربنا آمنا بما أنزلت وتبعت الرسول فاكتبا مع الشاهدين {] سورة آل عمران: الآية 53 [وقوله:} إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار {] سورة أل عمران: الآيتان 193 و 194 [. وقوله:} إنه كان فريق من عبادي يقولون: ربنا آمنا فاغفر لنا، وارحمنا، وأنت خير الراحمين {] سورة المؤمنون: الآية 109 [وأمثال هذه الآيات الكريمات المباركات. وكذلك يدل على مشروعية هذا النوع من التوسل ما رواه بريدة بن الحٌصَيب رضي الله عنه حيث قال: سمع النبي r رجلاً يقول: (اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحداً)، فقال: p قد سأل الله باسمه الأعظم، الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب i (1).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/250)
ومن ذلك ما تضمنته قصة أصحاب الغار، كما يرويها عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله r يقول: p انطلق ثلاثة رهط ممن كان قبلكم حتى أووا المبيت إلى غار، فدخلوه، فانحدرت صخرة من الجبل، فسدت عليهم الغار، فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم (وفي رواية لمسلم: فقال بعضهم لبعض: انظروا إعمالاً عملتموها صالحة لله، فادعوا الله بها، لعل الله يفرجها عنكم). فقال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت لا أغبُقُ (2) قبلهما أهلا ولا مالا، فنأى بي طلب شيء (وفي رواية لمسلم: الشجر) يوماً، فلم أرٍحْ عليهما (3)، حتى ناما، فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين، فكرهت أن أغبق قبلهما أهلا أو مالا، فلبثت والقدح على يدي انتظر استيقاظهما حتى برق الفجر، فاستيقظا فشربا غبوقهما، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجت شيئاً لا يستطيعون الخروج.
قال النبي r: قال الآخر: اللهم كانت لي بنت عم كانت أحب الناس إلي، فأردتها عن نفسها، فامتنعت مني حتى ألمت بها سَنَة (1) من السنين، فجاءتني فأعطيتها عشرين ومئة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها، ففعلت، حتى إذا قدرت عليها قالت: لا أحل لك أن تفض (وفي رواية لمسلم: يا عبد الله اتق الله، ولا تفتح) الخاتم إلا بحقه، فتحرجت من الوقوع عليها، فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلي، وتركت الذهب الذي أعطيتها، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها.
قال النبي r: وقال الثالث: اللهم إني استأجرت أجراء، فأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب، فثمرت أجره، حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين فقال: يا عبد الله أدّ لي أجري، فقلت له: كل ما ترى من أجرك، من الإبل والبقر والغنم والرقيق. فقال: يا عبد الله! لا تستهزئ بي. فقلت: إني لا أستهزئ بك، فأخذه كله، فاستاقه، فلم يترك منه شيئاً. اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة … فخرجوا يمشون i (2).
ويتضح من هذا الحديث أن هؤلاء الرجال المؤمنين الثلاثة حينما اشتد بهم الكرب، وضاق بهم الأمر، ويئسوا من أن يأتيهم الفرج من كل طريق إلا طريق الله تبارك وتعالى وحده، فلجأوا إليه، ودعوه بإخلاص واستذكروا أعمالاً لهم صالحة، كانوا تعرفوا فيها إلى الله في أوقات الرخاء، راجين أن يتعرف إليهم ربهم مقابلها في أوقات الشدة، كما ورد في حديث النبي r الذي فيه: p .. تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة i (1) فتوسلوا إليه سبحانه بتلك الأعمال؛ توسل الأول ببره والديه، وعطفه عليهما، ورأفته الشديدة بهما حتى كان منه ذلك الموقف الرائع الفريد، وما أحسب إنساناً آخر، حاشا الأنبياء ـ يصل بره بوالديه إلى هذا الحد.
وتوسل الثاني بعفته من الزنى بابنة عمه التي أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء بعدما قدر عليها، واستسلمت له مكروهة بسبب الجوع والحاجة، ولكنها ذكرته بالله عز وجل، فتذكر قلبه، وخشعت جوارحه، وتركها والمال الذي أعطاها.
وتوسل الثالث بحفاظه على حق أجيره الذي ترك أجرته التي كانت فَرَقاَ (2) من أرز كما ورد في رواية صحيحة للحديث وذهب، فنماها له صاحب العمل، وثمرها حتى كانت منها الشاه والبقر والأبل والرقيق، فلما احتاج الأجير إلى المال ذكر أجرته الزهيدة عند صاحبه، فجاءه وطالبه بحقه، فأعطاه تلك الأموال كلها، فدهش وظنه يستهزىء به، ولكنه لما تيقن منه الجد، وعرف أنه ثمرّ له أجره حتى تجمعت منه تلك الأموال، استساقها فرحاً مذهولاً، ولم يترك منها شيئاً. وأيْم الله إن صنيع رب العمل هذا بالغ حد الروعة في الإحسان إلى العامل، ومحقق المثل الأعلى الممكن في رعايته وإكرامه، مما لا يصل إلى عشر معشاره موقف كل من يدعي نصرة العمال والكادحين، ويتاجر بدعوى حماية الفقراء والمحتاجين، وإنصافهم وإعطائهم حقوقهم، دعا هؤلاء الثلاثة ربهم سبحانه متوسلين إليه بهذه الأعمال الصالحة أي صلاح، والمواقف الكريمة أي كرم، معلنين أنهم إنما فعلوها ابتغاء رضوان الله تعالى وحده،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/251)
لم يردوا بها دنيا قريبة أو مصلحة عاجلة أو مالاً، ورجوا الله جل شأنه أن يفرج عنهم ضائقتهم، ويخلصهم من محنتهم، فاستجاب سبحانه دعاءهم، وكشف كربهم، وكان عند حسن ظنهم به، فخرق لهم العادات وأكرمهم بتلك الكرامة الظاهرة، فأزاح الصخرة بالتدرج على مراحل ثلاث، كلما دعا واحد منهم تنفرج بعض الانفراج حتى انفرجت تماماً مع آخر دعوة الثالث بعد أن كانوا في موت محقق. ورسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه يروي لنا هذه القصة الرائعة التي كانت في بطون الغيب، لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى ليذكرنا بأعمال فاضلة مثالية لأناس فاضلين مثاليين من أتباع الرسل السابقين، لنقتدي بهم، ونتأسى بأعمالهم، ونأخذ من أخبارهم الدروس الثمينة، والعظات البالغة. ولا يقولن قائل: إن هذه الأعمال جرت قبل بعثة نبينا محمد r فلا تنطبق علينا بناء على ما هو الراجح في علم الأصول أن شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا. لأننا نقول: إن حكاية النبي r لهذه الحادثة إنما جاءت في سياق المدح والثناء، والتعظيم والتبجيل، وهذا إقرار منه r بذلك، بل هو أكثر من إقرار لما قاموا به من التوسل بأعمالهم الصالحة المذكورة، بل إن هذا ليس إلا شرحاً وتطبيقاً عملياً للآيات المتقدمة، وبذلك تتلاقى الشرائع السماوية في تعاليمها وتوجيهاتها، ومقاصدها وغاياتها، ولا غرابة في ذلك، فهي تنبع من معين واحد، وتخرج من مشكاة واحدة، وخاصة فيما يتعلق بحال الناس مع ربهم سبحانه، فهي لا تكاد تختلف إلا في القليل النادر الذي يقتضي حكمة الله سبحانه تغييره وتبدليه.
3 - التوسل إلى الله تعالى بدعاء الرجل الصالح:
كأن يقول المسلم في ضيق شديد، أو تحل به مصيبة كبيرة، ويعلم من نفسه التفريط في جنب الله تبارك وتعالى، فيجب أن يأخذ بسبب قوي إلى الله، فيذهب إلى رجل يعتقد فيه الصلاح والتقوى، أو الفضل والعلم بالكتاب والسنة، فيطلب منه أن يدعوا له ربه، ليفرج عنه كربه، ويزيل عنه همه. فهذا نوع آخر من التوسل المشروع، دلت عليه الشريعة المطهرة، وأرشدت إليه، وقد وردت أمثلة منه في السنة الشريفة، كما وقعت نماذج منه من فعل الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم، فمن ذلك ما رواه أنس ابن مالك رضي الله عنه حيث قال: p اصاب الناس سنَة على عهد النبي r، فبينما النبي r يخطب] على المنبر 2/ 22 [قائماً في يوم الجمعة، قام] وفي راوية: دخل 2/ 16 [أعرابي] من أهل البدو 2/ 21 [] من باب كان وجَاه المنبر [] نحو دار القضاء ورسول الله قائم، فاستقبل رسول الله r قائماً 2/ 17 [فقال: يا رسول الله! هلك المال، وجاع] وفي رواية: هلك [العيال] ومن طريق أخرى: هلك الكُراع، وهلك الشاء [] وفي أخرى هلكت المواشي، وانقطعت السبل [فادعُ الله لنا] أن يَسْقِيَنا [] وفي أخرى: يُغيثنا [فرفع يديه يدعو] حتى رأيت بياض إبطه [:] اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا [،] ورفع الناس أيديهم معه يدعون، [] ولم يذكر أنه حوَّل رداءه، ولا استقبل القبلة 2/ 18 [و] لا والله [ما نرى في السماء] من سحاب ولا [قرعة
] ولا شيئاً، وما بيننا وبين سَلْع من بيت ولا دار [] وفي رواية: قال أنس: وإن السماء لمثل الزجاجة [] قال فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت [فوالذي نفسه بيده ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطرَ يتحادر على لحيته r ] وفي رواية: فهاجت ريح أنشأت سحاباً، ثم اجتمع، ثم أرسلت السماءُ عزاليها] ونزل عن المنبر فصلى 2/ 19 [] فخرجنا نخوض الماس حتى أتينا منازلنا [] وفي رواية: حتى ما كاد الرجل يصل إلى منزله 7/ 154 [فمطرنا يومنا ذلك، ومن الغد وبعد الغد، والذي يليه حتى الجمعة الأخرى] ما تقلع [] حتى سالت مثاعب المدينة [] وفي رواية: فلا والله ما رأينا الشمس ستاً [.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/252)
وقام ذلك الأعرابي أو غيره] وفي رواية: ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله r قائم يخطب، فاستقبله قائماً [فقال: يا رسول الله تهدم البناء] وفي رواية: تهدمت البيوت، وتقطعت السبل، وهلكت المواشي [] وفي طريق: بشَق المسافر، ومُنع الطريق [وغرق المال، فادع الله] يحبُسه [لنا] فتبسم النبي r [ فرفع يده، فقال: اللهم حوالينا ولا علينا،] اللهم على رؤوس الجبال والإكام] والظراب [وبطون الأودية ومنابت الشجر [فما] جعل [يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا انفرجت مثل الجوْبَة،] وفي رواية: فنظرت إلى السحاب تصدع حول المدينة] يميناً وشمالاً [كأنه إكليل [] وفي أخرى: فانْجابَتْ [عن المدينة انجياب الثوب [] يمطر ما حولينا ولا يمطر فيها شيء] وفي طريق: قطرة [] وخرجنا نمشي في الشمس [يريهم الله كرامة نبيه r وإجابة دعوته [، وسال الوادي] وادي [قناة شهراً، ولم يجىء أحد من ناحية إلا حدث بالجود i.
ومن ذلك ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه أيضاً أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس ابن عبد المطلب، فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا r فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قال: فيُسقَون.
ومعنى قول عمر: إنا كنا نتوسل إليك بنبينا r وإنا نتوسل إليك بعم نبينا، أننا كنا نقصد نبينا r ونطلب منه أن يدعو لنا، ونتقرب إلى الله بدعائه، والآن وقد انتقل r إلى الرفيق الأعلى، ولم يعد من الممكن أن يدعو لنا، فإننا نتوجه إلى عم نبينا العباس، ونطلب منه أن يدعوَ لنا، وليس معناه أنهم كانوا يقولون في دعائنهم: (اللهم بجاه نبيك اسقنا)، ثم أصبحوا يقولون بعد وفاته r: ( اللهم بجاه العباس اسقنا)، لأن مثل هذا دعاء مبتدع ليس له أصل في الكتاب ولا في السنة، ولم يفعله أحد من السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم، كما سيأتي الكلام على ذلك بشيء من البسط قريباً إن شاء الله تعالى.
ومن ذلك أيضاً ما رواه الحافظ ابن عساكر رحمه الله تعالى في "تاريخه" (18/ 151/1) بسند صحيح عن التابعي الجليل سليم ابن عامر الخبَائري: (أن السماء قحطت، فخرج معاوية بن أبي سفيان وأهل دمشق يستسقون، فلما قعد معاوية على المنبر، قال: أين يزيد بن الأسود الجُرَشي؟ فناداه الناس، فأقبل يتخطى الناس، فأمره معاوية فصعد على المنبر، فقعد عند رجليه، فقال معاوية: اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بخيرنا وأفضلنا، اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بيزيد بن الأسود الجرشي، يا يزيد ارفع يديك إلى الله، فرفع يديه، ورفع الناس أيديهم، فما كان أوشك أن ثارت سحابة في الغرب كأنها ترس، وهبت لها ريح، فسقتنا حتى كاد الناس أن لا يبلغوا منازلهم).
وروى ابن عساكر أيضاً بسند صحيح أن الضحاك بن قيس خرج يستسقي بالناس فقال ليزيد بن الأسود أيضاً: قم يا بكاء! زاد في رواية: (فما دعا إلا ثلاثاً حتى أمطروا مطراً كادوا يغرقون منه).
فهذا معاوية رضي الله عنه أيضاً لا يتوسل بالنبي r، لما سبق بيانه، وإنما يتوسل بهذا الرجل الصالح: يزيد ين الأسود رحمه الله تعالى، فيطلب منه أن يدعو الله تعالى، ليسقيهم ويغيثهم، ويستجيب الله تبارك وتعالى طلبه. وحدث مثل هذا في ولاية الضحاك بن قيس أيضاً.
بطلان التوسل بما عدا الأنواع الثلاثة السابقة:
فمما سبق تعلم أن التوسل المشروع الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، وجرى عليه عمل السلف الصالح، وأجمع عليه المسلمون وهو:
1 – التوسل باسم من أسماء الله تبارك وتعالى أو صفة من صفاته.
2 – التوسل بعمل صالح قام به الداعي.
3 – التوسل بدعاء رجل صالح.
وأما ما عدا هذه الأنواع من التوسلات ففيه خلاف، والذي نعتقده وندين الله تعالى به أنه غير جائز، ولا مشروع، لأنه لم يرد فيه دليل، تقوم به الحجة – وقد أنكره العلماء المحققون في العصور الإسلامية المتعاقبة، مع أنه قد قال ببعضه بعض الأئمة، فأجاز الإمام أحمد التوسل بالرسول r وحده فقط، وأجاز غيره كالإمام الشوكاني التوسل به وبغيره من الأنبياء والصالحين: ولكنا – كشأننا في جميع الأمور الخلافية – ندور مع الدليل حيث دار ولا نتعصب للرجال، ولا ننحاز لأحد إلا للحق كما نراه ونعتقده، وقد رأينا في قضية التوسل التي نحن بصددها الحق مع الذين حظروا التوسل بمخلوق، ولم نر لمجيزيه دليلاً صحيحاً يعتد به، ونحن نطالبهم بأن يأتونا بنص صحيح
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/253)
صريح من الكتاب أو السنة فيه التوسل بمخلوق، وهيهات أن يجدوا شيئاً يؤيد ما يذهبون إليه، أو يسند ما يدعونه، اللهم إلا شبهاً واحتمالات، سنعرض للرد عليها بعد قليل.
فهذه الأدعية الواردة في القرآن الكريم وهي كثيرة، لا نجد في شيء منها التوسل بالجاه أو الحرمة أو الحق أو المكانة لشيء من المخلوقات، وهاك بعض الأدعية الكريمة على سبيل المثال: يقول ربنا جل شأنه معلماً إيانا ما ندعو به ومرشداً:} ربنا لا يؤاخذنا إن نسينا
أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تُحمَّلْنا
ما لا طاقة لنا به، واعْفُ عنا واغفر لنا وارحمنا، أنت مولانا، فانصرنا على القوم الكافرين {] البقرة: 286 [ويقول:} ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار {
] البقرة: 201 [ويقول:} فقالوا: على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين، ونجنا برحمتك من القوم الكافرين {] يونس:85 - 86 [ويقول:} وإذ قال ابراهيم: رب اجعل هذا البلد آمناً واجنبني وبَنيَّ أن نعبد الأصنام {،} رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي، ربنا وتقبل دعاء، ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب {] ابراهيم: 35 - 41 [ويقول على لسان موسىعليه السلام:} قال: رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي .. {] طه: 25 - 28 [ويقول سبحانه:} والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراماً .. {] الفرقان: 65 [ ... إلى آخر ما هنالك من الأدعية القرآنية الكريمة، وبعضها مما يعلمنا الله تعالى أن ندعو به ابتداء، وبعضها مما يحكيه سبحانه عن بعض أنبيائه ورساله، أو بعض عباده وأوليائه، وواضح أنه ليس في شيء منها ذاك التوسل المبتدع الذي يدندن حوله المتعصبون، ويخاصم فيه المخالفون.
وإذا انتقلنا إلى السنة الشريفة لنطلع منها على أدعية النبي r التي ارتضاها الله تعالى له، وعلمه إياها، وأرشدنا إلى فضلها وحسنها، نراها مطابقة لما في أدعية القرآن السالفة من حيث خلوها من التوسل المبتدع المشار إليه، وهاك بعض تلك الأدعية النبوية المختارة:
فمنها دعاء الاستخارة المشهور الذي كان النبي r يعلمه أصحابه إذا هموا بأمر كما كان يعلمهم القرآن، وهو: (اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، وعاجله وآجله، فأقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، وعاجله وآجله، فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به).
ومنها: (اللهم أصلح لي ديني، الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر) و: (اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي ... ) و: (اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى) و: (اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك
ما تبلغنا به جنتك) و: (اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل ومحمد نعوذ بك من النار) ومثل هذه الأدعية في السنة كثير، ولا نجد فيها دعاء واحداً ثابتاً فيه شيء من التوسل المبتدع الذي يستعمله المخالفون.
ومن الغريب حقاً أنك ترى هؤلاء يعرضون عن أنواع التوسل المشروعة السابقة،
فلا يكادون يستعلمون شيئاً منها في دعائهم أو تعليمهم الناس مع ثبوتها في الكتاب والسنة وأجماع الأمة عليها، وتراهم بدلاً من ذلك يعمدون إلى أدعية اخترعوها، وتوسلات ابتدعوها لم يشرعها الله عز وجل، ولم يستعملها رسوله المصطفى r، ولم ينقل عن سلف هذه الأمة من أصحاب القرون الثلاثة الفاضلة، وأقل ما يقال فيها: إنها مختلف فيها، فما أجدرهم بقوله تبارك وتعالى:} أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير {] البقرة:61 [.
وأهل هذه أحد الشواهد العلمية التي تؤكد صدق التابعي الجليل حسان بن عطية المحاربي رحمه حيث قال: (ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سننهم مثلها، ثم لا يعيدها إليهم إلى يوم القيامة).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/254)
هذا ولم ننفرد نحن بإنكار تلك التوسلات المبتدعة، بل سبقنا إلى إنكارها كبار الأئمة والعلماء، وتقرر ذلك في بعض المذاهب المتبعة، ألا وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله، فقد جاء في "الدر المختار" (2/ 630) – وهو من أشهر كتب الحنفية – ما نصه:
(عن أبي حنيفة: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به، والدعاء المأذون فيه، المأمور به
ما استفيد من قوله تعالى:} ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها {).
ونحوه في "الفتاوى الهندية" (5/ 280). وقال القُدوري في كتابه الكبير في الفقه المسمى
بـ "شرح الكرخي" في (باب الكراهة): (قال بشر بن الوليد حدثنا أبو يوسف قال أبو حنيفة: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به، وأكره أن يقول: بمعاقد العز من عرشك، أو بحق خلقك، وهو قول أبي يوسف، قال أبو يوسف: معقد العز من عرشه هو الله، فلا أكره هذا، وأكره أن يقول: بحق فلان، أو بحق أنبيائك ورسلك، وبحق البيت الحرام والمشعر الحرام، قال القُدوري: المسألة بخلقه لا تجوز لأنه لا حق للخلق على الخالق، فلا تجوز وفاقاً). نقله شيخ الإسلام في "القاعدة الجليلة" وقال الزبيدي في "شرح الإحياء" (2/ 285): (كره أبو حنيفة وصاحباه أن يقول الرجل: أسألك بحق فلان، أو بحق أنبيائك ورسلك، أو بحق البيت الحرام والمشعر الحرام، ونحو ذلك، إذ ليس لأحد على الله حق، وكذلك كره أبو حنيفة ومحمد أن يقول الداعي: اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك، وأجازه أبو يوسف لما بلغه الأثر فيه).
أقول: لكن الأثر المشار إليه باطل لا يصح، رواه ابن الجوزي في "الموضوعات" وقال: (هذا حديث موضوع بلا شك)، وأقره الحافظ الزيلعي في "نصب الراية" (273) فلا يحتج به، وإن كان قول القائل: (أسألك بمعاقد العز من عرشك) يعود إلى التوسل بصفة من صفات الله عز وجل، فهو توسل مشروع بأدلة أخرى كما سبق، تغني عن هذا الحديث الموضوع. قال ابن الاثير رحمه الله: (أسألك بمعاقد العز من عرشك، أي بالخصال التي استحق بها العرش العز، أو بمواضع انعقادها منه، وحقيقة معناه: بعز عرشك، وأصحاب أبي حنيفة يكرهون هذا اللفظ من الدعاء).
فعلى الوجه الأول من هذا الشرح، وهو الخصال التي استحق بها العرش العز، يكون توسلاً بصفة من صفات الله تعالى فيكون جائزاً، وأما على الوجه الثاني الذي هو مواضع انعقاد العز من العرش، فهو توسل بمخلوق فيكون غير جائز، وعلى كلٍ فالحديث لا يستحق زيادة في البحث والتأويل لعدم ثبوته، فنكفي بما سبق.
الفصل الرابع:
شبهات والجواب عليها
يورد المخالفون في هذا الموضوع بعض الاعتراضات والشبهات، ليدعوا رأيهم الخاطىء، ويوهموا العامة بصحته، ويلبسوا الأمر عليهم، وأعرض فيما يلي هذه الشبهات واحدة إثر واحدة، وأرد عليها رداً علمياً مقنعاً إن شاء الله، بما يقرر ما بينته في الفصل السابق وينسجم معه، ويقنع كل مخلص منصف، ويدحض كل افتراء علينا بالباطل، وبالله تعالى وحده التوفيق، وهو المستعان.
الشبهة الأولى: حديث استسقاء عمر بالعباس رضي الله عنهما:
يحتجون على جواز التوسل بجاه الأشخاص وحرمتهم وحقهم بحديث انس السابق: (أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قَحَطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا، فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. قال: فيسقون).
فيفهمون من هذا الحديث أن توسل عمر رضي الله عنه إنما كان بجاه العباس رضي الله عنه، ومكانته عند الله سبحانه، وأن توسله كأنه مجرد ذكر منه للعباس في دعائه، وطلب منه لله أن يسقيهم من أجله، وقد أقره الصحابة على ذلك، فأفاد بزعمهم ما يدعون.
وأما سبب عدول عمر رضي الله عنه عن التوسل بالرسول r - بزعمهم – وتوسله بدلاً منه بالعباس رضي الله عنه، فإنما كان لبيان جواز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل ليس غير.
وفهمهم هذا خاطىء، وتفسيرهم هذا مردود من وجوه كثيرة اهمها:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/255)
1 – إن القواعد المهمة في الشريعة الإسلامية أن النصوص الشرعية يفسر بعضها بعضاً، ولا يفهم شيء منها في موضوع ما بمعزل عن بقية النصوص الواردة فيه. وبناء على ذلك فحديث توسل عمر السابق إنما يفهم على ضوء ما ثبت من الروايات والأحاديث الواردة في التوسل بعد جمعها وتحقيقها، ونحن والمخالفون متفقون على أن في كلام عمر: (كنا نتوسل إليك بنبينا .. وإنا نتوسل إليك بعم نبينا) شيئاً محذوفاً، لا بد له من تقدير، وهذا التقدير إما أن يكون: (كنا نتوسل بـ (جاه) نبينا، وإنا نتوسل إليك بـ (جاه) عم نبينا) على رأيهم هم، أو يكون: (كنا نتوسل إليك بـ (دعاء) نبينا، وإنا نتوسل إليك بـ (دعاء) عم نبينا) على رأينا نحن.
ولا بد من الأخذ بواحد من هذين التقديرين ليفهم الكلام بوضوح وجلاء.
ولنعرف أي التقديرين صواب لا بد من اللجوء إلى السنة، لتبين لنا طريقة توسل الصحابة الكرام بالنبي r.
ترى هل كانوا إذا أجدبوا وقحَطوا قبع كل منهم في دراه، أو مكان آخر، أو اجتمعوا دون أن يكون معهم رسول الله r، ثم دعوا ربهم قائلين: (اللهم بنبيك محمد، وحرمته عندك، ومكانته لديك اسقنا الغيث). مثلاً أم كانوا يأتون النبي r ذاته فعلاً، ويطلبون منه أن يدعو الله تعالى لهم، فيحقق r طلْبتهم، ويدعو ربه سبحانه، ويتضرع إليه حتى يسقوا؟
أما الأمر الأول فلا وجود له إطلاقاً في السنة النبوية الشريفة، وفي عمل الصحابة رضوان
الله تعالى عليهم، ولا يستطيع أحد من الخلفيين أو الطُّرُقيين ان يأتي بدليل يثبت أن طريقة
توسلهم كانت بأن يذكروا في أدعيتهم اسم النبي r، ويطلبوا من الله بحقه وقدره عنده
ما يريدون. بل الذي نجده بكثرة، وتطفح به كتب السنة هو الأمر الثاني، إذ تبين أن طريقة توسل الأصحاب الكرام بالنبي r إنما كانت إذا رغبوا في قضاء حاجة، أو كشف نازلة أن يذهبوا إليه r، ويطلبوا منه مباشرة أن يدعو لهم ربه، أي أنهم كانوا يتوسلون إلى الله تعالى بدعاء الرسول الكريم r ليس غير.
ويرشد إلى ذلك قوله تبارك وتعالى:} ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً {] النساء:64 [.
ومن أمثلة ذلك ما مر معنا في حديث أنس السابق الذي ذكر فيه مجيء الأعرابي إلى المسجد يوم الجمعة حيث كان رسول الله r يخطب، وعرضه له ضنك حالهم، وجدب أرضهم، وهلاك ماشيتهم، وطلبه منه أن يدعو الله سبحانه لينقذهم مما هم فيه، فاستجاب له r، وهو الذي وصفه ربه بقوله:} لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عَنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم {] التوبة:128 [، فدعا r لهم ربه، واستجاب سبحانه دعاء نبيه، ورحم عباده ونشر رحمته، وأحيا بلدهم الميت.
ومن ذلك أيضاً مجيء الأعرابي السابق نفسه أو غيره إلى النبي r وهو يخطب الجمعة الثانية، وشكواه له انقطاع الطرقات وتهدم البنيان، وهلاك المواشي، وطلبه منه أن يدعو لهم ربه، ليمسك عنهم الأمطار، وفعل r فاستجاب له ربه جل شأنه أيضاً.
ومن ذلك ما روته السيدة عائشة رضي الله عنها حيث قالت: شكا الناس إلى رسول الله r قحوط المطر، فأمر بمنبر فوضع له في المصلى، ووعد الناس يوماً يخرجون فيه. قالت: فخرج رسول الله r حين بدا حاجب الشمس، فقعد على المنبر، فكبر وحمد الله، ثم قال: p إنكم شكوتم جدب دياركم، واستئخار المطر ع إبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم ... i الحديث، وفيه انه r دعا الله سبحانه، وصلى بالناس، فأغاثهم الله تعالى حتى سالت السيول، وانطلقوا إلى بيوتهم مسرعين، فضحك الرسول r حتى بدت نواجذه، وقال: p أشهد أن الله على كل شيء قدير، وأني عبد الله ورسوله i.
فهذه الأحاديث وأمثالها مما وقع زمن النبي r وزمن أصحابه الكرام رضوان الله عليهم تُبين بما لا يقبل الجدال أو الممارة أن التوسل بالنبي r أو بالصالحين الذي كان عليه السلف الصالح هو مجيء المتوسل إلى المتوسل به، وعرضه حاله له، وطلبه منه أن يدعو له الله سبحانه، ليحقق طلبه، فيستجيب هذا له، ويستجيب من ثم الله سبحانه وتعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/256)
2 – وهذا الذي بيناه من معنى الوسيلة هو المعهود في حياة الناس واستعمالهم، فإنه إذا كانت لإنسان حاجة ما عند مدير أو رئيس أ, موظف مثلاً، فإنه يبحث عمن يعرفه ثم يذهب إليه ويكلمه، ويعرض له حاجته فيفعل، وينقل هذا الوسيط رغبته إلى الشخص المسؤول، فيقضيها له غالباً. فهذا هو التوسل المعروف عند العرب منذ القديم، وما يزال، فإذا قال أحدهم: إني توسلت إلى فلان، فإنما يعني أنه ذهب إلى الثاني وكلمه في حاجته، ليحدث بها الأول، ويطلب منه قضاءها، ولا يفهم أحد من ذلك أنه ذهب إلى الأول وقال له: بحق فلان (الوسيط) عندك، ومنزلته لديك اقض لي حاجتي.
وهكذا فالتوسل إلى الله عز وجل بالرجل الصالح ليس معناه التوسل بذاته وبجاهه وبحقه، بل هو التوسل بدعائه وتضرعه واستغاثته به سبحانه وتعالى، وهذا هو بالتالي معنى قول عمر رضي الله عنه: (اللهم إنا منا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا) أي: كنا إذ قل المطر مثلاً نذهب إلى النبي r، ونطلب منه ان يدعو لنا الله جل شأنه.
3 – ويؤكد هذا ويوضحه تمام قول عمر رضي الله عنه: (وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا)، أي إننا بعد وفاة نبينا جئنا بالعباس عم النبي r، وطلبنا منه أن يدعو لنا ربنا سبحانه ليغيثنا.
تُرى لماذا عدل عمر رضي الله عنه عن التوسل بالنبي r إلى التوسل بالعباس رضي الله عنه، مع العلم ان العباس مهما كان شأنه ومقامه فإنه لا يذكر امام شأن النبي r ومقامه؟
أما الجواب برأينا فهو: لأن التوسل بالنبي r غير ممكن بعد وفاته، فأنى لهم أن يذهبوا إليه r ويشرحوا له حالهم، ويطلبوا منه أن يدعو لهم، ويؤمنوا على دعائه، وهو قد انتقل إلى الرفيق الأعلى، وأضحى في حال يختلف عن حال الدنيا وظروفها مما لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، فأنى لهم أن يحظوا بدعائه r وشفاعته فيهم، وبينهم وبينه كما قال الله عز شأنه:
} ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون {] المؤمنون:100 [.
ولذلك لجأ عمر رضي الله عنه، وهو العربي الأصيل الذي صحب النبي r ولازمه في أكثر أحواله، وعرفه حق المعرفة، وفهم دينه حق الفهم، ووافقه القرآن في مواضع عدة، لجأ إلى توسل ممكن فاختار العباس رضي الله عنه، لقرابته من النبي r من ناحية، ولصلاحه ودينه وتقواه من ناحية آخرى، وطلب منه أن يدعو لهم بالغيث والسقيا. وما كان لعمر
ولا لغير عمر أن يدع التوسل بالنبي r، ويلجأ إلى التوسل بالعباس أو غيره لو كان التوسل بالنبي r ممكناً، وما كان من المعقول ان يقر الصحابة رضوان الله عليهم عمر على ذلك أبداً، لأن الانصراف عن التوسل بالنبي r إلى التوسل بغيره ما هو إلا كالانصراف عن الاقتداء بالنبي r في الصلاة إلى الاقتداء بغيره، سواء بسواء، ذلك أن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم كانوا يعرفون قدر نبيهم r ومكانته وفضله معرفة لا يدانيهم فيها أحد، كما نرى ذلك واضحاً في الحديث الذي رواه سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: (أن رسول الله r ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم، فحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلى أبي بكر، فقال: أتصلي بالناس، فأقيم؟ قال: فصلى أبو بكر، فجاء رسول الله r والناس في الصلاة، فتخلص حتى وقف في الصف، فصفق الناس، وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة، فلما أكثر الناس التصفيق التفت، فرأى رسول الله r، فأشار إليه رسول الله r أن أمكث مكانك، فرفع أبو بكر يديه، فحمد الله عز وجل على ما أمره به رسول الله r من ذلك، ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف، وتقدم النبي r فصلى ثم انصرف، فقال: p يا أبا بكر:
ما منعك أن تثبت إذ أمرتك؟ i قال أبو بكر: ما كان لان أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله r ).
فأنت ترى أن الصحابة رضي الله عنهم لم يستسيغوا الاستمرار على الاقتداء بأبي بكر رضي الله عنه في صلاته عندما حضر الرسول r، كما أن أبا بكر رضي الله عنه
لم تطاوعه نفسه على الثبات في مكانه مع أمر النبي r له بذلك، لماذا؟ كل ذلك لتعظيمهم نبيهم r، وتأدبهم معه، ومعرفتهم حقه وفضله، فإذا كان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/257)
لم يرتضوا الاقتداء بغير النبي r عندما أمكن ذلك، مع أنهم كانوا بدأوا الصلاة في غيابه r عنهم، فكيف يتركون التوسل به r أيضاً بعد وفاته، لو كان ذلك ممكناً، ويلجئون إلى التوسل بغيره؟ وكما لم يقبل ابوبكر أن يؤم المسلمين فمن البديهي أن لا يقبل العباس أيضاً أن يتوسل الناس به، ويدعوا التوسل بالنبي r لو كان ذلك ممكناً.
(تنبيه): وهذا يدل من ناحية أخرى على سخافة تفكير من يزعم أنه r في قبره حي كحياتنا، لانه لو كان ذلك كذلك لما كان ثمة وجه مقبول لانصرافهم عن الصلاة وراءه r إلى الصلاة وراء غيره ممن لا يدانيه أبداً في منزلته وفضله. ولا يعترض احد على ما قررته بأنه قد ورد أن النبي r قال: p أنا في قبري حي طري، من سلم علي سلمت عليه i. وأنه يستفاد منه أنه r حي مثل حياتنا، فإذا توسل به سمعنا واستجاب لنا، فيحصل مقصودنا، وتتحقق رغبتنا، وأنه لا فرق في ذلك بين حاله r في حياته، وبين حاله بعد وفاته أقول:
لا يعترض أحد بما سبق لأنه مردود من وجهين:
الأول حديثي: وخلاصته أن الحديث المذكور لا أصل له بهذا اللفظ، كما أن لفظة (طري) لا وجود لها في شيء من كتب السنة إطلاقاً، ولكن معناه قد ورد في عدة أحاديث صحيحة، منها قوله r: p إن أفضل ايامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا علي الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي i قالوا:
يا رسول الله! وكيف تعرض صلاتنا عليك، وقد أرمتَ (قال: يقولون: بَليتَ)، قال: pإن الله حرم على الأرض أجساد الأنبياء i ومنها قوله r:p الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون i وقوله r: p مررت ليلة أسري بي على موسى قائماً يصلي في قبره i وقوله: p إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام i.
الجواب الثاني فقهي: وفحواه أن حياته r بعد وفاته مخالفة لحياته قبل الوفاة، ذلك أن الحياة البرزخية غيب من الغيوب، ولا يدري كنهها إلا الله سبحانه وتعالى، ولكن من الثابت والمعلوم أنها تختلف عن الحياة الدنيوية، ولا تخضع لقوانينها، فالانسان في الدنيا يأكل ويشرب، ويتنفس ويتزوج، ويتحرك ويتبرز، ويمرض ويتكلم، ولا أحد يستطيع أن يثبت أن أحداً بعد الموت حتى الأنبياء عليه السلام، وفي مقدمتهم نبينا محمد r تعرض له هذه الأمور بعد موته.
ومما يؤكد هذا أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يختلفون في مسائل كثيرة بعد وفاته r، ولم يخطر في باب أحد منهم الذهاب إليه r في قبره، ومشاورته في ذلك، وسؤاله عن الصواب فيها، لماذا؟ إن الأمر واضح جداً، وهو أنهم كلهم يعلمون أنه r انقطع عن الحياة الدنيا، ولم تعد تنطبق عليه أحوالها ونواميسها. فرسول الله r بعد موته حي، أكمل حياة يحياها إنسان في البرزخ، ولكنها حياة لا تشبه حياة الدنيا، ولعل مما يشير إلى ذلك قوله r: p ما من احد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام i وعلى كل حال فإن حقيقتها لا يدريها إلا الله سبحانه وتعالى، ولذلك فلا يجوز قياس الحياة البرزخية أو الحياة الأخروية على الحياة الدنيوية، كما لا يجوز أن تعطى واحدة منهما أحكام الأخرى، بل لكل منها شكل خاص وحكم معين، ولا تتشابه إلا في الاسم، أما الحقيقة فلا يعلمها إلا الله تبارك وتعالى.
ونعود بعد هذا التنبيه إلى ما كنا فيه من الرد على المخالفين في حديث توسل عمر بالعباس، فنقول: إن تعليلهم لعدول عمر رضي الله عنه عن التوسل بالنبي r إلى التوسل بالعباس رضي الله عنه بأنه لبيان جواز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل هو تعليل مضحك وعجيب. إذ كيف يمكن أن يخطر في بال عمر رضي الله عنه، أو في بال غيره من الصحابة الكرام رضي الله عنهم تلك الحذلقة الفقهية المتأخرة، وهو يرى الناس في حالة شديدة من الضنك والكرب، والشقاء والبؤس، يكادون يموتون جوعاً وعطشاً لشح الماء وهلاك الماشية، وخلو الأرض من الزرع والخضرة حتى سمي ذاك العام بعام الرمادة، كيف يَرِد في خاطره تلك الفلسفة الفقهية في هذا الظرف العصيب، فيدع الأخذ بالوسيلة الكبرى في دعائه، وهي التوسل بالنبي الأعظم r، لو كان ذلك جائزاً ويأخذ بالوسيلة الصغرى، التي
لا تقارن بالأولى، وهي التوسل بالعباس، لماذا؟ لا لشيء إلا ليبين للناس أنه يجوز لهم التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/258)
إن الشاهد والمعلوم أن الإنسان إذ حلّت به شدة يلجأ إلى أقوى وسيلة عنده في دفعها، ويدَع الوسائل الأخرى لأوقات الرخاء، وهذا كان يفهمه الجاهليون المشركون أنفسهم، إذ كانوا يَدعون أصنامهم في أوقات اليسر، ويتركونها ويدْعون الله تعالى وحده في اوقات العسر،
كما قال تبارك وتعالى:} حتى إذا ركبوا في الفُلْلك دعوا الله مخلصين له الدين، فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون {(1)] العنكبوت: 265 [.
فنعلم منهذا أن الإنسان بفطرته يستنجد بالقوة العظمى، والوسيلة الكبرى حين الشدائد والفواقر، وقد يلجأ إلى الوسائل الصغرى حين الأمن واليسر، وقد يخطر في باله حينذاك أن يبين ذلك الحكم الفقهي الذي افترضوه، وهو جواز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل. وأمر آخر نقوله جواباً على شبهة أولئك، وهو: هب أن عمر رضي الله عنه خطر في باله أن يبين ذلك الحكم الفقهي المزعوم، ترى فهل خطر ذلك في بال معاوية والضحاك بن قيس حين توسلا بالتابعي الجليل: يزيد بن الأسود الجُرَشي أيضاً؟ لا شك أن هذا ضرب من التمحل والتكلف لا يحسدون عليه.
4 – إننا نلاحظ في حديث استسقاء عمر بالعباس رضي الله عنهما أمراً جديراً بالانتباه، وهو قوله: (إن عمر بن الخطاب كان إذا قَحطوا، استسقى بالعباس بن عبدالمطلب، ففي هذا إشارة إلى تكرار استسقاء عمر بدعاء العباس رضي الله عنهما، ففيه حجة بالغة على الذين يتأولون فعل عمر ذلك أنه إنما ترك التوسل به r إلى التوسل بعمه رضي الله عنه، لبيان جواز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل، فإننا نقول: لو كان الأمر كذلك لفعل عمر ذلك مرة واحدة، ولما استمر عليه كلما استسقى، وهذا بيّن لا يخفى إن شاء الله تعالى على أهل العلم والانصاف.
5 – لقد فسرت بعض روايات الحديث الصحيحة كلام عمر المذكور وقصده، إذ نقلت دعاء العباس رضي الله عنه استجابة لطلب عمر رضي الله عنه، فمن ذلك ما نقله الحافظ العسقلاني رحمه الله في "الفتح" (3/ 150) حيث قال: (قد بين الزبير بن بكار في "الأنساب" صفة ما دعا به العباس في هذه الواقعة، والوقت الذي وقع فيه ذلك، فأخرج بإسناد له أن العباس لما استسقى به عمر قال: (اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة، وقد توجّه القوم بي إليك لمكاني من نبيك، وهذا أيدينا إليك بالذنوب، ونواصينا إليك بالتوبة، فاسقنا الغيث)، قال: فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض، وعاش الناس).
وفي هذا الحديث: أولاً: التوسل بدعاء العباس رضي الله عنه لا بذاته كما بينه الزبير
بن بكار وغيره، وفي هذا رد واضح على الذين يزعمون أن توسل عمر كان بذات العباس
لا بدعائه، إذ لو كان الأمر كذلك لما كان ثمة حاجة ليقوم العباس، فيدعو بعد عمر دعاءً جديداً.
ثانياً: أن عمر صرح بأنهم كانوا يتوسلون بنبينا r في حياته، وأنه في هذه الحادثة توسل بعمه العباس، ومما لا شك فيه أن التوسليْن من نوع واحد: توسلهم بالرسول r وتوسلهم بالعباس، وإذ تبين للقارىء – مما يأتي – أن توسلهم به r إنما كان توسلاً بدعائه r فتكون النتيجة أن توسلهم بالعباس إنما هو توسل بدعائه أيضاً، بضرورة أن التوسليْن من نوع واحد.
أما أن توسلهم به r إنما كان توسلاً بدعائه، فالدليل على ذلك صريح رواية الإسماعيلي في مستخرجه على الصحيح لهذا الحديث بلفظ: (كانوا إذ قحطوا على عهد النبي r استسقوا به، فيستسقي لهم، فيسقون، فلما كان في إمارة عمر ... ) فذكر الحديث، نقلته من "الفتح" (2/ 399)، فقوله: (فيستسقي لهم) صريح في أنه r كان يطلب لهم السقيا من الله تعالى ففي "النهاية" لابن الأثير: (الاستسقاء، استفعال من طلب السقيا أي إنزال الغيث على البلاد والعباد، يقال: سقى الله عباده الغيث وأسقاهم، والاسم السقيا بالضم، واستقيت فلاناً إذا طلبت منه أن يسقيك).
إذا تبين هذا، فقوله في هذه الرواية (استسقوا به) أي بدعائه، وكذلك قوله في الرواية
الأولى: (كنا نتوسل إليك بنبينا)، أي بدعائه، لا يمكن أن يفهم من مجموع رواية الحديث
إلا هذا. ويؤيده:
ثالثاً: لو كان توسل عمر إنما هو بذات العباس أو جاهه عند الله تعالى، لما ترك التوسل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/259)
به r بهذا المعنى، لأن هذا ممكن لو كان مشروعاً، فعدول عمر عن هذه إلى التوسل بدعاء العباس رضي الله عنه أكبر دليل على أن عمر والصحابة الذين كانوا معه كانوا لا يرون التوسل بذاته r، وعلى هذا جرى عمل السلف من بعدهم، كما رأيت في توسل معاوية بن أبي سفيان والضحاك ابن قيس بيزيد بن الأسود الجرشي، وفيهما بيان دعائه بصراحة وجلاء.
فهل يجوز أن يجمع هؤلاء كلهم على ترك التوسل بذاته r لو كان جائزاً، سيّما والمخالفون يزعمون أنه أفضل من التوسل بدعاء العباس وغيره؟! اللهم إن ذلك غير جائز ولا معقول، بل إن هذا الإجماع منهم من أكبر الأدلة على أن التوسل المذكور غير مشروع عندهم، فإنهم أسمى من أن يستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير!
اعتراض ورده:
وأما جواب صاحب "مصباح الزجاجة في فوائد قضاء الحاجة" عن ترك عمر التوسل بذاته r بقوله (ص25): (إن عمر لم يبلغه حديث توسل الضرير، ولو بلغه لتوسل به).
فهو جواب باطل من وجوه:
الأول: أن حديث الضرير إنما يدل على ما دل عليه توسل عمر هذا من التوسل بالدعاء
لا بالذات، كما سبق ويأتي بيانه.
الثاني: أن توسل عمر لم يكن سراً، بل كان جهراً على رؤوس الأشهاد، وفيهم كبار الصحابة من المهاجرين والأنصار وغيرهم، فإذا جاز أن يخفى الحديث على عمر، فهل يجوز أن يخفى على جميع الموجودين مع عمر من الصحابة؟!
الثالث: أن عمر – كما سبق – كان يكرر هذا التوسل كلما نزل بأهل المدينة خطر،
أو كلما دعي للاستسقاء كما يدل على ذلك لفظ (كان) في حديث أنس السابق (أن عمر كان إذا قحَطوا استسقى بالعباس) وكذلك روى ابن عباس عن عمر كما ذكره ابن عبد البر في "الاستيعاب" (3/ 98)، فإذا جاز أن يخفى ذلك عليه أول مرة، أفيجوز أن يستمر على الجهل به كلما استسقى بالعباس، وعنده المهاجرون والأنصار، وهم سكوت لا يقدمون اليه
ما عندهم من العلم بحديث الضرير؟! اللهم إن هذا الجواب ليتضمن رمي الصحابة جميعهم بالجهل بحديث الضرير مطلقاً، أو على الأقل بدلالته على جواز التوسل بالذات، والأول باطل لا يخفى بطلانه، والثاني حق فإن الصحابة لو كانوا يعلمون أن حديث الضرير يدل على التوسل المزعوم لما عدلوا عن التوسل بذاته r إلى التوسل بدعاء العباس كما سبق.
رابعاً: أن عمر ليس هو وحده الذي عدل عن التوسل بذاته r إلى التوسل بالدعاء، بل تابعه على ذلك معاوية بن أبي سفيان فإنه أيضاً عدل إلى التوسل بدعاء يزيد بن الأسود،
ولم يتوسل به r وعنده جماعة من الصحابة وأجلاء التابعين، فهل يقال أيضاً إن معاوية ومن
معه لم يكونوا يعلمون بحديث الضرير؟ وقل نحو ذلك في توسل الضحاك بن قيس بيزيد هذا أيضاً.
ثم أجاب صاحب المصباح بجواب آخر، وتبعه من لم يوفق من المتعصبين المخالفين فقال:
(إن عمر أراد بالتوسل بالعباس الاقتداء بالنبي r في إكرام العباس وإجلاله، وقد جاء هذا صريحاً عن عمر، فروى الزبير بن بكار في "الأنساب" من طريق داود بن عطاء عن زيد بن أسلم عن ابن عمر قال: (استسقى عمر ابن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب، فخطب عمر فقال: إن رسول r كان يرى للعباس ما يرى الولد للوالد، فاقتدوا أيها الناس برسول الله r، واتخذوه وسيلة إلى الله ... ) ورواه البلاذري من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه به.
والجواب من وجوه أيضاً:
الأول: عدم التسليم بصحة هذه الرواية، فإنها من طريق داود ابن عاطاء وهو المدني، وهو ضعيف كما في "التقريب"، ومن طريق الزبير بن بكار عنه رواه الحاكم (3/ 334) وسكت عنه، وتعقبه الذهبي بقوله: (داود متروك) قلت: والرواي عنه ساعدة بن عبيدالله المزني لم أجد من ترجمه، ثم إن في السند اضطراباً، فقد رواه – كما رأيت – هشام بن سعد عن زيد بن أسلم فقال: (عن أبيه) بدل ابن عمر، لكن هشاماً أوثق من داود، إلا أننا لم نقف على سياقه، لننظر هل فيه مخالفة لسياق داود هذا أم لا؟ ولا تغتر بقولهم في "المصباح" عقب هذا الإسناد: (به) المفيد أن السياق واحد، فإن عمدته فيما نقله عن البلاذري إنما هو "فتح الباري" وهو لم يقل: (به). انظر "الفتح" (2/ 399).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/260)
الثاني: لو صحت هذه الرواية، فهي إنما تدل على السبب الذي من أجله توسل عمر بالعباس دون غيره من الصحابة الحاضرين حينذاك، وأما أن تدل على جواز الرغبة عن التوسل بذاته r - لو كان جائزاً عندهم – إلى التوسل بالعباس أي بذاته فكلا، ثم كلا، لأننا نعلم بالبداهة والضرورة – كما قال بعضهم – أنه لو أصاب جماعة من الناس قحط شديد، وأرادوا أن يتوسلوا بأحدهم لما أمكن أن يعدلوا عمن دعاؤه أقرب إلى الإجابة، وإلى رحمة الله سبحانه وتعالى، ولو أن إنساناً أصيب بمكروه فادح، وكان أمامه نبي، وآخر غير نبي، وأراد أن يطلب الدعاء من أحدهما لما طلبه إلا من النبي، ولو طلبه من غير النبي، وترك النبي لعد من الآثمين الجاهلين، فكيف يظن بعمر ومن معه من الصحابة أن يعدلوا عن التوسل به r إلى التوسل بغيره، لو كان التوسل بذاته r جائزاً، فكيف وهو أفضل عند المخالفين من التوسل بدعاء العباس وغيره من الصالحين؟! لا سيما وقد تكرر ذلك منهم مراراً كما سبق، وهم لا يتوسلون به r ولا مرة واحدة، واستمر الأمر كذلك، فلم ينقل عن أحد منهم خلاف ما صنع عمر، بل صح عن معاوية ومن معه ما يوافق صنيعه حيث توسلوا بدعاء يزيد بن الأسود، وهو تابعي جليل، فهل يصح أن يقال: إن التوسل به كان اقتداء بالنبي r ؟!
الحق أقول: إن جريان عمل الصحابة على ترك التوسل بذاته r عند نزول الشدائد بهم
– بعد أن كانوا لا يتوسلون بغيره r في حياته – لهو أكبر الأدلة الواضحة على أن التوسل بذاته r غير مشروع، وإلا لنقل ذلك عنهم من طرق كثيرة في حوادث متعددة، ألا ترى إلى هؤلاء المخالفين كيف ليهجون بالتوسل بذاته r لأدنى مناسبة لظنهم أنه مشروع، فلو كان الأمر كذلك لنُقِل مثله عن الصحابة، مع العلم أنهم أشد تعظيماً ومحبة له r من هؤلاء، فكيف ولم يُنقل عنهم ذلك ولا مرة واحدة، بل صح عنهم الرغبة عنه إلى التوسل بدعاء الصالحين؟!
الشبهة الثانية: حديث الضرير:
بعد أن فرغنا من تحقيق الكلام في حديث توسل عمر بالعباس رضي الله عنه، وبينا أنه ليس حجة للمخالفين بل هو عليهم، نشرع الآن في تحقيق القول في حديث الضرير، والنظر في معناه: هل هو حجة لهم أم عليهم أيضاً؟ فنقول:
أخرج أحمد وغيره بسند صحيح عن عثمان بن حنيف أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي r، فقال: ادع الله أن يعافيني. قال: p إن شئت دعوت لك، وإن شئت أخّرتُ ذاك، فهو خير i، ( وفي رواية: p وإن شئتَ صبرتَ فهو خير لك i)، فقال: ادعهُ. فأمره أن يتوضأ، فيحسن وضوءه، فيصلي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني توجهتُ بك إلى ربي في حاجتي هذه، فتقضى لي، اللهم فشفّعه فيَّ] وشفّعني فيه [. قال: ففعل الرجل فبرأ.
يرى المخالفون: أن هذا الحديث يدل على جواز التوسل في الدعاء بجاه النبي r أو غيره من الصالحين، إذ فيه أن النبي r علم الأعمى أن يتوسل به في دعائه، وقد فعل الأعمى ذلك فعاد بصيراً.
وأما نحن فنرى ان هذا الحديث لا حجة لهم فيه على التوسل المختلف فيه، وهو التوسل بالذات، بل هو دليل آخر على النوع الثالث من أنواع التوسل المشروع الذي أسلفناه، لأن توسل الأعمى إنما كان بدعائه. والأدلة على ما نقول من الحديث نفسه كثيرة، وأهمها:
أولاً: أن الأعمى إنما جاء إلى النبي r ليدعو له، وذلك قوله: (أدعُ الله أن يعافيني) فهو توسل إلى الله تعالى بدعائه r، لأنه يعلم أن دعاءه r أرجى للقبول عند الله بخلاف دعاء غيره، ولو كان قصد الأعمى التوسل بذات النبي r أو جاهه أو حقه لما كان ثمة حاجة به إلى أن يأتي النبي r، ويطلب منه الدعاء له، بل كان يقعد في بيته، ويدعو ربه بأن يقول مثلاً:
(اللهم إني أسألك بجاه نبيك ومنزلته عندك أن يشفيني، وتجعلني بصيراً). ولكنه لم يفعل، لماذا؟ لأنه عربي يفهم معنى التوسل في لغة العرب حق الفهم، ويعرف أنه ليس كلمة يقولها صاحب الحاجة، يذكر فيها اسم الموسَّل به، بل لابد أن يشتمل على المجيء إلى من يعتقد فيه الصلاح والعلم بالكتاب والسنة، وطلب الدعاء منه له.
ثانياً: أن النبي r وعده بالدعاء مع نصحه له ببيان ما هو الأفضل له، وهو قوله r:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/261)
p إن شئت دعوتُ، وإن شئت صبرت فهو خير لك i. وهذا الأمر الثاني هو ما أشار إليه r في الحديث الذي رواه عن ربه تبارك وتعالى أنه قال: p إذا ابتليتُ عبدي بحبيبتيه – أي عينيه – فصبر، عوضته منهما الجنة i.
ثالثاً: إصرار الأعمى على الدعاء وهو قوله: (فادع) فهذا يقتضي أن الرسول r دعا له، لأنه r خير من وفى بما وعد، وقد وعده بالدعاء له إن شاء كما سبق، فقد شاء الدعاء وأصر عليه، فإذن لا بد أنه r دعا له، فثبت المراد، وقد وجه النبي r الأعمى بدافع من رحمته، وبحرص منه أن يستجيب الله تعالى دعاءه فيه، وجهه إلى النوع الثاني من التوسل المشروع، وهو التوسل بالعمل الصالح، ليجمع له الخير من أطرافه، فأمرهأن يتوضأ ويصلي ركعتين ثم يدعو لنفسه وهذه الأعمال طاعة لله سبحانه وتعالى يقدمها بين يدي دعاء
النبي r له، وهي تدخل في قوله تعالى:} وابتغوا إليه الوسيلة {كما سبق.
وهكذا فلم يكتف الرسول r بدعائه للأعمى الذي وعده به، بل شغله بأعمال فيها
طاعة لله سبحانه وتعالى وقربة إليه، ليكون الأمر مكتملاً من جميع نواحيه، وأقرب إلى القبول والرضا من الله سبحانه وتعالى، وعلى هذا، فالحادثة كلها تدور حول الدعاء – كما هو ظاهر – وليس فيها ذكر شيء مما يزعمون.
وقد غفل عن هذا الشيخ الغماري أو تغافل، فقال في "المصباح" (24): ( p وإن شئتَ دعوتُ i. أي وإن شئت علمتك دعاء تدعو به، ولقنتك إياه، وهذا التأويل واجب ليتفق أول الحديث مع آخره).
قلت: هذا التأويل باطل لوجوه كثيرة منها: أن الأعمى إنما طلب منه r أن يدعو له،
لا أن يعلمه دعاء، فإذا كان قوله r له: p وإن شئت دعوت i جواباً على طلبه تعين أنه الدعاء له، ولابد، وهذا المعنى هو الذي يتفق مع آخر الحديث، ولذلك رأينا الغماري
لم يتعرض لتفسير قوله في آخره: p اللهم فشفعه في، وشفعني فيه i لأنه صريح في أن التوسل كان بدعائه r كما بيناه فيما سلف.
ثم قال: (ثم لو سلمنا أن النبي r دعا للضرير فذلك لا يمنع من تعميم الحديث في غيره).
قلت: وهذه مغالطة مكشوفة، لأنه لا أحد ينكر تعميم الحديث في غير الأعمى في حالة دعائه r لغيره، ولكن لما كان الدعاء منه r بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى غير معلوم بالنسبة للمتوسلين في شتى الحوائج والرغبات، وكانوا هم أنفسهم لا يتوسلون بدعائه r بعد وفاته، لذلك اختلف الحكم، وكان هذا التسليم من الغماري حجة عليه.
رابعاً: أن في الدعاء الذي علمه رسول الله r إياه أن يقول: p اللهم فشفعه في i وهذا
يستحيل حمله على التوسل بذاته r، أو جاهه، أو حقه، إذ أن المعنى: اللهم اقبل شفاعته r في، أي اقبل دعائه في أن ترد عليَّ بصري، والشفاعة لغة الدعاء، وهو المراد بالشفاعة الثابتة له r ولغيره من الأنبياء والصالحين يوم القيامة، وهذا يبين أن الشفاعة أخص من الدعاء، إذ لا تكون إلا إذا كان هناك اثنان يطلبان أمراً، فيكون أحدهما شفيعاً للآخر، بخلاف الطالب الواحد الذي لم يشفع غيره، قال في "لسان العرب": (الشفاعة كلام الشفيع للملك في حاجة يسألها لغيره، والشافع الطالب لغيره، يتشفع به إلى المطلوب، يقال بشفعت بفلان إلى فلان، فشفعني فيه).
فثبت بهذا الوجه أيضاً أن توسل الأعمى إنما كان بدعائه r لا بذاته.
خامساً: إن مما علم النبي r الأعمى أن يقوله: p وشفعني فيه i أي اقبل شفاعتي، أي دعائي في أن تقبل شفاعته r، أي دعاءه في أن ترد علي بصري. هذا الذي لا يمكن أن يفهم من هذه الجملة سواه.
ولهذا ترى المخالفين يتجاهلونها ولا يتعرضون لها من قريب أو من بعيد، لأنها تنسف بنيانهم من القواعد، وتجتثه من الجذور، وإذا سمعوها رأيتهم ينظرون إليك نظر المغشي عليه. ذلك أن شفاعة الرسول r في الأعمى مفهمومة، ولكن شفاعة الأعمى في الرسول r كيف تكون؟ لا جواب لذلك عندهم البتة. ومما يدل على شعورهم بأن هذه الجملة تبطل تأويلاتهم أنك لا ترى واحداً منهم يستعملها، فيقول في دعائه مثلاً: اللهم شفع فيَّ نبيك، وشفعني فيه.
سادساً: إن هذا الحديث ذكره العلماء في معجزات النبي r ودعائه المستجاب،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/262)
وما أظهره الله ببركة دعائه من الخوارق والإبراء من العاهات، فإنه بدعائه r لهذا الأعمى أعاد الله عليه بصره، ولذلك رواه المصنفون في "دلائل النبوة" كالبيهقي وغيره، فهذا يدل على ان السر في شفاء الأعمى إنما هو دعاء النبي r. ويؤيده كل من دعا به من العميان مخلصاً إليه تعالى، منيباً إليه قد عوفي، بل على الأقل لعوفي واحد منهم، وهذا ما لم يكن ولعله
لا يكون أبداً.
كما أنه لو كان السر في شفاء الأعمى أنه توسل بجاه النبي r وقدره وحقه، كما يفهم عامة المتأخرين، لكان من المفروض أن يحصل هذا الشفاء لغيره من العميان الذين يتوسلون بجاهه r، بل ويضمون إليه أحياناً جاه جميع الأنبياء المرسلين، وكل الأولياء والشهداء والصالحين، وجاه كل من له جاه عند الله من الملائكة، والإنس والجن أجمعين! ولم نعلم
ولا نظن أحداً قد علم حصول مثل هذا خلال القرون الطويلة بعد وفاته r إلى اليوم.
إذا تبين للقارىء الكريم ما أوردناه من الوجوه الدالة على أن حديث الأعمى إنما يدور حول التوسل بدعائه r، وأنه لا علاقة له بالتوسل بالذات، فحينئذ يتبين له أن قول الأعمى في دعائه: (اللهم إني أسألك، وأتوسل إليك بنبيك محمد r) إنما المراد به: أتوسل إليك بدعاء نبيك، أي على حذف المضاف، وهذا أمر معروف في اللغة، كقوله تعالى:} واسأل القرية التي كنا فيها، والعير التي اقبلنا فيها {أي أهل القرية وأصحاب العير. ونحن والمخالفون متفقون على ذلك، أي على تقدير مضاف محذوف، وهو مثل ما رأينا في دعاء عمر وتوسله بالعباس، فإما أن يكون التقدير: إني أتوجه إليك بـ (جاه) نبيك، ويا محمد إني توجهت
بـ (ذات) ك أو (مكانت) ك إلى ربي كما يزعمون، وإما أن يكون التقدير: إني أتوجه إليك
بـ (دعاء) نبيك، ويا محمد إني توجهت بـ (دعاء) ك إلى ربي كما هو قولنا. ولا بد لترجيح احد التقديرين من دليل يدل عليه. فأما تقديرهم (بجاهه) فليس لهم عليه دليل لا من هذه الحديث ولا من غيره، إذ ليس في سياق الكلام ولا سباقه تصريح أو إشارة لذكر الجاه أو
ما يدل عليه إطلاقاً، كما أنه ليس عندهم شيء من القرآن أو من السنة أو من فعل الصحابة يدل على التوسل بالجاه، فيبقى تقديرهم من غير مرجح، فسقط من الاعتبار، والحمد لله.
أما تقديرنافيقوم عليه أدلة كثيرة، تقدمت في الوجوه السابقة.
وثمة أمر آخر جدير بالذكر، وهو أنه لو حمل حديث الضرير على ظاهره، وهو التوسل بالذات لكان معطلاً لقوله فيما بعد: (اللهم فشفعه في، وشفعني فيه) وهذا لا يجوز كما
لا يخفى، فوجب التوفيق بين هذه الجملة والتي قبلها. وليس ذلك إلا على ما حملناه من أن التوسل كان بالدعاء، فثبت المراد، وبطل الاستدلال به على التوسل بالذات، والحمد لله.
على أنني أقول: لو صح أن الأعمى إنما توسل بذاته r، فيكون حكماً خاصاً به r،
لا يشاركه فيه غيره من الأنبياء والصالحين، وإلحاقهم به مما لا يقبله النظر الصحيح، لأنه r سيدهم وأفضلهم جميعاً، فيمكن أن يكون هذا مما خصه الله به عليهم ككثير مما صح به الخبر، وباب الخصوصيات لا تدخل فيه القياسات، فمن رأى أن توسل الأعمى كان بذاته لله، فعليه أن يقف عنده، ولا يزيد عليه كما نقل عن الإمام أحمد والشيخ العز بن عبد السلام رحمهما الله تعالى. هذا هو الذي يقتضيه البحث العلمي مع الإنصاف، والله الموفق للصواب.
دفع توهم:
هذا ولا بد من بيان ناحية هامة تتعلق بهذا الموضوع، وهي أننا حينما ننفي التوسل بجاه النبي r، وجاه غيره من الأنبياء والصالحين فليس ذلك لأننا ننكر أن يكون لهم جاه، أو قدر أو مكانة عند الله، كما أنه ليس ذلك لأننا نبغضهم، وننكر قدرهم ومنزلتهم عند الله،
ولا تشعر أفئدتنا بمحبتهم، كما افترى علينا الدكتور البوطي في كتابه "فقه السيرة" (ص354) فقال ما نصه: (فقد ضل أقوام لم تشعر أفئدتهم بمحبة رسول الله r، وراحوا يستنكرون التوسل بذاته r بعد وفاته ... ) كلا ثم كلا، فنحن ولله الحمد من أشد الناس تقديراً لرسول الله r، وأكثرهم حباً له، واعترافاً بفضله r، وإن دل هذا الكلام على شيء فإنما يدل على الحقد الأعمى الذي يملأ قلوب أعداء الدعوة السلفية على هذه الدعوة وعلى أصحابها، حتى يحملهم على أن يركبوا هذا المركب الخطر الصعب، ويقترفوا هذه الجريمة البشعة النكراء، ويأكلوا لحوم إخوانهم المسلمين، ويكفروهم دونما دليل، اللهم إلا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/263)
الظن الذي هو أكذب الحديث، كما قال النبي الأكرم r.
ولا أدري كيف سمح هذا المؤلف الظالم لنفسه أن يصدر مثل هذا الحكم الذي لا يستطيع إصداره إلا الله عز وجل، المطلع وحده على خفايا القلوب ومكنونات الصدور، ولا تخفى عليه خافية.
أتراه لا يعلم جزاء من يفعل ذلك، أم إنه يعلم، ولكنه أعماه الحقد الأسود والتحامل الدفين على دعاة السنة؟ أي الأمرين كان فإننا نذكره بهذين الحديثين الشريفين لعله ينزجر عن غيه، ويفيق من غفلته، ويتوب من فعلته.
قال رسول الله r:p إيما رجل أكفر رجلاً مسلماً، فإن كان كافراً وإلا كان هو الكافر i وقال عليه أفضل الصلاة والسلام: p إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير
حق i .
كما نقول له أخيراً: ترى هل دريت يا هذا بأنك حينما تقول ذاك الكلام فإنك ترد على سلف هذه الأمة الصالح، وتكفر أئمتها المجتهدين ممن لا يجيز التوسل بالنبي r وغيره بعد وفاتهم كالإمام أبي حنيفة وأصحابه رحمهم الله تعالى، وقد قال أبو حنيفة: (أكره أن يتوسل إلى الله إلا بالله) كما تقدم.
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظمُ
ونعود لنقول: إن كل مخلص منصف ليعلم علم اليقين بأننا والحمد لله من أشد الناس حباً لرسول الله r، ومن أعرفهم بقدره وحقه وفضله r، وبأنه أفضل النبيين، وسيد المرسلين، وخاتمهم وخيرهم، وصاحب اللواء المحمود، والحوض المورود، والشفاعة العظمى، والوسيلة والفضيلة، والمعجزات الباهرات، وبأن الله تعالى نسخ بدينه كل دين، وأنزل عليه سبعاً من المثاني والقرآن العظيم، وجعل أمته خير أمة أخرجت للناس. إلى آخر ما هنالك من فضائله r ومناقبه التي تبين قدره العظيم، وجاهه المنيف صلى الله عليه وآله وسلم تسليماً كثيراً.
أقول: إننا – والحمد لله – من أول الناس اعترافاً بذلك كله، ولعل منزلته r عندنا محفوظة أكثر بكثير مما هي محفوظة لدى الآخرين، الذين يدعون محبته، ويتظاهرون بمعرفة قدره، لأن العبرة في ذلك كله إنما هي في الاتباع له r، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، كما قال سبحانه وتعالى:} قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله، ويغفر لكم ذنوبكم {، ونحن بفضل الله من أحرص الناس على طاعة الله عز وجل، واتباع نبيه r وهما أصدق الأدلة على المودة والمحبة الخالصة بخلاف الغلو في التعظيم، والإفراط في الوصف اللذين نهى الله تعالى عنهما، فقال سبحانه:} يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم، ولا تقولوا على الله
إلا الحق {كما نهى النبي r عنهما فقال: p لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله i.
ومن الجدير بالذكر أن النبي r جعل من الغلو في الدين أن يختار الحاج إذا أراد رمي الجمرات بمنى الحصوات الكبيرة وأمر أن تكون مثل حصى الخذف، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله r غداة العقبة: p هات ألْقِطْ لي i. قال: فلقطت له نحو حصى الخذف، فلما وضعتهن في يده قال: p مثل هؤلاء – ثلاث مرات – وإياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين i ذلك لأنه r يعد مسألة رمي الجمار مسألة رمزية الغرض منها نبذ الشيطان ومحاربته، وليس حقيقية يراد بها قتله وإماتته، فعلى المسلم تحقيق الأمر، ومنابذة الشيطان عدو الإنسان اللدود بالعداء ليس غير، ومع هذا التحذير الشديد من الغلو في الدين، وقع المسلمون فيه مع الأسف، واتبعوا سنن أهل الكتاب، فقال قائلهم:
دع ما ادعته النصارى في نبيهم واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم
فهذا الشاعر الذي يعظمه كثير من المسلمين، ويترنمون بقصيدته هذه، المشهورة بالبردة، ويتبركون بها، وينشدونها في الموالد وبعض مجالس الوعظ والعلم، ويعدون ذلك قربة إلى الله تبارك وتعالى، ودليلاً على محبتهم نبيهم r، أقول: هذا الشاعر قد ظن النهي الوارد في الحديث السابق منصباً فقط على الادعاء بأن محمداً r ابن الله، فنهى عن هذه القولة، ودعا إلى القول بأي شيء آخر مهما كان. وهذا غلط بالغ وضلال مبين، ذلك لأن للاطراء المنهي عنه في الحديث معنيين اثنين أولهما مطلق المدح، وثانيهما المدح المجاوز للحد. وعلى هذا فيمكن أن يكون المراد الحديث النهي عن مدحه r مطلقاً، من باب سد الذريعة، واكتفاءً باصطفاء الله تعالى له نبياً ورسولاً، وحبيباً وخليلاً، ومما أثنى سبحانه عليه في قوله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/264)
} وإنك لعلى خلق عظيم {، إذ ماذا يمكن للبشر أن يقولوا فيه بعد قول الله تبارك وتعالى هذا؟ وما قيمة أي كلام يقولونه أمام شهادة الله تعالى هذه؟ وإن أعظم مدح له r أن تقول فيه ما قال ربنا عز وجل: إنه عبد له ورسوله، فتلك أكبر تزكية له r، وليس فيها إفراط ولا تفريط، ولا غلو ولا تقصير. وقد وصفه ربنا سبحانه وتعالى وهو في أعلى درجاته، وأرفع تكريم من الله تعالى له، وذلك حينما أسرى وعرج به إلى السماوات العلى، حيث أراه من آيات ربه الكبرى، وصفه حينذاك بالعبودية فقال:} سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى {] الإسراء:1 [.
ويمكن أن يكون المراد: لا تبالغوا في مدحي، فتصفوني بأكثر مما أستحقه، وتصبغوا علي بعض خصائص الله تبارك وتعالى.
ولعل الأرجح في الحديث المعنى الأول لأمرين اثنين: أولهما تمام الحديث، وهو قوله r:
p فقولوا عبد الله ورسوله i أي اكتفوا بما وصفني به الله عز وجل من اختياري عبداً له ورسولاً، وثانيهما ما عقد بعض أئمة الحديث له من الترجمة، فأورده الإمام الترمذي مثلاً تحت عنوان: "باب تواضع النبي r" فحمل الحديث على النهي عن المدح المطلق وهو الذي ينسجم مع معنى التواضع ويأتلف معه.
تنبيه:
واعلم انه وقع في بعض الطرق الأخرى لحديث الضرير السابق زيادتان لا بد من بيان شذوذهما وضعفهما، حتى يكون القارىء على بينة من أمرهما، فلا يغتر بقول من احتج بهما على خلاف الحق والصواب.
الزيادة الأولى:
زيادة حماد بن سلمة قال: حدثنا أبو جعفر الخطمي .. فساق إسناده مثل رواية شعبة، وكذلك المتن إلا أنه اختصره بعض الشيء، وزاد في آخره بعد قوله: وشفع نبيي في رد بصري: p وإن كانت حاجة فافعل مثل ذلك i رواه أبو بكر بن أبي خيثمة في تاريخه، فقال: حدثنا مسلم بن إبراهيم: حدثنا حماد بن سلمه به.
وقد أعلَّ هذه الزيادة شيخ الإسلام ابن تيمية في "القاعدة الجليلة" (ص102) بتفرد حماد بن سلمة بها، ومخالفته لرواية شعبة، وهو أجلّ من روى هذا الحديث وهذا إعلال يتفق مع القواعد الحديثية، ولا يخالفها البتة، وقول الغماري في "المصباح" (ص30) بأن حماداً ثقة من رجال الصحيح، وزيادة الثقة مقبولة، غفلة منه أو تغافل عما تقرر في المصطلح، أن القبول مشروط بما إذا لم يخالف الراوي من هو أوثق منه، قال الحافظ في "نخبة الفكر": (والزيادة مقبولة ما لم تقع منافية لمن هو أوثق، فإن خولف بأرجح، فالراجح المحفوظ، ومقابله الشاذ).
قلت: وهذا الشرط مفقود هنا، فإن حماد بن سلمة، وإن كان من رجال مسلم، فهو
بلا شك دون شعبة في الحفظ، ويتبين لك ذلك بمراجعة ترجمة الرجلين في كتب القوم، فالأول أورده الذهبي في "الميزان" وهو إنما يورد فيه من تُكُلَّم فيه، ووصفه بأنه (ثقة له أوهام) بينما
لم يورد فيه شعبة مطلقاً، ويظهر لك الفرق بينهما بالتأمل في ترجمة الحافظ لهما، فقد قال في "التقريب": (حماد بن سلمة ثقة عابد أثبت الناس في ثابت، وتغير حفظه بآخره) ثم قال: (شعبة بن الحجاج ثقة حافظ متقن، كان الثوري يقول: هو أمير المؤمنين في الحديث، وهو أول من فتش بالعراق عن الرجال، وذب عن السنة، وكان عابداً).
قلت: إذا تبين لك هذا عرفت أن مخالفة حماد لشعبة في هذا الحديث وزيادته عليه تلك الزيادة غير مقبولة، لأنها منافية لمن هو أوثق منه فهي زيادة شاذة كما يشير إليه كلام الحافظ السابق في "النخبة" ولعل حماداً روى هذا الحديث حين تغير حفظه، فوقع في الخطأ، وكأن الإمام أحمد أشار إلى شذوذ هذه الزيادة، فإنه أخرج الحديث من طريق مؤمَّل (وهو ابن اسماعيل) عن حماد – عقب رواية شعبة المتقدمة – إلا أنه لم يسق لفظ الحديث، بل أحال به على لفظ حديث شعبة، فقال: (فذكر الحديث) ويحتمل أن الزيادة لم تقع في رواية مؤمل عن حماد، لذلك لم يشر إليها الإمام أحمد كما هي عادة الحفاظ إذا أحالوا في رواية على أخرى بينوا ما في الرواية المحالة من الزيادة على الأولى.
وخلاصة القول: إن الزيادة لا تصح لشذوذها، ولو صحت لم تكن دليلاً على جواز التوسل بذاته r، لاحتمال أن يكون معنى قوله: p فافعل مثل ذلك i يعني من إتيانه r في حال حياته، وطلب الدعاء منه والتوسل به، والتوضؤ والصلاة، والدعاء الذي علمه رسول الله r أن يدعو به. والله أعلم.
الزيادة الثانية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/265)
قصة الرجل مع عثمان بن عفان، وتوسله به r حتى قضى له حاجته، وأخرجها الطبراني في "المعجم الصغير" (ص103 - 104) وفي "الكبير" (3/ 2/1/ 1 - 2) من طريق عبد الله بن وهب عن شبيب بن سعيد المكي عن روح بن القاسم عن أبي جعفر الخطمي المدني عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف أن رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة له، فكان عثمان لا يلتفت إليه، ولا ينظر في حاجته فلقي عثمان بن حنيف، فشكا ذلك إليه، فقال له عثمان: إئت الميضأة، فتوضأ، ثم ائت المسجد، فصل فيه ركعتين، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد r نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك عز وجل، فقضي لي حاجتي، وتذكر حاجتك، ورح إليَّ حتى أروح معك، فانطلق الرجل فصنع ما قال، ثم أتى باب عثمان رضي الله عنه فجاء البواب حتى أخذ بيده، فأدخله عليه، فأجلسه معه على الطنفسة، وقال: حاجتك؟ فذكر حاجته، فقضاها له، ثم قال له: ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة، وقال:
ما كانت لك من حاجة ففأتنا، ثم إن الرجل خرج من عنده، فلقي عثمان بن حنيف، فقال له: جزاك الله خيراً، ما كان ينظر في حاجتي، ولا يلتفت إلي حتى كامته في، فقال عثمان بن حنيف: والله ما كلمته، ولكن شهدت رسول الله r وأتاه ضرير، فشكا إليه ذهاب بصره، فقال له النبي r: فتصبر، فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد، وقد شق علي، فقال النبي r: p ائت الميضأة، فتوضأ ثم صلي ركعتين، ثم ادعُ بهذه الدعوات i قال عثمان بن حنيف: فوالله ما تفرقنا، وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر قط. قال الطبراني: (لم يرواه عن روح بن القاسم إلا شبيب بن سعيد أبو سعيد المكي وهو ثقة، وهو الذي يحدث عنه أحمد بن شبيب عن أبيه عن يونس بن يزيد الأيلي، وقد روى هذا الحديث شعبة عن أبي جعفر الخطمي – واسمه عمير بن يزيد – وهو ثقة تفرد به عثمان بن عمر بن فارس عن شعبة، والحديث صحيح).
قلت: لا شك في صحة الحديث، وإنما البحث الآن في هذه القصة التي تفرد بها شبيب بن سعيد كما قال الطبراني، وشبيب هذا متكلم فيه، وخاصة في رواية ابن وهب عنه، لكن تابعه عنه إسماعيل وأحمد ابنا شبيب بن سعيد هذا، أما اسماعيل فلا أعرفه، ولم أجد من ذكره، ولقد أغفلوه حتى لم يذكروه في الرواة عن أبيه، بخلاف أخيه أحمد فإنه صدوق، وأما أبوه شبيب فملخص كلامهم فيه: أنه ثقة في حفظه ضعف، إلا في رواية ابنه أحمد هذا عنه عن يونس خاصة فهو حجة، فقال الذهبي في "الميزان": (صدوق يغرب، ذكره ابن عدي في "كامله" فقال .. له نسخة عن يونس بن يزيد مستقيمة، حدث عنه ابن وهب بمناكير، قال ابن المديني: كان يختلف في تجارة إلى مصر، وكتابه صحيح قد كتبته عن ابنه أحمد. قال ابن عدي: كان شبيب لعله يغلط ويهم إذ حدث من حفظه، وأرجو أنه لا يتعمد، فإذا حدث عنه ابنه أحمد بأحاديث يونس فكأنه يونس آخر. يعني يجوَّد).
فهذا الكلام يفيد أن شبيباً هذا لا بأس بحديثه بشرطين اثنين: الأول: ان يكون من رواية ابنه أحمد عنه، والثاني: أن يكون من رواية شبيب عن يونس، والسبب في ذلك أنه كان عنده كتب يونس بن يزيد، كما قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" عن أبيه (2/ 1/359)، فهو إذا حدث من كتبه هذه أجاد، وإذا حدث من حفظه وهو كما قال ابن عدي، وعلى هذا فقول الحافظ في ترجمته من "التقريب": (لا بأس بحديثه من رواية ابنه أحمد عنه، لا من رواية ابن وهب) فيه نظر، لأنه أوهم أنه لا بأس بحديثه من رواية أحمد مطلقاً، وليس كذلك، بل هذا مقيد بأن يكون من روايته هو عن يونس لما سبق، ويؤيده أن الحافظ نفسه أشار لهذا القيد، فإنه أورد شبيباً هذا في "من طعن فيه من رجال البخاري" من "مقدمة فتح الباري" (ص133) ثم دفع الطعن عنه – بعد أن ذكر من وثقه وقول ابن عدي فيه – بقوله: (قلت: أخرج البخاري من رواية ابنه عنه عن يونس أحاديث، ولم يخرج من روايته عن غير يونس، ولا من رواية ابن وهب عنه شيئاً).
فقد أشار رحمه الله بهذا الكلام إلى أن الطعن قائم في شبيب إذا كانت روايته عن غير يونس، ولو من رواية ابنه أحمد عنه، وهذا هو الصواب كما بينته آنفاً، وعليه يجب أن يحمل كلامه في "التقريب" توفيقاً بين كلاميه، ورفعاً للتعارض بينهما.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/266)
إذا تبين هذا يظهر لك ضعف هذه القصة، وعدم صلاحية الاحتجاج بها. ثم ظهر لي فيها علة أخرى وهي الاختلاف على أحمد فيها، فقد أخرج الحديث ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (ص202) والحاكم (1/ 526) من ثلاثة طرق عن أحمد بن شبيب بدون القصة، وكذلك رواه عون بن عمارة البصري ثنا روح ابن القاسم به، أخرجه الحاكم، وعون هذا وإن كان ضعيفاًً، فروايته أولى من رواية شبيب، لموافقتها لرواية شعبة وحماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي.
وخلاصة القول: إن هذه القصة ضعيفة منكرة، لأمور ثلاثة:
ضعف حفظ المتفرد بها، والاختلاف عليه فيها، ومخالفته للثقات الذين لم يذكروها في
الحديث، وأمر واحد من هذه الأمور كاف لإسقاط هذه القصة، فكيف بها مجتمعة؟
ومن عجائب التعصب واتباع الهوى أن الشيخ الغماري أورد روايات هذه القصة في "المصباح" (ص12و17) من طريق البيهقي في "الدلائل" والطبراني، ثم لم يتكلم عليها مطلقاً
لا تصحيحاً ولا تضعيفاً، والسبب واضح، أما التصحيح فغير ممكن صناعة، وأما التضعيف فهو الحق ولكن ...
ونحو ذلك فعل من لم يوفق في "الإصابة"، فإنهم أوردوا (ص21 - 22) الحديث بهذه القصة، ثم قالوا: (وهذا الحديث صححه الطبراني في "الصغير" و"الكبير")!
وفي هذا القول على صغره جهالات:
أولاً: أن الطبراني لم يصحح الحديث في "الكبير" بل في "الصغير" فقط، وأنا نقلت الحديث عنه للقارئين مباشرة، لا بالواسطة كما يفعل أولئك، لقصر باعهم في هذا العلم الشريف (ومن ورد البحر استقل السواقيا).
ثانياً: أن الطبراني إنما صحح الحديث فقط دون القصة، بدليل قوله وقد سبق: (قد روى الحديث شعبة ... والحديث صحيح) فهذا نص على أنه أراد حديث شعبة، وشعبة لم يرو هذه القصة، فلم يصححها إذن الطبراني، فلا حجة لهم في كلامه.
ثالتاً: أن عثمان بن حنيف لو ثبتت عنه القصة لم يُعَلَّم ذلك الرجل فيها دعاء الضرير بتمامه، فإنه أسقط منه جملة p اللهم شفعه في وشفعني فيه i لانه يفهم بسليقته العربية أن هذا القول يستلزم أن يكون النبي r داعياً لذلك الرجل، كما كان داعياً للأعمى، ولما كان هذا منفياً بالنسبة للرجل، لم يذكر هذه الجملة؟ قال شيخ الإسلام (ص104): (ومعلوم أن الواحد بعد موته r إذا قال: اللهم فشفعه في وشفعني فيه – مع أن النبي r لم يدعُ له – كان هذا كلاماً باطلاً، مع أن عثمان بن حنيف لم يأمره ان يسأل النبي r شيئاً، ولا أن يقول: (فشفعه في)، ولم يأمره بالدعاء المأثور على وجهه، وإنما أمره ببعضه، وليس هناك من
النبي r شفاعة، ولا ما يظن أنه شفاعة، فلو قال بعد موته: (فشفعه في) لكان كلاماً
لا معنى له، ولهذا لم يأمر به عثمان، والدعاء المأثور عن النبي r لم يأمر به، والذي أمر به ليس مأثوراً عن النبي r، ومثل هذا لا تثبت به شريعة، كسائر ما ينقل عن آحاد الصحابة في حسن العبادات أو الإباحات أو الايجابات أو التحريمات، إذ لم يوافقه غيره من الصحابة عليه، وكان ما يثبت عن النبي r يخالفه ولا يوافقه، لم يكن فعله سنة يجب على المسلمين اتباعها، بل غايته ان يكون ذلك مما يسوغ فيه الاجتهاد، ومما تنازعت فيه الأمة، فيجب رده إلى الله والرسول).
ثم ذكر أمثلة كثيرة مما تفرد به بعض الصحابة، ولم يتبع عليه مثل إدخال ابن عمر الماء في عينيه في الوضوء، ونحو ذلك فراجعه.
ثم قال: وإذا كان في ذلك كذلك، فمعلوم أنه إذا ثبت عن عثمان بن حنيف أو غيره أنه جعل من المشروع المستحب أن يتوسل بالنبي r بعد موته من غير أن يكون النبي r داعياً له، ولا شافعاً فيه فقد علمنا أن عمر وأكابر الصحابة لم يروا هذا مشروعاً بعد مماته كما كان يشرع في حياته، بل كانوا في الاستسقاء في حياته r يتوسلون فلما مات لم يتوسلوا به، بل قال عمر في دعائه الصحيح المشهور الثابت باتفاق أهل العلم بمحضر من المهاجرين والأنصار في عام الرمادة المشهور، لما اشتد بهم الجدب حتى حلف عمر: لا يأكل سميناً حتى يخصب الناس، ثم لما استسقى بالناس قال: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا، فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. فيسقون. وهذا دعاء أقره عليه جميع الصحابة، ولم ينكره أحد مع شهرته، وهو من أظهر الإجماعات الإقرارية، ودعا بمثله معاوية بن أبي سفيان في خلافته، فلو كان توسلهم بالنبي r بعد مماته كتوسلهم في حياته لقالوا: كيف نتوسل بمثل العباس ويزيد بن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/267)
الأسود ونحوهما، ونعدل عن التوسل بالنبي r الذي هو أفضل الخلائق، وهو أفضل الوسائل وأعظمها عند الله؟ فلما لم يقل ذلك أحد منهم، وقد علم أنهم في حياته إنما توسلوا بدعائه وشفاعته، وبعد مماته توسلوا بدعاء غيره، وشفاعة غيره، علم أن المشروع عندهم التوسل بدعاء المتوسل به، لا بذاته).
هذا، وفي القصة جملة إذا تأمل فيها العاقل العارف بفضائل الصحابة وجدها من الأدلة الأخرى على نكارتها وضعفها، وهي أن الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه كان لا ينظر في حاجة ذلك الرجل، ولا يلتفت إليه! فكيف يتفق هذا مع ما صح عن النبي r أن الملائكة تستحي من عثمان، ومع ما عرف به رضي الله عنه من رفقه بالناس، وبره بهم، ولينه معهم؟ هذا كله يجعلنا نستبعد وقوع ذلك منه، لأنه ظلم يتنافى مع شمائه رضي الله عنه وأرضاه.
(تنبيه): اطلعنا بعد صف هذه الملزمة على كتاب "التوصل إلى حقيقة التوسل" للشيخ محمد نسيب الرفاعي، الذي ذيل اسمه عليه بلقب "مؤسس الدعوة السلفية وخادمها"، وتقتضينا الأمانة العلمية، والنصيحة الدينية وقول كلمة الحق أن نبين حكم الله كما نفهمه، وندين الله تعالى به في هذا اللقب فنقول:
إن من نافلة القول أن نبين ان الدعوة إنما هي دعوة الإسلام الحق كما أنزله الله تعالى على خاتم رسله وأنبيائه محمد r، فالله وحده سبحانه هو مؤسسها ومشرعها، وليس لأحد من البشر كائناً من كان أن يدعي تأسيسها وتشريعها، وحتى النبي الأكرم محمد صلوات الله وسلامه عليه إنما كان دوره فيها التلقي الواعي الأمين، والتبليغ الكامل الدقيق، ولم يكن مسموحاً له التصرف في شيء من شرع الله تعالى ووحيه، ولهذا فادعاه إنسان مهما علا وسما تأسيس هذه الدعوة الإلهية المباركة إنما هو في الحقيقة خطأ جسيم وجرح بليغ، هذا إن لم يكن شركاً أكبر، والعياذ بالله.
فلا ندري كيف وقع هذا من رجل عاش دهراً طويلاً مع إخوانه في حلب وغيرها من البلاد الشامية في الدعوة السلفية التي هي أخص خصائصها وأهم اهتماماتها محاربة الشركيات والوثنيات اللفظية، فضلاً عن الشركيات الاعتقادية، ثم اعتزلهم جميعاً، هدانا الله تعالى وإياه، وجنبنا الزلل والفتن ومضلات الأهواء.
ولعل أحداً يحاول التماس عذر للمؤلف بأنه إنما قصد من ذاك اللقب أنه مجدد الدعوة السلفية، وليس أنه منشئها وصائغ تعاليمها، وقد كان في المسلمين قديماً وحديثاً مجددون، والمؤلف واحد من هؤلاء في ظنه.
ونقول: نعم، إن هناك مجددين لدعوة الإسلام الحق على تتالي الزمان، ولكن شتان بين المؤلف وأولئك المجددين، وحسبه أن يكون تابعاً لأحدهم، ولو وافقناه جدلاً على حشر نفسه معهم لكان من الواجب عليه ان يحدد دائرة لتجديده المزعوم كبلد أو قطر، أما إطلاقه ذاك اللقب الفضفاض فإنه يوحي إلى القراء بأنه المجدد للإسلام في العالم الإسلامي كله في هذا العصر، وأين هو من هذا؟
أضف إلى ذلك أن من الأخلاق الأساسية التي يجب أن يتصف بها الداعية المسلم المتواضع، والبعد عن حب الظهور والتفاخر والادعاء، فإن هذه أدواء قاتلة تجرد الساعي اليها، والحريص عليها من أهلية الدعوة، وتفقده سلاحاً ماضياً للنصرعلى أعدائها، وتجعل عمله هباءً منثوراً، والعياذ بالله، فاللهم عصمتك وهداك.
هذا وقدتصفحنا الكتاب المشار إليه على عجل، فوجدنا فيه بعض الأخطاء، ننبه على بعضها في محله، ومنها أنه قال في (ص237) في صدد الحديث عن إسناد القصة السابقة
ما نصه: (إن في سند هذا الحديث رجلاً اسمه روح بن صلاح، وقد ضعفه الجمهور وابن عدي وقال ابن يونس: يروي أحاديث منكرة). وهذا خطأ محض لا ندري وجهه، وهذا الرجل (أي روح بن صلاح) إنما هو علة الحديث الثالث كما سيأتي.
الشبهة الثالثة: الأحاديث الضعيفة في التوسل:
يحتج مجيزو التوسل المبتدع بأحاديث كثيرة، إذا تأملناها نجدها تندرج تحت نوعين اثنين، الأول ثابت بالنسبة إلى رسول الله r، ولكنه لا يدل على مرادهم، ولا يؤيد رأيهم كحديث الضرير، وقد تقدم الكلام على هذا النوع.
والنوع الثاني غير ثابت النسبة إلى رسول الله r، وبعضه يدل على مرادهم، وبعضه
لا يدل، وهذه الأحاديث التي لا تصح كثيرة، فأكتفي بذكر ما اشتهر منها، فأقول:
الحديث الأول:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/268)
عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً: p من خرج من بيته إلى الصلاة، فقال: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وأسألك بحق ممشاي هذا، فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ... أقبل الله عليه بوجهه i.
رواه أحمد (3/ 21) واللفظ له، وابن ماجه، وانظر تخريجه مفصلاً في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (رقم 24). وإسناده ضعيف لأنه من رواية عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري، وعطية ضعيف كما قال النووي في "الأذكار" وابن تيمية في "القاعدة الجليلة" والذهبي في "الميزان" بل قال في "الضعفاء" (88/ 1): (مجمع على ضعفه)، والحافظ الهيثمي في غير موضع من "مجمع الزوائد" منها (5/ 236) وأورده أبوبكر بن المحب البعلبكي في "الضعفاء والمتروكين"، والبوصيري كما يأتي، وكذا الحافظ ابن حجر بقوله فيه: (صدوق يخطىء كثيراً، كان شيعياً مدلساً، وقد أبان فيه عن سبب ضعفه وهو أمران:
الأول: ضعف حفظه بقوله: (يخطىء كثيراً، وهذا كقوله فيه "طبقات المدلسين": (ضعيف الحفظ) وأصرح منه قوله في "تلخيص الحبير" (ص241 طبع الهند) وقد ذكر حديثاً آخر: (وفيه عطية بن سعيد العوفي وهو ضعيف).
الثاني: تدليسه، لكن كان على الحافظ أن يبين نوع تدليسه، فإن التدليس عند المحدثين على أقسام كثيرة من أشهرها ما يلي:
الأول: أن يروي الرواي عمن لقيه ما لم يسمعه منه، أو عمن عاصره ولم يلقه، موهماً أنه سمعه منه، كأن يقول: عن فلان، أو قال فلان.
الثاني: أن يأتي الرواي باسم شيخه أو لقبه على خلاف المشهور به تعمية لأمره، وقد صرحوا بتحريم هذا النوع إذا كان شيخه غير ثقة، فدلسه لئلا يعرف حاله، أو أوهم أنه رجل آخر من الثقات على وفق اسمه أو كنيته، وهذا يعرف عندهم بتدليس الشيوخ.
قلت: وتدليس عطية من هذا النوع المحرم، كما كنت بينته في كتابي "الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء في الأمة" (24).
وخلاصة ذلك أن عطية هذا كان يروي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، فلما مات جالس أحد الكذابين المعروفين، بالكذب في الحديث وهو الكلبي، فكان عطية إذا روى عنه كناه أبا سعيد، فيتوهم السامعون منه أنه يريد أبا سعيد الخدري! وهذا وحده عندي يسقط عدالة عطية هذا، فكيف إذا انضم إلى ذلك سوء حفظه! ولهذا كنت أحب للحافظ رحمه الله أن ينبه على أن تدليس عطية من هذا النوع الفاحش، ولو بالإشارة كما فعل في "طبقات المدلسين" إذ قال: (مشهور بالتدليس القبيح) كما سبق.
ثم كأن الحافظ نسي أو وهم – أو غير ذلك من الأسباب التي تعرض للبشر – فقال في تخريجه لهذا الحديث: إن عطية قال في رواية: حدثني أبو سعيد. قال: (فأمن بذلك تدليس عطية) كما نقله ابن علان عنه، وقلده في ذلك بعض المعاصرين.
قلت: والتصريح بالسماع إنما يفيد إذا كان التدليس من النوع الأول، وتدليس عطية من النوع الآخر القبيح، فلا يفيد فيه ذلك، لأنه في هذه الرواية أيضاً قال: (حدثني أبو سعيد) فهذا هو عين التدليس القبيح.
فتبين مما سبق أن عطية ضعيف لسوء حفظه وتدليسه الفاحش، فكان حديثه هذا
ضعيفاً، وأما تحسين الحافظ له الذي اغتر به من لا علم عنده فهو بناء على سهوه السابق، فتنبه ولا تكن من الغافلين. وفي الحديث علل أخر تكلمت عليها في الكتاب المشار إليه سابقاً، فلا حاجة للإعادة، فليرجع إليه من شاء الزيادة.
وأما فهم بعض المعاصرين من عبارة الحافظ ابن حجر السابقة في "التقريب" أنها تفيد توثيق عطية هذا ففهم لا يغبطون عليه، وقد سألت الشيخ أحمد بن الصديق حين التقيت به في ظاهرية دمشق عن هذا الفهم فتعجب منه، فإن من كثر خطؤه في الرواية سقطت الثقة به بخلاف من قال ذلك منه، فالأول ضعيف الحديث، والآخر حسن الحديث، ولذلك جعل الحافظ في "شرح النخبة" من كثر غلطه قرين من ساء حفظه، وجعل حديث كل منهما مردوداً فراجعه مع حاشية الشيخ علي القاري عليه (ص121، 130).
وإنما غرّ هؤلاء ما نقلوه عن الحافظ أنه قال في "تخريج الأذكار": (ضعف عطية إنما جاء من قبل تشيعه، وقيل تدليسه، وإلا فهو صدوق).
وهم لقصر باعهم إن لم نقل لجهلهم في هذا العلم لا جرأة لهم على بيان رأيهم الصريح في أوهام العلماء، بل إنهم يسوقون كلماتهم كأنها في مأمن من الخطأ والزلل، لا سيما إذا كانت موافقة لغرضهم كهذه الجملة، وإلا فهي ظاهرة التعارض مع قول الحافظ المنقول عن "التقريب" إذ أنها تعلل ضعف عطية بسببين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/269)
أحدهما: التشيع، وهذا ليس جرحاً مطلقاً على الراجح.
والثاني: التدليس، وهذا جرح قد يزول كما سيأتي، ومع ذلك فإنه أشار إلى تضعيفه لهذا السبب بقوله: (قيل). بينما جزم في "التقريب" بأنه كان مدلساً، كما جزم بأنه كان شيعياً، ولذلك أورده (أعني الحافظ نفسه) في رسالة "طبقات المدلسين" (ص18) فقال: (تابعي معروف، ضعيف الحفظ مشهور بالتدليس القبيح) ذكره في "المرتبة الرابعة" وهي التي يورد فيها (من اتفق على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، لكثرة تدليسهم عن الضعفاء والمجاهيل كبقية بن الوليد) كما ذكره في المقدمة، فهذان النصان من الحافظ نفسه دليل على وهمه في تضعيفه كون عطية مدلساً في الجملة المذكورة آنفاً. فهذا وجه من وجوه التعارض بينها وبين عبارة "التقريب". وثمة وجه آخر وهو أنه في هذه الجملة لم يصفه بما هو جرح عنده – كما سبق عن "شرح النخبة" – وهو قوله في "التقريب": (يخطىء كثيراً) فهذا كله يدلنا على أن الحافظ رحمه الله تعالى لم يكن قد ساعده حفظه حين تخريجه لهذا الحديث، فوقع في هذا القصور الذي يشهد به كلامه المسطور في كتبه الأخرى، وهي أولى بالاعتماد عليها من كتابه "التخريج"، لأنه في تلك ينقل عن الأصول مباشرة، ويلخص منها بخلاف صنيعه في "التخريج".
ولما ذكرنا من حال العوفي ضعف الحديث غير واحد من الحفاظ كالمنذري في "الترغيب" والنووي وشيخ الإسلام ابن تيمية في "القاعدة الجليلة" وكذا البوصيري، فقال في "مصباح الزجاجة" (2/ 52): (هذا إسناد مسلسل بالضعفاء: عطية وفضيل بن مرزوق والفضل بن الموفق كلهم ضعفاء). وقال صديق خان في "نزل الأبرار" (ص71) بعد أن أشار لهذا الحديث وحديث بلال الآتي بعده: (وإسنادهم ضعيف، صرح بذلك النووي في"الأذكار").
الحديث الثاني:
وحديث بلال الذي أشار إليه صديق خان هو ما روي عنه أنه قال: p كان رسول الله r إذا خرج إلى الصلاة قال: بسم الله، آمنت بالله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله. اللهم بحق السائلين عليك، وبحق مخرجي هذا، فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً .. i الحديث أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة – رقم82" من طريق الوازع بن نافع العقيلي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله عنه.
قلت: وهذا سند ضعيف جداً، وآفته الوازع هذا، فإنه لم يكن عنده وازع يمنعه من الكذب، كما بينته في "السلسلة الضعيفة" ولذلك لما قال النووي في "الأذكار": (حديث ضعيف أحد رواته الوازع بن نافع العقيلي وهو متفق على ضعفه، وأنه منكر الحديث) قال الحافظ بعد تخريجه: (هذا حديث واه جداً، أخرجه الدارقطني في "الأفراد" من هذا الوجه وقال: تفرد به الوازع، وهو متفق على ضعفه وأنه منكر الحديث. والقول فيه أشد من ذلك، فقال ابن معين والنسائي: ليس بثقة، وقال أبو حاتم وجماعة، متروك الحديث، وقال الحاكم: يروي أحاديث موضوعة).
قلت: فلا يجوز الاستشهاد به كما فعل الشيخ الكوثري، والشيخ الغماري في "مصباح الزجاجة" (56) وغيرهما من المبتدعة.
ومع كون هذين الحديثين ضعيفين فهما لا يدلان على التوسل بالمخلوقين أبداً، وإنما يعودان إلى أحد أنواع التوسل المشروع الذي تقدم الكلام عنه، وهو التوسل إلى الله تعالى بصفة من صفاته عز وجل، لأن فيهما التوسل بحق السائلين على الله وبحق ممشى المصلين. فما هو حق السائلين على الله تعالى؟، لا شك أنه إجابة دعائهم، وإجابة الله دعاء عباده صفة من صفاته عز وجل، وكذلك حق ممشى المسلم إلى المسجد هو أن يغفر الله له، ويدخله الجنة ومغفرة الله تعالى ورحمته، وإدخاله بعض خلقه ممن يطيعه الجنة. كل ذلك صفات له تبارك وتعالى.
وبهذا تعلم أن هذا الحديث الذي يحتج به المبتدعون ينقلب عليهم، ويصبح بعد فهمه فهماً جيداً حجة لنا عليهم، والحمد لله على توفيقه.
الحديث الثالث:
عن أبي أمامة قال: p كان رسول الله r إذا أصبح، وإذا أمسى دعا بهذا الدعاء: اللهم أنت أحق من ذكر، وأحق من عبد .. أسألك بنور وجهك الذي أشرقت له السماوات والأرض، وبكل حق هو لك، وبحق السائلين عليك ... i.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 117): (رواه الطبراني، وفيه فضال بن جبير، وهو ضعيف مجمع على ضعفه).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/270)
قلت: بل هو ضعيف جداً، اتهمه ابن حبان فقال: (شيخ يزعم أنه سمع أبا أمامة، يروي عنه ما ليس منه حديثه). وقال أيضاً: (لا يجوز الاحتجاج به بحال، يروي أحاديث لا أصل له).
وقال ابن عدي في "الكامل" (25/ 13): (أحاديثه كلها غير محفوظة).
قلت: فالحديث شديد الضعف، فلا يجوز الاستشهاد به أيضاً، كما فعل صاحب "المصباح" (ص56).
الحديث الرابع:
عن أنس بن مالك قال: لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي رضي الله عنهما دعا أسامة بن زيد وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطاب وغلاماً أسود يحفرون ...
فلما فرغ دخل رسول الله r، فاضطجع فيه فقال: p الله الذي يحيي ويميت، وهو حي
لا يموت، اغفر لأمي فاطمة بين أسد، ولقنها حجتها، ووسع مدخلها بحق نبيك، والأنبياء الذين من قبلي، فإنك أرحم الراحمين ... i.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 257): (رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه روح بن صلاح، وثقة ابن حبان والحاكم وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح).
قلت: ومن طريق الطبراني رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (3/ 121) وإسناده عندهما ضعيف، لأن روح بن صلاح الذي في إسناده قد تفرد به، كما قال أبو نعيم نفسه، وروح ضعفه ابن عدي، وقال ابن يونس: رويت عنه مناكير، وقال الدارقطني (ضعيف في الحديث) وقال ابن ماكولا: (ضعفوه) وقال ابن عدي بعد أن أخرج له حديثين: (له أحاديث كثيرة، في بعضها نكرة) فقد اتفقوا على تضعيفه فكان حديثه منكراً لتفرده به.
وقد ذهب بعضهم إلى تقوية هذا الحديث لتوثيق ابن حبان والحاكم لروح هذا، ولكن ذلك لا ينفعهم، لما عرفا به من التساهل في التوثيق، فقولهما عند التعارض لا يقام له وزن حتى
لو كان الجرح مبهماً، فكيف مع بيانه كما هي الحال هنا، وقد فصلت الكلام على ضعف هذا الحديث في "السلسلة الضعيفة" (23) فلا نعيد الكلام عليه في هذه العجالة، ولكن المشار إليهم جاؤوا بما يضحك فقالوا: (حكم عليه الشيخ ناصر بالضعف، فنطالبه بمن
ضعف هذا الحديث من المحدثين).
قلت: قد ذكرنا من ضعف رواية روح بن صلاح الذي تفرد به، وهذا يستلزم ضعف حديثه كما لا يخفى إلا عند المتابعة وقد نفاها أبو نعيم، أو عند مجيئه من طريق آخر وهيهات!
ثم قالوا: (ولو فرض تضعيفه، فضعفه خفيف فلا يمنع جواز العمل، لأنه من باب ما جوزه المحدثون والفقهاء من العمل بالضعيف الذي ليس ضعفه بشديد في الترغيب والترهيب).
قلت: ليس في هذا الحديث شيء من الترغيب، ولا هو يبين فضل عمل ثابت في الشرع، إنما هو ينقل أمراً دائراً بين أن يكون جائزاً أو غير جائز، فهو إذن يقرر حكماً شرعياً لو صح، وأنتم إنما توردونه من الأدلة على جواز هذا التوسل المختلف فيه، فإذا سلمتم بضعفه لم يجز لكم الاستدلال به، وما أتصور عاقلا يوافقكم على إدخال هذا الحديث في باب الترغيب والترهيب، وهذا شأن من يفر من الخضوع للحق، يقول ما لا يقوله جميع العقلاء.
الحديث الخامس:
عن أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد قال: p كان رسول الله r يستفتح بصعاليك المهاجرين i .
فيرى المخالفون أن هذا الحديث يفيد أن النبي r كان يطلب من الله تعالى أن ينصره، ويفتح عليه بالضعفاء المساكين من المهاجرين، وهذا – بزعمهم – هو التوسل المختلف فيه نفسه.
والجواب من وجهين:
الأول: ضعف الحديث، فقد أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 81/2): حدثنا محمد بن إسحاق بن راهويه حدثنا أبي حدثنا عيسى بن يونس حدثني أبي عن أبيه عن أميه به.
وحدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي بن عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن أبي إسحاق عن أمية بن خالد به. ثم رواه من طريق قيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن المهلب بن أبي صفرة عن أمية بن خالد مرفوعاً بلفظ:
p... يستفتح ويستنصر بصعاليك المسلمين i.
قلت: مداره على أمية هذا، ولم تثبت صحبته، فالحديث مرسل ضعيف، وقال
ابن عبد البر في "الاستيعاب" (1/ 38): (لا تصح عندي صحبته، والحديث مرسل)
وقال الحافظ في "الإصابة" (1/ 133): (ليست له صحبة ولا رواية).
قلت: وفيه علة أخرى، وهي اختلاط أبي اسحاق وعنعنته، فإنه كان مدلساً، إلا أن سفيان سمع منه قبل الاختلاط، فبقيت العلة الأخرى وهي العنعنة.
فثبت بذلك ضعف الحديث وأنه لا تقوم به حجة. وهذا هو الجواب الأول.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/271)
الثاني: أن الحديث لو صح فلا يدل إلا على مثل ما دل عليه حديث عمر، وحديث الأعمى من التوسل بدعاء الصالحين. قال المناوي في "فيض القدير": p كان يستفتح i أي يفتتح القتال، من قوله تعالى:} إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح {ذكره الزمخشري.
p ويستنصر i أي يطلب النصرة p بصعاليك المسلمين i أي بدعاء فقرائهم الذين
لا مال لهم.
قلت: وقد جاء هذا التفسير من حديثه، اخرجه النسائي (2/ 15) بلفظ: p إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها، بدعوتهم، وصلاتهم وإخلاصهم i وسنده صحيح، وأصله في "صحيح البخاري" (6/ 67)، فقد بين الحديث أن الاستنصار إنما يكون بدعاء الصالحين،
لا بذواتهم وجاههم.
ومما يؤكد ذلك أن الحديث ورد في رواية قيس بن الربيع المتقدمة بلفظ: p كان يستفتح ويستنصر ... i فقد علمنا بهذا أن الاستنصار بالصالحين يكون بدعائهم وصلاتهم وإخلاصهم، وهكذا الاستفتاح، وبهذا يكون هذا الحديث – إن صح – دليلاً على التوسل المشروع، وحجة على التوسل المبتدع، والحمد لله.
الحديث السادس:
عن عمر بن الخطاب مرفوعاً: p لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي، فقال: يا آدم! وكيف عرفت محمداً ولم أخلقه؟ قال: يا رب لما خلقتني بيدك، ونفخت في من روحك رفعت رأسي، فرأيت على قوائم العرش مكتوباً: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنك لم تضِف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك، فقال: غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتُك i.
أخرجه الحاكم في "المستدرك" (2/ 615) من طريق أبي الحارث عبد الله بن مسلم الفهري: حدثنا إسماعيل بن مسلمة: أنبأ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن عمر. وقال: (صحيح الإسناد وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذا الكتاب).
فتعقبه الذهبي فقال: (قلت: بل موضوع، وعبد الرحمن واهٍ، وعبد الله بن أسلم الفهري
لا أدري من ذا) قلت: ومن تناقض الحاكم في "المستدرك" نفسه أنه أورد فيه (3/ 332) حديثاً آخر لعبد الرحمن هذا ولم يصححه، بل قال: (والشيخان لم يحتجا بعبد الرحمن بن زيد!).
قلت: والفهري هذا أورده الذهبي في "الميزان" وساق له هذا الحديث وقال: (خبر
باطل)، وكذا قال الحافظ ابن حجر في "اللسان" (3/ 360) وزاد عليه قوله في الفهري هذا: (لا أستبعد أن يكون هو الذي قبله فإنه من طبقته) قلت: والذي قبله هو عبد الله بن مسلم بن رُشيد، قال الحافظ: ذكره ابن حبان، منهم بوضع الحديث، يضع على ليث ومالك وابن لهيعة، لا يحل كتب حديثه، وهو الذي روى عن ابن هدية نسخة كأنها معمولة).
قلت: والحديث رواه الطبراني في "المعجم الصغير" (ص207): ثنا محمد بن داود بن أسلم الصدفي المصري: ثنا أحمد ابن سعيد المدني الفهري: ثنا عبد الله بن إسماعيل المدني عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم به. وهذا سند مظلم فإن كل من دون عبد الرحمن لا يعرفون، وقد أشار إلى ذلك الحافظ الهيثمي حيث قال في "مجمع الزوائد" (8/ 253): (رواه الطبراني في الأوسط والصغير وفيه من لم أعرفهم).
قلت: وهذا إعلال قاصر، يوهم من لا علم عنده أن ليس فيهم من هو معروف بالطعن فيه، وليس كذلك فإن مداره على عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقال البيهقي: (إنه تفرد به) وهو متهم بالوضع، رماه بذلك الحاكم نفسه، ولذلك أنكر العلماء عليه تصحيحه لحديثه، ونسبوه إلى الخطأ والتناقض، فقال (وراث علم الصحابة والتابعين والأئمة المتبوعين
شيخ الإسلام ابن تيمية) (1) رحمه الله في "القاعدة الجليلة" (ص89): (ورواية الحاكم لهذا الحديث مما أنكر عليه، فإنه نفسه قد قال في كتاب "المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم":
(عبد الرحمن بن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعة، لا تخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه) (2). قلت: وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف باتفاقهم يغلط كثيراً (3)، ضعفه أحمد بن حنبل وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي والدارقطني، وغيرهم. وقال ابن حبان: (كان يقلب الأخبار وهو لا يعلم حتى كثر ذلك من روايته من رفع المراسيل، وإسناد الموقوف، فاستحق الترك).
وأما تصحيح الحاكم لمثل هذا الحديث وأمثاله فهذا مما أنكره عليه أئمة العلم بالحديث، وقالوا: إن الحاكم يصحح أحاديث موضوعة مكذوبة عند أهل المعرفة بالحديث. ولهذا كان أهل العلم بالحديث لا يعتمدون على مجرد تصحيح الحاكم).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/272)
قلت: وقد أورد الحاكم نفسه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في كتابه "الضعفاء" كما سماه
العلامة ابن عبد الهادي، وقال في آخره: (فهؤلاء الذين قدمت ذكرهم قد ظهر عندي
جرحهم، لأن الجرح لا يثبت إلا ببينة، فهم الذين أبين جرحهم لمن طالبني به، فإن الجرح
لا أستحله تقليداً، والذي أختاره لطالب هذا الشأن أن لا يكتب حديث واحد من هؤلاء
الذين سميتهم، فالراوي لحديثهم داخل في قوله r: p من حدث بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبَيْن i (1).
قلت: فمن تأمل في كلام الحاكم هذا والذي قبله يتبن له بوضوح أن حديث عبد الرحمن بن زيد هذا موضوع عند الحاكم نفسه، وأن من يرويه بعد العلم بحاله فهو أحد الكاذبَيْن.
وقد اتفق عند التحقيق كلام الحفاظ ابن تيمية والذهبي والعسقلاني على بطلان هذا الحديث، وتبعهم على ذلك غير واحد من المحققين كالحافظ ابن عبد الهادي كما سيأتي،
فلا يجوز لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصحح الحديث بعد اتفاق هؤلاء على وضعه تقليداً للحاكم في أحد قوليه، مع اختياره في قوله الآخر لطالب العلم أن لا يكتب حديث
عبد الرحمن هذا، وأنه إن فعل كان أحد الكاذبين كما سبق.
(تنبيه): إذا عرفت هذا فقول بعض المشايخ: (إن حكم الشيخ ناصر على الحديث بأنه "كذب وموضوع" باطل لأن مستنده قول الذهبي إنه موضوع) باطل حقاً لأن الذهبي قد وافقه من ذكرنا من الحفاظ الأعلام، ثم قالوا: (ومستند الذهبي ما في إسناد الحاكم من رجل قيل فيه إنه متهم). قلت: (هذا باطل أيضاً، لأن الرجل المشار إليه وهو عبد الله بن مسلم الفهري جهله الذهبي ولم يتهمه كما تقدم نقله عنه، وما أظن هذا يخفى عليهم ولكنهم تجاهلوه لغرض في أنفسهم، وهو أن يتسنى لهم أن يقولوا عقب ذلك: (لكن للحديث إسناد آخر عند الطبراني ليس فيه هذا المتهم، وغاية ما فيه أن فيه من هو غير معروف)، قلت: بل فيه ثلاثة لا يعرفون، وإذا كانوا لا يعلمون ذلك فلماذا عدلوا عن تقليد الهيثمي في قوله: (وفيه من
لم أعرفهم) كما سبق، وهو هلكى وراء التقليد، إلى قولهم: (فيه من هو غير معروف)؟! السبب في ذلك أن قول الهيثمي نص على أن (من هو غير معروف) جماعة، وأما قولهم فليس نصاً على ذلك، بل هذا يقال إذا كان في السند شخص لا يعرف أو أكثر، فهو في الحقيقة من تلبيساتهم على القراء. نعوذ بالله من الخذلان. ثم قالوا عطفاً على ما سبق: (وإن فيه
عبد الرحمن بن زيد وهو على الراجح عند الحافظ ابن حجر ممن يقال فيه ضعيف، وهذه الكلمة من أخف مراتب التضعيف) أقول: لكن الراجح عند غير الحافظ أنه أشد ضعفاً من ذلك، فقد قال فيه أبو نعيم: (روى عن أبيه أحاديث موضوعة). وكذا قال الحاكم نفسه
كما سبق، وهو وكذا أبو نعيم من المعروفين بتساهلهم في التوثيق، فإذا جرحا فإنما ذلك بعد ان ظهر لهما ان عبد الرحمن مجروح حقاً، ولذلك اتفقوا على تضعيفه كما نص في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، بل ضعّفه جداً علي بن المديني وابن سعد وغيرهما، وقال الطحاوي: (حديثه عند أهل العلم بالحديث في النهاية من الضعف) فهو معروف بالضعف الشديد منذ القديم، فما الذي حمل المخالفين على الإعراض عن هذه الأقوال المتضافرة على أن عبد الرحمن هذا ضعيف جداً – إن لم يكن كذاباً – إلى التمسك بقول الحافظ فيه (ضعيف)؟! أقول هذا مع احتمال أن يكون سقط من قلم الحافظ أو قلم بعض النساخ عقب قوله (ضعيف) لفظة (جداً) وعلى كل حال فإن تقليدهم للحافظ في هذه الكلمة
لا يفيدهم شيئاً، بعد أن حكم هو على الحديث بأنه (خبر باطل) كما سبق نقله عن "لسانه"! فهذا من الأدلة الكثيرة على أن هؤلاء أتباع هوى، وليسوا طلاب حق، وإلا لأخذوا بقول الحافظ هذ الموافق لقول الذهبي وغيره من المحققين، ولم يعرجوا على تضعيفه فقط
لعبد الرحمن، ليعارضوا به الذهبي، ويدلسوا على الناس أمر الحديث، ويظهروه بمظهر الأحاديث التي اختلف فيها العلماء حتى يتسنى لهم ابتداع رأي جديد حول الحديث يتلاءم مع قول أحد الحفاظ في احد رواته! فانظر اليهم كيف قالوا عقب ما سبق: (فما كان حاله هكذا عند المحدثين فليس من الموضوع، ولا من الضعيف الشديد، بل هو من القسم الذي يعمل به في الفضائل)!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/273)
أقول: وهذا كلام ساقط من وجهين: الأول: أنه مبني على أن عبد الرحمن ضعيف فقط وليس كذلك بل هو ضعيف جداً كما سبق، وسيأتي التصريح بذلك عن أحد الحفاظ النقاد. الثاني: أنه معارض لحكم الحافظ بل الحفاظ على الحديث بالبطلان كما سبق، فكيف جاز لهم مخالفتهم لا سيما قد صرح أحدهم في "التعقيب الحثيث" (21) (أنه ليس له صفة التصحيح والتضعيف)! فلعله قال ذلك تواضعاً! وإلا فأنت تراه هنا قد أعطى لنفسه منزلة تسوغ له الاستقلال في البحث ولو أدى إلى مخالفة كل أولئك الحفاظ والنقاد! ويؤيد هذا الذي نقوله فيه انه قال عطفاً على ما سبق: (فنحن في هذا الحديث مع من لم ير به ذلك (يعني الوضع) كالحاكم والحافظ السبكي، فليس علينا فيه افتيات على الحافظ الذهبي، لكن رأينا ما عليه الحافظان المذكوران أقرب إلى الصواب).
أقول: ولا يخفى ما في هذا الكلام من التلبيس والتدليس فإن الحاكم إنما ذهب في "المستدرك" إلى تصحيح الحديث كما سبق، والسبكي قلده في ذلك كما بينه الحافظ ابن عبدالهادي فقال في رده عليه في "الصارم المنكي" (ص32): (وإني لاتعجب منه كيف قلد الحاكم في تصحيحه مع أنه حديث غير صحيح ولا ثابت، بل هو حديث ضعيف الإسناد جداً، وقد حكم عليه بعض الأئمة بالوضع، وليس إسناده من الحاكم إلى عبد الرحمن بن زيد بصحيح بل مفتعل على عبد الرحمن كما سنبينه، ولو كان صحيحاً إلى عبد الرحمن لكان ضعيفاً غير محتج به، لأن عبد الرحمن في طريقه، وقد أخطأ الحاكم وتناقض تناقضاً فاحشاً كما عرف له ذلك في مواضيع، فإنه قال في كتاب "الضعفاء"، بعد أن ذكر عبد الرحمن منهم) وذكر ما نقلته عنه فيما سبق (ص86 - 87): (فانظر إلى ما وقع للحاكم في هذا الموضع من الخطأ العظيم والتناقض الفاحش، ثم إن هذا المعترض المخذول عمد إلى هذا الذي اخطأ فيه الحاكم وتناقض، فقلده فيه، واعتمد عليه، فقال " ونحن قد اعتمدنا في تصحيحه على الحاكم"، وذكر قبل ذلك بقليل أنه مما تبين له صحته. فانظر يرحمك الله إلى هذا الخذلان البين والخطأ الفاحش! كيف جاء هذا المعترض إلى حديث غير صحيح ولا ثابت، بل هو حديث موضوع، فصححه واعتمد عليه، وقلد في ذلك الحاكم مع ظهور خطئه وتناقضه، مع معرفة هذا المعترض بضعف راويه وجرحه واطلاعه على الكلام المشهور فيه).
أقول: هذا شأن السبكي رحمه الله تعالى في هذا الحديث، وتقليد الحاكم في تصحيحه، وهذا مع كونه خطأ في نفسه كما سبق بيانه فهو خلاف رأي المشار إليه سابقاً الذي صرح بأن الحديث ضعيف لا صحيح ولا موضوع، فقد خالف – هو ومن قلده وناصره – الحاكم والسبكي كما خالفوا من سبق ذكرهم من العلماء الفحول الذين قالوا بوضع الحديث أو بطلانه، فليس افتئاتهم على الذهبي فقط، بل وعلى من وافقه وخالفه جميعاً! فليتأمل العاقل ما يفعل الهوى بصاحبه! لقد أرادوا أن ينزهوا أنفسهم عن الافتئات على الذهبي، وإذا بهم يقولون بما هو أدهى وأمر من الافتئات على من ذكرنا من العلماء!
ومن مغالطاتهم المكشوفة عند أهل العلم قولهم في أثناء كلامهم السابق بعد أن أشاروا إلى طريق الطبراني الذي سبق الكلام عليه: (فالذهبي لم يطلع على هذا الطريق، وإلا لو اطلع عليه لم يقل ذلك).
أقول: وهذا كلام باطل، إذ أن الذهبي حكم على الحديث بالوضع والبطلان من طريق الحاكم، وفيه عبد الرحمن بن زيد ورجل آخر لا يعرفه، كما سبق بيانه في أول هذا التنبيه، وطريق الطبراني فيه علاوة على عبد الرحمن هذا ثلاث رجال آخرون لا يعرفون كما سبق أيضاً، فكيف يصح أن يقال حينئذ: (إن الذهبي لو اطلع على هذا الطريق لم يقل بذلك)؟!
اللهم إن هذه مغالطة ومكابرة مكشوفة أو جهل مركب، فرحمتك اللهم وهداك!
لقد تبين للقراء الكرام مما سلف أن للحديث علتين:
الأولى: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وأنه ضعيف جداً.
الثانية: جهالة الإسناد إلى عبد الرحمن.
وللحديث عندي علة أخرى. وهي اضطراب عبد الرحمن أو من دونه في إسناده، فتارة كان يرفعه كما مضى، وتارة كان يرويه موقوفاً على عمر، لا يرفعه إلى النبي r، كما رواه
أبو بكر الآجري في كتاب "الشريعة" (ص427) من طريق عبد الله ابن اسماعيل بن أبي مريم
عن عبد الرحمن بن زيد به، وعبد الله هذا لم أعرفه أيضاً، فلا يصح عن عمر مرفوعاً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/274)
ولا موقوفاً، ثم رواه الآجري من طريق آخر عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه أنه قال: من الكلمات التي تاب الله بها على آدم قال: اللهم أسألك بحق محمد عليك .. الحديث نحوه مختصراً، وهذا مع إرساله ووقفه، فإن إسناده إلى ابن أبي الزناد ضعيف جداً، وفيه عثمان بن خالد والد أبي مروان العثماني، قال النسائي: (ليس بثقة).
وعلى هذا فلا يبعد أن يكون أصل هذا الحديث من الإسرائليات التي تسربت إلى المسلمين من بعض مسلمة أهل الكتاب أو غير مسلمتهم. أو عن كتبهم التي لا يوثق بها، لما طرأ عليها من التحريف والتبديل كما بينه شيخ الإسلام في كتبه، ثم رفعه بعض هؤلاء الضعفاء إلى
النبي r خطأ أو عمداً.
مخالفة هذا الحديث للقرآن:
ومما يؤيد ما ذهب إليه العلماء من وضع هذا الحديث وبطلانه أنه يخالف القرآن الكريم في موضعين منه:
الأول: أنه تضمن أن الله تعالى غفر لآدم بسبب توسله به r، والله عز وجل يقول:
} فتلقى آدم من ربه كلمات، فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم {. وقد جاء تفسير هذه الكلمات عن ترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما مما يخالف هذا الحديث، فأخرج الحاكم (3/ 545) عنه:} فتلقى آدم من ربه كلمات {قال: أي رب! ألم تخلقني بيدك؟
قال: بلى. قال: ألم تنفخ فيَّ من روحك؟ قال: بلى. قال: أي رب! ألم تسكنّي جنتك؟ قال: بلى. قال: ألم تسبق رحمتك غضبك؟ قال: بلى. قالت: أرأيت إن تبتُ وأصلحت، أراجعي أنت إلى الجنة؟ قال: بلى. قال: فهو قوله:} فتلقى آدم من ربه كلمات {وقال الحاكم: (صحيح الإسناد) ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
قلت: وقول ابن عباس هذا في حكم المرفوع من وجهين:
الأول: أنه أمر غيبي لا يقال من مجرد الرأي.
الثاني: أنه ورد في تفسير الآية، وما كان كذلك فهو في حكم المرفوع كما تقرر في محله،
ولا سيما إذا كان من قول إمام المفسرين عبد الله بن عباس رضي الله عنهما الذي دعا له رسول الله r بقوله: p اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل i.
وقد قيل في تفسير هذه الكلمات: إنها ما في الآية الاخرى} قالا: ربنا ظلمنا أنفسنا، وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين {.وبهذا جزم السيد رشيد رضا في "تفسيره"
(1/ 279). لكن أشار ابن كثير (1/ 81) إلى تضعيفه، ولا منافاة عندي بين القولين،
بل أحدهم يتمم الآخر، فحديث ابن عباس لم يتعرض لبيان ما قاله آدم عليه السلام بعد أن تلقى من ربه تلك الكلمات وهذا القول يبين ذلك، فلا منافاة والحمد لله، وثبت مخالفة الحديث للقرآن، فكان باطلاً.
الموضع الثاني: قوله في آخره: p ولولا محمد ما خلقتك i فإن هذا أمر عظيم يتعلق بالعقائد التي لا تثبت إلا بنص متواتر اتفاقاً، أو صحيح عند آخرين، ولو كان ذلك صحيحاً لورد في الكتاب والسنة الصحيحة، وافتراض صحته في الواقع مع ضياع النص الذي تقوم به الحجة ينافي قوله تبارك وتعالى:} إنا نحن نزلنا الذكر، وإنا له لحافظون {. والذكر هنا يشمل الشريعة كلها قرآناً وسنة، كما قرره ابن حزم في "الإحكام" وأيضاً فإن الله تبارك وتعالى قد أخبرنا عن الحكمة التي من أجلها خلق آدم وذريته، فقال عز وجل:} وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون {، فكل ما خالف هذه الحكمة أو زاد عليها لا يقبل إلا بنص صحيح عن المعصوم r كمخالفة هذا الحديث الباطل. ومثله ما اشتهر على ألسنة الناس: p لولاك لولاك ما خلقت الأفلاك i فإنه موضوع كما قاله الصنعاني ووافقه الشوكاني في "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" (ص116). ومن الطرائف أن المتنبي ميرزا غلام أحمد القادياني سرق هذا الحديث الموضوع فادعى أن الله خاطبه بقوله: (لولاك لما خلقت
الافلاك)!! وهذا شيء يعترف به أتباعه القاديانيون هنا في دمشق وغيرها، لوروده في كتاب متنبئهم "حقيقة الوحي" (ص99).
ثم على افتراض أن هذا الحديث ضعيف فقط كما يزعم بعض المخالفين خلافاً لمن سبق ذكرهم من العلماء والحفاظ، فلا يجوز الاستدلال به على مشروعية التوسل المختلف فيه، لأن – على قولهم – عبادة مشروعة، وأقل أحوال العبادة أن تكون مستحبة، والاستحباب حكم شرعي من الأحكام الخمسة التي لا تثبت إلا بنص صحيح تقوم به الحجة، فإذا الحديث عنده ضعيف، فلا حجة فيه البتة، وهذا بين لا يخفى إن شاء الله تعالى.
الحديث السابع p توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم i:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/275)
وبعضهم يرويه بلفظ: p إذا سألتم الله فاسألوه بجاهي، فإن جاهي عند الله عظيم i.
هذا باطل لا أصل له في شيء من كتب الحديث البتة، وإنما يرويه بعض الجهال بالسنة
كما نبَّه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "القاعدة الجليلة" (ص132، 150) قال: (مع أن جاهه r عند الله أعظم من جاه جميع الأنبياء والمرسلين، ولكن جاه المخلوق عند الخالق ليس كجاه المخلوق عند المخلوق فإنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، والمخلوق يشفع عند المخلوق بغير إذنه، فهو شريك له في حصول المطلوب، والله تعالى لا شريك له
كما قال سبحانه:} قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، وما لهم فيهما من شرك، وما له منهم من ظهير، ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له {] سورة سبأ: 22 - 23 [.
فلا يلزم إذن من كون جاهه r عند ربه عظيماً، أن نتوسل به إلى الله تعالى لعدم ثبوت الأمر به عنه r، ويوضح ذلك أن الركوع والسجود من مظاهر التعظيم فيما اصطلح عليه الناس، فقد كانوا وما يزال بعضهم يقومون ويركعون ويسجدون لمليكهم ورئيسهم والمعظم لديهم، ومن المتفق عليه بين المسلمين أن محمداً r هو أعظم الناس لديهم، وأرفعهم عندهم. ترى فهل يجوز لهم أن يقوموا ويركعوا ويسجدوا له في حياته وبعد مماته؟
الجواب: إنه لا بد لمن يجوز ذلك، من أن يثبت وروده في الشرع، وقد نظرنا فوجدنا أن السجود والركوع لا يجوزان إلا له سبحانه وتعالى، وقد نهى النبي r أن يسجد أو يركع أحد لأحد، كما أننا رأينا في السنة كراهية النبي r للقيام، فدل ذلك على عدم مشروعيته.
ترى فهل يستطيع أحد أن يقول عنا حين نمنع السجود لرسول الله r: إننا ننكر جاهه r وقدره؟ كلا ثم كلا.
فظهر من هذا بجلاء إن شاء الله تعالى أنه لا تلازم بين ثبوت جاه النبي r وبين تعظيمه بالتوسل بجاهه ما دام أنه لم يرد في الشرع.
هذا، وإن من جاهه r أنه يجب علينا اتباعه وإطاعته كما يجب إطاعة ربه، وقد ثبت
عنه r أنه قال: p ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله إلا أمرتكم به i فإذا لم يأمرنا بهذا التوسل ولو أمرَ استحباب فليس عبادة، فيجب علينا اتباعه في ذلك وأن ندع العواطف جانباً، ولا نفسح لها المجال حتى ندخل في دين الله ما ليس منه بدعوى حبه r، فالحب الصادق إنما هو بالاتبْاع، وليس بابتداع كما قال عز وجل:} قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله {ومنه قول الشاعر:
تعصى الإله وأنت تظهر حبه هذا لعمرك في القياس بديع
لو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع
أثران ضعيفان:
1 – أثر الاستسقاء بالرسول r بعد وفاته:
وبعد أن فرغنا من إيراد الأحاديث الضعيفة في التوسل، وتحقيق القول فيها يحسن بنا أن نورد أثراً، كثيراً ما يورده المجيزون لهذا التوسل المبتدع، لنبين حاله من صحة او ضعف، وهل له علاقة بما نحن فيه أم لا؟
فأقول: قال الحافظ في "الفتح" (2/ 397) ما نصه: (وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الدار – وكان خازن عمر – قال: أصاب الناس قحط في زمن عمر، فجاء رجل إلى قبر النبي r فقال: يا رسول الله! استسق لأمتك، فإنهم
قد هلكوا، فأتي الرجلُ في المنام، فقيل له: ائت عمر .. الحديث. وقد روى سيف في "الفتوح" أن الذي رأى المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة).
قلت: والجواب من وجوه:
الأول: عدم التسليم بصحة هذه القصة، لأن مالك الدار غير معروف العدالة والضبط، وهذان شرطان أساسيان في كل سند صحيح كما تقرر في علم المصطلح، وقد أورده
ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4/ 213) ولم يذكر راوياً عنه غير أبي صالح هذا، ففيه إشعار بأنه مجهول، ويؤيده أن ابن أبي حاتم نفسه – مع سعة حفظه واطلاعه – لم يحك فيه توثيقاً فبقي على الجهالة، ولا ينافي هذا قول الحافظ: ( ... بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان ... ) لأننا نقول: إنه ليس نصاً في تصحيح جميع السند بل إلى أبي صالح فقط، ولولا ذلك لما ابتدأ هو الإسنادَ من عند أبي صالح، ولقال رأساً: (عن مالك الدار ... وإسناده صحيح) ولكنه تعمد ذلك، ليلفت النظر إلى أن ها هنا شيئاً ينبغي النظر فيه، والعلماء إنما يفعلون ذلك لأسباب منها: أنهم قد لا يحضرهم ترجمة بعض الرواة، فلا يستجيزون لأنفسهم حذف السند كله، لما فيه من إيهام صحته لاسيما عند الاستدلال به،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/276)
بل يوردون منه ما فيه موضع للنظر فيه، وهذا هو الذي صنعه الحافظ رحمه الله هنا، وكأنه يشير إلى تفرد أبي صالح السمان عن مالك الدار كما سبق نقله عن ابن أبي حاتم، وهو يحيل بذلك إلى وجوب التثبت من حال مالك هذا أو يشير إلى جهالته. والله أعلم.
وهذا علم دقيق لا يعرفه إلا من مارس هذه الصناعة، ويؤيد ما ذهبت اليه أن الحافظ المنذري أورد في "الترغيب" (2/ 41 - 42) قصة أخرى من رواية مالك الدار عن عمر ثم قال: (رواه الطبراني في "الكبير"، ورواته إلى مالك الدار ثقات مشهورون، ومالك الدار
لا أعرفه). وكذا قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 125).
وقد غفل عن هذا التحقيق صاحب كتاب "التوصل" (ص241) فاغتر بظاهر كلام الحافظ، وصرح بأن الحديث صحيح، وتخلص منه بقوله: (فليس فيه سوى: جاء رجل .. ) واعتمد على أن الرواية التي فيها تسمية الرجل ببلال بن الحارث فيها سيف، وقد عرفت حاله.
وهذا لا فائدة كبرى فيه، بل الأثر ضعيف من أصله لجهالة مالك الدار كما بيناه.
الثاني: أنها مخالفة لما ثبت في الشرع من استحباب إقامة صلاة الاستسقاء لاستنزال الغيث من السماء، كما ورد ذلك في أحاديث كثيرة، وأخذ به جماهير الأئمة، بل هي مخالفة لما أفادته الآية من الدعاء والاستغفار، وهي قوله تعالى في سورة نوح:} فقلت: استغفروا ربكم إنه كان غفاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً .. {وهذا ما فعله عمر بن الخطاب حين استسقى وتوسل بدعاء العباس كما سبق بيانه، وهكذا كانت عادة السلف الصالح كلما أصابهم القحط أن يصلوا ويدعوا، ولم ينقل عن أحد منهم مطلقاً أنه التجأ إلى قبر النبي r، وطلب منه الدعاء للسقيا، ولو كان ذلك مشروعاً لفعلوه ولو مرة واحدة، فإذا لم يفعلوه دل ذلك على عدم مشروعية ما جاء في القصة.
الثالث: هب أن القصة صحيحة، فلا حجة فيها، لأن مدارها على رجل لم يسم، فهو مجهول أيضاً، وتسميته بلالاً في رواية سيف لا يساوي شيئاً، لأن سيفاً هذا – وهوابن عمر التميمي – متفق على ضعفه عند المحدثين، بل قال ابن حبان فيه: (يروي الموضوعات عن الأثبات، وقالوا: إنه كان يضع الحديث). فمن كان هذا شأنه لا تقبل روايته ولا كرامة،
لا سيما عند المخالفة.
(تنبيه): سيف هذا يرد ذكره كثيراً في تاريخ ابن جرير وابن كثير وغيرهما، فينبغي على المشتغلين بعلم التاريخ أن لا يغفلوا عن حقيقة أمره حتى لا يعطوا الروايات ما لا تستحق من المنزلة.
ومثله لوط بن يحيى أو مخنف قال الذهبي في "الميزان" (أخباري تالف لا يوثق به، تركه
أبو حاتم وغيره. وقال الدارقطني: ضعيف، وقال يحيى بن معين: ليس بثقة، وقال ابن عدي: شيعي محترق صاحب أخبارهم).
ومثله محمد بن عمر المعروف بالواقدي – شيخ ابن سعد صاحب "الطبقات" الذي يكثر الرواية عنه – وقد اغتر به الدكتور البوطي، فروى أخباراً كثيرة في "فقه السيرة" من طريقه مع أنه تعهد بأن ينقل عن الصحاح، وما صح من السيرة! والواقدي هذا متروك الحديث أيضاً كما قال علماء الحديث، فتأمل.
الفرق بين التوسل بذات النبي r وبين طلب الدعاء منه:
الوجه الرابع: أن هذا الأثر ليس فيه التوسل بالنبي r، بل فيه طلب الدعاء منه بأن يستسقي الله تعالى أمته، وهذه مسألة أخرى لا تشملها الأحاديث المتقدمة، ولم يقل بجوازها أحد من علماء السلف الصالح رضي الله عنهم، أعني الطلب منه r بعد وفاته، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "القاعدة الجليلة" (ص19 - 20): (لم يكن النبي r بل ولا أحد من الأنبياء قبله شرعوا للناس أن يدعوا الملائكة والأنبياء والصالحين، ويستشفعوا بهم، لا بعد مماتهم، ولا في مغيبهم، فلا يقول أحد: (يا ملائكة الله اشفعوا لي عند الله، سلو الله لنا أن ينصرنا أو يرزقنا أو يهدينا، وكذلك لا يقول لمن مات من الأنبياء والصالحين: يا نبي الله يا ولي الله (الأصل: رسول الله) ادع الله لي، سل الله لي، سل الله أن يغفر لي ... ولا يقول: أشكو إليك ذنوبي أو نقص رزقي أو تسلط العدو علي، أو أشكو إليك فلاناً الذي ظلمني،
ولا يقول: أنا نزيلك، أنا ضيفك، أنا جارك، أو أنت تجير من يستجيرك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/277)
ولا يكتب أحد ورقة ويعلقها عند القبور، ولا يكتب احد محضراً أنه استجار بفلان، ويذهب بالمحضر إلى من يعمل بذلك المحضر ونحو ذلك مما يفعله أهل البدع من أهل الكتاب والمسلمين، كما يفعله النصارى في كنائسهم، وكما يفعله المبتدعون من المسلمين عند قبور الأنبياء والصالحين أو في مغيبهم، فهذا مما علم بالإضطرار من دين الإسلام، وبالنقل المتواتر وبإجماع المسلمين أن النبي r لم يشرع هذا لأمته، وكذلك الأنبياء قبله لم يشرعوا شيئاً من ذلك، ولا فعل هذا احد من أصحابه r والتابعين لهم بإحسان، ولا استحب ذلك أحد
من أئمة المسلمين، لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم، ولا ذكر أحد من الأئمة لا في مناسك الحج ولا غيرها أنه يستحب لأحد أن يسأل النبي r عند قبره أن يشفع له أو يدعو لأمته، أو يشكو إليه ما نزل بأمته من مصائب الدنيا والدين، وكان أصحابه يبتلون بأنواع البلاء بعد موته، فتارة بالجدب، وتارة بنقص الرزق، وتارة بالخوف وقوة العدو، وتارة بالذنوب والمعاصي، ولم يكن أحد منهم يأتي إلى قبر الرسول ولا قبر الخليل ولا قبر أحد من الأنبياء فيقول: نشكوا إليك جدب الزمان أو قوة العدو، أ, كثرة الذنوب ولا يقول: سل الله لنا أو لأمتك أن يرزقهم أو ينصرهم أو يغفر لهم، بل هذا وما يشبهه من البدع المحدثة التي لم يستحبها أحد من أئمة المسلمين، فليست واجبة ولا مستحبة باتفاق أئمة المسلمين، وكل بدعة ليست واجبة ولا مستحبة فهي بدعة سيئة وضلالة باتفاق المسلمين (1).
ومن قال في بعض البدع: إنها بدعة حسنة فإنما ذلك إذا قام دليل شرعي على أنها مستحبة، فأما ما ليس بمستحب ولا واجب فلا يقول أحد من المسلمين: إنها من الحسنات التي يتقرب بها إلى الله، ومن تقرب إلى الله بما ليس من الحسنات المأمور بها أمر إيجاب
ولا استحباب فهو ضال متبع للشيطان، وسبيله من سبيل الشيطان، كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: خط لنا رسول الله r خطاً، وخط خطوطاً عن يمينه وشماله، ثم قال p هذا سبيل الله، وهذه سبل، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه i ثم قرأ} وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله {] الانعام: 53 [.
قلت: إنما وقع بعض المتأخرين في هذا الخطأ المبين بسبب قياسهم حياة الأنبياء في البرزخ على حياتهم في الدنيا، وهذا قياس باطل مخالف للكتاب والسنة والواقع، وحسبنا الآن مثالاً على ذلك أن أحداً من المسلمين لا يجيز الصلاة وراء قبورهم، ولا يستطيع أحد مكالمتهم، ولا التحدث اليهم، وغير ذلك من الفوارق التي لا تخفى على عاقل.
الاستغاثة بغير الله تعالى:
ونتج من هذا القياس الفاسد والرأي الكاسد تلك الضلالة الكبرى، والمصيبة العظمى التي وقع فيها كثير من عامة المسلمين وبعض خاصتهم، ألا وهي الاستغاثة بالأنبياء الصالحين من دون الله تعالى في الشدائد والمصائب حتى إنك لتسمع جماعات متعددة عند بعض القبور يستغيثون بأصحابها في أمور مختلفة، كأن هؤلاء الأموات يسمعون ما يقال لهم، ويطلب منهم من الحاجات المختلفة بلغات متباينة، فهم عند المستغيثين بهم يعلمون مختلف لغات الدنيا، ويميزون كل لغة عن الأخرى، ولو كان الكلام بها في آن واحد! وهذا هو الشرك في صفات الله تعالى الذي جهله كثير من الناس، فوقعوا بسببه في هذه الضلالة الكبرى.
ويبطل هذا يرد عليه آيات كثيرة. منها قوله تعالى:} قل ادعوا الذين زعمتم من دونه،
فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً {] سورة الإسراء: الآية 56 [. والآيات في هذا
الصدد كثيرة، بل قد ألف في بيان ذلك كتب ورسائل عديدة (1). فمن كان في شك من ذلك
فليرجع إليها يظهر له الحق إن شاء الله، ولكني وقفت على نقول لبعض علماء الحنفية رأيت من المفيد إيرادها هنا حتى لا يظن ظان أن ما قلناه لم يذهب إليه أحد من أصحاب المذاهب المعروفة.
قال الشيخ أبو الطيب شمس الحق العظيم آبادي في "التعليق المغني على سنن الدارقطني" (ص520 - 521): (ومن أقبح المنكرات وأكبر البدعات وأعظم المحدثات ما اعتاده أهل البدع من ذكر الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله بقولهم: يا شيخ عبد القادر الجيلاني شيئاً لله، والصلوات المنكوسة إلى بغداد، وغير ذلك مما لا يعد، هؤلاء عبدة غير الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/278)
ما قدروا الله حق قدره، ولم يعلم هؤلاء السفهاء أن الشيخ رحمه الله لا يقدر على جلب نفع لأحد ولا دفع ضر عنه مقدار ذرة، فلم يستغيثون به ولم يطلبون الحوائج منه؟! أليس الله بكاف عبده؟!! اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك أو نعظم أحداً من خلقك كعظمتك، قال في "البزازية" وغيرها من كتب الفتاوى:"من قال: إن أرواح المشايخ حاضرة تعلم يكفر" (1) وقال الشيخ فخر الدين أبو سعد عثمان الجياني بن سليمان الحنفي في رسالته: "ومن ظن أن الميت يتصرف في الأمور دون الله، واعتقد بذلك كفر. كذا في "البحر الرائق"، وقال القاضي حميد الدين ناكوري الهندي في "التوشيح":"منهم الذين يدعون الأنبياء والأولياء عند الحوائج والمصائب باعتقاد أن أرواحهم حاضرة تسمع النداء وتعلم الحوائج، وذلك شرك قبيح وجهل صريح، قال الله تعالى:} ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة، وهم عن دعائهم غافلون {] سورة الأحقاف: الآية5 [، وفي "البحر" (2): لو تزوج بشهادة الله
ورسوله لا ينعقد النكاح، ويكفر لاعتقاده أن النبي r يعلم الغيب (3)، وهكذا في فتاوى
قاضي خان والعيني والدر المختار والعالمكيرية وغيرها من كتب العلماء الحنفية، وأما في
الآيات الكريمة والسنة المطهرة في إبطال أساس الشرك، والتوبيخ لفاعله فأكثر من أن تحصى، - ولشيخنا العلامة السيد محمد نذير حسين الدهلوي في رد تلك البدعة المنكرة رسالة شافية".
2 – أثر فتح الكوى فوق قبر الرسول r إلى السماء:
روى الدارمي في "سننه" (1/ 43): حدثنا أبو النعمان ثنا سعيد ابن زيد ثنا عمرو بن مالك النكري حدثنا أبو الجوزاء أوس بن عبد الله قال: قحَط أهل المدينة قحطاً شديداً، فشكوا إلى عائشة، فقالت: انظروا قبر النبي r فاجعلوا منه كوى إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف، قال: ففعلوا، فمطرنا مطراً حتى نبت العشب، وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم، فسمي عام الفتق.
قلت: وهذا سند ضعيف لا تقوم به حجة لأمور ثلاثة:
أولها: أن سعيد بن زيد وهو أخو حماد بن زيد فيه ضعف. قال فيه الحافظ في "التقريب": صدوق له أوهام. وقال الذهبي في "الميزان": (قال يحيى بن سعيد: ضعيف، وقال السعدي: ليس بحجة، يضعفون حديثه، وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي، وقال أحمد: ليس به بأس، كان يحيى بن سعيد لا يستمرئه).
وثانيهما: أنه موقوف على عائشة وليس بمرفوع إلى النبي r، ولو صح لم تكن فيه حجة، لأنه يحتمل أن يكون من قبيل الآراء الاجتهادية لبعض الصحابة، مما يخطئون فيه ويصيبون، ولسنا ملزمين بالعمل بها.
وثالثها: أن أبا النعمان هذا هو محمد بن الفضل، يعرف بعارم، وهو وإن كان ثقة فقد اختلط في آخر عمره. وقد أورده الحافظ برهان الدين الحلبي حيث أورده في "المختلطين" من كتابه "المقدمة" وقال (ص391): (والحكم فيهم أنه يقبل حديث من أخذ عنهم قبل الاختلاط ولا يقبل حديث من أخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده).
قلت: وهذا الأثر لا يدرى هل سمعه الدارمي منه قبل الاختلاط أو بعده، فهو إذن غير مقبول، فلا يحتج به (1)، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في"الرد على البكري" (ص68 - 74): (وما روي عن عائشة رضي الله عنها من فتح الكوة من قبره إلى السماء، لينزل المطر فليس بصحيح، ولا يثبت إسناده، ومما يبين كذب هذا أنه في مدة حياة عائشة لم يكن للبيت كوة، بل كان باقياً كما كان على عهد النبي r، بعضه مسقوف وبعضه مكشوف، وكانت الشمس تنزل فيه، كما ثبت في "الصحيحين" عن عائشة أن النبي r كان يصلي العصر والشمس في حجرتها، لم يظهر الفيء بعد، ولم تزل الحجرة النبوية كذلك في مسجد الرسول r.. ومن حينئذ دخلت الحجرة النبوية في المسجد، ثم إنه يُبنى حول حجرة عائشة التي فيها القبر جدار عال، وبعد ذلك جعلت الكوة لينزل منها من ينزل إذا احتيج إلى ذلك لأجل كنس أو تنظيف. وأما وجود الكوة في حياة عائشة فكذب بين لو صح ذلك لكان حجة ودليلاً على أن القوم لم يكونوا يقسمون على الله بمخلوق ولا يتوسلون في دعائهم بميت، ولا يسألون الله به، وإنما فتحوا على القبر لتنزل الرحمة عليه، ولم يكن هناك دعاء يقسمون به عليه، فأين هذا من هذا، والمخلوق إنما ينفع المخلوق بدعائه أو بعمله، فإن الله تعالى يحب أن نتوسل اليه بالإيمان والعمل والصلاة والسلام على نبيه r ومحبته وطاعته وموالاته، فهذه هي الأمور التي يحب الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/279)
أن نتوسل بها إليه، وإن أريد أن نتوسل إليه بما تُحَبُ ذاته، وإن لم يكن هناك ما يحب الله أن نتوسل به من الإيمان والعمل الصالح، فهذا باطل عقلاً وشرعاً، أما عقلاً فلأنه ليس في كون الشخص المعين محبوباً له ما يوجب كون حاجتي تقضى بالتوسل بذاته إذا لم يكن مني ولا منه سبب تقضى به حاجتي، فإن كان منه دعاء لي أو كان مني إيمان به وطاعة له فلا ريب أن هذه وسيلة، وأما نفس ذاته المحبوبة فأي وسيلة لي منها إذا لم يحصل لي السبب الذي أمرت به فيها.
وأما الشرع فيقال: العبادات كلها مبناها على الاتباع لا على الابتداع، فليس لأحد أن يشرع من الدين ما لم يأذن به الله، فليس لأحد أن يصلي إلى قبره ويقول هو أحق بالصلاة
إليه من الكعبة، وقد ثبت عنه r في الصحيح أنه قال: p لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا
إليها i مع أن طائفة من غلاة العباد يصلون إلى قبور شيوخهم، بل يستدبرون القبلة، ويصلون إلى قبر الشيخ ويقولون: هذه قبلة الخاصة، والكعبة قبلة العامة! وطائفة أخرى يرون الصلاة عند قبور شيوخهم أفضل من الصلاة في المساجد حتى المسجد الحرام] والنبوي [والأقصى. وكثير من الناس يرى أن الدعاء عند قبور الأنبياء والصالحين أفضل منه في المساجد، وهذا كله مما قد علم جميع أهل العلم بديانة الإسلام أنه مناف لشريعة الإسلام. ومن لم يعتصم في هذا الباب وغيره بالكتاب والسنة فقد ضَل وأضل، ووقع في مهواة من التلف. فعلى العبد أن يسلم للشريعة المحمدية الكاملة البيضاء الواضحة، ويسلم أنها جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، وإذا رأى من العبادات والتقشفات وغيرها التي يظنها حسنة ونافعة ما ليس بمشروع علم أن ضررها راجح على نفعها، ومفسدتها راجحة على مصلحتها، إذ الشارع الحكيم لا يهمل المصالح) ثم قال: (والدعاء من أجل العبادات، فينبغي للإنسان أن يلزم الأدعية المشروعة فإنها معصومة كما يتحرى في سائر عبادته الصور المشروعة، فإن هذا هو الصراط المستقيم. والله تعالى يوفقنا وسائر إخواننا المؤمنين).
"تنبيه": أعلم أن كتاب الدارمي هذا هو على طريقة السنن الأربعة في ترتيب الكتب والأبواب، ولذلك فالصواب إطلاق اسم "السنن" عليه كما فعل فضيلة الشيخ دهمان في طبعته إياه.
وقد اشتهر قديماً بـ"مسند الدارمي"، وهذا وهم لا وجه له مطلقاً عند أهل العلم، ومثله تسميته بـ"الصحيح" وهذا أبعد ما يكون عن الصواب، لأن فيه أحاديث مرفوعة كثيرة ضعيفة الأسانيد، وبعضها مرسلات ومعضلات، وفيه آثار موقوفة، وكثير منها ضعيفة كهذا الأثر، فأنَّى له الصحة!! ومثل هذا الخطأ إطلاق لفظ "الصحاح" على السنن الأربعة أيضاً، كما يفعل بعض الدكاترة! فإن هذا مع منافاته لأسمائها الحقيقية "السنن" فإنها منافية أيضاً لواقع الأمر، فإن فيها أحاديث ضعيفة كثيرة أيضاً، ومنافية أيضاً لصنيع مؤلفيها، فإنهم ينبهون أحياناً على بعض الأحاديث الضعيفة التي وقعت فيها، وبخاصة منهم الإمام الترمذي فإنه واسع الباع في بيان الضعيف الذي في كتابه، كما يعرف ذلك أهل العلم بهذه "السنن". وفي "سنن ابن ماجه" غير ما حديث موضوع فضلاً عن الضعيف، فلا يطلق على هذه "السنن" اسم "الصحاح" إلا جاهل أو مغرض.
الوجه الرابع:
الشبهة الرابعة: قياس الخالق على المخلوقين:
يقول المخالفون، إن التوسل بذوات الصالحين وأقدارهم أمر مطلوب وجائز، لأنه مبني على منطق الواقع ومتطلباته، ذلك أن أحدنا إذا كانت له حاجة عند ملك أو وزير أو مسؤول كبير فهو لا يذهب إليه مباشرة، لأنه يشعر أنه ربما لا يلتفت إليه، هذا إذا لم يرده أصلاً، ولذلك كان من الطبيعي إذا أردنا حاجة من كبير فإننا نبحث عمن يعرفه، ويكون مقرباً إليه أثيراً عنده، ونجعله واسطة بيننا وبينه، فإذا فعلنا ذلك استجاب لنا، وقضيت حاجتنا، وهكذا الأمر نفسه في علاقتنا بالله سبحانه – بزعمهم – فالله عز وجل عظيم العظماء، وكبير الكبراء، ونحن مذنبون عصاة، وبعيدون لذلك عن جناب الله، ليس من اللائق بنا أن ندعوه مباشرة، لأننا إن فعلنا ذلك خفنا أن يردنا على أعقابنا خائبين، أو لا يلتفت إلينا فنرجع بخفي حنين، وهناك ناس صالحون كالأنبياء والرسل والشهداء قريبون إليه سبحانه، يستجيب لهم إذا دعوه، ويقبل شفاعتهم إذا شفعوا لديه، أفلا يكون الأولى بنا والأخرى ان نتوسل إليه بجاههم، ونقدم بين يدي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/280)
دعائنا ذكرهم، عسى ان ينظر الله تعالى إلينا إكراماً لهم، ويجيب دعاءنا مراعاة لخاطرهم، فلماذا تمنعون هذا النوع من التوسل، والبشر يستعملونه فيما بينهم، فلم لا يستعملونه مع ربهم ومعبودهم؟
ونقول جواباً على هذه الشبهة: إنكم يا هؤلاء إذن تقيسون الخالق على المخلوق، وتشبهون قيوم السماوات والأرض، أحكم الحاكمين، وأعدل العادلين، الرؤوف الرحيم بأولئك الحكام الظالمين، والمتسلطين المتجبرين الذين لا يأبهون لمصالح الرعية، ويجعلون بينهم وبين الرعية حجباً وأستاراً، فلا يمكنها أن تصل إليهم إلا بوسائط ووسائل، ترضي هذه الوسائط بالرشاوي والهبات، وتخضع لها وتتذلل، وتترضاها ووتقرب إليها، فهل خطر ببالكم أيها المساكين أنكم حين تفعلون ذلك تذمون ربكم، وتطعنون به، وتؤذونه، وتصفونه بما يمقته
وما يكرهه؟
هل خطر ببالكم انكم تصفون الله تعالى بأبشع الصفات حين تقيسونه على الحكام الظلمة، والمتسلطين الفجرة، فكيف يسَّوغ هذا لكم دينكم، وكيف يتفق هذا مع ما يجب عليكم من تعظيمكم لربكم، وتمجيدكم لخالقكم؟
ترى لو كان يمكن لأحد الناس أن يخاطب الحاكم وجهاً لوجه، ويكلمه دون واسطة أو حجاب أيكون ذلك أكمل وأمدح له، أم حين لا يتمكن من مخاطبته إلا من خلال وسائط قد تطول وقد تقصر؟
يا هؤلاء إنكم تفخرون في أحاديثكم بعمر بن الخطاب رضي الله عنه وتمجدونه وتشيدون به وتبينون للناس أنه كان متواضعاً لا يتكبر ولا يتجبر، وكان قريباً من الناس، يتمكن أضعفهم من لقائه ومخاطبته، وأنه كان يأتيه الأعرابي الجاهل الفظ من البادية، فيكلمه دون واسطة
أو حجاب، فينظر في حاجته ويقضيها له إن كانت حقاً. ترى هل هذا النوع من الحكام خير وأفضل، أم ذاك النوع الذي تضربون لربكم به الأمثال؟
فما لكم كيف تحكمون؟ وما لعقولكم أين ذهبت، وما لتفكيركم أين غاب، وكيف ساغ لكم تشبيه الله تعالى بالملك الظالم، أم كيف غطى عنكم الشيطان بشاعة قياس الله سبحانه على الأمير الغاشم؟
يا هؤلاء إنكم لو شبهتم الله تعالى بأعدل الناس وأتقى الناس، وأصلح الناس لكفرتم، فكيف وقد شبهتموه بأظلم الناس، وأفجر الناس، وأخبث الناس؟
يا هؤلاء إنكم لو قستم ربكم الجليل على عمر بن الخطاب التقي العادل لوقعتم في الشرك، فكيف تردى بكم الشيطان، فلم ترضوا بذلك حتى أوقعكم في قياس ربكم على أهل الجور والفساد من الملوك والأمراء والوزراء؟
إن تشبيه الله تعالى بخلقه كفر كله حذر منه سبحانه حيث قال:} ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقاً من السماوات والأرض شيئاً ولا يستطيعون. فلا تضربوا لله الأمثال. إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون {] سورة النحل: الآية 74 [(1) كما نفى سبحانه أي مشابهة بينه وبين أي خلق من مخلوقاته فقال:} ليس كمثله شيء وهو السميع البصير {] سورة الشورى: الآية 11 [. ولكن شر تشبيه أن يشبهه المرء بالأشرار والفجار والفساق من الولاة، وهو يظن أنه يحسن صنعاً! إن هذا هو الذي يحمل بعض العلماء والمحققين على المبالغة في إنكار التوسل بذوات الأنبياء، واعتباره شركاً، وإن كان هو نفسه ليس شركاً عندنا، بل يخشى ان يؤدي إلى الشرك، وقد ادى فعلاً بأؤلئك الذين يعتذرون لتوسلهم بذلك التشبيه السابق الذي هو الكفر بعينه لو كانوا يعلمون.
ومن هنا يتبين أن قول بعض الدعاة الإسلاميين اليوم في الأصل الخامس عشر من أصوله العشرين: (والدعاء إذا قُرن بالتوسل إلى الله بأحد من خلقه خلاف فرعي في كيفية الدعاء، وليس من مسائل العقيدة) ليس صحيحاً على إطلاقه لما علمت أن في الواقع ما يشهد بأنه خلاف جوهري، إذ فيه شرك صريح كما سبق. ولعل مثل هذا القول الذي يهوّن من أمر هذا الانحراف هو أحد الأسباب التي تدفع الكثيرين إلى عدم البحث فيه، وتحقيق الصواب في أمره، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى استمرار المبتدعين في بدعهم، واستفحال خطرها بينهم، ولذلك قال الإمام العز بن عبد السلام في رسالة "الواسطة" (ص5): (ومن أثبت الأنبياء وسواهم من مشايخ العلم والدين وسائط بين الله وبين خلقه كالحجّاب الذين بين الملك ورعيته، بحيث يكونون هم يرفعون إلى الله تعالى حوائج خلقه، وأن الله تعالى إنما يهدي عباده ويرزقهم وينصرهم بتوسطهم، بمعنى أن الخلق يسألونهم، وهم يسألون الله كما أن الوسائط عند الملوك يسألون الملك حوائج الناس لقربهم منهم، والناس يسألونهم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/281)
أدباً منهم أن يباشروا سؤال الملك، ولأن طلبهم من الوسائط أنفع لهم من طلبهم من الملك، لكونهم أقرب إلى الملك من الطلب، فمن أثبتهم وسائط على هذه الوجه فهو كافر مشرك يجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وهؤلاء مشبَّهون لله، شبهوا الخالق بالمخلوق، وجعلوا لله أنداداً ... ).
الشبهة الخامسة: هل هناك مانع من التوسل المبتدع على وجه الإباحة لا استحباب؟
قد يقول القائل: صحيح أنه لم يثبت في السنة ما يدل على استحباب التوسل بذوات الأنبياء والصالحين، ولكن ما المانع منه إذا فعلناه على طريق الإباحة، لأنه لم يأتِ نهي عنه؟
فأقول: هذه شبهة طالما سمعناها ممن يريد أن يتخذ موقفاً وسطاً بين الفريقين لكي يرضي كلاً منهما، وينجو من حملاتهما عليه! والجواب: يجب أن لا ننسى في هذا المقام معنى الوسيلة إذ هي التي يتوصل بها إلى تحصيل المقصود كما تقدم بيانه.
ولا يخفى أن الذي يراد التوصل إليه إما أن يكون دينياً، أو دنيوياً، وعلى الأول لا يمكن
معرفة الوسيلة التي توصل إلى الأمر الديني إلا من طريق شرعي، فلو ادعى رجل ان توسله إلى الله تعالى بآية من آياته الكونية العظيمة كالليل والنهار مثلاً سبب لاستجابة الدعاء لرد عليه ذلك إلا أن يأتي بدليل، ولا يمكن أن يقال حينئذ بإباحة هذا التوسل، لأنه كلام ينقض بعضه بعضاً، إ أنك تسميه توسلاً، وهذا لم يثبت شرعاً، وليس له طريق آخر في إثباته، وهذا بخلاف القسم الثاني من القسمين المذكورين وهو الدنيوي، فإن أسبابه يمكن أن تعرف بالعقل أو بالعلم أو بالتجربة ونحو ذلك، مثل الرجل يتاجر ببيع الخمر، فهذا سبب معروف للحصول على المال، فهو وسيلة لتحقيق المقصود وهو المال، ولكن هذه الوسيلة نهى الله عنها، فلا يجوز اتباعها بخلاف ما لو تاجر بسبب لم يحرمه الله عز وجل، فهو مباح، أما السبب المدعى أن يقرب إلى الله وأنه أرجى في قبوله الدعاء، فهذا سبب لا يعرف إلا بطريق الشرع، فحين يقال: بأن الشرع لم يرد بذلك، لم يجز تسميته وسيلة حتى يمكن أن يقال إنه مباح التوسل به، وقد تقدم الكلام في هذا النوع مفصلاً في الفصل الثاني من هذه الرسالة.
وشيء ثان: وهو أن التوسل الذي سلمنا بعدم وروده قد جاء في الشرع ما يغني عنه، وهو التوسلات الثلاثة التي سبق ذكرها في أول البحث، فما الذي يحمل المسلم على اختيار هذا التوسل الذي يم يرد، والإعراض عن التوسل الذي ورد؟ وقد اتفق العلماء على أن البدعة إذا صادمت سنة فهي بدعة ضلالة اتفاقاً، وهذا التوسل من هذا القبيل، فلم يجز التوسل به، ولو على طريق الإباحة دون الاستحباب!.
وأمر ثالت: وهو أن هذا التوسل بالذوات يشبه توسل الناس ببعض المقربين إلى الملوك
والحكام، والله تبارك وتعالى ليس كثله شيء باعتراف المتوسلين بذلك، فإذا توسل المسلم إليه
تعالى بالأشخاص فقد شبهه عملاً بأولئك الملوك والحكام كما سبق بيانه، وهذا غير جائز.
الشبهة السادسة: قياس التوسل بالذات على التوسل بالعمل الصالح
هذه شبهة أخرى يثيرها بعض أولئك المبتدعين (1) زينها لهم الشيطان، ولقنهم إياها حيث يقولون: قد قدمتم أن من التوسل المشروع اتفاقاً التوسل إلى الله تعالى بالعمل الصالح، فإذا كان التوسل بهذا جائزاً فالتوسل بالرجل الصالح الذي صدر منه هذا العمل أولى بالجواز، وأحرى بالمشروعية، فلا ينبغي إنكاره.
والجواب من وجهين:
الوجه الأول: أن هذا قياس، والقياس في العبادات باطل كما تقدم (ص130)، وما مثل من يقول هذا القول إلا كمثل من يقول: إذا جاز توسل المتوسل بعمله الصالح – وهو بلا شك دون عمل الولي والنبي – جاز أن يتوسل بعمل النبي والولي، وهذا وما لزم منه باطل فهو باطل.
الوجه الثاني: أن هذه مغالطة مكشوفة، لأننا لم نقل – كما لم يقل أحد من السلف قبلنا – أنه يجوز للمسلم أن يتوسل بعمل غيره الصالح، وإنما التوسل المشار إليه إنما هو التوسل بعمل المتوسل الصالح نفسه، فإذا تبين هذا قلبنا عليهم كلامهم السابق فقلنا: إذا كان لا يجوز التوسل بالعمل الصالح الذي صدر من غير الداعي فأولى ثم أولى ألا يجوز التوسل بذاته، وهذا بين لا يخفى والحمد لله.
الشبهة السابعة: قياس التوسل بذات النبي r على التبرك بآثاره:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/282)
وهذه شبهة أخرى لم تكن معروفة فيما مضى من القرون، ابتدعها ورَوّجها الدكتور البوطي ذاته، إذ قرر في كتابه "فقه السيرة" (ص344 - 455) خلال حديثه عن الدروس المستفادة من غزوة الحديبية مشروعية التبرك بآثاره النبي r، ثم قاس على ذلك التوسل بذاته بعد وفاته، وأتى نتيجة لذلك برأي غريب وعجيب لم يقل به أحد من المشتغلين بالعلم، حتى من المغرقين في التقليد والجمود والتعصب والابتداع في الدين.
ولكي لا يظن أحد أننا نتقول عليه أو نظلمه ننقل نص كلامه بتمامه، ونعتذر إلى القراء لطوله، قال: (وإذا علمت أن التبرك بالشيء إنما هو طلب الخير بواسطته ووسيلته علمت أن التوسل بآثار النبي r أمر مندوب إليه ومشروع، فضلاً عن التوسل بذاته الشريفة، وليس ثمة فرق بين أن يكون ذلك في حياته r أو بعد وفاته، فآثار النبي r وفضلاته لا تتصف بالحياة مطلقاً، سواء تعلق التبرك والتوسل بها في حياته أ, بعد وفاته، ولقد توسل الصحابة بشعراته من بعد وفاته كما ثبت ذلك في صحيح البخاري في باب شيب رسول الله r.
ومع ذلك فقد ضل أقوام لم تشعر أفئدتهم بمحبة رسول الله r، وراحوا يستنكرون التوسل بذاته r بعد وفاته، بحجة أن تأثير النبي r قد انقطع بوفاته، فالتوسل به إنما هو توسل بشيء تأثير له البتة. وهذه حجة تدل على جهل عجيب جداً، فهل ثبت لرسول الله r تأثير ذاتي في الأشياء في حال حياته حتى نبحث عن مصير هذا التأثير بعد وفاته؟ إن أحداً من المسلمين لا يستطيع أن ينسب أي تأثير ذاتي في الأشياء لغير الواحد الأحد، ومن اعتقد خلاف ذلك يكفر بإجماع المسلمين كلهم ... فمناط التبرك والتوسل به أو بآثاره r ليس هو إسناد أي تأثير إليه، وإنما المناط كونه أفضل الخلائق عند الله على الإطلاق، وكونه رحمة من الله للعباد، فهو التوسل بقربه r إلى ربه وبرحمته الكبرى للخلق، وبهذا المعنى توسل الأعمى به r في أن يرد عليه بصره، فرده الله عليه، وبهذا المعنى كان الصحابة يتوسلون بآثاره وفضلاته دون أن يجدوا منه أي إنكار. وقد مر بيان استحباب الاستشفاع بأهل الصلاح والتقوى وأهل بيت النبوة في الاستسقاء وغيره، وأن ذلك مما أجمع عليه جمهور الأئمة والفقهاء بما فيهم الشوكاني وابن قدامة والصنعاني وغيرهم.
والفرق بعد هذا بين حياته وموته r خلط عجيب وغريب في البحث لا مسوغ له).
ولنا على هذا الكلام مؤاخذات كثيرة نورد أهمها فيما يلي:
1 – لقد أشرنا (ص77 - 78) إلى تعريض البوطي بالسلفيين، واتهامه إياهم بأن أفئدتهم
لا تشعر بمحبة رسول الله r والاستدلال على ذلك بإنكارهم التوسل به r بعد وفاته.
وهذه فرية باطلة، وبهتان ظالم لا شك أن الله تعالى سيحاسبه عليه أشد الحساب ما لم يتبْ
إليه التوبة النصوح. ذلك لأن فيها تكفيراً لآلاف المسلمين دونما دليل أو برهان إلا الظن والوهم
اللذين لا يغنيان من الحق شيئاً.
2 – إنه قد خلط في كلامه السابق بين الحق والباطل خلطاً عجيباً، فاستدل بحقه على باطله، فوصل من جرّاء ذلك إلى رأي لم يسبقه إليه أحد من العالمين.
وإذا أردنا أن نميز بين نوعي كلامه فإننا نقول:
إن الحق الذي تضمنه هو:
أ – أن النبي r قريب إلى الله تبارك وتعالى، وأنه كان رحمة من الله تعالى للخلق.
ب – أنه لا تأثير لأحد حتى للنبي r تأثيراً ذاتياً في الأشياء، وإنما التأثير كله لله الواحد الأحد.
ج – أنه يشرع التبرك بآثار النبي r، وأن الصحابة فعلوا ذلك في حياته r وبإقرار منه.
هذه النقاط الثلاثة صحيحة لا خلاف فيها، ولو وقف الكاتب عندها لما كان ثمة حاجة للتعليق عليه.
وأما الباطل الذي تضمنه كلامه وفيه الخلاف العريض فهو:
أ – أن التوسل بآثار النبي r جائز، وأن الصحابة كانوا يتوسلون بآثاره r وفضلاته.
ب – تسويته بين التبرك والتوسل.
ج – أن التوسل بذاته r جائز كجواز التبرك بفضلاته.
د – أن مناط التوسل به r هو كونه أفضل الخلائق عند الله على الإطلاق.
هـ - جهله بمعنى كلمة الاستشفاع مما حمله على الاستدلال بها على التوسل المبتدع.
و – افتراؤه على السلفيين بأنهم يرون أن النبي r كان له تأثير ذاتي في الأشياء خلال حياته، وقد انقطع ذاك التأثير بوفاته، وأن هذا هو سبب إنكارهم التوسل به r بعد وفاته!
ز – ادعاؤه أن الأعمى توسل بقربه r من ربه.
ح – ادعاؤه أن محمداً r أفضل الخلائق على الإطلاق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/283)
وننتقل بعد هذا الإجمال إلى الشرح والتفصيل فنقول:
1 – تخليط البوطي في التسوية بين التبرك والتوسل:
لقد قال الدكتور البوطي: (ان التوسل بآثار النبي r أمر مندوب إليه ومشروع فضلاً عن التوسل بذاته الشريفة). وظاهر كلامه أن يقيس التوسل بذاته r قياساً أولوياً على التبرك بآثاره، ويسمى هذا التبرك توسلاً، ويؤكد ما ذكرناه قوله في (ص196) من كتابه المذكور حيث ذكر بعض الروايات التي فيها تبرك بعض الصحابة بآثاره r، ثم قال: (فإذا كان هذا شأن التوسل بآثاره المادية، فكيف بالتوسل بمنزلته عند الله جل جلاله؟ وكيف بالتوسل بكونه رحمة للعالمين؟).
ولكنه سرعان ما تراجع عن كل ذلك زاعماً أن التبرك والتوسل معناهما واحد، منكراً أنه يقيس التوسل على التبرك، وأن المسألة لا تعدو أن تكون استدلالاً بالقياس، فإن التوسل والتبرك كلمتان تدلان على معنى واحد، وهو التماس الخير والبركة عن طريق المتوسل به، وكل من التوسل بجاهه r عند الله والتوسل بآثاره أو فضلاته أو ثيابه أفراداً وجزئيات داخلة تحت نوع شامل هو مطلق التوسل الذي ثبت حكمه بالأحاديث الصحيحة، وكل الصور الجزئية له يدخل تحت عموم النص بواسطة ما يسمى بتنقيح المناط عند علماء
الأصول).
والحقيقة أن ظاهر كلام الدكتور الأول كان أهون بكثير من كلامه الأخير هذا، لأن التوسل يختلف اختلافاً بيناً عن التبرك، ومن يسوي بينهما فإنه يكون قد ارتكب خطأ شنيعاً، ووقع في جهل فظيع بالحقائق الشرعية، مما لا يجوز أن يقع في طالب علم يحترم نفسه.
إن التبرك هو التماس من حاز أثراً من آثار النبي r حصول خير به خصوصية له r، وأما التوسل فهو إرفاق دعاء الله تعالى بشيء من الوسائل التي شرعها الله تعالى لعباده، كأن يقول: اللهم إني أسألك بحبي لنبيك r أن تغفر لي، ونحو ذلك. ويتبدى هذا الفرق في أمرين:
أولهما: أن التبرك يرجى به شيء من الخير الدنيوي فحسب، بخلاف التوسل الذي يرجى به أي شيء من الخير الدنيوي والأخروي.
ثانيهما: أن التبرك هو التماس الخير العاجل كما سبق بيانه، بخلاف التوسل الذي هو مصاحب للدعاء ولا يستعمل إلا معه.
وبياناً لذلك نقول: يشرع للمسلم أن يتوسل في دعائه باسم من أسماء الله تبارك وتعالى الحسنى مثلاً، ويطلب بها تحقيق ما شاء من قضاء حاجة دنيوية كالتوسعة في الرزق، أو أخروية كالنجاة من النار، فيقول مثلاً: اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بأنك أنت الله الأحد، الصمد، أن تشفيني أو تدخلني الجنة ... ، ولا أحد يستطيع أن ينكر عليه شيئاً من ذلك، بينما لا يجوز لهذا المسلم أن يفعل ذلك حينما يتبرك بأثر من آثاره r، فهو لا يستطيع
ولا يجوز له أن يقول مثلاً: (اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بثوب نبيك أو بصاقه أو بوله أن تغفر لي وترحمني .. ومن يفعل ذلك فإنه يعرّض نفسه من غير ريب ليشك الناس في عقله وفهمه فضلاً عن عقيدته ودينه. وظاهر كلام الدكتور أنه يجيز هذا التوسل العجيب، ويعده هو والتبرك بأثر من آثار النبي r شيئاً واحداً، وهو بهذا يخلط خلطاً قبيحاً، ومع ذلك
لا يخجل من اتهام السلفيين بأنهم يخلطون خلطاً عجيباً لا مسوغ له، فقد علم القراء من الذين يخلط ويخبط خبط عشواء.
إن هذا ليذكرنا حقاً بالمثل العربي القائل: رمتني بدائها وانسلّت. وصدق النبي الكريم r حيث يقول: p إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تسنح فاصنع ما شئت i(1).
وثمة ملاحظة هامة وخطيرة في كلام الدكتور السابق، وهي أنه يدعي ثبوت مطلق التوسل بالأحاديث الصحيحة، وهذا باطل، لأنه ليس أكثر من افتراض ودعوى مجردة لا حقيقة لها إلا في ذهنه، إذ لم يثبت من التوسل المتعلق بالنبي r إلا دعاؤه r كما تقدم في ثنايا هذه الرسالة، واما التوسل بجاهه r أو آثاره فلم يثبت منه شيء البتة في كتاب أو سنة، ونحن نطالب الدكتور أن يدلنا على حديث واحد ثابت، فيه هذه الدعوى، ونحن على يقين أنه لن يجد شيئاً من ذلك، فقد عوّدنا على تقرير أحكام ضخمة دونما دليل (خبط لزق)! وادعاء دعاوى عريضة لا تقوم على أساس إلا أنها بدت له هكذا، وحسب القارىء له أن يؤمن بما يقول ويسلم له تسليماً، وإياه ثم إياه أن يسأله عن الدليل، لأن ذلك من قلة الأدب، ورقة الدين، وطريقة السلفيين، والعياذ بالله. فتأمل!
2 – بطلان التوسل بآثار النبي r :
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/284)
وبعد إثبات الفرق بين التوسل والتبرك نعلم أن آثار النبي r لا يتوسل بها إلى الله تعالى وإنما يتبرك بها فحسب، أي يرجى بحيازتها حصول بعض الخير الدنيوي كما سبق بيانه.
إننا نرى أن التوسل بآثار النبي r غير مشروع البتة، وأن من الافتراء على الصحابة رضوان الله عليهم الادعاء بأنهم كانوا يتوسلون بتلك الآثار، ومن ادعى خلاف رأينا فعليه الدليل، بأن يثبت أن الصحابة كانوا يقولون في دعائهم مثلاً: اللهم ببصاق نبيك اشفِ مرضانا، أو: اللهم ببول نبيك أو غائطه اجرنا من النار!! إن أحداً من العقلاء لا يستسيغ رواية ذلك مجرد رواية فكيف باستعماله، وإذا كان الدكتور البوطي ما يزال في شك من ذلك، وإذا كان يرى جواز ذلك فعليه أن يثبته عملياً بأن يدعو من على منبره بمثل الدعوات السابقة، وإن لم يفعل – ولن يفعل إن شاء الله ما بقي فيه عقل، وفي قلبه ذرة من إيمان – فذلك دليل على أنه يقول بلسانه ما لا يعتقد في قلبه.
هذا ولابد من الإشارة إلى أننا نؤمن بجواز التبرك بآثاره r، ولا ننكره خلافاً لما يوهمه صنيع خصومنا، ولكن لهذا التبرك شروطاً منها الإيمان الشرعي المقبول عند الله، فمن لم يكن مسلماً صادق الإسلام فلن يحقق الله له أي خير بتبركه هذا، كما يشترط للراغب في التبرك أن يكون حاصلاً على أثر من آثاره r ويستعمله، ونحن نعلم أن آثاره r من ثياب أو شعر أو فضلات قد فقدت، وليس بإمكان أحد إثبات وجود شيء منها على وجه القطع واليقين، وإذا كان الأمر كذلك فإن التبرك بهذه الآثار يصبح أمراً غير ذي موضوع في زماننا هذا (1)، ويكون أمراً نظرياً محضاً، فلا ينبغي إطالة القول فيه، ولكن ثمة أمر يجب تبيانه، وهو أن النبي r وإن أقر الصحابة في غزوة الحديبية وغيرها على التبرك بآثاره والتمسح بها، وذلك لغرض مهم وخاصة في تلك المناسبة، وذلك الغرض هو إرهاب كفار قريش وإظهار مدى تعلق المسلمين بنبيهم، وحبهم له، وتفانيهم في خدمته وتعظيم شأنه، إلا أن الذي لا يجوز التغافل عنه ولا كتمانه أن النبي r بعد تلك الغزوة رغّب المسلمين بأسلوب حكيم وطريقة لطيفة عن هذا التبرك، وصرفهم عنه، وأرشدهم إلى أعمال صالحة خير لهم منه عند الله عز وجل، وأجدى، وهذا ما يدل عليه الحديث الآتي:
عن عبد الرحمن بن أبي قراد رضي الله عنه أن النبي r توضأ بوماً، فجعل أصحابه يتمسحون بوضوئه، فقال لهم النبي r: p ما يحملكم على هذا؟ i قالوا: حب الله ورسوله. فقال النبي r: p من سره أن يحب الله ورسوله، أو يحبه الله ورسوله فليصدق
حديثه إذا حدث، وليؤد أمانته إذا اؤتمن، وليحسن جوار من جاوره i (1).
3 – افتراء عريض:
والظاهر أن الدكتور لا يطيب له عيش، ولا يهنأ له بال إلا إذا افترى على السلفيين، وكذب عليهم، كذباً مكشوفاً حيناً ومغطى حيناً آخر. وها هو هنا يفتري علينا حين يزعم أننا نحتج على منع التوسل بالنبي r بعد وفاته بالقول بأن تأثيره r في الحوادث قد انقطع بعد وفاته، ويتطوع بأن يثبت أن النبي r سواء في حياته أو بعد وفاته ليس له تأثير ذاتي في الأشياء في كل ظرف وفي كل حين، وأن المؤثر الوحيد فيها هو الله وحده سبحانه.
وواضح من هذا بجلاء أنه يتهم السلفيين بأنهم يعتقدون أن النبي r كان له تأثير ذاتي في الأشياء حال حياته. وهذا كذب صراح، وافتراء مكشوف، لم يقل به سلفي قط، بل ولا خطر في بال أحد من السلفيين البتة، وكيف يقولونه وهم دعاة التوحيد الخالص، والدين الصحيح، والذين جعلوا أكبر همهم دعوة الناس إلى إخلاص عبوديتهم لله تعالى وحده، وتخليص عقائدهم من كل شائبة من شوائب الشرك، والتنديد بكل ما يخدش جناب التوحيد، ولو كان ذلك خطأ لفظياً. وقد تحملوا في سبيل ذلك الأذى من الناس والتشهير بهم والافتراء عليهم واتهامهم بأقبح التهم، وما نقم الناس – وفيهم الدكتور البوطي – عليهم إلا لدعوتهم الحقة هذه، ومع ذلك فلا يخجل من أن يرميهم بهذه التهمة الباطلة التي يعلم هو
– فيما نرجح – قبل غيره أنها باطلة مفتراة، وإلا فليبين لنا – إن استطاع – مصدر هذا القول المزعوم، ومن قاله من السلفيين، وفي أي كتاب ورد من كتبهم أو نشراتهم، فإن لم يفعل
– وهيهات أن يفعل – فإنه يكون قد ظهر لكل أحد كذبه وافتراؤه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/285)
وشيء آخر نذكره هنا، وهو أن كلام البوطي السابق (ومن ادعى شيئاً من ذلك يكفر بإجماع المسلمين) يفيد لمن تأمله تكفير السلفيين عموماً، وهذا كذب آخر واتهام ظالم، لا شك أن الله تعالى سيحاسبه عليه، لأن السلفيين هم مسلمون، بل هم أحق الناس بصفة الإسلام، وهم يعلمون حق العلم أن نسبة التأثير الذاتي للنبي r أو لغيره هو من الشرك في الربوبية المخرج من الملة، وهم من أشد الناس تنبهاً له وتحذيراً منه، بينما البوطي وأمثاله يلتمسون
للواقعين فيه مختلف الأعذار والتبريرات.
ولا يفوتنا هنا أن نذكره وأمثاله بما بيناه في ثنايا هذه الرسالة من أن السبب الذي يدعونا إلى منع التوسل بذوات الصالحين ومكانتهم وجاههم إنما هو كونه لم يرد في الشريعة الغراء،
ولم يستعمله النبي r ولا أصحابه، فهو لذلك محدَث مبتدع، وما ورد من النصوص التي يحتج بها المخالفون بعضها ثابت ولكنه لا يدل على ما يدعون، وبعضها الآخر غير ثابت، وقد مضى تفصيل ذلك.
إن هذا هو السبب الذي يحملنا على إنكار ذلك التوسل، وتقول بصراحة: إنه لو ورد في الشرع لقلنا به، ولم يمنعنا منه مانع، لأننا أسرى في يد الشريعة، فما أجازته أجزناه، وما منعته منعناه، والغريب أن الدكتور تغافل عن هذا السبب الأساسي، واختلق من عنده سبباً تخيله كما شاء له هواه قاصداً بذلك أن يتمكن من الطعن فينا والتشهير بنا، وإثارة الغوغاء علينا،
فانظر – رحمك الله – إلى هذا الأسلوب الغريب المنافي للدين والعلم، واشتكِ معنا إلى الله عز وجل من غربة الحق وأهله في هذا الزمان.
4 - خطؤه في ادعائه أن مناط التوسل بالنبي r كونه أفضل الخلائق:
وهذا خطأ آخر وقع فيه الدكتور نتيجة لتهوره وعدم تفكيره فيما يكتب، حيث ادعى أن مناط التوسل بالنبي r هو كونه أفضل الخلائق عند الله على الإطلاق، وكونه رحمة من الله للعباد كما تقدم من كلامه.
ونقول له: ان معنى ذلك عندك أن من لم يكن كذلك (أي أفضل الخلائق عند الله .. )
فلا يجوز التوسل به، لأنه لم يتحقق فيه المناط المزعوم، ذلك لأن المناط أصلاً هو علة الحكم
التي يوجد بوجودها، وينعدم بعدمها، وعلى هذا فمعنى عبارة الدكتور – لو كان يعقل
ما يقول – إنه لا يجوز التوسل بأحد مطلقاً إلا بالنبي r، ونحن نعلم علم اليقين أنه يعتقد خلاف ذلك، ويرى جواز التوسل بكل نبي أو ولي أو صالح، وبهذا يكون هو نفسه قد قال
ما لا يعتقد، وناقض نفسه بنفسه، والسبب في ذلك أحد أمرين، فإما أن يكون غير فاهم لاصطلاح المناط عند العلماء، وإما أن يكون غير متأمل فيما ينتج عنه من كلامه، وهذا هو الأقرب، والله أعلم.
وأمر آخر نذكره في هذه المناسبة وهو أن من المقرر لدى علماء الأصول أنه لابد لاعتبار المناط في حكم ما من أن يكون قد ورد تعيينه في نص من كتاب أو سنة، ولا يكفي فيه الاعتماد على الظن والاستنباط.
وإذا عدنا إلى ما ذكره الدكتور وجدنا أنه قد ادعى مناطاً ليس عليه شبة دليل من الكتاب والسنة، وإنما عمدته في ذلك مجرد الظن والوهم، فهل هكذا يكون العلم وإثبات الحقائق الشرعية عند الدكتور الذين يُعَنْون لبعض كتبه بأنها (أبحاث في القمة)؟
وأمر ثالث وأخير وهو أن الدكتور قد ادعى أن النبي r أفضل الخلائق عند الله على الإطلاق. وهذه عقيدة، وهي لا تثبت عنده (1)، إلا بنص قطعي الثبوت قطعي الدلالة (2)، أي بآية قطعية الدلالة، أو حديث متواتر قطعي الدلالة، فأين هذا النص الذي يثبت كونه r أفضل الخلائق عند الله على الإطلاق؟
ومن المعلوم أن هذه القضية مختلف فيها بين العلماء، وقد توقف فيها الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى، ومن شاء التفصيل فعليه بشرح عقيدة الإمام أبي جعفر الطحاوي الحنفي رحمه الله، (ص337 - 348، طبعة المكتب الإسلامي بتحقيقي).
ولعل مستند الدكتور في تقرير تلك العقيدة ما ورد في قصة المعراج المنسوبة كذباً وعدواناً
إلى الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، مع أنه هو نفسه يقول (1) عن هذه
القصة: (إنه كتاب ملفق من مجموعة أحاديث باطلة لا أصل لها ولا سند)!
والحقيقة أن كلامه هذا بهذا الإطلاق هو الباطل، إذ يوجد في الكتاب المذكور كثير من
الأحاديث الصحيحة، وبعضها مما رواه الشيخان، ولكن المؤلف خلطها بأحاديث أخرى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/286)
بعضها موضوع وبعضها لا أصل له، وبعضها ضعيف، وقد بينت ذلك في ردي على الدكتور البوطي الذي نشر في مجلة التمدن الإسلامي أولاً، ثم في كتاب مستقل، كما سبق بيانه قريباً (ص121).
5 – جهلة بالمعنى اللغوي لكلمة الاستشفاع:
وهذه غلطة شنيعة أخرى وقع فيها الدكتور – اصحله الله وهداه – إذ استدل بالاستشفاع الوارد في أحاديث الاستسقاء على التوسل المبتدع، فقال: (وقد مر بيان استحباب الاستشفاع بأهل الصلاح والتقوى، وأهل بيت النبوة الوارد في الاستسقاء وغيره، وأن ذلك مما أجمع عليه جمهور الأئمة والفقهاء بما فيهم الشوكاني وابن قدامة والصنعاني وغيرهم) وما كان للدكتور أن يقع في هذا الخطأ لو كان يفقه معنى الاستشفاع في اللغة، ورغبة في تنوير القراء وإفادتهم نورد بعض ما ذكرته كتب اللغة في بيان معنى الشفاعة والاستشفاع.
قال صاحب "القاموس المحيط": (الشَفْع خلاف الوتر وهو الزوج، والشفعة هي أن تشفع فيما تطلب، فتضمه إلى ما عندك فتشفعه أي تزيده، وشاة شافع: في بطنها ولد يتبعها آخر، سميت شافعاً لأن ولدها شفعها أو شفعته، واستشفعه إلينا: سأله أن يشفع).
وفي "المعجم الوسيط" الذي أصدره مجمع اللغة العربية في مصر: (شفع الشيء شفعاً: ضم
مثله إليه وجعله زوجاً، والبصرُ الأشباحً: رآها شيئين، واستشفع: طلب الناصر والشفيع، والشفائع: المزدوجات، والشفاعة: كلام الشفيع، والشفيع: ما شفع غيره، وجعله زوجاً).
وفي "النهاية" لابن الأثير: (الشُفْعة مشتقة من الزيادة، لأن الشفيع يضم المبيع إلى ملكه،
فيشفعه به، كأنه كان واحداً وتراً، فصار زوجاً شفعاً، والشافع هو الجاعل الوتر شفعاً .. ).
فمن هذه النقول وأمثالها يظهر معنى الاستشفاع بوضوح، وهو أن يطلب إنسان من آخر أن يشاركه في الطلب، فيزيد به ويكونا شفعاً أي زوجاً، وقد أخذ من هذا الأصل اللغوي المعنى الشرعي للاستشفاع حيث أريد به الطلب من أهل الخير والعلم والصلاح أن يشاركوا المسلمين في الدعاء إلى الله في الملمات، فيشفعوهم بذلك ويزيدوا الداعين، فيكون ذلك أرجى لقبول الدعاء.
وبهذا يمكننا فهم الشفاعة العظمى للنبي r يوم القيامة، فهي باتفاق العلماء دعاء النبي r للناس بعد مجيئهم إليه، وطلبهم منه أن يدعو الله تعالى ليعجّل لهم الحساب، ولم يفهم أحد من أهل العلم من ذلك أن يقول الناس مثلاً: اللهم بمنزلة محمد r عندك عجّل لنا الحساب.
ومن الغريب حقاً أن يتجرأ الدكتور البوطي فيدعي إجماع الأئمة والفقهاء بما فيهم الشوكاني وابن قدامة والصنعاني على فهمه الشاذ المبني على جهل فظيع بمعاني الألفاظ المستعملة في اللغة والشرع.
ونكتفي للرد عليه بنقل كلام أحد الأئمة الذين نص على أسمائهم، وادعى مشاركتهم إياه في
فهمه لمعنى الاستشفاع، ونعني الإمام ابن قدامة المقدسي صاحب أكبر كتاب في الفقه الحنبلي
وهو "المغني" إذ قال فيه (2/ 295) ما نصه:
(ويستحب بأن يستسقي بمن ظهر صلاحه، لأنه أقرب إلى إجابة الدعاء، فإن عمر استسقى بالعباس عم النبي r. قال ابن عمر: استسقى عمر عام الرمادة بالعباس، فقال: اللهم إن هذا عم نبيك نتوجه إليك به، فاسقنا، فما برحوا حتى سقاهم الله، وروي أن معاوية خرج يستسقي، فلما جلس على المنبر قال: أين يزيد بن الأسود الجُرَشي؟ فقام يزيد، فدعاه معاوية فأجلسه عند رجليه، ثم قال: اللهم إنا نستشفع إليك بخيرنا وأفضلنا يزيد بن الأسود، يا يزيد ارفع يديك، فرفع يديه ودعا الله تعالى، فثارت في الغرب سحابة مثل الترس، وهبَّ لها ريح، فسقوا حتى كادوا لا يبلغون منازلهم، واستسقى به الضحاك مرة أخرى).
وواضح من كلام ابن قدامة هذا أنه يعني بالاستشفاع الوارد في الاستسقاء أن يطلب إمام المسلمين من بعض أهل العلم والصلاح أن يشترك مع المسلمين في التوجه إلى الله ودعائه سبحانه لكشف الشدة عن عبادة المؤمنين. ولم يقصد الإمام ابن قدامة بل ونجزم بأنه لم يخطر في باله ذاك المعنى الخاطىء الذي يحمله عليه البوطي وأمثاله من المبتدعين، ويريدون حمل الألفاظ الشرعية عليه.
ترى كيف يدعي البوطي مثل هذا الإجماع المزيف ويستشهد بابن قدامة وغيره، وها هو كلام ابن قدامة ينسف فهمه من الجذور؟ أم أنه لا يفهم ما في كتب القوم، أم لعله يدعي
ما يروق له من الدعاوى الساقطة دون أن يراجع الكتب، أو يقرأ كلام العلماء اعتماداً منه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(26/287)